الأصل للشيباني ط قطر

محمد بن الحسن الشيباني

الأَصْلُ للإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَنْ الشَّيْبَانِيِّ (189 هـ - 805 م) تحقيق وَدرَاسَة الدكتور محمَّد بوينوكالن المُقَدِّمَة إصَدارَات وَزَارَة الأَوقاف وَالشّؤون الإسْلامية إدارَة الشّؤون الإسْلامية دَولة قَطَر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ طبعه خاصة بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية دولة قطر الطبعَة الأولى 1433 هـ - 2012 م دار ابن حزم بيروت - لبنان - ص - ب 6366/ 14 هاتف وفاكس: 701974 - 300227 (009611) البريد الإلكتروني: [email protected] الموقع الإلكتروني: www.daribnhazm.com

مقدمة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة قطر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مقدمة كتاب الأصل للإمام محمد بن الحسن الشيباني -رحمه الله-. الحمد لله حمداً يوافي نعمه، والصلاة والسلام على أشرف خلقه وخاتم رسله، وبعد، فإن علماء الإسلام قد خلفوا لنا تراثا علمياً ضخماً، متعدد المناحي، وما يزال معظم هذا التراث مخطوطاً لم ير النور، ولم يتعرف عليه الباحثون، رغم ما فيه من المعاني الدقيقة والأفكار العميقة التي تخدم واقعنا المعاصر وتنير السبل لأمتنا في مجالات الفكر والتشريع والثقافة، ويقدر بعض الخبراء أن ما بقي مخطوطاً من تراث علماء الإسلام يربو على ثلاثة ملايين عنوان، تقبع في زوايا المكتبات، وظلام الصناديق والأقبية، حتى إن بعضها لم يفهرس فهرسة دقيقة فضلاً عن النشر. فكان من المهم في هذه المرحلة أن تتجه الجهود لتقويم هذا التراث واستجلاء ما ينفع الناس منه في عصرنا، ثم العمل على تحقيقه ونشره. وإن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة قطر - وقد وفقها الله لأن تضرب بسهم في إحياء هذا التراث - لتحمد الله سبحانه وتعالى على أن ما أصدرته من نفائس التراث قد نال الرضا والقبول من أهل العلم في مشارق الأرض ومغاربها. والمتابع لحركة النشر العلمي لا يخفى عليه جهود دولة قطر في خدمة

تراث الأمة منذ ما يزيد على ستة عقود، وقد جاء مشروع إحياء التراث الإسلامي الذي بدأته الوزارة منذ ست سنوات امتداداً لتلك الجهود وسيراً على تلك المحجة التي عُرفت بها دولة قطر. ومنذ انطلاقة هذا المشروع المبارك يسر الله جل وعلا للوزارة إخراج مجموعة من أمهات كتب العلم في فنون مختلفة تُطبع لأول مرة، ففي تفسير القرآن الكريم أصدرت الوزارة تفسير الإمام العُليمي (فتح الرحمن في تفسير القرآن) وفي علم الرسم أصدرت كتاب (مرسوم المصحف للإمام العُقيلي) ونحن بصدد إصدار جديد متميز للمحرر الوجيز لابن عطية مقابلاً على نسخ خطية عدة. وفي السُّنة أصدرت الوزارة كتاب (التوضيح شرح الجامع الصحيح لابن الملقن) و (حاشية مسند الإمام أحمد للإمام السندي)، و (شرحين لموطأ مالك لكل من القنازعي والبوني)، و (شرح مسند الشافعي للإمام الرافعي)، و (نخب الأفكار شرح معاني الآثار للبدر العيني) إضافة إلى صحيح ابن خزيمة بتحقيقه الجديد المُتقن. وأخيرا صدر عن الوزارة كتاب: (التقاسيم والأنواع) للإمام ابن حبان وكذا (مطالع الأنوار)، لابن قرقول، وهما ينشران لأول مرة، وهناك مشاريع أخرى يُعلن عنها في حينها. وفي الفقه أصدرت الوزارة: (نهاية المطلب في دراية المذهب للإمام الجويني) الذي حققه وأتقن تحقيقه عضو لجنة إحياء التراث الإسلامي أ. د. عبد العظيم الديب - رحمه الله تعالى - وكتاب (الأوسط لابن المنذر) بمراجعة دقيقة للدكتور عبد الله الفقيه عضو اللجنة، وكتاب (التبصرة) للخمي، وحاشية الخلوتي في الفقه الحنبلي، وكتاب الإقناع في مسائل الإجماع، لابن القطان الفاسي، وفي الطريق إصدارات أخرى مهمة تمثل الفقه الإسلامي في عهوده الأولى. وفي السيرة النبوية أصدرت الوزارة الموسوعة الإسنادية (جامع الآثار لابن ناصر الدين الدمشقي).

وفي معتقد أهل السنة والجماعة أصدرت الوزارة كتاباً نفيساً لطيفاً هو كتاب (الاعتقاد لابن العطار) صاحب الإمام النووي -رحمهما الله-. ولم تغفل الوزارة عن إصدار دراسات معاصرة متميزة من الرسائل العلمية وغيرها فأخرجت (القيمة الاقتصادية للزمن) و (نوازل الإنجاب) وفي الطريق - بإذن الله تعالى - ما تقر به العيون من دراسات معاصرة في الكتاب والسنة، والنوازل والمستجدات. ويسرنا أن نقدم اليوم كتاباً نفيساً من تراث الأمة الفقهي، وهو (كتاب الأصل) للإمام أبي عبد الله محمد بن الحسن الشيباني صاحب أبي حنيفة - رحمهما الله تعالى - المتوفَّى سنة 189. والذي يُعد مصدراً أساسياً من مصادر المذهب الحنفي، فمؤلفه يروي عن الإمام أبي حنيفة وعن صاحبه الآخر أبي يوسف مباشرة، ويجتهد اجتهاد الضليع في الفقه، السابر لأغواره، مع وضوح العبارة وبعدها عن التعقيد. وقد ظل هذا المرجع النفيس حبيس خزائن المخطوطات قرونا متطاولة، حتى هيأ الله جل وعلا له من أهل الدراية بالفن من يقوم بتحقيقه، ثم تشرفت الوزارة بإخراجه للأمة في حلة قشيبة تليق به، إسهاماً في الحفاظ على تراث هذه الأمة، ورفد المكتبة الفقهية بمرجع أصيل. فالحمد لله على توفيقه، ونسأله المزيد من فضله.

[مقدمة التحقيق]

المقدمة التعريف بكتاب الأصل ودراسته من الناحية الأصولية

الإهداء

الإهداء إلى والدي الكريم الذي ربَّانا على حب العلم والعمل به وضحَّى بالكثير من أجل ذلك، متَّعه الله بالصحة والعافية، وإلى والدتي الكريمة التي كانت خير عون له ولنا طوال عمرها، رحمها الله ورفع درجتها في أعلى الجنان، أهدي عملي هذا داعياً المولى أن يتقبله وينفع به طلاب العلم في كل مكان.

تقديم

تقديم إن الفقه الإسلامي فقه أصيل نشأ على يد الفقهاء المسلمين بعوامل داخلية، في الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي كان يعيش فيها أعلام الفقه الإسلامي. لا شك أن المنابع الأصلية لهذا الفقه هي الكتاب والسنَّة في الدرجة الأولى، ثم فهم وتطبيق الصحابة والقرون الأولى التي عايشت تلك الأجواء وكانت قريبة العهد بالوحي. وكما هو الحال في تطور جميع العلوم فإن علم الفقه قد تطور ونما تدريجياً، وظهرت له مدارس واتجاهات مختلفة في القرن الثاني الهجري. فكان في الحجاز مدرسة أهل الحديث وعلى رأسها الإمام مالك بن أنس، وكان في العراق مدرسة أهل الرأي وعلى رأسها الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت، وكان هناك أئمة غيرهم يميل بعضهم إلى هذه المدرسة وبعضهم إلى تلك. لقد كان الفقهاء المسلمون يعيشون في بلاد مختلفة، ويواجهون مجتمعات شتى لها خلفيات تاريخية واقتصادية واجتماعية متنوعة. فكانت اجتهاداتهم تختلف تبعاً للظروف التي يعيشونها مع اعتمادهم على نفس المصادر في الأساس. وبالإضافة إلى ذلك فإن العقل البشري يختلف في تفسير النصوص وتطبيقها حتى داخل المجتمع الواحد تبعاً لاختلاف المناهج وطرق الفهم والاستنباط. وهذا أمر مسلَّم لكل من اشتغل بالفقه والقانون. حتى إنه من الممكن رؤية كثير من القُضاة يختلفون في تفسير نص من نصوص القانون، وهم يعملون في محكمة واحدة وأمام قضية واحدة. والذي ينتظر من الفقه والقانون في الأساس هو تأمين العدالة

والاستقرار في المجتمع وتغطية احتياجات الناس المختلفة مع الحفاظ على التوازن بين فئات المجتمع. وقد كان الفقه الإسلامي بمدارسه المختلفة في حيز التطبيق كلياً أو جزئياً في المجتمعات الإسلامية ابتداءً من العصور الأولى للإسلام إلى يومنا هذا بدون انقطاع. نعم، كانت هناك فترات صعبة مر بها الفقه الإسلامي في مواجهة الظروف التاريخية والاجتماعية، لكن ظل هذا الفقه يوجه حياة المسلمين على وجه العموم في مختلف مجالات حياتهم، سواء في مسائل العبادات أو مسائل الحلال والحرام أو المعاملات أو غير ذلك. وإن من أهم الأسباب التي جعلت الفقه الإسلامي يعيش طوال هذه القرون هو إيمان المسلمين بأن أساس هذا الفقه هو الوحي الإلهي المتمثل في القرآن الكريم والسنَّة النبوية الكريمة، وبأن اتباعهم لأحكام هذا الفقه هو اتباع للإرادة الإلهية التي خلقتهم وجعلت هذه الحياة مسرحاً لاختبارهم، وأن ما يعمله الإنسان من الخير والشر سيحاسب عليه في الحياة الأخرى. لقد استطاع الفقه الإسلامي بمدارسه المتنوعة الغنية وبتراثه الزاخر الذي يعتبر مفخرة من مفاخر المسلمين والبشرية جميعاً أن يحافظ على حيويته على مدار العصور والأمكنة؛ لكن الفقه الإسلامي يواجه اليوم مشاكل داخلية وخارجية تحد من فهمه فهماً صحيحاً ومن تطبيقه تطبيقاً مثالياً لأسباب كثيرة ليس محل إيضاحها هاهنا. وإن دراسة تاريخ الفقه الإسلامي وكيفية نشأته وتطوره سيبين لنا كيف استطاع علماؤنا الأوائل تطوير هذا الفقه بآليات عقلية مثل القياس والاستحسان وغيرهما بما جعله يتناسب مع احتياجات زمانهم دون أن يقطعوا علاقتهم مع منابع هذا الفقه من الوحي الإلهي ويولوه ظهورهم. لقد قام علماء وفقهاء المسلمين وغيرهم بدراسة جوانب كثيرة من الفقه الإسلامي تاريخاً وحاضراً، وأثبتوا أن هذا الفقه لا يزال قادراً على مواجهة مسائل المجتمعات المختلفة في العالم. لكن مما يؤسف له أن عناية المسلمين بتراثهم لا يزال غير كاف. ومن أهم الأدلة على ذلك أن كثيراً من الكتب الفقهية المؤسسة لعلم الفقه عند المسلمين لم يطبع بعد، أو طبع

ناقصاً، أو طبع طبعة سقيمة بدون تحقيق علمي يليق بقدره. ومن تلك الكتب كتاب الأصل للإمام محمد بن الحسن الشيباني (ت. 189)، والذي يعتبر أول كتاب فقهي واسع يشتمل على المسائل الفقهية التي وضعها الإمام أبو حنيفة والإمام أبو يوسف والإمام محمد بن الحسن. وقد طبع بعض هذا الكتاب، لكن ذلك لا يبلغ إلا ربع الكتاب. فلم يطبع كتاب الأصل كاملاً إلى يومنا هذا مع أهميته في تأسيس الفقه الإسلامي. وقد كانت تساورني فكرة تحقيق كتاب الأصل بأكمله منذ زمن طويل؛ إلا أن حجم الكتاب كان عاملاً مهماً يعوقني عن البدء في تنفيذ ذلك الأمل. ثم قررت أن أبدأ في تحقيق الكتاب وأن أسير فيه قدر المستطاع وإن لم أتفرغ لذلك، وقد استغرق عملي فيه قرابة عشرة أعوام. وإني إذ أقدم كتاب الأصل للإمام محمد بن الحسن الشيباني الذي يعتبر من أهم كتب الفقه الإسلامي المؤسِّسة له والواضعة لقواعده والذي طال انتظار الباحثين لرؤيته مطبوعاً كاملاً إلى عالم المعرفة آمل أن يسد ذلك ثغرة في هذا المجال، وأن تتوالى عليه الدراسات والبحوث من أهل الخبرة في جوانبه المختلفة. ولا يسعني إلا أن أشكر كل من ساهم في نشر هذا الكتاب القيم سواء كان ذلك في الحصول على مخطوطاته أو إبداء فكرة استفدت منها في تحقيق الكتاب، وأخص منهم بالذكر أخي الكبير الشقيق الدكتور أرطغرل بوينوكالن، وأستاذي الفاضل الأستاذ الدكتور إبراهيم كافي دونمز، وأستاذي العلامة مفتي الديار المصرية علي جمعة، ومدير مكتبة السليمانية في اسطنبول سابقاً الدكتور نوزاد قايا، جزاهم الله عني كل خير. والحمد لله أولاً وآخراً، وصلَّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم. إسطنبول 9/ 4/ 2011

مدخل ترجمة الإمام محمد بن الحسن الشيباني

مدخل ترجمة الإمام محمد بن الحسن الشيباني 1 - اسمه ونسبه وأسرته هو أبو عبد الله محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني الكوفي. وكان أبوه الحسن بن فرقد من جند الشام، فقدم واسط، فولد له بها محمد (¬1). ونسب إلى بني شيبان لأنه كان مولى لهم (¬2). وهذا يدل على أنه ليس عربي الأصل. ذكر بعضهم أن أصله من أهل الجزيرة (¬3). بينما يذكر آخرون أن أصله من قرية على باب دمشق في وسط الغَوْطَة اسمها حَرَسْتَى (¬4). ونسب إلى الكوفة لأنه نشأ بها ودرس على الإمام أبي حنيفة الفقه فيها كما تلقى عن غيره من أعلام الكوفة وعلمائها. وذكره خليفة بن خياط قائلاً: محمد بن الحسن القاضي (¬5) مما يدل على اشتهاره بالقضاء أيضاً حيث تولى القضاء على عهد هارون الرشيد كما سيأتي. ¬

_ (¬1) الطبقات الكبرى، 7/ 336 ة وتعجيل المنفعة، 361. (¬2) الطبقات الكبرى، 7/ 336. (¬3) الطبقات الكبرى، 7/ 336. (¬4) الجرح والتعديل، 7/ 227؛ وتاريخ بغداد، 2/ 172؛ ووفيات الأعيان، 4/ 184، 185؛ والجواهر المضية، 1/ 526. (¬5) تاريخ خليفة بن خياط، تحقيق: أكرم ضياء العمري، دار القلم - مؤسسة الرسالة، دمشق - بيروت، 458، 1397؛ تاريخ بغداد، 2/ 181.

2 - مولده

وكان محمد بن الحسن ابن خالة الفراء (ت. 257) اللغوي المشهور (¬1)، وكان أيضاً ابن أخت عبد الله بن مسلمة القَعْنَبي (ت. 221) من رواة الموطأ عن الإمام مالك (¬2). وله ابن لا نعرف اسمه، ولعله كان له اشتغال بالفقه، لكنه لم يشتهر. فقد روي أنه سأل ابن محمد بن الحسن أبا سليمان الجوزجاني عن مسألة، فقال أبو سليمان: أما في قول أبي حنيفة وأبيك ... (¬3). 2 - مولده قدم أبوه العراق، فولد محمد بواسط (¬4)، سنة اثنتين وثلاثين ومائة (¬5). وقيل: مولده سنة خمس وثلاثين ومائة، وقيل: إحدى وثلاثين ومائة (¬6). 3 - نشأته وطلبه للعلم نشأ بالكوفة (¬7)، وطلب الحديث وسمع سماعاً كثيراً (¬8). ويظهر أن أباه كان حريصاً على طلبه للعلم مع أنه كان جندياً. فقد ذكر السمعاني أن أباه قدم به إلى الإمام أبي حنيفة (¬9). وتفقه محمد بن الحسن بالكوفة، حيث لازم أبا حنيفة وحمل عنه الفقه والحديث (¬10). وقد توفي الإمام أبو حنيفة وعمر محمد بن الحسن ثمانية عشر عاماً على الرواية المشهورة في أن مولده سنة 132. ¬

_ (¬1) تاريخ بغداد، 14/ 152؛ ووفيات الأعيان، 4/ 185، 6/ 179. (¬2) الجواهر المضية، 2/ 42. (¬3) فتح القدير، 7/ 367. (¬4) الجرح والتعديل، 7/ 227؛ وتاريخ بغداد، 2/ 172؛ وسير أعلام النبلاء، 9/ 134؛ والجواهر المضية، 2/ 42. (¬5) الطبقات الكبرى، 7/ 336؛ وتعجيل المنفعة، 361. (¬6) وفيات الأعيان، 4/ 185. (¬7) الجرح والتعديل، 7/ 227؛ وتاريخ بغداد، 2/ 172؛ وسير أعلام النبلاء، 9/ 134؛ والجواهر المضية، 1/ 526. (¬8) الطبقات الكبرى، 7/ 336. (¬9) الجواهر المضية، 1/ 526. (¬10) تعجيل المنفعة، 361.

4 - شيوخه ومن روى عنهم

ويظهر أن والد محمد بن الحسن كان ميسور الحال نوعاً ما. فقد ترك للإمام ثروة أعانته على طلب العلم. قال محمد بن الحسن: "ترك أبي ثلاثين ألف درهم، فأنفقت خمسة عشر ألفاً على النحو والشعر، وخمسة عشر ألفاً على الحديث والفقه" (¬1). وسافر الإمام في طلب العلم إلى الشام والحجاز (¬2). 4 - شيوخه ومن روى عنهم لقد تتلمذ الإمام محمد على كثير من العلماء والفقهاء والمحدثين وغيرهم. فمنهم مِسْعَر بن كِدَام، ومالك بن مِغْوَل، وعمر بن ذر، وسفيان الثوري، ومالك بن أنس، والأوزاعي، وابن جريج، ومحل الضبي، وبكر بن ماعز، وأبي حرّة، وعيسى الخياط، وزمعة بن صالح، وبكير بن عامر، وإبراهيم الخوزي، ومحمد بن أبان، وقيس بن الربيع، والقاسم بن معن (¬3). نخص بالذكر من بينهم أهم مشايخه الذين أثروا على تكوين عقليته الفقهية ومسيرته العلمية: أ - الامام أبو حنيفة (ت. 150) ومن المشهور الذي لا شك فيه أنه جالس أبا حنيفة وسمع منه (¬4). لكن ابن حبان يقول: صحب النعمان وهو أبو حنيفة أياماً يسيرة، يروي عن النعمان بن ثابت وعن يعقوب بن إبراهيم، وسمع من يعقوب عن النعمان أكثر ما يقول عليه (¬5). ومن الظاهر أن مثل هذا الكلام فيه تحامل شديد لا يليق بأهل العلم فضلاً عن علماء الحديث الذين ينبغي أن يكونوا في منتهى ¬

_ (¬1) تاريخ بغداد، 2/ 173؛ والجواهر المضية، 1/ 529. (¬2) تعجيل المنفعة، 361. (¬3) الطبقات الكبرى، 7/ 336؛ والجرح والتعديل، 7/ 227؛ وتاريخ بغداد، 2/ 172؛ وسير أعلام النبلاء، 9/ 134؛ والجواهر المضية، 1/ 405، 526؛ وتعجيل المنفعة، 361. (¬4) الطبقات الكبرى، 7/ 336. (¬5) المجروحين لابن حبان، 2/ 275 - 276.

ب - الإمام أبو يوسف (ت. 182)

الدقة والأمانة. إلا أن التعصب وضيق النظر قد أدى ببعض المحدثين إلى مثل هذه الأقوال. فقد ذكرت المصادر أن محمد بن الحسن حضر مجلس أبي حنيفة سنتين أو أكثر (¬1)، وأنه صحب أبا حنيفة وأخذ عنه الفقه ثم عن أبي يوسف (¬2). كما أن عمره عند وفاة أبي حنيفة كان ثمانية عشر عاماً، وهي سن تكفي لسماع الكثير من الفقه والعلم وخصوصاً للطالب النبيه. ب - الإمام أبو يوسف (ت. 182) وقد تقدم آنفاً أنه أتم تحصيل الفقه على أبي يوسف. وهو أمر غني عن البيان كما تراه واضحاً في كتاب الأصل أيضاً. وسيأتي مزيد بيان لذلك أثناء الكلام على كتاب الأصل. وقد سمع منه الجامع الصغير، فجمع فيه المسائل التي رواها عنه عن أبي حنيفة. ج - الإمام مالك بن أنس (ت. 179) قال الشافعي: "كان محمد بن الحسن يقول: سمعت من مالك سبعمائة حديث ونيفاً إلى الثمانمائة لفظاً، وكان أقام عنده ثلاث سنين أو شبيهاً بثلاث سنين" (¬3). قال ابن حجر: "وكان مالك لا يحدث من لفظه إلا قليلاً، فلولا طول إقامة محمد عنده وتمكنه منه ما حصل له عنه هذا. وهو أحد رواة الموطأ عنه، وقد جمع حديثه عن مالك، وأورد فيه ما يخالفه فيه، وهو الموطأ المسموع من طريقه" (¬4). وكان إذا وعد الناس أن يحدثهم عن مالك امتلأ الموضع الذي هو فيه ¬

_ (¬1) طبقات الفقهاء للشيرازي، 1/ 142؛ وتهذيب الأسماء، 1/ 98؛ ووفيات الأعيان، 4/ 184. (¬2) الجواهر المضية، 2/ 42. (¬3) الجرح والتعديل، 1/ 4 - 5؛ وحلية الأولياء، 6/ 330؛ وسير أعلام النبلاء، 9/ 135؛ الجواهر المضية، 2/ 42. (¬4) تعجيل المنفعة، 361.

وكثر الناس عليه، وإذا حدث عن غير مالك لم يأته إلا النفير (¬1)؛ فقال لهم: "لو أراد أحد أن يعيبكم بأكثر مما تفعلون ما قدر عليه؛ إذا حدثتكم عن أصحابكم فإنما يأتيني النفير أعرف فيكم الكراهة، وإذا حدثتكم عن مالك امتلأ علي الموضع" (¬2). قال مجاشع بن يوسف: "كنت بالمدينة عند مالك وهو يفتي الناس، فدخل عليه محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة وهو حَدَث، فقال: ما تقول في جنب لا يجد الماء إلا في المسجد؟ فقال مالك: لا يدخل الجنب المسجد. قال: فكيف يصنع وقد حضرت الصلاة وهو يرى الماء؟ قال: فجعل مالك يكرر: لا يدخل الجنب المسجد. فلما أكثر عليه قال له مالك: فما تقول أنت في هذا؟ قال: يتيمم ويدخل فيأخذ الماء من المسجد ويخرج فيغتسل. قال: من أين أنت؟ قال: من أهل هذه، وأشار إلى الأرض. فقال: ما من أهل المدينة أحد لا أعرفه يُعرف. فقال: ما أكثر من لا تعرف. ثم نهض. قالوا لمالك: هذا محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة. فقال مالك: محمد بن الحسن كيف يكذب وقد ذكر أنه من أهل المدينة؟ قالوا: إنما قال: من أهل هذه، وأشار إلى الأرض. قال: هذا أشد علي من ذاك" (¬3). وعلاقة الإمام محمد بالإمام مالك قد جعلته يسمع حديث وفقه أهل المدينة منه، وكان الطابع الغالب على هذه العلاقة التعرف على قول المخالف حتى يتسنى الرد عليه. وهو ما صنعه الإمام محمد في روايته للموطأ وفي كتابه الحجة على أهل المدينة. لكنه تأثر أيضاً ببعض أقوال أهل المدينة وأخذ بها مع محافظته على أصول فقه أهل الكوفة وعلى رأسهم أبو حنيفة. ويلاحظ أن الشافعي قد فعل نظير ذلك مع محمد بن الحسن، حيث تعلم منه فقه أهل الكوفة والعراق، لكنه لم يسلك مذهبهم، وإنما رد عليهم في كثير من المواضع؛ ومع ذلك فقد استفاد من محمد بن الحسن في ¬

_ (¬1) النفير والنَّفَر. عدة رجال من ثلاثة إلى عشرة. انظر: مختار الصحاح، "نفر". (¬2) الجرح والتعديل، 1/ 4 - 5؛ وحية الأولياء، 6/ 330. (¬3) تاريخ بغداد، 2/ 174 - 175.

5 - نشره للعلم

طريقة التفقه ووضع المسائل كما كان يعترف بالفضل له في هذا الموضوع (¬1). 5 - نشره للعلم وقد جلس محمد بن الحسن مجلس العلماء في شبابه. فبعد أن توفي أبو حنيفة وقد كان عمره ثماني عشرة سنة، تمم دراسة الفقه على أبي يوسف كما سبق، ثم جلس للتعليم وعمره عشرون سنة. قال إسماعيل بن حماد بن أبى حنيفة: "كان محمد بن الحسن له مجلس في مسجد الكوفة وهو ابن عشرين سنة" (¬2). ثم إنه انتقل إلى بغداد عاصمة الدولة العباسية، فسكن بها، واختلف إليه الناس وسمعوا منه الحديث والرأي (¬3). وصنف الكتب الكثيرة ونشر علم أبي حنيفة (¬4). 6 - تلاميذه ومن روى عنه تتلمذ على الإمام محمد كثير من العلماء. فمن تلاميذه أبو عبيد القاسم بن سلام وهشام بن عبيد الله الرازي وأبو سليمان الجوزجاني وأبو حفص الكبير أحمد بن حفص البخاري وداود بن رشيد وغيرهم كثير (¬5). ومن أشهر من أخذ عنه العلم مرتبين حسب تاريخ الوفاة: أ - الأمام الشافعي (ت. 204) وقد كان الشافعي مقدراً لما أخذ عن محمد بن الحسن من الفقه والعلم. قال الشافعي: "حملت عن محمد بن الحسن وقر بعير كتباً" (¬6). وفي ¬

_ (¬1) تاريخ بغداد، 2/ 176. (¬2) تاريخ بغداد، 2/ 174. (¬3) الطبقات الكبرى، 7/ 336؛ وتاريخ بغداد، 2/ 172. (¬4) طبقات الفقهاء، 1/ 142. (¬5) الجواهر المضية، 1/ 237؛ وتعجيل المنفعة، 361. وتأتي ترجمة الجوزجاني وأبي حفص وهشام الرازي وداود بن رشيد بين رواة كتاب الأصل. (¬6) تاريخ بغداد، 2/ 176؛ وسير أعلام النبلاء، 9/ 135؛ وتعجيل المنفعة، 361.

رواية: "سمعت عن محمد بن الحسن وقر بعير" (¬1). وقال الشافعي: "أَمَنُّ الناس عليّ في الفقه محمد بن الحسن" (¬2). كما كان محمد بن الحسن مقدراً للشافعي وذكائه وحرصه على العلم، فكان يخلو به، ولا يبخل عليه بوقته وعلمه. قال أبو حسان الزيادي (¬3): "ما رأيت محمد بن الحسن يعظم أحداً من أهل العلم إعظامه للشافعي، ولقد جاءه يوماً فلقيه وقد ركب محمد بن الحسن فرجع محمد إلى منزله وخلا به يومه إلى الليل، ولم يأذن لأحد عليه" (¬4). وروى الربيع بن سليمان قال: "كتب الشافعي إلى محمد بن الحسن وقد طلب منه كتبه لينسخها، فأخرها عنه، فكتب إليه: قولوا لمن لم تَرَ عَيْـ ... نَا من رآه مثله ومن كأنّ من رآ ... هـ قد رأى من قبله العلم ينهى أهله ... أن يمنعوه أهله لعله يبذله ... لأهله لعله فأنفذ إليه الكتب من وقته (¬5). وكان الإمام محمد يهدي إلى الإمام الشافعي ما ينفقه على نفسه. قال أبو عبيد: "رأيت الشافعي عند محمد بن الحسن وقد دفع إليه خمسين ديناراً، وقد كان قبل ذلك دفع إليه خمسين درهماً، وقال: إن اشتهيت العلم فالزم. ولما أعطاه محمد قال له: لا تحتشم، فقال الشافعي: لو كنت عندي ممن أحتشمك ما قبلت برك" (¬6). ¬

_ (¬1) الجواهر المضية، 2/ 43. (¬2) تاريخ بغداد، 2/ 176. (¬3) وقال النووي: أبو حسان الرازي. انظر: تهذيب الأسماء، 1/ 79. (¬4) طبقات الفقهاء للشيرازي، 1/ 61؛ وتهذيب الأسماء، 1/ 79. (¬5) طبقات الفقهاء، 1/ 142، والتقرير والتحبير، 1/ 159؛ ومرقاة المفاتيح، 1/ 77. (¬6) سير أعلام النبلاء، 10/ 14.

ب - شعيب بن سليمان الكيساني الكوفي (ت. 204)

ومع هذا فإن الإمام الشافعي لم يتبع مذهب أهل الرأي، لكنه قد استفاد من الإمام محمد كثيراً، وقدّر ذلك، مثل ما فعل الإمام محمد مع الإمام مالك، حيث استفاد منه، لكن لم يتبع مذهبه. وهناك باب في كتاب الأم للإمام الشافعي سماه "الرد على محمد بن الحسن" (¬1). كما أن لمحمد بن الحسن كتاب الحجة على أهل المدينة. ب - شعيب بن سليمان الكيساني الكوفي (ت. 204) من أصحاب محمد وأبي يوسف. قدم مصر ومات بها (¬2). وروى عن محمد مسائل نوادر (¬3). ج - معلى بن منصور الرازي (ت. 211) محدث ثقة حافظ، وفقيه من أهل الرأي. روى الكتب والأمالي والنوادر عن أبي يوسف ومحمد بن الحسن، وكان رفيقاً لأبي سليمان الجوزجاني في الرواية، ولكنه كان أصغر سناً منه. وروى الحديث عن مالك والليث بن سعد وغيرهما؛ وروى عنه علي بن المديني والبخاري وغيرهما. وأخرج حديثه الستة. وقد سكن بغداد. وطلبه المأمون للقضاء فأبى (¬4). د - إبراهيم بن رستم، أبو بكر المروزي (ت. 211) كان يذكر بفقه وعبادة. كان أولاً من أصحاب الحديث، ثم خرج الى محمد بن الحسن فكتب كتبهم (¬5)، فاختلف الناس إليه، وعُرض عليه القضاء فلم يقبله، فقرّبه المأمون. وقد وثقه يحيى بن معين، وتكلم فيه بعض المحدثين بسبب الرأي (¬6). ¬

_ (¬1) الأم (تحقيق رفعت فوزي)، 9/ 85 - 169. (¬2) الجواهر المضية، 1/ 257 - 258. (¬3) انظر مثلاً: شرح معاني الآثار، 3/ 218، 4/ 4، 77. (¬4) الجرح والتعديل، 8/ 334؛ وتاريخ بغداد، 13/ 188؛ وميزان الاعتدال، 6/ 477؛ والجواهر المضية (تحقيق عبدالفتاح الحلو)، 3/ 492؛ وتهذيب التهذيب، 10/ 215. (¬5) أي: كتب أهل الرأي. (¬6) الجواهر المضية، 1/ 37؛ ولسان الميزان، 1/ 56 - 57.

هـ - أسد بن الفرات، أبو عبد الله الحراني ثم المغربي (ت. 213)

هـ - أسد بن الفرات، أبو عبد الله الحراني ثم المغربي (ت. 213) هو الفقيه المالكي القاضي. روى أسد عن مالك بن أنس الموطأ وعن أبي يوسف القاضي ومحمد بن الحسن، وغلب عليه علم الرأي، وكتب علم أبي حنيفة. وقد نفدت نفقة أسد وهو عند محمد فكلم فيه الدولة فنفذوا إليه عشرة آلاف درهم (¬1). وقد أخذ أسد بن الفرات المسائل عن محمد بن الحسن ثم عرضها على ابن القاسم، فأجابه فيها على مذهب مالك، وتسمى هذه المسائل الأسدية، وقد أخذها عنه سحنون وألف المدونة التي هي أساس المذهب المالكي (¬2). و- علي بن معبد بن شداد العبدي الرقّي (ت. 218) نزيل مصر، من المحدثين الفقهاء. روى له الترمذي والنسائي. وروى عن محمد بن الحسن الجامع الكبير والجامع الصغير (¬3). قال علي بن معبد: "قدمت الرقّة ومحمد بن الحسن قاض عليها، فأتيت بابه فاستأذنت عليه، فحُجبت عنه، فانصرفت. فأقمت بالرقة مدة لا آتيه. فبينما أنا في يوم من الأيام في بعض طرقاتها إذ أقبل محمد بن الحسن على هيئة القضاة، فلما رآني أقبل علي واستبطأني ووكل بي من يصيرني إلى منزله. فلما جلس في منزله أدخلت عليه، فقال لي: ما الذي خلفك عني منذ قدمت، قد بلغني أنك هاهنا. فقلت: أتيت منزلك فحُجبت عنك، وإنما أتيتك كما كنت آتيك وأنت غير قاض. فساءه ذلك وغمه. فقال لي: أي حُجّابي حجبك؟ فظننت أنه يريد عقوبته، فلم أخبره. فقال لي: فإن لم تفعل فإني أنحيهم كلهم. فقلت له: إذاً تظلم من لم يحجبني. قال: فدعا بهم جميعاً وقال لهم: لا يد لكم على أبي محمد في حجبه عني. ثم التفت إلي فقال: إذا جئت إلينا فلا يكن بيني وبينك إلا الستر الذي يستر الناس عني فتنحنحْ حينئذٍ، فإن ¬

_ (¬1) سير أعلام النبلاء، 10/ 225، 227. (¬2) سير أعلام النبلاء، 10/ 225، 226. (¬3) تهذيب الكمال، 21/ 141؛ وسير أعلام النبلاء، 10/ 631؛ والجواهر المضية، 1/ 379.

ز - عيسى بن أبان بن صدقة، أبو موسى (ت. 221)

كنتُ على حال يتهيأ لك الدخول فيها أذنت لك بنفسي، وإن كنت على غير ذلك أسكت، فانصرفت. فكنت آتيه بعد ذلك والناس على بابه فأتخطاهم وأتخطى حُجّابهم حتى أصل إلى ستره فأتنحنح وأسلم، فيقول: ادخل يا أبا محمد، فأدخل، أو يمسك فأنصرف" (¬1). وقد أراد المأمون أن يوليه قضاء مصر، فأبى (¬2). ز - عيسى بن أبان بن صدقة، أبو موسى (ت. 221) صحب محمد بن الحسن الشيباني وتفقه به. واستخلفه يحيى بن أكثم على القضاء بعسكر المهدي. ثم تولى عيسى القضاء بالبصرة فلم يزل عليه حتى مات (¬3). وقد كان عيسى بن أبان كارهاً لأهل الرأي في أول أمره. قال محمد بن سماعة: "كان عيسى بن أبان حسن الوجه، وكان يصلي معنا، وكنت أدعوه أن يأتي محمد بن الحسن، فيقول: هؤلاء قوم يخالفون الحديث. وكان عيسى حسن الحفظ للحديث. فصلَّى معنا يوماً الصبح، وكان يوم مجلس محمد. فلم أفارقه حتى جلس في المجلس. فلما فرغ محمد أدنيته إليه وقلت: هذا ابن أخيك أبان بن صدقة الكاتب، ومعه ذكاء ومعرفة بالحديث، وأنا أدعوه إليك فيأبى ويقول: إنا نخالف الحديث. فأقبل عليه وقال له: يا بني، ما الذي رأيتنا نخالفه من الحديث؟ لا تشهد علينا حتى تسمع منا. فسأله يومئذٍ عن خمسة وعشرين باباً من الحديث، فجعل محمد بن الحسن يجيبه عنها ويخبره بما فيها من المنسوخ ويأتي بالشواهد والدلائل. فالتفت إلي بعدما خرجنا، فقال: كان بيني وبين النور ستر فارتفع عني، ما ظننت أن في ملك الله مثل هذا الرجل يظهره للناس. ولزم محمد بن الحسن لزوماً شديداً حتى تفقه به" (¬4). ح- يحيى بن معين (ت.233) هو المحدث المشهور. قال ابن معين: كتبت الجامع الصغير عن ¬

_ (¬1) الجواهر المضية، 1/ 379 - 380. (¬2) الجواهر المضية، 2/ 177. (¬3) تاريخ بغداد، 1/ 157. (¬4) تاريخ بغداد، 1/ 158.

ط - محمد بن سماعة التميمي، أبو عبد الله (ت. 233)

محمد بن الحسن (¬1). ط - محمد بن سماعة التميمي، أبو عبد الله (ت. 233) حدث عن الليث بن سعد وأبي يوسف القاضي ومحمد بن الحسن، وكتب النوادر عن أبي يوسف ومحمد، وروى الكتب والأمالي. وهو من الحفاظ الثقات. وولاه المأمون القضاء ببغداد سنة 192 بعد وفاة يوسف بن أبي يوسف. واستعفى عن القضاء فيما بعد بسبب ضعف بصره، فأعفي. قال يحيى بن معين: "لو كان أصحاب الحديث يصدقون في الحديث كما يصدق محمد بن سماعة في الرأي لكانوا على نهاية". توفي وله مائة وثلاث سنين (¬2). ي - فرات بن نصر، أبو جعفر الفقيه القهندزي الهروي (ت. 236) تفقه على أبي يوسف، وروى عنه وعن محمد بن الحسن. وكان عنده عامة كتب محمد بن الحسن سمعها منه (¬3). ك - إسماعيل بن توبة، أبو سهل الثقفي القزويني (ت. 247) هو من المحدثين الفقهاء. ارتحل إلى الحجاز والعراق. روى السير الكبير عن محمد بن الحسن مع أبي سليمان الجوزجاني، لم يروه عنه غيرهما. وكان الإمام محمد يؤدب أولاد الخليفة، فكان إسماعيل بن توبة يحضر معهم لسماع السير على محمد، فاتفق أنه لم يبق من الرواة غيره وغير أبي سليمان. انتقل من الري إلى قزوين، ومات بها (¬4). 7 - صفاته الخلقية والخلقية كان الإمام محمد بن الحسن سميناً، لكنه كان مع ذلك ذكياً خفيف ¬

_ (¬1) تاريخ بغداد، 2/ 176؛ وسير أعلام النبلاء، 9/ 136؛ والجواهر المضية، 2/ 43؛ وتعجيل المنفعة، 361. (¬2) تهذيب الكمال، 25/ 317 - 319؛ والجواهر المضية، 2/ 85؛ وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال، 339. (¬3) الجواهر المضية، 1/ 405. (¬4) الإرشاد للخليلي، 2/ 702 - 704؛ والجواهر المضية، 1/ 147.

الروح. قال الشافعي: "ما رأيت سميناً أخف روحاً من محمد بن الحسن" (¬1). وكان الشافعي يقول: "ما ناظرت سميناً أذكى منه" (¬2). قال الذهبي: "وكان مع تبحره في الفقه يضرب بذكائه المثل" (¬3). وقال الشافعي: "ما رأيت أعقل من محمد بن الحسن" (¬4). وكان الإمام يحب المناظرة وكان واسع الصدر أمام الأسئلة التي توجه إليه، لا يغضب ولا يتغير. قال الشافعي: "ما ناظرت أحداً إلا تمعر وجهه ما خلا محمد بن الحسن" (¬5). وقال الشافعي: "ما رأيت أحدأ يُسأل عن مسألة فيها نظر إلا تبينت في وجهه الكراهة إلا محمد بن الحسن" (¬6). وكان قد وكل أموره المالية إلى وكيل له حتى يتفرغ للعلم. قال محمد بن سماعة: "قال محمد بن الحسن لأهله: لا تسألوني حاجة من حوائج الدنيا تشغلوا قلبي، وخذوا ما تحتاجون إليه من وكيلي، فإنه أقل لهمي وأفرغ لقلبي" (¬7). وكان محافظاً على وقار العلماء وجريئاً في وجه الملوك لا يتنازل عن الحق. قال أبو عبيد: "كنا مع محمد بن الحسن إذ أقبل هارون الرشيد، فقام إليه الناس كلهم إلا محمد بن الحسن فإنه لم يقم. ثم أُذن بالدخول على الرشيد، فدخل محمد بن الحسن فجزع أصحابه له، ثم خرج طيب النفس مسروراً، فقال: قال لي: ما لك لم تقم مع الناس؟ قلت: كرهتُ أن أخرج عن الطبقة التي جعلتني فيها، إنك أهّلتني للعلم، فكرهتُ أن أخرج منه إلى طبقة الخدمة التي هي خارجة منه، وإن ابن عمك - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن أحب أن يتمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار" (¬8)، وإنه إنما أراد بذلك ¬

_ (¬1) تاريخ بغداد، 2/ 175؛ وتعجيل المنفعة، 361. (¬2) سير أعلام النبلاء، 9/ 135. (¬3) سير أعلام النبلاء، 9/ 135. (¬4) تاريخ بغداد، 2/ 175. (¬5) تاريخ بغداد، 2/ 177. (¬6) طبقات الفقهاء، 1/ 142. (¬7) تاريخ بغداد، 2/ 176 - 177؛ والجواهر المضية، 1/ 528. (¬8) رواه الترمذي بلفظ: "مَن سره أن يتمثل ... ". انظر: سنن الترمذي، الأدب، 23.

العلماء، فمن قام بحق الخدمة وإعزاز الملك فهو هيبة للعدو، ومن قعد اتبع السنَّة التي عنكم أُخذت، فهو زين لكم. قال: صدقت يا محمد. ثم قال: إن عمر بن الخطاب صالح بني تغلب على أن لا ينصّروا أبناءهم، وقد نصّروا أبناءهم وحلّت بذلك دماؤهم، فما ترى؟ قال: قلت: إن عمر أمرهم بذلك، وقد نصّروا أبناءهم بعد عمر، واحتمل ذلك عثمان وابن عمك (¬1)، وكان من العلم ما لا خفاء به عليك، وجرت بذلك السنَّة، فهذا صلح من الخلفاء بعده، ولا شيء يلحقك في ذلك، وقد كشفتُ لك العلم، ورأيك أعلى. قال: لَكِنّا نجريه على ما أجروه إن شاء الله، إن الله أمر نبيه بالمشورة، فكان يشاور في أمره ثم يأتيه جبريل -عليه السلام- بتوفيق الله، ولكن عليك بالدعاء لمن ولاّه الله أمرك، ومُرْ أصحابك بذلك، وقد أمرت لك بشيء تفرّقه على أصحابك. فخرج له مال كثير ففرّقه" (¬2). وفي سنة 176 ظهر يحيى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن (¬3) بالديلم واشتدت شوكته، فاغتم الرشيد لذلك، فندب إليه الفضل بن يحيى في خمسين ألفاً، فكاتب يحيى بن عبد الله ولطف به، فأجاب يحيى إلى الصلح، على أن يكتب له الرشيد أماناً بخطه يشهد عليه فيه القضاة والفقهاء وجِلّة بني هاشم ومشايخهم، فأجابه الرشيد إلى ذلك، وسيّر الأمان مع هدايا وتحف. فقدم يحيى مع الفضل بغداد، فلقيه الرشيد بكل ما أحب وأمر له بمال كثير وأنزله منزلاً سَرِياً. ثم إن الرشيد حبسه فمات في الحبس. وكان الرشيد قد عرض كتاب أمان يحيى على محمد بن الحسن وعلى أبي البَخْتَرِي القاضي (ت. 200) (¬4)، فقال محمد: "الأمان صحيح". فحاجّه ¬

_ (¬1) أي علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -. (¬2) تاريخ بغداد، 2/ 173 - 174. (¬3) هو من الطالبيين الذين خرجوا على العباسيين، وقد رباه جعفر الصادق، وتفقه عنده. دعا إلى نفسه في بلاد الديلم، ثم صالح الرشيد بأمان، وقدم بغداد، ثم حبسه الرشيد إلى أن مات. انظر: الأعلام للزركلي، 8/ 154. (¬4) هو وهب بن وهب القرشي المدني، ولاه هارون الرشيد قضاء عسكر المهدي أي شرقي بغداد، ثم قضاء المدينة، ثم عزل ورجع إلى بغداد وتوفي بها. وهو ضعيف عند المحدثين. انظر: الأعلام للزركلي، 8/ 126.

8 - مذهبه في العقائد

الرشيد وأغلظ له الكلام، لكن لم يرجع محمد عن فتواه. وقال أبو البَخْتَرِي: "هذا أمان منتقض من وجه كذا". فمزقه الرشيد (¬1). وكان محمد بن الحسن يتفقد طلاب العلم ويواسيهم بالنفقة مثل أستاذه أبي حنيفة. قال أبو عبيد: "رأيت الشافعي عند محمد بن الحسن وقد دفع إليه خمسين ديناراً وقد كان قبل ذلك دفع إليه خمسين درهماً وقال: إن اشتهيت العلم فالزم" (¬2). وقد نفدت نفقة أسد بن الفرات وهو عند محمد فكلم فيه مسؤولي الدولة فنفذوا إليه عشرة آلاف درهم (¬3). وكان الإمام محمد متواضعاً لأهل العلم حتى لطلابه، وحريصاً على العلم، فيستفيد من طلبته ولا يرى في ذلك غضاضة على نفسه. قال أبو سليمان الجوزجاني: "سمعت ابن المبارك يقول: سألت أبا حنيفة - رضي الله عنه - عن الرجل يبعث بزكاة ماله من بلد إلى بلد آخر، فقال: لا بأس بأن يبعثها من بلد إلى بلد آخر لذي قرابته، فحدثت بهذا محمد بن الحسن، فقال: هذا حسن، وهذا قول أبي حنيفة، وليس لنا في هذا سماع عن أبي حنيفة. قال أبو سليمان: فكتبه عني محمد بن الحسن عن ابن المبارك عن أبي حنيفة" (¬4). 8 - مذهبه في العقائد طعن فيه بعض المحدثين بأنه كان جهمياً مرجئاً يقول بخلق القرآن (¬5). لكن مذهب محمد بن الحسن في العقائد معروف مثل مذهب أبي حنيفة ¬

_ (¬1) أخبار أبي حنيفة للصيمري، 130 - 131؛ والكامل لابن الأثير، 5/ 291؛ والنجوم الزاهرة، 2/ 63. (¬2) سير أعلام النبلاء، 10/ 14. (¬3) سير أعلام النبلاء، 10/ 225 - 227. (¬4) الجواهر المضية، 1/ 282. (¬5) الضعفاء للعقيلي، 4/ 52، 54؛ والمجروحين لابن حبان، 2/ 276. وتاريخ بغداد، 2/ 179؛ وتعجيل المنفعة، 361.

9 - منزلته في العلم من خلال أقوال العلماء

وأبي يوسف تراه واضحاً في العقيدة الطحاوية التي يرويها الطحاوي عنهم. كما يرى ذلك في مؤلفات الإمام أبي حنيفة، الفقه الأكبر وغيره. والحامل على ذلك كله التعصب الناشئ عن عدم التروي والبحث. كان هناك بعض المنتسبين إلى الحنفية ممن يذهب إلى تلك الآراء، لكن الأئمة أنفسهم برآء من ذلك. وقد صرح بذلك أبو سليمان الجوزجاني ومعلى بن منصور الرازي حيث قالا: "ما تكلم أبو حنيفة ولا أبو يوسف ولا زفر ولا محمد ولا أحد من أصحابهم في القرآن، وإنما تكلم في القرآن بشر المريسي (¬1) وابن أبي دؤاد، فهؤلاء شانوا أصحاب أبي حنيفة" (¬2). 9 - منزلته في العلم من خلال أقوال العلماء قال الشافعي: "ما رأيت أفصح من محمد بن الحسن، كنت إذا رأيته يقرأ كأن القرآن نزل بلغته" (¬3). وقال: "ولو أشاء أن أقول: نزل القرآن بلغة محمد بن الحسن لقلت لفصاحته" (¬4). قال الشافعي: "كان محمد بن الحسن الشيباني إذا أخذ في المسألة كأنه قرآن ينزل عليه لا يقدم حرفاً ولا يؤخر" (¬5). قال الربيع بن سليمان: "وقف رجل على الشافعي فسأله عن مسألة فأجابه، فقال له الرجل: يا أبا عبد الله، خالفك الفقهاء. فقال له الشافعي: وهل رأيت فقيهاً قط اللَّهم إلا أن تكون رأيت محمد بن الحسن، فإنه كان يملأ العين والقلب، وما رأيت مبدناً قط أذكى من محمد بن الحسن" (¬6). ¬

_ (¬1) هو بشر بن غياث المريسي البغدادي المعتزلي، من تلامذة أبي يوسف، فقيه متكلم، انتُقِد كثيراً بسبب دخوله في الكلام، وله أقوال في المذهب الحنفي. انظر: القرشي، الجواهر المضية، 1/ 447 - 450. (¬2) تاريخ بغداد، 13/ 383. (¬3) تاريخ بغداد، 2/ 175؛ وتعجيل المنفعة، 361. (¬4) تاريخ بغداد، 2/ 175؛ وسير أعلام النبلاء، 9/ 135. (¬5) تاريخ بغداد، 2/ 176. (¬6) تاريخ بغداد، 2/ 176.

قال ابن سعد: "ونظر في الرأي فغلب عليه وعرف به ونفذ فيه" (¬1). قال أبو عبيد القاسم بن سلام: "ما رأيت أعلم بكتاب الله من محمد بن الحسن" (¬2). قال جعفر بن ياسين: "كنت عند المزني، فوقف عليه رجل فسأله عن أهل العراق، فقال له: ما تقول في أبي حنيفة؟ قال: سيدهم، قال: فأبو يوسف؟ قال: أتبعهم للحديث، قال: فمحمد بن الحسن؟ قال: أكثرهم تفريعاً، قال: فزفر؟ قال: أحدّهم قياساً" (¬3). قال أبو علي الحسن بن داود: "فخر أهل البصرة بأربعة كتب، منها كتاب البيان والتبيين للجاحظ وكتاب الحيوان له وكتاب سيبويه وكتاب الخليل في العين، ونحن نفتخر بسبعة وعشرين ألف مسألة في الحلال والحرام عملها رجل من أهل الكوفة يقال له: محمد بن الحسن قياسية عقلية لا يسع الناس جهلها، وكتاب الفراء في المعاني ... " (¬4) قال الذهبي: "العلامة فقيه العراق" (¬5). قال القرشي: "وكان أيضاً مقدماً في علم العربية والنحو والحساب والفطنة" (¬6). قال ابن حجر العسقلاني: "وكان الشافعي يعظمه في العلم، وكذلك أحمد بن حنبل" (¬7). ¬

_ (¬1) الطبقات الكبرى، 7/ 336. (¬2) تاريخ بغداد، 2/ 175؛ والجواهر المضية، 2/ 43. (¬3) تاريخ بغداد، 2/ 176. (¬4) تاريخ بغداد، 2/ 177. (¬5) سير أعلام النبلاء، 9/ 64. (¬6) الجواهر المضية، 2/ 44. (¬7) تعجيل المنفعة، 361.

10 - منزلته في الحديث

10 - منزلته في الحديث طعن في الإمام محمد بعض المحدثين كما طعنوا في أستاذه أبي حنيفة وأصحابه، ووثقه بعضهم مثل علي بن المديني الذي يلقب بأمير المؤمنين في الحديث، وقال الدارقطني: "هو لا يستحق الترك" (¬1). وروى عنه الإمام الشافعي في كتاب الأم (¬2). وتقدم ثناء الشافعي وغيره من العلماء عليه قريباً. على أنه من الواضح أن سبب الطعن هو التعصب على أهل الرأي، فإنك ترى بين كلام بعض المحدثين في تضعيفه أنه من أهل الرأي وأنه جهمي وأنه مرجئ وأنه ليس بأهل لأن يروى عنه بهذه الأسباب. وترى بعض المحدثين يذكرون أنه يخطئ كثيراً ويهم في الأحاديث التي يرويها. وهذا أمر مبالغ فيه. والذي دفع بعضهم إلى هذا هو أن الإمام محمد بن الحسن فقيه في الدرجة الأولى، وعنايته بالحديث والرواية منصبة على أحاديث الأحكام، فاهتمامه متوجه إلى الاحتجاج بالحديث وفهم معناه والفقه الذي يستنبط منه أكثر من رواية الحديث والاهتمام بألفاظه وتعداد أسانيده وما إلى ذلك. فلم يكن الإمام ممن يجلس للتحديث ويصرف جل سعيه في رواية الحديث، وإنما هو فقيه ثم محدث. ولكن ذلك لا يمنع من صحة حديثه وكونه ثقة حافظاً للحديث أيضاً. فالأمر يرجع إلى الاختصاص بعلم وتكثيف جهده فيه أكثر من علم آخر. حتى إنك لترى الأمر الذي ينبغي أن يحمد عليه يتحول إلى أمر يذم عليه. قال عبد الرحمن بن مهدي: "دخلت على محمد بن الحسن صاحب الرأي، فرأيت عنده كتاباً موضوعاً فأخذته ونظرت فيه، فإذا هو قد أخطأ وقاس على الخطأ. قال: قلت: ما هذا؟ قال: هذا حديث أبي خَلْدَة عن أبي العالية في الدود يخرج من الدبر. وقد تأوله على غير تأويله وقاس عليه. ¬

_ (¬1) انظر لأقوال أهل الحديث فيه: الجرح والتعديل، 7/ 227؛ والضعفاء للعقيلي، 4/ 52 - 54؛ والمجروحين لابن حبان، 2/ 276؛ والكامل لابن عدي، 6/ 174 - 175؛ وتاريخ بغداد، 2/ 180 - 181؛ وميزان الاعتدال، 6/ 107، وتعجيل المنفعة، 361. (¬2) الأم، 3/ 220، 6/ 185.

فقلت: هذا ليس هكذا. قال: كيف هو؟ فأخبرته. قال: صدقت. ثم جاء بالمقراض يقرض من كتابه" (¬1). فمحمد بن الحسن عالِم واسع الصدر يسمح لابن مهدي بالاطلاع على كتابه ويستمع إلى نقده العلمي ويراه في مكانه ويصحح كتابه تبعاً لما يقوله. وهذا هو التواضع للحق أينما كان ومن أين أتى. كما أن التفرق الذي حدث بين أهل الحديث وأهل الرأي وبين أهل الحجاز وأهل العراق وأمثال ذلك قد أثر في كلام بعض المحدثين والعلماء وجعل من السهل عليهم الطعن على أهل الرأي دون التروي كثيراً في عواقب ذلك. قال محمد بن الحسن الشيباني: "كنت عند مالك، فنظر إلى أصحابه فقال: انظروا أهل المشرق فأنزلوهم بمنزلة أهل الكتاب، إذا حدثوكم فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم. ثم التفت فرآني، فكأنه استحيى، فقال: يا أبا عبد الله، أكره أن تكون غيبة، هكذا أدركت أصحابنا يقولون" (¬2). قال الذهبي: "هذا القول من الإمام قاله لأنه لم يكن له اعتناء بأحوال بعض القوم ولا خبر تراجمهم، وهذا هو الورع. ألا تراه لما خبر حال أيوب السختياني العراقي كيف احتج به، وكذلك حميد الطويل وغير واحد ممن روى عنهم. وأهل العراق كغيرهم فيهم الثقة والحجة والصدوق والفقيه والمقرئ والعابد وفيهم الضعيف والمتروك والمتهم. وفي الصحيحين شيء كثير جداً من رواية العراقيين -رحمهم الله-. وفيهم من التابعين كمثل علقمة ومسروق وعبيدة والحسن وابن سيرين والشعبي وإبراهيم، ثم الحكم وقتادة ومنصور وأبي إسحاق وابن عون، ثم مسعر وشعبة وسفيان والحمادين وخلائق أضعافهم، رحم الله الجميع" (¬3). كما نقل عن الإمام مالك أقوال أخرى في الثناء على الإمام أبي حنيفة وعلى العراقيين. لكن المقصود أنه إذا كان هناك نوع من التحزب والافتراق فإنه يسهل على أحد الأطراف التكلم في الطرف الآخر بما لا ينبغي. وهذا أمر ينبغي أن يتفطن إليه العلماء ¬

_ (¬1) الضعفاء للعقيلي، 4/ 54. (¬2) سير أعلام النبلاء، 8/ 68. (¬3) سير أعلام النبلاء، 8/ 68 - 69.

11 - توليه القضاء

والمحدثون خصوصاً عند توثيقهم وتضعيفهم للرجال وحكمهم على الأحاديث بالصحة والضعف. 11 - توليه القضاء أشار أبو يوسف على هارون الرشيد بتولية محمد بن الحسن قضاء الرقة، ولم يشاوره أبو يوسف في ذلك. فأُحضر محمد بن الحسن من الكوفة وهو لا يعلم سبب إحضاره، فكان ذلك من أسباب انكسار الخاطر بينهما (¬1). فخرج إلى الرقة وهارون أمير المؤمنين بها فولاه قضاء الرقة ثم عزله (¬2). وكان سبب عزله ما سبق من إجازته لأمان يحيى بن عبد الله (¬3). ثم إن الرشيد قربه إليه مرة أخرى وولاه قضاء القضاة بعد وفاة أبي يوسف (¬4). 12 - وفاته خرج بصحبة هارون الرشيد إلى الري، فمات بها في سنة 189 وهو ابن ثمان وخمسين سنة (¬5). ومات هو والكسائي في يوم واحد، فكان الرشيد يقول: "دفنت الفقه والنحو بالري" (¬6). وقد حدد بعضهم مكان موته أنه مات في رَنْبَوَيه قرية من قرى الري (¬7)، وفي جبل طَبَرَك (¬8)، وفي دار أحد تلاميذه هشام بن عبيد الله الرازي (¬9)، وأنه دفن في مقبرة عائلة هشام الرازي المعروفة آنذاك بالعلم والشرف (¬10). وقد دفن بعض العلماء الأحناف في القرن الخامس والسادس في مقبرة الإمام محمد بن الحسن مما يدل على وجود ¬

_ (¬1) بلوغ الأماني، 46. (¬2) الطبقات الكبرى، 7/ 336؛ وتعجيل المنفعة، 361. (¬3) أخبار أبي حنيفة للصيمري، 126 - 127؛ وبلوغ الأماني، 51. (¬4) سير أعلام النبلاء، 9/ 135. (¬5) الطبقات الكبرى، 7/ 336؛ وتعجيل المنفعة، 361. (¬6) طبقات الفقهاء، 1/ 142؛ وتاريخ بغداد، 2/ 181؛ وتعجيل المنفعة، 361. (¬7) وفيات الأعيان، 4/ 185. (¬8) الجواهر المضية، 1/ 157. (¬9) تذكرة الحفاظ، 1/ 388. (¬10) الجواهر المضية، 2/ 205.

13 - آثاره العلمية

المقبرة في تلك القرون (¬1). لكنها غير موجودة اليوم كما أفاد ذلك الأستاذ محمد حميد الله (¬2). وقد رثاه اليزيدي ورثى الكسائي الذي مات معه في نفس اليوم بقصيدة (¬3). 13 - آثاره العلمية أ - كتاب الأصل ويأتي الكلام عليه مفصلاً. ب - الجامع الصغير وهو أحد كتب ظاهر الرواية. وقد روى محمد بن الحسن مسائل هذا الكتاب عن أبي يوسف عن أبي حنيفة، وألفه بطلب من أبي يوسف. فيذكر في أول كل باب: محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة. ويذكر فيه الخلاف بين هؤلاء الأئمة في بعض المواضع. وقد رتب الكتاب أبو طاهر الدباس والحسن بن أحمد الزعفراني. ويحتوي الجامع الصغير على 1532 مسألة فقهية مختصرة بدون ذكر أدلتها. وهو كتاب فقهي مختصر يحتوي على أمهات المسائل الفقهية في كل باب. وقد اعتنى به الفقهاء الأحناف كثيراً ما بين شارح وناظم (¬4). وذكر مخطوطاته ومخطوطات شروحه بروكلمان (¬5) وسزكين (¬6). وطبع الكتاب عدة طبعات غير محققة، في بولاق بهامش كتاب ¬

_ (¬1) الكامل لابن الأثير، 9/ 436؛ والجواهر المضية، 1/ 156 - 157، 170. (¬2) ومدينة الري هي في طهران اليوم. وقد ذكر الأستاذ حميد الله أنه يوجد مصنع للإسمنت في تلك المنطقة اليوم. انظر: Muhammed Hamidullah, Olumunun 1200 uncu yildonumunde Sarlman in muasiri: imam Muhammed b. el - Hasen es - Seybani (trc. Yusuf Ziya Kavakci) Islam Medeniyeti, sy. 20, Istanbul 1969, s. 7. (¬3) تاريخ بغداد، 2/ 182. (¬4) كشف الظنون، 1/ 561 - 564. (¬5) تاريخ الأدب العربي، 3/ 253 - 254. (¬6) تاريخ التراث العربي، المجلد الأول، الجزء الثالث، 67 - 71.

ج - الجامع الكبير

الخراج لأبي يوسف سنة 1302، وفي الهند في سنوات 1291، 1294، 1310، 1328. وطبع في بيروت سنة 1406/ 1986، مع مقدمة عبد الحي اللكنوي المسماة بالنافع الكبير لمن يطالع الجامع الصغير، وشرح اللكنوي للجامع الصغير. وقد طبع الكتاب بتحقيقنا قريباً. ج - الجامع الكبير وهو أحد كتب ظاهر الرواية. وقد ألفه الإمام محمد تأليفاً مستقلاً من دون رواية عن أبي يوسف. وهو أكبر حجماً من الجامع الصغير. ولم يذكر في أبواب العبادات إلا مسائل قليلة، وتوسع في الأبواب الأخرى. وهو مثل الجامع الصغير من حيث خلوه عن الأدلة. وتظهر فيه ملكة المؤلف الفقهية أكثر حيث يبني مسائل كل باب على قواعد فقهية من غير أن يصرح بتلك القواعد، وقد بين الفقهاء تلك القواعد في شروحهم على الكتاب. وعليه شروح كثيرة وأعمال أخرى من الاختصار والنظم (¬1). وذكر مخطوطاته مع شروحه وغير ذلك بروكلمان (¬2) وسزكين (¬3). وطبع الكتاب بتحقيق أبو الوفا الأفغاني في الهند سنة 1356، ثم صور وطبع في بيروت. د - السير الصغير (¬4) وهو أحد كتب ظاهر الرواية. ويغلب على الظن وجوده ضمن كتاب الأصل في النسخ التي بأيدينا. وقد طبع طبعة مستقلة بتحقيق مجيد خدوري في بيروت سنة 1975 بالاعتماد على بعض نسخ كتاب الأصل. والكتاب يحتوي على مسائل الجهاد والحرب والسلام وما يلحق بذلك مما يدخل في موضوع القانون الدولي اليوم. ¬

_ (¬1) كشف الظنون، 1/ 567 - 570. (¬2) تاريخ الأدب العربي، 3/ 250 - 253. (¬3) تاريخ التراث العربي، المجلد الأول، الجزء الثالث، 59 - 67. (¬4) كشف الظنون، 2/ 1013.

هـ - السير الكبير

هـ - السير الكبير وهو أحد كتب ظاهر الرواية. وهو أوسع من السير الصغير، وموضوعه هو نفسه. ويقال: إنه آخر مؤلفات محمد بن الحسن (¬1). والكتاب موجود ممزوجاً بشرح السرخسي، وقد امتزجت مسائله مع الشرح فلم تتميز تماماً. وذكر مخطوطاته بروكلمان (¬2) وسزكين (¬3). وللكتاب شروح أخرى كشرح الحلواني والحصيري (¬4). وقد طبع مع شرح السرخسي له في حيدر آباد سنة 1335 - 1336 في أربعة أجزاء، وفي القاهرة طبعته جامعة الدول العربية بتحقيق صلاح الدين المنجد في خمسة أجزاء سنة 1971 - 1972. وكانت جامعة القاهرة طبعت الجزء الأول من الكتاب بتحقيق محمد أبو زهرة ومصطفى زيد سنة 1958، لكن لم يكتمل هذا العمل. وقد شرح محمد منيب العينتابي (ت. 1238) شرح السير الكبير للسرخسي باسم تيسير المسير في شرح السير الكبير. وترجم العينتابي المذكور شرح السير الكبير للسرخسي إلى التركية، وطبع في إسطنبول في جزءين سنة 1241. كما ترجم شرح السير الكبير للسرخسي إلى الفرنسية الأستاذ محمد حميد الله، وطبعت وقف الديانة التركي هذه الترجمة في أنقرة في أربعة أجزاء سنة 1989 - 1991. و- الزيادات وهو من كتب ظاهر الرواية. وقد ألفه الإمام محمد استدراكاً لما لم يذكره من المسائل في كتاب الأصل أو غيره من مؤلفاته. وأسلوبه فيه سرد المسائل كما في الجامع الصغير والجامع الكبير. ومسائل الكتاب مسائل دقيقة على شاكلة مسائل الجامع الكبير. وشرحه عدد من الفقهاء الأحناف (¬5). وذكر ¬

_ (¬1) كثف الظنون، 2/ 1013 - 1014. (¬2) تاريخ الأدب العربي، 3/ 255. (¬3) تاريخ التراث العربي، المجلد الأول، الجزء الثالث، 72 - 73. (¬4) كشف الظنون، 2/ 1014. (¬5) كشف الظنون، 2/ 962 - 963.

ز - زيادات الزيادات

مخطوطات الكتاب وشروحه بروكلمان (¬1) وسزكين (¬2). ز - زيادات الزيادات وهو ملحق بالكتاب السابق من حيث المضمون كما هو واضح من اسمه. وقد شرحه السرخسي وغيره (¬3). وطبع شرح السرخسي باسم النكت بتحقيق أبو الوفا الأفغاني في حيدر آباد سنة 1378. ح - الآثار وهي عبارة عن الأحاديث والآثار التي يرويها الإمام محمد عن أبي حنيفة وغيره من مشايخه. ويعقب الروايات أحياناً ببيان رأي أبي حنيفة ورأيه وهل يأخذ بالأثر المروي أم لا؟ وذكر مخطوطاته بروكلمان (¬4) وسزكين (¬5). وقد طبع الكتاب في لكنو سنة 1883، وفي لاهور سنة 1309، وفي بشاور سنة 1987، وفي القاهرة سنة 2007 بتحقيق أحمد عيسى المعصراوي. ط - الموطأ وهو رواية محمد بن الحسن لموطأ مالك، حيث تلقى الإمام محمد الموطأ عن الإمام مالك عندما رحل إلى المدينة. وقد أضاف إلى ذلك بيان رأيه ورأي أبي حنيفة، وهل يأخذ بالحديث المروي في الباب أم لا مع رواية ما يؤيد رأيه من الحديث أو الأثر أحياناً. وهي إحدى الروايات المشهورة للموطأ. وذكر مخطوطات الكتاب وشروحه بروكلمان (¬6) وسزكين (¬7). قد طبع الكتاب عدة طبعات قديمة بالهند، وطبع في القاهرة ¬

_ (¬1) تاريخ الأدب العربي، 3/ 248 - 249. (¬2) تاريخ التراث العربي، المجلد الأول، الجزء الثالث، 57 - 59. (¬3) كشف الظنون، 2/ 963، 964؛ وتاريخ الأدب العربي، 3/ 249 - 250؛ وتاريخ العربي، المجلد الأول، الجزء الثالث، 59. (¬4) تاريخ الأدب العربي، 3/ 254 - 255. (¬5) تاريخ التراث العربي، المجلد الأول، الجزء الثالث، 71. (¬6) تاريخ الأدب العربي، 3/ 278. (¬7) تاريخ التراث العربي، المجلد الأول، الجزء الثالث، 133.

ي - الحجة على أهل المدينة

بتحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف سنة 1962. وطبع مع شرحه التعليق الممجد على موطأ محمد لعبد الحي اللكنوي بتحقيق تقي الدين الندوي سنة 1412/ 1991 في بومباي / دمشق. ي - الحجة على أهل المدينة وهو يتضمن احتجاج الإمام محمد على أهل المدينة في آرائهم الفقهية بالأحاديث والآثار والحجج العقلية. فهو أقدم كتاب في علم الخلاف. وذكر مخطوطاته بروكلمان (¬1) وسزكين (¬2). وطبع في الهند بتحقيق مهدي حسن الكيلاني سنة 1964. ك - كتاب الكسب ويسمى أيضاً الاكتساب في الرزق المستطاب. وقد وصل إلينا بشرح السرخسي. ويوجد في المبسوط للسرخسي (¬3). وطبع عدة طبعات. أحسنها ما طبع بتحقيق شيخنا العلامة المرحوم عبد الفتاح أبو غدة في حلب سنة 1417/ 1997. ل - كتاب الحيل ويأتي الكلام عليه. م - الأمالي وهي مسائل فقهية رواها سليمان بن شعيب الكيساني وأبوه عن الإمام محمد. ولذلك تسمى الكيسانيات. وطبع جزء من الأمالي بالهند سنة 1360/ 1941. ن - النوادر وهي مرويات أصحابه عنه في المسائل الفقهية المختلفة. وتنسب تارةً ¬

_ (¬1) تاريخ الأدب العربي، 3/ 256. (¬2) تاريخ التراث العربي، المجلد الأول، الجزء الثالث، 75. (¬3) المبسوط، 30/ 244 - 287. وانظر: تاريخ الأدب العربي لبروكلمان 3/ 256؛ وتاريخ التراث العربي لسزكين، المجلد الأول، الجزء الثالث، 75.

س - كتب أخرى نسبت إليه

إلى الراوي لها عن الإمام محمد، مثل نوادر هشام التي رواها هشام بن عبيد الله الرازي، ونوادر أبي سليمان الجوزجاني، ونوادر المعلى بن منصور الرازي، والجرجانيات نسبة إلى علي بن صالح الجرجاني، والهارونيات نسبة إلى شخص اسمه هارون؛ وتارةً إلى مكان الرواية مثل الرَّقِّيات التي رواها محمد بن سماعة عن الإمام محمد عندما كان قاضياً بالرقة. وقد ضاعت معظم هذه النوادر (¬1). وتوجد نسخة من نوادر المعلى في إسطنبول (¬2). ويذكر السرخسي وغيره من الفقهاء الأحناف المتقدمين نقولاً كثيرة عن هذه النوادر. س - كتب أخرى نسبت إليه أما كتاب العقيدة الشيبانية فلم تصح نسبته إليه (¬3). فهي منظومة علمية، والمنظومات العلمية ظهرت متأخرة عن عصر الإمام محمد. كما أن فيها بيتاً يذكر فيه الإمام الشافعي وأحمد بن حنبل مما يقطع بعدم صحة نسبة هذا الكتاب إلى الإمام محمد (¬4). أما كتاب أصول الفقه الذي ذكره ابن النديم (¬5)، وذكر له بروكلمان مخطوطة (¬6) وزعم أن عليه شرحاً للسرخسي، فما هو إلا قطعة من كتاب الأصل كما يظهر من كلام بروكلمان نفسه حيث يشير إلى أنه يطابق نسخة من كتاب الأصل (¬7). وهناك كتابان آخران ذكرهما بروكلمان، وهما فتوى في منظومة، وقصيدة الشيباني؛ ولا تصح نسبتهما إليه (¬8). ¬

_ (¬1) الإمام محمد بن الحسن، 175 - 176. (¬2) تاريخ التراث العربي، المجلد الأول، الجزء الثالث، 80. (¬3) تاريخ الأدب العربي، 3/ 255 - 256؛ وتاريخ التراث العربي، المجلد الأول، الجزء الثالث، 73 - 74؛ والإمام محمد بن الحسن، 183 - 184. (¬4) المصدر السابق. (¬5) الفهرست، 288. (¬6) تاريخ الأدب العربي، 3/ 256. (¬7) سيأتي الكلام على معنى كلمة الأصل والأصول في كلام الفقهاء الأحناف المتقدمين. (¬8) تاريخ الأدب العربي، 3/ 257؛ والإمام محمد بن الحسن، 184.

14 - كتب في الرد عليه

أما الكتب التي ذكرها سزكين مثل كتاب الصلاة والإكراه والمضاربة وغير ذلك (¬1) فما هي إلا الكتب الفقهية الموجودة ضمن كتاب الأصل (¬2). وقد ذكر ابن النديم كتباً أخرى مثل اجتهاد الرأي، والخصال (¬3)، لكنها في عداد الكتب المفقودة. 14 - كتب في الرد عليه ألف في الرد على محمد بن الحسن عدد من العلماء المخالفين له في رأيه وتفكيره الفقهي. منهم الإمام الشافعي (ت. 204). ففي الأم له كتاب الرد على محمد بن الحسن (¬4)، كما أنه يذكر مناظراته معه في مواضع أخرى من الأم. وكتاب الرد على محمد بن الحسن لا يحتوي إلا على كتاب الديات. ولعله جزء من كتاب أكبر. ومن الذين ردوا على محمد بن الحسن نُعيم بن حماد المروزي (ت. 228)، فقد ذُ كر عنه أنه وضع كتباً في الرد على أبي حنيفة وناقض محمد بن الحسن (¬5). كذلك من الذين ردوا عليه إسماعيل بن إسحاق القاضي المالكي (ت. 282)، وقد ألف كتاباً في الرد على محمد بن الحسن يكون نحو مائتي جزء، ولم يكمل (¬6). أيضاً من العلماء الذين ردوا عليه ابن الوراق المروزي المالكي (ت. 329)، وهو أبو بكر محمد بن أحمد، ألف كتباً على مذهب مالك، منها كتاب الرد على محمد بن الحسن (¬7). ¬

_ (¬1) تاريخ التراث العربي، المجلد الأول، الجزء الثالث، 75 - 78. (¬2) سيأتي الكلام على كتاب الأصل وأنه ألف كتاباً كتاباً ثم جمع. (¬3) الفهرست، 288. (¬4) الأم (تحقيق رفعت فوزي)، 9/ 85 - 169. (¬5) سير أعلام النبلاء، 10/ 599. (¬6) سير أعلام النبلاء، 13/ 340؛ وطبقات الحفاظ للسيوطي، 1/ 279. (¬7) الديباج المذهب، 1/ 243 - 244.

القسم الأول: التعريف بكتاب الأصل

القسم الأول: التعريف بكتاب الأصل 1 - مكانة كتاب الأصل في في تاريخ التشريع الإسلامي: أ - مكانة كتاب الأصل في الفقه الحنفي خصوصاً: من المشهور أن مسائل المذهب الحنفي على ثلاث طبقات: الأولى: مسائل الأصول، وتسمى ظاهر الرواية. وهي مسائل مروية عن أئمة المذهب وهم أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد (¬1). ويلحق بهم زفر بن الهذيل والحسن بن زياد وغيرهما ممن أخذ عن أبي حنيفة. ويسمى هؤلاء بالمتقدمين. ثم هذه المسائل التي سميت مسائل الأصول وظاهر الرواية هي ما وُجدت في كتب محمد التي هي المبسوط والزيادات والجامع الصغير والكبير والسير الصغير والكبير. وإنما سميت بظاهر الرواية لأنها رويت برواية الثقات وتواترت أو اشتهرت عنه (¬2). الثانية: مسائل النوادر. وهي مسائل مروية عن أئمة المذهب المذكورين لكن لا في الكتب المذكورة؛ بل في كتب غيرها تنسب إلى محمد كالكَيْسانيات والهارونيات والجرجانيات والرَّقِّيات، أو في كتب غير محمد ككتاب المجرَّد للحسن بن زياد وكتب الأمالي لأصحاب أبي يوسف وغيرهم، أو بروايات مفردة مثل رواية ابن سماعة ورواية معلى بن منصور وغيرهما في مسألة معينة. وإنما سميت هذه المسائل بالنوادر أو غير ظاهر ¬

_ (¬1) كشف الظنون 2/ 1281. (¬2) كشف الظنون 2/ 1281 - 1282.

الرواية لأنها لم ترو بروايات ظاهرة ومشهورة كالمسائل الأولى (¬1). الثالثة: الفتاوى والواقعات. وهي مسائل استنبطها المجتهدون المتأخرون لما سئلوا عنها ولم يجدوا فيها رواية عن أئمة المذهب المتقدمين. وهم أصحاب أبي يوسف وأصحاب محمد وأصحاب أصحابهما وهلم جراً. وهم كثيرون. فمن أصحاب أبي يوسف ومحمد مثل إبراهيم بن رستم ومحمد بن سماعة وأبي سليمان الجوزجاني وأبي حفص البخاري، ومن أصحاب أصحابهما ومن بعدهم مثل محمد بن سلمة ومحمد بن مقاتل ونصير - وقيل: نصر - ابن يحيى وأبي نصر. وقد يتفق لهم أن يخالفوا أئمة المذهب لدلائل ظهرت لهم. وأول كتاب جمع في فتاواهم كتاب النوازل لأبي الليث السمرقندي. ثم جمع المشايخ بعدهم كتباً أخرى كمجموع النوازل والواقعات للصدر الشهيد (¬2). ثم ذكر المتأخرون المسائل في كتبهم مختلطة غير متميزة، وميز بعضهم كرضي الدين السرخسي في المحيط، فإنه يذكر أولاً مسائل الأصول ثم مسائل النوادر ثم مسائل الفتاوى (¬3). والكتب التي هي ظاهر الرواية لمحمد بن الحسن ستة كما هو مشهور، الأصل - ويسمى بالمبسوط أيضاً - والجامع الصغير والجامع الكبير والزيادات والسير الكبير والسير الصغير (¬4). ومن كتب مسائل الأصول كتاب الكافي للحاكم، وقد اختصر فيه كتب محمد بن الحسن، وهو معتمد في نقل المذهب (¬5). ¬

_ (¬1) كشف الظنون 2/ 1282. (¬2) كشف الظنون 2/ 1282. (¬3) كشف الظنون 2/ 1282. لكنه لم يلتزم لفظ الإمام محمد في كتبه، بل ذكر المسائل بالمعنى كما يتبين ذلك من المقارنة بين المحيط لرضي الدين السرخسي وبين كتاب الأصل للإمام محمد. والمحيط لا يزال مخطوطاً. وقد اطلعنا على نسخة مخطوطة منه. انظر: المحيط لرضي الدين السرخسي، 1/ 1 ظ وما بعده. (¬4) مجموعة الرسائل لابن عابدين، 1/ 16. (¬5) مجموعة الرسائل لابن عابدين، 1/ 20.

ب - مكانة كتاب الأصل في الفقه الإسلامي عموما

فكتاب الأصل هو أوسع كتب ظاهر الرواية وأكثرها فروعاً وأبسطها عبارة. فلذلك كان هو عمدة المذهب الحنفي. ب - مكانة كتاب الأصل في الفقه الإسلامي عموماً: إن الإمام أبا حنيفة (ت. 150) هو في الحقيقة واضع الحجر الأساسي للمذاهب الفقهية الأخرى. فمن حيث الزمن هو أقدمهم، وهو أكبرهم سناً. ومن حيث الفروع الفقهية وتوسيع مسائل الفقه بالقياس، واختراع المسائل الافتراضية وبحث الحلول لها هو المقدم من بين الفقهاء في جميع ذلك. وكتاب الأصل في أساسه مبني على الأسس والقواعد التي وضعها في مدرسته الفقهية بالكوفة. وقد دون أصحابه وتلاميذه أقواله وآراءه في مجلسه أو بعد ذلك مع إضافة أقوالهم في تلك المسائل. ومن أشهرهم ومتقدميهم في ذلك الإمام أبو يوسف. وقد جمع الإمام محمد بن الحسن هذه الأقوال في كتاب الأصل مع إضافة رأيه إلى رأي الإمامين المذكورين. وقد كان الإمام مالك بن أنس (ت 179) بالمدينة معاصراً للإمام أبي حنيفة وإن كان أصغر منه سناً. لكن فقه الإمام مالك لم يكن يشبه فقه الإمام أبي حنيفة في وضع المسائل والتفريع لها والإكثار من القياس واختراع المسائل الافتراضية. وقد قال أسد بن الفرات وقد قَدِم على مالك من أفريقية: كان ابن القاسم وغيره من أصحاب مالك يجعلونني أسأله عن المسألة، فإذا أجاب يقولون: قل له: فإن كان كذا؟ فأقول له؛ فضاق علي يوماً، فقال لي: هذه سليسلة بنت سليسلة، إن أردت هذا فعليك بالعراق (¬1). وهذا ما صنعه أسد بن الفرات حقاً، فقد رحل إلى العراق وأخذ عن أبي يوسف ومحمد بن الحسن، وغلب عليه علم الرأي، وكَتَبَ عِلْمَ أبي حنيفة، كما يقول الذهبي (¬2). ولما رجع من العراق ذهب إلى ابن وهب فقال: هذه كتب أبي حنيفة، وسأله أن يجيب فيها على مذهب مالك، فأبى وتورع؛ فذهب بها إلى ابن القاسم، فأجابه بما حفظ عن مالك وبما يعلم من قواعد ¬

_ (¬1) الموافقات، 4/ 318. (¬2) سير أعلام النبلاء، 10/ 225.

مالك، وتسمى هذه المسائل الأسدية (¬1). وأخذها عنه سحنون بن سعيد، صاحب المدونة التي هي أساس الفقه المالكي، ثم عرضها على ابن القاسم أيضاً (¬2). فقد لجأ أصحاب الإمام مالك إلى الاستفادة من الفقه الحنفي في وضع المسائل وتوسيع الفقه المالكي، والسؤال هو نصف العلم كما يقال. أما الإمام الشافعي (ت. 204) فقد درس الفقه الحنفي دراسة دقيقة على يدي الإمام محمد بن الحسن. وقد حمل عنه وقر بعير كتباً، كما قال (¬3). وكان يعترف بالفضل للإمام أبي حنيفة واضع المذهب، واشتهر قوله: "الناس عيال في الفقه على أبي حنيفة" (¬4). كما كان يعترف بالفضل للإمام محمد بن الحسن. فقد قال له رجل يوماً: "خالفك الفقهاء، فقال: هل رأيت فقيهاً قط، إلا أن يكون محمد بن الحسن"؛ وقال أيضاً: "أَمَنُّ الناس عليّ في الفقه محمد بن الحسن" (¬5). قال النووي: "أبو العباس بن سُريج الشافعي (ت. 306)، هو أحد أعلام أصحابنا، بل أوحدهم بعد الذين صحبوا الشافعي، وهو الذي نشر مذهب الشافعي وبسطه. قال الخطيب البغدادي: هو إمام أصحاب الشافعي في وقته، شرح المذهب ولخصه وعمل المسائل في الفروع، وصنف كتباً في الرد على المخالفين من أصحاب الرأي. وقال الشيخ أبو إسحاق في طبقاته: كان ابن سريج من عظماء الشافعيين، وكان يفضَّل على جميع أصحاب الشافعي حتى على المزني. قال: وسمعت شيخنا أبا الحسن الشيرجي الفرضي يقول: فَرَّعَ على كتب محمد بن الحسن ... وعنه انتشر فقه الشافعي في أكثر الآفاق" (¬6). ¬

_ (¬1) سير أعلام النبلاء، 10/ 226. (¬2) الموضع السابق. (¬3) الانتقاء لابن عبد البر، 69، 174، وطبقات الفقهاء للشيرازي، 142، وسير أعلام النبلاء، 10/ 7. (¬4) تاريخ بغداد، 13/ 346؛ وتهذيب التهذيب، 10/ 402. (¬5) تاريخ بغداد، 2/ 176. (¬6) تهذيب الأسماء، 2/ 530 - 531؛ ووفيات الأعيان، 1/ 66.

2 - اسم الكتاب

ولما سئل الإمام أحمد بن حنبل: "من أين لك هذه المسائل الدِّقَاق؟ أجاب بأنها من كتب محمد بن الحسن" (¬1). فهذه المذاهب الفقهية الكبرى قد اعترف أئمتها بأن مسائل الفقه من وضع أبي حنيفة وأصحابه. ولا شك أن هناك خلافاً كثيراً في حلول المسائل الفقهية بين هذه المذاهب والفقه الحنفي؛ لكن أصل وضع هذه المسائل وتفريعها إنما هو من صنع أبي حنيفة وأصحابه. ومصدر هذه المسائل بالدرجة الأولى هو كتاب الأصل. فهذا يبين مقدار أهمية الكتاب بالنسبة للفقه الإسلامي وتاريخه. 2 - اسم الكتاب: للكتاب تسميتان مشهورتان، كتاب الأصل، والمبسوط (¬2). ويقال له: الأصل أيضاً بدون استعمال لفظ الكتاب. وقيل: إن سبب تسميته بالأصل، لأنه صنفه محمد بن الحسن أولاً وقبل كتبه الأخرى (¬3). ولسنا متأكدين من أن محمد بن الحسن كان قد سمى كتابه بأحد هذين الاسمين. ونظن أن تسمية الكتاب بالأصل أو المبسوط قد حدث مؤخراً. فقد كان محمد بن الحسن ألف كل كتاب من الكتب الفقهية على حدة، ثم جمعت تلك الكتب تحت عنوان كتاب واحد. وقد ذكر كاتب جلبي أن محمد بن الحسن ألف الكتب الفقهية مفرداً، فألف مسائل الصلاة وسماه كتاب الصلاة ومسائل البيوع وسماه كتاب البيوع وهكذا، ثم جمعت فصارت مبسوطاً، وبين أنه المراد حيث ما وقع في الكتب قال محمد في كتاب فلان كذا (¬4). لكننا لا ندري هل كان الجامع لهذه الكتب تحت عنوان واحد هو محمد بن الحسن نفسه أو أن تلاميذه الراوين لكتبه هم الذين قاموا ¬

_ (¬1) المنتظم لابن الجوزي، 9/ 175؛ وسير أعلام النبلاء، 9/ 136. (¬2) كشف الظنون، 1/ 107؛ 2/ 1282. (¬3) كشف الظنون، 1/ 107؛ 2/ 1282. (¬4) كشف الظنون، 2/ 1581.

بذلك الجمع؟ ويترجح لدينا أن الرواة هم الذين قاموا بهذا الأمر. فمثلا لا يذكر ابن النديم أحد هذين الاسمين، الأصل أو المبسوط، بل يذكر كل كتاب من كتب الفقه على حدة، مثل كتاب الصلاة، كتاب المناسك وهكذا (¬1). كما لا يذكر الحاكم الشهيد ذلك أيضاً، بل يقول في مقدمة الكافي: "قد أودعت كتابي هذا معاني محمد بن الحسن -رحمه الله تعالى- في كتبه المبسوطة ... " (¬2) لكن يذكر السرخسي تسمية الكتاب باسم "الأصل" في مواضع كثيرة من المبسوط، فيقول مثلاً: "قال محمد في الأصل ... " (¬3) وذكره السمرقندي والكاساني والمرغيناني وغيرهم بهذا الاسم أيضاً (¬4). كما يذكره السرخسي وغيره باسم المبسوط أيضاً، لكن في مواضع أقل بكثير إذا ما قورن بالتسمية باسم "الأصل" (¬5). ولعل ذلك دفعاً للالتباس بين مبسوط الإمام محمد ومبسوط السرخسي وغيرهما، فقد كثرت تسمية الكتب بهذا الاسم فيما بعد، لكن التسمية باسم "الأصل" ليست بتلك الكثرة. وسبب التسمية بالأصل في نظرنا يرجع إلى أنه كتاب شامل للمسائل والقواعد الأساسية التي وضعها أبو حنيفة ومن بعده أبو يوسف ومحمد بن الحسن؛ فهذا الكتاب هو الأصل والأساس والقاعدة التي بني عليها الفقه الحنفي فيما بعد. وقد كانت هذه المسائل تعرف بمسائل الأصول. فقد كانت آراء الإمام أبي حنيفة تدون من قبل تلاميذه، فكانوا يناقشون المسألة في مجلسه فإذا استقر رأيهم على أمر دونوه في "الأصول" (¬6). ولعل المقصود بالأصول هنا كتب وأبواب الفقه الأساسية، فموضوع الصلاة مثلاً أصل، ¬

_ (¬1) الفهرست، 287 - 288. (¬2) الكافي، 1/ 1 ظ. (¬3) المبسوط، 1/ 162؛ 3/ 81، 127؛ 8/ 84؛ 26/ 178، 29/ 92، 108. (¬4) تحفة الفقهاء، 1/ 204؛ 2/ 291، 319، 360؛ 3/ 52، 133، 193؛ وبدائع الصنائع، 1/ 163، 273، 284، والهداية، 1/ 160؛ 2/ 175؛ 3/ 155. (¬5) المبسوط، 1/ 3؛ 18/ 127؛ والهداية، 2/ 84؛ 3/ 78. (¬6) وكانوا يدعونها "أصول الفقه" أيضاً. انظر: مناقب أبي حنيفة للمكي، 508؛ وفقه أهل العراق وحديثهم، 55، 56.

وموضوع الزكاة أصل، وموضوع البيوع أصل، أي أنه موضوع أساسي تدور حوله مسائل ذلك الكتاب. ثم آلت تلك الأصول إلى تلاميذ الإمام أبي حنيفة، ومن بينهم أبو يوسف ومحمد بن الحسن. قد وسعا هذه الأصول بمسائل وآراء جديدة. فكانت هذه الآراء مجتمعة هي امتداداً لذلك "الأصل" الذي دون في عهد الإمام أبي حنيفة، وكونت هذه المجموعة "الأصل" والأساس للمذهب الحنفي، حيث بنى على هذا الأصل جميع من أتى بعدهم من الفقهاء الأحناف وحتى غير الأحناف مثل الإمام الشافعي الذي حمل عن الإمام محمد بن الحسن وقر بعير كتباً (¬1)، وأسد بن الفرات الذي أخذ هذه الكتب ثم بنى عليها الفقهاء المالكية مذهبهم (¬2). ولما سئل الإمام أحمد بن حنبل: من أين لك هذه المسائل الدقاق؟ أجاب بأنها من كتب محمد بن الحسن (¬3). فحُقَّ لهذا الكتاب بأن يسمى بالأصل. فكان اسم الأصل أو الأصول يطلق على هذه المجموعة التي حوت كتب الفقه الشاملة لمسائل وقواعد العبادات والمعاملات المعروفة. وهناك احتمال آخر، وهو أن اسم الأصل لم يكن في البداية اسماً لكتاب معين، وإنما هو بمعنى الكتاب أو المرجع الأساسي أو المصدر الذي يتحاكم إليه للضبط والتثبت. كما كان المحدثون يستعملون هذه اللفظة بكثرة في هذه المعاني أو قريباً منها. لكن لكثرة استعمال هذه اللفظة للتعبير عن تلك الكتب صارت عَلَماً لهذا الكتاب عند الفقهاء الأحناف. ويتحدث الفقهاء الأحناف المتقدمون عن هذا الكتاب تارةً بلفظ الأصل، وتارةً يجمعون ذلك فيقولون: الأصول. وهذا يدل على أنه لم يكن لديهم اسم معين عَلَم على هذا الكتاب. ومن ناحية أخرى كان كل كتاب من كتب الفقه مفرداً عن الآخر، فكتاب الصلاة على حدة، والبيوع على حدة، ¬

_ (¬1) الانتقاء لابن عبد البر، 69، 174؛ وطبقات الفقهاء للشيرازي، 142؛ وسير أعلام النبلاء، 10/ 7. (¬2) طبقات الفقهاء للشيرازي، 160؛ وتاريخ الإسلام للذهبي، 15/ 67، ومقدمة ابن خلدون، 450. (¬3) المنتظم لابن الجوزي، 9/ 175؛ وسير أعلام النبلاء، 9/ 136.

3 - نسبة الكتاب إلى مؤلفه

والحدود على حدة، وهكذا؛ فكان كل كتاب من هذه الكتب الفقهية يسمى "الأصل"، ومجموعها يسمى "الأصول،. فمثلاً كان أبو بكر الرازي يكره أن تقرأ عليه "الأصول" من رواية هشام لما فيها من الاضطراب، ويرجح روايتي أبي سليمان ومحمد بن سماعة (¬1). ويذكر القرشي نفس الرواية بلفظ "الأصل" (¬2). وهما يتحدثان عن نفس الكتاب. والمقصود من قول ابن النديم: ولأبي يوسف من الكتب في "الأصول" والأمالي كتاب الصلاة، كتاب الزكاة، كتاب الصيام ... (¬3) وكذلك من كتاب "أصول الفقه" الذي ينسبه ابن النديم إلى محمد بن الحسن (¬4)، هو مواضيع الفقه الرئيسية، وليس المقصود بذلك أصول الفقه بالمعنى الحادث بعد ذلك علماً على العلم المعروف. ويظهر أن سبب تسميته بالمبسوط أنه مبسوط واسع كبير مسترسل في العبارة وشامل لجميع أبواب الفقه، وهو مخالف في ذلك مثلاً للجامع الصغير وأمثاله من كتب محمد التي هي أصغر حجماً. ولا نستطيع أن نجزم إن كان الإمام محمد سمى كتابه هذا بهذا الاسم أيضاً. ومع ذلك فإن تسمية الكتب بالمبسوط كانت شائعة في العصور الأولى، فترى العديد من الكتب المسماة بهذا الاسم في مختلف علوم المسلمين (¬5). 3 - نسبة الكتاب إلى مؤلفه: أ - تحقيق نسبة الكتاب إلى محمد بن الحسن إن كتاب الأصل أو المبسوط من تأليف الإمام محمد بن الحسن كما اشتهر عنه، وكما يذكر السرخسي (¬6) وغيره من الفقهاء الأحناف على وجه لا يقبل الشك. لكن ذكر كاتب جلبي أن للإمام أبي يوسف كتاباً باسم ¬

_ (¬1) أخبار أبي حنيفة للصيمري، 155. (¬2) الجواهر المضية، 2/ 205. (¬3) الفهرست، 286. (¬4) الفهرست، 288. (¬5) انظر مثلاً: كشف الظنون، 2/ 1580 - 1582. (¬6) انظر مثلاً: المبسوط، 1/ 162؛ 3/ 81، 127؛ 8/ 84؛ 26/ 178؛ 29/ 92، 108.

المبسوط، وذكر أنه المسمى بالأصل، ثم ذكر أن للإمام محمد أيضاً كتاباً يحمل اسم المبسوط (¬1). وينبغي أن نذكر أن كتاب الأصل وإن كان من تأليف محمد بن الحسن في حالته الأخيرة التي تداولها الفقهاء الأحناف فيما بينهم إلا أننا لا نكون مجافين للحقيقة والإنصاف إذا اعتبرنا كتاب الأصل عملاً مشتركاً بين الأئمة الثلاثة أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن. فأبو حنيفة هو المؤسس وواضع المسائل ابتداءً، وهو أستاذ أبي يوسف ومحمد، وأبو يوسف هو الراوي الأول لتلك المسائل ومصنف تلك الكتب ابتداءً من عهد أبي حنيفة، ومحمد هو الراوي الثاني الذي جمع علمي أبي حنيفة وأبي يوسف وهذبه وزاد عليهما تفريعاً ودراسة ونشره في الآفاق. والإمام أبو حنيفة وإن لم يؤلف كتاباً في الفقه بنفسه إلا أن تلاميذه قد دونوا آراءه في حياته. فقد كان تلاميذه ومن بينهم أبو يوسف يدونون آراء أبي حنيفة في مجلسه بعد تداول الآراء في المسألة ومناقشتها ومن ثم استقرار آراء تلاميذه الفقهاء في ذلك المجلس الفقهي على رأي واحد (¬2). وقال أسد بن الفرات: "كان أصحاب أبي حنيفة الذين دونوا الكتب أربعين رجلاً، وكان في العشرة المتقدمين أبو يوسف وزفر وداود الطائي وأسد بن عمرو ويوسف بن خالد السمتي ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، وهو الذي كان يكتبها لهم ثلاثين سنة" (¬3). حتى إن هذه الكتب التي هي أساس كتاب الأصل قد سميت بكتب أبي حنيفة (¬4)، لأنه هو المؤسس لهذه المدرسة التي تربى فيها أبو يوسف ومحمد وغيرهما، وهو الذي دونت آراؤه في هذه الكتب بالدرجة الأولى. وهذا هو المعنى الذي يقصده ابن النديم بقوله: "والعلم براً وبحراً، شرقاً وغرباً، بعداً وقرباً، تدوينه - أي أبي حنيفة - ¬

_ (¬1) كشف الظنون، 2/ 1581. (¬2) تاريخ ابن معين، 5043؛ وتاريخ بغداد، 13/ 424؛ وفقه أهل العراق للكوثري، 56. (¬3) الجواهر المضية، 1/ 140. (¬4) تاريخ بغداد، 3/ 338؛ والإكمال، 7/ 61؛ وتهذيب الكمال، 19/ 98؛ وسير أعلام النبلاء، 10/ 226؛ والجواهر المضية، 1/ 412؛ وتهذيب التهذيب، 9/ 245.

- رضي الله عنه -" (¬1). ويقول الجاحظ وهو يتحدث عن جياد الكتب وتأثيرها في تعليم الإنسان: "وقد تجد الرجل يطلب الآثار وتأويل القرآن ويجالس الفقهاء خمسين عاماً وهو لا يعد فقيهاً ولا يجعل قاضياً، فما هو إلا أن ينظر في كتب أبي حنيفة وأشباه أبي حنيفة ويحفظ كتب الشروط في مقدار سنة أو سنتين حتى تمر ببابه فتظن أنه من باب بعض العمال، وبالحَرَى أن لا يمر عليه من الأيام إلا اليسير حتى يصير حاكما على مصر من الأمصار أو بلد من البلدان (¬2). وسميت تلك الكتب بكتب أبي يوسف أيضاً (¬3). وقد كان أبو يوسف منكسر الخاطر على ما يبدو من نسبة محمد بن الحسن هذه الكتب إلى نفسه واستقلاله عنه بعد أن أخذ محمد بن الحسن هذه الكتب وزاد عليها وفرّع فروعاً كثيرة. وقد نُقل عن أبي يوسف أنه سئل: "هل سمع محمد منك هذه الكتب؟ فقال: سلوه. فسئل محمد عن ذلك، فقال: ما سمعتها، ولكن أصححها لكم" (¬4). وقال في رواية أخرى: "والله ما سمعتها منه، ولكني من أعلم الناس بها، وما سمعت من أبي يوسف إلا الجامع الصغير" (¬5). وكلام الإمام محمد هذا يدل على أنه كان على علم ومعرفة بما في هذه الكتب من الآراء والفقه وإن لم يكن سمع هذه الكتب من أبي يوسف كسماع التلميذ من أستاذه. ولكنه سمع منه الجامع الصغير كما قال، ورواه عنه كما هو مذكور في بداية أبواب الجامع الصغير: محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ... ويكون الإمام محمد بهذا قد أوفى أبا يوسف حق الأستاذية. ولعل الإمام محمداً حين يقول: "لا يحل لأحد أن يروي عن كتبنا إلا ما سمع أو يعلم مثل ما علمنا" (¬6)، يشير إلى صنيعه نفسه، حيث روى آراء أبي يوسف وإن لم يكن سمعها منه لفظاً سماع التلميذ من أستاذه لأنه كان على علم بها من طرق أخرى. فهو حضر حلقة أبي حنيفة وتتلمذ عليه، ¬

_ (¬1) الفهرست، 285. (¬2) الحيوان، 1/ 87. (¬3) الإكمال، 7/ 61. (¬4) الجواهر المضية، 1/ 159. (¬5) تاريخ بغداد، 2/ 180. (¬6) الجواهر المضية، 1/ 527 - 528؛ ومناقب أبي حنيفة للكردري، 425.

وتتلمذ على أبي يوسف من بعده. ثم إن تلاميذ محمد بن الحسن مثل الجوزجاني ومعلى بن منصور قد أخذوا هذه الكتب عن أبي يوسف أيضاً (¬1). فلا شك أن محمد بن الحسن كان مطلعاً على كتب أبي يوسف أيضاً. ولو كان هناك خطأ في نسبة الأقوال إلى أبي يوسف لبين ذلك أبو يوسف بنفسه في حياته، ولنقله تلاميذه من بعده، وكل ذلك لم يحصل. وقد أجمع الفقهاء الأحناف في الطبقات التالية لأبي يوسف ومحمد على رواية الفقه الحنفي عن طريق كتب محمد، ورجحوها على كتب غيره من تلاميذ أبي حنيفة، واشتهرت تلك الكتب حتى سميت بظاهر الرواية واتخذت أصلاً للمذهب الحنفي مما يدل على صحة نسبة الأقوال الواردة فيه إلى أصحابها وتلقيها بالقبول لدى الفقهاء الأحناف. والإمام محمد بن الحسن قد تتلمذ على أبي يوسف بعد وفاة أبي حنيفة، فأخذ عنه ما درس على أبي حنيفة وما جاء به أبو يوسف من آراء جديدة أيضاً، ثم أضاف إلى ذلك آراءه الشخصية. وهذا لا يشك فيه من قرأ هذا الكتاب، ودرس الفقه الحنفي على وجه العموم. فإنك لا تكاد تجد صفحة من صفحات الكتاب إلا ويذكر فيه أسماء هؤلاء الأئمة الثلاثة وما اتفقوا عليه أو اختلفوا فيه. وقد سرى انكسار الخاطر هذا من أبي يوسف إلى بعض تلاميذه أيضاً. فكان بشر بن الوليد الكندي القاضي (ت. 238) من تلاميذ أبي يوسف يلوم محمد بن الحسن، وكان الحسن بن أبي مالك (ت. 204) من تلاميذ أبي يوسف أيضاً ينهاه عن ذلك ويقول له: "قد وضع محمد هذه المسائل، فضع أنت سؤال مسألة، وقد أغناك الله عن جوابها" (¬2). ويذكر السرخسي أن الإمام محمداً بين أنه أخذ هذه المسائل عن طريق المذاكرة. ولعل المقصود مذاكرة تلك المسائل مع أصحاب أبي حنيفة وأبي يوسف بعد قراءة كتبهما. يدل على ذلك سياق كلام السرخسي حيث يقول: ¬

_ (¬1) أخبار أبي حنيفة للصيمري، 154. (¬2) الجواهر المضية، 1/ 166؛ 2/ 47.

"فأما الكتب المصنفة التي هي مشهورة في أيدي الناس فلا بأس لمن نظر فيها وفهم شيئاً منها وكان متقناً في ذلك أن يقول: قال فلان كذا، أو مذهب فلان كذا، من غير أن يقول: حدثني أو أخبرني، لأنها مستفيضة بمنزلة الخبر المشهور. وبعض الجهال من المحدثين استبعدوا ذلك، حتى طعنوا على محمد -رحمه الله- في كتبه المصنفة. وحكي أن بعضهم قال لمحمد بن الحسن -رحمه الله-: أسمعت هذا كله من أبي حنيفة؟ فقال: لا. فقال: أسمعته من أبي يوسف؟ فقال: لا، وإنما أخذنا ذلك مذاكرة. فقال: كيف يجوز إطلاق القول بأن مذهب فلان كذا أو قال فلان كذا بهذا الطريق؟ وهذا جهل؛ لأن تصنيف كل صاحب مذهب معروف في أيدي الناس مشهور، كموطأ مالك -رحمه الله- وغير ذلك. فيكون بمنزلة الخبر المشهور يوقف به على مذهب المصنف. وإن لم نسمع منه فلا بأس بذكره على الوجه الذي ذكرنا بعد أن يكون أصلاً معتمداً يؤمن فيه التصحيف والزيادة والنقصان" (¬1). من ناحية أخرى فإنه قد ورد في بداية الجامع الصغير للإمام محمد معلومة لا يُعلم على وجه اليقين من قالها. ورد في هذه المعلومة أن الإمام محمداً قد بوّب كتب المبسوط، ولم يبوّب كتب الجامع الصغير (¬2). لكن نستطيع أن نقول بأن تلك المعلومة إما أن تكون من مرتب الجامع الصغير وهو أبو طاهر الدباس (¬3)، أو من تلميذه الذي قرأ الجامع الصغير عليه بترتيبه سنة 322 كما ورد في بداية الجامع الصغير (¬4). وهذا يدلنا كذلك على أن التبويب الحاصل داخل كتاب الأصل هو من صنيع الإمام محمد نفسه، ¬

_ (¬1) أصول السرخسي، 1/ 378 - 379. (¬2) الجامع الصغير مع شرحه النافع الكبير للكنوي، ص 67 - 68. (¬3) هو محمد بن محمد بن سفيان، أبو طاهر الدباس، من أقران أبي الحسن الكرخي (ت. 340)، وكان من علماء الأحناف الكبار، موصوفاً بالحفظ والرواية، ولي القضاء بالشام، ثم جاور في الحرم إلى أن توفي. انظر: الجواهر المضية (بتحقيق الحلو)، 3/ 323 - 324. (¬4) الجامع الصغير، الموضع السابق.

كما يدل على دقة العلماء الأحناف المتقدمين حيث بينوا حالة الكتاب الأصلية وما دخل عليه من تغيير في الترتيب أو التبويب. وهذا يدل على سلامة كتاب الأصل من التغيير حتى في أسماء الأبواب التفصيلية. نتيجة لما سبق من الممكن أن نقول باختصار: إن أصغر الأئمة الثلاثة أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد - وهو محمد - قد أخذ فقه أستاذيه وزاد عليهما شيئًا كثيرًا، فظهر إلى الوجود كتاب الأصل الذي هو عمدة المذهب الحنفي. وكلام الإمام في أول الكتاب حيث يقول: قال: "قد بينتُ لكم قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقولي، وما لم يكن فيه اختلاف فهو قولنا جميعًا" (¬1)، يدل على ما قلنا. إلا أن دور محمد بن الحسن لم يقتصر على النقل والرواية كما قلنا، بل زاد على أستاذيه مسائل دقيقة كثيرة، كما أنه صاغ هذه المسائل وتلك بأسلوبه الشخصي. يُروى عن ابن البلخي أنه قال: "كانوا إذا قرؤوا على الحسن بن أبي مالك (ت. 204) (¬2) مسائل محمد بن الحسن قال: لم يكن أبو يوسف يدقق هذا التدقيق الشديد" (¬3). وقد بحثنا الكتب الفقهية المكونة لكتاب الأصل، وما ذكر في بداية كل كتاب من حيث رواية محمد بن الحسن لها عن أبي حنيفة وأبي يوسف، والأحاديث والآثار التي يرويها محمد بن الحسن عن أبي حنيفة وأبي يوسف أو غيرهما. ولم نتتبع المسائل الفقهية وأقوال أبي حنيفة وأبي يوسف فيها لأن ذلك أمر موجود في جميع كتب وأبواب الكتاب تقريبًا. وهذه هي النتائج باختصار: كتاب الصلاة. ابتدأه بقوله: محمد عن أبي حنيفة، في معظم النسخ التي اطلعنا عليها إلا في النسختين المستقلتين لكتاب الصلاة، فإنهما تبتدئان بقوله: "عن محمد بن الحسن قال". وروى فيه حديثاً أو حديثين بالإسناد ¬

_ (¬1) انظر: 1/ 1 ظ. (¬2) وهو من تلاميذ أبي يوسف، وتفقه عليه محمد بن شجاع. انظر: الجواهر المضية، 1/ 204. (¬3) الجواهر المضية، 1/ 204.

عن أبي حنيفة، وعن أبي يوسف. كتاب الحيض. لا يذكر في بدايته أنه يرويه عن أبي حنيفة أو أبي يوسف، كما لا يروي فيه حديثاً عنهما. ويروي فيه أحاديث عن مالك بن أنس وحديثًا عن أيوب بن عتبة. وهو مسترسل في العبارة فيه، ويذكر تعليلات ويرد على الأقاويل ويدلل ويناقش بشكل يغاير الأسلوب العام في الكتاب، وبنوع من الاستقلالية. كتاب الزكاة. يبتدئ بقوله: "محمد بن الحسن قال: قال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: ليس في أربع من الإبل السائمة صدقة ... " ويروي فيه أحاديث عديدة عن أبي حنيفة، وعن أبي يوسف. كتاب الصوم. يبتدئ بأثر يرويه من طريق راو غير الإمامين، ثم يروي فيه أحاديث عديدة عن أبي حنيفة، وعن أبي يوسف عن أبي حنيفة، وعن أبي يوسف عن غير أبي حنيفة، وأحاديث قليلة عن غيرهما. كتاب التحري وكتاب الاستحسان وكتاب الأيمان. لا يذكر في بداياتها رواية عن الإمامين. وهو مسترسل في العبارة في هذه الكتب. ويروي في التحري أحاديث قليلة من طريق رواة غير أبي حنيفة وأبي يوسف. ويقول في موضع: "وقد وافَقَنا أبو يوسف ... " وتظهر استقلاليته في هذه العبارة، فهو يتحدث عنه كفقيه في درجته، وأن أبا يوسف مشارك له في رأيه. ويروي في الأيمان حديثاً واحداً عن أبي حنيفة. ويروي أحاديث عديدة في الاستحسان من طريق رواة غير أبي حنيفة وأبي يوسف، ويروي فيه حديثاً واحداً عن أبي حنيفة. كتاب البيوع. يبدأ بحديث يرويه عن أبي حنيفة. وفيه عدة أحاديث يرويها بلفظ حدثنا أو أخبرنا أبو حنيفة. كتاب الصرف. يبدأ بحديث يرويه عن أبي يوسف عن أبي حنيفة، وهو نفس الحديث الذي يذكره في بداية كتاب البيوع. وقد رواه هناك عن أبي حنيفة مباشرة. وقد يدل هذا على أن محمد بن الحسن روى كتاب البيوع عن أبي حنيفة مباشرة، أما كتاب الصرف فلم يروه عن أبي حنيفة

مباشرة، وإنما رواه عن أبي يوسف عن أبي حنيفة. ومعظم الأحاديث في كتاب الصرف مروية عن طريق أبي يوسف. كما أن أسلوب روايته للأحاديث في كتاب الصرف مختلف عن الكتب الأخرى، فيقول بعد الحديث الأول المذكور: "وحدثنا عن أبي حنيفة"، و"حدثنا عن فلان"، وهكذا دواليك. يقصد بذلك حدثنا أبو يوسف عن أبي حنيفة ... ويقول في موضع: و"سمعت أبا يوسف يقول" (¬1). كتاب الرهن. يبتدئ بحديث يرويه عن أبي يوسف، وتتلوه أحاديث مروية من طريق أبي يوسف إلا حديث واحد رواه من طريق أبي حنيفة. وبعد أن ينتهي من ذكر الآثار يقول: "محمد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة ... " فيبدأ بذكر المسائل. كتاب القسمة. يبتدئ بحديث يرويه عن أبي يوسف، ويروي فيه عدة أحاديث عن طريق غير الإمامين أبي حنيفة وأبي يوسف. كتاب الهبة. يبتدئ بحديث يرويه عن أبي حنيفة؛ لكن معظم الأحاديث فيه مروية من طريق أبي يوسف. وفيه عدد قليل من الأحاديث رواها عن طريق شيوخ آخرين، منها حديث واحد رواه عن مالك بن أنس. كتاب الإجارات. يبتدئ بحديث يرويه عن طريق أبي يوسف عن أبي حنيفة. ومعظم الأحاديث فيه مروية من طريق أبي يوسف. وفيه بضعة أحاديث يرويها عن غير الإمامين. كتاب الشركة. لا يذكر في بدايته رواية عن الإمامين. ويروي فيه عن أشعث بن سوار حديثاً واحداً. وفيه حديثان آخران مرويان من طريق أبي يوسف. كتاب المضاربة. يبتدئ بحديث يرويه عن حميد بن عبد الله، ثم يتلوه عدد قليل من الأحاديث، وهي موزعة في الرواية بين أبي حنيفة وأبي يوسف وغيرهما من مشايخ محمد. ¬

_ (¬1) انظر: 1/ 290 ظ.

كتاب الرضاع. لا يذكر في بدايته رواية عن أحد. ويروي فيه حديثاً واحداً بإسْناده، قائلًا: "حدثنا أصحابنا عن مالك بن أنس". ومحمد بن الحسن مع كونه لقي مالكاً ويروي عنه بغير واسطة إلا أنه روى هذا الحديث عنه بواسطة؛ لكن هذه الرواية موجودة في موطأ محمد أيضاً، حيثما يرويها محمد بن الحسن عن مالك مباشرة (¬1). فيكون محمد بن الحسن عند تأليف كتاب الرضاع لم يرحل إلى المدينة بعد، ولم يلق مالكاً؛ وإلا لروى عنه هذا الأثر في كتاب الرضاع بدون واسطة. وهذا مما يؤيد كلام السرخسي حيث يذكر أن كتاب الرضاع من أوائل تأليف محمد بن الحسن (¬2). وهو في هذا الكتاب مسترسل في العبارة، يدلل ويعلل بحرية واستقلال، مما يدل على وجود هذه الروح فيه من شبابه. وأسلوبه هنا يشبه أسلوبه في كتاب الحيض. كتاب الطلاق. ابتدأه بقوله: "قال محمد بن الحسن: إن أحسن الطلاق ... " وروى فيه ثلاثة أحاديث بإسناده، أحدها عن الحسن بن عمارة، والثاني عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة، والثالث عن أبي حنيفة. وفيه قوله: "قال محمد: وسألت أبا يوسف ... " (¬3). كتاب العتاق. ابتدأه بحديث يرويه عن أبي يوسف. والأحاديث فيه كثيرة، معظمها مروية من طريق أبي يوسف، وبعضها من طريق أبي حنيفة، وقليل منها عن طريق مشايخ آخرين. كتاب العتق في المرض. ابتدأه بأثر يرويه عن أبي حنيفة. وليس فيه أي رواية أخرى مسندة. كتاب الصيد. ابتدأه بأثر يرويه عن أبي يوسف عن أبي حنيفة. وفيه آثار كثيرة مروية من طريق أبي حنيفة وأبي يوسف. وقد قال في موضع: "قال أبو يوسف: قال أبو حنيفة ... " فذكر مسألة (¬4). ¬

_ (¬1) التعليق الممجد، 2/ 593. (¬2) المبسوط، 30/ 287. (¬3) انظر: 3/ 47 ظ. (¬4) انظر: 3/ 192 و.

كتاب الوصايا. ابتدأه بأثر يرويه عن أبي يوسف. وفيه آثار مروية عن أبي حنيفة وأبي يوسف وغيرهما؛ لكن أكثرها من طريق أبي يوسف. كتاب الفرائض. ابتدأه بأثر طويل جداً يرويه عن السري بن إسماعيل عن الشعبي في الفرائض. وهو كتاب في الفرائض للشعبي (¬1). وفيه أثر آخر مروي عن الشعبي من طريق أبي يوسف. وكتاب الفرائض مليء بأقوال الصحابة في المواريث، وكلها إلا رواية أو روايتين مذكورة بغير إسناد. ولعل ذلك كان معلوماً ومشهوراً في ذلك الوقت عن طريق كتاب الشعبي وغيره. كتاب المكاتب. لم يذكر في بدايته رواية عن أحد. وروى فيه أثرين عن أبي حنيفة بإسناده. كتاب الولاء. ابتدأه بأثر يرويه عن أبي يوسف. والكتاب به كثير من الآثار والأحاديث المروية عن طريق أبي حنيفة وأبي يوسف. وما رواه محمد عن طريق أبي يوسف أكثر مما رواه عن أبي حنيفة. وتوجد فيه آثار قليلة رواها عن غيرهما. كتاب الجنايات. ابتدأه بأثرين يرويهما عن ابن أبي ذئب (ت. 159)، الذي هو من أهل المدينة، ومن أهل الحديث. ولا يروي فيه أثراً عن أبي حنيفة أو أبي يوسف. كتاب الديات. ولم يذكر في بدايته رواية عن أحد. وقد روى فيه بضعة آثار عن أبي حنيفة وأبي يوسف. كتاب الدور. ولم يذكر في بدايته رواية عن أحد، وليست فيه آثار مسندة ولا بلاغات. ويكثر فيه قوله: "على قياس قول أبي يوسف ومحمد" (¬2). كتاب الحدود. يبتدئ بقوله: عن محمد قال: سألت أبا حنيفة ... ثم ¬

_ (¬1) انظر: الجرح والتعديل، 6/ 323؛ وتهذيب الكمال، 14/ 36؛ تهذيب التهذيب، 3/ 399. (¬2) سيأتي شرح هذه العبارة وأمثالها قريبًا.

يستمر على طريقة السؤال والجواب. وليست فيه آثار مسندة، لكن فيه بلاغات كثيرة. كتاب السرقة. يبتدئ بحديث يرويه عن أبي يوسف. ويستمر في سرد الروايات بعد ذلك، وأكثرها مروية من طريق أبي يوسف. كذلك فيه روايات غير قليلة عن أبي حنيفة. كما أن فيه رواية عن المسعودي. كتاب الإكراه. يبتدئ بأثر يرويه عن أبي حنيفة. لكن الآثار التي بعده وهي كثيرة مروية من طرق شيوخ آخرين كثيرين، مما لم نره في الكتب الأخرى من كتاب الأصل. وفيه رواية أو روايتان عن أبي يوسف. والإمام محمد مسترسل في العبارة فيه. ويشعر أسلوبه فيه بأنه فقيه متمكن مستقل التفكير، مثل أسلوبه في كتاب الحيض والرضاع. كتاب السير، يبتدئ بأثر يرويه عن أبي حنيفة؛ لكن الآثار الآتية بعده وهي كثيرة جداً مروية كلها تقريبًا من طريق أبي يوسف إلا بضع روايات عن أبي حنيفة أو عن شيوخ آخرين لمحمد بن الحسن. ثم بعد انتهاء سرد الآثار في بداية الكتاب يأتي "باب الجيش إذا غزا أرض الحرب"، فيفتتحه بفقرة قصيرة، ثم يقول: "قال أبو يوسف: سألت أبا حنيفة ... " وبعد ذلك يستمر الكتاب على طريقة السؤال والجواب بلفظ قلت، قال. وفى أواخر الكتاب عنوان "ما زاد محمد في آخر كتاب السير"، ويقول بعده: "قال محمد بن الحسن: قال أبو يوسف: سألت أبا حنيفة ... " ثم يستمر في عرض المسائل قائلًا: "سألت أبا حنيفة ... " مما يدل على غلبة رواية أبي يوسف على هذا الكتاب. كتاب الخراج. لا يذكر في بدايته رواية عن أحد، وليس فيه أي رواية مسندة أو بلاع. وليس فيه ذكر لأبي يوسف ولا لأبي حنيفة. كتاب العشر. يبتدئه بقول الإمام أبي حنيفة بإيجاب العشر في كل ما أخرجت الأرض قليلاً كان أو كثيراً، ثم يذكر أنه لا يأخذ بقوله للحديث المشهور: "ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة". وهو فيه مسترسل في العبارة متحرر. وروى فيه حديثاً واحداً مسنداً عن سفيان بن عيينة. ويذكر

قول أبي حنيفة وأبي يوسف في موضع أو موضعين. وكتاب العشر أصغر الكتب الفقهية حجماً من بين الكتب الموجودة في الأصل. كتاب الدعوى. يبتدئ بأثر يرويه عن أبي يوسف، ويروي آثاراً كثيرة أخرى، بعضها في أول الكتاب وبعضها متناثر في ثنايا الكتاب. ومعظم هذه الآثار مروية من طريق أبي يوسف، وبعضها مروي من طريق أبي حنيفة، وقليل منها من رواية غير الإمامين. كتاب الشرب. يبتدئ برواية من طريق أبي يوسف، ثم تعقب ذلك روايات كلها من نفس الطريق إلا رواية من طريق أبي العُمَيس. وبعد ذكر الروايات يذكر عدة فقرات يبتدئها بقوله: "قال أبو حنيفة". ثم تأتي بعد ذلك سؤالات محمد لأبي حنيفة، يقول فيها: "سألت أبا حنيفة ... " ثم يذكر جوابه: "قال ... " وبعد هذه الأسئلة وأجوبتها يبدأ بذكر أسئلته لأبي يوسف قائلًا: "سألت أبا يوسف ... " ثم يذكر جوابه: "قال ... " ويقول في موضعين متتاليين: "سألت أبا يوسف ... فأخبرني أنه سأل أبا حنيفة" (¬1). وبعد انتهاء هذه الأسئلة والأجوبة يذكر المسائل بدون سؤال وجواب. كتاب الإقرار. لا يذكر في بدايته رواية عن أحد. وفيه خمس روايات مسندة كلها من طريق أبي يوسف. كتاب الوديعة. يبتدئ بقوله: "محمد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة، قلت: أرأيت ... " ويستمر على هذه الطريقة بالسؤال والجواب. وفيه رواية واحدة مسندة مروية عن أبي حنيفة. وفي آخره باب اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى في الوديعة. وكتاب "اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى" مطبوع من مؤلفات أبي يوسف (¬2). لكن محمد بن الحسن أخذه فرواه وزاد فيه (¬3). والمسائل المذكورة هنا في كتاب الأصل مذكورة في كتاب "اختلاف أبي ¬

_ (¬1) انظر: 5/ 226 ظ، 227 و. (¬2) انظر: اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى لأبي يوسف، (تحقيق أبو الوفا الأفغاني)، القاهرة، مطبعة الوفاء، 1357. (¬3) المبسوط، 30/ 129.

حنيفة وابن أبي ليلى" المطبوع أيضاً (¬1). كتاب العارية. يبتدئ بقوله: "محمد بن الحسن عن أبي يوسف عن أبي حنيفة، قلت: أرأيت ... " ويستمر على هذا المنوال على طريقة السؤال والجواب. وفي آخره باب اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى في العارية. والمسائل المذكورة هنا في كتاب الأصل مذكورة في كتاب "اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى" المطبوع أيضاً (¬2). كتاب الحجر. يبتدئه بذكر قول أبي حنيفة في بطلان الحجر على الحر، ثم يرد على هذا القول، ولا يذكر أبا يوسف إلا مرتين طوال الكتاب. وهو مسترسل في العبارة فيه متحرر، يدلل ويعلل ويناقش. وليس في هذا الكتاب رواية مسندة، وإنما يذكر أثراً أو أثرين بدون إسناد. كتاب العبد المأذون. يبتدئ بحديث يرويه عن إسرائيل بن يونس. ثم تتلوه روايات أخرى أكثرها عن طريق أبي يوسف، وواحد منها عن طريق غيره. ومسائل الكتاب تبتدئ في أغلبها بقوله: "وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد ... " ويلتزم هذا الأسلوب إلى نهاية الكتاب. كتاب الشفعة. يبتدئ برواية حديث من طريق أبي يوسف، وُيتبع ذلك بروايات أخرى كلها عن طريق أبي يوسف إلا رواية واحدة من طريق أبي حنيفة. وفي موضع يقول: "قال أبو يوسف: قال أبو حنيفة ... " ويسرد مسألة (¬3)، ثم ينتقل إلى أسلوب السؤال والجواب لعدة مسائل. وفي آخر الكتاب عنوان "مسائل نوادر في الشفعة"، وفيه مسائل قريبة من صفحة أو صفحتين. كتاب الخنثى. يبتدئ برواية أثر من طريق أبي يوسف، ومن بعده بضعة آثار مروية من طريق أبي يوسف وغيره. ولا يروي فيه شيئاً عن طريق ¬

_ (¬1) اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى، 50 - 52. (¬2) اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى، 104 - 105. (¬3) انظر: 6/ 238 و.

الإمام أبي حنيفة. وفيه: "وقال أبو يوسف: سألت أبا حنيفة ... " في موضع واحد (¬1). وفي موضع: "وسئل أبو يوسف، قلت ... " (¬2). كتاب المفقود. في بدايته عدة آثار مروية عن أبي حنيفة، وأثر واحد مروي عن أبي يوسف. كتاب جعل الآبق. في بدايته عدة آثار مروية عن أبي يوسف، وأثر واحد مروي عن أبي حنيفة. كتاب العقل. لا يذكر في بدايته رواية عن أحد. ويروي فيه أثرين، أحدهما من طريق أبي حنيفة، والآخر من طريق محمد بن عمر. وهو فيه مسترسل في العبارة، يعلل ويناقش ويحتج لرأيه. فهو على طراز كتاب الرضاع وأمثاله. كتاب الحيل. يبتدئ بحديث يرويه عن سلمة بن صالح. وبعده عدة آثار وأحاديث يرويها عن طريق شيوخ غير أبي حنيفة وأبي يوسف. ثم في أثناء الكتاب أحاديث وآثار أخرى من طريق أبي حنيفة وأبي يوسف وشيوخ آخرين. وفي موضع يقول: "وقال أبو يوسف: سألت أبا حنيفة عن وجه الثقة في ذلك، فأجابني بما وصفت لك" (¬3). وفي موضع آخر يقول: "سألت أبا حنيفة ... " (¬4). وفي موضع آخر يقول: "سألت أبا يوسف" (¬5). ويقول في موضع آخر: "وكان أبو حنيفة لا يجوّز الخيار في البيع أكثر من ثلاثة أيام، وكان يعقوب ونحن مِن بَعده نجيز الخيار إذا سمى ووقّت وقتاً" (¬6). فقوله: "ونحن من بعده"، يشعر بأنه يقول هذا بعد وفاة أبي يوسف. كتاب اللقطة. يبتدئ برواية عن أبي يوسف، ثم رواية عن ليث بن أبي سليم، ثم تأتي فيه ثلاث روايات عن أبي يوسف. كتاب المزارعة. يبتدئ برواية حديث من طريق أبي العطوف عن ¬

_ (¬1) انظر: 6/ 242 ظ. (¬2) انظر: 6/ 243 و. (¬3) انظر: 7/ 4 و. (¬4) انظر: 7/ 26 ظ. (¬5) انظر: 7/ 31 و. (¬6) انظر: 7/ 25 و.

الزهري، ثم يستمر في رواية آثار وأحاديث عن طريق شيوخ غير أبي حنيفة وأبي يوسف. ويلاحظ أنه لم يرو فيه عن أبي حنيفة وأبي يوسف شيئاً من الآثار. كتاب النكاح. يبتدئ ببلاع، فيذكر حديثاً. ثم يذكر آثاراً كثيرة بلاغاً، وكذلك يستمر على نفس الأسلوب في أثناء الكتاب. ومع ذلك فهو يروي آثاراً مسندة وإن كانت أقل من البلاغات، ويرويها عن أبي حنيفة وأبي يوسف وغيرهما. وهناك بعض الأبواب لم يزد فيها على نقل كلام أبي يوسف شيئاً، كما فعل ذلك في باب نكاح الأكفاء بغير ولي. كتاب الحوالة والكفالة. يبتدئ بأثر يرويه عن أبي يوسف، ثم يتبعه أثر آخر معلَّق. ثم يقول: "محمد عن أبي يوسف قال: سألت أبا حنيفة ... " فيذكر المسائل. ويروي أثناء الكتاب آثاراً مسندة عن أبي حنيفة وأبي يوسف وغيرهما. كما يلاحظ أن الكتاب يبتدئ بأبواب الكفالة، ثم تأتي أبواب الحوالة، ثم يرجع إلى أبواب الكفالة مرة أخرى. ويلفت النظر أيضاً أن راوي الكتاب أحمد بن حفص يقول فيه: "سمعت محمدًا"، في عشرين موضعاً. كتاب الصلح. يبتدئ برواية عدة آثار عن أبي يوسف، ويستمر على ذلك أثناء الكتاب أيضاً، فأكثر الآثار فيه مروية من طريق أبي يوسف، وقليل منها مروي عن أبي حنيفة وغيره. كتاب الوكالة. يبتدئ بعدة آثار يرويها عن أبي يوسف، ويروي آثاراً أخرى أثناء الكتاب معظمها من طريق أبي يوسف، وقليل منها عن أبي حنيفة وغيره. وقد ورد فيه: "قال محمد -رحمه الله-: وإنما يعني بقوله: وإن رضي بذلك الذي وكله لم يبرأ المطلوب، يقول: إن رضي أن يكون الثوب الذي اشتراه وكيله لنفسه فلا يجوز ذلك" (¬1). فهذه العبارة تدل على أن الكلام الذي قبله من كلام أبي حنيفة أو أبي يوسف. وهذا يؤيد ما ذكر في ¬

_ (¬1) انظر: 8/ 188 ظ- 189 و.

أول كتاب الصلاة أنه ما لم يكن فيه اختلاف فهو قولهم جميعًا؛ لأنه يذكر قبل ذلك مسائل كثيرة من دون أن يبين القائل، وذلك لأنه لا يوجد اختلاف بينهم في تلك المسائل ولا يوجد شيء يحتاج إلى توضيح، لكن بعد ذكر هذه المسألة يذكر توضيحاً ويصرح بذكر اسمه. كتاب الشهادات. يبتدئ بأثر يرويه عن أبي يوسف، ويروي آثاراً أخرى أثناء الكتاب معظمها من طريق أبي يوسف، وقليل منها عن أبي حنيفة وغيره. كتاب الرجوع عن الشهادات. يبتدئ بعدة آثار يرويها عن أبي يوسف، وأثر واحد يرويه عن الحسن بن عمارة. ويقول فيه في موضع: "قال محمد: ورواه عن يعقوب أنه قال ... " وبعد سطرين يقول: "فحدث محمد عن أبي يوسف أنه قال ... " (¬1). كتاب الوقف. يظهر أنه من تأليف الإمام محمد ابتداءً. وهو يتحدث فيه عن كيفية كتابة صكوك الوقف، وليس فيه ذكر لأبي حنيفة، وفيه ذكر لأبي يوسف في موضعين، حيث يقيس محمد بن الحسن قوله على قول أبي يوسف (¬2). وليس فيه أية آثار مروية. كتاب الصدقة الموقوفة. يبتدئ بأثر يرويه عن صخر بن جويرية، ويروي خلال الكتاب آثاراً من طريق غير أبي حنيفة وأبي يوسف، ولا يروي عنهما أثراً في هذا الكتاب. وهو في هذا الكتاب يرد على أبي حنيفة قوله في الوقف، ويناقشه بقوة، كما يرد على أبي يوسف في مسألة أخرى ويناقشه بقوة أيضاً؛ مما يدل على استقلاله في التفكير والاجتهاد عنهما وإن كانوا من نفس المدرسة الفقهية في الأسس والقواعد. كتاب الغصب. يبتدئ بآثار يرويها من طريق أبي يوسف. وكذلك يروي آثاراً أخرى من طريقه أثناء الكتاب. ويقول في موضع: "وهذا قول أبي ¬

_ (¬1) انظر للموضعين المذكورين: 8/ 235 ظ. (¬2) انظر: 8/ 250 و.

ب - الاختلاف في نسبة بعض الكتب ضمن كتاب الأصل إلى الإمام محمد

حنيفة الذي روى أبو يوسف" (¬1). وهذا البحث التفصيلي يستفاد منه أن كتاب الأصل هو من تأليف الإمام محمد بن الحسن، وقد روى فيه أقوال أستاذه أبي حنيفة، وأقوال أستاذه وزميله أيضاً أبي يوسف، وزاد عليهما تفريعاً وإيضاحاً وقياساً كما يمكن رؤية ذلك مفصلاً أثناء الكتاب. وبعض الكتب الفقهية يغلب عليها طابع التأليف مثل كتب الحيض والتحري والاستحسان والأيمان والرضاع والإكراه، وبعضها يغلب عليها طابع الرواية مثل كتاب الصرف. فإن الناظر فيه يحس بأن الكتاب من تأليف أبي يوسف؛ لكن محمد بن الحسن رواه عنه وأضاف إليه بعض الإضافات. وبعض هذه الكتب مثل كتاب الوقف يظهر أنها من تأليف محمد بن الحسن ابتداءً، حيث ألفه للرد على قول أبي حنيفة في الوقف. وهو لا يذكر في كتابه هذا أبا حنيفة أو أبا يوسف إلا مرة أو مرتين، وليس على سبيل رواية المسائل عنهما. وقد ذكر السرخسي أن كتاب العين والدين والذي سمي في الأصل بكتاب الوصايا في العين والدين وكتاب حساب الوصايا ألفه الإمام محمد بالاستفادة من كتب الحسن بن زياد، فقد كان الحسن مقدماً في علم الحساب، ومسائل هذين الكتابين مبنية على العلم بالحساب (¬2). ب - الاختلاف في نسبة بعض الكتب ضمن كتاب الأصل إلى الإمام محمد توجد بعض الكتب التي اختلف في نسبتها إلى الإمام محمد ضمن كتاب الأصل والكافي. فمن هذه الكتب: 1 - كتاب الحيل وقد كان أبو سليمان الجوزجاني ينكر نسبته إلى الإمام محمد، ويقول بأنه من جمع الوراقين ببغداد، وأن المخالفين لأهل الرأي ينسبون ذلك إلى أئمة الحنفية للتعيير والعيب عليهم. وكان أبو حفص يقول بصحة نسبته إلى ¬

_ (¬1) انظر: 268/ 8 ظ. (¬2) انظر: المبسوط، 28/ 110؛ 30/ 114.

الإمام محمد، ويرويه عنه. ووضع الحاكم لهذا الكتاب في الكافي يدل على قبول نسبته إليه أيضاً. وقد دافع السرخسي عن صحة نسبته إلى محمد بن الحسن، وأخذ يبين ويشرح وجه جواز الحيل وأنه لا عيب في ذلك (¬1). وكتاب الحيل الذي ضمن كتاب الأصل في النسخ التي بأيدينا مروي من طريق محمد بن هارون الأنصاري (¬2) عن محمد بن الحسن. ولكن توجد صياغة أخرى لكتاب الحيل على هيئة كتاب مستقل؛ ولا يوجد ذكر للراوي في النسخ التي اطلعنا عليها من هذه الصياغة (¬3). وقد طبع كتاب الحيل بهذه الصياغة باسم كتاب المخارج في الحيل للإمام محمد بن الحسن الشيباني بتحقيق جوزيف شاخت في لايبزيغ سنة 1930. وتوجد في كتاب الحيل بعض العبارات التي لا توجد في كتبه الأخرى. فمثلًا يقول: "قلت: أرأيت شريكين شركة عنان أرادا أن يضمنا عن رجل مالاً بأمره على أنه إن أدى المال أحد الشريكين وهو عبد الله رجع به على صاحبه الآخر وهو زيد وعلى صاحب الأصل، وإن أدى المال زيد إلى الطالب وصاحب الأصل لم يرجعا على عبد الله بشيء، كيف وجه الثقة في ذلك؟ قال: يضمن زيد عن الذي عليه الأصل ما عليه للمطلوب، ثم يجيء عبد الله، فيضمن عن زيد وصاحب الأصل ما للطالب عليهما بأمرهما، فإذا أدى عبد الله المال رجع به على زيد وصاحب الأصل، فإن أداه زيد وصاحب الأصل لم يرجع على عبد الله" (¬4). فهو يذكر في هذه المسألة أسماء زيد وعبد الله كشخصين افتراضيين يبني عليهما المسألة. ولا نجد مثل هذا الأسلوب في أي موضع من الكتاب. وقد يكون هذا من تأثر الإمام بالنحويين الذين يمثلون بزيد وعبد الله وعمرو كما هو معروف عنهم (¬5). ومحمد بن الحسن معروف بتقدمه في علم اللغة أيضاً، وكان على معرفة ¬

_ (¬1) المبسوط، 30/ 209. (¬2) ستأتي ترجمته بين تراجم رواة الكتاب. (¬3) سنذكر النسخ التي اطلعنا عليها من هذه الصياغة لكتاب الحيل. (¬4) انظر: 7/ 17 ظ. (¬5) انظر مثلاً: الكتاب لسيبويه، 1/ 14، 23، 24، 26، 33، 34.

2 - اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى

بالكسائي إمام النحويين والقراء بالكوفة، كما كان ابن خالة الفَرّاء (¬1). ونحن نميل إلى القبول بنسبة كتاب الحيل إلى الإمام محمد بن الحسن الشيباني، ولا نرى اختلافاً كبيراً في الأسلوب بين كتاب الحيل وكتبه الأخرى الموجودة ضمن كتاب الأصل. 2 - اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى ومن هذه الكتب المختلف في نسبتها إلى الإمام محمد كتاب اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى. وهو من تأليف أبي يوسف في الأصل. وقد طبع بتحقيق أبو الوفا الأفغاني منسوباً إلى أبي يوسف (¬2). ولكن يوجد قسم من هذا الكتاب في نسخ كتاب الأصل التي بأيدينا، وذلك في كتابي الوديعة والعارية. فقد ورد في آخر كتاب الوديعة باب اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى في الوديعة، وورد في آخر كتاب العارية باب اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى في العارية. لكن يذكر في هذين البابين رأي محمد أيضاً. فمحمد بن الحسن يروي هذين البابين عن أبي يوسف، ويضيف إلى ذلك رأيه كما هو الحاصل في كتاب الأصل في مواضع كثيرة. والكتاب موجود في الكافي للحاكم الشهيد (¬3)، ويذكر فيه أقوال محمد أيضاً (¬4). وقد صرح السرخسي بأن الكتاب من تصنيف أبي يوسف وأن محمد بن الحسن رواه وزاد فيه (¬5). كما أن الإمام الشافعي ينقل كتاب اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى وينسبه ¬

_ (¬1) وفيات الأعيان، 4/ 185؛ والجواهر المضية، 2/ 44. ومن عجائب القدر أنه توفي الكسائي ومحمد بن الحسن في يوم واحد، فقال الرشيد: دفنت اليوم اللغة والفقه. انظر: تاريخ بغداد، 2/ 181. (¬2) انظر: اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى لأبي يوسف، (تحقيق أبو الوفا الأفغاني)، القاهرة، مطبعة الوفاء، 1357. (¬3) الكافي، 3/ 312 و - 318 ظ. (¬4) انظر مثلاً: الكافي، 3/ 312 و، 313 ظ. (¬5) المبسوط، 30/ 129.

3 - كتاب الرضاع

إلى أبي يوسف، ولا يذكر محمد بن الحسن لا في أوله ولا أثناء عرضه للمسائل، بل ينقل رأي أبي حنيفة وابن أبي ليلى، وترجيح أبي يوسف، ثم يذكر رأيه في المسألة (¬1). ويرجح الباحث محمد الدسوقي أنه من تأليف محمد بن الحسن لما زاد محمد فيه من أقواله (¬2). وهو الذي ينبغي ترجيحه؛ لأن بعض الكتب الفقهية ضمن كتاب الأصل قد صنع الإمام محمد فيها مثل ما صنع في كتاب اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى، ونسبت تلك الكتب إليه بدون خلاف. 3 - كتاب الرضاع إن كتاب الرضاع موجود في نسخ الأصل التي بأيدينا، ولكنه غير موجود في الكافي. وقد تكلم السرخسي على نسبة كتاب الرضاع إلى محمد، فقال: "اختلف الناس في كتاب الرضاع هل هو من تصنيف محمد -رحمه الله- أم لا؟ قال بعضهم: هو ليس من تصنيف محمد -رحمه الله-، وإنما صنفه بعض أصحابه ونسبه إليه ليروج به، وفي ألفاظه ما يدل على ذلك، فقد ذكر في حرمة المصاهرة بسبب الوطء الحرام قال: والتنزه عنه أفضل إن شاء الله تعالى، ومحمد -رحمه الله- ما كان يصحح الجواب في مصنفاته في الأحكام خصوصًا فيما فيه نص من الكتاب والسنَّة، فعرفنا أنه ليس من تصنيفاته، ولهذا لم يذكره الحاكم الجليل في المختصر. وقال أكثرهم: هو من تصنيفاته، ولكنه من أوائل تصنيفاته، ولكل داخل دهشة. وقد بينا فيما سبق أنه كان صنف الكتب مرة ثم أعادها إلا قليلاً منها، فهذا الكتاب من ذلك؛ لأنه حين أعاد اكتفى في أحكام الرضاع بما أورد في كتاب النكاح، واكتفى الحاكم - رضي الله عنه - أيضاً بذلك، فلم يفرد هذا الكتاب في مختصره. ولكني لما فرغت من إملاء شرح المختصر ... رأيت الصواب إتباع ذلك بإملاء شرح هذا الكتاب، ففيه بعض ما لا بد من معرفته وما ¬

_ (¬1) الأم للشافعي (تحقيق رفعت فوزي عبد المطلب)، 8/ 217 - 390. (¬2) الإمام محمد بن الحسن، 165.

ج - بعض العبارات الموقعة في الوهم من حيث نسبة الكتاب إلى مؤلفه

يحتاج فيه إلى شرح وبيان" (¬1). ويذكر السرخسي بعض العبارات التي استدل بها بعضهم على عدم كون كتاب الرضاع من تأليف الإمام محمد (¬2). ويمكن ذكر مثال آخر على تلك العبارات حيث يقول: "وكذلك هذه المسألة في الأجنبيين الجواب فيها كالجواب في الأخوين، فاعرف" (¬3). فختمه العبارة بعبارة "فاعرف" مما لم نشاهده في موضع آخر من هذا الكتاب. لكن المفهوم من كلام السرخسي أنه يرجح نسبة كتاب الرضاع إلى محمد بن الحسن مع أكثر الأحناف، وأن اختلاف الأسلوب الواقع بين كتاب الرضاع والكتب الأخرى ناشئ عن اختلاف زمان التأليف وعدم تحريره الكتاب مرة ثانية كما فعل ذلك في الكتب الأخرى، فقد ألف كتاب الرضاع في البداية مع الكتب الأخرى، ثم إنه أعاد النظر في كتبه وغير فيها، إلا أنه لم يغير كتاب الرضاع نظراً لوجود أكثر ما ذكر فيه في باب الرضاع الموجود ضمن كتاب النكاح. ج - بعض العبارات الموقعة في الوهم من حيث نسبة الكتاب إلى مؤلفه وينبغي أن نذكر هنا أنه توجد بعض العبارات الموهمة في كتاب الأصل، والتي يمكن أن تفهم على أنها ليست من كلام الإمام محمد في النظرة الأولى. فيقول مثلاً بعد حكاية قول في مسألة: "وهذا في قياس قول أبي حنيفة"، أو يقول: "في قياس قول أبي يوسف". وأحياناً يجمع إمامين فيقول: "في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف"، أو يقول: "في قياس قول أبي يوسف ومحمد"، أو يقول: "في قياس قول أبي حنيفة ومحمد". وأحياناً يجمعهم كلهم فيقول: "في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد". كما أنه يغير في العبارات السابقة فيقول: "في قياس قول ... "، و"على قياس قول ... "، وأحياناً: "وهو قياس قول ... "، و"هذا قياس قول ... لا وقد ¬

_ (¬1) المبسوط، 30/ 287. (¬2) المبسوط، 30/ 287، 295، 304. (¬3) انظر: 3/ 11 ظ.

تتبعنا المواضع التي تذكر فيها هذه العبارة "قياس قول ... " فحصلنا على النتائج التالية: "قياس قول أبي بكر" (أي الصديق - رضي الله عنه -) ذكر في كتاب الولاء مرة واحدة. "قياس قول علي" ذكر في كتاب الفرائض 6 مرات، وفي كتاب الولاء 4 مرات. "قياس قول علي وزيد" ذكر في كتاب الفرائض مرة واحدة. "قياس قول زيد" ذكر في كتاب الفرائض مرة واحدة. "قياس قول عبد الله بن مسعود" ذكر في كتاب النكاح مرة واحدة. "قياس قول إبراهيم" (أي النخعي) ذكر في كتاب العتاق وكتاب الحدود مرة واحدة. "قياس قول شريح وإبراهيم النخعي" ذكر في كتاب الصلح مرة واحدة. "قياس قول الشعبي" ذكر في كتاب الخنثى 24 مرة. "قياس قول أبي حنيفة" ذكر في الكتب التالية، وذكر أمام كل كتاب عدد المرات التي ذكرت فيها هذه العبارة: الصلاة 1، الحيض 2، البيوع 6، الصرف 5، الرهن 10، القسمة 7، الإجارات 13، الشركة 7، المضاربة 38، الطلاق 4، العتاق 11، العتق في المرض 3، الوصايا 15، الوصايا في الدين 8، الفرائض 4، المكاتب 7، الولاء 11، الجنايات 3، الديات 6، الحدود 2، الإكراه 6، السير 2، الدعوى 7، الشرب 3، الإقرار 35، المأذون 55، الشفعة 15، المفقود 1، العقل 1، الحيل 1، المزارعة 27، النكاح 3، الحوالة 4، الصلح 10، الوكالة 23، الشهادات 2، الرجوع عن الشهادات 3. "قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف" ذكر في الكتب التالية، وذكر أمام كل كتاب عدد المرات التي ذكرت فيها هذه العبارة: الصوم 1، الرهن 1،

الطلاق 1، العتاق 1، الوصايا 1، الوصايا في الدين 1، الديات 1، العشر 1، الإقرار 2، المأذون 2، الحيل 1، الوكالة 1. "قياس قول أبي يوسف" ذكر في الكتب التالية، وذكر أمام كل كتاب عدد المرات التي ذكرت فيها هذه العبارة: الحيض 4، البيوع 1، الصرف 3، الشركة 1، المضاربة 1، العتاق 2، الوصايا في الدين 1، المكاتب 1، الديات 2، الإكراه 4، الدعوى 1، الإقرار 2، الحجر 1، المأذون 1، الحيل 1، المزارعة 18، النكاح 1، الوكالة 1، الوقف 2. "قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد" ذكر في الكتب التالية، وذكر أمام كل كتاب عدد المرات التي ذكرت فيها هذه العبارة: البيوع 1، الإجارات 45، المضاربة 2، الفرائض 1، الدور 1، الدعوى 1، الشرب 1، الإقرار 1، المأذون 8، المزارعة 15، النكاح 3، الصلح 1، الرجوع عن الشهادات 2. "قياس قول أبي حنيفة ومحمد" ذكر في الكتب التالية، وذكر أمام كل كتاب عدد المرات التي ذكرت فيها هذه العبارة: البيوع 1، القسمة 2، الإجارات 1، الشركة 1، المضاربة 2، الطلاق 1، العتق في المرض 1، الفرائض 2، الدور 1، 1 لإكراه 2، المأذون 1، الشفعة 2، المزارعة 2، النكاح 1، الوكالة 1. "قياس قول أبي يوسف ومحمد" ذكر في الكتب التالية، وذكر أمام كل كتاب عدد المرات التي ذكرت فيها هذه العبارة: البيوع 1، الرهن 1، الشركة 2، المضاربة 4، الطلاق 1، الوصايا 3، الوصايا في الدين 1، الدور 11، الإكراه 1، الدعوى 1، الإقرار 2، المأذون 9، المزارعة 3، الوكالة 1. "قياس قولهم جميعاً" ذكر في الكتب التالية، وذكر أمام كل كتاب عدد المرات التي ذكرت فيها هذه العبارة: الإجارات 8، المضاربة 1، المأذون 1. "قياس قولهم" ذكر في العبد المأذون مرة واحدة.

"قياس قول محمد" ذكر في كتاب الإكراه مرة واحدة. "قياس قولنا" ذكر في كتاب الديات مرة واحدة. وهذه العبارة من عبارات الإمام محمد التي يستعملها في كتبه الأخرى أيضاً مثل الآثار، حيث يقول في مسألة: "وهذا قياس قول عبد الله بن مسعود" (¬1)، وفي مسألة أخرى: "وهذا كله قياس قول أبي حنيفة" (¬2). والمقصود بذلك أن هذا القول مقيس على قول عبد الله بن مسعود أو على قول أبي حنيفة مثلاً في مسألة أخرى شبيهة بهذه المسألة. وبناءً على ذلك، فإنه إذا ذكر في الأصل في مسألة أنها على قياس قول أبي حنيفة فالقائس هو إما أبو يوسف وإما محمد بن الحسن. والعبارة صريحة في بعض المواضع حيث يُذكر أن القائس هو أبو يوسف أو محمد وأنه قاس قوله على قول أبي حنيفة (¬3). وإذا ذكر في الأصل أن هذا القول على قياس قول أبي يوسف فالقائس هو محمد كما هو واضح. لكنه يذكر في بعض المواضع كما ذكرنا أن القول المذكور على قياس قول أبي يوسف ومحمد، أو على قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. فحينئذٍ يبدو أن هناك احتمالين: الاحتمال الأول: هو أن يكون الراوي للكتاب وهو أبو سليمان الجوزجاني أو أبو حفص مثلاً هو الذي يقيس على قول محمد بن الحسن. وحينئذٍ تكون تلك المسألة زيادة على كتاب الأصل، ولكنها تعتبر جزء من الأصل بسبب كونها مقيسة على مسائل الأصل، فتكون منه من حيث المعنى وإن لم تكن منه لفظاً. وهذا الاحتمال ضعيف في نظرنا؛ لأنه لو كان القائس في هذه المسائل هو غير الإمام محمد لذكر ذلك صراحة، ولأشار إلى ذلك الفقهاء الأحناف المتأخرون بعد هذه الطبقة. ولكنهم لم يذكروا شيئاً من ذلك. ثم إن الحاكم الشهيد قد ذكر بعض هذه المسائل في الكافي، ولم يذكر أن ذلك من كلام غير محمد بن الحسن. وهو إنما يقوم باختصار ¬

_ (¬1) الآثار، 4. (¬2) الآثار، 5. (¬3) انظر مثلاً: 3/ 263 و؛ 6/ 195 ظ.

كتب الإمام محمد، فلو كان هناك شيء من غير كلامه كان عليه أن يبين ذلك. والاحتمال الثاني - وهو الراجح لدينا-: أن يكون القائس هو محمد بن الحسن نفسه. وذلك لأنه قد يقيس هذه المسألة التي أمامه على مسألة أخرى قد تكلم فيها أو بحثها من قبل، إما لأنه لم تسنح له الفرصة ليبحث هذه المسألة الجديدة وكانت المسألة القديمة أمامه جاهزة فقاس عليها، وإما ليبين بذلك أن هذه المسألة جارية على قياس قوله في مسائل أخرى وأن آراءه الفقهية مترابطة متناسقة داخلياً، وأن هذه المسألة الجديدة ليست خارجة على القاعدة عنده أي ليست مسألة استحسان. وهذا الأمر أي بيان اعتماد أقوالهم في مسألة ما على القياس أو الاستحسان قد اعتنى به الإمام محمد كما اعتنى به الإمامان أبو حنيفة وأبو يوسف قبله أيما اعتناء، وهو أمر واضح لمن نظر في ثنايا كتاب الأصل. ويمكن أن يستدل على ما قلناه بقول الإمام محمد في بعض المواضع: "قياس قول محمد" (¬1)، "قياس قولنا" (¬2)، "في قياس قول أبي يوسف وقولنا" (¬3)، "في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقولنا" (¬4). فمن الواضح أن هذه العبارة تدل على أن محمد بن الحسن يقوم بالقياس على قوله نفسه. وليس هذا بمستنكر لما بيناه من الأسباب آنفًا. ولسبب آخر، وهو أننا لا نجد في أي موضع من الكتاب مسألة يقول فيها صراحة بأنها على "قياس قول محمد"، إلا في موضع واحد أشرنا إليه آنفًا، ولكن المذكور في ذلك الموضع مسألة فرضية حيث يقول فيها: "وكان ينبغي في قياس قول محمد ... ولكنه استحسن ... " (¬5)، والصيغة المذكورة أكثر نسبيًا هي: "قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد"، أو "قياس قول أبي حنيفة ومحمد"، أو "قياس قول أبي يوسف ومحمد". فالإمام محمد دائمًا مذكور مع أبي حنيفة أو أبي يوسف. وهذا يقوي احتمال أن يكون ¬

_ (¬1) انظر: 5/ 86 ظ. (¬2) انظر: 4/ 228 ظ. (¬3) انظر: 7/ 122 ظ. (¬4) انظر: 7/ 76 ظ. (¬5) انظر: 5/ 86 ظ.

القول المذكور من قياس محمد على قول أبي حنيفة أو أبي يوسف أو كليهما، وأن الراوي للكتاب أو الناسخ قد اختصر العبارة. وهناك أمثلة تؤكد حصول ذلك بالفعل. فمثلاً: يقول في كتاب البيوع: "وهذا قياس قول أبي حنيفة ومحمد، وأما في قول أبي يوسف ... " (¬1) فيفهم من هذه العبارة أن المقصود بقوله: "وهذا قياس قول أبي حنيفة ومحمد" هو "وهذا قياس قول أبي حنيفة، وهو قول محمد"؛ لأنه لا يعقل أن يكون قول أبي يوسف مذكوراً صراحة، وقول محمد مذكوراً قياساً لتأخر الثاني عن الأول. ويقول في كتاب الديات: "وأما في قياس قول أبي يوسف وهو قول محمد ... " (¬2) فهذه العبارة تدل على أن هذا القول للإمام محمد وأنه قال ذلك قياساً على قول أبي يوسف. لكن غُيرت العبارة في نسخة فيض الله أفندي هكذا: "وأما في قياس قول أبي يوسف ومحمد ... " (¬3) فهذا يبين لك كيف حدث تغير العبارة في النسخ المتأخرة. ولعل الناسخ أو الراوي لم يتفطن إلى أنه يغير المعني بتصرفه هذا. ولكن الفرق بين العبارتين في نظرنا دقيق ومهم جداً. ويغلب على الظن أن مثل هذا حدث في المسائل الأخرى الشبيهة. ويقول في كتاب الإكراه: "وهذا قياس قول أبي حنيفة ومحمد؛ وقال محمد ... " (¬4) فيذكر دوام المسألة نفسها. فلو كانت المسألة مقيسة على قول محمد ولم تكن من صريح قوله لما استقام قوله: "وقال محمد"؛ لأن المسألة هي نفسها. إذن كانت العبارة في الأصل: "وهذا قياس قول أبي حنيفة، وهو قول محمد". لكن الراوي أو الناسخ تصرف في العبارة، فغير المعنى وهو لا يشعر. ¬

_ (¬1) انظر: 1/ 227 ظ (¬2) انظر: 4/ 255 ظ. (¬3) انظر نسخة فيض الله أفندي (رقم 668)، 4/ 263 ظ. (¬4) انظر: 5/ 73 ظ.

4 - رواية كتاب الأصل عن طريق تلاميذ المؤلف

وقد تتبعنا بعض هذه المسائل في الكافي للحاكم الشهيد، فرأيناه في بعض المواضع ينسب هذه المسائل إلى أصحاب القول المقيس عليه، أي إلى أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، ولا يذكرها على أنها على قياس قول واحد منهم. فمثلاً يقول في الأصل في مسألة في الإجارات بأنها: "في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد" (¬1)، ويذكر الحاكم أنها: "في قولهم جميعاً" (¬2). ويقول في الأصل في مسألة في المزارعة: "وهذا قياس قول أبي حنيفة على قياس قول من أجاز المزارعة؛ وأما القول الآخر- وهو قياس قول أبي يوسف ومحمد -: فالشرطان جميعاً جائزان" (¬3). ويقول الحاكم في نفس المسألة: "في قياس قول أبي حنيفة ... وقال أبو يوسف ومحمد ... " (¬4)، وفي بعض المواضع الأخرى تتوافق عبارة الكافي وعبارة الأصل على أن المسألة "في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد" (¬5). وكذلك الأمر في مسألة أخرى في المضاربة حيث يقول في الأصل: "وهذا قياس قول أبي حنيفة وقياس قول أبي يوسف ومحمد" (¬6)، ويقول الحاكم: "قياس قولهم جميعاً" (¬7). وذكر الحاكم لهذه المسائل يدل على أن هذه القياسات سابقة تاريخياً على زمان الحاكم الشهيد (ت. 334). وهو مما يقوي كونها من كلام الإمام محمد بن الحسن. 4 - رواية كتاب الأصل عن طريق تلاميذ المؤلف أ - تعدد روايات الكتاب لقد أملى الإمام محمد المبسوط على أصحابه (¬8)، كما كانت الطريقة المتبعة غالباً في تلك القرون. فكان هو يقرأ وأصحابه يكتبون. ولذلك وقعت ¬

_ (¬1) انظر: 2/ 127 ظ. (¬2) الكافي، 1/ 203 و. (¬3) انظر: 7/ 61 ظ. (¬4) الكافي، 2/ 318 و. (¬5) انظر: 2/ 42 و؛ والكافي، 1/ 206 و. (¬6) انظر: 2/ 256 و. (¬7) الكافي، 2/ 275 ظ. لكن السرخسي يقول: والأصح عند علمائنا الثلاثة. انظر: المبسوط، 22/ 111. (¬8) كشف الظنون 2/ 1282.

الرواية في بداية بعض كتب الأصل مثل كتاب الحوالة والكفالة عن طريق السماع صراحة، حيث يقول: "سمعت محمداً ... " مرارًا في أول الأبواب (¬1). واكتفى الرواة في كثير من كتب الأصل بالرواية بلفظ "عن محمد"، أو "قال محمد". لكن كانت الطريقة الأخرى وهي العَرْض، أي القراءة على الأستاذ، متبعة أيضاً، فكان تلاميذه يقرؤون كتب محمد بن الحسن عليه وهو يسمع (¬2). وكلتا الطريقتان مقبولتان في الرواية. ويقول في كتاب الدعوى: "كان الجواب على ما كتبتُ لك" (¬3). ويقول في كتاب الإجارات: "وجميع ما كتبنا قبل هذا فهو قياس من قول أبي حنيفة كله" (¬4). وقد يستنتج من هذا أن محمد بن الحسن كان يكتب بنفسه في بعض الأحيان، ويطلب من تلاميذه الكتابة أحياناً أخرى. لكن قد يقال: إن الأمر بالكتابة تعتبر كتابة أيضاً. ومن المعلوم أن رواة كتاب الأصل المشهورين هم أبو سليمان الجوزجاني، وأبو حفص البخاري. واشتهرت الروايتان المنسوبتان إليهما بنسخة أبي سليمان ونسخة أبي حفص. وحتى أن الكتاب نفسه ينسب إلى الراوي أحياناً فيقال: مبسوط أبي سليمان الجوزجاني. وروايات الأصل أي نُسَخُه المروية عن محمد متعددة، وأظهرها رواية أبي سليمان الجوزجاني (¬5). وهناك روايات أخرى مثل رواية أبي حفص (¬6) ورواية هشام بن عبيد الله الرازي (¬7) ورواية محمد بن ¬

_ (¬1) انظر مثلاً: 7/ 196 ظ، 197 ظ، 198 ظ. (¬2) الفهرست، 287. (¬3) انظر: 5/ 217 و. (¬4) انظر: 2/ 145 ظ. (¬5) كشف الظنون، 2/ 1581. وتأتي ترجمة الجوزجاني قريبًا. (¬6) تأتي ترجمته. (¬7) وهو فقيه من أهل الرأي ومحدث مشهور أيضاً. يروي عن مالك بن أنس وغيره، ويروي عنه أبو حاتم الرازي والحسن بن عرفة وغيرهما. ووثقه ابن أبي حاتم، وقال: يحتج بحديثه. قال هشام: لقيت ألفاً وسبعمائة شيخ وأنفقت في العلم سبعمائة ألف=

سماعة (¬1) ورواية المعلي بن منصور (¬2). وقد أخذ الجوزجاني والمعلى الفقه عن أبي يوسف ومحمد جميعاً، ورويا عنهما الكتب والأمالي، وكانا رفيقين في أخذ الفقه ورواية الكتب (¬3). وقد وُصفت رواية هشام لكتاب الأصل بالاضطراب، وأن أبا بكر الرازي (ت. 370) كان لا يحب أن يقرأ عليه الأصل من رواية هشام من أجل ذلك، وكان يفضل روايتي أبي سليمان ومحمد بن سماعة (¬4). وهذا يدل على وجود رواية محمد بن سماعة في ذلك الوقت. وأشهر هذه الروايات رواية الجوزجاني ورواية أبي حفص. وقد حفظ لنا التاريخ كتاب الأصل عن طريق روايتيهما في معظم الكتاب كما يأتي مفصلاً. والحاكم الشهيد قد بنى كتابه الكافي الذي اختصر فيه كتب الإمام محمد على روايتي أبي سليمان وأبي حفص في معظم كتابه إلا فيما ندر. يتبين ذلك من ذكره الخلاف بين الروايتين في مواضع كثيرة من كتابه. والسرخسي حين يشرح الكافي يعتمد على هاتين الروايتين أيضاً. أما الروايات الأخرى فلم نقف لها على أي مخطوطة. ويذكر الحاكم والسرخسي روايتي أبي سليمان وأبي حفص، فيقولان مثلاً في مواضع كثيرة: في رواية أبي حفص كذا، وفي رواية أبي سليمان كذا (¬5). ويقول السرخسي في مواضع كثيرة: في نُسَخ أبي حفص كذا، وفي ¬

_ = درهم. وقال فيه أبو حاتم: صدوق، ما رأيت أعظم قدراً منه بالري. وكان قاضياً على الري. وقد مات محمد بن الحسن في دار هشام، ودفن في مقبرتهم. توفي هشام سنة 122. انظر: الجرح والتعديل، 9/ 67؛ وتذكرة الحفاظ، 1/ 388؛ والجواهر المضية، 2/ 205؛ وتهذيب التهذيب، 11/ 43؛ ولسان الميزان، 6/ 195. (¬1) تقدمت ترجمته بين تلاميذ الإمام. (¬2) تقدمت ترجمته بين تلاميذ الإمام. (¬3) أخبار أبي حنيفة للصيمري، 155؛ وطبقات الفقهاء، 144؛ والجواهر المضية، 2/ 186. (¬4) أخبار أبي حنيفة للصيمري، 155؛ والجواهر المضية، 2/ 205. (¬5) انظر مثلاً: الكافي، 1/ 3 و، 9 و؛ والمبسوط، 1/ 61.

ب - روايات الكتاب الموجودة في نسخ الأصل بأيدينا اليوم

نُسَخ أبي سليمان كذا (¬1). والمقصود هو نفس الشيء. لكن استعمال النسخ بصيغة الجمع قد يدل على أن المقصود هو اتفاق النسخ المنقولة عن الجوزجاني أو عن أبي حفص على مسألة ما. ويدل كذلك على كثرة الناقلين عن أبي حفص والجوزجاني. وقد يعبر السرخسي بالمفرد أيضاً فيقول: نسخة أبي سليمان، ونسخة أبي حفص؛ لكن ذلك قليل جداً (¬2). وكذلك الحال في استعماله لفظ الجمع للرواية، حيث يقول: روايات أبي سليمان، وروايات أبي حفص (¬3). واختلاف هذه الروايات وخصوصًا روايتي أبي سليمان وأبي حفص فيما بينها في بعض المواضع أمر معروف عند المتقدمين من الفقهاء الأحناف. ورواية الجوزجاني مقدمة على رواية أبي حفص في الغالب. لكن توجد مواضع يكون الصواب فيها مع أبي حفص، أو يختلف الترجيح. وقد قام الحاكم الشهيد بالمقارنة بين هذه الروايات واختيار ما رآه صواباً منها في كتابه الكافي المختصر من الأصل. وتبعه السرخسي في المبسوط غالباً. ب - روايات الكتاب الموجودة في نسخ الأصل بأيدينا اليوم والنسخ التي بأيدينا من كتاب الأصل رويت أكثر كتبها عن طريق أبي سليمان الجوزجاني وبعضها عن طريق أبي حفص، وقليل منها عن طريق رواة آخرين، وبعضها لم يذكر فيه أي راو. وهذا هو تفصيل ما ذكر في أول كل كتاب: كتاب الصلاة: أبو سليمان عن محمد بن الحسن. كتاب الحيض: قال: سمعت محمد بن الحسن يقول. كتاب الزكاة: حدثنا زياد بن عبد الرحمن عن أبى سليمان عن محمد بن الحسن قال: قال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد. ¬

_ (¬1) انظر مثلاً: المبسوط، 1/ 123. (¬2) انظر مثلاً: المبسوط، 41/ 14. (¬3) انظر مثلاً: المبسوط، 24/ 20.

كتاب الصوم: أبو الحسن محمد بن الحسن قال: قرأت نسخة هذا الكتاب على أبي بكر محمد بن عثمان فقلت له: حدثك أبو جعفر محمد بن سعدان قال: أخبرنا أبو سليمان موسي بن سليمان الجوزجاني قال: أخبرنا محمد بن الحسن إلى آخر هذا الكتاب، ثم قلت له: أَرْوِي هذا عنك؟ قال: نعم، وعارضت به أبا سليمان موسي بن سليمان. كتاب التحري: حدثنا أبو عصمة قال: أخبرنا أبو سليمان قال: سمعت محمداً يقول. كتاب الاستحسان: قال محمد بن الحسن. كتاب الأيمان: أبو سليمان قال: سمعت محمد بن الحسن يقول. كتاب البيوع والسلم: أحمد بن حفص قال: أخبرنا محمد بن الحسن قال. لكن يقول في داخل كتاب البيوع: أخبرنا أبو سليمان عن محمد ... فيذكر أثراً (¬1). وهذا يدل على أن الكتاب مختلط من روايتي أبي حفص وأبي سليمان. كتاب الصرف: أبو بكر محمد بن عثمان قال: حدثنا أبو عبد لله محمد بن عمار الكريبي عن أبي سليمان موسي بن سليمان الجوزجاني عن محمد بن الحسن. كتاب الرهن: قال: أخبرنا أبو سليمان عن محمد بن الحسن ... فروى حديثاً. ثم قال: محمد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة قال: لا يجوز الرهن غير مقبوض ... كتاب القسمة: أخبرنا أبو سليمان قال: أخبرنا محمد. كتاب الهبة: أخبرنا أبو سليمان عن محمد بن الحسن. كتاب الإجارات: أبو سليمان عن محمد بن الحسن. ¬

_ (¬1) انظر: 1/ 222 و.

كتاب الشركة: لم يذكر اسم أحد في البداية. كتاب المضاربة: محمد بن الحسن. كتاب الرضاع: قال محمد بن الحسن. كتاب الطلاق: قال محمد بن الحسن. كتاب العتاق: أبو سليمان [عن] محمد. كتاب العتق في المرض: محمد بن الحسن. كتاب الصيد والذبائح: أخبرنا أبو سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله عن أبيه عن محمد. كتاب الوصايا: أخبرنا أبو سهل محمد بن عبد الله بن سهل بن حفص قال: أخبرنا أبو عبد الله قال: أخبرنا أبي عن محمد بن الحسن. كتاب الفرائض: حدثنا محمد بن الحسن. كتاب المكاتب: أبو سليمان قال محمد بن الحسن. كتاب الولاء: قال: أخبرنا أبو سليمان عن محمد. كتاب الجنايات: محمد بن الحسن قال. كتاب الديات: قال محمد بن الحسن. كتاب الدور: قال: حدثنا أبو سليمان قال: حدثنا محمد بن الحسن. كتاب الحدود: أبو سليمان عن محمد قال: سألت أبا حنيفة. كتاب السرقة: سعيد قال: سمعت أبا سليمان قال: سمعت محمد بن الحسن. كتاب الإكراه: أبو سليمان قال: أخبرنا محمد. كتاب السير: أبو سليمان عن محمد بن الحسن. كتاب الخراج: قال محمد بن الحسن.

كتاب العشر: داود بن رشيد قال: سمعت محمد بن الحسن. كتاب الدعوى: أبو سليمان قال: حدثنا محمد بن الحسن. كتاب الشرب: أخبرنا أبو عبد الله -رحمه الله- قال: حدثني حمدان بن عبد الله قال: أخبرني أبي -رحمه الله- عن محمد بن الحسن. كتاب الإقرار: قال محمد بن الحسن. كتاب الوديعة: أبو سليمان عن محمد بن الحسن عن أبي يوسف عن أبي حنيفة. كتاب العارية: محمد بن الحسن عن أبي يوسف عن أبي حنيفة. كتاب الحجر: أخبرنا أبو عصمة سعد بن معاذ قال: أخبرنا أبو سليمان قال: سمعت محمداً يقول: قال أبو حنيفة. كتاب العبد المأذون: حدثنا محمد بن الحسن. كتاب الشفعة: محمد بن الحسن. كتاب الخنثى: محمد بن الحسن. كتاب المفقود: محمد قال. كتاب جعل الآبق: أخبرنا أبو سليمان قال: أخبرنا محمد. كتاب العقل: قال محمد بن الحسن. وفي أواخر كتاب العقل: هذا آخر كتاب أبي نصر زكريا بن يحيى في المعاقل. وهذا الباقي زيادة في كتاب ابن سنان. كتاب الحيل: أخبرنا محمد بن حمدان قال: أخبرنا أبو ساهر قال: أخبرني محمد بن هارون الأنصاري عن محمد بن الحسن قال. كتاب اللقطة: محمد بن الحسن عن أبي يوسف عن أبي حنيفة. كتاب المزارعة: محمد بن حمدان قال: حدثنا أبو سليمان قال: حدثنا محمد بن الحسن.

كتاب النكاح: أخبرنا أبو سليمان قال: سمعت محمد بن الحسن. كتاب الحوالة والكفالة: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد قال: سمعت أبي يقول: عن محمد بن الحسن. كتاب الصلح: أبو عبد الله محمد بن حفص قال: أخبرنا أبي قال: أخبرنا محمد بن الحسن. كتاب الوكالة: أخبرنا أبو سليمان أخبرنا محمد بن الحسن. كتاب الشهادات: أبو سليمان عن محمد بن الحسن. كتاب الرجوع عن الشهادات: أبو سليمان قال: أخبرنا محمد بن الحسن. كتاب الوقف: أبو سليمان قال: سمعت محمداً -رحمه الله- يقول. كتاب الصدقة الموقوفة: أبو سليمان قال: أخبرنا محمد بن الحسن. كتاب الغصب: أبو سليمان عن محمد بن الحسن. فالنسخ التي بأيدينا- حسب ما ورد في بداية كل كتاب منها- من رواية أبي سليمان الجوزجاني في كتب الصلاة والزكاة والصوم والتحري والأيمان والصرف والوهن والقسمة والهبة والإجارات والعتاق والمكاتب والولاء والدور والحدود والسرقة والإكراه والسير والدعوى والوديعة والحجر وجعل الآبق والمزارعة والنكاح والوكالة والشهادات والرجوع عن الشهادات والوقف والصدقة الموقوفة والغصب، ومن رواية أبي حفص في كتب البيوع والصيد والوصايا والحوالة والكفالة والصلح، ومن رواية داود بن رشيد في كتاب العشر، ومن رواية محمد بن هارون الأنصاري في كتاب الحيل، ومن رواية حمدان بن عبد الله عن أبيه في كتاب الشرب. أما الكتب الأخرى فلم يذكر لها راو عن الإمام محمد، لكن ذكر اسم محمد بن الحسن في بدايتها. وهي: الحيض والاستحسان والمضاربة والرضاع والطلاق والعتق في المرض والفرائض والجنايات والديات والخراج والإقرار والعارية والعبد المأذون والشفعة والخنثى والمفقود والعقل واللقطة. والكتاب الوحيد الذي لم يذكر

في بدايته اسم أحد هو كتاب الشركة. وعلى هذا يتبين أن أكثر من نصف الكتاب تقريبًا مروي من طريق أبي سليمان الجوزجاني، وهو ثلاثون كتاباً من ضمن سبعة وخمسين كتاباً، وأن خمسة كتب مروية من طريق أبي حفص، وأن كتاباً واحداً مروي من طريق داود بن رشيد، وكتاباً آخر مروي من طريق محمد بن هارون الأنصاري، وآخر مروي من طريق عبد الله، وأن هناك تسعة عشر كتاباً لم يذكر الراوي لها عن محمد. لكن مع البحث والتدقيق يتبين أنه لا يمكن الوثوق تمامًا بما ذكر من اسم الراوي في أوائل كل كتاب من كتب الأصل في هذه النسخ. وهذا هو التفصيل: لقد وقع في كتاب الصلاة خطأ في جواب مسألة فقهية حسب رأي الحاكم والسرخسي، وهذا الخطأ موجود في معظم النسخ التي بأيدينا. وهو خطأ قديم جداً يرجع إلى ما قبل الحاكم الشهيد. وقد صحح هذا الخطأ الحاكم الشهيد، وبين أن الخطأ من رواية أبي حفص، وكذلك قال السرخسي (¬1). لكن قد ذُكر في بداية كتاب الصلاة في معظم النسخ أنه من رواية أبي سليمان. فكلام الحاكم والسرخسي يدل على أن كتاب الصلاة في هذا الموضع الذي يوجد فيه الخطأ من رواية أبي حفص وليس من رواية أبي سليمان كما ذكر في أوله، ويدل على أن الروايتين قد خلطهما الناسخون (¬2). وهذا يؤدي إلى التفكير في احتمال وجود أماكن أخرى في كتاب الصلاة منقولة من رواية أبي حفص؛ لكن مع هذا توجد أدلة أخرى تدل على التزام رواية أبي سليمان في مواضع أخرى من كتاب الصلاة في النسخ التي اعتمدنا عليها (¬3). فلعل أكثر كتاب الصلاة من رواية أبي سليمان، ¬

_ (¬1) الكافي، 1/ 9 و؛ والمبسوط، 1/ 173. ويري بعض العلماء من متقدمي الأحناف أن هذه الرواية صحيحة انظر: المحيط البرهاني، 1/ 461. (¬2) وانظر لمثال آخر في كتاب الصلاة: الأصل، 1/ 39 ظ؛ والكافي، 1/ 10 ظ؛ والمبسوط، 1/ 208. (¬3) انظر: الأصل، 1/ 22 ظ؛ والكافي، 1/ 6 ظ؛ والمبسوط، 1/ 123.

وقسم قليل منه من رواية أبي حفص، وهذا هو الذي حدا بالرواة والناسخين إلى أن ينسبوه إلى أبي سليمان وحده. كتاب الرهن الذي هو من رواية أبي سليمان على ما ذكر في بدايته، توجد فيه مواضع موافقة لرواية أبي حفص ومخالفة لرواية أبي سليمان كما بين ذلك الحاكم والسرخسي (¬1)، كما يوجد فيه موضع جمع فيه الكاتب بين روايتي أبي سليمان وأبي حفص وخلطهما مع بعض، ويتضح ذلك من كلام الحاكم والسرخسي وابن نجيم (¬2). في كتاب القسمة، ذكر الحاكم في مسألة قول محمد مع أبي يوسف أولًا، ثم قال: وفي رواية أبي حفص ذكر محمد مع أبي حنيفة (¬3). وقال السرخسي: "وهو الأصح، فقد ذكر ابن سماعة أنه كتب إلى محمد يسأله عن قوله في هذه المسألة فكتب إليه أن قوله كقول أبي حنيفة -رحمه الله-" (¬4). واللافت للنظر أن كتاب القسمة في النسخ التي بأيدينا من رواية أبي سليمان، لكن ما ذكره الحاكم والسرخسي يدل على أن هذا الموضع موافق لرواية أبي حفص (¬5). وقد يكون هذا من تصرف الناسخين بخلط الروايتين. في كتاب الصرف، قال السرخسي بعد نقل مسألة موجودة في الأصل (¬6): "هكذا أطلق في نسخ أبي حفص، وفي نسخ أبي سليمان قال: وهذا قول أبي حنيفة ومحمد -رحمهما الله-، أما في قول أبي يوسف ... " (¬7) والنسخة التي بأيدينا موافقة في هذا الموضع لرواية أبي حفص مع أنه مذكور في بداية كتاب الصرف أنه من رواية أبي سليمان. كما يوجد مثال آخر على ¬

_ (¬1) انظر: الأصل، 17/ 2 ظ، 19 ظ، 40 و؛ والكافي، 2/ 218 و، 220 و، 231 و؛ والمبسوط، 21/ 119 - 120، 123، 162. (¬2) انظر: الأصل، 2/ 39 ظ؛ والكافى، 2/ 230 ظ- 231 و؛ والمبسوط، 21/ 161؛ والبحر الرائق، 8/ 306. (¬3) انظر: الكافي، 197/ 1 ظ. (¬4) المبسوط، 15/ 44. (¬5) انظر: الأصل، 2/ 75 و. (¬6) الأصل، 1/ 296 و. (¬7) المبسوط، 14/ 41.

ج - مقارنة نسخة كتاب الأصل الموجودة مع كتب الفقه الحنفي

موافقة النسخة التي بأيدينا لرواية أبي حفص (¬1). لكن يوجد مثال آخر يدل على موافقة النسخة التي بأيدينا لرواية أبي سليمان (¬2). فالنسخة مختلطة من الروايتين على ما يظهر. كذلك في كتاب العتاق مثال يدل على اختلاط الروايتين في نسختنا. يظهر ذلك بوضوح عند مقارنة نسخة الأصل مع كلام الحاكم والسرخسي (¬3). ذكر في الإجارات مسألة، وذكر الحاكم والسرخسي أن هذه المسألة زيادة من نسخ أبي حفص (¬4). والذي يترجح أنه كتب في أول الكتب الفقهية اسم الراوي الذي غلب استعمال روايته أثناء نسخ الكتاب، لكن كانت الرواية الأخرى أيضاً موجودة لدى الناسخ، فكان إذا رأى زيادة في الرواية الأخرى يضيف تلك الزيادة إلى النسخة، ويشير إلى ذلك أحياناً مثل ما فعل في آخر كتاب الصلاة، حيث ذكر بعض الفروع عن هشام (¬5)، وهو من رواة الأصل الذين فقدت روايتهم كما تقدم، وفي آخر كتاب المزارعة، حيث ذكر في آخره كلاماً لأبي حفص (¬6). وكان الناسخ أيضاً إذا رأى فرقاً بين الروايتين يقوم بترجيح رواية على أخرى، ولا يشير إلى ذلك كما تقدم بيانه في الأمثلة المذكورة آنفاً. وهذا يدل على أن اسم الراوي المذكور في أوائل كتب الفقه من كتاب الأصل هو أغلبي وليس شاملاً لجميع مسائل ذلك الكتاب. ج - مقارنة نسخة كتاب الأصل الموجودة مع كتب الفقه الحنفي يتضح من مقارنة مسائل الأصل في النسخة التي بأيدينا مع كتب الفقه ¬

_ (¬1) انظر: الأصل، 1/ 313 و؛ والكافي، 1/ 183 و. (¬2) انظر: الأصل، 1/ 295 ظ؛ والكافي، 1/ 180 و. (¬3) انظر: الأصل، 3/ 124 و؛ والكافي، 1/ 94 و؛ والمبسوط، 7/ 145. (¬4) انظر: الأصل، 2/ 181 ظ؛ والكافي، 1/ 215 ظ، والمبسوط، 16/ 59. (¬5) انظر: 1/ 85 و. وقد ذكرناها في الهامش في آخر كتاب الصلاة؛ لأننا لم نتأكد أنها من كتاب الأصل. (¬6) انظر: 7/ 123 و.

الحنفي أن الاختلاف الواقع بين روايات الأصل قد أثر على كتب الفقه أيضاً، فترى في بعض المسائل اختلافاً واقعاً بينها في نقل ظاهر الرواية. فعلى سبيل المثال: قال في الأصل: "فإن كان وحده قال: ربنا لك الحمد، في قولهم جميعاً" (¬1). وعبارة الأصل ظاهرة في أن المنفرد يقول: ربنا لك الحمد، في قولهم جميعاً. ولم يذكر خلافًا في قوله: سمع الله لمن حمده، مما يوحي بأن المنفرد يقوله أيضاً. وذكر الحاكم الشهيد ما يفعله الإمام والمأموم، ولم يذكر المنفرد (¬2). وقال السرخسي: "فأما المنفرد على قولهما فيجمع بين الذِّكْرَين، وعن أبي حنيفة فيه روايتان، في رواية الحسن هكذا، وفي رواية أبي يوسف قال: يقول: ربنا لك الحمد، ولا يقول: سمع الله لمن حمده، وهو الأصح، لأنه حَثّ لمن خلفه على التحميد، وليس خلفه أحد" (¬3). وهذا أيضاً ليس فيه إشارة إلى أن قول الإمام أبي حنيفة في ظاهر الرواية عنه متفِق مع الإمامين أبي يوسف ومحمد في أن المنفرد يقول: ربنا لك الحمد، مع أن هذا هو المذكور في جميع نسخ الأصل صريحًا إلا نسختي حلب ويوزغات. والمذكور في الجامع الصغير هو حكم الإمام والمأموم فقط، ولا يخالف ما هاهنا (¬4). وذكر الطحاوي أن المنفرد يجمع بينهما (¬5). وقال السمرقندي: "وإن كان منفرداً لم يذكر في ظاهر الرواية قول أبي حنيفة، وإنما ذكر قولهما: إنه يجمع بينهما، وروى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة كذلك، وفي رواية النوادر أنه يأتي بالتحميد" (¬6). وقال الكاساني: "وإن كان منفرداً فإنه يأتي بالتسميع في ظاهر الرواية، وكذا يأتي بالتحميد عندهم، وعن أبي حنيفة روايتان، روى المعلى عن أبي يوسف عن أبي حنيفة أنه يأتي بالتسميع دون التحميد ... وروى ¬

_ (¬1) انظر: 1/ 2 و. (¬2) الكافي، 1/ 1 ظ. (¬3) المبسوط، 1/ 21. (¬4) الجامع الصغير للإمام محمد مع شرحه النافع الكبير للكنوي، 87. (¬5) مختصر الطحاوي، 26 - 27. (¬6) تحفة الفقهاء، 1/ 134.

الحسن عن أبي حنيفة أنه يجمع بينهما، وذكر في بعض النوادر عنه أنه يأتي بالتحميد ... " (¬1)، وذكر المرغيناني أن المنفرد يجمع بينهما في الأصح (¬2). وذكر ابن نجيم عن قاضيخان في شرحه أن المنفرد يكتفي بالتحميد في ظاهر الرواية (¬3). فقد اضطربت النقول في قول الإمام أبي حنيفة في حق المنفرد اضطراباً شديداً، وبعضها موافق لما في الأصل، وبعضها مخالف له. وذلك لا يطعن في صحة المتن، وإنما يدل فقط على اختلاف نسخ الأصل، فقد يكون ذكر في نسخة ما لم يذكر في نسخة أخرى. مسألة أخرى: قال في الأصل: "قلت: فإن مسح رأسه بثلاث أصابع؟ قال: هذا يجزيه" (¬4). وقال الحاكم: "ولا يجزئه مسح الرأس بإصبع أو إصبعين، ويجزيه بثلاثة أصابع، وقال محمد في نوادر إبراهيم بن رستم: إذا مسح خفه بإصبع واحد وأمرّها على خفه لا يجزيه حتى يعيدها ثلاث مرات في الماء، لأنه في المرة الأولى حين أزالها عن موضعها فذلك ماء قد توضأ به، قال: ولو وضع ثلاث أصابع ثم رفعها من غير أن يمرّها أجزأه" (¬5). وقال السرخسي: "ففي الأصل ذكر قدر ثلاثة أصابع، وفي موضعٍ الناصية، وفي موضعٍ ربع الرأس ... ذكر في نوادر ابن رستم أنه إذا وضع ثلاثة أصابع ولم يمرّها جاز في قول محمد -رحمه الله تعالى- في الرأس والخف، ولم يجز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف -رحمهما الله تعالى- حتى يمرّها بقدر ما تصيب البلّة مقدار ربع الرأس ... " (¬6) ولم أجد في الأصل ذكر الناصية ولا ربع الرأس. لكن ذكر فيه: "قلت: أرأيت رجلًا توضأ فمسح نصف رأسه أو ثلثه أو أقل من ذلك؟ قال: يجزيه" (¬7). فقد يستنبط منه أن الأقل من الثلث هو الربع، لكن لم يذكره صريحاً. ولم يذكره الحاكم في الكافي أيضاً. وقد ذكر الإمام محمد في الآثار مقدار ثلاث أصابع أيضاً (¬8). ¬

_ (¬1) بدائع الصنائع، 1/ 209. (¬2) الهداية، 1/ 49. (¬3) البحر الرائق، 1/ 334. (¬4) انظر: 1/ 7 و. (¬5) الكافي، 1/ 3 ظ. (¬6) المبسوط، 1/ 63، 64. (¬7) انظر: 1/ 9 و. (¬8) الآثار، 17.

وذكر الطحاوي مقدار الناصية (¬1). واستدل الطحاوي بمسح النبي - صلى الله عليه وسلم - لناصيته، وذكر أن ذلك قول الأئمة أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد (¬2). وذكر السمرقندي والكاساني أن ظاهر الرواية ثلاث أصابع اليد، وأن الحسن روى عن أبي حنيفة أنه قدّره بالربع، وهو قول زفر، وأن الكرخي والطحاوي ذكرا عن أصحابنا مقدار الناصية، واستدلا لظاهر الرواية بأن ثلاثة أصابع هي أكثر آلة المسح (¬3). مثال آخر: قال في الأصل: "قلت: فإن مسح على الجرموقين وقد كان لبس خفيه على وضوء ثم نزع أحد الجرموقين؟ قال: عليه أن يخلع الجرموق الثاني ويمسح على خفيه، إذا انتقض بعض المسح انتقض كله. قلت: لم؟ قال: ألا ترى أنه إذا وجب عليه غَسل إحدى قدميه وجب عليه غَسل الأخرى" (¬4). لكن في نسختي حلب ويوزغات: قال: عليه أن يمسح على الجرموق الباقي لأن المسح إذا انتقض بعضه انتقض كله. وقد ذُكر هذان القولان المختلفان في المبسوط للسرخسي. قال الحاكم: "واذا مسح على الجرموقين ثم نزع أحدهما مسح على الخف وعلى الجرموق الباقي، لأنه إذا انتقض بعض مسحه انتقض جميعه" (¬5). وقال السرخسي بعد نقل كلام الحاكم: "وفي بعض روايات الأصل قال: ينزع الجرموق الثاني ويمسح على الخفين ... ووجه ما ذكر في بعض النسخ أن نزع أحد الجرموقين كنزعهما جميعاً كما إذا خلع أحد الخفين يكون كخلعهما، ووجه ظاهر الرواية أنه في الابتداء لو لبس الجرموق على أحد الخفين كان له أن يمسح عليه وعلى الخف الباقي، فكذلك إذا نزع أحد الجرموقين، إلا أن حكم الطهارة في الرجلين لا يحتمل التجزيء، فإذا انتقض في أحدهما بنزع الجرموق ينتقض في الآخر، فلهذا مسح على الخف الظاهر وعلى الجرموق ¬

_ (¬1) مختصر الطحاوي، 18. (¬2) شرح معاني الآثار، 1/ 30 - 31. (¬3) تحفة الفقهاء، 1/ 9 - 10؛ وبدائع الصنائع، 1/ 4. (¬4) انظر: 1/ 15 و. (¬5) الكافي، 1/ 5 و.

الباقي" (¬1). وقيل: إن القول المذكور في المتن هنا رواية عن أبي يوسف (¬2). مثال آخر: قال في الأصل: "وقال أبو حنيفة: إذا حُبس رجل في مَخْرَج (أي بيت الخلاء) وهو مقيم في المصر وحضرت الصلاة ولم يقدر على مكان نظيف أن يصلي فيه، ولم يقدر على وضوء ولا على صعيد طيب، فإنه لا يصلي حتى يخرج من ذلك المخرج، ثم يتوضأ ويقضي ما مضى من صلاته. وقال أبو يوسف ومحمد: يصلي في ذلك المكان يُومئ إيماءً بغير وضوء ولا تيمم، فإذا خرج توضأ وقضى ما مضى من صلاته" (¬3). وقد ذكر الحاكم والسرخسي أنه اختلفت الروايات عن محمد -رحمه الله تعالى-، فذكر في الزيادات ونُسَخ أبي حفص -رحمه الله تعالى- من الأصل كقول أبي حنيفة -رحمه الله تعالى-، وفي نُسَخ أبي سليمان -رحمه الله تعالى- ذكر قوله كقول أبي يوسف -رحمه الله تعالى- (¬4). وذكر في الأصل في مسألة المسافر الذي لا يجد ماءً ولا ما يتيمم به أن قول أبي يوسف أنه يصلي بغير طهور ثم يعيد. ولم يذكر خلافًا لمحمد (¬5). ولم يذكر السرخسي في ذلك خلافًا لمحمد أيضاً (¬6). مثال آخر: قال في الأصل في مسألة معقّدة نوعاً ما: " ... فإن صلاته تامة أيضاً وليس عليه أن يستقبل" (¬7). هكذا ورد في جميع النسخ إلا في نسختي حلب ويوزغات. وقد وردت هذه العبارة في نسختي حلب ويوزغات اعتماداً علي بعض النسخ عنده هكذا: "فإن صلاته فاسدة، وعليه أن يستقبل الصلاة"؛ لأن الحاكم قال أيضاً: "فصلاته فاسدة. قال: وفي رواية أبي حفص أن صلاته تامة. والأول أشبه بالصواب" (¬8). وقال السرخسي: "وفي رواية أبي حفص قال: صلاته تامة ... ورواية أبي حفص ¬

_ (¬1) المبسوط، 1/ 103؛ وفتح القدير، 1/ 156؛ والبحر الرائق، 1/ 190. (¬2) بدائع الصنائع، 1/ 11؛ وحاشية ابن عابدين، 1/ 270. (¬3) انظر: 1/ 22 و - 22 ظ. (¬4) الكافي، 1/ 6 ظ؛ والمبسوط، 1/ 123. (¬5) انظر: 1/ 19 و. (¬6) المبسوط، 1/ 116. (¬7) انظر: 1/ 31 ظ. (¬8) الكافي، 1/ 9 و.

كأنه غلط وقع من الكاتب؛ لأنه اشتغل بتقسيم ثم أجاب في الفصلين بأن صلاته تامة، وظاهر هذا التقسيم يستدعي المخالفة في الجواب" (¬1). لكن ذكر برهان الدين البخاري أن أبا نصر الصفار ومشايخ العراق صححوا رواية أبي حفص (¬2). مثال آخر: قال في الأصل: "قلت: أرأيت إن دخل معه ونوى الظهر ولم ينو صلاة الإمام فصلَّى معه، فإذا هي الجمعة؟ قال: صلاته فاسدة؛ لأنه لم ينو ما نوى إمامه. إنما أوجب هذا على نفسه غير ما أوجب إمامُه على نفسه" (¬3). قال الحاكم: "وإذا دخل معه في الصلاة ولم ينو صلاة الإمام فصلَّى معه فإذا هي الجمعة فصلاته فاسدة، وفي غير رواية أبي سليمان أنه إذا نوى الظهر فإذا هي الجمعة أو نوى الجمعة فإذا هي الظهر [فصلاته فاسدة]، وهذا هو الصحيح" (¬4). وقال السرخسي: "وفي غير رواية أبي سليمان قال: إذا نوى صلاة الإمام والجمعة فإذا هي الظهر جازت صلاته، وهذا صحيح، فقد تحقق البناء بنية صلاة الإمام، ولا يعتبر بما زاد بعد ذلك، وهو كمن نوى الاقتداء بهذا الإمام وعنده أنه زيد فإذا هو عمرو، وكان الاقتداء صحيحاً، بخلاف ما إذا نوى الاقتداء بزيد فإذا هو عمرو" (¬5). وهذا غير المسألة المذكورة عند الحاكم. فهذه الأمثلة- ولا شك أنها توجد غيرها- تدل على أن روايات كتاب الأصل قد اختلفت فيما بينها في مواضع غير قليلة، ويشهد لذلك كلام الحاكم والسرخسي وغيرهما من الفقهاء الأحناف. وهذه الظاهرة - أي وقوع الاختلاف في الروايات للكتاب الواحد - كثيرة وشائعة. ويمكن أن يكون ذلك ناشئاً من اختلاف رأي المؤلف، حيث يكون على رأي ما فيروي كتابه عنه أحد تلاميذه وهو على هذا الرأي، ثم يغير رأيه في المسألة فيروي عنه تلميذ آخر نفس الكتاب بعد تغير رأي المؤلف. ويمكن أن يكون ذلك من ¬

_ (¬1) المبسوط، 1/ 173. (¬2) المحيط البرهاني، 1/ 461. (¬3) انظر: 1/ 39 و. (¬4) الكافي، 1/ 10 ظ. (¬5) المبسوط، 1/ 208.

د - تراجم رواة كتاب الأصل في النسخ الموجودة اليوم

خطأ الراوي أيضاً. وأحياناً يختلف العلماء في ترجيح بعض الروايات على بعضها الآخر كما تقدم آنفاً. ولكن يمكن القول على وجه العموم بأن رواية أبي سليمان الجوزجاني هي التي لقيت القبول والترجيح، وأنه بقي معظم كتاب الأصل محفوظاً إلى اليوم من روايته. د - تراجم رواة كتاب الأصل في النسخ الموجودة اليوم 1 - موسي بن سليمان أبو سليمان الجوزجاني روى عن أبي يوسف ومحمد بن الحسن وعبد الله بن المبارك وعمرو بن جميع والقاسم بن معن القيسي، وحماد بن زيد (¬1). وقد أخذ الفقه عن أبي يوسف ومحمد جميعاً، وروى عنهما الكتب والأمالي. كان رفيقاً للمعلي بن منصور في أخذ الفقه ورواية الكتب (¬2). وهو أسن وأشهر من المعلى (¬3). وكان من الورع والدين وحفظ الفقه والحديث بالمنزلة الرفيعة (¬4). ووصفه الذهبي بأنه العلامة الإمام، وبأنه كان صدوقاً محبوباً إلى أهل الحديث (¬5). سكن بغداد، وحدث بها (¬6). روى عنه أحمد بن عطية وأحمد بن مؤمل وعبد الله بن الحسن ¬

_ (¬1) الجرح والتعديل، 8/ 145؛ والكامل لابن عدي، 3/ 207؛ وأخبار أبي حنيفة للصيمري، 1/ 79؛ وتاريخ بغداد، 13/ 36؛ وغنية الملتمس إيضاح الملتبس، 403، والجواهر المضية، 1/ 31، 2/ 186. (¬2) أخبار أبي حنيفة للصيمري، 1/ 161؛ وطبقات الفقهاء، 144؛ والجواهر المضية، 2/ 186. (¬3) أخبار أبي حنيفة للصيمري، 1/ 161؛ والجواهر المضية، 2/ 186. (¬4) أخبار أبي حنيفة للصيمري، 1/ 161. (¬5) سير أعلام النبلاء، 10/ 194. (¬6) تاريخ بغداد، 13/ 36.

الهاشمي وأحمد بن محمد بن عيسى البِرْتي القاضي (¬1) وبشر بن موسى الأسدي وأبو حاتم الرازي وأحمد بن محمد بن نصر وأحمد بن محمد الصيرفي ومحمد بن صالح السهمي ومحمد بن سهل بن عسكر (¬2)، وموسي بن حزام الترمذي (¬3) ومحمد بن سعدان ومحمد بن شاذان الجوهري وأبو عامر عمرو بن تميم ومحمد بن عبدالرحمن الطبري وعلي بن موسى القُمِّي (¬4) والقاسم بن عباد وغيرهم (¬5). وروى عنه كتب محمد خاصة: أحمد بن نصر (¬6)، وأحمد بن محمد بن عيسى البِرْتي القاضي (¬7)، وعلي بن شهريار ¬

_ (¬1) هو أحمد بن محمد بن عيسي بن الأزهر أبو العباس البِرْتي القاضي. ولد سنة نيف وتسعين ومائة. وقد أخذ الفقه عن أبي سليمان الجوزجاني. وروى كتب محمد بن الحسن عن أبي سليمان الجوزجاني. ولي القضاء ببغداد. توفي سنة 280. انظر: أخبار القضاة، 3/ 281، وأخبار أبي حنيفة للصيمري، 1/ 164 - 165؛ وتاريخ بغداد، 61/ 5؛ وطبقات الفقهاء، 146؛ وتاريخ الإسلام، 20/ 279 - 280؛ وسير أعلام النبلاء، 13/ 407 - 408؛ والبداية والنهاية، 11/ 69؛ والجواهر المضية، 1/ 88 - 89. وهو منسوب إلي بِرْت، مدينة بنواحي بغداد. انظر: الأنساب، 1/ 308. (¬2) انظر لترجمته: تهذيب الكمال، 25/ 325. (¬3) انظر لترجمته: تهذيب الكمال، 29/ 52. (¬4) انظر لترجمته: الجواهر المضية (تحقيق: عبدالفتاح الحلو)، 3/ 70. (¬5) الجرح والتعديل، 8/ 145؛ والكامل لابن عدي، 3/ 207؛ وفتح الباب في الكنى والألقاب، 1/ 389؛ وأخبار أبي حنيفة للصيمري، 1/ 53. 75، 79، 88،92، 117؛ والانتقاء لابن عبد البر، 133؛ وتاريخ بغداد، 13/ 36، 341، 383؛ وغنية الملتمس إيضاح الملتبس، 403؛ وتاريخ مدينة دمشق، 9/ 171؛ وتاريخ الإسلام، 2/ 503؛ وسير أعلام النبلاء، 8/ 538، 11/ 231؛ والإصابة في تمييز الصحابة، 1/ 204. (¬6) ورواها عنه أحمد بن إسماعيل بن جبريل بن الفيل بن شيبان أبو حامد المقري الصرام. وقد سمع كتب أبي حنيفة وأبي يوسف من أحمد بن نصر عن أبي سليمان الجوزجاني عن محمد. توفي سنة 333، وهو ابن اثنتين وثمانين سنة. انظر: الإكمال، 7/ 61؛ والجواهر المضية، 1/ 129. (¬7) أخبار القضاة، 3/ 281؛ وأخبار أبي حنيفة للصيمري، 1/ 164 - 165؛ وتاريخ بغداد، 13/ 36؛ وطبقات الفقهاء، 146؛ والجواهر المضية، 1/ 88.

الأسترآباذي (¬1)، ويعقوب جد محمد بن أبي سعيد (¬2). وروى عنه الزيادات لمحمد بن الحسن: صفوان بن المغلس (¬3). وروى عنه الجامع الكبير زيد بن أسامة (¬4). وتفقه عليه أيضاً محمد بن أحمد أبو رجاء الجوزجاني الحنفي، قاضي القضاة بنيسابور (¬5)، وأبو بكر أحمد بن إسحاق المعروف بابن صبيح الجوزجاني (¬6)، وأبو يحيى غسان بن محمد بن عبيدالله بن سالم النيسابوري (¬7)، ومحمد بن سلمة (¬8)، ونصير بن يحيى - وقيل: نصر- البلخي (¬9). كان من أسباب محبة أهل الحديث له أنه كان مخالفاً للمعتزلة من الأحناف. فكان يذهب مذهب أهل السنَّة في القرآن (¬10)، وكان يكفر القائلين بخلق القرآن (¬11). وكان أبو سليمان الجوزجاني ومعلي بن منصور الرازي يقولان: "ما تكلم أبو حنيفة ولا أبو يوسف ولا زفر ولا محمد ولا أحد من أصحابهم في القرآن، وإنما تكلم في القرآن بشر المريسي وابن أبي دؤاد، فهؤلاء شانوا أصحاب أبي حنيفة" (¬12). قال أبو حاتم: "كان صاحب رأي، وكان صدوقاً" (¬13). ¬

_ (¬1) هو علي بن شهريار الأسترآباذي، كان من أصحاب الرأي ثقة في الحديث. أخذ كتب محمد بن الحسن عن أبي سليمان الجوزجاني عنه، وسمعوا منه كتب محمد بن الحسن. انظر: تاريخ جرجان، 1/ 533؛ والجواهر المضية، 1/ 363. (¬2) الجواهر المضية، 1/ 143. ومحمد بن أبي سعيد هو أستاذ أبي جعفر الهندواني. انظر: الجواهر المضية، 2/ 37. (¬3) شرح مشكل الآثار، 7/ 227، 12/ 192 - 193. (¬4) الجواهر المضية، 1/ 136، 246. (¬5) الأنساب، 2/ 117؛ وتاريخ الإسلام، 21/ 249 - 250؛ والجواهر المضية، 2/ 29. (¬6) الجواهر المضية، 1/ 60. (¬7) الجواهر المضية، 1/ 404. (¬8) الجواهر المضية 2/ 56 , 68. (¬9) الجواهر المضية، 2/ 200. (¬10) تاريخ بغداد، 13/ 36. (¬11) الجرح والتعديل، 8/ 145. (¬12) تاريخ بغداد، 13/ 383. (¬13) الجرح والتعديل، 8/ 145.

ويدل على ورعه وقلة طمعه في المال والجاه والمنصب امتناعه عن تولي القضاء لما عرض الخليفة المأمون (ت. 218) عليه ذلك. وتفصيل القصة كما يلي: "أحضر المأمون موسي بن سليمان ومعلى الرازي، فبدأ بأبي سليمان لسنه وشهرته بالورع، فعرض عليه القضاء. فقال: يا أمير المؤمنين، احفظ حقوق الله في القضاء ولا تول على أمانتك مثلي، فإني والله غير مأمون الغضب، ولا أرضى نفسي لله أن أحكم في عباده. قال: صدقت، وقد أعفيناك. فدعا له بخير. وأقبل على معلى، فقال له مثل ذلك. فقال: لا أصلح. قال: ولِمَ؟ قال: لأني رجل أداين فأبيت مطلوباً وطالباً. قال: نأمر بقضاء دينك وتقاضي ديونك، فمن أعطاك قبلناه ومن لم يعطك عوضناك ما لك عليه. قال: ففي شكوك في الحكم وفي ذلك تلف أموال الناس. قال: يحضر مجلسك أهل الدين إخوانك فما شككت فيه سألتهم عنه، وما صح عندك أمضيته. قال: أنا أرتاد رجلاً أوصي إليه من أربعين سنة، ما أجد من أوصي إليه، فمن أين أجد من يعينني على قضاء حقوق الله الواجبة علي حتى أئتمنه على دينك وديني. فأعفاه" (¬1). وكان الجوزجاني مقدراً لما يرويه من كتب محمد بن الحسن وآراء أبي حنيفة. فقد روى أحمد بن عطية قال: حدثنا أبو سليمان الجوزجاني قال: "قال لي محمد بن عبد الله قاضي البصرة: نحن أبصر بالشروط من أهل الكوفة. قلت: الإنصاف بالعلماء أحسن، وإنما وضع هذا أبو حنيفة، فزدتم شيئاً ونقصتم وحسنتم تلك الألفاظ، ولكن هاتوا شروطكم وشروط أهل الكوفة قبل أبي حنيفة. فسكت، وقال: التسليم للحق أولى" (¬2). وقد كان هناك إقبال كبير على فقه الإمام أبي حنيفة، خصوصاً بعد تولي أبي يوسف قضاء القضاة في الدولة العباسية. وكان أبو سليمان الجوزجاني الراوية الصدوق والجامع لعلم أبي حنيفة راوياً لذلك عن أبي ¬

_ (¬1) أخبار أبي حنيفة للصيمري، 1/ 161؛ وتاريخ بغداد، 13/ 36؛ والمنتظم، 10/ 246، وسير أعلام النبلاء، 10/ 194 - 195؛ والجواهر المضية، 2/ 186. (¬2) أخبار أبي حنيفة للصيمري، 1/ 88.

يوسف ومحمد. لكن كان في المقابل محاولات لأهل الحديث في الحد من هذا الإقبال. قال يحيي بن صالح الوُحاظي (¬1): "كنت عند أبي سليمان فجاءه كتاب أحمد بن حنبل يذكر فيه: لو تركت رواية كتب أبي حنيفة أتيناك فسمعنا كتب عبد الله بن المبارك" (¬2). ويحكي موسي بن حزام الترمذي يقول: "كنت أختلف إلى أبي سليمان الجوزجاني في كتب محمد، فاستقبلني أحمد بن حنبل، فقال: إلى أين؟ قلت: إلى أبي سليمان. فقال: العجب منكم، تركتم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يزيد عن حميد عن أنس، وأقبلتم على ثلاثة إلى أبي حنيفة -رحمه الله-، أبو سليمان عن محمد عن أبي يوسف عنه. قال: فانحدرت إلى يزيد بن هارون" (¬3). لكن مع هذا تقدم أن الإمام أحمد قد استفاد المسائل الدقيقة من كتب الإمام محمد. فكان الأخذ والعطاء مستمراً بين العلماء وإن كانوا مختلفين في المنهج على وجه العموم. ويذكر الفقهاء الأحناف أبا سليمان الجوزجاني في كتبهم كثيراً، وينقلون عنه أقوالاً وتخريجات في المذهب (¬4). قال الذهبي: وله تصانيف (¬5). وقال القرشي: من تصانيفه السير الصغير ¬

_ (¬1) هو يحيي بن صالح الوُحاظي الحمصي. من أهل الرأي والحديث. سمع مالكاً ومحمد بن الحسن وغيرهما. وكان عديل محمد بن الحسن في الرحلة إلى مكة. توفي سنة 222. قال يحيى: قدم علينا أحمد بن حنبل هاهنا يعني حمص فكتب عن الصبيان وترك المشايخ، وذلك أنه لما قدم حمص وجه إلى يحيى: إن تركت الرأي أتيتك، وذلك أن يحيى كان يسمع كتب أهل الرأي، وكان يذهب مذهبهم، فلم يأته أحمد. انظر: طبقات الحنابلة، 1/ 402. (¬2) طبقات الحنابلة، 1/ 402. (¬3) سير أعلام النبلاء، 11/ 231. (¬4) انظر مثلاً لمسألة في الفرائض: الجواهر المضية، 2/ 259 - 260. وانظر من كتب الفقه مثلاً: المبسوط، 1/ 2، 9، 91، 123، 144، 179، 208، 230، 231، 241؛ 2/ 147؛ 3/ 7؛ 6/ 112؛ 7/ 21، 146، 165؛ 10/ 217، 219؛ 11/ 20؛ 12/ 154؛ 17/ 43، 73، 131، 150؛ 18/ 10, 91، 149، 150، 151؛ 21/ 162؛ 26/ 143؛ 27/ 57؛ 28/ 206؛ 30/ 23، 25، 26، 244. (¬5) سير أعلام النبلاء، 10/ 195.

2 - أحمد بن حفص

وكتاب الصلاة وكتاب الرهن (¬1). ولكن ذكر ابن النديم أنه لا مصنف له، وإنما روى كتب محمد بن الحسن (¬2). ويظهر أن السير الصغير وكتاب الصلاة وكتاب الرهن مما رواه الجوزجاني عن محمد بن الحسن. فإن هذه الكتب أقسام من كتاب الأصل. ويمكننا أن نضيف إلى مروياته نوادر أبي سليمان. وهي أيضاً مروية عن محمد، لكنها غير ظاهر الرواية. وينقل عنها السرخسي (¬3). كما يوجد قسم منها في نسخة الأصل التي في يدنا. وهي نوادر الصوم (¬4). وعزا له كاتب جلبي كتاب الحيل (¬5). لكن لم نقف على ما يؤيد هذه النسبة. وقد تكون له تصانيف لم يصلنا أسماؤها، فإن له آراء ذكرها الفقهاء الأحناف في كتبهم كما أشرنا إلى ذلك آنفاً. وقد توفي بعد المائتين (¬6). 2 - أحمد بن حفص هو أبو حفص البخاري الفقيه العلَّامة، شيخ ما رواء النهر، فقيه المشرق. ولد سنة 150. ارتحل في طلب العلم، وصحب محمد بن الحسن مدة، وبرع في الرأي. وسمع الحديث من وكيع بن الجراح وأبي أسامة وهشيم بن بشير وجرير بن عبد الحميد وهذه الطبقة. واشتهر بفقهه وورعه وعمله حتى عده بعضهم من المجددين على رأس المائة الثانية. وكان على معرفة وصلة بإسماعيل والد الإمام محمد بن إسماعيل البخاري صاحب الصحيح. وكانت بينه وبين محمد بن سلام البيكندي الحافظ مودة وأخوة مع مخالفة كل واحد منهما للآخر في المذهب، أي أن هذا من أهل الرأي ¬

_ (¬1) الجواهر المضية، 2/ 186 - 187. (¬2) الفهرست، 290. (¬3) انظر: المبسوط، 1/ 179، 222، 230، 231، 241، 2/ 13، 15، 16، 40، 45، 66، 73؛ 3/ 209. (¬4) انظر: 1/ 153 ظ- 155 ظ، 156 و -157 و. (¬5) كشف الظنون، 2/ 1415. (¬6) الجواهر المضية (بتحقيق: عبدالفتاح الحلو)، 5183. وقد حرفت في الطبعة القديمة إلي "الثمانين". انظر: الجواهر المضية، 2/ 186.

وذاك من أهل الحديث. ولم يشتغل أبو حفص برواية الحديث، فقلت الرواية عنه لذلك (¬1). وهو معروف عند الحنفية بأبي حفص الكبير (¬2). وقد انتهت إليه رئاسة الأحناف ببخارى (¬3). وذكر السرخسي وغيره أنه قدم محمد بن إسماعيل البخاري بخارى في زمن أبي حفص الكبير وجعل يفتي، فنهاه أبو حفص وقال: لست بأهل له. فلم ينته حتى سئل عن صبيين شربا من لبن شاة أو بقرة، فأفتي بثبوت الحرمة، فاجتمع الناس عليه وأخرجوه من بخارى (¬4). لكن استبعد اللكنوي وقوع هذه القصة بالنسبة إلى جلالة قدر البخاري ودقة فهمه مما لا يخفى على من طالع صحيح البخاري (¬5). وقد روى أبو حفص كتاب الحيل عن الإمام محمد (¬6). لكن الجوزجاني كان ينكر نسبة كتاب الحيل إلى الإمام محمد (¬7). ومع ذلك فقد قبله الحاكم والسرخسي وأدخلاه في كتابيهما. وأبو حفص ليس راوي كتاب الحيل في النسخ التي بأيدينا. وقد روى أبو حفص كتاب الأصل عن الإمام محمد، واشتهرت روايته. وقد روي عن الإمام محمد أنه قال: "لم يحمل عني هذا الكتاب أحد أصح مما احتمله البخاري، ولم يستقص أحد مثل استقصائه" (¬8). وأخذ الفقه عنه جماعة لا يحصون ببخارى ونواحيها (¬9). ومن بينهم ابن محمد، وستأتي ترجمته. وقد بقي جزء كبير من كتاب الأصل مروياً من طريقه في النسخ التي بأيدينا. وعول على روايته الحاكم والسرخسي في كثير من المواضع، لكنها تأتي في الدرجة الثانية بعد رواية ¬

_ (¬1) سير أعلام النبلاء، 10/ 157 - 159؛ وتاريخ الإسلام للذهبي، 15/ 39 - 41. (¬2) الجواهر المضية، 1/ 67. (¬3) سير أعلام النبلاء، 12/ 619. (¬4) المبسوط، 297/ 30؛ والجواهر المضية، 1/ 67؛ وفتح القدير، 3/ 457. (¬5) الفوائد البهية، 18 - 19. (¬6) المبسوط، 30/ 297؛ وفتح الباري، 12/ 331. (¬7) المبسوط، 30/ 209. (¬8) مناقب أبي حنيفة للكردري، 425. (¬9) الجواهر المضية، 1/ 67.

3 - داود بن رشيد

أبي سليمان الجوزجاني. وروى أبو حفص أيضاً نوادر عن الإمام محمد (¬1). كما أن له فتاوى أبي حفص الكبير (¬2)، وفوائد أبي حفص الكبير (¬3). ويذكر الفقهاء الأحناف أقواله في كتب المذهب (¬4). وله اختيارات يخالف فيها جمهور الحنفية (¬5). وكان له مسجد ينسب إليه، حتى إن بعض علماء الأحناف استدل على اختيار الإخفاء في قنوت الوتر للمنفرد بأن ذلك هو المتوارث في مسجد أبي حفص الكبير (¬6). وقد نقلت عنه بعض الأقوال في الزهد والتصوف (¬7). مات أبو حفص ببخارى في المحرم سنة 217 (¬8). وكان قبره معروفًا ببخارى يزار، ويسمى التل المدفون عنده بتل أبي حفص الكبير (¬9). وقد استمر نسله من بعده في خدمة الفقه والعلم حتى القرن الرابع الهجري، وربما بعد ذلك أيضاً (¬10). 3 - داود بن رشيد هو أبو الفضل الهاشمي مولاهم، أصله خوارزمي من أهل خراسان. ولد في حدود سنة 159. وهو من أصحاب محمد بن الحسن، ومن ¬

_ (¬1) انظر مثلاً: بدائع الصنائع، 1/ 184. (¬2) البحر الرائق، 2/ 308. (¬3) كشف الظنون، 2/ 1294؛ وحاشية ابن عابدين، 4/ 534. (¬4) انظر مثلاً: المبسوط، 1/ 70؛ 3/ 176؛ والفتاوى الهندية، 1/ 92، 123؛ 2/ 263، 269؛ 5/ 299؛ 6/ 143. (¬5) الفوائد البهية، 18. منها أن نية الإمامة للإمام شرط للاقتداء، وهذا اختيار الكرخي والثوري وإسحاق وأحمد في المشهور. انظر: نفس المصدر. (¬6) فتح القدير، 1/ 438. (¬7) شعب الإيمان للبيهقي، 7/ 218؛ وإغاثة اللهفان لابن قيم الجوزية، 1/ 125. (¬8) سير أعلام النبلاء، 10/ 175 - 159؛ وتاريخ الإسلام للذهبي، 15/ 39 - 41. (¬9) التحبير في المعجم الكبير، 1/ 71؛ 2/ 182، والجواهر المضية، 2/ 93؛ والضوء اللامع، 2/ 195. (¬10) فمن أحفاده محمد بن أحمد البخاري (ت.373). قال الحاكم النيسابوري: كانت الفتوى والرئاسة في بيوتهم من وقت محمد بن الحسن. انظر: الجواهر المضية (تحقيق: عبدالفتاح الحلو)، 3/ 59.

4 - محمد بن هارون الأنصاري

أصحاب حفص بن غياث أيضاً. سكن بغداد. رحل في طلب الحديث، وروى عن جماعة كثيرين. وروى عنه البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجه وغيرهم. وهو محدث ثقة مشهور نبيل كثير الحديثد وكان صاحب عبادة وتهجد. وله نوادر في الفقه الحنفي. وله جزء في الحديث يعرف باسمه. عمي في آخر عمره. مات ببغداد يوم الجمعة لسبع خلون من شعبان سنة 239 (¬1). وهو راوي كتاب العشر عن محمد بن الحسن. 4 - محمد بن هارون الأنصاري هو راوي كتاب الحيل عن محمد بن الحسن. وأظن أنه أبو عبدالرحمن موسي بن هارون الأنصاري القُهُنْدُزي البخاري، كان من أهل العلم. روى عن عبد الله بن المبارك (ت. 181) وسفيان بن عيينة والفضيل بن عياض وغيرهم، وروى عنه سعيد بن جناح وأسباط بن اليسع (ت. 263) البخاريان (¬2). ولم نستطع الجزم بذلك؛ لأن المصادر التي ترجمت له لم تذكر أن له رواية عن محمد بن الحسن. 5 - عبد الله هو راوي كتاب الشرب عن محمد بن الحسن. ولم يذكر اسمه صريحاً. لكن في أول كتاب الشرب: "أخبرنا أبو عبد الله -رحمه الله- قال: حدثني حمدان بن عبد الله قال: أخبرني أبي -رحمه الله- عن محمد بن الحسن". ولم أستطع تعيينه. وهناك عبد الله بن أبي حنيفة الدوسي (¬3) روى ¬

_ (¬1) الطبقات الكبرى، 7/ 349؛ والتاريخ الكبير للبخاري، 3/ 244؛ والجرح والتعديل لابن أبي حاتم، 3/ 412؛ وتاريخ بغداد، 8/ 367؛ والتعديل والتجريح لأبي الوليد الباجي، 2/ 565؛ وتاريخ دمشق، 17/ 135؛ واللباب في تهذيب الأنساب، 1/ 467؛ وتهذيب الكمال، 8/ 388؛ والعبر للذهبي، 1/ 429؛ وسير أعلام النبلاء، 11/ 133؛ والوفيات لمحمد بن رافع السلامي، 2/ 378؛ والجواهر المضية، 1/ 237؛ وتهذيب التهذيب، 3/ 159 وشذرات الذهب، 2/ 91؛ وكشف الظنون، 2/ 1981. (¬2) الأنساب، 4/ 566؛ ومعجم البلدان، 4/ 419؛ واللباب في تهذيب الأنساب، 3/ 66. (¬3) وقال الذهبي: الدبوسي. انظر: العلو للعلي الغفار، 153. وذكر السمعاني في إسناد رواية أخرى عبد الله بن أبي حنيفة الدبوسي. انظر: الأنساب، 4/ 127. ولعله الأصح.

6 - زياد بن عبد الرحمن

عن محمد بن الحسن كلاماً في العقائد (¬1). وكذلك روى عن محمد بن الحسن كلاماً له في العقائد عبدالله بن عثمان، ولقبه: عبدان، كان شيخ مرو في زمانه (¬2). وهو محدث مشهور يروي كتب ابن المبارك وغيره. ووثقه المحدثون. توفي سنة 220 (¬3). ومن المحتمل أن يكون أبو عبد الله المذكور في أول السند هو محمد بن أحمد بن حفص الآتية ترجمته، ويكون أبو عبد الله هذا روى كتاب الشرب عن حمدان بن عبد الله عن أبيه أي أحمد بن حفص، وليس أبا حمدان. وحينئذٍ لا يكون هناك وجود لراو اسمه عبد الله لكتاب الشرب. وهو وإن كان احتمالاً بعيداً إلا أن كنية أبي عبد الله مستعملة عدة مرات في أسانيد الكتاب مقصوداً به محمد بن أحمد بن حفص، وهو يروي الكتب عن أبيه أحمد بن حفص. لكنه قد يكون روى كتاب الشرب بواسطة حمدان بن عبد الله عن أبيه، لأنه لم يكن سمعه من والده أو بسبب آخر. 6 - زياد بن عبد الرحمن وهو راوي كتاب الزكاة عن أبي سليمان. لعله زياد بن عبدالرحمن أبو محمد النيسابوري، وهناك محلة بنيسابور تنسب إليه. رحل إلى الكوفة، وروى الحديث. ولم يذكر الذهبي أي علاقة له بالفقه. توفي سنة 247 (¬4). ويحتمل أن يكون القائل: حدثنا زياد بن عبد الرحمن هو حامد بن محمود بن معقل النيسابوري، حيث يذكر القرشي أنه كان يروي كتب محمد بن الحسن عن زياد بن عبد الرحمن عن أبي سليمان موسى الجوزجاني عن محمد بن الحسن، وأنه روى عنه أبو العباس أحمد بن هارون الفقيه شيخ الحنفية بنيسابور، وأنه توفي سنة 319 (¬5). ¬

_ (¬1) اعتقاد أهل السنَّة للالكائي، 3/ 432. (¬2) الغنية عن الكلام للخطابي، 33. (¬3) تهذيب التهذيب، 5/ 274. (¬4) تاريخ الإسلام، 18/ 276. (¬5) الجواهر المضية، 1/ 183.

7 - أبو جعفر محمد بن سعدان

7 - أبو جعفر محمد بن سعدان وهو راوي كتاب الصوم عن أبي سليمان. ولم أجد بين الفقهاء الحنفية من اسمه محمد بن سعدان في هذه الطبقة. وقد روى محمد بن سعدان عن أبي سليمان منقبة لأبي حنيفة، وأخرى لأبي يوسف (¬1). وهناك أبو جعفر محمد بن سعدان الكوفي، من علماء القراءات والنحو، توفي سنة 231 (¬2). وأبو جعفر محمد بن سعدان البزاز، من المحدثين، توفي سنة 277 (¬3). لكن لا نستطيع الجزم بأن أحدهما هو المذكور في السند، وإن كان الأول أقرب احتمالاً. 8 - أبو بكر محمد بن عثمان وهو راوي كتاب الصوم عن أبي جعفر محمد بن سعدان عن أبي سليمان؛ وكتاب الصرف عن أبي عبد الله محمد بن عمار الكريبي عن أبي سليمان. ولم أستطع تعيينه، وإن كان يوجد عدد من العلماء والرواة على هذا الاسم والكنية في كتب التراجم. يمكن أن يذكر منهم أبو بكر محمد بن عثمان النحوي الملقب بالجعد (ت.288) (¬4)، وأبو بكر محمد بن عثمان الإمام القارئ (ت. 358) (¬5)، وأبو بكر محمد بن عثمان بن سمعان المعدّل الحافظ (ت. قبل 330) (¬6). 9 - أبو الحسن محمد بن الحسن وهو راوي كتاب الصوم عن أبي بكر محمد بن عثمان عن أبي جعفر ¬

_ (¬1) تاريخ بغداد، 13/ 341؛ وسير أعلام النبلاء، 8/ 538. (¬2) الفهرست، 204؛ وتاريخ بغداد، 5/ 324؛ والبلغة، 197. (¬3) تاريخ بغداد، 5/ 325. (¬4) تاريخ بغداد، 3/ 47؛ ونزهة الألباب في الألقاب لابن حجر، 1/ 172. (¬5) مولد العلماء ووفياتهم للربعي، 2/ 638. (¬6) سؤالات السلفي، 112. وانظر لأشخاص على نفس الاسم والكنية مثلاً: تاريخ بغداد، 3/ 47 - 49، 52.

10 - أبو عصمة

محمد بن سعدان عن أبي سليمان. ولم أستطع تعيينه وإن كان يوجد عدد من العلماء والرواة على هذا الاسم في كتب التراجم. فمثلاً من الممكن أن يُذكر منهم أبو الحسن محمد بن الحسن بن أبي الشوارب قاضي بغداد (ت. 347) (¬1)، وأبو الحسن محمد بن الحسن النيسابوري الحافظ (ت. 355) (¬2)، وأبو الحسن محمد بن الحسن الحنفي الكوفي من شيوخ أبي نعيم الأصبهاني (ت. 430) (¬3). 10 - أبو عصمة وهو راوي كتابي التحري والحجر عن أبي سليمان. هو سعد بن معاذ المروزي، روى عن أبي سليمان، وروى عنه أبو أحمد نبهان بن إسحاق بن مقداس (ت. 310). وذكر صاحب الهداية في الغصب والكراهية أبا عصمة هذا بالكنية، ولعله سعد بن معاذ هذا. وقد صرح حافظ الدين النسفي والسغناقي في شرحيهما على الهداية في الكراهية بأنه سعد بن معاذ المروزي هذا، وأما في الغصب فصرح السغناقي بأنه المروزي، ولم يذكر الاسم، ولعله هو سعد بن معاذ هذا. والمروزي أيضاً يقال لأبي عصمة نوح بن أبي مريم صاحب الإمام، لكن الظاهر أنه سعد بن معاذ (¬4). وذكر القرشي أيضاً أنه روى عنه محمد بن أحمد بن موسي بن سلام أبو جعفر القاضي البخاري البَرْكَدي (ت. 289) (¬5). وروى أبو عصمة عن إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة قصة ذكرها الخطيب (¬6). وله أقوال وروايات ذكرها السرخسي وغيره ¬

_ (¬1) تاريخ بغداد، 2/ 200. (¬2) سير أعلام النبلاء، 16/ 66؛ وتذكرة الحفاظ، 3/ 885. (¬3) يروي عنه أبو نعيم في المسند الذي جمعه لأبي حنيفة، انظر: مسند أبي حنيفة، 196، 238، 245. وانظر لأشخاص على نفس الاسم والكنية مثلاً: تاريخ بغداد، 209/ 2، 216، 231. (¬4) الجواهر المضية، 2/ 257 - 258. (¬5) الجواهر المضية، 2/ 25 - 26. (¬6) تاريخ بغداد، 2/ 174.

11 - أبو عبد الله محمد بن عمار الكريبي

من الفقهاء الأحناف في كتبهم (¬1). 11 - أبو عبد الله محمد بن عمار الكريبي وهو راوي كتاب الصرف عن أبي سليمان. ولم أجد محمد بن عمار الكريبي في كتب التراجم. لكن هناك من المحدثين محمد بن عمار بن فروخ بن شبيب، أبو عبد الله البغدادي، حدث بحلب عن الحسن بن عرفة (ت. 257)، روى عنه أحمد بن إسحاق بن محمد بن يزيد القاضي الحنفي (ت. 360) (¬2)، فلعله هو. وذكر القرشي في ترجمة أبي عمرو الطبري أنه جُمع بين داود بن علي الأصفهاني (ت. 270) وبين محمد بن علي بن عمار الكريبي ببغداد في مسجد الجامع يتناظران في خبر الواحد، وكان الكريبي ينفي العمل به ... (¬3). وقد ينسب الرجل إلى جده أحياناً كما هو معروف. 12 - أبو عبد الله وهو راوي كتب الصيد والوصايا والحوالة والكفالة والصلح عن أبيه أحمد بن حفص. هو محمد بن أحمد بن حفص بن الزبرقان البخاري مولى بني عجل، عالِم ما وراء النهر، شيخ الحنفية. تفقه بوالده العلَّامة أبي حفص الكبير. قال أبو عبدالله بن منده: كان عالِم أهل بخارى وشيخهم. ولما أُخرج الإمام محمد بن إسماعيل البخاري من بخارى بسبب مسألة اللفظ (أي قوله: لفظي بالقرآن مخلوق) أخرجه محمد بن أحمد بن حفص إلى بعض رباطات بخارى، فبقي هناك لفترة. قال ابن منده: نسخة كتاب أبي عبدالله بن أبي ¬

_ (¬1) انظر مثلاً: المبسوط، 1/ 71، 176، 192، 2/ 39، 3/ 148، 149، 4/ 221، 7/ 140، 141، 10/ 146، 12/ 98، 99، 15/ 49؛ وتحفة الفقهاء، 1/ 223؛ وبدائع الصنائع، 1/ 40، 217، 226، 277؛ والهداية، 4/ 17، 4/ 84؛ وفتح القدير، 1/ 78، 175، 176؛ والبحر الرائق، 1/ 79، 219، 392، 8/ 134؛ وحاشية ابن عابدين، 1/ 285. (¬2) تاريخ بغداد، 3/ 141. وانظر لترجمة أحمد بن إسحاق: الجواهر المضية، 1/ 60. (¬3) الجواهر المضية، 1/ 111.

13 - أبو سهل محمد بن عبد الله بن سهل بن حفص

حفص في الرد على اللفظية: الحمد لله الذي حمد نفسه وأمر بالحمد عباده ... فسرد كتاباً في ذلك. وكان قد ارتحل لسماع الحديث، وسمع من أبي الوليد الطيالسي والحميدي وأبي نعيم عارم ويحيى بن يحيى والتبوذكي وعبد الله بن رجاء وطبقتهم، ورافق البخاري في الطلب مدة. وروى عنه أبو عصمة أحمد بن محمد اليشكري وعبدان بن يوسف وعلي بن حسن بن عبدة وطائفة، آخرهم وفاة أحمد بن خالد البخاري. وله كتاب الأهواء والاختلاف. وكان ثقةً إماماً ورعاً زاهداً ربانياً صاحب سنَّة واتباع. وأبو نعيم هو أكبر شيوخه في الحديث. وكان يقول بتحريم النبيذ المسكر. وانتهت إليه رئاسة الأحناف ببخارى بعد والده وتفقه عليه أئمة. توفي في رمضان سنة 264 (¬1). 13 - أبو سهل محمد بن عبد الله بن سهل بن حفص وهو راوي كتاب الوصايا عن محمد بن أحمد بن حفص عن أبيه. ولم أجد ترجمة لأبي سهل، لكنه يتكرر ذكره بين أسماء رواة الحديث (¬2). 14 - سعيد وهو راوي كتاب السرقة عن أبي سليمان. ولعله تحريف سعد، وهو سعد بن معاذ المروزي أبو عصمة الذي تقدم قريباً. 15 - حمدان بن عبد الله وهو راوى كتاب الشرب عن أبيه عن محمد بن الحسن. ولم أقف عليه. 16 - أبو عبد الله وهو راوي كتاب الشرب عن حمدان بن عبد الله عن أبيه. ولم أقف عليه. ومن المحتمل أن يكون أبو عبد الله هذا هو محمد بن أحمد بن حفص ¬

_ (¬1) سير أعلام النبلاء، 12/ 618 - 619. (¬2) انظر مثلاً: تاريخ بغداد، 4/ 184، 9/ 84؛ والإكمال لابن ماكولا، 2/ 178، 4/ 45.

17 - أبو نصر زكريا بن يحيى

السابق ذكره (¬1). 17 - أبو نصر زكريا بن يحيى وهو راوي كتاب العقل، واسمه مذكور في آخر كتاب العقل، حيث ذكر في أواخر كتاب العقل أن كتاب أبي نصر زكريا بن يحيى انتهى، وأن الباقي زيادة في كتاب ابن سنان. ولم أجد له ترجمة. لكن ذكر القرشي أبا يحيى زكريا بن يحيى بن الحارث الإمام النيسابوري المزكي البزار الفقيه، أحد مشايخ الحنفية الكبار، وأحد العباد. سمع إسحاق بن راهويه بخراسان وغيره. قال الحاكم في تاريخ نيسابور: حُدثنا عنه، وله تصانيف كثيرة في الحديث. مات يوم السبت لخمس ليال بقين من ربيع الاَخر سنة 298 (¬2). فقد يكون هو. وأبو نصر يمكن أن يكون محرفاً من أبي يحيى. وذكر ابن نجيم قولاً لأبي نصر بن يحيى في مسألة في الوصايا (¬3). وهناك أبو سعيد يحى بن زكريا بن أبي زائدة الهمداني الوادعي مولاهم الكوفي (ت. 183)، من أصحاب الإمام أبي حنيفة، وكان يكتب كتب أبي حنيفة لأصحابه لمدة ثلاثين سنة (¬4). وكان من حفاظ المحدثين الثقات، روى له الستة. وتولى القضاء بالمدائن (¬5). فهو من أقران الإمام محمد. 18 - ابن سنان وهو راوي كتاب العقل، واسمه مذكور في آخر كتاب العقل. ولم أستطع تعيينه. ومن الأحناف جماعة أسماؤهم ابن سنان ذكرهم القرشي، وأكثرهم من عائلة واحدة (¬6). فمنهم إسحاق بن البهلول بن حسان بن سنان ¬

_ (¬1) وانظر ما تقدم قريباً عند الراوي المسمى عبد الله. (¬2) الجواهر المضية، 1/ 145. (¬3) البحر الرائق، 8/ 479. (¬4) الجواهر المضية، 1/ 140. (¬5) تهذيب التهذيب، 11/ 183. (¬6) انظر: الجواهر المضية، 1/ 57، 173، 240، 369، 382، 411، 2/ 148، 187، 207، 222، 234.

19 - أبو ساهر

الأنباري البغدادي، أخذ الفقه عن الحسن بن زياد والهيثم بن موسى صاحب أبي يوسف. وهو صاحب حديث أيضاً. له المسند، وكتاب في القراءات. وله في الفقه كتاب المتضاد. توفي سنة 252 (¬1). وابنه أحمد بن إسحاق، فقيه حنفي، ومحدث ثقة، تولى القضاء بالأنبار وبمدينة المنصور من بغداد، توفي سنة 319 (¬2). 19 - أبو ساهر وهو راوي كتاب الحيل عن محمد بن هارون الأنصاري عن محمد بن الحسن. لم أجد له ترجمة. وقد يكون محرفاً من أبي طاهر كنية أسباط بن اليسع البصري، نزيل بخارى. روى عن محمد بن هارون الأنصاري وأحمد بن حفص وغيرهما. وروى عنه حامد بن بلال المؤدب وغيره. توفي سنة 263 (¬3). 20 - محمد بن حمدان وهو راوي كتاب الحيل عن أبي ساهر عن محمد بن هارون الأنصاري عن محمد بن الحسن. ولم أستطع تعيينه. وقد ذكر القرشي أبا بكر محمد بن حمدان السويحي خلال ترجمة شخص آخر (¬4). لكنه ليس من هذه الطبقة على ما يظهر. لأنه يذكر أن شمس الأئمة الحلواني يروي عنه. والحلواني توفي سنة 448. فهو بعيد عن هذه الطبقة. وقد ترجم الخطيب البغدادي لجماعة أسماؤهم محمد بن حمدان (¬5). وليس من بينهم من هو منسوب إلى الأحناف. وهناك محمد بن حمدان الطيالسي روى عن أحمد بن الصلت عن ¬

_ (¬1) الجواهر المضية، 1/ 137. (¬2) أطال الخطيب في ترجمته. انظر: تاريخ بغداد، 4/ 30 - 33. ونقل ذلك القرشي. انظر: الجواهر المضية، 1/ 57 - 59. (¬3) فتح الباب في الكنى والألقاب لابن منده، 453؛ وتهذيب الكمال، 2/ 360؛ وتهذيب التهذيب، 1/ 186. (¬4) الجواهر المضية، 2/ 103. (¬5) تاريخ بغداد، 2/ 286 - 288.

21 - محمد بن حمدان

بشر بن الوليد عن أبي يوسف (¬1) 21 - محمد بن حمدان وهو راوي كتاب المزارعة عن أبي سليمان. ويمكن أن يكون هو الذي قبله، لكن الأظهر أنه شخص آخر، لأن طبقة هذا أقدم من الذي قبله. 22 - أبو مطيع وقد مر ذكر اسمه في أواخر كتاب الشهادات، حيث قيل هناك: لم يرو أبو مطيع من هاهنا. أي أنه لم يرو باقي كتاب الشهادات إلى آخره. وهذا يشبه ما ذكر في أواخر كتاب العقل، حيث ذكر هناك أن كتاب أبي نصر زكريا بن يحيى انتهى، وأن الباقي زيادة في كتاب ابن سنان (¬2). ولم نستطع تعيين أبي مطيع هذا. فهناك أبو مطيع البلخي (ت. 199)، واسمه الحكم بن عبد الله، وكان قاضي بلخ ست عشرة سنة، وهو من تلاميذ أبي حنيفة، وراوي كتاب الفقه الأكبر عنه، وكان ابن المبارك يجله (¬3). لكن لم تذكر المصادر أن له رواية عن محمد بن الحسن أو أبي يوسف. وهناك أبو مطيع النسفي مكحول بن الفضل (ت. 308)، من فقهاء الأحناف المحدّثين. وقيل بأن اسمه محمد بن الفضل ومكحول لقبه. وصفه الذهبي بأنه: الحافظ الرحال الفقيه، صاحب كتاب اللؤلؤيات في الزهد والآداب. روى عن داود الظاهري وأبي عيسى الترمذي وعبد الله بن أحمد بن حنبل ومحمد بن أيوب بن الضريس ومطيق وخلق كثير. روى عنه أبو بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل (¬4). ¬

_ (¬1) أخبار أبي حنيفة للصيمري، 18؛ والتدوين في أخبار قزوين، 3/ 261. (¬2) وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك قريباً. (¬3) الجواهر المضية (تحقيق: عبدالفتاح الحلو)، 4/ 87 - 88. (¬4) سير أعلام النبلاء، 15/ 33؛ والجواهر المضية (تحقيق: عبدالفتاح الحلو)، 3/ 498 - 499.

5 - طريقة تأليف الكتاب وأسلوب المؤلف فيه

5 - طريقة تأليف الكتاب وأسلوب المؤلف فيه أ - تأليف الكتاب على هيئة كتب مستقلة في البداية لقد ألف الإمام محمد بن الحسن الشيباني كتاب الأصل كما ذكرنا على هيئة كتب مستقلة، فكل كتاب من كتب الأصل مثل كتاب الصلاة والزكاة والصوم ... إلخ كان كتاباً مستقلاً كما ذكر كاتب جلبي (¬1). وذكر ابن النديم أسماء الكتب الفقهية على حدة، فقال: ولمحمد من الكتب: كتاب الصلاة، كتاب الزكاة، كتاب المناسك، كتاب نوادر الصلاة، كتاب النكاح، كتاب الطلاق، كتاب العتاق وأمهات الأولاد، كتاب السلم والبيوع، كتاب المضاربة الكبير، كتاب المضاربة الصغير، كتاب الإجارات الكبير، كتاب الإجازات الصغير، كتاب الصرف، كتاب الرهن، كتاب الشفعة، كتاب الحيض، كتاب المزارعة الكبير، كتاب المزارعة الصغير، كتاب المفاوضة وهي الشركة، كتاب الوكالة، كتاب العارية، كتاب الوديعة، كتاب الحوالة، كتاب الكفالة، كتاب الإقرار، كتاب الدعوى والبينات، كتاب الحيل، كتاب المأذون الصغير، كتاب القسمة، كتاب الديات، كتاب جنايات المدبر والمكاتب، كتاب الولاء، كتاب الشرب، كتاب السرقة وقطاع الطريق، كتاب الصيد والذبائح، كتاب العتق في المرض، كتاب العين والدين، كتاب الرجوع عن الشهادات، كتاب الوقوف والصدقات، كتاب الغصب، كتاب الدور، كتاب الهبة والصدقات، كتاب الأيمان والنذور والكفارات، كتاب الوصايا، كتاب حساب الوصايا، كتاب الصلح والخنثى والمفقود، كتاب الإكراه، كتاب الاستحسان، كتاب اللقيط، كتاب اللقطة، كتاب الآبق، كتاب التحري، كتاب المعاقل (¬2). وهذه الكتب معظمها موجودة في نسخ الأصل، ولم تذكر بعضها في نسخ الأصل الموجودة اليوم بسبب ضياعها، وبقي بعض تلك الكتب على شكل مختصر في الكافي للحاكم الشهيد. وقد جمعت هذه الكتب التي ذكرها ابن النديم فيما بعد إما عن طريق محمد بن الحسن بنفسه وإما عن طريق تلاميذه الذين رووا هذه الكتب عنه تحت اسم ¬

_ (¬1) كشف الظنون، 2/ 1581. (¬2) الفهرست، 287 - 288.

ب - إعادة تأليف الكتاب من قبل مؤلفه

كتاب الأصل أو المبسوط. واختلاف ترتيب كتب الأصل باختلاف النسخ قد يدل على أن الإمام لم يجمع هذه الكتب تحت عنوان كتاب واحد. وترى اختلاف الترتيب هذا واضحاً في وصف النسخ حيث ذكرنا ما بداخل النسخ من الكتب وترتيبها. كما يوجد اختلاف في ترتيب الكتب الفقهية بين نسخ الأصل وبين الكافي للحاكم الشهيد والمبسوط للسرخسي. ب - إعادة تأليف الكتاب من قبل مؤلفه وهناك نقطة أخرى مهمة، وهي أن الإمام محمد بن الحسن قد أعاد النظر فيما ألفه بعد أن انتهى من تأليف كتبه، وأعاد تأليفها مرة أخرى، لكنه لم ينته من إعادة النظر في جميع كتبه كما يقول السرخسي (¬1). وهذا قد يفسر الاختلاف الواقع بين كتب الفقه المختلفة في كتاب الأصل من حيث تنوع الأسلوب، واختلاف الرأي أحياناً أحزى. ج - أسلوب الكتاب العلمي والمنهجي 1 - اختلاف الأسلوب بين السؤال والجواب وبين سرد المسائل يوجد في كتاب الأصل أسلوبان يمكن تمييزهما بوضوح. ففي بعض الكتب الفقهية تُسرد المسائل على طريقة السؤال والجواب: قلت ... قال ... ، وفي بعضها الآخر تُسرد بدون سؤال وجواب. فكتب الصلاة والزكاة والهبة والصيد والذبائح والمكاتب والجنايات والحدود والسرقة والسير والوديعة والعارية وجعل الآبق والحيل واللقطة والغصب مكتوبة على طريقة السؤال والجواب. أما كتب الحيض والتحري والاستحسان والبيوع والسلم والرهن والقسمة والمضاربة والرضاع والعتاق والعتق في المرض والوصايا والفرائض والولاء والديات والدور والخراج والدعوى والبينات والإقرار والعبد المأذون والمفقود والوقف فهي على طريقة سرد المسائل بدون السؤال والجواب. أما باقي الكتب فقد امتزجت فيها الطريقتان، والتفصيل كما يلي: كتاب الصوم، مؤلف على طريقة السؤال والجواب إلى باب ¬

_ (¬1) المبسوط، 30/ 287.

الاعتكاف، ثم يبدأ سرد المسائل بدون سؤال وجواب. كتاب الأيمان، مؤلف على طريقة سرد المسائل بدون سؤال وجواب، إلا في موضع واحد فيه سؤال وجواب. كتاب الصرف، مؤلف على طريقة سرد المسائل بدون سؤال وجواب إلا مواضع قليلة فيها سؤال وجواب. وورد في كتاب الصرف قوله: "سألت أبا حنيفة"، و"سألت أبا يوسف" في بعض المواضع. كتاب الإجارات، مؤلف على طريقة سرد المسائل بدون سؤال وجواب في ثلثيه تقريباً، والثلث منه تقريباً على طريقة السؤال والجواب. والأسئلة الواردة فيه مفصلة ومعقدة نوعاً ما، وأسلوبها يختلف عن أسلوب الأسئلة في الكتب الأخرى. فيبدأ الأسلوب في الاختلاف في أواسط باب إجارة الدور ويتحول من سرد المسائل إلى طريقة السؤال والجواب، لكن بأسلوب مختلف، ليس على قلت ... قال ... ، لكن يبتدئ السؤال مثلاً بقوله: "رجل تكارى ... ما القول فيه؟ قال ... " ويستمر هكذا في مسائل كثيرة، وفي كثير منها يقول: "على قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد". وفي بعضها يقول: "على قياس قول أبي حنيفة، وهو قول أبي يوسف ومحمد". وفي بعضها: "وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد". ويتكرر تغير الأسلوب هذا فيما بعد في باب استئجار الحمامات. كتاب الشركة، مؤلف على طريقة سرد المسائل بدون سؤال وجواب إلا في موضع واحد، والسؤال المذكور فيه مفصل جداً، يشمل نصف صفحة تقريباً، وهو يشبه أسلوب الأسئلة المذكورة في كتاب الإجارات. كتاب الطلاق، مؤلف على طريقة سرد المسائل بدون سؤال وجواب إلا في موضع واحد. وفيه باب مستقل في مناقشة وقوع الطلاق الثلاث بكلمة واحدة. ويحتج للمسألة بذكر أسئلة وأمثلة كثيرة. كتاب الإكراه، مؤلف على طريقة سرد المسائل بدون سؤال وجواب، إلا أن فيه في عدة مواضع سؤال وجواب على طريقة المناقشة والاحتجاج: "فإن قال قائل ... قيل له ... " وأسلوبه يشبه أسلوب كتاب الحيض.

كتاب السير، مؤلف على طريقة السؤال والجواب، إلا أن الأسلوب يختلف قليلاً في آخره تحت عنوان:"ما زاد محمد في آخر كتاب السير". ففي أوله يستمر على طريقة السؤال والجواب بأسلوب يخالف أسلوب "قلت، قال"، حيث يقول: "سألت أبا حنيفة، قال"، ويقول: "وسألته، قال". ثم يتحول إلى طريقة السرد. ولكن هذا الباب لا يشكل سوى بضع صفحات في آخر كتاب السير. كتاب العشر، مؤلف على طريقة سرد المسائل بدون سؤال وجواب، إلا أن في آخره سؤالين فقط بلفظ: "قيل لمحمد بن الحسن، قال ... قيل له، قال ... " وهو أسلوب يختلف عن باقي الكتاب. وذلك ناشئ من اختلاف الراوي. فراوي كتاب العشر داود بن رشيد، وكتاب العشر هو الكتاب الوحيد الذي رواه. ثم يدل هذا أيضاً أن شخصاً آخر سأل محمد بن الحسن السؤالين المذكورين، وإلا كان الأولى أن يقول: قلت أو سألت. كتاب الشرب، توجد فيه الطريقتان. وفيه: "عن محمد قال: سألت أبا يوسف ... " عدة مرات. كتاب الحجر، مؤلف على طريقة سرد المسائل بدون سؤال وجواب، إلا أن فيه في عدة مواضع أسلوب المناقشة والاحتجاج: "فإن قال قائل ... قيل له ... ". كتاب الشفعة، مؤلف على طريقة سرد المسائل بدون سؤال وجواب غالباً، وفي بعض المواضع يتحول إلى السؤال والجواب. كتاب الخنثى، توجد فيه الطريقتان. كتاب العقل، مؤلف على طريقة سرد المسائل بدون سؤال وجواب، إلا أن فيه في عدة مواضع: "فإن قال قائل ... قيل له ... ، قالوا ... قيل لهم"، على سبيل المناقشة. كتاب المزارعة، مؤلف على طريقة سرد المسائل بدون سؤال وجواب إلا في موضع واحد فيه سؤال وجواب.

كتاب النكاح، مؤلف على طريقة سرد المسائل بدون سؤال وجواب إلا في موضعين على طريقة السؤال والجواب. كتاب الحوالة والكفالة، مؤلف على طريقة سرد المسائل بدون سؤال وجواب، إلا أنه يبتدئ عرض المسائل في بداية الكتاب بقوله: "محمد عن أبي يوسف قال: سألت أبا حنيفة عن الرجل يكفل بنفس الرجل ... قال: نعم ... " ثم يستمر في عرض المسائل على طريقة السرد بدون سؤال وجواب. كتاب الصلح، مؤلف على طريقة سرد المسائل بدون سؤال وجواب غالباً، وفي بعض المواضع على طريقة السؤال والجواب. ويلاحظ أن لفظي السؤال والجواب: قلت، قال، حذف في أكثرها، لكن السياق يدل على وجودها قبل ذلك. كتاب الوكالة، مؤلف على طريقة سرد المسائل بدون سؤال وجواب إلا في موضع واحد. كتاب الشهادات، مؤلف على طريقة سرد المسائل بدون سؤال وجواب إلا في موضع واحد. كتاب الرجوع عن الشهادات، مؤلف على طريقة سرد المسائل بدون سؤال وجواب إلا في موضع واحد. كتاب الصدقة الموقوفة، مؤلف على طريقة سرد المسائل بدون سؤال وجواب، إلا أن فيه أسلوب الاحتجاج والمناقشة: "فإن قال قائل ... قيل له، قالوا ... قيل لهم". وهكذا في عدة مواضع. والسبب في تنوع الأسلوب في الكتاب في تقديرنا يرجع إلى مؤلف الكتاب نفسه، فمحمد بن الحسن -رحمه الله تعالى- قد ألف هذه الكتب الفقهية وانتهى منها ثم أعاد النظر فيها مرة أخرى وغير فيها ما أراد أن

يغير (¬1). فلعله كان يحذف الألفاظ المعبرة عن السؤال والجواب مثل قلت وقال، ويحول العبارة إلى مسألة بدون سؤال وجواب. وذلك سهل لمن تأمل عبارات الكتاب. حتى أنه من الممكن رؤية بعض المواضع قد حذف فيها هذه الألفاظ، لكن لم يتم ترتيب الجملة من جديد حتى تكون جملة واحدة مفيدة، فاضطررنا في هذه المواضع إلى إضافة لفظ "قلت" أو "قال"، لتصحيح العبارة (¬2). وذلك مما يدل على أن التحرير كان مستمراً في الكتاب. ومن المحتمل أن يقول قائل: إن الرواة عن محمد بن الحسن مثل الجوزجاني وأبي حفص أو الرواة عنهم يمكن أن يكونوا هم الذين قاموا بهذا التحرير. وهذا الاحتمال وإن كان وارداً في نظرنا إلا أن حقيقة كون الإمام محمد قد غير كتبه وأعاد تأليفها مرة أخرى تؤكد ترجيح الاحتمال الأول. ومن المحتمل أن يكون الإمام محمد قد استعمل أساليب متنوعة في تأليف كتبه من البداية، خصوصاً إذا ما علمنا أن كتبه كانت مفردة في الأصل، فكل كتاب من الكتب الفقهية كان يعتبر كتاباً بنفسه. ثم إن كتب محمد بن الحسن قد كانت معروفة مشهورة في ذلك الوقت، فلو وقع التغيير فيها من قبل بعض تلاميذه أو غيرهم لتنبه إلى ذلك العلماء الآخرون وعُرف ذلك. فلما لم تكن هناك إشارة في المراجع إلى مثل هذا التغيير تأكد أن تنوع الأسلوب هذا هو من عمل المؤلف نفسه. وهناك نقطة أخرى، وهي أنه لو كان التغيير في الكتاب وقع بعد محمد بن الحسن من قبل تلاميذه ورواة كتبه لكان هذا التغيير شاملاً لجميع الكتاب، لكن الأمر ليس كذلك. فإن الحاصل أن بعض الكتاب مكتوب على طريقة السؤال والجواب وبعضه ليس كذلك. وهذا يدل على أن محمد بن الحسن هو الذي نوّع أسلوبه من البداية، أو بدأ بتنقيح كتبه فغير بعضها ولم يمهله الأجل حتى يغير الباقي منها، خصوصاً إذا أخذنا بعين الاعتبار ضخامة حجم الكتاب. ومن المعلوم أن الإمام محمداً توفي في سفره إلى الري مع هارون الرشيد عام 189، وعمره 57 عاماً، وهي سن مبكرة نسبياً. ¬

_ (¬1) المبسوط،. 30/ 287. (¬2) انظر مثلاً: 8/ 52 و، 53 و، 53 ظ.

2 - توهم وجود روايتين مختلفتين لكتاب الأصل في مكتبات إسطنبول

وواضع الأسئلة في كتاب الأصل هو الإمام محمد نفسه، وهو المجيب كذلك. فقد كانت هذه طريقة في تأليف الكتب. حتى أنها لا تزال متبعة إلى الآن في بعض الأحيان. وقد كان بشر بن الوليد الكندي القاضي (ت. 238) من تلاميذ أبي يوسف يلوم محمد بن الحسن، وكان الحسن بن أبي مالك (ت. 204) من تلاميذ أبي يوسف أيضاً ينهاه عن ذلك ويقول له: "قد وضع محمد هذه المسائل، فضع أنت سؤال مسألة، وقد أغناك الله عن جوابها" (¬1). فيتبين من هذه العبارة أن واضع الأسئلة والأجوبة هو محمد نفسه. وروي عن هشام بن عبيدالله الرازي أنه قال: "لما سمعنا كتب محمد بن الحسن بالرَّقَّة قلنا: قولك: "أرأيت" إلى من ينسب، وسؤالك عن من؟ قال: إنما هو سواد في بياض، إن شئتم فخذوه، وإن شئتم فدعوه" (¬2). فهذا الجواب من الإمام محمد يدل على أن واضع الأسئلة هو نفسه، وليس هناك سؤال حقيقي موجَّه مثلاً إلى أحد من الأئمة أبي حنيفة أو أبي يوسف أو محمد بن الحسن، وإنما هو أسلوب في تأليف الكتاب. هذا هو الأعم الأغلب، لكن هناك مواضع يفهم من السياق أن السؤال فيها حقيقي وموجه إلى أبي حنيفة أو أبي يوسف. فمثلاً عندما يقول: "سألت أبا حنيفة"، أو "سألت أبا يوسف"، فمن الواضح أن هذا سؤال حقيقي موجه إلى شخص حقيقي. وهذا قليل في الكتاب إذا قيس بالأسلوب الآخر الذي يستمر السؤال والجواب فيه على شكل: قلت، قال. 2 - توهم وجود روايتين مختلفتين لكتاب الأصل في مكتبات إسطنبول وينبغي أن نذكر هنا أن الأستاذ المرحوم محمد حميد الله ظن أنه توجد نسخ مختلفة من كتاب الأصل في مكتبات إسطنبول، وأن بعض هذه النسخ مؤلفة على طريقة السؤال والجواب وبعضها ليس كذلك. فقد ظن الأستاذ محمد حميد الله أن نسخة مكتبة السليمانية، جار الله، رقم 575، 576 مجلدان من كتاب الأصل برواية مغايرة للروايات الأخرى لكتاب ¬

_ (¬1) الجواهر المضية، 1/ 166؛ 2/ 47. (¬2) الكامل لابن عدي، 6/ 175.

الأصل، حيث وجد أن أبواب الطهارة والصلاة والزكاة والصوم والصيد والذبائح والمكاتبة والجنايات والسير مذكورة في أكثر نسخ الأصل على طريقة السؤال والجواب: "قلت، قال"، وأن نفس هذه الأبواب مذكورة في نسخة جار الله المشار إليها على طريقة سرد المسائل بدون ألفاظ السؤال والجواب. وذكر حميد الله أيضاً أن عناوين الأبواب مختلفة بين هذه النسخة والنسخ الأخرى كماً وكيفاً (¬1). وقد نقل هذه المعلومة محمد الدسوقي باختصار، وذكر أن الأمر يحتاج إلى البحث في تلك النسخ للتأكد من الأمر (¬2). وهذه معلومة غير صحيحة. فإننا قد اطلعنا على نسخ الأصل الموجودة في إسطنبول، فوجدنا أنها جميعاً تتفق على نفس الأسلوب في الكتب التي تحتوي عليها. والذي أدى إلى هذا الظن الخاطئ هو وجود بعض النسخ من كتاب مختصر الأصل لمحمد بن إبراهيم الحنفي (ت. بعد 705) في هذه المكتبات، وقد ظن المفهرسون للمخطوطات بهذه المكتبات أنها كتاب الأصل مع أنها ليست كذلك، ومع وجود اسم "مختصر الأصل" على بعض هذه النسخ. وقد شاركهم في هذا الخطأ الأستاذ محمد حميد الله وبعض الباحثين الآخرين. ولدى الاطلاع على نسخة جار الله برقم 575 تبين لنا أنها قطعة من كتاب الأصل، تبتدئ من كتاب الصلاة وتنتهي بكتاب الأيمان، ولا يوجد فرق في الأسلوب بينها وبين النسخ الأخرى. أما نسخة جار الله برقم 576 فهي قطعة من مختصر الأصل، وهي تختلف من حيث الأسلوب والعناوين مع كتاب الأصل. وهذا الأمر واضح لمن تأمل الكتاب وبحث فيه. حتى أنه مكتوب على هذه النسخة: "النصف الثاني من مختصر الأصل". ¬

_ (¬1) Muhammed Hamidullah ,"profesor Majid khadduri,nin "Islam"(seybani, nin siyer,i)"(trc. Ysuf Ziya Kavakci), Islam Medeniyeti , sy.20,Istanbul 1969 , s.26,N. Bayraktar, M. Hamidullah, S. tug,Y. Z Kavakci,"Imam Muhammed Seybani, nin Istanbul Kutuphanelerindeki Mevcut Yazma Eserleri", Islam Medeniyeti, sy. 20, Istanbul 1969, s.47. (¬2) الإمام محمد بن الحسن لمحمد الدسوقي، 148.

3 - أسلوب العرض لأقوال أبي حنيفة وأبي يوسف وقول المؤلف

والذي يؤدي إلى الالتباس هو أن الكتب الفقهية في هذه النسخة تبتدئ أيضاً بنفس الأسانيد الموجودة في أوائل كتب الأصل، وتروى فيها الأحاديث والآثار بأسانيدها مثل كتاب الأصل. لكن عند الاطلاع على المسائل الفقهية يُرى الفرق واضحاً بين أسلوب كتاب الأصل وأسلوب مختصر الأصل. فأسلوب مختصر الأصل أسلوب فقيه متأخر من حيث الألفاظ والمصطلحات التي يستعملها، ثم إنه يحذف بعض المسائل فلا يذكرها. 3 - أسلوب العرض لأقوال أبي حنيفة وأبي يوسف وقول المؤلف يذكر الإمام محمد في الكتاب آراء أستاذيه الإمام أبي حنيفة والإمام أبي يوسف ورأيه في مواضع كثيرة جداً من الكتاب. ويذكر نادراً آراء غيرهم مثل زفر وابن أبي ليلى وسفيان الثوري. ويذكر نادراً "قول أهل المدينة" (¬1). يذكر الإمام محمد عبارة في أول الكتاب يمكن أن تكون مناراً لأسلوبه في الكتاب. فيروي أبو سليمان الجوزجاني عن محمد بن الحسن، قال: "قد بينتُ لكم قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقولي، وما لم يكن فيه اختلاف فهو قولنا جميعاً (¬2). وهذه القاعدة التي وضعها الإمام محمد هنا أغلبية. فإنه توجد مواضع في الكتاب لا يُذكر فيها خلاف، لكن الخلاف موجود. ويوضح ذلك الحاكم والسرخسي في الكافي والمبسوط في مواضع كثيرة. وقد يكون ذلك ناشئاً عن اختلاف النسخ والروايات لكتاب الأصل، فتكون رواية أبي سليمان مخالفة لرواية أبي حفص مثلاً. وقد يكون يذكر الخلاف في كتاب من كتب الفقه ضمن كتاب الأصل ولا يذكره في كتاب آخر اعتماداً على ذكره في الكتاب الآخر. وقد يكون ذكره في كتاب له آخر مثل الجامع الصغير أو الجامع الكبير. وقد يكون الخلاف مبنياً على تغير آراء الأئمة واجتهاداتهم، فيكون هناك اتفاق بين الأئمة في أول الأمر، ثم يتغير رأي إمام منهم، فيكون الاتفاق مذكوراً في كتاب، والخلاف مذكوراً في كتاب آخر. ¬

_ (¬1) انظر: 5/ 75 و؛ 8/ 254 ظ. (¬2) انظر: 1/ 1 ظ.

4 - الأحاديث والآثار المروية في الكتاب

4 - الأحاديث والآثار المروية في الكتاب يروي الإمام محمد أحاديث وآثاراً كثيرة بأسانيدها عن طريق الإمام أبي حنيفة وأبي يوسف ومالك بن أنس وغيرهم. وأحياناً يذكر بلاغات بدون إسناد فيقول: بلغنا عن النبي -صلى الله عليه وسلم - ... وهو أمر معهود في كتب الأقدمين كالموطأ وغيره. ويبلغ عدد الأحاديث المرفوعة والموقوفة وأقوال التابعين والآثار فيه نحو 1632 رواية. وبعض هذه المرويات مذكورة بأسانيدها، وبعضها بدون إسناد كما ذكرنا. 5 - التكرار في الكتاب تكررت المواضيع في الكتاب. فمثلاً هناك باب الوكالة في السلم، وهو موجود في كتاب البيوع والسلم وفي كتاب الوكالة بنفس العنوان بتغيير يسير في بعض مسائله وألفاظه، وقد استفدنا من هذا التكرار في تصحيح بعض الألفاظ المحرفة في الباب في الموضعين. وهناك باب الوكالة في الصرف، موجود في كتاب الصرف وكتاب الوكالة بنفس العنوان بتغيير يسير في بعض مسائله وألفاظه، وقد استفدنا منه كذلك في تصحيح بعض الألفاظ المحرفة في الباب في الموضعين. وهذا ناشئ من كون الكتاب مفصلاً مبسوطاً في العبارة، فتلك المسائل لها تعلق بالكتابين الفقهيين كليهما، فلذلك وضعت في كليهما. ذكر الإمام محمد مسائل في الحيض في كتاب الصلاة، ثم ذكر مسائل الحيض في كتاب الحيض بشكل أوسع. يوجد في كتاب العتاق باب المكاتب، يذكر فيه مسائل متعلقة بالعبد المكاتب، وهناك كتاب المكاتب الذي يذكر فيه نفس الموضوع على شكل أوسع. كذلك هناك باب الرضاع الموجود في كتاب النكاح، وكتاب الرضاع بشكل كتاب مستقل. وهكذا يمكن أن تُذكر أمثلة أخرى. وهذا كله يدل على تطوير الإمام محمد لكتبه، وتفصيله لما أجمله سابقاً في بعض الكتب التي ألفها مسبقاً، وذلك بتأليف كتاب مستقل في تلك المواضيع.

6 - الموجود من كتاب الأصل اليوم

6 - الموجود من كتاب الأصل اليوم تحتوي النسخ التي بأيدينا من كتاب الأصل على سبعة وخمسين كتاباً من كتب الفقه. وهي حسب ترتيبها في نسخة مراد ملا كما يلي: الصلاة والحيض والزكاة والصوم والتحري والاستحسان والأيمان والبيوع والصرف والرهن والقسمة والهبة والإجارات والشركة والمضاربة والرضاع والطلاق والعتاق والعتق في المرض والصيد والذبائح والوصايا، والوصايا في الدين والعين والفرائض والمكاتب والولاء والجنايات والديات والدور والحدود والسرقة والإكراه والسير والخراج والعشر والدعوى والبينات والشرب والإقرار والوديعة والعارية والحجر والعبد المأذون والشفعة والخنثى والمفقود وجعل الآبق والعقل والحيل واللقطة والمزارعة والنكاح والحوالة والكفالة والصلح والوكالة والشهادات والرجوع عن الشهادات والوقف والصدقة الموقوفة والغصب. ويؤسفنا أن نذكر أن كتاب الأصل الذي بأيدينا ناقص، وأن هذا النقص موجود في جميع النسخ التي اطلعنا عليها. لكن هذا النقص قليل إذا قيس بالقسم الموجود منه. فالمفقود من كتاب الأصل هو كتاب السجدات وكتاب المناسك (أي الحج) وكتاب الأشربة وكتاب أدب القاضي وكتاب حساب الوصايا وكتاب اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى (¬1) وكتاب الشروط. وهذه الكتب موجودة في الكافي للحاكم الشهيد والذي هو مختصر من كتب الإمام محمد. ونظن أن كتاب أدب القاضي كان موجوداً في أصل نسخة مراد ملا. فإنه مكتوب في هامشه في كتاب الشهادات إلى جانب باب كتاب القاضي إلى القاضي بغير عنوان: "هذا الباب معاد في كتاب أدب القاضي" (¬2). وهناك بعض الكتب ألفها الإمام محمد مرة باسم الكبير ومرة أخرى ¬

_ (¬1) وكتاب اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى وإن لم يوجد في نسخ الأصل بكامله إلا أنه قد استخرج من كتاب الأم للإمام الشافعي وطبع كما تقدم. (¬2) انظر: 8/ 212 ظ.

باسم الصغير. فهناك الجامع الكبير والجامع الصغير، والسير الكبير والسير الصغير كما هو معروف. وكتاب السير الموجود ضمن كتاب الأصل لعله هو السير الصغير وإن لم يصرح في نسخة الأصل بذلك. لكن الكتاب يذكره الحاكم والسرخسي باسم السير الصغير (¬1). وهناك كتاب العبد المأذون له في التجارة. هكذا عنوانه في كتاب الأصل. لكن توجد في آخره هذه العبارة: "تم كتاب المأذون الكبير" (¬2). كما ورد عنوانه في الكافي هكذا: "كتاب المأذون الكبير" (¬3). وورد في نهاية كتاب المأذون الكبير في الكافي "كتاب المأذون الصغير"، وحجمه ورقة واحدة تقريباً (¬4). وهناك كتاب المضاربة في كتاب الأصل والكافي. لكن يوجد في الكافي في آخر كتاب المضاربة عنوان "من كتاب المضاربة الصغير"، وحجمه نحو نصف ورقة (¬5). وهذا يدل على أن الآخر هو كتاب المضاربة الكبير. وكذلك يدل على أن أكثر مسائل كتاب المضاربة الصغير مذكورة في كتاب المضاربة الكبير، ولذلك اختصره الحاكم تحت عنوان "من كتاب المضاربة الصغير" وذكر فيه المسائل التي لم تذكر في كتاب المضاربة الكبير. وذكر السرخسي كتاب المضاربة الصغير أيضاً، ونقل منه (¬6). أما كتاب الشروط الموجود في الكافي فلا وجود له في كتاب الأصل. ولعل هذا الكتاب من ضمن الكتب التي ضاعت من كتاب الأصل. وقد ذكر محمد بن الحسن كيفية كتابة العقود في مواضع متفرقة من كتاب الأصل (¬7)، لكن لا يشتمل ذلك على جميع مسائل كتاب الشروط المذكور في الكافي. ¬

_ (¬1) الكافي، 1/ 157 و؛ والمبسوط،.10/ 144؛ والقانون الدولي الإسلامي كتاب السير للشيباني، مقدمة المحقق مجيد خدوري، 60. (¬2) انظر: 6/ 202 ظ. (¬3) الكافي، 3/ 56 و. (¬4) الكافي، 3/ 131 و. (¬5) الكافي، 2/ 303 و. (¬6) المبسوط، 22/ 126، 132، 140، 143، 145، 186. (¬7) فمثلاً ذكر كيفية كتابة صكوك الوقف في كتاب الوقف. انظر: 8/ 239 ظ- 250 و.

7 - الأعمال على الكتاب

7 - الأعمال على الكتاب أ - الشروح ذكر كاتب جلبي أن لكتاب الأصل شرحين (¬1): 1 - شرح شمس الأئمة الحلواني (ت. 448) (¬2) هناك كتاب للحلواني يحمل اسم المبسوط. وله نسخة في مكتبة السليمانية، قسم آيا صوفيا، رقم 1381، في 852 ورقة. وقد اطلعت عليه، وهو شرح للكافي للحاكم الشهيد، وليس لكتاب الأصل. وقد يكون للحلواني كتابان، شرح الأصل، وشرح الكافي، ولم يصلنا شرح الأصل. 2 - شرح شيخ الإسلام أبي بكر المعروف بخواهر زاده (ت. 483) (¬3) ويسمى مبسوط البكري. وهو في عداد الكتب المفقودة. لكن هناك نُقول عنه في كتب الفقه الحنفي (¬4). وذكر كاتب جلبي أنه أُورِدَ على الشرحين المذكورين أن كلام الشارحين مختلط بكلام الإمام محمد من غير تمييز لكلام محمد (¬5). وهناك شرحان آخران لهما ذكر في كتب الحنفية: ¬

_ (¬1) كشف الظنون، 2/ 1581. (¬2) وهو عبدالعزيز بن أحمد البخاري، ويقال في نسبته: الحلواني أيضاً، نسبة إلى بيع الحلوى. إمام الحنفية في زمانه ببخارى، وتفقه عليه السرخسي وغيره. وقيل في وفاته أيضاً سنة 449، وسنة 452. انظر: الأنساب للسمعاني، 2/ 248؛ والجواهر المضية (تحقيق: عبدالفتاح الحلو)، 2/ 429 - 430. (¬3) وهو محمد بن الحسين البخاري، من فقهاء الحنفية الكبار. وله كتب أخرى مثل التجنيس والمختصر. وخواهر زاده معناه أبن الأخت. سمي بذلك لأن خاله كان عالماً وأستاذاً له أيضاً. انظر: الجواهر المضية (تحقيق: عبدالفتاح الحلو)، 3/ 141 - 142؛ والأعلام للزركلي، 6/ 100. (¬4) انظر مثلاً: المحيط البرهاني، 1/ 25، 28، 4/ 119. (¬5) كشف الظنون، 2/ 1581.

3 - شرح المبسوط لفخر الإسلام البزدوي (ت. 482)

3 - شرح المبسوط لفخر الإسلام البزدوي (ت. 482) وتوجد منه نقول في بعض كتب الحنفية (¬1). ويوجد في مكتبة بايزيد قسم ولي الدين برقم 1454 مخطوط عنوانه المبسوط للفتاوى لفخر الإسلام علي البزدوي. وفي بداية النسخة عنوان بخط جديد على أنه شرح المبسوط للبزدوي. وهي نسخة ناقصة، تشكل الجزء الثاني من الكتاب، وتقع في 241 ورقة، ومسطرتها 25 سطراً. وهذه النسخة قديمة الخط، لكن ليس عليها تاريخ للنسخ، وإنما يوجد في أوله قيد تملك بتاريخ 877. لكن أسلوب الكتاب مختلف تماماً عن أسلوب كتاب الأصل، فهو يعنى بالتعليل النظري الأصولي، ويستعمل مصطلحات جديدة. 4 - شرح المبسوط للإسبيجابي توجد منه بعض النقول في كتب الأحناف (¬2). والمشهور بهذه النسبة عند الحنفية علي بن منصور الإسبيجابي (ت. 480)، له شرح مختصر الطحاوي (¬3)؛ وعلي بن محمد الإسبيجابي (ت. 535) من مشايخ المرغيناني صاحب الهداية (¬4). وهناك كتب تحمل اسم المبسوط لعدد من الفقهاء الأحناف ذكرها كاتب جلبي، مثل أبي الليث السمرقندي (ت. 373)، وشمس الأئمة الحلواني (ت. 448)، وفخر الإسلام علي بن محمد البزدوي (ت. 482)، وشمس الأئمة السرخسي (ت. 483)، وشيخ الإسلام بكر خواهر زاده (ت. 483)، وصدر الإسلام أبي اليسر محمد بن محمد البزدوي (ت. 493)، وناصر الدين أبي القاسم محمد بن يوسف السمرقندي (ت. 556)، وعلاء الدين الإسبيجابي (¬5). ¬

_ (¬1) كشف الأسرار للبخاري، 1/ 42، 237؛ 4/ 286؛ والتلويح، 1/ 385؛ والتقرير والتحبير، 2/ 162؛ 3/ 222. (¬2) كشف الأسرار للبخاري، 4/ 235؛ والتلويح، 2/ 326. (¬3) الجواهر المضية (تحقيق الحلو)، 1/ 335. (¬4) الجواهر المضية (تحقيق الحلو)، 2/ 591. (¬5) كشف الظنون، 2/ 1580، 1581.

ب - المختصرات

وبعض مؤلفي هذه المبسوطات ينسب إليهم أيضاً تأليف شروح لمبسوط الإمام محمد كما تقدم. ويمكن أن تعتبر هذه المبسوطات كلها شروحاً لمبسوط الإمام محمد ومسائله، ولكن ليس ذلك بمعنى الشرح المعروف في القرون المتأخرة، أي أن يأخذ الشارح لفظ كتاب ما فيشرحه مع التقيد بألفاظه؛ ولكن بمعنى شرح مسائل الكتاب دون التقيد بألفاظه. وهذا ما أشار إليه كاتب جلبي حيث يذكر أنه أورد على شرحي الحلواني وخواهر زاده أنهما لم يميزا لفظ الإمام محمد عن ألفاظهما فاختلط كلامه مع كلامهم (¬1). ولكن هذا الإيراد ليس في محله، لأن طريقة التأليف هكذا كانت في تلك العصور. ب - المختصرات 1 - الكافي للحاكم الشهيد (ت. 334) لا شك أن أهم الأعمال على الكتاب هو مختصر الأصل وكتب الإمام محمد الأخرى والمسمى بالكافي للحاكم الشهيد، ويسمى بالمختصر الكافي أو المختصر أيضاً. يقول الحاكم في مقدمة الكافي: "قد أودعت كتابي هذا معاني محمد بن الحسن -رحمه الله تعالى- في كتبه المبسوطة وما في الجوامع المؤلفة مع اختصار كلامه وحذف ما كُرّر من مسائله، قاصداً تسهيل سبيل الراغبين في حفظه وتخفيف المؤنة عنهم في كتابته وقراءته وحمله في السفر والحضر" (¬2). والذي لاحظناه من الاطلاع على كتاب الكافي للحاكم أنه يختصر لفظ كتاب الأصل ويتخذه أساساً ثم يضيف إليه ما يراه مناسباً من كتب الإمام محمد الأخرى وأحياناً من كتب أبي يوسف، لكن الأساس هو كتاب الأصل والعبارة هي عبارة كتاب الأصل في معظمها. والموجود في الكافي للحاكم الشهيد ستة وستون كتاباً. وهي هذه الكتب: الصلاة، السجدات، الزكاة، الصوم، الحيض، المناسك، النكاح، الطلاق، العتاق، المكاتب، الولاء، الأيمان، الاستحسان، التحري، اللقيط، ¬

_ (¬1) كشف الظنون، 2/ 1581. (¬2) الكافي، 1/ 1 ظ.

اللقطة، الآبق، المفقود، الغصب، الوديعة، العارية، الشركة، الصيد، الذبائح، الوقف والصدقة، الهبة، الحدود، السرقة، السير، البيوع، الصرف، الشفعة، القسمة، الإجارات، أدب القاضي، الشهادات، الرجوع عن الشهادات، الدعوى والبينات، الإقرار، الوكالة، الكفالة والحوالة، الصلح، الرهن، المضاربة، من كتاب المضاربة الصغير، المزارعة، الشرب، الأشربة، الإكراه، الحجر، المأذون الكبير، المأذون الصغير، الديات، الجنايات، المعاقل، الوصايا، العين والدين، العتق في المرض، الدور، الفرائض، فرائض الخنثى، الخنثى، حساب الوصايا، اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى، الشروط، الحيل. ومع مقارنة كتاب الأصل والكافي، نجد فرقاً في ترتيب الكتب، والأهم من ذلك أننا نجد فرقاً بينهما في عدد الكتب. وذلك يرجع تارةً إلى تداخل الكتب بعضها مع بعض مثل الصيد والذبائح فهما كتابان مستقلان في الكافي، وكتاب واحد في الأصل. وكذلك فرائض الخنثى والخنثى، والوقف والصدقة الموقوفة. ويرجع ذلك تارةً أخرى إلى ضياع بعض الأقسام من كتاب الأصل مثل السجدات والمناسك وأدب القاضي والمضاربة الصغير والأشربة والمأذون الصغير وحساب الوصايا واختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى والشروط. أما كتاب العين والدين فهو مسمى في الأصل بكتاب الوصايا في العين والدين. والحاكم الشهيد قد قام بعمل مهم جداً في هذا الكتاب، وهو أنه قد قارن بين نسخ كتاب الأصل، وأثبت الفروق بينها في مواضع كثيرة من الكافي. وأكثر ما اعتمد عليه نسختا أبي سليمان وأبي حفص. ولكن توجد فيه إشارات إلى بعض النسخ الأخرى في مواضع قليلة. ونحن في تحقيقنا هذا قد استفدنا من كتاب الكافي كثيراً في تصحيح الأخطاء الواقعة في نسخ الأصل، واستدراك النقص الموجود فيها. ولم يطبع الكافي طبعة مستقلة وإن كان مطبوعاً ضمن شرح السرخسي له في المبسوط. ولكن المبسوط المطبوع به نقص وتحريف كثير. ويتعدى ذلك النقص

أ - المبسوط للسرخسي (ت. 483)

والتحريف إلى الكافي المطبوع ضمنه أيضاً. وقد استعملنا نسخة للكافي مخطوطة في مكتبة عاطف أفندي بإسطنبول، برقم 1005 - 1007. ويأتي وصف هذه النسخة. وللكافي عدة شروح: أ - المبسوط للسرخسي (ت. 483) وهو أشهر هذه الشروح. ولها مكانة عالية في الفقه الحنفي. فهي تجمع مسائل ظاهر الرواية مع شرحها وتعليلها تعليلاً فقهياً دقيقاً، كما تجمع كثيراً من أقوال المتقدمين من فقهاء الحنفية. والكتاب مطبوع طبعة سقيمة بمطبعة السعادة بالقاهرة سنة 1324، ثم صورت هذه الطبعة من قبل دور النشر فيما بعد مرات متعددة. وقد عمل الشيخ خليل الميس فهارس للكتاب، للمسائل والآيات والأحاديث والأعلام والكتب الواردة فيه. وطبع الكتاب باسم فهارس المبسوط من قبل دار المعرفة ببيروت عام 1400/ 1980 في 590 صفحة. ولكن فهرس المسائل غير مرتب هجائياً، مما يصعب على الباحث فيه الحصول على بغيته، كما أنه لا يستوعب جميع أماكن المواد المذكورة فيه. ب - شرح لأحمد بن منصور الإسبيجابي (ت. 480) (¬1). ويوجد شك في نسبته إلى مؤلفه على ما ذكره فؤاد سزكين (¬2). ج - شرح شمس الأئمة الحلواني (ت. 448) (¬3). ¬

_ (¬1) كشف الظنون، 2/ 1378. (¬2) وذكر سزكين له مخطوطة. انظر: تاريخ التراث العربي (ترجمة: محمود حجازي)، المجلد الأول، الجزء الثالث، 100. (¬3) وهو عبدالعزيز بن أحمد البخاري، ويقال في نسبته: الحلواني أيضاً، نسبة إلى بيع الحلوى، إمام الحنفية في زمانه ببخارى، وتفقه عليه السرخسي وغيره. وقيل في وفاته أيضاً سنة 449، وسنة 452. انظر: الأنساب للسمعاني، 2/ 248؛ والجواهر المضية (تحقيق: عبدالفتاح الحلو)، 2/ 429 - 430.

2 - مختصر الأصل لمحمد بن إبراهيم الحنفي (ت. بعد 705)

ويعرف باسم المبسوط. وله نسخة ناقصة في مكتبة السليمانية، قسم آيا صوفيا، رقم 1381، وتقع في 852 ورقة. وقد اطلعت عليها، وهو يشكل المجلد الثاني من الكتاب. وهو شرح للكافي للحاكم الشهيد، وليس لكتاب الأصل كما توهمه بعضهم (¬1). 2 - مختصر الأصل لمحمد بن إبراهيم الحنفي (ت. بعد 705) وقد وجدنا هذا المختصر على سبيل الصدفة، حيث ذكرته الفهارس على أنه كتاب الأصل؛ ولكن مع البحث والتدقيق يتبين أنه ليس بكتاب الأصل، وإنما هو مختصر منه. ويأتي التعريف بنسخه. ثم وقفت على مقال لبعض الباحثين ذُكر فيه مجلدان من نسخة بايزيد على أنهما مختصر الأصل (¬2). وهذا صحيح في حد ذاته، لكن المعلومة ناقصة، لأنه يوجد في نفس المكتبة مجلدان آخران من هذه النسخة بهما يكتمل الكتاب. وقد ذُكر هذان المجلدان في نفس المقال على أنهما من كتاب الأصل (¬3). ولم يذكر في النسخ الموجودة في إسطنبول اسم المؤلف لهذا المختصر. لكنْ ذُكر في فهرست الكتبخانه المصرية القديمة كتاب باسم مختصر الأصل، وأن المؤلف هو العلَّامة محمد بن إبراهيم الحنفي من علماء القرن الثامن، وأنه ذكر في آخر كتاب الاستحسان أنه فرغ من تلخيصه في تاسع عشر جمادى الأولى سنة 705/ 1305 (¬4). كما توجد نسخة ناقصة ¬

_ (¬1) تاريخ التراث العربي لفؤاد سزكين (ترجمة: محمود حجازي)، المجلد الأول، الجزء الثالث، 57. (¬2) وهذان المجلدان في قسم بايزيد عمومي، برقم 253، 254. وهما بالترقيم الجديد رقم 18918، 18919 في مكتبة بايزيد بإسطنبول. وسيأتي التعريف بهذه النسخة. (¬3) وهذان المجلدان في قسم بايزيد عمومي، برقم 245، 251. وهما بالترقيم الجديد رقم 18910، 18917 في مكتبة بايزيد بإسطنبول. انظر: N. Bayraktar, M. Hamidullah, S. Tug Y.Z. Kavakci, "Imam Muhammed Seybani,nin Istanbul Kutuphanelerindeki Mevcut Yazma Eserleri", Islam Medeniyeti, sy. 20, Istanbul 1969, s. 47 (¬4) فهرست الكتب العربية المحفوظة بالكتبخانه المصرية لأحمد الميهي ومحمد الببلاوي، 3/ 126. وقد ذكره بروكلمان أيضاً. انظر:- تاريخ الأدب العربي، 3/ 248.

3 - مختصر الأصل لأبي نصر عبدالرحيم بن أبي عصام البلخي

من هذا الكتاب في مكتبة الحرم المكي، وهي برقم 2070 فقه حنفي، وتقع في 364 ورقة، ومسطرتها 31 سطراً. وهي النصف الأول من الكتاب. وفي أولها فهرس. وقد سميت باسم المبسوط في الفقه، للجوزجاني أبي سليمان موسى بن سليمان (¬1). ونسبة الكتاب إلى الجوزجاني خطأ واضح. وقد اطلعنا على هذه النسخة، ودرسناها، فتبين لنا أنها نسخة من مختصر الأصل المذكور. وهي نسخة حديثة نسبياً، عليها قيد تملك بتاريخ 1148. لم نستطع التعرف على مؤلف الكتاب على التعيين؛ لأن المصادر لم تذكر هذا الكتاب. ويوجد عدد من العلماء الأحناف أسماؤهم محمد بن إبراهيم قد عاشوا في تلك الفترة أي أواخر القرن السابع وبدايات القرن الثامن مترجَم لهم في المصادر، لكن هذه المصادر لم تذكر لأحد منهم كتاباً باسم مختصر الأصل. وقد استفدنا من هذا المختصر في تصحيح كثير من مواضع التحريف في نسخ الأصل. 3 - مختصر الأصل لأبي نصر عبدالرحيم بن أبي عصام البلخي ولم نقف على ترجمة لمؤلف الكتاب. وتوجد من هذا الكتاب نسخة في مكتبة السليمانية، قسم جار الله، رقم 873. ويقع الكتاب في 115 ورقة، ومسطرتها 36 سطراً. وقد كتب في بداية الكتاب على ظهر الورقة الأولى: مختصر أصل محمد بن الحسن الشيباني رحمة الله عليه، اختصره الشيخ أبو نصر عبدالرحيم بن أبي عصام البلخي رحمة الله عليه. والنسخة قديمة الخط. وأسلوب هذا المختصر بعيد عن أسلوب كتاب الأصل، فمثلاً يقول في كتاب الصلاة: "أركان الصلاة ستة" ويذكرها. وهذا الأسلوب غير معهود في كتاب الأصل. فالغالب عليه هو الاختصار بالمعنى. كما يوجد في آخر نفس النسخة مختصر الجامع الصغير لنفس المؤلف. ومختصر الأصل هذا يحتوي على الكتب الفقهية التالية: الصلاة، الصوم، الزكاة، الصلح، الرهن، المضاربة، المزارعة، الشرب، العشر والخراج، الحج، النكاح، ¬

_ (¬1) الفهرس المختصر لمخطوطات مكتبة الحرم المكي، 2/ 747. والنسخة ليست كاملة كما ذكر في بعض المصادر. انظر: تذكرة النوادر، 51.

ج - كتب الفقه الحنفي عموما

الطلاق، العتاق، المولى والموالاة، الأيمان، الحدود، السرقة، السير، التحري، الاستحسان، اللقيط، اللقطة، الإباق، الغصب، الوديعة، العارية، الشركة، الصيد والأضاحي، الصدقة الموقوفة، الهبة، البيوع، الشفعة، القسمة، الإجارات، كتاب القاضي، الشهادات، الدعوى، الإقرار، الوكالة، الحوالة والكفالة، الأشربة، الإكراه، الحجر، المأذون الكبير، المعاقل، الجنايات، الوصايا، الفرائض، العين والدين، العتق في المرض، الدور. ومختصر الجامع الصغير لنفس المؤلف يحتوي على كتب الصلاة، الزكاة، الصيام، الحج، الطلاق، العتق، الأيمان، الحدود، السير، البيوع، الإجارة، الجناية، الوصايا. ج - كتب الفقه الحنفي عموماً بما أن كتاب الأصل يشكل المصدر الأساسي للفقه الحنفي فإنه لا شك أن جميع مصادر الفقه الحنفي قد أخذت من الأصل واستفادت منه إما لفظاً وإما معنًى. وإن الناظر في أي كتاب من كتب الفقه الحنفي يستطيع أن يرى ذلك بوضوح. يمكن أن تُذكر بعض الكتب على وجه الخصوص في هذا المجال. فمن بين هذه الكتب المحيط لرضي الدين السرخسي (ت. 571). ويسمى بالمحيط الرضوي (¬1). ويذكر الرضي السرخسي في مقدمته أنه جمع فيه عامة مسائل الفقه، ورتبه على أنه بدأ كل باب بمسائل المبسوط لما أنها أصول مبنية، وأردفها بمسائل النوادر لما أنها من أصول المسائل منزوعة، ثم أعقبها بمسائل الجامع لما أنها من زبدة الفقه مجموعة، ثم ختمها بمسائل الزيادات لما أنها على فروع الجامع مزيدة (¬2). ولكنه عند فحص الكتاب لتبين أنه جمع فيه تلك المسائل من حيث المعنى ولم يلتزم بلفظ المبسوط أي الأصل. والكتاب مخطوط لم يطبع بعد. ومن تلك الكتب أيضاً المحيط ¬

_ (¬1) كشف الظنون، 2/ 1620. (¬2) المحيط لرضي الدين السرخسي، 1/ 1 ظ.

8 - الإضافات الموجودة في نسخ كتاب الأصل

لبرهان الدين البخاري (ت. 616). ويسمى بالمحيط البرهاني (¬1). وقد ذكر في مقدمته أنه جمع فيه مسائل المبسوط والجامعين والزيادات والسير والنوادر والفتاوى والواقعات (¬2). ولكنه عند فحص الكتاب يتبين أنه جمع فيه تلك المسائل من حيث المعنى أيضاً، ولم يلتزم باللفظ. كما أنه يمكن الوقوف على مسائل الأصل مذكورة بلفظها أو معناها في بدائع الصنائع للكاساني، والبحر الرائق لابن نجيم، والفتاوى الهندية وغيرها في مواضع كثيرة جداً. وقد استفدنا من هذه الكتب أيضاً في بعض المواضع لتصحيح عبارات الكتاب. هذا وينبغي للباحثين إجراء مقارنات أوسع بين كتاب الأصل وبين كتب الفقه الحنفي حتى تتسنى معرفة كيفية ومدى تأثير كتاب الأصل في هذه الكتب، والتعرف كذلك على روايات الأصل المختلفة التي أشرنا إليها مسبقاً. 8 - الإضافات الموجودة في نسخ كتاب الأصل هناك مواضع في الكتاب منقولة من كتب أخرى غير كتاب الأصل، مثل النوادر والإملاء والجامع الكبير والجامع الصغير. وذلك من صنيع الرواة أو الناسخين. وقد يكون ذلك بأن يكتب أحدهم في الهامش زيادةً أو تعليقاً ينقله من أحد هذه الكتب، فيظن الناسخ أنه من الأصل ويدخله في صلب الكتاب. وقد أبدى هذا الاحتمال أيضاً أبو الوفا الأفغاني في تحقيقه غير الكامل لكتاب الأصل (¬3). وقد يكون ذلك من صنع الراوي عن محمد بن الحسن نفسه مثل أبي سليمان الجوزجاني أو أبي حفص أو غيرهما أو ممن ¬

_ (¬1) كشف الظنون، 2/ 1619. (¬2) المحيط البرهاني، 1/ 2. (¬3) فمثلاً ذكر في نسخة كوبريلي في الهامش قوله: وقال أبو حنيفة في الجامع الصغير يتوضأ بالنبيذ ولا يتيمم وروى نوح في الجامع عنه أنه رجع عن هذا وقال: يتيمم ولا يتوضأ به لأن النبي -صلى الله عليه وسلم - توضأ به بمكة ونزلت آية التيمم بالمدينة. وقد أدخلت هذه الزيادة في صلب المتن في نسختي ملا جلبي وجار الله، وكذلك في المطبوعة. وذكر الحاكم رواية نوح الجامع في الكافي، 1/ 4 ظ. وذكر أبو الوفا الأفغاني أن هذه الزيادة من بعض رواة الكتاب. انظر: الأصل (الأفغاني)، 1/ 87.

يروي عنهم من الطبقة التي بعدهم. وقد كثرت هذه الزيادات في كتاب الصلاة وكتاب الصوم خصوصاً. ويمكن ذكر هذه المواضع التي ورد فيها النقل عن الكتب الأخرى كما يلي: فتوجد في كتاب الصلاة في جميع النسخ - ما عدا نسختي حلب ويوزغات - هذه الإضافات: - وقال أبو يوسف في الإملاء: الكثير الفاحش شِبر في شِبر (¬1). - وقال محمد في النوادر: إذا نزل الدم في قَصَبَةِ الأنف انتقض وضوؤه، وإذا وقع البول في قَصَبَةِ الذكر لم ينتقض وضوؤه (¬2). - وقال أبو حنيفة في الإملاء: أكره أن يمسح ذلك بحائط المسجد مِن داخلٍ أو بأسطوانة من أَسَاطِينه (¬3). - وقال أبو حنيفة في الإملاء: إذا كان البعر رطباً فقليله وكثيره يفسد الماء (¬4). - وقال أبو حنيفة في الجامع الصغير: يتوضأ بالنبيذ ولا يتيمم. ورَوَى نُوح الجامع عنه أنه رجع عن هذا، وقال: يتيمم ولا يتوضأ به؛ لأن النبي ¬

_ (¬1) وذكر ذلك الحاكم أيضاً. انظر: الكافي، 1/ 3 و. وقال السرخسي: وعن أبي يوسف في رواية الكثير الفاحش شبر في شبر، وفي رواية ذراع في ذراع، وعن محمد ... أنه قدر موضع القدمين، وهذا قريب من شبر في شبر. انظر: المبسوط، 1/ 55. (¬2) وقد وردت نفس العبارة عند الحاكم الشهيد. انظر: الكافي، 1/ 4 و. (¬3) هذه الزيادة موجودة أيضاً في المطبوعة؛ والكافي، 1/ 4 و. ولعل المراد من الإملاء أمالي الإمام أبي يوسف أو الإمام محمد، لأنه لا يعرف أن للإمام أبي حنيفة كتاباً يسمى الإملاء. وقد أشار إليه الأفغاني، 1/ 81. وروي أن أبا حنيفة -رحمه الله- رأى رجلاً يمسح خفيه بأسطوانة المسجد، فقال له: لو مسحته بلحيتك كان خيراً لك. انظر: المبسوط، 1/ 85. (¬4) هذه الزيادة موجودة أيضاً في المطبوعة؛ والكافي، 1/ 4 ظ. وقال السرخسي: وعن أبي يوسف عن أبي حنيفة -رحمه الله- في الإملاء ... فتبين أنه من أمالي الإمام أبي يوسف. انظر: المبسوط، 1/ 87.

-صلى الله عليه وسلم - توضأ به بمكة، ونزلت آية التيمم بالمدينة (¬1). - قال الحاكم الجليل أبو الفضل: هذا الجواب ليس بسديد، وصوابه: أن ينزح أحد عشر دلواً، وهكذا الجواب في رواية أبي حفص (¬2). - وقال أبو يوسف في الإملاء: يُفسد الجنب البئر إن اغتسل فيه أو لم يغتسل أو انغمس لإخراج الدلو (¬3). - وفي الإملاء عن أبي يوسف أن أبا حنيفة كان يقول أولاً في الأمي يتعلم سورة في خلال صلاته: إنه يقرأ ويبني، ثم رجع عن ذلك رحمة الله عليه (¬4). - ورُوي أيضاً عن أبي حنيفة أنه قال: الشفق هو الحمرة (¬5). ويوجد في نسخة مراد ملا بعد نهاية كتاب الصلاة هذه الزيادة: "كان ابن عباس يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم في كل ركعة. وكان ابن عمر يفتتح القرآن ببسم الله الرحمن الرحيم. أبو حنيفة في قراءة بسم الله الرحمن الرحيم قبل فاتحة الكتاب وتجديدها قبل السورة التي بعد فاتحة الكتاب، قال أبو حنيفة: تجزيه قراءتها قبل الحمد. وقال أبو يوسف: يقرأ بسم الله الرحمن ¬

_ (¬1) وردت هذه الزيادة في نسختي ملا جلبي وجار الله وفي المطبوعة. ولم تُذكر هذه الزيادة في نسخة كوبريلي في صلب المتن، ولكن ذكرت في الهامش. وذكر الحاكم رواية نوح الجامع في الكافي، 1/ 4 ظ. ويرى الأفغاني أن هذه الزيادة من بعض رواة الكتاب. انظر: الأصل (الأفغاني)، 1/ 87 ـ (¬2) هذه الزيادة غير موجودة في المطبوعة، لأنها غير موجودة في نسختي حلب والآصفية عنده. وهي من كلام الحاكم الشهيد. انظر: الكافي، 1/ 4 ظ؛ والمبسوط، 1/ 91. (¬3) وهذه الزيادة موجودة أيضاً في المطبوعة؛ والكافي، 1/ 3 و؛ والمبسوط، 1/ 53. (¬4) وردت هذه الزيادة أيضاً في المطبوعة، وهي غير موجودة في نسختي حلب والآصفية على ما ذكره الأفغاني -رحمه الله-. (¬5) هذه الزيادة موجودة أيضاً في المطبوعة. وأشار الأفغاني في الهامش إلى أنها ليست من الأصل، وأنها غير موجودة في نسخة الآصفية عنده. قال الحاكم: وروى أسد بن عمرو عن أبي حنيفة قال: الشفق: الحمرة. انظر: الكافي،1/ 7 ظ. والمبسوط، 1/ 145.

الرحيم في كل ركعة قبل القراءة مرة واحدة. قال هشام: قلت لأبي يوسف: فيقرأ بسم الله الرحمن الرحيم في الركعتين الأخيرتين اللتين يقرأ بهما فاتحة الكتاب؟ قال: نعم. قال هشام: وأخبرني محمد عن أبي حنيفة أنه كان يقول: يجزيه أن يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم في أول ركعة قبل فاتحة الكتاب، ولم ير بأساً إن قرأها مرة أخرى بعد فاتحة الكتاب قبل قراءة السورة. قال محمد: يقرأها قبل فاتحة الكتاب وبعد فاتحة الكتاب إذا أراد أن يقرأ سورة. قلت لمحمد: فإن قرأ سورة كبيرة في ركعة؟ قال: إن كان قرأها فيما يخفي فيه القراءة قرأ بسم الله الرحمن الرحيم عند افتتاح كل سورة، وإن كان قراءة يجهر فيها فإنه لا يقرأها. هشام: والذي يُختار من هذا أنه يقرأ عند افتتاح السورة التي يقرأها بعد فاتحة الكتاب جهراً وإخفاءً إلا أنه يخفي قراءة بسم الله الرحمن الرحيم". وقد وردت هذه الزيادة في نسخة ك في آخر المجلد بعد كتاب الأيمان والكفارات. ولم ترد هذه الزيادة في النسخ الأخرى. وهشام بن عبيدالله الرازي معروف من تلاميذ الإمامين أبي يوسف ومحمد. له نوادر. وهو من رواة الأصل. لكن روايته لم تلق القبول لما فيها من الاضطراب (¬1). فلا نعلم يقيناً أن هذه الزيادة هل هي من نوادره أم أنها من الأصل بروايته. وفي كتاب الصوم: - قلت: أرأيت الرجل يصبح صائماً يوم النحر متعمداً لذلك؟ قال: ليس عليه قضاؤه إن أفطره. [قال أبو يوسف: عليه القضاء، وهو مثل قوله: لله علي. وقال أبو حنيفة: هو مختلف. وهذا في الجامع الصغير الكتاب الذي يسمى الهاروني]. يظهر لنا أن ما بين المعقوفتين مزيد من قبل أحد رواة الكتاب، الجوزجاني أو ممن دونه. والهاروني من كتب النوادر التي رويت عن الإمام ¬

_ (¬1) الجواهر المضية، 2/ 205؛ وسير أعلام النبلاء، 10/ 446.

محمد. ويسمونه تارةً بالهاروني وتارةً بالهارونيات (¬1). وليس المقصود به هنا الجامع الصغير المعروف، لأن المؤلف ذكر هذه المسألة في الجامع الصغير فقال: "رجل أصبح يوم النحر صائماً ثم أفطر فلا شيء عليه" (¬2). ولم يذكر في ذلك خلافاً. وقال الحاكم: "وإن أصبح صائماً يوم الفطر ثم أفطره قال: لا قضاء عليه" (¬3). ولم يذكر في ذلك خلافا. ومع أن السرخسي ذكر الخلاف بين الإمام أبي حنيفة وصاحبيه فنقل عن الإمام القول بعدم وجوب القضاء، وعن الصاحبين القول بوجوبه إلا أن المرغيناني بين أن القول بوجوب القضاء مروي عن الصاحبين في النوادر (¬4). - باب في الاعتكاف والصيام من الجامع الكبير. وتحت هذا العنوان مسائل الباب منقولة من الجامع الكبير للإمام محمد (¬5). هذا الباب ثابت في جميع النسخ والمطبوعة. فيظهر أنه أضاف بعض الرواة هذا الباب من الجامع الكبير للإمام محمد تكثيراً للمسائل وتوسيعاً للكتاب. وهناك تغيير قليل في الألفاظ بين النص المنقول هنا ونص الجامع الكبير المطبوع. ويوجد في هامش نسخة كوبريلي في هذا الموضع: "نوادر الصوم رواية أبي سليمان". لكن الجامع الكبير ليس من النوادر وإنما هو من كتب ظاهر الرواية كما هو معروف. وقد جعلنا هذا الباب كله بين معقوفتين لأنه ليس من كتاب الأصل. ولم يذكر الحاكم هذا الباب (¬6). والغريب أن السرخسي شرح مسائل هذا الباب وما بعده في كتاب نوادر الصوم من المبسوط (¬7)، ولم يتنبه إلى أن هذه المسائل من الجامع الكبير. وقد يكون الخطأ من نسخة المبسوط للسرخسي المطبوعة، فإنها سقيمة جداً. ¬

_ (¬1) انظر: المبسوط، 1/ 250، 8/ 142؛ وفتح القدير، 4/ 447؛ وكشف الظنون، 2/ 1282. (¬2) الجامع الصغير، 143. (¬3) انظر: الكافي، 1/ 26 ظ. (¬4) المبسوط، 3/ 97؛ والهداية، 1/ 131. (¬5) الجامع الكبير للإمام محمد، 14 - 15. (¬6) الكافي، 1/ 28 و. (¬7) المبسوط، 3/ 128 - 146.

ويتلو هذا الباب مسألة مأخوذة من كتاب الاستحسان متعلقة برؤية الهلال. وهي مذكورة في كتاب الاستحسان من كتاب الأصل أيضاً. ويتلو هذه المسألة مسائل منقولة من كتاب المجرد للحسن بن زياد. وكتاب المجرد هو للإمام الحسن بن زياد اللؤلؤي (ت. 204) صاحب الإمام أبي حنيفة، وقد روى فيه فقه الإمام أبي حنيفة، ومسائلها تعد من مسائل النوادر (¬1). وهو كتاب يعتبر مفقوداً اليوم. ويتلو ذلك كتاب نوادر الصيام، رواية الجوزجاني عن الإمام محمد. وشرح مسائله السرخسي في المبسوط كما أشرنا إلى ذلك آنفاً. ويتخلل كتاب نوادر الصيام مسائل قليلة منقولة من كتاب المجرد، ومختصر الطحاوي. وكتاب الصوم يتفرد بكونه يحتوي على هذه الزيادات الكثيرة، ولا توجد مثل هذه الزيادات في كتاب آخر من كتب الأصل. لكن الملاحظ هو كون الراوي أو الناسخ الذي زاد هذه النقول قد ذكر مصدر هذه النقول بدقة، وميز بين كتاب الأصل وغيره تمييزاً دقيقاً. ولم نخرج هذه الزيادات من الكتاب لكونها موجودة في جميع النسخ التي اطلعنا عليها. كذلك من الملاحظ أن الإسناد المذكور في أول كتاب الصوم هو: "أبو الحسن محمد بن الحسن قال: قرأت نسخة هذا الكتاب على أبي بكر محمد بن عثمان فقلت له: حدثك أبو جعفر محمد بن سعدان قال: أخبرنا أبو سليمان موسى بن سليمان الجوزجاني قال: أخبرنا محمد بن الحسن إلى آخر هذا الكتاب، ثم قلت له: أَرْوِي هذا عنك؟ قال: نعم، وعارضت به أبا سليمان موسى بن سليمان" (¬2). والذي قام بزيادة هذه الإضافات إلى الكتاب هو الراوي أبو الحسن محمد بن الحسن في أغلب الاحتمالات؛ لأننا لا نجد مثل هذه الإضافات الكبيرة في الكتب الفقهية الأخرى. وأيضاً فإن وجود نقل ¬

_ (¬1) الفهرست لابن النديم، 288؛ وسير أعلام النبلاء، 9/ 543، والجواهر المضية، 1/ 193؛ وكشف الظنون، 2/ 1282. (¬2) انظر: 1/ 134 ظ.

من مختصر الطحاوي (ت. 321) يدل على تأخر الراوي والكاتب عن هذا التاريخ، وأبو الحسن المذكور هو من هذه الطبقة على ما يظهر. وفي كتاب الوصايا في العين والدين هذه الزيادة: "قال أبو عبد الله: في جميع هذا الباب الشافعي ومالك وابن أبي ليلى وجميع أصحاب الحديث مع أبي يوسف ومحمد" (¬1). هذه الجملة من كلام أبي عبد الله محمد بن أحمد بن حفص، وهو راوي كتاب الوصايا الذي قبل هذا الكتاب، رواه عن أبيه أبي حفص تلميذ الإمام محمد. وقد ورد بعد نهاية كتاب الجنايات في نسختي مراد ملا وفيض الله لكتاب الأصل، وفي نسختي بايزيد وجار الله لمختصر الأصل ما يلي: "وجدت على الأصل نوادر منسوخة من كتاب جعفر بن محمد بن حمدان الفقيه ... " فذكر فيها مسائل من كفارة اليمين والزكاة والطلاق، وقد نقلها أبو الوفا الأفغاني -رحمه الله- في هامش الأصل بتحقيقه (¬2). وهي ليست من الأصل كما هو ظاهر. لكن ينبغي التنبه إلى أن المقصود بكتاب جعفر قد لا يكون تأليفاً له وإنما هو نسخة كتبها بخطه. وهذا الاحتمال هو الراجح، لأنه يقول: نوادر. والمقصود بالنوادر هي ما روي عن أئمة المذهب لا عن طريق ظاهر الرواية. ولعل جعفر بن محمد بن حمدان الفقيه هو التُّوبَنِي، روى عن أبي بكر بن خَنْب (ت. 355) (¬3) وليث بن نصر (¬4)، وروى عنه أبو العباس المستغفري الفقيه والمحدث الحنفي (ت. 432) (¬5). فجعفر بن محمد بن ¬

_ (¬1) انظر: 3/ 262 و - ظ. (¬2) انظر: الأصل (تحقيق الأفغاني)، 4/ 391 - 393. (¬3) هو محمد بن أحمد بن خَنْب البخاري، ولد سنة 266، وحدّث بحديث كثير ببخارى. انظر: تاريخ بغداد، 1/ 296. (¬4) هو أبو نصر البخاري، قدم بغداد حاجاً سنة 341، وحدثهم. انظر: تاريخ بغداد، 13/ 18. (¬5) توضيح المشتبه لابن ناصر الدين، 1/ 664. وتُوبَن قرية من قرى نَسَف. انظر: نفس المصدر. وقيل: تَوْبَن، بفتح التاء. انظر: تاج العروس، "تبن". وأبو العباس المستغفري هو جعفر بن محمد النسفي، ولد سنة 350، وله عدة كتب في الحديث=

حمدان الفقيه من رجال القرن الرابع. وهناك فقيه شافعي أقدم منه قليلاً يحمل نفس الاسم جعفر بن محمد بن حمدان (ت. 323)، وهو أبو القاسم الموصلي البغدادي، كانت له خزانة كتب كبيرة وقفها على طلاب العلم يستفيدون منها (¬1). والأول أقوى احتمالاً أن يكون هو المقصود. وفي آخر كتاب الشفعة عنوان "مسائل نوادر في الشفعة"، ويحتوي على مسائل متعلقة بالشفعة قريباً من ورقة. ولم يذكر هذا الباب ولا مسائله في الكافي أو المبسوط. كما يوجد في آخر كتاب المزارعة زيادة نقلها أبو حفص عن أبي يوسف. قد يكون أبو حفص روى هذا عن أبى يوسف مباشرة، فإنه من تلك الطبقة، لكن لم تعرف روايته عن أبي يوسف، وإنما عرف بالتلمذة على محمد بن الحسن. ولذلك فالاحتمال الأقوى هو روايته هذه المسائل عن أبي يوسف عن طريق الإمام محمد. ولعل هذه المسائل زيادة من نسخة أبي حفص على نسخة أبي سليمان، فإن كتاب المزارعة من رواية أبي سليمان على ما ذكر في بدايته. ورد في كتاب المزارعة قوله: "في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد وقولنا" (¬2)، وفي كتاب الفرائض: "وأما في قول أبي يوسف ومحمد وقولنا" (¬3)، وفي كتاب الطلاق: "في قول أبي حنيفة ومحمد، وكذلك قولنا" (¬4)، "وعندهما (أي أبي يوسف ومحمد) ... وكذلك قولنا" (¬5). وقد يكون هذا من كلام الراوي حيث أضاف قوله إلى قول الأئمة، وبين ترجيحه لهذا الرأي. وقد يكون هذا خطأ من الناسخين. فإن الإمام محمداً يقول في ¬

_ = والتاريخ وغير ذلك. انظر: الجواهر المضية، 1/ 180؛ والفوائد البهية، 57؛ والأعلام للزركلي، 2/ 128. (¬1) الوافي بالوفيات، 11/ 106. (¬2) انظر: 7/ 94 ظ. (¬3) انظر: 4/ 51 و. (¬4) انظر: 3/ 92 ظ. (¬5) انظر: 3/ 95 ظ.

مواضع كثيرة من كتاب المزارعة: "وقولنا" (¬1)، وكذلك الأمر في عدة مواضع من كتاب الفرائض (¬2)، وكتاب الطلاق (¬3). فيكون أحد الرواة أو الناسخين ذكر اسم الإمام محمد تصريحاً ولم يحذف قوله: "وقولنا"، فاجتمعت اللفظتان. لكن يبعد هذا الاحتمال في موضع آخر في كتاب المزارعة عندما يقول: "وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد بن الحسن ... " فيذكر مسألة، ثم يقول: "وهذا قولنا فيه وقول الشيخ -رحمه الله-" (¬4). فهذه العبارة يغلب على الظن أنها من كلام الراوي محمد بن حمدان الذي روى عن أبي سليمان عن محمد بن الحسن كتاب المزارعة. كتاب الفرائض، يقول فيه: "وقول محمد هذا أحب القولين إلينا" (¬5). فهذا من كلام الراوي عن محمد بن الحسن. كتاب الطلاق، ورد فيه "وقد كان في الكتاب ... فكلمت محمداً فيه" (¬6). أي يقول الراوي بأنه كان في الكتاب خطأ، فكلمت محمد بن الحسن في ذلك، وأصلحت الخطأ بموافقته. وهذا يدل على أن الكتاب كان قد كتب من قبل الإمام محمد، وكان فيه سهو، فأعطاه تلميذه لينسخ لنفسه نسخة، فتنبه إلى السهو الموجود فيه. وقد يكون شخص ثالث كتب الكتاب بأمر الإمام محمد له، وكان هناك وراقون يقومون بهذه المهمة كما هو معلوم. كتاب الشفعة، ورد فيه بعد ذكر قول أبي يوسف في مسألة: "وهو خلاف ما في كتاب الشفعة". وقد ورد هكذا في الأصول، لكن ليس محل هذه الجملة هنا. والظاهر أن قول أبي يوسف المذكور قبل هذه الجملة وقول محمد المذكور بعدها كان في كتاب آخر من كتب الأصل مثل كتاب ¬

_ (¬1) انظر: 7/ 42 ظ، 43 و، 44 ظ، 57 ظ، 58 و، 66 ظ، 67 و، 76 ظ، 77 و، 104 ظ، 107 و، 112 ظ،122 ظ. (¬2) انظر: 4/ 41 و، 41 ظ، 43 و. (¬3) انظر: 3/ 83 و، 83 ظ، 85 و، 91 و. (¬4) انظر: 7/ 42 ظ. (¬5) انظر: 4/ 39 ظ. (¬6) انظر: 3/ 72 ظ - 73 و.

الشروط أو المزارعة أو القسمة ثم وضع هاهنا. ويمكن أن يكون قوله: "وهو خلاف ما في كتاب الشفعة" من كلام الإمام محمد، ويقصد بكتاب الشفعة كتاب أبي يوسف؛ أو هو من كلام راوي الكتاب عن محمد بن الحسن (¬1). وورد فيه أيضاً: "وقالوا في كتاب الوصايا ... " فذكر قول أبي يوسف ومحمد في المسألة. ويظهر أن قوله: "وقالوا في كتاب الوصايا ... " من تعليق أحد الرواة حتى يبين أن في المسألة قولاً آخر أو رواية أخرى. وهو كلام صادر من فقيه له معرفة بكتاب الأصل. فالمسألة مذكورة في كتاب الوصايا كما قال (¬2). هناك استعمالات وعبارات أخرى موهمة في الكتاب. فمثلاً ذكره لاسم محمد بن الحسن صريحاً عند حكاية أقواله. وهذا موجود في جميع كتب وأبواب الكتاب من البداية إلى النهاية. ويمكن أن يفسر هذا بطريقتين. الأولى أن يقال: إن هذا من أسلوب علمائنا المتقدمين. فتجدهم يذكرون أسماءهم صريحة عند حكاية أقوالهم، كأنهم يتحدثون عن شخص ثالث. وقد يكون صنيعهم هذا بسبب دفع الالتباس وزيادة الوضوح. وخصوصاً في كتاب الأصل، فإنه يذكر فيه آراء الأئمة أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد في أكثر المسائل، فكان من السهل جداً التباس الأقوال بين هؤلاء الأئمة، ولذلك كان من الاحتياط الواجب أن يذكر اسم محمد بن الحسن صريحاً. والثانية أن يقال: إن هذا ناشئ عن طريقة التأليف في العصور الأولى. فقد كان الغالب عليهم أن الأستاذ أو العالِم يملي كتابه على الطلبة، وهم يكتبون ما يمليه عليهم. فلذلك كان من الطبيعي أن يكتب التلميذ اسم أستاذه عند حكاية أقواله. ¬

_ (¬1) ويدل على ذلك كلام السرخسي أيضاً. انظر: المبسوط، 14/ 137؛ 15/ 29؛ 123/ 154 - 155. وقد وردت هذه المسألة في كتاب القسمة وكتاب المزارعة. انظر: 2/ 67 و - 67 ظ؛ 7/ 119 و. (¬2) انظر: 3/ 247 ظ.

هذا، وينبغي أن نذكر أنه توجد في الكتاب مواضع كثيرة أيضاً يبين فيها محمد بن الحسن رأيه بلفظ المتكلم مثل: وأما أنا فأرى، وأرى (¬1)، قولنا (¬2)، وهذا قولنا (¬3)، لا يجوز في قول أبي حنيفة وهو جائز في قول أبي يوسف وقولنا (¬4)، في قول أبي يوسف وقولنا وقال أبو حنيفة (¬5). ويقول مثلاً: سألت أبا يوسف عن كذا. فإما أن يكون هذا، أي التصريح باسمه أحياناً والتحدث بصيغة المتكلم أحياناً أخرى من تنوع الأسلوب في التأليف، وإما أن يكون الاختلاف من صنيع الرواة. وتنوع الأسلوب في التأليف ليس ببعيد، خصوصاً إذا لاحظنا أن الكتاب قد ألف على شكل كتب مستقلة في البداية، ثم جمع فيما بعد. وهناك عبارة أخرى موهمة. وذلك أن يقول بعد ذكر قول محمد بن الحسن: وبه نأخذ. فمثلاً يقول: "وقال أبو يوسف ومحمد: صلاة من خلفه تامة، يقومون في ذلك كله فيقضون وإن ضحك الإمام قهقهة. وبهذا الأخير نأخذ" (¬6). قوله: "وبهذا الأخير نأخذ" إما أن يكون من كلام الإمام محمد، فحينئذٍ يكون قوله: "ومحمد" في أول الجملة زيادة من الراوي للإيضاح ودفعاً للالتباس، وقد يكون من كلام الإمام محمد نفسه، فإن هذا الأسلوب أي تعبير المتكلم عن نفسه كالغائب مستعمل عند المتقدمين؛ وإما أن يكون قوله: "وبهذا الأخير نأخذ" من كلام أبي سليمان الجوزجاني، راوي الكتاب عن محمد بن الحسن. وفي كتاب الأيمان: "وإن حلف الرجل لا يأكل بُسْراً فأكل بُسْراً مُذَنِّباً ولم يكن له نية حين حلف فإنه يحنث. وإذا حلف أن لا يأكل رُطَباً فأكل ذلك البُسْر المُذَنِّب ففي هذا قولان: قول إنه يحنث، وإن هذا المُذَنِّب يقع ¬

_ (¬1) انظر: 2/ 225 ظ. (¬2) انظر: 3/ 83 و، 83 ظ، 85 و، 91 و؛7/ 42 ظ، 43 و، 44 ظ، 57 ظ، 58 و، 66 ظ، 67 و، 76 ظ، 77 و،104 ظ، 107 و، 112 ظ، 122 ظ. (¬3) انظر مثلاً: 5/ 216 ظ. (¬4) انظر: 7/ 42 ظ. (¬5) انظر: 7/ 42 ظ. (¬6) انظر: 1/ 32 و.

عليه اسم البُسْر واسم الرُّطَب. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. والقول الآخر: إنه بُسْر وليس برُطَب حتى يُرْطِب منه ما يسمى رُطَباً، وهذا لا يحنث. وهو قول أبي يوسف. وقال زفر: إذا وقع عليه اسم الرُّطَب حنث، وإذا لم يقع لم يحنث. وبه نأخذ" (¬1). فقوله: وبه نأخذ، من كلام أبي سليمان؛ لأنه حكى أقوال أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد وزفر، ثم قمال بعد قول زفر: "وبه نأخذ". فلا يحتمل هذا أن يكون من كلام الإمام محمد. الترحم على محمد بن الحسن، فيقال: محمد رحمة الله عليه، ونحو ذلك، فهذا من كلام الرواة والناسخين بلا ريب. ولكن لم نحذف هذه العبارات مراعاةً للنسخ. في كتاب الصرف: "وقول محمد ما بينتُ لك" (¬2). فهذا يظهر أنه من كلام الراوي، وهو أبو سليمان الجوزجاني. وهناك مواضع لم يتبين تماماً قائلها، وقد يكون ذلك ناشئاً من التحريف أو السقط (¬3). ومجمل القول هو أن هذه الزيادات وأمثالها من كلام أبي سليمان الجوزجاني أو أبي حفص أو غيرهما من رواة الكتاب الذين هم من تلامذة الإمام محمد، أو من الرواة في الطبقات التي تليهم حتى زمان الحاكم الشهيد (ت. 334). ويدل ذكر الحاكم الشهيد لبعضها أنها موجودة في النسخ القديمة. ويحتمل أن يكون بعض الناسخين زاد هذه العبارات نقلاً عن الكافي للحاكم الشهيد؛ فإن بعضها موجود في الكافي بنفس اللفظ. وقد نُقل كلام للحاكم بلفظه في الكتاب كما ذكرنا. وقد يكون بعض الرواة كتب تلك العبارات في هامش نسخة الأصل، ثم أدخلت في صلب المتن من قبل بعض الناسخين كما سبق. وأيًّا ما كان الأمر فإن معظم الكتب الفقهية في كتاب الأصل خال من هذه الزيادات. والذي أدى إلى كثرة هذه الزيادات نوعاً ما في كتاب الصلاة والصوم في ظننا هو كثرة الاعتناء بهما وكثرة احتياج الناس إلى مسائلهما. وهناك نقطة أخرى مهمة، وهي أنه يمكن التمييز ¬

_ (¬1) انظر: 1/ 195 ظ. (¬2) انظر: 1/ 322 ظ. (¬3) انظر: 1/ 290 ظ.

9 - تاريخ تأليف الكتاب

بين هذه الإضافات وبين كتاب الأصل بسهولة كما يرى ذلك بالتفصيل في ما تقدم من مواضع الإضافات التي ذكرناها أعلاه. 9 - تاريخ تأليف الكتاب يقول الإمام محمد في كتاب الولاء: "ولو لم يكن الأب عقل عنه وشهد شهوده أنه والاه في سنة خمسين ومائة وشهد شهودها أنه والاها في سنة ستين ومائة فإن ولاءه لها دون الأخ؛ لأن المولى قد تحول مولاه عن الأب إليها" (¬1). ويقول في كتاب الولاء أيضاً: "وإذا اختصم رجل من أهل الذمة ورجل من العرب مسلم في ولاء رجل مسلم قائم بعينه فأقام المسلم بينة من المسلمين أنه أعتقه في رمضان سنة ست وخمسين ومائة وهو يملكه وأقام الذمي بينة من المسلمين أنه أعتقه في رمضان سنة خمس وخمسين ومائة وهو يملكه والعبد المعتق مسلم ينكر ذلك فإنه يقضى بولائه للأول، ولا يكون للآخر ملك مع عتق الأول" (¬2). وهذه العبارات تدل على أنه ألف كتاب الولاء بعد سنة ستين ومائة، لكن ليس متأخراً كثيراً عن هذا التاريخ. ويقول في كتاب المفقود: "واذا فقد الرجل بصفين أو بالجمل ... فإن هذا قد مات. ألا ترى أنه لم يبق أحد أدرك ذلك الزمان. فإذا بلغ المفقود هذه المدة فهو ميت، ويقسم ميراثه بين ورثته. فإذا كان له ابن مات زمن خالد بن عبد الله ... فإني أنظر ... " (¬3) وخالد بن عبد الله هو القسري، كان والي العراق في عهد الخليفة الأموي هشام بن عبدالملك بين سنتي 105 - 120 (¬4). ويقول السرخسي تعليقاً على هذه المسائل: "ومن ذلك ¬

_ (¬1) انظر: 4/ 154 ظ. (¬2) انظر: 4/ 157 و. (¬3) انظر: 6/ 254 ظ. (¬4) وقد عزل بعد ذلك وسجن. ثم قتل سنة 126.انظر: وفيات الأعيان، 2/ 226؛ وشذرات الذهب، 1/ 169؛ والأعلام للزركلي، 2/ 297.

الوقت (أي وقعة صفين) إلى وقت تصنيف هذا الكتاب كان أكثر من مائة وعشرين سنة. والرجل الذي فقد في ذلك الوقت كان ابن عشرين سنة أو أكثر، لأنه خرج محارباً" (¬1). وكانت وقعة الجمل سنة 36، ووقعة الصفين سنة 37. فإذا أضيف مائة وعشرون سنة إلى هذا التاريخ نحصل على سنوات 156 - 157. وإذا خمنا كتابة الأصل بعدما يزيد على مائة وعشرين سنة من الوقعتين المذكورتين نكون قد حصلنا على تاريخ 160 تقريباً. وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن الأصل هو أول مؤلفات الشيباني فإنه يمكن التوقع بأن الإمام محمداً قد كان يؤلف كتابه في حدود هذه التواريخ. كما أننا نعرف أن الإمام أبا يوسف قد طلب من الإمام محمد أن يؤلف الجامع الصغير بعد انتهائه من تأليف الأصل، وأنه لبى هذا الطلب وعرض الكتاب على الإمام أبي يوسف (¬2). وهذا لا بد أن يكون قد تم قبل انتقال أبي يوسف إلى بغداد بسبب توليه القضاء عام 166 (¬3). وبالتالي لا بد أن يكون الإمام محمد قد أتم تأليف الكتاب قبل هذا التاريخ. من ناحية أخرى فإن الإمام محمداً قد بدأ يدرس في مسجد الكوفة وهو ابن عشرين سنة (¬4). وهذا يوافق تاريخ 152، أي بعد وفاة الإمام أبي حنيفة بسنتين، وقد كان يدرس في هذه الفترة على أبي يوسف. فإذن يمكن أن نتوقع بأن الإمام بدأ تأليف الأصل بعد جلوسه للتدريس سنة 152 وأتم تأليفه قبل سنة 166. إلا أننا نعرف أيضاً أنه قد أعاد تأليف كتبه مرة أخرى كما يفيد ذلك السرخسي (¬5). وهذا التأليف الثاني يمكن أن يكون بعد انتقال الإمام محمد إلى بغداد والرقة قاضياً في السنوات المقبلة من حياته، كما يمكن القول بأن إعادته للنظر في ¬

_ (¬1) المبسوط، 11/ 43. (¬2) شرح الجامع الصغير للسرخسي، مكتبة السليمانية، بغدادلي وهبي 565، ورقة 1 ظ؛ كشف الظنون لكاتب جلبي،1/ 561. (¬3) تاريخ الطبري، 4/ 578؛ أبو يوسف وآراؤه الفقهية لمحمود مطلوب، بغداد 1972، ص 86. (¬4) تاريخ بغداد، 2/ 174. (¬5) المبسوط، 30/ 287.

10 - وصف نسخ كتاب الأصل والكتب الأخرى المساعدة في التحقيق

كتبه قد استمرت حتى وفاته سنة 189، لأنه لم يستطع أن يعيد تأليف كتبه كلها كما أفاد السرخسي (¬1). 10 - وصف نسخ كتاب الأصل والكتب الأخرى المساعدة في التحقيق أ - نسخ كتاب الأصل التي استفدنا منها في التحقيق 1 - نسخة مكتبة السليمانية قسم مراد ملا ورقمها 1038 - 1041. تقع نسخة مراد ملا في ثمان مجلدات في الوقت الحاضر. وكانت قبل ذلك في أربع مجلدات ضخمة، ثم قسم كل مجلد إلى مجلدين. وعدد أوراق المجلدات الثمانية لنسخة مراد ملا حسب الترتيب كما يلي: 9+ 327، 295، 13+ 263، 267، 18+ 262، 270، 7+ 260، 269؛ فهي 2260 ورقة في المجموع. وعدد السطور في جميع المجلدات 21 سطراً إلا القليل من الأوراق في المجلد الأول والتي تحتوي على 20 سطراً، وما عدا الصفحات المشتملة على عناوين الكتب والأبواب. وهي مسجلة في المكتبة باسم الأصل لمحمد بن الحسن الشيباني. وكتب على وجه الورقة الأولى بالحبر الأحمر بخط حديث وعربية ركيكة: أصل للإمام محمد برواية أبي سليمان موسى بن سليمان الجوزجاني. لكن كتب على وجه الورقة التالية بخط آخر: كتاب المبسوط على مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة - رضي الله تعالى عنه - تصنيف السيد الجليل أبي عبد الله محمد سليمان (كذا) الهندواني نور الله تعالى ضريحه آمين يا رب العالمين. وليس هناك "بن" بين محمد وسليمان. وقد كتب فوق هذا بخط آخر حديث من العهد العثماني: الأول من المبسوط. وفي الأوراق التالية فهرس لكتب وأبواب الأصل الموجودة في المجلدين الأول والثاني على التقسيم القديم في اثني عشر مجلداً كما سيأتي بيانه أسفله. ومن بينها ورقة مكتوب على وجهها بخط حديث من العهد العثماني: المجلد الثاني من اثني عشر مجلداً ¬

_ (¬1) الموضع السابق.

من مبسوط الإمام العالِم العامل المجتهد الكامل أبي عبد الله محمد بن سليمان الهندواني -رحمه الله تعالى- وعلى (كذا) أسلافه أجمعين. وبعد انتهاء الفهرس مكتوب على وجه الورقة 1/ 1 و: السفر الأول من المبسوط تصنيف الشيخ الإمام صاحب الإمام الأعظم أبي سليمان الجوزجاني (¬1) على مذهب أبي حنيفة -رحمة الله تعالى عليهما- وعلى سائر المجتهدين والأئمة المهديين أجمعين، شيَّد الله تعالى أركان الدين بآثارهم وهدانا إلى مراضيه بأنوارهم بحرمة سيد المرسلين آمين يا معين. ولم أجد ترجمة لأبي عبد الله محمد بن سليمان الهِنْدُوَاني في كتب التراجم. والهندواني المشهور عند الأحناف هو أبو جعفر محمد بن عبد الله البلخي الهندواني (ت. 362)، فقيه مشهور، كان يلقب بأبي حنيفة الصغير (¬2). ولم نجد في المصادر أن له كتاباً باسم المبسوط، أو أن له رواية للمبسوط تعرف باسمه. فمن غير المحتمل أن يكون هذا المبسوط له. كما أن عدم وجود أي ذكر لأبي عبد الله محمد بن سليمان الهِنْدُوَاني في كتب التراجم يطعن في صحة هذه التسمية. ثم لم يرد في بداية أي كتاب من كتب الأصل ذكر اسم له أيضاً مع وجود أسماء رواة آخرين كثيرين. كما أنه يوجد قيد للاطلاع على الكتاب بتاريخ كذا وستين وستمائة من قبل شمس الدين عبد الله بن محمد بن عطاء (ت. 673) قاضي قضاة الحنفية بالشام في عهد الظاهر بيبرس (¬3)، وقد كتب فيه ابن عطاء أن هذا الكتاب من تصنيف ¬

_ (¬1) كذا. ومن المعلوم أن أبا سليمان الجوزجاني ليس بصاحب الإمام أبي حنيفة، وإنما هو صاحب الإمام محمد وراوي كتبه، إلا أن يكون المقصود أنه من علماء مذهبه، كما يقال: فلان من أصحاب أبي حنيفة، أي على مذهبه وإن لم يكن صحبه حقيقة؛ لكن التعبير بقوله: صاحب الإمام موهم. (¬2) وهو تفقه على أستاذه أبي بكر محمد بن أبي سعيد المعروف بالأعمش، والأعمش تلميذ أبي بكر الإسكاف، والإسكاف تلميذ محمد بن سلمة، ومحمد بن سلمة تلميذ أبي سليمان الجوزجاني، وأبو سليمان الجوزجاني تلميذ محمد بن الحسن. انظر لترجمته: الجواهر المضية، 2/ 68. (¬3) انظر لترجمته: تاريخ الإسلام للذهبي، 50/ 131؛ والوافي بالوفيات، 17/ 314؛ والجواهر المضية، 1/ 286؛ وذيل التقييد للفاسي، 2/ 60؛ وشذرات الذهب، 5/ 340.

أبي سليمان الجوزجاني (¬1). وهو مما يرجح أن اسم أبي عبد الله محمد بن سليمان الهندواني تحريف لأبي سليمان موسى بن سليمان الجوزجاني. ولعل ذلك ناشئ من قدم الأصل المنقول عنه وعدم وضوح خطه. وكل هذا يجعلنا نقطع بأن هذا خطأ من أحد المطلعين على الكتاب، حيث حرّف اسم أبي سليمان موسى بن سليمان الجوزجاني، وكتب ذلك الاسم الذي لا يوجد أحد من العلماء ينطبق عليه. ومما يؤيد هذا أن النسخ الأخرى لكتاب الأصل الموجودة في المكتبات الأخرى لا يوجد فيها أي ذكر لاسم أبي عبد الله الهندواني. ومكتوب على وجه الورقة 1/ 1 و: وقف هذا الكتاب محمد شاه ابن مولانا يكان على أبنائه وأبناء أبنائه ما تناسلوا بطناً بعد بطن وقرناً بعد قرن وقفاً صحيحاً شرعياً وعن الموانع عرياً فمن بدله بعدما سمعه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. ويتكرر قيد الوقف هذا كثيراً في أوائل الكتب داخل كتاب الأصل (¬2). وكانت هذه النسخة قبل ذلك مقسمة إلى اثني عشر مجلداً. فقد ورد في أول النسخة بخط حديث من العهد العثماني: مجموع الكتب التي في المبسوط: كتاب الصلاة والوضوء في المجلد الأول وهو هذا المجلد، وفي المجلد الثاني كتاب البيوع كتاب الصرف كتاب القسمة كتاب الهبة، وفي الثالث كتاب الإجارة كتاب الشركة كتاب المضاربة، وفي الرابع كتاب الوكالة والشهادة كتاب الوقف والصدقة الموقوفة وغيرها وكتاب الغصب، ¬

_ (¬1) انظر: 1/ 7 و. (¬2) انظر مثلاً: 1/ 221 و؛ 2/ 118 و، 119 و، 183 و، 207 و.

وفي الخامس كتاب الحوالة كتاب الكفالة كتاب الصلح، وفي السادس كتاب المكاتب كتاب وصية المكاتبة كتاب الولاء على النساء كتاب الجنايات، وفي السابع آخر الجنايات كتاب الحدود السرقة الإكراه السير أحكام المرتد الخراج العشر، وفي الثامن الدعوى والبينات الشرب الإقرار الوديعة العارية الحجر، وفي التاسع العبد المأذون الشفعة الخنثى المفقود الآبق، وفي العاشر الحيل اللقطة المزارعة النكاح، وفي الحادي عشر الرضاع الطلاق العتاق المدبر المكاتب واللقيط العتق في المرض، وفي الثاني عشر الصيد والذبائح الوصايا الفرائض والمواريث. وقد تغير هذا الترتيب بين كتب وأبواب الأصل بعد التجليد الأخير كما تراه في طبعتنا هذه التي اتبعنا فيها الترتيب الموجود الآن لسهولة ترقيم الأوراق على الترتيب. وفي الحقيقة فإن التجليد القديم أيضاً لم يكن هو الترتيب الصحيح بين كتب الأصل. ويمكن فهم ذلك من تواريخ النسخ الموجودة في أواخر كتب الأصل. فنسخة مراد ملا مركبة من قطع مختلفة في الحقيقة. فالمجلد الأول على التقسيم الاثني عشري والذي يحتوي على كتب الصلاة والحيض والزكاة والصوم والتحري والاستحسان والأيمان مكتوب في آخره: آخر كتاب الأيمان والكفارات. كتبه أحمد بن حمدان الأذرعي. وكان الفراغ من نسخ هذا المجلد المبارك يوم السبت ثامن شهر ربيع الأول سنة 767. ولعل الكاتب هو الفقيه الشافعي أحمد بن حمدان شهاب الدين الأذرعي أبو العباس. ولد بأذرعات الشام في وسط سنة 708. وجمع الكتب

حتى اجتمع عنده منها ما لم يحصل لأهل عصره. مات في خامس عشر جمادى الآخرة سنة 783 (¬1). أما المجلد الثاني حسب التجليد الاثني عشري والذي يحتوي على كتب البيوع والصرف والرهن والقسمة والهبة فلا يوجد تاريخ للنسخ في آخره، وهو مكتوب بخط مختلف عن المجلد الأول والمجلدات التي تليه. أما باقي النسخة الذي يبدأ من بداية المجلد الثالث إلى آخر المجلد الثاني عشر حسب التجليد القديم فإنه مكتوب في 637 - 639. وقد كتب الناسخ واسمه أبو بكر بن أحمد بن محمد الطلحي الأصفهاني (¬2) تاريخ النسخ لكل كتاب من كتب الأصل في آخر ذلك الكتاب إلا أنه أهمل ذلك في كتب الرضاع والطلاق والدعوى والشفعة والخنثى والمفقود والحيل واللقطة والمزارعة؛ لكن خط هذه الكتب التي ليس في آخرها تاريخ للنسخ هو نفس الخط في الكتب الأخرى التي يوجد في آخرها تاريخ النسخ. ومما يؤكد هذا أنه توجد كتابة على وجه الورقة الأولى قبل كتاب الحيل الذي ليس في آخره قيد لتاريخ كتابتها هذه نصها: يقول الفقير إلى الله تعالى عبد الله بن محمد [بن عطا] الحنفي: إنه طالع مواضع في هذا الكتاب المبارك وإنه كتاب مفيد جامع لجملة من المسائل [المشهورة] عن محمد بن الحسن -رحمه الله- ومصنفه من فضلاء أصحاب أبي حنيفة تغمدهما الله بالرحمة والرضوان وهو الشيخ الإمام العالِم العلاَّمة أبو سليمان الجوزجاني فالمطالعة فيه مفيدة والمتمسك بمسائله على يقين فالله تعالى يعيد بركة العلم على صاحبه ويختم له بالصالحات آمين، وكتب في العشرين من شهر رمضان المبارك بمحروسة صفد ... وستين وستمائة والحمد لله رب العالمين وصلَّى الله على سيدنا محمد وآله (¬3). وقد أضفنا ما بين المعقوفتين من نسخة أخرى نقلت من هذه النسخة، ونقل كاتبها هذه العبارة مصرحاً بأنه وجدها ¬

_ (¬1) الدرر الكامنة، 1/ 145 - 147؛ وشذرات الذهب، 3/ 278. (¬2) لم نجد ترجمة للناسخ في كتب التراجم، والطلحي نسبة إلى طلحة بن عبيد الله - رضي الله عنه - أحد العشرة المبشرة بالجنة. (¬3) انظر: الأصل، 7/ 1 و.

على نسخة الأصل (¬1). وقد أفادتنا هذه العبارة أن كاتبها طالع مواضع من هذا الكتاب في الستينيات من القرن السابع، وذلك بعد ثلاثين سنة تقريباً من كتابة القسم الأعظم من نسخة مراد ملا، ومن ضمنها كتاب الحيل الذي لا يوجد تاريخ في آخره. والكاتب لهذه العبارة هو شمس الدين عبد الله بن محمد بن عطاء (ت. 673) قاضي قضاة الحنفية بالشام في عهد الظاهر بيبرس (¬2). كما أن هنا فائدة أخرى وهي أن الكتاب كان في صَفَد (¬3) في ذلك التاريخ. ويحتمل أن يكون الكتاب قد نقل إلى هناك من أصفهان بلد الكاتب أو بغداد أو غيرهما من البلاد التي استولى عليها المغول في القرن السابع، وكانوا يتلفون الكتب والمكتبات كما هو معروف في التاريخ. والظاهر بيبرس من سلاطين المماليك معروف بدوره في معركة عين جالوت (658) التي أوقفت الزحف المغولي. فيتبين أن خمسة أسداس الكتاب تقريباً مكتوب في 637 - 639. أما المجلد الثاني فيظهر أنه متأخر عن هذه التواريخ، لكنه قد يكون قريباً من المجلد الأول الذي كتب في 767. وهاك تاريخ كتابة كل كتاب كما ذكره الناسخ في أواخر الكتب إلا القليل الذي لم يذكره فوضعناه حسب ترتيبه في النسخة، وهي في نظرنا متفقة مع الترتيب التاريخي للكتب الأخرى: - المأذون الكبير: يوم الأربعاء الحادي والعشرون من شوال سنة سبع وثلاثين وستمائة (21/ 10/ 637). - الشفعة والخنثى والمفقود: بدون تاريخ. - جعل الآبق: الثالث عشر من ذي القعدة سنة سبع وثلاثين وستمائة (13/ 11/ 637). ¬

_ (¬1) انظر: الأصل، نسخة بايزيد، رقم 18978، الورقة 1 و. (¬2) انظر لترجمته: تاريخ الإسلام للذهبي، 50/ 131؛ والوافي بالوفيات، 17/ 314؛ والجواهر المضية، 1/ 286؛ وذيل التقييد للفاسي، 2/ 60؛ وشذرات الذهب، 5/ 340. (¬3) وهي مدينة تاريخية معروفة في الشام. انظر: معجم البلدان، 3/ 412 وتقع اليوم شمال فلسطين، داخل حدود إسرائيل.

- الحيل واللقطة والمزارعة: بدون تاريخ. - النكاح: ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين وستمائة (4/ 638). - الرضاع والطلاق: بدون تاريخ. - العتق: منتصف شعبان سنة ثمان وثلاثين وستمائة (15/ 8 / 638). - العتق في المرض: العشرون من شعبان سنة ثمان وثلاثين وستمائة (20/ 8 / 638). - الدور: سلخ شعبان سنة ثمان وثلاثين وستمائة (8/ 638). - الحدود: يوم الجمعة أول رمضان سنة ثمان وثلاثين وستمائة (1/ 9 / 638). - السرقة: رمضان سنة ثمان وثلاثين وستمائة (9/ 638). - الإكراه: منتصف رمضان سنة ثمان وثلاثين وستمائة (15/ 9 / 638). - السير: الرابع والعشرون من رمضان سنة ثمان وثلاثين وستمائة (24/ 638/9). - الخراج: رمضان سنة ثمان وثلاثين وستمائة (9/ 638). - العشر: آخر رمضان سنة ثمان وثلاثين وستمائة (29/ 9/ 638). - الصيد والذبائح: شوال سنة ثمان وثلاثين وستمائة (10/ 638). - الوصايا: ذو القعدة سنة ثمان وثلاثين وستمائة (11/ 638). - الوصايا في الدين والعين وغير ذلك: بدون تاريخ. - الفرائض: غرة ذي الحجة سنة ثمان وثلاثين وستمائة (12/ 638). - المكاتب: سلخ ذي الحجة سنة ثمان وتلاثين وستمائة (12/ 638). - الولاء: محرم سنة تسع وثلاثين وستمائة (1/ 639). - الجنايات: محرم سنة تسع وثلاثين وستمائة (1/ 639).

- الديات: صفر سنة تسع وثلاثين وستمائة (2/ 639). - العقل: صفر سنة تسع وثلاثين وستمائة (2/ 639). - الحوالة والكفالة: ربيع الأول سنة تسع وثلاثين وستمائة (3/ 639). - الصلح: ربيع الآخر سنة تسع وثلاثين وستمائة (4/ 639). - الوكالة: منتصف جمادى الأولى سنة تسع وثلاثين وستمائة (5/ 639). - الشهادات: سلخ جمادى الأولى سنة تسع وثلاثين وستمائة (5/ 639). - الرجوع عن الشهادات: سلخ جمادى الأولى سنة تسع وثلاثين وستمائة (5/ 639). - صدقة الوقف: جمادى الآخر سنة تسع وثلاثين وستمائة (6/ 639). - الغصب: جمادى الآخر سنة تسع وثلاثين وستمائة (6/ 639). - الإجارات: رجب سنة تسع وثلاثين وستمائة (7/ 639). - الشركة: رجب سنة تسع وثلاثين وستمائة (7/ 639). - المضاربة: شعبان سنة تسع وثلاثين وستمائة (8/ 639). - الدعوى والبينات: بدون تاريخ. - الشرب: منتصف رمضان سنة تسع وثلاثين وستمائة (9/ 639). - الإقرار: شوال سنة تسع وثلاثين وستمائة (10/ 639). - الوديعة: شوال سنة تسع وثلاثين وستمائة (10/ 639). - العارية: شوال سنة تسع وثلاثين وستمائة (10/ 639). - الحجر: شوال سنة تسع وثلاثين وستمائة (10/ 639). وإذا فرضنا أن المجلدين الأولين حسب التجليد الاثني عشري كتبا

أولاً فيكون ترتيب المجلدات الأخرى تاريخياً هكذا: - الأول: الصلاة، الحيض، الزكاة، الصوم، التحري، الاستحسان، الأيمان. - الثاني: البيوع، الصرف، الرهن، القسمة، الهبة. - الثالث: العبد المأذون، الشفعة، الخنثى، المفقود، جعل الآبق. - الرابع: الحيل، اللقطة، المزارعة، النكاح. - الخامس: الرضاع، الطلاق، العتاق، العتق في المرض. - السادس: الدور، الحدود، السرقة، الإكراه، السير، الخراج، العشر. - السابع: الصيد والذبائح، الوصايا، الفرائض. - الثامن: المكاتب، الولاء، الجنايات، الديات، العقل. - التاسع: الحوالة والكفالة، الصلح. - العاشر: الوكالة، الشهادات، الرجوع عن الشهادات، الوقف، الصدقة الموقوفة، الغصب. - الحادي عشر: الإجارة، الشركة، المضاربة. - الثاني عشر: الدعوى والبينات، الشرب، الإقرار، الوديعة، العارية، الحجر. ويوجد في آخر المجلد الأول قيد ملكية مكتوب بخط حديث نسبياً وهذه نصها: ملكه من فضل الله -عَزَّ وَجَلَّ- الراجي عفو ربه ومغفرته محمد بن محمد الأنصاري الحنفي (¬1) غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين أجمعين (انظر: 1/ 327 ظ). ¬

_ (¬1) لم أستطع الجزم بتعيينه، لكن هناك محمد بن محمد الأنصاري الحنفي من علماء القرن التاسع. انظر: الضوء اللامع، 9/ 206. فلعله هو. وهناك محمد بن محمد الأنصاري الحنفي آخر، توفي سنة 843. انظر: المصدر السابق، 9/ 135.

ولم يذكر الناسخ الأصفهاني النسخة التي نقل منها نسخته، لكنه ذكر في آخر كتاب العتق في المرض أنها نسخة سقيمة فقال: "فمن قرأه فليعذرني فإن نسخة الأصل على غاية السقم وليس لي يد في الحساب". يعني أن المسائل المذكورة في هذا الكتاب متعلقة بمعرفة الحساب، ولو كانت له معرفة بالحساب لاستطاع أن يقرأ النسخة بسهولة واثقاً من نفسه في صحة القراءة. ولكنه قام بما يستطيع عمله، وهو عمل ضخم يشكر عليه، حيث نقل هذا التراث إلينا وحفظه لنا في هذه النسخة. كما ذكر في آخر كتاب الدور أنه كتبه من أصل سقيم. ولعل المقصود بالسقم هنا هو قدم النسخة وكونها بالية مما يسبب صعوبة القراءة. ولا ندري إن كان باقي الكتاب نقل من نفس النسخة السقيمة أو لا. وخط هذه النسخة واضح ومقروء في الأعم الأغلب، وهو يختلف نوعاً ما حسب القطع الثلاث المختلفة التي تشكل مجموع هذه النسخة كما بينا ذلك أعلاه. والكتابة منقوطة في القطعة الأولى والثانية ومشكولة بالحركات في مواضع كثيرة من القطعة الثانية. أما القطعة الثالثة فهي نصف منقوطة، لكن نقطها تكفي لقراءة النسخة إلا في الأسماء الموجودة في الأسانيد. وعلاوة على الإهمال (عدم النقط) الموجود في الأسماء فتكثر الأخطاء في كتابة الأسماء نفسها. وقد صححنا ذلك من كتب الرجال. والقطعة الأولى والثانية أخطاؤها أكثر من القطعة الثالثة التي تشكل معظم الكتاب. والنسخة عموماً في حالة جيدة إلا أن بها خروماً ومواضع أكلها الدود لا يمكن قراءتها. لكن نسبة ذلك إلى كل الكتاب ضئيلة جداً، كما يمكن تدارك ذلك النقص من النسخ الأخرى. وقد أثبت في الهامش بعض الفروق بين النسخ (¬1). وهذه النسخة تعتبر أهم النسخ وأقدمها في معظمها، أي حوالي ثلاثة أرباع الكتاب، والذي كتب في سنوات 637 - 639. وقد اتخذناها أصلاً في ترقيم الأوراق وأثبتنا فروقها في الهامش من بداية الكتاب إلى نهايته. ورمزنا لهذه النسخة بحرف م. ¬

_ (¬1) انظر مثلاً: 2/ 180 و.

2 - نسخة مكتبة ملت قسم فيض الله أفندي

2 - نسخة مكتبة مِلَّتْ قسم فيض الله أفندي وهي برقم 665 - 669. وتقع في خمس مجلدات. وهي نسخة ناقصة. لكنها نسخة جيدة ومصححة في بعض المواضع إلا أن بها أخطاء وتحريفات كثيرة أيضاً. وفي آخر هذه النسخة هذا القيد لتاريخ النسخ: تم كتاب الأصل لمحمد بن الحسن الشيباني -رحمه الله تعالى- في سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة بدمشق المحروسة، ولله الحمد. وترتيبها وما تحتوي عليه هكذا: المجلد الأول فيه البيوع والصرف والرهن والقسمة والهبة والإجارات والشركة والمضاربة. المجلد الثاني فيه الوكالة (يوجد القليل من أوله، وأكثره ناقص) والوقف (ناقص) والغصب والعبد المأذون (ناقص من أوله قليلاً) والشفعة والخنثى والمفقود وجعل الآبق. المجلد الثالث فيه الحيل واللقطة والمزارعة والنكاح والحوالة والكفالة والصلح. المجلد الرابع فيه الدعوى والبينات والشرب والإقرار والوديعة والعارية والحجر والمكاتب والولاء والجنايات والديات والعقل. المجلد الخامس فيه الدور والحدود والسرقة والإكراه والسير والخراج والعشر والصيد والذبائح والوصايا والفرائض. كتب على وجه الورقة الأولى من المجلد الأول: قطعة من الأصل للإمام محمد. وذلك بخط حديث يغاير خط النسخة. وكتب فوق عنوان كتاب البيوع: من كتب الفقير السيد فيض الله المفتي في السلطنة العثمانية عفي عنه. ويتكرر ذلك أثناء الكتاب وهو شيخ الإسلام فيض الله أفندي صاحب المكتبة التي سميت باسمه. والمجلد الأول في الحقيقة يجمع مجلدين، المجلد الأول يبتدئ بالبيوع وينتهي بالهبة، ويبتدئ الثاني بالإجارات وينتهي بالمضاربة. وفي أول وآخر المجلد ختم مكتوب فيه: وقف شيخ الإسلام السيد فيض الله أفندي غفر الله له ولوالديه بشرط أن لا يخرج من مدرسته التي أنشأها بالقسطنطينية سنة 1112. ويتكرر الختم أيضاً في المجلدات الأخرى. المجلد الثاني مكتوب في بدايته: الجزء الثالث من الأصل، وفي

3 - نسخة مكتبة السليمانية قسم عاشر أفندي

بدايته ونهايته نفس الختم الموجود في المجلد الأول. وقد حدث في أوائله اختلاط في ترتيب الأوراق ونقص من كتاب الوكالة والوقف والعبد المأذون كما ذكرنا آنفاً. وأشرنا إلى كل ذلك في موضعه أثناء التحقيق. المجلد الثالث مكتوب في بدايته: الرابع من كتاب الأصل لمحمد بن الحسن الشيباني في ست مجلدات. لكنه مكون من جزءين، الجزء الأول يبدأ بكتاب الحيل وينتهي بكتاب النكاح، ثم يبدأ الجزء الثاني - وفي بدايته فهرس للكتب والأبواب الموجودة فيه - بكتاب الحوالة والكفالة وينتهي بالصلح. المجلد الرابع مكتوب في بدايته: الخامس من الأصل. وفيه جزءان. الأول يبدأ بكتاب الدعوى والبينات وينتهي بكتاب الحجر، والثاني يبدأ بكتاب المكاتب وينتهي بالعقل. المجلد الخامس مكتوب في بدايته: الجزء السادس من الأصل للإمام محمد. وفيه جزءان. الأول يبدأ بكتاب الدور وينتهي بكتاب العشر، والثاني يبدأ بالصيد والذبائح وينتهي بالفرائض. ويوجد في بداية المجلدات فهرس لكتب وأبواب الكتاب بخط الناسخ. كما يوجد على الحواشي تعليقات منقولة عن كتب الفقه الحنفي والمعاجم. وكذلك توجد بعض التصحيحات والاستدراكات التي قام بها الناسخ نفسه. كما أن في نسخة فيض الله اختلاطاً في ترتيب الأوراق في كتاب السرقة وغيرها. وهذه النسخة هي النسخة الثانية التي أثبتنا فروقها في الهوامش من بدايتها إلى نهايتها، لكنها نسخة غير كاملة وإن كانت تحتوي على أكثر الكتاب. ورمزنا لهذه النسخة بحرف ف. 3 - نسخة مكتبة السليمانية قسم عاشر أفندي هذه النسخة برقم 87 - 91. وهي نسخة كاملة تقع في خمس مجلدات. وكتبت بين سنتي 1207 - 1209 بخط عمر بن محرم البوسنوي. المجلد الأول: 231 ورقة، الثاني: 375 ورقة، الثالث: 370 ورقة، الرابع: 375 ورقة، الخامس: 299 ورقة. فالمجموع 1645 ورقة. لكن

4 - نسخة مكتبة كوبريلي

عدد السطور فيها يختلف من مجلد إلى مجلد، فمسطرة المجلد الأول 21 سطرًا، والثاني 31 سطراً، والثالث 19 سطراً، والرابع والخامس 31 سطرًا. يحتوي المجلد الأول على الصلاة والحيض والزكاة والصوم والتحري والاستحسان والأيمان، والثاني على المكاتب والولاء والجنايات والديات والعقل والحدود والسرقة والإكراه والسير والخراج والعشر والصيد والذبائح والوصايا والفرائض، والثالث على الإجارات والشركة والمضاربة والدعوى والبينات والشرب والإقرار والوديعة والعارية والحجر، والرابع على الحيل واللقطة والمزارعة والنكاح والحوالة والكفالة والصلح والوكالة والشهادات والرجوع عن الشهادات والوقف والصدقة الموقوفة والغصب والعبد المأذون والشفعة والخنثى والمفقود وجعل الآبق، والخامس على الرضاع والطلاق والعتاق والعتق في المرض والبيوع والصرف والرهن والقسمة والهبة. وهي نسخة جميلة واضحة الخط. وقد حاول الكاتب تصحيح الأخطاء الواردة في النسخة أو النسخ التي ينقل عنها كما يتبين ذلك من مقارنة الأخطاء بين النسخ، وقد أصاب في بعض ذلك ولم يصب في بعضها. وقد استعملناها كنسخة مساعدة. ولم نشر إلى فروقها أثناء التحقيق إلا في كتب الوكالة والشهادات والرجوع عن الشهادات والوقف، لأن هذه الكتب ناقصة في نسخة فيض الله أفندي. كما أشرنا إلى فروقها في مواضع أخرى قليلة عند الحاجة إلى ذلك. ورمزنا لهذه النسخة بحرف ع. 4 - نسخة مكتبة كوبريلي وهي برقم 537. ومكتوب عليها "كتاب الأصل لمحمد بن الحسن". وتقع في 4 + 224 ورقة. في كل الصفحات 19 سطراً إلا ورقات من أولها فيها 17 سطراً. وهي نسخة ناقصة تحتوي على كتاب الصلاة والحيض والزكاة والصوم والتحري والاستحسان والأيمان. لكنها نسخة واضحة جيدة الخط وهي أصح النسخ في القدر الذي اشتملت عليه. وفي بدايتها فهرس للكتاب. كما أن على النسخة ختم الوزير كوبريلي الذي أنشأ المكتبة. وفي أولها قيد تملك نصه: "دخل في سلك ملك الفقير محمد بن أبي العمد صفي الدين عفي عنهما". وفي حواشي النسخة تصحيحات وبعض النقول من

5 - نسخة مكتبة شسشر بتي (Chester Beatty)

الجامع الصغير وغيره، وقيود المقابلة مع نسخة الأصل في مواضع كثيرة هذه نصها: "بلغ مقابلةً وتصحيحًا على نسخة الأصل بحسب الطاقة، ولله الحمد والمنة". وفي آخرها قيد لتاريخ النسخ واسم الناسخ يقول فيه: "ووافق الفراغ من نسخه يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، وذلك على يد أفقر عباد الله وأحوجهم إلى رحمته المعترف بالذنوب والتقصير خالد بن أيبك الشجاعي ... ملك العبد الفقير إلى الله تعالى الحاج إلى بيت الله الحرام الزائر قبر رسوله عليه أفضل الصلاة والسلام سيف الدين قرونه بن عبد الله السيفي أحد المماليك السيفية أيتمش المحمدي الملكي الناصري (¬1) ختم الله بالخيرات أعماله بمحمد وآله وصحبه وسلَّم تسليماً". وهذه النسخة قد أثبتنا فروقها في الهامش من كتاب الصلاة إلى كتاب الأيمان، أي من بداية النسخة إلى نهايتها، وهي نسخة جيدة يغلب عليها الصحة. ورمزنا لهذه النسخة بحرف ك. 5 - نسخة مكتبة شسشر بتي (Chester Beatty) ورقمها 5306، وهي قطعة بمقدار 2 + 135 ورقة. وليس عليها تاريخ للنسخ، لكنها نسخة قديمة وغير منقوطة في كثير من الأحيان. وهي نسخة جيدة يغلب عليها الصحة. وتحتوي على كتاب الرضاع والطلاق والعتاق والعتق في المرض. وقد أثبتنا فروقها في الهامش في القسم الموجود منها. ورمزنا لهذه النسخة بحرف ش. 6 - نسخة دار الكتب المصرية وهي برقم فقه حنفي، 382. وتقع في 200 ورقة، ومسطرتها 21 سطرًا. ويوجد مايكروفيلم مأخوذ من هذه النسخة في معهد المخطوطات العربية بالقاهرة، فقه حنفي، رقم 12. وقد حصلنا على صورة من هذه ¬

_ (¬1) هو أحد أمراء المماليك، كان نائب طرابلس، وتوفي سنة 755.انظر: السلوك للمقريزي، 4/ 215.

7 - نسخة المكتبة الأحمدية بحلب

القطعة من الأصل. ولا يوجد على المخطوطة تاريخ للنسخ ولا اسم الناسخ. وخمّن فؤاد السيد أنها من القرن الرابع (¬1). وهي تبتدئ من أواخر كتاب المضاربة من قوله: ودرهماً وثلثين فيطرح منها تمام رأس مال رب المال من المضاربة الأولى ... ، يليه كتاب الدعوى والبينات، كتاب الشرب، كتاب الإقرار، كتاب الوديعة، كتاب العارية، كتاب الحجر، وينتهي في آخر الحجر عند قوله: فأطلق عنه الحجر وأجاز ما كان ... فتوجد عدة سطور ناقصة من الآخر. وهي نسخة مكتوبة بخط واضح قديم، كما أنها جيدة يغلب عليها الصحة، وتوجد بعض التصحيحات والاستدراكات على الحواشي. كما أن الناسخ يصلح الخطأ الموجود في النسخة التي ينقل منها أحياناً، ويقول في الهامش: أصله ... ، فيذكر الكلمة كما هي في الأصل. وهذا تصرف دقيق. لكن مع ذلك توجد في النسخة أخطاء وأسقاط. وهناك احتمال أن تكون هذه النسخة متأخرة عن نسخة مكتبة مراد ملا بإسطنبول المؤرخة في 637 - 639. وذلك لأن هناك سقطاً في هذه النسخة في وسط الورقة 122 ظ، وهذا السقط يقابل مقدار ورقة تمامًا من نسخة مراد ملا وهي الورقة 6 ظ- 7 ظ من المجلد الخامس. فيبتدئ السقط من بداية الورقة 6 ظ ويستمر إلى بداية الورقة 7 ظ. وهذا قد يدل على أن الناسخ لنسخة دار الكتب قد انتقل من الورقة التي قبل هذه إلى التي بعد هذه، أي تجاوز ورقة تامة عند تقليبه للأوراق. ورمزنا لهذه النسخة بحرف د. 7 - نسخة المكتبة الأحمدية بحلب وهي برقم 529. وتقع في 75 ورقة، ومسطرتها 25 سطراً. وعلى وجه الورقة الأولى عنوان: كتاب الصلاة للإمام العالم الرباني محمد بن الحسن الشيباني برواية أبي سليمان الجوزجاني عن محمد بن الحسن -رحمهما الله تعالى-. كما يوجد تحت العنوان السابق قيد تملك باسم كرتباي بن عبد الله بن طرسن بتاريخ 22 صفر 850. ويوجد في آخر النسخة قيد مقابلة، وأنه بلغ قراءة على قدر طاقة (كذا) مع الأخ في الله تعالى ¬

_ (¬1) فهرس معهد المخطوطات، 1/ 255.

8 - نسخة مكتبة السليمانية قسم يوزغات

أقباي بن عبد الله الأينالي بتاريخ 24 شوال 851. وتمتاز هذه النسخة بأنها لا تحتوي على العبارات المزيدة على كتاب الأصل من قبل بعض الرواة أو الناسخين والموجودة في جميع النسخ الأخرى. وقد أشرنا إلى أماكن وجود هذه الزيادات في أماكنها في الحاشية. كما أنه تنفرد هذه النسخة بعبارات تكمل النقص الموجود في النسخ الأخرى في بعض المواضع. وتكثر الفروق بين هذه النسخة والنسخ الأخرى من حيث ترتيب المسائل والألفاظ. وتخلو هذه النسخة من كثير من عناوين الأبواب الموجودة في النسخ الأخرى. لكنها تتفق من حيث المعنى مع النسخ الأخرى إلا في النادر. ورمزنا لهذه النسخة بحرف ح. 8 - نسخة مكتبة السليمانية قسم يوزغات وهي برقم 335، وتقع في 102 ورقة، ومسطرتها 21 سطرًا. وليس عليها اسم الناسخ ولا تاريخ النسخ. وعليها قيد تملك بتاريخ 1205، وقيد وقف بتاريخ 1211. وتتفق هذه النسخة مع نسخة المكتبة الأحمدية. ورمزنا لهذه النسخة بحرف ي. 9 - نسخة مكتبة السليمانية قسم ملا جلبي ورقمها 38، وتقع في 252 ورقة. ومسطرتها 21 سطرًا. وهي نسخة ناقصة تحتوي على كتاب الصلاة والحيض والزكاة والصوم والتحري والاستحسان والأيمان. مكتوب في بدايته: "كتاب الأصل لمحمد بن الحسن". وعليه قيود للتملك والوقف. وفي آخره: "وفرغ من نسخه العبد الفقير إلى الله تعالى المعترف بذنوبه المقر بخطاياه الراجي من الله سبحانه العفو والمغفرة عيسى بن سعيد بن أبي القسم البصراوي -رحمه الله- ورحم من قال: -رحمه الله- ورحم أموات المسلمين أجمعين إنه هو الغفور الرحيم ... وكان الفراغ منه يوم الإثنين ثاني شهر المحرم من سنة أحد وثلاثين وسبعمائة أحسن الله تعالى خاتمتها". وهى نسخة لا بأس بها. وقد استعنا بها في التصحيح والاستدراك في بعض المواضع. فهي نسخة مساعدة. ورمزنا لهذه النسخة بحرف ج.

10 - نسخة مكتبة السليمانية قسم جار الله

10 - نسخة مكتبة السليمانية قسم جار الله ورقمها 575، وتقع في 207 ورقة. ومسطرتها 23 سطراً. وهي نسخة ناقصة تحتوي على كتاب الصلاة والحيض والزكاة والصوم والتحري والاستحسان والأيمان. مكتوب في بدايته: "الجزء الأول من كتاب الأصل". وعليه قيود أخرى وختم المكتبة. لكن هناك أوراق كثيرة من النسخة أكلتها الأرضة في مواضع كثيرة منها. يقول ناسخه في الآخر: "وكان الفراغ من نسخه صبيحة يوم السبت الخامس عشر من شهر رمضان المعظم سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة أحسن الله خاتمتها في خير وعافية". وهي نسخة لا بأس بها. وقد استعنا بها في التصحيح والاستدراك في بعض المواضع. فهي نسخة مساعدة. ورمزنا لهذه النسخة بحرف ر. 11 - نسخة من كتاب الحيل وهي برقم 962 في قسم شهيد علي باشا بمكتبة السليمانية، وتقع في 72 ورقة. واسم الناسخ يونس بن عمر، ولم نستطع قراءة تاريخ النسخ لخرم في النسخة. وذكر فؤاد سزكين أن تاريخ النسخ 930 (¬1). وقد كتب في بداية هذه النسخة أنها "كتاب المخارج في الحيل عن أبي حنيفة النعمان رواية أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم ". وفي آخر النسخة: "هذا آخر كتاب الحيل الذي يسمى المخارج عن أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم". ولكن يتبين من فحصها أنها نفس كتاب الحيل الموجود ضمن كتاب الأصل، لكنها مختلفة عنه في ترتيب الأبواب والمسائل مع بعض التغيير في الألفاظ. أما المسائل فهي نفسها إلا بضعة مسائل لا توجد في كتاب الأصل، وهي قليلة جداً. وقد استفدنا من هذه النسخة في التصحيح وإكمال النقل الموجود في نسخ الأصل. ورمزنا لهذه النسخة بحرف ل. 12 - نسخة أخرى من كتاب الحيل وهي برقم 57 في قسم ملا جلبي بمكتبة السليمانية، وتقع بين ورقة ¬

_ (¬1) فؤاد سزكين، تاريخ التراث العربي، 1/ 3، 73.

13 - نسخة مكتبة راشد أفندي بمدينة قيصري

رقم 168 و - 191 ظ، أي في 24 ورقة، ومسطرتها 31 سطراً. وتاريخ النسخ سنة 862 على يد عبد الله ابن الحاج حسين بن أحمد العبادي المكي. وعلى هذه النسخة عنوان: "كتاب الحيل في الفقه المنسوبة إلى الإمام أبي يوسف". وفي آخر النسخة: "هذا آخر كتاب الحيل الذي يسمى كتاب المخارج عن أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم". وهي تشبه النسخة السابقة من حيث الترتيب والمسائل والألفاظ. وقد استفدنا من هذه النسخة أيضاً في التصحيح وإكمال النقص الموجود في نسخ الأصل. ولم نرمز لهذه النسخة برمز، ولكن ذكرناها باسمها حين الحاجة. 13 - نسخة مكتبة راشد أفندي بمدينة قيصري وهي برقم 325/ 1. وتقع في 1+ 192 ورقة. وفي كل صفحة 25 أو 26 سطراً. وتحتوي النسخة على كتب الصلاة والحيض والزكاة والصوم والتحري والاستحسان والأيمان. ويوجد على وجه الورقة الأولى فتوى متعلقة بأن ماء زمزم ونهر الكوثر أيهما أفضل، وقد أجاب على هذه الفتوى سعد الدين الديري الحنفي (ت. 867) ونقل ذلك من خطه، وابن حجر العسقلاني (ت. 852) وقد كتب الجواب بخطه، وكمال الدين الأسيوطي (ت. 855) وكتب الجواب بخطه أيضاً. وهي نسخة مكتوبة بخط واضح، وعلى الهامش قيود المقابلة، وتصحيحات، وتعليقات في مواضع قليلة تدل على أن الكاتب فقيه واسع الاطلاع (انظر مثلاً: الورقة 27 و - ظ). وفي آخره قال الناسخ: "تم الكتاب بعون الله وحسن توفيقه ووقع الفراغ منه يوم الجمعة قبل الصلاة ثالث عشر شهر الله المحرم سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة (843) على يد العبد الضعيف الراجي التوبة والمغفرة من ربه القوي الكريم أحمد بن محمود بن يوسف بن عثمان بن فقيه بن عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم بن يحيى بن علي بن عبد العزيز بن علي بن الحسين بن محمد بن عبد الرحمن بن أبان بن عثمان وحسبنا الله ونعم الوكيل". ورمزنا لهذه النسخة بحرف ق.

14 - نسخة مكتبة بايزيد

14 - نسخة مكتبة بايزيد وهي برقم 18993 - 18996، وتقع في أربع مجلدات. الأول 314 ورقة، الثاني 361 ورقة، الثالث 328 ورقة، الرابع 293 ورقة. وفي المجلد الأول في آخر كتاب الأيمان (الورقة 122 و) أن تاريخ كتابته شهر رجب سنة 976، واسم الناسخ محمد بن عبد المؤمن الرومي. وفي المجلد الرابع في آخر كتاب الحوالة والكفالة (الورقة 43 ظ) قيد استنساخ لنفس الكاتب بتاريخ السادس من رمضان لسنة 977. يحتوي المجلد الأول على الصلاة والحيض والزكاة والصوم والتحري والاستحسان والأيمان والوكالة والشهادات والرجوع عن الشهادات والوقف والصدقة الموقوفة والغصب، والثاني على البيوع والصرف والرهن والقسمة والهبة والإجارات والشركة والمضاربة والمكاتب والولاء والجنايات والديات والعقل، والثالث على الدعوى والشرب والإقرار والوديعة والعارية والحجر والحدود والسرقة والإكراه والسير والخراج والعشر والعبد المأذون والشفعة والخنثى والمفقود وجعل الآبق، والرابع على الحوالة والكفالة والصلح والرضاع والطلاق والعتاق والعتق في المرض والصيد والوصايا والفرائض. وينقص هذه النسخة كتاب الحيل واللقطة والمزارعة والنكاح، وهي موجودة في مجلد في مكتبة بايزيد برقم 18978، وتقع في 5 + 274 ورقة. في أوله قيد تملك بلفظ: "من كتب العبدويسي في سنة 1015". وتحتوي على كتاب الحيل واللقطة والمزارعة والنكاح، لكنه ناقص من آخره. وهي منقولة من نسخة مراد ملا. يتبين ذلك من الكتابة الموجودة في بدايتها حيثما يقول الناسخ: "وجدت على نسخة الأصل هذه الفهرسة"، ثم ينقل نفس العبارة الموجودة في نسخة مراد ملا، 7/ 1 و، والتي تبين اطلاع عبد الله بن محمد بن عطاء الحنفي على هذه النسخة. وقد رمزنا لهذه النسخة بحرف ز. 15 - نسخة دار الكتب المصرية وهي برقم فقه حنفي، 33. وهي مكتوبة بقلم عادي (¬1). وتقع في ¬

_ (¬1) فهرست الكتب العربية، 3/ 6.

16 - نسخة دار الكتب المصرية

مجلد واحد (¬1). وهي 251 ورقة. وعليها قيد وقف للأمير السيفي صرغتمش الناصري (759) بوقف الكتاب على مدرسته، وكان شديد التمسك بالمذهب الحنفي (¬2). ويبدأ المجلد بكتاب الدعوى والبينات من بدايته، لكن لا توجد من كتاب الدعوى والبينات فيه إلا صفحة واحدة، ثم ينتقل في الورقة الثانية إلى وسط كتاب الحجر. وفي آخر كتاب الحجر أنه علّقه أبو بكر بن عمر بن صديق الراشدي (¬3). ثم يبتدئ جزء آخر، عليه قيد الوقف نفسه ولكنه مخروم في وسطه ويستمر هذا الخرم لعدة ورقات متتالية. ويبتدئ هذا الجزء بكتاب المكاتب، يليه كتاب الولاء، الجنايات. ثم في الورقة 117 ظ ينتقل إلى وسط كتاب الإقرار، يليه كتاب الوديعة، الحجر. ثم في وسط الحجر ينتقل إلى وسط كتاب الديات. يليه كتاب العقل. وفي آخره قيد قراءة ومطالعة سنة 839، وقيد آخر بتاريخ 958. ورمزنا لهذه النسخة بحرف غ. 16 - نسخة دار الكتب المصرية وهي برقم فقه حنفي، 34. وتقع في مجلد واحد، به خروم، مكتوب بقلم عادي (¬4). وهي 135 ورقة. وتبدأ هذه النسخة بفهرس لكتاب الإقرار، ثم يوجد قيد وقف لبدر الدين بن الشجاع (769) (¬5) وأنه في ست مجلدات، وأن مقر النسخة خانقاه سعيد السعداء بالقاهرة. وتبدأ النسخة بكتاب الإجارات. وفي آخر كتاب الإجارات أنه كتبه محمد بن نصر بن عز بن علي المختار في صفر سنة ست وستين وستمائة (666). يليه كتاب الشركة، وفي آخرها قيد نفس الكاتب بتاريخ 3 ربيع الأول 666. يليه كتاب المضاربة وهو غير كامل، ويوجد أكثره. وقيل في الفهرس: تبدأ بكتاب ¬

_ (¬1) وقيل في الفهرست بأنها تقع في مجلدين. انظر: فهرست الكتب العربية،3/ 6. وانظر: التعريف بنسخة دار الكتب رقم 623 فيما يأتي. (¬2) الدرر الكامنة، 2/ 363 - 365. (¬3) وذُكر أنه بخط أبي بكر بن محمد بن أحمد بن عمر بن صديق الراشدي الحنفي. انظر: فهرست الكتب العربية، 3/ 6. ولم نجد هذا القيد في النسخة. (¬4) فهرست الكتب العربية، 3/ 6. (¬5) وهو فقيه حنفي. انظر: الدرر الكامنة، 6/ 31.

17 - نسخة دار الكتب المصرية

الإجارات وتنتهي إلى أثناء كتاب الولاء (¬1). لكن النسخة ليس فيها إلا كتاب الإجارات والشركة والمضاربة. ورمزنا لهذه النسخة بحرف ص. 17 - نسخة دار الكتب المصرية وهي برقم فقه حنفي، 623. وتقع في 195 ورقة. ومكتوب عليها: الرابع من الأصل. وتبدأ بكتاب الخراج، يليه العشر، الصيد والذبائح، الوصايا، الوصايا في الدين والعين، الفرائض. ولا يوجد بها تاريخ نسخ. وقد قيل في الفهرس: "وهي الجزء الثاني والرابع من هذه النسخة، مكتوبان بقلم عادي. يبدأ الجزء الثاني من كتاب المكاتب وينتهي بكتاب العقل، ويبدأ الجزء الرابع من كتاب الخراج وينتهي بكتاب الفرائض" (¬2). لكن الواقع أنه مجلد واحد. وهو الرابع فقط. ويظهر أن الجزء الثاني قد دخل في النسخة السابقة التعريف برقم فقه حنفي 33. ورمزنا لهذه النسخة بحرف ت. ب - نسخ الكتب الأخرى المساعدة في التحقيق 1 - نسخة الكافي للحاكم الشهيد (ت. 334) والكافي هو مختصر كتب الإمام محمد كما أفاد الحاكم ذلك في مقدمة الكتاب. ونسخة الكافي التي اعتمدنا عليها في مكتبة عاطف أفندي، برقم 1005 - 1007. وهي تقع في ثلاث مجلدات، أولها 3+ 240 ورقة، والثاني 5+ 349 ورقة، والثالث 1+ 336 ورقة. لكنها مركبة من قطعتين مختلفتين. فالمجلد الأول مكتوب بخط حديث من العهد العثماني، ومسطرتها 25 سطراً. أما المجلدان الثاني والثالث فقد كتبا سنة 714، ومسطرتهما 21 سطراً. وهما في الحقيقة الجزء الثالث والرابع في تلك النسخة كما كتب عليهما. فالمجلد الأول هو يقابل المجلدين الأولين المفقودين من هذه النسخة. وقد قصت أطراف الورقة الأخيرة التي فيها تاريخ النسخ في المجلد الثاني. لكن يمكن قراءة ما مفاده أن الكاتب واسمه ¬

_ (¬1) فهرست الكتب العربية، 3/ 6. (¬2) فهرست الكتب العربية، 3/ 6.

2 - نسخة مكتبة بايزيد لمختصر الأصل

محمد بن عبد الرحمن الزفتاوي كتبه في شوال سنة 714. أما في آخر الكتاب فقد كتب: "قوبل جميعه على نسخة للأصل وهو الجزء الرابع لتكملة أربعة أجزاء مقابلة بحسب الطاقة بالإشارة العالية المولوية القصاية (لعلها: القضائية) الكريمة كرمها الله تعالى ناظر الدولة المنصورة الناصرية صانها الله تعالى عن كل عثرة على يد أقل عبيد الله وأصغرهم وأحقرهم ... محمد بن عبد الرحمن الزفتاوي الحنفي عامله ... أربع عشرة وسبعمائة. وتاريخ أصله الذي نسخ منه وقوبل عديه وقع الفراغ منه يوم السبت السادس عشر من شعبان سنة سبع عشرة وأربعمائة". وهذه النسخة بقطعتيها جيدة ومقروءة، لكن القطعة الثانية غير منقوطة في كثير من الأحيان. وقد استفدنا غاية الاستفادة من الكافي في تصحيح أخطاء نسخ الأصل لا سيما في المواضع المتفقة فيها على الخطأ، كما استفدنا منها في استدراك النقص الموجود في نسخ الأصل والذي يبلغ عدة أسطر أحياناً. كما استفدنا من المبسوط للسرخسي الذي هو شرح الكافي في كثير من المواضع للتصحيح والاستدراك. ولولا هذين الكتابين لما تم لنا تصحيح نسخ الأصل. 2 - نسخة مكتبة بايزيد لمختصر الأصل وهي برقم 18910، 18917 - 18919. وتقع في أربع مجلدات، الأول في 231 ورقة، والثاني في 227 ورقة، والثالث في 310 ورقة، والرابع في 339 ورقة. ومسطرة المجلدين الأولين 25 سطراً، والمجلدين الأخيرين 23 سطراً. وقد سجلت في المكتبة باسم الأصل للإمام محمد. فيوجد على المجلد الأول عنوان كتاب الأصل في الفقه. وليس على المجلدات الثلاثة الباقية عنوان للكتاب، لكن يوجد في آخر المجلد الثالث: تم الجزء الأول من مختصر الأصل. والكتاب ليس هو الأصل. يتبين ذلك بوضوح عند مقارنته مع الأصل. بل هو اختصار للأصل. والمجلد الأول قديم وفي حالة سيئة، ويصعب قراءته. ويحتوي على كتب الصلاة والحيض والزكاة والصوم والتحري والاستحسان والرضاع والطلاق والعتاق واللقيط والعتق في المرض. ويوجد في الفهرس الموجود في بداية المجلد ذكر

3 - نسخة مكتبة السليمانية قسم جار الله لمختصر الأصل

لكتب الحيل واللقطة والمزارعة، لكنها غير موجودة في المجلد. ويحتوي المجلد الثاني على كتاب الدعوى والشرب والإقرار والوديعة والعارية والحجر والإجارات والشركة والمضاربة، والثالث على الأيمان والمكاتب والولاء والجنايات والديات والعقل والدور والعتق في المرض والحدود والسرقة والإكراه والسير والخراج والعشر والصيد والذبائح والوصايا والفرائض، والرابع على الكفالة والحوالة والصلح والوكالة والشهادات والرجوع عن الشهادات والصدقة الموقوفة والغصب والبيوع والصرف والرهن والقسمة والهبة. وهذه النسخة لا تاريخ عليها، لكنها نسخة جيدة على وجه العموم، وقد استعنا بها في تصحيح كثير من أخطاء نسخ الأصل. ورمزنا لهذه النسخة بحرف ب. 3 - نسخة مكتبة السليمانية قسم جار الله لمختصر الأصل وهي برقم 576، وتقع في 2+ 392 ورقة، ومسطرتها 33 سطراً. وقد نسبت نسخة جار الله في بدايتها إلى الحاكم الشهيد، لكنه لا تصح هذه النسبة. فإن أسلوب الكتاب مختلف تماماً عن أسلوب الحاكم الشهيد في الكافي. ومكتوب عليه أيضاً: النصف الثاني من مختصر الأصل وهو المبسوط رواية أبي سليمان الجوزجاني. وقد شطب بعضهم كلمة مختصر، وسُجل الكتاب في المكتبة باسم الأصل للشيباني، مع أنه ليس كذلك قطعًا. بل هو نفس المختصر السابق. وقد كتب الناسخ في آخره: "وكان الفراغ من كتابة هذا الجزء المبارك في يوم الخميس المبارك سادس جمادى الآخر سنة خمسين وتسعمائة من كتابة العبد الفقير إلى الله تعالى عبد الخالق بن عبد الرحمن بن عباس غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين والحمد لله وحده وحسبنا الله ونعم الوكيل". وتحتوي النسخة على كتاب الكفالة والحوالة والصلح والوكالة والشهادات والرجوع عن الشهادات والصدقة الموقوفة والغصب والبيوع والصرف والرهن والقسمة والهبة والأيمان والمكاتب والولاء والجنايات والديات والدور وتصرفات المريض والحدود والسرقة والإكراه والسير والخراج والعشر والصيد والوصايا والفرائض. ورمزنا لهذه النسخة بالرمز "جار".

ج - نسخ كتاب الأصل الأخرى

ج - نسخ كتاب الأصل الأخرى في مكتبات إسطنبول وغيرها نسخ كثيرة لكتاب الأصل. وقد اطلعنا على أكثرها. وهي غير ما قدمنا كما يلي: 1 - نسخة مكتبة طوبقابي سرايي وهي برقم 3393 - 3394 (أحمد الثالث، رقم 697). وتتكون من مجلدين، الأول يبدأ بكتاب الصلاة، ويتكون من 311 ورقة، و 27 سطراً في كل صفحة. والثاني يبدأ بكتاب الإجارات، ويتكون من 377 ورقة، و 25 سطراً في كل صفحة. والظاهر أن هذين المجلدين من نسخة واحدة. وقد كتبتا بخط نسخ عربي. 2 - نسخة مكتبة طوبقابي سرايي وهي برقم 3395 (أحمد الثالث، رقم 698). وتقع في 278 ورقة، و 47 سطراً في كل صفحة، ويحتمل أن تكون كتبت في القرن العاشر. وقد كتبت بخط النسخ العثماني. 3 - نسخة مكتبة طوبقابي سرايي وهي برقم 3396 (أحمد الثالث، رقم 699). وتقع في 645 ورقة، و 44 سطراً، وقد كتبت بالخط الفارسي، ويحتمل أن تكون كتبت في القرن الحادي عشر (¬1). 4 - نسخة مكتبة نور عثمانية وهي برقم 1377. وتقع في 434 ورقة، ومسطرتها 35 سطراً. وتاريخ النسخ هو سنة 1152. ويحتوي على كتب الصلاة والحيض والزكاة والصوم والتحري والاستحسان والأيمان والمكاتب والولاء والجنايات والديات والعقل والسرقة والإكراه والخراج والعشر والصيد والوصايا والعتق والفرائض. ¬

_ (¬1) fehimi Edhem Karatay ve o.Reser,Topkapi Saryi Muzesi Kutuphanesi Arapca Yazmalar . 375 - 376/ 2 - Katalogu ,

5 - نسخة مكتبة السليمانية قسم ملا جلبي

5 - نسخة مكتبة السليمانية قسم ملا جلبي وهي برقم 39 - 40. ومسطرتها 21 سطراً. وهذه النسخة تتكون من مجلدين، يحتوي الأول على العبد المأذون والشفعة والمفقود وجعل الآبق، وكتب عليه أنه قوبل سنة 959، واسم الكاتب يونس بن أحمد الفيومي الأزهري. وقد ذكر في آخره أنه يتلوه كتاب الرضاع، لكن المجلد الثاني لا يبدأ بالرضاع، بل بالمكاتب ثم الولاء والجنايات والديات والعقل، وعليه نفس التاريخ سنة 959. 6 - نسخة مكتبة السليمانية قسم حميدية وهي برقم 546. وتقع في 708 ورقة. ومسطرتها 45 سطراً. يحتوي على كتب الصلاة والحيض والزكاة والصوم والتحري والاستحسان والأيمان والدور والحدود والسرقة والإكراه والسير والخراج والعشر والصيد والذبائح والوصايا والفرائض والإجارة والشركة والمضاربة والدعوى والبينات والشرب والإقرار والوديعة والعارية، والحجر والحيل واللقطة والمزارعة والنكاح والحوالة والكفالة والصلح والوكالة والشهادات والرجوع عن الشهادات والوقف والصدقة الموقوفة والغصب والعبد المأذون والشفعة والخنثى والمفقود وجعل الآبق. وليس عليه تاريخ للنسخ. وقد كتب بخط حديث جميل يظهر أنه من العهد العثماني المتأخر. 7 - نسخة مكتبة السليمانية قسم آيا صوفيا وهي برقم 1026. وتقع في 413 ورقة، ومسطرتها 33 سطراً. وهو المجلد الأول من الأصل. وقد كتب في مكة المكرمة سنة 1140. والمجلد كبير يحتوي على كتب الصلاة والحيض والزكاة والاستحسان والأيمان والمكاتب والولاء والجنايات والديات والعقل والدور والحدود والسرقة والإكراه والسير والخراج والصيد والذبائح والوصايا والفرائض. وفي آخره: "تم الجزء الرابع ... وكان الفراغ منه يوم السبت ... شوال سنة ألف ومائة وأربعين من الهجرة ... وكان ذلك بمكة المشرفة ... وكتبه الفقير ... محمد جاد الله بن محمد بن محمد المناواتي المالكي ... " وفي بداية

8 - نسخة مكتبة ملت قسم فيض الله أفندي

النسخة قيد يفيد أنه من وقف السلطان محمود خان، وأنه حرر هذا القيد أحمد شيخ زاده المفتش بأوقاف الحرمين الشريفين. 8 - نسخة مكتبة مِلَّتْ قسم فيض الله أفندي وهي برقم 664. وتقع في 945 ورقة. وفي الورقة 732 و: أنه تمت النسخة التي استكتبها أبو سعيد بن فيض الله بمدرسة إبراهيم باشا في سنة 1097. والنسخة تنقصها عدة أوراق. ويحتوي هذا المجلد على معظم كتاب الأصل. ففيه: الصلاة والحيض والزكاة والصوم والتحري والاستحسان والأيمان والدور والحدود والسرقة والإكراه والسير والخراج والعشر والصيد والوصايا والعتق والفرائض والإجارات والشركة والمضاربة والدعوى والشرب والإقرار والوديعة والعارية والحجر والحيل والمزارعة والنكاح والحوالة والكفالة والصلح والوكالة والشهادات والوقف والغصب والعبد المأذون والشفعة والخنثى والمفقود. 9 - نسخة مكتبة السليمانية قسم سليمانية وهي برقم 586، وتقع في 421 ورقة، ومسطرتها 35 سطراً. وهو الجزء الرابع من الكتاب على ما يبينه الناسخ في آخره. وتاريخ النسخ سنة 1152. وخطها واضح. واسم الناسخ: موسى بن عمرو المنشاوي. ويحتوي على ثلث الكتاب تقريبًا. ففيه: الصلاة والحيض والزكاة والصوم والتحري والاستحسان والأيمان والمكاتب والولاء والجنايات والديات والعقل والدور والحدود والسرقة والإكراه والسير والخراج والعشر والصيد والوصايا والفرائض. 10 - نسخة مكتبة السليمانية قسم طرخان والدة سلطان وهي برقم 98 - 99. وتتكون من مجلدين، الأول 629 ورقة، والثاني 469 ورقة. ومسطرتها 31 سطرا. والمجلد الأول فيه ثلاثة أجزاء. الجزء الأول يحتوي على الصلاة والحيض والزكاة والصوم والتحري والاستحسان والأيمان. الجزء الثاني يحتوي على الدور والحدود والسرقة والإكراه والسير والخراج والعشر والصيد والوصايا والفرائض. وفي آخر

11 - نسخة مكتبة السليمانية قسم بشير آغا

الجزء الثاني تاريخ بسنة 970.الجزء الثالث يحتوي على الإجارات والشركة والمضاربة والدعوى والشرب والإقرار والوديعة والعارية والحجر. وفي آخر الجزء الثالث تاريخ بسنة 971. أما المجلد الثاني فيتكون من جزءين. الجزء الأول يحتوي على الحيل واللقطة والمزارعة والنكاح والحوالة والكفالة والصلح. والجزء الثاني يحتوي على الوكالة والشهادات والرجوع عن الشهادات والوقف والصدقة الموقوفة والغصب والمأذون والشفعة والخنثى والمفقود وجعل الآبق. 11 - نسخة مكتبة السليمانية قسم بشير آغا وهي برقم 206، وتقع في 8+ 379 ورقة، ومسطرتها 35 سطراً. وتاريخ النسخ سنة 1118. وفي آخره أنه أنجز الجزء الرابع، وكتبه عبد القادر بن حسن البسيوني المالكي. ويحتوي على كتب الصلاة والحيض والزكاة والصوم والتحري والاستحسان والأيمان والمكاتب والولاء والجنايات والديات والعقل والدور والحدود والسرقة والإكراه والسير والخراج والعشر والصيد والذبائح والوصايا والفرائض. 12 - نسخة مكتبة السليمانية قسم جار الله وهي برقم 844، وتقع في 189 ورقة، ومسطرتها 23 سطراً. وهو مجلد واحد يبدأ من الصلاة مع بعض السقط من أوله، ثم يتلوه الحيض والزكاة والصوم والتحري والاستحسان والأيمان. وهو مكتوب بالخط الفارسي، ويظهر أنه من العهد العثماني المتأخر. واسم الناسخ محمد بن نور الله، لكنه لم يبين تاريخ النسخ. 13 - نسخة مكتبة عاطف أفندي وهي برقم 742، وتقع في 257 ورقة، ومسطرتها 19 - 21 سطراً. وفي بدايتها فهرس. وقد كتب عليها بخط يغاير خط النسخة: "كتاب المبسوط للإمام محمد بن الحسن الشيباني". وفي آخره: "تم المجلد الأول من كتاب الأصل للعلَّامة الجوزجاني". وتحت هذه العبارة قيد لتاريخ النسخ: "وكان الفراغ من كتابته يوم الإثنين المبارك سابع وعشرين شهر الله

14 - نسخة مكتبة عاطف أفندي

المحرم من شهور سنة خمسين وتسعمائة". وفي الهامش: "بلغ مقابلة على نسخة نقلت من نسخة الأصل بحسب الطاقة". ويوجد هذا القيد في كثير من المواضع في هوامش الكتاب. وتحتوي هذه النسخة على كتب الصلاة والحيض والزكاة والصوم والتحري والاستحسان والأيمان. 14 - نسخة مكتبة عاطف أفندي وهي برقم 743 - 744، في مجلدين. ويقع المجلد الأول في 436 ورقة، والثاني في 412 ورقة، ومسطرتهما 31 مسطراً. وفي بداية المجلدين فهرس. وقد كتب على المجلد الأول: "المجلد الثاني من كتاب الأصل للإمام محمد بن الحسن". وفي الورقة 197 ومن المجلد الأول هذا القيد: "تم المجلد الثاني من كتاب الأصل لمحمد بن الحسن في أواسط شهر جمادى الأول في سنة المائة وألف (كذا) ". يليه المجلد الثالث، وفي بدايته فهرس. أي أن المجلد الأول من هذه النسخة يتكون من مجلدين أي جزءين في الحقيقة. ويحتوي هذا المجلد في الجزء الأول منه على كتب الدور والحدود والسرقة والإكراه والسير والخراج والعشر والصيد والذبائح والوصايا والفرائض، وفي الجزء الثاني على كتب الإجارات والشركة والمضاربة والدعوى والبينات والشرب والإقرار والوديعة والعارية والحجر. أما المجلد الثاني برقم 744 فمكتوب عليه: "المجلد الرابع من كتاب الأصل لمحمد بن الحسن الشيباني"، وهو أيضاً يتكون من جزءين، يشتمل الأول على كتب الحيل واللقطة والمزارعة والنكاح والحوالة والكفالة والصلح، والثاني - وهو المجلد الخامس في الحقيقة ويبدأ من ورقة 203 و -: على كتب الوكالة والشهادات والرجوع عن الشهادات والوقف والصدقة الموقوفة والغصب والعبد المأذون والشفعة والخنثى والمفقود وجعل الآبق. 15 - نسخة مكتبة عاطف أفندي وهي برقم 745، وتقع في 241 ورقة، ومسطرتها 29 سطراً. ولا يوجد عليها تاريخ. وتحتوي على كتب الرضاع والطلاق والعتاق والعتق في المرض والبيوع والصرف والرهن والقسمة والهبة.

16 - نسخة مكتبة حاجي سليم آغا

16 - نسخة مكتبة حاجي سليم آغا وهي برقم 285 - 286، وتقع في مجلدين. الأول 278 ورقة، ومسطرته 35 سطراً. وعليه قيد للملك بتاريخ 1141، وختم وقف الحاج سليم آغا. ويحتوي هذا المجلد على كتب الصلاة والحيض والزكاة والصوم والتحري والاستحسان والأيمان مع نقص، والمكاتب مع نقص، والولاء والجنايات والديات والعقل. والمجلد الثاني 275 ورقة، ومسطرته 33 سطراً. ويحتوي على كتب الدور والحدود والسرقة والإكراه والسير والخراج والعشر والصيد والذبائح والوصايا والفرائض. 17 - نسخة مكتبة راغب باشا وهي برقم 450، وتقع في 10+ 311 ورقة، ومسطرتها 45 سطراً. في بدايتها فهرس. وتاريخ النسخ سادس شهر رجب سنة 1138. وتحتوي على كتب الصلاة والحيض والزكاة والصوم والتحري والاستحسان والأيمان والمكاتب والولاء والجنايات والديات والعقل والدور والحدود والسرقة والإكراه والسير والخراج والعشر والصيد والذبائح والوصايا والفرائض. 18 - نسخة مكتبة راشد أفندي بمدينة قيصري وهي برقم 325/ 2. وتقع في 1+ 613 ورقة. في كل صفحة 27 سطراً. وتحتوي على كتب الدعوى والشرب والإقرار والوديعة والعارية والحجر. ثم يليه في النسخة باب بيوع أهل الذمة ... وأبواب أخرى منها باب كتاب القاضي وغيرها، وهي ليست من كتاب الأصل. وبعد ذلك يأتي باب مكاتبة الأب على نفسه وولده الصغار، وهذا الباب من كتاب المكاتب في الأصل، يليه كتاب الولاء، والجنايات، والديات، والعقل. وفي الورقة 424 و: "الجزء الرابع من الأصل للإمام محمد". يليه: كتاب الخراج والعشر والصيد والوصايا والفرائض والدور والحدود. وكتاب الحدود ناقص من آخره. يليه كتاب السرقة، لكنها ناقصة من أولها. يليه كتاب الإكراه، وهو ناقص أكثره. يليه كتاب السير لكنه ناقص من أوله إلى وسطه تقريباً. يليه كتاب الخنثى، وهو ناقص من أوله إلى وسطه تقريباً. يليه كتاب المفقود،

19 - نسخة مكتبة قسطموني

وجعل الآبق. وليس في آخره تاريخ النسخ أو اسم الناسخ. لكن يوجد في ظهر آخر ورقة منه: "من الإنعام الرباني على عبده الفقير إلى الله الغني أبو ... حسن بن علي أثابهما ربهما بالنعيم الخفي والجلي سنة 1075". ويظهر أنه قيد للملكية. ولعله كتب قريباً من هذا التاريخ، فإن خطه حديث. 19 - نسخة مكتبة قسطموني وهي برقم 2832، وتقع في 483 ورقة، ومسطرتها 35 سطراً. تبدأ بكتاب الصلاة وتنتهي بكتاب الفرائض. وتاريخ نسخها 1119. 20 - نسخة دار الكتب المصرية وهي برقم فقه حنفي، 200. وتقع في 699 ورقة، ومسطرتها 45 سطراً. وقد كتبت بخط نسخ جميل، لعله من القرن الماضي (¬1). وتحتوي هذه النسخة بالترتيب على كتب الصلاة والحيض الزكاة والصوم والتحري والاستحسان والأيمان والدور والحدود والسرقة والإكراه والسير والخراج والعشر والصيد والذبائح والوصايا والوصايا في الدين والعين والفرائض والإجارات والشركة والمضاربة (ناقص من آخره بمقدار الخمس)، والمزارعة (ناقص هنا، وتأتي بقيته مؤخراً)، والنكاح والحوالة والكفالة والصلح والوكالة والشهادات والرجوع عن الشهادات والوقف والصدقة الموقوفة والغصب والعبد المأذون (ناقص هنا، وتأتي بقيته مؤخراً)، والحيل (ناقص هنا، وتأتي بقيته مؤخراً)، واللقطة والمزارعة (القسم الباقي)، والدعوى والبينات (ناقص من أوله الربع تقريبًا)، والشرب والإقرار والوديعة والعارية والحجر والحيل (القسم الباقي)، والعبد المأذون (القسم الباقي)، والشفعة، والخنثى والمفقود وجعل الآبق. وهذه النسخة في جملتها لا تختلف عن النسخ الأخرى كثيراً من حيث المضمون وأسانيد الرواية الموجودة في أوائل الكتب. وهي نسخة ناقصة، ينقصها ربع الكتاب تقريباً. وقد حدث خطأ في ترتيب أوراق النسخة أثناء ¬

_ (¬1) الإمام محمد بن الحسن، 149.

21 - نسخة دار الكتب المصرية

التجليد فيما يظهر، كما يمكن رؤية ذلك في تفصيل أبواب الكتاب. 21 - نسخة دار الكتب المصرية وهي برقم فقه حنفي، 491. وتقع في مجلد واحد مكتوب بقلم عادي، وبه خروم (¬1). وهي في 198 ورقة. وتاريخ النسخ 6 جمادى الأولى سنة 737. وعلى هذه النسخة قيد وقف المدرسة الصرغتمشية. وتبدأ النسخة بكتاب الإجارات، وتنتقل في الورقة 8 وإلى أوائل كتاب الشركة، وبعد كتاب الشركة يأتي كتاب المضاربة كاملاً. 22 - نسخة المكتبة الأزهرية وهي برقم فقه حنفي 202، والرقم العام 4280. تقع في 213 ورقة، ومسطرتها 19 سطراً. وهي في مجلد واحد، يبدأ بكتاب الصلاة وينتهي في أواخر الأيمان. وفي بعض أوراقها تلويث. وهي مكتوبة بقلم معتاد قديم. بأولها فهرس. 23 - نسخة مكتبة أكسفورد وهذه النسخة من أول الكتاب إلى آخر الأيمان، وتاريخ نسخها 740. فهي المجلد الأول من الكتاب (¬2). 24 - نسخة لأحد علماء الهند وقد ذكرها الأفغاني، وأنها الجزء الأول من الكتاب. وهي في مكتبة بعض علماء جونبور في الهند. وبها تصحيف وسقط كثير (¬3). ¬

_ (¬1) فهرست الكتب العربية، 3/ 102 - 103. وقد قيده في الفهرس المذكور بأنه كتاب في الفروع لأبي سليمان الجوزجاني، ومن المعلوم أن الجوزجاني هو من رواة كتاب الأصل، فالكتاب منسوب إليه خطأ. (¬2) تذكرة النوادر، 51. وقد ذكرها بروكلمان في بودليانا، 1/ 534، انظر: تاريخ الأدب العربي، 3/ 247. (¬3) الأصل (الأفغاني)، 1/ 13 - 14.

25 - نسخة كتاب الصلاة في المكتبة الآصفية بالهند

25 - نسخة كتاب الصلاة في المكتبة الآصفية بالهند وهي برقم 143 (¬1). وهي إحدى النسخ التي اعتمد عليها الأفغاني، وذكره أنها إلى أواخر باب صلاة الخوف (¬2). وهذه النسخة تتفق غالباً مع نسختي حلب ويوزغات اللتان سبق وصفهما. وذكر في بعض المصادر أن هناك نسخة من الأصل كاملة في مكتبة الحرم المكي، لكن بعد الفحص والتدقيق تبين لنا أن هذه النسخة هي من كتاب مختصر الأصل لمحمد بن إبراهيم الحنفي، وأنها ناقصة (¬3). وذُكر أن النسخة الموجودة في المكتبة الأزهرية برقم فقه حنفي 2066، رافعي 26905، والتي تقع في خمسة عشر مجلداً هي نسخة من الأصل (¬4). ولكن تبين لنا بعد البحث أنها نسخة للمبسوط لشمس الأئمة السرخسي. د - المقارنة بين النسخ يمكن تقسيم كتاب الأصل إلى ثلاث أقسام من حيث المقارنة بين النسخ: القسم الأول: يبتدئ من كتاب الصلاة ويستمر بكتاب الحيض والزكاة والصوم والتحري والاستحسان والأيمان. وأقدم نسخة في أيدينا لهذا القسم هي نسخة مكتبة كوبريلي برقم 537 والمؤرخة في 728، تليها نسخة مكتبة السليمانية قسم ملا جلبي برقم 38 والمؤرخة في شهر المحرم من سنة 731، تليها نسخة مكتبة السليمانية قسم جار الله برقم 575 والمؤرخة في شهر رمضان من سنة 731، تليها نسخة مكتبة السليمانية قسم مراد ملا برقم 1038 والمؤرخة في 767. ونسخة كوبريلي أحسن النسخ الأربعة المذكورة. ويظهر أن هذه النسخ كلها ترجع إلى أصل واحد. فإن الفروق الموجودة ¬

_ (¬1) تاريخ الأدب العربي، 3/ 257. (¬2) الأصل (الأفغاني)، 1/ 14. (¬3) تقدم الحديث عن هذا الكتاب وبعض نسخه، ومنها نسخة مكتبة الحرم المكي. (¬4) فهرس المكتبة الأزهرية، 2/ 102.

القسم الثاني

بينها تدل على ذلك. وهناك نسختان من كتاب الصلاة في المكتبة الأحمدية بحلب ومكتبة السليمانية قسم يوزغات تختلفان عن هذه النسخ الأربع في أمور عديدة، وتصححان بعض الأخطاء المتفق عليها بين النسخ الأربع، كما أنهما تكملان النقص الموجود في تلك النسخ. وهذا يدل على أنهما منقولتان من أصل مغاير لأصل النسخ الأربع. وقد قمنا بمقابلة نسخ كوبريلي ومراد ملا وحلب ويوزغات وإثبات فروقها بالكامل في هذا القسم. واستعنا بالنسختين الأخريين أحياناً وأشرنا إلى ذلك في الهامش. القسم الثاني: يشتمل على كتب البيوع والصرف والرهن والقسمة والهبة. وهذا القسم قابلنا فيه النسخ التالية: نسخة فيض الله أفندي والمؤرخة في سنة 753، ونسخة مراد ملا والتي لا يوجد عليها تاريخ في هذا القسم، ويظهر من الخط أنه مغاير لباقي النسخة تاريخاً؛ ونسخة عاشر أفندي في كتاب البيوع؛ ونسخة بايزيد (المشار إليه أعلاه برقم 14) في القسم الباقي. القسم الثالث: يشتمل على باقي كتاب الأصل، وهو يشكل ثلاثة أرباع الكتاب تقريباً. ونسخة مراد ملا هي أقدم النسخ وأحسنها وأكملها في هذا القسم الذي كتب في تواريخ 637 - 639. وقابلنا في هذا القسم النسخ التالية: نسخة مراد ملا؛ ونسخة فيض الله أفندي المؤرخة في سنة 753، لكن نسخة فيض الله أفندي ينقصها بعض الأقسام؛ ونسخة شستربتي في القسم الموجود منها. وهي نسخة قديمة يغلب عليها الصحة، لكنها غير مؤرخة. وبعض الأخطاء الواردة في نسخة مراد ملا لا توجد في نسخة شستربتي، لكن نسخة مراد ملا أصح منها في أغلب المواضع. وقد قمنا بمقابلة نسخة دار الكتب المصرية برقم فقه حنفي 382 مع النسخ المذكورة في القسم الموجود منها لكونها نسخهَ قديمة، وقد ذكر فؤاد السيد احتمال كونها من القرن الرابع، فوجدنا أن هذه النسخة توجد فيها أخطاء كثيرة وأسقاط، وهي تتفق في ذلك مع نسختي مراد ملا وفيض الله أفندي أحياناً، وموافقتها لنسخة مراد ملا أكثر، وتنفرد أحياناً بأخطاء مستقلة. لكنها تنفرد أيضاً في مواضع قليلة بالكمال والصحة في حين يوجد النقص والخطأ في النسختين الأخريين. وقمنا بمقابلة هذا القسم أيضاً بعدة نُسَخ من دار الكتب

المصرية في القسم الموجود منها، وكذلك نسخة بايزيد، وأشرنا إلى ذلك في الحاشية. وكذلك نسخة عاشر أفندي في مواضع أشرنا إليها. وعموماً لم ينقص عدد النسخ المقابلة عن ثلاث نسخ في جميع أجزاء الكتاب، وزادت عدد النسخ التي قابلناها على ثلاث في بعض أجزاء الكتاب. ويمكن رؤية تفصيل ذلك في الحواشي. يمكن القول بأن التحريف والتصحيف الموجود في نسخ الأصل قد شمل جميع النسخ، ولا تخلو نسخة منه (¬1). وقد استطعنا تصحيح الأخطاء والتحريفات الموجودة في النسخ وإكمال النقص الموجود فيها بالاستفادة من مخطوطة الكافي للحاكم الشهيد، والمبسوط للسرخسي وهو مطبوع، ومخطوطتين من مختصر الأصل لمحمد بن إبراهيم الحنفي. وأشرنا إلى كل ذلك في الحاشية في مواضعه. كما أن أخطاء نسختي مختصر الأصل اللتين اعتمدنا عليهما - وخصوصا نسخة بايزيد التي هي أقدم فيما يظهر- تدل على أن مؤلفها اعتمد على نسخة متأخرة من الأصل، ولعلها نسخة مراد ملا. فإنها متفقة مع نسخة مراد ملا على الأخطاء الواردة فيها والتي هي على الصواب في الكافي. ¬

_ (¬1) وقد حدث الخطأ في الاستنساخ حتى في أيام الإمام محمد بن الحسن. فقد قال ابن الهمام في مسألة متعلقة بالصوم: "قوله: أو المجنونة، قيل: كانت في الأصل المجبورة، فصحفها الكتّاب إلى المجنونة. وعن الجوزجاني: قلت لمحمد: كيف تكون صائمة وهي مجنونة؟ فقال في: دع هذا، فإنه انتشر في الأفق. وعن عيسى بن أبان: قلت لمحمد: هذه المجنونة؟ فقال: لا، بل المجبورة، أي: المكرهة. قلت: ألا نجعلها مجبورة؟ فقال: بلى. ثم قال: كيف وقد سارت بها الركاب، دعوها. فهذان يؤيدان كونه كان في الأصل المجبورة، فصحف، ثم لما انتشر في البلاد لم يفد التغيير والإصلاح في نسخة واحدة، فتركها لإمكان توجيهها أيضاً. وهو بأن تكون عاقلة نوت الصوم فشرعت ثم جُنّت في باقي النهار، فإن الجنون لا ينافي الصوم، إنما ينافي شرطه، أعني النية، وقد وجد في حال الإفاقة، فلا يجب قضاء ذلك اليوم إذا أفاقت؛ كمن أغمي عليه في رمضان، لا يقضي اليوم الذي حدث فيه الإغماء، وقضى ما بعده، لعدم النية فيما بعده، بخلاف اليوم الذي حدث فيه، على ما تقدم. فإذا جومعت هذه التي جُنّت صائمة تقضي ذلك اليوم لطُرُوء المفسد على صوم صحيح ". انظر: فتح القدير، 2/ 380.

ويظهر كذلك من مقارنتها مع النسخ الأخرى أنها منقولة من نفس النسخة التي نقلت عنها النسخ الأخرى؛ لأنها تقع في نفس الأخطاء في نفس المواضع. كما أنه يوجد في هامش نسخة بايزيد في بعض المواضع إشارة إلى لفظ الأصل، فمثلاً في النسخة رقم 18919 ورقة 268 ظ: فله أن يسترده ... قال في الهامش: لفظه يأخذه. ولفظة "يأخذه" هي المذكورة في الأصل، 1/ 304 و. ويوجد في رقم 18918 ورقة 210 و: نعم لا يقتلن. وفي الهامش: كذا في أصله وهو متناقض، ولفظه: نعم لا يسعهم أن يقتلوهن. وهذا لفظ نسخة مراد ملا، 5/ 142 ظ. ويوجد في رقم 18917 ورقة 152 و: لو أراد المستأجر أن لا يخرج إلى مكة ... ونفس العبارة في نسخة مراد ملا، 2/ 167 ظ. والصواب فيها إذا أراد الجَمّال ... كما هو لفظ الحاكم والسرخسي (¬1). ويمكن الإكثار من هذه الأمثلة. إن وجود عبارة في كتاب الصلاة منقولة عن الحاكم (ت. 334) تدل على أن هذه النسخ نقلت من نسخة متأخرة عن الحاكم. كما أن وجود نقول في كتاب الصوم من مختصر الطحاوي (ت. 321) تدل على تأخر النسخة المنقول عنها عن الطحاوي. فهذان الكتابان أي كتاب الصلاة وكتاب الصوم على الأقل يمكن التوقع بأن أصلهما قد كتب في القرن الرابع الهجري. وباقي الكتب يمكن توقع كتابة أصولها في القرن الثالث أو الرابع الهجري تبعاً لأسماء الرواة المذكورين في أوائل تلك الكتب. كما أن اتفاق النسخ التي بأيدينا على أسماء الرواة الموجودة في أوائل الكتب وعلى كثير من الأخطاء أيضاً يدل على أن أصلها نسخة واحدة، وأنها ترجع إلى نفس النسخة. ويظهر أن قسماً من النسخ التي بأيدينا ترجع إلى أصول متقدمة في تاريخ كتابتها على الكافي للحاكم (ت. 334)؛ فإننا نجد أن بعض الأخطاء في هذه النسخ توجد أيضاً في النسخة التي اختصر منها الحاكم كتابه الكافي. فمثلاً يوجد في جميع النسخ خطأ في كتاب القسمة (¬2)، حيث يذكر الحاكم ¬

_ (¬1) انظر: الكافي، 2/ 211 و؛ والمبسوط، 16/ 23. (¬2) انظر: 2/ 75 ظ.

11 - المطبوع من كتاب الأصل

مسألة، ثم يقول: وفي هذا الجواب موضع تأمل (¬1). ويقول السرخسي: وهذا غلط بَيِّن ... والصحيح ما في النسخ العتيقة ... ، ثم يذكر الصواب (¬2). 11 - المطبوع من كتاب الأصل: لقد طبع قسم من كتاب الأصل على أيدي محققين متفرقين وفي أماكن متفرقة. وجميع الأقسام المطبوعة لا تبلغ إلا ربع الكتاب تقريبًا. أ - طبعة حيدرآباد طبع قسم من كتاب الأصل بتحقيق أبو الوفا الأفغاني، حيث طبعت أربع مجلدات تحتوي على الصلاة والحيض والزكاة والصوم والتحري والاستحسان والأيمان والمكاتب والولاء والجنايات والديات والعقل. وقد طبع هذا القسم في حيدرآباد بالهند في سنوات 1966 - 1973. وقد بذل أبو الوفا الأفغاني جهداً يشكر عليه في تحقيق الكتاب، لكن توجد بالكتاب أخطاء غير قليلة، وخصوصاً في المجلد الأخير منه. وقد طبع كتاب الحج الموجود في الكافي للحاكم في ضمن هذا العمل، لأنه لا يوجد كتاب الحج في أية نسخة من نسخ الأصل. ب - كتاب البيوع والسلم طبع كتاب البيوع والسلم في مجلد واحد بتحقيق شفيق شحاتة في القاهرة سنة 1954. وهو تحقيق جيد، مع وجود بعض الأخطاء القليلة فيه. ج - كتاب الحيل وطبع كتاب الحيل بالصياغة الموجودة في نسختي شهيد علي باشا وملا جلبي (¬3) باسم كتاب المخارج في الحيل للإمام محمد بن الحسن ¬

_ (¬1) الكافى، 1/ 197 ظ. (¬2) المبسوط، 15/ 47. (¬3) تقدم وصف هاتين النسختين.

د - كتاب السير

الشيباني بتحقيق المستشرق جوزيف شاخت في لايبزيغ سنة 1930. وهي لا تخلو من الأخطاء أيضاً. د - كتاب السير وطبع كتاب السير الموجود في كتاب الأصل بتحقيق مجيد خدوري في بيروت سنة 1975. وهي كذلك لا تخلو من الأخطاء. 12 - منهج التحقيق إن أقدم النسخ التي بأيدينا ترجع إلى القرن السابع، أي إلى سنوات 637 - 639 بالتحديد. فليست لدينا نسخة المؤلف المتوفى سنة 189 ولا نسخة نقلت من نسخة المؤلف. وهذا أمر واضح السبب، فالكتاب من أوائل ما ألف في العالم الإسلامي، ويرجع إلى القرن الثاني الهجري. ولذلك فلم نتخذ إحدى النسخ أصلًا، ولكن لجأنا إلى أسلوب الترجيح في كل موضع اختلفت فيه النسخ، واتبعنا الأصح دون التقيد بنسخة معينة. كما اضطررنا إلى استعمال كتاب الكافي للحاكم الشهيد الذي تقدم التعريف بمخطوطته، والمبسوط للسرخسي، ومختصر الأصل لمحمد بن إبراهيم الحنفي والذي تقدم التعريف بمخطوطتيه؛ لأن نسخ الأصل لم تكن كافية في التوصل إلى المتن الصحيح والكامل في كل الأحوال. فهناك مواضع وقع فيها التحريف للكلمات، ومواضع سقطت فيها عبارات قصيرة أو طويلة أحياناً، ولا يمكن استدراك ذلك إلا من الكتب المذكورة. وقد قمنا بكتابة أرقام الآيات والسور المذكورة فيها، وبتخريج الأحاديث والآثار من مصادر الرواية، وخصوصاً من مؤلفات محمد بن الحسن الأخرى مثل الآثار والموطأ بروايته ومن الآثار لأبي يوسف. وشرحنا الكلمات الغريبة. وقد أشرنا في بعض المواضع إلى الاختلاف الوارد بين كتاب الأصل والكافي للحاكم والمبسوط للسرخسي في عزو الأقوال إلى الأئمة أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، لكننا لم نستقص ذلك. وهذا الأمر يحتاج إلى دراسة مستقلة، كما يمكن أن تجرى دراسات أخرى حول هذا الكتاب الذي طالما انتظره الباحثون.

القسم الثاني: دراسة كتاب الأصل من الناحية الأصولية

القسم الثاني: دراسة كتاب الأصل من الناحية الأصولية 1 - مدخل إن الهدف الأساسي من تأليف الأصل هو وضع المسائل الفقهية وتفريعها، وليس الاستدلال والتعليل من الأهداف الأولية للمؤلف. ومع ذلك فالكتاب فيه الكثير من الاستدلال والتعليل، لا سيما في المسائل الخلافية. وتختلف الكتب الفقهية من حيث كمية الاستدلال والتعليل الواردة فيها. فمثلاً يقل الاستدلال بالآيات والأحاديث في كتاب الصلاة، بينما يكثر ذلك في كتاب الطلاق والرضاع. والسبب وراء هذا أن الكتب الفقهية في الأصل قد ألفت على أنها كتب مستقلة وفي فترات مختلفة بأساليب متنوعة. وعلى وجه عام يمكن القول بأن أسلوب المؤلف في الكتاب هو جمع آراء أبي حنيفة وأبي يوسف وزفر وآراء المؤلف في كتاب واحد، وترك الاستدلال والتعليل في المسائل التي هي واضحة لمن اشتغل بالعلم، مع ذكر الاستدلال والتعليل في المسائل التي تحتاج إلى نوع من التدبر والاستنباط أو في المسائل المختلف فيها. ويمكن التوصل من خلال عملية التعليل والاستدلال عند المؤلف إلى بعض أفكاره في أصول الفقه، والذي لم يكن علماً مستقلاً في ذلك الوقت. كما أنه ينبغي أن لا ننسى دور أبي حنيفة وأبي يوسف في تشكيل الأفكار الأصولية الموجودة في الكتاب. وقد حاولنا جمع آراء الإمام محمد الأصولية الموجودة في كتبه الأخرى أيضاً حتى يتسنى فهم الموضوع كاملاً وعقد المقارنة بين آرائه في كتبه المختلفة.

2 - الأدلة الشرعية

2 - الأدلة الشرعية أ - مصادر التشريع وترتيبها يذكر الإمام محمد في كتاب أدب القاضي الأحاديث وأقوال الصحابة التي تشكل أساس فهمه لمصادر التشريع. وتجدر الإشارة إلى أن كتاب أدب القاضي مفقود في الأصل، لكنه موجود في الكافي للحاكم الشهيد باختصاره. وعلى رأس هذه الروايات حديث معاذ المشهور، حيث قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين بعثه إلى اليمن: "بمَ تقضي يا معاذ؟ " قال: بما في كتاب الله. قال: "فإن لم تجد في كتابَ الله؟ " قال: أقضي بما قضى به رسول الله. قال: "فإن لم تجد ذلك فيما قضى به رسول الله؟ " قال: أجتهد رأيي. قال: "الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله " (¬1). فالمصادر هنا بتقرير الرسول عليه الصلاة والسلام القرآن والسنَّة واجتهاد الرأي. يروي الشيباني في بداية كتاب أدب القاضي رسالة عمر - رضي الله عنه - في القضاء إلى أبي موسى الأشعري. في هذه الرسالة يقسم عمر الأحكام إلى قسمين قائلًا: "القضاء فريضة محكمة وسنَّة متبعة" (¬2). والمقصود هنا بقوله: "فريضة محكمة" الأحكام الثابتة بالكتاب والسنَّة على وجه قطعي لا يحتمل النسخ أو التخصيص أو التأويل، وبقوله: "سنَّة متبعة" الطريقة المسلوكة في الدين التي يجب اتباعها على كل حال (¬3). وفي دوام الرسالة: "الفهم الفهم فيما يختلج في صدرك مما لم يبلغك في الكتاب والسنَّة، واعرف الأمثال والأشباه، وقس الأمور عند ذلك، ثم اعمد إلى أحبها إلى الله تعالى وأشبهها بالحق فيما ترى" (¬4). فالقرآن والسنَّة هما المصدران الأساسيان، ويجب اتباع الأحكام الواردة فيهما أولياً. وإذا حدثت مسألة لا يوجد حكمها ¬

_ (¬1) الكافي للحاكم الشهيد، 1/ 216 و. (¬2) الكافي للحاكم الشهيد، 1/ 215 ظ. (¬3) المبسوط للسرخسي، 16/ 60. (¬4) الكافي للحاكم الشهيد، 1/ 215 ظ - 216 و.

في هذين المصدرين فيجب إيجاد حل لها بالقياس على نظائرها الموجودة فيهما (¬1). وروى الشيباني أيضاً عن عمر بن الخطاب أنه دعى قاضياً كان على الشام حديث السن، فقال له: "بم تقضي؟ قال: أقضي بما في كتاب الله. قال: فماذا لم تجد ذلك في كتاب الله؟ قال: أقضي بما قضى به رسول الله. قال: فإذا لم تجد فيما قضى به رسول الله؟ قال: أقضي بما قضى به أبو بكر وعمر. قال: فإذا لم تجد في قضائهم. قال: أجتهد رأي. فقال له عمر: أنت قاضيها" (¬2). ويقول السرخسي شارحاً بأن اتباع أبي بكر وعمر مما أوصى به النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن الصحابة كانوا يطلقون لفظ "السنَّة" على تطبيقاتهما (¬3). لكن يفيد الأصوليون الأحناف بأنه إذا وقع الخلاف بين أبي بكر وعمر - رضي الله عنه - وبين الصحابة الآخرين في مسألة فإنه لا يجب اتباعهما مطلقاً (¬4). ويذكر السرخسي أن اجتهاد الرأي هنا معناه القياس، وأن هذه الرواية تثبت حجية القياس (¬5). وروى الشيباني عن ابن مسعود قال: "لقد أتى علينا زمان ولسنا نُسأل ولسنا هناك. ثم بلغنا من الأمر ما ترون. فمن ابتلي منكم بقضاء فليقض بما في كتاب الله -عَزَّ وَجَلَّ-. فإن لم يجد في كتاب الله فليقض بما قضى به رسول الله. فإن لم يجد فيما قضى رسول الله فليقض بما قضى به الصالحون. فإن لم يجد ذلك فليجتهد رأيه، ولا يقولن: إني أرى وإني أخال. فإن الحلال بين والحرام بين، وبين ذلك أمور مشتبهة، فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك" (¬6). ¬

_ (¬1) المبسوط للسرخسي، 16/ 62 - 63. (¬2) الكافي للحاكم الشهيد، 1/ 216 و. (¬3) المبسوط للسرخسي، 16/ 68؛ أصول السرخسي، 1/ 114. (¬4) أصول السرخسي، 2/ 106 - 107، 116. وللتفصيل في حجية أقوال أبي بكر وعمر والصحابة عموماً انظر: كشف الأسرار لعبد العزيز البخاري، 3/ 406 - 422. (¬5) المبسوط للسرخسي، 16/ 68. (¬6) الكافي للحاكم الشهيد، 1/ 216 و.

ويذكر السرخسي أن المقصود بالصالحين هنا أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما - (¬1). ويمكن القول بأن الكلمة عامة، وليس هناك ما يوجب تخصيصها بالشيخين. ولعل المقصود هو أن أحكام العلماء والأمراء ذوي العلم والأخلاق تشكل مثالاً يحتذى لمن بعدهم، وخصوصا إجماعات الصحابة وعلى رأسهم أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما -. كما أن هذه الرواية تفيد أنه لا يجوز ترك الاجتهاد في المسائل الحادثة ممن هو أهل له، وأن الخطأ في الاجتهاك معفو عنه، وأنه يجب مراعاة مبدأ الاحتياط في المسائل المشتبه فيها (¬2). كما روى الشيباني عن عمر بن عبد العزيز أنه من الصفات المكملة للقاضي العلم بما كان قبله، ومشاورة أهل الرأي (¬3). وبعد ذكر الشيباني لهذه الروايات وأمثالها يقول: "وينبغي له أن يقضي بما في كتاب الله. فإن أتاه شيء لم يجده فيه قضى فيه بما أتاه عن رسول الله. فإن لم يجد فيه نظر فيما أتاه عن أصحاب رسول الله فقضى به. فإن كانوا اختلفوا فيه تحرى من أقاويلهم أحسنها في نفسه، وليس له أن يخالفهم ويبتدع شيئاً من رأيه. فإن لم يجده فيما جاء عنهم اجتهد في ذلك برأيه وقاسه بما جاء عنهم، ثم قضى بالذي يجمع رأيه عليه من ذلك ويرى أنه الحق. فإن أشكل عليه شيء يشاور رهطاً من أهل الفقه. فإن اختلفوا فيه نظر إلى أحسن أقاويلهم وأشبهها بالحق فأخذ به. فإن رأى خلاف رأيهم أحسن وأشبه بالحق قضى بذلك. ولا يتعجل بالحكم إذا لم يتبين له الأمر حتى يتفكر فيه ويشاور أهل الفقه" (¬4). وعلى هذا فالمصادر عند الشيباني يمكن عدها كما يلي: القرآن الكريم، السنَّة النبوية، إجماع الصحابة، أقوال الصحابة، الاجتهاد والقياس، آراء الفقهاء الآخرين. ويستخرج السرخسي من هذا الكلام أن قول الصحابي المعروف إذا لم يوجد له مخالف يقدم على ¬

_ (¬1) المبسوط للسرخسي، 16/ 69. (¬2) المبسوط للسرخسي، 16/ 69. (¬3) الكافي للحاكم الشهيد، 1/ 216 و. (¬4) الكافي للحاكم الشهيد، 1/ 216 ظ.

القياس (¬1). ولكن هذه المسألة مختلف فيها بين الأصوليين الأحناف. إن الجصاص والسرخسي ينقلان عن طريق هشام بن عبيد الله الرازي (ت. 221) عن الشيباني قوله: "الفقه على أربعة أوجه، ما في القرآن وما أشبهه، وما جاءت به السنة وما أشبهها، وما أجمع عليه الصحابة وما اختلفوا فيه وما أشبهه، وما رآه المسلمون حسناً وما أشبهه" (¬2). يعلق الجصاص على هذه المقولة بأن الشيباني يعد إجماع الصحابة حجة مثل القرآن والسنَّة، وأنه لا يقبل إحداث رأي جديد يخرج عن أقوالهم جميعاً في المسائل التي اختلفوا فيها، وأنه يقصد بما رآه المسلمون حسناً ما رآه المسلمون الآتون بعد جيل الصحابة عموماً. وذكر الجصاص بأن الشيباني أفاد في مواضع أخرى صحة الإجماع في كل عصر (¬3). وينقل ابن عبد البر عن الشيباني أنه قال: "العلم على أربعة أوجه: ما كان في كتاب الله الناطق وما أشبهه. وما كان في سنَّة رسول الله المأثورة عنه وما أشبهها. وما كان فيما أجمع عليه الصحابة وما أشبهه. وكذلك ما اختلفوا فيه لا يخرج عن جميعه. فإن وقع الاختيار فيه على قول فهو علم تقيس عليه ما أشبه. وما استحسن عامة فقهاء المسلمين وما أشبهه وكان نظيراً له. ولا يخرج العلم عن هذه الوجوه الأربعة" (¬4). ويبين ابن عبد البر أن المقصود بما أشبهه القياس (¬5). كما ينقل ابن عبد البر عن الإمام محمد أنه قال: "من كان عالِماً بالكتاب والسنَّة وبقول أصحاب رسول الله وبما استحسن فقهاء المسلمين وسعه أن يجتهد رأيه فيما ابتلي به، ويقضي به، ويمضيه في صلاته وصيامه وحجه وجميع ما أمر به ونهى عنه. فإذا اجتهد ونظر وقاس على ما أشبه ولم يَأْلُ وَسِعَهُ العمل بذلك وإن أخطأ الذي ينبغي ¬

_ (¬1) المبسوط للسرخسي، 16/ 83. (¬2) الفصول للجصاص، 3/ 271، 329؛ أصول السرخسي، 1/ 318. (¬3) الفصول للجصاص، 3/ 271، 339. (¬4) جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر، 2/ 26. (¬5) جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر، نفس المكان.

أن يقول به" (¬1). ويقول الشافعي: "وأصل ما يذهب إليه محمد بن الحسن في الفقه أنه لا يجوز أن يقال بشيء من الفقه إلا بخبر لازم أو قياس" (¬2). وينقل الشافعي أيضاً عن الشيباني أن الحجة هي الكتاب والسنَّة والإجماع والقياس (¬3). ويوجد تشابه بين كلام الإمام محمد عن مصادر التشريع وبين كلام أستاذه أبي حنيفة عن ذلك. فالروايات المختلفة عن أبي حنيفة تفيد بأن المصادر عنده هي القرآن والسنة، وإجماع الصحابة، والتخير بين أقوالهم دون إحداث قول جديد، والاجتهاد (¬4). يُستعمل في مواضع كثيرة من الأصل كلمة "الرأي" ومشتقاتها مثل صيغ الأفعال "أرى، نرى" ونحوها (¬5). وتستعمل في الأسئلة لفظة "أرأيت" بكثرة. كما تذكر لفظة "ألا ترى" كثيرا في جمل الاستدلال والتعليل. وإلى جانب استعمال كلمة الرأي في معناها اللغوي، فإنها تستعمل في مواضع كثيرة بمعنى القناعة التي تصدر عن مناهج التفكير العقلي مثل القياس والاستحسان في المسائل التي لم ينص على حكمها في الكتاب أو السنَّة. ¬

_ (¬1) جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر، 2/ 61. وينقل ابن القيم نفس العبارة تقريباً. انظر: إعلام الموقعين، 1/ 66. ويفيد أبو الحسين البصري أنه حكي عن محمد بن الحسن أنه جعل الأصول أربعة، ذكر منها إجماع الصحابة واختلافهم. انظر: المعتمد، 2/ 366. (¬2) الأم للشافعي (تحقيق: رفعت فوزي عبد المطلب)، 9/ 97. (¬3) حلية الأولياء لأبي نعيم، 6/ 329، 9/ 74. وينقل الشافعي عن الشيباني أقوالاً أخرى حول مصادر التشريع. انظر: الأم للشافعي (تحقيق: محمد زهري النجار)، بيروت، 1973، 5/ 171، 6/ 313، 316، 322، 328, 8/ 28. ومع هذا فإنه ينبغي تقويم ما نقله الشافعي عن الشيباني ودراسته بدقة. فإن معظم هذه الأقوال قد ذكرت أثناء نقاش الإمامين في مسائل علمية متعددة، ونقلها الشافعي عنه في مجال الرد والانتقاد. (¬4) أخبار أبي حنيفة وأصحابه للصيمري، ص 10؛ المدخل للبيهقي، ص 111، 204. (¬5) انظر مثلاً: الأصل للشيباني، 1/ 6 و،10 و، 10 ظ، 16 ظ، 20 و، 22 و، 22 ظ، 29 و، 30 ظ، 34 و، 35 و، 38 ظ، 40 ظ، 48 و، 70 و، 74 و، 78 و، 80 ظ، 83 ظ.

وهذا الاستعمال للرأي يكون أحياناً في مقابل الحديث والآثار (¬1). ويتهم الشيباني أهل المدينة في مسائل كثيرة بمخالفة الآثار بالرأي (¬2). من هذه المسائل الأكل أو الشرب في نهار رمضان هل يفسد الصوم، فهو يفسد الصوم عند أهل المدينة، وقد قال أبو حنيفة في ذلك: "لولا ما جاء في هذا من الآثار لأمرت بالقضاء" (¬3). كما أن الشيباني يؤكد على لزوم الانتباه إلى الانسجام المنطقي بين المسائل المتعلقة بنفس الموضوع وتقويم المسائل التي تتشابه فيما بينها بنفس الطريقة فيما إذا حكمنا بالرأي، ويستدل على ذلك بالرسالة التي كتبها عمر إلى أبي موسى الأشعري (¬4). لقد قام الشيباني بالتنبيه على بعض الأمور في موضوع العمل بالظن. فهو عندما ينتقد أهل المدينة في إبطالهم لبعض العقود عملاً بسد الذرائع وعملهم بالقسامة يبين أن هذا قول "بالتُّهَم"، وأن اليقين لا يمكن أن يزول بشيء "موضع التهمة"، ويستدل على هذا بقوله تعالى: {إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} (¬5). لكننا نرى أن الشيباني يعمل بغالب الظن (أكثر/ أكبر ظنه / رأيه، أكثر/ أكبر الرأي) في مسائل فقهية كثيرة (¬6). فمثلاً يفيد الشيباني أنه يعمل "بالظن والحَزْر" في تحديد قيمة الأموال، وأنه لا يمكن غير ذلك (¬7). حتى أنه يذكر العمل اعتماداً على "أكبر الرأي والظن" في مسائل بالغة الأهمية مثل مسائل النكاح والقتل (¬8). ومسائل كتاب التحري من كتب الأصل مبنية على قاعدة العمل بغالب الظن في المسائل المشتبه فيها (¬9). ومع هذا فإنه إذا وجد ¬

_ (¬1) انظر مثلاً: الأصل للشيباني، 5/ 152 ظ، 153 ظ، 155 و، 8/ 253 ظ. (¬2) الحجة للشيباني، 1/ 34، 194، 392، 2/ 236. (¬3) الحجة للشيباني، 1/ 392. (¬4) الحجة للشيباني، 2/ 563، 568 - 570. 620، 3/ 307 - 308، 514. (¬5) سورة يونس 10/ 36؛ الحجة للشيباني، 2/ 585. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 10 ظ، 42 و، 43 ظ، 94 ظ، 140 ظ، 158 ظ، 5/ 69 و، 88 ظ. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 215 و، 218 ظ، 2/ 237 و. (¬8) الأصل للشيباني، 1/ 173 ظ، 5/ 88 ظ. (¬9) الأصل للشيباني، 1/ 157 ظ -163 ظ.

ب - القرآن الكريم

بديل عن العمل بالظن، وكان هذا البديل يقينًا أو ظناً أقوى فإنه يجب العمل به. وانتقاد الشيباني مُنصب على مثل هذه الأمور، وحلوله الفقهية تشير إلى هذا (¬1). يواجهنا تركيب "الكتاب والسنَّة"في عدة مواضع من كتاب الحجة للشيباني (¬2). ويمكن أن يقال بأنه لا غرابة في التأكيد على الكتاب والسنَّة لكونهما المصدرين الأساسيين للتشريع، لكن السبب الحقيقي وراء استعمال الشيباني لهذا التركيب هو دفاعه عن أهل الرأي المتهمين بمخالفة النصوص. يستعمل الشيباني كلمة الحجة وجمعها حجج للتعبير عن الآيات والأحاديث وأقوال الصحابة والقياس والدليل بالمعنى العام (¬3). كما أنه يستعمل كلمتي البرهان والبينة للتعبير عن الحديث وقول الصحابي والدليل عموماً (¬4). لكن غالبية استعمال هذه الكلمات بمعنى الدليل التفصيلي وليس الدليل الإجمالي المعروف في أصول الفقه. ويذكر الدبوسي أن كلمات الحجة والبرهان والبينة تأتي بمعنى الدليل عموماً، وأن الحجج تنقسم إلى عقلية وشرعية، ثم يستعمل تركيب "الحجج الشرعية" للتعبير عن الأدلة الإجمالية (¬5). ب - القرآن الكريم يطلق الشيباني على القرآن الكريم أسماء عديدة مثل الكتاب (¬6) , ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 2/ 239 و، 239 ظ، 242 و. (¬2) الحجة للشيباني، 4/ 58، 82 - 83، 137، 322. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 69 و، 3/ 3 ظ، 6/ 238 ظ، 7/ 20 ظ، 21 و، 8/ 253 و، 254 ظ؛ الحجة لنفس المؤلف، 1/ 44، 216، 222، 2/ 2، 164، 231، 304، 467، 514، 568، 569، 746. (¬4) لكلمة البرهان انظر: الأصل للشيباني، 1/ 102 ظ؛ الحجة لنفس المؤلف، 2/ 563، 568, 746. ولكلمة البينة انظر: الحجة للشيباني، 2/ 164، 563. 746. (¬5) تقويم الأدلة للدبوسي، ص 13، 19. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 1 ظ، 29 ظ، 36 و؛ الحجة لنفس المؤلف، 3/ 153، 4/ 137.

القرآن (¬1)، كتاب الله (¬2)، التنزيل (¬3)، كتاب الله الناطق (¬4). إن الأحكام الواردة في القرآن الكريم أعلى درجة من الأحكام الواردة في غيرها وهي تحمل صفة القطعية. فمثلاً يفيد الشيباني بأن مسح الرأس في الوضوء فريضة مذكورة في كتاب الله، وأن المضمضة والاستنشاق ليستا هكذا (¬5). وفي بعض المواضع التي يجب فيها تطبيق حكمين في نفس الآن يقدم الحكم الوارد في القرآن على غيره. فمثلاً مرتكب جرائم السرقة وشرب الخمر وزنا البكر يطبق عليه حد الزنا أو السرقة أولاً ثم حد الشرب؛ لأن حدي الزنا والسرقة مذكوران في القرآن، أما حد الشرب فهو أمر أجمع عليه المسلمون ولا يذكر في القرآن (¬6). يستدل الشيباني بآيات القرآن الكريم في مواضع كثيرة. لكنه لا يكتفي في فهم الآيات والوقوف على معانيها بمجرد فهم المعنى الظاهري بل يستدل على ذلك بالأحاديث وأقوال الصحابة والتابعين. فمثلاً في الحكم على الذبيحة المتروك عليها التسمية عمدًا بأنها ميتة يستدل بالآية (¬7) والأحاديث وإجماع الصحابة (¬8). ويعتمد على الصحابة مثل علي وعبد اللَّه بن مسعود وعبد الله بن عباس وعلى التابعين مثل إبراهيم النخعي في تفسير بعض الآيات (¬9). ويستدل في تفسير الآية المتعلقة بالغنائم (¬10) بالتطبيق المعروف وبأقوال بعض علماء التابعين مثل عطاء بن أبي رباح (¬11). وهذا كله يدل على وجوب الرجوع إلى السنَّة وأقوال علماء الصحابة والتابعين في فهم القرآن. فمثلاً ذكر الشيباني أن "المفسرين" فسروا قوله تعالى: {مَا ظَهَرَ مِنْهَا} (¬12) ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 1 ظ، 2 ظ، 37 و؛ الحجة لنفس المؤلف، 1/ 333، 2/ 400. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 3 ظ، 6 ظ؛ الحجة لنفس المؤلف، 1/ 18، 19، 4/ 85، 227. (¬3) الأصل للشيباني، 5/ 110 و. (¬4) الحجة للشيباني، 4/ 322. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 6 ظ. (¬6) الأصل للشيباني، 5/ 30 ظ، 35 و. (¬7) سورة الأنعام 6/ 121. (¬8) الأصل للشيباني، 3/ 204 و. (¬9) الأصل للشيباني، 3/ 17 ظ، 18 ظ، 7/ 138 و. (¬10) سورة الأنفال 8/ 41. (¬11) الأصل للشيباني، 1/ 133 و. (¬12) سورة النور 24/ 31.

المتعلق بالزينة التي يجوز إبداؤها من المرأة بأنه الكحل والخاتم، وأن الكحل زينة الوجه والخاتم زينة اليد، وبالتالي يجوز للرجال النظر إلى الوجه واليدين (¬1). والمقصود بالمفسرين هنا مفسرو الصحابة حيث توجد روايات عن عائشة وأنس وابن عباس - رضي الله عنهم - في هذا المعنى (¬2). ويُرجح الشيباني أحياناً رأي ابن عباس في تفسير آيات الأحكام لأنه أعلم بالتفسير من غيره من الصحابة (¬3). وفي تقدير الكسوة، أي كسوة عشرة مساكين، المذكورة في القرآن على أنها كفارة اليمين أخذ الشيباني بتفسير إبراهيم النخعي حيث يقول: "لكل مسكين ثوب" (¬4). وفي هذا المثال رجع الشيباني إلى رأي عالِم فقيه من التابعين في تفسير وتطبيق حكم الآية (¬5). لقد أفاد الشيباني أن الآية التي تذكر مؤلفة القلوب في ضمن مستحقي الزكاة (¬6) مخصوصة بزمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يذكر دليلاً على ذلك (¬7). ومن المعروف أن الفقهاء قد اعتمدوا في هذه المسألة على أقوال وتطبيقات عمر - رضي الله عنه - (¬8). كما أن الشيباني يستدل على تفسير معنى الآية وحكمها بسبب النزول (¬9). ويستدل الشيباني بالقراءات الشاذة على تقييد المطلق من ألفاظ الآيات. فمثلاً القراءة الشاذة المنسوبة إلى عبد الله بن مسعود في قوله تعالى في كفارة اليمين: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ} (¬10) بزيادة لفظة {متتابعات} عمل بها ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 65 أو. (¬2) تفسير الطبري، 18/ 118؛ شرح معاني الآثار للطحاوي، 4/ 332؛ السنن الكبرى للبيهقي، 2/ 225؛ نصب الراية للزيلعي، 4/ 239؛ الدراية لابن حجر، 2/ 225. (¬3) موطأ محمد، 2/ 541. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 185 و. (¬5) انظر لأمثلة أخرى: الأصل للشيباني، 1/ 205 و، 5/ 37 و. (¬6) سورة التوبة 9/ 60. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 133 ظ. (¬8) وفقهاء الأحناف قائلون بنسخ سهم المؤلفة قلوبهم أو بأن الحكم زال بزوال علته. انظر: المبسوط للسرخسي، 3/ 9؛ بدائع الصنائع للكاساني، 2/ 44 - 45. (¬9) الأصل للشيباني، 5/ 118 ظ. (¬10) سورة المائدة 5/ 89.

ج - السنة

الشيباني (¬1). ويفيد الجصاص بأن هذه القراءة مع كونها شاذة لكنها مشهورة في ذلك العهد، وأنه ينبغي النظر إليها على أنها لفظة منسوخة اللفظ باقية الحكم، وأنه يجوز تقييد مطلق القرآن بالخبر المشهور (¬2). والسرخسي يرى أن الواقع هنا الزيادة على النص بالخبر المشهور (¬3). ج - السنَّة 1 - المصطلحات إن كلمة "السُّنّة" تستعمل في بعض الأحاديث المروية في الأصل. فالحديث الذي روي في موضوع أخذ الجزية من المجوس بلفظ: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب دا (¬4)، وسؤال أحد الصحابة للنبي - صلى الله عليه وسلم - في مسألة فقهية عن "السنَّة" فيها (¬5)، يدل على استعمال كلمة السنَّة بمعنى التطبيق العام، والحكم الذي ينبغي اتباعه، والمثال المحتذى أو القانون نوعاً ما إن صح التعبير. وروي عن عمر بن الخطاب أنه هم بإيقاع عقوبة ثم عدل عن ذلك قائلًا: "لولا أن تكون سنَّة من بعدي ... " (¬6). كما يذكر الشيباني أن القاضي إذا حلّف المتلاعنين ثلاث مرات فقط والمعروف في الآيات والأحاديث المتعلقة باللعان أن عدد الأيمان فيه خمس مرات فإنه يكون قد خالف السنَّة، ولكن التفريق بين الزوجين صحيح ماض (¬7). يمكننا أن نستنتج مما سبق ما يلي: السنَّة التي تستعمل بمعنى التطبيق العام في ذلك العهد يمكن أن يكون مصدره القرآن والأحاديث معاً (¬8). إن السنَّة هي الشكل الأمثل في تطبيق الحكم، لكن هذا الشكل قد لا يكون شرطاً لصحة الحكم. من ناحية أخرى ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 139 و؛ نفس المؤلف، الآثار، ص 123. وانظر: تقويم الأدلة للدبوسي، ص 21. (¬2) الفصول للجصاص، 1/ 198، 2/ 254. (¬3) أصول السرخسي، 26911، 281، 112 هـ (¬4) الأصل للشيباني،1/ 168 ظ. (¬5) الأصل للشيباني، 4/ 151 و. (¬6) الأصل للشيباني، 5/ 73 ظ. (¬7) الأصل للشيباني، 3/ 93 ظ - 94 و. (¬8) وقد وصف التفريق الذي يحكم به القاضي بسبب اللعان بأنه سنَّة في موضع آخر أيضاً. انظر: الأصل للشيباني، 8/ 217 ظ.

فإن ترك صلاة العيد من قبل الحُجاج قد فُسر بأنه "بذلك جرت السنَّة" (¬1). كما أن تطبيق "العَوْل" في المواريث قد جاء عن طريق السنَّة اعتباراً من عهد الصحابة (¬2). ووصف قتل المرتد بأنه "الحكم والسنَّة" (¬3). إن مصطلح السنَّة يتضمن التطبيقات العامة للنبي عليه الصلاة والسلام وصحابته الكرام كما أفاد ذلك الأصوليون الأحناف (¬4). وأصول هذا الفهم توجد في الأصل والمؤلفات الأخرى للشيباني. فإن كلمة السنَّة تستعمل في هذه المؤلفات بمعنى التطبيق العام المعروف للنبي أو الصحابة أو حتى التابعين (¬5). فيروى عن الزهري أنه مضت السنَّة من النبي والخليفتين من بعده أنه لا شهادة للنساء في الحدود (¬6). والتطبيق المأثور عن التابعي أبي عبد الرحمن السُّلَمِي (ت. 73) - الذي علم الناس القرآن في مسجد الكوفة لمدة أربعين عاماً ابتداءً من عهد عثمان - رضي الله عنه - بكفاية السجدة الواحدة للتلاوة إذا قرئ في المجلس الواحد عدة آيات للسجدة وصف بأنه سنَّة (¬7). في موضع آخر يفيد الشيباني تحريم "السنَّة والإجماع " لبعض أنول الزواج التي لم يصرح القرآن الكريم بتحريمها. ويتكرر ذكر "السنة والإجماع" في هذا المجال (¬8). ففي هذه المواضع تفيد "السنَّة" فهم الأجيال الأولى وتطبيقاتها، ويفيد "الإجماع" كون هذا الفهم والتطبيق لا خلاف فيه. وتُستعمل "السنَّة" في الحجة للشيباني على وجه يتشابه مع الأصل. ومن ذلك تعبير "سنَّة ماضية" أي سنَّة معروفة منذ زمان ماض قديم (¬9). أما تعبير "سنَّة متبعة" الذي يوجد في رسالة عمر إلى أبي موسى الأشعري في القضاء، فيقصد به الطريقة المعروفة منذ القدم والتي يجب اتباعها في كيفية ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 9/ 203 و. (¬2) الأصل للشيباني، 3/ 218 و. (¬3) الأصل للشيباني، 5/ 134 و. (¬4) أصول السرخسي، 1/ 113؛ كشف الأسرار لعبد العزيز البخاري، 2/ 564. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 62 ظ، 83 ظ، 3/ 2 و، 218 و؛ نفس المؤلف، الحجة، 1/ 24. (¬6) الأصل للشيباني، 8/ 198 ظ، 202 ظ. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 62 ظ. (¬8) الأصل للشيباني، 3/ 2 و، 2 ظ. (¬9) الحجة للشيباني، 4/ 177.

تطبيق الأحكام الشرعية (¬1). فالشيباني يستعمل السنَّة بمعناها الواسع المعروف عند المتقدمين والتي تشمل سنَّة النبي والصحابة والتابعين، أي الأجيال الأولى للمسلمين التي وصفها النبي بأنها خير القرون. ومعنى الفعل والتطبيق واضح في استعماله لكلمة السنَّة. وحيث استعمل السُّنَّة بمعنى القول فالمقصود به محتوى هذا القول من التطبيق ومآله الفعلي، وليس القول نفسه. هذا ما ظهر لنا من خلال دراستنا لاستعمال الشيباني لكلمة السُّنَّة. وهو مختلف قليلاً عن السُّنَّة المستعملة في العصور المتأخرة بمعنى أقوال النبي وأفعاله وتقريراته، وإن كان بين المعنيين تداخل وتقاطع. يستعمل الشيباني كلمة "أثر" وجمعها "آثار" بمعنى الحديث المرفوع وأقوال الصحابة والتابعين (¬2). فمثلاً يقول: الأثر الذي جاء عن رسول الله (¬3)، الأثر الذي جاء عن ابن عباس (¬4)، ويصف قول إبراهيم النخعي بأنه أثر (¬5). ويكثر استعمال الشيباني لكلمة أثر/ آثار للإشارة إلى الروايات عامة. وكما هو معروف فإن للشيباني وأبي يوسف كتاباً يحمل اسم "الآثار" ويحتوي على الأحاديث والروايات عمومًا (¬6). وفي بعض المواضع يستعمل كلمتي السنَّة والأثر معًا، مثلما صنع في الرواية المتعلقة بصلاة الاستسقاء (¬7). وفي هذه الحال فإن الأثر يكون بمعنى الروايات القولية، والسنَّة بمعنى التطبيق العملي لمضمون هذه الأقوال. ¬

_ (¬1) الكافي للحاكم الشهيد، 1/ 215 ظ؛ المبسوط للسرخسي، 16/ 60. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 36 ظ، 73 ظ، 79 و، 83 ظ، 86 ظ، 118 ظ، 125 و، 6/ 20 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 9 و. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 6 ظ. (¬5) الأصل للشيباني، 5/ 130 و. (¬6) انظر: الآثار لأبي يوسف، تحقيق: أبو الوفا الأفغاني، بيروت، دار الكتب العلمية، بدون تاريخ؛ الآثار لمحمد بن الحسن الشيباني، تحقيق: عبد الحي اللكنوي، لكنو، مطبعة أنوار محمدي، بدون تاريخ. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 30 ظ.

2 - منهجه في الرواية

يستعمل "الحديث" أيضاً في الأصل بمعنى الأثر. فالروايات المنسوبة إلى النبي (¬1)، والصحابة (¬2)، والتابعين مثل إبراهيم النخعي وشريح (¬3) يطلق عليها اسم "حديث،. وفي بعض المواضع تستعمل السنَّة والحديث معاً. وفي هذه الحالة يحتمل أن يكون الحديث بمعنى الرواية القولية، والسنَّة بمعنى التطبيق لها. فمثلاً خالف أبو يوسف ومحمد أبا حنيفة في سهم الفارس والراجل من الغنائم اتباعاً للحديث والسنَّة (¬4). ويستعمل الشيباني مصطلحات الأثر والحديث والسنَّة في مؤلفاته الأخرى بمعانيها التي استعملها في الأصل (¬5). 2 - منهجه في الرواية روي في الأصل أحاديث مرفوعة وموقوفة وأقوال للتابعين كثيرة عن طريق أبي حنيفة وأبي يوسف وغيرهما. وبين هؤلاء الرواة مالك بن أنس الذي روى الشيباني الموطأ عنه. والأحاديث المذكورة في الكتاب تروى أحياناً بأسانيدها، وأحياناً بدون إسناد، فيقول مثلاً: بلغنا عن النبي كذا (¬6). وهذا الأسلوب أي البلاغ قد استعمله مالك في الموطأ أيضاً كما هو معروف. وتكثر البلاغات في كتاب الصلاة والنكاح وبعض الكتب من الأصل أكثر من غيرها. أما في الأحاديث المسندة فيستعمل ألفاظ حدثنا، أخبرنا، ذَكَرَ، والعنعنة وأمثالها من الألفاظ المعروفة في الرواية. كما تستعمل كلمة ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 169 و. ونفس الاستعمال موجود في كتب الشيباني الأخرى. انظر: الآثار، ص 81. (¬2) الأصل للشياني، 1/ 134 و، 3/ 3 و، 5/ 89 و. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 121 و، 8/ 90 ظ، 91 و. (¬4) الأصل للشيباني، 5/ 146 ظ. (¬5) الحجة للشيباني، 1/ 24، 225، 269، 319، 343، 2/ 144، 147، موطأ محمد، 2/ 147، 394، 3/ 94. (¬6) ويشير الدبوسي أيضاً إلى كثرة مرويات الشيباني بلفظ بلغنا. انظر: تقويم الأدلة للدبوسي، ص 195.

3 - المصطلحات المتعلقة بصحة الحديث وشهرته

"يرفعه " إشارة إلى رفع الحديث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬1). 3 - المصطلحات المتعلقة بصحة الحديث وشهرته يذكر الشيباني مصطلح "حق" بمعنى صحيح، فيقول في موضع من الأصل: "وقد بلغنا عن عكرمة أثر يرفعه قال: إذا تشاجر القوم في الطريق جعل سبعة أذرع. ولا نأخذ به؛ لأنا لا ندري أَحَقٌّ هذا الحديث أم لا. ولو نعلم أنه حَقٌّ أخذنا به" (¬2). كما يستعمل كلمة "يثبت" بمعنى "يصح"، فيقول: "آية محكمة لا ينبغي أن ترد إلا أن يثبت أنها قد نسخت" (¬3). ويستعمل كلمة "أوثق" لترجيح إحدى الروايتين التي يقارن بينهما على الأخرى (¬4). يستعمل في الأصل تراكيب "الأثر المعروف، الآثار المعروفة، الحديث المعروف" بمعنى الحديث الصحيح المشهور، ويستعمل في ضد هذا المعنى "الحديث الشاذ" (¬5). وحول صلاة الاستسقاء يذكر الإمام أبو حنيفة أنه لم يبلغه في ذلك صلاة "إلا حديثاً واحداً شاذاً لا يؤخذ به "؛ بينما يذكر الإمام محمد أنه بلغه أن النبي صلَّى في الاستسقاء وكذلك ابن عباس، وأنه يتبع في ذلك "السنَّة والآثار المعروفة" (¬6). فنرى هنا أن الأحاديث تقوَّم على أنها معروفة أو شاذة. والسبب في الاختلاف بين الإمامين في المسألة أن الحديث الذي بلغ أبا حنيفة "حديث واحد" وأن الحديث لم يُعمل به. وقوله: "حديث واحد" يذكرنا بمصطلح "خبر الواحد". فهو قد يعتبر أساساً لنشأة هذا المصطلح. فالإمام أبو حنيفة لم يعمل بهذا الحديث لعدم اقتناعه بصحته. أما الإمام محمد فقد بلغته "الآثار المعروفة" أي أكثر من حديث واحد، ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 154 و، 236 ظ. وهذا المصطلح يستعمله مالك أيضاً. انظر: الموطأ، الاستئذان 38. (¬2) الأصل للشيباني، 5/ 236 و. (¬3) الأصل للشيباني، 6/ 70 و. (¬4) الأصل للشيباني، 4/ 153 ظ. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 83 ظ، 4/ 153 ظ، 5/ 72 ظ، 89 و، 158 ظ. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 83 ظ.

4 - منهجه في الاستدلال بالسنة والروايات

ويحتمل أن يكون رأى "السنَّة" أي العمل بهذا الحديث في الحجاز، واطلع على تطبيق الصحابة مثل ابن عباس وغيره، واقتنع بصحة الحديث. وفي المؤلفات الأخرى للشيباني يَستعمل مصطلحات وألفاظاً مختلفة لبيان صحة الأحاديث والآثار، وعلى رأس هذه المصطلحات: "معروف"، و"مشهور". ويستعمل كذلك مصطلحات وتعبيرات مثل "مستفيض، جاء الثَّبَت، معروف في أيدي الفقهاء، معروف في أيدي الناس، ثَبَتَ، لا اختلاف فيه، لا خلاف فيها" (¬1). ويستعمل لإفادة عدم صحة الحديث ألفاظاً مثل "مستنكر، لا يعرف، غير معروف" (¬2). واستعمل كلمة "أوثق" للترجيح بين الروايات (¬3). وعبر عن خطأ الراوي في متن الحديث بلفظ "أَوْهَمَ" (¬4). وفي صدد بيان ضعف رواية يسمي الرواية المنقطعة بـ "المرسل"، وأن الراوي "لم يُسنِده " (¬5). كما استعمل مصطلحات ثقة / ثقات، مأمون لإفادة أن الراوي موثوق به (¬6). وعبر عن الراوي غير الموثوق به بلفظ "متهم في حديثه"، وعن الموثوق به بلفظ "غير متهم في حديثه" (¬7). واستعمل لفظ "أوثق" للترجيح بين الرواة من حيث الثقة بهم (¬8). 4 - منهجه في الاستدلال بالسنَّة والروايات أ - عمله بالسنَّة القولية والفعلية والتقريرية يذكر الشيباني في جميع أبواب الفقه تقريباً أدلة من السنَّة النبوية. ¬

_ (¬1) الحجة للشيباني، 1/ 3، 24، 65، 94، 108، 109، 113، 116، 138، 169، 180، 213، 225، 229، 272، 316، 319، 341، 359، 2/ 264، 298، 309، 356، 395، 399، 428؛ موطأ محمد، 2/ 157، 263، 3/ 205، 206. (¬2) الحجة للشيباني، 1/ 89، 3/ 431. (¬3) الحجة للشيباني، 1/ 128، 130، 131، 238. (¬4) الحجة للشيباني، 1/ 134. (¬5) الحجة للشيباني، 1/ 220. (¬6) الحجة للشيباني، 1/ 169، 201، 226، 377؛ موطأ محمد، 1/ 572. (¬7) الحجة للشيباني، 2/ 201. (¬8) الحجة للشيباني، 2/ 261.

ب - التفريق بين المعروف / المشهور والشاذ

والوظيفة الأساسية للسنَّة هي بيان القرآن كما أشار إلى ذلك القرآن الكريم (¬1). وفي بعض المواضع تُذكر السنَّة على أنها الواضعة للأحكام على سبيل المجاز. فيقول مثلاً: "حرّمت السنَّة". والأحاديث المرفوعة القولية والفعلية تذكر على وجه الاستدلال في مواضع كثيرة من الأصل. كما يستدل الشيباني بسكوت النبي - صلى الله عليه وسلم - يعني بالسنَّة التقريرية في بعض المواضع (¬2). ب - التفريق بين المعروف / المشهور والشاذ تقدم أعلاه أن الشيباني يفرق بين الأحاديث المشهورة / المعروفة والشاذة. كما نرى أنه يستدل بعمل المسلمين بمحتوى الحديث على صحته (¬3)، وأنه لا يقبل بعض الروايات غير المشهورة والمعارضة للقواعد العامة (¬4). كذلك لا يقبل الشيباني خبر الواحد (حديث واحد) إذا عارض السنَّة المشهورة (السنَّة والآثار المعروفة) (¬5). ج - الاحتجاج بخبر الواحد للشيباني دور مهم في الاستدلال لحجية خبر الواحد، وقد غفل عن ذلك الباحثون. ففي كتاب الاستحسان في مسألة قبول خبر الشخص الواحد في المسائل الدينية مثل حل الطعام والشراب أو طهارة الماء المتوضأ به يستدل الشيباني بتصرفات الصحابة تجاه صحابة آخرين يروون حديثاً ما عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. فيفيد الشيباني أن طلب أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - من بعض الصحابة الراوين لحديث ما أن يأتوا بصحابي آخر يروي نفس الحديث أفضل من ناحية الاحتياط، ولكن خبر الواحد كاف أيضاً، ثم يبدأ بسرد الأدلة على ذلك. فيذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أرسل رجلاً واحداً لتبليغ الإسلام إلى الآخرين، وأن الصحابة مثل عمر وعلي وغيرهم قد عملوا بأحاديث رواها آحاد الصحابة، ويشير إلى أن الأدلة في هذا الموضوع كثيرة (¬6). والشافعي يذكر ¬

_ (¬1) سورة النحل 16/ 44. (¬2) الحجة للشيباني، 1/ 247، 4/ 70. (¬3) الحجة للشيباني، 2/ 671 - 672. (¬4) موطأ محمد، 3/ 338 - 340. (¬5) الحجة للشيباني، 1/ 225. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 168 ظ. وقد أشار الدبوسي إلى ذكر الثيباني للأحاديث وأفعال الصحابة في موضوع العمل بخبر الواحد. انظر: تقويم الأدلة للدبوسي، ص 173.

د - ترك رأي أبي حنيفة في بعض المواضيع بسبب الحديث

الأدلة نفسها التي ذكرها الشيباني لإثبات حجية خبر الواحد في الرسالة (¬1). كما استدل البخاري في صحيحه على نفس المسألة بدليل مذكور عند الشيباني (¬2). والفرق بين الشيباني وغيره هنا هو أن الشيباني استدل بهذه الأدلة على مسألة فقهية، واستدل الشافعي بنفس الأدلة على أصل من أصول الفقه شبيه بتلك المسألة الفقهية. وتصرف الشيباني في هذه المسألة يدل على أن علم أصول الفقه لم ينشأ بعد على وجه الاستقلال، وأن النقاش النظري حول المسائل الأصولية لم ينتشر بعد، وأن المناظرات كانت جارية حول المسائل الفقهية في الأساس. د - ترك رأي أبي حنيفة في بعض المواضيع بسبب الحديث نرى أن أبا يوسف والشيباني يخالفان أبا حنيفة في بعض المواضيع بالاعتماد على الأحاديث. فقد مرت مخالفتهما له في صلاة الاستسقاء أعلاه. مثال آخر: يخالف أبو يوسف والشيباني أبا حنيفة في اشتراط إذن الإمام لتملك الأرض الميتة عن طريق إحيائها مستدلين بحديث: "مَن أحيا أرضاً ميتة فهي له" (¬3)، قائلين: "إذن رسول الله أجوز من إذن الإمام" (¬4). مثال آخر: يرى الإمام أبو حنيفة أن العشر يؤخذ من جميع المحاصيل الزراعية سواء قلت أو كثرت، وسواء كان لها ثمرة باقية أم لا، ويعتمد في ذلك على رأي إبراهيم النخعي ومجاهد بن جبر من التابعين (¬5)؛ بينما يرى الشيباني أن العشر لا يؤخذ من الخضراوات ولا من المحصول الذي هو أقل من خمسة أوسق مستدلاً بالأحاديث "المعروفة" في ذلك (¬6). ومخالفة ¬

_ (¬1) الرسالة للشافعي، ص 409، 426، 429، 430. (¬2) صحيح البخاري، "أخبار الآحاد"، 1. (¬3) الموطأ، "الأقضية"، 26، سنن أبي داود، "الخراج"، 35 - 37؛ سنن الترمذي، "الأحكام "، 38. وانظر للتفصيل: نصب الراية للزيلعي، 4/ 288 - 290؛ الدراية لابن حجر، 2/ 201، 244. (¬4) الأصل للشيباني، 5/ 229 و - 229 ظ. (¬5) المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 371، 372؛ شرح معاني الآثار للطحاوي، 2/ 37، 38. (¬6) الأصل للشيباني، 5/ 158 ظ.

هـ - الطرق المتبعة في نقد الحديث والترجيح بين الأحاديث المختلفة

الشيباني لأبي حنيفة في جواز الوقف مبني على الحديث أيضاً (¬1). وهناك أمثلة أخرى في كتب الشيباني ترك فيها رأي أبي حنيفة استناداً إلى الأحاديث الواردة في تلك المواضيع (¬2). ونحن نرى أن ترك الشيباني لرأي أبي حنيفة في جميع هذه المسائل ليس لمخالفته له في الأصول، وإنما ذلك لاقتناع الشيباني بصحة الحديث وشهرته لاطلاعه على شيوع رواية ذلك الحديث أو العمل به على وجه لم يطلع أبو حنيفة عليه. هـ - الطرق المتبعة في نقد الحديث والترجيح بين الأحاديث المختلفة يوجد في الأصل نقد لمتن حديث يرويه هشام بن عروة (¬3). ومضمون هذا النقد أن النبي - عليه الصلاة والسلام - لا يأمر بباطل ولا بما يؤدي إلى خداع أحد الطرفين، ولذلك فيحكم بوهم هشام وخطئه في رواية هذا الحديث (¬4). يرجح الشيباني بين الرواة بما فيهم الصحابة، فبعد أن يروي حديثين مختلفين يذكر أن عمر أعلم بحديث رسول الله من عائشة (¬5). ويرجح روايات الصحابة الذين هم أكبر سناً وأكثر خبرة وأقرب إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - على روايات الصحابة الآخرين (¬6). فمثلاً يفيد الشيباني أن علياً أعلم بالحديث من أبي هريرة (¬7). وانتقد الشيباني روايات بعض الصحابيات في المسائل التي يكون الرجال أعلم بها في العادة كما اعتمد في ذلك على روايات آخرين ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 8/ 251 ظ. (¬2) الحجة للشيباني، 1/ 7 - 8، 52، 128، 272، 334، 502 - 507؛ موطأ محمد، 2/ 134، 3/ 314. (¬3) هو هشام بن عروة بن الزبير المدني، من رواة الحديث المشهورين. توفي سنة 146. انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر، 11/ 48 - 52. (¬4) الأصل للشيباني، 4/ 153 و - 153 ظ. (¬5) الأصل للشيباني، 4/ 153 ظ. (¬6) الحجة للشيباني، 1/ 95، 2/ 716، 717. (¬7) الحجة للشيباني، 2/ 716، 717، 720.

من الصحابة (¬1). ويرجح كذلك رواية الصحابي المشهور بالصحبة والعلم على رواية الصحابي غير المشهور والذي لا يروي إلا حديثاً واحداً (¬2). كما يرجح الشيباني بين الراويين الثقتين اللذين يرويان عن شخص واحد بكون أحدهما أعلم بحديث الشيخ من الآخر (¬3). وفي الحجة للشيباني نرى أنه يحاول التوفيق بين الأحاديث المختلفة أحياناً، فمثلاً في الروايات المتعلقة بأفضلية التغليس أو الإسفار بصلاة الفجر حاول الشيباني التوفيق بين الروايات بالوقوف على المعنى الظاهري لهذه الروايات (¬4). لكنه في الغالب يذهب إلى الترجيح بين الأحاديث، ويقول في ذلك: "إنما ينبغي إذا جاء الحديثان المختلفان أن ينظر إلى أشبههما بالحق فيؤخذ به ويترك ما سوى ذلك" (¬5). وإذا نظرنا إلى النقاش الذي قيل فيه هذا القول فإن "الحق" المذكور فيه يمكن أن يقصد به القواعد الشرعية العامة (¬6). وفي مكان آخر يذكر الشيباني أن الحديث إذا روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - على وجوه مختلفة فإنه ينبغي ترجيح الأليق به والأصوب من الروايات، وفي المسألة المذكورة في ذلك المكان يظهر أن المقياس الذي عين به الأصوب هو اتباع العدل والمساواة (¬7). ونرى أنه يرجح بين الروايات المختلفة بمقاييس أخرى، منها تطبيق تلاميذ عبد الله بن مسعود (¬8)، أقوال وأفعال الصحابة (¬9)، الاحتياط (أخذنا بالثقة، لأنه أوثق) (¬10)، موافقة السنَّة المشهورة (¬11)، كثرة الروايات (¬12)، ¬

_ (¬1) الحجة للشيباني، 1/ 64. (¬2) الحجة للشيباني، 1/ 225 - 226. (¬3) الحجة للشيباني، 1/ 171. (¬4) الحجة للشيباني، 1/ 1، 7. (¬5) الحجة للشيباني، 2/ 332. (¬6) الحجة للشيباني، 2/ 330 - 332. (¬7) الحجة للشيباني، 3/ 252 - 253. (¬8) الحجة للشيباني، 1/ 6 - 7. (¬9) الحجة للشيباني، 1/ 64، 2/ 650، 691. (¬10) الحجة للشيباني، 1/ 128، 166، 182، 187، 311 - 314؛ موطأ محمد، 3/ 63 - 64. (¬11) الحجة للشيباني، 1/ 319. (¬12) الحجة للشيباني، 210/ 2؛ موطأ محمد، 1/ 175، 200، 285، 300، 385، 410، 2/ 549.

التيسير (¬1)، رأي الأغلبية (¬2). ويرجح الشيباني في مسألة خالف فيها أبا حنيفة الحدثحما القولي على الحديث الفعلي لموافقته عمل الصحابة (¬3). ويحتج الشيباني في الحجة بروايات أهل بلده في مقابل روايات أهل المدينة، ويظهر من ذلك أن أهل كل بلد يثقون برواتهم وعلمائهم أكثر من غيرهم، وهذا أمر طبيعي إلى حد ما. فمثلاً، القنوت في صلاة الصبح وزكاة مال الصبي وغير ذلك من المسائل ترى فيها شاهد ما ذكرناه (¬4). وفي هذا السياق ينتقد الشيباني عدم أخذ أهل المدينة بروايات البلدان الأخرى (¬5). حتى أنه يبين أن أهل المدينة لا يعملون في بعض المسائل بأحاديث رووها هم أنفسهم (¬6). فمثلاً ينقل عن أهل المدينة قولهم في مسألة روى فيها أهل العراق حديثاً: "لا نعرف الحديث الذي تروونه"، أي أن هذا الحديث شاذ غير معروف؛ ويجيب الشيباني على ذلك بقوله: "الأحاديث في ذلك أغزر وأشهر من أن ترد، وقد رواها بعض أهل العراق " (¬7). ويجيب الشيباني عن بعض الأحاديث التي تتضمن أحكامًا تخرج عن الأمر المعروف والمشهور عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن ذلك خاص بالنبي وأنه لا يمكن اتباعه في ذلك، ويستدل على ذلك بأحاديث أخرى أو بالاجتهاد وإعمال الرأي (¬8). ينقل الشافعي عن الشيباني أنه لا يأخذ بالحديث المرسل / المنقطع (¬9). ويذكر الأستاذ محمد الدسوقي أن الشيباني يروي الأحاديث المرسلة/المنقطعة ويحتج بها في الأصل وغيره من كتبه، وبناءً على ذلك فيمكن أن تكون هذه ¬

_ (¬1) موطأ محمد، 1/ 293. (¬2) موطأ محمد، 1/ 643. (¬3) الحجة للشيباني، 1/ 128. (¬4) الحجة للشيباني، 1، 97 - 106، 106 - 108، 199، 357 - 362، 4/ 195 - 196، 206، 218 - 219؛ موطأ محمد 1/ 617 - 617، 2/ 13 - 14، 8/ 3، 12. (¬5) الحجة للشيباني، 1/ 265. (¬6) الحجة للشيباني، 4/ 231 - 233، 242 - 243. (¬7) الحجة للشيباني، 2/ 733. (¬8) الآثار للشيباني، ص 35؛ موطأ محمد، 2/ 124 - 125. (¬9) الأم للشافعي (تحقيق: رفعت فوزي عبد المطلب)، 9/ 135، 139.

5 - عدد الروايات في كتاب الأصل

العبارات أضيفت إلى الأم وليست منها في الأصل، وأنه توجد شبهات في نسبة الأم إلى الشافعي (¬1). ونحن نرى أن الشيباني مع أنه يقبل الأحاديث المرسلة / المنقطعة كدليل ويحتج بها إلا أنه يرد المرسل في جو المناظرة لأن خصمه على ذلك المذهب، فهو يُلزم خصمه برأي نفسه. وهذا التصرف معروف ومتداول لدى العلماء في المناقشات العلمية لإظهار عدم التناسق في منهج الخصم وأنه لا يسير على منهاج مستقيم، وليس هذا من سوء الأخلاق الذي لا يليق بالعلماء، وإنما هو أمر معروف ومشهور عندهم (¬2). 5 - عدد الروايات في كتاب الأصل يوجد في الأصل 1632 حديثاً وأثراً في المجموع. والقليل منه مكرر. ويدخل في هذا العدد الأقوال والأفعال والتقريرات المنسوبة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة والتابعين سواء ذكرت بسند أو بدونه. من ناحية أخرى فإنه ينبغي أن لا يظن أن علم أبي حنيفة وأبي يوسف والشيباني بالحديث مقصور على هذا العدد. فهناك كتب أخرى لهم مثل مسانيدهم، والآثار، والحجة على أهل المدينة وموطأ محمد. فعلاوة على المرويات الموجودة في هذه الكتب فإن مسائل كتاب الأصل نفسها تدل على هذا الأمر. فمثلاً يذكر الشيباني كفاية المُدّ (لتر واحد) للوضوء، والصاع (3،3 لتراً) للغسل كمسألة فقهية. وهي في الحقيقة مروية من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬3). وكثير من مسائل الوضوء والصلاة غير هذا لم يذكر فيها الدليل من الحديث. ومن المعلوم أن هذه المسائل وأمثالها من مسائل العبادات مأخوذة عن طريق الرواية، ومن المستحيل أن لا يعلم بها أئمة المذهب. فعدم ذكر هذه الروايات إلا نادراً في كتاب الصلاة مثلاً يمكن أن يفسر بأن تلك الروايات معلومة مشهورة عند أربابها، فلا حاجة إلى الإطالة بذكرها؛ وبأن الفقه في تصور الشيباني ¬

_ (¬1) الإمام محمد بن الحسن للدسوقي، ص 216 - 218. (¬2) وقد خالف الأستاذ محمد الدسوقي في ذلك. انظر: الإمام محمد بن الحسن، ص 217. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 4 و؛ صحيح البخاري، "الوضوء"، 47؛ صحيح مسلم، "الحيض"، 51 - 35.

د - الإجماع

وأستاذيه بدأ يستقل عن الحديث والرواية ويبرز إلى الوجود كعلم جديد قائم بنفسه. وقد أشار بعض العلماء إلى أن منهج الشيباني في ذكر الأحاديث هو عدم الاهتمام بالروايات المعروفة لدى الجميع في المسائل المشهورة، والاهتمام بذكر الروايات المتعلقة بالمسائل الدقيقة والتي تخفى على كثير من الناس (¬1). وإذا نظرنا إلى مجموع الروايات في الأصل فيمكن القول بأن هذه المعلومة صحيحة إلى حد ما. فمثلاً، لا يوجد في كتاب الصلاة إلا القليل من الروايات. لكن على النقيض من ذلك فإن الروايات قد ذكرت بكثرة في كتاب الرضاع وكتاب الطلاق حتى في المسائل المعلومة المشهورة. إن عدد الروايات مختلفة من حيث القلة والكثرة بين الكتب الفقهية الموجودة في الأصل، إلا أن معظم هذه الكتب لا تخلو من الرواية. وكثير من الكتب الفقهية في الأصل تفتتح بذكر الأحاديث والآثار الواردة في ذلك الموضوع، ثم ينتقل إلى المسائل الفقهية. فمثلاً كتاب الصرف والرهن والقسمة والهبة والإجارات والمضاربة والعتاق والصيد والذبائح والوصايا والولاء والسرقة والإكراه والدعوى والبينات والشرب والعبد المأذون والشفعة والمفقود وجعل الآبق والعقل والحيل واللقطة والمزارعة والنكاح والصلح والوكالة والوقف وبعض الأبواب الموجودة داخل هذه الكتب تفتتح بالأحاديث والآثار. غير أن كثيراً من الكتب الفقهية لا تفتتح بذكر الأحاديث والآثار، مثل كتاب التحري والاستحسان والأيمان وغيرها. والروايات المذكورة في بداية تلك الكتب الفقهية لا يلزم أن تكون كلها مؤيدة لرأي المذهب، بل يمكن أن توجد بينها روايات تخالف رأي المذهب (¬2). د - الإجماع يستدل الشيباني بالإجماع في مسائل كثيرة في الأصل وغيره من كتبه. ¬

_ (¬1) بلوغ الأماني لمحمد زاهد الكوثري، ص 78. (¬2) الأصل للشيباني، 4/ 144 ظ، 6/ 204 و، 242 ظ، 8/ 90 ظ.

ويستعمل لفظ "الإجماع" كما يستعمل الأفعال الدالة على ذلك مثل "أجمع، اجتمع" ونحوها. فهو يقول للتعبير عن الإجماع: "إجماع لا اختلاف فيه"، "اجتمع عليه الفقهاء"، "اجتمع عليه المسلمون" (¬1)، "أجمع أهل العلم جميعاً"، "أجمع المسلمون جميعاً"، "عند المسلمين وعند جميع الفقهاء"، "الناس جميعاً"، "مجمعة عليها" ونحو ذلك (¬2). وفي بعض المواضع لا يستعمل لفظ الإجماع لكن يستعمل ألفاظاً أخرى تدل على نفس المعنى، مثل قوله: "قول الناس كلهم"، "هذا قول لا نعلم أحداً من العلماء قاله"، "لم يُخْتَلَفْ فيه"، "والناس لا نعلمهم اختلفوا في ذلك" ونحو ذلك (¬3). وقد استعمل الإجماع مع السنَّة في بعض المواضع. ففي موضع يقول: "حرمت السنَّة والإجماع" (¬4). وفي موضع آخر يذكر: "السنَّة المجتمع عليها" (¬5). واستعمال السنَّة والإجماع معاً يحمل معنى تقوية أحد الدليلين بالآخر. فالسنَّة كما سبقت الإشارة إليها لها مفهوم يغلب عليه جانب الفعل والتطبيق. تبعاً لذلك، فالسنَّة والإجماع، أو السنَّة المجتمع عليها إذا أيدت حكماً من الأحكام تفيد أن ذلك الحكم معروف من قبل الجميع وأنه جار العمل به منذ القديم. والسنَّة بعد ذاتها تحمل معنى الشهرة والتلقي بالقبول في القرون الأولى. ففي هذه الحالة يكون إضافة الإجماع إليها مفيداً لقطعية هذه الشهرة والتلقي بالقبول ومؤكداً لهما. ويستدل في الأصل بإجماع الصحابة. فمثلاً في أحداث الفتنة الواقعة بين الصحابة كان كثير منهم على قيد الحياة وقد أجمعوا على عدم معاقبة من ارتكب قتلًا أو غصباً أو نحو ذلك في خضم هذه ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني،3/ 3 ظ، 204 و، 5/ 35 و. (¬2) الحجة للشيباني، 1/ 208، 209، 2/ 313، 3/ 22، 4/ 155، 262؛ موطأ محمد، 1/ 628. (¬3) الأصل للشيباني، 4/ 10 و؛ الحجة للشيباني، 1/ 522، 2/ 398، 409، 3/ 55، 124، 4/ 177 - 178. (¬4) الأصل للشيباني، 3/ 2 و. (¬5) الأصل للشيباني، 8/ 58 ظ.

الأحداث (¬1). واستدل في مسألة حصلت بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - وسكت الصحابة عليها بأن سكوتهم هذا يدل على صحة ذلك الأمر (¬2). فهنا وقع الاستدلال منه بالإجماع السكوتي. وينقل الجصاص عن الشيباني أنه إذا اختلف الصحابة في أمر ثم وقع الإجماع في عهد التابعين على رأي من آراء الصحابة وترك الرأي الآخر تماماً فإنه لا يجوز العمل بالرأي المتروك (¬3). كما أفاد مشايخ الحنفية المتقدمون أن الشيباني يقول بحجية الإجماع من أهل كل عصر (¬4). وقد استدل الشيباني بالأثر القائل: "ما رآه المؤمنون حسناً فهو عند الله حسن وما رآه المسلمون قبيحاً فهو عند الله قبيح" على كون استحسان المسلمين جميعهم لشيء أو استقباحهم له دليلاً من الأدلة (¬5). وينبه الشيباني على أن الأفعال والتطبيقات المخالفة للإجماع باطلة وأنه لا ينبغي اتباعها. فمثلاً ينبغي اتباع الإمام في صلاة العيد في عدد تكبيرات الزوائد على اختلاف الروايات في ذلك، لكن لا يجوز متابعة الإمام الذي يكبر عدداً لم يقل به أحد من الفقهاء ولم يؤثر عن السابقين (¬6). ويبين الشيباني أنه لا يجوز أن يبطل القاضي حكماً حكم به قاض آخر ما لم يكن ذلك الحكم مخالفاً لشيء لا يختلف فيه القضاة (¬7). ومفهوم هذا أن حكم القاضي المخالف للإجماع عرضة للإبطال. ويستعمل الشيباني لفظ الإجماع أحياناً بمعنى اتفاق مجموعة من الأشخاص أو الجماعات على أمر، وليس بمعنى الإجماع السابق. فمثلاً يفهم من السياق في موضع ذكر فيه الإجماع أنه يقصد به رأي الجمهور، لأنه يذكر رأياً آخر في مقابل الإجماع، وهو رأي أهل المدينة. وهي مسألة الأكل أو الشرب ناسياً في نهار رمضان، فبالرغم من وجود الأحاديث ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 5/ 89 و. (¬2) الحجة للشيباني، 3/ 413. (¬3) الفصول للجصاص، 3/ 339. (¬4) تقويم الأدلة للدبوسي، ص 31. (¬5) موطأ محمد، 1/ 628 - 633. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 73 ظ. (¬7) الكافي للحاكم الشهيد، 1/ 218 و.

و"الناس يجمعون عليها" إلا أن أهل المدينة يرون أن ذلك ينقض الصوم (¬1). وفي مواضع أخرى يذكر أيضاً أن الإجماع واقع على خلاف رأي أهل المدينة في المسألة (¬2). كما يقول في مسألة خالف فيها أهل المدينة: "وهذا الأمر المجتمع عليه لا اختلاف فيه بين الفقهاء إلا من قال برأيه ونبذ الآثار خلف ظهره " (¬3). وفي موضع آخر يذكر إجماع أهل الكوفة وأهل المدينة (¬4). ويقول في موضع: "لأن أبا حنيفة وجميع أصحابنا قد أجمعوا" (¬5). وفي مسائل الفرائض يتحدث عن أن القضاهّ لا يختلفون في بعض المسائل أو أنهم يجمعون عليها (¬6). واللافت للنظر هنا أنهم كانوا يتتبعون قضاء القضاة وإجماعهم على قضية من القضايا ويستدلون بذلك. ويستعمل الشيباني لفظ "العامة" بمعنى الجمهور، ويستدل برأيهم ويوليه قيمة (¬7). ويقول في مسألة وقوع الطلاق الثلاث بلفظ واحد بأنه "قول العامة لا اختلاف فيه" (¬8). وهذا التعبير بن كان يوهم أن المقصود به الإجماع إلا أنه يفيد الجمهور وقلة المخالفين، لأنه عقد في الأصل باباً لرد الرأي المخالف (¬9). وقد استدل الشيباني في موضع واحد بإجماع أهل الكوفة. يقول الشيباني في موضوع بيع العبد المدبَّر - الذي علق سيده عتقه على موته - بعد نقله حديثين مختلفين يقضي أحدهما بجواز بيعه ويقضي الآخر بعدم جواز بيعه: "فلما اختلفوا في الرواية عنه أخذنا بما اجتمع عليه أهل الكوفة ¬

_ (¬1) الحجة للشيباني، 1/ 392. (¬2) الحجة للشيباني، 2/ 199، 396، 443. (¬3) الحجة للشيباني، 2/ 236. ولعبارة شبيهة انظر: نفس المصدر، 2/ 334. (¬4) الحجة للشيباني، 1/ 497. ولعبارة شبيهة انظر: نفس المصدر، 1/ 533. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 102 و. (¬6) الأصل للشيباني، 4/ 15 ظ،16 و. (¬7) الحجة للشيباني، 1/ 108، 4/ 209؛ الآثار للشيباني، ص 77. (¬8) الآثار للشيباني، ص 86. (¬9) الأصل للشيباني، 3/ 25 و.

هـ - قول الصحابي

أنه لا يباع" (¬1). فهنا يستعمل إجماع أهل الكوفة كمرجِّح بين روايتين مختلفتين. وهذا التصرف يشبه استعمال الإمام مالك لعمل أهل المدينة واحتجاجه به في العمل بالأحاديث وغير ذلك. ويتشابه اللفظ المستعمل عند الإمام مالك والإمام محمد، فيقول الإمام مالك مثلاً: "الأمر المجتمع عليه عندنا" ونحو ذلك (¬2). ويفيد بعض الأصوليين أن الحنفية كانوا يستعملون عمل أهل الكوفة كمقياس للترجيح بين الروايات إلى زمن أبي حنيفة قبل شيوع البدع (¬3). وهذا المنهج كان متبعاً لدى المجتهدين الأولين. فقد كانوا يرون أن العمل الجاري في المكان الذي يعيشون فيه متوارث من الصحابة والتابعين الذين كانوا يعيشون في ذلك المكان قبلهم وأنهم لكونهم قريبي العهد بهم فقد وصل إليهم عمل الصحابة والتابعين عن طريق صحيح. وكانوا يرون أيضاً أن مثل هذا العمل المشهور والمتوارث من جيل إلى جيل أقوى من حديث يرويه شخص أو شخصان، ولذلك كانوا لا يقبلون صحة أخبار الآحاد التي تخالف هذا العمل المتوارث ويقولون بأن هذه الأخبار لو كانت صحيحة لكانت معلومة عند الصحابة والتابعين المتوافرين في ذلك المكان. ومن المفهوم أن الشيباني إنما ينطلق من هذه الفكرة في المثال المذكور أعلاه. وينبغي أن نلفت النظر هنا إلى أن استدلال الشيباني بإجماع أهل الكوفة لا يتناقض مع نقده لاستدلال الإمام مالك بعمل أهل المدينة. فالإمام محمد يستدل بإجماع أهل الكوفة للترجيح بين حديثين مختلفين، بينما ينتقد الاستدلال بعمل أهل المدينة في مواضع لا يوجد فيها حديث مؤيد لذلك العمل. هـ - قول الصحابي يستدل الشيباني بأقوال الصحابة في مواضع كثيرة، ويقول في بعض المسائل بأنه لا يوجد في هذه المسألة حديث للنبي - عليه الصلاة والسلام - ولا ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 3/ 133 و. (¬2) الموطأ لمالك بن أنس، 1/ 247، 271، 302. (¬3) المسودة لابن تيمية، ص 281.

قول صحابي، مما يدل على أنه يعد قول الصحابي دليلًا من الأدلة (¬1). وفي بعض المواضع ترك العمل يقول الصحابي (¬2). ولذلك فالمسألة مختلف فيها بين الأصوليين الأحناف (¬3). ويرجح الشيباني بين أقوال الصحابة في حال اختلافهم. فمثلاً في تحديد أيام تكبير التشريق يأخذ أبو حنيفة يقول عبد الله بن مسعود بينما يأخذ أبو يوسف والشيباني يقول علي بن أبي طالب (¬4). فيرجح الشيباني رواية أحد الصحابة على رواية صحابي آخر مؤيداً ذلك بأحاديث وأقوال الصحابة الآخرين (¬5). والصحابي الذي ترد روايته أو يرد قوله قد يكون مثل عبد الله بن مسعود الذي لأقواله مكانة عند أئمة المذهب (¬6). كما نرى أن الترجيح يكون غالباً لأقوال الصحابة الكبار والفقهاء منهم مثل عمر وعلي وعبد الله بن مسعود في حال تعارضها مع أقوال صحابة آخرين مثل زيد بن ثابت وأبي هريرة (¬7). هذا هو المفهوم من صنيع الشيباني في مؤلفاته (¬8). ويقدم الشيباني رأي الصحابة على رأي التابعين (¬9). ويستدل أحياناً بآراء التابعين التلاميذ لصحابي مشهور بالعلم ويذهب إلى الترجيح بينها، مثل آراء ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 8/ 253 ظ؛ الحجة للشيباني، 2/ 477، 513، 514، 563، 568. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 214 ظ، 3/ 15 و. يذكر الدبوسي أن أبا يوسف ومحمداً يقولان بعدم تضمين الأجير المشترك، ويستدلان في ذلك يقول علي، أما أبو حنيفة فاستدل برأيه وخالف هذا القول. انظر: تقويم الأدلة للدبوسي، ص 256. لكن توجد في الأصل رواية تؤيد رأي الإمام أبي حنيفة أيضاً. انظر: الأصل، 2/ 120 ظ؛ المبسوط للسرخسي، 15/ 80. وعليه فيمكن أن يقال بأن الإمام أبا حنيفة إنما ذهب إلى الترجيح بين روايتين عن نفس الصحابي، أو أنه طرح الروايتين جانباً لتناقضهما، وعمل برأيه. (¬3) تقويم الأدلة للدبوسي، ص 256؛ أصول السرخسي، 2/ 110. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 73 ظ - 74 و. (¬5) الحجة للشيباني، 1/ 65 - 66. (¬6) الحجة للشيباني، 1/ 214 - 218. (¬7) الحجة للشيباني، 1/ 299، 4/ 284 - 285. (¬8) قارن: الإمام محمد بن الحسن للدسوقي، ص 229. (¬9) الحجة للشيباني، 1/ 116، 169، 172 - 173.

أصحاب علي وأصحاب عبد الله بن مسعود (¬1). ولفقهاء الكوفة من التابعين مكانة مهمة في الأصل، وآراؤهم مذكورة في الكتاب بكثرة. ويمكن أن نذكر من بينهم إبراهيم النخعي (ت. 96)، والشعبي (ت. 104)، والقاضي شريح (ت. 80). والروايات المذكورة عن إبراهيم النخعي خصوصاً كثيرة جداً ولرأيه مكانة متميزة عند أئمة المذهب (¬2). وهذه الروايات تروى غالباً بنفس السند: أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم. ولآراء النخعي تأثير مهم على المذهب الحنفي. ومع ذلك فهناك مواضع خالف فيها أئمة المذهب رأيه. وللشعبي تأثير كبير في تأليف كتاب الفرائض من كتاب الأصل. فالشيباني ينقل عن الشعبي كتابه في الفرائض المشتمل على أقوال الصحابة والتابعين في مسائل الفرائض وتخريجاته على ذلك، ويبلغ ذلك إحدى عشرة ورقة (¬3). ثم يبني الشيباني كتاب الفرائض على هذه المعلومات ويتوسع في ذكر المسائل وتفصيلها. وكتاب الشعبي في الفرائض يعتبر مصدراً مهماً من القرن الأول منقولًا إلينا بواسطة كتاب الأصل (¬4). وينقل الشيباني هذا الكتاب عن السري بن إسماعيل ومحمد بن سالم بإسناده إلى الشعبي (¬5). ¬

_ (¬1) الحجة للشيباني، 1/ 6 - 7، 300. (¬2) الأصل للشيباني، 6/ 42 و. (¬3) الأصل للشيباني، 4/ 5 ظ - 16 ظ. (¬4) وقد ذكر أبو حاتم أن المسائل المذكورة في كتاب الفرائض للشعبي والمنسوبة إلى علي بن أبي طالب إنما هي من قياس الشعبي على أقوال علي - رضي الله عنه -، ولم يكن لعلي بن أبي طالب وقت لتفريعه مثل هذه المسائل. انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم، 6/ 233؛ تهذيب الكمال للمزي، 14/ 36. (¬5) الأصل للشيباني، 5/ 4 ظ، 38 ظ. السري بن إسماعيل الهمداني كوفي، وهو ابن عم الشعبي، وكان كاتباً للشعبي أثناء قضائه. وصار قاضياً مكانه بعد وفاته. وضعفه المحدثون من قبل الرواية انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر، 3/ 459 - 460. أما محمد بن سالم الهمداني فكوفي أيضاً، وله كتاب في الفرائض. روى عن الشعبي وغيره. وكان يعلم الفرائض جيداً. وهو ضعيف أيضاً عند المحدثين. انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر، 9/ 176 - 177.

و - القياس

والأصوليون الأحناف مع أنهم لا يعتبرون أقوال التابعين حجة إلا أنهم يرون أن مخالفة التابعي الذي كان معروفاً بالفقه على عهد الصحابة مثل إبراهيم النخعي للصحابة تقدح في تكون الإجماع (¬1). وهذا يدل على أن للتابعي الذي هذا شأنه مكانة معتبرة وأن أقواله لها نوع من الحجية. و- القياس 1 - مكانة القياس في المذهب الحنفي تتردد كلمة القياس بكثرة في الأصل. وهو أكثر الأدلة استعمالاً في الكتاب. ويدل كثرة استعمال لفظ القياس وما اشتق من نفس المصدر على كون المذهب الحنفي الممثل الرئيسي لمدرسة أهل الرأي. من ناحية أخرى فإن هذا الاستعمالك الكثير يوضح الانتقادات التي وجهها أهل الحديث إلى الحنفية وأبي حنيفة خصوصاً في موضوع القياس. فالقياس هو أساس الفقه الحنفي. يدور الفقه الحنفي حول محور القياس وتُصنَّف المسائل بالنظر إليه. لا شك أن النصوص هي المصادر الأساسية للفقه الحنفي، لكن هذا الفقه ينظر إلى القواعد العامة والعلل المستنبطة من النصوص بمجموعها على أنها أساس الفقه. فالقياس عندهم هي عملية إعمال النظر والفكر في ضوء النصوص وفي الإطار الذي ترسمه النصوص. 2 - المصطلحات يستعمل الشيباني كلمة القياس وما اشتق من مصدر "قيس" من الأفعال للتعبير عن هذا الدليل. وبعض التعابير المستعملة في إفادة القياس يمكن أن تسرد كما يلي: في القياس (¬2)، القياس في هذا أو في ذلك ونحوه (¬3)، على القياس (¬4)، قياس هذا (¬5). كذلك تستعمل الأفعال مثل قاس، قستُ، قسنا، ¬

_ (¬1) أصول السرخسي، 2/ 114؛ تيسير التحرير لأمير بادشاه، 3/ 135. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 185 ظ، 203 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 194 و. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 194 ظ. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 197 ظ.

نقيس، يقاس، تقاس (¬1). وقد استعملت ألفاظ أخرى لإفادة القياس. فمن ذلك لفظ "بمنزلة". فمثلاً يقيس الشيباني النفخ بالفم في الصلاة على الكلام ويحكم بفساد صلاة من يفعل ذلك قائلًا: "هذا بمنزلة الكلام" (¬2). وقوله: "بمنزلة" أي في نفس المعنى أو الحكم. يعني أن الأمرين في نفس المستوى من حيث العلة. ويستعمل للتعبير عن القياس ألفاظ أخرى مثل "هما سواء"، "هذا سواء"، والجمل التي تحتوي على لفظة "سواء". وهذا اللفظ يفيد كون الأصل والفرع مستويين من حيث العلة والحكم (¬3). وفي بعض المواضع يقيس مستعملاً كلمة "مثل" أو كاف التشبيه (¬4). تمر كلمة "العلة" في موضع واحد فقط (¬5). وهذا يدل على أن الكلمة لم تصبح مصطلحاً بعد. وتبدأ الجمل التي تبين العلة أو المقيس عليه بألفاظ "لأن"، "ألا ترى"، "مِن قِبَلِ" ونحوها (¬6). وتستعمل عبارات "لا يشببه"، "ليس يشبه" لبيان الفرق بين مسألتين وأنه لا يمكن قياس أحدهما على الآخر. ويكثر استعمالها لإيضاح الفرق بين المسائل التي يظن أنها متشابهة فيما بينها وهي ليست كذلك (¬7). وهناك تعبير آخر مستعمل في نفس المعنى وهي "ليس سواء" (¬8). ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 51 و، 241 ظ، 3/ 218 و، 4/ 40 و، 45 ظ، 46 و، 50 و، 52 ظ، 54 و، 65 و، 5/ 34 ظ، 69 ظ، 256 ظ، 6/ 195 ظ، 213 ظ، 7/ 42 و، 8/ 92 و، 253 و. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 2 ظ. وانظر لأمثلة أخرى: الأصل للشيباني، 1/ 6 ظ - 7 و، 10 و، 14 ظ، 19 و، 22 ظ، 32 ظ، 33 و، 34 ظ؛ موطأ محمد، 3/ 294، 354. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 2 و، 3 و، 10 و، 12 و، 15 و، 15 ظ، 16 و، 19 ظ. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 87 ظ، 2/ 160 و. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 294 ظ. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 3 ظ، 5 ظ، 7 و، 8 و، 9 ظ،10 ظ،11 و، 2/ 131 و، 132 ظ، 135 ظ. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 8 ظ، 11 و، 11 ظ، 19 ظ، 20 ظ، 31 ظ، 32 و، 39 و، 40 ظ، 42 و، 304 و، 2/ 36 و، 129 و. (¬8) الأصل للشيباني، 1/ 9 ظ، 58 و.

3 - فائدة القياس

وللإشارة إلى قياس الأَوْلى تستعمل ألفاظ مثل: "أشد، أعظم، أولى" ونحو ذلك مما يفيد التفضيل والترجيح (¬1). وفي موضع آخر استعمل فعل "عدّيتم" من مصدر التعدية (¬2). وقد استعملت كلمة التعدية في تعريف القياس فيما بعد عند الأصوليين (¬3). وفي معنى الاعتراض على القياس وإيراد المسائل التي تخالف قياساً ما لبيان فساد ذلك القياس فإنه يستعمل كلمة "يدخل" وما يشبهها (¬4). وقد استعمل القياس مع كلمة "النظر" حيث يقول: "السنَّة والآثار في هذا معروفة مشهورة لا يحتاج معها إلى نظر وقياس " (¬5). وبالنظر إلى أمثلة أخرى أيضاً يتبين أن كلمة النظر تستعمل بمعنى الاجتهاد والفكر الفقهي (¬6). وقد استعمل كلمة القياس في الأصل في بعض المواضع بمعنى قياس الأصول، أي القواعد العامة. فمثلاً العمل باليقين وعدم الالتفات إلى الشك الطارئ عليه والمعبر عنه بقاعدة "اليقين لا يزول بالشك" قد سمي قياساً (¬7). 3 - فائدة القياس إن القياس الذي يستعمل في الأصل في معنى أوسع من معناه الاصطلاحي المتأخر يعمل كآلية لتحقيق الانسجام الداخلي والترابط والتناسق بين فروع المذهب، فبواسطته تترابط الفروع لتشكل نسقاً واحداً منتظماً، وتُنقح المسائل وُيقرر ما يقبل من المسائل وما لا يقبل. ولذلك ترى في مواضع كثيرة من الكتاب عبارات مثل: "ينبغي في القياس" ونحو ذلك (¬8). ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 8/ 1 و، 11 ظ، 52 و، 57 و، 60 ظ، 108 و، 168 ظ، 183 ظ, 210 ظ، 2/ 83 و، 106 ظ، 9/ 13 و، 27 ظ، 53 و، 59 و. (¬2) الحجة للشيباني، 2/ 665. (¬3) أصول السرخسي، 2/ 118؛ التوضيح لصدر الشريعة، 2/ 52. (¬4) الأصل للشيباني،1/ 98 ظ، 102 و؛ الحجة للشيباني، 1/ 34، 77. (¬5) الحجة للشيباني، 1/ 316. وانظر لمثال آخر: نفس المصدر، 2/ 482. (¬6) الحجة للشيباني، 2/ 568، 569. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 6 و - 6 ظ. (¬8) الأصل للشيباني، 1/ 217 و، 322 و، 2/ 121 و، 3/ 44 و، 241 ظ، 4/ 61 ظ، 242 ظ , 245 و، 8/ 210 و.

4 - أركان القياس

فمثلاً المقيم إذا مسح على الخفين ثم سافر قبل تمام يوم وليلة فإن مدة المسح تمتد إلى ثلاثة أيام، وقياساً على هذا لتحقيق التناسق بين الفروع قيل بأن المسافر إذا مسح على الخفين ثم أقام قبل تمام ثلاثة أيام ولياليها فإن مدة المسح تنقص إلى يوم وليلة (¬1). وترى في مواضع كثيرة من الكتاب أن موضوعًا ما يتم بيانه عن طريق إيضاح مسألة معينة ثم يتم بيان علتها ثم يقال بأنه يمكن القياس على هذه المسألة باتباع العلة المذكورة. ويتم التعبير عن ذلك بقوله: "وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه" (¬2)، "وعلى هذا جميع هذا الباب وقياسه" (¬3)، "وعلى هذا جميع هذا القول وقياسه" (¬4)، ونحو ذلك. 4 - أركان القياس إن أركان القياس التي هي الأصل والفرع والعلة والحكم تكون واضحة مذكورة في بعض المواضع، لكن بدون استعمال هذه المصطلحات أي الأصل والفرع وما إلى ذلك (¬5). ففي كثير من المواضع لا يذكر الأصل المقيس عليه، ويذكره في بعض المواضع. فمثلاً يقيس جواز الاحتكام إلى الحكمين في حل الخلافات عمومًا على جواز الاحتكام إلى الحكمين في حل الخلافات الزوجية المذكور في الآية الكريمة (¬6). ويتم تعليل الحكم في مواضع كثيرة (¬7). وقد تم تعيين مسافة قصر الصلاة للمسافر بثلاثة أيام قياساً على الحديث القائل: "لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا ومعها محرم" (¬8). وأشار في موضع إلى إمكان القياس ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 15 ظ. (¬2) الأصل للشيباني،1/ 102 ظ، 2/ 28 و، 249 و، 257 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 2/ 248 ظ، 6/ 88 و. (¬4) الأصل للشيباني، 5/ 7 و، 9 ظ. (¬5) الحجة للشيباني، 1/ 19، 2/ 183، 467، 665. (¬6) الأصل للشيباني، 8/ 88 و. (¬7) الحجة للشيباني، 2/ 565؛ موطأ محمد، 3/ 418، 423. (¬8) الأصل للشيباني، 1/ 51 و.

5 - حجية القياس وحدودها

على الحكم الثابت بالإجماع (¬1). وقام في مسألة بالقياس على الأثر المروي عن علي بن أبي طالب (¬2). وفي مثال آخر يقول: "هذا قياس الصلاة على غير وضوء" (¬3). كما يتم القياس على أقوال الصحابة والتابعين كذلك يتم القياس على آراء أبي حنيفة وأبي يوسف، وتستحدث بذلك مسائل جديدة. ويعبر عن مثل هذه القياسات بقوله: "قياس قول أبي بكر"، "قياس قول الشعبي"، "قياس قول أبي حنيفة"، "قياس قول أبي يوسف"، ونحو ذلك (¬4). وقد سمي هذا النوع من القياس فيما بعد بالتخريج، وقد أدى ذلك إلى نمو المذهب وازدياد عدد مسائله وفروعه، كما أدى إلى تقوية الترابط بين فروع المذهب. وأثناء القيام بالقياس يقال بأنه لا "فرق" بين المسألتين، وأن المسألتين "تشبه" بعضهما بعضاً. فمثلاً يقول: "إنما ينبغي أن يقاس ما لم يأت فيه أثر بما يشبهه مما جاء فيه الأثر" ونحو ذلك (¬5). ويصور الرأي المخالف للقياس بأنه التفريق بين أمرين ليس بينهما فرق في الحقيقة (¬6). وكلمتا الفرق والشَّبَه مما يكثر استعمالهما في أصول الفقه فيما بعد في مباحث القياس. 5 - حجية القياس وحدودها هناك عبارة جالبة للانتباه في حجية القياس، يقول الشيباني: "الآثار لا تجيء في الأشياء كلها ولكن تجيء في بعض، ويقاس ما لم يأت فيه أثر بما جاءت فيه آثار"، وأن عدم اتباع ذلك هو تحكُّم (¬7). وهذه العبارة تذكرنا بالعبارة الشهيرة في أصول الفقه والتي تقال أثناء الاحتجاج للقياس، وهي أن النصوص متناهية والحوادث غير متناهية فيجب قياس ما لم يرد في النصوص ¬

_ (¬1) الحجة للشيباني، 2/ 313. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 125 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 158 و. (¬4) وقد تم بحث مثل هذه العبارات فيما تقدم. (¬5) الحجة للشيباني، 1/ 19، 44، 45، 2/ 661، 664 - 665. (¬6) الحجة للشيباني، 1/ 84، 2/ 563. (¬7) الأصل للشيباني، 8/ 253 و.

على ما ورد فيها (¬1). وفي مؤلفاته الأخرى ينتقد الشيبانيّ كذلك التفريق بين المسائل التي تتبع علة واحدة ويسمي ذلك تحكماً (¬2). ويستدل في بعض المسائل بالقياس الذي قام به الصحابة مثل عبد الله بن عباس (¬3). وقد صرح الشيباني بأنه لا يمكن أن يخالف القياس الحديث قائلاً: "لا قياس مع أثر" (¬4). وهذه العبارة تشبه القاعدة المصوغة فيما بعد: "لا مساغ للاجتهاد في مورد النص ". وقد مرت قريباً العبارة القائلة: "السنَّة والآثار في هذا معروفة مشهورة لا يحتاج معها إلى نظر وقياس" (¬5). يرد الشيباني بأمثال هذه العبارات على الادعاء بأن أهل الرأي يتركون الأحاديث في مقابل القياس والرأي. ويبين الشيباني وجوب العمل بالقياس في المحل اللازم. فلا يمكن القبول بالعمل بظاهر الحديث في المسألة التي ورد فيها الحديث وتَرْكِ العمل به في مسألة شبيهة بما ورد في النص. يقول الشيباني: "ينبغي أن يقاس على حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا يخالف فيقول قائل: إنما أقول ذلك فيما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة وما لم يأت فيه أثر قلت فيه برأيي" (¬6). وقد عمل الشيباني بالقياس في جميع أبواب الفقه تقريباً. وعلى عكس ما ورد في أصول فقه الأحناف أنه لا يجري القياس في العبادات والحدود، فقد عمل بالقياس في العبادات والقصاص والحدود واحتج بالقياس في المناقشات الجارية في هذه المسائل (¬7). وقد انتقد الشيباني أهل المدينة بسبب ¬

_ (¬1) أصول السرخسي، 2/ 139 - 140؛ البحر المحيط للزركشي، 5/ 5. (¬2) الحجة للشيباني، 2/ 302، 501. 575. 620، 4/ 317 - 318. (¬3) الحجة للشيباني، 2/ 664 - 665. (¬4) الحجة للشيباني، 1/ 204. (¬5) الحجة للشيباني، 1/ 316. (¬6) الحجة للشيباني، 2/ 650. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 6 و، 11 ظ، 15 ظ، 29 و، 51 و، 5/ 19 ظ، 20 و، 21 ظ، 23 ظ؛ الحجة للشيباني، 1/ 76 - 77، 240 - 251، 261 - 264، 293 - 294، 296 - 298، 341 - 342، 381 - 382، 383 - 391، 2/ 272 - 274، 303 - 304، 325، 356 - 388،357 - 390، 419 - 420، 467، 4/ 404 - 405، 407 - 411، 415 - 416.

ز - الاستحسان

عدم اتباعهم لما يوجبه القياس في مسائل الوضوء والحج (¬1). لكن من الواضح أن هذه المسائل ليست من أصول العبادات المقررة بالنصوص وإنما هي متعلقة بفروعها. أما المعاملات فقد جرى القياس فيها على أوسع نطاق من قبل أهل الرأي وأهل المدينة أيضاً، وجرت المناقشات فيها على صحة القياس المجرى أو عدم صحته (¬2). وقد أفاد الشيباني أن القياس ينبغي أن يجري بين مسائل الباب الواحد والمسائل الشبيهة ببعض. فمثلاً مسائل الصوم تقاس بمسائل الصوم، ومسائل الإحرام تقاس بمسائل الإحرام، وعوارض الأهلية مثل الخطأ والنسيان والإكراه المذكورة في حديث واحد ينبغي أن تقاس ببعضها (¬3). وهذا لأن مسائل الباب الواحد تشبه بعضها أكثر من مسائل باب آخر، وإلا فليس هناك مانع من القياس بين مسائل الأبواب المختلفة إذا وقع بينها اتحاد من حيث العلة. ز - الاستحسان 1 - مفهوم الاستحسان إن الاستحسان مع القياس من أكثر المصطلحات استعمالاً في كتاب الأصل. كما أن ذِكْرَ القياس في كثير من المسائل هو نتيجة لوجود استحسان في المسألة. فحين تستند مسألة إلى قياس ولا يوجد استثناء في فروع تلك المسألة فلا يذكر الشيباني القياس فيها. لكن إذا وجد استثناءً في فروع المسألة المبنية على القياس فإنه يذكر القياس ويبين أنه ينبغي أن يكون الحكم في حال اتباع القياس كذا وكذا، لكن يترك القياس لسبب يذكره ويذهب إلى الاستحسان. وهكذا يشكل القياس والاستحسان زوجاً اصطلاحياً متقابلين من حيث المعنى. ولإفادة الاستحسان استعمل الشيباني كلمة ¬

_ (¬1) الحجة للشيباني، 1/ 18 - 19، 44 - 45، 2/ 183. (¬2) الحجة للشيباني، 2/ 500 - 502، 503 - 509، 514، 522 - 525, 556 - 557، 624 - 626، 661 - 662. (¬3) الحجة للشيباني، 2/ 327 - 328.

"الاستحسان" وأفعالاً مثل أستحسن واستحسنتُ ونحو ذلك. ويستعمل الاستحسان غالباً بتقديم حرف الجر "في" عليه، أي يقول: "في الاستحسان". ويستعمل هذا التعبير في مقابل تعبير "في القياس" كثيراً. كما يستعمل تعبير "أخذت بالاستحسان" أو "آخذ بالاستحسان" ونحو ذلك (¬1). وقد استعمل الاستحسان في بعض المواضع بمعناه اللغوي أي رؤية الشيء حسنًا أو قبول رأي ما (¬2). وفي بعض المناقشات مع أهل المدينة يستعمل الاستحسان بمعنى قبول الرأي المخالف للحديث والسنَّة (¬3). فالشيباني يستعمل الاستحسان بمعنى الاستثناء من القاعدة أو القياس، أي بالمعنى الاصطلاحي المعروف في أصول الفقه. وفي كثير من المواضع يستعمل لفظ الاستحسان مع أدوات الاستثناء، مما يدل على وقوع الاستحسان بطريق الاستثناء. فيقول: "إلا أني أستحسن"، "إلا باباً واحداً أستحسن فيه"، "غير خصلة واحدة لو فعلها أستحسنها"، "غير أني أستحسن"، "غير أني أستحسن في هذا خصلة واحدة"، "ما خلا ... فإني أستحسن" ونحو هذا (¬4). ومع ذكر الاستحسان والقياس مع بعض في كثير من الأماكن إلا أن الاستحسان يذكر أحياناً وحده ويفهم القياس ضمناً من السياق، وأحياناً يعبر عن الاستحسان بترك القياس. ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 11 و، 240 ظ، 2/ 95 و، 147 و، 175 و، 194 ظ، 3/ 129 و، 157 و، 207 و، 207 ظ، 237 ظ، 4/ 85 و، 86 و، 247 ظ، 5/ 22 ظ، 23 ظ، 46 ظ، 60 ظ، 195 و، 6/ 16 ظ، 33 ظ، 51 و، 8/ 16 ظ، 110 و، 119 و، 126 ظ، 129 و، 213 و، 265 ظ وقد أشار الدبوسي إلى الألفاظ التي استعملها الشيباني لإفادة الاستحسان. انظر: تقويم الأدلة للدبوسي، ص 404. (¬2) الأصل للشيباني،1/ 102 و، 107 ظ،111 و، 114 ظ، 5/ 57 ظ؛ الحجة للشيباني، 1/ 522. (¬3) الحجة للشيباني، 1/ 222، 272. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 226 ظ، 232 ظ، 249 و، 3/ 79 ظ، 129 و، 5/ 34 ظ، 6/ 32 و، 7/ 244 ظ، 8/ 74 ظ،104 ظ، 196 و.

ففي بعض المواضع التي يذكر فيها الاستحسان والقياس معاً يقول: "هما سواء في القياس ولكني أستحسن ذلك وأدع القياس فيه" (¬1)، "أما في القياس ... وبه نأخذ ... وأما في قول أبي يوسف فإنه قال أستحسن" (¬2)، "أستحسن في هذا وأدع القياس" (¬3)، "أستحسن ذلك وأدع القياس فيه وكان ينبغي في القياس" (¬4)، "هذا والباب الأول سواء في القياس ولكن أستحسن في ... وآخذ في ... بالقياس " (¬5)، "أما في القياس ... وأما في الاستحسان " (¬6)، "هذا القياس في هذا ولكن أستحسن" (¬7)،" هذا القياس ولكن أبا حنيفة كان يستحسن" (¬8)، "والنكاح في هذا الباب والباب الأول سواء في القياس غير أني أخذت في الباب الأول بالاستحسان" (¬9). ويوجد غير ما ذكر مواضع كثيرة جداً ذكر فيها القياس والاستحسان مع بعض. وهذا غيض من فيض. وهناك مواضع ذكر فيها أنه ترك القياس ولم يذكر لفظ الاستحسان صراحة. فمثلاً يقول: "هما في القياس سواء إلا أنا ندع القياس" (¬10)، "هما ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 8/ 124 و. ولعبارات شبيهة انظر: نفس المصدر، 1/ 39 ظ، 209 ظ، 210 و، 259 ظ، 285 و، 2/ 124 ظ، 285 و، 3/ 85، 129 , 144 ظ, 233 و، 4/ 136 ظ، 5/ 39 ظ، 48 و، 118 و - ظ، 8/ 164 ظ. (¬2) الأصل للشيباني، 5/ 42 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 69 ظ،140 و، 148 و، 227 ظ، 236 ظ، 252 ظ، 255 ظ، 260 وظ، 265 ظ, 312 و، 325 و، 2/ 93 ظ، 108 و، 146 ظ، 148 و، 150 و، 209 و,210 ظ. (¬4) الأصل للشيباني، 2/ 192 و، 3/ 90 و، 154 ظ، 5/ 50 ظ، 7/ 74 و، 8/ 86 ظ، 194 ظ. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 59 و. ولعبارات شبيهة انظر: نفس المصدر، 1/ 59 و، 3/ 241 ظ، 4/ 114 ظ، 7/ 35 ظ. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 61 و، 4/ 88 و، 8/ 260 و. (¬7) الأصل للشيباني، 2/ 209 ظ، 5/ 91 و. (¬8) الأصل للشيباني، 6/ 115 و. (¬9) الأصل للشيباني، 3/ 132 و. (¬10) الأصل للشيباني، 1/ 6 ظ.

في القياس سواء غير أنه جاء ... أثر فأخذنا به." (¬1)، "أما في القياس ... ولكني أدع القياس" (¬2)، "أدع القياس" (¬3)، "ليس هذا بالقياس، وهذا والأول سواء في القياس" (¬4)، "ليس هذا بقياس، فكذلك الوجه الأول" (¬5)، "ليس ذلك بقياس، القياس فيه ... " (¬6)، "فإني أدع القياس " (¬7). وتوجد عبارات أخرى شبيهة بهذه، وهي كثيرة جداً. ويقتصر أحياناً على ذكر الاستحسان دون القياس. ويفهم من ذلك أن الرأي الآخر هو القياس. فيقول مثلاً: "استحسنا ذلك" (¬8)، "أستحسن ذلك ... إنما أستحسن" (¬9)، "أستحسن في هذا وشبهه" (¬10)، "نستحسن ذلك" (¬11)، "نستحسن في هذا" (¬12). وتوجد عبارات أخرى شبيهة بهذه كثيرة. ومع أن القياس والاستحسان يكونان مختلفي النتيجة في الأعم الأغلب، إلا أنه نادراً ما يذكر أن القياس والاستحسان يؤديان إلى نفس النتيجة، فيقول عقيب مسألة: "في القياس والاستحسان" (¬13). وفي بعض المواضع يذكر أن الرأي الذي على خلاف الاستحسان قبيح، يعني أنه يؤدي إلى نتائج قبيحة، ويستعمل ألفاظاً تدل على هذا المعنى (¬14). ويلاحظ هنا التضاد بين الحسن والقبح في استعمال الشيباني لهذه الألفاظ. كما أنه يستعمل أحياناً لفظ "الاستقباح" وما يشتق منه للدلالة على ما هو خلاف الاستحسان (¬15). ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 9 و. (¬2) الأصل للشيباني، 4/ 88 و، 5/ 140 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 8/ 70 ظ. (¬4) الأصل للشيباني، 3/ 211 و. (¬5) الأصل للشيباني، 5/ 85 و. (¬6) الأصل للشيباني، 6/ 71 و. (¬7) الأصل للشيباني، 8/ 144 ظ. (¬8) الأصل للشيباني، 4/ 90 ظ. (¬9) الأصل للشيباني، 8/ 110 ظ. (¬10) الأصل للشيباني، 6/ 59 و. (¬11) الأصل للشيباني، 1/ 227 ظ. (¬12) الأصل للشيباني، 3/ 206 ظ. (¬13) الأصل للشيباني، 5/ 88 و. (¬14) الأصل للشيباني، 1/ 32 ظ، 3/ 113 ظ، 241 ظ، 6/ 106 ظ. (¬15) الأصل للشيباني، 6/ 58 و، 7/ 135 ظ.

وقد استعمل الشيباني الاستحسان في مؤلفاته الأخرى مثل الجامع الصغير والجامع الكبير أيضاً (¬1). ولا يذكر لفظ الاستحسان أحياناً مع أن المعنى يدل عليه. فمثلاً في مسألة انتقاض الصوم بالأكل والشرب ناسياً يقول أبو حنيفة: "لولا ما جاء في هذا من الآثار لأمرت بالقضاء" (¬2). أما كتاب الاستحسان الذي هو أحد كتب الأصل فقد فسر السرخسي كلمة الاستحسان الوارد في هذا العنوان بالمصطلح الأصولي؛ لكن الأكثر على أنه ليس في هذا المعنى. فيذكر السرخسي بعض التعاريف لمصطلح الاستحسان بالمعنى الأصولي، ثم يحاول أن يقيم علاقة بين المسائل الواردة في بداية كتاب الاستحسان وبين المعنى الأصولي، فيقول بأن المرأة يجب أن تكون كلها عورة من القرن إلى القدم في القياس، ولكن الاستحسان هو الذي جوز النظر إلى وجهها وكفيها للضرورة (¬3). أما نجم الدين النسفي (ت. 537) فيذهب إلى أن الاستحسان هنا بمعنى استخراج المسائل الحسنة، أو وضع المسائل الحسنة بأدلة قوية، وأن الاستحسان الذي يذكر في مقابل القياس فهو متعلق بأصول الفقه (¬4). وقد استعمل أئمة الحنفية وفقهاؤهم أسماء أخرى لكتاب الاستحسان مثل كتاب الكراهية، فقد استعمله الشيباني في الجامع الصغير (¬5)، وكتاب الكراهة الذي استعمله الطحاوي (¬6)، وكتاب ¬

_ (¬1) الجامع الصغير للشيباني، ص 115 - 116، 130، 359، 441، 442، 456، 460، 469، 490، 501، الجامع الكبير، ص 45، 55. 85. (¬2) الحجة للشيباني، 1/ 392؛ تقويم الأدلة للدبوسي، ص 405. (¬3) المبسوط للسرخسي، 10/ 145. (¬4) طلبة الطلبة للنسفي، ص 201. وانظر: بدائع الصنائع للكاساني، 5/ 118؛ تبيين الحقائق للزيلعي، 6/ 10؛ البحر الرائق لابن نجيم، 8/ 204. (¬5) الجامع الصغير للشيباني، ص 47. وتبعه في ذلك بعض الفقهاء. انظر: الهداية للمرغيناني، 4/ 78؛ الاختيار للموصلي، 4/ 153؛ كنز الدقائق لحافظ الدين النسفي (مع تبيين الحقائق للزيلعي)، 6/ 10 ملتقى الأبحر لإبراهيم الحلبي (مع مجمع الأنهر لداماد)، 4/ 177. (¬6) مختصر الطحاوي، ص 428؛ شرح معاني الآثار للطحاوي، 4/ 229.

2 - الأسباب المقتضية للاستحسان

الحظر والإباحة الذي استعمله القدوري وغيره (¬1)؛ وكتاب الزهد والورع الذي اقترحه بعفى الفقهاء (¬2). والملاحظ أن أكثر الفقهاء الأحناف عدلوا عن اسم كتاب الاستحسان وغيروه إلى الأسماء المذكورة، ولعل السبب في ذلك أنهم أرادوا أن لا يلتبس المراد بالاستحسان هنا بالمعنى الأصولي للكلمة. 2 - الأسباب المقتضية للاستحسان لقد ذكر الأصوليون الأحناف الأسباب المقتضية للاستحسان بأنها النص والإجماع والقياس والضرورة (¬3). وهناك أمثلة على الاستحسان بالنص والقياس في كتب الشيباني. ولكن الأمثلة التي ذكرها الأصوليون الأحناف للاستحسان بالإجماع والضرورة لا توجد في كتب الشيباني. فمثلاً جواز عقد الاستصناع بالاستحسان المستند إلى الإجماع، وطهارة البئر التي سقطت فيها نجاسة بنزع عدد من الدلاء بالاستحسان المستند إلى الضرورة، كل هذا مما لم يذكره الشيباني. كذلك ما اشتهر على ألسنة الفقهاء والأصوليين الأحناف من جواز عقد السلم بالاستحسان المستند إلى النص، وجواز عقد الإجارة بالاستحسان المستند إلى النص أو الضرورة مما لم يذكره الشيباني (¬4). ولكن إذا نظرنا إلى أمثلة الاستحسان المستند إلى العرف عند الشيباني نرى أن كثيراً من هذه المسائل يرجع الاستحسان فيها إلى الضرورة والحاجة. كذلك عقد الاستصناع الذي مثل به الحنفية للاستحسان بالإجماع يمكن أن يقال ¬

_ (¬1) الكتاب للقدوري (مع اللباب للميداني)، 4/ 156؛ المبسوط للسرخسي، 10/ 145؛ تحفة الفقهاء للسمرقندي، 3/ 331؛ تنوير الأبصار للتمرتاشي (مع رد المحتار لابن عابدين)، 6/ 336. (¬2) المبسوط للسرخسي، 10/ 145؛ الاختيار للموصلي، 4/ 153؛ رد المحتار لابن عابدين، 6/ 336. (¬3) الفصول للجصاص، 4/ 228؛ تقويم الأدلة للدبوسي، ص 405؛ أصول السرخسي، 2/ 202؛ التوضيح لصدر الشريعة، 2/ 82؛ تيسير التحرير لأمير بادشاه، 4/ 78. (¬4) تقويم الأدلهّ للدبوسي، ص 405 - 406؛ أصول السرخسي، 2/ 203؛ التوضيح لصدر الشريعة، 2/ 82؛ تيسير التحرير لأمير بادشاه، 4/ 78.

أ - السنة والحديث والأثر

بأنه يستند إلى العرف والتعامل العام، وهذا العرف والتعامل يرجع في الحقيقة إلى احتياج الناس لمثل هذه المعاملة. أ - السنَّة والحديث والأثر توجد عند الشيباني عبارات كثيرة تبين أن السبب وراء ترك القياس والأخذ بالاستحسان هو الأثر الموجود في المسألة. وتستعمل في هذه العبارات مصطلحات الأثر والآثار والسنَّة والحديث (¬1). والأثر الوارد في المسألة قد يكون حديثاً مرفوعاً، أو قول صحابي، أو قول تابعي (¬2). فيقول مثلاً: "هما في القياس سواء إلا أنا ندع القياس للأثر" (¬3)، "هما في القياس سواء غير أنه جاء ... أثر فأخذنا به" (¬4)، "جاء في ذلك أثر فأخذت به وأخذت في ... بالقياس" (¬5). وهذه بعض الأمثلة التي ترك فيها القياس للأثر: - ينبغي أن يكون حكم المضمضة والاستنشاق في الوضوء والغسل واحداً في القياس، إلا أن أثر ابن عباس أوجب ترك القياس، وفرضية المضمضة والاستنشاق في الغسل دون الوضوء (¬6). - ينبغي أن يكون حكم المني الجاف في الثوب وغيره من النجاسات في التطهير واحداً من حيث وجوب استعمال الماء في ذلك، إلا أن الحديث ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 3/ 79 ظ، 4/ 223 ظ، 242 ظ، 7/ 51 و، 234 و. (¬2) الأصل للشيباني، 4/ 241 و، 5/ 28 ظ، 50 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 6 ظ. وانظر لما يشبه هذه العبارة: نفس المصدر، 5/ 162 و - ظ. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 9 و. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 11 ظ. وانظر لعبارات أخرى شبيهة: نفس المصدر، 1/ 234 ظ، 256 و، 2/ 58 ظ، 4/ 219 و، 241 و، 5/ 28 ظ، 50 ظ، 7/ 234 و. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 6 ظ. ولأثر ابن عباس انظر: الآثار لأبي يوسف، ص 13؛ السنن للدارقطني، 1/ 116، مسند أبي حنيفة لأبي نعيم، ص. 200؛ السنن الكبرى للبيهقي، 1/ 179، جامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 269؛ نصب الراية للزيلعي، 1/ 78؛ الدراية لابن حجر، 1/ 47،

ب - القياس

الذي جوز تطهر المني بالفرك من الثوب أوجب الاستحسان (¬1). - ينبغي أن يكون حكم النوم واحداً من حيث نقضه للوضوء على أية حالة كان النوم، إلا أن الحديث أوجب استثناء النوم في حالة الركوع والسجود والقيام والقعود. وقد قاس الشيباني الجنون على النوم من حيث كونه ناقضاً للوضوء ولم يستثنوا من ذلك حالة الركوع والسجود ولا غيرها، وعلل ذلك بأن الحديث ورد في النوم خاصة على خلاف القياس (¬2). وهذا المثال وغيره مما استنبط أصوليو الحنفية منه أن الحكم الذي ورد على خلاف القياس لا يقاس عليه (¬3). وهناك أمثلة أخرى ذكرها الشيباني في الأصل (¬4). ب - القياس في أكثر المواضع يستند الاستحسان إلى قياس آخر. فإذا أمكن قياس فرع على أصلين مختلفين يسمى القياس الذي يكون أسرع وروداً إلى العقل ولكنه ضعيف باسم "القياس"، ويسمى القياس الذي يكتشف بنوع من التأمل ويكون أقرب إلى العقل باسم "الاستحسان " (¬5). وقول الشيباني في الأصل: "ويدخل في هذا الاستحسان بعض القياس" (¬6)، يدل على أن الاستحسان هنا هو ترجيح بين قياسين. وقد شرح الجصاص عبارة الشيباني هذه بتوسع (¬7). ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 9 و. وللحديث انظر: صحيح مسلم، "الطهارة"، 105 - 106؛ سنن أبي داود، "الطهارة"، 134؛ سنن الترمذي، "الطهارة"، 85؛ جامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 277؛ الدراية لابن حجر، 1/ 91. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 11 ظ. (¬3) تيسير التحرير لأمير بادشاه، 4/ 82 - 83. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 30 ظ - 31 و، 234 ظ، 256 و، 5/ 28 ظ؛ المبسوط للسرخسي، 13/ 30 - 31. (¬5) الفصول للجصاصى، 4/ 234. (¬6) الأصل للشيباني، 3/ 41 و. (¬7) الفصول للجصاص، 4/ 234 - 238.

ج - القواعد العامة (الأصول)

ويسمي الدبوسي القياس المتروك باسم "القياس الجلي، القياس الظاهر"، والقياس المأخوذ به أي الاستحسان باسم "القياس الخفي" (¬1). وكتاب الأصل مليء بالأمثلة على هذا النوع من الاستحسان، فمن ذلك: - ينبغي في القياس أن يكون سؤر سباع الطير مثل سؤر سباع البهائم من حيث النجاسة، لكن الاستحسان فرق بينهما من حيث أن سباع الطير لها منقار، والمنقار عظم لا يحمل النجاسة (¬2). - الرجل الذي أسلم في دار الحرب ومكث هناك شهراً أو شهرين لا يصلي لأنه لا لجم حكم الصلاة فإنه لا يجب عليه قضاء الصلوات التي فاتته؛ أما الرجل الذي أسلم في دار الإسلام فإنه يلزمه قضاء ما فاته من الصلوات. وكان ينبغي في القياس أن يكون حكم المسألتين واحداً، إلا أن الجهل يعذر به في دار الحرب دون دار الإسلام (¬3). - لا تجوز المضاربة عند أبي حنيفة وأبي يوسف إلا بالدنانير والدراهم، وتجوز عند الشيباني بالفلوس المضروبة من النحاس لأنها ثمن مثل الدنانير والدراهم. فالرأي الأول قياس والثاني استحسان (¬4). وهناك أمثلة أخرى كثيرة (¬5). ج - القواعد العامة (الأصول) يكون الاستحسان أحياناً مستندًا إلى القواعد العامة أي قياس الأصل (¬6). ¬

_ (¬1) تقويم الأدلة للدبوسي، ص 404، 405. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 4 ظ، 5 ظ؛ المبسوط للسرخسي، 1/ 48، 50. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 55 ظ؛ المبسوط للسرخسي، 1/ 245 - 246. (¬4) الأصل للشيباني، 2/ 208 و؛ المبسوط للسرخسي، 22/ 21. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 35 ظ، 44 و، 81 و، 292 و، 2/ 147 و، المبسوط للسرخسي، 1/ 183 - 186، 225، 2/ 69، 14/ 29 - 30، 15/ 166. (¬6) الفصول للجصاص، 4/ 242.

د - الاحتياط

فمثلاً الشخص الذي ينام في الصلاة ويحتلم عليه أن يغتسل ويبني على صلاته في القياس، أما في الاستحسان فعليه أن يستأنف صلاته (¬1). فالقياس هنا مبني على الحديث الذي أمر فيه بالبناء على الصلاة لمن أحدث حدثاً أصغر. وهذا الحديث مخالف للقاعدة العامة التي تقضي بعدم جواز البناء مع الحدث. ولذلك فحالة الاحتلام لا تقاس على الحدث الأصغر ويكون العمل حسب القاعدة العامة (¬2). د - الاحتياط يستند الاستحسان إلى مبدأ الاحتياط أحياناً. فمثلاً إذا وجد في البئر دجاجة ميتة وقد انتفخت فإن أبا حنيفة يرى بأن المتوضئ من تلك البئر عليه أن يقضي صلاة ثلاثة أيام ولياليها، وأما أبو يوسف ومحمد فيريان أنه لا قضاء على المتوضئ من البئر ما لم يعلم متى وقعت الدجاجة في البئر. فالقياس هنا هو رأي أبي يوسف ومحمد، لأن اليقين لا يزول بالشك. وأما أبو حنيفة فقد احتاط في أمر الصلاة استحساناً، وذهب إلى أن الماء ولو كان طاهراً فيكون الشخص قد صلَّى مرة أخرى، ولا ضرر في ذلك (¬3). وهناك أمثلة أخرى بني الاستحسان فيها على مبدأ الاحتياط (¬4). هـ - كون المسألة خلافية يكون الاستحسان مبنياً على وجود خلاف في المسألة أحياناً، ويعبر الشيباني عن هذا باختلاف الناس. فمثلاً المحجور عليه إذا أراد أن يعتمر فإنه يؤذن له في ذلك استحساناً، لأن العمرة وإن لم تكن واجبة عند الحنفية إلا أن من العلماء من يرى أنها واجبة (¬5). ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 37 ظ. (¬2) الفصول للجصاص، 4/ 242. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 6 و - ظ. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 6 و، 7 و، 3/ 41 ظ، 8/ 204 و. (¬5) الأصل للشيباني، 6/ 72 ظ.

و - العرف

و - العرف يبنى الاستحسان على العرف في كثير من المسائل. فمثلاً: - المستأجر للدابة حتى يركبها إذا ضرب الدابة وكبح جماحها وأحدث ذلك ضرراً في الدابة فإن أبا حنيفة يرى بأنه يضمن، وهذا هو القياس. ويرى أبو يوسف ومحمد بأنه لا يضمن إذا تصرف في حدود المعروف وضرب "كما يضرب الناس" (¬1). - المستأجر للدابة ليذهب بها إلى الحج إذا لم يبين ما يحمل عليها فإن العقد جائز مع هذه الجهالة؛ لأن ما يحمل في سفر الحج معروف عادة. وهذا استحسان. وقوله في هذه المسألة: "ما يحمل الناس" يدل على اعتبار العرف (¬2). - العامل الذي استؤجر ليحفر قبراً إذا لم يبين له مقدار الحفر فإن العقد يجوز استحساناً، لأن ذلك معروف عند الناس. وقول الشيباني في هذه المسألة: "وسط ما يعمل الناس" يدل على اعتبار العرف (¬3). وهناك أمثلة أخرى تدل على اعتبار العرف في الاستحسان (¬4). ز - الضرورة يعتبر الشيباني حالة الضرورة التي تنتج عن الإكراه سبباً للاستحسان في كثير من مسائل العبادات والمعاملات والعقوبات. لكنه لم يستعمل لفظ الضرورة في ذلك. فمثلاً الشخص الذي يخرج من المسجد الذي يعتكف فيه مكرهاً ثم يذهب إلى مسجد آخر فيعتكف فيه لا يفسد اعتكافه استحساناً، وكان ينبغي في القياس أن يفسد اعتكافه (¬5). وفسر السرخسي الإكراه هنا ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 2/ 150 ظ - 151 و. (¬2) الأصل للشيباني، 2/ 166 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 2/ 177 ظ. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 181 ظ، 2/ 128 ظ، 144 ظ، 209 و، 220 و، 238 و؛ المبسوط للسرخسي، 15/ 119 - 120، 160، 22/ 45. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 148 و.

3 - الاختلاف في القياس والاستحسان

بالضرورة وأفاد أن المعتكف هنا معذور في الخروج من المسجد لأنه لا يستطيع مقاومة المكره (¬1). وفي مثال آخر أن الشخص المكره على كلمة الكفر لا يفسد نكاحه بذلك استحساناً (¬2). وهناك أمثلة أخرى (¬3). 3 - الاختلاف في القياس والاستحسان في بعض المسائل يكون هناك حلان مختلفان أحدهما هو القياس والآخر هو الاستحسان، ويختلف ترجيح أئمة المذهب، فيرجح قسم منهم القياس ويرجح القسم الآخر الاستحسان. وهناك أمثلة كثيرة على هذا الأمر، منها: - من يبتدئ صلاة النافلة قائمًا فلا يجوز له أن يقعد بلا عذر عند أبي يوسف ومحمد، وهذا هو القياس، ويجوز له أن يقعد بدون عذر عند أبي حنيفة استحساناً (¬4). - الجهالة الموجودة في أجرة الظئر من الطعام وغيره مغتفرة عند أبي حنيفة استحساناً، ولا يجيز ذلك أبو يوسف ومحمد عملاً بالقياس (¬5). وهناك أمثلة أخرى (¬6). 4 - ترجيح القياس على الاستحسان هناك مواضع رجح فيها القياس على الاستحسان. مثلاً: إذا قرأ المصلي آية فيها سجدة تلاوة قبل الركوع ثم ركع عقيبها مباشرة فإن ذلك ¬

_ (¬1) المبسوط للسرخسي، 3/ 122. (¬2) الأصل للشيباني، 5/ 73 و. (¬3) الأصل للشيباني، 5/ 74 ظ، 80 و، 94 ظ، 103 ظ، 104 و، 105 ظ, 106 و (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 39 ظ. (¬5) الأصل للشيباني، 2/ 128 ظ. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 5 ظ، 6 ظ، 9 و، 29 و، 31 و، 35 و، 39 ظ، 52 ظ، 55 ظ، 59 و، 61 و، 2/ 8 ظ،10 ظ، 24 ظ، 42 ظ - 43 و، 64 و، 128 ظ، 150 ظ - 151 و، 3/ 90 و، 7/ 178 و، الكافي للحاكم الشهيد، 1/ 6 ظ؛ المبسوط للسرخسي، 1/ 120 - 160،121 - 208،161 - 209.

ح - العرف

يغنيه عن السجدة، لأن الركوع والسجدة واحد في القياس. وقد فسر قوله تعالى {وَخَرَّ رَاكِعًا} [ص: 24] (¬1) بأنه خر ساجداً (¬2). أما في الاستحسان فينبغي أن لا يغني الركوع عن السجدة. ولكن رجح علماء المذهب القياس هنا (¬3). وقد فسر السرخسي هذا الأمر بأن الاستحسان قياس في الحقيقة، فالحادث هنا هو ترجيح أحد القياسين على الآخر. وفصل في شرح المسألة وبيان وجه القياس والاستحسان (¬4). وهناك مواضع أخرى رجح فيها القياس على الاستحسان (¬5). وقد نبه فقهاء الأحناف على المسائل التي رجح فيها القياس على الاستحسان وعدها بعضهم اثنتين وعشرين مسألة (¬6). وينبغي التنبه هنا إلى أن أئمة المذهب متفقون في هذه المسائل على ترجيح القياس على الاستحسان، أما المسائل التي رجح فيها بعضهم القياس وبعضهم الاستحسان فهي كثيرة جداً كما تقدمت الإشارة إلى ذلك. ح - العرف إن العرف مراعى في كتاب الأصل. ففي كثير من مواضيع الفقه يوجد تأثير بارز للعرف القولي والعملي. حتى أن العرف قد سمي "سنَّة" في موضع (¬7). والسنَّة مستعملة بمعناها اللغوي هنا كما هو واضح. ويمكن رؤية أمثلة على مراعاة العرف في تحديد سعر الشيء، ومعنى الأيمان، وكون خيار الشرط عرفاً في بعض العقود، والآلات التي ينبغي أن يوفرها رب العمل للعامل، ومن يستحق الأجر في تعليم العامل المبتدئ. وللتعبير عن العرف يستعمل الشيباني ألفاظاً مثل "يُعْرَف، بالمعروف، عَمَلُ الناس، ما ¬

_ (¬1) سورة ص 24/ 38. (¬2) فسر ابن عباس ومجاهد الآية بذلك. انظر: جامع البيان للطبري، 23/ 146 - 150؛ الدر المنثور للسيوطي، 7/ 156 - 164. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 61 و. (¬4) المبسوط للسرخسي، 2/ 8 - 9. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 61 و، 218 و، 2/ 24 ظ، 3/ 42 و، 4/ 109 و، 8/ 178 ظ، 210 و. (¬6) "عقود رسم المفتي"، مجموعة رسائل ابن عابدين، 1/ 35. (¬7) الأصل للشيباني، 2/ 73 و.

ط - شرع من قبلنا

يصنع أهل تلك البلاد، ما يفعل التجار" ونحو ذلك (¬1). وفي مؤلفاته الأخرى يستعمل الشيباني ألفاظاً مثل "المعروف عندنا، عمل الناس، ما عليه الناس" ونحو ذلك (¬2). ويستدل الشيباني بتعامل المسلمين على شيء من غير نكير بينهم، فيقول: "ما زال المسلمون على أنه ... ، وعلى هذا عامة أمر الناس، فَعَلَه المسلمون، ما يتعامل عليه الناس" (¬3). وقد قبل الشيباني أن الحكم يتغير بتغير العرف وراعى هذا المبدأ في اجتهاده. ولذلك فقد حدث اختلاف في بعض المسائل بين أبي حنيفة وصاحبيه بناءً على تغير العرف (¬4). ط - شرع من قبلنا استدل الشيباني على جواز المهايأة في الشرب بصنيع صالح عليه السلام حينما اقتسم قومه وناقة صالح الماء، يشربون يوماً وتشرب يوماً، حيث تقول الآية الكريمة {وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ} [القمر: 28] (¬5)، والآية الأخرى: {لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} [الشعراء: 155] (¬6). وهذا يدل على أنه يحتج بشرع من قبلنا إذا حكاه القرآن الكريم عنهم وقرره (¬7). وينقل الشيباني في مسألة عن تابعي نقلاً عن التوراة ويستدل به. لكن هناك أدلة أخرى في المسألة. فلذلك ينبغي اعتبار هذا النقل عنصراً مساعداً في الاستدلال يستشهد به، ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 123 و، 181 ظ، 2/ 73 و، 178 ظ، 179 ظ، 220 و، 3/ 238 ظ، 5/ 47 و. (¬2) الحجة للشيباني، 1/ 476، 492؛ موطأ محمد، 2/ 589. (¬3) الحجة للشيباني، 2/ 568، 609، 671 - 672، 677، 3/ 39 ,146. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 73 ظ، 83 و - ظ، 193 ظ، 313 ظ. (¬5) سورة القمر 54/ 28. (¬6) سورة الشعراء 26/ 155. (¬7) الأصل للشيباني، 5/ 23 و. وقد استنبط الجصاص والدبوسي نفس النتيجة من صنيع الشيباني. انظر: الفصول للجصاص، 3/ 20؛ تقويم الأدلة للدبوسي، ص 253. ولمثال آخر انظر: الحجة للشيباني، 4/ 321.

ي - الاستصحاب

وليس دليلاً أصلياً (¬1). ي - الاستصحاب يتبين من حلول الشيباني في بعض مسائله أنه يراعي قاعدة الاستصحاب وإن لم يصرح بهذا الاسم. فالمسائل التي تبنى على أن اليقين لا يزول بالشك تعتبر أمثلة على هذا (¬2). ويرى الأصوليون الأحناف أن الاستصحاب حجة في الدفع لا في الإثبات. وقد استدلوا على هذا بأمثلة استخلصوها من الأصل. مثلاً: المفقود الذي يحكم بأنه على قيد الحياة تستمر ملكيته على أملاكه التي كانت له، ولكنه لا يكتسب ملكاً جديداً عن طريق الميراث (¬3)، ك - الحجج الفاسدة رد الشيباني العمل ببعض الأدلة التي استدل بها الفقهاء الآخرون مثل عمل أهل المدينة (¬4). وفي صدد رده للاحتجاج بهذا الدليل يذكر الشيباني أن عمل أهل المدينة إذا كان مستنداً إلى الحديث والأثر فإنه يكون دليلاً، ولكن إذا لم يكن مستنداً إلى ذلك فلا يكون دليلاً، وإذا بُحث عن عمل أهل المدينة الذي احتج به الإمام مالك يُرى أنه يستند إلى حكم وال من ولاة. المدينة أو يكون هناك خلاف بين علماء المدينة في المسألة. وهذا يدل على أن عمل أهل المدينة لا يكون حجة في نفسه (¬5). وحول سد الذرائع انتقد الشيباني منع أهل المدينة لبعض البيوع التي هي جائزة في نفسها عملاً بالذريعة، وبين أنه لا يجوز تحريم الحلال بالتُهم، وأن اليقين لا يمكن أن يزول بالظن، واستدل على ذلك بقوله ¬

_ (¬1) الحجة للشيباني، 3/ 375. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 160 و، 161 و، 3/ 98 ظ، 6/ 33 و - ظ , 35 ظ ,161 و. (¬3) الأصل للشيباني، 6/ 253 و، 255 ظ؛ أصول السرخسي، 2/ 224. (¬4) الحجة للشيباني، 1/ 193، 2/ 575. (¬5) الحجة للشيباني، 1/ 622 - 623، 4/ 416 - 417.

3 - طرق الاستنباط

تعالى: {إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [يونس: 36] (¬1). وهذا الاستدلال يفهم منه أنه لا بد في الأدلة من اليقين أو غالب الظن الذي يقرب من اليقين. من ناحية أخرى فإنه توجد مسائل في كتاب الأصل عمل فيها بسد الذرائع. مثلا الدلالة لمن يريد أن يسرق مال غيره يعتبر معصية لأنه إعانة على معصية (¬2). كذلك استئجار الذمي من المسلم مكاناً ليتعبد فيه لم يجوزه أئمة المذهب واعتبروه معصية (¬3). ويوجد خلاف بين أئمة المذهب في تقدير الذريعة. فمثلاً استئجار الذمي للمسلم لحمل الخمر جوزه أبو حنيفة، ولم يجوزه أبو يوسف ومحمد. قاس أبو حنيفة هذا على حمل الميتة والنجاسات. ورد الشيباني على ذلك بأن الميتة والنجاسات تحمل للتخلص منها، أما الخمر فإنه يحمل للشرب والمعصية، فهناك فرق بين المسألتين (¬4). وعليه فيمكن أن يقال بأن الشيباني لا يرد الاحتجاج بسد الذريعة مبدئياً، لكنه يتصرف بدقة في العمل به وينتبه إلى تحقق الظن الغالب في حصول الشر الذي يراد منعه. 3 - طرق الاستنباط أ - الألفاظ ودلالاتها 1 - الألفاظ من حيث الظهور والخفاء أ - النص استعمل الشيباني كلمة "النص" ومشتقاتها بمعنى لفظ الآية الصريحة. فمثلاً يذكر الشيباني أن الزواج ببنات العم أو العمة حلال بنص الآية، وأن المحرمات من النساء ذكرن في الآية بالنص (¬5). كما ذكر أن الزول بالخالة حرم والزواج ببنت الخالة أحل بطريق النص (¬6). وبعد أن يذكر المحرمات من النساء المنصوص عليهن في الآيات يقول: "فهذه جملة في تحريم ما ¬

_ (¬1) سورة يونس 10/ 36. وانظر: الحجة للشيباني، 2/ 585، 587. 595، 607، 694 - 696، 727، 753. (¬2) الأصل للشيباني،5/ 110 و. (¬3) الأصل للشيباني، 2/ 172 و. (¬4) الأصل للشيباني، 2/ 172 ظ. (¬5) الأصل للشيباني،3/ 2 و - ظ. (¬6) الأصل للشيباني، 3/ 2 ظ.

ب - المفسر

نَصهُ الله تعالى من الصهر والنسب" (¬1). كما يستعمل عبارات مثل "ما نَصَّ الله تعالى في كتابه، ما نَصَّهُ الله تعالى في كتابه" (¬2). فالنص مذكور هنا بمعنى ذكر الشيء صراحة. وهو يستعمل النص في مقابل السنَّة والإجماع مما يدل على أنه يقصد بالنص الآيات (¬3). ومصطلح النص في أصول الفقه يشمل الآيات والأحاديث. فالنص عند الحنفية هو اللفظ الذي ظهرت دلالته على المعنى الذي سيق له مع احتمال التخصيص والتأويل، وعند غيرهم هو اللفظ الذي يدل على معناه قطعاً ولا يحتمل معنى آخر (¬4). ب - المفسر يستعمل كلمة المفسر بمعنى الصريح، فيقول: "لأن الله تعالى قد أحل الفطر في هذين الوجهين (أي في المرض والسفر) في كتابه مفسراً" (¬5). ويستعمل كلمة التفسير بمعنى التخصيص، والمفسر بمعنى الخاص أو قريباً منه (¬6). والمفسر عند الحنفية هو اللفظ الذي ظهرت دلالته على معناه الوضعي مع احتمال النسخ وحده (¬7). أما غير الحنفية فليس المفسر عندهم من المصطلحات المهمة في أقسام اللفظ، ولذلك لم يهتموا بتعريفه. ج - المحكم يفيد الشيباني أن الآية التي أمرت بابتلاء اليتيم ثم تسليم ماله إليه إذا ثبت أنه رشيد آية "محكمة" وأنه يجب العمل بها حتى يثبت أنها منسوخة (¬8). كما روى الشيباني في الرسالة التي بعث بها عمر إلى أبي موسى الأشعري أن الأحكام فريضة محكمة أو سنَّة متبعة (¬9). فالمقصود بالفريضة المحكمة هنا ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 3/ 1 ظ - 2 و. (¬2) الأصل للشيباني، 3/ 2 و. (¬3) الأصل للشيباني، 3/ 2 ظ. (¬4) أصول الفقه لمحمد الخضري بك، القاهرة، المكتبة التجارية الكبرى، 1389/ 1969، ص 130،129. (¬5) الأصل للشيباني، 5/ 109 و. (¬6) الحجة للشيباني، 2/ 164، 513. (¬7) أصول الفقه لمحمد الخضري بك، ص 129. (¬8) الأصل للشيباني، 6/ 70 و. وللآية انظر: سورة النساء 4/ 6. (¬9) الكافي للحاكم الشهيد، 1/ 215 ظ.

2 - الأمر والنهي

على ما يقول السرخسي الأحكام المنصوصة عليها في الكتاب والسنَّة على سبيل القطع بحيث لا تحتمل نسخاً ولا تخصيصاً ولا تأويلاً (¬1). واستعمال الشيباني لكلمة المحكم يوحي بهذا المعنى. والمحكم عند الأصوليين الأحناف هو اللفظ الذي ظهرت دلالته على معناه الوضعي بدون احتمال النسخ أو التخصيص أو التأويل. أما عند غيرهم فهو ما استقام نظمه للإفادة ولو بتأويل، فيعم الظاهر والنص (¬2). 2 - الأمر والنهي أ - دلالة الأمر على الوجوب يرى الشيباني أن بعض الأوامر الواردة في الكتاب والسنَّة تفيد الوجوب، بينما تفيد بعضها الآخر الندب. فمثلاً يعبر الشيباني عن فريضة القصاص بأنه أمر الله (¬3)، وعن فريضة القتال بأن النبي أُمِرَ به (¬4). ويشير الشيباني إلى أن أمر الله بشيء في كتابه يدل على الفرضية (¬5). كما يروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعلي وزيد بن ثابت وعبد الله بن عباس وعمر بن عبد العزيز وإبراهيم النخعي أحاديث وآثاراً ورد فيها أنهم أمروا بأشياء، وهذه الأمور ثبت أنها واجبة (¬6). ويروي عن إبراهيم النخعي أن الأمر الوارد بالغسل يوم الجمعة لا يفيد الوجوب، كما أن الأوامر الواردة في قوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282] (¬7)، وقوله سبحانه: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} [الجمعة: 10] (¬8)، لا تفيد الوجوب (¬9). كذلك بعض الأوامر الواردة؛ في ¬

_ (¬1) المبسوط للسرخسي، 15/ 60. (¬2) أصول الفقه لمحمد الخضري بك، 129، 130. (¬3) الأصل للشيباني، 4/ 225 و. (¬4) الأصل للشيباني، 4/ 165 ظ، 166 و. (¬5) الحجة للشيباني، 1/ 19. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 95 ظ، 136 و، 140 و، 144 و، 169 و، 3/ 125 و, 135 ظ، 4/ 43 و، 43 ظ، 223 ظ، 5/ 34 ظ، 61 و، 68 و، 158 ظ، 6/ 41 و. (¬7) سورة البقرة 2/ 282. (¬8) سورة الجمعة 62/ 10. (¬9) الحجة للشيباني، 1/ 279 - 282؛ موطأ محمد، 1/ 303 - 304.

ب - الأمر بالشيء نهي عن ضده

الأحاديث النبوية يرى الشيباني عدم دلالتها على الوجوب (¬1). ويستدل الشيباني على عدم دلالة الأمر على الوجوب ودلالته على الندب بحديث آخر أو بعمل الصحابة في ذلك الموضوع. فمثلاً غسل يوم الجمعة وإن أمر به في حديث فإنه في حديث آخر ذكر أنه أفضل، والصحابة لم يروه واجباً، ثم ينقل الشيباني كلام النخعي المذكور (¬2). وفي موضع يفسر الشيباني الأمر الوارد في الحديث بالإباحة، مثل الأمر الوارد بشرب بول الإبل للتداوي (¬3). وهناك أمثلة أخرى على استعمال صيغ الأمر الواردة في الأحاديث وأقوال الصحابة بمعنى الإباحة (¬4). وبعد التأمل في مجموع ما سبق يمكن القول بأن الأمر يفيد الوجوب، إلا أن القرائن قد تصرفه إلى الندب أو الإباحة. والأصوليون الأحناف على هذا الرأي (¬5). ب - الأمر بالشيء نهي عن ضده توجد عبارات في الأصل تفيد بأن الأمر بالشيء نهي عن ضده. فمثلاً الأمر الوارد في التطليق مع مراعاة العدة قد أفاده الشيباني على أنه نهي عن فعل ضده (¬6). وأكثر الأصوليين الأحناف على هذا الرأي (¬7). ج - دلالة النهي على الفساد موضوع النهي هل يقتضي الفساد أم لا قد تطرق إليه الشيباني في ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 3/ 15 ظ - 16 و، 18 ظ. (¬2) الحجة للشيباني، 1/ 279 - 282. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 11 و. وقد اختلف أئمة المذهب في هذه المسألة، فلم يعمل أبو حنيفة بهذا الحديث، وقبله أبو يوسف مقتصراً على التداوي، وقبله الشيباني على عمومه. انظر: الأصل للشيباني، 1/ 5 و, المبسوط للسرخسي، 1/ 54. (¬4) الأصل للشيباني، 3/ 203 و، 203 ظ، 204 و، 6/ 81 و. (¬5) أصول السرخسي، 1/ 15؛ التوضيح لصدر الشريعة، 1/ 153؛ تيسير التحرير لأمير بادشاه، 1/ 341، 342. (¬6) الأصل للشيباني، 3/ 25 ظ. (¬7) تيسير التحرير لأميرِ بادشاه، 1/ 341، 342.

"باب الرد على من قال: إذا طلق ثلاثاً في كلمة واحدة لا يقع" (¬1). فأفاد أولًا أن النهي يكون متوجهاً إلى شيء موجود وأن الشيء المعدوم لا يمكن أن ينهى عنه. يقول الشيباني: "أليس إنما نهى الله تعالى عن شيء لا يكون أو عن شيء يكون (¬2)؟ ألا ترى إلى قوله - عليه السلام - أنه نهى عن صيام يوم النحر ويوم الفطر وأيام التشريق، فمن صامهن كان صائماً وقد أساء. وإنما نهى عن صومهن لأنه صوم. كما نهى عن الطلاق في غير عدة لأنه طلاق لازم. ولو لم يكن طلاقاً لازمًا لم ينه عنه" (¬3). ثم يذكر الشيباني أمثلة أخرى كثيرة في هذا الباب تدل على أن النهي لا يقتضي الفساد، وهذه الأمثلة بعضها متفق عليها وبعضها موضع اختلاف عند الفقهاء. ففي هذا السياق ذكر أن البيع وقت صلاة الجمعة، والبيع بدون شهود، والنافلة بعد صلاة العصر صحيحة مع وجود النهي، وأن القيام بهذه التصرفات مخالفة للسنَّة وإساءة (¬4). واستنبط الشيباني من ترتيب الكفارة على الظهار مع وصفه في القرآن بأنه منكر من القول وزور (¬5)، أن نذر المعصية تجب فيه الكفارة (¬6). فاستنباطه هذا في الحقيقة يدل على أن كون تصرف ما معصية أو حراماً أو إثماً لا يمنع من ترتيب نتيجة دينية أو فقهية عليه، أي قد يكون هذا ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 3/ 25 و - 27 و. (¬2) نقل السرخسي والتفتازاني هذا اللفظ على أنه "يتكون أو لا يتكون". انظر: أصول السرخسي، 1/ 85؛ شرح التلويح للتفتازاني، 1/ 216. ويقول أمير بادشاه في هذا المعنى بأن المعدوم لا يصح النهي عنه. انظر: تيسير التحرير لأمير بادشاه، 1/ 382. وقد شرح الأصوليون الأحناف هذه المسألة بألفاظ ومصطلحات جديدة، منطلقين من كلام الشيباني هذا. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 150 ظ، 3/ 25 ظ. وينقل الجصاص والدبوسي هذه العبارة بالمعنى. انظر: الفصول للجصاص، 2/ 178؛ تقويم الأدلة للدبوسي، ص 56. ويستخرج الجصاص من هذه العبارة قاعدتين: أحدهما أن ظاهر النهي لا يمنع وقوع المنهي عنه على فساد. والثاني أنه يمنع جوازه عن واجب عليه. وذلك مثل عدم جواز الصوم يوم العيد. انظر: الفصول للجصاص، 2/ 178. (¬4) الأصل للشيباني، 3/ 25 ظ، 26 ظ، 27 و. (¬5) سورة المجادلة 58/ 2. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 181 ظ؛ الآثار للشيباني، ص 124.

د - قواعد التفسير

التصرف صحيحاً مع النقص الموجود فيه. فلذلك استدل الشيباني بآية الظهار على أن الزنا يوجب حرمة المصاهرة (¬1). وهذا الاستدلال يشكل أحد الأسس لفهم الحنفية في موضوع اقتضاء النهي الفساد أو عدمه. وهناك بعض المواضع حكم فيها بأن النهي يقتضي الفساد (¬2). والأصوليون الأحناف يذكرون أن النهي عن الأفعال المعلومة قبل ورود الشرع مثل الزنا وشرب الخمر يدل على الفساد، أما الأفعال المعلومة عن طريق الشرع مثل الصوم وغيره من الأفعال الشرعية فإن النهي عنها قد يدل على الحرمة أو الكراهة ولكنه لا يقتضي الفساد. وهذه المسألة الأصولية من أهم القضايا المختلف فيها بين الحنفية وغيرهم (¬3). ويبين الشيباني أن الفساد الناتج من أصل العقد مثل كون الثمن خمراً، والفساد بسبب شرط يشترطه البائع أو المشتري، يوجد بينهما فرق ويترتب عليهما نتائج مختلفة (¬4). وعبارات الأصوليين الأحناف أن هناك نتائج مختلفة تترتب على كون النهي متوجهاً إلى أصل الشيء أو وصفه ناشئة من العبارات المشار إليها عند الشيباني (¬5). د - قواعد التفسير يستعمل الشيباني كلمة "التفسير" لشرح الأحاديث (¬6). والتفسير يعني البيان بشكل واضح وقطعي. أما "التأويل" فقد استعمل في معنى التفسير الذي يكون محتملاً لوجه آخر، وقد يكون خطأ في نفسه (¬7). حتى أن التأويل الخاطئ أحياناً قد يؤدي إلى نتائج وخيمة، فمثلاً قد يتأول بعضهم ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 3/ 3 ظ. (¬2) موطأ محمد، 3/ 218 - 219، 223. (¬3) البحر المحيط للزركشي، 2/ 439 - 441؛ تيسير التحرير لأمير بادشاه، 1/ 376 - 377. (¬4) الأصل للشيباني، 5/ 85 و - ظ. (¬5) أصول السرخسي، 1/ 87؛ التوضيح لصدر الشريعة، 1/ 215. (¬6) الأصل للشيباني، 3/ 208 ظ. (¬7) الأصل للشيباني، 5/ 89 و؛ الحجة للشيباني، 2/ 400.

1 - تقديم المعنى الحقيقي على غيره

القرآن على وجه يستدل به على العصيان المسلح ضد الدولة، ويتسبب في قتل النفوس البريئة (¬1). والتأويل عند الأصوليين يعرف بأنه صرف اللفظ عن ظاهره لدليل يقتضي ذلك (¬2). 1 - تقديم المعنى الحقيقي على غيره يرى الشيباني أن الأصل في الكلام الحقيقة، وأنه لا يجوز ترك المعنى الحقيقي للكلمة بدون دليل يوجب ذلك (¬3). ولهذا فقد استشهد الشيباني بلغة القرآن الكريم لتحديد معاني الكلمات وبعض القواعد اللغوية (¬4). لكن خصوصاً في الأيمان فإن العرف هو المعول عليه في تحديد معنى الكلمات أكثر من استعمال القرآن للكلمة في معنى معين. فمثلاً عند الحلف على عدم أكل اللحم لا يشمل اليمين لحم السمك ما لم يقصد الحالف ذلك، لأنه في الأيمان يعول على استعمال الناس للكلمات في أي معنى. لكن إذا قصد الحالف بذلك معنًى معيناً فإنه يحمل على ذلك، ويكون استعمال القرآن للكلمة في ذلك المعنى شاهداً لصحته (¬5). 2 - العموم والخصوص يروي في الأصل عن عبد الله بن عباس رواية يستعمل فيها كلمة "المبهم" بمعنى "العام". ففي هذه الرواية يذكر ابن عباس أن قوله تعالى في تعداد المحرمات من النساء: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: 23] (¬6) مبهم من حيث عدم تعرضه لكون الزوجة دُخِل بها أم لا، ولذلك فالعقد كاف في تحريم أم ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 5/ 89 و. (¬2) أصول الفقه لمحمد الخضري بك، ص 130. (¬3) الحجة للشيباني، 3/ 144 - 146. (¬4) الأصل للشيباني، 6/ 201 ظ، 207 و، 210 و، 3/ 216 و، 5/ 35 و، 38 ظ، 40 و، 6/ 48 و، 7/ 33 و. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 193 و. وقد قصد باللحم في القرآن لحم السمك في سورة النحل 16/ 14. ولمثال آخر انظر: الأصل للشيباني، 1/ 210 و. (¬6) سورة النساء 4/ 23.

الزوجة على الزوج، ولا يشترط الدخول (¬1). ومع استعمال الشيباني لكلمات "المبهم، و"الجملة" بمعنى العام والعموم (¬2)، فإنه استعمل كلمات "ما خص، ما عم، عَمَّ، يعم" للتعبير عن العموم والخصوص أيضاً (¬3). وكلمة "التفسير" قد استعملت بمعنى "التخصيص"، كما أن كلمة "المفسَّر" استعملت في معنى قريب من "الخاص" (¬4). يستدل في الأصل بعمومات القرآن. فمثلاً يستدل أبو حنيفة على صحة إيلاء الذمي بعموم قوله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ...} (¬5). ويرى أبو يوسف والشيباني أن الذمي مخصوص من الآية لأنه لا تجب عليه الكفارة إذا حنث في يمينه (¬6). ويروى عن الصحابة عملهم بالعمومات، مثل استدلال عبد الله بن مسعود بعموم الآية في توريث ذوي الأرحام في بعض الحالات (¬7). وهناك أمثلة أخرى على الاستدلال بالعمومات في المسائل الخلافية بين أئمة المذهب، أو بين المذهب الحنفي والمذاهب الأخرى (¬8). يتحدث الشيباني عن تخصيص عموم آية بآية أخرى، فيذكر أن قوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ} (¬9) يشمل أهل الكتاب وغيرهم، ثم جاءت الآية التي أباحت نساء أهل الكتاب (¬10)، فأخرجت هذه الآية نساء أهل الكتاب من "جملة" أي عموم الآية الأولى (¬11). فلفظ {الْمُشْرِكَاتِ} الذي هو ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 7/ 124 ظ. (¬2) الحجة للشيباني، 2/ 164، 650، 3/ 280، 400، 500. (¬3) الحجة للشيباني، 3/ 280 - 281، 285، 286، 287. (¬4) الحجة للشيباني، 2/ 513. (¬5) سورة البقرة 2/ 226. (¬6) الأصل للشيباني 3/ 91 ظ - 92 و. (¬7) الأصل للشيباني، 4/ 7 ظ. وللآية انظر: سورة الأنفال 8/ 75. (¬8) الأصل للشيباني، 6/ 74 ظ، 75 و، 7/ 135 و، 161 ظ؛ الحجة للشيباني، 2/ 470، 472، 3/ 153، 4/ 227، 321، 382. (¬9) سورة البقرة 2/ 221. (¬10) سورة المائدة 5/ 5. (¬11) الأصل للشيباني، 3/ 1 ظ.

3 - دلالة الإشارة

جمع معرف بلام التعريف يفيد العموم، والآية المتأخرة قد خصصت عموم الآية المتقدمة، ولفظ "جملة" تفيد معنى "عموم". ولعل استعمال عيسى بن أبان الذي هو تلميذ للإمام محمد لكلمة "المجمل" بمعنى "العام" مأخوذ من هنا (¬1). كما يقبل الشيباني تخصيص القرآن بالسئة المشهورة (¬2). يذهب الشيباني إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا بين حكماً في مسألة يمكن أن يكون لها تفاصيل ولم يسأل عن هذه التفاصيل فإن الحكم يكون عاماً لكل وجوه المسألة (¬3). وقد ناقش الأصوليون هذه المسألة المعروفة بترك الاستفصال ودلالتها على العموم، وقبلها الحنفية في بعض الأحوال (¬4). ينقل الجصاص عن السير الكبير للشيباني هذه العبارة: "لا يجزيه (أي المحصر) غير الهدي، لأن الله تعالى نص عليه ولم يذكر فيه صوماً لمن لم يجد. فنحن نبهم ما أبهم الله تعالى. وإنما ذكر الله تعالى الصوم في هدي المتعة لمن لم يجد. فلا يستقيم الرأي والقياس في التنزيل. إنما يقاس على التنزيل. فأما التنزيل بعينه فلا يقاس" (¬5). ويستنتج الجصاص من هذا أن الشيباني يستدل بعموم الآيات، وأن الحكمين الثابتين بنصين مختلفين لا يقاس بعضهما على بعض، وأن العام غير المخصوص لا يجوز تخصيصه بالقياس (¬6). 3 - دلالة الإشارة يسمي الشيباني استنباط حكم من آية عن طريق دلالة الإشارة بالتأويل (¬7). وهناك أمثلة أخرى على الاستنباط عن طريق دلالة الإشارة من ¬

_ (¬1) الفصول للجصاص، 1/ 63. (¬2) الحجة للشيباني، 2/ 400. (¬3) الحجة للشيباني، 2/ 171. (¬4) البحر المحيط للزركشي، 3/ 148 - 154؛ تيسير التحرير لأمير بادشاه، 1/ 263 - 264. (¬5) الفصول للجصاص، 1/ 211. (¬6) الفصول للجصاص، 1/ 212 - 214. (¬7) الحجة للشيباني، 2/ 400.

4 - مفهوم المخالفة

الآيات والأحاديث (¬1). ومن الأمثلة على ذلك أن الشيباني استنبط من الآية التي تأمر بالتيمم لمن لم يجد ماء بعد ملامسة النساء أي الجماع أنه يجوز لمن يظن أنه لن يجد ماء في السفر أن يجامع زوجته (¬2). واستدل على كفاية الركوع لمن قرأ سجدة التلاوة ثم ركع مباشرة بأن الركوع في القرآن قد يقصد به السجود (¬3). واستدل أبو حنيفة على كراهة لحم الخيل بأثر ينقله عن ابن عباس ويستدل فيه بقوله تعالى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} (¬4). واستدل بعدم الفرق بين أجناس الخيل في الإسهام لها من الغنيمة بأن الآية السابقة ذكر فيها "الخيل" كله باسم واحد (¬5). واستدل بترتيب الكفارة على الظهار مع وصفه في القرآن بأنه منكر من القول وزور (¬6) على أن نذر المعصية تجب فيه كفارة اليمين (¬7). 4 - مفهوم المخالفة بين الشيباني أن العمل بمفهوم المخالفة ليس بمنهج صائب. فقد رد على من قال بأن قيد {فِي حُجُورِكُمْ} [النساء: 23] المذكور في قوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} (¬8) مؤثر في الحكم. واستدل على ذلك بما يلي: إن دوام الآية تقول: {فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ}. فيتبين أن الأمر المؤثر في الحكم هو الدخول بأم الربيبة. من ناحية أخرى فإن رجلاً لو عاش في بيت كبير مع امرأة وابنتها ¬

_ (¬1) موطأ محمد، 2/ 183 - 185، 3/ 540 - 544. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 19 ظ. وللآية انظر: سورة النساء 4/ 43؛ سورة المائدة، 5/ 6. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 60 و. وللآية انظر: سورة ص 38/ 24. وقد فسر ابن عباس ومجاهد الركوع في الآية بالسجود. انظر: جامع البيان للطبري، 23/ 146 - 150؛ الدر المنثور للسيوطي 7/ 156 - 164. (¬4) سورة النحل 16/ 8؛ الأصل للشيباني، 3/ 193 و. (¬5) الأصل للشيباني، 5/ 146 ظ. (¬6) سورة المجادلة 58/ 2. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 181 ظ؛ الآثار للشيباني، ص 124. (¬8) سورة النساء 4/ 23.

5 - المطلق والمقيد

من دون أن يكون بينه وبين المرأة علاقة زوجية ولكنه كان ينفق على المرأة وابنتها ويعولهما فإن الإجماع واقع على أنه يجوز أن يتزوج من ابنة هذه المرأة. وبالتالي فالوجود في نفس البيت لا تأثير له في الحكم إطلاقاً (¬1). وذكر الشيباني أن قوله تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} (¬2) مذكور فيه قيد {فِي الْمَسَاجِدِ}، ولكن لا تأثير لهذا القيد في الحكم، فلو خرج المعتكف من المسجد ثم جامع زوجته لا يجوز له ذلك ويفسد اعتكافه (¬3). ويذكر الشيباني أنه لا يجوز الاستدلال بالمفهوم المخالف لقوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} (¬4) حتى يحكم بعدم جواز نكاح جارية من أهل الكتاب (¬5). ومع ذلك فإنه وقع العمل بمفهوم الصفة في بعض الآيات. فمثلاً اشتراط التتابع في صوم كفارة الظهار استدل فيه بقوله تعالى: {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} (¬6). كما استدل بقوله تعالى: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} (¬7) على عدم صحة الرهن بدون قبض (¬8). ولكن الأصوليين الأحناف متفقون على عدم العمل بمفهوم المخالفة إلا محمد بن شجاع الثلجي (ت. 266) فإنه كان يعمل بمفهوم العدد (¬9). 5 - المطلق والمقيد استعمل الشيباني كلمة المرسل بمعنى المطلق (¬10). وقد عمل الشيباني ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 3/ 3 و - ظ. (¬2) سورة البقرة 2/ 187. (¬3) الأصل للشيباني، 3/ 3 ظ. (¬4) سورة المائدة 5/ 4. (¬5) الحجة للشيباني، 3/ 353 - 354. (¬6) سورة المجادلة 58/ 4؛ الأصل للشيباني، 1/ 139 و. (¬7) سورة البقرة 2/ 283. (¬8) الأصل للشيباني، 2/ 1 ظ. (¬9) الفصول للجصاص، 1/ 289؛ أصول السرخسي، 1/ 255، 256؛ كشف الأسرار لعبد العزيز البخاري، 2/ 465. (¬10) الحجة للشيباني، 3/ 393، 4/ 115.

6 - دلالة الاقتران

بالمطلق على إطلاقه. فمثلاً قوله: {صَعِيدًا} (¬1) المذكور في آية التيمم فسره بالأرض ثم ذكر أن أي شيء من جنس الأرض فيجوز التيمم به (¬2). فالنكرة في سياق الإثبات أفادت الإطلاق (¬3). وفي موضوع حمل المطلق على المقيد هناك بعض الأمثلهَ التي ذكرها الشيباني وهي موافقة لما بينه الأصوليون الأحناف. فمثلاً في كفارة الظهار ذكرت الآيات قيد: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} (¬4) في تحرير الرقبة وصوم شهرين متتابعين، ولم يذكر ذلك القيد في إطعام ستين مسكيناً. وعلى هذا فإنه إذا جامع الرجل زوجته قبل إتمام تحرير الرقبة أو صوم شهرين متتابعين فإنه يجب عليه استئناف الكفارة، لكن إذا فعل ذلك قبل إتمام إطعام ستين مسكيناً فلا يجب عليه الاستئناف (¬5). فلا يحمل المطلق على المقيد هنا. كما أن اشتراط الإيمان في الرقبة في بعض الكفارات دون بعضها قد راعى فيه الشيباني لفظ الآيات الواردة في تلك الكفارات، فاشترط الإيمان فيما ذكر فيه، ولم يشترطه فيما لم يذكر، وقد نقل ذلك عن إبراهيم النخعي (¬6). فلم يحمل المطلق على المقيد أيضاً. والأصوليون الأحناف قد بنوا رأيهم في حمل المطلق على المقيد على هذه الأمثلة (¬7). 6 - دلالة الاقتران استدل الشيباني بذكر الشيئين مقترنين مع بعض على أنهما يأخذان نفس الحكم. فمثلاً النهي الوارد في الحديث للصيد وقطع الشجر في الحرم ¬

_ (¬1) سورة النساء 4/ 43؛ سورة المائدة 5/ 6. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 17 ظ. (¬3) تيسير التحرير لأمير بادشاه، 1/ 220. (¬4) سورة المجادلة 58/ 3، 4. (¬5) الأصل للشيباني، 3/ 82 ظ، 85 ظ، 87 و. (¬6) الأصل للشيباني، 3/ 84 ظ - 85 و. (¬7) أصول السرخسي، 1/ 268؛ كشف الأسرار لعبد العزيز البخاري، 2/ 520 - 521، 525.

ج - التعارض والترجيح

يدل على أن قطع الشجر موجب للكفارة كالصيد (¬1). وقد نقل الجصاص عن أبي الحسن الكرخي أن الشيباني يرى أن الواو بمعنى الجمع أي الاقتران ما لم يدل دليل على كونها في معنى الاستئناف، وأن مسائل الأيمان في الجامع الكبير للشيباني تدل على ذلك (¬2). ج - (*) التعارض والترجيح يستعمل الشيباني كلمة الاختلاف بمعنى التعارض (¬3). فيقول مثلاً: "آثار مختلفة"، "أحاديث مختلفة"، "الحديثان المختلفان" (¬4). وقد تقدم أعلاه كثير من المقاييس للترجيح بين الأحاديث المختلفة. وإضافة إلى ذلك يمكن ذكر هذه المقاييس: الرواية المثبتة مقدمة على الرواية النافية (¬5). وهذه القاعدة عبر عنها الأصوليون بأن المثبت أولى من النافي، ولكنها مسألة اختلافية عندهم (¬6). مقياس آخر: القول أبين في الدلالة على وجوب الشيء من الفعل. يقول الشيباني: "ولو كان هذا من الواجب لقال فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه قولاً أبين من الفعل حتى يعرفه الناس بالقول دون الفعل" (¬7). والقول أقوى في الدلالة من الفعل عند الأصوليين، لكن هذه القاعدة لها استثناءات وفي تفاصيلها اختلاف (¬8). د - النسخ يذكر الشيباني أن أحكام بعض الآيات والأحاديث منسوخة. فمثلاً النهي عن القتال في الأشهر الحرم قد نسخ بالأمر بقتال المشركين مطلقاً. وقد ¬

_ (¬1) الحجة للشيباني، 2/ 411. (¬2) الفصول للجصاص، 1/ 83 - 84. (¬3) الحجة للشيباني، 2/ 261. (¬4) الحجة للشيباني، 1/ 1، 7، 166، 182، 458، 2/ 332. (¬5) الحجة للشيباني، 1/ 226 - 227، 3/ 68. (¬6) أصول السرخسي، 2/ 21؛ كشف الأسرار لعبد العزيز البخاري، 3/ 197 - 198. (¬7) الحجة للشيباني، 2/ 476 - 477. (¬8) تيسير التحرير لأمير بادشاه، 3/ 148. (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: كذا بالمطبوع (ج) وقبلها (أ)

4 - مباحث الحكم

استدل الشيباني على وقوع النسخ هنا بقول التابعي المفسر مجاهد بن جبر (ت. 103)، ولم يقبل رأي الكلبي (ت. 146) المخالف في هذا الموضوع (¬1). ويذكر في موضع آخر أن نسخ الآية ممكن وأن الآية قد نسخت (¬2). وهناك أمثلة ذكرها على نسخ الأحاديث بالآيات والأحاديث (¬3). وقد استدل على نسخ الحديث بترك الصحابة العمل به (¬4). ويفهم من كلامه أن رأي الأغلبية يمكن أن يكون دليلاً على نسخ الحديث (¬5). وقد يعبر عن النسخ أحياناً بالترك (¬6). 4 - مباحث الحكم أ - الحاكم، والحسن والقبح يروي الشيباني قول عمر - رضي الله عنه - بأن الصلح جائز إلا صلحاً حرم حلالاً أو أحل حراماً، وهذا القول يدل على أن الإنسان ليس له صلاحية تحريم الحلال أو تحليل الحرام (¬7). وفي أقوال الشيباني مثل "ما أوجب الله"، "ما أحل الله "، "ما حرم الله" ما يشير إلى أن صلاحية وضع الأحكام لله -سبحانه وتعالى- (¬8). ومع هذا فإن الأحكام تسند مجازاً في بعض المواضع إلى النبي أو القرآن أو السنَّة أو الإجماع. فمثلاً يتحدث عن إيجاب النبي للشيء، وتحليل القرآن لأمر، وتحريم السنَّة أو الإجماع لشيء ما (¬9). وكذلك حكم ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 5/ 115 ظ. (¬2) الأصل للشيباني، 6/ 70 و؛ الآثار للشيباني، ص 111. (¬3) الحجة للشيباني، 1/ 257، 2/ 757 - 758، 768؛ موطأ محمد، 1/ 493، 2/ 620، 664 - 666. (¬4) الحجة للشيباني، 1/ 128. (¬5) موطأ محمد، 1/ 643 - 645. (¬6) موطأ محمد، 1/ 287، 644 - 645. (¬7) الحجة للشيباني، 2/ 595. (¬8) الأصل للشيباني، 3/ 1 ظ، 2 و، 2 ظ، 3 و، 5/ 109 ظ، 6/ 72 و - ظ، 7/ 165 ظ؛ الحجة للشيباني، 2/ 210، 311، 694، 3/ 8، 197, 350، 352، 353، 354، 400، 449، 450، 500، 4/ 306. (¬9) الأصل للشيباني، 3/ 1، 2 و، 2 ظ، الحجة للشيباني، 2/ 497، 3/ 8 - 9، 4/ 157، 304، 362.

القاضي أو الفقيه على شيء بأنه حرام يسمى تحريماً على سبيل المجاز (¬1). ويستعمل الشيباني الكلمات المشتقة من الحسن والقبح مع بعض في مواضع كثيرة. ويكون ذلك في مواضع القياس والاستحسان والتفسير أو الاستدلال العقلي الموافق للقواعد العامة. وفي بعض المواضع تفيد الكلمات المشتقة من الحُسْن المُوَافَقَة للقياس والعقل، والكلمات المشتقة من القُبْح المُخَالَفَة للقياس والعقل. ويضيف إلى استعمال كلمة القبح أحياناً كلمة الفحش ومشتقاتها للتأكيد (¬2). وهذه الاستعمالات قد مهدت الطريق أمام المناقشات المعروفة في أصول الفقه في مسألة الحسن والقبح. وخصوصًا في أصول الأحناف يستعمل مصطلحا الحسن والقبح أكثر من استعماله في أصول المتكلمين. من ناحية أخرى فإنه يمكن القول بأن الشيباني يميل إلى أن للعقل دورًا في إدراك الأحكام إلى حد ما. فمثلاً يفرق الشيباني بين المسائل التي يكون فيها الإكراه عذراً وما لا يكون الإكراه فيها عذراً، فيذكر أن شرب الخمر وأكل الميتة مثلاً قد حرما بسبب النهي المتوجه إليهما فقط، ولذلك ففي حال الضرورة يرتفع النهي عنهما وتصبح هذه المحرمات حلالاً، وعليه فإن الذي لا يرتكب هذه المحرمات في حال الضرورة يكون آثماً؛ ولكن الكفر بالله والقذف الذي فيه اعتداء على حق الناس مثلاً لا يمكن أن يكون حلالاً في أي حال من الأحوال، ولذلك فإن الذي لا يرتكب هذه المحرمات في حال الضرورة لا يكون آثماً، بل يؤجر على ذلك (¬3). ويمكن ¬

_ (¬1) الجامع الصغير للشيباني، ص 399؛ الحجة للشيباني، 2/ 210، 3/ 371. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 32 ظ، 35 ظ، 81 ظ، 98 و، 98 ظ، 102 و، 118 ظ، 135 ظ، 173 ظ، 233 ظ، 245 و، 264 ظ، 290 و، 290 ظ، 2/ 190 ظ، 3/ 16 و، 54 ظ، 58 ظ، 89 و، 113 ظ، 241 ظ، 4/ 221 ظ، 247 و، 5/ 39 و، 52 و، 70 و، 86 ظ، 202 و، 6/ 52 ظ، 58 و، 69 ظ، 70 ظ، 82 ظ، 98 و، 106 ظ، 107 و، 258 ظ، 7/ 32 و، 135 ظ، 161 و، 162 و، 162 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 5/ 76 و.

ب - حق الله - حق الناس

القول بأن بعض الأصوليين الأحناف قد تأثروا بهذه الآراء ومالوا إلى أن العقل قد يدرك بعض الأحكام (¬1). ب - حق الله - حق الناس من المعلوم أن الأصوليين الأحناف قد قسموا الحقوق إلى حقوق الله وحقوق الناس. هذا التقسيم موجود في كتاب الأصل أيضاً. فمثلاً يرى الشيباني أنه إذا اجتمع القصاص وحد السرقة فإن القصاص مقدَّم؛ لأنه "حق من حقوق الناس"، وحد السرقة "حق من حقوق الله" (¬2). كذلك إذا أقر الشخص بسرقة شيء ثم رجع عن إقراره فإنه لا يقام عليه حد السرقة، ولكنه يضمن ما سرق؛ لأن ذلك "حق الناس"، ولا يجوز الرجوع عن الإقرار في حق الناس، ولكنه يجوز الرجوع عن الإقرار في حق الله (¬3). ويذكر الشيباني أن حد الحرابة حق للمسلمين، وأن بعض الجرائم التعزيرية من حق الناس (¬4). وذكر الشيباني أيضاً أن حد القذف من حقوق الناس وليس من حقوق الله تعالى (¬5). ج - المحكوم عليه أفاد الشيباني أن الأحكام والواجبات تجب على الإنسان بالبلوغ (¬6). والبلوغ إذا لم يتم بالشكل الطبيعي فإن أبا حنيفة يحدد للغلام تسعة عشر سنة، وللبنت سبعة عشر سنة، ويحدد أبو يوسف ومحمد للغلام والبنت خمسة عشر سنة (¬7). ¬

_ (¬1) التوضيح لصدر الشريعة، 1/ 189؛ تيسير التحرير لأمير بادشاه، 2/ 150 - 151. (¬2) الأصل للشيباني، 5/ 58 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 5/ 63 و. (¬4) الأصل للشيباني، 5/ 65 ظ، 7/ 241 و. (¬5) الآئار للشيباني، ص 106. (¬6) الأصل للشيباني، 5/ 36 ظ، 51 ظ. (¬7) الأصل للشيباني، 3/ 24 ظ، 5/ 57 ظ. وفي رواية في الأصل يعتبر الطعن في السن، وفي رواية أخرى يعتبر إكمال السن. انظر: الأصل للشيباني، 8/ 111 ظ، 114 و؛ الكافي للحاكم الشهيد، 1/ 64 ظ - 65 و؛ المبسوط للسرخسي، 6/ 53 - 54.

د - الأحكام

هناك عبارات في الأصل متعلقة بموضوع تكليف غير المسلم بالفروع. فمثلاً ظهار الكافر غير واقع كما أن العبادة من الكافر غير صحيحة؛ لأن في يمين الظهار تحريم شيء على نفسه. أما طلاق الكافر وإعتاقه ونحو ذلك من تصرفاته فهي صحيحة. واختلف في بعض تصرفاته مثل الإيلاء، فأوقعه أبو حنيفة ولم يوقعه أبو يوسف ومحمد (¬1). فهنا فرّقوا بين التصرفات الدينية والدنيوية وحكم بأن التصرفات الخاصة بالدين مثل العبادات وأمثالها لا تصح من الكافر، وأن التصرفات الدنيوية صحيحة منه. وبعض التصرفات وقع الخلاف في صفتها هل هي دينية أو دنيوية؟ ولذلك وقع الخلاف في صحتها منه. والموضوع مختلف فيه بين الأصوليين الأحناف، واستدلوا في النقاش حوله بأقوال الشيباني (¬2). ويتكلم الشيباني في الأصل عن عوارض الأهلية. فيوجد فيه كتاب مستقل وواسع في موضوع الإكراه. وقد فصل فيه حول تأثير الإكراه على التصرفات (¬3). وقد تطرق الشيباني أيضاً إلى حكم تصرفات الهازل في بعض المسائل (¬4). أما في الضرورة فإنه بين أن بعض المحرمات تصبح مباحة في حال الضرورة مثل أكل الميتة والنظر إلى عورة غيره، وأن بعض المحرمات لا تباح بحال، مثل الزنا (¬5). وقد استعمل كلمة "العذر" للتعبير عن الضرورة، وأشار إلى أنه يجب التنبه إلى حدود الضرورة وأنها تقدر بقدرها (¬6). د - الأحكام 1 - الأحكام التكليفية أ - الفرض يروي الشيباني في بداية كتاب أدب القاضي رسالة عمر - رضي الله عنه - في ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 3/ 92 و. (¬2) الفصول للجصاص، 2/ 158 - 160؛ أصول السرخسي، 1/ 72 - 78؛ تيسير التحرير لأمير بادشاه، 2/ 148 - 150. (¬3) الأصل للشيباني، 5/ 67 ظ - 111 و. (¬4) الأصل للشيباني، 5/ 96 و، 96 ظ. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 160 ظ - 161 و، 165 ظ - 166 و؛ موطأ محمد، 3/ 468. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 165 ظ، 166 و.

القضاء إلى أبي موسى الأشعري. في هذه الرسالة يقسم عمر الأحكام إلى قسمين قائلًا: القضاء فريضة محكمة وسنَّة متبعة (¬1). والمقصود هنا بقوله: "فريضة محكمة" الأحكام الثابتة بالكتاب والسنَّة على وجه قطعي بحيث لا تحتمل النسخ أو التخصيص أو التأويل، وبقوله: "سنَّة متبعة" الطريقة المسلوكة في الدين التي يجب اتباعها على كل حال (¬2). ومصطلح "الفريضة" (وجمعها الفرائض) يستعمل في الأصل بمعنى المأمور به على سبيل القطع (¬3). كما يستعمل كلمة "الفرض" في مؤلفاته الأخرى (¬4). وللتنبيه على القطعية الموجودة في الأوامر تضاف الفروض إلى الله فيقال: "فريضة الله، فرائض الله" (¬5). وقد استعمل مثل هذا الوصف للصلاة والزكاة والحج وغيرها (¬6). وقد استعمل أفعال "فرض وافترض" بمعنى إيجاب الفرض (¬7). وتستعمل مصطلح الفريضة في مقابل النافلة والتطوع والسنَّة (¬8). ويستعمل الشيباني "الفريضة" في الغالب للتعبير عن الصلوات الخمس وصلاة الجمعة (¬9). وقد ذكر في موضع أن مسح الرأس فريضة في كتاب الله تعالى وأن المضمضة والاستنشاق ليسا هكذا (¬10). كما استعمل الشيباني ¬

_ (¬1) الكافي للحاكم الشهيد، 1/ 215 ظ. (¬2) المبسوط للسرخسي، 16/ 60. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 149 ظ، 3/ 27 ظ، 5/ 36 ظ، 51 ظ، 86 ظ - 87 و. وانظر: الحجة للشيباني، 1/ 529. (¬4) الجامع الصغير للشيباني، ص 186، الحجة للشيباني، 1/ 19. (¬5) الأصل للشيباني، 3/ 27 ظ، 88 و. (¬6) الحجة للشيباني، 1/ 482، 2/ 414. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 181 ظ، 4/ 165 ظ، 6/ 244 و؛ موطأ محمد، 2/ 221؛ الحجة للشيباني، 1/ 50. (¬8) الأصل للشيباني، 1/ 3 ظ،10 و، 30 و، 32 و، 32 ظ، 34 ظ؛ الجامع الصغير للشيباني،- ص 113، 186؛ الحجة للشيباني، 1/ 49، 50، 51، 188. (¬9) الأصل للشيباني، 1/ 3 ظ،10 و، 20 ظ، 24 و، 28 و، 29 و، 30 و، 94 ظ؛ الجامع الصغير للشيباني، ص 88، 113؛ الحجة للشيباني، 1/ 49، 50، 51، 182، 240، 416. (¬10) الأصل للشيباني، 1/ 6 ظ؛ الحجة للشيباني، 1/ 18.

"الفريضة" لوصف الزكاة والصوم والحج والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (¬1). وهناك مصطلح آخر يستعمل للصلوات المفروضة وهي المكتوبة (¬2). والفرائض تستعمل بمعنى سهام الميراث المحددة والمفروضة في عنوان "كتاب الفرائض "، وتستعمل بهذا المعنى بصيغة المفرد والجمع أي الفريضة والفرائض في مواضع كثيرة من الأصل (¬3). كما تذكر في مواضع كثيرة مضافة إلى الله، فيقال: "فرائض الله"، وذلك لتحديدها وفرضها في القرآن الكريم (¬4). وتستعمل كلمات مشتقة من مصدر الفرض بمعنى التحديد والتقدير في مواضع كثيرة. فمثلاً تستعمل "الفريضة" بمعنى المهر والنفقة والدية لأنها محددة مقدرة (¬5). وتستعمل الأفعال المشتقة من "فرض" في معاني كثيرة منها الإيجاب، تحديد سهم الميراث، تقدير أجر معين، تحديد مقدار المهر، تعيين النفقة، تقدير الدية وتعيين المسؤولين عنها، وتقدير المصاريف المبذولة لمصلحة مال مشترك (¬6). ومما يلفت النظر أن التفريق بين الفرض والواجب على ما هو معروف ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 104 ظ، 5/ 86 ظ، 109 ظ، 6/ 73 و. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 3 ظ، 28 و، 60 ظ؛ الحجة للشيباني، 1/ 50. (¬3) الأصل للشيباني، 2/ 91 و، 173 ظ، 3/ 162 ظ، 163 و، 163 ظ، 166 ظ، 218 و. وانظر: الحجة للشيباني،3/ 62، 4/ 191، 202. 233. (¬4) الأصل للشيباني، 3/ 162 ظ، 224 و، 244 ظ، 4/ 53 ظ، 218 ظ، 229 ظ، 4/ 134 و، 136 و، 141 و،149 و. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 104 ظ، 105 و، 105 ظ، 3/ 29 ظ، 5/ 68 و، 6/ 11 و؛ الحجة للشيباني، 1/ 482، 483، 487، 494 , 3/ 480، 4/ 264، 297. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 133 ظ، 301 و، 2/ 200 و،3/ 8 ظ، 29 و، 29 ظ، 65 و، 4/ 16 ظ، 218 و، 220 و، 221 ظ، 223 و، 5/ 101 ظ، 230 و، 6/ 72 ظ، 75 ظ، 220 ظ، 263 ظ، 7/ 138 ظ، 139 و، 143 و، 145 و، 173 و، 173 ظ، 174 و، 174 ظ، 8/ 153 و؛ الحجة للشيباني، 3/ 157، 326، 335، 473، 478، 479، 480، 485، 4/ 99، 228، 259، 261، 262، 263، 264، 286، 287، 297، 362، 368، 396.

ب - الواجب

في المذهب الحنفي ليس بواضح في مؤلفات الشيباني. وحتى أن الفرض والواجب يستعملان داخل الجملة الواحدة لوصف نفس الشيء، ويوصف طواف الزيارة والجهاد بأنهما واجبان مع أنهما من الفروض، ويستعمل فعل "فَرَضَ" للهَدْي الذي هو من واجبات الحج (¬1). ومع ذلك فإنه توجد استعمالات قد مهدت الطريق للتفريق بين الفرض والواجب. فمثلاً يفاضل الشيباني بين الواجبات فيفيد بأن الصلاة المكتوبة أوجب من سجدة التلاوة وأن الصلاة والصوم أوجب من الدم في الحج (¬2). فهذا التفضيل بين الواجبات يدل على أن هناك فرقاً بينها وأن بعضها مطلوب على وجه آكد من بعضها الآخر. وإذا استعملنا المصطلحات المتأخرة للتعبير عن الأمثلة المذكورة فإن الصلاة المكتوبة فرض وسجدة التلاوة واجبة، والصلاة والصوم فرض والدم واجب. ب - الواجب يستعمل الواجب بمعنى ما يلزم فعله ويكون تركه إثماً (¬3). وتستعمل كلمة الواجب وما يشتق من نفس الجذر من الأفعال مثل وجب، يجب وأمثالها بكثرة (¬4). ووصفت أفعال كثيرة بالوجوب مثل الصلاة المكتوبة، سجدة السهو، الحدود، القصاص، التعازير، الاستماع إلى خطب الجمعة والعيد، الاغتسال من الحيض والجنابة، الزكاة، صوم رمضان، اعتكاف النذر، التحري في بعض الحالات، دفع أجرة العامل، الوفاء باليمين على فعل طاعة، انتظار مدة عدة الطلاق أو الوفاة، المهر، الأضحية، صدقة الفطر، إعتاق رقبة في بعض الكفارات، النفقة، حلف المتهم بالقتل في ¬

_ (¬1) الجامع الصغير للشيباني، ص 160، 534؛ الحجة للشيباني، 1/ 402، 2/ 331. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 61 ظ؛ الحجة للشيباني، 2/ 414. (¬3) الأصل للشيباني، 9/ 213 ظ، 236 و، موطأ محمد، 1/ 192. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 3 ظ، 7 و، 7 ظ، 13 و، 14 ظ، 15 و، 15 ظ،16 و، 16 ظ, 51 ظ، 63 و، 63 ظ، 67 ظ. ونفس الاستعمال يكثر في مؤلفات الشيباني الأخرى أيضاً. انظر: الجامع الكبير للشيباني، ص 9؛ الحجة للشيباني، 1/ 59، 156، 159، 167، 2/ 550، 3/ 208، 4/ 76؛ موطأ محمد، 2/ 137، 221، 245.

الدعوى، صلاة الجنازة، الوضوء وسجدة التلاوة وغيرها (¬1). لا يصف الشيباني صلاة الوتر بالوجوب في الأصل، ولكنه لا يصفه بأنه تطوع أيضاً مثل ما وصف السنن والنوافل بذلك، بل يذكر الوتر بمعزل عنها (¬2). أما في الحجة فإنه يذكر أن بعض الفقهاء وصفوا الوتر بأنه "سنَّة لا ينبغي تركها"، وبعضهم بأنه "واجب"، وأن الفقهاء لم يشددوا على صلاة بعد الصلوات الخمس مثل ما شددوا على صلاة الوتر (¬3). يفيد الشيباني وجوب الشيء على الرجل بسبب فعل له بقوله: "أوجب على نفسه" كذا. مثل وجوب سجدة السهو على الرجل بسبب سهوه في الصلاة (¬4). ويضيف الإيجاب أيضاً إلى سبب الشيء. فيذكر مثلاً أن مس الجنازة ليس بحدث يوجب الوضوء، وأن إدخال دواء من الأنف يوجب قضاء الصوم، وأن الخلوة في الزواج توجب المهر (¬5). ونفس الاستعمال موجود في مؤلفات الشيباني الأخرى (¬6). واستعمال الشيباني لكلمات "أَوْجَبْتُ"، "أُوجِبُ" بإضافة الإيجاب إلى نفسه تشير إلى أن الوجوب قد يثبت عن طريق الاجتهاد (¬7). وقد يوجد ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 6 و، 43 ظ، 64 و، 78 و، 83 ظ، 104 و، 105 و، 140 و - ظ، 158 ظ، 161 ظ، 181 و، 264 ظ، 3/ 71 ظ، 88 ظ، 208 ظ، 209 و، 5/ 87 و، 106 ظ، 6/ 195 ظ، 246 ظ، 7/ 139 و، 177 ظ، 8/ 199 و؛ الحجة للشيباني، 1/ 51، 59، 109. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 74 و. (¬3) الحجة للشيباني، 1/ 182، 186 - 187. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 49 ظ، 148 ظ. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 9 ظ، 138 و، 3/ 10 ظ. (¬6) الحجة للشيباني، 3/ 42، 4/ 106. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 27 و، 63 و، 141 ظ، 149 ظ، 2/ 161 و، 174 ظ، 3/ 21 و، 58 ظ، 4/ 236 ظ، 241 ظ، 258 ظ، 5/ 16 ظ، 19 و، 23 و، 29 ظ، 7/ 179 و. واستعمالات من هذا القبيل توجد في مؤلفات الشيباني الأخرى. انظر: الحجة للشيباني، 2/ 329، 4/ 76. كما استعمل كلمة "يُوجَبُ" مبنياً للمجهول بمعنى الحكم على شيء بأنه واجب. انظر: الحجة للشيباني، 1/ 531. 2/ 313.

اختلاف في وجوب الشيء. فمثلاً العمرة واجبة في رأي بعض الفقهاء وتطوع في رأي بعض الفقهاء الآخرين (¬1). ويمكن أن يبنى وجوب الشيء على الاحتياط. فمثلاً إذا استيقظ الشخص من النوم وهو لا يذكر احتلاماً ولكنه وجد المذي في ثوبه فإن أبا حنيفة ومحمداً يقولان بوجوب الغسل عليه احتياطًا، أما أبو يوسف فيرى أنه لا يجب الغسل عليه حتى يعلم أنه قد احتلم (¬2). يبين الشيباني أن بين الواجبات فرقاً من حيث درجة الوجوب، فتكون بعض الواجبات أوجب من بعضها الآخر. فمثلاً الصلاة المكتوبة أوجب من سجدة التلاوة، وتكبير التشريق أوجب من التلبية، وصلاة المغرب أوجب من صلاة الجنازة (¬3). وإذا استعملنا المصطلحات المعروفة فالصلاة المكتوبة فرض وسجدة التلاوة واجبة، وتكبير التشريق واجب والتلبية سنَّة، وصلاة المغرب فرض عين وصلاة الجنازة فرض كفاية. فمن خلال هذه الأمثلة نرى أنه قد استعمل الواجب للتعبير عن السنَّة مجازاً لوجود القياس بين واجب وسنَّة. كذلك في هذه الأمثلة يستنتج الشيباني أنه يجوز الإيماء في سجدة التلاوة كما يجوز في الصلاة المكتوبة، وأن المحرم في يوم عرفة يكبر تكبيرة التشريق بعد الصلاة أولاً ثم يأتي بالتلبية، وأن الجنازة إذا حضرت بعد أذان المغرب فإن صلاة المغرب تؤدى أولاً ثم تؤدى صلاة الجنازة. هناك مثال آخر: يعتبر حد القذف أوجب الحدود لأنه حق للعبد، فإذا اجتمعت حدود مختلفة فيقدم تطبيق حد القذف على باقي الحدود (¬4). وفي مثال آخر يفيد الشيباني أن الصلوات الخمس وصلاة الجمعة والحج أوجب من صلاة العيد (¬5). وتوجد مثل هذه الاستعمالات في مؤلفات الشيباني الأخرى (¬6). فمثلاً يذكر الشيباني أن الصلاة والصوم أوجب من دم الجزاء في ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 6/ 72 ظ. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 7 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 61 ظ، 74 و، 81 و. ولمثال آخر انظر: نفس المصدر، 7/ 179 و. (¬4) الأصل للشيباني، 5/ 35 و. (¬5) الأصل للشيباني، 7/ 233 و. (¬6) الحجة للشيباني، 1/ 208.

ج - المندوب

الحج، وأن صوم رمضان أوجب من صوم يوم عاشوراء (¬1). وإذا اجتمع واجبان متساويان في الوجوب فإنه يبدأ بأيهما شاء (¬2). فمثلاً يذكر الشيباني أنه لا فرق بين صوم النذر وصوم كفارة الظهار من حيث تقديم أحدهما على الآخر وأنه ليس أحدهما أوجب من الآخر (¬3). ويستعمل كلمة "أوجب" أحياناً بمعنى أقوى. فمثلاً يقول الشيباني بأن المفاوضة أوجب من الوكالة، والمقصود بذلك أن الحقوق بين شركاء المفاوضة أقوى وآكد من الحقوق بين الوكيل والموكل (¬4). وهناك مصطلحات أخرى تفيد أحكام الفرض والواجب، مثل الأفعال المشتقة من مصدر الأمر، مثل "آمُرُه، أَمَرْتُه أُمِرَ، يُؤْمَر" وأمثالها (¬5). ويستعمل فعل الأمر المنفي مثل "لا آمره، لسنا نأمره" بمعنى عدم إيجاب الشيء (¬6). كما استعمل "عليه" بمعنى واجب، و"ليس عليه"بمعنى ليس بواجب (¬7)، و"لا بد منه" بمعنى واجب (¬8). ج - المندوب لم يستعمل لفظ المندوب في مؤلفات الشيباني، لكن استعملت مصطلحات أخرى تدل على نفس المعنى، مثل: ¬

_ (¬1) الحجة للشيباني، 1/ 382، 2/ 414. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 23 و. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 152 ظ. (¬4) الأصل للشيباني، 2/ 194 ظ. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 6 و، 37 ظ، 40 ظ، 54 ظ، 94 ظ، 96 و،2/ 60 ظ، 158 و، 158 ظ، 3/ 19 ظ، 20 ظ، 235 ظ، 236 و، 4/ 247 و، 5/ 33 و، 143 ظ، 175 و، 6/ 146 ظ، 180 ظ، 243 ظ، 7/ 42 ظ، 8/ 23 و. الجامع الصغير للشيباني، ص 314، 508، 522؛ الحجة للشيباني، 1/ 68، 156، 181، 382، 402، 480، 2/ 146. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 5 ظ، 56 و، 82 ظ، 2/ 171 ظ. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 48 ظ؛ الجامع الكبير للشيباني، ص 10؛ الآثار للشيباني، ص 18؛ موطأ محمد، 3/ 166. (¬8) الحجة للشيباني، 1/ 157، 182، 416؛ موطأ محمد، 5/ 322؛ الآثار للشيباني، ص 38.

1 - السنة

1 - السنَّة في مواضع كثيرة يستعمل مصطلح السنَّة بمعنى طريقة النبي والصحابة في الحياة، ويشمل بهذا المعنى الفرض والواجب والمندوب. فمثلاً "طلاق السنَّة" (¬1) و"سنَة الصلاة" (¬2) تحمل هذا المعنى الواسع. كذلك يعتبر قطع الأظفار والسواك ونحو ذلك من تطهر البدن سنَّة (¬3). وبين الشيباني أن اتباع السنَّة في صيغة السلام أفضل (¬4). كما يذكر الشيباني السنَّة في كيفية تكفين الميت وغير ذلك (¬5). ومخالفة السنَّة لا تقتضي شيئاً من الناحية القضائية في كثير من الأحيان. فمثلاً محاربة المرتدين قبل أن يُدْعَوْا إلى الإسلام وإن كان مخالفاً للسنَّة إلا أنه لا يترتب عليه شيء في القضاء (¬6). والأصوليون الأحناف شرحوا مفهوم السنَّة على هذا الأساس، وقسموا السنَّة إلى سنن هدى تطلب على سبيل التأكيد والوجوب أحياناً مثل الأذان، وسنن زوائد لا تطلب مثل هذا الطلب المؤكد، ونافلة وتطوع ونحو ذلك من الأقسام (¬7). 2 - المستحب إن الآثار المروية عن الصحابة والتابعين في كتاب الأصل تحتوي على كلمات مشتقة من الحب والاستحباب، واستعمال تلك الكلمات في التعبير عن الأحكام. فمثلاً ورد في رواية أن الصحابة كانوا يستحبون إيقاع الطلاق مرة واحدة في المجلس الواحد وعدم إيقاع طلاق آخر حتى تنتهي العدة (¬8). ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 3/ 26 ظ. ويستعمل الشيباني "طلاق المعصية" في مقابل "طلاق السنَّة" ويفيد بأن الطلاق المخالف للسنَّة واقع ولكنه يعتبر إثماً. انظر: نفس المكان. (¬2) الآثار للشيباني، ص 24. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 7 و؛ الآثار للشيباني، ص 17. (¬4) موطأ محمد، 3/ 435. (¬5) الجامع الصغير للشيباني، ص 117، 191، 192. (¬6) الأصل للشيباني، 5/ 140 و. (¬7) أصول السرخسي، 1/ 114 - 115؛ كشف الأسرار لعبد العزيز البخاري، 2/ 567 - 568؛ تيسير التحرير لأمير بادشاه، 2/ 230 - 231. (¬8) الأصل للشيباني، 3/ 14 ظ.

وهذا النوع من الطلاق هو المعروف بطلاق السنَّة. وفي رواية أخرى أن أبا بكر وعمر - رضي الله عنه -ما قالا بأن وصية الرجل بربع ماله أحب إليهما من وصيته بالثلث، ووصيته بالخمس أحب إليهما من وصيته بالربع (¬1). وقال عمر بأنه لا يحب أن يأخذ القاضي والقسام على عمله أجراً (¬2). وقال علي - رضي الله عنه - بأن ذلك أحب إليه (¬3). كما روي عن عبد الله بن عمر استعماله لهذا اللفظ في موضوع آخر (¬4). واستعمل إبراهيم النخعي أيضاً ألفاظ "يستحب" و"أحب إلي" للتعبير عن آرائه في بعض المسائل (¬5). وقد استعملت كلمات كثيرة في الأصل مشتقة من جذر الحب والاستحباب للدلالة على أن فعل شيء ما أفضل من عدم فعله ولكنه ليس بواجب. فاستعملت في ذلك كلمات مثل "يُستحَب، أَحَبُّ إلي، أَحَبُّ ذلك إلي، أَحَبُّ إلينا، أَحَبُّ، أُحِبُّ له، نُحِبُّ، نَستحب" ونحوها (¬6). ولا يؤثر ترك الشيء المستحب على إجزاء العبادة. فمثلاً وضع السترة أمام المصلي مستحب، ولكن الصلاة مجزئة بدونها (¬7). فالمستحب ليس بمنزلة الواجب الذي يراد فعله قطعاً. فمثلاً إذا خطب الإمام في صلاة الاستسقاء فإنه يستحب الاستماع إليه، ولا يجب مثل الاستماع إلى خطب الجمعة والعيدين (¬8). ولكنه نادراً ما يستعمل قوله: "أحب إلي، مستحب له" في حق أمر واجب. فمثلاً مع التصريح بأن ذبح الأضحية واجب (¬9)، إلا أنه ذكر أن ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 3/ 213 ظ. (¬2) الأصل للشيباني، 2/ 58 و. (¬3) الأصل للشيباني، 3/ 214 و. (¬4) الأصل للشيباني، 7/ 1 ظ. (¬5) الأصل للشيباني، 5/ 118 و، 130 و. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 2 و، 2 ظ، 3 ظ، 23 ظ، 24 و، 83 ظ، 3/ 204 ظ، 208 ظ , 4/ 107 و،113 و، 127 و، 127 ظ، 5/ 31 ظ، 6/ 164 ظ، 243 و؛ الجامع الصغير للشيباني، ص 91، 96، 103، 118، 163، 164، 372؛ الآثار للشيباني، ص 14، 16، 17، 25، 39؛ الحجة للشيباني، 1/ 1، 52. 70، 129، 214، 215؛ موطأ محمد، 1/ 195، 257، 595، 2/ 53. 55. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 36 ظ. (¬8) الأصل للشيباني، 1/ 83 في وانظر لاستعمالات شبيهة: موطأ محمد، 2/ 8، 11. (¬9) الأصل للشيباني، 3/ 208 ظ، 209 و.

ذبح الأضحية "أحب إلي" من التصدق بقيمتها (¬1). والكلمات المشتقة من الحب تستعمل في الغالب في العبادات والتصرفات التي فيها معنى التعبد، ويقل استعمالها في الأمور الأخرى (¬2). وكون الشيء مستحباً يستند في كثير من المواضع إلى مبدأ الاحتياط المعبر عنه بالثقة والتنزه. وهذا النوع من الاحتياط متوجه إلى مقصد تجنب الإثم في بعض المواضع، وصحة المعاملة في بعض المواضع الأخرى (¬3). والكلمات المشتقة من الحب تستعمل في الجمل المنفية بمعنى الكراهة. وفي هذا المعنى يستعمل عبارات مثل "لا أحب له، ما أحب له، لا أحب ذلك، ما أحب ذلك، لم يستحب، لم نحب له" (¬4). وأحياناً عبر عن الكراهة بقوله: "تركه أحب إلي"، مثل قوله ذلك في كراهة أكل لم الخيل (¬5). وفي نفس المعنى قوله: "غيره أحب إلي منه" (¬6). واستعمل الشيباني قوله: "أحب إلي" أيضاً لترجيح رأي على آخر (¬7). كما نقل استعمال بعض التابعين مثل الشعبي وعبيدة السلماني وإبراهيم النخعي لمثل هذه العبارة في إفادة المعنى المذكور (¬8). واستعمل الشيباني هذه العبارة لترجيح الآراء داخل المذهب، مثل قوله: "أحب القولين إلي، أحب ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 3/ 207 و؛ الآثار للشيباني، ص 37. وانظر لاستعمال شبيه: موطأ محمد، 2/ 639. (¬2) الأصل للشيباني، 2/ 158، 179 و، 3/ 17 و، 87 و، 4/ 107 و، 113 و، 5/ 20 ظ، 31 ظ، 104 ظ، 105 ظ، 116 ظ، 121 و، 124 و، 146 و، 6/ 257 ظ، 8/ 203 و، 207 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 65 و، 169 ظ، 170 ظ، 171 و، 2/ 158 ظ. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 57 و، 73 ظ، 83 و، 83 ظ، الحجة للشيباني، 1/ 146، 147، 212؛ الآثار للشيباني، ص 62؛ موطأ محمد، 2/ 163، 516. (¬5) الأصل للشيباني، 3/ 204 و. (¬6) الآثار للشيباني، ص 11. (¬7) الأصل للشيباني، 58/ 5 ظ؛ الآثار للشيباني، ص 29. (¬8) الأصل للشيباني، 3/ 101 ظ، 125 و، 145 ظ، 5/ 45 و، 6/ 252 ظ، 253 و.

3 - التطوع

إلي من قول أبي حنيفة" ونحو ذلك (¬1). 3 - التطوع تمر كلمة التطوع التي هي بمعنى عمل الشيء بطيبة نفس وعن رضا في كتاب الأصل في مواضع كثيرة. وليس لعدم فعل التطوع ضرر من الناحية الدينية أو القضائية (¬2). وتستعمل كلمة التطوع في وصف صلاة النافلة في مقابل صلاة الفرض، وكذلك في وصف النوافل والرواتب التي تؤدى قبل الصلوات المكتوبة وصلاة الجمعة وبعدها، صلاة التهجد، صلاة النفل مطلقاً، صلاة التراويح، تحية المسجد، وصوم النافلة (¬3). وقد اختلف الفقهاء في كون العمرة واجبة أو تطوعاً، وهي تطوع عند الحنفية (¬4). والحج قد يكون تطوعاً (¬5). وفي مؤلفات الشيباني الأخرى يستعمل التطوع في مقابل الفرض والواجب (¬6). وهناك معنى آخر لكلمة التطوع، وهو العمل أو الإنفاق الذي يكون بلا مقابل ولا يلزم أن يؤخذ في مقابله شيء. فمثلاً دفع الشخص دين شخص آخر بدون طلب منه، الإنفاق على الرهن من تلقاء نفسه، دفع العشر أو الخراج عن الأرض المرتهنة، الإنفاق من أجل إطعام الدابة المستأجرة للركوب، العمل بعقد فاسد في بعض الأحوال، إطعام العامل المستأجر كان لم يشترط ذلك، الإنفاق على اللقيط، والالتحاق بالجيش بدون طلب وجه ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 2/ 245 ظ، 6/ 104 ظ. (¬2) الحجة للشيباني، 1/ 296. (¬3) الأصل للشيباني، 3/ 1 ظ،.10 و، 23 ظ - 24 و، 27 و، 28 و، 28 ظ، 135 ظ، 136 ظ، 140 ظ؛ الحجة للشيباني، 1/ 49، 50. 218؛ الآثار للشيباني، ص 26، 64؛ موطأ محمد، 628/ 1، 2/ 33، 80. (¬4) الأصل للشيباني، 6/ 72 ظ، الحجة للشيباني، 2/ 119. (¬5) الأصل للشيباني، 6/ 73 ظ، 74 و؛ الحجة للشيباني، 2/ 227. (¬6) الجامع الصغير للشيباني، ص 186؛ الحجة للشيباني، 1/ 182، 208، 211.

4 - النافلة

إليه، كل ذلك يعتبر تطوعاً (¬1). 4 - النافلة كلمة النافلة تستعمل في الأصل وفي مؤلفات الشيباني الأخرى بمعنى التطوع وخصوصاً في مسائل الصلاة. وعبارة "صلاة النافلة" تمر كثيراً في مقابل صلاة الفرض (¬2). 5 - الحسن تستعمل الكلمات المشتقة من مصدر "حسن" في كثير من المواضع بالمعنى اللغوي (¬3). وكلمة "حَسَن" تستعمل في الأصل بمعنى الفعل الذي يطلبه الدين ويعده أمراً يحمد عليه ولا يكون في تركه إثم أو ضرر. فمثلاً الغسل قبل صلاة الجمعة وصلاة العيد وليلة عرفة وقبل الإحرام حسن وليس بواجب وليس في تركه إثم (¬4). والتطوع قبل صلاة العصر وصلاة أربع ركعات بعد العشاء والصلاة في كسوف الشمس وخسوف القمر أمر "حسن" (¬5). وقد يكون الشيء حسناً لأنه موافق للاحتياط (¬6). ويمر مصطلح ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 9/ 2 ظ، 15 ظ 16 و، 40 و، 41 و،100 ظ، 130 و، 141 ظ، 152 ظ، 153 و، 177 ظ، 180 و، 236 ظ، 259 و، 259 ظ، 260 ظ، 293 ظ، 294 و، 3/ 65 و، 156 ظ, 157 ظ, 235 ظ، 95/ 4 و، 5/ 133 ظ، 146 ظ 6/ 183 ظ، 7/ 44 و، 106 و، 112 ظ, 223 ظ، 8/ 1 ظ؛ الحجة للشيباني، 3/ 37، 38؛ الآثار للشيباني، ص 149. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 27 و، 32 ظ، 2/ 172؛ الجامع الصغير للشيباني، ص.9؛ الحجة للشيباني، 1/ 49، 51، 271، 294، 2/ 301. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 202 ظ، 2/ 176 ظ، 180 و، 260 ظ، 3/ 200 و، 215 و، 215 ظ، 7/ 216 و. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 11 ظ؛ موطأ محمد، 1/ 310. ولأمثلة أخرى في نفس المعنى انظر: الأصل للشيباني، 1/ 10 و - ظ، 23 ظ، 69 ظ، 72 ظ، 73 ظ، 3/ 57 و، 8/ 199 و. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 28 ظ، 83 و. (¬6) الأصل للشيباني، 3/ 183 ظ.

"حسن" في كثير من المواضع الأخرى (¬1). وفي بعض المواضع يستعمل فعل "أَحْسَنَ" للتعبير عن نفس المعنى (¬2). وقال في موضع: "أحسن وأخذ بالفضل" (¬3). ويكون الشيئان حسنين وجائزين لكن أحدهما أحسن من الآخر (¬4). وتأتي كلمة "حسن" بمعنى جائز، خصوصاً إذا قيس شيئان ببعض وقيل بأن كليهما حسن، وقد تستعمل بمفردها في هذا المعنى أيضاً (¬5). واستعملت هذه الكلمة في مؤلفات الشيباني الأخرى بنفس المعنى أيضاً (¬6). وأحياناً تستعمل كلمة "جميل" مع حسن (¬7). ومع هذا فقد استعمل كلمة "أَحْسَنُ" في بعض المواضع بمعنى الواجب وأنه يقع الإثم في حال عدم العمل به (¬8)، واعتبر الفعل المقابل له إساءة (¬9). وقد يستعمل فعل "أَحْسَنَ" بمعنى فعل الشيء الواجب (¬10). وتفيد عبارة "لا يَحْسُنُ" معنى المكروه تحريماً في بعض المواضع. فمثلاً المرأة التي انقطع حيضها في نهار رمضان تتشبه بالصائمين في بقية النهار ولا تأكل، لأنه "لا يحسن" منها أن تأكل وهي طاهرة وبقية الناس ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 25 ظ، 28 ظ، 29 ظ، 30 و، 34 ظ، 38 و، 71 ظ، 82 و، 119 و، 137 و. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 55 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 119 و. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 7 و، 24 ظ، 26 و، 28 ظ، 80 و، 140 ظ، 179 ظ، 2/ 62 و، 3/ 14 ظ، 16 و، 17 و، 43 و، 47 و، 51 ظ، 207 ظ. (¬5) الأصل للشيباني، 5/ 18 ظ، 22 و، 115 ظ، 6/ 253 و، 7/ 41 ظ. (¬6) الجامع الصغير للشيباني، ص 83، 149، الحجة للشيباني، 1/ 279، 285، 2/ 771، 163/ 4، 210؛ موطأ محمد، 1/ 181، 192، 443، 469، 555، 556، 2/ 33، 72؛ الآثار للشيباني، ص 20، 29. (¬7) الحجة للشيباني، 4/ 210؛ موطأ محمد، 2/ 388، 3/ 147، 326؛ الآثار للشيباني، ص 59. (¬8) الأصل للشيباني، 1/ 211 ظ. (¬9) الأصل للشيباني، 3/ 16 ظ. (¬10) الأصل للشيباني، 1/ 137 ظ.

6 - أفضل

صيام (¬1). وهناك أمثلة أخرى شبيهة بذلك (¬2). واستعمل الشيباني كلمات "حسن" و"أحسن ما عندنا" للتعبير عن تقديره لبعض الآراء (¬3). واستعمل للتعبير عن الترجيح بين الآراء مثل قوله: "أحسن القولين"، "أحسن من القولين"، "أحسن الأقاويل" (¬4). 6 - أفضل تستعمل كلمة "أفضل" في الأصل بمعنى ما يكون فعله أولى ولكنه يجوز تركه. فمثلاً الترتيب والموالاة في الوضوء أفضل، ولكن إذا ترك ذلك فالوضوء مجزئ (¬5). ومن الألفاظ المستعملة في هذا المعنى: "الأفضل، أفضل ذلك، أفضل الأمر" (¬6). وتستعمل كلمات "أَحْسَنُ، أَحَبُّ" مع كلمة أفضل لتأكيد معناها (¬7). كما تستعمل كلمة "فَضْل" في تعابير مثل: "أخذ بالفضل"، "فضل أخذ به". فمثلاً إخراج الدائن الزكاة عن الدين "فَضْل"، ولكن يجزيه أن يخرج الزكاة إذا أخذ الدين (¬8). وتستعمل كلمة أفضل في مقابل الرخصة أحياناً. فمثلاً صوم رمضان في السفر أفضل، وعدم صومه رخصة (¬9). وتكون بعض الأفعال أفضل من أجل الاحتياط (¬10). وتستعمل ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 135 و. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 237 ظ، 2/ 184 و. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 98 ظ، 102 و، 102 ظ، 3/ 54 ظ. (¬4) للشيباني، 1/ 98 و، 98 ظ. (¬5) للشيباني، 1/ 5 و. ولأمثلة أخرى انظر: الأصل للشيباني، 1/ 7 و، 9 و، 10 و، 10 ظ، 16 ظ، 26 ظ، 26 و، 38 و، 54 و، 149 و، 160 ظ، 181 ظ، 3/ 14 ظ 208 ظ، 5/ 76 و، 105 ظ، 121 ظ. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 5 و، 7 و، 9 و، 10 و، 10 ظ، 16 ظ، 23 ظ، 26 ظ، 36 و، 38 و، 54 و، 179 ظ، 3/ 28 و. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 54 و، 3/ 43 و، 207 و، 5/ 146 ظ، 147 و. (¬8) الأصل للشيباني، 119/ 1 و. ولمثال آخر انظر: الأصل للشيباني، 1/ 179 و. (¬9) الأصل للشيباني، 1/ 142 و، 5/ 76 و، 109 و، 110 و. ولمثال شبيه بهذا انظر: موطأ 1/ 555. (¬10) الأصل للشيباني، 1/ 168 ظ، 169 ظ، 170 ظ، 172 و، 176 ظ، 179 و، 3/ 10 و.

7 - ينبغي

كلمة أفضل في الغالب لما لا يكون واجباً من الأفعال. فمثلاً متعة الطلاق في بعض الحالات ليست بواجبة، ولكن دفعها أفضل (¬1). ولكن استعملت "أفضل" نادراً لوصف الواجب أيضاً (¬2). والأفعال التي تكون أفضل بسبب الاحتياط قد توصف بأنها واجبة (¬3). وتستعمل كلمة "أفضل" بنفس المعنى عموماً في مؤلفات الشيباني الأخرى (¬4). 7 - ينبغي تفيد كلمة "ينبغي" معنى المندوب أحياناً. فمثلاً ينبغي أن يقول الإمام والمأمومون: آمين، بعد الفراغ من الفاتحة، وذلك مندوب (¬5). وهذا المصطلح يستعمل في مؤلفات الشيباني الأخرى أيضاً بمعنى المندوب (¬6). ويقابل الوصف بقوله: "ينبغي" الكراهة. فمثلاً إذا صلَّى رجلان جماعة فإن المأموم ينبغي أن يقف إلى يمين الإمام، ولكنه إذا وقف إلى يساره يكون مسيئاً، وتجوز صلاته (¬7). وقد استعمل في بعض الأمثلة لفظ الكراهة بدل الإساءة (¬8). وتستعمل كلمة "ينبغي" بمعنى الجواز أحياناً. فمثلاً ينبغي الوضوء من الماء الذي شرب منه ما يؤكل لحمه من الحيوانات (¬9). وتستعمل كلمة ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 3/ 28 و. كذلك الغسل يوم الجمعة أفضل وليس بواجب. انظر: موطأ محمد، 1/ 299. (¬2) الأصل للشيباني، 7/ 203 و، الحجة للشيباني، 1/ 288. (¬3) الأصل للشيباني، 3/ 3 ظ، 5 ظ. (¬4) الجامع الصغير للشيباني، ص 108، 159، 401؛ الحجة للشيباني، 1/ 6، 41، 280. 315، 366، 381، 2/ 1، 415؛ موطأ محمد، 1/ 171، 181، 465؛ الآثار للشيباني، ص 20. (¬5) الأصل للشيباني، 2/ 1 ظ. (¬6) الحجة للشيباني، 1/ 1، 2، 208؛ موطأ محمد، 1/ 184 - 185، 192، 445، 478، 2/ 43، 66؛ الآثار للشيباني، ص 60. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 4 و. ولأمثلة أخرى انظر: 1/ 40 و، 145 و. (¬8) الأصل للشيباني، 1/ 39 و. (¬9) الأصل للشيباني، 1/ 4 ظ - 5 و؛ الحجة للشيباني، 1/ 51.

8 - يعجبنا

"ينبغي" بمعنى الوجوب أحياناً أخرى (¬1). ويروى عن ابن عباس استعمال للكلمة في هذا المعنى (¬2). وتستعمل ألفاظ "لا ينبغي، ليس ينبغي" بمعنى عدم الجواز أو البطلان أحياناً (¬3)، وبمعنى الكراهة أحياناً أخرى (¬4). وتستعمل كلمة "لا ينبغي" بمعنى عدم الوجوب أحياناً (¬5). ويفيد قوله: "لا ينبغي أن يُتْرَك" الوجوب (¬6). أما الأسئلة على شكل "هل ينبغي" ونحوها فتكون بمعنى "هل يجوز" أحياناً (¬7)، وبمعنى "هل يجب" أحياناً أخرى (¬8). 8 - يعجبنا تستعمل كلمة "يعجبنا" بمعنى المندوب (¬9). وتستعمل كلمات "لا يعجبني، لا يعجبنا" بمعنى المكروه أحياناً" (¬10)، وبمعنى الحرام أحياناً ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 31 ظ، 33 ظ، 44 و، 66 و، 72 و، 76 و، 160 ظ، 169 ظ، 221 ظ، 2/ 8 و، 59 ظ، 210 و، 3/ 157 ظ، 75/ 5 و، 182 ظ، 6/ 72 ظ، 185 و، 7/ 166 ظ، 8/ 88 ظ؛ الحجة للشيباني، 1/ 106؛ موطأ محمد، 2/ 349. (¬2) الأصل للشيباني، 7/ 184 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 22 ظ، 26 و، 28 و، 32 ظ، 33 ظ، 54 و، 66 و، 101 و، 136 و، 160 ظ، 179 و، 182 و، 197 و، 222 و، 290 و، 292 ظ، 2/ 131 و، 4/ 3 و، 5/ 230 ظ، 236 و، 6/ 42 ظ، 7/ 136 و، 156 ظ، 8/ 85 و، 199 ظ؛ الحجة للشيباني، 1/ 15 - 16، 52، 68، 160، 177؛ موطأ محمد، 1/ 531، 2/ 118، 124، الآثار للشيباني، ص 128، 130. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 25 ظ، 26 ظ - 27 و، 32 و، 62 و، 82 ظ، 2/ 266 و؛ الحجة للشيباني، 1/ 96، 218؛ موطأ محمد، 1/ 485، 2/ 41، 384؛ الآثار للشيباني، ص 23، 33. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 106 و، 3/ 28 و. (¬6) الحجة للشيباني، 1/ 113. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 73 و، 73 ظ، 3/ 207 و، 58/ 6 ظ، 66 و؛ الحجة للشيباني، 1/ 72. (¬8) الأصل للشيباني، 1/ 81 ظ، 82 و، 5/ 16 ظ، 25 ظ، 6/ 60 ظ، 259 و. (¬9) موطأ محمد، 2/ 164؛ الآثار للشيباني، ص 10. (¬10) الأصل للشيباني، 3/ 210 ظ، 212 و، موطأ محمد، 2/ 104، 282، 372؛ الآثار للشيباني، ص 41، 43، 61، 144.

د - المباح

أخرى (¬1). وقد استعملت هذه الألفاظ للمكروهات التي لا تفسد الصلاة (¬2)، واستعملت كذلك لما يفسد الصلاة من الأفعال (¬3). ويستعمل في مقابل كلمة "لا يعجبني "كلمة" لا بأس" (¬4). واستعملت كلمات "لا يعجبني" وما يشبهها للترجيح بين الآراء. فمثلاً استعمل تعبير "لا يعجبني هذا القول"، و"أعجب إلينا" في هذا المعنى (¬5). د - المباح يعبر الشيباني عن عصمة نفس شخص أو ماله بأنه لا يباح جسده أو ماله (¬6). ولم نجد موضعاً آخر في مؤلفات الشيباني يستعمل فيه كلمة مباح أو ما يشبهها. ولكنه استعمل في معنى هذا الحكم ما يلي: 1 - حلال روى الشيباني عن عمر - رضي الله عنه - قوله: "الصلح جائز إلا صلحاً أحل حراماً أو حرم حلالاً"، ويشير هذا إلى أنه ليس من صلاحية الإنسان أن يحرم الحلال أو يحلل الحرام (¬7). ويفيد ابن عباس - رضي الله عنه - بأنه لا يستطيع أن يقول بأن الشيء حلال أو حرام إلا إذا نزل به الكتاب أو السنَّة (¬8). وتستعمل كلمة حلال وما يشتق من هذا المصدر فى بعض الأحاديث النبوية المروية في مؤلفات الشيباني (¬9). وتستعمل كلمة حلال بمعنى كون الاستفادة من الشيء أو فعل شيء ما مباحاً. فمثلاً العلاقة الجنسية بين الزوجين (¬10)، الربح المكتسب من تجارة ¬

_ (¬1) موطأ محمد، 2/ 463. (¬2) الآثار للشيباني، ص 29. (¬3) الآثار للشيباني، ص 38. (¬4) الآثار للشيباني، ص 44. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 98 و؛ الآثار للشيباني، ص 86. (¬6) الأصل للشيباني، 6/ 14 و. (¬7) الحجة للشيباني، 2/ 595. (¬8) الحجة للشيباني، 4/ 213. (¬9) الحجة للشيباني، 1/ 167. (¬10) في بعض هذه الأمثلة وصف الأزواج أنفسهم، وفي بعضها وصف العقد، وفي بعضها وصف العلاقة نفسها بأنها حلال. انظر: الأصل للشيباني، 1/ 81 ظ، 103 ظ، 161 و، 3/ 2 ظ، 3 ظ، 4 ظ، 6 ظ، 27 ظ، 28 و، 56 و، 89 ظ، 94 ظ، 7/ 124 ظ، 128 ظ؛ الحجة للشيباني، 3/ 371، 372، 500؛ الآثار للشيباني، ص 85.

مشروعة (¬1)، صلاة الشخص مع مراعاة شروط الصلاة من الطهارة وغيرها، أخذ الصدقة لمن كان محتاجاً، لم الحيوان المذبوح على الطريقة الشرعية، الوضوء بالماء الطاهر، عصير العنب، الأكل والشرب والاستمتاع الجنسي في دائرة المشروع، لحم الحيوان المذبوح أو المصيد بيد اليهود والنصارى وغنائم الحرب مما عده الشيباني من الحلال (¬2). وتستعمل كلمة الحلال لمن ليس بمحرم إحرام الحج أو العمرة (¬3). وإلى جانب هذا فإنه توجد كلمات كثيرة مشتقة من نفس المصدر لكلمة حلال على صيغة فِعْل مثبت أو منفي، مستعملة في الأصل وفيره من مؤلفات الشيباني (¬4). والإحلال مستعمل بمعنى حكم الله أو رسوله بكون الشيء حلالاً (¬5). وقد استعمل فعل "أَحَلَّ" بهذا المعنى (¬6). وتستعمل كلمات "أَحَلَّ" بمعنى الحكم بكون الشيء حلالاً، ورؤيته حلالاً، والتسبب في كونه حلالاً (¬7)، و"أُحِلَّ، أُحِلُّ" بمعنى الحكم على الشيء بكونه حلالاً، و"أَحَلُّ" بمعنى التفضيل من حيث كون الشيء حلالاً وكونه لا شبهة فيه (¬8). وتستعمل كلمة "لا يَحِلُّ" مع مصطلحات ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 221 ظ، 2/ 275 ظ، 6/ 60 و، 7/ 3 ظ، 25 ظ؛ الحجة للشيباني، 2/ 585، 587. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 40 ظ، 118 ظ، 135 و، 159 و، 168 ظ، 256 ظ، 3/ 8 و، 33 و، 195 ظ، 5/ 139 ظ؛ الحجة للشيباني، 1/ 64، 3/ 8، الآثار للشيباني، ص 44؛ موطأ محمد، 1/ 319 - 320. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 78 و، 3/ 209 و، 210 ظ، 211 و؛ الجامع الصغير للشيباني، ص 152، 155، 499؛ الحجة للشيباني، 2/ 155، 157، 181. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 20 و، 26 و، 39 ظ، 81 ظ؛ الجامع الصغير للشيباني، ص 123، 150، 485، الحجة للشيباني، 1/ 358، 359، 421؛ موطأ محمد، 2/ 473، 3/ 187، 368؛ الآثار للشيباني، ص 44، 64، 147. (¬5) الأصل للشيباني، 5/ 109 ظ؛ الآثار للشيباني، ص 138. (¬6) الحجة للشيباني، 3/ 350، 352، 353، 354، 500. (¬7) الجامع الصغير للشيباني، ص 178؛ الحجة للشيباني، 3/ 9، 197، 397، 4/ 69، 107. (¬8) الحجة للشيباني، 2/ 284، 3/ 14، 4/ 213.

2 - لا يضره

مكروه، حرام وفاسد (¬1). كما تستعمل كلمة حلال مع مصطلحات "جائز، تام، حسن" للتأكيد ونحوه (¬2). وششعمل الشيباني تعبير "حلال جائز" في مقابل "حرام باطل"، مما يوحي بأن الحلال والحرام متعلقان بالجهة الدينية والأخروية للمسألة وأن الجائز والباطل متعلقان بالجهة الدنيوية والقضائية لها (¬3). وقد استعمل أفعال "يحل ويجوز" عقيب بعض في هذا المعنى (¬4). ويرى الشيباني أن القاضي إذا قضى في مسألة مختلف فيها بحل شيء فإنه يجوز للطرفين العمل بحكم القاضي كان كان أحدهما يرى أن ذلك الشيء حرام، ولكن إذا كان حكم القاضي مبنياً على عدم كفاية البينة وليس متعلقاً بأصل المسألة فإن ذلك لن ينجي الطرف الذي يعلم حرمة الشيء من المسؤولية (¬5). كما أفاد الشيباني بأنه في حال الضرورة تصبح بعض المحرمات حلالاً (¬6) ويستعمل في الأصل كلمة "طيِّب"بوما يشتق من مصدره من الأفعال مثل "طاب، يطيب"، بمعنى كون الشيء حلالاً إذا اتُّبعت المقاييس المعروفة في موضوع ما، وأنه لا تبقى شبهة فيه. مثلاً، إذا استأجر شخص بيتاً بأجرة معينة ثم أجّر البيت من شخص آخر بأجرة أعلى فإن الزيادة بين الأجرتين التي يأخذها ليست بطيّب له، وعليه أن يتصدق بها (¬7). 2 - لا يضره يستعمل في الأصل تعبير "لا يضره" ونحوه في كثير من المواضع ¬

_ (¬1) الحجة للشيباني، 2/ 667، 3/ 367، 372. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 40 ظ؛ الحجة للشيباني، 2/ 543، 771. (¬3) الأصل للشيباني، 5/ 132 و. (¬4) الحجة للشيباني، 2/ 509. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 178 ظ. (¬6) الأصل للشيباني، 5/ 76 و، 109 ظ - 110 و. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 272 و، 272 ظ، 2/ 78 و، 120 و، 130 ظ، 133 ظ، 151 و، 165 ظ، 180 و، 213 و، 213 ظ.

3 - لا بأس

بمعنى المباح والجائز (¬1). مثلاً ترك البسملة قبل الوضوء، وذبح الأضحية بيد غير صاحبها مما لا يستحب، ولكنها لا تضر، وتكون العبادة صحيحة (¬2). وهذا المصطلح مستعمل في مواضيع الصوم والنكاح وذبح الحيوان والسلم والبيع والصرف والإجارة والوصية والشهادة، فهي مستعملة في العبادات والعقود والتصرفات (¬3). 3 - لا بأس يروي الشيباني أحاديث وآثاراً تشتمل على هذا التعبير (¬4). وهذا التعبير يعني الجواز وعدم الإثم. ويُستعمل مع مصطلحات "جائز، حلال، صحِيح، مستقيم، ينبغي، تام ويجزئ" (¬5). وفي مقابله تستعمل مصطلحات مثل "أحَبُّ ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 21 و، 23 و، 23 ظ، 28 و، 28 ظ، 40 و، 60 ظ، 73 ظ، 79 ظ، 218 ظ. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 4 ظ، 3/ 208 ظ (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 134 ظ، 139 ظ، 142 ظ، 143 ظ، 215 ظ، 218 ظ، 248 و، 289 و، 303 و، 306 و، 312 ظ، 2/ 146 ظ، 3/ 4 و، 7 ظ، 9 و، 36 ظ، 193 ظ، 194 ظ، 196 ظ، 204 ظ، 251 ظ، 252 و، 4/ 156 و، 5/ 54 ظ، 136 و؛ الحجة للشيباني، 3/ 30. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 281 و، 282 و، 282 ظ، 283 و، 283 ظ, 290 ظ، 293 ظ, 294 و، 295 ظ، 301 و، 2/ 120 و، 3/ 186 ظ، 191 ظ، 192 و، 192 ظ، 193 و، 205 ظ، 206 ظ، 214 و، 5/ 114 و، 132 ظ، 7/ 16 و، 40 ظ، 41 ظ، 42 و، 53 و، 8/ 35 و. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 2 ظ، 3 و، 3 ظ، 4 و، 4 ظ، 5 و، 5 ظ، 6 و، 6 ظ، 7 ظ، 8 و، 10 ظ،11 و، 12 و، 13 و، 13 ظ، 23 ظ، 24 ظ، 28 ظ، 71 و، 81 و، 82 ظ، 107 ظ، 225 و، 275 ظ، 322 ظ، 132/ 2 و، 148 ظ، 167 و، 194 و، 235 و، 235 ظ، 3/ 206 ظ، 207 ظ، 4/ 127 و، 127 ظ، 5/ 126 ظ، 132 ظ، 230 و، 6/ 66 و، 75 ظ، 184 و، 7/ 4 ظ، 7 ظ، 158 ظ، 161 و، 170 و، 170 ظ، 184 ظ، 8/ 73 و؛ الجامع الصغير للشيباني، ص 82، 86، 91، 116، 233، 303، 476، 480، 481، 533؛ الحجة للشيباني، 1/ 15، 18، 23، 129؛ موطأ محمد، 1/ 242، 291، 318، 465، 479؛ الآثار للشيباني، ص 11، 13، 17.

4 - له

إلي، مكروه، لا خير فيه، لا يحل، لا يجوز" (¬1). 4 - له ويستعمل كلمة "له" بمعنى الإباحة والجواز، و"ليس له" بمعنى أنه لا يباح له ولا يجوز له (¬2). 5 - واسع تستعمل كلمة "واسع" بمعنى مباح وجائز (¬3). وتستعمل "وَسِعَ، يَسَعُه، هو في سعة من" ونحوها من العبارات في نفس المعنى (¬4). وعبارة "لم يسعه" بمعنى لا يباح ولا يجوز له (¬5). هـ - الكراهة 1 - مكروه يروي الشيباني أحاديث وآثاراً تشتمل على أفعال مشتقة من مصدر "كره" (¬6). وتمر كلمة "أكره" في حديث: "ولا شيء أحله الله أكره إليه من الطلاق"، وفي أثر عن إبراهيم النخعي في نفس المعنى (¬7). كما يروى عن ابن عباس أئر يستعمل فيه مصطلحي جائز ومكروه على أنهما متقابلين (¬8). ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 2 ظ، 3 و، 3 ظ، 4 ظ، 28 ظ، 48 ظ، 71 و، 78 ظ، 3/ 197 و، 203 ظ، 204 و، 204 ظ، 205 ظ، 210 و، 211 و، 211 ظ، 212 و، 4/ 127 ظ، 5/ 116 و، 132 ظ، 146 ظ، 8/ 76 ظ. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 15 ظ، 16 و؛ موطأ محمد، 3/ 275. (¬3) الأصل للشيباني، 5/ 47 و؛ الحجة للشيباني، 1/ 220؛ موطأ محمد، 2/ 205، 339، 397. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 41 ظ، 104 و؛ الحجة للشيباني، 1/ 88، 89؛ موطأ محمد، 3/ 408. (¬5) موطأ محمد، 2/ 502. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 293 ظ، 294 و، 301 و، 2/ 120 و، 143 و، 207 ظ، 208 و، 36/ 3 ظ، 192 و، 193 و، 4/ 153 ظ، 8/ 14 ظ، 42 ظ. (¬7) الأصل للشيباني، 7/ 16 ظ، 17 و. (¬8) الأصل للشيباني، 8/ 73 و.

هذا المصطلح وما يشتق من مصدره من الأفعال تستعمل في الأصل بكثرة. فمثلاً: وصف الشيباني القرض الذي جر نفعاً، والخلوة بالمرأة التي ليست بمحرم، الزول بالكتابية في دار الحرب، استرداد الزوج من زوجته أكثر من المهر في الخلع، توكيل الكتابي بذبح الأضحية ونحو ذلك من الأفعال بأنها مكروهة (¬1). كما استعمل في الكتاب ألفاظ "لا أكره، لا نكره، لا يُكره، لا تُكره" بنفي الكراهة، وكذلك مع أداة السؤال هل، أي "هل يُكره" ونحوها كثيراً (¬2). وقال في شأن عدم مراعاة تعديل الأركان في الصلاة: "أكره له ذلك أشد الكراهية" (¬3). ونرى في بعض الأمثلة استعمال المكروه بمعنى الحرام، مثل استعماله في العقود الربوية وبيع الخمر والخنزير ولحم الميتة ونكاح المتعة وغيرها (¬4). ووصف لم سباع البهائم والطيور المنهي عنها في الحديث بالمكروه أيضاً (¬5). وعبارة "حرام مكروه" التي تمر في موصع واحد من الجامع الصغير تستعمل للإشارة إلى ثبوت الحرمة بالدليل الظني لا القطعي (¬6). وهذا الاستعمال قد تحول في اصطلاح الحنفية فيما بعد إلى "المكروه تحريماً"، وعبر عن المكروه الذي هو أقرب إلى الحلال أو المباح بمصطلح "المكروه ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 170 ظ، 294 و، 2/ 178 ظ، 197 و، 206 ظ، 228 و، 261 و، 266 و، 3/ 36 ظ، 68 ظ، 7/ 44 ظ. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 2 و، 2 ظ، 3 و، 3 ظ، 4 و، 4 ظ، 5 ظ، 6 و، 8 و، 13 و، 13 ظ، 23 ظ، 24 و، 24 ظ، 25 و، 25 ظ، 26 و، 26 ظ، 27 و، 28 و، 28 ظ، 30 و، 38 ظ، 39 و، 68 ظ، 71 و، 71 ظ، 73 و، 74 ظ، 79 ظ، 80 ظ، الحجة للشيباني، 1/ 8، 129، 216، 217؛ موطأ محمد، 1/ 368؛ الآثار للشيباني، ص 16، 19، 29، 103. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 39 و. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 308 ظ، 3/ 200 ظ؛ موطأ محمد، 2/ 548، 3/ 113، 117؛ الآثار للشيباني، ص 81. (¬5) الأصل للشيباني، 3/ 203 و -203 ظ، موطأ محمد، 2/ 632. (¬6) الجامع الصغير للشيباني، ص 485؛ بدائع الصنائع للكاساني، 5/ 118.

تنزيهاً". ونرى اجتماع الجواز مع الكراهة في أمثلة كثيرة (¬1). والكراهة لا تؤثر في صحة العبادة في أكثر الأحيان. فمثلاً صلاة الإمام في موضع أرفع من المأموكان مكروهة، لكن الصلاة صحيحة (¬2)؛ كذلك التوضؤ بماء شرب منه طير لا يؤكل لحمه مكروه، لكن الوضوء مجزئ (¬3)؛ كما أن التأذين قاعداً مكروه، لكنه مجزئ (¬4). وفي بعض الأحيان تؤثر الكراهة في صحة العبادة. فمثلاً القراءة من المصحف في الصلاة مكروهة عند أبي حنيفة ومفسدة للصلاة (¬5). والحكم في المعاملات مثل الحكم في العبادات، فبعض الأفعال جائزة من حيث القضاء لكنها مكروهة ديانة (¬6)، والكراهة موجبة للفساد أحياناً (¬7)، وغير موجبة له في أحيان أخرى (¬8). وقد استعمل مصطلح الكراهة في المؤلفات الأخرى للشيباني في نفس المعنى المستعمل فيه في الأصل (¬9). وينقل الفقهاء والأصوليون الأحناف أن الشيباني يقول: "كل مكروه حرام"، وأن أبا حنيفة وأبا يوسف يقولان بأن المكروه أقرب إلى الحرام (¬10). ويروى أن أبا يوسف سأل أبا حنيفة عن ما يقصده بقوله في حق شيء: ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 2/ 180 و، 180 ظ، 206 ظ، 216 و، 228 و، 7/ 137 و. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 3 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 5 ظ. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 23 ظ. وانظر لأمثلة أخرى: نفس المصدر، 1/ 24 ظ، 25 ظ، 26 ظ، 37 و، 38 و، 39 و، 39 ظ، 40 و، 56 و، 60 ظ، 71 ظ، 80 ظ، 128 و، 142 و. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 38 ظ. وانظر لاستعمال شبيه بذلك: موطأ محمد، 2/ 60. (¬6) الأصل للشيباني، 2/ 178 ظ، 261 و، 3/ 68 ظ. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 294 و، 298 و، 5/ 124 و، 7/ 42 ظ؛ موطأ محمد، 3/ 229؛ الآثار للشيباني، ص 15، 130. (¬8) الأصل للشيباني، 2/ 178 ظ، 197 و، 206 ظ، 228 و، 261 و، 266 و، 3/ 68 ظ، 208 ظ، 5/ 133 ظ، 139 ظ، 7/ 44 ظ؛ الحجة للشيباني، 1/ 8؛ موطأ محمد، 2/ 29. (¬9) الحجة للشيباني، 1/ 175؛ موطأ محمد، 2/ 38، 56، 209. (¬10) الهداية للمرغيناني، 4/ 78؛ تبيين الحقائق للزيلعي، 6/ 10، تيسير التحرير لأمير بادشاه، 2/ 135؛ رد المحتار لابن عابدين، 2/ 161، 6/ 311.

2 - أساء

أكرهه، فأجابه بأنه يقصد الحرام (¬1). وفي رواية أخرى عن أبي حنيفة أنه يقصد ما هو أقرب إلى الحرام (¬2). وينبغي التنبيه هنا على أن هذه العبارات صحيحة من حيث المكروه تحريماً، أما المكروه تنزيهاً فهو أقرب إلى الحلال (¬3). وقد صرح الشيباني في غير كتابه الأصل بوجود فرق بين الحكم على شيء بأنه مكروه وبين الحكم عليه بأنه حرام، على ما يشير إليه استعماله لمصطلح المكروه في الأصل أيضاً (¬4). 2 - أساء هذا الفعل يستعمل في معنى"عمل شيء سيئ" أو "عمل الشيء على شكل سيئ". وقد استعمل الشيباني كلمة "أساء" بمعنى المكروه والإثم (¬5). ومع ذلك فالفعل صحيح غالباً. فمثلاً هناك أفعال في الصلاة تعتبر إساءة، لكن الصملاة تكون مجزئة وتامة معها. وفي بعض هذه, الأمثلة ترك الواجب عمداً (¬6). واستعمل لفظ الإساءة في البيع والشراء في وقت صلاة الجمعة، وترك الإشهاد على الرجعة بعد الطلاق، وعدم مراعاة بعض القواعد الخاصة بذبح الحيوان. ففي هذه الأمثلة اعتبر العقد أو العبادة صحيحة مع لحوق إثم (¬7). وفي بعض المواضع تكون الإساءة مؤدية إلى فساد العبادة. فمثلاً ¬

_ (¬1) المبسوط للسرخسي، 11/ 233. وعزا ابن أميرحاج هذه الرواية إلى الأصل. انظر: التقرير والتحبير، 2/ 80. لكن كلام السرخسي يدل على خلف ذلك. انظر: المبسوط للسرخسي، الموضع السابق. (¬2) المبسوط للسرخسي، 30/ 278. (¬3) البحر الرائق لابن نجيم، 8/ 205؛ الفتاوى الهندية، 5/ 308. (¬4) الحجة للشيباني، 350/ 3، 355. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 149 ظ، 159 و، 5/ 155 و. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 2 ظ، 3 و، 4 و، 5 و، 9 ظ، 23 ظ، 37 و، 37 ظ، 39 و، 39 ظ، 40 و، 47 ظ، 48 ظ، 67 ظ، 72 و، 82 و؛ الحجة، 1/ 107، 204؛ الآثار، ص 11. كما استعمل لفظ الإساءة في الحج أيضاً انظر: الجامع الصغير، ص 161؛ الحجة، 2/ 35، 421. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 136 و، 145 و، 150 ظ، 3/ 16 ظ، 25 ظ، 203 و، 219 و، 5/ 127 ظ؛ الحجة، 1/ 403.

و - الحرمة وما في معناها

اقتداء الرجل بالمرأة في الصلاة تعتبر إساءة ومفسدة للصلاة (¬1). والجماع أثناء الاعتكاف يعتبر إساءة مفسدة للاعتكاف، لكن القبلة ونحوها مع كونها إساءة فهي لا تفسد الاعتكاف (¬2). وقد تكون الإساءة موجبة للتعزير في بعض الأحيان (¬3). و- الحرمة وما في معناها 1 - الحرمة استعملت الحرمة في الأصل بمعنى كون الشيء حراماً (¬4)، ومحترماً (¬5)، وبمعنى المحرمية (¬6). فاستعمل "الحرام" في حق لم الميتة وذبيحة المجوسي والطعام المختلط بلحم الخنزير والشراب المختلط بالخمر ونكاح الإخوة من الرضاع والتوضؤ من الماء النجس والزنا والخمر والربا ونكاخ المرأة المشركة وحرمة النكاح والمال المغصوب (¬7)، واستعملت الأفعال "حَرُمَ، يَحْرُمُ" ونحوها في أكل الصائم وحرمة النكاح وحرمة النفس ومحظورات الحج (¬8). كما استعمل أفعال "حَرَّمَ، يُحَرِّمُ" بمعنى التسبب في ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 54 و. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 148 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 4/ 229 و، 236 ظ. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 164 ظ، 166 و، 264 و، 3/ 6 و، 35 و، 83 ظ؛ الحجة، 2/ 311، 312، 3/ 192. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 108 و، 112 و، 115 ظ، 127 و، 131 ظ؛ الحجة، 1/ 386، 2/ 389، 3/ 446، 463. (¬6) الأصل للشيباني، 7/ 170 و. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 159 و، 161 و، 168 و، 170 و، 170 ظ، 171 و، 177 ظ، 178 و، 249 ظ، 256 ظ، 264 ظ، 312 ظ، 3/ 1 ظ، 2 و، 2 ظ، 3 و، 3 ظ، 4 و، 6 ظ، 9 و،10 و، 37 و، 50 و، 54 ظ، 174 ظ، 208 ظ؛ الجامع الصغير، ص 485؛ الآثار للشيباني، ص 149؛ الحجة، 2/ 585، 3/ 8. (¬8) الأصل للشيباني، 1/ 26 و، 81 ظ، 4/ 234 ظ، 236 ظ، 8/ 182 و؛ الحجة، 2/ 272. ولأمثلة أخرى انظر: الأصل للشيباني، 1/ 103 ظ، 149 و، 166 و، 166 ظ، 167 و، 241 ظ، 263 ظ، 3/ 3 و، 5 و، 5 ظ؛ الحجة، 3/ 192، 369، 371.

2 - لا خير فيه

كون الشيء حراماً (¬1) واعتقاد حرمة الشيء (¬2). واستعمل كلمة "التحريم" في مواضع عديدة بمعنى الحكم بحرمة الشيء والتسبب في حرمة الشيء (¬3). ويفرق الشيباني بين نوعين من الحرام بشكل يشبه التفريق بين الحرام لعينه والحرام لغيره باصطلاح المتأخرين. فيبين أن ذبيحة المجوسي والشراب المختلط بالخمر والماء النجس "حرام من قِبَل نفسه"، أما الطعام والشراب المغصوب فهو حرام لأنه ليس مملوكاً للشخص الذي في يده، وأن هناك نتائج مختلفة تترتب على هذا التفريق (¬4). ويفيد أن هناك فرقاً بين المحرمات من حيث درجة الحرمة، فبعضها "أعظم حرمة، وأَحْرَمُ" من غيرها (¬5). ويذكر أن الحرام قد يكون مختلفاً في حرمته بين الفقهاء (¬6). ويستعمل في حق النكاح المحرم والباطل عبارات مثل "فاسد حرام لا يجوز"، "حرام لا يصلح"، "حرام لا يحل"، "حرام باطل" ونحو ذلك (¬7). وقد استعملت أفعال "حَرَّمَ" و"كَرِهَ" بنفس المعنى في موضع (¬8). كما تستعمل مصطلحات حرام - حلال وحرام - جائز كأضداد (¬9). 2 - لا خير فيه روي عن ابن عباس وإبراهيم النخعي والشعبي استعمال عبارة "لا ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 103 ظ، 166 ظ، 264 و، 264 ظ، 3/ 3 ظ، 4 و، 4 ظ، 6 و، 7/ 170 ظ؛ الجامع الصغير، ص 485؛ الحجة، 3/ 371، 384؛ موطأ محمد، 2/ 606،607، 608،609. (¬2) الحجة، 3/ 8. (¬3) الأصل للشيباني، 3/ 1 ظ، 2 و، 2 ظ، 3 ظ، 4 و، 6 و، 7 و، 33 ظ، 53 ظ، 61 ظ؛ الحجة، 1/ 247، 251، 257، 2/ 152، 210، 758، 3/ 353، 354. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 171 و. (¬5) الحجة للشيباني، 2/ 252، 3/ 192، 387. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 178 ظ، 3/ 3 ظ. (¬7) الأصل للشيباني، 4/ 47 ظ، 5/ 41 و، 132 و، 7/ 174 ظ؛ الحجة، 3/ 192، 372، 500. (¬8) الحجة، 2/ 210. (¬9) الأصل للشيباني، 7/ 158 و؛ الحجة، 1/ 421، 2/ 585، 3/ 365، 4/ 54.

خير فيه" في وصف المعاملات الربوية (¬1). وقد استعمل الشيباني هذا التعبير بمعنى عدم صحة العبادة. فمثلاً قال في الماء الذي يشم منه رائحة النجاسة بأنه "لا خير في الوضوء منها"ـ، وأنه لا بد من تجديد الوضوء (¬2). كما استعمل هذا التعبير لإفادة عدم صحة عقد السلم والصرف والصلح والبيع والإجارة والمزارعة وأمثالها (¬3). واستعمل هذا المصطلح أيضاً للتعبير عن كون الربح فيه شبهة وأنه ينبغي التصدق به مع كون العقد صحيحاً (¬4). واستعمل أيضاً في وصف ما يكره أكله مثل السمك الميت الطافي على وجه الماء، وما يحرم مثل الحيوانات التي لم تذبح على الطريقة الشرعية (¬5). كذلك استعمل في وصف بيع الخمر وأكل ثمنه (¬6). وفي هذا المضمار استعمل في مقابل مصطلح "لا خير فيه" مصطلح "جائز" و"لا بأس" (¬7). كما استعمل "لا خير" مع مصطلحات "باطل، مردود، لا ينبغي، لا يجوز، فاسد، لا أجيز، لا يصلح" في سياق واحد مؤيداً لمعناها (¬8). ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 212 ظ، 281 و، 298 و، 5/ 114. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 6 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 213 و، 213 ظ، 214 و، 214 ظ، 216 و، 218 و، 218 ظ، 222 ظ، 223 و، 223 ظ، 224 و، 224 ظ، 225 ظ، 226 و، 236 ظ، 237 و، 237 ظ، 243 ظ، 253 ظ، 283 ظ، 300 و، 300 ظ، 302 و، 306 ظ، 307 و، 307 ظ، 311 ظ، 2/ 183 ظ، 123/ 3 ظ، 146 ظ، 147 ظ، 4/ 220 و، 5/ 127 و، 224 ظ، 7/ 60 و، 8/ 49 ظ، 123 ظ؛ الآثار، ص 129. (¬4) الأصل للشيباني، 2/ 120 و. (¬5) الأصل للشيباني، 3/ 197 و، 203 و، 203 ظ، 204 و، 204 ظ، 205 ظ، 210 و، 210 ظ،211 ظ، 212 و. (¬6) موطأ محمد، 3/ 113 - 114. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 213 و، 213 ظ، 214 و؛ موطأ محمد، 3/ 189 - 195؛ الآثار، ص 129. (¬8) الأصل للشيباني، 1/ 213 و، 214 ظ، 215 ظ، 223 و، 226 ظ، 232 و، 4/ 220 و؛ موطأ محمد، 3/ 196 - 197.

2 - الأحكام الوضعية

2 - الأحكام الوضعية أ - الصحة والفساد والبطلان 1 - الصحة لقد استعمل الشيباني مصطلح "صحيح" لوصف الصلاة والنكاح والخيار والصرف والهبة والمضاربة والبيع والمكاتبة والزكاة والمعاملة (المساقاة) والمزارعة والسلم والعتق ونحو ذلك من العبادات والعقود والتصرفات (¬1). واستعملت كلمات "الصحة"، و"صَحَّ، يَصِحُّ" لإفادة هذا المعنى (¬2). وتفيد كلمة "أصح" في موضع كون عقد أصح من عقد آخر بحيث لا يحتمل الشبهة أو الشك في صحته (¬3). وتستعمل كلمات "جائز، مستقيم، لا بأس به، يجزئ، ثابت" مع مصطلح "صحيح" لتأييد معناها، كما تستعمل كلمات "فاسد، باطل، غير صحيح، هزل" في مقابل "صحيح" (¬4). 2 - الإجزاء تستعمل في الأصل الأفعال المشتقة من الإجزاء مثل أجزأه ويجزئه، وبإبدال الهمزة نحو أجزاه، يجزيه كثيراً. واستعمل هذا المصطلح في كتبه الأخرى أيضاً بكثرة (¬5). واستعمل في الأصل الإجزاء في أبواب الوضوء ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 20 ظ، 29 و، 49 و، 98 ظ، 175 و، 210 ظ، 263 ظ، 287 و، 289 ظ، 2/ 112 ظ، 173 ظ، 220 ظ، 235 و، 274 و، 4/ 85 ظ، 5/ 98 و، 7/ 30 ظ، 51 ظ، 55 و، 8/ 45 ظ، 46 ظ. (¬2) الأصل للشيباني، 4/ 90 و، 7/ 76 و، 167 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 8/ 64 ظ. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 222 و، 235 و، 3/ 32 و، 5/ 98 و. (¬5) الجامع الصغير للشيباني، ص 73، 74، 76، 80، 81، 84، 88، 94، 95، 98، 108، 124، 150، 157، 160، 169، 224، 473؛ الجامع الكبير، ص 11؛ الحجة، 17/ 1، 18، 19، 34، 42، 44، 51، 122، 264، 289، 391، 406، 2/ 131، 136، 143، 227، 281، 305، 306، 355؛ موطأ محمد، 182/ 1، 252، 2/ 53، 55، 285، 613؛ الآثار، ص 15، 17، 21، 32، 123.

والصلاة والغسل والطهارة والزكاة والصوم وصدقة الفطر والاعتكاف وكفارة اليمين وقبض الثمن في السلم والنذر وكفارة الظهار والرجوع عن اليمين في الإيلاء وقول أهل الخبرة والصدقة والحج والدعوى وصيغة اليمين. وإذا نظرنا إلى استعمال الشيباني فباستثناء بعض الصور نرى أنه يستعمل الإجزاء في العبادات وما في معناها من الأفعال. وهذا الاستعمال يتوافق مع رأي أكثر الأصوليين الذين يرون الإجزاء خاصاً بالعبادات. كما أننا نرى أنه يستعمل الإجزاء في الواجبات وفي غيرها مثل الصلاة والصوم النافلة (¬1). لدى النظر في استعمال مصطلح الإجزاء مع المصطلحات الأخرى نتوصل إلى النتائج التالية: إن إجزاء عبادة أو تصرف ما يقتضي كونه "صحيحاً"، أو "تاماً" (¬2)، كما أن عدم الإجزاء يقتضي الفساد، وبالتالي الإعادة أو القضاء (¬3). وفي هذا السياق يستعمل الإجزاء في مقابل الفساد والبطلان (¬4). والفعل المجزئ قد يكون خلف الأفضل أو المستحب (¬5)، وقد يكون هو الأفضل (¬6). والإجزاء يفيد التخلص من المسؤولية الدينية. فمثلاً إذا تغلب الخوارج على منطقة ما وجمعوا الزكاة من أهلها ثم إن أهل العدل استعادوا تلك المنطقة منهم فلا يجب أداء الزكاة على أهلها إلى أهل العدل، لكن ذلك واجب عليهم ديانة (¬7). ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 39 ظ، 140 ظ. انظر لآراء الأصوليين: القرافي، شرح تنقيح الفصول، ص 77؛ ابن أمير حاج، التقرير والتحبير، 2/ 153؛ أمير بادشاه، تيسير التحرير، 2/ 235. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 40 و، 41 و، 84 و، 186 ظ، 863 و، 7/ 30 ظ. وسيأتي معنى كون الشيء تاماً في اصطلاح الشيباني. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 34 و، 36 ظ، 39 ظ، 41 و، 43 ظ، 59 ظ، 61 ظ، 66 و. (¬4) الأصل للشيباني، 34 و، 34 ظ، 47 ظ، 186 و، 214 ظ. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 160 ظ، 184 و؛ الآثار للشيباني، ص 25. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 184 و. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 121 ظ. وانظر لمثال آخر: نفس المصدر، 1/ 132 و.

3 - جائز

3 - جائز يستعمل الشيباني مصطلح "جائز، استعمالًا كثيراً بمعنى كون العبادة أو التصرف أو العقد صحيحاً مجزئاً، في أبواب الصلاة والزكاة والصوم والنكاح والبيع والعتق والمهر والشفعة والإجارة والشهادة وحكم القاضي وكفارة اليمين والسلم والصلح وخيار الشرط والرهن والصرف (¬1). واستعمله في مسألة في الصلاة بمعنى الإجزاء مع وجود نقص في بعض الواجبات (¬2). وقد استعمل كلمة "أجوز" بمعنى كون العقد أو التصرف صحيحاً بدون شبهة أو خلف بالمقارنة مع عقد أو تصرف آخر (¬3). واستعملت أفعال "جاز، يجوز" ونحوها بالإثبات والنفي في مواضع كثيرة جداً (¬4). كما استعمل بكثرة أفعال "أجزتُ، أُجيز، لا أُجيز" المشتقة من الإجازة والتجويز والتي تشير إلى دور الاجتهاد في التوصل إلى هذا الحكم (¬5). كما استعمل في نفي الجواز ألفاظاً مثل "ليس بجائز، غير جائز" (¬6)، في حين استعمل لفظ "غير جائز" تأكيداً ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 20 و، 40 ظ، 81 ظ، 101 و، 107 و، 111 و، 118 ظ، 126 ظ، 135 و، 157 ظ، 162 ظ، 169 و، 169 ظ، 174 ظ، 178 ظ، 182 ظ، 183 و، 183 ظ، 186 ظ، 212 ظ، 213 و، 213 ظ، 215 و، 237 ظ، 238 ظ، 257 و، 283 ظ؛ الآثار للشيباني، ص 71، 103؛ موطأ محمد، 2/ 406. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 42 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 287 ظ، 5/ 182 و، 6/ 26 و. (¬4) انظر مثلاً: الأصل للشيباني، 1/ 26 و، 65 و، 68 و، 114 ظ، 118 ظ، 159 و، 159 ظ، 161 و، 291 ظ، 292 و، 2/ 176 و، 180 ظ، 3/ 117 ظ، 118 و، 120/ 4 ظ، 122 و، 237 ظ، 262 ظ، 5/ 182 و، 191 و، 6/ 118 و، 119 ظ، 7/ 69 ظ، 71 و، 8/ 17 ظ، 18 و، 231 ظ، 241 و؛ الجامع الكبير، ص 11؛ الحجة، 1/ 175؛ موطأ محمد، 1/ 506، 2/ 468؛ الآثار، ص 126، 131. (¬5) انظر مثلاً: الأصل للشيباني، 1/ 222 ظ، 224 و، 229 و، 233 ظ، 236 و، 298 و، 2/ 192 ظ، 3/ 106 و، 119 ظ، 4/ 114 ظ، 5/ 17 ظ، 217 و، 6/ 180 ظ، 7/ 72 ظ، 8/ 21 ظ، 253 و؛ الحجة، 1/ 158؛ موطأ محمد، 2/ 322، 3/ 200؛ الآثار ص 131. (¬6) الأصل للشيباني، 3/ 122 و، 4/ 113 ظ، 117 و، 5/ 95 ظ، 6/ 235 و، 8/ 122 ظ، 257 ظ.

لمعنى"باطل" (¬1). وقد استعمل لتأييد معنى "جائز" مصطلحات مثل "صحيح، حلال، لا بأس به، مستقيم، ماضي، لا يُرَدّ، واقع، واسع، ثابت" (¬2)؛ كما استعمل في ضد معناه مصطلحات مثل "فاسد، باطل، لا خير فيه، مردود، رَدٌّ، يَنتقض، ليس بشيء، لا ينبغي" (¬3). ويكون الجائز أحياناً خلاف الأفضل (¬4). وفي موضع يصف عقد البيع بأنه "فاسد يجوز" مبيناً بذلك أن العقد فاسد لكن تصحيحه ممكن (¬5). وبعض العقود تكون جائزة في القضاء ولكنها مكروهة ديانة أو هي مخالفة للسنَّة" (¬6)، فمثلاً الصلح عن إنكار يكون جائزاً في القضاء لكن المنكر آثم (¬7). كما بين الشيباني في بعض المواضع أن هذا العقد مثلاً جائز في القضاء وفيما بين العبد وبين الله أي ديانة (¬8). ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 7/ 151 و. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 225 و، 226 ظ، 227 ظ، 253 ظ، 287 و، 289 ظ، 290 ظ، 291 و، 291 ظ، 292 ظ، 294 ظ، 316 ظ، 322 ظ، 2/ 29 و، 179 و، 188 و، 194 و، 3/ 75 ظ، 106 و، 107 و، 112 ظ، 4/ 170 ظ، 1/ 5 ظ، 67 ظ، 132 و، 230 و، 70/ 6 ظ، 7/ 4 ظ، 71 ظ، 109 ظ، 127 ظ، 167 و، 168 و، 8/ 5 ظ، 46 و، 66 و، 77 ظ، 206 و، 228 و. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 212 ظ، 213 و، 213 ظ، 214 و، 215 و، 215 ظ، 216 و، 218 و، 222 ظ، 225 ظ، 226 ظ، 230 ظ، 232 و، 232 ظ، 233 و، 236 ظ، 254 و، 291 و، 300 ظ، 306 و، 321 و -321 ظ، 325 ظ، 326 و، 2/ 13 و، 63 ظ، 68 ظ - 69 و، 88 ظ، 92 و، 106 ظ، 214 ظ، 232 و، 318 و، 5/ 197 و، 236 و، 6/ 6 و، 37 و، 7/ 61 ظ، 98 ظ، 8/ 73 ظ، 146 و، 160 و، 214 ظ؛ الآثار، ص 126؛ موطأ محمد، 3/ 282. (¬4) الأصل للشيباني، 7/ 245 ظ (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 287 ظ. (¬6) الأصل للشيباني، 2/ 178 ظ، 261 و، 3/ 68 ظ، 94 و، 5/ 133 ظ. (¬7) الأصل للشيباني، 8/ 7 ظ، 49 ظ. وانظر لأمثلة أخرى يجتمع فيها الجواز مع الكراهة أو الإساءة: الأصل للشيباني، 2/ 180 و، 180 ظ، 206 ظ، 216 و، 228 و، 3/ 25 ظ، 7/ 137 و. (¬8) الأصل للشيباني، 5/ 96 و، 102 و.

4 - تام

4 - تام استعمل الشيباني كلمة "تام، تامة" لإفادة صحة العبادات مثل الصلاة والصوم والزكاة والحج ونحوها. ولا يمنع وجود النقص الذي يوصف بالكراهة والإساءة أو يكون نتيجة لترك المستحب والأفضل أن توصف العبادة بأنها تامة (¬1). فمثلاً ترك الواجب نسياناً في الصلاة يوجب سجود السهو، لكن الصلاة تكون تامة (¬2). وفي بعض المواضع في سياق صحة بعض العقود مثل البيع والهبة أو ثبوت حق مالٍ أو عدمه يستعمل مصطلحي "تام، غير تام" (¬3). ويستعمل مع مصطلح "تام" من حيث التأييد لمعناه مصطلحات مثل "لا يستقبل، لا يعيد، لا يضره، لا يقطع، حلال، جائز، أجزأ عنه" (¬4)؛ في حين يستعمل في مقابله مصطلحات مثل "يستقبل، يعيد، فاسد، لا يجزيه، بطلت" (¬5). كما تستعمل في الأصل أفعال وكلمات مشتقة من جذر "تمم" مثل "تم، تمت، تمام" ونحو ذلك (¬6). 5 - مستقيم يستعمل في الأصل مصطلح "مستقيم" لوصف العبادات والمعاملات بالصحة والجواز. وبالإضافة إلى ذلك فإنه يوجد في هذا المصطلح معنى موافقة العقل والقياس (¬7). ويصاحب هذا المصطلح مصطلحات أخرى مثل ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 2 ظ، 3 و، 3 ظ، 4 و، 5 و، 6 ظ، 9 ظ، 11 و, 14 و، 14 ظ, 16 ظ، 17 و، 24 و، 37 و، 38 و، 38 ظ، 103 ظ، 135 و، 142 و، 143 ظ، 158 و، 6/ 73 و؛ الجامع الكبير، ص 9؛ الحجة، 1/ 20. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 34 ظ (¬3) الأصل للشيباني، 5/ 78 ظ، 90 ظ، 96 ظ، 6/ 169 ظ، 237 ظ. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 18 ظ، 33 و، 37 و، 37 ظ، 38 و، 40 ظ، 135 و، 186 ظ؛ الحجة، 1/ 18. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 16 و، 17 ظ، 21 و، 22 ظ، 30 ظ، 31 ظ، 33 و، 33 ظ، 34 و، 35 و، 36 ظ، 69 ظ؛ الجامع الكبير، ص 9. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 21 ظ، 27 ظ، 30 و، 40 ظ، 45 و، 45 ظ، 46 و. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 251 و، 307 و، 319 و، 2/ 16 و، 5/ 240 و،240 ظ، 6/ 30 و، 253 و.

6 - واقع

"صحيح، جائز، لا بأس به" في مواضع كثيرة (¬1). واستعمل لفظ "لا يستقيم" ونحوه في معنى "لا يجوز" (¬2). كما استعملت أفعال مشتقة من جذر "استقامة" مثل "يستقيم، لا يستقيم" للتعبير عن الملاءمة بين المسائل الفقهية من حيث موافقة القياس، أو كون حل ما موافقاً للعقل والمنطق عموماً أو غير موافق (¬3). فمثلاً يقول في موضع: "إن الكفر بالله لم يحلّله الله تعالى لبشر، ولا يستقيم أن يحل على حال" (¬4). واستعمل في كتاب آخر للتعبير عن مخالفة العقل في مسألة ما عبارة "محال لا يستقيم" (¬5). 6 - واقع تستعمل كلمة "واقع" أحياناً مفردة وأحياناً مع مصطلح "جائز" ونحوه لإفادة صحة بعض التصرفات مثل الطلاق والخلع والعتق (¬6). وتستعمل أفعال "وقع، يقع" أيضاً لإفادة هذا المعنى (¬7). 7 - لازم - جائز استعملت كلمة "لازم" في مواضع كثيرة لإفادة لزوم التصرفات والعقود ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 29 و، 227 ظ، 287 و، 289 ظ، 290 ظ، 291 و، 291 ظ، 292 ظ، 2/ 179 و، 235 ظ، 6/ 54 و، 7/ 4 ظ، 22 ظ، 24 و، 33 و، 71 ظ. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 234 ظ، 5/ 31 و. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 86 ظ، هاو، 103 ظ، 160 و، 175 ظ، 2/ 58 ظ، 60 و، 184 و، 186 ظ، 196 ظ، 208 ظ، 238 ظ، 272 و، 284 و، 290 ظ، 3/ 38 و، 41 و، 109 و، 227 و، 263 ظ، 4/ 186 ظ، 221 ظ، 245 ظ، 27/ 5 و، 51 ظ، 97 و، 187 ظ، 240 و، 260 ظ، 6/ 43 ظ، 44 و، 71 ظ، 73 ظ، 82 ظ، 88 ظ، 89 و، 98 و، 193 ظ، 267 ظ، 7/ 6 و، 32 و، 33 و، 48 و، 75 ظ، 84 ظ، 116 ظ، 161 و، 8/ 58 ظ، 133 ظ، 206 و، 207 ظ؛ الحجة، 1/ 230؛ موطأ محمد، 3/ 322. (¬4) الأصل للشيباني، 5/ 76 و. (¬5) الحجة، 2/ 326. (¬6) الأصل للشيباني، 3/ 75 ظ، 67/ 5 ظ، 81 ظ، 7/ 109 ظ. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 200 ظ، 201 و، 201 ظ، 202 و، 210 ظ، 211 و.

8 - نافذ - موقوف

مثل الطلاق والعتق والسلم والبيع والإجارة (¬1). وفي بعض الأحيان يذكر "جائز" و"لازم" معاً، فيفيد أن العقد أو التصرف صحيح ولازم في نفس الوقت (¬2). إلى جانب ذلك فإن كلمة "واجب" استعملت في بعض المواضع بمعنى "لازم". فمثلاً عقد الاستصناع ليس عقداً "واجباً" مثل عقد السلم، بل هو "جائز"، بمعنى أن المستصنِع مخير بين أن يأخذ المال المستصنَع وأن يرده (¬3). وقد عبر عن إنهاء خيار الشرط في العقد بالإيجاب (أَوْجَبَ، يوجب، يستوجب) (¬4)، وعن انتهاء الخيار ونحوه بالوجوب (وجب، يجب) (¬5). ويعبر عن تأسيس العقد بدون خيار الشرط لازماً بفعل "أوجب" (¬6). كما يعبر عن تأسيس العقد بشكل لازم بوجوب العقد. فمثلاً يقول بأن "البيع قد وجب"، مشيراً إلى تأسيس عقد البيع بشكل لازم (¬7). 8 - نافذ - موقوف تستعمل كلمة "نافذ" بمفردها أحياناً ومع كلمة "جائز" أحياناً أخرى لوصف العبادات والعقود والتصرفات بالصحة واللزوم وسريان حكمها فوراً، مثل استعماله ذلك في الصدقة والإجارة والعتق وحكم القاضي والبيع ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 198 و، 228 ظ، 238 و، 238 ظ، 239 ظ، 242 ظ، 243 و، 244 و، 254 ظ، 256 ظ، 257 ظ، 268 و، 270 و، 2/ 41 و، 120 و، 137 و، 140 و، 195 ظ. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 291 و، 2/ 254 ظ، 255 و، 3/ 247 و، 5/ 96 و، 96 ظ، 5/ 6 و، 134 ظ، 7/ 69 و. (¬3) الأصل للشيباني، 2/ 121 و. وانظر لأمثلة أخرى: نفس المصدر، 3/ 226 و، 5/ 96 و، 233 ظ، 6/ 169 ظ، 8/ 15 ظ. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 238 ظ، 241 ظ، 242 ظ، 243 و، 258 و، 258 ظ، 267 و، 4/ 244 ظ، 8/ 36 ظ. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 241 و، 251 و، 257 و، 266 ظ. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 266 و؛ الحجة، 2/ 692. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 319 و. وانظر لأمثلة أخرى في نفس المعنى: نفس المصدر، 2/ 283 و، 7/ 45 و، 82 و، 119 و.

9 - فساد

والشهادة (¬1). وفي بعض الأماكن يستعمل كلمة "موقوف" التي تفيد ضد معنى "نافذ"، وذلك لوصف الولاء والميراث والوصية والنكاح والإقرار ونحو ذلك من العقود والحقوق والتصرفات. وهذه العقود والتصرفات الموقوفة تكون نافذة بأسباب مثل إجازة صاحب الحق أو إسلام المرتد أو إثبات الحق (¬2). 9 - فساد تستعمل مصطلحات "فساد" و"فاسد" لوصف العبادات أو التصرفات أو العقود بمعنى عدم صحتها (¬3). وفي بعض المواضع يكون "فاسد" بمعنى الباطل أي كأنه لم يكن. فمثلاً كون الصلاة فاسدة بمعنى أنها ليست بصلاة (¬4)، ويقتضي إعادتها (¬5). وكون النكاح فاسداً هو بمعنى عدم وجود النكاح كذلك (¬6). ومع استعمال الفاسد هكذا بمعنى الباطل في مواضع كثيرة (¬7)، فإنه في موضع ينبه على وجود فرق بين الفاسد والباطل وأن ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 158/ 1 و، 260 و، 304 و، 2/ 128 و، 158 ظ، 3/ 144 ظ، 5/ 95 و، 6/ 43 و، 156 ظ، 159 ظ، 8/ 85 و، 92 ظ، 219 ظ، 250 و. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 231 ظ، 2/ 203 ظ، 3/ 115 و 119 ظ،120 و، 131 ظ، 143 ظ، 159 ظ، 227 و، 4/ 162 و، 162 ظ، 163 و، 182 ظ، 249 و، 180/ 5 ظ، 188 ظ، 189 ظ، 195 و، 205 ظ، 207 ظ، 6/ 112 و، 112 ظ، 243 ظ، 244 و، 244 ظ، 254 ظ، 7/ 119 و، 129 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 21 و، 22 ظ، 32 ظ،33 و، 81 ظ، 126 ظ، 137 ظ، 148 و 175، و، 212 ظ، 229 و، 235 ظ، 294 ظ، 311 و، 323 و، 2/ 170 ظ، 245 و، 3/ 6 ظ، 7 و، 7 ظ، 8 و، 8 ظ، 9 و، 10 ظ، 12 ظ، 13 و، 34 ظ، 4/ 85 و، 72/ 5 و، 218 و، 246 و، 6/ 28 ظ، 34 ظ، 49 و، 50 ظ، 71 ظ، 73 ظ، 214 ظ، 221 و، 7/ 45 و، 75 ظ، 76 و، 76 ظ، 153 ظ، 158 ظ، 8/ 123 و، 160 و؛ الجامع الكبير، ص 9. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 34 و. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 17 ظ، 22 و، 22 ظ، 27 ظ، 28 و، 30 ظ، 31 و، 31 ظ، 32 و، 32 ظ. (¬6) الأصل للشيباني، 7/ 169 ظ، 172 ظ. (¬7) انظر مثلاً: الأصل للشيباني، 4/ 118 و، 135 و، 7/ 112 ظ، 123 و، 8/ 13 و؛ الآثار ص 30.

10 - بطلان

الفاسد قد يترتب عليه بعض النتائج إلا أن الباطل لا يترتب عليه أي نتيجة (¬1). لهذا السبب فإن كون العقد أو التصرف فاسداً في بعض الأحوال لا يعني بالضرورة أنه لا يترتب عليه أي نتيجة. ويمكن رؤية أمثلة على ذلك في الشركة والمضاربة والنكاح والبيع والمزارعة ونحوها من العقود والتصرفات (¬2). ويؤيد ذلك عنوان باب في كتاب المزارعة: "باب الشروط الفاسدة التي تبطل فتجوز المزارعة فيها أو لا تجوز" (¬3). ويقول في موضع بأن عقد البيع في هذه المسألة "فاسد يجوز" بمعنى أنه يمكن تصحيحه مع فساده (¬4). كما ينبه في موضع على وجود فرق بين كون سبب الفساد يرجع إلى "أصل" العقد وبين كونه يرجع إلى شرط يشترطه البائع أو المشتري، وأن الحالتين تترتب عليهما نتائج مختلفة (¬5). ويستعمل مصطلح "فاسد" مع مصطلحات "حرام، مردود، باطل، مكروه، لا يجوز، لا ينبغي" مؤيدة لمعناها؛ كما يستعمل في مقابل مصطلحات "جائز، صحيح، تام، يجزيه" (¬6). 10 - بطلان لقد استعمل الشيباني مصطلح "باطل" في مواضع كثيرة من الأصل بمعنى غير الصحيح أو ما لا حكم له. لكن لا يوجد تفريق واضح في استعماله بين الفاسد والباطل. فهو يستعمل كل واحد منهما في مكان الآخر. لكن الأصل لا يخلو من إشارات تفيد بأن هناك فرقاً بين الاصطلاحين. ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 241/ 2 و. (¬2) الأصل للشيباني، 2/ 205 و - 206 ظ، 220 ظ - 221 و، 225 و، 232 و، 245 و، 25/ 3 و، 4/ 153 ظ، 5/ 83 ظ، 99 ظ، 7/ 62 و. (¬3) الأصل للشيباني، 7/ 122 ظ - 123 و. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 287 ظ. (¬5) الأصل للشيباني، 5/ 85 و - 85 ظ. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 21 و، 34 ظ، 47 ظ، 214 و، 215 ظ، 216 و، 221 و، 222 ظ، 288 و، 289 و، 290 ظ، 300 ظ، 316 و، 325 ظ، 326 و، 2/ 73 و، 121 ظ، 124 ظ، 133 و، 135 ظ، 151 ظ، 155 ظ، 156 و، 174 و، 175 ظ، 188 ظ، 3/ 49 و، 49 ظ، 50 ظ، 55 و، 55 ظ، 4/ 85 ظ.

فمثلاً يفيد في موضع بأن البيع الباطل "لا يكون بيعاً" (¬1)، أي أنه في حكم المعدوم. وقد استعمل مصطلح "باطل" في العبادات والعقود والتصرفات مثل الصلاة والنكاح والسلم والكفالة والبيع والعتق والصرف والشروط المشترطة في العقد والصلح والرهن والقسمة والهبة والرقبى والصدقة والإجارة والدعوى والطلاق والظهار والإيلاء والوصية والإجازة والقبض والدين والإكراه والأمان والخلع والحجر والإبراء والحوالة والوكالة والإقالة والشهادة (¬2). ويوصف بالباطل الإقرار والشهادة والكتاب بمعنى الكاذب والمخالف للحقيقة (¬3). وتستعمل أفعال "بَطَلَ" ونحوها لإفادة البطلان أيضاً (¬4). ويستعمل هذا الفعل أيضاً بمعنى انتهاء العقد بصورة ما. فمثلا يعبر عن انتهاء النكاح بالطلاق والموت ونحو ذلك من الأسباب بفعل "بَطَلَ" (¬5). ويستعمل تعبير "بطل عنه" بمعنى سقوط فرضية الشيء أو ووجوبه عن شخص (¬6). ويستعمل فعل "بطل" في بعض المواضع مع أفعال "فسد وانتقض" متعاقبة (¬7). كما تستعمل الأفعال المشتقة من مصدر "إبطال" بمعنى التسبب في البطلان، فسخ العقد، رد الشهادة، الحكم ببطلان العقد أو الشيء، إبطال حق الخيار والحكم بسقوط الدين (¬8). ويستعمل مصطلح ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 6/ 164 ظ. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 33 ظ، 69 ظ، 175 ظ، 213 و، 222 و،230 و، 235 ظ, 291 و، 292 ظ، 316 ظ، 2/ 8 و، 19 و، 63 ظ، 92 و، 105 ظ، 107 و، 109 ظ، 133 ظ، 137 و، 141 و، 244 ظ، 243 ظ، 83 ظ، 88 و، 215 ظ، 221 ظ، 4/ 105 ظ، 124 ظ، 5/ 81 و، 123 و، 228 و، 6/ 134 ظ، 135 ظ، 136 ظ، 157 و، 8/ 168 ظ؛ موطأ محمد، 2/ 461؛ الآثار، ص 113، 126. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 108 ظ، 153 و، 169 ظ، 176 و، 2/ 269 و. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 45 ظ، 46 و، 69 ظ، 221 و، 228 و، 285 ظ، 291 و. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 175 و. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 110 ظ، 123 ظ؛ الجامع الكبير، ص 11. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 296 ظ. (¬8) الأصل للشيباني، 1/ 60 ظ، 119 ظ، 161 ظ، 163 و، 177 ظ، 287 و، 288 و، 292 ظ، 299 ظ، 300 ظ، 308 و، 308 ظ، 316 و، 316 ظ؛ الحجة، 1/ 156؛ موطأ محمد، 2/ 322، 532.

11 - مردود

"باطل" أكثر ما يكون مع مصطلح "لا يجوز"؛ (¬1) كما يستعمل مع مصطلحات أخرى مثل "حرام، فاسد، مردود، منتقض، غير مقبول، ليس بشيء، لا خير فيه، لا يقع، لا يلزم، لا يصلح، لا يحل، لا ينفذ" (¬2). وقد استعمل في ضد مصطلح "باطل" مصطلحات مثل "جائز" ونحو ذلك (¬3). 11 - مردود استعمل مصطلح "مردود" مفرداً أحياناً، ومع مصطلحات أخرى أحياناً مثل "فاسد، باطل، لا يجوز"، وذلك للتعبير عن بطلان العقود والتصرفات نحو القسمة، السلم، البيع، الصرف، الهبة، القرض، الرهن، الربا ونحوه (¬4). 12 - قطع الصلاة يستعمل مصطلح "قطع الصلاة" الوارد في بعض الأحاديث (¬5)، بمعنى فساد الصلاة في كثير من المواضع (¬6). ويستعمل في بعض المواضع مع مصطلح "فساد" (¬7). ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 216 ظ، 222 و، 230 و 231، و 232، و، 233 و، 235 ظ 240 و، 253 و، 291 و، 294 و، 298 ظ 299، و، 301 و، 308 ظ، 309 و، 313 ظ، 315 ظ، 320 و، 320 ظ، 321 و، 321 ظ. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 325 و، 230 ظ، 238 ظ، 3/ 88 ظ، 5/ 132 و، 240 ظ، 6/ 20 و، 216 و، 7/ 162 و، 8/ 18 و، 85 و، 165 و، 176 و. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 325 ظ، 35/ 2 و، 148 ظ، 157 ظ, 181 ظ، 223 و، 3/ 66 و" 118 و، 239 ظ؛ الآثار، ص 126. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 26 و، 214 ظ، 225 و، 231 ظ، 232 و، 236 ظ، 238 ظ، 254 و، 255 ظ، 310 و، 312 ظ. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 36 ظ. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 2 ظ، 3 ظ، 30 ظ، 31 و، 31 ظ، 37 و، 37 ظ، 38 ظ، 45 ظ، 46 و، 49 و، 52 ظ، 60 و، 69 و، 77 ظ؛ الآثار، ص 30؛ موطأ محمد، 2/ 32. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 39 ظ، 76 ظ.

ب - السبب، الشرط، المانع

ب - السبب، الشرط، المانع تمر كلمة "سبب" في الأصل في موضعين، يتحدث فيهما عن الرضاع سبباً للتفريق بين الزوجين، وعن الغصب سبباً للرجوع على الغاصب (¬1). وتستعمل كلمة "شرط" في مواضع كثيرة. ففد أفاد أن بعض الشروط جائزة، وبعض الشروط تفسد العقد، وبعضها تبطل العقد، وبعض الشروط تعتبر باطلة، واستدل على ذلك ببعض الأحاديث (¬2). واستعمل مصطلح "مانع" في موضع واحد، وعبر عن كون الدين مانعاً للزكاة، كما أفاد في موضع آخر أن قتل الشخص مكرَهاً "لا يمنع" من استحقاق القاتل ميراث المقتول (¬3). ومانعية الدين للزكاة مثال يستعمل شائعاً في كتب الفقه والأصول (¬4). ج - الأداء، القضاء، الإعادة تستعمل كلمة "أداء" بمعنى أداء الأمانة في عقد الشركة، وأداء العبد ما اكتسبه إلى سيده، وقضاء الدين (¬5). كما تستعمل كلمة "قضاء" بمعنى فعل العبادة التي مضى وقتها، وقيام دين مقام دين آخر؛ مثل قضاء الصلاة والصوم والاعتكاف والحج وقضاء الدين بالمعنى المذكور (¬6). وتستعمل كلمة ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 3/ 12 ظ، 4/ 256 فى (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 216 ظ، 229 و، 231 ظ، 232 و، 232 ظ، 236 ظ، 286 و، 293 ظ، 294 و، 294 ظ، 2/ 19 و، 63 ظ، 109 ظ، 122 و، 125 و، 128 و، 131 و، 133 ظ، 137 ظ، 141 و، 145 ظ, 149 ظ, 156 ظ, 157 ظ, 166 و، 171 ظ، 271 و، 4/ 153 و، 7/ 50 ظ، 51 ظ، 69 ظ، 122 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 126 و، 77/ 5 و. (¬4) الإحكام للآمدي، 1/ 185؛ رد المحتار لابن عابدين، 2/ 264. (¬5) الأصل للشيباني، 2/ 183 ظ، 184 و، 188 و، 197 و، 222 و، 257 و، 3/ 106 ظ 1/ 218 ظ. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 3 و، 20 ظ، 87 و، 95 ظ، 134 ظ، 149 ظ، 162/ 4 ظ، 6/ 147 ظ، 148 و، 164 ظ، 192 و، 8/ 43 ظ؛ الجامع الكبير، ص 9؛ الحجة، 1/ 156، 158، 159، 179، 181؛ موطأ محمد، 2/ 203، 206؛ الآثار، ص 29، 36.

3 - الرخصة

"قضاء" بمعنى أداء الدين أيضاً (¬1). ويستعمل "الإعادة" بمعنى تجديد أداء العبادات الفاسدة مثل الصلاة والصوم إذا فسدا (¬2). كما تستعمل أفعال "أعاد، يعيد" وما يشبهها لإفادة نفس المعنى (¬3). كما يستعمل "الإعادة" لتجديد الإدلاء بالشهادة في المحكمة إذا دعت الحاجة إلى ذلك (¬4). وتستعمل أفعال "استقبل، يستقبل" للتعبير عن وجوب إعادة العبادة أو التصرف إذا تبين فسادهما، حيث ورد ذلك في أبواب الصلاة، الاعتكاف، الظهار، كفارة اليمين والقسمة (¬5). واستعمل كلمة "مستقبل" بمعنى "جديد"، فمثلاً عبر بلفظ "بيع مستقبل، رهن مستقبل، هبة مستقبلة" ونحوها عن بيع أو رهن جديد أو هبة جديدة (¬6). وتفيد كلمة "يستأنف" وجوب إعادة العبادة الفاسدة مثل الوضوء والصلاة إذا فسدا (¬7). 3 - الرخصة تستعمل كلمة "رخصة" وما اشتق من نفس المصدر في مواضع كثيرة بمعنى الإذن في فعل الشيء شرعاً (¬8). ولا تستعمل كلمة "عزيمة" المضادة للرخصة في الأصل. وتستعمل في الحجة عبارة "عزائم السجود، عزائم سجود القرآن" في بعض أقوال الصحابة المروية في الكتاب بمعنى سجدات ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 186 و، 3/ 236 ظ، 4/ 5 و، 6/ 93 و، 7/ 35 و، 175 و. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 6 ظ، 9 و، 22 و، 31 و، 48 ظ، 54 ظ، 81 و، 97 و؛ الحجة، 1/ 18؛ موطأ محمد، 2/ 51. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 4 ظ، 5 و، 5 ظ، 6 و، 8 و، 8 ظ، 9 و؛ الجامع الكبير، ص 9، 10؛ الحجة، 1/ 18، 19، 20، 44، 204؛ الآثار، ص 34. (¬4) الأصل للشيباني، 6/ 121 و، 8/ 223 و. (¬5) الأصل للشيباني، 4/ 1 ظ، 6 ظ، 9 و، 11 ظ، 15 ظ، 16 و، 17 و، 139 و، 147 ظ، 184 و، 2/ 69 ظ، 84 ظ، 86 و؛ الحجة، 1/ 44، 51. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 239 و، 245 و، 314 و، 2/ 14 ظ، 104 و. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 40 ظ. (¬8) الأصل للشيباني، 1/ 290 و، 5/ 116 و؛ موطأ محمد، 1/ 610، 2/ 620، 3/ 308، 521.

التلاوة الواجب فعلها (¬1). وتستعمل "الرخصة" بمعنى الإذن في عدم فعل الفرض أو الواجب أو السنَّة أو فعل الحرام أو المكروه في بعض الأحوال، كما تستعمل بمعنى الفعل المباح عن طريق الاستثناء من القاعدة العامة. فمثلاً التيمم بدلاً عن الوضوء والفطر في نهار رمضان في بعض الأحوال يعتبر من الرخص (¬2). وهناك رخصة في التلفظ بكلمات الكفر بالله والتي تعتبر ارتداداً عن الدين في حالة الإكراه (¬3). وقد رخص في ترك الأذان في السفر بينما يكره تركه في صلاة الجماعة في الحضر (¬4). كما سمي استثناء الوجه والكفين من النهي عن إبداء الزينة للنساء بالرخصة (¬5). وتفيد "الرخصة" أحياناً إباحة الشيء بالمعنى العام. فمثلاً عبر عن إباحة أكل لم الخيل عند بعض الفقهاء بأنهم رخصوا في ذلك (¬6). ويفرق الشيباني بين حالتين من الترخيص في فعل الحرام في حالة الضرورة والإكراه. فهو يرى أن بعض الأفعال المحرمة تأخذ حكم المباح في حالات الضرورة والإكراه؛ ويجب العمل بهذه الرخصة، ويأثم الشخص إذا لم يعمل بهذه الرخصة معرضاً بذلك حياته للخطر. وذلك مثل أكل لحم الميتة أو الخنزير في حالة الضرورة والإكراه. وبعض الأفعال المحرمة لا تأخذ حكم المباح في حالة الضرورة أو الإكراه، لكن يرخص في فعل الحرام في هذه الأحوال. وذلك مثل التلفظ بكلمة الكفر في حالة الإكراه. وعبارة الشيباني في الأصل في هذا الموضوع مثيرة للاهتمام: "كل أمر ¬

_ (¬1) الحجة، 109/ 1، 114. ولم نجد مصطلح "عزيمة" في الجامع الصغير ولا في الآثار. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 142 و؛ الحجة، 1/ 49. وانظر لأمثلة أخرى: الأصل للشيباني، 1/ 39 ظ، 5/ 109 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 142 ظ، 5/ 69 ظ. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 23 ظ. وانظر لأمثلة أخرى: نفس المصدر، 1/ 401 و، 73 ظ، 83 و، 135 و، 166 ظ؛ موطأ محمد، 1/ 256. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 165 و. وانظر لأمثلة أخرى: نفس المصدر، 3/ 193 و. (¬6) الأصل للشيباني، 3/ 204 و، 205 ظ؛ الحجة، 1/ 167؛ موطأ محمد، 2/ 185.

حرمه الله تعالى ولم يجئ فيه إحلال إلا أن فيه رخصة للمكره فأبى أن يأخذ بالرخصة حتى قتل فهو في سعة وان كان يعلم أن الرخصة تسعه. وكل أمر أحله الله -عَزَّ وَجَلَّ- في مثل ما أحل في الضرورة من الميتة ولحم الخنزير وفي المرض والسفر في الصوم فلم يفعل الرجل ما أحل الله تعالى له في الضرورة والمرض والسفر حتى مات أو قتل فهو آثم؛ لأن الأول الذي فيه الرخصة أراد بتركه الرخصة أن يعز الدين، فهو في ذلك مأجور. وهذا الوجه الآخر قد أحل الله تعالى له ذلك في حال الضرورة والمرض والسفر، وليس في ذلك إعزاز الدين؛ لأن الله تعالى حين أحله في تلك الحال صار بمنزلة ما أحله الله تعالى في غير تلك الحال، ومن لم يقبل ما أحل الله تعالى له صار عندنا آثماً. ألا ترى أن رجلاً محرماً لو اضطر إلى ميتة وإلى ذبح صيد فأكله حل له عندنا أكل الميتة، ولم يحل له ذبح الصيد ما دام يجد الميتة؛ لأن الميتة حلال في الضرورة، والصيد جاء تحريمه جملة لم يستثن فيه ضرورة ولا غيرها، ولا يشبه ما أحله التنزيل ما رخص فيه لحال الضرورة. ألا ترى أن الله -عَزَّ وَجَلَّ- حين رخص في الكفر في الإكراه لم يقل في كتابه: إنه حلال، ولكنه قال: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ} (¬1)، فإذاً ذهب التعنيف عن المكره، ولم يقل: إني أحللت ذلك، ولكنه رخص في ذلك، والترك لذلك حتى يقتل أفضل. ألا ترى أن خبيباً أبى ذلك حتى قتل فلم يُعَنَّف في ذلك (¬2)، وأن عماراً فعل فرخص له في ذلك (¬3). وقد جاء في الأثر أن المجبر في نفسه يوم القيامة في ظل العرش إن أبى الكفر حتى يقتل" (¬4). ¬

_ (¬1) سورة النحل، 16/ 106. (¬2) المغازي للواقدي، 1/ 360؛ نصب الراية للزيلعي، 4/ 159. (¬3) رواه الشيباني بإسناده في الأصل، 5/ 68 ظ. (¬4) الأصل للشيباني، 5/ 109 ظ -110 و. وانظر كذلك: نفس المصدر، 5/ 76 و، 108 ظ - 109 و.

4 - الفرق بين الحكم الدياني والقضائي

4 - الفرق بين الحكم الدياني والقضائي فرق الشيباني في الأصل بين الحكم القضائي والحكم الديني - الأخلاقي في مواضيع كثيرة مثل الطلاق والإيلاء والعتق والنكاح والقصاص والنذر والرجعة والاستفادة من المال العام والربح المشتبه فيه. وأفاد أن القاضي قد يحكيم في بعض الأحوال بحكم معين، لكن الحكم الذي يكون الشخص مسؤولاً عنه أمام الله قد يكون مختلفاً عن الحكم القضائي. وفي مثل هذه المسائل يستعمل للحكم القضائي عبارة "في القضاء"، وللحكم الآخر "فيما بينه وبين الله" ويقصد بقوله: "يُدَيَّنُ" الذي يستعمله مع العبارتين السابقتين كلتيهما أن الشخص يوثق بديانته ويقبل قوله في تفسيره لمقصوده من كلامه (¬1). وفي بعض المواضع يبين أن العقد جائز في القضاء مع كونه مكروهاً (¬2). 5 - الإباحة الأصلية استنبط السرخسي من قول الشيباني "إن شرب الخمر وأكل الميتة لم يحرم إلا بالنهي عنهما" (¬3) أنه يرى أن الأصل في الأشياء الإباحة (¬4). وقيل بأن أكثر الحنفية على هذا الرأي (¬5). 6 - الاجتهاد لم يستعمل الشيباني في مؤلفاته "الاجتهاد" بمعناه الاصطلاحي المعروف. لكنه استعمل "الاجتهاد" عندما تحدث عن وجوب اللجوء إلى الاجتهاد في تعيين المستحقين للزكاة من قبل السلطان، والاجتهاد في تعيين ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 188 و، 189 ظ، 190 و، 193 ظ، 197 و، 198 و، 199 و، 201 و، 343 و، 34 ظ، 39 و، 41 ظ، 43 ظ، 44 ظ، 45 و، 99 ظ، 100 و، 5/ 80 و، 96 و, 98 ظ، 235 و، 7/ 48 و؛ موطأ محمد، 2/ 502، 516. (¬2) الأصل للشيباني، 2/ 178 ظ، 261 و. (¬3) الأصل للشيباني، 5/ 76 و. (¬4) المبسوط للسرخسي، 24/ 77؛ أصول السرخسي، 2/ 20. (¬5) تيسير التحرير لأمير بادشاه، 2/ 168.

أ - شروط الاجتهاد

مقدار دية بعض الأعضاء (¬1). والاجتهاد هنا بمعنى التقدير. وآراء الشيباني المتعلقة بموضوع الاجتهاد مأخوذة من الشروط التي اشترطها بشأن أهلية القاضي أو المفتي. ويفيد الفقهاء الأحناف بأن القاضي لا بد أن يكون أهلاً للاجتهاد، لكن الفقهاء المتأخرين رجحوا أن يكون الاجتهاد شرط كمال وأولوية فقط (¬2). ويشير ابن الهمام عندما يقول بأن الإمام محمداً ذكر في الأصل أن المقلد لا يكون قاضياً إلى العبارات التي سننقلها أسفله (¬3). كذلك اشترطوا الاجتهاد للإفتاء أيضاً، لكن تسامحوا في إفتاء غير المجتهد عند عدم المجتهد (¬4). أ - شروط الاجتهاد يعبر الشيباني عن قاعدة "لا مساغ للاجتهاد في مورد النص" بقوله: "السنة والآثار في هذا معروفة مشهورة لا يحتاج معها إلى نظر وقياس" (¬5) ويفهم من هذا المثال ومن أمتلة أخرى أن "النظر" يستعمل بمعنى الاجتهاد والتفكير الفقهي (¬6). ويشير قوله: "لا قياس مع أثر" إلى نفس القاعدة أيضاً (¬7). يعدد الشيباني شروط القضاء والإفتاء، أي الاجتهاد كما يلي: "ولا ينبغي أن يستعمل على القضاء إلا الموثوق به في عفافه وعقله وصلاحه وفهمه وعلمه بالسنَّة والآثار والوجوه التي يؤخذ منها الكلام؛ فإنه لا يستقيم أن يكون صاحب رأي ليس له علم بالسنَّة والأحاديث، ولا صاحب حديث ليس له علم بالفقه. وليس يستقيم واحد منهما إلا بصاحبه. ولا ينبغي لأحد ¬

_ (¬1) الحجة للشيباني، 1/ 496، 4/ 308. (¬2) الهداية للمرغيناني، 3/ 101؛ تبيين الحقائق للزيلعي، 4/ 176. (¬3) فتح القدير لابن الهمام، 7/ 256. (¬4) تيسير التحرير لأمير بادشاه، 4/ 248. (¬5) الحجة للشيباني، 1/ 316، 2/ 482. (¬6) الحجة للشيباني، 2/ 568، 569. (¬7) الحجة للشيباني، 1/ 204.

ب - الخطأ في الاجتهاد

أن يفتي إلا من كان هكذا، إلا أن يفتي بشيء يسمعه" (¬1). وهذه الشروط يمكن أن تلخص في العلم والعقل والأخلاق. فالعلم عبر عنه بالعلم بالسنَّة والأحاديث والآثار. ولم يتعرض لمعرفة الكتاب لأنه بديهي. وعبر بالفهم والرأي والعلم بالوجوه التي يؤخذ منها الكلام عن معرفة دلالات الألفاظ وطرق الاستنباط والاستدلال وكونه صاحب ملكة. كما عبر عن التدين والأخلاق بالعفاف والصلاح. كما تدل عبارة الشيباني على أن الذي لا يعرف الأدلة النقلية والعقلية أو يعرف واحداً منهما فقط لا يكون مفتياً أي مجتهداً، بل ينقل فتاوى السابقين، يعني أنه يكون مقلداً فقط. ب - الخطأ في الاجتهاد ينقل هشام بن عبيد الله الرازي أحد تلامذة الشيباني عن أستاذه أنه يرى أن الحق عند الله تعالى واحد في المسائل المختلف فيها، لكن المخطئ في الاجتهاد قد قام بالوظيفة التي أوجبها الله عليه، وهو مأجور عند الله كالذي يجتهد في معرفة القبلة (¬2). وينقل الجصاص عن الشيباني كلاماً آخر بنفس المعنى (¬3). وقد عد الشيباني الاختلاف في بعض المسائل الاعتقادية خطأ في الفتوى أو في الرأي، ولذلك فقد قبل شهادة أهل الأهواء. يقول الشيباني: "وقال أبو حنيفة: شهادة أصحاب الأهواء جائزة إذا كانوا غير متهمين في الشهادة. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. وقال أبو يوسف ومحمد: إنما الأهواء فتيا أفتى بها رجل، فلا ينبغي أن تبطل شهادته إن أخطأ في فتياه. إنما عظم قوم الذنوب حتى جعلوها كفراً فأخطأوا. وهذا منهم فتيا. فلا تبطل ¬

_ (¬1) الكافي للحاكم الشهيد، 1/ 218 و - 218 ظ؛ المبسوط للسرخسي، 16/ 108 - 109. وقد نقل البزدوي عن كتاب أدب القاضي للإمام محمد أن الحديث لا يستقيم إلا بالرأي وأن الرأي لا يستقيم إلا بالحديث. انظر: أصول البزدوي (مع كشف الأسرار لعبدالعزيز البخاري)، 1/ 60. (¬2) الفصول للجصاص، 4/ 297. (¬3) الفصول للجصاص، 4/ 297 - 298.

ج - اتباع المجتهد لمجتهد آخر

شهادتهم بذلك. وشك قوم في الدين فقالوا: لا نقر أنا مؤمنين، فلا تبطل شهادتهم لضعف رأيهم هذا" (¬1). ثم بين بعد ذلك أن القتل الواقع في حروب الفتنة الكائنة بين الصحابة من أعظم الذنوب، لكنه مع ذلك لم يشكل سبباً لرد شهادتهم (¬2). توجد في الأصل عبارات تدل على ظنية الاجتهاد وأنه لذلك يمكن أن تكون الاجتهادات الأخرى صحيحة أيضاً. كما يمكن رؤية مراعاة الخلاف في بعض المسائل المختلف فيها. فمثلاً يبين الشيباني أنه يسمح للمحجور عليه بأداء العمرة بشرط أن لا يكون أدى العمرة قبل ذلك استحساناً، لأن بعض العلماء يرى أن العمرة واجبة (¬3). ويقتدي المأموم بالأئمة الذين يتبعون آراءً مختلفة للفقهاء في عدد تكبيرات صلاة العيد (¬4). وهناك أمثلة أخرى (¬5). كما أن للشيباني عبارات تدل على أنه يمكن العمل على وجهين مختلفين في بعض المسائل التي تختلف فيها الآثار مع كون العمل بأحد الوجهين أولى من الآخر (¬6). ج - اتباع المجتهد لمجتهد آخر يرى الشيباني أنه يجوز للقاضي أو المجتهد الذي يشتبه عليه أمر أن يستشير من يراه أفقه منه ويتبع رأيه، لكنه إذا اجتهد واقتنع بصحة رأيه وخطأ رأي المجتهد الآخر فعليه أن يعمل برأيه ولا يعدل عنه (¬7). والجصاص الذي نقل هذا الرأي، يذكر أن الكرخي يووي عن أبي يوسف والشيباني أنه لا يجوز للمجتهد أن يقلد غيره ويجب عليه العمل برأي نفسه؛ وأن داود بن ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 7/ 227 ظ. (¬2) نفس المصدر. (¬3) الأصل للشيباني، 6/ 72 ظ. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 73 ظ. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 141 و، 230 ظ، 6/ 254 و، 7/ 8 و. (¬6) موطأ محمد، 1/ 616 - 617، 2/ 7 - 8، 243. (¬7) الأصل للشيباني، 5/ 31 و - 31 ظ.

د - التوقف

رشيد يروي عن الشيباني أنه يجوز للمجتهد أن يقلد من هو أعلم منه (¬1). وعبارة الأصل تدل على أن الرواية الأخيرة أصح. د - التوقف ينقل الشيباني في موضع أن أبا حنيفة قال: "لا علم في بهذا" (¬2). وهذا التصرف يدل على أنه يجوز للمجتهد التوقف في بعض المسائل. كذلك الشيباني نفسه قد توقف في مسألة متعلقة بفساد الصوم (شك في ذلك ووقف فيه) (¬3). هـ - بعض القواعد المتبعة في الاجتهاد 1 - ارتفاع النهي أو الإثم في حالة الضرورة أو الحاجة لقد أتى الشيباني بحلول راعى فيها حالة الضرورة في مسائل كثيرة ووضع بعض المبادئ المتعلقة بهذا الموضوع. فحالة الضرورة تبيح بعض المحرمات، لكنها لا تبيح بعضها الآخر. فمثلاً يباح في حالة الضرورة أكل لحم الميتة، ولكن الزنا لا يباح في حالة الضرورة أبداً. ولذلك فإن أثر الضرورة في مسائل القسم الأول يختلف عنهء في مسائل القسم الآخر. فمثلاً يجوز العمل بالتحري (غالب الظن) في الأشياء التي تباح في حالة الضرورة بينما لا يجوز ذلك في الأشياء التي لا تباح في حالة الضرورة (¬4). قاس الشيباني حالة الإكراه على حالة الضرورة. وبناء على ذلك فإن الأشياء الجائزة في حالة الضرورة تجوز في حالة الإكراه أيضاً. فمثلاً إذا كان هناك خطر الموت أو تلف عضو بسبب الجوع أو العطش فإنه يباح أكل ¬

_ (¬1) الفصول للجصاص، 4/ 283. ويرى الكرخي والجصاص أن اتباع المجتهد لمجتهد آخر يراه أعلم منه في مسألة ما إنما يكون نتيجة اجتهاد منه، وبالتالي ينبغي أن يكون جائزاً. انظر: نفس المصدر، 4/ 284 - 285. (¬2) الأصل للشيباني، 6/ 242 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 138 و. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 160 ظ - 161 و. وقد تقدمت عبارة الشيباني المتعلقة بهذا الموضوع تحت عنوان "الرخصة".

2 - رفع الحرج

لحم الميتة أو الخنزير أو شرب الخمر؛ وهكذا إذا وجد نفس الخطر في حالة الإكراه فإنه يباح التلفظ بكلمة الكفر (¬1). ولكن لا يباح في حالة الإكراه الأشياء التي لا تباح في حالة الضرورة أيضاً مثل ظلم الناس. فمثلاً لا يجوز لمن يكرَه بالتهديد بالقتل على قتل نفسِ معصومٍ أو قطع عضوه أن يفعل هذه الأشياء (¬2). ولكن يجوز لمن أكره بنفس التهديد على أخذ مال غيره أن يفعل ذلك (¬3). وحالة الإكراه التي لا تصل لحد الضرورة مؤثرة كذلك في بعض المسائل. فمثلاً يكون الإقرار بالمال باطلاً في حالة التهديد بالحبس أو التقييد أو الضرب الشديد (¬4). لكن الإكراه بهذه الدرجة لا يؤثر على الحكم في بعض الحالات الأخرى (¬5). كذلك لا يجوز الزنا تحت الإكراه الذي يصل لحد الضرورة مثل التهديد بالقتل أو إتلاف عضو، لكن لا يحد الزاني في هذه الحالة؛ أما إذا ارتكب الزنا تحت الإكراه الذي لا يصل لحد الضرورة فإنه يحد في هذه الحالة (¬6). وقد عد الشيباني المرض في بعض الحالات ضرورة تؤدي إلى إباحة المحرم (¬7). فمثلاً يباح للرجل مداواة المرأة بما يقتضيه الحال إذا كان هناك خطر على حياتها أو خطرُ تَحَؤُلِ المرض إلى حالة مزمنة أو كان ألمها شديداً (¬8). وفي بعض أحوأل الحاجة ترتفع الحرمة أيضاً. فمثلاً يجوز للخاتن أن ينظر إلى عورة البالغ للقيام بعملية الختان (¬9). 2 - رفع الحرج والمقصود بالحرج هنا حالات المشقة والضيق التي لا تصل إلى حالة الضرورة. فقد خففت بعض الأحكام بسبب المشقة الموجودة في تطبيقها. فمثلاً لا يُنَجِّسُ الماء الذي يتساقط من بدن المغتسل الماءَ الموجود في ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 5/ 69 ظ. (¬2) الأصل للشيباني، 5/ 74 و. (¬3) الأصل للشيباني، 5/ 104 و. (¬4) الأصل للشيباني، 5/ 70 و. (¬5) الأصل للشيباني، 5/ 87 و، 92 و، 94 و. (¬6) الأصل للشيباني، 5/ 82 ظ (¬7) الأصل للشيباني، 6/ 74 و. (¬8) الأصل للشيباني، 1/ 165 ظ. (¬9) نفس الموضع.

3 - المصلحة

الإناء؛ لأنه "لا يستطاع الامتناع منه" (¬1). ويجوز العمل يقول الواحد في كونه شريكاً لآخر أو وكيلاً له أو أن شخصاً أرسل إليه هدية بواسطته، ولا يشترط شاهدان كما هو الحال في إثبات الدعاوى في القضاء؛ والعمل بعكس هذا "قبيح ضيق ليس عليه أمر الناس" (¬2). يرى أبو حنيفة ومحمد عدم قبول كتابة القاضي إلى القاضي في بعض المواضيع خشية من حدوث تغيير في الأدلة أو موضوع الدعوى، لكن أبا يوسف يرى قبول ذلك لأنه يرجح إمكانية أخذ التدابير اللازمة في هذه المواضيع. ووصف الشيباني القول الأول هنا بأنه "أجود القولين وأصحهما"، والقول الثاني بأنه "أرفق بالناس وأوسع" (¬3). انتقد الشيباني أهل المدينة الذين يشترطون الحول لإيجاب الزكاة في كل شيء يكتسبه الشخص خلال السنة، مبيناً أن ذلك صعب من حيث الحساب وشاق، وأن الأنسب هو أداء زكاة الأرباح أو الأموال المكتسبة خلال السنة مع رأس المال إذا كان قد بلغ مقدار النصاب في أول الحول (¬4). 3 - المصلحة نبه الشيباني على المصلحة أي المنفعة المشتركة بين الناس في التعليل لبعض المسائل. فمثلاً يجب على من ينتفع من نهر على سبيل الاشتراك أن يشارك في المصاريف المتعلقة بإصلاح النهر؛ لأن في هذا "منفعة عامة"، وفي تركه "ضرر عام" (¬5). إذا تسبب الشخص في إضرار الآخرين ببناء رحى أو شيء آخر على نهر يستفيد منه الجميع فإنه يحق لمن يتضرر من ذلك سواء كان مسلماً أو غير مسلم أن يرفع دعوى ضد الباني وينقض بناءه (¬6). علل الشيباني الحديث الناهي لتلقي السلع خارج السوق وشرائها بتضرر أهل البلدد من ذلك، وأنه يجوز تلقي السلع إذا كانت السلع متوفرة ولم يتضرر أهل تلك البلدة من ذلك (¬7). ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 4 ظ. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 173 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 8/ 101 و. (¬4) الحجة للشيباني، 1/ 491 - 492. (¬5) الأصل للشيباني، 8/ 10 و. (¬6) الأصل للشيباني، 5/ 235 و. (¬7) موطأ محمد، 3/ 210.

4 - الاحتياط

4 - الاحتياط رجح الشيباني العمل بما يوجبه الاحتياط في مسائل العبادات والحلال والحرام والعقود الربوية والنكاح وعقوبات الحدود وكتابة الشروط. واستعمل كلمات "الاحتياط، الثقة، التنزه، الورع" لإفادة هذا المعنى (¬1). وقد رجح العمل بما يوافق الاحتياط بالرغم من رواية بعض الآراء المخالفة للصحابة في مسائل فرعية فيها معنى العبادة والصلة، حيث قال: "والأمر الأول الذي قال أبو حنيفة الأخذ بالثقة الذي ليس في النفس معه شك ولا شبهة" (¬2). 5 - الأخذ بالغالب لقد حكم في مسائل كثيرة باعتبار الغالب. واستعمل في ذلك كلمات "الغالب، الأكثر" ونحوهما. فمثلاً إذا رأى الشخص في ريقه دماً فإن كان الغالب على الريق هو الدم يفسد الوضوء (¬3). إذا استعمل الشخص أثناء المسح على رأسه أو على الخفين ثلاثة أصابع من أصابع يده فإنه يجزئه؛ لأنه قد استعمل الأكثر من أصابعه (¬4). إذا مات جماعة أكثرهم مسلمون وفيهم واحد أو اثنان من غير المسلمين ولكن لا يعرف المسلم من غير المسلم فإنه يصلَّى على جميعهم ويدفنون جميعاً في مقابر المسلمين (¬5). إذا حلف الشخص على أن لا يشرب اللبن ثم شرب لبناً مشوباً بالماء فإنه ينظر: إن كان اللبن أكثر حنث، كان كان الماء أكثر لا يحنث (¬6). إذا أذن الرجل لعبده في التجارة ثم أراد أن يحجر عليه فإنه يجب عليه أن يبلغ أكثرية أهل السوق بذلك، ولا يكفيه أن يبلغ شخصاً أو شخصين (¬7). وهناك ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 6 و، 7 و، 7 ظ، 8 ظ، 19 ظ، 56 و، 65 و، 66 و، 94 ظ، 140 ظ، 168 ظ، 169 ظ، 170 و، 170 ظ، 171 و، 178 ظ، 2/ 179 ظ، 3/ 3 ظ، 5 ظ،10 و، 20 ظ، 21 و، 22 ظ، 41 ظ، 42 ظ، 121 ظ، 147 و، 210 ظ، 7/ 2 ظ، 6 ظ، 7 ظ، الحجة للشيباني، 2/ 325؛ موطأ محمد، 3/ 64. (¬2) الحجة للشيباني، 1/ 569 - 570. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 8 ظ. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 7 و، 14 و. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 159 ظ (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 197 و. (¬7) الأصل للشيباني، 6/ 89 ظ.

6 - الشورى

أمثلة أخرى (¬1). 6 - الشورى لم يهتم الأصوليون كثيراً بفكرة استشارة المجتهد لمجتهد آخر. وفي الحقيقة فإنه من المعروف في عهد الصحابة من تطبيقات عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - جريان الشورى بين الفقهاء في اجتهاداتهم. وينقل الشيباني عن الخليفة عمر بن عبدالعزيز (ت. 101) أنه يرى أن على القاضي أن يعرف آراء من قبله من العلماء وأن يستشير أهل الرأي (¬2). ويرى الشيباني أن على القاضي أن يستشير الفقهاء الآخرين إذا شك في الحكم في مسألة اجتهادية. وهو مخير بعد استشارتهم في العمل بآرائهم أو عدم العمل بها، فيمكنه اختيار وترجيح آرائهم أو رأي واحد منهم، ويمكنه أن يأتي برأي جديد يخالف اراءهم جميعاً. ويقول الشيباني: "فإن أشكل عليه شيء يشاور رهطاً من أهل الفقه. فإن اختلفوا فيه نظر إلى أحسن أقاويلهم وأشبهها بالحق فأخذ به. فإن رأى خلف رأيهم أحسن وأشبه بالحق قضى بذلك. ولا يتعجل بالحكم إذا لم يتبين له الأمر حتى يتفكر فيه ويشاور أهل الفقه" (¬3). ومن المحتمل جداً أن يكون الشيباني قد تأثر في هذا الموضوع بمنهج أستاذه الأول أبي حنيفة. فكما هو معلوم فإن أبا حنيفة كان يناقش المسائل الفقهية مع أصحابه وتلاميذه مناقشة طويلة، ويتبادل معهم الرأي والأفكار، وفي النهاية يبين رأيه الشخصي. لقد تكون الفقه الحنفي هكذا بتعاون مجموعة من العلماء يعملون كمجلس للشورى، وانعكست هذه الميزة على الأصل الذي هو المصدر الأساسي لهذا الفقه. إن الآراء المختلفة للأئمة أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد والتي توجد في كل صفحة تقريباً من الأصل تدل بوضوح على البنية الجماعية في تكوين هذا المذهب وكونه قابلاً للاجتهادات المختلفة. ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 87 و، 159 و - 160 ظ، 193 ظ، 5/ 159 ظ، 259 و، 6/ 29 و، 247 و، 7/ 29 و، 158 و. (¬2) الكافي للحاكم الشهيد، 1/ 216 و. (¬3) الكافي للحاكم الشهيد، 1/ 216 ظ. وينقل الطحاوي هذه العبارة بنفس الألفاظ تقريباً. انظر: مختصر الطحاوي، ص 237.

خاتمة

خاتمة لدى النظر في تاريخ الفقه فإن القرن الثاني الهجري يشكل مرحلة زمنية هامة من حيث نشأة المذاهب وأصول الفقه. لقد عاش مؤسسو المذهب الحنفي والمالكي والشافعي في هذه الفترة. من المعلوم أن الإمام أبا حنيفة (ت. 150) بالرغم من دوره التأسيسي لم يؤلف كتاباً بنفسه، وإنما وضع تلاميذه المصادر الأساسية للمذهب بتقييد آراء الإمام التي تلقوها منه. وأهم شخصية في هذا المجال هو محمد بن الحسن الشيباني (ت. 189). جمع الشيباني آراء أبي حنيفة الذي درس عليه أربع أو خمس سنوات وآراء أبي يوسف (ت. 182) الذي واظب على دروسه بعد وفاة أبي حنيفة، وضم إلى ذلك آراءه، فظهر بذلك إلى الوجود كتب "ظاهر الرواية" التي تعرف بأنها المصادر الأم للمذهب الحنفي والتي نقلت على وجه الشهرة أو التواتر. يعتبر "الأصل" كاسمه أصلاً وأساساً لكتب ظاهر الرواية الأخرى لكونه ألف أولاً ولكبر حجمه الذي يصل إلى 2260 ورقة. وفي الحقيقة فإن الأصل حصيلة جهد جماعي يجمع بين طياته آراء واجتهادات الأئمة المجتهدين الثلاثة أبي حنيفة وأبي يوسف والشيباني. وقد استطاع الشيباني بحكم كونه أشب الأئمة أن يجمع آراءهم في هذا الكتاب، ويؤلف كتب المذهب الأخرى، وتمكن من نشر المذهب عن طريق تدريس هذه الكتب لتلاميذه. ومع أن تلاميذ الإمام أبي حنيفة الاَخرين مثل أبي يوسف والحسن بن زياد (ت. 254) قد ألفوا كتباً في الفقه إلا أن علماء المذهب قد اتخذوا كتب الشيباني أساساً، واعتبروا الكتب الأخرى في درجة تالية. من ناحية أخرى

فإن "الأصل" له أهمية كبيرة في نشأة المذاهب الأخرى أيضاً. فـ "الأسدية" التي هي أساس المدوَّنة التي تعتبر المصدر الأساسي للمذهب المالكي قد ألفها أسد بن الفرات (ت. 213) الذي تتلمذ على الشيباني، كما تتلمذ الإمام الشافعي (ت. 204) على الشيباني، واستفاد الإمام أحمد بن حنبل (ت. 241) في المسائل الدقيقة "من كتب محمد بن الحسن" على حد تعبيره. وإنه لنقص كبير أن لا ينشر الأصل الذي له هذه الأهمية في تطور التفكير الفقهي حتى يومنا هذا. ومقصدنا الأولي في عملنا هذا هو نشر هذا الكتاب محققاً وتقديمه لعالم المعرفة بالاعتماد على أوثق نسخه المخطوطة التي وصلت إلى اليوم. ولتحقيق هذا المقصد فقد درسنا نسخاً كثيرة للأصل موجودة في تركيا ومصر وغيرها، وتبين لنا أن الأصل قد وصل إلى يومنا هذا على وجه شبه كامل. وقد قمنا باختيار أقدم وأصح النسخ من بين الموجود وحققنا الكتاب بمقارنة هذه النسخ. في حين كان يجري العمل في هذا المضمار فقد قمنا بكتابة مقدمة للكتاب تتناول التعريف بالأصل ومحاولة الوقوف على المخطوط الأساسية للفكر الأصولي المتضمَّن في الأصل. يعرف هذا الكتاب باسم الأصل أو كتاب الأصل وباسم المبسوط. وهناك شك في تسمية المؤلف لكتابه بأحد هذين الاسمين. والسبب في ذلك أن الأصل في البداية كان قد ألف كل كتاب منه على حدة ككتاب مستقل. لكننا نرى اعتباراً من القرن الرابع الهجري استعمال اسمي الأصل والمبسوط في التراث الفقهي. ونسبة الأصل إلى مؤلفه مقطوع بها. فإلى جانب رواية الكتاب عن مؤلفه على وجه الشهرة فإن لسان الكتاب وأسلوبه والمصطلحات المستعملة فيه واقتباسات الكتب الأخرى منه تدل على ذلك. ومع وجود النقاش في نسبة بعض الكتب الموجودة في مخطوطات الأصل إلى الشيباني فإنه لا يوجد دليل كاف لما يوجب الشك في صحة نسبتها إليه. توجد في الأصل بعض العبارات القليلة التي توهم في الوهلة الأولى أن بعض الآراء الموجودة قيس من كلام تلاميذ الشيباني مثل "هذا قياس قول محمد" ونحو ذلك؛ إلا أن استعمال الشيباني لعبارات مثل "قياس قولنا" وقرائن أخرى تدل على أنه من الممكن أن تكون العبارة السابقة وأمثالها من كلام الشيباني

نفسه. توجد في مخطوطات الأصل مقتبسات يسيرة في كتاب الصلاة وكتاب الصوم من كتب الشيباني الأخرى وكتب بعض الفقهاء الأحناف المتقدمين كما ينص على ذلك الناسخ بوضوح. وهذه الزيادات اليسيرة ترجع إلى تعليقات كتبت على هامش النسخ القديمة، فأدخلها المستنسخون المتأخرون في صلب الكتاب وخلطوها به. يدل تاريخ 160 المذكور كمثال في مسألة من مسائل الأصل، وتعيين أبي يوسف - الذي طلب من الشيباني تأليف الجامع الصغير بعد تأليفه الأصل - قاضياً في بغداد عام 166 أن الأصل قد أُكمل تأليفه قبل هذا التاريخ. لكن إذا أخذنا بعين الاعتبار المعلومة المفيدة أن الشيباني قد أعاد النظر في أكثر كتبه وأعاد تأليفها فإنه يمكن القول بأن هذا هو التأليف الأول للكتاب وأن التأليف الآخر قد تم في السنوات القادمة من حياة الشيباني. روى الأصل عن الشيباني تلاميذه وعلى رأسهم أبو سليمان موسى بن سليمان الجوزجاني (ت. بعد 200) وأبو حفص الكبير أحمد بن حفص البخاري (ت. 217). وقد اشتهرت رواية الجوزجاني خصوصاً من بين الروايات الأخرى، ورأينا أن نسخة الأصل الموجودة بأيدينا اليوم مروي أكثر من نصفها عن طريق الجوزجاني، وأن ثُمنها تقريباً مروي عن طريق أبي حفص، وأن الباقي لا يوجد في معظمه ذكر لاسم الراوي. ويوجد في تراث الفقه الحنفي اقتباسات من الروايات الأخرى للكتاب. تذكر المصادر أن الأصل قد قرئ ودرس من قبل تلاميذ الشيباني في بغداد وبخارى والري الذي هو متصل بطهران اليوم، وكان لذلك تأثير كبير في انتشار المذهب الحنفي في تلك المناطق وما حولها. إن المسائل الفقهية في الأصل تأتي في بعض الكتب والأبواب على شكل السؤال والجواب بصيغة "قلت - قال"، بينما تأتي في بعض الكتب والأبواب على شكل جمل شرطية تبتدئ بأدوات الشرط مثل "إذا، لو، إن". وسبب هذا الاختلاف في الأسلوب يمكن أن يكون راجعاً إلى تأليف الأصل مرتين. وقد ظن الأستاذ العلَّامة المرحوم محمد حميد الله أنه يوجد في مكتبات إسطنبول روايتان مختلفتان للأصل، لكن بعد اطلاعنا على النسخ التي أشار إليها الأستاذ حميد الله للاستدلال على مدعاه وبَحْثِنا فيها تبين لنا

أن تلك النسخ لكتاب مختصر الأصل لمحمد بن إبراهيم الحنفي (ت. بعد 705)، وأن هذا الظن في غير محله. لقد ألف كثير من فقهاء الأحناف المتقدمين شروحاً على الأصل. لكن هذه الشروح تختلف عن الشروح المتأخرة في أنها لا تلتزم بلفظ المتن الذي تشرحه، ولكنها تكون متداخلة ومتشابكة معه، وتنقله أحياناً كثيرة بمعناه دون لفظه. وأهم الأعمال التي عُملت على الأصل هو الكافي للحاكم الشهيد (ت. 334) والذي يعتبر اختصاراً للأصل بشكل كبير. فإن الحاكم الشهيد قد اختصر الأصل في كتابه هذا في نصف حجمه تقريباً والتزم لفظه في الغالب وقابل روايات الأصل المختلفة وقام بترجيح بعضها على بعض. من ناحية أخرى فإن القسم المفقود من الأصل موجود في الكافي بشكل مختصر. والمبسوط لشمس الأئمة السرخسي (ت. 483) الذي شرح الكافي من المصادر الأساسية التي تنقل لفظ الأصل أحياناً وتحيل عليه وتفسر الفقه الحنفي المتقدم بتفكير فقهي وأصولي متطور. وقد استفدنا غاية الاستفادة من الكافي والمبسوط ومختصر الأصل في تحقيق الأصل وتصحيح مخطوطاته وإكمال النقص الموجود فيها. يوجد في نسخ الأصل التي بأيدينا اليوم سبع وخمسون كتاباً فقهياً، بينما يوجد في الكافي الذي يعتبر اختصاراً له ثمانية كتب فقهية أخرى لا توجد في الأصل. لقد قام بعض الباحثين في عصرنا وعلى رأسهم أبو الوفا الأفغاني بنشر ما يقرب من ربع الأصل. ويوجد في هذه الطبعات قراءات خاطئة في بعض المواضع مما لا يخلو منه أي تحقيق. وأقدم مخطوطات الأصل التي وصلت ليومنا يرجع تاريخ نسخها إلى سنوات 637 - 639. والنسخ الأقدم يحتمل أن تكون ضاعت في الاستيلاء المغولي على الجغرافيا التي كان المذهب الحنفي منتشراً فيها بشكل كبير. يمكن القول بأن مسائل الأصل مبنية في مجملها على الأدلة الشرعية الأربعة المعروفة "الكتاب والسنَّة والإجماع والقياس". تدل على ذلك عبارات الشيباني ومنهجه الذي اتبعه في اجتهاده لحل المسائل الفقهية. فالشيباني يعتبر القرآن الكريم الدليل الأول ويستدل بالآيات الكريمة حين يقتضي الأمر ذلك. والدليل الثاني عند الشيباني هو السنَّة. فهو يستدل بأقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - وأفعاله

مع إعطاء الأولوية للأخبار "المعروفة المشهورة". وقد تقدم الشيباني على الشافعي في الاستدلال الحجية خبر الواحد وكان سلفاً له في ذلك. إلا أنه لا يقبل خبر الواحد مطلقاً، بل يأخذ به في ضوء السنَّة المعروفة والمشهورة. ويرى الشيباني الكتاب والسنَّة دليلين لا يفترق أحدهما عن الآخر، بحيث لا يجهد نفسه للاستدلال بالقران في كل صغيرة وكبيرة، بل يقبل السنَّة والعمل المعروف لدى المجتمع المسلم والعلماء كدليل كاف يجب اتباعه. ويرجع الشيباني إلى أقوال الصحابة والتابعين في تفسير آيات الكتاب، ويقول بوجوب اتباع ما أجمع عليه الصحابة، واختيار أحد أقوالهم فيما اختلفوا فيه وعدم إحداث قول جديد. كما يحتج الشيباني يقول الصحابي فيما لا يعلم له فيه مخالف، وششدل كذلك بأقوال التابعين الذين اشتهروا بالفتوى على عهد الصحابة مثل إبراهيم النخعي وغيره. ويستعمل الشيباني مصطلحات السنَّة والحديث والأثر/ الآثار على نطاق واسع. وهذه المصطلحات تشمل أقوال وأفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة والتابعين. ولكن المعنى المقصود بالسنَّة أولياً هو كونه العمل المشهور المعروف والذي ينبغي اتباعه لدى الأجيال السابقة خير القرون. ونرى في بعض المسائل أن الشيباني خالف رأي أبي حنيفة مستدلاً عليه بالسنَّة والأحاديث. ومخالفته هذه لا تنبع من خلف في الأصول والمنهج ولكنها نابعة من اقتناعه بوصول تلك الروايات - التي لم يعمل بها أبو حنيفة لأنها لم تصل لحد الشهرة - إلى درجة الشهرة. يحتوي الأصل على 1632 رواية ما بين حديث مرفوع وموقوف ومقطوع. ويروي الشيباني كثيراً عن أبي حنيفة وأبي يوسف كما يروي في بعض المواضع عن مالك بن أنس بالإضافة إلى كثير من علماء الحديث والفقه الآخرين. والشيباني الذي يولي قيمة كبيرة لإجماع الصحابة يحتج بإجماع من بعدهم أيضاً. أما القياس فهو يطلق على عملية الاجتهاد والتفكير العقلي الذي يظهر على شكل القواعد العامة حيناً والقياس بمعناه الاصطلاحي عند المتأخرين حيناً آخر، والذي يستلهم من معاني النصوص ولا يعارضها على وجه العموم. وهذا التفكير العقلي قد نفذ إلى الأصل بكامله وحقق التناسق والترابط بين مسائله. ومما يتصل بهذا أن كلمة القياس قد استعملت في مواضع كثيرة من الأصل

بمعنى "التخريج" في اصطلاح المتأخرين، أي قياس المسائل الفقهية الحديثة على المسائل الفقهية المعروفة في المذهب. والاستحسان المستعمل مع القياس يعترضنا في مواضع كثيرة جداً من الأصل، ويشكل هذان المفهومان زوجاً اصطلاحياً يرجع إليهما في حل المسائل. فقد ذُكر في كثير من المسائل أن القياس يقتضي أمراً لكن الاستحسان يقتضي أمراً آخر، ثم تُرك العمل بمقتضى القياس وصير إلى العمل بالاستحسان. كما هو المفهوم من هنا فإن الاستحسان يشكل استثناءً من قاعدة عامة. وما يقتضي هذا الاستثناء قد يكون هو السنَّة أو القياس أو القاعدة العامة أو الاحتياط أو العرف أو الضرورة. وفي الغالب فإن الاستحسان يستعمل بمعنى القياس الدقيق والخفي الذي يقتضي تفكيراً أعمق في مقابل القياس الجلي الذي يكون بمعنى التشابه الظاهري، ويكون مراعاة العرف والقواعد العامة أهم الأسباب التي تكمن وراء الاستحسان. كما نرى أن للعرف مكانة هامة في المعاملات ما لم يكن مخالفاً للنص. وقد استدل في حل بعض المسائل بأحكام الشرائع السابقة التي وردت في القرآن الكريم. ورأينا أن الاستصحاب يستعمل حجة للدفع لا للاستحقاق، أي دليلاً في بقاء ما كان على ما كان لا في إثبات أمر جديد. وقد انتقد سد الذرائع وعمل أهل المدينة والاحتجاج بهما فيما وجه إلى أهل المدينة من انتقاد، لكن عمل بمبدأ سد الذرائع في الحالات التي تكون شبهة التأدية إلى الشر فيها قوية. استعمل الشيباني أيضاً مصطلحات متعلقة بدلالات الألفاظ مثل النص والمفسر والمحكم، ولكن معانيها ليست واضحة تماماً كما استقرت عليه عند الأحناف المتأخرين. تدل مسائل الأصل على أن مطلق الأمر يدل على الوجوب، لكن القرائن يمكن أن تصرف دلالته إلى الندب أو الإباحة. تكلم الشيباني عن دلالة النهي على الفساد ووضح رأي الحنفية في هذه المسألة بشكل يتفق مع ما تحدث عنه الأصوليون الأحناف فيما بعد. كما أشار إلى قواعد ومصطلحات هامة في أصول الأحناف مثل تقديم المعنى الحقيقي على غيره، ومصطلحات العموم والخصوص ومسائلهما، واستنباط أحكام من

النصوص تحتاج إلى التفكير الدقيق عن طريق دلالة الإشارة، وعدم العمل بمفهوم المخالفة، وحمل المطلق على المقيد، ودلالة الاقتران. وقد جمع الشيباني بين الآثار المتعارضة في بعض الأحيان، لكن صار إلى الترجيح في الغالب، ووضع كثيراً من المقاييس في هذا الشأن وأهمها "السنَّة المشهورة". ومما يجلب الانتباه أنه استعمل خلال تحدثه عن اجتهاداته المختلفة كلمات كثيرة مشتقة من جذري "الحسن والقبح" اللذان أصبحا من أهم مباحث الحكم عند الأصوليين. ونظن أن هذه الاستعمالات قد مهدت الطريق أمام الآراء المختلفة في هذا المبحث الأصولي فيما بعد. ويمكن القول بأن مقاربة الحنفية للموضوع تقع في الوسط بين الآراء التي ستتكون فيما بعد عند المعتزلة والأشاعرة، وأن الأصل يحكمه طراز من التفكير يولي العقل أهمية كبيرة مع إعطاء الأولوية للنصوص. ونرى أن الشيباني قد فرق بين حق الله وحق العبد في بعض المسائل، وتحدث عن حلول مفصلة جداً لحالات الإكراه الذي هو من "عوارض الأهلية" عند الأصوليين، وخطا خطوات نحو تكوين نظرية للإكراه. وإذا نظرنا إلى المصطلحات المستعملة للتعبير عن الأحكام الشرعية فإننا نرى أنها ليسست واضحة المعنى تماماً على ما يعرف في اصطلاح المتأخرين. فمثلاً ليس هناك تفريق واضح بين الفرض والواجب، وبين الحرام والمكروه، وبين المكروه تحريماً والمكروه تنزيهاً، لكن هناك بعض الأمور التي تشير إلى ما يبتني عليه ذلك التفريق. إن دراسة منهج الشيباني وأسلوبه في الأصل وفي غيره من مؤلفاته تدل على أنه مجتهد مستقل بحيث يخالف أستاذيه أبا حنيفة وأبا يوسف في مواضع كثيرة من كتبه. نرى أن الشيباني قد أشار إلى شروط الاجتهاد مثل المعرفة بالكتاب والسنَّة والإجماع والملكة الفقهية والتقوى واستشارة الفقهاء الآخرين، وأنه يرى أن الخطأ معفو عنه في المسائل الاجتهادية، ويفسح المجال في اجتهاداته لرفع الحرج والعمل بالمصلحة والاحتياط كمبادئ يلتزم بها. وختاماً فإن الأصل للإمام محمد بن الحسن الشيباني يشتمل على محتوى غني جداً ومفتوح أمام من يريد البحث فيه من مختلف الجهات. ومن الواضح أنه لا يمكن لأي باحث أن يستوفي البحث في كتاب كبير مثل

الأصل، ولكن مع ذلك فإننا حاولنا قدر المستطاع تحليل التفكير الأصولي المتضفَن في ثنايا الكتاب وإلقاء الضوء على أفكاره الأساسية. وسوف نكون سعداء إذا شكل عملنا حول الكتاب نقطة بداية لبحوث أخرى مفصلة في المستقبل. والله المستعان، وعليه التكلان. والحمد لله أولاً وآخراً، وصلَّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم.

مراجع المقدمة

مراجع المقدمة المصادر العربية: 1 - الآثار، محمد بن الحسن الشيباني، لكنو، مطبعة أنوار محمدي، د. ت. 2 - الآثار، أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري، تحقيق: أبو الوفا الأفغاني، بيروت، دار الكتب العلمية، د. ت. 3 - الإحكام في أصول الأحكام، سيف الدين الآمدي، بيروت، 1400/ 1980. 4 - أخبار أبي حنيفة وأصحابه، حسين بن علي الصيمري، دار الكتب العلمية، بيروت، 1976. 5 - أخبار القضاة، محمد بن خلف بن حيان المعروف بوكيع، عالم الكتب، بيروت، د. ت. 6 - اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى، أبو يوسف، تحقيق: أبو الوفا الأفغاني، القاهرة، 1357. 7 - الإرشاد في معرفة علماء الحديث، أبو يعلى خليل بن عبد الله الخليلي، تحقيق: محمد سعيد عمر إدريس، مكتبة الرشد، الرياض، 1409. 8 - الإصابة في تمييز الصحابة، أحمد بن علي المعروف بابن حجر العسقلاني، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار الجيل، بيروت، 1412/ 1992. 9 - الأصل، محمد بن الحسن الشيباني، تحقيق: أبو الوفا الأفغاني، عالم الكتب، بيروت، 1410/ 1990. 10 - الأصل، محمد بن الحسن الشيباني، مكتبة السليمانية، مراد ملا، رقم 1038 - 1041 (ثمانية أجزاء، كل مجلد يتكون من جزءين) 11 - أصول البزدوي، البزدوي، (انظر: كشف الأسرار، البخاري).

12 - أصول السرخسي، شمس الأئمة محمد بن أبي سهل أحمد السرخسى، تحقيق: أبو الوفا الأفغاني، دار قهرمان، إسطنبول، 1984. 13 - الأعلام، خير الدين الزركلي، دار العلم للملايين، بيروت، 1986. 14 - إعلام الموقعين، ابن قيم الجوزية، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، بيروت، 1973. 15 - إغاثة اللهفان، شمس الدين محمد بن أبي بكر الزُّرَعي الدمشقي المعروف بابن قيم الجوزية، تحقيق: محمد حامد الفقي، دار المعرفة، بيروت، 1395/ 1975. 16 - الإكمال، علي بن هبة الله المعروف بابن ماكولا، دار الكتب العلمية، بيروت، 1411. 17 - الأم، محمد بن إدريس الشافعي، تحقيق: رفعت فوزي عبد المطلب، دار الوفاء، المنصورة، 1422/ 2001. 18 - الأم، محمد بن إدريس الشافعي، تحقيق: محمد زهري النجار، بيروت، 1973. 19 - الإمام محمد بن الحسن الشيباني وأثره في الفقه الإسلامي، محمد الدسوقي، دار الثقافة، الدوحة، 1407/ 1987. 20 - الأنساب، أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني، تحقيق: عبد الله عمر البارودي، دار الفكر، بيروت، 1988. 21 - الاختيار لتعليل المختار، عبد الله بن محمود الموصلى، تحقيق: محمود أبو دقيقة، بيروت، 1395/ 1975. 22 - اعتقاد أهل السنَّة، اللالكائي، انظر: شرح أصول اعتقاد أهل السنَّة. 23 - الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء، أبو عمر يوسف بن عبد الله القرطبي المعروف بابن عبد البر، دار الكتب العلمية، بيروت، د. ت. 24 - البحر الرائق شرح كنز الدقائق، زين الدين بن إبراهيم المعروف بابن نجيم، دار المعرفة، بيروت، د - ت. 25 - بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، علاء الدين أبو بكر بن مسعود الكاساني، دار الكتاب العربي، بيروت، 1982. 26 - البداية والنهاية، أبو الفداء عماد الدين إسماعيل بن عمر المعروف بابن كثير، مكتبة المعارف، بيروت، د. ت. 27 - البلغة في تراجم أئمة النحو واللغة، مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي، تحقيق: محمد المصري، جمعية إحياء التراث الإسلامي، الكويت، 1407. 28 - بلوغ الأماني في سيرة الأمام محمد بن الحسن الشيباني، محمد زاهد الكوثري، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1355.

29 - التاريخ (رواية الدوري)، يحيى بن معين، مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامىِ، تحقيق: أحمد محمد نور سيف، مكة المكرمة، 1399/ 1979. 30 - تاريخ الأدب العربي، كارل بروكلمان، ترجمة: عبد الحليم النجار وغيره، دار المعارف، القاهرة، 1983 31 - تاريخ الأمم والملوك، محمد بن جرير الطبري، بيروت، 1408/ 1988. 32 - تاريخ الإسلام، أبو عبد الله محمد بن أحمد الذهبي، تحقيق: عمر عبدالسلام تدري، دار الكتاب العربي، بيروت، 1407/ 1987. 33 - تاريخ التراث العربي، فؤاد سزكين، ترجمة: محمود حجازي، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض، 1403/ 1983. 34 - التاريخ الكبير، محمد بن إسماعيل البخاري، تحقيق: السيد هاشم الندوي وغيره، دار الفكر، د. ت. (مصورة من طبعة حيدرآباد). 35 - تاريخ بغداد، أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي، دار الكتب العلمية، بيروت، د. ت. 36 - تاريخ جرجان، حمزة بن يوسف السهمي الجرجاني، تحقيق: محمد عبدالمعيد خان، عالم الكتب، بيروت، 1401/ 1981. 37 - تاريخ مدينة دمشق، ابن عساكر، تحقيق: عمر بن غرامة العمري، دار الفكر، بيروت، 1995. 38 - تبين الحقائق في شرح كنز الدقائق، جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي، القاهرة، 1313. 39 - التحبير في المعجم الكبير، أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني، تحقيق: منيرة ناجي سالم، رئاسة ديوان الأوقاف، بغداد، 1395/ 1975. 40 - تحفة الفقهاء، علاء الدين محمد بن أحمد السمرقندي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1405/ 1984. 41 - التدوين في أخبار قزوين، عبد الكريم بن محمد الرافعي، تحقيق: عزيز الله العطاري، دار الكتب العلمية، بيروت، 1987. 42 - تذكرة الحفاظ، أبو عبد الله محمد بن أحمد الذهبي، دار الكتب العلمية، بيروت، د. ت. 43 - تذكرة النوادر من المخطوطات العربية، جمعية دائرة المعارف العثمانية، حيدرآباد، 1350.

44 - تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة، أحمد بن علي المعروف بابن حجر العسقلاني، تحقيق: إكرام الله إمداد الحق، دار الكتاب العربي، بيروت، د. ت. 45 - التعديل والتجريح، أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي القرطبي، تحقيق: أبو لبابة حسين، دار اللواء، الرياض، 1406/ 1986. 46 - التعليق الممجد على موطأ محمد، أبو الحسنات محمد عبدالحي بن محمد اللكنوي، تحقيق: تقي الدين الندوي، دار السنَّة والسيرة - دار القلم، بومبائي - دمشق، 1412/ 1991. 47 - التقرير والتحبير في شرح التحرير، شمس الدين محمد بن محمد بن محمد المعروف بابن أمير حاج الحلبي، دار الفكر، بيروت، 1417/ 1996. 48 - تقويم الأدلة، أبو زيد الدبوسي، تحقيق: خليل الميس، بيروت، 1421/ 2001. 49 - التلويح في شرح التوضيح، سعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني، تحقيق: زكريا عميرات، دار الكتب العلمية، بيروت، 1416/ 1996. 50 - التمييز، مسلم بن الحجاج النيسابوري، تحقيق: محمد مصطفى الأعظمي، مكتبة الكوثر، المربع (المملكة العربية السعودية)، 1410. 51 - تنوير الأبصار، التمرتاشي، (انظر: رد المحتار، ابن عابدين). 52 - تهذيب الأسماء واللغات، أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي، دار الفكر، بيروت، 1996. 53 - تهذيب التهذيب، أحمد بن علي المعروف بابن حجر العسقلاني، دار الفكر، بيروت، 1404/ 1984. 54 - تهذيب الكمال، أبو الحجاج جمال الدين يوسف بن عبد الرحمن المزي، تحقيق: بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1400/ 1980. 55 - توضيح المشتبه، شمس الدين محمد بن عبد الله المعروف بابن ناصر الدين، تحقيق: محمد نعيم العرقسوسي، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1993. 56 - التوضيح لمتن التنقيح، صدر الشريعة عبيد الله بن مسعود (مع شرح التلويح، التفتازاني)، بيروت، دار الكتب العلمية، د. ت. 57 - جامع البيان عن تأويل القرآن، محمد بن جرير الطبري، بيروت، 1405. 58 - جامع بيان العلم وفضله، ابن عبد البر، بيروت، 1398. 59 - الجامع الصغير، محمد بن الحسن الشيباني (مع شرحه النافع الكبير لعبد الحي اللكنوي)، إدارة علوم القرآن، كراتشي، 1410/ 1990.

60 - الجامع الكبير، محمد بن الحسن الشيباني، تحقيق: أبو الوفا الأفغاني، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1399. 61 - جامع المسانيد، أبو المؤيد محمد بن محمود الخوارزمي، بيروت، دار الكتب العلمية، د. ت. 62 - الجرح والتعديل، عبد الرحمن بن محمد المعروف بابن أبي حاتم، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1371/ 1952. 63 - الجواهر المضية في طبقات الحنفية، محيي الدين عبد القادر بن محمد ابن أبي الوفاء القرشي، تحقيق: عبد الفتاح الحلو، هجر للطباعة، الجيزة، 1413/ 1993. 64 - الجواهر المضية في طبقات الحنفية، محيي الدين عبد القادر بن محمد ابن أبي الوفاء القرشي، مير محمد كتبخانه، كراتشي، د. ت. 65 - حاشية ابن عابدين، انظر: رد المحتار. 66 - الحجة على أهل المدينة، محمد بن الحسن الشيباني، تحقيق: مهدي حسن الكيلاني، حيدرآباد، 1385 - 90/ 1965 - 71. 67 - حلية الأولياء، أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني، دار الكتاب العربي، بيروت، 1405. 68 - الحيوان، الجاحظ، تحقيق: عبد السلام هارون، بيروت، 1416/ 1996. 69 - خلاصة تذهيب تهذيب الكمال، أحمد بن عبد الله الخزرجي، تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة، مكتب المطبوعات الإسلامية - دار البشائر، حلب - بيروت، 1416. 70 - الدر المنثور في التفسير بالمأثور، جلال الدين السيوطي، بيروت، 1993. 71 - الدراية في تخريج أحاديث الهداية، أحمد بن علي المعروف بابن حجر العسقلاني، تحقيق: السيد عبد الله هاشم اليماني المدني، دار المعرفة، بيروت، د. ت. 72 - دراسة على الجامع الصغير للإمام محمد بن الحسن الشيباني، محمد بوينوكالن، مجلة البحوث الإسلامية (Islam Arastirmalari Dergisi)، العدد 20، 2008، ص 1 - 38. 73 - الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، أحمد بن علي المعروف بابن حجر العسقلاني، تحقيق: محمد عبد المعيد خان، دائرة المعارف العثماني، حيدرآباد، 1392/ 1972.

74 - الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب، إبراهيم بن علي المالكي المعروف بابن فرحون، دار الكتب العلمية، بيروت، د. ت. 75 - ذيل التقييد في رواة السنن والمسانيد، تقي الدين محمد بن أحمد الفاسي المكي، تحقيق: يوسف كمال الحوت، دار الكتب العلمية، بيروت، 1410. 76 - الرخص الفقهية من القرآن والسنَّة النبوية، محمد شريف الرحموني، تونس، د. ت. 77 - رد المحتار على الدر المختار، محمد أمين بن عمر المعروف بابن عابدين، دار الفكر، بيروت، 1421/ 2000. 78 - الرسالة، محمد بن إدريس الشافعي، تحقيق: أحمد شاكر، القاهرة، 1358/ 1939 79 - السؤالات، أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي، تحقيق: مطاع الطرابيشي، دار الفكر، دمشق، 1403. 80 - السلوك لمعرفة دول الملوك، تقي الدين أحمد بن علي المقريزي، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، 1418/ 1997. 81 - سنن أبي داود (داخل موسوعة السنَّة)، أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني، فهرسة وترقيم بدر الدين جتين أر، دار الدعوة - دار سحنون، إسطنبول - تونس، 1992/ 1413. 82 - سنن الترمذي (داخل موسوعة السنَّة)، محمد بن عيسى الترمذي، تحقيق: أحمد شاكر، محمد فؤاد عبد الباقي، إبراهيم عطوه عوض، فهرسة وترقيم بدر الدين جتين أر، دار الدعوة - دار سحنون، إسطنبول - تونس، 1413/ 1992. 83 - سنن الدارقطني، أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني، تحقيق: السيد عبد الله هاشم اليماني المدني، دار المعرفة، بيروت، 1386/ 1966. 84 - السنن الكبرى، أبو بكر أحمد بن حسين البيهقي، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، دار الباز، مكة المكرمة، 1414/ 1994. 85 - سير أعلام النبلاء، أبو عبد الله محمد بن أحمد الذهبي، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، محمد نعيم العرقسوسي، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1413. 86 - شذرات الذهب، عبد الحي بن أحمد المعروف بابن العماد الحنبلي، تحقيق: عبد القادر الأرناؤوط، محمد الأرناؤوط، دار ابن كثير، دمشق، 1406.

87 - شرح أصول اعتقاد أهل السنَّة، أبو القاسم هبة الله بن حسن اللالكائي، تحقيق: أحمد سعد حمدان، دار طيبة، الرياض، 1402. 88 - شرح تنقيح الفصول، شهاب الدين القرافي، تحفيق: طه عبد الرؤوف سعد، القاهرة، مكتبة الكليات الأزهرية، د. ت. 89 - شرح التلويح على التوضيح، سعد الدين التفتازاني، بيروت، دار الكتب العلمية، د. ت. 90 - شرح مشكل الآثار، أبو جعفر أحمد بن محمد للطحاوي، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1408/ 1987. 91 - شرح معاني الآثار، أبو جعفر أحمد بن محمد الطحاوي، تحقيق: محمد زهري النجار، دار الكتب العلمية، بيروت، 1399. 92 - شعب الإيمان، أبو بكر أحمد بن حسين البيهقي، تحقيق: محمد السعيد بسيوني زغلول، دار الكتب العلمية، بيروت، 1410. 93 - صحيح البخاري (داخل موسوعة السنَّة)، محمد بن إسماعيل البخاري، تحقيق: محمد ذهني أفندي وغيره، فهرسة وترقيم بدر الدين جتين أر، دار الدعوة - دار سحنون، إسطنبول - تونس، 1413/ 1992، (مصورة عن طبعة إسطنبول 1315). 94 - صحيح مسلم (داخل موسوعة السنَّة)، مسلم بن الحجاج النيسابوري، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار الدعوة - دار سحنون، إسطنبول - تونس، 1413/ 1992. 95 - الضعفاء الكبير، أبو جعفر محمد بن عمرو العقيلي، تحقيق: عبدالمعطي أمين قلعجي، دار المكتبة العلمية، بيروت، 1404/ 1984. 96 - الضوء اللامع لأهل القرن التاسع، شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي، مكتبة الحياة، بيروت، د. ت. 97 - طبقات الحفاظ، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1403. 98 - طبقات الحنابلة، محمد بن محمد بن حسين المعروف بابن أبي يعلى، تحقيق: محمد حامد الفقي، دار المعرفة، بيروت، د. ت. 99 - طبقات الفقهاء، أبو إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي، تحقيق: خليل الميس، دار القلم، بيروت، د. ت. 100 - الطبقات الكبرى، أبو عبد الله محمد بن سعد الكاتب، دار صادر، بيروت، د. ت.

101 - طلبة الطلبة، نجم الدين النسفي، تحقيق: خالد عبد الرحمن العك، عمان، 1416/ 1995. 102 - العبر في خبر من غبر، أبو عبد الله محمد بن أحمد الذهبي، تحقيق: صلاح الدين المنجد، مطبعة حكومة الكويت، الكويت، 1984. 103 - العلو للعلي الغفار، أبو عبد الله محمد بن أحمد الذهبي، تحقيق: أشرف بن عبد المقصود، مكتبة أضواء السلف، الرياض، 1416/ 1995. 104 - غنية الملتمس إيضاح الملتبس، أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي، تحقيق: يحيى بن عبد الله البكري الشهري، مكتبة الرشد، الرياض، 1422/ 2001. 105 - الغنية عن الكلام وأهله، أبو سليمان حمد بن محمد الخطابي البستي، لا يوجد الناشر أو التاريخ. 106 - الفتاوى الهندية، للشيخ نظام وجماعة من علماء الهند، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1400/ 1980. 107 - فتح الباب في الكنى والألقاب، أبو عبد الله محمد بن إسحاق الأصفهاني المعروف بابن منده، تحقيق: أبو قتيبة نظر محمد الفاريابى، مكتبة الكوثر، الرياض، 1417/ 1996. 108 - فتح الباري بشرح صحيح البخاري، أحمد بن علي المعروف بابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب، دار المعرفة، بيروت، د. ت. 109 - فتح القدير، كمال الدين محمد بن عبد الواحد المعروف بابن الهمام، دار الفكر، بيروت، د. ت. 110 - الفرق بين الفرق، عبدالقاهر البغدادي، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، دار المعرفة، بيروت، د. ت. 111 - فقه أهل العراق وحديثهم، محمد زاهد الكوثري، تحقيق: عبدالفتاح أبو غدة، مكتب المطبوعات الإسلامية، حلب، 1970. 112 - الفهرس المختصر لمخطوطات مكتبة الحرم المكي، محمد بن سيد أحمد مطيع الرحمن وغيره، مكة المكرمة، 1427/ 2006. 113 - فهرس المكتبة الأزهرية، مطبعة الأزهر، 1365/ 1946. 114 - فهرس المخطوطات المصورة بمعهد المخطوطات العربية، فؤاد السيد، 1954 - 1960. 115 - فهرست الكتب العربية المحفوظة بالكتبخانه المصرية، أحمد الميهي ومحمد الببلاوي، المطبعة العثمانية، مصر، 1305.

116 - الفهرست، محمد بن إسحاق المعروف بابن النديم، دار المعرفة، بيروت، د. ت. 117 - الفوائد البهية في تراجم الحنفية، أبو الحسنات محمد عبدالحي اللكنوي، دار المعرفة، بيروت، د. ت. 118 - القانون الدولي الإسلامي كتاب السير للشيباني، مقدمة المحقق مجيد خدوري، بيروت، 1975. 119 - الكافي، الحاكم الشهيد المروزي، مكتبة عاطف أفندي، رقم 1005 - 1007. 120 - الكامل في ضعفاء الرجال، عبد الله بن عدي الجرجاني، تحقيق: يحيى مختار غزاوي، دار الفكر، بيروت، 1409/ 1988. 121 - الكامل في التاريخ، أبو الحسن عز الدين علي بن محمد الجزري المعروف بابن الأثير، تحقيق: عبد الله القاضي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1415. 122 - كتاب السبعة في القراءات، ابن مجاهد، تحقيق: شوقي ضيف، القاهرة، 1400. 123 - كتاب السنن، أبو عثمان سعيد بن منصور الخراساني، تحقيق: سعد بن عبد الله بن عبدالعزيز آل حميد، دار العصيمي، الرياض، 1414. 124 - كتاب السير، محمد بن الحسن الشيباني، تحقيق: مجيد خدوري، بيروت، 1975. 125 - الكتاب، عمرو بن عثمان المعروف بسيبويه، تحقيق: عبدالسلام هارون، دار الجيل، بيروت، د. ت. 126 - الكتاب، القدوري (مع شرحه اللباب، عبدالغني الميداني)، بيروت، 1400/ 1980. 127 - كشف الأسرار، علاء الدين عبدالعزيز بن أحمد البخاري، تحقيق: عبد الله محمود عمر، دار الكتب العلمية، بيروت، 1418/ 1997. 128 - كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، مصطفى بن عبد الله المعروف بكاتب جلبي أو حاجي خليفة، تحقيق: محمد شرف الدين يالتقايا، رفعت بيلكه الكليسي، وكالة المعارف، إسطنبول، 1360/ 1941. 129 - كنز الدقائق، حافظ الدين النسفي، (انظر: تبيين الحقائق للزيلعي). 130 - اللباب في تهذيب الأنساب، أبو الحسن عز الدين علي بن محمد الجزري المعروف بابن الأثير، دار صادر، بيروت، 1400/ 1980.

131 - لسان الميزان، أحمد بن علي المعروف بابن حجر العسقلاني، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، 1406/ 1986 (مصورة عن طبعة حيدرآباد). 132 - المبسوط، شمس الأئمة محمد بن أبي سهل أحمد السرخسي، دار المعرفة، بيروت، د. ت. 133 - المجروحين، أبو حاتم محمد بن حبان البستي، تحقيق: محمود إبراهيم زايد، دار الوعي، حلب، 1396. 134 - مجموعة رسائل، محمد أمين بن عمر الشهير بابن عابدين، دار إحياء التراث العربي، بيروت، د. ت. (رسالة عقود رسم المفتي). 135 - المحيط البرهاني، برهان الدين محمود بن أحمد البخاري، تحقيق: أحمد عزو عناية الدمشقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1424/ 2003. 136 - المحيط، رضي الدين السرخسي، مخطوطة رقم 377 بمكتبة دار الإفتاء في إسطنبول. 137 - مختار الصحاح، محمد بن أبي بكر الرازي، تحقيق: محمود خاطر، مكتبة لبنان ناشرون، بيروت، 1415/ 1995. 138 - مختصر الأصل، مخطوطة رقم 18917 بمكتبة بايزيد بإسطنبول. 139 - مختصر الطحاوي، أبو جعفر أحمد بن محمد الطحاوي، تحقيق: أبو الوفا الأفغاني، دار إحياء العلوم، بيروت، 1406/ 1986. 140 - المدخل إلى السنن الكبرى، البيهقي، تحقيق: محمد ضياء الرحمن الأعظمي، الكويت، دار الخلفاء للكتاب الإسلامي، د. ت. 141 - مرقاة المفاتيح، علي بن سلطان الهروي المعروف بملا علي القاري، تحقيق: جمال عيتاني، دار الكتب العلمية، بيروت، 1422/ 2001. 142 - مسند أبي حنيفة، أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني، تحقيق: نظر محمد الفاريابي، مكتبة الكوثر، الرياض، 1415. 143 - المسودة في أصول الفقه، مجد الدين عبد السلام بن عبد الله المعروف بابن تيمية الجد وغيره، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، دار المدني، القاهرة، د. ت. 144 - المصنف، أبو بكر عبد الله بن محمد المعروف بابن أبى شيبة، تحقيق: كمال يوسف الحوت، مكتبة الرشد، الرياض، 1409. 145 - المصنف، عبد الرزاق بن همام الصنعاني، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، المكتب الإسلامي، بيروت، 1403.

146 - المعتمد، أبو الحسين البصري، تحقيق: خليل الميس، بيروت، 1403/ 1983. 147 - معجم الأدباء، ياقوت بن عبد الله الحموي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1411/ 1991. 148 - معجم البلدان، ياقوت بن عبد الله الحموي، دار الفكر، بيروت، د. ت. 149 - معرفة القراء الكبار، أبو عبد الله محمد بن أحمد الذهبي، تحقيق: بشار عواد معروف وغيره، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1404. 150 - المغازي، أبو عبد الله محمد بن عمر الواقدي، تحقيق: مارسدن جونس، عالم الكتب، بيروت، 1404/ 1984. 151 - المغرب في ترتيب المعرب، أبو الفتح ناصر بن عبد السيد المطرزي، تحقيق: محمود فاخوري - عبدالحميد مختار، مكتبة أسامة بن زيد، حلب، 1399/ 1979. 152 - المقدمة، ولي الدين عبد الرحمن بن محمد التونسي الإشبيلي المعروف بابن خلدون، دار القلم، بيروت، 1984. 153 - ملتقى الأبحر، إبراهيم الحلبي، (مع شرحه مجمع الأنهر، داماد)، بيروت، 1419/ 1998. 154 - مناقب أبي حنيفة، حافظ الدين محمد بن محمد البزازي الكردري، (مع مناقب أبي حنيفة للموفق المكي)، دار الكتاب العربي، بيروت، 1401/ 1981. 155 - مناقب أبي حنيفة، الموفق بن أحمد المكي، (مع مناقب أبي حنيفة لحافظ الدين البزازي الكردري)، دار الكتاب العربي، بيروت، 1401/ 1981. 156 - المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي المعروف بابن الجوزي، دار صادر، بيروت، 1358. 157 - الموافقات، أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي، تحقيق: عبد الله دراز، دار المعرفة، بيروت، د. ت. 158 - الموطأ، مالك بن أنس، (داخل موسوعة السنَّة)، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار الدعوة - دار سحنون، إسطنبول - تونس، 1413/ 1992. 159 - الموطأ، محمد بن الحسن الشيباني (انظر: التعليق الممجد، محمد عبدالحي اللكنوي).

المصادر التركية

160 - مولد العلماء ووفياتهم، أبو سليمان محمد بن عبد الله الربعي، تحقيق: عبد الله أحمد الحمد، دار العاصمة، الرياض، 1410. 161 - ميزان الاعتدال في نقد الرجال، أبو عبد الله محمد بن أحمد الذهبي، تحقيق: علي محمد معوض - عادل أحمد عبد الموجود، دار الكتب العلمية، بيروت، 1995. 162 - النتف في الفتاوى، علي بن حسين السُّغْدي، تحقيق: صلاح الدين الناهي، عمان - بيروت، 1404/ 1984. 163 - النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، أبو المحاسن جمال الدين يوسف بن تغري بردي، وزارة الثقاقة، مصر، د. ت. 164 - نزهة الألباب في الألقاب، أحمد بن علي المعروف بابن حجر العسقلاني، تحقيق: عبد العزيز السديري، مكتبة الرشد، الرياض، 1409/ 1989. 165 - نصب الراية لأحاديث الهداية، جمال الدين عبد الله بن يوسف للزيلعي، تحقيق: محمد يوسف البنوري، دار الحديث، مصر، 1357. 166 - الهداية شرح بداية المبتدي، برهان الدين علي بن أبي بكر المرغيناني، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر، 1400/ 1980. 167 - الوافي بالوفيات، صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي، تحقيق: أحمد الأرناؤوط - تركي مصطفى، دار إحياء التراث، بيروت، 1420 - 2000. 168 - وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، شمس الدين أحمد بن محمد المعروف بابن خلكان، تحقيق: إحسان عباس، دار الثقافة، لبنان، د. ت. 169 - الوفيات، محمد بن رافع السلامي، تحقيق: صالح مهدي عباس - بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1402. المصادر التركية: Fehmi Edhem Karatay ve o. Reser, Topkapi Sarayi Miizesi KiiUphanesi Arap؟a Yazmalar - Katalogu, Istanbul Topkapi Sarayi Miizesi, 1964, II, 375 - 376. Muhammed Hamidullah, "Oliimunun 1200'iincii yidOniimiinde Sarlman'in muasiri: Imam - Muhammed b. el - Hasen es - Seybani (trc. Yusuf Ziya Kava ،), Islam Medeniyeti, sy. 20, Istanbul 1969, s. 7. Muhammed Hamidullah, "ProfesOr Majid Khadduri'nin "Islam Devletler Hukuku" - (Seybani'nin Siyer'i)" (trc. Yusuf Ziya Kava) Islam Medeniyeti, sy. 20, Istanbid 1969, s.

26; N. Bayraktar, M. Hamidullah, s. Tug, Y. Z. Kavakl, "Imam Muhammed Seybâni'nin Istanbul KUtüphanelerindeki Mevcut Yazma Eserleri", Islam Medeniyeti, sy. 20, Istanbul 1969, s. 47. N. Bayraktar, M. Hamidullah, s. Tug, Y. Z. Kavaki, "Imam Muhammed Seybâni'nin - Istanbul Kiltüphanelerindeki Mevcut Yazma Eserleri", Islam Medeniyeti, sy. 20, Istanbul 1969, s. 47.

الأَصْلُ للإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَنْ الشَّيْبَانِيِّ (189 هـ - 805 م) تحقيق وَدرَاسَة الدكتور محمَّد بوينوكالن الجُزْءُ الأولُ إصَدارَات وَزَارَة الأَوقاف وَالشّؤون الإسْلاَمية إدارَة الشّؤون الإسْلاَمّية دَولة قَطَر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ طبعه خاصة بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية دولة قطر الطبعَة الأولى 1433 هـ - 2012 م دار ابن حزم بيروت - لبنان - ص - ب 6366/ 14 هاتف وفاكس: 701974 - 300227 (009611) البريد الإلكتروني: [email protected] الموقع الإلكتروني: www.daribnhazm.com

الأَصْلُ للإمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَن الشَّيْبَانِيِّ (1)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

كتاب الصلاة

[1/ 1 ظ] بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) أبو سليمان الجوزجاني (¬2) عن محمد بن الحسن، قال: قد بينتُ لكم قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقولي، وما (¬3) لم يكن فيه اختلاف فهو قولنا جميعاً (¬4). كتاب الصلاة (¬5) باب الوضوء (¬6) أبو سليمان عن محمد عن أبي حنيفة، قال (¬7): إذا أراد الرجل الصلاة ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) ح ي - أبو سليمان الجوزجاني. (¬3) ك: ما. (¬4) ح ي - قد بينت لكم قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقولي وما لم يكن فيه اختلاف فهو قولنا جميعاً. (¬5) ك م - كتاب الصلاة. ولا يوجد في طبعة حيدرآباد. وفي طبعة بيروت: كتاب الطهارة والصلاة. ولم يبين من أين أخذ ذلك. وهو موجود في الكافي، 1/ 1 ظ. كما أن في آخر هذا الكتاب عبارة: آخر كتاب الصلاة. (¬6) ح ي - باب الوضوء. (¬7) ح ي - أبو سليمان عن محمد عن أبي حنيفة قال.

باب الدخول في الصلاة

فليتوضأ. والوضوء أن يبدأ فيغسل يديه ثلاثاً، ثم يمضمض (¬1) فاه (¬2)، ثم يستنشق (¬3) [ثلاثاً] (¬4)، ثم يغسل وجهه ثلاثاً، ثم يغسل ذراعيه ثلاثاً (¬5) ثلاثاً (¬6)، ثم يمسح برأسه وأذنيه مرة واحدة، ثم يغسل رجليه ثلاثاً ثلاثاً. قلت: أرأيت إن توضأ مثنى مثنى (¬7)؟ قال: يجزيه (¬8). قلت: فإن توضأ واحدة واحدة (¬9) سابغة؟ قال: يجزيه. ... باب الدخول في الصلاة (¬10) أبو سليمان عن محمد، قال (¬11): إذا (¬12) أراد الرجل (¬13) الدخول في الصلاة كبّر ورفع يديه حذاء أذنيه. ثم يقول: سبحانك اللَّهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك. ويتعوذ بالله من الشيطان الرجيم في نفسه. ثم يفتتح القراءة، ويخفي بسم الله الرحمن الرحيم. فإن كان إماماً وكان في صلاة يُجهر فيها بالقرآن (¬14) جهر بالقرآن (¬15). وإن كان في صلاة لا يجهر فيها بالقرآن أسرّ وقرأ في نفسه. وإن كان وَحْدَه ليس بإمام قرأ في نفسه إن شاء وإن كان (¬16) في (¬17) صلاة يُجْهَر فيها بالقرآن، وإن (¬18) شاء جهر وأسمع أذنيه (¬19). والقراءة في الركعتين الأُولَيَين من الظهر ¬

_ (¬1) خ: ثم يتمضمض. (¬2) خ - فاه. (¬3) ح ي - ثم يستنشق. (¬4) الزيادة من الكافي، 1/ 1 ظ. (¬5) ي - ثم يغسل ذراعيه ثلاثاً. (¬6) ح - ثم يغسل ذراعيه ثلاثاً ثلاثاً. (¬7) ح + يجزيه؛ ي + أيجزيه. (¬8) ح ي: نعم. (¬9) ح - واحدة. (¬10) ح ي - باب الدخول في الصلاة. (¬11) ح ي - أبو سليمان عن محمد قال. (¬12) ح ي: وإذا. (¬13) ح ي - الرجل. (¬14) ح ي: بالقراءة. (¬15) ح ي - بالقرآن. (¬16) ح ي: إن كانت. (¬17) ح ي - في. (¬18) ك م: فإن. (¬19) ح ي: نفسه. وقال الحاكم الشهيد: وإن كان وحده جهر في صلاة الجهر إن شاء وأسمع نفسه، وإن شاء أسر، والجهر أفضل. انظر: الكافي، 1/ 1 ظ. وعبارة السرخسي =

والعصر والمغرب والعشاء في كل ركعة بفاتحة الكتاب وسورة (¬1)، وفي الأُخْرَيَيْن يقرأ بفاتحة القرآن. قلت (¬2): فإن لم يقرأ فيهما (¬3) أو قرأ في واحدة ولم يقرأ في الأخرى؟ قال (¬4): يجزيه. والقراءة في الفجر في كل ركعة، يقرأ (¬5) بفاتحة القرآن وسورة (¬6). والإمام [1/ 2 و] والذي يصلي وحده في ذلك سواء. فإذا أراد أن يركع (¬7) كبر وركع (¬8)، ووضع يديه على ركبتيه، وفرّق بين أصابعه، وبَسَطَ ظهرَه (¬9)، ولم ينكس رأسه ولم يرفعه. فإذا اطمأن راكعاً ¬

_ = هكذا: فإن كان وحده يخافت في هاتين الصلاتين (أي: الظهر العصر) كالإمام، فأما في صلاة الجهر فيتخير. انظر: المبسوط، 1/ 17. وذكر أيضاً أن على المنفرد المخافتة في الصلوات السرية. انظر: المبسوط، 1/ 222. وذكر الكاساني أنه إن كان المصلي منفرداً في صلاة يخافت فيها بالقراءة يخافت لا محالة، وأن هذا رواية الأصل، لكنه نقل عن عصام بن يوسف (ت 210 هـ) في مختصره أنه أثبت له خيار الجهر والمخافتة استدلالاً بعدم وجوب السهو عليه إذا جهر. انظر: بدائع الصنائع، 1/ 161. وظاهر عبارة الأصل تدل على أن للمنفرد أن يتخير بين الجهر والإخفاء حتى في الصلوات السرية وقد قال المؤلف: قلت: فإن لم يكن إماماً ولكنه صلى وحده فخافت فيما يجهر فيه أو جهر فيما يخافت فيه؟ قال: ليس عليه شيء. قلت: من أين اختلفا (أي: صلاة الإمام وصلاة المنفرد)؟ قال: إذا كان الرجل وحده وأسمع أذنيه القرآن أو رفع ذلك أو خفض في نفسه أجزأه ذلك، وليس عليه سجدتا السهو. وإن تعمد لذلك فقد أساء، وصلاته تامة. انظر: 1/ 42 ظ - 43 و. وقد ذكر السرخسي أن جهر المنفرد في الصلاة السرية هو بمقدار إسماعه نفسه، وأنه غير منهي عنه. انظر: المبسوط، الموضع السابق. أما في الصلوات الجهرية فيجوز للمنفرد الزيادة على هذا القدر. وانظر للتفصيل: بدائع الصنائع للكاساني، 1/ 160 - 162. (¬1) ح ي: وبسورة. (¬2) ي - قلت؛ صح هـ (¬3) أي في الأخريين. وقال الحاكم الشهيد: وإن لم يقرأ في الأخريين أجزأه. انظر: الكافي، 1/ 1 ظ. (¬4) زاد في نسخة ك: "لم" فوق "قال". ويظهر أنه زِيدَ بعد أن كتب على الصواب بدون "لم". (¬5) ح - يقرأ. (¬6) ح ي: وبسورة. (¬7) م - يركع. (¬8) ح - وركع. (¬9) م - ظهره.

رفع رأسه وقال: سمع الله لمن حمده. ثم يقول في نفسه (¬1): ربنا لك الحمد، في قول أبي يوسف ومحمد (¬2). فإن كان إماماً قال مَن خلفه: ربنا لك الحمد، ولا يقولها هو في قول أبي حنيفة. وقال أبو (¬3) يوسف ومحمد: يقولها هو ومن خلفه. فإن كان وحده قال: ربنا لك الحمد، في قولهم جميعاً (¬4). ثم يَنحطّ فيكبر ويسجد. فإذا اطمأن ساجداً رفع رأسه وكبر. فإذا ¬

_ (¬1) أي: الإمام، لأنه قيده بقوله: في نفسه، أي يقول ذلك سرا، ولا حاجة إلى التقييد بذلك في المنفرد. (¬2) قال أبو الوفا الأفغاني: وقوله: "ثم يقول في نفسه: ربنا لك الحمد في قول أبي يوسف ومحمد" زائد لا حاجة إليه، لأنه إن أراد به المنفرد فيجيء حكمه بعد، وإن كان المراد به إماماً فحكمه متصل به بقوله: فإن كان إماماً ... انظر: الأصل (أبو الوفا الأفغاني)، 1/ 30. وكلام الإمام محمد واضح، أما الحكم عليه بأنه زائد لا حاجة إليه فليس في محله، لأن هذا هو أسلوب الكتاب، وهو مبني على الانبساط في العبارة (¬3) ي: أبي. (¬4) ح ي - فإن كان وحده قال ربنا لك الحمد في قولهم جميعاً. وعبارة المتن ظاهرة في أن المنفرد يقول ربنا لك الحمد، في قولهم جميعاً. ولم يذكر خلافا في قوله: سمع الله لمن حمده، مما يوحي بأن المنفرد يقوله أيضاً. وذكر الحاكم الشهيد ما يفعله الإمام والمأموم، ولم يذكر المنفرد. انظر: الكافي، 1/ 1 ظ وقال السرخسي: فأما المنفرد على قولهما فيجمع بين الذكرين، وعن أبي حنيفة فيه روايتان، في رواية الحسن هكذا، وفي رواية أبي يوسف قال: يقول: ربنا لك الحمد، ولا يقول: سمع الله لمن حمده، وهو الأصح، لأنه حَثّ لمن خلفه على التحميد، وليس خلفه أحد. انظر: المبسوط، 21/ 1. وهذا أيضاً ليس فيه إشارة إلى أن قول الإمام أبي حنيفة في ظاهر الرواية عنه متفِق مع الإمامين أبي يوسف ومحمد في أن المنفرد يقول: ربنا لك الحمد، مع أن هذا هو المذكور في جميع النسخ صريحاً إلا نسخة يوزغات. وفي الجامع الصغير: ويقول الإمام: سمع الله لمن حمده، ويقول من خلفه: ربنا لك الحمد، ولا يقولها هو. وقال أبو يوسف ومحمد: يقولها هو. وقال أبو يوسف: سألت أبا حنيفة عن الرجل يرفع رأسه من الركوع في الفريضة أيقول: اللَّهم اغفر لي؟ قال: يقول: ربنا لك الحمد، ويسكت. انظر: الجامع الصغير للإمام محمد مع شرحه النافع الكبير للكنوي، 87. فما أجاب به الإمام أبو حنيفة على سؤال أبي يوسف يفهم منه أن المنفرد يقول: ربنا لك الحمد في رأيه؛ لأنه ذكر قبله أن الإمام لا يقول ذلك. وذكر الطحاوي أن المنفرد يجمع بينهما. انظر: مختصر الطحاوي، 26 - 27. وقد اضطربت النقول في قول الإمام أبي حنيفة في حق المنفرد، وبعضها موافق لما في =

اطمأن قاعداً سجد الأخرى (¬1) وكبر. فإذا اطمأن ساجداً رفع رأسه وكبر، حتى يفرغ من صلاته. ويقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم ثلاثاً، وفي سجوده: سبحان ربي الأعلى ثلاثاً. وأدنى ما يقول (¬2) من ذلك ثلاثاً ثلاثاً (¬3) في كل ركعة وفي كل سجدة (¬4). قال: وبلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان (¬5) يقول في ركوعه: "سبحان ربي العظيم" ثلاثاً (¬6)، وفي سجوده: "سبحان ربي الأعلى" ثلاثاً (¬7). قلت: أرأيت إذا سجد يضع يديه في السجود حذاء أذنيه، ويوجّه أصابعه نحو القبلة، ويعتمد على راحتيه، ويُبدي ضَبُعَيه، ويعتدل في سجوده، ولا يَفترش (¬8) ذراعيه؟ قال: نعم. قلت: وينحطّ في السجود (¬9) وهو يكبر، ويرفع رأسه إذا رفعه من السجود وهو يكبر؟ قال: نعم. قلت (¬10): ويَستتمّ قائماً كما هو (¬11)؟ قال: نعم. قلت: ويحذف التكبير حذفاً، ولا يطوّله؟ قال: نعم (¬12). قلت: أفيُستحب له إذا نهض أن ينهض ¬

_ = المتن، وبعضها مخالف له. وذلك لا يطعن في صحة المتن، وإنما يدل فقط على اختلاف نسخ الأصل، فقد ذكر في نسخة ما لم يذكر في نسخة أخرى. وهو أمر معروف لدى فقهاء الحنفية مثل الحاكم والسرخسي. وانظر: تحفة الفقهاء، 1/ 134؛ وبدائع الصنائع، 1/ 209؛ والهداية، 1/ 49؛ والبحر الرائق، 1/ 334. (¬1) م: للأخرى. (¬2) ي: ما يقال. (¬3) ح ي: ثلاث ثلاث. (¬4) والمراد بهذا أدنى الكمال لا أدنى الجواز، لأن الركوع والسجود يجوزان بدون هذا الذكر. انظر: المبسوط، 1/ 21. (¬5) ح ي: بلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان. (¬6) ح ي - ثلاثاً. (¬7) ح ي - ثلاثاً. وروي نحو ذلك من حديث ابن مسعود وحذيفة وعقبة بن عامر - رضي الله عنهم -. انظر: سنن أبي داود، الصلاة، 146، 149؛ وسنن الترمذي، الصلاة، 79؛ وسنن النسائي، الافتتاح، 77. (¬8) م: ولا يفرش. (¬9) ي: للسجود. (¬10) ح ي - قال: نعم قلت. (¬11) أي: يستتم قائماً إذا قام إلى الركعة الثانية والثالثة والرابعة كما كان قائماً في الركعة الأولى. (¬12) ح - قلت ويحذف التكبير حذفاً ولا يطوله قال نعم.

على صدور (¬1) قدميه (¬2) إذا رفع رأسه من السجود حتى يَستتمّ قائماً، ولا يقعد (¬3)؟ قال: نعم (¬4)، يُستحبّ له ذلك. قلت: وكيف يقعد الرجل في الصلاة إذا قعد في الثانية والرابعة؟ قال: يَفترش (¬5) رجله اليسرى فيجعلها بين أليتيه فيقعد عليها ويَنصِب اليمنى نَصْباً ويوجّه أصابع رجله اليمنى نحو القبلة. قلت: وكذلك إذا سجد وجّه أصابع رجليه (¬6) قِبَلَ القبلة؟ قال: نعم. قلت (¬7): وتَستحِبّ (¬8) له أن يعتمد بيده اليمنى على اليسرى وهو قائم في الصلاة؟ قال: نعم (¬9). قلت: وتحب (¬10) له أن يكون مُنتهَى بصرِه إلى موضع سجوده، ولا يَلتفت ولا يَعبث بشيء؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) م: على صدر. (¬2) قال الإمام محمد: قال أبو حنيفة - رضي الله عنه -: السنة في الصلاة إذا أراد الرجل أن ينهض ينهض على صدور قدميه إن قدر على ذلك، وإن كان شيخاً كبيراً أو رجلاً بادناً لا يقدر على أن ينهض على صدور قدميه فليعتمد براحتيه على الأرض ولينهض عليها. انظر: الحجة على أهل المدينة، 1/ 315. وذكر السرخسي كلاماً نحوه. انظر: المبسوط، 1/ 23. (¬3) أي: لا يجلس جلسة الاستراحة. انظر: بدائع الصنائع للكاساني، 1/ 211. (¬4) ي + قلت: وكذلك إذا سجد وجه أصابع رجليه قبل القبلة؟ قال: نعم. (¬5) م: يفرش. (¬6) ي: رجله. (¬7) ح - قلت. (¬8) م ح ي: ويستحب. (¬9) قال الإمام محمد: أخبرنا أبو حنيفة [عن حماد] عن إبراهيم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعتمد بإحدى يديه على الأخرى في الصلاة يتواضع لله تعالى. قال محمد: ويضع بطن كفه الأيمن على رسغه الأيسر تحت السرة، فيكون الرسغ في وسط الكف. محمد قال: أخبرنا الربيع بن صبيح عن أبي معشر عن إبراهيم النخعي أنه كان يضع يده اليمنى على يده اليسرى تحت السرة. قال محمد: وبه نأخذ. وهو قول أبي حنيفة - رضي الله عنه -. انظر: الآثار، 28. وزيادة "عن حماد" في الإسناد من مخطوطة الآثار في مكتبة سليم أغا بإسطنبول، رقم 275؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 296. وانظر: المبسوط، 1/ 23 - 24. (¬10) م ح: ويجب؛ ي: ويستحب.

قلت: أتَكره (¬1) له أن يُقْعِيَ في الصلاة (¬2) إقْعاء (¬3)؟ قال: نعم. قلت: وتَكره (¬4) له أن يتربّع (¬5) في الصلاة من غير عذر؟ قال: نعم. قلت: وتَكره (¬6) له أن يَلتفت أو يَقلب الحَصَى أو يُفَرْقِعَ أصابعَه أو يَعبث بشيء من جسده أو (¬7) ثيابِه أو يَعبث بالحصى (¬8) أو بشيء غير ذلك / [1/ 2 ظ] أو يضع يده على خاصرته وهو في الصلاة؟ قال: أكره هذا كله. قلت: أرأيت إن كان الحصى لا يمكّنه من السجود؟ قال: إن سَوَّاه مرة واحدة بيده فلا بأس بذلك، وتَرْكُه أحب إلي. قلت: وتَكره (¬9) أن يمسح جبهته من التراب بعد أن (¬10) يفرغ من صلاته (¬11)؟ قال: لست أَكره [ذلك]. قلت: فإن مسح جبهته قبل أن يفرغ من صلاته؟ قال: لا أكره (¬12) له ¬

_ (¬1) م: أيكره؛ ح ي: ويكره. (¬2) ح ي - في الصلاة. (¬3) ح ي + الكلب. الإقعاء في اللغة هو أن يُلصق أليتيه بالأرض وينصب ساقيه ويضع يديه على الأرض كما يقعي الكلب. وتفسير الفقهاء أن يضع أليتيه على عقبيه بين السجدتين. انظر: المغرب، "قعي"؛ ولسان العرب، "قعي". (¬4) م ح ي: ويكره. (¬5) م: أن يربع. (¬6) م ح ي: ويكره. (¬7) ح ي + من. (¬8) ح ي - أو يعبث بالحصى. (¬9) م ح ي: ويكره؛ ح ي + له. (¬10) ح ي: بعدما. (¬11) ح + قبل أن يسلمه؛ ي + قبل أن يسلم. (¬12) م: قال أكره. وقال الحاكم الشهيد: ويكره أن يمسح جبهته من التراب قبل أن يفرغ من صلاته انظر: الكافي، 1/ 2 و. لكن قال السرخسي: قال [أي: الحاكم في الكافي]: لو مسح جبهته من التراب قبل أن يفرغ من صلاته لا بأس به. [قال السرخسي]: لأنه عمل مفيد، فإن التصاق التراب بجبهته نوع مُثْلَة، فربما كان الحشيش الملتصق بجبهته يؤذيه، فلا بأس به. ولو مسح بعدما رفع رأسه من السجدة الأخيرة لا خلاف في أنه لا بأس به. فأما قبل ذلك فلا بأس به في ظاهر الرواية. وعن أبي يوسف قال: أحب إلي أن يدعه، لأنه يتترب ثانياً وثالثاً فلا يكون مفيداً، ولو مسح لكل مرة كان عملاً كثيراً. ومن مشايخنا من كره ذلك قبل الفراغ من الصلاة، وجعلوا القول قول محمد -رحمه الله- في الكتاب: "لا" مفصولاً عن قوله: "أكرهه"، فإنه قال في الكتاب: قلت: لو مسح جبهته قبل أن يفرغ من صلاته؟ قال: لا أكرهه، يعني لا تفعل، فإني أكرهه. لحديث ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه -: أربع من الجفاء: أن تبول قائماً، وأن تسمع النداء فلم تجبه، وأن تنفخ في صلاتك، وأن=

ذلك (¬1). قلت: أرأيت الرجل إذا قعد في الصلاة في الثانية والرابعة كيف يتشهّد؟ قال: يقول: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله (¬2) وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. ولا (¬3) يزيد على هذا إذا قعد في الركعة الثانية شيئاً. وأما في الركعة الرابعة فإذا فرغ من هذا دعا الله -عَزَّ وَجَلَّ- (¬4) وسأله (¬5) حاجته (¬6). قلت: وتَكره (¬7) أن يزيد في التشهد حرفاً أو يبتدئ بشيء قبل هذا (¬8)؟ قال: نعم. قلت: وكيف يسلّم الرجل إذا فرغ من صلاته؟ قال: يقول: السلام عليكم ورحمة الله، عن يمينه (¬9)، وعن (¬10) يساره مِثلَ ذلك. وَينوي بالتسليم الأول (¬11) من كان عن يمينه من الحَفَظَة والرجال والنساء في التسليمة الأولى، وعن يساره مِثلَ ذلك. فإن (¬12) كان خلف الإمام سلّم ونوى مثل ¬

_ = تمسح جبهتك في صلاتك. وتأويله عند من لا يكرهه من أصحابنا المسح باليدين كما يفعله الداعي إذا فرغ من الدعاء في غير الصلاة انظر: المبسوط، 1/ 27. فلعل نسخة الكافي التي عندنا محرفة. (¬1) ح ي: قال: أكره ذلك له. (¬2) ح ي + وحده لا شريك له. (¬3) ح ي: لا. (¬4) م - دعا الله -عَزَّ وَجَلَّ-. (¬5) ح: ويسأله. (¬6) لم يذكر الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - هنا، ولم يذكرها الحاكم في الكافي، 2/ 1 و. وذكرها الإمام محمد عن الإمام أبي حنيفة في الحجة على أهل المدينة، 1/ 138. وذكرها السرخسي نقلاً عن مختصر الطحاوي. انظر: مختصر الطحاوي، 27؛ والمبسوط، 1/ 29. (¬7) م: ويكره؛ ح ي: ويكره له. (¬8) قال السرخسي: ومراده ما نُقل شاذاً في أول التشهد: باسم الله وبالله، أو باسم الله خير الأسماء، وفي آخره: أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، فإنه لم يشتهر نقل هذه الكلمات انظر: المبسوط، 1/ 28. (¬9) ح ي + ويقول السلام عليكم ورحمة الله. (¬10) ح ي: عن. (¬11) ح ي - بالتسليم الأول. (¬12) ح ي: وإن.

ذلك. فإن كان الإمام في الجانب (¬1) الأيمن نواه فيهم. وكذلك إن (¬2) كان في الجانب الأيسر فإنه ينويه فيهم. قلت: أرأيت الرجل إذا صلى أتَكره (¬3) له أن يغطّي فاه وهو يصلي؟ قال: نعم. قلت: وتَكره (¬4) للرجل أن يصلي وهو مُعْتَجِر (¬5) أو عاقِص شعره (¬6)؟ قال: نعم، أكره هذا كله. قلت: فهل يُستحب للرجل إذا سجد أن يضع ركبتيه (¬7) على الأرض قبل يديه، وإذا رفع رأسه فقام (¬8) أن يرفع يديه قبل ركبتيه؟ قال: نعم. قلت: ويخفي الإمام التشهد والتعوذ؟ قال: نعم. قلت: ويخفي (¬9) بسم (¬10) الله الرحمن الرحيم وآمين واللَّهم (¬11) ربنا (¬12) لك الحمد؟ قال: نعم. قلت: وينبغي له إذا فرغ من فاتحة القرآن أن يقول: آمين؟ قال: نعم. قلت (¬13): وينبغي لمن خلفه أن يقولوها ويخفوها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً (¬14) صلى فنفخ التراب عن (¬15) موضع سجوده وهو نَفْخٌ يُسمَع؟ قال: هذا بمنزلة الكلام، وهو يقطع الصلاة. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: لا يقطع الصلاة (¬16) إلا أن يريد به (¬17) ¬

_ (¬1) ك م: في جانب. (¬2) ح ي: لمن. (¬3) م ي: أيكره. (¬4) م ي: ويكره. (¬5) م: متعجر. والاعتجار في اللغة الاختمار والاعتمام. وأما الاعتجار المنهي عنه في الصلاة فهو أن يلف العمامة على رأسه ويبدي الهامة. وقيل: هو لَيّ العمامة على الرأس من غير إدارة تحت الحنك. وروي عن محمد بن الحسن: المعتجر المنتقب بعمامته وقد غطى أنفه. انظر: المبسوط، 1/ 31؛ والمغرب، "عجر". (¬6) العَقْص هو جمع الشعر على الرأس. وقيل: لَيّه وإدخال أطرافه في أصوله. انظر: المغرب، "عقص". (¬7) ح: ركبته. (¬8) ك + قبل. (¬9) ح ي - قال نعم قلت ويخفي. (¬10) ح ي: وبسم. (¬11) ح ي - واللَّهم. (¬12) ح ي: وربنا. (¬13) ح - قلت. (¬14) ي: الرجل. (¬15) ي - عن. (¬16) ح ي - الصلاة. (¬17) م - به.

التأفيف. وهذا قول أبي يوسف الأول. ثم رجع فقال: لا يقطع صلاته (¬1)، وصلاته (¬2) تامة. قلت: فإن كان نَفْخاً (¬3) لا يُسمَع؟ قال: هذا قد أساء، وصلاته تامة. قلت: أرأيت الرجل يصلي في ثوب واحد / [1/ 3 و] يتوشّح به (¬4) أو في قميص واحد وهو صفيق هل تَكره (¬5) له ذلك؟ قال: لا أكرهه، ولا بأس بذلك. قلت: وكذلك (¬6) لو كان إمام قوم؟ قال: نعم. قلت: أفتكره (¬7) للرجل أن يَكُفّ ثيابه إذا سجد ويرفعها (¬8) أو يرفع شعره (¬9)؟ قال: نعم، أكره ذلك كله (¬10). قلت: وتَرَى (¬11) إذا سجد أن يضع جبهته وأنفه على الأرض؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن وضع جبهته (¬12) ولم يضع أنفه أو وضع أنفه ولم يضع جبهته؟ قال: قد أساء، وصلاته تامة في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد (¬13) فإن سجد على أنفه دون جبهته وهو يقدر على السجود على جبهته لم يجزه (¬14)، وإن سجد على جبهته دون أنفه أجزأه ذلك (¬15). ... ¬

_ (¬1) ح ي - لا يقطع صلاته. (¬2) ح ي: صلاته. (¬3) ح ي: نفخ. (¬4) توشّح الرجل بالثوب واتّشح هو أن يُدخله تحت يده اليمنى ويُلقيه على منكبه الأيسر كما يفعله المحرم. وذكر خواهر زاده أن المعنى أن يلف الثوب على جميع بدنه كنحو إزار الميت أو قميص واحد. انظر: المغرب، "وشح". (¬5) م ح: هل يكره. (¬6) ح - كذلك؛ صح هـ. (¬7) م ي: أفيكره. (¬8) ح ي: أو يرفعها. (¬9) أي: إذا كان شعره طويلاً فلا يكفه. انظر: المبسوط، 1/ 34. (¬10) ي: له. (¬11) م: ويري؛ ي + له. (¬12) ح - وأنفه على الأرض قال نعم قلت أرأيت إن وضع جبهته؛ صح هـ. (¬13) ح ي - ومحمد. (¬14) ح ي + ذلك. (¬15) ي - ذلك.

باب افتتاح الصلاة وما يصنع الإمام

باب افتتاح الصلاة وما يصنع الإمام (¬1) قلت: أرأيت الرجل إذا صلى هل يرفع يديه في شيء من تكبير (¬2) الصلاة حين يركع أو حين يسجد أو حين يرفع رأسه من الركوع (¬3) أو حين يرفع رأسه (¬4) من السجود (¬5)؟ قال: لا يرفع يديه في شيء من ذلك إلا في التكبيرة (¬6) التي يفتتح بها الصلاة. قلت: أرأيت الرجل (¬7) إذا (¬8) انتهى إلى الإمام وقد سبقه الإمام (¬9) بركعتين والإمام قاعد كيف يصنع هذا الرجل؟ قال: يكبر تكبيرة يفتتح بها الصلاة، ثم يكبر أخرى فيقعد بها، فإذا نهض الإمام نهض معه وكبر، فإذا فرغ الإمام من صلاته وسلّم قام (¬10) فقضى ما سبقه به الإمام. قلت: أرأيت رجلاً (¬11) افتتح الصلاة بالتهليل أو بالتحميد أو بالتسبيح هل يكون ذلك دخولاً في الصلاة؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: أرأيت لو افتتح الصلاة فقال: الله أجل أو (¬12) الله أعظم، أكان هذا دخولاً في الصلاة؟ قلت (¬13): نعم. قال (¬14): فهذا وذاك سواء. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد وإبراهيم والحَكَم بن عُتَيْبَة (¬15). وقال أبو يوسف: لا يجزيه إذا كان يعرف ¬

_ (¬1) ح ي - باب افتتاح الصلاة وما يصنع الإمام. (¬2) ح: من تكبيرة. (¬3) ح ي: من السجود (¬4) ح ي - حين يرفع رأسه. (¬5) ح ي: من الركوع. (¬6) ح: في تكبيرة. (¬7) ح: رجلاً؛ ي: رجل. (¬8) ح ي - إذا. (¬9) ح ي - الإمام. (¬10) ح ي + بتكبيرة. (¬11) ي + رجل. (¬12) ح + قال؛ ي: وقال. (¬13) ي: قال. (¬14) ي: قلت. (¬15) ك م: عيينة؛ ح ي. بن عتيبة. والتصحيح من كتب الرجال. وهو فقيه معروف من فقهاء الكوفة، من أصحاب إبراهيم النخعي، توفي سنة 115 هـ انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي، 208/ 5. وعن إبراهيم قال: إذا سبح أو كبر أو هلل أجزأه في الافتتاح ويسجد سجدتي السهو. وعن الحكم قال: إذا سبح أو هلل في افتتاح الصلاة أجزأه من التكبير. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 1/ 215. وعن الحكم قال: إذا نسي أن يكبر الرجل في الصلاة فقال: سبحان الله، أجزأ عنه أن يفتتح بذكر الله. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 2/ 73.

أن الصلاة (¬1) تُفتتَح بالتكبير وكان يحسنه، وإن كان لا يعرف أجزأه. وقال أبو حنيفة: إن افتتح الصلاة بالفارسية وقرأ بها وهو يحسن العربية أجزأه. وقال أبو يوسف ومحمد (¬2): لا يجزيه إلا أن يكون لا يحسن العربية. قلت: أرأيت رجلاً (¬3) افتتح الصلاة قبل الإمام ثم كبر الإمام بعده فصلى الرجل بصلاة (¬4) الإمام؟ قال: لا يجزيه. قلت: لم؟ قال: لأنه دخل (¬5) في غير صلاة الإمام. ألا ترى أنه قد أوجب الصلاة على نفسه (¬6) ودخل فيها قبل أن يوجبها الإمام على نفسه. قلت: / [1/ 3 ظ] أرأيت إن كبر بعدما كبر الإمام ودخل (¬7) معه وهو ينوي بذلك الدخول (¬8) في صلاة الإمام والقطع لما كان كبر قبله فصلى مع الإمام؟ قال: يجزيه. قلت: لم يكون (¬9) التكبير قطعاً للصلاة (¬10) ولم يتكلم ولم يسلم؟ قال: لأنه قد (¬11) دخل في صلاة أخرى غير الأولى. ألا ترى أن رجلاً لو صلى (¬12) تطوعاً وتشهّد فنسي أن يسلم فقام فكبر وهو ينوي الدخول في الصلاة (¬13) المكتوبة أن ذلك قَطْعٌ للتطوع (¬14) ودخول في الفريضة، فكذلك (¬15) الأول. قلت: أرأيت الإمام إذا فرغ من صلاته أيقعد (¬16) في مكانه الذي يصلي فيه أو يقوم؟ قال: إذا كانت صلاة الظهر أو المغرب (¬17) أو العشاء فإنني (¬18) أكره له أن يقعد في مقعده حين يسلم، وأَحَبُّ إليّ (¬19) أن يقوم. ¬

_ (¬1) ح: إن كان لا يعرف الصلاة. (¬2) ح ي - ومحمد. (¬3) ي: رجل. (¬4) ح ي: صلاة. (¬5) ح: إنه قد دخل. (¬6) ح ي: قد أوجب على نفسه الصلاة. (¬7) ح ي: دخل. (¬8) ح - الدخول. (¬9) م: لم يكن. (¬10) ح ي: قطع الصلاة. (¬11) ح ي - قد. (¬12) ح ي: ألا ترى لو أن رجلاً صلى. (¬13) ح ي: في صلاة. (¬14) م: المتطوع؛ ح: للمتطوع. (¬15) م: وكذلك. (¬16) م: أيعقد. (¬17) ح: والمغرب. (¬18) ح ي: فإني. (¬19) ح - إلي.

وأما الفجر والعصر (¬1) فإن شاء قام، وإن شاء قعد. قلت: أفيَستقبل القوم بوجهه أو يَنحرف من مكانه؟ قال: إن كان بحذائه إنسان يصلي شيئاً (¬2) بقي عليه (¬3) من صلاته فلا يَستقبله بوجهه، وإن لم يكن بحذائه أحد يصلي فإن شاء انحرف، وإن شاء استقبلهم بوجهه. قلت: فإن أراد (¬4) في الظهر والمغرب والعشاء أن يصلي تطوعاً أيصلي (¬5) في مكانه (¬6) الذي صلى بهم (¬7) أو يتأخر؟ قال: بل يتأخر فيصلي خلف القوم أو حيث أحب من المسجد ما خلا مكانه الذي يصلي (¬8) بهم فيه. قلت: فالذين خلفه أيصلون في أمكنتهم التي صَلَّوْا فيها أو يَتَنَحَّوْن؟ قال: إن فعلوا فلا بأس، ويَتَنَحَّوْن خطوة أو خطوتين أَحَبُّ إليّ (¬9). قلت: فمتى يجب على القوم أن يقوموا في الصف؟ قال: إذا كان الإمام معهم في المسجد فإني أُحب لهم أن يقوموا في الصف إذا قال المؤذن: حي على الفلاح، وإذا (¬10) قال: قد قامت الصلاة، كبر الإمام وكبر القوم معه. وأما إذا لم يكن الإمام معهم في المسجد فإنني (¬11) أكره لهم أن يقوموا في الصف والإمام غائب عنهم. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وأما في قول أبي يوسف فإنه (¬12) لا يكبر حتى يفرغ المؤذن من الإقامة. قلت: أرأيت إن أخّر الإمام ذلك حتى يفرغ المؤذن من الإقامة (¬13) ثم كبر ودخل في الصلاة؟ قال (¬14): لا بأس بذلك. قلت: أرأيت الرجل يتثاءب (¬15) في الصلاة أتحبّ (¬16) له أن يغطّي ¬

_ (¬1) ح ي: وأما العصر والفجر. (¬2) ح ي - شيئاً. (¬3) ح ي + شيء. (¬4) ح ي: فإذا قلت أراد. (¬5) ح ي - أيصلي. (¬6) م: وكذلك. (¬7) ح ي + ان يصلى. (¬8) ح ي: صلى. (¬9) ح ي - قلت فالذين خلفه أيصلون في أمكنتهم التي صلوا فيها أو يتنحون قال إن فعلوا بأس ويتنحون خطوة أو خطوتين أحب إلي. (¬10) ح ي: فإذا. (¬11) ح ي: فإني. (¬12) ح ي: وأما أبو يوسف قال. (¬13) ح ي: من إقامته. (¬14) م: وقال. (¬15) ح ي: يتثاوب. (¬16) م: أيجب؛ ي - أتحب؛ صح هـ.

فاه؟ قال: نعم، أُحب له ذلك. قلت: أرأيت رجلاً (¬1) صلى بقوم فكان (¬2) على دُكّان (¬3) يصلي بهم وأصحابه على الأرض؟ قال: أكره لهم ذلك، وصلاتهم تامة (¬4). قلت: وكذلك لو كان الإمام على الأرض وأصحابه على الدُّكّان؟ قال: نعم. قلت: أرأيت القوم يَؤُمُّهم العبد أو الأعرابي أو الأعمى أو ولد الزنى؟ قال: صلاتهم تامة. قلت: وَيؤُمُّهم غير هؤلاء أحَبُّ؟ قال: نعم (¬5). قلت: أرأيت إن أَمَّهم فاسق؟ قال: صلاتهم تامة. قلت (¬6): أي القوم أَحَبُّ إليك (¬7) أن يَؤُمَّهم؟ قال: أَقْرَؤُهم لكتاب الله / [1/ 4 و] وأعلمهم بالسنة. قلت: فإن كان في القوم (¬8) رجلان (¬9) أو ثلاثة كذلك؟ قال: يَؤُمُّهم أكبرهم سناً. قلت: فإن كان غيره أورع منه وأبين صلاحاً (¬10) وهما في القراءة والفقه سواء؟ قال: يؤمّهم أفضلهما (¬11) ورعاً وأبينهما (¬12) صلاحاً. قلت: أفتَكره (¬13) للرجل أن يؤمّهم الرجل في بيته؟ قال: نعم بغير إذنه (¬14). قلت: فإن (¬15) أذن له في ذلك؟ قال: لا بأس بذلك (¬16). ¬

_ (¬1) ح: رجل. (¬2) م - فكان، صح هـ. (¬3) الدُّكّان: مكان مرتفع عن باقي المصلين. انظر: المغرب، "رحب"؛ ولسان العرب، "دكك، دكن"؛ والمصباح المنير، "دكك". (¬4) وعللوا للمسألة بأن فيه تكبراً وتشبهاً بأهل الكتاب قال السرخسي: ولم يبين في الأصل حد ارتفاع الدكان، وذكر الطحاوي أنه ما لم يجاوز القامة لا يكره، لأن القليل من الارتفاع عفو، ففي الأرض هبوط وصعود، والكثير ليس بعفو، فجعلنا الحد الفاصل أن يجاوز القامة، لأن القوم حينئذ يحتاجون إلى التكلف للنظر إلى الامام، وربما يشتبه عليهم حاله. انظر: مختصر الطحاوي، 33؛ والمبسوط، 1/ 40. (¬5) ح ي - قلت ويؤمهم غير هؤلاء أحب قال نعم. (¬6) ح ي + أرأيت. (¬7) ح ي: أحقهم. (¬8) ح ي: فيهم. (¬9) ي: رجلين. (¬10) ي + منه. (¬11) ح: أفضلهم. (¬12) ح: وأبينهم. (¬13) ك م: أفيكره. (¬14) ح ي - بغير إذنه. (¬15) ح ي: قلت أرأيت إن. (¬16) ح ي: به.

باب الوضوء والغسل من الجنابة

قلت: أرأيت القوم إذا كانوا (¬1) ثلاثة أحدهم الإمام كيف يصنع؟ قال: يتقدم الإمام (¬2) فيصلي بهما. قلت: فإن لم يتقدم وصلى بينهما؟ قال: صلاتهم تامة. قلت: أرأيت إن كان القوم كثيراً فقام الإمام وسطهم أو قام في ميمنة الصف أو في ميسرته فصلى (¬3) بهم؟ قال: هذا قد أساء، وصلاتهم تامة. قلت: أرأيت إن كان الإمام ومعه رجل واحد أين يقوم الرجل (¬4)؟ قال: يقوم إلى جانب الإمام (¬5) الأيمن. قلت: أرأيت (¬6) إن صلى خلفه وحده؟ قال: صلاته (¬7) تامة. قلت: أرأيت إن صلى إلى جانب الإمام الأيسر؟ قال: قد أساء، وصلاته تامة، وإنما ينبغي له أن يقوم عن يمين الإمام. ... باب الوضوء والغسل من الجنابة (¬8) أبو سليمان عن محمد، قال (¬9): قلت: أرأيت الرجل إذا أراد أن يغتسل من الجنابة كيف يغتسل؟ قال: يبدأ (¬10) فيُفرِغ على يديه (¬11) الماء (¬12) فيَغسلهما حتى يُنقيهما. ثم يُفرغ بيمينه (¬13) على شماله (¬14) فيَغسل فرجه حتى يُنقيه. ثم يتوضأ وضوءه للصلاة كما وصفتُ لك وضوء الصلاة غير رجليه. ثم يُفيض الماء على رأسه ولحيته وعلى سائر جسده، فيَغسل ذلك كله (¬15) ¬

_ (¬1) ح ي: قلت إذا كان القوم. (¬2) ح ي - الإمام. (¬3) ح ي: وصلى. (¬4) م - الرجل. (¬5) ح - الإمام؛ صح هـ. (¬6) ح ي - أرأيت. (¬7) ح ي: صلاتهم. (¬8) ح ي - باب الوضوء والغسل من الجنابة. (¬9) ح ي - أبو سليمان عن محمد قال. (¬10) ي: فيبدأ. (¬11) ي: على يده. (¬12) ح ي: من الماء. (¬13) ي: يمينه. (¬14) ح: عن شماله. (¬15) ح - كله.

حتى يُنقيه. ثم يَتنحَّى فيَغسل قدميه. قلت: أرأيت إن أفاض الماء على رأسه وسائر (¬1) جسده (¬2) ثلاثاً ثلاثاً؟ قال: يجزيه. قلت (¬3): أدنى ما يَكفي (¬4) من الماء في غُسل الجنابة كم هو؟ قال: صاع من ماء (¬5). قلت: فكم أدنى ما يكفي في الوضوء من الماء؟ قال: مُدٌّ من الماء (¬6). قلت: وغُسل المرأة إذا طَهرت من حيضها وغُسلها من الجنابة مثل غسل الرجل؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن اغتسلت المرأة ولم تَنقُض شعر (¬7) رأسها (¬8) إلا أنّ الماء يَبلغ أصول الشعر؟ قال: يجزيها (¬9). قلت: أرأيت جُنُباً اغتسل فانْتَضَحَ من غُسله شيءٌ في إنائه (¬10) هل يفسد عليه ذلك (¬11) الماء؟ قال: لا. قلت: / [1/ 4 ظ] لم؟ قال: لأن هذا مما (¬12) لا يُستَطاع الامتناعُ منه. قلت: أرأيت إن أفاض الماء على رأسه أو على (¬13) سائر (¬14) جسده أو غَسَلَ فرجه فجعل ذلك الماء كله (¬15) يَقطر (¬16) في الإناء؟ قال: هذا يُفسد الماء، ولا يجزيه أن يتوضأ بذلك الماء ولا يغتسل به. قلت: أرأيت رجلاً توضأ في إناء نظيف فتوضأ رجل آخر (¬17) ¬

_ (¬1) ح - وسائر. (¬2) ح: وجسده. (¬3) ح ي + أرأيت. (¬4) ح: يكفيه؛ ح + في الوضوء. (¬5) ح ي: من الماء. (¬6) ي: من ماء. ذكر الإمام محمد هذين المقدارين في الغسل والوضوء لورودهما من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في أحاديث صحيحة. انظر: صحيح البخاري، الوضوء، 47؛ وصحيح مسلم، الحيض، 51 - 53. ولكن التقدير ليس بضروري، وإنما الأمر متوقف على إتمام الوضوء والغسل سواء قل استعمال الماء أو كثر، لكن يكره الإسراف. انظر: المبسوط، 1/ 45. (¬7) م ح ي: شعرها. (¬8) م ح ي - رأسها. (¬9) م + قال نعم. (¬10) ح: في أثوابه. (¬11) ح ي: هل يفسد ذلك عليه. (¬12) ك م: ما. (¬13) ي: وعلى. (¬14) ك م - سائر. (¬15) ح ي - الماء كله. (¬16) ح ي + كله. (¬17) م ح ي - آخر.

بذلك الوَضوء (¬1)؟ قال: لا يجزيه. قلت: لم؟ قال: لأنه قد (¬2) توضأ (¬3) بذلك الماء مرة، فلا يجزي من توضأ به (¬4) بعده (¬5). قلت: أرأيت إن لم يُعِدِ الوُضوء فصلى (¬6) به يوماً أو أكثر (¬7) من ذلك؟ قال: عليه أن يُعيد الوضوء ويَستقبل الصلوات كلها. قلت: أرأيت امرأة حائضاً (¬8) شربت من ماء أو توضأت به ففَضَلَ من ذلك الماء في (¬9) الإناء فتوضأ به رجل؟ قال: يجزيه. قلت: لم؟ قال: لأن (¬10) هذا الماء طاهر. قلت: وكذلك لو كان الذي شرب أو توضأ جُنُباً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المرأة الحائض تُدخِل يدَها في الحُبّ (¬11) أو في إناء فيه ماء هل يُتوضأ من ذلك الماء أو يُشرب منه؟ قال: إن لم يكن في يدها قَذَر فلا بأس بذلك، وإن كان في يدها قَذَر (¬12) فلا يُشرب (¬13) منه ولا يُتوضأ (¬14) به. قلت: وكذلك الجُنُب؟ قال: نعم. قلت: أرأيت جُنُباً أراد أن يَغتسل فأدخل يده (¬15) في الإناء قبل أن يَغسلها (¬16) ثم اغتسل بذلك الماء ¬

_ (¬1) ح: وضوءه بذلك؛ ي: وضوءه ذلك. (¬2) ح ي - قد. (¬3) ي + توضأ. (¬4) م - به. (¬5) ح ي - بعده. هذا هو الماء المستعمل. قال السرخسي: ثم اختلفوا في صفة الماء المستعمل، فقال أبو يوسف -رحمه الله-: هو نجس إلا أن التقدير فيه بالكثير الفاحش، وهو روايته عن أبي حنيفة - رضي الله عنه -، وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه نجس لا يعفى عنه أكثر من قدر الدرهم، وقال محمد -رحمه الله تعالى-: هو طاهر غير طهور، وهو رواية زفر وعافية القاضي عن أبي حنيفة -رحمه الله تعالى- ... انظر: المبسوط، 1/ 46. (¬6) ح: أو صلى؛ ي: وصلى. (¬7) م: أو كثر. (¬8) ح: حائض. (¬9) ح ي - الماء في. (¬10) خ: بأن. (¬11) الحُبّ: الجَرّة، أو الجرة الضخمة. انظر: القاموس المحيط، "حبب". (¬12) ح - فلا بأس بذلك وإن كان في يدها قذر؛ صح هـ (¬13) ي: تشرب. (¬14) ي: تتوضأ. (¬15) ح ي: يديه. (¬16) م ح ي: أن يغسلهما.

هل يجزيه؟ قال: إن لم يكن في يده (¬1) قَذَر أجزأه، وإن كان في يده (¬2) قَذَر لم يجزه (¬3). قلت: أرأيت الرجل يدعو بالوَضوء ليتوضأ أو بالغُسْل (¬4) ليغتسل أتحب (¬5) له أن يَذكر اسم الله تعالى حين يبتدئ في (¬6) ذلك؟ قال: نعم. قلت: فإن ترك ذلك ناسياً أو متعمداً (¬7)؟ قال: لا يضرّه ذلك. قلت: أرأيت الرجل يؤتَى (¬8) بالماء ليتوضأ به فيَبْزُق أو يَمتخط (¬9) فيَقَع ذلك في إنائه ثم يتوضأ به (¬10) ويصلي؟ قال: لا بأس بذلك، وصلاته تامة. قلت: أرأيت إن شرب (¬11) من إنائه سِنَّوْر أيتوضأ به ويصلي (¬12)؟ قال: أَحَبُّ إليَّ (¬13) أن يتوضأ بغيره. قلت (¬14): فإن فعل وصلى؟ قال: يجزيه. قلت: أرأيت إن شربت من إنائه (¬15) دجاجة هل يتوضأ منه (¬16)؟ قال: إن كانت الدجاجة مخلّى عنها (¬17) فإني أكره له (¬18) أن يتوضأ به، وإن كانت محبوسة فلا بأس أن (¬19) يتوضأ به (¬20). قلت: أرأيت إن كانت مخلّى عنها فشربت منه فتوضأ بفضلها فصلى (¬21)؟ قال: يجزيه. قلت: لم؟ قال: لأنه لم يَرَ في منقارها قَذَراً (¬22) فهو يجزيه، وأَحَبُّ إليَّ أن يتوضأ بغيره. ¬

_ (¬1) ح ي: في يديه. (¬2) ح ي: في يديه. (¬3) ي: لم يجز. (¬4) الغُسْل هنا اسم للماء الذي يغتسل به. انظر: المغرب، "غسل". (¬5) م: أيحب؛ ح: أيجب. (¬6) ح ي - في. (¬7) ك: أو معتمداً؛ ح: أو متعمداً. (¬8) م: نوي. (¬9) م: أو يتمخط. (¬10) ح ي: منه. (¬11) ح: إن يشرب. (¬12) ح ي - ويصلي. (¬13) م - إلي. (¬14) ح ي - قلت. (¬15) ح: إن يشرب منه؛ ي: إن تشرب منه. (¬16) ح ي: به. (¬17) م: عليها. (¬18) ي + ذلك. (¬19) ي: بأن. (¬20) ي - به. (¬21) ح ي: فيصلي. (¬22) ي: قذر.

قلت: أرأيت إن رأى في منقارها قَذَراً (¬1) فشربت منه هل يتوضأ به (¬2)؟ قال: لا. قلت: فإن فعل وصلى (¬3)؟ قال: عليه أن يعيد الوضوء والصلاة. قلت: أرأيت (¬4) إن شرب (¬5) من إنائه طير أو شاة أو بقرة أو بعير أو فرس (¬6) أو بِرْذَوْن أو شيء مما / [1/ 5 و] يؤكل لحمه هل ينبغي له أن يتوضأ بفضل ذلك الماء (¬7)؟ قال: نعم (¬8)، لا بأس به (¬9). قلت: أرأيت إن شرب منه شيء لا يؤكل لحمه مثل الحمار أو البغل أو شِبْهِ (¬10) ذلك؟ قال: لا يتوضأ منه. قلت: أرأيت إن توضأ منه وصلى بذلك الوضوء (¬11) يوماً (¬12) أو أكثر من ذلك؟ قال: عليه أن يعيد الوضوء والصلوات كلها. قلت: أرأيت إن وقع في إنائه (¬13) ذباب أو زُنْبُور (¬14) أو عقرب أو خُنْفُسَاء أو جراد أو نمل أو صَرَاصِر (¬15) فمات فيه أو وجد ذلك في الحُبّ (¬16) ميتاً (¬17) هل يفسد ذلك الماء (¬18)؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه (¬19) ليس له دم، فلا (¬20) بأس بالوضوء منه. قلت: وكذلك كل شيء ليس له دم؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) ح: قذر. (¬2) ح ي - به. (¬3) ي: فصلى. (¬4) ي - أرأيت. (¬5) م: إن شربت. (¬6) ح ي - أو فرس. (¬7) ح - الماء؛ صح هـ (¬8) ح ي - نعم. (¬9) ح ي: بذلك. (¬10) م: أو ميته. (¬11) ك م - الوضوء. (¬12) ي: يوم. (¬13) ح ي - في إنائه. (¬14) الزُّنْبُور ذباب لَسّاع، أو الدَّبْر. انظر: لسان العرب، "زنبر". (¬15) ح ي: أو قراد. (¬16) ج ح ط: في الجب. والحُبّ الجرّة أو الضخمة منها، أو الخشبات الأربع توضع عليها الجرّة ذات العُرْوَتين. انظر: القاموس المحيط، "حبب". والجُبّ بالضم البئر أو البئر الكثيرة الماء البعيدة القعر أو البئر الجيدة الموضع من الكلأ، أو البئر التي لم تُطْوَ، أو البئر مما وُجِدَ لا مما حفره الناس، والجمع: أجباب وجباب وجببة. والجُبّ أيضاً: المَزَادَة؛ يُخَيَّطُ بعضها إلى بعض. انظر: القاموس المحيط، "جبب". (¬17) ح ي: ميتة. (¬18) ح ي: هل ترى ذلك يفسد الماء. (¬19) ح ي: لأن هذا. (¬20) ح ي: ولا.

قلت: أرأيت إن وقع في إنائه شيء من خمر أو دم أو بول (¬1) أو عَذِرَة أو وقع ذلك في الحُبّ (¬2) وهو قليل أو كثير هل يتوضأ أو يشرب (¬3) من ذلك الماء؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن توضأ (¬4) وصلى أياماً؟ قال: عليه أن يعيد الوضوء والصلوات كلها. قلت: أرأيت إن وقع في وَضوئه لُعابُ ما يؤكل لحمه أو وقع في الحُبّ (¬5)؟ قال: أما اللُّعاب فليس يُفسد الماء، ولا بأس أن (¬6) يتوضأ به ويشرب منه. قلت: أرأيت إن وقع بول ما يؤكل لحمه في الإناء أو في الحُبّ (¬7)؟ قال: هذا فاسد، وهو (¬8) يُفسد الماء. قلت: فإن توضأ بذلك الماء وصلى؟ قال: عليه أن يعيد الوضوء والصلاة. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: ما أكلت لحمه فلا بأس ببوله، وإن وقع (¬9) في ماء لم يفسد حتى يَغلب على الماء، فإذا غلب على الماء لم (¬10) يتوضأ به. وقال أبو يوسف: لا بأس بشرب بول ما يؤكل لحمه مثل الناقة وشِبْهِها، وبولهُا يُفسد الماء وإن كان قليلاً. وقال محمد: لا بأس بشربه، فليس (¬11) يُفسد الماء (¬12). قلت: أرأيت رجلاً (¬13) توضأ فبدأ برجليه قبل ذراعيه أو بذراعيه قبل وجهه أو مسح رأسه قبل أن يغسل وجهه أو ترك (¬14) بعض أعضائه حتى جفّ ما قد غسل أو فعل ذلك في غُسله ثم غسل ما بقي؟ قال: يجزيه غُسله (¬15)، ووضوؤه تامّ، ولكن أفضل ذلك أن يبتدئ (¬16) بيديه (¬17) ثم ¬

_ (¬1) ح ي: من خمر أو بول أو دم. (¬2) ح ي: في الجب. (¬3) ح ي: ويشرب. (¬4) ح ي + به. (¬5) ح: في الجب. والحب هو الجرة الضخمة كما تقدم. (¬6) ح ي: بأن. (¬7) ح ي: في الجب. (¬8) ح ي - وهو. (¬9) ح ي + ذلك. (¬10) ك م: فلم. (¬11) ح ي: ولا. (¬12) أما عند الإمام أبي حنيفة فلا يجوز شربه للتداوي ولا لغيره. انظر: المبسوط، 1/ 54. (¬13) ي: رجل. (¬14) ح ي: وترك. (¬15) ح ي: وغسله. (¬16) ح ي: أن يبدأ. (¬17) م: ببدنه.

بوجهه (¬1) ثم بذراعيه (¬2) ثم يمسح برأسه (¬3) ثم يغسل قدميه (¬4). قلت (¬5): الإناء يقع فيه (¬6) خُرْءُ عصفور أو خُرْءُ حمام (¬7)؟ قال: يُلقيه من الإناء، ثم يتوضأ به. قلت: فإن وقع فيه (¬8) خُرْءُ دجاجة (¬9)؟ قال: لا يتوضأ به. قلت: أرأيت إن توضأ به وصلى يوماً أو أكثر من ذلك؟ قال: يعيد الوضوء والصلوات كلها. قلت: أرأيت الإناء تشرب (¬10) منه (¬11) الفأرة أو الحية أو الوَزَغَة هل يتوضأ به؟ قال: لا. قلت: فإن توضأ به (¬12) وصلى؟ قال: صلاته تامة، وقد أساء (¬13). قلت: أرأيت السَّبُع من السَّباع أو الكلب يشرب من الإناء؟ قال: لا / [1/ 5 ظ] يتوضأ به. قلت: أرأيت إن توضأ به وصلى (¬14) يوماً أو أكثر من ذلك (¬15)؟ قال: يعيد الوضوء والصلوات كلها. قلت: أرأيت الإناء يقع فيه (¬16) بول الخَفَافِيش أو وقع فيه (¬17) شيء من البَعُوض (¬18) أو البراغيث؟ قال: لا بأس بالوضوء من ذلك الماء. قلت: لم وهذا له دم؟ قال (¬19): دم هذا ليس بشيء. قلت: أرأيت إن شرب (¬20) من إنائه (¬21) من الطير ما (¬22) لا يؤكل لحمه؟ قال: أكره له أن يتوضأ به. قلت: فإن توضأ به وصلى؟ قال: يجزيه ذلك. قلت: من أين اختلف هذا والسِّباع التي (¬23) لا يؤكل لحمها؟ قال: أما في القياس فهما سواء، ولكني (¬24) أستحسن في هذا. ألا ترى أني أكره سُؤْر الدجاجة، ولا آمره أن يعيد منه ¬

_ (¬1) ح ي: ثم وجهه. (¬2) ح ي: ثم ذراعيه. (¬3) م ح ي: رأسه. (¬4) ح ي: رجليه. (¬5) ح ي + أرأيت. (¬6) م - فيه. (¬7) ح ي: الحمام. (¬8) ح ي: فيها (¬9) ح: دجاج. (¬10) ح ي: يشرب (¬11) ي: منها. (¬12) ح ي - به (¬13) ح ي: قال قد أساء وصلاته تامة. (¬14) ح ي - يصلي. (¬15) ي - من ذلك. (¬16) ي: فيها. (¬17) ح - فيه؛ ي: فيها. (¬18) م: من البعوض. (¬19) ح ي + لأن. (¬20) ح: إن يشرب. (¬21) ح ي + شيء. (¬22) ك: مما؛ ح ي - ما. (¬23) ح ي: الذي. (¬24) ح ي: ولكن.

الوضوء والصلاة (¬1). قلت: أرأيت إن شرب من إنائه باز أو صقر؟ قال: أكره الوضوء منه، وإن توضأ (¬2) أجزأه. قلت: أرأيت الحُبّ (¬3) تموت فيه السمكة أو الضفدع أو السرطان هل ترى بالشرب وبالوضوء منه بأساً (¬4)؟ قال: لا بأس بالوضوء والشرب منه. قلت: لم؟ قال: لأن هذا يعيش في الماء ويسكنه. ألا ترى أنه لا بأس بأكل السمكة حين ماتت (¬5) في الحُبّ (¬6) لأنها ذكية (¬7). قلت: أرأيت لُعَاب ما لا (¬8) يؤكل لحمه من الدوابّ يقع في الإناء أيتوضأ (¬9) به؟ قال: لا. قلت: فإن توضأ به وصلى؟ قال: يعيد الوضوء والصلاة قلت: وكذلك السِّباع؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الفأرة أو العصفورة (¬10) تموت (¬11) في البئر أو في الحُبّ (¬12) فتُخرَج (¬13) منها (¬14) ساعةَ ماتت (¬15) أيتوضأ من (¬16) البئر أو من (¬17) الحُبّ (¬18) أو يشرب منهما (¬19)؟ قال: لا حتى يُنزف (¬20) من البئر (¬21) عشرون دلواً أو ثلاثون. وأمّا في الحُبّ (¬22) فيُهرَاق الماءُ (¬23) كله ولا يُشرَب منه ولا يُتوضأ منه (¬24). قلت: أرأيت إن توضأ قبل ذلك من البئر أو من الحُبّ (¬25) فصلى أياماً بذلك الوضوء؟ قال: عليه أن يعيد الوضوء والصلوات كلها. ¬

_ (¬1) ح: أو الصلاة. (¬2) ح ي + به. (¬3) ح ي: الجب. (¬4) ح: ثابتاً. (¬5) ح ي: إذا ماتت. (¬6) م ح ي: في الجب. (¬7) ح: حكته. (¬8) خ ط - لا. (¬9) ي: ليتوضأ. (¬10) ك ح: أو العصفور؛ م: والعصفور. (¬11) ك م: يموت. (¬12) م ح ي: في الجب. وقد تقدم تفسير الجب والحب قريباً. (¬13) ك ي: فيخرج. (¬14) م: منه. (¬15) ح ي: مات. (¬16) ح ي + ذلك. (¬17) ك ح ي - من. (¬18) م ح ي: الجب. (¬19) ح ي: منها. (¬20) م: حتى يهرق. (¬21) ك م: منها. (¬22) م: في الجب. (¬23) ح ي: وأما ماء الحب فإنه يهراق. (¬24) ح ي: به. (¬25) م: من الجب.

قلت: فإن وقع فيها دجاجة (¬1) أو سِنَّوْر فماتت (¬2) فأُخرجت (¬3) منها ساعةَ ماتت؟ قال: يُنزف (¬4) منها أربعون أو خمسون دلواً (¬5). قلت: أرأيت إن وقع فيها شاة أو بقرة (¬6)؟ قال: يُنْزَف (¬7) ماء البئر كله إلا أن يَغلبهم الماء. قلت: فإن كان الذي ذكرت لك (¬8) قد انتفخ أو تَفسّخ فيها أو تَقطّع فيها (¬9)؟ قال: يُنْزَف (¬10) ماء البئر كله حتى يَغلبهم الماء. قلت: أرأيت صبياً (¬11) بال في بئر أو وقعت فيها (¬12) عَذِرة أو وقع فيها جُنُب فاغتسل فيها؟ قال: عليهم أن يَنْزِفوا (¬13) ماء البئر كله. قلت: أرأيت إن توضأ رجل (¬14) من تلك البئر (¬15) وصلى (¬16) بذلك الوضوء يوماً ثم وجد فيها من الليل دجاجة ميتة لم تَتفسّخ بعد، أو عَلِمَ أن صبياً (¬17) قد (¬18) كان بال فيها (¬19) قبل ذلك، أو جُنُباً (¬20) وقع فيها فاغتسل؟ قال: على الرجل أن يعيد الوضوء والصلوات كلها. قلت: فإن كانت الدجاجة (¬21) أو غير ذلك قد انتفخت، وإنما (¬22) كان وضوء ذلك الرجل / [1/ 6 و] من تلك البئر (¬23) ولا يعلم متى وقعت (¬24) فيها الدجاجة، إلا أنهم وجدوها منتفخة؟ قال: على من توضأ من ذلك الماء (¬25) وصلى (¬26) أن يعيد الوضوء، ويعيد صلاة (¬27) ثلاثة أيام ولياليهن. قلت: ولم (¬28) وهو لا ¬

_ (¬1) ح: دجاح. (¬2) ح ي + فيها. (¬3) ح: فخرجت. (¬4) م: يهرق. (¬5) ح ي: أربعون دلواً أو خمسون. (¬6) ح ي + فماتت. (¬7) ح + من. (¬8) ح ي - لك. (¬9) ح ي - فيها. (¬10) م: يرق. (¬11) ي: صبي. (¬12) م ح ي: فيه. (¬13) م: أن يبرقوا. (¬14) ح ي - رجل. (¬15) ح + رجل رجل؛ ي + رجل. (¬16) ح ي: فصلى. (¬17) ك م: أن الصبي. (¬18) ح ي - قد. (¬19) ح ي - فيها. (¬20) ك م خ: أو جنب. (¬21) ح ي: كان دجاجة. (¬22) ح ي: فإنما. (¬23) ح ي + وصلى. (¬24) ح ي: وقع. (¬25) ح ي: من تلك البئر. (¬26) ح ي - وصلى. (¬27) ح: الصلاة. (¬28) م ح ي: لم.

يعلم متى وقعت (¬1)؟ قال: أستحسن ذلك وآخذ بالثقة؛ لأنها صلاة، وأنْ يصلي (¬2) الرجل شيئاً قد صلاه وفرغ منه أحبّ إليّ من (¬3) أن يترك شيئاً واجباً عليه. وقال (¬4) أبو يوسف ومحمد: يجزيه، ولا نرى (¬5) أن يعيد حتى يستيقن أنها ماتت فيها قبل وضوئه. والقياس قول أبي يوسف ومحمد، والاستحسان قول أبي حنيفة. فإذا لم يعلم أعاد (¬6) صلاة يوم وليلة إذا لم تنتفخ ولم تتفسخ (¬7). قلت: أرأيت ما كان من عجين قد عُجِن بذلك الماء؟ قال: أكره لهم أكله. قلت: فإن (¬8) كان قد غُسل بذلك الماء ثوب (¬9)؟ قال: آمرهم أن يعيدوا غسله بماء نظيف. قلت: فإن كان (¬10) أصاب ذلك الماء ثوباً؟ قال: يغسل ذلك الموضع الذي أصابه الماء (¬11). قلت: وكذلك كل وَضوء تأمر صاحبه أن يعيد الوضوء والصلاة فإنه إذا أصاب الثوب أو غيره أمرته بغسله؟ قال: نعم (¬12). ................................................................. ¬

_ (¬1) م + فيها الدجاجة إلا أنهم وجدوها منتفخة قال على مَن توضأ من ذلك الماء وصلى أن يعيد الوضوء ويعيد صلاة ثلاثة أيام ولياليهن قلت ولم وهو لا يعلم متى وقعت. (¬2) م: وإن صلى. (¬3) ح - من. (¬4) ي + وقال. (¬5) ح: يرى. (¬6) ح: عاد. (¬7) ي: لم ينتفخ ولم يتفسخ؛ ك م - وقال أبو يوسف ومحمد يجزيه ولا نرى أن يعيد حتى يستيقن أنها ماتت فيها قبل وضوئه والقياس قول أبي يوسف ومحمد والاستحسان قول أبي حنيفة فإذا لم يعلم أعاد صلاة يوم وليلة إذا لم ينتفخ ولم يتفسخ. وقال السرخسي: وإن كان لا يدري متى وقع فيها وقد كان وضوءه من ذلك البئر فإن كانت منتفخة أعاد صلاة ثلاثة أيام ولياليها في قول أبي حنيفة -رحمه الله تعالى- احتياطاً، وإن كانت غير منتفخة يعيد صلاة يوم وليلة، وقال أبو يوسف ومحمد -رحمهما الله تعالى-: ليس عليه أن يعيد شيئاً من صلاته ما لم يعلم أنه توضأ منها وهو فيها ... انظر: المبسوط، 1/ 59. وعبارة الحاكم بمعنى ذلك في الكافي، 1/ 3 و. لكن فيها سقط، فلذلك نقلنا عبارة السرخسي. (¬8) خ: وإن. (¬9) ح ي: ثوبه. (¬10) ح - كان. (¬11) ح - الماء. (¬12) ك م - قلت فإن كان أصاب ذلك الماء ثوباً قال يغسل ذلك الموضع الذي أصابه الماء قلت وكذلك كل وضوء تأمر صاحبه أن يعيد الوضوء والصلاة فإنه إذا أصاب الثوب أو غيره أمرته بغسله قال نعم؛ ي + فا.

قلت (¬1): فإن كان الذي أصاب الثوب أكثر من قَدْر الدرهم (¬2) الكبير المثقال وقد صلى فيه يوماً (¬3) أو أكثر (¬4) من ذلك؟ قال: عليه أن يعيد ما صلى فيه. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: أمّا أنا فأرى أن يجزيه الوضوء والصلاة، ولا بأس بذلك العجين أن يأكله، ولا يغسل ثوبه حتى يعلم أن ذلك كله كان بعدما ماتت (¬5) في البئر. وهو قول محمد. قلت: أرأيت إن كان الذي (¬6) أصاب (¬7) ثوبه (¬8) أقل من قدر الدرهم وقد صلى فيه؟ قال (¬9): لا يعيد الصلاة (¬10). قلت: وكذلك رَوْث ما يؤكل (¬11) لحمه وبوله؟ قال: نعم. وقال أبو حنيفة: الرَّوْث كله سواء (¬12). ورَوْث (¬13) الحمار والفرس إذا أصاب الثوبَ منه أو النعلَ (¬14) أكثرُ من قدر الدرهم لم تجز (¬15) الصلاة فيه. وقال أبو يوسف ومحمد: تجزي الصلاة فيه إلا أن يكون كثيراً فاحشاً. وقال أبو حنيفة: بول الحمار إذا كان أكثر من قدر الدرهم يُفسد، وبول الفرس لا يُفسد إلا أن يكون كثيراً فاحشاً. وهو قول أبي يوسف. وقال محمد في بول الحمار مثل قولهما، وأمّا في بول ¬

_ (¬1) ح - قلت. (¬2) سيأتي في المتن قول المؤلف: قلت أرأيت قولك في الدم: إذا كان أكثر من قدر الدرهم أعاد الصلاة، لِمَ قلته؟ قال لأنه بلغني عن إبراهيم النخعي أنه قال قدر الدرهم. والدرهم قد يكون أكبر من الدرهم، فوضعناه على أكبر ما يكون منها، أستحسن ذلك. انظر: 1/ 11 و. (¬3) ي: يوم. (¬4) ح ي: أو أقل. (¬5) ح ي: مات. (¬6) م - الذي. (¬7) ح ي: أصابه. (¬8) ح ي - ثوبه. (¬9) م - قال. (¬10) ح ي - الصلاة. (¬11) ح ي: ما لا يؤكل. (¬12) ح ي - وقال أبو حنيفة الروث كله سواء. (¬13) ح ي: بول. (¬14) م ح: أو البغل. ويجوز أن يكون "أو البغل" معطوفاً على الفرس، ولكن ما أثبتناه أولى، لأنه أقرب إلى ما عطف عليه. وسيأتي حكم إصابة الروث للخف والنعل بالتفصيل. (¬15) ح: لم يجزيه؟ ي: لم تجزه.

الفرس فلا يُفسد في قول محمد وإن كان كثيراً فاحشاً. وقال أبو حنيفة في أَخْثَاء البقر وخُرْء الدجاج (¬1) مثل السَّرْقِين (¬2): يُفسد منه أكثرُ مِن قَدْر الدرهم. وقال أبو يوسف ومحمد مثل ذلك في خُرْء الدجاجة (¬3) خاصة. وقال محمد: الكثير (¬4) الفاحش الربع فصاعداً. قلت: ولا ترى بأساً بلُعاب ما يؤكل لحمه وهو كثير فاحش؟ قال: لا بأس به وإن كان كثيراً فاحشاً (¬5). قلت: وكذلك بوله إذا أصاب الثوب؟ قال: نعم ما لم يكن كثيراً فاحشاً في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: لا يُفسد بولُ ما يؤكل لحمه يُصيب (¬6) الثوب وإن كان كثيراً فاحشاً (¬7). قلت: أرأيت البئرين (¬8) تكونان (¬9) في الحُجْرَة (¬10) إحداهما بالوعة ¬

_ (¬1) ح ي: الدجاجة. (¬2) السَّرْقِين والسَّرْقِين ما يخلط بالأرض من رجيع الدواب للخصوبة. انظر: لسان العرب، "سرقن". (¬3) م: الدجاج. (¬4) م: الكبير. (¬5) ح ي - فاحشاً؛ ك + وقال أبو يوسف في الإملاء: الكثير الفاحش شبر في شبر؛ م + وقال أبو يوسف في الإملاء الكبير الفاحش شبر في شبر. ولعل هذا من كلام أبي سليمان الجوزجاني أو أحد رواة الكتاب الآخرين. وقد ورد في جميع النسخ غير نسخة ي. وذكر ذلك الحاكم أيضاً. انظر: الكافي، 1/ 3 و. وقال السرخسي: وعن أبي يوسف في رواية الكثير الفاحش شبر في شبر، وفي رواية ذراع في ذراع، وعن محمد ... أنه قدر موضع القدمين، وهذا قريب من شبر في شبر. انظر: المبسوط، 1/ 55. (¬6) ح ي - يصيب. (¬7) وقد اختصر الحاكم الشهيد هذه الفقرة بقوله: وإذا صلى الرجل وفي ثوبه من الروث والسرقين أو بول ما لا يؤكل لحمه من الدواب أو خرء الدجاج أكثر من قدر الدرهم لم تجزه صلاته في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: يجزيه في الروث والسرقين ما لم يكن كثيراً فاحشاً. انظر: الكافي: 1/ 3 و. (¬8) ح ي: البئران. (¬9) م ح ي: يكونان. (¬10) ح ي + جميعاً. والحجرة تستعمل بمعنى حجرة الدار، والحجرة التي ينزلها الناس وهو ما حَوَّطُوا عليه، والحجرة بمعنى حظيرة الإبل. انظر: لسان العرب، "حجر".

يهراق فيها البول (¬1) والوضوء، والأخرى يُستقَى (¬2) منها الماء، كم / [1/ 6 ظ] أدنى ما يكون بينهما؟ قال: خمسة أذرع (¬3). قلت: فإن كان بينهما أقل من ذلك ولا يوجد في الماء طَعْمُ نَتِن (¬4) ولا (¬5) شيء (¬6) ولا ريحه (¬7)؟ قال: لا بأس بالوضوء منه. قلت: فإن كان بينهما سبعة أذرع أو أكثر من ذلك وقد يوجد طعم البول منها وريحه (¬8)؟ قال: لا خير في الوضوء منها (¬9). قلت: أرأيت (¬10) إن (¬11) توضأ منها إنسان وصلى؟ قال: عليه أن يعيد الوضوء والصلاة. قلت: أرأيت الرجل والمرأة يغتسلان من إناء (¬12) واحد من الجنابة؟ لا بأس بذلك. ¬

_ (¬1) ح ي: الماء. (¬2) ك م: يسقا. (¬3) وقال الحاكم: وفي رواية أبي سليمان سبعة أذرع. انظر: الكافي، 1/ 3 و. ولعله سهو من الناسخ. لأن عند السرخسي خمسة أذرع في رواية أبي سليمان والنوادر والأمالي، وسبعة أذرع في رواية أبي حفص. انظر: المبسوط، 1/ 61. لكن المعتبر هو خلوص أثر النجاسة، وليس التقدير بلازم كما هو مفهوم مما يأتي بعده. وانظر: المبسوط، الموضع السابق. (¬4) نَتُن الشيء بالضم نُتونة ونَتانة فهو نتين مثل قريب، ونَتَن نَتْناً من باب ضرب، ونَتِن يَنْتَن فهو نَتِن من باب تعب، وأنتن إنتاناً فهو منتن، أي: كريه الرائحة. انظر: لسان العرب، "نتن"؛ والمصباح المنير، "نتن". والتقدير طعمُ شيءٍ نَتِن. (¬5) ح ي - نتن ولا. (¬6) ك هـ: كذا وجد هنا وينبغي أن يكون ولا لون شيء. وفي المطبوعة: ولا لون شيء. وقد ذكر أبو الوفا الأفغاني أن العبارة هكذا في النسخة الأزهرية والحلبية والآصفية. انظر: الأصل (الأفغاني)، 1/ 58. لكن ما ذكره غير سديد بالنسبة إلى النسخة الحلبية، لأن عبارة النسخة الحلبية مثل نسخة يوزغات: ولا طعم شيء. ولم يذكر الحاكم ولا السرخسي كلمة "لون". وعبارتهما: ريح البول أو طعمه انظر: الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 1/ 61. (¬7) ح: رايحة. (¬8) ح ي: يوجد ريح البول منها وطعمه. (¬9) ح ي: منه. (¬10) ح ي - أرأيت. (¬11) ح ي: فإن. (¬12) ح ي: في إناء.

قلت: أرأيت امرأة حائضاً (¬1) طهرت فاغتسلت فبقي من غُسلها أقل من موضع (¬2) الدرهم (¬3) كيف تصنع؟ قال: تَغسل ذلك المكان، وإن كانت صلت قبل أن تغسله فعليها أن تعيد الصلاة. قلت: وكذلك الجُنُب؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً جُنُباً (¬4) اغتسل فنسي المضمضة والاستنشاق ثم دخل في الصلاة فصلى ركعة أو ركعتين ثم ضحك كيف يصنع؟ قال: عليه أن يتمضمض ويستنشق ويعيد الصلاة، ولا يعيد الوضوء. قلت: لم؟ قال: لأنه كان (¬5) في صلاة لو تمّ عليها لم تجزه (¬6)، فإذا ضحك فيها لم يكن عليه (¬7) أن يعيد الوضوء. قلت: أرأيت إن (¬8) نسي المضمضة والاستنشاق في الوضوء فصلى ركعة أو ركعتين ثم ضحك؟ قال: عليه أن يعيد الوضوء ويَستقبل الصلاة. قلت: لم؟ قال: لأنه لو تمّ على صلاته أجزأه ذلك. قلت: أرأيت رجلاً (¬9) جُنُباً اغتسل فبقي من جسده قَدْرُ موضع الدرهم (¬10) لم يُصبه الماء ثم صلى ركعة أو ركعتين ثم ضحك (¬11)؟ قال: عليه أن يغسل ذلك المكان الذي لم يُصبه الماء، ويَستقبل الصلاة، ولا يعيد الوضوء (¬12). قلت: أرأيت رجلاً (¬13) توضأ ونسي أن يمسح برأسه (¬14) ثم صلى ركعة أو ركعتين ثم ضحك؟ قال: عليه أن يمسح برأسه (¬15) ويَستقبل الصلاة، ولا يعيد الوضوء. قلت: أرأيت رجلاً (¬16) توضأ ونسي المضمضة والاستنشاق أو كان جُنُباً فنسي المضمضة والاستنشاق ثم صلى؟ قال: أمّا ما كان في الوضوء ¬

_ (¬1) م: حايظاً؟ ح ي: حائض. (¬2) ج: من قدر. ويأتي بعد عدة أسطر في مسألة شبيهة بهذه: قدر موضع الدرهم. (¬3) ح ي: درهم. (¬4) ي: رجل جنب. (¬5) ح - كان. (¬6) ح ي: لم يجزيه. (¬7) ي: عليها. (¬8) ح ي: رجلاً. (¬9) ح ي - رجلاً. (¬10) ح ي: درهم. (¬11) ح ي - ثم ضحك. (¬12) ي: الغسل. (¬13) ي: رجل. (¬14) ح: رأسه. (¬15) ح: رأسه. (¬16) ح ي: لو.

فصلاته (¬1) تامة، وأمّا ما كان في غُسل الجنابة أو طُهر حيض فإنه يتمضمض ويستنشق ويعيد الصلاة. قلت: من أين اختلفا؟ قال: هما في القياس سواء، إلا أنّا (¬2) نَدَعُ القياس للأثر (¬3) الذي جاء عن ابن عباس (¬4). قلت (¬5): فإن نسي مسح الرأس في الوضوء فصلى (¬6)؟ قال: عليه أن يمسح برأسه ويعيد الصلاة. قلت (¬7): لم أمرته في هذا بإعادة الصلاة (¬8) ولم تأمره في المضمضة والاستنشاق؟ قال: لأن مسح الرأس فريضة في كتاب الله تعالى، وليست (¬9) المضمضة والاستنشاق مثله. قلت: فإن (¬10) نسي أن يمسح رأسه (¬11) وكان (¬12) في لحيته ماء فأخذ منه فمسح به رأسه؟ قال: لا يجزيه؛ لأنه لا بد له من (¬13) أن يأخذ ماء فيمسح به رأسه، لأنه واجب عليه. وقال سفيان: يجزيه (¬14). قلت: فإن كان في كفه بَلَل فمسح به رأسه؟ قال: هذا يجزيه (¬15)، وهذا بمنزلة ما لو أخذ (¬16) / [1/ 7 و] من الإناء ماء فمسح به (¬17). ¬

_ (¬1) ح ي: فإن صلاته. (¬2) ح - أنا. (¬3) م: ليلاثر. (¬4) روى الإمام أبو حنيفة عن عثمان بن راشد عن عائشة بنت عجرد عن ابن عباس أن من نسي المضمضة والاستنشاق فلا يعيد إلا أن يكون جنباً. انظر: الآثار لأبي يوسف، 13؛ وسنن الدارقطني، 116/ 1؛ ومسند أبي حنيفة لأبي نعيم، 200؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 179/ 1؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 269؛ ونصب الراية للزيلعي، 1/ 78؛ والدراية لابن حجر، 1/ 47. فالمضمضة والاستنشاق فرضان في الغسل سنتان في الوضوء. انظر: المبسوط، 1/ 62. (¬5) ح: فقلت. (¬6) ح ي: وصلى. (¬7) ح + قلت. (¬8) ح: الوضوء. (¬9) ح ي: وليس. (¬10) ح ي: قلت أرأيت إن. (¬11) ح ي: برأسه. (¬12) ح: فكان. (¬13) م - من. (¬14) ح ي - لأنه واجب عليه وقال سفيان يجزيه. والقائل هو سفيان الثوري. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 16/ 1. وروي كذلك عن علي - رضي الله عنه - وإبراهيم النخعي وعطاء والحسن. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 1/ 16 - 17؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 1/ 28. (¬15) ح ي: جائز. (¬16) ح ي: بمنزلة من أخذ. (¬17) ح ي + رأسه.

ألا ترى (¬1) أنه إنما (¬2) يَصِل منه إلى الرأس (¬3) البَلَل، فلا أبالي مِن يديه (¬4) كان أو مِن الإناء. وأمّا ما كان على اللحية فإنه ماء قد توضأ به مرة (¬5)، فلا (¬6) يجزيه أن يتوضأ به ثانية. قلت: أرأيت (¬7) رجلاً توضأ ومسح رأسه بإصبع واحدة أو بإصبعين؟ قال: لا يجزيه. وقال زُفَر (¬8): يجزيه (¬9). قلت: فإن مسح رأسه بثلاثة (¬10) أصابع؟ قال: هذا يجزيه. قلت: لم؟ قال: لأنه مسح (¬11) بالأكثر من أصابعه. ألا ترى أنه لو مسحه بكفه كله (¬12) إلا إصبعاً (¬13) واحدة أو بعض إصبع أنه يجزيه، ولكنه أفضل أن يمسح بكفيه كليهما (¬14). وكذلك (¬15) إذا مسح (¬16) بثلاثة (¬17) أصابع (¬18). قلت: أرأيت إن ¬

_ (¬1) ح: يرى. (¬2) ك م: أيضاً؛ ح: ما. (¬3) ك ح ي: يصل إلى الرأس منه. (¬4) ح ي: من يده. (¬5) ح ي - مرة. (¬6) م ح: ولا. (¬7) م + ان. (¬8) م - زفر. (¬9) ح ي - وقال زفر يجزيه. (¬10) ك م: بثلاث. (¬11) ح ي: لأنه قد مسحه. (¬12) ي: كلها. (¬13) ح ي: إلا إصبع. (¬14) ح ي - ولكنه أفضل أن يمسح بكفيه كليهما. (¬15) ح: بذلك؛ ي: فكذلك. (¬16) ح ي: إذا مسحه. (¬17) ك م: بثلاث. (¬18) ح + ولكنه أفضل أن يمسح بكفيه كلتاهما؛ ي + ولكنه الأفضل أن يمسح بكفيه كلتاهما. قال الحاكم: ولا يجزيه مسح الرأس بإصبع أو إصبعين، ويجزيه بثلاثة أصابع، وقال محمد في نوادر إبراهيم بن رستم: إذا مسح خفه بإصبع واحد وأمرّها على خفه لا يجزيه حتى يعيدها ثلاث مرات في الماء، لأنه في المرة الأولى حين أزالها عن موضعها فذلك ماء قد توضأ به، قال ولو وضع ثلاث أصابع ثم رفعها من غير أن يمرّها أجزأه. انظر: الكافي، 1/ 3 ظ. وقال السرخسي: ففي الأصل ذكر قدر ثلاثة أصابع، وفي موضعٍ الناصية، وفي موضعٍ ربع الرأس ... ذكر في نوادر ابن رستم أنه إذا وضع ثلاثة أصابع ولم يمرّها جاز في قول محمد -رحمه الله تعالى- في الرأس والخف، ولم يجز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف -رحمهما الله تعالى- حتى يمرّها بقدر ما تصيب البلّة مقدار ربع الرأس ... انظر: المبسوط، 1/ 63، 64. ولم أجد في الأصل ذكر الناصية ولا ربع الرأس. وإنما فيه ثلاثة أصابع هنا، وذكر فيما يأتي قريباً: قلت أرأيت رجلاً توضأ فنسي أن يمسح برأسه فأصاب رأسَه ماءُ المطر فأصاب من=

كان شعره طويلاً يقع على منكبيه فمسح ما (¬1) تحت أذنيه وما على (¬2) منكبيه؟ قال: لا يجزيه. قلت: فإن مسح ما فوق منكبيه وأذنيه؟ قال: هذا يجزيه. قلت: لم؟ قال: لأن ما تحت الأذنين ليس من الرأس، وما فوق الأذنين من الرأس. قلت: أرأيت الأذنين يَغسل مُقدَّمهما مع الوجه ويمسح مُؤخَّرهما مع الرأس أو يمسحهما (¬3)؟ قال: أي ذلك فعل فحسن (¬4)، وأَحَبُّ إليّ أن يمسحهما مع الرأس؛ لأن الأذنين عندنا من الرأس ما أَقبل منهما وما أَدبر (¬5). بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الأذنان من الرأس" (¬6). قلت: أرأيت إن مسح رأسه ولم يمسح أذنيه؟ قال: يجزيه. قلت: فإن مسح أذنيه ¬

_ = ذلك مقدارَ ثلاث أصابع فمسحه به؟ قال يجزيه من مسح الرأس. انظر: 1/ 7 ظ. وذكر أيضاً: قلت أرأيت رجلاً توضأ فمسح نصف رأسه أو ثلثه أو أقل من ذلك؟ قال يجزيه. انظر: 1/ 9 و. فقد يستنبط منه أن الأقل من الثلث هو الربع، لكن لم يذكره صريحاً. ولم يذكره الحاكم في الكافي أيضاً. وقد ذكر الإمام محمد في الآثار، 17، مقدار ثلاثة أصابع أيضاً. وذكر الطحاوي مقدار الناصية. انظر: مختصر الطحاوي، 18. واستدل الطحاوي بمسح النبي - صلى الله عليه وسلم - لناصيته، وذكر أن ذلك قول الأئمة أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. انظر: شرح معاني الآثار، 30/ 1 - 31. وذكر السمرقندي والكاساني أن ظاهر الرواية ثلاثة أصابع اليد، وأن الحسن روى عن أبي حنيفة أنه قدّره بالربع، وهو قول زفر، وأن الكرخي والطحاوي ذكرا عن أصحابنا مقدار الناصية، واستدلا لظاهر الرواية بأن ثلاثة أصابع هي أكثر آلة المسح. انظر: تحفة الفقهاء، 1/ 9 - 10؛ وبدائع الصنائع، 1/ 4. (¬1) ح ي: بما. (¬2) ح: وبأعلى. (¬3) ح - أو يمسحهما؛ ي + مع الرأس. (¬4) م: حسن؛ ح ي: فهو حسن. (¬5) ح ي + قال. (¬6) ذكره الإمام محمد أيضاً في الآثار، 10، عن الإمام أبي حنيفة بلاغاً. وهو كذلك في جامع المسانيد للخوارزمي، 231/ 1. وقد روي موصولاً. انظر: سنن ابن ماجه، الطهارة، 53؛ وسنن أبي داود، الطهارة، 51؛ وسنن الترمذي، الطهارة، 29. ورواه الإمام أبو يوسف عن ابن عمر موقوفاً. انظر: الآثار لأبي يوسف،7.

ولم يمسح رأسه؟ قال: لا يجزيه ذلك. قلت: فقد (¬1) تركتَ (¬2) قولك. قال: آخذ في الأذنين بالاستحسان (¬3)، وآخذ في الرأس بالثقة. قلت: أرأيت رجلاً توضأ وضوءه للصلاة ثم جَزَّ شعره (¬4) أو نَتَفَ إبطه أو قَصَّ أظفاره (¬5) أو أخذ من شاربه هل يمسح شيئاً من ذلك (¬6)؟ قال: لا، لأن (¬7) هذا طُهُور ونظافة، ولو كان هذا (¬8) ينقض بعض الوضوء لنقضه (¬9) كله. هل رأيت شيئاً ينقض بعض الوضوء دون بعض؟ وهذا الذي أخذ من شاربه وقصّ أظفاره (¬10) ونَتَفَ إبطه قد (¬11) وافق السنة وازداد (¬12) طُهُوراً، فلا (¬13) يجب عليه الوضوء فيما صنع. قلت: أرأيت رجلاً توضأ ثم مَسَّ ذَكَرَه في الصلاة أو في غير الصلاة (¬14) هل ينقض ذلك وضوءه، وهل يجب عليه غَسل يديه؟ قال: لا. قلت: أرأيت رجلاً توضأ ثم نظر إلى امرأته (¬15) من شهوة (¬16) ولم يُمْذِ (¬17) هل يجب عليه الوضوء؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن (¬18) نظر إلى الفرج؟ قال: وإن نظر إلى الفرج. قلت: أرأيت إن نظر إلى الفرج فأَمْنَى أو أَمْذَى أو أَوْدَى؟ قال: أمّا إذا أمْنَى (¬19) وجب (¬20) عليه الغُسل، وأما إذا أَمْذَى (¬21) أو أَوْدَى (¬22) فإن عليه الوضوء ولا غُسل عليه (¬23). قلت: وما ¬

_ (¬1) ح ي - فقد. (¬2) م: تركب. (¬3) ح ي: استحساناً. (¬4) ح ي: رأسه. (¬5) ح ي: أظافيره. (¬6) ح ي + بالماء. (¬7) ح ي - لا لأن. (¬8) ح - هذا. (¬9) ك م: نقضه. (¬10) ح ي: وقص من أظافيره. (¬11) ك م - قد. (¬12) م: وأراد. (¬13) ح ي: ولا. (¬14) ح ي: صلاة. (¬15) ح: إلى امرأة. (¬16) ي: إلى امرأة بشهوة. (¬17) ح: ولم يود؛ ي + ولم يودي. (¬18) ح ي: قلت فإن. (¬19) ح ي + فإنه. (¬20) ح ي: يجب. (¬21) م: وإذا أمنى. (¬22) ح ي - أو أودى. (¬23) ح ي + وكذلك إذا أودى يجب عليه الوضوء.

المني والوَدِيّ والمَذِيّ؟ قال: أما المني فهو (¬1) خاثِر (¬2) أي: به غِلَظ (¬3) أبيض ينكسر منه الذكر. وأمّا المَذِيّ فهو (¬4) رقيق إلى (¬5) البياض (¬6) ما هُوَ. وأمّا الوَدِيّ فهو (¬7) رقيق يجيء بعد البول. قلت: أرأيت رجلاً توضأ ثم قبّل امرأته من شهوة (¬8) أو لمسها لشهوة أو لمس فرجها لشهوة هل ينقض (¬9) ذلك وضوءه (¬10)؟ / [1/ 7 ظ] قال: لا. قلت: فإن باشرها لشهوة وليس بينهما ثوب وانتشر لها؟ قال: أما هذا فينقض وضوءه (¬11) وعليه أن يعيد الوضوء. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال (¬12) محمد: لا وضوء عليه حتى يخرج منه مذي أو غير ذلك (¬13). قلت: أرأيت الرجل يجامع أهله دون (¬14) الفرج ولا (¬15) ينزل ولكن (¬16) يخرج منه الودي أو المذي (¬17)؟ قال: عليه الوضوء، ولا غسل عليه. قلت: أرأيت إن التقى الختانان (¬18) وتوارت الحشفة (¬19)؟ قال: هذا يجب عليه الغسل. قلت: أرأيت رجلاً احتلم (¬20) ولم ينزل (¬21) شيئاً ولم ير شيئاً (¬22)؟ قال: ليس عليه غسل. قلت: فإن عَلِم أنه لم يحتلم ولكنه استيقظ فوجد ¬

_ (¬1) ح ي: فإنه. (¬2) م: حاير. (¬3) ح ي - أي به غلظ. (¬4) ح ي: فإنه. (¬5) ح - إلى. (¬6) ح - البياض؛ صح هـ. (¬7) ح: وهو. (¬8) ح ي: لشهوة. (¬9) ح: هل ينتقض. (¬10) ح - وضوءه (¬11) ح ي: الوضوء. (¬12) ح: قال. (¬13) ح ي: أو غيره. (¬14) ح ي: يجامع امرأته فيما دون. (¬15) ح ي: فلا. (¬16) ح ي: ولكنه. (¬17) ح ي: المذي أو الودي. (¬18) ح ي: الختانين. (¬19) ح ي + ولم ينزل. (¬20) م: احلم. (¬21) ح - قال هذا يجب عليه الغسل قلت أرأيت رجلاً احتلم ولم ينزل؛ صح هـ. (¬22) م - ولم ير شيئاً، صح هـ.

على فراشه مذياً أو في فخذه وقد رأى رؤيا أو لم ير؟ قال: هذا يجب عليه الغسل (¬1) أخذاً (¬2) بالثقة في ذلك. قلت: فإن كان لم ير مذياً ولكنه أَوْدَى في رؤياه (¬3)؟ قال: هذا بول، وليس عليه غسل. وهذا (¬4) قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: لا غُسل عليه حتى يستيقن أنه قد احتلم. قلت: أرأيت المرأة هي (¬5) في الاحتلام بمنزلة الرجل؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المرأة تصيبها (¬6) الجنابة ثم تحيض قبل أن تغتسل هل عليها غُسل الجنابة؟ قال: إن شاءت اغتسلت، وإن شاءت لم تغتسل حتى تطهر. قلت: أرأيت الجنب والحائض يَعْرَقان في الثوب هل يُغسَل ذلك الثوب أو يُنضَح بالماء؟ قال: لا (¬7). قلت: أرأيت الحوض تقع فيه الجيفة هل يتوضأ منه أو يشرب (¬8) منه؟ قال: إن كان حوضاً صغيراً يَخْلُص (¬9) بعضُه إلى بعض فلا يتوضأ منه ولا يشرب منه، إلا أن يخاف الرجل على نفسه في (¬10) العطش (¬11) فيشرب منه. وأما الوضوء فلا يتوضأ منه. وإن كان الحوض كبيراً لا يَخْلُص بعضه إلى بعض فلا بأس أن (¬12) يتوضأ (¬13) من ناحية أخرى ويشرب منه (¬14). قلت: ¬

_ (¬1) م - الغسل. (¬2) ح: آخذ. (¬3) ح ي: ولكنه رأى ودياً. (¬4) ح ي: وهو. (¬5) ح ي: أهي. (¬6) ح: يصيبها. (¬7) ح ي - قلت أرأيت الجنب والحائض يعرقان في الثوب هل يغسل ذلك الثوب أو ينضح بالماء قال لا. (¬8) ح ي: ويشرب. (¬9) أي يَصِل، والخلوص هو الصفاء في الأصل، ويستعار للوصول. انظر: المغرب، "خلص". (¬10) ح ي - في. (¬11) في العطش، أي: بسبب العطش. (¬12) ح ي: بأن. (¬13) ح ي + به. (¬14) نقل الحاكم عن إملاء أبي يوسف أن الإمام أبا حنيفة قال في الحوض: إذا حُرِّكَتْ منه ناحيةٌ لم تضطرب الناحية الأخرى فهذا لا ينجّسه بول يقع فيه أو دم أو جيفة إلا ذلك=

وكذلك لو بال فيه إنسان أو اغتسل (¬1) فيه جُنُب (¬2) أو أُلْقِيَ فيه عَذِرَة (¬3)؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الحوض الذي يخاف أن يكون فيه (¬4) قَذَر (¬5) ولا يستيقن ذلك (¬6) هل يشرب منه ويتوضأ (¬7) منه قبل أن يسأل عنه؟ قال: نعم، يشرب منه، ويتوضأ منه، وليس عليه أن يسأل عنه (¬8)، ولا (¬9) يدع الشرب منه ولا الوضوء (¬10) حتى يستيقن (¬11) أنه قَذِر. قلت: أرأيت الماء يكون في الطريق في حوض وقد أَنْتَنَ (¬12) وليس فيه جيفة هل يتوضأ منه ويشرب (¬13) منه (¬14)؟ قال: نعم. قلت: أرأيت جُنُباً (¬15) وقع في نهر فانغمس (¬16) فيه (¬17) انغماسة واحدة وتمضمض واستنشق وأنقى الفرج وغَسَل كل شيء منه مرة واحدة؟ قال: يجزيه. قلت: أرأيت رجلاً توضأ فنسي أن يمسح برأسه (¬18) فأصاب رأسَه (¬19) ماءُ (¬20) المطر فأصاب من ذلك مقدارَ ثلاثة (¬21) أصابع فمسحه به (¬22)؟ قال: يجزيه من مسح الرأس. قلت: أرأيت جُنُباً قام (¬23) في المطر الشديد متجرّداً فاغتسل بما أصابه من المطر وتمضمض واستنشق / [1/ 8 و] وغسل فرجه؟ ¬

_ = الموضع، ونقل عن أبي عصمة أن الإمام محمداً كان يقدر بعشرة في عشرة ثم رجع إلى قول الإمام أبي حنيفة في عدم التقدير. انظر للتفصيل والشرح: المبسوط، 1/ 70 - 71. (¬1) خ: واغتسل. (¬2) ح: جنباً (¬3) ح ي: العذرة. (¬4) ح ي - فيه. (¬5) ح ي: قذراً. (¬6) ي -ذلك. (¬7) ي: أو يتوضأ. (¬8) ح ي - نعم يشرب منه ويتوضأ منه وليس عليه أن يسأل عنه. (¬9) ح ي: لا. (¬10) ح ي: والوضوء. (¬11) ي: حتى يتيقن؛ صح هـ (¬12) م: ابين (الباء مهملة). (¬13) ح + ويشرب. (¬14) ح ي -منه (¬15) م: خبثاً؛ ي: جنب. (¬16) ح ي: في النهر وانغمس. (¬17) ح ي - فيه. (¬18) ح ي: رأسه. (¬19) ح - فأصاب رأسه. (¬20) ح: من (¬21) ك م: ثلاث. (¬22) ح: من. (¬23) ح ي: أرأيت رجلاً أجنب فقام.

قال: يجزيه (¬1) غُسله. قلت: أرأيت جُنُباً (¬2) وقع في بئر فاغتسل فيها؟ قال: قد أفسد ماءَ البئر (¬3)، ولا يجزيه غُسله. قلت: لم؟ قال: لأنه حين وقع في البئر فقد أفسد الماءَ كله، وإنما اغتسل بماءٍ قَذِر، فلا يجزيه. قلت: أرأيت الرجل يُسأل عن الوضوء فيتوضأ وضوءه للصلاة يريد بذلك تعليم الرجل (¬4) الذي سأله (¬5) هل يجزيه (¬6) وضوؤه (¬7) للصلاة (¬8) ولم ينو به الوضوء حين (¬9) توضأ؟ قال: نعم. قلت: لم ولم (¬10) يرد به الصلاة، وإنما (¬11) أراد به (¬12) أن يعلم الرجل (¬13) الذي سأله (¬14) عنه؟ قال: إذا توضأ وأراد (¬15) به الصلاة أو لم يرد به فإنه يجزيه من وضوئه. ألا ترى أن جُنُباً لو اغتسل (¬16) وهو ناس (¬17) للجنابة لا يريد بذلك غُسل الجنابة أن ذلك يجزيه من غُسل الجنابة (¬18)، فكذلك (¬19) هذا الذي توضأ، ولا أُبالي نَوَى به الغُسل (¬20) أو لم يَنْوِ (¬21). قلت: أرأيت الرجل يتوضأ (¬22) ثم يمسح (¬23) الوجه (¬24) بالمنديل؟ ¬

_ (¬1) ح ي+ من. (¬2) ي: جنب. (¬3) ح ي+ كله. (¬4) ح ي - الرجل. (¬5) ح: يسأله؛ ح ي+ عنه. (¬6) ح ي + ذلك من. (¬7) ح: وضوء؛ ي: وضوئه. (¬8) ح: الصلاة؛ ي - يريد بذلك تعليم الرجل الذي سأله هل يجزيه وضوؤه للصلاة؛ صح هـ مع التغييرات المشار إليها في الحواشي السابقة. (¬9) ح ي: ساعة. (¬10) ح ي: وهو لم. (¬11) ح ي: إنما. (¬12) ح - به. (¬13) ح ي - الرجل. (¬14) م ي: سأل. (¬15) ح ي: أراد. (¬16) ح ي: ألا ترى لو أن رجلاً جنباً اغتسل. (¬17) ح ي: ناسي. (¬18) ح ي - لا يريد بذلك غسل الجنابة أن ذلك يجزيه من غسل الجنابة. (¬19) م: وكذلك. (¬20) ح ي + والوضوء. (¬21) ح ي + به. (¬22) ك: توضأ. (¬23) م: ثم مسح؛ ح ي + أعضاء. (¬24) م - الوجه؛ ح ي: الوضوء.

قال: لا بأس بذلك. قلت: لم؟ قال: أرأيت لو اغتسل في ليلة باردة أكان يقوم عُرياناً حتى يَجِفّ؟ قلت: لا. قال: فلا بأس أن (¬1) يمسح بالمنديل ويتمسّح في ثوب من الجنابة والوضوء. قلت: أرأيت الجُنُب أتَكره (¬2) له أن ينام أو يعاود أهله قبل أن يتوضأ؟ قال: لا بأس بذلك، إن شاء توضأ، وإن شاء لم يتوضأ. وقد بلغنا أن عائشة (¬3) رضي الله عنها (¬4) قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُصيب مِن أهله وينام ولم يُصِبْ (¬5) ماءً، ثم يقوم، فإن شاء عاد (¬6)، وإن شاء اغتسل (¬7). قلت: فإن أراوإن يأكل كيف يصنع؟ قال: يَغسل يديه ويتمضمض ثم يأكل. قلت: فإن كانت (¬8) يداه نظيفتين فأكل ولم يَغسلهما؟ قال: لا يضره ذلك، ولكن أحبّ إلي (¬9) أن (¬10) يَغسلهما ويتمضمض. قلت: ولم لا يتوضأ وضوءه للصلاة؟ قال: هذا ليس بشيء (¬11)، أرأيت الحائض أتتوضأ (¬12) وضوءها للصلاة كله إذا (¬13) أرادت أن تأكل؟ قلت (¬14): لا. قال (¬15): فالمرأة مثل الرجل أو أشد حالاً (¬16). ليس على واحد (¬17) منهما أن يتوضأ، ولكنه يَغسل يديه ويتمضمض (¬18) إن شاء. ¬

_ (¬1) ح ي: بأن. (¬2) م ح: أيكره. (¬3) ح ي: عن عائشة. (¬4) ح ي + أنها. (¬5) ح ي: ثم ينام ولا يصيب. (¬6) ك م: أعاد؛ ي: عاود. والتصحيح من المصادر المذكورة في الحاشية التالية. (¬7) محمد قال أخبرنا أبو حنيفة قال حدثنا أبو إسحاق السبيعي عن الأسود بن يزيد عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصيب من أهله من أول الليل فينام ولا يصيب ماء، فإن استيقظ من آخر الليل عاد واغتسل. انظر: الآثار لمحمد، 17. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 25؛ ومسند أحمد، 6/ 106. (¬8) ح ي: كان. (¬9) م - إلى؛ ح ي: وأحب في ذلك. (¬10) ح - أن. (¬11) ك م+ قلت؛ ح ي - هذا ليس بشيء. (¬12) ح ي: لتتوضأ. (¬13) ح ي: كلما. (¬14) ك م: قال. (¬15) م - قال. (¬16) ك م+ قال. (¬17) ح ي: فليس على كل واحد. (¬18) ي: ويمضمض.

قلت: أرأيت الرجل (¬1) تنكسر (¬2) يده (¬3) فتكون (¬4) عليها (¬5) الجَبَائِر فيتوضأ للصلاة (¬6) أيجزيه أن يمسح على الجبائر (¬7)؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان (¬8) به قَرْحَة أو جرح (¬9) فمسح فوق الخِرْقَة التي على الجرح؟ قال: نعم، يجزيه ذلك. وذلك (¬10) إذا كان الجرح في موضع الوضوء، فإن لم يكن في موضع الوضوء (¬11) فليس عليه أن يمسح عليه. قلت: أرأيت إن كانت به جِراحة وهو يخاف على نفسه أن يمسح عليها؟ قال: إذا خاف على نفسه أن يمسح عليها (¬12) فلم يمسح عليها أجزأه. قلت: أرأيت إن كانت الجِراحة في جانب رأسه وهو يَقدر على أن يمسح بقية رأسه ولا يضره؟ قال: فليمسح ما بقي من رأسه. قلت: فإن لم يفعل وصلى هكذا أياماً من غير أن يمسح على بقية رأسه؟ قال: عليه أن يمسح على بقية رأسه (¬13) وُيعيد (¬14) الصلوات كلها. قلت: أرأيت إن أَجْنَبَ / [1/ 8 ظ] فاغتسل فمسح بالماء على الجبائر التي على يديه أو لم يمسح لأنه يخاف على نفسه أن يمسح؟ قال: يجزيه. وقال (¬15) أبو يوسف ومحمد: إنْ تَرَكَ المسح على الجبائر ولا يضرّه ذلك (¬16) لم يجزه (¬17). فإن صلى هكذا أياماً (¬18) أعاد ما ¬

_ (¬1) ح - الرجل. (¬2) ي: ينكسر. (¬3) ح ي: يديه. (¬4) م ح ي: فيكون. (¬5) ك م ح ي: عليه. والتصحيح من ج. (¬6) ح - للصلاة؛ صح هـ. (¬7) ح: على الجبائرة. (¬8) ح: قلت لو كانت؛ ي: قلت ولو كانت. (¬9) م: أو خرج. (¬10) ح: وكذلك. (¬11) ح - فإن لم يكن في موضع الوضوء. (¬12) ح ي - أن يمسح عليها. (¬13) ح ي - عليه أن يمسح على بقية رأسه. (¬14) ح ي: يعيد. (¬15) ح: قال. (¬16) ح ي: وذلك لا يضره. (¬17) ي: لم يجزيه. قال السرخسي: فإن ترك المسح وهو لا يضره قال في الأصل: لم يجزه في قول أبي يوسف ومحمد -رحمهما الله تعالى-، ولم يذكر قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى، وفي غير رواية الأصول عن أبي حنيفة -رحمه الله- أنه يجزئه، وقيل: هو قوله الأول، ثم رجع عنه إلى قولهما ... انظر: المبسوط، 1/ 74. (¬18) ح ي - أياماً.

كان (¬1) صلى (¬2) حتى يمسح (¬3) عليها. فإن (¬4) مسح عليها ودخل (¬5) في الصلاة ثم سقطمت الجبائر عنه من غير برء (¬6) مضى في صلاته، ولا يشبه (¬7) هذا المسح على الخفين. قلت: أرأيت الرجل ينكسر ظفره فيجعل عليه الدواء أو العلك فيتوضأ (¬8) وقد أُمِرَ (¬9) أن لا ينزعه عنه؟ قال: يجزيه. قلت: وإن لم يَخْلُصِ الماءُ إليه (¬10)؟ قال: وإن لم يَخْلُصِ الماءُ إليه (¬11). قلت: أرأيت رجلاً توضأ ثم تَقَيَّأَ متعمداً أو غير متعمد (¬12) أو قَلَسَ (¬13)؟ قال: إذا كان ذلك مِلْءَ فِيهِ أو أكثر من ذلك أعاد الوضوء، وإن (¬14) كان القَلَس أقلّ مِن مِلْءِ فِيهِ لم يُعِدِ الوضوء. قلت: أرأيت إن تَقَيَّأَ مِلْءَ فِيهِ بَلْغَماً؟ قال: لا يعيد الوضوء. قلت: وكذلك البُزَاق؟ قال: نعم. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: البَلْغَم (¬15) كغيره من الطعام والشراب، إذا كان مِلْءَ فِيهِ أعاد الوضوء (¬16). قلت: فإن تَقَيَّأَ مِلْءَ فِيهِ مِرّة (¬17)؟ قال: عليه أن يعيد الوضوء. ¬

_ (¬1) ح ي - كان. (¬2) ي: صلاه. (¬3) ح ي: حين يمسح. (¬4) ح ي: وإن. (¬5) ح ي: ثم دخل. (¬6) ك م - عنه من غير برء. وقال الحاكم: وهذا إذا كان سقوطها من غير برء. انظر: الكافي، 1/ 4 و. وسيذكر المؤلف هذا القيد بمعناه فيما يأتي. انظر: 1/ 17 و. وقال السرخسي: فإن كان عن برء فعليه غسل ذلك الموضع واستقبال الصلاة لزوال العذر، فأما إذا سقط عن غير برء فالمسح على الجبائر كالغسل لما تحته ما دامت العلة باقية، ولهذا لا يتوقف بخلاف المسح بالخف. انظر: المبسوط، 1/ 74. (¬7) ح: شبهه؛ ي: يشبهه. (¬8) ي - فيتوضأ. (¬9) ح: أمن. (¬10) ح ي: يخلص إليه الماء. (¬11) ح ي: يخلص إليه الماء. (¬12) م: معتمداً أو غير معتمد. (¬13) قَلَس، أي: قاء أقل من ملء الفم أو ملء الفم، والقيء يكون أكثر من ذلك. انظر: المغرب، "قلس"؛ ولسان العرب، "قلس". (¬14) ح ي: فإن. (¬15) م: التلغم. (¬16) الجامع الصغير لمحمد بن الحسن، 71 - 72. (¬17) هي الصفراء، مزاج من أمزجة البدن عند القدماء، وهي سائل شديد المرارة يختزن في كيس المرارة لونه أصفر يضرب للحمرة. انظر: المعجم الوسيط، "صفر".

قلت: أرأيت رجلاً به دُمَّل أو قَرْحَة (¬1) فخرج (¬2) منه دم أو قَيْحٌ أو صَدِيدٌ فسَالَ عن رأس الجرح؟ قال: عليه أن يُعيد الوضوء. قلت: فإن كان قليلاً لم يَسِلْ عن رأس الجرح؟ قال: فلا (¬3) وضوء عليه. قلت: أرأيت رجلاً بَزَقَ فرأى في (¬4) بُزَاقِه الصفرة هل ينقض ذلك وضوءه؟ قال: لا. قلت: فإن كان الدم هو الغالب؟ قال: هذا ينقض وضوءه (¬5). قلت: فإن كان الدم والبُزَاق سواء لا يَغلب أحدهما صاحبه؟ قال: أحبّ إليّ أن يعيد الوضوء، ويأخذ في ذلك بالثقة. قلت: أرأيت (¬6) الرُّعَاف والريح والضحك في الصلاة هل ينقض الوضوء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت النوم هل (¬7) ينقض الوضوء؟ قال: إذا كان قائماً أو راكعاً أو ساجداً أو قاعداً فلا ينقض (¬8) وضوءه (¬9)، وأمّا إذا نام (¬10) مضطجعاً أو متكئاً فإن ذلك ينقض الوضوء. قال أبو يوسف: إن نام متعمداً (¬11) في السجود فسدت صلاته، وإن غلبه النوم في السجود لم يضرّه (¬12). قلت: إن (¬13) نام على إحدى أليتيه أو إحدى (¬14) وَرِكَيْه مُتَوَرِّكاً؟ قال: هذا ينقض وضوءه. قلت: أرأيت رجلاً به جرح وَكَزَه (¬15) فخرج منه دم قليل فمسحه ثم ¬

_ (¬1) ح: أو قراحة. (¬2) ح: يخرج. (¬3) ح ي: لا. (¬4) ح: يخرج من؛ ي: فخرج من. (¬5) ي - قلت فإن كان الدم هو الغالب قال هذا ينقض وضوءه؛ صح هـ. (¬6) ح + رجلاً. (¬7) م - هل. (¬8) ح ي + ذلك. (¬9) ح ي: الوضوء. (¬10) خ: وأما النوم. (¬11) م: معتمداً. (¬12) ح ي - قال أبو يوسف إن نام متعمداً في السجود فسدت صلاته وإن غلبه النوم في السجود لم يضره. (¬13) ح ي: فإن. (¬14) ح ي: أو أحد. (¬15) ح ي - وكزه. وكزه وَكْزاً من باب وَعَدَ: ضربه ودفعه. انظر: المصباح المنير، "وكز".

خرج منه (¬1) أيضاً فمسحه وذلك كله قبل أن يسيل؟ قال: إن كان (¬2) الدم لو ترك ما مسح منه سال (¬3) أعاد الوضوء، وإن (¬4) كان لو ترك لم يَسِلْ لم ينقض وضوءه. قلت: أرأيت الكلام الفاحش هل ينقض الوضوء؟ قال: لا. قلت: أرأيت الطعام (¬5) هل ينقض شيء منه (¬6) الوضوء (¬7) مثل لحوم الإبل أو البقر أو الغنم (¬8) أو اللبن (¬9) أو غير ذلك مما (¬10) مَسَّتْه النار (¬11)؟ قال: ليس شيء من الطعام ينقض الوضوء. إنما الوضوء ينتقض (¬12) مما يخرج وليس مما يدخل، ولم تَزِدْه النارُ إلا طِيباً. ولو كان هذا ينقض الوضوء لكان من توضأ بماءٍ سُخْنٍ نقض (¬13) وضوءه، ولكان من ادَّهَنَ بدُهن (¬14) قد مَسَّتْه النارُ أعاد الوضوء. فليس شيءٌ مِن هذا ينقض وضوءه (¬15). قلت: أرأيت رجلاً تبسم في صلاته ولم يُقَهْقِهْ هل ينقض ذلك الوضوء (¬16)؟ قال: لا. قلت: فإن قَهْقَهَ؟ قال: هذا ينقض الوضوء، وعليه ¬

_ (¬1) ح ي - منه. (¬2) ح ي: إذا كان. (¬3) ح ي: لسال. (¬4) ي: فإن. (¬5) ي+ هل ينقض الوضوء قال لا قلت أرأيت الطعام. (¬6) ح - شيء منه. (¬7) ح + قال لا قلت شيء منه. ي - الوضوء. (¬8) ح ي: والبقر والغنم. (¬9) ح: والطير؛ ي: واللبن. (¬10) ح ي + قد. (¬11) ح ي + في شيء من هذا وضوءه. (¬12) م: ينقض؛ ح - ينتقض؛ ي: إنما ينقض الوضوء. (¬13) ح ي: ينقض. (¬14) ح: يدهن. (¬15) ح - أعاد الوضوء فليس شيء من هذا ينقض وضوءه؛ ي - فليس شيء من هذا ينقض وضوءه. (¬16) ح ي: وضوءه.

أن يَستقبل الوضوء والصلاة. قلت: لم؟ قال: للأثر (¬1) الذي جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬2). قلت: أرأيت رجلاً توضأ فمسح نصف رأسه أو ثلثه (¬3) أو أقل من ذلك؟ قال: يجزيه. قلت: أرأيت رجلاً توضأ ولم يُخَلِّلْ لحيتَه بالماء؟ قال: يجزيه. قلت: أرأيت الرجل إذا توضأ أينبغي له أن يُخَلِّلَ أصابعَ يديه ورجليه بالماء؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأن هذا مِن مواضع (¬4) الوضوء، فلا بد له (¬5) من أن يصيبه الماء. قلت: فاللحية؟ قال: اللحية إنما مواضع (¬6) الوضوء (¬7) ما ظهر منها، فإذا أَمَرَّ (¬8) كفّيه عليها (¬9) أجزأه. قلت: أرأيت رجلاً توضأ ثم ذبح شاة هل ينقض ذلك وضوءه؟ قال: لا. قلت: فإن أصاب يدَه بولٌ أو دم أو عَذِرَةٌ أو خمر هل ينقض ذلك وضوءه؟ قال: لا، ولكن يَغسل ذلك المكان الذي أصابه. قلت: فإن صلى به (¬10) ولم يَغسله؟ قال: إن كان أكثر مِن قَدْرِ الدرهم غَسَلَه وأعاد الصلاة، ¬

_ (¬1) ح: قال ألا ترى. (¬2) محمد قال أخبرنا أبو حنيفة قال حدثنا منصور بن زاذان عن الحسن البصري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال بينما هو في الصلاة إذ أقبل أعمى من قبل القبلة يريد الصلاة والقوم في صلاة الفجر، فوقع في زُبْيَة [أي: حفرة، انظر: المغرب، "زبي"]، فاستضحك بعض القوم حتى قَهْقَه، فلما فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال "مَن كان قَهْقَهَ منكم فليُعِدِ الوضوء والصلاة". انظر: الآثار لمحمد، 35. وروي الحديث من وجوه كثيرة مسنداً ومرسلاً. انظر: الآثار لأبي يوسف، 28؛ وسنن الدارقطني، 1/ 161 - 172؛ ومسند أبي حنيفة لأبي نعيم، 223؛ ونصب الراية للزيلعي، 1/ 47 - 52؛ والدراية لابن حجر، 1/ 34 - 37. (¬3) ح: أو ثلثة. (¬4) ح ي: من موضع. (¬5) ح ي - له. (¬6) ح: موضع. (¬7) ح ي + منها. (¬8) م: فإذا مر. (¬9) ح - عليها. (¬10) صح ي: فيه.

وإن كان (¬1) أقلّ مِن قَدْرِ الدرهم لم يُعِدِ الصلاة (¬2)، ولكن أَفْضَل ذلك أن يَغسله. قلت: وكذلك لو أصاب يدَه القيءُ؟ قال: نعم. قلت: وكذلك (¬3) الرَّوْث وخُرْءُ الدجاج (¬4)؟ قال: نعم. قلت: فإن أصابه خُرْءُ طائر (¬5) يؤكل لحمه مثل الحمام والعصفور؟ قال: ليس عليه في هذا (¬6) إعادة. قلت: أرأيت المني يكون في الثوب فيَجِفّ فيَحُكُّه (¬7) الرجل؟ قال: يجزيه ذلك. بلغنا عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تَفْرِكُه من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬8). قلت: فإن أصاب الثوبَ دمٌ أو عَذِرَةٌ (¬9) فحَكَّها (¬10)؟ قال: لا يجزيه ذلك. قلت: من أين اختلفا؟ قال: هما في القياس سواء، غير أنه جاء في المني أثر، فأخذنا به. قلت: وكذلك رَوْث الحمار أو البغل (¬11) هو (¬12) مثل العَذِرَة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الدم أو العَذِرَة أو الرَّوْث إذا أصاب النعل أو الخُفّ فجفّ (¬13) فمسحه الرجل بالأرض هل يجزيه ذلك ويصلي في نعله أو خُفَّيْه (¬14)؟ قال: نعم. قلت: من أين اختلف (¬15) النعل والثوب؟ قال: لأن النعل جِلْد، فإذا مسحه بالأرض ذهب القَذَر منه، والثوب ليس هكذا؛ لأن الثوب يَنْشَفُه (¬16) فيَبقى فيه. وقال محمد في الدم ¬

_ (¬1) ط+ قدر الدرهم أو. وفي هامش نسخة ك: ينبغي وإن كان قدر الدرهم أو أقل لم يعد. وسيأتي قريباً أن قدر الدرهم معفو عنه وأنه من قول إبراهيم النخعي. انظر: 1/ 9 ظ؛ 11 و. (¬2) ح ي - وإن كان أقل من قدر الدرهم لم يعد الصلاة. (¬3) ح ي - وكذلك. (¬4) ح ي: الدجاجة. (¬5) م ح ي: طير. (¬6) ح ي: في ذلك. (¬7) ح ي: فيحته. (¬8) روي من طريق الإمام أبي حنيفة بإسناده. انظر: جامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 277. وروي من طرق أخرى. انظر: صحيح مسلم، الطهارة، 105 - 106؛ وسنن أبي داود، الطهارة، 134؛ وسنن الترمذي، الطهارة، 85؛ والدراية لابن حجر، 1/ 91. (¬9) ح ي: الثوب عذرة أو دم. (¬10) ح: فنحاها؛ ي: فيحتها. (¬11) ح ي: والبغل. (¬12) ح ي - هو. (¬13) ك م: فيجف. (¬14) ح: أو خفه. (¬15) ح ي: اختلفا. (¬16) ح - ينشفه.

والعَذِرَة (¬1): إذا أصاب الخُفَّ أو النعل (¬2): لا يجزيه أن يمسحه من الخُفّ أو النعل (¬3) حتى يَغسله من موضعه وإن كان يابساً. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا أصاب الخُفَّ أو النعلَ أو الثوبَ الرَّوْثُ فصلى فيه وهو رَطْبٌ وهو أكثر مِن قَدْرِ الدرهم إن صلاته تامة (¬4). وإن كان كثيراً فاحشاً فصلى فيه أعاد الصلاة. قلت: أرأيت رجلاً توضأ وضوءه للصلاة ثم غَمَّضَ (¬5) ميتاً أو غَسَلَه (¬6) هل يجب عليه الغسل (¬7) أو يَنْقُضُ وضوءَه؟ قال: لا، إلا أن يصيب يدَه (¬8) أو سائرَ (¬9) جسدِه شيءٌ فيَغسله. قلت: لم لا يجب عليه الوضوء وقد مَسَّ ميتاً؟ قال: لأن مَسَّ الميت ليس بحَدَث يوجب عليه (¬10) الوضوء. ألا ترى لو أن رجلاً توضأ ثم مَسَّ كلباً أو خنزيراً أو جيفةً لم ينقض وضوءه وهذا نجس (¬11). فالمسلم الميت (¬12) أطهر وأنظف من هذا. قلت: أرأيت رجلاً توضأ ثم احتجم؟ قال: قد نقض ذلك وضوءه. قلت: فهل يجب عليه الغُسل؟ قال: لا، ولكن يجب عليه أن يَغسل موضع المِحْجَمَة (¬13). قلت: فإن توضأ ولم يَغسل موضع المِحْجَمَة وصلى فيه أياماً؟ قال: إن كان موضع المِحْجَمَة قدر الدرهم أو (¬14) أقلّ مِن قَدْرِ الدرهم (¬15) فإن (¬16) صلاته تامة، إلا أنه قد أساء. وإن كان موضع المِحْجَمَة أكثر مِن قَدْرِ الدرهم غَسله وأعاد ما صلى (¬17). ¬

_ (¬1) ح ي: أو العذرة. (¬2) ح: والنعل. (¬3) ك: والنعل؛ ح ي - أو النعل. (¬4) ي - إن صلاته تامة. (¬5) ح ي: ثم غمس. (¬6) ح ي: أو غسل. (¬7) ح ي: غسل. (¬8) ح: بدنه؛ ي: يديه. (¬9) ح ي: وسائر. (¬10) ح ي + فيه. (¬11) م: يحسن. (¬12) م ح ي: فالميت المسلم. (¬13) المِحْجَمَة هي آلة الحجّام التي يستعملها للحجامة. انظر: المغرب، "حجم"؛ والمصباح المنير، "حجم". فموضع المحجمة هو المكان الذي يستخرج منه الدم في الجسم. ويسمى المَحْجَم. وجمعه: محاجم. انظر المصدرين السابقين. (¬14) م ح ي - قدر الدرهم أو. (¬15) ك - من قدر الدرهم. (¬16) ح ي: إن. (¬17) ي: ما صلاه.

قلت: أرأيت رجلاً توضأ ثم خرج من ذكره بول هل يجب (¬1) عليه الوضوء؟ قال: نعم. قلت: فإن قَلَسَ أقلَّ مِن مِلْءِ فيه؟ قال: لا يجب عليه في ذلك (¬2) الوضوء. فلت: مِن أين اختلف (¬3) القَلَس والبول؟ قال: ليس الفم والذكر والدبر سواء. ألا ترى (¬4) أنه لو خرج (¬5) من دبره ريح (¬6) أعاد الوضوء، ولو تَجَشَّأَ لم يكن عليه الوضوء. قلت: فإن خرج من جرحه دم ولم يَسِلْ؟ قال: لا ينقض ذلك وضوءه. قلت: لم (¬7) لا ينقض هذا (¬8) وضوءه كما أنه لو (¬9) خرج من ذكره بول نقض وضوءه (¬10)؟ قال: لأن ما خرج من الذكر حَدَثٌ، وما خرج من الجرح ليس بحَدَث، إلا أن يَسِيل. قلت: أرأيت رجلاً توضأ ثم خرج من دُبُرِه دابة؟ قال: هذا قد نقض (¬11) وضوءه، وعليه أن يعيد الوضوء (¬12) والصلوات (¬13). قلت: أرأيت رجلاً توضأ ثم سَقَط مِن جرحه لحم (¬14)، أو دابة خَرَجَتْ مِن جرحه هل ينقض ذلك وضوءه؟ قال: لا. قلت: أرأيت رجلاً توضأ ثم قَشَرَ مِن جرحه الجِلْد (¬15) هل ينقض ذلك وضوءه؟ قال: لا (¬16). قلت: فإن كان فيه ماءٌ فسَالَ؟ قال: هذا ينقض الوضوء (¬17). قلت: فما فَرْقُ (¬18) ما (¬19) بين الدابة إذا خرجت من الدبر وإذا (¬20) خرجت من الجرح؟ قال: لأنها (¬21) إذا ¬

_ (¬1) ح ي: هل في ذلك. (¬2) ح ي: لا يوجب ذلك عليه. (¬3) ي: اختلفا. (¬4) ح: ألا يرى. (¬5) ح ي: لو خرجت. (¬6) ح: بريح. (¬7) ح: ولم. (¬8) ك م - هذا؛ صح م هـ. (¬9) ح - أنه لو؛ صح هـ. (¬10) ح ي - نقض وضوءه. (¬11) ح ي: قد انتقض. (¬12) ح ي + قلت فإن صلى ولم يعد الوضوء قال عليه أن يعيد الوضوء. (¬13) ح ي: والصلاة. (¬14) ح ي: اللحم. (¬15) ح: الجلدة. (¬16) ي - قلت أرأيت رجلاً توضأ ثم قشر من جرحه الجلد هل ينقض ذلك وضوءه قال لا. (¬17) ح ي - الوضوء. (¬18) ح ي: الفرق. (¬19) م ح ي - ما. (¬20) ح ي: أو إذا. (¬21) ح: لأنه.

خرجت (¬1) من الدبر فهو حَدَث، وإذا خرجت من الجرح (¬2) فليس بحَدَث. قلت: أرأيت رجلاً توضأ ثم رَعَفَ وهو قليل لا يَسِيل؟ قال: لا ينقض وضوءه. قلت: من أين اختلف الدم إذا خرج من الأنف والدابة إذا خرجت من الدبر؟ قال: لأن الدابة إذا خرجت من الدبر (¬3) فهو حَدَث، وإذا خرج الدم من الأنف ولم يَسِلْ لم يكن ذلك بحَدَث. ولو كان هذا حَدَثاً لكان إذا خرج منه المُخَاط أو البُزَاق (¬4) أعاد الوضوء. فليس هذا بشيء، ولا وضوء عليه (¬5). قلت: أرأيت رجلاً توضأ ثم تَقَيَّأَ فخرج منه دم (¬6) لم يخالطه (¬7) شيء؟ قال: هذا ينقض وضوءه (¬8). قلت: وكذلك لو قاء مِرّةً (¬9) لم يخالطها (¬10) شيء؟ قال (¬11): وكذلك لو قاء مِرّةً لم يخالطها شيء (¬12). قلت: فإن قاء بَلْغَماً لا يخالطه شيء (¬13)؟ قال: هذا بُزَاق، ولا ينقض هذا ¬

_ (¬1) ي: إذا خرج. (¬2) م - قال لأنها إذا خرجت من الدبر فهو حدث وإذا خرجت من الجرح. (¬3) ح - قال لأن الدابة إذا خرجت من الدبر؛ صح هـ. (¬4) ح ي: والبزاق. (¬5) ك م ط+ وقال محمد في النوادر إذا نزل الدم في قصبة الأنف انتقض وضوؤه وإذا وقع البول في قصبة الذكر لم ينتقض وضوؤه قال محمد فيمن قاء دماً لم ينقض حتى يملأ الفم لأن الجرح إذا كان في الجوف فليس بجرح إنما هذا قيء وليس بدم. ولعل هذا من كلام أبي سليمان الجوزجاني أو بعض رواة الكتاب الآخرين. ونفس الكلام موجود في الكافي، 1/ 4 و. (¬6) ح ي: الماء. (¬7) ح ي: لا يخالطه. (¬8) ح ي: قال قد انتقض وضوؤه. إن قاء دماً فعلى قول أبي حنيفة وأبي يوسف -رحمهما الله تعالى- ينتقض وضوؤه بقليله وكثيره، وقال محمد -رحمه الله تعالى-: لا ينتقض وضوؤه حتى يملأ الفم. انظر: المبسوط، 1/ 75 - 76. (¬9) المِرّة خِلْط من أخلاط البدن. انظر: المصباح المنير، "مرر". (¬10) ح ي: لا يخالطها. (¬11) ح ي + نعم. (¬12) ح ي - وكذلك لو قاء مرة لم يخالطها شيء. (¬13) ك - لا يخالطه شيء؛ م - قال وكذلك لو قاء مرة لم يخالطها شيء قلت فإن قاء بلغماً لا يخالطه شيء.

وضوءه في قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: أمّا أنا فأرى المِرَّة والبَلْغَم (¬1) والقيء سواء، وهذا ينقض الوضوء (¬2). قلت: أرأيت رجلاً به جرح سائل لا ينقطع كيف يتوضأ ويصلي؟ قال: يتوضأ لوقت كل صلاة (¬3) ويصلي. قلت: فإن (¬4) صلى الظهر هل يصلي ما بينه وبين العصر من التطوع أو فريضة قد (¬5) نسيها أو صلاة قد جعلها لله على نفسه؟ قال: نعم، يصلي ما بينه وبين العصر ما شاء ما لم يحدث. قلت: وتأمره أن يشد الجرح ويربطه (¬6)؟ قال: نعم. قلت: فإن شده (¬7) وربطه ثم سال الدم حتى نَفَذَ الرباطَ؟ قال: لا ينقض ذلك وضوءه حتى يجيء وقت صلاة أخرى. قلت: فإن كان (¬8) أصاب ثوبه من ذلك الدم؟ قال: يغسله ويصلي فيه. قلت: فإن لم يغسله وصلى فيه؟ قال: إن كان أكثر من قدر الدرهم غسله وأعاد الصلاة، وإن كان (¬9) أقل من قدر الدرهم لم يعد الصلاة، ولكن أفضل ذلك أن يغسل ذلك الدم من ثوبه. قلت: أرأيت إن توضأ وربطه وشده ثم سال الدم وسال من مكان آخر (¬10)؟ قال: هذا ينقض وضوءه، ولا ينقضه ذلك الجرح. قلت: لم جعلت عليه إذا توضأ أن يصلي ما بينه وبين وقت (¬11) صلاة أخرى بذلك الوضوء؟ قال: هذا عندي بمنزلة المستحاضة، وقد جاء في المستحاضة أثر أنها تتوضأ لوقت (¬12) كل (¬13) صلاة (¬14). ¬

_ (¬1) م: البلغم والمرة. (¬2) ح ي: أبو يوسف ينقض له أن البلغم والمرة سواء في القيء وهو ينقض الوضوء. (¬3) ح: لكل وقت صلاة. (¬4) ح ي: فإذا. (¬5) ح ي: كان. (¬6) ي: ويربط. (¬7) ح: شد. (¬8) ح ي - كان. (¬9) ح - إن كان. (¬10) ح ي + دم. (¬11) ح: وقته. (¬12) ح ي - لوقت. (¬13) ح ي: لكل. (¬14) روى البخاري من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، إني امرأة أستحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا، إنما ذلك عِرْق، وليس بحيض، فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ثم صلي". قال وقال أبي: "ثم=

قلت: أرأيت رجلاً (¬1) توضأ (¬2) ثم صلى (¬3) على عَذِرَة يابسة أو دم يابس أو مَشَى في موضع به دم (¬4) هل ينقض ذلك وضوءه؟ قال: لا. قلت: فإن قام عليه هل يجب عليه أن يَغسل رجليه أو يعيد الوضوء والصلاة (¬5)؟ قال: لا (¬6). قلت: أرأيت إن توضأ ثم خاض ماءَ المطر إلى المسجد أو داس الطينَ إلى المسجد هل ينقض ذلك وضوءه (¬7) أو يجب (¬8) عليه غَسل رجليه أو خُفّيه؟ قال: لا، ولكن (¬9) يمسح ما كان على قدميه أو خُفّيه بالأرض، ويصلي ولا يجب عليه غَسله حتى يستيقن (¬10) أن الطين قَذِر (¬11). ¬

_ = توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت". والجملة الأخيرة مرفوعة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. انظر: فتح الباري لابن حجر، 1/ 409. ونقل ابن الهمام عن شرح مختصر الطحاوي: روى أبو حنيفة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لفاطمة بنت أبى حبيش: "وتوضئي لوقت كل صلاة". انظر: فتح القدير لابن الهمام، 1/ 179. ورواه الطحاوي من طريق الإمام أبي حنيفة بنفس الإسناد بلفظ: "ثم توضئي عند كل صلاة". انظر: شرح معاني الآثار، 1/ 102. (¬1) ي: رجل. (¬2) ك م: يتوضأ. (¬3) ح ي: ثم وطيء. (¬4) ح ي: أو مشاقة فيها دم. (¬5) ح ي: أو الصلاة. (¬6) ويأتي في كلام المؤلف: قلت أرأيت رجلاً صلى في مكان من الأرض قد كان فيه بول أو عَذِرَة أو دم أو قيء أو خمر وقد جَفَّ ذلك وذهب أثره؟ قال صلاته تامة. قلت فإن كان لم يذهب أثره؟ قال صلاته فاسدة، وعليه أن يستقبل الصلاة. انظر: 1/ 38 ظ - 39 و. وانظر للتفصيل: المبسوط، 1/ 204 - 205. (¬7) ح - وضوءه. (¬8) ح: ويوجب. (¬9) ح ي: ولكنه. (¬10) ي: حتى يتيقن؛ صح هـ. (¬11) ك م + وقال أبو حنيفة في الإملاء أكره أن يمسح ذلك بحائط المسجد من داخل أو بأسطوانة من أساطينه. وهذه العبارة موجودة في جميع النسخ وفي المطبوعة؛ وفي الكافي، 1/ 4 و. لكنها لا توجد في نسختي ح ي. وهي ليست من الأصل كما هو ظاهر. ولعل المراد من الإملاء أمالي الإمام أبي يوسف أو الإمام محمد، لأنه لا يعرف أن للإمام أبي حنيفة كتاباً يسمى الإملاء. وقد أشار إليه أبو الوفا الأفغاني، 1/ 81. وروي أن أبا حنيفة رحمه الله رأى رجلاً يمسح خفيه بأسطوانة المسجد، فقال له: لو مسحته بلحيتك كان خيراً لك. انظر: المبسوط، 1/ 85.

قلت: أرأيت رجلاً مَرَّ بكَنِيف فسال عليه مِن ذلك الكَنِيف أكثرُ مِن قَدْرِ الدرهم وهو لا يَعلم ما هو؟ قال: إن غَسَلَه فحَسَن، وإن لم يَغْسِلْه حتى يَعلم ما هو أجزأه ذلك (¬1). قلت: فإن كان أكثر ظنّه (¬2) أنه قَذَر؟ قال: يَغسله. قلت:. أرأيت إن لم يَسِلْ (¬3) ولكن هَبَّتْ عليه ريحٌ (¬4) فانْتَضَحَ عليه منه شيءٌ يسيرٌ كرؤوس الإبَر أو أصغر (¬5) من ذلك؟ قال: هذا ليس (¬6) بشيء. قلت: فإن استيقن أنه بول أو قَذَر (¬7)؟ قال: وإن استيقن، فلا يجب عليه (¬8) غَسله. ألا ترى أن الرجل يدخل المَخْرَج فيقع الذباب (¬9) على العَذِرَة والبول ثم يَقَعْنَ عليه وعلى ثيابه. فليس يجب عليه في هذا غَسل. قلت: فإن انْتَضَحَ عليه (¬10) شيء كثير وهو يستيقن أنه بول؟ قال: يغسله. قلت: أرأيت رجلاً توضأ ثم شَكَّ في بعض وضوئه وذلك أوّلُ ما شَكّ؟ قال: عليه أن يغسل ذلك (¬11) الموضع (¬12) الذي شَكّ فيه. قلت: فإن كان يَلْقَى ذلك (¬13) كثيراً يَعْرِضُ له الشيطان بذلك في صلاته أو بعد فراغه منها حتى يَكْثُر ذلك عليه؟ قال: لا يلتفت (¬14) إلى شيء من هذا، ويمضي في صلاته، ولا يعيد شيئاً من ذلك. قلت: أرأيت رجلاً توضأ وفرغ (¬15) من وضوئه فظن (¬16) أنه قد أحدث ولم يستيقن؟ قال: هو على وضوئه، ولا يعيد. قلت: فإن كان في الصلاة فظن (¬17) أنه أحدث (¬18)؟ قال: يمضي في صلاته. قلت: وكذلك لو كان فرغ من صلاته؟ قال: نعم، ليس يجب عليه أن يعيد (¬19) حتى يستيقن (¬20)، حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً أو يستيقن ¬

_ (¬1) ح ي -ذلك. (¬2) م: طينه. (¬3) ح ي+ عليه. (¬4) ح ي: ولكن الريح هبت به. (¬5) ح ي: وأصغر. (¬6) ح ي: ليس هذا. (¬7) ح ي+ أو قذر. (¬8) م - عليه. (¬9) ي: الذبان. (¬10) ي+ منه. (¬11) ح ي - ذلك. (¬12) أي: العضو. (¬13) ح ي: هذا. (¬14) م: لايلتف. (¬15) ح ي: ثم فرغ. (¬16) ح ي: وظن. (¬17) ح ي: ثم ظن. (¬18) ح ي - أنه أحدث. (¬19) ح ي + الوضوء. (¬20) ح ي - حتى يستيقن.

بحَدَث. قلت: أرأيت الرجل (¬1) توضأ ثم وجد البَلَلَ سائلاً من ذكره؟ قال: عليه أن يعيد الوضوء. قلت (¬2): فإن كان الشيطان يُرِيهِ (¬3) ذلك كثيراً (¬4) ولا (¬5) يَعلم ذلك يقيناً أنه بول أو ماء؟ قال: يمضي في صلاته، ولا ينظر في شيء من ذلك حتى يستيقن أنه بول. قلت: أفتَرَى له أن يَنضح فرجَه بالماء إذا توضأ، فإن سال شيء (¬6) قال: هو من الماء الذي انْتَضَحَ به؟ قال: نعم، أرى له أن يفعل ذلك. قلت: أرأيت رجلاً أحدث ثم شَكَّ (¬7) فلا (¬8) يَدري أتوضأ أم لا؟ قال: هو على حَدَثِه غيرُ متوضئ حتى يستيقن بالوضوء. وإذا توضأ فلا يكون محدثاً حتى يستيقن بالحدث، فإذا (¬9) أحدث لم يكن متوضئاً حتى يستيقن بالوضوء. قلت: أرأيت دم البراغيث والبَقّ (¬10) والحَلَم (¬11) يكون في الثوب؟ قال: أمّا دم البَقّ والبراغيث (¬12) فليس به بأس، وأما دم الحَلَم فإن كان أكثر من قدر الدرهم وقد صلى فيه فإنه يعيد الصلاة، وإن كان أقل من قدر الدرهم لم يُعِد (¬13)، ولكن أفضل ذلك أن يغسله. قلت: من أين اختلف دم البَقّ والحَلَم؟ قال: ليس للبَقّ (¬14) دم سائل، والحَلَم له دم سائل. قلت (¬15): ¬

_ (¬1) ح ي: رجلاً. (¬2) ح ي - قلت. (¬3) ح: يريبه. (¬4) ك م - كثيراً. والمتن موافق لما في الكافي، 1/ 4 ظ؛ والمبسوط، 1/ 86. (¬5) ك م: أو لا. والمتن موافق للمصدرين السابقين. (¬6) ك م - شيء؛ ح: سيل شيئاً. (¬7) ح + قال. (¬8) م: لا. (¬9) ك م: فإذا. (¬10) البَقّ كبار البعوض، والمفرد: بَقّة. انظر: المصباح المنير، "بقق". (¬11) الحَلَم جمع حَلَمَة وهي الدويبّة التي تمتص الدم. انظر: المغرب، "حلم"؛ والمصباح المنير، "حلم". (¬12) ح: دم البراغيث والبق. (¬13) ح ي: لا يعيد. (¬14) ح: قال ليس البق له؛ ي: قال البق ليس له. (¬15) ح + قلت.

وكذلك كل شيء ليس له دم سائل يقع في الإناء (¬1) فلا بأس بالوضوء منه؟ قال: نعم، إذا كان مثل الخُنْفُساء والعقرب والجراد والنمل والزُّنْبُور والذباب والقُرَاد (¬2) فإنه (¬3) إذا وقع شيء من هذا في الماء لم يفسد (¬4). وكذلك دمها (¬5) إذا أصاب الثوب لم يجب أو، عليه غَسله (¬6). قلت: أرأيت دم السمك ما قولك فيه؟ قال: ليس دم السمك بشيء، ولا يُفسد شيئاً. قلت: أرأيت قولك في الدم: إذا كان أكثر من قدر الدرهم أعاد الصلاة، لِمَ قلته؟ قال: لأنه بلغني عن إبراهيم النخعي أنه قال: قدر الدرهم (¬7). والدرهم قد يكون أكبر (¬8) من الدرهم (¬9)، فوضعناه على أكبر (¬10) ما يكون منها (¬11)، ¬

_ (¬1) ح ي + فيموت. (¬2) جمع قُرَادَة، وهي دويبة تمتص دم الإبل ونحوها وهي كالقمل للإنسان. انظر: المصباح المنير، "قرد". (¬3) ح ي - فإنه. (¬4) ح ي + الماء. (¬5) ح ي: دم ذلك. (¬6) ح ي: لم يجب غسله له. (¬7) ح ي - أعاد الصلاة لم قلته قال لأنه بلغني عن إبراهيم النخعي أنه قال قدر الدرهم. قال الإمام محمد: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم قال إذا كان الدم قدر الدرهم والبول وغيره فأعد صلاتك. وإن كان أقل من قدر الدرهم فامض على صلاتك. وقال محمد: يجزئه صلاته حتى يكون ذلك أكثر من قدر الدرهم الكبير المثقال. فإذا كان كذلك لم تجزئه صلاته. وهو قول أبي حنيفة - رضي الله عنه -. انظر: الآثار لمحمد، 32. وأنظر: المصنف لابن أبى شيبة، 1/ 345. وروي مرفوعاً من وجه ضعيف. انظر: نصب الراية للزيلعي، 1/ 212؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 1/ 278. والدرهم المشهور وزنه أقل من المثقال. فالمثقال وزنه درهم وثلاثة أسباع درهم. انظر: لسان العرب، "ثقل"؛ والمصباح المنير، "ثقل". وقال السرخسي: إذا كان أكثر من وزن مثقال ولا عَرْض له يمنع جواز الصلاة أيضاً. انظر: المبسوط، 1/ 60. وقال المرغيناني: ثم يُرْوَى اعتبار الدرهم من حيث المساحة، وهو قدر عَرْض الكف في الصحيح، وُيرْوَى من حيث الوزن، وهو الدرهم الكبير المثقال، وهو ما يبلغ وزنه مثقالاً، وقيل في التوفيق بينهما: إن الأولى في الرقيق والثانية في الكثيف. انظر: الهداية، 1/ 35 - 36. (¬8) م ح ي: أكثر. (¬9) ح ي: من درهم. (¬10) م: على أكثر. (¬11) وهو الدرهم الذي يبلغ قدر مثقال كما ذكر في الآثار للإمام محمد، 32.

أستحسن ذلك. قلت: فإن كان (¬1) قدر مثقال (¬2)؟ قال: لا يعيد حتى يكون أكثر من (¬3) قدر الدرهم (¬4). قلت: أرأيت رجلاً وضع الماء ليتوضأ (¬5) به فأخبره بعض أهله أنه قَذِر؟ قال: لا يتوضأ به. قلت: أرأيت رجلاً وضع الماء ليتوضأ (¬6) به فأدخل صبي يده أو رجله في ذلك الماء وليس على يديه ورجليه قَذَر؟ قال: أحب ذلك إلي (¬7) أن يتوضأ بغيره. قلت: فإن (¬8) لم يفعل وتوضأ (¬9)؟ قال: يجزيه. قلت: أرأيت الحُبّ (¬10) يكون له الكُوز (¬11) يوضع في نواحي الدار أترى للرجل (¬12) أن يتوضأ منه (¬13) ويشرب منه (¬14)؟ قال: نعم، إذا لم يَعلم فيه قذراً (¬15)، وهكذا أمر الناس. قلت: أرأيت الشاة إذا بالت في بئر الماء؟ قال: ينزح ماء البئر كله إلى أن يغلبهم الماء (¬16). قلت: وكذلك بول ما يؤكل لحمه وما لا يؤكل لحمه إذا بال شيء (¬17) منها في بئر الماء أَمَرْتَ أن يُنْزَف ماء البئر كله حتى يَغلبهم الماء؟ قال: نعم. قلت: وكذلك أرواثها؟ قال: نعم. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: لا بأس ببول ما يؤكل لحمه، وإن بال شيء (¬18) من ذلك في بئر ماء (¬19) لم يفسد الماء، ولم يجب عليهم أن ¬

_ (¬1) م + قد. (¬2) م: بمثقال. (¬3) ح ي + ذلك. (¬4) ح ي - قدر الدرهم. (¬5) خ: يتوضأ. (¬6) خ: ويتوضأ. (¬7) ك م: أحب لذلك. (¬8) ح ي: إن. (¬9) ح ي + به. (¬10) وهو الجرة الكبيرة كما تقدم. (¬11) ح ي: اما لكوز. (¬12) ح: الرجل. (¬13) ح ي: فيه. (¬14) ح م - منه. (¬15) ح ي: قذر. (¬16) ك م - قلت أرأيت الشاة إذا بالت في بئر الماء قال ينزح ماء البئر كله إلى أن يغلبهم الماء. (¬17) ح: شيئاً. (¬18) ح: شيئاً. (¬19) ح ي - في بئر ماء.

يَنزفوا (¬1) ماء حتى (¬2) يتغير الماء. وكذلك إذا أصاب (¬3) الثوبَ (¬4) منه شيءٌ كثيرٌ فاحش (¬5) لم يجب عليهم غَسله. ألا ترى (¬6) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أمر بأن يُشرَب (¬7) أبوالُ الإبل وألبانها (¬8)، ولو (¬9) كان نجساً لم يأمر بشربه. قلت: أرأيتَ البَعْر مِن (¬10) بَعْر الغنم والإبل يَقَع في بئر (¬11) الماء؟ قال: لا يضره (¬12) ذلك ما لم يكن كثيراً فاحشاً. فإن كان كثيراً فاحشاً (¬13) كان عليهم أن ينزفوا (¬14) ماء البئر كله (¬15). قلت: لم؟ أليس (¬16) قد قلت في بول ما يؤكل لحمه إذا أصاب الثوب منه (¬17) وهو أكثر من قدر الدرهم إنه لا يفسد (¬18)، وإن (¬19) الصلاة فيه تامة؟ قال: بلى، قد قلت ذلك، ولكن لا يشبه البول في الماء مثل (¬20) البول يصيب الثوب، لأنها إذا بالت في البئر فقد صار الماء كله مثل ذلك البول، وإذا أصاب (¬21) الثوب فإنما يصيب (¬22) منه موضعاً واحداً. ألا ترى أن البول لو أصاب الثوب وهو كثير فاحش لم ¬

_ (¬1) م: أن يبرقوا. (¬2) ح ي: أن ينزفوها إلى أن. (¬3) ح ي: إن أصاب. (¬4) ح ي - الثوب. (¬5) ح: شيئاً كثيراً فاحشاً. (¬6) ح: يرى. (¬7) ح ي + من. (¬8) وكان ذلك للتداوي كما هو معروف عند أهل البادية إلى يومنا هذا. انظر للحديث: صحيح البخاري، الوضوء، 66؛ وصحيح مسلم، القسامة، 9 - 11. (¬9) ح ي: فلو. (¬10) ح ي - من. (¬11) ح ي - بئر. (¬12) ي: لا يضر. (¬13) ي - فإن كان كثيراً فاحشاً؛ صح هـ. (¬14) م: أن يبرقوا. (¬15) ك م + وقال أبو حنيفة في الإملاء إذا كان البعر رطباً فقليله وكثيره يفسد الماء. وهذه العبارة موجودة في جميع النسخ ما عدا نسختي ح ي. وهي موجودة في المطبوعة. وفي الكافي، 1/ 4 ظ. وقال السرخسي: وعن أبي يوسف عن أبي حنيفة -رحمه الله- في الإملاء ... فتبين أنه من أمالي الإمام أبي يوسف. انظر: المبسوط، 1/ 87. (¬16) ح: قلت لا لم نشربه؛ ي: قلت لم لا يشربه. (¬17) ح ي - منه. (¬18) ح ي: لا يغسل. (¬19) ح ي: فإن. (¬20) ح ي - مثل. (¬21) ح ي + البول. وقد انتقل هنا في نسخة ح إلى الورقة السابقة. (¬22) ح: فإنها تصيب.

تجز الصلاة فيه (¬1). وقال محمد: لو بالت شاة في بئر لم ينجسها (¬2). وقال أبو يوسف ومحمد في الروث يصيب النعل أو الخف أو الثوب (¬3) فصلى فيه وهو رطب وهو أكثر من قدر الدرهم: إنه يجزيه ما لم يكن كثيراً فاحشاً، فإن كان كثيراً أعاد. وهو قول محمد (¬4). قلت: أرأيت مسافراً حضرت الصلاة ومعه نبيذ التمر ليس معه غيره (¬5) أيتوضأ به؟ قال: نعم، يتوضأ به، ويتيمم مع ذلك أحب إلي. قلت (¬6): فإن لم يتيمم وتوضأ (¬7) بالنبيذ وحده؟ قال: يجزيه في قول أبي حنيفة (¬8). قلت: لم يجزيه؟ قال: لأنه (¬9) بلغنا أن رسول (¬10) الله - صلى الله عليه وسلم - (¬11) توضأ بالنبيذ (¬12). وقال أبو يوسف: يتيمم ولا يتوضأ بالنبيذ (¬13). وقال محمد: يتوضأ ويتيمم مع ذلك (¬14). قلت: فهل يجزي الوضوء بشيء من الأشربة سِوَى (¬15) نبيذ التمر؟ قال: إذا لم يكن (¬16) عنده ماء لم يجزه الوضوء بشيء من الأشربة ¬

_ (¬1) ح: فيها. (¬2) ي: لم تنجسها. (¬3) ك: والخف والثوب. (¬4) ح ي - وقال أبو يوسف ومحمد في الروث يصيب النعل أو الخف أو الثوب فصلى فيه وهو رطب وهو أكثر من قدر الدرهم إنه يجزيه ما لم يكن كثيراً فاحشاً فإن كان كثيراً أعاد وهو قول محمد. (¬5) ح ي - التمر ليس معه غيره. (¬6) ك م - قلت. (¬7) ح: يتوضأ. (¬8) ح ي - في قول أبي حنيفة. (¬9) م: لأنا؛ ح ي - لأنه. (¬10) ح ي: عن رسول. (¬11) ح ي + أنه. (¬12) مسند أحمد، 1/ 398؛ وسنن ابن ماجه، الطهارة، 37؛ وسنن أبي داود، الطهارة، 42؛ وسنن الترمذي، الطهارة، 65؛ ونصب الراية للزيلعي، 1/ 137. (¬13) ح - وقال أبو يوسف يتيمم ولا يتوضأ بالنبيذ. (¬14) ح ي: بعد ذلك. (¬15) ح ي + النبيذ. (¬16) م: إذا كان.

سوى النبيذِ (¬1) نبيذِ التمر. قلت: فإن توضأ بشيء من الأشربة سِوَى النبيذ (¬2) وصلى به يوماً أو أكثر من ذلك؟ قال: عليه أن يُعيد الوضوء والصلوات كلها (¬3). قلت: أرأيت إن توضأ بالنبيذ وهو يجد الماء؟ قال: لا يجزيه ذلك. قلت: فإن لم يُعِد الوضوء وصلى بوضوئه ذلك؟ قال: عليه أن يعيد الوضوء والصلاة. قلت: أرأيت رجلاً توضأ وضوءه للصلاة فمكث على وضوئه ذلك يوماً أو يومين أو ثلاثة أيام ولم يُحْدِثْ ولم يَنَمْ (¬4) أيصلي بذلك الوضوء؟ قال: نعم. قلت: أرأيتَ رجلاً (¬5) توضأ ثم غُشِي عليه أو أصابه لَمَمٌ أو أُغْمِيَ عليه أو ذهب عقلُه من شيء ثم زال (¬6) ذلك عنه هل ينقض ذلك وضوءه؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأن الذي أصابه من ذهاب عقله أشد عليه (¬7) من النوم، والنومُ ينقض الوضوء إذا نام مضطجعاً. قلت: فالذي ذهب عقلُه أو أصابه ما ذكرتُ لك أسواء هو إن كان قائماً أو قاعداً أو ¬

_ (¬1) ح ي: إلا بالنبيذ. (¬2) ح ي - سوى النبيذ. (¬3) ج ر ط + وقال أبو حنيفة في الجامع الصغير يتوضأ بالنبيذ ولا يتيمم وروى نوح في الجامع عنه أنه رجع عن هذا وقال يتيمم ولا يتوضأ به لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ به بمكة ونزلت آية التيمم بالمدينة. ولم يذكر هذه الزيادة في نسخة ك في صلب المتن ولكن ذكره في الهامش. وذكر الحاكم رواية نوح الجامع في الكافي، 1/ 4 ظ. وهذه الزيادة من بعض رواة الكتاب كما قال أبو الوفا الأفغاني. انظر: الأصل (الأفغاني)، 1/ 87. وللحديث الوارد في التوضؤ بالنبيذ بمكة انظر: مسند أحمد، 1/ 458. أما آية التيمم فيقول تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [سورة النساء، 4/ 43]. وفي آية أخرى: {. . . وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [سورة المائدة، 5/ 6]. والسورتان مدنيتان. ويتبين نزول الآية في المدينة من القصة المروية في سبب نزول آية التيمم. انظر: صحيح البخاري، التيمم، 1؛ وصحيح مسلم، الحيض، 108. (¬4) ح: لم ينم ولم يحدث؛ ي: لم ينام ولم يحدث. (¬5) ي: رجل. (¬6) ح ي: ثم ذهب. (¬7) ح - عليه.

مضطجعاً؟ قال: نعم، وعليه الوضوء في هذا كله. قلت: فلِمَ استحسنتَ في النوم إذا كان قاعداً أو ساجداً أو قائماً أو راكعاً؟ قال: جاء في ذلك أثر (¬1)، فأخذتُ به، وأخذت (¬2) في ذهاب العقل بالقياس؛ لأن ذهاب العقل أشد من الحَدَث. قلت: فإن لم يُعِد الوضوء وصلى (¬3) هكذا؟ قال: يُعِيد الوضوء والصلاة. قلت: لِمَ ولو نام قائماً أو قاعداً لم يجب عليه الوضوء؟ قال: لأن ذهاب العقل لا يشبه النوم في هذا. قلت: أرأيت رجلاً صلى ركعة بقوم أو ركعتين ثم أُغْمِيَ عليه أو ذهب عقلُه (¬4) أو أصابه لَمَم؟ قال: عليه وعليهم أن يَستقبلوا الصلاة. قلت (¬5): وإن (¬6) لم يَذهب عقلُه (¬7) ولكنه وقع فمات؟ قال: عليهم أن يَستقبلوا الصلاة بإمامٍ غيره. قلت: أرأيت الرجل إذا مضمض (¬8) أو استنشق (¬9) أيُدخِل يده في فيه أو في أنفه (¬10)؟ قال: إن شاء فعل، وإن شاء ترك. قلت: أرأيت الغُسل أتراه (¬11) واجباً يوم الجمعة ويوم عرفة وفي العيدين وعند الإحرام؟ قال: ليس بواجب في شيء من هذا. إن اغتسل ¬

_ (¬1) قال الإمام محمد في الآثار، 35: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم قال إذا نمت قاعداً أو قائماً أو راكعاً أو ساجداً أو راكباً فليس عليك وضوء. وعن ابن عباس مرفوعاً: "إن الوضوء لا يجب إلا على من نام مضطجعاً، فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله". وانظر: سنن أبي داود، الطهارة، 79؛ وسنن الترمذي، الطهارة، 57. وعن ابن عباس رفعه: "لا يجب الوضوء على من نام جالساً أو قائماً أو ساجداً حتى يضع جنبه، فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله". انظر: السنن الكبرى للبيهقي، 1/ 121. وعن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ينام وهو ساجد، فما يُعرَف نومه إلا بنفخه، ثم يقوم فيمضي في صلاته. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 1/ 124. وانظر للتفصيل: نصب الراية للزيلعي، 1/ 44؛ والدراية لابن حجر، 1/ 33. (¬2) م: وآخذ. (¬3) ح ي: أو صلى. (¬4) ح ي + يوماً. (¬5) ح ي + أرأيت. (¬6) م ح ي: إن. (¬7) م: عليه. (¬8) ك ح م: إذا تمضمض. (¬9) ك: واستنشق. (¬10) ك م: في أنفه أو في فيه. (¬11) ح ي - أتراه.

باب البئر وما ينجسها

فحسن، وإن ترك ذلك لم (¬1) يضره. قلت: أرأيت رجلاً توضأ (¬2) من سؤر حائض أو جنب أو مشرك أو صبي؟ قال: لا بأس بذلك كله في (¬3) قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد (¬4). ... باب البئر وما ينجسها (¬5) أبو سليمان عن محمد بن الحسن، قال (¬6): قلت: أرأيت (¬7) فأرة وقعت في بئر الماء فماتت فيها (¬8) ولم تتفسّخ؟ قال: يُنْزَف (¬9) منها (¬10) عشرون دلواً أو ثلاثون. قلت: فإن نُزِف منها ثلاثون دلواً أو عشرون (¬11) دلواً (¬12) والفأرة (¬13) في البئر بَعْدُ؟ قال (¬14): عليهم أن ينزفوا منها عشرين (¬15) دلواً (¬16) أو ثلاثين (¬17) دلواً (¬18) بعد إخراج (¬19) الفأرة. ¬

_ (¬1) ح + يكن. (¬2) م - توضأ. (¬3) ح ي: وهو. (¬4) ك م + والإغماء ينقض الطهارة في الأحوال كلها ويقطع الصلاة ويمنع القوم من البناء عليها ومن الائتمام بإمام آخر فيها وكذلك موت الإمام. هذه العبارة مأخوذة بعينها من الكافي، 1/ 4 ظ. وهو من صنيع الرواة أو الناسخين. (¬5) ح ي + والصلاة في ثياب أهل الذمة. (¬6) ح ي - أبو سليمان عن محمد بن الحسن قال. (¬7) م - أرأيت. (¬8) ح - فيها. (¬9) م: يرق. وقد تكرر الخطأ في هذه الكلمة في نسخة م بعد هذا الموضع في هذا الباب كثيراً، فأهملنا الإشارة لذلك. (¬10) ك م: منه. (¬11) ح ي: عشرون دلواً أو ثلاثون. (¬12) ح ي - دلواً. (¬13) م: أو الفأرة. (¬14) ح - قال. (¬15) ح: عشرون. (¬16) ح - دلواً. (¬17) ح: أو ثلاثون. (¬18) ح ي - دلواً. (¬19) ك م: خروج.

قلت (¬1): فإن نزفوا منها عشرين دلواً (¬2) ثم استخرجوا الفأرة ثم نزفوا بعد ذلك عشرة (¬3) دِلاَء؟ قال (¬4): فإنها (¬5) لا تطهر، وعليهم أن ينزفوا (¬6) تمام (¬7) عشرين دلواً أو ثلاثين بعد إخراج (¬8) الفأرة. قلت: فإن كان يقطر من الدلاء (¬9) شيء في البئر؟ قال (¬10): لا ينجسها، لأن هذا لا يُمتنع منه. قلت (¬11): أرأيت (¬12) إن صبّ الدلو الآخِر (¬13) في البئر (¬14) بعدما نَحَّوْه (¬15) عن رأسها أو قبل ذلك أو بعدما أفرغوه في إناء آخر؟ قال: هذا كله سواء، وعليهم أن ينزفوا دلواً مثله. قلت: أرأيت إن انصبّ (¬16) ذلك الدلو في بئر طاهرة؟ قال: عليهم أن ينزفوا منها دلواً مثله (¬17)؛ وذلك لأن الماء قد صار كله مثل ذلك الدلو، وإنما يُطَهِّرُ هذه البئر ما يُطَهِّرُ التي قبلها. ألا ترى أن البئر التي قبلها إنما يُطَهِّرُها دلو واحد لو انصبّ فيها ذلك الدلو الآخِر (¬18)، فكذلك هذه البئر. قلت: أرأيت إن انصبّ في هذه البئر الطاهرة الدلو الأول؟ قال: يُنْزَف منها عشرون دلواً. قلت: فإن (¬19) انصبّ فيها الدلو الثاني؟ قال: عليهم أن ينزفوا منها تسعة عشر دلواً. وكذلك لو صبّ فيها الدلو العاشر كان ¬

_ (¬1) ي - قلت. (¬2) ح ي - منها عشرين دلواً. (¬3) ك م: عشر. (¬4) م ح ي - قال. (¬5) ك - فإنها. (¬6) ح ي: أن ينزفوا. (¬7) ح ي: إتمام. (¬8) ك م: من خروج. (¬9) ح: من الدلى؛ ي: من الدلو. (¬10) ح - قال؛ ي - قال؛ صح هـ. (¬11) ي: قال. (¬12) ح ي - أرأيت. (¬13) ح ي: الأخيرة. (¬14) ك - قال لا ينجسها لأن هذا لا يمتنع منه قلت أرأيت إن صب الدلو الآخر في البئر. (¬15) ح ي: نحوها. (¬16) ح: صب. (¬17) ك - قلت أرأيت إن انصب ذلك الدلو في بئر طاهرة قال عليهم أن ينزفوا منها دلواً مثله. (¬18) ح ي: الأخير. (¬19) ح ي: وإن.

عليهم أن (¬1) ينزفوا (¬2) منها عشر دلاء (¬3). وإنما يُطهِّرها ما يُطهِّر الأولى. ألا ترى أنه كلما استُقي من البئر الأولى كان أطهر لها (¬4). قلت: أرأيت إنِ اسْتُخْرِجَتِ الفأرةُ فأُلْقِيَتْ (¬5) في هذه البئر الطاهرة وصُبَّ فيها عشرون دلواً؟ قال: عليهم أن يخرجوا الفأرة وعشرين دلواً. قلت: لم؟ قال: لأن الدلاء التي صُبَّتْ (¬6) فيها بمنزلة ماء البئر، وهو كله نجس، وإنما يُطهِّرها عشرون دلواً. ومن قال غير هذا فلا بد له من أن يخرج العشرين الدلو (¬7) التي صُبَّ فيها مع الفأرة وعشرين (¬8) دلواً أخرى (¬9). قلت: أرأيت إن جاؤوا بدلو عظيم يَسَعُ (¬10) عشرين (¬11) دلواً بدلوهم فاستَقَوْا به دلواً واحداً؟ قال: يجزيهم، وقد طَهُرَت البئر. قلت: أرأيت إن عاد (¬12) ذلك الماء فأُهْرِقَ (¬13) في البئر؟ قال: عليهم أن يخرجوا منها مثله. قلت: أرأيت إن توضأ رجل (¬14) من تلك البئر بعد إخراج ذلك الدلو؟ قال: يجزيه وضوؤه. قلت: فإن انصبّ (¬15) فيها ¬

_ (¬1) ح ي - كان عليهم أن. (¬2) ح ي: ينزح. (¬3) ح ي + وفي رواية أبي حفص ينزف منها إحدى عشر دلواً وهو صحيح. وانظر الحاشية التالية. (¬4) ك م + قال الحاكم الجليل أبو الفضل هذا الجواب ليس بسديد وصوابه أن ينزح أحد عئر دلواً وهكذا الجواب في رواية أبي حفص. وهذه العبارة موجودة في أكثر النسخ. وهي من كلام الحاكم. انظر: الكافي، 1/ 4 ظ؛ والمبسوط، 1/ 91. (¬5) م: وألقيت. (¬6) ي: صب. (¬7) ح: دلواً. (¬8) ح: وعشرون. (¬9) وقد روي هذا القول الأخير عن أبى يوسف. انظر: المبسوط، 1/ 91. (¬10) ك: تسع؛ ح ي + فيه. (¬11) ح ي: عشرون. (¬12) ح: إن أعاد؛ ي: إن أعادوا. (¬13) ح: فأهراق؛ ي: فأهريق. (¬14) ح ي - رجل. (¬15) ح: صب.

ذلك الدلو بعد ذلك؟ قال: لا يفسد وضوء (¬1) ذلك الرجل إلا أن (¬2) يكون الدلو في البئر بَعْدُ لم يُنَحَّ (¬3) عنها، فما دام الدلو فيها فليس يجزي من توضأ منها (¬4)؛ لأنه يقطر فيها بَعْدُ، فإذا نُحّي (¬5) عنها فقد طَهُرَتْ. وقال محمد: يجزيه. قلت: أرأيت ثوباً نجساً (¬6) غُسل في إجّانة (¬7) بماء نظيف ثم عُصر ولم يُهْرَق (¬8) ذلك الماءُ، ثم غُسل في إجّانة أخرى بماء نظيف ثم عُصر ولم يُهْرَق (¬9) ذلك الماء، ثم غُسل في إجانة أخرى بماء نظيف ثم عُصر (¬10) ما حال (¬11) الثوب؟ قال: الثوب (¬12) قد طهر (¬13). قلت: فهل يجزي من توضأ بالماء (¬14) الأول (¬15) أو الثاني أو الثالث؟ قال: لا. قلت: فإن توضأ رجل من ذلك وصلى؟ قال: يعيد الوضوء والصلاة. قلت: أرأيت إن غُسل ذلك الثوب في إجّانة أخرى بماء طاهر هل يجزي من توضأ بذلك الماء الرابع؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأنه لما غُسل في الإجّانة الثالثة فقد صار طاهراً، ثم غُسل في الإجّانة الرابعة وهو طاهر، فلا (¬16) بأس بأن يتوضأ بذلك الماء الرابع، لأنه طاهر. قلت: أرأيت رجلاً توضأ في إناء نظيف وضوءه للصلاة ثم توضأ وهو متوضئ في إناء آخر (¬17) نظيف ثم توضأ في إناء آخر نظيف وهو متوضئ هل يجزي من (¬18) توضأ بالماء (¬19) الأول (¬20) ¬

_ (¬1) م: وضوه. (¬2) ح - أن؛ صح هـ. (¬3) ك م: لم يتنح؛ ي: لم ينحا. (¬4) ح: فيها. (¬5) ك م: تنحى. (¬6) ح ي: ثوب نجس. (¬7) الإجّانة: إناء يغسل فيه الثياب. انظر: المغرب، "أجن"؛ والمصباح المنير، "أجن". (¬8) ي: يهراق. (¬9) ي: يهراق. (¬10) م - ولم يهرق ذلك الماء ثم غسل في إجانة أخرى بماء نظيف ثم عصر. (¬11) ك: ما حكم؛ م: ما حلل. (¬12) ك م - الثوب. (¬13) ك م: قد طهرت. (¬14) ح ي: بماء. (¬15) ح: الأولى. (¬16) ح ي: ولا. (¬17) ك م - آخر. (¬18) ح: بمن. (¬19) ح ي: بماء. (¬20) ح: الأولى.

والثاني والثالث (¬1)؟ قال: لا. قلت: فإن توضأ في إناء نظيف أيضاً (¬2) وهو متوضئ هل يجزي من توضأ بالماء (¬3) الرابع؟ قال: لا. قلت: وكذلك لو توضأ (¬4) بخامس (¬5) أو سادس؟ قال: نعم، لا يجزي من توضأ بذلك الماء. قلت: لم؟ قال: أرأيت لو استنجى بماء عشرَ مرات أكان يجزي من توضأ بالعاشر؟ قلت: لا. قال: فكذلك هذا. قلت: أرأيت جنباً اغتسل في بئر ثم وقع في أخرى ثم وقع في أخرى ثم وقع في أخرى؟ قال: قد أفسد (¬6) الآبار كلها، وعليهم أن ينزفوا ماء الآبار كلها حتى يَغلبهم الماء. قلت: وهل (¬7) يجزيه غسله؟ قال: لا. وهذا قول أبي يوسف. وقال محمد: يَطهُر إذا اغتسل في البئر الثالثة، ويفسد الماء (¬8). قلت: أرأيت رجلاً طاهراً (¬9) وقع في بئر فاغتسل فيها؟ قال: قد أفسد ماء البئر كله. قلت: وكذلك لو توضأ فيها؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو استنجى فيها؟ قال: نعم. قلت: فما حال البئر؟ قال: عليهم أن ينزفوا ماء البئر كله إلا أن يَغلبهم الماء. قلت: أرأيت الرجل هل يجزيه وضوؤه ذلك؟ قال: لا. قلت (¬10): أرأيت رجلاً ¬

_ (¬1) ح ي: أو الثاني أو الثالث. (¬2) ح ي - أيضاً. (¬3) ح ي: بماء. (¬4) ح ي + بماء. (¬5) ح ي: خامس. (¬6) ح ي + ماء. (¬7) ح ي: فهل. (¬8) قال السرخسي: جُنُبٌ اغتسل في ثلاثة آبار وليس على بدنه نجاسة عينية فقد أفسد ماء الآبار، ولا يجزئه غسله في قول أبي يوسف. وقال محمد -رحمه الله- تعالى: يخرج من البئر الثالث طاهراً. وهذا لأن الحدث الحكمي معتبر بالنجاسة العينية، فالآبار كالإجّانات. وعند أبي يوسف -رحمه الله- تعالى: النجاسة لا تزول عن البدن بالغسل في الإجّانات، فكذلك الحدث. قال ولو كان يزول بالغسل في الآبار لكان يخرج الجنب من البئر الأولى طاهراً كما إذا صب الماء على بدنه مرة بعد مرة وعند محمد -رحمه الله تعالى- النجاسة العينية تزول عن البدن بالغسل في الإجّانات، فكذلك الجنابة. قال ولما كان ثبوت هذا الحكم بالقياس على النجاسة شرطنا فيه عدد الثلاث كما يشترط في غسل النجاسة، بخلاف صب الماء على رأسه. انظر: المبسوط، 1/ 94. (¬9) ي + لو. (¬10) ي - قلت؛ صح هـ.

جنباً (¬1) دخل بئراً يطلب دلواً له فيها فانغمس (¬2) فيها وهو غير طاهر غير أنه ليس في رجليه ولا في جسده ولا في يده (¬3) قذر فلم (¬4) يَتَدَلَّكْ (¬5) فيها هل يفسد الماء؟ قال: لا. وقال أبو يوسف: ولو (¬6) أن جنباً دخل بئراً ليخرج دلواً (¬7) منها فانغمس في الماء أنه لا يفسد (¬8) الماء، ولا يجزيه من الغسل. وقال محمد: لا يفسد الماء، ويجزيه من الغسل (¬9). قلت: أرأيت فأرة وقعت في بئر فماتت فيها، ثم وقعت فأرة أخرى في بئر أخرى فماتت، فَاسْتَقَى من إحدى البئرين (¬10) عشرين دلواً بعد خروج الفأرة، فصَبَّ ذلك الماء في البئر الأخرى؟ قال: عليهم أن ينزفوا منها عشرين دلواً بعد خروج الفأرة (¬11)؛ لأن الذي صَبُّوا (¬12) فيها مثل ما كان فيها. قلت: فإن وقع في بئر أخرى ثالثة فأرة فماتت فنُزف منها عشرون دلواً ¬

_ (¬1) جميع النسخ: طاهراً. والتصحيح من ط. وقد كانت على الصواب في نسخة ي على ما يظهر، ثم حذفت الكلمة وغيرت إلى "طاهراً". (¬2) خ: فاغمس. (¬3) ح ي: في رجليه ولا في يديه ولا في جسده. (¬4) ح ي: ولم. (¬5) ك م: يدلك. (¬6) ح ي: لو. (¬7) ح ي: الدلو. (¬8) ح ي: لا ينجس. (¬9) ك م ج ر ط + وقال أبو يوسف في الإملاء يفسد الجنب البئر إن اغتسل فيه أو لم يغتسل أو انغمس لإخراج الدلو. وهذه العبارة موجودة كذلك في المبسوط، 1/ 53.وهي من زيادة بعض رواة الكتاب. وجه ظاهر الرواية أنه لا يفسد الماء لوجود الضرورة في إخراج الدلو من البئر، ويطهر الجنب عند محمد لأن الماء مطهر وإن لم ينو الجنب ذلك. ولا يطهر عند أبي يوسف لأنه لم ينو ذلك. انظر: المبسوط، 1/ 53. ووجه رواية الإملاء أنه كما أدخل بعض أعضائه في البئر صار الماء مستعملاً، فبعد ذلك سواء اغتسل أو لم يغتسل لم يطهّره الماء المستعمل. انظر: المبسوط، الموضع السابق. (¬10) ح: البئر. (¬11) ح ي - فصب ذلك الماء في البئر الأخرى قال عليهم أن ينزفوا منها عشرين دلواً بعد خروج الفأرة. (¬12) ح ي: صب.

فصُبَّ في هذه أيضاً مع العشرين الأولى ومع الفأرة التي وقعت فيها؟ قال: يُنْزَف منها أربعون دلواً. وإنما أنظر إلى ما وجب عليها وإلى ما صبوا فيها فأَنزف الأكثر من ذلك (¬1). قلت: فإن (¬2) صبوا فيها دلواً واحداً أو اثنين (¬3)؟ قال: لا يُنْزَف منها إلا عشرون (¬4) دلواً. قلت: وكذلك لو صبوا فيها عشرين (¬5) دلواً (¬6)؟ قال: نعم، لا يُنْزَف منها إلا عشرون دلواً (¬7). قلت: فإن (¬8) زادوا (¬9) من البئر (¬10) الثالثة (¬11) دلواً أو اثنين (¬12) نُزفت تلك الزيادة مع العشرين (¬13) دلواً (¬14)؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الفأرة (¬15) ماتت في سَمْنٍ جامد وتفسّخت فيه (¬16)؟ قال: تؤخذ (¬17) الفأرة وما حولها فيُرْمَى به، ولا بأس بأكل ما بقي والانتفاع به. قلت: فإن كان السمن ذائباً؟ قال: أكره لهم أكله؛ لأنه نجس. قلت: فإن اسْتَصْبَحُوا (¬18) به أو دبغوا به جلداً؟ قال: لا بأس بذلك. قلت: فإن باعوه ¬

_ (¬1) ح ي - قلت فإن وقع في بئر أخرى ثالثة فأرة فماتت فنزف منها عشرون دلواً فصب في هذه أيضاً مع العشرين الأولى ومع الفأرة التي وقعت فيها قال ينزف منها أربعون دلواً وإنما أنظر إلى ما وجب عليها وإلى ما صبوا فيها فأنزف الأكثر من ذلك. (¬2) ح ي + كانوا إنما. (¬3) أي: من البئر الثانية فقط. (¬4) م: إلا عشرين. (¬5) ح ي: عشرون؛ ي + قال. (¬6) أي: من البئر الثانية فقط. (¬7) ح ي + قلت فإن وقع في بئر أخرى ثالثة فأرة فماتت فنزف منها عشرون دلواً فصب في هذه أيضاً مع العشرين الأولى ومع الفأرة الأولى التي وقعت فيها قال ينزف منها أربعون دلوا فإنما أنظر إلى ما وجب عليها وإلى ما صبوا فيها فأنزف الأكثر من ذلك. (¬8) ح ي + كان. (¬9) ح - زادوا. (¬10) ح ي + الأخرى. (¬11) ح ي: الثانية. (¬12) أي زيادة على العشرين دلواً التي صبت من البئر الثانية. انظر: المبسوط، 1/ 94. (¬13) ح: عشرين؛ ي - العشرين. (¬14) ي: دلو. (¬15) ح ي: فأرة. (¬16) ح ي: فيها. (¬17) ي: يؤخذ. (¬18) أي: نوّروا به المصباح. انظر: المغرب، "صبح".

ولم يبيّنوا ما هو ثم علم المشتري؟ قال: هو بالخيار، إن شاء رده، وإن شاء أمسكه. قلت: فإن باعوه وبيّنوا ذلك؟ قال: لا بأس به. قلت: فإن اشتراه (¬1) رجل ثم دبغ به جلداً؟ قال: لا بأس بالدباغة به (¬2)، ثم يغسل الجلد بعد ذلك بالماء. قلت: أرأيت فأرة وقعت في حُبّ (¬3) فيه خَلّ فماتت فيه فأَدخل رجل يده فيه ثم أخرج يده (¬4) فغمسها (¬5) في خابية (¬6) أخرى؟ قال: أكره لهم (¬7) جميعاً. قلت: وكذلك لو كان في الحُبّ (¬8) الأول (¬9) ماء؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو غمس يده في الخَلّ والماء (¬10) ثم أخرج يده فغمسها في عشرة (¬11) خَوَابِي أو أكثر من ذلك واحدة بعد واحدة أفسدهن كلهن؟ قال: نعم (¬12). قلت: فإن صبّ منها خابية في بئر فيها ماء؟ قال: عليهم أن ينزفوا الأكثر من عشرين دلواً ومن مقدار الخابية. قلت: وكذلك لو أدخل يده في حُبّ (¬13) فيه ماء وفيه فأرة ثم أخرج يده ¬

_ (¬1) ح: اشترى به. (¬2) ح م - به. (¬3) م ي: في جب. والحُبّ هو الجرة الكبيرة كما تقدم. (¬4) ح: ثم أخرجها؛ ي - يده. (¬5) ك م ي: فغمسه. (¬6) م: في جانبه. والخابية هي الحُبّ وهي الجرة أو الجرة الضخمة. انظر: لسان العرب، "حبب، خبأ"؛ والقاموس المحيط، "حبب". (¬7) ح: أكلها؛ ي: أكلهما. (¬8) م: في الجب؛ ح ي: في حب. (¬9) ح ي: الأولى. (¬10) ح ي: أو الماء. (¬11) ك م: في عشر. (¬12) قال الحاكم: وذهب بعض مشايخنا إلى أن هذا الجواب في الماء على مذهب أبي يوسف. انظر: الكافي، 1/ 5 و. وذكر ذلك السرخسي ولم يعزه إلى الحاكم ولا إلى غيره، وأثبت الخلاف بين أبي يوسف وبين أبي حنيفة ومحمد، وشرح المسألة بالتفصيل. انظر: المبسوط، 1/ 95. (¬13) م: في جب.

باب ثياب أهل الذمة والصلاة فيها

فأدخلها في عشرة (¬1) خوابي (¬2)؟ قال: نعم، قد أفسد الماء كله، ولا يجزي من توضأ بشيء منهن؛ لأنه غمس يده أول مرة في ماء نجس، فما أدخل يده فيه فهو بمنزلته. قلت: فإن أخرج يده فغسلها ثم أدخلها في حُبّ أخرى (¬3)؟ قال: لا يفسد الماء. ... باب ثياب أهل الذمة والصلاة فيها (¬4) قال أبو حنيفة: لا بأس بلبس ثياب أهل الذمة كلها والصلاة فيها ما لم يعلم أنه (¬5) أصابه قذر إلا الإزار والسراويل، فإنه يكره (¬6) الصلاة في ذلك حتى يغسل (¬7). وهو قول أبي يوسف ومحمد. إلا أن أبا يوسف قال: إن صلى في الإزار والسراويل أجزأه ذلك إذا لم يعلم أنه (¬8) أصابه قذر أو شيء ينجسه. ألا ترى أن عامة من ينسج هذه الثياب ويغزلها أهل الذمة. وأخبرنا (¬9) محمد عن أبي يوسف (¬10) عن شيخ (¬11) عن الحسن البصري أنه سُئل عما يَنسج المجوس من الثياب أيصلي (¬12) فيها (¬13) قبل أن تُغسَل (¬14)؟ قال: نعم، لا بأس بذلك (¬15). ¬

_ (¬1) ك ي: في عشر. (¬2) ك م - خوابي. (¬3) ح ي: آخر. (¬4) ح: فيه. (¬5) م: به. (¬6) ك م: كره. (¬7) والمقصود هنا الإزار والسراويل التي استعملوها ولبسوها، فإنهم لا يتحرزون من النجاسة. وانظر للتفصيل: المبسوط، 1/ 97. (¬8) م: به. (¬9) ح: قال قال؛ ي: قال. (¬10) ح ي: قال أبو يوسف. (¬11) ح ي: حدثنا شيخ. (¬12): يصلي. (¬13) ك م: فيه. (¬14) ك م: أن يغسل؛ ح: أن يغسلها. (¬15) هذا الأثر علّقه البخاري. انظر: صحيح البخاري، الصلاة، 7. ووصله غيره. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 48؛ وتغليق التعليق لابن حجر، 2/ 206.

باب المسح على الخفين

باب المسح على الخفين قلت: أرأيت رجلاً توضأ ولبس خُفيه وصلى الغَدَاة ثم أحدث فمكث محدثاً حتى زالت الشمس فتوضأ ومسح (¬1) على خفيه حتى متى (¬2) يجزيه ذلك المسح؟ قال: إلى الساعة التي أحدث فيها (¬3) من الغد. قلت: ولا يجزيه ذلك إلى الساعة التي مسح عليها (¬4)؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: أرأيت لو مكث يوماً أو يومين وقد أُغمي عليه أو مَرِض ولم (¬5) يُصَلِّ (¬6) ثم أفاق أكان له أن يمسح على الخفين وقد مضى بعدما أحدث يوم أو يومان (¬7)؟ قلت: لا. قال (¬8): كذلك (¬9) الأول (¬10) ليس له أن يجاوز الساعة التي أحدث فيها من الغد. وكذلك المسافر له من الساعة التي أحدث فيها حتى يَستكمل ثلاثة أيام ولياليها إلى مثل (¬11) تلك الساعة من اليوم الرابع. قلت: أرأيت رجلاً غسل رجليه ولبس خفيه على غير وضوء ثم أحدث أيتوضأ ويمسح على خفيه؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه ليس له أن يمسح على الخفين حتى يلبسهما على وضوء تام. فإن لبسهما على وضوء تام (¬12) ثم أحدث بعد ذلك توضأ ومسح عليهما. قلت: أرأيت المسح على الخفين كم هو؟ قال: مرة واحدة. قلت: أفيمسح مِن قِبَلِ الساق أو يبتدئ (¬13) مِن قِبَلِ الأصابع؟ قال: بل يبدأ مِن قِبَلِ الأصابع حتى ينتهي إلى أصل الساق. قلت: فإن بدأ من أصل الساق إلى رأس الأصابع؟ قال: يجزيه. قلت: أرأيت رجلاً توضأ ومسح على خفيه مرة واحدة بإصبع أو ¬

_ (¬1) ك م: أو مسح. (¬2) ي: إلى متى. وذكر في الهامش: نسخة حتى. (¬3) م - التي أحدث فيها. (¬4) ح ي: فيها. (¬5) ح ي: فلم. (¬6) ح: يصلي. (¬7) ح ي: يوماً أو يومين. (¬8) م - قال. (¬9) ح ي: فكذلك. (¬10) ي: الأولى. (¬11) ح - مثل؛ صح هـ. (¬12) ح ي - فإن لبسهما على وضوء تام. (¬13) ح ي: أو يبدأ.

بإصبعين (¬1)؟ قال: لا يجزيه. قلت: أرأيت (¬2) إن (¬3) مسح بثلاثة (¬4) أصابع أو أكثر من ذلك؟ قال: يجزيه. قلت: من أين اختلفا؟ قال: إذا مسح بالأكثر (¬5) من أصابعه أجزأه ذلك. قلت: أرأيت رجلاً توضأ ومسح (¬6) على خفيه وفي خفيه (¬7) خَرْق يخرج منه إصبع أو إصبعان (¬8) هل يجزيه أن يمسح على الخفين؟ قال: نعم. قلت: فإن كان يخرج منه ثلاثة (¬9) أصابع؟ قال: لا يجزيه. قلت: من أين اختلفا؟ قال: إذا خرج من الخف أكثر من نصف أصابعه وجب عليه غسل رجليه (¬10). قلت: أرأيت رجلاً توضأ وعليه خُفَّاه وهما مُنْخَرِقان (¬11) والخَرْق أكثر من نصف قدمه مِن قِبَلِ عَقِبِه هل يجزيه أن يمسح عليهما؟ قال: لا. قلت: لم لا يجزيه المسح عليهما وأصابعه مغطّاة؟ قال: لا يجزيه إلا الغَسل. قلت: فإن خرج من عَقِبِه أو أسفلَ مِن قدمه أو ظاهرِهما شيءٌ قليلٌ؟ قال: يجزيه المسح عليهما. قلت: أرأيت رجلاً توضأ ومسح على خفيه ببَلَلٍ أخذه من لحيته؟ قال: لا يجزيه. قلت: فإن مسحهما بِبَلَل (¬12) في يديه (¬13)؟ قال: هذا يجزيه. قلت: لم؟ قال: لأنه إذا أخذ له ماءً فمسحه فإنما يَصِل إليه (¬14) البَلَلُ الذي في كفّه، فلا أُبالي أكان ذلك الماء في كفّه (¬15) أو (¬16) مِن شيء أخذه. فأمّا إذا مسح خفيه بِبَلَل أخذه من رأسه أو من لحيته فهو ماء قد (¬17) توضأ به مرة، فلا يجزيه أن يتوضأ به (¬18) ثانية. قلت: فإن كان الذي في يديه من الماء هو شيءٌ فَضَلَ في يديه بعدما ¬

_ (¬1) ح ي: أو إصبعين. (¬2) ح ي - أرأيت. (¬3) ح ي: فإن. (¬4) م: ثلاثة. (¬5) ح ي: بأكثر. (¬6) ح ي - ومسح. (¬7) ح ي: وعليه خفاه وعلى خفيه. (¬8) ي: أو إصبعين. (¬9) ك م: ثلاث. (¬10) ح ي: الرجلين. (¬11) ي: متخرقان. (¬12) ي: ببل. (¬13) ك ح ي: في يده. (¬14) ح: له. (¬15) ح ي - فلا أبالي أكان ذلك الماء في كفه. (¬16) ح ي + هو. (¬17) ح ي - قد. (¬18) ك م - به.

مسح رأسه؟ قال: لا يجزيه أن يمسح به. قلت: أرأيت رجلاً توضأ (¬1) ومسح على أسفل خفيه ولم يمسح على ظاهر خفيه (¬2)؟ قال: لا يجزيه. قلت: فإن مسح على (¬3) ساق الخف؟ قال: لا يجزيه. قلت: فإن مسح على مقدّم الخف؟ قال: يجزيه. قلت: أرأيت رجلاً توضأ ومسح على عمامته أو على قلنسوته؟ قال: لا يجزيه. قلت: فإن كانت (¬4) امرأة فمسحت على خمارها؟ قال: لا يجزيها (¬5). قلت: أرأيت رجلاً توضأ ومسح على جوربيه (¬6) ونعليه أو على جوربيه (¬7) بغير نعلين؟ قال (¬8): لا يجزيه المسح على شيء من ذلك. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد (¬9): إذا مسح على الجوربين أجزأه المسح (¬10) كما يجزي المسح على الخف (¬11) إذا كان الجوربان (¬12) ثَخِينَين لا يَشِفّان (¬13). قلت: أرأيت رجلاً توضأ ومسح على الجُرْمُوقَين (¬14) وأسفلهما (¬15) أَدَمٌ (¬16)؟ قال: نعم (¬17)، يجزيه. قلت: فما شأن الجورب لا ¬

_ (¬1) ح ي + ومسح على خفيه. (¬2) ح ي: على ظاهرهما. (¬3) ح ي - على. (¬4) خ: كان. (¬5) ك م: لا يجزيه. (¬6) خ: على جوربه. (¬7) ح ي: على جوربين. (¬8) ك م - قال. (¬9) ح - ومحمد؛ صح هـ. (¬10) ح ي - المسح. (¬11) ح ي: على الخفين. (¬12) ح ي: الجوربين. (¬13) م: لا يشقان؛ ي: لا ينشفان. ثَخُن الشيء فهو ثخين، أي: كَثُف وغَلُظ وصَلُب. وثوب ثخين: جيد النَّسْج والسَّدَى (ما ينسج طولاً) كثير اللُّحْمَة (ما ينسج عرضاً). انظر: لسان العرب، "ثخن". وشَفّ الثوب: رَقّ حتى رأيت ما وراءه، ومنه "إذا كانا ثخينين لا يَشِقّان"، ونفي الشُّفوف تأكيد للثخانة. انظر: المغرب، "شفف". (¬14) الجُرْمُوق: ما يلبس فوق الخف. انظر: المغرب، "جرمق". وقال ابن منظور: الجرموق خف صغير، وقيل: خف صغير يلبس فوق الخف. انظر: لسان العرب، "جرمق". (¬15) ح ي: أسفلهما. (¬16) الأَدَم بفتحتين اسم لجمع أَديم، وهو الجلد المدبوغ. انظر: المغرب، "أدم". (¬17) ح ي - نعم.

يمسح عليه والجُرْمُوقان (¬1) يمسح عليهما؟ قال (¬2): لأنه إذا كان أسفلهما أَدَم (¬3) فهو بمنزلة الخف. قلت: أرأيت رجلاً توضأ ومسح على نعليه وعلى قدميه؟ قال: لا يجزيه. قلت: أرأيت الرجل إذا توضأ أيجب (¬4) عليه (¬5) أن يمسح باطن الخف؟ قال: لا. قلت: فإن مسح وصلى فيه ولم يمسح ظاهر الخفين بماء؟ قال: لا يجزيه ذلك، وعليه أن يمسح ظاهرهما ويعيد الصلاة. قلت: أرأيت إن (¬6) مسح من الخف (¬7) شيئاً قليلاً (¬8) لا يكون ثلثاً ولا ربعاً ولا خمساً (¬9)؟ قال: لا (¬10) يجزيه إلا أن يمسح مقدار (¬11) ثلاثة أصابع من أصابع اليد (¬12). قلت: أرأيت الرجل إذا مسح على الخفين ثم صلى صلاة أو صلاتين ثم أحدث أيمسح على الخفين أيضاً؟ قال: نعم، يمسح على الخفين ما دام في وقته. قلت: أرأيت إذا استكمل المقيم يوماً وليلة وهو على وضوء (¬13) لم يحدث أيصلي بذلك المسح؟ قال: لا، ولكنه يخلع خفيه ويغسل قدميه. قلت: فإن كان مسافراً استكمل ثلاثة أيام ولياليها ولم يحدث ولم ينم؟ قال: ينزع خفيه ويغسل قدميه، ولا يجب على واحد منهما أن يعيد الوضوء كله. قلت: لم؟ قال: لأن الوضوء إنما يجب عليه (¬14) في القدمين، فأمّا ما سِوَى ذلك فهو طاهر. قلت: فإن صلى بعدما استكمل لوقتِ مسحِه (¬15) ذلك؟ قال: عليه أن ينزع خفيه ويغسل قدميه، ويعيد ما صلى بعد خروج الوقت. قلت: أرأيت رجلاً توضأ ومسح على خفيه فصلى صلاة أو صلاتين ثم أحدث فمسح على الخفين أيكون له (¬16) ¬

_ (¬1) ح ي: والجرموقين. (¬2) ح - قال. (¬3) م: دم. (¬4) ك: يجب. (¬5) ح ي: له. (¬6) ي: وإن. (¬7) ح ي: من الخفين. (¬8) ي: شيء قليل. (¬9) ح ي: ثلث ولا ربع ولا خمس. (¬10) م - لا. (¬11) م: بمقدار. (¬12) ح ي - إلا أن يمسح مقدار ثلاثة أصابع من أصابع اليد. (¬13) ح ي: على وضوه. (¬14) ح ي - عليه. (¬15) ح ي: الوقت بمسحه. (¬16) ح ي - له.

كمال يوم وليلة من الحدث الأخير (¬1) أو من الحدث الأول؟ قال: بل من الحدث الأول. قلت: فإن صلى بمسحه ذلك (¬2) الأخير (¬3) كمال يوم وليلة؟ قال: عليه أن ينزع خفيه ويغسل قدميه، ويعيد ما صلى بعد خروج الوقت من الحدث الأول. قلت: أفيمسح الرجل على الخفين ما دام في الوقت مِن كل حدب غائطاً كان أو بولاً أو رُعافاً أو نوماً أو قَيْئاً (¬4) أو أُغْمِيَ عليه أو ذهب عقلُه؟ قال: نعم، يمسح على خفيه ما لم يخرج الوقت إلا أن يجب عليه الغُسل. فإذا وجب عليه الغُسل فلا بد من أن يخلع خفيه. قلت: وكذلك لو احتلم أو لامس من شهوة فأنزل أو جامع فيما دون الفرج أو نظر إلى فرج امرأة فأمنى؟ قال: نعم، هذا كله باب واحد. إذا وجب عليه الغُسل في وجه من الوجوه فلا بد من أن يخلع خفيه ويغسل قدميه. قلت: أرأيت الرجل والمرأة أهما (¬5) سواء في الغسل والوضوء والمسح على الخفين؟ قال: نعم، هما سواء في كل شيء من (¬6) الوضوء والغسل والمسح على الخفين ومسح الرأس. قلت: أرأيت المسافر يكون في أرض الجبل وعليه خفان وجرموقان فوق الخفين أيتوضأ ويمسح على الجرموقين وقد كان لبس خفيه وهو على وضوء؟ قال: نعم. قلت: فإن نزع جرموقيه؟ قال: يمسح على الخفين. قلت: فإن خلع إحدى (¬7) خفيه؟ قال: عليه أن ينزع الأخرى ويغسل رجليه. قلت: فإن مسح على الجرموقين وقد كان لبس خفيه على وضوء ثم نزع أحد (¬8) الجرموقين؟ قال: عليه أن يخلع الجرموق الثاني ويمسح على خفيه، ¬

_ (¬1) ك ح ي: الآخر. (¬2) ح ي: بمسحه من الحدث. (¬3) ك ح ي: الآخر. (¬4) ح ي: غائط كان أو بول أو رُعاف أو نوم أو قيء. (¬5) ك م: هما. (¬6) ح ي + أمر. (¬7) ي: أحد. (¬8) ح: إحدى.

إذا انتقض بعض المسح انتقض كله (¬1). قلت: لم (¬2)؟ قال: ألا ترى أنه إذا وجب عليه غَسل إحدى (¬3) قدميه وجب عليه غَسل الأخرى. قلت: أرأيت إن لم ينزع خفيه ولكنه (¬4) مسح عليهما ثم لبس فوقهما الجرموقين أيجب عليه أن يمسح على الجرموقين دون أن يحدث؟ قال: لا. قلت: لم لا يكون هذا كالباب الأول حين مسح على الجرموقين ثم نزعهما وجب عليه أن يمسح على الخفين، فإذا مسح على الخفين ثم لبس فوقهما الجرموقين (¬5) زعمتَ أنه لا يجب عليه أن يمسح على الجرموقين حتى يحدث؟ قال: هما مختلفان. ألا ترى أنه إذا مسح على الخفين ثم لبس فوقهما الجرموقين فالذي مسح عليهما هو بَعْدُ لابِسُهما، فإذا (¬6) مسح على الجرموقين ثم نزعهما فقد بقي عليه خفان لم يمسحهما، ولا (¬7) بد من أن يمسح عليهما. قلت: أرأيت رجلاً قال لرجل: علمني الوضوء والمسح على الخفين، فتوضأ ومسح على خفيه ولا ينوي بذلك وضوء الصلاة هل يجزيه من ¬

_ (¬1) ح ي: عليه أن يمسح على الجرموق الباقي لأن المسح إذا انتقض بعضه انتقض كله. وقد ذُكر القولان - أي ما في المتن وما في نسختي ح ي - في المبسوط للسرخسي. قال الحاكم: وإذا مسح على الجرموقين ثم نزع أحدهما مسح على الخف وعلى الجرموق الباقي، لأنه إذا انتقض بعض مسحه انتقض جميعه. انظر: الكافي، 1/ 5 و. وقال السرخسي بعد نقل كلام الحاكم: وفي بعض روايات الأصل قال ينزع الجرموق الثاني ويمسح على الخفين ... ووجه ما ذكر في بعض النسخ أن نزع أحد الجرموقين كنزعهما جميعاً كما إذا خلع أحد الخفين يكون كخلعهما، ووجه ظاهر الرواية أنه في الابتداء لو لبس الجرموق على أحد الخفين كان له أن يمسح عليه وعلى الخف الباقي، فكذلك إذا نزع أحد الجرموقين، إلا أن حكم الطهارة في الرجلين لا يحتمل التجزي، فإذا انتقض في أحدهما بنزع الجرموق ينتقض في الآخر، فلهذا مسح على الخف الظاهر وعلى الجرموق الباقي. انظر: المبسوط، 1/ 103؛ وفتح القدير لابن الهمام، 1/ 156؛ والبحر الرائق لابن نجيم، 1/ 190. وقيل: إن القول المذكور في المتن هنا رواية عن أبي يوسف. انظر: بدائع الصنائع للكاساني، 1/ 11؛ وحاشية ابن عابدين، 1/ 270. (¬2) ي: ولم. (¬3) ك م ي: أحد. (¬4) ح ي: ولكن الخفين. (¬5) ك م + فان. (¬6) ح ي: وإذا. (¬7) صح ي: فلا.

وضوئه وقد كان لبس خفيه وهو على وضوئه ثم أحدث بعد ذلك (¬1)؟ قال: نعم، يجزيه من وضوئه وإن لم يكن ينويه (¬2). قلت: أرأيت رجلاً توضأ فنسي أن يمسح على خفيه وقد توضأ وضوءاً تاماً إلا المسح ثم خاض الماء وعليه خفاه فأصاب الماء ظاهر الخفين وباطنهما؟ قال: يجزيه ذلك من المسح (¬3). قلت: أرأيت رجلاً توضأ ومسح على خفيه وهو مقيم فصلى بذلك الوضوء (¬4) يوماً وليلة ثم سافر بعد ذلك أو سافر قبل أن يستكمل يوماً وليلة (¬5)؟ قال: إذا سافر بعدما (¬6) استكمل (¬7) يوماً وليلة فقد (¬8) انتقض المسح، ولا يجزيه دون (¬9) أن يغسل قدميه إن كان على وضوء بَعْدُ. وأن (¬10) كان أحدث استقبل الوضوء. وأنها إذا سافر قبل أن يستكمل يوماً وليلة (¬11) فله أن يصلي بذلك المسح حتى يستكمل ثلاثة أيام ولياليها من الساعة التي أحدث فيها وهو مقيم. قلت: فإن أحدث في الثلاث؟ قال: عليه أن يتوضأ ¬

_ (¬1) ح ي - وقد كان لبس خفيه وهو على وضوئه ثم أحدث بعد ذلك. (¬2) ح ي: يكن له نية. (¬3) ك م - قلت أرأيت رجلاً توضأ فنسي أن يمسح على خفيه وقد توضأ وضوءاً تاماً إلا المسح ثم خاض الماء وعليه خفاه فأصاب الماء ظاهر الخفين وباطنهما قال يجزيه ذلك من المسح. والمسألة مذكورة بمعناها في الكافي، 1/ 5 ظ؛ والمبسوط، 1/ 103. (¬4) ك م ح ي - الوضوء. والزيادة من ج ر. (¬5) ي + قال إذا سافر بعد أن يستكمل يوماً وليلة فقد انتقض المسح ولا يجزيه أن يغسل قدميه إن كان على وضوء بعد وإن كان أحدث استقبل الوضوء وأما إذا سافر قبل أن يستكمل يوماً وليلة. (¬6) ح ي: بعد أن. (¬7) ي: يستكمل. (¬8) م: وقد. (¬9) ح - دون؛ صح هـ. (¬10) ي: فإن. (¬11) ح + فقد انتقض المسح ولا يجزيه دون أن يغسل قدميه إن كان على وضوء بعد وإن كان أحدث استقبل الوضوء وأما إذا سافر قبل أن يستكمل يوماً وليلة.

ويمسح على خفيه. قلت: ويجب عليه أن يحتسب (¬1) في الثلاثة (¬2) الأيام ما صلى بالمسح وهو مقيم؟ قال: نعم (¬3). قلت: لم (¬4) جعلت له (¬5) هاهنا ما للمسافر وقد أحدث وهو مقيم (¬6)؟ قال: لأنه سافر قبل أن يستكمل مدة (¬7) المسح، فله ما للمسافر. قلت: أرأيت مسافراً مسح على خفيه ثم قدم المصر فأقام؟ قال: يكون له ما يكون للمقيم. قلت (¬8): فإن كان قد استكمل في سفره يوماً وليلة؟ قال (¬9): فقد انتقض المسح، وعليه أن ينزع خفيه ويغسل قدميه إن كان على وضوئه. وإن (¬10) كان (¬11) أحدث استقبل الوضوء. وإن كان لم يستكمل في سفره يوماً وليلة استكمل يوماً وليلة. قلت: فإن مسح وهو مسافر ثم أقام وجب عليه ما يجب على المقيم وانتقض حال السفر؟ قال: نعم (¬12). قلت: وهذا قياس الباب الأول إذا مسح وهو مقيم ثم سافر قبل أن يمضي يوم (¬13) وليلة كان له ما للمسافر، وإذا مسح وهو مسافر ثم أقام كان له ما للمقيم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن مسح في السفر يوماً أو يومين ثم بَدَا له أن يقيم؟ قال: قد انتقض حال السفر، ورجع (¬14) إلى حال المقيم. قلت: أرأيت رجلاً خرج إلى ضَيعته بالسواد (¬15) هل يمسح ثلاثة أيام ولياليها؟ قال: إن كان سفره (¬16) ثلاثة أيام ولياليها مسح على خفيه ثلاثة أيام ولياليها، يكون له ما للمسافر. وإن كان سفره ذلك أقل ¬

_ (¬1) ح ي + به. (¬2) ح ي: من الثلاثة. (¬3) ح + قال. (¬4) ح - لم. (¬5) ح - له. (¬6) ك - قال نعم قلت لم جعلت له هاهنا ما للمسافر وقد أحدث وهو مقيم. (¬7) ك م - مدة. (¬8) ك م - قلت. (¬9) ك م - قال. (¬10) ح ي: فإن. (¬11) ح - كان. (¬12) ك - قال نعم. (¬13) ح ي: يوماً. (¬14) ي: رجع. (¬15) الضيعة: العقار، والأرض المُغِلّة. انظر: لسان العرب، "ضيع". والسواد هو سواد العراق، سمي بذلك لخضرة أشجاره وزروعه، وحَدُّه طُولاً من حَدِيثَة الموصل إلى عبادان، وعَرْضاً من العُذَيْب إلى حُلْوان. انظر: المغرب، "سود". (¬16) ح ي + ذلك.

من ثلاثة أيام ولياليها (¬1) فهذا والمقيم سواء، ويكون له ما للمقيم. قلت (¬2): أرأيت مسافراً مسح على خفيه فصلى صلاة أو صلاتين ثم بدا له أن يقيم؟ قال: قد انقطع حال السفر وكان (¬3) له ما للمقيم يوم وليلة. قلت (¬4): فإن قدم أرضاً وقد سافر إليها وهي مسيرة شهر فدخلها ولا (¬5) يدري متى يخرج منها (¬6)، يقول: اليوم وغداً، أله (¬7) أن يمسح على الخفين ثلاثة أيام ولياليها؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأن هذا مسافرٌ بَعْدُ. قلت: أرأيت إن بدا له أن يقيم خمسة عشر يوماً أو أكثر من ذلك وأجمع رأيَه على ذلك (¬8) يوم دخل؟ قال: هذا مقيم، وله ما للمقيم. قلت: أرأيت القوم يغزون أرض الحرب فيقيمون في العسكر شهراً أو نحو ذلك أو يحاصرون مدينة من المدائن كيف يصلون أصلاة (¬9) مسافر أو صلاة مقيم، وما حالهم في المسح؟ قال: هؤلاء مسافرون، لهم (¬10) المسح ثلاثة أيام ولياليها، وعليهم أن يقصروا الصلاة (¬11). قلت: لم وهؤلاء (¬12) قد (¬13) وَطَّنُوا أنفسَهم على إقامة شهر، وقد قلت: إذا وَطَنَ المسافرُ نفسَه بإقامة خمسة عشر يوماً وجب عليه أن يتم الصلاة، وكان له من المسح ما للمقيم؟ قال: لأن العسكر (¬14) ليس كالأمصار والمدائن. إذا كان القوم في عسكر فهم مسافرون وإن وَطَّنُوا أنفسَهم على إقامة سنة (¬15). قلت: أرأيت رجلاً خرج من الكوفة إلى مصرين (¬16) من الأمصار أو إلى مدينتين من المدائن والذي بينهما مسيرة يوم (¬17) أو يومين وهو يريد أن يقيم بهما جميعاً خمسة عشر ¬

_ (¬1) ح ي - ولياليها. (¬2) ح + قلت. (¬3) ح ي: فكان. (¬4) ح ي - قلت. (¬5) ح: وهو لا. (¬6) ح - منها. (¬7) ح ي: له. (¬8) ح ي - وأجمع رأيه على ذلك. (¬9) ح: صلاة. (¬10) ح ي + من. (¬11) ح ي: الصلوات. (¬12) ح ي - وهؤلاء. (¬13) ح ي: وقد. (¬14) ح ي: المعسكر. (¬15) ح ي: على إقامة خمسة عشر يوماً. (¬16) م ح: إلى مصر. (¬17) م: يوماً.

يوماً (¬1) فقَدِمَ أحدَهما ما له من المسح؟ قال: له من (¬2) المسح ما للمسافر (¬3). قلت: لم؟ قال: لأنه لم يوطّن نفسه على إقامة خمسة عشر يوماً (¬4) في مدينة واحدة. قلت (¬5): ولا ترى (¬6) مدينتين في هذا مثل مدينة واحدة؟ قال: لا. ألا ترى أنه لم يَنْفُذْ (¬7) إلى (¬8) الأخرى بَعْدُ (¬9). قلت: أرأيت إن كانت المدينتان (¬10) مثل (¬11) الحِيرَة (¬12) والكوفة؟ قال: هذا والأول سواء. قلت: لم صار (¬13) هكذا؟ قال: أرأيت رجلاً من أهل الحِيرَة أقبل من خراسان (¬14) حتى أتى الكوفة فأقام بها ثلاثة أيام أو أربعة أيام أليس هذا مسافراً (¬15) حتى يأتي الحِيرَة، له من المسح ما للمسافر، وعليه من الصلاة ما على المسافر (¬16)؟ قلت (¬17): بلى. قال (¬18): فهذا وذاك (¬19) سواء. قلت: أرأيت رجلاً توضأ ومسح على خفيه وصلى فقعد (¬20) في الرابعة قدر التشهد ثم وجد في خفيه شيئاً فنزعه؟ قال: صلاته تامة في قول أبي يوسف ومحمد. وأمّا في قول أبي حنيفة فإنه (¬21) يَستقبل الصلاة. قلت: أرأيت مسافراً تيمم (¬22) وهو لا يجد الماء، ثم لبس خفيه على ¬

_ (¬1) ح - يوماً. (¬2) ح - من؛ صح هـ. (¬3) ح ي: للمسافرين. (¬4) ك م - يوماً. (¬5) ح - قلت. (¬6) م: ولا يري؛ ح: ولا نرى. (¬7) ح ي: لم يقدم. (¬8) ح ي - إلى. (¬9) ي: بعده. (¬10) ح ي: مدينتان. (¬11) ح ي: في مثل. (¬12) م: الحرة. الحِيرَة مدينة تاريخية مشهورة كانت على ثلاثة أميال من الكوفة. انظر: معجم البلدان لياقوت، "الحيرة". (¬13) ح ي + هذا. (¬14) خراسان بلاد واسعة تشتمل على معظم إيران وأفغانستان. انظر: معجم البلدان لياقوت، "خراسان". (¬15) ح ي: مسافر. (¬16) ح: على المسافرين. (¬17) ي: قال. (¬18) ي: قلت. (¬19) ح: وذلك. (¬20) ح ي: وقعد. (¬21) ح - فإنه. (¬22) م: يقيم؛ ح: يتيمم.

تيممه ذلك ثم صلى، فلمّا فرغ من صلاته حضرت (¬1) صلاة أخرى فوجد الماء، أيتوضأ ويمسح على خفيه؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه لم يلبسهما على وضوء، إنما لبسهما على تيمم. ألا ترى (¬2) أنه لو وجد الماء لم يجزه (¬3) تيممه ذلك، وكان عليه الوضوء (¬4). ولو لبس (¬5) خفيه على وضوء ثم أحدث وتوضأ ومسح عليهما لم يجب عليه وضوء حتى يحدث. فهذا مخالف لذلك. قلت: أرأيت رجلاً توضأ (¬6) ومسح (¬7) على جبائر على (¬8) يديه (¬9) ثم لبس خفيه ثم أحدث بعد ذلك هل يتوضأ ويمسح على جبائر يده أيضاً وعلى خفيه؟ قال: نعم (¬10). قلت: لم (¬11) وقد لبس الخفين على غير وضوء تام؟ قال: هذا طهور تام في هذه (¬12) الحال، وليس هذا كالتيمم. ألا ترى أن هذا على وضوئه (¬13) ما لم يحدث، والمتيمم إذا وجد الماء توضأ وإن لم يحدث. قلت: أرأيت رجلاً اغتسل من الجنابة (¬14) ثم لبس خفيه ثم أحدث بعد ذلك أيتوضأ ويمسح عليهما؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً مقيماَ توضأ ومسح (¬15) على خفيه ثم سافر ثم أحدث فلم يجد الماء أيتيمم ولا ينزع خفيه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يمسح على الخفين أترى له أن يؤم (¬16) المتوضئين؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) ي: وحضرت. (¬2) ح: يرى. (¬3) ح ي: لم يجز. (¬4) ح ي + وإنما لبسه على تيمم ألا ترى أنه وجد الماء لم يجزه (ي: لم يجز) تيممه ذلك وكان عليه الوضوء. (¬5) ح: ولو لم يلبس. (¬6) ح: يتوضأ. (¬7) ح: فمسح. (¬8) ح ي - على. (¬9) م: على بدنه؛ ح ي: يده. (¬10) وهذا ما لم يبرأ الجرح كما سيأتي قريباً. وانظر: المبسوط، 1/ 104. (¬11) ح ي: ولم. (¬12) ي: في هذا. (¬13) ح ي: على وضوء. (¬14) ح: من جنابة. (¬15) ح ي: يتوضأ ويمسح. (¬16) ح: أترى أنه يؤم.

قلت: أرأيت الرجل يكون متوضئاً ويريد (¬1) أن يبول أو يقضي (¬2) حاجته فيلبس (¬3) خفيه ثم يبول (¬4) أو يقضي حاجته وإنما يريد بذلك المسح هل يجزيه أن يتوضأ ويمسح على خفيه (¬5)؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً توضأ ومسح على خفيه ثم نزعهما وعليه جوربان ثم أحدث أيجزيه أن يمسح على الجوربين ويصلي؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن المسح على الجوربين لا يجزي (¬6)، ولكنه يخلع جوربيه ويغسل قدميه. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: يجزيه المسح على الجوربين. قلت: أرأيت رجلاً توضأ ولبس خفيه (¬7) ثم خلع أحدهما ثم أحدت هل يجزيه أن يمسح على الخف الذي لم ينزع ويغسل الأخرى؟ قال: لا، ولكنه يخلع الأخرى ويغسل قدميه. إذا وجب الغَسل في إحدى رجليه وجب في الأخرى. قلت: أرأيت رجلاً توضأ ومسح على خفيه ثم بدا له أن يخلعهما جميعاً فنزع القدم من الخف غير أنها (¬8) في الساق بَعْدُ ثم بدا له فلبسهما هل يجب عليه غسل قدميه جميعاً؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأنه قد (¬9) نزع القدم من الخف، فإذا نزع الرجل (¬10) قدميه من الخف وجب عليه غَسل قدميه جميعاً. ولا ينتقض (¬11) المسح في قول (¬12) أبي حنيفة إلا أن يخرج الأكثر من عَقِبِه عن موضعه. وفي قول أبي يوسف حتى يخرج الأكثر من قدمه (¬13). وفي قول محمد: حتى يخرج كله (¬14). ¬

_ (¬1) ح ي: فيريد. (¬2) م: ويقضي. (¬3) م ح ي: فلبس. (¬4) ح ي: ثم بال. (¬5) ح ي + ثم ينزعهما. (¬6) ح: لا يجزيه. (¬7) ح - خفيه. (¬8) ح: أنهما. (¬9) ح - قد. (¬10) ح ي: رجل. (¬11) م: ولا ينقض. (¬12) م: على قول. (¬13) ك: حتى يخرج أكثر قدمه. (¬14) ح ي - ولا ينتقض المسح في قول أبي حنيفة إلا أن يخرج الأكثر من عقبه عن موضعه وفي قول أبي يوسف حتى يخرج الأكثر من قدمه وفي قول محمد حتى يخرج كله.

قلت: أرأيت امرأة توضأت ومسحت على القُفَّازَين؟ قال: لا يجزيها حتى تغسل ذراعيها. قلت: فإن صلت بذلك المسح؟ قال: عليها أن تنزع القُفَّازَين وتغسل ذراعيها وتعيد الصلاة. قلت: أرأيت الرجل إذا أراد أن يمسح على خفيه أترى له أن يغسل الخفين (¬1) كما يغسل قدميه؟ قال: لا أرى له (¬2) ذلك، ولكنه يمسحهما مسحاً. قلت: أرأيت رجلاً (¬3) توضأ ومسح على خفيه بظاهر كفيه أو بباطنهما هل يجزيه؟ قال: نعم، ولكن أفضل ذلك أن يمسحهما بباطن كفيه (¬4). قلت: أرأيت رجلاً (¬5) توضأ ومسح على خفيه وصلى ثم قعد قَدْرَ التشهد وفرغ (¬6) من التشهد وذهب (¬7) وقت المسح حين فرغ من التشهد قبل أن يسلم؟ قال: أمّا في قول أبي حنيفة فإنّ عليه أن ينزع خفيه ويغسل قدميه ويستقبل الصلاة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإن صلاته تامة، وعليه أن ينزع خفيه ويغسل رجليه (¬8) لصلاة أخرى. قلت: أرأيت رجلاً (¬9) لم يجد الماء فتوضأ بالنبيذ ولبس (¬10) خفيه ثم أحدث وتوضأ ومسح على الخفين بذلك النبيذ ثم وجد الماء؟ قال: ينزع خفيه ويستقبل الوضوء بالماء. وإنما يكون للرجل أن يتوضأ بالنبيذ ما لم يجد الماء، فإذا وجد الماء لم يجزه (¬11) أن يتوضأ بالنبيذ. وإن (¬12) كان قد (¬13) توضأ بالنبيذ ثم وجد الماء انتقض وضوؤه ذلك، وعليه أن يستقبل الوضوء بالماء. ¬

_ (¬1) ح ي: خفيه. (¬2) م ي - له. (¬3) ي: رجل. (¬4) ي هـ + قلت أرأيت رجل توضأ وأمر آخر أن يمسح على خفيه ولم يمسحهما هو يجزيه. وقد وردت هذه المسألة في نسخة حلب أيضاً بلفظ: ... ولم يمسحهما قال يجزيه. ولكنها لم ترد في النسخ الأخرى ولا في الكافي. ولم يذكرها في المطبوعة. (¬5) ي: رجل. (¬6) ح ي: أو فرغ. (¬7) ح ي: فذهب. (¬8) ح ي: قدميه. (¬9) في: رجل. (¬10) ح ي: فلبس. (¬11) ي: لم يجزيه. (¬12) ح ي: فإن. (¬13) ح ي - كان قد.

قلت: أرأيت رجلاً به جرح عليه خِرْقَة وقد (¬1) نُهِيَ أن يصيبه الماء فتوضأ ومسح عليه ثم لبس خفيه ثم أحدث فتوضأ ومسح على الخفين ثم بَرَأَ ذلك الجرح كيف يصنع؟ قال: ينزع خفيه ويغسل قدميه ويكون على وضوئه (¬2)؛ لأن المسح (¬3) إنما يجزيه ما لم يبرأ ذلك الجرح (¬4). قلت: أرأيت مستحاضة لا ينقطع عنها الدم توضأت ثم سال الدم بعد وضوئها، ثم لبست خفيها ثم صلت ثم أحدثت بعدما فرغت من الصلاة، فتوضأت ومسحت على خفيها، ثم ذهب وقت تلك الصلاة، أتتوضأ وتمسح (¬5) على الخفين؟ قال: لا، ولكن تنزع خفيها وتغسل قدميها. وإنما (¬6) يكون لها أن تمسح ما كانت في وقت الصلاة. فإذا دخل وقت صلاة أخرى (¬7) فلا بد لها من أن تنزع خفيها وتغسل (¬8) قدميها. قلت: فإن لم تنزع خفيها وصلت بذلك المسح؟ قال: عليها أن تنزع خفيها وتغسل قدميها (¬9) وتعيد الصلاة (¬10). قلت: أرأيت رجلاً (¬11) توضأ ولبس خفيه ثم أحدث فتوضأ ومسح على الخفين ثم لبس الجُرْمُوقين (¬12) فوق الخفين ثم أحدث؟ قال: ينزع الجُرْمُوقين ويتوضأ (¬13) ويمسح على الخفين (¬14). ¬

_ (¬1) ي: فقد. (¬2) وعليه أن يغسل موضع الجرح الذي برأ أيضاً كما تقدم. انظر: 1/ 8 ظ، والمبسوط، 1/ 74. (¬3) ح ي + على خفيه. (¬4) ح + قليل. (¬5) م: أيتوضأ ويمسح. (¬6) ح ي: إنما. (¬7) ح: الصلاة الأخرى. (¬8) ح: ويغسل. (¬9) ك م ح - قلت فإن لم تنزع خفيها وصلت بذلك المسح قال عليها أن تنزع خفيها وتغسل قدميها. (¬10) أي: إن كانت مسحت على الخفين وصلت بعد خروج الوقت فإنها تعيد الصلاة. (¬11) ي: رجل. (¬12) ح ي: جرموقين. (¬13) ي: وتتوضأ. (¬14) يعني: أنه لا يجوز المسح على الجرموقين إلا إذا لبسهما فوق الخف قبل أن يحدث. انظر: المبسوط، 1/ 102.

باب التيمم بالصعيد

وقال أبو حنيفة: إذا كان مع الرجل (¬1) في سفره ماءٌ (¬2) هو قَدْرُ ما يتوضأ به وفي ثوبه دم (¬3) إنه (¬4) يَغسل (¬5) ذلك الدم من ثوبه بذلك الماء ويتيمم بالصعيد. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: قال حماد: يتوضأ بذلك الماء ولا يغسل ذلك الدم (¬6). ... باب التيمم بالصعيد قلت: أرأيت المسافر (¬7) الذي لا يجد الماء متى يتيمم، وكيف يتيمم (¬8)؟ قال: ينتظر إلى آخر وقت تلك الصلاة التي حضرت، فإن وجد الماء توضأ وصلى، وإن (¬9) لم يجد الماء (¬10) تيمم (¬11) صعيداً طيباً. والتيمم أن يضع يديه على الأرض، ثم يرفعهما فيَنْفُضهما، ثم يمسح بهما وجهه، ثم يضعهما على الأرض (¬12)، ثم يرفعهما (¬13) ثم يمسح بهما (¬14) ذراعيه (¬15) إلى المرفقين، ثم يصلي. قلت: أرأيت (¬16) إن مسح كفيه ووجهه ولم يمسح ذراعيه (¬17)؟ قال: لا يجزيه ذلك. قلت: فإن مسح كفيه ¬

_ (¬1) ح ي + ماء. (¬2) ح ي - ماء. (¬3) ح ي + يغسله ذلك الماء. (¬4) ح ي - إنه. (¬5) ح ي: غسل. (¬6) وحماد هو ابن أبي سليمان شيخ الإمام أبي حنيفة. وهذا القول رواية عن أبي يوسف أيضاً. وقيل: إن هذا هو أول مسألة خالف فيها الإمام أستاذه. انظر: المبسوط، 1/ 105. (¬7) ح: مسافر. (¬8) ي - وكيف يتيمم؛ صح هـ. (¬9) ح: فإن. (¬10) ي - الماء. (¬11) ح: يتيمم. (¬12) ح ي: على الصعيد؛ ح ي + ثانية. (¬13) ح ي + فينفضهما. (¬14) ح ي + كفيه. (¬15) ح ي: وذراعيه. (¬16) م ي - أرأيت. (¬17) ح - إلى المرفقين ثم يصلي قلت أرأيت إن مسح كفيه ووجهه ولم يمسح ذراعيه؛ صح هـ.

وذراعيه ولم يمسح وجهه؟ قال: لا يجزيه أيضاً. قلت: فإن مسح وجهه وذراعيه ولم يمسح ظاهر كفيه؟ قال: لا يجزيه أيضاً (¬1). قلت: أرأيت كل شيء يتيمم به (¬2) من تراب أو طين أو جِصّ (¬3) أو نُورَة أو زِرْنِيخ أو شيء مما يكون من الأرض؟ قال: يجزيه التيمم بذلك كله. قلت: فإن ضرب يديه (¬4) على حائط أو حصاة (¬5) أو على حجارة عليها غبار (¬6) فتيمم بذلك؟ قال: يجزيه. قلت: فإن تيمم بشيء غير الصعيد وليس (¬7) من الأرض؟ قال: لا يجزيه. قلت: لم؟ قال: لأن الله تعالى (¬8). يقول: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (¬9)، فما كان من الأرض فهو من الصعيد (¬10)، وما كان (¬11) من غير الأرض فليس بالصعيد (¬12)، ولا يجزي التيمم به. قلت: أرأيت مسافراً تيمم في أول الوقت (¬13) وصلى (¬14) ولم ينتظر إلى آخر الوقت ثم وجد الماء بعد فراغه من الصلاة وبعدما سلّم؟ قال (¬15): صلاته تامة. قلت: أرأيت إن وجد الماء قبل أن يسلّم (¬16) وقد قعد قَدْرَ التشهد أو وجد الماء قبل أن يقعد قَدْرَ التشهد؟ قال: صلاته فاسدة، ¬

_ (¬1) ح - قلت فإن مسح وجهه وذراعيه ولم يمسح ظاهر كفيه قال لا يجزيه أيضاً؛ صح هـ. (¬2) م - به. (¬3) يقال الجِصّ والجَصّ. انظر: المغرب، "جصص". (¬4) م ح ي: يده. (¬5) ح ي: أو على حصا. (¬6) ح ي - عليها غبار. (¬7) ح ي: صعيد ليس. (¬8) ح: قال. (¬9) سورة النساء، 4/ 43؛ وسورة المائدة، 5/ 6. (¬10) ي: فهو صعيد. (¬11) ح - من الأرض فهو من الصعيد وما كان. (¬12) ح ي: بصعيد. (¬13) ح ي: وقت؛ ح ي + الصلاة. (¬14) ح: فصلى. (¬15) م - سلم قال. (¬16) ح: أن سلم.

ويتوضأ (¬1)، ويستقبل الصلاة في قول أبي حنيفة. وأما (¬2) في قول أبي يوسف ومحمد فصلاته تامة إذا كان قد (¬3) قعد قَدْرَ (¬4) التشهد. فإن وجد الماء قبل أن يقعد قدر التشهد فعليه أن يستقبل الصلاة. قلت: أرأيت المتيمم هل يصلي بالقوم المتوضئين (¬5)؟ قال: نعم، في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: لا يؤم المتيمم المتوضئين (¬6). قال (¬7): بلغنا ذلك عن علي بن أبي طالب رضوان الله عليه (¬8). قلت: أرأيت الجنب والحائض وغير الجنب وغير (¬9) الحائض أهما سواء في التيمم (¬10) كما وصفت (¬11) الكفين والذراعين والوجه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً مريضاً مقيماً (¬12) في المصر لا يستطيع الوضوء لما به من المرض أيجزيه أن يتيمم؟ قال: نعم. قلت: فإن (¬13) كان جنباً من احتلام ولا يستطيع الغُسل أيتيمم (¬14) بالصعيد (¬15) كما وصفنا؟ قال: نعم. قلت: فإن كان مريضاً كما وصفت لا يستطيع الوضوء أيصلي بتيممه ذلك ما لم يحدث؟ قال: نعم (¬16). قلت: وكذلك إن مكث (¬17) يوماً أو يومين على ¬

_ (¬1) ي: فيتوضأ. (¬2) م: فأما. (¬3) ح - قد. (¬4) م - قدر. (¬5) ح ي: بقوم متوضئين. (¬6) م: بالمتوضئين. (¬7) ي - قال. (¬8) المصنف لعبد الرزاق، 2/ 352؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 1/ 234. (¬9) ح - غير. (¬10) ح: في المتيمم. (¬11) ح ي + لك في. (¬12) ي: رجل مريض مقيم. (¬13) ح ي: وإن. (¬14) ح ي: يتيمم. (¬15) ح ي - بالصعيد. (¬16) وردت هذه المسألة في نسختي ح ي هكذا: قلت أرأيت هذا المريض المتيمم هل يصلي بتيممه ذلك ما لم يحدث قال نعم إذا كان مريضاً كما وصفت لا يستطيع الوضوء صلى بتيممه ذلك ما لم يحدث. (¬17) ح: إن كان مكث؛ ي: إن كان.

حاله (¬1) لا يحدث ولا ينام؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان مسافراً صلى بتيممه ذلك ما لم يحدث أو يجد الماء؟ قال: نعم. قلت: فإن تيمم وصلى ثم وجد الماء فلم يتوضأ ثم حضرت صلاة أخرى (¬2) هل يجزيه أن يصلي بتيممه ذلك؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه حيث وجد الماء فقد فسد تيممه، فلا بد له من أن يتيمم (¬3) ثانية. قلت: وكذلك الحدث (¬4)؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن تيمم بإصبع واحدة أو بإصبعين؟ قال: لا يجزيه. قلت: فإن تيمم بثلاثة أصابع؟ قال: يجزيه. قلت: لم؟ قال: لأنه تيمم بالأكثر من أصابعه. قلت: أرأيت الرجل إذا تيمم أيجب عليه أن يصيب رجليه أو رأسه (¬5) بشيء من التيمم؟ قال: لا، إنما التيمم كما وصفت لك. قلت: أرأيت مسافراً أجنب (¬6) فحضرت الصلاة فلم يقدر على الماء ليغتسل به إلا أن عنده من الماء قدر ما يتوضأ به (¬7) ولا يستطيع أن يغتسل به كيف يصنع؟ قال: يتيمم بالصعيد، ولا يتوضأ بذلك الماء. قلت: فإن تيمم بالصعيد وصلى الظهر ثم أحدث ثم حضرت العصر وذلك الماء عنده قدر ما يوضئه؟ قال: يتوضأ به ولا يتيمم. قلت: فإن تيمم ولم يتوضأ (¬8) بذلك الماء؟ قال: لا يجزيه. قلت: لم؟ قال: لأنه طاهر، وعنده من الماء قدر ما يتوضأ به، فلا يجزيه أن يتيمم (¬9)، فلذلك جعلت عليه الوضوء. ¬

_ (¬1) ح: على حالة. (¬2) زاد الحاكم هنا: فلم يجد الماء. انظر: الكافي، 1/ 5 ظ. (¬3) ح: من أيتيمم. (¬4) أي: إذا أحدث فإنه يتيمم مرة أخرى كما يفعل من وجد الماء ثم لم يتوضأ حتى فقد الماء. (¬5) ح ي: يصيب رأسه أو رجليه. (¬6) ح ي: جنباً. (¬7) ح ي - به. (¬8) ح: ولا يتوضأ؛ ي: ولا توضأ. (¬9) ح: إن تيمم.

قلت: فإن توضأ ولبس خفيه ثم أحدث ثم تيمم ثم أحدث ثم أصاب من الماء مقدار ما يتوضأ؟ قال: هذا يتوضأ ويمسح على خفيه (¬1). قلت: أرأيت إن توضأ بذلك الماء وصلى العصر ثم مر بالماء بعدما صلى العصر فلم يغتسل حتى حضرت (¬2) المغرب وقد أحدث أو لم يحدث، وعنده من الماء قدر ما يتوضأ به ولا يستطيع أن يغتسل أيتوضأ به (¬3) أو يتيمم؟ قال: بل يتيمم ولا يتوضأ. قلت: لم؟ قال: لأنه حين أبصر الماء قد عاد جنباً كما كان (¬4)، وإذا (¬5) حضرت الصلاة بعد ذلك فلم يجد من الماء قدر ما يغتسل به فإن (¬6) عليه أن يتيمم ولا يتوضأ. قلت: فإن تيمم وصلى المغرب ثم حضرت العشاء وقد أحدث وعنده من الماء قدر ما يتوضأ (¬7) أيتوضأ به (¬8) أم يتيمم (¬9)؟ قال: بل يتوضأ ولا يتيمم. قلت: أليس قد زعمت أنه عاد جنباً كما كان؟ قال: أجل (¬10)، ولكنه لما حضرت (¬11) المغرب ولم (¬12) يجد من الماء قدر ما يغتسل فتيمم وصلى المغرب فقد صار (¬13) طاهراً. فإذا حضرت العشاء وهو يقدر على ما يتوضأ به لم يجزه (¬14) أن يتيمم؛ لأنه طاهر. قلت: أرأيت مسافراً (¬15) توضأ وضوءه للصلاة ولبس خفيه وصلى الظهر ثم أجنب، ثم حضرت (¬16) العصر وعنده من الماء قدر ما يتوضأ به ولا يغتسل، فتيمم بالصعيد (¬17) وصلى العصر، ثم حضرت المغرب وعنده من الماء قدر ما يوضئه فتوضأ به، أيمسح على خفيه أو ينزعهما؟ ¬

_ (¬1) ح ي - فلذلك جعلت عليه الوضوء، قلت فإن توضأ ولبس خفيه ثم أحدث ثم تيمم ثم أحدث ثم أصاب من الماء مقدار ما يتوضأ قال هذا يتوضأ ويمسح على خفيه. (¬2) ح ي: ثم حضرت. (¬3) ح ي - به. (¬4) ط + قلت. وليس هذا مقام سؤال وإنما هو دوام للتعليل. (¬5) ح ي: فإذا. (¬6) ك - فإن؛ ج ر م ط: قال. (¬7) ح ي + به. (¬8) ح ي - به. (¬9) ح ي: أو يتيمم. (¬10) ح ي: نعم. (¬11) ي: حضر. (¬12) ح ي: فلم. (¬13) ح - صار؛ صح هـ. (¬14) ي: لم يجزيه. (¬15) ك: أرأيت الرجل إذا. (¬16) ح ي + صلاة. (¬17) ي: الصعيد.

قال: بل ينزعهما ويغسل رجليه. قلت: أرأيت إن توضأ به (¬1) ونزع خفيه وغسل قدميه ثم لبس خفيه وصلى المغرب ثم أحدث فحضرت العشاء وعنده ماء (¬2) قدر ما يوضئه أيمسح على خفيه أو ينزعهما؟ قال: بل يمسح (¬3)، ولا ينزعهما. قلت: أرأيت إن مسح عليهما وصلى العشاء ثم مر بالماء ولم (¬4) يغتسل، فحضرت صلاة الفجر وعنده من الماء قدر ما يوضئه أيتوضأ وينزع خفيه أو يمسح أو يتيمم، كيف يصنع؟ قال: لا يمسح ولا ينزع خفيه، ولكنه يتيمم بالصعيد (¬5) ويصلي الفجر. قلت: أرأيت إن تيمم وصلى الفجر ثم أحدث، ثم حضرت الظهر وعنده من الماء (¬6) قدر ما يوضئه؟ قال: يتوضأ به (¬7) ولا يتيمم. قلت: فهل يمسح على خفيه؟ قال: لا، ولكنه (¬8) ينزعهما ويغسل رجليه. قلت: لم؟ قال: لأنه حيث (¬9) مَرّ بالماء فقد انتقض وضوؤه كله (¬10)، فلا بد له (¬11) من أن ينزع خفيه ويغسل قدميه (¬12). قلت: أرأيت إن نزعهما وغسل قدميه ثم لبس (¬13) خفيه وصلى الظهر ثم أحدث، فحضرت (¬14) العصر وعنده من الماء قدر ما يتوضأ به؟ قال: يتوضأ ويمسح على خفيه ولا ينزعهما. قلت: لم؟ قال: لأن رجليه طاهرتان بَعْدُ. قلت: أرأيت (¬15) إن توضأ ومسح على خفيه وصلى العصر فقعد قدر التشهد ثم أبصر الماء؟ قال: قد انتقضت (¬16) صلاته حين أبصر الماء، فعليه أن يغتسل ويعيد العصر (¬17). وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: صلاته تامة، ولا يعيدها. قلت: أرأيت إن قعد قدر ¬

_ (¬1) ح ي - به. (¬2) ح ي - ماء. (¬3) ح ي + على خفيه. (¬4) ح: فلم. (¬5) ي: الصعيد. (¬6) ح ي - من الماء. (¬7) ح ي - به. (¬8) ح ي: ولكن. (¬9) م: جنب. (¬10) ح ي + الرجل وغيره. (¬11) ح ي - له. (¬12) ح ي: رجليه. (¬13) ح ي: ولبس. (¬14) ح ي: وحضرت. (¬15) ح - أرأيت؛ صح هـ. (¬16) ح ي: قد انتقض. (¬17) ح ي: الصلاة.

التشهد (¬1) وسلم ثم أبصر الماء؟ قال: عليه أن يغتسل، ولا يعيد العصر، لأن صلاته قد تمت. قلت: أرأيت مسافراً (¬2) أجنب فحضرت الظهر فلم يجد الماء فتيمم بالصعيد (¬3) وصلى، فلما قعد قدر التشهد وجد من الماء قدر ما يوضئه ولا يغتسل؟ قال: يمضي على صلاته. قلت: أرأيت إن مضى على صلاته وسلم (¬4) ثم أحدث ثم حضرت العصر فلم يجد الماء فتيمم بالصعيد (¬5) وصلى العصر، فلما قعد قدر التشهد وجد من الماء قدر ما يوضئه (¬6)؟ قال: قد انتقضت (¬7) صلاته حين وجد من الماء قدر ما يوضئه (¬8). قلت: لم؟ قال: لأنه لما تيمم في الظهر وصلى فقد صار طاهراً، فإذا دخل العصر فوجد الماء فإنه لا يجزيه أن يتيمم (¬9) وهو يجد الماء، وعليه أن يتوضأ ويصلي العصر. قلت: أرأيت إن كان لما حضرت الظهر فلم يجد الماء فتيمم وصلى من الظهر ركعة ثم ضحك فانصرف، ثم وجد من الماء قدر ما يغتسل به؟ قال (¬10): عليه أن يغتسل ويستقبل الظهر، ولا يجزيه أن يبني على صلاته. قلت: وكذلك لو - تكلم أو رَعَف أو أحدث أو تقيّأ متعمداً أو غير متعمد؟ قال: نعم هذا كله سواء، وعليه أن يستقبل الصلاة؛ لأنه لما وجد الماء فقد انتقض تيممه وعاد جنباً كما كان، فعليه أن يستقبل الصلاة (¬11). قلت: أرأيت مسافراً وجد بئراً في الطريق فيها ماء وهو لا يستطيع أن يأخذ منها (¬12) ولا يجد ماء غيره؟ قال: يتيم بالصعيد (¬13) ويصلي، وهذا ¬

_ (¬1) ح ي + وتشهد. (¬2) ح ي: مسافر. (¬3) ح: الصعيد. (¬4) ك: ثم سلم. (¬5) ح ي: الصعيد. (¬6) ح ي: ما يتوضأ به. (¬7) ح ي: قد انتقض. (¬8) م - قال قد انتقضت صلاته حين وجد من الماء قدر ما يوضئه. (¬9) ح ي: التيمم. (¬10) م: كان. (¬11) م - لأنه لما وجد الماء فقد انتقض تيممه وعاد جنباً كما كان فعليه أن يستقبل الصلاة. (¬12) ح ي + الماء. (¬13) ح ي: الصعيد.

بمنزلة من لا يجد (¬1) الماء. قلت: أرأيت مسافراً تيمم بالصعيد (¬2) والماء منه قريب وهو لا يعلم به (¬3)، فصلى بتيممه ذلك وسلم ثم علم بالماء؟ قال: صلاته تامة، إذا لم يعلم بالماء هو (¬4) بمنزلة من لا يجد (¬5) الماء. قلت: أرأيت مسافراً حضرت الصلاة وهو على غير وضوء ولا (¬6) يجد الماء إلا قدر ما يغسل فرجه أو قدر ما يغسل وجهه لا يبلغ (¬7) في وضوئه كله أيتيمم بالصعيد (¬8) أو يتوضأ (¬9) بذلك الماء؟ قال: بل يتيمم للصلاة (¬10)، ولا يتوضأ بذلك الماء. قلت: أرأيت مسافراً عنده من الماء قدر ما يتوضأ به وهو يخاف العطش فحضرت الصلاة وهو في مفازة؟ قال: يتيمم بالصعيد (¬11) ولا يتوضأ. قلت: وكذلك لو كان معه من (¬12) الماء أكثر مما يتوضأ به؟ قال: نعم، إذا كان يخاف على نفسه. قلت: أرأيت إن لم يكن معه ماء وكان معه رفيق له ماء فأبى رفيقه أن يعطيه من الماء شيئاً إلا بثمن كثير؟ قال: يتيمم ولا يشتري إن شاء. قلت: لم؟ قال: أرأيت لو قال صاحب الماء: أبيعك لوضوئك من الماء ما يكفيك بألف درهم أو أكثر من ذلك، أكان يجب عليه أن يشتريه منه (¬13). فله أن لا يشتريه (¬14). ولكنه (¬15) يتيمم ويصلي. قلت: فإن وجد الماء بثمن رخيص كما يجد (¬16) الناس؟ قال: يشتري فيتوضأ ويشرب، ولا يتيمم. ¬

_ (¬1) ح ي: لم يجد. (¬2) ح ي: الصعيد. (¬3) ح ي - به. (¬4) ح: وهو؛ ي: وهذا. (¬5) ح ي: لم يجد. (¬6) ح ي: لا. (¬7) ح ي: ولا يكفيه. (¬8) ح ي: الصعيد. (¬9) ح ي: أم يغسل. (¬10) ح ي: الصعيد؛ ح + ولا يغتسل؛ ي + ولا يغسل. (¬11) ح ي: الصعيد. (¬12) ح ي - من. (¬13) ح + قلت لا؛ ي + قال لا. (¬14) ح: قال وليس عليه أن يشتري منه؛ ي: قلت وليس عليه أن يشتري منه. (¬15) ح ي: ولكن. (¬16) ح ي: يبيع.

قلت: أرأيت مسافراً في طين ورَدَغَةٍ (¬1) لا يجد ماء يتوضأ (¬2) به ولا صعيداً يتيمم به كيف يصنع؟ قال: إن كان معه لِبْد (¬3) أو سَرْج نفضه (¬4) وتيمم (¬5) بغباره، وإن لم يكن ذلك معه نفض ثوبه فتيمم (¬6) بغباره. قلت: أرأيت إن لم يكن في ثوبه غبار وكان (¬7) قد أصابه المطر ولم يكن على دابته سَرْج ولا لِبْد ولا يجد شيئاً (¬8) فيه تراب (¬9)؟ قال: يأخذ من ذلك الطين شيئاً (¬10) فيلطّخ به (¬11) بعض ثيابه، فإذا جَفَّ تيمم به (¬12). قلت: فإن لطّخ به ثوبه فلم (¬13) يجفّ ولا (¬14) يجد ماء ولا (¬15) صعيداً؟ قال: ينتظر حتى يجفّ أو يجد صعيداً أو ماءً. قلت: فإن ذهب الوقت (¬16)؟ قال: وإن ذهب الوقت؛ لأنه لا يجزيه أن يصلي إلا بوضوء أو تيمم (¬17). قلت: أرأيت إن وجد سُؤْرَ حمار أو بغل أيتوضأ به أو يتيمم؟ قال: بل يتوضأ به (¬18) ويتيمم بعد ذلك ثم يصلي. قلت: لم؟ قال: ¬

_ (¬1) الرَّدَغَة والرَّدْغَة: الماء والطين والوَحَل الكثير الشديد. انظر: لسان العرب، "ردغ". (¬2) ك: فيتوضأ. (¬3) اللِّبْد هو البساط، وكل شعر أو صوف مُتَلَبِّد، أي: متداخل وملتزق بعضه ببعض، وما يوضع تحت السَّرْج. انظر: القاموس المحيط، "لبد". (¬4) م: يفضه. (¬5) ح: ويتيمم. (¬6) ح: فيتيمم. (¬7) ح ي: كان. (¬8) ك م - شيئاً. (¬9) ك م: تراباً. (¬10) ح ي - شيئاً. (¬11) ح - به. (¬12) ح ي - به. (¬13) ح ي: ولم. (¬14) ح ي: ولم. (¬15) ح - ولا؛ صح هـ. (¬16) ح ي + ولم يجد الماء. (¬17) ح: أو بتيمم؛ ك م + وقال أبو يوسف يصلي إذا لم يجد الماء ولا يجف ذلك الطين فإذا جفّ الطين أو وجد الماء أو الصعيد تيمم وأعاد الصلاة. وهذه العبارة لم يذكرها الحاكم أيضاً. انظر: الكافي، وعبارة السرخسي: وعن أبي يوسف -رحمه الله- تعالى أنه يصلي ثم يعيد إذا قدر على الطهور. انظر: المبسوط، 1/ 116. وسيذكر المؤلف حكم المحبوس الذي لا يقدر على الوضوء فيما بعد. انظر: 1/ 22 و - 22 ظ. (¬18) ح - به.

آخُذُ في هذا (¬1) بالثقة، فإن أجزأه سؤر الحمار لم يضره التيمم (¬2) يجزه (¬3) كان قد تيمم. قلت: أرأيت مسافراً (¬4) تيمم ثم أصاب بعضَ جسده (¬5) عَذِرَةٌ أو دم أو قيء أو خمر ولا يجد الماء هل ينقض ذلك تيممَه (¬6)؟ قال: لا. قلت: فكيف يصنع في الذي أصابه وهو أكثر من قدر الدرهم؟ قال: يمسحه بخرقة أو بتراب ثم يصلي. قلت: فإن صلى ولم يمسحه؟ قال: يجزيه. قلت: لم؟ قال: لأنه لم يجد (¬7) الماء، ولا يطهر ذلك المكان إلا بالماء (¬8)، فتَرْكُه ومسحُه سواء. قلت: أرأيت رجلاً (¬9) تيمم للصلاة ثم ارتدّ عن الإسلام ثم أسلم وتاب (¬10) أيكون (¬11) على تيممه ذلك ما لم يجد الماء أو يحدث؟ قال: نعم. قلت (¬12): وكذلك لو توضأ ثم ارتد عن الإسلام ثم أسلم؟ قال: نعم (¬13). قلت: لم وقد حبط عمله؟ قال: إنما حبط أجر (¬14) عمله (¬15)، فأما الطهر فهو طاهر. قلت: أرأيت نصرانياً (¬16) توضأ أو اغتسل ثم أسلم أيكون على وضوئه وغسله؟ قال: نعم. قلت: أرأيت نصرانياً (¬17) تيمم ثم أسلم هل يجزيه تيممه ذلك ما لم يجد الماء أو يحدث؟ قال: لا يجزيه. قلت: لم؟ قال: لأن التيمم لا يكون إلا بالنية. وهو قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو ¬

_ (¬1) ك م - في هذا. (¬2) ح ي + شيئاً. (¬3) ي: لم يجزيه. (¬4) ي: مسافر. (¬5) ح ي + بول أو. (¬6) ح ي: وضوءه. (¬7) ك ح ي. لا يجد. (¬8) ح ي: الماء. (¬9) ح ي: رجل. (¬10) م: وبات. (¬11) ح ي: يكون. (¬12) م - قلت. (¬13) ح - وكذلك لو توضأ ثم ارتد عن الإسلام ثم أسلم قال نعم؛ صح هـ. (¬14) ي: أحب. (¬15) ح + ثم أسلم قلت. (¬16) ح ي: نصراني. (¬17) ح ي: نصراني.

يوسف: يجزيه، وهو متيمم (¬1). قلت: أرأيت المسافر تكون (¬2) معه (¬3) امرأته أو جاريته فأراد أن يطأها وهو يعلم أنه لا يجد الماء أترى له أن يطأها؟ قال: نعم. ألا ترى قوله (¬4) تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (¬5). قلت: أرأيت رجلاً (¬6) قال لرجل: علّمني التيمم، فتيمم (¬7) يريد بذلك التعليم (¬8) ولا ينوي به الصلاة هل يجزيه ذلك من تيممه؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن التيمم لا يكون إلا بالنية. قلت: فلم يجزيه هذا في الوضوء إذا عَلَّمَ به (¬9) ولا (¬10) يجزيه في التيمم؟ قال: هما مختلفان. ألا ترى لو أن رجلاً جنباً (¬11) وقع في نهر وهو لا يريد الغُسل فاغتسل فيه أجزأه ذلك من غُسله ومن وضوئه، ولو أصاب ذراعيه ووجهه (¬12) غبارٌ لم يجزه (¬13) من التيمم. أَوَلاَ ترى لو أصابه مطر يُنقي (¬14) ذراعيه ووجهه ورجليه أجزأه ذلك من الوضوء، فالوضوء (¬15) لا يشبه التيمم. قلت: أرأيت رجلاً تيمم فشك في شيء من تيممه أهو عندك والذي يشك (¬16) في شيء من وضوئه سواء؟ قال: نعم. قلت: فإذا أحدث فهو ¬

_ (¬1) ح ي: نصراني. قال السرخسي: وقال أبو يوسف -رحمه الله تعالى-: إذا تيمم بنية الإسلام أو الطهر فله أن يصلي به بعد الإسلام. وجه قوله أن التيمم يفارق الوضوء في اشتراط النية، وبنية الطهر صحّ، لأنه من أهله، ونية الإسلام نية قربة، فإذا اقترن بالتيمم نية القربة صح منه كما يصح من المسلم. ولنا أن من شرط التيمم نية الصلاة به، والكافر ليس من أهلها ... انظر: المبسوط، 1/ 116. (¬2) ك ح ي: يكون. (¬3) ح ي: مع. (¬4) ح ي: ألا ترى إلى قول الله. (¬5) سورة النساء، 4/ 43؛ وسورة المائدة، 5/ 6. (¬6) ح ي: رجل. (¬7) ك م - فتيمم. (¬8) ح ي: تعليم الرجل. (¬9) ح ي + رجلاً. (¬10) ح ي: فلا. (¬11) ح ي - جنباً. (¬12) ي: ووجه. (¬13) ي: لم يجزيه. (¬14) ح قي: فنقى. (¬15) ح ي + هاهنا. (¬16) ح ي: شك.

على حدثه ما لم يستيقن بالتيمم، وإذا تيمم فهو على تيممه حتى يستيقن بالحدث (¬1)؟ قال: نعم. قلت: وكيف يستيقن بالحدث؟ قال: أن يسمع صوتاً أو يجد ريحاً (¬2). قلت: وكل شيء ينقض الوضوء فإنه ينقض التيمم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت امرأة مسافرة وهي حائض فطهرت من حيضها فلم تجد الماء فتيممت وصلت هل لزوجها أن يجامعها؟ قال: نعم. قلت: ولها أن تصلي بالتيمم المكتوبة؟ قال: نعم. قلت: فإن كان زوجها قد طلقها قبل ذلك وطهرت (¬3) من الحيضة الثالثة فتيممت وصلت؟ قال: قد انقضت عدتها وحلّت للرجال (¬4). قلت: أرأيت المرأة إذا طهرت وتيممت وصلت ثم وجدت (¬5) الماء بعد ذلك أيجب عليها أن تغتسل؟ قال: نعم. قلت: فهل يملك زوجها الرجعة (¬6)؟ قال: لا يملك رجعتها (¬7). قلت: فإن كانت قد تزوجت زوجاً غيره قبل أن تجد الماء ثم وجدت الماء؟ قال: نكاحها جائز، وعليها أن تغتسل. قلت: ولا ترى ما (¬8) وجب عليها من الغسل حين وجدت الماء ينقض شيئاً من نكاحها؟ قال: لا نرى ذلك (¬9). قلت: أرأيت مسافراً جنباً (¬10) مر على مسجد وفيه عين ماء (¬11) وهو لا يجد ماء (¬12) غير ذلك (¬13) كيف يصنع؟ قال: يتيمم بالصعيد (¬14) ثم يدخل المسجد فيستقي من ذلك الماء، ثم يخرج الماء (¬15) من المسجد فيغتسل به. ¬

_ (¬1) ح ي: الحدث. (¬2) ح ي + أو يستيقن بحدث. (¬3) ح ي: فطهرت. (¬4) ح: للرجل. (¬5) ح ي: ووجدت. (¬6) ح ي: رجعتها. (¬7) ك م: زوجها. (¬8) ح: تريها، ي - ما. (¬9) ح ي - نرى ذلك. (¬10) ي: مسافر جنب. (¬11) ك م - مر على مسجد وفيه عين ماء. ويؤيد المتن عبارة الحاكم. انظر: الكافي، 1/ 6 و. (¬12) ك م: الماء؛ ك م + إلا في المسجد. (¬13) ك م - غير ذلك. (¬14) ي: الصعيد. (¬15) ك م - الماء.

قلت: فإن لم يكن معه شيء يستقي به وكان لا يستطيع أن يغترف من العين (¬1)، ولكنه يستطيع أن يقع فيها وهي عين (¬2) صغيرة؟ قال: يتيمم بالصعيد (¬3) ولا يقع فيها. قلت: لم؟ قال: لأنه إذا وقع فيها أفسد ماءها (¬4) كله ولم يجزه (¬5) غسله ذلك، وكان عليه أن يتيمم بعد ذلك، فلذلك أمرته (¬6) أن يتيمم (¬7) ولا يقع فيها. قلت: أرأيت الرجل يجد سؤر الكلب أيتوضأ به (¬8) أو يتيمم (¬9)؟ قال: بل يتيمم ولا يتوضأ به. قلت: لم (¬10)؟ أليس هذا عندك مثل سؤر (¬11) الحمار والبغل؟ قال: لا، سؤر الحمار والبغل أحبّ إليّ من هذا. قلت: أرأيت مسافراً قرأ السجدة وهو لا يجد الماء؟ قال: يتيمم ويسجد. قلت: وكذلك لو أراد أن يصلي تطوعاً في غير وقت المكتوبة؟ قال: نعم، يتيمم ويصلي ما بدا له. قلت: فإن تيمم وصلى ثم حضرت الصلاة المكتوبة (¬12)، أيصلي بذلك التيمم ما لم يجد الماء أو يحدث؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً حضر (¬13) الصلاة على الجنازة وهو على غير وضوء كيف يصنع؟ قال: يتيمم ويصلي عليها. قلت: لم وهو مقيم في المصر؟ قال: لأنه إذا صلى عليها لم يستطع أن يصلي عليها وحده (¬14)، وإن ذهب يتوضأ سُبِقَ بالصلاة عليها. قلت: أرأيت رجلاً قرأ السجدة وهو مقيم بالمصر وهو على غير وضوء أيتيمم ويسجد؟ قال: لا. قلت: لم (¬15)؟ ومن أين اختلف هذا والأول؟ قال: لأن هذا لا يفوته (¬16)، ¬

_ (¬1) ك م: من البئر. (¬2) ك م: بئر؛ ح: غير. (¬3) ح ي: الصعيد. (¬4) ح ي: الماء. (¬5) ح ي: يجزيه. (¬6) ح: امراته. (¬7) م: أن يقيم. (¬8) ح ي - به. (¬9) ح ي: أم يتيمم. (¬10) ح ي - لم. (¬11) ح - سؤر. (¬12) ح ي: صلاة مكتوبة. (¬13) ك م ح: حضرت. (¬14) أي: إن صلاة الجنازة لا تعاد. انظر: المبسوط، 1/ 119. (¬15) م: ولم. (¬16) م: لا يقويه.

فمتى ما (¬1) شاء توضأ وقضى السجدة. قلت: أرأيت رجلاً شهد (¬2) العيد مع الإمام في الجَبَّانَة (¬3) وهو على غير وضوء أيتيمم (¬4) ويصلي؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال (¬5): لأن هذا خارج من المصر، فإن رجع فتوضأ (¬6) فاتته الصلاة (¬7)، وليس (¬8) صلاة العيد إلا مع الإمام. وصلاة العيد والصلاة على الجنازة سواء. قلت: وكذلك لو أن الإمام أحدث بعدما دخل في الصلاة يوم العيد تيمم وصلى بهم (¬9) بقية الصلاة؟ قال: نعم. قلت (¬10): وكذلك لو أحدث رجل خلفه؟ قال: نعم، يتيمم ويدخل معه في صلاته. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا دخل في الصلاة متوضئاً ثم أحدث انحرف فتوضأ ثم بنى؛ لأن هذا لا تفوته الصلاة (¬11). قلت: فإن كان كل (¬12) الذي ذكرت لك يجد الماء من غير أن تفوته (¬13) الصلاة؟ قال: عليهم أن يتوضؤوا ولا يجزيهم التيمم (¬14). قلت: وكذلك لو أن رجلاً شهد الجمعة فأحدث؟ قال: لا، الجمعة ليست (¬15) مثل العيد؛ لأن الرجل في المصر، ولأن الجمعة إذا فاتت الرجل كان عليه أن يصلي الظهر أربعاً، والظهر (¬16) فريضة. وليست الجمعة كالعيد ولا كالصلاة على الجنازة. قلت: أرأيت رجلاً تيمم بالصعيد القَذِر الذي كان فيه بول أو عَذِرَة فجَفّ؟ قال: لا يجزيه. قلت (¬17): فإن صلى بذلك؟ قال: يعيد التيمم والصلاة. ¬

_ (¬1) ح ي - ما. (¬2) ح ي: يشهد. (¬3) م: في الجنابة والجَبّانة: المصلى العام في الصحراء. انظر: المغرب، "جبن". (¬4) ح ي: يتيمم. (¬5) ح ي - قلت لم قال. (¬6) ح ي: يتوضأ. (¬7) ح ي + قال. (¬8) ح ي: ليس. (¬9) ح ي - بهم. (¬10) م - قلت. (¬11) انظر: 1/ 73 و. فهذا المحدث إن توضأ وجاء بعد فراغ الإمام فإنه يصلي ما بقي له كما يصليها خلف الإمام، ويسمى هذا اللاحق. انظر: المبسوط، 1/ 119. (¬12) ح - كل؛ ي: كذلك. (¬13) ح: أن يفوته. (¬14) م: بالتيمم. (¬15) ح ي: ليس. (¬16) ح ي: فالظهر. (¬17) ك - قلت.

قلت: أرأيت رجلاً تيمم بالصعيد ثم دخل في الصلاة فأحدث كيف يصنع؟ قال: يَنْفَتِل فيعيد (¬1) التيمم. فإن (¬2) تكلم استقبل الصلاة، وإن (¬3) لم يتكلم اعتدّ (¬4) بما مضى من صلاته وصلى ما بقي. قلت: والتيمم (¬5) والوضوء عندك في هذا سواء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن تيمم فدخل في (¬6) الصلاة ثم أحدث فانفتل فوجد الماء؟ قال: يتوضأ ويستقبل الصلاة. قلت: لم؟ قال: لأنه حين وجد الماء انتقض ما مضى (¬7) من صلاته وما بقي. قلت: وكذلك لو كانت (¬8) الصلاة تطوعاً؟ قال: نعم. قلت: فهل يجب عليه قضاء التطوع؟ قال: نعم، قلت: لم وقد انتقضت صلاته؟ قال: لأنه افتتح الصلاة وهو على (¬9) تيمم، فدخل في صلاة ليست بفاسدة، فلمّا وجد الماء انتقضت (¬10) صلاته وكان عليه أن يتوضأ ويقضيها. ألا ترى أنه لو لم يجد الماء فتَمَّ (¬11) عليها (¬12) أجزأته (¬13)؛ لأن أول دخوله فيها كان وهي (¬14) صحيحة. ولا يشبه هذا المحدث (¬15) الذي يقضي ما بقي ويعتدّ (¬16) بما مضى؛ لأن هذا يفسد ما مضى وما بقي؛ لأنه حيث وجد الماء صار (¬17) على غير وضوء، إلا أن عليه قضاءه. قلت: أرأيت رجلاً تيمم بصعيد فيه (¬18) بول أو عَذِرَة ثم افتتح الصلاة تطوعاً ثم وجد الماء (¬19) هل عليه أن يقضي تلك الصلاة؟ قال: ليس عليه أن يقضيها؛ لأنه بمنزلة من لم يدخل في الصلاة. ألا ترى أنه لو ¬

_ (¬1) م: فيعند. (¬2) ح ي: وإن. (¬3) م: فإن. (¬4) م: أعد؛ ح: أعيد. (¬5) ح ي: التيمم. (¬6) م - في. (¬7) ح ي - ما مضى. (¬8) م - لو كانت، صح هـ. (¬9) م + غير. (¬10) ح ي: انتقض. (¬11) ح ي: فتيمم. (¬12) تَمَّ على الشيء: أتمه. انظر: المغرب، "تمم". (¬13) ح: أجزأه. (¬14) ي: دخوله كان فيها وبقي. (¬15) ك م ح ي: الحدث. (¬16) م: ويعيد (الياء الأولى مهملة). (¬17) ك م: فصار. (¬18) ح ي: بالصعيد وفيه. (¬19) ح ي - ثم وجد الماء.

تَمَّ عليها لم يجزه ذلك. قلت: هذا والذي يدخل في الصلاة وهو على غير وضوء سواء؟ قال: نعم، هما سواء، وليس (¬1) على واحد منهما القضاء. قلت: أرأيت متيمماً أَمَّ قوماً متوضئين فأحدث فتأخر وقدّم رجلاً من المتوضئين، ثم إن المتيمم بعد ذلك وجد الماء (¬2) فتوضأ، أيبني على ما مضى من صلاته؟ قال: لا، ولكن يستقبل الصلاة. قلت: أرأيت القوم إذا صلى بهم الإمام الثاني أفاسدة صلاتهم أم تامة (¬3)؟ قال: بل صلاتهم تامة. قلت: لم؟ قال: لأنهم قد خرجوا من صلاة المتيمم، وصار إمامهم متوضئاً، فلا تفسد (¬4) صلاتهم (¬5). قلت: لم؟ قال: أرأيت لو ضحك الإمام الأول أو تكلم (¬6) أو بال أو تقيّأ هل كان يُفسد (¬7) عليهم صلاتهم؟ قلت (¬8): لا. قال (¬9): هذا (¬10) وذالناسواء. قلت: أرأيت إن كان الإمام الأول متوضئاً والإمام (¬11) الثاني متيمم (¬12) فلمّا أحدث الأول قدّم الثاني فصلى بهم ركعة ثم وجد الماء (¬13) الإمام الثاني (¬14)؟ قال: صلاة الإمام الثاني والإمام (¬15) الأول (¬16) والقوم جميعاً كلهم فاسدة. قلت: لم؟ قال (¬17): لأن إمامهم هو (¬18) الثاني، وصار (¬19) هو إمام الأول، فلمّا فسدت (¬20) صلاته فسدت صلاة الأول والقوم جميعاً. وهذا يبين لك أن الصلاة في الباب (¬21) الأول ¬

_ (¬1) ح ي: ليس. (¬2) ح ي: إن المتيمم وجد الماء بعد ذلك. (¬3) ح: أرأيت القوم إذا صلوا فصلاتهم أتامة أم فاسدة؛ ي: أرأيت القوم إذا صلوا بصلاته أتامة صلاته أم فاسدة. (¬4) ي: يفسد. (¬5) ح ي + وإن فسدت صلاته. (¬6) ح ي - أو تكلم. (¬7) ح ي: كانت تفسد. (¬8) م ي: قال. (¬9) ي: قلت. (¬10) ح ي: فهذا. (¬11) ح ي - والإمام. (¬12) ح ي: والثاني متيمماً. (¬13) ح ي - الماء. (¬14) ح ي + ماء. (¬15) ح ي - والإمام. (¬16) ح ي: والأول. (¬17) ك - قال. (¬18) ح ي - هو. (¬19) ح ي: صار. (¬20) ح ي: أفسدت. (¬21) ح ي - الباب.

تامة؛ لأن الثاني هو الإمام، ولا (¬1) يضرهم ما دخل على (¬2) الأول من فساد صلاته، إنما يضرهم ما دخل على الإمام الثاني؛ لأن الإمام هو (¬3) الثاني. قلت: أرأيت رجلاً (¬4) متيمماً (¬5) أَمَّ قوماً متيممين وصلى (¬6) بهم ركعة ثم رأى بعضُ مَن خلفه الماء وعلم بمكانه (¬7) ولم يعلم به (¬8) الإمام ولا بقية القوم حتى فرغوا من صلاتهم وسلموا؟ قال: أمّا مَن علم منهم بالماء فصلاته (¬9) فاسدة، وأمّا الإمام ومن خلفه الذين (¬10) لم يعلموا بالماء فصلاتهم تامة. قلت: أرأيت إن كان في القوم متوضئون ومتيممون وعلم (¬11) المتوضئون بالماء ولم يعلم به الإمام ولا المتيممون حتى سلم بهم؟ قال: أما المتوضئون فصلاتهم فاسدة، وأما الإمام والمتيممون (¬12) الذين (¬13) لم يعلموا بالماء فصلاتهم تامة (¬14). ¬

_ (¬1) ح ي: فلا. (¬2) ح ي + الإمام. (¬3) ك م - هو. (¬4) ي: رجل. (¬5) ح ي: متيمم. (¬6) ح ي: فصلى. (¬7) ح ي: مكانه. (¬8) ح ي - به. (¬9) ح ي: فصلاتهم. (¬10) ح ي: والذين. (¬11) ح ي: فعلم. (¬12) ح ي - والمتيممون. (¬13) ح ي: والذين. (¬14) انظر: 1/ 22 ظ. وقال السرخسي: وقال زفر - رضي الله عنه تعالى -: لا تفسد صلاته، وهو رواية عن أبي يوسف -رحمه الله-. ووجهه أنه لا بد لفساد الصلاة من سبب، وهو في نفسه متوضئ، فرؤية الماء لا تكون مفسداً في حقه، وإنما تفسد صلاته لفساد صلاة الإمام، وصلاة الإمام هنا صحيحة، فلا معنى لفساد صلاته. ولنا أن طهارة الإمام معتبرة في حق المقتدي بدليل أنه لو تبين أن الإمام محدث لم تجز صلاة القوم، وطهارته هنا تيمم، فيجعل في حق من أبصر الماء كأنه هو المتيمم، فلهذا فسدت صلاته، لأنه اعتقد الفساد في صلاة إمامه، لأنه عنده أنه يصلى بطهارة التيمم مع وجود الماء، والمقتدي إذا اعتقد الفساد في صلاة إمامه تفسد صلاته، كما لو اشتبهت عليهم القبلة فتحرى الإمام إلى جهة والمقتدي إلى جهة أخرى لا يصح اقتداؤه به إذا كان عالماً أن إمامه يصلي إلى غير جهته. انظر: المبسوط، 1/ 120.

قلت: أرأيت رجلاً (¬1) تيمم فدخل في الصلاة فصلى ركعة، فبينا هو في صلاته إذ رأى سراباً (¬2) فظن أنه ماء فانفتل من صلاته، فمشى إليه ساعة حتى انتهى إليه فإذا هو سراب (¬3)؟ قال: يستقبل الصلاة. قلت: لم؟ قال: لأن انصرافه كان (¬4) إلى غير ماء (¬5)، ومشيه الذي مشى فيه (¬6) حَدَثٌ أحدثه وعَمَلٌ عمله (¬7)، فعليه أن يعيد صلاته (¬8). وهو على تيممه؛ لأنه لم يحدث ولم يجد الماء. قلت: أرأيت رجلاً تيمم وصلى ثم حضرت صلاة أخرى فأراد أن يصلي بذلك التيمم فشك فلم (¬9) يدر (¬10) أَمَرَّ على الماء أم لا؟ قال: يصلي بتيممه ذلك حتى يستيقن أنه قد مرّ على الماء أو يستيقن بالحدث. قلت: أرأيت رجلاً (¬11) أجنب فلم (¬12) يجد الماء فتَمَعَّكَ (¬13) في التراب فتَدَلَّكَ (¬14) به جسدُه كله هل يجزيه ذلك (¬15) من التيمم؟ قال: إن كان أصاب وجهه وذراعيه وكفيه فقد تم تيممه، دن كان لم يصبه فعليه أن يعيد التيمم. قلت: فإن كان قد أصاب وجهه وذراعيه (¬16) وكفيه التيمم وأصاب سائر جسده هل يفسد ذلك عليه تيممه؟ قال: لا. قلت: أرأيت رجلاً تيمم فبدأ بذراعيه فيَمَّمَهما (¬17) ثم يَمَّمَ وجهه ثم ¬

_ (¬1) ي: رجل. (¬2) م: شراباً. (¬3) م: شراب. (¬4) ح ي - كان. (¬5) أي: لو انصرف إلى ماء حقيقة كان عليه أن يستقبل الصلاة أيضاً، فكيف وقد انصرف إلى غير ماء. وانظر: المبسوط، 1/ 120. (¬6) ح ي - فيه. (¬7) ح ي: عمل عمله وحدث أحدثه. (¬8) ح ي: الصلاة. (¬9) خ: ولم. (¬10) ح ي: يدري. (¬11) ي: رجل. (¬12) ح ي: ولم. (¬13) تمعك في التراب، أي: تمرّغ فيه ولطّخِ نفسه به. انظر: المغرب، "معك". (¬14) ح ي: فدلك. تدلّك الرجل، أي: دَلكَ وعَرَكَ جسدَه عند الاغتسال. انظر: لسان العرب، "دلك". (¬15) ح ي - ذلك. (¬16) م - وذراعيه. (¬17) م: فتيممها.

صلى؟ قال: يجزيه. قلت: فإن بدأ فيَمَّمَ (¬1) وجهه (¬2) ثم مكث ساعة ثم يَمَّمَ ذراعيه ثم مكث ساعة ثم يَمَّمَ كفيه؟ قال: يجزيه. قلت: أرأيت رجلاً وضع يديه على الصعيد (¬3) فتيمم به ثم إن آخر تيمم بما (¬4) تيمم به الأول من الصعيد؟ قال: يجزيه. قلت: لم؟ قال: أرأيت رجلاً توضأ ففَضَلَ من وَضوئه ماء فتوضأ بذلك الماء آخر أمَا يجزيه؟ قلت: بلى. قال: فهذا وذاك سواء. قلت: أرأيت امرأة طهرت من حيضها فتيممت بالصعيد ثم وضع رجل يديه (¬5) في موضع يدها (¬6) فتيمم؟ قال: يجزيه. قلت: وكذلك لو كان الأول جنباً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً نفض ثوبه أو لِبْدَه (¬7) فتيمم بغباره وهو يقدر على الصعيد أيجزيه؟ قال: يجزيه. قلت: لم؟ قال: لأن هذا صعيد أيضاً. وهو (¬8) قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: لا يجزيه إذا كان يقدر على الصعيد (¬9). قلت: أرأيت رجلاً مقطوع اليدين من المرفقين فأراد أن يتيمم هل يمسح على (¬10) وجهه ويمسح على (¬11) موضع القطع؟ قال: نعم. قلت: فإن مسح وجهه وترك موضع القطع؟ قال: لا يجزيه (¬12). قلت: فإن صلى هكذا ¬

_ (¬1) ط: فيه. وانظر الحاشية التالية. (¬2) ك م - ثم صلى قال يجزيه، قلت فإن بدأ فيمم وجهه. وقال الحاكم: وإن بدأ بذراعيه في التيمم أو مكث بعدما تيمم وجهه ساعة ثم بدأ بذراعيه أجزأه. انظر: الكافي، 1/ 6 ظ، والمبسوط، 1/ 121. (¬3) ح ي: على الأرض. (¬4) م + قد. (¬5) ح ي: يده. (¬6) ح ي: يديها. (¬7) أي: بساطه. وقد تقدم. (¬8) ح ي: وهذا. (¬9) ح ي: لا يجزيه إلا أن يتيمم بالصعيد الطيب بالتراب (ي: التراب). (¬10) ح ي - على. (¬11) ح ي - على. (¬12) ح - قلت فإن مسح وجهه وترك موضع القطع قال لا يجزيه؛ صح هـ.

أياماً؟ قال: عليه أن يمسح موضع القطع (¬1) ويستقبل الصلاة. قلت: فإن كان القطع في اليدين من المنكب؟ قال: عليه أن يمسح وجهه، وليس عليه أن يمسح موضع القطع. قلت: وكذلك لو كان القطع من فوق المرفق دون المنكب؟ قال: نعم. قلت: فإن (¬2) كان القطع من المفصل (¬3)؟ قال: عليه أن يمسح وجهه وذراعيه. قلت: وكذلك لو كان (¬4) دون المرفق؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يفعل وصلى هكذا أياماً؟ قال: عليه أن يمسح ذلك ويعيد الصلوات كلها. قلت: أرأيت رجلاً تيمم وصلى فقعد (¬5) قدر التشهد ثم وجد الماء؟ قال: يتوضأ ويعيد الصلاة في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا نرى عليه إعادة. قلت: فإن كان قد سلم تسليمة واحدة ثم وجد الماء (¬6)؟ قال: صلاته تامة، وليس عليه أن يعيدها (¬7). قلت: فإن كان قد سلم تسليمتين عن يمينه وعن يساره وقد كان سها في صلاته ثم سجد لسهوه ثم رفع رأسه وهو يريد أن يسجد الأخرى فأبصر الماء؟ قال: صلاته فاسدة، وعليه أن يتوضأ ويعيد الصلاة في قول أبي حنيفة. قلت: لم وقد سلم وفرغ من صلاته؟ قال: لأنه في شيء من صلاته بَعْدُ. ألا ترى أنه لو كان إماماً فأدرك (¬8) معه رجل الصلاة في هذه (¬9) الحال كان قد أدرك معه الصلاة. قلت: أرأيت مسافراً تيمم ومعه في رَحْلِهِ (¬10) ماء وهو لا يعلم به (¬11) فصلى، فلمّا فرغ من صلاته وسلّم علم بالماء؟ قال: صلاته تامة، وهذا ممن (¬12) لا يجد الماء؛ لأن الله تعالى لا يكلّفه إلا عِلْمَه. وهذا قول ¬

_ (¬1) ي - قال لا يجزيه قلت فإن صلى هكذا أياماً قال عليه أن يمسح موضع القطع؛ صح هـ. (¬2) م: وإن. (¬3) أي: من الرسغ. (¬4) ح ي - لو كان. (¬5) ح ي: وقعد. (¬6) ك - وجد الماء. (¬7) ح ي: أن يعيده. (¬8) ح ي: وأدرك. (¬9) ح ي: في هذا. (¬10) م: في رجله. (¬11) ح ي - به. (¬12) ح + ممن.

أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: لا يجزيه. قلت: فإن علم (¬1) بالماء قبل أن يسلّم؟ قال: عليه أن يتوضأ ويستقبل الصلاة. قلت: أرأيت رجلاً به جِراحات في عامة جسده وهو يستطيع أن يغسل (¬2) ما بقي ولا يستطيع أن يغسل الجِراحات وهي في رأسه وصدره وظهره (¬3) وعامة جسده؟ قال: يتيمم. قلت: فإن كانت (¬4) الجراحات في رأسه أو في (¬5) إحدى يديه؟ قال: يغسل سائر جسده. قلت (¬6): فكيف يصنع بمواضع (¬7) الجراحات؟ قال: يمسح عليها بالماء. قلت: فإن كان لا يستطيع ذلك؟ قال: يمسح (¬8) على الخرقة التي فوق الجراحة بالماء. قلت: فإن كانت (¬9) الجراحات في رأسه؟ قال: يغسل جسده ويدع رأسه ويمسح على الجراحات بالماء. قلت: أرأيت رجلاً (¬10) مريضاً أجنب وهو لا يستطيع أن يغتسل (¬11) لما به من الجُدَرِي؟ قال: يتيمم بالصعيد (¬12). قلت: فإن كان به جرح في رأسه وهو يستطيع الغسل في سائر جسده؟ قال: يغسل جسده ويدع رأسه. قلت: أرأيت رجلاً صحيحاً وهو في المصر فأصابته (¬13) جنابة فخاف إن اغتسل أن (¬14) يقتله البرد؟ قال: إن خاف على نفسه القتل من البرد فإنه (¬15) يتيمم (¬16). وإن لم يخف على نفسه القتل فلا بد من أن يغتسل. قلت: وكذلك إذا كان في السفر؟ قال: نعم. وهذا قول أبي حنيفة (¬17). وقال أبو يوسف: أمّا أنا فأرى أن يجزيه ذلك في السفر، ولا يجزيه إذا كان مقيماً في المصر. وهو قول محمد. ¬

_ (¬1) ح: علمه. (¬2) م - أن يغسل. (¬3) ح ي - وظهره. (¬4) م ح ي: كان. (¬5) م - في؛ ح ي: وفي. (¬6) م - قلت. (¬7) ح ي: بموضع. (¬8) ي: يمسحه. (¬9) ي: كان. (¬10) ح ي - رجلاً. (¬11) م: أن يغسل. (¬12) ح ي: الصعيد. (¬13) ح ي: أصابه. (¬14) ح - أن. (¬15) ح ي - فإنه. (¬16) ح ي: تيمم. (¬17) م + وهذا قول أبي حنيفه.

وقال أبو حنيفة: إذا حُبس (¬1) رجل في مَخْرَج (¬2) وهو مقيم في المصر وحضرت (¬3) الصلاة ولم يقدر على مكان نظيف أن (¬4) يصلي فيه، ولم يقدر على وضوء ولا على صعيد طيب، فإنه لا يصلي حتى يخرج من ذلك المخرج، ثم يتوضأ ويقضي ما مضى من صلاته. وقال أبو يوسف ومحمد (¬5): يصلي في ذلك المكان يومي إيماء (¬6) بغير وضوء ولا تيمم، فإذا خرج توضأ وقضى ما مضى من صلاته. قلت: أرأيت (¬7) إن كان في غير مخرج وكان محبوساً في السجن (¬8) لا يقدر على ماء يتوضأ به؟ قال: يتيمم ويصلي، فإذا خرج توضأ وأعاد الصلاة. قلت: لم؟ قال: لأنه في المصر. قلت: أرأيت رجلاً أخّر الصلاة وهو على غير وضوء حتى خاف (¬9) ذهاب الوقت هل يجزيه أن يتيمم ويصلي؟ قال: لا يجزيه، ولكنه (¬10) يتوضأ ويصلي وإن (¬11) ذهب الوقت. قلت: أرأيت رجلاً متيمماً صلى بقوم متوضئين فأبصر (¬12) المتوضئون الماء ولم يبصره (¬13) الإمام ولم يعلم به حتى فرغ من صلاته وسلّم (¬14)؟ ¬

_ (¬1) م: إذا جلس. (¬2) المقصود بالمخرج مكان قضاء الحاجة. (¬3) ح ي: فحضرت. (¬4) ح ي - أن. (¬5) واختلفت الروايات عن محمد -رحمه الله تعالى-، فذكر في الزيادات ونُسَخ أبي حفص -رحمه الله تعالى- من الأصل كقول أبي حنيفة -رحمه الله تعالى-، وفي نُسَخ أبي سليمان --رحمه الله تعالى-- ذكر قوله كقول أبي يوسف -رحمه الله تعالى-. انظر: الكافي، 1/ 6 ظ؛ والمبسوط، 1/ 123. وهذا مما يشهوإن كتاب الصلاة في هذا الموضع من رواية أبي سليمان كما ذكر في بدايتها. وقد تقدم في مسألة المسافر الذي لا يجد ماء ولا ما يتيمم به أن قول أبي يوسف أنه يصلي بغير طهور ثم يعيد. ولم يذكر خلافاً لمحمد. انظر: 1/ 19 و. ولم يذكر السرخسي في ذلك خلافاً لمحمد أيضاً. انظر: المبسوط، 1/ 116. (¬6) م: اومآ. (¬7) ح ي - أرأيت. (¬8) ح ي + وكان. (¬9) ح ي: وهو يخاف. (¬10) ح ي: ولكن. (¬11) ح: فإن. (¬12) ح ي: وأبصر. (¬13) ح ي: يبصر. (¬14) تقدمت المسألة في هذا الباب، فهي مكررة. لكن التعليل المذكور هنا لم يذكر هناك. انظر: 1/ 21 و.

باب ما ينقض التيمم وما لا ينقضه

قال: أمّا صلاة الإمام فتامة، وأمّا صلاة القوم جميعاً فهي فاسدة، وعليهم أن يستقبلوا الصلاة. قلت: لم أفسدت (¬1) صلاة القوم وصارت (¬2) صلاةُ الإمام تامة؟ قال: هذا بمنزلة (¬3) إمام (¬4) صلى بقوم وتحرّى القبلة فأخطأ (¬5) وعَرَفَ الذين خلفه أنه (¬6) على غير القبلة (¬7)، فصلاة الإمام تامة، وصلاة القوم فاسدة. وقال محمد: لا أرى أن يؤم المتيمم المتوضئين على حال، ولا يجزيهم (¬8) ذلك. وهو قول علي بن أبي طالب كرم الله وجهه (¬9). ... باب ما ينقض التيمم (¬10) وما لا ينقضه قلت: أرأيت مسافراً تيمم وهو جنب فصلى بتيممه ذلك صلاة، ثم أحدث، فوجد من الماء قدر ما يتوضأ به ولا يكفيه لغسله؟ قال: يتوضأ به (¬11). قلت: لم؟ أليس هذا جنباً (¬12) بَعْدُ، فلا ينبغي له أن يتوضأ حتى يجد من الماء قدر (¬13) ما يكفيه للغسل؟ قال (¬14): هو طاهر ليس بجنب حتى يجد من الماء ما يكفيه للغسل، فلذلك جعلت عليه الوضوء. قلت: أرأيت مسافراً جنباً غسل فرجه ووجهه وذراعيه ورأسه، ثم أهراق الماء وليس معه ماء غيره، فتيمّم بالصعيد (¬15) ودخل في الصلاة، ثم ضحك فقهقه (¬16)، ثم وجد من الماء ما يكفيه للغسل؟ قال: يغسل وجهه وذراعيه ¬

_ (¬1) م: فسدت. (¬2) ك م: وصار. (¬3) ك: مثل؛ م - بمنزلة. (¬4) ح ي: الإمام. (¬5) ح ي: أو أخطأ. (¬6) ح ي: وأنه. (¬7) ح ي: قبلة. (¬8) صح ي: يجزيه. (¬9) تقدم قريباً بلاغاً. انظر: 1/ 17 ظ. (¬10) ح ي: الوضوء. (¬11) ح ي + به. (¬12) ح ي: جنب. (¬13) ح ي - قدر. (¬14) ح ي + ليس هكذا. (¬15) ح ي: الصعيد. (¬16) م ح ي: قهقهة.

ويمسح برأسه ويغسل ما بقي من جسده سوى الفرج والرأس (¬1) ويغسل رجليه. والقهقهة هاهنا بمنزلة الحدث، تنقض (¬2) الوضوء والتيمم، ولا تنقض (¬3) ما مضى من الغسل. ولو أن جنباً اغتسل بماء إلا موضع (¬4) درهم (¬5) من جسده بقي لم يجد له ماء، فتيمم وصلى، ثم وجد من الماء قدر (¬6) ما يغسل ذلك الموضع، وحضرت (¬7) صلاة أخرى، فإنه كان عليه أن (¬8) يغسل ذلك الموضع ويصلي ولا يتيمم؛ لأنه طاهر بالغسل. ولو كان أحدث قبل أن يغسل (¬9) ذلك الموضع كان عليه أن يغسل ذلك الموضع ويتيمم. فإن بدأ بالتيمم قبل أن يغسل ذلك الموضع ثم غسل ذلك الموضع أجزأه؛ لأنه قد وجب عليه التيمم مع غسل ذلك الموضع. فإذا وجبا عليه (¬10) جميعاً فلا يضره، وبأيهما (¬11) بدأ أجزأه ذلك (¬12). ألا ترى (¬13) أنه (¬14) لو وجد سؤر حمار كان عليه أن يتوضأ وأن (¬15) يتيمم، وبأيهما (¬16) بدأ أجزأه ذلك. قلت: أرأيت لو وجد سؤر حمار (¬17) واغتسل (¬18) به بعد التيمم (¬19) وقد (¬20) بدأ بالتيمم أمَا يجزيه هذا (¬21)؟ قال (¬22): يجزيه، وهذا مثل الأول. وقال محمد في رجل تيمم ودخل في (¬23) الصلاة ثم نظر إلى سؤر الحمار أو إلى نبيذ التمر، قال: يمضي في صلاته (¬24) ولا يقطعها، فإذا فرغ ¬

_ (¬1) ح ي: سوى الرأس والفرج. (¬2) م: ينقض. (¬3) م ي: ينقض. (¬4) ي + قدر. (¬5) ح ي: الدرهم. (¬6) ك م ح ي - قدر. والزيادة من ج. (¬7) ح ي: فحضرت. (¬8) ح ي - كان عليه أن. (¬9) ح ي: قبل غسل. (¬10) ي - عليه. (¬11) م: بأنهما؛ ح ي: بأيهما. (¬12) ح ي - أجزأه ذلك. (¬13) ي: أرأيت. (¬14) ح ي - أنه. (¬15) ح ي - يتوضأ وأن. (¬16) م: وبأنهما؛ ح ي: فبأيهما. (¬17) ك م ح: الحمار. (¬18) ك م: فيغتسل. (¬19) م: اللتيم (مهملة). (¬20) ح ي: وكان. (¬21) ح ي - هذا. (¬22) ح ي + هذا. (¬23) ح ي - في. (¬24) م: في صلواته.

باب الأذان

من الصلاة (¬1) توضأ (¬2) بسؤر الحمار (¬3) أو النبيذ ثم (¬4) يصلي مرة أخرى. وكذلك لو كان توضأ (¬5) بالنبيذ وتيمم ثم دخل في الصلاة ثم نظر إلى سؤر الحمار (¬6) مضى على صلاته (¬7) ولا يقطعها، فإذا فرغ من الصلاة (¬8) توضأ بسؤر الحمار وصلى مرة أخرى (¬9). ... باب الأذان قلت: أرأيت الرجل إذا أراد أن يؤذن كيف يؤذن وكيف يقوم في أذانه؟ قال: يستقبل القبلة في أذانه حتى إذا (¬10) انتهى إلى الصلاة وإلى الفلاح حوّل وجهه يميناً وشمالاً وقَدَمَاه مكانهما. فإذا فرغ من الصلاة والفلاح حوّل وجهه إلى القبلة. قلت: والأذان والإقامة مثنى مثنى، وآخِرُ الأذان لا إله إلا الله؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل إذا أذن أيجعل (¬11) إصبعيه في أذنيه؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يفعل حتى فرغ (¬12) من أذانه؟ قال: لا يضره ذلك. قلت: أرأيت إن استقبل (¬13) القبلة بأذانه حتى انتهى إلى الصلاة وإلى (¬14) الفلاح وهو في صَوْمَعَتِه (¬15) فأراد (¬16) أن يخرج رأسه من ¬

_ (¬1) ح ي - فإذا فرغ من الصلاة. (¬2) ح ي: ثم يتوضأ. (¬3) ح ي + كان. (¬4) م: يم. (¬5) ي: وكذلك إن توضأ. (¬6) ي: حمار. (¬7) ح + صلاته. (¬8) ك م ح ي - من الصلاة. والزيادة من ج. (¬9) ك م + ولا يجوز التيمم من مكان قد كان فيه بول أو نجاسة وإن ذهب الأثر. وقد تقدمت هذه المسألة قريباً. (¬10) ح ي - إذا. (¬11) ح: يجعل. (¬12) ح ي: حتى يفرغ. (¬13) ح: إن يستقبل. (¬14) ح - إلى. (¬15) الصومعة بناء محدد أعلاه يتعبد فيه الراهب. ويقال للمنارة أيضاً: صومعة، لأنه محدد أعلاه كذلك. انظر: لسان العرب، "صمع، أذن". (¬16) ح ي: أراد.

نواحيها فلم يستطع حتى يحوّل قدميه من مكانهما فدار في صومعته؟ قال: لا يضره ذلك شيئاً. قلت: فهل يُثَوِّبُ (¬1) في شيء من الصلوات (¬2)؟ قال: لا يُثَوِّبُ إلا في صلاة الفجر. قلت (¬3): فكيف التثويب (¬4) في صلاة الفجر؟ قال: كان التثويب الأول بعد الأذان: "الصلاة خير من النوم" (¬5)، فأحدث (¬6) الناس هذا التثويب، وهو حسن (¬7). ¬

_ (¬1) التثويب مأخوذ من الثوب، لأن الرجل كان إذا جاء مستصرخاً - أي: مستغيثاً - حرّك ثوبه رافعاً به يده ليراه المستغاث فيكون ذلك دعاء له وإنذاراً، ثم كثر حتى سمي الدعاء تثويباً، فقيل: ثَوَّب الداعي، وقيل: هو ترديد الدعاء، تفعيل مِن ثاب يَثُوب إذا رجع وعاد. انظر: المغرب، "ثوب". (¬2) ك م: من الصلاة. (¬3) ح + أرأيت. (¬4) م: التثوب (التاء والثاء مهملتان). (¬5) صح ي + مرتين. (¬6) م: فأخذت؛ ح ي: وأحدث. (¬7) وكذلك في الكافي، 1/ 7 و؛ والمبسوط، 1/ 130. وقال الإمام أبو حنيفة: والتثويب في الفجر: "حي على الصلاة حي على الفلاح" مرتين بين الإذان والإقامة حَسَنٌ، وكُرِهَ في سائر الصلوات انظر: الجامع الصغير لمحمد بن الحسن، 83. قال الإمام محمد: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم قال سألته عن التثويب قال هو مما أحدثه الناس، وهو حسن مما أحدثوا، وذكر أن تثويبهم كان حين يفرغ المؤذن من أذانه: "الصلاة خير من النوم". قال محمد: وبه نأخذ وهو قول أبي حنيفة - رضي الله عنه -. انظر: الآثار لمحمد، 19. وقال الإمام محمد: وقال أبو حنيفة -رحمه الله-: كان التثويب في صلاة الصبح بعدما فرغ المؤذن من الأذان الصلاة خير من النوم. وأهل الحجاز يقولون: الصلاة خير من النوم في الأذان حين يفرغ المؤذن من حي على الفلاح. أخبرنا إسرائيل بن يونس قال حدثنا حكيم بن جبير عن عمران بن أبي الجعد عن الأسود بن يزيد أنه سمع مؤذناً أذن فلما بلغ حي على الصلاة حي على الفلاح قال الصلاة خير من النوم، قال الأسود: ويحك لا تزد في أذان الله، قال سمعت الناس يقولون ذلك، قال لا تفعل. انظر: الحجة على أهل المدينة، 1/ 84 - 86 وذكر الطحاوي أن "الصلاة خير من النوم" بعد الفلاح في أذان الفجر وأن ذلك هو قول الأئمة أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، بعد أن استشهد لذلك بالأحاديث والآثار. انظر: شرح معاني الآثار، 1/ 136 - 137. وقد وردت فيه أحاديث مرفوعة، وفي بعضها=

قلت: أفيَحْدُرُ (¬1) الإقامةَ حَدْراً (¬2) ويترسَّل في (¬3) الأذان؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن حَدَرَهما (¬4) جميعاً أو تَرَسَّلَ (¬5) فيهما جميعاً أو حَدَرَ (¬6) الأذان وتَرَسَّل (¬7) في الإقامة هل يضره ذلك؟ قال: لا، ولكن أفضل ذلك أن يصنع كما وصفت لك. قلت (¬8): أرأيت رجلاً أذن وهو على غير وضوء وأقام كذلك؟ قال: يجزيه (¬9). قلت: أرأيت رجلاً أذن قاعداً؟ قال: أكره له ذلك. قلت: فهل يجزيه ذلك (¬10)؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً أذن وأقام رجل آخر غيره؟ قال: لا بأس بذلك. قلت: أرأيت رجلاً أذن ولم يستقبل القبلة في أذانه؟ قال: أكره له ذلك. قلت: فهل يجزيه ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً أذن قبل وقت الصلاة؟ قال: لا يجزيه. قلت: فإن فعل ذلك؟ قال (¬11): فعليه (¬12) أن يعيد أذانه (¬13) إذا دخل الوقت. قلت: فإن لى يفعل وصلى بهم؟ قال: صلاتهم تامة. وقال أبو يوسف آخِراً: لا بأس بأن يؤذن للفجر خاصة قبل طلوع الفجر (¬14). ¬

_ = أن "الصلاة خير من النوم" بعد: "حي على الفلاح". انظر: نصب الراية للزيلعي، 1/ 259، 265، 279، 290؛ والدراية لابن حجر، 1/ 113 - 114. فظهر أن رواية الأصل هي أن "الصلاة خير من النوم" بعد الأذان، وليس بعد الفلاح في الأذان. ورواية الطحاوي تخالف ذلك. والعمل على ما قاله الطحاوي. وهو المذكور في المتون والراجح في المذهب. انظر: تحفة الفقهاء للسمرقندي، 1/ 110؛ والهداية للمرغيناني، 1/ 41؛ والبحر الرائق لابن نجيم، 1/ 270؛ وحاشية ابن عابدين، 1/ 388. (¬1) م: أفنحذر؛ ح: أفيحذف؛ ي: أفتحذف. (¬2) م: حذرا؛ ح ي: حذفاً. (¬3) ح ي - في. (¬4) م: إن أحذرهما؛ ح ي: إن حذفهما. (¬5) م: أو يرسل. (¬6) م: أو حذر؛ ح ي: أو حذف. (¬7) م: ويرسل. (¬8) ي - قلت. (¬9) ح ي - أرأيت رجلاً أذن وهو على غير وضوء وأقام كذلك قال يجزيه؛ صح ي هـ. (¬10) ح ي - ذلك. (¬11) ك م - قلت فإن فعل ذلك قال. (¬12) ك م: وعليه. (¬13) ح ي: الأذان. (¬14) ح ي - وقال أبو يوسف آخراً لا بأس بأن يؤذن للفجر خاصة قبل طلوع الفجر.

قلت: أرأيت المسافر هل يؤذن وهو راكب؟ قال: نعم إن شاء. قلت: فكيف يصنع إذا أقام؟ قال: أحب ذلك إلي إذا أراد (¬1) أن يقيم أن ينزل فيقيم وهو على الأرض. قلت: فإن لم يفعل وأقام راكباً كما هو؟ قال: يجزيه. قلت: أرأيت النساء هل عليهن أذان وإقامة؟ قال: ليس على النساء أذان ولا إقامة. قلت: أرأيت أهل المصر يصلون الجماعة بغير أذان ولا إقامة؟ قال: قد أساؤوا (¬2)، وصلاتهم تامة. قلت: أرأيت رجلاً (¬3) صلى في المصر وحده هل يجب عليه أذان وإقامة (¬4)؟ قال: إن (¬5) فعل فحسن، وإن اكتفى بأذان الناس وإقامتهم أجزاه ذلك (¬6). قلت: أرأيت رجلاً انتهى إلى المسجد فأراد أن يصلي فيه وقد أُذّن في ذلك (¬7) المسجد وأقيم (¬8) فيه وصلى الناس هل يجب على هذا الرجل أن يؤذن لنفسه ويقيم؟ قال: لا، ولكنه يصلي بأذانهم وإقامتهم. قلت: أرأيت المسافر أيؤذن (¬9) ويقيم في السفر؟ قال: نعم. قلت: فإن أقام ولم يؤذن؟ قال: يجزيه (¬10). قلت: فإن أذن ولم يقم؟ قال: يجزيه، وقد أساء. قلت: فإن لم يؤذن ولم يقم (¬11)؟ قال: قد أساء، وصلاته تامة. قلت: أرأيت إن كانوا جماعة في سفر؟ قال: الجماعة في هذا (¬12) والواحد سواء، وعليهم أن يؤذنوا ويقيموا، وإن (¬13) لم يفعلوا فقد أساؤوا، وصلاتهم تامة. قلت: فإن أقاموا وتركوا الأذان؟ قال: يجزيهم. قلت: وترخص (¬14) للمسافرين (¬15) في هذا (¬16)، ولا ترخص (¬17) للمقيمين؟ قال: نعم. قلت: أرأيت (¬18) الأذان والإقامة هل ¬

_ (¬1) ح - أراد. (¬2) ح ي + في ذلك. (¬3) ح ي: الرجل. (¬4) ح ي - وإقامة. (¬5) ح: فإن. (¬6) ح ي - ذلك. (¬7) ح ي - ذلك. (¬8) ح: أقيم. (¬9) ح ي: أن يؤذن. (¬10) ح - قلت فإن أقام ولم يؤذن قال يجزيه؛ صح هـ. (¬11) م: ولم يقيم. (¬12) ح - في هذا. (¬13) ح ي: فإن. (¬14) م: ويرخص. (¬15) ح ي: للمسافر. (¬16) ح ي - في هذا. (¬17) م ي: يرخص. (¬18) ح ي - أرأيت.

يجب (¬1) في شيء من صلاة التطوع؟ قال: لا، إنما الأذان والإقامة في الصلوات (¬2) الخمس المفروضة (¬3). قلت: فهل في الوتر (¬4) أذان وإقامة؟ قال: لا. قلت: فهل (¬5) في العيدين أذان وإقامة (¬6)؟ قال: ليس في العيدين أذان ولا إقامة. قلت: فالجمعة؟ قال: الجمعة فريضة، وفيها أذان وإقامة. قلت: فمتى الأذان والإقامة يوم الجمعة؟ قال: إذا صعد الإمام المنبر أذن المؤذن، وإذا نزل الإمام أقام (¬7) المؤذن. قلت: أرأيت المؤذن إذا أذن وأقام هل يتكلم في شيء من أذانه وإقامته (¬8)؟ قال: لا. قلت: فإن تكلم في أذانه أو في (¬9) إقامته وصلى القوم بذلك؟ قال: صلاتهم تامة، وأَحَبُّ ذلك (¬10) إليَّ أن لا يتكلم في أذانه ولا في إقامته. قلت: أرأيت المؤذن يؤذن للفجر قبل أن يَنْشَقَّ الفجر أتأمره أن يعيد الأذان إذا انْشَقَّ الفجر؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأنه أذن قبل الوقت. ألا ترى أنه (¬11) لو أذن لها في (¬12) عشاء كان يجب عليه أن يعيد الأذان (¬13). فكذلك (¬14) إذا أذن قبل دخول الوقت. قلت: فإن لم يُعِدِ الأذان فصلى (¬15) بهم في الوقت؟ قال: صلاتهم تامة. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وهو (¬16) ¬

_ (¬1) ح ي: هل تجب. (¬2) م: في الصلوة؛ ح: في صلوة؛ ي: في صلوات. (¬3) ح ي: الفريضة. (¬4) ح ي: للوتر. (¬5) ح ي - فهل. (¬6) م - وإقامة. (¬7) ح: قال. (¬8) م: أو إقامته. (¬9) ح - في. (¬10) ح ي - ذلك. (¬11) م - أنه. (¬12) ح ي - لها في. (¬13) ح + إذا انشق الفجر قال نعم قلت لم قال لأنه أذن؛ ي + إذا انشق الفجر قال نعم قلت لم قال لأنه أذن قبل الوقت ألا ترى أنه لو أذن لها في عشاء كان يجب عليه أن يعيد الأذان. (¬14) م: وكذلك. (¬15) ح ي: وصلى. (¬16) ح ي - وهو.

قول (¬1) أبي يوسف الأول. ثم رجع فقال (¬2): لا (¬3) بأس أن يؤذن في الفجر (¬4) خاصة قبل أن يطلع (¬5) الفجر. قلت: أرأيت قوماً فاتتهم الصلاة في جماعة فدخلوا (¬6) المسجد وقد أُقِيم في (¬7) ذلك المسجد وصُلِّيَ فيه، فأراد القوم أن يصلوا فيه (¬8) جماعة بأذان وإقامة؟ قال: أكره لهم ذلك، ولكن عليهم أن يصلوا وحداناً (¬9) بغير أذان ولا إقامة؛ لأن أذان أهل المسجد وإقامتهمِ تجزيهم. قلت: فإن أذنوا وأقاموا وصلوا جماعة؟ قال: صلاتهم تامة، وأحَبُّ إليَّ أن لا يفعلوا (¬10). قلت: أرأيت إن كان ذلك المسجد في طريق (¬11) من طرق (¬12) المسلمين وصلى (¬13) فيه (¬14) قوم مسافرون بأذان وإقامة، ثم جاء قوم (¬15) مسافرون سوى أولئك فأرادوا أن يؤذنوا فيه ويقيموا ويصلوا جماعة؟ قال: لا بأس بذلك. قلت: لم؟ قال: لأن هذا المسجد (¬16) لم يصل فيه أهله، إنما صلى فيه أهل الطريق، وإنما أكره ذلك إذا كان أهله قد صلوا فيه. قلت: فإن صلى في هذا المسجد قوم مسافرون ثم جاء أهل المسجد فأذن مؤذنهم وأقام فصَلَّوْا فيه، ثم جاء قوم مسافرون فأرادوا أن يصلوا فيه جماعة بأذان وإقامة؟ قال: أكره لهم ذلك؛ لأن أهل المسجد قد صلوا فيه. ... ¬

_ (¬1) ح ي: وقول. (¬2) ح ي: قال. (¬3) ح ي: فلا. (¬4) ح ي: للفجر. (¬5) م: أن تطلع. (¬6) ح: فدخلها. (¬7) ح ي - في. (¬8) ح ي: في. (¬9) يقال الرجل واحد من القوم، أي: فرد من أفرادهم، والجمع وُحدان بالضم. انظر: المصباح المنير، "وحد". (¬10) ح ي: لا يفعلوه. (¬11) ح + طريق. (¬12) م - من طرق؛ ح: من طريق. (¬13) ح ي: فصلى. (¬14) م + فيه. (¬15) م - قوم. (¬16) ح ي: مسجد.

باب من نسي صلاة [ثم] ذكرها من الغد

باب من نسي صلاة [ثم] ذكرها من الغد (¬1) قلت: أرأيت قوماً فاتتهم صلاة (¬2) الظهر فنَسُوها (¬3) حتى الغد ثم ذَكَرُوها فأرادوا أن يَقْضُوها (¬4) جماعة بأذان وإقامة؟ قال: لا بأس بأن يؤذنوا ويقيموا ويؤمهم (¬5) بعضهم. قلت: فإن كان رجل واحد نسي هذه الصلاة فأراد أن يقضيها من الغد أيؤذن (¬6) لها ويقيم؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يفعل وصلى؟ قال: صلاته تامة. قلت: أرأيت قوماً نَسُوا صلاتين حتى الغد، بعضُهم نسي (¬7) الظهر، وبعضُهم نسي العصر، فذكروا ذلك من الغد، ألهم أن يصلوا في جماعة (¬8)؟ قال: أمّا من (¬9) نسي الظهر فلا بأس بأن يصلي جماعة، ولا يصلي من نسي العصر معهم (¬10). ويصلي الذين (¬11) نسوا العصر في (¬12) جماعة أيضاً (¬13) إن شاؤوا. قلت: فإن كان القوم نَسُوا جميعاً الصلاتين فذكروا ذلك من الغد، فأذن مؤذنهم وأقام (¬14) فصَلَّوُا (¬15) الظهر في جماعة، ثم إن مؤذنهم أذن أيضاً وأقام (¬16) وصلَّوُا (¬17) العصر في جماعة (¬18)؟ قال: يجزيهم (¬19). قلت: أرأيت رجلين نَسِيَا صلاتين أحدهما نسي الظهر والآخر نسي العصر فذكرا (¬20) ذلك من الغد، فأَمَّ أحدُهما صاحبه والإمام الذي نسي العصر فصلى به؟ قال: أمّا الإمام (¬21) فصلاته تامة، ¬

_ (¬1) ح ي - باب من نسي صلاة ذكرها من الغد. (¬2) ك م ح ي - صلاة. والزيادة من ح. (¬3) ك م: نسوها. (¬4) م: فإن أرادوا يقضوها. (¬5) ح ي: أو يقيموا أو يؤمهم. (¬6) ح ي: أو يؤذن. (¬7) ح: فنسي. (¬8) ح ي: في الجماعة. (¬9) م - من. (¬10) ك م: نسي معهم العصر. (¬11) ح: وصلى الذي. (¬12) ح ي - في. (¬13) ح ي - أيضاً. (¬14) ح ي: فأقام. (¬15) ح: وصلى؛ ي: وصلوا. (¬16) ح: فأقام. (¬17) ي: فصلوا. (¬18) ك + أيجوز ذلك أو نحوه. (¬19) ك م: قال نعم. (¬20) م ح: فذكروا. (¬21) ح ي + الذي نسي العصر.

وأمّا (¬1) الذي نسي الظهر فهو (¬2) إنما (¬3) دخل مع الإمام (¬4) في التطوع، فهو (¬5) يجزيه من التطوع (¬6). قلت: فإن نَسِيَا صلاتين من يومين وهما جميعاً العصر فأَمَّ أحدُهما صاحبَه والإمام الذي نسي أولاً؟ قال: صلاته تامة، وهذا الذي نسي آخِراً (¬7) إنما (¬8) دخل معه في التطوع، فهو يجزيه من التطوع، وعليه أن يعيد العصر (¬9). قلت: وكذلك لو كان الإمام (¬10) الذي نسي آخِراً (¬11)؟ قال: نعم. قلت: أرأيت القوم يؤذن لهم العبد أو الأعرابي أو ولد الزنى أو الأعمى؟ قال: يجزيهم. قلت: أتحب (¬12) أن يكون المؤذن عالماً بالسنة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت القوم يؤذن لهم الغلام الذي لم يحتلم بعد (¬13) وقد راهق الحُلُم؟ قال: أَحَبّ إليَّ أن (¬14) يؤذن لهم رجل. قلت: فإن صَلَّوْا بأذانه وإقامته؟ قال: يجزيهم. قلت: أرأيت القوم تؤذن (¬15) لهم المرأة فصلوا بأذانها وإقامتها؟ قال: أكره لهم (¬16) ذلك؟ قلت (¬17): فإن (¬18) فعلوا ذلك؟ قال (¬19): أجزأهم. قلت: فالبصير أَحَبُّ إليك أن يؤذن من الأعمى؟ قال: نعم، هو أحبّ إليّ؛ لأن البصير أعرف بمواقيت الصلاة. قلت: فأيهما أحب إليك أن يؤذن المؤذن، على المنارة (¬20) أو في صحن (¬21) المسجد؟ قال: أَحَبّ ذلك (¬22) إليَّ أن يكون (¬23) أَسْمَعَه للقوم ¬

_ (¬1) ح + الإمام. (¬2) ح: وهو. (¬3) ح: لهما؛ ي: لما. (¬4) ح ي: معه. (¬5) ك م: فهل؛ ح: وهو. (¬6) ك + قال قلت نعم، م + قال نعم. (¬7) ح ي: أخيراً. (¬8) ح: أيهما. (¬9) ح ي - وعليه أن يعيد العصر. (¬10) ك م - الإمام. (¬11) ح ي: أخيراً. (¬12) م ح: أيجب. (¬13) م ح ي - بعد. (¬14) ح ي - أن. (¬15) ي: يؤذن. (¬16) ك م - لهم. (¬17) ك م - قلت. (¬18) ك م: وإن. (¬19) ك م - ذلك قال. (¬20) ح ي + ويقيم على المنارة. (¬21) ح ي - صحن. (¬22) ح ي - ذلك. (¬23) ح - يكون؛ ي - أن يكون.

والجيران، وكل ذلك حسن. قلت: أفتحب للمؤذن (¬1) أن يرفع صوته بالأذان والإقامة؟ قال: نعم (¬2)، يُسْمِعُ ولا يجهد (¬3) نفسه. قلت: أفتَكره (¬4) للمؤذن إذا أذّن أن يتطوع في صَوْمَعَته (¬5)؟ قال: لا أكره له (¬6) ذلك. قلت: أرأيت إذا قال المؤذن (¬7): الله أكبر الله أكبر، أيطوّل ذلك (¬8)؟ قال: لا (¬9)، أَحَبُّ ذلك إليَّ أن يَحْذِفَه حَذْفاً. قلت: فإن فعل ذلك (¬10)؟ قال: يجزيه. قلت: أرأيت رجلاً أذن فظن أنها الإقامة وأقام (¬11) في آخرها فصلى القوم بذلك؟ قال: يجزيهم. قلت: فإن أقام ثم استيقن (¬12) قبل أن يدخلوا في الصلاة؟ قال: أَحَبُّ ذلك إليَّ أن يُتم (¬13) الأذان ثم يقيم (¬14)، وإن (¬15) لم يفعل أجزأه. قلت: أرأيت مؤذناً أذن ثم مكث بعد أذانه ساعة (¬16) فأخذ في إقامته (¬17) فظن أنها الأذان فصنع فيها ما يصنع في الأذان، فقال (¬18) له بعض القوم: هذه الإقامة، كيف يصنع (¬19)؟ أيبتدئ (¬20) الإقامة من أولها (¬21) أو يقول: قد قامت الصلاة؟ قال: بل يبتدئ الإقامة من أولها (¬22). قلت: فإن لم يفعل وقال: قد قامت الصلاة؟ قال: يجزيهم. قلت: أرأيت لو أنه حين فعل في الإقامة ما فعل ثم ظن أن ذلك لا يجزيه فاستقبل الأذان من ¬

_ (¬1) م: المؤذن. (¬2) ح ي - نعم. (¬3) ي: يجهر. (¬4) م: أفيكره. (¬5) م: في صومعة. (¬6) ح ي - له. (¬7) ح ي - المؤذن. (¬8) ح ي - ذلك. (¬9) ك م ح ي - لا. والزيادة من ج. (¬10) ك ح ي - ذلك. (¬11) ح ي: فأقام. (¬12) أي: استيقن أنه أخطأ في ذلك. (¬13) ح ي: أن يتمم. (¬14) ي - الأذان ثم يقيم؛ صح هـ. (¬15) ح: فإن. (¬16) صح ي: قليلاً. (¬17) ح ي: في الإقامة. (¬18) ي: قال. (¬19) ح: تصنع. (¬20) ح: ابتدئ. (¬21) ي + قال نعم. (¬22) م ح ي - أو يقول قد قامت الصلاة قال بل يبتديء الإقامة من أولها.

أوله ثم أقام فصلى؟ قال: يجزيهم (¬1). قلت: أرأيت مؤذناً يثوّب في الفجر فظن أن (¬2) تثويبه ذلك إقامة فأقام فيها (¬3) الصلاة ثم عَلِمَ بَعْدُ أنه التثويب قبل أن يدخل القوم في الصلاة؟ قال: يَكُفُّ القوم حتى يبتدئ المؤذن الإقامة من أولها ثم يقومون (¬4) إلى الصلاة. قلت: أرأيت مؤذناً أخذ في الإقامة فغُشِيَ عليه قبل أن يَفرُغ من إقامته ثم أفاق، أيبتدئ بالإقامة (¬5) من أولها أو من المكان الذي غُشِيَ عليه فيه؟ قال: أَحَبُّ ذلك (¬6) إليَّ أن يبتدئ بها (¬7) من أولها، وإن (¬8) لم يفعل أجزأه ذلك. قلت: أرأيت مؤذناً أقام ثم رَعَفَ أو أحدث قبل أن يَفرُغ من إقامته فذهب فتوضأ ثم جاء أيبتدئ الإقامة من أولها أو من الموضع الذي انتهى إليه؟ قال: أَحَبُّ إليَّ أن يبتدئها من أولها، وأن لم يفعل فابتدأها من ذلك الموضع أجزأه (¬9). قلت: أرأيت مؤذناً أذن وقدّم (¬10) شيئاً قبل شيء فقال: أشهد أن محمداً رسول الله، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله؟ قال: فإذا (¬11) قال: أشهد أن لا إله إلا الله، فإن عليه أن يقول: أشهد أن محمداً رسول الله، حتى يكون بعدها. قلت: فإن لم يفعل ومضى على ذلك؟ قال: يجزيهم. قلت: وكذلك كل شئ قدّمه (¬12) من الأذان أو أخّره؟ قال: نعم (¬13). قلت: ¬

_ (¬1) ك م: يجزيه. (¬2) م - أن. (¬3) ح ي: فيه. (¬4) ح ي: ثم يقوم. (¬5) ح ي: الإقامة. (¬6) ح ي - ذلك. (¬7) ك: لها. (¬8) ح ي: فإن. (¬9) ح ي - قلت أرأيت مؤذناً أقام ثم رعف أو أحدث قبل أن يفرغ من إقامته فذهب فتوضأ ثم جاء أيبتدئ الإقامة من أولها أو من الموضع الذي انتهى إليه قال أحب إلي أن يبتدئها من أولها وإن لم يفعل فابتدأها من ذلك الموضع أجزأه. (¬10) ح ي: فقدم. (¬11) ك م: إذا. (¬12) ح: قدمت. (¬13) م - قلت وكذلك كل شيء قدمه من الأذان أو أخره قال نعم.

وكذلك لو فعل (¬1) هذا في الإقامة؟ قال: نعم (¬2). قلت: أرأيت مؤذناً أخذ في الإقامة فلم يَفرُغ من الإقامة حتى أحدث كيف يصنع، أيُتم الإقامة ثم يذهب فيتوضأ أو يبتدئ (¬3) فيتوضأ (¬4) ثم يُتم الإقامة؟ قال: يُتم الإقامة ثم يذهب فيتوضأ ويصلي، وأي ذلك فعل أجزأه. قلت: أرأيت (¬5) مؤذناً أخذ في الإقامة فوقع فمات، فقام رجل من القوم مكانه (¬6)، أيبتدئ الإقامة من أولها أو يأخذ من المكان الذي انتهى (¬7) إليه الميت؟ قال: أَحَبُّ إليَّ أن يبتدئ بها من أولها، وإن (¬8) أخذ (¬9) من المكان الذي انتهى إليه الميت أجزأه. قلت: وكذلك لو أن الأول أصابه لَمَمٌ أو جُنَّ أو أغْمِيَ عليه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت مؤذناً أذن ثم ارتد عن الإسلام وخرج من المسجد، أترى للقوم أن يعتدّوا بأذانه ويأمروا (¬10) بعض القوم فيقيم بهم الصلاة أو يعيدوا الأذان؟ قال: أي ذلك ما (¬11) فعلوا أجزأهم. قلت: أرأيت المؤذن إذا أذن في المغرب وفرغ من أذانه (¬12) أتحب (¬13) له أن يقعد ثم يقوم فيقيم بهم (¬14) الصلاة أو يكون قائماً كما هو حتى يقيم، ¬

_ (¬1) ح ي - لو فعل. (¬2) ح ي + أو يقول قد قامت الصلاة قال بل يبتدئ الإقامة من أولها. (¬3) ح ي: أو يبدأ. (¬4) ح - أو يبدأ فيتوضأ؛ صح هـ. (¬5) ح ي + رجلاً. (¬6) ح ي - مكانه. (¬7) ح - انتهى؛ صح هـ. (¬8) ح: فإن. (¬9) ح ي: أخذها. (¬10) ك م ج ر ط: أو يأمروا؛ ح: أو تأمر؛ ي: أو يأمر. والتصحيح مستفاد من الكافي، 1/ 7 ظ؛ والمبسوط، 1/ 139. (¬11) ح ي - ما. (¬12) ح: من أدائه. (¬13) ح: أيجب. (¬14) ح - بهم.

أيّ ذلك أحب إليك؟ قال: أَحَبُّ إليَّ أن يقوم قائماً كما هو حتى يقيم (¬1) بهم الصلاة. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: أَحَبّ إليَّ أن يجلس جلسة خفيفة ثم يقوم فيقيم بهم الصلاة. وهو قول محمد. قلت: فإن كان (¬2) ذلك في الفجر والظهر والعصر والعشاء؟ قال: أَحَبُّ ذلك إليَّ أن يقعد فيها فيما بين الأذان والإقامة. قلت: فإن لم يفعل ولم يقعد في شيء من ذلك غير أنه أقام الصلاة؟ قال: يجزيهم (¬3). قلت: أرأيت إن وَصَلَ الأذانَ والإقامةَ ولم يجعل بينهما (¬4) شيئاً أو لم (¬5) يمكث (¬6) بينهما؟ قال: أكره له (¬7) ذلك، ويجزيهم. قلت: أرأيت مؤذناً (¬8) أذن وهو في إزار واحد وأقام كذلك؟ قال: يجزيهم (¬9). قلت: أرأيت المؤذن (¬10) هل تكره له أن يؤذن للقوم ويقيم (¬11) ويصلي معهم ثم يأتي قوماً آخرين (¬12) فيؤذن لهم ويقيم ولا يصلي معهم؟ قال: نعم (¬13)، أكره له ذلك. قلت: فإن فعل؟ قال: يجِزيهم. قلت: أرأيت المؤذن إذا لم يكن له منارة والمسجد (¬14) صغير أين أحَبُّ إليك أن يؤذن، أيخرج من المسجد فيؤذن حتى يسمع الناس أو يؤذن في المسجد؟ قال: أَحَبُّ (¬15) اليَّ أن يؤذن خارجاً من المسجد، وإذا (¬16) أذن في المسجد أجزأه. ¬

_ (¬1) ي - أي ذلك أحب إليك قال أحب إلي أن يقوم قائماً كما هو حتى يقيم؛ صح هـ. (¬2) ي: فعل. (¬3) ح ي: يجزيه. (¬4) ي: بينها. (¬5) ح ي: ولم. (¬6) م: لم يمكن. (¬7) ح ي - له. (¬8) ح ي: المؤذن. (¬9) ح: يجزيه. (¬10) ي - أذن وهو في إزار واحد وأقام كذلك قال يجزيهم قلت أرأيت المؤذن؛ صح هـ. (¬11) ك م: ولا يقيم. (¬12) ح ي. قوم آخرون. (¬13) ح ي - نعم. (¬14) ح ي: ومسجد. (¬15) ح ي + ذلك. (¬16) م ح ي: وإن.

قلت: أرأيت المؤذن والإمام هل تَكره (¬1) لهما أن يؤذنا ويؤما بأجر (¬2) معلوم؟ قال: نعم، أكره لهما ذلك (¬3)، ولا ينبغي للقوم أن يعطوهما على ذلك أجراً (¬4). قلت: فإن أخذ على ذلك أجراً (¬5) معلوماً فأذن لهم وأمّ (¬6)؟ قال: يجزيهم. قلت: أرأيت إن لم يُشَارِطْهم على شيء معلوم ولكنهم عرفوا حاجته، فكانوا (¬7) يجمعون له (¬8) في السنة شيئاً فيعطونه ذلك (¬9)؟ قال: هذا حسن. قلت: أرأيت المؤذن (¬10) إذا كان رجلَ (¬11) سُوءٍ (¬12) والقوم (¬13) يجدون خيراً منه من يؤذن لهم؟ قال: ليؤذنْ (¬14) لهم من (¬15) هو خير من هذا. قلت: فإن لم يفعلوا وأذن (¬16) لهم هذا؟ قال: يجزيهم. قلت: أرأيت الرجل السُّوقِيّ يؤذن للقوم الفجر والمغرب والعشاء ويكون الظهر والعصر في سوقه ويؤذن لهم الظهر والعصر غيره أتَكره (¬17) لهم ذلك (¬18)؟ قال: لا. قلت: فإن (¬19) كان رجل يواظب عليها كلها؟ قال: هو أَحَبّ إلي. قلت: أرأيت رجلاً أذن وأقام وهو سكران لا يعقل (¬20) أو مجنون (¬21) مغلوب لا يعقل، فصلى (¬22) القوم بذلك الأذان؟ قال: يجزيهم. قلت: أفتَكره (¬23) للسكران والمجنون الذي لا يعقل أن يؤذن للقوم ويقيم؟ قال: نعم، أكره لهم (¬24) ذلك. قلت: وكذلك المعتوه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن أذن ¬

_ (¬1) ك م: هل يكره. (¬2) م: بأخر. (¬3) ح ي - ذلك. (¬4): أجره. (¬5) ح: أجره. (¬6) ح ي: وأقام. (¬7) م ح: وكانوا. (¬8) م: لهم. (¬9) ح ي - ذلك. (¬10) ح: مؤذناً. (¬11) ح: رجلاً. (¬12) ي: سوقى. (¬13) ح: وفي القوم. (¬14) م ح ي: يؤذن. (¬15) ح ي: الذي. (¬16) ح ي: لم يفعلوه فأذن. (¬17) م: أيكره. (¬18) ح ي - ذلك. (¬19) ح ي: وإن. (¬20) ح ي - لا يعقل. (¬21) ي + أو. (¬22) ح: وصلى. (¬23) م: أفيكره. (¬24) ح ي: له.

باب مواقيت الصلاة

وِأقام (¬1) للقوم (¬2) أترى للقوم أن يعيدوا الأذان والإقامة؟ قال: نعم، هو أحَبّ إليّ أن يفعلوا. قلت: أرأيت القوم يكون بينهم المسجد ومؤذنهم واحد فاقتسموا المسجد بينهم فضربوا حائطاً وسطه (¬3) ولكل طائفة (¬4) إمام على حدة هل يجزيهم (¬5) أن يكون مؤذنهم واحداً (¬6)؟ قال: نعم، ولكن لا ينبغي لهم أن يقتسموا (¬7) المسجد، ولا تجوز القسمة فيه. قلت (¬8): فإن اقتسموا ذلك؟ قال (¬9): القسمة (¬10) مردودة. قلت (¬11): فإن (¬12) لم يردّوا القسمة ورَضُوا به جميعاً؟ قال: أَحْسَنُ ذلك أن يكون لكل طائفة (¬13) مؤذن، لأنهما مسجدان (¬14). ... باب مواقيت الصلاة قلت: أرأيت وقت الفجر متى هو؟ قال: من حين يطلع (¬15) الفجر إلى طلوع الشمس. قلت: أرأيت الفجر الذي يطلع فلا (¬16) يعترض في الأفق أتَعُدُّه (¬17) من الوقت؟ قال: لا (¬18)، ليس ذلك (¬19) بوقت (¬20). قلت: فهل ¬

_ (¬1) م: فأقام. (¬2) ح ي - للقوم. (¬3) ح ي: وخطة. (¬4) م: طابقه. (¬5) ح ي: هل يجزيه. (¬6) ي: واحد. (¬7) ح: أن يقسم؛ ي: أن يقتسم. (¬8) م ح ي - قلت. (¬9) م: فإن؛ ح ي - قال. (¬10) ح ي: فالقسمة. (¬11) ك م - قلت. (¬12) ك م: وإن. (¬13) م: طابقه. (¬14) ي: مسجد. (¬15) م: تطلع. (¬16) ح ي: ولا. (¬17) ك: أتعتده، م: أتعيده. "أتَعْتَدّه" أيضاً صحيحة، من باب قوله تعالى: {فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [سورة الأحزاب، 33/ 49]. وانظر: لسان العرب، "عدد". (¬18) ح ي - لا. (¬19) ح: بذلك. (¬20) م: توقت.

يحرم الطعام على الصائم إذا طلع ذلك الفجر الذي يستطيل (¬1) في السماء؟ قال: لا، ولكن الفجر الذي يحرم به الطعام على الصائم وتحل (¬2) به (¬3) الصلاة هو الفجر الذي يعترض في الأفق. قلت: أرأيت وقت الظهر متى هو؟ قال: من (¬4) حين تزول الشمس إلى أن يكون الظل قامة في قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة (¬5): لا يدخل وقت العصر حتى يصير الظل قامتين، فإذا صار الظل قامتين (¬6) دخل وقت العصر. قلت: أرأيت وقت العصر متى هو؟ قال: من حين يكون (¬7) الظل قامة (¬8) فيزيد (¬9) على القامة (¬10) إلى أن تتغير (¬11) الشمس في قول أبي يوسف ومحمد (¬12). وقال أبو حنيفة: لا يدخل وقت العصر حتى يصير الظل قامتين. وآخِرُ وقتِها غروب الشمس (¬13). قلت: فمن صلى العصر حين (¬14) تغيرت (¬15) الشمس قبل أن تغيب (¬16) أترى ذلك يجزيه؟ قال: نعم، يجزيه، ولكن أكره له (¬17) أن يؤخرها إلى أن تتغير (¬18) الشمس. ¬

_ (¬1) ك م: يسطع. (¬2) ح: ويحل. (¬3) ح ي: له. (¬4) ح ي - من. (¬5) ح ي + وقت الظهر حين تزول الشمس إلى أن يصير الظل قامتين فإذا كان الظل قامتين دخل وقت العصر وقال أبو حنيفة. (¬6) ح ي - فإذا صار الظل قامتين. (¬7) ح ي: يزيد. (¬8) م: قامتين. (¬9) ح ي - قامة فيزيد. (¬10) م: على القامتين. (¬11) ح ي: أن تغير. (¬12) لا يخرج وقت العصر حين تتغير الشمس عند الإمامين أبي يوسف ومحمد، وإنما يكره تأخير الصلاة إلى ذلك الوقت كما يأتي في السؤال التالي. لكن ذكر عن الحسن بن زياد أن آخر وقت العصر هو تغير الشمس. انظر: المبسوط، 1/ 144. (¬13) ح ي - ومحمد وقال أبو حنيفة لا يدخل وقت العصر حتى يصير الظل قامتين وآخر وقتها غروب الشمس. (¬14) ح: حتى. (¬15) م: تغرب؛ ح ي: تغير. (¬16) ح: أن يغيب. (¬17) ح ي - له. (¬18) ح: أن تغير.

قلت: أرأيت (¬1) المغرب متى هو؟ قال: من حين تغرب (¬2) الشمس (¬3) إلى أن يغيب (¬4) الشفق. قلت: وتَكره (¬5) أن يؤخرها إذا غابت الشمس (¬6)؟ قال: نعم. والشفق (¬7) البياض المعترض في الأفق في قول أبي حنيفة (¬8). وفي قول أبي يوسف ومحمد: الحمرة (¬9). قلت: أرأيت وقت العشاء متى هو؟ قال: من حين يغيب (¬10) الشفق إلى نصف الليل. قلت: أرأيت من صلاها قبل أن يطلع الفجر بعدما مضى (¬11) نصف الليل؟ قال: يجزيه، ولكن أكره (¬12) له (¬13) أن يؤخّرها إلى تلك الساعة. قلت: أرأيت الفجر أيُنَوِّرُ (¬14) بها في الشتاء والصيف أم يُغَلِّسُ (¬15) بها؟ قال: أَحَبُّ إليَّ أن يُنَوِّرَ بها. قلت: أرأيت الظهر أيصليها حين تزول الشمس أو يؤخرها؟ قال: أمّا في الصيف فأَحبّ إلي أن يؤخرها ويُبْرِدَ بها، وأمّا في الشتاء فأَحبّ ذلك إلي (¬16) أن يصليها حين تزول الشمس. قلت: أرأيت العصر أيصليها (¬17) في أول وقتها أو يصليها (¬18) في آخر وقتها؟ قال: ¬

_ (¬1) ح ي + وقت. (¬2) ح + تغرب. (¬3) ك - الشمس. (¬4) ح: أن تغيب. (¬5) م: ويكره؛ ح ي: أفتكره؛ ح ي + له. (¬6) ك م ح ي: إذا غاب الشفق. وقد قال الحاكم في هذا الموضع: ويكره له تأخيرها إذا غابت الشمس. انظر: الكافي، 1/ 7 ظ؛ والمبسوط، 1/ 144. وما في النسخ فيه ركاكة كما أنه لا يظهر معنى للسؤال عن تأخير المغرب إذا غاب الشفق. (¬7) صح ي + في قول أبي حنيفة. (¬8) صح ي - في قول أبي حنيفة. (¬9) ك م + وروي أيضاً عن أبي حنيفة أنه قال الشفق هو الحمرة. وهذا من زيادة بعض الرواة. قال الحاكم: وروى أسد بن عمرو عن أبي حنيفة قال الشفق الحمرة. انظر: الكافي، 1/ 7 ظ؛ والمبسوط، 1/ 145. (¬10) م - يغيب؛ ح: تغيب. (¬11) ح - مضى. (¬12) م: اجره. (¬13) ح ي - له. (¬14) ح ي: أتنور. (¬15) ح ي - أو تغلس. (¬16) ك م - إلي. (¬17) ح: يصليها. (¬18) ح ي: أم يصليها.

أَحَبُّ ذلك إليّ أن يصليها في آخر وقتها والشمس بيضاء لم تتغير. قلت: والشتاء والصيف عندك سواء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المغرب أيؤخرها (¬1) بعد غروب الشمس شيئاً (¬2)؟ قال: أكره له (¬3) أن يؤخرها إذا غربت الشمس، والشتاء والصيف سواء. قلت: أرأيت وقت العشاء أيصليها حين يغيب الشفق أو يؤخرها (¬4)؟ قال: أَحَبُّ (¬5) إليّ (¬6) أن يؤخرها إلى ما بينه وبين ثلث (¬7) الليل (¬8). قلت: أرأيت إذا كان يومٌ فيه غَيْمٌ كيف يصنع (¬9) في مواقيت الصلوات (¬10) كلها؟ قال: أما الفجر فيُنَوِّرُ (¬11) بها، وأما الظهر فيؤخرها، وأما العصر فيعجّلها (¬12)، وأما المغرب فيؤخّرها، وأما العشاء فيعجّلها. قلت: أرأيت هل يجمع بين الصلاتين إلا في عرفة وجَمْع (¬13)؟ قال: لا يجمع بين صلاتين (¬14) في وقت واحد (¬15) في حضر ولا سفر (¬16) ما خلا عرفة والمزدلفة. قلت: أرأيت المسافر إذا صلى الظهر في آخر وقتها والعصر في أول وقتها هل يجزيه ذلك؟ قال: نعم. قلت: وكذلك المغرب والعشاء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الوتر متى وقته؟ قال: من حين يصلي العشاء إلى طلوع الفجر. قلت: فأي ذلك أفضل عندك؟ قال: أفضل ذلك عندي أن يوتر في (¬17) آخر الليل قبل طلوع الفجر. قلت: أرأيت رجلاً أوتر قبل العشاء ¬

_ (¬1) ي: أو يؤخرها. (¬2) ح - شيئاً. (¬3) ح: لك؛ ح ي + ذلك. (¬4) ح ي: أم يؤخرها. (¬5) ح ي + ذلك. (¬6) ح - إلي. (¬7) ح ي: الثلث. (¬8) ح ي - الليل. (¬9) ح: تصنع. (¬10) م ح ي: الصلاة. (¬11) ك م: فيتنور. وقد تقدم استعمال المؤلف "دينور" آنفاً. (¬12) ح + قلت. (¬13) جَمْع، أي: مزدلفة. انظر: المغرب، "جمع". (¬14) ح ي: الصلاتين. (¬15) ح ي: إحداهما. (¬16) ح ي: في سفر ولا حضر. (¬17) ح - في.

متعمداً لذلك؟ قال: لا يجزيه. قلت: وكذلك لو أوتر بعدما غاب الشفق؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأنه لا ينبغي له أن يوتر إلا من (¬1) بعدما يصلي (¬2) العشاء. قلت: أرأيت رجلاً صلى العشاء وهو على غير وضوء فنام (¬3)، ثم استيقظ سَحَراً (¬4) فأوتر وهو لا يعلم أنه حيث (¬5) صلى العشاء كان على غير وضوء، فقام (¬6) وأوتر (¬7)، فلما فرغ من الوتر وسلم ذكر أنه (¬8) صلى العشاء وهو على غير وضوء، فقام وصلى العشاء، أيجزيه وتره ذلك أم يعيد؟ قال: يجزيه، ولا يعيد في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: يعيد الوتر وإن كان بعد أيام. قلت: أرأيت إن (¬9) لم يعلم أنه صلى العشاء وهو على غير وضوء (¬10) أياماً وليالي (¬11) ثم ذكر بعد ذلك، أيقضي (¬12) الوتر في كل ليلة وقد صلى هكذا (¬13)؟ قال: لا، لو أوجبت (¬14) عليه أن يقضي الوتر فى كل ليلة لأوجبتُ (¬15) عليه أن يقضيها في (¬16) أكثر من ذلك. وهذا قول أبي حنيفة (¬17). وقال أبو يوسف ومحمد: يقضي (¬18) الوتر الأول. قلت: أرأيت الرجل إذا أراد أن يصلي تطوعاً أيصلي في أي ساعة شاء من الليل والنهار؟ قال: نعم، ما خلا ثلاث (¬19) ساعات: إذا طلعت ¬

_ (¬1) ح ي - من. (¬2) ح: صلى. (¬3) ح ي - فنام. (¬4) ح ي: بسحر. (¬5) ح م؛ جنب. (¬6) ح ي - فقام. (¬7) ح ي: فأوتر. (¬8) ح ي + كان. (¬9) م - إن. (¬10) ح ي - فقام وصلى العشاء أيجزيه وتره ذلك أم يعيد قال يجزيه ولا يعيد في قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد يعيد الوتر وإن كان بعد أيام قلت أرأيت إن لم يعلم أنه صلى العشاء وهو على غير وضوء. (¬11) ي: ولياليا. (¬12) ح: يقض. (¬13) ح ي: وقد صلاها. (¬14) ح ي: لو وجب. (¬15) ح ي: لوجب. (¬16) ح ي - أن يقضيها في. (¬17) ح ي - وهذا قول أبي حنيفة. (¬18) ح ي: يعيد. (¬19) ح: ثلثة.

الشمس إلى أن ترتفع (¬1)، وإذا انتصف النهار إلى أن تزول الشمس، وإذا احمرّت (¬2) الشمس (¬3) إلى أن تغيب. ولا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس، ولا بعد العصر حتى تغرب (¬4) الشمس (¬5). قلت: أرأيت رجلاً نسي صلاة مكتوبة فذكرها بعدما صلى الفجر قبل أن تطلع الشمس أو ذكرها بعدما صلى العصر قبل أن تتغير (¬6) الشمس؟ قال: عليه أن يقضيها ساعة ذكرها. قلت: لم وقد زعمتَ أنك تكره الصلاة في (¬7) هذين الوقتين (¬8)؟ قال: إنما أكره النافلة (¬9)، فأما الصلاة المكتوبة (¬10) عليه فإنه (¬11) يقضيها (¬12) في هاتين الساعتين. قلت: وكذلك لو ذكر الوتر في هاتين الساعتين؟ قال: نعم (¬13). قلت: وكذلك (¬14) لو سمع (¬15) في هاتين الساعتين (¬16) سجدة (¬17) أو قرأها هو أيسجدها (¬18)؟ قال: نعم. قلت: وكذلك يصلي فيهما على الجنازة؟ قال: نعم. قلت: لم؟ أليس السجدة والصلاة على الجنازة (¬19) بمنزلة التطوع (¬20)؟ قال: لا. ألا ترى أن السجدة قد وجبت عليه حين يسمعها (¬21) وهو في وقت الصلاة (¬22). أولا ترى أنه (¬23) لو نسي الصلاة (¬24) ¬

_ (¬1) ي: أن ترفع. (¬2) ي: احمر. (¬3) ح ي - الشمس. (¬4) ح ي: حتى تغيب. (¬5) ك م - الشمس. (¬6) ح: أن تغيب؛ ي: أن تغير. (¬7) م - في. (¬8) ح ي: في هاتين الساعتين. (¬9) ح ي: نافلة. (¬10) ح ي: صلاة مكتوبة. (¬11) ح ي + أن. (¬12) ح: تقضيها. (¬13) ك م - قلت وكذلك لو ذكر الوتر في هاتين الساعتين قال نعم. وسيأتي في آخر الباب في المتن قوله: وقال أبو حنيفة: إذا صلى الرجل الفجر ولم يوتر ثم ذكر الوتر فعليه قضد الوتر. انظر: 1/ 29 و. وانظر: المبسوط، 1/ 155. (¬14) ي + السجدة. (¬15) ح ي - لو سمع. (¬16) م - قلت وكذلك لو سمع في هاتين الساعتين؛ ح هـ + إذا سمع سجدة. (¬17) ح ي: سجدها. (¬18) ح ي: سجدها. (¬19) م: على الجنائز. (¬20) م: المتطوع. (¬21) ح ي: سمعها. (¬22) ي: صلاة. (¬23) ك م - أنه. (¬24) ح ي: صلاة.

فذكرها (¬1) في هاتين الساعتين صلاها وكان قد (¬2) صلى في وقت (¬3). وإنما أكره الصلاة في هاتين الساعتين إذا كان قد صلى الفجر والعصر (¬4) وهو يريد أن يتطوع به (¬5) بعد ذلك. فأما (¬6) صلاةً ذَكَرَها تلك الساعة فلست أكره أن يصليها. قلت: أرأيت رجلاً نسي صلاة مكتوبة فذكرها (¬7) حين طلعت الشمس أو حين انتصف النهار أو ذكرها حين تغيب (¬8) الشمس؟ قال: لا يصليها في هذه الساعات الثلاث (¬9). قلت: وكذلك لو كانت الصلاة هي (¬10) الوتر (¬11) أو المكتوبة (¬12) أو غيرها؟ قال: نعم، لا يصلي في هذه الثلاث ساعات (¬13) ما خلا العصر، فإنه إذا ذكر العصر من يومه ذلك قبل غروب الشمس (¬14) صلاها؛ (¬15) لأنه بلغنا في ذلك أثر (¬16). وإن كانت (¬17) العصر قد نسيها قبل ذلك بيوم أو بأيام لم يصلها (¬18) في تلك الساعة. قلت: فإن ذكر العصر عند طلوع الشمس أو نصف النهار؟ قال: لا يصليها، ¬

_ (¬1) ح: قد ذكرها. (¬2) ك م: وقد كان؛ ك م + يكون قد. (¬3) ح ي: في وقته. أي: لو أخر فرض وقته إلى هذين الوقتين جاز، ويكون مصلياً في الوقت. انظر: المبسوط، 1/ 153. (¬4) ح ي: صلى العصر أو الفجر. (¬5) ح ي - به. (¬6) ح: وأما. (¬7) ح: فذكر. (¬8) ح ي: تغرب. (¬9) ح ي: هذه الثلاث الساعات. (¬10) ح ي - الصلاة هي. (¬11) ح ي + أو غيرها. (¬12) م: والمكتوبة. (¬13) ح: الساعات. (¬14) ح - الشمس. (¬15) ح: صلى بها. (¬16) عن عقبة بن عامر الجهني قال ثلاث ساعات كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهانا أن نصلي فيهن أو أن نقبر فيهن موتانا، حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تَضَيَّفُ الشمس للغروب حتى تغرب. انظر: صحيح مسلم، صلاة المسافرين، 293؛ وسنن أبي داود، الجنائز، 50. 51؛ وسنن الترمذي، الجنائز، 41. أما عصر يومه فقد روي عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال "مَن أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر". انظر: صحيح البخاري، مواقيت الصلاة، 28؛ وصحيح مسلم، المساجد، 163. (¬17) ح: كان. (¬18) ح ي: لم يصليها.

والعصر وغيرها في هذا سواء. قلت: أرأيت رجلاً سمع السجدة حين طلعت الشمس أو حين انتصف النهار أو حين تغيب (¬1) الشمس؟ قال: لا يسجدها (¬2) في هذه الساعات الثلاث (¬3)، ولكن يسجدها (¬4) بعد ذلك. قلت: وكذلك لو قرأها هو؟ قال: نعم. قلت (¬5): فإن (¬6) أراد أن يصلي على جنازة في هذه الثلاث ساعات (¬7)؟ قال: لا يصلي على جنازة (¬8) في هذه الثلاث ساعات (¬9). قلت: فإذا ارتفعت الشمس وابيضت (¬10) وإذا زالت الشمس وإذا غربت الشمس (¬11) صلى على (¬12) الجنازة إن شاء أو صلى صلاةً (¬13) ذَكَرَها أو سجدةً كانت عليه أو وتراً (¬14) قد نسيه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً نسي صلاة الفجر فذكرها حين زالت الشمس أيبدأ (¬15) بها أو بالظهر؟ قال: بل (¬16) يبدأ بها (¬17)، فيصلي الفجر ثم يصلي الظهر. قلت: فإن بدأ فصلى الظهر متعمداً (¬18) لذلك (¬19)؟ قال: لا يجزي (¬20)، وعليه أن يصلي الفجر ثم يصلي الظهر. قلت: أرأيت إن نسي الفجر والظهر (¬21) جميعاً ثم ذكر ذلك في آخر وقت الظهر؟ قال: يبدأ فيصلي الظهر ثم يصلي الفجر (¬22). قلت: لم؟ قال: لأن الفجر قد فاتته (¬23) وهو في آخر (¬24) وقتٍ من الظهر، فعليه أن يصلي الظهر ولا ¬

_ (¬1) ح: تغرب؛ ي: تغيرت. (¬2) ح: لا تسجدها. (¬3) م - الثلاث؛ ح ي: هذه الثلاث الساعات. (¬4) ح ي: يقضيها. (¬5) ح ي + أرأيت. (¬6) ح ي: إذا. (¬7) ح ي: الساعات. (¬8) ح ي: على الجنازة. (¬9) ح ي: الساعات. (¬10) م: وانتصبت؛ ح: وانتصب؛ ح + وانتصب النهار. (¬11) ح ي - وإذا غربت الشمس. (¬12) ح - على. (¬13) ح ي: فائتة. (¬14) ح: أو تر. (¬15) م ح ي: ابتدأ. (¬16) ح ي - بل. (¬17) ح ي - بها. (¬18) ح: معتمداً. (¬19) ك م. كذلك. (¬20) ح ي: لا يجزيه. (¬21) ح ي: نسي الظهر والفجر. (¬22) ح ي - ثم يصلي الفجر. (¬23) ح: قد فايته. (¬24) ي - آخر.

يدع (¬1) أن تفوته (¬2) فيكون (¬3) قد فاتته صلاتان. قلت: أرأيت إن كان في أول وقت الظهر وقد نسي الفجر (¬4) فلم يذكرها حتى صلى الظهر، فلما فرغ من الظهر ذكر الفجر؟ قال: يصلي الفجر، وقد تمت الظهر (¬5). قلت: فإن ذكر ذلك (¬6) وقد بقيت (¬7) عليه ركعة من الظهر؟ قال: الظهر فاسدة، وعليه أن يصلي الفجر، ثم يعيد الظهر. قلت: فإن ذكر (¬8) بعدما قعد في الرابعة وتشهد (¬9) إلا أنه لم يسلم؟ قال: هذا والأول سواء. والظهر فاسدة، وعليه أن يصلي الفجر ثم يعيد الظهر في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإنه إذا ذكرها بعدما تشهد إن (¬10) صلاته تامة. قلت: أرأيت إن كان سلم (¬11) وعليه (¬12) سجدتا السهو فسجدهما (¬13) ثم ذكر الفجر وهو في سجوده؟ قال: الظهر فاسدة، وعليه أن يصلي الفجر ثم يعيد (¬14) الظهر في قول أبي حنيفة. قلت: لم؟ قال: لأنه بَعْدُ في صلاة (¬15) لم يفرغ منها. ألا ترى لو أن رجلاً دخل معه في الصلاة على تلك الحال كان قد أدرك الصلاة معه. ألا (¬16) ترى لو كان الذي دخل معه مسافراً والأول مقيماً كان على المسافر أن يصلي أربعاً لأنه قد أدرك الصلاة معه (¬17). قلت: أرأيت رجلاً نام عن صلاة الفجر فاستيقظ وقد كادت الشمس أن تطلع ولم يوتر (¬18) أيبدأ (¬19) بالوتر أو بالفجر (¬20)؟ قال: إن كان لا يخاف ¬

_ (¬1) خ: يدعه. (¬2) ح ي: أن يفوته. (¬3) ك م: فتكون. (¬4) م - الفجر. (¬5) م - وقد تمت الظهر. (¬6) م - ذلك. (¬7) م: تقضت، ح ي: بقي. (¬8) ح ي + ذلك. (¬9) ح ي: فتشهد. (¬10) ح ي: إذا ذكر بعد التشهد فإن. (¬11) ي + وكان. (¬12) ي: عليه. (¬13) ك م: فسجدها. (¬14) ح ي: ثم يصلي. (¬15) ح ي: في صلاته. (¬16) ح ي: أولاً. (¬17) ح ي: أدرك معه الصلاة. (¬18) ح: توتر. (¬19) م ح ي: ابتدأ. (¬20) ح ي: أم بالفجر.

أن يفوته (¬1) الفجر وأن تطلع الشمس بدأ فأوتر، ثم صلى ركعتين قبل الفجر، ثم (¬2) صلى (¬3) الفجر. وأن كان يخاف أن يفوته (¬4) الفجر ترك الوتر وصلى الفجر. قلت: فإن فرغ من الفجر وسلم ثم طلعت الشمس متى يوتر؟ قال: إذا ابيضّت (¬5) الشمس أوتر. قلت: فإن طلعت الشمس وقد بقي عليه من الفجر ركعة؟ قال: صلاته فاسدة، وعليه أن يستقبل الفجر إذا ارتفعت الشمس وابيضّت (¬6). قلت: أرأيت إن فرغ من الصلاة وقد قعد قدر التشهد ثم طلعت الشمس قبل أن يسلم؟ قال: صلاته فاسدة، وعليه أن يعيد (¬7) إذا ارتفعت الشمس في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا قعد قدر التشهد ثم طلعت الشمس فإن صلاته تامة. قلت: فإن كان سها (¬8) في صلاته وفرغ وسلم ثم سجد للسهو سجدة واحدة ثم طلعت الشمس؟ قال: صلاته فاسدة، وعليه أن يعيد إذا ارتفعت الشمس في قول أبي حنيفة. قلت: أرأيت رجلاً نسي العصر فذكرها حين احمرّت الشمس فصلى ركعة أو ركعتين ثم غربت الشمس؟ قال: يبني على صلاته فيصلي ما بقي. قلت: من أين اختلف (¬9) هذا والأول؟ قال: لأن الذي صلى الفجر فطلعت (¬10) الشمس وهو في الصلاة فقد فسدت عليه صلاته لأنها ليست بساعةٍ يُصَلَّى (¬11) فيها، والذي غربت (¬12) الشمس وقد صلى ركعة أو ركعتين فقد دخل في وقت صلاة (¬13)، والصلاة لا تكره في (¬14) تلك الساعة، فعليه أن يُتم ما بقي منها. قلت: أرأيت رجلاً صلى تطوعاً ركعة ثم ذكر أن عليه صلاة مكتوبة هل يفسد التطوع وينصرف؟ قال: لا، ولكنه يمضي على صلاته، فإذا فرغ ¬

_ (¬1) ك م: أن تفوته. (¬2) م - ثم. (¬3) ح ي: وصلى. (¬4) ك خ م: أن تفوته. (¬5) م: إذا انتصب. (¬6) م: وانتصب؛ ح ي - وابيضت. (¬7) ح ي: أن يستقبل؛ ح ي + الفجر. (¬8) م: نسي. (¬9) ح ي: اختلفا. (¬10) ك م + له؛ ح ي: وطلعت. (¬11) ح: ساعة تصلي. (¬12) ح ي + له. (¬13) ح ي: الصلاة. (¬14) ح ي - في.

منها صلى المكتوبة. قلت: فما له (¬1) إن ذكرها في المكتوبة (¬2) فسدت عليه؟ قال: لأنه لا ينبغي له أن يصلي المكتوبة إلا كما فرضت عليه الأُولى فالأُولى (¬3)، فإن بدأ بالأخرى قبل الأولى فسدت عليه صلاته (¬4)، وقد (¬5) خالف حين صلى العصر قبل الظهر. والتطوع ليس مثل المكتوبة؛ لأنه لو ذكر مكتوبة عليه ثم قام فصلى قبلها تطوعاً لم يضره ذلك شيئاً (¬6). بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نام هو وأصحابه عن الفجر فاستيقظوا (¬7) بعدما طلعت الشمس. فلمّا ارتفعت الشمس تحوّل (¬8) عن ذلك الوادي، ثم أوتر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأوتر الناس. ثم أمر بلالاً فأذن فصلى ركعتي (¬9) الفجر قبل الفجر. ثم أمر بلالا فأقام الصلاة فصلى بهم النبي - صلى الله عليه وسلم - الفجر (¬10). فمن ذكر صلاة مكتوبة عليه فاتته (¬11) فبدأ قبلها بالتطوع لم يضره ذلك شيئاً؛ لأن هذا أثر (¬12) قد جاء؛ ولأنه (¬13) لم يقدم مؤخراً ولم يؤخر (¬14) مقدماً. قلت: أرأيت التطوع قبل الظهر كم هو؟ قال (¬15): أربع ركعات لا ¬

_ (¬1) ح ي: فما الذي. (¬2) ح ي: في مكتوبة. (¬3) ي - فالأولى؛ صح هـ. (¬4) ح ي + وكان. (¬5) ح ي: قد. (¬6) ح ي + قال. (¬7) ح ي: فاستيقظ. (¬8) ح ي: ارتفع النهار تنحوا. (¬9) ح ي: ركعتين. (¬10) وصل هذا البلاغ الإمام محمد في الآثار عن الإمام أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم مرسلاً بدون قضاء الوتر. انظر: الآثار لمحمد، 36. ورواه الإمام أبو يوسف مع قضاء الوتر. انظر: الآثار لأبي يوسف، 25. وورد الحديث بدون ذكر الوتر في صحيح مسلم، المساجد، 309 - 312؛ وسنن أبي داود، الصلاة، 11. وروي عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه سئل: هل بعد الأذان وتر؟ قال نعم، وبعد الإقامة. وحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نام عن الصلاة حتى طلعت الشمس ثم صلى. انظر: سنن النسائي، المواقيت، 51. وروي عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن نام عن الوتر أو نسيه فليصل إذا ذكر وإذا استيقظ". انظر: سنن ابن ماجه، إقامة الصلاة، 122؛ وسنن أبي داود، الصلاة، 341؛ وسنن الترمذي، الوتر، 11. (¬11) ح: فايته. (¬12) ح ي: الأثر. (¬13) ك م: لأنه. (¬14) م: أو لم يؤخر. (¬15) ح ي + هو.

يفصل بينهن إلا بالتشهد. قلت: فكم التطوع بعدها؟ قال: ركعتان (¬1). قلت: فهل قبل (¬2) العصر (¬3) تطوع؟ قال: إن فعلت فحسن. قلت: فكم التطوع قبلها؟ قال: أربع ركعات (¬4). قلت: فكم التطوع بعد المغرب؟ قال: ركعتان (¬5). قلت: فهل بعد العشاء تطوع؟ قال: إن تطوعت (¬6) فحسن (¬7). بلغنا عن عبد الله بن عمر أنه قال: من صلى أربع ركعات بعد العشاء قبل أن يخرج من المسجد كُنَّ مِثلهن من ليلة القدر (¬8). قلت: فهل بعد طلوع (¬9) الفجر تطوع؟ قال: نعم، ركعتان (¬10) قبل صلاة الفجر. قلمت: ويكره الصلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر؟ قال: نعم (¬11). قلت: وتَكْرَه (¬12) الكلام ¬

_ (¬1) ح ي: ركعتين. (¬2) ح ي - قبل. (¬3) ح ي: للعصر. (¬4) ح - قلت فكم التطوع قبلها قال أربع ركعات. (¬5) ح ي: ركعتين. (¬6) ك م ح: إن تطوع. (¬7) ح ي + قال. (¬8) قال الإمام محمد في الآثار: أخبرنا أبو حنيفة قال حدثنا الحارث بن زياد أو محارب بن دثار- الشك من محمد - عن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما- قال من صلى أربع ركعات بعد العشاء الآخرة قبل أن يخرج من المسجد فإنهن يَعْدِلْنَ أربع ركعات من ليلة القدر. انظر: الآثار لمحمد، 27. ورواه الإمام أبو يوسف بنفس الإسناد من طريق محارب بدون شك. انظر: الآثار لأبي يوسف، 83. وقد روي مرفوعاً وموقوفاً عن ابن عمر وغيره نحو ذلك. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 127؛ والمعجم الكبير للطبراني، 11/ 437، والمعجم الأوسط للطبراني، 6/ 254؛ وسنن الدارقطني، 2/ 86؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 2/ 477؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 393؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 139؛ ومجمع الزوائد للهيثمي، 2/ 231؛ والدراية لابن حجر، 1/ 198. وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: ما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العشاء قط فدخل علي إلا صلى أربع ركعات أو ست ركعات. انظر: سنن أبي داود، التطوع، 16. (¬9) م - طلوع. (¬10) ح ي: ركعتين. (¬11) ك م - قلت ويكره الصلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر قال نعم. وقال الحاكم: ولا يتطوع بعد طلوع الفجر بغير ركعتي الفجر إلى أن تطلع الشمس وترتفع. انظر: الكافي، 1/ 8 و؛ والمبسوط، 1/ 150. (¬12) م ي: ويكره؛ ح: فيكره.

بعد انشقاق الفجر إلى أن يصلي الفجر إلا بخير (¬1)؟ قال: نعم (¬2). قلت: أرأيت التطوع يوم الجمعة كم هو؟ قال: قبلها أربع ركعات، وبعدها أربع (¬3) لا يفصل بينهن إلا بالتشهد. قلت: أرأيت صلاة العيد هل قبلها صلاة؟ قال: لا. قلت: فبعدها (¬4)؟ قال: إن فعلت (¬5) فحسن. قلت: فكم أصلي بعدها؟ قال: أربع ركعات (¬6) لا تَفصل (¬7) بينهن إلا بالتشهد. قلت: فكم الصلاة تطوعاً بالليل؟ قال: بلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه (¬8) كان يصلي (¬9) بالليل ثمان (¬10) ركعات، ثم يوتر بثلاث، ثم يصلي ركعتين قبل الفجر (¬11). قلت: فإن تطوع (¬12) بالليل؟ قال (¬13): لا (¬14) بأس بأن يصلي (¬15) ركعتين ركعتين (¬16) أو أربعاً أربعاً (¬17) أو ستاً ستاً أو ثمانياً ثمانياً (¬18). لا بأس بأن تفعل (¬19) أي ذلك شئت. قلت: فأي ذلك أحب إليك؟ قال: أربع أربع. ¬

_ (¬1) ح ي - إلا بخير. (¬2) ح ي + إلا بخير. (¬3) ح + ركعات. (¬4) ح ي: قلت فهل بعدها. (¬5) ح ي: إن صليت. (¬6) ح ي - ركعات. (¬7) م ح ي: لا يفصل. (¬8) م - أنه. (¬9) ح + ثمانياً. (¬10) ح: ثماناً. (¬11) أخرجه الإمام محمد في الآثار، 26، عن أبي حنيفة عن أبي جعفر مرسلاً. وأخرجه الإمام أبو يوسف من نفس الطريق. انظر: الآثار لأبي يوسف، 34. وأخرج الإمام محمد والبخاري ومسلم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه سأل عائشة - رضي الله عنها - كيف كانت صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رمضان. قالت: ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً. انظر: الحجة على أهل المدينة للإمام محمد، 1/ 192؛ وصحيح البخاري، التهجد، 16؛ وصحيح مسلم، صلاة المسافرين، 125. وانظر لأحاديث في هذا الباب: صحيح البخاري، التهجد، 10؛ وصحيح مسلم، صلاة المسافرين، 121 - 138؛ وسنن النسائي، قيام الليل، 53. (¬12) ح ي: تطوعت. (¬13) ح ي - قال. (¬14) ح ي: فلا. (¬15) ح: أصلي. (¬16) ك م - ركعتين. (¬17) ك حم - أربعاً. (¬18) ي: ثماناً ثماناً؛ ح ي + قال نعم. (¬19) ح: يفعل.

قلت: وكذلك التطوع بالنهار؟ قال: نعم، وهذا قول أبي حنيفة. وقال يعقوب (¬1) ومحمد: صلاة الليل مثنى مثنى. قلت: أرأيت الأثر الذي جاء لا يصلَّى (¬2) بعد صلاة مثلُها (¬3)؟ قال: ذلك عندي في ترك القراءة في الركعتين الأخريين (¬4)؛ لأنك لا تقرأ (¬5) فيهما إن شئت في الصلاة المكتوبة (¬6). قلت: فطول القنوت والقيامِ في التطوع أحبّ إليك أم كثرة (¬7) السجود؟ قال: طول القيام أحبّ إليّ، وأي ذلك (¬8) فعلت (¬9) فهو (¬10) حسن (¬11). قلت: أرأيت رجلاً افتتح الصلاة (¬12) ينوي أربع (¬13) ركعات (¬14) ثم تكلم؟ قال: عليه أن يقضي ركعتين. قلت: لم؟ قال: لأنه لا يكون داخلاً في الأربع حتى يتشهد في الركعتين ويقوم في الثالثة. قلت: فإن (¬15) صلى أربع ركعات بغير قراءة كم يقضي؟ قال: يقضي ركعتين. قلت: لم؟ قال: لأن الركعتين الأوليين فاسدتان (¬16)، فإنما عليه أن يقضي ¬

_ (¬1) ح ي: وقال أبو يوسف. (¬2) م: لا يصل. (¬3) روي عن عمر وابن مسعود - رضي الله عنه -ما موقوفاً. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 21 - 22؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 148. (¬4) م: الأخيرتين. (¬5) ك م: لم تقرأ. (¬6) قال السرخسي: وتأويل الأثر الذي جاء "لا يصلي بعد صلاة مثلها" في ترك القراءة في الأخريين. وهذا الأثر مروي عن عمر وعلي وابن مسعود - رضي الله تعالى عنهم -. وبظاهره أخذ الشافعي، فقال الأربع قبل الظهر بتسليمتين، لكيلا يكون مصلياً بعد صلاة مثلها، وكذلك بعد العشاء يتطوع بركعتين لهذا. ونحن نقول: المراد صفة القراءة، لا عدد الركعات؛ فإن في الفرض القراءة في ركعتين بفاتحة الكتاب وسورة، وفي النفل في كل ركعة. ألا ترى أن التطوع قبل الفجر ركعتان، والمخالفة في صفة القراءة بالتطويل في الفرض دون السنة، لا في عدد الركعات. انظر: المبسوط، 1/ 159. (¬7) م: أو كثرة؛ ح ي: أو أكثر. (¬8) ح + ما. (¬9) ك م: فعل. (¬10) ك م - فهو. (¬11) ك م: فحسن. (¬12) ح ي: التطوع. (¬13) ح: أربعاً. (¬14) ح - ركعات. (¬15) ح ي. وإن. (¬16) ي: فاسدتين.

الركعتين الأوليين. قلت: فإن قرأ في الركعة الأولى وقرأ في الرابعة أو قرأ في الأولى وقرأ (¬1) في الثالثة؟ قال: عليه أن يقضي أربع ركعات. قلت: من أين اختلف هذا والأول؟ قال: هما (¬2) في القياس سواء. وهذا (¬3) قول أبي حنيفة. وقال يعقوب (¬4): أما أنا فأرى عليه في الوجهين جميعاً أربع ركعات قرأ أو لم يقرأ. وقال محمد: أرى في الوجهين جميعاً ركعتين؛ لأنه إذا (¬5) أفسد (¬6) الأوليين (¬7) لم يقدر على أن يدخل في الأخريين (¬8). وهو قول زُفَر. قلت: أرأيت إن صلى ركعتين بغير قراءة ثم إنه صلى ركعتين بقراءة ولم يسلم ونوى (¬9) في الأخريين (¬10) قضاء الأوليين؟ قال: لا يكون هذا (¬11) قضاء، وعليه قضاء ركعتين؛ لأن هذه (¬12) صلاة واحدة، فلا (¬13) يكون بعضها قضاء بعض. قلت: فإن دخل معه رجل في الأخريين (¬14) فصلاهما معه؟ قال: عليه أن يقضي الأوليين كما يقضيهما (¬15) الإمام. قلت: فإن دخل معه في الأوليين رجل (¬16) فلما فرغ منهما تكلم الرجل فمضى (¬17) الإمام في صلاته حتى صلى أربع ركعات؟ قال: على الرجل الذي كان خلفه أن يقضي ركعتين. قلت: أرأيت إن كانت الصلاة كلها مستقيمة صحيحة كم (¬18) يكون على الرجل الذي تكلم؟ قال: ليس عليه أن يقضي إلا ركعتين؛ لأنه قد خرج من أن يكون هذا إمامه قبل أن يدخل في الركعتين الأخريين (¬19)، وإنما كان إمامه في الركعتين الأوليين. ¬

_ (¬1) ح ي - في الأولى وقرأ. (¬2) ك م: هذا. (¬3) ح ي: وهو. (¬4) ح ي: وقال أبو يوسف. (¬5) ح + قعد. (¬6) م ي: إذا فسد. (¬7) ي: الأولين. (¬8) م: في الآخرتين. (¬9) ثم سلم وتوى. (¬10) م: في الأخيرتين. (¬11) ح ي - هذا. (¬12) ح ي: هذا. (¬13) ح ي: ولا. (¬14) م: في الآخرتين. (¬15) ك م: يقضيها. (¬16) ح ي: فإن كان دخل معه رجل في الأولين. (¬17) ح ي: ومضى. (¬18) ح ي + كان. (¬19) م: الأخيرتين.

باب ما جاء في القيام في الفريضة

قلت: أرأيت رجلاً صلى ركعتين من آخر الليل وهو ينوي بهما ركعتي (¬1) الفجر أتجزيه (¬2)؟ قال: لا. قلت: فإن صلى ركعتي (¬3) الفجر (¬4) ولم (¬5) يستيقن بطلوع (¬6) الفجر هل يجزيه؟ قال: لا (¬7). قلت: وكذلك لو شك في ركعة منهما (¬8) قبل طلوع (¬9) الفجر أن (¬10) لم يكن طلع؟ قال: نعم. وقال أبو حنيفة: إذا صلى الرجل الفجر ولم يوتر ثم ذكر الوتر فعليه قضاء الوتر. وإن صلى الفجر ولم يصل (¬11) ركعتي الفجر ثم ذكرهما فلا قضاء عليه. وليس ركعتا (¬12) الفجر بمنزلة الوتر. وهذا قول أبي يوسف. وقال محمد: يقضيها إذا طلعت الشمس (¬13). ... باب ما جاء في (¬14) القيام في الفريضة (¬15) بلغنا (¬16) عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه (¬17) قال: "من أم قوماً فليصل (¬18) بهم صلاة أضعفهم، فإن فيهم المريض (¬19) والصغير (¬20) والكبير ¬

_ (¬1) ح ي: ركعتين. (¬2) ح ي: هل يجزيه. (¬3) ي: ركعتين. (¬4) ي - الفجر. (¬5) ي: ولا. (¬6) م: تطوع. (¬7) ح - قلت فإن صلى ركعتي الفجر ولم يستيقن بطلوع الفجر هل يجزيه قال لا. (¬8) ح ي + أن. (¬9) ح ي - قبل طلوع. (¬10) ي - أن. (¬11) ح ي: يصلي. (¬12) ي: ركعتي. (¬13) ح ي: وقال محمد أحب إلي أن يصلي ركعتي الفجر إذا ارتفعت الشمس فإن لم يفعل فلا شيء عليه لأنه تطوع. (¬14) ح ي - ما جاء في. (¬15) ح ي + في جماعة. (¬16) ح ي: قال وبلغنا. (¬17) ح ي - أنه. (¬18) م: فليصلي. (¬19) ح ي + والضعيف. (¬20) ح - والصغير.

وذا الحاجة" (¬1). قلت: أرأيت الإمام كم يقرأ في صلاة الفجر؟ قال: يقرأ بأربعين (¬2) آية مع فاتحة الكتاب في الركعتين جميعاً. قلت: فكم يقرأ في الركعتين من الظهر؟ قال: يقرأ بنحو من ذلك أو دونه. قلت: فكم (¬3) يقرأ في الركعتين من العصر؟ قال (¬4): بعشرين آية مع فاتحة الكتاب. قلت: فكم يقرأ في المغرب؟ قال: يقرأ في الركعتين في كل ركعة (¬5) بسورة قصيرة خمس آيات أو ست آيات مع فاتحة الكتاب (¬6). قلت: فكم يقرأ في العشاء؟ قال: يقرأ في الركعتين جميعاً بعشرين آية مع فاتحة الكتاب. قلت: وكل ما ذكرت فهو (¬7) بعد فاتحة الكتاب (¬8)؟ قال: نعم. قلت: فكيف (¬9) يقرأ في السفر في هؤلاء الصلوات (¬10) التي (¬11) ذكرتُ لك؟ قال: يقرأ بفاتحة الكتاب (¬12) وبما (¬13) شاء، ولا يشبه الحضر السفر (¬14). ¬

_ (¬1) قال الإمام محمد: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أن رجلاً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أمّ قوما فأطال بهم، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال "ما بال أقوام يُنفّرون عن هذا الدين، من أمّ قوماً فليخفّف، فإن فيهم المريض والكبير وذا الحاجة". انظر: الآثار لمحمد، 38. وروي نحو ذلك. انظر: الآثار لأبي يوسف، 27؛ وصحيح البخاري، الأذان، 62؛ وصحيح مسلم، الصلاة، 182 - 186؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 434 - 435. وروي عن عثمان بن أبي العاص أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: "يا عثمان، تجاوز في الصلاة، واقدُرِ الناس بأضعفهم، فإن فيهم الكبير والصغير والسقيم والبعيد وذا الحاجة". انظر: سنن ابن ماجه، إقامة الصلاة، 48. وفي رواية:، "واقْتَدِ بأضعفهم". انظر: سنن أبي داود، الصلاة، 39؛ وسنن النسائي، الأذان، 32. وانظر للتفصيل: نصب الراية للزيلعي، 2/ 29، 4/ 139. (¬2) ح ي: أربعين. (¬3) ك: كم. (¬4) ح + يقرأ في الركعتين؛ ي + في الركعتين. (¬5) ح: يقرأ في الركعتين. (¬6) ح ي: القرآن. (¬7) ك م - فهو. (¬8) م ح ي: القرآن. (¬9) م - فكيف؛ ح ي: وكيف. (¬10) ح ي - في هؤلاء الصلوات. (¬11) ح ي: الذي. (¬12) ح ي: القرآن. (¬13) ح: وما. (¬14) ح ي: ولا يشبه السفر الحضر.

قلت: ويقرأ فى الركعتين الأخريين (¬1) من المكتوبة بفاتحة الكتاب (¬2) في كل ركعة؟ قال: نعم، إن شاء قرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب (¬3)، وإن شاء سبّح (¬4)، وإن شاء سكت. قلت: وكيف (¬5) يقرأ في الوتر، وماذا يقرأ؟ قال: ما قرأ من شيء فهو حسن. وقد (¬6) بلغنا عن رسول الله (¬7) - صلى الله عليه وسلم - أنه قرأ في الوتر في الركعة الأولى بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} (¬8)، وفي الثانية بـ (¬9) {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} (¬10)، وفي (¬11) الثالثة بِـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} (¬12). قال (¬13): وبلغنا أنه قنت فيها بعدما فرغ من القراءة قبل أن يركع الثالثة (¬14). قلت: فهل في شيء من الصلوات قنوت؟ قال: لا إلا في الوتر. قلت: فما مقدار القيام في ¬

_ (¬1) م: الآخرتين. (¬2) ح ي: القرآن. (¬3) ك ي: القرآن. (¬4) ح ي+ فيهما. (¬5) ح ي: فكيف. (¬6) م - وقد. (¬7) ح ي: عن النبي. (¬8) سورة الأعلى، 87/ 1. (¬9) الباء ساقطة من م. (¬10) سورة الكافرون، 109/ 1. (¬11) خ ي + الركعة. (¬12) سورة الإخلاص، 11112. وقد وصله الإمام محمد في الآثار، 28، فقال أخبرنا أبو حنيفة قال حدثنا زبيد اليامي عن ذر الهمداني عن سعيد عن عبدالرحمن بن أبزى، فذكره ... ورواه الإمام أبو يوسف من نفس الطريق. انظر: الآثار لأبي يوسف، 70. وانظر للحديث: سنن أبي داود، الوتر، 4؛ وسنن الترمذي، الوتر، 9؛ وسنن النسائي، قيام الليل، 47. وانظر لتفصيل الطرق: نصب الراية للزيلعي، 2/ 118. (¬13) ك م - قال. (¬14) قال الإمام محمد: أخبرنا الثقة من أصحابنا قال أخبرنا عطاء بن مسلم الخفاف قال حدثنا العلاء بن المسيب عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس قال بِتُّ عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقام من الليل فصلى ركعتين، ثم قام فأوتر، فقرأ بفاتحة الكتاب و {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)}، ثم ركع وسجد، ثم قام فقرأ بفاتحة الكتاب و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)}، ثم ركع وسجد، وقام فقرأ بفاتحة الكتاب و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)}، ثم قنت ودعا ثم ركع. انظر: الحجة على أهل المدينة، 1/ 201. وانظر: سنن ابن ماجه، إقامة الصلاة، 120؛ وسنن النسائي، قيام الليل، 37؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 123.

القنوت؟ قال: كان (¬1) يقال: مقدار {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} (¬2)، {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (1)} (¬3)، قلت: فهل فيه دعاء موقَّت؟ قال: لا. قلت: فهل يرفع يديه حين (¬4) يفتتح بالقنوت (¬5)؟ قال: نعم، ثم يكفّها (¬6). قلت: وفي كم مَوْطِنٍ (¬7) تُرْفَعُ (¬8) الأيدي؟ قال: في سبع مواطن: في افتتاح الصلاة، وفي القنوت في (¬9) الوتر، وفي العيدين، وعند استلام الحَجَر، وعلى الصفا والمروة، وبعرفات وبجَمْع (¬10)، وعند المقامين (¬11) عند (¬12) الجمرتين (¬13). قلت: أرأيت الرجل يؤم النساء وليس (¬14) معهن رجل (¬15) غيره؟ قال: ¬

_ (¬1) ح ي: بأن. (¬2) سورة الانشقاق، 84/ 1. (¬3) سورة البروج، 85/ 1. أما القول بذلك فقد روي عن إبراهيم النخعي. انظر: المصنف لعبدالرزاق، 3/ 122؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 101. (¬4) ح: حتى. (¬5) ح ي: القنوت. (¬6) ح: ثم يكفهما؛ ي: ثم يكفيهما. (¬7) ح: موضع؛ ي: مواطن. (¬8) م: يرفع. (¬9) م ح: وفي. (¬10) جَمْع هي مزدلفة. انظر: المغرب، "جمع". (¬11) ك م: المقام. (¬12) ك م: وعند. وانظر: فتح القدير لابن الهمام، 1/ 309؛ وحاشية ابن عابدين، 1/ 506. وانظر الحاشية التالية لتعداد المواطن. (¬13) قال الإمام محمد: أخبرنا أبو حنيفة عن طلحة بن مُصَرِّف عن إبراهيم أنه قال ترفع الأيدي في سبع مواطن، فذكر في ذلك العيدين. انظر: الحجة على أهل المدينة، 1/ 300. وعدّ المواطن الإمام أبو يوسف. انظر: الآثار لأبي يوسف، 21. وروي هذا بألفاظ مختلفة مرفوعًا من حديث ابن عباس وابن عمر - رضي الله عنهما -. انظر: صحيح ابن خزيمة، 4/ 209؛ وشرح معاني الآثار للطحاوي، 2/ 176، 178؛ والمعجم الكبير للطبراني، 11/ 385. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 1/ 390؛ ومجمع الزوائد للهيثمي، 3/ 238؛ والدراية لابن حجر، 1/ 148. وروي عن ابن عباس موقوفاً. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 1/ 214، 3/ 436. وتعداد السبع مواطن هكذا: تكبيرة الافتتاح، وتكبيرة القنوت، وتكبيرات العيدين، واستلام الحَجَر الأسود، وعند الصفا والمروة، وعند الموقفين عرفات والمزدلفة، وعند الجمرتين الأولى والوسطى. انظر: حاشية ابن عابدين، 1/ 506. (¬14) ح ي: ليس. (¬15) ح + إمام؛ ي: + أقام.

أما إذا كان (¬1) مسجد (¬2) جماعة تقام (¬3) فيه الصلاة (¬4) وهو إمام (¬5) فتقدّم (¬6) يصلي (¬7) وليس معه رجل فدخلن (¬8) نِسْوَةٌ في الصلاة (¬9) فلا بأس بذلك. وأما (¬10) أن يخلو بهن في بيت أو في مكان (¬11) غير المسجد فإني أكره له ذلك إلا أن يكون معهن ذات محرم منهن. قلت: أرأيت الرجل تفوته صلاة الجماعة في مسجدِ حَيِّهِ أترى له أن يأتي مسجداً آخر يرجو أن يدرك الصلاة؟ قال: إن فعل فحسن (¬12)، وإن صلى في مسجدِ حَيّهِ فحسن. قلت: فإن صلى في مسجدِ حَيِّهِ (¬13) أيتطوع قبل المكتوبة؟ قال: إن كان في وقت سعة (¬14) فلا بأس بذلك، وإن (¬15) خاف ذهاب الوقت بدأ بالمكتوبة. قلت: أرأيت إذا أخذ المؤذن في الإقامة أتكره (¬16) للرجل (¬17) أن يفتتح التطوع فيصلي؟ قال: نعم، أكره (¬18) له ذلك. قلت: فإن كانت (¬19) ركعتي الفجر؟ قال: أما ركعتي الفجر فإني (¬20) لا (¬21) أكرههما. قلت: أرأيت رجلاً انتهى إلى المسجد والقوم في الصلاة أيصلي تطوعاً أو يدخل مع القوم (¬22) في الفريضة؟ قال: لا، ولكنه (¬23) يدخل مع القوم في صلاتهم، ولا يصلي من التطوع شيئاً، إلا أن ينتهي إلى الإمام ولم يكن صلى ركعتي ¬

_ (¬1) ح ي + في. (¬2) ح: المسجد. (¬3) ح ي: أقام. (¬4) ح: للصلاة. (¬5) ح - وهو إمام؛ ي: الإمام. (¬6) ح ي + فيه. (¬7) ح ي - يصلي. (¬8) ح: قد خلف. (¬9) ح + قلت. (¬10) ح: أما. (¬11) ح ي + في. (¬12) ح ي: فهو حسن. (¬13) ح - فحسن قلت فإن صلى في مسجد حيه؛ صح هـ. (¬14) ك م ح - سعة. (¬15) ح: فإن. (¬16) م: أيكره. (¬17) ي: الرجل. (¬18) ي: كره. (¬19) ح ي: كان. (¬20) ح ي - فإني. (¬21) ح ي: فلا. (¬22) ح ي: ثم يدخل مع الإمام. (¬23) ح ي: لكنه.

الفجر، فإنه يصليها (¬1) ثم يدخل في صلاة القوم. قلت (¬2): فإن كان يخاف أن تفوته (¬3) ركعة من (¬4) الفجر في جماعة (¬5)؟ قال (¬6): وإن (¬7) كان يخاف. قلت (¬8): فإن خاف أن يفوته الفجر في جماعة (¬9)؟ قال: أَحَبُّ ذلك إليَّ أن يدخل مع القوم في صلاتهم ويدع الركعتين. قلت: أرأيت رجلاً نسي الوتر فذكر ذلك وهو يخاف أن يفوت وقت (¬10) الفجر إن (¬11) أوتر كيف يصنع؟ قال: يصلي الفجر، فإذا ارتفعت الشمس قضى الوتر. قلت: أرأيت إن لم يخف أن تفوته (¬12) الفجر؟ قال: يبدأ (¬13) فيوتر (¬14)، ثم يصلي الفجر. قلت: فإن كان لم يصل (¬15) ركعتي الفجر وهو يخاف إن صلاها فاتته الفجر؟ قال: يصلي الفجر، ولا يصليهما. قلت: فإن صلى الفجر ولم يصلهما (¬16) أيصليهما (¬17) إذا ارتفع النهار؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنهما ¬

_ (¬1) ح: يصليهما. (¬2) ح ي - قلت. (¬3) ك م: أن يفوته. (¬4) ك ح م - ركعة من؛ صح ح هـ. وقال الحاكم: وإذا أخذ المؤذن في الإقامة كرهت للرجل أن أن يفتتح التطوع إلا ركعتي الفجر، فإنه يصليها إن رجا أن يدرك ركعة في الجماعة، فإن خاف فوت الجماعة دخل مع القوم. انظر: الكافي، 1/ 8 ظ. وبعد أن ذكر السرخسي هذا قال ولم يذكر إذا كان يرجو إدراك التشهد، وقيل: على قول أبي حنيفة وأبي يوسف -رحمهما الله- إدراك التشهد كإدراك ركعة كما في صلاة الجمعة، فيبدأ بركعتي الفجر، وعند محمد -رحمه الله تعالى- لا يعتبر إدراك التشهد كإدراك ركعة، فيدخل مع الإمام. انظر: المبسوط، 1/ 167. (¬5) ح ي - في جماعة. (¬6) ي: قلت. (¬7): فإن. (¬8) ي: قال. (¬9) ك م - قال وإن كان يخاف قلت فإن خاف أن يفوته الفجر في جماعة؛ ح ي: في الجماعة. (¬10) ح ي: أن يفوته صلاة. (¬11) ح ي - إن. (¬12) ي: أن يفوته. (¬13) ح ي - يبدأ. (¬14) ح: فيؤدي؛ ي: يوتر. (¬15) ي: لم يصلى. (¬16) ح ي: يصليهما. (¬17) ح: أيصليها؛ م - أيصليهما.

ليستا (¬1) مثل صلاة (¬2) الوتر التي يقضيها (¬3) إذا ارتفع النهار (¬4). قلت: أرأيت رجلاً صلى وسلم على تمامٍ في نفسه ثم دخل معه رجل في الصلاة والإمام قاعد بَعْدُ، فكبر الرجل ودخل يأتمّ به، ثم ذكر الإمام الذي سلم أنه قد بقيت عليه سجدة من التلاوة، أو ذَكَرَ (¬5) أنه لم يتشهد في الرابعة وقد قعد قدر التشهد، ثم إن الإمام تكلم؟ قال: صلاة الإمام تامة، وصلاة الذي دخل معه تامة يبني عليها؛ لأن (¬6) الإمام كان في صلاة تامة (¬7)، وكان (¬8) تسليمه (¬9) ليس يقطع (¬10) الصلاة. ألا ترى أن عليه أن يسجد وأن يتشهد وأن يسلم. فكل شيء كان يكون على الإمام قبل التسليم فهو على هذا. وليس على الرجل الداخل (¬11) مع الإمام سجدة التلاوة؛ لأن الإمام لم يسجدها. قلت: فإن كان دخل معه (¬12) الرجل والمسألة على حالها بعدما سلم الإمام إلا أن (¬13) الإمام ذكر أن عليه سهوًا (¬14) في صلاته، فلم يسجد لسهوه (¬15) حتى تكلم وقام فذهب؟ قال: صلاة الإمام تامة، وأما الرجل الداخل مع القوم فإن عليه أن يستقبل الصلاة. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال زُفَر ومحمد: يقوم الرجل فيصلي بصلاة الإمام؛ لأن السهو شيء ترك من الصلاة. ... ¬

_ (¬1) ك م: ليسا. (¬2) ح ي - صلاة. (¬3) ح ي: الذي يقضيه. (¬4) مرّ قريباً في المتن في آخر مسألة في الباب السابق أن هذا قول الإمام أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال الإمام محمد: إنه يقضي ركعتي الفجر إذا طلعت الشمس. انظر: 1/ 21 و. وانظر: المبسوط، 1/ 162. (¬5) ح ي: وذكر. (¬6) ح: أن. (¬7) ح ي - تامة. (¬8) ح: وكل. (¬9) ح ي + ذلك. (¬10) ح ي: لا يقطع. (¬11) ح ي: الرجل الذي دخل. (¬12) م: مع. (¬13) ح ي: لأن. (¬14) ح ي: السهو. (¬15) ي: بسهوه.

باب الحدث في الصلاة وما يقطعها

باب الحدث في الصلاة وما يقطعها قلت: أرأيت رجلاً دخل (¬1) في الصلاة (¬2) ثم (¬3) أحدث حدثًا من بول أو غائط أو قيء (¬4) أو رُعَاف (¬5) أو شيء يَسبِقُه (¬6) ولا (¬7) يتعمّد لشيء (¬8) من ذلك كيف يصنع إن كان إماماً أو لم يكن إماماً؟ قال: إن كان إمامًا تأخر وقدّم رجلاً ممن خلفه (¬9) يصلي (¬10) بالقوم، ويذهب هو (¬11) فيتوضأ. فإن لم يكن تكلم اعتدّ بما مضى من صلاته، وصلى ما بقي. فإن (¬12) تكلم استقبل الصلاة ولم يعتدّ (¬13) بشيء مما مضى (¬14). قلت: فإن لم يتكلم ولكنه لمّا رجع إلى أهله بال أو أتى غائطاً هل يتوضأ ويبني على صلاته؟ قال: لا، ولكنه إذا تعمد شيئاً (¬15) من هذا انتقضت صلاته، وكان عليه أن يستقبل الصلاة إذا توضأ. قلت: ولم يكون (¬16) عليه في العمد أن يستقبل، ولا يكون (¬17) فيما سبقه ولم يملكه؟ قال: لأن الأثر والسنة جاء فيما سَبَقَه أن يتوضأ ويبني على ما مضى (¬18) من صلاته ويعتدّ (¬19) بما مضى (¬20). قلت: ¬

_ (¬1) ك م + مع الإمام. (¬2) ك م - في الصلاة. (¬3) ك - ثم. (¬4) ح ي + أو ريح. (¬5) م: أو غائط أو في رعاف. (¬6) ح ي: سبقه. (¬7) ح ي: لا. (¬8) ح ي: بشيء. (¬9) ح - ممن خلفه. (¬10) ح ي: فصلى. (¬11) ح ي - هو. (¬12) ح ي: وإن. (¬13) م: ولم يعيد. (¬14) ي: مضاه. (¬15) ك م: بشيء. (¬16) م: ولم يكن. (¬17) ح ي + عليه. (¬18) ح ي: ما بقى. (¬19) م: ويعيد. (¬20) ي: مضاه. قال الإمام محمد: أخبرنا إسماعيل بن عياش قال حدثني ابن جريج عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وابن أبي مليكة عن عائشة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "إذا قاء أحدكم في صلاته أو قَلَس أو رَعَف فلينصرف فليتوضأ ثم ليبن على ما مضى من صلاته ما لم يتكلم". انظر: الحجة على أهل المدينة، 1/ 69. وقال الإمام محمد: أخبرنا أبو حنيفة قال حدثنا عبدالملك بن عمير عن معبد بن صُبَيْح أن رجلاً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلف عثمان بن عفان - رضي الله عنه -، فأحدث الرجل فانصرف =

أرأيت إن جامع أو دخل المَخْرَج (¬1) أو استَقَى (¬2) هل يبني على (¬3) صلاته (¬4)؟ قال: هذا (¬5) والأول سواء، وعليه أن يستقبل. قلت: وكذلك إن تقيّأ (¬6)؟ ¬

_ = ولم يتكلم حتى توضأ ثم أقبل وهو يقول: {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [سورة آل عمران، 135]، فاحتَسَبَ بما مضى وصلّى ما بقي. وقال أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال يجزيه، والاستئناف أحب إلي. وقال أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم في الرجل يَرْعُفُ في الصلاة أو يحدث قال يخرج ولا يتكلم إلا أن يذكر الله ثم يتوضأ ثم يرجع إلى مكانه فيقضي ما بقي عليه من صلاته ويعتد بما صلى، فإن كان تكلم استقبل. انظر: الآثار لمحمد، 32. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 37 - 38. وروي نحو ذلك مرفوعًا وموقوفاً من طرق مختلفة. انظر: الموطأ، الطهارة، 46، 47؛ وسنن ابن ماجه، إقامة الصلاة، 137؛ وسنن الدارقطني، 1/ 154 - 157، 2/ 43؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 2/ 255 - 256. وانظر للتفصيل والنقد: نصب الراية للزيلعي، 1/ 38، 2/ 60؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 1/ 274؛ والدراية لابن حجر، 1/ 30، 174. (¬1) ح ي: أرأيت الرجل إن دخل المخرج أو جامع. (¬2) ك ط: أو استقاء؛ ج ر م: أو استقا؛ ح: أو استمنا؛ ي: أو استمنى. ويظهر أن "استقاء" خطأ، لأن السؤال الآتي يكون تكرارًا له. وفي المبسوط: استمشى. انظر: 1/ 170. قال المطرزي: وقوله: "وكذلك إذا دخل المخرجِ أو جامع أو استمشى" قالوا: الاستمشاء كناية عن التغوّط، وهو وإن كان متوجهاً إلا أن رواية من روى: "استمنى" أوجه. انظر: المغرب، "مشى". وكثيراً ما نرى في النسخ التي اعتمدنا عليها أن الألف المقصورة (ى) تكتب في صورة الألف (ا). فلذلك رجحنا "استقى". واستقى الرجلُ الرجلَ: طلب منه السقي، واستقى من النهر والبئر استِقَاءً: أخذ من مائها. انظر: لسان العرب، "سقى". فقد يكون المقصود أنه إذا شرب من الماء فعليه أن يستقبل، أو أنه إذا استقى من البئر ماء وهو غير محتاج إليه ليتوضأ فعليه أن يستقبل. قال الكاساني: إذا سبقه الحدث ثم تكلم ... أو أكل أو شرب أو نحو ذلك لا يجوز له البناء ... وكذا لو استَقَى من البئر وهو لا يحتاج إليه. ولو مشى إلى الوضوء فاغترف الماء من الإناء أو استَقَى من البئر وهو محتاج إليه فتوضأ جاز له البناء، لأن الوضوء أمر لا بد للبناء منه، والمشي والاغتراف والاستقاء عند الحاجة من ضرورات الوضوء. انظر: بدائع الصنائع للكاساني، 1/ 222؛ والبحر الرائق لابن نجيم، 1/ 390. (¬3) ح ي + ما مضى من. (¬4) ح + قلت لا؛ ي + قال لا. (¬5) ح ي: فهذا. (¬6) ح ي: لو تقيأ. أي: متعمداً.

قال: نعم. قلت: أرأيت إن قاء ماءً كثيراً لا يخالطه شيء أو قاء مِرّة لا يخالطها شيء أو قاء طعامًا أو تقيّأ (¬1) متعمدًا لذلك أو ذَرَعَه القيءُ ولم يتعمد؟ قال: أما إذا كان ذلك (¬2) عمدًا استقبل الصلاة والوضوء، وإن (¬3) كان غير متعمد للقيء توضأ وبنى على صلاته. قلت: فإن قاء بَلْغَماً لا يخالطه شيء هل ينقض ذلك وضوءه؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن البلغم (¬4) بُزاق ولا (¬5) وضوء فيه. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال يعقوب (¬6): أما أنا فأرى عليه الوضوء في البلغم إذا كان مِلْءَ فيه أو أكثر (¬7). قلت: أرأيت رجلاً دخل في الصلاة فصلى (¬8) ركعة أو ركعتين ثم تكلم في الصلاة وهو ناس (¬9) أو متعمدٌ لذلك (¬10)؟ قال: صلاته فاسدة، وعليه أن يستقبلها (¬11). قلت: فإن ضحك؟ قال: إن كان الضحك دون القهقهة مضى على صلاته، وإن كان قهقهة استقبل الوضوء والصلاة ناسيًا كان أو متعمدًا. قلمت: لم كان الضحك عندك (¬12) هكذا، والضحك والكلام في القياس سواء؟ قال: أجل، ولكني أخذت (¬13) في الضحك بالأثر الذي جاء عن رسول الله (¬14) - صلى الله عليه وسلم - (¬15). قلت: أرأيت رجلاً دخل في الصلاة فصلى ركعة أو ركعتين ثم غُشِيَ عليه أو أصابه لَمَمٌ (¬16) أو وَجَعٌ فذهب عقلُه وهو إمام؟ قال: صلاته وصلاة مَن خلفه فاسدة، وعلى الإمام أن يستقبل (¬17) الوضوء والصلاة. وأما القوم ¬

_ (¬1) ح ي - أو تقيأ. (¬2) ح ي - ذلك. (¬3) ح ي: فإن. (¬4) ح ي + هو. (¬5) ح ي: البزاق فلا. (¬6) ح ي: أبو يوسف. (¬7) ك م: أو أكثره. وانظر: 1/ 8 ظ، 10 و. (¬8) ح: وصلى. (¬9) ح ي: ناسي. (¬10) ح: كذلك. (¬11) م: أن يستقبلهما. (¬12) ح ي - عندك. (¬13) م: أحدث؛ ح ي: ولكن آخذ. (¬14) ح ي: عن النبي. (¬15) تقدم تخريجه. (¬16) لمم، أي: جنون خفيف. انظر: المغرب، "لمم". (¬17) ح: أن يستقبلوا.

فإن عليهم أن يستقبلوا الصلاة، ولا وضوء عليهم. قلت: وكذلك لو ضحك الإمام حتى قهقه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً أمّ قوماً فصلى ركعة أو ركعتين ثم نام قائماً؟ قال: يمضي في صلاته، ولا وضوء عليه ولا إعادة. قلت: فإن نام مضطجعاً تَعَمُّداً لذلك (¬1)؟ قال: عليه أن يعيد الوضوء ويستقبل الصلاة، وعلى القوم أن يستقبلوا الصلاة ولا وضوء عليهم. قلت: أرأيت رجلاً صلى بقوم فقعد في الرابعة قدر التشهد ثم ضحك حتى (¬2) قهقه؟ قال: صلاته وصلاة من خلفه تامة، وعلى الإمام أن يعيد الوضوء لصلاة أخرى، ولا وضوء على القوم. قلت: فإن ضحك القوم مع الإمام (¬3) جميعاً معاً (¬4)؟ قال: عليهم أيضاً أن يعيدوا الوضوء لصلاة أخرى. قلت: فإن (¬5) ضحك القوم حتى قهقهوا بعدما قهقه الإمام؟ قال: ليس عليهم (¬6) وضوء لصلاة أخرى، وأما الإمام فعليه الوضوء. قلت: لم؟ قال: لأن الإمام حين قهقه فقد قطع الصلاة، وهؤلاء (¬7) ضحكوا وليسوا في الصلاة. قلت: وكذلك لو أن الإمام أحدث متعمدًا بعدما قعد قدر التشهد؟ قال: نعم، عليه الوضوء لصلاة أخرى، ولا وضوء على القوم. قلت: وكذلك لو غُشِيَ عليه أو أصابه لَمَمٌ أو جُنَّ؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن أحدث الإمام غير متعمد؟ قال: صلاته تامة؛ لأنه قد قعد قدر التشهد. قلت: أرأيت (¬8) إن (¬9) كان الإمام قد (¬10) سها فسجد (¬11) سجدتي السهو ثم ضحك فيهما حتى قهقه؟ قال: يعيد الوضوء لصلاة أخرى، وصلاته وصلاة القوم تامة، ولا وضوء على القوم. قلت: ولم (¬12) لا يكون على من خلفه ¬

_ (¬1) ح ي: تعمد ذلك. (¬2) ص ح: حين. (¬3) ح ي: ضحك الإمام مع القوم. (¬4) ح - معاً؛ صح هـ. (¬5) ح ي: وإن. (¬6) ح ي: على القوم. (¬7) ح ي: ولا. (¬8) ح ي - أرأيت. (¬9) ح ي: فإن. (¬10) ح ي - قد. (¬11) م: قد سها في. (¬12) ح ي: لم.

الوضوء (¬1)؟ قال: لأنهم لم يضحكوا ولم يحدثوا. قلت: أرأيت إمامًا أحدث فتأخر وقدّم رجلاً ممن خلفه وقد (¬2) فاتته ركعة كيف يصنع؟ قال: يصلي بالقوم، فإذا تشهد تأخر وقدّم (¬3) رجلاً من غير أن يسلم بهم، فيسلم (¬4) بهم الرجل الآخر (¬5)، ثم يقوم هو فيقضي ما بقي من صلاته (¬6) ويسلم (¬7). قلت: أرأيت إن لم يفرغ من صلاته حتى ضحك قهقهة (¬8) وقد بقيت (¬9) عليه ركعة أو ركعتان؟ قال: صلاته وصلاة من خلفه وصلاة الإمام الأول فاسدة، وعلى هذا الذي ضحك أن يعيد الوضوء والصلاة (¬10)، وعليهم جميعاً (¬11) أن يستقبلوا الصلاة. قلت: لم أفسدت صلاة الإمام الأول؟ قال: لأن الإمام الثاني هو إمام (¬12) الأول. ألا ترى أن الإمام (¬13) ينبغي له أن يتوضأ ثم يجيء فيدخل مع الثاني في صلاته. قلت: أرأيت إن توضأ الأول وصلى في بيته واعتدّ بما مضى من صلاته هل يجزيه ذلك؟ قال: إن كان صلى في بيته بعدما سلم الإمام الثاني وفرغ (¬14) من صلاته (¬15) فإن صلاته تامة، وإن كان الإمام الثاني لم يفرغ من صلاته فإن صلاته فاسدة، وعليه أن يستقبل الصلاة. قلت: أرأيت الإمام الثاني إن قعد في الرابعة وهي له (¬16) الثالثة ثم ضحك بعدما تشهد حتى قهقه؟ قال: عليه أن يعيد الوضوء والصلاة، وأما من خلفه فصلاتهم تامة. قلت: لم كان هذا هكذا: أن تكون (¬17) صلاة الإمام فاسدة وصلاة من خلفه تامة؟ قال: لأن الإمام قد بقيت عليه ركعة، وأما الذين خلفه فقد استكملوا الصلاة. ¬

_ (¬1) ح ي: وضوء. (¬2) ح ي - وقد. (¬3) ح ي: فقدم. (¬4) ح ي: فسلم. (¬5) ح ي - الآخر. (¬6) م: من صلاة. (¬7) ح ي - ويسلم. (¬8) ي: قهقه. (¬9) ي: بقي. (¬10) ح ي: أن يعيد الصلاة والوضوء. (¬11) ح - جميعاً. (¬12) ح: الإمام. (¬13) ح ي + الأول. (¬14) ي: أو فرغ. (¬15) م: من صلاة. (¬16) م + في. (¬17) ك: أن يكون.

قلت: فما حال الإمام الأول؟ قال: إن كان خلف الثاني وقد فرغ من صلاته معه (¬1) فإن صلاته تامة (¬2)، وإن كان في بيته لم يدخل مع الإمام الثاني في المحلاة فإن صلاته فاسدة، وعليه أن يستقبل الصلاة (¬3)؛ لأن الإمام الثاني حين فسدت صلاته قبل أن (¬4) يُتم (¬5) الأول فسدت (¬6) صلاة الأول (¬7). ولو كان في القوم من (¬8) لم يتم (¬9) صلاته كان عليه أيضاً أن يستقبل الصلاة. ولا يشبه هذا الإمام الأول. ألا ترى أن الإمام الأول يقضي بغير قراءة، فكأنه خلف الإمام الثاني، وهذا الذي لم يدرك الصلاة يقضي بقراءة (¬10). ¬

_ (¬1) م - معه. (¬2) م - تامة. (¬3) ك م: فإن صلاته تامة أيضاً وليس عليه أن يستقبل. وقال الحاكم: فصلاته فاسدة. قال وفي رواية أبي حفص أن صلاته تامة. والأول أشبه بالصواب. انظر: الكافي، 1/ 9 و. وقال السرخسي: وفي رواية أبي حفص قال صلاته تامة. وجه هذه الرواية أنه مدرك لأول صلاته فيكون كالفارغ بقعدة الإمام قدر التشهد. والرواية الأولى أصح وأشبه بالصواب لأنه قد بقي عليه البناء. وضحك الإمام في حقه في المنع من البناء كضحكه. ولو ضحك هو في هذه الحالة فسدت صلاته. فكذلك ضحك الإمام في حقه. ورواية أبي حفص كأنه غلط وقع من الكاتب. لأنه اشتغل بتقسيم ثم أجاب في الفصلين بأن صلاته تامة. وظاهر هذا التقسيم يستدعي المخالفة في الجواب. انظر: المبسوط، 1/ 173. لكن الجالب للنظر هنا أن كتاب الصلاة في النسخ التي اعتمدنا عليها من رواية أبي سليمان ما عدا نسخة يوزغات التي لم يذكر في بدايتها اسم الراوي، فيمكن أن يكون هذا من اختلاط النسخ على الناسخين. كما يجدر بالذكر أن برهان الدين البخاري بيَّن أن أبا نصر الصفار ومشايخ العراق صححوا رواية أبي حفص. انظر: المحيط البرهاني، 1/ 461. وقد أشرنا إلى عدم اتفاق اسم الراوي المذكور في بداية كل كتاب مع المسائل المذكورة فيه أحياناً. وهذا الموضع يمثل إحدى تلك المسائل. (¬4) ح - أن. (¬5) ح: تتم؛ ح ي+ صلاة. (¬6) ك م: لم تفسد. وانظر الحاشية قبل السابقة. (¬7) ح ي: الثاني. لكن فوق السطر: الأول خ. أي في نسخة: الأول. (¬8) ح ي: ممن. (¬9) ح: لم يتمم. (¬10) ح ي - ولا يشبه هذا الإمام الأول ألا ترى أن الإمام الأول يقضي بغير قراءة فكأنه خلف الإمام الثاني وهذا الذي لم يدرك الصلاة يقضي بقراءة.

قلت: أرأيت رجلاً صلى من الظهر ركعتين ثم تشهد فسلم (¬1) ناسياً، ثم ذكر فظن أن ذلك يقطع الصلاة، فاستقبل التكبير ينوي (¬2) به الدخول في الظهر ثانية وهو إمامُ قومٍ، فكبر معه (¬3) القوم يَنوون (¬4) ما صنع؟ قال (¬5): هو على صلاته (¬6) الأولى، ويصلي (¬7) ما بقي منها، وعليه سجدتا السهو. وتكبيره لا يكون قطعاً للصلاة؛ لأنه (¬8) فيها بَعْدُ. ألا ترى لو أنهم أحدثوا كانت صلاتهم تامة. قلت: وكذلك إن رَعَفُوا (¬9)؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً صلى وحده ركعة أو هو (¬10) إمام ثم جاء قوم فدخلوا في صلاته فأتمّ لهم (¬11) الصلاة، فلما قعد قدر التشهد ضحك الإمام حتى قهقه؟ قال: صلاة الإمام تامة، وعليه أن يعيد الوضوء لصلاة أخرى. وأما صلاة القوم فهي فاسدة، وعليهم أن يستقبلوا الصلاة. قلت: لم؟ قال: ألا ترى (¬12) أن الذين خلفه لو تكلموا أو أحدثوا (¬13) أو ضحكوا أفسدت عليهم صلاتهم؛ لأنه قد بقيت (¬14) عليهم ركعة. فكذلك الإمام يُفسد على من خلفه، ولا يُفسد على نفسه ث لأنه قد أتم الصلاة (¬15). قلت: وكذلك لو أن الإمام أحدث متعمداً (¬16)؟ قال: نعم. قلت: فإن تكلم متعمداً؟ قال: لا يشبه الكلام الضحك والحدث؛ لأن الكلام بمنزلة التسليم. وعلى القوم أن يقضوا تلك الركعة التي بقيت، وصلاتهم تامة (¬17). وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: صلاة من خلفه تامة، يقومون (¬18) في ذلك ¬

_ (¬1) ح ي: وتشهد وسلم. (¬2) ي: فنوى. (¬3) ح ي: مع. (¬4) ح: يترك. (¬5) ي - قال. (¬6) ح ي: على صلاة. (¬7) ح ي: يصلي. (¬8) ح ي: لأن. (¬9) ح ي: لو رعفوا. (¬10) ح ي: وهو. (¬11) ح ي: بهم. (¬12) ح: يرى. (¬13) ح ي: وأحدثوا. (¬14) ح: قد تقدمت. (¬15) ح ي: صلاته. (¬16) ح ي + أو قاء متعمدًا. (¬17) ح ي - قلت فإن تكلم متعمداً قال لا يشبه الكلام الضحك والحدث لأن الكلام بمنزلة التسليم وعلى القوم أن يقضوا تلك الركعة التي بقيت وصلاتهم تامة. (¬18) ح ي - يقومون.

كله (¬1) فيقضون (¬2) وإن ضحك الإمام (¬3) قهقهة (¬4). قلت: أرأيت رجلاً افتتح الظهر في المسجد فصلى ركعة أو ركعتين ثم أقيصت الصلاة كيف يصنع؟ قال: إن كان صلى ركعة أضاف إليها أخرى ثم يقطع ويسلم (¬5) ويدخل مع الإمام في صلاته، وتكون له الركعتان تطوعاً. قلت: فإن كان (¬6) صلى ركعتين وقام في الثالثة فقرأ وركع ولم يسجد حتى (¬7) أقيمت الصلاة؟ قال: يقطعها فيدخل (¬8) مع الإمام في صلاة (¬9) الإمام، ولا يحتسب بما صلى (¬10) وحده (¬11)، فيجعل صلاة الإمام فريضة (¬12)، وما صلى تطوعاً. قلت: أرأيت إن كان سجد في الثالثة سجدة واحدة أو سجدتين؟ قال: يمضي على صلاته حتى يتمها، وهي الفريضة، ثم يسلم، فإذا سلم دخل مع الإمام في صلاته، فجعلها (¬13) تطوعاً. قلت: ¬

_ (¬1) ح + وقال أبو يوسف ومحمد لا تفسد صلاتهم لأن الإمام إذا تمت صلاته تمت صلاة من خلفه قلت فإن تكلم متعمداً قال لا يشبه الكلام الضحك والحدث لأن الكلام بمنزلة التسليم وعلى القوم أن نقض تلك الركعة التي بقيت عليهم فصلاتهم تامة وهذا قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد يقومون؛ ي + وقال أبو يوسف ومحمد -رحمهما الله- لا تفسد صلاتهم لأن الإمام إذا تمت صلاته تمت صلاة من خلفه قلت فإن تكلم متعمداً قال لا يشبهه الكلام والضحك والحدث لأن الكلام بمنزلة التسليم على القوم أن يقضي تلك الركعة التي بقيت عليهم وصلاتهم تامة وهذا قول أبي حنيفة -رحمه الله- وقال أبو يوسف ومحمد -رحمهما الله- يقومون. (¬2) ح: فينقضون. (¬3) ح ي + حتى. (¬4) ح ي: قهقه؛ ك + وبهذا الأخير نأخذ؛ م + وبهذا الأخير يأخذ. قوله: "وبهذا الأخير نأخذ" إما أن يكون من كلام الإمام محمد، فحينئذٍ قوله: "ومحمد" في أول الجملة زيادة من الراوي للإيضاح، وقد يكون من كلام الإمام محمد نفسه، فإن هذا الأسلوب، أي: تعبير المتكلم عن نفسه كالغائب مستعمل عند المتقدمين؛ وإما أن يكون من كلام أبي سليمان الجوزجاني، راوي الكتاب عن محمد بن الحسن. (¬5) ح ي: ثم يسلم ويقطع. (¬6) ح ي - كان. (¬7) ك م: حين. (¬8) ح ي: ويدخل. (¬9) ح ي: في صلاته. (¬10) ك: صلاه. (¬11) ح ي - الإمام ولا يحتسب بما صلى وحده. (¬12) ح ي: الفريضة. (¬13) ح ي: فيجعلها.

وكذلك لو كان (¬1) في صلاة العصر؟ قال: نعم، إلا أنه لا ينبغي (¬2) أن يصلي مع القوم بعد العصر تطوعاً، ولكنه إذا فرغ من صلاته خرج ولم يدخل مع الإمام في صلاته. قلت: فإن كان في الفجر وقد كان (¬3) صلى ركعة وسجد سجدتين أو هو (¬4) راكع في الثانية ثم أقيصت الصلاة؟ قال: يقطعها ويدخل مع الإمام في صلاته؛ لأن (¬5) صلاة الإمام فريضة (¬6). ولا يحتسب بما كان صلى وحده. قلت: فإن كان قد (¬7) سجد في الثانية سجدة أو سجدتين ثم أقيمت الصلاة؟ قال: يمضي على صلاته ويسلم، ثم يخرج من المسجد ولا (¬8) يدخل مع الإمام في صلاته. قلت: أرأيت إن كان (¬9) في (¬10) المغرب وقد صلى منها ركعة، ثم قام (¬11) في الثانية فقرأ فركع (¬12)، ثم أقيمت الصلاة وهو راكع؟ قال: يقطعها ويدخل مع الإمام في صلاته، ويجعلها فريضة (¬13). قلت: فإن كان قد سجد في الثانية سجدة أو سجدتين ثم أقيمت الصلاة؟، قال: يمضي في صلاته حتى يفرغ ويسلم، ولا يدخل مع القوم في صلاتهم (¬14). قلت: لم؟ قال: لأنها ثلاث ركعات، وأكره أن يصلي ثلاثًا نافلة يقعد فيها. قلت: أرأيت رجلاً صلى المغرب وفرغ منها ثم دخل مسجداً فأقيمت الصلاة أيصلي معهم أو يخرج؟ قال: بل يخرج من المسجد ولا يصلي معهم. قلت: لم؟ قال: لأنها ثلاث ركعات، فأكره (¬15) له أن يقعد في الثالثة من النافلة. قلت: فإن دخل وصلى معهم؟ قال: إذا فرغ الإمام وسلم (¬16) قام (¬17) هذا، فيَشْفَع (¬18) بركعة. قلت: أرأيت ¬

_ (¬1) ح ي + هذا. (¬2) ح ي + له. (¬3) ك م + قد. (¬4) ح ي: وهو. (¬5) ح ي: فيجعل. (¬6) ح ي: الفريضة. (¬7) ك م - قد. (¬8) ح ي: ولم. (¬9) ي: إن كانت. (¬10) ح ي - في. (¬11) ح ي: وقام. (¬12) ح ي: وركع. (¬13) ح ي: الفريضة. (¬14) ح ي: مع الإمام في صلاته. (¬15) ح ي: وأكره. (¬16) ح ي: فسلم. (¬17) ح - قام. (¬18) م: فيشتفع. يقال كان وتراً فشَفَعْته بآخر، أي: زوجاً له. انظر: المغرب، "شفع".

باب الإمام يحدث ولا يقدم أحدا

رجلاً صلى الظهر أو العشاء (¬1) ثم أتى (¬2) المسجد فأقيمت (¬3) الصلاة أيصلي معهم ويجعل (¬4) الذي صلى تطوعاً (¬5)؟ قال: لا (¬6). قلت: أرأيت رجلاً صلى (¬7) الظهر يوم الجمعة ثم أتى (¬8) المسجد فأقيمت الصلاة أيصلي معهم الجمعة ويجعل التي صلى تطوعاً؟ قال: نعم. قلت: من أين اختلف هذا والباب الأول؟ قال: لأن هذا يجب عليه أن يصلي الجمعة مع الناس، ولا ينبغي له أن يصلي الظهر في بيته يوم الجمعة (¬9) من غير عذر. والباب الأول إذا صلى الظهر في بيته فهي (¬10) الفريضة، ولا ينبغي له أن يجعل الفريضة نافلة. والفريضة هاهنا هي الجمعة. ... باب الإمام يحدث ولا يقدّم أحداً (¬11) قلت: أرأيت إماماً صلى بقوم ركعة أو ركعتين ثم أحدث فلم يقدّم أحداً حتى خرج من المسجد؟ قال: صلاة القوم فاسدة، وعليهم (¬12) أن يستقبلوا الصلاة. قلت: لم؟ قال: أستحسن ذلك، وأراه (¬13) قبيحاً أن يكون قوم (¬14) في الصلاة في المسجد وإمامهم في أهله. قلت: أرأيت إن قدّم القوم رجلاً بعد خروج الإمام من المسجد؟ قال: لا يجزيهم، وعليهم أن يستقبلوا الصلاة. قلت (¬15): فإن قدّموا رجلاً قبل خروج الإمام من المسجد؟ قال: صلاته وصلاتهم تامة. قلت (¬16): ويكون هذا بمنزلة ما لو (¬17) قدّمه ¬

_ (¬1) م ح ي: والعشاء. (¬2) ح ي: ثم دخل. (¬3) ح ي + فيه. (¬4) ح ي + ويجعلها؛ ح ي + نافلة. (¬5) ح ي - الذي صلى تطوعاً. (¬6) ح ي: نعم. (¬7) ح ي: أرأيت إن صلى. (¬8) ح: ثم يأتي. (¬9) ح ي - يوم الجمعة. (¬10) ح: هي. (¬11) ح ي - باب الإمام يحدث ولا يقدّم أحداً. (¬12) ح ي: وعلى القوم. (¬13) ك: وأرا به؛ م: وأرى به. (¬14) ح ي: قومه. (¬15) ي - قلت. (¬16) ح - تامة قلت؛ ي - قلت. (¬17) ك م: بمنزلة الذي لو.

الإمام؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن قدّم القوم رجلين أَمَّ هذا طائفة وأَمَّ هذا طائفة؟ قال: صلاتهم جميعاً فاسدة. قلت: لم؟ قال: لأنه لا يكون إمامان (¬1) يصلي كل واحد منهما بطائفة وقد كان إمامهم واحداً (¬2). ألا ترى أنه (¬3) لو نوى (¬4) كل واحد منهم (¬5) أن يؤم نفسه ويصلي وحده أن (¬6) هذا (¬7) لا يجزيهم، فكذلك الإمامان (¬8)، إذا لم يجتمع القوم على إمام واحد فصلاتهم فاسدة. قلت: أرأيت إن كان (¬9) الإمام الذي أحدث ليس خلفه إلا رجل واحد فأحدث الإمام فانفتل ونوى هذا الذي كان خلفه أن يؤم نفسه قبل خروج الإمام من المسجد؟ قال: صلاته تامة، وهذا بمنزلة القوم لو اجتمعوا فقدّموا (¬10) رجلاً فصلى بهم. قلت: فإن لم ينو (¬11) الرجل (¬12) الذي كان خلف (¬13) الإمام أن يؤم نفسه حتى خرج الإمام من المسجد؟ قال: صلاته تامة، وليس عليه أن يستقبل. قلت: أرأيت إن قدّمه الإمام حين أحدث وجعله إماماً فذهب الإمام الأول فتوضأ ورجع؟ قال: يدخل مع هذا في صلاته فيأتم به؛ لأن الإمام هاهنا هو (¬14) الثاني. قلت: فإن كان الإمام الأول حين قدّم الإمام (¬15) الثاني وخرج من المسجد ليتوضأ أحدث الإمام الثاني فذهب يتوضأ (¬16)؟ قال: صلاة الأول فاسدة، وصلاة هذا تامة. قلت: فإن لم يحدث هذا الثاني ولكن (¬17) كان على صلاته (¬18) حتى (¬19) جاء الأول ¬

_ (¬1) ك م ي: إمامين. ووجّه أبو الوفا الأفغاني "إمامين" بأن المعنى: لا يكون الإمام إمامين. ولعل الأولى ما أثبتناه، ومعناه: لا يجوز إمامان. (¬2) ي: واحد. (¬3) ح ي - أنه. (¬4) م: لو كانوا. (¬5) ح ي: منهما. (¬6) ح ي + كان. (¬7) ح ي: ذلك. (¬8) ك م ي: الإمامين. (¬9) ح - إن كان. (¬10) ح: وقدموا. (¬11) ح ي: لم ينوي. (¬12) ك م - الرجل. (¬13) ح م: خلفه. (¬14) ح ي - هو. (¬15) ح ي - الإمام. (¬16) ح ي: ليتوضأ. (¬17) ح ي: ولكنه. (¬18) م: على صلواته. (¬19) ح: حين.

فدخل معه في الصلاة ثم أحدث الثاني وخرج (¬1) من المسجد ولم يقدّم هذا ولم ينو هذا الأول أن يكون إمام نفسه؟ قال: صلاة الأول والثاني تامة، وليس عليهم أن يستقبلوا الصلاة، وهذا الثاني إمام إن نوى أو لم ينو (¬2). قلت: أرأيت إماماً صلى بقوم ركعة أو ركعتين ثم أحدث فانفتل ولم يقدّم أحدًا فأجمع (¬3) القوم على أن يقدّموا رجلاً يصلي (¬4) بهم قبل خروج الإمام (¬5) من المسجد فقدّموه (¬6)، وقد اجتمع (¬7) عليه القوم كلهم (¬8) إلا رجلاً واحداً (¬9) أو اثنين، ونوى (¬10) هذا الذي لم يجمع معهم أن يصلي على حدة لنفسه؟ قال: إذا كان جماعة القوم قدّموا رجلاً قبل خروج الإمام (¬11) من المسجد فصلاة الذين ائتمّوا به تامة (¬12)، وصلاة الذين تفرّدوا (¬13) فاسدة إن (¬14) كان [المتفرّد] واحداً أو اثنين. قلت: أرأيت إمامًا أحدث فانفتل فقدّم (¬15) رجلاً جاء ساعتئذٍ، فلمّا قدّمه كبّر الرجل ودخل في الصلاة ونوى أن يؤم القوم بصلاة (¬16) الإمام، أيجزيهم (¬17) ذلك؟ قال: نعم، يجزيهم (¬18). قلت: فإن لم ينو الذي قدّم أن يصلي بهم صلاة الإمام، ولكن نوى أن يصلي بهم صلاةً مستقبَلةً، فصلى بهم فأتمّ الصلاة، ونوى القوم صلاة الإمام الأول؟ قال: أمّا الإمام الثاني فصلاته (¬19) تامة، وأمّا القوم فإن صلاتهم فاسدة، ¬

_ (¬1) ح ي: فخرج. (¬2) ح ي - وهذا الثاني إمام إن نوى أو لم ينو. (¬3) ي: فاجتمع. (¬4) ح: فصلى. (¬5) ح ي + الأول. (¬6) ك م: فقدموا. (¬7) ح ي: أجمع. (¬8) م - كلهم. (¬9) ح ي: رجل واحد. (¬10) ح ي: نوى. (¬11) ح + الأول. (¬12) ح + أي اقتداو به؛ ي + أي ابتدؤوا به. (¬13) ح ي: انفردوا. (¬14) ح: وإن. (¬15) ح ي: وقدم. (¬16) ح ي: في صلاة. (¬17) ح ي: هل يجزيهم. (¬18) ح ي - يجزيهم. (¬19) ح ي: فإن صلاته.

باب المسافر يحدث فيقدم مقيما

وعليهم أن يستقبلوا الصلاة (¬1). ... باب المسافر يحدث فيقدّم مقيماً (¬2) قلت: أرأيت إمامًا أحدث وهو مسافر وخلفه قوم (¬3) مقيمون ومسافرون فقدّم رجلاً (¬4) من المقيمين كيف يصنع هذا المقيم؟ قال: يصلي بهم تمام (¬5) صلاة المسافر (¬6)، فإذا تشهد تأخر من غير أن يسلم بهم (¬7)، وقدّم رجلاً من المسافرين فيسلم بهم تمام صلاة المسافر (¬8)، وقام (¬9) المقيمون فقَضَوْا ما بقي (¬10) من صلاتهم عليهم (¬11) وحداناً بغير إمام. قلت: أرأيت (¬12) إن (¬13) قدم الإمام الأول رجلاً من المقيمين فصلى بهم وقعد (¬14) في الثانية وتشهد، ثم قام فأتم (¬15) بالقوم الصلاة وصلى القوم (¬16) معه؟ قال: أما المسافرون فصلاتهم جميعاً تامة، وأما المقيمون فإن صلاتهم فاسدة، وعليهم أن يستقبلوا الصلاة، إلا (¬17) الإمام فإن صلاته تامة (¬18). قلت: فإن لم يقعد الإمام في الركعتين قدر التشهد؟ قال: صلاته ¬

_ (¬1) ي - الصلاة. (¬2) ح ي - باب المسافر يحدث فيقدم مقيمًا. (¬3) ح ي - قوم. (¬4) ي: رجل. (¬5) ح ي - تمام. (¬6) ح ي: المسافرين. (¬7) ح ي - بهم. (¬8) ح ي - تمام صلاة المسافر. (¬9) ح ي: ثم قام. (¬10) ح ي + عليهم. (¬11) ح ي - عليهم. (¬12) ح ي - أرأيت. (¬13) ح ي: فإن. (¬14) ح ي: فقعد. (¬15) م: قايم. (¬16) ح: الذين. (¬17) م - إلا. (¬18) إنما فسدت صلاة المقيمين لأن عليهم الانفراد في الأخريين، فإذا اقتدوا به فسدت صلاتهم، لأن الإمام الثاني هو خليفة الأول المسافر، فيكون الثاني في حكم المسافر، والمقيم الذي يقتدي بمسافر عليه أن يتم صلاته منفرداً. انظر: المبسوط، 1/ 179.

فاسدة (¬1)، وصلاة من خلفه من المسافرين والمقيمين جميعاً فاسدة. قلت: فما حال الإمام الأول المسافر الذي (¬2) أحدث؟ قال: صلاته أيضاً فاسدة، وعليه أن يستقبل (¬3) الصلاة. قلت: لم أَفسدتَ (¬4) صلاة المسافرين؟ قال: لأن صلاتهم أربع ركعات، ولم يقعد في الركعتين قدر التشهد، فما زاد على الركعتين فهو تطوع؛ لأنهم قد خلطوا المكتوبة بالتطوع، فلما (¬5) خلطوا المكتوبة بالتطوع فسدت (¬6) صلاتهم. وأما المقيمون فإنه أمَّهم فيما لا ينبغي له أن يؤمّهم فيه، فلذلك أَفسدت عليهم صلاتهم (¬7). قلت: أرأيت رجلاً (¬8) صلى ركعة بغير قراءة ولا سجود ورَكَعَ، فلما رَكَعَ (¬9) رفع رأسه فقرأ وركع وسجد، وأتاه (¬10) رجل فدخل معه في صلاته (¬11) وأدرك معه الركعة، هل يجزيه؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأنه هكذا ينبغي له أن يصنع. قلت: أرأيت إن كان الإمام قد (¬12) قرأ (¬13) في الركعة الأودى وركع على فراغ من القراءة؟ قال: ركوعه في (¬14) الثاني باطل ولا (¬15) يحتسب به (¬16)؛ لأنه حين (¬17) قرأ أولاً ثم ركع فقد تمت الركعة. قلت: فإن دخل معه رجل في الركعة الثانية هل يجزيه من ركعته؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن كان الإمام حين قرأ وركع (¬18) أولاً (¬19) أحدث وخلفه قوم فقدّم رجلاً آخر، فاستقبل هذا الرجل القراءة والركوع والسجود، فجاء رجل ¬

_ (¬1) ح ي - فاسدة. (¬2) ح: والذي. (¬3) ح ي: وعليهم أن يستقبلوا. (¬4) ح: فسدت. (¬5) ح ي: فإذا. (¬6) ح + عليهم. (¬7) ح - صلاتهم وأما المقيمون فإنه أمهم فيما لا ينبغي له أن يؤمهم فيه فلذلك أفسدت عليهم صلاتهم. (¬8) م + إذا. (¬9) ح ي - ركع. (¬10) ح ي: أتاه. (¬11) ح ي: في الصلاة. (¬12) ح ي - قد. (¬13) م: قد اقرأ. (¬14) ح ي - في. (¬15) ح ي: لا. (¬16) ح: يحتسبه. (¬17) ح ي: حيث. (¬18) ح ي: أو ركع. (¬19) م: ولا.

باب الإمام يحدث فيقدم جنبا أو صبيا

فدخل مع (¬1) هذا؟ قال: إن كان الإمام الأول قد (¬2) قرأ في الركعة الأولى فهي الركعة، وهذه الركعة الثانية لا تجزيه (¬3)، وسجود الثانية هو (¬4) السجود للأولى (¬5)، ولا يجزي (¬6) الذي دخل مع هذا في الثانية ركوعه (¬7) وسجوده (¬8). وإن كان الإمام الأول (¬9) لم يقرأ حتى ركع ثم أحدث، فقدّم هذا، فقرأ هذا الإمام الثاني وركع، ثم دخل معه رجل وهو راكع، فإنه يجزيه والقومَ والداخلَ معه سواء (¬10)؛ لأن الأول كأنه افتتح الصلاة ثم أحدث، فقدّم هذا، فقرأ هذا (¬11) الإمام الثاني (¬12)؛ وهكذا ينبغي له أن يصنع (¬13). ... باب الإمام يحدث فيقدم جنباً أو صبياً (¬14) قلت: أرأيت رجلاً (¬15) أحدث وهو إمام (¬16) فتأخر (¬17) فقدّم (¬18) رجلاً وهو على غير (¬19) وضوء أو هو جنب أو هو صبي لم يحتلم؟ قال: صلاته وصلاة القوم كلهم (¬20) فاسدة (¬21). قلت: لم؟ قال: لأن صلاة إمامهم الذي ¬

_ (¬1) ح: معه. (¬2) ح ي - قد. (¬3) م: ولا تجزيه؛ ح: لا تجوز. (¬4) ك م: من. (¬5) م: الأولى؛ ح ي: سجود الأولى. (¬6) ح ي: يجز. (¬7) ك م: وركوعه. (¬8) أي: لا يكون مدركًا للركعة الأولى، فعليه أن يقضيها بركوعها وسجودها. (¬9) ك م - الإمام الأول. (¬10) ك م - سواء. (¬11) ح ي - فقرأ هذا. (¬12) ح ي + وقرأ وركع. (¬13) انظر لشرح المسألة: المبسوط، 1/ 179 - 180. (¬14) ح ي - باب الإمام يحدث فيقدم جنباً أو صبياً. (¬15) ي: رجل. (¬16) ك م - وهو إمام. (¬17) ك م + وهو إمام. (¬18) ح ي: وقدم. (¬19) ح - غير؛ صح هـ. (¬20) ح ي - كلهم. (¬21) ح ي + كلهم.

باب صلاة الأمي

قدّم فاسدة وليست (¬1) بصلاة، فإذا فسدت صلاة الإمام فسدت صلاة من خلفه. ألا ترى لو أنه حين أحدث قدّم امرأة أن صلاتهم كانت فاسدة (¬2)، فكذلك كل (¬3) من ذكرت. ... باب صلاة الأمي (¬4) قلت: أرأيت رجلاً أمياً (¬5) صلى بقوم أميين (¬6) وفيهم من يقرأ (¬7) وفيهم من لا يقرأ؟ قال: صلاتهم فاسدة، وهو (¬8) قول أبي حنيفة. وقال محمد: صلاة من يقرأ فاسدة، وصلاة من لا يقرأ تامة. وهو قول أبي يوسف (¬9). قلت: أرأيت إن افتتح بهم الصلاة وهو أمي فصلى (¬10) بهم ركعة أو ركعتين ثم علم (¬11) سورة فقرأها في الثالثة والرابعة أيجزيه ويجزي من خلفه؟ قال: لا يجزيهم، وصلاتهم فاسدة. قلت: وكذلك لو صلى بهم ثلاث ركعات ثم علم سورة؟ قال: نعم (¬12). قلت: أرأيت إن افتتح بهم الصلاة (¬13) وهو أمي ¬

_ (¬1) ك م: ليست. (¬2) ح ي: تفسد. (¬3) ح ي - كل. (¬4) ح ي - باب صلاة الأمي. (¬5) م: أمنا. (¬6) م: أمنين؛ ح ي - أميين. (¬7) أي: وفيهم من ليس بأمي. (¬8) ح ي: وهذا. (¬9) ك م - وقال محمد صلاة من يقرأ فاسدة وصلاة من لا يقرأ تامة وهو قول أبي يوسف. والعبارة بمعناها في الكافي حيث يقول الحاكم: وقال أبو يوسف ومحمد: صلاة الإمام ومن لا يقرأ تامة. انظر: الكافي، 1/ 9 ظ؛ والمبسوط، 1/ 181. (¬10) ح: وصلى. (¬11) وفي الكافي، 1/ 9 ظ: ثم تعلم. (¬12) ك م ج ر ط + وفي الإملاء عن أبي يوسف أن أبا حنيفة كان يقول أولاً في الأمي يتعلم سورة في خلال صلاته إنه يقرأ ويبني ثم رجع عن ذلك. وهذه العبارة من كلام بعض الرواة كما سبق أمثالها. والقول الذي رجع عنه الإمام أبو حنيفة هو قول زفر. انظر: المبسوط، 1/ 182. (¬13) ح ي - الصلاة.

فصلى بهم تمام الصلاة، فلما قعد قدر التشهد ولم يسلم علم سورة؟ قال: هذا والأول سواء. قلت: فإن كان خلفه قوم لا يقرؤون فافتتح بهم وهو أمي، فلما صلى ركعة أو ركعتين علم سورة فقرأها (¬1) فيما بقي؟ قال: لا يجزيهم، وعليهم أن يستقبلوا الملاة. قلت: لم؟ قال: لأنه بنى صلاةً (¬2) على غير قراءة، ثم علم سورة (¬3)، فعليه أن يستقبل. وهو (¬4) قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد (¬5): أما نحن فنرى إذا صلى الأمي بقوم أميين وبقوم يقرؤون فصلى بهم تمام الصلاة وقد قعد قدر التشهد، ثم علم سورة أنه يجزيه صلاته وصلاة (¬6) من (¬7) خلفه ممن لا يقرأ، وأما من كان يقرأ فصلاته فاسدة. قلت: فإن كان الإمام ممن لا يقرأ فافتتح الصلاة ثم أحدث قبل أن يصلي شيئاً، فقدّم رجلاً ممن كان (¬8) يقرأ؟ قال: صلاة الإمام وصلاة من خلفه فاسدة في قول أبي حنيفة. قلت: لم؟ قال: لأنه قد (¬9) وجب عليه ما وجب على الإمام الأول؛ لأن الإمام الأول كان لا يقرأ. قلت (¬10): أرأيت إن كان الإمام الأول قد صلى ركعة ثم أحدث فقدّم هذا؟ قال: هذا والأول سواء. قلت: فإن كان الإمام الأول (¬11) حين افتتح بهم (¬12) الصلاة (¬13) علم سورة فصلى ركعتين وقرأ فيهما تلك السورة، ثم أحدث فقدّم رجلاً ممن لا يقرأ؟ قال: هذا والأول سواء. قلت: فإن قدّم رجلاً ممن يقرأ؟ قال: هذا وما قبله سواء. قلت (¬14): إذا افتتح أمي بقوم أميين الصلاة فصلى (¬15) بهم ركعة أو ركعتين أو ثلاثاً (¬16) ثم علم سورة (¬17)؟ ¬

_ (¬1) ح ي: فقرأ. (¬2) ح ي: صلاته. (¬3) ح ي: القراءة. (¬4) ح ي: وهذا. (¬5) ك م - ومحمد. وانظر: 1/ 35 و. (¬6) ح: ويجزيه؛ ي: ويجزي. (¬7) ح ي + كان. (¬8) ح ي - كان. (¬9) ح ي - قد. (¬10) م: قال. (¬11) ي - الأول. (¬12) ح ي - بهم. (¬13) ح ي + بهم. (¬14) ك م ح - قلت. (¬15) ح: وصلى. (¬16) ي: أو ثلاث. (¬17) ح ي: السورة.

باب فيمن صلى تطوعا أو فريضة ولم يقعد في الثانية

قال (¬1): صلاتهم فاسدة. قلت (¬2): وكذلك لو كان فيهم قوم يقرؤون؟ قال: نعم (¬3). قلت: أرأيت رجلاً دخل مع الإمام في الصلاة وقد سبقه بركعة والرجل أمي، فلما فرغ الإمام من صلاته قام الرجل ليقضي أتحب له (¬4) أن يقرأ فيما بقي؟ قال: نعم. قلت: فإذا لم يحسن أن يقرأ؟ قال: أما في القياس فإن صلاته فاسدة، ولكن أدع القياس وأستحسن أن يجزيه. قلت: لم؟ قال: أرأيت لو كان أخرس فسبقه الإمام بركعة (¬5) فقام يقضي أما (¬6) كان (¬7) يجزيه صلاته؟ قلت: بلى. قال: فهذا (¬8) وذاك سواء. قلت: أرأيت رجلاً صلى في المسجد وحده تطوعاً فأحدث (¬9) فانفتل فذهب يتوضأ (¬10) أيجزيه أن يصلي في بيته؟ قال: أي ذلك فعل فحسن (¬11). فإن كان لم يتكلم بنى (¬12) على صلاته، وإن (¬13) كان (¬14) تكلم استقبل الصلاة. ... باب فيمن صلى تطوعاً أو فريضة ولم يقعد في الثانية (¬15) قلت: أرأيت رجلاً افتتح التطوع فصلى أربع ركعات ولم يقعد في الثانية؟ قال: يجزيه، وعليه سجدتا السهو إن كان فعل ذلك ناسياً (¬16). ¬

_ (¬1) ك م: فإن. (¬2) ك م - قلت. (¬3) ك م - قال نعم. (¬4) ح ي: أيجب عليه. (¬5) ح ي - بركعة. (¬6) ح ي - أما. (¬7) ح ي: أكان. (¬8) ك م: هذا. (¬9) م: فأخذت. (¬10) ح ي: فتوضأ. (¬11) ح: فهو حسن. (¬12) ك - بنى. (¬13) ح ي: فإن. (¬14) ح ي - كان. (¬15) ح ي - باب فيمن صلى تطوعاً أو فريضة ولم يقعد في الثانية. (¬16) ي: ساهياً.

باب صلاة النساء مع الرجال

قلت: لم (¬1)؟ أليس قد أَفسدتَ (¬2) الأوليين حين لم يقعد فيهما؟ قال: أما في (¬3) القياس فقد أفسدتُهما (¬4)، ولكن (¬5) أدع القياس وأستحسن، فأجعلهما بمنزلة الفريضة. ألا ترى لو أن رجلاً صلى الظهر ولم يقعد في الثانية وقعد في الرابعة وتشهد أن صلاته تامة وعليه سجدتا (¬6) السهو، فكذلك هذا. قلت: أرأيت رجلاً أمياً افتتح الظهر وصلى ففرغ (¬7) من صلاته وسلم، ثم ذكر (¬8) أن عليه سهواً (¬9) من صلاته فسجد سجدة واحدة للسهو، ثم علم سورة قبل أن يسجد الأخرى؟ قال: صلاته فاسدة، وعليه أن يستقبل الصلاة. قلت: فإن لم يَسْهُ (¬10) في صلاته ولكنه صلى أربع ركعات فقعد في الرابعة قدر التشهد ثم علم سورة قبل أن يسلم؟ قال: هذا والأول سواء. وهذا (¬11) قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: أما نحن فنرى (¬12) إذا قعد قدر التشهد ثم علم سورة أن صلاته تامة (¬13). ... باب صلاة النساء مع الرجال (¬14) قلت: أرأيت امرأة صلت مع القوم في الصف وهي تصلي بصلاة الإمام ما حالها وحال من كان بجنبها من الرجال؟ قال: أما صلاتها (¬15) فتامة (¬16)، وصلاة القوم كلهم (¬17) جميعاً تامة ما خلا الرجل الذي (¬18) عن ¬

_ (¬1) ح ي - لم. (¬2) ح ي: أفسد. (¬3) ح - في. (¬4) م: أفسد بهما؛ ح ي: أفسدهما. (¬5) ح ي: ولكني. (¬6) ح: سجدة. (¬7) ح ي: وفرغ. (¬8) ح: ثم فكر. (¬9) ح ي: السهو. (¬10) ح ي: لم يسهو. (¬11) ح ي: وهو. (¬12) ح ي - أما نحن فنرى. (¬13) ك م + وهو قول محمد. وانظر: 1/ 34 و. (¬14) ح ي - باب صلاة النساء مع الرجال. (¬15) م: صلاته؛ ي: فصلاتها. (¬16) ح: تامة. (¬17) ح ي - كلهم. (¬18) ح ي + كان.

يمينها والذي كان (¬1) عن يسارها والذي خلفها بحِيَالها، فإن هؤلاء الثلاثة يعيدون الصلاة. قلت: لم؟ قال: لأن هؤلاء الثلاثة قد ستروا من (¬2) خلفهم من الرجال وصار (¬3) كل واحد (¬4) منهم بمنزلة الحائط بين المرأة (¬5) وأصحابه (¬6). قلت: أرأيت رجلاً صلى بقوم رجال ونساء فكان (¬7) صف (¬8) تام (¬9) نساء وهن خلف الإمام وخلف ذلك صفان من الرجال؟ قال: صلاة الصفين فاسدة، وصلاة القوم ممن (¬10) هو أمام النساء والنساء (¬11) كلهن (¬12) تامة. قلت: لم (¬13) إذا (¬14) كانت امرأة (¬15) واحدة أفسدتَ صلاة الذي (¬16) خلفها ولم تُفسد صلاة الذي (¬17) خلف أولئك، كما أنه لو كان صف (¬18) من النساء أفسدتَ صلاة الذي (¬19) خلفهن والذي خلف ذلك أيضاً؟ قال: هما (¬20) في القياس سواء، ولكن (¬21) أستحسن. إذا كان صف من النساء تام (¬22) أفسدتُ صلاة من خلفهن من الرجال وإن كانوا عشرين (¬23) صفًا. وإذا كانت امرأة واحدة أو اثنتان (¬24) أفسدتُ (¬25) صلاة من كان عن يمينها وعن يسارها والذي خلفها، وبقية القوم صلاتهم تامة. قلت: أرأيت امرأة ¬

_ (¬1) ح ي - كان. (¬2) ح: ما. (¬3) ك م ج رط: وهما. وعبارة الحاكم: وهم. انظر: الكافي، 1/ 9 ظ. (¬4) ك م ج ر ط: لكل رجل. (¬5) ح ي: الصلاة. (¬6) ح ي: وبين أصحابه. (¬7) ح: وكان. (¬8) ك: صفًا؛ م: ضعيفاً. (¬9) ك م: تاماً. (¬10) م: فيمن. (¬11) ح ي - ممن هو أمام النساء والنساء. (¬12) ح ي: كلهم. (¬13) ك م - لم. (¬14) ح ي: وإذا. (¬15) ك م: المرأة. (¬16) ح + من. (¬17) ح ي + من. (¬18) ك م: صفا. (¬19) ي: الذين. (¬20) ك م: هذا. (¬21) صح ي: ولكني. (¬22) ح ي + ان. (¬23) ك م - صف من النساء تام أفسدت صلاة من خلفهن من الرجال وإن كانوا عشرين. (¬24) ح ي: واثنتان. (¬25) ك م ح ي: أن أفسد. والتصحيح من ج ر.

صلت (¬1) بحذاء الإمام تأتم به وهو يؤم القوم (¬2) ويؤمها؟ قال: صلاة الإمام (¬3) والقوم والمرأة (¬4) جميعاً فاسدة. قلت: أرأيت إن صلت (¬5) أمام (¬6) الإمام وهي تأتم به (¬7)؟ قال: صلاتها فاسدة، وصلاة الإمام ومن خلفه تامة. قلت: لم؟ قال: لأنه من كان أمام الإمام فلا يكون في صلاة الإمام. قلت: أرأيت امرأة صلت بحذاء رجل وهما جميعاً (¬8) في صلاة واحدة غير أن كل واحد منهما يصلي لنفسه (¬9)؟ قال: صلاتهما جميعاً تامة. ولا تفسد على الرجل صلاته إذا كان كل واحد منهما يصلي لنفسه (¬10). قلت: أرأيت امرأة صلت إلى جنب (¬11) رجل وهي تريد أن تأتم به والرجل (¬12) يصلي وحده لا (¬13) ينوي أن يكون إمامها؟ قال: صلاة الرجل (¬14) تامة، وصلاة المرأة فاسدة. قلت: لم لا تفسد صلاة (¬15) الرجل (¬16)؟ قال (¬17): إذا لم ينو الرجل أن يكون إماماً للمرأة فلا تُفسِد (¬18) عليه شيئاً؛ لأنه إنما صلى وحده (¬19). ولو جعلته إمامها كانت المرأة إن شاءت (¬20) أن تُفسِد على الرجل صلاته جاءت فكبرت وقامت (¬21) بحذائه فتنتقض (¬22) صلاته. فهذا قبيح (¬23). لا (¬24) يكون إمامها، ولا تُفسِد عليه صلاته إلا أن ينوي أن يؤمها (¬25). ¬

_ (¬1) ي - صلت؛ صح هـ. (¬2) ي: بالقوم. (¬3) ح ي + والمرأة. (¬4) ح ي - والمرأة. (¬5) ح: إن صلى. (¬6) ح - أمام. (¬7) م: وهي نايمه. (¬8) ح - جميعاً. (¬9) ح هـ + قال تجزيه. (¬10) ح - قال صلاتهما جميعاً تامة ولا تفسد على الرجل صلاته إذا كان كل واحد منهما يصلي لنفسه. (¬11) ح: إلى جانب. (¬12) ح + يريد أن، ي + يريد. (¬13) ح ي: ولا. (¬14) ح ي: الإمام. (¬15) ح ي: على. (¬16) ح ي + صلاته. (¬17) ح ي - قال. (¬18) م: فلا يفسد؛ ح ي: لم تفسد. (¬19) ح ي: لأنها إنما صلت وحدها. (¬20) ح ي: إذا شاءت. (¬21) ح: فكبر وتامت. (¬22) ح ي: فتنقض. (¬23) ح: أقبح. (¬24) ح ي: ولا. (¬25) ح ي - أن يؤمها.

قلت: فإن (¬1) كان يؤمها ويؤم غيرها وائتمت (¬2) به وقامت بحذائه أَفسدتْ عليه وعلى من خلفه وعلى نفسها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً وامرأة سبقهما الإمام بركعة، فلما فرغ الإمام قاما يقضيان، وقام كل واحد منهما بحذاء صاحبه (¬3)، فهل (¬4) تُفسِد المرأة صلاة الرجل؟ قال: لا. قلت: لم (¬5) وهما في صلاة واحدة؟ قال: لأن كل واحد منهما يصلي لنفسه. ألا ترى لو أن أحدهما سها فيما يقضي فسجد (¬6) لسهوه لم يجب على صاحبه أن يسجد معه. قلت: فإن لم يسبقهما الإمام بشيء (¬7) مما ذكرنا (¬8) من صلاته ولكنهما أدركا أول الصلاة، فلما صليا (¬9) ركعة أو ركعتين أحدثا (¬10) فذهبا فتوضآ (¬11) فجاءا وقد فرغ الإمام من صلاته، فقاما يقضيان ما سبقهما الإمام به (¬12)، فقامت المرأة بحذاء الرجل فصلت (¬13)؟ قال (¬14): أما المرأة فصلاتها تامة، وأما الرجل فإن صلاته فاسدة، وعليه أن يستقبل الصلاة (¬15)؛ لأنهما في صلاة الإمام بَعْدُ (¬16). ألا ترى أنهما يقضيان بغير قراءة. قلت: أرأيت إماماً صلى الظهر فائتمّت به امرأة فقامت بحذائه تنوي (¬17) صلاته تريد (¬18) بذلك التطوع والإمام ينوي أن يؤمها؟ قال: صلاة الإمام والمرأة والقوم جميعاً (¬19) فاسدة. قلت: لم أفسدت على الإمام صلاته وهي لا تنوي صلاته؟ قال: لأنه إمام لها وقد ائتصت به وقامت بحذائه. قلت: فهل ¬

_ (¬1) ح ي: فإذا. (¬2) ح: وائتممت. (¬3) ح + فقضا؛ ي + فقضيا. (¬4) ح ي: هل. (¬5) م - لم. (¬6) ح ي: وسجد. (¬7) م: نسي. (¬8) ح ي - مما ذكرنا (¬9) م: فلما صلتا. (¬10) م: اخذتا. (¬11) ح ي: وتوضآ. (¬12) ك م - به. (¬13) ح ي: وصلت. (¬14) ح: فقال. (¬15) خ ي - الصلاة. (¬16) م: قعد. (¬17) م: ينوي. (¬18) م: يريد؛ ح ي: وتريد. (¬19) ح ي - جميعاً.

باب صلاة العريان

على المرأة (¬1) أن تقضي التطوع الذي (¬2) دخلت فيه مع الإمام؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان الإمام ينوي الظهر والمرأة تنوي العصر؟ قال: صلاة الإمام والقوم تامة، وصلاتها فاسدة. قلت: فهل عليها أن تقضي العصر؟ قال: نعم. قلت: أرأيت (¬3) امرأة (¬4) دخلت مع الإمام [بحذائه] في صلاته وهو (¬5) على غير وضوء؟ قال: صلاة الإمام والقوم (¬6) فاسدة (¬7)، وصلاتها تامة (¬8). ... باب صلاة العريان (¬9) قلت: أرأيت رجلاً عرياناً لا يقدر على ثوب يصلي فيه كيف يصنع؟ قال: يصلي قاعدًا يومئ (¬10) إيماء. قلت: وكذلك لو كانوا رهطاً (¬11) صلوا (¬12) وحداناً؟ قال: نعم. قلت: فإن صلوا جماعة يومئون إيماء ويجعلون السجود أخفض من الركوع؟ قال: يجزيهم. قلت: وكذلك لو صلوا قيامًا وحدانًا يومئون إيماءً؟ قال: نعم، إلا أن أفضل ذلك أن يصلوا قعوداً وحداناً يومئون إيماء (¬13). قلت: وكذلك لو تقدم بعضهم فصلى (¬14) بهم يومئ إيماء؟ قال: نعم، يجزيهم. قلت: أرأيت رجلاً عرياناً ¬

_ (¬1) ك م: فهل للمرأة. وانظر أيضاً: الكافي، 1/ 9 ظ؛ والمبسوط، 1/ 186. (¬2) ك م: التي. (¬3) ح ي + إن كانت. (¬4) ح ي - امرأة. (¬5) ح ي: وهي. (¬6) م: والقوه. (¬7) ح ي: تامة. (¬8) ح ي: فاسدة. (¬9) ح ي - باب صلاة العريان. (¬10) م - يومئ، صح هـ. (¬11) ح: رهط. (¬12) ي: أيصلوا. (¬13) م - قال نعم إلا أن أفضل ذلك أن يصلوا قعوداً وحداناً يومئون إيماء، صح هـ؛ ح ي - قلت وكذلك لو صلوا قياماً وحدانًا يومئون إيماءً قال نعم إلا أن أفضل ذلك أن يصلوا قعوداً وحداناً يومئون إيماء. (¬14) ح: وصلى.

باب الرجل يحدث وهو راكع أو ساجد

لا يقدر على ثوب نظيف يصلي فيه (¬1) ومعه ثوب فيه دم أكثر من قدر الدرهم كيف يصنع؟ قال: يصلي في ذلك الثوب. قلت: فإن كان في توبه (¬2) قدر (¬3) نصفه (¬4)؟ قال (¬5): يصلي فيه (¬6). قلت: فإن كان مملوء كله دماً (¬7)؟ قال: إن صلى عرياناً قاعداً أجزأه ذلك، وإن صلى في الثوب أجزأه ذلك (¬8). وهذا قول أبي حنيفة وأبى يوسف. وقال محمد: لا يجزيه إن صلى عرياناً وإن كان ثوبه (¬9) مملوء دماً إلا أن يصلي فيه. ... باب الرجل يحدث وهو راكع أو ساجد (¬10) قلت: أرأيت رجلاً صلى فأحدث وهو راكع أو ساجد فذهب فتوضأ (¬11) وجاء (¬12) أترى له أن يعيد تلك الركعة أو تلك السجدة؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأن الحدث قد نقضه. قلت: فإن كان إمام (¬13) قوم (¬14) فأحدث وهو راكع فتأخر وقدم رجلاً، أيمكث (¬15) الرجل كما هو راكعاً (¬16) حتى يكون قدر (¬17) ركعته؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً صلى ¬

_ (¬1) ح ي - يصلي فيه. (¬2) ح ي: في الثوب. (¬3) ح ي - قدر. (¬4) ح ي + دم يصلي فيه. (¬5) ي + نعم. (¬6) ي - يصلي فيه. (¬7) ح ي: دم. (¬8) ك م - وان صلى في الثوب أجزأه ذلك. (¬9) ح ي: الثوب؛ ح ي + كله. وقال الحاكم: فإن كان مع العاري ثوب مملوء دماً فإن صلى فيه أو عرياناً أجزأه في قول أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال محمد: لا تجزيه الصلاة إلا في الثوب النجس. انظر: الكافي، 1/ 9 ظ؛ والمبسوط، 1/ 187. (¬10) ح ي - باب الرجل يحدث وهو راكع أو ساجد. (¬11) ح ي: وتوضأ. (¬12) ك م - وجاء. (¬13) ح: إمامًا (¬14) ح ي - قوم. (¬15) ي + ذلك. (¬16) م - راكعاً؛ ح ي: راكع. (¬17) م: قد.

ركعة أو ركعتين ثم ذكر (¬1) أن (¬2) عليه سجدة (¬3) من الركعة الأولى أو (¬4) من التلاوة (¬5)، فذكر ذلك وهو راكع، فخَرَّ (¬6) ساجدًا، ثم رفع رأسه، أيعود في تلك الركعة؟ قال: نعم. قلت: ولا يجزيه ما كان مضى منها؟ قال: إن احتسب (¬7) بتلك الركعة أجزأه، وإن (¬8) عاد في ذلك فهو (¬9) أحبّ إليّ. قلت: وكذلك إن ذكرها (¬10) وهو ساجد (¬11)؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً أدرك الإمام في المغرب وقد بقيت عليه ركعة فصلى معه (¬12) تلك الركعة، فلما سلم (¬13) الإمام قام (¬14) يقضي كيف يصنع؟ قال: يقرأ فاتحهّ الكتاب وسورة، ثم يركع ويسجد ويجلس، ثم يقوم فيقرأ ثم يركع (¬15) ويسجد ويجلس (¬16) فيتشهد (¬17) ويدعو بحاجته (¬18)، ثم يسلم. قلت: لم؟ قال: لأنه إنما يقضي أول صلاة الإمام. قلت: فلم يقعد في الآخرة (¬19) منهما وفي الأولى وهما عندك أول الصلاة؟ قال: أما الأولى منهما فهي الثانية له فيما يصلي، فلا بد له من أن يقعد فيها، وأما الثالثة فلا بدله من أن يقعد (¬20) حتى يسلم. قلت: أرأيت رجلاً أدرك مع الإمام ركعة من الوتر في رمضان فقنت (¬21) فيها مع الإمام، ثم قام يقضي ما سُبِقَ به (¬22)، هل يَقنُت ¬

_ (¬1) ح ي + سجدة. (¬2) ح ي - أن. (¬3) ح ي - سجدة. (¬4) ح ي + سجدة. (¬5) ح ي: من تلاوة. (¬6) م: خر. (¬7) م: إن أحسنت. (¬8) ح ي: فإن. (¬9) ك م - فهو. (¬10) ح ي: لو ذكرها. (¬11) ح: ساجداً. (¬12) ح ي - معه. (¬13) ح + سلم. (¬14) ح - قام. (¬15) ح ي: ويركع. (¬16) م - ثم يقوم فيقرأ ثم يركع ويسجد ويجلس. (¬17) ح ي: ويتشهد. (¬18) ح: لحاجته. (¬19) ح: في الآخر. (¬20) ك م - وأما الثالثة فلا بد له من أن يقعدة ح + فيها. (¬21) م: فيقنت. (¬22) م - به؛ ح ي - ما سبق به؛ ح + قال.

فيما يقضي؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه إنما يقضي أول صلاة الإمام، وقد أدرك آخرها وقَنَتَ. ألا ترى لو (¬1) أن الإمام (¬2) سها فسجد معه سجدتي السهو لم يكن عليه أن يقضيها بعدُ (¬3). قلت: أرأيت رجلاً صلى فمرّ بين يديه رجل أو امرأة أو حمار أو كلب (¬4) هل يقطع شيء من ذلك صلاته؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن هذا لا يقطع الصلاة (¬5)، وقد جاء فيه (¬6) الأثر (¬7). قلت: فهل تُحِبّ للرجل (¬8) إذا صلى أن يدفع عن نفسه من يمر بين يديه؟ قال: نعم. قلت: فإن كان الذي يمر بين يديه بينة وبينه (¬9) شيء كثير (¬10) إذا أراد أن يدرأه (¬11) عن نفسه مشى إليه ساعة؟ قال: لا يمشي إليه، ولكن يصلي مكانه ويدعه؟ لأن الذي يَدخل عليه من المشي أشدّ من مَمَرِّ (¬12) هذا بين يديه. قلت (¬13): ¬

_ (¬1) م ح ي - لو. (¬2) ح ي + لو. (¬3) م - بعد؛ ح ي: بعده. (¬4) م: أو كلت. (¬5) ك م - الصلاة. (¬6) ح ي - فيه. (¬7) ح ي: أثر. محمد قال أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن الأسود بن يزيد أنه سأل عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها- عما يقطع الصلاة. فقالت: أما إنكم يا أهل العراق تزعمون أن الحمار والكلب والمرأة والسِّنَّوْر يقطعون الصلاة، فقرنتمونا بهم. فادرأ ما استطعت؛ فإنه لا يقطع صلاتك شيء. انظر: الآثار لمحمد، 31. ورواه أبو يوسف كذلك. انظر: الآثار لأبي يوسف، 47. وعن أبي سعيد قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يقطع الصلاة شيء، وادرؤوا ما استطعتم، فإنما هو شيطان". انظر: سنن أبي داود، الصلاة، 114؛ وسنن الدارقطني، 1/ 366 - 368. وروي عن علىِ وابن عمر - رضي الله عنهما-. انظر: الموطأ، قصر الصلاة، 39. 40. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 2/ 76؛ والدراية لابن حجر، 1/ 178. (¬8) م: يجب للرجل؛ ح ي: يجب على الرجل. وقال الحاكم: ويدفع المار عن نفسه ما (لعله: بما) ليس فيه مشي ولا علاج. انظر: الكافي، 1/ 10 و. وقال السرخسي: وينبغي أن يدفع المار عن نفسه. انظر: المبسوط، 1/ 191. (¬9) ك م - بينه وبينه. (¬10) ك: كبير. (¬11) ح ي: أن يدرأ. (¬12) ح ي: من مر. (¬13) ح ي + أرأيت.

إن مر (¬1) بين يديه إنسان (¬2) فمنعه فأبى (¬3) أترى له أن يدفعه ويعالجه (¬4) ويمنعه من ذلك؟ قال: لا. قلت: فإن فعل؟ قال: إذن انقطعت (¬5) صلاته. قلت: وإنما يدرأ عن نفسه بما (¬6) ليس فيه (¬7) مشي ولا علاج (¬8)؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً صلى في صحراء ليس بين يديه شيء؟ قال: أَحَبُّ إليّ أن يكون بين يديه شيء، فإن لم يكن أجزأته (¬9) صلاته. قلت: وما أدنى ما يكفيه؟ قال: طول ذراع (¬10). قلت: أرأيت رجلاً صلى بقوم وبين يديه رمح قد ركزه أو قصبة (¬11)، وليس بين يدي أصحابه الذين (¬12) خلفه شيء؟ قال: تجزيهم صلاتهم. قلت: أرأيت رجلاً انتهى إلى الإمام وقد سبقه بركعة، فقام الرجل خلف الصف فصلى (¬13) وحده بصلاة الإمام؟ قال: يجزيه (¬14). قلت: لم؟ قال: أرأيت لو كان معه رجل (¬15) على غير وضوء أو كان معه صبي أو كان (¬16) رجلان (¬17) في صف فكبر أحدهما قبل (¬18) الآخر أما يجزيه (¬19)؟ قلت: بلى. قال (¬20): فهذا وذاك (¬21) سواء. قلت: أرأيت رجلاً صلى مع الإمام وبينه وبين الإمام حائط (¬22)؟ قال: ¬

_ (¬1) ح ي + إنسان. (¬2) ح ي - إنسان. (¬3) ك م - فأبى. (¬4) ح ي: أو أن يعالجه. (¬5) ح ي: يقطع. (¬6) ك م ح ي: ما. (¬7) ح ي + علاج ولا. (¬8) ح ي - ولا علاج. (¬9) ح ي: أجزأه. (¬10) ك م - قلت وما أدنى ما يكفيه قال طول ذراع. وقال الحاكم: وأدناه طول ذراع. انظر: الكافي، 1/ 10 و؛ والمبسوط، 1/ 190. (¬11) ح ي: أو نصبه. (¬12) ك م: الذي. (¬13) ح ي: صلى. (¬14) ح: يجزيهم. (¬15) ح ي - رجل. (¬16) ح ي + معه. (¬17) م: رجلاً. (¬18) ح ي: دون. (¬19) ح - أما يجزيه. (¬20) م - قال. (¬21) ح: وذلك. (¬22) في هامش نسخة ك: معناه حائط لا يستر. وقد تقدم في مسألة محاذاة المرأة التعليل لعدم فساد صلاة من حول الرجال الذين هم حول المرأة أنهم بمنزلة الحائط بينها وبين=

يجزيه. قلت: فإن كان بينه وبين الإمام طريق يمر فيه الناس وهو عظيم؟ قال: لا يجزيه، وعليه أن يستقبل الصلاة؛ لأن هذا ليس مع الإمام. قلت: أرأيت (¬1) إن كان في الطريق الذي بينه وبين الإمام مصلون (¬2) يصلون بصلاة الإمام صفوفاً متصلة؟ قال: صلاته وصلاة القوم تامة. قلت: من أين اختلف هذا والأول؟ قال: إذا كان الطريق ليس فيه من يصلي لم تجزه الصلاة، لأنه قد جاء الأثر (¬3) في ذلك أن من (¬4) كان بينه وبين الإمام نهر أو طريق فليس معه (¬5). وإذا كان في الطريق (¬6) مصلون (¬7) فليس بينهم وبين الإمام طريق. قلت: أرأيت إن كان بينهم وبين الإمام صف من نساء قُدَّامَهم (¬8) يُصلينَ (¬9) بصلاة الإمام؟ قال: لا يجزيهم. قلت: أرأيت رجلاً صلى وخلفه رجل يتعلم القرآن فاستفتح ففتح عليه (¬10) الرجل الذي يصلي غير مرة؟ قال: هذا يقطع صلاته، وعليه أن يستقبل الصلاة. قلت: أرأيت رجلاً صلى مع الإمام فقرأ الإمام ففتح عليه (¬11) هل يكون هذا قد (¬12) قطع صلاته؟ قال: لا. قلت: من أين اختلف (¬13) هذا والأول (¬14)؟ قال: لأن هذا يريد التلاوة (¬15)، والأول يريد ¬

_ = من سواهم من المصلين. انظر: 1/ 35 و. وعلى رواية الحسن عن الإمام أبي حنيفة الحائط مانع من الائتمام بالإمام. وانظر: المبسو، ط 1/ 193. (¬1) ح ي - أرأيت. (¬2) ح ي: قوم. (¬3) ح + ألا ترى. (¬4) ح - من. (¬5) محمد قال أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم في الرجل يكون بينه وبين الإمام حائط قال حسن ما لم يكن بينه وبين الإمام طريق أو نساء. انظر: الآثار لمحمد، 28؛ والحجة على أهل المدينة لمحمد، 1/ 291. وورد ذكر النهر عند الإمام أبي يوسف. انظر: الآثار لأبي يوسف، 65. وروي عن عمر - رضي الله عنه - والشعبي نحو ذلك. انظر: المصنف لعبدالرزاق، 3/ 81؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 35. (¬6) ح ي + قوم. (¬7) ح ي: يصلون. (¬8) ك م: قدامه. (¬9) ح ي: يصلون. (¬10) ك م: له. (¬11) ح ي + الرجل. (¬12) ح ي + قد. (¬13) ح: اختلفا. (¬14) ك م - والأول. (¬15) ح: الصلاة.

التعليم (¬1). قلت: أرأيت إن أراد الأول التلاوة ولم يرد التعليم (¬2)؟ قال: لا يقطع ذلك صلاته. قلت: أفينبغي (¬3) لمن خلف الإمام أن يفتح على الإمام؟ قال: لا، ولكن ينبغي للإمام إذا أخطأ أن يركع عند ذلك أو يأخذ في آية غيرها أو يأخذ في سورة أخرى. قلت: فإن لم يفعل ذلك وفتح عليه بحض القوم الذين (¬4) خلفه؟ قال: أجزأهم، ولكن قد (¬5) أساء الإمام حين (¬6) ألجأهم إلى ذلك. قلت: أرأيت الرجل يصلي فيقتل الحية أو العقرب في صلاته هل يقطع ذلك صلاته؟ قال: لا. قلت: فهل يقطع (¬7) في الالتفات؟ قال: لا. قلت: أرأيت رجلاً صلى فرمى على طير الحجر (¬8) وهو في الصلاة؟ قال: أكره له (¬9) ذلك، وصلاته تامة. قلت: فإن أكل ناسياً أو شرب ناسياً؟ قال: هذا يقطع الصلاة. قلت: أرأيت رجلاً صلى فأخذ في صلاته قوساً فرمى بها؟ قال: قد قطع (¬10) صلاته. قلت: وكذلك لو عالج رجلاً أو قاتله (¬11)؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو خاط ثوباً أو ادّهن أو سرّح رأسه أو قطع ثوباً (¬12)؟ قال: نعم. قلت: فإن كان بين أسنانه شيء من طعام فابتلعه؟ قال: لا يضره (¬13) ذلك (¬14)، وصلاته تامة (¬15). قلت: فإن قَلَسَ أقلَّ مِن مِلْءِ فِيهِ ثم رجع فدخل جوفَه وهو (¬16) لا (¬17) يملك ذلك؟ قال: لا يضره ذلك، وصلاته تامة. قلت: من أين اختلف هذا والأكل (¬18) والشرب (¬19)؟ قال: لأن ¬

_ (¬1) ح: يعلم؛ ي: التعلم. (¬2) ح ي: التعلم. (¬3) ح ي: فينبغي. (¬4) ح ي: الذي. (¬5) ح - قد. (¬6) ح ي: حيث. (¬7) ك م: يقطعه. (¬8) ح ي: فرمى طيراً بحجر. (¬9) ح ي - له. (¬10) ح ي: هذا يقطع. (¬11) م: أو قابله. (¬12) ح ي: ثوبه. (¬13) ح: لا يضر. (¬14) ح ي + شيئاً. (¬15) ح ي - وصلاته تامة. (¬16) ح ي - وهو. (¬17) ح ي: ولا. (¬18) ح ي: والأول (¬19) ح ي - والشرب.

باب الرجل يصلي فيصيب ثوبه أو بدنه بول أو دم أكثر من قدر الدرهم

الأكل والشرب عمل، فهو (¬1) يقطع الصلاة، وليس هذا بعمل. ... باب الرجل يصلي فيصيب ثوبه أو بدنه بول أو دم أكثر من قدر الدرهم (¬2) قلت: أرأيت الرجل (¬3) يصلي فينتضح (¬4) عليه البول فيصيبه منه أكثر من قدر الدرهم؟ قال: ينفتل فيغسل (¬5) ما أصاب جسده منه، ولا يبني على صلاته. وإن كان في ثوبه (¬6) ألقاه وصلى في غيره. قلت: فإن سال من دُمَّلٍ فيه (¬7) دمٌ كثيرٌ أو قيحٌ أو أصابه بُنْدُقَة (¬8) أو حجر فشَجَّه، فغسل ذلك، أيبني على ما مضى من صلاته؟ قال: نعم إن كان لم يتكلم. وهذا قول أبي يوسف. وأما (¬9) أبو حنيفة ومحمد فقالا (¬10): يعيد في الضربة والشَّجَّة والبُنْدُقَة ولا يبني. قلت: أرأيت رجلاً صلى (¬11) فنام (¬12) في الصلاة فاحتلم؟ قال: أما في القياس فعليه (¬13) أن يغتسل ويبني (¬14) على ما مضى من صلاته. ولكن أدع القياس وآمره أن يغتسل ويسقبل الصلاة. قلت: أرأيت رجلاً صلى ركعة فوقع عنه ثوبه فقام عرياناً وهو لا يعلم به (¬15) ثم ذكر من ساعته فتناول ثوبه فلبسه؟ قال: يمضي على صلاته ولا ¬

_ (¬1) ح ي: وهو. (¬2) ح ي - باب الرجل يصلي فيصيب ثوبه أو بدنه بول أو دم أكثر من قدر الدرهم. (¬3) ح ي: رجلاً. (¬4) ح: فينضح. (¬5) م - فيغسل. (¬6) م: في بدنه. (¬7) ح ي - فيه. (¬8) البُنْدُقَة طِينة مدوّرة يُرمى بها. انظر: المغرب، "بندق". (¬9) ح ي: وقال. (¬10) ح ي - فقالا. (¬11) ح - صلى. (¬12) ح: نام. (¬13) ح ي: فإن عليه. (¬14) ي: أو يبني. (¬15) ح ي - به.

يقطعها، وهي تامة. قلت: أرأيت رجلاً صلى (¬1) وفرجه أو دبره مكشوف وهو (¬2) يعلم بذلك أو لا يعلم (¬3) حتى فرغ من صلاته؟ قال: صلاته فاسدة. قلت: أرأيت رجلاً صلى في إزار أو سراويل أو قميص قصير (¬4) أو (¬5) ثوب متوشّح به وهو إمام أو غير إمام؟ قال: إن كان صفيقاً فصلاته تامة. قلت: أرأيت امرأة صلت ورأسها أو عورتها (¬6) مكشوفة وهي تعلم أو لا تعلم؟ قال: صلاتها فاسدة. قلت: فإن صلت وبطنها مكشوف (¬7) أو فخذاها مكشوفتان (¬8) أو صلت في درع رقيق يَشِفّ عنها أو ليس (¬9) عليها إزار أو صلت (¬10) في خمار رقيق يُرَى رأسُها وكلُّ شيء منها؟ قال: صلاتها فاسدة. قلت: فإن صلت وقد انكشف بعض رأسها أو بعض فخذها (¬11) أو بعض بطنها تعمدت (¬12) لذلك أو لم تتعمد؟ قال: إن كان ذلك يسيراً فصلاتها تامة، وقد أساءت في ذلك. وإن كان كثيراً فعليها أن تعيد (¬13) الصلاة. وقال (¬14) أبو حنيفة: إن صلت وربع رأسها أو ثلثه (¬15) مكشوف أعادت الصلاة. وإن كان أقل من ذلك لم تعد. وهو قول محمد. وقال أبو يوسف: لا تعيد (¬16) حتى يكون (¬17) النصف مكشوفاً (¬18). وكذلك الفخذ والبطن (¬19) والشعر في قوله وقولهما (¬20). قلت: أرأيت المرأة إذا قعدت في ¬

_ (¬1) ح - صلى؛ صح هـ. (¬2) ح ي + لا. (¬3) ي - أو لا يعلم. (¬4) ي - قصير. (¬5) ح ي + في. (¬6) ح ي: وعورتها. (¬7) ح ي - مكشوف. (¬8) ك م: مكشوفان؛ ح: وفخذيها مكشوفين؛ ي: أو فخذيها مكشوفين. والتصحيح من ج. (¬9) ح ي: وليس. (¬10) ح ي: وصلت. (¬11) ح ي: فخذيها. (¬12) ك م: تعمداً. (¬13) ح: أن يعيد. (¬14) ح ي: قال. (¬15) ح ي: أو ثلثها. (¬16) ح: لا يعيد. (¬17) ح ي + أكثر من. (¬18) ح ي: مكشوف. (¬19) ح ي: وكذلك البطن والفخذ. (¬20) ي: وفي قولهما.

باب الدعاء في الصلاة

الصلاة كيف تقعد (¬1)؟ قال: كأستر ما يكون لها. قلت: أرأيت امرأة (¬2) صلت فأرضعت (¬3) ولدها في الصلاة؟ قال: هذا يقطع الصلاة. ... باب الدعاء في الصلاة (¬4) قلت: أرأيت رجلاً قد (¬5) صلى فدعا الله (¬6) فسأله (¬7) الرزق وسأله العافية هل يقطع ذلك الصلاة؟ قال: لا. قلت: وكذلك كل دعاء (¬8) من القرآن وشبه (¬9) القرآن فإنه لا يقطع الصلاة؟ قال: نعم. قلت: فإن قال: اللَّهم اكسني ثوباً، اللَّهم زوجني فلانة؟ قال: هذا يقطع الصلاة. وما كان من الدعاء مما يشبه (¬10) هذا فهو كلام وهو يقطع الصلاة (¬11). قلت: فإن قال: اللَّهم أكرمني، اللَّهم أنعم علي، اللَّهم أدخلني الجنة وعافني من النار، اللَّهم أصلح لي أمري، اللَّهم اغفر لي ولوالدي، اللَّهم وفقني وسددني، اللَّهم اصرف عني شر كل ذي شر، أعوذ بالله من شر الجن والإنس، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أعوذ بالله من جَهْدِ البلاء ومن دَرَكِ الشقاء ومن شَمَاتَةِ الأعداء، اللَّهم ارزقني حج بيتك وجهاداً في سبيلك، اللَّهم استعملني في طاعتك وطاعة رسولك، اللَّهم اجعلنا صادقين، اللَّهم اجعلنا حامدين عابدين شاكرين، اللَّهم ارزقنا وأنت خير الرازقين؟ قال: هذا كله حسن، وليس شيء (¬12) من هذا (¬13) يقطع الصلاة. وهذا من القرآن وما ¬

_ (¬1) ح: يقعد. (¬2) ح: المرأة. (¬3) ح: فإن وضعت. (¬4) ح ي - باب الدعاء في الصلاة. (¬5) ح ي - قد. (¬6) ح: لله. (¬7) ح ي: وسأله. (¬8) ح ي: وكذلك الدعاء. (¬9) ح ي: أو شبه. (¬10) ح: يشبهه. (¬11) ك م - وما كان من الدعاء مما يشبه هذا فهو كلام وهو يقطع الصلاة. ويأتي كلام في معناه بعد قليل. (¬12) ح ي - شيء. (¬13) ح ي + شيء.

يشبه (¬1) القرآن. وإنما يقطع الصلاة ما (¬2) يشبه حديث الناس (¬3). قلت: أرأيت الرجل يمر بالآية (¬4) فيها ذكر النار (¬5) فيقف عندها ويتعوذ (¬6) بالله (¬7) ويستغفر (¬8) الله وذلك في التطوع وهو وحده؟ قال: هذا حسن. قلت: فإن كان إماماً (¬9)؟ قال: أكره له ذلك. قلت: فإن فعل؟ قال: صلاته تامة. قلت: أرأيت الرجل يكون خلف الإمام فيقرأ (¬10) الإمام بسورة (¬11) فيها ذكر الجنة وذكر (¬12) النار أو ذكر الموت أينبغي لمن خلفه أن يتعوذ (¬13) بالله من النار ويسأل (¬14) الله الجنة؟ قال (¬15): يَسمعون ويُنصِتون (¬16) أَحَبُّ إليّ. قلت: أرأيت الرجل يكون خلف الإمام (¬17) فيفرغ الإمام من السورة أتكره (¬18) للرجل أن يقول: صدَقَ اللهُ وبَلَّغَتْ رُسُلُه؟ قال: أَحَبُّ إليّ أن يُنصت ويَستمع (¬19). قلت: فإن فعل هل يقطع (¬20) ذلك صلاته (¬21)؟ قال: لا (¬22)، صلاته تامة، ولكن أفضل ذلك أن يُنصِت. قلت: أرأيت الإمام يقرأ الآية فيها ذِكْرُ (¬23) قولِ الكفار أينبغي لمن خلفه أن يقولوا: لا إله إلا الله؟ قال: أَحَبُّ ذلك إلي (¬24) أن يستمعوا ويُنصِتوا. قلت: فإن فعلوا؟ قال: صلاتهم ¬

_ (¬1) ح: ويشبه؛ ي: وشبه. (¬2) م: وما. (¬3) م + في الأنين والتعوذ من النار في الصلاة. وهو عنوان فَصْل، لكن لم يتنبه لذلك الناسخ للنسخة المذكورة وجعله مدرجًا في الجملة التي قبلها. (¬4) ح: رجلاً قرأ بالآية؛ ي: رجلاً قرأ بآية. (¬5) ح ي: الموت. (¬6) ح ي + عندها من الشيطان الرجيم. (¬7) ي - بالله. (¬8) ح: واستغفر. (¬9) ك: الإمام؛ ح ي: إمام قوم. (¬10) ح: يقرأ. (¬11) ح: سورة. (¬12) ح ي: أو ذكر. (¬13) ح ي: أن يتعوذوا. (¬14) ي: ويسألوا. (¬15) ح: فلا؛ صح هـ. (¬16) م: وينصبون؛ ح ي: يستمعوا وينصتوا. (¬17) ح - الإمام؛ صح هـ. (¬18) ك م: أيكره. (¬19) ح ي: أن يستمع وينصت. (¬20) ح ي: أيقطع. (¬21) ح: الصلاة. (¬22) ح ي - لا. (¬23) ح ي - ذكر. (¬24) ك م - إلي.

تامة. قلت: أرأيت رجلاً صلى فمرت خادمته (¬1) بين يديه وهو يصلي أو قريباً منه فقال: سبحان الله، وأومأ (¬2) بيده ليصرفها (¬3) عن نفسه، هل يقطع ذلك صلاته؟ قال: لا، وأَحَبُّ إليّ أن لا يفعل. قلت: أرأيت رجلاً صلى فاستأذن عليه رجل فسبّح وأراد (¬4) بذلك إعلامه أنه في الصلاة هل يقطع ذلك صلاته؟ قال: لا (¬5). قلت: أرأيت رجلاً صلى فأُخبِر بخبرٍ يَسُوؤُه (¬6) فاسترجع (¬7) فأراد (¬8) به (¬9) جوابه؟ قال: هذا كلام، وهو يقطع الصلاة. قلت: فإن أراد بذلك تلاوة القرآن؟ قال: صلاته تامة. قلت: فإن أُخبِر بخبرٍ يَسُوؤُه (¬10) أو يُفرِحُه فقال: سبحان الله، أو قال: الحمد لله (¬11)، أو قال: اللَّهم لك الحمد، أو قال: اللَّهم لك الشكر، وأراد بذلك جوابه؟ قال: هذا كلام يقطع (¬12) الصلاة. قلت: فإن لم يرد بذلك جوابه ولكنه حمد الله وكبر وسبح (¬13)؟ قال: هذا لا يكون كلاماً، وصلاته تامة. قلت: وكيف يكون التسبيح والتحميد والتكبير والشكر (¬14) كلاماً؟ قال: أو ليس قد (¬15) يكون الشعر تسبيحاً وتمجيداً (¬16)، فلو أن شاعراً أنشد شعراً في صلاته أما كان يكون كلاماً ويقطع صلاته؟ قلت (¬17): بلى. قال: فهذا وذاك سواء. وهذا (¬18) قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: أما أنا فلا ¬

_ (¬1) ح ي: فمر خادمه. (¬2) ك: أومأ. (¬3) ح: ليصبر ويمهل؛ ي: ليصرف فيمهل. والملاحظ أن الخط قد غيَّر في الكتاب، فلعلها كانت كما في المتن، ثم غيَّرها الناسخ أو غيره. (¬4) ح ي: أراد. (¬5) ك + قلت أرأيت رجلاً صلى فاستأذن عليه رجل فسبح وأراد بذلك إعلامه أنه في الصلاة هل يقطع ذلك صلاته قال لا. (¬6) ي: سو. (¬7) ح ي + لذلك. (¬8) ح ي: وأراد. (¬9) ح ي - به. (¬10) ح ي: يسره. (¬11) ح ي: فقال الحمد لله أو قال سبحان الله. (¬12) ح ي + به. (¬13) ح ي: وسبح وكبر. (¬14) م: والتذكير. (¬15) ك م - قد. (¬16) ح ي: وتحميداً. (¬17) ك م: قال. (¬18) ح ي: وهو.

أرى (¬1) التسبيح والتحميد والتهليل (¬2) كلاماً، ولا يقطع الصلاة وإن أراد بذلك الجواب. قلت: أرأيت الإمام يؤم القوم في (¬3) رمضان أو في (¬4) غير رمضان وهو يقرأ في المصحف؟ قال: أكره (¬5) ذلك. قلت: وكذلك لو كان يصلي (¬6) وحده؟ قال: نعم. قلت: فهل تفسد (¬7) صلاته؟ قال: نعم. وهذا (¬8) قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: أما نحن فنرى (¬9) أن صلاته تامة، ولكنا نكره (¬10) له ذلك؛ لأنه يشبه (¬11) فعل أهل الكتاب. قلت: أرأيت الرجل يصلي ومعه جلد ميتة (¬12) مدبوغ (¬13)؟ قال: لا بأس بذلك، دباغه (¬14) طهوره. قلت: فإن كان الجلد غير مدبوغ؟ قال: صلاته فاسدة، وعليه أن يستقبل الصلاة. قلت: وكذلك لو صلى ومعه من (¬15) لحومها شيء كثير؟ قال: نعم. قلت (¬16): أرأيت (¬17) إن صلى (¬18) ومعه عظم من عظامها أو (¬19) صوف (¬20)؟ قال: صلاته تامة. قلت: لم؟ قال: لأن العظم (¬21) ليس من اللحم (¬22)، والصوف كذلك (¬23)، وليس عليه (¬24) دباغ، ولا بأس بالانتفاع (¬25) به. ¬

_ (¬1) ح ي: فأرى. (¬2) ح ي + والتكبير. (¬3) ح ي + شهر. (¬4) ح ي - في. (¬5) ح ي + له. (¬6) م: صلى. (¬7) ح ي: يفسد؛ ح ي + ذلك عليه. (¬8) ح ي: وهو. (¬9) ك م: نرى. (¬10) ح: ولكن أكره؛ ي: ولكن يكره. (¬11) ح: يشبهه. (¬12) ح - ميتة؛ صح هـ. (¬13) ح ي: مدبوغاً. (¬14) ي: دباغته. (¬15) ح - من. (¬16) ي - قلت. (¬17) ح ي: وكذلك. (¬18) م + ومعه من لحومها شيء كثير قال نعم قلت أرأيت إن صلى؛ ح ي: لو صلى. (¬19) ح: ومعه؛ ي + معه. (¬20) ح ي: صوفها. (¬21) ح ي + والصوف. (¬22) ح ي: بلحم. (¬23) ح ي - والصوف كذلك. (¬24) ح ي: له. (¬25) ح: الانتفاع.

قلت: أرأيت الرجل يصلي وقدّامه العَذِرَة أو البول (¬1) أو (¬2) ناحيةً منه هل يُفسد (¬3) ذلك (¬4) صلاته؟ قال: لا. قلت: فإن كان حيث يسجد (¬5) أو حيث يقوم؟ قال: صلاته فاسدة، وعليه أن يستقبل الصلاة. قلت: فإن كان ناحيةً مِن مقامه وعن موضع سجوده (¬6)؟ قال: لا يضره ذلك، ولكن أَحَبُّ إليّ أن يتنحّى عن ذلك المكان. قلت: وكذلك الخمر (¬7) والميتة والدم والقيء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً صلى في مكان من الأرض قد كان فيه بول أو (¬8) عَذِرَة (¬9) أو دم أو قيء أو خمر (¬10) وقد جَفَّ ذلك (¬11) وذهب أثره؟ قال: صلاته تامة. قلت: فإن كان لم يذهب أثره؟ قال: صلاته فاسدة، وعليه أن يستقبل الصلاة. قلت: أرأيت رجلاً صلى على بساط (¬12) قد (¬13) أصابه بول أو عَذِرَة أو دم (¬14) أو خمر أو قيء قد جَفَّ وذهب أثره؟ قال: صلاته فاسدة، وعليه أن يعيد الصلاة، ولا يشبه البساط الأرض في هذا. قلت: أرأيت الرجل يصلي على الطِّنْفِسَة (¬15) أو على الحصير أو على البُورِي (¬16) أو على المِسْح (¬17) أو على المصلي يسجد على (¬18) ثوبه أو لِبْدِه ¬

_ (¬1) ح ي: عذرة أو بول. (¬2) ح ي - أو. (¬3) ح ي + عليه. (¬4) ح - ذلك. (¬5) ك: سجد. (¬6) ح - سجوده. (¬7) ك م: اللحم. وانظر السؤال التالي. (¬8) ح ي - بول أو. (¬9) ح ي + أو خمر. (¬10) ح ي - أو خمر. (¬11) ح ي - ذلك. (¬12) ح + كان. (¬13) ي + كان. (¬14) ح ي: أو دم أو عذرة. (¬15) الطِّنْفِسَة والطِّنْفُسَة: النُّمْرُقَة فوق الرَّحْل، وجمعها طَنَافِس. وقيل: هي البساط الذي له خَمْل رقيق. انظر: لسان العرب، "طنفس". (¬16) م: على البواري؛ ح: على البوريا. البُورِيّ هو الحصير المنسوج. انظر: القاموس المحيط، "بور". (¬17) المِسْح هو الكساء من الشعر. انظر: لسان العرب، "مسح". (¬18) ح ي: ويسجد عليه؛ ح ي + أو يضع.

فيسجد عليه يتّقي بذلك حر الأرض وبردها (¬1)؟ قال: صلاته تامة. قلت: أرأيت الرجل (¬2) يصلي في جلود (¬3) السباع وقد (¬4) دُبغت؟ قال: نعم، لا بأس بذلك (¬5). قلت: وكذلك الميتة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت (¬6) الرجل (¬7) يصلي على الثلج؟ قال: إن كان متمكّناً (¬8) يستطيع أن يسجد عليه فلا بأس بذلك. قلت: أرأيت المسجد (¬9) هل تَكره أن تكون (¬10) قبلته إلى الحمّام أو إلى مَخْرَج أو إلى قبر؟ قال: نعم، أكره (¬11) ذلك. قلت: فإن (¬12) صلى فيه (¬13) أحد (¬14) يجزيه صلاته (¬15)؟ قال: نعم (¬16). قلت: أرأيت القوم المسافرين (¬17) تَكره (¬18) لهم أن يصلوا على الطريق؟ قال: نعم، أكره لهم ذلك (¬19)، وينبغي لهم أن يتنحّوا عن الطريق إذا صلوا. قلت: فإن لم يتنحّوا وصلوا على ظهر الطريق (¬20)؟ قال: صلاتهم تامة. قلت: أرأيت رجلاً صلى مع الناس (¬21) فزَحَمَه الناس فلم يجد موضعاً ¬

_ (¬1) وعبارة الحاكم: وتجوز الصلاة على الطنفسة والحصير والمسح، وكذلك إن وضع ثوبه فسجد عليه يتقي بذلك حر الأرض وبردها. انظر: الكافي، 1/ 10 ظ. (¬2) ح - الرجل؛ ي: رجلاً. (¬3) م: في سحود. (¬4) ح ي: قد. (¬5) ح ي: به. (¬6) ح - أرأيت؛ صح هـ. (¬7) ي + هل. (¬8) ح ي: ممكناً. (¬9) ح - المسجد؛ صح هـ. (¬10) م: هل يكره أن يكون. (¬11) ك م + له. (¬12) ي: إن. (¬13) ح ي: إليه. (¬14) ح ي + قال. (¬15) ك م - صلاته. (¬16) ح ي - قال نعم. (¬17) ي: المسافرون. (¬18) م: يكره؛ ح ي: هل تكره. (¬19) ح ي: أكره ذلك لهم. (¬20) ح ي: فإن صلوا على الطريق ولم يتنحوا عنه. (¬21) ح ي: مع الإمام.

لسجوده (¬1) فسجد على ظهر رجل (¬2)؟ قال: صلاته تامة. قلت: أرأيت الرجل إذا صلى هل تكره (¬3) له أن يخفف ركوعه وسجوده ولا يقيم ظهره؟ قال: نعم، أكره له (¬4) ذلك أشد الكراهية (¬5). قلت: أرأيت رجلاً فى خل في صلاة الإمام ولم يَدْرِ الظُّهْرُ (¬6) هي أم الجمعة، فصلى معه ركعتين، فإذا هي الجمعة أو إذا (¬7) هي الظهر؟ قال: يجزيه ذلك (¬8)، أيهما كانت فقد (¬9) نواها؛ لأنه قد (¬10) نوى صلاة الإمام. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: فإن (¬11) دخل معه (¬12) في الصلاة ولم ينو صلاة الإمام ولكنه نوى الجمعة وصلى معه، فإذا هي الظهر؟ قال: صلاته فاسدة. قلت: أرأيت (¬13) إن دخل معه ونوى الظهر ولم ينو صلاة الإمام (¬14) فصلى معه، فإذا هي الجمعة؟ قال: صلاته فاسدة؛ لأنه لم ينو ما نوى إمامه. وإنما (¬15) أوجب (¬16) هذا على نفسه غير ما أوجب (¬17) إمامُه على نفسه (¬18). ¬

_ (¬1) ح ي: للسجود. (¬2) ك م: الرجل. (¬3) م: هل يكره. (¬4) ك ح ي - له. (¬5) ح ي: الكراهة. (¬6) ي: أظهر. (¬7) ح: وإذا. (¬8) ك م - ذلك. (¬9) ي: قد. (¬10) ح ي - قد. (¬11) ح ي + كان. (¬12) ح ي - معه. (¬13) م - أرأيت. (¬14) ح ي - ولكنه نوى الجمعة وصلى معه فإذا هي الظهر قال صلاته فاسدة قلت أرأيت إن دخل معه ونوى الظهر ولم ينو صلاة الإمام. (¬15) ك م: إنما. (¬16) ح: وجب. (¬17) ح: ما أوجبه. (¬18) قال الحاكم: وإذا دخل معه في الصلاة ولم ينو صلاة الإمام فصلى معه فإذا هي الجمعة فصلاته فاسدة، وفي غير رواية أبي سليمان أنه إذا نوى الظهر فإذا هي الجمعة أو نوى الجمعة فإذا هي الظهر [فصلاته فاسدة]، وهذا هو الصحيح. انظر: الكافي، 1/ 10 ظ. فظهر بهذا أن المسألة المذكورة في المتن ليست من رواية أبي سليمان، وهذا يدل على أن النسخ التي بأيدينا قد اختلطت فيها الروايات. وقال السرخسي: وفي غير رواية أبي سليمان قال إذا نوى صلاة الإمام والجمعة فإذا هي الظهر جازت صلاته، =

قلت: أرأيت رجلاً صلى فوضع أنفه على الأرض في سجوده ولم يضع جبهته أو وضع جبهته ولم يضع أنفه؟ قال: تجزيه صلاته، وقد أساء حين لم يضعهما جميعاً. وهذا (¬1) قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف (¬2) ومحمد (¬3): إذا سجد الرجل على أنفه ولم يسجد على جبهته وهو يقدر على ذلك أعاد الصلاة. وإن سجد على جبهته ولم يسجد على أنفه وهو يقدر على ذلك أجزأه. فإن سجد على أنفه ولم يسجد على جبهته (¬4) مِن علةٍ به (¬5) أجزأه ذلك (¬6). قلت: أرأيت الرجل يصلي المكتوبة وهو إمام أو وحده أتَكره (¬7) له أن يعتمد على شيء؟ قال: نعم، أكره له (¬8) ذلك إلا من عذر. قلت: فإن فعل؟ قال: صلاته تامة. قلت: أرأيت رجلاً دخل في الصلاة فقرأ وركع ثم ذكر وهو راكع أنه لم يكبر تكبيرة الافتتاح للصلاة، فكبرها وهو راكع (¬9)؟ قال: لا يجزيه، ¬

_ = وهذا صحيح، فقد تحقق البناء بنية صلاة الإمام، ولا يعتبر بما زاد بعد ذلك، وهو كمن نوى الاقتداء بهذا الإمام وعنده أنه زيد فإذا هو عمرو، وكان الاقتداء صحيحاً، بخلاف ما إذا نوى الاقتداء بزيد فإذا هو عمرو. انظر: المبسوط، 1/ 208. وهذا غير المسألة المذكورة عند الحاكم. (¬1) ح ي: في. (¬2) ك م: وقول أبي يوسف. (¬3) ح ي - ومحمد. (¬4) ك م - وهو يقدر على ذلك أعاد الصلاة وإن سجد على جبهته ولم يسجد على أنفه وهو يقدر على ذلك أجزأه فإن سجد على أنفه ولم يسجد على جبهته. (¬5) ح ي - به. (¬6) ك + ومن غير علة وهو يقدر على ذلك أعاد الصلاة إن سجد على جبهته ولم يسجد على أنفه؛ م + ومن غير علة وهو يقدر على ذلك أعاد الصلاة وإن سجد على أنفه. وانظر: 1/ 3 و. (¬7) م: أيكره. (¬8) ح ي - له. (¬9) ح ي - للصلاة فكبرها وهو راكع.

وعليه أن يرفع رأسه من الركوع ويكبر، ثم يقرأ ثم يركع فيكبر (¬1). قلت: أرأيت إن لم يكبر تكبيرة الافتتاح ولكن (¬2) لمّا ذَكَرَ كبر (¬3) لركوعه ولسجوده (¬4)؟ قال: لا يجزيه شيء من ذلك، وعليه أن يستقبل الصلاة فريضة كانت أو تطوعاً. قلت: أرأيت رجلاً افتتح الصلاة تطوعاً وهو قائم ثم بَدَا له أن يقعد ويصلي (¬5) قاعداً من غير عذر هل يجزيه؟ قال: نعم في (¬6) قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يجزيه. قلت (¬7): فإن (¬8) افتتح الصلاة وهو قاعد ثم بَدَا له أن يقوم فيصلي (¬9) قائماً أو يصلي بعضها قائماً وبعضها قاعداً؟ قال: يجزيه. قلت: فإن افتتح وهو قاعد فقرأ حتى إذا أراد أن يركع قام فركع، ففعل ذلك في صلاته كلها؟ قال: لا بأس بذلك (¬10). بلغنا (¬11) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يفعل ذلك (¬12). قلت: أرأيت الرجل إذا افتتح الصلاة وهو قائم لِمَ رَخّصتَ له أن يقعد؟ ولم لا يكون هذا بمنزلة رجل قال: لله علي ركعتان قائماً (¬13)؟ قال: هما في القياس سواء، غير أني أستحسن في هذا. وهذا (¬14) قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يجزيه. قلت: أرأيت إن افتتح (¬15) الصلاة تطوعاً وهو على غير وضوء أو كان متوضئاً وعليه ثوب فيه دم أو بول أو عَذِرَة (¬16) أكثر من قدر الدرهم ولم ¬

_ (¬1) ك م - فيكبر. (¬2) ح ي: ولكنه. (¬3) ح ي - كبر. (¬4) ح ي: سجد. (¬5) ح ي: وأن يصلي. (¬6) ح ي: وهو. (¬7) ح ي + أرأيت الرجل. (¬8) م ح ي - فإن. (¬9) م: فصلى؛ ح ي: فيصليها. (¬10) ح ي + قال. (¬11) ح ي: وبلغنا. (¬12) صحيح البخاري، تقصير الصلاة، 20؛ وصحيح مسلم، صلاة المسافرين، 111 - 114؛ وشرح معاني الآثار للطحاوي، 1/ 338. (¬13) م: فانما. (¬14) ك: وهو. (¬15) ح ي: أرأيت رجلاً افتتح. (¬16) ح ي: فيه من الدم أو البول أو العذرة.

يعلم بذلك هل ترى هذا دخولاً في الصلاة؟ قال: لا (¬1)، ليس هذا فى خولاً (¬2) في الصلاة، وليس عليه قضاء. قلت: لم؟ قال: لأن هذا لو تَمَّ على صلاته لم يجزه ذلك. قلت: أرأيت رجلاً افتتح الصلاة تطوعاً نصف النهار أو حين احمرّت (¬3) الشمس أو بعد الفجر أو (¬4) قبل طلوع الشمس فصلى ركعتين؟ قال: قد أساء، ولا شيء عليه. قلت: أرأيت لو قطعها (¬5) وأفسدها (¬6)؟ قال: عليه أن يقضيها بعد ذلك في ساعةٍ تحلّ فيها (¬7) الصلاة. قلت: لم جعلت عليه القضاء وقد افتتحها في ساعة (¬8) لا تحل فيها الصلاة؟ قال: لأنه دخل في صلاة (¬9) فافتتحها (¬10) وأوجبها على نفسه. قلت: أرأيت المرأة (¬11) تصلي ومعها صبيها تحمله؟ قال: قد أساءت في حمل الصبي، وينبغي لها أن تضع صبيها ثم تصلي. قلت: فإن لم تضع (¬12) صبيها (¬13) وصلت؟ قال: صلاتها تامة. قلت: أرأيت رجلاً صلى وفي فِيهِ درهم أو دينار أو لؤلؤة هل يقطع ذلك صلاته؟ قال: لا. قلت: وكذلك لو كان في (¬14) فِيهِ (¬15) عشرة دنانير؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان في يده (¬16) متاع أو ثياب أو دراهم أو جوهر (¬17) أو دنانير؟ قال: نعم، صلاته في هذا كله تامة، إلا أني أكره له ذلك. قلت: أرأيت إن ¬

_ (¬1) ك م - لا. (¬2) ح ي: بدخول. (¬3) ح ي: حين تحمر. (¬4) ح ي - أو. (¬5) ح ي: إن قطعها. (¬6) م: أو أفسدها. (¬7) ح ي: فيه. (¬8) م - تحل فيها الصلاة قلت لم جعلت عليه القضاء وقد افتتحها في ساعة. (¬9) ح ي - قلت لم جعلت عليه القضاء وقد افتتحها في ساعة لا تحل فيها الصلاة قال لأنه دخل في صلاة. (¬10) ح ي: وافتتحها. (¬11) ح: امرأة. (¬12) ح: لم تصنع. (¬13) ح ي - صبيها. (¬14) م ح ي - في. (¬15) ح ي + عشرة دراهم أو. (¬16) ح ي: في يديه؛ ح ي + شيء يمسكه من. (¬17) ح ي: أو جواهر.

كان في يده دراهم أو دنانير أو متاع (¬1) ولم (¬2) يضع يديه على ركبتيه في الركوع ولم (¬3) يضعهما (¬4) على الأرض في السجود؟ قال: أكره له ذلك، وصلاته تامة. قلت: أرأيت رجلاً صلى فأَقْعَى (¬5) أو تربّع في صلاته (¬6) من غير عذر؟ قال: قد أساء، وصلاته تامة. قلت: أرأيت الرجل إذا صلى تطوعاً (¬7) قاعداً أيتربّع (¬8) ويقعد كيف يشاء (¬9)، وإن شاء يصلي (¬10) محتبياً (¬11)؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً صلى فوق المسجد بصلاة الإمام هل يجزيه ذلك؟ قال: إن كان خلف الإمام (¬12) فصلاته تامة، وإن (¬13) كان أمام الإمام فصلاته فاسدة، وعليه أن يعيد الصلاة. قلت: أرأيت إن كان السطح إلى جنب المسجد وليس بينه وبين المسجد طريق فيصلي (¬14) في ذلك السطح بصلاة الإمام؟ قال: صلاته تامة (¬15). قلت: أرأيت رجلاً صلى في بيمت (¬16) وفي القبلة تماثيل مصوَّرة وقد قطع رؤوسها؟ قال: لا يضره ذلك شيئاً؛ لأن هذا ليس (¬17) بتماثيل. قلت: أرأيت السِّتْرَ الذي يكون فيه التماثيل أتَكره (¬18) أن يكون في قبلة المسجد؟ ¬

_ (¬1) ح ي - قال نعم صلاته في هذا كله تامة إلا أني أكره له ذلك قلت أرأيت إن كان في يده دراهم أو دنانير أو متاع. (¬2) ح ي: فلم. (¬3) ح ي: أو لم. (¬4) ح: يضعها. (¬5) تقدم تفسير الإقعاء. (¬6) ح: فأقعى في صلاته أو يتربع؛ ي: فأقعى في صلاته أن يتربع. (¬7) ح - تطوعاً. (¬8) ك ح: يتربع؛ م: أيربع. (¬9) ح ي: شاء. (¬10) ح ي: صلى. (¬11) الاحتباء هو أن يجمع ظهره وساقيه بثوب أو غيره. انظر: المغرب، "حبو". (¬12) ح ي: إن لم يكن أمام الإمام. (¬13) ح ي: فإن. (¬14) ح ي: فصلى. (¬15) لكنه يكره. انظر: 1/ 3 ظ. (¬16) ح ي: في البيت. (¬17) ح ي: ليست. (¬18) م: أيكره له؛ ح ي: هل يكره.

قال: نعم. قلت: فإن كان على باب البيت في مُؤَخَّرِ القبلة؟ قال (¬1): ليس بمنزلة (¬2) أن يكون في القبلة. قلت: أرأيت رجلاً صلى وعليه ثوب فيه تماثيل (¬3)؟ قال: أكره له ذلك. قلت: فإن صلى فيه؟ قال: صلاته تامة. قلت: وكذلك لو صلى في بيت وفي قبلة المسجد (¬4) تماثيل؟ قال: نعم، صلاته تامة. قلت: أرأيت (¬5) رجلاً صلى على بساط فيه تماثيل؟ قال: أكره له ذلك. قلت: فإن فعل؟ قال: صلاته تامة (¬6). والبساط أهون إذا كان فيه تماثيل (¬7) من أن يكون في القبلة؛ لأنه قد رُخِّصَ في البساط. قلت: أرأيت رجلاً يقرأ دخل في صلاة (¬8) أمي تطوعاً ثم أفسدها؟ قال: ليس عليه قضاؤها. قلت: وكذلك لو دخل في صلاة امرأة؟ قال: نعم (¬9). قلت: وكذلك لو دخل في صلاة جنب أو [مَن هو] على (¬10) غير وضوء؟ قال: نعم، لسِى عليه قضاء (¬11) في شيء مما ذكرت. قلت: لم؟ قال: لأنه لم يدخل في صلاة تامة. قلت: أرأيت رجلاً دخل مع الإمام في الصلاة (¬12) وإلى جنبه جارية لم تحض وهي (¬13) تصلي (¬14) بصلاة الإمام، هل يُفسِد ذلك عليه صلاته؟ قال: إذا كانت الجارية تَعقِل الصلاة فإني أستحسن أن أفسد (¬15) صلاته، وآمُرُه أن يعيد. ألا ترى لو أن الجارية (¬16) صلت بغير وضوء أو صلت عريانة أمرتها (¬17) أن تعيد الصلاة (¬18). قلت: وكذلك الصبي الذي قد (¬19) ¬

_ (¬1) ح ي: هذا. (¬2) ح ي: من. (¬3) ح ي: التماثيل. (¬4) أي: المكان الذي اتخذ مسجداً داخل البيت. (¬5) ح - أرأيت. (¬6) ك م + قلت. (¬7) ح ي: التماثيل. (¬8) ح ي + رجل. (¬9) ح - قلت وكذلك لو دخل في صلاة امرأة قال نعم؛ صح هـ. (¬10) ك م - على. (¬11) ي: القضاء. (¬12) ح: في صلاة. (¬13) ح - وهي. (¬14) ح: يصلي. (¬15) ي: أن أفسدت. (¬16) ح ي: ألا ترى أن الجارية لو. (¬17) ح ي: آمرها. (¬18) ح ي: صلاتها. (¬19) ح ي - قد.

كاد (¬1) أن يبلغ ولم (¬2) يبلغ إذا صلى بغير وضوء أو صلى (¬3) عرياناً أمرته أن يعيد الصلاة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت جارية قد (¬4) راهقت ولم تبلغ الحيض فصلت بغير قناع؟ قال: أستحسن في هذا وأرى أن يجزيها (¬5)، ولا يشبه هذا (¬6) إذا كانت عريانة أو على غير وضوء. قلت: أرأيت أمة صلت بغير قناع؟ قال: صلاتها تامة. قلت: وكذلك المكاتَبة والمدبَّرة وأم الولد (¬7)؟ قال: نعم. قلت: أرأيت أمة (¬8) مكاتَبة أو أم ولد (¬9) صلت بغير قناع ركعة (¬10) ثم أُعتقت؟ قال: عليها أن تأخذ قناعها، وتبني على ما مضى من صلاتها. قلت: لم؟ قال: لأنها قد صلت والصلاة لها حلال جائزة تامة، ثم أعتقت فصلت وهي حرة بقناع. فتَمَّتْ (¬11) صلاتُها أمةً وحرةً في الوجهين جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً توضأ فبقي عضو من أعضائه لم يصبه الماء (¬12)، ثم فى خل الصلاة فصلى ركعة (¬13) ثم أحدث فخرجت (¬14) منه (¬15) ريح أو رُعاف أو قيء، فتوضأ، أيبني على وضوئه أم يستأنف (¬16)؟ قال: بل (¬17) يستأنف الوضوء والصلاة (¬18)، ولو تَمَّ على صلاته (¬19) كان (¬20) عليه أن ¬

_ (¬1) ك م: قد يكاد. (¬2) ح: وأما إذا لم؛ ي: وأما لم. (¬3) ك: وصلى؛ م - أو صلى. (¬4) ح ي - قد. (¬5) ك: أن تجزيها. (¬6) ك م - هذا. (¬7) ح ي: وأم الولد والمدبرة. (¬8) ح ي + أو. (¬9) ك: وأم ولد. (¬10) ح (¬11) ك م: تمت. (¬12) ح (¬13) م: ركعتين. (¬14) ح (¬15) م: معه. (¬16) ح (¬17) ح: بلى. (¬18) ك م ح ي ط + قلت لم. ولعل الصواب هو أن يكون قوله: "قلت لم" بعد قوله: "ولو تم على صلاته كان عليه أن يعيد"، كما أثبتناه. (¬19) ح: على صلاة. (¬20) ح: بأن.

باب صلاة المريض في الفريضة

يعيد (¬1). قلت: لم (¬2)؟ قال: لأنه لو كان قد توضأ (¬3) فأتم الصلاة (¬4) ثم أحدث كان عليه أن يستأنف وضوءه، فإذا كان لم يتم وضوءه فذلك أحرى (¬5) أن يستأنف الوضوء (¬6) والصلاة (¬7). ... باب صلاة المريض في الفريضة (¬8) قلت: أرأيت المريض الذي لا يستطيع أن يقوم ولا يقدر على السجود كيف يصنع؟ قال: يومئ على فراشه إيماء، ويجعل السجود أخفض من الركوع. قلت: فإن صلى (¬9) وكان (¬10) يستطيع أن يقوم ولا يستطيع أن يسجد؟ قال: يصلي قاعداً يومئ إيماء. قلت: فإن صلى قائماً يومئ إيماء؟ قال: يجزيه. قلت: فإن كان لا يستطيع أن يصلي إلا مضطجعاً كيف يصنع؟ قال: يستقبل القبلة ثم يصلي مضطجعاً، يومئ إيماء (¬11)، ويجعل السجود أخفض من الركوع. قلت: أرأيت رجلاً مريضاً صلى بإيماء (¬12) فائتمّ به مريض آخر معه يومئ إيماء؟ قال: يجزيهما جميعاً. قلت: وكذلك لو كانوا جماعة؟ قال: نعم (¬13). قلت: أرأيت رجلاً مريضاً صلى (¬14) قاعداً يسجد ويركع (¬15) ¬

_ (¬1) أي: لو بنى على صلاته بعد الوضوء فإنه يعيد الصلاة. (¬2) ح ي - قلت لم. (¬3) ح: متوضئًا. (¬4) م - فأتم الصلاة. (¬5) م: أجزي. (¬6) ك م - الوضوء. (¬7) ك م: الصلاة؛ ح ي - والصلاة. (¬8) ح ي - في الفريضة. (¬9) ح ي - صلى. (¬10) ح ي: كان. (¬11) ي + ويجعل إيماً. (¬12) ك: نايماً؛ ط: نائماً. (¬13) ح ي - قلت أرأيت رجلاً مريضاً صلى بإيماء فائتم به مريض آخر معه يومئ إيماءً قال يجزيهما جميعاً قلت وكذلك لو كانوا جماعة قال نعم. (¬14) ح ي - صلى. (¬15) ح: يركع ويسجد.

فائتم به قوم فصلوا خلفه (¬1)؟ قال: يجزيهم، وهذا قول أبي حنيفة (¬2). قلت: أرأيت (¬3) إن كان الإمام صحيحاً وهو يصلي قائماً وخلفه مريض يصلي قاعداً؟ قال: يجزيه (¬4). قلت: فإن (¬5) كان (¬6) المريض (¬7) الذي (¬8) خلف الإمام يومئ إيماء؟ قال: يجزيه (¬9)، وصلاته (¬10) تامة. قلت: أرأيت إن كان الإمام المريض لا يستطيع السجود فأومأ إيماء وهو جالس فائتم به قوم يصلون قياماً؟ قال: يجزيه (¬11)، ولا يجزيهم. قلت: أرأيت رجلاً يَنْزِع (¬12) الماءُ من عينيه وأُمِرَ أن يَستلقي (¬13) على ظهره ونُهِيَ عن القعود والسجود هل يجزيه أن يصلي مستلقيًا يومئ إيماء؟ قال: نعم، يجزيه (¬14). قلت (¬15): أرأيت مريضاً صلى لغير القبلة أومأ إيماءً متعمداً لذلك؟ قال: لا يجزيه، وعليه أن يعيد. قلت: وكذلك الصحيح؟ ¬

_ (¬1) ح ي + قياماً. (¬2) ح ي - وهذا قول أبي حنيفة. وقال الحاكم: وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال محمد: لا يجزيهم. انظر: الكافي، 1/ 11 و. وانظر: المبسوط، 1/ 213 - 214؛ وبدائع الصنائع للكاساني، 1/ 142. (¬3) م + أرأيت. (¬4) ح ي + قلت أرأيت رجلاً مريضاً صلى فأومأ فائتم به مريض آخر يومئ معه إيماءً قال يجزيهما جميعاً قلت وكذلك لو كانوا جماعة قال نعم. (¬5) ح ي: وإن. (¬6) ح ي + رجل. (¬7) ح ي: مريض. (¬8) ح ي: صلى. (¬9) ح ي - يجزيه. (¬10) ح ي: صلاته. (¬11) ك: لا يجزيه. (¬12) ح ي: نزع. نزع الماءَ من البئر، أي: استخرجها قليلاً قليلاً. انظر: لسان العرب، "نزع". ولعله مأخوذ من هذا، أي: يسيل الماء من عينه. وقد استعمل الفعل لازماً في المتن، وهو في لسان العرب متعدي. وقد ورد نفس اللفظ في الكافي، 1/ 11 و؛ والمبسوط، 1/ 215؛ وبدائع الصنائع، 1/ 106؛ وفتح القدير، 2/ 8. (¬13) ي + نائماً. (¬14) ك م - يجزيه. ويكون المصلي مستلقياً على ظهره ومتوجهاً بوجهه نحو القبلة. انظر: المبسوط، 1/ 213. (¬15) ك: قال.

قال: نعم. قلت: فإن كان ذلك منه (¬1) خطأ لم يتعمد له (¬2)؟ قال: يجزيه (¬3). قلت: أرأيت رجلاً مريضاً (¬4) صلى صلاة قبل وقتها متعمداً لذلك مخافة أن يشغله المرض عنها، أو ظن (¬5) أنه في الوقت ثم علم بعد ذلك أنه صلى قبل الوقت؟ قال: لا يجزيه في الوجهين جميعاً، وعليه أن يعيد الصلاة. قلت: أرأيت قوماً (¬6) مرضى يكونون في بيت فيؤمهم بعضهم يأتمون به وهم يصلون قعوداً؟ قال: صلاتهم تامة. قلت: أرأيت إن كان الإمام مريضاً وخلفه قوم أصِحّاء يأتمون به والإمام قاعد يومئ إيماء، أو مضطجعٌ (¬7) على فراشه يومئ إيماءً، والقوم يصلون قياماً؟ قال: يجزيه، ولا يجزي (¬8) القوم في الوجهين جميعاً. قلت: أرأيت قوماً (¬9) مرضى يكونون في بيت فيؤمهم بعضهم بالليل وهم يصلون لغير القبلة والإمام يصلي للقبلة، أو صلى (¬10) الإمام لغير القبلة وصلى من خلفه للقبلة أو غير (¬11) القبلة، وهم غير متعمدين لذلك وهم يرون أنهم قد أصابوا القبلة؟ قال: صلاتهم تامة. قلت: أرأيت قوماً مسافرين صلوا في السفر فأمهم رجل منهم وتعمدوا (¬12) القبلة فأخطأوا وصلوا (¬13) ركعة ثم علموا بالقبلة؟ قال: يصرفون وجوههم فيما بقي من صلاتهم للقبلة (¬14)، وصلاتهم تامة. قلت: لم جعلت صلاتهم (¬15) تامة (¬16) وقد صلوا لغير القبلة ثم علموا بذلك قبل أن يفرغوا من صلاتهم؟ قال: لأنهم لو تَمُّوا عليها أجزأهم. قلت: أرأيت رجلاً مريضاً صلى وهو يومئ إيماء قاعداً أو مضطجعاً ¬

_ (¬1) ح ي - منه. (¬2) ح ي: به. (¬3) ح ي + صلاته. (¬4) ي - مريضاً؛ صح هـ. (¬5) ح ي: فظن. (¬6) ي: قوم. (¬7) ك م: أو مضطجعاً؛ ح ي: وهو مضطجع. (¬8) ي: يجز. (¬9) ي: قوم. (¬10) ح ي: أو يصلي. (¬11) ح ي: أو لغير. (¬12) ك م: وتعمد. (¬13) ح ي: فصلوا. (¬14) ح ي - للقبلة. (¬15) ي - تامة قلت لم جعلت صلاتهم. (¬16) ح - تامة.

فسها في صلاته؟ قال: عليه أن يسجد سجدتي السهو يومئ (¬1) إيماء. قلت: أرأيت رجلاً مريضاً لا يستطيع أن يتكلم أيجزيه أن يومئ إيماء بغير قراءة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً مريضاً أُغْمِيَ (¬2) عليه يوماً وليلة ثم أفاق؟ قال: عليه أن يقضي ما فاته من الصلاة (¬3). قلت: فإن أُغْمِيَ عليه أياماً (¬4)؟ قال: لا يقضي شيئاً مما ترك. قلت: من أين اختلفا؟ قال: للأثر (¬5) الذي جاء عن ابن عمر (¬6). قلت: أرأيت رجلاً مريضاً افتتح الصلاة فصلى ركعة يومئ إيماء، ثم أحدث فتوضأ، أيبني على ما مضى من صلاته؟ قال: نعم (¬7)، المريض والصحيح في هذا سواء (¬8). قلت: أرأيت رجلاً مريضاً (¬9) به جرح في جسده أو في رأسه أو به وجع لا يستطيع القيام (¬10) ولا الركوع ولا السجود أيومئ إيماءً قاعداً ويجعل ¬

_ (¬1) ي - يومئ. (¬2) ح ي: فأغمي. (¬3) ح ي: من صلاته. (¬4) ي: أيام. (¬5) ح: ألا ترى. (¬6) ح ي: من عبد الله بن عمر. محمد قال أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن ابن عمر - رضي الله عنهما - في المغمى عليه يوماً وليلة قال يقضي. انظر: الآثار لمحمد، 36. وقال الإمام محمد: أخبرنا أبو معشر المديني قال حدثنا سعيد المقبري ومحمد بن قيس أن عمار بن ياسر أغمي عليه الظهر والعصر والمغرب والعشاء، فأفاق من جوف الليل فصلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء. وقال أخبرنا أبو معشر عن نافع قال أغمي على ابن عمر ثلاثة أيام فلم يقض الصلاة. انظر: الحجة على أهل المدينة، 1/ 159. وقد اختلفت ألفاظ الرواية عن ابن عمر في ذلك. انظر: الموطأ، وقوت الصلاة، 24؛ والحجة على أهل المدينة للإمام محمد، 1/ 158؛ والمصنف لعبدالرزاق، 2/ 479؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 71. (¬7) ح - قال نعم. (¬8) ح هـ + قال نعم. (¬9) ي: رجل مريض. (¬10) م + ولا القعود.

السجود أخفض من الركوع؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً أصابه فزع أو خوف من شيء فلم يستطع القيام لِمَا به (¬1) هل يجزيه أن يصلي قاعداً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً في جبهته جرح ولا (¬2) يستطيع أن يسجد عليه (¬3) هل يجزيه أن يومئ إيماء؟ قال: لا، ولكن (¬4) يسجد على أنفه. قلت: فإن أومأ ايماء؟ قال: لا يجزيه، وعليه أن يعيد الصلاة. قلت: وكذلك لو كان الجرح بأنفه (¬5) وهو يستطيع أن يسجد على جبهته؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المريض الذي لا يستطيع أن يركع ولا يسجد أيسجد (¬6) على عُود أو قَصَبَة أو وِسَادة تُرفَع إليه؟ قال: أكره له ذلك. قلت: فإن رُفِعَ إليه فسجد (¬7) عليه من غير أن يومئ إيماء؟ قال: لا تجزيه (¬8) صلاته. قلت: فإن كان يخفض رأسه (¬9) بالسجود (¬10) ثم يُقَربُ العُودَ منه (¬11) فيُلْزِقُه (¬12) بأنفه (¬13) وجبهته (¬14) حتى فرغ من صلاته؟ قال: صلاته تامة. قلت: لم؟ قال: لأن خفضَ رأسِه إيماء (¬15). قلت: وكذلك لو وُضع للمريض (¬16) وسادة أو مِرْفَقَة (¬17) يسجد (¬18) عليها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المريض هل يسعه أن (¬19) يصلي بغير قراءة (¬20) وهو يستطيع القراءة؟ قال: لا. قلت (¬21): فإن صلى؟ قال: لا (¬22) يجزيه، وعليه ¬

_ (¬1) ح ي: القيام بما أصابه. (¬2) ح ي: وهو لا. (¬3) ح - عليه. (¬4) ح ي: ولكنه. (¬5) ح ي: في أنفه. (¬6) ح: إلا. (¬7) ح ي: فصلى. (¬8) ك م: لا يجزيه. (¬9) ح ي + بالركوع شيئاً ثم يخفض رأسه. (¬10) ح ي: للسجود. (¬11) ح ي: يقرب منه العود. (¬12) ح: وليزقه. (¬13) ح ي: أنفه. (¬14) ح ي + للسجود. (¬15) م: انما. (¬16) ح ي: المريض. (¬17) م: أو مرفغة. المِرْفَقَة هي وسادة الاتكاء. انظر: المغرب، "رفق". (¬18) ح ي: فسجد. (¬19) ك م: يسجد أو. (¬20) ح: القراءة. (¬21) ح - قلت. (¬22) م - لا.

أن يعيد. قلت: فهل يقصر (¬1) المريض الصلاة كما يقصر (¬2) المسافر؟ قال: لا (¬3). قلت: فهل يصلي بغير وضوء وهو يقدر على الوضوء؟ قال: لا. قلت: فإن فعل في هذا كله وصلى؟ قال: لا يجزيه، وعليه أن يعيد (¬4). قلت: أرأيت رجلاً افتتح الصلاة وهو صحيح قائم (¬5) ثم أصابه وجع فلم يستطع أن يصلي إلا قاعداً يومئ (¬6) إيماء أو مضطجعاً يومى إيماء، أيصلي بقية صلاته بالإيماء وقد صلى بعضها قائماً؟ قال: نعم. قلت: فإن صلى قاعداً يسجد ويركع (¬7) وصلى (¬8) ركعتين ثم بَرَأ وصحّ (¬9)؟ قال (¬10): يصلي (¬11) بقية صلاته قائماً (¬12) في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: يستقبل الصلاة. قلت: أرأيت رجلاً مريضاً لا يستطيع الركوع ولا السجود فصلى (¬13) ركعة يومئ إيماء ثم صحّ (¬14) فقام أيصلي بقية صلاته قائماً؟ قال: أما هذا فيستقبل الصلاة كلها قائماً. وهذا لا يشبه الأول؛ لأن هذا كله (¬15) يومئ، والأول كان (¬16) يسجد. قلت: أرأيت الرجل المريض الذي لا يستطيع أن يركع ولا يسجد ولا يستطيع الجلوس فأراد أن يصلي مضطجعاً يومئ إيماء كيف يومئ؟ قال: يتوجه (¬17) نحو القبلة، فيومئ على قَفَاه (¬18)، ويجعل السجود أخفض من الركوع حتى يفرغ من صلاته. ¬

_ (¬1) ح: يقضي؛ ي: يقض. (¬2) ح: يقضي؛ ي: يقض. (¬3) ح ي: نعم. (¬4) ح ي: أن يعيده. (¬5) م + به؛ ح ي - قائم. (¬6) ي: أيومئ. (¬7) ح ي: قاعداً يركع ويسجد. (¬8) ح ي: فصلى. (¬9) م: ثم أوتر أو صح. (¬10) ح ي: فقام. (¬11) ح ي: أيصلي. (¬12) ح ي + قال نعم. (¬13) ح: وصلى. (¬14) ح - ثم صح. (¬15) ح ي: كان. (¬16) ح - كان. (¬17) ي: يوجه. (¬18) أي يكون مستلقياً على ظهره، ويتوجه بوجهه نحو القبلة. انظر: المبسوط، 1/ 213.

باب السهو في الصلاة وما يقطعها

قلت: أرأيت الرجل المريض إذا أراد أن يجمع بين الصلاتين (¬1)؟ قال: فليدع الظهر حتى يأتي آخر وقتها، ويقدّم العصر في أول وقتها، ولا يجمع بينهما في وقت واحد (¬2). ويوتر (¬3) ويقنت على كل حال (¬4). ... باب السهو في الصلاة وما يقطعها (¬5) قلت: أرأيت رجلاً صلى فسها في صلاته فلم (¬6) يدر أثلاثاً صلى أو أربعًا (¬7) وذلك أول ما سها؟ قال: عليه أن يستقبل الصلاة. قلت: فإن لقي (¬8) ذلك غير مرة كيف يصنع؟ قال: يتحرّى (¬9) الصواب (¬10). فإن كان أكثر (¬11) رأيه أنه قد أتم مضى على صلاته. وإن كان أكثر (¬12) رأيه أنه (¬13) صلى ثلاثاً أتم الرابعة ثم يتشهد ويسلم، ويسجد سجدتي السهو ويسلم عن يمينه وعن شماله في آخرها. قلت: أرأيت رجلاً صلى فقام فيما يقعد فيه أو قعد فيما يقام فيه؟ قال: يمضي على صلاته، وعليه سجدتا (¬14) السهو. قلت: وكل من وجب عليه سجدتا السهو فإنما (¬15) يسجدهما (¬16) بعد التسليم ويتشهد (¬17) فيهما ويسلم؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) ي: صلاتين. (¬2) ح ي: إحداهما. (¬3) ك - ويوتر. (¬4) ي + والله أعلم. (¬5) ص ي + وما يفسدها. (¬6) ح: ولم؛ ي: لم. (¬7) ح ي: أم أربعاً. (¬8) ي: بقي. (¬9) ي: يتحر. (¬10) م: الصلوات. (¬11) ح ي: أكبر. (¬12) ح ي: أكبر. (¬13) ح + قد؛ ي: قد. (¬14) ي: سجدة. (¬15) ك: قائماً؛ ي: فإيماء. (¬16) ك م: يسجدها. (¬17) ح: يتشهد.

[قلت:] فإن شك في سجود السهو عمل بالتحري ولم يسجد لسهو السهو؟ قال: نعم (¬1). قلت: أرأيت رجلاً سها في تكبير العيدين هل عليه سجدتا السهو؟ قال: نعم (¬2). قلت: أرأيت رجلاً سها في تكبير الركوع والسجود؟ قال: ليس عليه سجدتا السهو. قلت: من أين اختلفا؟ قال: تكبير الركوع والسجود بمنزلة التسبيح في الركوع والسجود، ولا سهو عليه (¬3) في هذا (¬4). وتكبير العيدين بمنزلة القنوت في الوتر والتشهد، وعليه (¬5) في ذلك السهو. قلت: أرأيت رجلاً سها في تكبير (¬6) الصلاة كلها إلا التكبيرة (¬7) التي يفتتح بها الصلاة هل عليه في ذلك سهو؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن التكبير ليس بالصلاة بعينها. قلت: وكذلك لو سها عن التسبيح في الركوع أو في السجود لم يكن عليه سهو؟ قال: نعم (¬8). قلت: لم؟ قال: أرأيت لو سها فترك (¬9) التعوذ وترك "سبحانك اللَّهم وبحمدك" أو ترك "آمين" هل (¬10) عليه سهو؟ قلت (¬11): لا. قال: فهذا وذاك سواء. قلت: فإن ترك التشهد ساهياً؟ قال: أستحسن أن يكون عليه سجدتا السهو. قلت: أرأيت إن نسي فاتحة القرآن (¬12) في الركعة الأولى أو في الثانية ¬

_ (¬1) ك - قال نعم. (¬2) ح ي - قلت فإن شك في سجود السهو عمل بالتحري ولم يسجد لسهو السهو قال نعم قلت أرأيت رجلاً سها في تكبير العيدين هل عليه سجدتا السهو قال نعم. (¬3) ح ي - عليه. (¬4) ح ي: في ذلك. (¬5) ح ي: فعليه. (¬6) م: في تكبيرة. (¬7) ي: إلا تكبيرة. (¬8) ك م - قلت لم قال لأن التكبير ليس بالصلاة بعينها قلت وكذلك لو سها عن التسبيح في الركوع أو في السجود لم يكن عليه سهو قال نعم. (¬9) م: وترك. (¬10) ح ي + كان. (¬11) م: قال. (¬12) م ح ي: الكتاب.

أو بدأ بغيرها، فلما قرأ من السورة شيئاً ذكر أنه لم يقرأ فاتحة القرآن (¬1)؟ قال: يبدأ فيقرأ فاتحة القرآن ثم السورة، وعليه سجدتا السهو. قلت: أرأيت إن نسي (¬2) فاتحة القرآن في الركعتين الأوليين (¬3) وقد قرأ غيرها هل يقرؤها (¬4) في الأخريين (¬5)؟ قال: إن شاء قرأها، وإن شاء لم يقرأها. قلت: فإن قرأها هل يكون ذلك قضاء لما ترك؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنها لو كانت قضاء لوجب عليه أن يقرأها في الأخريين (¬6). وكان عليه سجدتا السهو قرأ في الأخريين (¬7) أو لم يقرأ. قلت: أرأيت رجلاً صلى الظهر فقرأ في الركعتين الأوليين في كل واحدة (¬8) بفاتحة القرآن ولم يقرأ معها شيئاً ففعل (¬9) ذلك ساهياً أعليه (¬10) أن يقرأ في الأخريين (¬11) مع فاتحة القرآن سورة؟ قال: أحب إلي أن يقرأ. قلت: فإن لم يفعل؟ قال: يجزيه، وعليه سجدتا السهو قرأ أو لم يقرأ. قلت: فإن لم يقرأ (¬12) في الأوليين بشيء (¬13) من القرآن ساهياً أترى عليه أن يقرأ بفاتحة (¬14) القرآن وبسورة (¬15) في كل ركعة من الأخريين (¬16)؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يقرأ فيهما أو قرأ في إحداهما؟ قال: لا يجزيه. قلت: فإن كان إماماً وكانت العشاء فقرأ (¬17) في الأخريين (¬18) وجهر (¬19) بالقراءة أو كانت (¬20) الظهر والعصر (¬21) فقرأ (¬22) ¬

_ (¬1) ح ي: الكتاب. (¬2) ح ي: إن لم يقرأ. (¬3) ح ي + ساهياً. (¬4) ك م: هل يقرأ. (¬5) م: في الآخرتين. (¬6) م: في الآخرتين. (¬7) م: في الآخرتين. (¬8) ي: واحد. (¬9) ح ي: فعل. (¬10) ح ي: هل عليه. (¬11) م: في الآخرتين. (¬12) م - قلت فإن لم يفعل قال يجزيه وعليه سجدتا السهو قرأ أو لم يقرأ قلت فإن لم يقرأ. (¬13) ي: شي. (¬14) ي: فاتحة. (¬15) ي: وسورة. (¬16) م: من الآخرتين؛ ي: في الاخرين. (¬17) ح ي: قرأ. (¬18) م: في الآخرتين. (¬19) ك م: وأخفى. (¬20) م: وكانت؛ ح ي: وإن كانت. (¬21) ح ي: أو العصر. (¬22) ح ي: قرأ.

فيهما وجهر بالقراءة كان (¬1) عليه سجدتا السهو؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن لم يقرأ في الأوليين شيئاً (¬2) وقرأ في الأخريين (¬3) بآيةٍ آيةٍ وهو ساهٍ (¬4) في الأوليين متعمدٌ (¬5) في الأخريين (¬6)؟ قال: تجزيه إن لم تكن آية (¬7) قصيرة جداً. وقال أبو حنيفة [آخِراً]: صلاته جائزة وإن كانت آية قصيرة، ورجع (¬8) عن قوله الأول (¬9). قلت: أرأيت (¬10) هل (¬11) عليه سجدتا السهو؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إماماً صلى بقوم فجهر بالقراءة (¬12) في صلاة يخافت فيها (¬13) أو خافت في صلاة يجهر فيها بالقرآن (¬14)؟ قال: قد أساء، وصلاته تامة. قلت: فإن فعل ذلك ساهياً؟ قال: عليه سجدتا السهو. قلت: فإن لم يكن إماماً ولكنه صلى وحده فخافت فيما يجهر (¬15) فيه أو جهر فيما يخافت (¬16) فيه؟ قال: ليس عليه شيء. قلت: من أين اختلفا؟ قال: إذا كان الرجل وحده وأسمع (¬17) أذنيه القرآن (¬18) أو رفع ذلك أو خفض (¬19) في نفسه أجزأه ذلك، وليس عليه سهو؛ لأنه وحده. وإذا كان الإمام فلا بد له من أن يضع ¬

_ (¬1) ح: فأخفى القراءة أكان؛ ي: وأخفى القراءة أكان. (¬2) ح: بشيء؛ ي: شيء. (¬3) م: في الآخرتين. (¬4) ح ي: ساهي. (¬5) ح ي: متعمداً. (¬6) م: في الآخرتين. (¬7) ح ي: لا يجزيه إن كان قرأ آية. (¬8) ك م: ثم إنه رجع. ولا توجد هذه العبارة في نسخة ي. والمعروف أن الإمام أبا حنيفة كان يقول أولاً بعدم إجزاء الآية القصيرة ثم قال بإجزائها. انظر: الكافي، 1/ 11 ظ؛ والمبسوط، 1/ 221؛ وبدائع الصنائع للكاساني، 1/ 112. (¬9) ح ي - وقال أبو حنيفة صلاته جائزة وإن كانت آية قصيرة ورجع عن قوله الأول. (¬10) ح ي - أرأيت. (¬11) ح ي: فهل. (¬12) ح ي: بالقرآن. (¬13) ح: بها. (¬14) ك م - في صلاة يخافت فيها أو خافت في صلاة يجهر فيها بالقرآن. وانظر: الكافي، 1/ 11 ظ؛ والمبسوط، 1/ 222. (¬15) م: فيما جهر. (¬16) م: فيما نخافت. (¬17) ح ي: فأسمع. (¬18) ح + فإن أخفض؛ ي + قال فإن أخفض. (¬19) ح ي - أو رفع ذلك أو خفض؛ ح + فإن أخفض؛ ي + قال فإن أخفض.

ذلك موضعه. فإن كان ساهياً فيما صنع وجب عليه (¬1) سجدتا السهو. وإن تعمد لذلك (¬2) فقد أساء، وصلاته تامة. قلت: أرأيت إماماً صلى بقوم وسها (¬3) في صلاته ولم يَسْهُ (¬4) مَن خلفه؟ قال: إذا وجب على الإمام سجدتا السهو وجب ذلك على من خلفه وإن لم يَسْهُ (¬5) منهم (¬6) أحد غيره. قلت: أرأيت إن سها من خلفه ولم يَسْهُ (¬7) الإمام؟ قال: ليس عليهم ولا عليه سهو. قلت: أرأيت رجلاً سلم في الرابعة قبل التشهد ساهياً؟ قال: عليه أن يتشهد ثم يسلم (¬8) ثم يسجد (¬9) سجدتي (¬10) السهو ثم يتشهد ثم يسلم (¬11). قلت: لم؟ قال: أرأيت لو كان عليه سجدة من تلاوة أو ركعةٌ قد ترك منها سجدة فذكر (¬12) ذلك أليس عليه أن يسجدهما (¬13) ويتشهد ويسلم ثم يسجد للسهو ويتشهد ثم يسلم (¬14) إذا كان سلم ساهياً، وإن كان سلم وهو ذاكر (¬15) لذلك فصلاته فاسدة إن (¬16) كانت السجدة من الصلاة (¬17)؟ قلت: بلى. قال: فهذا وذاك سواء. إذا كانت السجدة من ركعة (¬18) فسلم وهو ذاكر (¬19) فإن صلاته فاسدة (¬20). وإن كانت السجدة من تلاوة فصلاته تامة، ¬

_ (¬1) ك م - سهو لأنه وحده وإذا كان الإمام فلا بد له من أن يضع ذلك موضعه فإن كان ساهياً فيما صنع وجب عليه. (¬2) ح ي: ذلك. (¬3) ح ي: فسها. (¬4) ي: يسهو. (¬5) ي: يسهو. (¬6) ح ي: معه. (¬7) ي: يسهو. (¬8) ح ي: ويسلم. (¬9) ح: ويسجد. (¬10) ح ي: سجدتا. (¬11) ح ي: ويسلم. (¬12) ح ي: ففعل. (¬13) ح ي: أن يسجدها. (¬14) ح ي - ثم يسجد للسهو ويتشهد ثم يسلم. (¬15) ح: ذاكراً. (¬16) ك م ط: وإن؛ ج ر: فإن. والتصحيح مستفاد من الكافي، 1/ 11 ظ؛ والمبسوط، 1/ 223. (¬17) ح ي - إن كانت السجدة من الصلاة. (¬18) ك: من الركعة. (¬19) م: ذاكراً. (¬20) ح ي - فإن صلاته فاسدة.

وليس عليه أن يسجد سجدتي (¬1) السهو. قلت: فإن سلم متعمداً وعليه التشهد وقد قعد (¬2) قدر (¬3) التشهد أجزأه ذلك وليس عليه سجدتا السهو؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً صلى فسها في صلاته فلم يدر كم صلى، ثم استيقن أنه صلى ثلاث ركعات، أيجب عليه سجدتا السهو؟ قال (¬4): إن (¬5) كان حين سها لم يدر كم صلى (¬6) حتى تفكّر (¬7) ونظر في ذلك، فإن كان تفكُّرُه ونظرُه في ذلك يشغله عن شيء من صلاته وجب عليه سجدتا السهو. وإن كان تفكُّرُه ونظرُه في ذلك (¬8) لم يَطُلْ (¬9) ولم يشغله ذلك (¬10) عن شيء من صلاته، فصلى (¬11)، فلا سهو عليه. والإمام والذي صلى (¬12) وحده في ذلك سواء. قلت: أرأيت رجلاً صلى من الظهر ركعتين فقام في الثالثة ولم يجلس ولم يستو قائماً حتى ذكر فقعد هل (¬13) عليه سجدتا السهو؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأنه قد تغير عن حاله (¬14). فإذا تغير عن حاله (¬15) وجب (¬16) عليه سجدتا (¬17) السهو. قلت: وكذلك لو فعل هذا في الرابعة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً صلى فسها في صلاته مرتين أو ثلاثاً أو أربعاً (¬18) ¬

_ (¬1) ح ي: سجدتا. (¬2) م: التشهد وقعد. (¬3) ح ي: مقدار. (¬4) ح ي - أيجب عليه سجدتا السهو قال. (¬5) ح ي: وإن. (¬6) ح ي - حين سها لم يدر كم صلى. (¬7) م: حتى يفكر؛ ح ي: قد تفكرها. (¬8) ح ي - فإن كان تفكره ونظره في ذلك يشغله عن شيء من صلاته وجب عليه سجدتا السهو وإن كان تفكره ونظره في ذلك. (¬9) ح: لم يبطل. (¬10) ح - ذلك. (¬11) ح ي - فصلى. (¬12) ح ي: يصلي. (¬13) م - هل. (¬14) ح ي: لأنه تغيرت حاله. (¬15) ح ي - فإذا تغير عن حاله. (¬16) ح ي: أوجبت. (¬17) ح: سجدتي. (¬18) ح: أو ثلثة أو أربعة؛ ي: أو أربعة.

كم يجب عليه لسهوه (¬1) ذلك؟ قال: يجب عليه سجدتا السهو، ولا يجب عليه غير ذلك. والإمام والذي يصلي وحده في ذلك سواء. قلت: أرأيت رجلاً صلى فأراد أن يقرأ في صلاته (¬2) بسورة (¬3) فأخطأ فقرأ غيرها أو قرأ تلك السورة فأخطأ (¬4) فيها هل (¬5) عليه سجدتا السهو؟ قال: لا، والإمام وغيره في ذلك سواء. قلت: أرأيت رجلاً صلى خلف الإمام وكان يقوم قبل الإمام أو كان (¬6) يقعد قبل قعود الإمام (¬7) أو كان يسجد (¬8) قبله وهو ساهٍ (¬9) في ذلك هل عليه سجدتا السهو؟ قال: ليس على من خلف الإمام سهو إلا أن يسهو الإمام. قلت: فإن كان يركع قبل الإمام ويسجد قبله؟ قال: إن أدرك الإمام بركعة وهو راكع أو يسجد وهو ساجد أجزأه. قلت: إن أدرك الإمام وهو راكع فكبر معه ولم يركع حتى رفع الإمام رأسه فلا يستطيع أن يركع قبل أن يرفع الإمام رأسه ثم ركع؟ قال: لا يجزيه، وعليه قضاء تلك الركعة. قلت: لم؟ قال: لأنه لم يركع مع الإمام ولم يدرك مع الإمام (¬10). ¬

_ (¬1) ح: لسهو. (¬2) ح - صلاته؛ صح هـ. (¬3) ح: سورة. (¬4) ك م - فقرأ غيرها أو قرأ تلك السورة فأخطأ. وعبارة الحاكم: فأخطأ فقرأ غيرها. انظر: الكافي، 1/ 11 ظ. وانظر: المبسوط، 1/ 224. (¬5) ح ي + يجب. (¬6) ح - يقوم قبل الإمام أو كان. (¬7) ح: قعوده. (¬8) ك م: سجد. (¬9) ح ي: ساهي. (¬10) ك م - قلت فإن كان يركع قبل الإمام ويسجد قبله قال إن أدرك الإمام بركعة وهو راكع أو يسجد وهو ساجد أجزأه قلت إن أدرك الإمام وهو راكع فكبر معه ولم يركع حتى رفع الامام رأسه فلا يستطيع أن يركع قبل أن يرفع الإمام رأسه ثم ركع قال لا يجزيه وعليه قضاء تلك الركعة قلت لم قال لأنه لم يركع مع الإمام ولم يدرك مع الامام.

قلت: أرأيت رجلاً صلى بقوم (¬1) فسها في صلاته، فلما قعد في الرابعة تشهد ثم سجدهما قبل التسليم هل يجزيه ذلك؟ قال: نعم. قلت: فهل يعيدهما بعد التسليم؟ قال: لا. قلت: والإمام والذي يصلي وحده في ذلك سواء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً صلى فسها في صلاته، فلما فرغ من صلاته سجد لسهوه فشَكَّ فلم يَدْرِ أسجد (¬2) لسهوه واحدة أو اثنتين (¬3)؟ قال: يتحرّى (¬4) الصواب (¬5). فإن كان أكثر (¬6) رأيه أنه سجد سجدة (¬7) واحدة سجد (¬8) أخرى. وإن كان أكثر (¬9) رأيه أنه سجد سجدتين لسهوه (¬10) تشهد (¬11) وسلم. قلت: أرأيت إماماً (¬12) صلى بقوم فسها في صلاته، فلما فرغ من صلاته سلم وهو لا يريد أن يسجد للسهو، ثم بدا له أن يسجد للسهو (¬13) وهو في مجلسه (¬14) قبل أن يقوم وقبل أن يتكلم؟ قال: عليه أن يسجد سجدتي السهو، ويسجد معه (¬15) أصحابه. قلت: فإن قام ولم يسجد؟ قال: ليس عليه شيء. قلت: وكذلك لو تكلم قبل أن يسجد؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يتكلم ولم يقم ولكنه أراد السجود في (¬16) أصحابه، ومنهم (¬17) من قد تكلم، ومنهم (¬18) من (¬19) قد قام فذهب؟ قال: من تكلم منهم أو خرج من المسجد لم يكن عليه سجدتا (¬20) السهو. ومن كان مع الإمام ولم (¬21) ¬

_ (¬1) ح ي - بقوم. (¬2) م: أيسجد. (¬3) ي: أو اثنين. (¬4) ح + إلى. (¬5) ي: الصلوة. (¬6) ك ح ي: أكبر. (¬7) ك م - سجدة. (¬8) ح ي: يسجد. (¬9) ك ي: أكبر. (¬10) ح ي - لسهوه. (¬11) ي - تشهد؛ صح هـ. (¬12) ي: إمام. (¬13) ح ي - للسهو. (¬14) ح ي + ذلك. (¬15) ح ي + أيضاً. (¬16) ح ي: وفي. (¬17) ح ي - ومنهم. (¬18) ح ي - ومنهم. (¬19) ح ي: أو من. (¬20) ح: سجدتي. (¬21) ح ي: لم.

يتكلم ولم يخرج فعليه أن يسجد مع الإمام. قلت: أرأيت إن كان حين سلم كان مِن نيتِه أن يسجد للسهو (¬1)، فنسي أن يسجد حتى تكلم أو خرج من المسجد؟ قال: هذا قَطْعٌ للصلاة، ولا شيء عليه. قلت: فإن لم يتكلم ولم يخرج (¬2) وكان في مجلسه، وقد نوى (¬3) حين سلم أن يسجد أو لم يَنْوِ، ثم ذكرهما (¬4) وهو في مجلسه؟ قال: عليه أن يسجدهما، والنية هاهنا وغير النية سواء. قلت: أرأيت إن نوى (¬5) لم (¬6) لا تكون (¬7) عليه سجدتا السهو واجبة (¬8)؟ قال: أرأيت لو سها فأجمع (¬9) رأيَه أنْ (¬10) لا سجود عليه في ذلك فسلم على نيته (¬11) تلك، ثم بدا له من ساعته أن يسجد، أليس يجب (¬12) عليه أن يسجد؟ قلت: بلى. قال: أفلا (¬13) ترى أن النية هاهنا ليست (¬14) بشيء. قلت: أرأيت إماماً صلى بقوم (¬15) فسها في صلاته، فلما فرغ وسلم (¬16) جاء رجل فدخل (¬17) معه على تلك الحال قبل أن يسجد الإمام للسهو، ثم إن الإمام سجد للسهو، أيسجد هذا الرجل معه؟ قال: نعم. قلت: وتراه (¬18) قد أدرك الصلاة معه؟ قال: نعم. قلت: فإن سجد مع الإمام ثم قام يقضي (¬19) أترى عليه أن يعيد السهو إذا فرغ من صلاته؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه قد سجد الذي وجب عليه مع الإمام، وليس (¬20) عليه أن يعيد (¬21). قلت: أرأيت لو سها في صلاته بعدما قام يقضي؟ قال: ¬

_ (¬1) ح ي: لسهوه. (¬2) ح ي + من المسجد. (¬3) ح: وهو ينوي. (¬4) ك م ح: ثم ذكرها. (¬5) ح ي: إذا نوى. (¬6) ح - لم. (¬7) ك ي: لا يكون. (¬8) ح: واجبتين؛ ي: واجبتان. (¬9) ح ي: وأجمع. (¬10) ح ي: أنه. (¬11) م: على بيته؛ ح ي: عن نيته. (¬12) ح ي - يجب. (¬13) ك: ألا؛ ح ي: أولا. (¬14) م: ليس. (¬15) ح ي: برجل. (¬16) م: وصلى. (¬17) ح ي - جاء رجل فدخل. (¬18) ح ي - وتراه. (¬19) ح: مع الإمام لم يقض. (¬20) ح: فليس. (¬21) ح ي: أن يعيده.

يجب عليه سجدتا السهو. قلمت: لم؟ قال: لأن سجوده (¬1) الأول مع الإمام لا (¬2) يجزيه من سهوه هذا الأخير (¬3)، ولا يكون سجوده قبل هذا السهو وقبل أن يجب عليه سجوده (¬4) لهذا (¬5) السهو (¬6) الآخر (¬7). قلت: أرأيت إن لم يسجد (¬8) مع الإمام فقام يقضي بعدما فرغ الإمام فسها (¬9) في صلاته (¬10) كم عليه أن يسجد للسهو (¬11)؟ قال: عليه سجدتان، وليس عليه غيرهما. قلت: أرأيت إن لم يَسْهُ (¬12) حتى فرغ من صلاته هل (¬13) عليه أن يسجد لسهو الإمام (¬14)؟ قال: نعم. قلت: لم (¬15) وقد تركهما في موضعهما؟ قال: أدع القياس وأستحسن. قلت: أرأيت إماماً صلى بقوم ركعة فسها فيها ثم قام (¬16) في الثانية فجاء (¬17) رجل فدخل معه في الصلاة، أيجب عليه أن يسجد مع الإمام سجدتي السهو؟ قال: نعم. قلت: لم (¬18) وإنما دخل معه (¬19) بعدما سها؟ قال: لأنه يجب عليه ما يجب (¬20) على الإمام. ألا ترى أن الإمام يسجدهما (¬21) وهو خلفه، فينبغي له أن يسجدهما معه. قلت: فإن لم يسجدهما معه؟ قال: عليه أن يسجدهما (¬22) بعدما يفرغ من صلاته. قلت: أرأيت رجلاً صلى فسها في صلاته، فلما فرغ وسلم أحدث ¬

_ (¬1) ح ي: سجود. (¬2) ك م: ولا. (¬3) ك ح ي: الآخر. (¬4) ح ي: سجود. (¬5) ك م: فهذا. (¬6) ح ي - السهو. (¬7) ك: للآخر؛ م: للأخير. (¬8) ك م: لم يسه. (¬9) ح ي - فسها. (¬10) ح ي: من صلاته. (¬11) ك م ح ي - للسهو. والتصحيح من ج ر. (¬12) ح ي: لم يسجد؛ ح ي + سهواً. (¬13) ح ي + يجب. (¬14) يعني: أنه إن لم يسجد سجدتي السهو مع الإمام وقام يقضي ما سُبِقَ به هل يسجد في آخر صلاته لسهو الإمام. انظر: المبسوط، 1/ 225. (¬15) م - لم. (¬16) ح - ثم قام؛ ي: فلما قام. (¬17) ح ي: جاء. (¬18) ح ي - لم. (¬19) ك م - معه. (¬20) ح ي: ما وجب. (¬21) ح ي: سجدهما. (¬22) م ح ي - معه قلت فإن لم يسجدهما معه قال عليه أن يسجدهما، صح م هـ.

وهو غير متعمد لذلك، هل ينبغي له أن يتوضأ ثم يعود إلى مكانه فيسجد سجدتي (¬1) السهو ويتشهد ويسلم؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يفعل (¬2)؟ قال: ليس عليه شيء. قلت: أرأيت إماماً صلى بقوم فسها في صلاته (¬3)، ثم أحدث (¬4) فتأخر وقدّم رجلاً (¬5)، هل يجب على الثاني سجدتا السهو اللتان كانتا (¬6) على الإمام (¬7) الأول؟ قال: نعم. قلت: فإن (¬8) سها الثاني أيضاً (¬9) كم عليه للسهو (¬10)؟ قال: كفته (¬11) سجدتا السهو الأول (¬12) لسهوه (¬13) الآخر. قلت: أرأيت إن لم يكن الأول سها حتى أحدث فقدّم الثاني (¬14) هل يجب على الأول الذي أحدث سجدتا السهو؟ قال: نعم، إن بنى على صلاته. قلت: لم؟ قال: لأن الثاني إمام الأول، فما وجب عليه وجب على الأول (¬15). ألا ترى أن الثاني لو ضحك أو تكلم أَفسد (¬16) صلاتَه وصلاةَ من خلفه، وكان قد أَفسد صلاةَ الأول. أَوَلاَ ترى أن ما (¬17) دخل على الثاني دخل على الأول مثله. قلت: أرأيت لو أحدث (¬18) الإمام الأول أو تكلم أو ضحك هل يُفسِد على الإمام الثاني أو من (¬19) خلفه؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه قد خرج (¬20) من أن يكون إمامهم وصار (¬21) الإمام غيره. قلت: أرأيت رجلاً صلى فسها في صلاته، فلما سلم سجد سجدة ¬

_ (¬1) ح: سجدة. (¬2) ح - ذلك. (¬3) ح ي - فسها في صلاته. (¬4) ح ي: فأحدث. (¬5) ح ي + وقد سها الأول في صلاته. (¬6) ك م: التي كانت. (¬7) ح ي - الإمام. (¬8) ح ي: وإن. (¬9) ح ي - أيضاً. (¬10) ي - للسهو. (¬11) ك م ج رط: عليه؛ ح ي - كفته. والتصحيح مستفاد من الكافي، 1/ 11 ظ؛ والمبسوط، 1/ 225. وعبارة الحاكم: ... كفاه سجدتان لسهوه وسهو الأول. انظر: الكافي، 1/ 11 ظ. وعبارة السرخسي: كفته سجدتان. انظر: المبسوط، 1/ 225. (¬12) ح ي + وليس عليه. (¬13) ح: للسهو؛ ي: لسهو. (¬14) ح ي + فسهى. (¬15) ح ي: على الآخر. (¬16) ح ي: فسد. (¬17) ح ي: أنما. (¬18) ح ي: إن أحدث. (¬19) ح ي: وعلى من. (¬20) ح ي: لو خرج. (¬21) ح ي: وكان.

واحدة للسهو ثم أحدث، هل ينبغي له (¬1) أن يتوضأ ثم يرجع (¬2) إلى مكانه فيسجد الأخرى (¬3) ثم يتشهد ويسلم؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يفعل أو تكلم؟ قال: ليس عليه شيء. قلت: أرأيت إماماً صلى بقوم فسها في صلاته، فلما فرغ من صلاته (¬4) وسلم سجد (¬5) سجدة واحدة للسهو (¬6) ثم أحدث، أينبغي له أن يتأخر ويقدّم رجلاً غيره (¬7) فيسجد بهم الثانية؟ قال: نعم. قلت: فإن كان الإمام الأول حين سلم قبل أن يسجد لسهوه دخل معه رجل في الصلاة، فسجد الإمام (¬8) سجدة واحدة ثم أحدث، فقدّم هذا الذي أدرك معه السجدة الواحدة، كيف يصنع؟ قال: يسجد بهم (¬9) أخرى ثم يتشهد (¬10)، ثم يتأخر فيقدّم رجلاً قد أدرك مع الإمام الصلاة، فيسلم بهم، ثم يقوم هو فيقضي ما بقي (¬11) من صلاته (¬12). قلت: أرأيت رجلاً أدرك مع الإمام ركعة (¬13) في أيام التشريق (¬14) من صلاته وقد سبقه الإمام (¬15) بثلاث ركعات وعلى الإمام سهو، أليس (¬16) يسجدهما (¬17) هذا الرجل مع الإمام قبل أن يقضي ما سبقه به الإمام (¬18)؟ قال: نعم. قلت: فكيف يصنع إذا كبر الإمام أيكبر أو يقوم (¬19) فيقضي؟ قال: بل يقوم فيقضي ما سبقه به (¬20) الإمام، فإذا فرغ وسلم كبر بعد ذلك. قلت: وكذلك التلبية؟ قال: نعم. قلت: من أين اختلف (¬21) التكبير ¬

_ (¬1) ي - له. (¬2) ي: ثم رجع. (¬3) ح ي: أخرى. (¬4) ح ي - من صلاته. (¬5) ح ي: فسجد. (¬6) م - للسهو؛ ح ي: لسهوه. (¬7) ح ي - غيره. (¬8) ح - الإمام. (¬9) م: لهم. (¬10) ح ي: ويتشهد. (¬11) ح ي - رجلاً قد أدرك مع الإمام الصلاة فيسلم بهم ثم يقوم هو فيقضي ما بقي. (¬12) ح: من صلى به؛ ي: من صلا به. (¬13) ح ي - ركعة. (¬14) ح ي + ركعة. (¬15) ح ي + الإمام. (¬16) م: ليس. (¬17) ح ي: يسجد. (¬18) ح ي - به الإمام. (¬19) ح ي: أم يقوم. (¬20) ح ي - به. (¬21) ح: اختلفا.

والسجود (¬1)؟ قال: لأن السجود من الصلاة. ألا ترى لو أن رجلاً دخل معه (¬2) في سجدتي (¬3) السهو أو في إحداهما كان (¬4) قد أدرك الصلاة معه (¬5)، ولو انتهى إلى الإمام (¬6) وهو يكبر فكبر معه لم يكن داخلاً في صلاته؛ لأن التكبير ليس من الصلاة. قلت: أرأيت رجلاً انتهى إلى الإمام وقد فرغ من صلاته وعليه السهو (¬7)، فسجد سجدة واحدة ثم سجد الأخرى، فدخل معه الرجل في الأخرى، هل يجب عليه (¬8) أن يقضي (¬9) تلك السجدة؟ قال: لا. قلت: ما (¬10) شأنه يقضي بقية صلاته ولا يقضي تلك (¬11) السجدة؟ قال: لأنها ليست من صُلْبِ (¬12) الصلاة، إنما هي بمنزلة سجدة (¬13) قرأها الإمام وسجدها (¬14) قبل أن يدخل معه (¬15) الرجل (¬16). فإنما يقضي الرجل ما بقي من صلاته (¬17) ولا يقضي السجدة. قلت: أرأيت إماماً صلى بقوم ركعةً (¬18) فقرأ سجدةً فنسي أن يسجد بها (¬19)، فذكر (¬20) ذلك وهو قاعد أو راكع (¬21) أو ساجد (¬22)، كيف يصنع؟ ¬

_ (¬1) ح ي: السجود والتكبير. (¬2) ح ي: ألا ترى أنه لو دخل معه رجل. (¬3) ح: في سجدة. (¬4) ك م: لكان. (¬5) ح ي: معه الصلاة. (¬6) ح ي: إليه. (¬7) ح ي: سهو. (¬8) ح + أن يسجد معه قال نعم قلت فهل يسجد الأخرى التي سبقه بها قال لا قلت فإذا قام يقضي ما سبقه به قال يقضي قلت هل يجب عليه؛ ي + أن يسجد معه قال نعم قلت فهل يسجد الأخرى التي سبقه بها قال لا قلت فإذا قام يقضي ما سبق به فقضى هل يجب عليه. (¬9) ي: أن يسجد. (¬10) ح ي: فما. (¬11) ح ي - تلك. (¬12) م: من صلت. (¬13) ح ي: السجدة. (¬14) ح ي: فسجدها. (¬15) ح: معها. (¬16) ح ي - الرجل. (¬17) ح ي: من الصلاة. (¬18) ي: ركعة بقوم. (¬19) ح ي: لها. (¬20) ي: وذكر. (¬21) ح ي: راكع أو قاعد. (¬22) ح ي - أو ساجد.

قال: إذا ذكرها وهو راكع خَرَّ ساجداً لها (¬1) ثم قام فعاد في ركعته ثم مضى في صلاته، وعليه سجدتا السهو. وإن (¬2) ذكر ذلك وهو قاعد خَرَّ ساجداً ثم رفع رأسه وكان عليه سجدتا السهو (¬3). وإن (¬4) ذكر ذلك وهو ساجد رفع رأسه فسجد (¬5)، ثم سجد (¬6) للسهو (¬7) بعد التسليم. قلت: فإن أخرها إلى آخر صلاته؟ قال: يجزيه. قلت: أرأيت إماماً صلى بقوم ركعةً فترك سجدة منها (¬8)، ثم قام في الثانية فقرأ وركع وسجد، ثم ذكر تلك السجدة، كيف يصنع؟ قال: يرفع رأسه من السجود، ويسجد (¬9) تلك السجدة التي كان (¬10) نسيها (¬11)، ثم يسجد (¬12) ما كان فيه، ثم يمضي في صلاته، وعليه سجدتا السهو. قلت: فإن ذكر ذلك وهو راكع؟ قال: عليه أن يَخِرَّ لها (¬13) ساجداً، ثم يقوم فيعود إلى ركوعه، ويمضي في صلاته، وعليه سجدتا السهو (¬14) بعد التسليم. قلت: فإن لم يَعُدْ إلى ركوعه؟ قال: صلاته تامة (¬15). قلت: أرأيت رجلاً صلى فنسي (¬16) سجدة من الركعة الأولى ثم صلى الثانية فنسي (¬17) منها سجدة، ثم ذكر ذلك بعدما قام في الثالثة (¬18)، بأيهما ¬

_ (¬1) ح ي: خر لها ساجداً. (¬2) ح: فإن. (¬3) ي - وإن ذكر ذلك وهو قاعد خر ساجداً ثم رفع رأسه وكان عليه سجدتا السهو. (¬4) ح ي: فإن. (¬5) ح ي: فسجدها؛ ح ي + ثم أعاد سجدة. (¬6) ح ي + سجدة. (¬7) ح ي: السهو. (¬8) ح ي: منها سجدة. (¬9) ح ي: فيسجد. (¬10) ح - كان. (¬11) ي: نسي. (¬12) ك م: ثم سجد. (¬13) ح ي - لها. (¬14) ح ي + قلت فإن ذكر ذلك وهو قاعد أو قائم قال يسجدها ويمضي في صلاته وعليه سجدتا السهو. (¬15) ح ي - قلت فإن لم يعد إلى ركوعه قال صلاته تامة. (¬16) م: فسهي. (¬17) ك م - سجدة من الركعة الأولى ثم صلى الثانية فنسي. (¬18) ك م: في الثانية.

يبدأ؟ قال: بالأولى فالأولى (¬1). قلت: وكذلك لو نسي (¬2) ثلاث سجدات من ثلاث ركعات؟ قال: نعم. قلت: فإن نسي سجدة التلاوة من الركعة (¬3) الأولى ونسي من الركعة الثانية سجدة من صُلْبِ (¬4) الصلاة فذكر (¬5) ذلك، بأيهما يبدأ؟ قال: يبدأ (¬6) بالأولى منهما تلاوةً كانت أو من صُلْبِ (¬7) الصلاة. قلت: أرأيت إن نسي سجدةً من ركعةٍ أو سجدة (¬8) من تلاوةٍ، فلم يَذكُر ذلك حتى فرغ من ضلاته وسلم وخرج من المسجد، ثم ذكر بعد (¬9) ذلك؟ قال: إن كانت السجدة من صُلْبِ الصلاة فعليه أن يستقبل الصلاة. وإن (¬10) كانت السجدة من تلاوة (¬11) فصَلاته تامة. قلت: من أين اختلفا؟ قال: لأن السجدة إذا كانت من (¬12) ركعة فهي من صُلْبِ (¬13) الصلاة. وإذا كانت من تلاوةِ فليست من صُلْبِ (¬14) الصلاة. فإذا ذكر ذلك من غير (¬15) أن يتكلم أو يخرج من المسجد سجدها (¬16) وتمت صلاته، وعليه سجدتا السهو. وإن كان تكلم أو خرج من المسجد فلا يبني (¬17) عليه. قلت: أرأيت لو خرج (¬18) من المسجد لِمَ جعلتَه قطعاً للصلاة؟ قال: إن لم (¬19) أفعل ذلك لم يكن لي (¬20) بُدٌّ من أنْ (¬21) أجعلَه (¬22) قطعاً (¬23) للصلاة (¬24) ¬

_ (¬1) ك م - فالأولى. (¬2) ح: إن نسي. (¬3) ح ي: في الركعة. (¬4) م: من صلت. (¬5) ح ي: ثم ذكر. (¬6) ح ي - يبدأ. (¬7) م: من صلت. (¬8) ح: وسجدة. (¬9) ح ي - بعد. (¬10) ي: فإن. (¬11) ح ي: سجدة تلاوة. (¬12) ح - من؛ صح هـ. (¬13) م: من صلت. (¬14) م: من صلت. (¬15) ح ي: ذلك قبل. (¬16) ك م: سجدهما. (¬17) م ح ي: فلا شي. (¬18) ح ي: أرأيت الخروج. (¬19) م - لم. (¬20) ي: إلي. (¬21) ح - أن؛ صح هـ. (¬22) ك: بد أن أجعلها؛ م: بد وأن أجعلها (¬23) ح ي: قاطعاً. (¬24) ح ي - للصلاة.

إذا (¬1) خطا خطوة، أو لا (¬2) أجعله (¬3) قطعاً (¬4) وإن مشى فرسخاً (¬5)، فاستحسنتُ أن أجعلَ وقت ذلك الخروج من المسجد. قلت: فإن كان في صحراء فما وقت ذلك عندك؟ قال: وقت ذلك (¬6) أن يجاوز أصحابه (¬7). قلت: أرأيت رجلاً صلى الظهر خمس ركعات ساهياً هل (¬8) عليه سجدتا السهو؟ قال: إن كان لم يقعد في الرابعة قدر التشهد فصلاته فاسدة، وعليه أن يستقبل الصلاة (¬9). قلت: أرأيت (¬10) إن ذكر حين تمت الخامسة أنه قد (¬11) صلى خمساً أيضيف (¬12) إليها ركعة (¬13) حتى تكون ستاً (¬14) أو يقطعها، أي ذلك أحب إليك؟ قال: أحب إلي أن يشفعها بركعة (¬15) ثم يسلم. وعليه أن يستقبل الصلاة (¬16). وإن لم يفعل (¬17) لم يكن عليه شيء إلا الظهر. قلت (¬18): فإن كان (¬19) قعد في الرابعة (¬20) قدر التشهد؟ قال (¬21): قد (¬22) تمت الظهر، والخامسة تطوع، وعليه أن يضيف إليها ركعة، ثم يتشهد (¬23) ويسلم، ويسجد سجدتي السهو، وقد تمت صلاته. قلت: فإن لم يضف (¬24) إليها ركعة (¬25) أخرى وتكلم (¬26)؟ قال: يجزيه، ولا شيء عليه. ¬

_ (¬1) ح ي: إذا ما. (¬2) ك م ط: ولا. (¬3) ح: أو لأجعله. (¬4) ح ي: قاطعاً. (¬5) ي + في فرسخ. (¬6) ح ي - وقت ذلك. (¬7) ح ي + قلت فإن تقدم إمامه متى وقته قال وقته أن يجاوز موضع سجوده. وذكر السرخسي أن هذه المسألة لم تذكر في الكتاب. انظر: المبسوط، 1/ 227. (¬8) ح ي + يجب. (¬9) ح ي: الظهر. (¬10) ح ي + رجلاً. (¬11) ك - قد. (¬12) ح: ليضيف. (¬13) ح ي + أخرى. (¬14) م: حتى يكون شياً. (¬15) ح ي: يشفع من ركعة. (¬16) ح ي: الظهر. (¬17) ح ي: فإن لم يقعد. (¬18) ح ي: قلت. (¬19) ح ي + قد. (¬20) ط: في الركعة. (¬21) ح ي: قال. (¬22) ح ي: فقد. (¬23) ح: ثم يثبت هذه. (¬24) م ح: لم يضيف. (¬25) ي - ركعة. (¬26) ح ي + حين صلى الخامسة.

قلت: أرأيت رجلاً صلى ركعة ولم يسجد لها، ثم قام في الثانية فقرأ وسجد ولم يركع، فذكر ذلك قبل أن يصلي (¬1) الثالثة (¬2)؟ قال: هذا إنما صلى (¬3) ركعة واحدة، وعليه أن يمضي في صلاته، ويسجد (¬4) سجدتي السهو بعد التسليم. وإنما صارت (¬5) السجدتان للركعة الأولى، فصارت ركعة تامة، وعليه سجدتا (¬6) السهو فيما (¬7) سها. قلت: فإن ركع في الأولى ولم يسجد، ثم ركع في الثانية وسجد، ثم قام في الثالثة ولم يركع وسجد سجدتين؟ قال: هذا إنما صلى ركعة واحدة. قلت: لم؟ قال: لأنه ركع أولاً، ثم قام في الثانية فركع (¬8) وسجد، فصارت ركعة تامة، وبطلت الركعة الأولى، ثم قام في الثالثة ولم يركع (¬9) وسجد (¬10) سجدتين من غير ركوع، فلا يجزيه. قلت: فإن سجد في الأولى سجدتين ولم يركع، ثم قام في الثانية فقرأ وركع ولم يسجد (¬11)، ثم قام في الثالثة فقرأ وركع ثم سجد (¬12)؟ قال: هذا إنما صلى ركعة واحدة؛ لأنه حين (¬13) سجد أولاً ثم ركع في الثانية فإنها لا (¬14) تكون ركعة تامة. لأنه سجد قبل الركوع، وإنما السجود بعد الركوع. ثم قام في الثالثة فقرأ وركع ثم سجد (¬15)، فصارت ركعة تامة، وبطل ما كان قبل ذلك. قلت: فإن ركع أولاً ولم يسجد، ثم قام في الثانية فقرأ وركع ولم يسجد، ثم قام في الثالثة (¬16) فقرأ وسجد ولم يركع (¬17)؟ قال: هذا إنما صلى ركعة واحدة؛ لأنه حيث ركع أولاً ولم ¬

_ (¬1) ح ي: ذلك ولم يصل. (¬2) ح ي + ثم وقام في الثالثة. (¬3) م: يصلي. (¬4) ح ي: وعليه أن يسجد. (¬5) ح ي: وصارت. (¬6) ح ي: سجدتي. (¬7) ح ي: لما. (¬8) ح ي - فركع. (¬9) ح ي - ولم يركع. (¬10) ح ي: فسجد. (¬11) ح ي + فجلس. (¬12) ح ي: وسجد؛ ح ي + سجدتين. (¬13) ح ي: حيث. (¬14) ح ي: فلا. (¬15) ح ي: وسجد. (¬16) ح - فقرأ وركع ولم يسجد ثم قام في الثالثة؛ صح هـ. (¬17) ح ي: فقرأ ولم يركع وسجد؛ ح ي + سجدتين.

يسجد حتى قام في الثانية فقرأ وركع ولم يسجد ثم قام (¬1) في الثالثة وسجد سجدتين (¬2)، فهاتان السجدتان للركعة الأولى، وبطلت (¬3) الوسطى. قلت (¬4): وعليه في جميع ما صنع سجدتا (¬5) السهو بعد التسليم؟ قال: نعم (¬6). قلت: أرأيت إذا صلى الرجل أربع ركعات وقعد (¬7) قدر التشهد في (¬8) الرابعة، ثم صلى (¬9) الخامسة، لم جَعلتَ صلاتَه تامة؟ قال: لأنه قد (¬10) قعد قدر التشهد (¬11) فقد تمت صلاته. فلا (¬12) يُفسِد (¬13) صلاتَه ما حدث (¬14) بعد ذلك من (¬15) كلام أو ضحك أو صلاة. قلت: أرأيت إن كان عليه سجدتا السهو، ثم فعل شيئاً من ذلك بعدما تشهد قبل أن يسجدهما أو بعدما سجد إحداهما؟ قال: صلاته في هذا (¬16) تامة، غير أن عليه الوضوء لصلاة أخرى إذا قهقه أو أحدث. قلت: لم جَعلتَ عليه الوضوء وهو في غير الصلاة، وقد زعمتَ أن صلاته تامة؟ قال: أجل، إن صلاته تامة، غير أنه قد (¬17) بقي عليه شيء يجب عليه (¬18) فيه الوضوء إذا قهقه (¬19) أو أحدث، ولا تفسد (¬20) صلاته. ألا ترى لو أن رجلاً دخل معه في الصلاة على تلك الحال (¬21) كان قد أدرك معه الصلاة. أَوَلاَ ترى لو أن رجلاً أدرك الإمام يوم الجمعة على تلك الحال (¬22) كان (¬23) قد أدرك معه الجمعة. أَوَلاَ ترى لو أن ¬

_ (¬1) ك م - في الثانية فقرأ وركع ولم يسجد ثم قام. (¬2) ح - سجدتين. (¬3) ح ي: وأبطلت. (¬4) ح ي - قلت. (¬5) ك م - سجدتا. (¬6) ح ي - بعد التسليم قال نعم. (¬7) ك ح ي: وقد قعد. (¬8) ح + الركعة. (¬9) ح ي: ثم قام فصلى. (¬10) ح ي - قد. (¬11) ح ي + في الرابعة. (¬12) ح ي: ولا. (¬13) ح: تفسد. (¬14) ح ي: ما أحدث. (¬15) ح ي + حدث أو. (¬16) ح ي: في هذين. (¬17) ح - قد. (¬18) م + يجب عليه. (¬19) ح ي: إن قهقه. (¬20) ح م: يفسد. (¬21) ح: الحالة. (¬22) ح: لحالة. (¬23) ح ي - كان.

باب الزيادة في السجود

مسافراً دخل في صلاة المقيم (¬1) على تلك الحال وجب عليه صلاة المقيم (¬2). قلت: أرأيت رجلاً صلى الظهر فقعد (¬3) في الثانية وسلم (¬4) في الركعتين ساهياً؟ قال: يمضي في صلاته، وعليه سجدتا السهو. قلت: أَوَلاَ (¬5) ترى (¬6) التسليم قطعاً (¬7) للصلاة كما يقطعها الكلام؟ قال: أما إذا كان ساهياً فلا، وإن كان متعمداً لذلك فصلاته فاسدة. ... باب الزيادة في السجود (¬8) قلت: أرأيت رجلاً صلى فسجد في ركعةٍ ثلاث سجدات أو أربعاً (¬9)، هل يُفسِد ذلك صلاتَه؟ قال: لا، إلا أن (¬10) عليه سجدتي (¬11) السهو. قلت: وكذلك لو ركع ثم رفع رأسه ثم ركع (¬12) ساهياً؟ قال: نعم. قلت: أَوَلاَ (¬13) ترى السجدة أو السجدتين أو الركعة إذا لم يكن معها سجود (¬14) ولم (¬15) يكن مع السجود ركعة تُفسِد (¬16) الصلاة؟ قال: لا، إنما يُفسِد الصلاةَ (¬17) ركعةٌ وسجدة أو سجدتان (¬18). ¬

_ (¬1) ح ي: مقيم. (¬2) ي: مقيم. (¬3) ح ي: وقعد. (¬4) ح ي: فسلم. (¬5) ح - أولاً؛ ي: ولا. (¬6) ح: ويرى. (¬7) ح: مطلقاً. (¬8) ح ي - باب الزيادة في السجود. (¬9) ح ي: أو أربع؛ ح ي + سجدات ساهياً. (¬10) ح: قال الآن. (¬11) ح: سجدتا. (¬12) ي + ثم رفع رأسه ثم ركع. (¬13) ح ي: ولا. (¬14) ح ي: سجدة. (¬15) ح ي: أو لم. (¬16) ح: يفسد. (¬17) ح - الصلاة. (¬18) أي: إذا زاد في الصلاة ذلك فإنها تفسد كما يفهم من المسألة التالية. وانظر: المبسوط، 1/ 228.

قلت: أرأيت إن زاد في الظهر ركعة وسجدة أو سجدتين ولم يقعد في الرابعة قدر التشهد؟ قال: هذه الصلاة قد صارت خمس ركعات، ففَسَدَتْ، فعليه أن يعيدها. قلت: أرأيت إماماً صلى بقوم فسها في صلاته، ثم أحدث فقدّم رجلاً قد (¬1) فاتته ركعة، كيف يصنع؟ قال: يصلي بالقوم، فإذا انتهى إلى تمام صلاة الإمام تشهد، ثم تأخر (¬2) من غير أن يسلم ويقدّم (¬3) رجلاً ممن أدرك أول الصلاة، فيسلم بهم (¬4) ويسجد سجدتي السهو، ثم يقوم هذا الإمام الثاني فيقضي ما سبقه (¬5). قلت: وينبغي له أن يسجد سجدتي السهو مع الذي قدّم قبل (¬6) أن يقضي؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن لم يكن في القوم رجل قد أدرك الصلاة من أولها كيف يصنع الإمام الثاني؟ قال: إذا انتهى إلى رابعة (¬7) الإمام الأول (¬8) تشهد، ثم تأخر من غير أن يسلم، فقام يقضي وحده (¬9) ما سبق به، وقام القوم يقضون (¬10) وحداناً. قلت: فإذا (¬11) قضوا وحداناً هل عليهم سجدتا السهو اللتان وجبتا (¬12) على الإمام الأول؟ قال: نعم. قلت: فمتى (¬13) يسجدونهما (¬14)؟ قال: كلما فرغ رجل (¬15) منهم من صلاته وسلم سجد (¬16) سجدتي السهو. قلت: لم أوجبتَ (¬17) على كل رجل منهم أن يسجد للسهو (¬18) ولم يسجد الإمام، وزعمتَ (¬19) أنه (¬20) إذا لم يكن (¬21) سجد (¬22) الإمام فلا سجود على أصحابه؟ قال: ليس هذا كذلك. ¬

_ (¬1) م: فقد. (¬2) ح ي: وتأخر. (¬3) ح ي: وقدم. (¬4) ح ي: بالقوم. (¬5) ح ي: سبق به. (¬6) م - قبل. (¬7) ح: إلى الرابعة. (¬8) ك م - الأول. (¬9) ح ي: وحده يقضي. (¬10) ح ي: فقضوا. (¬11) ح ي: وإن. (¬12) ي: وجبتان. (¬13) ح ي: وإن. (¬14) ك م ي: يسجدهما. (¬15) ح ي: إذا فرغ كل رجل. (¬16) ي: ويسلم يسجد. (¬17) م: لم وجبت. (¬18) ي: لسهوه. (¬19) ح ي: قد زعمت. (¬20) ح ي - أنه. (¬21) ح ي - يكن. (¬22) ح ي: يسجد.

هذا قد (¬1) وجب على إمام هؤلاء أن يسجد، ولكنه لم (¬2) يدرك (¬3) أول الصلاة فلم يستطع (¬4) أن يسجد، ولم يكن لهم إمام يسجد بهم، فاستحسنتُ (¬5) أن يسجدوا بها (¬6) وحداناً كما يقضون وحداناً. قلت: أرأيت مسافراً أمّ (¬7) قوماً مقيمين، فسها في صلاته فسجد سجدتي السهو بعدما سلم في الركعتين، أيسجد المقيمون معه أم يقضون قبل ذلك ثم يسجدون؟ قال: بل (¬8) يسجدون معه، ثم يقومون (¬9) فيقضون (¬10) صلاتهم. قلت: فإن سجدوا معه ثم قاموا يقضون، فسها رجل (¬11) فيما يقضي، أيجب عليه أن يسجد سجدتي السهو بعدما يسلم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً نام خلف الإمام ثم استيقظ وقد فرغ الإمام (¬12) من صلاته وسلم وعليه سهو، فأراد أن يسجد (¬13)، أيسجد هذا الرجل معه أم يقضي؟ قال: بل (¬14) يبدأ (¬15) فيقضي (¬16) الأول فالأول (¬17) من صلاته، فإذا فرغ وسلم (¬18) سجد (¬19) سجدتي السهو. قلت: فإن سجد مع الإمام ثم قام يقضي؟ قال: لا يجزيه ما سجد مع الإمام، وعليه أن يسجد إذا فرغ من صلاته. قلت: من أين اختلف (¬20) هذا والذي سبقه الإمام بركعة؟ قال: هذا قد (¬21) أدرك أول الصلاة، والذي سبقه الإمام لم (¬22) يدرك ¬

_ (¬1) ح ي - قد. (¬2) ح ي + يكن. (¬3) ح ي: أدرك. (¬4) ح ي: يقدر. (¬5) ك م: واستحسنت. (¬6) ح ي: أن يسجدوها. (¬7) ك م: يؤم. (¬8) ح: بلا. (¬9) ح ي: ثم يتمون. (¬10) ح ي - فيقضون. (¬11) ح ي + منهم. (¬12) ي - الإمام؛ صح هـ. (¬13) ح + سهوه؛ ي + بسهوه. (¬14) ح: بلى. (¬15) ح ي - يبدأ. (¬16) ح ي: يقضي. (¬17) ك م: الأولى فالأولى. (¬18) ح: يسلم. (¬19) ح: ويسجد؛ ي: وسجد. (¬20) ح: اختلفا. (¬21) ك م: هذا إذا. (¬22) ي: ولم.

أولها (¬1). ألا ترى أن الذي لم يدرك أول الصلاة خلفه (¬2) عليه (¬3) أن يقرأ فيما يقضي، وهذا الذي أدرك أول الصلاة إنما يتبع الإمام بغير قراءة حتى يفرغ من صلاته (¬4). قلت: فهل يقوم هذا الرجل (¬5) الذي أدرك أول الصلاة في كل ركعة مقدار قراءة الإمام؟ قال: نعم. قلت: فإن نقص أو زاد؟ قال: لا يضره. قلت: وكذلك لو أن رجلاً أدرك أول الصلاة مع الإمام ثم أحدث، فذهب (¬6) فتوضأ فجاء (¬7) وقد فرغ الإمام من صلاته؟ قال: نعم. قلت: فإن استيقظ النائم وقد بقيت على الإمام ركعة أو جاء (¬8) الذي أحدث (¬9)، كيف يصنعان، أيصليان (¬10) مع الإمام ما بقي عليه، أم يبتدئان (¬11) فيقضيان ما سُبِقَا به ثم يصليان هذه الركعة؟ قال: يبتدئان (¬12) فيقضيان ما سُبقَا به من الصلاة، ثم يصليان هذه الركعة، ثم يسجدان سجدتي (¬13) السهو. فإن (¬14) أدركا (¬15) الإمام بعدما فرغا مما (¬16) سُبِقَا به قعدا مع الإمام حتى يفرغ. قلت: أرأيت رجلاً انتهى إلى الإمام في الظهر أو العصر (¬17) وقد سبقه الإمام (¬18) بركعتين، فدخل معه في الصلاة (¬19) فصلى معه الركعتين الأخريين (¬20)، فلما سلم الإمام قام يقضي، أيقضي بقراءة أم بغير قراءة؟ قال: بل (¬21) يقضي بقراءة، في كل ركعة بفاتحة الكتاب ¬

_ (¬1) ك م: أوله. (¬2) ح ي - خلفه. (¬3) ك م - عليه. (¬4) ح - من صلاته. (¬5) ح ي - الرجل. (¬6) ح ي: ثم ذهب. (¬7) ح ي: وجاء. (¬8) ح ي: وجاء. (¬9) ي: أحدثا. (¬10) ح ي: يقضيان ويصليان. (¬11) م ي: أم يبديان؛ ح: أم يبدآن. (¬12) م: يبديان؛ ح: بل يبدآن؛ ي: بل يبديان. (¬13) ح: سجدة. (¬14) ح ي: وإن. (¬15) ي: أدرك. (¬16) ك م: ما. (¬17) ح ي: والعصر. (¬18) ح ي - الإمام. (¬19) ح ي - في الصلاة. (¬20) م: الأخيرتين. (¬21) ح - هل.

وسورة (¬1). قلت: وكذلك لو سبقه الإمام بركعة؟ قال: نعم. قلت: فإن سبقه بثلاث ركعات؟ قال: يقرأ في الركعتين الأوليين فيما يقضي بفاتحة الكتاب وسورة (¬2) في كل ركعة، ويقرأ في (¬3) الأخيرة (¬4) بفاتحة الكتاب (¬5)، وإن شاء سبّح، وإن شاء سكت (¬6). قلت: فإن كان الإمام سها في صلاته وقد أدرك هذا معه ركعة أو لم يدرك معه إلا أنه أدركه جالساً، أيسجد (¬7) معه إذا سجد الإمام للسهو؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن لم يقرأ فيما يقضي؟ قال: صلاته فاسدة. قلت: لم؟ قال: لأنه يقضي أول صلاته، فعليه أن يقرأ. قلت: أرأيت رجلاً انتهى إلى الإمام في الظهر وقد صلى الإمام ركعتين ولم يقرأ فيهما، فدخل الرجل معه في (¬8) الصلاة فصلى معه الركعتين الأخريين (¬9)، وقرأ الإمام فيهما، فلما سلم قام هذا يقضي، أيقرأ (¬10) فيما يقضي من صلاته؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يقرأ؟ قال: لا يجزيه (¬11)، وعليه أن يعيد الصلاة (¬12). قلت: ولم قد (¬13) أجْزَت صلاة (¬14) الإمام وقد صارت (¬15) صلاة (¬16) هذا فاسدة وقد أدرك معه الركعتين اللتين قرأ فيهما الإمام؟ قال: لأن الإمام أخر القراءة عن موضعها ثم قرأ في آخر صلاته في الركعتين (¬17) فهو يجزيه. وأما هذا فإنه (¬18) يقضي أول صلاته، فلا ¬

_ (¬1) ح ي: وبسورة؛ ك م + وهو قول محمد. ولم يذكر الحاكم ولا السرخسي في ذلك خلافاً بين الإمام محمد والإمامين أبي حنيفة وأبي يوسف. انظر: الكافي، 1/ 12 و؛ والمبسوط، 1/ 230. (¬2) ح ي: القرآن وبسورة. (¬3) ح ي + الركعة. (¬4) ك: في الآخرة؛ ي: الآخرة. (¬5) ح ي: القرآن. (¬6) ح ي - وإن شاء سكت. (¬7) ك: يسجد. (¬8) ح - في. (¬9) م: الآخرتين. (¬10) ي: أما يقرأ. (¬11) ي: لا تجزيه؛ ح ي + صلاته. (¬12) ح ي - الصلاة. (¬13) ح ي - قد. (¬14) ك م - صلاة. (¬15) ح ي - وقد صارت. (¬16) ح ي: وصلاة. (¬17) ح ي: في ركعتين. (¬18) ح ي: فهو.

بد له من أن يقرأ فيهما. قلت: أرأيت إن كان (¬1) هذا حين أدرك الركعتين مع الإمام (¬2) قرأ فيهما (¬3)؟ قال: لا يجزيه حتى يقرأ فيما يقضي. قلت: أرأيت إن قرأ فيما يقضي بفاتحة الكتاب وحدها (¬4) أو بسورة (¬5) وليس (¬6) معها فاتحة الكتاب (¬7)؟ قال: إن كان ساهياً فعليه سجدتا (¬8) السهو (¬9). وإن تعمد لذلك فصلاته تامة، ولا شيء عليه إلا أنه قد أساء. قلت: أرأيت إن قرأ آية ساهياً أو متعمداً؟ قال: إن كان ساهياً فعليه سجدتا السهو، وصلاته تامة. وإن تعمد ذلك فصلاته تامة، ولا شيء عليه، إلا أنه قد أساء (¬10). قلت: أرأيت إن قام يقضي قبل أن يتشهد مع (¬11) الإمام وقبل (¬12) أن يقعد قدر التشهد، فقضى وفرغ مما عليه؟ قال: لا يجزيه ذلك. قلت: لم؟ قال: أرأيت لو قام يقضي وقد بقي على الإمام ركعة أكان يجزيه؟ قلت (¬13): لا. قال (¬14): فهذا وذاك سواء. قلت: فإن قام يقضي بعدما قعد الإمام قدر التشهد وفرغ من صلاته؟ قال: يجزيه. قلت: أرأيت إن كان على (¬15) الإمام سجدتا السهو فسجدهما والرجل (¬16) قائم يصلي ولم يركع، أو قد (¬17) ركع ولم يسجد، كيف يصنع؟ قال: يرفض ذلك، ويخر ساجداً مع الإمام فيسجد (¬18) معه، فإذا سلم الإمام قام فقضى ما عليه. قلت: فإن سجد الإمام سجدتي السهو وقد صلى الرجل ركعة وسجدة أو سجدتين أيرفض (¬19) ذلك ¬

_ (¬1) ح ي - إن كان. (¬2) ح ي + إن كان. (¬3) ح: منها. (¬4) ح ي: القرآن وحده. (¬5) ح: وبسورة. (¬6) ح ي: ليس. (¬7) ح ي: القرآن. (¬8) ح: السجدة. (¬9) ح ي + وإن كان متعمداً فلا شيء عليه وصلاته في الوجهين جميعاً تامة. (¬10) ح ي - وإن تعمد لذلك فصلاته تامة ولا شيء عليه إلا أنه قد أساء قلت أرأيت إن قرأ آية ساهياً أو متعمداً قال إن كان ساهياً فعليه سجدتا السهو وصلاته تامة وإن تعمد ذلك فصلاته تامة ولا شيء عليه إلا أنه قد أساء. (¬11) ح ي - مع. (¬12) ي: أو قبل. (¬13) ح: قال. (¬14) ح - قال. (¬15) ح - على؛ صح هـ؛ ي: يصلى. (¬16) ح: والإمام. (¬17) م: وقد. (¬18) ي: فسجد. (¬19) ح ي: أو يرفض.

ويدخل مع الإمام؟ قال: لا. قلت: أرأيت لو لم (¬1) يكن سجد ولكنه كان ركع (¬2) بها (¬3)، فلما سجد الإمام سجد معه، ثم قام يقضي ما سبقه (¬4) الإمام، أتُحْتَسَبُ تلك القراءة التي قرأ قبل (¬5) أن يسجد مع الإمام؟ قال: لا، وقد (¬6) انتقض (¬7) سجوده مع الإمام وقراءته (¬8)، فعليه أن يعيد القراءة. قلت: أرأيت إماماً صلى بقوم فأتم بهم الصلاة وسلم ومعه رجلان أو ثلاثة ممن (¬9) لم يدرك أول الصلاة، فقاموا يقضون، فسها أحدهم فيما يقضي، هل يجب (¬10) على صاحبه (¬11) السهو؟ قال: لا. قلت: ولم (¬12) صلاتهم (¬13) واحدة (¬14) فيما أدركوا، وليست (¬15) بواحدة فيما يقضون؟ قال (¬16): ألا ترى لو أن (¬17) أحدهم ضحك (¬18) أو أحدث أو تقيّأ أو تكلم لم يفسد على صاحبه. قلت: أرأيت إن قاما يقضيان (¬19) فائتم أحدهما (¬20) بصاحبه؟ قال: صلاة الإمام تامة، وصلاة الآخر فاسدة. قلت: لم أَفسدتَ عليه صلاتَه (¬21)؟ قال: لأنه صلى (¬22) صلاة واحدة بإمامين. قلت: أرأيت مسافراً أَمَّ قوماً مقيمين، فصلى بهم ركعتين وسلم، فقام (¬23) المقيمون فائتموا (¬24) برجل منهم، هل تجزيهم (¬25) صلاتهم (¬26)؟ ¬

_ (¬1) ح ي: إن لم. (¬2) ح ي: راكعاً. (¬3) ح ي - بها. (¬4) ح ي: يقضي بعدما فرغ. (¬5) ح ي: أيحتسب بتلك الركعة التي قد ركع قبل. (¬6) ح - وقد. (¬7) ح: ويقضي؛ ي: يقضي. (¬8) ح ي: قراته. (¬9) ح: من. (¬10) ح ي: أيجب. (¬11) ي: على صاحب. (¬12) ح ي: لم. (¬13) م ح ي: وصلاتهم. (¬14) ح ي + قال صلاتهم واحدة. (¬15) ح: وهي ليست؛ ي: هي ليست. (¬16) ح ي - قال. (¬17) ح - لو أن؛ ي: ألا ترون. (¬18) ح ي: لو ضحك. (¬19) ح ي: إن قاموا يقضون. (¬20) ح ي: أحدهم. (¬21) ح ي - أفسدت عليه صلاته. (¬22) ح - صلى. (¬23) ح ي: وقام. (¬24) ي: فأتموا. (¬25) ي: هل يجزيهم. (¬26) ح ي - صلاتهم.

قال: لا، صلاتهم (¬1) فاسدة غير الإمام، فإن صلاته تامة (¬2). قلت: أرأيت إماماً صلى بقومٍ الظهرَ، وصلى إمامٌ آخَرُ بقومٍ آخَرِين الظهرَ، فلما سلم الإمامان معاً (¬3) جميعًا قام رجل من هؤلاء يقضي ورجل من هؤلاء يقضي (¬4)، وقد بقي (¬5) على كل واحد منهما ركعة (¬6)، فائتم أحد الرجلين بصاحبه؟ قال: صلاة الإمام منهما (¬7) تامة، وصلاة المؤتم (¬8) فاسدة. قلت: وسواء إن كانت صلاة واحدة أو صلاتين أو ثلاث (¬9) صلوات (¬10)؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المرأة إذا صلت وحدها (¬11) هل يجب عليها من السهو ما يجب على الرجل؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل إذا صلى تطوعاً أيجب عليه في ذلك من السهو ما يجب عليه في المكتوبة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إماماً صلى بقوم الغَدَاةَ وتشهّد، ثم طلعت الشمس قبل أن يسلم (¬12)، وعليه سجدتا السهو؟ قال: صلاته وصلاة من خلفه فاسدة، وعليهم أن يستقبلوا الصلاة (¬13) إذا ارتفعت (¬14) الشمس. وهذا (¬15) قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: أما نحن فنرى (¬16) صلاته وصلاة من خلفه تامة. قلت: أرأيت إماماً صلى بقومٍ الجمعةَ فقعد في الثانية قدر (¬17) التشهد (¬18) ثم دخل وقت العصر؟ قال: عليهم أن يستقبلوا الظهر (¬19) أربع ¬

_ (¬1) ح ي: وصلاتهم. (¬2) ح ي - فإن صلاته تامة. (¬3) ح ي - معاً. (¬4) ح - ورجل من هؤلاء يقضي. (¬5) ح ي: بقيت. (¬6) ح - ركعة. (¬7) ح ي: فيهما. (¬8) ح ي: وصلاة الذي ائتم. (¬9) ح: أو اثنتين أو ثلاثة؛ ي: أو اثنين أو ثلاثة. (¬10) ح ي - صلوات. (¬11) ك م - وحدها. (¬12) ك م: أن يسجد. (¬13) ح + وأما. (¬14) ح ي: إذا طلعت. (¬15) ح ي: في. (¬16) ح ي: أما أنا فأرى. (¬17) ح ي - قدر. (¬18) ح ي: وتشهد. (¬19) ح: الصلاة.

ركعات. وهذا (¬1) قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: أما نحن فنرى (¬2) صلاته وصلاة من خلفه تامة. قلت: أرأيت رجلاً (¬3) مسافراً عرياناً لا يجد ثوبًا فصلى ركعتين فقعد فيهما (¬4) قدر التشهد وتشهد (¬5) ثم وجد ثوباً؟ قال: صلاته فاسدة، وعليه أن يستقبل. وهذا (¬6) قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد (¬7): نرى (¬8) صلاته تامة. قلت: أرأيتَ رجلاً قرأ بالفارسية في الصلاة (¬9) وهو يحسن (¬10) العربية (¬11)؟ قال: تجزيه صلاته. قلت: وكذلك الدعاء؟ قال: نعم. وهذا (¬12) قول أبي حنيفة (¬13). وقال أبو يوسف ومحمد: إذا قرأ الرجل في الصلاة بشيء (¬14) من التوراة أو الإنجيل أو الزبور (¬15) وهو يحسن القرآن (¬16) أو لا يحسن إن هذا (¬17) لا يجزيه؛ لأن هذا كلام ليس (¬18) بقرآن ولا تسبيح (¬19). قلت: أرأيت عَرَق الحمار أو البغل (¬20) أو لعابهما (¬21) يصيب الثوب؟ قال: لا ينجسه. قلت: وكذلك (¬22) لو (¬23) كان كثيراً فاحشاً؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) ح ي: في. (¬2) ح ي: أما أنا فأرى. (¬3) ح ي - رجلاً. (¬4) ح ي - فيهما. (¬5) ح ي: فتشهد. (¬6) ح ي: في. (¬7) ح ي + أما أنا. (¬8) ح ي: فأرى؛ ح ي + أن. (¬9) ح ي: في الصلاة بالفارسية. (¬10) ح ي: لا يحسن. (¬11) ح ي + أو يحسن القراءة بالعربية. (¬12) ح ي: وهو. (¬13) ي + وقال أبو يوسف ومحمد إن كان يحسن لم يجزيه وإن كان لا يحسن العربية أجزأه. وقد تقدمت المسألة. انظر: 1/ 3 و (¬14) ح: شيئاً. (¬15) م ح ي: والإنجيل والزبور. (¬16) ح ي: القراءة. (¬17) ح ي: إنه. (¬18) ح ي: وليس. (¬19) ح ي: بتسبيح؛ ح ي + فلا يجزيه. (¬20) ح: البغل أو الحمار؛ ي: والبغل. (¬21) ح ي: ولعابهما. (¬22) ح - وكذلك؛ ي - قلت وكذلك. (¬23) ح ي: وإن.

وقال أبو يوسف (¬1): إذا سقط من لعاب الحمار أو البغل وعرقه (¬2) شيء في وَضوء الرجل (¬3) قليلاً كان أو كثيراً فإن ذلك يُفسد الماء، ولا يجزي (¬4) من توضأ به. فإن توضأ به رجل وصلى أعاد الوضوء والصلاة. وقال أبو حنيفة: إذا توضأ الرجل بسؤر الحمار أو البغل وهو يجد (¬5) غيره لم يجزه (¬6). وقال أبو حنيفة في لعاب الكلب والسباع كلها: إذا كان أكثر من قدر الدرهم أفسد (¬7) الصلاة. وقال (¬8): لا (¬9) يتوضأ بسؤر شيء من السباع إلا بسؤر السِّنَّوْر، فإنه يتوضأ بسؤرها ولا بأس بلعابها. وقال أبو حنيفة (¬10): وغير (¬11) سؤرها أحب إلي أن يتوضأ به (¬12). وقال أبو حنيفة: لا بأس (¬13) بسؤر الحائض والمشرك وإن أدخلا (¬14) أيديهما (¬15) أو شربا (¬16) بعد أن لا يُعلَم في أيديهما قَذَرٌ. قلت: أرأيت رجلاً نسي التكبير في دبر الصلاة في أيام التشريق هل عليه سهو؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن هذا ليس من الصلاة. قلت: أرأيت رجلاً نسي القنوت في الوتر وذكر ذلك بعدما (¬17) رفع (¬18) رأسه من الركوع (¬19) هل يقنت؟ قال: لا (¬20)، ليس عليه قنوت بعد الركوع. قلت: فهل عليه سجدتا (¬21) السهو؟ قال: نعم. قلت: فإن قنت بعدما رفع رأسه من الركوع هل يسقط عنه سجدتا (¬22) السهو؟ قال: لا. قلت: لم جعلت ¬

_ (¬1) ح ي + ومحمد. (¬2) ح ي: إذا سقط من عرق الحمار أو البول ولعابه. (¬3) ح ي: رجل. (¬4) ح ي: يجزيه. (¬5) ح ي + ماء. (¬6) ي: لم يجزيه. (¬7) ح ي + هذا. (¬8) ح ي - وقال. (¬9) ح ي: ولا. (¬10) ح ي - أبو حنيفة. (¬11) ح ي: غير. (¬12) ح ي - أبو حنيفة. (¬13) ي + بالوضوء. (¬14) ح ي: أدخل. (¬15) ح ي + فيه. (¬16) ح ي + منه. (¬17) ح ي - وذكر ذلك بعدما. (¬18) ح ي: فرفع. (¬19) ح ي + ثم ذكر. (¬20) ح ي - لا. (¬21) ح: سجدة. (¬22) ح: سجدة.

عليه سجدتي السهو في ترك القنوت ولا تجعلهما (¬1) عليه في ترك التكبير (¬2) في (¬3) أيام التشريق؟ قال (¬4): لأن القنوت عندي بمنزلة التشهد. قلت: فما لك لم تجعل عليه أن يقنت بعد الركوع؟ قال: لأن موضع القنوت قبل الركوع، فإذا لم يقنت في موضعه لم تكن (¬5) عليه إعادة (¬6)، وكان عليه سجدتا (¬7) السهو إذا فعل ذلك ناسياً (¬8). قلت: فإن (¬9) فعل ذلك متعمداً؟ قال: قد أساء، ولا شيء عليه. قلت: أرأيت رجلاً صلى ركعتين تطوعاً فسها فيها (¬10) وتشهد وسلم هل عليه (¬11) سجدتا (¬12) السهو؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يسلم ولكنه قام يصلي (¬13) أخريين (¬14) فجعل (¬15) صلاته أربعاً ثم سلم (¬16) هل (¬17) عليه سجدتا (¬18) السهو وإنما سها في الأوليين؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأنها (¬19) صلاة واحدة (¬20). قلت: أرأيت رجلاً افتتح التطوع وهو ينوي أن يصلي ركعتين، فلما صلى ركعة سها فيها، ثم بدا له أن يجعل صلاته أربعاً فزاد أخريين (¬21)، هل عليه سجدتا (¬22) السهو؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يَسْهُ (¬23) في الأوليين ولكنه سها فيما زاد، أيجب عليه سجدتا (¬24) السهو؟ ¬

_ (¬1) م: ولا يجعلهما؛ ح ي: ولم تجعلها. (¬2) ح ي: تكبير. (¬3) ح ي - في. (¬4) ي قلت. (¬5) م ح ي: لم يكن. (¬6) ي: الإعادة. (¬7) ي: سجدتي. (¬8) ح ي: ساهياً. (¬9) ح: إن. (¬10) ح ي: فيهما. وقوله: فيها، أي: في الصلاة. (¬11) ح ي + أن يسجد. (¬12) ح ي: سجدتي. (¬13) ح ي: فصلى؛ ح ي + ركعتين. (¬14) ح: أخراوين. (¬15) ي: فيجعل. (¬16) م: ثم يسلم. (¬17) ح + يجب. (¬18) ي سجدتي. (¬19) ح ي: لأنهما. (¬20) ح صلى بواحدة. (¬21) م: أخرين؛ ح ي: أخراوين؛ ح ي + وفرغ. (¬22) ح: سجدة. (¬23) ي: لم يسهو. (¬24) ح ي: سجدتي.

قال: نعم، لأنها صلاة واحدة. قلت: أرأيت رجلاً دخل مع الإمام في الصلاة والإمام يصلي الظهر، ونوى الرجل بدخوله (¬1) معه التطوع، ثم تكلم الإمام كيف يصنع الرجل الداخل (¬2)؟ قال: يستقبل أربع ركعات. قلت: أرأيت إن كان الإمام لم يتكلم وتم على صلاته إلا أن الرجل الداخل معه إنما أدرك الركعتين (¬3)؟ قال: إذا فرغ الإمام فإن عليه أن يقوم (¬4) فيقضي (¬5) الأخريين (¬6) حتى تكون (¬7) أربع (¬8) ركعات (¬9) مثل صلاة الإمام. قلت: أرأيت رجلاً افتتح الصلاة (¬10) للتطوع (¬11) وهو ينوي أن يصلي أربعاً، فلما صلى ركعة أو ركعتين بدا له أن لا (¬12) يتمها أربعاً فسلم في الركعتين، هل عليه أن يصلي أخراوين؟ قال: لا. قلت: من أين اختلف هذا والذي خلف الإمام؟ قال: لأن الذي خلف الإمام قد دخل في صلاته، فلا بد له من أن يتمها؛ لأنه قد دخل فيها وائتم به. وأما هذا فلا يجب عليه أربع ركعات حتى يقوم في الثالثة، فإذا قام في الثالثة وجب عليه أن يتمها أربع ركعات. قلت: أرأيت رجلاً دخل في الظهر وهو ينوي أن يصلي (¬13) ست ركعات ثم بدا له فصلى أربع ركعات (¬14)؟ قال: صلاته تامة. وهذا والأول سواء. ولا ¬

_ (¬1) ح: لدخوله. (¬2) ح ي - الرجل الداخل. (¬3) ح ي: ركعتين. (¬4) ح ي - يقوم. (¬5) ح ي: يقضي. (¬6) م: الاخرتين؛ ح ي: أخراوين. (¬7) م: حتى يكونه (¬8) ح ي: أربعاً. (¬9) ح ي - ركعات. (¬10) ح ي - الصلاة. (¬11) ح ي: التطوع. (¬12) ح - لا. (¬13) ك م - أن يصلي أربعاً فلما صلى ركعة أو ركعتين بدا له أن لا يتمها أربعاً فسلم في الركعتين هل عليه أن يصلي أخراوين قال لا قلت من أين اختلف هذا والذي خلف الإمام قال لأن الذي خلف الإمام قد دخل في صلاته فلا بد له من أن يتمها لأنه قد دخل فيها وائتم به وأما هذا فلا يجب عليه أربع ركعات حتى يقوم في الثالثة فإذا قام في الثالثة وجب عليه أن يتمها أربع ركعات قلت أرأيت رجلاً دخل في الظهر وهو ينوي أن يصلي. والمسألة لم يذكرها الحاكم، ولا السرخسي. انظر: الكافي، 1/ 11 ظ - 12 ظ؛ والمبسوط، 1/ 231. (¬14) ك م - ثم بدا له فصلى أربع ركعات.

تُفسِد (¬1) عليه صلاتَه (¬2) الركعتان (¬3) اللتان نوى أن يصليهما؛ لأنه (¬4) لم يدخل فيهما، وليس عليه قضاؤهما (¬5). قلت: أرأيت مسافراً نوى أن يصلي الظهر (¬6) أربع ركعات، ثم بدا له (¬7) فصلى ركعتين؟ قال: لا تفسد (¬8) صلاته (¬9). ألا ترى أنه (¬10) لو دخل في الظهر وهو ينوي أن يقطعها (¬11) بكلام أو حدث فصلى ركعة، ثم بدا له فأتمها ولم يقطعها، أن صلاته تامة. فإذا (¬12) نوى شيئاَ فلم يفعل (¬13) أو أراد (¬14) أن يزيد شيئاً ثم بدا له فلم يزد فصلاته تامة، ولا شيء عليه فيما نوى. قلمت: أرأيت رجلاً افتتح التطوع ونوى (¬15) أن (¬16) يصلي ركعتين، فصلى ركعة (¬17) فقرأ فيها (¬18)، ثم صلى ركعة أخرى (¬19) فلم يقرأ فيها، أو قرأ (¬20) في (¬21) الثانية ولم يقرأ في الأولى، ثم سلم؟ قال: عليه أن يستقبل ركعتين. قلت (¬22): إن لم يسلم حتى صلى أربع ركعات وقرأ في الأخريين (¬23) أو (¬24) في الأوليين كما وصفت لك، وقد نوى بالأخريين (¬25) قضاء الأوليين، هل يجزيه ذلك؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه قد أفسد الأوليين، فلا يستطيع أن يدخل في صلاة أخرى (¬26) صحيحة حتى يقطع الأوليين. قلت: وكذلك لو أتمها ست ركعات؟ قال: نعم. قلت: لم أفسدت الأوليين؟ قال: لأنه لم يقرأ في إحداهما، فلا (¬27) تكون صلاةٌ ¬

_ (¬1) م ح ي: يفسد. (¬2) ح ي - صلاته. (¬3) ي: الركعتين. (¬4) ك م - لأنه. (¬5) ح: قضاؤها. (¬6) ح ي - الظهر. (¬7) ح ي + أن يصلي ركعتين. (¬8) ح ي - لاتفسد. (¬9) ح ي + تامة. (¬10) ك م - أنه. (¬11) م: أن يقطعهما. (¬12) ح ي: وإن. (¬13) ك م - فلم يفعل. (¬14) ك: وأراد. (¬15) ح ي - ونوى. (¬16) ح ي: وأن. (¬17) ح ي - فصلى ركعة. (¬18) ح ي: فيهما. (¬19) ك م - أخرى. (¬20) م - قرأ. (¬21) ح ي + الركعة. (¬22) ح ي + أرأيت. (¬23) م: في الاخرتين؛ ح ي + ولم يقرأ. (¬24) ح ي - أو. (¬25) م: بالاخرتين؛ ح ي: الأخريين. (¬26) ك م ح ي - أخرى. والزيادة من ج. (¬27) ح ي: ولا.

بغير قراءة. قلت: فإن أضاف إليها ركعة بقراءة ينوي قضاء التي (¬1) أفسدها؟ قال: لا يجزيه. قلت: لم؟ قال (¬2): لأنه (¬3) قد (¬4) أفسدهما حين لم يقرأ في إحداهما، فلا يستطيع أن يضيف إليها ركعة (¬5) أخرى، فتكون (¬6) إذًا ثلاثاً، وقد أفسد إحداهن، فعليه ركعتان يقضيهما (¬7). قلت: أرأيت رجلاً صلى الغداة (¬8) فقرأ في الركعة الأولى ولم يقرأ في الثانية، هل يجزيه أن يضيف إليها (¬9) أخرى؟ قال: لا، [لأنها] تكون (¬10) ثلاثاً (¬11)، فعليه (¬12) أن يستقبل (¬13) الغداة. قلت: أرأيت رجلاً (¬14) افتتح الصلاة (¬15) وهو ينوي أربع ركعات، فقرأ في الركعة (¬16) الأولى والرابعة ولم يقرأ في الثانية والثالثة؟ قال: عليه أن يستقبل أربع ركعات. قلت: لم؟ قال: لأنه حيث (¬17) قرأ في الأولى ولم يقرأ في الثانية (¬18) أفسد الركعتين، ثم قرأ في الرابعة ولم يقرأ في الثالثة فقد أفسد الركعتين (¬19) أيضاً، فعليه أن يستقبل أربعاً. وقال محمد: عليه قضاء ركعتين (¬20). قلت: أرأيت إن كان سها فيما صلى وأوجب (¬21) على نفسه سجدتي السهو، ثم أمرتَه (¬22) أن يعيد الصلاة، أترى (¬23) عليه أن يسجد للسهو فيما يعيد؟ قال: لا يسجد فيما يعيد إلا أن يسهو (¬24)، فإن سها سجد (¬25). ¬

_ (¬1) ح ي: الذي. (¬2) ك م - قلت لم قال. (¬3) م - لأنه. (¬4) ح ي - قد. (¬5) ح ي - ركعة. (¬6) م: فيكون. (¬7) ح: يقضيها. (¬8) ح ي + ركعتين. (¬9) ح ي - إليها. (¬10) ك م: وعليه. (¬11) ح ي - تكون ثلاثاً. (¬12) ح ي: وعليه. (¬13) ح ي: الصلاة. (¬14) ي: رجل. (¬15) ح ي: التطوع. (¬16) ح ي - الركعة. (¬17) م: جنب. (¬18) ح ي + فقد. (¬19) ح ي - ثم قرأ في الرابعة ولم يقرأ في الثالثة فقد أفسد الركعتين. (¬20) ح ي: الركعتين. (¬21) ي: صلاه أوجب. (¬22) ح ي: لم أمرته. (¬23) ح ي: هل. (¬24) ح ي: أن يسهوا. (¬25) ح + سجدة؛ ي: سجده.

قلت: أرأيت رجلاً صلى الظهر أو العصر (¬1) فلما صلى ركعتين ظن أنه قد فرغ من صلاته وسلم (¬2)، ثم ذكر مكانه أنه (¬3) إنما صلى ركعتين؟ قال: يتم صلاته، وعليه سجدتا (¬4) السهو. قلت: أرأيت إن لم يسلم ولكنه لما صلى ركعتين ظن أنه قد فرغ من صلاته فنوى (¬5) القطع لصلاته والدخول في التطوع وهو ساهٍ (¬6)، ثم ذكر ذلك بعدما دخل في التطوع أنه (¬7) إنما صلى من (¬8) الظهر ركعتين؟ قال: يمضي في التطوع، فإذا فرغ استقبل الظهر أربع ركعات، وليس عليه سجدتا (¬9) السهو فيما صنع؛ لأن (¬10) صلاته (¬11) قد انتقضت (¬12). قلت: أرأيت الإمام إذا سها يوم (¬13) الجمعة أو سها في العيدين أو سها في صلاة الخوف أليس عليه في ذلك ما (¬14) عليه فيما ذكرت من الصلوات (¬15)؟ قال: نعم (¬16). قلت: ومن دخل معه في سجدتي السهو فقد (¬17) دخل معه في صلاته (¬18) ووجب (¬19) عليه ما وجب على الإمام؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الإمام إذا سها في صلاة الخوف فسجد أيسجد الطائفة (¬20) الذين (¬21) معه؟ قال: نعم. قلت (¬22): ولا يسجد الطائفة الذين (¬23) هم (¬24) بإزاء العدو؟ قال: نعم، لا يسجدون. قلت: فإن جاءت ¬

_ (¬1) ح: والعصر. (¬2) ح ي: فسلم. (¬3) ي - أنه؛ صح هـ. (¬4) ي: سجدتي. (¬5) ك: ونوى. (¬6) ح ي: ساهي. (¬7) ح ي - أنه. (¬8) ح ي - من. (¬9) ي: سجدتي. (¬10) ك م: لأنه. (¬11) ك م - صلاته. (¬12) ح ي: قد انقضت. (¬13) ح ي: في. (¬14) ح: مما. (¬15) م: من الصلوة. (¬16) كذا في النسخ. ولعل الأولى أن يقال بلى (¬17) ح ي: قال. (¬18) ح + قلت. (¬19) ي: قد وجب. (¬20) ك: للطائفة. (¬21) ك م: الذي. (¬22) ح - قلت. (¬23) ي: الذي. (¬24) ح ي - هم.

الطائفة الذين (¬1) هم (¬2) بإزاء العدو وقضوا متى يسجدون للسهو؟ قال: إذا فرغوا من صلاتهم. قلت: فإن سهوا (¬3) فيما يقضون وجب على من سها منهم سجدتا السهو؟ قال: لا (¬4)، إنما عليهم السهو (¬5) فيما سها إمامهم. قلت: أرأيت الرجل الذي لا يستطيع أن يسجد (¬6) ويومئُ (¬7) إيماء، أو رجل يسجد (¬8) على دابته لا يستطيع (¬9) أن ينزل من الخوف، فسها أحد (¬10) من هؤلاء في صلاته هل يجب عليه سجدتا (¬11) السهو (¬12)؟ قال: نعم. قلت: ويجب عليه أن يومئ بسجدتي (¬13) السهو إيماء بعد التسليم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً افتتح الصلاة فقرأ ثم شك فلم يدر (¬14) أكبر التكبيرة (¬15) التي يفتتح (¬16) بها الصلاة أم لا، فأعاد التكبير والقراءة، ثم علم أنه كان كبر؟ قال: يمضي في صلاته، وعليه سجدتا (¬17) السهو. قلت (¬18): إن ذكر ذلك وهو راكع أو ساجد أو بعدما (¬19) صلى ركعة ثم استيقن أنه قد كان كبر؟ قال: يمضي في صلاته، وعليه سجدتا (¬20) السهو. قلت: فإن لم يكن صلى شيئاً إلا أنه ركع (¬21) في الأولى فذكر أنه لم يكبر، فرفع رأسه وكبر وقرأ (¬22)، ثم ذكر أنه قد كان (¬23) كبر؟ قال: يمضي في صلاته ¬

_ (¬1) ي: الذي. (¬2) ك ح ي - هم. (¬3) ي: يسهوا. (¬4) ح ي - لا. (¬5) ح: للسهو. (¬6) ح ي: أن يصلي. (¬7) ح ي: وهو يومئ. (¬8) ح ي: يسير. (¬9) ح ي: لا يقدر. (¬10) ح ي: أحدهم. (¬11) ي: سجدتي. (¬12) ي + إيماء. (¬13) ي: سجدتي. (¬14) ح ي: يدري. (¬15) ح ي: تكبيرة. (¬16) ح ي: افتتح. (¬17) ي: سجدتي. (¬18) ح ي + أرأيت. (¬19) ي: وبعدما. (¬20) ي: سجدتي. (¬21) ح ي: راكع. (¬22) ح ي - وقرأ. (¬23) م: كان قد.

ويعتدّ (¬1) بركعته تلك (¬2)، ويسجد سجدتي السهو. قلت: ولا يكون تكبيره هذا قطعاً للصلاة (¬3)؟ قال: لا؛ (¬4) ألا ترى أنه إنما (¬5) ينويها (¬6)، ولا (¬7) ينوي غيرها. قلت: فإن ذكر (¬8) وهو ساجد أنه لم يكبر، فرفع رأسه فقام فكبر، ثم علم أنه قد كان كبر؟ قال (¬9): يمضي في صلاته (¬10)، ويعتدّ (¬11) بركعته تلك (¬12) وسجدتيه (¬13)، ويتم ما بقي من صلاته، وعليه سجدتا (¬14) السهو. قلت: أرأيت رجلاً افتتح الظهر ثم نسي فظن أنه في (¬15) العصر، فصلى هكذا (¬16)، هل عليه (¬17) سجدتا (¬18) السهو؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه لا (¬19) يعلم ما صلى. قلت: وكذلك لو افتتح الظهر فصلى ركعة ثم ظن (¬20) أنها العصر، فصلى ركعتين ثم استيقن أنها الظهر، ثم صلى الرابعة؟ قال: نعم. قلت: ولا يُفسِد هذا صلاتَه؟ قال: لا. قلت: فإن مكث وهو يتفكّر حتى شَغَلَه (¬21) ذلك عن ركعة أو سجدة، أو كان راكعاً أو ساجداً (¬22) فأطال الركوع أو السجود (¬23) يتفكّر (¬24)، ثم ظن (¬25) أنها الظهر، هل يجب (¬26) في ذلك عليه (¬27) سجدتا السهو؟ قال: إذا تغير عن حاله ¬

_ (¬1) م: ويعيد. (¬2) ح ي: بتلك الركعة. (¬3) ح ي: لصلاته. (¬4) ح ي - قال لا. (¬5) ك م - إنما. (¬6) ح ي: ينوي بها. (¬7) ك م: لا. (¬8) ح ي: ظن. (¬9) ح - قال. (¬10) ح ي - في صلاته. (¬11) م: ويعيد. (¬12) ح ي: بتلك الركعة. (¬13) ح ي: وسجدته. (¬14) ح ي: سجدتي. (¬15) ح ي - في. (¬16) ح + ركعة أو ركعتين ثم ذكر أنه في الظهر؛ ي+ وركعة أو ركعتين ثم ذكر أنه في الظهر. (¬17) ح ي: أعليه؛ ح ي + في ذلك. (¬18) ي: سجدتي. (¬19) ح ي - لا. (¬20) ي: ثم ذكر. (¬21) ح ي: حتى يشغله. (¬22) ح ي: ساجداً أو راكعاً. (¬23) ح ي: والسجود. (¬24) ح ي: بتفكره. (¬25) ح ي: ثم ذكر. (¬26) ح ي - يجب. (¬27) ح ي: عليه في ذلك.

فتفكّر (¬1) استحسنتُ أن (¬2) أجعل عليه (¬3) سجدتي السهو. قلت: أرأيت الرجل الذي نام (¬4) خلف الإمام وقد (¬5) أدرك أول الصلاة / [1/ 50 ظ] مع الإمام فاستيقظ وقد فرغ الإمام من صلاته، والرجلَ الذي (¬6) أدرك مع الإمام أول الصلاة فأحدث فذهب يتوضأ (¬7) ويجيء وقد فرغ الإمام من صلاته، أهما عندك سواء؟ قال: نعم. قلت (¬8): وعليهما (¬9) أن يبنيا على صلاتهما؟ قال: نعم. قلت: ولا يقرأ واحد (¬10) منهما؟ قال: لا (¬11). قلت: فإن سَهَوا (¬12) في صلاتهما أو سها أحدهما فهل (¬13) على الذي سها سجدتا (¬14) السهو؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه بمنزلة من خلف الإمام، ولا سهو على من خلف الإمام (¬15) إذا لم يَسْهُ (¬16) الإمام. قلت: أرأيت إماماً صلى بقوم فلما قعد في الرابعة تشهد (¬17) ثم (¬18) شك في شيء من صلاته فتفكّر فيه ساعةً حتى شَغَلَه (¬19) تفكُّرُه عن التسليم، ثم استيقن أنه قد أتم الصلاة، هل عليه (¬20) سجدتا (¬21) السهو؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن لم يشك حتى سلم (¬22) تسليمة واحدة، ثم شك فلم يدر (¬23) أصلى ثلاثاً (¬24) أم أربعاً، ثم استيقن أنه قد أتم (¬25)، هل ¬

_ (¬1) ح ي: بتفكره. (¬2) ح: أني. (¬3) ح ي - عليه. (¬4) ح ي: ينام. (¬5) ك م: قد. (¬6) ح ي - الذي. (¬7) ح ي: فيحدث فيذهب فيتوضأ. (¬8) ح ي - قلت. (¬9) ح: عليهما. (¬10) ح ي: الواحد. (¬11) أي: لا يقرأ واحد منهما. والأولى من حيث الدلالة على المقصود أن يستعمل في الجواب هنا: "نعم"؛ لأن نفي النفي إثبات. (¬12) ك م ح: سهيا؛ ي: سهي. (¬13) ح ي: هل. (¬14) ح: سجدتي. (¬15) م - ولا سهو على من خلف الإمام. (¬16) ح: لم يسهه؛ ي: لم يسهو. (¬17) ح ي: وتشهد. (¬18) ح ي - ثم. (¬19) ح ي: ثم أشغله. (¬20) ي + في ذلك. (¬21) ي: سجدتي. (¬22) ي: حتى يسلم. (¬23) ح ي: يدري. (¬24) ح ي: أثلاثاً صلى. (¬25) ح ي + الصلاة.

عليه (¬1) سجدتا (¬2) السهو؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن هذا إنما سها بعد خروجه من الصلاة. قلت: أرأيت رجلاً صلى وحده فأحدث، فانفتل ليتوضأ، فشك في صلاته وهو يتوضأ فلم يدر أثلاثاً صلى أم ركعتين، فشَغَلَه ذلك عن وضوئه (¬3)، ثم استيقن أنه (¬4) صلى ركعتين، ففرغ من وضوئه فجاء فبنى (¬5) على صلاته حتى فرغ من صلاته (¬6)، هل عليه سجدتا (¬7) السهو بعد الفراغ؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأنه في الصلاة. ألا ترى أنه يعتدّ (¬8) بما مضى من صلاته ويصلي ما بقي. قلت: أرأيت رجلاً صلى الظهر أربع ركعات ثم قام في الخامسة ساهياً، فذكر قبل أن يقرأ أو بعدما قرأ أو بعدما ركع ولم يسجد، كيف يصنع وقد قعد في الرابعة قدر التشهد أو لم يقعد؟ قال: إذا ذكر فليقعد وليتشهد ويسلم (¬9)، وعليه سجدتا (¬10) السهو. ولا يُفسِد عليه ما ذكرت شيئاً من صلاته؛ لأنها ليست بركعة تامة. قلت: فإن سجد في الخامسة ثم ذكرها وقد قعد قدر التشهد؟ قال: يضيف إليها ركعة أخرى ثم يسجد سجدتي السهو (¬11). قلت: أرأيت رجلاً افتتح الصلاة تطوعاً فسها في صلاته فأتم ركعتين وسلم، ثم قام فدخل في صلاة مكتوبة أو في صلاة تطوع (¬12) غير تلك (¬13)، هل عليه في ذلك سجدتا (¬14) السهو؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: ¬

_ (¬1) ح ي + في ذلك. (¬2) ي: سجدتي. (¬3) ح ي + ساعة. (¬4) ح ي + قد. (¬5) ح ي: وبنى. (¬6) ح ي - من صلاته. (¬7) ي: سجدتي. (¬8) م: يعيد. (¬9) ح ي: وليسلم. (¬10) ي: سجدتي. (¬11) ح ي - قلت فإن سجد في الخامسة ثم ذكرها وقد قعد قدر التشهد قال يضيف إليها ركعة أخرى ثم يسجد سجدتي السهو. (¬12) ك م: تطوعاً. (¬13) ك م: تلك. (¬14) ي: سجدتي.

لأنه قد قطع صلاته (¬1) التي (¬2) سها فيها (¬3) ودخل في غيرها، فلما دخل في غيرها (¬4) سقط عنه سجدتا (¬5) السهو. قلت: أرأيت رجلاً صلى الظهر وحده وقد فرغ (¬6) من صلاته وسلم، ثم دخل مع الإمام (¬7) في صلاة غيرها، ثم شك في الأولى وهو في الصلاة مع الإمام، فتفكّر (¬8) حتى شَغَلَه تفكُّرُه، هل (¬9) عليه في هذه الصلاة سهو؟ قال: لا (¬10). قلت: لم؟ قال: لأنه لم يشك في شيء منها. قلت: وكذلك لو كان يصلي وحده حتى فرغ من الأولى ففكّر (¬11) فيها؟ قال: نعم إن لم يشغله عنها شيء (¬12). قلت: أرأيت رجلاً صلى ركعتين (¬13) فسها فيهما (¬14) فسجد لسهوه (¬15) بعد التسليم والتشهد (¬16)، ثم أراد أن يضيف إليها ركعتين أخريين (¬17)؟ قال: ليس له (¬18) ذلك إلا أن يستقبل التكبير. ألا ترى (¬19) أنه إن بنى على التكبير الأول كانت (¬20) عليه سجدتا السهو وسط (¬21) صلاته. ¬

_ (¬1) ك م - صلاته. (¬2) ك م: الذي. (¬3) ح ي: فيه. (¬4) ح ي - فلما دخل في غيرها. (¬5) ي: سجدتي. (¬6) ح ي: وفرغ. (¬7) ي: مع إمام. (¬8) ح ي + فيها. (¬9) ك م - هل. (¬10) م - لا. (¬11) ح: فتفكر. (¬12) ك م - قلت لم قال لأنه لم يشك في شيء منها قلت وكذلك لو كان يصلي وحده حتى فرغ من الأولى ففكر فيها قال نعم إن لم يشغله عنها شيء. وقال الحاكم: وإن شك في صلاة قد صلاها قبل هذه الصلاة فتفكر في ذلك وهو في هذه الصلاة لم يكن عليه سجود السهو وإن شغله تفكره، لأنه لم يشك في هذه. انظر: الكافي، 1/ 12 ظ؛ والمبسوط، 1/ 232 - 233. (¬13) ح + فسلم. (¬14) ي: فيها. (¬15) ح ي: ثم سجد للسهو. (¬16) ح ي: بعد التشهد والتسليم. (¬17) ح ي: أخراوين. (¬18) م - له؛ ح: عليه. (¬19) ح: يرى. (¬20) ح ي: كان. (¬21) ك م ج ر ط: وسقطت؛ ح ي: وتسقط. والتصحيح مستفاد من السرخسي حيث يقول: وإذا صلى ركعتين تطوعاً وسها فيهما فسجد لسهوه بعد التسليم ثم أراد أن يبني=

باب صلاة المسافر

ولا تكون سجدة (¬1) السهو إلا في آخر الصلاة. وإن (¬2) استقبل التكبير ودخل في الركعتين أجزأه. ... باب صلاة المسافر قلت: أرأيت المسافر هل يقصر الصلاة في أقل من ثلاثة أيام؟ قال: لا. قلت: فإن سافر مسيرة ثلاثة أيام فصاعداً؟ قال: يقصر الصلاة حين يخرج من مصره (¬3). قلت: ولم وقّت له (¬4) ثلاثة أيام؟ قال: لأنه جاء أثر (¬5) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال (¬6): "لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا ومعها ذو (¬7) محرم" (¬8)، فقِسْتُ على ذلك، وبلغني (¬9) عن إبراهيم النخعي وسعيد بن جبير ¬

_ = عليهما ركعتين لم يكن له ذلك، لأنه لو فعل كان سجوده للسهو في وسط الصلاة، وذلك غير مشروع. انظر: المبسوط، 1/ 233. (¬1) ي: سجدتي. (¬2) ح ي: فإن. (¬3) ح ي - قلت فإن سافر مسيرة ثلاثة أيام فصاعداً قال يقصر الصلاة حين يخرج من مصره. (¬4) ح: لم تمت؛ ي: لم قلت. (¬5) ح ي: الأثر. (¬6) ح ي - أنه قال. (¬7) ح ي + رحم. (¬8) قال الإمام محمد: أخبرنا أبو معاوية المكفوف عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفراً يكون ثلائة أيام فصاعداً إلا ومعها أبوها أو زوجها أو أخوها أو ذو محرم منها". انظر: الحجة على أهل المدينة، 1/ 167. وانظر: صحيح البخاري، تقصير الصلاة، 4؛ وصحيح مسلم، الحج، 413. (¬9) ح ي: وبلغنا.

أنهما قالا (¬1): إلى (¬2) المدائن ونحوها (¬3). قلت: أرأيت (¬4) إذا سافر مسيرة ثلاثة أيام فصاعداً فقدم المصر الذي خرج إليه أيتم الصلاة؟ قال: إن كان يريد أن يقيم فيه (¬5) خمسة عشر يوماً (¬6) أتم الصلاة، وإن كان (¬7) لا يدري متى يخرج قصر الصلاة. قلت (¬8): ولم وقّت (¬9) خمسة عشر يوماً (¬10)؟ قال: للأثر الذي جاء عن عبد الله بن عمر (¬11). قلت: أرأيت إذا خرج (¬12) من مصره وهو يريد السفر فحضرت الصلاة وأمامه من مصره ذلك دار أو داران؟ قال: يصلي صلاة المقيم ما لم يخرج من مصره ذلك حتى يخلّف ذلك المصر. قلت: فإن كان بينه وبين ¬

_ (¬1) ح: مالا. (¬2) ك م - إلى. (¬3) قال الإمام محمد: أخبرنا محمد بن أبان بن صالح عن حماد عن إبراهيم النخعي قلت فيما تقصر الصلاة قال في المدائن وواسط ونحوهما. انظر: الحجة على أهل المدينة، 1/ 167. وعن حماد قال سألت ابراهيم: في كم يقصر المسافر الصلاة؟ فقال إذا خرجت من الكوفة إلى المدائن فاقصر حين تخرج من البيوت. قال حماد: فسألت سعيد بن جبير، فوَقَّتَ نحو ذلك. انظر: الآثار لأبي يوسف، 75؛ والمصنف لعبد الرزاق، 2/ 528. (¬4) ح ي - أرأيت. (¬5) ح ي: فيها. (¬6) ح ي + أو أكثر من ذلك. (¬7) ح ي + لا يريد أن يقيم خمسة عشر يوماً أو كان. (¬8) ح - قلت. (¬9) ح ي: قلت. (¬10) ح - يوماً. (¬11) رواه الإمام محمد بإسناده إلى ابن عمر. انظر: الآثار للإمام محمد، 39؛ والحجة على أهل المدينة للإمام محمد، 1/ 170؛ والمصنف لعبدالرزاق، 2/ 534؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 208؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 183. (¬12) ح ي: إن خرج.

المصر (¬1) الذي خرج إليه (¬2) فرسخ أو أقل من (¬3) ذلك وهو يريد المقام فيه أيصلي صلاة مسافر (¬4) أو صلاة مقيم (¬5)؟ قال: بل صلاة (¬6) مسافر (¬7) حتى يدخلها. قلت: أرأيت الرجل إذا خرج من الكوفة إلى مكة ومنى وهو يريد أن يقيم بمكة ومنى خمسة عشر يوماً أيكمل الصلاة حين يدخل مكة؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه لا يريد أن يقيم بمكة وحدها خمسة عشر يوماً. قلت: ولا تعد (¬8) مكة ومنى مصراً واحداً؟ قال: لا. قلت: أرأيت رجلاً (¬9) أقبل من الجَبَل يريد الحِيرَة وأهله بها فمر (¬10) بالكوفة (¬11) فحضرت الصلاة أيصلي صلاة مسافر أو صلاة مقيم؟ قال: بل يصلي (¬12) صلاةَ مسافر ما لم يدخل الحيرة أو يوطّن نفسه على إقامة خمسة عشر يوماً بالكوفة. قلت: أرأيت إن لم يكن أهله بالحيرة ولكنه أقبل من الجبل (¬13) يريد أن يقيم بالحيرة والكوفة خمسة عشر يوماً فقدم الكوفة أيقصر الصلاة أم يتم؟ قال: بل يقصر الصلاة. قلت: ولم (¬14) يقصر الصلاة ولا يتم حين يدخل الكوفة؟ قال: لأنه لم يوطّن نفسه على إقامة خمسة عشر يوماً في مصر واحد. ألا ترى لو أن رجلاً أقبل من الجبل (¬15) وهو يريد أن يقيم بالكوفة والبصرة خمسة عشر يوماً فقدم الكوفة أو البصرة أنه لم يجب (¬16) عليه أن يتم الصلاة. قلت: أرأيت رجلاً خرج من مصره مسافراً بعد زوال الشمس أيصلي ¬

_ (¬1) ح ي: المكان. (¬2) ح ي: منه. (¬3) ح: قل أليس. (¬4) ح ي: المسافر. (¬5) ح ي: المقيم. (¬6) ح: بصلاة. (¬7) ح ي: المسافر. (¬8) م: ولا بعد. (¬9) ح ي: الرجل. (¬10) ح: وهو؛ ي: فهو. (¬11) تقدم أن الحيرة كانت على ثلاثة أميال من الكوفة. (¬12) ك م - بل يصلي؛ ح - يصلي. (¬13) م: من الحل. (¬14) ح ي: لم. (¬15) م: من الحل. (¬16) ح ي: لا يجب.

صلاة المسافر أم صلاة المقيم (¬1)؟ قال: بل (¬2) صلاة مسافر. قلت: ولم وقد (¬3) خرج من مصره في وقت صلاة قد (¬4) وجبت عليه؟ قال: أرأيت لو زالت الشمس وهو مسافر ثم قدم أهلَه أكان يصلي الظهر صلاة (¬5) مسافر (¬6) أو صلاة مقيم؟ قلت (¬7): بل (¬8) صلاة مقيم. قال: فهذا وذاك سواء. قلت: أرأيت رجلاً خرج من مصره بعد ذهاب (¬9) وقت (¬10) الصلاة (¬11) ولم يصلها (¬12) أيصلي تلك الصلاة صلاة مسافر أو صلاة مقيم؟ قال: بل (¬13) صلاة مقيم. قلت: لم؟ قال (¬14): لأنها (¬15) وجبت عليه قبل أن يخرج من مصره. قلت: وكذلك لو أن مسافراً دخل في (¬16) وقت الظهر ولم (¬17) يصلها (¬18) حتى ذهب الوقت ثم قدم المصر (¬19)؟ قال: نعم، عليه أن يصلي صلاة مسافر. قلت: وإنما ينظر إلى ذهاب الوقت ولا ينظر إلى دخوله؟ قال: نعم (¬20). قلت: أرأيت رجلاً خرج مسافراً فحضرت الصلاة وهي الظهر، فافتتح الصلاة ليصلي وقد خرج من مصره وهو يريد أن يصلي ركعتين، فأحدث حين دخل في الصلاة، فانفتل فأتى المصر فتوضأ (¬21) ثم عاد إلى مكانه، كم يصلي؟ قال (¬22): أربع ركعات. قلت: لم؟ قال: لأنه قد دخل (¬23) المصر فصار مقيماً وهو في الصلاة بَعْدُ، فعليه أن يصلي صلاة مقيم (¬24). قلت: فإن (¬25) انفتل حين أحدث وهو يريد أن يدخل ¬

_ (¬1) ح ي: مسافر أو صلاة مقيم. (¬2) ح ي + يصلي. (¬3) ح ي: قد. (¬4) ح - قد. (¬5) ك م - صلاة. (¬6) ك م: مسافراً. (¬7) م: قال. (¬8) ح ي: يصلي. (¬9) ح + قومه وعليه. (¬10) ح - وقت. (¬11) ح ي: صلاة. (¬12) ي: يصليها. (¬13) ح ي + يصلي. (¬14) م + قال. (¬15) ح ي + قد. (¬16) ح ي - في. (¬17) ح ي: فلم. (¬18) ي: يصليها. (¬19) م: البصره. (¬20) ك م - قال نعم. (¬21) ح: ليتوضأ. (¬22) ح ي + يصلي. (¬23) ك ح ي + في. (¬24) ك م: المقيم. (¬25) ح ي + كان.

المصر ليتوضأ (¬1) ثم ذكر أن عنده (¬2) ماء لم يعلم به؟ قال: يتوضأ ويصلي أربع ركعاتٍ صلاةَ مقيم. قلت: لم (¬3) ولم يدخل المصر؟ قال: لأنه حين أجمع رأيه على دخوله (¬4) المصر قد (¬5) وجب عليه أن يصلي أربع ركعات. قلت: لم كان (¬6) هكذا عندك؟ قال: أرأيت لو بدا له أن يقيم ويرجع إلى أهله ألم (¬7) يكن عليه أن يصلي أربع ركعات. قلت (¬8): بلى، ولا يشبه (¬9) هذا عندي ذاك (¬10)، لأن هذا قد أراد الإقامة، والأول لم يرد (¬11) أن يقيم. قال (¬12): أرأيت لو أجمع رأيَه على أن يدخل أهلَه (¬13) فيمكث يوماً ثم يخرج (¬14) كم كان (¬15) يصلي؟ قلت (¬16): أربعاً. قال (¬17): فهذا (¬18) وذاك سواء. قلت: أرأيت إن أراد المقام وهو في الصلاة ثم بدا له أن يتم على سفره ولا (¬19) يرجع؟ قال: إذا أجمع رأيَه على الإقامة فهو مقيم، ولا يكون مسافراً بالنية (¬20) كما يكون مقيماً بالنية (¬21)، لأنه لا يكون مسافراً حتى يسير، والإقامة إنما تكون بالنية، لأن الإقامة ليس (¬22) بعمل، والسفر عمل. قلت: أرأيت مسافراً صلى في سفره أربعاً أربعاً (¬23) حتى رجع (¬24) إلى أهله ما القول (¬25) في ذلك؟ قال: إن كان قعد في كل ركعتين قدر التشهد فصلاته تامة، وإن كان لم يقعد في الركعتين الأوليين قدر التشهد (¬26) فصلاته ¬

_ (¬1) ح ي: ويتوضأ. (¬2) ح ي: أن معه. (¬3) م - لم. (¬4) ح ي: على دخول. (¬5) ح ي: فقد. (¬6) م - كان؛ ح ي: صار؛ ح ي + هذا. (¬7) ح ي: لم. (¬8) م: قال. (¬9) ح ي: ولكن يشبه. (¬10) ح ي: ذلك. (¬11) م: ولم يرد؛ ح ي: لم يريد. (¬12) ك م ح ي: قلت. (¬13) من باب دخل بيتَه انظر: لسان العرب، "دخل". (¬14) م: ثم خرج. (¬15) ح ي - كان. (¬16) ك م ح ي: قال. (¬17) ك - قال؛ م + قلت. (¬18) ح ي: هذا. (¬19) ح ي + يريد أن. (¬20) م: يا ليته. (¬21) م: يا ليته. (¬22) ح ي: ليست. (¬23) ح ي - أربعاً. (¬24) ي: حتى يرجع. (¬25) ح ي: ما قولك. (¬26) ح ي + في الصلاة.

فاسدة، وعليه أن يعيد. قلت: لم كان (¬1) هذا عندك هكذا؟ قال: لأن (¬2) صلاة المسافر الفريضة ركعتان، فما زاد عليها (¬3) فهو تطوع، فإن (¬4) خلط المكتوبة بالتطوع فسدت صلاته إلا أن يقعد في الركعتين الأوليين (¬5) قدر التشهد، لأن (¬6) التشهد فصل (¬7) لما (¬8) بينهما. ألا ترى لو أنه (¬9) تكلم وقد قعد (¬10) قدر التشهد كانت صلاته تامة (¬11). فإن (¬12) كانت الصلاة لم يفسدها (¬13) الكلام لم يفسدها (¬14) صلاة أخرى، لأن الصلاة لا تكون أشد من الكلام. قلت: أرأيت مسافراً افتتح الظهر وهو ينوي أن يصلي أربع ركعات ثم بدا له فصلى ركعتين وسلم؟ قال: صلاته تامة. قلت: أرأيت مسافراً افتتح الظهر فصلى (¬15) ركعتين وتشهد وقد سها في صلاته فسلم (¬16)، وهو يريد أن يسجد سجدتي السهو، ثم بدا له أن يقيم (¬17)؟ قال: صلاته تامة، وليس (¬18) عليه سجدتا (¬19) السهو، ونيته هذه (¬20) قطع (¬21) للصلاة. ألا ترى لو أنه (¬22) ضحك في هذه الحال (¬23) حتى قهقه لم يكن عليه وضوء (¬24)، ولو كان في صلاة لكان عليه الوضوء. وإنما بدا له المقام حين فرغ من صلاته، فلذلك لم يكن عليه أن يتم الصلاة. قلت: أرأيت إن سجد (¬25) للسهو (¬26) سجدة واحدة أو سجدتين ثم ¬

_ (¬1) ح: ما كان. (¬2) ك م: إن. (¬3) ح ي: عليهما. (¬4) ح ي: فإذا. (¬5) ح ي - الأوليين. (¬6) ح ي: فيكون. (¬7) ح: فصلاً. (¬8) ح ي - لما. (¬9) ح ي: أنه لو. (¬10) ح ي: قبل أن يقعد. (¬11) ي: فاسدة؛ ك م + قلت. (¬12) ح ي: فإذا. (¬13) ح ي: لا يفسدها. (¬14) ح ي: لا يفسدها. (¬15) ح ي - فصلى. (¬16) ح - فسلم. (¬17) ح ي: الإقامة. (¬18) ح: وليست. (¬19) ي: سجدتي. (¬20) ح ي: هذا. (¬21) ي: قطعًا. (¬22) ح ي: أنه لو. (¬23) ح: الحالة. (¬24) ي: وضوه. (¬25) م: إن يسجد. (¬26) ك م: لسهو.

بدا له المقام (¬1) قبل أن يسلم؟ قال: عليه أن يكمل أربع ركعات، وعليه أن (¬2) يسجد (¬3) سجدتي (¬4) السهو بعد التسليم، ويتشهد فيها ويسلم. ألا ترى أنه لو ضحك في هذه الحال حتى قهقه كان (¬5) عليه الوضوء لصلاة أخرى. أولا ترى لو أن رجلاً أدرك معه الصلاة في هذه الحال كان قد أدرك معه (¬6) الصلاة. ولا يشبه هذا الأول (¬7)، لأن هذا بدا له المقام وهو في الصلاة (¬8)، والأول (¬9) بدا له وقد فرغ من صلاته. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد وزفر: هذا كله سواء، وهو في صلاته بَعْدُ ما لم يسلم قبل أن يدخل في سجدتي السهو (¬10)، إن بدا له المقام كان مقيماً، وعليه أن يتم الصلاة، وإن دخل معه رجل في تلك الحال كان داخلاً في صلاته وإن لم يسجد الإمام سجدتي (¬11) السهو، وإن قهقه الإمام في تلك الحالة كان عليه الوضوء لصلاة أخرى (¬12). قلت: أرأيت مسافراً افتتح الظهر وصلى (¬13) ركعة (¬14)، ثم أحدث فانصرف ليتوضأ، فلم يجد الماء فتيمم بالصعيد، ثم وجد الماء قبل أن يعود إلى مقامه وبدا (¬15) له المقام؟ قال: يتوضأ ويبني على صلاته، ويكمل أربع ¬

_ (¬1) ح ي: الإقامة. (¬2) ح ي - وعليه أن. (¬3) ح ي: ويسجد. (¬4) ح: سجدة. (¬5) ي: لكان. (¬6) ح ي - معه. (¬7) م: والأول؛ ح ي: وهذا لا يشبه الأول. (¬8) ح ي + والباب. (¬9) ح ي: الأول. (¬10) ح - السهو؛ صح هـ. (¬11) ح: سجدة. (¬12) ك م - وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد وزفر هذا كله سواء وهو في صلاته بعد ما لم يسلم قبل أن يدخل في سجدتي السهو إن بدا له المقام كان مقيماً وعليه أن يتم الصلاة وإن دخل معه رجل في تلك الحال كان داخلاً في صلاته وإن لم يسجد الإمام سجدتي السهو دان قهقه الإمام في تلك الحالة كان عليه الوضوء لصلاة أخرى. وانظر: المبسوط، 1/ 240؛ وبدائع الصنائع للكاساني، 1/ 100. (¬13) ح ي: الصلاة فصلى. (¬14) ح: ركعتين. (¬15) ح ي: ثم بدا.

ركعات. قلت: فإن قام (¬1) في مقامه ثم رأى الماء ثم بدا له المقام؟ قال: يتوضأ ويستقبل الصلاة أربع ركعات (¬2)، ورؤيته الماء (¬3) في مقامه وقبل أن يقوم في مقامه (¬4) سواء في القياس (¬5)، غير أني أستحسن ذلك (¬6) وآمره (¬7) أن يتوضأ ويبني على صلاته (¬8) ما لم يَرَ (¬9) الماء (¬10) بعدما يقوم في مقامه (¬11) أو يقوم (¬12) في غير (¬13) مقامه (¬14) يريد (¬15) الصلاة، فإذا فعل ذلك ثم رأى الماء استقبل الوضوء والصلاة. قلت: أرأيت مسافراً أم قومًا مقيمين ومسافرين فصلى بهم ركعة وسجدة، ثم أحدث (¬16) فقدم (¬17) رجلاً دخل معه في الصلاة ساعتئذٍ وهو (¬18) مسافر مثله؟ قال: لا ينبغي لذلك الرجل أن يتقدم، ولكن ينبغي للإمام أن يقدم من قد (¬19) أدرك أول الصلاة. قلت: أرأيت إن تقدم (¬20) الرجل (¬21) المسافر كيف يصنع؟ قال: ينبغي له أن يسجد تلك السجدة التي تركها (¬22) الإمام الأول، ثم يصلي بهم. قلت: فإن سها عن تلك السجدة فصلى (¬23) بهم ركعة وسجد فيها سجدة، ثم أحدث فقدم رجلاً آخر دخل معه في الصلاة (¬24) ساعتئذ، فذهب (¬25) فتوضأ وجاء فدخل معه في الصلاة، ¬

_ (¬1) ح ي: كان. (¬2) ح - ركعات؛ صح هـ. (¬3) م - الماء. (¬4) ك: من مقامه. (¬5) ح ي - في القياس. (¬6) ح ي - ذلك. (¬7) ح ي: فآمره. (¬8) ك ي - على صلاته. (¬9) ي: لم يرى. (¬10) ك م - الماء. (¬11) ك م: من مقامه. (¬12) ي: ويقوم. (¬13) ح ي: في غيره. (¬14) ح ي - مقامه. (¬15) ح ي: ثم يريد. (¬16) ح ي + فتأخر. (¬17) ح ي: وقدم. (¬18) ي: هو. (¬19) م - قد. (¬20) ح ي - أرأيت إن تقدم. (¬21) ح ي: فالرجل. (¬22) ك م: ترك. (¬23) ح ي: وصلى. (¬24) ح ي - آخر دخل معه في الصلاة؛ ح + في. (¬25) ك م - فذهب.

باب الإمام يحدث فيقدم رجلا ويحدث الثاني فيقدم آخر

وجاء الإمام الأول فدخل معه، كيف ينبغي لهذا الإمام الثالث أن يصنع (¬1)؟ قال: ينبغي له أن يسجد تلك السجدة الأولى، ويسجدها معه الإمام الأول والقوم، ولا يسجدها (¬2) معه (¬3) الإمام الثاني (¬4)، ثم يسجد السجدة الأخيرة (¬5)، ويسجدها معه الإمام الثاني والقوم، ولا يسجدها معه الإمام الأول (¬6)، ويصلي الإمام الأول الركعة (¬7) الثانية (¬8) بغير قراءة. فإن أدرك مع الإمام الثالث السجدة الأخيرة (¬9) يسجدها (¬10) معه، وإن لم يدركها (¬11) سجدها وحده، ويتشهد الإمام الثالث، ثم يتأخر فيقدم رجلاً قد أدرك أول الصلاة، فيسلم (¬12) بهم، ويسجد بهم سجدتي السهو ويسجدون معه جميعاً (¬13)، ثم يقوم الإمام الثاني فيقضي الركعة التي سبق بها فيقرأ (¬14) فيها، ويقوم المقيمون فيقضون وحداناً بغير إمام حتى يكملوا الصلاة (¬15). ... باب الإمام يحدث فيقدم رجلاً ويحدث الثاني فيقدم آخر (¬16) قلت: أرأيت إماماً صلى بقوم الظهر وهو مقيم والقوم جميعاً، فصلى ¬

_ (¬1) م: أو يصنع. (¬2) م: لا يسجدها؛ ح: لا يسجدوها. (¬3) ي - معه. (¬4) ي: الأول؛ ي هـ: لعله للثاني. (¬5) ك: الآخرة. (¬6) ح - معه الإمام الثاني ثم يسجد السجدة الأخيرة ويسجدها معه الإمام الثاني والقوم ولا يسجدها معه الإمام الأول؛ ي - ثم يسجد السجدة الأخيرة ويسجدها معه الإمام الثاني والقوم ولا يسجدها معه الإمام الأول. (¬7) ح ي: ركعة. (¬8) ح: ثانية. (¬9) ك ي: الآخرة. (¬10) ح ي: سجدها. (¬11) ح ي: يدرك. (¬12) ح ي: ويسلم. (¬13) ح ي: جميعاً معه. (¬14) ح ي: ويقرأ. (¬15) ك + والله أعلم بالصواب؛ ح ي - حتى يكملوا الصلاة. (¬16) ح ي - باب الإمام يحدث فيقدم رجلاً ويحدث الثاني فيقدم آخر.

بهم ركعة وسجدة ثم أحدث، فانفتل (¬1) وقدم (¬2) رجلاً ممن أدرك أول (¬3) الصلاة، فسها عن هذه السجدة وصلى (¬4) بالقوم ركعة وسجدة ثم رعف، فانفتل وقدم (¬5) رجلاً قد أدرك أول الصلاة، فسها عن السجدتين جميعاً وصلى (¬6) بهم ركعة وسجدة ثم رعف، فتأخر وقدم رجلاً قد أدرك أول (¬7) الصلاة، فسها عن الثلاث (¬8) سجدات وصلى (¬9) بهم ركعة وسجدة ثم رعف (¬10)، وقدم رجلاً قد أدرك أول الصلاة، وتوضأ (¬11) الأئمة الأربعة وجاؤوا (¬12) جميعاً ولم يتكلموا؟ قال: ينبغي للإمام الخامس (¬13) أن يسجد بهم السجدة الأولى ويسجد معه الأئمة الأربعة والقوم جميعاً، ثم يسجد (¬14) السجدة الثانية ويسجدونها معه جميعاً (¬15) غير الإمام (¬16) الأول (¬17)، ثم يسجد السجدة الثالثة ويسجد معه (¬18) القوم جميعاً (¬19) إلا الإمام الأول والثاني، ثم يسجد السجدة (¬20) الرابعة ويسجدها معه القوم جميعاً (¬21) إلا الإمام الأول والثاني (¬22) والثالث، ويقضي الإمام الأول الركعة الثانية وسجدتيها (¬23) ثم يقضي الثالثة والرابعة وسجودهما، ويقضي الإمام الثاني الركعة الثالثة (¬24) والرابعة بسجودهما (¬25)، ويقضي الإمام الثالث الركعة (¬26) ¬

_ (¬1) ح ي - فانفتل. (¬2) ح ي: فقدم. (¬3) ح - أول. (¬4) ح ي: فصلى. (¬5) ح ي: فقدم. (¬6) ح ي: فصلى. (¬7) م - أول. (¬8) ح: ثلاث. (¬9) ح: فصلى. (¬10) ح ي + فتأخر. (¬11) ح ي: ثم توضأ. (¬12) ح ي: فجاؤوا. (¬13) ح ي: ينبغي لهذا الإمام. (¬14) ح ي: ويسجد. (¬15) ك م - جميعاً. (¬16) ح ي: إلا الإمام. (¬17) ك م ط + والثاني. وانظر: الكافي، 1/ 13 ظ؛ والمبسوط، 1/ 241. (¬18) ح ي: فيتابعه. (¬19) ك م - جميعاً. (¬20) م - السجدة. (¬21) ح: ويسلم القوم معه جميعاً. (¬22) ي - ثم يسجد السجدة الرابعة ويسجدها معه القوم جميعاً إلا الإمام الأول والثاني. (¬23) م: وسجدتها. (¬24) ح ي + وسجدتيها. (¬25) ح ي: ثم الرابعة وسجدتيها. (¬26) ح ي - الركعة.

الرابعة بسجدتيها (¬1)، وأيما إمام منهم أدرك الإمام الآخِر في سجدة من ركعته (¬2) التي يقضي سَجَدَ معه فيها (¬3)، ثم يسلم (¬4) الإمام ويسجد (¬5) سجدتي السهو ويسجدون معه جميعاً إن كان الأئمة الأربعة قد فرغوا من صلاتهم، وإن كان قد بقي على أحد منهم شيء من صلاته لم يسجد مع الإمام حتى يفرغ من صلاته، فإذا فرغ من صلاته (¬6) سجد سجدتي السهو بعدما يسلم (¬7) الإمام (¬8). قلت: أرأيت (¬9) مقيماً صلى بقوم مقيمين ركعة من الظهر ونسي سجدة، ثم أحدث فقدم رجلاً جاء ساعتئذٍ، فلم يسجد بهم تلك السجدة ¬

_ (¬1) ح ي: وسجدتيها. (¬2) ح: من الركعة؛ ي: من ركعة. (¬3) ك: يقضي سجدتها معها لم يتابعه فيها؛ م: يقضي سجدتها معها فيها. وانظر: الكافي، 1/ 13 ظ؛ والمبسوط، 1/ 241. (¬4) ح: ثم سلم. (¬5) ك م ح: وسجد. (¬6) ح ي - فإذا فرغ من صلاته. (¬7) ح ي: سلم. (¬8) قال السرخسي: إذا صلى الأئمة الأربعة كل واحد منهم ركعة وسجدة ثم أحدث الرابع وقذم خامساً وجاء الأئمة الأربعة فإنه ينبغي للخامس أن يبدأ بالسجدة الأولى، ويسجدها معه الأئمة والقوم، لأنهم صلوا تلك الركعة، ثم يسجد السجدة الثانية، ويسجدونها معه غير الإمام الأول، فإنه لم يؤد تلك الركعة بعد، إلا أن يكون عجّل فصلى الركعة الثانية وأدرك الإمام في السجدة الثانية فحينئذ سجد الثالثة ويسجدها معه، ثم يسجد الثالثة، ويسجدونها معه غير الإمام الأول والثاني، لأنهما لم يصليا الركعة الثانية، ثم يسجد الرابعة ويسجدونها معه غير الإمام الأول والثاني والثالث، لأنهم ما صلوا هذه الركعة بعد، ثم يقوم الإمام الأول فيقضي ثلاث ركعات، والإمام الثاني ركعتين، والإمام الثالث الركعة الرابعة بغير قراءة، لأنهم مدركون لأول الصلاة، ثم يسلم الخامس ويسجد للسهو والقوم معه، وكل إمام فرغ من إتمام صلاته وأدركه تابعه في سجود السهو، ومن لم يفرغ أخر سجود السهو إلى آخر صلاته. انظر: المبسوط، 1/ 241 - 242. (¬9) ح ي + إماماً.

ولكنه صلى بهم ركعة وسجدة، ثم أحدث وقدم (¬1) رجلاً جاء ساعتئذٍ (¬2)، فصلى بهم ركعة وسجدة، ثم أحدث فقدم رجلاً جاء ساعتئذٍ (¬3)، فصلى بهم ركعة وسجدة، ثم أحدث وقدم (¬4) رجلاً جاء ساعتئذٍ (¬5)، ثم توضأ الأئمة الأربعة وجاؤوا (¬6) جميعاً؟ قال: ينبغي لهذا الإمام الخامس أن يسجد بهم أربع سجدات، يبدأ بالأولى فالأولى (¬7)، ويسجد معه الإمام (¬8) الأول السجدة الأولى والقوم، ولا يسجد معه (¬9) الإمام الثاني والثالث والرابع تلك السجدة، ثم يسجد (¬10) الثانية، فيسجدها معه (¬11) الإمام الثاني والقوم، ولا يسجد (¬12) معه الإمام الأول والثالث والرابع، ثم يسجد السجدة الثالثة، فيسجدها معه الإمام الثالث والقوم جميعاً (¬13)، ولا يسجدها معه (¬14) الإمام (¬15) الأول ولا الثاني ولا الرابع (¬16)، ثم يسجد السجدة (¬17) الرابعة، فيسجدها معه القوم والإمام الرابع (¬18)، ولا يسجدها معه (¬19) الإمام الأول والثاني والثالث، إلا أن يقضي الإمام الأول ما سبق به من الصلاة (¬20)، فإن أدركه في شيء من هذا (¬21) السجود والسجدة التي سجدها الإمام من الركعة التي يقضيها الإمام الأول فإنه يسجدها معه، وإن لم يدركها معه سجدها وحده حين (¬22) يفرغ من صلاته، فإذا فرغ قعد مع الإمام الخامس إن أدركه قاعداً. وأما الإمام الثاني والثالث والرابع فإنه ليس على أحد (¬23) منهم أن ¬

_ (¬1) ح ي: فقدم. (¬2) ح: ساعته. (¬3) ح: ساعته. (¬4) ح ي: فقدم. (¬5) م - فصلى بهم ركعة وسجدة ثم أحدث وقدم رجلاً جاء ساعتئذٍ؛ ح: ساعته. (¬6) ح ي: فجاؤوا. (¬7) ح ي: بالأول فالأول. (¬8) ح - الإمام؛ صح هـ. (¬9) ح ي: معهم. (¬10) ح ي + السجدة. (¬11) ي: مع. (¬12) ح ي: يسجدها. (¬13) ح ي - جميعاً. (¬14) ح ي: لا يسجدونها مع. (¬15) ح - الإمام؛ صح هـ. (¬16) ح ي: والثاني والرابع. (¬17) ح - السجدة. (¬18) ح ي: الإمام الرابع والقوم. (¬19) ح: لا يسجدونها مع. (¬20) ح ي: من الصلوات؛ ح ي+ قلت. (¬21) ح ي: من هذه. (¬22) ح ي: حتى. (¬23) ح ي: لأحد.

يقضي ما سبقه (¬1) به الإمام قبل أن يدخل في صلاته إلا بعدما يسلم (¬2) الإمام ويفرغ من صلاته، فإذا فرغ الإمام (¬3) قاموا فقضوا بقراءة. وأما الإمام الأول فإنه يقضي بغير قراءة. والإمام (¬4) الخامس ينبغي (¬5) له أن يتشهد بالقوم (¬6)، ثم يتأخر فيقدم رجلاً قد أدرك أول الصلاة، فيسلم (¬7) بهم ويسجد (¬8) بهم سجدتي السهو ويسجد معه القوم جميعاً غير الإمام الأول، إلا أن يكون الإمام الأول قد فرغ مما سبق (¬9) به، فإن كان قد فرغ مما سبق به (¬10) سجد معه السجدتين (¬11) والأئمة الآخرون إن (¬12) كانوا أيضاً قضوا ما أدركوا مع الإمام الأول (¬13) ما لم يصلوا معه، ويسجدون (¬14) معه سجدتي السهو، ثم يقوم هؤلاء الأئمة فيقضون (¬15) صلاتهم بقراءة (¬16). ¬

_ (¬1) ك م ح: ما سبق. (¬2) ح ي: سلم. (¬3) ح ي + من صلاته. (¬4) ك م: وأما الإمام. (¬5) ك م: فينبغي. (¬6) ي: القوم. (¬7) ح: فيتم؛ ي: فسلم. (¬8) ح ي: ثم يسجد. (¬9) ك: يسبق. (¬10) ك م - فإن كان قد فرغ مما سبق به. (¬11) ح ي: سجدتين. (¬12) ك ح ي: وإن. (¬13) ح ي - الأول. (¬14) ك م: فيسجدوا؛ ي: ويسجد. (¬15) ح ي: يقضون. (¬16) قال السرخسي: الأئمة الأربعة إذا كانوا مسبوقين وقد صلى كل واحد منهم ركعة وسجدة، ثم أحدث الرابع وقدّم رجلاً خامساً، وتوضأ الأئمة الأربعة وجاؤوا، فينبغي للخامس أن يسجد السجدة الأولى ويسجدها معه القوم والإمام الأول، ولا يسجدها معه الإمام الثاني والثالث والرابع، لأنهم مسبوقون في تلك الركعة، وفي رواية النوادر يسجدونها معه للمتابعة، ثم يسجد السجدة الثانية ويسجدها معه القوم والإمام الثاني، لأنه صلى تلك الركعة، ولا يسجدها معه الإمام الأول، لأنه ما صلى تلك الركعة بعد، ولا الثالث ولا الرابع، لأنهما مسبوقان في هذه الركعة إلا على رواية النوادر، ثم يسجد الثالثة ويسجدها معه القوم والإمام الثالث لأنهم صلوا هذه الركعة ولم يسجدوا هذه السجدة، ثم يسجد الرابعة ويسجدها معه القوم والإمام الرابع، ثم يتشهد ويتأخر ويقدم سادسًا ليسلم بهم ويسجد سجدتي السهو، ثم يقوم الخامس فيصلي أربع ركعات لأنه مسبوق فيها فيقرأ في الأوليين وفي الأخريين هو بالخيار. وأما الإمام الأول يقضي ثلاث ركعات بغير قراءة، لأنه أدرك أول الصلاة ولا قراءة على اللاحق فيما يقضي، والإمام الثاني يقضي ركعتين بغير قراءة، لأنه لاحق فيهما، ثم ركعة=

قلت: أرأيت مسافراً صلى بقوم مسافرين المغرب، فصلى بهم ركعتين، فلما قام في الثالثة دخل معه رجل مقيم، ونوى (¬1) بدخوله معه التطوع، فصلى (¬2) معه الركعة الثالثة، ثم سلم الإمام (¬3)؟ قال: يقوم هذا المقيم فيصلي (¬4) ثلاث ركعات يقرأ (¬5) فيهن جميعاً ويقعد (¬6) في الأولى منهن (¬7) لأنها الثانية، ولا يقعد في الثانية (¬8) لأنها الثالثة، ويقعد في الرابعة ويتشهد (¬9) ويسلم. ولو أن امرأة صلت (¬10) مكتوبة في حضر أو في سفر فهي (¬11) في ذلك بمنزلة الرجل؛ فإن ائتم بها رجل ونوى التطوع فقد أساء (¬12)، ودخل (¬13) في غير صلاة (¬14)، فإن تم عليها لم تجزه (¬15)، وإن أفسدها لم يكن عليه قضاء (¬16)، ولا يشبه هذا (¬17) الذي (¬18) دخل في المغرب. وقال (¬19): أكره للرجل أن يدخل مع الإمام في المغرب ينوي به التطوع. ولو دخل معه وأفسدها (¬20) كان عليه أن يقضي أربع ركعات. والذي ائتم بالمرأة لا يشبه هذا. ألا ترى لو أن رجلاً ائتم بصبي أو برجل كافر لم يكن داخلاً في الصلاة، فكذلك المرأة (¬21)، لا ينبغي للمرأة أن تؤم الرجل. قلت: أرأيت مسافراً أم قوماً مقيمين ومسافرين (¬22)، فصلى بهم ركعة، ¬

_ = بقراءة، والإمام الثالث يقضي الرابعة أولاً بغير قراءة ثم يقضي ركعتين بقراءة، لأنه مسبوق فيهما، والإمام الرابع يقضي ثلاث ركعات، يقرأ في ركعتين منها، وفي الثالثة هو بالخيار، لأنه مسبوق فيها. انظر: المبسوط، 1/ 242. (¬1) ح ي: وهو ينوي. (¬2) ح ي: وصلى. (¬3) ح - ثم سلم الإمام. (¬4) م + بهم. (¬5) ح ي: فيقرأ. (¬6) ح ي: يقعد. (¬7) م: منها. (¬8) ح: في الثالثة. (¬9) ي: فيتشهد. (¬10) ح ي + صلاة. (¬11) ح ي: في سفر أو حضر كانت. (¬12) ح ي + في ذلك. (¬13) ح ي: وقد دخل. (¬14) ح: صلاته. (¬15) ي: لم يجزيه. (¬16) ح ي: قضاؤها. (¬17) ك م - هذا. (¬18) ح ي: بالذي. (¬19) ح ي: وقد. (¬20) ح ي: ثم أفسدها. (¬21) ح ي + لأنه. (¬22) ح ي: مسافرين ومقيمين.

ثم بدا له أن يقيم (¬1)؟ قال: عليه أن يكمل (¬2) الصلاة. قلت: فإن أحدث الإمام بعدما نوى الإقامة، فقدم رجلاً؟ قال (¬3): يتم بهم (¬4) أربع ركعات (¬5). قلت: أرأيت إن كان الإمام الثاني قد (¬6) أدرك مع الإمام أول الصلاة (¬7)، ولم يصلها (¬8) معه بأن (¬9) نام خلفه عنها، ثم أحدث فذهب فتوضأ (¬10) فجاء، فأحدث الإمام الأول، فقدم هذا؟ [قال:] فإن أبا حنيفة قال في هذا: إن تأخر وقدم غيره (¬11) ممن قد صلى (¬12) تلك الركعة فهو أفضل وأحب إلي، وإن (¬13) لم يفعل فبدأ بها فصلاها وهو قدامهم أومى (¬14) إليهم فقاموا أجزأه ذلك وأجزأهم. وإن لم يفعلوا (¬15) وصلى بهم الثلاث ركعات وتشهد وقدم (¬16) رجلاً ممن قد (¬17) أدرك أول (¬18) الصلاة، فسلم (¬19) وقام (¬20) هو يقضي أجزأهم ذلك. وإن صلى بهم ركعة ثم ذكر ركعته (¬21) تلك فإن أفضل ذلك أن يومي إلى القوم، فيقومون حتى يقضي هو تلك الركعة، ثم يصلي بهم بقية صلاتهم (¬22). وإن (¬23) لم يفعل ولكنه تأخر حين ذكر فقدم رجلاً فصلى بهم فهو (¬24) أفضل. وإن لم يفعل ذلك ولكنه صلى بهم وهو ذاكر لركعته تلك أجزأه وأجزأهم (¬25)؛ غير أنه ينبغي له إذا تشهد أن يتأخر ويقدم ¬

_ (¬1) ح ي: الإقامة. (¬2) ح ي + بهم. (¬3) ي: فقال. (¬4) ح ي + الصلاة. (¬5) ح ي - أربع ركعات؛ صح ي هـ. (¬6) ح ي - قد. (¬7) ح ي: أول الصلاة مع الإمام الأول. (¬8) ي: يصليها. (¬9) م - بأن؛ ح ي: ثم. (¬10) ح ي: وتوضأ. (¬11) ح ي: رجلاً. (¬12) ح - صلى؛ صح هـ. (¬13) م ح ي: فإن. (¬14) ح ي: وأومأ. أومى يومي لغة في أومأ يومئ. انظر: لسان العرب، "ومى". (¬15) ح ي: فإن لم يفعل. (¬16) ح ي: ثم قدم. (¬17) ح ي - قد. (¬18) ح ي - أول. (¬19) ح ي + بهم. (¬20) ي: وأقام. (¬21) ي: ركعة. (¬22) ح ي: صلاته. (¬23) ح ي: فإن. (¬24) ح ي: فهذا. (¬25) ي: وأجزأ لهم.

رجلاً قد أدرك أول الصلاة، فيسلم (¬1) بهم، ويقوم هو (¬2) فيقضي تلك الركعة. قلت: أرأيت إماماً صلى بقوم أربع ركعات فنسي سجدتين، سجدة من أول ركعة (¬3)، وسجدة من الثانية (¬4)، فلم يذكر ذلك حتى قعد في الرابعة ثم ذكر ذلك (¬5)، وخلفه رجل قد أدرك معه أول (¬6) الصلاة ونام خلفه ولم يصل (¬7) معه (¬8) شيئاً ثم انتبه حتى قعد مع الإمام (¬9) في الرابعة؟ قال (¬10): ينبغي لهذا الرجل (¬11) أن يقوم فيصلي الركعة الأولى (¬12) والثانية والثالثة (¬13) بغير قراءة. قلت: فإن سجد الإمام السجدة الأولى فأدركه الرجل فيها أيسجد معه (¬14)؟ قال: نعم (¬15). قلت: وكذلك لو أدركه في السجدة (¬16) الثانية؟ قال: نعم (¬17). قلت: أرأيت مسافراً نسي الظهر، فدخل أهلَه (¬18) وقد ذهب وقتها، ثم ذكر ذلك (¬19) فقام يصلي، فجاء (¬20) رجل مقيم فدخل معه (¬21) في الصلاة وقد فاتته (¬22) تلك الصلاة (¬23)؟ قال: ينبغي للمسافر أن يصلي ركعتين ويقعد ¬

_ (¬1) ي: فسلم. (¬2) ك م - هو؛ ح + هو. (¬3) ح ي: الركعة. (¬4) ح ي: من الثاني. (¬5) ح ي - ذلك. (¬6) م ح ي - أول. (¬7) ح: يصلي. (¬8) ح ي: معهم. (¬9) ح ي: حين قعد الإمام. (¬10) ك م: فإنه. (¬11) ح ي: ينبغي للرجل. (¬12) ي: ركعة من الأولى. (¬13) ح ي: ثم الثانية ثم الرابعة. (¬14) ح ي: قلت فإن أدرك الرجل الإمام في السجدة الأولى. (¬15) ح ي: قال يسجد معه. (¬16) ح ي - السجدة. (¬17) ك م + قلت وكذلك لو أدركه في السجدة الثالثة قال نعم. والمسألة غير واضحة. ولم أجدها في الكافي ولا في المبسوط. وأظن أن في النسخ سقطًا. والله أعلم. (¬18) من باب دخل بيتَه انظر: لسان العرب، "دخل". (¬19) ح ي - ذلك. (¬20) ح ي: وقام يصليها وجاء. (¬21) ح - معه. (¬22) ح ي: فاتت. (¬23) ح ي: الركعة؛ صح ح هـ.

ويتشهد ويسلم، ثم يقوم (¬1) هذا المقيم فيتم صلاته أربع ركعات. قلت: أرأيت إن كان (¬2) الإمام هو المقيم فائتم (¬3) به المسافر؟ قال (¬4): صلاته تامة (¬5)، وأما (¬6) المسافر فصلاته (¬7) فاسدة، لأنه لا يستطيع أن يكمل أربع ركعات، لأنها صلاة قد ذهب وقتها، وقد وجبت عليه ركعتين (¬8)، فلا (¬9) يستطيع أن يتمها أربعاً (¬10). قلت: أرأيت مسافراً أم قوماً مسافرين في مصر (¬11) أيصلي بهم أربع ركعات أو ركعتين؟ قال: يصلي بهم (¬12) ركعتين، والمصر في هذا وغيره سواء. قلت: فإن قامت معهم في الصلاة (¬13) جارية (¬14) لم تحض فصلت بصلاة الإمام؟ قال: أستحسن أن تفسد (¬15) على الرجل الذي خلفها صلاته وعن يمينها وعن شمالها، وبقيتُهم صلاتهُم تامة (¬16). ألا ترى أني آمرها أن تتوضأ وتصلي، ولو صلت بغير وضوء أمرتها أن تعيد، وكذلك لو صلت عريانة وهي تجد ثوبًا أمرتها بالإعادة (¬17). ولو (¬18) كان غلاماً قد راهق ولم يحتلم فقام (¬19) مع القوم في الصف أجزأه وأجزأهم، ولم يكن الغلام بمنزلة الجارية. وكذلك الغلام لو قام (¬20) مع رجل واحد في الصف أجزأ الرجل والغلام ذلك. ¬

_ (¬1) ح ي: ويقوم. (¬2) ح ي - إن كان. (¬3) ي: فاتم. (¬4) ي + أما المقيم فإن. (¬5) ح - صلاته تامة. (¬6) ح: أما. (¬7) ح ي: فإن صلاته. (¬8) ح: ركعتان. (¬9) ح ي: لا. (¬10) انظر للشرح: المبسوط، 1/ 243. (¬11) ح ي: في المصر. (¬12) ح ي - بهم. (¬13) ح ي - في الصلاة. (¬14) ح ي + في الصف. (¬15) م: أن يفسد. (¬16) ح ي: أستحسن أن تفسد على من خلفها وعلى من كان يمينها وشمالها وبقية القوم فصلاتهم تامة. (¬17) ح: أن تعيد. (¬18) ح ي: وإن. (¬19) ح ي: وقام. (¬20) ح ي: لو قام الغلام.

قلت: أرأيت رجلاً ترك الصلاة في السفر أياماً أيكون بمنزلة المغمى عليه؟ قال: لا، وعلى هذا أن يقضي ما ترك. قلت: وكذلك لو صلى أربعاً ولم يقعد في الركعتين الأوليين قدر التشهد؟ قال: نعم، عليه أن يقضي ما صلى هكذا. قلت: أرأيت إن ترك صلاة واحدة ثم صلى شهراً وهو ذاكر لتلك (¬1) الصلاة؟ قال: عليه أن يعيد تلك الصلاة وحدها، ولا يعيد ما بعدها. قلت (¬2): فإن (¬3) صلى يوماً أو أقل من ذلك وهو ذاكر لها؟ قال: فإن (¬4) أبا حنيفة كان يقول (¬5): إذا صلى يوماً وليلة (¬6) أو أقل من ذلك وهو ذاكر لها إن (¬7) عليه أن يقضي (¬8) تلك الصلاة، ويعيد ما (¬9) صلى (¬10) وهو ذاكر لها، وإن كان (¬11) أكثر من صلاة (¬12) يوم وليلة (¬13) أعاد (¬14) تلك الصلاة وحدها، ولا يعيد (¬15) ما صلى، وهو (¬16) استحسان وليس بقياس. وأما (¬17) قول أبي يوسف ومحمد فعلى ما قال أبو حنيفة حتى يصلي أكثر من (¬18) يوم وليلة وهو ذاكر لتلك الصلاة (¬19)، فإذا فعل ذلك أعاد تلك الصلاة وصلاة (¬20) يوم (¬21) وليلة من أول ما صلى، ولم يعد ما بقي (¬22). ¬

_ (¬1) ح ي: تلك. (¬2) ي + أرأيت. (¬3) ح ي: إن. (¬4) م - فإن. (¬5) ح ي: قال كان أبو حنيفة يقول. (¬6) ح ي - وليلة. (¬7) ح ي - إن. (¬8) ح ي: أن يصلي. (¬9) ح ي + بعدها وإذا. (¬10) ح ي + بعدها. (¬11) ي - وهو ذاكر لها وإن كان. (¬12) ح ي - صلاة. (¬13) ح ي + وهو ذاكر لها فإنه. (¬14) ح ي: يعيد. (¬15) ح ي: ولم يعد. (¬16) ح ي: وهذا. (¬17) ح ي + في. (¬18) ح ي + صلاة. (¬19) ك م - وهو ذاكر لتلك الصلاة. (¬20) م ح: وصلى. (¬21) ح: يوماً. (¬22) انظر للشرح: المبسوط، 1/ 244.

قلت: أرأيت مسافراً صلى صلاة (¬1) الظهر وهو (¬2) على غير وضوء، وصلى (¬3) العصر وهو ذاكر أنه صلى الظهر على غير وضوء، وهو يحسب أنه (¬4) يجزيه؟ قال: لا يجزيه، وعليه أن يعيد (¬5) الظهر، ثم يصلي (¬6) العصر. قلت: فإن (¬7) لم يصل الظهر والعصر (¬8) حتى صلى المغرب وهو ذاكر لما صنع في الظهر؟ قال: لا يجزيه، وعليه أن يعيد الظهر ثم العصر ثم المغرب. قلت: فإن لم يصل المغرب حتى أعاد الظهر وظن أن العصر تامة ثم صلى المغرب؟ قال (¬9): يعيد العصر، ولا يعيد المغرب، لأنه صلى المغرب بعد صلاةٍ يَرى (¬10) أنها تامة (¬11). قلت: أرأيت رجلاً صلى الظهر بغير وضوء تام، وهو يرى أنه تام، ثم أحدث (¬12) فتوضأ (¬13) وصلى العصر، ثم ذكر أن الظهر (¬14) كانت بغير (¬15) وضوء تام (¬16)؟ قال: يعيد (¬17) الأول (¬18)، ولا يعيد الآخر (¬19). قلت: أرأيت مسافراً صلى بقوم مسافرين ركعة، فقرأ سجدة التلاوة (¬20)، فلم يسجدها ناسياً، ثم قام (¬21) في الثانية، فدخل معه مسافر في صلاته (¬22)، فصلى الإمام ركعة أخرى تمام صلاته، وصلى الرجل معه (¬23)، ¬

_ (¬1) ح ي - صلاة. (¬2) ح ي - وهو. (¬3) ح ي: ثم صلى. (¬4) ح ي: أن ذلك. (¬5) ح ي: أن يصلي. (¬6) ح: ويصلي. (¬7) ح ي: قلت أرأيت إن. (¬8) ح ي: ولا العصر. (¬9) ح ي + عليه أن. (¬10) م: ترى. (¬11) انظر للشرح: المبسوط، 1/ 244 - 245. (¬12) ح ي + فذهب. (¬13) ح: وتوضأ. (¬14) ح ي: أن الأول. (¬15) ح ي: على غير. (¬16) ح: تامة. (¬17) م: لا يعيد. (¬18) ح ي: الأولى. (¬19) ح ي: العصر. (¬20) ح ي: تلاوة. (¬21) م: ثم قرأ. (¬22) ح: وصلى به؛ ي: وصلا به. (¬23) ح ي + الظهر.

وتشهد الإمام [وتشهد الرجل] (¬1) معه (¬2)، ثم قام الرجل يقضي (¬3) قبل (¬4) أن يسلم الإمام، فقرأ وركع وسجد سجدة، ثم سلم الإمام، ثم ذكر (¬5) الإمام سجدة التلاوة فسجدها (¬6)، وسجد (¬7) الرجل معه بعدما صلى ركعة وسجدة أو سجدتين؟ قال: صلاة الإمام والقوم تامة، وصلاة الرجل فاسدة، وعليه أن يستقبل (¬8). قلت: لم؟ قال: لأنه حين قام قبل أن يسلم الإمام فقرأ وركع وسجد سجدة فقد (¬9) خرج من صلاة الإمام، فلما سجد معه فى خل في صلاة (¬10) غيرها، فصارت فاسدة. قلت: أرأيت (¬11) إن (¬12) قرأ وركع ولم يسجد حتى سجد الإمام سجدة التلاوة فسجد الرجل معه؟ قال (¬13): قد (¬14) أحسن، وصلاته (¬15) تامة، ويقوم بعدما يفرغ (¬16) الإمام فيقضي ما سبقه الإمام به. قلت: فإن كان حين (¬17) دخل مع الإمام، وصلى (¬18) معه تلك الركعة، وتشهد (¬19) الإمام، وتشهد الرجل معه، ثم قام يقضي قبل أن يسلم الإمام، فقرأ وركع (¬20) ولم يلتفت إلى الإمام، ثم سلم الإمام، فسجد سجدة التلاوة وسجد معه أصحابه، وأعاد الإمام التشهد وأعادوا (¬21) معه، ولم يتشهد الرجل معه ولم يلتفت إلى صلاته (¬22)؟ قال: صلاة الرجل أيضاً فاسدة. قلت: لم؟ قال: لأنه قد (¬23) تشهد مع الإمام، ¬

_ (¬1) الزيادة مستفادة من كلام المؤلف الآتي في المسألة التي بعد التالية. (¬2) ح ي - معه. (¬3) ح ي: فقضى. (¬4) ح - قبل؛ صح هـ. (¬5) ح ي: فذكر. (¬6) ح ي: فسجد لها. (¬7) ح ي: ثم سجد. (¬8) ح ي + الصلاة. (¬9) ح ي - فقد. (¬10) م: فلما سجد الإمام دخل معه في صلاة. (¬11) ح ي - أرأيت. (¬12) ح ي: فإن. (¬13) ح ي + هذا. (¬14) م - قد. (¬15) ح فصلاته. (¬16) ح ي: بعد فراغ. (¬17) ح ي - حين. (¬18) ي: صلى. (¬19) ح ي: فتشهد. (¬20) ح ي + وسجد. (¬21) ح: وأعادوه. (¬22) ح ي: إلى صاحبه. (¬23) ك م - قد.

والإمام لم يجزه (¬1) تشهده ذلك، وهذا الرجل (¬2) قام يقضي ما سبق به (¬3) قبل فراغ الإمام من صلاته وقبل أن يتشهد، فصلاته فاسدة. قلت: أرأيت مسافراً صلى بقوم مسافرين ركعة، فلما قام في الثانية دخل معه رجل (¬4) مسافر في الصلاة، فصلى معه ركعة، فلما قعد الإمام في الثانية تمام صلاته لم يقعد الرجل معه (¬5) ولكن (¬6) قام (¬7) يقضي ما سبق به (¬8)، فقرأ وركع وسجد (¬9)، وتشهد الإمام ثم سلم (¬10)؟ قال: إن كان الرجل حين قام يقضي قرأ بعد فراغ الإمام من تشهده آية أو آيتين (¬11) فصلاته تامة (¬12). قلت: فإن (¬13) كان فراغ (¬14) الإمام من التشهد (¬15) مع فرك (¬16) الرجل من القراءة جميعاً معاً ولم يقرأ بعده شيئاً؟ قال: صلاته فاسدة، ولا يجزيه حتى يقرأ بعد فراغ الإمام من التشهد آية أو آيتين. قلت: أرأيت إن (¬17) قام يقضي فقرأ وركع ولم يسجد (¬18) حتى سلم الإمام (¬19) وعليه السهو (¬20) لصلاته فسجد (¬21) الرجل معه (¬22)؟ قال: قد أحسن، وصلاته تامة، فإذا فرغ الإمام من صلاته فليقض ما سبقه به. ¬

_ (¬1) ي: لم يجزيه. (¬2) ح ي: رجل. (¬3) ي - به. (¬4) ح ي - رجل. (¬5) ح ي - معه. (¬6) ح ي: ولكنه. (¬7) ح ي - قام. (¬8) ح ي + فقام. (¬9) ح + مع الإمام؛ ي + الإمام. (¬10) ح ي: وسلم. (¬11) ك م - من تشهده آية أو آيتين. وانظر جواب السؤال التالي. (¬12) ح ي: فقد تمت صلاته؛ ح ي + فإن كان لم يقرأ بعد فراغ الإمام من تشهده فصلاته فاسدة. وعبارة الحاكم الشهيد: فإن كان قرأ بعد قعود الإمام ما تجوز به الركعة من القرآن جازت صلاته. انظر: الكافي، 1/ 14 و. (¬13) ح ي: قلت أرأيت إن. (¬14) ح: فرغ. (¬15) ح ي: من تشهده. (¬16) ح: وفرغ؛ ي: وفراغ. (¬17) ح ي: قلت فإن. (¬18) ي: يسجدها. (¬19) ح - الإمام. (¬20) ح ي: سهو. (¬21) ح ي + وسجد. (¬22) ح ي - معه.

قلت: أرأيت رجلاً أسلم (¬1) في دار الحرب، فمكث بها (¬2) شهراً أو شهرين ولا (¬3) يعلم أن عليه الصلاة (¬4)، ولم يأمره (¬5) بذلك أحد (¬6)، ولم ير أحدًا يصلي؟ قال: ليس عليه قضاء. قلت: فإن كان هذا في دار الإسلام؟ قال: عليه القضاء. وقال أبو يوسف ومحمد: هما في القياس سواء، وليس عليهما (¬7) جميعاً القضاء حتى تقوم عليهما (¬8) الحجة ويعلم (¬9) أن ذلك عليه، ولكن ندع (¬10) القياس، والقول قول أبي حنيفة (¬11). قلت: أرأيت (¬12) مسافراً ترك الظهر والعصر من يومين (¬13) مختلفين، ولا يدري لعل العصر الذي (¬14) ترك أولاً؟ قال: يتحرى الصواب (¬15)، فيقضي الأولى منهما في نفسه (¬16)، ثم يقضي الأخرى. قلت: فإن لم يدر (¬17)؟ قال: يصلي الظهر ثم يصلي العصر ثم يصلي (¬18) الظهر، فإن كان العصر أولاً (¬19) أجزأه (¬20)، وأجزأه (¬21) الظهر (¬22) بعد ذلك، وإن كان الظهر أولاً فقد (¬23) أجزأه الظهر (¬24) وأجزأه (¬25) العصر بعد ذلك، ¬

_ (¬1) م: سلم. (¬2) ح ي: فيها. (¬3) ح ي: لا. (¬4) ح ي: صلاة. (¬5) م: ولم يأمر. (¬6) ح: أحد بذلك. (¬7) ح ي: على واحد منهما. (¬8) ك م: عليه؛ ح: عليهم. (¬9) ح: فيعلموا؛ ي: فيعلم. (¬10) م: يدع؛ ح ي: أدع. (¬11) ح ي: وأقول ما قال أبو حنيفة؛ ح ي + وهو قول محمد. (¬12) ح ي + رجلاً. (¬13) م: من قومين. (¬14) ح - الذي؛ ي: التي. (¬15) ح + في نفسه. (¬16) ح - منهما في نفسه. (¬17) ح ي: قلت فإن أراد أن يأخذ بالثقة واليقين. (¬18) ح - يصلي. (¬19) ح ي + فقد. (¬20) ح ي + الظهر. (¬21) ك: وأجزأته؛ م: أو أجزأته. (¬22) ح ي: العصر. (¬23) ح ي - فقد. (¬24) ح ي - الظهر. (¬25) ح ي + ذلك.

والظهر تطوع منه، وهذا في الثقة (¬1) والتنزه (¬2). وقال أبو يوسف ومحمد: لسنا (¬3) نأمره بذلك، وليس عليه إلا أن يتحرى. قلت: أرأيت مسافراً صلى بمسافر (¬4) في مسجد، فأحدث (¬5) الإمام (¬6)، فخرج وتركه، ونوى هذا الثاني (¬7) أن يصلي لنفسه، فجاء مسافر فدخل معه (¬8) في الصلاة وهو يريد أن يأتم به، ثم أحدث (¬9) الإمام الثاني فخرج من المسجد ليتوضأ، ونوى (¬10) هذا الثالث أن يؤم نفسه، ثم أحدث الثالث فخرج ليتوضأ وترك الموضع بغير إمام؟ قال: صلاة الأول والثاني فاسدة، وصلاة هذا الثالث تامة، إن لم يتكلم توضأ (¬11) وبنى على صلاته. وإنما فسدت (¬12) صلاة الأول والثاني لأنهما لا إمام لهما في المسجد. قلت: فإن (¬13) لم ينو الثالث أن يكون إماماً حين (¬14) أحدث الثاني؟ قال: هو إمام وإن لم ينو. قلت: فإن أحدث الثالث ولم يخرج من المسجد حتى جاء (¬15) الأول والثاني؟ قال (¬16): إن (¬17) تقدم (¬18) أحدهما قبل أن يخرج هذا الثالث من المسجد، فهو إمام، وتجزيهم صلاتهم، وإن لم يتقدم (¬19) أحدهما حتى خرج هذا الثالث من المسجد (¬20) فصلاة الأول والثاني فاسدة، وصلاة الثالث تامة. ¬

_ (¬1) ح ي: بالثقة. (¬2) ح - والتنزه؛ ي: واليقين. (¬3) ي: ولسنا. (¬4) ك م - بمسافر. (¬5) ح: وأحدث. (¬6) ح - الإمام. (¬7) ي: الباقي. (¬8) ح ي - معه. (¬9) ح ي + هذا. (¬10) ح ي: يتوضأ فنوى. (¬11) ك - توضأ. (¬12) ي: أفسدت. (¬13) ح ي: قلت أرأيت إن. (¬14) ح: ص. (¬15) ح ي + الإمام. (¬16) ك م: قبل. (¬17) ح ي - إن. (¬18) ح: يؤم؛ ي: يقدم. (¬19) م: لم ينو. (¬20) ح ي - فهو إمام وتجزيهم صلاتهم وإن لم يتقدم أحدهما حتى خرج هذا الثالث من المسجد.

قلت: أرأيت المسافر يؤم النساء في السفر؟ قال: أكره للرجل أن يؤمهن (¬1) في بيت ليس معهن ذات محرم منه. قلت (¬2): فإن أمهن فأحدث الإمام (¬3) فتأخر ليتوضأ (¬4)؟ قال (¬5): فصلاة (¬6) الإمام تامة، وصلاة النسوة (¬7) فاسدة. قلت: فإن أمهن في مسجد جماعة أو في بيت ومعه (¬8) امرأة ذات محرم منه؟ قال: لا بأس بذلك. قلت: فإن أحدث الرجل فتأخر (¬9) وقدم امرأة منهن؟ قال: صلاة النسوة كلهن فاسدة، وصلاة الرجل فاسدة. قلت: فإن تقدمت امرأة منهن (¬10) من غير أن يقدمها قبل أن يخرج من المسجد؟ قال: هذا والأول سواء. قلت: لم صارت صلاة (¬11) النسوة فاسدة؟ قال: لأن الإمام (¬12) الأول (¬13) رجل (¬14). قلت: فإن كان الإمام الأول امرأة؟ قال: صلاتهن (¬15) جميعاً تامة. قلت: أرأيت المرأة (¬16) المسافرة تؤم النساء؟ قال: أكره ذلك. قلت: فإن فعلت ذلك؟ قال: يجزيهن (¬17)، وتقوم وسطًا من الصف (¬18). قلت: أرأيت رجلاً (¬19) افتتح الظهر وهو (¬20) مسافر (¬21)، فصلى ركعتين بغير قراءة، ثم بدا له المقام؟ قال: عليه أن يصلي ركعتين بقراءة (¬22)، والمسافر والمقيم في هذا سواء. وقال محمد (¬23): لا يجزيه، ¬

_ (¬1) ح ي: أن يؤم النساء. (¬2) ك م - قلت. (¬3) ح ي - الإمام. (¬4) ح: وتوضأ؛ ي: فتوضأ. (¬5) ك م - قال. (¬6) ح ي: صلاة. (¬7) ح ي: النساء. (¬8) ح ي: ومعهن. (¬9) ح ي: وتأخر. (¬10) ح ي - امرأة منهن. (¬11) ح - صلاة؛ صح هـ. (¬12) ح ي: إمامهن. (¬13) ح ي + كان. (¬14) ح ي: رجلاً. (¬15) ك م: صلاتهم. (¬16) م - المرأة. (¬17) ك م: يجزيهم. (¬18) ح ي - قلت أرأيت المرأة المسافرة تؤم النساء قال أكره ذلك قلت فإن فعلت ذلك قال يجزيهن وتقوم وسطًا من الصف. (¬19) ح ي: مسافراً. (¬20) ح ي + ينوي أن يصلي ركعتين. (¬21) ح ي - مسافر. (¬22) ك م - بقراءة. (¬23) ح ي + صلاته فاسدة.

وعليه أن يستقبل الصلاة (¬1)؛ لأنه أفسدها (¬2) قبل أن ينوي المقام (¬3). قلت: أرأيت مسافراً دخل في صلاة مقيم في الظهر، فذهب وقت الظهر قبل أن يفرغ الإمام من الصلاة، ثم إن الإمام أفسد صلاته بكلام، ما على (¬4) المسافر (¬5)؟ قال (¬6): على المسافر أن يصلي ركعتين (¬7). قلت: لم؟ قال: لأن المقيم قد أفسد صلاته، وإنما كان يجب على المسافر أربع لو أتم (¬8) المقيم (¬9) صلاته، فلما أفسدها عاد المسافر إلى حاله (¬10)، فعليه ركعتان. ألا ترى لو أن مسافراً دخل في صلاة الجمعة مع الإمام كان عليه الجمعة، فإن أفسدها وجبت (¬11) عليه الظهر ركعتان إذا أفسدها في الوقت، فإن ذهب الوقت قبل أن يفرغ منها فقد فسدت، وعلى المسافر ركعتان. قلت: أرأيت المسافر أي الصلاة (¬12) يقصر (¬13)؟ قال: يصلي الفجر ركعتين مثل صلاة المقيم، ويقصر الظهر فيصلي ركعتين، ويقصر العصمر فيصلي ركعتين، ويصلي المغرب صلاة المقيم، ويقصر العشاء فيصلي ركعتين، ويصلي الوتر ثلاث ركعات مثل (¬14) صلاة المقيم، إلا أنه يقصر القراءة في كل ما ذكرت، ولا يشبه الحضر السفر (¬15) في القراءة. قلت: وكذلك (¬16) صلاة التطوع في السفر ركعتين، وهما (¬17) في الحضر ¬

_ (¬1) ح ي - لا يجزيه وعليه أن يستقبل الصلاة. (¬2) ك م + هذا. (¬3) ح ي + قلت أرأيت المرأة تؤم النساء قال أكره ذلك قلت فإن فعلت قال يجزيهم وتقوم وسطاً من الصف. (¬4) ك: ما صلاة؛ م: ما حلا؛ ح ي: هل على. (¬5) ح ي + أن يصلي ركعتين. (¬6) ح ي + نعم. (¬7) ح ي - على المسافر أن يصلي ركعتين. (¬8) ح ي: أربعاً لو تم. (¬9) ح ي + على. (¬10) ح ي: على حاله. (¬11) ح: وجب. (¬12) ح ي: أي الصلوات. (¬13) ح: يقضي. (¬14) ح ي - مثل. (¬15) ح ي: السفر الحضر. (¬16) ح + صلاته. (¬17) ي: أو هما.

والسفر (¬1) سواء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت مسافراً دخل في صلاة مقيم كم يصلي؟ قال: يصلي صلاة مقيم (¬2). قلت: وكذلك لو أدركه بعدما تشهد (¬3) قبل أن يسلم؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو أدركه في سجدتي السهو؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المسافر إذا أم أصحابه في الصلوات كلها ما مقدار قيامه وقراءته؟ قال: يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب مع أي سورة تيسرت عليه. قلت: فإن قرأ في الفجر بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} (¬4)؟ قال: يجزيه. قلت: فأي ذلك أحب إليك أَن يقرأ في الفجر؟ قال: أحب ذلك (¬5) إلي أن يقرأ: {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (1)} (¬6) {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1)} (¬7)، ونحوهما (¬8) مع فاتحة الكتاب (¬9). قلت: وكذلك الظهر؟ قال: نعم. قلت: والعصر والمغرب والعشاء؟ قال (¬10): بِـ (¬11) {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} و {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)} (¬12)، مع فاتحة الكتاب ونحوهما. قلت: ويسبح في الركوع والسجود (¬13) بثلاث ثلاث؟ قال: نعم إن شاء، وإن شاء أكثر من ذلك، ولكن لا أحب له (¬14) أن يكون أقل من ثلاث ثلاث. قلت: فهل في شيء من الصلوات قنوت؟ قال: لا قنوت في شيء من (¬15) الصلوات كلها في سفر ولا حضر إلا في (¬16) الوتر. بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يقنت قط إلا شهراً واحداً، حارب (¬17) حياً من ¬

_ (¬1) ح ي: في السفر الحضر. (¬2) ح ي - قلت أرأيت مسافراً دخل في صلاة مقيم كم يصلي قال يصلي صلاة مقيم. (¬3) ح: يسجد. (¬4) سورة الإخلاص، 112/ 1. (¬5) م + أحب؛ ح ي - ذلك. (¬6) سورة الطارق، 86/ 1. (¬7) سورة الشمس، 91/ 1. (¬8) ك م: مع نحوهما. (¬9) ح ي: القرآن. (¬10) ح ي + يقرأ. (¬11) الباء ساقطة من ي. (¬12) سورة النصر، 110/ 1. (¬13) ح ي - والسجود. (¬14) ح ي - له. (¬15) ح ي - شيء من. (¬16) ح ي - في (¬17) ي: جارت؛ ح ي + فيه.

المشركين، فقنت يدعو عليهم (¬1). وبلغنا عن أبي بكر الصديق أنه لم يقنت (¬2). وبلغنا عن الأسود بن يزيد أنه قال: صحبت عمر بن الخطاب (¬3) سنتين (¬4)، فلم أره (¬5) قنت في سفر ولا حضر (¬6). قلت: أرأيت القوم يخرجون في الغزو فيدخلون أرض الحرب فيحاصرون مدينة وقد وطّنوا أنفسهم على إقامة شهر أو أكثر من ذلك هل يتمون الصلاة (¬7)؟ قال: لا، ولكنهم يصلون صلاة المسافر (¬8). قلت: لم (¬9) وقد وطنوا أنفسهم على إقامة شهر؟ قال: لأنهم (¬10) في عسكر (¬11)، وليس العسكر كالأمصار (¬12) والمدائن، إنما هم قوم في ¬

_ (¬1) محمد قال أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يُرَ قانتاً في الفجر حتى فارق الدنيا، إلا شهراً واحداً قَنَتَ فيه يدعو على حي من المشركين، لم يُرَ قانتًا قبله ولا بعده، وأن أبا بكر - رضي الله عنه - لم يُرَ قانتًا بعده حتى فارق الدنيا. انظر: الآثار لمحمد، 43؛ والحجة على أهل المدينة لمحمد، 1/ 101. وقال الإمام محمد: أخبرنا هشام بن أبي عبد الله الدستوائي عن قتادة عن أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قنت شهراً بعد الركوع يدعو على أحياء من العرب ثم تركه. انظر: الحجة على أهل المدينة، 1/ 105. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 70؛ وصحيح البخاري، المغازي، 28؛ وصحيح مسلم، المساجد، 297. 304؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 324، 330، 342، 346. (¬2) الآثار لمحمد، الموضع السابق؛ والآثار لأبي يوسف، 71؛ والمصنف لعبدالرزاق، 3/ 105؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 102؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 330. (¬3) ح ي: صحبت عمر عشر. (¬4) م ح ي: سنين. (¬5) ي: فلم أراه. (¬6) محمد قال أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن الأسود بن يزيد عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه صحبه سنتين في السفر والحضر فلم يره قانتاً في الفجر حتى فارقه. انظر: الآثار لمحمد، 43؛ والحجة على أهل المدينة لمحمد، 1/ 101. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 71؛ والمصنف لعبدالرزاق، 3/ 105 - 106؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 101؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 311، 329. (¬7) ك م - الصلاة. (¬8) ح ي: مسافر. (¬9) ي: ولم. (¬10) ح: لأنه. (¬11) ح ي: في العسكر. (¬12) ح ي: كالمصر.

غزو وفي (¬1) حرب (¬2)، وأي سفر أشد من هذا. قلت: وكذلك لو كانوا في سفر (¬3) وقد حاصروا؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن نزلوا مدينة من المدائن فنزلوا بعضها وحاصروا (¬4) أهلها وقاتلوهم وقد وطّنوا أنفسهم على الإقامة؟ قال: هؤلاء مسافرون وإن وطّنوا أنفسهم. قلت: أرأيت مسافراً (¬5) صلى بقوم مسافرين ونوى الجمعة ونوى القوم ذلك؟ قال: لا تجزيهم (¬6)، وعليهم أن يصلوا الظهر. قلت: لم؟ قال: لأنهم لم ينووا (¬7) الظهر، وإنما نووا الجمعة، فلا تجزيهم (¬8) من (¬9) الجمعة (¬10)، لأنهم مع غير إمام (¬11) في (¬12) غير مصر (¬13). قلت: أرأيت إن كانوا دخلوا المصر فصلوا (¬14) الجمعة (¬15) مع أهله (¬16)؟ قال: تجزيهم. قلت: لم وهم مسافرون وليس عليهم جمعة؟ قال: إذا دخلوا مع الإمام وجب عليهم ما وجب على الإمام. ألا ترى أن المرأة والعبد (¬17) لا جمعة عليهما، ولو صليا (¬18) الجمعة (¬19) مع الإمام أجزأهما. أَوَلاَ ترى أن المسافر عليه أن يصلي ركعتين، فإذا دخل في صلاة (¬20) مقيم (¬21) وجب عليه ما وجب على المقيم، فكذلك الجمعة. قلت: أرأيت الإمام إذا سافر فمر بمدينة أو مصر (¬22) من الأمصار فصلى بأهلها الجمعة وهو مسافر؟ قال: يجزيه ¬

_ (¬1) م ح ي - وفي. (¬2) ح ي: وحرب. (¬3) ح ي: في السفر. (¬4) ح: وحصروا. (¬5) ح ي: إماماً. (¬6) ي: لا يجزيهم. (¬7) م: لم ينوا. (¬8) ي: يجزيهم. (¬9) ح - من. (¬10) ي: عن الجمعة. (¬11) ي: غير الإمام. (¬12) ح ي: وفي. (¬13) ح ي: مصره. (¬14) ح ي: فنووا. (¬15) م + لأنهم مع غير إمام في غير مصر قلت أرأيت إن كانوا دخلوا المصر فصلوا الجمعة. (¬16) ح ي: مع أهلها. (¬17) ح ي: أن العبد والمرأة. (¬18) م: ولو صلتا. (¬19) ح ي - الجمعة. (¬20) ي: في الصلاة. (¬21) ح ي: المقيم. (¬22) ح ي: أو بمصر.

ويجزي (¬1) أهلها. قلت: لم وهو مسافر؟ قال: لأن الإمام ليس كغيره. قلت: وكذلك الأمير (¬2) إذا مر بمدينة أو بمصرِ مِن عَمَلِه (¬3)؟ قال: نعم. قلت: أرأيت أمير (¬4) الموسم (¬5) إذا كان من غير أهل مكة وقد استُعمِل عليها، وقد وطّن نفسه على الإقامة، أيتم الصلاة (¬6) أيام الموسم ويجمّع بأهل (¬7) منى يوم الجمعة؟ قال: نعم (¬8). قلت: وكذلك لو كان من أهل مكة؟ قال: نعم. قلت: فإن كان من غير أهل مكة (¬9) وإنما استُعمِل على الموسم ولم يُستعمَل على مكة (¬10) ولم يوطّن نفسه على إقامة خمسة عشر يوماً (¬11)؟ قال: يصلي ركعتين. قلت (¬12): فهل (¬13) يجمّع بأهل منى يوم الجمعة؟ قال: لا. قلت: أرأيت المسافر إذا أراد أن يصلي تطوعاً وهو على دابته (¬14) يسير (¬15)، كيف يصنع؟ قال: يصلي على دابته حيث توجهت به تطوعاً يومئ إيماءً، ويجعل السجود أخفض من الركوع. قلت: فعلى أي الدواب كان أجزأه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان على سرجه (¬16) قذر هل تفسد (¬17) صلاته؟ قال: لا، والدابة أشد من ذلك ثم (¬18) لا تفسد (¬19) عليه (¬20). قلت: وكذلك المرأة (¬21) على الدابة؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو سمع سجدة ¬

_ (¬1) ي: ويجزيه. (¬2) م: الأمر. (¬3) أي: تحت إدارته. (¬4) ح ي: الأمير. (¬5) أي: موسم الحج. (¬6) ي + الصلاة. (¬7) ك م: أهل. (¬8) ح: قال لا. (¬9) ح - قال نعم قلت فإن كان من غير أهل مكة؛ صح هـ. (¬10) ي - قال نعم قلت فإن كان من غير أهل مكة وإنما استعمل على الموسم ولم يستعمل على مكة؛ صح هـ. (¬11) ك م - يوماً. (¬12) ح: قال. (¬13) ح ي: ولا. (¬14) ح: على دابة. (¬15) م: يشير؛ ح: تسير. (¬16) ح ي: بسرجه. (¬17) ح ي + عليه. (¬18) ح - ثم؛ ي: لم. (¬19) م: لا يفسد. (¬20) ح - عليه. (¬21) ح ي + تصلي.

تلاوة (¬1) أو تلاها (¬2) على دابته (¬3)؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن صلى المكتوبة على دابته (¬4)؟ قال: لا يجزيه، وعليه أن يعيد. قلت: فإن كان مريضاً لا يستطيع النزول أو كان يتخوف على نفسه من السباع وغيرها (¬5)؟ قال: يجزيه. قلت: أرأيت الرجل المقيم هل يصلي على دابته تطوعاً؟ قال: لا. قلت: فإن خرج من المصر فرسخين أو ثلاثة (¬6) هل (¬7) يصلي على دابته تطوعاً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت مسافراً صلى على دابته ركعة تطوعاً ثم قدم أهله؟ قال: يصلي ركعة أخرى. قلت: أرأيت رجلاً مقيماً أو مسافراً صلى على الأرض ركعة تطوعاً ثم ركب دابته فأضاف إليها أخرى وهو راكب؟ قال: لا يجزيه، وعليه أن يستقبل ركعتين. قلت: أرأيت رجلاً قال: لله علي أن أصلي ركعتين تطوعاً، فصلاهما على دابته (¬8) من غير عذر؟ قال: لا يجزيه. قلت: وكذلك لو قال: لله علي أن أصلي أربع ركعات تطوعاً، فصلى ركعتين ولم يتشهد (¬9) ولم يسلم حتى ركب دابته فصلى أخريين (¬10) على الدابة (¬11) ثم سلم (¬12)؟ قال: نعم (¬13)، لا يجزيه، وعليه أن يستقبل أربع ركعات. قلت: أرأيت رجلاً سمع سجدة أو قرأها وهو على غير وضوء، ثم توضأ وركب (¬14) دابته، أيجزيه (¬15) أن يقضيها على الدابة يومئ (¬16) إيماء؟ قال: لا. قلت: فإن سمعها وهو على دابة (¬17) ثم نزل فسجدها (¬18) على الأرض (¬19)؟ قال: يجزيه. قلت (¬20): وكل صلاة أو سجدة ¬

_ (¬1) ح ي: التلاوة. (¬2) ح + أومأ وهو؛ ي + أومأ هو. (¬3) ح ي + إيماء. (¬4) ح ي + إيماء. (¬5) ح ي: أو غيرها. (¬6) ي: أو ثلاثاً. (¬7) م - هل. (¬8) ح: على دابة. (¬9) ح ي - ولم يتشهد. (¬10) م: آخرتين؛ ح ي: أخراوين. (¬11) ح ي - على الدابة. (¬12) ي: ثم يسلم. (¬13) ح ي - نعم. (¬14) ح ي + على. (¬15) ي: أيجزي. (¬16) ح ي: ويومئ. (¬17) خ ي: على الدابة. (¬18) م: سجدها. (¬19) ي: في الأرض. (¬20) ح ي - قلت.

وجبت عليه وهو نازل فلا يجزيه (¬1) أن يقضيها على دابة (¬2)، وكل صلاة أو سجدة (¬3) وجبت عليه وهو راكب ثم نزل فإنه يجزيه أن يقضيها وهو نازل؟ قال: نعم (¬4). قلت: أرأيت رجلين (¬5) في مَحْمِلٍ (¬6) واحد افتتح (¬7) أحدهما (¬8) الصلاة تطوعاً وافتتح الآخر الذي معه وهو ينوي أن يأتم به؟ قال: يجزيهما جميعاً. قلت: فإن كان عن يسار (¬9) الإمام؟ قال: لا أحب له أن يأتم به (¬10). قلت: فإن فعل؟ قال: يجزيه. قلت: فإن كان كل واحد منهما على دابة (¬11)، فصلى أحدهما فائتم (¬12) به صاحبه؟ قال: أما الإمام فيجزيه، وأما الذي ائتم به فلا يجزيه. قلت: من أين اختلف هذا والأول؟ قال: ليسا سواء (¬13). ألا ترى أن بين الدابتين طريقاً (¬14)، فهو الذي أفسد (¬15) عليه صلاته. قلت: أرأيت مسافراً أم قوماً مسافرين، فنام رجل خلفه، فصلى الإمام وفرغ (¬16) من صلاته، ثم استيقظ الرجل بعد فراغ الإمام، فأحدث فخرج (¬17) فتوضأ، ثم بدا له الإقامة، كم يصلي؟ قال: يصلي ركعتين. قلت: لم؟ قال: لأنه إنما يقضي ما صلى الإمام (¬18). ألا ترى أنه (¬19) إنما يقضي بغير قراءة، لأن قراءة الإمام له قراءة. أَوَلاَ (¬20) ترى أنه (¬21) لو دخل في الصلاة ¬

_ (¬1) م: فلا تجزيه (¬2) ح ي: على دابته. (¬3) ح ي: وكل سجدة أو صلاة. (¬4) ح ي - وهو نازل قال نعم. (¬5) ي: رجلاَن. (¬6) ح: في محل. المَحْمِل والمِحْمَل هو الهَوْدَج الكبير الذي يوضع على البعير. انظر: المغرب، "حمل". (¬7) ح ي: فافتتح. (¬8) م - أحدهما، صح هـ. (¬9) ح ي: على يسار. (¬10) ح: قال أحب أن لا يأتم به؛ ي: قال أحب أن يأتم به. (¬11) ح ي: على دابته. (¬12) ح ي: وائتم. (¬13) ك م: ليستا بسواء. (¬14) ح ي: طريق. (¬15) ح ي: يفسد. (¬16) ي: وقد فرغ. (¬17) ح ي: فدخل؛ ح ي + مصراً. (¬18) ح ي - الإمام. (¬19) ح ي - أنه. (¬20) م: ولا. (¬21) ح ي - أنه.

وحده فصلى ركعة ثم نام، فاستيقظ (¬1) وقد ذهب الوقت، فأحدث، فدخل المصر فتوضأ وأقام، يقضي ركعتين. قلت: فإن كان حين دخل المصر أحدث (¬2) متعمداً (¬3) أو تكلم وقد نوى الإقامة وهو في الوقت (¬4)؟ قال: عليه أن يصلي صلاة مقيم (¬5)، لأنه قد أفسد الصلاة التي كان فيها. أَوَلاَ ترى أنه لو دخل في الصلاة وحده فصلى ركعة، ثم أحدث متعمداً أو تكلم وقد نوى الإقامة وهو في الوقت كان (¬6) عليه أن يصلي صلاة مقيم؛ لأنه قد أفسد الصلاة التي كان فيها (¬7). قلت: أرأيت رجلاً مسافراً صلى (¬8) مع إمام مسافر ركعة (¬9)، وقد سبقه الإمام بركعة، فلما فرغ الإمام قام (¬10) الرجل يقضي، ثم بدا له الإقامة، كم يصلي؟ قال: يصلي أربع ركعات. قلت: لم؟ قال: لأنه إنما يقضي بقراءة، ولا يشبه هذا الأول (¬11). قلت: أرأيت رجلاً من أهل الكوفة مسافراً (¬12) افتتح (¬13) الصلاة مع إمام مسافر بطريق الحِيرَة، ثم نام خلفه فاستيقظ وقد فرغ الإمام من صلاته، ثم أحدث الرجل ورجع إلى أهله فتوضأ قبل ذهاب الوقت، ثم نوى الإقامة؟ قال: إن تكلم صلى أربع ركعات، وإن لم يتكلم صلى ركعتين. قلت: فإن أحدث ودخل (¬14) المصر بعد ذهاب الوقت وقد (¬15) تكلم فتوضأ، كم يصلي؟ قال: ركعتين. قلت: لم؟ قال: لأنه قد وجبت (¬16) عليه ¬

_ (¬1) ح ي: ثم استيقظ. (¬2) ك م: فأحدث. (¬3) ك ح ي - متعمداً. (¬4) ح ي: وهو في الوقت وقد نوى الإقامة. (¬5) م: المقيم. (¬6) ك: قال. (¬7) م ح ي - أو لا ترى أنه لو دخل في الصلاة وحده فصلى ركعة ثم أحدث متعمداً أو تكلم وقد نوى الإقامة وهو في الوقت قال عليه أن يصلي صلاة مقيم لأنه قد أفسد الصلاة التي كان فيها. (¬8) م + هو؛ ح ي + بمسافر. (¬9) ح ي - مع إمام مسافر ركعة. (¬10) ك: قال. (¬11) م: والأول. (¬12) ح ي - مسافراً. (¬13) ي: وافتتح. (¬14) ح ي: فدخل. (¬15) ح ي: ثم. (¬16) ح ي: لأنه وجب.

ركعتان، فلا يستطيع أن يجعلها أربعاً. قلت: فإذا دخل (¬1) المصر (¬2) قبل ذهاب الوقت وقد نوى الإقامة قبل أن يذهب وقت تلك (¬3) الصلاة كم (¬4) يصلي؟ قال (¬5): ركعتين؟ قلت: لم (¬6)؟ قال (¬7): لأنه نوى الإقامة بعد فراغ الإمام من الصلاة، فوجبت (¬8) عليه ركعتان، فعليه أن يتبع الإمام ويبني على صلاته ما لم يتكلم، فإن تكلم صلى أربعاً. قلت: أرأيت رجلاً من أهل خراسان قدم الكوفة وأراد المقام هناك (¬9) شهراً فأتم الصلاة، ثم خرج منها إلى الحِيرَة (¬10) فوطّن نفسه بها (¬11) على إقامة خمسة عشر يوماً فأتم الصلاة، ثم خرج من الحِيرَة يريد خراسان فمر بالكوفة فأدركته الصلاة (¬12)، كم يصلي؟ قال: يصلي ركعتين. قلت: فإن كان (¬13) خرج من الكوفة إلى الحِيرَة ولم (¬14) يوطّن نفسه على إقامة (¬15) خمسة عشر يوماً، فأقام بالحِيرَة أيامًا على تلك النية وهو يتم الصلاة، ثم خرج من الحِيرَة يريد خراسان فمر بالكوفة فأدركته الصلاة (¬16)، كم يصلي؟ قال (¬17): أربع ركعات صلاة مقيم، لأنه مقيم (¬18) بعد، لا يقطع ذلك إلا أن يخرج مسافراً أو يوطّن (¬19) نفسه على المقام (¬20) في بلدة أخرى خمسة عشر يوماً. ¬

_ (¬1) ح ي: فإن فعل. (¬2) ح ي - المصر. (¬3) ح: تلك وقت. (¬4) ك م: لم. (¬5) ك م - قال. (¬6) ك م ح - قلت لم. (¬7) ح - قال. (¬8) ح: وجب؛ ي: ووجب. (¬9) ح ي: بها. (¬10) تقدم أن الحيرة مدينة كانت على ثلاثة أميال من الكوفة. (¬11) ح ي - بها. (¬12) ح ي - فأدركته الصلاة. (¬13) ح ي + حين. (¬14) ح ي: لم. (¬15) م: على الإقامة. (¬16) ح ي - ثم خرج من الحيرة يريد خراسان فمر بالكوفة فأدركته الصلاة. (¬17) ح ي + يصلي. (¬18) ح ي - مقيم. (¬19) ح ي: ويوطن. (¬20) ح ي: على الإقامة.

قلت: أرأيت رجلاً من أهل خراسان قدم الكوفة فوطّن نفسه على الإقامة بها خمسة عشر يوماً، أيتم الصلاة حين يدخلها؟ قال: نعم. قلت: فإن أقام (¬1) بها (¬2) أياماً ثم خرج (¬3) وهو يريد مكة، فلما انتهى إلى القادسية (¬4) ذكر حاجة له (¬5) بالكوفة، فانصرف حتى دخل الكوفة وهو لا يريد الإقامة بها، فحضرت (¬6) الصلاة وهو بالكوفة، كم يصلي؟ قال: يصلي (¬7) ركعتين. قلت: لم؟ قال: لأنه قد قطع إقامته الأولى ورجع إلى حال السفر. قلت: فإن كان هذا (¬8) الرجل من أهل الكوفة والمسألة على حالها؟ قال: يصلي أربع ركعات، ولا يشبه هذا الأول. قلت: أرأيت رجلاً من أهل الكوفة خرج يريد القادسية في حاجة له، كم يصلي؟ قال: يصلي (¬9) أربع ركعات. قلت: فإن خرج من القادسية إلى الحِيرَة وهو يريد أن لا يجاوزها (¬10)؟ قال: يصلي أربع ركعات. قلت: فإن فعل هكذا مسيرة يوم (¬11) أو يومين حتى أتى (¬12) مكة، كلما سافر يوماً أو يومين كان من نيته أن لا يجاوز (¬13)؟ قال: عليه أن يصلي (¬14) في هذا كله صلاة المقيم (¬15). قلت: فإن خرج إلى ¬

_ (¬1) ي: قام. (¬2) ح ي - بها. (¬3) ح ي: حتى خرج؛ ح ي + منها. (¬4) القادسية بينها وبين الكوفة خمسة عشر فرسخاً. انظر: معجم البلدان لياقوت، "القادسية". والفرسخ ثلاثة أميال، وهي 5544 متراً. انظر: معجم لغة الفقهاء، "الفرسخ". (¬5) ح: ذكر له حاجته. (¬6) ي: فحضرة. (¬7) ح ي - يصلي. (¬8) ح ي - هذا. (¬9) ح ي - يصلي. (¬10) ح ي: وهو لا يريد أن يجاوزها. (¬11) ح ي: يوماً. (¬12) ح - أتى؛ صح هـ. (¬13) ح: وكانت نيته لا يجاوزها؛ ي: وكانت نيته لا يجاوز. (¬14) ح ي + أربع ركعات قلت فإن فعل هكذا مسيرة يوماً أو يومين حتى أتى مكة كلما سافر يوماً أو يومين كانت نيته لا يجاوزها (ي: يجاوز) قال عليه أن يصلي. (¬15) ح ي: مقيم.

القادسية وهو لا يريد أن يجاوزها، ثم خرج منها إلى الحُفَيرة (¬1)، ثم خرج (¬2) وهو يريد الشام ومر (¬3) بالقادسية ولا يمر بالكوفة؟ قال: عليه أن يصلي ركعتين حين (¬4) يخرج من الحُفَيرة (¬5) مقبلاً فيما بينه وبين القادسية حتى يأتي الشام. قلت: فإن كان له بالقادسية ثَقَلٌ (¬6) قد خَلَّفَه فخرج من الحُفَيرة (¬7) إلى أهله (¬8) فحمله منها إلى الشام ولم يمر بالكوفة؟ قال: يصلي ركعتين. قلت: فإن لم يأت الحُفَيرة (¬9) ولكنه خرج (¬10) من القادسية لحاجة له (¬11)، حتى إذا كان قريباً من الحُفَيرة (¬12) بدا له أن يرجع إلى القادسية فيحمل ثَقَلَه منها ويرتحل إلى الشام ولا يمر بالكوفة؟ قال: عليه أن يصلي أربعاً (¬13) حتى (¬14) يرتحل منها. قلت: لم؟ قال: أرأيت لو خرج من القادسية (¬15) في جنازة (¬16) أو لغائط أو بول، ثم بدا له أن يرتحل (¬17) إلى الشام، أليس كان يصلي أربعاً حتى يرتحل منها (¬18)؟ قلت: نعم. قال: فهذا وذاك سواء. ¬

_ (¬1) ك م ح ي: إلى الحيرة. والتصحيح من جواب المسألة في نسخة ي؛ ومن الكافي، 1/ 14 ظ؛ والمبسوط، 1/ 253. وقال المطرزي: وعن شيخنا: الحُفَيْرة بالضم موضع بالعراق في قولهم: "خرج من القادسية إلى الحفيرة". انظر: المغرب، "حفر". ويتبيَّن من مسائل الكتاب أن الحفيرة المذكورة هنا بلدة قريبة من القادسية ليس بينهما مسافة سفر، حيث سيقول المؤلف قريباً: ألا ترى لو أن رجلاً خرج من الكوفة يريد القادسية أتم الصلاة، فإن خرج من القادسية يريد الحفيرة أتم الصلاة. انظر: 1/ 59 و. (¬2) ح ي - ثم خرج. (¬3) ح: وهو؛ ي: ويمر. (¬4) ك م ح ي: حتى. (¬5) ك م: من الحيرة. (¬6) ي: ثقلاً. (¬7) ك م: من الحيرة. (¬8) ح ي: إلى ثقله. (¬9) ك م: من الحيرة. (¬10) ك م: يخرج. (¬11) ح: لحاجته؛ ي - له. (¬12) ك م: من الحيرة. (¬13) ح ي: أربع؛ ح + ركعات. (¬14) ك م: حين. (¬15) ح: إلى القادسية. (¬16): في حاله؛ ي: في جنابة. (¬17) ح ي + منها. (¬18) ح ي - منها.

قلت: أرأيت رجلاً أقبل من النِّيل (¬1) يريد الكوفة كم يصلي؟ قال: أربعاً. قلت: فإن صلى أربعاً وقدم الكوفة ووضع بها (¬2) ثَقَلَه وكان يصلي أربعاً، ثم خرج في حاجة له (¬3) إلى الجَبّانة (¬4)، ثم بدا له الشخوص إلى مكة من وجهه ذلك، غير أنه يريد الممر على الكوفة فيحمل ثَقَله، فأتى الكوفة، كم يصلي؟ قال: يصلي (¬5) أربع ركعات حتى يشخص منها، لأن (¬6) ثَقَله بالكوفة (¬7) وهو غير مسافر، فلا يجب عليه أن يقصر الصلاة حتى يحمل ثَقَله من الكوفة (¬8) وهو يريد السفر. قلت: أرأيت إن كان (¬9) حين أقام بالكوفة (¬10) خرج من الكوفة إلى القادسية في طلب (¬11) غريم (¬12) له (¬13) بماله (¬14) [وقد] خلّف (¬15) ثَقَلَه بالكوفة، كم يصلي ما بينه وبين القادسية وفي (¬16) مقامه بالقادسية (¬17)؟ قال: يصلي أربع ركعات. قلت: فإن أقبل من القادسية وهو يريد الشام ويريد أن يمر بالكوفة (¬18) فيحمل (¬19) ثَقَلَه ويمضي إلى الشام على حاله (¬20)؟ قال: يصلي فيما بينه وبين الكوفة حتى يشخص ¬

_ (¬1) ج ي: من الجبل. والنِّيل بُلَيْدَة في سواد الكوفة قرب حِلّة بني مزيد، يخترقها خليج كبير يتخلّج من الفرات الكبير، حفره الحجاج بن يوسف، وسماه بنِيل مصر. انظر: معجم البلدان لياقوت، "النيل". (¬2) ح ي - بها. (¬3) ك م - له. (¬4) ح: إلى الحابه؛ ي: إلى الجناية. الأصل في الجَبّانة عند أهل الكوفة أنه اسم للمقبرة، وفي الكوفة عدة مواضع تعرف بالجَبّانة، كل واحدة منها منسوبة إلى قبيلة. انظر: معجم البلدان لياقوت، "عرزم". (¬5) ح ي - يصلي. (¬6) ح ي: يحمل. (¬7) ح: إلى الكوفة. (¬8) ح: إلى الكوفة. (¬9) ح ي - إن كان. (¬10) ح ي: حين قدم الكوفة. (¬11) ك: وطالب؛ م: وطلب. (¬12) ك م: غريماً. (¬13) م - له. (¬14) ح ي - بماله. (¬15) ح ي: فخلف. (¬16) ك م: في. (¬17) ح - وفي مقامه بالقادسية. (¬18) ي: الكوفة. (¬19) ح: ويحمل. (¬20) ح ي: إلى حاله.

منها وحتى يأتي الشام (¬1) ركعتين، إلا أن يوطّن نفسه على إقامة خمسة عشر يوماً (¬2) بالكوفة، لأن القادسية قرية قد أتاها، وقد (¬3) انقطع سكناه بالكوفة وصار مسافراً من القادسية. قلت: فإن (¬4) خرج من الكوفة أول ما خرج وهو يريد الرجوع إليها، ثم أراد السفر إلى الشام وأن يمر بالكوفة فيحمل (¬5) ثقله؟ قال: هذا والباب الأول سواء، وخروجه إلى القادسية وخروجه إلى الجبانة (¬6) سواء (¬7) في القياس، ولكن أستحسن في الجَبّانة (¬8)، وآخذ في القادسية بالقياس (¬9). ألا ترى لو أن رجلاً خرج من الكوفة يريد القادسية أتم الصلاة، فإن خرج من القادسية يريد الحُفَيرة (¬10) أتم الصلاة (¬11)؛ فإن خرج كذلك بثقله (¬12) حتى أتى بستان بني عامر (¬13)، ثم ترك ثقله في البستان وخرج إلى مكة فحج، ثم أقبل من مكة يريد الكوفة ومر (¬14) على البستان فحمل (¬15) ثقله، أنه مسافر حين خرج من مكة، وعليه (¬16) أن يصلي صلاة مسافر. قلت: أرأيت رجلاً من أهل خراسان أقبل يريد مكة، فدخل الكوفة فوطن نفسه على إقامة شهر؟ قال: عليه أن يصلي أربع ركعات. قلت (¬17): ¬

_ (¬1) ح ي: بالشام. (¬2) ي: ليلة. (¬3) ح ي: فقد. (¬4) ح ي: قلت أرأيت إن. (¬5) ح: ويحمل. (¬6) ي: إلى الجناية. (¬7) ك م - وخروجه إلى القادسية وخروجه إلى الجبانة سواء. (¬8) م: بالجبانة. (¬9) م: بالقادسية في القياس. (¬10) ك م: الحيرة. (¬11) ح - أتم الصلاة. (¬12) ح: منقلة؛ ح ي + منقلة. (¬13) م: بني عام. وبستان بني عامر موضع قريب من مكة. انظر: المغرب، "بست". ويقال بستان بني عامر أو ابن عامر، وقيل: اسمه الصحيح هو بستان ابن مَعْمَر. وقيل: هما موضعان مختلفان، فبستان ابن معمر هو الذي يعرف ببطن نخلة، وأما بستان بني عامر أو ابن عامر فهو موضع آخر قريب من الجُحْفَة. انظر: معجم البلدان لياقوت، "بستان ابن معمر". (¬14) ح ي: فمر. (¬15) ي: فيحمل. (¬16) ح: فعليه. (¬17) م - قلت.

باب المسافر في السفينة

فإن خرج من الكوفة في جنازة ثم أراد الخروج إلى مكة من وجهه ذلك وأن يمر بالكوفة (¬1) فيحمل ثقله؟ قال: يصلي أربع ركعات حتى يحمل ثقله ويخرج من الكوفة، فإذا خرج صلى ركعتين. قلت: فإن خرج من الكوفة إلى مكة فنزل القادسية، ثم بدا له أن يرجع إلى خراسان، فمر بالكوفة؟ قال: يصلي ركعتين حتى (¬2) يخرج من القادسية، لأنه مسافر، والكوفة ليست بوطن له (¬3)، لأن وطنه قد انتقض حين خرج يريد مكة. قلت: وإن كان هذا رجلاً (¬4) من أهل الكوفة والمسألة بحالها (¬5)؟ قال: عليه أن يصلي أربع ركعات حتى يدخل الكوفة، وما دام بالكوفة، فإذا (¬6) خرج منها متوجهاً إلى خراسان صلى ركعتين (¬7). ... باب (¬8) المسافر في السفينة قلت: أرأيت مسافراً صلى الفريضة في السفينة وهو يستطيع الخروج منها؟ قال: أحب إلي أن يخرج منها. قلت: فإن لم يفعل؟ قال: يجزيه. قلت: فإن كانوا جماعة فصلوا فيها جماعة (¬9)؟ قال: يجزيهم. قلت: فإن صلوا فيها قعوداً وهم يستطيعون (¬10) القيام ويستطيعون الخروج من السفينة؟ ¬

_ (¬1) ح ي: وأن يرجع ماراً إلى الكوفة. (¬2) ك: حين. (¬3) م ح ي - له. (¬4) ح ي: الرجل. (¬5) ح ي: على حالها. (¬6) ح: وأما الكوفة إذا. (¬7) ح + وسئل أبو يوسف أيضاً على الدابة في السفر حيث توجهت به قال لا يصلي الفريضة ويصلي النافلة والله أعلم؛ ي + وسئل أبو يوسف -رحمه الله- أيصلي على الدابة في السفر حيث توجهت به قال لا يصلي الفريضة ويصلي النافلة والله أعلم. وقد تقدمت هذه المسألة قريباً. انظر: 1/ 57 ظ. (¬8) ح ي + صلاة. (¬9) ح - جماعة. (¬10) ك م: لا يستطيعون. ويؤيد المتن عبارة الحاكم والسرخسي. انظر: الكافي، 1/ 14 ظ؛ والمبسوط، 2/ 2.

قال: يجزيهم. قلت: وكذلك لو كان إمام (¬1) وخلفه قوم قعود وهو يصلي بهم؟ قال: نعم (¬2)، وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يجزيهم إذا كانوا يستطيعون القيام أن يصلوا قعوداً. قلت: أرأيت الرجل (¬3) إذا صلى بالقوم (¬4) في سفينة (¬5) وهي تدور في الماء؟ قال (¬6): عليهم أن يتوجهوا إلى القبلة (¬7) كلما دارت بهم (¬8) السفينة. قلت: أرأيت الرجل إذا صلى في السفينة (¬9) أين يسجد (¬10)؟ قال: يسجد في المكان الذي يصلي فيه. قلت: أرأيت مسافراً صلى في السفينة تطوعاً يومئ إيماء حيث توجهت به السفينة (¬11)؟ قال: لا يجزيه، وعليه أن يقضيها. قلت: لم؟ قال: لأنه دخل فيها وأوجبها على نفسه، ثم أفسدها بعد ذلك حين أومأ وصلى (¬12) لغير القبلة، فعليه أن يعيد الصلاة (¬13). قلت: أرأيت قوماً (¬14) مسافرين سافروا في السفن وأقاموا (¬15) فيها زماناً، هل يكملون الصلاة؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنهم قوم مسافرون (¬16) ما (¬17) كانوا في السفن (¬18). قلت: أرأيت صاحب السفينة نفسه (¬19) إذا كان مع هؤلاء هل (¬20) يتم الصلاة؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه بمنزلتهم (¬21). قلت: أوليس السفينة بمنزلة بيته الذي يقيم فيه؟ قال: لا. قلت: فإن أقام في قريته التي هو منها ووطنه (¬22) فيها إلا أن (¬23) ¬

_ (¬1) ح ي: إماماً. (¬2) م - قال نعم. (¬3) ح ي - الرجل. (¬4) ح: القوم. (¬5) ح ي: في السفينة. (¬6) ي: قلت. (¬7) ح + قلت. (¬8) ح ي - بهم. (¬9) ح ي - قلت أرأيت الرجل إذا صلى في السفينة. (¬10) ي: أن يسجد. (¬11) ح - السفينة. (¬12) ح ي - وصلى. (¬13) ح ي - الصلاة. (¬14) ح - قوماً. (¬15) ح ي: في السفينة فأقاموا. (¬16) ي: مسافرين. (¬17) ح - ما. (¬18) ح ي: في السفر. (¬19) ح ي - نفسه. (¬20) ي - هل. (¬21) ي: بمنزلهم. (¬22) م: ووطيه. (¬23) ي - إلا أنه؛ صح هـ.

منزله (¬1) السفينة (¬2)؟ قال: هذا يتم الصلاة. قلت: أرأيت مسافراً صلى بقوم مسافرين في سفينة، فائتُمّ به في سفينة أخرى، هل يجزي أهل (¬3) السفينة الأخرى (¬4) الذين (¬5) يأتمون به؟ قال: لا يجزيهم، وعليهم أن يستقبلوا. قلت: فإن كانوا في سفينتين مقرونتين؟ قال: يجزيهم صلاتهم، وهذا (¬6) بمنزلة سفينة واحدة (¬7). قلت: أرأيت رجلاً صلى بقوم في سفينة وهي (¬8) واقفة (¬9) وإلى (¬10) جنب الجُدّ (¬11) قوم يأتمون به؟ قال: إن لم يكن بينهم طريق أو لم (¬12) يكن بينهم (¬13) من النهر شيء فصلاتهم تامة، وإن كان بينهم وبين السفينة طريق أو طائفة (¬14) من النهر فصلاتهم فاسدة. قلت: وكذلك لو كان الإمام يصلي على الجُدّ وبعض أصحابه في السفينة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إماماً صلى بقوم في السفينة (¬15) وبعض أصحابه على الأطلال (¬16)؟ قال: إن لم يكونوا قدام الإمام فصلاتهم تامة، وإن كانوا قدام الإمام فصلاتهم فاسدة. قلت: وكذلك لو كان (¬17) الإمام فوق الأطلال والقوم تحته؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً صلى على الجُدّ فانقلبت سفينته (¬18)، فخاف إن أقبل على صلاته وتركها أن تغرق (¬19) سفينته (¬20)؟ قال: يقطع صلاته، ويأتي ¬

_ (¬1) ي: بمنزلة. (¬2) ح - إلا أن منزله السفينة. (¬3) م - أهل. (¬4) ك ط: الأولى. (¬5) ح: الذي. (¬6) ي: هذا. (¬7) ح ي: السفينة الواحدة. (¬8) م - وهي، صح هـ. (¬9) ح ي - وهي واقفة. (¬10) ح: إلى. (¬11) ح ي + وعلى الجد. الجُدّ هو شاطئ النهر. انظر: المغرب، "جدد". (¬12) ح: ولم. (¬13) خ ي - بينهم. (¬14) ح: أو شيء. (¬15) ح ي: من السفينة. (¬16) الأطلال، جمع طَلَل: وهو هنا بمعنى الغطاء الذي تُغشى به السفينة كالسقف للبيت. انظر: المغرب، "طلل". (¬17) ح ي - لو كان. (¬18) ح: السفينة؛ ي: سفينة. (¬19) ك ي: أن يغرق. (¬20) ح: السفينة؛ ي: سفينه.

باب السجدة

سفينته (¬1) فيستوثق منها، ثم يعود فيستقبل الصلاة. قلت: وكذلك لو كانت دابة (¬2) أو شيء من متاعه فخاف أن يذهب؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان راعٍ (¬3) فتخوّف على غنمه (¬4) السبع؟ قال: نعم (¬5). ... باب السجدة (¬6) قلت: أرأيت الرجل يقرأ السورة كلها فيها السجدة، أتكره (¬7) له أن يكف عن قراءة السجدة من بين السورة؟ قال: نعم، أكره له ذلك. قلت: فإن فعل ذلك (¬8)؟ قال: ليس عليه شيء. قلت: أرأيت رجلاً قرأ السجدة (¬9) من بين السورة (¬10) هل تَكره له ذلك؟ قال: أحب إليّ أن يقرأها وآيات معها، وإن (¬11) لم يقرأ معها شيئاً (¬12) لم يضره ذلك (¬13). قلت: فهل عليه (¬14) أن يسجدها (¬15) إذا قرأها وحدها أو مع آيات؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن قرأها (¬16) وهو على غير وضوء، أيتيمم (¬17) ويسجد؟ قال: لا، ولكن يتوضأ ويسجد (¬18). قلت: ولم لا يجزيه (¬19) التيمم؟ قال: ¬

_ (¬1) ح ي: بسفينة. (¬2) ح ي: الدابة. (¬3) ح ي: الراعي. (¬4) ح ي + من. (¬5) ي + والله أعلم. (¬6) أي: سجدة التلاوة. (¬7) م: أيكره. (¬8) ح ي - ذلك. (¬9) ح ي: سجدة. (¬10) ح: السور. (¬11) ي: فإن. (¬12) ح ي: آيات. (¬13) ح ي + شيئاً. (¬14) ح ي + شيء. (¬15) ح ي: أن يسجد. (¬16) ح ي - وحدها أو مع آيات قال نعم قلت أرأيت إن قرأها. (¬17) ك: يتيمم؛ م: بينهم. (¬18) ي + قلت فإن تيمم وسجد قال لا يجزيه وعليه أن يتوضأ ويعيد. (¬19) م: ولم يجزيه.

إذا كان يقدر على الماء فلا يجزيه، لأنه لا يتخوف (¬1) فوت السجدة. قلت: وكذلك لو سمعها من غيره؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً (¬2) سمع السجدة (¬3) من صبي أو من (¬4) امرأة حائض أو من رجل جنب؟ قال: عليه أن يسجد (¬5). قلت: فإن سمعها من رجل كافر (¬6)؟ قال: عليه أن يسجدها، لأنها قد وجبت عليه، ولا يبطلها عنه ما ذكرت. قلت: أرأيت (¬7) جنباً سمع السجدة؟ قال: عليه أن يسجد (¬8) إذا اغتسل. قلت: أرأيت امرأة حائضاً (¬9) سمعت (¬10) السجدة؟ قال: ليس عليها أن تسجد، وليس عليها القضاء. قلت: لم؟ قال: لأنها تدع ما هو أعظم من السجدة، الصلاة المكتوبة، فلا يجب عليها أن تقضيها. قلت: أرأيت رجلاً (¬11) قرأ السجدة ومعه قوم قد سمعوها منه (¬12)، أيسجدون معه (¬13)؟ قال: نعم. قلت: فهل لهم (¬14) أن يرفعوا رؤوسهم قبل الإمام (¬15)؟ قال: لا. قلت: فإن رفعوا رؤوسهم قبله؟ قال: يجزيهم. قلت: أرأيت إن لم يرفعوا رؤوسهم قبله ولكن سجدوها معه وفرغوا (¬16)، ثم ذهب بعض القوم وبقي بعض (¬17)، ثم جاء بعض (¬18) من ذهب فقرأ تلك السجدة ¬

_ (¬1) ح ي: لا يخاف. (¬2) ي + لو. (¬3) ح ي: سجدة. (¬4) م - من. (¬5) ي: أن يسجدها. (¬6) ك م - كافر. وستأتي المسألة في المتن قريباً مرة أخرى. انظر: 1/ 62 ظ. وقد وردت المسألة في الكافي، 1/ 15 و؛ وفي المبسوط، 2/ 4. (¬7) ح ي + رجلاً. (¬8) ح ي: أن يسجدها. (¬9) ح ي: حائض. (¬10) ح: تسمع؛ ي: سمع. (¬11) ح - رجلاً. (¬12) ح ي - منه. (¬13) ح ي - معه. (¬14) ك م: عليهم. (¬15) ح ي: قبله. (¬16) ح: ولكنهم سجدوها وفرغوا منها؛ ي: ولكنهم سجدوا لها وفرغوا منها. (¬17) ح: البعض. (¬18) م - بعض.

أو قرأ بعضُ من بقي (¬1)؟ قال: ليس على أحد منهم أن يسجد (¬2) إلا الذي ذهب ثم جاء، فإن عليه أن يسجد لها (¬3). قلت: لم؟ قال: إذا سمعها الرجل (¬4) فسجد لها (¬5) أو قرأها (¬6) فسجد لها (¬7) ثم سمعها بعد ذلك أو قرأها وهو في مجلسه لم يكن عليه أن يسجد، إلا أن يكون قد قام من مجلسه ثم ذهب (¬8) ثم رجع فعليه أن يسجدها. قلت: أرأيت إن كان القوم في مجلسهم (¬9) ذلك، فسمعوا سجدة غيرها؟ قال: عليهم أن يسجدوها. قلت: وكذلك لو سمعوا سجدة بعد سجدة حتى يمر بكل سجدة في القرآن؟ قال: نعم. قلت: ولا يسجدون (¬10) لها وقد سجدوا لها مرة (¬11)؟ قال: نعم (¬12)، إلا أن يكونوا (¬13) قاموا من مجلسهم ذلك، أو قام بعضهم فذهب، فعلى من قام إذا سمعها أن يسجدها (¬14). قلت: وكم (¬15) تعد في القرآن من سجدة؟ قال: التي (¬16) في (¬17) آخر (¬18) الأعراف، والتي في الرعد، والتي في النحل (¬19)، والتي في بني إسرائيل، والتي في مريم، والتي في الحج، والتي في الفرقان، والتي في النمل، والتي في تنزيل (¬20) السجدة (¬21)، والتي في ص، والتي في حم ¬

_ (¬1) ك م - أو قرأ بعض من بقي؛ ح ي: ما بقي. وصححناها إلى "من بقي". ويفهم ذلك من الجواب وقال الحاكم: ... إلا أن يذهب ثم يرجع فيقرأها أو يسمعها بعد رجوعه فيلزمه مرة أخرى. انظر: الكافي، 1/ 15 و. أي إذا قرأ بعض من بقي هناك آية السجدة نفسها فليس عليهم سجود إلا الذي ذهب ثم جاء. (¬2) ح ي: أن يسجدها. (¬3) ح ي: أن يسجدها. (¬4) ح ي: إذا سمع الرجل السجدة. (¬5) ح: بها. (¬6) ي: أو قرأ لها. (¬7) ح ي: فسجدها. (¬8) ح ي: فذهب. (¬9) ح: في مجلسه. (¬10) م ح ي: ولا يسجدوا؛ ح + ولا يسجدون. (¬11) ح ي: لما قد سجدوا مرة لها. (¬12) ي + ولا يسجدون. (¬13) ح + قد. (¬14) ح ي: أن يسجد. (¬15) ح ي: فكم. (¬16) ك م - التي. (¬17) م - في. (¬18) ح ي - آخر. (¬19) ح - والتي في النحل؛ صح هـ. (¬20) ح ي - تنزيل. (¬21) م - السجدة.

السجدة، والتي في النجم، والتي في: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} (¬1)، والتي في: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} (¬2). قلت: أرأيت التي (¬3) في آخر الحج سجدة هي أم لا؟ قال: ليست بسجدة. قلت: أرأيت كل شيء مما ذكرت إذا تلاه (¬4) هو (¬5) أو سمعه من غيره أعليه أن يسجد؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان راكباً فسمعها أو تلاها؟ قال: نعم، يومئ إيماء. قلت: فإن سمعها وهو ماش (¬6) أو تلاها يجزيه (¬7) أن يومئ إيماء؟ قال: لا. قلت: من أين اختلف الراكب والماشي؟ قال: الماشي بمنزلة القائم والقاعد. ألا ترى لو أن رجلاً قرأ السجدة في صلاته وهو قائم أن عليه أن يسجد لها، فكذلك (¬8) الماشي، وأما الراكب فقد جاء فيه أثر أنه (¬9) يومئ إيماء (¬10). قلت: أرأيت الرجل يقرأ السجدة وهو في صلاة (¬11)، والسجدة في آخر السورة، إلا آية بقيت (¬12) من السورة بعد آية السجدة؟ قال: هو بالخيار، إن شاء ركع بها (¬13)، وإن شاء سجد بها. قلت: فإن أراد أن يركع بها، خَتَمَ السورةَ ثم ركع بها، أيجزيه (¬14)؟ قال: نعم. قلت: فإن أراد أن ¬

_ (¬1) سورة الانشقاق، 84/ 1. (¬2) سورة العلق، 96/ 1. (¬3) ك م: الذي. (¬4) م: أو تلاوة؛ ي: إذا تلا. (¬5) ح ي: الرجل. (¬6) ي: ماشي. (¬7) ح ي: أيجزيه. (¬8) ح ي: أن يسجدها وكذلك. (¬9) ح - أنه. (¬10) قال الإمام محمد: أخبرنا خالد بن عبد الله عن المغيرة الضبي عن إبراهيم النخعي أن ابن عمر كان يصلي على راحلته حيث كان وجهه تطوعاً يؤمي إيماء، ويقرأ السجدة فيومي، وينزل للمكتوبة والوتر. انظر: الحجة على أهل المدينة، 1/ 189. ورواه الإمام أبو يوسف عن علقمة. انظر: الآثار لأبي يوسف، 40. وروي ذلك عن ابن عمر وسعيد بن زيد وابن الزبير وعلقمة وإبراهيم النخعي وغيرهم. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 1/ 367. (¬11) ح ي: في الصلاة. (¬12) م: إلا أنه يقنت؛ ح ي: إلا آيات بقي. (¬13) ح ي - بها. (¬14) ح ي - أيجزيه.

يسجد بها (¬1)، سجد (¬2) عند الفراغ من السجدة، ثم يقوم فيتلو ما بعدها من السورة وهو (¬3) آيتان (¬4) أو ثلاث، ثم يركع (¬5)؟ قال: نعم إن شاء (¬6)، وإن (¬7) وصل (¬8) بسورة (¬9) أخرى فهو أحب إلي. قلت: فإن كانت السجدة (¬10) في آخر السورة (¬11) ليس معها شيء فسجد بها (¬12) ثم قام؟ قال: لا بد (¬13) له أن يقرأ سورة، أو آيات من سورة أخرى، فيركع بها. قلت: فإن كانت السجدة في وسط السورة كيف يصنع بها (¬14)؟ قال: يسجد لها (¬15) ثم يقوم فيقرأ ما بقي، أو ما (¬16) بدا له منها (¬17)، ثم يركع. قلت: فإن أراد أن يركع بالسجدة بعينها هل يجزيه ذلك؟ قال: أما في (¬18) القياس فالركعة في ذلك والسجدة (¬19) سواء، لأن كل ذلك صلاة. ألا ترى (¬20) إلى قول الله تعالى في كتابه: {وَخَرَّ رَاكِعًا} (¬21) وتفسيرها: خر (¬22) ساجداً (¬23). والركعة (¬24) والسجدة سواء في القياس. وأما في الاستحسان فإنه ينبغي له أن يسجدها، وبالقياس (¬25) نأخذ (¬26). ¬

_ (¬1) ح: يسجدها. (¬2) ح ي - سجد. (¬3) ح ي: وهي. (¬4) ي: اثنان. (¬5) ي: ثم ركع. (¬6) ح ي + ركع. (¬7) ح ي+ شاء. (¬8) ح ي+ إليها. (¬9) ح ي: سورة. (¬10) ك م: سجدة. (¬11) م: سورة. (¬12) ح ي: لها. (¬13) م: لا بدأ. (¬14) ك م: لها. (¬15) ح: يسجدها. (¬16) م: وما؛ ح ي - ما. (¬17) م: فيها. (¬18) ح ي - في. (¬19) ي: والسجدة في ذلك. (¬20) م - ألا ترى. (¬21) يقول تعالى: {... وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [سورة ص، 24]. (¬22) ح ي - خر. (¬23) روي هذا التفسير عن ابن عباس ومجاهد وغيرهما. انظر: تفسير الطبري، 23/ 146 - 150؛ والدر المنثور للسيوطي، 7/ 156 - 164. (¬24) ح ي: فالركعة. (¬25) ح ي: أن يسجد بالقياس. (¬26) ح ي - نأخذ.

قلت: فإن (¬1) أراد أن (¬2) يسجد وهو راكع كيف ينبغي له أن (¬3) يصنع؟ قال: يرفع رأسه من الركوع فيخر ساجداً، ثم يرفع رأسه فيقوم فيعود إلى حال ركوعه. قلت: وكذلك لو نسي سجدة من الركعة الأولى فذكرها وهو راكع في الثانية؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو ذكرها وهو ساجد، فرفع رأسه أيسجد (¬4) التي (¬5) ذكر، ثم يعود في هذه السجدة التي كان فيها؟ قال: نعم. قلت: فهل يكتفي بما كان منها؟ قال: إن شاء اكتفى بها. قلت: فهل عليه سجدتا (¬6) السهو؟ قال: نعم. قلت: فإن ذكرها (¬7) بعدما تشهد وسلم وهو في مجلسه لم يقم ولم يتكلم؟ قال: عليه أن يسجدها (¬8) ثم يتشهد ويسلم ويسجد سجدتي (¬9) السهو. قلت: فإن كان قد تكلم أو خرج من المسجد والسجدة من صلب (¬10) الصلاة؟ قال: عليه أن يستقبل الصلاة. قلت: فإن كانت السجدة من تلاوة؟ قال: صلاته تامة. قلت: لم؟ قال: لأنها (¬11) ليست من صلب (¬12) الصلاة، فإذا تركها صاحبها لم يكن عليه شيء. قلت: فإن (¬13) ذكرها قبل أن يتكلم وقبل أن يقوم من مجلسه وهو إمام، أيسجدها ويسجد معه (¬14) من خلفه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن دخل (¬15) معه رجل في الصلاة على تلك الحال (¬16) هل يكون داخلاً في صلاته؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان مسافراً والإمام مقيم فدخل معه في هذه (¬17) الحال وجبت (¬18) عليه صلاة مقيم؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) ح ي: قلت أرأيت إن. (¬2) ح - أن؛ صح هـ. (¬3) ح - ينبغي له أن؛ صح هـ. (¬4) ك م: فسجد. (¬5) ح: الذي. (¬6) ح ي: سجدتي. (¬7) ح ي: ذكر. (¬8) ح ي: أن يسجد. (¬9) ي: سجدة. (¬10) م: من صلت. (¬11) ي: لأنه. (¬12) م: من صلت. (¬13) ح ي: فإذا. (¬14) ح ي - معه. (¬15) ح ي: أرأيت رجلاً. (¬16) ح: الحالة. (¬17) ح ي: على هذه. (¬18) ح ي: وجب.

قلت: أرأيت (¬1) مريضاً سمع سجدة (¬2) التلاوة (¬3) وهو لا يستطيع أن يسجد أيومئ إيماء؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان لا يستطيع أن يقعد أومأ (¬4) إيماء وهو مضطجع؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: ألا ترى أنه يصلي المكتوبة هكذا وهي (¬5) أوجب (¬6) من السجدة. قلت: أرأيت الرجل سمع السجدة وهو على غير وضوء، ولا يجد الماء، فيتيمم ويسجد، يجزيه (¬7)؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: ألا ترى أنه (¬8) لو صلى المكتوبة هكذا أجزأه. قلت: أرأيت رجلاً سمع السجدة (¬9) أو (¬10) تلاها ونسي (¬11) أن يسجد، ثم افتتح الصلاة فذكر تلك السجدة، أيقضيها وهو في الصلاة؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن السجدة ليست من هذه الصلاة، فلا ينبغي له أن يُدخِل في (¬12) هذه الصلاة شيئاً (¬13) من غيرها. قلت: فإن سمع السجدة وهو في الصلاة أيسجد لها (¬14) وهو في الصلاة (¬15)؟ قال: لا. قلت: لم (¬16)؟ قال: لأنه (¬17) إنما (¬18) تلاها غيره، وليست من صلاته. قلت: فإن سجد لها (¬19) وهو في الصلاة؟ قال: قد أساء، وصلاته تامة. قلت: فهل يجزي (¬20) عنه؟ قال: لا يجزي (¬21) عنه، وعليه أن يقضيها بعدما يسلم (¬22). قلت: أرأيت رجلاً تلا السجدة أو سمعها من غيره فسجدها لغير ¬

_ (¬1) ح ي + رجلاً. (¬2) ح ي: السجدة. (¬3) ح ي - التلاوة. (¬4) ي: أو يومئ. (¬5) ح ي: وهو. (¬6) ح: أجب. (¬7) ح ي: فتيمم وسجد أيجزيه. (¬8) ح ي - أنه. (¬9) ح ي: سجدة. (¬10) ح - أو. (¬11) ح ي: فنسي. (¬12) ك م + شيء من. (¬13) ح ي: بشيء. (¬14) ي: أيسجدها. (¬15) ح - أيسجد لها وهو في الصلاة. (¬16) م - لم. (¬17) م: إنه؛ ح ي: لأنها. (¬18) ح ي - إنما. (¬19) ح ي: سجدها. (¬20) ح ي: يجزيه. (¬21) ح: يجزيه. (¬22) م ي: سلم.

القبلة متعمداً لذلك أو جاهلاً؟ قال: إن كان متعمداً (¬1) لذلك لم يجزه (¬2)، وإن كان جاهلاً أجزأه. قلت: أرأيت إن كان (¬3) سجدها للقبلة فضحك فيها حتى قهقه أو أحدث فيها؟ قال: إذا أحدث أو ضحك (¬4) فقد أفسدها، وعليه في الحدث أن يعيد الوضوء ويعيد السجدة، وأما في الضحك فعليه أن يعيد السجدة ولا يعيد الوضوء. قلت: لم لا يعيد الوضوء إذا قهقه في السجدة؟ قال: لأنها ليست بصلاة. ألا ترى أنه لا قراءة فيها ولا تشهد (¬5). قلت: أفيكبر (¬6) إذا سجد وإذا رفع رأسه؟ قال: نعم. قلت: فإن ترك ذلك؟ قال: يجزيه. قلت: أرأيت إماماً قرأ السجدة يوم الجمعة؟ قال: عليه أن يسجدها، ويسجد معه من خلفه (¬7). قلت: أرأيت إماماً قرأ السجدة في صلاة لا يجهر فيها بالقراءة (¬8)؟ قال: ليس ينبغي للإمام (¬9) أن يقرأ بسورة (¬10) فيها سجدة في صلاة (¬11) لا يجهر فيها بالقرآن، فإن فعل ذلك (¬12) كان عليه أن يسجدها، ويسجد معه أصحابه. قلت: لم ولم يسمعها أصحابه؟ قال: لأنه إمامهم، وهو معهم (¬13) في الصلاة. قلت: أرأيت رجلاً قرأ السجدة خلف الإمام وهو يسر بالقراءة (¬14) ¬

_ (¬1) ك م: تعمد. (¬2) ي: لم يجزيه. (¬3) ك م - كان. (¬4) ح ي: إذا ضحك أو أحدث فيها. (¬5) ح: يتشهد؛ ي + فيها. (¬6) ح ي: فيكبر. (¬7) م - قلت أرأيت إماماً قرأ السجدة يوم الجمعة قال عليه أن يسجدها ويسجد معه من خلفه. (¬8) ح ي: بالقرآن. (¬9) ح ي - للإمام. (¬10) ح ي: سورة. (¬11) ك م: من صلاة. (¬12) ح ي - ذلك. (¬13) ح ي: وهم معه. (¬14) ح ي: القراءة.

أيسجدها؟ قال: لا. قلت: لم وقد قرأها في الصلاة؟ قال: لأنه لا ينبغي له أن يخالف إمامه، ولا (¬1) يصنع شيئاً لم يجب على إمامه. قلت: فهل عليه أن يقضيها بعدما يفرغ؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه قرأها (¬2) خلف الإمام. وهذا (¬3) قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: يقضيها إذا فرغ من صلاته، لأنها ليست من الصلاة، فكأنه قد سمعها (¬4) من غيره. قلت: فإن سمع سجدة (¬5) من غيره وهو في الصلاة خلف الإمام؟ قاك: ليس عليه أن يسجدها حتى يفرغ الإمام (¬6) من صلاته، فإذا فرغ الإمام من صلاته سجدها. قلت: أرأيت رجلاً سمع الإمام يقرأ السجدة وليس الرجل معه في الصلاة، هل عليه أن يسجدها؟ قال: نعم. قلت: فإن دخل الرجل مع الإمام في الصلاة قبل أن يسجدها فسجدها معه أجزأه ولم يجب عليه أن يسجدها إذا فرغ؛ وإن دخل معه بعدما سجدها (¬7) فصلى مع الإمام (¬8) الصلاة كلها، هل عليه أن يسجدها بعدما يفرغ من صلاته، وقد كان الإمام سجدها قبل أن يدخل معه هذا الرجل (¬9) في صلاته؟ قال: لا. قلت: لم؟ أليس قد وجبت عليه قبل أن يدخل في الصلاة؟ قال: بلى، قد وجبت عليه (¬10) كما وجبت على الإمام، فإذا صلى تلك الصلاة وفرغ (¬11) منها فقد صلى ما كان على الإمام، فليس عليه قضاؤها. ألا ترى أنه لو دخل مع الإمام في تلك الصلاة وهو ينوي التطوع ثم أفسدها، ثم دخل معه أيضاً في تلك ¬

_ (¬1) ح ي: فلا. (¬2) ح + وهو. (¬3) ح ي: وهو. (¬4) ح ي: فكأنه يسمعها. (¬5) ح ي: السجدة. (¬6) ح ي - الإمام. (¬7) ح ي - فسجدها معه أجزأه ولم يجب عليه أن يسجدها إذا فرغ وإن دخل معه بعدما سجدها. (¬8) ح ي + قبل أن يسجدها. (¬9) ك. الداخل؛ ح ي: هذا الرجل معه. (¬10) ح ي - قبل أن يدخل في الصلاة قال بلى قد وجبت عليه. (¬11) ح: وقد فرغ.

الصلاة وهو ينوي (¬1) تطوعاً (¬2) آخر (¬3)، لم يكن عليه قضاء الأولى إذا فرغ من هذه الأخرى. قلت: أرأيت السجدة هل فيها تسليم؟ قال: لا. قلت: أرأيت امرأة حائضاً (¬4) قرأت السجدة فسمعها منها (¬5) رجل (¬6) هل عليه أن يسجدها؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو قرأها صبي أو رجل (¬7) كافر أو رجل جنب؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً (¬8) سمع السجدة وهو يصلي والذي قرأها ليس في الصلاة؟ قال: على الرجل الذي يصلي إذا فرغ من صلاته أن يسجدها (¬9). وقال أبو يوسف ومحمد: إن قرأ الرجل الذي يصلي تلك السجدة (¬10) بعينها في الصلاة بعدما سمعها فإنه يسجدها، وتجزيه (¬11) من سماعه الأولى، وليس عليه أن يقضيها. وقال أبو يوسف ومحمد: لو كان الرجل الذي ¬

_ (¬1) ك م ح - التطوع ثم أفسدها ثم دخل معه أيضاً في تلك الصلاة وهو ينوي؛ صح ح هـ. وقال السرخسي: وفي الأصل بعد ذكر هذه المسألة قال ألا ترى لو أن رجلاً افتتح الصلاة مع الإمام وهو ينوي التطوع والإمام في الظهر ثم قطعها فعليه قضاؤها، فإن دخل معه فيها ينوي صلاة أخرى تطوعاً فصلاها معه لم يكن عليه قضاء شيء. وهذه المسألة مبتدأة، وهي على ثلاثة أوجه: إما أن ينوي قضاء الأولى أو لم يكن له نية أو نوى صلاة أخرى. ففي الوجهين الأولين عندنا سقط عنه ما لزمه بالإفساد ... فإن كان قد نوى تطوعاً آخر فقد قال هاهنا: ينوب عما لزمه بالإفساد، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف - رضي الله تعالى عنهما -، وفي زيادات الزيادات قال لا ينوب، وهو قول محمد - رضي الله تعالى عنه -. انظر: المبسوط، 2/ 11. (¬2) ي: تطوع. (¬3) ح: أخرى. (¬4) ح ي: حائض. (¬5) ح ي - منها. (¬6) ي + منها. (¬7) ح ي - رجل. (¬8) ي: رجل. (¬9) ح ي + وهذا قول أبي حنيفة. والأولى حذف ذلك، لأن هذا هو قول الإمام وصاحبيه جميعاً، وإذا زيدت الزيادة المذكورة يفهم منها أن قول الصاحبين مخالف لقول الإمام، وليس كذلك. وانظر: المبسوط، 2/ 10. (¬10) ح: الصلاة. (¬11) ح ي: ويجزيه.

يصلي هو الذي قرأها أول مرة ثم سمعها من ذلك الرجل أجزأه أن يسجدها في الصلاة منهما (¬1) جميعاً. قلت: لم؟ قال: لأن السنة جاءت أنه إذا سمع سجدة واحدة مراراً في مقعد واحد (¬2) أجزأه من ذلك سجدة واحدة. أبو سليمان (¬3) قال: حدثنا محمد عن جعفر بن عمر (¬4) بن يعلى بن مرة (¬5) الثقفي عن أبي عبدالرحمن السلمي أنه كان يعلمهم القرآن، فيقرؤون السجدة عليه مراراً، فلا يسجد (¬6) لها (¬7) إلا مرة واحدة (¬8). قلت: أرأيت رجلاً (¬9) افتتح الصلاة وسمع (¬10) السجدة من رجل ليس في الصلاة، وسمع تلك السجدة بعينها من رجل آخر، ثم قرأ هو (¬11) تلك السجدة؟ قال: يجزيه إذا سجد لها من الثلاث سجدات. قلت: فإن سمع من (¬12) رجل سجدة ثم سمع من آخر سجدة غير تلك السجدة ثم قرأ هو سجدة فسجد لها؟ قال: عليه إذا فرغ من صلاته أن (¬13) يسجد سجدتين لما ¬

_ (¬1) ح: منها. (¬2) ح ي + ومقام واحد. (¬3) ح ي: حدثنا أبو سليمان. (¬4) م: محمد بن جعفر عن عمر؛ ي: عن محمد بن الحسن قال حدثنا جعفر بن عمرو. وجعفر بن عمر أو ابن عمرو بن يعلى بن مرة ليس له ذكر في كتب الرجال. ويحتمل أن يكون الصواب ما في نسخة م. فإن عمر بن يعلى بن مرة هو عمر بن عبد الله بن يعلى بن مرة، نسب إلى جده، وهو معروف ومترجم. انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر، 7/ 470. ومحمد بن جعفر من المحتمل أن يكون غُنْدَر. انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر، 9/ 96. ويكون الأثر حينئذٍ من زيادة أبي سليمان الجوزجاني على الأصل وليست من رواية الإمام محمد، والله أعلم. (¬5) ح: ابن معلى عن مرة. (¬6) ح: يسجدون. (¬7) م: فلا يسجدها. (¬8) وروي كذلك من طريق عطاء بن السائب عن أبي عبدالرحمن السلمي. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 1/ 366. (¬9) ح ي: الرجل. (¬10) ح ي: فسمع. (¬11) ك م - هو. (¬12) ك م - من. (¬13) ح: بأن.

كان (¬1) سمع. قلت: فإن سمع سجدة وهو يصلي ثم قرأها هو بنفسه فسجد لها، ثم قام فأحدث فذهب فتوضأ، ثم عاد إلى مكانه فبنى على صلاته، ثم قرأ ذلك الرجل تلك السجدة بعينها؟ قال: على الرجل الذي يصلي (¬2) إذا فرغ من صلاته أن يسجد هذه السجدة التي سمعها؛ لأنه حين أحدث فذهب فتوضأ (¬3) ثم عاد إلى مكانه فسمع السجدة فعليه أن يسجدها، لأن هذين مقامان (¬4). وقال أبو يوسف ومحمد: لو أن (¬5) رجلاً قرأ سجدة (¬6) فسجد ثم افتتح الصلاة مكانه (¬7) فقرأ تلك السورة التي فيها تلك السجدة كان عليه أن يسجدها أيضاً، ولو لم يكن سجد (¬8) في الأولى حتى دخل في الصلاة ثم قرأها فسجدها (¬9) أجزأته (¬10) من (¬11) هذه التي في الصلاة ومن (¬12) الأولى؛ لأن الأولى (¬13) قد وجبت عليه في ذلك المقام، فإذا قضاها فيه أجزأته (¬14) منهما (¬15) جميعاً. ألا ترى لو أن إماماً قرأ السجدة في الصلاة فسمعها منه رجل (¬16) ليس معه في الصلاة كان عليه أن يسجدها، فإن سجدها ثم دخل مع الإمام (¬17) في الصلاة فسجدها الإمام (¬18) كان عليه أن يسجدها (¬19) معه، ولو لم يكن سجدها (¬20) حتى دخل مع الإمام فسجد معه أجزأه. ¬

_ (¬1) ي - كان. (¬2) ك م - الذي يصلي. (¬3) ح ي: وتوضأ. (¬4) ح ي: هذا مقامين. (¬5) م: لو كان. (¬6) ح ي: السجدة. (¬7) ك م - مكانه. (¬8) م: يسجد. (¬9) ح ي: فسجد بها. (¬10) ح: أجزأه. (¬11) ك م - من. (¬12) ك م: من. (¬13) ح ي: الأول لأن الأول. (¬14) ح: أجزأه. (¬15) ح ي: منها. (¬16) ح ي: رجل منه. (¬17) ي: معه. (¬18) ي - فسجدها الإمام. (¬19) ك ح - فإن سجدها ثم دخل مع الإمام في الصلاة فسجدها الإمام كان عليه أن يسجدها. (¬20) ك: يسجدها.

قلت: أرأيت رجلاً قرأ السجدة فسجدها وأطال (¬1) القعود ثم قرأها (¬2) ثانية (¬3)؟ قال: تجزيه الأولى (¬4). قلت: فإن أكل أو نام مضطجعاً أو أخذ في بيع أو شراء (¬5) أو في (¬6) عمل آخر يعرف أنه قطع (¬7) لما كان فيه قبل ذلك حتى طال ذلك ثم عاد فقرأها؟ قال: عليه أن يسجدها، وإن نام قاعداً أو أكل لقمة أو شرب شربة أو عمل عملاً يسيراً ثم قرأها فإنه ليس عليه أن يسجدها بعد قراءته (¬8) الأولى، إنما أستحسن إذا طال العمل أن أوجبها عليه. وإذا قرأ الرجل السجدة وهو في الصلاة فسجدها ثم قرأها في الركعة الثانية (¬9) فليس عليه أن يسجدها، لأنها (¬10) قد وجبت (¬11) عليه في هذه الصلاة مرة، فلا تجب عليه فيها ثانية. وإن طالت صلاته فقرأها في أولها وآخرها (¬12) فإنما عليه أن يسجدها مرة واحدة. وإذا قرأ الإمام سجدة في ركعة فسجد لها وفرغ منها، ثم أحدث فقدم رجلاً دخل معه في الركعة الثانية، فقرأ الإمام الثاني (¬13) تلك السورة وتلك السجدة التي قرأها الإمام الأول فإن (¬14) عليه أن يسجدها، ويسجدها (¬15) معه القوم. وإنما وجبت هذه السجدة على هذا الإمام الثاني لأنه لم يسمع (¬16) تلك السجدة الأولى ولم تجب عليه، فلما قرأها هو وجبت (¬17) عليه وعلى أصحابه. وإذا قرأ الإمام السجدة وهو قاعد في الصلاة فسجدها (¬18) ثم سلم ¬

_ (¬1) ح ي: ثم أطال. (¬2) ح: ثم قرأ. (¬3) ح ي: الثانية. (¬4) ح ي: يجزيه الأول. (¬5) م - أو شراء. (¬6) ح ي - في. (¬7) ح ي: قطعا. (¬8) ح: المرة؛ ي: مرة. (¬9) ح ي + والثالثة. (¬10) ح ي: لأنه. (¬11) ح: قد وجب. (¬12) ح ي: أو آخرها. (¬13) ح ي - الثاني. (¬14) ك ح ي: قال. (¬15) ح ي: ويسجد. (¬16) ح: لا يسمع. (¬17): قرأ هذا وجيت؛ ي: قرأها وجب. (¬18) ح - فسجدها.

وتكلم، ثم قرأها ثانية، فعليه أن يسجدها، لأن الثانية قد وجبت عليه في غير الصلاة، والأولى (¬1) إنما وجبت عليه في الصلاة، فإذا سجدها وسلم ثم تكلم (¬2) ثم قرأها (¬3) فلا بد له (¬4) من أن يسجدها. فإن (¬5) كان لم يسجدها حتى سلم وتكلم، ثم قرأها فسجدها، فإنه يجزيه منهما (¬6) جميعاً (¬7). وإذا قرأ الرجل السجدة (¬8) فسجدها، ثم قام فقرأها قبل أن يتحول، أو اضطجع (¬9) فقرأها، لم يكن عليه أن يسجدها ثانية. وإن تحول أو مشى ثم قرأها عليه (¬10) أن يسجدها إذا تحول من (¬11) ذلك المكان الذي وجبت عليه فيه. وإذا قرأ الرجل سجدة فسجدها (¬12) ثم قرأ سورة طويلة أو قصيرة ثم عاد (¬13) فقرأ تلك السجدة لم يكن عليه أن يسجدها (¬14)، لأن قراءة القرآن من السجود. ولو قرأها (¬15) وهو راكب ثم نزل فقرأها، فإن كان لم ينزل حتى سار فهذا عمل، وعليه سجدتان، وإن (¬16) كان واقفاً حين قرأها ثم نزل مكانه فقرأها فإني أستحسن أن يكون عليه سجدة واحدة. وكذلك لو قرأها وهو قاعد ثم قام فركب ثم قرأها بعدما ركب، فإن كان سار من ذلك المكان ¬

_ (¬1) ي: والأول. (¬2) ح ي: ثم سلم وتكلم. (¬3) ح: وقرأها. (¬4) ح ي - له. (¬5) ح ي: وإن. (¬6) ح - منهما. (¬7) يقول السرخسي: قال في الأصل: وإن لم يسجدها في الصلاة حتى سجدها الآن أجزأه عنهما. وهو سهو وإن كان مراده أعادها بعد الكلام، لأن الصلاتية قد سقطت عنه بالكلام، إلا أن يكون مراده أعادها بعد السلام قبل الكلام، فحينئذٍ يستقيم، لأنه لم يخرج عن حرمة الصلاة، وإنما كررها في الصلاة وسجد. انظر: المبسوط، 2/ 13. (¬8) ح ي: سجدة. (¬9) ح ي: أو يضطجع. (¬10) ح ي: فعليه. (¬11) ي - من. (¬12) ح ي: ثم سجدها. (¬13) ك م: ثم أعاد. (¬14) ح - لم يكن عليه أن يسجدها؛ صح هـ. (¬15) ح ي: أو قرأها. (¬16) م ح ي: فإن.

فعليه سجدتان، وإن (¬1) لم يكن سار من ذلك المكان لم تجب (¬2) عليه إلا سجدة واحدة. فإن سجدها على الدابة (¬3) إيماء فإن ذلك لا يجزيه، لأن السجدة (¬4) وجبت عليه وهو نازل. ولو قرأها ثم نزل (¬5) ثم ركب تلك الدابة ثم قرأها أيضاً (¬6) فإنما عليه أن يسجد سجدة (¬7) ما لم يكن سار أو عمل عملاً يطول ذلك (¬8). وقال أبو حنيفة: إذا قرأ الرجل السجدة (¬9) وهو في الصلاة خلف الإمام فليس عليه أن يسجدها في الصلاة، لأنه إن سجدها كان مخالفاً للامام، وليس (¬10) عديه أن يقضيها بعد فراغ الإمام، لأنه قرأها وهو في الصلاة. وكذلك لو سمعها منه الإمام والقوم فلا شيء عليهم. ولا يشبه هذا الذي يقرأ (¬11) السجدة وهو في غير الصلاة (¬12) فسمعها القوم، فعلى من سمعها أن يسجد لها (¬13) بعد الفراغ. وهو قول أبي يوسف. وقال محمد: يسجدها من سمعها (¬14) إذا فرغوا من الصلاة، ويسجدها الذي قرأها. قلت: أرأيت رجلاً افتتح الصلاة تطوعاً وهو راكب فقرأ سجدة، ثم سار ساعة ثم ركع (¬15) وسجد للصلاة (¬16)، ثم قرأها في الركعة الثانية بعد مسيرة ساعة؟ قال: ليس عليه أن يسجدها إلا مرة واحدة لهما جميعاً، لأنها صلاة واحدة (¬17)، لا يسجد (¬18) فيها سجدة واحدة مرتين، وهذا بمنزلة سجدتي (¬19) السهو. ألا ترى لو أن رجلاً سها في صلاة (¬20) مراراً لم يكن ¬

_ (¬1) ح ي: فإن. (¬2) ح ي: لم يكن. (¬3) ي + فأومأها. (¬4) ي: سجدة. (¬5) ح: فنزل. (¬6) ح - أيضاً. (¬7) ح ي + واحدة. (¬8) ح ي: فيه. (¬9) ك م - السجدة. (¬10) ي: فليس. (¬11) ح: فقرأ. (¬12) ح ي: صلاة. (¬13) ح ي: أن يسجدها. (¬14) ي: من يسمعها. (¬15) ح: ثم رجع؛ ي: ورجع. (¬16) ح ي: في الصلاة. (¬17) ح ي - واحدة. (¬18) ح: لا تجب. (¬19) ح: سجدة. (¬20) ح ي: في صلاته.

باب المستحاضة

عليه إلا سجدتان. قلت: أرأيت إن كان هذا الراكب الذي يصلي سمع السجدة من رجل في الركعة الأولى، ثم سار ساعة ثم (¬1) سمعها من ذلك الرجل في الركعة الثانية؟ قال: عليه إذا فرغ من صلاته أن يسجد لهما سجدة واحدة (¬2). قلت: لم وقد سمعها من موطنين (¬3) بينهما مسير (¬4) وعمل؟ قال: لأن (¬5) هذا (¬6) المسير (¬7) والعمل لا يفرق بين الركعتين، لأنها (¬8) صلاة واحدة (¬9). ... باب المستحاضة قلت: أرأيت امرأة حاضت حين زالت الشمس، هل (¬10) عليها قضاء تلك الصلاة إذا طهرت من حيضها (¬11)؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن الصلاة لم تجب (¬12) عليها. ألا ترى أنها (¬13) لو لم تحض وسافرت (¬14) في تلك الساعة كان عليها أن تصلي ركعتين، ولو كانت الصلاة (¬15) وجبت عليها لم تجزها (¬16) إلا أربع ركعات. ألا ترى أنها لو (¬17) كانت مسافرة فزالت الشمس وهي مسافرة ثم قدمت فأقامت أن عليها (¬18) أربع ركعات، ولو كانت الصلاة قد وجبت عليها قبل أن تقيم كان عليها أن تصلي ركعتين. ¬

_ (¬1) ك م - ثم. (¬2) ي: سجدتين. (¬3) م: من موطيين. (¬4) ح ي: قلت لم قال لأنه سمعها في موطنين فبينهما مسيرة. (¬5) ح ي - قال لأن. (¬6) ح: وهذه؛ ي: وهذا. (¬7) ح: المسيرة. (¬8) ح ي: لأنهما. (¬9) ي + والله أعلم. (¬10) ح + إن. (¬11) ح: من حيضتها. (¬12) ك م: لا تجب. (¬13) ح ي - أنها. (¬14) ح ي: وقد سافرت. (¬15) ح ي + قد. (¬16) ي: لم يجزيها. (¬17) ك: ألا ترى لو أنها. (¬18) ح: فأقامت صلت.

قلت: أرأيت إن حاضت بعد ذهاب وقت الظهر ولم تكن صلت؟ قال: عليها إذا طهرت أن تقضيها، لأن الصلاة قد وجبت عليها قبل أن تحيض، وإنما وجبت الصلاة (¬1) عليها (¬2) لأن الوقت ذهب وهي طاهرة. قلت: أرأيت امرأة افتتحت الظهر (¬3) في أول وقتها فصلت (¬4) ركعة ثم حاضت، هل يجب عليها أن تقضي هذه الصلاة إذا طهرت؟ قال: لا. قلت: لم وقد دخلت فيها وصارت الصلاة (¬5) واجبة عليها (¬6)؟ قال: الدخول في هذا وغيره سواء، لا تجب عليها الصلاة حتى يذهب (¬7) الوقت وهي طاهرة ولم تصل (¬8)، فإذا كان هكذا وجب (¬9) عليها أن تقضيها إذا طهرت. قلت: أرأيت امرأة طهرت حين زالت الشمس هل عليها أن تصلي الظهر؟ قال: نعم، عليها أن تغتسل وتصلي الظهر. قلت: أرأيت امرأة (¬10) إن طهرت (¬11) في آخر وقت الظهر وعليها من الوقت ما (¬12) لو (¬13) اغتسلت لفرغت (¬14) من غسلها قبل خروج الوقت، فأخرت الغسل حتى ذهب الوقت؟ قال: عليها أن تغتسل وتصلي الظهر. قلت: فإن طهرت في آخر وقت الظهر وعليها من الوقت ما (¬15) لا تستطيع (¬16) أن تغتسل فيه حتى يذهب (¬17) الوقت؟ قال: ليس عليها قضاء (¬18) الظهر (¬19)، وعليها أن تغتسل وتصلي العصر. قلت: من أين اختلفا؟ قال: إذا طهرت وهي تستطيع أن تغتسل قبل ذهاب الوقت فأخرت ذلك فعليها القضاء، لأنها قد طهرت قبل ¬

_ (¬1) ك م: الظهر. (¬2) ي - عليها؛ صح هـ. (¬3) ح ي: الصلاة. (¬4) م + ثم. (¬5) ح ي - الصلاة. (¬6) ك م - عليها. (¬7) ح: ذهب. (¬8) م: يصلي؛ ح ي: تصلي. (¬9) م: وجبت. (¬10) ح ي - امرأة. (¬11) ح: إن تطهرت. (¬12) م - ما؛ ح ي + أن. (¬13) ح ي + قد. (¬14) ح ي: فرغت. (¬15) ك م - ما. (¬16) ح ي: لم تستطع. (¬17) ح ي: حتى ذهب. (¬18) ح ي: أيضاً. (¬19) ك: للظهر.

ذهاب الوقت، وإنما جاء الترك (¬1) من قبلها، وإذا (¬2) كانت لا تستطيع أن تغتسل حتى يذهب (¬3) الوقت لقلة ما بقي من الوقت فهي غير طاهرة، لأنها لم تطهر حتى ذهب الوقت، لأن الطهر (¬4) ها هنا هو الغسل. ألا ترى أن زوجها (¬5) لو طلقها كان يملك رجعتها ما لم تغتسل أو يذهب (¬6) وقت تلك الصلاة. أَوَلَا ترى لو أن امرأة حاضت وطهرت (¬7) فلم تغتسل لم يكن لزوجها أن يجامعها حتى تغتسل أو يذهب وقت تلك الصلاة التي طهرت فيها، فإذا ذهب وقت تلك الصلاة (¬8) أو اغتسلت (¬9) كان لزوجها أن يجامعها. قلت: أرأيت امرأة حاضت يوماً أو يومين ثم انقطع عنها الدم (¬10)؟ قال: ليس هذا بحيض، ولا يكون الحيض أقل من ثلاثة أيام. قلت: فإن كانت (¬11) تركت الصلاة في ذلك اليوم أو اليومين؟ قال: عليها أن تقضي ما تركت. قلت: فهل عليها غسل في انقطاع (¬12) الدم عنها؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن هذا ليس بحيض. ألا ترى أنها لو (¬13) رأت الدم (¬14) ساعة ثم انقطع عنها الدم (¬15) لم يكن هذا بحيض (¬16) ولم يكن عليها غسل، فكذلك (¬17) الأول. قلت: أرأيت امرأة كان حيضها خمسة أيام في كل شهر ثم زاد يوماً أتصلي ذلك اليوم؟ قال: لا (¬18)، وهي فيه حائض (¬19). قلت: وكذلك لو ¬

_ (¬1) م: النزول: ي: ترك. (¬2) ح ي: وإن. (¬3) ح ي: حتى ذهب. (¬4) ح ي: الوقت. (¬5) ح ي + ذلك. (¬6) م: ويذهب. (¬7) ح ي: فطهرت. (¬8) ح ي: التي طهرت فيها فإذا ذهب وقت تلك الصلاة. (¬9) ح: ولو اغتسلت؛ ي: لو اغتسلت. (¬10) ح ي: الدم عنها. (¬11) ح ي - كانت. (¬12) ح ي: لانقطاع. (¬13) ي: لو أنها. (¬14) ح ي: دماً. (¬15) ح ي - الدم. (¬16) ح: حيضاً؛ ي: حيض. (¬17) ح: وكذلك. (¬18) ح - قال لا. (¬19) ح + قال لا.

زادت (¬1) خمسة أيام؟ قال: نعم. قلت: فإن زادت على العشرة الأيام يوماً أو يومين؟ قال: هذه مستحاضة فيما زادت (¬2) على عشرة أيام، فتكون مستحاضة (¬3) فيما (¬4) زاد (¬5) على أيام أقرائها (¬6). قلت: فهل عليها قضاء ما زادت (¬7) على أيام أقرائها (¬8)؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأن الحيض لا يكون أكثر من عشرة أيام، فإن (¬9) زادت على عشرة أيام عرفنا (¬10) أنها مستحاضة فيما زادت على أيام أقرائها (¬11). قلت (¬12): فإن (¬13) لم تزد (¬14) على عشرة أيام؟ قال (¬15): هي (¬16) حائض، وليس عليها أن تقضي شيئاً من الصلاة. بلغنا (¬17) عن أنس بن مالك أنه قال: الحيض ثلاثة أيام وأربعة أيام إلى عشرة أيام (¬18). قلت: أرأيت امرأة كان حيضها خمسة أيام في أول كل شهر (¬19)، فتقدم حيضها قبل ذلك بيوم أو يومين أو ثلاثة أيام (¬20) أو أربعة أو خمسة؟ قال: هي حائض. ألا ترى أنها إذا زادت على حيضها خمسة أيام كانت فيها حائضاً (¬21)، فكذلك إذا تقدمت حيضتها (¬22) خمسة أيام كانت ¬

_ (¬1) ح ي: لو رأت. (¬2) ك: يزاد؛ م: زاد. (¬3) م ح ي - فتكون مستحاضة. (¬4) م: أو فيما؛ ح ي: وفيما. (¬5) ح ي: زادت. (¬6) م: أقرانها. (¬7) ح ي: قضاؤها إذا زادت. (¬8) م: أقرانها. (¬9) ح ي: فإذا. (¬10) ح ي: علمنا. (¬11) م: اْقرانها. (¬12) ك م - قلت. (¬13) ك م: وإن. (¬14) م: لم يزد. (¬15) ك م - قال. (¬16) ك م: فهي. (¬17) ح ي: وبلغنا؛ ح ي + عن ابن عباس. (¬18) روي عن أنس - رضي الله عنه - وعن غيره مرفوعاً وموقوفًا. انظر: سنن الدارمي، الطهارة، 89؛ وسنن الدارقطني، 9/ 201 - 210؛ والكامل لابن عدي، 2/ 302؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 1/ 322؛ ونصب الراية للزيلعي، 1/ 192؛ وإعلاء السنن لظفر العثماني، 1/ 247. (¬19) ح ي: في أول الشهر. (¬20) ح ي - أيام. (¬21) ح ي: فيه حائض. (¬22) م: حيضها؛ ح ي: إذا تقدم من حيضها.

فيها (¬1) حائضاً (¬2). قلت: أرأيت امرأة حاضت أول ما حاضت فاستمر بها الدم، كم تدع الصلاة؟ قال: عشرة أيام. قلت: فإذا مضى (¬3) عشرة أيام كيف تصنع؟ قال: تغتسل وتحتشي وتتوضأ لوقت كل (¬4) صلاة بعد ذلك (¬5)، ولا تقعد أقل من عشرة أيام ولا أكثر من ذلك. قلت: أرأيت إن كان وقت نسائها خمسة أيام؟ قال: لا تنظر إلى ذلك، لأن هذا ليس بشيء. قلت: أرأيت إن كانت حاضت قبل ذلك سنين فكانت تحيض خمسة أيام مرة، وسبعة أيام (¬6) مرة أخرى، فكان (¬7) حيضها يختلف، ثم استحيضت (¬8) كم تدع الصلاة؟ قال (¬9): أقل ما كانت (¬10) تقعد (¬11) خمسة أيام، وتغتسل (¬12) وتصلي. قلت: فإن (¬13) كان زوجها قد طلقها فحاضت الحيضة الثالثة ومضت خمسة أيام؟ قال (¬14): لا يملك زوجها رجعتها. قلت: فهل لها أن (¬15) تتزوج ساعتئذ؟ قال: ليس لها أن تتزوج حتى تمضي سبعة أيام، فإن تزوجت لم يجز النكاح، آخذ (¬16) في الصلاة بالثقة، فتصلي وهي حائض أحب إلي من أن تدع الصلاة وهي طاهرة، وآخذ (¬17) في التزويج أيضاً بالثقة، فلا تتزوج حتى يمضي أكثر أيامها. قلت: أرأيت المستحاضة أتتوضأ لكل صلاة وتحتشي؟ قال: نعم. قلت: وتصلي المكتوبة؟ قال: نعم (¬18). قلت (¬19): وما (¬20) شاءت من التطوع ¬

_ (¬1) ح: فيه. (¬2) ح ي: حائض. (¬3) ح: انقضت؛ ي: انقضا. (¬4) ح ي: وتتوضأ لكل. (¬5) ح ي - بعد ذلك. (¬6) ي - أيام. (¬7) ح ي: وكان. (¬8) ك م: ثم استحاضت. (¬9) ح هـ + تدع الصلاة. (¬10) ح ي: ما كان. (¬11) م: تفقد؛ ح ي - تقعد. (¬12) ح ي: ثم تغتسل. (¬13) ك: إن. (¬14) ح - قال؛ صح هـ. (¬15) ح ي - لها أن. (¬16) ح ي + لها. (¬17) ح ي: فآخذ. (¬18) ي - قال نعم. (¬19) ح ي - قلت. (¬20) م: ما.

ما دامت في (¬1) وقت تلك الصلاة؟ قال: نعم. قلت: فإن ذهب (¬2) وقت تلك الصلاة انتقض وضوءها وكان عليها أن تستقبل الوضوء لصلاة أخرى؟ قال: نعم. قلت: فإن كان عليها صلوات قد نسيتها أو جعلت لله على نفسها أن تصلي أربع ركعات، أتصليها بوضوء واحد ما لم يذهب الوقت؟ قال: نعم، تصلي ما شاءت من فريضة أو تطوع ما دامت في وقت تلك الصلاة، فإذا ذهب الوقت فإن عليها أن تعيد الوضوء لصلاة أخرى. قلت: أرأيت إن كان (¬3) بها جرح أو قرحة فسال منها دم (¬4) أو قيح (¬5)؟ قال: هذا ينقض وضوءها. قلت: فإن سال الدم من حيضها أو من الجرح بعدما توضأت؟ قال: الدم الذي سال من جرحها ينقض (¬6) وضوءها، وأما ما سال من حيضها فإنه لا ينقض (¬7) وضوءها. قلت: وكذلك الرجل الذي به جرح سائل لا ينقطع؟ قال: نعم. قلت: وكذلك المبطون (¬8) الذي لا ينقطع استطلاق بطنه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت امرأة حاضت في أيام حيضها خمسة أيام، ثم طهرت يوماً أو يومين، ثم رأت الدم يوماً أو يومين أو ثلاثة أيام (¬9)؟ قال: هي حائض، وعليها أن تدع الصلاة، فإذا انقطع عنها الدم اغتسلت. قلت: لم؟ قال: أرأيت لو رأت الطهر ساعة ثم عاودها الدم ألم تكن حائضاً؟ قلت: بلى. قال: فهذا وذاك سواء. قلت: فإن رأت الدم يوماً أو يومين، ثم انقطع الدم (¬10) عنها يومين (¬11)، ثم رأت الدم يومين، ثم انقطع عنها (¬12)، ثم رأت الدم (¬13) ثلاثة أيام، ¬

_ (¬1) ح - في. (¬2) م: فإن ذهبت. (¬3) ي: إن كانت. (¬4) ح ي: الدم. (¬5) ح: أو القيح. (¬6) ح ي: نقض. (¬7) ي: فإنها لا تنقض. (¬8) المبطون هو الذي يشتكي بطنه. انظر: المغرب، "بطن". (¬9) ح - أيام. (¬10) ح ي - الدم. (¬11) ح: يومان. (¬12) ح ي - عنها. (¬13) ح + يوماً أو يومين ثم انقطع عنها يومان ثم رأت الدم يومين ثم انقطع ثم رأت الدم.

وهذا كله في عشرة أيام (¬1)؟ قال: هذا حيض كله، وعليها أن تدع الصلاة. قلت: فإن رأت الدم ثلاثة أيام، ثم انقطع عنها (¬2) أربعة أيام، ثم عاودها الدم (¬3) ثلاثة أيام؟ قال: هذا حيض. قلت: فإن رأت الدم (¬4) سبعة أيام (¬5)، ثم انقطع عنها يومين (¬6)، ثم رأت الدم في اليوم العاشر بعض النهار، ثم انقطع الدم عنها (¬7)؟ قال: هذا كله حيض، وعليها أن تدع الصلاة، فإذا طهرت اغتسلت ولم يكن عليها القضاء في شيء من ذلك. قلت: أرأيت (¬8) امرأة كان حيضها خمسة أيام فحاضت ستة أيام، ثم حاضت حيضة أخرى سبعة أيام، ثم حاضت حيضة أخرى ستة أيام، كم حيضها؟ قال: ستة أيام. قلت: فإن كان حيضها خمسة أيام فحاضت ستة أيام (¬9)، ثم حاضت ثمانية أيام، ثم حاضت حيضة أخرى سبعة (¬10) أيام، كم حيضها؟ قال (¬11): سبعة (¬12) أيام. قلت: فإن حاضت ستة أيام ثم حاضت حيضة أخرى عشرة أيام (¬13)، ثم حاضت (¬14) حيضة أخرى ثمانية أيام؟ قال: حيضها ثمانية أيام، كلما (¬15) عاودها الدم مرتين في يوم واحد (¬16) فحيضها ذلك. قلت: أرأيت امرأة (¬17) ترى في أيام حيضها الصفرة أو الكدرة (¬18)؟ ¬

_ (¬1) ح ي - أيام. (¬2) ح ي - عنها. (¬3) ح ي - الدم. (¬4) ح ي - الدم. (¬5) ح - سبعة أيام. (¬6) ح: يومان. (¬7) ح ي - الدم عنها. (¬8) ك - أرأيت. (¬9) ح - فحاضت ستة أيام؛ صح هـ. (¬10) ح ي: تسعة. (¬11) ح ي + حيضها. (¬12) ح ي: تسعة (¬13) م - ثم حاضت حيضة أخرى عشرة أيام. (¬14) ح: ثم حاضة. (¬15) ح ي: وكلما. (¬16) أي: رأت الدم مرتين بنفس المدة، يعني: أن العادة تنتقل بالمرتين. انظر: المبسوط، 2/ 18. (¬17) ح ي: المرأة. (¬18) ح ي: والكدرة.

قال: هذا حيض كله، وهو (¬1) بمنزلة الدم. قلت: فإن رأت الدم ثم رأت الطهر (¬2) في نفاسها فرأت حمرة أو صفرة (¬3) أو كدرة، هل يكون هذا طهراً. (¬4)؟ قال: لا يكون هذا طهراً (¬5) حتى ترى البياض خالصاً. قلت: أرأيت امرأة كان حيضها خمسًا فحاضت (¬6) خمسة أيام في أيام أقرائها (¬7)، ثم طهرت واغتسلت (¬8)، ثم صامت ثلاثة أيام وصلت، ثم عاودها الدم (¬9) يومين في العشر، هل يجزيها ما صامت وصلت؟ قال: لا، وعليها أن تعيد الصوم. قلت: فإن حاضت خمسة أيام ثم طهرت، فصامت أربعة أيام، ثم عاودها الدم (¬10) في اليوم العاشر يوماً تاماً؟ قال: عليها أن تعيد الصوم، ولا يجزيها. قلت: فإن حاضت خمسة أيام ثم طهرت، فصامت يومين أو ثلاثة (¬11)، ثم عاودها الدم فاستمر بها شهراً؟ قال: هذه مستحاضة، ويجزيها (¬12) صومها وصلاتها. قلت: فإن حاضت خمسة أيام ثم طهرت، ثم صامت وصلت عشرة أيام، ثم عاودها الدم؟ قال: هي مستحاضة، ويجزيها ما صامت وصلت في العشر وبعد ذلك. قلت: وكل شيء جعلتها فيه حائضاً فليس عليها فيه صلاة، ولا ينبغي لزوجها أن يقربها حتى تطهر وتغتسل، وإن كانت رأت الطهر بين تلك الأيام فصامت فيها لم يجزها (¬13) صومها؟ قال: نعم. قلت: وكل شيء جعلتها فيه مستحاضة فإنها (¬14) تصوم فيه وتصلي ويأتيها زوجها؟ قال: نعم. قلت: فإن تركت فيه (¬15) الصلاة والصوم كان عليها أن تقضي (¬16)؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) ح ي: وهذا. (¬2) ح - ثم رأت الطهر. (¬3) ح ي: صفرة أو حمرهـ (¬4) ح: طاهراً. (¬5) ح: طاهراً. (¬6) ك م - خمساً فحاضت. (¬7) م: أقرانها. (¬8) ك ح ي: فاغتسلت. (¬9) ح ي + في. (¬10) ح ي - الدم. (¬11) ي: أو ثلاثاً. (¬12) ح: ويجز. (¬13) م: فلم يجزها. (¬14) ح: فإنه؛ صح هـ. (¬15) ك م: فيها؛ ح ي - فيها. والتصحيح من ج. (¬16) ح ي: أن تقضيهما.

قلت: ولا يكون الحيض أقل من ثلاثة أيام ولا أكثر من عشرة أيام؟ قال: نعم. قلت: أرأيت امرأة كان حيضها ستة أيام فحاضت (¬1) خمسة أيام، فرأت الطهر فاغتسلت في اليوم الخامس، هل ترى لزوجها أن يقربها قبل تمام الست؟ قال: أحب ذلك إلي (¬2) أن يكف عنها حتى تمضي أيامها التي كانت تحيض فيها (¬3)، فإن فعل لم يضره. قلت: فهل (¬4) على المرأة أن تدع الصلاة والصوم في ذلك اليوم السادس (¬5)؟ قال: لا تدع الصلاة والصوم، ولكنها تصوم وتصلي (¬6)، فإن كانت طاهرة (¬7) أجزأها، وإن عاودها الدم فعليها أن تعيد الصوم، وينبغي لها أن تأخذ بالثقة، فتصوم وتصلي. قلت: أرأيت امرأة نفساء ولدت أول ما ولدت فاستمر بها الدم أشهرًا (¬8)، كم تدع الصلاة؟ قال: أربعين يوماً، فإذا مضى (¬9) أربعون (¬10) يوماً (¬11) اغتسلت، وهي بمنزلة المستحاضة فيما بعد ذلك، تصوم وتصلي وتقرأ القرآن، ويأتيها زوجها. قلت (¬12): فهل (¬13) تنظر إلى وقت نسائها؟ قال: لا. قلت: فإن طهرت في ثلاثين يوماً؟ قال: تغتسل، وتصلي وتصوم (¬14)، وتكون طاهرة (¬15). قلت: فإن اغتسلت وصلت وصامت (¬16) خمسة أيام ثم عاودها الدم خمسة أيام في الأربعين؟ قال: لا يجزيها صومها وصلاتها، وعليها أن تقضي الصوم. قلت: أرأيت إن (¬17) كان وقتها ثلاثين (¬18) يوماً، ثم طهرت في عشرين يوماً، فمكثت خمسة أيام ¬

_ (¬1) ح ي + حيضة. (¬2) ح ي: أحب إلي ذلك. (¬3) ح ي: فيه. (¬4) ح: هل. (¬5) ح ي - اليوم السادس. (¬6) ح ي + قلت. (¬7) ي: طاهراً. (¬8) ي: أشهر. (¬9) ك ح ي: مضت. (¬10) ح ي: الأربعين. (¬11) ح ي - يوماً. (¬12) ح - قلت. (¬13) ك م - فهل. (¬14) ح ي - وتصوم. (¬15) ي: طاهراً. (¬16) ح ي: وصامت وصلت. (¬17) ح ي: قلت فإن. (¬18) ي: ثلثين.

طاهرة (¬1)، وصلت وصامت فيها (¬2)، ثم عاودها الدم حتى استكملت أربعين (¬3)؟ قال: هي (¬4) بمنزلة الحائض، وعليها أن تقضي الصوم. قلت: فإن طهرت في عشرين يوماً فصامت وصلت عشرة أيام، ثم عاودها الدم فاستمر بها شهرين؟ قال: هذه مستحاضة (¬5) فيما زاد على ثلاثين (¬6) يوماً. قلت: فهل تقضي الصلاة والصوم (¬7) فيما تركت من الأيام بعد (¬8) الثلاثين (¬9)؟ قال: نعم. قلت: فهل يجزيها صومها العشرة من الأيام (¬10) التي صامت قبل الثلاثين (¬11)؟ قال: لا (¬12). قلت: أرأيت النفساء ترى الصفرة أو الكدرة أو الحمرة (¬13)؟ قال: هذا كله بمنزلة الدم. قلت: أرأيت امرأة (¬14) حاملًا حاضت كل شهر وهي حامل؟ قال: ليس ذلك بحيض ولا نفاس. قلت: أرأيت امرأة ولدت ولدًا وفي بطنها آخر، هل تصوم وتصلي حتى تضع الآخر؟ قال: لا، إنما النفاس (¬15) من الولد (¬16) الأول حتى تتم (¬17) الأربعين (¬18). قلت: فإن صامت وصلت بعدما ولدت الأول قبل أن تلد الآخر؟ قال: لا يجزيها لأنها نفساء، في قول أبي يوسف وأبي ¬

_ (¬1) ي: طاهراً. (¬2) ح ي: وصامت فيها وصلت. (¬3) ح ي + يوماً. (¬4) ح: هذا. (¬5) ي: استحاضة (¬6) ح ي: على الثلاثين. (¬7) ح ي: الصوم والصلاة. (¬8) ح ي - بعد. (¬9) ح ي: الثلثين؛ ح ي + يوماً. (¬10) ح ي: العشرة أيام. (¬11) ي: الثلثين. (¬12) وتعقب السرخسي هذا بأنه مستقيم على مذهب أبي يوسف، وعلى مذهب محمد ففيه نظر. انظر: المبسوط، 2/ 19 - 20. (¬13) ح ي: الحمرة والصفرة والكدرة. (¬14) ح ي - امرأة. (¬15) م: إنما القياس. (¬16) ح: من ولد. (¬17) ك: حتى يتم. (¬18) ح ي: أربعين؛ ح ي + يوماً.

حنيفة (¬1). وقال محمد: النفاس من الولد الآخر (¬2)، ولا تكون نفساء (¬3) وفي بطنها ولد، كما لا تكون حائضاً وهي حامل. وهو قول زفر. قلت: أرأيت السَّقْط (¬4) إذا استبان خَلْقُه هل يكون بمنزلة الولد، وتكون المرأة فيه بمنزلة النفساء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المرأة كم أقل ما يكون (¬5) بين حيضها؟ قال: أكثر ما يكون الحيض عشرة أيام، وأقل ما يكون ثلاثة أيام، والطهر أقل ما يكون خمسة عشر يوماً، فإذا رأت الدم في أقل من ذلك فهي مستحاضة. قلت: أرأيت إن كانت تحيض في (¬6) كل شهر حيضتين؟ قال: هذه مستحاضة. قلت: أرأيت إن حاضت خمسة أيام، ثم طهرت خمسة عشر يوماً، ثم حاضت خمسة أيام، هل يكون هذا حيضاً (¬7) وتدع فيه الصلاة والصوم؟ قال: نعم. قلت: فقد حاضت الآن (¬8) في الشهر حيضتين، وقد زعمت أنه لا يكون الطهر أقل من خمسة عشر يوماً (¬9)؟ قال: إذا احتُسِب (¬10) بأيام (¬11) طهرها وأيام حيضها كان أربعين يوماً. قلت: أرأيت إن قعدت بين كل حيضتين ثلاثة عشر يوماً أو أربعة عشر يوماً؟ قال: هذه (¬12) مستحاضة، لأنه (¬13) لا يكون بين حيضتين (¬14) أقل من خمسة عشر يوماً. قلت: أرأيت امرأة أسقطت سَقْطًا (¬15) لم يستبن شيء (¬16) من خلقه، ¬

_ (¬1) ح ي: وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. (¬2) ح: الأخير. (¬3) ح: ولا يكون النفاس؛ ي: فلا يكون النفاس. (¬4) السقط بالحركات الثلاث: (سَقْط، سِقْط، سُقْط)، الولد يسقط من بطن أمه ميتًا وهو مستبين الخلق، وإلا فليس بسقْط. انظر: المغرب، "سقط". (¬5) ك: ما تكون. (¬6) ي - في. (¬7) ي: حيض. (¬8) ي: لأن. (¬9) ح - يوماً. (¬10) م: إذا احتسبت؛ ح: إذا حسبت. (¬11) ح ي: أيام. (¬12) ي: هذا. (¬13) ك م ح ي: لأنها. والتصحيح من ج. (¬14) ح ي: الحيضتين. (¬15) ويجوز كسر السين وضمها كما تقدم. (¬16) ح ي - شيء.

أتعدّها نفساء؟ قال: لا. قلت: فكم تدع الصلاة؟ قال: أيام حيضها حتى تستكمل ما بينها وبين العشرة الأيام (¬1). قلت: فإن استمر بها الدم أكثر من ذلك؟ قال: هي مستحاضة فيما زاد (¬2) على أيام أقرائها (¬3)، وعليها أن تقضي ما تركت من الصلاة. قلت: فإن (¬4) كانت صامت فيما زاد (¬5) على أيام أقرائها (¬6) في العشرة (¬7)؟ قال: يجزيها. قلت: وكذلك الصلاة؟ قال: نعم. وإذا توضأت المستحاضة في وقت العصر والدم منقطع، فغربت الشمس وهي طاهرة (¬8)، ثم رأت الدم، فإنها تتوضأ، والدم ينقض طهرها في وقت المغرب (¬9)، فإن سأل الدم في صلاة المغرب (¬10) انصرفت فتوضأت ثم بنت (¬11) على صلاتها. قلت (¬12): أرأيت لو لم تر (¬13) الدم حتى الغد وهي على وضوئها، ثم رأت الدم من الغد حين (¬14) زالت الشمس، أتصلي (¬15) بذلك الوضوء وقت الظهر (¬16) كله؟ قال: لا (¬17)، وقد (¬18) نقض الدم طهرها، وعليها الوضوء. ولو كانت لبست الخفين قبل المغرب، ثم لم تر (¬19) الدم حتى صلت ركعتين من المغرب، ثم رأت الدم كان عليها أن ¬

_ (¬1) م: العشرة أيام. (¬2) ح ي: زادت. (¬3) م: أقرانها. (¬4) ح ي: وإن. (¬5) ح: زادت. (¬6) ك - وعليها أن تقضي ما تركت من الصلاة قلت فإن كانت صامت فيما زاد على أيام أقرائها؛ م: أقرانها. (¬7) ح ي+ أيام. (¬8) ي: طاهر. (¬9) ح ي+ كما كان ينقض الوضوء في وقت العصر ولو رأت الدم وهي في المغرب. (¬10) م ح ي - فإن سال الدم في صلاة المغرب. (¬11) ح: ثم تمت. (¬12) ح - قلت. (¬13) ح: لم ترا؛ ي: لم ترى. (¬14) ح ي: حتى. (¬15) م: أيصلي. (¬16) ك: الطهر. (¬17) ح ي - لا. (¬18) ح ي: قد. (¬19) ي: لم ترى.

تنصرف وتتوضأ، وتمسح وتبني على صلاتها. ولو لم تر (¬1) الدم ولم تدخل في المغرب حتى توضأت من غير حدث، ثم دخلت في المغرب فرأت الدم، كان عليها أن تنصرف وتتوضأ، وتبني على صلاتها. ولو أحدثت قبل المغرب فتوضأت، ثم دخلت في المغرب فرأت الدم، فإنها تنصرف وتتوضأ، وتبني على صلاتها. ولو أحدثت بعد هذا الدم كان عليها الوضوء أيضاً. ولكنه لو سال منها (¬2) الدم أجزأها في ذلك الوقت الوضوء الذي كان بعد الدم. إذا توضات للدم أجزأها من الدم الحادث، ولا يجزيها من الحدث. وإذا توضأت من الحدث ولم (¬3) تر (¬4) الدم ثم رأت الدم لم يجزها (¬5) وضوء الحدث من الدم. ألا ترى لو أن رجلاً رعف من أحد الأنفين رعافاً لا ينقطع فتوضأ أنه (¬6) يجزيه لوقت الصلاة كله، ولو سال من الأنف الآخر دم نقض وضوءه، فهذا يبين لك أن الحدث ينقض وضوء المستحاضة، واْن دم المستحاضة ينقض وضوء الحدث. ولو توضأت المستحاضة قبل المغرب ولم تر (¬7) الدم بعد الوضوء حتى صلت المغرب (¬8)، ثم رأت الدم، فإنها تعيد الوضوء، والمغرب تامة. ولو كانت لبست الخفين قبل أن ترى الدم أجزأها أن تمسح عليهما (¬9) يوماً وليلة. وإذا توضأت المستحاضة والدم سائل ولبست خفيها، ثم صلت ركعة من العصر، ثم غابت (¬10) الشمس، استقبلت الوضوء والصلاة، ونزعت خفيها. ولو كانت لبستهما (¬11) والدم منقطع ثم صلت ركعة، ثم رأت الدم (¬12)، ثم غربت الشمس، توضأت ومسحت على الخفين واستقبلت الصلاة. ولو (¬13) سال من منخريها دم (¬14) فانقطع أحدهما وسال الآخر ¬

_ (¬1) ي: لم ترى. (¬2) ك م: منه. (¬3) ح ي: فلم. (¬4) ي: ترى. (¬5) ي: لم يجزيها. (¬6) ح: فإنه. (¬7) ح: ولم ترا؛ ي: ولم ترى. (¬8) ح ي - المغرب. (¬9) م ح ي: عليها. (¬10) ح ي: ثم غربت. (¬11) ح: لبستها. (¬12) ح ي - ثم رأت الدم. (¬13) ي: فلو. (¬14) ي: دماً.

باب صلاة الجمعة

كان هذا بمنزلة منخر واحد يسيل، لأن هذا شيء واحد، ولا يشبه هذا إذا سال من منخر واحد فتوضأت ثم سال من المنخر (¬1) الآخر (¬2). * * * باب صلاة الجمعة قلت: أرأيت الجمعة هل تجب على أهل السواد وأهل الجبال؟ قال: لا تجب الجمعة إلا على أهل الأمصار والمدائن. قلت: أرأيت قوماً من أهل السواد اجتمعوا في مسجدهم فخطب لهم بعضهم ثم صلى بهم الجمعة؟ قال: لا تجزيهم صلاتهم، وعليهم أن يعيدوا الظهر. قلت: وكذلك لو كانوا مسافرين؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إماماً صلى بالناس يوم الجمعة ركعتين ولم يخطب؟ قال: لا تجزيه (¬3) صلاته ولا من خلفه، وعليهم أن يعيدوا. قلت (¬4): فإن صلى بهم الظهر أربعاً وترك الجمعة؟ قال: تجزيه وتجزيهم (¬5)، وقد أساء الإمام في ترك (¬6) الجمعة. قلت: أرأيت الإمام (¬7) إذا أراد أن يخطب يوم الجمعة (¬8) كيف يخطب؟ قال: يخطب قائماً، ثم يجلس جلسة خفيفة، ثم يقوم أيضاً ويخطب. قلت: أرأيت إماماً خطب بالناس (¬9) يوم الجمعة وهو جنب أو (¬10) على غير وضوء ثم اغتسل أو توضأ وصلى (¬11) بالناس هل تجزيه صلاته (¬12)؟ قال: نعم، ولكنه قد (¬13) أساء حين دخل المسجد ¬

_ (¬1) ح ي - المنخر. (¬2) انظر للشرح: المبسوط، 2/ 21. (¬3) ي: لا يجزيه. (¬4) ح + قلت. (¬5) ح ي + من الظهر. (¬6) ح ي: في تركه. (¬7) ح ي - الإمام. (¬8) ح ي - يوم الجمعة. (¬9) ي: الناس. (¬10) ح ي + هو. (¬11) ح ي: وتوضأ ثم صلى. (¬12) ح ي: هل تجزيهم صلاتهم. (¬13) ح ي - قد.

وخطب وهو جنب. قلت: فهل ينبغي للإمام أن يقرأ سورة (¬1) يوم الجمعة في خطبته؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إماماً خطب بالناس (¬2) يوم الجمعة فأحدث (¬3) فنزل فتوضأ هل يعيد الخطبة؟ قال: أي ذلك فعل أجزأهـ قلت: أرأيت إماماً خطب بالناس (¬4) يوم الجمعة فأحدث (¬5) فأمر رجلاً أن يصلي بالناس، والرجل لم يشهد الخطبة، كم يصلي بهم (¬6)؟ قال: يصلي بهم (¬7) أربع ركعات. قلت: فإن كان شهد الخطبة (¬8)؟ قال: يصلي بهم ركعتين. قلت: أرأيت إماماً خطب بالناس (¬9) يوم الجمعة ثم أحدث فأمر رجلاً أن يصلي بالناس، وقد (¬10) شهد الرجل الخطبة، فتقدم فافتتح (¬11) الصلاة، ثم أحدث، فتأخر وقدم رجلاً، كم يصلي بهم هذا الرجل؟ قال: يصلي بهم ركعتين يبني على صلاة الإمام. قلت: فإن (¬12) أحدث الثاني فتأخر فقدم (¬13) رجلاً، كم يصلي بهم هذا الرجل (¬14) الثالث؟ قال: ركعتين يبني على صلاة الإمام. قلت: أرأيت إماماً خطب الناس يوم الجمعة ثم أحدث، فأمر رجلاً أن يصلي بالناس، والرجل جنب أو على غير وضوء، فأمر الرجل رجلاً غيره ممن قد (¬15) شهد الخطبة، كم يصلي بهم؟ قال: ركعتين. قلت: فإن كان (¬16) لم يشهد الخطبة؟ قال: يصلي بهم أربع ركعات. قلت: فإن كان الإمام لما أحدث أمر رجلاً أن يصلي بالناس، والرجل جنب أو على غير وضوء، فأمر عبداً أو مكاتباً أن (¬17) يصلي بالناس وقد (¬18) شهد ¬

_ (¬1) ح + في. (¬2) ح ي: الناس. (¬3) ح ي: ثم أحدث. (¬4) ح ي: الناس. (¬5) ح ي: ثم أحدث. (¬6) ح ي - بهم. (¬7) ي - بهم؛ صح هـ. (¬8) ح ي: قلت أرأيت إن كان قد شهد الجمعة. (¬9) ح ي: الناس. (¬10) ح ي: قد. (¬11) ح ي: وافتتح. (¬12) ح: قلت أرأيت إن. (¬13) ح ي: وقدم. (¬14) ح ي - الرجل. (¬15) ح ي - قد. (¬16) ح ي - كان. (¬17) ح ي - أن. (¬18) م: قد.

الخطبة، كم يصلي بهم؟ قال: ركعتين. قلت: فإن تقدم العبد أو المكاتب فأحدث فتأخر (¬1) وقدم (¬2) عبداً مثله قد شهد الخطبة؟ قال: يصلي بهم ركعتين يبني على صلاة الإمام. قلت: وكذلك لو أحدث الثاني فقدم (¬3) ثالثاً (¬4)؟ قال: نعم. قلت: فإن كان الأول الذي أمره الإمام أن يصلي بالناس فأمر (¬5) هو (¬6) عبداً أو مكاتباً لم يشهد الخطبة كم يصلي بهم (¬7)؟ قال: أربع ركعات. قلت: أرأيت إماماً خطب الناس يوم الجمعة فأحدث، فأمر صبياً أن (¬8) يصلي بالناس، فصلى بهم الصبي؟ قال: لا يجزيهم، وعليهم أن يعيدوا. قلت: فإن لم يصل (¬9) بهم الصبي، ولكنه أمر رجلاً أن يصلي بالناس، فصلى بهم الرجل (¬10)، كم يصلي بهم؟ قال: أربع ركعات. قلت: لم؟ قال: ألا ترى أن الصبي لو صلى بهم لم يجزهم، فكذلك أمره لا يجوز. قلت: وكذلك لو أن الإمام حين أحدث أمر امرأة (¬11) أن تصلي بالناس، فصلت بالناس (¬12)، أو أمرت رجلاً يصلي بالناس (¬13)؟ قال: نعم، لا يجزيهم. قلت: وكذلك لو أمر الإمام رجلاً (¬14) معتوهاً لا يعقل أن (¬15) يصلي بالناس، فأمر رجلاً غيره يصلي بهم (¬16)؟ قال: نعم، لا يجزيهم. قلت: أرأيت إن كان الإمام حين أحدث لم يأمر أحداً أن (¬17) يصلي بالناس، فتقدم (¬18) صاحب شرطة (¬19)، كم يصلي بهم؟ قال: ركعتين. قلت: وكذلك لو تقدم القاضي؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن (¬20) لم يتقدم صاحب ¬

_ (¬1) ح ي - فتأخر. (¬2) ح: ويقدم. (¬3) ك م: قدم. (¬4) ح ي: الثالث. (¬5) ح: أمر. (¬6) ح ي - هو. (¬7) ك م - بهم. (¬8) ك م - أن. (¬9) ي: لم يصلي. (¬10) ح ي - فصلى بهم الرجل. (¬11) ح: أمرة. (¬12) ح ي: بهم. (¬13) ح ي: بهم. (¬14) ح ي: وكذلك لو أن الإمام حين أحدث أمر رجلاً. (¬15) ح ي - أن. (¬16) ح ي: بالناس. (¬17) ح ي - أن. (¬18) ك م: فقدم. وانظر المسألة التالية. (¬19) ح ي: الشرطة. (¬20) ح - إن.

شرطة (¬1)، ولكنه أمر رجلاً أن (¬2) يصلي بالناس، كم يصلي بهم (¬3)؟ قال: ركعتين إن كان الرجل قد شهد الخطبة، وإن كان لم يشهد الخطبة صلى (¬4) بهم أربع ركعات. قلت: فإن (¬5) كان الرجل قد (¬6) شهد الخطبة فتقدم فافتتح (¬7) الصلاة، ثم أحدث، فتأخر وقدم رجلاً ممن لم يشهد (¬8) الخطبة، كم يصلي بهم (¬9)؟ قال: يصلي بهم (¬10) ركعتين يبني على صلاة الإمام. قلت: وكذلك لو أن الرجل الذي أمره صاحب الشرطة أن يصلي بالناس تقدم (¬11) فأحدث فتأخر وقدم عبداً أو مكاتباً؟ قال: نعم، إن (¬12) كان أدرك الخطبة صلى ركعتين. قلت: وكذلك لو أن القاضي أمر رجلاً أو مكاتباً أو عبداً (¬13) فهو على ما وصفت (¬14) لك (¬15)؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو أن صاحب الشرطة (¬16) أو القاضي أمر رجلاً (¬17) جنباً أو على غير وضوء، فأمر هذا الرجل غيره، كان (¬18) على ما وصفت لك من أمر الإمام؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إماماً خطب الناس يوم الجمعة فدخل في الصلاة فأحدث بعد دخوله، فتأخر وقدم رجلاً ممن شهد الخطبة أو ممن لم يشهد الخطبة، كم يصلي بهم (¬19)؟ قال (¬20): ركعتين. قلت: لم والداخل (¬21) لم يشهد الخطبة؟ قال: لأن الناس قد دخلوا في الصلاة، وهذا إنما يبني على صلاة الإمام. قلت: فإن أحدث هذا الرجل الذي قدمه الإمام، فتأخر وقدم رجلاً ممن لم يشهد الخطبة؟ قال: يصلي بهم ركعتين يبني على صلاة ¬

_ (¬1) ح ي: الشرطة. (¬2) ح ي - أن. (¬3) ي - بهم. (¬4) ح ي: يصلي. (¬5) ح ي: وإن. (¬6) ح ي - قد. (¬7) ي: فافتح. (¬8) ح ي: ممن شهد. (¬9) ح ي - كم يصلي بهم. (¬10) ك م - يصلي بهم. (¬11) ك م ح ي: فتقدم. (¬12) ح ي: وإن. (¬13) ح ي: أو عبداً أو مكاتباً. (¬14) ك: ما وصفته؛ م: ما وصفه. (¬15) ك م - لك. (¬16) م: الشرط. (¬17) ح ي + أو. (¬18) ح ي - كان. (¬19) ي - بهم. (¬20) ح ي + يصلي بهم. (¬21) ح ي: والرجل.

الإمام. قلت: وكذلك لو أمر عبداً أو مكاتباً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الإمام إذا خطب يوم الجمعة هل ينبغي له أن يتكلم بشيء من كلام الناس أو من حديثهم؟ قال: لا. قلت: فإن فعل هذا هل يقطع ذلك خطبته؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن خطب (¬1) الإمام يوم الجمعة هل ينبغي لمن مع الإمام أن يتكلموا؟ قال: لا. قلت: أفتكره (¬2) أن (¬3) يذكروا (¬4) الله تعالى إذا ذكره (¬5) الإمام، ويصلوا على النبي إذا صلى عليه الإمام (¬6)؟ قال: أحب إلي أن يستمعوا وينصتوا. قلت: فهل يشمتون العاطس (¬7) ويردون السلام (¬8)؟ قال: أحب إلي أن يستمعوا وينصتوا (¬9). قلت: أرأيت الإمام إذا خطب (¬10) الناس يوم الجمعة فقال (¬11): الحمد لله، أو قال: سبحان الله، أو قال: لا إله إلا الله، أو ذكر الله، أيجزيه من الخطبة ولم يزد على هذا شيئاً؟ قال: نعم، يجزيه (¬12). وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يجزيه حتى يكون كلاماً (¬13) يسمَّى خطبة (¬14). قلت: أرأيت الإمام إذا خرج هل يقطع خروجه الصلاة (¬15)؟ قال: نعم. قلت: وينبغي لمن كان (¬16) في الصلاة أن يفرغ منها ويسلم إذا خرج الإمام؟ قال: نعم. قلت: فإذا خطب الإمام كرهت الكلام والحديث؟ قال: ¬

_ (¬1) ح ي: إذا خطب. (¬2) م: أفيكره. (¬3) ح ي - أفتكره أن. (¬4) ح ي: فيذكروا. (¬5) ح ي: إذا ذكر. (¬6) ح - عليه الإمام؛ ي - الإمام. (¬7) م: القاطنين. (¬8) ح ي: قلت أرأيت الإمام هل يشمت العاطس أو يرد السلام. (¬9) ك - قلت فهل يشمتون العاطس ويردون السلام قال أحب إلي أن يستمعوا وينصتوا، صح هـ. (¬10) ح ي: أرأيت إماماً خطب. (¬11) ح ي: قال. (¬12) م - يجزيه. (¬13) ح ي: حتى يأتي بكلام. (¬14) ك م: الخطبة؛ ك م+ وقال أبو يوسف ومحمد لا بأس بالكلام قبل أن يخطب الإمام ولا بأس بالكلام إذا نزل الإمام قبل أن يفتتح الصلاة. (¬15) ح ي: من الصلاة. (¬16) ح ي: إن كان.

نعم. قلت: فهل تكره (¬1) ذلك قبل أن يخطب حين (¬2) يخرج؟ قال: نعم. قلت: أفتكره (¬3) الكلام ما بين نزوله إلى دخوله في الصلاة؟ قال: نعم. وقال أبو يوسف ومحمد: لا بأس بالكلام قبل أن يخطب الإمام ولا بأس بالكلام إذا نزل الإمام قبل أن يفتتح الصلاة (¬4). قلت: وتحب (¬5) للرجل أن يستقبل الإمام إذا خطب؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الأذان والإقامة متى هو يوم الجمعة؟ قال: إذا صعد الإمام المنبر أذن المؤذن، فإذا نزل أقام الصلاة بعد فراغه من الخطبة (¬6). قلت: أرأيت الرجل يقرأ القرآن والإمام يخطب أتكره (¬7) له ذلك؟ قال: أحب إلي أن يستمع وينصت (¬8). قلت: أرأيت رجلاً افتتح الصلاة يوم الجمعة مع الإمام (¬9) ثم ذكر أن عليه صلاة الفجر؟ قال: عليه أن يقطع الجمعة وينصرف، فيبدأ فيصلي الغداة، فإذا فرغ منها دخل مع الإمام في الجمعة إن أدركه في الصلاة، وإن ¬

_ (¬1) م: يكره. (¬2) ح ي - يخطب حين. (¬3) م: أيكره؛ ح ي: وتكره. (¬4) ك م - وقال أبو يوسف ومحمد لا بأس بالكلام قبل أن يخطب الإمام ولا بأس بالكلام إذا نزل الإمام قبل أن يفتتح الصلاة. (¬5) م: ويجب. (¬6) ح ي - قلت وتحب للرجل أن يستقبل الإمام إذا خطب قال نعم قلت أرأيت الأذان والإقامة متى هو يوم الجمعة قال إذا صعد الإمام المنبر أذن المؤذن فإذا نزل أقام الصلاة بعد فراغه من الخطبة. (¬7) م: أيكره. (¬8) ح + قلت أرأيت الأذان والإقامة متى هو يوم الجمعة قال إذا صعد الإمام المنبر أذن المؤذن فكذا نزل الإمام الصلاة بعد فراغه من الخطبة أقام الصلاة؛ ي+ قلت أرأيت الأذان والإقامة متى هو يوم الجمعة قال إذا صعد الإمام المنبر أذن المؤذن فإذا نزل أقام الصلاة بعد فراغه من الخطبة. (¬9) ح ي: مع الإمام يوم الجمعة.

لم يدركه صلى (¬1) الظهر أربع (¬2) ركعات. والجمعة وغيرها (¬3) في هذا سواء. ألا ترى أنه إذا فاتته الجمعة كان (¬4) عليه الظهر، والظهر فريضة فليس يفوته (¬5). وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: إذا خاف الرجل (¬6) أن تفوته (¬7) الجمعة مع الإمام صلى الجمعة، ثم قضى الصلوات التي ذكر (¬8) بعد ذلك؛ لأن الجمعة فريضة، ولا تجزئ (¬9) إلا مع الإمام، فتفوته (¬10) إذا فاتته (¬11) مع الإمام (¬12). وهو (¬13) قول زفر (¬14). قلت: أرأيت إن لم يقطع الجمعة ولم ينصرف، ولكنه مضى عليها مع الإمام حتى فرغ منها؟ قال: لا يجزيه، وعليه أن يصلي الفجر ثم (¬15) الظهر. قلت: أرأيت رجلاً زحمه الناس يوم الجمعة فلم يستطع أن يركع ويسجد (¬16) حتى سلم الإمام، كيف يصنع؟ قال: يركع ركعة، ثم يسجد سجدتين، ثم يقوم فيمكث ساعة، ثم يركع ركعة أخرى، ثم يسجد (¬17) سجدتين، ثم يتشهد (¬18)، ثم يسلم (¬19). قلت: أرأيت إن كان قد ركع مع الإمام ركعة؟ قال (¬20): يسجد لها سجدتين، ثم يقوم فيركع الثانية ويسجد لها سجدتين، ثم يتشهد ويسلم. قلت: فهل يقرأ فيما يقضي؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال (¬21): لأنه قد أدرك أول الصلاة، وقراءة (¬22) الإمام له قراءة. ¬

_ (¬1) ح ي: فصلى. (¬2) ي: أربعة. (¬3) م: وغيره. (¬4) ك م: كانت. (¬5) ك م: تفوته؛ ح ي + شيء. (¬6) ح ي - الرجل. (¬7) ي: أن يفوته. (¬8) ح ي: ثم قام فقضى الصلاة التي ذكرها. (¬9) ح ي: تكون. (¬10) م ح ي - فتفوته. (¬11) م ح ي: فإذا فاتته. (¬12) ح ي + لم يجزه أن يصليها وحده فوقتها مع الإمام. (¬13) ح ي: وهذا. (¬14) ح ي + بن هذيل. (¬15) ح ي + يصلي. (¬16) ح ي: أن يسجد ويركع. (¬17) ح ي: ويسجد. (¬18) م - ثم يتشهد. (¬19) ح ي: ويسلم. (¬20) ح - قال؛ صح هـ. (¬21) ك م - قلت لم قال. (¬22) م: وقرا؛ ح ي: فقراءة.

قلت: فإن قام يقضي الركعة الثانية فلم يقم فيها (¬1) مقدار قراءة (¬2) الإمام أو لم (¬3) يقم فيها (¬4)؟ قال: يجزيه إذا استتم قائماً، ثم يركع (¬5) الركعة الثانية. قلت: أرأيت الرجل (¬6) أحدث يوم الجمعة، فخاف إن ذهب يتوضأ أن تفوته (¬7) الجمعة، هل يجزيه أن يتيمم ويصلي؟ قال: لا يجزيه، وعليه أن يتوضأ، فإن لم يتكلم اعتد بما مضى من الجمعة وصلى ما بقي، وإن (¬8) تكلم استقبل الصلاة، فصلى الظهر أربع ركعات. قلت: أرأيت رجلاً مريضاً لا يستطيع أن يشهد الجمعة، فصلى الظهر (¬9) في بيته، أيصليها بأذان وإقامة (¬10)؟ قال (¬11): إن فعل فحسن، وإن لم يفعل أجزأه (¬12). قلت: أرأيت (¬13) رجلاً مريضاً لا يستطيع أن يشهد الجمعة (¬14)، فصلى (¬15) في بيته الظهر (¬16)، ثم وجد خفة فأتى الجمعة فصلى (¬17) مع الإمام، أيتها (¬18) الفريضة؟ قال: الجمعة هي (¬19) الفريضة. قلت (¬20): فإن وجد خفة حين (¬21) صلى الظهر في بيته، فخرج وهو يريد أن يشهد الجمعة، فجاء (¬22) وقد فرغ الإمام من الجمعة؟ قال: ¬

_ (¬1) ك ح ي + قدر. (¬2) ح ي - قراءة. (¬3) ح ي: ولم. (¬4) ح ي + رأساً. (¬5) ي: ثم ركع. (¬6) ح ي: رجلاً. (¬7) ح ي: يتوضأ فاتته. (¬8) ح: فإن. (¬9) ح ي - الظهر. (¬10) ح ي: في بيته هل يؤذن ويقيم. (¬11) ح ي + نعم. (¬12) ح ي - إن فعل فحسن وإن لم يفعل أجزأه. (¬13) ح ي + إن صلى الظهر. (¬14) م - فصلى الظهر في بيته أيصليها بأذان و (قامة قال إن فعل فحسن وإن لم يفعل أجزأه قلت أرأيت رجلاً مريضاً لا يستطيع أن يشهد الجمعة. (¬15) ك: فيصلي. (¬16) ح ي - رجلاً مريضاً لا يستطيع أن يشهد الجمعة فصلى في بيته الظهر. (¬17) ح ي: وصلى. (¬18) ح ي: أيهما. (¬19) ح ي - هي. (¬20) ح - قلت. (¬21) ح ي: حتى. (¬22) ح ي - فجاء.

عليه أن يصلي الظهر أربع (¬1) ركعات (¬2). قلت: لم وقد صلى في بيته؟ قال: لأنه حين خرج ونوى (¬3) أن يشهد الجمعة فقد بطل ما صلى، فإذا لم يدرك مع الإمام الجمعة كان عليه أن يصلي الظهر (¬4) أربع ركعات. وهذا (¬5) قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا تنتقض (¬6) صلاته إلا أن يدخل في الجمعة. قلت: أرأيت إن جاء فدخل (¬7) مع الإمام في الصلاة (¬8)، ثم أحدث، فذهب فتوضأ، فجاء وقد فرغ الإمام؟ قال: إن لم يتكلم صلى ركعتين وبنى على صلاته، وإن (¬9) تكلم استقبل (¬10) الظهر أربع ركعات. قلت: أرأيت مسافراً صلى الظهر (¬11) في السفر ركعتين (¬12)، ثم قدم المصر، فأتى الجمعة فصلى مع الإمام الجمعة، أيتها (¬13) الفريضة؟ قال: الجمعة هي الفريضة، أستحسن ذلك وأدع القياس. قلت: فإن كان حين قدم خرج (¬14) وهو يريد الجمعة، فانتهى إلى المسجد وقد صلى الإمام؟ قال: عليه أن يصلي الظهر أربع ركعات إن كان من أهلها، وإن كان مسافراً صلى ركعتين. قلت: فإن انتهى إلى الإمام فدخل (¬15) معه في الصلاة، فصلى معه (¬16) ركعة، ثم أحدث، فذهب فتوضأ (¬17)، فجاء وقد فرغ الإمام من صلاته (¬18)؟ قال: إن لم يتكلم بنى على صلاة الإمام (¬19)، وإن تكلم استقبل الظهر. قلت: أرأيت رجلاً صحيحاً صلى الظهر في أهله ولم يشهد الجمعة، ¬

_ (¬1) صح ي: أربعاً. (¬2) ح ي - ركعات. (¬3) م: نوى. (¬4) ح ي - الظهر. (¬5) ح ي: وهو. (¬6) م ح ي: لا ينقض. (¬7) ح ي: وقد دخل. (¬8) ح ي - في الصلاة. (¬9) ح ي: فإن. (¬10) ح ي: صلى. (¬11) ح + أربع ركعات. (¬12) ح - ركعتين. (¬13) ح ي: أيهما. (¬14) ح ي - خرج. (¬15) ح ي: وقد دخل. (¬16) ح ي - معه. (¬17) ح ي: وتوضأ. (¬18) ح ي - من صلاته. (¬19) ح ي: على صلاته.

فلما فرغ من صلاته بدا له أن يشهد الجمعة، فجاء فدخل مع الإمام فصلى معه، أيتها (¬1) الفريضة؟ قال: التي (¬2) أدرك مع الإمام هي الفريضة. قلت: فإن جاء وقد فرغ الإمام من صلاته؟ قال: عليه أن يصلي الظهر أربع ركعات. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: صلاته الأولى تامة ما لم يدخل في الجمعة، فإذا دخل في الجمعة بطلت الظهر التي صلى. قلت: أرأيت إن انتهى إلى الإمام حين خرج من بيته فأدرك معه الصلاة فأحدث، فذهب وتوضأ وجاء (¬3) وقد فرغ الإمام؟ قال: إن لم يتكلم بنى على صلاة الإمام، وإن كان قد (¬4) تكلم استقبل الظهر أربع ركعات. قلت: فإن كان حين دخل مع الإمام في الصلاة صلى ركعة ثم ذكر أنه لم يصل الفجر؟ قال: يقطع الصلاة ويصلي (¬5) الفجر ثم يدخل مع الإمام في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. قلت: فإن فرغ من الفجر وقد صلى الإمام؟ قال: عليه أن يستقبل (¬6) الظهر أربع ركعات. قلت: فإن تَمَّ عليها مع الإمام ولم يقطعها حتى فرغ من صلاته؟ قال: لا يجزيه، وعليه أن يبدأ فيصلي الفجر، ثم يستقبل الظهر أربع ركعات. قلت: أرأيت عبداً أو مكاتباً (¬7) صلى في أهله يوم الجمعة الظهر، ثم أعتق، فنوى حين أعتق أن يشهد الجمعة، فجاء إلى الإمام فدخل معه في الصلاة فصلى معه ركعتين (¬8)؟ قال: تجزيه (¬9)، وهي الفريضة. قلت: فإن جاء وقد صلى الإمام؟ قال: عليه أن يستقبل الظهر أربع ركعات (¬10). قلت: أرأيت إن جاء فأدرك (¬11) مع الإمام الصلاة ثم أحدث، فذهب فتوضأ، فجاء ¬

_ (¬1) ح ي: أيهما. (¬2) ح ي: الذي. (¬3) ك م - وجاء. (¬4) ك م - قد. (¬5) ح ي: فيصلي. (¬6) ح ي: أن يصلي. (¬7) ح ي: مكاتباً أو عبداً. (¬8) ح ي - ركعتين. (¬9) ي: يجزيه. (¬10) ح ي + قلت فإن كان حين دخل مع الإمام في الصلاة صلى ركعة ... قلت فإن جاء وقد صلى الإمام قال عليه أن يستقبل الظهر أربع ركعات. (¬11) ح ي: وأدرك.

وقد فرغ الإمام؟ قال: إن لم يتكلم بنى على صلاته، وإن تكلم استقبل الظهر (¬1). قلت: أرأيت امرأة صلت الظهر في بيتها، ثم بدا لها أن تشهد الجمعة، فجاءت فدخلت (¬2) مع الإمام في الصلاة فصلت (¬3) معه، أيتهما (¬4) الفريضة؟ قال: الجمعة هي الفريضة. قلت: فإن جاءت وقد فرغ الإمام من صلاته؟ قال: عليها أن تستقبل الظهر أربع (¬5) ركعات (¬6) في قياس قول أبي حنيفة. قلت: وهي في جميع ما ذكرت (¬7) لك بمنزلة الرجل؟ قال: نعم. قلت: وكذلك أم الولد والمدبرة والمكاتبة إذا أعتقت فهي في جميع ما وصفت (¬8) لك سواء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً دخل مع الإمام في الصلاة يوم الجمعة، فصلى (¬9) بهم الإمام، فلم يفرغ من صلاته حتى دخل وقت العصر؟ قال: فسدت صلاتهم، وعليه أن يستقبل بهم الظهر أربع ركعات. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: أما نحن فنرى صلاتهم تامة إذا كان قد (¬10) قعد قدر التشهد قبل أن يدخل وقت العصر، وإن ضحك في هذه الحال كان عليه الوضوء لصلاة أخرى. قلت: فإن كان الإمام ضحك في هذه الحال (¬11) حتى قهقه وهو يتشهد (¬12)، هل عليه الوضوء بعد خروج الوقت (¬13) لصلاة أخرى؟ قال: لا (¬14). قلت: فإن دخل معه ¬

_ (¬1) ح ي + أربعاً. (¬2) ح ي: ودخلت. (¬3) ح: وصلت. (¬4) ح ي: أيهما. (¬5) ح ي: أربعاً. (¬6) ح ي - ركعات. (¬7) ح ي: ما وصفت. (¬8) ك: ذكرت. (¬9) ح: وصلى. (¬10) ح ي - قد. (¬11) ح: الحالة. (¬12) ح: قهقه ويتشهد؛ ي: قهقه وتشهد. (¬13) ح ي - بعد خروج الوقت. (¬14) ح ي: قال نعم. قال الحاكم: فإن قهقه الإمام لم يلزمه الوضوء. انظر: الكافي، 1/ 16 ظ. وقال السرخسي: فإن قهقه لم يلزمه وضوء، وهذا قول محمد - رضي الله عنه -، وهو إحدى الروايتين عن أبي حنيفة -رحمه الله-، لأن التحريمة انحلت بفساد الجمعة، فأما عند أبي يوسف وهو إحدى الروايتين عن أبي حنيفة -رحمه الله- فلم تحل=

رجل (¬1) في الصلاة على هذه الحال لم يكن داخلاً معه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل الذي لا يريد أن يشهد الجمعة، وليس له (¬2) عذر من مرض (¬3) ولا غيره، متى يصلي الظهر؟ قال (¬4): يصليها حين ينصرف الإمام من الجمعة. قلت (¬5): فإن صلى قبل ذلك؟ قال: يجزيه. قلت: أرأيت الإمام يمر بمصر من الأمصار أو بمدينة (¬6) من المدائن فيجمّع (¬7) يوم الجمعة بأهلها وهو مسافر هل يجزيهم؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأن الإمام في هذا لا يشبه (¬8) غيره؛ ألا ترى أنه لا يكون جمعة إلا بإمام (¬9). قلت: أرأيت رجلاً صلى بالناس يوم الجمعة ركعتين (¬10) من غير أن يأمره الأمير؟ قال: لا يجزيهم، وعليهم أن يستقبلوا الظهر. قلت: فإن كان الأمير أمره بذلك أو كان (¬11) خليفة الأمير أو صاحب شرطة (¬12) أو القاضي؟ قال: تجزيهم صلاتهم. قلت: أرأيت مسافراً دخل مصراً من الأمصار فشهد مع أهلها الجمعة هل يجزيه ذلك؟ قال: نعم. قلت: لم (¬13) وهو مسافر؟ قال: إذا دخل مع قوم ¬

_ = التحريمة بفساد الفريضة، فكذا قهقه فعليه الوضوء لمصادفة القهقهة حرمة الصلاة انظر: المبسوط، 2/ 33. لكن صرح المؤلف في المتن بأن أبا يوسف ومحمداً يقولان بأن الصلاة تامة إذا فرغ الإمام من التشهد قبل خروج الوقت، وأنه إذا ضحك في هذه الحال فعليه الوضوء لصلاة أخرى. وهذا لأن الصلاة صحيحة عندهما. والسؤال في هذه المسألة عن ضحك الإمام قبل فراغه من التشهد. ففي هذه الحالة تفسد الصلاة باتفاق الأئمة الثلاثة لخروج الوقت، فينبغي أن لا يجب الوضوء بالاتفاق. (¬1) ح ي - رجل. (¬2) ح ي: عليه. (¬3) ح: من مرضه. (¬4) ي: قلت. (¬5) ي - قلت. (¬6) ح ي: أو مدينة. (¬7) ح ي: فجمع. (¬8) ح ي: لا يشبه في هذا. (¬9) م: بأيام. (¬10) ح ي - ركعتين. (¬11) ح: وكان. (¬12) ح ي: الشرطة. (¬13) ح - لم.

في الصلاة (¬1) صلى بصلاتهم؛ ألا ترى أنه لو دخل مع مقيم في الظهر كان عليه أن يصلي أربع ركعات؛ أو لا (¬2) ترى لو أن امرأة أو عبداً شهد الجمعة كان عليه أن (¬3) يصلي ركعتين، وليس على واحد منهما أن يشهد الجمعة. قلت: أرأيت إماماً خطب الناس يوم الجمعة ففزع (¬4) الناس (¬5) فذهبوا كلهم إلا رجلاً واحداً (¬6) بقي معه، كم يصلي (¬7) الإمام؟ قال: يصلي (¬8) أربع ركعات، إلا أن يبقى معه ثلاثة (¬9) رجال سواه فيصلي بهم الجمعة، وذلك أدنى ما يكون. قلت: فإن كان (¬10) معه عبيد أو رجال أحرار (¬11)؟ قال: يصلي بهم الجمعة ركعتين. قلت: فإن بقي معه نساء ليس معهن رجل؟ قال: يصلي بهن (¬12) الظهر أربع ركعات. قلت: من أين اختلف العبيد والنساء وليس على واحد منهم (¬13) الجمعة؟ قال: لأن العبيد رجال، وليس النساء كالرجال. قلت: أرأيت إماماً خطب الناس يوم الجمعة فصلى بهم ركعة، ثم فزع (¬14) الناس فذهبوا كلهم وبقي وحده، كم يصلي؟ قال: يصلي الجمعة ركعتين. قلت: فإن فزع (¬15) الناس فذهبوا بعدما افتتح الصلاة قبل أن يصلي ركعة؟ قال: عليه أن يستقبل الظهر أربع ركعات، ولا يبني على شيء من صلاته. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: يمضي على الجمعة (¬16) في الوجهين جميعاً؛ لأنه افتتح الجمعة، فلا يفسدها ذهاب الناس (¬17) عنه (¬18)، ولو ذهب الناس عنه قبل أن يفتتح الجمعة كان عليه أن يصلي الظهر أربع ركعات. ¬

_ (¬1) ح ي: في صلاة. (¬2) ح ي: ألا. (¬3) م - عليه أن، صح هـ. (¬4) ك م: وفرغ. (¬5) ك م + كلهم. (¬6) ح ي: إلا رجل واحد. (¬7) ك م + مع. (¬8) ح ي - يصلي. (¬9) م ي: ثلاث. (¬10) ح - فإن كان؛ صح هـ. (¬11) ح: معه عبد ورجلان حران؛ ي: معه عبد ورجلان آخران. (¬12) ك م ح ي: بهم. (¬13) ك م: منهما. (¬14) ك: ثم فرغ. (¬15) ك: فرغ. (¬16) ح ي - على الجمعة. (¬17) م: الوقت. (¬18) ح - عنه.

قلت: أرأيت رجلاً صلى مع الإمام يوم الجمعة فلم يقدر على السجود، فسجد على ظهر رجل (¬1)، هل يجزيه ذلك؟ قال: نعم، يجزيه إذا كان لا يقدر على السجود. قلت: أرأيت من صلى (¬2) الجمعة في الطاقات (¬3) أو في السُّدَّة (¬4) هل يجزيه (¬5) ذلك؟ قال: نعم (¬6). قلت: أرأيت من صلى الجمعة في دار (¬7) الصيارفة (¬8) هل يجزيهم (¬9)؟ قال: إن كان في الطاقات (¬10) قوم يصلون (¬11) وكانت الصفوف متصلة أجزأهم ذلك (¬12)، وإن لم يكن فيها أحد يصلي فلا تجزيهم صلاتهم؛ لأن بينهم وبين الإمام طريقاً. قلت: أرأيت إذا صف (¬13) القوم يوم الجمعة بين الأَسَاطِين (¬14) في الجمعة وغيرها هل تَكره (¬15) ذلك (¬16)؟ قال: لا أكره، وليس به بأس (¬17). قلت: أرأيت رجلاً أدرك مع الإمام يوم الجمعة ركعة، أو أدرك (¬18) الإمام (¬19) في التشهد قبل أن يسلم، أو بعدما تشهد قبل أن يسلم (¬20)، أو ¬

_ (¬1) ح ي: الرجل. (¬2) ح ي: إن صلى. (¬3) الطاقات جمع طاقة وهي ما عُطف من الأبنية. انظر: لسان العرب، "طوق". (¬4) ح: في السدد. السُّدّة هي الباب أو الظُّلّة التي تكون فوق الباب. انظر: المغرب، "سدد". (¬5) ي: في الطرقات أو في السيرة هل يجزيهم. (¬6) م - قلت أرأيت من صلى الجمعة في الطاقات أو في السدة هل يجزيه ذلك قال نعم. (¬7) ي: في ديار. (¬8) الصيارفة جمع صَرَّاف. انظر: القاموس المحيط، "صرف". (¬9) ح ي + ذلك. (¬10) ي: في الطرقات. (¬11) ح: متصلون. (¬12) ح ي - ذلك. (¬13) ح ي: إذا صلى. (¬14) الأساطين جمع الأسطوانة. (¬15) م: هل يكره. (¬16) ح - هل تكره ذلك. (¬17) ح ي: لا أكرهه ولا بأس بذلك. (¬18) ح - مع الإمام يوم الجمعة ركعة أو أدرك. (¬19) ي - يوم الجمعة ركعة أو أدرك الإمام. (¬20) ح - أو بعدما تشهد قبل أن يسلم، صح هـ.

أدركه بعدما سلم وهو في سجدتي السهو؟ قال (¬1): أدرك هذا معه الصلاة، وعليه أن يصلي ركعتين. قلت: أرأيت رجلاً (¬2) أحدث وهو خلف الإمام (¬3) يوم الجمعة، فانفتل فذهب فتوضأ (¬4)، وقد فرغ الإمام من صلاته، كيف يصنع؟ قال: إن كان قد (¬5) تكلم استقبل الظهر أربع ركعات، وإن لم يتكلم بنى على صلاته حتى يتم ركعتين. قلت: أرأيت رجلاً أدرك الإمام يوم الجمعة وهو يتشهد (¬6) أيصلي الجمعة؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: أرأيت مسافراً دخل في صلاة مقيم كم يصلي؟ قلت: يصلي صلاة مقيم أربع ركعات. قال: فهذا (¬7) وذاك سواء؛ ألا ترى أنه لو (¬8) أدرك مع الإمام الصلاة وجبت عليه (¬9) صلاته، فكيف يصلي غير صلاته وقد دخل في صلاته ونواها. وقال محمد: يصلي الجمعة (¬10) أربعاً إن لم يدرك الركعة (¬11) الأخيرة (¬12). وهو (¬13) قول زفر. قلت: أرأيت إماماً خطب الناس يوم الجمعة في وقت الظهر وصلى (¬14) الجمعة في وقت العصر، وكان ذلك في يوم غيم، هل تجزيهم (¬15) صلاتهم؟ قال: لا. قلت: فإن لم يخطب حتى ذهب وقت الظهر، ثم خطب في وقت العصر وصلى الجمعة؟ قال: لا تجزيهم (¬16) في الوجهين جميعاً، وعليهم أن يستقبلوا الظهر أربع ركعات. قلت: أرأيت أمير (¬17) عسكر (¬18) نزل بالناس في بلدة وهو لا يريد (¬19) ¬

_ (¬1) ح ي + قد. (¬2) ح ي + الرجل. (¬3) ح ي + في. (¬4) ح ي + ثم جاء. (¬5) ك م - قد. (¬6) ح: تشهد؛ صح هـ. (¬7) ح ي: هذا. (¬8) ح: لو أنه. (¬9) ح ي - عليه. (¬10) ح ي: الظهر. (¬11) ح ي: الجمعة. (¬12) ك: الآخرة؛ ح: الآخر؛ ي: الأخرى. (¬13) ح ي: وهذا؛ ح ي + أيضاً. (¬14) ح: ويصلي. (¬15) ي: هل يجزيهم. (¬16) ي: لا يجزيهم؛ ح ي + صلاتهم. (¬17) ح ي - أمير؛ ي هـ: لعل صوابه هكذا إمام. (¬18) ح ي: عسكراً. (¬19) ح ي: بلدة ولا يريد.

بَرَاحاً (¬1) غير أنه يسرّح (¬2) الجنود، هل عليه أن يقصر الصلاة؟ قال: لا. قلت: فهل عليه أن يخطب الناس يوم الجمعة ويصلي ركعتين؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إماماً (¬3) خطب الناس يوم الجمعة، فلما فرغ من خطبته قدم عليه أمير آخر، أيصلي (¬4) القادم بخطبة الأول أم يعيد (¬5) الخطبة؟ قال: إن صلى (¬6) بخطبة الأمير الأول صلى (¬7) أربع ركعات، وإن هو خطب الناس صلى (¬8) بهم ركعتين. قلت: أرأيت القوم أتَكره (¬9) لهم أن يصلوا الظهر في جماعة يوم الجمعة؟ قال: نعم (¬10)، أكره لهم ذلك إذا كانوا في مصر. قلت: وكذلك إذا كانوا (¬11) في سجن أو محبس (¬12)؟ قال: نعم، وإن صلوا (¬13) أجزأهم. قلت: أرأيت الإمام (¬14) هل يجهر بالقراءة يوم الجمعة؟ قال: نعم. قلت: فمن يجب عليه أن يأتي الجمعة؟ قال: على أهل الأمصار. قلت: أفيجب (¬15) على من كان بزُرَارَة (¬16) أو نحوها أن يأتي الجمعة بالكوفة؟ قال: لا. قلت: وكذلك أهل الحِيرَة (¬17)؟ قال: نعم، ليس ¬

_ (¬1) م: اخا. والبَرَاح، أي: الزوال عن المكان. انظر: المغرب، "برح". (¬2) ح ي + يريح. (¬3) أي: وهو الأمير كما يفهم من تتمة العبارة. (¬4) ح ي: يصلي. (¬5) م: ثم يعيد. (¬6) م: أن يصلي. (¬7) ح ي: يصلي. (¬8) م: فصلى. (¬9) م: أيكره. (¬10) ح - نعم. (¬11) ح ي: لو كانوا. (¬12) م: أو مجبس؛ ح ي: أو حبس. (¬13) ح ي: فعلوا. (¬14) ح ي - الإمام. (¬15) ك ي: أفتحب. (¬16) ح ي: زرارة. زُرَارَة محلة بالكوفة، ويظهر أنه كان يفصل بينها وبين الكوفة نهر الفرات. انظر: معجم البلدان لياقوت، "زرارة". (¬17) ك م + والمدينة؛ ح: الجيزة. وقال أبو الوفا الأفغاني: ليس في أطراف الكوفة مقام يسمى المدينة، فلعله تصحيف "السدير" وهو من أطراف الكوفة عند الحيرة، والله أعلم. انظر: الأصل (الأفغاني)، 1/ 331.

يجب (¬1) على هؤلاء الجمعة. قلت: أرأيت الخطبة يوم الجمعة أهي قبل الصلاة أو بعدها؟ قال: بل (¬2) قبلها. قلت: فإن خطب بعدها هل تجزيهم؟ قال: لا. قلت: فإن صلى بهم الجمعة وخطب (¬3) بعد ذلك؟ قال: عليهم (¬4) أن يعيدوا الجمعة بعد الخطبة. قلت: أرأيت رجلاً أدرك الإمام يوم الجمعة وقد ركع (¬5) ورفع رأسه من الركوع، فأحدث الإمام، فقدم هذا الرجل، فسجد بهم (¬6)؟ قال: يجزيهم (¬7). قلت: فهل يجزي هذا المقدَّم؟ قال: يجزيه (¬8) من سجدتين، ولا يحتسب بهما (¬9) من صلاته؛ لأنه لم يدرك الركوع، ولكن يجعل السجدتين تطوعاً، ويصلي الركعة التي سبقه الإمام بها. قلت: فكيف أجزأ (¬10) من خلفه ولا يجزيه (¬11)؟ قال: لأنه لو كان خلف الإمام كان عليه أن يسجدهما. قلت: أرأيت مسافراً شهد الجمعة مع الإمام، فأدرك الخطبة، فلما فرغ الإمام (¬12) من خطبته أحدث، فقدمه (¬13) قبل (¬14) أن يدخل في الصلاة، فصلى المسافر بالناس الجمعة، أتجزيهم صلاتهم؟ قال: نعم (¬15). قلت: أرأيت إن كان المسافر لم يشهد الخطبة مع الإمام يوم الجمعة، إلا أنه حين ¬

_ (¬1) ح ي - يجب. (¬2) ح ي: هي. (¬3) ح ي: ثم خطب. (¬4) ح ي: قال عليه وعليهم. (¬5) م: وركع. (¬6) م: لهم؛ ح ي + هل يجزيهم. (¬7) ح ي: قال نعم. (¬8) ح ي: يجزيهم. (¬9) ك م: ولا يحتسبها. (¬10) ح ي: أجزتا. (¬11) ح ي: ولم تجزيانه. (¬12) ك م - الإمام. (¬13) ح ي: فقدم المسافر. (¬14) ح - قبل؛ صح هـ. (¬15) ي+ قلت وكذلك العبد قال نعم. وقد تقدم في المتن جواز إقامة العبد للجمعة بإذن الإمام. وقال الحاكم: وإن أمر الأمام مسافراً أو عبداً أن يقيم الجمعة بالناس جاز ذلك. انظر: الكافي، 1/ 17 و؛ والمبسوط، 2/ 36.

دخل المسجد (¬1) أحدث الإمام قبل أن يدخل في الصلاة، فقدمه، كيف يصنع؟ قال: يصلي بهم (¬2) الظهر ركعتين، ثم يتشهد ويسلم، ثم يقوم الناس فيقضون ركعتين وحداناً بغير إمام. قلت: أرأيت الإمام ما يجب عليه أن يقرأ في الجمعة؟ قال: ما قرأ فحسن، ويكره (¬3) أن يوقّت في ذلك وقتاً. قلت: فأي سورة يقرؤها على المنبر؟ قال: ما قرأ فحسن. قلت: فإن قرأ على المنبر سورة فيها سجدة، أيسجدها ويسجد معه (¬4) من سمعها (¬5)؟ قال: نعم. قلت: فإن قرأها في الصلاة؟ قال: يسجدها ويسجد من معه. قلت: فإن لم يسجدها (¬6) وفرغ من صلاته وسلم، هل يسجد الناس (¬7) بعد ذلك؟ قال: إذا لم يسجد الإمام فلا يسجد من خلفه. قلت: أرأيت الإمام إن كان (¬8) حين قرأ السجدة أحدث (¬9) قبل أن يسجدها، فقدم (¬10) رجلاً، أينبغي لذلك الرجل المقدم أن يسجدها ويسجد (¬11) معه الناس (¬12)؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الجيش يغزون (¬13) أرض الحرب فيحاصرون (¬14) مدينة، ويوطّنون أنفسهم على إقامة شهر، هل يُجَمِّع بهم (¬15) إمامهم؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنهم مسافرون. قلت: فإن صلى بهم إمامهم الجمعة؟ قال: لا تجزيهم، وعليهم أن يعيدوا الظهر ركعتين؛ لأنهم مسافرون، فلا يجزيهم أن يصلوا الجمعة إلا في مصر من الأمصار مع الإمام. قلت: أرأيت إماماً صلى الجمعة بالناس، فلما فرغ (¬16) من الركعة ¬

_ (¬1) م - دخل المسجد، صح هـ. (¬2) ح ي - بهم. (¬3) ح ي + له. (¬4) ح ي - معه. (¬5) ح ي: من يسمعها. (¬6) ك م: لم يسجد. (¬7) ح + من. (¬8) ح ي - إن كان. (¬9) م: هل حدث. (¬10) ح ي: وقدم. (¬11) ح ي + من. (¬12) ح ي - الناس. (¬13) م: يعرفون. (¬14) ح: ويحاصرون. (¬15) م: هل يجمعهم. (¬16) ح ي: فرغوا.

الثانية قام حتى (¬1) استوى قائماً؟ قال: عليه أن يقعد (¬2)، ويتشهد (¬3) ويسلم، ويسجد سجدتي السهو. قلت: فإن قام في الظهر في الرابعة (¬4) حتى استوى قائماً، هل عليه أن يقعد فيتشهد ويسلم، ثم يسجد سجدتي السهو؟ قال: نعم. قلت: فإن قام في الظهر في الثانية حتى استوى قائماً (¬5)؟ قال: لا يقعد، ولكنه (¬6) يمضي (¬7) على صلاته، فإذا (¬8) سلم سجد سجدتي السهو. قلت: من أين اختلفا (¬9)؟ قال: لأن الجمعة إنما هي ركعتان، وقد تمت، والظهر (¬10) أربع ركعات لم تتم بعد، فإذا استوى في الثانية قائماً (¬11) أمرته أن يمضي في صلاته، ويسجد سجدتي السهو إذا (¬12) فرغ من صلاته (¬13). قلت: فإن لم يستو (¬14) قائماً ولكنه نهض (¬15) وحين (¬16) نهض (¬17) ذكر (¬18)؟ قال: يقعد فيتشهد ويسلم، فإذا فرغ من صلاته سجد (¬19) سجدتي السهو بعد ذلك إن كان (¬20) فعل ذلك ناسياً (¬21)، و (ن تعمد ذلك فقد أساء ولا شيء عليه. قلت: أرأيت رجلاً (¬22) افتتح الصلاة تطوعاً، وهو ينوي أن يصلي أربع ركعات، فلما صلى الثانية قام فذكر قبل أن يستتم قائماً؟ قال: يقعد فيفرغ من بقية (¬23) صلاته، وعليه سجدتا السهو. قلت: فإن استتم قائماً ومضى على صلاته، هل عليه سجدتا السهو؟ قال: نعم. قلت: فإن كان لا يريد أن ¬

_ (¬1) ي: حين. (¬2) ح ي + فيتشهد. (¬3) ح ي + من معه. (¬4) ح ي - في الرابعة. (¬5) ح ي - هل عليه أن يقعد فيتشهد ويسلم ثم يسجد سجدتي السهو قال نعم قلت فإن قام في الظهر في الثانية حتى اسثوى قائماً. (¬6) ح ي - ولكنه. (¬7) ح ي: ويمضي. (¬8) ك: وإذا. (¬9) ح: اختلف. (¬10) ح: وفي الظهر. (¬11) ي: فإنما. (¬12) ح: فإذا؛ صح هـ. (¬13) ح - من صلاته. (¬14) ي: لم يستوي. (¬15) ح ي + إلى الصلاة. (¬16) م: حين. (¬17) ح ي - وحين نهض. (¬18) ح ي: فذكر. (¬19) ح ي: يسجد. (¬20) م: وإن كان. (¬21) ح ي: ساهياً. (¬22) ح ي: الرجل. (¬23) ح ي - بقية.

باب صلاة العيدين

يصلي أربع ركعات، فلما كان (¬1) في الثانية نهض (¬2) حتى استوى قائماً، ثم ذكر؟ قال: يقعد فيتشهد (¬3) ويسلم، ويسجد سجدتي السهو. قلت: وكذلك لو نهض في الركعتين من الوتر (¬4) أو المغرب (¬5) فهو مثل ما وصفت لك في الظهر والعصر؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل أيحتبي (¬6) يوم الجمعة في المسجد؟ قال: إن شاء فعل، وإن شاء لم يفعل. * * * باب صلاة العيدين قلت: أرأيت العيدين هل يجب فيهما الخروج (¬7) على أهل القرى والجبال والسواد؟ قال: لا، إنما يجب على أهل الأمصار والمدائن. قلت: أرأيت الإمام يوم العيد، أيبدأ بالخطبة أو بالصلاة؟ قال: بل يبدأ بالصلاة، فإذا فرغ (¬8) خطب (¬9)، ثم جلس جلسة خفيفة، ثم يقوم فيخطب، ويقرأ في خطبته بسورة (¬10) من القرآن. قلت: أفتحب (¬11) للقوم (¬12) أن يستمعوا ¬

_ (¬1) ك م: قعد. (¬2) ك م + في الركعتين. (¬3) ح ي: ويتشهد. (¬4) ح ي: في الوتر. (¬5) م ح: والمغرب. (¬6) ح ي: الرجل الذي يحتبي. الاحتباء هو اْن يضم الإنسان رجليه إلى بطنه بثوب يجمعهما به مع ظهره ويشدّه عليها، وقد يكون الاحتباء باليدين عوض الثوب. منه قيل: الاحتباء حيطان العرب، أي ليس في البراري حيطان، فإذا أرادوا أن يستندوا احتبَوْا، لأن الاحتباء يمنعهم من السقوط ويصير لهم كالجدار، وقيل بكراهة الحبوة يوم الجمعة والإمام يخطب لأن الاحتباء يجلب النوم ولا يسمع الخطبة ويعرّض طهارته للانتقاض. انظر: لسان العرب، "حبو". (¬7) ح ي: الخروج فيهما. (¬8) ح ي + قام. (¬9) ح ي: فخطب. (¬10) ح ي: سورة. (¬11) م ي: أفيجب. (¬12) ح: القوم.

وينصتوا؟ قال: نعم. قلت: أرأيت صلاة العيدين هل فيهما أذان وإقامة؟ قال (¬1): ليس فيهما أذان ولا إقامة (¬2). قلت: أرأيت الإمام إن بدأ (¬3) بالخطبة فخطب ثم صلى بهم هل تجزيهم صلاتهم (¬4)؟ قال: نعم. قال (¬5): ولا يخرج المنبر في العيدين (¬6). قلت: أرأيت التكبير في صلاة العيدين كيف هو؟ قال: يقوم الإمام فيكبر واحدة يفتتح بها الصلاة، ثم يكبر (¬7) بعدها ثلاثاً، فإذا كبر قرأ (¬8) بفاتحة القرآن وبسورة (¬9)، فإذا فرغ من القراءة كبر الخامسة فركع بها، فإذا فرغ من ركوعه وسجوده قام في الثانية فبدأ فقرأ (¬10) بفاتحة القرآن وبسورة (¬11)، فإذا فرغ من القراءة كبر (¬12) ثلاث تكبيرات، ثم يكبر الرابعة فيركع بها، ثم يسجد، فإذا فرغ تشهد وسلم. قلت: فهل يرفع يديه في (¬13) تكبيرة من هذه (¬14) التسع (¬15) تكبيرات؟ قال: نعم. قلت: ولا يرفع يديه في تكبيرتين من هذه التسع (¬16) وإنما يرفع في السبع منها (¬17)؟ قال: نعم. قلت: فأيها (¬18) التي (¬19) يرفع فيها يديه (¬20)؟ قال: إذا افتتح الصلاة رفع (¬21) يديه، ¬

_ (¬1) ح ي + لا. (¬2) ح ي - ليس فيهما أذان ولا إقامة. (¬3) ح ي: إن بدأ الإمام. (¬4) ح ي - صلاتهم. (¬5) ك م - قال. (¬6) ح ي - قال ولا يخرج المنبر في العيدين. وستأتي المسألة مرة أخرى. انظر: 1/ 73 ظ. (¬7) ح: ثم تكبير. (¬8) ح ي: يقرأ. (¬9) ح ي: الكتاب وسورة. (¬10) ي - فقرأ. (¬11) ي: وسورة. (¬12) ح - الخامسة فركع بها فإذا فرغ من ركوعه وسجوده قام في الثانية فبدأ فقرأ بفاتحة القرآن وبسورة فكذا فرغ من القراءة كبر؛ صح هـ. (¬13) ك ح ي + كل. (¬14) م - هذه. (¬15) ح ي: السبع. (¬16) م - التسع. (¬17) ح: في التكبيرتين من غير هذه السبع وانما يرفع من السبع فيها؛ ي: في التكبير من غير هذه السبع وإنما يرفع من السبع فيها. (¬18) م ح ي: فأيهم. (¬19) ح: الذي. (¬20) ي: يده. (¬21) ك م: ورفع؛ ح + فيها.

ثم يكبر ثلاثاً فيرفع يديه، ثم يكبر الخامسة ولا يرفع يديه، فإذا قام في الثانية وقرأ كبر ثلاث تكبيرات ويرفع يديه، ثم يكبر الرابعة للركوع ولا يرفع يديه (¬1). قلت: والتكبير في الفطر والأضحى والخطبة والصلاة سواء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يفوته العيد هل عليه أن يصلي شيئاً؟ قال: إن شاء فعل، وإن شاء لم يفعل. قلت: فكم يصلي إن أراد أن يصلي (¬2)؟ قال (¬3): إن شاء (¬4) أربع ركعات، صان شاء ركعتين. قلت: أرأيت الإمام إذا خرج إلى الجَبَّانَة (¬5) أينبغي له أن يخلف رجلاً يصلي بالناس في المسجد؟ قال: إن فعل فحسن، وإن لم يفعل فلا شيء عليه. قلت: فإن فعل كيف يصلي بهم الرجل؟ قال: يصلي بهم (¬6) كما يصلي الإمام في الجبانة. قلت: أرأيت رجلاً (¬7) أحدث في الجبانة يوم العيد وهو مع الإمام، فخاف إن رجع إلى الكوفة أن تفوته (¬8) الصلاة، وهو (¬9) لا (¬10) يجد الماء، كيف يصنع؟ قال: يتيمم ويصلي مع الناس. قلت: لم؟ قال: لأن العيد إن فاته (¬11) لم تكن (¬12) عليه صلاة، وصلاة العيد (¬13) بمنزلة الصلاة على الجنازة؛ ألا ترى أنه إذا صلى على الجنازة فأحدث أنه يتيمم ¬

_ (¬1) ك م - فكذا قام في الثانية وقرأ كبر ثلاث تكبيرات ويرفع يديه ثم يكبر الرابعة للركوع ولا يرفع يديه. (¬2) ح ي - إن أراد أن يصلي. (¬3) ح ي + إن أراد أن يصلي. (¬4) ح - إن شاء. (¬5) ح ي: من الجبانة. أي: مصلى العيد خارج المدينة. وقد تقدم. (¬6) ح ي - بهم. (¬7) ي: رجل. (¬8) ي: أن يفوته. (¬9) ك م - وهو. (¬10) ك م: ولا. (¬11) ك: العيدين إن فاتته؛ ي: إذا فاته. (¬12) م ح: لم يكن. (¬13) ك م: العيدين.

ويصلي (¬1) عليها، فكذلك (¬2) العيد. قلت: فإن أحدث بعدما صلى ركعة أيتيمم مكانه ويمضي على صلاته؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يتمم ولكنه انصرف إلى الكوفة فتوضأ، ثم عاد إلى المصلى فوجد الإمام قد صلى، كيف يصنع؟ قال: يصلي ركعتين كصلاة الإمام، ويكبر (¬3) كما يكبر الإمام. قلت: فهل يقرأ فيهما؟ قال: لا. قلت: فما شأنه يكبر ولا يقرأ؟ قال: لأن قراءة الإمام له قراءة، ولا يكون تكبير الإمام له تكبيرات ألا ترى أن (¬4) من خلف الإمام يكبرون معه ولا يقرؤون، فهذا والذي خلفه سواء، ولأنه (¬5) قد أدرك أول الصلاة مع الإمام. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا دخل مع الإمام في الصلاة متوضئاً (¬6) لم يجزه (¬7) التيمم؛ لأن هذا لا يفوته الصلاة (¬8). وهذا قول زفر. قلت: أرأيت الإمام هل يقرأ في العيدين بشيء معلوم (¬9)؟ قال: بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان (¬10) يقرأ فيهما (¬11) بِـ (¬12) {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} (¬13) و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (1)} (¬14). وأيما (¬15) سورة من ¬

_ (¬1) ك م: فيصلي. (¬2) ح ي: وكذلك. (¬3) ح ي: يكبر. (¬4) م: إلا أن ترى. (¬5) ك م: لأنه. (¬6) ح ي - متوضئاً. (¬7) ي: لم يجزيه. (¬8) ك م - الصلاة. وقد مرت نفس المسألة في باب التيمم مع زيادة: "الصلاة"؟ انظر: 1/ 20 ظ. (¬9) ح: شيئاً معلوماً. (¬10) ح ي - كان. (¬11) ك م - فيهما؛ ي: فيها. (¬12) الباء ساقطة من م. (¬13) سورة الأعلى، 87/ 1. (¬14) سورة الغاشية، 88/ 1. وروي هذا الحديث عن الإمام أبي حنيفة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في العيدين والجمعة بِـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (1)}. انظر: مسند أبي حنيفة لأبي نعيم، 52 - 54؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 374، 376. وانظر: صحيح مسلم، الجمعة، 62؛ وسنن أبي داود، الصلاة، 234، 236، وسنن الترمذي، الجمعة، 33. (¬15) م: وانما.

القرآن قرأها أجزأه، وقد يكره (¬1) أن يتخذ الرجل شيئاً (¬2) من القرآن حتماً (¬3) حتى لا يقرأ في تلك الصلاة (¬4) غيرها. قلت: فهل قبل العيدين (¬5) صلاة؟ قال: لا. قلت: فهل بعدها صلاة؟ قال: إن شاء صلى أربعاً، وان شاء لم يصل. قلت: أرأيت رجلاً أدرك الإمام في صلاة العيد بعدما تشهد ولم يسلم، أو أدركه بعدما سلم وسجد سجدتي السهو فدخل معه (¬6)، ثم سلم الإمام، أيقوم الرجل فيصلي صلاة العيد؟ قال: نعم. قلت: ويقرأ ويكبر؟ قال: نعم (¬7). قلت (¬8): فكيف يكبر إذا قام يصلي إذا أدركه؟ قال: يكبر ثلاث (¬9) تكبيرات، ثم يقرأ بفاتحة (¬10) القرآن وبسورة (¬11)، ثم يكبر الرابعة فيركع بها، ويسجد، ثم يقوم في الركعة الثانية فيقرأ بفاتحة القرآن وسورة (¬12)، ثم يكبر أربع تكبيرات (¬13)، ويركع (¬14) في التكبيرة (¬15) الرابعة. قلت: لم جعلت على هذا ثمان تكبيرات؟ قال: لأنه (¬16) كبر تكبيرة واحدة حين افتتح بها الصلاة مع الإمام، فألقيت (¬17) عنه تلك التكبيرة (¬18). قلت: أرأيت رجلاً أدرك مع الإمام ركعة من العيد، فلما سلم الإمام قام يقضي، كيف يكبر (¬19)؟ قال: يقرأ بفاتحة (¬20) القرآن وبسورة (¬21)، ثم يكبر أربع (¬22) ¬

_ (¬1) صح: أكره. (¬2) ي: شي. (¬3) ح - حتماً؛ ي: قبل. (¬4) ح ي: الساعة. (¬5) ح ي + من. (¬6) م + رجل. (¬7) ح ي - قلت ويقرأ ويكبر قال نعم. (¬8) م - قلت. (¬9) ي: ثلث. (¬10) ح ي: فاتحة. (¬11) م - ثم يقرأ بفاتحة القرآن وبسورة؛ ح ي: وسورة. (¬12) ك م - ثم يكبر الرابعة فيركع بها ويسجد ثم يقوم في الركعة الثانية فيقرأ بفاتحة القرآن وسورة. (¬13) م - ثم يكبر أربع تكبيرات. (¬14) ح ي: فيركع؛ ح ي + بها. (¬15) ي: في التكبير. (¬16) ح ي + قد. (¬17) م: فالتقيت. (¬18) ح ي: التكبير. (¬19) صح: يقضي. (¬20) ح ي: فاتحة. (¬21) صح ي: وسورة. (¬22) م: بأربع.

تكبيرات (¬1) يركع بآخرهن. قلت: أرأيت الإمام هل ينبغي له أن يكبر في العيدين أكثر من تسع (¬2) تكبيرات؟ قال: ما أحب له ذلك. قلت: فإن فعل هل يضره ذلك شيئاً (¬3)؟ قال: لا. قلت: أرأيت إماماً قرأ السجدة يوم العيد (¬4)؟ قال: عليه (¬5) أن يسجد، ويسجد معه أصحابه (¬6). قلت: وكذلك لو قرأها وهو يخطب؟ قال: نعم، يسجدها ويسجد (¬7) معه من سمعها، وأما إذا قرأها في الصلاة فسجدها (¬8) سجدها (¬9) معه من سمعها ومن (¬10) لم يسمعها، جميع من معه في الصلاة. قلت: أرأيت النساء هل عليهن خروج في العيدين؟ قال: قد كان يرخَّص (¬11) لهن في ذلك، فأما اليوم (¬12) فإني أكره لهن (¬13) ذلك. قلت: أفتَكره (¬14) لهن أن (¬15) يشهدن (¬16) الجمعة والصلاة المكتوبة في جماعة؟ قال: نعم. قلت: فهل ترخص (¬17) لشيء (¬18) منهن؟ قال: أرخص للعجوز (¬19) الكبيرة (¬20) أن تشهد العشاء والفجر والعيدين، فأما (¬21) غير ذلك فلا. قلت: أرأيت العبد (¬22) هل يجب (¬23) عليه أن يشهد الجمعة ¬

_ (¬1) م + ثم. (¬2) ح ي: من سبع. (¬3) ك م: هل يضره من ذلك شيء. (¬4) ح ي - يوم العيد. (¬5) ح ي: هل عليه. (¬6) ح ي + قال نعم. (¬7) ح ي - ويسجد. (¬8) ح: سجدها. (¬9) ح ي: وسجدها. (¬10) م: أو من. (¬11) ي: إن كان ترخص. (¬12) ي+ فلا. (¬13) ح ي + في. (¬14) م: أفيكره؛ ح ي: فهل تكره. (¬15) ح - أن. (¬16) ي: أن تشهدن. (¬17) م: يرخص. (¬18) ح ي: بشيء. (¬19) ي: العجوز. (¬20) ح ي: الكبير. (¬21) ح: وأما. (¬22) م: العيد. (¬23) ح ي - يجب.

باب التكبير في أيام التشريق

والعيدين (¬1)؟ قال: إن فعل فحسن، وإن لم يفعل فلا شيء عليه. قلت: فهل ينبغي له أن يفعل دون أن يأذن له (¬2) مولاه؟ قال: لا. قلت: فهل ينبغي للمولى أن يمنعه من ذلك أو من الصلاة (¬3) في جماعة؟ قال: إن فعل لم يضره ذلك شيئاً. قلت: أرأيت السهو في العيدين والجمعة والصلاة المكتوبة والتطوع أهو سواء؟ قال: نعم. قلت: وكذلك السهو في صلاة الخوف؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المنبر هل يُخْرَج في العيدين؟ قال: لا. قلت: أرأيت الإمام إذا كبر (¬4) في العيدين أكثر من تسع (¬5) تكبيرات أينبغي لمن خلفه أن يكبروا معه؟ قال: نعم، يتبعونه (¬6) إلا أن يكبر ما لا يكبر أحد من الفقهاء وما لم تجئ (¬7) به الآثار. * * * باب التكبير في أيام التشريق قلت: أرأيت التكبير في أيام التشريق متى هو، وكيف هو، ومتى يبدأ (¬8)، ومتى يقطع؟ قال: كان عبد الله بن مسعود يبتدئ به من صلاة الغداة (¬9) يوم عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر (¬10)، وكان علي بن أبي ¬

_ (¬1) ي: والعيد. (¬2) ح ي - أن يأذن له. (¬3) ح: من صلاة. (¬4) ح ي: إذا كبر الإمام. (¬5) ح ي: من سبع. (¬6) ح ي: يتابعونه. (¬7) ح: لم يجئ. (¬8) ح ي: يبتدأ؛ ح ي + به. (¬9) ح: الغد. (¬10) قال الإمام محمد: أخبرنا سلام بن سليم الحنفي عن أبي إسحاق السبيعي عن الأسود بن يزيد قال كان عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - يكبر من صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد. انظر: الحجة على أهل المدينة، 1/ 310؛ ورواه من وجه آخر. انظر: الحجة على أهل المدينة، 1/ 308. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 60؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 1/ 488؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 222.

طالب يكبر من صلاة (¬1) الغداة يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق (¬2)، فأي ذلك (¬3) ما فعلت فهو حسن (¬4)، وأما أبو حنيفة فإنه كان يأخذ بقول ابن مسعود، وكان (¬5) يكبر (¬6) من صلاة الغداة يوم عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر، ولا (¬7) يكبر بعدها، وأما أبو يوسف ومحمد (¬8) فإنهما يأخذان بقول علي بن أبي طالب. قلت: فكيف التكبير؟ قال: إذا سلم الإمام قال: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد. بلغنا ذلك عن علي بن أبي طالب وعبدالله بن مسعود (¬9). قلت (¬10): فمن صلى المكتوبة في جماعة في مصر من الأمصار فعليهم أن يكبروا في هذه الأيام؟ قال: نعم. قلت: فإن كان معهم (¬11) نساء؟ قال: عليهن أن يكبرن. قلت: أرأيت من صلى وحده من المقيمين أو المسافرين (¬12) أو النساء هل عليهم (¬13) أن يكبروا؟ قال: لا. قلت: فهل على المسافرين أن يكبروا؟ قال: لا. قلت: أرأيت (¬14) من صلى (¬15) التطوع في جماعة (¬16) أو صلى الوتر هل يكبر (¬17) بعدها؟ قال: لا (¬18). قلت: فهل ¬

_ (¬1) ح: في صلاة. (¬2) محمد قال أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه كان يكبر من صلاة الفجر من يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق. انظر: الآثار لمحمد، 42. وانظر: الاثار لأبي يوسف، 60؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 1/ 488، ونصب الراية للزيلعي، 2/ 222. (¬3) ي: ذلك فأي. (¬4) ح ي: فعلت فحسن. (¬5) ح ي - وكان. (¬6) ك: مسعود ويكبر. (¬7) ح ي: ثم لا. (¬8) ح ي + بن الحسن. (¬9) ح ي: وابن مسعود. انظر: المصادر السابقة. (¬10) ح - قلت. (¬11) ح: معهن. (¬12) ك ح ي: والمسافرين. (¬13) ح - هل عليهم. (¬14) ح ي - أرأيت. (¬15) م: إن صلى. (¬16) ح ي: من التطوع في الجماعة. (¬17) ح ي: هل يكبروا. (¬18) م - قال لا.

على أهل السَّوَاد (¬1) أن يكبروا (¬2)؟ قال: لا. قلت: فإن صلوا في جماعة؟ قال (¬3): وإن صلوا في جماعة (¬4) فلا (¬5) تكبير عليهم. وهذا قول أبي حنيفة. وقال (¬6) أبو يوسف ومحمد (¬7): نرى (¬8) التكبير على من صلى المكتوبة (¬9)، رجل أو امرأة أو (¬10) مسافر أو مقيم صلى وحده أو في جماعة. قلت: أرأيت المحرم يوم عرفة إذا صلى وسلم أيبدأ بالتكبير أو (¬11) بالتلبية؟ قال: بل (¬12) يبدأ بالتكبير ثم يلبي. قلت: لم؟ قال: لأن التكبير أوجبهما. قلت: أرأيت (¬13) الإمام إذا كان عليه سجدتا (¬14) السهو أيكبر (¬15) قبل أن يسجدهما؟ قال: لا، ولكنه يسجدهما ويسلم ثم يكبر. قلت: أرأيت رجلاً سبقه الإمام بركعة (¬16) في أيام التشريق أيكبر مع الإمام حين (¬17) يسلم أو يقوم (¬18) فيقضي؟ قال: بل يقوم فيقضي (¬19)، فإذا سلم كبر. قلت: لم؟ قال: لأن التكبير ليس من الصلاة؛ ألا ترى لو أن رجلاً دخل معهم في التكبير يريد الصلاة (¬20) لم يجزه (¬21) ذلك. قلت (¬22): وهذا لا يشبه سجدتي السهو؟ قال: لا؛ ألا ترى أن من دخل مع الإمام في سجدتي السهو فقد دخل معه في الصلاة؛ لأن سجدتي السهو من الصلاة، والتكبير ليس من الصلاة. قلت: أرأيت إماماً صلى بالناس يوم العيد، فلما صلى الركعة ¬

_ (¬1) أهل السَّواد هم أهل القرى في العراق كما تقدم. (¬2) ح: تكبيرة ي: تكبيراً. (¬3) م + فإن صلوا في جماعة قال. (¬4) ح ي - قال وإن صلوا في جماعة. (¬5) م: ولا. (¬6) ح ي + وأما. (¬7) ح ي + قالا. (¬8) ي - نرى. (¬9) ح ي + من. (¬10) ح ي - أو امرأة أو. (¬11) ح ي + يبدأ. (¬12) ح م - بل. (¬13) ي - أرأيت. (¬14) ح ي: سجدتي. (¬15) ح ي: يكبر. (¬16) ح - بركعة. (¬17) صح: حتى. (¬18) صح ي: أم يقوم. (¬19) صح: يقضي. (¬20) ح ي: في التكبير إن بدأ بالصلاة. (¬21) ي: إن بدأ بالصلاة لم يجزيه. (¬22) ح - قلت.

الثانية (¬1) قام حتى استوى قائماً (¬2) وهو ساهي، كيف يصنع؟ قال: يقعد، ويتشهد ويسلم، ثم يسجد سجدتي السهو، ويسجد من خلفه معه (¬3)، ثم يتشهد ويسلم (¬4). قلت: أرأيت إن لم ينهض الإمام ولكن (¬5) نهض رجل ممن (¬6) خلف الإمام ثم ذكر بعدما استتم قائماً (¬7)؟ قال: يقعد، ويتشهد (¬8) مع الإمام ويسلم معه، ولا سهو عليه. قلت: لم؟ قال: لأنه ليس على من خلف الإمام سهو إذا لم يَسْهُ (¬9) الإمام. قلت: أرأيت إماماً صلى بالناس في أيام التشريق، فنسي أن يكبر حتى قام من مجلسه ذلك، أو خرج من المسجد ثم ذكر؟ قال: ليس عليه أن يكبر، وعلى (¬10) من خلفه التكبير. قلت: فإن ذكر قبل أن يقوم من مجلسه أو قبل (¬11) أن يخرج من المسجد ولم يتكلم، أيكبر ويكبر من معه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إماماً صلى بالناس يوم العيد فأحدث؟ قال: يتيمم ويمضي على صلاته؛ لأن العيد ليس كغيره. ألا ترى أنه خارج من المصر وليس بحضرته ماء. قلت: فإن قدّم الإمام رجلاً يصلي بالناس بعدما أحدث الإمام وقد قرأ (¬12) السجدة، ولم يكن سجدها (¬13) حتى أحدث، هل يسجدها هذا الإمام الثاني؟ قال: نعم يسجدها، ويسجد معه الناس. قلت: أرأيت إن كان الإمام الثاني لم يكن داخلاً في صلاة القوم ولم يسمع ¬

_ (¬1) ح ي: صلى ركعتين. (¬2) ح ي - حتى استوى قائماً. (¬3) ح ي - معه. (¬4) ح ي: ثم يسلم. (¬5) ح ي: ولكنه. (¬6) صح: من. (¬7) م: فإنما. (¬8) ح ي: فيتشهد. (¬9) ي: لم يسهوا. (¬10) ك م: ولا على. وقال الحاكم: فإن نسي الإمام التكبير حتى انصرف من صلاته فإن ذكره قبل أن يخرج من المسجد عاد فكبر، وإن كان قد خرج سقط عنه، وعلى القوم أن يكبروا. انظر: الكافي، 1/ 17 ظ؛ والمبسوط، 2/ 45. (¬11) ك ح ي: وقبل. (¬12) ي + الإمام. (¬13) ي: يسجدها.

باب صلاة الخوف والفزع

السجدة، فلما قدمه الإمام (¬1) كبر ينوي (¬2) الدخول في صلاة القوم، أيسجدها (¬3) ويسجدها (¬4) من معه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان الإمام الأول (¬5) لما (¬6) قرأ السجدة (¬7) نسي أن يسجدها، فلما أراد أن يركع أحدث، فقدم هذا، هل (¬8) على الإمام الأول وعلى من خلفه سجدتا (¬9) السهو؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الصلاة قبل العيد هل تكرهها (¬10)؟ قال: نعم. قلت: أفتكرهها (¬11) بعد (¬12)؟ قال: لسمت أكره، إن شاء صلى، وإن شاء لم يصل. قلت: أرأيت الإمام (¬13) إذا خطب في العيدين (¬14) هل يجب على الناس أن ينصتوا ويستمعوا (¬15) كما يجب (¬16) عليهم في الجمعة؟ قال: نعم. * * * باب صلاة الخوف والفزع (¬17) قلت: أرأيت الإمام إذا كان مُوَاقِفَ العدو في أرض الحرب، فحضرت الصلاة، فأراد أن يصلي بالناس، كيف يصلي بهم؟ قال: تقف طائفة من الناس بإزاء العدو، ويفتتح الإمام الصلاة وطائفة معه، فيصلي بالطائفة الذين (¬18) معه ركعة وسجدتين، فإذا فرغ منها انفتلت (¬19) الطائفة ¬

_ (¬1) حي - الإمام. (¬2) ح: ونوى. (¬3) ح ي: أيسجد بهم. (¬4) ك ح ي: ويسجد. (¬5) ح ي - الأول. (¬6) ح ي: بهما. (¬7) ي + ثم. (¬8) ك م - هل. (¬9) ي: سجدتي. (¬10) م: هل يكرهها؛ ح ي: هل تضره. (¬11) م: أفيكرهها؛ ح ي: أفيصليهما. (¬12) ح: بعده. (¬13) م - الإمام. (¬14) ح ي: في العيد. (¬15) ح ي: أن يستمعوا وينصتوا. (¬16) ح: تجب. (¬17) ح ي - والفزع. (¬18) ح ي: التي. (¬19) م: انقلبت؛ ح ي: انفتل.

الذين (¬1) مع الإمام من غير أن يتكلموا ولا يسلموا، فيقفون (¬2) بإزاء العدو، وتأتي الطائفة الأخرى (¬3) الذين (¬4) كانوا بإزاء العدو، فيدخلون مع الإمام في الصلاة، فيصلي (¬5) بهم (¬6) الإمام ركعة أخرى وسجدتين، ثم يتشهد، ويسلم الإمام إذا (¬7) فرغ من الصلاة، ثم تقوم (¬8) الطائفة التي مع الإمام، فيأتون مقامهم من غير أن يتكلموا ولا يسلموا حتى يقفوا بإزاء العدو، وتأتي الطائفة التي (¬9) كانت بازاء العدو (¬10) - وهم الذين صلوا مع الإمام الركعة الأولى - فيأتون مكانهم الذي صلوا فيه (¬11)، فيقضون ركعة وسجدتين (¬12) بغير إمام ولا قراءة، ويقعدون ويسلمون، تنم يقومون فيأتون مقامهم، ثم يأتي (¬13) الطائفة الذين صلوا مع الإمام الركعة الثانية، فيقضون ركعة وسجدتين (¬14) بقراءة بغير إمام، ويتشهدون (¬15) ويسلمون (¬16)، ثم يقومون فيأتون أصحابهم فيقومون (¬17) معهم. قلت: ولم يصلي بهم الإمام ركعة ركعة (¬18)؟ قال (¬19): لقول (¬20) الله تعالى (¬21) في كتابه: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا ¬

_ (¬1) ح ي: التي. (¬2) ح ي: فيقفوا. (¬3) ح ي - الأخرى. (¬4) ك م: التي. (¬5) م: فصلى. (¬6) من هنا سقط مقدار كبير من نسخة ح فاستكمل الناسخ ذلك في الصفحة التالية. (¬7) ح ي: فإذا. (¬8) ح ي: قامت. (¬9) ك م: الذين. (¬10) ح ي - وتأتي الطائفة التي كانت بإزاء العدو. (¬11) ح ي - الذي صلوا فيه. (¬12) ح ي + وحداناً. (¬13) ك: ثم تأتي؛ ح ي: ثم يأتون. (¬14) ي - بغير إمام ولا قراءة ويقعدون ويسلمون ثم يقومون فيأتون مقامهم ثم يأتي الطائفة الذين صلوا مع الإمام الركعة الثانية فيقضون ركعة وسجدتين. (¬15) م: ويتشهد؛ ي: ويتشهدوا. (¬16) ي: ويسلموا. (¬17) ك ح: فيقفون؛ ي: فيقفوا. (¬18) ح ي - ركعة. (¬19) م - قال. (¬20) ح ي: يقول. (¬21) ح - الله تعالى.

حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ} (¬1) قلت: أرأيت لو كان هذا (¬2) العدو في القبلة، فاستطاع (¬3) الإمام أن يصلي بالناس (¬4) جميعاً ويستقبل العدو، أيفعل (¬5) ذلك؟ قال: إن شاء فعل، وإن شاء صلى كما وصفت لك. قلت: فإذا (¬6) كانت الصلاة صلاة المغرب كيف يصلي بهم؟ قال: يفتتح الصلاة ومعه طائفة، وطائفة بإزاء العدو، فيصلي بالطائفة التي (¬7) معه ركعتين، ثم تقوم الطائفة فيأتون (¬8) مقامهم (¬9)، فيقومون (¬10) بازاء العدو من غير أن يتكلموا ولا يسلموا، وتأتي (¬11) الطائفة الذين (¬12) كانوا بإزاء العدو، فيدخلون مع الإمام في الصلاة، فيصلي بهم ركعة (¬13)، ويتشهد ويسلم، ثم تقوم الطائفة التي (¬14) معه من غير أن يتكلموا ولا يسلموا (¬15)، فيأتون مقامهم (¬16) بإزاء العدو، وتجيء الطائفة التي (¬17) صلت مع الإمام الركعتين الأوليين، فيأتون مقامهم الذي (¬18) صلوا فيه، فيقضون ركعة وسجدتين وحداناً بغير إمام ولا قراءة، ويتشهدون ويسلمون (¬19)، ثم يقومون فيأتون مقامهم بإزاء العدو، وتجيء الطائفة التي صلت مع الإمام الركعة الثالثة، فيأتون مقامهم (¬20) الذي (¬21) صلوا فيه، فيقضون ركعتين بقراءة وحداناً، ويتشهدون ويسلمون، ثم يأتون مقامهم فيقفون (¬22) مع أصحابهم. قلت: أرأيت إذا كان الإمام مقيماً في مصر أو في (¬23) مدينة فأتاه ¬

_ (¬1) سورة النساء، 4/ 102. (¬2) ح ي - هذا. (¬3) ح ي: واستطاع. (¬4) ح ي: بهم. (¬5) ك: يفعل. (¬6) ح ي: فإن. (¬7) ك: الذين. (¬8) ك م: فتأتي. (¬9) ح: مصافهم. (¬10) ك ح ي: فيقفون. (¬11) ي: ويأت. (¬12) ك م: التي. (¬13) ينتهي هنا السقط والإكمال في نسخة ح. (¬14) ح ي: الذين. (¬15) ح - ولا يسلموا. (¬16) ح ي + فيقفون. (¬17) ح ي: الذين. (¬18) ح ي: الذين. (¬19) ح ي: ويتشهدوا ويسلموا. (¬20) ح: المقام. (¬21) ح ي: الذين. (¬22) م: فيقضون. (¬23) ح ي - في.

العدو، فحضرت الصلاة، فصلى صلاة الخوف، هل يقصر (¬1) الصلاة؟ قال: لا، ولكنه يصلي بهم صلاة مقيم. قلت: وكيف يصلي بهم (¬2)؟ قال: يفتتح الصلاة ومعه طائفة، وطائفة بإزاء العدو، فيصلي بهم ركعتين، ثم تقوم (¬3) الطائفة التي (¬4) معه فيذهبون، فيقفون (¬5) بإزاء العدو من غير أن يتكلموا ولا يسلموا، وتأتي (¬6) الطائفة التي كانت بإزاء العدو، فيدخلون مع الإمام في الصلاة، فيصلي بهم ركعتين تمام صلاته، ويتشهد ويسلم، ثم تقوم الطائفة الذين (¬7) صلوا معه الركعتين الأخريين (¬8)، فيأتون مقامهم من غير أن يتكلموا ولا يسلموا، وتأتي (¬9) الطائفة التي صلت مع الإمام الركعتين الأوليين، فيقضون ركعتين وحداناً بغير قراءة، ويتشهدون ويسلمون (¬10)، ثم يقومون (¬11) مقامهم، وتأتي (¬12) الطائفة الذين (¬13) صلوا مع الإمام الركعتين الأخريين (¬14)، فيقضون وحداناً ركعتين بالقراءة (¬15)، ويتشهدون ويسلمون، ثم يقومون فيقفون (¬16) بإزاء العدو (¬17). قلت: أرأيت الطائفة الذين (¬18) صلوا مع الإمام الركعتين الأوليين لم يقضون بغير قراءة؟ قال: لأنهم أدركوا أول الصلاة مع الإمام، فقراءة الإمام لهم قراءة، وأما الذين أدركوا مع الإمام الركعتين الأخريين (¬19) فلا بد لهم من القراءة فيما يقضون؛ لأنهم لم يدركوا مع الإمام أول الصلاة. قلت: ¬

_ (¬1) ي: هل تقصر. (¬2) ح ي - بهم. (¬3) ح ي: ثم هؤلاء. (¬4) ح ي: الذين. (¬5) م: فيقضون. (¬6) صح ي: ثم تأت. (¬7) ك م: التي. (¬8) م: الاخرتين. (¬9) ح ي: وتأت. (¬10) ي: ويتشهدوا ويسلموا. (¬11) م: ثم يقون؛ ح ي + فيأتون. (¬12) ي: ثم تأت. (¬13) ك م: التي. (¬14) م ح: الاخرتين. (¬15) ح ي: فيقضون ركعتين بقراءة وحداناً. (¬16) م: فيقفون. (¬17) ح ي: ثم يأتون مقامهم فيقفون مع أصحابهم. (¬18) ك م: التي. (¬19) م: الاخرتين.

أرأيت إن لم تقرأ الطائفة الذين (¬1) أدركوا مع الإمام الركعة الثانية (¬2)؟ قال: لا يجزيهم، وعليهم أن يستقبلوا الصلاة. قلت: أرأيت إن ائتم أحد ممن ذكرت لك فيما يقضي بصاحبه (¬3)؟ قال: أما الإمام فصلاته تامة، وأما الذين ائتموا به فصلاتهم فاسدة، وعليهم أن يستقبلوا (¬4) الصلاة. قلت: أرأيت إماماً صلى بالناس صلاة الخوف فسها في صلاته؟ قال: السهو في صلاة الخوف وفي غيرها سواء. قلت: فمتى يسجد للسهو (¬5)؟ قال: إذا فرغ من صلاته (¬6) وسلم سجد (¬7) سجدتي السهو، وتسجد (¬8) معه الطائفة التي خلفه، ثم يتشهد ويسلم، ثم تقوم الطائفة التي خلفه (¬9) فيأتون مقامهم فيقفون بإزاء العدو، وتأتي (¬10) الطائفة الأخرى فيقضون ركعة وحداناً، فإذا سلمو سجدوا سجدتي السهو، ثم يتشهدون ويسلمون، ثم يأتون مقامهم، وتأتي الطائفة التي بإزاء العدو فيقضون ركعة وحداناً، ولا يسجدون للسهو؛ لأنهم قد سجدوا مع الإمام (¬11). قلت: فإن سها رجل من الذين سجدوا مع الإمام فيما يقضي؟ قال: عليه سجدتا (¬12) السهو (¬13). قلت: فإن (¬14) سها رجل من الذين لم يسجدوا مع الإمام فيما يقضون (¬15) هل عليه سجدتا (¬16) السهو؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنهم ¬

_ (¬1) ك م: التي. (¬2) هذا إذا كانت الصلاة ركعتين. أما إذا كانت أربع ركعات فيكون السؤال عن الذين أدركوا مع الإمام الركعتين الأخريين. (¬3) ك: صاحبه؛ م: حاجه. (¬4) ح ي: وأما الذي يأتم به فصلاته فاسدة وعليه أن يستقبل. (¬5) ح: السهو. (¬6) ح ي: من الصلاة. (¬7) ك: يسجد. (¬8) م: ويسجد؛ ح ي: وسجد. (¬9) ح ي - ثم يتشهد ويسلم ثم تقوم الطائفة التي خلفه. (¬10) ي: ويأت. (¬11) ح ي: معه. (¬12) ح ي: سجدتي. (¬13) ك م - قلت فإن سها رجل من الذين سجدوا مع الإمام فيما يقضي قال عليه سجدتا السهو. (¬14) ح + كان. (¬15) ح ي - فيما يقضون. (¬16) ح ي: سجدتي.

خلف الإمام؛ ألا ترى أنهم يقضون الركعة بغير قراءة، ولا سهو على من خلف الإمام، ولكنهم يسجدون السجدتين اللتين كانتا على الإمام. قلت: أرأيت الإمام إذا قرأ في الركعة الثانية السجدة (¬1) فسجدها بالطائفة الذين (¬2) معه، ثم جاءت الطائفة الذين (¬3) صلوا مع الإمام أول ركعة (¬4)، أيسجدون تلك السجدة؟ قال: نعم. قلت: ولم (¬5) ولم يسمعوها (¬6)؟ قال: لأنهم قد أدركوا مع الإمام أول الصلاة، فعليهم ما على الإمام؛ ألا ترى لو أن رجلاً نام خلف الإمام في صلاة الغداة فقرأ الإمام السجدة (¬7) ثم استيقظ الرجل بعد ذلك أنه ينبغي (¬8) له أن يسجد ثم يرفع رأسه فيصنع كما يصنع (¬9) الإمام وهو لم يسمع السجدة، فكذلك هذا. قلت: أرأيت إماماً صلى بقوم صلاة الخوف، فلما كان في الركعة الثانية أحدث، ومعه الطائفة الذين (¬10) لم يدركوا معه (¬11) أول الصلاة، كيف يصنع؟ قال: يقدم رجلاً منهم، فيصلي بهم (¬12) تلك الركعة، فإذا تشهد تنحى من غير أن يسلم، ثم انفتل القوم جميعاً، فقاموا بإزاء العدو، ويأتي (¬13) الطائفة الذين أدركوا (¬14) أول الصلاة، فيقضون ركعة وحداناً، فإذا فرغوا أتوا مقامهم، ثم يأتي (¬15) الطائفة (¬16) الذين (¬17) أدركوا الركعة الثانية، فيقضون (¬18) ركعة وحداناً. قلت: أرأيت إن كان الإمام الثاني لما تقدم (¬19) سها في صلاته كيف يصنع؟ قال: إذا فرغ من تلك الركعة تشهد، وتنحى ¬

_ (¬1) ح ي - السجدة. (¬2) ك م: التي؛ ح: اللذين. (¬3) ك م: التي. (¬4) ح ي: الأول الركعة. (¬5) ك ح ي: لم. (¬6) ح ي - ولم يسمعوها. (¬7) ح + وسجد؛ ي + وسجده. (¬8) م ح: أينبغي. (¬9) ي: صنع. (¬10) ك م: التي. (¬11) ي - معه. (¬12) ح ي - بهم. (¬13) ك م: وتأتي. (¬14) ك م: التي أدركت. (¬15) ك م: ثم تأتي. (¬16) ح ي - الطائفة. (¬17) ك م: التي. (¬18) ح: فيصلون. (¬19) ح ي - تقدم.

من غير أن يسلم ولا يسجد، فيقومون فيأتون مقامهم بإزاء العدو، وتأتي الطائفة الذين (¬1) أدركوا أول الصلاة، فيقضون ركعة وحداناً، فإذا تشهدوا وسلموا سجدوا سجدتي السهو، فإذا فرغوا جاءت الطائفة الذين (¬2) أدركوا الركعة الثانية، فيقضون ركعة وحداناً (¬3)، فإذا فرغوا وسلموا سجدوا سجدتي السهو. قلت: أرأيت إن حمل (¬4) العدو على الطائفة الأولى بعدما صلوا الركعة الأولى وقاموا (¬5) بإزائهم فقاتلوهم؟ قال: صلاتهم فاسدة، وعليهم أن يستقبلوا الصلاة. قلت: أرأيت إن كان العدو إنما (¬6) حملوا على الإمام وعلى من خلفه، والإمام ومن خلفه في الركعة الثانية، فقاتلوهم؟ قال: صلاة الإمام وصلاة من معه (¬7) وصلاة الذين صلوا (¬8) معه الركعة الأولى كلهم فاسدة. قلت: ولم (¬9)؟ قال: لأنه (¬10) إذا فسدت صلاة الإمام فسدت صلاة من خلفه والذين صلوا معه الركعة الأولى، وهم (¬11) خلف الإمام؛ ألا ترى أنهم يقضون الركعة بغير قراءة. قلت: لم أفسدت صلاة الإمام؟ قال: لأنه قَاتَلَ، والقتال عمل في الصلاة يفسدها. قلت: أرأيت رجلاً يخاف العدو فلا يستطيع النزول عن دابته، أيسعه أن يصلي على دابته وهي تسير (¬12) حيث توجهت (¬13)، يومئ إيماء ويجعل السجود أخفض من الركوع؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً (¬14) لا يستطيع أن يقوم من خوف العدو، فهل (¬15) يسعه أن يصلي قاعداً يومئ إيماء؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) ك م: التي. (¬2) ك م: التي. (¬3) ح + فإذا فرغوا جاءت الطائفة الذين أدركوا الركعة الثانية فيقضون ركعة وحداناً. (¬4) م + على. (¬5) ح ي: فقاموا. (¬6) ح ي: لما. (¬7) ح ي: خلفه. (¬8) ح - صلوا. (¬9) ك صح ي: لم. (¬10) صح: لأنهم. (¬11) م: وهو؛ ح - وهم؛ ي. هم. (¬12) م: وهو يشير؛ ح ي: وهو يسير. (¬13) ح ي + به. (¬14) ي: رجل. (¬15) م ي: وهل؛ صح: هل.

قلت: أرأيت القوم إذا كانوا يقاتلون العدو فحضرت الصلاة، هل يصلون وهم في تلك (¬1) الحال (¬2) يقتتلون (¬3)؟ قال: لا يصلون على تلك الحال (¬4)، ولكنهم يدعون الصلاة حتى ينصرف عنهم العدو. قلت: فإن قاتلهم العدو حتى ذهب وقت صلاة (¬5) أو صلاتين أو ثلاثة هل يكفون عن تلك (¬6) الصلاة؟ قال: نعم. قلت: فإذا انصرف عنهم العدو قضوا ما فاتهم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان العدو لا يقاتلونهم (¬7) حتى إذا دخلوا في الصلاة أقبل العدو نحوهم، فرماهم المسلمون بالنَّبْل والنُّشَاب (¬8)، هل يقطع هذا صلاتهم؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأن هذا عمل في الصلاة يفسدها، وهذا والمُسَايَفَة (¬9) سواء (¬10)، وعليهم أن يستقبلوا الصلاة. قلت: أرأيت الرجل يخاف السَّبُع (¬11) فلا يستطيع النزول عن دابته، هل يسعه (¬12) أن يصلي على دابته، يومئ إيماء، ويجعل السجود أخفض من الركوع حيث توجهت به دابته؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الهقوم يكونون بإزاء العدو وهم يخافون هل يصلون على الدواب جماعة كما وصفت لك؟ قال: لا (¬13). قلت: أرأيت الإمام إن صلى بطائفة (¬14) منهم وهم (¬15) على الأرض، فلما صلى بهم الركعة الأولى ¬

_ (¬1) ح ي: على تلك. (¬2) ح ي: الحالة. (¬3) ح: يقاتلون. (¬4) ح ي: الحالة. (¬5) ح ي: الصلاة. (¬6) ح ي - تلك. (¬7) م: العدو يقاتلوهم. (¬8) النَّبْل: السهام العربية، اسم مفرد اللفظ مجموع المعنى، وجمعه نِبال. والنُّشّاب التركية، الواحدة نُشَّابَة. انظر: المغرب، "نبل". ولم يذكر هذا التفريق في لسان العرب، "نشب". (¬9) ك م ط: والمسابقة. والمسايفة أي: المضاربة بالسيف. انظر: المغرب، "سيف". (¬10) م - سواء، ح ي - وهذا والمسايفة سواء. (¬11) ح ي: السباع. (¬12) ح ي: أيسعه. (¬13) ح ي - قلت أرأيت القوم يكونون بإزاء العدو وهم يخافون هل يصلون على الدواب جماعة كما وصفت لك قال لا. (¬14) ح ي: بالطائفة. (¬15) ح ي: وهو.

قامت (¬1) الطائفة الذين (¬2) معه فركبوا الخيل، ثم ساروا حتى وقفوا بإزاء العدو، هل تفسد (¬3) صلاتهم؟ قال: نعم، وهذا (¬4) عمل في (¬5) الصلاة يفسدها. قلت: فإن لم يركبوا ولكنهم مشوا مشياً؟ قال: صلاتهم تامة، والمشي لا يفسد (¬6) الصلاة هاهنا. قلت: من أين اختلف المشي والركوب؟ قال: لأن (¬7) المشي لا بد منه؛ لأنهم لا يستطيعون أن يقوموا (¬8) بإزاء العدو حتى يمشوا (¬9)، والركوب منه بُدّ (¬10). قلت: أرأيت إماماً صلى بالناس صلاة الخوف (¬11)، فأحدث في الركعة الأولى، فقدم رجلاً، كيف (¬12) يصلي بهم؟ قال: يصلي بهم كما يصلي الإمام الأول لو لم يحدث على ما وصفت لك. قلت: أرأيت إن تقدم (¬13) الإمام الثاني يصلي بالناس بعدما أحدث الإمام (¬14) الأول فقاتل (¬15) العدو هو والذين معه؟ قال: صلاته وصلاة القوم وصلاة الإمام الأول (¬16) فاسدة؛ لأن الثاني قد صار إماماً للأول (¬17). ألا ترى أن الأول يبني على صلاته وتجزيه قراءة هذا (¬18) الإمام الثاني، فإذا قاتل هذا الإمام الثاني فسدت (¬19) صلاتهم. قلت: أرأيت إماماً صلى بالناس صلاة الخوف والإمام مسافر، وطائفة من الناس مسافرون، وطائفة منهم مقيمون، كيف يصلي بهم؟ قال: يصلي ¬

_ (¬1) ح ي: قام. (¬2) ك م: التي. (¬3) ك: هل يفسد. (¬4) ح ي: هذا. (¬5) م: وهذا في عمل. (¬6) ح ي - قلت فإن لم يركبوا ولكنهم مشوا مشياً قال صلاتهم تامة والمشي لا يفسد. (¬7) ح ي - لأن. (¬8) ح ي: أن يقومون. (¬9) ح: يمشون. (¬10) ي - منه بد؛ صح هـ. البُدّ هنا بمعنى العوض. انظر: لسان العرب، "بدد". (¬11) ح ي - صلاة الخوف. (¬12) م - رجلاً كيف، صح هـ. (¬13) م: إن يقدم. (¬14) ح ي - الإمام. (¬15) صح ي: فقاتلوا. (¬16) ح ي - الأول. (¬17) ح ي: إمام الأول. (¬18) ح - هذا؛ صح هـ. (¬19) ح + الأول.

بالطائفة الأولى ركعة، ثم ينفتلون من غير أن يسلموا ولا يتكلموا، فيأتون حتى يقفوا بإزاء العدو، وتأتي (¬1) الطائفة الأخرى، فيصلي بهم ركعة أخرى، ويتشهد ويسلم، ثم ينفتلون من غير أن يسلموا ولا يتكلموا (¬2)، فيقفون (¬3) بإزاء العدو، ثم تأتي الطائفة الأولى، فمن كان منهم مسافراً قضى ركعة وتشهد وسلم (¬4)، ومن كان منهم مقيماً (¬5) قضى ثلاث (¬6) ركعات وتشهدوا وسلموا (¬7)، فإذا فرغوا من صلاتهم قاموا فوقفوا بإزاء العدو، وجاءت الطائفة الأخرى، فمن كان منهم مسافراً قضى ركعة وتشهد وسلم، ومن كان منهم مقيماً قضى ثلاث ركعات وتشهد وسلم (¬8). قلت: أرأيت إن كان الإمام نفسه مقيماً فصلى بهم؟ قال: يصلون أجمعون (¬9) صلاة المقيمين (¬10) كما وصفت لك (¬11) صلاة الخوف. قلت: أرأيت قوماً مُوَاقِفِي (¬12) العدو (¬13) لا يستطيعون أن ينزلوا عن دوابهم كيف يصنعون؟ قال: يصلون على دوابهم يومئون إيماء. قلت: فإن أمهم بعضهم فصلى بهم جماعة وهم على دوابهم (¬14) يومئون إيماء (¬15) هل تجزيهم صلاتهم (¬16)؟ قال: لا (¬17). قلت: فكيف يصلون؟ قال: يصلون ¬

_ (¬1) ي: وتأت. (¬2) م - فيأتون حتى يقفوا بازاء العدو وتأتي الطائفة الأخرى فيصلي بهم ركعة أخرى ويتشهد ويسلم ثم ينفتلون من غير أن يسلموا ولا يتكلموا؛ ح ي: أن يتكلموا ولا يسلموا. (¬3) ح ي: فيقفوا. (¬4) ح ي: ويتشهد ويسلم. (¬5) ي: مقيم. (¬6) ي: ثلث. (¬7) ح: ويتشهد ويسلم؛ ي: ويتشهدوا ويسلموا. (¬8) ح ي - فإذا فرغوا من صلاتهم قاموا فوقفوا بإزاء العدو وجاءت الطائفة الأخرى فمن كان منهم مسافراً قضى ركعة وتشهد وسلم ومن كان منهم مقيمأ قضى ثلاث ركعات وتشهد وسلم. (¬9) ح ي: أجمعين. (¬10) ح ي: المقيم. (¬11) ح ي + في. (¬12) ح ي: مواقفين. (¬13) ح ي + ثم. (¬14) ح + كيف يصنعون. (¬15) ك م - يومئون إيماء. (¬16) ح ي - هل تجزيهم صلاتهم. (¬17) ح ي + لا تجزيهم صلاتهم وعليهم أن يستقبلوا.

باب غسل الشهيد وما يصنع به

وحداناً (¬1) بغير إمام (¬2)، ويجعلون السجود أخفض من الركوع. قلت: أرأيت القوم يكونون في السفن (¬3) في البحر يقاتلون العدو كيف يصلون؟ قال: يصلون كما يصلون في البر. قلت: أرأيت القوم يخافون العدو فصلوا صلاة الخوف على ما وصفت لك ولم يعاينوا العدو؟ قال: أما الإِمام فتجزيه صلاته، وأما القوم فلا تجزيهم صلاتهم (¬4). قلت: فإن رأوا سوادا فظنوا أنه العدو (¬5) فصلوا صلاة الخوف على ما وصفت لك، فإذا ذلك السواد إبل أو بقر أو شاة (¬6)؟ قال: أما الإِمام فتجزيه (¬7) صلاته، وأما القوم فلا تجزيهم (¬8)؛ لأن مشيهم (¬9) واختلافهم عمل يقطع الصلاة. قلت: فإن كان ذلك السواد عدواً (¬10)؟ قال: صلاتهم جميعاً تامة. ... باب غسل (¬11) الشهيد وما يصنع به قلت: أرأيت الشهيد هل يغسل؟ قال: إذا قتل في المعركة لم يغسل، وإذا حمل من المعركة (¬12) فمات في بيته أو في أيدي الرجال غُسل، وحُنّط، وصُنع به ما يصنع بالميت من الكفن وغيره. قلت: فإذا قتل في المعركة هل يكفن؟ قال: يكفن في ثيابه التي عليه، غير أنه ينزع عنه ما كان عليه من السلاح (¬13) أو فرو أو حشو أو جلد أو خفين أو مِنْطَقَة أو قلنسوة، ¬

_ (¬1) ح ي + يومئون إيماء. (¬2) ح ي - بغير إمام. (¬3) ح: في السفر. (¬4) ح ي - صلاتهم. (¬5) ص ي: عدو. (¬6) ك: أو شياه؛ ح: إبلًا أو بقراً أو شياً؛ ي: إبلاً أو بقراً أو شاءً. (¬7) ح: فإنه يجزيه؛ ي: فإنه تجزيه. (¬8) ح: يجزيهم. (¬9) م: مشيتهم. (¬10) ي: عدو. (¬11) ح ي - غسل. (¬12) ح ي: عن المعركة. (¬13) ح ي: من سلاح.

ويحنّط (¬1) إن شاؤوا (¬2). قلت: فهل يزاد في كفنه شيء أو ينزع منه شيء؟ قال: إن أحبوا فعلوا. قلت: أرأيت من قتل في المعركة (¬3) بسلاح أو بعصا أو بحجر (¬4) أو قصبة أو غير ذلك أهو والذي يقتل بالسلاح سواء ولا يغسل (¬5)؟ قال: نعم. وقال (¬6) محمد: إذا وجد الرجل في المعركة وبه أثر جراحة (¬7) فهو شهيد ولا يغسل، وان لم يكن به أثر جراحة فهو (¬8) ميت ويغسل (¬9). وقال (¬10): إذا (¬11) خرج الدم من أنفه أو دبره أو ذكره (¬12) فإنه يغسل، وإذا (¬13) خرج من أذنه أو عينه (¬14) فإنه لا يغسل. قلت: أرأيت رجلاً قُطع عليه الطريق فقُتل دون ماله؟ قال: يصنع به ما يصنع بالشهيد. قلت: أرأيت من قتل في المصر بسلاح هل يغسل؟ قال: إذا قتل مظلوماً فهو بمنزلة الشهيد ولا يغسل. قلت: فمن قتل مظلوماً في المصر (¬15) بغير سلاح؟ قال: هذا (¬16) يغسل، ولا يشبه هذا عندي الذي يقتل بالسلاح أو في الحرب؛ ألا ترى أنه لا قصاص فيه وأن (¬17) على عاقلة قاتله الدية. قلت: أرأيت رجلاً قتل في المصر بسلاح في قصاص أو قتل وهو ظالم، عَدَا على قوم وكابَرَهم (¬18) فقتلوه، هل يغسل؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المرجوم في الزنى، والمقتص (¬19) منه بالقتل، والمحدود (¬20) ¬

_ (¬1) م: ويخيط. (¬2) ح ي: إن شاء. (¬3) ح: بالمعركة. (¬4) ح ي: أو عصا أو حجر. (¬5) ح ي - ولا يغسل. (¬6) قال. (¬7) ك م - جراحة. (¬8) ح ي فهذا. (¬9) م - ويغسل. (¬10) وقال - وقال. (¬11) ح ي: وإذا. (¬12) ح ي - أو ذكره. (¬13) ك: فإذا. (¬14) من عينيه أو أذنيه. (¬15) ح: بالمصر مظلوماً؛ ي: في العصر مظلوماً. (¬16) في - هذا. (¬17) ح ي: فإن. (¬18) ح ي: فكابرهم. (¬19) ح: المقتص؛ ي: أو المقتص؛ ي: أو المقتصر. (¬20) ح ي: والحدود.

الذي يموت تحت السياط، والذي يضرب في التعزير، هل يغسلون (¬1)؟ قال: نعم (¬2)، هؤلاء كلهم يغسلون، ويكفنون، ويحنطون (¬3) , وليس هؤلاء بمنزلة (¬4) ما وصفت لك؛ ألا ترى (¬5) أنهم (¬6) ماتوا في حق واجب عليهم. قلت: أرأيت الذي يأكله السبع، أو يتردى (¬7) من الجبل، أو يوجد (¬8) قتيلًا في القبيلة (¬9) لا يُدرَى مظلوم (¬10) هو أو ظالم، قتل (¬11) بسلاح أو غيره (¬12)، أو الذي (¬13) يسقط عليه الحائط، أو الذي (¬14) يموت في البئر، هل يغسل هؤلاء؟ قال: نعم، يغسل هؤلاء كلهم، ويصنع بهم ما يصنع بالموتى. قلت: أرأيت المحرم والمحرمة تموت (¬15)، هل يصنع بهما (¬16) ما يصنع بالميت الحلال من الكفن والحنوط والغسل ويغطى وجهه ورأسه؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأنه إذا مات فقد ذهب عنه إحرامه. قال (¬17): بلغنا ذلك عن عائشة (¬18)؛ ألا ترى (¬19) أنه يدفن، والدفن أشد من تغطية ¬

_ (¬1) ح ي: والذي يغرب في التغريب هل يغسلوا. (¬2) ح ي - نعم. (¬3) ح ي: ويحنطون ويكفنون. (¬4) ح ي - بمنزلة. (¬5): يرى. (¬6) ي: أنه. (¬7) ح ي: أو تردا؛ ي: أو تردى. (¬8) م: أو يؤخذ. (¬9) ح: في محلة. (¬10) ح ي: مظلوماً. (¬11) م: قبل. (¬12) ح ي + والذي يغرق. (¬13) ح ي: والذي. (¬14) ح ي: حائط والذي. (¬15) ح: يموت. (¬16) ح ي: به. (¬17) ح ي - قال. (¬18) قال الإِمام محمد بن الحسن: أخبرنا إسرائيل بن يونس قال حدثنا منصور عن إبراهيم النخعي عن الأسود بن يزيد قال سألت عائشة - رضي الله عنها- عن المحرم يموت، فقالت: إنما هو جسد، افعلوا به كما تفعلون بموتاكم. انظر: الحجة على أهل المدينة، 1/ 352 - 353. ورواه الإِمام أبو يوسف عن الإِمام أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن عائشة. انظر: الآثار لأبي يوسف، 112. وانظر: المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 303. (¬19) ح: يرى.

الوجه (¬1). قلت: أرأيت الطائفتين (¬2) يقتتلون، إحداهما باغية، والأخرى عادلة، كيف يُصنَع بأهل العدل بقتلاهم (¬3)؟ قال: يصنع بهم (¬4) ما يصنع (¬5) بالشهداء (¬6). قلت: أرأيت أهل الحرب يغيرون على القرية (¬7) من قرى الإِسلام، فيقتلون الرجال (¬8) والنساء (¬9) والولدان، هل يغسل أحد منهم؟ قال: أما الرجال والنساء (¬10) فلا يغسلون (¬11)، ويصنع بهم ما يصنع بالشهيد؛ لأن القتل كفارة. وأما الولدان الذين (¬12) ليست لهم (¬13) ذنوب يكفرها القتل فإنهم يغسلون. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف (¬14): أما أنا فأرى أن يصنع بالولدان ما يصنع بالشهداء (¬15) فلا يغسلون؛ لأنه (¬16) إذا (¬17) لم يكن لهم ذنوب فذلك أطهر (¬18) لهم وأحرى أن يكونوا شهداء. وهذا (¬19) قول محمد (¬20). قلت: أرأيت القتيل (¬21) يوجد (¬22) منه يد أو رجل ولا يوجد (¬23) منه بقية جسده (¬24) هل يغسل ويكفن ويصلى عليه؟ قال: لا. قلت: وكذلك من ¬

_ (¬1) ي: الوجوه. (¬2) ح ي: الطائفة. (¬3) ح ي - بقتلاهم. (¬4) م - يصنع بهم. (¬5) م: كما يصنع. (¬6) ح ي: بالشهيد. (¬7) ح ي: على أهل قرية. (¬8) ح ي - الرجال. (¬9) ح ي: النساء. (¬10) م - والولدان هل يغسل أحد منهم قال أما الرجال والنساء. (¬11) ي: فلا تغسل. (¬12) م ح ي - الذين. (¬13) ح ي: بهم. (¬14) ك م + ومحمد. (¬15) ح ي: بالشهيد. (¬16) ح ي: لأنهم. (¬17) م - إذا. (¬18) ك: أظهر. (¬19) ي: وهو. (¬20) ك م - وهو قول محمد. (¬21) ح - القتيل. (¬22) م: الغسل يؤخذ. (¬23) م: ولا يؤخذ. (¬24) ح ي: نفسه.

وجد (¬1) منه يدان أو رجلان (¬2) أو رأسه؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو وجد يداه ورجلاه (¬3) ولم يوجد (¬4) البدن؟ قال: نعم. قلت: فإن وجد أقل من نصف بدنه وليس معه رأس هل يغسل ويكفن ويصلى عليه؟ قال: لا. قلت: فإن وجد أقل (¬5) من (¬6) نصف البدن وفيه (¬7) الرأس هل يغسل ويكفن ويصلى عليه؟ قال: نعم (¬8). قلت: أرأيت إن وجد مشقوقاً نصفين طولاً (¬9) ووجد أحد (¬10) النصفين ولم يوجد الآخر هل يصلى عليه ويصنع به (¬11) ما يصنع بالميت؟ قال: لا. قلت: فإن وجد نصف البدن سواء (¬12) ليس معه رأس (¬13)؟ قال؛ لا يغسل، ولا يصلى عليه. قلت: أرأيت ما كان من هذا مما لا يصلى عليه (¬14) أيدفن (¬15)؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الشهيد الذي لا يغسل أيصلى عليه كما يصلى على الميت؟ قال: نعم، بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى على قتلى أحد (¬16). قلت: أرأيت أهل بيت (¬17) يسقط عليهم البيت فيموتون جميعاً وهم مسلمون، إلا أن (¬18) إنساناً واحداً فيهم (¬19) كافر (¬20) لا يعرف، ¬

_ (¬1) ح ي: لو وجد. (¬2) ح ي: يدين أو رجلين. (¬3) ك م - قال نعم قلت وكذلك لو وجد يديه ورجليه؛ ح ي: يديه ورجليه. (¬4) م: ولم يؤخذ. (¬5) ح ي - أقل. (¬6) في: منه. (¬7) ح ي: وعليه. (¬8) م - قال نعم. (¬9) ح - طولا. (¬10) ح ي: إحدى. (¬11) ح ي: بها. (¬12) ح: سوى. (¬13) ح ي - في النصف. (¬14) ح - عليه؛ صح هـ. (¬15) ح: أو يدفن. (¬16) سنن ابن ماجه، الجنائز، 28؛ وشرح معاني الآثار للطحاوي، 1/ 502 - 506؛ وسنن الدارقطني، 2/ 78، 4/ 118؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 308 - 313؛ والدراية لابن حجر، 1/ 243 - 244؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 2/ 117. (¬17) ح ي: أهل البيت. (¬18) ح ي - أن. (¬19) ح ي: منهم. (¬20) م - كافر، صح هـ.

فكيف (¬1) يصنع بهم؟ قال: يغسلون جميعاً ويحنطون ويكفنون (¬2) ويصلَّى عليهم، ويُنوَى الدعاءُ (¬3) للمسلمين، ولا يُنوَى الدعاء للكافرين (¬4). قلت: أرأيت الرجل المسلم يكون (¬5) في الموتى من الكفار لا يعرف أيهم المسلم، هل يصلى على أحد (¬6) منهم؟ قال: لا. قلت: من أين اختلفا؟ قال: إذا كانوا مسلمين فيهم (¬7) الكافر (¬8) أو الاثنان (¬9) استحسنت (¬10) الصلاة عليهم، وإذا (¬11) كانوا كفاراً (¬12) فيهم (¬13) مسلم واحد أو اثنان (¬14) لم أصل على واحد (¬15) منهم إلا أن أعرفه (¬16) بالإِسلام. قلت: أرأيت يد المسلم أو رجله (¬17) إذا وجدتها (¬18) لم لا تصلي (¬19) عليها؟ قال: لأنها ليست ببدن كامل، ولو صليتُ على يده ورجله (¬20) لصليتُ على سِنِّه (¬21) إذا وجدتها (¬22)، ولو وجدتُ (¬23) أيضاً يداً (¬24) مطروحة لم أدر (¬25) لعل صاحبها حي. قلت: فإن عَلمتَ أن صاحبها ميت هل تصلي (¬26) عليها (¬27)؟ قال: لا، لست أصلي (¬28) إلا على البدن. ¬

_ (¬1) ح ي: كيف. (¬2) ح ي: ويكفنون ويحنطون. (¬3) ك م: وينوي بالدعاء. (¬4) ك م: ولا ينوون الكافر بالدعاء. (¬5) م - يكون؛ ح: يكونون. (¬6) م: على واحد. (¬7) ح ي: منهم. (¬8) ح: الواحد؛ ي + واحد. (¬9) ح: والاثنين؛ ي: أو الاثنين؛ ح + كفار. (¬10) ح -: استحت. (¬11) ح ي: فإذا. (¬12) ح -: كفار. (¬13) ح ي: منهم. (¬14) ح - ي: أو اثنين. (¬15) ح ي: لم يصلي على أحد. (¬16) ح -: أن عرفه. (¬17) ح ي: ورجله. (¬18) ك م: إذا وجدناها؛ ح: إذا وجدها. (¬19) م: لانصلي، ي: لايصلي. (¬20) ح ي: على يديه ورجليه. (¬21) ح: على رأسه؛ ي: على رأسها. (¬22) ك م: إذا وجدتها. (¬23) ح ي - ولو وجدت. (¬24) ح - يدا. (¬25) ي: لم أدري. (¬26) ي: هل يصلى. (¬27) م: عليه. (¬28) ح ي + عليها.

قلت: أرأيت رجلاً (¬1) مات (¬2) فلم يُدْرَ (¬3) أمسلم هو (¬4) أم كافر (¬5) هل (¬6) يغسل ويصلى عليه؟ قال (¬7): إن كان في مصر من أمصار المسلمين (¬8) أو مدينة من مدائنهم أو قرية من قراهم وكان عليه سِيمَا (¬9) المسلمين غسل (¬10) وصلي (¬11) عليه، وإن كان في قرية من قرى (¬12) الكفار (¬13) وليس عليه سيما المسلمين لم يغسل (¬14) ولم يصل عليه. قلت: أرأيت رجلاً مسلماً (¬15) هل يَغسل أباه وهو كافر؟ قال: نعم. قلت (¬16): وكذلك كل ذي رحم محرم منه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل (¬17) المسلم هل يدفن أباه وهو كافر؟ قال: نعم (¬18). قلت: فإن كان الميت هو الابن وهو مسلم وأبوه كافر، هل يدخل أبوه مع المسلمين في (¬19) القبر (¬20)؟ قال: أكره له (¬21) ذلك. قلت: أرأيت حمل الجنازة والمشي بها كيف هو؟ قال: حملها من جوانبها الأربع، يبدأ بالأيمن (¬22) المقدم ثم الأيمن المؤخر ثم الأيسر المقدم ثم الأيسر المؤخر. قلت: فإذا حملت (¬23) جانب السرير الأيسر فذلك يمين (¬24) الميت؟ قال: نعم. قلت: فالمشي؟ قال: ليس في المشي شيء موقَّت، غير أن العجلة أحب إلى من الإبطاء بها. قلت: أرأيت المشي ¬

_ (¬1) ي: رجل. (¬2) ي - مات. (¬3) ح ي: يدرا. (¬4) في - هو. (¬5) ي + قال. (¬6) ح: قال، ي - هل. (¬7) ي - قال. (¬8) ح: من أمصارهم. (¬9) السِّيما والسِّيماء، أي: العلامة. انظر: لسان العرب, "سوم". (¬10) ح - غسل. (¬11) ح: صلي. (¬12) ك ح ي - أهل. (¬13) ح ي: الذمة. (¬14) م - لم يغسل، صح هـ. (¬15) ي: رجل مسلم. (¬16) م - قلت. (¬17) ح - أرأيت الرجل؛ ي - الرجل. (¬18) م - قلت أرأيت الرجل المسلم هل يدفن أباه وهو كافر قال نعم. (¬19) ح ي - في. (¬20) ح: للقبر. (¬21) ح ي - له. (¬22) ح ي: بيد الأيمن. (¬23) ح: حمل. (¬24) م: بمنزلة.

قدامها؟ قال: لا بأس بذلك، والمشي (¬1) خلفها أحب إلى. قلت: أرأيت رجلاً (¬2) سبق جنازة ثم قعد ينتظرها، أو يكون على دابة فيسبقها (¬3) ثم يقف فينتظرها (¬4)؟ قال: المشي والسير (¬5) معها أحب إلي. قلت: أرأيت الجنازة إذا انتهي بها إلى القبر (¬6) أتَكره (¬7) للقوم أن يجلسوا قبل أن يوضع (¬8) الميت (¬9) في اللحد؟ قال: إذا وضعت الجنازة على الأرض (¬10) فلا بأس بالجلوس. قلت: لم؟ قال: أرأيت لو انتهي بها إلى القبر ولم تُلحَد (¬11) بعد (¬12) ولم يفرغ منه أيقوم القوم حتى يفرغ من اللحد وغيره؟ قلت: لا (¬13). قال (¬14): فليس هذا بشيء، ولا (¬15) بأس بالجلوس إذا وضعت (¬16) بالأرض، وإنما أكره الجلوس قبل أن توضع عن مناكب (¬17) الرجال بالأرض. قلت: أرأيت الصلاة على الجنازة بالجَبّانة (¬18) وفي الدُّور أهو سواء؟ قال: أي (¬19) ذلك فعلوا فهو حسن (¬20). قلت: أرأيت الرجل يغسل الميت أيغتسل نفسُه (¬21)؟ قال: لا. قلت: فإن أصابه من ذلك الماء شيء؟ قال: يغسله. ¬

_ (¬1) ح ي: المشي. (¬2) ي: رجل. (¬3) ح ي: على دابته فسبقها. (¬4) ح ي: ينتظرها. (¬5) ح ي: والمسير. (¬6) ي - إلى القبر؛ صح هـ. (¬7) م: أيكره. (¬8) م: أن توضع. (¬9) م - الميت. (¬10) ح ي: بالأرض. (¬11) ي: يلحد. (¬12) ح ي - بعد. (¬13) ح ي - لا. (¬14) ح ي - قال. (¬15) ح ي: فلا. (¬16) ح ي + الجنازة. (¬17) ح ي: من على مناكب. (¬18) ح ي: في الجبانة. أي: في المصلى خارج المدينة. وقد تقدم. (¬19) م: بأي. (¬20) ك: فعلوا فحسن؛ ح ي: فعل فحسن. (¬21) ح ي - نفسه.

باب غسل الميت من الرجال والنساء

قلت: أرأيت جنازة الصبي هل تكره أن تُحمل على الدابة (¬1)؟ قال: تحملها الرجال أحب إلى. قلت: أرأيت المولود (¬2) الذي يولد ميتًا هل يغسل ويصلى عليه؟ قال: لا. قلت: فإن ولد حياً ثم مات؟ قال: يصنع به ما يصنع بالميت (¬3). قلت: وكذلك لو كان غير تام؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل الجنب يقتل شهيداً هل يغسل؟ قال: نعم؛ لأن الأثر جاء بأن الملائكة غسلت حنظلة (¬4). ولم يغسل (¬5) أحد (¬6) ممن قتل يومئذ غير ذلك (¬7)؛ لأن حنظلة كان جنباً. وهو قول أبي حنيفة (¬8). وأما (¬9) قول أبي يوسف ومحمد (¬10) فإنه لا يغسل جنباً كان أو غير جنب؛ لأن بني آدم لم تغسل حنظلة. ... باب غسل الميت من الرجال والنساء قلت: أرأيت الميت (¬11) كيف يغسل (¬12)؟ قال: حدثنا أبو يوسف عن أبي (¬13) حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال (¬14): يجرد الميت، ويوضع ¬

_ (¬1) ح ي: على دابته. (¬2) ي: المولد. (¬3) ح: بالموتى. (¬4) السيرة النبوية لابن هشام، 14/ 22 - 23؛ وصحيح ابن حبان، 15/ 495؛ والمستدرك للحاكم، 3/ 225؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 4/ 15؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 315؛ والدراية لابن حجر، 1/ 244. (¬5) م: ولم تغسل. (¬6) ح ي: أحداً. (¬7) ح ي: غيره؛ ح + وذلك. (¬8) ح ي - وهو قول أبي حنيفة. (¬9) ح ي + في. (¬10) ح ي: وقولنا. (¬11) م: المرأة. (¬12) م: تغسل. (¬13) ح ي - يوسف عن أبي. (¬14) ح ي: أنه كان يقول.

على تَخْت (¬1)، ويطرح على عورته خرقة. ثم يوضأ وضوءه للصلاة، فيبدأ (¬2) بميامنه، ولا يُمَضْمَض، ولا يُنْشَق (¬3). ثم يغسل رأسه ولحيته بالخطمي، ولا يسرح. ثم يوضع (¬4) على شقه الأيسر، فيغسل بالماء القَرَاح (¬5) حتى ينقيه ويرى أن الماء قد خلص إلى ما يلي التَّخْت منه. وقد أَمَرْتَ قبل ذلك بالماء فأغلي بالسدْر، فإن لم يكن سِدْر فحُرُض (¬6)، فإن لم يكن واحد منهما أجزأك (¬7) الماء القَرَاح. ثم تضجعه (¬8) على شقة الأيمن (¬9)، فتغسله (¬10) بذلك الماء حتى تنقيه وترى (¬11) أن (¬12) الماء قد خلص إلى ما يلي التخت منه (¬13). ثم تقعده (¬14) فتسنده إليك (¬15)، فتمسح بطنه مسحاً رفيقاً، فإن سال منه شيء غسلته (¬16). ثم أضجعه (¬17) على شقه الأيسر، فاغسله (¬18) بالماء القَراح حتى تنقيه وترى (¬19) أن الماء قد خلص إلى ما يلي التخت منه. ثم تنشفه (¬20) في ثوب. وقد أَمَرْتَ قبل ذلك بأكفانه وسريره فأُجْمِرَتْ (¬21) وتراً. ثم تبسط اللِّفَافة بسطًا (¬22)، وهي الرداء طولاً. ثم تبسط (¬23) الإزار عليها ¬

_ (¬1) التَّخْت: وعاء تصان فيه الثياب. انظر: لسان العرب، "تخت". (¬2) ح ي: ويبدأ. (¬3) م ح ي: ولا يستنشق. أنشقته الدواء في أنفه، أي: صببته فيه. انظر: لسان العرب، "نشق". (¬4) ح ي: ثم يضجعه. (¬5) القَرَاح هو الخالص من الماء الذي لم يخالطه كافور ولا حنوط ولا غير ذلك. انظر: المصباح المنير، "قرح". (¬6) الحُرُض هو الأُشْنَان. انظر: القاموس المحيط، "حرض". (¬7) ح: أجزأه؟ ح ي - في. (¬8) م ي: ثم يضجعه. (¬9) ح الأيمن. (¬10) م: فيغسله. (¬11) ك م ي: ويري. والتصحيح من ج. (¬12) ح - ذلك. (¬13) ح - منه. (¬14) م: ثم يقعده. (¬15) ح: فيسنده إليه. (¬16) ح: مسحه؛ ي: مسحته. (¬17) ح: ثم يضجعه؛ ي: ثم أضجعته. (¬18) ح: فيغسله. (¬19) ي: ويري. (¬20) م: ثم ينشفه. (¬21) ح: فيجمر؛ ي: فأجمر. (¬22) م: بسيطا. (¬23) م ي: ثم يبسط.

طولاً (¬1)، فإن كان له قميص ألبسته (¬2) إياه، وإن (¬3) لم يكن له قميص لم يضره (¬4). ثم تضع (¬5) الحنوط في رأسه ولحيته (¬6)، وتضع (¬7) الكافور على مساجده (¬8)، وإن (¬9) لم يكن كافور لم يضره. ثم تعطف (¬10) الإزار (¬11) عليه من قبل (¬12) شقه الأيسر على رأسه وسائر جسده. ثم تعطفه (¬13) من قبل شقه الأيمن كذلك (¬14). ثم تعطف (¬15) اللفافة عليه (¬16) وهي الرداء كذلك، فإن (¬17) خفت أن تنتشر (¬18) عليه أكفانه (¬19) عقدته (¬20). ثم تجعله (¬21) على سريره. ولا يُتْبَع بنار إلى قبره، فإن ذلك يُكرَه، أن يكون آخرَ زاده (¬22) من الدنيا نارٌ (¬23) يُتْبَع بها إلى قبره (¬24). فإذا (¬25) انتهى به (¬26) إلى القبر فلا يضر (¬27) وتر دخله أو شفع. فإذا وضعه (¬28) في اللحد قال (¬29): بسم الله (¬30)، وعلى ملة رسول الله (¬31). قلت: فمن قبل القبلة يُدخَل أو يُسَلّ سَلًّا (¬32)؟ قال: بل يُدخَل مِن ¬

_ (¬1) ح - ثم تبسط الإزار عليها طولاً. (¬2) ح ي: ألبسه. (¬3) ك ح: فإن. (¬4) ح ي - ذلك. (¬5) م: ثم يضع؛ ح ي: ثم يوضع. (¬6) ك ح ي: في لحيته ورأسه. (¬7) م: ويضع؛ ح ي: ويوضع. (¬8) م: في مساجده. (¬9) ح: فإن. (¬10) م ح ي: ثم يعطف. (¬11) م: الإزرار. (¬12) ح ي - قبل. (¬13) م ي: ثم يعطفه. (¬14) ح ي - كذلك. (¬15) م ي: ثم يعطف. (¬16) ح ي - عليه. (¬17) ح: إن. (¬18) ح ي: أن ينتشر. (¬19) ح ي - أكفانه. (¬20) ح ي: عقده. (¬21) ح ي: ثم تحمله. (¬22) م: رداه. (¬23) ح ي: بنار. (¬24) ح - إلى قبره. (¬25) ح: فإن. (¬26) ح ي - به. (¬27) ح ي: يضره. (¬28) ح ي: وضع. (¬29) ح ي: قالوا. (¬30) ح ي + وبالله. (¬31) روى المؤلف بعضه في الآثار له، 44. ورواه الإِمام أبو يوسف قريباً مما هنا. انظر: الآثار لأبي يوسف، 76 - 77. (¬32) يقول السرخسي: والسنة عندنا أن يُدخَل مِن قِبَل القبلة، يعني: توضع الجنازة في=

قِبَل القبلة. قلت: ويلحد له ولا يشق؟ قال: نعم. قلت: فأي شيء يجعل (¬1) على لحده؟ قال: اللبن والقصب (¬2). قلت: فهل تَكره (¬3) الآجُرّ (¬4)؟ قال: نعم. قلت: فهل تَكره (¬5) أن يسجّى القبر بثوب حتى يفرغ من اللحد؟ قال: أما إذا كانت امرأة فلا بأس بذلك، وهكذا ينبغي لهم أن يصنعوا، وأما إذا كان رجلاً (¬6) فلا يضرهم أن لا يسجّى القبر، فإن فعلوا لم يضرهم. قلت: أرأيت القبر أيُرَبَّع (¬7) أم يُسَنَّم (¬8)؟ قال: بل يسنم ولا يربع. قلت: أرأيت القبر هل تَكره (¬9) أن يجصّص؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الصلاة على الميت من أحق بها (¬10)؟ قال: إمام الحي أحق بالصلاة عليه (¬11). قلت: فإن لم يكن (¬12) إمام (¬13)؟ قال: الأب (¬14) أحق (¬15) من غيره. قلت: فالابن والأخ والأب؟ قال: الأب أحق من هؤلاء. قلت: فابن العم أحق بالصلاة على المرأة أم زوجها؟ قال (¬16): ابن العم أحق من الزوج إذا لم يكن لها منه (¬17) ابن. قلت: فكيف الصلاة على الميت؟ قال: إذا وضعت الجنازة تقدم الإِمام واصطف القوم خلفه، فكبر الإِمام تكبيرة ورفع (¬18) يديه، ويكبر القوم ¬

_ = جانب القبلة من القبر ويحمل منه الميت فيوضع في اللحد. وقال الشافعي - رضي الله عنه -: السُّنَّة أن يُسَلّ إلى قبره، وصفة ذلك أن الجنازة توضع على يمين القبلة ثم يؤخذ برجله فيُحمَل إلى القبر فيُسَلّ جسده سَلًّا. انظر: المبسوط، 2/ 61. (¬1) م: تجعل. (¬2) ح ي: أو القصب. (¬3) ك ي: يكره. (¬4) ك: للآجر. (¬5) ك: يكره. (¬6) ي: رجل. (¬7) ك م ح: يربع. تربيع الشيء هو جعله مُرَبَّعاً. انظر: القاموس المحيط، "ربع". (¬8) م ح ي: أو يسنم. وسَنّمت القبر تسنيماً إذا رفعته عن الأرض كسَنَام البعير. انظر: المصباح المنير للفيومي، "سنم". (¬9) م ي: هل يكره؛ ي - له. (¬10) ح ي: به. (¬11) ي - أحق بالصلاة عليه. (¬12) ح + للحي. (¬13) ي + الحي. (¬14) ح ي: فالأب. (¬15) ح ي + به. (¬16) ك+ بل. (¬17) ح ي - منه. (¬18) ح: ويرفع.

معه (¬1) ويرفعون (¬2) أيديهم، ثم يحمدون الله تعالى ويثنون (¬3) عليه. ثم يكبر الإِمام التكبيرة الثانية ويكبر القوم (¬4) ولا يرفعون أيديهم (¬5)، ويصلون (¬6) على النبي صلى الله عليه وسلم. ثم (¬7) يكبر الإِمام التكبيرة الثالثة (¬8) ويكبر القوم معه ولا يرفعون أيديهم، ثم يستغفرون (¬9) للميت ويشفعون له. ثم يكبر الإِمام التكبيرة الرابعة ويكبر القوم معه (¬10) ولا يرفعون أيديهم (¬11)، ثم يسلم الإِمام عن يمينه وشماله (¬12) ويسلم القوم كذلك. وكان ابن أبي ليلى يكبر على الجنائز خمساً (¬13). قلت: فهل يجهرون بشيء من التحميد والثناء والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - والدعاء للميت؟ قال؛ لا يجهرون بشيء من ذلك، ولكنهم يخفونه في أنفسهم. قلت: فهل يقرأ الإِمام ومن خلفه بشيء من القرآن؟ قال: لا يقرأ الإِمام ولا من خلفه بشيء من القرآن. قلت: أرأيت إذا اجتمعت الجنائز فكانوا (¬14) رجالًا كلهم كيف (¬15) يوضعون (¬16)؟ قال: إن شاؤوا وضعوهم (¬17) صفاً واحداً، وإن شاؤوا وضعوهم (¬18) واحداً خلف (¬19) واحد أمام الإِمام (¬20). قلت (¬21): وكذلك لو كانت (¬22) الجنائز (¬23) نساء كلهن (¬24)؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن ¬

_ (¬1) ي - معه. (¬2) ح: ولا يرفعون. (¬3) م: وتثنون. (¬4) ح ي + معه. (¬5) ح - ولا يرفعون أيديهم. (¬6) ح ي: ثم يصلون. (¬7) م - ثم. (¬8) م: الثانية. (¬9) م: ويستغفرون. (¬10) م - معه. (¬11) ح - ثم يستغفرون للميت ويشفعون له ثم يكبر الإِمام التكبيرة الرابعة ويكبر القوم معه ولا يرفعون أيديهم؛ صح هـ. (¬12) ي: وعن شماله. (¬13) ح ي - وكان ابن أبي ليلى يكبر على الجنائز خمساً. (¬14) ح: وكانوا. (¬15) ك م - كيف. (¬16) ح ي: يوضعوا. (¬17) ح: وضعو بهم. (¬18) ي: وضعوا. (¬19) ح: خلفه. (¬20) م: الأول؛ ح - واحد أمام الإِمام؛ ي - أمام الإِمام. (¬21) م - قلت. (¬22) ح: لو كانوا. (¬23) ح ي - الجنائز. (¬24) ك م ح ي: كلهم.

كانت (¬1) الجنائز رجالاً ونساءً؟ قال: يوضع (¬2) الرجال مما يلي الإِمام، رجل (¬3) خلف رجل، وتوضع (¬4) النساء خلف الرجال مما يلي القبلة، امرأة خلف امرأة. قلت: أرأيت إذا اجتمع غلام وامرأة؟ قال: يوضع الغلام مما يلي الإِمام، والمرأة خلفه مما يلي القبلة. قلت: فإذا أراد الإِمام أن يصلي على الجنازة أين يكون مقامه من الجنازة (¬5)؟ قال: أحسن ذلك أن يقوم بحذاء صدر الميت. قلت: فإن قام في غير (¬6) ذلك المكان؟ قال: يجزيه. قلت: أرأيت رجلاً شهد جنازة وهو على غير وضوء، أو كان (¬7) على وضوء ثم أحدث، كيف يصنع (¬8)؟ قال: يتيمم ويصلي مع القوم (¬9). قلت: فإن كان قريباً من الماء وهو يقدر على الماء، غير أنه يخاف إن ذهب يتوضأ سبقه (¬10) الإِمام بالصلاة عليها؟ قال: يتيمم ويصلي عليها معهم. قلت: فإن كان لا يخاف أن يسبقه الإِمام بالصلاة عليها (¬11)؟ قال: يذهب فيتوضأ ثم يصلي عليها. قلت: فإن كان في العصر وكان (¬12) على غير وضوء أو كان على وضوء (¬13) فلما كبر تكبيرة أو تكبيرتين أحدث كيف يصنع؟ قال: يتيمم مكانه ويصلي مع القوم (¬14) بقية صلاته. قلت: لم وهو في العصر؟ قال: لأنه إذا صلى (¬15) القوم على الجنازة وفرغوا لم يستطع (¬16) هو (¬17) أن يصلي عليها بعدهم، وليست هذه كالصلاة المكتوبة والتطوع. قلت: أرأيت إماماً صلى على جنازة فكبر تكبيرة أو تكبيرتين، ثم جاء ¬

_ (¬1) ح ي: قلت وكذلك لو كانت. (¬2) ك م: توضع. (¬3) ح ي: رجلاً. (¬4) ي: ويوضع. (¬5) ح ي: مع الجنازة (¬6) ح ي: من غير. (¬7) م: وكان. (¬8) م - كيف يصنع. (¬9) ح ي: مع الإِمام. (¬10) ك: يسبقه. (¬11) ح ي - عليها. (¬12) ح: وهو. (¬13) م - أو كان على وضوء. (¬14) ح ي: مع الإِمام. (¬15) ك م - مع. (¬16) ح ي: لم يستطيع. (¬17) ح ي - هو.

رجل فدخل معه في الصلاة (¬1)، أيكبر الرجل حين يدخل، أم ينتظر حتى يكبر الإِمام (¬2)؟ قال: بل ينتظر حتى يكبر الإِمام، فإذا كبر الإِمام كبر (¬3) معه (¬4)، فإذا سلم الإِمام قضى ما بقي عليه قبل أن ترفع (¬5) الجنازة. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: أما أنا فأرى أن يكبر الرجل حين يدخل في الصلاة ولا ينتظر الإِمام؛ لأن الإِمام في الصلاة. قلت: أرأيت إماماً (¬6) صلى على جنازة وفرغ وسلم وسلم (¬7) القوم (¬8)، ثم جاء (¬9) آخرون بعد فراغ الإِمام من الصلاة (¬10)، أيصلون عليها جماعة أم وحداناً (¬11)؟ قال: لا يصلون (¬12) عليها (¬13) جماعة ولا (¬14) وحداناً. قلت: أرأيت إماماً (¬15) صلى على جنازة فكبر (¬16) تكبيرة واحدة وكبر معه القوم، ثم أتي بجنازة أخرى فوضعت معها، ودخل الذين جاؤوا بها مع القوم في صلاتهم، كيف يصنع الإِمام والقوم؟ قال: إذا فرغ الإِمام والذين كانوا معه من الصلاة على الجنازة الأولى قضى الذين جاؤوا بالجنازة الثانية ما بقي عليهم من تكبير الجنازة الأولى (¬17)، ثم يستقبل الإِمام والقوم جميعاً الصلاة على الجنازة الثانية، ولا يحتسبون بما كبروا على الجنازة الأولى. قلت: لم؟ قال: لأنهم افتتحوا الصلاة على الجنازة الأولى فلا (¬18) يستطيعون أن يدخلوا معها جنازة (¬19) أخرى (¬20) جاءت بعد ذلك. قلت: فإن افتتح ¬

_ (¬1) ح - في الصلاة. (¬2) ح ي - حتى يكبر الإِمام. (¬3) ح - كبر. (¬4) ح: تبعه. (¬5) م: أن يرفع. (¬6) ح ي: الإِمام. (¬7) ي - وسلم. (¬8) ح - وسلم القوم. (¬9) ح ي + قوم. (¬10) ح ي - من الصلاة. (¬11) ك ح ي: أو وحداناً. (¬12) ك: لا يصلوا. (¬13) ح ي - عليها. (¬14) ح ي + يصلون. (¬15) ي: إمام. (¬16) ح: وكبر. (¬17) ح ي - قضى الذين جاؤوا بالجنازة الثانية ما بقي عليهم من تكبير الجنازة الأولى. (¬18) ح ي: ولا. (¬19) ح ي - جنازة. (¬20) م + جنازة؛ ح - أخرى.

الإِمام والقوم الصلاة على الجنازة الثانية فكبروا تكبيرة أو تكبيرتين، ثم أتي بجنازة أخرى فوضعت مع الثانية (¬1) ودخل القوم مع الإِمام (¬2) في الصلاة؟ قال: يتم الإِمام الصلاة على الجنازة الثانية والقوم، فإذا سلم (¬3) قضى الذين جاؤوا بالجنازة الثالثة (¬4) ما بقي عليهم من التكبير على الجنازة الثانية، ثم يستقبل الإِمام والقوم جميعاً الصلاة (¬5) على الجنازة الثالثة. قلت: أرأيت الصلاة على الجنازة عند غروب الشمس أو عند طلوع الشمس أو نصف النهار هل تَكره (¬6) ذلك؟ قال: نعم، أكرهه (¬7). قلت: فإن فعلوا وصلوا عليها هل عليهم أن يعيدوا الصلاة؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن صلوا عليها (¬8) بعد طلوع الفجر أو بعد العصر قبل أن تتغير (¬9) الشمس؟ قال: لا أكره ذلك، وصلاتهم (¬10) تامة. قلت: وكذلك لو صلوا (¬11) عليها بعد الفجر قبل طلوع الشمس؟ قال: نعم. قلت: أرأيت هاتين الساعتين أهما ساعتا (¬12) صلاة (¬13)؟ قال: ليستا بساعَتَيْ صلاة تطوع (¬14)، فأما صلاة مكتوبة أو صلاة على جنازة أو سجدة فلا بأس أن يقضيها الرجال (¬15) والنساء (¬16) في هاتين الساعتين. قلت: أرأيت القوم تغرب لهم الشمس وهم يريدون أن يصلوا على جنازة أيبدؤون (¬17) بالمغرب أم بالصلاة على الجنازة (¬18)؟ قال: بل يبدؤون (¬19) بالمغرب؛ لأنها أوجبهما (¬20) عليهم، ثم يصلون على الجنازة. ¬

_ (¬1) ح ي: في الثانية. (¬2) ح ي: معه. (¬3) م - سلم؛ ح ي: سلموا. (¬4) ح ي: الثانية. (¬5) ح - جميعاً الصلاة؛ ي - الصلاة. (¬6) م ي: هل يكره. (¬7) ح ي - أكرهه. (¬8) ح ي - هل عليهم أن يعيدوا الصلاة قال لا قلت أرأيت إن صلوا عليها. (¬9) ح: أن تغرب؛ ي: أن تغير. (¬10) ي: وصلاته. (¬11) ح ي: إن صلوا. (¬12) ك م ي: ساعتي. (¬13) ح ي: الصلاة. (¬14) ح ي: ساعتي الصلاة تطوعاً. (¬15) ح ي: الرجل. (¬16) ح ي - والنساء. (¬17) ح ي: أيبتدئون. (¬18) ح ي: أو يصلون على جنازة. (¬19) ح ي: بل يبتدئون. (¬20) ح ي: أوجبها.

قلت: أرأيت إماماً صلى على جنازة ومعه جماعة (¬1) والإمام على غير وضوء أو هو (¬2) جنب؟ قال: عليهم أن يعيدوا الصلاة. قلت: فإن كان إمامهم متوضئاً (¬3) وكان بعضهم على غير وضوء أو كان (¬4) من خلفه كلهم على غير وضوء (¬5)؟ قال: لا يعيدون الصلاة عليها. قلت: لم؟ قال: لأن إمامهم قد صلى عليها فلا يعيدون الصلاة عليها. قلت: أرأيت قوماً صلوا على جنازة فأخطأوا (¬6) بالرأس فجعلوه في موضع الرجلين (¬7) حتى فرغوا من الصلاة عليها؟ قال: يجزيهم. قلت: فإن فعلوا ذلك عمداً؟ قال: قد (¬8) أساؤوا، وصلاتهم تامة. قلت: أرأيت قوماً صلوا (¬9) على جنازة فأخطأوا (¬10) القبلة (¬11)، فصلوا عليها (¬12) لغير القبلة حتى فرغوا من صلاتهم؟ قال: صلاتهم تامة. قلت: فإن تعمدوا ذلك؟ قال: يستقبلون الصلاة عليها. قلت: أرأيت القوم يدفنون الميت ونسوا الصلاة عليه (¬13)؟ قال: يصلون عليه وهو في القبر (¬14) كما يصلون على الجنازة. وقال أبو يوسف: يصلى على القبر في ثلاث، فإذا مضت ثلاثة لم يصل عليه (¬15). قلت: أرأيت قوماً أرادوا الصلاة على الجنازة ومعهم نساء أين تصف (¬16) النساء؟ قال: من وراء (¬17) صفوف الرجال. قلت: أرأيت إن قامت ¬

_ (¬1) ك ح ي: ومعه قوم. (¬2) ح ي - هو. (¬3) ح ي: متوضي. (¬4) م: وكان. (¬5) ح ي - أو كان من خلفه كلهم على غير وضوء. (¬6) ح ي - القبلة. (¬7) ح ي: رجلين. (¬8) ح ي - قد. (¬9) ح ي - جماعة. (¬10) ح: وأخطأوا. (¬11) ح ي - القبلة. (¬12) ح ي: فيها. (¬13) ح ي - عليه. (¬14) ح ي + بإمام. (¬15) ح ي - وقال أبو يوسف يصلى على القبر في ثلاث فإذا مضت ثلاثة لم يصل عليه. (¬16) م: يصف؛ ح: يقفن؛ ي: يقف. (¬17) ح ي: قال خلف.

امرأة معهم (¬1) في الصف أو قامت بحذاء الإِمام فصلت معهم؟ قال: صلاتهم جميعاً (¬2) تامة. قلت: لم؟ قال: لأن هذه (¬3) الصلاة (¬4) ليست كالصلاة المكتوبة (¬5)؛ ألا ترى لو أن رجلاً قرأ السجدة فسجدتها (¬6) امرأة معه أنها لا تفسد (¬7) عليه، فكذلك هذا. قلت: أرأيت إماماً صلى على جنازة فلما (¬8) كبر تكبيرة أو تكبيرتين (¬9) ضحك الإِمام (¬10) حتى قهقه؟ قال: صلاتهم فاسدة، وعليهم أن يستقبلوا الصلاة (¬11). قلت: فهل يعيد (¬12) الوضوء من قهقه منهم؟ قال: لا. قلت: وكذلك لو أن الإِمام تكلم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت قوماً صلوا على الجنازة (¬13) وهم ركوب أو هم (¬14) قعود؟ قال: أما في القياس فإنه يجزيهم، ولكني (¬15) أدع القياس وأستحسن فآمرهم (¬16) بالإعادة. قلت: أرأيت رجلاً (¬17) مات في سفره (¬18) ومعه نساء ليس معهن رجل هل تغسله إحداهن؟ قال: إن كانت فيهن امرأته غسلته، وإن لم تكن (¬19) فيهن امرأته لم يغسلنه (¬20). قلت: ولم تغسله امرأته؟ قال: لأنها في عدة منه؛ ألا ترى أنه لا يحل أن تتزوج ما دامت في عدة منه (¬21). ¬

_ (¬1) ح: معهن. (¬2) ي - جميعاً؛ صح هـ. (¬3) ك م - هذه. (¬4) لام التعريف للعهد، أي: صلاة الجنازة, (¬5) ك م: كصلاة مكتوبة. (¬6) ح ي: فسجدها؛ ح + وسجدت؛ ي + وسجد. (¬7) ك م: أنه لا يفسد. (¬8) ح: ثم. (¬9) ح ي - ثم. (¬10) ح ي - الإمام. (¬11) ح ي - الصلاة. (¬12) ي: يعيدوا. (¬13) ح ي: على جنازة. (¬14) م - هم. (¬15) ح ي: ولكن. (¬16) ح ي: وآمرهم. (¬17) ي: رجل. (¬18) ي: في سفر. (¬19) ك: لم يكن. (¬20) ح: لم تغسله. (¬21) ح ي - ألا ترى أنه لا يحل أن تتزوج ما دامت في عدة منه.

قلت (¬1): وكذلك لو كانت (¬2) المرأة لم يدخل بها؟ قال: نعم، دخل بها أو لم يدخل بها (¬3) فهو سواء. قلت: فإن لم يكن فيهن امرأته ولكن كانت فيهن (¬4) أخته أو أمه (¬5) أو خالته أو عمته؟ قال: لا تغسله واحدة (¬6) ممن (¬7) ذكرت، ولا تنظر (¬8) إلى عورته، ولكنها تيممه بالصعيد كما وصفت لك التيمم. قلت: فهل يصلين عليه؟ قال: نعم. قلت: فتقوم الإِمام (¬9) منهن وسط الصف؟ قال: نعم (¬10). قلت: فإن كانت (¬11) فيهن (¬12) أم ولد له هل تغسله؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنها في غير عدة نكاح (¬13). قلت: أرأيت إن كان أعتقها قبل موته؟ قال: سواء، ولا تغسله؛ لأنها قد حرمت عليه قبل موته. قلت (¬14): أرأيت إن كانت (¬15) فيهن امرأة قد (¬16) طلقها ثلاثاً (¬17) في مرضه أو (¬18) صحته؟ قال: لا تغسله؛ لأنها قد (¬19) حرمت عليه قبل موته، فلا تغسله (¬20). قلت: أرأيت إن (¬21) كانت (¬22) فيهن (¬23) امرأته (¬24) وهي امرأته بنكاح فاسد فمات عنها على ذلك النكاح؟ قال: لا تغسله. ¬

_ (¬1) ح - قلت. (¬2) ح - لو كانت. (¬3) ح ي - بها. (¬4) ح ي - فيهن. (¬5) ح ي: وأمه. (¬6) ك + منهن. (¬7) ح: منهن؛ ي: من؛ ح ي + التي. (¬8) ك م: ولا ينظرون. (¬9) ك م: الإمامة. وانظر: الكافي، 191 أو. وقال المطرزي: والإمام من يؤتم به، أي: يقتدى به ذكرًا كان أو أنثى، ومنه: "قامت الإِمام وسطهن"، وفي بعض النسح: الإمامة، وترك الهاء هو الصواب؛ لأنه اسم لا وصف. انظر: المغرب، "أمم". (¬10) ح ي - قلت فتقوم الإِمام منهن وسط الصف قال نعم. (¬11) ح: كان. (¬12) ح ي - فيهن. (¬13) ح ي: النكاح. (¬14) ي - أرأيت إن كان أعتقها قبل موته قال سواء ولا تغسله لأنها قد حرمت عليه قبل موته قلت؛ صح هـ. (¬15) ك م ح: إن كان. (¬16) ح ي: وقد. (¬17) ح ي - ثلاثاً. (¬18) ح ي - في. (¬19) ح ي - قد. (¬20) ح ي - قبل موته فلا تغسله. (¬21) ح ي: قلت فإن. (¬22) ك م ح: إن كان. (¬23) ح ي - فيهن. (¬24) ي: امرأة.

قلت: فإن كانت معه أمة له (¬1) أو مدبرة وقد (¬2) كان يطؤها؟ قال: لا تغسله. قلت (¬3): فقد (¬4) كان فرجها حلالاً له (¬5)؟ قال: لأنه لا عدة على واحدة (¬6) منهما؛ ألا ترى أن الأمة تباع، والمدبرة (¬7) إن لم تكن (¬8) عليها (¬9) سعاية فتزوجت ساعة مات الرجل كان نكاحها جائزاً، وكان لزوجها (¬10) أن يطأها، فأستقبح أن يطأها زوجها وينظر إلى فرجها وهي تنظر إلى فرج آخر وتغسله. قلت: فإن كانت فيهن امرأته (¬11) وقد طلقها طلاقاً بائناً هل تغسله؟ قال: لا. قلت: أرأيت امرأة ماتت في السفر ومعها رجال وفيهم زوجها هل يغسلها؟ قال: لا. قلت: لم وهي تغسله وهو لا يغسلها؟ قال: لأنه لا عدة عليه (¬12)؛ ألا ترى أنه لو شاء (¬13) تزوج أختها, ولو شاء تزوج أربعاً (¬14)، ولو شاء تزوج ابنتها (¬15) إن لم يكن دخل بالميتة (¬16)، فأستقبح (¬17) أن ينظر الرجل (¬18) إلى فرج امرأة وابنتها امرأته، أو أختها (¬19)، أو له أربع نسوة. قلت: فإن كان أخوها معها أو أبوها (¬20)؟ قال: لا يغسلها (¬21) واحد منهما. قلت: أرأيت رجلاً (¬22) مات في سفر ومعه نساء، ومعهن رجل كافر، هل ينبغي (¬23) لهن أن يصفن له كيف يغسله، ثم يخلين (¬24) بينه وبين الميت (¬25)؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو أن امرأة ماتت في سفر ومعها ¬

_ (¬1) ك م - له. (¬2) ح ي: قد. (¬3) ح ي - لم. (¬4) ح ي: وقد. (¬5) ح: له حلالاً؛ ي: له حلال. (¬6) ح ي: على واحد. (¬7) ح ي: وأن المدبرة. (¬8) ك م: لم يكن. (¬9) ط: لها. (¬10) ح ي - وكان لزوجها. (¬11) ح ي: امرأة. (¬12) ح: عليها. (¬13) ح ي - شاء. (¬14) ي: أربعة. (¬15) ي: بابنتها. (¬16) م: بأمها؛ ح: بالميت. (¬17) ح + للرجل. (¬18) ح - الرجل. (¬19) ح: وأختها. (¬20) ح ي: فإن كان معها أبوها أو أخوها. (¬21) م: لا يغسله. (¬22) ي: رجل. (¬23) في: أينبغي. (¬24) ح ي: أيخلين. (¬25) في: وبينه.

رجال، ومعهم امرأة كافرة، كان ينبغي (¬1) لهم أن يصفوا لها كيف تغسلها، ثم يخلوا بينها وبينها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا ماتت المرأة (¬2) كيف تكفن؟ قال: تكفن في لِفافة، وهي الرداء، وفي إزار (¬3) ودرع (¬4) وخمار، وخرقة تربط (¬5) فوق الأكفان عند الصدر فوق الثديين (¬6) والبطن حتى لا ينتشر عنها الكفن. قلت: وموضع (¬7) الحنوط والكافور من المرأة موضعه من الرجل (¬8)؟ قال: نعم. قلت: ويُسدَل (¬9) شعرها من (¬10) خلف ظهرها إذا غسلت (¬11)؟ قال: لا, ولكنه (¬12) يُسدَل (¬13) ما بين ثدييها (¬14) من الجانبين جميعاً، ثم يسدل (¬15) الخمار عليها كهيئة المِقْنَعَة (¬16). قلت: أرأيت إذا ماتت المرأة فكفنت في ثوبين وخمار ولم تكفن في درع هل يجزيها ذلك؟ قال: نعم. قلت: فالخَلَق (¬17) والجديد (¬18) في ذلك سواء إذا غسلا (¬19)؟ قال: نعم (¬20). قلت: والبرود (¬21) أحب إليك أم البياض؟ قال: كل ذلك حسن. ¬

_ (¬1) ح ي: هل ينبغي. (¬2) ح ي: قلت أرأيت المرأة إذا ماتت. (¬3) ح: أو إزار؛ ي: وإزار. (¬4) ح: أو درع. (¬5) ح ي + بها. (¬6) م: اليدين. (¬7) ح ي: وتوضع. (¬8) ك م: من الرجال. (¬9) م: وتسدل. (¬10) ح ي - من. (¬11) م: إذا اغتسلت؛ ح ي - إذا غسلت. (¬12) ح ي: ولكن. (¬13) م: تسدل. (¬14) م: يديها؛ ح: من بدنها؛ ي: من بين يديها. (¬15) م: ثم تسدل. (¬16) المِقْنَعَة هي ما تغطي به المرأة رأسها. انظر: لسان العرب، "قنع". (¬17) ي: والخلق. خَلُق الثوب فهو خَلَق، أي: قديم وبالي. انظر: لسان العرب، "خلق". (¬18) ح: والجديد والخلق. (¬19) ك م - إذا غسلا؛ ح: إذا غسل. (¬20) ك م + في ذلك سواء إذا غسل. وعبارة الحاكم: والخلق إذا غسل والجديد سواء. انظر: الكافي، 1/ 19 و. (¬21) ح ي: فالبرد. جمع بُرْد وهو ثوب فيه خطوط أو وشي. انظر: لسان العرب، "برد".

بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كفن في حُلّة (¬1) وقميص (¬2). وبلغنا عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - أنه أمر (¬3) وأوصى (¬4) أن يغسل ثوباه (¬5) ويكفن فيهما، وقال (¬6): الحي أحوج إلى الجديد من الميت (¬7). فأي ذلك (¬8) ما فعل فحسن. قلت: فإن كفن الرجل في ثوب واحد؟ قال: ما أحب له أن ينقص من ثوبين. قلت: فإن فعلوا فكفنوه في ثوب واحد (¬9)؟ قال: يجزئ وقد أساؤوا. قلت: والمرأة لا تنقص من ثوبين وخمار؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الصبي إذا كان صغيراً لم يتكلم ولم يعقل في أي شيء يكفن؟ قال: إن (¬10) كفن في خرقتين إزار ورداء فحسن، وإن كان إزاراً واحداً (¬11) أجزأه. قلت: فإن كان غلاماً (¬12) قد راهق ولم يحتلم إلا أنه قد ¬

_ (¬1) ك م: في حلتين. (¬2) الحُلّة: إزار ورداء. انظر: المغرب، "حلل". والحديث روي عن إبراهيم النخعي مرسلاً. قال الإِمام محمد: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كُفِّن في حُلَّة يمانية وقميص. انظر: الآثار لمحمد، 45. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 78. وروي عن ابن عباس - رضي الله عنه -. انظر: سنن ابن ماجه، الجنائز، 11؛ وسنن أبي داود، الجنائز، 30؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 260 - 261. (¬3) ح ي - أمر. (¬4) ح ي: أوصى. (¬5) ح: ثوبيه. (¬6) ي + الحسن. (¬7) ذكره الإِمام محمد أيضاً بلاغاً في الآثار له، 44. ورواه الإِمام أبو يوسف عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم. انظر: الآثار لأبي يوسف، 79. وانظر: المصنف لعبد الرزاق، 3/ 428؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 463؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 262 - 263. (¬8) في - ذلك. (¬9) ح ي - قال ما أحب له أن ينقص من ثوبين قلت فإن فعلوا فكفنوه في ثوب واحد. (¬10) ح ي: فإن. (¬11) ح ي: إزار واحد. (¬12) ح: غلام.

صلى وصام ولم يحتلم مثله؟ قال: هذا يكفن كما يكفن الرجل. قلت: أرأيت الرجلين هل يدفنان في قبر واحد؟ قال: إن احتاجوا إلى ذلك فعلوا (¬1)، وإن (¬2) فعلوا ذلك فليقدموا في اللحد أفضلهما, وليجعلوا بينهما حاجزاً من الصعيد (¬3). قلت: أرأيت الصبي الصغير الذي لم يتكلم هل تغسله المرأة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الصبية الصغيرة التي لم تتكلم هل يغسلها الرجل، وهو غير ذي رحم (¬4) محرم منها ولا زوج لها؟ قال: نعم. قلت: فإن كانت قد كبرت ومثلها يجامع؟ قال: لا يغسلها (¬5) الرجال (¬6). قلت: وكذلك الغلام إذا كان مثله يجامع لم يغسله أحد من النساء ما خلا امرأته؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الميت إذا وُضِّئَ وضوءَه للصلاة هل تُغسَل رجلاه (¬7)؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المرأة إذا أسدل (¬8) عليها خمارها أتحت (¬9) الكفن (¬10)؟ قال: فوق الدرع وتحت (¬11) الإزار واللفافة. قلت: أرأيت قوماً صلوا على ميت قبل أن يغسل (¬12) ثم ذكروا بعد ما صلوا عليه (¬13) كيف يصنعون؟ قال: يغسل الميت، ويعيدون الصلاة عليه. قلت: فإن لم يذكروا غسله حتى دفنوه هل ينبش (¬14) القبر ثم يغسل ويصلى عليه؟ قال: لا. قلت: فلم أمرتهم بغسله وقد صلوا عليه؟ قال: أمرتهم ¬

_ (¬1) م - فعلوا. (¬2) ح ي: فإن. (¬3) ح ي: وليجعلوا حاجزاً من الصعيد بينهما. (¬4) ح ي - ذي رحم. (¬5) م: لا تغسلها. (¬6) ح: الرجل. (¬7) ح ي: رجليه. (¬8) ح ي: إذا شد. (¬9) م: أيجب. (¬10) ح ي - أم فوق الكفن. (¬11) م: وتجب (¬12) ح: أن يغسلوه. (¬13) ح ي - عليه. (¬14) ك م ط: هل ينبشوا.

بغسله (¬1) ما دام في أيديهم، فإذا دفن (¬2) فلا آمرهم (¬3) أن ينبشوا القبر. قلت: أرأيت رجلاً (¬4) مات فدفن ووجهه (¬5) لغير القبلة، أو وضع على شقه الأيسر، أو جعل رأسه في موضع الرجلين، ثم ذكروا ذلك (¬6) بعد ما فرغوا من دفنه، هل ينبشون (¬7) قبره فيدفنونه (¬8) على ما (¬9) ينبغي له (¬10)؟ قال: لا, ولكنهم يدعونه كما هو. قلت: فإن كانوا قد وضعوا اللَّبِن ولم يُهَل (¬11) التراب عليه بعد (¬12)؟ قال: ينزع اللبن، ثم يهيئونه (¬13) على ما ينبغي له (¬14). قلت: فهل يغسلونه إن لم يكن (¬15) غسل (¬16)؟ قال: نعم. قلت: فإن كانوا قد أهالوا عليه التراب؟ قال: يتركونه كما هو على حاله. قلت: أرأيت القوم يسقط منهم الثوب (¬17) في القبر أو الشيء من متاعهم هل ترى بأساً بأن (¬18) يحفروا من التراب شيئاً (¬19) من غير أن ينبشوا الميت (¬20)؟ قال: لا بأس بأن (¬21) يحفروا من التراب شيئاً فيخرجوا متاعهم. قلت: أرأيت اللحد أتكره (¬22) أن يجعل عليه (¬23) رفوف (¬24) خشب؟، قال: نعم، أكره (¬25) ذلك. ¬

_ (¬1) ك م - وقد صلوا عليه قال أمرتهم بغسله. (¬2) ح: دفنوه؛ ي: دفنوا. (¬3) ك م: فلا تأمرهم. (¬4) ي: رجل. (¬5) ي: فوجهه. (¬6) ح ي - ذلك. (¬7) ك م ح: هل ينبشوا. (¬8) ك: فيدفنوه؛ ح ي: ويدفنوه. (¬9) ح: كما. (¬10) م - له؛ ي - أن يدفن. (¬11) ح ي: يهال. (¬12) ح م - بعد. (¬13) ي: ويهيئونه. (¬14) في - له. (¬15) م - يكن. (¬16) ح؛ إن كان لم يغسل. (¬17) ح؛ القوب. (¬18) م في: أن. (¬19) ي: شي. (¬20) ح ي: القبر. (¬21) ح: أن. (¬22) م: أيكره؛ ح ي: هل يكره. (¬23) ح - عليه. (¬24) ك ي: دفوف؛ م: دفوق؛ ح: وقوف. والتصحيح من الكافي، 1/ 19 ظ؛ والمبسوط، 2/ 74. والمقصود برفوف الخشب هنا ألواح اللحد. انظر: المغرب، "رفف". (¬25) ح ي + له.

باب صلاة الكسوف

قلت: أرأيت الميت إذا وضع في اللحد (¬1) ولم يغسل ولم يهل (¬2) عليه التراب؟ قال: ينبغي لهم أن يخرجوه فيغسلوه ويصلوا عليه. قلت: فإن كانوا قد نصبوا اللبن عليه وأهالوا (¬3) عليه التراب؟ قال: ليس ينبغي لهم أن ينبشوا الميت من قبره. قلت: وكذلك لو كانوا (¬4) وضعوا رأسه مكان رجليه أو وضعوه على شقه الأيسر كان لهم أن يخرجوه فيهيئوه كما ينبغي (¬5) له (¬6) ما لم يهيلوا عليه التراب، فإذا أهالوا عليه التراب لم ينبغ (¬7) لهم أن يخرجوه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المرأة تموت مع الرجال أو الرجل (¬8) يموت (¬9) مع النساء ليس معهن من يغسله؟ قال: يُيَمَّم (¬10) كل واحد (¬11) منهما بالصعيد الوجهَ والذراعين (¬12) من وراء الثوب. ... باب صلاة الكسوف قال: أخبرنا (¬13) محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى ركعتين في الكسوف، ثم كان الدعاء حتى انجلت (¬14) الشمس (¬15). ¬

_ (¬1) ح ي: في لحده. (¬2) ي: يهال. (¬3) ي: وهالوا. (¬4) م: لو كان. (¬5) م - كما ينبغي. (¬6) ح ي - كما ينبغي له. (¬7) ح ي: لم ينبغي. (¬8) ك ح: والرجل؛ ي: والرجال. (¬9) ي: تموت. (¬10) ك: ييم. (¬11) م: واحدة. (¬12) ك م: والذراعان؛ ح ي - واليدين. (¬13) ح ي - قال أخبرنا. (¬14) ح ي: يدعوا حتى تجلت. (¬15) محمد قال أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم قال انكسفت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم مات إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليهما وسلم، فقال الناس: انكسفت الشمس لموت إبراهيم، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، فخطب الناس فقال "إن =

وإنما الصلاة ركعتان (¬1) كصلاة (¬2) التطوع، وإن شئت طولتهما، وإن شئت قصرتهما، ثم الدعاء حتى تجلي (¬3) الشمس. قلت: والذي ذكر من الصلاة فيها (¬4) أيركع (¬5) ركعتين قبل أن يسجد؟ قال: الصلاة (¬6) فيها (¬7) كما ذكرت لك كصلاة (¬8) الناس المعروفة. قلت: وترى في كسوف القمر صلاة؟ قال: نعم، الصلاة فيه حسنة. قلت: فهل يصلون جماعة كما يصلون في كسوف الشمس؟ قال: لا. قلت: فهل تكره (¬9) الصلاة في التطوع جماعة (¬10) ما خلا قيام رمضان وصلاة كسوف الشمس؟ قال: نعم، ولا ينبغي أن يصلي في كسوف الشمس جماعة إلا الإِمام الذي يصلي الجمعة (¬11)، فأما أن يصلي الناس في مساجدهم جماعة فإني لا أحب ذلك، وليصلوا وحداناً. قلت: أرأيت الصلاة في غير كسوف الشمس في الظلمة تكون أو في (¬12) الريح الشديدة (¬13)؟ قال: الصلاة حسنة (¬14) في ذلك كله وحداناً. محمد عن أبي يوسف عن (¬15) أبان بن أبي عياش (¬16) عن الحسن ¬

_ = الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ثم صلى ركعتين، ثم كان الدعاء حتى انجلت. انظر: الآثار لمحمد، 44؛ والحجة على أهل المدينة لمحمد، 1/ 324. وأخرجه أبو يوسف أيضاً. انظر: الآثار لأبي يوسف، 55. وانظر: صحيح البخاري، الكسوف، 1؛ وسنن النسائي، الكسوف، 15، 16؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 228. (¬1) ك م ي: ركعتين. (¬2) ح ي: كالصلاة. (¬3) ك: تجلا. (¬4) ك م: فيهما. (¬5) ح ي: أن يركع. (¬6) ح ي + عليها. (¬7) ك م: فيهما. (¬8) ح: للصلاة؛ ي: الصلاة. (¬9) م: يكره. (¬10) ح ي: الصلاة في جماعة في التطوع. (¬11) ي: الجماعة. (¬12) ح ي - في. (¬13) ح: الشديد. (¬14) م - حسنة. (¬15) ح ي - محمد عن أبي يوسف عن؛ ح ي + وحدث. (¬16) ي: عباس.

البصري عن (¬1) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه (¬2) قال: "إذا رأيتم (¬3) من هذه الأفزاع شيئاً (¬4) فافزعوا إلى الصلاة" (¬5). قلت: فإن صلوا في كسوف الشمس وحداناً؟ قال: إن صلوا وحداناً أو في جماعة (¬6) كيف ما صلوا فحسن. قلت: فإن صلوا (¬7) جماعة هل (¬8) يجهر فيها بالقراءة؟ قال: لا, ولكنه (¬9) يخفي (¬10) فيها بالقراءة (¬11)، وليست هذه كصلاة (¬12) العيدين (¬13). بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى فيها ولم جهر فيها بالقراءة (¬14). وهو قول محمد. قال: بلغنا ذلك عن علي بن أبي طالب أنه صلى في كسوف الشمس، وأنه جهر بالقراءة فيها (¬15). وهو قول أبي يوسف (¬16). ¬

_ (¬1) م + النبي. (¬2) ح - أنه. (¬3) ح ي - فزعاً. (¬4) ح ي - شيئاً. (¬5) ح ي: إلى الله بالصلاة. روي نحو ذلك في حديث كسوف الشمس. انظر: صحيح البخاري، الكسوف، 4؛ وصحيح مسلم، الكسوف، 3؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 234 - 235. (¬6) ح: إن صلوا في جماعة أو وحداناً؛ ي: إن صلوا في جماعة وحداناً. (¬7) ح - في. (¬8) ك م: هل يجهرون. (¬9) ح ي: ولكن. (¬10) م: يخفا. (¬11) ح ي: القراءة. (¬12) ك: صلاة. (¬13) ح ي: العيد. (¬14) ط + ويجهر فيها في قول أبي يوسف. وقال الحاكم: ويجهر فيها في قول أبي يوسف ومحمد. انظر: الكافي، 1/ 19 ظ. لكن ذكر السرخسي أن قول محمد في المسألة مضطرب. أي: اختلفت الرواية عنه انظر: المبسوط، 2/ 76. (¬15) ذكر الإِمام محمد البلاغ نفسه عن علي - رضي الله عنه - في كتبه الأخرى مع ترجيح الإخفاء تارة والجهر تارةً أخرى. انظر: الآثار لمحمد، 44؛ والحجة على أهل المدينة لمحمد، 1/ 220. وقد وصل هذا الأثر غيره. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 220؛ وشرح معاني الآثار للطحاوي، 1/ 334. (¬16) ك م - وهو قول محمد قال بلغنا ذلك عن علي بن أبي طالب أنه صلى في كسوف الشمس وأنه جهر بالقراءة فيها وهو قول أبي يوسف.

[باب صلاة الاستسقاء]

قلت: أرأيت النساء هل ترخص (¬1) لهن أن يحضرن ذلك (¬2)؟ قال: لا أرخص (¬3) للنساء في شيء من الخروج إلا العجوز الكبيرة (¬4)، فإني أرخص لها في الخروج (¬5) في العيدين وفي صلاة الفجر والعشاء. وقال أبو يوسف: أما أنا فأرخص لهن في الخروج (¬6) في الصلوات كلها وفي (¬7) صلاة الكسوف وفي الاستسقاء (¬8) إذا كانت عجوزاً، ولا (¬9) بأس بأن (¬10) تخرج في ذلك كله، وأكره للشابة (¬11) ذلك. وهو قول محمد. ... [باب صلاة الاستسقاء] (¬12) قلت: فهل في الاستسقاء صلاة؟ قال: لا صلاة في الاستسقاء، إنما فيه الدعاء. قلت: ولا ترى بأن يجمع فيه للصلاة (¬13) ويجهر الإِمام بالقراءة؟ قال: لا أرى ذلك. إنما بلغنا عن رسول الله (¬14) - صلى الله عليه وسلم - أنه خرج فدعا (¬15). ¬

_ (¬1) م: هل يرخص. (¬2) ح ي - ذلك. (¬3) ح ي: لا يرخص. (¬4) م ح: الكبير. (¬5) ح - في الخروج؛ صح هـ. (¬6) ح ي - في الخروج. (¬7) ح ي. في. (¬8) ح ي: والاستسقاء. (¬9) ح ي: فلا. (¬10) ح: أن. (¬11) ح ي + في. (¬12) الزيادة من الحاكم. انظر: الكافي، 1/ 19 ظ. وزادها أبو الوفا الأفغاني في المطبوعة أيضاً. (¬13) ح ي: الصلاة. (¬14) ي: عن النبي. (¬15) ح - أنه خرج فدعا؛ صح هـ. عن أنس قال بينما النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم الجمعة إذ قام رجل، فقال يا رسول الله، هلك الكُرَاع، وهلك الشّاء، فادع الله أن يسقينا. فمَدَّ يديه ودعا. انظر: صحيح البخاري؛ الجمعة، 34؛ وصحيح مسلم، صلاة الاستسقاء، 8. وانظر للتفصيل: نصب الراية للزيلعي، 2/ 238؛ وإعلاء السنن لظفر العثماني، 8/ 147.

وبلغنا عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه سعد المنبر فدعا واستسقى (¬1). ولم يبلغنا في ذلك صلاة (¬2) إلا حديثاً واحداً شاذاً (¬3) لا يؤخذ به. قلت: فهل يستحب أن يقلب الإِمام (¬4) أو أحد من القوم رداءه في ذلك؟ قال: لا. وهذا قول أبي حنيفة (¬5). وقال محمد بن الحسن (¬6): أرى أن يصلي الإِمام في الاستسقاء نحواً (¬7) من صلاة (¬8) العيد. يبدأ (¬9) بالصلاة (¬10) قبل الخطبة، ولا يكبر فيها كما يكبر في العيدين (¬11)؛ لأنه بلغنا عن رسول الله (¬12) - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى في الاستسقاء (¬13). وبلغنا عن ابن عباس أنه أمر بذلك (¬14). ¬

_ (¬1) ح - وبلغنا عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه صعد المنبر فدعا واستسقى. قال الإِمام محمد: أخبرنا سفيان الثوري قال حدثنا أبو رباح عن عطاء بن أبي مروان عن أبيه قال خرجت مع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - نستسقي، فلم يزد على أن قال استغفروا ربكم إنه كان غفاراً. انظر: الحجة على أهل المدينة، 1/ 335. وعن أنس بن مالك أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب، فقال اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا، فاسقنا. قال فيُسْقَوْن. انظر: صحيح البخاري، الاستسقاء، 3. وانظر: السنن الكبرى للبيهقي، 3/ 351. (¬2) ح ي: الصلاة. (¬3) ح: شاذ. (¬4) ح ي - رداءه. (¬5) ح ي - وهذا قول أبي حنيفة. (¬6) ح ي - بن الحسن. (¬7) ح ي: نحو. (¬8) ي: من الصلاة (¬9) ح ي - يبدأ. (¬10) ي: والصلاة. (¬11) ح ي: في العيد. (¬12) ح ي: عن النبي. (¬13) قال الإِمام محمد: أخبرنا سفيان الثوري قال حدثنا أبو إسحاق عن عبد الله بن يزيد الأنصاري قال خرج يستسقي بالكوفة، وقد كان رأى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقام قائماً على رجليه على غير منبر فاستسقى واستغفر فصلى ركعتين. انظر: الحجة على أهل المدينة، 1/ 338 - 339؛ وشرح معاني الآثار للطحاوي، 1/ 323 - 326. ورويت صلاة الاستسقاء من حديث عائشة وعبد الله بن زيد وابن عباس - رضي الله عنهم -. انظر: سنن ابن ماجه، إقامة الصلاة، 153؛ وسنن أبي داود، صلاة الاستسقاء، 2؛ وسنن الترمذي، الجمعة، 43؛ وسنن النسائي، الاستسقاء، 11، 13. وانظر الحاشية التالية. (¬14) قال الإِمام محمد: أخبرنا سفيان الثوري قال حدثنا هشام بن إسحاق بن عبد الله بن كنانة قال حدثني أبي عن ابن عباس قال سألته عن الاستسقاء، قال ما شأنك أنت وما =

ويَقْلِب (¬1) رداءه في ذلك. وقَلْبُه (¬2) أن يجعل الجانب الأيسر على الأيمن والأيمن على الأيسر. وإنما (¬3) نتبع في (¬4) هذه السنة والآثار المعروفة (¬5). وليس يجب ذلك (¬6) على من خلف (¬7) الإِمام. قلت (¬8): أفتحب أن يخرج أهل الذمة مع أهل الإِسلام في ذلك؟ قال: ما أحب ذلك، ولا ينبغي لأهل الإِسلام أن يتقربوا إلى الله تعالى بأحد من أهل الذمة. وبلغنا (¬9) عن عمر بن الخطاب أنه نهى أن يحضر أحد من أهل الكفر عند المسلمين؛ لأن السَّخْطَة تنزل عليهم (¬10)، فكيف أحضرهم (¬11) دعاء المسلمين. قلت: أرأيت الإِمام إذا خطب في الاستسقاء هل يجب على القوم أن يستمعوا وينصتوا؟ قال: نعم (¬12)، أحب إلى (¬13) أن يستمعوا وينصتوا, وليس بواجب مثل العيدين والجمعة (¬14). قلت: فهل يُخْرَج المنبر في العيدين ¬

_ = شأن هذا قال له: أرسلني الأمير. قال فما شأنه لم يسألني؟ خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متواضعًا متبذّلاً فدعا ولم يخطب خطبتكم هذه، ثم صلى ركعتين كما يصلي في العيد. قال سفيان: فلا ندري أصلى قبل أم بعد. انظر: الحجة على أهل المدينة، 1/ 337 - 338. وانظر: المصادر السابقة. (¬1) ي + الإمام. (¬2) ح ي: وتقليبه. (¬3) ي: فإنما. (¬4) ك م - في. (¬5) انظر المصادر السابقة. (¬6) ح ي - ذلك. (¬7) ح: خلفه. (¬8) ح - قلت. (¬9) في: بلغنا. (¬10) عن عمر بن الخطاب أنه قال لا تدخلوا عليهم في كنائسهم يوم عيدهم، فإن السَّخْطَة تنزل عليهم. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 1/ 411؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 9/ 234. (¬11) ح ي: نحضرهم. (¬12) ك م - نعم. (¬13) ي: أحب لهم. (¬14) ح ي: مثل الجمعة والعيدين.

باب الصلاة بمكة وفي الكعبة

والاستسقاء؟ قال: لا. قلت: فهل في ذلك (¬1) أذان وإقامة؟ قال: لا. قلت: فهل تخرج (¬2) النساء في ذلك (¬3)؟ قال: لا. ... باب الصلاة بمكة وفي (¬4) الكعبة قلت: أرأيت الإِمام إذا صلى بمكة وصف الناس (¬5) حول الكعبة، فقامت امرأة بحذاء الإِمام؟ قال (¬6): إن كانت تأتم (¬7) من الكعبة بالجانب (¬8) الذي يأتم به الإِمام، ونوى الإِمام الذي تأتم به (¬9) أن يؤمها ويؤم الناس، فصلاة الإِمام وصلاة الناس كلهم فاسدة. قلت: فإن كانت تأتم (¬10) بالجانب (¬11) الآخر وكانت إلى الكعبة أقرب (¬12) من الإِمام؟ قال: صلاتها (¬13) وصلاة القوم وصلاة الإِمام (¬14) كلهم تامة. قلت: فإن قامت بحذاء الإِمام من الجانب الآخر وصف معها النساء (¬15) مقابل صف الإِمام؟ قال: صلاة الإِمام وصلاة الناس كلهم تامة إلا من كان مع النساء في ذلك الجانب (¬16). قلت: فمن كان (¬17) بحذائهن أو خلفهن؟ قال (¬18): صلاته فاسدة. قلت: فإن صلى ¬

_ (¬1) ك م: في العيدين. والمقصود صلاة العيدين والاستسقال انظر: الكافي،1/ 19 ظ. وقد ذكر المؤلف أنه لا أذان ولا إقامة في العيدين قبل هذا. انظر: 1/ 24 و. (¬2) م: يخرج. (¬3) أي: في الاستسقاء. وانظر: 1/ 83 و - 83 ظ. (¬4) ح: في. (¬5) ح ي - الناس. (¬6) ح - قال. (¬7) ح - تأتم. (¬8) ح: بجانب. (¬9) ك م - الذي تأتم به. (¬10) ك م: كان يأتم. (¬11) ي: في جانب. (¬12) ح: وكانت أقرب إلى الكعبة. (¬13) ح: صلاتهما. (¬14) ح - وصلاة الإِمام؛ ي: وصلاة الإمام وصلاة القوم. (¬15) ح ي: الناس. (¬16) ك + فمن كان. (¬17) ح ي - قلت فمن كان. (¬18) ي: فإن.

الناس فرادى تطوعاً النساء والرجال (¬1)؟ قال: هذا والأول سواء، وصلاة الرجال (¬2) تامة، من كان بحذاء النساء (¬3) أو خلفهن، غير أنه قد أساء في قيامه بحذاء النساء أو خلفهن. قلت: فإن كانت الكعبة تُبْنَى وقام الإِمام يصلي بالناس، وصف الناس (¬4) حول الكعبة، وليس بين يدي الإِمام ستر (¬5) يحجز بينه وبين الصف المستقبل (¬6)؟ قال: يجزئ الإِمام والقوم جميعاً، وصلاتهم (¬7) تامة (¬8)، إلا أن الإِمام قد أساء في تركه أن يجعل بينه وبينهم (¬9) سترة. قلت: وكذلك لو كان مكان الصف (¬10) الرجال (¬11) صف (¬12) من النساء (¬13) كانت صلاته وصلاة القوم كلهم تامة؟ قال: نعم. قلت: فإن كان الإِمام صلى (¬14) في جوف الكعبة مستقبل حائط (¬15) من حيطانها (¬16) أيجوز أيضاً (¬17)؟ قال: نعم (¬18). قلت: فإن كان معه في جوف الكعبة قوم يصلون إلى الحائط الذي يصلي إليه (¬19) الإِمام وهم قدام الإِمام؟ قال: لا تجزيهم صلاتهم؛ لأنهم قدام الإِمام يصلون إلى الجانب (¬20) الذي يصلي إليه الإِمام. قلت: فإن كان مكانهم (¬21) نساء (¬22)؟ قال: صلاة ¬

_ (¬1) ح ي: الرجال والنساء. (¬2) ح ي: الرجل. (¬3) ح ي - منهن. (¬4) ح - وصف الناس. (¬5) ح ي: شيء. (¬6) ح: المستقبلة. (¬7) ح ي: صلاتهم. (¬8) ي - تامة. (¬9) ك م: بينهم وبينه. (¬10) ط: صف. وما في المتن صحيح أيضاً على البدلية، وليس بخطأ كما قال أبو الوفا الأفغاني. (¬11) ح ي + المستقبلة. (¬12) ح - صف. (¬13) ح ي: من نساء. (¬14) ح ي - صلى. (¬15) ي: حائطاً. (¬16) ح ي: من حيطانهن. (¬17) ح ي -أيجوز أيضاً. (¬18) ح ي: قال يجزيهم. (¬19) ح ي - إليه. (¬20) ح ي: إلى جانب. (¬21) ك: معهم. (¬22) ح - نساء.

الإِمام والقوم (¬1) تامة، وصلاة النساء فاسدة. قلت: فإن صف قوم مستقبل الإِمام بوجوههم (¬2) يأتمون بالإمام (¬3)؟ قال: يجزيهم ذلك، إلا أن الإِمام قد أساء في ترك السترة فيما بينهم (¬4). قلت: فإن صافّوا (¬5) حلقة واحدة في جوف الكعبة فصلوا بإمام؟ قال: تجزيهم صلاتهم؛ إذ كل واحد منهم صلى على القبلة (¬6)؛ لأن كلًّا على القبلة (¬7). قلت: فإن كانوا في غير الكعبة (¬8) فتحروا القبلة (¬9) فصلى كل إنسان منهم إلى ناحية (¬10) بالتحري وائتموا (¬11) بالإمام؟ قال: لا يجزئ من خالف (¬12) الإِمام؛ لأن الإِمام على غير قبلة (¬13)، فلا يجزيه أن يأتم به (¬14). ولا يشبه هذا الكعبة؛ لأن الكعبة (¬15) حيث ما وجَّهَ (¬16) وَجْهَه منها فهو قبلة، وهو حق. قلت: أرأيت قوماً صلوا فوق الكعبة بإمام؟ قال: يجزيهم. قلت: فإن كان وجه الإِمام إلى ناحية منها ووجه كل إنسان منهم (¬17) إلى ¬

_ (¬1) ح ي: وصلاة القوم. (¬2) ح: وجوههم؛ ي: ووجوههم. (¬3) ح ي: إلى وجه الإِمام. (¬4) ح ي - ذلك إلا أن الإمام قد أساء في ترك السترة فيما بينهم. (¬5) ح ي: تحلقوا. (¬6) ح ي - إذ كل واحد منهم صلى على القبلة. (¬7) ح: لأن السكل على قبلة؛ ي: لأن الكل على قبلة. (¬8) ح: القبلة. (¬9) ح: الكعبة. (¬10) ح: على ناحية. (¬11) ك: وأتموا. (¬12) ك م: من خلف. وانظر: الكافي، 1/ 20 و؛ والمبسوط، 2/ 79. (¬13) ح ي: القبلة. (¬14) ك م - فلا يجزيه أن يأتم به. (¬15) ح - لأن الكعبة. (¬16) ك م - وجه. (¬17) م - منهم.

ناحية أخرى؟ قال: يجزيهم كلهم، إلا أن يكون أحد منهم قدام الإِمام وظهره (¬1) إلى وجه الإِمام، من (¬2) كان هكذا فإنه (¬3) لا تجزيه صلاته. قلت: أرأيت إن صف قوم (¬4) منهم قدام الإِمام ووجوههم إلى وجه الإِمام؟ قال: يجزيهم ذلك. قلت: والنساء في هذا الباب مثل الرجال؟ قال: نعم، غير أنهم قد أساؤوا في ترك السِّتْر (¬5) بينهم وبين الإِمام. قلت: أرأيت إن صف قوم (¬6) منهم خلف الإِمام وجعلوا ظهورهم إلى ظهر الإِمام وائتموا (¬7) بالإمام؟ قال: تجزيهم صلاتهم؛ لأنهم خلف الإِمام، والإمام (¬8) على قبلة. قلت: أرأيت العبيد والأحرار والرجال والنساء (¬9) كلهم في هذا (¬10) سواء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان الإِمام يصلي إلى الكعبة، بينه (¬11) وبين الكعبة مقام إبراهيم، والصف الذي مقابله (¬12) أقرب إلى الكعبة من الإِمام؟ قال: تجزيهم صلاتهم كلهم (¬13). قلت: وكذلك الصف الآخر (¬14) فيما بين الركن اليماني إلى الحِجْر، وهو أقرب إلى البيت من الإِمام (¬15)؟ قال: نعم، تجزيهم كلهم صلاتهم. قلت: فإن (¬16) كان الذي في جانب الإِمام أقرب إلى الكعبة من الإِمام؟ قال: لا تجزيهم، وعليهم أن يستقبلوا الصلاة. قلت: أرأيت إن استقبلوا الإِمام بوجوههم والكعبة خلف ظهورهم؟ قال: لا تجزيهم صلاتهم؛ لأنهم على غير القبلة، وعليهم أن يستقبلوا الصلاة (¬17)، ¬

_ (¬1) ي: فظهره. (¬2) ح ي: فمن. (¬3) م: قال. (¬4) ح: قوماً. (¬5) ح: السترة. السِّتْر والسِّتْرَة بنفس المعنى. انظر: المغرب، "ستر". (¬6) ح ي: قوماً. (¬7) ك: واتموا. (¬8) ي - والإمام؛ صح هـ. (¬9) م - هم. (¬10) م: في ذلك. (¬11) ح ي: وبينه. (¬12) ح ي: يقابله. (¬13) م - كلهم؛ ح ي: كلهم صلاتهم. (¬14) م: الأخيرة ح ي: الصفين الأخريين. (¬15) ح: من البيت إلى الإمام. (¬16) ح ي: وإن. (¬17) ح ي - وعليهم أن يستقبلوا الصلاة.

وأما (¬1) الإِمام والقوم جميعاً غير هؤلاء فإن صلاتهم تامة (¬2). ¬

_ (¬1) ح: فأما. (¬2) ح - في المسألتين جميعاً فهذا آخر كتاب الصلاة والحمد لله رب العالمين وصلواته على نبيه محمد وآله أجمعين وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم؛ ي + في المسألتين جميعاً والله أعلم فهذا آخر كتاب الصلاة والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم؛ م + هذا آخر كتاب الصلاة والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. وقد ورد بعد هذا في نسخة م هذه الزيادة: "كان ابن عباس يقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم في كل ركعة. وكان ابن عمر يفتتح القرآن بـ: بسم الله الرحمن الرحيم. أبو حنيفة في قراءة: بسم الله الرحمن الرحيم قبل فاتحة الكتاب وتجديدها قبل السورة الي بعد فاتحة الكتاب، قال أبو حنيفة: تجزيه قراءتها قبل الحمد. وقال أبو يوسف: يقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم في كل ركعة قبل القراءة مرة واحدة. قال هشام: قلت لأبي يوسف: فيقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم في الركعتين الأخيرتين اللتين يقرأ بهما فاتحة الكتاب قال نعم. قال هشام: وأخبرني محمد عن أبي حنيفة أنه كان يقول: يجزيه أن يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم في أول ركعة قبل فاتحة الكتاب، ولم ير بأسًا إن قرأها مرة أخرى بعد فاتحة الكتاب قبل قراءة السورة. قال محمد: يقرأها قبل فاتحة الكتاب وبعد فاتحة الكتاب إذا أراد أن يقرأ سورة. قلت لمحمد: فإن قرأ سورة كبيرة في ركعة قال إن كان قرأها فيما يخفي فيه القراءة قرأ: بسم الله الرحمن الرحيم عند افتتاح كل سورة، وإن كان قراءة يجهر فيها فإنه لا يقرأها. هشام: والذي يُختار من هذا أنه يقرأ عند افتتاح السورة التي يقرأها بعد فاتحة الكتاب جهراً وإخفاء إلا أنه يخفي قراءة بسم الله الرحمن الرحيم". وقد وردت هذه الزيادة في نسخة ك في آخر المجلد بعد كتاب الإيمان والكفارات. ولم ترد هذه الزيادة في النسخ الأخرى. وهشام بن عبيد الله الرازي معروف من تلاميذ الإمامين أبي يوسف ومحمد. له نوادر. وهو من رواة الأصل. لكن روايته لم تلق القبول لما فيها من الاضطراب. انظر: الجواهر المضية للقرشي، 2/ 205؛ وسير أعلام النبلاء للذهبي، 10/ 446. فلا نعلم هذه الزيادة هل هي من نوادره أم أنها من الأصل بروايته.

الأَصْلُ للإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَنْ الشَّيْبَانِيِّ (189 هـ - 805 م) تحقيق وَدرَاسَة الدكتور محمَّد بوينوكالن الجُزْءُ الثاني إصَدارَات وَزَارَة الأَوقاف وَالشّؤون الإسْلاَمية إدارَة الشّؤون الإسْلاَمّية دَولة قَطَر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ طبعه خاصة بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية دولة قطر الطبعَة الأولى 1433 هـ - 2012 م دار ابن حزم بيروت - لبنان - ص - ب 6366/ 14 هاتف وفاكس: 701974 - 300227 (009611) البريد الإلكتروني: [email protected] الموقع الإلكتروني: www.daribnhazm.com

الأَصْلُ للإمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَن الشَّيْبَانِيِّ (2)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

كتاب الحيض

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب الحيض باب من المستحاضة في أول ما يمتد بها الدم ما يكون حيضاً وما لا يكون (¬2) قال: سمعت محمد بن الحسن يقول: إذا بلغت المرأة مبلغ النساء ولم تحض، فرأت الدم أول ما رأته يوماً، ثم انقطع عنها ثمانية أيام، ثم رأت الدم يوماً، وهو تمام العشرة، ثم انقطع، فهذا في قول أبي يوسف حيض كله. وقال محمد: لا يكون هذا حيضاً؛ لأن ما بين الدمين من الطهر أكثر (¬3) من الدمين جميعاً، فهذا ليس بحيض. ولو كان الدمان أكثر مما بينهما من الطهر أو مثله كان ذلك حيضاً كله؛ لأن المرأة الحائض لا ترى الدم سائلاً أبدًا، ينقطع الدم يوماً وتراه يوماً، وينقطع يومين وتراه يومين، وينقطع ثلاثة أيام وتراه بعد ذلك. فذلك دم واحد - وإن كان بين ذلك أيام لا ترى فيها دماً - إذا كان الدمان أكثر مما بينهما من الطهر أو مثله. وأقل ما ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) ق - باب من المستحاضة في أول ما يمتد بها الدم ما يكون حيضاً وما لا يكون. (¬3) ق: أكثر من الطهر.

يكون الحيض ثلاثة أيام ولياليها, لا ينقص من ذلك شيئاً، وأكثر الحيض عشرة أيام ولياليها, لا يزيد على ذلك شيئاً. فإن (¬1) رأت المرأة الدم يومين وثلثي يوم ثم انقطع ذلك لم يكن ذلك حيضاً، حتى يكون ما بين أول الدم وآخره ثلاثة أيام ولياليها, لا ينقص من ذلك شيء. ألا ترى أن الدم لو زاد على عشرة أيام ولياليها ساعةً كانت تلك الساعة استحاضة، فكذلك (¬2) النقصان، إذا نقص الدم من ثلاثة أيام ولياليها شيئاً لم يكن ذلك حيضاً، لأن الأثر جاء أن أدنى الحيض ثلاثة وأكثره عشرة (¬3). فمن جعل أقل من ثلاثة (¬4) حيضاً فينبغي له أن يجعل أكثر من عشرة حيضاً، فهذا لا يستقيم، والأمر فيه كما وصفت لك. وإذا بلغت المرأة مبلغ النساء ولم تحض فرأت الدم أول ما رأته فمد بها الدم ثلاثة أشهر فإن أبا حنيفة قال في ذلك: حيضها من أول ما رأت الدم عشرة أيام، فإذا مضت اغتسلت وتوضأت لكل وقت صلاة، وصلت عشرين يوماً، فإذا مضت عشرون يوماً تركت الصلاة عشرة أيام ثم اغتسلت، فكان هذا حالها حتى ينقطع الدم؛ لأنها تجعل حيضها أكثر الحيض؛ لأنه لم تكن (¬5) لها أيام معروفة فتجعل حيضها (¬6) أيامها المعروفة. إنما جعلنا طهرها عشرين يوماً وقد يكون الطهر أقل من ذلك لأنا أخذنا في ذلك بالأمر الظاهر المعروف من أمر النساء؛ لأن الغالب من أمر النساء في الحيض أن في (¬7) كل شهر حيضة (¬8). ألا ترى أن الله تبارك وتعالى جعل على التي (¬9) تحيض من العدة ثلاثة قروء، فإن لم تكن تحيض من كبر أو ¬

_ (¬1) م: فات. (¬2) م: وكذلك. (¬3) روي من وجوه كثيرة مرفوعاً وموقوفاً. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 1/ 299؛ وسنن الدارقطني، 1/ 209 - 210، 218 - 219. وانظر للتفصيل والنقد: نصب الراية للزيلعي، 1/ 191 - 192؛ ومجمع الزوائد للهيثمي، 1/ 280؛ والدراية لابن حجر، 1/ 84 - 85؛ وإعلاء السنن لظفر العثماني، 1/ 247. (¬4) م ق: من ثلاث. (¬5) م ق: لم يكن. (¬6) ق: حيضاً. (¬7) ق - في. (¬8) م: حيظه؛ ق: خيضة. (¬9) م: على الذي.

صغر جعل عليها ثلاثة أشهر (¬1)، فجُعل مكان كل حيضة شهر. وهذا الغالب من أمور النساء. وأدنى ما يكون بين الحيضتين من الطهر خمس عشرة (¬2) ليلة، لا ينقص شيئاً قليلاً ولا كثيراً. فإذا هي رأت دمين بينهما من الطهر أقل من خمس عشرة (¬3) ليلة فهذان الدمان ليسا بحيض جميعاً؛ لأن الحيضتين لا يكون بينهما من الطهر أقل من خمس عشرة (¬4) ليلة (¬5). وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإذا بلغت المرأة مبلغ النساء ولم تحض (¬6)، فرأت الدم أول ما رأته يوماً، ثم انقطع عنها تسعة أيام، ورأته يوماً، ثم انقطع، فإن أبا يوسف قال: عشرة أيام من ذلك حيض، اليوم الأول الذي رأت فيه الدم والتسعة الأيام التي رأت فيها الطهر حيض كله، واليوم الآخر الذي رأت فيه الدم استحاضة، تغتسل وتقضي ما زاد على التسعة الأيام التي رأت فيها الطهر من الصلاة. وإن كانت صامت شيئاً من شهر رمضان في التسعة الأيام التي رأت فيها الطهر قضتها؛ لأنها كانت في ذلك حائضاً باليوم الحادي عشر الذي رأت فيه الدم. ولو لم تر الدم في اليوم الحادي عشر لم يكن شيء (¬7) من ذلك حيضاً. وقال محمد: لا يكون شيء من هذه الأيام كلها حيضاً؛ لأن اليوم الحادي عشر لم يكن حيضاً، فلا تكون (¬8) التسعة الأيام التي رأت (¬9) فيها الطهر حيضاً بالدم الذي رأت في اليوم الحادي عشر، وذلك الدم ليس بحيض. ولا يكون اليوم الأول أيضاً حيضها؛ لأنها إنما رأت الدم يوماً ¬

_ (¬1) يقول تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (سورة البقرة، 228). ويقول تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} (سورة الطلاق، 4). (¬2) م: خمسة عشر. (¬3) م: خمسة عشر. (¬4) م: خمسة عشر. (¬5) ك - فهذان الدمان ليسا بحيض جميعاً لأن الحيضتين لا يكون بينهما من الطهر أقل من خمس عشرة ليلة، صح هـ. (¬6) م: ولم تحيض. (¬7) م - شيء. (¬8) ق: يكون. (¬9) ك ق - رأت.

واحداً، ولا يكون الحيض أقل من ثلاثة أيام. أرأيتم التسعة الأيام التي رأت فيها الطهر أتكون (¬1) حيضاً إن لم تر الدم (¬2) في اليوم الحادي عشر؟ قالوا: لا تكون (¬3) تلك الأيام ولا اليوم الذي قبله حيضاً. قيل لهم: فإنما تكون (¬4) تلك التسعة الأيام التي رأت فيها الطهر حيضاً واليوم الذي قبلها بالدم الذي رأته في اليوم الحادي عشر؟ قالوا: نعم. قيل لهم: فذلك الدم أحيض هو؟ قالوا: لا. قيل (¬5) لهم: فكيف صَيَّرَ دمٌ ليس (¬6) بحيضٍ غيرَه من أيام الطهر حيضاً، وهو نفسه ليس بحيض، والحكم فيه عندكم أنه طهر، فكيف يَجعل الطهرُ غيرَه حيضاً (¬7). وقد بلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن امرأة استحيضت، فسئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فقال: "ليس ذلك بحيض، وإنما هو دمُ عِرْق" (¬8). فقد جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دم الاستحاضة غير دم الحيض، وجعل ذلك بمنزلة العِرْق يسيل منه الدم، وإنما ذلك بمنزلة الرعاف وغيره من الدم يسيل من الجسد، إلا أن مخرجه ومخرج دم الحيض من موضع واحد، وحكمه مختلف. أما دم الحيض فيُترَك (¬9) له الصلاة، وإن صامت فيه أعادت صيامها، وأما دم الاستحاضة فحكمه كحكم دم الرعاف، تتوضأ منه لوقت كل صلاة (¬10)، وتصلي ويأتيها زوجها وتصوم، وهي فيه بمنزلة الطاهرة. فكل دم حُكِمَ على المرأة أنها فيه بمنزلة الطاهرة فليس يَجعل ذلك غيرَه من أيام الطهر حيضاً. أرأيتم امرأة أول ما رأت الدم رأته يوماً، ثم انقطع عنها تسعة أيام، ¬

_ (¬1) ك ق: أيكون. (¬2) م - الدم. (¬3) ق: لا يكون. (¬4) ق: يكون. (¬5) م: قلت. (¬6) م: لم. (¬7) م + وهو نفسه ليس بحيض والحكم فيه عندكم أنه طهر فكيف يجعل الطهر غيره حيضاً. (¬8) رواه الإِمام أبو حنيفة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة - رضي الله عنها -. انظر: جامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 267. والحديث في صحيح البخاري، الحيض، 8؛ وصحيح مسلم، الحيض، 62. (¬9) ق: فينزل. (¬10) ك: تتوضأ منه لكل وقت صلاة.

أيكون (¬1) حيضاً؟ قالوا: لا. قيل لهم: فإن رعفت أو سال منها دم من غير الفرج أتكون (¬2) بذلك حائضاً في التسعة الأيام التي طهرت فيها؟ قالوا: لا. قيل لهم: فالدم الذي سال من الفرج في اليوم الحادي عشر أحيض هو؟ قالوا: لا. قيل لهم: فاستحاضة هو؟ قالوا: نعم. قيل لهم: فحكمه كحكم الرعاف في الصيام والصلاة وغير ذلك؟ قالوا: نعم. قيل لهم: فكيف جعل ذلك اليومُ الأيامَ التسعة التي كانت المرأة فيها طاهراً حيضاً (¬3)، وحكمه عليها غير حكم الحيض. هل رأيتم دماً ليس بحيض يجعل غيره حيضاً. ليس هذا بشيء. إنما الحيض إذا كان الدمان كلاهما حيضاً في أول ذلك وآخره. وإن كان بينهما طهر أيام مثلُها أو أقل جعلنا ذلك كله حيضاً وإن لم تر فيه الدم (¬4)؛ لأن المرأة الحائض لا ترى الدم سائلاً أبداً، يسيل مرة وينقطع مرة. فإذا كان أول دمها حيضاً وآخره حيضاً كانت الأيام كلها حيضاً. وإذا كان أول الدم حيضاً وآخره استحاضة أو أوله (¬5) ليس بحيض وآخره ليس بحيض لم يكن بينهما حيض أبداً. وكذلك إن كان أوله ليس بحيض وآخره حيضاً لم تكن (¬6) تلك الأيام التي لم تر فيها الدم حيضاً. وإذا بلغت المرأة مبلغ النساء ولم تحض (¬7)، فرأت الدم يوماً واحداً، ثم انقطع ثمانية أيام، ثم رأته ثلاثة أيام، ثم انقطع، فإن قياس قول أبي يوسف في ذلك: إن اليوم الأول والثمانيةَ الطهرَ واليومَ العاشر الذي رأت فيه الدم حيض كله، واليومان الحادي عشر والثاني عشر الذي رأت فيهما (¬8) الدم فهي فيهما مستحاضة. وقال محمد: الأيام الثلاثة الأواخر حيض، وما سوى ذلك استحاضة. وإن كانت أول ما (¬9) رأت الدم رأته يوماً، ثم انقطع الدم تسعة أيام كمال العشرة، ثم رأت الدم ¬

_ (¬1) م: تكون. (¬2) ق: أيكون. (¬3) م: حيظا. (¬4) م - من الأيام وغير ذلك. (¬5) م: وأوله. (¬6) ق: لم يكن. (¬7) م: ولم تحيض. (¬8) ك ق: فيها. (¬9) م: مات.

ثلاثة أيام مستقبلة، ثم انقطع، فإن قياس قول أبي يوسف في ذلك أن اليوم الأول الذي رأت فيه الدم والتسعة الأيام التي رأت فيها الطهر حيض كله، والثلاثة الأيام التي رأت فيها الدم استحاضة، تغتسل عند مضي العشرة، وتتوضأ لكل وقت صلاة وتصلي. وأما في قول محمد فإن الأيام الثلاثة التي رأت فيها الدم أخيراً هي الحيض، تدع فيها الصلاة والصيام، واليوم الأول الذي رأت فيه الدم استحاضة، تصوم فيه (¬1) وتصلي ويأتيها زوجها. وإذا بلغت المرأة مبلغ النساء ولم تحض، فرأت الدم أول ما رأته ثلاثة أيام، ثم انقطع عنها سبعة أيام كمال العشرة، ثم رأته اليوم الحادي عشر، ثم انقطع، فإن أبا يوسف قال في هذا (¬2): الثلاثة الأولى (¬3) والسبعة التي رأت فيها الطهر حيض كله، واليوم الحادي عشر الذي رأت فيه الدم استحاضة. وأما في قول محمد فالثلاث الأُوَل التي رأت فيها الدم حيض، وما سوى ذلك استحاضة كله؛ لأن الدم (¬4) الذي رأته في اليوم الحادي عشر دم استحاضة، فلا تَجعل (¬5) تلك السبعةَ الأيام التي رأت فيها الطهر حيضاً. ولو كانت المرأة أول ما رأت الدم رأته أربعة أيام، ثم انقطع خمسة أيام، ثم رأته يومين، ثم انقطع، فإن قول أبي يوسف: إن الأيام الأول والخمسة الأيام التي رأت فيها الطهر واليوم العاشر الذي رأت فيه الدم حيض كله، واليوم الحادي عشر الذي رأت فيه الدم استحاضة، تصوم فيه وتصلي ويأتيها زوجها. فكذلك قول محمد في هذا أيضاً؛ لأن اليوم العاشر رأت فيه دماً، فكان ذلك الدم حيضاً، فيصير الطهر الذي قبله (¬6) حيضاً. ... ¬

_ (¬1) م - فيه. (¬2) م + في. (¬3) ك ق: الأول. (¬4) م - الدم. (¬5) ق: يجعل. (¬6) ق: قيله.

باب ما يختلف فيه الحيض والطهر من المرأة التي لم تكن لها أيام معروفة

باب ما يختلف فيه الحيض والطهر من المرأة التي لم تكن (¬1) لها أيام معروفة وقال محمد بن الحسن: إذا بلغت المرأة مبلغ النساء ولم تحض، ثم استمر بها الدم، فرأت يوماً دماً ويوماً طهراً، حتى أتى عليها ثلاثة أشهر، ثم انقطع عنها، فإن أبا يوسف قال: عشرة أيام من أول دمها حيض، وعشرون طهر (¬2). وقال محمد: تسعة أيام من أول ما رأت (¬3) الدم حيض، وواحد وعشرون طهر، وتسع حيض وواحد وعشرون طهر، ولا يكون اليوم العاشر حيضاً؛ لأنها رأت فيه الطهر، ولم يكن في اليوم الذي بعده حيض فَيُصَيِّرَهُ (¬4) حيضاً. ولو كانت رأت يومين حيضاً ويومين طهراً حتى أتت عليها ثلاثة أشهر، كانت عشرة من أول ما رأت الدم حيضاً، وعشرون طهراً، وعشرة حيضاً، وعشرون طهراً (¬5)، وعشرة حيضاً، وعشرون طهراً، في قول أبي يوسف. وأما في قول محمد فعشرة أيام من أول دمها حيض، واثنان وعشرون يوماً طهر، وستة أيام بعد ذلك حيض، واثنان وعشرون يوماً طهر، وعشرة أيام حيض، وما بقي طهر. ولو كانت رأت ثلاثة أيام دماً وثلاثة أيام طهراً حتى أتت عليها ثلاثة أشهر، كان في قول أبي يوسف عشرة أيام حيضاً وعشرون طهراً، وعشرة أيام حيضاً وعشرون طهراً، وعشرة أيام حيضاً وعشرون طهراً؛ وفي قول محمد تسعة حيض وواحد وعشرون طهر حتى يأتي على الثلاثة الأشهر. ولو رأت أربعة أيام دماً وأربعة أيام طهراً كان هذا في قول أبي يوسف عشرة حيضاً وعشرون طهراً حتى يأتي (¬6) على الثلاثة الأشهر، وفي قول محمد عشرة من أول ما رأت الدم حيض واثنان وعشرون يوماً طهر، وأربعة ¬

_ (¬1) ك: لم يكن. (¬2) م: حيض. (¬3) م: من أول مات. (¬4) ك ط: فنصيره؛ ج ر: فيصير. (¬5) ق - وعشرة حيضاً وعشرون طهراً. (¬6) ك: حتى تأتي.

حيض وثمانية وعشرون طهر، وأربعة حيض، وما بقي طهر. ولو كانت رأت خمسة دماً وخمسة طهراً، وخمسة دماً وخمسة طهراً، حتى أتت عليها ثلاثة أشهر، كانت عشرةٌ من أول ما رأت الدم في قول أبي يوسف خمسةً (¬1) حيضاً وعشرون طهراً، وعشرة حيضاً وعشرون طهراً، وعشرة حيضاً (¬2) وعشرون طهراً. وأما في قول محمد فخمسة حيض وخمسة وعشرون طهر، وخمسة حيض وخمسة وعشرون طهر، وخمسة حيض وخمسة وعشرون طهر (¬3)، حتى تأتي (¬4) عليها الثلاثة الأشهر. وكيف تكون الخمسة التي لم تر فيها الدم حيضاً وهي لم تر بعدها في اليوم الحادي عشر إلا دم الاستحاضة، ودم الاستحاضة طهر؟ فكيف يكون ما لم تر (¬5) فيه دماً حيضاً وهي لم تر (¬6) بعدُ حيضاً؟ فإن كانت أول ما رأت الدم رأت ستة أيام دماً وستة طهراً، وستة أيام دماً وستة طهراً، وستة دماً وستة طهراً، حتى أتى ذلك على ثلاثة أشهر، كان عشرة من أول ما رأت الدم فيه حيضاً وما لم تر (¬7) فيه الدم في قول أبي يوسف، وعشرون (¬8) طهر، وعشرة حيض، وعشرون طهر. وأما (¬9) في قول محمد فستة أيام من أول ما رأت الدم حيض، وثلاثون طهر، وستة حيض، وثمانية عشر يوماً طهر، وستة أيام حيض، وما بقي طهر؛ لأنها حين لم تر الدم في أيامها المعروفة الأُوَل في الحيضة الثانية ورأت الطهر أيامها كلها لم يكن ذلك حيضاً، فصارت الست التي رأت فيها الدم بعد أيامها التي طهرتها في الحيض، وما سوى ذلك استحاضة. ¬

_ (¬1) كذا في جميع النسخ. وهو صحيح. لكن غيره في ط إلى "عشرة" واحتج لذلك في الهامش بما لا يفيد. وهو خطأ. ومعنى العبارة: ... كانت عشرة أيام ابتداء من أول ما رأت الدم خمسة أيام حيضاً في قول أبي يوسف ... (¬2) ق: طهر. (¬3) م - وخمسة حيض وخمسة وعشرون طهر. (¬4) م ق: حتى يأتي. (¬5) م: لم ير. (¬6) م - تر. (¬7) م: لم ير. (¬8) جميع النسح: عشرون. والتصحيح مستفاد من ب، والكافي، 1/ 29 و. (¬9) م ق: فأما.

باب المرأة يكون حيضها معروفا فيزيد أو ينقص

باب المرأة يكون حيضها معروفاً فيزيد أو ينقص قال محمد بن الحسن: إذا كانت المرأة تحيض في أول كل شهر خمسة أيام حيضاً معروفاً، فحاضت مرة أربعة أيام في أول الشهر، ثم انقطع الدم خمسة أيام، ثم حاضت يوماً بعد ذلك تمام العشرة، فهذا حيض كله في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإن رأت الدم ثلاثة أيام في أول الشهر، ثم انقطع تسعة أيام، ثم رأته يوماً واحداً أو يومين أو ثلاثة أيام، فإن الحيض الثلاثة الأيام الأول، وما سوى ذلك استحاضة في قول محمد. وقال أبو يوسف: خمسة أيام من أول الشهر حيض: الأيام الثلاثة الأول التي رأت فيها الدم، ويومين (¬1) من أيام طهرها، وما سوى ذلك استحاضة. وقال محمد: وكيف يكون اليومان اللذان رأت فيهما الطهر حيضاً وهي لم تر بعدهما دماً يكون حيضاً؟ إنما رأت دماً يكون استحاضة، فذلك الدم لا يجعل الطهر حيضاً. فإن كان (¬2) حيضها من أول الشهر خمسة أيام، فرأت الدم ثلاثة أيام، ثم انقطع خمسة أيام، ثم رأت الدم ثلاثة أيام، ثم انقطع، فإن الحيض الثلاثة الأيام الأول، ولا يكون شيء مما سوى ذلك حيضاً في قول محمد. وقال أبو يوسف: خمسة من أول الشهر: الثلاثة الأيام التي رأت فيها الدم، ويومان بعد ذلك حيض كله. فإن كانت صامت في ذينك اليومين من أمر واجب عليها فلتقضه؛ لأن الخمسة من أول الشهر كانت أيام حيضها، فهي حيض كلها. وقال محمد: لا يكون (¬3) اليومان اللذان (¬4) طهرت فيهما حيضاً؛ لأنها لم تر بعدهما (¬5) دماً يكون حيضاً (¬6). أرأيت لو لم تر الدم في هذه الأيام الثلاثة الأواخر أكان (¬7) يكون ذانك اليومان حيضاً؟ قال: لا، إنما ¬

_ (¬1) م: يومين. (¬2) م - كان. (¬3) م: لا تكون. (¬4) ق: الذان. (¬5) جميع النسح: بعدها. والتصحيح من ط. (¬6) م: حيضها. (¬7) ك م: كان.

ذانك اليومان حيض إذا رأت في هذه الأيام الثلاثة (¬1) الأواخر دماً. قال: أرأيت هذا اليوم في هذه الأيام الثلاثة أحيض هو؟ (¬2) قال: (¬3) لا. قال: وتصلي فيه وتصوم ويأتيها زوجها لأنها فيه بمنزلة الطاهر؟ قال (¬4): نعم. قال: فكيف يُصيِّر (¬5) هذا الدم وهو غير حيض يومين لم تر فيهما (¬6) دماً حيضاً؟ ليس هذا بشيء، وليس يكون اليومان حيضاً إلا أن ترى بعدهما دماً، فيكون حيضاً. ولو أن امرأة كان حيضها من أول الشهر خمسة أيام، فرأت في أول الشهر يوماً، أو يومين دماً، ثم رأت اليوم العاشر واليوم الحادي عشر دماً، ثم انقطع الدم بعد ذلك، قال محمد: لا يكون شيء من هذا الدم حيضاً؛ لأن الدم الثاني استحاضة، فكأنه طهر. ولم تر (¬7) الدم في أول الشهر في أيام حيضها إلا يوماً أو يومين، فلا يكون ذلك حيضاً؛ لأن الحيض لا يكون أقل من ثلاثة أيام. وقال أبو يوسف: خمس من أول الشهر حيض، ما رأت فيه الدم وما لم تر فيه. ولو كانت رأت اليوم العاشر واليوم الحادي عشر واليوم الثاني عشر دماً، ورأت في أول الشهر دماً يوماً أو يومين، فإن (¬8) محمداً قال في ذلك: ما رأت (¬9) فيه الدم في أول الشهر استحاضة، تقضي صلاتها، ويجزيها صومها إن كانت صامت، وهذه الأيام الثلاثة الأُخَر حيض (¬10) إن كان بينها وبين الدم الذي يحدث بعد هذا خمس عشرة ليلة طهر؛ لأن هذا حيض منتقل. وقال أبو يوسف: هذه الأيام الأخيرة (¬11) الثلاثة استحاضة، وخمسة أيام من أول الشهر حيض وإن لم تكن رأت الدم من ذلك في أول الشهر إلا ساعة من نهار. وقال محمد: ¬

_ (¬1) ق: الثلاثة الأيام. (¬2) ك - هو. (¬3) ك ق: قالوا. (¬4) جميع النسخ وط: قالوا. (¬5) ك: نصير؛ م: يصر؛ ق: تصير. (¬6) م: لم ير فيها. (¬7) م: ولم ير. (¬8) م: قال. (¬9) م - رأت. (¬10) ق + منتقل وقال أبو يوسف هذه الأيام الآخرة الثلاثة استحاضة حيض. (¬11) ك ق: الآخرة.

باب ما يختلف فيه الطهر والحيض من المرأة التي لها أيام معروفة

كيف يكون الطهر حيضاً بساعة من نهار رأت (¬1) فيه الدم، والدم المعروف الذي يشبه الحيض ليس بحيض؟ ينبغي لمن قال هذا أن يقول: لو أن هذه المرأة ثبتت (¬2) على هذا عشرين سنة من عمرها، ترى في أول الشهر الدم ساعة من نهار، ثم ينقطع، ثم تراه اليوم العاشر والحادي عشر والثاني عشر والرابع عشر حتى (¬3) تراه خمسة أيام، فكانت ترى الدم هكذا في كل شهر أول الشهر ساعة، وخمسة أيام على هذه الصفة، لكان الحيض في قوله الخمسة الأولى من الشهر التي رأت فيها الطهر (¬4) إلا ساعة حيض، وهذه الخمسة الأيام التي رأت فيها الدم طهراً كلها، تصوم فيها وتصلي (¬5) ويأتيها زوجها. ليس هذا بشيء، والأمر على ما وصفت. ... باب ما يختلف فيه الطهر والحيض من المرأة التي لها أيام معروفة وقال محمد بن الحسن: لو أن امرأة كان حيضها خمسة أيام من أول الشهر في كل شهر، معروف ذلك، فرأت في أول الشهر يوماً دماً ويوماً طهراً، حتى تراه على ذلك أكثر من عشرة أيام، كانت الخمسة الأولى حيضاً، وما سوى ذلك استحاضة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولو رأت في أول يوم من الشهر طهراً، والثاني دماً، والثالث طهراً، والرابع دماً، حتى تراه أكثر من عشرة أيام، فإن قول محمد في ذلك: إن اليوم الأول من الشهر ليس بحيض، وثلاثة أيام بعد اليوم الأول حيض، وما سوى ذلك استحاضة. وأما في قول أبي يوسف فاليوم الأول ليس بحيض، والأربعة الأيام (¬6) الباقية حيض كلها. ¬

_ (¬1) م: ورأت. (¬2) م ز: ثبت. (¬3) ك - حتى. (¬4) م: الظهر. (¬5) م - وتصلي. (¬6) م: أيام.

ولو كان حيضها خمسة أيام من أول الشهر، فرأت أول يوم حيضاً، والثاني طهراً، والثالث حيضاً، والرابع طهراً، والخامس حيضاً، والسادس طهراً، والسابع حيضاً، والثامن طهراً (¬1)، والتاسع حيضاً، والعاشر طهراً، ثم انقطع الدم، كان الحيض تسعة أيام من أول الشهر، وما سوى ذلك طهراً في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولو كانت رأت الطهر أول يوم (¬2) من الشهر، والثاني حيضاً، والثالث طهراً، والرابع حيضاً، والخامس طهراً، والسادس حيضاً، والسابع طهراً، والثامن حيضاً، والتاسع طهراً، والعاشر حيضاً، ثم انقطع الدم، فإن تسعة من ذلك حيض (¬3)، والطهرُ من ذلك اليومُ الأول؛ لأنها (¬4) لم تر فيه دماً في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولو أن امرأة كان حيضها خمسة أيام من أول الشهر، فرأت الدم قبل رأس الشهر يوماً، ويومًا طهراً، ويوماً حيضاً، حتى تمت لها عشرة أيام لم تزد (¬5) على ذلك شيئاً، فاليوم الذي تقدم (¬6) قبل أول الشهر استحاضة، وأما العشرة التي هي أول الشهر (¬7) فإن تسعة أيام منها حيض، وهو اليوم الأول والثمانية الأيام التي بعدها، واليوم العاشر الذي (¬8) لم تر (¬9) فيه دماً وما بعد ذلك طهر كله. ولو كانت رأت اليوم الحادي عشر أيضاً دماً ثم انقطع الدم عنها فإن قول محمد في ذلك: إن ثلاثة أيام من ذلك حيض، وهو اليوم الثالث الذي رأت فيه الدم واليوم الرابع الذي لم تر فيه دماً واليوم الخامس الذي رأت (¬10) فيه الدم، وما سوى ذلك استحاضة؛ لأن اليوم الأول الذي ¬

_ (¬1) ق: طهر. (¬2) ق: ويوم. (¬3) ق + والحيض. (¬4) ق: لا. (¬5) م: لم يزد. (¬6) م: يقدم. (¬7) م ق - استحاضة وأما العشرة التي هي أول الشهر؛ صح ق هـ. (¬8) م - الذي. (¬9) م: لم يرد. (¬10) ق: تر.

رأت فيه الدم لم يكن دمه (¬1) حيضاً، وكان استحاضة (¬2). فلما كان ذلك الدم غير حيض كان اليوم (¬3) الذي بعده الذي لم تر فيه الدم طهراً أيضاً. وهو من أيام (¬4) أقرائها (¬5)، ثم رأت الدم اليوم الثالث، وهو اليوم الثاني من أيام أقرائها (¬6)، فهذا أول حيضها، ثم رأت اليوم الرابع طهراً، وهو اليوم الثالث من أيام أقرائها (¬7)، ثم رأت اليوم الخامس دماً، وهو (¬8) اليوم الرابع من أيام حيضها، فكان (¬9) اليوم الذي كانت فيه طاهراً فيما بين هذين اليومين حيضاً؛ لأن قبله حيض وبعده دم حيض، ورأت في اليوم السادس طهراً، وهو اليوم الخامس من أيام حيضها, ولم تر بعده دم حيض، فذلك اليوم لا يكون حيضاً، فكان حيضها اليوم الثاني من أيام حيضها، واليوم الثالث والرابع، وما سوى ذلك مما قبله وبعده استحاضة. وأما في قول أبي يوسف فالخمسة الأيام التي كانت تجلسها (¬10) فيما مضى من أول الشهر حيض كلها، والأيام التي قبلها التي رأت فيها الدم وما بعدها استحاضة كلها. وقال محمد: كيف يكون اليوم الأول الذي من أيام حيضها حيضاً ولم تر فيه دماً؟ وإنما رأت الدم في يوم كان قبله، ولم يكن ذلك الدم (¬11) حيضاً. فكيف يكون اليوم الأول من أيام حيضها الذي لم تر فيه الدم حيضاً (¬12) وهي لم تر قبله (¬13) حيضاً؟ ليس هذا بشيء، وليس الحيض إلا الدم الذي يكون حيضاً، والطهر الذي بين الدمين اللذين يكونان حيضاً، وما سوى ذلك استحاضة. ¬

_ (¬1) م: لم تكن فيه. (¬2) ق - لأن اليوم الأول الذي رأت فيه الدم لم يكن دمه حيضاً وكان استحاضة. (¬3) م: الدم. (¬4) م - أيام. (¬5) م: أقرانها. (¬6) ك - ثم رأت الدم اليوم الثالث وهو اليوم الثاني من أيام أقرائها، صح هـ؛ م: أقرانها. (¬7) م: أقرانها. (¬8) ق: هو. (¬9) ط - ذلك. (¬10) م ق: تحبسها. (¬11) ق: اليوم. (¬12) م - حيضاً. (¬13) م: فيه.

باب الحيض الذي يكون للمرأة فيه أيام معروفة فيتقدم الدم أو يتأخر

باب الحيض الذي يكون للمرأة فيه أيام معروفة فيتقدم الدم أو يتأخر قال محمد بن الحسن: ولو أن امرأة كان حيضها خمسة أيام في أول (¬1) كل شهر من أول الشهر معروف ذلك، فرأت دماً خمسة أيام قبل هذه الخمسة الأيام، ورأت الطهر أيامها المعروفة، ورأت بعد ذلك الدم يوماً أو يومين أو ثلاثة، فإن محمداً قال: الخمسة الأيام الأول حيض، وما سوى ذلك استحاضة. وفي قول أبي يوسف الحيض الخمس التي رأت فيها الطهر، والخمس الأول (¬2) التي رأت فيها الدم واليومان الآخران اللذان رأت فيهما (¬3) الدم استحاضة. قال محمد: وكيف تكون (¬4) الأيام التي لم (¬5) تر (¬6) فيها الدم حيضاً، والأيام التي رأت فيها الدم طهراً؟ أرأيتم لو ثبتت على هذا عشرين سنة أكان يكون طهرها حيضاً، ودمها طهراً؟ ليس هذا بشيء. إنما يكون الطهر حيضاً إذا كان قبله دم يكون حيضاً وبعده دم يكون حيضاً. فأما ما سوى ذلك من الأيام التي لم تر (¬7) فيها الدم فلا يكون حيضاً. ولو أن امرأة كان حيضها خمسة أيام من أول كل شهر، فتقدم حيضها، فرأت الدم قبل أيام حيضها خمسة أيام، ثم رأت بعد ذلك يومين دماً من أيام حيضها، ثم رأت ثلاثة أيام من أيام (¬8) حيضها طهراً، ثم رأت بعد ذلك ثلاثة أيام دماً، ثم انقطع، فإن محمداً قال في ذلك: الخمس الأول حيض، وما سوى ذلك استحاضة. ولو كانت رأت الدم الخمس (¬9) الأول، ثم رأت ثلاثة أيام من أيام حيضها طهراً، ثم رأت يومين من أيام حيضها دماً، ثم رأت بعد ذلك ثلاثة أيام دماً، ثم انقطع الدم، فإن محمداً قال: الخمسة الأيام الأول التي رأت فيها الدم حيض ¬

_ (¬1) ق - أول. (¬2) ك ق: الأولى. (¬3) جميع النسح: فيها. (¬4) ق: يكون. (¬5) ق - لم. (¬6) م: لم ير. (¬7) م: لم ير. (¬8) م - أيام. (¬9) ق: الخمسة.

باب انتقال الحيض عن أيامها التي كانت تجلس فيما مضى

كلها، وما سوى ذلك استحاضة؛ لأن الأيام الخمسة الأول لما كانت حيضاً كان ما بعدها من أيامها استحاضة، ولو لم أجعل الأيام الأول حيضاً لم تكن أيامها حيضاً، فلا بد من أن أجعل الأيام الأول حيضاً. فإذا جعلت الأول حيضاً كان ما بعدها من أيامها استحاضة (¬1)؛ لأنها لم تر فيها ثلاثة أيام دماً. فإذا لم (¬2) تر فيها ثلاثة أيام دماً فذلك حيض منتقل؛ لأن أقل من ثلاثة أيام من الدم لا يكون حيضاً. ولو أن امرأة كان حيضها خمسة أيام من أول الشهر، فتقدم حيضها خمسة أيام، فرأت الدم خمسة أيام قبل أيام حيضها، ثم رأت من أيام حيضها ثلاثة أيام دماً، ثم رأت الطهر يومين، ثم رأت بعد ذلك ثلاثة أيام دماً، فصار ذلك كله ثلاثة عشر يوماً، فهي مستحاضة في ذلك في الأول وفي الآخر إلا الثلاثة الأيام التي رأت فيها الدم في أيام حيضها خاصة. وكذلك لو رأت الدم خمسة أيام قبل أيام حيضها، ثم رأت الطهر (¬3) يومين، ثم رأت الدم الثلاثة الباقية من أيام حيضها، ثم رأت دماً ثلاثة أيام أخرى، حتى كان ذلك كله ثلاثة عشر يوماً، فجميع ذلك استحاضة إلا الثلاثة الأيام التي رأت فيها الدم في أيام حيضها، فإن ذلك حيض، وما سوى ذلك استحاضة. وهذا كله قول محمد. وفي قول أبي يوسف أيامها الخمسة التي كانت تجلس فيها فيما مضى هي الحيض، رأت فيها الدم أم لم تره في ذلك كله. ... باب انتقال الحيض عن أيامها التي كانت تجلس فيما مضى قال محمد: لو أن امرأة كان حيضها في أول الشهر ثلاثة أيام، معروف ¬

_ (¬1) م - ولو لم أجعل الأيام الأول حيضاً لم تكن أيامها حيضاً فلا بد من أن أجعل الأيام الأول حيضاً فإذا جعلت الأول حيضاً كان ما بعدها من أيامها استحاضة. (¬2) ق - لم. (¬3) م: الظهر.

ذلك لها، فتقدم حيضها قبل أول الشهر أحد عشر يوماً، وطهرت أيام حيضها، فلم تر (¬1) فيها (¬2) دماً ولا بعدها، فإن قياس قول أبي حنيفة في ذلك (¬3) أن الأحد عشر يوماً استحاضة كلها، إلا أن يعاودها الدم في مثل تلك الحال أحد عشر يوماً أخرى. فإن عاودها الدم كانت ثلاثة أيام من الأيام الأول أولها حيض، وثلاثة أيام من هذه الأحد عشر يوماً الآخرة من أولها حيض، وما سوى ذلك استحاضة. وأما في قول محمد فثلاثة أيام (¬4) من الأحد عشر يوماً الأُوَل من أولها حيض، عاودها الدم أو لم يعاودها. فإن عاودها الدم أيضاً كذلك فثلاثة أيام (¬5) من أولها حيض؛ لأن أيامها لما طهرت فيها مرتين علمنا (¬6) أن حيضها قد انتقل، فصار حيضها ثلاثة أيام من هذه الأيام أولها، وما سوى ذلك استحاضة. ولا يكون حيضها أكثر من ثلاثة أيام؛ لأنه حيضها المعروف، إلا أن ذلك تحول (¬7) عن موضعه. ألا ترى أن امرأة لو كان حيضها (¬8) خمسة أيام في أول الشهر، فحملت، فوضعت لعشر بقين من الشهر، وذلك أول ما حبلت (¬9)، فمد (¬10) بها الدم سبعين يوماً، ثم انقطع، كانت أربعون يوماً من ذلك نفاساً، وخمسة وعشرون طهراً، وخمسة حيض، لا يَزيدها (¬11) في الحيض على خمسة أيام؛ لأن حيضها كان خمساً. فقد تغير عن موضعه، ولا يغيره (¬12) عن الخمس إلى العشر ولا إلى غيرها, ولا يغير طهرها أيضاً عن حاله، فكذلك الوجه الأول. ولو أن امرأة كان حيضها خمسة أيام في أول الشهر، فحاضتها، ثم مد بها الدم حتى أكملت (¬13) الشهر، ثم انقطع الدم أيام حيضها الأول التي كانت تجلس الخمسة الأيام، ثم مد بها الدم كذلك، فإن محمداً قال: ¬

_ (¬1) م: فإن لم ير. (¬2) ق: فيه. (¬3) ق + الا. (¬4) جميع النسخ: الأيام. (¬5) م: الأيام. (¬6) م: علمتا. (¬7) م ق: يحول. (¬8) م - حيضها. (¬9) ق: ما حلت. (¬10) م ق: فمر. (¬11) أي لا يَزيدها محمد بن الحسن. أي لا يحكم بزيادتها. (¬12) ك: ولا تغيره. (¬13) ق: أكلمت.

خمسة أيام من الأيام التي رأت فيها الدم بعد أيامها التي طهرتها (¬1) حيض، وما سوى ذلك استحاضة، حتى تجيء (¬2) كذلك مرة أخرى أيضاً، فلا تزال (¬3) خمسة أيام بعد أيامها المعروفة التي طهرتها حيض، وما سوى ذلك ليس بحيض من الأيام التي رأت فيها الدم والخمسة الأيام التي طهرت فيها. ولا تكون (¬4) الأيام التي طهرت فيها حيضاً وهي لم تر فيها دماً. وقال: في قياس قول أبي يوسف فكل شيء رأت الدم فهو استحاضة، والخمسة الأيام التي طهرت فيها هي الحيض. فإن كانت كذلك عشرين سنة أو ثلاثين سنة فما رأت فيه الدم فهو طهر في قياس قول أبي يوسف، تصوم فيه وتصلي ويأتيها زوجها، والخمسة الأيام التي لم تر فيها الدم هي فيها حائض لا تصوم (¬5) فيها ولا تصلي ولا يأتيها زوجها. ولو أن امرأة كان حيضها خمسة أيام في أول كل شهر، فتقدم حيضها خمسة أيام، وطهرت أيامها، فإن هذا في قول محمد حيض، وأيامها طهر. فإن رأت في الحيضة الثانية الدم الخمسة الأيام التي تقدمت وأيامها الأُوَل وزيادة يوم آخر كانت مستحاضة في (¬6) الأيام الخمسة المتقدمة وفي اليوم المتأخر عن أيام حيضها الأول، وكان أيام حيضها من ذلك هي الأيام الأول التي كانت تقعد. ولو كانت رأت الدم في الخمسة الأيام المتقدمة مرتين، وطهرت أيامها المعروفة وما بعدها، ثم إنها بعد ذلك رأت الدم الخمسة الأيام المتقدمة والخمسة الأيام التي كانت ترى فيها الدم فيما مضى وزيادة يوم آخر، فإن الحيض من ذلك الخمسة الأيام المتقدمة، وما سوى ذلك استحاضة؛ لأن الدم عاودها في تلك الأيام مرتين، وكانت أيام حيضها طاهراً مرتين، فانتقل حيضها من أيامها الأول إلى هذه الخمسة الأيام المتقدمة. ولو أن امرأة كان حيضها خمسة أيام من أول الشهر في كل شهر، فانقطع الدم عنها شهراً لم تر فيه دماً في أيام حيضها ولا في غيرها، فلما ¬

_ (¬1) ق: طهر بها. (¬2) ك: حتى يجيء. (¬3) م: فلا يزال. (¬4) ق: يكون. (¬5) م: ولا تصوم. (¬6) م: هي.

كان الشهر الثاني رأت الدم قبل أيام حيضها بخمسة أيام وأيام حيضها الخمسة وزيادة يوم، فرأت الدم أحد عشر يوماً، فإن أيامها الخمسة التي كانت تجلس فيما مضى هي الحيض، وما سوى ذلك مما تقدم أو تأخر استحاضة. ولو أنها طهرت أيام حيضها المعروفة مرتين، فلم تر فيها ولا في غيرها دماً، فانقطع الدم عنها شهرين، ثم رأت الدم قبل أيامها المعروفة بخمسة أيام، ورأته أيامها المعروفة الخمسة أيضاً، ورأته زيادة يوم، فرأته أحد عشر يوماً، كانت خمسة أيام من أول هذه الأيام حيضاً، وما سوى ذلك استحاضة؛ لأنها إذا طهرت أيام حيضها مرتين فقد بطلت تلك الأيام من أن تكون حيضها، فأيام حيضها أول خمسة أيام ترى (¬1) فيها الدم، وما سوى ذلك استحاضة. ألا ترى أنها لو حبلت ثم وضعت فأرضعت فلم تر (¬2) حيضها في رضاعها كله حتى فطمت، ثم رأت الدم فمد بها أشهراً، أن خمسة أيام من أول ما رأت الدم حيض، وما سوى ذلك استحاضة، حتى يمر بها تمام شهر من (¬3) حين رأت الدم، ثم تكون (¬4) خمسة أيام حيضاً (¬5)، فيكون كذلك أبداً. وهو حيض منتقل عن الأول، فكما تنقله برؤية الدم في غيره مرتين فكذلك تنقله (¬6) برؤية الدم من أن يكون حيضاً (¬7) بالطهر (¬8) فيه مرتين، رأت الدم في غيره أو لم تر. ولكنه لا ينتقل أن يكون خمساً خمساً كما كان، ولكنه ينتقل من موضع إلى موضع؛ لأن الحيض يرفعه الحبل ويرفعه الرضاع ويرفعه الريح، ثم يذهب الذي رفعه فيعود، فإذا عاد كان حيضها من يوم يعود (¬9)، ولم تنتظر بها الأيام التي كانت تجلسها. وإنما عاد الحيض الذي كان، فهو على الخمسة أبداً حتى تزيد (¬10) على الخمسة مرتين بصحة، فيكون قد (¬11) تحول عن الخمسة أيضاً ¬

_ (¬1) ق: تر. (¬2) م: فلم ير. (¬3) م ز: شهرين. (¬4) ق: ثم يكون. (¬5) م: حيضها. (¬6) م: نقله. (¬7) ق: خيضا. (¬8) م: للطهر. (¬9) م: تعود. (¬10) م: حتى يزيد. (¬11) ك: هذا.

إلى غيرها. فإذا لم تزد على الخمسة فإنما عاد في غير الأيام التي كانت تجلسها؛ لأن الذي منعها من الحيض الحبل والرضاع والمرض والريح، ثم ذهب عنها في غير وقتها التي كانت تجلس، فعاد ذلك الحيض الذي كان ذهب في غير وقتها على ما كان عليه من عدد هذه الأيام والطهر. ولو أن امرأة كان حيضها خمسة أيام من كل شهر في أول الشهر، فطهرت أيامها الخمسة، ورأت الدم خمسة بعدها، ثم انقطع الدم، فإنها في هذه الخمسة حائض، ولم ينتقل حيضها إليها بعد. فإن عاد الشهر الثاني فطهرت الخمسة الأول التي كانت تحيض فيها وخمستها هذه التي حاضتها في الشهر الأول، ثم مد بها (¬1) الدم أشهراً، فإن خمسة أيام من أول ما رأت هذا الدم الآخر حيض، وما سوى ذلك استحاضة حتى يتم لها شهر منذ رأت الدم الآخر، ثم تكون حائضاً خمساً، فيكون (¬2) هذا دأبها؛ لأنها قد طهرت في أيامها الأول مرتين، فصارت ليست لها بأيام، ولم تر الدم في أيامها الثانية مرتين فيكون حيضاً (¬3) انتقل إليها، فأيامها خمسة أيام من أول يوم من دمها هذا الأخير (¬4). وكذلك لو أن امرأة كان حيضها المعروف خمسة أيام من أول الشهر، فطهرت تلك الخمسة الأيام مرة، فلم تر فيها دماً، ثم رأت بعدها أحد عشر يوماً حيضاً، جعلنا خمسة أيام من هذه الأيام حيضها، وما سوى ذلك استحاضة. فإذا طهرت أيامها الخمسة في الشهر الثاني أيضاً، ثم رأت أحد عشر يوماً دماً، كان حيضها خمسة أيام (¬5) من أول هذا الدم، وقد انتقل حيضها من الخمسة الأيام الأولى (¬6)، فصارت ليست لها بأيام حيض. فان مد بها الدم بعد ذلك شهراً، فرأت الدم تلك الخمسة الأيام التي كانت تجلس وفي غيرها، فخمسة أيام من أول الأحد عشر يوماً التي حاضتها في تلك المرتين حيض، وما سوى ذلك استحاضة. إذا طهرت في خَمْسِها (¬7) التي كانت تحيض فيما مضى مرتين فلا أبالي إلى ¬

_ (¬1) ق: مدها. (¬2) ق: فتكون. (¬3) م: حيضها. (¬4) ك ق: الآخر. (¬5) ك ق - أيام. (¬6) ك ق: الأول. (¬7) م: في خمستها.

دم فاسد انتقلت أو إلى دم جائز. خمسة أيام من الدم الفاسد الذي انتقلت إليه من أولها حيض، وما سوى ذلك استحاضة. ولو أن امرأة كان حيضها أربعة أيام من أول الشهر من أول كل شهر، فحاضت أربعة أيام من أول الشهر، ثم طهرت خمسة عشر يوماً، ثم رأت الدم أحد عشر يوماً، فصار ذلك كمال الشهر، ثم طهرت أيامها الأربعة، فإن أربعة أيام من أول الأحد عشر يوماً التي رأت فيها الدم حيض، وما سوى ذلك استحاضة. ولو كانت لم تطهر أيامها الأربعة، ولكنها رأت فيها الدم مع الأحد عشر يوماً الأول، أو رأت في ثلاثة أيام منها، فالأيام التي رأت فيها الدم في أيام حيضها هذه الأربعة الآخرة حيض، وما سوى ذلك مما رأت فيه الدم من الأحد عشر يوماً المتقدمة استحاضة. ولو كانت رأت الدم في اليومين الأولين من الأربعة الأيام أيام حيضها الآخرة أو في اليومين الآخرين لم يكن ذلك حيضاً، وكانت أربعة أيام من أول الأحد عشر الأول هي الحيض، وما سوى ذلك استحاضة. وهذا قول محمد. وأما في قول أبي يوسف فإذا رأت الدم في اليومين الآخرين من الأربعة الأيام الآخرة أيام حيضها، ورأت الطهر في اليومين الأولين منها، فالأربعة كلها حيض، وما سوى ذلك استحاضة. ولو أن امرأة كان حيضها أربعة أيام من أول كل شهر، فرأت الدم أربعة أيام من أول الشهر، ثم مد بها الدم حتى مر الشهر، ثم انقطع (¬1) أيامَ حيضها وبَعْدَ ذلك، فهذه مستحاضة فيما زاد على الأربعة الأيام الأول؛ لأن الدم كان موصولًا، ولم يكن بينه وبين أيام حيضها طهر خمسة عشر يوماً، فكان ذلك دماً فاسداً، وكانت استحاضة كلها. فإن طهرت أيامها هذه الأربعة الثانية، ثم رأت الدم بعد ذلك فمَد بها (¬2) أحد عشر يوماً، فإن أربعة أيام من هذه الأحد عشر يوماً حيض، وما سوى ذلك استحاضة في قول عمدة لأن أيامها المعروفة لما طهرت فيها كانت أربعة أيام منها من الدم الذي رأته بعدها حيضاً. وفي قول أبي يوسف أيامها الأربعة التي طهرت ¬

_ (¬1) أي الدم. (¬2) ق: فمدها؛ ط + الدم.

فيها فلم تر فيها دماً هي أيام (¬1) الحيض، وما سوى ذلك استحاضة. ولو أن امرأة كان حيضها أول الشهر ثلاثة أيام من كل شهر، فرأت الدم يومين، وانقطع يوماً (¬2)، فلم تزل (¬3) كذلك، فإن محمداً قال: خمسة أيام من كل شهر حيض، وما سوى ذلك استحاضة؛ لأني لو لم أجعل اليومين الرابع والخامس حيضاً لم يكن ما قبلهما حيضاً. فأجعلهما وما قبلهما حيضاً؛ لأنها حين لم تر في أيامها من الدم ما يكون حيضاً ولم ينتقل إلى أيام مثلُها يكون (¬4) حيضاً فصار الدمان لا يكون أحدهما حيضاً إلا بصاحبه جعلناهما جميعاً حيضاً، وجعلنا ما سواهما من الدم غير حيض. فكان حيضها خمسة أيام في أول كل شهر: اليومين الأولين، واليوم الذي رأت فيه الطهر، واليومين اللذين رأت فيهما الدم الرابع والخامس. ولو رأت يومين من أول الشهر حيضاً، ويوماً طهراً، ثم مد بها (¬5) الدم شهراً، كانت ثلاثة أيام من أول الشهر غير حيض: الثلاثة الأيام التي كانت تقعد. وثلاثة أيام بعدها من الدم (¬6) الثاني حيض؛ لأنها حين لم تر في أيامها التي كانت تقعد (¬7) من الدم ما يكون حيضاً، ورأت بعدها دماً متصلاً مثله يكون حيضاً دون الدم الذي قبله، كان هذا حيضاً مكان الحيض الأول، فكان ثلاثة أيام من أول الدم الثاني حيضاً، وما سوى ذلك استحاضة. وهذا قول محمد. ولو أنها رأت في أول الشهر يوماً حيضاً ويوماً طهراً، ثم رأت ثلاثة أيام دماً، ثم ¬

_ (¬1) ق: يام. (¬2) ط + ثم رأت دماً. وقال المحقق الأفغاني: ساقط من الأصول ولا بد منه. لكن معنى الزيادة التي زادها مفهوم من قول المؤلف: فلم تزل كذلك، أي رأت الدم يومين والطهر يوماً ثم رأت الدم يومين والطهر يوماً وهكذا إلى آخر الشهرة ويفهم ذلك من قول المؤلف أيضاً في آخر المسألة: واليومين اللذين رأت فيهما الدم الرابع والخامس. وقال الحاكم: وإن كان حيضها ثلاثة أيام من أول كل شهر فرأت يومين دماً ويوماً طهراً ويومين دماً ويوماً طهراً شهرا فخمسة أيام من أول شهر حيض في قول محمد. انظر: الكافي، 1/ 30 و. (¬3) ق: يزل. (¬4) ك: تكون. (¬5) ق: مدها. (¬6) ط: من اليوم. ولعله خطأ مطبعي. (¬7) ق: يقعد.

باب المرأة يمد بها الدم فلا تدري أي أيامها كانت أيام حيضها

انقطع، كان ذلك كله حيضاً. فإن مد بها الدم كانت ثلاثة أيام من أول الدم الثاني واليوم الرابع والخامس (¬1). والذي وصفتُ لك في المسألة الأولى لَمَّا لم تكن (¬2) الثلاثة الأيام الأُوَل حيضاً إلا بهما لم يكونا حيضاً إلا بما قبلهما، فكانا هما والأيام الثلاثة الأول حيضاً كله. ولو كانت أيامها أربعة أيام من أول الشهر، فرأت ثلاثة أيام دماً، ثم طهرت يوماً أو يومين، ثم رأت دماً، فمد بها الدم أكثر من عشرة أيام، فثلاثة أيام من أول ذلك حيض، وما سوى ذلك استحاضة في قول محمد. ... باب المرأة يمد بها الدم فلا تدري أي أيامها كانت أيام حيضها وقال محمد بن الحسن في امرأة كانت تحيض في كل شهر حيضة، فاستحيضت (¬3)، فطبّقت (¬4) بين القرءين جميعاً، ونسيت أيام أقرائها (¬5) في عدد الأيام والموضع الذي كانت تحيض فيه، فإنها تمضي على أكبر (¬6) رأيها وظنها في ذلك؛ لأن أكبر (¬7) الرأي يجوز في الصلاة المفروضة إذا دخل فيها الشك وفي الوضوء، فكذلك هذا. فإذا لم يكن لها في ذلك رأي فإنها لا تمسك عن الصلاة ولا عن صوم، وتغتسل لكل صلاة، ولا يأتيها زوجها، لأنا نخشى أن يطأها وهي حائض. وهي تعيد بعد شهر رمضان من الصيام عشرين يوماً؛ لأنا لا ندري كم كانت أيامها. فآمرها بالثقة أن لا تدع شيئاً ¬

_ (¬1) أي كانت هذه الأيام حيضاً. (¬2) ق: يكن. (¬3) م: فاستحيطت؛ ق: فاستحضت. (¬4) طبّقت بين القرءين أي جمعت بينهما إما مِن تطبيق الراكع لما فيه من جمع الأصابع والكفين، أو مِن طابَقَ الفرسُ في جريه إذا وضع رجليه موضع يديه. انظر: المغرب للمطرزي، "طبق". (¬5) م: قراتها. (¬6) ك ق: على أكثر. (¬7) ك ق: أكثر.

من الصلاة؛ لأنها أن تصلي وهي لا تدري أحائض هي أم طاهر أحب إلينا من أن تترك الصلاة في شبهة. وأما الصيام فأمرناها بالثقة فيه وأن لا تفطر؛ لأنها لا تذكر أيام قروئها (¬1)، وقد علمنا أنه (¬2) ثلاثة أيام من شهر رمضان لا يجزيها فيها الصوم، ونشك (¬3) في السبعة أيضاً، فهي تعيد عشرة أيام؛ لأن الحائض تعيد الصوم، ولا تعيد الصلاة. فإذا أفطرت (¬4) فلتعد في شوال عشرين يوماً؛ لأنها إن صامت في شوال العشرة الأولى (¬5) سوى يوم الفطر أو الوسطى أو الأخرى (¬6) فلعلها فيه حائض، فإن ذهبت تصوم في الشهر الثاني عشرة أيام فلتصمه في غير الموضع الذي صامته في شوال، وأوثق (¬7) لها أن تصوم عشرين يوماً في شوال. وإذا علمت أن أيامها كانت ثلاثاً فنسيت أيامها فهي في الصلاة على ما وصفنا. وأما الصيام فتصوم ستة أيام بعد يوم الفطر. وكذلك لو كان قرؤها خمساً أو سبعاً أعادت من الصيام كما وصفتُ لك الضِّعْفَ على أيام أقرائها. فإن قال قائل: هذه امرأة قد شُدّد عليها حين أُمرت أن تغتسل لكل صلاة؛ قيل لهم: فقد جاء عن علي بن أبي طالب وابن عباس - رضي الله عنهما - أنهما كانا يأمران المستحاضة أن تغتسل لكل صلاة (¬8). وبلغنا عن إبراهيم النخعي أنه كان يأمرها أن تجمع بين الظهر والعصر، فتغتسل في آخر الظهر غسلًا فتصلي به الظهر والعصر، ثم تؤخر المغرب فتفعل مثل ذلك في المغرب والعشاء، وتغتسل للفجر غسلاً (¬9). وتفسير هذا ¬

_ (¬1) ق: قرئها. (¬2) ق: أن. (¬3) ق: ويشك. (¬4) م: فإذا فطرت. (¬5) ك: الأول. (¬6) جميع النسح: أو الآخر. (¬7) م: وواثق. (¬8) الآثار لأبي يوسف، 35؛ والمصنف لعبد الرزاق، 1/ 308؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 1/ 119؛ وشرح معاني الآثار للطحاوي، 1/ 99. (¬9) رواه الإمامان أبو يوسف ومحمد عن الإِمام أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم انظر: الآثار لأبي يوسف، 35؛ والآثار لمحمد، 18. وانظر: المصنف لعبد الرزاق، 1/ 305؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 1/ 119.

عندنا للتي (¬1) نسيت أيام أقرائها (¬2) ولم يكن لها في ذلك رأي؛ لأنا قد علمنا أن علي بن أبي طالب وابن عباس وإبراهيم النخعي قد علموا أن المرأة إذا طهرت أن الحيض لا يرجع إليها من الغد ولا من اليوم الثاني حتى تعود (¬3) عليها أيامها أو يجيء (¬4) من ذلك ما يعلم أنه حيض. فإن كان علي بن أبي طالب وابن عباس وإبراهيم (¬5) النخعي قالوا ذلك في المستحاضة التي علموا أنها ليست بحائض فذلك أحرى (¬6) أن يقال فيما أشكل فلم يُدْرَ (¬7) أحيض هو أو لا أن تغتسل (¬8) لكل صلاة. وإن (¬9) كان حيض المرأة ثلاثاً ثلاثاً فعلمت أنها كانت ترى الثلاث في العشر الأواخر من الشهر بعد العشرين، ولكنها لا تدري أي العشر كانت ترى، ولا رأي لها في ذلك، فإنها بعد العشرين تتوضأ لكل صلاة وتصلي، فإذا جاوزت ثلاثة أيام اغتسلت لكل صلاة حتى يتم (¬10) لها عشر من أول العشرين، فإذا تم الشهر اغتسلت، ثم تتوضأ بعد ذلك لكل صلاة حتى تأتي على العشرين. وكذلك هي في العشرة (¬11) الأولى والوسطى إذا كانت تذكر أنها كانت في شيء منها على ما ذكرنا. وإذا (¬12) كان قرؤها أربعاً من العشر الأواخر لا تدري (¬13) متى كانت فإنها تصلي أربعة أيام، تتوضأ لكل صلاة، ثم تغتسل لكل صلاة (¬14) إلى تمام العشرة. وكذلك الخمس. فأما إذا كان قرؤها ستة فإنها تتوضأ لكل صلاة أربعة أيام، وتمسك عن الصلاة يومين؛ لأنا قد استيقنا أن اليومين حيض؛ لأن اليومين مع الأربع ¬

_ (¬1) ق: للذي. (¬2) م: أقرانها. (¬3) م ق: حتى يعود. (¬4) ق: ويجيء. (¬5) ق: وإبرهيم. (¬6) م: أجزى. (¬7) م: فلم ندري. (¬8) ق: أن يغتسل. (¬9) ق: وإذا. (¬10) ق: تتم. (¬11) ق: في العشر. (¬12) ك: وإن. (¬13) ق: لا يدري. (¬14) م - ثم تغتسل لكل صلاة.

الأول ستة، ومع الأربع الأواخر ستة، فقد استيقنا أن اليومين حيض؛ ثم تغتسل بعد ذلك لكل صلاة إلى تمام العشر. وإذا كانت تذكر أنها كانت تطهر في آخر الشهر ولا تدري كم كان أيام حيضها، فإذا جاوزت عشرين يوماً توضأت لكل صلاة حتى تأتي على سبعة وعشرين يوماً، فإذا تم سبعة وعشرون يوماً أمسكت عن الصلاة ثلاثة أيام؛ لأنا قد عرفنا أن هذه الأيام حيض. فإذا تم الثلاث اغتسلت غسلاً واحداً ثم توضأت حتى تنتهي إلى أيامها هذه الثلاثة (¬1) أيضاً. وعلى هذا ما وصفت لك في العشرة (¬2) الأولى والوسطى إذا كانت تذكر أنها كانت تغتسل في آخر العشرة (¬3) الأولى أو الوسطى (¬4). وإذا كانت تذكر أنها كانت ترى الدم إذا جاوزت عشرين يوماً، ولا تدري كم كان أيام أقرائها، أمرناها أن تمسك عن الصلاة ثلاثة أيام، ثم تغتسل لكل صلاة وتصلي. أخذنا لها بالثقة في الصلاة. فإنها أن تصلي في حال الشك خير لها من أن تدع الصلاة في حال (¬5) الشك، لعلها طاهر. وتعيد الصيام في هذه العشرة الأيام كلها. وإذا جاوزت هذه العشرة التي كانت ترى فيها صامت عشرة أيام، ليس عليها إلا عشرة أيام. وإذا كانت أيامها سبعة (¬6) ولا تدري في أي العشر الأواخر هي فإنها تصلي إذا جاوزت العشرين ثلاثة أيام، تتوضأ لكل صلاة، وتمسك أربعة أيام عن الصلاة، ولا تتوضأ ولا تغتسل، ثم تغتسل بعد ذلك لكل صلاة. وإذا كان قرؤها ثمانية أيام صلت بعد العشرين يومين تتوضأ لكل وقت صلاة، وأمسكت عن الصلاة ستة أيام، واغتسلت يومين لكل صلاة (¬7). فإذا كان أيامها تسعة صلت يوماً بعد العشرين تتوضأ لكل صلاة (¬8)، ¬

_ (¬1) ق: الثلث. (¬2) م: في العشر. (¬3) ق: العشر. (¬4) ق: والوسطى. (¬5) ق + أيام. (¬6) م: تسعة. (¬7) ق - لكل صلاة. (¬8) م - فإذا كان أيامها تسعة صلت يوماً بعد العشرين تتوضأ لكل صلاة.

وأمسكت (¬1) ثمانية أيام، ثم اغتسلت يوماً لكل صلاة. وكذلك هي في العشرة (¬2) الأولى والوسطى إذا كانت تستيقن أنها كانت تحيض فيها. وإذا كانت (¬3) تستيقن أنها كانت ترى الدم بعد ما كانت تمضي سبعة عشر يوماً من الشهر، ولا تدري (¬4) كم كانت ترى، فكذلك تصنع. تصلي ثلاثة أيام تتوضأ لكل صلاة، وتغتسل سبعة أيام لكل صلاة (¬5). وإذا كان عليها صلوات فائتة ولا تدري متى كان حيضها وهي مستحاضة، فإنها تأخذ في قضائها. فإن كانت تستطيع أن تصلي ما عليها من الفوائت (¬6) في يوم وليلة فعلت. ثم تنتظر عشرة أيام، ثم (¬7) تعيد من يوم الأحد عشر؛ لأن الحيض لا يكون أكثر من عشرة. فيجزي عنها إما في اليوم الأول في العشرة الأولى أو في اليوم الحادي عشر. فإن لم تستطع (¬8) قضاءهن في يوم ففي يومين، ثم تعيد (¬9) بعد العشرة يومين، فكذلك (¬10) ما كان من نحو ذا. فإذا كانت تعلم أنها كانت ترى الدم يوم أحد وعشرين من الشهر، ولا تذكر (¬11) أوله وآخره (¬12)، فإنها لا تزال تصلي وتتوضأ لكل صلاة حتى تأتي على أحد وعشرين، ثم تمسك يومئذ، فإذا تم يومها اغتسلت وصلت، ثم اغتسلت بعد ذلك لكل صلاة تسعة أيام؛ لأنها لا تذكر أكان ذلك اليوم أول حيضها أو آخره أو التاسع أو الثامن. فأخذنا لها بالثقة؛ لأنها قبل ذلك إما أن تكون حائضاً أو طاهراً، فإن كانت طاهراً فلا غسل عليها، وإن (¬13) كانت حائضاً فلا صلاة عليها. وأما الصوم فإذا انسلخ شهر رمضان صامت عشرة أيام. ¬

_ (¬1) ق: أمسكت. (¬2) م: في العشر. (¬3) ك - تستيقن أنها كانت تحيض فيها وإذا كانت، صح هـ. (¬4) ق: يدري. (¬5) انظر للشرح: المبسوط للسرخسي، 3/ 203. (¬6) ق: من القوايت. (¬7) ق - ثم. (¬8) ق: يستطيع. (¬9) م ز: ثم يعيد. (¬10) ق: وكذلك. (¬11) م: ولا يذكر. (¬12) م ق: أو آخره. (¬13) م: فإن.

وإذا كانت تذكر أنها كانت ترى الدم في آخر العشرة (¬1) الأولى من الشهر، فهي في حال الصلاة والغسل على ما وصفت لك. وأما الصوم فإنها تعيد الصوم بعد ما يمضي (¬2) عشرون (¬3) من الشهر الداخل؛ لأنها إن صامت العشرة الأولى من الشهر لم تدر لعلها أن تكون فيها حائضاً، وإن صامت العشرة الوسطى فكذلك أيضاً. وإن كان عليها صوم شهرين متتابعين صامت شهرين متتابعين وشهراً أيضاً مع ذلك؛ لأنا أخذنا لها بالثقة، فقلنا: أيامها عشر عشر، فعليها عشرون يوماً، فإذا صامت الشهر الثالث فقد عرفنا أنه قد تم صومها؛ لأن الحيض لا يكون في الشهر (¬4) أكثر من عشرة أيام. وإذا كان قرؤها خمسة أيام فرأت الدم يومين في أول أيامها، ثم انقطع عنها فرأت الطهر (¬5) خمسة أيام، ثم رأت الدم، فإن انقطع الدم في تمام العشر فإنه حيض كله: اليومان إلى العشرة، وإن جاوزت العشرة (¬6) بيوم فالدم الأخير هو الحيض؛ لأنها لم تر (¬7) الدم في أيام حيضها ثلاثة أيام. فإن مد بها الدم الأخير بعد ما تجاوزت أربعة أيام إلى تمام العشرة، أو دون العشرة فوق خمسة أيام وزاد على العشرة، فخمسة أيام من ذلك من أوله حيض، وما سوى ذلك استحاضة. فإذا كانت تعلم أنها كانت تحيض في كل شهر مرة في أوله أو آخره، ولا تدري (¬8) كم كان حيضها ولا رأي لها في ذلك، ولا يدخل شهر في شهر، فإنها تؤمر (¬9) إذا رأت غرة الشهر أن تتوضأ ثلاثة أيام لكل صلاة، ثم تغتسل سبعة أيام لكل صلاة تمام العشرة، ثم تتوضأ بعد ذلك لكل صلاة حتى تتم العشرة (¬10)، ثم تغتسل لتمام الشهر مرة واحدة. فهذا دأبها؛ لأنا قد ¬

_ (¬1) م: العشر. (¬2) ك م ج: تمضي. (¬3) جميع النسخ: عشرة. وفي هامش ك: صوابه عشرون. وهو كذلك في ط. ويدل عليه تتمة العبارة. (¬4) ق: في شهر. (¬5) م: الظهر. (¬6) ق: العشر. (¬7) ق: لم تري. (¬8) م: ولا يدري. (¬9) م: يوم. (¬10) وعبارة الحاكم: ثم تتوضأ إلى آخر الشهر. انظر: الكافي، 1/ 30 ظ.

علمنا أن الحيض كان في كل شهر مرة، ولا (¬1) يكون الحيض أكثر من عشرة أيام ولا أقل من ثلاثة أيام، وقد استيقنا أن العشرة الوسطى لا تكون فيهن حائضاً؛ لأن حيضها في أول العشرة الأولى أو في آخر العشرة الآخرة. فإن جاءت بعد العشرة الأولى (¬2) من الشهر تستفتي فإن كانت قد اغتسلت يوم العاشر فذاك، وإلا أمرناها أن تغتسل وتعيد ما تركت من الصلاة وبعد (¬3) ثلاثة أيام من غرة الشهر. وإن كانت تعرف أنها كانت ترى الدم عشرة أيام من الشهر لا تدري (¬4) في أول الشهر أو آخره، فإنها تصلي من الغرة عشرة أيام كل صلاة تتوضأ، فإذا تم عشرة أيام اغتسلت، ثم تتوضأ وتصلي إلى تمام الشهر كل صلاة بوضوء، ثم تغتسل غسلاً عند تمام الشهر، فذلك دأبها؛ لأنها إن كانت في أول الشهر حائضاً فليس عليها صلاة ولا صوم، فأخذنا لها بالثقة في الصلاة. فلما تم عشرة أيام أمرناها أن تغتسل؛ لأنا خشينا أن تكون (¬5) حائضاً، وقد استيقنا أنها في العشرة الوسطى ليست بحائض. وفي العشرة الأواخر إن كانت تحيض فلا صلاة عليها ولا صوم، فأخذنا لها بالثقة. فلما تم عشرة أيام أمرناها أن تغتسل؛ لأن الغسل في آخر الشهر لا بد منه؛ لأنها لا بد (¬6) أن تكون (¬7) في العشرة الأولى حائضاً أو العشرة الأواخر. وإذا قضت صوم شهر رمضان فإنها تقضي العشرة الوسطى من الشهر الثاني. وإذا كانت أيامها خمسة من أول الشهر أو آخره فإنها تتوضأ لكل صلاة من أول الشهر، ثم تغتسل لتمام اليوم الخامس من العشرة، ثم تتوضأ لكل صلاة حتى يتم (¬8) الشهر، ثم تغتسل غسلاً، وتعيد صلاة خمسة أيام بعد ما تمضي خمسة أيام من أول العشرة (¬9) الأولى. ¬

_ (¬1) ك: فلا. (¬2) م + أو في آخر العشرة الآخرة فإن جاءت بعد العشرة الأولى. (¬3) م: وتعد. (¬4) ف: لا تري. (¬5) ق: حسبنا أن يكون. (¬6) م: لا قدر. (¬7) ف: أن يكون. (¬8) ق: تتم. (¬9) م: العشر.

وإذا كانت تعلم أنها كانت ترى الدم يوم عشرين من الشهر وأيامها خمسة، فإنها تتوضأ لكل صلاة وتصلي حتى تتم (¬1) تسعة عشر يوماً، ثم تمسك عن الصلاة ذلك اليوم، وتغتسل أربعة أيام لكل صلاة، وتتوضأ بعد ذلك. وإذا كان لها أيام معلومة من كل شهر، فانقطع عنها الدم زماناً، حتى مضت أيامها المعلومة مرتين أو أكثر من ذلك لا ترى فيها دماً، ثم عاودها وقد نسيت أيامها، فإنها تمسك عن الصلاة ثلاثة أيام أول ما ترى الدم، ثم تغتسل بعد ذلك لكل صلاة سبعة أيام تمام العشرة، ثم تتوضأ لكل صلاة عشرين يوماً، فذلك دأبها. وإذا جاءت تستفتي بعد ما رأت الدم عشرة أيام أو عشرين يوماً أو شهراً (¬2)، فإن كانت اغتسلت بعد الثلاث فقد أصابت ولا شيء عليها، وإن لم تكن (¬3) اغتسلت فعليها أن تغتسل وتعيد الصلوات التي زادت على الثلاثة الأيام الأولى. فإن علمت أن عدة أيامها كانت ثلاثاً أو خمساً أو عشراً فهي في أول ما ترى الدم حائض بعدد تلك الأيام بعد أن يكون قد انقطع الدم عنها كما وصفت لك. وهو أول حيضها وأيامها. وإذا نسيت المستحاضة أيامها فلم تدر في أي الشهر كانت تحيض، ولا رأي لها في ذلك، ولكنها مستيقنة بالطهر ثلاثة أيام: اليوم العاشر واليوم العشرين واليوم الثلاثين، فإنها في أول العشرة الأولى تصلي ثلاثة أيام تتوضأ، ثم تغتسل بعد ذلك ستة أيام لكل صلاة، وتصلي اليوم العاشر كل صلاة بوضوء والحادي عشر والثاني (¬4) عشر والثالث (¬5) عشر، ثم تغتسل اليوم الرابع عشر إلى تمام تسعة عشر لكل صلاة وتصلي، ثم تصلي بوضوء لكل صلاة يوم عشرين واحد وعشرين واثنين وعشرين (¬6) وثلاث وعشرين، وتغتسل يوم رابع وعشرين إلى تمام تسع وعشرين لكل صلاة، ثم تصلي ¬

_ (¬1) م: حتى يتم. (¬2) م ق: أو شهر. (¬3) ق: يكن. (¬4) ك ق: ثاني. (¬5) ك ق: الثالث. (¬6) ق - واثنين وعشرين.

يوم الثلاثين كل صلاة بوضوء. فإن كانت صامت هذه الأيام فعليها إعادة صيام تسعة أيام، ولا تدري أي التسع من الشهر هي، فلتصم ثمانية عشر يوماً. وما صلت من الفوائت في التسع الأولى من العشرة (¬1) الأولى والثانية والثالثة (¬2) أعادته يوم العاشر أو يوم العشرين أو يوم الثلاثين. ولا يقربها زوجها إلا في الأيام الثلاثة التي أيقنت فيهن بالطهر. وإذا كانت مستيقنة أنها كانت تحيض ثلاثاً (¬3) في العشر الأواخر من الشهر، ولا تدري إذا مضى عشرون (¬4) من الشهر أو إذا بقي (¬5) ثلاث من الشهر، فإنها تصلي بوضوء حتى تأتي على العشرين من الشهر، وتصلي أيضاً ثلاثة أيام كل صلاة بوضوء، وتغتسل غسلاً واحداً، ثم تصلي بعد ذلك كل صلاة بوضوء (¬6) أربعة أيام، ثم تصلي أيضاً ثلاثة أيام كل صلاة بوضوء (¬7)، وتغتسل في آخر الشهر. وإذا كانت أيامها ثلاثاً من العشر الأواخر في وسط العشرين الثلاث الأول والثلاث الأواخر، فإنها بعد العشرين تصلي ثلاثة أيام كل صلاة بوضوء؛ لأنها مستيقنة بالطهر فيهن. وأما يوم رابع وعشرين فهي فيه شاكة تصلي بوضوء لكل صلاة، وتدع الصلاة يوم خامس وسادس وعشرين؛ لأنها مستيقنة بالحيض فيهما. ثم تغتسل يوم سابع وعشرين لكل صلاة؛ لأنها إذا كانت يوم رابع وعشرين حائضاً فقد تم لها ثلاثة أيام، فلا بد لها من الغسل، وإن كانت طاهراً فهذا اليوم من أيامها ولم يجزها ذلك الغسل، فأخذنا بالثقة في هذا اليوم كما أخذنا في الأربع وعشرين. فهي تصلي هذا اليوم السابع والعشرين وتغتسل فيه لكل صلاة، وتصلي بعد ذلك بوضوء حتى تأتي على أيامها هذه. ¬

_ (¬1) م ق: من العشر. (¬2) م: والثالث. (¬3) م: تحيض لما. (¬4) ق: عشرين. (¬5) ق + إذا. (¬6) ق + وتغتسل غسلا واحدا ثم تصلي بعد ذلك كل صلاة بوضوء. (¬7) ك - وتغتسل غسلا واحدا ثم تصلي بعد ذلك كل صلاة بوضوء أربعة أيام ثم تصلي أيضاً ثلاثة أيام كل صلاة بوضوء، صح هـ.

وإذا كان للمرأة أيام معروفة في كل شهر، فانقطع عنها الدم زماناً حتى طهرت أيامها (¬1) التي كانت تحيض (¬2) مرتين أو أكثر من ذلك، لا ترى فيها الدم ولا في غيرها، ثم رأت الدم بعد ذلك، فهذه الأيام التي رأت فيها الدم هي من أيام حيضها, ولا تبالي متى ما رأت الدم. فإن مد بها (¬3) الدم حتى تجاوز العشرة وقد كانت تعلم أن أيامها فيما مضى خمسة في كل شهر، فإن خمسة من أول ما رأت الدم حيض، وما سوى ذلك استحاضة، إلا أن تعود (¬4) تلك الخمسة من الشهر الداخل، فتجعل أيامها التي تجلس في هذا الدم بعدد الأيام التي كانت تجلس فيما مضى، وطهرها مثل ذلك الطهر الذي كان يكون، إلا أن ذلك إن كان تقدم عن أول الشهر أو آخره أو وسطه فلا نبالي. ولو علمنا أن طهرها بين الحيضتين عشرون ليلة، ثم انقطع الدم زماناً ثم عاودها، كان طهرها عشرين ليلة بين الحيضتين (¬5) كما كان (¬6) يكون، وكان حيضها مثل ما كان يكون وإن كان قد تقدم عن وقته أو تأخر. فإن هي نسيت أيامها التي كانت تجلس فيما مضى، وقد مد بها الدم، وكانت فيما مضى تحيض في كل شهر مرة، ولا تدري كم كان أيام حيضها، فإنها تدع الصلاة ثلاثة أيام من أول ما رأت الدم، ثم تغتسل بعد ذلك لكل صلاة وتصلي حتى كمال العشر (¬7)، ثم تتوضأ لكل صلاة وتصلي حتى ترجع الأيام الثلاثة التي كانت تركت فيها الصلاة، فتصنع (¬8) مثل ذلك. ... ¬

_ (¬1) ق - أيامها. (¬2) ق - تحيض. (¬3) ق: مدها. (¬4) ق: أن يعود. (¬5) ق - عشرون ليلة ثم انقطع الدم زمانا ثم عاودها كان طهرها عشرين ليلة بين الحيضتين. (¬6) ق - كان. (¬7) ق: العشرة. (¬8) م: فيصنع.

باب من الدم الذي يكون أكثر من الطهر والطهر الذي يكون أكثر من الدم في العشر أول ما ترى الدم وفي أيام أقرائها المعروفة

باب من الدم الذي يكون أكثر من الطهر والطهر الذي يكون أكثر من الدم في العشر (¬1) أول ما ترى الدم وفي أيام أقرائها المعروفة وقال محمد بن الحسن في امرأة أول ما رأت الدم رأته يوماً، ثم طهرت ثمانية أيام، ثم رأته يوماً، ثم طهرت، فإن في هذا قولين: أما أحدهما فإن هذا حيض، وهو الذي رَوَى من قول أبي حنيفة الأول، والقول الآخر: إن هذا ليس بحيض، وهو أحسن القولين عند محمد بن الحسن. ومن جعل هذا حيضاً دخل عليه قول قبيح: امرأة أول ما رأت الدم رأته يوماً ثم رأت الطهر ثمانية أيام، ثم رأت الدم خمسة أيام ثم طهرت، أن اليوم الأول والثمانية الأيام الطهر واليوم العاشر حيض كله، والأربعة الأيام التي رأت فيها الدم هو الطهر، فإن رأت الدم في (¬2) كل شهر هكذا حتى مد (¬3) بها (¬4) عشرين سنة كان حيضها اليوم الأول والثمانية الأيام الطهر واليوم العاشر، وكانت الأيام الأربعة التي رأت فيها الدم من كل شهر طهراً، فصارت أيام دمها أيام طهرها وأيام طهرها أيام دمها، فهذا قبيح لا يستقيم. ولكن اليوم الأول الذي رأت فيه الدم (¬5) ليس بحيض، والخمسة الأيام الآخرة التي رأت فيها الدم هي الحيض. امرأة أول ما رأت الدم [رأته] (¬6) يوماً ثم انقطع يومين، ثم رأته يوماً ثم انقطع يومين أو ثلاثة أو نحوه (¬7)، فقال بعضهم: هذا حيض؛ لأنها رأت الدم في العشر ثلاثة أيام. وهذا أدنى ما يكون من الحيض ثلاثة أيام. ولو رأت الدم يومين في العشر لم يكن (¬8) حيضاً. فإذا رأته في العشر ثلاثة أيام ¬

_ (¬1) ق - يكون أكثر من الدم في العشر. (¬2) م - في. (¬3) ك: حتى يمد. (¬4) ق: مدها. (¬5) ق - الدم. (¬6) انظر استعمال المؤلف لهذه الكلمة في المسألة السابقة. (¬7) م ق - يومين ثم رأته يوماً ثم انقطع يومين أو ثلاثة أو نحوه؛ صح ق هـ. (¬8) ك: لم يكون.

فهو حيض. وقالوا: لا يكون إذا رأته يومين متفرقين (¬1) حيضاً؛ لأن اليومين اللذين رأت فيهما الدم لو لم يكن غيرهما لم يكونا حيضاً، فكيف يكونان بالطهر الذي بينهما حيضاً؟ وقال محمد: لا يعجبني هذا القول أيضاً، ولا يكون هذا أيضاً حيضاً؛ لأن الطهر أكثر من الحيض. وقال بعضهم: إذا كان وإن في العشر بينهما ثلاثة أيام طهراً فليس ذلك بدم واحد، فإن كانت رأت أحد الدمين ثلاثة أيام فصاعداً فهو الحيض، وإن كانت رأته أقل من ثلاثة أيام فليس شيء من ذلك بحيض. وقالوا: لو أن امرأة رأت الدم أول ما رأته يوماً ثم انقطعِ ستة أيام، ثم رأته يوماً ثم انقطع، لم يكن ذلك حيضاً، وإن رأت يوماً دماً أول ما رأت الدم (¬2) ثم رأت ثلاثة أيام دماً لم يكن الحيض من ذلك إلا الثلاثة الأيام الآخرة، وكان ما سوى ذلك ليس بحيض، وهذا أحسن من القولين الأولين، ويدخل فيه بعض القبح (¬3). ولو أن امرأة رأت الدم يومين، ثم طهرت ثلاثة أيام، ثم رأت الدم يومين، لم يكن هذا في قوله حيضاً، ولو مكثت (¬4) على هذا عمرها كله ترى الدم في كل حيضة يومين ثم تطهر ثلاثة أيام ثم تراه (¬5) يومين، فهذا قبيح. وقال محمد بن الحسن: أحسن الأقاويل عندنا أن كل امرأة رأت الدم أول ما رأته فرأت دماً، ثم رأت طهراً، ثم رأت دماً، فإن كان بين الدمين من الطهر أقل من ثلاثة أيام فذلك حيض كله، وإن كانت رأت بين الدمين طهراً ثلاثة أيام فصاعداً انظر إلى الدم وإلى الطهر الذي في العشر، فإن كان الطهر أكثر لم يكن ذلك بحيض، وإن كان ما رأت فيه الدم أكثر فإن ذلك حيض كله. وإن كان الطهر الذي بين الدمين أكثر من الدمين جميعاً فهو أيضاً حيض كله (¬6). ومن ذلك امرأة أول ما رأت الدم [رأته] يوماً ثم انقطع ¬

_ (¬1) ق: مفرقين. (¬2) قال الأفغاني: كذا في الأصول؛ ويعلم من سياق المسألة أن قوله "ثم رأت ثلاثة أيام طهراً" أو نحوه ساقط منها، والله أعلم. انظر: ط، 1/ 445. لكن هذه الزيادة مفهومة من السياق؛ لأن المسائل التي قبلها تدل عليها، فليس هناك سقط فيما نرى. (¬3) م: الفتح. (¬4) م: ولو مكث. (¬5) ق: ثم راه. (¬6) هذا إذا كان الطهر الذي بين الدمين أقل من ثلاثة أيام كما سيتضح من الأمثلة.

الدم يومين، ثم رأته يوماً ثم طهرت، فهذا حيض كله؛ لأن الطهر بين الدمين إذا لم يكن ثلاثة أيام فليس يطهر، وكأنه دم كله إذا كان الدمان صحيحين ولم يكن واحد منهما بفاسد (1). ولو أن امرأة رأت الدم يوماً، ورأت الطهر ثلاثة أيام، ثم رأت الدم يوماً، ثم طهرت فلم تر دماً، لم يكن هذا بحيض؛ لأن ما رأت فيه الدم أقل من الطهر الذي بينهما، فليس ذلك بدم حيض. ولو كانت رأت الدم يومين، والطهر ثلاثة أيام، والدم يومين، ثم طهرت فلم تر دماً، كان هذا حيضاً كله؛ لأن الدمين أكثر مما بينهما من الطهر. وإنما يؤخذ في هذا بالاستحسان وبما عليه أمر النساء. وكذلك لو أن امرأة كان حيضها المعروف ستة أيام، فرأت يوماً دماً، وأربعة أيام طهراً، ويوماً دماً، فهذا في القول الأول حيض كله، وفي جميع الأقاويل ليس بحيض. فإن رأت يوماً دماً، وثلاثة أيام طهراً، ويومين (¬2) دماً، فهذا (¬3) حيض كله في الأقاويل كلها، إلا في قول واحد، من قال: إذا كان بين (¬4) الدمين طهر ثلاثة أيام لم يكن (¬5) الدمان دماً واحداً، فإنه يقول: ليس شيء من هذا حيضاً. وقال محمد بن الحسن: هذا حسن؛ لأن الطهر والدم سواء، فهو حيض كله. وهذا أحسن الأقاويل كلها وأشبهها بأمر الحيض وما عليه النساء. وقال محمد في امرأة كان حيضها أربعة أيام، فرأت يومين دماً، وأربعة أيام طهراً، ويومين دماً، ثم طهرت: إن هذا ليس بحيض. ولو كانت رأت يومين دماً، وثلاثة أيام طهراً، ويومين دماً، ثم طهرت، كان هذا حيضاً كله؛ لأنها رأت الدم أكثر من الطهر. ولو أنها رأت يوماً دماً، ثم رأت يومين طهراً، ثم رأت يوماً دماً، ثم رأت يومين طهراً، ثم رأت يوماً دماً، ثم طهرت فتم طهرها، كان هذا حيضاً كله وإن كان الطهر أكثر من ¬

_ (أ) ك م ق: بفاسده. والتصحيح من ج. (¬2) ق: أو يومين. (¬3) ق + كله. (¬4) ف: من. (¬5) م: لم تكن.

الدم؛ لأن كل دم من هذه الدماء لم يكن بينه وبين صاحبه طهر ثلاثة أيام، فهذا كأنه دم كله. ولو أن امرأة كان حيضها تسعة أيام، فرأت يوماً دماً، وثلاثة أيام طهراً، ويوماً دماً، وثلاثة أيام طهراً، ويوماً دماً، ثم طهرت فتم بها الطهر، فهذا (¬1) كله ليس بحيض؛ لأن الطهر كان أكثر من الدم، وكان بين كل دمين طهر ثلاثة أيام. ولو رأت يومين دماً، وثلاثة أيام طهراً، ويومين دماً، وثلاثة أيام طهراً، ويومين دماً، وثلاثة أيام طهراً، ويوماً دماً، ثم طهرت فمد بها الطهر، كان حيضها من ذلك سبعة أيام من أول ذلك؛ لأنها رأت الدم بعد السبعة الأيام بعد ما مضت العشرة، فليس ذلك بحيض، وإنما ذلك استحاضة. فدم الاستحاضة لا تجعل (¬2) الطهر حيضاً؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في المستحاضة: "ليس ذلك بحيض، إنما ذلك عِرْق" (¬3). فإذا جعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عرقًا لم يكن دم العرق إلا بمنزلة الرعاف، ولم يجعل الرعاف ودم العرق الطهر الذي قبلهما حيضاً. إنما تكون (¬4) الأيام التي لا ترى فيها الدم حيضاً إذا كانت بين الدمين كلاهما حيض. وقال محمد في امرأة أول ما رأت الدم رأته يوماً، ثم انقطع أربعة أيام، ثم رأته يوماً، ثم انقطع أربعاً، ثم رأته يوماً، ثم انقطع أربعاً: فليس شيء من هذا بحيض؛ لأنها لم تر الدم في العشر إلا يومين، وطهرها أكثر من دمها، فليس شيء من ذلك بحيض. وإن كانت رأت الدم ثلاثاً، والطهر ثلاثاً، والدم ثلاثاً، والطهر ثلاثاً، فأيامها تسعة أيام من أول ذلك؛ لأنها رأت الدم في العشر أكثر من الطهر، فالدمان اللذان في العشر وما بينهما حيض، وما سوى ذلك ليس بحيض. وإذا رأت الدم يومين، والطهر ثلاثة أيام، والدم يومين، والطهر ثلاثاً، ¬

_ (¬1) ق: فإن هذا. (¬2) ك ق: لا يجعل. (¬3) والحديث تقدم قريباً. (¬4) ق: يكون.

ثم مد بها هكذا، فسبعة (¬1) أيام من أول ذلك حيض؛ لأن الدمين اللذين في السبع أكثر مما بينهما من الطهر (¬2). ولو رأت الدم يوماً، والطهر أربعاً، والدم يومين، والطهر أربعاً، ثم مد بها الطهر، لم يكن هذا بحيض؛ لأنها رأت الدم في العشر أقل من الطهر الذي بينهما. ولو رأت الدم أول ما رأته يومين، والطهر أربعاً، والدم يومين، والطهر أربعاً، ثم مد بها هكذا، فالحيض ثمان من أول ما رأت ذلك؛ لأن الدمين مثل الطهر الذي (¬3) بينهما، فذلك حيض كله. وقال محمد في امرأة كان حيضها خمساً في أول كل شهر، فرأت الدم يومين في أول أيام حيضها، ثم انقطع عنها الدم، فرأت الطهر خمسة أيام، ثم رأت الدم كمال العشر، ثم انقطع: فذلك حيض كله؛ لأنها رأت الدم في العشر مثل ما بين الدمين من الطهر، فذلك حيض كله. ولو كان الدم مد بها حتى جاوزت العشر، فرأته يوم الحادي عشر ويوم الثاني عشر، ثم انقطع، فحيضها هذه الخمسة الأيام الآخرة التي رأت فيها الدم، واليومان الأولان والخمسة الطهر التي بعدهما (¬4) ليس شيء من ذلك بحيض (¬5). فإن جاوز الدم بعد العشر ثلاثة أيام أو أربعة أو أكثر من ذلك، فخمسة (¬6) أيام من أول الدم الآخر حيض، وما سوى ذلك استحاضة من اليومين الأولين والأيام الآخرة؛ لأن أيامها خمسة أيام، فلا تتحول (¬7) عن الخمسة أيام وإن كانت قد تحولت عن موضعها الأول. وقال محمد (¬8) في امرأة أول ما رأت الدم رأت يوماً دماً ويومين ¬

_ (¬1) ق: تسعة. (¬2) م: من الدم. (¬3) م - الذي. (¬4) جميع النسخ: بعدها. والتصحيح من ط. ـ (¬5) جميع النسخ: ليس بشيء من ذلك حيض. وانظر: 1/ 98 و، 99 و. (¬6) م: بخمسة. (¬7) ق: يتحول. (¬8) ق - محمد.

طهراً، ويوماً دماً ويومين طهراً، ويوماً دماً ويومين طهراً (¬1)، حتى مد بها هكذا شهراً، ثم طهرت: فإن عشرة أيام من أول ذلك حيض، وما سوى ذلك استحاضة. ولو رأت يومين دماً ويوماً طهراً، ويومين دماً ويوماً طهراً، فمد بها هكذا شهراً ثم طهرت، فإن عشرة أيام من أول ذلك حيض، وما سوى ذلك استحاضة (¬2). وقال محمد في امرأة كان أيامها خمسة أيام في أول الشهر، فرأت يوماً دماً وثلاثة أيام طهراً، ويوماً دماً ثم مد بها الدم حتى بلغت العشر ولم تجاوزها: فإن هذا كله حيض؛ لأنها رأت الدم في العشر أكثر من الطهر. فإن جاز بها (¬3) الدم العشر فمد بها إلى آخر الشهر، فالأربعة الأيام (¬4) الأول ليس بحيض، وخمسة أيام بعد ذلك حيض، وما سوى ذلك استحاضة. وقال محمد في امرأة كان أيامها أربعة أيام، فرأت يوماً دماً، ويومين طهراً، ويوماً دماً، ثم انقطع الدم: إن ذلك حيض كله. فإن كانت أيامها سبعة أيام، فرأت الدم يومين، ثم انقطع سبعة أيام، ثم رأته يومين، ثم انقطع، فليس شيء من هذا بحيض؛ لأن ما بين الدمين من الطهر أكثر من الدمين جميعاً. وقال محمد بن الحسن في امرأة كان حيضها خمسة أيام من أول كل شهر، فرأت الحيض يوماً، ثم رأت الطهر ثلاثة أيام، ثم رأت الدم يوماً، ثم انقطع: فليس هذا بحيض؛ لأن الدم أقل من الطهر. فإن رأت الدم بعد ذلك أيضاً حتى بلغت العشر، ثم انقطع، فالعشر كله حيض من أوله إلى آخره. فإن زادت على العشر يوماً ثم انقطع، فخمسة أيام من أول دمها هذا الآخر حيض (¬5)، وهو اليوم الخامس والسادس والسابع والثامن والتاسع، وما ¬

_ (¬1) م - ويومين طهراً. (¬2) م - ولو رأت يومين دماً ويوماً طهراً ويومين دماً ويوماً طهراً فمد بها هكذا شهرا ثم طهرت فإن عشرة أيام من أول ذلك حيض وما سوى ذلك استحاضة. (¬3) م: فإن حارها؛ ط: فإن جاوز بها. (¬4) م: أيام. (¬5) ك م: الحيض.

سوى ذلك مما قبله وبعده استحاضة. ولا يكون ما قبل هذه الخمسة الأيام حيضاً؛ لأنا إن جعلنا ذلك حيضاً جعلنا هذه استحاضة. وإنما مثل هذا مثل امرأة كان أيام حيضها خمسة أيام من أول كل شهر، فتقدم حيضها يومين، ثم رأت الدم أيام حيضها، فإن انقطع الدم فذلك كله حيض، فإن زادت على العشر يوماً كانت أيام أقرائها الخمس المعروفة حيضاً، وما سوى ذلك مما قبله وبعده استحاضة، فكذلك اليوم الأول الذي رأته في المسألة الأولى لما جاوز الدم العشر. فإن جعلنا اليوم حيضاً لم نجد بدًا (¬1) من أن نجعل الطهر الثلاثة الأيام التي بعده حيضاً، فإن جعلناها حيضاً واليوم الخامس صار ما بعد ذلك استحاضة، فإذا صار ما بعد ذلك استحاضة لم تكن (¬2) الخمسة الأيام الأولى حيضاً؛ لأنها رأت الدم فيها أقل مما رأت الطهر، فلا يكون ذلك حيضاً، فنجعل (¬3) خمسة أيام من أول ما رأت الدم الثاني حيضاً، ونجعل (¬4) ما سوى ذلك استحاضة. وقال أبو يوسف في هذا كله: الخمسة الأيام الأول التي كانت أيام حيضها هي الحيض وإن كانت لم تر فيها (¬5) الدم إلا ساعة من أولها، وما سوى ذلك استحاضة. وقال محمد في امرأة كان حيضها في أول كل شهر عشرة أيام فحاضتها، ثم طهرت عشرين يوماً، ثم طهرت عشرها التي كانت تجلس فيها، ثم مد بها الدم بعد ذلك أشهراً: فإن عشراً من أول ما رأت الدم حيض، تغتسل بعدها، وتتوضأ لكل صلاة، وتصلي خمسة عشر يوماً، فيكون خمسة أيام من آخر هذه الأيام من أيامها الأولى التي كانت تجلس فيما مضى، ولا تحتسب بها من حيضها، وتكون خمسة أيام من أيام أقرائها الأول حيضاً، وما سوى ذلك استحاضة؛ لأنها رأت في أيامها الأول دماً خمسة أيام بعد خمسة عشر يوماً، فجعلناها استحاضة. ¬

_ (¬1) م: يدا. (¬2) ق: لم يكن. (¬3) ك: فتجعل. (¬4) ك: وتجعل. (¬5) ك - فيها، صح هـ.

باب المرأة ينقطع دمها قبل وقتها ولا يكون لها وقت معروف حتى يطأها زوجها

وكذلك لو رأت دماً (¬1) ثلاثة أيام (¬2) بعد تمام خمسة عشر يوماً من الوقت الذي جعلناه حيضاً لها. فإن رأته يومين في أيام حيضها الأول بعد تمام خمسة عشر يوماً لم تكن (¬3) أيامها الأولى أيام حيضها، وكانت أيامها الآخرة العشرة الثانية هي أيام حيضها. وهذه امرأة قد انتقل حيضها إلى العشرة الثانية، فإن مد بها الدم فأيامها التي تدع فيها الصلاة عشرها الثاني. ... باب المرأة ينقطع دمها قبل وقتها ولا يكون لها وقت معروف حتى يطأها زوجها قال محمد بن الحسن: لو أن امرأة كان حيضها في أول كل شهر سبعة أيام، فحاضت ستة أيام، ثم انقطع دمها، فإنها تنتظر حتى تخاف فوت الصلاة، فإذا خافت فوت الصلاة اغتسلت وصلت. ولا أحب لزوجها أن يقربها حتى يأتي عليها أيامها التي كانت تجلس (¬4). آخذ له في ذلك بالثقة. ولو أن امرأة كان حيضها خمسة أيام في أول كل شهر، فحاضت خمسة أيام، ثم انقطع دمها، فإنها تؤخر غسلها مخافة أن يعاودها الدم حتى تخاف (¬5) فوت الصلاة أدنى الصلوات منها. فإذا جاوز ذلك وبقي عليها مقدار ما تغتسل وتصلي فلتغتسل، وتصلي (¬6) ويأتيها زوجها, ولا بأس بذلك، ولا ينتظر زوجها تمام العشرة. ولو أن امرأة لم تكن تحيض فيما مضى فأول ما رأت الدم رأته خمسة أيام، ثم انقطع، فإنها تنتظر إلى آخر الوقت أدنى مواقيت الصلاة منها، ثم تغتسل وتصلي ويأتيها زوجها, ولا بأس بذلك، وليس عليه أن ينتظر ¬

_ (¬1) ك ق: رأت فيها. (¬2) ق: يام. (¬3) ق: لم يكن. (¬4) ط - فيها. (¬5) ق: يخاف. (¬6) م - فلتغتسل وتصلي.

إلى آخر العشرة لأن هذه لم يكن لها أيام معروفة فقصرت عنها. إنما أحب لزوجها أن لا يطأها إذا كانت لها أيام معروفة فقصرت عنها. فكذلك لا أحب لها أن تزوج إن كان هذا آخر عدتها (¬1) من طلاق زوج كان لها حتى يأتي عليها آخر أيامها التي كانت تجلس. وهي إن تزوجت فالنكاح جائز إن لم يعاودها الدم. وإن تزوجت فأحب لزوجها الذي تزوجها أن لا يقربها حتى يأتي عليها آخر أيامها التي كانت تجلس فيها. وكذلك الجارية التي تستبرئ (¬2) بحيضة لا أحب للذي (¬3) يشتريها (¬4) أن يقربها حتى تأتي على آخر أيامها التي كانت تجلس فيها. وكذلك النفساء إذا انقطع دمها وكانت تجلس فيما مضى ثلاثين يوماً في كل نفاس، فجلست خمسة وعشرين يوماً، ثم انقطع الدم، فإني آمرها أن تؤخر غسلها حتى يكون آخر وقت الصلاة التي طهرت فيها، ثم تغتسل وتصلي، ولا أحب لزوجها أن يقربها حتى تأتي (¬5) عليها أيامها التي كانت تجلس فيما مضى، وهي ثلاثون يوماً. وإن كانت تجلس فيما مضى خمسة وعشرين يوماً فجلستها ثم انقطع الدم، فلتؤخر (¬6) الغسل حتى آخر وقت صلاة تأتيها، ثم تغتسل وتصلي ويأتيها زوجها. وكذلك إن كانت أول ما ولدت فانقطع دمها في ثلاثين يوماً فإنها تؤخر الغسل إلى آخر وقت الصلاة، ثم تغتسل وتصلي ويأتيها زوجها, ولا تنتظر الأربعين. إنما أحب (¬7) للزوج (¬8) أن ينتظر إذا طهرت في أقل من أيامها التي كانت تجلس فيما مضى. ... ¬

_ (¬1) م: عهدتها. (¬2) كذا في جميع النسخ وط. ولعل الصواب: تستبرأ، بالبناء للمجهول. (¬3) ك م ق: الذي. والتصحيح من ج. (¬4) م: يستبريها. (¬5) ك: حتى يأتي. (¬6) م ق: فليؤخر. (¬7) م - أحب. (¬8) م: الزوج.

باب النفاس والوقت في ذلك

باب النفاس والوقت في ذلك قال محمد بن الحسن: إذا ولدت المرأة ثم انقطع دمها يوماً أو يومين أو ثلاثة أيام، فلتنتظر حتى يكون آخر وقت الصلاة التي انقطع فيه دمها، ثم تغتسل وتصلي، ولا تدع الصلاة وهي طاهر، فإن هذا لا ينبغي. وتصدق إن طلقها زوجها حين ولدت في انقضاء العدة في أربعة وخمسين يوماً وزيادة ما قالت من شيء؛ لأنا نجعل النفاس ما قالت، وخمسة عشر يوماً طهراً وثلاثة حيضاً، وخمسة عشر يوماً (¬1) طهراً وثلاثة حيضاً، وخمسة عشر يوماً طهراً وثلاثة حيضاً (¬2)، فذلك أربعة وخمسون يوماً، وما قالت النفساء من شيء فهي فيه مصدقة. وأما في قياس قول أبي حنيفة فإنه لا يصدقها في العدة في أقل من خمسة وثمانين يوماً إذا طلقها حين ولدت؛ لأنه كان يقول: إذا عاودها الدم في الأربعين، فإن كان بين الدمين قليل أو كثير فهو نفاس كله. وكان يقول أيضاً: لا تصدق في انقضاء العدة في أقل من شهرين. فجعلنا ذلك على خمسة وثمانين (¬3) يوماً. وقال أبو يوسف: لا أصدق التي تطلق حين تضع في أقل من خمسة وستين يوماً؛ لأني أجعل نفاسها أكثر من الحيض. فأجعل النفاس أحد عشر يوماً، وأجعل العدة أربعة وخمسين؛ لأن النفاس لا يكون نفاسًا ولا تصدق عليه في أقل من أحد عشر يوماً أكثر من الحيض. وهو (¬4) يقول: إن انقطع الدم عن النفساء (¬5) في أقل من أحد عشر يوماً اغتسلت وصلت. وهذا ينقض القول الأول إن كانت تغتسل وتصلي في أقل من أحد عشر يوماً؛ لأنها تكون طاهراً (¬6) في أقل من أحد عشر يوماً، فينبغي أن تصدق في ذلك على العدة. فليس القول في هذا إلا قول واحد، وهي مصدقة فيما قالت من النفاس، وتكون العدة بعد ذلك ¬

_ (¬1) ق: يوم. (¬2) ك - وخمسة عشر يوماً طهراً وثلاثة حيضاً وخمسة عشر يوماً طهراً وثلاثة حيضاً، صح هـ. (¬3) م ق: وثلاثين. (¬4) ق: وهي. (¬5) ق: عن النفاس. (¬6) م ق: طاهر.

أربعة وخمسين يوماً؛ لأن أقل الطهر خمسة عشر يوماً، وأقل الحيض ثلاثة أيام. وقال محمد: كل دمين كانا في النفاس بينهما أقل من خمسة عشر يوماً فذلك دم واحد، وهو نفاس كله. وإن كان بينهما أكثر من خمسة عشر يوماً فالأول نفاس، والآخر حيض. ومن ذلك لو أن امرأة وضعت فرأت الدم يوماً أو يومين أو ثلاثة أيام، ثم طهرت ثلاثة عشر يوماً أو أربعة عشر يوماً، ثم رأت الدم كان هذا نفاساً كله. ولو أنها رأت الدم أول ما ولدت يوماً أو يومين أو ثلاثة، ثم انقطع الدم خمسة عشر يوماً، ثم رأت الدم بعد ذلك يوماً أو يومين (¬1)، فإن الأول نفاس، والآخر ليس بنفاس ولا حيض، تتوضأ وتصلي؛ لأن ما بين الدمين أكثر من خمسة عشر يوماً طهراً، فهذا الدم الثاني دم غير الدم الأول. وليس الدم الثاني حيضاً؛ لأنه أقل من ثلاثة أيام. ولو كانت رأت الدم بعد طهر خمسة عشر يوماً ثلاثة أيام أو أكثر فهذا حيض. وقال أبو حنيفة: إذا عاودها الدم في الأربعين فهو نفاس وإن كان بين الدمين خمسة عشر يوماً طهر. فهذا قبيح. ينبغي في قوله إن رأت يوماً دماً وخمسة عشر يوماً طهراً ويوماً دماً وخمسة عشر (¬2) طهراً ويوماً دماً أن يكون هذا نفاسًا كله. وهذا قبيح. ولكنا نقول: اليوم الأول نفاس، وما سوى ذلك ليس بنفاس ولا حيض. فإن قال قائل: كيف صَيَّرْتَ (¬3) بين دمي النفاس الطهرَ خمسة عشر يوماً ولم تُصَيِّرْهُ (¬4) ثلاثة أيام كما صيرته في الحيض؟ قيل له (¬5): لا يشبه النفاس الحيض؛ لأن الحيض لأقله غاية ولأكثره غاية، وأقل الحيض ثلاثة أيام، فجعلنا أقل الطهر الذي يكون بين الدمين ثلاثة أيام. فإن كان الدمان (¬6) أقل من ثلاثة أيام لم (¬7) يكن ذلك حيضاً والطهر أكثر منه. ¬

_ (¬1) م - ثم انقطع الدم خمسة عشر يوماً ثم رأت الدم بعد ذلك يوماً أو يومين. (¬2) م - عشر. (¬3) م: ضرب. (¬4) م: ولم يضره. (¬5) ق - له. (¬6) ق - الدمان. (¬7) م ق: ولم.

فكيف (¬1) تكون (¬2) خمسة أيام حيضاً وأكثرها لم تر فيه دماً؟ هذا ما لا يكون. وأما النفاس فليس له غاية في قليله فنجعل (¬3) الطهر القليل مثل النفاس (¬4) القليل؛ لأن النفاس يكون ساعة: لو وضعت (¬5) المرأة ثم رأت الدم ساعة ثم انقطع (¬6) ثم رأت الطهر كانت تلك الساعة نفاساً. فلما رأينا النفاس لا وقت له في قليله (¬7) [وَ] كانت أيام النفاس أكثر من أيام الحيض، وقال أبو حنيفة: إذا عاودها الدم في الأربعين والذي (¬8) بين الدمين قليل أو كثير كان ذلك نفاساً كله، فاستحسنا أحسن ذلك كله، فقلنا (¬9): إن كان بين الدمين في الأربعين أقل من خمسة عشر يوماً فذلك نفاس كله، وإن كان الذي بينهما أكثر من خمسة عشر يوماً فالأول نفاس والثاني ليس بنفاس؛ لأن أبا حنيفة وجميع أصحابنا قد أجمعوا على أن الدمين في الحيض الذي بينهما طهر خمسة عشر يوماً دمان مختلفان وليسا بدم واحد. فلما قالوا ذلك في الحيض قلنا نحن في النفاس (¬10) أحسن ما عندنا فيه. وإنه ليدخل في قولنا أيضاً (¬11) شيء قبيح، وهو لو (¬12) أن امرأة نفست يوماً ثم طهرت أربعة عشر يوماً، ثم رأت الدم يوماً ثم انقطع، كان ذلك نفاساً كله، فهذا أيضاً قبيح، ولكن لا بد من هذا؛ لأن الدمين بينهما من الطهر أقل من خمسة عشر يوماً. فإن لم نقل بهذا القول فلا بد أن نقف (¬13) على شيء من ذلك معروف. فإن قال قائل (¬14): اثنا عشر يوماً، فما أقرب هذا من أربعة عشر ¬

_ (¬1) ك ق: وكيف. (¬2) ك: يكون. (¬3) م: فيحصل. (¬4) م - النفاس. (¬5) م: ولو وضعت. (¬6) م - ثم رأت الدم ساعة ثم انقطع. (¬7) ك ق: في قلته. (¬8) م: وليس. (¬9) م: قلنا. (¬10) ق + فهذا. (¬11) ق أيضاً في قولنا. (¬12) ك: هو ولو. (¬13) ق: أن تقف. (¬14) ق + يكون.

يوماً؛ أو يقول قائل (¬1): يكون بين الدمين طهر عشرة أيام فيكون دمين متفرقين، فلا بد من أن يأتي على هذا ببرهان. فأحسن ما ها هنا في هذا أن كل دمين من النفاس ليس بينهما من الطهر خمسة عشر يوماً فهو نفاس كله، وكل دمين بينهما من الطهر خمسة عشر يوماً فصاعداً فالأول نفاس، والثاني إن رأته يوماً أو يومين ثم انقطع فليس بحيض، وهو استحاضة تتوضأ وتصلي، وإن رأت المرأة بعد الطهر خمسة عشر يوماً دماً فرأته ثلاثة أيام فصاعداً فهو حيض، والأول الذي رأته حين ولدت نفاس. فهذا أحسن ما عندنا في هذا، وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. قال: أخبرنا محمد بن الحسن عن مالك بن أنس قال: أخبرني الثقة عندي عن سالم بن عبد الله وسليمان بن يسار (¬2) أنهما سئلا عن الحائض هل يصيبها زوجها إذا رأت الطهر قبل أن تغتسل؟ فقالا: لا حتى تغتسل (¬3). محمد عن مالك بن أنس قال: أخبرني عبد الله بن أبي بكر عن عمته (¬4) عن ابنة (¬5) زيد بن ثابت أنه بلغها أن نساء يدعون بالمصابيح في جوف الليل، فينظرن (¬6) إلى (¬7) الطهر، فكانت تعيب (¬8) ذلك عليهن وتقول (¬9): ما كان النساء يصنعن (¬10) هذا (¬11). أخبرنا محمد عن أيوب بن عتبة اليمامي (¬12) قاضي اليمامة (¬13) قال: ¬

_ (¬1) ط - كيف. (¬2) م: بن سليمان بن بشار. (¬3) رواه الإِمام محمد أيضاً في الموطأ عن الإِمام مالك. انظر: الموطأ برواية محمد، 1/ 319. والرواية موجودة كذلك في رواية يحيى. انظر: الموطأ، الطهارة، 96. (¬4) م: عن عميه. (¬5) ك ق: عن أبيه. (¬6) ك م: فينظرون. (¬7) ك م ق - إلى. والتصحيح من ج ر والموطأ. انظر مصادر التخريج. (¬8) م: تعب. (¬9) ق: ويقول. (¬10) ق: يصعن. (¬11) رواه الإِمام محمد أيضاً في الموطأ عن الإِمام مالك. انظر: الموطأ برواية محمد، 1/ 340. والرواية موجودة كذلك في رواية يحيى. انظر: الموطأ، الطهارة، ما. وعلقه البخاري. انظر: صحيح البخاري، الحيض، 19. (¬12) م ق: اليتامي. (¬13) ك: التهامة؛ م: التامة.

باب حيض النصرانية

أخبرني يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: سألتُ أم حبيبة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المستحاضة، فقالت: تدع الصلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل وتتوضأ لكل صلاة وتصلي (¬1). قال: أخبرنا (¬2) محمد عن مالك بن أنس قال: أخبرني علقمة عن أمه مولاة عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها (¬3) قالت: كُنّ النساء يبعثن إلى عائشة الدرَجَة (¬4) فيها (¬5) الكُرْسُف (¬6) فيه (¬7) الصفرة من الحيضة، فتقول: لا تعجلن حتى تَرَيْنَ القَصَّةَ (¬8) البيضاء، تريد (¬9) بذلك الطهر من الحيض (¬10). ... باب حيض النصرانية قال محمد: امرأة نصرانية حاضت وانقطع عنها الدم، ثم أسلمت قبل أن تغتسل ولم يذهب (¬11) وقت الصلاة، وكان زوجها طلقها، هل له أن ¬

_ (¬1) رواه المؤلف بنفس إسناده في الآثار, 18. وروي قريباً من ذلك من طرق أخرى. انظر: صحيح البخاري، الوضوء، 63؛ وسنن أبي داود، الطهارة، 112؛ وسنن الترمذي، الطهارة، 93. (¬2) ك ق: حدثنا. (¬3) م - أنها. (¬4) الدِّرَجَة جمع الدُّرْج وعاء صغير تدخر فيه المرأة طيبها وأداتها. انظر: لسان العرب لابن منظور، "درج". (¬5) جميع النسخ: وفيها. والتصحيح من مصادر التخريج. (¬6) الكُرْسُف هو القطن. انظر: المغرب للمطرزي، "كرسف". (¬7) جميع النسخ: فيها. والتصحيح من مصادر التخريج. (¬8) م ق: الفضة. (¬9) م: يريد. (¬10) رواه الإِمام محمد أيضاً في الموطأ عن الإِمام مالك. انظر: الموطأ برواية محمد، 1/ 337. والرواية موجودة كذلك في رواية يحيى. انظر: الموطأ، الطهارة، 97. وعلّقه البخاري. انظر: صحيح البخاري، الحيض، 19. وفي نسخة ك هذه الزيادة: هذا آخر كتاب الحيض يتلوه باب حيض النصرانية إن شاء الله تعالى ولله الحمد والمنة. وفي نسخة م: والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين. (¬11) ق: تذهب.

يراجعها؛ فإن قلتم: لا؛ لأن طهرها كان انقطاع الدم، وانقطاع الدم من النصرانية طهر، فما تقول في نصرانية انقطع عنها الدم وزوجها مسلم ثم إنها أسلمت هل لزوجها أن يطأها قبل أن تغتسل؛ فإن قلتم: لا يطأها، فهي (¬1) قد صارت طاهراً بانقطاع الدم وقد ذهب الحيض؛ فإن (¬2) قلتم: يطأها، فهل تقرأ (¬3) القرآن هذه؟ وهل يستقيم أن تصير (¬4) هذه طاهراً بانقطاع الدم وهي نصرانية ويحل لزوجها أن يطأها، فإذا أسلمت عادت حائضاً لا يحل لزوجها أن يطأها حتى تغتسل وكان وطؤها (¬5) له حلالاً قبل أن تسلم؟ (¬6) فمن أين يحرمه الإِسلام؟ وهل تشبه هذه المرأة المسلمة إذا طهرت من الحيض ولم تجد الماء فتيممت وصلت وحل لزوجها أن يطأها، ثم إنها قدرت على الماء ووجب عليها أن تغتسل، وقد كان وطؤها (¬7) حلالاً قبل أن تجد الماء؟ فكيف يَحْرُمُ ذلك بعد ما وطئها؟ وهل تشبه هذه النصرانية التي قبلها؟ أرأيت النصرانية الأولى لو رأت طهرها ذلك في ليلة من رمضان، وعليها من الليل قدر ما تغسل بعض جسدها ثم تصبح وقد بقي عليها شيء، فأسلمت قبل الصبح، فقد حَفِظْتُ عندي في هذا أن صومها تام، فإن غسلت بعض جسدها نهارًا أتقضي صوم ذلك اليوم؛ لأنك زعمت أن طهرها كان انقطاع الدم، ولم يكن طهرها الغسل. فهل كان لزوجها أن يطأها لأنها طاهر حيث انقطع الدم (¬8) وهي نصرانية قبل أن تغتسل؛ فإن قلت: لا يطأها، فما فصل ما بين الصوم والوطء في هذا؟ قال: انقطاع دم النصرانية طهرها، يطأها زوجها بعد الإِسلام قبل أن تغتسل. وإن كانت طلقت فلا رجعة لزوجها (¬9) عليها بعد انقطاع الدم في الحيضة الثالثة. والمتيممة إذا صلت بتيممها حل لزوجها أن يطأها, ولكنها تقرأ القرآن ما لم تجد الماء، فإذا تيممت وصلت ووجدت الماء وجب عليها الغسل، فلا تقرأ القرآن حتى ¬

_ (¬1) جميع النسخ وط: وهي. (¬2) ق: وإن. (¬3) ق: يقرأ. (¬4) ق: أن يصير. (¬5) ق: وطها. (¬6) م: أن يسلم. (¬7) ق: وطها. (¬8) م - الدم. (¬9) ط + بعد الإِسلام قبل أن تغتسل وإن كانت طلقت فلا رجعة لزوجها.

تغتسل؛ لأنها لا تكون أحسن حالًا من المرأة الجنب والزوج يطأها. وكذلك النصرانية إذا انقطع عنها الدم ثم أسلمت لم تقرأ القرآن حتى تغتسل؛ لأن الحيض قد انقطع. ألا ترى أن الغسل عليها واجب، وكل امرأة كان الغسل عليها واجباً من الحيض أو جنابة لم تقرأ حتى تغتسل. امرأة طهرت في أول الليل في وقت العشاء فرأت البياض خالصاً، ولكنها تخاف معاودة الدم إلى متى تدع الصلاة أو تؤخر الغسل والصلاة فتكون (¬1) من ذلك في سعة؟ وما وقت العشاء في هذه الحال؟ وما حالها إذا طهرت في وقت كل صلاة ولكنها تخاف من معاودة [الدم]؟ (¬2) كيف يكون (¬3) هذا في التي طهرت في أول الليل، إلى أي حين يسعها أن تؤخر الغسل؟ أرأيت إن عجلت الغسل في وقت العشاء لأنه يشتد عليها الطهر في نصف الليل أو ثلثه فعجلت الغسل وصلت ونامت هل يستحب ذلك لها؟ أرأيت إن فعلت ذلك ونامت ثم انتبهت غدوة وهي طاهر كما نامت، غير أنها لا تدري لعل دمها قد عاودها في بعض الليل ثم انقطع، ولعل الحيض قد عاودها وهي نائمة، وذلك في أيام حيضها أو في العشرة، أتكتفي هذه بالغسل الذي اغتسلت قبل النوم (¬4)، أو ترى لها أن تعيد الغسل لهذا الشك الذي دخلها؟ قال: أَحَبَّ إلى لهذه أن تدع الصلاة والغسل حتى يبقى من نصف الليل الأول ما تقدر على أن تغتسل وتصلي قبل أن يمضي النصف الأول من الليل، وإن هي عجلت الغسل وصلت أجزأها، كان كانت نامت فاستيقظت وهي على طهر فهي على الأول حتى تعلم (¬5) أنها رأت دماً بعد الغسل (¬6). ¬

_ (¬1) م ق: فيكون. (¬2) الزيادة من ط. (¬3) ك: تكون. (¬4) ق: اليوم. (¬5) م: حتى يعلم. (¬6) ك + آخر باب الحيض والحمد لله رب العالمين ويتلوه كتاب الزكاة، م + آخر باب الحيض الحمد لله رب العالمين؛ ق + آخر باب الحيض والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم.

كتاب الزكاة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب الزكاة حدثنا زياد بن عبد الرحمن عن أبي سليمان عن محمد بن الحسن قال: قال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: ليس في أربع من الإبل السائمة صدقة. فإذا كانت خمساً ففيها شاة إلى تسع. فإذا كانت عشراً ففيها شاتان إلى أربع عشرة. فإذا كانت خمسة عشر ففيها ثلاث شياه إلى تسع عشرة. فإذا كانت عشرين ففيها أربع شياه إلى أربع وعشرين. فإذا كانت خمساً وعشرين ففيها ابنة مَخَاض (¬2) إلى خمس وثلاثين. فإذا زادت (¬3) واحدة ففيها بنت لَبُون (¬4) إلى خمس وأربعين. فإذا زادت (¬5) واحدة ففيها حِقَّة (¬6) إلى ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) المخاض النُّوق الحوامل، ويقال لولدها إذا استكمل سنة ودخل في الثانية وكانت أنثى بنت مخاض، وإن كان ذكراً فهو ابن مخاض؛ لأن أمه لحقت بالمخاض من النوق. انظر: المغرب، "مخض". (¬3) م: رات. (¬4) بنت اللَّبون هي الأنثى من ولد الإبل التي استكملت سنتين ودخلت في الثالثة، والذكر ابن اللبون. انظر: المغرب، "لبن". (¬5) م: رات. (¬6) الحِقّة من الإبل هي الأنثى التي استكملت ثلاث سنين ودخلت في الرابعة. انظر: المغرب، "حقق".

ستين. فإذا زادت واحدة ففيها جَذَعَة (¬1) إلى خمس وسبعين. فإذا زادت واحدة ففيها ابنتا لبون إلى تسعين. فإذا زادت واحدة ففيها حقتان إلى عشرين ومائة. فإذا زادت على عشرين ومائة واحدة أو اثنتين (¬2) أو ثلاثاً أو أربعاً فليس في الزيادة شيء. فإذا كانت خمساً وعشرين (¬3) ومائة ففي الخمس شاة (¬4)، وفي العشرين ومائة (¬5) حقتان إلى تسع وعشرين ومائة. فإذا كانت ثلاثين ومائة ففيها حقتان وشاتان إلى أربع وثلاثين ومائة. فإذا كانت خمساً وثلاثين ومائة ففيها حقتان وثلاث شياه إلى تسع وثلاثين ومائة. فإذا كانت أربعين ومائة ففيها حقتان وأربع شياه إلى أربع وأربعين ومائة. فإذا كانت خمساً وأربعين ومائة ففيها حقتان وابنة مخاض إلى تسع وأربعين ومائة. فإذا كانت مائة وخمسين ففيها ثلاث حِقاق. أبو سليمان قال: حدثنا محمد بن الحسن حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم بذلك (¬6). فإذا زادت على الخمسين ومائة شيئاً فاستقبل الفريضة كما استقبلتها حين زادت على المائة والعشرين (¬7). فإذا زادت أربعاً فليس في الأربع شيء حتى تبلغ خمساً، ففيها شاة وثلاث حقاق إلى تسع. فإذا كانت عشراً ففيها شاتان وثلاث حقاق إلى أربع عشرة. فإذا بلغت خمس عشرة ففيها ثلاث شياه وثلاث حقاق إلى تسع عشرة. فإذا بلغت عشرين ففيها أربع شياة مع ثلاث حقاق إلى أربع وعشرين. فإذا بلغت خمساً وعشرين ففيه ابنت مخاض مع الثلاث حقاق إلى أن تبلغ الزيادة خمساً وثلاثين. فإذا كانت ستًا وثلاثين (¬8) ففيها ابنة لبون مع ثلاث حقاق إلى (¬9) خمس وأربعين. فإذا زادت واحدة ¬

_ (¬1) الجذعة من الإبل ما دخلت السنة الخامسة. انظر: المغرب، "جذع". (¬2) ك ق: أو ثنتين. (¬3) ق: وعشرون. (¬4) م: سياه. (¬5) ق: والمائة. (¬6) رواه الإِمام محمد في الآثار عن إبراهيم عن عبد الله بن مسعود. انظر: الآثار له، 56. ورواه أبو يوسف عن إبراهيم. انظر: الآثار لأبي يوسف، 1/ 85. وقد روي بعضه مرفوعاً عن أنس - رضي الله عنه - انظر: صحيح البخاري، الزكاة، 38؛ وسنن أبي داود، الزكاة، 5. وروي كذلك عن ابن عمر مرفوعاً. انظر: سنن الترمذي، الزكاة، 4. (¬7) ك: وعشرين. (¬8) ق - فإذا كانت ستا وثلاثين. (¬9) ق: وإلي.

ففيها حقة مع الثلاث حقاق إلى أن تبلغ الخمسين. فإذا زادت الإبل على المائتين شيئاً فاستقبل الفريضة كما استقبلتها حين زادت على الخمسين ومائة. قلت: أرأيت الإبل إذا وجبت فيها صدقة، فلم يوجد ذلك الواجب عليها، فوجدت ثنتين أفضل منه أو دونه؟ قال: تأخذ قيمة (¬1) الذي وجب عليها، وإن شئت أخذت أيضاً منها ورددت عليهم (¬2) ما يفضل قيمته دراهم، وإن شئت أخذت دونها وأخذت الفضل دراهم. قلت: أرأيت الفُصْلان (¬3) والبقر (¬4) العَجَاجِيل (¬5) والغنم الحُمْلان (¬6) كلها هل فيها صدقة؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه لا يؤخذ في صدقة الغنم إلا الثَّنِي (¬7) فصاعداً، ولا يؤخذ (¬8) في صدقة الإبل والبقر (¬9) إلا ما وصفت لك (¬10) من السنن أو قيمته، وليس هذا مثل ذلك في قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: أما (¬11) أنا فأرى أن يؤخذ من الحُمْلان الصدقة قدر الواجب منها, لا يؤخذ منها مُسِنّة (¬12) إلا أن تكون (¬13) فيها مُسِنّة ¬

_ (¬1) ف: فيه. (¬2) ف: وردت عليه. (¬3) الفُصْلاَن جمع الفَصِيل، وهو من فَصَل الرضيع عن أمه فَصْلاً وفِصَالاً، وأكثر ما يستعمل في أولاد الإبل. انظر: المغرب، "فصل"؛ ولسان العرب، "فصل". (¬4) م ق: والبقره. (¬5) العَجَاجِيل جمع العِجْل بمعنى ولد البقرة، وهو العِجَّوْل والأنثى عِجْلة وعِجَّوْلَة. انظر: لسان العرب، "عجل". (¬6) الحُمْلاَن جمع الحَمَل، وهو ولد الضأن. انظر: المغرب، "حمل". (¬7) الثَّنِيّ من الغنم ما استكمل الثانية ودخل في الثالثة. انظر: المغرب، "ثني". (¬8) ق: يوجد. (¬9) ق: البقر والإبل. (¬10) لم يذكر صدقة البقر قبل هذا، وسيذكر ذلك في باب صدقة البقر قريباً. (¬11) م - أما. (¬12) المُسِنّة مأخوذة من السِّنّ، فالمقصود بها في الدواب أن تنبت السنن التي بها يصير صاحبها مُسِنًّا أي: كبيراً، وأول ذلك خروج الثَّنايا. انظر: المغرب، "ثني". (¬13) ق: أن يكون.

فيأخذها, ولا تؤخذ الحُمْلان، وكذلك العَجَاجِيل والفُصْلان. قلت: أرأيت الإبل تكون (¬1) بين الرجلين وهي خمس هل عليهما فيها صدقة؟ قال: لا. قلت: فإن كان تسعاً؟ قال: ليس فيها (¬2) شيء. قلت: فإن كان عشراً؟ قال: عليهما الصدقة. على كل واحد منهما شاة إلى أن تبلغ تسع عشر. فإذا زادت واحدة فعلى كل واحد منهما شاتان إلى أن تبلغ تسعاً وعشرين. فإذا بلغت ثلاثين فعلى كل واحد منهما ثلاث شياه إلى أن تبلغ تسعًا وثلاثين. فإذا بلغت أربعين فعلى كل واحد منهما أربع شياه إلى أن تبلغ تسعًا وأربعين. فإذا بلغت خمسين فعلى كل واحد منهم ابن ت مخاض إلى أن تبلغ سبعين. فإذا زادت اثنتين فعلى كل واحد منهما بنت لبون إلى أن تبلغ تسعين. فإذا زادت اثنتين فعلى كل واحد منهما (¬3) حقة إلى أن تبلغ مائة وعشرين. فإذا زادت اثنتين فعلى كل واحد منهما جذعة إلى أن تبلغ مائة وخمسين. فإذا زادت اثنتين فعلى كل واحد منهما (¬4) بنتا لبون إلى أن تبلغ مائة وثمانين. فإذا زادت اثنتين فعلى كل واحد منهما حقتان إلى أن تبلغ مائتين وأربعين. ثم تستقبل (¬5) الفريضة. قلت: أرأيت الرجل تكون (¬6) له الإبل وعليه دين يحيط بقيمتها هل عليه صدقة؟ قال: لا. قلت: فإذا جاء المُصَدِّق (¬7) فأخبره أن عليه ديناً وحلف له أيقبل منه ذلك ويكف عنه؟ قال: نعم. قلت: فإن قال للمُصَدِّق: إنما أصبت هذه الإبل منذ أشهر ولم يَتِمّ لها (¬8) عندي حول، وحلف له ¬

_ (¬1) ق: يكون. (¬2) م: فيهما. (¬3) م - بنت لبون إلى أن تبلغ تسعين فإذا زادت اثنتين فعلى كل واحد منهما. (¬4) م - جذعة إلى أن تبلغ مائة وخمسين فإذا زادت اثنتين فعلى كل واحد منهما. (¬5) م ق: ثم يستقبل. (¬6) ق: يكون. (¬7) أي عامل الصدقة. (¬8) ك ج رق: ولم يترلها؛ م: ولم يتركها؛ ط: ولم يزكها. وقال الأفغاني: لعل الصواب "ولم يحل عليها". ولعل الصواب ما أثبتناه. وقد استعمل المؤلف نفس العبارة فيما يأتي في باب صدقة الغنم، وباب صدقة البقر. انظر: 1/ 109 ظ، 113 و.

على ذلك، أيقبل منه (¬1) ويكف عنه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن قال للمُصَدّق (¬2): ليست هذه الإبل لي، وحلف على ذلك، أيقبل منه ويكف عنه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن قال للمُصَدِّق: قد أديت زكاة هذه الإبل إلى مصدق غيرك، وجاء ببراءة (¬3) وحلف له على ذلك، وقد كان عليهم مصدق غيره في تلك السنة، أيقبل منه ذلك ويكف عنه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن لم يكن عليهم مصدق غيره في تلك السنة وقال: قد أعطيت زكاتها المساكين، أيقبل ذلك منه ويكف عنه؟ قال: لا. قلت: فلم صدقته فيما ذكرت لك سوى هذا ولم تصدقه (¬4) في هذا؟ قال: لأن صدقة الإبل إنما تدفع إلى السُّعاة الذين عليهم، فلو قبل (¬5) السعاة من الناس قولهم هذا: قد أعطيتها المساكين، لم تؤخذ صدقة من أحد. قلت: أرأيت اليتيم الذي لم يحتلم والمجنون المغلوب أو العبد المأذون له في التجارة وعليه دين، هل يكون على أحد من هؤلاء صدقة إذا كانت له إبل؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن الصلاة لا تجب على الصغير ولا على المعتوه المجنون، فكذلك لم تجب (¬6) عليهما الزكاة. وأما العبد المأذون له في التجارة الذي عليه دين فلا يملك شيئاً. قلت: وكذلك المكاتب؟ قال: نعم. قلت: أرأيت العبد المأذون له في التجارة إذا لم يكن عليه دين؟ قال: هذا تصير (¬7) إبله لمولاه، وتكون (¬8) عليه فيها الزكاة. قلت: أرأيت الرجل يكون له الإبل التي تجب (¬9) في مثلها الزكاة، إذا كان قبل تمام (¬10) الحول بيوم ورث إبلاً أو اشتراها (¬11) أو وهبت له وهي سائمة، أيزكيها مع إبله؟ قال: نعم. قلت: فإن كان له إبل لا ¬

_ (¬1) ق - أيقبل منه؛ صح هـ. (¬2) م: المصدق. (¬3) م: براءة. (¬4) ق - ولم تصدقه. (¬5) م: قيل. (¬6) ق: لم يجب. (¬7) ك ق: يصير. (¬8) ك ق: ويكون. (¬9) ك: يجب. (¬10) م ق - تمام. (¬11) م: واشتراها.

تجب (¬1) في مثلها الزكاة وورث غنماً (¬2) أو اشتراها أو وهبت له، أو كانت له غنم فأصاب إبلاً على ما وصفت لك، أيزكيها معها؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن هذا مخالف للمال الذي عنده، فعلى هذا إذا حال عليها الحول من يوم استفادها الزكاة. قلت: أرأيت الرجل إذا حال الحول على إبله التي كانت عنده، ثم أصاب بعد ذلك إبلاً، أيزكيها مكانه؟ قال: لا، ولكن إذا وجبت الزكاة ثانية على إبله الأولى زكى التي أفاد معها. قلت: أرأيت الرجل تكون له الإبل بالكوفة أو بمصر من الأمصار أو بمدينة من المدائن يعلفها ويعمل (¬3) عليها أو يعلفها (¬4) ويشرب ألبانها ولا يعمل عليها، يعلفها (¬5) في بيته، إناثاً كانت أو ذكوراً، يعتمل (¬6) عليها، ويعلفها (¬7)، وكيف إن كان هذا كله في غير مصر، وكانت في البَرِّيّة (¬8)، أو في السواد، فكان يعمل عليها ويعلفها (¬9) ويستقي عليها؟ قال: ليس في شيء مما وصفت صدقة. محمد قال: حدثنا أبو حنيفة عن الهيثم عن من حدثه عن علي بن أبي طالب أنه قال: ليس في الإبل العوامل والحوامل صدقة (¬10). قلت: أرأيت الرجل تكون له الإبل السائمة (¬11) ذكور كلها هل فيها صدقة؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) ق: لا يجب. (¬2) م: عنها؛ ق: عثما. (¬3) جميع النسخ وط: أو يعمل. (¬4) م: أو يعلقها. (¬5) م: يعلقها. (¬6) م: يعمل. واعتمل يعني عمل بنفسه. انظر: لسان العرب، "عمل". (¬7) م: ويعلقها. (¬8) البرية أي البادية والصحراء، انظر: المغرب، "برر"؛ والقاموس المحيط، "برر". (¬9) م: ويعلقها. (¬10) الآثار لأبي يوسف، 87، وسنن أبي داود، الزكاة، 5. وانظر: نصب الراية، 2/ 360؛ والدراية لابن حجر، 1/ 256. (¬11) السائمة هي البهائم التي تُرسَل تَرعى ولا تُعلف في الأهل. وعن الكرخي: هي الراعية إذا كانت تكتفي بالرعي أو كان الأغلب من شأنها الرعي. انظر: المغرب، "سوم".

قلت: أرأيت الرجل يكون له الإبل (¬1)، فإذا خاف أن تجب (¬2) عليها (¬3) الصدقة باعها قبل ذلك بيوم بغنم أو بقر أو دراهم، يريد بذلك الفرار من الصدقة؟ قال: ليس عليه صدقة حتى يحول عليها الحول وهي عنده. قلت: فإن باع الإبل بإبل قبل أن تجب (¬4) عليه فيها صدقة يريد بذلك (¬5) الفرار من الصدقة؟ قال: ليس (¬6) عليه صدقة حتى يحول الحول على ما بقي (¬7) في يديه، وهذا والباب الأول سواء. قلت: فإن باعها ولا ينوي الفرار من الصدقة؟ قال: ليس عليه صدقة حتى يحول (¬8) الحول على ما في يديه. قلت: أرأيت الرجل تكون (¬9) له إبل ثم يصيب الدراهم قبل أن يحول الحول على إبله بيوم، ثم زكى الإبل، ثم يبيعها بالدراهم، فتجب الزكاة في الدراهم التي أصاب قبل أن يبيع (¬10) الإبل، أيزكي معها ثمن الإبل ولم يحل عليه منذ يوم باع الإبل؟ (¬11) قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه قد باع الإبل، فإن زكى (¬12) تلك السنة أثمانها (¬13) فقد زكى مالًا واحداً مرتين في سنة، فليس ينبغي له أن يزكي مالًا واحداً في سنة واحدة مرتين. وقال أبو حنيفة: لو أدى (¬14) عُشر طعامه (¬15) ثم باعه بدراهم فحال الحول على ماله وجبت عليه الزكاة وزكى ثمن الطعام معه؛ لأنه لو مكث الطعام عنده عشر سنين لم يزكه، ولو مكثت الإبل عنده زكاها، فلذلك اختلفا. وقال أبو يوسف: نرى أن يزكي ثمن الإبل (¬16) مع ماله كما يزكي ثمن الطعام (¬17)؛ لأنه قد صار دراهم كله، وصار مالاً واحداً. وهذا قول محمد. ¬

_ (¬1) م - السائمة ذكور كلها هل فيها صدقة قال نعم قلت أرأيت الرجل يكون له الإبل. (¬2) م: أن يجب. (¬3) ق: عليه. (¬4) م ق: أن يجب. (¬5) م: بها. (¬6) ك - ليس، صح هـ. (¬7) م - بقي. (¬8) م - صدقة حتى يحول، صح هـ. (¬9) ق: يكون. (¬10) ق: أن يتبع. (¬11) ك - الإبل. (¬12) ق: زكوه. (¬13) م: أيمانها. (¬14) م: لو ادعى. (¬15) ك: طعام. (¬16) م: من الإبل. (¬17) م: من الطعام.

قلت: أرأيت رجلاً يُقتَل أبوه فيُقضَى على قاتله بالدية مائة من الإبل، أو كاتَبَ عبدَه (¬1) على مائة من الإبل، ثم يأخذ الإبل التي من دية أبيه (¬2) أو الإبل التي أخذ من مكاتبة عبده (¬3) وقد حال عليه الحول قبل أن يأخذها، أيزكيها؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنها لم تكن سائمة. قلت: فإذا مكثت عنده حولاً منذ يوم قبضها وهي سائمة أيزكيها؟ قال: نعم. قلت: فإن لم تكن سائمة وكان يعمل عليها ويعلفها؟ قال: ليس (¬4) عليه فيها زكاة (¬5). قلت: أرأيت المرأة تزوج على عشرة من الإبل بغير أعيانها فلا تقبضها (¬6) إلا بعد حول أتزكيها؟ (¬7) قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنها ليست بسائمة. قلت: فإن كانت تزوجت عليها بأعيانها وهي سائمة ثم قبضتها (¬8) بعد حول أتزكيها؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن كانت إبلًا أو بقرًا أو غنمًا؟ قال: نعم. رجع أبو حنيفة عن هذا وقال بعد ذلك: لا زكاة عليها. وأبو يوسف ومحمد يأخذان بالقول الأول. قلت: أرأيت الرجل تكون (¬9) له الإبل السائمة فأراد أن يستعملها ويعلفها (¬10) فلم يفعل ذلك حتى حال عليها (¬11) الحول؟ قال: عليه الزكاة. قلت: وكذلك إن أراد أن يبيعها فلم يفعل ذلك حتى حال عليها الحول؟ قال: نعم، عليه الزكاة. قلت: أرأيت الرجل يكون له عشر من الإبل لا يزكيها سنتين (¬12) ما عليه؟ قال: عليه (¬13) في السنة الأولى شاتان، وفي السنة الثانية شاة. قلت: لم؟ قال: لأنها قد نقصت من العشر. قلت: أرأيت الرجل يكون له خمس ¬

_ (¬1) م ق: أو كانت عنده. (¬2) م: ابنه. (¬3) ق: عنده. (¬4) ط - ليس. (¬5) م - قلت فإن لم تكن سائمة وكان يعمل عليها ويعلفها قال ليس عليه فيها زكاة. (¬6) م: فلا يقبضها. (¬7) ق: أيزكيها. (¬8) م: ثم قبضها. (¬9) م ق: يكون. (¬10) م: ويعلقها. (¬11) م: عليه. (¬12) م ق: سنين. (¬13) ق - عليه.

وعشرون من الإبل فلم يزكها (¬1) سنتين (¬2) ما عليه؟ قال: عليه في السنة الأولى بنت مخاض، وعليه في السنة الثانية أربع من الغنم. قلت: لم؟ قال: لأنها نقصت من الخمس والعشرين. قلت: أرأيت الرجل يكون له (¬3) أربع وعشرون فَصِيلًا وناقة (¬4) ثَنِيَّة (¬5) هل عليه فيها صدقة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل تكون له الإبل السائمة اشتراها للتجارة أعليه زكاة السائمة أو زكاة التجارة؟ قال: عليه زكاة التجارة، يقومها ثم يزكي قيمة كل مائتي درهم خمسة دراهم. قلت: أرأيت الرجل تكون له الإبل وشريكه فيها صبي وهي خمسون من الإبل؟ قال: على الرجل في حصته بنت مخاض، وليس على الصبي شيء. قلت: وكذلك لو كان شريكه فيها مجنوناً أو معتوهاً أو رجلاً عليه دين أو مكاتباً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل تكون (¬6) له الإبل فيغلب عليها العدو أو يغصبها (¬7) إياه رجل فيمسكها سنين، ثم يأخذها صاحبها من الغاصب أو يصيبها (¬8) المسلمون فيردونها عليه، أيزكيها لما مضى من ذلك وقد أخذها بأعيانها؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: أما ما كان في يد (¬9) العدو فلم يكن (¬10) له؛ لأن العدو لو أسلموا عليها كانت لهم، ولو باعوها لم يأخذوها إلا بالثمن، وكان بيعه جائزاً. وأما الغاصب فإنه لم يقدر عليها أن (¬11) يأخذها من الغاصب، وليس الغصب بمنزلة الدين الذي يقر له به، فيأخذه به إذا شاء، فيزكي لما مضى. ¬

_ (¬1) ق: يزكيها. (¬2) ك م: سنين. (¬3) ق - له. (¬4) م: ومايه. (¬5) الثَّنِيّ من الإبل الذي أَثْنَى أي ألقى ثنيْته، وهو ما استكمل السنة الخامسة ودخل في السادسة. انظر: المغرب، "ثني". (¬6) ق: يكون. (¬7) م: أو بعضها؛ ق: أو يغصها. (¬8) ق: أو يصيبونها. (¬9) ق: في يدي. (¬10) م: فلم تكن. (¬11) ق + يأخذوها إلا بالثمن وكان بيعه جائزا وأما الغاصب فإنه لم يقدر عليها أن.

قلت: أرأيت الرجل يكون له خمس من الإبل فإذا كان قبل الحول بشهر هلكت منها واحدة، ثم تحول (¬1) الحول عليها بعد هلاك الواحدة، هل عليه صدقة؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن أصاب واحدة مثلها قبل أن يحول عليها الحول أو نُتِجَ (¬2) بعضهن واحدة قبل أن يحول عليها الحول، فحال عليها الحول (¬3) وعدتها كاملة، فهل عليه الزكاة؟ قال: نعم، عليه الزكاة فيها؛ لأن الحول حال عليها وهي خمسة كما كانت وعدتها تامة. قلت: أرأيت إن مكثت عنده يوماً ثم هلك منها واحدة، فمكثت أحد عشر شهراً أو عشرة أشهر إلا يوماً ناقصة، ثم أصاب واحدة فحال الحول عليها وهي تامة، أيزكيها؟ قال: نعم. قلت: لم وإنما ملك ما تجب (¬4) فيه الزكاة أيامًا من السنة، وما بين ذلك لم يكن يملك ما تجب (¬5) فيه الزكاة؟ قال: إذا ملك ذلك في أول الحول وآخره لم أنظر إلى ما نقص فيما بين ذلك. قلت: أرأيت الرجل تكون (¬6) في إبله العمياء أو العجفاء (¬7) أو العرجاء هل يحسب ذلك عليه في العد؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل (¬8) تجب في إبله الصدقة فيبيعها والمصدق ينظر ثم يقول: ليس عندي شيء، هل للمصدق (¬9) أن يأخذ صدقتها من المشتري وهي في يديه بأعيانها؟ قال: هو بالخيار، إن شاء أخذ البائع حتى يؤدي صدقتها، وإن شاء أخذ مما في يدي المشتري. قلت: أرأيت ¬

_ (¬1) ق: ثم يحول. (¬2) نَتَجَ الناقة إذا وَلِيَ نِتَاجَها حتى وضعت فهو ناتج، وهو للبهائم كالقابلة للنساء، ونُتِجَت ولداً بالبناء للمفعول أي وَلَدت. انظر: المغرب، "نتج". (¬3) م - أو نتج بعضهن واحدة قبل أن يحول عليها الحول فحال عليها الحول، صح هـ (¬4) ق: ما يجب. (¬5) ق: ما يجب. (¬6) ق: يكون. (¬7) العَجَف هو ذهاب السِّمَن والهُزال، وقد عَجِف بالكسر وعَجُف بالضم، فهو أَعْجَف وعَجِف، والأنثى عجفاء. انظر: لسان العرب، "عجف". (¬8) ق + يكون. (¬9) ق + عليه.

إن كان المشتري قد ذهب وتفرقا ثم جاء المصدق بَعْدُ أيأخذ مما في يدي المشتري؟ قال: ما أستحسن ذلك. قلت: أرأيت الرجل تجب (¬1) في إبله الصدقة فتَنْفُقُ (¬2) كلها بعد الحول هل عليه فيها صدقة؟ قال: لا. قلت: وكذلك إن استهلكها رجل فذهب بها؟ قال: نعم. قلت: فإن نَفَقَ بعضها وبقي بعض وهي أربعون من الإبل، وكان الذي هلك منها عشرون، وبقي عشرون؟ قال: عليه الصدقة في هذه العشرين أربع من الغنم، وليس عليه فيما مات وهلك شيء؛ لأنه لم يستهلكها (¬3) هو. قلت: أرأيت إن كان حبسها بعد ما وجب فيها الزكاة حتى ماتت (¬4) أَمَا تراه ضامنًا (¬5) لما مات بحبسه إياها؟ قال: لا. قلت: أرأيت الرجل تكون (¬6) له الإبل فيعجل زكاتها أو يعطي منها زكاة سنين (¬7) ويعجل ذلك، هل يسعه فيما بينه وبين الله تعالى؟ قال: نعم، يسعه هذا كله. قلت: أرأيت الرجل تكون (¬8) له الإبل والجواميس والبقر والغنم والخيل قد اشتراها للتجارة، أيزكيها زكاة السائمة أو زكاة التجارة وهي سائمة في البَرِّيّة ترعى وقد اشتراها للتجارة؟ قال (¬9): يزكيها زكاة التجارة. قلت: فإن كانت أربعين شاة وهي لا تساوي مائتي درهم وليس له مال غيرها، أو خمس من الإبل وليس له مال غيرها وهي لا تساوي مائتي درهم (¬10)، أو ثلاثين (¬11) من البقر وليس له مال غيرها؟ قال: ليس عليه فيها زكاة؛ لأنها للتجارة. قلت: فإن كانت ثلاثين من الغنم أو عشرين من البقر أو أربعاً (¬12) من الإبل وليس من هذا شيء إلا يساوي (¬13) مائتي درهم، وهو ¬

_ (¬1) ق: يجب. (¬2) نَفَقت الدابة نُفُوقاً أي: ماتت. انظر: القاموس المحيط، "نفق". (¬3) ق: لم تستهلكها. (¬4) م ق: حتى مات. (¬5) ق: ضامتا. (¬6) ق: يكون. (¬7) ق: ستين. (¬8) ق: يكون. (¬9) م: وقال. (¬10) م: د رهما. (¬11) ق: وثلاثين. (¬12) جميع النسخ: أو أربع. (¬13) م: لا يساوي.

للتجارة، فحال عليها الحول وهي كذلك؟ قال: يزكيها. قلت: أرأيت الرجل يشتري الإبل للتجارة ثم يبدو له فيجعلها (¬1) سائمة، فيحول عليها الحول منذ يوم اشتراها, وليس له مال غيرها، وإنما له منذ جعلها سائمة ستة أشهر؟ قال: عليه زكاة السائمة إذا مضت تمام سنة منذ يوم جعلها سائمة. قلت: فإن كان إنما فر بها من الزكاة، فإذا حال الحول منذ يوم جعلها سائمة زكاها زكاة السائمة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت نصارى بني تَغْلِب (¬2) هل يؤخذ من أحد منهم من إبله صدقة؟ قال: نعم. قلت: وكيف يؤخذ منهم؟ قال: من كانت له منهم أربع من الإبل فليس عليه شيء. فإذا كانت (¬3) خمساً فعليه شاتان، تضاعف عليهم الصدقة. قلت: أفتأخذ من أغنامهم وبقرهم وجواميسهم أيضاً كذلك؟ قال: نعم، بلغنا أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ضاعف عليهم الصدقة (¬4). قلت: فكيف تضاعف (¬5) عليهم الصدقة؟ قال: ينظر إلى إبل أحدهم، فإذا كان مما تجب (¬6) فيها الزكاة إذا كانت لمسلم فيؤخذ منها الزكاة مضاعفة. قلت: وكذلك الغنم والبقر (¬7) والجواميس؟ قال: نعم. قلت: فلو كان لأحدهم من الإبل ما لا تجب (¬8) فيه الزكاة لو كانت لمسلم فليس عليه شيء؟ قال: نعم، لا شيء فيه. قلت: وكذلك البقر والغنم والجواميس؟ قال: نعم. قلت: فمن لم يكن له منهم مال أيأخذ (¬9) منهم شيئاً؟ قال: لا. قلت: فمن كان منهم صغيراً أو كبيراً له ¬

_ (¬1) ق: فيعجلها. (¬2) بنو تَغْلِب قوم من العرب نصارى طالبهم عمر - رضي الله عنه - بالجزية، فأبوا، فصولحوا على أن يعطوا الصدقة مضاعفة، فرَضُوا. انظر: المغرب، "غلب". (¬3) م: نت. (¬4) الآثار لأبي يوسف، 91؛ والمصنف لعبد الرزاق، 6/ 95؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 416؛ ونصب الراية، 2/ 362؛ والدراية لابن حجر، 1/ 256. (¬5) ق: يضاعف. (¬6) ق: يجب. (¬7) ق: البقر والغنم. (¬8) ق: يجب. (¬9) ق: أنأخذ.

إبل وعليه دين كثير يحيط مسألة أتأخذ (¬1) منه شيئاً؟ قال: لا آخذ منه شيئاً. قلت: والإبل تكون (¬2) للمرأة منهم عليها من الصدقة مثل ما على الرجل؟ قال: نعم. قلت: والعبد يعتقونه وتكون (¬3) له الإبل تضاعف (¬4) عليه الصدقة؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن بني تَغْلِب صالحهم عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - على هذا، فمواليهم (¬5) لا يكونون أعظم عندي حرمة من موالي المسلم. فالمسلم يعتق عبده (¬6) النصراني نأخذ (¬7) منه الخراج، وليس (¬8) نترك (¬9) موالي بني تغلب أن يوضع (¬10) على رؤوسهم الخراج (¬11) وعلى أرضهم وأُهمِلُ أموالهم فلا يؤخذ منها شيء تكون (¬12) بمنزلة أموال أهل الذمة. قلت: أرأيت ما أخذ من أموال بني تغلب أتقسمها في فقرائهم؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنها ليست صدقة، إنما هي بمنزلة الخراج (¬13)، فهي للمسلمين ترفع إلى بيت مالهم. قلت: أرأيت المسلم يمر على العاشر بإبل وهي ثمن مال كثير فيقول: ليس شيء من هذا للتجارة، ويحلف على ذلك، أيقبل منه ويكف عنه؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الذمي؟ قال: نعم. قلت: فالحربي؟ قال: أما الحربي فإنه إذا مر بشيء مما ذكرت قُوِّمَ وأُخذ منه العشر. قلت: أرأيت قوماً من الخوارج (¬14) ظهروا على قوم من المسلمين من أهل العدل فأخذوا زكاة الإبل، ثم ظهر عليهم الإِمام وأهل العدل، أيحسبون لهم تلك الصدقة؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنهم لم يمنعوهم منهم. قلت: وكيف ينبغي أن يصنع بصدقة الإبل؟ قال: ينبغي أن يقسم ¬

_ (¬1) م: أيأخذ؛ ق: أنأخذ. (¬2) ق: يكون (¬3) ق: ويكون. (¬4) ق: يضاعف. (¬5) م: هواليهم. (¬6) م ق: عنده. (¬7) م: يأخذ. (¬8) م ق: فليس. (¬9) ق: يترك. (¬10) ك: أن نوضع. (¬11) م: الجراح. (¬12) ق: يكون. (¬13) م: الجراح. (¬14) م: من الجوارح.

صدقة كل بلاد في فقرائهم ولا يخرجها من تلك البلاد إلى غيرها. قلت: أرأيت النصراني من بني تغلب يمر على العاشر ومعه الغنم للتجارة فيقول: علي دين يحيط بقيمتها، ويحلف على ذلك، أيكف عنه ويصدقه؟ قال: نعم، يصدقه ويكف عنه. قلت: أرأيت المصدق إذا جاء إلى الرجل يأخذ من صدقة غنمه فقال: علي دين يحيط بقيمتها، هل عليه شيء؟ قال: لا، إذا حلف على ذلك صدقه. قلت: أرأيت الصبي من بني تغلب له إبل أو غنم أو بقر وهو نصراني هل عليه صدقة مضاعفة؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه صغير، وإنما (¬1) يضاعف على الكبير. قلت: أرأيت الرجل يكون في عسكر الخوارج (¬2) ولا يؤدي (¬3) زكاة إبله أو بقره أو غنمه سنة أو سنتين، ثم يتوب أهل البغي وهو مقيم معهم، هل يؤخذ هو وأصحابه بزكاة ما مضى من السنين؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنهم لم تكن (¬4) أحكامنا تجري عليهم في عسكرهم. قلت: فهل عليهم فيما بينهم وبين الله تعالى أن يؤدوا زكاة لما مضى؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يبعثونه رسولاً من أهل البغي إلى أهل العدل فيمر على العاشر بالمال أيأخذ منه الصدقة؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو مر بالإبل؟ قال: نعم. قلت: أرأيت القوم يسلمون في أرض الحرب فيمكثون سنين، وقد علموا أن الزكاة تجري عليهم كما تجري عليهم الصلاة، فصدقوا بذلك وعرفوه في أموالهم وإبلهم وبقرهم وأغنامهم فلم يؤدوها سنين، ثم خرجوا إلى دار الإِسلام بإبلهم وبقرهم وغنمهم وأموالهم، هل يؤخذون لما مضى (¬5) ¬

_ (¬1) ق: ونما. (¬2) م: الجوارح. (¬3) ق: يؤدي. (¬4) م ق: لم يكن. (¬5) ك: هل يؤخذوا لماضي؛ م: هل يؤخذوا لما مضى؛ ج ر ق: هل يؤخذ الماضي؛ ط: هل يؤخذوا الماضي. وقال الأفغاني في الحاشية: كذا، والصواب "يؤخذون". ولعل الصواب ما أثبتناه.

باب صدقة الغنم

من السنين بشيء من ذلك؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن الحكم لم يكن يجري عليهم. قلت: فعليهم أن يؤدوها فيما بينهم وبين الله تعالى؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً له إبل فأتاه المصدق وأخذ صدقة إبله (¬1)، فقال للمصدق: قد أديت صدقة هذه الإبل إلى مصدق غيرك، وجاءه ببراءة وحلف له على ذلك، وقد كان عليهم مصدق غيره في تلك السنة، فقبل منه وكف عنه، وأتى على ذلك سنين، ثم اطلع (¬2) المصدق على ذلك أنه باطل، فأخبره الرجل بذلك، هل يأخذ المصدق منه صدقة تلك السنين؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يعلم المصدق (¬3) بذلك أيؤديها هو إلى المساكين؟ قال: نعم. ... باب صدقة الغنم قال محمد: قال أبو حنيفة: ليس في أقل من أربعين من الغنم السائمة صدقة. فإذا كانت (¬4) أربعين شاة سائمة ففيها شاة - بلغنا ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عشرين ومائة. فإذا زادت واحدة ففيها شاتان إلى مائتين. فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث شياه إلى ثلاثمائة. فإذا زادت على ثلاثمائة شاة فليس في الزيادة شيء حتى تبلغ مائة. فإذا بلغت الزيادة مائة كان فيها شاة مع الثلاث؛ لأن الغنم إذا كثرت كان في كل مائة شاة (¬5) شاة (¬6). قلت: أرأيت الغنم أيحسب عليهم في العدد الصغيرة؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) م: إبل. (¬2) ق: ثم طلع. (¬3) م: المتصدق. (¬4) م: فهذا كان. (¬5) م: في كل شاة مائة. (¬6) م - شاة. ورد نحوه مرفوعاً. انظر: الخراج لأبي يوسف، 82 - 83؛ وصحيح البخاري، الزكاة، 38، وسنن أبي داود، الزكاة، 5؛ وسنن الترمذي، الزكاة، 4.

قلت: أرأيت الغنم ما [الذي] لا يؤخذ في الصدقة منها؟ قال: لا تؤخذ الزبَّى ولا الأَكِيلَة ولا الماخِض (¬1) ولا فحل الغنم. قال محمد: حدثنا بذلك أبو حنيفة عن عمر بن الخطاب (¬2). قلت: وما الرُّبَّى؟ قال: التي تربي ولدها. قلت: وما الأَكِيلة؟ قال: التي تُسَمَّن للأكل. قلت: فما الماخض؟ قال: التي في بطنها ولد. قلت: فهل يؤخذ في الصدقة الجذعة (¬3) من الغنم؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لا يؤخذ في الصدقة إلا الثَّنِيّ (¬4) فصاعدأ، ولا تؤخذ هَرِمَة ولا ذات عَوَار. قلت: أرأيت الغنم الحُمْلاَن كلها هل فيها صدقة؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه لا يؤخذ في صدقة الغنم إلا الثَّنِيّ فصاعداً. وكذلك بلغنا عن عامر الشعبي في الحُمْلاَن (¬5). ولا يؤخذ في صدقة الإبل والبقر إلا ما وصفت لك من السن أو قيمته، وليس هذا مثل ذلك. قلت: أرأيت الرجلين يكون بينهما أربعون شاة هل فيها صدقة؟ قال: لا. قلت: فإن كان بينهما تسع وسبعون شاة هل فيها صدقة؟ قال: لا. قلت: فثمانون؟ قال: نعم، على كل واحد منهما شاة إلى أن تبلغ أغنامهما مائتين وأربعين شاة. فإذا زادت شاتين فعلى كل واحد منهما شاتان إلى أن ¬

_ (¬1) فسر هذه الألفاظ المؤلف. (¬2) محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة قال: حدثنا عطاء بن السائب عن الحسن عن عمر بن الخطاب ... انظر: الآثار له، 57. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 86؛ والموطأ، الزكاة، 26؛ والمصنف لعبد الرزاق، 4/ 12؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 368؛ ونصب الراية، 2/ 355. (¬3) الجذع من البهائم قبل الثني، إلا أن ذلك من الإبل في السنة الخامسة، ومن البقر والشاء في السنة الثانية، ومن الخيل في الرابعة. وعن الأزهري: الجذع من المعز لسنة، ومن الضأن لثمانية أشهر. وعن ابن الأعرابي: الإجذاع وقت وليس بسن، فالعَنَاق تُجذِع لسنة، وربما أجذعت قبل تمامها للخِصْب، فتسمن فيسرع إجذاعها، والضأن إذا كان ابن شاتين أجذع لستة أشهر إلى سبعة وإذا كان ابن هَرِمَين أجذع لثمانية إلى عشرة. انظر: المغرب، "جذع". (¬4) تقدم قريباً. (¬5) لم أجد من أسنده.

تبلغ أغنامهما أربعمائة شاة. فإذا (¬1) زادت اثنتين فعلى كل واحد منهما ثلاث شياه إلى أن تبلغ أغنامهما ستمائة. فما زادت على الستمائة فليس في الزيادة شيء حتى تبلغ الغنم ثمانمائة. فإذا بلغتها الغنم فعلى كل واحد منهما أربع شياه. قلت: فإذا زادت؟ قال: ليس في الزيادة شيء حتى تبلغ ألفاً. قلت: أرأيت الرجل تكون (¬2) له (¬3) الغنم وعليه دين يحيط بقيمتها هل عليه فيها صدقة؟ قال: لا. قلت: فإذا جاءه المصدق فأخبره أن عليه دينًا وحلف له أيقبل ذلك (¬4) منه ويكف عنه؟ قال: نعم. قلت: فإن قال: إنما أصبت هذه الغنم منذ قريب ولم يتم لها عندي حول منذ أصبتها، وحلف له على ذلك، أيقبل منه ويكف عنه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن قال للمصدق: قد أديت زكاة هذه الغنم إلى مصدق غيرك، وجاءه ببراءة وحلف له على ذلك، وقد كان عليهم مصدق غيره في تلك السنة، أيقبل منه ويكف عنه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن قال للمصدق: قد أعطيت زكاتها للمساكين، أيقبل منه ويكف عنه؟ قال: لا. قلت: فلم صدقته فيما سوى هذا مما ذكرت لك ولم تصدقه في هذا؟ قال: لأن صدقة الغنم إنما تدفع إلى السعاة الذين عليهم، فلو قبل (¬5) السعاة من الناس قولهم: قد أعطيناها المساكين، لم تؤخذ صدقة أبداً. قلت: أرأيت اليتيم الذي لم يحتلم والمجنون المغلوب والعبد المأذون له في التجارة وعليه دين، هل يكون على أحد من هؤلاء صدقة إذا كانت له غنم؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن الصلاة لا تجب على الصغير ولا على المعتوه ولا على المجنون، فكذلك لا تجب الزكاة عليهم، فأما العبد الذي عليه دين والمكاتب فهما لا يملكان شيئاً. قلت: فالعبد الذي لا دين عليه؟ قال: هذا يصير ماله لمولاه، وتكون فيه الزكاة. ¬

_ (¬1) م: فإن. (¬2) ق: يكون. (¬3) م - له. (¬4) ك - ذلك، صح هـ. (¬5) م: قيل.

قلت: أرأيت الرجل يكون له الغنم التي تجب في مثلها الزكاة، إذا كان قبل الحول بيوم ورث إبلاً، أو اشتراها أو وهبت له وهي سائمة، أيزكيها مع غنمه؟ قال: نعم. قلت: فإن كان له غنم لا تجب في مثلها الزكاة، وورث إبلاً، أو اشتراها أو وهبت له، أو كانت له إبل فأصاب غنماً على ما وصفت لك، أيزكيها معها؟ قال: لا. قلت: لم؟ (¬1) قال: لأن هذا مخالف للمال الذي عنده، وعلى هذا - إذا حال عليه الحول من يوم قبضها أو ملكها- الزكاة إذا كان يجب في مثله الزكاة. قلت: أرأيت الرجل يكون له الغنم بالكوفة، أو بمصر من الأمصار، أو بمدينة من المدائن، يعلفها (¬2) ويشرب ألبانها، أو يعلفها (¬3) في بيته ويصيب من ألبانها، فكيف إن كان هذا كله في غير مصر، أو كان (¬4) هذا كله في البَرِّيّة أو في السواد وكان يعلفها؟ قال: ليس في شيء مما وصفت صدقة. قلت: أرأيت (¬5) الرجل تكون له الغنم السائمة ذُكُورَة (¬6) كلها هل فيها صدقة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل تكون له الغنم فإذا خاف أن تجب فيها صدقة باعها قبل ذلك بيوم بإبل أو ببقر أو بدراهم يريد بذلك الفرار من الصدقة؟ قال: ليس عليه شيء حتى يحول عليه الحول (¬7) وهي عنده. قلت: فإن باع ذلك بغنم قبل أن تجب عليه صدقة بيوم يريد بذلك الفرار من الصدقة؟ قال: ليس (¬8) عليه شيء، وهذا والباب الأول سواء. قلت: أرأيت المرأة تزوج على غنم تجب (¬9) في مثلها الزكاة، فلا ¬

_ (¬1) ك ق: ولم. (¬2) م: يعلقها. (¬3) م: ويعلقها. (¬4) م + أو بان كان. (¬5) ق - أرأيت. (¬6) ك ق: ذكور. ذُكُورَة جمع ذَكَر. انظر: القاموس المحيط، "ذكر". (¬7) ق: حول. (¬8) م - ليس. (¬9) ق: يجب.

تقبضها (¬1) إلا بعد حول (¬2)، أتزكيها؟ (¬3) قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنها ليست بسائمة. قلت: أرأيت المرأة تزوج على غنم بعينها وهي سائمة تجب في مثلها الزكاة، فلا تقبضها (¬4) إلا بعد حول، أتزكيها؟ (¬5) قال: نعم. وقال أبو حنيفة بعد ذلك: لا تزكيها (¬6). قلت: فإن دفعها إلى امرأته وحال الحول عليها (¬7) ثم طلقها قبل أن يدخل بها؟ (¬8) قال: تزكي المرأة نصف ذلك كله. قلت: ولم؟ قال: لأنه في ملكها ووجبت (¬9) عليها فيها (¬10) الزكاة. قلت: وكذلك لو تزوجها على بقر أو إبل سائمة، ثم دفعها إليها، وحال الحول عليها، ثم طلقها قبل أن يدخل بها؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو تزوجها على عبد ودفعه إليها، فجاء يوم الفطر وهو عندها (¬11)، ثم طلقها قبل أن يدخل بها، فعليها الزكاة؟ قال: نعم. قلت: فإن كان العبد عند (¬12) الزوج، ثم طلقها قبل أن يدخل بها، فليس عليها الفطر ولا عليه؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كانت الغنم والإبل والبقر عند الزوج وهي سائمة، فتزوجها عليها، ثم طلقها قبل أن يدخل بها، ثم دفع إليها نصفها، فإنها تزكيها وقد حال عليها الحول؟ قال: إن كان في مثل ما أخذت تجب فيها (¬13) الزكاة زكتها، وإلا فلا زكاة عليها. وأما الزوج فلا زكاة عليه. وهذا قول أبي حنيفة الأول. وقال أبو حنيفة بعد ذلك: لا زكاة عليها فيما قبضت. قلت: فما ترى في رجل له مائتا درهم، وعليه مثلها دين (¬14)، وله أربعون شاة سائمة، أو خمس من الإبل، أو ثلاثون من البقر، هل عليه زكاة؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأن عنده دراهم وفاء بدينه. قلت: فإن كان عليه مائتا درهم وعشرة دراهم؟ قال: ليس عليه زكاة في شيء من ¬

_ (¬1) ق: تقضيها. (¬2) ق: حوا. (¬3) م: أيزكيها. (¬4) ق: تقضيها. (¬5) م: أيزكيها. (¬6) م: لا يزكيها. (¬7) ق: عليها الحول. (¬8) ق - بها. (¬9) ق: ووجب. (¬10) ك ق: فيه. (¬11) م: عبدها. (¬12) م: عبد. (¬13) ك م: فيه. (¬14) م ق - دين.

ذلك. قلت: ولم؟ قال: لأن عليه فضل دين وليس عنده به وفاء من الدراهم. قلت: أرأيت رجلاً له أربعون شاة سائمة ومائتا درهم وعليه مائتا درهم دين هل عليه زكاة؟ قال: نعم عليه زكاة الغنم، وتبطل عنه زكاة الدراهم. قلت: فإن لم يأته المصدق وكان ذلك إليه، والغنم تساوي مائتي درهم، يزكي أيهما شاء، ويترك الأخرى، وترى ذلك يجزيه؟ (¬1) قال: نعم. قلت: وكذلك لو كانت له خمس من الإبل مكان الدراهم، وهي تساوي مائتي درهم، يزكي أيهما شاء؟ قال: نعم. قلت: فإذا جاء المصدق فأخبره بما عليه من الدين وبما (¬2) له؟ قال: يصدق المصدق الإبل. قلت: أرأيت الرجل يكون عنده عشرون ومائة شاة سائمة يأتي عليها سنتان لا يزكيها؟ قال: عليه زكاة سنتين، في كل سنة شاة. قلت: أرأيت إن كانت إحدى وعشرين ومائة شاة فلم يزكها (¬3) سنتين؟ قال: عليه في السنة الأولى شاتان، وعليه في السنة الثانية شاة. قلت: فإن كانت أربعين شاة؟ قال: عليه في السنة الأولى شاة، وليس عليه في السنة الأخرى شيء؛ لأنها قد نقصت. قلت: أرأيت الرجل تكون (¬4) له الغنم السائمة اشتراها للتجارة أعليه زكاة السائمة أو زكاة التجارة؟ قال: عليه زكاة التجارة، يُقَوِّمُها ثم يزكي (¬5) قيمة كل مائتي درهم خمسة دراهم. قلت: أرأيت الرجل تكون (¬6) له الغنم وشريكه فيها صبي هل عليه فيها صدقة؟ قال: نعم، عليه الزكاة في حصته، وليس على الصبي شيء. قلت: وكذلك إن كان شريكه فيها معتوهاً أو رجلاً عليه دين أو مكاتبه؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان بينهما إبل أو بقر؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل تكون له الغنم فيغلب (¬7) عليها العدو، أو يغصبها ¬

_ (¬1) م: يحويه. (¬2) ق: وما. (¬3) م ق: يزكيها. (¬4) ق: يكون. (¬5) ق: ثم تزكي. (¬6) ق: يكون. (¬7) ك: فتغلب.

إياه رجل (¬1) فتمكث (¬2) سنين، ثم يأخذها صاحبها من الغاصب، أو يصيبها المسلمون فيردونها عليه، أيزكيها لما مضى وقد أخذها بأعيانها؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن ما كان في أيدي العدو لم يكن (¬3) له؛ لأن العدو لو أسلم عليها كانت له، ولو باعها لم يأخذها (¬4) إلا بالثمن وكان بيعهم (¬5) جائزاً. وأما الغاصب فإنه لم يكن يقدر عليه، وليس هذا بمنزلة الدين (¬6) الذي يقر (¬7) له به (¬8) فيزكيه لما مضى بعد ما يأخذه. قلت: أرأيت الرجل تكون (¬9) له الغنم وهي أربعون شاة، فإذا كان قبل الحول هلكت منها واحدة (¬10)، فحال الحول بعد هلاك الواحدة، هل عليه (¬11) صدقة؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن أصاب واحدة مثلها قبل أن يحول الحول عليها، أو ولد بعضهن واحدة قبل أن يحول (¬12) الحول، فحال الحول عليها وعدتها كاملة، أيزكيها؟ قال: نعم. قلت: ولم وإنما ملك ما تجب فيه الزكاة أيامًا من السنة، وما بين ذلك لم يكن يملك ما تجب فيه الزكاة؟ قال: أما ما (¬13) ملك في أول الحول أو آخره لم ينظر إلى ما نقص من ذلك. قلت: أرأيت الرجل تكون (¬14) في غنمه العمياء أو العرجاء أو العَجْفَاء أتحسب (¬15) عليه (¬16) في العدد؟ قال: نعم. قلت: أرأيت قولك: لا يفرّق (¬17) بين مجتمع، ما هو؟ قال: يكون ¬

_ (¬1) م - رجل. (¬2) ق: فيمكث. (¬3) م: ولم يكن. (¬4) م: فلم يأخذها. (¬5) ق - بيعهم. (¬6) م - الدين. (¬7) م: يقرر. (¬8) م - به. (¬9) ق: يكون. (¬10) م: واحد. (¬11) ق + شيء. (¬12) م: أن يتحول. (¬13) ق - ما. (¬14) ق: يكون. (¬15) ك: أيحسب. (¬16) ق - عليه. (¬17) ك: لا نفرق.

للرجل مائة وعشرون (¬1) شاة ففيها شاة (¬2) واحدة، فإن فرقها المصدق فجعلها أربعين أربعين ففيها ثلاث شياه. قلت: أرأيت قولك: لا يجمع بين متفرق، ما هو؟ قال: الرجلان يكون بينهما أربعون (¬3) شاة، فإن جمعها كانت فيها شاة، ولو فرقها عشرين عشرين لم يكن فيها شيء. قلت: فلو كانا شريكين متفاوضين لم يجمع (¬4) بين أغنامهما؟ قال: نعم، لا يجمع (¬5) بينهما. قلت: أرأيت الرجل تجب (¬6) في غنمه الصدقة، فيبيعها صاحبها والمصدق ينظر إليه، ثم يقول: ليس عندي شيء، هل يأخذ صدقتها من المشتري وهي في يديه بأعيانها؟ قال: هو بالخيار، إن شاء أخذ البائع حتى يؤدي صدقتها، وإن شاء أخذ مما في يدي (¬7) المشتري. قلت: فإن كان المشتري قد ذهب وتفرقا وجاء المصدق بَعْدُ أيأخذ مما في يدي المشتري؟ (¬8) قال: ما أستحسن ذلك. قلت: أرأيت الرجل تجب (¬9) في غنمه الصدقة، ثم تَنْفُقُ كلها بعد الحول، هل عليه فيها صدقة؟ قال: لا. قلت: ولم وقد حال عليها الحول ووجبت فيها الصدقة؟ قال: لأنها (¬10) هلكت ومَوَّتَت (¬11). قلت: وكذلك إن استهلكها رجل فذهب بها؟ قال: نعم. قلت: فإن نَفَقَ بعضها وبقي بعضها وهي أربعون من الغنم، فكان الذي هلك منها عشرون (¬12) وبقي عشرون؟ قال: فعليه الصدقة في هذه العشرين، عليه فيها نصف شاة، ¬

_ (¬1) ق: وعشرين. (¬2) ق - شاة. (¬3) ق: أربعين. (¬4) م: لم نجمع. (¬5) م: لا نجمع. (¬6) ق: يجب. (¬7) ك: في يد. (¬8) ك - قلت فإن كان المشتري قد ذهب وتفرقا وجاء المصدق بعد أيأخذ مما في يدي المشتري. (¬9) ق: يجب. (¬10) ق: لارها. (¬11) مَوَّتَت الدواب أي أكثر فيها الموت. انظر: لسان العرب، "موت". (¬12) م ق: عشرين.

وليس عليه فيما مات وهلك شيء. قلت: ولم؟ قال: لأنه لم يستهلكها (¬1) هو. قلت: أرأيت إن كان حبسها بعد ما وجب فيها الزكاة حتى ماتت، أما تراه ضامناً لها لما ماتت (¬2) منها بحبسه إياها؟ قال: لا. قلت: أرأيت (¬3) الرجل يكون له أربعون من الغنم، فيعجل زكاتها قبل الحول، أو يعطي منها زكاة سنين ويعجل ذلك، هل يسعه ذلك فيما بينه وبين الله تعالى؟ قال: نعم، يسعه هذا كله. بلغنا نحو من (¬4) ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬5). قلت: أرأيت الرجل تكون (¬6) له الغنم اشتراها للتجارة، أيزكيها زكاة السائمة أو زكاة التجارة، وهي سائمة في البَرِّيَّة ترعى (¬7) وقد اشتراها للتجارة؟ (¬8) قال: يزكيها زكاة التجارة. قلت: فإن كانت أربعين شاة ولا تساوي مائتي درهم وليس له مال غيرها؟ قال: ليس عليه فيها زكاة؛ لأنها للتجارة. قلت: فإن كانت ثلاثين (¬9) من الغنم أو عشرين من البقر أو أربعة من الإبل، وليس (¬10) شيء من هذه إلا تساوي (¬11) مائتي درهم، وهي للتجارة، فحال عليها الحول وهي كذلك؟ قال: يزكيها زكاة التجارة. قلت: أرأيت الرجل يشتري الغنم للتجارة، فيبدو له فيجعلها سائمة، فيحول عليها (¬12) الحول وليس له مال غيرها، وإنما جعلها منذ ستة أشهر، أعليه ¬

_ (¬1) م: لا يستهلكها. (¬2) ك ق: لما مات. (¬3) ق - أرأيت. (¬4) ق + من. (¬5) عن علي - رضي الله عنه - أن العباس سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - في تعجيل صدقته قبل أن تَحِلّ، فرخّص له في ذلك. انظر: سنن أبي داود، الزكاة، 22؛ وسنن الترمذي، الزكاة، 37. وانظر: المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 377؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 4/ 111؛ ومجمع الزوائد للهيثمي، 3/ 79؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 2/ 162. (¬6) ق: يكون. (¬7) م: يرعى. (¬8) م - أيزكيها زكاة السائمة أو زكاة التجارة وهي سائمة في البرية ترعى وقد اشتراها للتجارة. (¬9) ق: مائتين. (¬10) ك + عليه. (¬11) ك: إلا يساوي. (¬12) ك ق: عليه.

زكاة التجارة إذا مضى سنة منذ يوم اشتراها؟ قال: لا. قلت: فإن كان إنما فر بها من الزكاة؟ قال: فإذا حال عليها الحول منذ يوم جعلها سائمة زكاها زكاة السائمة ولا يزكيها للتجارة. قلت: أرأيت نصارى (¬1) بني تَغْلِب هل يؤخذ من أحد منهم من غنمهم شيء؟ قال: نعم. قلت: وكيف يؤخذ منهم؟ قال: يضاعف عليهم الصدقة إذا كانت مما تجب (¬2) فيها الزكاة لو كانت لمسلم، فتؤخذ (¬3) منه (¬4) منها الزكاة مضاعفة. قلت: وكذلك الإبل والبقر والجواميس؟ قال: نعم. قلت: فإذا كان لأحد منهم من الغنم ما لا تجب (¬5) فيه الزكاة لو كانت (¬6) لمسلم فليس فيه شيء؟ قال: نعم، ليس فيه شيء. قلت: فمن لم يكن منهم له مال أتأخذ منه شيئاً؟ قال: لا. قلت: فمن كان منهم له غنم وعليه دين يحيط مسألة أتأخذ منه شيئاً؟ قال: لا آخذ منه (¬7) شيئاً (¬8). قلت: فالغنم تكون للمرأة منهم عليها مثل ما على الرجل؟ قال: نعم. قلت: فالعبد يكون لهم فيعتقونه يكون له الغنم يضاعف عليها الصدقة؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن بني تَغْلِب صالحهم عمر بن الخطاب، فصالحهم على هذا، فمواليهم لا يكونون (¬9) أعظم حرمة عندي من موالي المسلمين. قال (¬10): المسلم يعتق عبده النصراني فنأخذ (¬11) منه الخراج (¬12)، فليس نترك موالي ¬

_ (¬1) ق: نصرابي. (¬2) ق: يجب. (¬3) ق: فيؤخذ. (¬4) ق - فيها الزكاة لو كانت لمسلم فتؤخذ. (¬5) ق: يجب. (¬6) ك م: ولو كانت. والتصحيح من ج ر ط. (¬7) ق - فمن كان منهم له غنم وعليه دين يحيط مسألة أتأخذ منه شيئاً قال لا آخذ منه؛ صح هـ. (¬8) ك ق - شيئاً. (¬9) م: لا تكون. (¬10) ط: فإن. ولم يشر الأفغاني إلى اختلاف النسخ. (¬11) م ق: فيأخذ. (¬12) م: الجراح.

بني تَغْلِب أن يوضع على رؤوسهم الخراج (¬1) وعلى أرضهم (¬2) وأُهمِلُ أموالهم فلا يؤخذ منها شيء بمنزلة موالي أهل الذمة. قلت: أرأيت الرجل المسلم يمر على العاشر بغنم وهي ثمن (¬3) مال كثير، فيقول له (¬4): ليس شيء من هذا للتجارة، ويحلف على ذلك، أيقبل منه ذلك ويكف عنه؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الذمي [والتَّغْلَبِي]؟ (¬5) قال: نعم. قلت: وكذلك الحربي؟ قال: لا، أما الحربي إذا مر بشيء مما ذكرت قوّم وأخذ منه العشر. قلت: أرأيت قوماً من الخوارج (¬6) ظهروا على قوم من المسلمين فأخذوا زكاة أغنامهم، ثم ظهر عليهم الإِمام بعد ذلك وأهل العدل، أيحسبون لهم تلك الصدقة؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأنهم لم يمنعوهم. قلت: وكيف ينبغي للإمام أن يصنع بصدقة الغنم؟ قال: ينبغي للإمام أن يقسم صدقة كل بلاد في فقرائهم، ولا يخرجها (¬7) من تلك البلاد إلى غيرها. قلت: أرأيت النصراني من بني تَغْلِب يمر على العاشر ومعه غنم للتجارة، فيقول: علي دين يحيط بقيمتها، ويحلف على ذلك، أيكف (¬8) عنه ويقبل منه ذلك ويصدق؟ قال: نعم، يكف عنه. قلت: أرأيت إذا جاء المصدق يأخذ صدقة غنمه، فقال: علي دين يحيط بقيمتها، وحلف على ذلك؟ قال: لا يأخذ منه شيئاً. قلت: أرأيت الصبي النصراني من بني تَغْلِب هل يؤخذ من غنمه الصدقة مضاعفاً (¬9)؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه صغير، وإنما يضاعف على الكبير من بني تغلب. ¬

_ (¬1) م: الجراح. (¬2) ك ق: أرضيهم. (¬3) ك ق - ثمن. (¬4) ك ق - له. (¬5) الزيادة من ط اعتماداً على الكافي. وعبارة الكافي: والتغلبي والذمي سواء في المرور على العاشر. انظر: 1/ 22 ظ. (¬6) ق: الجوارج. (¬7) ق: غيرها. (¬8) ك: أتكف. (¬9) ق: مضاعف.

باب صدقة البقر

قلت: أرأيت الرجل يموت وقد وجبت في غنمه وإبله وبقره وجواميسه الصدقة، فيجيء المصدق وهي في أيدي الورثة، فيأخذ صدقتها منهم؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنها خرجت من ملك الذي كانت له وصارت لغيره. ... باب صدقة البقر قال محمد: حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم قال: ليس فيما دون ثلاثين بقرة صدقة. فإذا كانت ثلاثين سائمة ففيها تَبِيع (¬1) أو تَبِيعة إلى تسع وثلاثين. فإذا بلغت أربعين ففيها مُسِنّة (¬2). بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحو ذلك (¬3). فما زاد على الأربعين فإن الزيادة بحساب ذلك في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: أما نحن فنرى أن لا يؤخذ مما زاد على الأربعين شيء حتى تبلغ (¬4) البقر ستين. فإذا كانت ستين ففيها تبيعان إلى تسع وستين. فإذا كانت سبعين ففيها مسنة وتبيع إلى أن تبلغ تسعاً وسبعين. فإذا بلغت ثمانين ففيها مسنتان إلى أن تبلغ تسعاً وثمانين. فإذا بلغت تسعين ففيها ثلاثة ¬

_ (¬1) التبيع هو الذي له سنة من أولاد البقر، سمي تبيعاً لأنه يتبع أمه بَعْدُ. انظر: المغرب، "تبيع". (¬2) المسنة هي التي لها سنتان من أولاد البقر، سميت بذلك لخروج سنها. انظر: المغرب، "ثني، سنن". (¬3) وصله الإِمام في الموطأ بروايته فقال: أخبرنا مالك أخبرنا حميد بن قيس عن طاوس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث معاذ بن جبل إلى اليمن فأمره أن يأخذ من كل ثلاثين بقرة تبيعًا ومن كل أربعين مسنة. انظر: الموطأ برواية محمد، 2/ 158. وانظر: الموطأ، الزكاة، 24؛ والخراج لأبي يوسف، 83؛ وسنن أبي داود، الزكاة، 5؛ وسنن الترمذي، الزكاة، 5؛ ونصب الراية، 2/ 346. (¬4) م: حتى بلغ.

أتبعة إلى أن تبلغ تسعاً وتسعين. فإذا بلغت مائة ففيها مسنة وتبيعان. قلت: أرأيت الجواميس هي بمنزلة البقر صدقتها وصدقة البقر سواء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت البقر إذا وجب فيها شيء فلم يوجد ذلك الشيء الذي وجب عليها فيها يؤخذ (¬1) أفضل منه أو دونه؟ قال: يأخذ (¬2) قيمة (¬3) ذلك الشيء الذي وجب عليه، وإن شئت أخذت أفضل منها ورددت عليه قيمة الفضل دراهم (¬4)، وإن شئت أخذت دونها وأخذت بالفضل قيمته (¬5) دراهم. قلت: أرأيت البقر العجاجيل كلها والحُمْلان والفُصْلان (¬6) هل فيها صدقة؟ قال: لا. قلت (¬7): لم؟ قال: لأنه لا يؤخذ في صدقة البقر والإبل والغنم إلا ما وصفت لك من السنن أو قيمته، وليس هذا مثل ذلك، ولا يؤخذ في صدقة الغنم إلا الثّنِيّ (¬8) فصاعداً. قلت: أرأيت الرجلين بينهما تسع وخمسون من البقر أو جواميس هل فيها صدقة؟ قال: لا. قلت: فإن كانت ستين؟ قال: على كل واحد منهما تبيع أو تبيعة إلى أن تبلغ تسعاً وسبعين. فإذا كانت ثمانين فعلى كل واحد منهما مسنة. فما زاد فبحساب ذلك. وهذا قول أبي (¬9) حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فليس في الزيادة شيء حتى تبلغ مائة وعشرين. قلت: أرأيت الرجل تكون (¬10) له الخيل السائمة الذكُورَة (¬11) كلها هل فيها صدقة؟ قال: لا. قلت: فإن كانت إناثاً وذُكُورَة (¬12) يطلب نسلها؟ قال: ففي كل فرس دينار، وإن شئت قومتها ¬

_ (¬1) ق: فيؤخذ. (¬2) م: نأخذ. (¬3) ق: فيه. (¬4) م: ورددت عليه الفضل قيمته دراهم. (¬5) م: قيمته. (¬6) تقدم تفسير هذه الألفاظ. (¬7) ق - قلت. (¬8) تقدم تفسيره. (¬9) ق: أبو. (¬10) ق: يكون. (¬11) الذكورة جمع الذَّكَر. انظر: القاموس المحيط، "ذكر". (¬12) م: إناث أو ذكورة.

دراهم فجعلت في كل مائتي درهم خمسة دراهم. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا نرى في الخيل صدقة؛ لأنه بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "عفوت لأمتي عن صدقة الخيل والرقيق" (¬1). إلا أن في الرقيق صدقة الفطر، وهو قول محمد. قلت: أرأيت الحمر والبغال السائمة هل فيها صدقة؟ قال: لا. قلت: أرأيت الرجل تكون (¬2) له البقر تجب في مثلها الصدقة وعليه دين يحيط بقيمتها هل عليه فيها (¬3) صدقة؟ قال: لا. قلت: فإذا جاء المصدق فأخبره أن عليه ديناً وحلف على ذلك له (¬4) أيقبل منه ويكف عنه؟ قال: نعم. قلت: فإن قال: إنما أصبت هذه البقر منذ شهر ولم يتم لها عندي حول، وحلف على ذلك، هل يقبل منه ويكف عنه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن قال للمصدق: قد أديت زكاة هذه البقر إلى مصدق غيرك، وجاءه ببراءة وحلف له على ذلك، وقد كان عليهم مصدق غيره في تلك السنة، أيقبل منه ويكف عنه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن قال: قد أعطيت زكاتها المساكين (¬5)، أيقبل منه ويكف عنه؟ قال: لا. قلت: لم صدقته فيما سوى هذا مما ذكرت لك ولم تصدقه في هذا؟ قال: لأن الصدقة إنما تدفع إلى السُّعاة عليهم، فإن قبل (¬6) السُّعاة من الناس قولهم هذا "أعطيناها المساكين" (¬7)، لم تؤخذ (¬8) صدقة أبداً. ¬

_ (¬1) الموطأ، الزكاة، 37؛ والخراج لأبي يوسف، 83 - 84؛ وسنن ابن ماجة، الزكاة، 4، 15؛ وسنن أبي داود، الزكاة، 5، 11؛ وسنن الترمذي، الزكاة، 3؛ وسنن النسائي، الزكاة، 18. وقال الإِمام محمد: أخبرنا خثيم بن عراك بن مالك قال: سمعت أبي يقول: سمعت أبا هريرة يقول: سمعت رسول الله يقول: "ليس على المرء المسلم في فرسه ولا في عبده صدقة. انظر: الآثار له، 55؛ والموطأ برواية محمد، 2/ 150. وانظر للتفصيل: نصب الراية، 2/ 356؛ والدراية لابن حجر، 1/ 254؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 2/ 149. (¬2) ق: يكون. (¬3) ق - فيها. (¬4) م - له. (¬5) ك: المسلمين؛ ق: للمساكين. (¬6) م ق: فإن قيل. (¬7) م: للمساكين. (¬8) ق: لم يؤخذ.

قلت: أرأيت اليتيم الذي لم يحتلم والمجنون المغلوب والعبد المأذون له في التجارة عليه دين، هل على (¬1) أحد من هؤلاء صدقة إذا كانت بقر يجب في مثلها صدقة؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن الصغير والمعتوه لا يجب عليهما الصلاة، فكذلك لا يجب عليهما الزكاة. وأما العبد المأذون له في التجارة (¬2) الذي عليه دين والمكاتب فهما لا يملكان شيئاً. قلت: أرأيت العبد المأذون له إذا لم يكن (¬3) عليه دين؟ قال: هذا ماله لمولاه، ويكون عليه فيه الزكاة. قلت: أرأيت الرجل يكون (¬4) له البقر التي تجب في مثلها الزكاة، فإذا كان قبل الحول بيوم ورث بقراً، أو اشتراها، أو وهبت له وهي سائمة، أيزكيها مع بقره؟ قال: نعم. قلت: فإن كان له بقر لا تجب في مثلها الزكاة أو تجب، وورث إبلًا وغنمًا، أو اشتراها، أو وهبت له، أو أصاب على ما وصفت لك، أيزكيها معها؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن هذا مخالف للمال الذي عنده، وعلى هذا - إذا حال عليها الحول من يوم قبضها - الزكاة. قلت: أرأيت الرجل إذا حال الحول على بقره التي كانت عنده، ثم أصاب بقراً بعد ذلك (¬5)، أيزكيها مكانه؟ قال: لا, ولكن إذا وجبت الزكاة ثانية على (¬6) بقره الأولى زكى بقره التي أفاد معها. قلت: أرأيت الرجل تكون (¬7) عنده البقر السائمة ذُكُورَةٌ كلها هل فيها (¬8) صدقة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل تكون له البقر التي تجب في مثلها الزكاة، فإذا خاف أن تجب عليها صدقة باعها قبل ذلك بيوم بإبل أو غنم أو دراهم، يريد بذلك الفرار من الصدقة؟ قال: ليس عليه شيء حتى يحول الحول ¬

_ (¬1) ق - على. (¬2) ق + عليه دين هل على أحد من هؤلاء صدقة. (¬3) م - يكن. (¬4) ق: تكون. (¬5) ق: بعد ذلك بقرا. (¬6) ق - على. (¬7) ك: يكون. (¬8) م: فيه.

عليها وهي عنده. قلت: أرأيت إن باع ببقر قبل أن تجب عليه الصدقة بيوم، يريد بذلك الفرار من الصدقة؟ قال: ليس عليه فيها شيء، وهذا والباب الأول سواء. قلت: أرأيت (¬1) المرأة تزوج على أربعين من البقر بغير أعيانها، فلا تقبضها (¬2) إلا بعد حول، أتزكيها؟ (¬3) قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنها ليست بسائمة. قلت: فإن كانت تزوجت عليها بأعيانها وهي سائمة ثم قبضتها (¬4) بعد حول أتزكيها؟ (¬5) قال: نعم. قلت: وكذلك لو كانت إبلاً أو غنماً؟ قال: نعم. رجع أبو حنيفة بعد ذلك وقال: لا زكاة عليها. قلت: أرأيت المرأة تزوج على مائة من البقر بعينها، فيحول عليها الحول وهي في يد (¬6) الزوج، ثم يطلقها قبل الدخول بها (¬7)، على من زكاة هذه البقر؟ قال: يدفع النصف إلى المرأة، وعليها (¬8) فيها الزكاة في قوله الأول (¬9). وأما في قوله الآخر فلا زكاة عليها. وليس على الزوج زكاة في النصف الآخر. قلت: لم؟ قال: لأن المرأة قد حال عليها الحول، وهي تملك الذي أخذت ووجبت (¬10) عليها فيه الزكاة، والزوج إنما وجب له نصف ذلك بعد ما طلقها، فلا تجب (¬11) عليه فيها الزكاة؛ لأنه لم يحل عليها الحول (¬12) منذ ملكها. قلت: وكذلك لو كانت بغير أعيانها؟ قال: نعم. قلت: فإن كان دفعها إلى امرأته وحال الحول عليها ثم طلقها قبل أن يدخل بها؟ قال: على المرأة زكاة نصفها. قلت: لم؟ قال: لأنها كانت في ملكها ووجبت (¬13) عليها فيها الزكاة. قلت: وكذلك لو تزوجها على إبل أو غنم سائمة ثم دفعها إليها، وحال عليها (¬14) الحول، ثم طلقها قبل أن يدخل بها؟ قال: نعم، عليها ¬

_ (¬1) ق - أرأيت. (¬2) ك: فلا يقبضها. (¬3) ق: أيزكيها. (¬4) م: ثم قبضها. (¬5) م: أيزكيها. (¬6) ك: في يدي. (¬7) ك ق: قبل أن يدخل بها. (¬8) م: عليها. (¬9) م: الأولى. (¬10) ق: ووجب. (¬11) ق: يجب. (¬12) م - الحول. (¬13) ق: ووجب. (¬14) م -عليها.

زكاة نصف ذلك. قلت: أرأيت لو تزوجها على عبد، ودفعه (¬1) إليها، فجاء يوم الفطر وهو عندها (¬2)، ثم طلقها قبل أن يدخل بها؟ قال: عليها زكاة الفطر. قلت: فإن كان العبد عند (¬3) الزوج، ثم طلقها قبل أن يدخل بها؟ قال: ليس على الرجل ولا على المرأة زكاة الفطر. قلت: وكذلك إن كانت الغنم والإبل والبقر عند الزوج وهي سائمة، فتزوجها عليها، ثم طلقها قبل أن يدخل بها، ثم دفع إليها نصفها وقد حال عليها الحول؟ قال: نعم، لا زكاة عليها في قوله الآخر، وأما في قوله الأول فإن كانت (¬4) أخذت مثل ما تجب (¬5) فيه الزكاة زكتها (¬6)، وأما الزوج فلا زكاة عليه. قلت: أرأيت الرجل تكون له البقر السائمة (¬7)، فأراد أن يستعملها (¬8) ويعلفها (¬9)، ولم يفعل ذلك حتى حال عليها الحول؟ قال: عليه الزكاة. قلت: أرأيت الرجل يكون له أربعون بقرة فمكث سنتين (¬10) لا يزكيها؟ قال: عليه في السنة الأولى مسنة، وعليه في السنة الثانية تبيع أو تبيعة. قلت: لم؟ قال: لأنها قد نقصت من الأربعين. قلت: أرأيت الرجل تكون (¬11) له ثلاثون بقرة فتمكث (¬12) سنتين (¬13) لا يزكيها؟ قال: عليه في السنة الأولى تبيع أو تبيعة، وليس عليه في الثانية شيء لأنها قد نقصت من الثلاثين. قلت: أرأيت الرجل يكون (¬14) له تسع وعشرون عجلاً وبقرة مسنة أو جاموس هل عليه صدقة؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) م: دفعه. (¬2) م: عبدها. (¬3) م: عبد. (¬4) م: كان كانت. (¬5) ق: يجب. (¬6) م: زكيها. (¬7) ق - السائمة. (¬8) ق: أن تستعملها. (¬9) م: ويعلقها. (¬10) جميع المسخ وط: سنين. (¬11) ق: يكون. (¬12) م: فتملث. (¬13) جميع النسخ وط: سنين. (¬14) ك ق - يكون.

قلت: أرأيت الرجل تكون له البقر (¬1) السائمة أو الجواميس اشتراها للتجارة أعليه زكاة السائمة أو زكاة التجارة؟ قال: عليه زكاة التجارة، يقوّمها ثم يزكي قيمة كل مائتي درهم خمسة دراهم. قلت: أرأيت الرجل تكون له البقر يجب في مثلها الصدقة وشريكه فيها صبي، وهي ثمانون بقرة؟ قال: على الرجل في حصته مسنة، وليس على الصبي في حصته شيء. قلت: وكذلك إن كان شريكه فيها معتوهاً أو رجلاً عليه دين؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن كان شريكه فيها مكاتباً؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن كانت (¬2) بينهما إبل أو غنم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل تكون له البقر فيغلبه العدو، أو يغصبه إياها رجل فيمكث سنين، ثم يأخذها صاحبها من الغاصب، أو يصيبها المسلمون فيردونها عليه، أيزكيها لما مضى من السنين وقد أخذها بأعيانها؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: أما ما (¬3) كان في يد (¬4) العدو فلم تكن (¬5) له؛ لأن العدو لو أسلموا عليها كانت لهم (¬6)، ولو باعوها جاز بيعهم ولم يأخذها هذا إلا بالثمن (¬7). وأما الغاصب فإنه لم يقدر عليه، وليس هذا بمنزلة الذي يقر له به فيزكيه لما مضى بعد ما أخذه. قلت: أرأيت الرجل تكون له (¬8) ثلاثون بقرة، فإذا كان قبل الحول بشهر هلكت منها واحدة، ثم يحول عليها بعد الواحدة الحول، هل عليها صدقة فيما بقي؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن أصاب واحدة مثلها قبل أن يحول عليها الحول، أو نُتِجَتْ بعضهن واحدة قبل أن يحول الحول، فحال الحول (¬9) عليها وهي تامة كما كانت، أيزكيها؟ قال: نعم. قلت: وإنما ملك ¬

_ (¬1) م: البقرة. (¬2) ك: إن كان. (¬3) م ق - ما. (¬4) ك ق: في يدي. (¬5) ك م: فلم يكن. (¬6) م: له. (¬7) م - وكان بيعهم جائزا. (¬8) ق - له. (¬9) م - الحول.

ما تجب (¬1) فيه الزكاة أياماً من السنة، وما بين ذلك لم يكن يملك ما تجب (¬2) فيه الزكاة؟ قال: إذا ملك ذلك في أول الحول وآخره (¬3) لم انظر إلى ما نقص فيما بين ذلك. قلت: أرأيت الرجل تكون (¬4) في بقره العمياء أو العَجْفَاء أو العرجاء أيحسب ذلك في العدد؟ قال: نعم. قلت: أرأيت قولك: لا يجمع (¬5) بين متفرق، كيف هو؟ قال: هو الرجلان يكون بينهما أربعون بقرة، فإن جمعها المصدق كان عليها مسنة، فإن (¬6) فرقها لم يكن عليها شيء. قلت: أرأيت قولك: لا يفرق (¬7) بين مجتمع؟ قال: الرجل تكون (¬8) له أربعون بقرة، ففيها مسنة، فإن فرقها لم يكن فيها شيء. قلت: فإن كانا متفاوضين (¬9) لم يجمع (¬10) بينهما؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل تجب (¬11) في بقره الصدقة، فيبيعها والمصدق ينظر إليها تباع، ثم يقول: ليس عندي شيء، أيكون للمصدق أن يأخذ صدقتها من المشتري وهي في يديه بأعيانها؟ قال: هو بالخيار، إن شاء أخذ البائع حتى يؤدي صدقتها، وإن شاء أخذ مما في يدي المشتري. قلت: فإن كان المشتري قد ذهب وتفرقا ثم جاء المصدق بَعْدُ أله أن يأخذ مما في يدي المشتري؟ قال: لا أستحسن (¬12) ذلك (¬13)، ولكن يضمن البائع زكاتها. قلت: أرأيت الرجل تجب (¬14) في بقره صدقة ثم ¬

_ (¬1) ق: ما يجب. (¬2) ق: ما يجب. (¬3) م: أو آخره. (¬4) ق: يكون. (¬5) م: لا نجمع. (¬6) ك ق: وإن. (¬7) م: لا نفرق. (¬8) م ق: يكون. (¬9) أي شريكين شركة مفاوضة. (¬10) م: لم نجمع. (¬11) ق: يجب. (¬12) ك ق: ما أستحسن. (¬13) ك - ذلك. (¬14) ق: يجب.

تموت (¬1) كلها بعد الحول هل عليه فيها صدقة؟ قال: لا. قلت: وكذلك لو استهلكها رجل فذهب بها؟ قال: نعم. قلت: فإن مَوَّتَت (¬2) بعضُها وبقي بعض وهي أربعون من البقر، وكان الذي هلك منها عشرون (¬3) وبقي عشرون؟ قال: عليه الصدقة في هذه العشرين نصف قيمة مسنة، وليس عليه فيما مات وهلك شيء. قلت: ولم؟ قال: لأنه لم يستهلكها هو. قلت: فإن كان حبسها هو بعد ما وجب فيها الزكاه حتى مَوَّتَتْ وهلكت، أما تراه ضامناً لما مات منها وهلك (¬4) بالحساب؟ قال: لا. قلت: أرأيت الرجل تكون له أربعون بقرة، فيعجل زكاتها قبل الحول، فيعطي منها زكاة سنتين (¬5)، هل يسعه ذلك فيما بينه وبين الله تعالى؟ قال: نعم، يسعه هذا كله. وقد بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه تعجل (¬6) من العباس بن عبد المطلب زكاة سنتين (¬7). محمد عن أبي يوسف قال: حدثنا الحسن بن عمارة عن الحكم عن موسى بن طلحة قال: أُتي (¬8) عمر بن الخطاب بمال فقسمه بين المسلمين، فبقي منه بقية، فشاور القوم فيه، فقال بعضهم: قد أعطيت كل ذي حق حقه، فأمسك هذه الباقية لنائبة (¬9) إن كانت. قال: وعلي في القوم ساكت (¬10). فقال عمر: ما تقول يا أبا الحسن؟ (¬11) فقال علي: قد قال القوم. قال: فقال عمر: لتقولن (¬12). قال: فقال له علي: لم تجعل يقينك شكاً، وتجعل علمك جهلًا؟ فقال له عمر: لتخرجن مما قلت. قال: فقال له علي: أما تذكر حين (¬13) بعثك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ساعياً، فأتيت العباس فلم ¬

_ (¬1) ق: ثم يموت. (¬2) م: فإن موت. (¬3) ق: عشرين. (¬4) م: وهلكت. (¬5) ك م ق ط: سنين. والتصحيح من ج. (¬6) ق: يعجل. (¬7) ك م ق ط: سنين. والتصحيح من ج ر؛ وانظر: المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 377. (¬8) م: أوتي. (¬9) م: لثانية؛ ق: النايبة. (¬10) ك - قال. (¬11) ك ق + قال. (¬12) م: ليقولن. (¬13) ق: حيث.

يعطك، وكان بينك وبينه كلام. فوجد عليك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فاستعنت (¬1) بي عليه. فصلينا معه الظهر، فدخل. ثم صلينا معه العصر، فدخل. ثم استأذنا عليه، فأذن لنا. فاعتذرتَ إليه فعَذَرَك، ثم قال: "أما علمت أن عم الرجل صِنْو أبيه، إنا كنا احتجنا إلى مال، فتَسَلَّفْنا من العباس صدقة سنتين" (¬2). فقلنا: قد صلينا معك الظهر والعصر. فقال: "مال أتاني فقسمته، فبقيت منه فضلة، فكنت (¬3) في ذلك حتى وجدت لها موضعاً". فقال عمر: صدقت، والله لأشكرن لك الأولى والآخرة (¬4). قال: فقسم ذلك المال، فأصاب طلحة ثمانمائة درهم (¬5). ¬

_ (¬1) م: فاستغثت. (¬2) ك م رق: سنين. والتصحيح من نسخة ج؛ وانظر: المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 377. (¬3) ط: فمكثت. (¬4) م ط: فقال عمر وبذلك وأنا بي لم أحاربك بها؛ ج ر: فقال عمر وبذلك وأتاني لم أجازيك بها. وفي ك وق الكلمات مهملة. ولم أهتد إلى قراءته ومعناه. وكذلك قال الأفغاني. وقد صححنا ذلك من مسند أحمد، ومسند أبي يعلى. انظر الحاشية التالية. (¬5) روي نحو ذلك. فعن علي - رضي الله عنه - قال: قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - للناس: ما ترون في فَضْل عندنا من هذا المال؟ فقال الناس: يا أمير المؤمنين، قد شغلناك عن أهلك وضيعتك وتجارتك، فهو لك. فقال لي: ما تقول أنت؟ فقلت: قد أشاروا عليك. فقال لي: قل. فقلت: لم تجعل يقينك ظنا؟ فقال: لتخرجن مما قلت. فقلت: أجل والله لأخرجن منه. أتذكر حين بعثك نبي الله - صلى الله عليه وسلم - ساعياً، فأتيت العباس بن عبد المطلب - رضي الله عنه - فمنعك صدقته، فكان بينكما شيء، فقلت لي: انطلق معي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فوجدناه خاثرا، فرجعنا، ثم غدونا عليه، فوجدناه طيب النفس، فأخبرته بالذي صنع. فقال لك: "أما علمت أن عم الرجل صنو أبيه". وذكرنا له الذي رأيناه من خثوره في اليوم الأول والذي رأيناه من طيب نفسه في اليوم الثاني، فقال: "إنكما أتيتماني في اليوم الأول وقد بقى عندي من الصدقة ديناران، فكان الذي رأيتماه من خثوري له، وأتيتماني اليوم وقد وجّهتهما، فذاك الذي رأيتما من طيب نفسي". فقال عمر - رضي الله عنه -: صدقت، والله لأشكرن لك الأولى والآخرة. انظر: مسند أحمد، 1/ 94؛ ومسند أبي يعلى، 1/ 414. وعن علي - رضي الله عنه - أن العباس سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - في تعجيل صدقته قبل أن تَحِل، فرخّص له في ذلك. انظر: سنن أبي داود، الزكاة، 22؛ وسنن الترمذي، الزكاة، 37. وانظر: مجمع الزوائد للهيثمي، 3/ 79؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 2/ 162.

قلت: أرأيت الرجل تكون له البقر والجواميس أو الخيل قد اشتراها للتجارة، وهي سائمة ترعى في البَرِّيّة، أيزكيها زكاة السائمة أو زكاة التجارة؟ قال: بل يزكيها زكاة التجارة. قلت: فإن كانت له عشرون بقرة أو عشرة (¬1) من الخيل، وليس شيء من هذا إلا (¬2) يساوي مائتي درهم، وهي للتجارة، فحال عليها الحول وهي كذلك؟ قال: يزكيها زكاة التجارة. قلت: أرأيت (¬3) الرجل يشتري البقرة للتجارة، ثم يبدو له فيجعلها سائمة، ثم يحول عليه (¬4) الحول وليس له مال غيرها، وإنما له منذ جعلها سائمة ستة أشهر؟ قال: عليه زكاة (¬5) السائمة إذا مضت سنة منذ جعلها سائمة. قلت: فإن كان إنما فر بها من الزكاة فإذا حال عليها الحول منذ يوم (¬6) جعلها سائمة زكاها؟ قال: نعم. قلت (¬7): أرأيت نصارى بني تغلب هل يؤخذ من أحد منهم من بقره شيء؟ قال: نعم. قلت: ومن جواميسهم؟ قال: نعم. قلت: وكيف تؤخذ (¬8) منهم صدقاتهم؟ قال: تضاعف (¬9) عليهم الصدقة، ينظر إلى بقر أحدهم وجواميسه، فإذا كانت مما تجب فيه الصدقة لو كانت لمسلم فتؤخذ (¬10) منها الصدقة مضاعفة. قلت: وكذلك الإبل والغنم؟ قال: نعم. قلت: فالخيل تكون (¬11) سائمة للرجل منهم يأخذ (¬12) منها الصدقة كما يأخذ (¬13) من المسلم إذا وجب فيها الصدقة مضاعفة؟ قال: نعم. قلت: فإن كان لأحدهم بقر مما لا تجب فيه الزكاة لو كانت لمسلم أفليس عليه فيها شيء؟ قال: نعم، لا شيء فيه. قلت: فمن لم يكن له منهم مال أيأخذ منه شيئاً؟ قال: لا. قلت: فمن كان منهم له بقر وعليه دين كثير يحيط مسألة أيأخذ (¬14) منه ¬

_ (¬1) ط: أو عشرون. (¬2) ق: لا. (¬3) ق + أرأيت. (¬4) ق: عليها. (¬5) ق: ذكوة. (¬6) ك - يوم، صح هـ. (¬7) ق + وكيف يؤخذ منهم. (¬8) م ق: يؤخذ. (¬9) ق: يضاعف. (¬10) ق: فيؤخذ. (¬11) ق: يكون. (¬12) ك: فيؤخذ. (¬13) ك: تأخذ؛ ق: نأخذ. (¬14) ك: أتأخذ.

شيئاً؟ قال: لا يأخذ (¬1) منه شيئاً. قلت: فالبقر تكون للمرأة منهم أعليها مثل ما على الرجل منهم؟ قال: نعم. قلت: والعبد يعتقونه منهم فتكون (¬2) له البقر أو الجواميس تضاعف (¬3) عليها الصدقة؟ قال: لا. قلت: لم؟ (¬4) قال: لأن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - صالحهم على هذا، فمواليهم لا يكونون أعظم حرمة عندي من موالي المسلمين، فإن المسلم يعتق عبده النصراني وآخذ منه الخراج (¬5)، أو ليس نترك موالي بني تغلب حتى يوضع (¬6) على رؤوسهم الخراج (¬7) وعلى أَرَضِيهم وأُهملُ أموالهم فلا نأخذ منهم (¬8) شيئاً بمنزلة موالي (¬9) أهل الذمة؟ قلت: أرأيت الرجل المسلم يمر على العاشر بالبقر والجواميس وهي ثمن مال كثير، فيقول: ليس شيء من هذا للتجارة، ويحلف على ذلك، أيقبل منه ويكف عنه؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الإبل والغنم والطعام؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الذمي؟ قال: نعم. قلت: فالحربي؟ قال: لا، أما الحربي إذا مر بشيء مما ذكرت قوّم فأخذ منه العشر. قلت: أرأيت قوماً من الخوارج ظهروا على قوم من المسلمين فأخذوا زكاة بقرهم، ثم ظهر عليهم الإِمام وأهل العدل، أيحسبون لهم تلك الصدقة؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنهم لم يمنعوهم من الخوارج. قلت: فكيف ينبغي أن يصنع بصدقة البقر؟ قال: ينبغي أن تقسم (¬10) صدقة كل بلاد في فقرائهم، ولا تخرج (¬11) من تلك البلاد إلى غيرها. قلت: أرأيت رجلاً يموت وقد وجبت عليه الزكاة في بقره وجواميسه، فيجيء (¬12) المصدق وهي في أيدي الورثة، أيأخذ صدقتها منهم؟ قال: لا. ¬

_ (¬1) ك: لا نأخذ. (¬2) ك: فيكون. (¬3) ك ق: يضاعف. (¬4) ك ق: ولم. (¬5) م: الجراح. (¬6) ك: حتى نوضع. (¬7) م: الجراح. (¬8) ق: يأخذ منها. (¬9) م: موال. (¬10) ق: أن يقسم. (¬11) م ق: يخرج. (¬12) ك: فنجي.

باب زكاة المال

قلت: ولم؟ قال: لأنها قد خرجت من ملك الذي كانت له فصارت لغيره. قلت: أرأيت النصراني من بني تغلب يمر على العاشر ومعه البقر للتجارة، فيقول: علي دين يحيط بقيمتها، ويحلف على ذلك، أيكف عنه ويصدقه؟ (¬1) قال: نعم، يصدق ويكف عنه. قلت: أرأيت إذا جاء المصدق يأخذ صدقة بقره أو جواميسه، فقال: علي دين يحيط بقيمتها، هل عليه فيها شيء؟ قال: لا يأخذ صدقتها منه. قلت: أرأيت الصبي من بني تغلب له الإبل والبقر والغنم وهو نصراني، هل عليه الصدقة مضاعفة؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه صغير، وإنما يضاعف على الكبير من بني تغلب. ... باب زكاة المال قلت: أرأيت الرجل التاجر يكون له المال تجب (¬2) في مثله الزكاة، فإذا كان قبل الحول بيوم أو بشهر (¬3) استفاد مالاً آخر، فحال الحول عليهما (¬4) جميعاً، أيزكيهما جميعاً؟ قال: نعم. قلت: فإن كان المال الذي استفاد ميراثاً ورثه، أو هبة (¬5) وهبت له، أو صدقة تصدق بها عليه، أو ربحاً ربحه، أو وصية أوصي بها له، أيزكيها معه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت التاجر تصيبه (¬6) في ماله الآفات، ثم يحول عليه الحول، وقد زادها له في سعرٍ غلاءٌ أو غير ذلك فارتفع في يديه، فيزكيه، فهل يُحَطُّ عنه من الزكاة شيء لما أصابته من الآفات؟ قال: يقوم ماله كله يوم حال عليه الحول، فيزكيه بقيمته يومئذ، لا ينظر إلى ما كان من نقصان فيه من قبل تلك الآفات ولا من زيادة. ¬

_ (¬1) ق: وتصدقه. (¬2) ق: يجب. (¬3) ق - أو. (¬4) ق: عليهما الحول. (¬5) م: أو وهبه. (¬6) ق: التاخر يصيبه.

قلت: أرأيت التاجر يكون له المال، ويكون عليه المال، كيف يصنع إذا حال عليه الحول؟ قال: يقوم كل مال للتجارة وكل مال عليه، فإن كان المالان سواء أو كان الذي عليه من الدين أكثر فليس عليه زكاة، وإن كان ماله أكثر مما عليه من الدين بمائتي درهم فصاعداً، أو بعشرين مثقالاً من ذهب فصاعداً، زكى هذا الفضل الذي فضل عما عليه من الدين. قلت: فإذا كان له ألف درهم دين لا يقدر عليها، وما في يديه فهو كفاف بما عليه؟ قال: ليس عليه في الفضل زكاة حتى يأخذ تلك الألف. قلت: فإذا أخذها بعد سنين؟ قال: يزكيها للسنة الأولى خمساً وعشرين درهماً، فهذه زكاة الألف، ويزكي السنة الثانية ألفا غير خمسة وعشرين. قلت: فإن توالت عليه (¬1) سنون زكى لأول سنة ألفاً كاملاً، ثم ينقص في كل سنة تلك الزكاة التي زكى أبداً كذلك حتى تنقص من مائتي درهم؟ قال: نعم. وليس في أقل من مائتي درهم زكاة ولا صدقة. فإذا بلغت مائتي درهم وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم. وما زاد على المائتين فليس في الزيادة شيء حتى تبلغ أربعين درهماً. فإذا بلغت مائتي درهم وأربعين درهماً ففي المائتين (¬2) خمسة دراهم، وفي الأربعين درهم. وكذلك (¬3) بلغنا عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - (¬4). وبه كان يأخذ أبو حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: ما زاد على المائتين شيء فبحساب ذلك. وكذلك (¬5) بلغنا عن علي بن أبي طالب (¬6). ¬

_ (¬1) م - في. (¬2) ك م: ففي المائتي. والتصحيح من ج ر. (¬3) ك ق: كذلك. (¬4) أما النصاب ومقدار الزكاة فقد روي مرفوعاً. انظر: صحيح البخاري، الزكاة، 32، 38؛ وصحيح مسلم، الزكاة، 1. وانظر: الدراية لابن حجر، 1/ 257. وروي عن الحسن قال: كتب عمر إلى أبي موسى: فما زاد على المائتين ففي كل أربعين درهم. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 356. وانظر: نصب الراية، 2/ 367؛ والدراية لابن حجر، 1/ 258. (¬5) ك ق: كذلك. (¬6) روي في آخر حديث علي: فما زاد فبحساب ذلك. انظر: سنن أبي داود، الزكاة،. وعن علي وابن عمر موقوفاً مثله. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 4/ 88، 90؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 356 - 357.

قلت: أرأيت الرجل التاجر يكون في يديه الرقيق قد اشتراه بدنانير أو بدراهم، وفي يديه المتاع قد اشتراه بغير ما اشترى به الرقيق، كيف يزكيه عند رأس الحول، أيقوم ذلك كله دراهم أو دنانير ثم يزكيه؟ قال: أي ذلك ما فعل أجزأ عنه. قلت: أرأيت الرجل تكون له مثاقيل ذهب أربعة أو خمسة تساوي مائة درهم، وله مائة درهم أخرى، ثم يحول عليه الحول، أيزكيهما جميعاً؟ قال: نعم، يزكيهما جميعاً. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: أما أنا فلست أرى عليه في شيء من هذا زكاة حتى تبلغ الدراهم مائة درهم، والذهب عشرة مثاقيل. وهو قول محمد. قلت: أرأيت الرجل تكون له مائتا درهم، فيمكث أشهراً، ثم يُنْفِقُ منها مائة درهم، أو تَهْلِكُ (¬1) مائة درهم، فإذا كان قبل الحول بيوم أصاب مائة درهم، فحال عليها الحول وهي مائتا درهم؟ قال: يزكيها. قلت: ولم؟ قال: لأن (¬2) هذا مثل رجل اشترى جارية للتجارة بمائتي درهم قبل الحول، وذلك قيمتها، ثم إنها اعورّت فصارت قيمتها مائة درهم، وغلا (¬3) الرقيق، فصارت قيمتها عوراء مائتي درهم، أو ولدت ولداً يساوي مائة درهم، أو زادت في جسمها حتى صارت تساوي مائتي درهم، فحال عليها الحول وهي تساوي مائتي درهم، فعليه أن يزكيها. قلت: أرأيت الرجل تكون له مائة درهم، فإذا كان قبل الحول أصاب مائة درهم أخرى أو ألفاً، أعليه أن يزكي؟ قال: لا، حتى يحول عليه الحول من يوم كانت مائتي درهم فصاعداً. وليس في أقل من عشرين مثقالاً ذهباً صدقة. فإذا كانت عشرين مثقالاً ذهباً وحال عليها الحول ففيه (¬4) نصف مثقال ذهب. بلغنا ذلك عن ¬

_ (¬1) م ق: أو يهلك. (¬2) ق - لأن. (¬3) ك ق: أو غلا. (¬4) ك ق: ففيها.

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬1). فما زاد على العشرين مثقالاً ذهباً فليس في الزيادة شيء حتى تبلغ الزيادة أربعة (¬2) مثاقيل. فإذا بلغت أربعة مثاقيل ففيها عُشر مثقال مع نصف المثقال الذي في العشرين. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: ما زاد على العشرين مثقالاً وعلى المائتين من الفضة فبحساب ذلك. وما كان من الدنانير والدراهم والفضة تِبْراً مكسوراً أو حُلِيًّا مَصُوغاً أو حِلْيَة [سيف] (¬3) أو شيئاً مَصُوغاً (¬4) من ذلك في إناء أو مِنْطَقة أو دراهم مضروبة أو دنانير ففي هذا كله الزكاة إذا كان الذهب يبلغ عشرين مثقالاً، والفضة تبلغ مائتي درهم، وحال عليه الحول منذ يوم ملكه. قلت: أرأيت الرجل يكون له عشر (¬5) مثاقيل تِبْر ذهب أو دنانير (¬6) مضروبة، ومائة درهم أو وزنها تِبْر فضة، هل عليه فيها زكاة؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن كان له خمسة عشر مثقالا ذهب وخمسون درهماً، أو كان (¬7) له مائة وخمسون درهماً وخمس مثاقيل ذهباً؟ قال: نعم. قلت: فهل في شيء من هذا زكاة إذا لم يمكث عند صاحبه حولًا، فإذا مكث عند صاحبه حولًا وجب عليه (¬8) فيه الزكاة؟ [قال: نعم]، ولا زكاة في المال حتى يحول عليه الحول وهو عند صاحبه من يوم أصابه. محمد عن أبي يوسف قال: حدثنا الحسن بن محمد عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي بن أبي طالب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -أنه قال: "لا زكاة في المال حتى يبلغ مائتي درهم، فإذا بلغ مائتي درهم وحال عليه الحول ¬

_ (¬1) سنن ابن ماجة، الزكاة، 4؛ وسنن أبي داود، الزكاة، 5. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 2/ 366. (¬2) ك م: أربع. (¬3) الزيادة من ط؛ والكافي، 1/ 22 و. (¬4) ك: مصنوعاً. (¬5) م ق: عشرة. (¬6) جميع النسخ: وذهب ودنانير؛ ط: وذهب أو دنانير. (¬7) ك م: وكان. والتصحيح من ج ر. (¬8) م - عليه.

ففيه خمسة دراهم. وليس في الذهب زكاة حتى يبلغ (¬1) عشرين مثقالاً، فإذا بلغ عشرين مثقالاً وحال عليه الحول ففيه نصف دينار" (¬2). وبهذا يأخذ (¬3) أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد. قلت: أرأيت الرجل يقرض الرجل مائتي درهم وليس له مال غيرها، فيحول عليه الحول، ثم يقبض منه بعد الحول عشرين درهماً منها، هل عليه في هذه العشرين (¬4) زكاة؟ قال: لا. قلت: فإن أنفقها وقبض منها عشرين أخرى هل عليه فيها زكاة؟ قال: نعم، عليه في العشرين الأولى وفي هذه العشرين الأخرى درهم. قلت: ولم؟ قال: لأنه قد قبض منها أربعين درهماً. قلت (¬5): فإن قبض منها عشرين أخرى هل عليه فيها شيء؟ قال: لا، ليس في شيء يقبض منها بعد هذه الأربعين شيء حتى يتم أربعين أخرى. وهو قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: أما أنا فأرى عليه في كل شيء يقبضه - درهماً فما فوقه - أن يزكيه. وهو قول محمد. قلت: أرأيت الرجل يرث مائتي درهم، وهي دين على رجل، ولا مال له غيرها، فيحول عليها الحول، ثم يقبض منها أربعين درهماً، هل عليه فيها زكاة؟ قال: لا، حتى يقبضها كلها. قلت: ولم؟ قال: لأنه لم يقع في يده المائتا (¬6) درهم. قلت: أرأيت الرجل يؤاجر (¬7) عبده (¬8) بمائتي درهم ولا مال له غيرها، فيمكث حولاً، ثم يأخذ منها أربعين درهماً، هل عليه فيها زكاة؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: حتى يأخذ المائتين كلها إذا لم يكن له مال غيرها. قلت: أرأيت الرجل يستهلك الدابة أو العبد أو المتاع فيُقضَى عليه بقيمته، وقد كان لغير التجارة، وهي مائتا درهم، وليس لصاحبها مال غيرها، فيحول عليها الحول، ثم يأخذ منها أربعين درهماً، أيزكيها؟ قال: ¬

_ (¬1) ق: تبلغ. (¬2) سنن أبي داود، الزكاة، 5. وفي معناه أحاديث أخرى. انظر: نصب الراية للزيلعي، 2/ 328، 341، 352. (¬3) م: نأخذ. (¬4) ق - العشرين. (¬5) ق - قلت. (¬6) م ق: المائتي. (¬7) ك: أيؤاجر. (¬8) م ق: عنده.

لا. قلت: ولم؟ قال: حتى يأخذها كلها. قلت: أرأيت الرجل إن باع شيئاً (¬1) مما ذكرت لك وقد كان أصله للتجارة، فباعه بمائتي درهم وليس له مال غيرها، ثم أخذ منها أربعين درهماً، وقد حال عليها الحول، أيزكيها؟ قال: نعم. قلت: من أين افترقا؟ قال: لأن هذا كان في يديه للتجارة، فإن رجع إليه منها أربعون درهماً زكاه (¬2)، والأشياء التي ذكرت لغير التجارة، ومنها ما لم يكن في يده قط. وهو قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: أما أنا فأرى ذلك كله سواء، إذا أخذ من ذلك شيئاً درهماً أو أكثر زكاه. وهو قول محمد. قلت: أرأيت رجلاً كانت له ألف درهم، فلما حال عليها (¬3) الحول اشترى بها متاعاً للتجارة، فهلك المتاع؟ قال: لا زكاة عليه. قلت: فإن كان اشترى بها خادماً للخدمة وغنماً سائمة فهلكت؟ قال: يزكي الألف كلها. قلت: ولم؟ قال: لأنه قد صرفها في غير ما كانت فيه. قلت: أرأيت المرأة تزوج على ألف درهم، فيحول عليها الحول، ثم تأخذ (¬4) منها أربعين درهماً، أتزكيها؟ (¬5) قال: لا تزكيها (¬6) حتى تقبض (¬7) مائتين ويحول الحول عليها وهي عندها في قول أبي حنيفة الأخير. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإنها تزكيها (¬8). قلت: أرأيت الرجل يكاتب عبده على ألف درهم، أو يعتق نصف عبده فيسعى في نصف قيمته، وهي ألف درهم ليس له مال غيرها، فيأخذ منها مائتي درهم بعد حول، أيزكيها؟ قال: لا، حتى تمكث (¬9) المائتان عنده حولاً. قلت: ولم؟ قال: لأنه مال مكاتبه، ودين (¬10) عبده (¬11) ليس بدين ¬

_ (¬1) م: شيء. (¬2) ك ق: زكاها. (¬3) ك م: عليه. (¬4) ك م ق: ثم يأخذ. (¬5) ك م ق: أيزكيها. (¬6) م: لا يزكيها. (¬7) ق: يقبض. (¬8) ق: يزكيها. (¬9) ق: يمكث. (¬10) ك م - ودين. (¬11) ك: وعبده؛ م: وعنده؛ ق: عنده. والتصحيح من ج ر.

كما يكون على غيره، ولا مال له غيره، ولا مال في يديه. قلت: وكذلك عبد بينه وبين رجل، فأعتق شريكه نصفه، فقوّم العبد فسعى (¬1) له؟ قال: نعم. قلت: فإن كان شريكه موسراً فضمنه القاضي نصف القيمة، فأخذ منها مائتي درهم بعد حول، أيزكيها؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن هذا دين ليس على عبده منه شيء. قلت: فإن أخذ منها أربعين درهماً أيزكيها؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه لم يكن في يده للتجارة، ولأنه لم يكن أصل الوَرِق عنده. قلت: أرأيت الرجل التاجر له ألف درهم، وعليه ألف درهم، وله دار وخادم ولا يطلب بهما التجارة، وداره تساوي عشرة آلاف أو أكثر، أيزكي ما عنده؟ قال: لا. قلت: ولم وعنده وفاء لدينه وفضل؟ قال: لأن الدار والخادم ليسا للتجارة. قلت (¬2): أرأيت لو تصدق (¬3) عليه في هذه الحال ألم يكن موضعاً للصدقة؟ قال: بلى. قلت: فكيف تجب الزكاة على رجل والصدقة له حلال؟ (¬4) قال: لأنه مُعْدِم، ولأنه ليس في يديه فضل. قلت: أرأيت رجلاً له مسكن وخادم يساويان عشرة آلاف درهم، وعليه دين خمسة آلاف درهم (¬5)، وله ألف درهم، أيحل له أن يقبض الصدقة؟ قال: نعم. محمد عن أبي يوسف قال: حدثنا غالب بن عبيد الله (¬6) عن الحسن بن أبي الحسن البصري أنه قال: إن الصدقة كانت تحل للرجل وهو صاحب عشرة آلاف. قيل: يا أبا سعيد (¬7)، وكيف ذلك؟ قال: يكون له الدار والخادم والكراع والسلاح، وكانوا ينهون عن بيع ذلك (¬8). ¬

_ (¬1) م: يسعى. (¬2) ق - قلت. (¬3) ك: إن تصدق. (¬4) ك ق + قلت ولم قلت إن الصدقة له حلال؛ ق + تصدق عليه في هذه الحال ألم يكن موضعا للصدقة قال بلى قلت فكيف تجب الزكاة على رجل والصدقة له حلال. (¬5) م ق - درهم. (¬6) ك م ق: بن عبد الله. (¬7) م ق: يا با سعيد. (¬8) نحو ذلك في المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 402.

محمد عن أبي يوسف قال: حدثنا الحسن بن عمارة عن الحكم عن إبراهيم أنه قال: إن الصدقة تحل للرجل إذا لم يكن له إلا دار وخادم، وكذلك (¬1) لا تجب عليه الزكاة إذا كان بهذه المنزلة (¬2). قلت: أرأيت الرجل تكون (¬3) له عشرة آلاف درهم، وعليه مثلها، وهو يتقلب فيها ثم لا يزكي ما عنده، وهو ماله يشتري به ويبيع وهو يملكه، ولو أعتق عبداً قد اشتراه بذلك المال جاز عتقه، ولو تزوج به امرأة جاز ذلك له؟ قال: نعم، هو جائز له (¬4)، ولا زكاة عليه. قلت: ولم؟ قال: لأن عليه ديناً مثله، ولأنه تحل (¬5) له الصدقة أن يأخذها, ولا يجوز أن تحل له الصدقة وتجب (¬6) عليه الزكاة. ولو كان تجب الزكاة على الذي عليه الدين لزكى المال الواحد في اليوم الواحد ثلاث مرات. وذلك أن العبد يشتري العبد بألف - وقيمته ذلك - نسيئة، فتجب (¬7) الزكاة في ماله، فيزكيه مع ماله. ثم يبيعه من آخر بنسيئة، فتجب (¬8) الزكاة في ماله بعد ما اشتراه، فيزكيه معٍ ماله. ثم يبيعه بعد ما اشتراه (¬9)، أيزكيه مع ماله، فيزكي عبداً واحداً ومالاً واحداً في يوم واحد ثلاث مرات. يقبح (¬10) هذا ويفحش إذا كان هكذا. وإنما الزكاة على صاحب الدين الذي هو له، وعليه أن يزكيه إذا خرج. كذلك جاء الأثر عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -. وقال محمد: أخبرنا أبو حنيفة عن الهيثم عن ابن سيرين عن علي - رضي الله عنه - أنه قال في الرجل يكون له الدين فيقبضه: إنه يزكيه لما مضى (¬11). ¬

_ (¬1) م ق: ولذلك. (¬2) نحو ذلك في المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 402. (¬3) ق: يكون. (¬4) م ق - له. (¬5) م ق: يحل. (¬6) ق: ويجب. (¬7) ق: فيجب. (¬8) ق: فيجب. (¬9) م - فيزكيه مع ماله ثم يبيعه بعد ما اشتراه. (¬10) م: يفتح. (¬11) الآثار لمحمد، 54؛ والحجة له، 1/ 471؛ والآثار لأبي يوسف، 88؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 390.

قلت: أرأيت الرجل التاجر يكون له المال الكثير ديناً متفرقاً على الناس، منهم المَلِيء الذي يعلم أن ماله في ثقة وأنه سيقضيه (¬1) إياه، ومنهم المفلس، ما القول في ذلك؟ قال: إذا خرج ماله أو شيء منه يبلغ أربعين درهماً زكاه. قلت: فإن زكاه وهو دين كله أيجزيه ذلك؟ قال: نعم، وقد أحسن هذا وأخذ بالفضل. قلت: فإن زكى لسنتين (¬2) أيجزيه ذلك؟ قال: نعم. قلت: فإن كان نظر إلى من كان مليئاً فزكى ما عليه، ومن كان مفلسًا وقف عليه حتى يخرج، فيزكيه؟ قال: هذا حسن، كل شيء عجل زكاته من ذلك فإنما هو فضل أخذ به، وكل شيء آخره حتى يخرج فيزكيه فهو يجزيه، وليس عليه إلا ذلك. قلت: أرأيت الرجل التاجر يشتري الدار ليسكنها، أو العبد أو الخادم ليخدمه أو يسلّمه (¬3) في الغلة، أو الدابة ليركبها (¬4)، أو الطعام رزقاً لأهله، أو الثياب كسوة لأهله، أو المتاع ليتجمل به في بيته، أو الآنية يتجمل بها الرجل في بيته، وقيمة كل واحد مما ذكرت لك ألف أو أكثر، فحال عليه الحول، أيزكيه مع ماله؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن هذا مال ليس للتجارة شيء منه. قلت: فإن اشترى لؤلؤاً يتجمل به أهله أو جوهراً يتجمل به أهله ولا يريد به التجارة، وهو يساوي مالاً عظيماً، فحال الحول على ماله، أيزكيه مع ماله؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه ليس للتجارة. قال محمد: حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: ليس في شيء من العروض والجوهر واللؤلؤ زكاة إلا ما كان للتجارة، فإن كان للتجارة قوّم فزكي (¬5) من كل مائتي درهم خمسة دراهم (¬6). ¬

_ (¬1) م: سيقبضه. (¬2) م: لسنين. (¬3) أي يسلمه إلى غيره حتى يعمل عنده ويكتسب. وقد تكون الكلمة "يستعمله" أو "يستغله". (¬4) م: ليزكيها. (¬5) م: فيزكي. (¬6) الآثار لمحمد، 54؛ والآثار لأبي يوسف، 89؛ والمصنف لعبد الرزاق، 4/ 85؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 375.

قلت: أرأيت الرجل يشتري الفلوس للنفقة، والآنية من النحاس ليتجمل (¬1) بها في بيته ويستعملها، هل عليه في شيء من هذا زكاة؟ قال: لا. قلت: أرأيت الرجل يشتري شيئاً مما وصفت لك من هذا للتجارة، ويبدو له فيجعله لشيء مما وصفت لك من التجمل والسكنى أو النفقة أو الخدمة أو الكسوة، فيحول الحول على ماله، أيزكيه مع ماله؟ قال: لا. قلت: ولم وقد كان أصله للتجارة؟ قال: لأنه قد أخرجه من ذلك الصنف فجعله لما ذكرت. قلت: أرأيت إن كان اشتراه لغير التجارة أو اشتراه لشيء مما وصفت لك من التجمل، ثم بدا له بعد أشهر أن يجعله للتجارة، فوجبت الزكاة في ماله وقد جعله للتجارة، أيزكيه مع ماله؟ قال: لا يزكيه مع ماله؛ لأنه على ما جعله عليه، فلا يكون للتجارة حتى يبيعه. قلت: وما باله إذا نوى به التجمل جعلته (¬2) على ذلك، أو السكنى أو الخدمة أو اللَّبُوس (¬3) أبطلت (¬4) عنه الزكاة لهذه النية (¬5)، فإذا (¬6) أراد أن يجعله بعد ذلك للتجارة لم تجب عليه الزكاة فيه بالنية (¬7)؟ قال (¬8): لأنه حين اشتراه وجعله مما وصفت لك ولم يرده للتجارة فهو على ذلك أبداً حتى يبيعه، وليست النية التي نواها للتجارة بشيء؛ لأن أصله كان لغير التجارة. قلت: وكذلك المتاع والرقيق والجوهر والآنية يرثها الرجل أو توهب له وهو يساوي (¬9) مالاً عظيماً؟ قال: نعم، وإن كان يساوي مالاً عظيماً. قلت: وكذلك الحنطة والشعير أو شيء من الحبوب؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يشتري العبد للتجارة، فيحول عليه الحول وهو لا يساوي مائتي درهم، وليس له مال غيره، هل عليه فيه زكاة؟ قال: لا. قلت: فهل عليه ¬

_ (¬1) م ق: فيتجمل. (¬2) ق: حعليه. (¬3) اللَّبُوس هو ما يُلْبَس. انظر: لسان العرب، "لبس". (¬4) م: أيطلب. (¬5) جميع النسخ وط: لهذا الدين. وظن المحقق الأفغاني أن في العبارة سقطاً، لكن يظهر أن الواقع هو التحريف فقط، وقد صححناه بما يفهم من السياق. (¬6) ك ق: وإذا. (¬7) ق: النية (مهملة). (¬8) ك ق - قال. (¬9) ق: وهي تساوي.

[باب العاشر]

فيه صدقة الفطر؟ قال: لا. قلت: لم؟ (¬1) قال: لأنه للتجارة، فلا تجب (¬2) فيه صدقة غيرها. ... [باب العاشر] (¬3) قلت: أرأيت الرجل يمر على العاشر بالمال بدراهم أو دنانير أقل من مائتي درهم أو أقل من عشرين مثقالاً ذهب، فيقول: ليس لي مال غيرها، ويحلف على ذلك، هل يقبل منه ويكف عنه؟ قال: نعم، يقبل منه، ولا يأخذ منه شيئاً. قلت: وكذلك إن مر بها ذمي؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن مر بها رجل من أهل الحرب؟ قال: نعم. قلت: فإن كانت مائتي درهم فصاعداً أو عشرين مثقالاً فصاعداً فمر بها رجل مسلم على العاشر، فقال: إنما أصبت هذه منذ أشهر ولم يحل عليها الحول بعد، وحلف على ذلك، أيقبل منه ذلك (¬4) ويكف عنه؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الذمي؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الحربي؟ قال: لا، أما الحربي فإذا مر على العاشر ومعه مائتا درهم أو عشرون (¬5) مثقالاً ذهب فإنه يأخذ منها العشر. قلت: أرأيت الذمي إذا مر بها وقد حال عليها الحول كم يأخذ منه؟ قال: نصف العشر. قلت: فالمسلم إذا مر بها كم يأخذ منه؟ قال: ربع العشر. قلت: أرأيت الرجل المسلم يمر على العاشر بالمتاع أو الطعام أو الرقيق أو الإبل أو البقر أو الغنم وهي ثمن مال كثير، فيقول: ليس شيء من هذا للتجارة، ويحلف على ذلك أيقبل منه ويكف عنه؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الذمي؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الحربي؟ قال: لا، أما ¬

_ (¬1) م ق: ولم. (¬2) ق: يجب. (¬3) من ط أخذاً من الحاكم. انظر: الكافي، 1/ 22 ظ. (¬4) ق - ذلك. (¬5) م + درهما؛ ق: أو عشرين.

الحربي فإذا مر بشيء مما ذكرت أخذ منه العشر. قلت: أرأيت الرجل المسلم يمر بالمتاع يساوي مالاً عظيماً، فيقول: علي من الدين كذا (¬1) وكذا، وهو يحيط بهذا المال الذي معي وهذا المتاع، ويحلف على ذلك، أيقبل منه ويكف عنه؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الذمي؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الحربي؟ قال: لا، أما الحربي فإنه إذا مر بشيء مما ذكرت فإنه يعشر، ولا يقبل قوله: إن عليه ديناً يحيط بما معه. قلت: أرأيت المكاتب يمر بالمال الكثير على العاشر أيأخذ منه عُشُورَه؟ (¬2) قال: لا. قلت: أرأيت الرجل يمر بالمال الكثير على العاشر (¬3)، فيقول: هذه بضاعة لفلان، أيقبل قوله على ذلك ويكف (¬4) عنه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت مال اليتيم يمر به وصيه (¬5) على العاشر ويتّجر (¬6) فيه، فيقول: إنه ليتيم في حجري، ويحلف على ذلك، أيقبل منه ويكف (¬7) عنه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل التاجر يمر على العاشر بالمتاع فيخبره أنه مَرْوِي (¬8) أو هَرَوِي (¬9) ليكون أقل لقيمته (¬10)، فيتهمه العاشر ويظن أنه ¬

_ (¬1) ق: كذ. (¬2) العُشُور جمع العُشْر. وجمع العُشُور لأنه أراد عُشْر أنواع مختلفة من المال، والله أعلم. (¬3) م - الرجل يمر بالمال الكثير على العاشر، صح هـ. (¬4) ك: وتكف. (¬5) ق: وصته. (¬6) ك ق: يتجر. (¬7) ك: وتكف. (¬8) ك ق: بريق؛ ج م: بريو، ر: ربو. والتصحيح من الكافي. انظر: 1/ 22 ظ. وهي كذلك في ط. ومروي منسوب إلى مرو، وهناك مدينتان في خراسان تسميان مرو، وقيل: الثياب المَرْوِيّة، منسوبة إلى بلد بالعراق على شط الفرات. انظر: المغرب، "مرو". (¬9) وقال المطرزي: ثوب هَرَوِي بالتحريك، ومَرْوِي بالسكون، منسوب إلى هَرَاة ومَرْو، قريتان معروفتان بخراسان. وعن خُوَاهَرْ زاده: هما على شط الفرات، ولم نسمع ذلك لغيره. وفي الأشكال: سِوى هَرَاةِ خراسان هراةٌ أخرى وهي بنواحي اصْطَخْر من بلاد فارس. انظر: المغرب، "هرو". (¬10) م: القيمة.

قُوهِي (¬1)، فإن فتحه أضر بمتاعه وكسره، أيقبل قوله على ذلك، ويحلفه (¬2)، ويأخذ منه الصدقة (¬3) على ما يقول؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل التاجر يمر على العاشر فيريد أن يأخذ منه الصدقة، فيقول: قد أخذها مني عاشر غيرك كذا، ويحلف على ذلك، أيقبل منه قوله ويطلب منه البراءة من ذلك العاشر؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الذمي؟ قال: نعم. قلت: ولا يأخذ من هؤلاء صدقة تلك السنة، وكل عاشر يمر به وحلف له على ذلك وجاء (¬4) بالبراءة أينبغي له أن يقبل قوله ويكف عنه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل النصراني من بني تغلب يمر على العاشر بالمال للتجارة، أو غنم أو إبل أو بقر أو غير ذلك، أهو بمنزلة الذمي؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الحربي يمر على العاشر بمال فيأخذ منه العاشر العشر، ثم يعود الحربي فيدخل دار الحرب، ثم يخرج في ذلك الشهر ومعه ذلك المال، أيعشره أيضاً ثانية؟ قال: نعم. قلت: أفيعشره في السنة إذا كان هكذا مرتين أو ثلاثاً أو أكثر من ذلك؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: إذا دخل أرض الحرب سقط ما كان أدى، فدخل حيث لا تجري (¬5) عليه أحكام المسلمين. قلت: أرأيت إن لم يدخل أرض الحرب ومر عليه الحربي الثانية بعد ما عشره تلك السنة أيعشره الثانية؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه في دار الإِسلام بعد، وتجري عليه أحكام (¬6) المسلمين. قلت: وكذلك إن مر. على عاشر غيره فجاءه بالبراءة التي كتب بها العاشر الأول؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل من أهل الحرب يمر على العاشر برقيق أو متاع، فيقول: ليس هذا للتجارة، أو يقول: (¬7) علي دين، أو يقول: إنما أصبت ¬

_ (¬1) ثوب قُوهِي، منسوب إلى قوهستان، مدينة من مدن فارس. انظر: المغرب، "قوه". (¬2) ك: وتحلفه. (¬3) م + قال. (¬4) ق: وجاه. (¬5) ق: لا يجري. (¬6) ك: ويجري عليه حكم. (¬7) ق: ويقول.

هذا منذ أشهر؟ قال: لا يلتفت إلى قوله، ويأخذ منه العشر. قلت: أرأيت إن كان أهل الحرب يأخذون من تجار المسلمين الخمس؟ قال: إذن يؤخذ من تجارهم الخمس. قلت: فإن كان أهل الحرب يأخذون من تجار المسلمين ربع العشر؟ قال: إذن يؤخذ من الحربي ربع العشر. قلت: فإنما يأخذ ما يأخذ أصحابه من تجار المسلمين؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يكن (¬1) يعلم كم يأخذ أصحابه من المسلمين؟ (¬2) قال: إذن يؤخذ منه العشر، بلغنا نحو ذلك عن عمر بن الخطاب (¬3). قلت: إن كان مع الحربي رقيق فقال: هم أولادي وأمهات أولادي، أيؤخذ عشرهم؟ قال: لا, ولكن يكف عنه إذا قال ذلك. قلت: أرأيت الرجل النصراني يمر ببضاعة فيقول: هذه بضاعة لرجل مسلم أو لنصراني، ويحلف على ذلك، أيقبل منه ويكف عنه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت العبد يمر بمال مولاه يتجر فيه أتؤخذ منه الصدقة؟ قال: لا. قلت: فإن كان مولاه حاضراً أخذت منه؟ قال: نعم. قلت: فإن كان العبد نصرانيًا ومولاه مسلم أو كان العبد مسلماً ومولاه نصراني فإنما ننظر إلى المولى، فإن كان مسلماً شاهداً أخذ منه زكاة المسلمين، وان كان نصرانياً شاهداً أخذ منه مثل ما يؤخذ من الذمي؟ قال: نعم. قلت: وإن كان المولى غائبًا لم يؤخذ منه شيء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يمر ومعه مال مضاربة أتؤخذ (¬4) منه الصدقة؟ قال: لا يؤخذ منه شيء. قلت: وكذلك الأجير يمر بمال أستاذه؟ قال: نعم. قلت: ويكون هذا مثل صاحب البضاعة؟ قال: نعم. قلت: وتزكيه (¬5) بربع العشر إن كان مسلماً، وإن كان ¬

_ (¬1) ك - يكن، صح هـ. (¬2) ك: يأخذ من أصحابه المسلمين؛ م ق: يأخذ من أصحاب المسلمين. (¬3) وصله الإِمام محمد في الحجة، 1/ 552 - 560. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 90؛ والمصنف لعبد الرزاق، 10/ 370؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 417. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 379/ 2؛ والدراية لابن حجر، 1/ 261. (¬4) ق: أيؤخذ. (¬5) ك ق: أفيزكيه.

نصرانياً فنصف العشر؟ قال: نعم، إذا كان حاضراً. قلت: أرأيت الرجل التاجر يمر على العاشر بألف درهم أو بمائتي مثقال ذهب وقد حال عليها الحول، فقال: لست أريد بها التجارة؟ قال: يأخذ منه الزكاة، ولا يلتفت إلى قوله. قلت: والذهب والفضة تبراً كان أو مصوغاً أيأخذ منه الزكاة؟ قال: نعم. قلت (¬1): ولا يشبه هذا المتاع والعروض؟ قال: لا. قلت: أرأيت الرجل يمر على العاشر ويجيء معه ببراءة بغير اسمه، فيقول: هذه براءة لي من عاشر كذا وكذا، مر بها رجل كان هذا المال معه مضاربة، أترى له أن يقبل ذلك منه ويكف عنه؟ قال: نعم. قلت: فإن قال له: احلف، فأبى أن يحلف وادعى هذا؟ قال: هذا (¬2) تؤخذ منه الزكاة، ولا يلتفت إلى ادعائه (¬3) إذا لم يحلف. قلت: أرأيت الرجل إذا مر على عسكر الخوارج ولهم عاشر فعشر، أيحسب من زكاته؟ قال: لا. قلت: فإن مر على عاشر المسلمين وأهل العدل فأتى بالبراءة التي اكتتبها من عاشر الخوارج أيحسبها له؟ (¬4) قال: لا. قلت: فإن حلف عليها؟ قال: وإن حلف عليها. قلت: لم؟ قال: لأن هذا لا يجزئ عنه من زكاة ماله. قلت: أرأيت الرجل يشتري النسمة من زكاة ماله فيعتقها أيجزيه ذلك؟ قال: لا. قلت: أرأيت الرجل يحج عن الرجل من زكاة ماله أو يكفنه أو يبني مسجداً من زكاة ماله هل يجزيه ذلك؟ قال: لا. محمد عن أبي يوسف قال: حدثنا الحسن بن عمارة (¬5) عن الحكم عن إبراهيم أنه قال: لا يعطى من زكاة في حج ولا في غيره (¬6)، ولا يقضى ¬

_ (¬1) م - قلت. (¬2) ك ق: إذا. (¬3) ق: إلى دعايه. (¬4) ق - له. (¬5) ك م: بن عبادة. (¬6) ك ق: ولا غيره. ولعلها تحريف "ولا في عمرة".

منه دين الميت، ولا يعتق منه رقبة تامة، ولا يعطى في رقبة، ولا في كفن ميت، ولا في بناء مسجد، ولا يعطى منها يهودي ولا نصراني ولا مجوسي، ولا بأس بأن يعين حاجاً منقطعاً مقيماً، وغازياً منقطعاً به، ولا بأس بأن يعين مكاتباً (¬1). وبهذا يأخذ أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد، بهذا الحديث. قلت: أرأيت رجلاً قضى دين رجل حي مُغْرَم (¬2) من زكاته بأمره أيجزيه ذلك من زكاة ماله؟ قال: نعم، قلت: أرأيت الرجل تجب عليه الزكاة الدراهم في زكاة ماله، فيعطي قيمتها حنطة أو تمراً أو شعيراً أو شيئاً مما يكال أو يوزن أو ثياباً (¬3) أو غير ذلك، أيجزيه ذلك من زكاة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يعطي المكاتب من زكاته أيجزيه؟ قال: نعم. قلت: فإن عجز المكاتب؟ قال: يجزيه ما كان أعطاه من زكاة ماله. قلت: أرأيت الرجل يدخل أرض الحرب فيؤخذ منه العشر ثم يخرج فيمر على عاشر المسلمين أيحسب (¬4) له ذلك؟ قال: لا. قلت: أرأيت قوماً من الخوارج ظهروا على قوم من المسلمين فأخذوا زكاة أموالهم وزكاة إبلهم وبقرهم وغنمهم (¬5)، ثم ظهر عليهم الإِمام وأهل العدل، أيحسبون لهم تلك الصدقة؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأنهم لم يمنعوهم منهم. قلت: وكذلك إن أخذوا صدقات إبلهم وبقرهم وغنمهم؟ قال: نعم. قلت: فهل يجزئ ما أخذ الخوارج منه من الصدقة فيما بينه وبين الله تعالى؟ قال: لا. قلت: أرأيت الإِمام كيف ينبغي له أن يصنع بصدقاتهم؟ قال: يقسم صدقة كل بلاد في فقرائهم، ولا يخرجها من تلك البلاد إلى غيرها. ¬

_ (¬1) بعضه في المصنف لعبد الرزاق، 4/ 112؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 402، 403. (¬2) أي مُثْقَل بالدين. انظر: لسان العرب، "غرم". (¬3) م: أو نباتا. (¬4) ك م: أتحسب. (¬5) ك ق: وغنمهم وبقرهم؛ م + وبقرهم.

قلت: أرأيت الرجل يكون له الدين فيتصدق به على الذي هو عليه وينوي أن يكون من زكاة ماله، هل يجزيه ذلك؟ قال: لا. قلت: فعليه أن يزكي ذلك الدين مع ماله؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه لم يقبضه. قلت: أرأيت إن قبضه ثم تصدق به عليه هل يجزيه ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يعطي الرجل (¬1) مالاً مضاربة فربح (¬2) فيه المضارب، على من يكون (¬3) زكاة المال وزكاة الربح؟ قال: على رب المال زكاة المال وحصته من الربح، وعلى المضارب زكاة حصته من الربح إذا وصل إليه إن كان يجب في مثله الزكاة، وإن كان لا يجب في مثله (¬4) الزكاة وليس له مال غيره فليس عليه فيه شيء. قلت: فإن كان له مال غير ذلك؟ قال: يضمه إلى ماله فيزكيه معه. قلت: أرأيت الرجل يكون (¬5) له المال فإذا حال عليه الحول هلك بعضه بعد ما وجب عليه فيه الزكاة، أعليه (¬6) أن يزكيه كله، أو يزكي ما بقي عنده من المال؟ قال: ليس عليه أن يزكي ما هلك، وعليه أن يزكي ما في يده، ولا يزكي ما هلك منه. قلت: وكذلك إن سرق (¬7) بعضه أو غصبه منه إنسان فذهب به؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المرأة من أهل الحرب تمر على العاشر بمال للتجارة أيعشرها؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الصبي من أهل الحرب (¬8) يمر مع (¬9) عمه ومعه مال (¬10) للتجارة ويقيم البينة أنه مال هذا الصبي؟ قال: نعم، ¬

_ (¬1) م - يعطي الرجل. (¬2) ق: فيربح. (¬3) م - يكون. (¬4) ك: في مثل. (¬5) ق: تكون. (¬6) ق: أغليه. (¬7) ق: إن شرق. (¬8) م - تمر على العاشر بمال للتجارة أيعشرها قال نعم قلت وكذلك الصبي من أهل الحرب. (¬9) م + العاشر. (¬10) ك - للتجارة أيعشرها قال نعم قلت وكذلك الصبي من أهل الحرب يمر مع عمه ومعه مال، صح هـ.

يؤخذ (¬1) منه الزكاة. قلت: فإن كان أهل الحرب لا يأخذون من الصبيان إذا دخلوا إليهم من المسلمين؟ قال: إذن (¬2) لا يؤخذ من الصبي الحربي شيء. قلت: أرأيت المكاتب من أهل الحرب يمر على العاشر بمال له ويعرف أنه مكاتب أيعشره؟ قال: نعم. قلت: فإن كان أهل الحرب (¬3) لا يعشرون مكاتب المسلم إذا دخل عليهم؟ قال: إذن لا يؤخذ من مكاتب الحربي شيء. قلت: أرأيت المرأة من أهل الذمة تمر (¬4) على العاشر بالمال؟ قال: يأخذ منها نصف العشر. قلت: أرأيت المرأة المسلمة تمر على العاشر بالمال؟ قال: يؤخذ منها ربع العشر كما يؤخذ من الرجل المسلم ربع العشر، وهي في الزكاة بمنزلة الرجل. قلت: أرأيت الرجل التاجر يمر على العاشر بالرمان والبطيخ والقثاء والخيار والسفرجل والعنب والتين قد اشتراه للتجارة، وهو يساوي مائتي درهم أيعشره؟ قال: لا. قلت: ولم وهو للتجارة؟ قال: لأنه لا يبقى. قلت: وكذلك الذمي إذا مر بشيء من ذلك على العاشر؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الحربي إذا مر بشيء (¬5) مما ذكرت لك لم يؤخذ منه شيء؟ قال: نعم. وهو قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: وأما (¬6) أنا فأرى أن يؤخذ من ذلك كله. وهو قول محمد. قلت: أرأيت النصراني أو الرجل من أهل الذمة يمر على العاشر بخنازير أو بخمر قد اشتراه للتجارة، وهي تساوي مائتي درهم أو أكثر، أيعشرها العاشر؟ قال: أما الخنازير فلا يعشرها، وأما الخمر فيأخذ نصف عشر قيمتها. ¬

_ (¬1) ق: تؤخذ. (¬2) م - إذن. (¬3) م - الحرب. (¬4) م ق: يمر. (¬5) م - من ذلك على العاشر قال نعم قلت وكذلك الحربي إذا مر بشيء. (¬6) ك ق: أما.

محمد عن أبي يوسف قال: حدثنا الحسن بن عمارة عن الحكم عن إبراهيم النخعي أنه قال في الخمر يمر بها الذمي على العاشر: يأخذ نصف عشر قيمتها (¬1). قلت: وإذا (¬2) مر الرجل من أهل الحرب بالخمر والخنزير للتجارة لم يعشر الخنازير وأخذ عشر (¬3) قيمة الخمر منه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل المسلم يمر بها وهي له أيعشرها؟ (¬4) قال: لا. قلت: أرأيت رجلاً كانت عنده (¬5) مائتا درهم (¬6) فمكث أشهراً ووهبها لرجل ودفعها إليه، ثم رجع فيها الواهب بعد (¬7) ذلك بيوم، فحال الحول عليها من يوم ملكها، هل عليه فيها زكاة؟ قال: لا، حتى يحول عليها الحول من يوم (¬8) رجع فيها. قلت: ولم لا يزكيها إذا حال عليها الحول من يوم ملكها؟ قال: لأنها قد خرجت من ملكه. قلت: أرأيت إن ردها عليه الموهوب له قبل أن يحول الحول عليها، ثم حال الحول عليها عنده أهو بهذه المنزلة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن مكثت (¬9) عند الموهوب له سنة فلم يزكها (¬10) حتى رجع فيها الواهب وقبضها على من زكاتها؟ قال: ليس على واحد (¬11) منهما (¬12) زكاة. قلت: ولم؟ قال: لأن الزكاة كانت وجبت على الموهوب له (¬13) في الدراهم (¬14)، فلما أخذها منه الواهب لم يكن عليه فيها زكاة؛ لأن الواهب أخذها. ولا يكون على الواهب فيها شيء؛ لأنها لم تكن (¬15) له بمال حين رجع فيها. ¬

_ (¬1) الآثار لأبي يوسف، 91؛ والخراج لأبي يوسف، 148. (¬2) ق: فإذا. (¬3) م - عشر. (¬4) ك ق + له. (¬5) ق: كاتب عبده. (¬6) م ق: على مائتي درهم. (¬7) ق - بعد. (¬8) ق - ملكها هل عليه فيها زكاة قال لا حتى يحول عليها الحول من يوم. (¬9) م: إن مكث. (¬10) ق: يزكيها. (¬11) ق: على أحد. (¬12) م: منها. (¬13) م - له. (¬14) ك م: في الدرهم. (¬15) ق: لم يكن.

قلت: أرأيت الرجل تخرج أرضه حنطة كثيرة وهي من أرض العشر، فيبيعها قبل أن يؤدي (¬1) عشرها، فيجيء صاحب العشر والطعام عند المشتري وليس عند البائع منه شيء، هل للمصدق أن يأخذ من المشتري عشر الطعام؟ قال: نعم، إن شاء أخذ منه. قلت: ويرجع المشتري على البائع بعشر الثمن؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يبيع أرضاً وفيها زرع قد أدرك وهي من أرض العشر، على من عشرها، على المشتري أو على البائع؟ قال: عشر الزرع على البائع. قلت: أرأيت إن باعها والزرع بَقْلٌ (¬2)، على من عشر الزرع إذا حصد؟ قال: على المشتري. قلت: أرأيت إن باع الزرع وهو قَصِيل (¬3) فقصله (¬4) المشتري أيكون على البائع العشر في الثمن؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن باع الزرع وهو بَقْلٌ بعد، ثم أذن البائع للمشتري أن يتركه (¬5) في أرضه، فتركه (¬6) حتى استحصد، على من العشر؟ قال: على المشتري. قلت: ولم؟ قال: لأنه هو الذي حصده (¬7). قلت: وكذلك كل شيء من الثمار أو غيره مما فيه العشر يبيعه صاحبه قبل (¬8) أن يبلغ في أول ما أَطْلَع (¬9)، ثم تركه (¬10) المشتري حتى يبلغ بإذن البائع، أتكون (¬11) زكاته على المشتري؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يشتري الأرض من أرض العشر للتجارة ليزرعها، ¬

_ (¬1) م - يؤدي، صح هـ. (¬2) المقصود بالبقل هنا أنه أخضر لما يدرك. انظر: المغرب، "بقل". (¬3) القَصْل قَطْع الشيء، ومنه القَصِيل، وهو الشعير يُجَزّ أخضر لعلف الدواب، والفقهاء يسمون الزرع قبل إدراكه قَصِيلاً، وهو مجاز. انظر: المغرب، "قصل". (¬4) م: يقصله. (¬5) م: أن يزكه. (¬6) م: فيزكه. (¬7) م: حصد. (¬8) ق: قيل. (¬9) م: ما طلع. وأطْلَعَ نبت الأرض أي خرج، وأطْلَعَ النخل أي خرج طَلْعُه. انظر: المغرب، "طلع". (¬10) م: ثم يزكه. (¬11) ك ق: أيكون.

أعليه زكاتها للتجارة أو عشر الأرض؟ قال (¬1): ليس عليه زكاتها للتجارة (¬2)، وإنما عليه عشر الأرض. قلت: ولم؟ قال: لأنه حين اشترى أرضاً يجب فيها العشر سقطت عنه الزكاة. قلت: وكذلك إن اشترى أرضاً من أرض الخراج؟ قال: نعم، ولا تكون (¬3) عليه الزكاة، ولا يجتمع عليه خراج وزكاة، ولا خراج وعشر، ولا زكاة وعشر. قلت: أرأيت الرجل يشتري الدور للتجارة فحلت فيها الزكاة كيف يصنع؟ قال: يقوّمها فيزكي قيمتها. قلت: أرأيت الرجل يموت وله أرض من أرض العشر وقد أدرك زرعها فوجب فيها العشر، أيؤخذ منها العشر؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنها قد صارت لغيره كما كانت له. قلت: أرأيت الرجل يكون له أرض من أرض العشر فيها رَطْبَة (¬4) وهي تقطع في كل أربعين ليلة مرة، أيؤخذ العشر منها كما قطعت؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يشتري الأرض من أرض العشر فيزرعها بطيخاً ويقلعه (¬5) أيؤخذ منه العشر؟ قال: نعم. قلت: فإن زرع فيها بطيخاً أو خيارًا (¬6) أو قِثاء أو شبه ذلك؟ قال: يؤخذ منها العشر أيضاً. وقال أبو يوسف ومحمد: لا عشر في بطيخ ولا خيار ولا قثاء ولا بقل ولا رطبة ولا نحو ذلك مما ليس له ثمرة (¬7) باقية. قلت: أرأيت العنب (¬8) يبيعه صاحب الأرض عنباً، وربما باعه عصيراً، وربما باعه بأكثر من قيمته، وربما باعه بأقل من ذلك؟ قال: يؤخذ من الثمن عشره إن باعه عصيراً أو باعه عنباً، بأقل من قيمته كان أو أكثر، إذا ¬

_ (¬1) ك - قال، صح هـ. (¬2) م - للتجارة. (¬3) ك ق: يكون. (¬4) الرطبة نوع من علف الدواب. وتطلق أيضاً على الخضر مثل البطيخ والخيار والباذنجان. والجمع رِطاب. انظر: المغرب، "رطب". (¬5) م: أو يقطعه؛ م ق + سنة. (¬6) ق: أو خيار. (¬7) م: ثمر. (¬8) م: العشر.

لم يكن شيئاً (¬1) حابى (¬2) فيه فاحشاً حتى يعرف (¬3) ذلك. قلت: أرأيت الرجل يكون له المال فإذا حال عليه الحول هلك نصفه بعد ما وجب فيه الزكاة، أعليه أن يزكيه كله أو يزكي ما بقي؟ قال: بل (¬4) يزكي ما بقي، وليس عليه أن يزكي ما هلك. قلت: وكذلك إن سرق منه بعضه أو غصبه منه إنسان فذهب به؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يكون له على الرجل دين فيُكَافِره (¬5)، فيمكث سنة يُكَافِره (¬6) به (¬7)، وليست له عليه بينة، ثم يقضيه إياه بعد ذلك، هل عليه زكاة ما مضى؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه قد كان يجحده، وليس هذا بمنزلة الدين الذي يقر له به. قلت: أرأيت المرأة تزوج الرجل على ألفي درهم بعينها، فيحول الحول عليها وهي في يد (¬8) الزوج، ثم يطلقها (¬9) قبل أن يدخل بها، على من زكاة هذه الألفين؟ قال: يدفع النصف إلى المرأة، وعليها فيه الزكاة، وليس على الزوج زكاة في النصف الآخر. قلت: ولم؟ قال: لأن المرأة قد حال عليها الحول وهي تملك الذي أخذت، ووجبت عليها فيه الزكاة، والزوج إنما وجب له نصف ذلك حين يطلقها، فلا يجب عليه فيه زكاة؛ لأنه لم يحل عليه الحول منذ يوم ملكه. وهذا قول أبي حنيفة الأول. وقال أبو حنيفة بعد ذلك: ليس على واحد منهما زكاة قلت: وكذلك إن كانت بغير أعيانها؟ قال: نعم. قلت: فإن دفعها إلى امرأته وحال عليها الحول ثم طلقها قبل أن يدخل بها؟ قال: تزكي المرأة المال كله. ¬

_ (¬1) م: شيء. (¬2) م: جانا. (¬3) م: يغرف. (¬4) م: بلى. (¬5) م: فيكابره. (¬6) م: يكانره؛ ق - فيمكث سنة يكافره. (¬7) قال المطرزي: كَافَرَني حقي: جحده، ومنه قول عامر: إذا أقر عند القاضي بشيء ثم كافر. وأما قول محمد -رحمه الله-: "رجل له على آخر دين فكافره به سنين"، فكأنه ضمّنه معنى المماطلة فعتاه تعديته. انظر: المغرب، "كفر". (¬8) ق: في يدي. (¬9) م: ثم طلقها.

قلت: ولم؟ قال: لأنه كان في ملكها وحلت (¬1) عليها فيه الزكاة. قلت: وكذلك لو تزوجها على إبل أو غنم أو بقر سائمة ثم دفعها إليها وحال عليها الحول ثم طلقها قبل أن يدخل بها؟ قال: لا، أما هذا فليس عليها إلا زكاة ما بقي. قلت: ولو تزوجها على عبد ودفعه إليها فجاء يوم الفطر وهو عندها (¬2)، ثم طلقها قبل أن يدخل بها، فعليها زكاة الفطر؟ قال: نعم. قلت: فإن كان العبد عند (¬3) الزوج ثم طلقها قبل أن يدخل بها (¬4) فليس عليه زكاة الفطر ولا عليها؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن كانت الإبل والغنم والبقر عند الزوج والإبل سائمة فتزوجها عليها، ثم طلقها قبل أن يدخل بها، ثم دفع إليها نصفها، أتزكيها (¬5) وقد حال عليها الحول؟ قال: إن كان في مثل ما أخذت (¬6) تجب فيه (¬7) الزكاة زكتها (¬8)، وإلا فلا زكاة عليها، وأما الزوج فلا زكاة عليه. وقال أبو حنيفة بعد ذلك: لا زكاة على واحد (¬9) منهما. قلت: أرأيت الرجل تكون له مائتا درهم وعليه مثلها, وله أربعون شاة سائمة أو خمس من الإبل أو ثلاثون من البقر، هل عليه زكاة فيها؟ قال: نعم؛ لأن عنده دراهم وفاء بدينه. قلت: فإن كان عليه دين مائتا درهم وعشرة دراهم؟ قال: ليس عليه زكاة في شيء من ذلك؛ لأن عليه فضل دين ليس به عنده وفاء من الدراهم. قلت: أرأيت الرجل تكون (¬10) له أربعون شاة سائمة ومائتا درهم، وعليه مائتا درهم (¬11) دين، هل عليه زكاة؟ قال: نعم، يزكي الغنم، وتبطل عنه زكاة الدراهم. قلت: فإن لم يأته المصدق وكان ذلك إليه، والغنم تساوي مائتي درهم، يزكي أيهما شاء، ¬

_ (¬1) م: وحل. (¬2) م: عبدها. (¬3) م: عبد. (¬4) ق - ثم دفع إليها نصفها أيزكيها وقد حال عليها الحول. (¬5) م ق: أيزكيها. (¬6) م: ما أحدث. (¬7) ق: فيها. (¬8) م: زكيها. (¬9) ق: على أحد. (¬10) ق: يكون. (¬11) ق - وعليه مائتا درهم.

ويترك الآخر ويجزيه ذلك؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كانت خمس من الإبل مكان الدراهم (¬1) وهي تساوي مائتي درهم زكى أيهما شاء؟ قال: نعم. قلت: فإذا جاء المصدق فأخبره بما عليه من الدين وبما له؟ قال: يزكي المصدق الإبل. قلت: أرأيت الرجل يكون في عسكر الخوارج، فلا يؤدي زكاة ماله سنة أو سنتين، ثم يتوب أهل البغي وهو معهم، هل يؤخذ بزكاة (¬2) ماله لما مضى أو أحد (¬3) من أصحابه؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه لم تكن أحكامنا (¬4) تجري عليهم فيه. قلت: فهل عليهم فيما بينهم وبين الله تعالى أن يؤدوا الزكاة لما مضى؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل من أهل البغي يبعثونه رسولاً إلى أهل العدل فيمر على العاشر بالمال أيأخذ منه الزكاة؟ قال: نعم. قلت: كما يأخذ (¬5) من المسلم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت القوم يسلمون في أرض الحرب فيمكثون بها سنين وقد علموا أن الزكاة عليهم وصدقوا بذلك وعرفوا كيف هي، فلم يؤدوها سنين، ثم خرجوا إلى دار الإِسلام بأموالهم وإبلهم وغنمهم وبقرهم (¬6)، هل يؤخذ منهم لما مضى (¬7) شيء؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن الحكم لم يكن يجري عليهم، ولكن عليهم فيما بينهم وبين الله تعالى أن يؤدوه. قلت: أرأيت رجلاً من المسلمين مر على عاشر بمال فكتمه إياه، حتى اختلف عليه كذلك سنين يتّجر به لا يؤدي زكاته، ولا يعلم به العاشر، ثم إن العاشر اطلع عليه وأخبره الرجل أنه اختلف به عليه منذ سنين يتجر به، أيؤخذ منه لما مضى تلك السنين؟ قال: نعم. قلت: وكذلك صاحب الإبل والبقر والغنم (¬8) إذا أتاه المصدق وكانت قصته على ما وصفت لك؟ قال: نعم. قلت: وكذلك صاحب الأرض لها عشر؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن الحكم يجري على هؤلاء. ¬

_ (¬1) م: الدرهم. (¬2) م: زكاة. (¬3) م: أو أخذ. (¬4) م: احكاميا. (¬5) م: نأخذ. (¬6) ق - وبقرهم. (¬7) م - مضى. (¬8) ق: والغنم والبقر.

قلت: أرأيت شريكين متفاوضين لهما مال، فلما حال عليه الحول أدى كل واحد منهما زكاة المال بغير أمر صاحبه؟ قال: يضمن كل واحد منهما ما أدى عن صاحبه لصاحبه. قلت: لم؟ قال: لأنه لم يأمره بذلك. قلت: فإن كان كل واحد منهما قد أمر صاحبه إذا حال الحول أن يؤدي ذلك، فأديا جميعاً معا؟ قال: يضمن كل واحد منهما حصة صاحبه مما أدى. قلت: فإن أدى أحدهما قبل صاحبه؟ قال: يضمن الآخر ما أدى عن صاحبه، ولا يضمن الأول ما أدى. قلت: ويجزئ عنهما صدقتهما (¬1) الأول؟ قال: نعم. قلت: فهل يجزئ عنهما في المسألة الأولى؟ قال: يجزئ كل واحد منهما ما أدى عن نفسه، ويضمن ما أدى عن صاحبه لصاحبه. قلت: ولم ضمنت الآخر ما أدى وقد أدى بأمر صاحبه ولم يعلم أنه قد أدى الصدقة؟ قال: لأنه أمره أن يؤدي الزكاة، وإنما أدى غير الزكاة. هذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: وأما أنا فلا أرى عليه ضماناً. وهو قول محمد. قلت: أرأيت رجلاً أودع رجلاً مالاً فجحده سنين، ثم رده عليه، هل عليه زكاة ما مضى؟ قال: ليس عليه زكاة فيما مضى. قلت: أرأيت رجلاً دفن مالاً في أرض له أو في بعض بيوته فخفي عليه موضعه حتى مضى كذلك سنين، ثم وجده بَعْدُ، هل عليه زكاة ما مضى؟ قال: ليس عليه فيما دفن في الأرض فخفي عليه زكاة، ولكن عليه زكاة فيما دفن في بيوته. قلت: فما الفرق بين ما في أرضه وما في بيوته؟ قال: لأن ما في الأرض لا يشبه ما في بيوته؛ لأن ما (¬2) في بيته كأنه (¬3) صندوقه، فإذا علم أنه قد دفنه فهو في يده. قلت: أرأيت رجلاً سقط منه مال في مفازة ثم وجده بعد سنين، أو وقع في طريق من طرق المسلمين ثم أصابه بعد سنين، هل عليه في شيء من ذلك زكاة لما مضى من السنين؟ قال: لا، ليس عليه زكاة لما مضى. ¬

_ (¬1) ك: صدقة؛ ق: صدقته. (¬2) ك ق: بما. (¬3) م: كان.

باب الذهب والفضة والركاز والمعدن والرصاص والنحاس والحديد والجوهر وغيره

باب الذهب والفضة والركاز والمعدن والرصاص والنحاس والحديد والجوهر وغيره (¬1) قلت: أرأيت معدن الذهب والفضة والنحاس والرصاص والحديد إذا عمل فيه المسلم والذمي والعبد والمكاتب والمدبر وأم الولد والمرأة فأصابوا ركازاً؟ قال: يؤخذ منهم خمس ما أصابوا ولهم أربعة أخماس. قال محمد: حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "العَجْمَاء جُبَار، والقليب جُبَار، والمعدن جُبَار (¬2)، وفي الركاز الخمس" (¬3). محمد قال: حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: في المعدن الخمس (¬4). قلت: فإن كان المعدن في أرض العشر وأرض الجبل أهو سواء؟ قال: نعم، هو سواء. قلت: أرأيت الرجل يعمل في المكان من المعدن يوماً، فيجيء آخر من الغد فيعمل في ذلك المكان فيصيب منه المال، فيقول الأول: أنا أحق ¬

_ (¬1) ق: وغير ذلك. وقد ذكر المؤلف آثارا عديدة متعلقة بأخذ الخمس من الركاز والمعدن في كتاب الصرف، باب الصرف في المعدن والكنز وتراب الصواغين. انظر: 1/ 297 و - 298 و. (¬2) جُبَار أي هدر، يقال: ذهب دمه جُبَارا، ومعنى الأحاديث أن تنفلت البهيمة العجماء فتصيب في انفلاتها إنسانا أو شيئاً فجرحها هدر، وكذلك البئر القديمة التي ليست ملك أحد يسقط فيها إنسان فيهلك فدمه هدر، والمعدن إذا انهار على حافره فقتله فدمه هدر. انظر: لسان العرب، "جبر". والقليب هو البئر، وقيل: البئر القديمة. انظر: لسان العرب، "قلب". (¬3) الآثار لمحمد، 100؛ والحجة له، 1/ 437. وانظر: الموطأ، العقول، 12؛ والآثار لأبي يوسف، 88؛ وصحيح البخاري، الزكاة، 66؛ وسنن النسائي، الزكاة، 28؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 2/ 183. (¬4) الآثار لأبي يوسف، 89.

به، لمن يكون ذلك المال؟ قال: يخمس، وما بقى بعد الخمس فهو للذي عمل فيه بعد ذلك أخيراً (¬1). قلت: أرأيت اللؤلؤ يستخرج من البحر أو العنبر ما فيه؟ قال: ليس فيه شيء. قلت: ولم؟ قال: لأنه بمنزلة السمك. قلت: وما بال السمك لا يكون فيه شيء؟ قال: لأنه صيد، وهو بمنزلة الماء؛ ولأن الأثر لم يأت في السمك. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف بعد ذلك: أرى في العنبر (¬2) الخمس. قلت: أرأيت الياقوت والزُّمُرُّد والفيروزج (¬3) يوجد في المعدن أو في الجبال هل في شيء منه خمس أو عشر؟ قال: لا، ليس فيه خمس ولا عشر. قلت: ولم؟ قال: لأنه حجارة. قلت: ولو كان في شيء من هذا لكان في الكُحْل والزِّرْنِيخ والمَغْرَة (¬4) والتُّورَة والحصى، وهذا كله حجارة، وليس في الحجارة شيء. قلت: أرأيت الزئبق إذا أصيب (¬5) في معدنه هل فيه شيء؟ قال: نعم، عليه الخمس. وهو قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: ما أرى فيه شيئاً. قلت: أرأيت الرجل يصيب الركاز من الذهب أو الفضة أو الجوهر مما يعرف أنه قديم فيحفره (¬6) فيخرجه من أرض الفلاة؟ قال: فيه الخمس، وما بقي فهو له؛ لأنه جاء الأثر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "في الركاز الخمس" (¬7)، والركاز هو الكنز. قلت: فإن كان الذي استخرجه مكاتباً أو ¬

_ (¬1) م: آخرا. (¬2) م: في العشر. (¬3) الفيروزج ضَرْب من الأصباغ. انظر: لسان العرب، "فيروزج". (¬4) المغيرة طين أحمر يستعمل في الصبغ. انظر: القاموس المحيط، "مغر". (¬5) ك: إذا أصاب؛ ق: إذا أصبت. (¬6) م: فيحقره. (¬7) تقدم قريباً. وانظر: جامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 462.

ذمياً أو عبداً أو امرأة أو صبياً؟ قال: هو كذلك أيضاً، يؤخذ منه الخمس، وما بقي فهو له. قلت: أرأيت الرجل يجد الركاز في دار الرجل فيتصادقان جميعاً أنه ركاز؟ قال: هو للذي يملك رقبة الدار، وفيه الخمس. قلت: أرأيت إن كان الذي وجده قد استأجر الدار من صاحبها أو استعارها؟ قال: وإن كان فهو لصاحب الدار. قلت: فإن (¬1) اشتراها منه رجل فوجد فيها ركازاً فأقرا جميعاً أنه ركاز؟ قال: هو لرب الدار الأول منهما. قلت: فإن كان الذي باعها إنما اشتراها من رجل آخر؟ قال: فالركاز للذي كان له الأصل، يخمس، وما بقي فهو له. قلت: وكذلك الركاز يوجد في أرض رجل؟ قال: نعم، وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وهو قياس الأثر عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - (¬2). وقال أبو يوسف: أما أنا فأراه للذي أخذه، أستحسن ذلك. قلت: أرأيت الرجل يدخل أرض الحرب بأمان فيجد ركازاً في دار رجل منهم؟ قال: يرده عليه. قلت: فإن وجده في الصحراء؟ قال: فهو له، وليس فيه خمس. قلت: ولم لا تجعل فيما وجد في أرض الحرب من الركاز خمساً كما جعلته في دار الإسلام؟ قال: لأن أرض الحرب لم يُوجِف عليها (¬3) المسلمون ولم يفتحوها، وأرض الإسلام قد أَوْجَفَ عليها ¬

_ (¬1) ك+ كان. (¬2) وصل هذا الأثر الإمام محمد في كتاب الصرف، فقال: وحدثنا [أبو يوسف] عن عبد الله بن بشر عن جبلة بن حُمَمَة الخثعمي عن رجل منهم قال: خرج في يوم مطر إلى دير جرير فوقعت منه ثُلْمَة، فإذا بُسْتُوقَة أو جرة فيها أربعة آلاف مثقال. فأتيت بها عليًا - رضي الله عنه -، فقال: أربعة أخماسها لك، والخمس الباقي اقسمه بين فقراء أهلك. ووصله الإمام محمد أيضاً في الحجة، 1/ 444، فقال: أخبرنا قيس بن الربيع الأسدي عن عبد الله بن بشر ... وانظر: السنن الكبرى للبيهقي، 4/ 156؛ ونصب الراية للزيلعي، 1/ 261 - 262. (¬3) وَجَفَ البعير أو الفرس عَدَا وَجِيفاً، وهو ضرب سريع من السير، وأوجفه صاحبه إيجافًا، وقوله: "وما أوجف المسلمون عليه" أي أعملوا خيلهم أو رِكابهم في تحصيله. انظر: المغرب، "وجف"؛ ولسان العرب، "وجف".

المسلمون (¬1) وفتحوها، فمن ها هنا اختلفتا. قلت: أرأيت الرجل المسلم أو الذمي يكون في داره المعدن أو في أرضه؟ قال: هو له، وليس فيه خمس. وهذا قول أبي حنيفة. وقول (¬2) أبي (¬3) يوسف ومحمد: فيه الخمس. قلت: أرأيت الرجل من أهل الحرب يدخل دار الإسلام بأمان فيصيب كنزاً أو شيئاً من المعدن؟ قال: يؤخذ منه كله. قلت: ولم؟ قال: لأنهم ليس لهم مما في أرضنا شيء. قلت: فإن عمل في المعدن بإذن الإمام؟ قال: يخمس ما أصاب، وما بقي فهو له. قلت: أرأيت الرجل يكون له النحل (¬4) في أرضه عَسَّالة (¬5) فيصيب من عسلها غلة عظيمة ما فيه؟ قال: إن كان في أرض (¬6) الخراج فليس فيه شيء، وإن كان في أرض العشر ففيه العشر. بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحو ذلك (¬7). قلت: أرأيت الرجل يكون في أرضه العين يخرج منها القِير (¬8) والنِّفْط (¬9) والملح وأرضه (¬10) أرض خراج ما عليه؟ قال: عليه خراج أرضه، ¬

_ (¬1) م - ولم يفتحوها وأرض الإسلام قد أوجف عليها المسلمون. (¬2) ق - وقول. (¬3) ق: وأبي. (¬4) ق: النخل. (¬5) العَسَّالة أي شُورَة النحل، وهو موضع العسل. انظر: القاموس المحيط، "شور، عسل". (¬6) ق: في الأرض. (¬7) وصله الإمام محمد فيما يأتي قريباً في باب العشر في الخلايا، حيث قال: محمد عن أبي يوسف عن عبد الله بن محرز عن الزهري قال: جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في النحل العشر. وانظر: المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 373؛ وسنن أبي داود، الزكاة، 13؛ وسنن الترمذي، الزكاة، 9؛ وسنن النسائي، الزكاة، 29؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 390؛ والدراية لابن حجر، 1/ 264. (¬8) القِير بالكسر والقار: شيء أسود يُطلَى به السفن والإبل، أو هما الزِّفْت. انظر: القاموس المحيط، "قير". (¬9) النِّفْط والنَّفْط معروف يستعمل للإيقاد. انظر: العين، "نفط"؛ ولسان العرب، "نفط". (¬10) م: أو أرضه.

وليس عليه في هذا شيء. قلت: فإن كان هذا في أرض عشر؟ قال: فليس عليه أيضاً فيها (¬1) شيء. قلت: ولم؟ قال: لأنها ليست من الثمار. قلت: أرأيت الرجل يجد الركاز في الصحراء (¬2) أو يعمل (¬3) في المعدن فيصيب (¬4) فيه المال، وعليه دين نحو مما أصاب، هل يخمس ما أصاب من الركاز والمعدن؟ قال: نعم (¬5). قلت: ولا تعد (¬6) هذا مانعاً (¬7) مثل الزكاة؟ قال: لا، إنما هو مغنم. قلت: أرأيت الرجل يتقبّل (¬8) المكان من المعدن من السلطان فيستأجر فيه أجراء، فيخرجون منه أموالأ، لمن تكون تلك الأموال؟ قال: للمستأجر الذي استأجرهم، ويخمس كله، وما بقي فهو له. قلت: فإن جاء قوم بغير أمره لم يستأجرهم فعملوا في ذلك المكان فأصابوا مالاً؟ قال: يخمس ما أصابوا، وأما ما (¬9) بقي فهو لهم، وليس للذي (¬10) تقبّل من ذلك شيء. قلت: أرأيت الرجل يكون (¬11) له الأرض من أرض العشر، فينبت فيها الطَّرْفَاء (¬12) والقصب الفارسي (¬13) أو غيره هل فيه عشر؟ قال: لا، ليس فيه ¬

_ (¬1) ق: فيها أيضا. (¬2) ق: في الصخرا. (¬3) م: ويعمل. (¬4) م: فقبضت. (¬5) م + قال نعم. (¬6) ق: بعد. (¬7) م ق - مانعا، صح ق فوق السطر. (¬8) قال المطرزي: وقَبَالة الأرض: أن يتقبّلها إنسان فيُقَبِّلها الإمام، أي يعطيها إياه مزارعة أو مساقاة، وذلك في الأرض الموات أو أرض الصلح، كما كان رسول الله يُقَبِّل خيبر من أهلها. وسميت شركة التقبُّل من تقبّل العمل. انظر: المغرب، "قبل". وقال الفيومي: وتقبّلت العمل من صاحبه إذا التزمته بعقد، والقَبالة بالفتح اسم المكتوب من ذلك لما يلتزمه الإنسان من عمل ودين وغير ذلك. قال الزمخشري: كل من تقبّل بشيء مقاطعة وكتب عليه بذلك كتاباً فالكتاب الذي يكتب هو القَبالة بالفتح، والعمل قِبالة بالكسر لأنه صناعة. انظر: المصباح المنير، "قبل". (¬9) م - ما. (¬10) م - للذي، صح هـ. (¬11) ق: تكون. (¬12) الطرفاء شجرة من أشجار الصحراء، وقد يأكلها الإبل. انظر: لسان العرب، "طرف". (¬13) القَصَب الفارسي هو نوع من القصب يُتَّخَذ منه الأقلام. انظر: المغرب، "قصب".

عشر، إنما هو حطب. قلت: وكذلك الحشيش والشجر الذي ليس له ثمر مثل السَّمُر (¬1) وشبهه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرياحين (¬2) والبُقُول كلها والرِّطَاب (¬3) القليل من ذلك والكثير هل فيه العشر؟ قال: نعم، كل شيء من ذلك تسقيه (¬4) السماء (¬5) أو سُقِيَ سَيْحًا (¬6) ففيه العشر، وكل شيء (¬7) يُسْقَى بغَرْبٍ (¬8) أو دَالِيَةٍ (¬9) أو سَانِيَةٍ (¬10) ففيه نصف العشر. بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحو من ذلك (¬11). قلت: أرأيت الوَسِمَة (¬12) فيها عشر إذا كانت في أرض العشر؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الزعفران والورد والوَرْس؟ (¬13) قال: نعم. قلت: وكذلك ¬

_ (¬1) السَّمُر من أشجار الصحراء، الواحدة: سَمُرَة. انظر: المغرب، "سمر". (¬2) الرياحين جمع ريحان، وهو نبات معروف، أو كل ما طاب ريحه من النبات، وعند الفقهاء الريحان ما لساقه رائحة طيبة كما لورقه كالآس، وهى شجرة ورقها عطر. انظر: المغرب، "أوس، روح". (¬3) ذكر المطرزي عن بعض الفقهاء أن البقول غير الرِّطَاب، فالبقول مثل الكُرّاث ونحو ذلك، والرِّطَاب هو القِثّاء والبطيخ والباذنجان. أما عند أهل اللغة فالرطاب هي نوع من العلف. انظر: المغرب، "رطب". والبقول قد تقدم تفسيرها. (¬4) ق: يسقيه. (¬5) ك: الماء. (¬6) ساح الماء سَيْحاً أي: جرى على وجه الأرض، ومنه "ما سُقِيَ سَيْحا"، يعني ماء الأنهار والأودية. انظر: المغرب، "سيح". (¬7) ق + وكل شيء. (¬8) م: بغرف. الغَرْب الدلو العظيم المصنوع من جلد ثور. انظر: المغرب، "غرب". (¬9) الدالية جِذْع طويل في رأسه مِغْرَفة كبيرة يُستقَى بها. انظر: المغرب، "دلب". (¬10) السانية البعير يُسْنَى عليه، أي يُستقَى من البئر، ويقال للغَرْب مع أدواته سانية أيضاً. انظر: المغرب، "سنو". (¬11) الخراج لأبي يوسف، 59؛ وصحيح البخاري، الزكاة، 55؛ وصحيح مسلم، الزكاة، 7؛ وسنن أبي داود، الزكاة، 12؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 464. (¬12) الوَسْمَة بكسر السين وسكونه، شجرة ورقها خِضَاب. انظر: المغرب، "وسم". (¬13) قال المطرزي: الورس هو صبغ أصفر، وقيل: نَبْت طيب الرائحة، وفي القانون: الوَرْس شيء أحمر يشبه سحيق الزعفران، وهو مجلوب من اليمن، ويقال: إنه ينحت من أشجاره. انظر: المغرب، "ورس".

قصب السُّكَّر؟ قال: نعم. قلت: لم وإنما هو قصب؟ قال: لأنه ثمر وليس بحطب. قلت: والحنطة والشعير والزبيب والذرة والسمسم والأرز وجميع الحبوب ففيه العشر (¬1). وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يكون في شيء من هذا عشر حتى يبلغ خمسة أوسق، والوسق ستون صاعاً، مما يكون له ثمرة باقية، فأما الخضر فلا عشر فيها. قلت: أرأيت الرجل يكون عليه الدين يحيط بقيمة أرضه هل عليه، عشر؟ قال: نعم. قلت: فإذا قال: علي دين، وحلف على ذلك، أيقبل منه قوله ويكف عنه؟ قال: لا يقبل قوله، وعليه العشر، وإن كان عليه دين. قلت: أرأيت المكاتب هل في أرضه العشر؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الصبي والمجنون المغلوب؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأن العشر بمنزلة الخراج في هذه المنزلة. قلت: أرأيت رجلاً له أرض يؤدي خراجها هل عليه فيها عشر؟ قال: لا. قلت: أرأيت الرجل يستأجر الأرض من أرض العشر فيزرعها على من عشرها؟ قال: على رب الأرض، وليس على المستأجر شيء. محمد عن أبي يوسف قال: حدثنا الحسن بن عمارة عن الحكم عن إبراهيم نحواً من هذا (¬2). قلت: فلو آجرها بمائة درهم وأخرجت الأرض أربعين كُرَّا (¬3) كان عليه أربعة أكرار؟ قال: نعم. قلت: فإن منحها إياه مِنْحَة على من عشرها؟ قال: على الذي زرعها. قلت: ولم؟ قال: لأن صاحبها لم يأخذ لها أجراً. ¬

_ (¬1) ط + قال نعم. (¬2) ك + أو ذلك؛ ق - نحوا من هذا. (¬3) الكُرّ مكيال لأهل العراق، وجمعه أَكْرَار، فقيل: إنه اثنا عشر وَسْقاً كل وَسْق ستون صاعاً، وفي تقديره أقوال أخرى ذكرها المطرزي. انظر: المغرب، "كرر".

قلت: أرأيت الرجل المسلم يشتري من الكافر أرضاً من أرض الخراج أيكون عليه العشر؟ قال: لا، ولكن عليه الخراج. قلت: أرأيت الكافر اشترى من المسلم أرضاً من أرض العشر أيكون عليه فيه العشر أو الخراج؟ قال: يكون عليه الخراج. قلت: فإن أخذها مسلم بالشفعة؟ قال: فهو جائز، وعلى المسلم العشر. قلت: فإذا باع المسلم أرضاً من أرض العشر من كافر وهو بالخيار أو الكافر بالخيار فيها، أو يبيعها (¬1) بيعاً فاسداً فيردها الكافر عليه، ما عليه (¬2) في هذا كله؟ قال: عليه العشر. قلت: فلم جعلت على الكافر الخراج إذا اشتراها؟ قال: لأنه لا يكون على الكافر عشر، إنما هي بمنزلة دار كانت (¬3) لكافر فليس عليه فيها شيء، فإذا جعلها (¬4) بستاناً كان عليه فيها الخراج. قلت: والعشر لا يجب على أرض يؤدي صاحبها الخراج ولا على رجل يؤدي في أرضه أجراً؟ قال: نعم، وهذا قول أبي حنيفة. قلت: أرأيت رجلاً نصرانياً من بني تغلب له أرض من أرض العشر اشتراها من رجل مسلم ما عليه فيها؟ قال: يضاعف عليه فيها العشر، فإن كانت سَيْحاً أو تُسقَى (¬5) من السماء فعليه فيها الخمس، وإن كانت تشرب بغَرْب (¬6) أو دَالِيَة أو سَانِيَة فعليه فيها العشر. قلت: وضاعفت عليه كما ضاعفت في أموالهم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن باعها من مسلم أو أسلم عليها؟ قال: عليها العشر مضاعفًا. قلت: أرأيت العبد النصراني يعتقه النصراني من بني تغلب فيشتري أرضاً من أرض العشر؟ قال: عليه فيها الخراج، ولا يُنَزَّل منزلة مولاه. قلت: لم؟ قال: لأن مولاه لا يكون في هذا أعظم حرمة من مولى المسلم (¬7) إذا أعتقه وهو نصراني، ولو أن رجلاً أعتق عبداً له نصرانياً كان على (¬8) عبده الخراج (¬9)، وإن اشترى أرضاً من أرض العشر كان عليه الخراج، وإن كان له إبل أو غنم أو بقر فليس ¬

_ (¬1) ق: ويبيعها. (¬2) م ق - ما عليه. (¬3) ق: كاتب. (¬4) ك م ق: جعلتها. والتصحيح من ج. (¬5) ك: أو يسقى. (¬6) م: بغرف. (¬7) م: من موالي المسلمين. (¬8) ق - على. (¬9) م - الخراج.

عليه فيها شيء، وكذلك العبد النصراني إذا أعتقه النصراني من بني تغلب. قلت: أرأيت ما كان في أرض العشر من قَصَب الذَّرِيرَة (¬1) هل عليه فيها عشر؟ قال: نعم. قلت: لم وإنما هو قصب؟ قال: لأنه بمنزلة الريحان. قلت: أرأيت أرض العشر ما هي وأين تكون؟ قال: ما كان في (¬2) أيدي العرب بالبادية وأرض الحجاز من أرض العرب بالبَرِّيّة فهي من أرض العشر، وما كان من أرض السواد مما لا يبلغه الماء فاستحياه رجل واستخرجه بأمر السلطان فهي من أرض العشر، وما كان من ذلك يبلغه الماء فهو أرض الخراج. قلت: أرأيت قوماً من أهل الحرب أسلموا في دارهم (¬3) أيكون أرضهم من أرض العشر؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأنهم أسلموا عليها، ولم يفتح المسلمون بلادهم فيكون فيئاً، فأرضهم من أرض العشر. قلت: فكل أرض تكون في اليمن (¬4) والحجاز وتِهَامة والبَرِّيّة أتجعلها (¬5) أرض عشر؟ قال: نعم. قلت: وأيما (¬6) أرض (¬7) تجعلها (¬8) من أرض العشر إذا جاء العاشر (¬9) يأخذ عشر الأرض فقال صاحبها: قد أديته، وحلف على ذلك، أيقبل منه ويكف عنه؟ قال: لا، ولكن يأخذ منه العشر. قلت: لم؟ قال: لأن هذا مما يأخذ السلطان، وهو بمنزلة الصدقة صدقة الإبل والبقر والغنم. ¬

_ (¬1) قَصَب الذَّرِيرَة ضَرْب من القَصَب متقارب العُقَد يتكسّر شظايا كثيرة، وأنبوبه مملوء مِن مِثل نسج العنكبوت، وفي مَضغه حَرَافة، ومسحوقه عِطْر إلى الصفرة والبياض. انظر: المغرب، "قصب". (¬2) ك م ق ط: قال أما في. والتصحيح من ج ر. (¬3) ق: في دراهم. (¬4) ق: يكون في التمن. (¬5) ق: أيجعلها. (¬6) م ق: وانما. (¬7) م ق - أرض. (¬8) ق: جعلها. (¬9) م - العاشر.

قلت:. أرأيت رجلاً أعطى عشر أرضه وزكاته وزكاة إبله وبقره وغنمه صنفاً واحداً من المساكين والفقراء، أيسعه (¬1) ذلك فيما بينه وبين الله تعالى؟ قال: نعم. محمد عن أبي يوسف قال: حدثنا الحسن بن عمارة عن المنهال عن شقيق عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه أُتي بصدقة، فبعث بها إلى أهل بيت واحد (¬2). محمد عن أبي يوسف قال: حدثنا الحسن بن عمارة عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس - رضي الله عنهما - مثله (¬3). محمد عن أبي يوسف قال: حدثنا الحسن بن عمارة عن المنهال بن عمرو عن زر بن حبيش عن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنهما - مثله (¬4). قلت: أرأيت إن وضع ذلك في الفقراء ولم يأت به السلطان أيسعه ذلك فيما بينه وبين الله تعالى؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن عجل زكاة ماله لسنتين أيسعه ذلك فيما بينه وبين الله تعالى؟ قال: نعم، ولا يجزيه إن أعطى عشر أرضه لسنتين مستقبلة وإن كان نخل وشجر، كما لا يجزيه زكاة ماله قبل أن يكتسب. قلت: أرأيت إن لم يخرج (¬5) من أرضه شيء وقد أعطى زكاتها، أو إن أعطى زكاتها عن صنف (¬6) وزرع غير الذي أعطى زكاته؟ قال: لا يجزيه، وإن كان زرع الأرض فلا بأس أن يعجل (¬7) عشره قبل أن يدرك بعد أن (¬8) يخرج لسنته تلك، ولا يجزى أن يعجل لسنين؛ لأنه لا يدري هل يزرع ذلك من قابل أم ¬

_ (¬1) ك: يسعه. (¬2) م: واحده. وانظر: الخراج لأبي يوسف، 88. وروي عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال: إذا أعطيتم فأغنوا، يعني من الصدقة. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 403. (¬3) الخراج لأبي يوسف، 88. (¬4) الخراج لأبي يوسف، 88. (¬5) ق: لم يجرج. (¬6) م: عن صيف. (¬7) ك: ان تعجل. (¬8) ق: وان.

لا، فأما إذا أعطاها (¬1) وقد زرع فإنه يجزيه لزرعه ذلك، ولا يجزيه للنخل والشجر إلا أن يكون قد خرج الثمر وإن لم يبلغ. قلت: أفيعطي منها ذوي قرابة له وهم فقراء؟ قال: نعم. قلت: فإن أعطى منها أخاه أو أخته أو ذا رحم (¬2) محرم من رضاع أو نسب أجزاه ذلك؟ قال: نعم (¬3) ما خلا الوالد والولد (¬4) والأم، فإنه لا يعطيهم من زكاة ماله ولا من عشر أرضه. قلت: أرأيت إن أعطى زكاة ماله أمه أو أباه أو ولده أو ولد ولده أو امرأته هل يجزيه ذلك من زكاة ماله ومن عشر أرضه؟ قال: لا. قلت: فإن أعطى منها جدته من قبل أمه أو من قبل أبيه (¬5) أو ابنته أو ابنة ابنته أو ابن ابنته أو عبده أو مدبره أو أم ولده؟ قال: لا يعطي أحداً من هؤلاء من زكاة ماله. قلت: فإن أعطاهم؟ قال: لا يجزيه من زكاته ولا من عشر أرضه. قلت: فهل يجزي من أعطى سوى هؤلاء من ذوي الرحم المحرم إذا كانوا محتاجين؟ قال: نعم. بلغنا عن إبراهيم أنه قال: لا يعطي من الزكاة يهودياً ولا نصرانياً ولا مجوسياً، ولا يعطي الرجل امرأته، ولا تعطي (¬6) المرأة زوجها من زكاتها؛ لأنه يجبر على أن ينفق عليها (¬7). وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا بأس بأن تعطي (¬8) المرأة زوجها من زكاتها. لأنها لا تجبر على أن تنفق عليه. قال: وكذلك بلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬9). قلت: فإن أعطى منها غنياً (¬10) وهو لا ¬

_ (¬1) م: إذا ما أعطاها. (¬2) ك: أو ذوي رحم. (¬3) ك - قلت فإن أعطى منها أخاه أو أخته أو ذوي رحم محرم من رضاع أو نسب أجزاه ذلك قال نعم، صح هـ. (¬4) ك ق: الولد والوالد. (¬5) م - أو من قبل أبيه. (¬6) ق: يعطي. (¬7) تقدم قريباً بسنده. وبعضه في المصنف لعبد الرزاق، 4/ 112؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 402. (¬8) ق: يعطي. (¬9) صحيح البخاري، الزكاة، 48؛ وصحيح مسلم، الزكاة، 45؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 402. (¬10) ق: عنبا.

يعلم؟ قال: يجزيه. وهو قول أبي حنيفة ومحمد إذا سأله فأعطاه. وقال أبو يوسف: لا يجزيه إذا علم بعد ذلك. قلت: فإن أعطى أحداً (¬1) من جميع هؤلاء الذين (¬2) ذكرت لك وهو لا يعرفه وإنما سأله فأعطاه؟ قال: يجزيه في ذلك كله إلا في عبده أو أمته أو مدبره أو مكاتبه (¬3) أو أم ولده، فإن هؤلاء ماله، فلا يجزيه. قلت: ولم لا يجزيه إن أعطى أحداً من هؤلاء وهو لا يعلم؟ قال: لأن هؤلاء كلهم ماله، فلذلك (¬4) لا يجزي. قلت: أرأيت الرجل يعطي الرجل من الزكاة وله دار أو مسكن وخادم هل يجزيه في قول أبي حنيفة ومحمد ذلك؟ قال: نعم. بلغنا عن إبراهيم أنه قال: يعطى من الزكاة من له دار وخادم (¬5). قلت: وهل يعطي الرجل من زكاته رجلاً واحداً مائتي درهم وليس له عيال؟ قال: أكره له ذلك. قلت: فإن أعطاه مائتي درهم وهو محتاج أيجزيه ذلك من زكاته؟ قال: نعم، يجزيه، وأكره له أن يبلغ به مائتين إذا لم يكن له عيال أو لم يكن عليه دين. قلت: أرأيت الرجل يسأله (¬6) الرجل الغني وهو لا يعلم ما هو فيعطيه من الزكاة، أو يسأله الرجل من أهل الحرب فيعطيه وهو لا يعلم، ثم علم (¬7) به بعد ذلك، هل يجزيه ذلك؟ قال: نعم في قول أبي حنيفة. وهو قول محمد. قلت: أرأيت الرجل من أهل الكوفة له مال يتّجر فيه فتحل (¬8) فيه الزكاة أيعطيها بالكوفة أو ببلد غيرها؟ قال: بل يعطيها بالكوفة، وأكره له أن يعطيها بغير الكوفة. قلت: وكذلك كل رجل من أهل بلاد حلت (¬9) عليه ¬

_ (¬1) م - أحدا، صح هـ. (¬2) م: الذي. (¬3) ك م ق: أو مدبرته أو مكاتبته. وسقطت العبارة من نسختي ج ر. والتصحيح من ط، ولم يشر الأفغاني إلى اختلاف النسخ. (¬4) ق: فكذلك. (¬5) تقدم تخريجه. (¬6) ق: يسله. (¬7) م: فعلم. (¬8) ق: فيحل. (¬9) م: حلب.

الزكاة في بلد يعطيها أهل بلاده؟ قال: نعم. قلت: فإن أعطاها غيرهم (¬1) متعمداً لذلك خرج بها حتى أعطاها أو بعث بها؟ قال: يجزيه، وأكره له ذلك. قلت: أرأيت الرجل يكون له المال غائباً عنه فيحتاج أيحل له أن يقبل الصدقة؟ قال: نعم. قلت: ولا يجب عليه في ماله ذلك الغائب الصدقة؟ قال: لا، حتى يرجع إليه. قلت: أرأيت الرجل يكون له على الرجل الدين فيتصدق به عليه ويحسب ذلك من زكاته أيجزيه ذلك من زكاته؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه لم يقبضه منه بعد. قلت: فإن تصدق به على آخر وأمره أن يقبضه منه فقبضه، أيجزيه من زكاته ويحسب له؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يتصدق عن الرجل (¬2) بدراهم من زكاة ماله ولم يأمره ثم علم بعد ذلك فرضي به؟ قال: لا يجزيه من زكاته. قلت: ولم؟ قال: لأنه لم يأمره بذلك. قلت: فإن أمره بذلك فتصدق به بعدما أمره أيجزيه من زكاته؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يكون له عند الرجل طعام فيحول عليه الحول، وهو للتجارة وليس له مال غيره، وهو يساوي مائتي درهم، فمكث بعد ذلك أشهراً، فأخذه صاحبه وهو يساوي مائة درهم، وهو مائتا قَفِيز (¬3) حنطة؟ قال: يعطي منه خمسة أَقْفِزَة زكاته. قلت: فإن كان إنما يساوي خمسة أَقْفِزَة اليوم درهمين ونصفاً؟ قال: وإن كان؛ لأنه ربع عشره. قلت: أرأيت الرجل إن أكل الطعام ولم يزكه، ثم جاءك يستفتيك، وإنما قيمته يوم أخذه وأكله مائة درهم، ماذا عليه؟ قال: عليه خمسة دراهم. قلت: ولم؟ قال: لأنه حال عليه الحول وهو يساوي مائتي درهم. وهذا قول أبي حنيفة. ¬

_ (¬1) ك م ق: غيرهما؛ ط: غيرها. وسقطت العبارة من ج ر. (¬2) ق: على الرجل. (¬3) القفيز ثمانية مكاكيك، والمَكُّوك صاع ونصف. انظر: المغرب، "قفز، كرر". فالقفيز إذن اثنا عشر صاعاً.

باب العشر في الخلايا

وقال أبو يوسف: أما أنا فأرى عليه درهمين ونصفاً. وهذا قول محمد. قلت: أرأيت الرجل التاجر يمر على العاشر بالطعام فيقول: هذا الطعام من زرعي (¬1)، ويحلف على ذلك، أيقبل منه ويكف عنه؟ قال: نعم. ... باب العشر في الخلايا (¬2) محمد عن أبي يوسف عن عبد الله بن محرز عن الزهري قال: جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في النحل (¬3) العشر (¬4). قال: وبلغنا عن عمر بن الخطاب أن أقواماً كانت لهم خلايا في الجاهلية، فطلبوها إلى أميرهم في زمن عمر، فقالوا (¬5): احمه (¬6) لنا (¬7)، فكتب إلى عمر، فكتب (¬8) إليه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن احمه لهم، وخذ منهم العشر (¬9). قلت: وما الخلايا؟ قال: النحل (¬10). قلت: أرأيت إذا كان لرجل نحل (¬11) في أرض من (¬12) أرض العرب ¬

_ (¬1) أي: أنه أدى الواجب عند حصاد الزرع. (¬2) الخلايا جمع الخَلِيّة، وهي بيت النحل التي تُعَسِّل فيه. انظر: المغرب، "خلو". (¬3) ق: في النخل. (¬4) تقدم تخريجه. (¬5) ك م ط: فقال. والسياق يقتضي الجمع. ويمكن أن يقال "فقال" أي الأمير، لكنه بعيد. وقد سقطت العبارة من ج ر. (¬6) ق: احميه. (¬7) م: انا؛ ق: النا. (¬8) ق - فكتب. (¬9) المصنف لعبد الرزاق، 4/ 62؛ وسنن أبي داود، الزكاة، 13؛ وسنن الترمذي، الزكاة، 9؛ وسنن النسائي، الزكاة، 29. (¬10) م ق: النخل. وهذا مجاز عن بيوت النحل. (¬11) م: نخل. (¬12) ق - أرض من.

مما يكون فيه العشر هل يكون فيما استخرج من عسلها العشر؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان العسل قليلاً أو كثيراً (¬1) أيجب فيه العشر فيما كان من ذلك؟ قال: نعم في قول أبي حنيفة. وقال محمد: ليس فيما دون خمسة أوسق من العسل عشر. قلت: أرأيت النحل إذا كان في أرض رجل مسلم والأرض أرض خراج هل يكون فيه عشر؟ قال: لا. قلت: وكذلك إن كان في أرض ذمي؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان في أرض رجل من بني تغلب كم يؤخذ من ذلك؟ قال: عُشْران. قلت: أرأيت إن كان ذلك (¬2) في أرض لمكاتب قد اشتراها وهي من أرض العشر هل يكون في ذلك عشر؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن كانت أرض صبي أو معتوه مغلوب؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان هذا في أرض رجل من المسلمين وهي من أرض العشر وعليه دين كثير هل يؤخذ منه العشر من ذلك؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن هذا ليس بمنزلة الزكاة؛ ألا ترى أن الرجل إذا كانت له أرض من أرض العشر وعليه دين كثير (¬3) كان عليه العشر فيما أخرجت الأرض، فكذلك (¬4) هذا. قلت: أفرأيت (¬5) إن كان ذلك العسل في أرض من أرض العشر فكان يكون ذلك في السنة مرتين أو ثلاثاً، هل يؤخذ (¬6) عشر ذلك كله؟ قال: نعم. قلت: أفرأيت النحل إذ كانت في الجبال أو في أرض ليست لأحد أرض فلاة، فأصاب رجل من المسلمين شيئاً من عسلها، هل يكون فيه ¬

_ (¬1) ق: قليل أو كثير. (¬2) م: ذلك إن كان. (¬3) م - هل يؤخذ منه العشر من ذلك قال نعم قلت ولم قال لأن هذا ليس بمنزلة الزكاة ألا ترى أن الرجل إذا كانت له أرض من أرض العشر وعليه دين كثير. (¬4) م: وكذلك. (¬5) م: أرأيت. (¬6) م + عليه.

باب عشر الأرض

عشر؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً في أرضه نحل والأرض من أرض العشر، وصاحب الأرض لا يعلم، فجاء رجل فأصاب ذلك، ما القول في ذلك كله؟ قال: ذلك كله لصاحب الأرض، وفيه العشر، ولا يكون للذي أصابه منه شيء. قلت: ولم؟ قال: لأنه في أرضه، فما كان فيها من شيء فهو لصاحبها. قلت: وإن كان صاحبها لم يتخذ ذلك؟ قال: وإن. قلت: أرأيت رجلاً دخل أرض الحرب بأمان فأصاب (¬1) شيئاً من ذلك في جبالها فأخرجه إلى دار الإسلام، هل يجب عليه في ذلك عشر؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه أصابه في أرض الحرب. قلت: أرأيت جيشاً من المسلمين دخلوا أرض الحرب فأصاب رجل منهم شيئاً من ذلك، هل يحل له أكله؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن أخرج شيئاً منه (¬2) من المغنم هل يقسم كما يقسم سائر المغانم؟ (¬3) قال: نعم. ... باب عشر الأرض قال: بلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "العشر فيما سقت السماء أو سُقِيَ سَيْحاً، ونصف العشر فيما سقي بسَوَاني" (¬4). قلت: أرأيت ما سقي بدَالِيَة أو نحوها أهو بمنزلة السَّانِية؟ (¬5) قال: نعم، وفيه نصف العشر. وكل أرض من أرض العشر سقته السماء أو سُقِيَ سَيْحًا ففيه العشر، وكل شيء سقي من ذلك بدالية أو سانية أو نحوها ففيه نصف العشر. محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أن في كل شيء أخرجت ¬

_ (¬1) ق: فأضاب. (¬2) م: منه شيئاً. (¬3) م: الغنم؛ ق: المغنم. (¬4) تقدم تخريجه قريباً. (¬5) تقدم تفسيرها.

الأرض العشر ونصف العشر (¬1). قلت: أرأيت الأرض (¬2) التي يجب فيها العشر ما هي؟ قال: كل أرض من أرض العرب (¬3) ما لم يُوجِف المسلمون عليها، وكل أرض من أرض الجبال مما استخرجه الرجل مما لا يبلغه الماء من الأنهار العظام من نحو الفرات ونحوها من الأنهار (¬4)، فأما ما استخرج (¬5) من ذلك مما لا يبلغه الماء ففيها العشر، وأما ما سوى ذلك من أرض الجبل والسواد مما أَوْجَفَ المسلمون عليها ففيها الخراج. قلت: أرأيت أرضاً من أرض العشر خرج منها طعام كثير فباعه قبل أن يؤدي عشره، فجاء صاحب العشر والطعام عند المشتري، هل للمصدق أن يأخذ من المشتري عشر الطعام وهو قائم بعينه في يده؟ قال: نعم إن شاء. قلت: فهل يرجع المشتري على البائع بعشر الثمن؟ قال: نعم. قلت: وإن شاء المصدق أخذ من البائع وترك المشتري؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً باع أرضاً من أرض العشر وفيها زرع قد أدرك، على من عشرها وقد باع الزرع مع الأرض، أعلى المشتري أو على البائع؟ قال: عشر الزرع على البائع. قلت: لم؟ قال: لأن البائع باعه بعدما وجب فيها العشر. قلت: أرأيت إن باعها والزرع بَقْل على من العشر، عشر الزرع إذا ما حصد؟ قال: على المشتري. قلت: ولم؟ قال: لأنه باعه قبل أن يبلغ. قلت: أرأيت إن باع الزرع وهو قَصِيل (¬6) فقصله المشتري أيكون على البائع العشر في الثمن؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن البائع قد أخذ له ثمناً وقصله (¬7) قبل أن يبلغ. قلت: أرأيت إن باع الزرع وهو بَقْل ثم أذن البائع للمشتري أن يترك ذلك في أرضه، فتركه حتى استحصد ¬

_ (¬1) الآثار لمحمد، 55؛ والحجة له، 1/ 498. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 90؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 371، 372؛ وشرح معاني الآثار للطحاوي، 2/ 37. (¬2) ق - الأرض. (¬3) ك: الغرب. (¬4) م + العظام. (¬5) ق: ما استخرجه. (¬6) تقدم تفسيره. (¬7) م: وقصيله.

فحصده، على من العشر؟ قال: على (¬1) المشتري؛ لأنه هو الذي حصد. قلت: وكذلك كل شيء من الثمار وغيرها فيما فيه العشر باعه صاحبه قبل أن يبلغ في أول ما يطلع، ثم تركه المشتري حتى يبلغ بإذن البائع، ثم يكون عشر ذلك على المشتري؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً اشترى أرضاً من أرض العشر للتجارة فزرعها أعليه الزكاة للتجارة (¬2) أو عشر الأرض؟ قال: ليس (¬3) عليه زكاة للتجارة، وإنما عليه عشر ما أخرجت الأرض. قلت: ولم؟ قال: لأنه إذا اشترى أرضاً من أرض العشر سقطت عنه الزكاة، ولا تجتمع الزكاة والعشر في أرض واحدة. قلت: وكذلك لو اشترى أرضاً من أرض الخراج للتجارة؟ قال: نعم يكون عليه الخراج ولا يكون عليه الزكاة فيها، ولا يجتمع خراج وزكاة ولا زكاة وعشر في أرض واحدة. قلت: أرأيت الرجل يموت وله أرض من أرض العشر، وقد أدركت غلتها (¬4) ووجب فيها العشر، أيؤخذ منها العشر؟ قال: نعم. قلت: ولم وصاحبها قد مات وصارت لغيره؟ قال: وإن. قلت: أرأيت الرجل تكون له الأرض من أرض العشر وفيها رَطْبَة (¬5)، وهي تُقْطَع كل أربعين ليلة، أيؤخذ منها العشر كلما قطعت؟ قال: نعم في قول أبي حنيفة. قلت: ولم؟ قال: لأن العشر في كل ما خرج منها. هذا قول أبي حنيفة. قلت: أرأيت الرجل له أرض من أرض العشر فيزرعها ويحصد زرعها قبل أن تمضي (¬6) ستة أشهر أيؤخذ منه العشر؟ قال: نعم. قلت: فإن زرع فيها بقلاً أو بطيخاً أو خياراً أو قثاءً أو حبوباً أو نحو ذلك أو قرعًا هل يجب في شيء من هذا العشر؟ قال: نعم، يؤخذ العشر من ¬

_ (¬1) م - العشر قال على، صح هـ. (¬2) ق: للتجاه. (¬3) ك - ليس، صح هـ. (¬4) م: عليها. (¬5) نوع من العلف. انظر: المغرب، "رطب". (¬6) ق: أن يمضي.

هذا كله (¬1). وهذا كله قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: ليس في الخُضَر (¬2) التي ليست لها ثمرة باقية عشر، نحو الرَّطْبَة والبقول كلها والبطيخ والقثاء وما أشبه ذلك. قلت: أرأيت العنب يبيعه عنباً، وربما باعه (¬3) بأكثر من قيمته وربما باعه بأقل، والأرض من أرض العشر، هل يؤخذ منه عشر الثمن إن باعه / [1/ 130 ظ] عصيراً أو عنباً بأقل من قيمته أو أكثر إذا لم يكن شيئاً حابى فيه وعرف ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يكون له النخل (¬4) فيصيب من غلته (¬5) غلة عظيمة ما يجب فيه؟ قال: إن كانت أرض خراج فليس فيه شيء، وإن كان ذلك في أرض العشر ففيه العشر. قلت: ولم لا يكون فيه إذا كان في أرض الخراج؟ قال: لأنه بلغنا عن عمر أنه لم يضع في النخل (¬6) شيئاً نخل (¬7) السواد، قال: لا تأخذوا (¬8) من النخل (¬9) شيئاً ولا من الشجر (¬10). قلت: فكيف تقول في الأرض؟ قال: يمسح (¬11) أرضاً بيضاء فيوضع (¬12) عليها الخراج كما يوضع على المزارع، قفيز ودرهم على كل جَرِيب. ¬

_ (¬1) م - كله. (¬2) الخُضَر جمع خضرة، وهي في الأصل لون الأخضر فسُمِّيَ به، ولذا جُمِع. وهي بمعنى الخَضْرَوات، بفتح الخاء لا غير. وهي الفواكه كالتفاح والكمثرى وغيرهما أو البقول كالكراث ونحوها. انظر: المغرب، "خضر". (¬3) م: اباعه. (¬4) م ط: النحل. (¬5) م: من عليه. (¬6) م ق ط: في النحل. (¬7) م ق ط: نحل. (¬8) م: لا يأخذوا. (¬9) م ق ط: من النحل. (¬10) أي: جعله تبعاً للأرض ولم يأخذ من نفس النخل شيئاً. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 430؛ 6/ 435. (¬11) أي تقاس مساحة الأرض. (¬12) ق: فوضع.

قلت: أرأيت الرجل الذي تكون له الأرض وفيها عين يخرج منها القِير والنِّفْط (¬1) والملح وأرضه من أرض الخراج ما عليه؟ قال: عليه خراج أرضه، وليس عليه في هذا شيء. قلت: أرأيت لو كان هذا (¬2) في أرض عشر هل فيه شيء؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن هذا ليس بثمر (¬3). قلت: أرأيت الرجل تكون له أرض من أرض العشر فتنبت (¬4) فيها الطَّرْفَاء أو القَصَب الفارسي (¬5) أو غيره هل فيه شيء؟ قال: لا. قلت: ولى؟ قال: لأن هذا حطب. قلت: وكذلك (¬6) الحشيش والشجر الذي ليس له ثمرة مثل السَّممُر (¬7) وشبهه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرياحين كلها والبقول والرِّطاب القليل من ذلك والكثير فيه العشر ونصف العشر؟ قال: نعم في قول أبي حنيفة. قلت: أرأيت الوَسِمَة هل فيها عشر إذا كانت في أرض العشر؟ قال: نعم في قول أبي حنيفة. [قلت]: وكذلك الزعفران والورد؟ قال: نعم. قلت: وكذلك قصب السكر؟ قال: نعم. قلت: ولم وهو قصب؟ قال: لأنه بمنزلة الثمرة (¬8). وهذا كله قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: ليس في شيء من هذا زكاة إلا فيما كان له ثمرة باقية، وحتى يكون الثمر الباقي خمسة أوسق فصاعداً، والوسق ستون صاعاً. فأما الزعفران ونحوه مما يوزن (¬9) فإنه إذا خرج منه ما يساوي خمسة أوسق أدنى ما يكون من قيمته الأوسق ففيه العشر. وهو قول أبي يوسف. وقال محمد: القصب الذي يكون منه السُّكَّر إذا كان في أرض العشر فهو بمنزلة الزعفران. وقال محمد: ليس في الزعفران حتى يكون (¬10) خمسة أَمْنَاء (¬11). ¬

_ (¬1) تقدم تفسيرهما. (¬2) ك - هذا. (¬3) ق: بتمر. (¬4) ك ق: فينبت. (¬5) ق: الفاري. (¬6) ق: وكذا. (¬7) م: الثمر. (¬8) ق: التمره؛ ق + كلها. (¬9) ق: يوذن. (¬10) ق: تكون. (¬11) أمناء جمع مَنَا ومَنَاة، وهو كيل مقداره رطلان. انظر: لسان العرب، "منن، منو".

قلت: أرأيت الحنطة والحُلْبَة (¬1) والشعير والتين والزيتون والزبيب والذرة والسمسم والأرز وجميع الحبوب فعليه العشر (¬2) إذا كان في أرض العشر؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يكون عليه الدين يحيط بقيمة أرضه هل عليه عشر فيما خرج من أرضه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المكاتب إذا كانت له أرض العشر هل يجب (¬3) عليه فيها العشر؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الصبي والمرأة والمجنون والمعتوه الذي (¬4) لا يفيق؟ قال: نعم، كل هذا سواء، وفي أرضهم العشر. قلت: أرأيت إن كانت أرض في يدي عبد مأذون له في التجارة وقد اشتراها هل يؤخذ منه عشر ما خرج منها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل له أرض يؤدي فيها الخراج هل عليه فيها شيء؟ قال: لا، ولا يجتمع (¬5) العشر والخراج جميعاً في أرض. قلت: أرأيت الرجل يستأجر أرضاً من أرض العشر فيزرعها على من عشر ما يخرج منها؟ قال: على رب الأرض، وليس على المستأجر (¬6) شيء. قلت: أرأيت إن كان آجرها (¬7) بخمسين درهماً وأخرجت الأرض مائتي كُرّ كان عليه عشر ذلك كله؟ قال: نعم. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: العشر على ما أخرجت الأرض، وليس على المؤاجر (¬8) شيء. قلت: أرأيت إن كان منحها إياه مِنْحَة أو أطعمها إياه طُعْمَة (¬9) على من ¬

_ (¬1) م: والحلية. الحلبة نَبْتَة لها حب أصفر يُتعالَج به وُيبَيَّت فيؤكل. انظر: لسان العرب، "حلب". وذكر في كتاب العشر أن الحلبة لا عشر فيها، لأنها من الأدوية. ولعل المقصود أنه إذا أشغل أرضه بزراعة الحلبة فإن فيها العشر كما ذكره الحصكفي، وإلا فلا. انظر: الدر المختار، 2/ 327. (¬2) ق: العشير. (¬3) م - يجب. (¬4) م: والذي. (¬5) م: ولا يجمع. (¬6) ق: على المستاخر. (¬7) ق: احرها. (¬8) ق: على المواخر. (¬9) الطعمة هي الرزق. انظر: المغرب، "طعم".

عشرها؟ قال: على الذي زرعها، وليس على رب الأرض شيء. قلت: ولم؟ قال: لأنه لم يأخذ لها أجراً. قلت: أرأيت المسلم يشتري من الذمي أرضاً من أرض الخراج أيجب عليه فيها العشر؟ قال: لا، ولكن عليه (¬1) الخراج. وبلغنا ذلك عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - (¬2). قلت: أرأيت ذمياً اشْترى أرضاً من أرض العشر أيجب عليه فيها العشر؟ قال: لا، ولكن عليه الخراج في قول أبي حنيفة. قلت: ولم؟ قال: لأنه لا يكون على الكافر عشر. قلت: أرأيت إن جاء رجل مسلم بعد ذلك فأخذها بالشفعة ما عليه فيها؟ قال: عليه العشر. قلت: ولم وقد جعلت عليه الخراج؟ قال: لأن المسلم قد أخذها بحق قد كان وجب له فيها قبل ذلك. وقال أبو يوسف: إذا اشترى الذمي أرضاً من أرض العشر جعلت عليه العشر مضاعفاً كما أجعل عليه في ماله (¬3). وقال محمد بن الحسن: يكون على الكافر عشر واحد على حاله لا يزاد عليه. قلت: أرأيت المسلم إذا باع أرضاً من أرض العشر من ذمي وهو فيها بالخيار، أو الذمي بالخيار، أو باعها بيعًا فاسداً فيردها الذمي عليه، ما على البائع فيها؟ قال: العشر. قلت: أرأيت ذمياً جعل داراً له بستاناً أيجب عليه فيها شيء؟ قال: نعم، عليه (¬4) فيها الخراج، وليس في هذا العشر. قلت: أرأيت نصرانياً من بني تغلب له أرض من أرض العشر اشتراها من المسلم ما عليه فيها؟ قال: عليه (¬5) فيها عُشران، فإذا كانت تَشرب سَيْحاً أو تسقيها (¬6) السماء فعليه فيها الخمس، وإن كانت تشرب بغَرْب أو دَالِيَة أو سَانِيَة فعليه فيها العشر. قلت: وتضاعفها (¬7) عليهم كما تضاعف (¬8) في أموالهم؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال (¬9): لأن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ¬

_ (¬1) ك ق: قال لا وعليه. (¬2) المصنف لعبد الرزاق، 6/ 102. (¬3) ك: على حاله. (¬4) ك - عليه. (¬5) ق + عليه. (¬6) ق: أو يسقيها. (¬7) ق: ويضاعفها. (¬8) ق: يضاعف. (¬9) ق - قال.

ضاعف عليهم في أموالهم (¬1). قلت: أرأيت إن باعها بعد ذلك من مسلم أو أسلم هو ما عليه؟ قال: عُشران. وهذا كله قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: أما أنا فأرى عليه عشرًا واحداً (¬2)؛ لأني أضاعف عليهم ما داموا ذمة، فإذا أسلموا أسقطت ذلك عنهم وكان عليه ما على المسلمين. وهو قول محمد. قلت: أرأيت العبد النصراني أعتقه رجل من نصارى بني تغلب فيشتري أرضاً من أرض العشر ما عليه فيها؟ قال: عليه فيها الخراج، ولا ينزل فيها بمنزلة مولاه. قلت: ولم؟ قال: لا (¬3) يكون أعظم حرمة من مولى (¬4) المسلم لو أعتق المسلم (¬5) عبداً نصرانيأ، ولو أن مسلماً فعل ذلك بعبد له (¬6) نصراني كان عليه الخراج وكان في أرضه الخراج، وإن كان له إبل أو غنم أو بقر (¬7) لم يكن عليه فيها شيء، فكذلك عبد التغلَبي إذا أعتقه. قلت: أرأيت ما كان في أرض العشر من قَصَب الذَّرِيرَة (¬8) هل عليه فيه عشر؟ قال: نعم في قول أبي حنيفة. قلت: ولم؟ قال (¬9): لأنه بمنزلة الرياحين. قلت: أرأيت أرض (¬10) العشر ما هي وأين تكون؟ قال: ما كان في يدي العرب بالحجاز أو البَرِّيّة من أرض العرب فهو من أرض العشر، وما كان من أرض السواد والجَبَل ما لا يبلغه الماء فجاء رجل فأحياه فاستخرجه (¬11) فهو من أرض العشر، وما كان من ذلك مما يبلغه الماء فهو من أرض الخراج. ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه. (¬2) م ق: عشر واحد. (¬3) ق - لا. (¬4) ك: من موالي. (¬5) ك - المسلم. (¬6) م - له. (¬7) ق: أو بقر أو غنم. (¬8) تقدم تفسيرهـ. (¬9) م - قال. (¬10) م - أرض. (¬11) ق: فاستخرخه.

وقد بلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من أحيا أرضاً مواتاً فهي له" (¬1). قلت: وتكون (¬2) له رقبتها؟ قال: نعم إن أقطعها إياه الإمام في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا أحياها فهي له، أقطعه إياها الإمام أو لم يقطعه. قلت: أرأيت قوماً من أهل الحرب (¬3) أسلموا على دارهم أتكون (¬4) أرضهم من أرض العشر؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنهم أسلموا عليها، فصارت في ذلك بمنزلة أرض العرب، وإنما يجب الخراج فيما أَوْجَفَ عليه (¬5) المسلمون وافتتحوه. قلت: وكل أرض من أرض الحجاز واليمن وتِهامة وما كان في البَرِّيّة في أيدي العرب تجعلها (¬6) أرض العشر لأن أهلها أسلموا عليها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المصدق إذا جاء يأخذ عشر الأرض فقال صاحبها: قد أديته، وحلف على ذلك، أيقبل منه ويكف عنه؟ قال: لا، ولكنه يأخذ منه العشر. قلت: ولم؟ قال: لأن هذا إنما يأخذه السلطان. قلت: فإن أعطاه دون السلطان أيسعه ذلك فيما بينه وبين الله تعالى؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن عجل عشر ما يخرج من أرضه لسنتين أيجزيه ذلك فيما بينه وبين الله تعالى؟ قال: لا. قلت: أرأيت الرجل يعطي عشر أرضه وزكاة إبله أو بقره أو غنمه لصنف واحد من الفقراء أو المساكين (¬7) أيجزيه ذلك؟ قال: نعم، وكذلك بلغنا عن عمر بن الخطاب وعبدالله بن عباس وحذيفة بن اليمان - رضي الله ¬

_ (¬1) وصله الإمام محمد في الموطأ عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه مرسلاً. انظر: الموطأ برواية محمد، 3/ 312. وانظر: الموطأ، الأقضية، 26؛ والخراج لأبي يوسف، 70؛ وصحيح البخاري، الحرث والمزارعة، 15؛ وسنن أبي داود، الخراج، 35 - 37؛ وسنن الترمذي، الأحكام، 38. (¬2) ق: ويكون. (¬3) م - من أهل الحرب؛ صح هـ. (¬4) ق: على دراهم أيكون. (¬5) ك - عليه، صح هـ (¬6) ق: يجعلها. (¬7) ك ق: والمساكين.

عنهم أنهم (¬1) قالوا: يجزيه (¬2). قلت: أرأيت الرجل إذا كانت له أرض من أرض العشر فأعطى عشر ما خرج من أرضه أباه أو أمه أو ابنه أيجزيه ذلك فيما بينه وبين الله تعالى؟ قال: لا. قلت: فإن أعطاه أخاه أو أخته أو ذا رحم محرم غير ولد أو والد أو جد أو جدة أو ولد وولد ولد هل يجزيه ذلك؟ قال: نعم، وهو في ذلك بمنزلة الزكاة. ¬

_ (¬1) ق: أيهم. (¬2) تقدمت هذه الروايات بأسانيد المؤلف.

كتاب ما يوضع فيه الخمس والعشر ولمن يجب

كتاب ما يوضع فيه الخمس والعشر ولمن يجب (¬1) قلت: أرأيت رجلاً أصاب ركازاً هل يسعه فيما بينه وبين الله تعالى أن يتصدق بخمسه على المساكين؟ قال: نعم. قلت: أرأيتا إن اطلع عليه الإمام وعلم ذلك منه أينبغي للإمام أن يمضي له ما صنع؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان صاحب الركاز محتاجاً إلى جميع ذلك هل يسعه فيما بينه وبين الله تعالى أن لا يرفعه إلى الإمام ولا يؤدي خمسه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن أصاب الرجل ركازاً فأعطى الخمس منه أباه أو أمه أو جده أو جدته وهم محتاجون أيجزيه؟ قال: نعم. قلت: ولم وهذا لا يجزي في الزكاة ولا في عشر الأرض؟ قال: ليس هذا بمنزلة الزكاة ولا عشر الأرض. قلت: أرأيت ما جُبي من الخراج إلى بيت المال لمن يجب من المسلمين؟ قال: يجب ذلك لجميع المسلمين، فيعطي الإمام منه أعطيات المقاتلة (¬2) والذرية والنائبة (¬3) إن نابت المسلمين. قلت: ولم؟ قال: لأن هذا مما أوجف عليه المسلمون، وهو لجميعهم. قلت: ولا يضع (¬4) الخراج فيما ¬

_ (¬1) ق + ولمن يجب. (¬2) ق: المقابلة. (¬3) م: والثانية. (¬4) ق: يوضع.

يوضع فيه الزكاة من الفقراء والمساكين؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن الخراج ليس بمنزلة الزكاة، وإنما يوضع الخراج فيمن ذكرت لك. قلت: أرأيت إن احتاج بعض المسلمين وليس في بيت مال المسلمين من الزكاة شيء ولا من الخمس ولا من العشر، أيعطي الإمام ذلك الفقراء والمساكين؟ قال: نعم. قلت: أرأيت ما كان في بيت المال من الزكاة ومن الخمس ما أوجف المسلمون عليه (¬1) من العدو أو من أرض العشر فسبيل ذلك كله واحد للفقراء والمساكين؟ قال: نعم. قلت: أرأيت ما ذكرت مما يؤخذ من أهل الذمة وأهل الحرب إذا مروا بأموالهم على العاشر ما سبيل ذلك المال وفيما يوضع؟ قال: يوضع موضع الخراج. قلت: أرأيت ما أخذ من أهل البادية من إبلهم وبقرهم وغنمهم في أي شيء يوضع؟ قال: يرد على فقرائهم، على كل قوم ما أخذ من أغنيائهم (¬2) من ذلك، وقد بلغنا عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال: يؤخذ من حواشي أموالهم فيوضع في فقرائهم (¬3). قلت: وكذلك جميع الزكاة يضع الإمام زكاة كل قوم على فقرائهم؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الفطرة سبيلها سبيل الزكاة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن احتاج غيرهم من المسلمين فوضع (¬4) الإمام زكاة غيرهم فيهم أيسعهم ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان كلا الفريقين فيهم فقراء أيهم أحق أن يوضع فيه ذلك؟ قال: فقراء الذين أخذ ذلك منهم. قلت: أرأيت ما يؤخذ من بني تغلب مما ذكرت أنه يضاعف عليهم ما سبيل ذلك الذي يؤخذ منهم؟ قال: سبيله سبيل الخراج؛ لأن عمر بن الخطاب بلغنا عنه أنه ضاعف عليهم في أموالهم مكان الخراج. قلت: أرأيت قول الله تعالى في كتابه: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ ¬

_ (¬1) ق: عليه المسلمون. (¬2) ك ق: من أغنامهم. (¬3) المصنف لابن أبي شيبة، 7/ 436. وهناك حديث مرفوع بمعناه. انظر: صحيح البخاري، الزكاة، 1؛ وصحيح مسلم، الإيمان، 29. (¬4) م: لوضع.

لِلَّهِ خُمُسَهُ} (¬1)، ما بلغك في هذا؟ قال: هذا ما غنم المسلمون من العدو، وفيما غنم العسكر من كل شيء كان خمسه لبيت المال، وما بقي قسم بين الذين أصابوه خاصة دون المسلمين، فيكون للراجل (¬2) منهم سهم، وللفارس سهمان. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: للفارس ثلاثة أسهم، وللراجل (¬3) سهم. قلت: أرأيت قوله تعالى: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} (¬4)، ما تفسير ذلك؟ قال: بلغنا عن عطاء بن أبي رباح أنه كان يقول (¬5): خمس الله والرسول واحد، كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يضعه حيث يشاء في الفقراء والمساكين. فصار ذلك على خمسة أسهم: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ}، فهذا واحد، {وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} (¬6). قلت: أرأيت من يجب له في بيت مال المسلمين حق من هو؟ قال: كل من غزا أخذ عطاءه (¬7) من بيت المال، فأعطاه ذريته من بيت المال، والموالي والعرب في هذا سواء، والأغنياء والفقراء في هذا سواء. قلت: أرأيت من كان غنياً من المسلمين ولا يغزو (¬8) وليس في الديوان، ولا يلي المسلمين (¬9) شيئاً، هل يعطيه الإمام من بيت المال شيئاً؟ قال: لا. قلت: أرأيت المساكين والفقراء، من المسلمين جميعاً عربهم ومواليهم وغير ذلك منهم أيجب له حق في بيت المال؟ قال: نعم، يجب لهم مما في بيت المال من الزكاة، ومن الخمس والعشر، وينبغي للإمام أن يتقي الله في المسلمين فلا (¬10) يدع فقيراً إلا أعطاه حقه من ذلك. قلت: ويعطي الإمام الفقراء من ذلك ما يغنيهم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل إذا كان ¬

_ (¬1) سورة الأنفال، 8/ 41. (¬2) م: للرجل. (¬3) ق: وللرجل. (¬4) دوام الآية السابقة. (¬5) ك + كان. (¬6) الآية هي دوام الآية السابقة. وللأثر انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 6/ 501؛ وتفسير الطبري، 10/ 3؛ وشرح معاني الآثار للطحاوي، 3/ 281. (¬7) ك م ق: عطاوه. (¬8) ك ق: ثم لا يغزو. (¬9) م ق: للمسلمين. (¬10) ك: لا؛ ق: ولا.

محتاجاً وله عيال أيعطيه الإمام ما يغنيه وعياله؟ قال: نعم. قلت: أرأيت قول الله في كتابه: {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} (¬1)، ما يجب لهم في بيت المال؟ قال: يفرض لهم الإمام رزقاً مما يَلِي ويَلُون، ويعطيهم من ذلك (¬2) قدر ما يرى. قلت: أرأيت قوله: {وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ} (¬3)، هل يجب لهم في الزكاة شيء؟ قال: لا، وإنما كان ذلك على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - حين كان يتألف الناس على الإسلام ويعطيهم من ذلك، وأما اليوم فلا. قلت: أرأيت الإمام ما الذي يجب له في بيت المال؟ قال: يجب له من ذلك قدر ما يغنيه (¬4) من العطاء، ويفرض له عطاء من بيت المال، فأما ما سوى ذلك فلا حق له فيه. بلغنا عن أبي بكر - رضي الله عنه - أنه حين (¬5) ولي انطلق بشيء يبيعه، فقال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أين يا خليفة رسول الله؟ فقال: معي شيء (¬6) أبيعه (¬7) أستعين به في نفقتي. فمنعوه وفرضوا له رزقاً من بيت المال (¬8). قلت: أرأيت الأمير إذا استعمل على الجيش فأصابوا غنائم ما يجب لأميرهم من ذلك؟ قال: هو كرجل من الجند. قلت: أرأيت أهل الذمة هل يجب لهم في بيت المال شيء؟ قال: لا. قلت: أرأيت ما أخذ منهم مما يمرون به على العاشر ومن بني تغلب (¬9) هل يرد على فقرائهم؟ قال: لا، ولا يكون لأهل الذمة في بيت المال شيء. قلت: وإن كانوا فقراء؟ قال: لا. قلت: فإن كان أهل الذمة من بني تغلب أو من غيرهم ليس لهم حرفة ولا مال ولا يقدرون على شيء فلا ¬

_ (¬1) سورة التوبة، 9/ 60. (¬2) ق + وأما اليوم فلا. (¬3) انظر الآية السابقة. (¬4) م: ما يعينه. (¬5) ق: حيث. (¬6) م ق + أريد. (¬7) ق: بيعه. (¬8) الطبقات الكبرى لابن سعد، 3/ 184؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 287. (¬9) ق + أو من غير.

يجب لهم شيء ولا شيء عليهم؟ قال: نعم، وإنما يوضع الخراج على رؤوس من أهل الذمة بقدرهم، على المحترف اثنا عشر درهماً، وعلى الرجل الحسن الحال (¬1) منهم الوسط أربعة وعشرون درهماً، وعلى الغني (¬2) منهم المكثر (¬3) ثمانية وأربعون، لا يزاد (¬4) عليهم على ذلك شيء. بلغنا فيه غير حديث (¬5). ¬

_ (¬1) م: الجمال. (¬2) ق: المعنى (مهملة). (¬3) م: المكبر. (¬4) ق: لا يرد. (¬5) ك + كمل كتاب الزكاة يتلوه كتاب الصوم؛ م + كمل كتاب الزكاة والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم؛ ق + كمل كتاب الزكاة الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. والحديث الذي أشار إليه المؤلف موقوف من فعل عمر - رضي الله عنه - في السواد. وقد روي من عدة طرق. انظر: الخراج لأبي يوسف، 38، 39، 41، 138؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 6/ 429؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 447؛ والاستخراج لأحكام الخراج لابن رجب، 16 - 17.

كتاب الصوم

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرّحَيمِ (¬1) كتاب الصوم أبو الحسن محمد بن الحسن قال: قرأت نسخة هذا الكتاب على أبي بكر محمد بن عثمان فقلت له: حدثك أبو جعفر محمد بن سعدان قال: أخبرنا أبو سليمان موسى بن سليمان (¬2) الجوزجاني قال: أخبرنا محمد بن الحسن إلى آخر هذا الكتاب، ثم قلت له: أَرْوِي هذا عنك؟ قال: نعم، وعارضت به أبا سليمان موسى بن سليمان. قال: أخبرنا محمد بن الحسن عن طلحة بن عمرو الموصلي عن مجاهد أنه كان يكره أن يقول الرجل: جاء رمضان، وذهب رمضان، ولكن ليقل: جاء (¬3) شهر رمضان، وذهب شهر رمضان، قال: لا أدري لعل رمضان اسم من أسماء الله تعالى (¬4). ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) ك - موسى بن سليمان. (¬3) ف - جاء. (¬4) تفسير الطبري، 2/ 144. وروى أبو معشر نجيح المدني عن سعيد المقبري عن أبي هريرة مرفوعاً: "لا تقولوا رمضان، فإن رمضان اسم من أسماء الله، ولكن قولوا شهر رمضان". أخرجه ابن عدي في الكامل، وضعفه بأبي معشر. قال البيهقي: قد روي=

قلت: أرأيت رجلاً تسحر (¬1) وهو لا يعلم بطلوع الفجر وقد طلع الفجر، ثم علم بعد ذلك أنه كان أكل والفجر طالع، وذلك في رمضان؟ قال: يتم صوم يومه ذلك، وعليه قضاؤه، ولا كفارة عليه. قلت: فلم ألقيت عنه (¬2) الكفارة؟ قال: لأنه أكل وهو لا يعلم بطلوع الفجر. قلت: فإن أفطر وهو يرى أن الشمس قد غابت ثم تبين له بعد ذلك أنها لم تغب؟ قال: عليه أن يمكث حتى تغيب الشمس ثم يفطر، وعليه قضاء ذلك اليوم، ولا كفارة عليه؛ لأنه ظن أن الشمس قد غابت. أخبرنا محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن عمر بن الخطاب بنحو ذلك (¬3). قلت: أرأيت رجلاً أجنب في شهر رمضان ليلًا فترك الغسل حتى طلع الفجر؟ قال: يتم صومه ذلك، وليس عليه شيء. قال: وبلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يصبح جنباً من غير احتلامٍ، ثم يصوم يومه ذلك، وذلك في شهر رمضان (¬4). قلت: فإن احتلم نهاراً في شهر رمضان؟ قال: فكذلك أيضاً. ¬

_ = عن أبي معشر عن محمد بن كعب، وهو أشبه. وروي عن مجاهد والحسن من طريقين ضعيفين. انظر: الكامل لابن عدي، 7/ 53؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 4/ 101 - 102؛ وفتح الباري لابن حجر، 4/ 113. وقد اختار بعض مشايخ المذهب الكراهة لذلك، لكن الذي عليه عامة المشايخ عدم الكراهة. انظر: المبسوط، 3/ 55. (¬1) ق: يسحر. (¬2) ق: عليه. (¬3) قال الإمام محمد: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم قال: أفطر عمر بن الخطاب وأصحابه في يوم غيم ظنّوا أن الشمس قد غابت، قال: فطلعت الشمس، فقال عمر: ما تعرّضنا لِجَنَف، نُتِمّ هذا اليوم ثم نقضي يوماً مكانه. انظر: الآثار لمحمد، 52. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 180؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 286، 287؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 469. (¬4) وصله الإمام محمد في موطئه، انظر: الموطأ برواية محمد، 2/ 175. وانظر: الموطأ، الصيام، 9 - 12؛ والآثار لأبي يوسف، 181؛ وصحيح البخاري، الصوم، 25؛ وصحيح مسلم، الصيام، 75 - 76؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 480، 490؛ وعقود الجواهر للزبيدي، 1/ 192.

قلت: أرأيت رجلاً ذرعه القيء وهو صائم؟ قال: لا يضره ذلك شيئاً. قلت: فإن كان هو الذي استقاء عمداً؟ قال: فعليه قضاء ذلك اليوم، ولا كفارة عليه. قلت: لم (¬1) وقد تقيأ عمداً؟ قال: إنما الكفارة في الأكل والشرب والجماع. أخبرنا محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن يحيى بن الجزار عن علي - رضي الله عنه - بذلك (¬2). قلت: أرأيت رجلاً احتجم وهو صائم؟ قال: إن فعل ذلك لم يضره شيئاً (¬3). قلت: أفتكره (¬4) له أن يحتجم؟ قال: إن خاف أن يضعفه فأحب إلي أن لا يفعل. محمد عن أبي يوسف عن أبان بن (¬5) أبي (¬6) عياش عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أفطر الحاجم والمحجوم"، قال: فشكا إليه الناس الدم، فرخص للصائم أن يحتجم (¬7). ¬

_ (¬1) ق: ولم. (¬2) روي عن علي قال: من تقيأ فعليه القضاء، وإن ذرعه القيء فلا قضاء عليه. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 4/ 216؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 298. ورواه الإمام محمد عن مالك عن نافع ابن عمر. انظر: الموطأ برواية محمد، 2/ 194. وانظر: الموطأ، الصيام، 47. كما رواه الإمامان أبو يوسف ومحمد عن إبراهيم النخعي. انظر: الآثار لأبي يوسف، 179 ث والآثار لمحمد، 52 - 53. (¬3) م ق: شيء. (¬4) م: أفيكره. (¬5) ك: عن؛ م - بن. (¬6) ك: ابن. (¬7) عن ثابت البناني قال: سئلِ أنس لن مالك - رضي الله عنه -: أكنتم تكرهون الحجامة للصائم؟ قال: لا، إلا مِن أجْل الضَّعْف. وزاد في رواية: على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -. انظر: صحيح البخاري، الصوم، 32؛ وسنن أبي داود، الصوم، 30. وروي عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم بعدما قال: "أفطر الحاجم والمحجوم". انظر: المعجم الأوسط للطبراني، 8/ 38. ولقوله: "أفطر الحاجم والمحجوم" طرق كثيرة جداً. انظر: سنن ابن ماجة، الصيام، 18؛ وسنن أبي داود، الصوم، 29؛ وسنن الترمذي، الصوم، 60. وانظر: جامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 480؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 474؛ والدراية لابن حجر، 1/ 286؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 2/ 193 - 194.

محمد عن أبي حنيفة عن أبي السوار عن أبي حاضر عن عبد الله بن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم وهو صائم محرم بالقَاحَة (¬1). محمد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة عن أبي العطوف عن الزهري أن سعد بن مالك وزيد بن ثابت كانا يحتجمان وهما صائمان (¬2). قلت: أرأيت المرأة تطهر من حيضها في بعض النهار؟ قال: فلتدع الأكل والشرب بقية (¬3) يومها، وعليها قضاء ذلك اليوم والأيام التي كانت فيها حائضاً؛ لأنه لا يحسن بها أن تأكل وتشرب وهي طاهرة والناس صيام. قلت: فإن (¬4) أكلت؟ قال: لا شيء عليها في ذلك. قلت: ولم يكون عليها قضاء ذلك اليوم ولا يكون عليها كفارة؟ قال: لأنها قد كانت في أول النهار مفطرة، الأكل والشرب لها حلال. قلت: أرأيت الصائم هل يقبل أو يباشر؟ قال: نعم إذا كان يأمن على نفسه على ما سوى ذلك. أخبرنا محمد عن أبي حنيفة عن زياد بن علاقة عن عمرو (¬5) ميمون عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقبل وهو صائم (¬6). ¬

_ (¬1) الآثار لمحمد، 62؛ والآثار لأبي يوسف، 115، 178؛ وصحيح البخاري، الصوم، 32؛ وسنن ابن ماجة، الصيام، 18، وسنن أبي داود، الصوم، 30، وسنن الترمذي، الصوم، 61؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 483. والقاحة موضع بين مكة والمدينة. انظر: المغرب، "قوح". (¬2) الموطأ، الصيام، 31؛ والموطأ برواية محمد، 2/ 192؛ والآثار لأبي يوسف، 178؛ والمصنف لعبد الرزاق، 4/ 213؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 481. (¬3) ق: تقيه. (¬4) ق - فإن. (¬5) ق: عن عمر. (¬6) الآثار لمحمد، 52؛ والآثار لأبي يوسف، 177؛ وصحيح البخاري، الصوم، 24؛ وصحيح مسلم، الصيام، 62؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 488.

محمد عن أبي حنيفة عن الهيثم عن عامر عن مسروق عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصيب من وجهها وهو صائم (¬1). قلت: أرأيت رجلاً أسره العدو فالتبست عليه الشهور فلم يدر (¬2) أي شهير رمضان، فتحرى شهراً فصامه، فإذا هو شهر رمضان؟ قال (¬3): تام جائز عنه، وهو بمنزلة من قد علم. قلت: أرأيت إن كان قد مضى شهر رمضان وهو لا يعلم بمضيه ولم يصمه (¬4)، فصام شهراً بعد شهر رمضان ينوي به شهر رمضان، ثم علم بعدُ أن شهر رمضان قد كان مضى؟ قال: يجزي عنه (¬5) صومه من شهر رمضان. قلت: فإن تحرى شهراً فصام قبل شهر رمضان وقبل أن يدخل وقبل أن يجب عليه صيامه؟ قال: لا يجزيه. قلت: فإن مضى شهر رمضان فكل شهر صامه ينوي به صيام شهر رمضان أجزأ عنه؟ قال: نعم. قلت: فإن صام شهر رمضان ينوي به تطوعاً بصيامه وهو لا يعلم أنه شهر رمضان، هل يجزي عنه من شهر رمضان؟ قال: نعم؛ لأنه صام شهر رمضان، ولا يكون شهر رمضان تطوعاً. قلت: فلو أن رجلاً أصبح صائماً في أول يوم من شهر رمضان ولا ينوي أنه من شهر رمضان، ولا يعلم أن ذلك اليوم من شهر رمضان، ونوى بصيامه تطوعاً، ثم علم بعد ذلك أن يومه ذلك كان من رمضان، هل يجزي عنه؟ قال: نعم، وليس عليه قضاء (¬6) ذلك اليوم. قلت: فإن أصبح ينوي الإفطار في أول يوم من شهر رمضان وهو لا يعلم أنه من شهر رمضان، وهو يظن أنه من شعبان، فاستبان (¬7) له قبل انتصاف النهار أنه من شهر رمضان، فصامه، هل يجزي عنه؟ قال: نعم إن لم يكن أكل أو شرب قبل أن يستبين له، فإن كان أكل أو شرب فعليه قضاء ذلك اليوم ولا كفارة عليه. ¬

_ (¬1) الآثار لمحمد، 52؛ والآثار لأبي يوسف، 177؛ والمعجم الصغير للطبراني، 1/ 117؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 493. (¬2) م: فلم يدري. (¬3) م: فصيامه. (¬4) ق: يضمه. (¬5) ك م: عن. (¬6) ق - قضاء. (¬7) ك: فبان.

وإنما سقطت عنه الكفارة لأنه لم ينو أن يكون مفطراً في شهر رمضان، إنما نوى أن يكون مفطراً في شعبان. قلت: فإن علم أن ذلك اليوم من شهر رمضان بعد انتصاف (¬1) النهار؟ قال: فليصم بقية يومه ذلك، وعليه قضاء ذلك اليوم. قلت: فان أصبح في أول يوم من شهر رمضان مفطراً، وهو يرى أنه من شعبان، فأكل وشرب، ثم استبان له بعد ذلك أن يومه ذلك من شهر رمضان، أيدع الطعام بقية يومه؟ قال: نعم، وعليه قضاء ذلك اليوم. قلت: أرأيت إن كان مسافراً في شهر رمضان، فطلع له (¬2) الفجر وهو ينوي أنه مفطر (¬3)، ثم دخل مصره من يومه ذلك بعد الزوال ولم يأكل ولم يشرب، هل يجزيه صيام يومه ذلك؟ قال: لا، لأنه أصبح مفطراً ينوي الإفطار. قلت: فإن أكل أو شرب هل عليه كفارة؟ قال: لا؛ لأنه مفطر (¬4)، غير أني أستقبح له أن يأكل أو يشرب في شهر رمضان والناس صيام وهو مقيم في مصره. قلت: أرأيت رجلاً أصبح صائماً في أول يوم من شهر رمضان، والناس مفطرون لا يعلمون أن ذلك اليوم من شهر رمضان، هل يجزي عنه صوم ذلك اليوم من شهر رمضان؟ (¬5) قال: نعم، وقد أساء حين تقدم جماعة الناس بالصيام. قلت: أرأيت رجلاً أبصر هلال شهر رمضان وحده، ولم يبصره أحد غيره، فرد عليه الإمام شهادته؟ قال: عليه أن يصوم ذلك اليوم ولا يفطر، ولا ينبغي له أن يفطر وقد أبصر الهلال. قلت: فإن أفطر هل عليه الكفارة؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه إذا أفطر على شبهة لم يكن عليه كفارة. قلت: أفيصوم والناس مفطرون؟ قال: نعم؛ لأنه لا يسعه أن يصبح مفطراً وقد استيقن أن يومه ذلك من شهر رمضان. ¬

_ (¬1) م: بعد انتصاب. (¬2) ط: عليه. (¬3) م ق: مفطرا. (¬4) م: مفطرا. (¬5) م - والناس مفطرون لا يعلمون أن ذلك اليوم من شهر رمضان هل يجزي عنه صوم ذلك اليوم من شهر رمضان.

قلت: أرأيت رجلاً قبل امرأته وهو صائم فأنزل؟ قال: عليه أن يتم صومه (¬1) ذلك اليوم، وعليه قضاؤه، ولا كفارة عليه، ولا يكون على المرأة قضاء ولا كفارة إلا أن يكون منها مثل ما كان من الرجل. قلت: وكذلك المرأة إذا رأت في منامها مثل ما يرى الرجل من الحلم (¬2) كان عليها مثل ما على الرجل من الغسل. قال: نعم. محمد قال: حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أن أم سُلَيْم سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فأمرها بالغسل (¬3). محمد عن أبي حنيفة عن سعيد بن المرزبان عن أنس بن مالك قال: سألت أم سُلَيْم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المرأة ترى في منامها مثل ما يرى الرجل، فقال لها: "إذا كان منها مثل ما يكون منه فلتغتسل" (¬4). قلت: أرأيت الرجل يأكل أو يشرب أو يجامع ناسياً لصومه في شهر رمضان؟ قال: عليه أن يتم صوم ذلك اليوم، ولا قضاء عليه. وبلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحو من ذلك في الأكل والشرب خاصة (¬5). قلت: فإن تمضمض رجل في شهر رمضان فسبقه الماء فدخل حلقه؟ قال: عليه قضاء ذلك اليوم إذا كان ذاكراً لصومه، فإن كان ناسياً لصومه فلا شيء عليه. ¬

_ (¬1) ك ق: صوم. (¬2) م: من الحكم. (¬3) الآثار لمحمد، 19 ث والآثار لأبي يوسف، 14؛ وصحيح البخاري، الغسل، 22؛ وصحيح مسلم، الحيض، 29. (¬4) المصادر السابقة. (¬5) قال الإمام محمد: أخبرنا الربيع بين صبيح قال: حدثنا الحسن البصري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كل أحدكم أو شرب ناسيا وهو صائم في شهر رمضان أو غير رمضان فإن الله أطعمه وسقاه، فليمض في صومه". انظر: الحجة على أهل المدينة، 1/ 395. وانظر: صحيح البخاري، الصوم، 26؛ وصحيح مسلم، الصيام، 171؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 445.

محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم بذلك (¬1). قلت: أرأيت رجلاً اسْتَعَطَ (¬2) في شهر رمضان وهو صائم؟ قال: عليه قضاء ذلك اليوم. قلت: فإن اكتحل وهو صائم فوجد طعم الكُحْل في حلقه؟ قال: ليس عليه قضاء ولا كفارة. قلت: من أين اختلفا؟ قال: لأن السَّعُوط يدخل رأسه والكُحْل لا يدخل رأسه، وإنما الذي يوجد منه ريحه، مثل الغبار والدخان يدخل حلقه. قلت: أرأيت رجلاً احْتَقَنَ (¬3) في شهر رمضان أصابه حُصْر؟ (¬4) قال: عليه قضاء ذلك اليوم ولا كفارة عليه. قلت: أرأيت رجلاً طلع له الفجر في شهر رمضان وهو في أهله ثم بدا له أن يسافر هل له أن يفطر؟ قال: لا يفطر ذلك اليوم؛ لأنه خرج من مصره مسافراً وقد طلع له الفجر. قلت: أرأيت رجلاً أصبح صائماً تطوعاً ثم بدا له فأفطر؟ قال: عليه يوم مكان يومه ذلك. قلت: أرأيت رجلاً أُغمي عليه في شهر رمضان (¬5) يوماً فلم يُفِقْ حتى الغد بعد الظهر؟ قال: أما اليوم الذي أُغمي عليه فيه فصيامه تام، وأما اليوم الذي أفاق فيه فعليه قضاؤه. قلت: فإن أُغمي عليه ليلاً في شهر رمضان فلم ¬

_ (¬1) قال الإمام محمد: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال في الرجل يمضمض أو يستنشق وهو صائم فيسبقه الماء فيدخل حلقه، قال: يتم صومه ثم يقضي يوماً مكانه. قال محمد: وبه نأخذ إذ كان ذاكراً لصومه، فإذا كان ناسياً لصومه فلا قضاء عليه، وهو قول أبي حنيفة - رضي الله عنه -. انظر: الآثار لمحمد، 52. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 180؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 322. وعن إبراهيم في الرجل يتمضمض وهو صائم فيدخل الماء حلقه قال: إن كان للمكتوبة فليس عليه قضاء، وإن كان تطوعاً فعليه القضاء. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 4/ 175. (¬2) السَّعُوط الدواء الذي يُصَبّ في الأنف، وأَسْعَطْتُه إياه، واسْتَعَطَ هو بنفسه، ولا يقال: اسْتُعِط مبنياً للمفعول. انظر: المغرب، "سعط". (¬3) احتقن أي تداوى بالحُقْنَة، وهي أن يعطى المريض الدواء من أسفله، وهي معروفة عند الأطباء. انظر: لسان العرب، "حقن". (¬4) الحُصْر بالضم الاحتباس عن الغائط. انظر: المغرب، "حصر". (¬5) ق + وهو في أهله.

يُفِقْ حتى غابت الشمس من بعد الغد؟ (¬1) قال: أما اليوم الأول فليس عليه قضاؤه، وأما اليوم الآخر فعليه قضاؤه. قلت: وكذلك الصلاة؟ قال: أما الصلاة فعليه أن يقضيها إذا أُغمي عليه يوماً وليلة، فإن كان أكثر من يوم وليلة فلا قضاء عليه في الصلاة. قلت: أرأيت رجلاً نظر إلى امرأة في شهر رمضان فأنزل؟ قال: صومه تام جائز، ولا (¬2) قضاء عليه إلا أن يكون مسّ المرأة فأنزل. قلت: أرأيت رجلاً جامع امرأته في شهر رمضان نهاراً متعمداً لذلك؟ قال: عليه أن يتم صوم ذلك اليوم، ويقضي يوماً مكانه، وعليه أن يعتق رقبة، فإن لم يجد رقبة فعليه صيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا. وكذلك جاء الأثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. محمد عن أبي يوسف [عن أبي حنيفة] (¬3) عن عطاء بن أبي رباح عن سعيد بن المسيب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك (¬4). قلت: فكل صيام لم يذكره الله تعالى في كتابه متتابعاً فله أن يفرقه إذا أراد أن يقضيه؟ قال: نعم. [قلت:] (¬5) وما كان في القرآن (¬6) متتابعاً فليس له أن يفرق (¬7) إذا كان يقضيه؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن أكل وشرب في شهر رمضان متعمداً فعليه ما على من جامع من القضاء والكفارة؟ قال: نعم. قلت: وعلى المرأة مثل ذلك إذا هي طاوعته؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) م: بعد الزوال. (¬2) ق - لا. (¬3) جميع النسح - عن أبي حنيفة. والزيادة من الآثار للإمام أبي يوسف، 175، كما قال الأفغاني -رحمه الله-. (¬4) رواه الإمام أبو يوسف بهذا الإسناد. انظر: الآثار له، 175. وانظر: جامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 499. ورواه الإمام محمد عن مالك عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة. انظر: الموطأ، الصيام، 28، 29؛ والموطأ برواية محمد، 2/ 172. وانظر: صحيح البخاري، الصوم، 30؛ وصحيح مسلم، الصيام، 81. (¬5) من ط، ولا بد منه. (¬6) م: من القرآن. (¬7) م: أن يفرقه.

قلت: فإن كان غلبها (¬1) على نفسها فعليها قضاء ذلك اليوم ولا كفارة عليها؟ قال: نعم. قلت: فإن جامعها أياماً في شهر رمضان فإنما عليه كفارة واحدة ما لم يكفر تلك الكفارة؟ قال: نعم. قلت: فإن هو كفر تلك الكفارة ثم عاد؟ قال: فعليه كفارة أخرى أيضاً. قلت: وكذلك الأكل والشرب هو بمنزلة الجماع في كل وجه من ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً جامع امرأته في شهر رمضان نهاراً ثم حاضت في ذلك اليوم؟ قال: فعليها قضاء ذلك اليوم، ولا كفارة عليها، وعلى زوجها قضاء ذلك اليوم والكفارة. قلت: فلم وضعت عن المرأة الكفارة؟ قال: لأنها حاضت في ذلك اليوم. قلت: أرأيت رجلاً أصبح صائماً في غير شهر رمضان يريد قضاء رمضان، ثم أكل وشرب متعمداً؟ قال: قد أساء، وعليه القضاء، ولا كفارة عليه. قلت: أرأيت رجلاً مسافراً أصبح صائماً في شهر رمضان ثم أفطر؟ قال: عليه القضاء ولا كفارة عليه. محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة عن مسلم الأعور عن أنس بن مالك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه خرج من المدينة إلى مكة في شهر رمضان، فشكا إليه الناس في بعض الطريق الجهد، فأفطر حتى أتى مكة (¬2). محمد عن أبي حنيفة عن الهيثم عن أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج من المدينة إلى مكة في شهر رمضان لليلتين (¬3) خلتا (¬4) من شهر رمضان، فصام حتى إذا أتى قُدَيْداً (¬5) شكا (¬6) إليه الناس الجهد، فأفطر ¬

_ (¬1) م ق: عليها. (¬2) رواه الإمام أبو يوسف عن الإمام أبي حنيفة بهذا الإسناد انظر: الآثار له، 174. وانظر: مسند أحمد، 3/ 126، 232، 250؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 494. وروى الإمام محمد عن مالك عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس نحوه. انظر: الموطأ، الصيام، 21؛ والموطأ برواية محمد، 2/ 196. وانظر: صحيح البخاري، الصوم، 34؛ وصحيح مسلم، الصيام، 88. (¬3) م: ليلتين؛ ق: للثلتين. (¬4) م: خليا. (¬5) قُدَيْد ويقال: الكُدَيْد، من منازل طريق مكة إلى المدينة. انظر: المغرب، "قدد". (¬6) ك: فشكا.

بقُدَيْد، ثم لم (¬1) يزل مفطراً حتى أتى مكة (¬2). فأي ذلك فعلت فحسن، إن صمت فقد صام النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإن أفطرت فقد أفطر النبي - صلى الله عليه وسلم - وإن سافرت في شهر رمضان. قلت: أرأيت رجلاً كان عليه صيام أيام من شهر رمضان (¬3) فلم يقضها حتى دخل شهر رمضان آخر، فصام تلك الأيام التي كانت عليه من شهر رمضان الماضي في هذا الشهر الآخر؟ قال (¬4): فصيامه ذلك جائز من رمضانه هذا الداخل، ولا يكون قضاء لذلك الماضي. قلت: أرأيت رجلاً تسحر (¬5) في شهر رمضان فشك في الفجر طلع أم لم يطلع؟ قال: أحب إلي إذا شك أن يدع (¬6) الأكل والشرب. قلت: فإذا أكل وهو شاكّ في الفجر؟ قال: صومه تام. قلت: فإذا مضى شهر رمضان وعليه منه صيام أيام فصامه في الرمضان الآخر؟ قال: يجزيه من هذا الثاني، ولا يجزيه من الأول. قلت: أرأيت (¬7) أهل مصر صاموا شهر رمضان لغير رؤيته، وفيهم رجل لم يصم معهم، حتى رأى الهلال من الغد، فصام أهل ذلك المصر ثلاثين يوماً، وصام الرجل تسعة وعشرين يوماً، ثم أفطروا جميعاً لرؤيته؟ (¬8) قال: ليس على الرجل قضاء ذلك اليوم الذي صامه أهل مصره؛ لأنهم لم يصوموا لرؤية الهلال، ولأنهم لا يعلمون أصابوا الصيام أم لا. وقد أخطأوا حين صاموا لغير رؤية الهلال، إلا أن يكونوا رأوا هلال شعبان ثم عدوا ثلاثين يوماً ثم صاموا شهر رمضان لغير رؤية فقد أصابوا وأحسنوا، وعلى من لم يصم معهم القضاء. ¬

_ (¬1) م - لم. (¬2) رواه الإمام أبو يوسف عن الإمام أبي حنيفة بهذا الإسناد. انظر: الآثار له، 174. وانظر: مسند أبي حنيفة لأبي نعيم، 250؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 491. (¬3) ق + الماضي في هذا الشهر الآخر قال فصيامه ذلك جائز من رمضانه هذا الداخل. (¬4) ق - قال. (¬5) ق: يسحر. (¬6) ق: أن تدع. (¬7) ق - أرأيت. (¬8) ق: لريته.

قلت: أرأيت رجلاً أتى امرأته نهاراً فيما دون الفرج فأنزل؟ قال: عليه قضاء ذلك اليوم ولا كفارة عليه (¬1)؛ لأنه لم يخالطها، وإنما الكفارة بالمخالطة ليست بالماء. ألا ترى أنه لو خالطها ثم لم ينزل كانت عليه الكفارة والقضاء. وأما المرأة فلا كفارة عليها ولا قضاء ولا غسل إلا أن يكون خالطها، فإن خالطها فعليها الكفارة. إذا التقى الختانان وغابت الحشفة فقد وجب الغسل عليهما جميعاً والقضاء والكفارة أنزل أو لم ينزل. محمد عن أبي حنيفة رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في الغسل على المرأة ترى في منامها مثل ما يرى (¬2) الرجل (¬3). قلت: أرأيت رجلاً أكل في شهر رمضان أو شرب أو جامع ناسياً فظن أن ذلك يفسد عليه صومه، فأكل وشرب وجامع متعمداً لذلك، ما عليه؟ قال: عليه أن يقضي ذلك اليوم ولا كفارة عليه. قلت: وكذلك لو تسحر بعد طلوع الفجر وهو لا يعلم بطلوعه، أو أفطر قبل غروب الشمس وهو يرى أن الشمس قد غابت، فأكل بعد ذلك أو شرب متعمداً لذلك؟ قال: نعم، لا كفارة عليه؛ لأن صيامه كان فاسداً، ولأنه قد وجب عليه قضاء ذلك اليوم حين أكل قبل غروب الشمس أو تسحر بعد طلوع الفجر وهو لا يعلم بطلوعه. قلت: وكذلك لو أنه أكره على طعام أو شراب في رمضان فأكل وشرب ثم تعمد الأكل والشرب والجماع بعد ذلك؟ قال: نعم، لا كفارة عليه، وعليه قضاء ذلك اليوم. قلت: لم وضعت عنه الكفارة؟ قال: لأن صومه قد كان فسد قبل أن يتعمد (¬4) لشيء من ذلك. قلت: وكذلك لو أن امرأة استكرهها رجل في شهر رمضان وهي صائمة، ثم طاوعته بعد ذلك أيضاً، لم يكن عليها (¬5) كفارة لأن صومها قد كان فسد حين استكرهها، وعلى الرجل القضاء والكفارة؟ قال: نعم. وقال أبو حنيفة: السَّعُوط والحُقْنَة (¬6) في شهر رمضان يوجبان القضاء ¬

_ (¬1) م - ولا كفارة عليه، صح هـ. (¬2) م: ما ترى. (¬3) تقدم تخريجه. (¬4) ق: أن يتمعمد. (¬5) ق: عليه. (¬6) م: والحفية.

ولا كفارة عليه. وكذلك ما أقطر في أذنه. وكذلك كل جائفة أو آمّة داواها صاحبها بزيت أو سمن فخلص إلى الجوف والدماغ في قوله. وإن داواها بدواء يابس فلا شيء عليه. وقال أبو يوسف: لا نرى عليه القضاء في الآمّة والجائفة. وقال أبو حنيفة ومحمد: إن أقطر في إحليله فلا قضاء عليه. وقال أبو يوسف: عليه القضاء. ثم إن محمداً شك في ذلك ووقف فيه. قلت: أرأيت (¬1) الرجل يسلم في النصف من شهر رمضان ما عليه؟ قال: عليه أن يصوم بقية ذلك الشهر، وليس عليه قضاء ما مضى من الشهر وهو كافر. محمد عن أبي يوسف عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن البصري أنه قال في الذمي يسلم في النصف من رمضان: إنه يصوم بقيته، ولا قضاء عليه فيما مضى (¬2). قال: وبلغنا عن إبراهيم النخعي مثله. فإن أسلم غدوة في يوم من (¬3) شهر رمضان قبل أن يطعم فإنه يتم صوم يومه ذلك ولا قضاء عليه. قلت: أرأيت المرأة تكون أيام حيضها ثلاثة أيام فتحيض ثلاثة أيام ثم تطهر (¬4)، فتمكث طاهراً ثلاثة أيام، ثم ترى الدم في اليوم الرابع يومها ذلك كله والغد، وقد صامت الأيام الثلاثة التي طهرت فيها من شهر رمضان، هل يجزي عنها؟ قال: لا، لأنه قد كانت فيها حائضاً، وقد استبان لها ذلك حين رأت الدم في اليوم الرابع. قلت: فإن تمادى بها (¬5) الدم ما بينها وبين عشرة أيام فهي حائض؟ قال: نعم. قلت: فتلك الأيام التي رأت الدم والطهر فيها لا تصوم (¬6) فيها ولا تصلي؟ (¬7) قال: نعم. قلت: أرأيت لو كان ¬

_ (¬1) م - أرأيت، صح هـ. (¬2) روي أيضاً عن الحسن أنه يقضي ما مضى. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 4/ 171. وروي عن قتادة أنه يصوم بقيته، ولا يقضي ما مضى. انظر للأقوال في ذلك: المصنف لعبد الرزاق، 4/ 170 - 171. (¬3) م - من. (¬4) م: ثم تظهر. (¬5) م ق: لها. (¬6) م ق: لا يصوم. (¬7) م: ولا يصلي.

حيضها ثلاثة أيام فحاضتها فطهرت (¬1) يوماً فرأت الدم من الغد فرأته يومها ومن الغد؟ قال: هي حائض. قلت: فإن كانت صامت ذلك اليوم الذي طهرت فيه من رمضان أتعيد صومها؟ قال: نعم؛ لأنها حائض بعد، ولا يكون الطهر يوماً واحداً. قلت: فإذا طهرت ثلاثة أيام ثم رأت الدم في اليوم الرابع؟ قال: هي حائض. قلت: فإن كانت صامت في هذه الأيام الثلاثة قضاء (¬2) من رمضان أيجزيها ذلك؟ قال: لا؛ لأنها حائض بعد. قلت: فهذه بمنزلة الأولى التي لم تستكمل أيام حيضها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المرأة يكون (¬3) أيام حيضها ستة أيام، فتحيض سبعة أيام زيادة يوم على وقت أيام حيضها، أترى ذلك حيضاً؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو رأت يومين أو ثلاثة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت أن تمادى بها الدم (¬4) حتى تراه (¬5) خمسة أيام بعد الستة؟ قال: ما زاد على أيام حيضها الستة فهي مستحاضة. قلت: لم؟ قال: لأنه إذا زادت على العشرة الأيام يوماً أو أكثر من ذلك فهي فيه مستحاضة عندنا. قلت: فكل شيء زاد على أيام حيضها ما لم يزد (¬6) على العشرة فهي فيه حائض؟ قال: نعم. قلت: فإن كانت صامت بعد ما مضى أيام حيضها وهذه الأيام من شهر رمضان ثم جاوز الدم العشرة أجزاها لأنها فيه مستحاضة؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يجاوز الدم العشرة الأيام لم يجزها؟ قال: نعم. لأنها حائض فعليها أن تعيد الصيام. قلت: أرأيت المرأة النفساء أول ما تلد ينقطع عنها الدم في تمام ثلاثين يوماً ثلاثة أيام، ثم يعاودها الدم سبعة أيام أخر (¬7)، أتراها (¬8) نفساء بعد؟ (¬9) قال: نعم. قلت: فإن كانت صامت تلك الثلاثة الأيام من شهر رمضان أجزاها؟ قال: نعم. قلت: من أين أخذت في الحيض العشرة وفي النفاس الأربعين؟ قال: ¬

_ (¬1) ق: فطرت. (¬2) م: فصار. (¬3) ق: تكون. (¬4) ك: الحيض. (¬5) ق: يراه. (¬6) ق: لم تزد. (¬7) ق: أخرى. (¬8) ق: أترابها. (¬9) ق - بعد.

للأثر الذي بلغنا عن عثمان (¬1) بن أبي العاص الثقفي صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: تقعد (¬2) النفساء ما بينها (¬3) وبين أربعين يوماً (¬4). وبلغنا نحو من ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "تقعد (¬5) النفساء ما بينها (¬6) وبين أربعين يوماً، (¬7). وبلغنا عن أنس بن مالك أنه قال في الحيض (¬8): ثلاثة أيام أو أربعة أيام أو خمسة أو ستة تقعد ما بينها (¬9) وبين العشرة (¬10). قلت: أرأيت رجلاً كان عليه صيام شهرين متتابعين من ظهار أو قتل فمرض فأفطر يوماً؟ قال: يستقبل الصيام. قلت: أرأيت إن وافق صيامه ذلك يوم النحر وأيام التشريق ويوم الفطر فأفطر - وهذه الأيام لا بد من (¬11) أن يفطر فيها - كيف يصنع؟ قال: يستقبل الصيام؛ لأنه مفطر في هذه الأيام، وهذه الأيام ليست بأيام صوم. قلت: فكل صوم كان عليه من رمضان أو كفارة يمين أو جزاء صيد أو نذر جعل لله (¬12) عليه فصامه (¬13) في هذه الأيام لم يجز (¬14) عنه؟ قال: نعم، لا يجزي ذلك عنه. قلت: أرأيت إن صام شهرين متتابعين كانا عليه (¬15) من ظهار أو قتل فوافق أحدهما شهر ¬

_ (¬1) ك: عن عمر؛ م: عن عمرو. وكلاهما خطأ. والتصحيح من ج ر. وقال في هامش ك: لا يعرف في الصحابة - رضي الله عنهم - عمر بن أبي العاص، وصوابه عثمان بن أبي العاص الثقفي. وهو كذلك. (¬2) ق: يقعد. (¬3) ك: ما بينهما. (¬4) سنن الدارقطني، 1/ 220؛ والسنن الكبرى للبيهقى، 1/ 341. (¬5) ق: يقعد. (¬6) ك: ما بينهما. (¬7) سنن الدارمي، الطهارة، لما. وروي نحو ذلك مرفوعاً أيضاً. انظر: سنن ابن ماجة، الطهارة، 128؛ وسنن أبي داود، الطهارة، 119؛ وسنن الترمذي، الطهارة، 105؛ والمستدرك للحاكم، 1/ 283؛ ونصب الراية للزيلعي، 1/ 204؛ والدراية لابن حجر، 1/ 89 - 90. (¬8) م ق + أنه قال. (¬9) ك: يقعد ما بينهما. (¬10) تقدم تخريجه في كتاب الحيض. (¬11) ق - من. (¬12) م: جعل الله. (¬13) م: فصيامه. (¬14) م: لم يجزي. (¬15) ق: علنه.

رمضان، فصام شهر رمضان ينوي به أحد الشهرين المتتابعين، وقال: أقضي شهر رمضان بعد الفطر؟ قال: لا يجزي ذلك عنه، وشهر رمضان (¬1) الذي صامه هو شهر رمضان نفسه، ولا يجزي عنه من الشهرين المتتابعين، وعليه أن يستقبل الشهرين (¬2) المتتابعين (¬3). قلت: أرأيت من كان عليه صوم ثلاثة أيام من كفارة يمين أيتابع (¬4) بينهن؟ قال: نعم، بلغنا أنه (¬5) في قراءة ابن مسعود: {فصيام ثلاثة أيام متتابعات} (¬6). قلت: أرأيت الصوم (¬7) في جزاء الصيد وفي المتعة أمتتابع أو متفرق؟ قال: إن تابع أجزاه، وإن فرّق أجزاه. قلت: وكذلك قضاء شهر رمضان؟ قال: نعم. قلت: فكل شيء متتابع أفطر فيه يوماً فعليه أن يستقبل الصيام؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يصوم شهرين متتابعين من ظهار عليه فيجامع امرأته التي ظاهر منها بالليل؟ قال: عليه أن يستقبل الصوم؛ لأن الله تبارك وتعالى يقول: {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} (¬8). قلت: أرأيت إن جامعها نهاراً ناسياً لصومه؟ قال: عليه أن يستقبل الصيام في أوله. قلت: لم ولم يفطر؟ (¬9) قال: لأن الله تعالى يقول: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا}، وهذا لا يكون أهون من جماعه بالليل مفطراً، ولكن عليه أن يستقبل الصيام في ¬

_ (¬1) ك + ينوي به أحد الشهرين المتتابعين وقال أقضي شهر رمضان بعد الفطر قال لا يجزي ذلك عنه وشهر رمضان. (¬2) م - الشهرين. (¬3) ق - وعليه أن يستقبل الشهرين المتتابعين. (¬4) ق - أيتابع؛ صح هـ. (¬5) م - أنه. (¬6) رويت هذه القراءة عن ابن مسعود وأبي بن كعب وإبراهيم النخعي. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 514؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 3/ 88؛ وتفسير الطبري، 7/ 30؛ والمستدرك للحاكم، 2/ 303؛ والدراية لابن حجر، 2/ 91. (¬7) ك: الصيام. (¬8) سورة المجادلة، 58/ 4. (¬9) ق: ولم لم يفطر.

هذين الوجهين جميعاً؛ لأنه قد جامع وقد قال الله تعالى: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا}. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: يجزيه صومه ذلك ولا يستقبل. ولو جامع غيرها من نسائه بالنهار ناسياً أو بالليل ذاكراً أو ناسياً فليس عليه شيء. قلت: فلو كان عليه صيام شهرين من قتل (¬1) أو صيام من كفارة يمين أو قضاء رمضان، فجامع ليلاً أو نهاراً (¬2) ناسياً لصومه، لم يضره وأتم ما بقي من صومه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المرأة يجب عليها شهران متتابعان، فتحيض فيهما، أتستقبل الصيام أم كيف تصنع؟ قال: إن كان (¬3) الحيض يصيبها في كل شهر لا بد لها منه فعليها أن تقضي أيام حيضها، ولا تستقبل الصيام، وتصل ذلك بالشهرين (¬4). أخبرنا محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن الشعبي أنه قال في المرأة يكون عليها صيام شهرين متتابعين فتحيض فيهما: إنها تصله بالشهرين ولا تستقبل (¬5). أخبرنا محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: تستقبل (¬6). فقلت لأبي حنيفة: بم تأخذ؟ قال: آخذ بحديث الشعبي. قلت: أرأيت لو كانت فرغت من الشهرين وقد كانت حاضت في كل شهر خمسة أيام، أتصوم هذه العشرة الأيام وتصلها بالشهرين؟ قال: نعم. قلت: فإن أفطرت فيها ما بينها وبين الشهرين يوماً من غير حيض أتستقبل الصيام؟ قال: نعم؛ لأنها إذا أفطرت من غير حيض فعليها أن تستقبل الصيام. قلت: وهي بمنزلة الرجل في كل ما ذكرت لك إلا في الحيض؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يجب عليه صيام شهرين متتابعين من ظهار ¬

_ (¬1) م: من قبل. (¬2) م + أو. (¬3) ق - كان. (¬4) م: الشهرين. (¬5) الآثار لأبي يوسف، 176. (¬6) الآثار لأبي يوسف، 176

فيمرض منهما (¬1) فيفطر لأنه لا يستطيع أن يصوم لمرضه، أيجزيه أن يطعم ستين مسكينًا؟ قال: نعم. قلت: فإن كان إنما مرض ثلاثة أيام أو أربعة أيام لم يكمل الشهرين في مرضه؟ قال: نعم، يجزيه أن يطعم. قلت: لم؟ قال: إذا كان في حال لا يستطيع فيه الصيام أجزاه الطعام. قلت: أرأيت إذا صام من ظهار أو من قتل أو من صيام واجب عليه غير ذلك فأكل ناسياً هل يكون مفطراً؟ قال: لا؛ لأنه لو فعل هذا في شهر رمضان ناسياً لم يضره. قلت: أرأيت الرجل يكون عليه صيام شهرين متتابعين من ظهار فصام عن كفارة ظهاره، فجامع امرأة له أخرى غير التي (¬2) ظاهر منها ليلاً أو نهاراً ناسياً لصومه، هل عليه شيء؟ قال: لا، وصومه تام. قلت: أرأيت الرجل يظاهر من أربع نسوة له فيعتق أربع رقاب عن ظهاره (¬3) منهن هل يجزيه ذلك؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يجد ما يعتق فصام ثمانية (¬4) أشهر متتابعات؟ قال: يجزيه من كل ظهاره. قلت: فإن كان لا يستطيع الصوم فأطعم مائتين وأربعين مسكيناً هل يجزيه إذا ما أطعم كل مسكين نصف صاع من حنطة؟ قال: نعم، يجزيه. قلت: لم يجزيه وهذا لم يجعل لكل امرأة منهن شيئاً معلوماً؟ قال: أستحسن ذلك وأدع القياس فيه. قلت: أرأيت إن صام شهرين متتابعين ثم أفطر يوماً، ثم صام شهرين متتابعين ثم أفطر يوماً (¬5)، حتى صام ثمانية أشهر كلما تَمَّ شهران (¬6) أفطر يوماً، يريد بصوم (¬7) كل شهرين كفارة عن امرأة منهن؟ قال: ذلك يجزيه. قلت: فإن أعتق رقبة عن إحداهن ولم ينوها بعينها هل له أن يجامع أيتهن شاء ويجعل العتق عنها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن صام شهرين متتابعين ينوي عن واحدة منهن بعينها، ثم جامع (¬8) أخرى غير التي ¬

_ (¬1) أي: مرض بسبب صومه للشهرين. (¬2) م: عن التي. (¬3) ق: عن طهارة. (¬4) م: فصيام ثلثة. (¬5) م - ثم صام شهرين متتابعين ثم أفطر يوماً. (¬6) م ق: شهرين. (¬7) ق: يصوم. (¬8) م: ثم يجامع.

صام عنها ليلاً، هل يفسد عليه الصيام الذي صام عنها؟ قال: لا (¬1)؛ لأنه لم يجامع التي صام عنها، إنما جامع غيرها. قلت: فإن صام شهرين متتابعين عن واحدة منهن لم يسمها (¬2) بعينها، ثم جامع ثلاثاً منهن بالليل، أله أن يجعل تلك (¬3) الشهرين عن التي لم يجامع؟ قال: نعم. قلت: فإن كان ذلك الجماع (¬4) قبل مضي الشهرين؟ قال: وإن كان. قلت: فإن صام شهرين متتابعين عن واحدة منهن ثم مرض بعد شهرين، فأطعم ستين مسكيناً عن أخرى، فلما فرغ من الطعام أيسر واشترى رقيقين فأعتقهما عن الباقيتين، أيجزيه ذلك؟ قال: نعم. أخبرنا محمد عن أبي يوسف عن إسماعيل بن مسلم عن سليمان الأحول عن طاوس قال: ظاهر رجل من امرأته، فأبصرها في القمر وعليها خلخال فضة، فأعجبته فوقع عليها قبل أن يكفر، فسأل عن ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأمره أن يستغفر الله ولا يعود حتى يكفر (¬5). قلت: أرأيت الرجل يظاهر من امرأته أله أن يجامعها قبل أن يكفر؟ قال: لا، ليس له أن يجامعها حتى يكفر، وأكره (¬6) للمرأة أن تدعه يقربها حتى يكفر. قلت: فإن قربها قبل أن يكفر هل ترى عليه شيئاً فيما صنع؟ قال: لا، إلا أنه يستغفر الله تعالى ولا يعود، وكذلك جاء الأثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر الذي واقع امرأته قبل أن يكفر أن يستغفر الله تعالى. قلت: أرأيت الرجل إذا تسحر في صوم واجب عليه من ¬

_ (¬1) جميع النسخ - لا. وصحح في هامش ك وفي ط. (¬2) ق: لم يسميها. (¬3) م ق: تيك. (¬4) ك ق: الجمع. (¬5) سنن ابن ماجة، الطلاق، 26؛ وسنن أبي داود، الطلاق، 17؛ وسنن الترمذي، الطلاق، 19؛ وسنن النسائي، الطلاق، 33. وقد صححه الترمذي. وانظر للتفصيل: نصب الراية للزيلعي، 3/ 246؛ والدراية لابن حجر، 2/ 75؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 221. (¬6) م: واكر.

رمضان أو غيره فشك وكان أكبر (¬1) رأيه أنه (¬2) تسحر والفجر طالع؟ قال: أحب إلي أن يقضي ذلك اليوم أَخْذاً له في ذلك بالثقة. قلت: فعليه أن يدع السحور (¬3) وهو يعلم أن عليه (¬4) ليلاً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً أصبح صائماً ينوي بها قضاء رمضان، ثم علم أنه ليس عليه شيء من شهر رمضان، أله أن يفطر؟ قال: نعم إن شاء، ولا يكون عليه قضاء ذلك اليوم. قلت: فإن صامه أتراه أحسن من أن يفطر؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يصوم ثلاثة أيام في الحج وهو متمتع ثم يجد من الهدي في اليوم الثالث أيكون صومه منتقضاً؟ (¬5) قال: نعم. أخبرنا محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم بذلك. وكذلك بلغنا عن حماد (¬6) عن إبراهيم (¬7). قلت: فإذا أفطر ذلك اليوم هل عليه قضاؤه؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن صومه ذلك قد انتقض. قلت: وكذلك لو صام ثلاثة أيام من كفارة يمين ثم وجد في اليوم الثالث ما يطعم وأيسر؟ قال: نعم. قلت: وكذلك كل صوم من ظهار أو قتل إذا وجد ما يعتق بطل صومه، وإن أفطر لم يكن عليه قضاؤه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المرأة تصبح صائمة تطوعاً، ثم تفطر متعمدة لذلك، ثم تحيض في آخر (¬8) يومها ذلك؟ قال: عليها قضاء يومها ذلك. قلت: لم (¬9) وقد حاضت؟ قال: لأنها بمنزلة امرأة قالت: لله علي أن أصوم هذا اليوم، ثم تحيض فيه، فعليها قضاؤه. ¬

_ (¬1) م: أكثر. (¬2) م - أنه. (¬3) جميع النسخ وط: السحر. (¬4) ق - عليه. (¬5) م: منقصا. (¬6) م + عن حماد. (¬7) الآثار لأبي يوسف، 102؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 3/ 237. (¬8) ق: وآخر. (¬9) ق: ولم.

قلت: أرأيت الرجل يصبح مفطراً، ثم يبدو له أن يصوم قبل أن ينتصف (¬1) النهار ولم يطعم شيئاً، أو يبدو له أن يصوم بعد زوال الشمس؟ قال: إذا كان قبل زوال الشمس وعزم على الصوم أجزاه، وإذا صام بعدما تزول الشمس لم يجزه ولم يكن صائماً. قلت: فإن كان هذا الصيام قضاء من رمضان أو قضاء من صيام كان عليه؟ قال: لا يجزيه؛ لأنه أصبح مفطراً. قلت: فيجزيه أن يتطوع به، ولا يجزيه من شيء كان عليه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن أصبح في شهر رمضان ينوي الإفطار غير أنه لم يأكل ولم يشرب؟ قال: عليه قضاء ذلك اليوم. قلت: فإن نوى الصوم قبل أن ينتصف (¬2) النهار؟ قال: يجزيه. قلت: لم جعلت عليه قضاء ذلك اليوم؟ قال: أرأيت مريضاً لا يستطيع الصيام أصبح ينوي الإفطار، وكان على (¬3) ذلك إلى الليل، غير أنه لم يأكل ولم يشرب لأنه لم يشتهِ (¬4) الطعام ولا الشراب، أيكون هذا صائماً؟ قلت: لا. قال: فهذا وذاك سواء. قلت: أرأيت رجلاً في أرض الحرب مر به شهر رمضان وهو لا يعلم به ولا ينوي (¬5) صومه، ونوى (¬6) الفطر فيه، غير أنه لا يجد طعاماً ولا شراباً، أيجزيه هذا من صيام شهر رمضان؟ (¬7) قال: لا، وهذا وذاك سواء. قلت: أرأيت هذا الذي أصبح مفطراً إن ظن أن نيته (¬8) قد أفسدت عليه صومه وأُفتي بذلك، فأكل قبل أن ينتصف (¬9) النهار أو شرب أو جامع؟ قال: عليه القضاء، ولا كفارة عليه. قلت: لم ألقيت عنه الكفارة؟ قال: للشبهة التي دخلت. قلت: أرأيت رجلاً جُنّ قبل شهر رمضان، فلم يزل مجنوناً حتى ¬

_ (¬1) ق: أن يتنصف. (¬2) ق: أن يتنصف. (¬3) ق - على. (¬4) م ق: لم يشتهي. (¬5) م: أنه لا ينوي. (¬6) م: ويري. (¬7) ق - وهو لا يعلم به ولا ينوي صومه ونوى الفطر فيه غير أنه لا يجد طعاما ولا شرابا أيجزيه هذا من صيام شهر رمضان. (¬8) م: أن بينه. (¬9) ق: أن يتنصف.

ذهب شهر رمضان كله، ثم أفاق، هل عليه قضاؤه؟ قال: لا؛ لأنه كان مجنوناً ولم يفق فيه. قلت: فإن أُغمي عليه فكان كذلك حتى ذهب شهر رمضان؟ قال: عليه قضاؤه. قلت: من أين اختلفا؟ قال: المغمى عليه ليس عندنا بمنزلة المجنون المغلوب، إنما المغمى عليه بمنزلة المريض، فعليه قضاء شهر رمضان. قال: أرأيت إن كان مريضاً ليس بمغمى عليه ألم يكن عليه قضاء رمضان إذا لم يصمه؟ قلت: بلى. قال: فهذا وذاك سواء. قلت: أرأيت المريض يمرض قبل دخول شهر رمضان، فلا يزال مريضاً حتى ينسلخ شهر رمضان ثم يموت؟ قال: ليس عليه من قضاء شهر رمضان شيء؛ لأنه لم يصح ولم يبرأ حتى مات. قلت: فإن صح شهراً فلم يقض شهر رمضان حتى مات؟ قال: هذا عليه القضاء؛ لأنه مات وعليه قضاء شهر رمضان. قلت: فإن صام (¬1) عنه ابنه (¬2) أيجزيه ذلك؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: للأثر الذي جاء عن عبد الله بن عمر وعن إبراهيم النخعي أنهما قالا: لا يصلي أحد عن أحد، ولا يصوم أحد عن أحد (¬3). قلت: فإن أوصى أبوه حين مات أن يقضي عنه كيف تأمر (¬4) أن يصنع؟ قال: يطعم عنه مكان كل يوم نصف صاع من حنطة. قلت: فكم الصاع؟ قال: قفيز بالحَجّاجِي (¬5)، وهو ربع الهاشمي، وهو ثمانية أرطال. قلت: أرأيت إن صح بعد شهر رمضان عشرة أيام ثم مات ما عليه، أترى عليه قضاء شهر رمضان؟ قال: لا، وإنما عليه قضاء العشرة الأيام التي صح فيها. قلت: ¬

_ (¬1) ق: ضام. (¬2) م - ابنه. (¬3) لقول ابن عمر انظر: الموطأ، الصيام، 43؛ والمصنف لعبد الرزاق، 9/ 61؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 463؛ والدراية لابن حجر، 1/ 283. ورواه الإمام أبو يوسف عن الإمام أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم. انظر: الآثار له، 28. وذكر الخوارزمي أن الإمام محمداً رواه عن الإمام أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم، لكن لم نجد ذلك في النسخة المطبوعة. انظر: جامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 418. وفي المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 380 عن إبراهيم النخعي: لا يحج أحد عن أحد. (¬4) م: يأمر. (¬5) ينسب إلى الحجاج بن يوسف، لأنه اتخذه على صاع عمر - رضي الله عنه -. انظر: المغرب، "حجج".

فالمريض والمسافر في ذلك سواء؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يبرأ حتى مات فليس عليه القضاء؟ قال: نعم، ليس عليه في ذلك قضاء. قلت: فالمسافر إذا أقام أياماً بعد شهر رمضان ثم مات فعليه بقدر ما أقام؟ قال: نعم، وهو بمنزلة المريض في ذلك. قلت: أرأيت الرجل يدخل شهر رمضان وهو صحيح ثم يجن ثم يفيق قبل رمضان عام مُقبِل؟ قال: يصوم هذا الرمضان (¬1) الذي دخل فيه، ثم يقضي ما بقي عليه من الأول. قلت: أرأيت الذي يجن في شهر رمضان فلا (¬2) يفيق حتى يمضي هذا الرمضان الذي جن فيه ورمضان (¬3) آخر؟ قال: عليه قضاء الأول. قلت: فمن أين اختلفا؟ قال: أستحسن إذا أوجبت (¬4) عليه شيئاً منه أن يقضي كله (¬5)، والثاني ليس عليه فيه شيء. قلت: فإن مكث عشرين سنة ثم أفاق في رمضان؟ قال: عليه أن يصوم ما بقي من هذا (¬6) الشهر الذي أفاق فيه، وعليه قضاء ما مضى منه (¬7) وقضاء الأول الذي كان مفيقاً فيه فجن. قلت: أرأيت الرجل يسلم في النصف من شهر رمضان أو بعدما يمضي منه أيام؟ قال: يصوم ما بقي منه، ولا قضاء عليه فيما مضى. محمد عن أبي يوسف عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن البصري أنه قال في الرجل يسلم في النصف من شهر رمضان: إنه يصوم بقيته (¬8)، ولا قضاء عليه لما مضى منه. وكذلك بلغنا عن إبراهيم النخعي (¬9). قلت: فإن أسلم غدوة في يوم من شهر رمضان قبل أن يطعم؟ قال: يتم صوم ذلك اليوم، ولا قضاء عليه. قلت: أرأيت إن أسلم في بعض النهار أترى له أن يأكل بقية يومه ويشرب؟ قال: لا. قلت: فإن فعل فعليه قضاء ذلك اليوم؟ قال: لا. ¬

_ (¬1) م: هذا الزمان. (¬2) م ق: ولا. (¬3) م: رمضان. (¬4) م: إذا أوجب. (¬5) م ق + وهذا. (¬6) ك - هذا، صح هـ. (¬7) ق: فيه. (¬8) م: نفسه. (¬9) تقدم الأثران أول الكتاب.

قلت: أرأيت الرجل يفطر في شهر رمضان متعمداً، ثم يمرض في ذلك اليوم مرضًا لا يستطيع معه الصوم؟ قال: عليه قضاء ذلك اليوم، ولا كفارة عليه. قلت: لم؟ قال: للمرض الذي أصابه. قلت: أرأيت إن سافر ولم يمرض ولم يكن من نيته السفر؟ قال: عليه القضاء والكفارة؛ لأن السفر من فعله، فلا تبطل (¬1) به الكفارة. قلت: أرأيت الرجل يصبح في شهر رمضان صائماً ثم يسافر وقد عزم على الصوم، ثم يفطر في سفره ذلك، هل عليه مع القضاء كفارة؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: للشبهة التي دخلت؛ لأنه إنما أفطر وهو مسافر. قلت: فإن كان مسافراً وقد عزم على الإفطار فقدم قبل نصف النهار أو بعده، فأكل أو شرب متعمداً لذلك، هل عليه كفارة؟ قال: لا، ولكن عليه القضاء. قلت: فإن كان عزم على الصوم فلما قدم استفتى فأُفتي أن صومه (¬2) لا يجزيه وأنه عاصي، فلما رأى ذلك أفطر؟ قال: عليه القضاء، ولا كفارة عليه. قلت: لم؟ قال: للشبهة التي دخلت. قلت: فإن كان صام في السفر أيجزيه؟ قال: نعم، وهو أفضل من أن يفطر، وإنما (¬3) الإفطار رخصة. قلت: أرأيت رجلاً أكل ناسياً في شهر (¬4) رمضان، ثم أكل بعد ذلك متعمداً وظن أن ذلك قد أفسد عليه صومه؟ قال: عليه القضاء، وليست عليه كفارة. قلت: أفتكره (¬5) للرجل أن يقضي شهر رمضان في أيام العشر؟ (¬6) قال: لا. قلت: أرأيت الغلام يحتلم في النصف من شهر رمضان ثم يفطر بعد ذلك متعمداً؟ قال: عليه القضاء والكفارة فيما أفطر بعد احتلامه في غير اليوم الذي احتلم فيه. قلت: وكذلك الجارية إذا أفطرت بعدما حاضت؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) ق: يبطل. (¬2) ق: أن يصومه. (¬3) م: وأما. (¬4) ق - شهر. (¬5) م: أفيكره. (¬6) أيام العشر أي العشر الأولى من ذي الحجة.

قلت: أرأيت الصائم أتكره (¬1) له أن يقبل وهو صائم؟ قال: إن كان يملك نفسه فلا بأس بذلك. قال: بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه (¬2) كان يقبل وهو صائم (¬3). قال محمد: أخبرنا بذلك أبو حنيفة. قلت: أرأيت الرجل يتمضمض في شهر رمضان، فيسبقه الماء، فيدخل الماء حلقه، وهو ناس لصومه؟ قال: يمضي في صومه ذلك ولا يفطر، ولا قضاء عليه. قلت: فإن كان ذاكراً لصومه؟ قال: عليه القضاء، ولا كفارة عليه. قال: أخبرنا محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم بذلك (¬4). قلت: فلم ألقيت عنه الكفارة؟ قال: لأنه لم يدخله جوفه على وجه الإفطار، فلذلك ألقيت عنه الكفارة. قلت: أرأيت الصائم يذوق الشيء بلسانه ولا يدخله حلقه؟ قال: لا يفطره (¬5) ذلك، وصومه تام. قلت: أفتكره (¬6) له أن يعرض نفسه لشيء من هذا؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الصائم ينظر إلى امرأة حتى يمني أترى عليه القضاء؟ قال: لا، لأنه لم يصنع شيئاً. قلت: فإن لمس أو قبل حتى يمني؟ قال: يتم صومه ذلك اليوم، وعليه القضاء، وليست عليه كفارة، ولا يكون على المرأة قضاء إلا أن يكون منها مثل ما كان من الرجل. قلت: فإن لمس حتى يمذي؟ قال: لا قضاء عليه ولا كفارة، لأن المذي ليس بشيء. قلت: أرأيت الصائم يحتجم؟ قال: نعم، لا يضره ذلك. قلت: أفتكره (¬7) له أن يحتجم؟ قال: إن خاف أن يضعفه فأحب إلي أن لا يفعل. قال: بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى أن يحتجم الصائم، ثم أنه رخص فيه ¬

_ (¬1) م: أيكره. (¬2) م: أن. (¬3) تقدم تخريجه. (¬4) تقدم تخريجه. (¬5) ك: لا يفطر. (¬6) م: أفيكره. (¬7) م: أفيكره.

بعد ذلك، واحتجم وهو صائم محرم (¬1). قلت: أرأيت الصائم يدخل الذباب جوفه، أو الشيء من الطعام يكون بين أسنانه فيدخل جوفه، هل يفطره ذلك وقد دخل جوفه وهو ذاكر لصومه وهو كاره؟ قال: لا يفطره ذلك وهو على صومه، لأنه ليس بطعام، ولأنه مغلوب. قلت: أرأيت الرجل يجعل على نفسه أن يصوم شهراً أيصومه متتابعاً أو متفرقًا؟ قال: إن كان نوى شهراً بغير عينه (¬2) فرق ذلك إن شاء. قلت: أرأيت إن قال: لله علي أن أصوم شعبان، فلم يفعل، أترى عليه قضاءه؟ (¬3) قال: نعم. قلت: فهل ترى عليه كفارة يمين؟ قال: إن كان أراد يميناً فعليه كفارة يمين مع القضاء، ويقضيه متفرقاً إن شاء، فإن (¬4) كان لم يرد يميناً فليس عليه كفارة. قلت: أرأيت إن قال: لله علي أن أصوم شعبان، فأفطر يوماً، أيقضي شعبان كله لأنه لم يتابع بين صومه؟ قال: لا، ولكنه يقضي يوماً مكان يومه؛ لأنه لا يستطيع أن يصوم شعبان بعدما (¬5) مضى. قلت: فعليه القضاء لذلك اليوم وكفارة يمين إن كان أراد يميناً؟ قال: نعم. قلت: فإن كان قال: لله علي أن أصوم شهراً متتابعاً، بغير عينه (¬6)، فأفطر يوماً منه؟ قال: عليه أن يستقبل صوم الشهر من أوله إذا لم يكن نوى شهراً بعينه (¬7)؛ لأنه جعل دئه عليه صوم شهر متتابعاً ولم ينو شهراً بعينه، فإذا أفطر يوماَ ولم يتابع استقبل الصوم. فإن (¬8) نوى شهراً بعينه فجعل لله عليه أن يصومه (¬9) متتابعاً، فأفطر فيه يوماً صام يوماً مكان يومه، وعليه أن يكفر يمينه إن كان أراد اليمين أو نواها، فإن (¬10) لم يكن أراد اليمين فلا كفارة عليه، وعليه أن يقضي ما أفطر. ¬

_ (¬1) تقدم. (¬2) م: عنه. (¬3) م ق: قضاوه. (¬4) ق: وإن. (¬5) ك + قد. (¬6) م: عنه. (¬7) م - بعينه، صح هـ. (¬8) ك ق: وإن. (¬9) م: أن صومه. (¬10) ك ق: وإن.

قلت: أرأيت الرجل يجعل لله عليه أن يصوم سنة بعينها، وهو يفطر يوم النحر ويوم الفطر وأيام التشريق، فصام السنة إلا هذه الأيام لأنها ليست بأيام صوم؟ قال: عليه قضاء هذه الأيام وكفارة يمين إن كان أراد اليمين. قلت: أرأيت المرأة إذا جعلت لله عليها صوم تلك السنة وهي ممن (¬1) تحيض، أتقضي مكان أيام (¬2) حيضها التي حاضت فيها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يجعل لله (¬3) عليه أن يصوم كل خميس يأتي عليه فيفطر خميسًا واحداً؟ قال: عليه قضاؤه وكفارة يمين إن كان أراد يميناً. قلت: فإن أفطر خميسًا آخر هل عليه في هذه اليمين الأخرى حنث؟ قال: لاة لأنه قد حنث فيها مرة وكفر فيها يمينه، فلا يحنث فيها ثانية. قلت: أرأيت الرجل يجعل لله عليه إن قدم فلان أن يصوم ذلك اليوم الذي يقدم فيه أَبَداً، فقدم فلان ليلاً؟ قال: ليس عليه شيء، لأن فلاناً لم يقدم نهاراً كما قال. قلت: فإن قدم فلان في يوم قد أكل فيه الرجل؟ (¬4) قال: عليه أن يصوم ذلك اليوم فيما يستقبل كما جعل لله على نفسه، وأما اليوم الذي أكل فيه فليس عليه شيء؛ لأنه أفطر قبل قدوم فلان. قلت: وكذلك لو قدم فلان بعد الظهر ولم يطعم الرجل شيئاً في ذلك اليوم وهو ينوي الإفطار؟ قال: نعم. قلت: فلو قدم فلان قبل أن ينتصف (¬5) النهار ولم يأكل الرجل شيئاً وهو ينوي الإفطار؟ قال: أما هذا فيصوم هذا اليوم، ويصومه فيما يستقبل أبداً. قلت: أرأيت الرجل يقول: لله علي أن أصوم غداً، فيكون غداً (¬6) الأضحى، فلم يصمه، أيكون عليه قضاء ذلك اليوم؟ قال: نعم، وعليه كفارة يمين إن كان أراد يميناً. قلت: لم أوجبت عليه قضاءه؟ قال: لأن هذا يوم جعله لله عليه. قلت: أرأيت الرجل يصبح صائماً يوم النحر متعمداً لذلك؟ قال: ليس عليه قضاؤه إن أفطره. [قال أبو يوسف: عليه القضاء، ¬

_ (¬1) م - ممن. (¬2) م - أيام؛ صح هـ. (¬3) م - لله. (¬4) م + كما. (¬5) ق: أن يتنصف. (¬6) ك - غدا، صح هـ.

وهو مثل قوله: لله علي. وقال أبو حنيفة: هو مختلف. وهذا في الجامع الصغير الكتاب (¬1) الذي يسمى الهاروني] (¬2). قلت: أرأيت المرأة تقول: لله علي أن أصوم يوم حيضي، أتجعل (¬3) عليها مكانه يوماً؟ (¬4) قال: لا، ولا يكون عليها شيء. وهذا مثل الرجل يصبح في يوم قد أكل فيه ثم قال: لله علي أن أصوم هذا اليوم، فليس عليه قضاؤه. وهذا مثل امرأة حائض قالت: لله علي أن أصوم هذا اليوم، وهي حائض، وليس عليها قضاؤه، وهذا وذاك سواء في القياس. قلت: أرأيت الصائم يكتحل بالإثْمِد والذَّرُور (¬5) والصَّبِر (¬6) وغيره؟ قال: نعم، لا يضره ذلك شيئاً. قلت: فَإن وجد طعمه في حلقه؟ قال: وإن ¬

_ (¬1) ط: والكتاب. والصواب هو حذف الواو كما هو في جميع النسخ التي لدينا. والمقصود بالجامع الصغير هنا هو الكتاب الذي يسمى الهاروني. وانظر الحاشية التالية. (¬2) يظهر أن ما بين المعقوفتين مزيد من قبل أحد رواة الكتاب، الجوزجاني أو ممن دونه. والهاروني من كتب النوادر التي رويت عن الإمام محمد. ويسمونه تارة بالهاروني وتارة بالهارونيات. انظر: المبسوط، 1/ 250، 8/ 142؛ وفتح القدير لابن الهمام، 4/ 447؛ وكشف الظنون، 2/ 1282. وليس المقصود به هنا الجامع الصغير المعروف، لأن المؤلف ذكر هذه المسألة في الجامع الصغير فقال: رجل أصبح يوم النحر صائماً ثم أفطر فلا شيء عليه. انظر: الجامع الصغير، 143. ولم يذكر في ذلك خلافاً. وقال الحاكم: وإن أصبح صائماً يوم الفطر ثم أفطره قال: لا قضاء عليمى انظر: الكافي، 1/ 26 ظ. ولم يذكر في ذلك خلافاً. ومع أن السرخسي فكر الخلاف بين الإمام أبي حنيفة وصاحبيه فنقل عن الإمام القول بعدم وجوب القضاء، وعن الصاحبين القول بوجوبه، إلا أن المرغيناني بين أن القول بوجوب القضاء مروي عن الصاحبين في النوادر. انظر: المبسوط، 3/ 97؛ والهداية، 1/ 131. (¬3) ق: أيجعل. (¬4) ق: يوماً مكانه. (¬5) الذَّرِيرَة ويقال أيضاً: الذَّرُور، نوع من الطيب، قال الزمخشري: هي فُتَات قصب الطيب، وهو قصب يؤتى به من الهند كقصب النُّشّاب، وزاد الصغاني: وأنبوبه محشوّ من شيء أبيض مثل نسج العنكبوت، ومسحوقه عطر إلى الصفرة والبياض. انظر: المصباح المنير، "ذرر". (¬6) الصَّبِر دواء مُرّ معروف. انظر: المغرب، "صبر".

وجد طعمه في حلقه (¬1)، فإنما طعمه مثل الدواء يذوقه فيدخل جوفه طعمه، ومثل الدهن يدهن به شاربه، ومثل الدخان ومثل الغبار يدخل طعمه في حلقه. ولو طُعن الصائم برمح حتى يصل الرمح إلى جوفه لم يكن عليه القضاء ولا الكفارة. وإذا أُكره الصائم حتى صُب الماء في حلقه والشراب فعليه القضاء، ولا كفارة عليه. وإذا كانت بالرجل جراحة جائفة فداواها (¬2) بزيت أو بسمن فخلص ذلك إلى جوفه فعليه القضاء، ولا كفارة عليه (¬3). ولو داواها (¬4) بدواء يابس لم يكن عليه القضاء في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا قضاء عليه ولا كفارة في الدواء الرطب واليابس جميعاً. فإذا صُب في جوف النائم ماء أو شراب وهو صائم فعليه القضاء ولا كفارة عليه. وكذلك المرأة بمنزلة الرجل في ذلك. قلت: أرأيت الرجل يستاك بالسواك الرطب أو يبلّه بالماء وهو صائم؟ قال (¬5): لا بأس (¬6) بذلك أن يستاك أول النهار أو آخره. قال: بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يستاك وهو صائم (¬7). قلت: أرأيت المرأة الحامل والمرضع التي تخاف على الصبي أو (¬8) الحامل تخاف على نفسها؟ قال: تفطران وتقضيان (¬9) يوماً مكان كل يوم (¬10)، ولا كفارة عليهما. قلت: فالشيخ الكبير (¬11) الذي لا يطيق الصوم؟ ¬

_ (¬1) ق: في خلقه. (¬2) ق: فذواها. (¬3) ق - عليه. (¬4) ق: دواها. (¬5) م - قال. (¬6) م: فلا بأس. (¬7) سنن أبي داود، الصوم، 27؛ وسنن الترمذي، الصوم، 29؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 459. (¬8) م + أو. (¬9) ك م: يفطران ويقضيان. (¬10) م + يوم. (¬11) م - الكبير.

باب صدقة الفطر

قال: يفطر ويطعم لكل يوم نصف صاع من حنطة، ولا شيء عليه غير ذلك. قلت: أرأيت الصائم يأكل الطين أو الجص (¬1) أو دخل جوفه حصاة؟ قال: ليس عليه شيء، وصومه تام، ولا يفطره ذلك إذا كان ناسياً، وإن كان ذاكراً فعليه القضاء، ولا كفارة عليه؛ لأنه ليس بطعام. قلت: فالصائم يمضغ العلك؟ قال: أكره له ذلك ولا يفطره. قلت: فالمرأة تمضغ لصبيها خبزًا أو طعاماً؟ قال: إن لم تجد من ذلك بداً فلا بأس به. أخبرنا محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن إبراهيم بذلك (¬2). ... باب صدقة الفطر أخبرنا محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن الزهري عن عبد الله بن ثعلبة بن صُعَير (¬3) العُذْرِي (¬4) قال: خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: "أدوا عن كل حر وعبد صغير أو كبير نصف صاع من بر، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير" (¬5). محمد بن الحسن عن أبي معشر عن نافع عن ابن عمر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يأمرهم أن يؤدوا صدقة الفطر قبل أن يخرجوا إلى ¬

_ (¬1) ق: والجص. (¬2) المصنف لعبدالرزاق، 4/ 207؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 306. (¬3) ق: صغير. (¬4) جميع النسخ وط: العدوي. وهو تحريف. والتصحيح من تقريب التهذيب لابن حجر، "عبد الله بن ثعلبة، وثعلبة بن صعير". (¬5) سنن أبي داود، الزكاة، 21. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 2/ 406؛ والدراية لابن حجر، 1/ 269.

المصلى، وقال: "أغنوهم عن المسألة في مثل هذا اليوم" (¬1). قلت: أرأيت المملوك من يؤدي عنه صدقة الفطر؟ قال: مولاه. قلت: فهل يسعه أن لا يؤدي عنه صدقة الفطر؟ قال: لا. قلت: أرأيت الرجل يكون له المملوكون أيؤدي عن كل إنسان منهم نصف صاع من حنطة؟ قال: نعم. قلت: وإن كانوا صغاراً أو كباراً؟ قال: نعم. قلت: فهل يؤدي الرجل عن أم ولده صدقة الفطر؟ قال: نعم، وكذلك المدبر. قلت: فهل عليه أن يؤدي عن مكاتبه صدقة الفطر؟ قال: لا. قلت: فهل يؤدي المكاتب عن نفسه؟ قال: لا. قلت: أرأيت عبداً قد أعتق نصفه وهو يسعى في نصف قيمته هل يجب على مولاه أن يؤدي عنه صدقة الفطر؟ قال: لا. قلت: فهل يجب على العبد أن يؤدي عن نفسه؟ قال: لا في قول أبي حنيفة، وهو عنده (¬2) بمنزلة المكاتب. وقال أبو يوسف ومحمد: على العبد أن يؤدي عن نفسه، وهو بمنزلة الحر، إذا أعتق بعضه فقد عتق كله. قلت: أفرأيت الرجل يكون له المملوكون يهود (¬3) أو نصارى أو مجوس أو إماء هل يجب عليه فيهم صدقة الفطر؟ قال: نعم. قلت: لم وهم كفار؟ قال: لأن ذلك إنما يجب على المولى أن يؤدي عنهم، وليس عليهم شيء. أخبرنا محمد عن أبي يوسف عن عبيدة عن إبراهيم أنه قال: إذا كان للرجل عبد نصراني إنه (¬4) يؤدي عنه صدقة الفطر (¬5). قلت: أرأيت الرجل يكون له العبد وهو مجنون مغلوب لا يفيق ولا يعقل أيجب على مولاه فيه صدقة الفطر؟ قال: نعم، وكذلك الأمة. قلت: أرأيت الرجل يدخل أرض الحرب فيشتري رقيقاً من رقيقهم فيخرجهم إلى ¬

_ (¬1) روي نحو هذا. انظر: سنن الدارقطني، 2/ 152؛ ومعرفة علوم الحديث للحاكم، 131؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 314 - 432. والقسم الأول منه في صحيح البخاري، الزكاة، 76؛ وصحيح مسلم، الزكاة، 22. (¬2) م: عبده. (¬3) م ق: يهودا. (¬4) ق: ان. (¬5) المصنف لعبد الرزاق، 3/ 324؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 399.

دار الإسلام هل يجب عليه فيهم صدقة الفطر وهم كفار؟ قال: نعم. قلت: فأولادهم بمنزلتهم؟ قال: نعم (¬1). قلت: فالرجل تكون (¬2) له أم ولد نصرانية أو يهودية أو مدبرة يهودية أو نصرانية هل يجب عليه فيهم صدقة الفطر؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً له أولاد كبار رجال هل يجب عليه فيهم صدقة الفطر؟ قال: لا، ولكن يجب عليهم أن يؤدوا عن أنفسهم. قلت: فإن كان ولده محتاجاً وهو في عياله هل يجب عليه أن يؤدي عنه؟ قال: لا. قلت: فإن كان ولده صغيرًا هل يجب عليه أن يؤدي عنه؟ (¬3) قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان لولده الصغير مال فأدى أبوه عنه من ذلك المال أيضمن له شيئاً؟ قال: لا في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: لا يؤدي عنه من ماله شيئاً، فإن أدى فهو ضامن، وإنما عليه أن يؤدي عنه من مال الأب. قلت: أفتكره (¬4) أن يؤدي الرجل صدقة الفطر عن ولده من مال ولده وهو صغير في عياله ولا يؤدي من ماله؟ قال: لا أكره له (¬5) ذلك في قول (¬6) أبي حنيفة وأبي يوسف. قلت: فإن لم يكن للابن مال أيؤدي الأب عنه من ماله؟ قال: نعم. قلت: فهل يجب على الرجل أن يؤدي عن امرأته أو أخيه أو أخته (¬7) أو عن ابنة ابنه أو ابن عمه أو ابن عمته أو عن خاله أو عن خالته أو عن ذي رحم محرم منه وهم صغار أو كبار في عياله؟ قال: لا. قلت: وكذلك لا يؤدي عن أبويه وجده وجدته؟ (¬8) قال: نعم. ¬

_ (¬1) م - قلت فأولادهم بمنزلتهم قال نعم. (¬2) ق: يكون. (¬3) م - قال لا قلت فإن كان ولده صغيرا هل يجب عليه أن يؤدي عنه. (¬4) م: أفيكره. (¬5) ق - له. (¬6) م - قول. (¬7) ك: وأخيه وأخته؛ ق: وأخته وأخيه. (¬8) ق: وجدته وجده.

قلت: أرأيت الرجل يكون محتاجاً تحل له الصدقة هل يجب عليه صدقة الفطر وعلى عياله؟ قال: لا (¬1). قلت: أرأيت الرجل يكون له الولد الصغير ولولده مملوك أيجب على أبيه أن يؤدي عن مماليك ابنه؟ قال: لا. قلت: فيعطي عن ولده ولا يعطي عن رقيق ولده؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان لابنه (¬2) مال أله أن يؤدي عنه وعن ولده وعن رقيق ولده من مال ابنه؟ قال: نعم في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. قلت: فإن كان له أخ صغير في عياله وله مال أيجب أن يؤدي عنه صدقة الفطر؟ قال: لا يجب (¬3). قلت: أرأيت الوصي هل يجب عليه أن يؤدي عن اليتيم صدقة الفطر من مال اليتيم؟ قال: نعم. قلت: فهل يعطي عن مملوكه صدقة الفطر؟ قال: نعم في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: لا يؤدي عنهم شيئاً. قلت: أرأيت رجلين بينهما عبيد وإماء هل يجب عليهما فيهم صدقة الفطر؟ قال: لا؛ لأنه ليس لواحد منهما عبد تام، فلا يجب على الرجل في نصف عبد صدقة الفطر. قلت: أرأيت صدقة الفطر دفعها قبل الصلاة أحب إليك أم بعدها؟ قال: أن يدفعها قبل الصلاة أحب إلي. قلت: أرأيت الرجل أتستحب (¬4) له أن يأكل شيئاً قبل الخروج إلى المصلى (¬5) يوم الفطر؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) ك - قلت أرأيت الرجل يكون محتاجا تحل له الصدقة هل يجب عليه صدقة الفطر وعلى عياله قال لا، صح هـ (¬2) ق: لأبيه. (¬3) ق - يجب. (¬4) ك ق: أيستحب. (¬5) م: إلى الغسل.

قلت: أرأيت الرجل تجب عليه صدقة الفطر وهو من أهل خراسان وهو بالكوفة يبعث بها إلى خراسان هل تجزي (¬1) عنه؟ قال: نعم، وقد أساء حيث بعث بها إلى خراسان وهو مقيم بالكوفة، وإنما ينبغي له أن يدفعها حيث تجب عليه. قلت: فإن ضاعت حيث (¬2) بعث بها ولم تصل إلى من بعث بها إليه هل يجزيه ذلك؟ قال: لا، وعليه صدقة الفطر ثانية (¬3) يؤديها حيث وجبت عليه (¬4)؛ لأنها بمنزلة الدين. وكل رقيق للتجارة فليس عليه صدقة الفطر، وإنما صدقة الفطر على ما كان لغير التجارة منهم وفيما كان للغلة والخدمة. قلت: أرأيت الرجل تجب (¬5) عليه صدقة الفطر (¬6) في نفسه وعياله فيعطيها مسكيناً واحداً أيجزيه ذلك؟ قال: نعم؛ لأن هذا بمنزلة الزكاة أعطى مثل قيمته من الزكاة مسكيناً واحداً، أجزاه ذلك. قلت: أرأيت الرجل يكون عنده (¬7) ولد ابنه (¬8) وهو صغير في عياله وأبوهم حي أو ميت، هل على جده أن يؤدي عنهم صدقة الفطر؟ قال: لا. قلت: أرأيت المرأة لها زوج وولد وزوجها محتاج وهي تعول زوجها وولدها هل عليها أن تعطي عنهم صدقة الفطر؟ قال: لا. قلت: أرأيت الرجل يموت مماليكه (¬9) يوم الفطر أيؤدي عنهم صدقة الفطر؟ قال: نعم، إذا انشق الفجر يوم الفطر فإنه يؤدي عنهم، ماتوا أو عاشوا سواء في القياس، وبه نأخذ. قلت: أرأيت الرجل يمر يوم الفطر وأولاده صغار ثم يموت بعضهم قبل أن يؤدي عنهم؟ قال: يؤدي عنه أبوه. قلت: أرأيت الرجل يموت عبده ليلة الفطر هل عليه (¬10) صدقة الفطر؟ قال: لا؛ لأنه لم يصبح يوم الفطر حياً. قلت: أرأيت الرجل يشتري العبد وهو ¬

_ (¬1) ق: هل يجزي. (¬2) ق: حين. (¬3) م: تامة. (¬4) م - عليه. (¬5) ق: يجب. (¬6) ق - الفطر. (¬7) م: عبده. (¬8) م: أبيه. (¬9) ك: مملوكوه؛ ق: مملوكه. (¬10) ق + فيه.

فيه بالخيار ثلاثة أيام، أو البائع فيه بالخيار، فيمر يوم الفطر وهو عنده (¬1) ثم يرده أو يأخذه، على من صدقة الفطر، وكيف إن كان اشتراه للتجارة؟ قال: إن (¬2) أمضى البيع للمشتري فعلى المشتري صدقة الفطر وزكاة التجارة إن كان اشتراه (¬3) للتجارة، وإن كان رده كان صدقته على البائع. قلت: وكذلك إن كان البائع بالخيار فأمضى البيع فهو على المشتري، وإن اختار نقض البيع فهو على البائع؟ قال: نعم. قلت: من تحل (¬4) له الصدقة أتجب (¬5) عليه صدقة الفطر؟ قال: لا. محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن إبراهيم أنه قال: إذا حلت الصدقة للرجل لم تجب (¬6) عليه صدقة الفطر (¬7). قلت: أرأيت الإمام كيف يصنع بما يأخذ من صدقة المسلمين وصدقة الإبل والبقر والغنم والمال وغيره مما أشبه ذلك؟ قال: يقسم صدقة كل بلاد في فقرائهم، ولا يخرجها من تلك البلاد إلى غيرها. قلت: أرأيت الإمام ما أخذ من أموال بني تغلب وصدقاتهم أيقسمها في فقرائهم؟ قال (¬8): لا؛ لأنها ليست بصدقة، إنما هي بمنزلة الخراج، فهي للمسلمين تدفع إلى بيت مالهم. قلت: أرأيت الرجل يكون له مكاتب، فيمكث سنين مكاتباً (¬9) ثم يعجز، هل على مولاه صدقة الفطر فيه لما مضى؟ قال: لا. قلت: أرأيت الرجل يشتري عبداً للتجارة فكاتبه، فمكث سنين ثم عجز بعد ذلك، ثم حال عليه الحول بعدما عجز، أيزكيه زكاة الفطر أم زكاة التجارة؟ قال: عليه زكاة الفطر؛ لأنه قد خرج من حال التجارة حين كاتبه. قلت: أرأيت رجلاً له عبدان أحدهما للتجارة والآخر للخدمة أَبَقَا جميعاً، فمكثا سنة ثم ¬

_ (¬1) م: عبده. (¬2) م - إن. (¬3) ق: اشتراها. (¬4) ق: من يحل. (¬5) ق: أيجب. (¬6) ق: لم يجب. (¬7) المصنف لعبد الرزاق، 3/ 326؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 431. (¬8) م: فقال. (¬9) ق: مكاتب.

وجدهما، هل عليه زكاتهما فيما مضى؟ قال: لا؛ لأنهما كانا آبقين ولا يدري ما حالهما. قلت: وكذلك لو كانا مدبرين أو أم ولد؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يتزوج المرأة على العبد فيدفعه إليها، فجاء يوم الفطر وهو عندها (¬1)، ثم طلقها قبل أن يدخل بها، أعليها (¬2) زكاة الفطر؟ قال: نعم. قلت: فإن كان العبد عند (¬3) الزوج ثم طلقها قبل أن يدخل بها فعليها زكاة الفطر؟ (¬4) قال: لا. قلت: أرأيت الرجل يعول ذوي قرابته من ذوي رحم محرم منه وليس فيهم ولد، أعليه أن يؤدي عنه صدقة الفطر؟ قال: لا، ألا ترى أنه لا يؤدي عن امرأته، فكيف يؤدي عن هؤلاء. قلت: أرأيت الرجل يشتري العبد للتجارة فيحول عليه الحول وهو لا يساوي مائتي درهم، وليس له مال غيره، هل عليه زكاة؟ قال: لا. قلت: فهل عليه صدقة الفطر؟ قال: لا؛ لأنه للتجارة، فلا تجب (¬5) فيه صدقة الفطر. قلت: أرأيت الرجل إن أخر صدقة الفطر حتى مضى يوم الفطر هل يجب عليه أن يؤديها (¬6) بعد ذلك؟ قال: نعم. قلت: فإن كان شهراً أو أكثر من ذلك؟ قال: وإن كان سنتين. قلت: أرأيت صدقة الفطر هل يعطي منها اليهودي أو النصراني أو المجوسي؟ قال: لا يعطيها إلا المسلمين. قلت: فإن أعطى أهل الذمة هل يجزيه ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً أسلم بعد طلوع الفجر يوم الفطر أتجب عليه صدقة الفطر؟ قال: لا. قلت: فإن أسلم ليلة الفطر هل عليه صدقة الفطر؟ (¬7) قال: نعم. ¬

_ (¬1) م: عبدها. (¬2) ق: فعليها. (¬3) م: عبد. (¬4) ق - قال نعم قلت فإن كان العبد عند الزوج ثم طلقها قبل أن يدخل بها فعليها زكاة الفطر. (¬5) ق: يجب. (¬6) م: أن يؤدي؛ م + به ذلك. (¬7) ق - الفطر.

قلت: فإن كان له خمسة دراهم ليس له غيرها هل تجب (¬1) عليه صدقة الفطر؟ قال: لا. قلت: فإن (¬2) كان له مائتا درهم وهي لا تغنيه ولا تغني عياله وعليه مائتا درهم دين أتجب (¬3) عليه صدقة الفطر؟ قال: لا. قلت: أرأيت الرجل يكون له الخادم والدار ليس له مال غيرها هل تجب (¬4) عليه صدقة الفطر؟ قال: لا (¬5). قلت: أرأيت الرجل ليس له طعام حنطة ولا شعير ولكن له ذرة أو سمسم أو نحو ذلك من الحبوب، كم يؤدي من ذلك صدقة الفطر؟ قال: يؤدي من ذلك قيمة نصف صاع من حنطة أو قيمة صاع من شعير أو صاع من تمر. قلت: أرأيت المضارب يشتري عبداً للتجارة على من تكون (¬6) صدقة الفطر؟ قال: ليس على رب المال ولا على المضارب شيء؛ لأن هذا تجب فيه الزكاة زكاة التجارة. قلت: أرأيت رجلاً وجبت عليه صدقة الفطر فلم يؤدها حتى مضى الفطر واحتاج، هل تجب (¬7) عليه صدقة الفطر في حال حاجته (¬8) أو بعدما يصيب مالاً؟ قال: نعم، يجب عليه إذا أصاب مالاً أن يؤدي. قلت: أرأيت رجلاً ارتد عن الإسلام قبل الفطر ثم أسلم يوم الفطر، هل تجب (¬9) عليه صدقة الفطر؟ قال: لا. قلت: أرأيت العبد الآبق هل تجب على مولاه فيه صدقة الفطر؟ قال: لا (¬10). قلت: وكذلك العبد الغصب يغصبه الرجل؟ قال: نعم. قلت: وكذلك العبد المبيع بيعاً (¬11) فاسداً قبل الفطر إذا قبضه المشتري فأعتقه بعد ¬

_ (¬1) ق: هل يجب. (¬2) م - فإن. (¬3) ق: أيجب. (¬4) ق: هل يجب. (¬5) م + قلت فإن أسلم ليلة الفطر هل عليه صدقة الفطر قال لا. (¬6) ق: يكون. (¬7) ق: هل يجب. (¬8) م: حياته. (¬9) ق: هل يجب. (¬10) م - لا. (¬11) ق: سعا.

الفطر، فليس على البائع فيه صدقة الفطر؟ قال: نعم. قلت: فعلى من يكون؟ قال: على المشتري. قلت: أرأيت العبد يأسره (¬1) العدو هل على مولاه صدقة الفطر؟ قال: لا. قلت: أرأيت العبد إذا اشتراه مولاه للخدمة ثم أذن له في التجارة واستدان فأَغْلَقَ (¬2) رقبتَه في الدين ولمولاه مال كثير هل عليه فيه صدقة الفطر؟ قال: نعم. قلت: فهل على المولى في رقيق العبد صدقة الفطر؟ قال: لا (¬3). قلت: من أين افترق العبد وعبيده؟ قال: عبيده للتجارة، وعليه دين، ولو لم يكن عليه دين لم يكن عليه (¬4) فيهم صدقة الفطر وكان عليه صدقة التجارة. قلت: أرأيت عبداً للتجارة لا يساوي مائتي درهم وليس لمولاه مال غيره، هل يجب (¬5) على مولاه زكاة التجارة؟ قال: لا. قلت: فهل عليه زكاة الفطر؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: من وجهين: من قبل التجارة، ومن قبل أنه لا يجب على مولاه صدقة. قلت: أرأيت الرجل يبيع العبد بيعاً فاسداً فلا يقبضه المشتري حتى يمضي الفطر، ثم يقبضه فيعتقه، على من زكاة الفطر وقد كان لغير التجارة؟ قال: زكاة الفطر على البائع. قلت: فلو كان المشتري قد قبضه قبل الفطر ثم رده بعد الفطر وهو لغير التجارة؟ قال: يكون على البائع؛ لأنه (¬6) قد رد عليه. قلت: فلو أعتقه المشتري أو باعه؟ قال: زكاة الفطر على المشتري. قلت: أرأيت الرجل المعتوه له رقيق وهو غني هل عليه في نفسه ورقيقه زكاة الفطر؟ قال: نعم، هو في ذلك بمنزلة اليتيم في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: لا شيء عليه في نفسه ولا في رقيقه. قلت: أرأيت الرجل الكافر له عبد مسلم هل يجب على عبده زكاة ¬

_ (¬1) ق: يأمره. (¬2) غَلِقَ الرهن من باب لَبِس، إذا استحقه المرتهن، ومنه "أذن لعبده في التجارة وغَلِقَتْ رقبته بالدين"، أي استُحقت به فلم يقدر على تخليصها. انظر: المغرب، "غلق". وأَغْلَقْتُ الرهنَ، أي أوجبته، فغَلِقَ للمرتهن، أي وجب له. انظر: لسان العرب، "غلق". (¬3) م - قال لا، صح هـ. (¬4) م - عليه. (¬5) ك ق - يجب. (¬6) م + يكون.

باب الاعتكاف

الفطر أو على مولاه؟ قال: لا؛ لأن مولاه كافر لا صلاة عليه ولا زكاة، وإنما أنظر إلى المولى في هذا. قلت: المكاتب له رقيق هل عليه فيهم زكاة الفطر؟ قال: لا. قلت: فالعبد الوديعة أو العارية أو الإجارة؟ قال: على رب العبد. قلت: أرأيت العبد الموصى بخدمته لرجل وبرقبته لآخر على من زكاة الفطر فيه؟ قال: على صاحب الرقبة. قلت: العبد الذي يجني الجناية عمداً أو خطأ فيها قصاص أو ليس فيها قصاص على من زكاة الفطر؟ قال: على رب العبد. قلت: أرأيت رجلاً رهن عبداً له أو أمة من يؤدي عنه زكاة الفطر؟ قال: على الراهن إذا كان عنده (¬1) وفاء بذلك الدين وفضل مائتي درهم، فإن لم يكن عنده ذلك فليس عليه صدقة الفطر. قلت: وكم زكاة الفطر؟ قال: نصف صاع من حنطة عن كل حر أو عبد صغير أو كبير. قلت: أرأيت الرجل يكون بينه وبين رجل رقيق لغير التجارة أيؤدي عنهم صدقة الفطر هو وصاحبه؟ قال: لا في قول أبي حنيفة. وقال محمد: على كل واحد منهما صدقة الفطر، وهذا بمنزلة الغنم السائمة تكون (¬2) بين الرجلين؛ لأنا نرى قسمة الرقيق جائزاً (¬3)، ويقسم الرقيق إذا كانوا بين رجلين (¬4). ... باب الاعتكاف أبو الحسن محمد بن الحسن (¬5) قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عثمان قال: حدثنا محمد بن سعدان عن الجوزجاني قال: أخبرنا محمد عن أبي ¬

_ (¬1) م: عبده. (¬2) م - تكون. (¬3) م ق: جائز. (¬4) م: الرجلين؛ ك م ق + كتاب أبو بكر إلى هذا الموضع. (¬5) جميع النسخ: بن الحسين. وقد ورد أول كتاب الصوم "بن الحسن".

يوسف عن ليث بن أبي سليم عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس وعن عائشة - رضي الله عنهم - أنهما قالا: لا اعتكاف إلا بصوم (¬1). أخبرنا محمد عن أبي يوسف عن جويبر عن الضحاك بن مزاحم قال: مر عبد الله بن مسعود وحذيفة بن اليمان على قوم يعتكفون (¬2) في مسجد، فقال عبد الله: هل يكون اعتكاف إلا في المسجد الحرام؟ قال حذيفة (¬3): نعم، كل مسجد له إمام ومؤذن فإنه يعتكف فيه (¬4). أخبرنا محمد عن أبي يوسف عن ليث بن أبي سليم عن الحكم عن مقسم عن علي بن أبي طالب رضوان الله عليه أنه قال: ليس على المعتكف صوم إلا أن يوجبه على نفسه (¬5). وبلغنا عن حذيفة أنه قال: لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة (¬6). وليس ينبغي للمعتكف أن يخرج من المسجد لحاجة ما خلا (¬7) الجمعة والغائط والبول، فأما عيادة المريض وشهادة الجنازة فليس ينبغي له أن يخرج لذلك، وكذلك ما سوى ذلك من الحوائج. فإن خرج لجمعة أو غائط أو ¬

_ (¬1) المصنف لعبد الرزاق، 4/ 354؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 333؛ وسنن أبي داود، الصوم، 80. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 2/ 486؛ والدراية لابن حجر، 1/ 287. (¬2) ك: معتكفون؛ ق: معتكفين. (¬3) ق - حذيفة؛ صح هـ. (¬4) روي بمعناه لكن بجعل ابن مسعود مكان حذيفة وحذيفة مكان ابن مسعود - رضي الله عنهما -. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 4/ 348؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 337؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 4/ 316؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 490؛ ومجمع الزوائد للهيثمي، 3/ 174. وروى الدارقطني من طريق إسحاق الأزرق عن جويبر عن الضحاك عن حذيفة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "كل مسجد له مؤذن وإمام فالاعتكاف فيه يصلح"، وقال: الضحاك لم يسمع من حذيفة. انظر: سنن الدارقطني، 2/ 200. وانظر الحاشية الآتية قريباً. (¬5) المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 333. (¬6) المعجم الكبير للطبراني، 9/ 301. وروي عن علي - رضي الله عنه -. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 4/ 346. (¬7) ق + إلى.

بول فدخل بيتاً أو مر فيه فلا بأس بذلك، ولا يفسد ذلك اعتكافه. وليس ينبغي له أن يمكث في منزله بعد فراغه من الوضوء. وليس ينبغي له أن يمكث (¬1) بعد الجمعة. وينبغي له أن يأتي الجمعة حين تزول الشمس، فيصلي قبلها أربعاً وبعدها أربعاً أو ستاً (¬2). وما كان من أكل أو شراب فإنه يكون في معتكفه. واذا مرض المعتكف فخرج من المسجد يوماً أو أكثر من نصف يوم فعليه أن يستقبل الاعتكاف إن كان اعتكافاً واجباً. وهذا قول أبي يوسف. وقال أبو حنيفة: إذا خرج ساعة من المسجد من غير عذر استقبل الاعتكاف. وكذلك إذا خرج من المسجد لغير حاجة يوماً أو أكثر من نصف يوم فعليه أن يستقبل اعتكافه في قول أبي يوسف. وكذلك لو أفطر يوماً كان عليه أن يستقبل اعتكافه. وكذلك لو واقع امرأته كان عليه أن يستقبل اعتكافه. ولا تعتكف المرأة إلا في مسجد بيتها، ولا تعتكف (¬3) في مسجد جماعة. وإذا جعل الرجل على نفسه لله أن يعتكف شهراً أو ثلاثين يوماً ولم ينو شهراً بعينه فإن ذلك سواء، وهو متتابع عليه في ذلك الليل والنهار، ويفتتح ذلك متى شاء. وإذا قال الرجل: لله علي أن أعتكف شهراً بالنهار، فله أن يعتكف بالنهار دون الليل، وهو بمنزلة قوله: لله علي أن لا أكلم فلاناً شهراً بالنهار (¬4)، فهو كما قال. وإذا جعل الرجل لله (¬5) على نفسه اعتكاف ثلاثين يوماً ولم يقل: متتابعاً، فهو متتابع (¬6). وإذا افتتح الرجل ذلك واعتكف فعليه الليل والنهار، ¬

_ (¬1) م + في منزله بعد فراغه من الوضوء وليس ينبغي له أن يمكث. (¬2) م: أو شيا. (¬3) ق: يعتكف. (¬4) م - بالنهار. (¬5) م - لله. (¬6) ق - فهو متتابع.

فإن ترك شيئاً من ذلك أفسد عليه اعتكافه وكان عليه أن يستقبل، وليس هذا كالصوم؛ ألا ترى أنه لو جعل لله على نفسه أن يصوم ثلاثين يوماً ولم ينو متتابعاً كان له (¬1) أن يفرق إن شاء. أولا ترى أنه يفطر بالليل. وإذا جعل الرجل لله عليه أن يعتكف شهراً بعينه قد سماه، فذهب ذلك الشهر قبل أن يفعل، فعليه أن يعتكف شهراً سواه، وعليه كفارة يمين إن كان أراد يميناً، فإن لم يكن أراد يميناً فليس عليه كفارة. وإذا جعل الرجل لله على نفسه أن يعتكف شعبان، فاعتكفه إلا يوماً واحداً، فعليه أن يقضي يوماً مكانه. وإذا جعلت المرأة لله عليها أن تعتكف شهراً، فحاضت فيه، فعليها أن تقضي أيام حيضها وتصل بالشهر؛ لأن أيام حيضها كأنها ليل، فإن لم تصل الأيام التي تقضي بالشهر أفسدت على نفسها اعتكافها، وكان عليها أن تستقبل الاعتكاف. وليس الحيض كغيره؛ لأن الحيض عذر يصيبها في كل شهر، فإذا لم تصل الاعتكاف بالأيام التي تقضي أمرتها فأعادت. هو بمنزلة الشهرين المتتابعين (¬2). وإذا اعتكف الرجل من غير أن يوجب على نفسه شيئاً فهو معتكف، فإن خرج من المسجد فقطع (¬3) الاعتكاف فليس عليه شيء من قبل أنه لم يوجب على نفسه شيئاً، وهو معتكف ما أقام في المسجد، تارك لذلك حين يخرج منه. وإذا اعتكف الرجل وهو في المسجد ثم انهدم فهذا عذر، ولا بأس بأن يخرج إلى مسجد آخر. ولا بأس بأن يشتري المعتكف ويبيع في المسجد وأن يتحدث (¬4) بما بدا له من الحديث بعد أن لا يكون بمأثم. وليس في الاعتكاف صمت؛ لأنه ¬

_ (¬1) ق - له. (¬2) أي: بمنزلة صوم المرأة لشهرين متتابعين إذا حاضت خلال ذلك. وقد تقدمت هذه المسألة قريباً. (¬3) م: يقطع. (¬4) م: نتحدت.

بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن الصمت (¬1). وإذا اعتكف الرجل اعتكافاً واجباً فأخرجه السلطان مكرهاً أو غير سلطان، فإن دخل مسجداً غير ذلك المسجد مكانه استحسنت أن يكون على اعتكافه، وأدع القياس في ذلك، وإن أخذ (¬2) في عمل غير ذلك أو حبسه حابس عن المسجد يوماً أو أكثر من نصف يوم انتقض اعتكافه وكان عليه أن يستقبل اعتكافه. وإن خرج المعتكف لغائط أو بول من المسجد فلقي غريماً له فلزمه يوماً أو أكثر من نصف يوم انتقض اعتكافه إذا كان واجباً، ولو حبسه (¬3) ساعة أو نحو ذلك لم ينتقض اعتكافه، أستحسن ذلك وأدع القياس فيه. وأما في قول أبي حنيفة فإن اعتكافه فاسد. وقال أبو يوسف: قال أبو حنيفة: إذا خرج من المسجد ساعة أو أكثر لغير غائط ولا بول ولا جمعة فقد أفسد اعتكافه، وعليه أن يستقبل الاعتكاف، وكذلك إذا جامع امرأته فقد أفسد اعتكافه (¬4). وقال أبو يوسف ومحمد: إذا خرج أكثر من نصف يوم أفسد اعتكافه، وإذا خرج أقل من ذلك لم يفسد اعتكافه. والاعتكاف الواجب أن يقول الرجل: لله علي اعتكاف كذا وكذا، أو يجعل عليه ذلك إن كلم فلاناً فكلمه (¬5)، أو إن قدم فلان فقدم (¬6) فلان (¬7)، ¬

_ (¬1) روي من طريق الإمام أبي حنيفة عن أبي هريرة وغيره مرفوعاً. انظر: مسند أبي حنيفة لأبي نعيم، 192؛ وجامعِ المسانيد للخوارزمي، 1/ 472, 474 , 476. وروي عن علي - رضي الله عنه - موقوفاً ومرفوعاً، وكذلك روي عن جابر - رضي الله عنه - مرفوعاً. ولفظه: "ولا صَمْتَ يوم إلى الليل". انظر: المصنف لعبد الرزاق، 6/ 416, 464، 8/ 465؛ وكتاب السنن لسعيد بن منصور، 1/ 291؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 7/ 319, 461. (¬2) م: اجد. (¬3) ق: حابسه. (¬4) م - وعليه أن يستقبل الاعتكاف وكذلك إذا جامع امرأته فقد أفسد اعتكافه. (¬5) م: وكلمه. (¬6) م: يقدم. (¬7) ق - فلان.

أو إن برئ فلان من مرض كذا وكذا فبرئ فلان من ذلك المرض. والاعتكاف الذي ليس بواجب: الذي يعتكفه (¬1) وهو ينوي شيئاً ولا يتكلم به. واذا جعل الرجل لله عليه أن يعتكف يوماً اعتكف ذلك اليوم متى شاء، وإذا أراد أن يفعل ذلك (¬2) دخل المسجد قبل طلوع الفجر، فإذا غربت الشمس فقد قضى اعتكافه، وإذا دخل بعدما طلع (¬3) الفجر فلا يجزيه من اعتكافه؛ لأن هذا أقل من يوم، وليس عليه أن يعتكف من الليل شيئاً. ولو جعل لله عليه أن يعتكف يومين، فإنه ينبغي له أن يدخل (¬4) قبل غروب الشمس، فيعتكف ليلة يومه والليلة المستقبلة والغد إلى أن تغيب الشمس. وكذلك لو جعل لله على نفسه أن يعتكف أياماً كثيرة أو قليلة دخل المسجد قبل غروب الشمس، ثم اعتكف ليلته ويومه ذلك وما استقبل من الأيام والليالي حتى يستكمل العدد. يَدخل الليل في الاعتكاف ولا يَدخل في الصوم؛ لأنه معتكف بالليل ولا يصومه. وإذا جعل الرجل لله على نفسه اعتكاف شهر بعينه، فإنه ينبغي له أن يدخل المسجد قبل أن تغيب الشمس، فتغيب الشمس وهو في المسجد، فيستقبل الشهر بأيامه ولياليه؛ لأن الليلة من الشهر وليست من اليوم. وإذا جامع الرجل امرأته وهو في اعتكاف واجب فقد أساء، وقد أفسد اعتكافه، وعليه أن يستقبل اعتكافه. وكذلك المرأة إذا جامعها زوجها. ولو كانت مباشرة دون الجماع أنزل فيها فأوجب عليه فيه الغسل كان ذلك بمنزلة الجماع. وكذلك المرأة يكون منها ما يكون من الرجل من الدفق. وإن لم يكن أنزل ولا أنزلت فقد أساءا جميعاً في ذلك، ولا يفسد ذلك عليهما اعتكافهما في قول أبي يوسف. وأما في قول أبي حنيفة فإن كانا خرجا من المسجد فقد فسد اعتكافهما. ¬

_ (¬1) ق: تعتكفه. (¬2) ك ق - ذلك. (¬3) م: فإذا دخل ما طلع؛ ق: بعد طلوع. (¬4) م: أن يعتكف، صح هـ.

وإذا أوجب الرجل على نفسه اعتكافاً، ثم مات قبل أن يقضيه، فلا يقضيه أحد عن أحد؛ لأنه لا يكون اعتكافاً إلا بصوم، ولا يصوم أحد عن أحد (¬1). وكذلك بلغنا عن عبد الله بن عمر وعن إبراهيم النخعي أنهما قالا ذلك (¬2)، ولكنه يطعم عنه لكل يوم نصف صاع من حنطة لكل مسكين. وإذا مرض الرجل حين قال هذه المقالة فلم يزل مريضاً حتى مات فلا شيء عليه، ولا يكون عليهم أن يقضوا عنه شيئاً مِن قِبَل أنه لم يصح. ولو جعل رجل عليه أن يعتكف ليلة أو يوماً قد أكل فيه فليس عليه شيء. وإذا قالت المرأة: لله علي (¬3) أن أعتكف أيام حيضي، فلا اعتكاف عليها. وكذلك لو قال الرجل: لله علي أن أعتكف اليوم الذي يقدم فيه فلان أبداً، فقدم فلان ليلاً، فلا اعتكاف عليه. وإن قدم نهاراً في يوم قد أكل فيه الحالف فليس عليه أن يعتكف في ذلك اليوم، وعليه أن يعتكف في كل يوم يأتي عليه مثل ذلك اليوم. ولو قدم فلان في يوم بعد الظهر كان مثل ذلك أيضاً. وإذا جعل الرجل على نفسه أن يعتكف شهراً قد سماه، فإذا ذلك الشهر الذي سماه (¬4) وعناه قد مضى، ولا يعلم حين حلف بمضيه، فلا شيء عليه، ولا اعتكاف عليه، وهو بمنزلة قوله: لله علي أن أعتكف أمس. ولو أن معتكفاً في اعتكاف واجب أحرم بالحج أو بالعمرة أو بهما جميعاً لزمه الإحرام مع الاعتكاف، ويقيم في اعتكافه حتى يفرغ. فإن خاف أن يفوته الحج خرج فقضى حجته أو عمرته التي جعل لله على نفسه، وكان عليه أن يستقبل الاعتكاف. ¬

_ (¬1) م - لأنه لا يكون اعتكافا إلا بصوم ولا يصوم أحد عن أحد. (¬2) تقدم تخريجه. (¬3) م - علي، صح هـ. (¬4) ق: الذي قد سماه.

ولو اعتكف الرجل في المسجد الحرام في اعتكاف واجب فذلك أفضل من اعتكافه في غيره. وكذلك مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو أفضل من الاعتكاف فيما سواه إلا المسجد الحرام. وكل ما عظم من المساجد وكثر أهله فهو أفضل. ومسجد الجامع أفضل مما سواه من المساجد بعد المسجد الحرام ومسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إلا ما كان مثله من (¬1) مساجد الجماعة، ما خلا هذين المسجدين. وإذا جعل الرجل لله على نفسه الاعتكاف (¬2) ثم رجع عن الإسلام ثم أسلم فليس عليه اعتكاف، هدم الشرك الاعتكاف. وإذا جعل العبد على نفسه الاعتكاف أو الأمة فلمولاه أن يمنعه ذلك، فإذا أعتقا كان عليهما أن يقضيا الاعتكاف الذي كانا أوجبا على أنفسهما. وكذلك المرأة إذا جعلت على نفسها الاعتكاف فلزوجها أن يمنعها. وأما أم الولد والمدبرة فهما بمنزلة العبد في ذلك. فأما المكاتب فإذا جعل على نفسه اعتكافاً معلوماً كان عليه أن يعتكفه؛ لأن المولى لا يستطيع أن يحول بينه وبين ذلك. وكذلك العبد الذي قد أعتق بعضه وهو يسعى في نصف قيمته. وإذا أكل المعتكف ناسياً بالنهار فصومه تام، ويمضي على اعتكافه. وإذا جامع (¬3) ناسياً بالنهار فقد أفسد اعتكافه، ولا يشبه الجماع في هذا الموضع الأكل والشرب؛ لأن الجماع يحرم عليه بالليل كما يحرم عليه بالنهار، ولم يحرم مِن قِبَل الصوم. وصار الجماع بمنزلة الخروج من المسجد؛ ألا ترى أنه لو خرج ناسياً كان خروجه كخروجه متعمداً، فكذلك (¬4) الجماع. وأما الصوم في غير الاعتكاف إذا جامع فيه ناسياً فإن الجماع لا يفسد الصوم كما يفسد الاعتكاف. ¬

_ (¬1) ق - من. (¬2) ق: للاعتكاف. (¬3) ك - ناسيا بالنهار فصومه تام ويمضي على اعتكافه وإذا جامع، صح هـ؛ م: فإذا جامع. (¬4) م: وكذلك.

وإذ جعل الرجل على نفسه اعتكاف أيام معلومة إن كلم فلاناً أو إذا فى خل دار فلان أو فعل كذا وكذا، ففعل ذلك، فعليه أن يعتكف، وليس عليه كفارة دون الاعتكاف. وإذا قال في يمينه: إن شاء الله، ووصلها بكلامه، فليس عليه شيء. وإذا قال: إن كنت دخلت دار فلان فعلي اعتكاف شهر، وقد كان دخلها وهو لا يعلم يومئذ، فعليه الاعتكاف الذي أوجبه (¬1) على نفسه. وإذا أُغمي على المعتكف أياماً أو أصابه لَمَم في اعتكاف واجب عليه فعليه إذا برأ (¬2) وصح أن يستقبل الاعتكاف. ولو تطاول به اللمم وصار معتوهاً لا يفيق فمكث ذلك سنين كان هذا والفرائض التي افترض (¬3) الله تعالى عليه سواء في القياس، لا يقضي ولا يكون عليه شيء، ولكنا ندع القياس ونوجب عليه القضاء؛ لأنه إذا أحرم بالحج ثم أصابه (¬4) ذلك ثم أفاق أوجبت عليه القضاء. وإذا جعل الأعمى أو المقعد على نفسه الاعتكاف لزمه كما يلزم الصحيح. وإذا جعل المريض على نفسه الاعتكاف وهو مريض لا يطيق ذلك ثم مات قبل أن يبرأ فلا شيء عليه. وإذا جعل الصحيح على نفسه اعتكاف شهر فمرت عليه عشرة أيام ثم مات، فإنه ينبغي لورثته أن يقضوا عنه شهراً، يُطْعَمُ لذلك ثلاثين مسكيناً، لكل مسكين نصف صاع من حنطة، فإن أبوا أن يفعلوا ذلك لم يجبروا على شيء منه. ولا بأس بأن يلبس المعتكف والمعتكفة ما بدا لهما من الثياب. ويأكلان ما بدا لهما من الطعام، ويتطيبان بما (¬5). بدا لهما من الطيب (¬6)، ¬

_ (¬1) م: اوجبته. (¬2) م ق: إذا بري. (¬3) م: افرض. (¬4) ق: ثم أصانه. (¬5) ق: ما. (¬6) ق: من طيب

ويدهنان بما شاءا من الدهن، وليسا في ذلك كالمُحْرِم. ولا بأس بأن يعتكف العبد إذا أذن له مولاه أو الأمة أو أم الولد والمدبرة والمدبر. وكذلك المرأة إذا أذن لها زوجها، وليس له أن يمنعها (¬1). وللمولى أن يمنع رقيقه الاعتكاف، ولا مأثم عليه في ذلك، إلا أن يكون قد أذن لهم، فإن كان قد أذن لهم فإني أكره له أن يمنعهم بعدما قد كان أذن لهم، فإن منعهم بعد الإذن فليس عليه شيء غير أنه قد أساء (¬2) وأثم حين منعهم بعد الإذن. ولا بأس بأن ينام المعتكف في المسجد. ولا يفسد الاعتكاف كلام ولا سباب ولا جدال، غير أنه لا ينبغي له أن يتعمد لشيء من ذلك فيه مأثم. ولو نظر المعتكف إلى امرأته وأنزل لم يفسد ذلك عليه اعتكافه، ووجب عليه الغسل. وإذا أخرج المعتكفَ سلطانٌ في حدّ عليه أو له، يوماً أو أكثر من نصف يوم، أفسد عليه اعتكافه. ولو سكر المعتكف ليلاً لم يفسد عليه اعتكافه. ولو كان رجل معتكف في مسجد وهو مؤذن فصعد إلى المنارة لم يفسد ذلك عليه اعتكافه. ولو كان باب المئذنة (¬3) خارجاً من المسجد لم يفسد ذلك عليه اعتكافه. ولو نسي المعتكف فخرج من المسجد ثم ذكر بعد ذلك فدخل المسجد لم يفسد ذلك عليه اعتكافه في قول أبي يوسف (¬4). ¬

_ (¬1) وقد قال في المتن قبل قليل: وكذلك المرأة إذا جعلت على نفسها الاعتكاف فلزوجها أن يمنعها. فلعل المقصود هو أنه ليس له أن يرجع عن الإذن ويمنعها بعدما أذن لها كما قال ذلك في حق الرقيق في المسألة التالية. انظر: المبسوط، 1/ 125. (¬2) ق: قد اشا. (¬3) م: المبدية (الباء مهملة). (¬4) وفي ط: أبي حنيفة، ولم يشر إلى اختلاف النسخ. وهو خطأ. وقد ذكر المؤلف في هذا الباب أن خروج المعتكف ساعة مفسد للاعتكاف عند الإمام أبي حنيفة. وذكر أيضا أن الخروج ناسيا وعامدا سواء.

وقال أبو يوسف ومحمد: لا بأس للمعتكف أن يخرج رأسه من المسجد إلى بعض أزواجه وأهله فيغسله. وإن غسله في المسجد في إناء (¬1) فلا بأس به. أخبرنا محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أن عائشة زوجة النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت تغسل رأس النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي حائض وهو معتكف، يخرج رأسه من المسجد فتغسله (¬2). أخبرنا محمد عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه (¬3) كان إذا أراد أن يعتكف أصبح في المكان الذي يريد أن يعتكف فيه (¬4). قال: وبلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر بقُبّة (¬5) أو خيمة فضربت له حيث أراد أن يعتكف، فإذا قِبَاب وخيام مضروبة، فقال: "ما هذا؟ "، قالوا: لعائشة ولحفصة ولزينب. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "آلبرَّ يُرِدْنَ (¬6) بهن؟ "، ثم أمر بخيمته فنقضت، فلم يعتكف تلك العشر، فلما دخل شوال اعتكف مكانها عشراً (¬7). قال (¬8): وبلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه اعتكف في العشر الوسطى من رمضان، فلما فرغ من اعتكافه أتاه جبريل - عليه السلام - فقال له: إن ما تطلب (¬9) وراءك. قال: فخطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صبيحة ¬

_ (¬1) ق: في إبا. (¬2) م: فيغسله. ورواه الإمام محمد بنفس الإسناد في الآثار، 14. وكذلك الإمام أبو يوسف في الآثار، 26. وانظر: جامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 474. والحديث صحيح مشهور. انظر: صحيح البخاري، الحيض، 2؛ وصحيح مسلم، الحيض، 8. (¬3) ق - أنه. (¬4) صحيح البخاري، الاعتكاف، 7؛ وصحيح مسلم، الاعتكاف، 6. (¬5) القبة من الخيام بيت صغير مستدير، وهو من بيوت العرب. انظر: لسان العرب، "قبب". (¬6) ك ق: تردن. (¬7) هذا دوام الحديث السابق، وهو حديث واحد. (¬8) ق - قال. (¬9) ق: يطلب.

العشرين، ثم قال: "إني أرى أني (¬1) أسجد في ماء وطين، فمن كان اعتكف معنا فليَعُدْ إلى معتكفه". فقال أبو سعيد الخدري: فهاجت السماء عشيته، وكان عَرِيش (¬2) المسجد من جَرِيد (¬3)، فوَكَفَ (¬4). فقال أبو سعيد الخدري (¬5): فوالذي بعثه بالحق ص لقد صلى بنا المغرب ليلة إحدى وعشرين، وإني لأنظر إلى جبهته وأرنبة أنفه في الماء والطين. قال محمد: حدثنا بهذا الحديث أبو يوسف عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري (¬6). وإذا قال الرجل: لله علي أن أعتكف شهراً بالنهار دون الليل، فله أن يعتكف بالنهار دون الليل إن شاء. وإذا قال: شهراً، ونوى النهار دون الليل فعليه النهار والليل في ذلك، وليست نيته هاهنا بشيء، وهو بمنزلة رجل قال: لله علي أن لا أكلم فلاناً شهراً، ينوي النهار دون الليل، فعليه الليل والنهار. وإذا جعل الرجل لله (¬7) عليه أن يعتكف (¬8) يوم النحر ويوم الفطر وأيام (¬9) التشريق، فعليه أن يفطر ويعتكف أياماً مكانها، ويكفر يمينه إذا مضت تلك الأيام إن كان أراد بذلك يميناً. ولو اعتكف يوم النحر ويوم الفطر وأيام التشريق كما جعل لله على نفسه وصام أجزاه ذلك، وقد أساء؛ لأنه لا ينبغي له أن يكون صائماً في تلك الأيام، وتلك الأيام ليست بأيام ¬

_ (¬1) م: أرى أن. (¬2) العَرِيش هو السقف. انظر: لسان العرب، "عرش". (¬3) الجريد أغصان النخل. انظر: لسان العرب، "جرد". (¬4) وَكَفَ البيت وَكِيفاً أي قَطَرَ سقفُه. انظر: المغرب، "وكف". (¬5) ق + ابيد (مهملة). (¬6) صحيح البخاري، الاعتكاف، 1؛ وصحيح مسلم، الصيام، 213 - 217. (¬7) ق - لله. (¬8) ق + لله. (¬9) ق: ويام.

صوم. ألا ترى أنه نهي عن صوم هذه الخمسة الأيام (¬1) لأن صومها صوم (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح البخاري، الصوم، 66، 68؛ وصحيح مسلم، الصيام، 138 - 145. (¬2) لم يتنبه الأفغاني -رحمه الله- إلى معنى العبارة هنا، فقال: كذا في الأصول. والمؤلف -رحمه الله- يعني أن صوم هذه الأيام يطلق عليه شرعأ اسم الصوم. وقد كرر المؤلف -رحمه الله- ذكر هذه المسألة في أول كتاب الطلاق عند بحث مسألة وقوع الطلاق البدعي. انظر: 3/ 25 ظ. وقال السرخسي: إن الصوم مشروع في هذه الأيام، فإن النبي نهى عن صوم هذه الأيام، وموجب النهي الانتهاء. والانتهاء عما ليس بمشروع لا يتحقق، ولأن موجب النهي الانتهاء على وجه يكون للعبد فيه اختيار بين أن ينتهي فيثاب عليه وبين أن يُقْدِم على الارتكاب فيعاقب عليه، وذلك لا يتحقق إذا لم يبق الصوم مشروعاً فيه. انظر: المبسوط، 3/ 96. ويوجد في نسخة ك هنا هذه الزيادة: آخر كتاب الصيام والاعتكاف وصلى الله على محمد نبيه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً؛ وفي نسخة م: آخر كتاب الصيام والاعتكاف الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم حسبنا الله ونعم الوكيل؛ وفي نسخة ق: آخر كتاب الصيام والاعتكاف الحمد لله رب العالمين اللهم صل على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

باب في الاعتكاف والصيام من الجامع الكبير

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) باب في الاعتكاف والصيام (¬2) من الجامع الكبير (¬3) وإذا قال الرجل: لله علي أن أعتكف شهراً، ولم ينو شهراً بعينه، فله أن يعتكف أي شهر شاء، ولكن لا بد من أن (¬4) يتابع (¬5) بين اعتكافه ولا يفرق. فإن قال: نويت أن أعتكف بالنهار دون الليل، لم تكن (¬6) نيته تلك شيئاً؛ لأن الشهر يدخل فيه الليل والنهار، والاعتكاف يجب بالليل والنهار، فلذلك كان عليه الشهر متتابعاً. ¬

_ (¬1) م + وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم؛ ق + اللهم صل على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيراً. (¬2) ق: في الصيام والاعتكاف. (¬3) هذا الباب ثابت في جميع النسخ وط. فيظهر أنه أضاف بعض الرواة هذا الباب من الجامع الكبير للإمام محمد تكثيرًا للمسائل وتوسيعًا للكتاب. انظر: الجامع الكبير للإمام محمد، 14 - 15. وهناك تغيير قليل في الألفاظ بين النصين. ويوجد في هامش نسخة كوبريلي: نوادر الصوم رواية أبي سليمان. لكن الجامع الكبير لير من النوادر وإنما هو من كتب ظاهر الرواية. وقد جعلنا هذا الباب كله بين معقوفتين لأنه ليس من كتاب الأصل. وقد شرح السرخسي مسائل هذا الباب وما بعده في كتاب نوادر الصوم من المبسوط، 3/ 128 - 146. (¬4) ق - أن. (¬5) ق: تتابع. (¬6) ق: لم يكن.

وإن قال: لله علي أن أصوم شهراً، ولم ينو شهراً بعينه ولا متتابعاً، ولا نية له، فإن شاء فرق بين صومه، وإن شاء وصل؛ لأن الصوم يكون بالنهار دون الليل، فلذلك كان له أن يفرق إن شاء. واذا قال: لله علي اعتكاف شهر، فعليه اعتكاف بصومه (¬1) لا بد منه؛ لأن الاعتكاف لا يكون إلا بصوم، والليل لا يكون فيه صوم. وإذا قال: لله علي أن أعتكف يوماً، وجب عليه أن يعتكف يوماً يصوم (¬2) فيه، يدخل المسجد قبل طلوع الفجر، فيقيم فيه صائماً إلى أن تغيب الشمس، ولا يخرج منه إلا لغائط أو بول أو جمعة. وإذا قال: لله علي أن أعتكف ليلتين، فعليه أن يعتكف ليلتين (¬3) بيوميهما، يدخل المسجد قبل أن تغيب الشمس، فيقيم فيه تلك الليلة ويصبح صائماً، ويقيم فيه الليلة الأخرى ويصبح صائماً معتكفاً إلى الليل. ولا يشبه قوله: لله علي اعتكاف ليلة، قوله: لله علي اعتكاف ليلتين؛ لأن الليلتين (¬4) تكونان (¬5) بيوميهما، والليلة لا تكون بيوميها (¬6). ألا ترى أنه لو قال: لله علي أن أعتكف ثلاثين ليلة، دخل (¬7) في ذلك الليل والنهار، وكان بمنزلة قوله: لله علي أن اعتكف شهراً. ولو قال: لله علي أن أعتكف يومين، كان عليه أن يعتكف (¬8) يومين بليلتيهما، فينبغي له إذا أراد ذلك أن يدخل المسجد قبل غروب الشمس، فيمكث فيه يومه وليلته (¬9) والليلة الأخرى ويومها. وإذا قال: لله علي أن أعتكف ثلاثين (¬10) ليلة، وقال: نويت الليل دون النهار، فليس عليه شيء؛ لأن الصيام لا يكون بالليل، ولا يكون اعتكاف إلا بصوم. وإن قال: لله علي أن أعتكف ثلاثين يوماً، وقال: ¬

_ (¬1) ك: يصومه. (¬2) ق: يوم. (¬3) م - فعليه أن يعتكف ليلتين. (¬4) ق: لا اللتين. (¬5) ق: يكونان. (¬6) ك ق: بيومها؛ م: بيوميهما. (¬7) ق: ذخل. (¬8) ك ق: كان عليه اعتكاف. (¬9) ك ق: ليلته ويومه. (¬10) ك: ليلتين.

نويت النهار دون الليل، فهو كما قال، وإن شاء فرق اعتكافه، وإن شاء (¬1) جمع؛ لأن هذا بمنزلة الصوم. وإذا قال: لله علي أن أعتكف شهر رمضان، فعليه أن يعتكف بالليل (¬2) والنهار. فإن صامه ولم يعتكفه كان عليه قضاء اعتكافه، فيعتكف (¬3) شهراً مكانه متتابعاً (¬4) ويصوم فيه؛ لأن الاعتكاف لا يكون إلا بصوم، فلما لم يعتكف (¬5) في شهر رمضان وجب عليه قضاء الاعتكاف، فلما وجب عليه ذلك وجب عليه مع ذلك الصوم. فإن كان لم يعتكف حتى دخل شهر رمضان من قابل فصامه واعتكفه قضاء من اعتكاف الشهر الأول لم يجزه ذلك الشهر، وعليه أن يعتكف شهراً يصوم فيه مكان الشهر الأول؛ لأن الشهر الأول حين مضى وجب عليه قضاء اعتكافه بصوم، فلا يجزيه من ذلك صوم وجب عليه من غير (¬6) ذلك. ولو أنه أفطر شهر رمضان الأول (¬7) من عذر وجب عليه قضاؤه باعتكاف متتابع فإن قضاه باعتكاف متتابعاً أجزاه ذلك؛ لأن الشهر وجب عليه صومه واعتكافه، فقضى ذلك. ألا ترى أن رجلاً لو قال: لله علي أن اعتكف رجب، وجب عليه صومه واعتكافه، فإن أفطره كله ثم قضاه باعتكاف أجزاه، فإن اعتكف مكانه (¬8) شهر رمضان لم يجزه من الاعتكاف الذي وجب عليه. ولو قال: لله علي أن أعتكف رجب، فاعتكف مكانه شهر ربيع وذلك قبل أن يدخل شهر (¬9) رجب أجزاه إن كان صامه مع اعتكافه؛ لأنه شيء أوجبه على نفسه لله، فإذا عجل قبل (¬10) وقته أجزاه. ألا ترى أن رجلاً لو قال: لله علي صوم يوم الخميس، فصام يوم الأربعاء قضاء من يوم الخميس أجزاه ذلك. وهو قول أبي يوسف. وقال محمد: أما في قولي فلست أرى ذلك يجزيه حتى يصومه بعد دخوله؛ ألا ¬

_ (¬1) ق - شاء. (¬2) ق: الليل. (¬3) ق: اعتكفه فيعكف. (¬4) ق: متتابعا مكانه. (¬5) ق: لم يصم. (¬6) م - غير. (¬7) ك ق: للأول. (¬8) ق: وراه. (¬9) ك ق - شهر. (¬10) م - قبل.

ترى أن رجلاً لو صام شهر رمضان قبل أن يدخل لم يجزه، فكذلك (¬1) هذا. وقال أبو يوسف: لو أن رجلاً قال: لله علي أن أتصدق بدرهم غداً، فتصدق به اليوم أجزاه ذلك، فكذلك (¬2) الصوم الذي أوجبه على نفسه، يجزيه إذا عجله. قال محمد: وأما أنا فأرى الصدقة يجزيه تعجيلها، ولا أرى تعجيل الصوم يجزيه، وإنما أقيس ما أوجب على نفسه من ذلك بما أوجب الله تعالى عليه، فكما أن الزكاة يجزيه (¬3) تعجيلها قبل وقتها فكذلك (¬4) إذا أوجب على نفسه صدقة فعجلها قبل وقتها أجزاه. وأما الصوم فلا يجزيه تعجيله (¬5) كما لا يجزيه تعجيل ما أوجب الله عليه من الصوم. وقال أبو يوسف: إذا قال: لله علي أن أصلي ركعتين غداً، فصلاهما اليوم أجزاه. وقال محمد: وأما أنا فلا أرى ذلك يجزيه، أقيسه بما افترض (¬6) الله عليه من الصلاة. وقال أبو يوسف: ولو أن رجلاً قال: إذا جاء فلان فللَّه علي أن أصوم يوماً، فعجل صيام ذلك اليوم قبل أن يقدم فلان، ثم قدم فلان بعدُ، فعليه أن يصوم يوماً، ولا يجزيه صيام ذلك اليوم. ولا يشبه هذا الوجه الأول؛ لأن الأول أوجبه على نفسه بغير يمين، وهذا إنما أوجبه على نفسه إذا قدم فلان، وإنما يجب عليه بعد قدومه، فلا يجزيه تعجيله. وكذلك إذا قال: إذا قدم فلان فللَّه (¬7) علي أن أصلي ركعتين، فعجل صلاتهما قبل قدوم فلان، ثم قدم فلان، فعليه قضاؤهما، ولا يجزيه الأوليان. وكذلك إذا قال: إذا قدم فلان فللَّه (¬8) علي أن أتصدق بدرهم، فعجل صدقة الدرهم، ثم قدم فلان، إن ذلك لا يجزيه، وعليه أن يتصدق بدرهم آخر. وإذا قال: لله علي صوم شهر متتابع، ولا ينوي شهراً بعينه، فعليه أن يصوم شهراً متتابعاً. فإن أفطر منه يوماً استقبل الشهر من أوله. ¬

_ (¬1) ق: لم يجزيه كذلك. (¬2) م: فلذلك. (¬3) ق: تجزيه. (¬4) م: فلذلك. (¬5) م - تعجيله. (¬6) م: بما افرض. (¬7) م: لله. (¬8) م - فللَّه.

فإن كان قال: لله علي أن أصوم (¬1) شهراً متتالعاً، يعني رجب بعينه، أو شهراً من الشهور بعينه، فعليه صوم ذلك الشهر. وإن أفطر يوماً قضى ذلك اليوم وحده، وليس عليه أن يستقبل صوم شهر. ولكن إذا أراد (¬2) بقوله: لله علي، يميناً كفر [عن] يمينه مع قضاء ذلك اليوم. وإذا قال: لله علي صوم يوم، فأصبح من الغد لا ينوي صوماً، فلم تزل الشمس حتى نوى (¬3) أن يصومه من قضاء ذلك اليوم الذي أوجبه على نفسه، فإن ذلك لا يجزيه من قضاء ذلك اليوم حتى يعزم عليه من الليل، ولكن أحب (¬4) إلي أن يتم صومه فيجعله (¬5) تطوعاً ولا يفطر. وإن أفطر فلا قضاء عليه. وإذا قال: لله علي صوم غد، فأصبح من الغد وهو لا ينوي صومه، ثم نوى صومه من قضاء ما عليه قبل الزوال، أجزاه ذلك؛ لأنه أوجب هذا اليوم بعينه عليه. ألا ترى أن رجلاً لو أصبح في يوم من شهر رمضان لا ينوي صومه، ثم نوى (¬6) صومه قبل الزوال، أجزاه ذلك. ولو أفطر يوماً من شهر رمضان فوجب عليه قضاؤه، فأصبح في يوم لا ينوي صومه، ثم نوى أن يصومه قضاء من الذي وجب عليه لم يجزه ذلك، فكذلك هذا. وإذا قال: لله علي أن أصوم غداً، ثم أصبح ينوي أن يصومه تطوعاً ولا يصومه مما أوجبه على نفسه، فصومه ذلك مما أوجبه على نفسه، ولا يكون تطوعاً. ولو أن رجلاً قال: لله علي أن أصوم رجب بعينه، ثم إنه ظاهر من امرأته فصام شهرين متتابعين أحدهما رجب أجزاه من الظهار، وعليه أن يقضي رجب كما أوجب على نفسه. وإن أراد يميناً لم تكن (¬7) عليه ¬

_ (¬1) ك - شهرا متتابعا فإن أفطر منه يوماً استقبل الشهر من أوله فإن كان قال لله علي أن أصوم، صح هـ (¬2) ق: وإن أراد. (¬3) م - نوى. (¬4) ق: اجب. (¬5) ق: فيعجله. (¬6) م - نوى. (¬7) ك ق: لم يكن.

كفارة يمين؛ لأنه صام رجب كما حلف. ولو أن رجلاً وجب عليه صوم شهرين متتابعين من ظهار، فصام شهرين متتابعين (¬1) أحدهما رمضان، لم يجزه (¬2) ذلك، وكان صومه من رمضان خاصة (¬3)، وعليه أن يستقبل صوم شهرين متتابعين. ولا يشبه شهر رمضان في هذا الوجه ما أوجب على نفسه؛ لأن الرجل إذا أوجب على نفسه أن يصوم فكان الإيجاب مِن قِبَلِه كان ذلك والصوم الذي وجب بالظهار سواء، ولم يكن أحدهما أوجب (¬4) من صاحبه، فمن أيهما صام ذلك الشهر أجزاه، فأما شهر رمضان فإنه لا يكون أبداً إلا من شهر رمضان. ألا ترى لو أن رجلاً صامه تطوعاً كان من شهر رمضان. وما أوجبه على نفسه مما لم يجب (¬5) عليه إلا بإيجابه على نفسه فذلك (¬6) بمنزلة الشهرين المتتابعين اللذين (¬7) وجبا بالظهار. ألا ترى أن رجلاً لو قال: لله علي صوم الأبد، كان ذلك واجباَ عليه، فان ظاهر من امرأته ولم يجد ما يعتق أجزاه أن يصوم شهرين متتابعين. ألا ترى لو أن رجلاً وجب عليه قضاء أيام من شهر رمضان فقضاها في شهر أوجبه على نفسه أجزاه ذلك، وكان عليه أن يقضي مكان تلك الأيام من ذلك الشهر، فكذلك (¬8) هذا. أولا (¬9) ترى أن شهر رمضان لا يشبه ما أوجبه على نفسه من هذا؛ لأنه (¬10) لو صام ذلك في شهر رمضان لم يجزه] (¬11). ... ¬

_ (¬1) م - من ظهار فصام شهرين متتابعين. (¬2) ق: لم يجزيه. (¬3) ق: خاضة. (¬4) ق: اجب. (¬5) م: لم يوجب. (¬6) ك ط: فكذلك. (¬7) م: الذى. (¬8) م: فلذلك. (¬9) ق: ألا. (¬10) ق: الأنه. (¬11) انتهى هنا الباب الذي نقل في جميع النسخ من الجامع الكبير.

مسألة من كتاب الاستحسان

مسألة من كتاب الاستحسان (¬1) محمد بن الحسن قال: حدثنا حازم بن إبراهيم البجلي عن سماك بن حرب عن عكرمة مولى ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل شهادة أعرابي وحده على رؤية هلال شهر رمضان، قدم المدينة فأخبرهم أنه رآه، فأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يصوموا بشهادته (¬2). قال محمد: فهذا مما يدل على أن شهادة الواحد في أمر الدين جائزة. ولا يقبل على هلال الفطر أقل من شاهدين رجلين حرين أو رجل وامرأتين؛ لأن هلال الفطر وإن كان من أمر الدين ففيه بعض المنفعة لفطر الناس وتركهم الصوم، فذلك يجري مجرى الحكم، فلا يقبل فيه من الشهادة إلا ما يقبل في الأحكام. ولا يقبل في هلال شهر (¬3) رمضان قول مسلم ولا مسلمين إذا كانوا ممن لا تجوز (¬4) شهادتهم وهم ممن يتهم. فأما عبد ثقة أو امرأة مسلمة ثقة حرة أو أمة أو (¬5) رجل مسلم ثقة إلا أنه محدود في قذف فشهادته في ذلك جائزة. وإن كان الذي شهد بذلك في المصر ولا علة في السماء لم تقبل (¬6) شهادته؛ لأن الذي يقع في القلب من ذلك (¬7) أنه باطل. فإن كان في السماء علة من سحاب فأخبر أنه رآه من خلال السحاب، أو جاء من مكان آخر ¬

_ (¬1) ك م ق ط: كتاب التحري؛ ج هـ: كتاب التحرد؛ ر: كتاب التجرد. وكل ذلك خطأ، لأن المسألة ليست في كتاب التحري وإنما في كتاب الاستحسان في باب الشهادة في أمر الدين. انظر: 1/ 169 و. فيظهر أن بعض الرواة أخذ المسألة من كتاب الاستحسان الآتي بعد كتاب التحري وظن أنها من كتاب التحري، وأدرجها هاهنا. ولم يتنبه الأفغاني -رحمه الله- إلى ذلك. (¬2) سنن أبي داود، الصوم، 15؛ وسنن الترمذي، الصوم، 7؛ وسنن النسائي، الصيام، 8؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 443. (¬3) م - شهر. (¬4) ق: لا يجوز. (¬5) م - أو. (¬6) ق: لم يقبل. (¬7) ك - من ذلك.

[مسألة في القيء من كتاب المجرد]

فأخبر بذلك، وهو ثقة، فينبغي للمسلمين أن يصوموا بشهادته. ... [مسألة في القيء من كتاب المجرد] (¬1) الحسن بن زياد عن آبي حنيفة في صائم ذرعه القيء فخرج منه قليل أو كثير، أو استقاء فقاء أقل من ملء الفم، وهو في ذلك ذاكر أو ناس لصومه (¬2)، لم يفسد صومه، وكان (¬3) على صيامه. وإن تقيأ ملء فيه أو أكثر وهو ذاكر لصومه فعليه القضاء. قال أبو عبد الله (¬4): يعني إذا تكلف للقيء فإن (¬5) كان ناسياً فلا شيء عليه. وإن خرج من جوفه إلى حلقه ثم رده وهو يقدر على رميه وهو ذاكر لصومه فعليه القضاء. وقال الحسن بن أبي مالك (¬6) عن أبي يوسف عن أبي حنيفة قال: إذا ذرعه القيء أو استقاء فخرج ملء الفم أو أكثر ثم رجع إلى حلقه وهو ذاكر ¬

_ (¬1) كتاب المجرد للإمام الحسن بن زياد اللؤلؤي (ت - 204 هـ) صاحب الإمام أبي حنيفة، وقد روى فيه فقه الإمام أبي حنيفة، ومسائلها تعد من مسائل النوادر. انظر: الفهرست لابن النديم، 288؛ وسير أعلام النبلاء، 9/ 543؛ والجواهر المضية للقرشي، 1/ 193؛ وكشف الظنون، 2/ 1282. فوضعنا المسائل المنقولة من المجرد بين معقوفتين، لأنها ليست من أصل الكتاب. لكنها مذكورة فىِ جميع النسخ، فيظهر أن أحد رواة الكتاب أدخلها في الأصل قديماً، وقد يكون ذلك من صنع الجوزجاني أو من بعده. (¬2) ك ق: لصيامه. (¬3) ق: وإن كان. (¬4) أبو عبد الله هي كنية الإمام محمد بن شجاع الثلجي تلميذ الإمام الحسن بن زياد. انظر: سير أعلام النبلاء، 12/ 379. أما كنية الحسن بن زياد فهي أبو علي. انظر: سير أعلام النبلاء، 9/ 543. (¬5) جميع النسخ وط: وإن (¬6) من أصحاب أبي يوسف، توفي عام 204 هـ انظر: الجواهر المضية للقرشي، 1/ 204.

من المجرد

لصيامه مثل الحمصة، وهو القدر الذي يفطر من الأكل، فَطَّرَه ذلك. وسواء ارتجع ذلك أو غلبه (¬1). وإن كان الذي خرج من جوفه إلى فمه أقل من ملء الفم لم يفطره (¬2) ما ارتجع منه. وكذلك رواه عن أبي يوسف. قال: وسمعته يقول غير هذا القول، يقول: إذا كان القيء أقل من ملء الفم فارتجعه متعمداً فطّره، وإن غلبه (¬3) لم يفطره. الحسن بن زياد عن أبي حنيفة: وإذا كان بين أسنانه لحم فتَلَمَّظَه (¬4) فدخل حلقه، أو اجتمع من ريقه على لسانه فدخل حلقه (¬5)، فهو على صيامه. ... من المجرد (¬6) قال أبو حنيفة: إذا أفطر الرجل في شهر رمضان نهاراً وهو حاضر متعمداً، فأكل طعاماً أو شرب شراباً أو جامع امرأة في الفرج، أو بُعث له وَجُور فاتَّجَر (¬7) به، أو دواء فأخذه، وهو ذاكر لصومه، فعليه القضاء والكفارة. وإن جامع امرأته فيما دون الفرج فأنزل ثم جامع في الفرج بعد ذلك، أو أصبح ينوي الإفطار ثم نوى الصوم بعد ارتفاع النهار- فظن أن ذلك قد ¬

_ (¬1) م: أو غليه؛ ق: أو عليه. (¬2) ق: لم يفره. (¬3) ق: عليه. (¬4) م: فتلمضه. تَلَمَّظَ الرجل أي تتبّع بلسانه بقية الطعام بين أسنانه بعد الأكل، وقيل: التلمُّظ أن يخرج لسانه فيمسح به شفتيه. انظر: المغرب، "لمظ". (¬5) ك: خلقه؛ م - حلقه. (¬6) انظر ما علقناه على العنوان السابق. (¬7) الوَجُور الدواء يُوجَر في وسط الفم. واتَّجَر أي تداوى بالوَجُور، وأصله اوْتَجَر. انظر: لسان العرب، "وجر".

أفسد عليه صومه أو لم يظن ذلك - فأكل أو شرب أو جامع، فعليه القضاء بلا كفارة. وإن أكل (¬1) ناسياً أو شرب ناسياً أو جامع ناسياً أو ذرعه القيء أو قاء ناسياً، فظن أن ذلك يفطره، فأكل بعد ذلك، فعليه القضاء بلا كفارة. وإن اكتحل بذَرُورٍ (¬2) أو احتجم أو قبل امرأته لشهوة أو لامسها لشهوة أو جامعها فيما دون الفرج فلم ينزل (¬3)، فظن أن ذلك يفطره، فأفطر متعمداً، فعليه القضاء والكفارة. فإن (¬4) استفتى فيه فقيهًا أو تأول فيه حديثاً أنه قد فطره فعليه القضاء بلا كفارة. وإن هو اغتاب إنسانًا أو قذف محصنة، فظن أن ذلك قد فطّره، أو استفتى فيه فقيهاً أو تأول فيه حديثاً، ثم أفطر بعد ذلك، فعليه القضاء والكفارة؛ لأن الحديث فيه محتمل للتأويل، إذ قيل (¬5): قد أفطر على ما حرم الله، وإذ قيل (¬6): إن الغيبة تفطّر (¬7). فجعل بتأويل ذلك على إفطار البر، لا إفطار من الصيام. يراد أنه (¬8) قد حُرِمَ (¬9) بِزَّه؛ لأنه خرج من البر إلى الإثم، والدليل اجتماع الناس أنه لا يكاد يسلم أحد من صيامه من أن يغتاب أو يكذب ولا سيما من العامة (¬10). ¬

_ (¬1) ق: كان. (¬2) تقدم تفسيره. (¬3) م: فلم يزل. (¬4) ق: وإن. (¬5) ر ط: إذا قيل. (¬6) ر ط: وإذا قيل. (¬7) روي في ذلك أحاديث ضعيفة. انظر: المصنف لابن أبي شيبة،2/ 272؛ والضعفاء للعقيلي، 4/ 184؛ والجامع لشعب الإيمان للبيهقي، 5/ 301، 307؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 482 - 483. (¬8) م: به. (¬9) جميع النسخ وط: قد حرف. (¬10) انتهى هنا ما نقله الراوي لكتاب الأصل من كتاب المجرد للحسن بن زياد.

[كتاب نوادر الصوم]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) [كتاب نوادر الصوم] (¬2) محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه كان يستحب للرجل أن يخرج يوم النحر قبل أن يطعم شيئاً، وأن يطعم يوم الفطر قبل أن يخرج (¬3). قال: وكتب شيخ من أهل البصرة يذكر عن عبد الله بن بريدة يرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل ذلك (¬4). ومما يستحب يوم الفطر قبل الخروج أن يستاك ويطعم ويمس طيباً إن ¬

_ (¬1) ق + اللهم صل على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. (¬2) العنوان زيادة من ط، لأنه قد ذُكِرَ في آخر الكتاب في قوله "تمت النوادر". وهذا الكتاب ليس من كتاب الأصل، لكنه من رواية الجوزجاني عن الإمام محمد، وقد أدخله بعض الرواة في الكتاب للفائدة، ولذلك وضعنا جميعه بين معقوفتين. (¬3) الآثار لمحمد، 42؛ والآثار لأبي يوسف، 59. وذكر يوم الفطر فقط في المصنف لعبد الرزاق، 3/ 306. (¬4) عن بريدة كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم، ولا يطعم يوم الأضحى حتى يصلي. انظر: سنن ابن ماجة، الصيام، 49؛ وسنن الترمذي، الجمعة، 38؛ وصحيح ابن حبان، 7/ 52. وروي من حديث أنس: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات. انظر: صحيح البخاري، العيدين، 4؛ وسنن ابن ماجة، الصيام، 49؛ وسنن الترمذي، الجمعة، 38. وفي الباب أحاديث أخرى. انظر: نصب الراية للزيلعي، 2/ 208؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 2/ 84.

وجده (¬1) ويخرج الصدقة ثم يخرج. وصدقته نصف صاع من حنطة أو سويق أو دقيق أو صاع من تمر أو صاع من شعير. فإن أعطى قيمة ذلك دراهم أو فلوسًا أجزاه. وإن جمع لمسكين واحد عن نفر (¬2) أجزاه. وإن فرق طعاماً عن واحد في مساكين أجزاه. ويطعم الرجل عن ولده الصغار وعن نفسه وعن عبيده (¬3) وإمائه الذين لغير التجارة الذين تلزمه (¬4) نفقتهم. وإن أطعم عن امرأته وعن ولده الكبار بأمرهم أجزأ عنهم، وليس عليه أن يفعل، إنما عليهم أن يُطعِموا. ولا يجب الطعام على محتاج له مَسْكَن وخادم وثيابُ (¬5) كَفَاف ومتاعُ بيتٍ كَفاف. هذا محتاج، إن أُعطي من ذلك قَبِل، وليس عليه أن يتصدق عن نفسه. فإن كان له سوى ما وصفت لك مائتا درهم أو عشرون مثقالاً من ذهب أو قيمة ذلك من عَرَض فَضْل عن الكَفاف الذي وصفت لك فعلى هذا زكاة الفطر، ولا يسعه أن يقبلها من غيره. ولو كان مملوك بين اثنين لم يكن على واحد منهما فيه (¬6) زكاة الفطر؛ لأنه لا يملك مملوكًا تامًا. وليس على الرجل أن يؤدي عن مكاتبه، وعليه أن يؤدي عن أم ولده ومدبره. وليس على رقيق التجارة زكاة الفطر. وليس على الحَبَل (¬7) زكاة الفطر وإن ولدته يوم الفطر. فإن ولدته قبل طلوع الفجر من يوم الفطر فعليه. وإن مات مملوك من رقيقه يوم الفطر فعليه أن يطعم. إذا انشق (¬8) الفجر من يوم الفطر وهو يملكه وجب عليه أن يطعم عنه، وليس يبطل ذلك موته. وعلى المسلم زكاة الفطر في رقيقه وإن كانوا على غير دين الإسلام. وعلى مملوك (¬9) الغلة زكاة الفطر على مولاه. وكذلك عبد تاجر لا يريد مولاه التجارة فيه. وعلى المولى زكاة رقيق رقيقه إذا كانوا لغير التجارة. فإن كانوا (¬10) للتجارة فليس عليه فيهم زكاة الفطر؛ لأن فيهم ¬

_ (¬1) ق: إن وجد. (¬2) م: عن بقر. (¬3) م: وعن عبده. (¬4) ق: يلزمه. (¬5) م. وثيات. (¬6) ك - فيه، صح هـ (¬7) م: على الخيل. (¬8) ك: وإذا انشق. (¬9) جميع النسخ: وعلى المملوك. والتصحيح من ط. (¬10) ق - لغير التجارة فإن كانوا.

زكاة الأموال إذا لم يكن على العبد دين يحيط (¬1) بقيمتهم. ولو أن رجلاً مضت عليه سنون لا يتصدق بصدقة الفطر [الواجبة] عليه أو جَهِلَه نِسياناً فعليه أن يقضي ذلك ويتصدق به. ومن كان عليه دين حل له الصدقة، وليس عليه زكاة الفطر. وليس على المكاتب أن يؤدي عن نفسه زكاة الفطر، ولا على مولاه فيه شيء. وليس على رقيق المكاتب زكاة الفطر ولا على مولاه فيهم. وليس على الرجل زكاة الفطر فيمن يعول من قرابته إخوة كانوا أو عمومة أو محرماً من نسب أو محرماً من رضاع. وعلى اليتيم زكاة الفطر في نفسه إذا كان غنياً، يؤديها عنه وصيه، وكذلك يلزمه الزكاة في رقيقه. وفي هذا حجة على من قال: لا زكاة على الصغير في ماله. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: ليس على الصغير زكاة. وليس على أهل الذمة زكاة الفطر (¬2) في رقيقهم، وإن كان أحد من رقيقهم على الإسلام أجبروا على بيعه. وليس على نصارى بني تغلب زكاة الفطر في رقيقهم. وليس يبعث على زكاة الفطر ساعياً يجبيها. من أداها فمن نفسه، ومن تركها فلازم إثمه (¬3) عليه. ولو كان رقيق بين رجلين لم يكن على واحد منهما زكاة الفطر في رقيقه ة لأنه لا يملك مملوكاً تاماً. ألا ترى أنه لو أعتق كل مملوك له لم يعتق منهم أحد. ولو كانا متفاوضين بينهما رقيق فهو كذلك. ولو مر يوم الفطر على رجل وعنده عبد قد اشتراه قبل الفطر بالخيار، فاستوجب بعد الفطر، كان عليه زكاة الفطر فيه، ولو فسخ البيع فيه كانت زكاته على البائع إذا كان الشرى والأصل لغير التجارة. وكذلك إن كان الخيار للبائع فتم البيع فعلى المشتري، وإن انتقض البيع فعلى البائع. وإن كان عقدة البيع وقع يوم ¬

_ (¬1) ك: محيط. (¬2) ق - الفطر. (¬3) جميع النسخ وط: أنه. ولعل الصواب ما أثبتناه.

الفطر فعلى البائع في الوجهين جميعاً: إن تم البيع أو انتقض، والخيار للبائع أو للمشتري. وليس على الرجل في مملوك آبق زكاة الفطر، ولا في عبد غصب والغاصب يجحده. وإن رجع إليه لم يزك لما مضى. وإن كان العبد غائباً عنه في حاجة له أو في عمل بأجر أو في صنعة فعليه زكاة الفطر عنه. فإن كان رجل في مصر وله رقيق في مصر آخر أو في ضيعة فإنه يؤدي زكاة الفطر عن رقيقه في المصر الذي هو فيه. ولا يشبه المال إذا وجب عليه الزكاة في مصر حيث لا يحمل (¬1) إلى غيره، ومن حملها وأداها في غيره أجزت عنه. وليس في شيء من الحيوان زكاة الفطر ما خلا رقيق الخدمة. وما كان من الرقيق للتجارة فليس فيهم زكاة الفطر (¬2)؛ لأن فيهم زكاة الأموال، ولا تجتمع الزكاة من وجهين متفرقين في مال واحد. وليس في العقارات ولا في الضِّياع ولا في شيء من الأموال والعروض زكاة الفطر ما خلا رقيق الخدمة ورقيق التجمل ورقيق القنية. وإن كان الرهن مملوكاً (¬3) لغير التجارة وكان أصله للخدمة فعلى الراهن زكاة الفطر فيه، إذا كان له فضل عن دينه وعن قُوتِه الذي وصفت لك مائتي درهم أو أكثر أو عروض بمثلها. وليس على المرتهن زكاة العبد الرهن. وليس على الرجل زكاة الفطر في رقيق ابنه الصغير. ولو أن رجلاً اشترى عبداً قبل الفطر فلم يقبض ولم ينقد حتى مضى يوم الفطر، والشرى للخدمة، فإن زكاة هذا العبد على المشتري. وإن مات قبل أن يقبضه انتقض البيع فيه، ولا زكاة على واحد منهما. ولو أن مملوكاً وجد به المشتري عيباً فرده يوم الفطر بعد القبض، وكان الشرى قبل الفطر، فزكاة الفطر على المشتري إن رده (¬4) بقضاء قاض أو بغير قضاء قاض (¬5). ¬

_ (¬1) ك: لا تحمل. (¬2) ق + ما خلا رقيق الخدمة وما كان من الرقيق للتجارة فليس فيهم زكاة الفطر. (¬3) م: وإن كان مملوك رهن. (¬4) م: إن رد. (¬5) ك - أو بغير قضاء قاض، صح هـ

وكذلك لو رده بخيار الرؤية. ولو لم يقبضه حتى رده بعيب أو بخيار رؤية فزكاة الفطر في هذا على البائع الذي رجع إليه العبد. ولو أن رجلاً في يده عبد للتجارة قيمته خمسمائة درهم، فباعه (¬1) بأمة قبل الفطر بيوم للتجارة، فلم يقبض ولم يدفع حتى وجبت الزكاة في ماله يوم الفطر، وكان ذلك وقت زكاته، فلم يفسخ البيع ولم يقبض حتى مضى يوم الفطر، ثم فسخ البيع بخيار الرؤية أو بعيب، فإن زكاة العبد بالقيمة على البائع. وأما بائع الجارية فإن كانت لغير تجارة فعليه زكاة الفطر فيها إذا انفسخ البيع قبل القبض بخيار الرؤية أو بعيب. والزكاة على الذي يرجع إليه ذلك المملوك. فإن كان للتجارة زكاه للتجارة (¬2)، وإن كان للخدمة زكاه (¬3) للخدمة (¬4). وكذلك (¬5) إذا انفسخ البيع بخيار الشرط. والقبض (¬6) وغير القبض فيه سواء. وأما خيار الرؤية والعيب فيختلف قبل القبض وبعده. إذا كان قبل القبض فعلى ما وصفت لك (¬7). وإن كان بعده فعلى الذي في ملكه قبل الفسخ. ألا ترى أنه في ضمانه ما خلا خصلة واحدة: إذا كان رده (¬8) عليه (¬9) بعيب وهو كاره فإن هذا يكون عليه زكاة الأَوْكَس (¬10) كوضيعةٍ لَحِقَتْه. ولو كان هو الذي فسخ البيع ورده بعيب وهو يعرف الفضل فيما رد فحابى كان عليه ذلك. فإن لم يعرف ذلك ولم يحاب (¬11) فعليه زكاة الأَوْكَس (¬12) كوضيعةٍ لَحِقَت التاجر (¬13) في هذا الوجه. وصاحب الخدمة عليه زكاة الذي رد إذا كان (¬14) بعد القبض. وإذا كان قبله فعليه زكاة الذي يرجع إليه. ولو أن عبداً (¬15) وقعت عقدة البيع فيه قبل الفطر ثم مات يوم الفطر ¬

_ (¬1) ق: فساعه. (¬2) م: زكاة التجارة. (¬3) م: زكاة؛ ق: زكوه. (¬4) م: الخدمة. (¬5) م + وكذلك. (¬6) م + فيه. (¬7) ق - لك. (¬8) ق: رد. (¬9) ك: فعليه. (¬10) م: الاولين. (¬11) م: ولم يحف. (¬12) م: الاولين. (¬13) ق: التاخر. (¬14) ق - كان. (¬15) م: ولو اعتدا.

في كتاب المجرد

قبل القبض والنقد انفسخ (¬1) البيع. وكلاهما صاحب خدمة: البائع والمشتري، ليس الواحد (¬2) منهما تاجرًا، فليس على واحد منهما زكاة. ألا ترى (¬3) أن المشتري يزكي الثمن مع ماله، والبائع (¬4) لا يزكي (¬5) الثمن ولزكي العبد. وقال أبو حنيفة: الصاع الأول ثمانية أرطال، فيجزي نصف صاع من الحنطة والدقيق والسويق أو صاع من تمر (¬6) أو شعير. وكذلك قال محمد. فإن كان المختوم خمسين رطلاً فهو عن (¬7) اثني عشر إنسانًا ونصف. وإذا كان أربعين رطلاً فهو على عشر أناسي إذا كان حنطة. فإن كان شعيراً فهو عن خمسة. وكذلك إن كان تمراً. والزبيب صاع في قول أبي يوسف ومحمد. وفي قول أبي حنيفة نصف صاع. قلت: أرأيت الرجل يبيع العبد بيعاً فاسداً، فلا يقبضه المشتري حتى يمضي يوم الفطر، ثم (¬8) يقبضه فيعتقه، على من زكاة الفطر وقد كان لغير التجارة؟ قال: زكاة الفطر على البائع. قلت: فلو كان المشتري قد قبضه قبل الفطر ثم رده بعد الفطر وهو لغير التجارة؟ قال: تكون (¬9) على البائع؛ لأنه قد رد عليه. قلت: فلو أعتقه المشتري أو باعه؟ قال: زكاة الفطر على المشتري] (¬10). [في كتاب المجرد (¬11): قال أبو حنيفة: وإن عجل زكاة الفطر عنه وعمن تجب عليه من ولده ورقيقه لسنة أو سنتين أجزاه ذلك. وإن لم يؤد ¬

_ (¬1) م: ايفسخ. (¬2) ق: للواحد. (¬3) م - ترى، صح هـ. (¬4) م - والبائع. (¬5) م: فلا يزكي. (¬6) ق: من ثمر. (¬7) ق: على. (¬8) م - ثم. (¬9) ك ق: يكون. (¬10) م + الحمد لله وحده؛ ق + والحمد لله رب العالمين. لم ينته كتاب نوادر الصيام هنا، لكن أقحم الراوي هنا مسائل من كتاب المجرد للحسن بن زياد، ومختصر الطحاوي. وهي كلها ليست من كتاب الأصل. (¬11) تقدم التعريف به قريباً.

تتمة نوادر الصوم

ذلك عنهم حين وجبت عليهم حتى مضت سنتان أو ثلاث وجب عليه أن يعطي عنهم مِن حينِ مضى زكاة الفطر]. [وقال أبو جعفر أحمد بن محمد الطحاوي في كتابه (¬1): من أصبح في يوم من شهر رمضان ولم ينو في الليلة التي قبله صوماً، ثم أكل أو شرب أو جامع متعمداً، فإن أبا حنيفة كان يقول: عليه القضاء بلا كفارة، وكان أبو يوسف ومحمد يقولان: إذا كان ذلك منه قبل الزوال فعليه القضاء (¬2) والكفارة، وإذا كان بعد الزوال فعليه القضاء بلا كفارة، وهو كما قال أبو حنيفة] (¬3). وقال أبو يوسف (¬4): الصاع خمسة أرطال وثلث بالبغدادي، وفي قول أبي حنيفة [ومحمد] (¬5) ثمانية أرطال. [تتمة نوادر الصوم (¬6) ... ¬

_ (¬1) مختصر الطحاوي، 57. (¬2) ك - القضاء، صح هـ. (¬3) ينتهي كلام الطحاوي هنا. (¬4) ك ج ر ق + ومحمد؛ م: وقال أبو محمد ويوسف. لكن قول محمد موافق لقول أبي حنيفة في هذه المسألة كما مر ذكره صريحا في كتاب نوادر الصوم. انظر: 1/ 155 ظ. والمسألة مذكورة في الأصل بلا خلاف بين الأئمة الثلاثة. انظر: 1/ 141 و. وكذلك ذكرها الحاكم بلا خلاف. انظر: الكافي، 1/ 26 ظ. وذكر السرخسي أن أبا يوسف كان يقول أولا بقول أبي حنيفة ثم رجع عن ذلك. انظر: المبسوط، 3/ 90. وذكر الطحاوي المسألة على الخلاف بين الإمام أبي حنيفة ومحمد وبين أبي يوسف. انظر: مختصر الطحاوي، 19. (¬5) من ط. وانظر الحاشية السابقة. (¬6) ج ر م ق - تتمة نوادر الصوم. هنا ينتهي الراوي لكتاب الأصل من المسائل التي نقلها من كتاب المجرد ومختصر الطحاوي، ويعود إلى كتاب نوادر الصوم.

باب ما يجب منه إفطار الصوم وما يجب فيه القضاء والكفارة وما يجب القضاء ولا تجب الكفارة وما يجوز من الشهادة على هلال رمضان وما لا يجوز

باب ما يجب منه إفطار الصوم وما يجب فيه القضاء والكفارة وما يجب القضاء ولا تجب الكفارة وما يجوز من الشهادة على هلال رمضان وما لا يجوز قال: وسئل محمد بن الحسن عمن ابتلع جوزة رطبة وهو صائم؟ قال: عليه القضاء، ولا كفارة عليه. قيل: فإن (¬1) ابتلع لوزة رطبة أو حنطة صغيرة؟ قال: عليه القضاء والكفارة. فقيل له: فإن ابتلع هَلِيلَجَة؟ (¬2) قال: عليه القضاء والكفارة، أراد به الدواء أو لم يرد به. وكذلك إن أكل مِسْكاً أو غَالِيَة أو زعفراناً فعليه القضاء والكفارة. محمد في رجل أفطر في شهر رمضان من عذر والشهر ثلاثون يوماً، فقضى شهر رمضان آخر وهو تسعة وعشرون يوماً، قال: عليه أن يقضي بعدد ما كان شهر رمضان، إن كان ثلاثين يوماً فثلاثين، وإن كان تسعة وعشرين يوماً فتسعة وعشرين يوماً، لقوله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (¬3). محمد قال: إذا شهد رجل واحد وبالسماء علة قبلت (¬4) شهادته وحده إذا كان عدلاً. وأما على الفطر فلا يقبل إلا شهادة رجلين إذا كان بالسماء علة. وإن لم تكن (¬5) بالسماء علة لم أقبل شهادة رجل حتى يكون أمراً ظاهراً. وكذلك لو شهدت امرأة وهي عدلة (¬6) فشهادتها جائزة. وكذلك لو شهد رجل على شهادة رجل فهو جائز. ويجوز في ذلك شهادة المحدود في ¬

_ (¬1) م - فإن. (¬2) من الأدوية. انظر: لسان العرب، "هلج". (¬3) سورة البقرة، 2/ 184، 185. (¬4) جميع النسخ: فقبلت. والتصحيح من ط. (¬5) ك: لم يكن؛ ق: وإذا كان. (¬6) ق: عدل.

القذف إذا كان عدلاً. ولا تجوز (¬1) شهادة الفاسق. وتجوز (¬2) شهادة العبد إذا كان عدلاً. محمد في رجل جامع امرأته نهاراً ناسياً في شهر رمضان ثم ذكر وهو مُخَالِطُها فقام عنها، أو جامعها ليلاً فانفجر الصبح وهو مخالطها فقام عنها من ساعته، قال: هما سواء، ولا قضاء عليه. وذكر عن أبي يوسف أنه قال: يقضي الذي كان وطئه بالليل، ولا يقضي الذي كان وطئه (¬3) بالنهار. قلت: أرأيت لو أن (¬4) صائماً ابتلع شيئاً كان بين أسنانه؟ قال: ليس عليه القضاء. قلت: وإن (¬5) كان سمسمًا بين أسنانه فابتلعها؟ قال: لا قضاء عليه؛ لأن ذلك مغلوب لا حكم له كالذباب (¬6). وإن تناول سمسمًا ابتداء أفطر. وقال (¬7) أبو حنيفة: الصوم في رمضان لرمضان، ولا يكون لغيره إذا كان مقيماً. وإن كان مسافراً فإن صامه من صوم واجب عليه أجزاه من الواجب، وكان عليه قضاء رمضان. وقال أبو يوسف ومحمد: هما سواء، وهو من رمضان (¬8)، ولا يجزيه من غيره مريضاً كان أو مسافراً. وقال أبو يوسف في رجل قال: لله علي أن أصوم هذا اليوم شهراً، فعليه أن يصوم ذلك اليوم كلما دار حتى يُتم شهراً، أربعة أيام أو خمسة، حتى يستكمل ثلاثين يوماً منذ قال هذا القول. ولو قال: لله علي أن أصوم ¬

_ (¬1) ق: يجوز. (¬2) ق: ويجوز. (¬3) م - بالليل ولا يقضي الذي كان وطئه، صح هـ. (¬4) ق: لو كان. (¬5) ق: فإن. (¬6) أي كالذباب يدخل حلق الصائم. انظر: المبسوط، 3/ 142. (¬7) ق: قال. (¬8) م: في رمضان.

هذا الشهر يوماً، كان عليه أن يصوم ذلك الشهر بعينه متى شاء، فهو في سعة ما بينه وبين أن يموت. ولو قال: لله علي أن أصوم هذا اليوم غداً، فإن كان نوى (¬1) قبل الزوال ولم يأكل ولم يشرب فعليه صوم ذلك اليوم. وان قال هذا القول بعد الزوال أو أكل أو شرب فلا شيء عليه. ولو قال: لئه علي أن أصوم أمس، فلا شيء عليه. ولو قال: لله علي أن أصوم غداً اليوم، كان عليه أن يصوم غداً، وإنما عليه الأول من اللفظ ليس الآخر. ولو قال: لله علي صوم الأيام، ولا نية له، كان عليه سبعة أيام؛ لأنه كلما مضت الجمعة عادت. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: عليه عشرة أيام؛ لأن أكثر ما يستحق اسم الأيام في اللغة إنما هو عشرة أيام. ألا ترى أنك تقول: ثلاثة أيام وعشرة أيام، ولا تقول: أحد عشر أيام. وإذا قال: لله علي أن أصوم أياماً، ولا نية له، فعليه صيام ثلاثة أيام. ولو قال: لله علي صيام الشهور، كان عليه صيام (¬2) اثني عشر (¬3) شهراً. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: يقع ذلك (¬4) على صيام عشرة أشهر. ولو قال: لله علي صيام الجُمَع على مدى (¬5) الشهور، ولا نية له، فعليه أن يصوم كل جمعة تأتي (¬6) عليه في ذلك الشهر. ولو قال: لله علي أن أصوم أيام الجمعة، فإن عليه سبعة أيام. ولو قال: لله علي صوم الجمعة، فهذا يقع على وجهين: على أيام الجمعة السبعة، وقد يقع على الجمعة بعينها، فأي ذلك نوى لزمه. فإن لم تكن (¬7) له نية فهذا [على] (¬8) أيام الجمعة السبعة. ¬

_ (¬1) أسقط في ط "نوى" اعتماداً على نسخة عنده، وخطّأ النسخ الأخرى. ولم يصب في ذلك، لأن المعنى صحيح لا غبار عليه. (¬2) ك ق - صيام. (¬3) ك م: اثنا عشر. (¬4) ك - ذلك، صح هـ (¬5) ك ق: على مد. (¬6) ق: يأتي. (¬7) ك ق: لم يكن. (¬8) من ط اعتمادا على المبسوط، 3/ 145.

ولو قال: لله علي أن أصوم كذا كذا يوماً، فهو على (¬1) أحد عشر يومأ، وإن كان (¬2) له نية صرف الأمر إلى نيته. ولو قال: لله علي أن أصوم كذا وكذا، فهو على أحد وعشرين يوماً، إلا أن (¬3) ينوي غير ذلك فيكون كما نوى. ولو قال: لله علي أن أصوم بضعة عشر يومأ، لزمه صيام ثلاثة عشر يوماً؛ لأن (¬4) البضع من ثلاثة إلى سبعة، فوضعناه على الأقل من اسم البضع. ولو قال: لله علي صوم السنين، كان هذا صوم الدهر. والسنون مخالف للشهور؛ لأنه لا غاية للسنين تنتهيها. وأما الشهور فلها غاية في كتاب الله تعالى، وهو قوله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ} (¬5). على هذا يصرف (¬6) يمينه (¬7) إن لم تكن (¬8) له نية. فإن كانت له نية يصرف إلى نيته. وهو على (¬9) قياس قول أبي يوسف (¬10) ومحمد. وأما (¬11) قياس قول أبي حنيفة يرى على ما وصفنا قبل هذا (¬12). ولو قال: لله علي صوم الزمان، فهو ستة أشهر إن (¬13) لم تكن (¬14) له نية. وكذلك الحين] (¬15). ¬

_ (¬1) ق - على. (¬2) ق: وإن لم يكن. (¬3) ق - أن. (¬4) ك - كما نوى ولو قال لله علي أن أصوم بضعة عشر يوماً لزمه صيام ثلاثة عشر يوماً لأن، صح هـ. (¬5) سورة التوبة، 9/ 36. (¬6) م: انصرف؛ ق: تصرف. (¬7) م: نيته. (¬8) ق: لم يكن. (¬9) ق - على. (¬10) م: أبي حنيفة. (¬11) ك + في؛ ق + على. (¬12) أي: يصرف إلى عشر سنين في قياس قول أبي حنيفة، كما مر قريباً في الشهور أنها تصرف إلى عشرة شهور في قوله. وانظر: المبسوط، 3/ 146. (¬13) م: وإن. (¬14) ق: لم يكن. (¬15) ك + تمت النوادر والحمد لله وحده؛ م + تمت النوادر والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ ق + تمت النوادر والحمد لله رب العالمين اللهم صل على محمد وآله وصحبه وسلم.

كتاب التحري

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب التحري حدثنا أبو عصمة قال: أخبرنا أبو سليمان قال: سمعت محمداً يقول: إذا خرج الرجل بزكاة ماله يريد أن يتصدق بها، فأعطاها قوماً، ولم يحضره عند إعطائها أن الذين أعطاهم فقراء ولا أغنياء ذَهَلَ عن ذلك، ولم يسألوه، فلما أعطاهم تفكر في ذلك فلم يدر أغنياء هم أم لا، فإن ذلك يجزيه. فإن علم على أي هيئة كانوا حين أعطاهم فوقع في قلبه أن بعضهم كان محتاجاً عليه هيئة المحتاج، وأن بعضهم كان غنياً عليه هيئة الأغنياء، وكان على ذلك أكبر رأيه، وذلك بعد الإعطاء، أجزته عطيته لمن كان أكبر (¬2) رأيه أنه فقير، ولم تجزه عطيته لمن (¬3) كان أكبر (¬4) رأيه أنه غني؛ لأن من خرج بزكاة ماله يريد أن يتصدق بها فهو عندنا يريد أن يعطيها الفقراء، فمن أعطى من الناس فهو فقير يجزيه عطيته إياه، إلا أن يكون أعطى من أكبر (¬5) رأيه أنه غني، فإذا كان على ذلك لم تجزه (¬6) عطيته إلا أن يعلم أنه فقير فتجزيه ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) م: أكثر. (¬3) م: من. (¬4) م: أكثر. (¬5) م: أكثر. (¬6) ق: لم يجزيه.

عطيته. فأما إذا أعطى رجلاً يرى أنه فقير ولم يسأله ولم يأت مِن أَمْرِه أَمْرٌ يدل على أنه فقير فظن أنه فقير فأعطاه، أو أعطاه على غير ظنٍ حَضَرَه، ثم ظن بعد العطية أنه فقير، ثم علم بعد ذلك أنه غني، لم يجزه ما أعطاه؛ لأنه أعطاه على غير مسألة ولا دلالة. وإن كان الرجل سأله وأخبره أنه محتاج فأعطاه، ثم علم بعد ذلك أنه غني، فإن أبا حنيفة قال في ذلك: تجزيه (¬1) زكاته. وكذلك قول محمد. وأما في قول أبي يوسف فلا تجزيه (¬2) إذا علم أنه غني، وقال: هو بمنزلة رجل توضأ بماء غير طاهر ثم صلى وهو لا يعلم، فهو يجزيه ما لم يعلم، فإذا علم أعاد الوضوء وأعاد الصلاة. وقال محمد: لا تشبه (¬3) الصلاة الصدقة؛ لأن هذا لا تعد صلاته صلاة؛ لأنه صلى على غير وضوء، والمتصدق صدقته جائزة عليه. ألا ترى أنه لو أراد أن يأخذها من الذي أعطاها إياه لم يكن له ذلك في الحكم؛ لأنها صدقة نافذة جائزة لا رجوع (¬4) فيها. ولو كان له أن يأخذها من المتصدق عليه لأنها ليست بصدقة كان هذا قياس الصلاة بغير وضوء؛ لأن الصلاة بغير وضوء ليست بصلاة، فينبغي أن تكون (¬5) هذه ليست بصدقة، وينبغي لصاحبها أن يأخذها من المتصدق عليه. فإذا كان لا يقدر على أخذها منه كانت صدقة تامة، فكيف يغرمها صاحبها مرتين. ولم يكن على صاحبها أكثر من الذي صنع. وقد وافقنا أبو يوسف أن الصدقة لا ترد (¬6) على صاحبها، ولكنها نافذة للمتصدق عليه. ولذلك (¬7) افترقت الصدقة والصلاة على غير وضوء. إنما مثل الصدقة على الغني إذا تصدق (¬8) عليه وهو لا يعلم ثم علم بعد ذلك رَجُلٌ صلى وتحرى القبلة أو أخبره (¬9) مخبر أن القبلة كذا فصلى بقوله أو تحريه (¬10)، ¬

_ (¬1) ق: يجزيه. (¬2) ق: يجزيه. (¬3) ق: لا يشبه. (¬4) جميع النسخ: لا مرجوع. وصححها في ط دون الإشارة إلى ما في النسخ. (¬5) ق: أن يكون. (¬6) ق: لا يرد. (¬7) ر م: وكذلك. (¬8) ق: بصدق. (¬9) م: فأخبره. (¬10) ك: أو تجزيه.

حتى إذا فرغ علم أنه صلى لغير القبلة، فصلاته تامة، ولا إعادة عليه فيها؛ لأنه صلى ولم يكن عليه أكثر من الذي صنع. فكذلك الصدقة على الغني إذا لم يعلم وسأله وأخبره أنه فقير فليس عليه أكثر مما صنع (¬1). ولو لم يخبره أنه فقير ولم يسأله عن ذلك ولكنه صادفه (¬2) في مجلس الفقراء قد صَنَعَ صُنْعَ أصحاب المسألة فأعطاه كان هذا بمنزلة من سأله وأخبره أنه فقير؛ لأن هذا دلالة (¬3) على الفقر (¬4) بمنزلة المسألة. وقد يجيء من هذا ما هو أدل من المسألة أو (¬5) قريب منها أو مثلها. وكذلك في قول أبي حنيفة ومحمد إن أعطى ذمياً من زكاته وقد أخبره أنه مسلم أو عليه سيما المسلمين فأعطاه من زكاته، ثم علم أنه ذمي أجزاه ذلك. وكذلك إن أعطاها ولداً أو والداً وهو لا يعلم ثم علم أجزاه ذلك. وإن أعطاه عبداً له أو مكاتباً له وهو لا يعلم به أو أخبره أنه حر فأعطاه ثم علم بعد ذلك أنه عبد له عليه دين أو مكاتب لم يجزه ذلك؛ لأن هذا ماله أعطاه ماله فصار ماله (¬6) بعضه في بعض، فلا يجزي شيء من ذلك (¬7). فأما ما أعطى ولداً أو والداً (¬8) وهو لا يعلم ثم علم بعد ذلك أجزاه في قول أبي حنيفة ومحمد. أبو سليمان قال: أخبرنا محمد قال: أخبرنا إسرائيل عن أبي الجويرية (¬9) الجَرْمي عن معن بن يزيد السُّلَمي قال: خاصمت أبي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقضى لي عليه. وذلك أن أبي أعطى صدقته رجلاً في المسجد، وأمره أن يتصدق بها. فأتيته (¬10) فأعطانيها. ثم أتيت أبي فعلم بها. ¬

_ (¬1) م: صيع. (¬2) م: صادقه. (¬3) م: دلالا. (¬4) م: على الفقرا. (¬5) ق: أ. (¬6) ق - فصار ماله. (¬7) ك: فلا يجزي ذلك من شيء. (¬8) م: ووالدا؛ ق - أو والدا. (¬9) ك ج: أبي الحويرة؛ ر: أبي الحويزة؛ م: ابن الجويرية؛ ق: أبي الجويرة. والتصحيح من صحيح البخاري وغيره. انظر الحاشية التالية. (¬10) ق - فأتيته.

فقال: والله يا بني، ما إياك أردت بها. فاختصمنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال: "يا يزيد لك ما نويت، ويا معن لك ما أخذت" (¬1). قال محمد: قد جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك مجزياً عن يزيد، وجعله لمعن، فكذلك نقول (¬2). ولو أن رجلاً توضأ في ليلة مظلمة في سفر، ثم قام عامداً إلى الصلاة فصلى ولم تحضره (¬3) نية حتى ضَلَّ (¬4) في تحري القبلة، فلما قضى صلاته علم أنه صلى لغير القبلة، فإنه يعيد صلاته. وإن كان حين فرغ لم يدر (¬5) أصلى إلى القبلة أم إلى غيرها، فإن كان أكبر (¬6) رأيه أنه صلى إلى القبلة فصلاته تامة، وإن كان أكبر (¬7) رأيه أنه صلى إلى غير القبلة أعاد صلاته. وإن لم يكن له في ذلك رأي، أو كان قد ركب فمضى عن ذلك الموضع، فلم يَجْرِ (¬8) له رأي في تحري قبلة ولا غيرها، فصلاته تامة؛ لأنه حين قام عامداً إلى الصلاة حتى دخل فيها فصلى فهو عندنا على تحري القبلة حتى يعلم غير ذلك. ولو كان حين انتهى إلى موضع الصلاة شك فلم يدر أين القبلة، فلم يتحرّ أكبر رأيه حتى مضى فصلى إلى بعض تلك الوجوه بغير تحرِّ ولا أكبر رأي حتى فرغ من صلاته، فعليه أن يعيد صلانه، إلا أن يعلم أنه صلى للقبلة. فإن كان أكبر (¬9) رأيه أنه صلى للقبلة إلا أن ذلك إنما كان منه بعد دخوله في صلاته لم تجزه تلك الصلاة حتى يستقبلها بتكبير مستقبل؛ لأنه ¬

_ (¬1) صحيح البخاري، الزكاة، 15؛ وسنن الدارمي، الزكاة، 14؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 7/ 34. (¬2) م: يقول. (¬3) جميع النسخ: ولم تحضرة؛ ط: ولم يحضره. والتصحيح من الكافي، 1/ 127 ظ. (¬4) ج ر م ق ط: حتى صلى. وعبارة الحاكم: ولم تحضره نية في تحري القبلة حتى صلى. انظر: الكافي، 1/ 127 ظ. (¬5) م: لم يدري. (¬6) م: أكثر. (¬7) م: أكثر. (¬8) ج ر م ط: فلم يجز. ولفظ الحاكم: وإن لم يتوجه له رأي. انظر: الكافي، 1/ 127 ظ. (¬9) م: أكثر.

افتتحها على غير التحري، وكان الواجب عليه حين شك فلم يدر أين القبلة أن يتحرى فيمضي على أكبر (¬1) ظنه ورأيه. فلما افتتح على غير تحرٍّ لم يجزه التحري بعد الافتتاح إلا بتكبير مستقبل. ولو تحرى فكان أكبر (¬2) رأيه وجهاً من تلك (¬3) الوجوه أنه القبلة، فتركه وصلى إلى غيره فقد أساء وأثم، وصلاته فاسدة وإن علم بعدما فرغ منها أنه صلى إلى القبلة، لأن قبلته [هي] التي ظن أنها القبلة، فقد صلى إلى غير القبلة التي وجبت عليه، فعليه أن يعيد الصلاة. ولو علم أنها القبلة بعدما افتتح الصلاة لم يجزه ذلك الافتتاح حتى يفتتح افتتاحاً مستقبلاً، ويعيد صلاته. ولو أن رجلاً دخل مسجداً لا محراب فيه، وقبلته مشكلة، وفيه قوم من أهله، فتحرى الداخل القبلة فصلى، فلما فرغ علم أنه قد أخطأ القبلة، فعليه أن يعيد صلاته؛ لأنه قد كان يقدر على أن يسأل عن ذلك فيعلمه بغير تحرِّ. وإنما يجوز التحري إذا أعجزه من يُعلِمه بذلك، فأما إذا كان له من يُعلِمه بذلك لم يجزه التحري. ألا ترى لو أن رجلاً أتى ماء من المياه فطلب الماء فلم يجده حتى صلى بتيمم، ثم سألهم فأخبروه، لم تجزه صلاته حتى يتوضأ ويعيد الصلاة. ولو سألهم فلم يخبروه أو لم يكن بحضرته من يسأله فطلب فلم يجد فتيمم وصلى ثم وجد الماء أجزته صلاته، ولم يكن عليه غير ما صنع (¬4). وكذلك القبلة فيما وصفت لك. ولو أن رجلاً كانت له غنم مَسَالِيخ (¬5) ذَكِيّة، فاختلطت بها شاة مسلوخة ذبيحة مجوسي أو ذبيحة مسلم ترك التسمية (¬6) عمداً أو ميتة، فلم ¬

_ (¬1) م: أكثر. (¬2) م: أكثر. (¬3) م: من ذلك. (¬4) م: ما ضيع. (¬5) المساليخ جمع المسلوخة، وهي المسلوخ جلدها بلا رأس ولا قوائم ولا بطن. انظر: المغرب، "سلخ". (¬6) م: القسمية.

يدر صاحب الغنم أيتهن هي، فإنه لا ينبغي له أن يأكل منه شيئاً حتى يتحرى، فيُلقِي من ذلك الذي يظن أنه ميتة، ويأكل البقية. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك لو كان الذكي شاتين والميتة واحدة. فأما إذا كانت الميتة اثنتين والذكية واحدة فلا تجزي (¬1) هاهنا؛ لأن الغالب هو الحرام، ولا ينبغي أن ينتفع بشيء من ذلك. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك لو كانت واحدة ميتة وواحدة ذكية لم يأكل من ذلك شيئاً بتحرِّ ولا غيره إلا في خصلة واحدة: إن كان له في الذكي عَلَم ودلالة تدل عليه حتى يعرف بذلك من الميتة فلا بأس بأكل ذلك بالدلالة والعَلَم الذي يعلم به. وإنما افترق الغالب من ذلك وغيره؛ لأن الغالب يقع عليه التحري إذا كان غالباً، وهو حلال، وفي ذلك وجوه كثيرة من الفقه. مِنها أن رجلاً لو كان له زيت فاختلط به بعض وَدَك (¬2) ميتة (¬3) أو شحم خنزير إلا أن الزيت هو الغالب على ذلك لم نر (¬4) بأساً (¬5) بأن يستصبح به، وأن يدبغ (¬6) به الجلود ثم يغسله، وأن يبيعه ويبين عيبه. ولو كان وَدَك الميتة أو شحم الخنزير هو الغالب على الزيت أو كانا سواء لا يغلب واحد منهما على صاحبه لم ينبغ أن يُنتفَع بشيء منه، ولا يباع ولا يُستصبَح به ولا يُدهَن به جلد ولا غير ذلك؛ لأن وَدَك الميتة وشحم الخنزير إذا كانا الغالبين على الزيت فكأنه لا زيت معهما، وكان ذلك كله ميتة وشحم الخنزير، ولا ينبغي الانتفاع بذلك على حال. أبو سليمان قال: أخبرنا محمد (¬7) قال: أخبرنا زمعة بن صالح عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال: جاء نفر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: إن لنا ¬

_ (¬1) ق: يجزي. (¬2) الوَدَك هو دَسَم اللحم ودهنه الذي يستخرج منه انظر: لسان العرب، "ودك". (¬3) م: دهن. (¬4) م ق: لم ير. (¬5) م: ناسيا. (¬6) م: وان لم يدبغ. (¬7) م + قال أخبرنا محمد.

سفينة في البحر وقد احتاجت إلى الدهن، ووجدنا ناقة كثيرة الشحم ميتة، أفندهنها (¬1) بشحمها؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تنتفعوا من الميتة بشيء" (¬2). وكذلك نقول، إذا كانت الميتة هي الغالبة فكأنها ميتة كلها. وقال أبو حنيفة: لو أن قوماً من المسلمين وُجِدُوا موتى فيهم كافر أو كافران (¬3) لا يُعرَف الكافر من المسلم غُسلوا وكُفنوا وصُلي عليهم، ونوى المصلون بالصلاة والدعاء المسلمين (¬4) منهم دون الكافرين (¬5)، وصُلي عليهم جماعة. وإن كانوا كفاراً فيهم المسلم والمسلمان لم يُصَلَّ على أحد منهم، ويُغسَلون ويُكَفَّنون ويُدفَنون، ولا يُصَلَّى على أحد منهم. وكذلك قول أبي يوسف وقول محمد. ويدفنون في قول محمد في مقابر المشركين. فأما الأولون الذين أكثرهم المسلمون فإنهم يدفنون في مقابر المسلمين (¬6). وإن كانوا نصفين من الكافرين والمسلمين لم يُصَلَّ على أحد منهم حتى يكون الأكثر (¬7) من المسلمين، وهذا أيضاً يدلك (¬8) على الوجه الأول. فإن كان بأحدهما (¬9) علامة من علامات المسلمين أو كان (¬10) بأحدهما (¬11) علامة من ¬

_ (¬1) ق: أفيدهنها. (¬2) شرح معاني الآثار للطحاوي، 1/ 468؛ ونصب الراية للزيلعي، 1/ 122. وروى البخاري عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول عام الفتح وهو بمكة: "إن الله ورسوله حرّم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام"، فقيل: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة فإنها يُطْلَى بها السفن ويُدهَن بها الجلود ويَستصبح بها الناس؟ فقال: "لا، هو حرام"، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك: "قاتل الله اليهود، إن الله لما حرّم شحومها جَمَلُوه [أي أذابوه] ثم باعوه فأكلوا ثمنه". انظر: صحيح البخاري، البيوع، 112؛ وصحيح مسلم، المساقاة، 71. وفي الباب أحاديث أخرى. انظر: نصب الراية للزيلعي، الموضع السابق. (¬3) ق: وكافران. (¬4) م: للمسلمين. (¬5) م: الكافر. (¬6) م - فأما الأولون الذين أكثرهم المسلمون فانهم يدفنون في مقابر المسلمين. (¬7) م: أكثر. (¬8) م: بذلك. (¬9) ق: ياخدهما. (¬10) م + أو كان. (¬11) ق: ياخذهما.

علامات المشركين فهذه دلالة، فيُصَلَّى على الذي به علامة المسلمين، ويُتْرَك الذي به علامة المشركين. ومن علامات المسلمين الختان والخضاب ولبس (¬1) السواد مما يعرف به المسلم من الكافر. واذا كان الرجل في سفر ومعه ثوبان لا ثوب معه غيرهما، في أحدهما نجاسة خفية والآخر طاهر، وليس معه ماء يغسلهما (¬2)، فإنه يتحرى الذي يظن أنه لا نجاسة فيه، ثم يصلي فيه ويدع الآخر. وكذلك إن كان معه ثلاثة أثواب: ثوبان نجسان وثوب طاهر. وكذلك ما كثر من ذلك أو قل فإنه يتحرى فيصلي في الثوب الذي يظن أنه طاهر منها. ولا يشبه هذا (¬3) ما وصفت لك قبله (¬4) من الغنم بعضها ميتة إذا كان الغالب عليها الميت (¬5)؛ لأن هذه الثياب لو كانت كلها نجسة لكان عليه أن يصلي في بعضها ثم لا يعيد صلاته؛ لأنه مضطر إلى الصلاة فيها. والذي وصفت لك من الغنم ليس بمضطر إليها. فإن كان في موضع لا يجد من الطعام غير تلك الغنم استوت حالها وحال الثياب فتحرى وأكل. فإن تحرى ثوباً من الثوبين فكان أكبر (¬6) ظنه أنه هو الطاهر فصلى فيه الظهر، ثم تحول رأيه فكان أكبر رأيه أن الآخر هو (¬7) الطاهر فصلى فيه العصر، فإن العصر لا يجزيه؛ لأن الظهر قد أجزته. ولا يجزيه غيرها؛ لأنه قد فرغ منها على تمام، فلا تفسد (¬8) بعد التمام إلا باليقين. فإذا استيقن أن الثوب الذي صلى فيه الظهر هو النجس أعاد صلاة الظهر، وأجزته (¬9) صلاة العصر. فإن لم يحضره تحرٍّ حتى صلى، أو لم يعلم أن في واحد منهما نجاسة حتى صلى وهو ساهٍ، فصلى في أحدهما الظهر وصلى في الاَخر العصر، وصلى في الأول المغرب وصلى في الآخر العشاء، ثم نظر فإذا في أحدهما قذر، ولا ¬

_ (¬1) ق: وليس. (¬2) ج ر م ق: ما يغسلهما؛ ط: ما يغسلهما به، وزيادة "به" من المبسوط، 10/ 200. (¬3) م - هذا. (¬4) م - قبله. (¬5) م: ميت. (¬6) م: أكثر. (¬7) ق - هو. (¬8) م ق: يفسد. (¬9) م: فأجزته؛ ق: وأجزأته.

يدري هو الأول أو الآخر، فإن صلاة الظهر والمغرب جائزتان، وصلاة العصر والعشاء (¬1) فاسدتان؛ لأنه صلى الظهر في أحدهما، فتمت صلاته، فلا تفسد بعد تمامها إلا بيقين. وكذلك كل صلاة صلاها في ذلك الثوب فهي بمنزلتها. وأما ما صلى في الثوب الثاني فإن ذلك لا يجزيه؛ لأنه إن أجزاه لم يجزه الأول؛ لأنا قد علمنا أن أحدهما نجس، فلا يستقيم أن يجزيا جميعاً. ولو أن رجلاً كان في سفر ومعه آنية ثلاثة، في كل إناء ماء، أحدها نجس والآخران طاهران، ولم يعرف الطاهر من غيره، فإنه يتحرى ويتوضأ ويصلي؛ لأن الأكثر منها الطاهر، فالتحري يجزيه. وإن كان اثنان منها (¬2) نجسين وواحد طاهر أهراقها كلها وتيمم وصلى. فإن تيمم وصلى ولم يهرقها أجزاه ذلك؛ لأنه لا تحري عليه في ذلك. ولكن الأفضل له أن يهرقها (¬3) حتى يعلم أنه لا ماء معه ثم يتيمم. وكذلك إن كانا إناءين أحدهما طاهر والآخر نجس أهراقهما وتيمم، وكان (¬4) هذا بمنزلة ما وصفت لك من الغنم قبله. إذا كان أكثر الآنية نجساً تيمم ولم يتحر. وإن كان أكثرها طاهراً فتحرى (¬5) وتوضأ وصلى أجزاه ذلك ما لم يعلم أنه توضأ بماء نجس. ولو أن رجلاً له جوارٍ أعتق واحدة منهن بعينها، ثم نسيها فلم يدر أيتهن أعتق، لم يسعه أن يتحرى في هذا فيطأهن على التحري حتى يعلم أيتهن الحرة من غيرها. وكذلك لا يسعه أن يبيع منهن شيئاً. وكذلك لا يسع الحاكم أن يخلي بينه وبينهن حتى يبين المعتقة من غيرها (¬6). وكذلك رجل له أربع نسوة طلق منهن واحدة ثلاثاً بعينها، ثم نسيها فلم يعرفها، فليس له أن يقرب (¬7) منهن شيئاً بتحرٍّ حتى يعلم المطلقة بعينها من غيرها. وكذلك إن متن كلهن إلا واحدة لم يسعه أن يقربها حتى يعلم ¬

_ (¬1) م ق: وصلاة العشاء. (¬2) جميع النسخ: منهما. والتصحيح من ط. (¬3) م ق: أن يهريقها. (¬4) ك: وصلى. (¬5) م: يتحرى. (¬6) م: حتى يتبين المعتقة وغيرها. (¬7) م: أن يفرق.

أنها غير المطلقة. وكذلك ينبغي للقاضي إذا رفعت إليه أن يمنعه (¬1) منها حتى يُبَيِّن (¬2) فيخبر أنها غير المطلقة. فإذا أخبر بذلك استحلفه البتّة ما طلق هذه بعينها ثلاثاً، ثم خلى (¬3) بينه وبينها. فإن كان حلف وهو جاهل بما (¬4) حلف عليه فليس ينبغي له أن يقربها. ولو (¬5) كان له جَوَارِ فأعتق واحدة منهن بعينها، ثم نسيها فباع منهن ثلاثاً، فحكم عليه القاضي بأن أجاز بيعهن، وجعل الباقية هي المعتقة فأعتقها وحكم بذلك وكان ذلك من رأيه، ثم رجع بعض اللاتي (¬6) باع إليه بشراء أو هبة أو ميراث أو غير ذلك، فليس ينبغي له أن يطأها؛ لأن القاضي قضى في ذلك بغير علم، فليس ينبغي له أن يطأشيئًا منهن بالملك، إلا أن يتزوجها. فإن فعل فلا بأس بأن يطأها؛ لأنها على إحدى خصلتين: إما حرة فتحل بالنكاح، وإما أمة فتحل بالملك. ولا يجوز التحري في الفروج كما يجوز التحري فيما وصفت لك قبله من جميع هذه الوجوه من الميتة وغيرها؛ لأن التحري يجوز في كل ما جازت (¬7) الضرورة. ألا ترى (¬8) أن الميتة يجوز أكلها في الضرورة. وكل (¬9) ما جاز أكله في الضرورة والعمل به في الضرورة وصاحبه يعلم أنه حرام فإذا كان مشكلاً وكان الغالب عليه الحلال أجزاه في ذلك التحري. فأما الفروج فإنه لا يجوز التحري فيها؛ لأنها (¬10) لا تحل بضرورة أبداً ولا بغيرها، فكذلك لا يجوز التحري فيها. ولو أن قوماً عشرة أو أقل كانت لكل رجل منهم جارية، فأعتق أحدهم جاريته، ولم يعرفوا الجارية المعتقة، فلكل رجل منهم أن يطأ جاريته حتى يعلم أنها المعتقة بعينها. فإن كان أكبر رأي أحدهم أنه هو الذي أعتق ¬

_ (¬1) ك: أن يمنعها. (¬2) ك: حين يبين؛ ج ر: حتى يتبين؛ م: حين يتبين. (¬3) م: ثم صلي. (¬4) م: انما. (¬5) ق: وله. (¬6) ق: التي. (¬7) ق: ... ت. (¬8) م + ألا ترى. (¬9) ق: فكل. (¬10) ق: فإنها.

فأحب إلي أن لا يقربها حتى يستيقن ذلك. وإن قرب (¬1) لم يكن ذلك عليه حرامأة لأن كل واحد منهم على حدته لم يعلم أنه أعتق، فجاريته له حلال حتى يعلم أنه قد أعتقها. ولكن لو اشتراهن جميعاً رجل واحد قد علم ما قال أحدهم من العتق لم يحل له أن يقرب واحدة منهن (¬2) حتى يعرف المعتقة. ولو اشتراهن كلهن إلا واحدة حل له أن يطأهن جميعاً. فإن فعل ثم اشترى الباقية اجتمعن جميعاً في ملكه لم يحل له أن يطأ منهن شيئاً ولا يبيع شيئاً منهن حتى يستبين له المعتقة منهن. وكذلك لو اشترى كلهن بعض أصحاب الجواري إلا جارية منهن حل له أن يطأهن كلهن التي كانت عنده وغيرها. فإن اشترى الباقية فاجتمعن في ملكه جميعاً لم ينبغ له أن يقرب (¬3) منهن شيئاً، لأنه قد استيقن حين اجتمعن في ملكه أن إحداهن حرة، فهو إن وطئ إحداهن وطئها بغير علم ولا يدري أحرة هي أم لا، وإحداهن حرام عليه لا شك فيه. فإذا بقيت واحدة لم يشترها لم يعلم أن فيما اشترى حرامأ عليه ولا شك فيه. فإذا لم يعلم ذلك لم يحرم شيء من ذلك إلا باليقين. ولا يكون اليقين إلا باجتماعهن جميعاً في ملكه. ومما يدلك أيضاً أن التحري لا يجوز في الفروج أن المُعْتِقَ لجاريةٍ (¬4) من رقيقه إذا نسيها (¬5) ثم مات أن القاضي لا يوجب في ذلك تحرياً فيقول للورثة: أعتقوا أيتهن شئتم أو أعتقوا التي أكبر (¬6) ظنكم أنها حرة، ولكنه يسألهم عن ذلك، فإن استيقنوا منه شيئاً أمضاه على ما استيقنوا، فأعتقوا الذي زعموا أز الميت أعتقها بعينها، واستُحْلِفُوا على ما بقي منهن على علمهم (¬7)، فإن لم يعرفوا من ذلك شيئاً أعتقهن (¬8) جميعاً، فأبطل من قيمتهن قيمة واحدة، وسعين فيما بقي. فإن كن عشراً أبطل من ¬

_ (¬1) م: وإن فرق. (¬2) ط + جميعاً. ولم يشر الأفغاني إلى اختلاف النسخ. (¬3) م: أن يفرق. (¬4) ق: الجارية. (¬5) م: وإذا نسيها. (¬6) م: أكثر. (¬7) جميع النسخ: على علمهن. والتصحيح من ب، والكافي، 1/ 128 و. (¬8) ك ق: أعتقن.

قيمة كل واحدة منهن عُشرها، وسعت كل واحدة في تسعة أعشار قيمتها. أبو سليمان قال: سمعت محمداً يقول في رجل له عبد فآجره من رجل سنة بمائة درهم للخدمة، فخدمه العبد ستة أشهر، ثم إن المولى أعتقه، فالعبد بالخيار، إن شاء مضى على إجارته، وإن شاء فسخها فيما بقي. فإن فسخها فيما بقي بطل نصف الأجر (¬1)، وأخذ المولى من المستأجر نصف الأجر (¬2)، وكان له دون العبد. وإن مضى العبد على إجارته أَجَازَ (¬3) ذلك فليس له بعد ذلك أن ينقضها (¬4). فإن مضى عليها (¬5) حتى تتم (¬6) السنة فالأجر (¬7) كله واجب على المستأجر، نصفه للسيد حصة الشهور التي مضت وهو عبد قبل أن يعتق العبد، والنصف الباقي للعبد حصة الشهور التي بقيت بعد العتق. وليس للعبد أن يقبض شيئاً من الأجر إلا بوكالة المولى. إنما الذي يقبض الأجر المولى؛ لأنه هو الذي ولي الإجارة، فيقبض الأجر كله، فيكون له نصفه وللعبد نصفه. فإن كان المولى حين (¬8) آجر العبد سنة (¬9) بمائة درهم عجل له المستأجر المائة قبل أن يعمل العبد شيئاً، ثم إن العبد خدم المستأجر ستة أشهر، ثم أعتقه المولى، فالعبد أيضاً بالخيار، إن شاء مضى على الإجارة، وإن شاء فسخها. فإن فسخها فالقول في ذلك كالقول في المسألة الأولى. وإن مضى على الإجارة حتى يخدم السنة كلها فالأجر (¬10) كله للمولى، ولا شيء للعبد منه؛ لأن المولى قد كان ملك الأجر (¬11) كله قبل أن يعتق العبد، فلا يتحول شيء من ملك الآجر (¬12) إلى العبد بعد عتقه. فإذا لم يقبض الأجر (¬13) فإنما يجب الأجر (¬14) بالعمل يوماً ¬

_ (¬1) م: الاخر. (¬2) م ق: الاخر. (¬3) ك: أجز؛ ط: أجزاه. "أجاز ذلك" بيان لقوله: وإن مضى العبد على إجارته. (¬4) ك - وإن مضى العبد على إجارته أجاز ذلك فليس له بعد ذلك أن ينقضها، صح هـ. (¬5) م - عليها. (¬6) ق: تيمم. (¬7) م: فالاخر. (¬8) م - حين. (¬9) م - سنة. (¬10) م: فالاخر. (¬11) م: الاخر. (¬12) م: الاخر. (¬13) م: الاخر. (¬14) م: الاخر.

بيوم وشهراً بشهر. فإذا أعتق العبد في بعض السنة فعمل ما بقي منها كان له أجر ما بقي؛ لأن ذلك لم يملكه المولى حين عتق العبد. وكذلك لو كان الأجر (¬1) دنانير أو شيئاً بما يكال أو يوزن أو عرضاً (¬2) من العروض (¬3) جارية أو ثوبًا بعينه أو غير ذلك. إذا قبضه المولى بإذن المستأجر قبل أن يعتق العبد (¬4) فقد ملكه المولى. فإذا مضى العبد على الإجارة كان (¬5) الذي قبض المولى له دون العبد. وإن كان المولى لم يقبض ذلك والأجر جارية بعينها فعمل العبد وهو مملوك نصف السنة، ثم عتق فعمل نصف السنة الأخرى، ولم يكن المولى قبض الجارية، فنصفها للمولى ونصفها للعبد. والذي يلي قبضها من المستأجر المولى؛ لأنه هو الذي ولي الإجارة. فيدفع نصفها إلى العبد، ويكون له نصفها. ولو كان المولى قبض الجارية قبل العتق والمسألة على حالها سلمت الجارية كلها للمولى، ولم يكن للعبد منها قليل ولا كثير. ألا ترى أن رجلاً لو زوج جارية له من رجل بصداق وقبضه المولى أو لم يقبضه حتى أعتقها المولى فهي بالخيار، إن شاءت أقامت مع زوجها، وإن شاءت فارقته. فإن اختارت نفسها ولم يكن الزوج دخل بها بطل صداقها، وكانت فرقة بغير طلاق. وإن اختارت زوجها كان الصداق لمولاها إن كان قبض الصداق أو لم يقبض. وهذا الوجه إذا لم يقبض الصداق يخالف الإجارة إذا لم يقبض الأجر؛ لأن الصداق (¬6) يجب بالنكاح حين يقع، لا يجب منه شيء دون شيء، وأن الإجارة إنما تجب بالعمل، كلما عمل يوماً وجب له أجره، فلهذا اختلفا إذا لم يقبض (¬7) الصداق والأجر. أما إذا قبضهما المولى جميعاً فهو سواء في جميع ما وصفت. ولو أن رجلاً قال لعبده: آجر نفسك بمائة درهم ممن شئت، فآجر نفسه من رجل سنة بمائة درهم كما أمره مولاه، فخدم المستأجر ستة أشهر ¬

_ (¬1) م: الاخر. (¬2) م: أو غرضا. (¬3) ق + أو. (¬4) ق - العبد. (¬5) ق: وكان. (¬6) ق: الصدان. (¬7) ك: لم تقبض.

ثم أعتقه المولى، فالعبد أيضاً بالخيار، إن شاء فسخ الإجارة فأخذ العبد نصف الأجر حصة ما مضى من الشهور فدفع ذلك إلى مولاه، وإن شاء مضى على الإجارة حتى يتم وأخذ العبد الأجر كله وأعطى مولاه نصفه وأخذ نصفه. وليس للمولى على المستأجر سبيل في قبض شيء من الأجر إلا بوكالة من العبد؛ لأن العبد هو الذي ولي الإجارة. وإن كان العبد قبض الأجر قبل العمل ثم أعتقه المولى بعدما عمل نصف السنة فالعبد أيضاً بالخيار، إن شاء نقض (¬1) الإجارة ورد على المستأجر نصف ما أخذ منه من الأجر (¬2). وإن كان المولى أخذ ذلك من عبده (¬3) فاستهلكه كان للمستأجر أن يأخذ العبد بذلك حتى يؤديه هو إليه، ولا سبيل له على المولى. وللعبد أن يرجع على المولى فيأخذ منه نصف ما أخذ إن كان قائماً بعينه عرضاً أو غيره. وإن كان المولى استهلكه كان له أيضاً أن يرجع على المولى (¬4) بنصف ما قبض؛ لأن هذا المال لم يجب على المولى للعبد في حال رقه، إنما وجب له بعد العتق وبعد فسخ الإجارة. ألا ترى أن المستأجر لا سبيل له على المولى وإن كان العبد مُعْدِماً؛ لأن المولى قبض ذلك من العبد يوم قبض ولا دين على العبد. ولو كان على العبد يومئذ دين لكان للغريم أن يأخذ المولى بما أخذ من مال عبده حتى يدفعه إليه قضاء من دينه. فلذلك كان للعبد أن يرجع على المولى بما أخذ منه حتى يوفيه المستأجر. وإن اختار العبد المضي على الإجارة فمضى حتى أتم الخدمة فإن كان لم يقبض الأجر في حال رقه فالأجر بين المولى وعبده نصفان: نصف للمولى حصة ما مضى من الشهور، ونصفه للعبد. فإن كان العبد قبض الأجر في حال رقه ثم مضى على الإجارة حتى انتهى فالأجر كله للمولى دراهم كانت أو دنانير أو كيلاً أو وزناً أو عرضاً من العروض (¬5) كائناً ما كان. ¬

_ (¬1) ق + على. (¬2) ق: من الآخر. (¬3) ق: من عنده. (¬4) م + كان له أن يرجع على المولى. (¬5) م - أو عرضا من العروض.

فإن قال قائل: وكيف يكون للعبد أن يفسخ الإجارة وهو الذي وليها؟ قيل له: لأنها تمت في حال رقه بإذن المولى له فى ذلك. ألا ترى لو أن أمة زوجت نفسها بإذن مولاها ثم أعتقت كان لها الخيار، إن شاءت أقامت مع زوجها، وإن شاءت فارقته وهي التي وليت النكاح. وكذلك العبد إذا ولي الإجارة. فإن قال قائل: وكيف يكون للعبد أن يفسخ الإجارة في وجه من هذه الوجوه وقد كانت جائزة؟ قيل له: لأن الإجارة تفسخ بعذر، فالعتق من أفضل العذر؛ لأن الأمر رجع إلى العبد وصار أحق بنفسه من المولى. ألا ترى أن رجلاً لو توفي فأوصى إلى رجل وترك ابناَ صغيرًا فآجره الوصي في عمل من الأعمال فلم يتم العمل حتى بلغ الغلام مبلغ الرجال (¬1) فهو بالخيار، إن شاء مضى على العمل حتى يتمه وأخذ الأجر كله، وإن شاء فسخ الإجارة فيما بقي وكان له أجر ما مضى. وهذا (¬2) قول أبي حنيفة. فإذا كان للغلام أن ينقض الإجارة والأجر له فالعبد أحرى أن ينقض الإجارة إذا أعتق. والأجر يكون لمولاه إن كان قد قبضه في حال الرق (¬3). وكذلك لو أن الأب (¬4) آجر ابنه وهو صغير (¬5) في عمل من الأعمال سنين معلومة بأجر معلوم فبلغ الغلام قبل أن تتم (¬6) السنون فهو بالخيار، إن شاء فسخ الإجارة، وإن شاء مضى عليها، وكانت حاله كحال الذي آجره الوصي. ولو كان الوصي أو الوالد (¬7) آجر داراً للصغير سنين معلومة، فبلغ الغلام فأراد أن يبطل الإجارة لم يكن له ذلك. ولا يشبه (¬8) هذا في هذا ¬

_ (¬1) ق: الراجال. (¬2) م: فهذا. (¬3) ك - الإجارة إذا أعتق والأجر يكون لمولاه إن كان قد قبضه في حال الرق. (¬4) ك ق + نفسه. (¬5) ك: ابنه وصغير. (¬6) ك ق: أن يتمم. (¬7) ك: أو الولد. (¬8) م: ولا نسبه.

الوجه إجارة نفسه؛ لأن الوالد والوصي (¬1) في مال الصغير (¬2) بمنزلة الوكيلين اللذين يوكلهما الكبير (¬3). ألا ترى أن الكبير لو وكل رجلاً يؤاجر داره فآجرها كما وكله لم يكن له أن ينقض إجارة وكيله، فكذلك (¬4) هذا. ولو آجر العبد نفسه وهو محجور عليه رجلاً سنة بمائة درهم ليخدمه، فخدمه ستة أشهر ثم أعتق العبد، فالقياس في هذا أنه لا أجر للعبد فيما مضى؛ لأن المستأجر كان (¬5) ضامناً له (¬6)، ولا يجتمع الأجر والضمان، ولكنا (¬7) نستحسن إذا سلم العبد أن يجعل له الأجر فيما مضى، فيأخذه العبد فيدفعه إلى مولاه، فيكون ذلك لمولاه دونه. وتجوز (¬8) الإجارة فيما بقي من السنة، وليس للعبد (¬9) أن ينقض (¬10) ذلك؛ لأن الإجارة فيما بقي إنما جازت (¬11) بعدما عَتَقَ (¬12) العبد. وليس (¬13) للعبد أن ينقض (¬14) ما جاز بعد عتقه؛ لأنه إنما جاز بغير إجازة المولى. ألا ترى أن أمة لو تزوجت رجلاً بغير أمر مولاها فأعتقها المولى جاز نكاحها عليها، ولم يكن لها خيار في إبطاله؛ لأنه إنما جاز بعد العتق. وكذلك الإجارة لما (¬15) جاز ما بقي منها بعد العتق لم يكن للعبد إبطال ذلك، ولكن الإجارة تلزم العبد، ويكون للمولى أجر ما مضى من الشهور قبل العتق، ويكون أجر ما بقي من الشهور بعد العتق للعبد. فإن كان العبد قبض الأجر في حال الرق وهو دراهم أو دنانير أو (¬16) شيء مما يكال أو يوزن أو عرض من العروض أو لم يقبض ذلك فهو ¬

_ (¬1) ك: الوصي. (¬2) م - في مال الصغير. (¬3) ق: الكثير. (¬4) م: فلذلك. (¬5) ق: كانه. (¬6) ك - له. (¬7) ق: ولكنها. (¬8) ق: وبجوز. (¬9) ق: ببعيد. (¬10) م ط: أن يقبض. والتصحيح من ك ج. وسقطت الجملة من ر. (¬11) ق: جازه. (¬12) ق: أعتق. (¬13) ك ق: فليس. (¬14) م: أن يقبض. (¬15) ك م: بما. (¬16) م: وهو.

سواء، يكون للمولى من (¬1) ذلك حصة ما مضى من الشهور، وللعبد (¬2) حصة ما بقي من الشهور بعدما عتق. ولا يشبه هذا الوجه فيما قبض العبد من الأجر ما مضى قبله من الإجارات بإذن المولى وإجازة المولى؛ لأن العبد لما قبض الأجر في هذا الوجه فقد قبض شيئاً ليس بجائز، ولا يجب به الأجر حتى يجوز بعد العمل. فلما أعتق العبد وقد قبض الأجر فإن كان لم يعمل شيئاً ولم يمض من السنة شيء فإنما جازت الإجارة بعد العتق، ووجب الأجر بعد العتق، وصار الأجر كله للعبد. فإن كان قد مضى من الشهور شيء قبل العتق وجب أجر ذلك للمولى بالعمل فى ون القبض، فصار ذلك بمنزلة من لم يقبض. فأما أجر ما لم يمض من العمل فإنه لا يجب بالقبض حتى تجوز الإجارة. وإنما جازت الإجارة بعد العتق، فصار ذلك للعبد دون المولى، فلذلك افترق (¬3) جواز الإجارة (¬4) قبل العتق وجوازها بعد العتق فيما قبض العبد من الأجر (¬5). ¬

_ (¬1) م + بعد. (¬2) ك: والعبد. (¬3) ك: اقترن. (¬4) م: الاجازة. (¬5) ك + آخر كتاب التحري والحمد لله وحده وصلواته على محمد وآله وصحبه وسلامه؛ م + آخر كتاب التحري والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين؛ ق + آخر كتاب التحري الحمد لله رب العالمين اللهم صل على محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيراً.

كتاب الاستحسان

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب الاستحسان قال محمد بن الحسن: لا بأس بأن ينظر الرجل من أمه أو من ابنته (¬2) البالغة أو من أخته (¬3) أو من كل (¬4) ذات محرم منه من رحم أو رضاع إلى شعرها أو إلى صدرها أو إلى ثديها أو عضدها أو ساقها أو قدمها. ولا ينبغي له أن ينظر إلى بطنها أو إلى ظهرها أو إلى ما بين سرتها حتى يتجاوز الركبة. وكذلك كل ذات محرم من نكاح نحو امرأة الأب وامرأة الابن وأم الزوجة وابنة الزوجة إذا كان قد دخل بأمها. فإن كان ينظر إلى شيء من ذلك منها أو من ذات محرم ممن وصفت لك لشهوة فليس ينبغي له أن ينظر إلى ذلك. وكذلك إذا كان أكبر ظنه أنه إن نظر اشتهاها فينبغي له أن يغض بصره. وإن أمن على نفسه فلا بأس بأن (¬5) يسافر بها ويكون محرماً لها وتسافر (¬6) معه لا محرم معها غيره. فإن كان يخاف على نفسه فلا يسافرن ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) ق: من أمته. (¬3) ق - أو من أخته. (¬4) م: من كان. (¬5) م: أن. (¬6) م: أو تسافر.

معها، ولا يخلون معها، ولا ينبغي لها إن خافت ذلك منه أن تخلو معه في بيت ولا تسافر معه. فأما إذا أمنا ذلك أو كان عليه أكبر رأيهما فلا بأس بالخلوة معها والسفر بها. وكل شيء من هذا الذي وصفت لك لا بأس بأن ما ينظر إليه من أمه أو ذات رحم محرم منه فلا بأس بأن يمسه منها. لا بأس بأن يمس شعر أمه ويغسله ويدهنه أو يمس ساقها ورجلها ويغمز ذلك لها ويمس صدرها وثديها وعضدها ووجهها (¬1) وذراعيها وكفيها. ويكره له أن يمس منها ما كرهنا له النظر إليه إذا كانت مجردة له. فإن كانت غير مجردة له واحتاج إلى حملها أو النزول (¬2) بها فلا بأس بأن يحملها وينزلها مُتَوَاخِذاً (¬3) بظهرها أو ببطنها (¬4). وكذلك كل ذوات المحرم منه من جميع ما وصفت. فإن كان يخاف على نفسه أن يشتهي إنْ يَمَسّ شيئاً من ذلك وكان عليه أكبر ظنه فليجتنب ذلك بجهده. وقال أبو حنيفة: إذا بلغت الأمة لم ينبغ أن تُعْرَض (¬5) في إزارها. وقال محمد: وكذلك قولنا. وإن بلغت أيضاً أن تُشتهَى ويُجامَع مثلُها لم ينبغ أن تُعرَض في إزارها. ولا ينبغي للرجل أن ينظر من أمة غيره إذا كانت بالغة أو تُشتهَى مثلُها أو تُوطَأ إلا ما ينظر إليه من ذوات المحرم، ولا بأس بأن ينظر إلى شعرها وإلى صدرها وإلى ثديها (¬6) وعضدها وقدمها وساقها ولا ينظر إلى بطنها ولا إلى ظهرها ولا إلى ما بين السرة منها حتى يجاوز الركبة. وكل ما لم (¬7) ينظر إليه منها فلا ينبغي له أن يمسه مكشوفاً وإن لم يره، ولا غير مكشوف إلا أن يضطر إلى حملها أو إلى (¬8) النزول ¬

_ (¬1) ق: ووجهاها. (¬2) م: أو المنزول. (¬3) كذا في جميع النسخ وط. ولم أجد هذا الاستعمال في لسان العرب والقاموس المحيط والكلمة من "أخذ" كما هو ظاهر. والمقصود "آخذاً". وقد ذكر اللغويون أن "وَاخَذَ" مكان "آخَذَ" خطأ. انظر: لسان العرب، "أخذ"؛ والقاموس المحيط، "أخذ". (¬4) م: أو ببكنها. (¬5) ك: أن يعرض. (¬6) م: وإلى بدنها. (¬7) م - لم. (¬8) م ق - إلى.

بها. ولا بأس بأن يمس منها ما (¬1) يحل له النظر إليه، لا بأس بأن يمس ساقها وصدرها وشعرها وعضديها (¬2). بلغنا أن ابن (¬3) عمر مر بجارية تباع، فضرب في صدرها ومس ذراعيها، وقال: اشتروا، ثم مضى وتركها (¬4). فهذا ونحوه لا بأس به ممن أراد الشراء أو ممن لم يرد. فإن كان يخاف على نفسه أن يشتهي إن مس ذلك منها أو كان عليه أكبر رأيه فليجتنب أن يمسها. وكذلك إن كانت الجارية هي التي تمسه فلا بأس بأن تمس (¬5) كل شيء منه (¬6) إلا ما بين السرة إلى الركبة. ولا بأس بأن تدهن (¬7) رأسه وتسرحه وتدهن شعره وصدره وظهره وساقه وقدمه وتغمز (¬8) ذلك إلا أن يشتهي، أو يكون أكبر رأيه على أنها إن فعلت ذلك اشتهاها أو اشتهت، فينبغي له أن ينهاها أن تعرض لذلك منه. ألا ترى أن أمة امرأة الرجل تخدمه وتدهنه وتغمز رجله وتخضبه، فلا يكون بذلك بأس ما لم يشته (¬9) أو يكون أكبر رأيه على أنه يشتهي إن فعلت أو على أنها تشتهي إن فعل. فإن كان أكبر رأيه على ذلك فليجتنبه (¬10). وكذلك لا بأس بأن تنظر منه إلى كل شيء ما خلا ما بين السرة والركبة. ولا بأس بأن تنظر (¬11) إلى السرة. إنما يكره أن تنظر (¬12) إلى ما تحت السرة. ولا ينبغي أن تنظر (¬13) إلى الركبة؛ لأن الركبة من العورة. وأما المرأة الحرة التي لا نكاح بينه وبينها ولا حرمة ممن يحل له نكاحها فليس ينبغي له أن ينظر إلى شئ منها مكشوفاً إلا الوجه والكف. ولا بأس بأن ينظر إلى وجهها وإلى كفها. ولا ينظر إلى شيء غير ذلك منها. وهذا قول أبي حنيفة. ¬

_ (¬1) م + لم. (¬2) ق: وعضدها. (¬3) م - ابن. (¬4) المصنف لعبد الرزاق، 7/ 286. (¬5) م: بأن يمس. (¬6) ك ق: منه كل شيء. (¬7) م: بأن يدهن. (¬8) م: ويغمز. (¬9) م: لم يشبه. (¬10) ك: فلتجتنبه. (¬11) ق: ينظر. (¬12) ق: أن ينظر. (¬13) ق: أن ينظر.

وقال الله تبارك وتعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} (¬1). ففسر المفسرون أن ما ظهر منها الكحل والخاتم (¬2). والكحل زينة الوجه، والخاتم زينة الكف، فرخص في هاتين الزينتين. ولا بأس بأن ينظر إلى وجهها وكفها إلا أن يكون إنما ينظر إلى ذلك اشتهاء منه لها. فإن كان (¬3) ذلك فليس ينبغي له أن ينظر إليه. وإن دعي إلى شهادة عليها أو أراد تزويجها أو كان حاكماَ فأراد أن ينظر إلى وجهها (¬4) ليجيز إقرارها عليها وليشهد الشهود على معرفتها - وإن كان إن نظر إليها اشتهاها أو كان عليه أكبر رأيه - فلا بأس بالنظر إلى وجهها وإن كان على ذلك؛ لأنه لم ينظر إليها هاهنا ليشتهيها، إنما نظر (¬5) إليها لغير ذلك. فلا بأس بالنظر إليها وإن كان في ذلك شهوة إذا كان على ما وصفت لك. ولا ينبغي له أن يمس يدها ولا وجهها (¬6) إذا كانت شابة ممن تُشتهَى. فأما إذا كانت عجوزاً ممن لا تُشتهَى فلا بأس بمصافحتها ومس يدها. وإن كان (¬7) عليها ثياب فلا بأس بأن يتأملها أو يتأمل (¬8) جسدها ما لم تكن ثياب تصفها. فإن كانت ثيابها تلزق بجسدها حتى يستبين له جسدها فينبغي له أن يغض بصره عن ذلك. وإن كانت ثيابها لا تصف شيئاً من جسدها فلا بأس بالنظر إليها؛ لأنه إنما ينظر إلى الثياب وإلى القامة فلا بأس بذلك. ¬

_ (¬1) سورة النور، 24/ 31. (¬2) روي عن ابن عباس - رضي الله عنه - بلفظه. وروي معناه عن عائشة وأنس - رضي الله عنهما -. انظر: تفسير الطري، 18/ 118؛ وشرح معاني الآثار للطحاوي، 4/ 332؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 2/ 225. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 4/ 239؛ والدراية لابن حجر، 2/ 225. (¬3) ق - كان؛ صح هـ. (¬4) ط + وكفها. (¬5) ك م ق: انظر؛ ط: النظر. والتصحيح من ج ر. (¬6) ق: وجهها ولا يدها. (¬7) ف: كانت. (¬8) م: فلا بأس بتأملها أو بتأمل.

ولا بأس بأن تنظر (¬1) المرأة التي لا نكاح بينها وبين الرجل منه إلى جميع جسده ووجهه ورأسه إلا ما بين سرته إلى ركبته؛ فإن ذلك عورة، ولا ينبغي لها أن تنظر إليه. ولا بأس بأن تنظر إلى السرة أيضاً، إنما يكره أن تنظر إلى ما تحتها، فأما السرة خاصة فلا بأس بالنظر إليها. ولا ينبغي لها أن تنظر إلى الركبة؛ لأن الركبة من العورة. ولا ينبغي لها أن تمس (¬2) منه قليلاً ولا كثيراً إذا كانت شابة يُشتهَى مثلُها أو كان شاباً (¬3) يجامع مثله. فإن كانا كبيرين لا يجامع مثله ولا يجامع مثلها فلا بأس بالمصافحة، ويكره غير ذلك. وإذا كانت المرأة إذا نظرت إلى بعض ما وصفت لك من الرجل وقعت في قلبها له شهوة أو كان على ذلك أكبر رأيها فأحب إلي أن تغض بصرها عنه. والرجل من الرجل لا ينبغي له أن ينظر منه إلا (¬4) ما تنظر (¬5) منه المرأة. ولا ينبغي له أن ينظر من الرجل إلى ما بين (¬6) سرته إلى ركبته (¬7). ولا بأس بالنظر إلى سرته. ويكره النظر منه إلى ركبته. وكذلك المرأة من المرأة. محمد قال: أخبرنا قدامة بن موسى بن عمر بن قدامة بن مظعون (¬8) عن أبيه (¬9) قال: صليت إلى جانب ابن عمر وكنت فتى من الفتيان أتّزر على صدري كما يتزر (¬10) الفتيان، فأدخل ابن عمر إصبعه فحط إزاري حتى أبدى السرة، ثم قال: هكذا فاتزر يا ابن أخي (¬11). وبلغنا عن عبد الله بن عمر أنه كان إذا اتزر أبدى عن سرته. ¬

_ (¬1) ق: ينظر. (¬2) ق: أن يمس. (¬3) ق: شايا. (¬4) ق + إلى. (¬5) ق: ما ينظر. (¬6) م - بين. (¬7) ق: وركبته. (¬8) ق: معطوف. (¬9) م - بن مظعون عن أبيه. (¬10) ق: تأتزر. (¬11) المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 169.

والسرة ليست من العورة، ولكن ما تحتها من العورة. فلا ينبغي أن ينظر إليه الرجل من الرجل والمرأة من المرأة حتى يأتي العذر. فإذا جاء العذر فلا بأس بالنظر إلى ذلك. ولا بأس إذا أرادت المرأة الولادة أن تنظر المرأة منها إلى موضع الفرج وغيره. وكذلك الرجل يريد أن يحتقن (¬1) أو يختتن وهو كبير. ولا بأس بأن يحقنه أو يختنه رجل؛ لأن هذا موضع عذر. فإن أصاب امرأة جرح (¬2) أو قرحة في موضع لا يحل للرجال أن ينظروا إليه فلا بأس بأن يعلّم (¬3) امرأة دواء ذلك الجرح أو تلك القرحة فتكون (¬4) هي التي تداوي به. ألا ترى أن الجارية البكر الحرة (¬5) إذا تزوجها الرجل فمكثت عنده لا يصيبها فرافعته إلى القاضي أجّله سنة، فإن وصل إليها وإلا فرق بينهما، فإن مضت السنة فقال: قد وصلت إليها، وقالت: لم يصل إلي، نظر إليها النساء، فإن قلن: هي بكر على حالها، خيرت، وان قلن: هي ثيب، كان القول قول الزوج مع يمينه. أفلا ترى أنه لا بأس بنظر النساء في هذه الحال؛ لأنها حال عذر. وكذلك رجل اشترى جارية على أنها بكر فقبضها فقال: وجدتها ثيباً، وأراد ردها على البائع أو يمينَه (¬6) بالله لقد باعها وقبضها وإنها لبكر، فإن النساء ينظرن (¬7) إليها، فإن قلن: هي بكر، فلا يمين (¬8) على البائع، وإن قلن: هي ثيب، استحلف البائع بالله البتة لقد باعها وقبضها المشتري وإنها لبكر، فإن حلف على ذلك لم ترد عليه، وإن نكل عن اليمين ردت عليه. أفلا ترى أنه لا بأس بأن (¬9) ينظر النساء في هذه الحال في أشياء كثيرة نحو ذلك. فإن لم يجدوا امرأة تداوي الجرح الذي بها أو القرحة ولم يقدروا على امرأة تعلم ذلك، وخافوا على المرأة التي بها الجرح أو ¬

_ (¬1) ق: أيحتقن. (¬2) ق + أو حرح. (¬3) ك: بأن تعلم. (¬4) ق: فيكون. (¬5) م - الحرة. (¬6) أي أراد يمين البائع. (¬7) م: ينظرون. (¬8) م: فلا بأس. (¬9) م: أن.

القرحة (¬1) أن تهلك أو يصيبها بلاء أو دخلها من ذلك وجع لا يحتمل، أو لم يكن يداوي الموضع إلا رجل، فلا بأس بأن يستتر منها كل شيء إلا موضع الجرح أو القرحة ثم يداويه الرجل ويغض بصره بما استطاع عن عورةٍ، وذات محرم وغيرها في ذلك سواء. والعبد فيما ينظر إليه من مولاته، والحرُّ الذي لا قرابة بينه وبينها ولا حرمة سواء، خَصِيًّا كان أو فحلاً، إذا كان قد بلغ مبلغ الرجال. فلا ينبغي أن ينظر منها إلى شيء إلا إلى وجهها وكفها. ولا يحل للخَصِيّ شيء يحرم على الفحل. ولا تُحِلُّ المُثْلَةُ التي مُثِّلَتْ به شيئاً يحرم على غيره من العبيد (¬2) والأحرار. فأما الزوجة والأمة (¬3) تكون للرجل فلا بأس بأن ينظر منها إلى كل شيء فرج أو غيره أو يمسه. ولا بأس بأن يصيبها وهي حائض فيما دون الفرج، ولا بأس بمباشرتها وإن لم يكن عليها إزار. محمد قال: أخبرنا الصلت بن دينار عن معاوية بن قرة المزني قال: سألت عائشة أم المؤمنين: ما يحل للرجل من امرأته وهي حائض؟ قالت: يجتنب شعار الدم، وله ما سوى ذلك (¬4). قال محمد: وبهذا نأخذ. وشعار الدم موضع الفرج. فأما أبو حنيفة قال: للرجل من امرأته وجاريته إذا كانت حائضاً ما فوق الإزار، وكره ما تحت الإزار. ... ¬

_ (¬1) م - ولم يقدروا على امرأة تعلم ذلك وخافوا على المرأة التي بها الجرح أو القرحة. (¬2) م: من العبد؛ ق: من العميد. (¬3) م: والابنة. (¬4) روي نحوه. انظر: شرح معاني الآثار للطحاوي، 383؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 1/ 314. وفي معنى ذلك حديث مرفوع. انظر: سنن أبي داود، الطهارة، 106؛ والسنن الكبرى للبيهقي، الموضع السابق.

باب النظر واللمس من الأمة إذا أراد أن يشتريها

باب النظر واللمس من الأمة إذا أراد أن يشتريها وإذا أراد الرجل أن يشتري جارية فلا بأس بأن ينظر إلى شعرها وصدرها وساقها وقدمها وثديها وإن اشتهى ذلك. وإنما (¬1) يكره أن ينظر إلى ذلك منها إذا كان إنما ينظر إليه ليشتهي (¬2) بغير شراء. ومَسُّ هذه المواضع منها إذا كان يشتهي إذا مسها أو كان أكبر رأيه على ذلك فإني أكره له مس شيء من هذه المواضع وإن كان يريد الشراء. ولا يشبه النظر في هذا الوجه اللمس. ألا ترى أن النظر لا يُحَرِّم عليه أمَّها ولا ابنتَها (¬3) حتى ينظر إلى الفرج مكشوفاً لشهوة، وأنه لو مس شيئاً من هذه المواضع لشهوة حرمت عليه أمها وابنتها، وحرمت هي على أبيه وابنه (¬4). فصار اللمس في هذه المواضع أشد من النظر. فلذلك رخصنا في النظر وإن اشتهى، وكرهنا في اللمس إن خاف الشهوة أو كان (¬5) عليه أكبر (¬6) رأيه. ... باب المرأة إذا ماتت مع الرجال ولو أن امرأة ماتت مع الرجال لا امرأة معهم غيرها لم ينبغ لهم أن يغسلوها وإن كانوا ذوي رحم محرم (¬7) منها أبوها أو غيره، ولكنهم يُيَمِّمُونها الصعيد. فإن كان (¬8) أبوها أو ابنها أو أخوها أو ذو رحم محرم منها يمّمها (¬9) بالصعيد (¬10)، يضرب بيديه (¬11) الأرض ثم ينفض بهما ويمسح بهما وجهها، ¬

_ (¬1) ق: إنما. (¬2) ك ق: يشتهي. (¬3) ق: بنتها. (¬4) ق: على ابنه وأبيه. (¬5) م - كان. (¬6) م: غلبه أكثر. (¬7) م - محرم. (¬8) م - كان. (¬9) ط: يتيممها. (¬10) م: الصعيد. (¬11) ك م ق: بيده. والتصحيح من ج ر ط.

باب الرجل يموت مع النساء ليس معهن رجل

ثم يضرب بيديه الأرض الثانية ثم ينفضهما كذلك ويمسح يديها إلى المرفقين، ظاهر كفيه وباطنهما في ظاهر الذراعين وباطنهما ليس بين يديه وبين وجهها وذراعيها ويديها شيء. فإن كان الرجال الذين (¬1) معها لا محرم بينهم وبينها فإن أحدهم يضع الثوب على يديه، فيضرب به الأرض ثم ينفضه ويمسح بذلك وجهها، ثم يعود فيضرب بالثوب وهو على يديه (¬2) الأرض، ثم ينفضه ويمسح يديها إلى المرفقين، ويُعْرِض (¬3) بوجهه عن ذراعيها. وكذلك يفعل بها زوجها إن كان معهم؛ لأنها حين ماتت صارت غير زوجته (¬4)، وحل له نكاح أختها، ونكاح ابنتها إن كان لم يدخل بها، ونكاح أربع سواها. قال: بلغنا أن عمر بن الخطاب قال في امرأة له هلكت: نحن كنا أحق بها إذا كانت حية، فأما إذا ماتت فأولياؤها أحق بها (¬5). أفلا ترى أنه لم ير لنفسه فيها حقاً بعد موتها، فكذلك نقول في غسلها والصلاة عليها. ... باب الرجل يموت (¬6) مع النساء ليس معهن رجل (¬7) وإذا مات الرجل مع النساء ذوات (¬8) المحرم منه صنعن به كما وصفت لك من التيمم في ذوات المحرم من الرجل في المرأة. ولو كن لَسْنَ بذوات محرم منه فيُيَمِّمْنَه (¬9) الصعيد كما وصفت لك من وراء الثوب. إلا امرأته خاصة، فإنها تغسله. ثم يصلين عليه. وتقوم المرأة الإمام منهن وسط الصف لا تتقدم الصف كما يتقدم الرجال. ولا تشبه امرأة الرجل في هذا الزوج في غسل امرأته؛ لأن المرأة عليها عدة من زوجها، ¬

_ (¬1) م: الرجل الذي. (¬2) م: على بدنه. (¬3) م: ويعترض. (¬4) م: غير زوجه. (¬5) المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 456، 3/ 43. (¬6) م: إذا مات. (¬7) ق: غيره. (¬8) م: دون. (¬9) م: فيممته.

فهي بمنزلة امرأته حتى تنقضي عدتها، والرجل لا عدة عليه. وقد بلغنا أن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - أمر أسماء ابنة عميس - رضي الله عنها - أن تغسله فغسلته (¬1). وأمر أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه - امرأته (¬2) أن تغسله، فغسلته (¬3). فهذا لا بأس به. فأما أمته أو مدبرته أو مكاتبته أو أم ولده فإنهن لا يغسلنه، ولكنهن ييممنه كما ييممنه النساء (¬4) اللاتي لسن (¬5) بذوات محرم منه (¬6). إلا الأمة خاصة فإنه لا بأس بأن تيممه وإن لم تجعل (¬7) على يديها ثوبًا. فأما أم الولد فإنها تيممه من وراء الثوب وإن كانت عليها عدة؛ لأن عدتها ليست من موته (¬8)، وإنما وجبت عدتها لأنها عتقت بموته فوجبت عليها العدة للعتق. ألا ترى أنه لو أعتقها في مرضه حرمت عليه (¬9) بالعتق، وإن مات وهي في العدة لم تغسله، فكذلك (¬10) هذا إذا مات (¬11) فعتقت حرمت عليه بالعتق (¬12) كما تحرم في الحياة، فليس ينبغي لها بعدما صارت حرة أن تغسله. فكذلك (¬13) امرأته لو فجر بها ابنه من بعد موته أو ارتدت عن الإسلام لم تغسله. وإن رجعت إلى الإسلام بعد ردتها لم تغسله؛ لأنها لو ارتدت في حياته ثم مات وهي في العدة لم تغسله. فكذلك إذا ارتدت بعد موته فصارت في حال لا تغسله لم يحل لها أن تغسله (¬14) بعد إسلامها. وإن ماتت امرأة مع رجال ومعهم غلمان لا يشتهون النساء لصغرهم ولا يجامِع (¬15) مثلهم فلا بأس بأن يعلّموهم الغسل إن ضَبَطُوا، ثم ¬

_ (¬1) رواه الإمام محمد عن الإمام مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن أسماء بنت عميس. انظر: الموطأ برواية محمد، 2/ 98. وانظر: المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 455؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 3/ 397. (¬2) م - امرأته. (¬3) المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 456. (¬4) ق: اللا نساء. (¬5) م: ليس. (¬6) م - منه. (¬7) ق: لم يجعل. (¬8) ق: بموته. (¬9) ق: عليهه. (¬10) م: فلذلك. (¬11) ك: إذا ماتت. (¬12) ق: بالتق. (¬13) م: فلذلك. (¬14) ق: يغسله. (¬15) ق: جامع.

باب الشهادة في أمر الدين

يأمروهم (¬1) أن يغسلوا المرأة. وكذلك الجارية الصغيرة التي تموت مع الرجال وهي لا تُشْتَهَى (¬2) مثلها ولم تبلغ أن تجامَع لصغرها فلا بأس أن يغسلها الرجال وإن كانوا غير ذوي محرم منها. وإذا ماتت المرأة مع الرجال ومعهم امرأة من أهل الذمة فلا بأس بأن يعلموها الغسل ثم يخلوا (¬3) بينها وبينها حتى تغسلها (¬4). وكذلك الرجل يموت مع النساء ومعهن رجل من أهل الذمة فلا بأس بأن يعلمنه الغسل ثم يخلين بينه وبينه حتى يغسله (¬5). وكذلك إذا مات رجل مع النساء ومعهن صبيان صغائر (¬6) من الجواري لم يبلغن أن يشتهين ولا يجامع مثلهن فلا (¬7) بأس بأن تصف (¬8) النساء لهن الغسل إن ضبطنه (¬9)، ثم يخلين بينهن بينه حتى يغسلنه (¬10). والخَصيّ والمعتوه في ذلك سواء كله بمنزلة الرجل الكبير الصحيح الفحل في جميع (¬11) ما وصفت لك. وكذلك الرتقاء والمعتوهة (¬12) هي بمنزلة غيرها من النساء في جميع ما وصفت لك. ... باب الشهادة في أمر الدين وقال محمد بن الحسن: إذا حضر رجل مسافر يريد الصلاة فلم يجد ¬

_ (¬1) م: ثم يأمرهم. (¬2) م ق: لا يشتهى. (¬3) ق: يحلو. (¬4) ق: يغسلها. (¬5) ق: تغسله. (¬6) م: صغار. وصغائر جمع صغيرة. ويقال للأنثى صبي وصبية. انظر: لسان العرب، "صبي". فيجوز الجمع على صبيان للذكور والإناث. (¬7) م: ولا. (¬8) ق: يصف. (¬9) ق: ان ضبطته. (¬10) ق: تغسلنه. (¬11) م: وجميع. (¬12) ق: والمعتوه.

ماء إلا ماء في إناء أخبره رجل أنه قذر أو قال (¬1): بال (¬2) فيه صبي، أو وقع فيه دم أو عذرة أو غير ذلك مما ينجسه، فإنه ينبغي للرجل أن ينظر في حال الرجل الذي أخبره: فإن كان يعرفه وكان عنده عدلاً مسلماً رضًا لم يتوضأ بذلك الماء وتيمم وصلى. وكذلك إن كان الرجل عبداً أو كانت امرأة حرة مسلمة أو أمة بعد أن تكون عدلاً ثقة فيما قالت. فإن كانت (¬3) غير ثقة أو كان لا يدري الذي أخبره (¬4) ثقة أو غير ثقة فإنه ينظر في ذلك: فإن كان أكبر رأيه وظنه أنه صادق فيما قال تيمم أيضاً ولم يتوضأ به. فإن أهراق الماء ثم تيمم بعد ذلك وأخذ (¬5) في ذلك بالثقة فهو أفضل. وإن كان أكبر رأيه أن الذي أخبره بذلك كاذب توضأ ولم يلتفت إلى قوله، وصلى وأجزاه ذلك، ولا تيمم عليه. ألا ترى أن عمر - رضي الله عنه - حين ورد (¬6) حياضَ ماءِ حَيِّ (¬7) فقال عمرو بن العاص لرجل من أهل الماء: أخبرنا عن السباع أترد ماءكم هذا؟ فقال عمر: لا تخبرنا عن شيء (¬8). ألا ترى أن عمر قد كره (¬9) أن يخبره. ولو أنه لم يعد خبره خبراً ما نهاه عن ذلك. فإن كان (¬10) ذلك الذي أخبره بنجاسة الماء في الإناء رجلاً من أهل الذمة لم يصدق بقوله. وإن وقع في قلب الذي قيل له أنه صادق فإنه أحب إلي أن يهرق الماء ثم يتيمم ويصلي. وإن توضأ ولم يهرق أجزاه. وأحب إلي إذا وقع في قلبه أنه صادق أن يتيمم مع ذلك ويصلي. وإن كان أكبر رأيه أنه ¬

_ (¬1) ق - قال. (¬2) ك - بال، صح هـ. (¬3) ك: فإن كان. (¬4) جميع النسخ وط: أو كان الذي لا يدري أخبره. ولعل الناسخ سها فقدم وأخر في العبارة. وعبارة الحاكم: أو كان لا يدري أنه ثقة أو غير ثقة. انظر: الكافي، 1/ 124 ظ. (¬5) م: أخذ. (¬6) ق + ما. (¬7) جميع النسخ وط: حيا. (¬8) رواه الإمام محمد عن الإمام مالك بإسناده. انظر: الموطأ برواية محمد، 1/ 265. وانظر: الموطأ، الطهارة، 14؛ والمصنف لعبد الرزاق، 1/ 76. (¬9) م ق: فذكره. (¬10) م - كان.

كاذب توضأ به ولم يلتفت إلى قوله. وإن توضأ وصلى في الوجهين جميعاً ولم يتيمم أجزاه ذلك؛ لأن هذا شيء من أمر الدين، ولا تقوم الحجة فيه إلا بمسلم. ولكن ليفعل الذي ذكرت لك، فإنه أفضل. وكذلك (¬1) الصبي الذي لم يبلغ إذا عقل ما يقول، والمعتوه إذا عقل ما يقول (¬2). ولو أن رجلاً دخل على قوم من المسلمين يأكلون طعاماً ويشربون شراباً لهم فدعوه إليه فقال له رجل مسلم ثقة قد عرفه بذلك: إن هذا اللحم الذي يأكلونه ذبيحة مجوسي أو خالطه لحم الخنزير، وهذا الشراب الذي يشربونه (¬3) قد خالطه الخمر، فقال الذين (¬4) دعوه إلى ذلك: ليس الأمر كما قال، وأخبروه أنه حلال وبينوا له الأمر على وجهه وأن الأمر كما ذكروا له، فإنه ينظر في حالهم: فإن كانوا عدولاً ثقات يعرفهم بذلك لم يلتفت إلى قول الرجل الواحد وأخذ بقولهم. وإن كانوا عنده غير عدول متهمين على ذلك أخذ بقوله ولم يسعه أن يقرب شيئاً من ذلك. والرجل المسلم إذا كان عدلاً ثقةٌ حجة في هذا، وكذا المرأة الحرة والأمة والعبد. فإن كان القوم غير ثقات إلا رجلين منهم فإنهما ثقتان، وهما فيمن أخبراه بخلاف ما قال الرجل الواحد، أخذ بقولهما وترك قوله. وان كان رجل واحد منهم ثقة نظر فيما أخبره به الرجلان مما اختلفا فيه: فإن كان أكبر ظنه أن الذي زعم أنه حرام صادق أخذ (¬5) بقوله. وإن كان لا رأي له في ذلك وقد استوت الحالان عنده فلا بأس بأن (¬6) يأكل ذلك ويشربه. والوضوء بمنزلته في جميع ما وصفت لك إذا اختلفا فيه. فإن كان الذي أخبره به أنه حلال رجلين ثقتين إلا (¬7) أنهما مملوكان وكان الذي زعم أنه حرام رجلاً واحداً حراً فلا بأس بأكله. وإن كان الذي زعم أنه حرام (¬8) رجلين مملوكين ثقتين والذي زعم أنه حلال رجلاً واحداً حراً ثقة لم ينبغ له ¬

_ (¬1) م: ولذلك. (¬2) ك - والمعتوه إذا عقل ما يقول، صح هـ. (¬3) ك: تشربونه. (¬4) م: الذي. (¬5) م: وأخذ. (¬6) م: أن. (¬7) ك - إلا، صح هـ. (¬8) ق - حرام.

أن يأكله. وكذلك لو أخبره بأحد (¬1) الأمرين عبد (¬2) ثقة والذي أخبره بالأمر الآخر رجل حر ثقة نظر إلى أكبر ظنه في ذلك فلزمه، ولم يلتفت إلى غير ذلك. فإن كان الذي أخبره بأحد الأمرين رجلين حرين ثقتين وكان الذي أخبره بالأمر الآخر رجلين مملوكين ثقتين أخذ بقول الرجلين الحرين وترك قول المملوكين؛ لأنهما في الحجة بمنزلة المملوكين، وشهادتهما تقطع في الحكم، فهما أولى أن تقبل شهادتهما إذا كانا حرين من غيرهما. ألا ترى أن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - شهد عنده (¬3) المغيرة بن شعبة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطى الجدة أم الأم السدس، فقال: ائت بشاهد آخر، فجاء بمحمد (¬4) بن مسلمة، فشهد على مثل شهادته، فأعطى أبو بكر الجدة السدس (¬5). وهذا شيء من أمر الدين. وعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - شهد عنده أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال (¬6): "إذا استأذن أحدكم ثلاثاً فلم يؤذن له فليرجع"، فقال: ائت معك بشاهد على ذلك (¬7). فهذا أفضل في الاحتياط، والواحد مجزي. ألا ترى أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ما قال له ذلك إلا ليحتاط لغيره. ولو لم يأت بشاهد غيره لَقَبِلَ (¬8) شهادته؛ لأنه قد قبل شهادة عبدالرحمن بن عوف - رضي الله عنه - في مثل ذلك، شهد (¬9) عنده وحده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذُكِرَ عنده (¬10) المجوس، فقال: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب" (¬11)، في أخذ الخراج. فأجاز عمر قوله وحده. وأجاز ¬

_ (¬1) ق + الا امر. (¬2) م: عند. (¬3) م: عند. (¬4) م: محمد. (¬5) الموطأ، الفرائض، 4؛ وسنن ابن ماجة، الفرائض، 4؛ وسنن أبي داود، الفرائض، 5؛ وسنن الترمذي، الفرائض، 10. ورواه الإمام محمد عن الإمام مالك. انظر: الموطأ برواية محمد، 3/ 125. (¬6) م ق - قال. (¬7) صحيح البخاري، البيوع، 9؛ وصحيح مسلم، الآداب، 33. (¬8) ك: نقبل؛ ر ق: يقبل؛ م: فقبل؛ ط: تقبل. وفي ج مهملة الأول. (¬9) م: فشهد. (¬10) م: عبده. (¬11) الموطأ، الزكاة، 42؛ وصحيح البخاري، الجزية، 1؛ وسنن أبي داود، الخراج، 31؛ وسنن الترمذي، السير، 31.

قول عبدالرحمن بن عوف في الطاعون حين أراد أن يدخل إلى الشام وكان بها الطاعون، فاستشار عمر في الدخول، فأشار إليه بعض المهاجرين بالدخول، وقال له أبو عبيدة بن الجراح - رضي الله عنه -: يا أمير المؤمنين، أنفر من قدر الله؟ فقال له قوم من أهل مكة: لا تدخل. فجاء عبدالرحمن بن عوف فقال: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا وقع هذا الرجس بأرض فلا تدخلوا عليه، وإذا وقع وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً (¬1) منها" (¬2). وأخذ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بقوله. وحديث آخر، أراد عمر بن الخطاب أن لا يورّث المرأة من دية زوجها شيئصا حتى شهد له الضحاك بن سفيان أنه أتاه كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يورّث امرأة أَشْيَم الضِّبَابي (¬3) من دية زوجها أشيم (¬4)، فأخذ بقوله. وبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دحية الكلبي وحده إلى قيصر ملك الروم بكتابه يدعوه (¬5) إلى الإسلام، فكان حجة عليه (¬6). وقال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: كنت إذا لم أسمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحدثني (¬7) به غيره استحلفته على ذلك، وحدثني به أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -، وصدق أبو بكر (¬8). فكل هذا قد قبل (¬9) فيه (¬10) ¬

_ (¬1) ك ق - فرارا. (¬2) رواه الإمام محمد عن الإمام مالك بإسناده. انظر: الموطأ برواية محمد، 3/ 488. وانظر: صحيح البخاري، الطب، 30؛ وصحيح مسلم، السلام، 98. (¬3) ك ق: الضيابي. (¬4) الموطأ، العقول، 9؛ وسنن ابن ماجة، الديات، 12؛ وسنن أبي داود، الفرائض، 18؛ وسنن الترمذي، الديات، 18. وقد رواه الإمام محمد عن الإمام مالك بإسناده. انظر: الموطأ برواية محمد، 3/ 19. وانظر للتفصيل: نصب الراية للزيلعي، 4/ 352. (¬5) م: فدعوه. (¬6) صحيح البخاري، بدء الوحي، 6؛ وصحيح مسلم، الجهاد، 74. (¬7) م: يحدثني. (¬8) مسند أحمد، 1/ 2، 10؛ وسنن ابن ماجة، إقامة الصلاة، 193؛ وسنن أبي داود، الوتر، 26؛ وسنن الترمذي، الصلاة، 181؛ وصحيح ابن حبان، 2/ 390. (¬9) م: قد قيل. (¬10) جميع النسخ وط: منه.

شهادة رجل مسلم. وبلغنا أن نفراً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيهم (¬1) أبو طلحة كانوا يشربون شراباً لهم من الفَضِيخ (¬2)، فأتاهم آت فأخبرهم أن الخمر قد (¬3) حرمت، فقال أبو طلحة: يا أنس، قم إلى هذه الجِرَار فاكسرها، فقمت إليها فكسرتها حتى أُهْرِيقَ (¬4) ما فيها (¬5). والحجج في هذا كثير (¬6). محمد قال: أخبرنا حازم بن إبراهيم البجلي عن سماك بن حرب عن عكرمة مولى ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل شهادة أعرابي وحده على رؤية هلال شهر رمضان، قدم المدينة فأخبرهم أنه قد رآه، فأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يصوموا بشهادته (¬7). محمد قال: أخبرنا وكيع عن سفيان الثوري عن سماك بن حرب عن عكرمة أن أعرابياً شهد عند النبي - صلى الله عليه وسلم - في رؤية الهلال، فقال: "تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟ " فقال: نعم، فأمر الناس فصاموا. فهذا مما يدلك على أن (¬8) شهادة الواحد في الدين جائزة. ولا يقبل على هلال الفطر أقل من شهادة رجلين حرين أو شهادة (¬9) رجل وامرأتين؛ لأن هلال الفطر وإن كان من أمر الدين ففيه ¬

_ (¬1) م: فمنهم. (¬2) الفضيخ شراب مسكر يتخذ من البسر. انظر: المغرب، "فضخ". (¬3) م - قد. (¬4) جميع النسخ وط: حتى اهراق. والصواب "حتى هُرِيق أو أُهْرِيق". انظر: المغرب، "هرق". (¬5) رواه الإمام محمد عن الإمام مالك بإسناده. انظر الموطأ برواية محمد، 3/ 115. وانظر: صحيح البخاري، أخبار الآحاد، 1؛ وصحيح مسلم، الأشربة، 3 - 5. (¬6) ط: كثيرة. ولم يشر الأفغاني إلى اختلاف النسخ. و"كثير" يستعمل للمذكر والمؤنث فيقال رجال كثير ونساء كثير. انظر: لسان العرب، "كثر". (¬7) سنن أبي داود، الصوم، 14؛ وسنن الترمذي، الصوم، 7؛ وسنن النسائي، الصيام، 8؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 443. (¬8) م - أن. (¬9) ك ق - شهادة.

باب الشهادة في الرضاع

بعض المنفعة بفطر الناس وتركهم الصوم، فذلك يجري مجرى الحكم، ولا يقبل فيه من الشهادة إلا ما يقبل في الأحكام. ولا يقبل في هلال شهر (¬1) رمضان قول مسلم ولا مسلمين إذا كانوا ممن لا تجوز (¬2) شهادته وممن يتهم. فأما عبد ثقة مسلم أو امرأة مسلمة ثقة حرة أو أمة أو رجل مسلم ثقة إلا أنه محدود في قذف فشهادته في ذلك جائزة. وإن كان الذي شهد بذلك في المصر ولا علة في السماء فشهد على ذلك لم تقبل (¬3) شهادته؛ لأن الذي يقع في القلب من ذلك أنه باطل. فإن كان في السماء علة من سحاب فأخبره أنه رآه من خلل السحاب، أو جاء من مكان آخر فأخبره بذلك وهو ثقة، فينبغي للمسلمين أن يصوموا بشهادته. ... باب الشهادة في الرضاع وإذا تزوج الرجل المرأة فجاءت امرأة مسلمة ثقة أو جاء رجل مسلم حر ثقة فأخبره أنهما أُرْضِعا من لبن امرأة واحدة فأَحَبُّ إليّ أن (¬4) يتنزه عنها ويطلقها. ويعطيها نصف الصداق إن لم يكن دخل بها، والصداقَ كلَّه إن كان دخل بها (¬5). وأَحَبُّ إليّ لها أن لا تأخذ منه صداقًا وأن تتنزه منه إن كان لم يدخل بها. وإن أقاما على نكاحهما لم يحرم ذلك عليهما (¬6)، ولكن الأفضل أن يتنزها عن ذلك. وكذلك الرجل يشتري الجارية فيخبره رجل عدل ثقة أنها حرة الأبوين أو أنها (¬7) أخته من الرضاعة فإن تنزه عن وطئها فهو أفضل، وإن لم يفعل فذلك له واسع. ¬

_ (¬1) م - شهر. (¬2) ق: لا يجوز. (¬3) ق: لم يقبل. (¬4) ق: أ. (¬5) ق - بها. (¬6) جميع النسخ وط: عليها. (¬7) م: وأنها.

محمد قال: أخبرنا عمر بن سعيد (¬1) بن أبي الحسين (¬2) عن ابن أبي مليكة أن عقبة بن الحارث تزوج ابنة أبي إهاب التميمي، فجاءت امرأة سوداء (¬3) فأخبرته أنها أرضعتهما جميعاً. فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بذلك. فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كيف وقد قيل" (¬4). قال محمد: فلو كان هذا حراماً لفرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهما، ولكنه أحب أن يتنزه بقوله: "كيف وقد قيل". محمد قال: أخبرنا محمد (¬5) عن أبي كُدَيْنَة (¬6) البَجَلِي عن الحجاج بن أرطأة عن عكرمة بن خالد المخزومي قال: قال عمر بن الخطاب: لا يقبل على الرضاع أقل من شاهدين (¬7). قال محمد: فبهذا نأخذ. فإن قال قائل: فمن أين افترق هذا وما وصفت قبله من الوضوء والطعام والشراب؟ قيل له: لا يشبه هذا الوضوء والطعام والشراب؛ لأن الطعام والشراب ¬

_ (¬1) جميع النسخ: محمد بن أبي سعيد. والتصحيح من ط ومن مصادر الحديث. انظر: الحاشية التالية. (¬2) ك م: حسين. (¬3) ق: سود. (¬4) م ق + كيف وقد قيل. صحيح البخاري، العلم، 26؛ وسنن أبي داود، الأقضية، 18؛ وسنن الترمذي، الرضاع، 4؛ وسنن النسائي، النكاح، 57. (¬5) كذا في جميع النسخ وط "أخبرنا محمد". ولعله مزيد سهواً من الناسخين. وقد أشار إلى ذلك الأفغاني مبيناً أن الإمام محمداً يروي عن أبي كدينة بلا واسطة. وهو يحى بن المهلب أبو كُدَيْنَة الكوفي، ثقة. انظر: تهذيب التهذيب، 11/ 252. (¬6) م: أبي كدنة. (¬7) روي أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أُتِيَ في امرأة شهدت على رجل وامرأته أنها أرضعتهما، فقال: لا، حتى يشهد رجلان أو رجل وامرأتان. انظر: كتاب السنن لسعيد بن منصور، 1/ 283؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 7/ 463. وروي أن عمر - رضي الله عنه - لم يأخذ بشهادة امرأة في رضاع. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 7/ 484؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 3/ 498. وروي عن علي - رضي الله عنه - مثله. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 498.

والوضوء يحل بغير ملك يملكه (¬1) صاحبه. ألا ترى أن رجلاً لو قال لرجل: كل طعامي هذا، أو توضأ بمائي هذا، أو اشرب شرابي هذا، وسعه أن يفعل ذلك بغير بيع ولا هبة ولا صدقة. ولو أن رجلاً قال لرجل: طَأْ جاريتي هذه، فقد أذنت لك في ذلك، أو قالت له امرأة حرة مسلمة: قد أذنت لك في وطئي، لم يحل له الوطء بإذنها حتى يتزوج الحرة أو يشتري الأمة أو توهب له أو يُتَصَدَّق (¬2) بها عليه. أفلا ترى أن الفرج لا يحل له إلا بتزوج أو بملك (¬3) المملوكة، فلا ينقض النكاح ولا الشراء ولا الهبة ولا الصدقة بقول رجل واحد ولا بقول امرأة واحدة. فإذا كان النكاح والملك لا يُنْقَضَان بذلك وإنما حَلّ الفرج بهما ولولاهما ما حَلّ الفرج والفرجُ على حاله حتى ينتقض الذي به حل الفرج ولا ينتقض إلا بشهادة رجلين عدلين أو بشهادة رجل وامرأتين فكذلك (¬4) لا يحرم الفرج إلا بما ينتقض به النكاح والملك. وكذلك كل أمر لا يحل إلا بملك أو نكاح فإنه لا يحرم بشيء حتى ينتقض النكاح والملك. ولا يكون الرجل الواحد المسلم ولا المرأة في ذلك حجة؛ لأنه إنما حل من وجه الحكم، ولا يحرم إلا من الوجه الذي حل به منه. ألا ترى أن عقدة النكاح وعقدة الملك لا ينقضهما في الحكم إلا رجلان أو رجل وامرأتان. فإن كان الذي يحل بذلك لا يحل إلا به لى يحرم حتى ينتقض الذي به حل (¬5). وكل أمر يحل بغير نكاح ولا ملك إنما يحل بالإذن فيه فأخبر رجل مسلم ثقة أنه حرام فهو عندنا حجة في ذلك، ولا ينبغي أن يؤكل ولا يشرب ولا يتوضأ منه. ولو أن رجلاً مسلماً اشترى لحماً فلما قبضه أخبره رجل مسلم ثقة أنه ذبيحة مجوسي لم ينبغ له أن يأكله ولا يطعمه غيره. ولا ينبغي له أن يرده على صاحبه، ولا يستحل منع البائع ثمنه؛ لأن نقض الملك فيه لا يجوز ¬

_ (¬1) م ق: يملك. (¬2) جميع النسخ وط: أو يصدق. (¬3) م: أو يملك. (¬4) م: فلذلك. "فكذلك" جواب قوله: "فإذا كان النكاح". (¬5) م: حل به.

بقول واحد، ومنع الثمن (¬1) لا يجوز بقول واحد. ولا ينبغي له أن ينقض (¬2) ملكاً ولا يمنع ثمناً بقول رجل واحد. فإن قال قائل: كيف كرهت له أكله أو بيعه وإنما حل بالملك كما حلت الجارية بالشراء؟ قيل له: إن حل ملك هذا بالإذن في أكله وشربه والوضوء به فليس (¬3) بالملك حل ذلك منه. ألا ترى أن صاحبه لو أذن في ذلك بغير بيع حل له ما لم يعلم أنه حرام، فلما ملكه كان كأنه أذن له فيه. ولا يشبه هذا ما لا يحل إلا بالنكاح والملك. ألا ترى أن الذي اشتراه لو قال له رجل مسلم ثقة قبل أن يشتريه: إنه ذبيحة مجوسي، وقد أذن له صاحبه في أكله لم يحل له أن يأكله. فإن اشتراه كان على الحال التي كان عليها قبل الشراء فلا ينبغي له أن يأكله ولا يطعمه، لأنه قد كان مكروهًا له أن يأكله قبل الشراء وقد أذن له فيه، فكذلك (¬4) يكره ذلك له بعد ملكه إياه. وكذلك الميراث والوصية في جميع ما وصفت لك بمنزلة الشراء والهبة والصدقة والوطء والأكل والشرب وغير ذلك. ولو أن رجلاً اشترى من رجل طعاماً أو اشترى جارية وقبض ذلك، أو ورث ذلك ميراثاً أو أوصى (¬5) له به أو وهب له أو تصدق به عليه، فأتاه رجل مسلم ثقة فشهد عنده أن هذا لفلان ابن فلان، غصبه منه البائع أو الميت أو المتصدق أو الواهب، فأَحَبُّ إلينا أن يتنزه عن أكله وشربه والوضوء منه ولباسه ووطء الجارية. وإن لم يتنزه عن شيء من ذلك كان في سعة، وكان التنزه أفضل. وكذلك لو أن طعاماً أو شراباً أو وَضوء في يد رجل أذن له فيه صاحبه وأخبره أنه له، فقال له رجل آخر مسلم ثقة: إن هذا ¬

_ (¬1) م: اليمين. (¬2) ك ن: أن. ينتقض. (¬3) ق: ليس. (¬4) م: فلذلك. (¬5) م: أو وصى.

الذي في يده هذا (¬1) الطعام والشراب والوَضوء غصبه من رجل وأخذه (¬2) منه ظلماً، وإن الذي في يده ذلك يكذبه ويزعم أنه له وهو متهم غير ثقة، فأَحَبُّ إلينا أن يتنزه عن ذلك الذي أذن له فيه. وان أكل أو شرب أو توضأ كان في سعة من ذلك. وإن لم يجد وضوء غيره فهو في سعة إن (¬3) توضأ ولم يتيمم. ولا يشبه هذا في الطعام والشراب والوَضوء الذي وصفت لك قبله من ذبيحة المجوسي ومن الشراب الذي خالطه الخمر ومن الوَضوء الذي خالطه القذر؛ لأن هذا إنما ذكر (¬4) الشاهد أنه مغصوب، ولم يذكر أنه حرام من قبل نفسه، إنما ذكر أنه حرام لأن الذي كان في يديه لا يملكه، وهو عندنا في الحكم (¬5) للذي هو في يده حتى يقوم (¬6) شاهدا عدل أنه لغيره. فإذا حكمنا بأنه للذي في يده حل أكله وشربه والوضوء منه. وإن الذي ذكرت لك من (¬7) ذبيحة المجوسي والشراب إنما أخبر عنه الرجل المسلم الثقة أنه حرم من قبل نفسه لما خالطه من الحرام. وهذا يبين لك أن ما كان من أمر الدين الواحد فيه حجة. وأَخْذُه الطعام والشراب والوَضوء من يدي الذي هو في يديه حتى يصير لغيره حُكْمٌ، ولا ينبغي أن يحكم بشهادة (¬8) واحد وإن كان عدلا. ولو أن رجلاً مسلماً شهد عند رجل بأن هذه الجارية التي في يد فلان المقرة بالرق أمة لفلان غصبها منه، والذي هي (¬9) في يده يجحد ذلك، وهو غير مأمون على ما ذكر منه، فأَحَبُّ إلي أن لا يشتريها، وإن اشتراها ووطئها فهو في سعة من ذلك. ولو أخبره بأنها حرة الأصل حرة الأبوين أو أنها كانت أمة لفلان الذي في يده فأعتقها، والذي أخبره بذلك رجل مسلم ثقة، فأَحَبُّ إلي له أن يتنزه عن ذلك، ولا يشتريها ولا يطأها. فإن اشتراها ووطئها فهو في سعة من ذلك، إلا أنه أحب إلي أن لا يفعل. ¬

_ (¬1) ق - الذي في يده هذا. (¬2) ق: واحد. (¬3) جميع النسخ وط: وإن. وانظر: المبسوط، 10/ 171 - 172. (¬4) ق: ذكرنا. (¬5) م: في الحلم. (¬6) ق: يقيم. (¬7) ق - من. (¬8) ق: بشادة. (¬9) م - هي.

باب الرجل يبيع جاريته ويعلم المشتري أنها لفلان

فإن قال قائل: كيف جاز هذا وقد وصف الشاهد أنها حرمت من قبل نفسها [و] قيل: فكيف لم يشبه هذا الطعام والشراب والوضوء الذي حرم من قبل نفسه؟ قيل له (¬1): إنما هذا بمنزلة النكاح الذي يشهد فيه بالرضاع؛ لأنه لا يحل الوطء إلا بملك، ولا يشبه هذا الطعام والشراب والوَضوء الذي يحل بالإذن فيه دون الملك الذي حرم من قبل نفسه. ... باب الرجل يبيع جاريته ويعلم المشتري أنها (¬2) لفلان قال محمد: إذا كانت الجارية لرجل فأخذها رجل آخر فأراد بيعها، فليس ينبغي لمن علم أنها كانت لذلك الرجل أن يشتريها حتى يعلم أنها قد خرجت من ملكه إلى الذي هي في يده (¬3) بشراء أو هبة أو صدقة، أو يعلم أنه قد وكله ببيعها. وإذا علم ذلك فلا بأس بأن يشتريها منه. فإن قال الذي هي في يده: إني قد اشتريتها (¬4) أو وُهِبتُها (¬5) أو تُصدق علي بها أو وكلني ببيعها، فإن كان الرجل القائل ذلك عدلاً مسلماً ثقة فلا بأس بأن يصدقه بذلك ويشتريها منه. وكذلك إن كان (¬6) أراد أن يهبها له أو يتصدق بها عليه فلا بأس بأن يقبلها منه. فإذا اشتراها حل (¬7) له وطؤها إن أحب. وكذلك إن كان الذي أتاه به طعاماً أو شراباً أو ثياباً قد علم أنها كانت لغيره فأخبره ببعض ما وصفت، فلا بأس بأخذ ذلك منه وأكله وشربه. فإن كان الذي أتاه به غير ثقة فإنه ينظر في ذلك: فإن كان أكبر رأيه أنه صادق ¬

_ (¬1) م - له. (¬2) ق + أمة. (¬3) ك ق: في يديه. (¬4) م: قد شريتها. (¬5) ق: أو هبتها. (¬6) ك - كان، صح هـ. (¬7) م: رجل.

فيما قال فلا بأس أيضاً بشراء ذلك ووطئ الجارية وأكل ذلك وشربه ولباسه وقبوله منه بالهبة والصدقة. وإن كان أكبر رأيه وظنه أنه كاذب فيما قال فليس ينبغي له أن يعرض (¬1) لشيء من ذلك. وكذلك لو لم يعلم أن ذلك الشيء لغير الذي هو في يده حتى أخبره الذي في يده بأنه لغيره وأنه قد (¬2) وكله ببيعه أو وهب له أو تصدق به عليه أو اشتراه منه. فإن كان عدلاً مسلماً ثقة صدقه بما قال، وإن كان عنده غير ثقة: فإن كان أكبر (¬3) رأيه وظنه (¬4) أنه صادق فيما قال فلا بأس بالقبول في ذلك منه وشراه، وإن كان أكبر رأيه (¬5) أنه كاذب فيما قال لم يقبل ذلك منه ولم يشتر (¬6) شيئاً من ذلك منه. وإن كان لم يخبره أن ذلك الشيء لغيره فلا بأس بشراء ذلك منه- وإن كان غير ثقة - وقبولِه منه ما لم يعلم الذي اشتراه وقيل (¬7) له: إنه لغيره (¬8)، إلا أن يكون مثله لا يملك مثل ذلك ولا يكون له، فأَحَبُّ إلي أن يتنزه عن ذلك ولا يَعْرِض له بالشراء ولا قبول صدقة ولا هبة. فإن اشترى وقبل وهو لا يعلم أنه لغيره وأخبره أنه له رجوت أن يكون في سعة من شراه وقبوله، والتنزه أفضل. وإن كان الذي أتاه بذلك رجلاً حراً أو امرأة حرة فهو بمنزلة ما ذكرت لك في جميع ما ذكرت لك. وإن كان الذي أتاه بذلك (¬9) عبداً أو أمة فليس ينبغي له أن يشتري منه (¬10) شيئاً، ولا يقبل منه هبة ولا صدقة حتى يسأله عن ذلك. وإن ذكر له أن مولاه قد أذن له في بيعه وفي صدقته وفي هبته، فإن كان ثقة مأمونًا فلا بأس بأن يشتري ذلك منه وقبوله. فإن كان غير ذلك فهو على ما وقع في قلبه من تصديقه وتكذيبه: إن كان أكبر ظنه أنه صادق ¬

_ (¬1) م - منه بالهبة والصدقة وإن كان أكبر رأيه وظنه أنه كاذب فيما قال فليس ينبغي له أن يعرض. (¬2) ك ق - قد. (¬3) م: أكثر. (¬4) ق: وطبه. (¬5) م: أكثر ظنه. (¬6) م: ولم يشتري. (¬7) ك ق: أو قيل. (¬8) ق + وإن كان غير ثقة. (¬9) ك ق - بذلك. (¬10) ك - منه.

فيما قال صدقه بقوله، وإن كان أكبر ظنه أنه كاذب بما قال لم يَنْبَغِ له أن يَعْرِضَ في شيء من ذلك. وكذلك الغلام الذي لم يبلغ والجارية التي لم تبلغ حراً كان أو مملوكاً، فإنه ينظر فيما أتاه من ذلك وفيما أخبره هل أذن له في بيعه وصدقته وهبته وشراه: فإن كان أكبر رأيه أنه صادق فيما قال صدقه وباعه واشترى منه وقبل هبته وصدقته، وإن كان أكبر رأيه أنه كاذب فيما قال لم ينبغ له أن يقبل من ذلك شيئاً. وإنما يصدق الصغير والصغيرة من الأحرار إذا قالا: بعث بها (¬1) إليك فلان (¬2) وأمرنا أن نتصدق به عليك أو نهبه لك. فإن قالا: المال مالنا، قد أذن لنا أبونا أن نتصدق به عليك أو نهبه لك، لم ينبغ له أن يأخذه؛ لأن أمر (¬3) الوالد (¬4) عليهما في هذا لا يجوز. ألا ترى أن جارية لرجل أو غلاماً صغيراً أو كبيراً لو أتيا رجلاً بهدية فقالا (¬5) له: بعث بهذه إليك مولانا، نظر فيما أتيا به: فان كان أكبر رأيه أنهما قد صدقا صدقهما بما قالا، صان كان أكبر رأيه أنهما كذبا فيما قالا لم يقبل من ذلك شيئاً. وإنما هذا على ما يقع في القلب من التصديق والتكذيب. أولا ترى أن رجلاً محتاجاً لو أتاه عبد (¬6) أو أمة لرجل صغيرين أو كبيرين بدراهم فقالا له: إن مولانا بعث به إليك صدقة، نظر فيما أتيا به: فإن وقع في قلبه أنهما صادقان وكان على ذلك أكبر ظنه فلا بأس بقبول ذلك، وإن كان أكبر ظنه أنهما كاذبان لم يقبل من ذلك شيئاً. فإنما هذا ونحوه على ما يقع في القلوب من التصديق والتكذيب. ولو أن رجلاً علم أن جارية لرجل يدعيها، فرآها في يد رجل يبيعها، فقال: إني قد علمت أنها كانت لفلان يدعيها، وهي في يده (¬7)، فقال الذي في يده: قد كانت كما ذكرت في يديه يدعيها أنها له وكانت مقرة له بالرق، ¬

_ (¬1) ق - بها. (¬2) ق: فلا إليك. (¬3) م: أم. (¬4) ق: الولد. (¬5) ق: فقال. (¬6) م: عبدا. (¬7) ك ق: في يديه.

ولكنها كانت لي، وإنما أمرتها بذلك لأمرٍ خِفْتُه، وصدقته الجارية بما قال، والرجل ثقة مسلم، فلا بأس بشرائها منه. وإن كان عنده كاذباً فيما قال لم ينبغ له أن يشتريها منه ولا يقبضها صدقة ولا هبة (¬1). ولو لم يقل له هذا القول الذي وصفت لك ولكنه قال: ظلمني وغصبني فأخذتها منه، لم ينبغ (¬2) له أن يعرض لها بشِرًى ولا هبة ولا صدقة، إن كان (¬3) الذي أخبره بذلك ثقة أو غير ثقة. وإن قال له: إنه كان ظلمني وغصبني ثم إنه رجع عن ظلمه فأقر بها لي ودفعها إلي، فإن كان عنده ثقة مأموناً فلا بأس بأن يقبل قوله، ويشتريها إن أحب، ويقبلها هبة أو صدقة. صان قال: لم يقر بها لي ولكن خاصمتُه إلى القاضي فأقمتُ عليه بينة فقضى القاضي عليه بذلك لي، أو استحلفه (¬4) فأبى اليمين فقضى عليه بها، فهذا والأول سواء: إن كان عنده ثقة مأموناً صدقه بما قال، صان كان عنده غير ثقة وكان أكبر رأيه أنه صادق فلا بأس بشرائها منه، وإن كان أكبر رأيه أنه كاذب لم ينبغ له أن يشتريها منه. وكذلك لو قال: قضى لي القاضي عليه وأمرني فأخذتها من منزله، أو قال: قضى بها القاضي عليه وأجبره (¬5) فأخذها منه ودفعها إلي، لم أر بأساً أن يصدقه إن كان ثقة مأموناً بها. وإن كان غير ثقة ووقع في قلبه أنه صادق فلا بأس أيضاً بشرائها منه. فإن قال: قضى لي القاضي فأخذتها من منزله بغير إذنه، فهذا والأول سواء. وإن قال: قضى لي بها القاضي فجحدني قضاءه فأخذتها منه، لم ينبغ له أن يشتريها منه، وإنما هذا بمنزلة قوله: اشتريتها منه ونقدته ثمنها (¬6) ثم أخذتها بغير أمره من منزله، فلا بأس بشرائها منه إذا كان عنده صادقاً في قوله. فإن قال: اشتريتها منه ونقدته الثمن فجحدني الشراء فأخذتها من منزله بغير أمره، فهذا لا ينبغي له (¬7) أن يشتريها (¬8) منه. فصار الشراء الذي ادعى في هذا الوجه بمنزلة ادعائه قضاء القاضي في جحوده القضاء وغير جحوده. ولو قال: اشتريتها من ¬

_ (¬1) م: أو هبة. (¬2) م: ولم ينبغ. (¬3) جميع النسخ وط: وإن كان. (¬4) ك ق: أو استحلفته. (¬5) م ق: وأخبره. (¬6) ق: يمنها. (¬7) م - له. (¬8) م: بأن يشتريها.

فلان وقبضتها بأمره ونقدته الثمن، وكان عنده الذي قال له ذلك ثقة مأموناً، فقال له رجل آخر: إن فلاناً قد جحد هذا الشراء وزعم أنه لم يبع (¬1) هذا شيئأ، والذي قال له أيضاً (¬2) ثقة مأمون، لم يَنْبَغِ له (¬3) أن يَعْرِضَ لشيء منها بشراء ولا صدقة ولا هبة ولا هدية. فإن كان الذي أخبره الخبر الثاني غير ثقة، قد وقع في قلبه أنه صادق، على ذلك أكبر ظنه (¬4)، لم ينبغ له أيضاً أن يقبلها منه بهبة ولا صدقة ولا شراء ولا غير ذلك. فإن كان الذي أخبره الخبر الثاني ليس بثقة وكان أكبر (¬5) رأيه أنه كاذب فيما قال فلا بأس بشرائها منه وقبوله منه الصدقة والهبة والهدية. فإن كانا جميعاً غير ثقة إلا أنه يصدق القائل الثاني بقوله وعلى ذلك أكبر رأيه لم يقبل من ذلك شيء (¬6)؛ لأن هذا شيء من أمر (¬7) الدين، وعليه أمور الناس. فإن قال قائل: لا نقبل هذا إلا بشاهدين عدلين سوى المشتري الذي في يده الجارية، ضاق ذلك على المسلمين. ألا ترى لو أن رجلاً كانت في يده جواري (¬8) وطعام وثياب وقال: أنا مضاربُ فلانٍ دَفَعَ إلي مالاً وأذن لي أن أشتري ما أردت، فاشتريت به هؤلاء الجواري وهذا الطعام وهذا المتاع، أنه لا بأس بشراء ذلك منه ووطء الجارية. أرأيت رجلاً أقر أنه مفاوض لفلان الغائب وأن جميع ما في يده من الرقيق بينه وبين فلان، أفما ينبغي للرجل من المسلمين أن يشتري منه جارية يطؤها أو غلاماً يستخدمه. هذا لا بأس به، وعلى هذا أمر الناس. أرأيت عبداً أتى أفقاً من هذه (¬9) الآفاق فذكر أن مولاه قد (¬10) أذن له في التجارة أما يحل لأحد أن ¬

_ (¬1) م: لم يبلغ. (¬2) ق: ذلك. (¬3) م + لم ينبغ له. (¬4) وعبارة الحاكم: وكذلك إن كان الذي أخبره الخبر الثاني غير ثقة إلا أن يكون أكبر ظنه أنه صادق. انظر: الكافي، 126 و. (¬5) م: أكثر. (¬6) ق: شيئاً. (¬7) م: من أمور. (¬8) ك ق: جوار. (¬9) ك - هذه، صح هـ. (¬10) ك ق - قد.

يشتري منه شيئاً (1) ولا يبيع منه شيئاً حتى يعلم أن مولاه قد أذن له في التجارة. فهذا ضيق لا ينبغي أن يعمل في هذا بما يعمل في الأحكام. قال محمد: وكذلك سمعت أبا حنيفة يقول في العبد المأذون له في التجارة. ولو أن الناس أخذوا في هذا وشبهه بما يؤخذ به في الأحكام فقالوا: لا نجيز من هذا شيئاً إلا ما يجوز في الأحكام بشاهدي عدل سوى ذلك الذي في يده، ضاق هذا على الناس، ولم يشتر رجل شيئاً من مضارب ولا من شريك ولا من وكيل حتى يشهد شاهدا عدل بالشركة والمضاربة والوكالة، ولم ينبغ له أن يقبل جائزة من ذي سلطان ولا هدية من أخ ولا من ولد ولا من ذي رحم محرم حتى يشهد عنده بذلك شاهدا عدل على مقالة الواهب والمجيز والمتصدق. وهذا قبيح ضيق ليس عليه أمر الناس. محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة عن الهيثم أن عاملاً لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أهدى إليه جارية، فسألها: أفارغة أنت أم مشغولة؟ فأخبرته أن لها زوجًا، فكتب إلى عامله: إنك بعثت إلي بها مشغولة (2). أفترى أن علي بن أبي طالب حين أتته الجارية كان مع الرسول شاهدان يشهدان أن فلاناً عاملك أهداها إليك. وقد سألها أيضاً: أفارغة أنت أم مشغولة، فلما أخبرته أن لها زوجًا صدقها بذلك وكف عنها، فلم يسألها غير ذلك. إلا أنها لو أخبرته أنها فارغة لم ير به بأساً بوطئها. فهذا الأمر عندنا في قوله لها. ولو لم تكن عنده مصدقة في ذلك أي القولين قالته لم يسألها عن شيء منه. وإن كان أكبر الرأي والظن لَيجوز فيما (3) هو أكبر من ذلك من الفروج وسفك الدماء (4). ... (1) سقطت ورقة من نسخة ك ابتداء من هنا إلى قوله "إمساكها بشهادة الشاهدين" بعد صفحتين تقريباً، وأشرنا إلى ذلك في الهامش. (2) الآثار للإمام محمد، 81؛ والمصنف لعبد الرزاق، 7/ 281؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 103. (3) ق: فيهما. (4) م + والله أعلم.

باب الرجل يدخل بيته إنسان بسلاح

باب الرجل يدخل بيته إنسان بسلاح ولو أن رجلاً دخل على رجل منزله ومعه السيف فلا يدري صاحب المنزل ما حاله: أهارب هو من اللصوص فألجأوه إلى منزله، أو لص دخل عليه ليقتله ويأخذ ماله (¬1) إن منعه، أو معتوه دخل عليه بسيفه، يظن في ذلك: فإن كان أكبر رأيه أنه لص دخل عليه يريد ماله ونفسه وخاف إن زجره أو صاح أن يبادره الضربة فيقتله فلا بأس أن يشد عليه صاحب البيت بالسيف فيقتله. وإن كان أكبر رأيه أنه هرب من قوم أرادوا قتله وعرف الرجل فإذا هو رجل من أهل الخير لا يتهم بسرقة ولا قتل لم ينبغ له أن يقتله، ولا يعجل على هذا بسفك دمه، بل يدعه على ما يقع عليه رأيه وظنه عرفه أو لم يعرفه. وإذا كانت الجارية في يد رجل يدعي أنه اشتراها وهو ثقة (¬2) مسلم وسع الرجل أن يشتريها منه (¬3) ويقبلها منه هدية وغير ذلك. وإن كان غير ثقة فوقع في قلبه أنه صادق فلا بأس بأن يصدقه. وكذلك لو لم تكن (¬4) الجارية في يده ولكنها كانت في منزل مولاها فقال له: إن مولاها أمرني ببيعها ودفعها إلى من اشتراها، فلا بأس بشرائها منه وقبضها من منزل مولاها، بأمر الذي باعها أو بغير أمره، إذا أوفى الثمن كله، إذا كان الذي باعه ثقة مسلماً، أو كان عنده على غير ذلك، وهو عنده صادق في رأيه وظنه. فإن وقع في قلبه أنه كاذب قبل أن يشتريها أو بعد ما اشتراها قبل أن يقبضها فليس ينبغي له أن يعرض لها حتى يستأمر مولاها في أمرها. وكذلك لو قبضها ووطئها ثم وقع في قلبه أن الذي باعها قد كذب فيما قال وكان عليه أكبر ظنه ورأيه فإنه ينبغي له (¬5) أن يعتزل وطأها حتى يسأل مولاها عن ذلك، أو يأتيه من يخبره مثل خبر الأول ممن يصدقه. فإن أتاه ذلك فلا ¬

_ (¬1) ق: يريد ماله ويقتله. (¬2) م: رجل. (¬3) م - منه. (¬4) ق: لم يكن. (¬5) ق - له.

باب

بأس بوطئها. وهكذا أمر الناس ما لم يجئ التجاحد والتشاجر من الذي كان (¬1) يملك الجارية. فإذا جاء ذلك لم يقربها وردّها عليه، واتبع البائع بالثمن فخاصمه فيه، وينبغي للمشتري أن يدفع إلى مولى الجارية عقرها. فإن كان البائع حين باعه شهد عند المشتري شاهدا عدل أن مولاها قد أمر ببيعها، فاشتراها بقولهما، ونقده الثمن وقبضها، وحضر مولاها فجحد أن يكون أمره، فإن المشتري في سعة من منعه (¬2) الجارية حتى يخاصمه إلى القاضي. فإذا قضى له بها فلا يسعه (¬3) إمساكها بشهادة الشاهدين؛ لأن قضاء القاضي أنفذ من الشهادة التي لم يقض بها. ... باب ولو أن رجلاً تزوج امرأة فلم يدخل بها حتى غاب عنها، فأخبر مخبر أنها قد ارتدت عن الإسلام وبانت منه، وأراد أن يتزوج أربع نسوة: فإن كان الذي أخبره بذلك (¬4) ثقةً مسلماً عبداً أو حراً أو محدوداً في قذف أو غير ذلك وسعه أن يصدقه ويتزوج أربعاً سواها. فإن كان الذي أخبره (¬5) غير ثقة إلا أنه وقع في قلبه أنه صادق وكان على ذلك أكبر رأيه فهذا والأول سواء. وإن كان أكبر رأيه أنه كاذب فيما قال لم ينبغ له أن يتزوج معها إلا ثلاثاً. وكذلك لو أن رجلاً تزوج جارية صغيرة رضيعة ثم غاب عنها، فأتاه رجل فأخبره أن أمه أو ابنته أو أخته أو ظئره التي أرضعته أرضعت امرأته الصغيرة، وهو يريد أن يتزوج أربعاً سواها، كان هذا والأول الذي وصفت لك من الردة في جميع ما وصفت لك سواء. وإن لم يقل هذا ولكنه قال: ¬

_ (¬1) ق - كان. (¬2) م: من متعه. (¬3) ينتهي هنا السقط من نسخة ك. (¬4) ك: ذلك؛ ق - بذلك. (¬5) ق + ذلك.

كنت تزوجتها يوم تزوجتها وهي أختك من الرضاعة، أو تزوجتها يوم تزوجتها وهي مرتدة عن الإسلام، لم ينبغ له أن يتزوج أربعاً وإن (¬1) كان الذي أخبره بذلك ثقة مسلماً، حتى يشهد عنده شاهدا عدل. فإذا شهد بذلك شاهدا (¬2) عدل وسعه أن يتزوج أربعاً سواها. ولا يشبه هذان الوجهان إذا أخبره عنهما الرجل الواحد الثقة الوجهين الأولين؛ لأن الوجهين الأولين النكاح الذي كان فيهما جائز فيما يزعم الرجل ثم إنه حدث أمر يفسده من ردة (¬3) أو رضاع، فإن كان عنده ثقة فلا بأس بأن يصدقه والوجه الآخر زعم الرجل أن النكاح الذي كان بينهما (¬4) كان فاسداً، فهذا لا يفسده (¬5) شهادة واحد حتى يشهد عليه شاهدان. ألا ترى أن امرأة لو غاب عنها زوجها فأتاها (¬6) رجل مسلم عدل ثقة فأخبرها أن زوجها طلقها ثلاثاً أو مات عنها، أو كان غير ثقة فأتاها بكتاب من زوجها (¬7) أنه قد طلقها ثلاثاً، ولا تدري أكان زوجها هو أم لا، إلا أن أكبر (¬8) رأيها وظنها أنه حق، فلا بأس بأن تعتد ثم تتزوج (¬9) بعد انقضاء عدتها. وكذلك لو أن امرأة قالت لرجل: إن زوجي طلقني ثلاثاً واعتَدَدْتُ بعد ذلك وانقضت عدتي، فوقع في قلبه أنها صادقة، فلا بأس بأن يتزوجها بقولها. وكذلك رجل طلق امرأته ثلاثاً فغابت عنه حيناً ثم أتته فأخبرته أن عدتها قد انقضت منه، وأنها قد تزوجت زوجًا غيره فدخل بها ثم طلقها فانقضت عدتها منه، فلا بأس بأن يتزوجها ويصدقها إذا كانت عنده ثقة، أو ¬

_ (¬1) ق: فإن. (¬2) ك: شاهد. (¬3) م: من دونه. (¬4) ك: منهما. (¬5) م ق: لا يفسد. (¬6) ك: فاتا بها. (¬7) ك - أو مات عنها أو كان غير ثقة فأتاها بكتاب من زوجها. (¬8) م ق: أكثر. (¬9) م: ثم يتزوج.

وقع في قلبه أنها صادقة. وهكذا أمر الناس. ولو أن رجلاً أتاها فأخبرها أن أصل نكاحها كان فاسداً، أو أن زوجها كان أخاها من الرضاعة، أو كان مرتداً كافراً حين تزوجها، لم ينبغ لها أن تتزوج بقوله، ولا بعد انقضاء العدة ولا قبل ذلك إن كان لم يدخل بها؛ لأنه صَمَدَ (¬1) لأصل النكاح فزعم (¬2) أنه فاسد، فهذا مما لا يصدق عليه الرجل الواحد وإن كان ثقة. فإذا قال: كان أصل النكاح صحيحاً ولكنه بطل بطلاق أو موت أو غير ذلك، لم أر بأساً بأن يصدقه (¬3) على ذلك. وإنما (¬4) هذا بمنزلة رجل في يده جارية يدعي رقبتها وتقر له بالملك، وجدها رجل قد علم ذلك في يد رجل آخر، فأراد شراءها فسأله عنها، فقال: الجارية جاريتي وقد كان الذي كانت في يده كاذباً فيما ادعى من ملكها، لم ينبغ لهذا الرجل الذي علم ذلك أن يشتريها منه؛ لأنها قد كانت في ملك الأول، فإنما أراد هذا الثاني نقض (¬5) ملك الأول، فادعى أن ذلك الملك لم يكن ملكاً، فلا ينبغي للذي علم ذلك أن يصدقه فيما قال. فإن قال: قد (¬6) كان يملكها كما قال ولكنه وهبها لي أو تصدق بها علي أو اشتريتها منه، وسعه أن يشتريها منه ويطأها؛ لأنه لم يبطل الملك الأول. وكذلك الجارية نفسها لو كانت في يد رجل يدعي أنها جاريته وهي صغيرة في يده لا تعبر (¬7) عن نفسها بجحود ولا إقرار، ثم كبرت على ذلك، فلقيها رجل قد علم ذلك في بلد آخر، فأراد أن يتزوجها ويطأها، فقالت له: أنا حرة الأصل ولم أكن أمة للذي كنت في يده، لم يسعه أن يتزوجها ويطأها. ولو قالت: كنت أمته فأعتقني، وكانت عنده ثقة أو وقع في قلبه أنها صادقة، لم أر بأساً أن يتزوجها. وكذلك الحرة نفسها لو تزوجت رجلاً ثم أتت غيره فأخبرته أن ¬

_ (¬1) م: لانها صد. صمد أي قصد. انظر: المغرب، "صمد". (¬2) م: فيزعم. (¬3) م: بأن تصدقه. (¬4) م: فإنما. (¬5) م: يقبض. (¬6) م - قال قد، صح هـ. (¬7) م ق: لا يعبر.

باب الرجل يقر أنه قتل أخا فلان أو أباه

نكاحها الأول كان فاسداً، أو أن زوجها الذي كان تزوجها كان على غير دين الإسلام، لم ينبغ له أن يصدقها ولا يتزوجها. ولو قالت: إنه طلقني بعد ذلك، أو ارتد عن الإسلام فبِنْتُ منه، أو أقر بعد النكاح أنه كان مرتداً يوم تزوجني، أو أقر بعد النكاح أني كنت أخته من الرضاعة وبِنْتُ على ذلك، فإن كانت عنده ثقة مأمونة أو كانت على غير ذلك وكان أكبر رأيه وظنه أنها صادقة فلا بأس بأن يتزوجها. فكذلك هذا وما أشبهه إذا صَمَدَتْ لأصل النكاح أو صَمَدَتْ لذلك فزعمت أنه باطل لم يصدقها على ذلك إلا بشاهدين عدلين كما يصدق في الحكم. وإن أقرت بأصل النكاح والملك ثم ادعت أمراً يبطله (¬1) صُدِّقَتْ على ما وصفت لك. ولا تستقيم الأشياء إلا على هذا ونحوه. وبلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن عائشة أعتقت بريرة، فأتتها بشيء تهديه إليها، فأخبرتها أنه صدقة تُصُدِّقَ به عليها. فلما جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كرهت عائشة أن تُطْعِمَه حتى تُعْلِمَه خبرَه، فأخبرته خبره. فقال: "هاتيه، فإنه لها صدقة، وهو لنا هدية" (¬2). وقد صدقت بريرة بقولها، وصدقت عائشة بقولها، وقد ادعت الهدية، فلو كان هذا غير طعام لكان بمنزلة الطعام، وما بينهما افتراق. ... باب الرجل يقر أنه قتل أخا (¬3) فلان (¬4) أو أباه قال محمد: وإذا رأى الرجل رجلاً يقتل أباه متعمداً فأنكر القاتل أن يكون قتله، أو قال لابنه فيما بينه وبينه: إني قتلت أباك، إنه (¬5) قتل وليي ¬

_ (¬1) جميع النسخ: بطله؛ ط: أبطله. (¬2) صحيح البخاري، الزكاة، 61؛ وصحيح مسلم، الزكاة، 171. (¬3) ق: أخاه. (¬4) م: أنه قتل فلان أخاه. (¬5) وعبارة الحاكم: لأنه. انظر: الكافي، 126 ظ.

فلاناً (¬1) عمداً، أو قال (¬2): إن أباك ارتد عن الإسلام فاستحللت قتله بذلك، ولا يعلم الابن شيئاً مما قال القاتل (¬3)، ولا وارث للمقتول غير ابنه هذا، فالابن في سعة من قتل القاتل إن أراد قتله. ومن رآه قتل أباه مع الابن فهو في سعة من إعانته عليه حتى يقتله (¬4). وكذلك لو لم يره قَتَلَه ولكنه أقر بذلك بين يديه ثم ادعى بعض ما (¬5) وصفت لك، فلما طلبه بقتله (¬6) جحد أن يكون أقر بما أقر به، فالابن في سعة من قتله. ومن سمعه يقر بذلك أيضاً في سعة من إعانة الابن. ولو لم يره الابن قتله ولم يقر بين يديه بذلك ولكن شهد عنده على معاينة القتل بالعمد أو على إقراره شاهدا عدل وهو يجحد ذلك، لم يسع ابن المقتول أن يقتل المشهود عليه بشهادتهما حتى يقضي عليه بذلك الإمام. ولا يسع من حضر شهادةَ الشاهدين ممن يعدّلهما ويعرفهما (¬7) بشهادتهما أن يعينه على قتله بشهادتهما حتى يُقْضَى له بشهادتهما. فإذا قضى له الإمام بذلك وسعه قتله بشهادتهما وإن لم يعلم ذلك يقينًا، ووسع من حضر قضاءَ الإمام بذلك أن يعينه على ذلك. ولا يشبه (¬8) شهادتهما قبل قضاء الإمام بها معاينته القتل أو إقرار (¬9) القاتل بذلك؛ لأن الشهادة قد تكون حقاً وباطلاً، وهو يقتله على وجوه بعضها يحل وبعضها لا يحل، فليس ينبغي له أن يقتله حتى يقضي له الإمام بشهادتهما. فإن عاين الرجل قتل أبيه عمداً أو كان الرجل أقر له بذلك سراً ثم أقام عنده شاهدين عدلين يعرفهما الابن بذلك أن أباه كان ¬

_ (¬1) جميع النسخ: فلان. والتصحيح من ط. (¬2) م: ولو قال. (¬3) ك ق: القايل. (¬4) أي ومن رأى رجلاً يقتل أبا رجل بمرأى ابن المقتول فهو في سعة من إعانة الابن على قتل القاتل. (¬5) ط: بعدما. ولم يشر الأفغاني إلى اختلاف بين النسخ. (¬6) ك: يقتله. (¬7) ق: نعدلهما ونعرفهما. (¬8) ق: يشبهه. (¬9) ك: وإقرار.

ارتد حين قتله هذا القاتل، أو شهدا عنده بأن أباه كان قتل أبا هذا القاتل عمداً فقتله به، فإنه ينبغي للابن أن لا (¬1) يعجل بقتله حتى ينظر فيما شهدا به. وكذلك من حضر قتل أبيه أو أقر القاتل بذلك لم ينبغ له أن يعينه على شيء من ذلك إذا كان (¬2) قد شهد عنده (¬3) بما وصفت لك شاهدا عدل. وكذلك لو كان الإمام قضى له بالقَوَد على قاتل أبيه ثم شهد عنده شاهدا عدل أن أباه كان مرتداً حين قتله هذا القاتل (¬4)، أو كان قتل ولياً لهذا القاتل فقتله به، فليس ينبغي للابن فيما بينه وبين الله تعالى أن يعجل بقتل هذا القاتل حتى ينظر في ذلك ويتثبّت (¬5). ولا ينبغي لمن حضر قضاء القاضي وحضر شهادة الشاهدين بما شهدا به وهما عنده عدلان (¬6) أن يعينه على قتله. فإن كان الذي شهدا عنده محدودين في قذف وهما عدلان أو هما عبدان وهما عدلان في مقالتهما أو نسوة عدول لا رجل معهن فإنه في سعة من قتله؛ لأن شهادة هؤلاء مما (¬7) لا تبطل به الحقوق، ولكنه إن تثبّت (¬8) حتى ينظر ويسأل كان خيراً له. وإن شهد (¬9) بذلك شاهد واحد عدل ممن تجوز شهادته وقال القاتل (¬10): عندي شاهد مثله، فإني استحسنت له أن لا يعجل بقتله حتى ينظر أياتيه شاهد (¬11) آخر أم لا. وإن قتله قبل أن يتأنى كان عندي في سعة، ولكن التثبت أفضل؛ لأن القتل إذا كان لم يستطع الرجوع فيه. وللقاضي أن يأمره به. ألا ترى أن (¬12) القاضي لا يبطل ¬

_ (¬1) م - لا. (¬2) م: وإن كان. (¬3) م: عليه. (¬4) ق: القايل. (¬5) ك ج ق: ويلبث؛ م: ويثبت. والتصحيح من ر ط. (¬6) ك: عدلا. (¬7) ك م: ممن. (¬8) جميع النسخ: إن ثبت. والتصحيح من المبسوط، 10/ 181. وصححها في ط من المبسوط أيضاً. (¬9) م ق + عنده. (¬10) ق: القايل. (¬11) ط: بشاهد. (¬12) ك - أن.

باب الرجل يكون عنده متاع فيشهد أنه غصبه

حقه الذي حكم له به بقول هؤلاء، فكذلك (¬1) الولي لا يبطل حقه. ولا يأثم عندنا بأخذه إياه إذا كان القاضي لا يبطله بشهادة من شهد عنده. أرأيت إن شهد عند القاضي هؤلاء القوم الذين وصفت لك من المحدودين في القذف والعبيد والنساء وهم عند القاضي عدول مسلمون (¬2) غير متهمين في شهادتهم أينبغي للقاضي أن يمضي حكمه الأول، ويعين الولي (¬3) على قتله، وينبغي لمن حضر القاضي أن يعين الولي على قتل القاتل بعلمه (¬4)، وينبغي ذلك لهم ولا يسعهم إلا ذلك، فكما لا يسع القاضي ومن (¬5) حضره إلا أن يعين الولي على قتله فكذلك يسع الولي أن يقتله. ... باب الرجل يكون عنده متاع فيشهد أنه غصبه ولو أن عبداً أو ثوبًا أو مالاً كان في يدي رجل، فشهد شاهدان لرجل أن هذا الشيء كان لأبيه غصبه منه هذا الذي هو في يديه، والذي ذلك الشيء في يده يجحد ما قالا ويزعم أنه له، فليس ينبغي للوارث أن يأخذ الشيء من يدي الذي ذلك الشيء في يديه بشهادتهما وإن كانا عدلين حتى يقضي له (¬6) القاضي بشهادتهما. فإذا قضى له القاضي بذلك وسعه أخذه وإن لم يعلم يقيناً أن الأمر كما شهدا به. فأما ما لم يقض به القاضي فإنه لا ينبغي له أخذه؛ لأنه إنما شهدا أن ذلك الشيء لأبي الوارث لأنهما رأيا ذلك في يديه، وشهدا أن هذا أخذه منه. وقد يأخذ الرجل من الرجل الشيء يكون في يده وذلك الشيء للآخذ، فيكون الآخذ قد أخذ حقه، والشاهدان لا يعلمان، فيشهدان بالظاهر مما رأيا، فيسعهما (¬7) ذلك، ولا يكون الآخذ ¬

_ (¬1) م: فلذلك. (¬2) م: مسلمين. (¬3) م: الوالي. (¬4) ق: بعله. (¬5) ك ق: ولمن. (¬6) ق + به. (¬7) م: فيسمعهما.

المشهود عليه أخذ منه بشهادتهما شيئاً هو له. ولذلك (¬1) قلنا: لا ينبغي للمشهود له أن يأخذ ذلك الشيء بشهادتهما حتى يقضي له بذلك (¬2) القاضي. ولأنهما أيضاً قد يشهدان بالحق والباطل. فأما إذا قضى القاضي بذلك وسعه أخذه. ولو كان الوارث عاين الذي ذلك الشيء في يده وهو يأخذ من يدي أبيه وسعه أخذه منه وقتاله عليه، ووسع من عاين ذلك معه إعانته عليه، وإن أتى (¬3) ذلك على نفسه إذا امتنع وهو في موضع لا يقدر فيه على سلطان يأخذ لأحد بحقه. وكذلك لو أقر بما شهد به الشاهدان عليه فأقر بذلك عند (¬4) الوارث، وادعى أنه كان له وسع الوارث أخذ ذلك منه، ووسع من حضر إقراره إعانته عليه حتى يستنقذوا ذلك منه. وكذلك جميع الأموال والعروض والرقيق والدواب وغير ذلك. ولو شهد شاهدان عليه أنه أقر أن هذا الشيء بعينه كان لأبي هذا الوارث وأنه غصبه منه وهو (¬5) يجحد ذلك لم يسع الوارث أن يأخذ منه بشهادتهما حتى يقضي له بذلك القاضي عليه. فإذا قضى بذلك عليه وسعه أخذ ذلك منه وإن لم يعلم يقينًا؛ لأن الشاهدين إذا لم يقض القاضي بشهادتهما فليس يدري المشهود (¬6) له أصادقان أم كاذبان، وقد يقول الرجل أيضاً الحق والباطل. وقد يقر أيضاً ثم يشتري بعد ذلك أو يملكه بوجه من الوجوه غير الشراء من الوصية يوصي بها الميت وغير ذلك. فليس ينبغي للوارث أن يأخذ ذلك منه وإن قوي (¬7) عليه إلا بقضية قاض. ولا ينبغي لمن سمع شهادة الشاهدين أن يعينه على ذلك حتى يقضي به القاضي عليه. فإذا قضى بذلك القاضي وسع (¬8) لمن حضر قضاءه أن يعينه على أخذه ¬

_ (¬1) ك: فلذلك. (¬2) جميع النسخ: ذلك. والتصحيح من ط. وبقية العبارة تدل عليه. (¬3) م: وإن أبا. (¬4) ق: عبد. (¬5) ق - وهو. (¬6) م: الشهود. (¬7) م: وإن نوى. (¬8) ق: وسمع.

حتى يدفعه إلى الوارث. فإذا امتنع بدفعه (¬1) في موضع لا يقدر فيه على سلطان يأخذه فيدفعه إليه وسع الوارث ومن حضر قضاء القاضي إن امتنع عليهم بدفعه (¬2) قتاله (¬3) وقتله حتى يؤخذ منه فيدفع إلى الوارث. وكذلك (¬4) لو حضر الوارث إقرار الذي كان الشيء في يده بمثل ما شهد به الشاهدان وسعه أخذه منه وقتاله عليه، ووسع من حضر معه إعانته عليه حتى يستنقذوا (¬5) ذلك من يده. ولو أن رجلاً كانت له امرأة فشهد (¬6) عندها شاهدان عدلان أن زوجها طلقها ثلاثاً وهو يجحد ذلك، ثم غابا أو ماتا قبل أن يشهدا عند القاضي بذلك، لم يسع امرأته أن تقيم عنده، وكان هذا بمنزلة سماعها لو سمعته يطلقها. ولا يشبه شهادة الشاهدين في هذا الوجه ما وصفت لك قبله من القتل والأموال؛ لأن الطلاق لا ينتقض بوجه من الوجوه، ولا يكون أبداً إلا طلاقاً، ولا تكون المرأة به أبداً إلا بائناً. فإن قال قائل: قد يطلق الرجل غير امرأته فلا يكون ذلك طلاقاً؟ قيل له: فهي حرام عليه بأحد الوجهين: إما تكون غير زوجة فلا يسعه أن يقربها ولا يسعها (¬7) أن تدعه. أو تكون زوجة له قد أبانها (¬8) بالطلاق، فصارت بذلك (¬9) غير زوجة، فحرم بذلك فرجها. فلا ينبغي لها أن تدعه أن يقربها أي الوجهين كانت عليه. وإنما الذي يريد أن يبطل شهادة الشاهدين لا يبطلها إلا بخصلة واحدة: الطعن في شهادتهما (¬10)، يقول: لعلهما كاذبان. فإذا كانا عدلين فليس ينبغي له أن يطعن في شهادتهما، ولا يرد (¬11) بالتهمة، ولو وسع هذا لوسع (¬12) غيره. أرأيت رجلين عدلين أو أكثر من ذلك شهدا عند ¬

_ (¬1) ك: يدفعه. (¬2) ك: يدفعه. (¬3) م: ققاله (مهملة). (¬4) م: وكذا. (¬5) م: حتى يستبعدوا. (¬6) م ق: فيشهد. (¬7) ق: ويسعها. (¬8) م: قد أتاها. (¬9) م - بذلك. (¬10) ق: شهادتها. (¬11) ك ق: ترد. (¬12) ق: الوسع.

رجل وامرأته أنهما أُرْضِعَا وهما صغيران في الحولين من امرأة واحدة، وأثبتوا ذلك ووصفوه، أيسع الرجل وامرأته أن يقيما على نكاحهما ويكذبا الشهود حتى يقضي القاضي بالفرقة بينهما؟ أرأيت لو مات الشهود قبل أن يتقدموا إلى القاضي أو غابوا أكان يسع هذين أن يقيما على نكاحهما وهما يعرفان أن الشهود عدول مرضيون؟ فهذا لا ينبغي المقام عليه من واحد منهما من الزوج ولا من المرأة. أرأيت لو شهدت الشهود بذلك عند القاضي أو بالطلاق الذي وصفت لك فلم يعرف القاضي عدل الشهود وسأل عنهما القاضي فلم يعرفوا بتلك البلاد والرجل والمرأة أو أحدهما يعرف الشهود (¬1) بالعدل والرضا أينبغي لهما بعد المعرفة بذلك أن يقيما على النكاح؟ ليس ينبغي المقام على هذا النكاح بعد الذي وصفت لك إن قضى القاضي بشهادتهما أو لم يقض. ولكن المرأة التي شهد عندها الشهود بالطلاق أو شهدوا عندها بالرضاع إن جحد الزوج ذلك وأراد المقام عليها لم يسعها المقام معه. فإن هربت منه وامتنعت عليه وقهرته وكانت على ذلك قادرة بسلطان أو غير ذلك لم يسعها أن تعتد (¬2)؛ لأن الحاكم لم يحكم بالفرقة بينهما، فهي لا يسعها أن تتزوج، ولا يسعها أن تدعه أن يقربها. وكذلك إن سمعته طلقها ثلاثاً ثم جحد وحلف أنه لم يفعل فردها القاضي عليه لم يسعها المقام معه، ولا يسعها أن تعتد وتتزوج؛ لأن الحاكم حكم بأنها زوجه (¬3)، فلا ينبغي لها أن تتزوج غيره، فتركب (¬4) بذلك أمراً حراماً عند المسلمين تكون به عندهم فاجرة. ولا يشبه هذا فيما وصفت لك قضاء القاضي فيما قضى به فيما يختلف فيه مما (¬5) يرى الزوج فيه خلاف ما يرى القاضي. ولو أن رجلاً قال لامرأته: اختاري، فاختارت نفسها، وهو يرى أن ذلك تطليقة بائنة، والمرأة لا ترى ذلك طلاقاً، فقدمته إلى القاضي وطلبت ¬

_ (¬1) م: بالشهود. (¬2) م ق + ثم تتزوج. (¬3) ق: زوجته. (¬4) م: فتركت. (¬5) م: فيما.

نفقتها وكسوتها، فقال الرجل للقاضي (¬1): إني خيرتها فاختارت نفسها، فبانت بذلك، والقاضي يرى أنها تطليقة تملك الرجعة، وهي على (¬2) حالها، فقضى بأنها امرأته وأنه يملك الرجعة، جاز قضاء القاضي عليهما (¬3) بذلك، ووسع الرجل أن يراجعها ويمسكها. وكذلك لو كانت المرأة هي التي ترى ذلك (¬4) طلاقاً بائناً والرجل لا يرى ذلك فخاصمها إلى القاضي فقضى (¬5) القاضي أنه يملك الرجعة، فإن ذلك جائز من القاضي، ولا يسع المرأة أن تفارق زوجها إذا راجعها. وكذلك هذا في جميع ما يختلف فيه من الأقضية إذا رأى الرجل ذلك حراماً أو رأته المرأة، وقضى القاضي بأنه حلال، وسع الذي رأى ذلك حراماً أن يرجع إلى قضاء القاضي ويأخذ به، ويدع ما رأى من ذلك لا يسعه غيره في كل حق يلزمه. فأما أَمْرٌ لو علم به القاضي لأنفذه وحرّم الفرج (¬6) به ولكنه لم يمنعه (¬7) من أن يحرم الفرج إلا أنه لم يعلمه فرد القاضي المرأة على زوجها بذلك، والمرأة تعلم خلاف ما يعلم القاضي، فليس ينبغي لها أن تلتفت إلى شيء من إحلال القاضي ولا غير ذلك، ولكنها أيضاً لا تقدم على إحلال فرج قد حرمه القاضي، فتأخذ في ذلك بالثقة، فلا يسعها المقام مع زوجها الأول ولا يسعها أن تتزوج (¬8) غيره. وكذلك إذا شهد شاهدا عدل على رجل أنه أعتق جاريته هذه، أو شهدا عليه أنه أقر بعتقها، فليس يسعها أن تدعه يجامعها قضى بشهادتهما أو لم يقض، ولا يسعها أن تتزوج إذا كان يجحد العتق. وكذلك العبد إذا شهدا بعتقه والمولى يجحد ذلك وهما معدَّلان عند العبد لم يسع العبد أن يتزوج (¬9) بشهادتهما حتى يقضي له القاضي بالعتق. ولا يشبه (¬10) العتق والطلاق والرضاع ما وصفت (¬11) قبله من الأموال ¬

_ (¬1) ق - للقاضي. (¬2) ق - على. (¬3) م ق: عليها. (¬4) م: بذلك. (¬5) ق: قضى. (¬6) ق: الفجر. (¬7) م: لا يمنعه. (¬8) ق: أن يتزوج. (¬9) ق: أن تتزوج. (¬10) ق: يشتبه. (¬11) ط + لك.

وغيرها؛ لأن العتق والطلاق والرضاع لا يبطله شيء من الأشياء على وجه من الوجوه. فلذلك كانت الشهادة فيه بقضاء القاضي (¬1) أو بغير قضاء القاضي سواء. فأما ما سوى ذلك من العمد وغيره فقد يبطل بالعفو من ولي الدم ووالي القود وفيما (¬2) دون الدم بالحقوق وبأشياء كثيرة على وجوه مختلفة (¬3). فلذلك (¬4) افترقت هذه الأشياء في غير قضاء القاضي إذا شهد بها الشهود العدول. ولو أن رجلاً كان متوضئاً فوقع في قلبه أنه أحدث وكان على ذلك أكبر رأيه فأفضل ذلك أن يعيد الوضوء. وإن لم يفعل وصلى على وضوئه الأول كان عندنا في سعة؛ لأنه عندنا على وضوء حتى يستيقن بالحدث. وإن أخبره مسلم ثقة أو امرأة ثقة مسلمة حرة أو مملوكة: إنك أحدثت (¬5) أو نمت مضطجعاً أو رعفت، لم ينبغ له أن يصلي حتى يتوضأ. ولا يشبه هذا ما وصفت لك قبله من الحقوق؛ لأن هذا أمر الدين، فالواحد فيه حجة إذا كان عدلًا. والحقوق لا يجوز فيها إلا ما يجوز في الحكم. وإن أحدث رجل (¬6) فاستيقن بالحدث ثم كان أكبر رأيه أنه توضأ فإنه لا ينبغي له أن يصلي حتى يستيقن بالوضوء. فإن أخبره رجل مسلم ثقة أو امرأة حرة أو أمة أنه قد توضأ أو أخبره (¬7) من لا يعرف بالعدالة فوقع في قلبه أنهما صدقا فيما قالا وسعه أن يصلي وإن لم يحدث وضوء. فإن كان الرجل يبتلى بذلك كثيراً ويدخل عليه فيه الشيطان فاستيقن بالحدث واستيقن (¬8) أنه قعد للوضوء فكان أكبر رأيه أنه توضأ وسعه عندنا أن يمضي على أكبر رأيه. ألا ترى أن رجلاً لو كان يشك في الصلاة كثيراً فدخل في الصلاة ثم لم يدر (¬9) كم صلى مضى على أكبر (¬10) رأيه وظنه. وكذلك لو ¬

_ (¬1) ك: للقاضي. (¬2) م ق: فيما. (¬3) ق: مختلقة. (¬4) م ق: فكذلك. (¬5) م: أحد. (¬6) م: بالرجل. (¬7) ك: وأخبره. (¬8) م: أو استيقن. (¬9) م: لم يدري. (¬10) م: على أكثر.

شك في التكبير الأول فلم يدر أكبر أم لا إلا أنه في الصلاة مضى (¬1) على أكبر (¬2) رأيه وظنه (¬3)، [وَ] أجزأه ذلك. وإن كان قد فرغ من صلاته ثم عرض له شك في شيء مما وصفت لك لم يلتفت إليه، وأجزأته صلاته. وكذلك الوضوء إذا قام عنه عن تمام في نفسه ثم عرض له شك في مسح الرأس وغيره لم يلتفت إلى شيء من ذلك. وإذا أودع رجل مالاً عند رجل ثم أتاه يطلبه فأخبره أنه كان دفعه إليه فوقع في قلبه أنه صادق ولا يدري أكاذب هو أم لا إلا أنه عنده (¬4) ثقة مسلم، فإن صدقه وأخذ بقوله فذلك فضل أخذ (¬5) به وهو أحسن من غيره، وإن أبى إلا طلب حقه وأراد استحلافه عند القاضي على ذلك فهو من ذلك في سعة؛ لأن الرجل وإن كان عدلاً فهو غير مأمون فيما يَطلُب لنفسه وفيما يُطالَب به. فإن أبى اليمين وسع رب المال أن يأخذ منه المال. وإن أراده على اليمين فافتدى (¬6) يمينه بغرم المال أو بعضه أو صالحه على شيء منه أو من غيره وسع رب المال أخذ ذلك منه. وكذلك إن قال: ضاع المال مني، وهو عنده عدل ثقة فالأفضل أن يكف عنه. وإن طالبه باليمين فحلف له على ذلك عند غير قاض فأبى إلا أن يستحلفه عند القاضي وسعه أن يطالبه باليمين عند القاضي؛ لأنه حق له في عنقه (¬7) أن يحلف له عند الحاكم إذا لم يعلم أنه صادق فيما قال. فإن استحلفه عند الحاكم فنكل عن اليمين وسعه أن ياْخذ المال منه. وكذلك إن أراد استحلافه فافتدى يمينه بجميع المال أو بعضه فهو في سعة من ¬

_ (¬1) ط: ومضى. ولم يشر الأفغاني إلى اختلاف النسخ. (¬2) م: على أكثر. (¬3) ك - وكذلك لو شك في التكبير الأول فلم يدر أكبر أم لا إلا أنه في الصلاة مضى على أكبر رأيه وظنه، صح هـ .. (¬4) م: عبد. (¬5) ك م ق ط: أخذه. والتصحيح من ج ر. (¬6) ق: فاقتدا. (¬7) ق: في عتقه.

أخذ ذلك منه حتى يعلم أنه قد ضاع أو دفعه إليه. ولو لم يكن المال عنده وديعة ولكن كان ديناً عليه فأتاه يتقاضاه وقال: إني قد دفعته إليك، وكان عنده عدلا ثقة ووقع في قلبه أنه صادق وأن مثله لا يقول إلا حقاً إلا أنه لا يعلم ذلك يقيناً، فأفضل الأشياء له أن يصدقه. وإن أبى إلا أن يطالبه بحقه وسعه (¬1) أن يأخذ من ماله - إن قَدَرَ- مثل دينه. فإن أراد الغريم أن يستحلفه "ما قبض المال منه" وسعه أن يحلف على ذلك؛ لأن يمينه إنما هي على علمه، وهو لا يعلم ذلك يقيناً. وكذلك كل حق وجب (¬2) لرجل على رجل من دين أو غيره فقال الذي عليه الحق: قد أوفيتك حقك أو أبرأتني منه، أو ادعى أجلاً بعيداً، فوقع في قلب صاحب الحق أنه صادق وكان على ذلك أكبر ظنه وكان عنده عدلاً ثقة، فأفضل ذلك أن يصدقه ويأخذ بقوله. وإن لم يصدقه وطالب بحقه فأراد المطلوب أن يحلفه فالأفضل للمطلوب أن لا يحلف. وإن حلف كان في سعة من يمينه؛ لأن يمينه (¬3) على علمه، والرجل متهم على ما يدعي لنفسه وإن كان عدلاً. وكذلك إن أخبره مع المطلوب رجل عدل (¬4) أو امرأة ورجل. فإن أخبره سوى المطلوب رجلان عدلان لم يسعه أن يطالب بحقه أو يحلف له على ذلك؛ لأن هذا يقضي فيه الحاكم. وكل من كان له حق فهو على حاله حتى يأتي اليقين على خلاف ذلك. واليقين أن يعلمه أو يشهد عنده الشهود العدول (¬5). ¬

_ (¬1) ك - وسعه، صح هـ. (¬2) ق: واجب. (¬3) ك ق - لأن يمينه. (¬4) ق - عدل. (¬5) ك + آخر كتاب الاستحسان؛ م + والله تعالى أعلم آخر كتاب الاستحسان والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين؛ ق + آخر كتاب الاستحسان الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

كتاب الأيمان

بِسْمِ اللهِ اَلرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب الأيمان أبو سليمان قال: سمعت محمد بن الحسن يقول: الأيمان ثلاثة: يمين تكفر (¬2)، ويمين لا تكفر (¬3)، ويمين نرجو (¬4) أن لا يؤاخذ بها صاحبها. فأما اليمين التي لا تكفر فالرجل يحلف على الكذب وهو يعلم أنه كاذب. فيقول: والله لقد كان كذا وكذا، ولم يكن من ذلك شيء. أو يقول: والله لقد فعلت كذا وكذا، وهو يعلم أنه لم يفعله. فهذه اليمين التي لا تكفر وعلى صاحبها فيها الاستغفار والتوبة. وأما اليمين التي (¬5) تكفر فالرجل يحلف ليفعلن كذا وكذا اليوم، فيمضي ذلك اليوم من قبل أن يفعله. فقد وقعت اليمين على هذا ووجبت عليه الكفارة. والكفارة ما قال الله عز وجل في كتابه: (¬6) {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} (¬7)، إلى آخر ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) م: يكفر. (¬3) م ق: لا يكفر. (¬4) ك: يرجوا. (¬5) ك - التي، صح هـ. (¬6) م - في كتابه. (¬7) {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [سورة المائدة: 89].

الآية. وأما اليمين التي نرجو أن لا يؤاخذ الله بها صاحبها فالرجل يحلف في حديثه فيقول (¬1): لا والله، وبلى والله، وعلى ما يرى (¬2) أنه حق، وليس هو كما قال. محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن عائشة أنها قالت في قول الله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ}: إنه نحو هذا (¬3). وإذا حلف الرجل ليفعلن كذا وكذا فيما يستقبل، ولم يوقت لذلك وقتاً، فهو على يمينه، لا تقع (¬4) عليه الكفارة حتى يهلك ذلك الشيء الذي حلف عليه. فإذا هلك (¬5) ذلك حنث (¬6) ووجبت عليه الكفارة. وكذلك بلغنا عن إبراهيم. وإذا حلف الرجل فقال: ورحمة الله لأفعلن كذا وكذا، أو قال: وغضب الله، أو قال: وسخط الله، أو قال: وعذاب الله، أو قال: وثواب الله، أو قال: ورضا الله، أو قال: وعلم الله لا أفعل كذا وكذا، ثم حنث في شيء من ذلك، فليس في شيء من هذا يمين ولا كفارة. وإذا حلف الرجل بالله أو باسم من أسماء الله، أو قال: والله أو بالله أو تالله، أو قال: علي عهد الله أو ذمة الله، أو قال: هو يهودي أو نصراني أو مجوسي أو هو بريء من الإسلام، أو قال: أشهد أو أشهد بالله، أو قال: أحلف أو أحلف بالله، أو علي نذر أو علي نذر لله أو أعزم أو أعزم بالله، أو قال: علي يمين أو يمين لله (¬7)، فهذه كلها أيمان. وإذا حلف بشيء منها ليفعلن كذا وكذا فحنث وجبت عليه الكفارة. محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم بذلك، غير قوله: أعزم ¬

_ (¬1) م: ويقول. (¬2) م: ما نوى. (¬3) الآثار للإمام محمد، 125؛ والموطأ برواية محمد، 3/ 177؛ والمصنف لعبد الرزاق، 8/ 474؛ وتفسير الطبري، 2/ 404. (¬4) م ق: لا يقع. (¬5) م: فإذا فعل. (¬6) ق: حيث. (¬7) م: بالله.

أو أعزم بالله أو علي نذر أو نذر (¬1) لله أو علي يمين أو يمين لله، فإن هذا ليس (¬2) مما روي عن إبراهيم (¬3). وكذلك إذا قال: وعظمة الله، وعزة الله، وجلال الله، وكبرياء الله، وأمانة الله، فحنث وجبت عليه الكفارة. وإذا حلف الرجل بحد من حدود الله أو بشيء من شرائع الإسلام من الصلاة والزكاة أو الصيام فليس في شيء من هذا يمين ولا كفارة. ولا يكون اليمين إلا بالله ولا يكون بغيره. وكذلك لو حلف الرجل فقال: هو يأكل الميتة أو يستحل الخمر أو الدم أو لحم الخنزير أو يترك الصلاة أو الزكاة أو الصيام إن فعل كذا وكذا، فليس في شيء من هذا يمين، وليس عليه فيه كفارة إذا حنث (¬4). وكذلك لو حلف رجل فقال: عليه لعنة الله، أو قال: غضب الله (¬5)، أو قال: أمانة الله، أو دعا على نفسه بغير ذلك، فليس في شيء من هذا يمين ولا كفارة إذا حنث. وليس هذا بمنزلة قوله: هو يهودي أو نصراني أو مجوسي. وإذا قال الرجل: عذّبه الله أو أدخله الله النار أو حرمه الله الجنة، فليس في شيء منها كفارة ولا يمين، إنما هذا (¬6) دعاء على نفسه. ولو أن رجلاً حلف بالحج أو العمرة (¬7) أو جعل لله على نفسه صوماً أو صلاة أو صدقة أو اعتكافًا أو عتقاً أو هدياً أو شيئاً مما هو لله طاعة، فحلف بذلك فحنث لم يكن عليه كفارة يمين، ولكن عليه في ذلك أن يصنع الذي قال. واذا حلف الرجل بالمشي إلى بيت الله أو إلى الكعبة أو إلى المسجد ¬

_ (¬1) م - أو نذر؛ ق: أو انذر. (¬2) ق: فليس هذا. (¬3) الآثار لمحمد، 123؛ والمصنف لعبد الرزاق، 8/ 480. (¬4) م: إذا وجبت. (¬5) ق - الله. (¬6) م: هو. (¬7) ك ق: والعمرة.

الحرام أو إلى مكة أو إلى الحرم فحنث فعليه عمرة، وإن شاء حجة، وإن شاء حج راكباً، وإن شاء ماشياً ويذبح لركوبه شاة. بلغنا عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه قال: من جعل عليه الحج ماشياً حج راكباً وذبح (¬1) لركوبه شاة (¬2). وقال أبو حنيفة: هذا كله واجب عليه غير قوله: المشي إلى الحرم أو إلى المسجد الحرام. وقال أبو يوسف ومحمد: هذا والأول سواء. وإذا حلف الرجل بالمشي إلى بيت الله وهو ينوي مسجداً من مساجد الله سوى (¬3) المسجد (¬4) الحرام (¬5) فليس عليه في ذلك شيء (¬6)؛ لأن المساجد كلها تدخل بغير إحرام، ولا يدخل المسجد (¬7) الحرام إلا بإحرام. وإذا حلف الرجل فقال: علي السفر إلى مكة أو الذهاب إليها أو الركوب إليها فليس عليه شيء، وهذا وحلفه (¬8) بالمشي سواء في القياس، غير أني أخذت في حلفه بالمشي بالاستحسان (¬9)، ولأنها أيمان الناس. وإذا حلف الرجل فقال: أنا محرم إن فعلت كذا وكذا، أو قال: أنا أهدي إن فعلت كذا وكذا، أو قال: أنا أمشي إلى البيت (¬10) إن فعلت كذا ¬

_ (¬1) م: ويذبح. (¬2) ذكره الإمام محمد أيضاً بدون إسناد في الآثار، 125. ووصله الإمام محمد عن شعبة بن الحجاج عن الحكم بن عتبة (لعله عتيبة) عن إبراهيم النخعي عن علي - رضي الله عنه -. انظر: الموطأ برواية محمد، 3/ 165. وانظر: المصنف لعبد الرزاق، 450/ 8؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 3/ 93؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 10/ 81. وروي مرفوعاً من حديث عمران بن حصين وابن عباس. انظر: مسند أحمد، 4/ 429؛ وسنن أبي داود، الأيمان، 19؛ والمستدرك للحاكم، 4/ 340؛ ومجمع الزوائد للهيثمي، 4/ 188 - 189. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 3/ 305؛ والدراية لابن حجر، 2/ 93. (¬3) ك - الله سوى (خرم). (¬4) م - المسجد. (¬5) ق + وقال أبو يوسف. (¬6) ق - شيء. (¬7) ك - المسجد (خرم). (¬8) ق: وخلفه. (¬9) م: والاستحسان. (¬10) ك: إلى بيت الله.

وكذا، وهو يريد بذلك أن لا يوجب على نفسه شيئاً، إنما يَعِدُ من نفسه عِدَة، فليس عليه شيء. وإن كان يريد الإيجاب (¬1) على نفسه أو لم يكن له نية فعليه إذا حنث ما قال؛ لأن أيمان الناس هكذا هي. وإذا حلف الرجل أن يهدي ما لا يملك فليس عليه شيء. وإذا حلف الرجل أن ينحر ما لا يحل له من (¬2) ولد أو شيء غيره فليس عليه فيه شيء وإن كان (¬3) يريد الإيجاب على نفسه. وقال أبو حنيفة ومحمد: عليه في ولده (¬4) شاة يذبحها، وليس عليه في غير ولده (¬5) شيء. وقال أبو يوسف: لا شيء عليه في ذلك. وإذا حلف الرجل بهدي ثم حنث ولم يكن له نية فعليه أن يهدي ما تيسر من الهدي شاة، وإن شاء زاد على ذلك فجعلها بقرة أو جزوراً، فهو أفضل. وإذا حلف الرجل بِبَدَنَةٍ فحنث فعليه إن شاء بقرة وإن شاء جزوراً. وإذا حلف الرجل بالنذر (¬6) وهو ينوي بذلك حجاً أو عمرة أو عتقاً أو صلاة أو شيئاً من طاعة الله تعالى فحنث فعليه ذلك الذي حلف عليه ونواه، ولا يكون عليه غيره. وإن لم تكن (¬7) له (¬8) نية فعليه فيه كفارة يمين. وإن حلف على معصية بالنذر (¬9) فعليه فيه كفارة يمين. ألا ترى أن الله عز وجل قد فرض الكفارة في الظهار، وقد جعله الله منكراً من القول وزوراً (¬10). وقد بلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من حلف على ¬

_ (¬1) م: مرتدا لا يخاف. (¬2) ق - من؛ صح هـ. (¬3) ك - كان. (¬4) م: في ولد. (¬5) م: غير ولد. (¬6) م: بالبدر. (¬7) م: لم يكن. (¬8) ك - له. (¬9) م: بالبدر. (¬10) يقول تعالى: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2)} [سورة المجادلة: 2]

يمين فرأى غيرها خيراً (¬1) منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه" (¬2). واذا حلف الرجل بالنذر وهو ينوي صياماً ولا ينوي عددًا منه فعليه [صيام ثلاثة أيام إذا حنث. وإن نوى صدقة ولم ينو عدداً فعليه] (¬3) إطعام عشرة (¬4) مساكين، كل مسكين رُبْعَين (¬5) بالحَجَّاجِي من حنطة. ولا ينبغي للرجل أن يحلف فيقول: وأبيك وأبي؛ فإنه بلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن ذلك (¬6). ونهى عن الحلف بحد من حدود الله (¬7)، وعن الحلف بالطواغيت (¬8). ولو أن رجلاً قال: إن كلمت فلاناً فعلي يمين أو علي نذر، أو حلف بشيء مما ذكرت لك من الأيمان وقال في ذلك: إن شاء الله، فوصلها باليمين ثم كلمه لم يكن عليه كفارة ولا حنث. قال محمد: أخبرنا بذلك أبو حنيفة عن القاسم عن أبيه عن عبد الله بن مسعود. وذكر عبد الله عن نافع عن ابن عمر، وأبو حنيفة عن حماد عن ¬

_ (¬1) م: خيرها. (¬2) وصله الإمام محمد عن الإمام مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة. انظر: الموطأ برواية محمد، 3/ 173. وانظر: صحيح البخاري، الأيمان، 1؛ وصحيح مسلم، الأيمان، 11. (¬3) استكملنا هذا السقط من الكافي، 1/ 116 و، والمبسوط، 8/ 142. (¬4) تأخرت ورقة في نسخة ك ابتداء من هنا عن موضعها إلى ما بعد ورقة واحدة. (¬5) قال المطرزي: وأما قوله: "لكل مسكين رُبعان بالحَجَّاجِي" أي مُدَّان، وهما نصف صاع مُقَدَّران بالصاع الحَجَّاجِي، فإنما قال ذلك احترازاً عن قول أبي يوسف في الصاع. انظر: المغرب، "ربع". (¬6) وصله الإمام محمد عن الإمام مالك عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً. انظر: الموطأ برواية محمد، 3/ 175. وانظر: صحيح البخاري، الأيمان، 4؛ وصحيح مسلم، الأيمان، 1. (¬7) لم أجده. ويأتي أنه إذا حلف بحد من حدود الله أو بشيء من شرائع الإسلام لم يكن يميناً. (¬8) صحيح مسلم، الأيمان، 6؛ وسنن ابن ماجة، الكفارات، 2؛ وسنن النسائي، الأيمان، 10.

إبراهيم وغيرهم أنهم قالوا: من حلف على يمين وقال: إن شاء الله، فقد استثنى ولا حنث عليه ولا كفارة (¬1). وبلغنا عن عبد الله بن عباس أنه قال: من حلف على يمين فاستثنى ففعل الذي حلف عليه فلا حنث عليه ولا كفارة (¬2). قال: وكذلك قال العبد الصالح: {قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا} (¬3). فلم يصبر ولم يؤمر بالكفارة. وكذلك (¬4) بلغنا عن عطاء وطاوس وإبراهيم أنهم قالوا: من حلف بعتق أو طلاق فقال: إن شاء الله، لم يقع الطلاق (¬5). وكذلك لو قال: إلا أن أرى غير ذلك، أو قال: إلا أن يبدو لي، أو إلا أن أرى خيراً من ذلك. وإذا حلف الرجل على يمين فحنث فيها فعليه أي الكفارات شاء: إن شاء أعتق، وإن شاء أطعم عشرة مساكين، وإن شاء كسا عشرة مساكين. وإن لم يجد شيئاً من ذلك فعليه الصيام ثلاثة أيام متتابعات. بلغنا عن إبراهيم النخعي أنه قال: كل شيء في القرآن "أو، أو" (¬6) ¬

_ (¬1) رواه الإمام محمد أيضاً عن ابن مسعود وابن عمر وإبراهيم في الآثار له، 123؛ ورواه عن ابن عمر في الموطأ بروايته، 3/ 167. وانظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 516 - 519. وقد روي مرفوعاً عن أبي هريرة وابن عمر وابن عباس. انظر: سنن ابن ماجة، الكفارات، 6؛ وسنن أبي داود، الأيمان، 9؛ وسنن الترمذي، النذور، 7؛ وسنن النسائي، الأيمان، 18. وروي معناه في حديث آخر. انظر: صحيح البخاري، النكاح، 119؛ وصحيح مسلم، الأيمان، 22 - 25. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 3/ 301؛ والدراية لابن حجر، 2/ 92. (¬2) روي عن ابن عباس مرفوعاً بمعناه. انظر الحاشية السابقة. (¬3) سورة الكهف، 18/ 69. (¬4) م - وكذلك. (¬5) أخرجه في آثاره عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم. انظر: الآثار لمحمد، 90، 124. وانظر: المصنف لعبد الرزاق، الموضع السابق. (¬6) كما في قوله تعالي: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [سورة المائدة: 89].

فهو بالخيار، إن شاء أعتق رقبة، وإن شاء كسا، وإن شاء أطعم (¬1). والعتق في كفارة اليمين تحرير رقبة، يجزي (¬2) فيها الصغير والكبير والكافر والمسلم (¬3)؛ لأن الله تعالى لم يسم في ذلك رقبة مؤمنة. ويجوز فيه الأعور والأقطع إذا كان أقطع إحدى اليدين، أو إحدى الرجلين. ولا يجزي في ذلك الأعمى، ولا المقطوع اليدين أو الرجلين (¬4)، ولا المعتوه المغلوب الذي لا يعقل، ولا الأخرس، ولا أَشَلّ اليدين يابستين لا ينتفع (¬5) بهما، ولا أشل الرجلين إذا كان كذلك، ولا المقعد. ولا تجزي فيه أم الولد ولا (¬6) المدبر. ولا يجزي المكاتب الذي قد أدى بعض مكاتبته، فإن كان لم يؤد شيئاً من مكاتبته ثم أعتق في ذلك أجزأ عنه. ولو أن عبداً بين اثنين أعتقه أحدهما في كفارة اليمين فضمن (¬7) لشريكه حصته (¬8) لم يجز (¬9) ذلك عنه؛ لأنه كان بينه وبين آخر. ألا ترى أن شريكه إن شاء أعتق حصته (¬10)، وإن شاء استسعى في نصف قيمته. ولو أن العبد كان له كله أجزأ (¬11) عنه. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا أعتق عن يمينه عبداً وهو بينه وبين آخر وهو معسر (¬12) فسعى العبد للآخر لم يجزه في الكفارة، وإن كان المعتق غنياً ضمن حصة شريكه وأجزاه في الكفارة. ولا يجزيه في قول أبي حنيفة في الوجهين في الكفارة. ولو أن رجلاً اشترى أباه أو أمه أو ذا رحم محرم منه ينوي بذلك أن يعتقه في كفارة يمين أو ظهارٍ عَتَقَ وأجزأ عنه. وكذلك إن قال: إن اشتريت ¬

_ (¬1) أخرجه الإمامان أبو يوسف ومحمد عن الإمام أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم. انظر: الآثار لأبي يوسف، 168؛ والآثار لمحمد، 124. وانظر: المصنف لابن أبي شيبة، 98/ 3؛ وتفسير الطبري، 7/ 53. (¬2) ك: تجزي. (¬3) م - والمسلم. (¬4) ك - أو الرجلين. (¬5) ك: ولا ينفع. (¬6) ك - أم الولد ولا (خرم). (¬7) م - فضمن. (¬8) م: حصة (¬9) م ق: لم يجزي. (¬10) ق: حته. (¬11) م: أجزاه. (¬12) ق: معشر.

فلاناً فهو حر عن يميني، ثم اشتراه عتق وأجزأ عنه. ولو أن رجلاً طلب إلى رجل أن يعتق عنه عبده في كفارة يمينه على شيء قد سماه له وجعله له ففعل ذلك أجزأ عنه. ولو قال: أعتقه (¬1) عني في كفارة يميني بغير شيء، فأعتقه عنه كان في هذا قولان: أحدهما قول أبي يوسف: إن العتق يجزي عن المعتق عنه، ويكون الولاء له. والقول الآخر قول أبي حنيفة ومحمد: إن العتق عن الذي أعتق والولاء له، ولا يجزي العتق عن المعتق عنه. والقول الأول (¬2) أحبهما إلى أبي يوسف. وقال محمد: قول أبي حنيفة أحب إلي. وقال أبو يوسف: إنما هذا بمنزلة طعام طلب إليه أن يطعم عنه، فكذلك العتق. ولو أن رجلاً أعتق نصف عبده (¬3) في كفارة يمينه وأطعم (¬4) خمسة مساكين لم يجز ذلك عنه؛ لأن هذا ليس بطعام تام ولا عتق تام. ولو أن رجلاً حنث وهو معسر فأخر الصوم حتى أصاب عبداً لم يجز عنه الصوم؛ لأنه يجد ما يعتق. ولو أن رجلاً اشترى عبداً بيعاً فاسداً فقبضه وأعتقه عن يمينه كان عتقه جائزاً، ويجزي (¬5) عنه في يمينه ذلك. ولو أن رجلاً أعتق ما في بطن خادمه عن يمينه ثم ولدت الخادم ولداً من الغد فإن العتق جائز في الولد، ولا يجزي عنه من اليمين. ولو أن رجلاً أعتق ما في بطن خادمه عن يمينه (¬6) ثم ولدت بعد ذلك لأكثر من ستة أشهر أو ولدت لأقل من ستة أشهر ولداً ميتاً لم يجز (¬7) عنه ذلك (¬8) في الوجهين جميعاً. ولو أن رجلاً وجبت (¬9) عليه كفارتان أو ثلاثة في أيمان (¬10) متفرقة ¬

_ (¬1) ق: أعتقته. (¬2) م: الآخر. (¬3) ق: عبد. (¬4) ك: أو أطعم. (¬5) ق: ومجزي. (¬6) م - عن يمينه (¬7) م: لم يجزي. (¬8) ق: ذلك عنه. (¬9) م: وجب. (¬10) ق: في أيام.

فأعتق عنهن رقاباً بعددهن ولم ينو لكل يمين رقبة بعينها أجزأ ذلك عنه. وكذلك لو أعتق رقبة عن إحداهن وأطعم عن (¬1) الأخرى عشرة مساكين وكسا عن الأخرى عشرة مساكين كان ذلك جائزاً عنه. وليس على المملوك إذا حلف في يمينٍ وحَنِثَ عِتْقٌ. ولا يجزي عنه ولو أعتق عنه مولاه؛ لأن الولاء لا يكون له، وليس يملك الرقبة. وكذلك لو أطعم عنه مولاه أو كسا. وكذلك المكاتب والمدبر وأم الولد. وكذلك العبد يعتق بعضه فيقوم فيسعى فيما بقي من رقبته في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد في العبد الذي (¬2) أعتق بعضه خاصة: هو بمنزلة الحر يجزي ذلك عنه إذا كان بأمره (¬3). والرجل والمرأة في اليمين إذا حنث وفي العتق سواء. ولو أن رجلاً حلف على يمين فحنث فصام يومين ثم وجد اليوم الثالث ما يعتق لم يجز (¬4) عنه الصوم. وكذلك إن وجد ما (¬5) يطعم أو يكسوة لأن (¬6) الله عز وجل يقول: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ} (¬7). فهذا قد وجد، فلا يجزي عنه الصوم. وكذلك إن وجد ما يطعم يفطر يومه ذلك، وليس عليه شيء، وعليه أي الكفارات شاء كفر بها يمينه (¬8)، وإن شاء تَمَّ (¬9) على صومه ذلك ولم يعتد به وكان عليه أي الكفارات شاء غير الصوم. وأحب إلي أن يتم. بلغنا عن عبد الله بن عباس وعن إبراهيم النخعي أنهما قالا في الرجل يكون عليه الكفارة فيصوم يومين ثم يجد في اليوم الثالث ما يطعم أو يكسو ¬

_ (¬1) م - عن. (¬2) ك ق + قد. (¬3) ق: يأمره. (¬4) م ق: لم يجزي. (¬5) ق: اما. (¬6) م: أو يكسر الا ان. (¬7) سورة المائدة، 5/ 89. (¬8) م - يمينه. (¬9) تَمَّ على أمره أي أمضاه وأتمه. انظر: المغرب، "تمم".

أو يعتق: إنه يفطر ولا يعتد بصومه ذلك، ويكفر يمينه، إن شاء أعتق، وإن شاء أطعم، وإن شاء كسا (¬1). ولو أن رجلاً قال: إن اشتريت فلاناً فهو حر عن يميني، ثم اشتراه ينوي بذلك تلك اليمين عتق وأجزأ عنه من كفارته. ولو اشترى أمة قد ولدت منه فأعتقها عن كفارته أو قال: إن اشتريتها فهي حرة عن يمينه، كانت حرة كما قال، ولم تجز عنه في يمينه؛ لأنها أم ولده، وهي تعتق بالولد لو لم يقل فيها هذه المقالة. ولو أن رجلاً من أهل الذمة حلف على يمين ثم أسلم فحنث في يمينه تلك لم يكن عليه كفارة في عتق ولا غيره؛ لأن الحلف كان منه في حال الكفر، والذي كان فيه من الكفر أعظم من الحنث. ولو أن رجلاً أعتق عبداً عن كفارة يمين ينوي ذلك بقلبه (¬2) ولم يتكلم بلسانه وقد تكلم بالعتق أجزأ عنه في كفارة يمينه. ولو أن رجلاً حلف على يمين فأعتق عنها قبل أن يحنث كان العتق جائزاً ولا يجزي ذلك عن يمينه؛ لأنه لم يحنث بعد ولم تجب عليه كفارة. ولو أن رجلاً حنث في يمين فأعتق عبداً عند موته في يمينه وليس له مال غيره كان العتق جائزاً من ثلثه، ويسعى العبد في ثلثي قيمته، ولا يجزي عنه في يمينه لما وجب عليه من السعاية. ولو أن رجلاً أعتق عبداً على مال عن يمينه أو باعه نفسه عتق، ولم يجز (¬3) عنه في يمينه لما أخذ منه من الجعل. ولو أن رجلاً قال لعبده: أنت حر عن يميني على ألف درهم، وقبل ذلك العبد لم يجز ذلك عنه. ولو أن المولى أبرأ العبد من الألف بعد ذلك لم يجز عنه من يمينه للذي كان فيه من الجعل، ولا ينفعه إبراؤه إياه من المال بعد ذلك. ولو أن رجلاً أعتق عبداً على مال عن ¬

_ (¬1) روى الإمام أبو يوسف عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال في الذي يصوم لمتعته ثم يجد هدياً في اليوم الثالث أو يصوم في ظهاره أو في كفارة يمين ثم يجد ما يعتق في آخر صومه: إنه لا يجزئه الصوم. انظر: الآثار لأبي يوسف، 102. (¬2) م: بذلك نفليه. (¬3) م ق: يجزي.

باب الطعام في كفارة اليمين

يمينه عتق العبد، ولا يجزي عن في يمينه لما أخذ فيه من الجعل. ... باب الطعام في كفارة اليمين (¬1) بلغنا عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال ليَرْفَأ (¬2) مولى له: إني أحلف على قوم لا أعطيهم، ثم يبدو لي فأعطيهم، فإذا أنا فعلت ذلك فأطعم عني عشرة مساكين، كل مسكين نصف صاع من حنطة أو صاعاً من تمر (¬3). وبلغنا عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه قال: في كفارة اليمين إطعام عشرة مساكين، كل مسكين نصف صاع من حنطة (¬4). وإذا حنث الرجل في يمين فأطعم عشرة مساكين كل مسكين نصف صاع من حنطة أو دقيق أو سويق أجزاه ذلك. وإن أطعم تمراً أو شعيراً أطعم كل مسكين مختوماً بالحَجَّاجِي. ولو دعا عشرة مساكين فغدّاهم وعشّاهم أجزاه ذلك. ولو غدّاهم خبزاً وعشّاهم مثله وليس معه أُدُمٌ (¬5) أجزاه ذلك. ولو غدّاهم سويقاً وتمراً وعشّاهم بمثل ذلك أجزاه ذلك. ولو أعطاهم قيمة الطعام فأعطى كل مسكين قيمة نصف صاع أجزاه ذلك. ولو غدّاهم (¬6) وأعطاهم قيمة العشاء أجزاه ذلك. ألا ترى أنه لو أعطى ¬

_ (¬1) ق: كتاب الصيام وكفارة اليمين. (¬2) م: ليرقا. (¬3) وصله الإمام محمد عن سلام بن سليم الحنفي عن أبي إسحاق السبيعي عن يرفأ مولى عمر - رضي الله عنه -، ومن طريق آخر. انظر: الموطأ برواية محمد، 3/ 157، 159. وانظر: المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 70. (¬4) المصنف لابن أبى شيبة، 3/ 70. (¬5) جمع إدام، وهو ما يؤكل بجانب الخبز. انظر: المغرب، "أدم". (¬6) ق: عذاهم.

كل مسكين منهم درهماً والدرهم يبلغ أكثر من نصف صاع أجزاه ذلك، وكان ذلك أفضل. وإذا دعا عشرة مساكين أحدهم صبي فطيم أو فوق ذلك شيئاً (¬1) فغداهم وعشاهم فإنه لا يسعه، ولا يجزي عنه الصبي، وعليه الآن إطعام مسكين واحد، إن شاء أعطاه نصف صاع، وإن شاء غداه وعشاه. ولو أطعم عشرة مساكين كل مسكين مداً من حنطة لم يجزه ذلك، وعليه أن يعيد عليهم مداً (¬2) مداً على كل إنسان منهم، فإن لم يقدر عليهم استقبل الطعام. ولو أعطى مسكيناً واحداً خمسة آصُع لم يجزه ذلك. فإن أعطاه نصف صاع وأعطاه من الغد نصف صاع حتى يكمل (¬3) عشرة أيام أجزاه ذلك. ولو أنه أطعم عشرة مساكين من أهل الذمة كل مسكين نصف صاع من حنطة أجزاه ذلك، ومساكين أهل الإسلام أحب إلي. ولو أعطى عشرة مساكين ذوي رحم محرم منه أجزاه ذلك، ولكن لا يجزيه أن يطعم (¬4) منها ولده ولا والده ولا أمه حرة كانت أو أمة، ولا مملوكاً له ولا مدبره، ولا مكاتبه ولا أم ولد له، ولا زوجة له حرة كانت أو أمة. ولو أن رجلاً سأله منها وهو غني وهو لا يعلم بذلك فأعطاه أجزاه ذلك عنه في قول أبي حنيفة ومحمد، ولا يجزيه في قول أبي يوسف إذا علم. ولو أنه أطعم خمسة مساكين وكسا خمسة مساكين أجزاه ذلك من الطعام إن كان الطعام أرخص من الكسوة، وإن كانت الكسوة أرخص من الطعام أجزى عن الكسوة. ولو أنه أطعم عشرة مساكين قبل أن يحنث في يمينه لم يجزه ¬

_ (¬1) ك ق: سنا. (¬2) ق: مد. (¬3) ق: تكمل. (¬4) ق: أن يعطم.

ذلك (¬1)؛ لأن اليمين لم تجب بعد. ولو حنث في يمينه وهو معسر فأراد أن يكفر كان عليه الصوم. فإن أيسر ووجد ما يتصدق (¬2) به قبل أن يفرغ من الصوم لم يجزه الصوم، وكانت عليه الكفارة: إما عتق وإما كسوة وإما طعام. ولو كانت له دار يسكنها وليس له مال غيرها أجزى عنه الصوم؛ لأن هذا تحل له الصدقة. ولو أطعم عنه رجل عشرة مساكين بأمره أجزى عنه ذلك. ولو أنه أطعم عنه بغير إذنه (¬3) فرضي بذلك لم يجز (¬4) عنه. ولو أن رجلاً أطعم خمسة مساكين في كفارة يمينه ثم احتاج كان عليه أن يستقبل الصيام، ولا يجزي ذلك الطعام عنه. ولو أن رجلاً أطعم من كفارة اليمين أحداً من ولده وهو لا يعلم وهو موضع ذلك أجزاه ذلك عنه في قول أبي حنيفة ومحمد إذا علم بعد. وفي قول أبي يوسف إذا أطعم أحداً من ولده وهو لا يعلم ثم علم بعد ذلك فإنه لا يجزيه. وكذلك الغني في قول أبي يوسف لا يجزي. ولو أن رجلاً عليه يمينان فأطعم (¬5) عنهما (¬6) عشرين مسكيناً أجزى عنه (¬7). فإن أطعم لهما عشرة مساكين لكل مسكين صاع من حنطة لم يجزه ذلك إلا عن يمين واحدة. ويجزيه في قول محمد. ولو أطعم ستين مسكيناً من ظهار أو أطعمهم من كفارة غير الظهار أو أطعمهم من أيمان عليه شتى مختلفة فأطعم الطعام كله ضربة واحدة، لكل مسكين من ذلك نصف صاع لكل يمين على حدة، ولكل ظهار على حدة نصف صاع، ولكل كفارة من رمضان نصف صاع، أجزى عنه؛ لأنها أيمان شتى مختلفة وجبت عليه، وليس هذا كاليمين الواحدة. وفي قول محمد ذلك كله يجزي. ¬

_ (¬1) ك - ذلك (خرم). (¬2) م: ما يعتق. (¬3) ق: أمره. (¬4) م ق: لم يجزي. (¬5) ك م: فاعطعم. (¬6) جميع النسخ: عنها. (¬7) ك م: منه.

وإذا (¬1) أعطى الرجل ثوبًا لعشرة مساكين (¬2) من كفارة يمينه فإنه لا يجزي عنه من الكسوة. وإن كان يساوي الثوب ثمن الطعام فهو يجزي عنه من الطعام. وإذا وجبت على العبد أو المكاتب أو المدبر أو أم الولد كفارة يمين لم يجز (¬3) عنه الطعام وإن أذن له مولاه فيه، ولكن عليه الصيام؛ لأن العبد لا يملك الطعام. ولو أن العبد أعتق فأطعم عشرة مساكين بعد (¬4) عتقه أجزاه. ولو أن رجلاً حلف على يمين وهو كافر ثم حنث بعدما أسلم لم تكن (¬5) عليه الكفارة. وكذلك إذا حلف وهو مسلم ثم رجع عن الإسلام ثم أسلم بعد ثم حنث فلا كفارة عليه. وإذا استثنى الرجل في يمينه فلا كفارة عليه ولا حنث. وإذا جعل الرجل لله عليه طعام مساكين (¬6) ونوى عدداً من المساكين فهو ذلك العدد. فإن نوى كيلاً من الطعام معلوماً فهو ذلك الكيل. وإن لم ينو (¬7) شيئاً مسمى من الطعام ولا عدد مساكين فعليه طعام عشرة مساكين، كل مسكين نصف صاع من حنطة. وكذلك إن قال: إن كلمت فلاناً فعلي إطعام مساكين، أو قال: إطعام عشرة مساكين (¬8). وقد يعطى من المساكين من له الخادم والدار (¬9)، ويعطى من الصدقة ومن الزكاة من له الدار والخادم. ¬

_ (¬1) م: فإذا. (¬2) ق: مشاكين. (¬3) م ق: لم يجزي. (¬4) ك - بعد (خرم). (¬5) م ق: لم يكن. (¬6) جميع النسخ: مسكين. ودوام المسألة يدل عليه. (¬7) م: ولم ينو. (¬8) ق + كل مسكين نصف صاع من حنطة وكذلك إن قال إن كلمت فلانا فعلي إطعام مساكين. (¬9) م ق: أو الدار.

باب الكسوة في كفارة اليمين

وبلغنا عن أبي حزم وعن إبراهيم والحسن أنهم قالوا ذلك (¬1). ولو أن رجلاً أوصى أن يطعم عنه في كفارة أيمان عليه (¬2) عند موته كان ذلك الطعام من ثلثه. وكذلك لو أوصى بكسوة. وكذلك لو أوصى بعتق عبد. فإن لم يكن له مال غير العبد الذي أوصى بعتقه عتق العبد وسعى في ثلثي قيمته، ولا يجزي عنه في كفارة يمينه. وإن خرج من الثلث أجزى عنه. وقول أبي حنيفة ومحمد: الصاع الأول ثمانية أرطال، وهو مختوم (¬3) بالحَجّاجي (¬4) وهو ربع الهاشمي (¬5). قال محمد: وكذلك ذكر المغيرة عن إبراهيم أنه قال: وجدنا صاع عمر حَجّاجياً (¬6). ... باب الكسوة في كفارة اليمين محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال في قول الله -عَزَّ ¬

_ (¬1) تقدم في كتاب الزكاة، باب زكاة المال رواية المؤلف لذلك بإسناده عن إبراهيم والحسن. انظر: 1/ 118 ظ. لكن لم نجده عن أبي حزم. وأبو حزم روى عن جابر بن زيد وروى عنه محمد بن بكير. انظر: الكنى والأسماء لمسلم بن الحجاج، 1/ 276. ولم نقف على أكثر من ذلك. ولعله أبو حازم، لكن ذلك كنية قوم كثيرين، فيحتاج إلى التعيين. وقد روي قول إبراهيم والحسن عن سعيد بن جبير ومقاتل بن حيان أيضاً. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 402. (¬2) م - عليه. (¬3) المختوم هو الصاع بعينه. انظر: المغرب، "ختم". (¬4) نسبة إلى إلى الحجاج بن يوسف. (¬5) ربع الهاشمي، على الإضافة مع حذف الموصوف، أي ربع القفيز الهاشمي هو الصاع؛ لأن القفيز اثنا عشر مَنًّا. انظر: المغرب، "ربع". (¬6) م + والله تعالى أعلم. وللأثر المذكور انظر: شرح معاني الآثار للطحاوي، 2/ 52؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 429.

وَجَلَّ- في الكفارة: {أَوْ كِسْوَتُهُمْ} (¬1): إن ذلك لكل مسكين ثوب (¬2). فإذا أعطى كل مسكين ثوباً: إزاراً أو رداء أو قميصاً أو قَباءً أو كساءً فإن ذلك يجزيه من الكفارة إذا كسا عشرة مساكين. ولو أعطى كل مسكين نصف ثوب لم يجز (¬3) عنه ذلك من الكسوة، ولكن كان يجزي عنه من الطعام إذا كان كل نصف (¬4) ثوب يساوي نصف صاع من حنطة (¬5). ولو كسا كل مسكين قلنسوة أو خفين أو حمله على نعلين لم يجز (¬6) ذلك عنه من الكسوة، ولكنه يجزي عنه من الطعام إذا كان ذلك يساوي نصف صاع من حنطة. ولو أعطى مسكيناً واحداً عشرة أثواب لم يجز (¬7) ذلك عنه من عشرة مساكين، ولكنه يجزي عنه من مسكين واحد. ولو أعطى في كل يوم (¬8) ثوباً حتى يستكمل عشرة أثواب في عشرة أيام أجزى عنه. ولو كسا عشرة مساكين كل مسكين ثوباً وكلهم ذو رحم محرم منه أجزى عنه ما لم يكن فيهم ولد (¬9) ولا والد ولا زوجة. ولا يجزي عنه أن يكسو مكاتباً له ولا مدبراً ولا أم ولد. ولو كسا مكاتباً لغيره محتاجاً أو عبداً لغيره محتاجاً أو أم ولد لغيره ومولاها محتاج أو مدبراً لغيره محتاجاً أجزى عنه ذلك. ولو كسا عشرة مساكين من مساكين أهل الذمة أجزاه (¬10) ذلك، وفقراء المسلمين أحب إلي. ولو أعطى عشرة مساكين كل مسكين من الطعام قدر قيمة الثوب أجزاه ذلك من الكسوة. ولو أعطى عشرة مساكين ثوباً بينهم وهو ثوب كثير القيمة ¬

_ (¬1) سورة المائدة، 5/ 89. (¬2) بنفس الإسناد في الآثار لمحمد، 123. ورواه أبو يوسف عن أبي حنيفة كذلك. انظر: الآثار لأبي يوسف، 168. (¬3) م: لم يجزي. (¬4) م - نصف. (¬5) ك - حنطة (خرم). (¬6) ق: لم يجزئ. (¬7) م: لم يجزي. (¬8) ق - يوم. (¬9) ك - ولد، صح هـ. (¬10) م: اجزا.

يصيب (¬1) كل مسكين منهم أكثر من قيمة ثوب كان ذلك في القياس يجزي عنه من الطعام، ولا يجزي (¬2) من الكسوة. ألا ترى أنه لو أعطى كل مسكين ربع صاع من حنطة وذلك يساوي صاعاً من تمر لم يجز عنه من الطعام، فكذلك هذا الثوب. ولو أن هذا المد من الحنطة كان يساوي ثوباً كان يجزي من الكسوة، ولا يجزي من الطعام. ولو أعطى عشرة مساكين دابةً أو شاةً أو عبداً أو أمة فإن كان قيمة ذلك يبلغ عشرة أثواب أجزاه من الكسوة. وإن كان لا يبلغ قيمته (¬3) عشرة أثواب وبلغ (¬4) قيمةَ الطعام أجزى عنه من الطعام. ولو أن رجلاً كسا عشرة مساكين أو أطعمهم ثم إن رجلاً أقام على تلك الكسوة والطعام بينة فقضي له به لم يجز (¬5) ذلك عن الذي أطعم، وكان عليه أن يستقبل الطعام (¬6). ولو أن رجلاً كسا عن رجل بأمره عشرة مساكين أجزاه ذلك وإن (¬7) لم يعطه لها ثمناً. ولو أعطى لها ثمناً أجزاه ذلك أيضاً. ولو كسا عشرة مساكين بغير أمره فرضي بذلك لم يجز عنه. ولو كسا عشرة مساكين قبل أن يحنث في يمينه ثم حنث فيها لم تجزه تلك الكسوة من كفارته، وكان عليه الكسوة بعد الحنث؛ لأنه لا يبدأ بالكفارة قبل الحنث. ولو كسا عشرة مساكين ثم وجد بعضهم غنياً ليس بموضع للصدقة ولم يكن يعلم ذلك حتى كساه أجزأ (¬8) ذلك عنه؛ لأنه ليس عليه أن يعلم أنهم فقراء إلا في الظاهر. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: لا يجزيه في الغني. ¬

_ (¬1) م: نصيب. (¬2) ق + عنه. (¬3) م ق: قيمه. (¬4) جميع النسخ وط: وبلغت. (¬5) م: لم يجزي. (¬6) ك - الطعام (خرم). (¬7) م: فإن. (¬8) م: اجزاه.

ولو أنه أعطى من كفارة يمين في أكفان الموتى أو في بناء مسجد أو في قضاء دين ميت أو في عتق رقبة لم يجز ذلك عن يمينه. بلغنا عن إبراهيم النخعي أنه قال ذلك (¬1). ولو كسا ابن السبيل منقطعٌ به أو غازياً أو حاجاً منقطعٌ به فكساه ثوباً (¬2) أو أطعمه طعام مسكين أجزى ذلك عنه من مسكين واحد. ولو أن رجلاً كانت عليه يمينان فكسا عشرة مساكين كل مسكين ثوبين أجزاه ذلك عن يمين واحدة، وكانت عليه كسوة عشرة مساكين لليمين الأخرى في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وأما في قول محمد فهو يجزي. ولو أن رجلاً كسا خمسة مساكين والطعام أرخص من الكسوة أجزأ (¬3) ذلك عنه من الطعام، ولم يجز ذلك عنه من الكسوة. وإذا كسا الرجل المساكين أو أطعمهم ثم مات بعضهم وهو وارثه فورث تلك الكسوة بعينها وذلك الطعام بعينه لم يفسد ذلك عليه كسوته ولا طعامه، وكان ذلك يجزي عنه. وكذلك لو اشترى منهم تلك الكسوة بعينها وذلك الطعام أجزى عنه في كفارة اليمين، ولم يفسد ذلك عليه شيئاً. ولو وهبه له أولئك المساكين كان قد أجزى عنه صدقته عليهم في كفارة يمينه، ولا تفسد هبتهم له صدقته عليهم (¬4). بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن بريرة كان يتصدق عليها بالشيء فتهديه (¬5) إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فيقبله، ويقول: "هو لها صدقة ولنا هدية" (¬6). ... ¬

_ (¬1) روي عن إبراهيم أنه كان يكره أن يشتري من زكاة ماله رقبة يعتقها. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 402. وقد يقال: إن أمر الزكاة والكفارة واحد. انظر: الأصل (الأفغاني)، 3/ 187. (¬2) م: ثوبان. (¬3) ك ق: أجزاه. (¬4) ق: صدقتهم عليه. (¬5) ق: فيديه. (¬6) م + والله أعلم.- والحديث تقدم تخريجه قريبا.

باب الصيام في كفارة اليمين

باب الصيام في كفارة اليمين (¬1) وإذا حنث الرجل في يمينه وهو معسر لا يجد ما يعتق ولا ما يكسو ولا ما يطعم فعليه الصيام ثلاثة أيام متتابعة. فإن صامها متفرقة لم يجز (¬2) عنه. بلغنا أنه في قراءة ابن مسعود: [ثلاثة أيام متتابعات] (¬3). ولو صام ثلاثة أيام ثم أيسر في اليوم الثالث انتقض صومه ذلك وكانت عليه الكفارة؛ لأن الله تعالى يقول: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ} (¬4). فهذا قد وجد، فلا يجزيه الصوم. وكذلك بلغنا عن عبد الله بن عباس وعن إبراهيم النخعي أنهما قالا ذلك (¬5). وإذا حنث الرجل في يمينه وهو معسر ثم أيسر قبل أن يكفر فعليه العتق أو الكسوة أو الطعام. ولو حنث وهو موسر ثم احتاج كان عليه الصيام. وعلى العبد إذا حنث في يمينه الصيام، ولا يجزيه شيء غير ذلك. وكذلك المكاتب والمدبر وأم الولد. ولو أعتق أحدهم (¬6) قبل أن يصوم وأيسر لم يجزه الصوم، وكان عليه أي الكفارات شاء. ولو أن رجلاً أصبح مفطراً ثم عزم على الصوم الضحى يريد بذلك كفارة يمين لم يجزه ذلك؛ لأنه قد أصبح مفطراً. ولو صام في كفارة اليمين ثم أكل في صومه ناسياً أو شرب ناسياً كان ¬

_ (¬1) سقط العنوان من ط كخطأ مطبعي، وهو يوجد في الفهرس. (¬2) ق: لم يجزي. (¬3) جميع النسخ وط: متتابعة. والتصحيح من كتاب الصوم حيث مر هذا البلاع هناك أيضا. انظر: 1/ 139 و. وقد رويت هذه القراءة عن ابن مسعود وأبي بن كعب وإبراهيم النخعي. انظر: الآثار لمحمد، 123؛ والمصنف لعبد الرزاق، 8/ 514؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 3/ 88؛ وتفسير الطبري، 7/ 30؛ والمستدرك للحاكم، 2/ 303؛ والدراية لابن حجر، 2/ 91. (¬4) سورة المائدة، 5/ 89. (¬5) تقدم قريباً. (¬6) ك ق: أحد منهم.

صومه ذلك تاماً وأجزى عنه. بلغنا ذلك عن رسول الله في صوم رمضان (¬1)، فهو أشد من ذلك. ولو أن رجلاً صام ثلاثة أيام ثم مرض في يوم منها فأفطر كان عليه أن يستقبل؛ لأنها ليست بمتتابعة. وكذلك المرأة لو صامت فحاضت (¬2) في الثلاثة أيام (¬3) كان عليها أن تستقبل (¬4) الصوم (¬5)؛ لأنها قد تقدر أن تصوم ثلاثة أيام لا تكون فيها حائضاً (¬6). ولو أن رجلاً صام هذه الثلاثة أيام في أيام (¬7) التشريق لم يجزه ذلك؛ لأنه بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر مناديه: "ألا لا تصوموا هذه الثلاثة الأيام، إنما هي أيام أكل وشرب" (¬8). فعلى هذا الذي صامها أن يستقبل الصيام. ولو أن رجلاً صامها في رمضان كان صومه ذلك من رمضان جائزاً، وكان عليه أن يستقبل صيام اليمين بعد أن يفرغ من رمضان. ولو أن رجلاً صام فيها (¬9) يوم النحر أو يوم الفطر وهو يعلم بذلك أو ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه في كتاب الصوم. انظر: 1/ 136 و. (¬2) م: وحاضت. (¬3) ك ق: الأيام، ط + الأولى. (¬4) م - لأنها ليست بمتتابعة وكذلك المرأة لو صامت وحاضت في الثلاثة أيام كان عليها أن تستقبل. (¬5) ك: الصيام. (¬6) م: حايظا. (¬7) م - أيام. (¬8) روي نحوه. انظر: الموطأ برواية محمد، 2/ 213؛ والحجة على أهل المدينة، 1/ 389 - 390؛ والآثار لمحمد، 32 - 33. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 19 - 20، ومسند أحمد، 1/ 76، 92، 169؛ 2/ 513؛ 3/ 494؛ وصحيح مسلم، الصيام، 144، 145؛ وسنن أبي داود، الصوم، 50؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 305، 470؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 484. (¬9) ق + في رمضان كان صومه.

لا يعلم ثم علم بعد ذلك لم يجزه ذلك من الصيام، وكان عليه أن يستقبل الصوم. ولو أن رجلاً صامهن قبل أن يحنث في يمينه لم يجزه ذلك، وكان عليه أن يستقبل الصوم (¬1) إذا حنث. ولو صامهن وهو يجد ما يطعم أو يكسو لم يجزه ذلك؛ لأن الله -عَزَّ وَجَلَّ- يقول: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ}، فهو قد وجد، فلا يجزيه الصيام. ولو أن رجلاً كان ماله غائباً (¬2) عنه أو له دين (¬3) على الناس فكان لا يجد ما يطعم ولا ما يكسو ولا يجد (¬4) ما يعتق أجزاه أن يصوم ثلاثة أيام في كفارة يمينه. ولو أن رجلاً له مال وعليه دين مثله أو أكثر أجزاه الصوم بعدما يقضي (¬5) دينه من ذلك المال. ألا ترى أن الصدقة تحل لهذا. ولو أن عبداً صام في كفارة يمين ثم أعتق قبل أن يفرغ فأصاب مالاً لم يجزه الصوم، وكان عليه الطعام أو الكسوة أو العتق. ¬

_ (¬1) ق - ولو أن رجلاً صامهن قبل أن يحنث في يمينه لم يجزه ذلك وكان عليه أن يستقبل الصوم. (¬2) ق: غليبا. (¬3) جميع النسخ وط: أو دين له. (¬4) م: ولا يجزيه. (¬5) م ق: قبل أن يقضي. وقال السرخسي: ولو كان له مال وعليه دين مثله أجزأه الصوم بعدما يقضي دينه عن ذلك المال، وهذا غير مشكل، لأنه بعد قضاء الدين بالمال غير واجد لمال يكفر به، وإنما الشبهة فيما إذا كفر بالصوم قبل أن يقضي دينه بالمال، فمن مشايخنا من يقول بأنه لا يجوز، ويستدل بالتقييد الذي ذكره بقوله: بعدما يقضي دينه، وهذا لأن المعتبر هنا الوجود دون الغنى، وما لم يقض الدين بالمال فهو واجد، والأصح أنه يجزيه التكفير بالصوم، لما أشار إليه في الكتاب من قوله: ألا ترى أن الصدقة تحل لهذا، وفي هذا التعليل لا فرق بينما قبل قضاء الدين وبعده وهذا لأن المال الذي في يده مستحق بدينه، فيجعل كالمعدوم في حق التكفير بالصوم، كالمسافر إذا كان معه ماء وهو يخاف العطش يجوز له التيمم، لأن الماء مستحق لعطشه، فيجعل كالمعدوم في حق التيمم. انظر: المبسوط، 8/ 156.

باب اليمين في مجالس مختلفة

ولو أن رجلاً صام ستة أيام عن يمينين عليه أجزاه ذلك منهما إذا كان لا يجد ما يطعم. وإن لم ينو ثلاثة أيام لكل واحدة (¬1) منهما أجزى عنه. ولو أن رجلاً صام يومين ثم أفطر وأطعم (¬2) ثلاثة مساكين أو بدأ بالطعام ثم الصيام لم يجزه ذلك، وكان عليه (¬3) أن يستقبل الصوم إن كان لا يجد ما يطعم. ولو أن رجلاً كانت عليه يمينان وعنده (¬4) طعام لإحداهما (¬5) فأطعم لها (¬6) ثم صام للأخرى أجزاه ذلك. ولو صام لإحداهما (¬7) ثم أطعم بعد ذلك للأخرى لم يجزه الصوم؛ لأنه صام وهو يجد ما يطعم (¬8). وكان عليه أن يستقبل الصوم للتي (¬9) صام لها. ولو صام رجل عن رجل بأمره في كفارة يمينه أو في غير ذلك لم يجزه ذلك. وكذلك لو أن (¬10) ميتاً أوصى عند موته أن يصام عنه في كفارة يمين لم يجزه ذلك؛ لأنه لا يصوم (¬11) أحد عن أحد. بلغنا ذلك عن ابن عمر - رضي الله عنهما - (¬12). ... باب اليمين في مجالس مختلفة ولو أن رجلاً حلف على أمر لا يفعله أبداً، ثم حلف أيضاً في ذلك المجلس أو في مجلس آخر لا يفعله أيضاً أبداً، ثم فعل ذلك الذي حلف عليه كانت عليه (¬13) كفارة يمينين، إلا أن يكون نوى باليمين الأخرى اليمين ¬

_ (¬1) م: واحد. (¬2) م: أو أطعم؛ ق + ثلثه. (¬3) م: لم يجزه ذلك وعليه. (¬4) م: وعليه. (¬5) ق: لأحدهما. (¬6) م: لأحدهما. (¬7) ق: لأحدهما. (¬8) ق: ما يعطم. (¬9) م ق ط: التي. (¬10) م + لو أن. (¬11) ق: لا يضوم. (¬12) تقدم تخريجه في كتاب الصوم. انظر: 1/ 141 و. (¬13) ق - عليه.

الأولى، فتكون (¬1) عليه كفارة واحدة. وإن لم يكن عنى باليمين الآخرة الأولى فعليه يمينان، وعليه لهما كفارتان. بلغنا ذلك عن إبراهيم النخعي (¬2). وكذلك لو أراد باليمين الآخرة التغليظ والتشديد على نفسه. ولو أن رجلاً حلف على حق امرئ مسلم على مال له عنده، فحلف ما له عنده شيء وهو كاذب، لم يكن عليه كفارة. وكذلك كل يمين تكون (¬3) على المدعى عليه إنما يحلف على شيء قد مضى. وقد بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "اليمين الغموس تدع الديار بَلاَقِع" (¬4). وهذا عندنا اليمين الغموس. وبلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬5) أنه قال: "من اقتطع بخصومته وجدله مال امرئ مسلم فليتبوأ مقعده من النار" (¬6). فحال هذه اليمين ¬

_ (¬1) م ق: فيكون. (¬2) رواه محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم. انظر: الآثار لمحمد، 95. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 151. وروي عن إبراهيم أنه قال: إذا ردد الأيمان فهي يمين واحدة. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 505. (¬3) ك: يكون. (¬4) رواه الإمام محمد بإسناده عن أبي هريرة. انظر: الآثار له، 147. وقد روي مرسلاً وموصولًا. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 11/ 171؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 10/ 35؛ وجامع المسانيد، 2/ 259؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 228. وسميت هذه اليمين غموسًا لأنها تغمس صاحبها في الإثم ثم في النار. والبَلْقَعِ المكان الخالي. والمعنى أنه بسبب شؤمها تهلك الأموال وأصحابها، فتبقى الديار بَلاقِع، فكأنها هي التي صيّرتها كذلك. انظر: المغرب، "غمس". (¬5) ك - أنه قال اليمين الغموس تدع الديار بلاقع وهذا عندنا اليمين الغموس وبلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، صح هـ. (¬6) عن الحارث بن البرصاء - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحج بين الجمرتين وهو يقول: "من اقتطع مال أخيه المسلم بيمين فاجرة فليتبوأ مقعده من النار". انظر: الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم، 2/ 171؛ والمستدرك للحاكم، 4/ 328. صروي عن عمران بن حصين وأبي هريرة - رضي الله عنهما - بلفظ قريب. انظر: المعجم الكبير للطبراني، 8/ 148؛ والمستدرك للحاكم، 4/ 327؛ ومجمع الزوائد للهيثمي، 4/ 179، 181. وروي عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من اقتطع مال امرئ مسلم بيمين كاذبة لقي الله وهو عليه غضبان". انظر: صحيح البخاري، التوحيد، 24؛ وصحيح مسلم، الإيمان، 220.

شديدة، والمأثم فيها عظيم، ليس فيها (¬1) كفارة. ولو أن رجلاً حلف بالله لا يفعل كذا وكذا، ثم حلف على ذلك أيضاً بحج، ثم حلف (¬2) على ذلك أيضاً بالعمرة، ثم فعل ذلك الشيء، كانت عليه كفارة يمين وحج وعمرة. بلغنا ذلك عن إبراهيم النخعي. ولو أن رجلاً حلف بالله ليفعلن كذا وكذا فوقت لذلك الشيء (¬3) وقتاً، وذلك الشيء معصية لله تعالى، كان الذي يحق عليه من ذلك أن لا يَتِمّ على ذلك، وأن يترك الذي حلف (¬4) عليه. فإذا ذهب الوقت ووجب عليه الحنث كفر يمينه. بلغنا ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من حلف على يمين فرأى (¬5) خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفر (¬6) يمينه" (¬7). ولو أن رجلاً حلف ليفعلن (¬8) كذا وكذا ولم يوقت لذلك وقتاً كان في سعة مما حلف عليه، فمتى ما فعل ذلك بر في (¬9) يمينه وخرج منها إلا أن يموت قبل أن يفعل ذلك. فإذا مات قبل أن يفعل ذلك وجبت (¬10) عليه الكفارة. وينبغي له أن يوصي بها عند موته. ولو أن رجلاً حلف على يمين واستثنى فيها وقال: إن شاء الله، ووصلها بيمينه خرج من يمينه. ولو أن رجلاً حلف على ذلك بأيمان كثيرة بعد أن تكون (¬11) متصلة فقال: علي كذا وكذا (¬12) حجة وكذا وكذا (¬13) عمرة ¬

_ (¬1) ق: فيه. (¬2) ك: وحلف. (¬3) ك ق - الشيء. (¬4) ك - الذي حلف (خرم). (¬5) ط + غيرها. وقد ورد الحديث بدون هذه الكلمة في بعض رواياته. انظر مثلا: صحيح مسلم، الأيمان، 17. (¬6) ط + عن. وقد ورد الحديث بدون حرف الجر في بعض رواياته. انظر مثلا: صحيح مسلم، الأيمان، 14. (¬7) تقدم تخريجه. (¬8) م - ليفعلن، صح هـ. (¬9) م: برقي. (¬10) ق: وجب. (¬11) ك: أن يكون. (¬12) ك م: كذا كذا. (¬13) جميع النسخ: وكذا كذا. وأثبتنا ما في ط.

ومشي إلى بيت الله، ومالي (¬1) في المساكين صدقة (¬2)، وعليّ (¬3) عهد الله وميثاقه إن كلمتُ فلاناً إن شاء الله، ثم كلمه لم يكن عليه حنث، ولم يجب عليه شيء في أيمانه. وكذلك لو كان فيها عتق وطلاق. بلغنا ذلك عن عطاء وطاوس وإبراهيم النخعي وغيرهم أنهم قالوا: من حلف بالطلاق أو بالعتاق فقال: إن شاء الله، فلا شيء عليه، لا يقع عتاق ولا طلاق إذا استثنى (¬4). وبلغنا عن عبد الله بن عباس وعن ابن مسعود وابن عمر وعن إبراهيم النخعي وغيرهم أنهم قالوا: من حلف على يمين فقال: إن شاء الله، فلا حنث عليه ولا كفارة (¬5). وكذلك لو قال: إلا أن يبدو لي، أو قال: إلا أن أرى خيراً من ذلك. فأما إذا قال: إلا أن لا أستطيع ذلك، فهو على وجهين: إن كان يعني ما سبق من القضاء فهو موسع عليه وله أن يكلمه ولا يقع عليه شيء. وإن كان يعني إلا أن لا أستطيع: لشيء يعرض عليه من البلايا أو الحاجة التي حلف عليها، فإن فعل ذلك قبل أن يعرض ذلك له حنث. وإن فعل بعدما يقع به ما قال لم يحنث. وإن لم يكن له نية في الاستطاعة فهو على أمر يحدث ولا يكون على القضاء ولا على القدر إلا أن ينوي ذلك. ولو أن رجلاّ (¬6) قال: والله لا أكلم فلاناً ولا فلاناً إن شاء الله، يعني بالاستثناء اليمينين (¬7) جميعاً ولم يكن بينهما سكوت كان الاستثناء عليهما جميعاً. وكذلك لو قال: علي حجة إن كلمت فلاناً وعلي عمرة إن كلمت فلاناً إن شاء الله، فكلمه (¬8) لم يحنث. فأما إذا قال: عبدي حر إن كلمت فلاناً، عبدي الآخر حر إن كلمت فلاناً إن شاء الله، ثم كلمه كان عبده الأول حراً في القضاء، ولا يدين في ذلك إلا فيما بينه وبين الله تعالى. ¬

_ (¬1) جميع النسخ وط: وماله. (¬2) ق + عليه. (¬3) جميع النسخ وط: وعليه. (¬4) تقدم تخريجه. (¬5) تقدم تخريجه. (¬6) م - أن رجلا، صح هـ. (¬7) ق: اليمين. (¬8) م: وكلمه.

وكذا لو قال لامرأته: إن كلمت فلاناً فأنت طالق، أنت طالق (¬1) إن كلمت فلاناً إن شاء الله، ثم كلمت فلاناً كان في القضاء يقع عليها التطليقة الأولى إذا كلمت فلاناً. وأما فيما بينه وبين الله تعالى إذا كان يعني في الاستثناء ذلك كله فإنه لا يقع عليها شيء فيما بينه وبين الله تعالى. ولو قال: إن كلمت فلاناً فأنت طالق أنت طالق إن شاء الله، كان هذا في القضاء يحنث، وفيما بينه وبين الله تعالى لا يقع عليها شيء (¬2) حتى تكلمه. وكذلك العتق (¬3) في هذا أيضاً. وكذلك لو قال لامرأته: إن حلفت بطلاقك فعبدي حر، وقال لعبده: إن حلفت بعتقك فامرأته طالق، فإن (¬4) عبده يعتق؛ لأنه قد حلف بطلاق امرأته. ألا ترى أنه لو قال: إن كلمت فلاناً فأنت طالق، فإنه قد حلف بطلاقها وكان عبده حراً. ولو قال لها: إن حلفت بطلاقك فأنت طالق، إن حلفت بطلاقك فأنت طالق، إن حلفت بطلاقك فأنت طالق، وقعت (¬5) عليها التطليقة الأولى والثانية إن كان دخل بها، وكانت في عدة منه؛ لأنه قد حلف بطلاقها في المرة الثانية، فصارت طالقاً بالتطليقة الأولى، وحلف بطلاقها الثانية فصارت طالقاً بالثانية أخرى، وصارت الثالثة (¬6) يميناً أخرى، لم يحنث بَعْدُ، إن عاد في (¬7) الكلام وقعت عليها أيضاً تطليقة أخرى. وإن كان لم يدخل بها والمسألة (¬8) على حالها وقعت عليها تطليقة واحدة، وسقط ما سوى ذلك. ولو أن رجلاً قال لعبده: أنت حر إن حلفت بطلاق امرأتي، ثم قال لامرأته: أنت طالق إن شئت، ولم يقل غير ذلك، فإن عبده رقيق ولا يقع عليه العتق، وليس هذا بيمين. وكذلك لو قال لها: أمرك بيدك أو اختاري أو أنت طالق إذا حضت ¬

_ (¬1) م - أنت طالق. (¬2) م: حتي. (¬3) م: العبد؛ ق: التعق. (¬4) م: فانه. (¬5) م: وجب. (¬6) م: الثانية. (¬7) م - في؛ ق: إن أعاد. (¬8) ق: والمسلمة.

باب المساكنة في كفارة اليمين

حيضة، فليس هذا بيمين. ألا ترى أنها لو قامت من مجلسها ذلك بطل ما جعل إليها من ذلك مِن: أمرك بيدك أو اختاري. ولو قال لها: أنت طالق إن دخلت هذه الدار، لم يبطل ذلك أبداً، وكانت طالقاً متى ما (¬1) دخلت الدار، فهذه يمين يعتق بها العبد. وكذلك قوله: أنت طالق إن تكلمت، أو أنت طالق إن قمت، أو أنت طالق إن حضت، فهذه يمين أيضاً يقع بها عتق العبد وطلاق المرأة. ... باب المساكنة في كفارة اليمين ولو أن رجلاً حلف بالله أن لا يساكن فلاناً ولا نية له فساكنه في دار، وكل واحد منهما في مقصورة (¬2) وحدها لم يحنث. فإن كان نوى ذلك فقد ساكنه ووقع عليه الحنث والكفارة. وإن كان نوى حين حلف أن لا يساكنه في بيت أو في حجرة أو في منزل واحد يكونان جميعاً فيه لم يحنث حتى يساكنه فيما نوى. وكذلك لو سمى بيتاً أو لم يسم بيتاً. ولو لم ينوه ثم ساكنه في قرية أو في مدينة وكل واحد منهما في دار وحدها لم يحنث، ولم يقع عليه اليمين إلا أن ينوي ذلك. فإن نوى أن لا يساكنه في مدينة ولا في قرية ولا في مصر ولم يسم ذلك أو سمى ذلك فساكنه في شيء من ذلك حنث. ولا تكون المساكنة في ذلك إذا لم ينو إلا في دار واحدة أو بيت واحد. ولو حلف أن لا يساكنه في بيت فدخل عليه في بيته زائراً أو أضافه فأقام في بيته يوماً أو يومين لم يحنث؛ لأن هذا ليس بمساكنة إلا أن ينوي هذا. وإنما المساكنة النقلة إليه بمتاعه وأهله. ألا ترى أن الرجل قد يمر ¬

_ (¬1) ق - ما. (¬2) مقصورة الدار: حجرة من حُجَرها. انظر: المغرب، "قصر".

بالقرية فيدخلها فيبيت (¬1) فيها أو يقيل (¬2) فيها ثم يقول: ما سكنتها قط، فيكون صادقاً. ولو أن رجلاً كان ساكناً في دار فحلف أن لا يسكنها ولا نية له ثم أقام فيها بعد يمينه (¬3) يوماً أو أكثر من ذلك (¬4) وقع عليه الحنث، وكان قد سكنها. فينبغي له حين حلف أن يخرج منها من ساعته. ولو أن رجلاً حلف أن لا يساكن فلاناً في دار قد سماها بعينها فاقتسما الدار وضربا بينهما حائطًا، ثم فتح كل واحد باباً لنفسه، ثم سكن الحالف في طائفة (¬5) والآخر في طائفة (¬6) كان قد ساكنه ووقع عليه الحنث؛ لأنه قد ساكنه فيها بعينها. ولو حلف لا يساكنه في منزل ولم يكن له نية ولم يسم داراً (¬7) بعينها وكانت الدار قد قسمت قبل ذلك فضربا حائطاً بينهما، وفتح كل واحد منهما باباً لنفسه على حدة، ثم سكن الحالف في أحد القسمين والآخر في القسم الآخر لم يقع عليه الحنث، وكان على يمينه كما هو، ولم يكن عليه حنث ولا كفارة. ولو حلف رجل لا يساكن رجلاً ولم يكن له نية فساكنه في دار عظيمة فيها مَقَاصِير (¬8)، فكان الحالف في مقصورة يغلق عليها باب، ويسكن الآخر في مقصورة أخرى، لم يقع عليه الحنث. وإنما يقع اليمين في هذا على المنزل الواحد. ألا ترى لو كان ساكناً في ناحية من الدار مثل دار الوليد (¬9) وكان الآخر في منزل في أقصاها أنه لا يحنث. ¬

_ (¬1) ك ق: ويبيت. (¬2) ك: ويقيل. (¬3) ق: يميبه. (¬4) ك - ذلك (خرم). (¬5) م: في طابقه. (¬6) م: في طابقه. (¬7) ق: دار. (¬8) جمع مقصورة بمعنى الحجرة. (¬9) وذكر السرخسي أن دار الوليد دار كبيرة بالكوفة، ونظيره دار نوح ببخارى، وأن ذلك بمنزلة المحلة في كبرها. انظر: المبسوط، 8/ 161.

وإذا حلف رجل (¬1) لا يساكن رجلاً وهو يعني في بيت واحد فساكنه في منزل وكل واحد في بيت لم يحنث. ولو حلف أن لا يساكنه في دار فهو كما عنى، إن ساكنه في دار حنث (¬2). وإذا حلف الرجل أن (¬3) لا يسكن داراً بعينها فهدمت وبنيت بناء آخر فسكنها ولم يكن له نية فقد حنث؛ لأنها تلك الدار بعينها. وإذا حلف الرجل لا يسكن (¬4) دار فلان هذه فباع فلان داره تلك التي حلف عليها الرجل (¬5) فسكنها الحالف، فإن كان حين حلف نوى ما دامت لفلان فإنه لا يحنث، وإن لم يكن نوى ذلك فإنه (¬6) يحنث؛ لأنها تلك الدار بعينها في قول محمد. ولا يحنث في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وإذا حلف الرجل لا يسكن بيتاً فهَدَمَ ذلك البيت حتى تركه (¬7) صحراء ثم بنى بيتاً آخر في ذلك الموضع فسكنه لم يحنث؛ لأن هذا ليس بذلك البيت. وهذا والدار مختلف. قد تسمى الدار (¬8) داراً ولا بناء فيها، ولا يسمى البيت بيتاً وهو صحراء. وكل يمين حلف في هذه السكنى كلها بعتق أوطلاق أو غير ذلك فهو سواء. وإذا حلف الرجل لا يسكن داراً لفلان ولم يسم داراً بعينها ولم ينوها فسكن داراً له قد باعها لم يحنث. وإن سكن داراً له قد اشتراها حنث (¬9). إنما (¬10) يقع اليمين على ما يملك يوم يسكنها. ألا ترى أنه لو حلف لا يأكل من طعام لفلان فأكل من طعام قد ابتاعه فلان بعد تلك اليمين حنث. وقال ¬

_ (¬1) ك ق: الرجل. (¬2) م: جنب (¬3) م - أن. (¬4) ق: لا يساكن. (¬5) م - الرجل. (¬6) م - نوى ذلك فإنه. (¬7) جميع النسخ وط: حتى ترك. (¬8) ق: يسمى الدا. (¬9) ق: حيث. (¬10) ق: وإنما.

أبو يوسف: إذا حلف فالحلف على الدار التي يملك فلان يومئذ، وإن اشترى داراً (¬1) أخرى فسكنها أو دخلها لم يحنث، ولا يشبه الدار الطعام والشراب. وإذا حلف الرجل لا يسكن داراً لفلان فسكن داراً لفلان ولآخر لم يحنث؛ لأنها ليست لفلان كلها. ولو كانت لفلان كلها إلا سهماً منها من مائة سهم لم يحنث الحالف. وإذا حلف الرجل لا يسكن داراً اشتراها فلان، فاشترى (¬2) فلان داراً (¬3) لغيره فسكنها الحالف حنث، إلا أن يكون نوى لا يسكن داراً اشتراها فلان لنفسه. فإن نوى ذلك لم يحنث. وإن كان حلف بعتق أوطلاق لم يدين في القضاء ووقع عليه ذلك وحنث. وإذا حلف الرجل لا يسكن بيتاً ولا نية له فسكن بيتاً من شعر من بيوت أهل البادية أو فسطاطًا (¬4) أو خيمة لم يحنث الحالف إذا كان من أهل الأمصار. وإنما يقع هذا على معاني كلام الناس. ولو كان من أهل بادية فسكن بيت شعر حنث (¬5). وإذا حلف الرجل لا (¬6) يسكن بيتاً لفلان ولا نية له فسكن صُفَّةً (¬7) لفلان حنث؛ لأن الصفة بيت إلا أن يكون نوى البيوت دون الصُّفَات (¬8). فإن نوى ذلك لم يحنث. وكذلك لو حلف في هذا بعتق أوطلاق دُيِّنَ فيما بينه وبين الله تعالى، ولا يدين في القضاء. وإذا حلف الرجل لا يسكن دار فلان هذه فسكن منزلاً منها فقد سكنها إلا أن يكون عنى لا يسكنها كلها. فإن كان عنى ذلك لم يحنث حتى ¬

_ (¬1) ق: درا. (¬2) م: فإن شرى. (¬3) ق: درا. (¬4) ق: أو فسطاط. (¬5) ق: حيث. (¬6) ق: الا. (¬7) الصفة من البنيان شبه البَهْو الواسع الطويل، والصفة أيضاً: الظُّلّة. انظر: لسان العرب، "صفف". (¬8) م: الصفاف.

باب الدخول في كفارة اليمين

يسكنها كلها. وإن لم يكن له نية فسكنها حنث؛ لأن كلام الناس على هذا يقع. وكذلك لو حلف على هذا بعتق أو طلاق. وإذا حلف الرجل لا يسكن داراً لفلان وهو يعني بأجر (¬1) ولم يقع قبل هذا كلام فسكنها بغير أجر فقد حنث. ولا تغني (¬2) عنه النية هاهنا شيئاً. لأنه لم يكن قبل هذا كلام يذكر فيه الأجر (¬3). وكذلك لو حلف لا يسكنها وهو يعني عارية فسكنها بأجر أو سكنها على وجه غير عارية فإنه يحنث. ... باب الدخول في كفارة اليمين وإذا حلف الرجل لا يدخل بيتاً لفلان ولم يسم بيتاً بعينه ولم ينوه (¬4) ولم يكن له نية في يمينه ثم دخل بيتاً لفلان هو فيه ساكن فإنه يحنث؛ لأن هذا بيت لفلان. ألا ترى أنك تقول: بيت فلان، ومنزل فلان، وهو ساكن فيه بإجارة أو سكنى. وإذا حلف الرجل أن لا يدخل على فلان ولم يسم شيئاً ولم يكن له نية فدخل عليه في بيته فإنه يحنث. وكذلك إن دخل عليه في (¬5) بيت لرجل آخر. وكذلك لو دخل عليه في صفة البيت، والبيت والصفة سواء؛ لأن الصفة بيت. ولو كان الحالف من أهل البادية فحلف لا يدخل عليه بيتاً فدخل عليه في بيت شَعر أو بيتاً مبنياً كان سواء، وكان يحنث في ذلك. ولو حلف رجل لا يدخل بيتاً أبداً ولم يكن له نية ولم ¬

_ (¬1) ك: باخر. (¬2) ق: يعنى. (¬3) ق: الاخر. (¬4) ق: يبوه. (¬5) ق - في.

يسم شيئاً فدخل المسجد لم يحنث. ولو دخل الكعبة لم يحنث؛ لأن الكعبة مصلى بمنزلة المسجد. وكل شيء من المساكن يقع عليه اسم بيت فهو بيت يحنث فيه إن دخله. وكل شيء لا يقع عليه اسم بيت فإنه لا يحنث. ألا ترى أنه لو دخل عليه في قُبّة (¬1) أو ظُلّة (¬2) لم يحنث. وإذا حلف الرجل لا يدخل (¬3) بيت فلان هذا فهدم ذلك البيت حتى صار صحراء ثم دخل ذلك المكان لم يحنث؛ لأنه لا يسمى بيتاً وقد صار صحراء. ولو بنى في موضعه بيتاً (¬4) آخر فدخله لم يحنث؛ لأن هذا ليس بذلك البيت، وليس الدار في هذا كالبيت. ولو حلف لا يدخل داراً بعينها فهدمت تلك الدار حتى صارت صحراء ثم دخلها حنث؛ لأنها ليست داراً أخرى. وكذلك لو بنيت دار (¬5) أخرى كانت تلك الدار بعينها. والبيت لا يكون بيتاً إلا بالبناء، والدار قد تكون (¬6) داراً بغير بناء. وإذا حلف الرجل أن (¬7) لا يدخل على (¬8) فلان ولم ينو شيئاً فدخل الدار وفلان فيها لم يحنث. ألا ترى أن فلاناً لو كان في بيت منها لا يراه الداخل لم يكن داخلاً عليه. أرأيت لو كانت داراً عظيمة فيها منازل فكان ¬

_ (¬1) القبة من الخيام بيت صغير مستدير، وهو من بيوت العرب. انظر: لسان العرب، "قبب". (¬2) قال المطرزي: الظُّلَّة كل ما أظلك من بناء أو جبل أو سحاب، أي سترك وألقى ظله عليك. وقول الفقهاء: ظُلَّة الدار يريدون بها السُّدَّة التي فوق الباب، وقيل: هي التي أحد طرفي جذوعها على هذه الدار وطرفها الآخر على حائط الجار المقابل. انظر: المغرب، "ظلل". (¬3) م - لا يدخل. (¬4) ك: شيئاً. (¬5) ك م ق ط: دارا. وفي نسختي ج ر: لو دخل دارا. (¬6) م: وقد تكون. (¬7) م - أن. (¬8) م - على.

فلان في منزل منها فدخل الحالف منزلًا آخر منها وهو يحسب أن فلاناً فيه لم يحنث، ولم يكن داخلاً على فلان. وإنما تقع (¬1) اليمين في هذا إذا دخل عليه بيتاً أو صُفَّة. وإذا حلف الرجل لا يدخل على فلان بيتاً فدخل بيتاً وفلان فيه لا ينوي بذلك (¬2) الدخول عليه لم يحنث. أرأيت لو نوى الدخول على غيره وهو في البيت معه أكان يحنث. إنما دخل على غير الذي حلف عليه. وإذا حلف الرجل أن لا يدخل على فلان داراً فدخل عليه في داره فإنه يحنث (¬3). وكذلك لو نوى داراً ولم يسم. وإذا حلف الرجل لا يدخل بيتاً وهو فيه داخل فأقام فيه بعد الحلف أياماً لم يحنث؛ لأنه لم يدخل. وليس الدخول في هذا كالسكنى. ألا ترى أنه لم يستقبل دخولاً مذ حلف. والسكنى ما أقام في البيت فهو له ساكن. ألا ترى أنه لو قال: والله لأسكنن هذا البيت غداً، وهو فيه يوم حلف ساكن فأقام فيه حتى مضى غد كان ساكناً فيه، وكان قد بر في يمينه، وكان ساكناً (¬4) كما قال. ولو قال: والله لأدخلنه (¬5) غداً، ثم أقام حتى مضى غد حنث؛ لأنه لم يدخل كما قال. قلت: فإن نوى لأدخلنه غداً، أن يقيم فيه كما هو ففعل ذلك؟ قال: هذا يبر ولا يحنث إذا نوى ذلك. واذا قال الرجل: والله لا أدخل هذه الدار إلا عابر سبيل، فدخلها ليقعد فيها أو دخلها ليعود مريضاً فيها أو دخلها ليطعم فيها ولم يكن له نية حين حلف فإنه يحنث. ولكن إذا دخلها مجتازاً ثم بدا له فقعد فيها لم يحنث. وإنما أضع اليمين إذا حلف لا يدخلها إلا عابر سبيل مثل قوله: والله لا أدخلها إلا مار الطريق، والله لا أدخلها إلا مجتازاً (¬6)، إلا أن ينوي أن لا أدخلها يريد النزول فيها. فإن نوى ذلك فإنه يسعه. وإن دخلها يريد أن ¬

_ (¬1) ك ق: يقع. (¬2) م: ذلك. (¬3) م: لم يحنث. (¬4) ق: شاكنا. (¬5) ق: لادخله. (¬6) م: إلا مختارا.

يطعم فيها أو يقعد لحاجة لا يريد المقام فيها فإنه لا يحنث؛ [لأنه] (¬1) كذلك نوى. وإذا حلف الرجل لا يدخل دار فلان هذه فباع فلان داره تلك من آخر فدخلها الحالف ولم يكن له نية حين حلف فإنه لا يحنث متى ما دخلها في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد بن الحسن: يحنث إذا قال: هذه الدار. فإن كان نوى حين حلف أن لا يدخلها ما دامت لفلان فباعها فلان أو خرجت من ملكه بغير بيع فدخلها فإنه لا يحنث. وإن لم يكن له نية فإنه يحنث متى ما دخلها في قول محمد بن الحسن. ألا ترى أنه لو قال: والله لا أكلم صاحب هذه الدار، فكلمه بعدما باعها حنث. ألا ترى أنه لو قال: والله لا أكلم فلاناً زوج فلانة، فكلمه بعدما طلقها حنث، أو قال: والله لا أكلم فلانة امرأة فلان، فكلمها بعدما طلقها حنث. وكذلك لو قال: والله لا أكلم عبد فلان هذا، فكلمه بعدما باعه فلان أو بعدما أعتقه فإنه يحنث في قول محمد. وإذا قال: والله لا أدخل دار فلان هذه، فجعلها فلان بستاناً أو مسجداً أو جعلها غير ذلك فدخلها لم يحنث؛ لأنها (¬2) قد تغيرت عن حالها وصارت غير دار. وكذلك لو صُنعت بِيعَة (¬3) أو حماماً (¬4). وكذلك لو كانت داراً صغيرة فجعلها بيتاً واحداً وأشرع (¬5) بابه إلى الطريق أو إلى دار فدخلها لم يحنث؛ لأنها قد تغيرت وصارت بيتاً. وإذا حلف الرجل لا يدخل لفلان داراً ولم يسم شيئاً ولم يكن له نية فدخل داراً (¬6) قد باعها فلان لم يحنث؛ لأنه لم يدخل له داراً. ¬

_ (¬1) من الكافي، 1/ 118 ظ. (¬2) ك: لأنه. (¬3) البيعة: معبد النصارى، وقد يطلق على معبد اليهود. انظر: لسان العرب، "بيع". (¬4) م + لا يحنث لأنها تغيرت عن حالها وصارت غير دار وكذلك لو صنعت بيعة أو حماما. (¬5) م: وشرع. (¬6) ق: دار.

وإن دخل داراً (¬1) وفلان فيها بإجارة أو بغير إجارة فإنه يحنث؛ لأنه قد دخل دار فلان. ألا ترى أنك تقول: دخلت منزل فلان، وإنما هو فيه بأجرة. ويقول الرجل: هذا منزلي، وهذه داري، وهو معه بالأجرة. وهذا في كلام الناس جائز. وإذا حلف الرجل لا يدخل بيتاً بعينه فهدم سقف ذلك البيت وبقيت حيطانه ثم دخله حنث؛ لأنه ذلك البيت. ألا ترى أنك تقول: هذا بيت فلان، وقد هدم سقفه. وإذا حلف الرجل لا يدخل داراً اشتراها فلان ولم تكن (¬2) له نية فدخل داراً اشتراها فلان لغيره فإنه يحنث. ألا ترى أن فلاناً هو الذي (¬3) اشتراها. وإن كان حين حلف نوى لا يدخل داراً اشتراها فلان لنفسه فإن النية تسعه، ولا يحنث في دخوله هذه الدار. وإذا اشترى فلان داراً وآخر معه اشترياها (¬4) جميعاً لأنفسهما فدخلها لم يحنث؛ لأن فلاناً لم يشترها كلها. وإذا حلف الرجل لا يدخل دار فلان فاحتمله إنسان فأدخله وهو كاره لم يحنث. ألا ترى أنه إنما أُدْخِلَها ولم يدخل هو. وإن أمر رجلاً فاحتمله فأدخله فقد دخل وحنث. وإن دخلها على دابة فقد دخل وحنث. وإذا حلف الرجل لا يضع قدمه في دار فلان فدخلها راكباً أو ماشياً عليه حذاء أو ليس (¬5) عليه حذاء فإنه يحنث؛ لأن معاني كلام الناس هاهنا إنما يقع على الدخول. وإن كان نوى حين (¬6) حلف أن لا أضع قدمي (¬7) فيها ماشياً فدخلها راكباً لم يحنث. واذا حلف الرجل لا يدخل دار فلان فقام على حائط من حيطانها ¬

_ (¬1) ق: دار. (¬2) ق: يكن. (¬3) ك ق - الذي. (¬4) ق: اشتراياها. (¬5) ك م: وليس. (¬6) م: وإن كانوا حين. (¬7) م - قدمي.

باب الخروج في كفارة اليمين

حنث. ولو قام في طاق باب الدار غير أن الباب إذا أغلق كان الرجل دونه [لم يحنث] (¬1). وكذلك إن حلف لا يدخل بيتاً فقام في بابه والباب بينه وبين البيت إذا أغلق فإنه لا يحنث. وإن كان (¬2) داخلاً في البيت أو في الدار فحلف لا يخرج، فقام في موضع والباب إذا أغلق كان الرجل خارجًا من البيت والدار، فإنه يحنث؛ لأنه قد خرج. واذا حلف الرجل لا يدخل داراً فأدخل إحدى رجليه الدار ولم يدخل الأخرى فإنه لا يحنث؛ لأنه لم يدخل. وإذا حلف الرجل لا يدخل داراً لفلان بعينها فدخل من حائط لها ذليل حتى قام على سطح من سطوحها فقد دخل الدار. ولو أنه دخل بيتاً من تلك الدار قد أشرع إلى السِّكَّة (¬3) كان قد دخل الدار وحنث. وإذا حلف الرجل لا يدخل دار فلان ولا نية له فدخل بيتاً في علوها على الطريق الأعظم أو دخل كَنِيفاً (¬4) منها شارعاً إلى الطريق الأعظم حنث، وكان هذا دخولاً في الدار (¬5). ... باب الخروج في كفارة اليمين وإذا حلف الرجل على امرأته بالطلاق أو بالعتاق أو بيمين غير ذلك لا ¬

_ (¬1) الزيادة مستفادة من الكافي، 1/ 118 ظ؛ ومن المبسوط، 8/ 172. وعبارة الحاكم هكذا: فلو قام في طاق أو باب الدار والباب بينه وبين باب الدار لم يحنث. انظر: الكافي، الموضع السابق. (¬2) ك ق: ولو كان. (¬3) السكة: الزقاق الواسع. انظر: لسان العرب، "سكك". (¬4) الكَنِيف الكُنّة تُشرَع فوق باب الدار، والكَنِيف: الخلاء، وأهل العراق يسمون ما أشرعوا من أعالي دورهم كَنِيفاً. انظر: لسان العرب، "كنف". (¬5) م + والله تعالى أعلم.

تخرج من الدار حتى يأذن لها ولم يكن له نية فأذن لها مرة واحدة ثم خرجت بعد ذلك بغير إذن لم يقع عليه شيء من تلك الأيمان. وكذلك لو حلف بذلك لا تخرج أبداً إلا أن يأذن (¬1) لها. فإن كان (¬2) نوى (¬3) حين حلف أن لا تخرج أبداً حتى يأذن لها في كل مرة فخرجت مرة بإذنه ومرة بغير إذنه فإن اليمين يقع عليها. وإذا حلف الرجل لا تخرج امرأته من منزله إلا بإذنه أبداً فحلف على ذلك بعتق أوطلاق فخرجت مرة بإذنه ومرة أخرى بغير إذنه فإنه يحنث، ويقع عليه اليمين. ولو لم (¬4) يسم في ذلك أبداً كان كذلك أيضاً. فإن نوى بذلك مرة واحدة فإنه إذا أذن لها مرة واحدة سقطت عنه الأيمان. وقوله: إلا أن آذن لك، مثل قوله: حتى آذن لك، ومثل قوله: حتى يقدم فلان. وقوله: إلا بإذني، مثل قوله: لا تخرجي أبداً إلا راكبة (¬5) أو على دابة أو إلا (¬6) بدابة، فلا بد من أن يكون ذلك معها في كل مرة، وإلا حنث. وإذا حلف الرجل على امرأته لا تخرج من بيته فخرجت إلى الدار فإنه يحنث؛ لأنه قد سمى البيت. وكذلك لو حلف رجل على رجل لا يدخل بيته فدخل داره لم يحنث؛ لأن الحلف (¬7) إنما كان على البيت. وإذا حلف الرجل على بعض أهله أن لا تخرج من باب هذه الدار فخرجت (¬8) من هذه الدار من غير الباب لم يحنث. وكذلك لو حلف لا يدخل من باب هذه الدار باباً بعينه فدخل من غير الباب لم يحنث. ولو أحدث للدار باباً آخر فخرج منه أو دخل منه حنث إلا أن يكون قال: من هذا الباب، فإنه لا يحنث؛ لأن اليمين وقعت على الباب الأول، وهذا باب آخر، والبيت في هذا والدار سواء. ¬

_ (¬1) ق: إلا بإذن. (¬2) ق: كانوا. (¬3) ق - نوى. (¬4) م - لم. (¬5) م: لا راكبا. (¬6) ق: وإلا. (¬7) م: لأن الحنث. (¬8) ق: فجرجت.

ولو حلف لا تخرج من الدار فاحتملها هو فأخرجها لم يحنث؛ لأنها لم تخرج، إنما أُخْرِجَت. وكذلك لو احتملها غيره فأخرجها إلا أن تكون هي أمرته (1) فتكون هي التي خرجت، ويقع عليها اليمين. وإذا حلف على أحد من أهله لا يخرج من المنزل إلا أن يأذن له فأذن له حيث (2) لا يسمع ولم يكن حاضراً لذلك فإن هذا لا يكون بإذن. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وفيها قول آخر قول أبي يوسف: إن هذا إذن حضر أو لم يحضر. وإذا حلف الرجل على بعض أهله لا يخرج من المنزل إلا في كذا وكذا فخرجت في ذلك الشيء مرة ثم خرجت في غيره فإنه يحنث. فإن كان عنى أن لا تخرج هذه المرة إلا في كذا وكذا فخرجت فيه تلك المرة ثم خرجت في غير ذلك لم يحنث. وإذا خرجت لذلك الشيء الذي حلف عليه ثم بدا لها فانطلقت في غيره ولم تنطلق في ذلك لم يحنث؛ لأن الخروج كان في الذي حلف عليه بعينه، ولا يفسد ذلك انطلاقها (3) في غيره. وإذا حلف الرجل على بعض أهله لا يخرج (4) مع فلان من المنزل ولا نية له فخرج معه غيره ثم خرج فلان فلحقه لم يحنث. وكذلك لو حلف لا يدخل فلان عليها بيتاً فدخل فلان البيت وليست المرأة فيه ثم دخلت المرأة بعد ذلك البيت وفلان فيه فاجتمعا جميعاً لم يحنث؛ لأن فلاناً لم يدخل عليها، إنما هي التي دخلت عليه. ولو حلف رجل على بعض أهله أن لا يخرج من الدار فدخل بيتاً في علوها أو كَنِيفاً شارعاً إلى الطريق الأعظم لم يكن هذا خروجاً من الدار ولم يحنث؛ لأنها فيها بَعْدُ؛ لأن الكَنِيف من الدار، والعلو من الدار. ... (1) ق: امرأته. (2) ق: حنث. (3) م: ان طلاقها. (4) ك: لا تخرج.

باب الكفارة في اليمين في أكل الطعام

باب الكفارة في اليمين في أكل الطعام (¬1) وإذا حلف الرجل لا يأكل طعاماً ولا يشرب (¬2) شراباً فذاق من ذلك شيئاً ولم يدخله جوفه ولا حلقه فإنه لا يحنث. فأما إذا قال: لا أذوق طعاماً ولا أذوق شراباً، فذاق شيئاً من ذلك لم يدخل جوفه فإنه يحنث. وإن عنى شربه وأكله (¬3) فإنه لا يحنث حتى يشربه ويأكله (¬4). فأما إذا قال: لا أذوق طعاماً ولا أذوق شراباً، ولا نية له فذاق شيئاً من ذلك ولم يدخل جوفه فإنه يحنث. ألا ترى أن الصائم يقول: قد ذقت كذا وكذا، ولا يفطره ذلك، ولو تمضمض في وضوء الصلاة لم حنث، ولم يكن هذا من الذوق. وإنما الذوق عندنا ما دخل فاه يريد أن يعلم ما طعمه. وإذا حلف الرجل لا يأكل شيئين من الطعام فسماهما (¬5) فقال: والله لا آكل كذا و [لا] (¬6) كذا، فأيهما أكل حنث. ألا ترى أنه لو قال: والله لا آكل ¬

_ (¬1) ق: باب اليمين على الطعام والشراب. (¬2) ق: وشرب. (¬3) ق: أكله وشربه. (¬4) ق: يأكله ويشربه. (¬5) م: قسماهما. (¬6) الزيادة مستفادة من الحاكم والسرخسي. فعبارة الحاكم: وكذلك لو قال: لا آكل كذا ولا كذا، فأكل أحدهما. أي حنث. انظر: الكافي، 1/ 119 و. وقال السرخسي: وكذلك لو قال: لا آكل كذا ولا كذا، أو لا أكلم فلاناً ولا فلاناً، وكذلك إن أدخل حرف أو بينهما، لأن في موضع النفي حرف أو بمعنى ولا، قال الله تعالى: {لَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: 24]، يعني ولا كفوراً، فصار كل واحد منهما كأنه عقد عليه اليمين بانفراده، بخلاف ما إذا ذكر حرف الواو بينهما ولم يُعد حرف النفي، لأن الواو للعطف، فيصير في المعنى جامعاً بينهما، ولا يتم الحنث إلا بوجودهما. انظر: المبسوط، 8/ 175. وقد أشار إلى هذا السقط الناسخ لنسخة ك، وهو خالد بن أيبك الشجاعي، في الهامش قائلًا: في هذه الصورة نظر، لأن من حلف لا يأكل شيئين بغير التأكيد بتكرار حرف النفي بأن قال: لا آكل كذا وكذا، فأكل أحدهما لم يحنث، أما إذا قال: لا آكل كذا ولا كذا، فإنه يحنث بأكل أحدهما، والظاهر أنه من غلط الناسخ الأول، ويدل على أن صورة المسألة مكرر فيها حرف النفي أنه جعل نظيرها لا آكل قليلاً ولا كثيراً، ولو كانت بغير تكريره لكان نظيرها لا آكل قليلاً وكثيرًا، والله تعالى أعلم.

قليلاً ولا كثيراً، حنث. ولو قال: والله لا أذوق طعاماً ولا شراباً، فذاق أحدهما حنث. وكذلك لو قال: والله لا أكلم فلاناً أو فلاناً (¬1)، فأيهما كلم حنث. وإذا حلف الرجل لا يأكل لحماً ولم يكن له نية فأكل سمكاً لم يحنث؛ لأن اللحم (¬2) هنا (¬3) واليمين (¬4) إنما يقع على معاني كلام الناس. ألا ترى أنه لو أكل رَبِيثًا (¬5) أو صِحْنَاءً (¬6) أو صِيراً (¬7) أو كَنْعَداً (¬8) لم يحنث، ولم يكن هذا من اللحم. وإن كان يوم حلف عنى السمك مع اللحم فأكله حنث. والطري والمالح في ذلك سواء. ألا ترى إلى قول الله تبارك وتعالى في كتابه: {لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا} (¬9). وإذا حلف الرجل لا يأكل لحماً ولا نية له فأي لحم أكل فإنه (¬10) يحنث، إن أكل لحم غنم أو إبل أو بقر أوطير مشوي أو مطبوخ (¬11) أو صَفِيفاً (¬12) فإنه يحنث. وكذلك لو أكل شيئاً من البطون أو الرؤوس. وكذلك ¬

_ (¬1) م: وفلانا. (¬2) م + لا يطلق على السمك عرفا. ولكنه ساقط من جميع النسخ وط. (¬3) ج ر ق م - هنا. (¬4) ق: في اليمين. (¬5) م: زبيبا. قال المطرزي: في الأيمان برواية أبي حفص: "جِرِّيّا أو رَبيثا" قيل: الربيث والربيثة: الجِرِّيث، وفي جامع الغوري: الرِّبِّيثى بكسر الراء وتشديَد الباء: ضَرْب من السمك. انظر: المغرب، "ربث". والجري والجريث سو اء. انظر: المغرب، "جرث". وهو سمك أسود، وقيل: نوع من السمك مدور كالترس. انظر: حاشية ابن عابدين، 6/ 307. (¬6) الصِّحْناء أو الصِّحْناة إدام يتّخذ من السمك. انظر: لسان العرب، "صحن". (¬7) الصِّير شبه الصِّحْناة، وقيل: هو الصِّحْناة نفسه. وقيل: الصِّير السمكات المملوحة التي تعمل منها الصِّحْناة. انظر: لسان العرب، "صير". (¬8) م: أو كعندا. الكَنْعَد ضرب من السمك. انظر: لسان العرب، "كنعد". (¬9) سورة النحل، 16/ 14. (¬10) م - فإنه. (¬11) ك م: أو مطبوخا. (¬12) قال المطرزي: الصَّفِيف في كتاب الأيمان: اللحم القَدِيد المجفَّف في الشمس، وفي اللغة ما شُرِح وصُفَّ على الجمر لينشوي. انظر: المغرب، "صفف".

لو أكل شحماً مما يكون مع اللحم حنث. فأما إذا كان من شحم البطن لا يحنث إلا أن يكون نوى ذلك؛ لأن الشحم غير اللحم. وكذلك لو أكل من الألية شيئاً فإنه لا يحنث إلا أن يكون نوى ذلك؛ لأن الشحم والألية غير اللحم. وإذا حلف الرجل لا يأكل إداماً (¬1) ولا نية له فالإدام (¬2) عندنا اللبن والزيت والخل والزُّبْد (¬3) وأشباه ذلك. فإن أكل شيئاً من ذلك حنث. وإذا أكل جبناً أو بيضًا أو ما أشبه ذلك مما لا يؤتدم (¬4) به لم يحنث. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: يحنث في كل شيء يؤكل مع الخبز مما الغالب عليه ذلك مثل اللحم المشوي (¬5) والجبن ونحو ذلك، فهو أُدْم كله يحنث (¬6). وإذا حلف الرجل لا يأكل من طعام فلان ولا نية له فاشترى فلان طعاماً بعد اليمين فأكل منه فإنه يحنث ما كان في ملكه يوم حلف الحالف. وما أصاب بعد ذلك فهو سواء. ألا ترى أنه طعامه. وكذلك لو حلف لا يدخل منزلاً فاشترى منزلاً فدخله. وإذا اشترى الحالف من طعام المحلوف عليه أو وهبه لغيره فاشتراه أو اشتراه غيره فأكل منه الحالف لم يحنث؛ لأنه ليس بطعام لفلان المحلوف عليه. وإذا حلف الرجل لا يأكل طعاماً ينوي طعاماً بعينه أو حلف لا يأكل لحماً ينوي لحماً بعينه فأكل غيره من اللحم أو غيره من الطعام فإنه لا يحنث. ولو حلف على ذلك بعتق أو طلاق لم يحنث فيما بينه وبين الله تعالى. فأما في القضاء فإنه لا يدين في ذلك، ويقع عليه العتق والطلاق. فإذا حلف الرجل لا يأكل شواء وهو ينوي كل شيء يُشوَى فأي ذلك ¬

_ (¬1) م: ادما. (¬2) م: فالادم. (¬3) لنا ج ق: والزيت؛ لنا ج ق + والثريد؛ ر: والثريد. والتصحيح من م ط؛ والمبسوط، 8/ 176. والزُّبْد ما يُستخرَج من اللبن بالمَخْض. انظر: المغرب، "زبد". (¬4) ق: لا يؤدم. (¬5) ق: المستوي. (¬6) م: فحنث.

أكل فإنه يحنث. فإن لم يكن له نية فلا يقع هذا إلا على اللحم. فإن أكل لحماً مشوياً حنث، وإن أكل غيره مما يُشوَى لم يحنث. وإذا حلف الرجل لا يأكل رأساً وهو ينوي الرؤوس كلها من السمك والغنم وغيرها فأي ذلك ما أكل فإنه يحنث. وإن لم يكن (¬1) له نية فلا يقع هذا إلا على الغنم والبقر؛ لأنها هي التي تباع، فعليها يقع معاني كلام الناس. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: أما اليوم فإنما اليمين فيها على رؤوس الغنم خاصة. واذا حلف الرجل لا يأكل بيضاً وهو ينوي بيض كل شيء من الطير والسمك وغيره فأي ذلك ما أكل حنث. فإن لم يكن له نية فإنما يقع هذا على بيض الطير من الدجاج والإِوَزّ وغيره من الطير. فإن أكل غيره لم يحنث، وإن أكل شيئاً منه حنث. وإذا حلف الرجل لا يأكل طَبِيخاً وهو ينوي كل شيء يُطبَخ من اللحم وغيره فأكل شيئاً من ذلك فإنه يحنث. وإن لم يكن له نية فإنما يقع هذا على اللحم. فإن (¬2) أكل شيئاً من ذلك مطبوخاً حنث. واللحم (¬3) في ذلك وغيره كله سواء. وإن أكل غير لحم لم يحنث في قول أبي يوسف. والقياس في هذا أنه يحنث في اللحم وغيره. فإذا حلف الرجل لا يأكل فاكهة ولا نية له فأكل عنباً أو رمانًا أو رُطَباً فإنه لا يحنث. ألا ترى إلى قول الله (¬4) تعالى في كتابه: {فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} (¬5)، وقال في موضع آخر: {[وَعِنَبًا] وَقَضْبًا (28) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (29) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} (¬6)، فأخرج العنب من الفاكهة. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: نراه (¬7) حانثاً. واذا أكل من صنوف الفاكهة شيئاً فإنه يحنث. فإن كان (¬8) حين حلف نوى العنب والرمان والرُّطَب فأكل ¬

_ (¬1) م: ولم يكن. (¬2) ق + كان. (¬3) ق + كله. (¬4) م: إلى قوله. (¬5) سورة الرحمن، 55/ 68. (¬6) سورة عبس: 80/ 28 - 31. (¬7) ق: يراه. (¬8) ق: أكل.

من ذلك شيئاً فإنه يحنث. ولا يدخل في الفاكهة القِثّاء ولا الخيار ولا الجَزَر ولا أشباه ذلك. فأما المشمش والتين والخوخ والبطيخ وأشباه ذلك فإن هذا كله يدخل في الفاكهة. وكذلك الفاكهة اليابسة يدخل فيها اللوز والجوز وأشباه ذلك. وإذا حلف الرجل لا يأكل طعاماً يومه هذا فأكل خبزاً أو فاكهة أو غير ذلك حنث؛ لأن ذلك كله طعام. وإذا حلف الرجل ليأكلن هذا الطعام اليوم فأكله غيره في ذلك اليوم فإنه لا يقع عليه الحنث؛ لأنه وقّت وقتاً فذهب الطعام قبل ذهاب ذلك الوقت. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد -رحمهما الله-. وقال أبو يوسف: إذا حلف ليأكلن هذا الطعام اليوم فأكله غيره حنث إذا غربت الشمس. ألا ترى أن له مدة موقتة. ولو أكل فيه الطعام بر في (¬1) يمينه. ولا يقع عليه اليمين والحنث قبل أن تمضي المدة. وكذلك كل شيء حلف عليه ليفعلنه ووقت لذلك وقتاً وحلف على ذلك بطلاق أو عتاق أو غير ذلك فذهب ذلك الذي حلف عليه قبل أن يمضي الوقت لم يحنث ولم يقع عليه اليمين في قول أبي حنيفة ومحمد، ويحنث في قول أبي يوسف إذا كان ذلك الشيء الذي قد حلف عليه قد ذهب حتى لا يقدر عليه. أرأيت رجلاً حلف ليأكلن هذا الطعام غداً فأكله اليوم أو حلف ليقضين هذا الرجل غداً فقضاه اليوم أما كان هذا قد بر. ولا يقع عليه اليمين ولا حنث في قول أبي حنيفة ومحمد. وفي قول (¬2) أبي يوسف يحنث. وإذا حلف الرجل ليأكلن هذا الطعام ولم يوقّت لذلك وقتاً فأكله غيره فإن الحالف يقع عليه اليمين والحنث. ألا ترى أنه لا يستطيع أن يأكل ذلك الطعام وأنه ليس له فيه مدة وقتها (¬3) لنفسه في أكله. وكذلك لو مات ¬

_ (¬1) م: برقى. (¬2) ق - أبي حنيفة ومحمد وفي قول. (¬3) ق: وفيها.

الحالف قبل أن يأكله والطعام قائم بعينه فقد وجبت عليه اليمين. وكذلك كل شيء حلف عليه من طعام أو شراب بطلاق أو عتاق فمات قبل أن يفعله فإنه يحنث، ويقع عليه اليمين ما كان من طلاق أو عتاق أو غيره. ولو كانت له مدة قد وقتها في يمينه ثم مات قبل أن يفعل ذلك وقبل تلك المدة لم يحنث. ولو مضت المدة وهو حي والذي حلف عليه قائم بعينه فقد وقع عليه الحنث. وقال زفر: إذا خلت (¬1) المدة وقد هلك ذلك الشيء حنث. وإذا حلف الرجل لا يأكل من طعام يشتريه فلان فأكل من طعام اشتراه فلان وآخر معه فإنه يحنث، إلا أن ينوي (¬2) أن يشتريه هو وحده. ألا ترى أن فلاناً قد اشترى بعضه وأن الذي اشترى فلان طعام. وكذلك لو حلف: لا آكل من طعام يملكه فلان. ولو قال: لا ألبس ثوباً يشتريه فلان أو يملكه فلان، فلبس ثوباً اشتراه فلان وآخر معه لم يحنث؛ لأن هذا لم يشتره فلان كله. وإذا اشترى بعضه أو ملك بعضه فليس ذلك البعض بثوب. ألا ترى أنه لو قال: هذا الثوب لفلان، كذب. ولو قال: هذا الطعام لفلان، يعني بعضه صدق. وقال أبو يوسف: إذا حلف ليأكلن هذا الطعام اليوم فأكله إنسان آخر ثم مضى اليوم فإنه يحنث. وإذا حلف الرجل لا يأكل من هذا الدقيق شيئاً فأكل من خبزه ولم يكن له نية حين حلف فإنه يحنث؛ لأن الدقيق هكذا يؤكل. وإن كان عنى حين حلف لا يأكل الدقيق بعينه لم يحنث. فأما إذا لم تكن (¬3) له نية فإنما يقع هذا على ما يضع (¬4) الناس. ولو حلف لا يأكل من هذه الحنطة شيئاً وهو يعني أن يأكلها حباً كما هي فأكل مما يخبز منها أو من سويقها لم يحنث. وإن لم تكن (¬5) له نية فأكل من خبزها فإن أبا حنيفة قال: إنه لا يحنث. وإنما يضع من يقول هذا القول اليمين على القياس، يقول: لا ¬

_ (¬1) ق: إذا حلف. (¬2) ق + به. (¬3) م ق: لم يكن. (¬4) ق: ما يصنع. (¬5) ق: لم يكن.

يحنث إلا أن يأكلها حباً والقول الآخر قول أبي يوسف ومحمد: إن اليمين إنما هي على (¬1) ما يضع الناس، فإذا أكل من خبزها حنث، إلا أن يعني الحب بعينه. وإذا أكل الرجل من سويقها لم يحنث في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. ألا ترى أنك تقول: هذا الخبز حنطة، ويقول الرجل: أكلنا أجود حنطة في الأرض، يعني الخبز. وإن حلف الرجل لا يأكل من هذا الطَّلْع (¬2) شيئاً فأكل منه بعدما صار بُسْرًا لم يحنث. وكذلك لو حلف لا يأكل من هذا البُسْر شيئاً فأكل منه (¬3) بعدما صار رُطَباً أو تمراً لم يحنث. ألا ترى أنه لو أكل من خل جُعِل من ذلك التمر (¬4) لم يحنث؛ لأنه قد تغير وخرج من ذلك الجنس. وكذلك لو حلف لا يأكل من هذا اللبن شيئاً فأكل منه حين صنع منه جبن أو أَقِط أو شِيرَاز (¬5) لم يحنث؛ لأنه قد تغير حاله. ألا ترى أنه لو حلف أنه لا يأكل طعاماً وقال: عنيت لوناً من الطعام، فأكل غيره فإنه لا يحنث. ولو كانت يمينه بعتق أوطلاق لم يقع عليه فيما بينه وبين الله تعالى في ذلك. وأما في القضاء فإنه يقع عليه في ذلك الطلاق والعتاق. وإذا حلف الرجل لا يأكل هذا السويق فشربه شرباً لم يحنث؛ لأن الشرب غير الأكل. ولو حلف ليأكلن هذا السويق فأكله كله إلا حبة أو شبهها كان قد بر ولم يكن عليه الحنث. ولو حلف ليأكلن هذه الرمانة فأكلها إلا حبة أو ¬

_ (¬1) م - على. (¬2) ك م: الطلح؛ ج ر ط: الطلع. وكلاهما صحيح، لأن الطَّلْح لغة في الطَّلْع. انظر: لسان العرب، "طلح". فتخطئة الأفغاني "الطلح" ليس في محله. والطَّلْع ما يطلع في شجر النخل ويكون أبيض، ثم يلقح ويصير تمرا. انظر: المغرب، "طلع". (¬3) ق + فأكل منه. (¬4) ق + التمر؛ صح هـ. (¬5) شيراز هو اللبن الخاثر إذا استُخرِج منه ماؤه. انظر: المغرب، "شرز".

نحوها كان قد بر (¬1) ولم يحنث؛ لأن هذا معاني كلام الناس، إلا أن يعني أن يأكلها كلها فلا يترك منه شيئاً. ولو حلف فقال لامرأتين له (¬2): أيتكما أكلت هذه الرمانة فهي طالق، فأكلتها المرأتان كلتاهما لم يقع على واحدة منهما شيء؛ لأن كل واحدة منهما (¬3) لم تأكلها كلها. وكذلك لو أكلت إحداهما (¬4) الثلثين والأخرى الثلث. وإذا حلف الرجل لا يأكل (¬5) سمناً فأكل سويقاً قد لُتّ (¬6) وأُوسِع بالسمن حتى يستبين فيه طعمه ويوجد فيه مكانه فإنه يحنث؛ لأنه قد أكل سمنًا. وكذلك كل شيء أكله وفيه سمن يوجد فيه طعمه ويستبين فيه فإنه يحنث. وإن كان لا يوجد طعمه ولا يرى مكانه لم يحنث. وإذا حلف الرجل لا يأكل هذه التمرة (¬7) فاختلطت بتمر فأكل ذلك التمر كله فإنه يحنث؛ لأنه قد أكل التمرة التي حلف عليها. ولو حلف على مثل ذلك على بيضة أو جوزة كان ذلك كله سواء. وإذا حلف أن لا يأكل شيئاً من سمن نظر إليه (¬8) في إناء فخلط ذلك السمن بعسل حتى غلب عليه العسل ولم ير فيه من السمن شيئاً ولم يجد له طعمأ فأكل ذلك العسل لم يحنث؛ لأن السمن قد ذهب وتغير. وكذلك كل شيء خلط به ذلك السمن حتى يغلب عليه ذلك الشيء فلا يوجد للسمن طعم ولا يرى مكانه لم يحنث إذا أكله. وليس هذا كالجوزة والبيضة وأشباه ذلك؛ لأن هذا لم يختلط وإن كان لا يعرف؛ لأنه على حاله لم يخالطه شيء. ¬

_ (¬1) ق - ولم يكن عليه الحنث ولو حلف ليأكلن هذه الرمانة فأكلها إلا حبة أو نحوها كان قد بر. (¬2) م - له. (¬3) ق - منهما. (¬4) ق: احدهما. (¬5) ك: ألا يأكل. (¬6) لَتَّ السويق أي خلطه. انظر: المغرب، "لتت". (¬7) ق: الثمرة. (¬8) ك: نظر ذلك.

فإذا حلف الرجل أن (¬1) لا يأكل شعيراً فأكل حنطة فيها شعير حبة حبة ولم يكن (¬2) له نية فإنه يحنث؛ لأنه قد أكل شعيراً. ولو حلف أن لا يأكل شحماً (¬3) فأكل لحماً (¬4) يخالطه (¬5) شحم لم يحنث؛ لأن هذا لحم عند الناس وليس هو بالشحم. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: يحنث. ألا ترى أنه لو حلف لا يشتري (¬6) شعيرا فاشترى حنطة فيها شعير لم يحنث؛ لأن الشِّرَى على الحنطة. وكذلك لو حلف لا يشتري حنطة فاشترى شعيراً فيه حنطة. ولو حلف أن لا يأكل شعيراً حبًا فأكل حنطة فيها حب شعير حبة حبة فإنه يحنث؛ لأن الأكل مخالف للشراء (¬7)؛ لأن الأكل قد وقع هاهنا على الشعير، والشراء قد وقع على الحنطة. وإن حلف (¬8) الرجل لا (¬9) يأكل بُسْراً فأكل بُسْراً مُذَنِّباً (¬10) ولم يكن له نية حين حلف فإنه يحنث. وإذا حلف أن لا يأكل رُطَباً فأكل ذلك البُسْر (¬11) المُذَنِّب ففي هذا قولان: قول إنه يحنث، وإن هذا (¬12) المُذَنِّب يقع عليه اسم البُسْر واسم الرُّطَب. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. والقول الآخر: إنه بُسْر وليس برُطَب حتى يُرْطِب منه ما يسمى رُطَباً، وهذا لا يحنث. وهو قول أبي يوسف. وقال زفر: إذا وقع عليه اسم الرُّطَب حنث، وإذا لم يقع لم يحنث. وبه نأخذ. ولو حلف الرجل أن لا يأكل بُسْراً فأكل رُطَباً وفي الرُّطَب شيء من البُسْر لم يحنث في قول أبي يوسف؛ لأن هذا الذي في الرطب لا يسمى بسراً. وأما في قول أبي حنيفة ومحمد فإنه يحنث. ¬

_ (¬1) ك - أن. (¬2) م: لم يكن. (¬3) ق: لحما. (¬4) ق: شحما. (¬5) ك ق: مخالطه. (¬6) ق: لا يشتر. (¬7) م: الشراء. (¬8) م: فإن حلف. (¬9) ق: إلا. (¬10) م: مدنيا. بسر مذنِّب بكسر النون، وقد ذَنَّبَ إذا بدا الإرطاب مِن قِبَل ذنبه. انظر: المغرب، "ذنب". (¬11) م - البسر. (¬12) م - هذا.

وإذا حلف الرجل أن لا يأكل من هذا العنب شيئاً فأكل منه بعدما صار زبيباً لم يحنث؛ لأنه ليس بعنب، قد خرج من ذلك الجنس ونسب إلى غيره. ولو حلف لا يأكل (¬1) جوزاً ولا نية له فأكل منه رَطْباً أو يابساً فإنه يحنث. وكذلك كل شيء من هذا الضرب مثل اللوز والجوز والفستق والتين وأشباه ذلك. وإذا حلف الرجل لا يأكل من الحُلو شيئاً ولا نية له فأي شيء ما أكل من الحلو فإنه يحنث من خَبِيص (¬2) أو سكر أو عسل (¬3) أو نَاطِف (¬4) أو أشباه ذلك. وإذا حلف الرجل لا يأكل خَبِيصاً فأكل منه رَطْباً أو يابساً حنث. وإذا حلف الرجل لا يأكل (¬5) شيئاً فأكره على ذلك الشيء حتى أكل منه فإنه يحنث، والمكره على هذا وغيره سواء. ولو استحلفه رجل وأكره حتى حلف لا يأكل شيئاً ثم أكل (¬6) بعد ذلك فإنه يحنث، والمكره على الأكل وغير المكره سواء. وإذا حلف الرجل لا يأكل شيئاً ثم أصابه مرض فأغمي عليه أو ذهب عقله فأكل منه فإنه يحنث. وكذلك لو أصابه لمم فأكل حنث، وعليه الكفارة؛ لأنه (¬7) حلف وهو صحيح. وإذا حلف الرجل وهو ذاهب العقل ثم أكل وهو صحيح (¬8) لم يحنث. وكذلك لو حلف وهو صغير ثم أكل بعدما ¬

_ (¬1) ك: ألا يأكل. (¬2) الخَبِيص نوع من الحلوى تعمل من التمر والسمن. انظر: لسان العرب، "خبص". (¬3) ك ق: أو عسل أو سكر. (¬4) الناطف نوع من الحلوى يسمى القُبَّيْطَى، سمي بذلك لأنه يَنْطِف أي يقطر قبل استغلاظه. انظر: المصباح المنير، "نطف". (¬5) ك: ألا يأكل. (¬6) ق - شيئاً ثم أكل. (¬7) م - لأنه. (¬8) م - وإذا حلف الرجل وهو ذاهب العقل ثم أكل وهو صحيح.

أدرك وكبر لم (¬1) يحنث، ولم يكن عليه الكفارة؛ لأن الحنث لم يجب عليه يوم حلف. ولو حلف وهو كافر ثم أسلم ثم حنث في يمينه لم يجب عليه شيء. وإذا حلف لا يأكل تمراً وليس له نية فأكل قَسْباً (¬2) لم يحنث. وكذلك لو أكل بُسْراً مطبوخاً. فإن كان نوى ذلك حين حلف فأكل منه فإنه يحنث. [قال أبو يعقوب: وقال محمد بن العنبر (¬3): قال عثمان: إن حلف بالفارسية لا يأكل تمراً فأكل قسباً فإنه يحنث؛ لأن القسب بالفارسية خشكيز] (¬4). وإذا حلف الرجل (¬5) لا يأكل تمراً فأكل رطباً لم يحنث، إلا أن يكون عنى ذلك فأكله حنث. وإن لم يكن له نية فإنما أضع اليمين في هذا على معاني كلام الناس. ¬

_ (¬1) م - لم. (¬2) القَسْب تمر يابس يتفتت في الفم، صلب النواة. انظر: المغرب، "قسب". (¬3) مهملة في ك م؛ ومهملة النون في ق. (¬4) م: خشكير؛ ق: حشكيز. وما بين المعقوفتين مذكور في النسخ كلها. ولم يذكر الحاكم ولا السرخسي هذه المسألة. وينبغي أن يكون الجواب في المسألة أنه لا يحنث. والتمر بالفارسية يسمى خُرْمَا. فالتسمية مختلفة أيضاً. ولم أجد كلمة خشكيز في المعاجم. لكن خُشْك بالفارسية بمعنى اليابس. والمقصود أن تسمية القسب مختلفة عن تسمية التمر في الفارسية أيضاً. ولم أهتد إلى معرفة الرجال المذكورين. أما أبو يعقوب فكنية أناس كثيرين. منهم القاضي يوسف بن الإمام أبي يوسف، وقد توفي سنة 192 هـ انظر: الجواهر المضية، 2/ 235. ولم أجد محمد بن العنبر. لكن الحسن بن محمد بن عنبر روى عن محمد بن سماعة عن محمد بن الحسن. انظر: تهذيب التهذيب، 9/ 181. فإن يكن هو ابن محمد بن العنبر المذكور في المتن فيكون محمد بن العنبر من طبقة تلاميذ الإمام محمد. وقد يكون محمد بن سواء بن عنبر السدوسي البصري الثقة المتوفى سنة 187 أو 189 هـ انظر: تهذيب التهذيب، 9/ 185. أما عثمان فقد يكون أحد تلامذة الإمام أبي حنيفة المغمورين، وقد ذكرهم الكردري. انظر: مناقب أبي حنيفة، 2/ 498 - 517. (¬5) ك - الرجل.

وإذا حلف الرجل لا يأكل طعاماً قد سماه بعينه فأدخله في فيه فمضغه ثم ألقاه من فيه ولم يدخل (¬1) في جوفه لم يحنث. ولو مضغه حتى يدخل في جوفه من مائه لم يحنث. ألا ترى أنه (¬2) لم يأكل، وأن الأكل ليس بالمضغ. ولو مصه فدخل (¬3) جوفه طعمه ولم يدخل منه غير ذلك لم يحنث؛ لأن هذا ليس بأكل. [قلت:] أرأيت لو غسله فشرب ماءه أكان أكل شيئاً، قال: لا. وإذا حلف الرجل لا يأكل حباً ولا نية له فأي الحب ما أكل من سمسم أو غيره فإنه يحنث؛ لأن كل شيء يقع عليه اسم الحب مما يأكل الناس فإنه يدخل في يمينه، ويقع عليه الحنث إذا أكله. فإن عنى شيئاً من ذلك بعينه أو سماه فإنه يحنث إن أكل ذلك، ولا يحنث إن أكل غيره. وإذا حلف الرجل أن لا يأكل عسلاً أو لبناً أو سويقًا فشرب شيئاً من ذلك شرباً فإنه لا يحنث. وكذلك كل شيء يؤكل ويشرب إذا حلف لا يأكله فشربه لم يحنث؛ لأن الشرب غير الأكل. وإذا حلف الرجل (¬4) لا يشرب فأكله لم يحنث؛ لأن الشرب غير الأكل. وإذا حلف الرجل لا يأكل خبزاً ولا نية له فأكل خبز الشعير فإنه يحنث؛ لأن خبز الشعير والحنطة في هذا سواء، وهو خبز كله. وإن أكل من سوى خبز الحنطة والشعير فإنه لا يحنث إلا أن يكون نوى ذلك، فإن نواه حنث. فإن (¬5) أكل جَوْزِينَج (¬6) أو أشباه ذلك لم يحنث إلا أن يكون نوى ذلك، فإن نواه حنث. وإن لم يكن له نية لم يحنث فيه؛ لأنه لا يسمى ¬

_ (¬1) م: ولم يدخله. (¬2) ق + لو. (¬3) ق: قد خل. (¬4) ق - الرجل. (¬5) ك ق: وإن. (¬6) أصله كَوْزِينَه بالفارسية. وهو ضرب من الحلاوة يصنع من الجوز. انظر: طلبة الطلبة للنسفي، 70؛ farsca-turkce lugat. " كوزينه"؛ والأصل (الأفغاني)، 3/ 255. ويظهر من المتن أن فيه شيئاً يشبه الخبز.

باب كفارة اليمين في الشرب في قول محمد

خبزاً. وإن حلف لا يأكل خبزاً فأكل خبز الأرز أو نحوه (¬1) من الذرة وغيرها فإن كان (¬2) من أهل بلدٍ ذلك (¬3) طعامُهم حنث. وإن كان من أهل الكوفة ونحوهم ممن لا يأكل ذلك عامتهم لم يحنث إلا أن ينوي ذلك. وإذا حلف الرجل لا يأكل تمراً فأكل حَيْساً (¬4) فإنه يحنث؛ لأن هذا هو التمر بعينه لم يغلب عليه شيء. وإن دخل (¬5) رجل على رجل فدعاه إلى الغداء فحلف أن لا يتغدى (¬6) بطلاق أو عتاق أو غيره ولا نية له ثم قام إلى أهله فتغدى هناك لم يحنث؛ لأن يمينه إنما وقعت جواباً لكلام الرجل. وكذلك لو قال: كل معي، فحلف لا يأكل معه. إنما يقع هذا جواب الكلام إلا أن ينوي غيره، فيكون ما نوى. ... باب كفارة اليمين (¬7) في الشرب في قول محمد وإذا حلف الرجل لا يشرب شراباً ولا نية له فأي شراب شرب من الماء وغيره فإنه يحنث. وإن كان سمى شراباً بعينه فشرب غيره لم يحنث. وكذلك لو نوى شراباً بعينه فحلف على ذلك بعتق أو طلاق ولم ¬

_ (¬1) م ق: ونحوه. (¬2) م: فإن أكل. (¬3) جميع النسخ: وذلك. والتصحيح من ط؛ والكافي، 1/ 120 و؛ والمبسوط، 8/ 186. (¬4) الحيس تمر يخلط بسمن وأقط ثم يُدلَك حتى يختلط. انظر: المغرب، "حيس". (¬5) جميع النسخ: وإن حلف. والتصحيح من ط؛ والكافي، 1/ 120 و؛ والمبسوط، 8/ 186. (¬6) ق: لا يتغذا. (¬7) م: باب الكفارة في اليمين.

يسم الشراب فشرب غير الذي نوى فإنه يُدَيَّن ويسعه فيما بينه وبين الله تعالى، ولا يُدَّين في القضاء. وإذا حلف الرجل (¬1) لا يشرب نبيذاً ولا نية له فأي نبيذ شرب فإنه يحنث. والأنبذة في ذلك كلها سواء. وإذا حلف الرجل لا يشرب (¬2) لبناً (¬3) أبداً ولا نية له فأي لبن شرب من ألبان الإبل أو البقر أو الغنم (¬4) حنث. وإن صُبَّ لبن في ماء فشرب منه فإن كان اللبن غالباً على الماء يوجد طعمه ويُرَى فيه فهذا لبن، وهو يحنث إن شرب. وإن كان الماء هو الغالب حتى لا يرى (¬5) اللبن (¬6) فيه ولا يوجد طعمه فإنه لا يحنث. ألا ترى أن هذا ماء. ولو أن رجلاً حلف لا يشرب ماء فشرب نبيذاً لم يحنث وفي النبيذ ماء؛ لأن الماء هاهنا قد تغير. ولو حلف رجل لا يشرب لبناً أو عسلاً فأَوْجَرَ ذلك وجوراً (¬7) لم يحنث؛ لأنه لم يشرب. وكذلك لو صُبَّ في حلقه وهو كاره. فإذا حلف الرجل لا يشرب نبيذاً فشرب سَكَراً (¬8) لم يحنث؛ لأن هذا ليس بنبيذ. ولا ينبغي له أن يشرب السَّكَر، وإثمه أعظم من الحنث والكفارة. ولو شرب بُخْتُجاً (¬9) لم يحنث؛ لأنه ليس بنبيذ. ولو شرب عصيراً لم يحنث؛ لأن هذا ليس بنبيذ. وإنما يقع هذا على ما يسمى نبيذاً. وإذا حلف الرجل لا يشرب مع فلان شراباً فشربا في مجلس واحد من شراب واحد فإنه يحنث وإن كان الإناء الذي يشربان فيه مختلفاً؛ لأن ¬

_ (¬1) ك ق - الرجل. (¬2) ق: لا يشر. (¬3) ق - لبنا. (¬4) ق: والبقر والغنم. (¬5) ق: لا ير. (¬6) ك: اللين. (¬7) م: فأوجز ذلك وجوزا. (¬8) السَّكَر بفتحتين عصير الرطب إذا اشتد. انظر: المغرب، "سكر". (¬9) البختج هو العصير المطبوخ، وعن خُوَاهَرْ زاده: هو اسم لما حمل على النار وطبخ إلى الثلث. انظر: المغرب، "بختج"؛ ولسان العرب، "بختج".

الشراب (¬1) هكذا يكون وان اختلفت آنيتهم. ألا ترى أنه يقال: فلان يشرب مع فلان. فإن شرب الحالف من شراب وشرب الآخر من شراب غيره وقد ضمهما (¬2) مجلس واحد فإنه يحنث؛ لأنه قد شرب مع فلان إلا أن يكون نوى حين حلف من شراب واحد. ألا ترى أنه لو قال: لا آكل مع فلان طعاماً أبداً، فأكلا على مائدة واحدة من طعام مختلف حنث. وإذا حلف الرجل لا يذوق شراباً ولا نية له فذاقه بلسانه ولم يدخل جوفه منه شيئاً فإنه يحنث. والذوق ما أدخل فمه يريد أن يعلم ما طعمه إلا أن يكون عنى أن يدخله جوفه. وإذا حلف الرجل لا يشرب شراباً فمضغ رمانة أو شبهها فمص ماءه ثم ألقى ما بقي لم يحنث؛ لأن هذا ليس بشراب. وكذلك لو حلف أن لا يأكله لم يحنث؛ لأن هذا ليس بأكل. وإذا حلف الرجل لا يشرب الماء ولا نية له فشرب من الماء شيئاً قليلاً أو كثيراً حنث. وكذلك لو حلف أن لا يأكل الطعام فأكل منه شيئاً يسيراً حنث. وإنما معنى اليمين هاهنا أن يأكل منه شيئاً. وإن كان حين حلف إنما عنى الماء كله أو الطعام كله لم يحنث أبداً؛ لأنه لا يستطيع أن يشرب الماء كله ولا يأكل الطعام كله. وكذلك لو قال: لا أشرب شراب فلان ولا آكل طعام فلان. ألا ترى أنه لو قال: لا أذوق الماء، حنث إذا ذاق (¬3) بعضه، إلا أن يكون عنى أن لا يشربه كله فإنه لا يحنث. وإذا حلف الرجل لا يشرب شراباً فأكل عسلاً أو لبناً لم يحنث، وإن شرب واحداً منهما حنث؛ لأنه يسمي الشراب، فلا يقع ذلك إلا على ما يُشرَب (¬4). ولو حلف أن لا يذوق شراباً وهو يعني أن لا يشرب النبيذ خاصة ¬

_ (¬1) ك ق: الشرب. (¬2) ق: ضمها. (¬3) م: إذا ضاق. (¬4) م: ما شرب.

باب الكفارة في اليمين في الكسوة

فأكله أكلاً لم يحنث؛ لأنه قال: لا أذوق شراباً، إلا أن يكون عنى ذلك؛ لأنه قال: شراب. ولو حلف لا يذوق لبناً ولم يقل: أشرب، ولم يكن له نية فإن أكل منه حنث، وإن شرب منه حنث؛ لأنه قد ذاقه في الوجهين جميعاً. فإذا حلف الرجل لا يشرب الطَّلاء (¬1) ولا نية له فشرب شيئاً يقع عليه اسم الطَّلاء فإنه يحنث. فإذا حلف الرجل أن لا يشرب من دجلة ولا نية له فغرف منها بقدح ثم شرب من القدح فإن أبا حنيفة قال: لا يحنث إلا أن يضع فاه في دجلة بعينها (¬2) فيشرب منها. وقال أبو يوسف ومحمد: يحنث. وكذلك لو استقى من ماء دجلة فجعل في إناء ثم صب في قدح فشرب منه فإنه يحنث في قول أبي يوسف ومحمد، ولا يحنث في قول أبي حنيفة. وقياس هذا في قول أبي يوسف ومحمد كل إناء لا يضعه الرجل على فيه (¬3) فيشرب منه، فإنما المعنى فيه أن يأخذ منه فيشرب منه كما يشرب الناس. ألا ترى أنه لو حلف لا يشرب من هذا الحُبّ (¬4) فاغترف منه بقدح فشرب أنه يحنث؛ لأن معنى الكلام هذا. ... باب الكفارة في اليمين في الكسوة وإذا حلف الرجل لا يشتري ثوباً ولا نية له (¬5) فاشترى كساء خَزّ (¬6) أو طيلساناً أو ثوباً من البياض أو الوشي أو غيره فإنه يحنث. وكذلك (¬7) لو ¬

_ (¬1) الطلاء ما طبخ من عصير العنب حتى ذهب ثلثاه. انظر: لسان العرب، "طلى". (¬2) ك ق: نفسها. (¬3) م: في فيه. (¬4) م: الجب. (¬5) ك - له. (¬6) الخز ثوب من صوف وحرير، أو من حرير خالص. انظر: لسان العرب، "خزز". (¬7) م: وكذا.

اشترى فرواً أو قباءً أو قميصاً. ولو اشترى (¬1) مِسْحاً (¬2) أو بساطاً لم يحنث. إنما أضع هذا على ما يلبس الناس، ولا أضعه على البُسُط. ولو اشترى قلنسوة لم يحنث؛ لأن هذا ليس بثوب. ولو اشترى خرقة لا تكون (¬3) نصف ثوب لم يحنث. فإن اشترى أكثر من نصف ثوب حنث؛ لأنه يسمى ثوباً. ولو اشترى ثوباً صغيراً حنث. ولو حلف لا يلبس ثوباً ولا نية له كان مثل هذا سواء. ولو سمى ثوباً بعينه فلبس منه طائفة تكون أكثر من نصفه حنث. ولو حلف لا يلبس ثوباً بعينه فقطعه قباءً أو قميصاً أو جبة فحشاها فلبسها فإنه يحنث. ولو حلف لا يلبس ثوباً وهو يعني من المَرْوِيّ (¬4) فلبس من غيره ثوباً لم يحنث فيما بينه وبين الله تعالى. وأما (¬5) في القضاء فلا يدين، وهو له لازم عتقاً كان أو طلاقاً. ولو حلف على قميص لا يلبسه أبداً فجعله قباء فلبسه أو حلف على قباء لا يلبسه فجعله قميصاً أو جبة محشوّة فلبسها ولا نية له حين حلف لم يحنث؛ لأنه قد تغير وخرج من ذلك الجنس. ولو كان (¬6) نوى لا يلبسه على حال حنث. وإذا حلف الرجل أن (¬7) لا يلبس ثوباً مسمى وهو لابسه ولا نية له فتركه بعد الحلف عليه ساعة أو يوماً فإنه يحنث؛ لأنه قد لبسه. وإن كان نوى حين حلف لبساً مستقبلاً بعد أن ينزعه لم يحنث إلا أن يفعل ذلك. ولو حلف على ذلك بعتق أو طلاق ونوى ذلك لم يدين في القضاء، ولكن يدين فيما بينه وبين الله تعالى. ¬

_ (¬1) ق: اشتر. (¬2) المسح الكساء من الشعر. انظر: لسان العرب، "مسح". (¬3) م - لا تكون، صح هـ. (¬4) ق: من الروي. (¬5) ك ق: فأما. (¬6) ك - كان. (¬7) ك - أن.

وإذا حلف الرجل لا يلبس من غزل فلانة شيئاً وليست له نية فلبس ثوباً قد غزلته حنث؛ لأن لبس الغزل (¬1) [هكذا يكون] (¬2). وإن عنى لبس الغزل (¬3) بعينه قبل أن ينسج ثوباً فإنه لا يحنث إذا لبسه ثوباً. وإذا حلف الرجل لا يلبس ثوباً من غزل فلانة فلبس ثوباً من غزلها وغزل أخرى فإنه لا يحنث؛ لأن الثوب كله ليس من غزلها إذا شركته الأخرى فيه. وكذلك لو حلف لا يلبس ثوباً من نسج فلان. وكذلك لو حلف لا يلبس ثوباً من شرى فلان فاشترى معه آخر لم يحنث. وكل شيء من هذا يشرك المحلوف عليه آخر فإن الحالف لا يحنث. وإذا حلف الرجل على ثوب أن لا يلبسه فقطعه قميصاً أو قباء فلبسه فإنه يحنث؛ لأنه قد لبس ذلك الثوب ولم يغيره هذا ويخرجه من أن يكون ثوباً، فهو ثوب بَعْدُ وإن كان مقطعاً. وإذا حلف الرجل لا يلبس خزاً ولا نية له فلبس ثوباً من هذه الثياب التي تسميها (¬4) الناس الخز فإنه يحنث؛ لأنه هو خز عند الناس وإن لم يكن خالصاً (¬5). واذا حلف الرجل (¬6) لا يلبس ثوباً حريراً ولا ثوب إبريسم ولا نية له فلبس ثوب خز سَدَاه إبريسم أو حرير لم يحنث. وإنما تقع (¬7) اليمين هاهنا إن لبس ثوب حرير كله أو إبريسم كله. ألا ترى أنه لو لبس ثوباً عَلَمُه إبريسم أو حرير لم يحنث، ولو لبس ثوباً مُلْحَماً لُحْمَتُه إبريسم أو حرير حنث. وإن كان حين حلف لا يلبس حريراً ولا إبريسماً ينوي سَدَى الثوب ولُحْمَتَه وعَلَمَه فلبس ثوباً سَدَاه أو عَلَمُه أو لُحْمَتُه إبريسم حنث. وإذا حلف الرجل لا يلبس قطناً ولا نية له فلبس ثوب قطن فإنه ¬

_ (¬1) ك - لأن لبس الغزل. (¬2) من الكافي، 1/ 120 ظ؛ والمشوط، 9/ 2. (¬3) م - وإن عنى لبس الغزل. (¬4) م: تسميه. (¬5) تقدم تفسير الخز قريباً. (¬6) م ق - الرجل. (¬7) ك ق: يقع.

يحنث. ولو لبس قباء ليس بقطن وهو محشو بقطن لم يحنث. إنما أضع اليمين هاهنا على ثوب من قطن إلا أن يعني الحشو. وكذلك لو حلف لا يلبس (¬1) ثوباً من كتان فلبس ثوباً (¬2) من قطن وكتان لم يحنث؛ لأنه لم يلبس ما حلف عليه. ألا ترى أنك تقول: هذا الثوب قطن وكتان، ولا تنسبه إلى أحدهما دون صاحبه، والخز قد تنسبه إلى الخز دون الإبريسم. وإذا حلف الرجل لا يلبس ثوب كتان فلبس ثوباً (¬3) من قطن وكتان لم يحنث؛ لأن هذا ليس بكتان كما قال. ألا ترى أنه لا ينسب إلى كتان، وليس هذا كالخز. الخز ينسب إلى الخز، ولا ينسب إلى ما فيه من الإبريسم والحرير. فإذا حلف الرجل أن لا يلبس ذلك القطن لقطن بعينه فجعل ذلك القطن ثوباً ولم يكن له نية حين حلف فإنه يحنث إن لبس الثوب؛ لأن القطن لا يلبس إلا هكذا. وإذا حلف لا يلبس ثوباً قد سماه بعينه فاتَّزَرَ به أو تَرَدَّى به أو اشتمل به فإنه يحنث في أي ذلك ما صنع؛ لأن هذا لبس. وإذا حلف أن لا يلبس هذا القميص وليست له نية فاتزر به أو تردى به حنث. وإن قال: لا ألبس قميصاً، وليست له نية فارتدى به أو اتزر به لم يحنث. وإنما أضع هذا على أن يلبسه كما يلبس القميص. وعلى هذا معاني كلام الناس عندنا، وأدع القياس فيه. ألا ترى أنه لو قال: ما لبست اليوم قميصاً، كان صادقاً. وكذلك القباء. أرأيت لو حلف لا يلبس درعاً (¬4) حريراً فوضعه على عنقه (¬5) كان هذا لابساً له. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا سمى ¬

_ (¬1) ك: ألا يلبس. (¬2) ق - من كتان فلبس ثوبا. (¬3) ق: ثوب. (¬4) دِرْع المرأة ما تلبسه فوق القميص، وعن الحلوائي: هو ما جيبه إلى الصدر. انظر: المغرب، "درع". (¬5) م: على عاتقه.

لا يلبس (¬1) هذا القميص بعينه أو هذا القباء فاتزر به أو تردى حنث؛ لأنه قد لبسه. وإذا حلف الرجل لا يلبس قميصاً فلبس قميصاً (¬2) ليس (¬3) له كُمَّان ولم يكن له نية حين حلف فإنه يحنث. ألا ترى أنه قميص وإن لم يكن له كُمَّان. وكذلك الدرع (¬4). ألا ترى أن الرجل قد يشتري الكُمَّيْن للدرع (¬5) وليس للدرع (¬6) كُمَّان بَعْدُ، وإنما ينسب إلى البدن. وإذا حلف (¬7) لا يلبس ثوباً فوضعه على عنقه يريد بذلك الحمل لا يريد اللبس لم يحنث؛ لأنه إنما حمل ولم يلبس. وإذا حلف الرجل لا يلبس ثوباً فألبسه إياه رجل وهو مكره لم يحنث؛ لأنه لم يلبس إنما أُلْبِسَ (¬8). وإذا حلف الرجل لا يلبس ثوباً وهو ينوي ثوباً (¬9) من الثياب خاصة فلبس غير ذلك فإنه يسعه فيما بينه وبين الله تعالى. ولو حلف رجل بعتق أو طلاق لم يدين في القضاء. وإذا حلف الرجل لا يلبس ولم يقل: ثوباً، وهو ينوي نوعاً من الثياب خاصة فلبس غيره فإنه يحنث مِن قِبَلِ أنه لم يسم شيئاً. وكذلك لو حلف لا يأكل وهو ينوي نوعاً من الطعام أو حلف لا يشرب وهو ينوي نوعاً من الشراب وليس له في شيء من هذا تسمية (¬10) فإنه يحنث؛ لأنه لم يسم شيئاً. وإذا حلف الرجل لا يلبس ثوب فلان هذا الثوب بعينه وهو ينوي ما ¬

_ (¬1) ق - درعا حريرا فوضعه على عنقه كان هذا لابسا له وقال أبو يوسف ومحمد إذا سمى لا يلبس. (¬2) ق - فلبس قميصا. (¬3) م - ليس، صح هـ. (¬4) ق: الذرع. (¬5) ق: للذرع. (¬6) ق: للذرع. (¬7) م ق: ولو حلف. (¬8) م: اللبس. (¬9) ق - وهو ينوي ثوبا. (¬10) م: نية.

دام في ملكه فباعه فلبسه الذي حلف عليه بعد ذلك لم يحنث. وإن لم يكن له نية فلبسه بعدما باعه فإنه لا يحنث أيضاً في قول أبي حنيفة وأبي يوسف، ويحنث في قول محمد. وإذا حلف الرجل لا يلبس من ثياب فلان شيئاً وهو يعني (¬1) ما عنده فاشترى فلان ثياباً فلبس منها ثوباً فإنه لا يحنث. ولو اشترى منه ثوباً فلبسه لم يحنث؛ لأنه قد خرج من ملك فلان في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وكذلك لو اشتراه غيره منه. وكذلك إن وهبه فلان لغيره وقبضه الموهوب له ثم لبسه الحالف لم يحنث. وكذلك لو لبس ثوباً لفلان ولآخر لم يحنث؛ لأنه ليس لفلان كله. وإذا حلف الرجل لا يكسو فلاناً شيئاً ولا نية له فكساه قلنسوة أو خفين أو جوربين أو نعلين حنث؛ لأنه مما يكسى. ولو حلف رجل لا يكسو فلاناً ثوباً فأعطاه دراهم ليشتري بها ثوباً لم يحنث؛ لأن هذا لم يكسه، إنما وهب له دراهم. ولو أرسل إليه بثوب كسوة حنث؛ لأنه قد كساه. ولو كان حين حلف أن لا يكسوه ثوباً نوى لا يعطيه بيده إلى يده لم يحنث. وإذا حلف الرجل لا يلبس سلاحاً أبداً ولا نية له فتقلّد سيفاً أو تنكب (¬2) قوساً أو تُرْساً لم يحنث؛ لأنه قال: لا ألبس سلاحًا، فلا يحنث حتى يلبس (¬3) كما قال. ولو لبس (¬4) درع حديد ولم يكن معه غيره حنث؛ لأن هذا قد لبس السلاح. ولو حلف لا يلبس درعاً ولا نية له فلبس درعاً من حديد أو درع امرأة فأي ذلك ما لبس فإنه يحنث. فإن كان نوى حين حلف لبس الحديد دون ما سواه لم يحنث إلا فيه. وإن كان نوى درع النساء دون درع (¬5) الحديد لم يحنث إلا فيها. ¬

_ (¬1) ق: ينوي. (¬2) تنكّب القوس: ألقاها على منكبه. انظر: المغرب، "نكب". (¬3) م - حتى يلبس، صح هـ. (¬4) م: ولبس. (¬5) ك ق - درع.

باب الكفارة في الوفاء في اليمين

وإذا حلف الرجل لا يلبس شيئاً ولا نية له فلبس درع حديد أو درع امرأة أو خفين أو نعلين أو قلنسوة فإنه يحنث في أي ذلك ما لبس؛ لأنه حلف لا يلبس شيئاً، فكل (¬1) شيء وقع عليه اسم الشيء واسم لبس (¬2) فإنه يحنث إذا لبسه وتجب عليه الكفارة. ... باب الكفارة في الوفاء في اليمين وإذا حلف الرجل ليقضين فلاناً ماله رأس الشهر ولا نية له فله الليلة التي يُهِلُّ فيها الهلال ويومها ذلك كله. ألا ترى أنك تقول: اليوم (¬3) رأس الشهر، وإنما أَهَلَّ البارحة. وإذا حلف الرجل للرجل ليعطينه حقه صلاة الظهر فله وقت الظهر كله. فإذا ذهب وقت الظهر قبل أن يعطيه وقع عليه الحنث. وكذلك إذا غابت الشمس من اليوم الذي سمى (¬4) رأس الشهر قبل أن يعطيه فإنه يحنث. وإذا حلف ليعطينه عند طلوع الشمس فله من (¬5) حين تطلع الشمس إلى أن تبيض. وإذا حلف ليعطينه يوم كذا وكذا (¬6) فله ذلك اليوم كله، فإذا غابت الشمس قبل أن يعطيه حنث. وإذا حلف ليعطينه ماله رأس الشهر فأعطاه قبل ذلك أو وهبه له الطالب أو أبرأه منه قبل الهلال وجاء الهلال وليس عليه شيء فإنه لا يحنث في قول أبي حنيفة ومحمد، ويحنث في قول أبي يوسف. وكذلك لو مات المطلوب وبقي الطالب فإنه لا يحنث؛ لأنه قد مات قبل أن تمضي (¬7) المدة. ألا ترى أنه لو أعطاه فيما بقي من الشهر لم يحنث. وكذلك لو حلف على هذا بعتق أو طلاق. وكذلك لو أن المطلوب قضى ذلك إلى وكيل ¬

_ (¬1) م: وكل. (¬2) م: واسم الشي. (¬3) م - اليوم. (¬4) م: سماه. (¬5) ق - من. (¬6) ك ق: كذا أو كذا. (¬7) ق: قبل مضي.

الطالب بر ولم (¬1) يحنث. ولو حلف لا يعطيه حتى يأذن له فلان فمات فلان أو لا يكلمه حتى يأذن له فلان فمات فلان قبل أن يأذن له ثم كلمه أو أعطاه حقه لم يحنث؛ لأن فلاناً قد مات وانقطع إذنه في الإعطاء (¬2) والكلام. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وفيها قول آخر غير هذا: إنه يحنث. وهو قول أبي يوسف: إذا كلمه أو أعطاه وإن كان فلان (¬3) قد مات قبل أن يأذن له فإنه على يمينه. وإذا حلف الرجل ليأكلن طعاماً سماه غداً أو ليلبسن (¬4) ثوباً قد سماه غداً فاحترق ذلك الطعام أو ذلك (¬5) الثوب قبل أن يجيء غد لم يحنث؛ لأنه قد بقي من مدته ووقته شيء. وقال أبو يوسف وزفر: يحنث إذا مضى الغد. واذا حلف الرجل ليضربن فلاناً أو ليعطين فلاناً ما له عليه أو ليكلمن فلاناً في (¬6) كذا وكذا ولم يوقت لذلك وقتاً فمات المحلوف عليه قبل أن يفعل أو الحالف فإن الحنث قد وقع على الحالف؛ لأنه لم يفعل ذلك. واذا حلف ليعطين فلاناً ما له وفلان قد مات قبل ذلك وهو لا يعلم لم يكن عليه حنث. وكذلك لو حلف ليضربن فلاناً أو ليكلمن فلاناً أو ليقتلن (¬7) فلاناً. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وفيها قول آخر: إنه يحنث في ذلك علم أو لم يعلم. وهو قول أبي يوسف وزفر. وإذا حلف ليشربن هذا الماء الذي في هذا الكوز فنظر فإذا ليس في الكوز ماء لم يحنث (¬8). وكذلك لو حلف بالعتق أو بالطلاق على هذا الأمر؛ لأنه لم يحلف على شيء. ألا ترى أنه لو حلف ليكلمن هذا الرجل ¬

_ (¬1) ق + ولم. (¬2) م: بالاعطاء. (¬3) م: فلانا. (¬4) م: وليلبسن. (¬5) م ق - ذلك. (¬6) م - في، صح هـ. (¬7) ق: أو لتقتلن. (¬8) م - وإذا حلف ليشربن هذا الماء الذي في هذا الكوز فنظر فإذا ليس في الكوز ماء لم يحنث.

وأشار بيده إلى رجل فإذا هو لا شيء لم يحنث في قول أبي حنيفة (¬1) ومحمد. ويحنث في قول أبي يوسف وزفر في (¬2) هذا كله. وإذا حلف بطلاق امرأته ليأتين البصرة ولم يوقت لذلك وقتاً فمات قبل أن يأتيها كان الطلاق يقع على امرأته. فإن كان دخل بها فلها الميراث؛ لأن الطلاق قد وقع عليها قبل الوقت وهو فارّ، والعدة عليها أبعد الأجلين: أربعة أشهر وعشر تستكمل (¬3) فيها ثلاث حِيَض. وإن لم يكن دخل بها فلا عدة عليها ولا ميراث لها؛ لأنه قد حنث ووقع الطلاق عليها حيث مات ولم يأت البصرة. وقال أبو يوسف في المسألة الأولى: عليها العدة بالحيض وليس عليها الشهور. ولو بقي الرجل لم يمت فماتت امرأته كان له الميراث منها؛ لأن الحنث والطلاق لم يقع عليها بَعْدُ. ألا ترى أنه يقدر أن يأتي البصرة. وكذلك لو حلف بعتق عبده أو بيمين غير ذلك فمات قبل أن يقع وقع الحنث عليه. ولو حلف بطلاق امرأته ثلاثاً إن لم تأت امرأته البصرة ولم يوقت لذلك وقتاً فماتت قبل أن تأتيها (¬4) وقع عليها الطلاق قبل أن تموت ولا ميراث للزوج. ولو مات الزوج وبقيت المرأة لم يقع عليها الطلاق وكان لها الميراث؛ لأنها قد تقدر على أن تأتي (¬5) البصرة. وفي المسألة الأولى قد ماتت ولم تأت البصرة فوقع الحنث عليها. وكذلك كل شيء حلف عليه الرجل ليفعلنه ولم يوقت فيه وقتاً فمات قبل أن يفعله وجب عليه الحنث. ولو حلف رجل بعتق كل مملوك له أن لا يكلم فلاناً وليس له مملوك يومئذ ثم اشترى رقيقاً ثم كلم فلاناً لم يقع عليهم العتق؛ لأنه لم يحلف يوم حلف وهم عنده. وإن (¬6) كان له رقيق ثم حلف ثم باعهم ثم كلم فلاناً ¬

_ (¬1) م - حنيفة، صح هـ. (¬2) م - في. (¬3) ق: يستكمل. (¬4) ق: أن يأتيها. (¬5) ق: أن يأتي. (¬6) ق: ولو.

وهم ليسوا في ملكه لم يقع عليهم العتق، لأنه قد حنث وهم في غير ملكه. ولو قال: إذا كلمت فلاناً فكل مملوك لي يوم أكلمه حر، ثم اشترى رقيقاً ثم كلمه وهم عنده عتقوا. وكذلك لو قال: يوم أكلم فلاناً فكل مملوك لي (¬1) حر. ولو قال: إذا كلمت فلاناً فكل مملوك أملكه حر، ثم ملك رقيقاً ثم كلمه لم يعتقوا. ولو ملك رقيقاً بعدما كلمه لم يعتقوا؛ لأنه إنما ملكهم بعد كلامه. فليس يعتق إلا ما كان في ملكه يوم حلف. ولو قال: إذا كلمت فلاناً فكل مملوك لي حر، وله رقيق عبيد وإماء ومكاتبون ومدبرون وأمهات أولاد له ثم كلمه عتق هؤلاء كلهم غير المكاتبين، فإنهم لا يعتقون. وإن قال: عنيت الرجال دون النساء، فإنه يصدق فيما بينه وبين الله تعالى، ولا يصدق في القضاء. ولو قال: لم أعن المدبر في ذلك، لم يدين فيما بينه وبين الله تعالى ولا يصدق في القضاء. ولو لم يكن له نية لم يعتق مكاتبوه في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولو قال: كل مملوك أشتريه حر يوم أكلم فلاناً، ثم اشترى رقيقاً ثم كلم فلاناً ثم اشترى آخرين بعد أولئك عتق الأولون الذين اشتراهم قبل كلام فلان، ولم يعتق الذين اشتراهم بعد كلام فلان. ألا ترى أنه إنما وقع العتق على الأولين. وكذلك الطلاق في جميع ما ذكرت في هذه الأيمان فهو في وقوعه والعتق سواء. فإذا حلف الرجل بعتق عبده إن لم يكلم فلاناً فمات الحالف ولم يكلمه ولا مال له غير العبد فإن العبد يعتق ويسعى في ثلثي قيمته، لأن العتق وقع عند الموت. ولو مات المحلوف عليه وبقي الحالف عتق العبد ولم يسع في شيء. ¬

_ (¬1) م - يوم أكلمه حر ثم اشترى رقيقا ثم كلمه وهم عنده عتقوا وكذلك لو قال يوم أكلم فلانا فكل مملوك لي.

ولو قال رجل لامرأته: أنت طالق ثلاثاً إن كلمت فلاناً، ثم طلقها واحدة بائنة ثم كلمت فلاناً فإن كلمته وهي في عدتها وقع عليها ثلاث تطليقات، وإن كلمته بعدما انقضت العدة لم يقع عليها شيء. وإذا قال الرجل لامرأته: إذا حلفت بطلاقك فأنت طالق، إذا حلفت بطلاقك فأنت طالق، فقد حلف بطلاقها في المرة الثانية، فيقع عليها التطليقة الأولى. وإن قال: إذا حلفت بطلاقك فعبدي حر، وقال لعبده: إذا حلفت بعتقك فامرأتي طالق، فقد حلف بطلاق امرأته وقد وقع العتق على عبده. وإذا حلف الرجل لا يطلق امرأته ولم يكن له نية فأمر رجلاً فطلقها (¬1) أو جعل أمرها في يديها فطلقت نفسها أو خلعها أو قال لها: أنت مني بائن، ينوي الطلاق فهذا طلاق كله يقع به الحنث. فإن كان حين حلف ينوي أن لا يتكلم بالطلاق بلسانه لا ينوي إلا ذلك فأمر رجلاً فطلقها أو جعل أمرها إليها فطلقت نفسها فإنه لا يقع عليه الحنث فيما بينه وبين الله تعالى. واذا حلف الرجل لا يعتق (¬2) عبده فأمر رجلاً فأعتقه أو قال: أنت حر إن فعلت كذا وكذا، ففعل ذلك فإن العبد يعتق، ويقع الحنث على مولاه؛ لأنه هو أعتقه حيث قال ما قال. وكذلك لو حلف أن لا يطلق امرأته ثم قال: أنت طالق إن دخلت الدار، فدخلت (¬3) الدار وقع الطلاق عليها، ووقع عليه الحنث. ولو قال: إن دخلت الدار فأنت طالق، ثم حلف بالله أن لا يطلقها ثم دخلت الدار وقع عليها الطلاق، ولا يقع على زوجها الحنث في القضاء؛ لأنه لم يجعلها طالقاً (¬4) بعدما حلف، إنما جعلها قبل أن يحلف. ولو حلف لا يبيع عبداً ولا متاعاً ولا نية له فأمر غيره فباعه لم ¬

_ (¬1) ق: فطقها. (¬2) ق: لا عتق. (¬3) م: فدخل. (¬4) م: طلاقا.

يحنث؛ لأن الذي باعه هو البائع. وكذلك لو حلف لا يشتري متاعاً أو عبداً فأمر غيره فاشترى له. ألا ترى أن الخصم في هذا إذا وجد عيباً المشتري (¬1)، وليس الآمر من الخصومة في شيء. وكذلك إذا أمره فباعه فالخصومة للبائع. ولو حلف لا يتزوج امرأة فأمر غيره فزوجه حنث؛ لأنه قد تزوج. ألا ترى أنك تقول: تزوج فلان، للزوج، ولا تستطيع أن تنسب (¬2) ذلك إلى الذي خاطب عنه وزوّجه (¬3)، وقد تقول (¬4): اشترى فلان لفلان متاعاً أو عبداً أو باع فلان لفلان عبداً أو متاعاً. وإذا حلف الرجل لا يشتري عبداً وهو ينوي أن لا يأمر غيره فيشتري له فأمر غيره فاشترى له حنث؛ لأنه قد نوى ذلك. وكذلك إذا حلف (¬5) لا يبيع وهو ينوي أن لا يأمر غيره فأمر غيره (¬6) فباع فإنه يحنث؛ لأنه قد نوى ذلك. وإذا قال الرجل: كل امرأة يتزوجها إلى ثلاثين سنة طالق ثلاثاً إن كلم فلاناً، فكلم فلاناً وقد تزوج امرأة قبل كلامه بعد الحلف وامرأة (¬7) بعد كلامه فإن الطلاق (¬8) يقع عليهما جميعاً، ويقع على كل شيء تزوج منذ حلف إلى أن تمضي هذه المدة. ولو كان قال: إن كلمت فلاناً فكل امرأة أتزوجها إلى ثلاثين سنة فهي طالق ثلاثاً، فتزوج امرأة بعد اليمين ثم كلمه لم يقع عليها الطلاق. وإن تزوج امرأة (¬9) بعد الكلام إلى ثلاثين سنة وقع عليها الطلاق. وهذا مخالف للباب الأول، إنما يقع يمينه بعد الكلام، والباب الأول يقع يمينه على ما تزوج منذ (¬10) حلف إلى ثلاثين سنة بعد ¬

_ (¬1) م: للمشتري. (¬2) ق: يستطيع أن ينسب. (¬3) م: خطب عليه زوجه؛ ق + عليه زوجه. (¬4) ق: يقول. (¬5) م: لو حلف. (¬6) ق - فأمر غيره. (¬7) م: وامره. (¬8) ق: الطلا. (¬9) م - امرأة. (¬10) م - تزوج منذ.

الكلام وقبل (¬1). ولو قال: إن كلمت فلاناً فكل امرأة أتزوجها طالق ثلاثاً، كان كما قال، ولا يقع على ما تزوج قبل كلامه. وإن كان قدم الحلف ثم كلم فلاناً وقع الطلاق. ولو تزوج قبل الكلام لم يقع الطلاق. وكذلك العتاق في هذا كله. وكل امرأة تزوجها قبل الحلف في جميع ذلك لم يقع عليها شيء، إنما يقع (¬2) على ما يتزوج (¬3) بعد كلامه إذا بدأ فقال: إن كلمت فلاناً. ولو قال: كل امرأة أتزوجها طالق ثلاثاً إن كلمت فلاناً، فتزوج بعد اليمين والكلام حنث، ولا يحنث فيما سوى ذلك. وكذلك العتق. وإذا وقع الحنث في امرأة فتزوجها زوج غيره ودخل بها ثم فارقها وانقضت عدتها ثم تزوجها الحالف لم يحنث فيها مرة أخرى، ولا يقع عليها الطلاق. وإذا حلف الرجل لا يبيع لرجل شيئاً قد سمى بعينه فباعه لآخر (¬4) طلب ذلك إليه لم يحنث. وكذلك لو حلف لا يشتري لفلان شيئاً فأمره آخر فاشترى له والآمر ينوي أنه لفلان المحلوف عليه فإن الحالف لا يحنث؛ لأنه (¬5) إنما اشتراه للذي أمره. وكذلك إن باع للذي أمره (¬6). وكذلك إن باع لنفسه أو اشترى لنفسه. وإذا حلف الرجل لا يشتري عبداً بعينه فاشتراه هو وآخر (¬7) ذلك العبد ¬

_ (¬1) م: وقيل. (¬2) جميع النسخ - عليها شيء إنما يقع، لنا صح هـ. وكذلك صح في ط. (¬3) ق: ما يزوج. (¬4) م: الاخر. (¬5) م - لأنه. (¬6) م + وكذلك إن باع للذي أمره؛ ق - وكذلك إن باع للذي أمره. (¬7) م: واجر.

فإنه لا يحنث، لأنه لم يشتره كله، إنما اشترى نصفه. وإذا حلف رجل لا يهب لفلان هبة فتصدق عليه بصدقة لم يحنث؛ لأن الصدقة غير الهبة. ألا ترى أنه لا يرجع في الصدقة. ولو حلف لا يهب له فوهب له هبة ولم يدفعها إليه ولم يقبض فإن الحالف يحنث، إلا أن يكون نوى حين حلف هبة مقبوضة فلا يحنث حتى تكون هبة (¬1) مقبوضة. ولو حلف لا يهب له هبة فوهب له هبة غير مقسومة وليست له نية حنث؛ لأنها هبة. وكذلك لو أَعْمَرَه عُمْرَى وقبضها أو نَحَلَه نُحْلَى وقبضه أو أعطاه عطية فقبضها حنث، وكان هذا كله هبة. ولو وهب له شيئاً فأرسل به مع غيره حنث. وإذا حلف الرجل ليضربن مملوكه فلاناً أو حلف لا يضربه فأمر غيره فضربه ولم يكن له نية أن يضربه بيده ولا يأمر به فإنه قد ضربه حيث (¬2) أمر به. ألا ترى أن رجلاً لو حلف ليخيطن هذا الثوب فأمر به فخِيطَ، أو ليبنين هذه (¬3) الدار فأمر بها فبُنِيَتْ، كان قد بر في (¬4) يمينه إلا أن يكون عنى ليفعلن ذلك بيده. ألا ترى أنه يقول: قد بنيتُ داري، ولم يبنها هو، إنما بناها غيره. وكذلك لو حلف على شيء ليفعلنه مما يَحْسُنُ فيه إذا أمر (¬5) به غيره ففعله (¬6) أن يقول: قد (¬7) فعلتُ كذا وكذا. فإذا كان عملاً لا يَحْسُنُ به أن يقول: قد فعلتُ كذا وكذا (¬8)، فذلك إنما فعله غيره، فهذا لا يقع اليمين إلا أن يفعله هو بنفسه. فإذا حلف ليضربن عبده فأمر به فضرب فقد بر. ولو حلف لا يضربه فأمر به فضرب حنث إذا لم يكن له نية في ذلك. ¬

_ (¬1) لنا ق - هبة. (¬2) م: حنث. (¬3) م: هذا. (¬4) م: بر في. (¬5) م: إذا أمره. (¬6) م: فعله. (¬7) م - قد. (¬8) م - فإذا كان عملا لا يحسن به أن يقول قد فعلت كذا وكذا.

باب الكفارة في اليمين في الخدمة

ولو حلف بذلك على رجل حر لا يملكه لم يحنث حتى يضربه بيده، ولا يشبه العبد في هذا الحر. وكذلك السلطان لو حلف لا يضرب رجلاً ولا نية له فأمر به فضرب حنث. ألا ترى أنك تقول: ضرب الأمير اليوم فلاناً، وضرب القاضي اليوم فلاناً حداً. ولو كان نوى حين حلف أن يضربه بيده لم يحنث حتى يضربه بيده، وهو يدين في القضاء (¬1). ... باب الكفارة في اليمين في الخدمة وإذا حلف الرجل لا يستخدم خادماً قد كانت تخدمه ولا نية له فجعلت الخادم تخدمه من غير أن يأمرها حنث؛ لأنه قد استخدمها إذا كانت تخدمه على حالها (¬2) التي كانت عليه حين حلف. ولو حلف على خادم لا يملكها أن لا يستخدمها فخدمته بغير أمره لم يحنث؛ لأن خادمه في هذا وخادم غيره مختلف؛ لأن خادمه إنما وضعه في بيته لخدمته، فإذا تركه على ذلك الأمر يخدمه فهو خادمه، وخادم غيره إذا لم (¬3) يأمره هو (¬4) بالخدمة لم يحنث. ولو حلف رجل (¬5) لا تخدمني فلانة فخدمته بأمره أو بغير أمره خادمه كانت أو خادم غيره فإنه يحنث. وكل شيء من عمل بيته فإنه خدمته. وإذا حلف الرجل لا أستخدم خادماً لفلان ولا نية له فسألها وَضوء أو شراباً كان قد استخدمها وحنث في يمينه. وكذلك لو أشار إليها أو أومى (¬6) إليها بخدمته فخدمته. ¬

_ (¬1) م + والله أعلم. (¬2) م + على حالها. (¬3) ق - لم. (¬4) م - هو. (¬5) م - رجل. (¬6) م: وأومى.

ولو حلف لا يستعين بخادم لفلان فأشار إليها بوَضوء أو بشراب أو أومأ (¬1) إليها أو سألها ذلك بكلام ولم يكن له نية حين حلف كان قد استعان بها ووجب عليه الحنث أعانته أو لم تعنه، إلا أن يكون نوى حين حلف أن يستعينها فتعينه، فلا يحنث حتى تعينه. ولو حلف لا تخدمني خادم لفلان ولا نية له فاشترى من فلان خادماً فخدمته (¬2) لم يحنث. ولو باع فلان الحالف من فلان المحلوف عليه خادماً فخدمت (¬3) الحالف بعد البيع حنث. إنما يقع اليمين في هذا على الحال التي تكون عليها الخادم يوم تخدم. فإن كانت لفلان المحلوف عليه يوم تخدم الحالف فإنه يحنث. وإن كانت (¬4) لغير المحلوف عليه يوم تخدم (¬5) الحالف فإنه لا يحنث. وإذا كان الحالف على مائدة مع قوم يطعمون وخادم المحلوف عليه تقوم عليهم في طعامهم وشرابهم كان الحالف قد حنث؛ لأنها حيث (¬6) خدمت القوم وهو فيهم فقد خدمته. ولو كان حين حلف لا يستخدم خادماً لفلان فقامت عليهم في هذه المنزلة ولم يستخدمها هو ولم يسألها شيئاً لم يحنث. وقوله: لا تخدمني، ولا أستخدمها، مختلف. ولو حلف أن لا تخدمني خادم فلان هذه بعينها وهو يعني ما دامت لفلان فباعها فخدمته لم يحنث. وإن لم تكن له نية حين حلف فخدمته بعدما باعها فإنه لا يحنث في قول أبي حنيفة، وهو قول أبي يوسف، ويحنث في قول محمد (¬7). ألا ترى أنه لو قال: لا يخدمني فلان مولى فلانة، فخدمه المولى بعدما باع الجارية أو حلف لا تخدمني فلانة امرأة فلان فخدمته بعدما طلقها ثلاثاً وقع عليه الحنث. ولو حلف لا تخدمني خادم لفلان فخدمته خادم بين فلان وبين آخر ¬

_ (¬1) م: أو اما. (¬2) ق: فخدمه. (¬3) م: فخدمته. (¬4) جميع النسخ: وإن كان. والتصحيح من ط. (¬5) م: تخد؛ ق: يخدم. (¬6) ق: حنث. (¬7) ق - محمد.

باب اليمين في الركوب

لم يحنث؛ لأن الخادم ليست لفلان كلها. وكذلك لو كان فيها شِقْص لغير فلان قليلاً كان أو كثيراً فإنه لا يحنث إذا خدمته. وكذلك لو قال: كل مملوك لي أستخدمه فهو حر، وليس له إلا رقيق بينه وبين آخر، فاستخدم واحداً منهم لم يحنث ولم يدخل عليه عتق. ولو قال: كل مملوك لي حر، لا يعتق أحد منهم؛ لأنه ليس له مملوك تام. وإذا حلف الرجل لا يخدمه خادم لفلان وليست له نية في غلام ولا جارية فإنه يحنث في أي ذلك خدمه؛ لأن كل واحد منهما خادم. والصغيرة التي تخدمهم والكبيرة سواء في ذلك كله (¬1). ... باب اليمين في الركوب وإذا حلف (¬2) الرجل لا يركب دابة وليست له نية فركب فرساً أو حمارأ أو بغلاً أو برذوناً فإنه يحنث. وكذلك إذا ركب غير ما سميت لك من الدواب في القياس، ولكني أدع القياس في ذلك. فإذا ركب غير ما سميت لك من الدواب لم يحنث. ولو ركب بعيراً أو بختية لم يحنث. إنما أضع هذا على معاني كلام الناس إلا أن يكون نوى ذلك. وإذا حلف الرجل لا يركب دابة وهو يعني الخيل فركب حماراً لم يحنث. وإذا حلف على ذلك بعتق أو طلاق دَيَّنْتُه فيما بينه وبين الله تعالى، ولا أدينه في القضاء. ولو حلف أن لا يركب فرساً فركب برذوناً أو حلف أن لا يركب برذونًا فركب فرساً لم يحنث. ولو حلف أن (¬3) لا يركب شيئاً من الخيل فركب برذونًا أو فرساً فإنه ¬

_ (¬1) م - كله. (¬2) م: فإذا حلف. (¬3) م - أن.

يحنث؛ لأن اسم الخيل يجمعها (¬1)، والبراذين لا يجمعها (¬2)، والفرس لا يجمعها (¬3). ولو حلف أن لا يركب وهو ينوي الحمر (¬4) ولم يسم دابة ولا غير ذلك لم تكن (¬5) نيته هذه بشيء. وإن ركب بغلاً حنث أو فرساً؛ لأنه لم يقل: لا أركب دابة، إنما قال: لا أركب، وهذا لا يكون فيه نية. ولو حلف أن لا يركب دابة وهو راكب فمكث على حاله ساعة واقفاً أو سائراً حنث؛ لأنه راكب بعد يمينه. فإن نزل حين حلف لم يحنث. ولو حلف لا يركب دابة فحمله إنسان على دابة وهو كاره لم يحنث، لأنه لم يركب، إنما حُمِلَ عليها. وإن كان هو أذن في نفسه أو أمر بذلك فقد حنث. ولو حلف أن لا يركب دابة فركب دابة بسَرْج أو بإِكَاف (¬6) أو عرياناً فإنه يحنث. ولو حلف (¬7) أن لا يركب دابة لفلان فركب دابة لعبده لم يحنث إذا لم يكن (¬8) له نية حين حلف. فإن كان نوى حنث. وكذلك (¬9) لو حلف (¬10) أن لا يدخل داراً لفلان فدخل داراً لعبده. وكذلك لو حلف أن لا يستخدم خادماً لفلان فاستخدم خادماً لعبده، وسواء إن (¬11) كان عبداً ليس عليه دين أو عليه دين. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وفيها (¬12) قول آخر: إنه يحنث إذا فعل شيئاً من هذا؛ لأن كل مال لعبده فهو للسيد. وهو قول (¬13) ¬

_ (¬1) ق: يجمعهما. (¬2) لنا- والبراذين لا يجمعها، صح هـ. (¬3) م - والفرس لا يجمعها. (¬4) م: الخمر. (¬5) ق: لم يكن. (¬6) الإكاف ما يوضع على الحمار للركوب عليه. انظر: المغرب، "أكف". (¬7) ق - حلف. (¬8) ق: لم تكن. (¬9) ق - وكذلك. (¬10) ق: ولو حلف. (¬11) م - إن. (¬12) م: ففيها. (¬13) ق - قول.

محمد. وإذا حلف الرجل لا يركب دابة لفلان فركب دابة لمكاتبه أو لعبد قد أعتق نصفه وهو يسعى في نصف قيمته لم يحنث. وكذلك لو حلف على خدمة عبد أو سكنى دار أو لبس (¬1) ثوب لفلان فلبس (¬2) ثوباً لمكاتبه. وإذا حلف الرجل لا يركب دابة لفلان فركب دابة (¬3) لأم ولده أو لمدبره فهذا والعبد سواء. القول في هذا مثل القول في العبد. وإذا حلف الرجل لا يركب مركباً ولا ينوي شيئاً فركب في سفينة أو في مَحْمِل (¬4) أو دابة بسَرْج أو بإِكَاف أو رِحَالَة (¬5) فإنه يحنث. وليس من هذا شيء إلا وهو (¬6) مركب. وإذا حلف الرجل أن لا يركب هذه الدابة بعينها فنُتِجَتْ بعد اليمين فركب ولدها لم يحنث؛ لأن ولدها غير ما حلف عليه. وإذا حلف (¬7) الرجل أن لا يركب بهذا السَّرْج فزاد فيه شيئاً أو نقص منه شيئاً فركب فإنه يحنث؛ لأنه (¬8) ذلك السَّرْج بعينه. ولو بدَّلَ السَّرْجَ بعينه وترك اللِّبْد والصُّفَّة (¬9) ثم ركب به لم يحنث. وإذا حلف الرجل أن لا يركب دابة لفلان فركب دابة بينه وبين آخر لم يحنث (¬10)؛ لأنها ليست له كلها. ¬

_ (¬1) ق: وليس. (¬2) ق: فليس. (¬3) ق - دابة. (¬4) م: في محل. والمحمل هو الهودج. وقد تقدم. (¬5) الرَّحَالَة أكبر من السَّرْج وتُغشى بالجلود وتكون للخيل والنجائب من الإبل. انظر: لسان العرب، "رحل". (¬6) ك: إلا هو. (¬7) ق + الرحلف. (¬8) م: لأن. (¬9) ك - والصفة؛ ق - مفلسا كان أو مليا. واللبد هو ما يوضع تحت السرج. وقد تقدم. أما صُفَّة السَّرْج فهو ما غُشي به بين مقدمه ومؤخره. انظر: المغرب، "صفف". (¬10) م - لم يحنث.

باب الأوقات في اليمين

وإذا حلف الرجل بالله ما له مال ولا نية له وليس له مال إلا دين على رجل مفلساً (¬1) كان أو مليئاً (¬2) فإنه لا يحنث. وكذلك لو كان رجلاً قد غصبه ماله فاستهلكه فأقر له به أو جحده وهو قائم بعينه فهو سواء. وإن كان له مال عند عبده فعرفه فإنه يحنث. وكذلك لو كان عنده فضة أو ذهب قليلاً كان أو كثيراً. وإن لم يكن عنده مال ولا نية له إلا الدين الذي ذكرت لك وحلف حين حلف وهو ينوي الدين فإنه يحنث. وإن لم يكن له دين ولا عين وله عروض من حيوان أو غير ذلك فحلف بالله ما له من مال ولا نية له فإنه لا (¬3) يحنث. وإنما اليمين في هذا على الدنانير والدراهم، ويقع على الذهب والفضة وعلى كل مال غير ذلك للتجارة، وما كان تجب فيه الزكاة من الإبل والغنم والبقر. ولو كان حنطة أو شبه ذلك للتجارة كان هذا كله مالاً، وكان يحنث في يمينه. وإن كان حين حلف نوى الذهب والفضة خاصة لم يحنث فيما بينه وبين الله تعالى، ولا يدين في القضاء. وإذا حلف الرجل بالله ما لي من مال وليس له مال وله عبد له مال وعلى عبده دين أو ليس عليه دين فإنه لا يحنث إلا أن ينوي ذلك. وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وفيها قول آخر: إنه يحنث. وهو قول محمد. وكذلك المدبر وأم الولد. فأما المكاتب والعبد يسعى في نصف قيمته فلا (¬4) يكون ماله مال السيد. ... باب الأوقات في اليمين وإذا حلف الرجل ليعطين فلاناً إذا صلى الظهر حقه فله وقت الظهر ¬

_ (¬1) ق: مفلس. (¬2) ق: أو ملي. (¬3) ق - لا. (¬4) م ق: ولا.

كله (¬1) إلى آخر الوقت، ولكن (¬2) ليعطيه قبل أن يخرج الوقت، فإن خرج الوقت قبل أن يقضيه حنث. وكذلك إذا حلف ليعطينه رأس الشهر فله الليلة التي أهل فيها الهلال ويومه كله، فإن غابت الشمس قبل أن يعطيه حنث. وإذا حلف ليعطينه طلوع الشمس فله من حين تطلع الشمس إلى أن ترتفع وتبيض. وإذا حلف ليعطينه رأس الشهر أو عند رأس الشهر أو عند طلوع الشمس أو عند صلاة الظهر فهذا كله والأول سواء. وكذلك ليعطينه حين تطلع الشمس. وإذا حلف ليعطينه كل شهر درهماً ولا نية له وقد (¬3) حلف في أول الشهر فإن ذلك الشهر الذي حلف فيه في يمينه، فينبغي له أن يعطيه في كل شهر قبل أن يخرج درهماً. وكذلك إذا حلف ليعطينه في كل شهر أو في كل سنة (¬4). وكذلك لو كان في آخر السنة أو في آخر الشهر. ولو أن رجلاً كان عليه دين نجوماً يعطيها (¬5) في انسلاخ كل شهر فحلف ليعطينه النجوم في كل شهر كان له ذلك الشهر الذي جعل فيه النجم حتى آخره، يعطيه متى ما (¬6) شاء فيبر ولا يحنث. وإذا حلف ليعطينه عاجلاً ولا نية له (¬7) فالعاجل قبل أن يمضي الشهر، فإن مضى شهر حنث. وإذا حلف ليعطينه في أول الشهر الداخل ولا نية له فله أن يعطيه فيما بينه وبين أن يمضي أقل من النصف، فإذا أعطاه في ذلك بر، وإن مضى النصف قبل أن يعطيه حنث. فإذا حلف الرجل أن لا يعطي فلاناً ما له عليه حيناً ولا زماناً وليست ¬

_ (¬1) م - كله. (¬2) ق: لكن. (¬3) ك - وقد، صح هـ. (¬4) ك ق ط: ليعطينه كل شهر أو كل سنة. ولا بد من زيادة "في" مرتين حتى لا يكون تكرارا لا فائدة له. وانظر: المبسوط، 9/ 15. (¬5) ق: يعطها. (¬6) ك - ما. (¬7) ق - له.

له نية فأعطاه قبل ستة أشهر فإنه يحنث. الحين عندنا والزمان ستة أشهر. بلغنا عن ابن عباس (¬1) - رضي الله عنهما - أنه سئل عن الحين، فقال: يقول (¬2) الله تعالى في كتابه: {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} (¬3)، فجعله ستة أشهر (¬4). والدهر في قول يعقوب ومحمد ستة أشهر. ولم يوقت أبو حنيفة في الدهر شيئاً. وقال أبو حنيفة: لا أدري ما الدهر، ولم يوقت فيه شيئاً. وكذلك لو حلف أن لا يكلم فلاناً حيناً فهو ستة أشهر إن لم يكن له نية. كان نوى أكثر من ذلك أو أقل من ذلك فهو ما نوى. وكذلك لو حلف أن لا يكلمه دهراً. وكذلك لو حلف أن لا يكلمه الأيام ولا نية له فإنه يترك كلامه عشرة أيام؛ لأنها هي أيام، ولا يكون أكثر منها أياماً. ألا ترى أنك إذا نسبتها إلى أكثر من عشرة قلت كذا كذا يوماً. وقال أبو يوسف ومحمد: الأيام سبعة أيام. وإذا حلف أن لا يكلمه أياماً وهو ينوي ثلاثة أيام فهو كما نوى. وإن لم تكن (¬5) له نية فهو آخر ما يكون منه عشرة أيام. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: إن لم يكن له نية فهو ثلاثة أيام، إلا أن ينوي أكثر من ذلك فهو كما نوى. وإذا حلف ليعطينه غداً في أول النهار ولا نية له كان موسعاً عليه أن يعطيه فيما بينه وبين نصف النهار، فإن انتصف النهار قبل أن يعطيه حنث. وإذا حلف الرجل ليعطينه مع حل المال أو حين يحل المال أو عند حل المال أو حيث يحل المال ولا نية له فهذا يعطيه ساعة يحل، فإن أخره أكثر من ذلك حنث. ¬

_ (¬1) م: عن بن عباس. (¬2) م - يقول، صح هـ. (¬3) سورة إبراهيم، 14/ 25. (¬4) عن ابن عباس أنه سئل عن رجل حلف أن لا يكلم أخاه حيناً، قال: الحين ستة أشهر، ثم ذكر النخلة ما بين حملها إلى صِرامها ستة أشهر. انظر: تفسير الطبري، 13/ 108. (¬5) ق: لم يكن.

واذا (¬1) حلف لا يعطيه حتى يأذن له فلان فمات فلان قبل أن يأذن له أن يعطيه فإنه لا يحنث (¬2) في قول أبي حنيفة ومحمد؛ لأن فلاناً إذنه قد انقطع. ويحنث في قول أبي يوسف. وإن (¬3) كان حياً فأذن له وهو لا يسمع بالإذن ولا يعلم فأعطاه حنث؛ لأن الإذن لا يكون إلا بمحضر (¬4) منه حيث يعلم بذلك. ألا ترى أنه لو قال: لا أعطيه حتى يأذن لي فلان، لم يكن له أن يعطيه حتى يأذن له معاينة أو يرسل إليه به، وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: إذا (¬5) أذن له حيث لا يعلم ولا يسمع فهو إذن؛ فأما إذا مات فلان قبل أن يأذن له فليس له أن يعطيه، فإن أعطاه حنث. وإذا حلف الرجل لا يضرب عبده أبداً ولا نية له فوَجَأَه (¬6) بيده أو قرصه أو خنقه أو مد شعره أو عضه فأي هذا ما صنع (¬7) فهو ضرب، وهو حانث؛ لأن ما وصل إلى القلب من وجع فهو ضرب. ولو حلف ليضربنه ففعل به من هذا شيئاً (¬8) كان قد بر وكان هذا ضرباً. وإذا حلف الرجل ليضربن عبده مائة سوط ولا نية له فضربه مائة سوط وخفف فإنه يبر؛ لأنه مائة سوط. ولو جمعها جماعة ثم ضربه بها (¬9) لم يبر؛ لأنه لم يضربه مائة سوط (¬10) لأنها لم تقع به جميعاً. ولو ضربه سوطًا واحداً له شعبتان خمسين سوطاً كل سوط منها تقع (¬11) الشعبتان به جميعاً كان قد بر. وكذلك لو جمع سوطين فضربه بهما جميعاً وهما يقعان به جميعاً بر. ولو ضربه (¬12) مائة سوط (¬13) فوق الثياب بر. ¬

_ (¬1) ق: ولو. (¬2) ق: لا يحيث. (¬3) ك ق: ولو. (¬4) م: لمحضر. (¬5) م - إذا. (¬6) وجأ أي ضرب بيده أو بالسكين. انظر: لسان العرب،"وجأ". (¬7) ق - به. (¬8) ق: شي. (¬9) م - بها. (¬10) ق: سرط. (¬11) ك: يقع به. (¬12) ق: ضرب. (¬13) ق + مائة سوط.

ولو حلف ليضربنه ولم يسم شيئاً فبأي شيء ضربه به من يد أو رجل أو سوط أو غير ذلك فإنه يبر. ولو حلف ليضربنه قبل الليل فمات الرجل قبل الليل لم يحنث؛ لأنه قد (¬1) بقي من الوقت شيء. ولو حلف ليضربنه غداً فمات العبد قبل غد لم يحنث؛ لأنه قد بقي من مدته التي وقت شيء (¬2) لم يأت بعد، فجاء ذلك الوقت ولا يقدر على أن يضربه. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: إذا وقت اليوم إلى الليل فمات العبد قبل الليل ولم يضربه فإنه يحنث إذا جاء الليل. ولو حلف أن يضربه فأمر به فضرب بر؛ لأن الرجل قد يقول: ضربت غلامي، وإنما أمر به فضرب. ويقول: قد ضرب اليوم الأمير رجلاً، وإنما أمر به فضرب. ويقول: قد ضرب القاضي اليوم رجلاً، وإنما أمر به فضرب. ولو حلف لا يضربه ولا نية له فأمر به فضرب كان قد حنث، وكانت عليه الكفارة، إلا أن يكون عنى حين حلف أن يضربه بيده، فلا يحنث إذا كان على ذلك. وكل شيء (¬3) فعل من خياطة أو صياغة (¬4) أو عمل شبه ذلك حلف عليه الرجل أن لا يفعله فأمر به ففعل فإنه يحنث؛ لأنه بمنزلة فعله إلا أن يكون نوى في يمينه أن يفعله بنفسه، فإن حلف على ذلك فأمر به غيره ففعله لم يحنث. ... ¬

_ (¬1) م - قد. (¬2) م + ولو حلف ليضربنه غدا فمات العبد قبل غد لم يحنث لأنه قد بقي من مدته التي وقت شيء. (¬3) ك - شيء، صح هـ. (¬4) ج ر م: أو صناعة. وفي ط: أو صباغة.

باب البشارة

باب البشارة وإذا حلف الرجل أي غلماني بشرني بكذا وكذا فهو حر، فبشره واحد بذلك ثم جاء آخر فبشره فالأول حر، ولا يعتق الثاني؛ لأن الأول هو البشير. ولو بشروه معاً جميعاً عتقوا. ولو بعث إليه غلام من غلمانه مع رجل بالبشارة فقال: إن غلامك يبشرك (¬1) بكذا وكذا، فإن العبد يعتق؛ لأنه قد بشره. ألا ترى إلى قوله (¬2) تعالى في كتابه: {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ} (¬3)، وإنما أرسل إليه بذلك، وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ} (¬4)، فهذه بشارة. وكذلك لو كتب إليه كتاباً. وإن كان حين حلف نوى أن يشافهه مشافهة أو يكلمه به كلاماً لم يعتق. وإذا حلف الرجل فقال: أي غلام لي أخبرني بكذا وكذا أو أعلمني بكذا وكذا فهو حر، ولا نية له فأخبره غلام له بذلك بكتاب أو بكلام أو برسول قال: إن فلاناً يقول لك كذا وكذا، فإن الغلام يعتق؛ لأن هذا خبر. وإن أخبره بعد ذلك غلام آخر عتق؛ لأنه قال: أي غلام لي أخبرني فهو حر. فإن أخبروه جميعاً كلهم عتقوا جميعاً. وإن كان عنى حين حلف الخبر بكلام مشافهة لم يعتق أحد منهم إلا أن يخبروه بكلام مشافهة بذلك الخبر. وإذا قال: أي غلماني حدثني، فهذا على المشافهة لا يعتق أحد منهم. وإذا حلف الرجل للرجل لئن علم بمكان فلان ليخبرنه (¬5) به ثم علم ¬

_ (¬1) م: بشرك. (¬2) ق: قول الله. (¬3) سورة الصافات، 37/ 101. وكان في جميع النسخ وط: {وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ}. وهي من سورة الذاريات، 51/ 28. ولكن المناسب للمسألة المذكورة في المتن هو الآية التي أثبتناها في المتن. ولعل التغيير حدث من الناسخين. وقد أورد الحاكم الآية التي أثبتناها في المتن. انظر: الكافي، 1/ 122 و. (¬4) سورة آل عمران، 3/ 45. (¬5) جميع النسخ وط: ليخبرنك. وعبارة الحاكم: وإذا حلف لإن علم بمكان فلان ليخبرنه ثم علما به جميعاً فلا بد من أن يخبره. انظر: الكافي، 1/ 122 و.

باب الرجل يحلف على الأيام هل يدخل في ذلك الليل وغيره

به الحالف والمحلوف له فلا بد من أن يخبره به وإن علما بأنه قد حلف له (¬1) على ذلك. وإذا حلف الرجل لآخر ليخبرنه بكذا وكذا ولا نية له فأخبره بذلك بكتاب أو أرسل إليه بذلك رسولاً فقال: إن فلاناً يخبرك بكذا وكذا، كان قد بر، وكان هذا خبراً. ... باب الرجل يحلف على الأيام هل يدخل في ذلك الليل وغيره ولو حلف الرجل فقال (¬2): يوم أفعل كذا وكذا فعبدي حر، ولا نية له ففعل ذلك ليلاً عتق غلامه. وإنما يقع هذا على إذا فعلت كذا وكذا. ألا ترى إلى قول الله تبارك وتعالى في كتابه: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} (¬3)، فمن ولاهم الدبر بالليل والنهار فهو سواء. وإذا قال: يوم أفعل كذا وكذا فعبدي حر، وهو ينوي النهار دون الليل ففعل ذلك ليلاً فإنه لا يحنث، ويدين في القضاء. وإذا قال: ليلة أفعل كذا وكذا فعبدي حر، ففعل ذلك نهاراً لم يعتق عبده. ولو حلف رجل لا يبيت (¬4) في مكان كذا وكذا فأقام في ذلك المكان ليلة حتى أصبح ولم ينم حنث؛ لأن البيتوتة هو المكث فيها، إلا أن يعني النوم (¬5). وإذا أقام في ذلك المكان حتى يذهب أكثر من نصف الليل ثم خرج منه حنث. ولو أقام إلى أقل من نصف الليل ثم خرج لم يحنث. ¬

_ (¬1) م - له. (¬2) ق - أي. (¬3) سورة الأنفال، 8/ 16. (¬4) ق: لا يثبت. (¬5) م: اليوم.

باب الكفارة في اليمين في الكفالة

وإذا حلف الرجل (¬1) لا يظله ظل بيت ولا نية له فدخل ظل بيت حنث. ولو قام في ظله خارجاً لم يحنث إلا أن ينوي ذلك. ولو حلف أن لا يأويه بيت فآواه بيت ساعة من الليل أو من (¬2) النهار ثم خرج لم يحنث حتى يكون فيه أكثر من نصف الليل أو أكثر من نصف النهار، إلا (¬3) أن يكون يعني لا يأوي: لا يدخل بيتاً، فدخل حنث. وهذا قول أبي يوسف الأول، ثم رجع فقال بعد ذلك: إذا دخل ساعة حنث. وهو قول محمد. ولو أدخل قدماً واحداً ولم يدخل الأخرى لم يحنث حتى يدخلهما جميعاً. ولو أدخل جسده وهو قائم ما خلا رجليه لم يحنث؛ لأن الجسد إنما هو تبع (¬4) للرجلين، فإذا لم يدخل الرجلين لم يحنث. وكذلك لو حلف أن لا يخرج من البيت فأخرج قدماً واحداً ولم يخرج الأخرى (¬5) لم يحنث. ... باب الكفارة في اليمين في الكفالة وإذا حلف (¬6) الرجل لا يكفل بكفالة فكفل بنفس رجل عبد أو حر فقد حنث. وكذلك لو كفل بثوب أو دابة. وكذلك لو كفل بمال أو بما أدركه من دَرَك في دار اشتراها حنث. وكل شيء من هذا كفل به فهو كفالة. ولو حلف أن لا يكفل عن إنسان بشيء فكفل بنفس رجل لم يحنث؛ لأنه لم يكفل عنه بشيء، والكفالة (¬7) عنه ليست كالكفالة به. وإذا حلف الرجل أن (¬8) لا يكفل عن فلان بشيء فأمره فلان فاشترى ¬

_ (¬1) ق: رجل. (¬2) م: ومن. (¬3) م: اولا. (¬4) ق: يقع. (¬5) ق: الاخر. (¬6) م: واحلف. (¬7) م: والكفارة. (¬8) م - أن.

له ثوباً لم يحنث؛ لأن هذا ليس بكفالة وإن كانت الدراهم على المشتري. وإذا حلف الرجل لا يكفل عن فلان بشيء ولا يضمن عن فلان شيئاً فهما (¬1) سواء: الكفالة (¬2) والضمان. ولو أمره فلان أن يكفل عن رجل آخر أو يضمن عن رجل آخر ففعل ذلك لم يحنث. ولو كانت الدراهم على فلان وبها كفيل فأمر فلان الحالف فكفل عن كفيله لم يحنث الحالف؛ لأنه لم يكفل عن فلان بعينه. ولو حلف لا يكفل عن فلان فكفل لغيره والدراهم التي كفل بها أصلها لفلان لم يحنث؛ لأنه لم يكفل له بشيء وإن كان أصلها (¬3) له. وكذلك لو كفل لعبده أو لأبيه (¬4) أو لبعض أهله فكفل بها له (¬5) لم يحنث. ولو كفل لفلان الذي حلف عليه بدراهم أصلها لغيره حنث. ولو حلف أن لا يكفل لفلان فضمن عنه حنث، إلا أن يكون عنى حين حلف اسم كفالة. فإن كان عنى أن لا أكفل ولكن أضمن فإنه يسعه فيما بينه وبين الله تعالى، وفي القضاء لا يسعه. وإن لم تكن (¬6) له نية فهما سواء. ولو حلف أن لا يكفل عن فلان فأحال فلان عليه بمال له عليه لم يحنث إذا لم يكن للمحتال دين له عليه؛ لأن هذا ليس بكفالة. ألا ترى إنما أحال عليه بشيء هو له عليه، وانما هو وكيل الذي أحاله عليه. ولو قال: أضمن ما عندك لفلان، فضمنه له لم يحنث؛ لأنه لم يكفل عن فلان، إنما ضمن ما (¬7) عنده هذا. ألا ترى أن هذا المحتال إنما هو وكيل لرب المال (¬8). ولو كان لهذا المحتال له مال على الذي أحاله فاحتال به على ¬

_ (¬1) م: فيما. (¬2) م: الكفارة. (¬3) ق: أصلهما. (¬4) م: أو لا نية له. (¬5) م - له. (¬6) ك ق: لم يكن. (¬7) م - ما. (¬8) م: وكيل له بالمال.

باب الكفارات في اليمين في الكلام

الحالف أو ضمنه الحالف له وعلى الحالف مال للذي أحال عليه حنث؛ لأن هذا كفيل. ... باب الكفارات في اليمين في الكلام وإذا حلف الرجل لا يتكلم اليوم ولا نية له ثم صلى لم يحنث؛ لأن هذا ليس بكلام. ولو قرأ القرآن في غير صلاة أو سبح أو هلل أو كبر أو حمد الله تعالى كان قد تكلم وحنث، ووجبت (¬1) عليه الكفارة. وكذلك لو أنه (¬2) أنشد شعراً حنث. ولو حلف لا يتكلم اليوم فتكلم بالفارسية أو بالنبطية أو بالسندية أو بالزنجية أو بأي لسان كان سوى منطقه العربية حنث؛ لأنه كلام. وكذلك لو حلف لا يكلم فلاناً فناداه (¬3) من بعيد من حيث يسمع مثله صوته أو كان نائماً فناداه أو أيقظه (¬4) حنث. ولو مر على قوم فسلم عليهم وهو فيهم حنث، إلا أن لا ينوي الرجل فيهم وهو ينوي غيره. وإن ناداه (¬5) وهو حيث لا يسمع الصوت لم يحنث، وليس هذا بكلام. ولو كتب إليه أو أرسل إليه رسولاً لم يحنث. ولو أشار إليه بإشارة أو أومأ إليه إيماء لم يحنث؛ لأن هذا ليس بكلام. وقال محمد في رجل قال: والله لا أكلم مولاك، وله موليان مولى أعلى ومولى أسفل ولا نية له، قال: أيهما كلم حنث. قال محمد: وإذا قال الرجل: لا أكلم جدك، وله جدان من قبل أمه ومن قبل أبيه ولا نية له، قال: أيهما كلم حنث. ¬

_ (¬1) م: ووجب. (¬2) ق + أنه. (¬3) م: فباداه. (¬4) م: أو يقظه. (¬5) م: وان باداه.

باب الكفارة في اليمين في لزوم الغريم

باب الكفارة في اليمين في لزوم الغريم وإذا حلف الرجل لا يفارق غريمه حتى يستوفي ما له عليه وله عليه شيء فلزمه ثم إن الغريم فر منه لم يحنث؛ لأن الحالف لم يفارقه، وإنما فارقه المطلوب. وكذلك لو أن المطلوب كابره مكابرة حتى انفلت (¬1) منه. ولو أن المطلوب أحاله على رجل بالمال أو أبرأه الطالب منه ثم فارقه لم يحنث؛ لأنه فارقه ولا شيء عليه. ولو أن المال تَوَى (¬2) عند المحتال عليه فرجع الطالب على المطلوب بالمال لم يحنث (¬3)، لأنه قد كان وقت يومئذ وقتاً. وهو قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: يحنث إن فارقه قبل أن يستوفي منه. ولو لم يُحِلْه يومئذ بالمال ولكنه أعطاه إياه فوجد فيها درهماً زَيْفاً أو أكثر من ذلك بعدما فارقه لم يحنث؛ مِن قِبَلِ أن الدراهم الزيوف فضة. ولو كان في الدراهم دراهم سَتُّوقَة (¬4) وجدها بعدما فارقه فإن كانت فضة لم يحنث، وإن كان من نحاس أكثرها والفضة أقلها حنث؛ لأنه قد فارقه وليس له (¬5) عليه شيء. ولو أعطاه الدراهم وفارقه وجاء رجل فاستحقها فأخذها من الحالف فرجع الحالف على غريمه لم يحنث؛ لأنه (¬6) فارقه يوم فارقه على وفاء. وكذلك لو باعه بالمال عبداً وقبضه وفارقه ثم استحق العبد (¬7) لم (¬8) يحنث. ولو حلف المطلوب لأعطينك حقك عاجلاً، وهو يعني في نفسه وقتاً كان الأمر على ما نوى وإن كان سنة، لأن الدنيا كلها قليل عاجل. فإن لم يكن له نية فإني أستحسن في ذلك أن يكون أقل من شهر ¬

_ (¬1) م: حتى انقلب. (¬2) ق: ثوى. (¬3) م - لم يحنث، صح هـ. (¬4) السَّتُّوق بالفتح أردأ من البَهْرَج، وعن الكرخي: السَّتُوق عندهم ما كان الصُّفْر أو النحاس هو الغالب الأكثر. انظر: المغرب، "ستق". (¬5) م ق: فارقه وله. (¬6) ك ق + قد. (¬7) ق - العبد. (¬8) ق: الم.

باب الرجل يحلف لا يقعد على الشيء أو يستعير أو هو لا يعرف فلانا

بيوم، فإن تم (¬1) شهر قبل أن يعطيه حنث. وإذا حلف لا يحبس عنه من حقه شيئاً وله نية أن لا يحبسه به فهو ما نوى. وإن لم يكن له نية فإنه ينبغي له أن يعطيه ساعة حلف ويأخذ في عمل ذلك حتى يوفيه. ولو حاسبه فأعطاه كل شيء له وأبرأه من ذلك الطالب ثم لقيه بعد أيام فقال: بقي لي عندك كذا كذا مِن قِبَلِ كذا كذا، فذكر المطلوب ذلك وعرفه وقد كانا جميعاً نسياه لم يحنث الحالف إذا أعطاه ذلك حين يذكره؛ لأنه لم يحبسه. ألا ترى أنه قد أوفاه حقه. وكذلك لو حلف أن لا يحبس عنه متاعه ثم قال له: خذه، فقال الطالب: قد أخذته، كان الحالف قد بر، ولا يكون حابساً؛ لأنه قد خلى بين الطالب وبينه. ... باب الرجل يحلف لا يقعد على الشيء أو يستعير أو هو (¬2) لا يعرف فلاناً (¬3) وإذا حلف الرجل أن لا يقعد على الأرض ولا نية له فقعد على البساط أو على فراش أو على وسادة لم يحنث. ألا ترى (¬4) أنه قد قعد على غير ما سمى. ولو قعد على بُورِيَاء (¬5) أو حصير لم يحنث. ولو قعد على الأرض أو على ثيابه التي يلبس وليس بينه وبين الأرض شيء حنث؛ لأن هذا قد قعد على الأرض إذا لم يقعد على البساط. ألا ترى أنه يقول: قد قعدت على الأرض، والآخر قد يقول: قد قعدت على بساط، وهذا على ثيابه وذا على ثيابه. ¬

_ (¬1) ق: ثم. (¬2) ك م: وهو. (¬3) ق: باب الرجل يحلف لا يفارقه غريمه. (¬4) م - ترى. (¬5) البورياء الحصير المنسوج. انظر: القاموس المحيط، "بور".

وإذا حلف الرجل لا يقعد على الأرض وهو ينوي أن لا يقعد عليها فإن كان تحته فراش أو بساط أو وسادة أو حصير أو بُورِيَاء (¬1) لم يحنث. وإذا حلف لا يمشي على الأرض ولا نية له فيها فمشى حافياً أو بنعلين أو خفين أو جوربين فإنه يحنث؛ لأنه قد مشى على الأرض. ولو مشى على بساط أو على فراش أو على وسادة لم يحنث؛ لأنه لم يمش على الأرض. ولو مشى على ظهر الأحجار حافياً أو بنعلين أو بخفين أو جوربين ولم يكن له نية فإنه يحنث؛ لأن ظهر الأحجار من الأرض. ولو حلف لا يدخل الفرات (¬2) ولا نية له فمر على الجسر (¬3) لم يحنث. وكذلك إن دخل سفينة. فإن دخل الماء حنث. وإذا حلف الرجل لا يكلم فلاناً إلى كذا كذا يعني بذلك أشهراً فهو كما نوى. وإن لم يكن له نية ولم يسم شيئاً فذلك إليه يكلمه بعد ذلك إلى متى ما شاء (¬4). ولو حلف لا يكلمه إلى قدوم الحاج أو إلى الحصاد أو إلى الدياس ولا نية له، فحصد أول الناس، أو داس أول الناس، أو قدم أول الحاج، فإنه ينبغي له أن يكلمه إن شاء ولا يحنث. ولو حلف أن لا يؤم الناس يعني لا يصلي بهم فأم (¬5) بعضهم ولم يكن (¬6) له نية حنث. ولو حلف أن لا يكلم فلاناً حتى الشتاء فجاء أول الشتاء فقد انقطعت (¬7) اليمين. وكذلك الصيف. ولو حلف لا يستعير من فلان شيئاً فاستعار منه حائطاً يضع عليه جذوعه ولم يكن له نية حين حلف فإنه يحنث؛ لأنه قد استعار. وكذلك لو استعار منه بيتاً أو داراً أو دابةً أو دلواً أو ثوباً. ولو دخل عليه فأضافه لم يحنث. ولو دخل فاستقى من بئره بإذنه لم يكن عليه شيء، ولم يكن (¬8) هذا عارية. ¬

_ (¬1) م: أو بورا. (¬2) ق: القرات. (¬3) م: على الحشر. (¬4) ق: بعد ذلك اليوم متى شاء. (¬5) م: قام. (¬6) ق: تكن. (¬7) ق: انقطت. (¬8) ق: يكره.

باب الكفارة في الأيمان في الأدهان والرياحين والخل

ولو حلف بالله ما يعرف فلاناً ثم ذكر أنه قد كان يعرفه لم يحنث؛ لأنه لم يكن يعرفه حين حلف. ولو حلف ما يعرف فلاناً ثم رآه بعد ذلك فقال: هذا الذي حلفت عليه، فقال الرجل بأني قد كنت أعرف وجه هذا الرجل، لم يحنث. ولو أن رجلاً عرف وجه رجل ولا يعرف اسمه فحلف ما يعرفه كان صادقاً إلا أن يعني معرفة وجهه. فإن عنى معرفة وجهه حنث. وقد بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه سأل رجلاً عن رجل فقال: "هل تعرفه؟ " فقال: نعم. فقال: "هل تدري ما اسمه؟ " قال: لا. قال: "أراك إذاً لا تعرفه" (¬1). فكل معرفة يعرفه الرجل ولا يعرف ما اسمه فليس بمعرفة. فإن حلف أنه لا يعرفه فقد بر، إلا أن يعني معرفة وجهه وسوقه وصنعته وقبيلته فإنه يحنث. ... باب الكفارة في الأيمان في الأدهان والرياحين والخل وإذا حلف الرجل لا يشتري بنفسجاً ولا نية له فاشترى دهن بنفسج فإنه يحنث. وإنما أضع اليمين على الدهن ولا أضعها على الورد. وكذلك لو حلف لا يشتري خِيرِيًّا (¬2). ولو حلف لا يشتري حِنّاءً (¬3) أو (¬4) ورداً (¬5) كان هذا وذاك سواء في القياس (¬6)، ولكني أستحسن أن أضع ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، 10/ 125؛ ومجمع الزوائد للهيثمي، 8/ 186. (¬2) الخِيرِي هو المنثور، وهو نوع من الخشخاش، وغلب على الأصفر منه لأنه الذي يخرج دهنه ويدخل في الأدوية. انظر: المصباح المنير، "خير"؛ والقاموس المحيط، "خشش". (¬3) ك: عنا؛ م: عنابا (مهملة)؛ ج ر ق - حناء. والتصحيح من ط. وهو مستفاد من الكافي، والمبسوط، 9/ 28. (¬4) ق - أو. (¬5) م: أو ورودا. (¬6) ك ق: في القياس سواء.

هذا على الورق والورد إذا لم يكن له نية. ولو اشترى في هذا دهناً لم يحنث. ولو اشترى في الأول ورقاً لم يحنث. ولو حلف لا يشتري بَزْراً (¬1) فاشترى دهن بزر فإنه يحنث. وإن (¬2) اشترى حناء (¬3) فإنه لا يحنث إلا أن يكون نوى حين حلف. ولو حلف (¬4) لا يشتري بَزًّا (¬5) فأي البز اشترى فإنه يحنث. فإن اشترى فِرَاءً أو مُسُوحاً أو طيالسة أو أكسية فإنه لا يحنث؛ لأن هذا ليس ببز. وإن حلف لا يشتري طعاماً ولا نية له فاشترى حنطة أو دقيقاً أو تمراً أو شيئاً من الفواكه مما يؤكل فإنه يحنث في القياس، وأما في الاستحسان فينبغي أن لا يحنث إلا في الخبز والحنطة والدقيق. وإذا حلف الرجل (¬6) لا يشتري سلاحاً فاشترى شيئاً من الحديد غير مصنوع (¬7) فإنه لا يحنث. وكذلك لو اشترى سكيناً أو سَفُّوداً (¬8) لم يحنث. وأما إذا اشترى درعاً (¬9) أو سيفاً أو قوساً أو شبه ذلك حنث؛ لأن هذا هو من السلاح. ¬

_ (¬1) البَزْر من الحب ما كان للبَقْل. انظر: المغرب، "بزر". (¬2) ك: ولو. (¬3) م: حبا. (¬4) ك ق: فإذا حلف. (¬5) قال المطرزي: البَزّ عن ابن دريد: متاع البيت من الثياب خاصة. وعن الليث: ضرب من الثياب. وعن ابن الأنباري: رجل حسن البز أي الثياب. وقال محمد -رحمه الله- في السير: البز عند أهل الكوفة ثياب الكتان والقطن لا ثياب الصوف والخز. انظر: المغرب،"بزز". (¬6) ق - الرجل. (¬7) ق ط: غير مصوغ. وعبارة الحاكم: غير معمول. انظر: الكافي، 1/ 123 و؛ والمبسوط، 9/ 29. (¬8) السَّفُّود حديدة يُشوَى بها. انظر: القاموس المحيط، "سفد". (¬9) ق: ذرعا.

وإذا سأل رجل رجلاً عن الحديث فقال: أكان كذا وكذا؟ (¬1) فقال: نعم، فقال الحالف: قد والله حدثني بكذا وكذا، يعني بقوله: نعم، فهو صادق، فهذا حديث. ألا ترى (¬2) أنه يقرأ عليك الصك فيقول: أشهد عليك بكذا وكذا؛ فتقول أنت: نعم، فيقول (¬3): قد أشهدني فلان بكذا وكذا، فيصدق. فإذا حلف الرجل أن لا يشم طيباً فدهن به لحيته أو رأسه فوجد ريحه لم يحنث. فإن تشممه فقد حنث. وإن دخل ريحه في أنفه من غير أن يَشَّمَّمَه (¬4) فإنه لا يحنث. وليس شيء من الدهن - بعد أن لا يكون (¬5) فيه طيبٌ- بِطيب (¬6)، إنما الطيب ما جعل فيه العنبر والمسك وما أشبهه، وما يجعل منه في الدهن فهو طيب. ولو حلف لا يشم دهنًا ولا يدهن بدهن (¬7) فأي الدهن ما ادهن به أو شمه فإنه يحنث، الزيت وما سواه. ولو حلف لا يشم ريحاناً ولا نية له فشم آساً أو ما أشبه (¬8) من الرياحين حنث. ولو شم ياسميناً أو ورداً (¬9) أو شبه ذلك فإنه لا يحنث؛ لأن هذا ليس بريحان. ولو أن امرأة حلفت أن لا تلبس حلياً ولا نية لها فلبست خاتم فضة لم تحنث. ألا ترى أن الرجال يلبسونه، وليس يلبس الرجل الحلي. وإن لبست سواراً أو قُلْباً (¬10) أو خلخالاً حنثت (¬11). وكذلك لو لبست قِلاَدةً أو ¬

_ (¬1) ك م ق ط: كذا كذا. (¬2) ق: تر. (¬3) م: يقول. (¬4) وأصله: يتشمّمه ويجوز إدغام التاء في الشين. وعبارة الحاكم: أن يشمه. انظر: الكافي، 1/ 123 و. (¬5) ك: يعد إلا أن يكون؛ ج رم ط: بعد إلا أن يكون. وعبارة الحاكم: وليس الدهن بطيب إذا لم يجعل فيه طيبا. انظر: الكافي، 1/ 123 و. وعبارة السرخسي: وليس الدهن بطيب إذا لم يجعل فيه طيب. انظر: المبسوط، 9/ 29. (¬6) ق ط: يطيب. (¬7) م - بدهن. (¬8) ق: وما أشبهه. (¬9) م: أو ردا. (¬10) القلب هو السوار غير المَلْوِيّ. انظر: المغرب، "قلب". (¬11) ق: حنت.

قُرْطاً (¬1). ولو لبست عِقْدَ لؤلؤ لم تحنث؛ لأنه ليس بحلي في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد (¬2) فيها: هو حلي وتحنث فيه؛ ألا ترى إلى قول الله تعالى في كتابه: {وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} (¬3)، وهو اللؤلؤ فيما بلغنا (¬4)، وقال في آية أخرى: {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا} (¬5). ولو حلف رجل لا يقطع بهذه السكين (¬6) أو بهذا المقص أو بهذا الجَلَم (¬7) فكسره فجعل منه سكيناً أخرى أو جَلَماً آخر ثم عمل به وقطع لم يحنث. ولو حلف لا يتزوج اليوم ولا نية له فتزوج امرأة بغير شهود كان في القياس أن يحنث، ولكني أدع القياس فلا يحنث. ألا ترى أنه لو تزوج أمه أو أخته أو امرأة لها زوج لم يحنث، فكذلك إذا تزوج امرأة بغير شهود؛ لأنه "لا نكاح إلا بولي وشاهدين"، للأثر الذي جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬8). ولو حلف لا يشتري عبداً فاشترى عبداً بيعاً فاسداً حنث. وهذا والنكاح سواء في القياس في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، ولكني ¬

_ (¬1) ك م: أو قرطقا. والتصحيح من ج ر ط. والقُرْطُق قباء ذوطاق واحد. انظر: المغرب، "قرطق". لكن القُرْط أنسب هنا. (¬2) ك م - ومحمد. والزيادة من ج ر ط. وكذلك في الكافي، 1/ 123 و؛ والمبسوط، 9/ 30. (¬3) سورة النحل، 16/ 14. (¬4) روي عن قتادة. انظر: تفسير الطبري، 14/ 88؛ والدر المنثور للسيوطي، 5/ 116. (¬5) سورة فاطر، 35/ 33. (¬6) ق: بهذا السكن. (¬7) جَلَمَ الشيء: قطعه، والجَلَمان: المقراضان، واحدهما جَلَم للذي يُجَزّ به الشعر والصوف. انظر: لسان العرب، "جلم". (¬8) روي عن عائشة مرفوعاً: "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل". انظر: صحيح ابن حبان، 9/ 386؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 167؛ والدراية لابن حجر، 2/ 55. وروي عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "البغايا اللاتي ينكحن أنفسهن بغير بينة". انظر: سنن الترمذي، النكاح، 15؛ ورجح الترمذي وقفه.

باب الأيمان على الصلاة والصيام والزكاة

أستحسن في البيع. ألا ترى أنه لو أعتق هذا العبد جاز عتقه بعد أن يقبضه، ولو طلق المرأة والنكاح فاسد لم يقع ذلك موقع الطلاق. ... باب الأيمان على الصلاة والصيام والزكاة ولو حلف ليصلين اليوم (¬1) ركعتين تطوعاً فصلى ركعتين وهو على غير وضوء كان في القياس يحنث، ولكنا لا نأخذ في هذا بالقياس ونقول: لا يحنث، وإنما نضع هذا على صلاة صحيحة. ولو حلف لا يصلي فافتتح الصلاة فقرأ ثم تكلم لم تكن صلاة. وكذلك لو ركع ما لم يسجد؛ لأنك لا تستطيع أن تقول: قد صلى، حتى يصلي ركعة بسجدة أو بسجدتين (¬2). وهذا استحسان، وفي القياس يحنث. ولو حلف رجل لا يصوم فأصبح صائماً ثم أفطر حنث؛ لأنه قد صام. ولو حلف لا يصوم يوماً ثم صام ثم أفطر قبل (¬3) الليل لم يحنث. ولو حلف ليفطرن عند فلان ولا نية له فأفطر على ماء وتعشى عند فلان كان قد حنث. وإن كان قد نوى حين حلف العشاء لم يحنث. ولو حلف لا يتوضأ بكوز لفلان فوضأه فلان فصب عليه الماء من كوز لفلان فتوضأ وليست له نية حنث. وكوز الصُّفْر والأَدَم وغير ذلك في هذا سواء. ولو توضأ بإناء لفلان غير الكوز لم يحنث. وكذلك لو حلف لا يشرب بقدح لفلان. ولو كان فلان هو الذي وضأه وغسل يديه ووجهه ورجليه لم يحنث؛ لأنه لم يتوضأ. ... ¬

_ (¬1) م: لليوم. (¬2) ق: أو سجدتين. (¬3) م - قبل.

باب الحنث في اليمين والمشي إلى بيت الله تعالى

باب الحنث في اليمين والمشي إلى بيت الله تعالى ولو أن رجلاً تزوج أمة ثم قال لها (¬1): إذا مات فلان مولاك فأنت طالق ثنتين، فمات المولى والزوج وارثه لا يعلم له وارث غيره فإنه يقع عليها الطلاق كله، ولا تحل (¬2) له حتى تنكح زوجاً غيره. ألا ترى أنه لو قال: إذا مات مولاك فملكتك فأنت حرة، ثم قال: إذا مات مولاك فملكتك فأنت طالق، ثم مات المولى فورثها الزوج أن العتق يقع (¬3) ولا يبطل (¬4) الطلاق؛ لأنهما وقعا جميعاً بعد الملك بلا فصل (¬5). ووقعا (¬6) في الباب الأول مع الملك بلا فصل (¬7). وإذا كان للرجل أمة فقال لها: إذا مات فلان فأنت حرة، فباعها من فلان ثم تزوجها ثم قال لها: إذا مات مولاك فأنت طالق ثنتين، ثم مات المولى وهو وارثه فإنه لا يقع العتق، ويلزمه الطلاق؛ مِن قِبَل أن العتق لا يقع إلا بعد الملك وكان الملك بعد الموت بلا فصل (¬8). فقد حنث قبل أن يقع العتق؛ لأن العتق هاهنا لا يقع (¬9) إلا بعد الموت، والملك يقع بعد الموت بلا فصل (¬10)، والطلاق يقع بعد حال واحد (¬11)، والعتق لا يقع إلا من بعد حالين بلا فصل (¬12)، والطلاق أولى. ولا يقع العتاق؛ لأنه حنث وهي (¬13) في غير ملكه. أرأيت لو قال: إذا مات فلان وهو يملكك فأنت حرة، أو قال (¬14): إذا مات فلان وهو يملكك فأنت طالق ثنتين، فإنها مثل الأولى. أرأيت لو قال: إن مات فلان وأنا أملكك فأنت ¬

_ (¬1) ق - لها. (¬2) ق: يحل. (¬3) م - يقع، صح هـ. (¬4) م: ويبطل. (¬5) م: بلا فضل؛ ق + ووقع لأنه لا عتق في المسألة الأولى وليس إلا الطلاق. (¬6) ق - ووقعا. (¬7) م: بلا فضل. (¬8) م: بلا فضل. (¬9) م: لا يعتق. (¬10) م: بلا فضل. (¬11) ق - واحد. (¬12) م: بلا فضل. (¬13) ق: وهو. (¬14) ك: وقال.

حرة، هل يقع العتاق. ألا ترى أن العتاق لا يقع في هذا ولا في الباب الأول. وهذا قول أبي يوسف. وقال زفر (¬1): يقع العتاق ولا يقع (¬2) الطلاق. وقال محمد: لا يقع العتاق ولا الطلاق؛ لأن العتاق وقع هو (¬3) والملك جميعاً معاً، ولا يقع طلاق الرجل على ما يملك (¬4)، فيفسد النكاح بالملك دون الطلاق. وإذا قال الرجل لأمته: إذا باعك فلان (¬5) فأنت حرة، فباعها من فلان وقبضها (¬6) ثم اشتراها منه فإنها (¬7) لا تعتق؛ لأنه لم يحنث وهي في ملكه. أرأيت لو (¬8) قال: إن وهبك فلان فأنت حرة، فباعها من فلان وقبضها ثم استودعها البائع ثم قال البائع: هبها لي، فقال: هي لك، أنها له، وهذا قبول، ولا تعتق؛ لأن العتق والهبة وقعا وهي في ملك غيره. ألا ترى أن ملكه وقع فيها بعد خروجها من ملك الأول، فلذلك (¬9) لا تعتق إلا بعد ملكه. وإنما وقع الحنث قبل الملك لأن الحنث وقع مع خروجها من ملك الأول وملك الثاني معاً، فلا تكون (¬10) في حال واحدة حرة رقيقة. ولو قال: إذا وهبك فلان مني فأنت حرة، فوهبها له وهو قابض لها عتقت. وكذلك لو قال: إذا باعك فلان مني فأنت حرة، فاشتراها عتقت. ولو قال رجل: يا فلان، والله لا أكلمك عشرة أيام، والله لا أكلمك تسعة أيام، والله لا أكلمك ثمانية أيام، فقد حنث مرتين، وعليه اليمين الآخرة، إن كلمه الثالثة في الثمانية الأيام وجبت (¬11) عليه كفارة أخرى. فإن ¬

_ (¬1) م: وقال أبو يوسف. (¬2) م - العتاق ولا يقع، صح هـ. (¬3) م - هو. (¬4) وفي ط: ما لا يملك وهو خطأ ونقيض مراد المؤلف تماما. فمعنى كلام المؤلف -رحمه الله- هو أنه لا يقع طلاق الرجل على أمته التي هي في ملكه، لأن النكاح والطلاق لا يجتمعان مع الملك. انظر: المبسوط، 9/ 33. (¬5) ق - فلان. (¬6) ك: فقبضها. (¬7) ك م ق: فإنه. والتصحيح من ج ر ط. (¬8) ق: إن. (¬9) ق: فكذلك. (¬10) ك: فلا يكون. (¬11) ق: وحنث.

قال: والله لا أكلمك ثمانية أيام، والله (¬1) لا أكلمك (¬2) تسعة أيام، والله لا أكلمك عشرة أيام، فإن عليه كفارتين، وإن كلمه في الثمانية الأيام والتسعة الأيام وفي اليوم العاشر حنث. فإذا حلف الرجل فقال: عليه المشي إلى بيت الله تعالى وكل مملوك له حر وكل امرأة له طالق ثلاثاً إن دخل هذه الدار، ثم قال رجل آخر: وعلي (¬3) مثل جميع ما جعلت على نفسك من هذه الأيمان إن دخلت الدار، فدخل الثاني الدار فإنه يلزمه المشي إلى بيت الله تعالى ولا (¬4) يلزمه عتق ولا طلاق. ألا ترى أنه لو قال: علي طلاق امرأتي ولله (¬5) علي طلاق نسائي أن الطلاق لا يقع عليهن (¬6)، ولا يكون الطلاق قربة إلى الله تعالى، وليس عليه أن يتم ذلك. ولو قال: والله لأطلقهن، فهذا رجل حلف ليطلقن (¬7) نساءه، فلا يقع عليهن الطلاق حتى يفعل. وأما العتق فقد جعل عليه عتق رقبة، فإن وفى بذلك فهو أفضل، وان لم يف بذلك لم يؤخذ به في القضاء. ألا ترى أن رجلاً لو قال: لله علي أن أعتق عبدي، لم يعتق العبد بهذا القول، ولكن الأفضل أن يفي بذلك، فهذا أشد من الأولى، والأولى (¬8) أضعف. ألا ترى أن رجلاً لو قال: عبده سالم حر إن دخل الدار، فقال رجل آخر (¬9): علي مثل ما جعلت على نفسك إن دخلت الدار، فدخلها أنه لا شيء عليه؛ لأنه لا يكون عليه عتق سالم؛ لأنه لا يملكه. فإن كان عنى بذلك (¬10) عِتْقَ (¬11) عبد من عبيده الذي يملك فالأحسن أن يفي بذلك، وهو آثم إن لم يف بذلك (¬12). وأما المشي إلى بيت الله تعالى والحج والعمرة والنذر والصيام وكل ¬

_ (¬1) ق: الله. (¬2) م: أيام ولا أكلمك. (¬3) ق: علي. (¬4) ق - لا. (¬5) ق: والله. (¬6) جميع النسخ وط: عليهم. (¬7) م: ليطلق؛ ق - رجل حلف ليطلقن. (¬8) ك - والأولى. (¬9) م - آخر. (¬10) ك ق - بذلك. (¬11) م - عتق. (¬12) ق - بذلك.

شيء يتقرب به العبد إلى ربه (¬1) عز وجل حلف به رجل فقال رجل آخر: علي مثل ما حلفت به إن فعلت، ففعل الثاني فإنه عليه. وكذلك لو قال الأول: علي عتق نسمة إن فعلت كذا وكذا، ففعل إن عليه ذلك؛ لأنه قربة إلى الله تعالى، فعليه الوفاء بذلك: عتق نسمة (¬2). ¬

_ (¬1) ق: إلى الله. (¬2) ك + آخر كتاب الأيمان والكفارات ووافق الفراغ من نسخه يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة ثمان وعشرين وسبعمائة وذلك على يد أقر عباد الله وأحوجهم إلى رحمته المعترف بالذنوب والتقصير خالد بن أيبك الشجاعي غفر الله له ولوالديه ولمالكه ولمن نظر فيه ولجميع المسلمين نفع الله به صاحبه يوم لا ينفع مال ولابنون إلا من أتى الله بقلب سليم وهداه بمنه ولطفه وكرمه إلى صراطه المستقيم إنه على ما يشاء قدير والحمد لله وحده وصلواته على خير خلقه محمد خاتم النبيين وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذريته الطيبين الطاهرين وسلم تسليما كثيراً إلى يوم الدين؛ م + آخر كتاب الأيمان والكفارات كتبه أحمد بن حمدان الأذرعي وكان الفراغ من نسخ هذا المجلد المبارك يوم السبت ثامن شهر ربيع الأول سنة سبع وستين وسبعمائة الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيراً إلى يوم الدين؛ ق + آخر كتاب الأيمان والكفارات والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً غفر الله لكاتبه ومالكه ومؤلفه والناظر فيه ولوالديهم وللمسلمين أجمعين اللهم صلي على محمد وعلى آله وصحبه وسدم تم الكتاب بعون الله وحسن توفيقه ووقع الفراغ منه يوم الجمعة قبل الصلوة ثالث عشر شهر الله المحرم سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة على يد العبد الضعيف الراجي التوبة والمغفرة من ربه القوي الكريم أحمد بن محمود بن يوسف بن عثمان بن فقيه بن عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم بن يحيى بن علي بن عبدالعزيز بن علي بن الحسين بن محمد بن عبدالرحمن بن أبان بن عثمان وحسبنا الله ونعم الوكيل.

كتاب البيوع والسلم

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب البيوع والسلم أحمد بن حفص قال: أخبرنا محمد بن الحسن قال: حدثنا أبو حنيفة عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الذهب بالذهب مثل بمثل يد بيد (¬2)، والفضل ربا. والفضة بالفضة مثل بمثل يد بيد، والفضل ربا. والحنطة بالحنطة مثل بمثل يد بيد، والفضل ربا (¬3). والتمر بالتمر مثل بمثل يد بيد، والفضل ربا. والملح بالملح مثل بمثل (¬4) يد بيد، والفضل ربا" (¬5). ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) وقد روي بالرفع هكذا في الآثار للإمام محمد أيضاً. انظر: الآثار للإمام محمد، 132. والرواية المشهورة بالنصب: "مثلاً بمثل يداً بيد". وانظر: الحاشية الآتية قريباً. (¬3) م - والفضة بالفضة مثل بمثل يد بيد والفضل ربا والحنطة بالحنطة مثل بمثل يد بيد والفضل ربا. (¬4) ف - مثل بمثل. (¬5) رواه الإمام محمد في أول كتاب الصرف أيضاً. انظر:. ورواه في الآثار نحوه. انظر: الآثار لمحمد، 131. وهو بهذا الإسناد في الآثار لأبي يوسف، 183. وانظر: صحيح البخاري، البيوع، 78؛ وصحيح مسلم، المساقاة، 82 وورد في صحيح مسلم زيادة: "والشعير بالشعير". قال السرخسي: وقوله: "مثلٌ بمثل" رُوي=

محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: أسلم ما يكال فيما يوزن، وأسلم ما يوزن فيما يكال، ولا تسلم (¬1) ما يوزن [فيما يوزن] (¬2) ولا ما يكال (¬3) فيما يكال. وإذا اختلف النوعان فيما لا يكال ولا يوزن فلا بأس به اثنان بواحد يد بيد، ولا بأس به نسيئة. وإن كان من نوع واحد مما لا يكال ولا يوزن فلا بأس به اثنان بواحد يد بيد، ولا خير فيه نسيئة (¬4). وإذا أسلم الرجل في الطعام كيلاً معلوماً وأجلاً معلوماً وضرباً من الطعام وسطاً أو جيداً (¬5) أو رديئًا واشترط المكان الذي يوفيه إياه فيه (¬6) فهذا جائز. وان ترك شيئاً من هذا لم يشترطه (¬7) فالسلم فاسد. وإن كان رأس المال دراهم غير معلومة فالسلم فاسد؛ لأنهما إن تتاركا (¬8) لم يدر ما يدين عليه أو وجد فيها درهماً (¬9) زائفاً لم يدر ما هو من الثمن في قول أبي حنيفة. وإذا اشترط (¬10) طعام قرية أو أرض خاصة ولا يبقى (¬11) طعامها في أيدي الناس فالسلم فاسد؛ لأنه أسلم فيما ينقطع من أيدي (¬12) الناس. ¬

_ = بالرفع والنصب، فمعنى الرواية بالرفع: بَيْعُ الذهب بالذهب مثلٌ بمثل، ومعنى الرواية بالنصب: بِيعُوا الذهب بالذهب مثلا بمثل. انظر: المبسوط، 2/ 110. ومثله يقال في قوله: "يدٌ بيد". والمشهور في الرواية: "مثلاً بمثل يداً بيد" كما هو في الصحيحين. (¬1) م: ولا يسلم. (¬2) الزيادة من ب، والآثار لأبي يوسف. انظر الحاشية التالية. (¬3) ع: وما لان يكال. (¬4) روي نحو ذلك. انظر: الآثار لأبي يوسف، 187؛ والمصنف لعبد الرزاق، 8/ 30؛ والمصنف لابن أبى شيبة، 4/ 512. (¬5) ع: أو جيد. (¬6) ف - فيه. (¬7) ف: لم يشرطه. (¬8) ف: إن ساركا. (¬9) م ع: دراهما. (¬10) م: وااشترط. (¬11) ع: يبعان. (¬12) ف: في أيدي.

ولا بأس بأن تأخذ (¬1) بعض رأس مالك وبعض ما أسلمت فيه إذا (¬2) حل الأجل. محمد عن أبي حنيفة عن أبي عمر عن ابن جبير (¬3) عن ابن عباس أنه قال: ذلك المعروف الحسن الجميل (¬4). فالسلم في جميع ما يكال وجميع ما يوزن مما لا ينقطع من أيدي الناس جائز. والشعير والحنطة والسمسم والزيت والزبيب والسمن وما أشبهه من الكيل والوزن فلا بأس به (¬5). ولا بأس بالسلم في الزعفران والمسك والعنبر وما أشبهه مما لا ينقطع من أيدي الناس. إذا (¬6) اشترط وزناً معلوماً وضرب له أجلاً معلوماً وسمى صنفاً معلوماً فذلك جائز. ولا بأس بالسلم في كل ما يكال من الحِنّاء والورد والوَسْمَة (¬7) والرياحين (¬8) اليابسة إذا اشترط (¬9) كيلاً معلوماً وأجلاً معلوماً وصنفاً معلوماً. ولا بأس بالسلم في الحديد والرصاص والصُّفْر (¬10) وما أشبهه مما يوزن إذا اشترط أجلاً معلوماً ووزناً معلوماً وضرباً معلوماً. ¬

_ (¬1) ع: يأخذ. (¬2) ف ع: وإذا. (¬3) م: عن حنين؛ ع: عن بن حنين. (¬4) الآثار لأبي يوسف، 186؛ والمصنف لعبد الرزاق، 8/ 13؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 269. (¬5) ف م - به، والزيادة من ع. (¬6) م: وإذا. (¬7) الوسمة بكسر السين وسكونه شجرة ورقها خِضاب، وقيل: هي الخِطْر، وقيل: هي العِظْلِم يجفف ويطحن ثم يخلط بالحناء فيَقْنَأ لونه، وإلا كان أصفر. انظر: المغرب، "وسم". (¬8) الرياحين جمع ريحان، وهو كل ما طاب ريحه من النبات أو الشاهَسْفُرُم، وعند الفقهاء الريحان ما لساقه رائحة طيبة كما لورقه كالآس، والورد ما لورقه رائحة طيبة فحسب كالياسمين. انظر: المغرب، "روح". (¬9) م: وإذا اشترط؛ ع: إذا اشتر. (¬10) قال ابن منظور: الضُّفْر النحاس الجيد، وقيل: الصفر ضرب من النحاس، وقيل: هو ما صَفِرَ منه، الجوهري: والصُّفْر بالضم الذي تُعمَل منه الأواني. انظر: لسان العرب، "صفر".

ولا بأس بالسلم في القَتّ (¬1) وزناً معلوماً وأجلاً معلوماً. ولا خير في السلم في الرَّطْبَة (¬2) ولا في الحطب حُزَماً (¬3) أو جُرَزاً (¬4)؛ لأن هذا مجهول لا يعرف. ألا ترى أنه لا يعرف طوله ولا عرضه (¬5) ولا غلظه. فإن عرف فهو جائز. ولا خير في السلم في جلود الغنم والبقر والإبل ولا في الوَرَق ولا في الأُدُم (¬6)؛ لأنه مجهول فيه الصغير والكبير إلا أن يشترط من الوَرَق والصُّحُف والأُدُم ضرباً معلوماً والطول والجودة والعرض. ولا خير في السلم في شيء من الحيوان. بلغنا ذلك عن عبد الله بن مسعود (¬7). ألا ترى أنه مختلف مجهول لا يعرف وقته ولا قدره. ولو اشترط جَذَعاً (¬8) أو ثَنِيًّا (¬9) كان ذلك باطلاً لا خير فيه مِن قِبَل أن الجُذْعَان والثُّنْيَان مختلفة. ¬

_ (¬1) القَتّ: اليابس من الإسْفِسْت، ودهن مُقَتَّت: هو الذي يطبخ بالرياحين حتى يطيب، والفاء تصحيف. انظر: المغرب، "قتت". والإسْفِسْت نوع من العلف. (¬2) نوع من العلف. انظر: المغرب، "رطب". (¬3) جمع حُزْمة. (¬4) الجَرْز: القطع، والجُرْزَة: القبضة من القَتّ ونحوه، أو الحُزْمَة، لأنها قطعة، ومنها قوله: "باع القَتّ جُرَزاً"، وما سواه تصحيف. انظر: المغرب، "جرز". (¬5) ف: وعرضه. (¬6) الأَدَم بفتحتين اسم لجمع أديم، وهو الجلد المدبوغ المُصْلَع بالدباغ، من الإدام، وهو ما يؤتَدَم به، والجمع أُدُم بضمتين. انظر: المغرب، "أدم". (¬7) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 261؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 63؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 6/ 22. (¬8) الجذع من البهائم قبل الثني، إلا أن ذلك من الإبل في السنة الخامسة، ومن البقر والشاء في السنة الثانية، ومن الخيل في الرابعة. وعن الأزهري: الجذع من المعز لسنة، ومن الضأن لثمانية أشهر. وعن ابن الأعرابي: الإجذاع وقت وليس بسن، فالعَنَاق تُجذِع لسنة، وربما أجذعت قبل تمامها للخِصْب، فتسمن فيسرع إجذاعها، والضأن إذا كان ابن شابّين أجذع لستة أشهر إلى سبعة وإذا كان ابن هَرِمَين أجذع لثمانية إلى عشرة. انظر: المغرب، "جذع". (¬9) الثَّنِيّ من الإبل الذي أَثْنَى أي ألقى ثنيّته، وهو ما استكمل السنة الخامسة ودخل في السادسة. والثَّنِيّ من الغنم ما استكمل الثانية ودخل في الثالثة. انظر: المغرب، "ثني".

ولا بأس بالسلم في الحرير (¬1) والزُّطِّي (¬2) واليهودي والسابِرِي (¬3) والقُوهِي والمروي والبُتُوت (¬4) والطيالسة والثياب كلها بعد أن يشترط ضرباً معلوماً وطولاً معلوماً وعرضاً معلوماً وأجلاً معلوماً وصفة معلومة. وكل شيء من السلم له حمل ومئونة فلا بد من أن يشترط المكان الذي يوفيه فيه، فإن لم يشترط ذلك فسد السلم في قول أبي حنيفة. ولا خير في السلم في كل شيء ينقطع من أيدي الناس. وكل شيء ليس (¬5) له حمل ولا مئونة فلا بأس بالسلم فيه ولا يشترط المكان الذي يوفيه (¬6). قال يعقوب ومحمد: ما كان له حمل ومئونة وما لم يكن له حمل ولا مؤنة سواء. فهو جائز وإن لم يشترط المكان الذي يوفيه فيه. قالا فعليه أن يوفيه في المكان الذي (¬7) أسلم إليه فيه. وهو قول أبي حنيفة الأول، ثم رجع عنه وقال: لا يجوز. ولا خير في السلم في الفاكهة كلها في (¬8) غير حينها. واذا كان حينها الذي تكون فيه فلا بأس بالسلم فيها ضرباً معلوماً وكيلاً معلوماً وأجلاً معلوماً قبل أن تنقطع (¬9). فإن جعلت [أجلاً] (¬10) بعد انقطاعه فلا خير في السلم. فإذا جعلت أجلاً قبل انقطاعه ثم لم يأخذ منه ما (¬11) عليه حتى ينقطع فصاحب السلم بالخيار، إن شاء أخذ رأس ماله، وان شاء أخر السلم حتى يجيء حينه الذي يكون فيه، فيأخذ ما أسلم فيه. ¬

_ (¬1) ع: في الخنزير. (¬2) م: والنطي. (¬3) والسابري ضرب من الثياب يعمل بسابور موضع بفارس، وعن ابن دريد: ثوب سابري أي رقيق. انظر: المغرب، "سبر". (¬4) ع: والبيوت. البَتّ كساء غليظ من وبر أو صوف، وقيل: طيلسان من خز، وجمعه بُتُوت، والبَتّات بائعه. انظر: المغرب، "بتت". (¬5) ف م - ليس؛ والزيادة من ع ط. وفي ب: ولا يشترط ذلك فيما لا حمل له ولا مئونة. (¬6) ع + فيه. (¬7) ع - الذي. (¬8) ع: من. (¬9) ع: أن ينقطع. (¬10) من ط. (¬11) ف + ما.

ولا خير في السلم في الرمان ولا في السفرجل ولا في البطيخ ولا في القثاء ولا في البقل ولا في الخيار وما أشبه ذلك مما لا يكال ولا يوزن؛ لأنه مختلف (¬1) فيه (¬2) الصغير والكبير. ولا بأس بالسلم (¬3) في الجوز والبيض عدداً. ولا بأس بالجوز كيلاً معروفاً. ولا بأس بالسلم في الفلوس عدداً. ولا خير في السلم في اللحم؛ لأنه مختلف في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد إذا أسلم في موضع منه معلوم (¬4) وسمى صفة معلومة فهو جائز. ولا خير في السلم في السمك الطري في غير حينه، مِن قِبَل أنه ينقطع من أيدي الناس، ولأنه مختلف (¬5). وإن (¬6) أسلم فيه في حينه فهو جائز. وأما السمك المالح فلا بأس بالسلم فيه وزناً معلوماً وضرباً معلوماً وأجلاً معلوماً. وإن أسلمت فيه عدداً فلا خير فيه. وإذا أسلم الرجل في الجذوع ضربًا معلوماً وطولاً معلوماً وغلظاً معلوماً وأجلاً معلوماً فلا بأس به إن اشترط المكان الذي يوفيه فيه. وكذلك الساج والصنوف من العيدان والخشب والقصب (¬7)، إذا اشترط (¬8) طولاً معلوماً وغلظاً معلوماً ومكاناً معلوماً وأجلاً معلوماً فلا بأس بذلك. إذا استصنع (¬9) الرجل عند الرجل خفين أو قلنسوة أو ¬

_ (¬1) ف: مما يختلف. (¬2) ع + في. (¬3) ع - بالسلم. (¬4) ع: معلوما. (¬5) ع + فيه. (¬6) ع: وإذا. (¬7) ف + إذا اشترط طولا معلوما وغلظا معلوما وأجلا معلوما فلا بأس به. (¬8) ف: إن اشترط. (¬9) ع: استضيع.

تَوْراً (¬1) أو كُوزاً أو قُمْقُماً (¬2) أو آنية من آنية النحاس، واشترط من ذلك صناعة معروفة، ولم يضرب لذلك (¬3) أجلاً، فهو بالخيار إذا فرغ الرجل من ذلك؛ لأنه اشترى ما لم ير (¬4). فإن شاء الذي استصنعه أخذه، وإن شاء تركه. فإن ضرب له أجلاً وكانت تلك الصناعة معروفة واشترط منها وزناً معروفاً من النحاس فهو بمنزلة السلم، وهو جائز ليس له خيار في قول أبي حنيفة. وإن كانت مجهولة فهو فاسد لا يجوز. قال أبو يوسف ومحمد: هو جائز، وصاحبه بالخيار إذا رآه، إن شاء أخذه، كان شاء تركه، ولا يكون بمنزلة السلم. ولا بأس بالسلم في اللَّبَن (¬5) في حينه الذي يكون فيه إذا اشترط وزناً معلوماً أو كيلاً معلوماً وأجلاً معلوماً قبل انقطاعه. وكذلك ألبان البقر وغيرها. ولا بأس بالسلم في اللَّبِن (¬6) والآجُرّ (¬7) إذا اشترط من ذلك شيئاً معروفاً وجعل له أجلاً معلوماً ومكاناً معلوماً. وإن كان ذلك لا يعرف فلا خير فيه. ولا بأس بالسلم في الأليات إذا اشترط وزناً معلوماً وأجلاً معلوماً. ولا بأس بالسلم في شحم البطن إذا اشترط من ذلك وزناً معلوماً وأجلاً معلوماً. ¬

_ (¬1) التَّوْر إناء صغير يشرب فيه ويتوضأ منه، وتَوْر نحاس، أي وقِدْر. انظر: المغرب، "تور". (¬2) ع: اقمقما. القُمْقُم: آنية العطار، والقُمْقُم أيضا آنية من نحاس يسخن فيه الماء، والقُمْقُم رومي معرب، وقد يؤنث بالهاء، فيقال: قمقمة، والقمقمة بالهاء: وعاء من صُفْر له عُرْوَتان يستصحبه المسافر، والجمع القماقم. انظر: المصباح المنير، "قمم". (¬3) ع: كذلك. (¬4) ع: لم يرى. (¬5) ع - في اللبن. (¬6) اللَّبِن جمع اللبنة بوزن الكلمة، وهي التي تتخذ من طين ويبنى بها. انظر: المغرب، "لبن". (¬7) ع: والاخر. الآجُرّ: الطين المطبوخ، وهو معرَّب. انظر: المغرب، "أجر".

ولا بأس بالسلم في التبن (¬1) إذا كان كيل معلوم وأجل معلوم وقَبَّانٌ (¬2) معلوم (¬3). وإذا كان ذلك لا يعرف له قيمة (¬4) [فلا خير فيه] (¬5). ولا خير في السلم في رؤوس الغنم والأَكَارع (¬6)؛ لأنها (¬7) مختلفة فيها الصغيرة والكبيرة (¬8). ولا خير في السلم في كل شيء يوزن أو يكال إذا اشترط بمكيال غير معروف. ولو اشترط بإناء بعينه غير أن ذلك الإناء لا يعرف وزنه ولا يكون رطلاً فلا خير فيه. ألا ترى لو أن ذلك الإناء هلك (¬9) لم يعرف ما أسلم فيه. وكذلك الطعام وغيره إذا اشترط بإناء مجهول لا يعرف قدره. وإذا اشترى بذلك (¬10) الإناء يدًا (¬11) بيد فلا بأس ما كان (¬12) قائماً بعينه. ولا بأس بالسلم في العصير في حينه الذي يكون فيه، بعد أن يكون أجله قبل انقطاعه، واشترط (¬13) من ذلك وزناً وكيلاً معلوماً وأجلاً معلوماً ومكاناً معلوماً وضرباً معلوماً في حينه. فإن ذهب حين العصير ¬

_ (¬1) ع - إذا اشترط من ذلك وزنا معلوما وأجلا معلوما ولا بأس بالسلم في التبن. (¬2) ف م: وفيما (مهملة)؛ ع: وقيما. وفي المبسوط، 12/ 141: وكيمانا. وفي ب جار: والقيمان. وفي ط: وفَيْمَانا. ولفظ الحاكم: وقَبّانا. انظر: الكافي، 1/ 163 ظ. والقَبْان هو الميزان. انظر: المصباح المنير، "قبن". وقال الكاساني: ولا يجوز السلم في التبن أحمالا أو أوقارا، لأن التفاوت بين الحمل والحمل والوقر والوقر مما يفحش، إلا إذا أسلم فيه بقَبَّان معلوم من قبابين التجار، فلا يختلف، فيجوز. انظر: بدائع الصنائع، 5/ 209. وَالفَيْمَان تعريب بَيْمَان، ومنه "اشترى كذا فَيْمَانا من صُبْرَة" (طعام). انظر: المغرب، "فيمن". (¬3) ف: معلوما. (¬4) م ع: لا يعرف قيمة له. (¬5) من ط؛ والمبسوط، 12/ 141. (¬6) الكُرَاع ما دون الكعب من الدواب، وما دون الركبة من الإنسان، وجمعه أَكْرُع وأَكَارع. انظر: المغرب، "كرع". (¬7) م ع: لأنه. (¬8) ع: الكبيرة والصغيرة. (¬9) ف - هلك، صح هـ. (¬10) ع: اشترط ذلك. (¬11) ع: يد. (¬12) ع: بأس وكان. (¬13) م: وإن اشترط.

كان (¬1) صاحبه (¬2) بالخيار، إن شاء أخذ رأس ماله، وإن شاء أخره حتى يجيء حينه، فيأخذ ما أسلم فيه. ولا بأس بالسلم في الخل إذ"شترط كيلاً معلوماً وأجلاً معلوماً وضرباً معلوماً من الخل وصنفاً معلوماً (¬3). وإذا أسلم الرجل في تمر ولم يسم (¬4) فارسياً ولا دَقَلاً (¬5) فلا خير في السلم فيه؛ لأن الفارسي مخالف للدقل. وإن كان اشترط فارسياً فلا بد من أن يقال جيداً أو وسطاً أو رديئاً (¬6). ولا خير في السلم في شيء من الطير ولا في لحومها. ولا خير في السلم في شيء من الجواهر ولا اللؤلؤ؛ لأنه مختلف (¬7) مجهول. ولا بأس بالسلم في الجصّ والنُّورَة إذ"شترط من ذلك كيلاً معلوماً وأجلاً معلوماً وضرباً معلوماً ومكاناً معلوماً. وكذلك ما أشبهه مما يكال أو يوزن. ولا خير في السلم في الزجاج إلا (¬8) أن يكون مكسوراً، فليشترط من ذلك وزناً معلوماً وضرباً معلوماً. وإن كانت آنية (¬9) واشترط من ذلك شيئاً معروفاً لا يجهل فلا بأس به (¬10). وإن كان هذا مجهولاً (¬11) فاشترط من ذلك عدداً وفي ذلك الصغير والكبير فلا خير فيه. ¬

_ (¬1) ف: كما؛ م: فحا؛ ع - كان. والتصحيح من ط. (¬2) ع: وصاحبه. (¬3) ع: وصف معلوم. (¬4) ع: يسمي. (¬5) الدَّقَل نوع من أردأ التمر. انظر: المغرب، "دقل". (¬6) ف ع: أو وزنا. (¬7) م ف - مختلف؛ والزيادة من ع ط. (¬8) ع - إلا. (¬9) ع؛ ابنة. (¬10) ع - به. (¬11) م ع: مجهول.

وإذا أسلم الرجل ألف درهم إلى رجل في طعام، خمسمائة درهم [من] (¬1) ذلك كانت ديناً عليه، وخمسمائة نقدها إياه، فإنه يجزئ ذلك من (¬2) حصة النقد وهو النصف، ويبطل من ذلك حصة الدين وهو (¬3) النصف. قال: وبلغنا ذلك عن (¬4) أبي حنيفة عن ابن عباس. ألا ترى أنه أسلم ديناً في دين. وإذا أسلم الرجل إلى رجل (¬5) مائة درهم في كُرّ (¬6) حنطة وكُرّ شعير ولم يبين رأس مال كل واحد منهما فلا خير في ذلك، وهو مردود. وهذا قول أبي حنيفة. قال: وبلغنا ذلك عن عبد الله بن عمر (¬7). وقال أبو يوسف ومحمد: هو جائز. واذا أسلم الرجل الدراهم إلى رجل في طعام على أن أحدهما بالخيار فلا يجوز السلم في هذا، والسلم فاسد، وهو بمنزلة الصرف، إلا أن يبطل صاحب الخيار خياره قبل أن يتفرقا فيجوز ذلك. وكذلك لو أسلم إليه دراهم في طعام فافترقا قبل أن يقبض الدراهم. قلت: وكذلك لو أسلم إليه دراهم في طعام فأعطاه إياها فلما افترقا وجدها زيوفاً فإنه يردها وينتقض السلم. وإن أعلمه أنها زيوف (¬8) وقبضها ¬

_ (¬1) الزيادة من ط؛ والكافي؛ الموضع السابق؛ والمبسوط، 12/ 142. (¬2) ع - من. (¬3) ع - ويبطل من ذلك حصة الدين وهو. (¬4) ع: من. (¬5) ع: الرجل. (¬6) الكُرّ مكيال لأهل العراق، وجمعه أَكْرَار، فقيل: إنه اثنا عشر وَسْقاً كل وَسْق ستون صاعاً، وفي تقديره أقوال أخرى ذكرها المطرزي. انظر: المغرب، "كرر". وقد ذكر المؤلف في كتاب القسمة أنه يكون أربعين قفيزاً. انظر: 2/ 75 و. والقفيز اثنا عشر صاعاً. انظر: المغرب، "كرر". (¬7) ف: عن ابن عمر. (¬8) م ع: زيوفا. زَافَتْ عليه دراهمُه أي صارت مردودة عليه لِغِشٍّ فيها، وقد زُيِّفَتْ إذا رُدَّتْ، ودرهم زَيْف وزائف، ودراهم زُيُوف وزُيَّف، وقيل: هي دون البَهْرَج في=

على ذلك فليس له أن يردها والسلم جائز. فإن (¬1) لم يعلم (¬2) ثم وجد فيها درهماً (¬3) زائفاً فإني (¬4) أستحسن أن يرده (¬5) عليه ويأخذ غيره لأنه قبضه. وإن كان سَتُّوقاً (¬6) رده وأحصى (¬7) وحط عنه بقدره في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: إن كان زيوفاً كلها فإنا نستحسن أن يبدلها له (¬8)، والسلم على حاله. وإذا أسلم الرجل إلى رجل في طعام وأعطاه دراهم (¬9) لا يعلم ما (¬10) وزنها أو فضة أو ذهباً (¬11) لا يعلم ما وزنه فإن السلم فاسد لا يجوز، مِن قِبَل أنه لا يعلم ما رأس ماله. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: هو جائز. ولو أسلم ثوباً في طعام فإن هذا جائز في قول أبي حنيفة وإن لم يعلم ما قيمة الثوب، من أجل أن الثياب تختلف (¬12) في الغلاء والرُّخْص في البلدان، وإنما تقوم (¬13) بالظن والحزر. وأما الفضة والذهب والدراهم فإنه يقدر على أن يزنه حتى يعلم ما هو، فهذا مخالف لذلك. وإذا أسلم الرجل إلى رجل في طعام وأخذ كفيلاً ثم صالح الكفيل ¬

_ =الرداءة، لأن الزيف ما يرده بيت المال، والبَهْرَج ما يرده التجار، وقياس مصدره الزُّيُوف، وأما الزَّيَافَة فمن لغة الفقهاء, انظر: المغرب، "زيف". وقال السرخسي: ثم الزُّيُوف ما زيّفه بيت المال ولكن يروج فيما بين التجار. انظر: المبسوط، 12/ 144. (¬1) ع: وإن. (¬2) ف: لم يسلم. (¬3) م ع: دراهما. (¬4) ف: فإن. (¬5) ع: ترده. (¬6) قال المطرزي: السَّتُّوق بالفتح أردأ من البَهْرَج، وعن الكرخي: الستّوق عندهم ما كان الصُّفْر أوالنحاس هو الغالب الأكثر، وفي الرسالة اليوسفية: البَهْرَجَة إذا غلبها النحاس لم تؤخذ، وأما الستّوقة فحرام أخذها، لأنها فلوس. انظر: المغرب، "ستق". وقال السرخسي: الستوقة فلس مموه بالفضة. انظر: المبسوط، 12/ 144. (¬7) ع: واحطى. (¬8) ع - له. (¬9) م ع: دراهما. (¬10) م - ما. (¬11) ع: ذهب. (¬12) ع: يختلف. (¬13) م ع: يقوم.

على رأس ماله فإن الذي عليه الطعام بالخيار، فإن شاء أجاز الصلح وأعطاه رأس المال، وإن شاء رد الصلح. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: أما أنا فأرى الصلح جائزاً (¬1) على الكفيل، ولا يلزم الذي عليه الطعام من الصلح شيء، إنما يكون عليه (¬2) طعام مثل ذلك يرده على الكفيل. وهذا بمنزلة رجل (¬3) كفل لرجل (¬4) بألف درهم فصالحه على خادم أو ثياب فالصلح جائز، ويرجع الكفيل على المكفول عنه بألف درهم. واذا أسلم الرجلان إلى رجل في طعام، فصالحه أحدهما على رأس المال، وأبى الآخر أن يجيز ذلك، فإن الصلح لا يجوز، مِن قِبَل أنه لا يكون لأحدهما دراهم، وللآخر طعام. فإن رضي الشريك بذلك كان ما أخذ (¬5) الآخر من رأس المال، وما بقي من الطعام بينهما. وهذا قول أبي حنيفه ومحمد. وقال أبو يوسف: أما أنا فأرى الصلح (¬6) جائزاً (¬7) على الذي صالح. وإن أبى شريكه كان للذي صالح رأس ماله، وكان لشريكه طعامه على حاله. فإن تَوَى (¬8) رجع على شريكه بنصف ما أخذ. وهو بمنزلة رجلين لهما على رجل مائة درهم فصالحه أحدهما من حصته على ثوب وأبى الآخر أن يرضى، فللمصالح الثوب وللآخر خمسون درهماً على المطلوب، فإن تَوِيَت فله أن يدخل مع صاحب الثوب في الثوب (¬9) فيكون له نصفه، إلا أن يرضى صاحب الثوب أن يرد عليه خمسة وعشرين (¬10) درهماً ولا يكون له من الثوب شيء. والخيار في ذلك إلى صاحب الثوب. وكذلك هذا في الكر السلم. وإذا أسلم الرجل إلى الرجل دراهم (¬11) في طعام، فصالحه على رأس ¬

_ (¬1) م ع: جائز. (¬2) ع - عليه. (¬3) م ع: الرجل. (¬4) ع: الرجل. (¬5) م - كان ما أخذ. (¬6) ع + الصلح. (¬7) ع: جائز. (¬8) ع: نوى. (¬9) م - في الثوب. (¬10) م ع: وعشرون. (¬11) م ع: دراهما.

ماله، ثم أراد أن يشتري برأس ماله منه بَيْعاً (¬1) قبل أن يقبضه، فلا خير في ذلك، ولا ينبغي له أن يشتري شيئاً ولا يأخذ إلا سلمه بعينه أو رأس ماله. بلغنا ذلك عن إبراهيم النخعي (¬2). وإذا أسلم الرجل إلى الرجل دراهم (¬3) في طعام ودنانير (¬4) في طعام، قد علم وزن الذهب، ولم يعلم وزن الدراهم، فلا خير في هذا حتى يعلم وزنهما (¬5) جميعاً. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: هو جائز. وإذا أسلم الرجل إلى الرجل عشرة دراهم في ثوبين يهوديين إلى أجل معلوم، واشترط طولاً معلوماً وعرضًا معلوماً ورقعة (¬6) معلومةً، فهو جائز، ولا يضره أن لا يسمى (¬7) رأس مال كل واحد منهما على حدة. وأكره له أن يبيع واحداً منهما مرابحة على خمسة دراهم؛ لأنه إنما يقومها بالظن والحزر (¬8). ولا بأس أن يبيعهما (¬9) جميعاً مرابحة على عشرة دراهم. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا بأس بأن يبيع أحدهما مرابحة على خمسة دراهم. وإذا أسلم الرجل عشرة دراهم في ثوب يهودي وثوب سابِرِي (¬10) ولم يسم رأس مال كل واحد منهما فالسلم فاسد، وليس هذا كالثوبين اليهوديين؛ لأن هذين من صنفين مختلفين، وذلك من صنف واحد. وقال أبو يوسف: هو جائز. ¬

_ (¬1) يستعمل البيع بمعنى المبيع. انظر: المغرب، "بيع". (¬2) م ع - النخعي. وسيأتي قريبا عند المؤلف بإسناده عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 187. وانظر للروايات في ذلك: نصب الراية للزيلعي، 4/ 51. (¬3) م ع: دراهما. (¬4) م: ودنانيرا؛ ع: أو دنانيرا. (¬5) ع: وزنها. (¬6) يقال: رقعة هذا الثوب جيدة، يراد غلظه وثخانته. انظر: المغرب، "رقع". (¬7) م: أن يسمي. (¬8) ع: والحرز. (¬9) ع: يبيعها. (¬10) ف: سابوري.

وإذا أسلم الرجل إلى الرجل دراهم (¬1) في شيء يجوز فيه السلم ثم تفرقا قبل أن يقبض الذي أسلم إليه الدراهم فإن السلم فاسد. ولا بأس بالسلم في المُسُوح (¬2) والأَكْسِيَة والعباء والكَرَابيس (¬3) إذا اشترطت طولاً معلوماً وعرضاً معلوماً وأجلاً معلوماً ورقعةً معلومةً من صنف معروف. ولا بأس بالرهن والكفيل في السلم. بلغنا ذلك عن إبراهيم النخعي (¬4). وبلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه اشترى من يهودي طعاماً بنسيئة ورهنه درعه (¬5). وإذا أسلم الرجل في شيء من الثياب فاشترط طولاً وعرضاً بذراع رجل معروف فلا خير في ذلك. ألا ترى أنه لو مات ذلك الرجل لم يدر (¬6) صاحب السلم ما حقه. وإذا اشترط كذا وكذا ذراعاً فهو جائز، وله ذراع وسط. وإذا أسلم الرجل إلى الرجل في حرير (¬7) واشترط وزناً معلوماً ولم يشترط الطول والعرض فلا خير فيه. ألا ترى أنه لا يدري ما أسلم فيه. وإذا اشترط طولاً وعرضاً بفَيْمَان (¬8) غير الذراع، فإن كان فَيْمَاناً (¬9) ¬

_ (¬1) م ع: دراهما. (¬2) المِسْح بَلاس الرهبان، والمِسح الكساء من الشعر، والجمع القليل أمساح والكثير مسوح. انظر: المغرب، "مسح"، ولسان العرب، "مسح". وقال ابن منظور: البَلاس المِسْح. . . وأهل المدينة يسمون المِسح بَلاسًا وهو فارسي معرب. انظر: لسان العرب، "بلس". (¬3) جمع الكِرْبَاس بالكسر ثوب من القطن الأبيض. انظر: القاموس المحيط، "كربس". (¬4) روي عن إبراهيم وغيره. انظر: الآثار لأبي يوسف، 188؛ والآثار لمحمد، 129؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 271 - 272؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 6/ 19. (¬5) رواه المؤلف بإسناده في أول كتاب الرهن. انظر: 2/ 1 ظ. وانظر: صحيح البخاري، الرهن، 2؛ وصحيح مسلم، المساقاة، 124. (¬6) ع: ايدر. (¬7) ع: في خير. (¬8) ع: يقيمان. (¬9) ع: قيمانا.

معروفاً من فَيَامِين (¬1) التجار (¬2) فهو جائز، وإن كان مجهولاً فهو فاسد. وإذا اشترط الرجل في سلمه ثوباً جيداً، فأتاه الذي عليه الثوب بثوب ليعطيه إياه، فقال رب السلم: ليس هذا بجيد، وقال الآخر: هو جيد، فإنه ينظر إلى رجلين عدلين من أهل تلك الصناعة، فإن اجتمعا على أنه جيد مما يقع عليه اسم الجيد أجبره رب الثوب على أخذه، وإن كان ليس بجيد لا يجبر رب السلم (¬3) على أخذه. وإن كان اشترطا وسطاً فأتاه الآخر بجيد، فقال: خذ هذا وزدني درهماً، فلا بأس بذلك إن فعله. وكذلك لو أتاه بثوب أطول مما اشترط عليه أو أعرض فلا بأس بذلك إن فعله. وإن كان شيئاً مما يكال أو يوزن فأتاه بمثل ذلك الكيل الذي عليه غير أنه أجود مما اشترط، فقال: خذ هذا وزدني درهماً، لم يكن في هذا خير، ولا يجوز (¬4). ألا ترى أنه لا يصلح مختوم (¬5) حنطة بمختوم (¬6) حنطة وزيادة درهم. وكذلك كل ما يكال أو يوزن. فأما الثياب فلا بأس أن يأخذ ثوباً ويعطي مثله وزيادة درهم. وإذا أسلم الرجل في ثوب قُوهِي فأتاه بثوب أطول منه على مثل (¬7) رقعته ومثل طوله غير أنه أجود منه، فقال: خذ هذا وزدني درهماً، فلا بأس بذلك؛ لأن فضل ما بينهما درهم. ولو أتاه بأنقص من ثوبه فقال: خذ هذا وأرد عليك درهماً من رأس مالك، لم يجز هذا مِن قِبَل أنه لا أدري (¬8) كم رأس مال ما أخذ وما ترك؛ لأن الثوب مختلف. وكذلك في الطعام. ولو أتاه بمثل طعامه في الكيل وهو ¬

_ (¬1) م ع: من قيامين. (¬2) م - التجار. (¬3) ع: الثوب. (¬4) ع: خيراً ولا تجوز. (¬5) قال المطرزي: والمختوم الصاع بعينه، عن أبي عبيد، ويشهد له حديث الخدري: الوسق ستون مختوماً. انظر: المغرب، "ختم". (¬6) م: مختوم. (¬7) ف + ما. (¬8) ط: لا يدري.

دونه، فقال: خذ هذا وأرد (¬1) عليك درهماً، كان ذلك باطلاً لا يجوز. وإذا اختلف الرجلان في السلم فقال الطالب: شرطت لي جيداً، وقال المطلوب: شرطته (¬2) لك وسطاً من صنف قد سميناه (¬3) جميعاً، فالقول في ذلك قول المطلوب مع يمينه، ويتحالفان، ويترادان (¬4) البيع، إلا أن تقوم (¬5) للطالب البينة فيؤخذ ببينته. وإذا اختلف الطالب والمطلوب، فقال الطالب: أسلمت إليك في كر حنطة، وقال المطلوب: أسلمت إلي في كر شعير، أو قال الطالب: في ثوب قُوهِي، وقال المطلوب: في ثوب يهودي، ولا بينة بينهما، فإنهما يترادان السلم، ويأخذ الطالب رأس ماله بعد أن يحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه. فالذي (¬6) يبدأ به في الحلف المطلوب. وهذا قول أبي يوسف الأول، ثم قال بعد ذلك: [الذي] (¬7) يبدأ به باليمين الطالب. وهو قول محمد وزفر. فإن قامت لهما بينة جميعاً على ما ادعيا أخذت ببينة الطالب؛ لأنه هو المدعي. وهو قول أبي يوسف. وقال محمد: يأخذ بالبينتين جميعاً ويجعلهما سلمين، فإن كانا لم يفترقا قضى على رب السلم بثمنين (¬8)، وقضى على المسلم إليه بالحنطة والشعير جميعاً. فإن لم (¬9) يختلفا في السلم ولكنهما (¬10) اختلفا في المكان الذي يوفيه فيه، فقال الطالب: شرطت لي مكان كذا وكذا، وقال المطلوب: بل شرطت لك مكان كذا وكذا، لمكان آخر، وليست بينهما بينة، فالقول قول المطلوب مع يمينه، فإن قامت لهما بينة (¬11) على ما قالا أخذت ببينة ¬

_ (¬1) م. وأزد. (¬2) ع: شرطه. (¬3) ف: قد سمياه (¬4) ف: ويردان. (¬5) ع: أن يقوم. (¬6) ع: والذي. (¬7) من ط. (¬8) ف م: بيمين؛ ع: بيمينين. والتصحيح من ب جار ط. (¬9) ع - لم. (¬10) ف: ولكنما؛ ع: ولكنا. (¬11) م + فالقول قول المطلوب مع يمينه فإن قامت لهما بينة.

الطالب؛ لأنه مدعي (¬1). ولو أنهما لم يختلفا في المكان ولكنهما اختلفا في الأجل (¬2)، فقال الطالب: شرطت لي (¬3) كذا وكذا من الأجل (¬4) وقد حل الأجل، وقال المطلوب: بل شرطت لي كذا وكذا من الأجل - أبعد من ذلك - (¬5) ولم يحل ذلك بعد (¬6)، فالقول قول الطالب مع يمينه بالله على ذلك. ولو قامت لهما بينة أخذت (¬7) ببينة المطلوب؛ لأنه المدعي. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا اختلفا في المكان الذي يوفيه فيه السلم فإنهما يتحالفان ويترادان السلم. وإذا اختلفا في الأجل فقال الطالب: أجلتك شهراً وقد مضى، وقال المطلوب: لم يمض (¬8) بعد، إنما أخذت السلم منك الساعة، ولا بينة بينهما، فالقول في ذلك قول المطلوب مع يمينه، وعلى الطالب البينة. فإن قامت لهما بينة (¬9) أخذت ببينة المطلوب؛ لأن شهوده قد أكذبوا الطالب حيث ادعى أنه أجله شهراً وقد مضى، ولأن المطلوب (¬10) هو المدعي للفضل هاهنا، فالقول هاهنا قوله، والبينة بينته. وإذا اختلفا في الأجل فقال أحدهما: لم يكن له أجل، وقال الآخر: بلى (¬11) قد كان له أجل، فالقول قول الذي زعم أن له أجلاً أيهما (¬12) ما كان، ولا يصدق الآخر؛ لأنه يريد أن يفسد السلم، فلا يصدق على إفساده. وأما في القياس فإنه ينبغي أن يكون القول قول الذي قال ليس له أجل، وأن يكون السلم فاسداً (¬13)، وعلى الذي يدعي أجلاً البينة. وهو قول أبي ¬

_ (¬1) م ع: يدعي. (¬2) ف: في الأجر؛ ع: في الاخر. (¬3) ع: لك. (¬4) ف: من الأجر. (¬5) م - من ذلك. (¬6) ف - بعد. (¬7) ف - بينة أخذت. (¬8) ع: لم يمضي. (¬9) م - بينة. (¬10) ع: المدعي. (¬11) م: بل. (¬12) م: اتهما. (¬13) ع: فاسد.

يوسف ومحمد إذا كان الذي يقول ذلك الذي له السلم. وإذا قبض صاحب السلم رأس ماله وتتاركا، ثم اختلفا في رأس المال، فقال المطلوب: كان رأس مالك خمسة دراهم، وقال الطالب: بل كان رأس مالي (¬1) عشرة دراهم، فإن القول في ذلك (¬2) قول المطلوب مع يمينه. فإن قامت للطالب بينة على ما يدعي من الفضل أخذ له بذلك. وإذا تتاركا السلم فقال المطلوب: كان رأس مالك هذا الثوب، وقال الطالب: بل كان رأس مالي عشرة دراهم أو دينار أو ثوب هو (¬3) أجود من هذا، فإن القول في ذلك قول المطلوب مع يمينه، إلا أن تقوم (¬4) للطالب بينة على ما يدعي، فيؤخذ له بدعواه. وإذا أسلم الرجل إلى الرجل دراهم (¬5) فوجد فيها درهماً زائفاً بعدما افترقا به، فإنه ينبغي في القياس أن يرد الدرهم، ويبطل من السلم بحساب ذلك. فإن أنكر رب السلم أن يكون ذلك من دراهمه فالقول قول المطلوب المسلم إليه مع يمينه، وعلى الطالب البينة أنه أعطاه (¬6) جيادًا في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: يستبدله إذا كان زائفاً إذا أقر به صاحبه (¬7)، ولا ينتقض، وليس ينبغي أن يفترقا. فإذا أسلم إليه حتى يقبض رأس المال، فإن افترقا قبل أن يقبض رأس المال (¬8) فالسلم فاسد (¬9)، لا يكون ديناً في دين إن (¬10) أسلم إليه دراهم (¬11). ¬

_ (¬1) ع: المال. (¬2) م - في ذلك. (¬3) م: وهو. (¬4) ع: أن يقوم. (¬5) م ع: دراهما. (¬6) م ع: ان اعطاه. (¬7) ع: صاحبة. (¬8) م ف - فإن افترقا قبل أن يقبض رأس المال؛ والزيادة من ع ط. وفي ب وجار: ويفسده فرقتهما قبل قبض رأس المال الدراهم. وهو بمعناه. (¬9) ع: فاسدا. (¬10) ع: فإن. (¬11) م ع: دراهما؛ ع + في طعام فقبض بعضاً وأحال ببعض.

وإذا أسلم الرجل إلى رجل دراهم (¬1) في شيء مما ذكرت لك إلى أجل معلوم وجعل للدراهم أجلاً يعطيها إياه ثم افترقا فالسلم فاسد، ولا يكون ديناً في دين. فإن أسلم إليه دراهم (¬2) في طعام فقَبَّضَ (¬3) بعضاً وأحال بعضاً (¬4) على آخر، وبقي عنده بعض، ثم تفرقا، فإنما له من (¬5) السلم بحساب ما قَبَّضَ (¬6) من المال، فأما (¬7) ما أحاله به أو بقي عنده لم يَنْقُده إياه فلا خير فيه، ويرجع رب السلم بالدراهم التي أحاله بها على المحتال عليه. وإذا أسلم الرجل إلى الرجل جارية أو غلاماً أو إبلاً أو بقراً أو ثوباً (¬8) من صنوف الثياب في شيء مما يكال أو يوزن، واشترط ما ذكرت لك من ذلك من الكيل المعلوم والأجل (¬9) المعلوم وضربا من ذلك معلوماً (¬10)، فهو جائز. وكذلك (¬11) إذا أسلم ثوباً قُوهِياً في ثوب مَرْوِي، أو ثوباً هَرَوِياً في ثوب قوهي، أو ثوباً (¬12) يهودياً في ثوب زُطَّي، أو بَتًّا (¬13) في طيلسان أوطيلسانًا (¬14) في بَتّ، أو كساء من صوف في ثوب أو طيلسان، أو ثوب كتان في ثوب قطن، واشترط من ذلك ذرعاً معلوماً في العرض والطول والرقعة فهو جائز. وإن كان هذا قطناً كله أو كتاناً فلا بأس بالسلم فيه، لأنه مختلف. ¬

_ (¬1) م ع: دراهما. (¬2) م ع: دراهما. (¬3) ف م: يقبض. وفي ب: فنقد. وفى المبسوط، 12/ 159: وأعطاهـ قَبَّضَه المال أعطاه إياه. . . وتقبيض المال إعطاؤه لمن يأخذه. انظر: لسان العرب، "قبض". (¬4) م ع: ببعض. (¬5) ع - رأس. (¬6) ف: ما نقص. وفي ب: ما نقد. وفي المبسوط، 12/ 159: ما نقده. (¬7) ع: وأما. (¬8) من ف - أو ثوبا، صح هـ. (¬9) ع: وأجل. (¬10) م ع: معلوم. (¬11) م: وكذا. (¬12) ع: ثوب. (¬13) جميع النسخ: أو بت. (¬14) جميع النسخ: أو طيلسان.

ولا بأس بالسلم في الكتان وزناً معلوماً. وكذلك القطن والقَزّ (¬1) والإبريسم (¬2)، ولا بأس بالسلم في ذلك كله. وإذا اشترط رب السلم أن يوفيه السلم في مدينة كذا وكذا (¬3) أو في (¬4) مصر كذا وكذا فقال رب السلم: ادفعه إلي (¬5) في ناحية كذا من المصر، وقال المسلم إليه: بل أدفعه إليك في ناحية أخرى، ليس في تلك الناحية، قال: فحيث ما دفعه إليه الذي عليه السلم من ذلك المصر وتلك المدينة فذلك له، وهو بريء، وليس لرب السلم ما ادعى من ذلك. ولا خير في السلم في المسابق (¬6) والفِرَاء إلا أن يشترط من ذلك شيئاً معروف الطول والعرض والتقطيع والصفة، فإن كان يعرف شيئاً من هذا فهو جائز. ولا خير في السلم بالحطب أَوْقَاراً أو أَحْمَالاً (¬7)؛ لأن هذا مجهول غير معروف فلا خير فيه. وكذلك كل سلم اشترط فيه أوقاراً أو أحمالاً (¬8) فلا خير فيه. وإذا اشترط على الرجل الذي عليه السلم (¬9) أن يحمل السلم إلى منزل صاحب السلم بعدما يوفيه إياه في المكان الذي اشترط فلا خير في السلم على هذا الشرط. ¬

_ (¬1) م: والفرو. القَزّ ضرب من الإبريسم، قال الليث: هو ما يسوى منه الإبريسم، وفي جمع التفاريق: القز والإبريسم كالدقيق والحنطة. انظر: المغرب، "قزز". (¬2) ع - والإبريسم. (¬3) ف + وكذا. (¬4) م - في. (¬5) ع: لي. (¬6) م: المسافق. المسبق ما له كان طويلان كما يكون للأكراد وبعض العرب. انظر: المبسوط، 12/ 160. (¬7) ف ع: ولا أحمالا. قال المطرزي: قوله: "السلم في الحطب أوقارا أو أحمالا"، إنما جمع بينهما لأن الحِمْل عام والوِقْر أكثر ما يستعمل في حِمْل البغل أو الحمار كالوَسْق في حمل البعير. انظر: المغرب، "وقر". (¬8) م - لأن هذا مجهول غير معروف فلا خير فيه وكذلك كل سلم اشترط فيه أوقارا أو أحمالا. (¬9) ع - الذي عليه السلم.

وإذا اشترط رب السلم في سلمه أن يوفيه إياه في منزله فلا بأس به، وهذا وحمله في القياس سواء، غير أنا نأخذ في حمله إلى منزله بالقياس، ونأخذ في هذا بالاستحسان. ولا خير في السلم في الحطب عدداً؛ لأنه مجهول لا يعرف فيه الصغير والكبير. ولا بأس بالسلم في الجبن والمَصْل (¬1) إذا اشترط من ذلك ضرباً معلوماً وأجلاً معلوماً ومكاناً معلوماً يوفيه فيه. ولا خير في السلم في القَصِيل (¬2) ولا في الحشيش أحمالاً ولا أوقاراً ولا حُزَماً (¬3). وإذا اختلف الرجلان في السلم فقال الذي أسلم: أسلمت إليك في ثوب يهودي، وقال الذي عليه السلم: بل هو زُطِّي، وليس بينهما بينة، فإن الذي عليه السلم يحلف بالله ما هو يهودي، فإن نكل عن اليمين لزمه ثوب يهودي، وإن حلف برئ، وعلى الطالب أن يحلف بالله ما هو زُطِّي على ما ادعى الآخر، فإن نكل عن اليمين لزمه دعوى (¬4) صاحبه، وإن حلف برئ ورد عليه رأس ماله. وإن قامت لهما بينة أخذت ببينة الطالب في قول أبي يوسف. وإن اتفقا أنه ثوب يهودي غير أنهما اختلفا في الصفة فقال المطلوب: طوله خمسة أذرع في ثلاثة أذرع (¬5)، وقال الطالب: بل هو ستة أذرع في ثلاثة أذرع، واتفقا على ما سوى ذلك، فإن هذا والأول في القياس ¬

_ (¬1) ع: والمصلى. المَصْل: عُصَارة الأقِط، وهو ماؤه الذي يُعْصَر منه حين يُطْبَخ. انظر: المصباح المنير، "مصل". (¬2) ع: في الفصل. القَصْل قطع الشيء، ومنه القَصِيل، وهو الشعير يُجَزّ أخضر لعلف الدواب، والفقهاء يسمون الزرع قبل إدراكه قصيلا، وهو مجاز. انظر: المغرب، "قصل". (¬3) ع: خرما. (¬4) ع: لزمه ثوب يهودي. (¬5) م - في ثلاثة أذرع.

سواء (¬1)، يتحالفان ويترادان السلم، وبالقياس نأخذ (¬2). وأما الاستحسان فإنه ينبغي أن يكون القول هاهنا قول المطلوب مع يمينه إلا أن تقوم (¬3) للطالب بينة. وبالقياس نأخذ (¬4). وإذا اختلفا في السلم بعينه أو في رأس المال ولم يقبض رأس المال (¬5) ولم يتفرقا، فقال المسلم إليه: أسلمت إليّ هذه الجارية في مائة مختوم حنطة، وقال رب السلم: بل أسلمت إليك هذا العبد في مائتي مختوم حنطة، وليس بينهما بينة، فإنه يحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه، ثم يترادان السلم. وأيهما نكل عن اليمين لزمه دعوى صاحبه قِبَلَه. وإن قامت لهما بينة لزمته الجارية بمائة مختوم حنطة، ولزمه العبد بمائتي مختوم حنطة. ولا بأس بأن يسلم الحيوان في كل ما يكال أو يوزن أو يذرع من الثياب إلى أجل معلوم. ألا ترى أنه لا بأس ببيع الحيوان بالدراهم والدنانير إلى أجل معلوم. وكذلك لو أسلمتَ جارية في عشرة أكرار حنطة وشعير. ولو أسلمتَ فيها عبدأ أو دابةً أو ثوباً كان ذلك جائزاً، ولا يضرك أن لا تسمي (¬6) رأس مال الحنطة من ذلك ولا رأس مال الشعير. ولو أسلمتَ ثوباً في عشرة أكرار حنطة وشعير (¬7) ولم تسم (¬8) رأس مال كل واحد منهما لم يضرك ذلك وكان ذلك جائزاً، وكان رأس مال كل واحد منهما على حساب قيمة ذلك؛ لأنك لا تقدر على تقويمه إلا بالظن والحَزْر (¬9). ولو كانت دراهم لم تصلح؛ لأنه يقدر (¬10) على وزن حصة كل واحد منهما. وهذا قول أبي حنيفة. وقال يعقوب: هما سواء، والسلم جائز. ¬

_ (¬1) ع: سواء في القياس. (¬2) ع: يأخذ. (¬3) ع: أن يقوم. (¬4) ع: يأخذ. (¬5) ع - ولم يقبض رأس المال. (¬6) ع: لا يسمى. (¬7) ع: وبشعير. (¬8) ع: يسم. (¬9) ع: والحرز. (¬10) ف: لأنه لا يقدر.

وإذا باع الرجل جارية بألف مثقال فضة وذهب جياد أو دنانير ودراهم (¬1) كان له من كل واحد خمسمائة مثقال، وهذا جائز. وإذا استأجر الرجل أرضاً أو داراً أو عبداً أو ثوباً أو دابةً أو أمةً أو شِقّ مَحْمِل (¬2) أو شِقّ زاملة (¬3) إلى مكة، بشيء مما يكال أو يوزن كيلاً معلوماً أو وزناً معلوماً وأجلاً معلوماً، وسمى المدينة التي استأجر إليها (¬4) والأرض والدار والخادم والحمام (¬5)، وسمى من ذلك الكيل صنفاً معروفاً، فإن هذا كله جائز. وكذلك لو استأجر ذلك بثوب يهودي وبين طوله وعرضه ورقعته وأجله فهو جائز (¬6). وإذا أسلم الرجل إلى الرجل عشرة دراهم في عشرين مختوم (¬7) شعير أو عشرة (¬8) مخاتيم حنطة، ووقع السلم على هذا، والشرط على هذا أن يعطيه أيهما شاء رب السلم والمسلم (¬9) إليه، فلا خير في هذا؛ لأن السلم لم يقع على شيء معلوم. وكذلك إن قال: إن أعطيتني إلى شهر فهو عشرة مخاتيم، وإن أعطيتني إلى شهرين فهو عشرون مختوماً، كان هذا فاسداً (¬10) يجوز السلم فيه. ¬

_ (¬1) م ع: ودراهما. (¬2) قال المطرزي: المحمل بفتح الميم الأولى وكسر الثاني أو على العكس الهودج الكبير ... وأما تسمية بعير المحمل به فمجاز وإن لم نسمعه، ومنه قوله ... ما يكترى به شق محمل أي نصفه أو رأس زاملة ... انظر: المغرب، "حمل". (¬3) قال المطرزي: زَمَلَ الشيءَ حمله، ومنه الزاملة: البعير يحمل عليه المسافر متاعه وطعامه ... ثم سمي بها العدل الذي فيه زاد الحاج من كعك وتمر ونحوه، وهو متعارف بينهم، أخبرني بذلك جماعة من أهل بغداد وغيرهم. انظر: المغرب، "زمل". (¬4) ع: لها. (¬5) كذا في جميع النسخ وفي ط. لكن لا وجه لذكر الحمام هنا. ولعل الصواب "والحمولة"، فإنه هو المناسب لذكر المحمل والزاملة. (¬6) ع - وكذلك لو استاْجر ذلك بثوب يهودي وبين طوله وعرضه ورقعته وأجله فهو جائز. (¬7) ع: مختوما. (¬8) ف م: وعشرة؛ ع: وعشر. والتصحيح من ط؛ والمبسوط، 12/ 163. (¬9) ط: أو المسلم. وفي ب جار: أيهما شاء العاقدان. (¬10) ع: ولا.

وإذا أسلم الرجل إلى رجل دراهم (¬1) في حنطة فقال رجل لرب السلم: وَلِّنِي هذا السلم، فإنه لا يستطيع أن يوليه ذلك السلم، ولا يجوز مِن قِبَل أن التولية بيع، ولا (¬2) يجوز أن يبيع ما لم يقبض. وقد جاء الأثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن بيع الرجل ما لم يقبض (¬3). وإذا قال الرجل لرجل: قد أسلمتَ إلي عشرة دراهم في كر حنطة، وسكت، ثم قال بعد ما سكت: ولكني (¬4) لم أقبض الدراهم منك، وقال رب السلم: بلى (¬5) قد قبضتها مني، كان القول قول رب السلم مع يمينه، مِن قِبَل أن المسلم إليه قد أقر بالقبض حيث قال: أسلمت إلي، فهذا منه قبض. إذا (¬6) قال: قد أسلمت إلي، فهذا مثل قوله: قد أعطيتني عشرة دراهم في كر حنطة. ألا ترى أنه لو قال: أقرضتني عشرة دراهم قرضاً برؤوسها، وأسلفتني عشرة دراهم برؤوسها سلفاً، ثم قال بعد ذلك: لم أقبض منك شيئاً، لم أصدقه وألزمته الدراهم وكان هذا (¬7) إقراراً (¬8) منه بالقبض. وكذلك إذا قال: أسلمت إلي ثوباً في كر حنطة، فهو مثل ذلك. وهو استحسان منا، وليس بالقياس. وكان ينبغي في القياس أن لا يكون قابضاً حتى يقول: قد قبضت الثوب والدراهم. ¬

_ (¬1) م ع: دراهما. (¬2) ع: لا. (¬3) قال الإمام محمد: أخبرنا أبو حنيفة قال: حدثنا يحيى بن عامر عن رجل عن عتاب بن أسيد عن النبي أنه قال له: "انطلق الى أهل الله - يعني أهل مكة - فانههم عن أربع خصال، عن بيع ما لم يقبضوا، وعن ربح ما لم يضمنوا، وعن شرطين في بيع، وعن سلف وبيع". انظر: الآثار لمحمد، 126. وانظر: الاَثار لأبي يوسف، 181 - 182. وروي نحو ذلك في مسند أحمد، 3/ 402؛ وصحيح البخاري، البيوع، 55؛ وصحيح مسلم، البيوع، 29 - 41. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 3214 ث وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 25. (¬4) ع: ولكن. (¬5) ع: بلا. (¬6) ع: أو. (¬7) ع - هذا. (¬8) ع: إقرار.

وكذلك لو قال: لفلان علي ألف درهم إلى سنة أو حالّة من ثمن جارية باعنيها، ثم قال بعد ذلك: لم أقبضها، وقال الآخر: قد قبضت، كان المال عليه. ألا ترى أنه لا يلزمه المال إلا بالقبض، فإقراره بالمال إقرار بالقبض وصل أو قطع. وهو قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: القول قول المطلوب أنه لم يقبض إذا أقر الطالب أن ذلك من بيع. وهذا قول أبي يوسف الآخر. وكان يقول مرة: إن وصل صدق، وإن قطع لم يصدق. وإذا أسلم الرجل إلى الرجل في كُرّ حنطة ثم أعطاه كُرًّا بغير كيل فليس ينبغي له أن يبيعه، ولا يأكله حتى يكيله. وإن (¬1) باعه المشتري فالبيع فاسد. ألا ترى أنه باع ما لم يقبض. ولو هلك الكُرّ عند المشتري وهو مقر بأنه (¬2) كُرّ وافي غير أنه لم يَكْتَلْه (¬3) فهو مستوفي. وإذا أسلم الرجل إلى رجل (¬4) في كُرّ حنطة فاشترى الذي (¬5) عليه الكر كر حنطة من رجل آخر ثم قال: اقبضه، قبل أن يكتاله من المشتري فليس ينبغي لرب السلم أن يقبضه حتى يكتاله المشتري ثم يكتاله رب السلم، ولا يصلح له أن يأخذه بكيله (¬6) حتى يأخذه بكيل مستقبل (¬7) لنفسه. وإذا دفع الذي عليه السلم إلى رب السلم (¬8) دراهم (¬9) فقال: اشتر بها طعاماً فاقبضه لي بكيل (¬10)، ثم اكتله (¬11) لنفسك بكيل مستقبل (¬12)، كان جائزاً. وإن قال رب السلم للذي (¬13) عليه السلم: كِلْ ما لي عليك من ¬

_ (¬1) ع: فإن. (¬2) ف م ع: فانه. والتصحيح من ط؛ والمبسوط، 12/ 165. (¬3) ع: لم يكتاله. (¬4) ع: إلى الرجل. (¬5) م - الذي. (¬6) ع + ذلك. (¬7) ف: مستقل. (¬8) ع - إلى رب السلم. (¬9) م ع: دراهما. (¬10) ع: بكل. (¬11) م ع: ثم اكتاله. (¬12) ف: مستقل. (¬13) جميع النسخ: الذي.

الطعام فاعزله في بيتك أو في غَرَائِرِك (¬1)، ففعل ذلك الذي عليه السلم (¬2)، وليس رب السلم بحاضر، فلا يجوز ولا يكون هذا قبضاً من رب السلم. وكذلك لو كاله في غَرَائِر لرب السلم بأمره غير أن رب السلم ليس بحاضر لم يحضر الكيل لم يكن هذا قبضاً. وإن وكل رب السلم بقبض ذلك غلام الذي عليه السلم أو ابنه فهو جائز. وكذلك لو قال: زن (¬3) ما عليك من الدراهم فاعزلها لي (¬4) في بيتك، ففعل ذلك لم يكن هذا قبضاً من الطالب. وقال محمد: كان أبو حنيفة يقول: لو أن رجلاً اشترى من رجل طعاماً بعينه على أنه كر ثم دفع إليه غرائر (¬5) فأمره أن يكيله فيها وليس المشتري بحاضر ففعل إنه قبض، وله أن يبيعه. ولو لم يكن اشتراه ولكن أسلم إليه فيه (¬6) فدفع إليه غرائر (¬7) يكيله فيها فكاله وهو غائب عنه لم يكن قَبَض ولم يجز. وفرّق ما بينهما وقال: ألا ترى أنه إذا اشتراه بعينه أنه له، فإذا أمره بكيله في غرائره فكأنه أمره أن يطحنه، فيجوز ذلك ويكون قبضاً منه؛ لأنه شيء بعينه يملكه أحدث (¬8) فيه عملاً بأمره فصار قابضاً، والسلم دين لا يملكه بعينه، فإن ما طحنه (¬9) وكاله فهو من مال الذي عليه، ولا يكون قابضاً من حنطة دقيقاً في السلم، وهما مختلفان. وإذا أسلم الرجل إلى الرجل (¬10) في كر حنطة ثم أسلم الآخر إليه في كر حنطة وأجلهما واحد وصفتهما واحدة أو مختلفة فلا يكون شيء (¬11) من ذلك قصاصاً. وإن تقاصا (¬12) به فلا يجوز. ألا ترى أنه يبيع ما لم يقبض كل ¬

_ (¬1) الغِرَارَة: الجُوَالِق، واحدة الغَرَائِر، وتستعمل لحمل التبن غالباً. انظر: لسان العرب، "غرر". (¬2) ع - كل ما لي عليك من الطعام فاعزله في بيتك أو في غرائرك ففعل ذلك الذي عليه السلم. (¬3) ع: ان. (¬4) ف ع - لي. (¬5) م: غرائرا. (¬6) م - فيه. (¬7) م ع: غرائرا. (¬8) ع: أخذت. (¬9) ط: فأما ما طحنه. (¬10) ع: إلى رجل. (¬11) ع: يون شيئاً. (¬12) ع: تقا.

واحد منهما. ليس (¬1) يقبض من كره كراً يأخذه. إنما (¬2) يأخذ به ديناً عليه. فلا يجوز (¬3) أن يأخذ إلا رأس ماله أو الذي أسلم فيه. والذي عليه ليس مما (¬4) أسلم فيه ولا رأس ماله. وإذا كان الأول منهما سلماً (¬5) والآخر قرضاً (¬6) فلا بأس بأن يكون قصاصاً إذا كان سواء. أو، إن كان الأول قرضاً (¬7) والآخر سلماً (¬8) فلا يكون قصاصاً وإن تراضيا بذلك. وكذلك هذا في الصرف إذا باع ديناراً بعشرة (¬9) دراهم ثم استقرض منه يكون قصاصاً؛ لأن الدراهم والدنانير من الأثمان. (¬10). وإن كان للذي (¬11) عليه السلم قرض (¬12) على رجل أو لم يكن له فاستقرض من رجل كُرًّا فقال: كِلْه لصاحب السلم، فاكتاله صاحب السلم كيلاً واحداً فهو قبض، وهو جائز مِن قِبَل أن أصل الطعام على المطلوب قرض وليس ببيع (¬13). في ألا ترى لو أن رجلاً كال كرا من الطعام فاستقرضه رجل منه على كيله كان جائزاً، وله أن يبيعه مِن قَبْل أن يكتاله، فإن القرض (¬14) لا يحتاج فيه إلى كيل، فهو يأخذه قرضاً ليس يكيله ¬

_ (¬1) ع: فليس. (¬2) م ع: أما. (¬3) ط: ولا يجوز. (¬4) ع: ما. (¬5) م ع: سلم. (¬6) م ع: قرض. (¬7) م ع: قرض. (¬8) م ع: سلم. (¬9) ع: وعشرة. (¬10) وقع في النسخ ابتداء من هنا إلى نهاية قوله: "ولو كان كل واحد منهما بعينه فتقايلا كان لكل واحد منهما أن يعطي غير الذي اشترى" اضطراب في السياق وتقديم وتأخير. فصححناه وأعدنا ترتيبه كما رتبه المحقق شفيق شحاتة وعلى ما أفاده العلامة السرخسي. انظر: المبسوط، 12/ 169 - 170. (¬11) ف م: الذي. (¬12) ع: قرضا. (¬13) ع: يبيع. (¬14) ع: فالقرض.

له، إنما هو كيل للبائع؛ لأن القرض لا يفسده أن لا يكال. فإذا (¬1) اشترى رجل كراً من طعام مكايلة فاكتاله فلا يبيعه حتى يكتاله. وإذا كان غير سلم على رجل فاشترى من رجل كراً ووكل رب السلم أن يقبضه له ويأخذه من سلمه فلا يجزيه كيل واحد في بيع واقتضاء (¬2). وإذا تتاركا السلم ورأس المال ثوب فهلك الثوب عند المطلوب قبل أن يقبض الطالب فعلى المطلوب قيمته. وكذلك لو تتاركا السلم بعد هلاك الثوب كان على المطلوب قيمته. والقول في ذلك قول المطلوب، وعلى الطالب البينة على ما يدعي من فضل القيمة. وإن لم تكن (¬3) له بينة حلف المطلوب على القيمة التي أقر بها وأداها (¬4) ألا ترى لو أن رجلاً اشترى من رجل جارية بعبد وتقابضا فمات أحدهما (¬5) في يديه ثم تناقضا أنه جائز، وهو بمنزلة الرد بالعيب. ألا ترى أنه لو أصاب به عيباً بعد موت الآخر فقبله (¬6) بغير قضاء قاض (¬7) أنها إقالة، ولو أصاب به عيباً وقد هلك الآخر أو رده بخيار رؤية فإن ذلك جائز (¬8). وكذلك الأول في السلم (¬9)؛ لأن السلم بيع، ولا يشبه هذا الأثمان الدنانير بالدراهم (¬10). [وكذلك هذا في الصرف] (¬11). ولو كان كل واحد منهما بعينه فتقايلا كان ¬

_ (¬1) ع: وإذا. (¬2) ع: واقبضا. (¬3) ع: يكن. (¬4) ع: واذاها. (¬5) ع: إحداهما. (¬6) ع: فقتله. (¬7) ع: بغير قصاص. (¬8) ع: جائزا. (¬9) ف م + والبيع. والتصحيح من ب ط. وعبارة ب: وكذا لو رده بخيار رؤية بعد موت الآخر جاز فكذا السلم لأنه بيع. (¬10) ط: والدراهم. وقال السرخسي: يعني أن في عقد الصرف تجوز الإقالة بعد هلاكهما، بخلاف بيع المقابضة. وفي بعض النسخ قال: الدنانير والدراهم، يعني إذا اشتريا عينا بنقد ثم تقايلا فهلك المعقود عليه بطلت الإقالة وإن كان الثمن قائما. انظر: المبسوط، 12/ 170. (¬11) كرر المحقق شحاتة هذه العبارة للتقديم والتأخير الضروري لتصحيح العبارة كما أشرنا إلى ذلك قبل قليل. وهو تكرار في محله.

لكل (¬1) واحد منهما أن يعطي غير الذي اشترى (¬2). وإذا أسلم الرجل إلى رجل دراهم (¬3) في كر حنطة فوجد فيها دراهم (¬4) سَتُّوقَة (¬5) فجاء يردها فقال الذي عليه السلم: هذا نصف رأس المال (¬6)، فقد بطل نصف السلم، وقال رب السلم: بل هو ثلث رأس المال، فإن القول في ذلك قول الذي عليه السلم مع يمينه، وعلى رب السلم البينة على ما يدعي؛ لأن السلم لم يتم في الكر، فالقول قول الذي عليه السلم مع يمينه فيما تم منه. وإذا اختلفا في السلم فقال رب السلم: أسلمت إليك ثوباً في كر حنطة، وقال المسلم إليه: بل أسلمت إلي في كر (¬7) شعير، وليس بينهما بينة، فإنه يحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه ثم يترادان السلم. فإن قامت لهما بينة أخذت ببينة رب السلم؛ لأنه مدع (¬8) للفضل. فإن اختلفا فقال المسلم إليه: أسلمت إلي هذين الثوبين في غير حنطة، وقال رب السلم: بل أسلمت إليك هذا الثوب بعينه في غير حنطة (¬9)، فإن ¬

_ (¬1) ف م ع: كل. والتصحيح من ب ط. (¬2) ف م + ألا ترى لو أن رجلاً كال كرا من الطعام فاستقرضه رجل منه على كيله كان جائزا وله أن يبيعه من قبل أن يكتاله فإن القرض لا يحتاج فيه إلى كيل. . . والقول في ذلك قول المطلوب وعلى الطالب البينة على ما يدعي من فضل القيمة وإن لم تكن له بينة حلف المطلوب على القيمة التي أقر بها وأداها. (¬3) م ع: دراهما. (¬4) م: دراهما. (¬5) قال المطرزي: السَّتُّوق بالفتح أردأ من البَهْرَج، وعن الكرخي: الستّوق عندهم ما كان الصُّفْر أو النحاس هو الغالب الأكثر، وفى الرسالة اليوسفية: البَهْرَجَة إذا غلبها النحاس لم تؤخذ، وأما الستّوقة فحرام أخذها، لأنها فلوس. انظر: المغرب، "ستق". وقال السرخسي: الستوقة فلس مموه بالفضة. انظر: المبسوط، 12/ 144. (¬6) م: المالك. (¬7) ع + حنطة وقال المسلم إليه بل أسلمت إلي في كر. (¬8) م: مدعي. (¬9) ف + وقال رب السلم بل أسلمت إليك هذا الثوب بعينه في كر حنطة.

لم تكن لهما بينة فإنهما يتحالفان ويترادان، وإن كانت لهما بينة أخذت ببينة المسلم إليه وكان الثوبان جميعاً بكر حنطة؛ لأنه مدع (¬1) للفضل. ألا ترى أن شهودهما قد اتفقوا على غير وثوب، وأن بينة المسلم إليه قد شهدوا على فضل ثوب، فهو للمدعي. وإذا اختلفا فقال المسلم إليه: أسلمت إلي ثوبين في غير حنطة، وقال رب السلم: بل أسلمت إليك أحدهما (¬2) - وهو هذا بعينه - في كر حنطة وكر شعير، فأقاما جميعاً البينة، فإنه يقضى للمسلم إليه بالثوبين جميعاً، ويقضى عليه بكر حنطة وكر شعير، مِن قِبَل أن بينة رب السلم قد (¬3) شهدوا على كر شعير فضل، وشهدت شهود المسلم إليه بفضل ثوب. وإذا أسلم الرجل فلوساً في كر طعام أو شيء مما يكال أو يوزن فهو جائز. وإذا أسلم الرجل إلى الرجل عشرة دراهم في كر حنطة، فأقام رب السلم بينة أنهما تفرقا قبل أن يقبض المسلم إليه رأس المال، وأقام المسلم إليه البينة أنه قد (¬4) قبض رأس المال قبل أن يتفرقا، فالسلم جائز، ويؤخذ ببينة المسلم إليه. ولو كانت الدراهم في يدي رب السلم بأعيانها، فقال المسلم إليه: أودعتها إياه، أو غصبنيها (¬5) بعد قبضي إياها، وقد قامت البينة بالقبض، كان (¬6) القول (¬7) كما قال، ويقضى له بالدراهم، والسلم (¬8) جائز. وإذا أسلم الرجل إلى الرجل ثوباً (¬9) أو دابةً أو عبداً أو أمة أو شيئاً مما يكال أو يوزن إلى أجل ثم تفرقا قبل أن يقبض رأس المال كان السلم ¬

_ (¬1) م ع: مدعي. (¬2) ع: احديهما. (¬3) ف ع - قد. (¬4) ع - قد. (¬5) ع: أو غصبتها. (¬6) ع - كان. (¬7) ع: فالقول. (¬8) ع: والمسلم. (¬9) ع: يوماً.

فاسداً، ولا يجوز إن أراد أن يعود (¬1) إلى ذلك إلا (¬2) باستقبال السلم. ولو باع جاريةً (¬3) أو عبداً أو ثوباً بشيء مما يكال أو يوزن إلى أجل، ثم تفرقا قبل أن يقبض جاريته، غير أن البائع لم يمنعه من قبض ذلك، كان البيع جائزاً، وكان له أن يقبض متى ما (¬4) شاء. وهذا والسلم في القياس سواء، غير أني أخذت في السلم بالاستحسان. ألا ترى أنه لو باع ثوباً بحنطة كيلاً مسمى وضرباً مسمى (¬5) ولم يجعل لذلك أجلاً كان جائزاً، ولو أسلم هذا الثوب في كر حنطة على هذه الصفة ولم يجعل له أجلاً كان فاسداً. وإذا (¬6) أسلم الرجل إلى الرجل في طعام، فقال له رجل آخر بعدما نقد (¬7) وتفرقا أو قبل أن يتفرقا: أشركنى فيه، فإن الشركة لا تجوز؛ لأن الشركة بيع، وهذا بيع ما لم يقبض. فإذا أخذ الرجل بالسلم رهناً يكون فيه وفاء بالسلم، فهلك الرهن، فقد بطل السلم؛ لأن الرهن بما فيه. ولو لم يهلك الرهن (¬8) حتى يموت المسلم إليه وعليه دين، كان صاحب السلم أحق بالرهن، يباع له في حقه حتى يستوفي. ولو كان الرهن أقل من قيمة السلم ثم هلك رجع رب السلم بالفضل، وبطل من سلمه بقدر قيمة الرهن. ولو كان الرهن أكثر من السلم بطل السلم كله، وكان المرتهن في فضل الرهن أميناً. وهذا القول في الرهن قول أبي حنيفة. محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم (¬9). وبه كان يأخذ أبو حنيفة. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وإذا أسلم الرجل إلى الرجل في طعام، فلم يتفرقا ولم ¬

_ (¬1) ع: أن يعودوا. (¬2) ع - إلا. (¬3) ف - جارية، صح هـ. (¬4) ع - ما. (¬5) ع - وضربا مسمى. (¬6) ع: فإذا. (¬7) ف: نفذ. (¬8) م - الرهن؛ ع: لم يكن هلك الرهن. (¬9) يأتي بنفس الإسناد في أوائل الرهن. انظر: 2/ 1 ظ. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 196؛ والآثار لمحمد، 134.

يقبض المسلم إليه الثمن حتى اختلفا، فقال هذا: أسلمت إلي عشرة دراهم في كر حنطة، وقال رب السلم: بل أسلمت إليك خمسة دراهم في كر حنطة، فإنه يحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه، ويترادان السلم. فإن كانت لهما بينة على ما قالا أخذت ببينة المسلم إليه، وأقضي له بعشرة؛ لأنه مدعي للفضل (¬1). وهذا قول أبي يوسف. وقال محمد: هذان سلمان مختلفان، وأقضي له بخمسة عشر درهماً، وأجعل عليه كرين: كراً بعشرة دراهم، وكراً بخمسة دراهم. ولو كانا (¬2) اختلفا في السلم فقال رب (¬3) السلم: أسلمت إليك خمسة دراهم في كرين حنطةً، وقال المسلم إليه: بل أسلمت إلي عشرة دراهم في كر حنطة، ولا بينة بينهما، حلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه. فإن حلفا (¬4) جميعاً ترادا (¬5)، وأيهما نكل عن اليمين لزمه دعوى صاحبه. وإن قامت لهما بينة أخذت (¬6) ببينة المسلم إليه بالعشرة، وببينة الطالب في الكرين، في قول أبي يوسف. وقال محمد: هما سلمان، أقضي بهما جميعاً. وإذا أسلم الرجل (¬7) إلى الرجل في طعام، ثم وكل رب السلم وكيلاً يدفع إليه الدراهم، أو عبداً له أو ابناً له أو شريكاً له مفاوضاً أو غير مفاوض، وقام رب السلم الذي أسلم فذهب قبل أن يقبض المسلم إليه رأس المال، فإن السلم فاسد. ألا ترى أنهما قد تفرقا قبل أن يقبض المسلم إليه. وإذا وكل المسلم إليه أحداً من هؤلاء بقبض رأس المال من رب السلم ثم فارقه المسلم إليه قبل أن يقبض رأس المال فإن السلم (¬8) فاسد. وإذا كفل الرجل بالسلم فاستوفى الكفيل السلم من المسلم إليه على ¬

_ (¬1) م: الفضل. (¬2) ع: اختلفا. (¬3) ع - رب. (¬4) ع: خلفا. (¬5) ع: ترادى. (¬6) ع: أخذ. (¬7) ف - الرجل. (¬8) م: فالسلم.

وجه الاقتضاء منه، ثم باعه وربح فيه أو أكله، ثم قضى رب السلم طعاماً مثله وفَضَلَ في يده فَضْلٌ من ذلك، فهو له حلال؛ لأنه قبضه على وجه الاقتضاء منه (¬1). ولو كان قبضه على وجه الرسالة فإنه رسول فيه حتى يدفعه إلى رب السلم. فإن فعل به شيئاً (¬2) من ذلك كان ينبغي له أن يتصدق بالربح، وكان لا يحل الفضل. وإن قضى الكفيل السلم من ماله قبل أن يقبضه من المكفول عنه، ثم صالح المكفول عنه على دراهم أو شعير (¬3)، أو (¬4) غير ذلك مما يكال أو يوزن، أو على عروض أو على حيوان، غير أن ذلك يداً (¬5) بيد فهو جائز، مِن قِبَل أن الكفيل هاهنا مقرض للمكفول عنه، وليس بمنزلة رب السلم. ألا ترى أن له قرضاً (¬6) على المكفول عنه، فلا بأس بأن يبيع القرض ببعض ما ذكرناه (¬7). وليس لرب السلم أن يبيع المسلم (¬8) بشيء من ذلك لا يأخذ إلا طعامه أو رأس ماله. ولا ينبغي له مع ذلك إن صالح على رأس ماله أن يشتري به شيئاً حتى يقبضه. قال: أخبرنا أبو سليمان (¬9) عن محمد بن الحسن عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم بذلك (¬10). ¬

_ (¬1) ع - منه. (¬2) ع: شيء. (¬3) ع: على دراهما أو شعيرا. (¬4) ع + على. (¬5) ع: يد. (¬6) ع: قرض. (¬7) م ع: ما ذكرنا. (¬8) ع: السلم. (¬9) ورد في أول كتاب البيوع ذكر اسم الراوي أحمد بن حفص، وهنا ذكر أبا سليمان، فيظهر أن الروايتين مختلطتان وأن الكتاب ليس من رواية أحدهما تماماً. (¬10) مر بلاغًا للمؤلف. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 187. وانظر للروايات في ذلك: نصب الراية للزيلعي، 4/ 51.

فإذا كفل الكفيل لرب السلم برأس ماله قبل أن يترادا (¬1) فهذه الكفالة باطل (¬2) لا تجوز؛ لأنه كفيل بغير حقه. وإذا أسلم الرجل إلى رجل في بعض الأدهان (¬3) في البنفسج أو الخِيرِىّ (¬4)، أو غيره من السمن والعسل إذا اشترط من ذلك وزناً معلوماً وكيلاً معلوماً وضرباً معلوماً وأجلاً معلوماً (¬5) فلا بأس. وكل شيء وقع عليه (¬6) اسم الكيل الرطل فهو موزون (¬7). وإذا أسلم النصراني في خمر بكيل معلوم وأجل معلوم وضرب معلوم (¬8) فهو جائز فيما بينهما. فأيهما (¬9) أسلم قبل أن يقبض السلم فإن السلم فاسد لا يجوز، ويكون على المسلم إليه أن يرد رأس المال. ألا ترى أن المسلم إن كان هو الطالب فلا ينبغي له أن يأخذها، فإن كان المطلوب فلا ينبغي له أن يعطي الخمر (¬10). وإن كانا أسلما جميعاً فكذلك (¬11) أيضاً. وإن كان (¬12) قبض بعض الخمر قبل (¬13) أن يسلما ثم أسلما فما (¬14) قبض فهو له، وما بقي فيه رأس المال (¬15) بحصته (¬16). ¬

_ (¬1) ع: أن يتراد. (¬2) ط: باطلة. ولا حاجة إلى تغيير ما ورد في النسخ كما فعله المحقق شحاتة، لأن الباطل يوسف به المذكر والمؤنث. انظر: لسان العرب، "بطل". (¬3) ع: الأذهان. (¬4) الخِيرِي هو المنثور، وهو نوع من الخشخاش، وغلب على الأصفر منه لأنه الذي يخرج دهنه ويدخل في الأدوية. انظر: المصباح المنير، "خير"؛ والقاموس المحيط، "خشش". (¬5) م - وأجلا معلوما. (¬6) م - عليه. (¬7) ع: وزن. (¬8) ع - وضرب معلوم. (¬9) ع: وأيهما. (¬10) ف م + وإن كان هو الطالب فلا ينبغي له أن يأخذها؛ ع - فإن كان المطلوب فلا ينبغي له أن يعطي الخمر. (¬11) م: فلذلك. (¬12) م - كان. (¬13) ع: بعد. (¬14) ف م ع: فيما. (¬15) ع - المال. (¬16) وعبارة ب جار: ولو أسلما بعد قبض بعض الخمر فله ما قبض بحصته ويأخذ حصة الباقي من رأس المال.

وإذا أسلم نصراني ثوباً في خمر ثم أسلما فالسلم فاسد. فإن اختلفا في رأس المال فإن القول قول المسلم إليه (¬1). فإن قال المسلم إليه: هو زُطِّي، وقال الآخر: بل (¬2) هو هروي، فهو زُطّي كما قال المسلم إليه، وعلى المطلوب يمين بالله أنه زُطِّي كما قال. وإن كان الثوب قد هلك فاختلفوا في القيمة فالقول قول المسلم إليه مع يمينه، وإن (¬3) قامت لرب السلم بينة على ما يدعي أخذت ببينته (¬4). وإن باعه ثوباً بخمر إلى أجل وهما نصرانيان فهو (¬5) جائز. فإن أسلما أو أسلم أحدهما فالبيع فاسد، ويرد (¬6) عليه رأس ماله، وإن كان قد هلك فعليه قيمته. وإذا أسلم النصراني إلى النصراني في خنزير إلى أجل فإنه لا يجوز؛ لأنه حيوان. وإذا أسلم إليه في عصير في غير حينه فإنه لا يجوز. والنصراني والمسلم في جميع السلم سواء ما خلا الخمر، فإني أجيزها بين أهل الكفر (¬7)، ولا أجيزها (¬8) بين أهل الإسلام. وإذا أسلم الرجل إلى رجل (¬9) في طعام جيد من طعام العراق والشام فهو جائز؛ لأنهما لا ينقطعان من أيدي الناس. ولو أسلم إليه في طعام أرض أو قرية خاصة أو قَرَاح (¬10) كان السلم فاسداً (¬11)؛ لأنه ينقطع من أيدي الناس. ¬

_ (¬1) ع + مع يمينه. (¬2) ع - بل. (¬3) م: فإن. (¬4) ع: ببينة. (¬5) م ع - فهو. (¬6) م: فيرد. (¬7) ف م ع: أهل الكفار. (¬8) ع: ولا جيزها. (¬9) ع: إلى الرجل. (¬10) م: اقراح القَرَاح بالفتح المزرعة التي ليس عليها بناء ولا فيها شجر. انظر: مختار الصحاح، "قرح". (¬11) ع: فاسد.

وكذلك إذا أسلم إليه في تمر نخل (¬1) معلوم فالسلم فاسد؛ لأنه ينقطع (¬2) من أيدي الناس. ولا بأس بالسلم (¬3) في الصوف [ضَرْبًا] (¬4) معلوماً (¬5) ووزناً معلوماً (¬6) إلى أجل معلوم إذا اشترط منه ضرباً معلوماً، وإن اشترط كذا وكذا جَزَّة (¬7) بغير وزن فلا خير في السلم في ذلك. وإذا أسلمت في صوف غنم لرجل بعينها فلا خير فيه. وكذلك إذا أسلمت في ألبانها أو في (¬8) سمن من أسمانها؛ لأن هذا لا يبقى في أيدي الناس (¬9). وكذلك الزبيب، وما أشبه ذلك. وكذلك إذا أسلمت في سمن حديث (¬10) أو حديث (¬11) زيت في غير حينه فلا خير فيه. ولا خير في السلم في المُسُوح (¬12) ولا في الجَوَالِق (¬13) إلا أن يشترط من ذلك ضرباً معلوماً وطولاً معلوماً وأجلاً معلوماً. ¬

_ (¬1) ع: بخل. (¬2) ع: منقطع. (¬3) ف - بالسلم، صح هـ. (¬4) ط: [صنفا]. وزدنا "ضربا" لموافقتها لما في نسختي ب جار: ولا بأس بالسلم في الصوف إذا أعلم الضرب والوزن والأجل. (¬5) ع - معلوما. (¬6) م: ووزن معلوم؛ ع: وزن معلوم. (¬7) جَزّ الصوف وجَزّ النخل إذا صَرَمَه. انظر: المغرب، "جزز". (¬8) ع: افي. (¬9) ف ع + وكذلك إن أسلم في سمن الأرض لا يبقى منها في أيدي الناس. (¬10) ع: حدين. (¬11) ع: أو حديب. (¬12) تقدم تفسيره. (¬13) قال المطرزي: الجَوالِق بالفتح جمع جُوالَق بالضم، والجواليق بزيادة الياء تسامح. انظر: المغرب، "جلق". وقال الفيروزآبادي: الجِوالِق بكسر الجيم واللام وبضم الجيم وفتح اللام (أي جُوالَق) وكسرها (أي جُوالِق) وعاء، وجمعه جَوَالِق كصحائف، وجَوَالِيق وجُوالِقات. انظر: القاموس المحيط، "جلق".

ولا خير في السلم في الحنطة الحديثة (¬1) [مِن] (¬2) قِبَل أنك لا تدري أن يكون ذلك في تلك السنة أم لا، فهي منقطعة من أيدي الناس يوم أسلمت فيها. وكذلك الأشياء كلها. وإذا أسلم الرجل في حنطية [مِن حنطةِ] (¬3) هراة (¬4) خاصة وهي تنقطع من أيدي الناس فلا خير فيه. وإذا أسلمت في ثوب هروي فلا بأس به؛ لأن الثوب الهروي من الثياب بمنزلة الحنطة من الحبوب (¬5). ألا ترى أنك لو أسلمت في حنطة (¬6) جيدة علمت ما أسلمت فيه، ولو أسلمت في ثوب جيد ولم تنسبه (¬7) إلى أرض لم يعلم ما أسلمت فيه. والثوب الهروي لا يصنع (¬8) بغير تلك البلاد، وهو اسمه لا يستطيع أن يسميه (¬9) بغيره. ولا بأس بالسلم في البَوَارِي (¬10) طولاً معلوماً وعرضًا معلوماً وصنفًا معلوماً وأجلاً معلوماً. وكذلك الحصير. ¬

_ (¬1) ع: الحدبية. (¬2) من ط. وعبارة ب: لأنه لا يدرى. وهو بنفس المعنى. (¬3) من الكافي، 1/ 165 ظ؛ والمبسوط، 12/ 175. (¬4) ف م: قراه؛ ع: فراه. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق. وقد قال السرخسي: وإذا أسلم في حنطة من حنطة هراة خاصة وهي تنقطع من أيدي الناس فلا خير فيه كما لو أسلم في طعام قول بعينه. قيل: لم يرد بهذا هراة خراسان، وإنما مراده قرية من العراق تسمى هراة، وتلك القرية يتوهم أن يصيبها آفة. فأما هراة خراسان لا يتوهم انقطاع طعامها. فهو والسلم في طعام العراق سواء. انظر: المبسوط، 12/ 175. قلت: والمهم في المسألة هو الانقطاع وعدمه. فسواء كان المقصود هو هراة خراسان أو غيرها فلا يختلف الأمر. على أن الزيادة التي زدناها من الكافي والمبسوط تحل الإشكال، لأنه يتكلم عن نوع من حنطة هراة خاصة. وتبين بذلك أن كلام المحقق شحاتة ليس في محله. انظر: الأصل (شحاتة)، 5/ 50. (¬5) ع: من الجرب. (¬6) ع: في حنظة. (¬7) ع: يسمنه. (¬8) ع: لا يضع. (¬9) ع: أن يسمنه. (¬10) البواري جمع باري وهو الحصير المتخذ من القصب، ويقال له البورياء بالفارسية. انظر: المبسوط، 12/ 175؛ والمغرب، "بري".

ولا خير في السلم في الطَّلْع (¬1). ولا بأس بالسلم في نُصُول السيوف إذا كان النَّصْل معلوماً (¬2) طوله وعرضه وصفته. وإذا كان السلم بين الرجلين (¬3) فاقتسماه وهو دين فلا يجوز ولا خير فيه. وكذلك كل دين لا تجوز (¬4) قسمته (¬5) حتى يقبض. وإذا اشترط رب السلم أن يوفيه إياه في مكان كذا وكذا، وقال الذي عليه السلم: خذه في غير ذلك المكان (¬6)، وخذ مني الكراء إلى ذلك المكان، فأخذه منه، كان أخذه جائزا، ولا يجوز له الكراء، يرد الكراء إلى الذي كان عليه السلم، والذي أخذ المسلم بالخيار، إن شاء تَمَّ (¬7) أَخْذُه المسلم (¬8) ولم يكن له غير ذلك، وإن شاء رده بما اشترط من الأجر حتى يوفيه إياه بالمكان الذي اشترط له في أصل السلم. فإن كان الذي قبض قد هلك في يديه (¬9) فلا شيء له. ولا خير في أن يسلم العروض في تراب المعادن (¬10)؛ لأنه مجهول لا يعرف. ولا بأس بأن يسلم الحنطة وكل ما يباع من الحبوب في السمن ¬

_ (¬1) الطلع ما يطلع من النخل وهو الكِمّ قبل أن ينشق، ويقال لما يبدو من الكِمّ طَلْع أيضاً، وهو شيء أبيض. انظر: المغرب، "طلع". وقال الفيومي: الطَّلْع بالفتح ما يطلع من النخلة ثم يصير ثمراً إن كانت أنثى، وإن كانت النخلة ذكراً لم يصر ثمراً بل يؤكل طرياً، ويترك على النخلة أياماً معلومة حتى يصير فيه شيء أبيض مثل الدقيق، وله رائحة ذكية، فيلقح به الأنثى. انظر: المصباح المنير، "طلع". (¬2) م ع: معلوم. (¬3) م ع: بين رجلين. (¬4) ع: لا يجوز. (¬5) م - قسمته. (¬6) ع - المكان. (¬7) ع: تمن؛ ع + على. (¬8) ع: السلم. (¬9) ع: في يده. (¬10) قال السرخسي: لأن عين التراب غير مقصود، بل ما فيه من الذهب والفضة. انظر: المبسوط، 12/ 176.

والزيت والعسل وما أشبه ذلك مما يوزن (¬1) ويكال بالرطل. والكيل بالرطل عندنا هو الوزن. ولا بأس بأن يسلم ما يكال فيما يوزن، وما يوزن فيما يكال. ولا يسلم ما يكال فيما يكال، ولا ما يوزن فيما يوزن وإن اختلف النوعان. وتفسير ذلك أنك لا تسلم الحنطة في الشعير، ولا الشعير في السمسم، ولا تسلم (¬2) بشيء من الحبوب في غيره مما يكال؛ فإنه لا خير في ذلك؛ لأنه كيل. فكذلك الوزن إذا أسلمت بعضه في بعض. ولا بأس بأن تشتري (¬3) ذلك يداً (¬4) بيد واحداً (¬5) بواحد واثنين بواحد. وإن كان نوعاً واحداً فلا خير فيه إلا مثلاً (¬6) بمثل، ولا خير في واحد باثنين (¬7). وإن كان نوعاً واحداً مما يوزن سمن أو عسل فلا بأس بذلك واحداً بواحد لا فضل (¬8) فيه، ولا يجوز نسيئة. ولا بأس بالبنفسج بالخِيرِي (¬9) رطلين برطل يداً (¬10) بيد. وكذلك (¬11) البنفسج بالزَّنْبَق (¬12) والورد؛ لأن هذين (¬13) مختلفان. فلا بأس به اثنين بواحد يداً (¬14) بيد، ولا خير فيه نسيئة. وكذلك ألبان البقر بألبان الغنم. وكذلك ألبان الإبل. وكذلك (¬15) لحم (¬16) البقر بلحم الغنم اثنين (¬17) بواحد، ولا خير فيه نسيئة. ألا ترى أنه مختلف وأن هذا غير هذا. ¬

_ (¬1) ف - يوزن، صح هـ. (¬2) ع: يسلم. (¬3) ع: يشتري. (¬4) ع: يد. (¬5) ع: واحد. (¬6) م: إلا مثل. (¬7) ع - وإن كان نوعا واحدا فلا خير فيه إلا مثلا بمثل ولا خير في واحد باثنين. (¬8) م: ولا فضل. (¬9) تقدم تفسيره قريباً (¬10) ع: يد. (¬11) ف: ولذلك. (¬12) ع: بالزيبق. الزَّنْبَق دهن الياسمين. انظر: المغرب، "زنبق". (¬13) ع: هذان. (¬14) ع: يد. (¬15) ع - وكذلك. (¬16) ع: لحم. (¬17) ع: اثنان.

ولا خير في الحنطة بالدقيق؛ لأنه من شيء واحد، ولا يعلم أيهما أكثر. وكذلك السويق (¬1) بالدقيق، فلا خير فيه. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: السويق بالدقيق لا بأس به يداً (¬2) بيد. وإن كان أحدهما أكثر من صاحبه فلا بأس به مِن قِبَل أنه قد اختلف، ولا يعود واحد منهما أن يكون مثل صاحبه. ولا خير في الزيت بالزيتون؛ لأنه لا يدري لعل ما في الزيتون أكثر مما أخذ من الزيت. فإن كان ما في الزيتون من الزيت يعلم ذلك فلا بأس به، ويكون الفضل الذي في الزيت بما بقي من ثُفْل (¬3) الزيتون. وكذلك الشَّيْرَج (¬4) بالسمسم. وكذلك العصير بالعنب (¬5). وكذلك اللبن بالسمن. وكذلك الرُّطَب بالدِّبْس (¬6). ولا خير في شيء من هذا حتى تعلم أنت ما في السمسم من الدهن، وما في العنب من العصير، وما في اللبن من السمن، وما في الرطب من الدبس، أقل مما تعطي (¬7) حتى يكون ما يفضل من اللبن بعدما يخرج من (¬8) السمن منه وثُفْل (¬9) السمسم وثُفْل (¬10) ¬

_ (¬1) السويق يصنع من الحنطة والشعير، وهو معروف عند القدماء فلذلك لم يعرّفوا به. انظر: المغرب، "سوق"؛ والمصباح المنير، "سوق"؛ ولسان العرب، "سوق". وذكر السرخسي أن السويق الحنطة المطحونة المقلية، وأنه يلت بالسمن والعسل فيؤكل أو يضرب بالماء فيشرب. انظر: المبسوط، 12/ 178. (¬2) ع: يد. (¬3) الثُّفْل بالضم والثافل ما استقر تحت الشيء من كُدْرَة. انظر: المغرب، "ثفل". (¬4) ف: السمسم؛ ع: دهن السمسم. والشَّيْرَج معرب من شيره وهو دهن السمسم، وربما قيل للدهن الأبيض وللعصير قبل أن يتغير شَيْرَج تشبيها به لصفائه، وهو بفتح الشين مثال زَيْنَب، وهذا الباب باتفاق ملحق بباب فَعْلَل نحو جَعْفَر، ولا يجوز كسر الشين لأنه يصير من باب دِرْهَم، وهو قليل، ومع قلته فأمثلته محصورة، وليس هذا منها. انظر: المصباح المنير، "شرج". (¬5) م: والعصير بالعنب. (¬6) الدبس عصارة الرطب. انظر: المصباح المنير، "دبس". (¬7) ع: يعطى. (¬8) ع - من. (¬9) ع: وثقل. (¬10) ع: وثقل.

العنب وثُفْل (¬1) الرطب بعدما يخرج من الدبس بالفضل الذي كان فيما أعطاه الآخر (¬2). ولا خير في شيء من هذا نسيئة. ولا بأس بخل الخمر (¬3) [بخل] (¬4) السَّكَر (¬5)، اثنين (¬6) بواحد يداً (¬7) بيد، ولا خير فيه نسيئة. وإذا اشترى الرجل شاة حية بصوف وعلى ظهرها من الصوف أكثر مما يعطي كان هذا فاسداً (¬8) لا يجوز، حتى يكون ما على ظهرها من الصوف أقل منه. فإذا (¬9) اشتراها بلحم أقل من لحمها فهو في القياس ينبغي أن يكون فاسداً، ولكنا ندع القياس ونجيزه في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: إن هذا فاسد، الشاة باللحم إلا أن يكون اللحم أكثر من لحم الشاة، فيكون الفضل بالصوف والجلد والسقط، للأثر الذي جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن بيع اللحم بالحيوان (¬10). والأول قول أبي حنيفة. وكذلك لو اشتراها بلبن وفي ضرعها من اللبن فيما يرى أكثر منه كان هذا فاسداً. ولا بأس بأن يشتري الحديد بالنحاس اثنين بواحد، والنحاس بالرصاص اثنين بواحد يداً (¬11) بيد؛ لأنهما مختلفان. ولا خير في شيء من ¬

_ (¬1) ع: وثقل. (¬2) ع: الآ. (¬3) ع: الخل. (¬4) من ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 12/ 180. (¬5) ف: المسكر. والسَّكَر بفتحتين عصير الرُّطَب إذا اشتدّ. انظر: المغرب، "سكر". وخل الخمر يكون من العنب. وانظر: المبسوط، 12/ 180. (¬6) ع: اثنان. (¬7) م ع: يد. (¬8) ع: فاسد. (¬9) ع: وإذا. (¬10) المراسيل لأبي داود، 167؛ وسنن الدارقطني، 3/ 70 - 71. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 4/ 39؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 10. (¬11) م ع: يد.

ذلك نسيئة؛ لأنه (¬1) وزن كله. وإذا أسلم الرجل حنطة في شعير وزيت إلى أجل معلوم فلا يجوز ذلك في الشعير، ويجوز في الزيت في قول أبي يوسف ومحمد بن الحسن. ويبطل ذلك كله في قول أبي حنيفة، مِن قِبَل أنه أسلم كيلاً في كيل. وإذا أسلم الرجل دراهم (¬2) في فضة وذهب كان ذلك فاسداً. وإذا أسلم الرجل شيئاً من الحديد والصُّفْر (¬3) والنحاس والرصاص (¬4) في شيء مما (¬5) يوزن من الأدهان من الزيت والسمن والعسل وأشباه ذلك أو شيء مما يوزن فلا خير فيه؛ لأنه وزن كله. وإذا أسلم الفلوس في شيء من ذلك فلا بأس به؛ لأن الفلوس قد خرجت من الوزن إلا الصُّفْر وحده، فإني لا أجيز أن يسلم الرجل فيه الفلوس. وكذلك لو باع سيفاً بشيء مما يوزن إلى أجل أو أسلم السيف في شيء مما يوزن إلى أجل كان ذلك جائزاً؛ لأن السيف قد خرج من الوزن؛ إلا الحديد فإنه نوع واحد. وكذلك كل متاع أو إناء مصوغ من حديد أو نحاس قد خرج من الوزن. ولا بأس بأن يسلم فيما يوزن من السمن والزيت والعسل وأشباه ذلك من الأدهان، ولا بأس بأن يبيعه نسيئه بشيء (¬6) من ذلك. ولا بأس بأن يبيع إناء مصوغاً من ذلك (¬7) بإناء مصوغ يداً (¬8) بيد فيه أكثر مما فيه من الوزن إذا كان ذلك الإناء لا يباع وزناً (¬9). ¬

_ (¬1) ف م: ولأنه. والتصحيح من ب ط. (¬2) م ع: دراهما. (¬3) قال ابن منظور: الصُّفْر النحاس الجيد، وقيل: الصفر ضرب من النحاس، وقيل: هو ما صَفِرَ منه، الجوهري: والصُّفْر بالضم الذي تُعمَل منه الأواني. انظر: لسان العرب، "صفر". (¬4) ع: أو الرصاص. (¬5) ع: ما. (¬6) ف: لشيء. (¬7) ف م ع: في ذلك. والتصحيح من ط. (¬8) ع: يد. (¬9) وعبارة الحاكم: ولا بأس بأن يبيع إناءً مصوغًا بإناء مصوغ من نوعه يداً بيد وإن كان أكثر منه في الوزن إذا كان ذلك الإناء لا يباع وزنا. انظر: الكافي، الموضع السابق. وهي كذلك في المبسوط، 12/ 182 - 183.

وكذلك الفلوس، فلا بأس (¬1) بأن يُستبدل فلس (¬2) بفلسين أو أكثر يداً (¬3) بيد، ولا خير فيه نسيئة. وهذا قول أبي يوسف. وقال محمد: لا يجوز ذلك يداً بيد (¬4) ولا نسيئة؛ لأن الفلوس ثمن: إن ضاع منها شيء قبل القبض وجب على صاحبه مكانه؛ لأنه من نوعه. وقال أبو يوسف: إن ضاع الفلس قبل أن يدفعه فقبض الفلسين لم يجز أن يدفع أحدهما قضاء منه، وكذلك الفلوس لا بأس بأن يشتري فلساً بفلسين أو أكثر يداً (¬5) بيد، ولا خير فيه نسيئة (¬6). وكذلك الخَزّ (¬7) لا بأس بأن يستبدل شُقَّة (¬8) من خز بشُقّة هى أكبر منها أو أكثر وزناً. وكذلك الطيالسة والمُسُوح والأكسية والبُتُوت (¬9) وأصناف الثياب كلها؛ لأن هذا قد خرج (¬10) من الوزن. فلا بأس بأن (¬11) يستبدل هذا بشيء هو أكثر وزناً منها؛ لأن هذا لا يوزن. ¬

_ (¬1) ف ع: لا بأس. (¬2) ع: فليس. (¬3) ع: يد. (¬4) ع - ولا خير فيه نسيئة وهذا قول أبي يوسف وقال محمد لا يجوز ذلك يدا بيد. (¬5) ع: يد. (¬6) وذكر في كتاب الصرف أن بيع الفلس بالفلسين بأعيانهما جائز، ولم يذكر في ذلك خلافاً. انظر: 1/ 289 ظ، 290 ظ. وذكر الحاكم في كتاب الصرف أن الإمامين أبا حنيفة وأبا يوسف يقولان بالجواز، وأن الإمام محمداً يقول بعدم الجواز. انظر: الكافي، 1/ 179 و. ولم يذكر الحاكم هذه المسألة في كتاب البيوع. وذكر السرخسي في الموضعين الجواز عن الإمامين أبي حنيفة وأبي يوسف، وعدم الجواز عن الإمام محمد. انظر: المبسوط، 12/ 183، 14/ 25 - 26. (¬7) الخزّ المعروف أوّلاً كان ثياباً تنسج من صوف وإبريسم، ثم صار ينسج كله من الإبريسم. انظر: النهاية لابن الأثير، "خزز"؛ ولسان العرب، "خزز". والإبريسم هو الحرير. انظر: المصباح المنير، "حرر". (¬8) الشقة بالضم القطعة من الثوب انظر: المغرب، "شقق". (¬9) البَتّ كساء غليظ من وبر أو صوف، وقيل: طيلسان من خز، وجمعه بُتُوت، والبَتّات بائعه. انظر: المغرب،"بتت". (¬10) م: قد أخرج. (¬11) ع: بأس.

وكذلك الصوف بالإبريسم لا بأس به. ولا خير في أن يبيع شيئاً من الدهن بالزيت (¬1)؛ لأنه وزن بوزن (¬2). ولا خير في أن يسلم أحدهما في صاحبه؛ لأن هذا وزن كله. ولا بأس بأن يسلم هذا فيما يكال أو أن يسلم ما يكال في هذا إذا اشترطت ذلك على ما وصفت لك. وقال أبو حنيفة: لا بأس بالتمر بالرطب (¬3) مثلاً (¬4) بمثل وإن كان الرطب ينقص إذا جف. وكذلك الحنطة الرطبة (¬5) بالحنطة اليابسة (¬6)، وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا خير في الرطب بالتمر مثلاً (¬7) بمثل يداً (¬8) بيد؛ لأن الرطب ينقص إذا جف. قال: بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك (¬9). وكذلك الحنطة المبلولة بالحنطة اليابسة في قول محمد، وأجاز ذلك أبو يوسف كما قال أبو حنيفة (¬10). ولا خير في الحنطة بالحنطة التي قد قليت وطحنت، والحنطة بالسويق لا خير فيه مثلاً (¬11) بمثل ولا اثنين بواحد. ولو كان مع ذلك ذهب أو فضة ¬

_ (¬1) م ع: والزيت. (¬2) ف - ولا خير في أن يبيع شيئاً من الدهن بالزيت لأنه وزن بوزن. (¬3) ف: بالثمر الرطب. (¬4) ع: مثل. (¬5) ع: اليابسة. (¬6) ع: الرطبة. (¬7) ع: مثل. (¬8) ع: يد. (¬9) رواه الإمام محمد عن الإمام مالك بإسناده. انظر: الموطأ برواية محمد، 3/ 193 - 195. وانظر: الموطأ، البيوع، 22، وسنن ابن ماجة، التجارات، 53؛ وسنن أبي داود، البيوع، 18؛ وسنن الترمذي، البيوع، 14؛ وسنن النسائي، البيوع، 36. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 4/ 40؛ والدراية لابن حجر، 2/ 157. (¬10) قال الحاكم: وفي رواية أبي حفص قال: وأجاز ذلك أبو يوسف كما قال أبو حنيفة، يعني في الحنطة المبلولة بالحنطة اليابسة. وقال السرخسي: وذكر في نسخ أبي حفص قول أبي يوسف كقول أبي حنيفة -رحمهما الله تعالى-، وهو قوله الآخِر، فأما قوله الأول كقول محمد. انظر: المبسوط، 12/ 186. (¬11) ع: مثل.

فلا (¬1) خير فيه. بلغنا نحو من ذلك عن الشعبي (¬2)، إلا في الخصلة الواحدة: إلا أن يكون السويق بالحنطة مثلاً (¬3) بمثل والحنطة أكثر ومع السويق دراهم أو ذهب، فتكون الدراهم والذهب بفضل الحنطة. وإذا كان نوعاً واحداً مما لا (¬4) يكال أو يوزن فلا بأس به اثنان بواحد أو أكثر من ذلك أو أقل يداً (¬5) بيد، ولا خير فيه نسيئة. وإن صرف إلى ذلك شيئاً من غير ذلك الصنف فأسلم قُوهِية في قُوهِية وهَرَوِية نسيئة فلا خير فيه كله (¬6) في قياس قول أبي حنيفة، ولا خير فيه في قول أبي يوسف ومحمد في القُوهِية خاصة. وهو جائز في الهَرَوِية، إن كانت القُوهية معجلة والهروية نسيئة فلا بأس به. وكذلك لو أسلم ثوباً قُوهِياً في ثوب هَرَوِي فعجل فضل دراهم، أو تعجل شيئاً من المتاع سوى (¬7) ما أسلم، أو سوى ما أعطى هو إن تعجله (¬8) أيضاً من صاحبه (¬9)، فهذا جائز لا بأس به. وكذلك لو أعطاه ثوباً في حنطة وشعير (¬10) فجعل (¬11) نصفه عاجلاً ونصفه إلى أجل فذلك جائز. ولو أعطاه ثوباً قُوهِياً في ثوب قُوهِي نسيئة فهو مردود، سلماً كان أو بيعاً، مقايضةً أو قرضاً (¬12)، فلا خير في شيء من ذلك، لأنه نوع واحد، فلا خير فيه. وإن زاد فيه درهماً مع الثوب الذي عجل أو زاد الآخر مع ¬

_ (¬1) ع: فا. (¬2) عن الشعبي أنه سئل عن السويق بالحنطة، فقال: إن لم يكن رباً فهو ريبة. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 291؛ والمحلى لابن حزم، 8/ 502. (¬3) م ع: مثل. (¬4) ع - لا. (¬5) ع: يد. (¬6) ع: كل. (¬7) ع: سواء. (¬8) ع: إن يعجله. (¬9) ف م ع - فلا. ولا معنى لها هنا. (¬10) ع: أو شعير. (¬11) ف م: فعجل. (¬12) ع: مقابضة أو قرض.

الثوب (¬1) الآخر درهماً عاجلاً (¬2) كان (¬3) أو آجلاً كان ذلك كله فاسداً (¬4) لا يجوز؛ لأنه نوع واحد، فلا يجوز أن يزيد فيه شيئاً. وكذلك لو كانت الزيادة دنانير أو ثوباً يهودياً (¬5) أو حنطةً أو شيئاً (¬6) مما يكال أو يوزن. وإذا كان الثوبان من نوعين مختلفين فأعطاه ثوباً يهودياً (¬7) في ثوب زُطِّي (¬8)، أو أعطاه ثوباً (¬9) هروياً (¬10) في ثوب يهودي (¬11) وزيادة درهم من عنده عاجلاً، أو زاده الآخر درهماً عاجلاً أو آجلاً، فذلك كله جائز، بعد أن يكون الأجل معلوماً والرقعة والطول والعرض (¬12)، مِن قِبَل أن النوعين قد اختلفا. وكذلك إذا أسلم طعاماً في شيء مما يوزن وزاد مع ذلك درهماً أو ديناراً أو ثوباً (¬13) عجله (¬14) فهو جائز. وإن جعل الشيء من ذلك مؤجلاً (¬15) فلا خير فيه. وإن كانت الزيادة من الذي عليه السلم أو كانت دراهم أو دنانير أو ثوباً أو شيئاً (¬16) مما يوزن فعجله، وسمى وزن الذي عجله، كان ذلك جائزاً. واذا جعل (¬17) ذلك كله إلى أجل فهو جائز إذا علم ذلك. ولو أسلم رجل طعاماً في شيء مما يوزن أو ثياب (¬18) معلومة من ¬

_ (¬1) ف م ع: من الثوب. والتصحيح من نسخة ب؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 12/ 188. (¬2) ف - عاجلا، صح هـ. (¬3) ع - كان. (¬4) ع: فاسد. (¬5) ع: أو ثوب يهودي. (¬6) ع: أو شيء. (¬7) ع: ثوب يهودي. (¬8) م: في ثوب نطي. (¬9) ع: ثوب. (¬10) م ف - هرويا؛ والزيادة من ع ب جار. (¬11) ف م ع: هروي. والتصحيح من - هامش نسختي ب جار. (¬12) ف م ع + في الأجل. (¬13) ف م ع: أو نوعا. والتصحيح من الكافي، 1/ 166 و؛ والمبسوط، 12/ 188. (¬14) ع: عجلة. (¬15) ع: وجلا. (¬16) ع: أو بشيء. (¬17) ف: عجل؛ ع: أو إذا عجل. (¬18) ع: أو تبابا.

أصناف معلومة مختلفة وفي أشياء معلومة من صنوف الوزن، واشترط (¬1) كل ضرب من ذلك على حاله معلوماً وزنه وذرعه وصفته، وجعل لها أجلاً واحداً أو آجالاً مختلفةً، وسمى لكل صنف من ذلك رأس مال من الطعام، فإن ذلك جائز. وإن كان لم يسم رأس مال (¬2) كل صنف فهو فاسد في قول أبي حنيفة. وإذا أسلم الرجل شيئاً مما يكال في شيء مما يوزن أو يذرع ذرعاً (¬3) على هذه الصفة فهو جائز. وإن أدخل في ذلك شيئاً من الكيل فأسلم فيه مع الوزن والذرع فسد السلم كله في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإنه (¬4) يفسد في نوع رأس المال، ويجوز فيما بقي؛ لأن رأس المال مما يكال. ولا بأس أن يشتري الرجل الشاة الحية بالشاة المذبوحة يداً (¬5) بيد، مِن قِبَل أن الشاة الحية لا توزن، ولا خير فيه نسيئة. ولو كانت شاتان مذبوحتان قد سُلِخَتا (¬6) اشتراهما رجل بشاة مذبوحة لم تسلخ كان ذلك جائزاً، يكون لحم الشاة الواحدة بلحم إحدى الشاتين، وجلدها بلحم الشاة الأخرى. ولو كانت الشاة ليست معها جلد كان ذلك فاسداً، إلا أن يكون مثلاً (¬7) بمثل؛ لأن اللحم هو وزن كله. ولا بأس بكُر حنطة وكر شعير بثلاثة أكرار - كر حنطة وكر شعير (¬8) - ¬

_ (¬1) م ع: واشترطته. (¬2) ع: ما. (¬3) ع: درهما. (¬4) ع - فإنه. (¬5) ع: يد. (¬6) ف م: قد سلختها؛ والتصحيح من ع. وفي ط: قد سلختهما. (¬7) ع: مثل. (¬8) كذا في ف م ع ط وقال المحقق شحاتة: وفي نص السرخسي: "ثلاثة أكرار حنطة وكر شعير" ولكن الفرض أن هناك ثلاثة أكرار حنطة وثلاثة أكرار شعير لا كراً واحداً من الشعير. انظر: الأصل (شحاتة)، 5/ 63؛ والمبسوط، 12/ 189. ولعل الصواب: "ثلاثة أكرار، كري حنطة وكر شعير". أي كران من الحنطة وكر واحد من الشعير.

يداً (¬1) بيد، فتكون (¬2) حنطة هذا بشعير هذا وشعير هذا بحنطة هذا (¬3). وكذلك كر حنطة وكر شعير بنصف كر حنطة ونصف كر شعير، فتكون الحنطة بالشعير والشعير (¬4) بالحنطة. ولا خير في شيء من هذا نسيئة. وإن اشترى الرجل قفيز حنطة بنصف قفيز حنطة هو أجود منه أو قفيز شعير بنصف قفيز شعير هو أجود منه فلا خير فيه. ولو أعطيت قفيزاً من حنطة وقفيزاً من شعير بقفيزين من تمر لم يكن بذلك بأس يدا (¬5) بيد. وكذلك لو كان مع التمر قفيز (¬6) من حنطة فلا بأس. ولا بأس بأن تشتري (¬7) الكُفَرَّى (¬8) بما شئت من التمر يداً (¬9) بيد؛ لأن الكُفَرَّى ليس بتمر ولا يكال. ولا خير فيه إذا كان الكُفَرَّى بنسيئة، مِن قِبَل أن هذا شيء مجهول لا يعرف، وفيه الصغير والكبير. ولا خير في التمر بالبُسْر (¬10) اثنين (¬11) بواحد وإن كان البسر لم يحمر ولم (¬12) يصفر، مِن قِبَل أن أصله واحد. وكذلك القَسْب (¬13) بالتمر لا خير فيه اثنين (¬14) بواحد يداً (¬15) بيد، ولا خير فيه نسيئة. وكذلك كل صنف من صنوف التمر والقَسْب والبُسْر، فهذا كله واحد، ولا خير في بعضه ببعض إلا يداً (¬16) بيد مثلاً (¬17) بمثل. ¬

_ (¬1) ع: يد. (¬2) ع: فيكون. (¬3) ع - هذا. (¬4) م - والشعير. (¬5) ع: بأسا يد. (¬6) ع: قفيزا. (¬7) ف - تشتري، صح هـ.، ع: يشتري. (¬8) الكافور والكُفَرَّى بضم الكاف وفتح الفاء وتشديد الراء كم النخل، من "كفر: أي ستر، لأنه يستر ما في جوفه. انظر: المغرب، "كفر". (¬9) ع: يد. (¬10) ثمر النخل إذا خرج شكله من الاستدارة إلى الطول وأخذ في التلون إلى الحمرة أو الصفرة فهو بُسْر. انظر: المصباح المنير، "بلح". (¬11) ع: اثنان. (¬12) ع: أو لم. (¬13) القَسْب تمر يابس يتفتت في الفم، صلب النواة. انظر: المغرب، "قسب". (¬14) ع: اثنان. (¬15) ع: يد. (¬16) ع: يد. (¬17) ع: مثل.

ولا خير في أن تباع (¬1) حنطة مجازفة بحنطة مجازفة، وكذلك كل شيء يكال أو يوزن. فكذلك التمر في رؤوس النخل لا خير فيه (¬2) أن تبتاعه [بالتمر] (¬3) كيلاً أو مجازفة. بلغنا نحو (¬4) ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬5). وكذلك الزرع إذا كان قد أدرك وبلغ وهو حنطة (¬6) فلا خير في ذلك أن تبتاعه (¬7) بحنطة كيلاً أو مجازفة، لأنك لا تدري أي (¬8) ذلك أكثر. ولا بأس بأن تبتاعه (¬9) وهو قَصِيل (¬10) مِن قَبْل أن يكون حنطة بكيل (¬11) أو بغير كيل بعد أن يكون طعاماً بعينه. فإذا اشترطت (¬12) عليه أن يترك القَصيل في أرضه حتى يدرك فلا خير في البيع. ولا بأس أن تبتاع (¬13) زرع الحنطة بعدما أدرك بدراهم، أو بشيء مما يكال غير الحنطة، أو بشيء مما يوزن مجازفة أو غير مجازفة، مِن قِبَل أنهما نوعان مختلفان. وإذا كان الشيء مما يكال أو يوزن بين رجلين فاقتسما مجازفة: أخذ ¬

_ (¬1) ع: بأن يباع. (¬2) ع " إلا. (¬3) الزيادة من ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 12/ 192. (¬4) ع + من. (¬5) وهو ما يسمى ببيع المزابنة. وقد رواه الإمام محمد عن الإمام مالك بإسناده. انظر: الموطأ برواية محمد، 3/ 223 - 224. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 189؛ وصحيح البخاري، البيوع، 82؛ وصحيح مسلم، البيوع، 59 - 76. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 4/ 12؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 28. (¬6) ع: حنطل. (¬7) ع: إلا أن يبتاعه. (¬8) ف م + شيء. (¬9) ع: يبتاعه. (¬10) القَصْل قطع الشيء، ومنه القَصِيل، وهو الشعير يُجَرّ أخضر لعلف الدواب، والفقهاء يسمون الزرع قبل إدراكه قصيلاً، وهو مجاز. انظر: المغرب، "قصل". (¬11) ع: كيل. (¬12) ف م: فإذا اشترط؛ ع: وإذا اشترط. (¬13) ع: أن يبتاع.

أحدهما أحد النوعين وأخذ (¬1) الآخر [النوع الآخر] (¬2)، أو أخذ كل واحد منهما نصف نوع واصطلحا على ذلك مجازفة بغير كيل، كان ذلك جائزاً؛ لأن كل نوع منهما يصير بنوع الآخر. ولا خير في شرى ألبان الغنم في ضروعها كيلاً ولا مجازفةً بدراهم ولا غير ذلك، وكذلك أولادها في بطونها. وبلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنه نهى عن شرى حَبَل الحَبَلَة (¬3)، ونهى عن بيع الغرر (¬4). وهذا عندنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[نهيٌ] عن شرى اللبن في الضروع وشرى حَبَل الحَبَلَة (¬5). وكذلك شرى أصوافها على ظهورها؛ لأن هذا غرر لا يعرف. وكذلك كل شيء اشتريت من الثمار مما يكال وهو في الشجر بصنف (¬6) غيره فلا بأس به يداً (¬7) بيد إذا كان قد أدرك. فإن اشترطت عليه أن يتركه في الشجر حتى يدرك فلا خير فيه. وإن (¬8) كان لم يدرك فهو سواء. وإن لم تشترط (¬9) عليه تركه فهو جائز. فإذا (¬10) اشتريت لتقطعه (¬11) ¬

_ (¬1) ف م: فأخد. (¬2) الزيادة من ط؛ والمبسوط، 12/ 194. (¬3) ع: الحبلى. الحَبَل مصدر حَبِلَت المرأة حَبَلا، فهي حُبْلى، وهن حَبَالَى، فسمي به المحمول كما سمي بالحَمْل، وإنما أدخلت عليه التاء للإشعار بمعنى الأنوثة فيه، لأن معناه أن يبيع ما سوف يحمله الجنين إن كان أنثى. انظر: المغرب، "حبل". (¬4) روى الإمام محمد الحديثين السابقين عن الإمام مالك بإسناده. انظر: الموطأ برواية محمد، 3/ 218 - 223. وانظر: مسند أحمد، 2/ 144، 155؛ وصحيح البخاري، البيوع، 61؛ وصحيح مسلم، البيوع، 4، 5؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 10 الغَرَر هو الخَطَر الذي لا يُدْرَى أيكون أم لا، كبيع السمك في الماء والطير في الهواء. وعن علي - رضي الله عنه -: هو عمل ما لا يؤمن عليه الغرور. وعن الأصمعي: بيع الغرر أن يكون على غير عهدة ولا ثقة. قال الأزهري: ويدخل فيه البيوع المجهولة التي لا يحيط بها المتبايعان. انظر: المغرب، "غرر". (¬5) ف: الحبل؛ ع: الحبلى. وانظر: مسند أحمد، 1/ 302، 423؛ وسنن ابن ماجة، التجارات، 24؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 11. وانظر لحبل الحبلة الحاشية السابقة آنفا. (¬6) ع: نصف. (¬7) ع: يد. (¬8) ف: وإذا. (¬9) ع: يشترط. (¬10) ع: وإذا. (¬11) ع: ليقطعه.

مكانك فلا بأس به. وإن أذن لك بعد الشراء أن تتركه (¬1) فتركته حتى يبلغ فهو جائز. وإذا اشترى الرجل طعاماً بطعام مثله، فتعجّله (¬2) كله، وترك الذي اشترى ولم يقبضه، فهو جائز؛ لأنه حاضر، وليس له أجل. وإن قبضه بعد ذلك بيوم أو أكثر فلا بأس به. وليس هذا كالصرف ولا كالسلم. وكذلك لو أن رجلاً اشترى عبداً بعبدين أو شاة بشاتين يداً (¬3) بيد فقبض أحدهما (¬4) ولم يقبض الآخر إلا بعد ذلك بيوم أو يومين فهو جائز. ألا ترى أن الرجل يشتري الجارية أو الشاة أو الطعام أو الشيء من العروض وينقد الدراهم، ولا يقبض ذلك يوماً أو يومين، فيكون ذلك جائزاً، فلا بأس به، وليس هذا بنسيئة. ولو جعل فيه أجل يوم أو أكثر من ذلك كان هذا فاسداً مِن قِبَل أنه اشترى شيئاً بعينه، فلا يجوز فيه الأجل. وإذا اشترى الرجل طعاماً بطعام أو بغيره مما يكال أو يوزن، واشترط عليه أن يوفيه إياه في منزله، وهما في المصر الذي فيه المنزل فذلك جائز، ما خلا الطعام، فإنه قد أخذ طعاماً بطعام وفضل، فلا خير فيه. وإذا اشترى طعاماً بدراهم أو بعروض بعينها، على أن يحملها (¬5) إلى منزله، فلا خير فيه. وكذلك لو اشترط عليه أن يوفيه إياه في منزله كان فاسداً. غير أني أستحسن في هذا خصلة واحدة: إذا كان في مصر واحدة، واشترط عليه أن يوفيه إياه في منزله، فلا بأس به. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: هذا كله فاسد. وإذا اشترى الرجل شعراً (¬6) بصوف متفاضلاً (¬7) فلا بأس به يداً بيد، ¬

_ (¬1) ع: البسرا أن يتركه. (¬2) ع: فيعجله. (¬3) ع: يد. (¬4) ع + فقبض أحدهما. (¬5) ف م ع: أن يجعلها. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق. (¬6) ف م ع: شعيرا. والتصحيح من ب ط؛ والكافي، الموضع السابق. (¬7) ف م ع: بصوف مثل بمثل. والتصحيح من ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 12/ 200.

ولا يجوز (¬1) نسيئة. ولا بأس بالقطن والكتان والحديد والنحاس وما أشبه ذلك أن يشتريه واحداً (¬2) باثنين بعضه ببعض إذا اختلف النوعان يداً (¬3) بيد، ولا خير فيه نسيئة. ولا خير في أن يسلم في شيء من هذا في شيء مما يكال بالأرطال؛ لأنه وزن كله. وإذا أسلم الرجل ثوباً أو جارية أو شيئاً من العروض أو الحيوان في نوعين من الكيل والوزن مختلفين فلا بأس بذلك. وإن لم يبين رأس مال كل واحد منهما مِن قِبَل أن رأس ماله لا ينقص، وليس هذا كالطعام - في قول أبي حنيفة - الذي ينقص ويوزن ويكال. وإذا أسلم الرجل إلى الرجل في حنطة وسط (¬4)، فأعطاه الآخر طعاماً جيدأ، أو أسلم في تمر دَقْل فأعطاه الآخر (¬5) فارسياً فلا بأس بذلك. وكذلك لو أعطاه دون شرطه فأخذه كان ذلك جائزاً. وقال أبو حنيفة: إذا اشترى الرجل عبدين وقبضهما فمات أحدهما في يديه ثم اختلفا في الثمن فإن القول في ذلك قول المشتري، إلا أن يشاء البائع أن يأخذ الحي، ولا يأخذ من ثمن الميت شيئاً. وفيها قول آخر قول أبي يوسف: إن القول قول المشتري في حصة الميت، ويتحالفان ويترادان في الحي (¬6) منهما. وهذا قول أبي يوسف. وقال محمد: يتحالفان ويترادان في الحي وفي (¬7) حصة الهالك، والقول في قيمة الهالك قول المشتري مع يمينه. ¬

_ (¬1) ف: ولا يجز فيه؛ ع: ولا خير فيه. (¬2) ع: واحد. (¬3) ع: يد. (¬4) ع: وسطا. (¬5) ف م - طعاما جيدا أو أسلم في تمر دقل فأعطاه الآخر؛ والزيادة من ع ط. وعبارة ب جار: ولو دفع المسلم إليه حنطة جيدة عن الوسط المسلم فيه منها أو تمرا فارسيا عن الدقل جاز أخذه. (¬6) ف م ع + لك. والتصحيح من ب جار ط، والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 12/ 201. (¬7) الواو من ع ب جار ط؛ والكافي، الموضع السابق، والمبسوط، 12/ 201.

باب الوكالة في السلم

باب الوكالة في السلم فإذا وكل الرجل رجلاً أن يسلم له عشرة دراهم في كر حنطة، فأسلمها له إلى رجل، واشترط ضرباً من الحنطة معلوماً وأجلاً معلوماً (¬1) في كيل مسمى والمكان الذي يوفيه فيه فهو جائز. وللوكيل أن يقبض الطعام إذا حل الأجل. وإن كان (¬2) الوكيل نقد الدراهم من عنده، ولم يدفع الذي وكل شيئاً، فهو جائز، والطعام للذي وكله، والدراهم للوكيل دين على الموكل. فإذا قبض الوكيل الطعام فله أن يحبسه عنده حتى يستوفي الدراهم من الموكل. وهذا بمنزلة الرجل أمر رجلاً أن يشتري له خادماً بعينها، فاشتراها ولم يدفع إليه الثمن، ونقد الوكيل الثمن من عنده، وقبض الخادم، فللوكيل أن يحبسها حتى يستوفي المال من الموكل. فإن هلكت الجارية عند الوكيل بعدما حبسها، وأبى أن يدفعها إلى الموكل (¬3) حتى طلبها، فهي من مال الوكيل، والثمن دين على الموكل. فكذلك السلم في الطعام. وإذا وكل رجل رجلاً بأن (¬4) يسلم له في حنطة ودفع إليه دراهم، فأسلمها وأخذ بها رهناً، فهو جائز. وكذلك لو أخذ بها كفيلاً فهو جائز على الموكل. وإن حل الأجل فأخر الوكيل السلم فهو جائز عليه خاصة، وهو ضامن للطعام للموكل. وكذلك لو أبرأ الذي عليه الطعام أو وهبه له كان جائزاً عليه، وكان الوكيل ضامناً للطعام للموكل. ولو لم يفعل الوكيل شيئاً من ذلك ولكن احتال به (¬5) على رجل وأبرأ الأول فهو جائز عليه خاصة. وإن ¬

_ (¬1) ع - وأجلا معلوما. (¬2) ع - كان. (¬3) ع: للموكل. (¬4) ف: في أن. (¬5) ع + عليه.

كان المحتال عليه مليئاً (¬1) أو غير مليء فالوكيل ضامن للطعام (¬2) للموكل؛ لأنه أبرأه من طعامه بغير قبض. فإن اقتضى الوكيل طعاماً دون شرطه وكان شرطه جيداً فاقتضى منه وسطاً أو رديئاً فهو جائز عليه، وللموكل أن يضمنه طعاماً مثل طعامه. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: لا يجوز شيء من هذا إلا في الكفيل والرهن. وإذا وكل الرجل رجلاً بأن يسلم له دراهم (¬3) في طعام ثم إن الوكيل تارك السلم وقبض رأس المال فهو جائز، وهو ضامن للطعام مثله لرب السلم؛ لأن الطعام قد وجب للآمر. وهذا قياس قول أبي حنيفة ومحمد (¬4). وأما في قول (¬5) أبي يوسف: فلا يجوز إبراء الوكيل (¬6) ولا هبته ولا متاركته ولا تأخيره، وللموكل أن يرجع بطعامه، [وقال أبو يوسف:] (¬7) أستحسن ذلك وأدع القياس فيه. وإذا وكل الرجل رجلاً فأسلم له دراهم (¬8) في طعامه، ثم فارق الوكيل المسلم إليه وأسلم، وأمر الوكيل الموكل (¬9) أن يدفع إليه الدراهم، فإن السلم قد فسد وانتقض مِن قِبَل أن الوكيل (¬10) هو الذي ولي (¬11) ¬

_ (¬1) ع: مليء. (¬2) ف: الطعام. (¬3) ع: دراهما. (¬4) أي: وهو قول محمد. فإنه يقول عقيب ذلك: وأما في قول أبي يوسف ... فلا يعقل أن يكون قول أبي يوسف مذكوراً صراحة وقول محمد مذكوراً قياساً. (¬5) وفي كتاب الوكالة: في قياس قول. انظر: 8/ 126 و. (¬6) م: الكفيل. (¬7) مستفاد من ب؛ والكافي، الموضع السابق. (¬8) ع: دراهما. (¬9) ف م ع: للموكل. والتصحيح من ط. (¬10) ع: أن الموكل. (¬11) ع - ولي.

الصفقة (¬1)، وفارقه قبل أن ينقده. وإن نقد الموكل الدراهم رجع بها على الذي (¬2) أخذها منه. وكذلك لو كان الذي عليه السلم وكل وكيلاً أيضاً فهو سواء. وإذا وكل رجل رجلاً أن يسلم له (¬3) عشرة دراهم في حنطة، فأسلمها في قفيز حنطة، فهذا جائز على الوكيل، ولا يجوز على رب السلم، والوكيل ضامن للدراهم (¬4) للموكل. ولو أسلمها في أكثر (¬5) من ذلك من الحنطة أو كان حط عنه شيئاً يتغابن الناس فيه كان ذلك جائزاً على الموكل. واذا وكل رجل رجلاً أن يسلم له دراهم (¬6) في طعام، فالطعام عندنا الحنطة، نستحسن (¬7) ذلك. فإن أسلم في شعير أو في تمر أو في سمسم فهو جائز على الوكيل، ولا يجوز على الموكل. وإن رجع الآمر على الذي (¬8) أسلم إليه بدراهمه كان له ذلك. فإن كان الذي أسلم إليه قد فارق صاحب السلم (¬9) انتقض السلم، وإن كان لم يفارقه حتى أعطاه دراهم (¬10) مثلها كان ذلك جائزاً مستقيماً. والوكيل ضامن للدراهم، إن شاء أخذه ولم يتبع (¬11) بها المسلم إليه. وإن أسلم الدراهم في دقيق حنطة فهو جائز. وإذا وكل رجل رجلاً بأن يأخذ له دراهم في طعام مسمى إلى أجل، فأخذ الوكيل الدراهم، ثم دفعها إلى الذي وكله، فإن الطعام على الوكيل. وإنما للوكيل على الذي وكله دراهم (¬12) قرض؛ لأن الوكيل حيث أسلم إليه في طعام صار عليه، وحيث دفع الدراهم [إلى] (¬13) الذي ¬

_ (¬1) ع: للصفقة. (¬2) م - الذي. (¬3) م ع - له. (¬4) ف: الدراهم. (¬5) ع: في الكر. (¬6) ع: دراهما. (¬7) ع: يستحسن. (¬8) م - الذي. (¬9) ع + أو. (¬10) ع: دراهما. (¬11) ع: يبيع. (¬12) م: دراهما. (¬13) الزيادة من ط؛ والكافي، 1/ 166 ظ؛ والمبسوط، 12/ 209.

وكله (¬1) ولم يسلمها (¬2) إليه في طعام فصارت قرضاً عليه، وقد كان للوكيل أن يمنعها إياه. ألا ترى أن رب السلم ليس له على الموكل شيء. وإذا وكل رجل رجلاً ودفع إليه عشرة دراهم يسلمها في ثوب ولم يسم (¬3) جنسه، فأسلمها الوكيل في ثوب وسمى طوله (¬4) وعرضه ورقعته وجنسه وأجله، فهو جائز على الوكيل، والوكيل ضامن للدراهم (¬5) للآمر. ولا يجوز (¬6) هذا على الآمر مِن قِبَل أنه لم يسم جنس الثوب. ولرب الدراهم أن يضمن ماله المسلم إليه. فإن ضمن الدراهم المسلم إليه انتقض السلم. وإن ضمنها الوكيل جاز (¬7) السلم، وكان للوكيل على المسلم إليه ثوب. وإذا أمره أن يسلم الدراهم في الثوب اليهودي (¬8) فأسلم في ثوب يهودي واشترط طوله وعرضه (¬9) ورقعته وأجله فهو جائز. وكذلك (¬10) إذا قال: أسلمها في (¬11) ثوب قوهي أو مروي، إذا سمى (¬12) جنساً من الثياب كان ذلك على الآمر. فإن خالف الوكيل فأسلم في غير ذلك فلرب الدراهم أن يضمن الوكيل الدراهم. فإن ضمنها إياه جاز السلم للوكيل. وإن ضمنها المسلم إليه بطل السلم. وإذا وكل رجل رجلاً أن يسلم له دراهم (¬13) في حنطة ودفعها إليه فأسلمها إليه، ولم يشهد على المسلم إليه بقبض المال ولا بالاستيفاء، ثم ¬

_ (¬1) ع - دراهم قرض لأن الوكيل حيث أسلم إليه في طعام صار عليه وحيث دفع الدراهم الذي وكله. (¬2) ف ع: لم يسلمها. (¬3) ع: يسمي. (¬4) ع: حلوله. (¬5) ف: الدراهم. (¬6) ف + على. (¬7) ف م ع: بعد؛ ط: بقي. وقد تكون محرفة عن "نفذ". (¬8) ع: النهوي. (¬9) ع + ورقعة. (¬10) ع: فكذلك. (¬11) ع - في. (¬12) ف + له. (¬13) ع: دراهما.

جاء المسلم إليه بدرهم (¬1) يرده إليه وقال: وجدته زائفاً، فإنه يصدق، ويقضى على الوكيل ببدله، ويرجع به الوكيل على الموكل. وكذلك لو وجد درهمين. فإن وجد النصف زُيُوفاً (¬2) رد ذلك وبطل من (¬3) السلم (¬4) بحساب ذلك في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإنه يستبدل. فإن (¬5) كانت كلها زيوفاً استبدلها. وإن كان قد أشهد عليه أنه استوفى رأس المال لم يصدق (¬6) المسلم إليه على الدراهم الزيوف، ولم تقبل منه البينة على ذلك، ولم يكن له يمين على الوكيل. وإذا وكل رجل رجلاً أن يسلم له عشرة دراهم من الدين (¬7) الذي عليه في الطعام فأسلمها له فإن هذا لا يكون سلماً للآمر في قول أبي حنيفة، وهو من مال الوكيل المأمور حتى يقبض الطعام ويدفعه إلى الآمر (¬8). وهو [في] قول أبي يوسف ومحمد [جائز] (¬9). وكذلك ألف درهم على رجل فقال: اصرفها لي (¬10) بدنانير أو اشتر (¬11) لي بها عِدْل زُطِّي. وإذا وكل رجل رجلين أن يسلما (¬12) له دراهم في طعام، فأسلم أحدهما دون الآخر، فإنه لا يجوز على الآمر؛ لأنه لم يرض برأي هذا وحده. وإن أسلما جميعاً الدراهم في طعام (¬13) فهو جائز على الآمر. وإن ¬

_ (¬1) ع: بدراهم. (¬2) زَافَتْ عليه دراهمُه أي صارت مردودة عليه لِغِشِّ فيها، وقد زُيِّفَتْ إذا رُدَّتْ، ودرهم زَيْف وزائف، ودراهم زُيُوف وزُيَّف، وقيل: هي دون البَهْرَج في الرداءة، لأن الزيف ما يرده بيت المال، والبَهْرَج ما يرده التجار، وقياس مصدره الزُّيُوف، وأما الزَّيَافَة فمن لغة الفقهاء. انظر: المغرب، "زيف". وقال السرخسي: الزيوف ما زيّفه بيت المال ولكن يروج فيما بين التجار. انظر: المبسوط، 12/ 144. (¬3) م - من. (¬4) ف: من المسلم. (¬5) ع: وإن. (¬6) ع: لم يصد. (¬7) ع: من الذين. (¬8) ع: إلى الآ. (¬9) الزيادتان من ط. وهو مستفاد من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 12/ 210. وكذلك وردت المسألة في كتاب الوكالة كما أثبتناه. انظر: 8/ 127 و. (¬10) م - في. (¬11) ع: أو اشترى. (¬12) م: أن يسلمها. (¬13) م - في طعام.

تارك أحدهما المسلم إليه فإنه لا يجوز في قول أبي حنيفة ولا في قول أبي يوسف ومحمد، والطعام على حاله دين. وإذا وكل رجل رجلاً أن يسلم له (¬1) دراهم (¬2) في طعام، فأسلمها له، ثم إن الآمر اقتضى الطعام وقبضه، فهو جائز. وكذلك لو تارك السلم وقبض رأس المال (¬3) فهو جائز، والذي عليه الطعام بريء. ولو لم يفعل ذلك وأراد قبض الطعام (¬4) وأبى الذي عليه الطعام أن يدفعه إليه فله أن يمتنع منه ولا يعطيه شيئاً؛ [لأنه] (¬5) لم يسلم إليه في شيء. وإذا وكل رجل رجلاً فدفع إليه دراهم (¬6) يسلمها له في الحنطة، فقَاوَلَ (¬7) الوكيل رجلاً وبايعه، ولم تكن (¬8) له نية في دفع دراهمه ولا في دفع دراهم الآمر، ثم دفع إليه دراهم الآمر (¬9)، فهو جائز، وهي للآمر. وإن دفع إليه دراهم (¬10) لنفسه فالطعام له، ودراهم الآمر عند الوكيل حتى يسلمها. وهو قول يعقوب إذا لم تكن (¬11) النية (¬12) في ذلك لنفسه ولا (¬13) للآمر (¬14). وفيها قول آخر قول محمد: إنه لازم للوكيل إلا أن يكون نواه للآمر عند عقدة الشراء، فإن نوى ذلك لم يسعه فيما بينه وبين الله تعالى أن يأخذه لنفسه. فإن تكاذبا فيما قال الوكيل من نيته (¬15) فالذي اشترى للذي نقد ماله أيهما كان. ¬

_ (¬1) ع - له. (¬2) ع: دراهما. (¬3) ع - المال. (¬4) ف - والذي عليه الطعام بريء ولو لم يفعل ذلك وأراد قبض الطعام. (¬5) الزيادة من كلام المؤلف في كتاب الوكالة كما قال المحقق شحاتة، فقد ذكر المؤلف نفس المسألة هناك. انظر: 8/ 127 و. (¬6) م ع: دراهما. (¬7) قاوله في أمره مقاولة مثل جادله وزنا ومعنى. انظر: المصباح المنير، "قول". (¬8) ع: يكن. (¬9) ع - ثم دفع إليه دراهم الآمر. (¬10) م ع: دراهما. (¬11) ع: لم يكن. (¬12) ف ع: البينة. (¬13) ع - ولا. (¬14) ع: وللآمر. (¬15) ع: من بينة.

وإذا أسلم الرجل إلى رجل دراهم (¬1) في طعام ثم وكل رجلاً أن يدفع إليه الدراهم وقام هو فذهب فقد انتقض السلم وبطل. [فإن دفع الوكيل الدراهم والرجل حاضر فهو جائز. وإذا وكل المسلم إليه رجلاً يقبض الدراهم من رب السلم وفارقه فذهب فقد انتقض السلم وبطل] (¬2). وأن لم يذهب ولم يفارقه حتى قبض الوكيل الدراهم فهو جائز، فالدراهم للمسلم إليه والطعام عليه؛ لأنه ولي صفقة البيع. وإذا وكل رجل رجلاً بثوب يبيعه (¬3) بدراهم فأسلمه في طعام إلى أجل فإنه لا يجوز. فإن ضمن رب الثوب الوكيل جاز السلم وكان له. وإن ضمن (¬4) المسلم إليه الثوب بطل السلم. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. وإذا وكل رجل (¬5) رجلاً بثوب يبيعه ولم يسم له الثمن فأسلمه في طعام إلى أجل فهو جائز على الآمر؛ لأن هذا بيع. أرأيت لو باعه بدراهم (¬6) نسيئة ألم تُجِزْه (¬7). أرأيت لو باعه بدراهم يداً (¬8) بيد ألم تُجِزْه (¬9). وهذا قول أبي حنيفة. أما أبو يوسف ومحمد فإنهما قالا: لا يجوز إلا أن يبيع ذلك بدراهم أو دنانير. وإذا وكل رجل رجلاً بطعام يبيعه فباعه بزيت أو سمن فهو (¬10) جائز. وإن أسلمه في زيت فهو جائز على الآمر. وقال يعقوب ومحمد: لا يجوز إلا أن يبيعه بدراهم أو دنانير؛ لأنهما الثمن الذي تجري (¬11) عليه بياعات الناس. ¬

_ (¬1) م ع: دراهما. (¬2) ما بين المعقوفتين مزيد من كتاب الوكالة من كتاب الأصل. انظر: 8/ 127 ظ. (¬3) ف ع: فيبيعه. (¬4) م: أن ضمن. (¬5) ع: الرجل. (¬6) م: بدرهم. (¬7) ع: يجزه. (¬8) م ع: يد. (¬9) ع: يجزه. (¬10) م: فإنه. (¬11) ع: يجزي.

وإذا وكل رجل رجلاً بأن يسلم له دراهم (¬1) إلى رجل بعينه في طعام، فأسلمها إلى غيره، فإنه لا يجوز. فإن فعل ذلك فالطعام له، ولا يجوز على الآمر. وإذا وكل رجل رجلاً بدراهم أن يسلمها في طعام فأسلمها (¬2) وأدخل في السلم شرطاً يفسده فإن السلم باطل. ولا يضمن الوكيل من الفساد الذي دخل فيه شيئاً. وإذا وكل رجل رجلاً بدراهم أن يسلمها له والوكيل ذمي فإني (¬3) أكره (¬4) له ذلك، وأجيزه على الآمر. وإذا وكل الذمي المسلم أن يسلم دراهم (¬5) في طعام فهو جائز. وكذلك لو وكل الحر العبد بدراهم فهو جائز. وإذا وكل العبد التاجر الرجل الحر بذلك فهو جائز. وإذا وكل (¬6) الرجل الحر المكاتب فهو جائز. وإذا وكل المكاتب الحر فهو جائز. وإذا وكل المضارب رجلاً يسلم له في طعام فهو جائز. وإن كانت من دراهم المضاربة فهو جائز. وإذا وكل رجل رجلاً يسلم له (¬7) دراهم (¬8) في طعام فهو جائز. وليس للوكيل أن يوكل بذلك غيره؛ لأنه لم يفوض ذلك إليه. فإن قال الذي وكله: ما صنعت في ذلك من شيء فهو جائز، فله أن يوكل غيره، ويجوز على الآمر. ¬

_ (¬1) ع: درادهما. (¬2) ع - فأسلمها. (¬3) ع - فإني. (¬4) ع - فأكره. (¬5) ع: دراهما. (¬6) ع - الحر العبد بدراهم فهو جائز وإذا وكل العبد التاجر الرجل الحر بذلك فهو جائز وإذا وكل. (¬7) ع - في طعام فهو جائز وإن كانت من دراهم المضاربة فهو جائز وإذا وكل رجل رجلاً يسلم له. (¬8) ع: دراهما.

فإذا وكل الذمي المسلم أن يسلم في خمر (¬1) إلى ذمي ففعل المسلم ذلك فإن ذلك لا يجوز مِن قِبَل أن المسلم ولي عقدة السلم. وإذا وكل المسلم الذمي أن يسلم له في خمر فأسلمها إلى ذمي فهو جائز؛ لأن الذمي ولى الصفقة، والذي باع ذمي. وينبغي للمسلم أن يخللها في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا تكون الخمر للمسلم على (¬2) حال، ولكنها للذمي. وإذا كان المكاتب كافراً ومولاه مسلم فوكل المكاتب كافراً فأسلم له في خمر إلى كافر فهو جائز. وكذلك العبد التاجر الكافر. وإذا وكل رجل رجلاً بدراهم (¬3) يسلمها له فصرفها الوكيل بدراهم غيرها فإن الوكيل قد خالف، وهو ضامن لدراهم الآمر. وإذا دفع الرجل إلى رجل (¬4) ديناراً فقال: أسلمه لي في طعام، فصرفه بدراهم ثم أسلمها في طعام فهو للوكيل، والوكيل ضامن (¬5) لدينار الآمر. وإذا وكل رجلان رجلاً واحداً أن يسلم لهما (¬6) في طعام كل واحد منهما بدراهمه على حدة، فأسلم الدراهم كلها إلى رجل واحد في طعام واحد، فهو جائز، ولا يضمن الوكيل؛ لأنه. لم يخلط الدراهم بالدراهم. والطعام بين الرجلين: ما قبض منه فهو لهما، وما تَوَى منه فعليهما. ولو كان الوكيل خلط الدراهم ثم أسلمها لهما كان السلم له، وكان ضامناً للدراهم لهما. ولو لم يخلطها ولكنه أسلم دراهم كل واحد منهما وحدها ¬

_ (¬1) ف م ع + فأسلمها. والتصحيح من ط اعتمادا على ما ورد في كتاب الوكالة من كتاب الأصل. انظر: 8/ 128 و. (¬2) ع + كل. (¬3) م - بدراهم. (¬4) ع: إلى الرجل. (¬5) ف م ع + له. والتصحيح من ط اعتمادا على ما ورد في كتاب الوكاله من كتاب الأصل. انظر: 8/ 127 و. (¬6) ع: لها.

كان جائزاً. فإن اقتضى شيئاً فقال كل (¬1) واحد (¬2) منهما: هذا (¬3) مالي، فالقول في ذلك قول الذي كان عليه الطعام. فإن قال: هو من هذا الصك، فهو منه. فإن كان غائباً (¬4) فالقول قول الوكيل. فإن قدم الذي عليه الطعام [فأكذب الوكيل فالقول قول الذي عليه الصك] (¬5). وإذا وكل رجل رجلاً بأن يسلم له دراهم (¬6) في طعام فأسلمها إلى نفسه فإنه لا يجوز. وكذلك لو أسلمها إلى عبده أو مكاتبه فإنه لا يجوز على الآمر. فإن أسلمها إلى ابنه أو أبيه (¬7) أو إلى أمه أو زوجته (¬8) فإنه لا يجوز في قياس قول أبي حنيفة. وهذا في قول أبي يوسف ومحمد جائز. فإن أسلمها إلى شريك له مفاوض (¬9) لم يجز أيضاً. وإن أسلمها (¬10) إلى شريك له عنان جاز ذلك إذا لم يكن ذلك من تجارتهما. وإذا وكل رجل رجلاً فأسلم له دراهم (¬11) في طعام، ثم إن الوكيل وكل بقبض ذلك الطعام وكيلاً، فقبضه وكيل الوكيل، فقد برئ الذي عليه الطعام. فإن كان وكيل الوكيل عبد (¬12) الوكيل الأول أو ابنه في عياله أو أجيراً له فهو جائز على الآمر. وإن كان أجنبياً فالوكيل الأول ضامن للطعام إن ضاع في يد (¬13) الوكيل الثاني. فإن وصل إلى الوكيل الأول برئ الوكيل الأول والثاني من الضمان، وكان الطعام للآمر. ¬

_ (¬1) ف: لكل. (¬2) ع - واحد. (¬3) ع + من. (¬4) ع: عليها. (¬5) ما بين المعقوفتين مزيد من كتاب الوكالة من كتاب الأصل. انظر: الموضع السابق. (¬6) ع: دراهما. (¬7) ع: إلى أبيه أو ابنه. (¬8) ف م ع: أو أخته (مهملة في ف م). والتصحيح من ط؛ وكتاب الوكالة من كتاب الأصل. انظر: الموضع السابق. وانظر: الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 12/ 218. (¬9) م: ففاوض. (¬10) ف: أسلم. (¬11) ع: دراهما. (¬12) ع: عند. (¬13) ف ع: في يدي.

باب البيوع الفاسدة

وإذا وكل رجل رجلاً فأسلم له دراهم في الطعام إلى امرأة فهو جائز. وكذلك إن كان الوكيل امرأة فهو جائز (¬1). وكذلك إن كان الآمر (¬2) امرأة فهو جائز. ... باب البيوع الفاسدة وإذا باع الرجل رجلاً عِدْلَ زُطِّي أو جِرَابَ هروي على أن فيه خمسين ثوباً بألف درهم فوُجد فيه واحد وخمسون ثوباً كان هذا البيع باطلاً لا يجوز. ألا ترى أنه لو قال: ابتعت منك خمسين مما في هذا العِدْل، وفيه أكثر من ذلك، كان هذا فاسداً، لأنه لا يدري ما اشترى من ذلك. أرأيت لو قال المشتري: آخذ جياد العِدْل، وقال البائع: بل أعطيك شرار العِدْل، ألا ترى أن هذا فاسد. وإذا (¬3) اشترى الرجل عِدْلَ (¬4) بَزّ بألف درهم على أن فيه خمسين ثوباً فإذا فيه تسعة وأربعون ثوباً فإن البيع فاسد مِن قِبَل أنه (¬5) لا يدري بكم يقوم الثوب الذاهب منها. ولو كان سمى لكل ثوب عشرة دراهم فكان في العدل (¬6) واحد وخمسون ثوباً كان أيضاً فاسداً؛ لأنه لا يدري أي ثوب منها يرد وأيها (¬7) يأخذ. وإن كانت الثياب تنقص ثوباً وقد سمى لكل ثوب ثمناً فإن البيع جائز، والمشتري بالخيار، إن شاء أخذ كل ثوب بما سمى (¬8)، وإن شاء ترك. ¬

_ (¬1) ع + وكذلك إن كان الوكيل امرأة فهو جائز. (¬2) ف: الوكيل. (¬3) م + وإذا. (¬4) ع: عدا. (¬5) ع: أن هذا. (¬6) م - العدل. (¬7) ف م: بايهما؛ ع: أيهما. والتصحيح من ط. وعبارة ب جار: فهو فاسد لجهالة الثوب الذي يرد على البائع منها. (¬8) م ع: بما شاء.

وإذا اشترى الرجل عبدين صفقة واحدة فإذا أحدهما (¬1) حر فإن البيع (¬2) فاسد لا يجوز في العبد منهما؛ لأنه صفقة واحدة. أرأيت لو باعه عبداً وخنزيراً أو ميتة ألم يبطل البيع كله، فكذلك (¬3) الحر لا يجوز بيعه. وإذا اشترى الرجل عبدين فإذا أحدهما مكاتب أو مدبر، أو اشترى أمتين فإذا إحداهما أم ولد، وقد قبض المشتري المبيع، فإنه يرد المكاتب والمدبر وأم الولد في ذلك بحصته، ويلزم الآخر (¬4) بحصته من الثمن، ولا يشبه هذا الحر. ألا ترى أن بعض الفقهاء يجيز بيع أم الولد والمدبر، وأن هؤلاء رقيق بعد لم يعتقوا. وليس للمشتري خيار (¬5) في الباقي منهما إذا علم بذلك يوم اشترى. وإذا اشترى الرجل شاتين مذبوحتين فإذا إحداهما ذبيحة مجوسي أو ذبيحة مسلم (¬6) ترك التسمية عمداً أو ميتةً، فعلم بذلك قبل القبض أو بعده، فالبيع فاسد في ذلك كله. وكذلك دَنَّين (¬7) من خل فإذا إحداهما خمر، كان البيع فاسداً باطلاً لا يجوز واحد منهما. والقبض في هذا وغير القبض سواء. ألا ترى أن مسلماً لو قال لمسلم: أبيعك هذا الخمر وهذا الخل بدراهم، أو أبيعك (¬8) هذا اللحم وهذه الميتة بدراهم، كان هذا فاسداً لا يجوز. وكذلك الذي يجيز بعض هذا قد أجاز ما لم يحل بيعه لمسلم ولا شراؤه. وإذا اشترى الرجل غنماً أو بقراً أو إبلاً أو رقيقاً (¬9) أو عِدْل زُطِّي (¬10) ¬

_ (¬1) ع: فا احدها. (¬2) ع: فالبيع. (¬3) ف: فلذلك. (¬4) ع: الاخذ. (¬5) م - خيار. (¬6) ف ع: المسلم. (¬7) ع: دننين (مهملة). (¬8) ع: أو بيعك. (¬9) ف م: أو تبيعا (مهملة)؛ ع: أو تقيقا (مهملة). والتصحيح من ط؛ والكافي، 1/ 167 و؛ والمبسوط، 5/ 13. (¬10) م: نطي.

أو جِرَاب هروي فقال: قد أخذت كل واحد من هذا بكذا وكذا درهماً، ولم يسم جماعة ذلك الشيء، فإن البيع في هذا فاسد؛ لأنه إنما وقع على شيء واحد لا يدري أيما (¬1) هو، في قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر وهو قول أبي يوسف ومحمد: إن البيع جائز كله، وإن جميع ذلك الشيء عِدْل هذا إن كان قد رآه. وإذا اشترى الرجل داراً كل ذراع منها بكذا (¬2) وكذا ولم يسم جماعة الذرعان فالبيع في هذا فاسد. ألا ترى أنه لا يدري ما (¬3) جماعة الثمن، فإن (¬4) بعض الدار أفضل من بعض. وكذلك الثوب والخشبة يشتريها الرجل كل ذرل بكذا وكذا درهماً ولم يسم جماعة الذرعان فهو فاسد؛ لأنه إنما وقع (¬5) البيع على شيء واحد منها (¬6)، وهي مختلفة. ألا ترى أنه لا يعلم جماعتها (¬7)، في قول أبي حنيفة. وقال يعقوب ومحمد في هذا: هو جائز كله إذا كان قد رآه، وإن لم يره (¬8) فهو بالخيار إن رآه. وإن ذرع ذلك كله [المشتري فعلم كم هو كله فهو بالخيار، إن شاء أخذه كله]، (¬9)، وإن شاء تركه، فهذا قول أبي حنيفة. وإذا اشترى الرجل غنماً أو بقراً أو إبلاً (¬10) أو عِدْل زُطِّي (¬11) كل اثنين من ذلك بعشرة دراهم فهو باطل لا يجوز مِن قِبَل أنها مختلفة. ألا ترى أنها الغالي (¬12) والرخيص والجيد والرديء. فأي شيء يَضُم (¬13) مع ¬

_ (¬1) ع: انما. (¬2) ع: نكذى. (¬3) م - ما. (¬4) ع: وإن. (¬5) ف م ع: وضع. والتصحيح من ط ومن كلام المؤلف نفسه المار قبل قليل. وهو كذلك في ب جار. (¬6) ع: منهما. (¬7) ع: جماعاتها. (¬8) م: لم يرد. (¬9) الزيادة من الكافي، الموضع السابق. ومعناه في المبسوط، 13/ 6. وقد صححها في ط هكذا: وإن ذرع ذلك كله [قبل أن يتفرقا إن شاء أخذه] وإن شاء تركه. (¬10) ع - أو إبلا. (¬11) م: نطي. (¬12) ع: الغال. (¬13) م: نظم (مهملة).

الجيد، رديئاً أم جيداً، أو بما (¬1) يرد إذا وجد (¬2) عيباً. فهذا باطل لا يجوز. وإذا اشترى الرجل عِدْل زُطِّي أو جِرَاب هروي بقيمته أو بحكمه فالبيع في هذا فاسد لا يجوز؛ لأنه اشترى بما لا يعرف. وإذا اشترى بألف درهم وتَحِلَّة (¬3) يمينه فإن البيع في هذا فاسد لا يجوز، لأن تَحِلَّة (¬4) اليمين مجهولة. وإذا اشترى بألف درهم إلا ديناراً، أو بمائة دينار إلا درهماً (¬5)، كان البيع في هذا فاسداً. وكذلك لو اشتراه بألف درهم إلا كر حنطة، أو بألف (¬6) درهم إلا شاة، فإنه لا يجوز البيع في هذا. ألا ترى أنه استثنى شيئاً لا يدري كم هو، ولا يدري كم هو من الثمن. وإذا اشترى الرجل بيعاً كر حنطة أو فَرَق (¬7) سمن أو زيت أو ثوباً (¬8) أو غير ذلك من جميع الأصناف، فقال: قد أخذت منك (¬9) هذا بمثل ما ¬

_ (¬1) ف: أو أيما. (¬2) ع: يزداد أو وجد. (¬3) ع ط: ونِحْلَة. وفسرها المحقق شفيق شحاتة بالعطاء. وما ذكره غير سديد. والكلمة مهملة في نسختي ف م، لكنها بالتاء في الموضع الثاني في الجملة في ف، وضُبِطَتْ كما أثبتناها في نسختي ب جار. ويظهر أنها محرفة في المبسوط حيث يقول: وكذلك لو قال بألف درهم ويحلف يمينه فالبيع فاسد. انظر: المبسوط، 13/ 7. وقد شرحها قائلا: قيل: معنى هذا أن المشتري كان ساومه بألف فحلف البائع أن لا يبيعه بألف فاشتراه بألف وزيادة بقدر ما يبرّ به البائع في يمينه، وتلك الزيادة مجهولة الجنس والقدر والصفة. وقيل: بل معناه أن البائع كان حنث في يمينه ... فاشتراه منه بألف وما يكفر به البائع يمينه، وهذا أيضا مجهول، لأن التكفير يكون بالإعتاق تارة وبالكسوة أخرى وبالإطعام تارة، وضم المجهول إلى المعلوم يوجب جهالة الكل، وجهالة الثمن مفسدة للبيع. انظر: المصدر السابق. (¬4) ع: نحلة. (¬5) ع: إلا درهم. (¬6) ع: أو ألف. (¬7) الفَرَق والفَرْق إناء يأخذ ستة عشر رطلاً وذلك ثلاثة أَصْوُع. وقيل غير ذلك. انظر: المغرب، "فرق". وضبطه المحقق شحاتة بضم الفاء، ولعله خطأ مطبعي. (¬8) م - أو ثوبا. (¬9) م: مثل.

يبيع (¬1) الناس، فهذا فاسد، وهو ضامن لمثله إن استهلكه [إن كان مما يكال ويوزن، وقيمته] (¬2) إن (¬3) كان مما لا يكال ولا يوزن (¬4). وكذلك لو قال: أخذت منك (¬5) هذا بمثل ما أخذ فلان من الثمن، فهو فاسد. وإن علم قبل أن (¬6) يتفرقا (¬7) فهو بمنزلة الدار إذا قال: قد اشتريتها كل ذراع بدرهم، في قول أبي حنيفة. وهو بالخيار إذا علم ثمنها: إن شاء أخذها، وإن شاء تركها. وإذا باع متاع غيره ثم اشتراه أو ورثه فإن البيع الذي كان قبل ذلك لا يجوز؛ لأنه باع ما لا يملك. وإذا باع الرجل بيعاً فقال: هو بالنسيئة بكذا وبالنقد (¬8) بكذا كذا، أو قال (¬9): هو إلى أجل كذا بكذا وكذا وإلى أجل كذا بكذا وكذا، فافترقا على هذا، فإنه لا يجوز. بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن شرطين في بيع. قال (¬10) محمد: حدثنا بذلك أبو حنيفة رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬11). وإذا باع الرجل بيعاً قد كان (¬12) اشتراه قبل أن يقبضه أو اشترك فيه أو ولاه فإن هذا مردود لا يجوز. قال محمد: حدثنا بذلك أبو حنيفة رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن بيع ما لم يقبض (¬13). ¬

_ (¬1) ع: ما تبيع. (¬2) معناه عند السرخسي حيث يقول: فعليه مثله إن كان من ذوات الأمثال وقيمته إن لم يكن من ذوات الأمثال. انظر: المبسوط، 13/ 7. (¬3) ع - إن. (¬4) ع: مما يكال أو يوزن. (¬5) م: مثل. (¬6) ع - أن. (¬7) ع: تتفرقا. (¬8) ع: أو بالنقد. (¬9) ف ع: وقال. (¬10) ف: وقال. (¬11) رواه الإمام محمد عن الإمام أبي حنيفة بإسناده. انظر: الآثار لمحمد، 126. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 182؛ وسنن الدارمي، البيوع، 26؛ وسنن أبي داود، البيوع، 68؛ وسنن الترمذي، البيوع، 19؛ وسنن النسائي، البيوع، 60، 72. (¬12) ف: كان قد. (¬13) تقدم تخريجه قريباً.

وإذا باع الرجل عبدا آبقاً ليس في يديه حين باعه فإن هذا لا يجوز؛ لأن هذا غرر. بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن بيع الغرر، وعن بيع العبد الآبق (¬1). وإذا باع الرجل جارية قد كان (¬2) أعتق ما في بطنها من الولد وهي حامل فإن البيع فاسد لا يجوز (¬3). وكذلك إن كان لم يعتق ما في بطنها (¬4) ولكن باع ما في بطنها دونها فهو فاسد. وكذلك لو باعها واستثنى ما في بطنها فإن البيع فاسد في هذا كله لا يجوز؛ لأنه باع ما لم يعرف واستثنى ما لم يعرف. وإذا باع الرجل عبداً قد اغتصبه إياه (¬5) رجل آخر فذهب به أو باعه المغتصب من آخر فإن البيع موقوف. فإن جحد الغاصب المولى عبده ولم تكن (¬6) له بينة لم يجز البيع. وإن أقر به: فإن سلمه (¬7) تم البيع، وإن لم يسلمه حتى يتلف (¬8) فقد انتقض البيع. وكذلك لو كان العبد رهنا فباعه الراهن (¬9) فأبى المرتهن أن يجيز (¬10) البيع فيه فإنه لا يجوز البيع، وهو موقوف. ¬

_ (¬1) حديث النهي عن بيع الغرر قد تقدم تخريجه. وأما لحديث النهي عن بيع العبد الآبق فانظر: مسند أحمد، 3/ 42؛ وسنن ابن ماجة، التجارات، 24. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 4/ 14؛ والدراية لابن حجر، 2/ 150. (¬2) ع + أعتقها. (¬3) ف م - وإذا باع الرجل جارية قد كان أعتق ما في بطنها من الولد وهي حامل فإن البيع فاسد لا يجوز. والزيادة من ع ط. وعبارة ب جار: ومن باع أمة حاملا وقد أعتق الحمل أو استثناه أو باع الحمل وحده فهو فاسد. وعبارة السرخسي نقلا عن الكافي: ولو باع جارية كان قد أعتق ما في بطنها أو باعها واستثنى ما في بطنها فهذا فاسد لا يجوز. انظر: المبسوط، 13/ 11. وسقطت هذه العبارة من نسخة الكافي التي بأيدينا. (¬4) م: في باطنها. (¬5) ع: أتاه. (¬6) ع: لم يكن. (¬7) ف م ع: فان أسلمه. والتصحيح من ب جار؛ والكافي، الموضع السابق. (¬8) ع: حتى تلف. (¬9) ف: المرتهن. (¬10) ع: أن يجز.

وإذا باع سمكاً محظوراً في أَجَمَة (¬1) فإن البيع باطل لا يجوز. بلغنا نحواً (¬2) من ذلك عن عمر بن الخطاب. وبلغنا أيضاً عن عبد الله بن مسعود أنه قال: لا تبتاعوا (¬3) السمك في الماء فإنه غرر (¬4). وكذلك كل شيء من السمك لا يؤخذ إلا بصيد فإنه لا يجوز البيع فيه. وإن كان في وعاء أو حُبّ (¬5) يقدر على أخذه بغير صيد فالبيع جائز، والمشتري بالخيار إذا رآه. وليس الذي قد أحرزه صاحبه ويأخذه متى ما (¬6) شاء كالذي لا يأخذه إلا بصيد. وإذا اشترى الرجل صوف الغنم وهو على ظهورها وألبانها وهو في ضروعها فإن ذلك لا يجوز. بلغنا ذلك (¬7) عن عبد الله بن عباس (¬8). وكذلك الأولاد ما في بطونها. وكذلك شراء لحومها قبل أن تذبح، وشراء الثمر قبل أن يخرج، وأشباهه، فإن هذا كله فاسد؛ لأنه يبتاع ما لم يكن بعد أو لم يدر ¬

_ (¬1) الأَجَمَة: الشجر الملتف، وقولهم: بيع السمك في الأجمة، يريدون البَطِيحَة التي هي منبت القصب. انظر: المغرب، "أجم". (¬2) ع: نحو. (¬3) ع: لا تبتاعون. (¬4) روي عنه مرفوعاً وموقوفاً. انظر: مسند أحمد، 1/ 388؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 7. (¬5) ع: وعاء حيث؛ ط: أو جب. والحُبّ الجرّة أو الضخمة منها، أو الخشبات الأربع توضع عليها الجرّة ذات العُرْوَتين. انظر: القاموس المحيط، "حبب". والجُبّ بالضم البئر أو البئر الكثيرة الماء البعيدة القعر أو البئر الجيدة الموضع من الكلأ، أو البئر التي لم تُطْوَ، أو البئر مما وُجِدَ لا مما حفره الناس، والجمع: أجباب وجباب وجببة. والجُبّ أيضاً: المَزَادَة يُخَيَّطُ بعضها إلى بعض. انظر: القاموس المحيط، "جبب". (¬6) ع - ما. (¬7) ع - ذلك. (¬8) روي عنه مرفوعاً وموقوفاً. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 75؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 311؛ والمعجم الكبير للطبراني، 11/ 338؛ والمعجم الأوسط له، 4/ 101؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 11؛ ومجمع الزوائد، 4/ 102.

ما هو. وقد بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن بيع الغرر (¬1). وهذا عندنا من الغرر (¬2). وكذلك شراء الزيت في الزيتون قبل أن يعصر، وشراء دهن السمسم قبل أن يعصر، وشرى السمن قبل أن يُسْلأ (¬3)، فهذا كله فاسد لا يجوز البيع فيه. وشراء الثمر (¬4) كله إذا خرج (¬5) والأعناب والفواكه والزروع (¬6) جائز إذا اشترط على المشتري أن يأخذه ساعتئذ. فإن اشترط تركه حتى يبلغ فلا خير فيه، والبيع فاسد مردود. وكذلك شراء الحيوان بالحيوان نسيئة فاسد لا يجوز. وكذلك المروي بالمروي وكل صنف من الثياب بصنفه (¬7) فلا يجوز البيع فيه نسيئة مثلاً (¬8) بمثل ولا أكثر من ذلك ولا أقل. وكذلك الطعام بالطعام. وكذلك كل ضرب مما (¬9) يكال بصنفه (¬10) فلا يجوز شيء منه بشيء منه نسيئة مثلاً (¬11) بمثل ولا أقل منه (¬12) ولا أكثر. وكذلك كل ما (¬13) يوزن. ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه قريباً. (¬2) م: عندنا غرر. (¬3) سلأ السمن بالهمز سَلْأَ، طبخه وعالجه حتى خلص. انظر: المغرب، "سلأ". (¬4) ف - الثمر، صح هـ.؛ ع: الثمن. (¬5) ف: إذا أخرج. (¬6) ع: والزرع. (¬7) ف م ط: بصفة؛ ع: نصفه. والتصحيح من ب جار. (¬8) ع: مثل. (¬9) ع + يوكل. (¬10) ف م ط: بصفة؛ ع: نصفه. والتصحيح من ب جار. (¬11) ع: مثل. (¬12) ع: من ذلك. (¬13) ع - ما.

باب البيوع إذا كان فيها شرط يفسدها

وإذا اشترى الرجل فَصّاً على أنه ياقوت، فإذا هو غير ذلك، فإن البيع فاسد، وعلى المشتري قيمته إذا استهلكه. وكذلك لو اشترى ثوباً على أنه هروي فإذا هو من صنف آخر؛ لأن البيع لم يقع على هذا قط. ألا ترى أنه لو اشترى عبداً مملوكاً فوجده جارية، أو اشترى قُلْب (¬1) فضة فإذا هو رصاص، أو فَصّ ياقوت فوجده زجاجاً، كان هذا باطلاً لا يجوز، ولا يقع في شيء منه البيع؛ لأن البيع (¬2) لم يقع قط (¬3) على هذا (¬4). فإن استهلكه المشتري فهو ضامن لقيمته. ... باب البيوع إذا كان فيها شرط يفسدها وإذا اشترى الرجل عبداً على أن لا يبيع ولا يهب ولا يتصدق فهذا بيع فاسد ولا يجوز ذلك (¬5). وكذلك (¬6) لو اشترى الرجل عبداً على أن يعتقه. وكذلك إذا اشترى الرجل جارية على أن يتخذها أم ولد (¬7) فهذا كله فاسد لا يجوز. وإذا استهلك المشتري البَيْع (¬8) فهو ضامن لقيمته إلا (¬9) في العتق خاصة، فإني أستحسن أن أجعل عليه الثمن إذا أعتقه. وإذا اشترى الرجل من الرجل بَيْعاً (¬10) على أن يقرضه قرضاً، أو يهب له هبة، أو على أن (¬11) يعطيه عطية، أو على أن يتصدق عليه بصدقة، أو على أن يبيعه كذا وكذا بكذا وكذا (¬12) من الثمن، فهذا كله فاسد. وأيهما ¬

_ (¬1) قُلْب فضة، أي سوار غير مَلْوِي، مستعار من قُلْب النخلة، وهو جُمّارها، لما فيهما من البياض، وقيل: على العكس. انظر: المغرب، "قلب". (¬2) ع - البيع. (¬3) ف م: فقط. والتصحيح من ب جار. (¬4) ف - على هذا. (¬5) ف ع - ذلك. (¬6) م - كذلك. (¬7) ع + له. (¬8) أي المبيع كما مر. (¬9) ع: لا. (¬10) أي: مبيعاً كما مر. (¬11) م - على أن. (¬12) ع - وكذا.

اشترط (¬1) هذا على صاحبه فهو فاسد، لا يجوز البيع في شيء من ذلك. وكل شيء فسد فيه البيع فالمشتري إذا استهلكه ضامن لقيمته بالغاً ما بلغ (¬2). وإذا اشترى الرجل ثوباً على أنه إن (¬3) لم ينقده الثمن إلى أربعة أيام أو إلى شهر فلا بيع بينهما فالبيع في هذا فاسد لا يجوز. وهذا بمنزلة الخيار إلى هذه المدة في قول أبي حنيفة. وأما في قول محمد فهو (¬4) جائز. وكل شيء رده المشتري على البائع بهبة أو صدقة أو بيع بوجه من الوجوه ووقع في يدي البائع فهو متاركة للبيع، وبرئ (¬5) المشتري من ضمانه. وإذا اشترى الرجل بَيْعاً (¬6) وشرط على البائع أن يحمله إلى منزله أو على أن يطحن (¬7) الحنطة أو على أن يخيط الثوب فهذا كله فاسد لا يجوز لما دخل فيه من الشرط. وكذلك لو باع داراً على أن يسكنها البائع شهراً أو أقل أو أكثر فهو فاسد. واذا اشترى (¬8) الرجل طعاماً على أن يوفيه إياه في منزله فهو (¬9) فاسد، غير أني أستحسن فيه (¬10) خصلة: إذا كان في مصر أجزناه (¬11)، وإذا كان خارجاً من المصر كان فاسداً لا يجوز البيع فيه. وإذا اشترى الرجل بَيْعاً (¬12) على أن يرهنه رهناً ولم يسمه، أو على أن يعطيه كفيلا بنفسه سماه أو لم يسمه، فلا خير في هذا البيع؛ لأني لا أدري أيتكفل به الكفيل أم لا. غير أني أستحسن إذا كان الكفيل حاضراً عند عقدة البيع [أن أجيزه] (¬13). وإن لم يسمه لم أجزه (¬14)؛ لأنه لا يعرف ما هو. وإذا ¬

_ (¬1) ع: شرط. (¬2) ط: بالغة ما بلغت. وأخذها من المبسوط، 13/ 16. (¬3) م ع - إن. (¬4) ع - فهو. (¬5) ع: ويرى. (¬6) أي: مبيعاً. (¬7) ع: أن تطحن. (¬8) ف م ع ط: وإذا اشترط. (¬9) ف ع: فهذا؛ ف + فيه. (¬10) ع: منه. (¬11) ف: اخر؛ ع: اجزياه. (¬12) أي: مبيعاً. (¬13) مستفاد من نسخة ب. (¬14) ع: لم أجز.

كان الكفيل غائباً عن ذلك فلا يجوز. وإن سماه الراهن أجزت البيع على الراهن، وإن لم يسمه لم أجزه؛ لأنه لا يعرف ما هو (¬1). وإذا باع الرجل بقرة أو ناقة أو شاة أو خادماً وهن حوامل واستثنى ما في بطونها فإن البيع على هذا فاسد لا يجوز. وإذا اشترى الرجل غنماً على أن يرد منها شاة أو أكثر من ذلك ولم يبين أيتهن هي (¬2) فالبيع على هذا فاسد لا يجوز (¬3). وكذلك لو كان البائع اشترط أن يأخذ منها شاة غير مسماة فهذا باطل لا يجوز (¬4). وكذلك إذا باع الرجل نخلاً واشترط منها نخلة أو نخلتين مجهولتين فالبيع (¬5) على هذا فاسد لا يجوز. وكذلك لو باع عِدْل بَزّ (¬6) ثم قال: لي منها ثوب أو ثوبان، فهذا أيضاً باطل لا يجوز، إذا لم يعرف الذي استثنى بعينه فالبيع على هذا فاسد لا يجوز. وكذلك كل شيء مجهول في بيع، فإنه يفسد البيع فيه. وكذلك لو اشترى شاة واشترط أنها حامل أو أنها (¬7) تحلب كان البيع على هذا فاسداً (¬8)، لأنه لا يدري لعل الشرط باطل. ولو كان البائع باع الخادم وتبرأ من الحبل (¬9) فكان بها حبل (¬10) أو لم يكن كان هذا جائزاً، وليس البراءة (¬11) في هذا كالشرط. وإذا اشترى الرجل من الرجل حنطة وشرط له أن يطحن له (¬12) منها ¬

_ (¬1) ع - وإذا كان الكفيل غائبا عن ذلك فلا يجوز وإن سماه الراهن أجزت البيع على الراهن وإن لم يسمه لم أجزه لأنه لا يعرف ما هو. (¬2) م - هي. (¬3) ع - وإذا اشترى الرجل غنما على أن يرد منها شاة أو أكثر من ذلك ولم يبين أيتهن هي فالبيع على هذا فاسد لا يجوز. (¬4) ف - وكذلك لو كان البائع اشترط أن يأخذ منها شاة غير مسماة فهذا باطل لا يجوز. (¬5) ع: فإن البيع. (¬6) ع: عدلين. (¬7) م: وأنها. (¬8) ع: فاسد. (¬9) ع: من الحمل. (¬10) ع: حل. (¬11) م: المرأة. (¬12) ع - أن يطحن له.

كذا وكذا مختوماً منها دقيقاً فهذا فاسد لا يجوز. وكذلك لو اشترى سمسماً أو زيتوناً وشرط له البائع أن فيه من الدهن كذا وكذا رطلاً فالبيع فاسد لا يجوز. وكذلك كل شيء ما يكون على هذا. وإذا اشترى الرجل جارية بجاريتين إلى أجل، فأخذ الجارية فذهبت عينها عنده من عمله أو (¬1) غير عمله، فللبائع أن يأخذ جاريته، وله أن يأخذ من المشتري نصف قيمتها. ولو فقأ عينها غيره كان للبائع أن يأخذ جاريته (¬2)، وإن شاء اتبع الفاقئ بنصف قيمتها، وإن شاء أخذ ذلك من المشتري واتبع المشتري الفاقئ. ولو كانت كما هي غير أنها قد ولدت ولدين فمات أحدهما فإن للبائع أن يأخذ جاريته وولدها الباقي. فإن كانت الولادة قد نقصتها فكان في الولد الباقي وفاء بالنقصان فليس له شيء غيره (¬3)، وإلا فعلى المشتري تمام ذلك. وإن كان الولد الميت مات من (¬4) عمل المشتري أو جنى عليه فهو ضامن لقيمته (¬5) يردها مع الأم (¬6). فإن كان في قيمة الولد المجني عليه والباقي وفاء لنقصان (¬7) الولادة فهو له. وإن لم يكن وفاء ضمن المشتري تمام ذلك النقصان. ولو كان الولدان حيين (¬8) جميعاً وماتت الأم عند المشتري من عمله أو (¬9) غير عمله أخذ البائع الولدين، وضمن قيمة الأم يوم قبضها. وهذا القول هكذا في كل بيع فاسد. ¬

_ (¬1) ع + من. (¬2) ع - وله أن يأخذ من المشتري نصف قيمتها ولو فقأ عينها غيره كان للبائع أن يأخذ جاريته. (¬3) م - وفاء بالنقصان فليس له شيء غيره، + فان. (¬4) ف - من، صح هـ. (¬5) ف م ع: لقيمتها. والتصحيح من ط؛ والكافي، 1/ 167 ظ. وقد تحرفت في المبسوط إلى "بقيمته". انظر: المبسوط، 13/ 22. (¬6) ع - الأم. (¬7) ع: بنقصان. (¬8) م: الولدين حنيين؛ ع: الولدين جنينين. (¬9) ع + من.

ولو أعتق المشتري (¬1) الجارية بعد قبضه (¬2) إياها جاز عتقه. وكذلك لو باعها أو وهبها وقبضها الموهوب له أو دبرها أو كاتبها أو وطئها فعلقت منه كان هذا استهلاكاً (¬3) منه، جائزاً (¬4) ما صنع من ذلك، وعليه القيمة، وليس عليه في الوطء مهر (¬5)؛ لأني قد جعلتها (¬6) له. وإنما (¬7) جاز بيعه وعتقه لأن البائع قد سلطه على ذلك. وإن رهنها (¬8) فعليه قيمتها. فإن افتكّها (¬9) قبل أن يضمنه القاضي قيمتها ردها عليه. وكذلك إن عجزت عن المكاتبة. وكذلك إن رجع في الهبة، أو رد عليه بعيب في البيع بقضاء قاض قبل أن يقضي القاضي بالقيمة على ¬

_ (¬1) ع - المشتري. (¬2) ع: قبضة. (¬3) ع: استهلاك. (¬4) ع: جائز. (¬5) ف م: هو. وقال السرخسي: وفي كتاب الثرب يقول: وعليه العقر. قيل: تأويل المسألة إذا لم يستولدها بالوطء حتى ردها على البائع، فإنَّ بِردها ينفسخ الملك من الأصل، فتبين أن الوطء صادَفَ ملك الغير، فيلزمه العقر بالوطء. وهنا قال: استولدها. وبالاستيلاد يتقرر ملكه، فإنما وطئها وهي مملوكة له، فلا يلزمه العقر بذلك. وقيل: ما ذكر هنا قول أبي حنيفة وأبي يوسف -رحمهما الله تعالى-، وما ذكر هناك قول محمد. وأصله فيما ذكر هشام أنها لو زادت في يد المشتري في بدنها ثم أعتقها فعليه ضمان قيمتها وقت القبض عند أبي حنيفة وأبي يوسف -رحمهما الله تعالى-، وعند محمد وقت العتق. فلما كان محمد يثبت حق البائع في الزيادة ويجعلها مضمونة على المشتري بالإتلاف فكذلك المستوفي بالزيادة في حكم زيادة هي ثمرة، ومن أصلها أن الزيادة تكون في يد مضمونة على المشتري بالإتلاف، فكذلك المستوفي بالوطء، فلهذا لا مهر عليه. انظر: المبسوط، 13/ 26. وعبارة المؤلف في كتاب الشرب: وإذا باع الشرب بعبد وقبض البائع العبد فأعتقه جاز عتقه فيه، وضمن لصاحب العبد القيمة. وكذلك لو كانت أمة فوطئها فولدت منه كان أم ولد له، وكان عليه قيمتها وعقرها. وانظر للتفصيل: المبسوط، 23/ 194 - 195. (¬6) ع: قد أجعلها. (¬7) ع: وإذا. (¬8) ف م ع ط: وإن وهبها. والتصحيح من ب؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 26. (¬9) ف: فإن افتضها؛ م: فإن اقبضها؛ ع: فإن قبضها؛ ط: فإن لم يقبضها. والتصحيح من ب؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 26.

باب البيوع الجائزة وما اختلف منها في الثمن وما اختلف فيها مما قبض أو لم يقبض

المشتري، فإنها ترد على البائع (¬1). ولو أنه أجرها فله أن ينقض الإجارة ويردها؛ لأن هذا عذر في الإجارة. وكذلك كل بيع فاسد. ألا ترى (¬2) أنه لو باعها إلى العطاء وقبضها المشتري (¬3) فوطئها فولدت منه أو أعتقها كان ذلك جائزاً، وكان عليه قيمة الجارية، فقبيح أن يرد ولده رقيقاً. وإذا اشتراها بألف درهم وهو بالخيار أربعة أيام أو اشتراها بألف درهم وتَحِلَّة (¬4) اليمين ثم قبض وأعتق جاز عتقه. ولو اشتراها بخمر أو خنزير كان هذا باطلاً. وإن أعتق جاز عتقه. ألا ترى أني أجيز بيعها بالخمر والخنزير من أهل الذمة ولم (¬5) يدخل في ذلك استهلاك ولا عتق. ولو اشتراها بميتة أو دم أو بشيء من ذلك مما ليس له ثمن أو بِحُرّ وقبض وأعتق أبطل (¬6) عتقه؛ لأن هذا ليس له ثمن، ولا يتبايع الناس له فيما بينهم والمسلمون خاصة. ... باب البيوع الجائزة وما اختلف منها في الثمن وما اختلف فيها مما قبض أو لم يقبض وإذا اشترى الرجل سمناً في زِقّ (¬7) أو عسلاً أو زيتاً في زِقّ، فاتزنه كله بزِقّه فإذا فيه مائة رطل، ثم جاء بالزِّقّ ليرده وفيه عشرون ¬

_ (¬1) ف ع: على البيع. (¬2) م: إلى ترى. (¬3) م + فإنها ترد على البائع ولو أنه أجرها فله أن ينقض الإجارة ويردها لأن هذا عذر في الإجارة وكذلك كل بيع فاسد ألا ترى أنه لو باعها إلى العطاء وقبضها المشتري. (¬4) ع: ونحلة. وقد مضى تفسير الكلمة قريبا. (¬5) ع: ولو لم. (¬6) ع: أبطلت. (¬7) الزِّقّ من الأُهُب كل وعاء اتخذ لشراب ونحوه. انظر: المغرب، "زقق".

رطلاً، فقال البائع: ليس هذا زِقّي، وقال المشتري: بل هو زِقّك، فالقول قول المشتري مع يمينه، وعلى البائع البينة لأنه مدعي. وإذا ابتاع الرجل عبدين فقبض أحدهما، ومات الآخر في يدي البائع، ومات العبد الذي قبض المشتري، ثم اختلفا في ذلك، فقال المشتري: قبضت عبداً يساوي ألف درهم، ومات عبد في يديك (¬1) يساوي ألف درهم (¬2)، وقال البائع: بل قبضت عبداً يساوي ألفين، وبقي الذي (¬3) مات عندي وهو يساوي خمسمائة درهم، فالقول قول المشتري مع يمينه، وعلى البائع البينة. ألا ترى أنه لو اشترى كر حنطة فقبض طائفة ثم إنه هلك ما بقي من الكر فقال المشتري: قبضت ثلثه، وقال البائع: بل قبضت نصفه، فالقول قول المشتري مع يمينه (¬4). وكذلك كل شيء مما (¬5) يكال أو يوزن. وكذلك العروض والحيوان. ولو كان قبض العبدين كليهما (¬6) ثم مات أحد العبدين عند المشتري وجاء يرد أحدهما بعيب، فاختلفا في قيمة الميت، فقال البائع: كانت قيمته ألف درهم، وقال المشتري: كانت قيمته خمسمائة، فإن القول في ذلك قول البائع مع يمينه، وعلى المشتري البينة؛ لأن الثمن قد لزم المشتري، فهو يريد أن يبرأ منه، فلا يصدق على البراءة بقوله ذلك. وكذلك لو كان عِدْلاً من زُطِّي أو جِرَاب هروي فأراد أن يرد منه ثوباً بعيب وقد هلك ما بقي. فأما الذي يرده بعيب فإنه يقوّم قيمة عدل وليس به عيب، ويقوّم الذي هلك بقول البائع مع يمينه، ثم يقسم الثمن على ذلك كله، فيرد الذي به العيب لما (¬7) أصابه. ولو أقاما (¬8) جميعاً البينة على قيمة الميت أخذت ببينة البائع؛ ¬

_ (¬1) ع: في يدك. (¬2) ف - ومات عبد في يديك يساوي ألف درهم. (¬3) م: للذي. (¬4) ع + وعلى البائع البينة. (¬5) م ع - مما. (¬6) ع: كلاهما. (¬7) ط: بما؛ وقال المحقق شحاتة: في الأصول: لما. (¬8) ع: قاما.

لأنهم شهدوا على الفضل، فإنما البينة (¬1) بينته والقول (¬2) قوله. وإذا اختلف البائع والمشتري في الثمن والسلعة قائمة بعينها في يدي البائع أو المشتري فإن القول في ذلك قول البائع. بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬3). وعليه اليمين بالله، فإن نكل عن اليمين لزمه البيع بما ادعى المشتري. فإن حلف استحلف المشتري على دعوى البائع. وأيهما قامت بينته على ما ادعى أخذت (¬4) ببينته. وإن كانت لهما جميعاً البينة أخذت ببينة (¬5) البائع؛ لأنهم شهدوا على أكثر (¬6) مما شهد به الآخرون. وهذا قول أبي يوسف الأول، ثم رجع فقال: الذي يبدأ به في اليمين المشتري. وهو قول محمد. وإن كان البائع قد مات فاختلف في الثمن ورثة البائع والمشتري فإن القول قول ورثة البائع إن كان (¬7) المبيع في أيديهم، والقول قول المشتري إن كان المبيع في يديه. وكذلك لو مات المشتري وبقي البائع كان القول قول الذي هو (¬8) في يديه منهم، وهذا ليس بقياس، إنما هو استحسان. والقياس في هذا وفي الأول أن يكون القول قول المشتري في ذلك كله. وإنما تركنا ذلك للأثر الذي جاء فيه. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: يتحالفان ويترادان (¬9) القيمة، وموتهما (¬10) وحياتهما سواء. ¬

_ (¬1) ف م: فأما البينة؛ ع: فالبينة؛ ط: فإما البينة. (¬2) ط: أو القول، وقال: في الأصول: والقول. (¬3) رواه أبو يوسف عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن ابن مسعود. انظر: الآثار لأبي يوسف، 182. وانظر: سنن ابن ماجة، التجارات، 19؛ وسنن أبي داود، البيوع، 72، وسنن الترمذي، البيوع، 43؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 105. (¬4) ع: أخذ. (¬5) ف م - وإن كانت لهما جميعاً البينة أخذت ببينة؛ والزيادة من ع ط. وقريب منها في ب؛ والمبسوط، 13/ 30. (¬6) ع: بأكثر. (¬7) م ع: وأن كان. (¬8) ع - هو. (¬9) ع: ويتادان. (¬10) ع: وموتها.

وإذا كانت السلعة في يدي المشتري فازدادت خيراً ثم اختلفا في الثمن فإن القول قول المشتري؛ لأنها قد زادت (¬1) خيراً في يديه وتغيرت. وعليه اليمين بالله، وعلى البائع البينة على ما يدعي من الفضل. وإذا كانت السلعة (¬2) قد نقصت فاختلفا في الثمن فإن القول قول المشتري مع يمينه إلا أن يرضى البائع أن يأخذها ناقصة. وإذا اختلفا وقد ولدت عند المشتري أو جنى عليها جناية فأخذ المشتري (¬3) أرشها ولم تلد فالقول في الثمن قول المشتري مع يمينه. وإذا كان هو الذي جنى عليها (¬4) ولم تلد فالقول قول المشتري إلا أن يرضى البائع أن يأخذها ناقصة بغير أرش. وليس هذا كالباب الأول، الأول (¬5) لها أرش لا يستطيع البائع أن يأخذه، ولا يستقيم له أخذه، والباب الآخر ليس معها أرش (¬6). وإذا اختلفا في الثمن وقد خرجت السلعة من ملك المشتري فالقول قول المشتري مع يمينه. وإن رجعت إليه السلعة بشراء أو هبة أو ميراث أو بوجه من الوجوه بغير الذي خرجت به (¬7) من يديه (¬8) ثم اختلفا في الثمن فالقول قول المشتري مع يمينه أيضاً؛ لأنها في ملكه بغير الملك الأول. وإن كان البائع قد باع من رجلين فباع أحدهما (¬9) نصيبه (¬10) من شريكه ثم اختلفا في الثمن فالقول قول المشتري الذي باع مع يمينه في نصيبه، ويتحالفان في حصة الآخر الذي لم يبع. فإذا اختلفا في الأجل فقال البائع: الأجل شهر، وقال المشتري: بل ¬

_ (¬1) ع: قد رأت. (¬2) ف: السلعت. (¬3) ف ع: للمشتري. (¬4) ع + جناية. (¬5) م ع: الاو. (¬6) ف م ع: اخر. والتصحيح من ب جار ط. (¬7) ع - به. (¬8) ع: من يده. (¬9) ع + أحدهما. (¬10) ف - نصيبه، صح هـ.

شهران (¬1)، فالقول في ذلك قول البائع مع يمينه. وكذلك لو قال البائع: بعتك حالاً، كان البيع حالاً (¬2)، والقول قول البائع مع يمينه، وعلى المشتري البينة. فإذا (¬3) اختلفا في الأجل فقال البائع: قد مضى الأجل، وقال المشتري: لم يمض (¬4)، فإن (¬5) القول قول المشتري مع يمينه، وعلى البائع البينة أنه قد مضى. وإذا اختلفا في الثمن فقال البائع: بعتك بمائة دينار، وقال المشتري: بل اشتريت منك بخمسين ديناراً (¬6)، وأقاما جميعاً البينة أخذت ببينة البائع؛ لأنه مدع (¬7) للفضل. ولو قال: بعتك هذه الجارية وحدها بمائة دينار، وأقام البينة، وقال المشتري: بعتني هذه الجارية بخمسين ديناراً، وأقاما جميعاً البينة أخذت ببينة البائع؛ لأنه (¬8) المدعي للفضل. ولو قال المشتري: بعتني معها هذا الوصيف، وهما جميعاً بخمسين ديناراً، وأقام البينة، وقال البائع: بعتك وحدها بمائة دينار، وأقام البينة (¬9)، فإنهما (¬10) يكونان جميعاً للمشتري بمائة دينار. أخذت ببينة البائع في الثمن، وأخذت (¬11) ببينة المشتري في المبيع (¬12). وكذلك لو قال: بعتك هذه الخادم بألف درهم، وأقام البينة على ذلك، وقال المشتري: اشتريت منك هذه الخادم (¬13) وهذه الأخرى معها بخمسمائة درهم، وأقام على ذلك البينة (¬14)، فإنهما (¬15) جميعاً يلزمانه بالألف. ¬

_ (¬1) ع: بل شهرين. (¬2) م - البيع حالا. (¬3) ع: وإذا. (¬4) ع: لم يمضي. (¬5) م: قال. (¬6) ع: دينار. (¬7) ع: مدعي. (¬8) ف م: ولأنه. (¬9) ع - وقال المشتري بعتني هذه الجارية بخمسين دينارا وأقاما جميعاً البينة أخذت ببينة البائع لأنه المدعي للفضل ولو قال المشتري بعتني معها هذا الوصيف وهما جميعاً بخمسين دينارا وأقام البينة وقال البائع بعتك وحدها بمائة دينار وأقام البينة. (¬10) ع: فإنها. (¬11) ف: وآخذ. (¬12) ع: في البيع. (¬13) ع - بألف درهم وأقام البينة على ذلك وقال المشتري اشتريت منك هذه الخادم. (¬14) ع + وقال المشتري. (¬15) م: فا.

ولو قال البائع: بعتك هذه الخادم بعبدك هذا، وأقام على ذلك بينة، وقال المشتري: اشتريتها منك بمائة دينار، وأقام البينة على ذلك، لزمه البيع بالعبد. وإذا اشترى الرجل عبداً بثوبين، وقبض كل واحد منهما وتفرقا، ثم وجد بالعبد عيباً فرده، أو استحق العبد، وقد هلك أحد الثوبين وبقي الآخر، فإنه يأخذ الثوب الباقي وقيمة الذي هلك. وكذلك لو هلكا جميعاً أخذ قيمتهما (¬1). والقول في ذلك قول الذي كانا في يديه (¬2)، وعلى الطالب البينة على ما يدعي من الفضل. ولو باع عبداً بمال وقبضا جميعاً ثم استحق العبد فرجع بالمال على البائع فإن (¬3) القول قوله مع يمينه، وعلى المشتري البينة على (¬4) ما يدعي من الفضل. ولو كان الثمن جارية ولدت من غير (¬5) السيد ثم استحق العبد كان لصاحب الجارية أن يأخذها ويأخذ الولد. فإن كانت الجارية قد دخلها عيب ينقصها عور أو نحوه أخذها وأخذ ولدها وأخذ النقصان. ولو كان المشتري قد أعتقها كان عتقه جائزاً، وكان عليه القيمة. ويأخذ البائع الولد مع القيمة إن كانت قد ولدت قبل العتق. وكذلك البيع الفاسد في هذا الوجه. ولو كان العبد حراً فأعتق المشتري الجارية كان عتقه باطلاً، وكذلك لو باعها أو أمهرها أو وهبها كان ذلك باطلاً (¬6) كله لا يجوز مِن قِبَل أنه اشتراها بشيء ليس له ثمن. ¬

_ (¬1) ع: قيمتها. (¬2) ع: في هذه يده. (¬3) ع: كان. (¬4) ع - على. (¬5) ف م ع: من عبد. والتصحيح من ط؛ والكافي، 1/ 168 و؛ والمبسوط، 13/ 36. (¬6) ف م - وكذلك لو باعها أو أمهرها أو وهبها كان ذلك باطلا؛ والزيادة من ع ط. وعبارة ب: ولو ظهر العبد حرا لم يصح إعتاق المشتري الجارية ولا بيعها وهبتها وإمهارها، وكله باطل، لأنه اشتراها بما ليس له ثمن.

وإذا اشترى الرجل عبداً بثوبين فهلك الثوبان (¬1) قبل أن يقبضهما (¬2)، وقد كان قبض العبد، فإن كان قد استهلكه فعليه قيمته إذا فعل ذلك بعد هلاك الثوبين. وإن كان قد أعتقه أو وهبه الموهوب له أو باعه فهو جائز، وعليه قيمته إذا فعل ذلك بعد هلاك الثوبين قبل أن يقضي القاضي بينهما بشيء. ولو كان الثوبان استحقا وقضي بهما لرجل وقد أعتق الذي أخذ العبد (¬3) كان عتقه جائزاً مِن قِبَل أن البيع كان على غير الفساد. ولو لم يستحق شيء من ذلك وقبض هذين الثوبين وقبض هذا العبد، ثم إن (¬4) أحد (¬5) الثوبين (¬6) استحق فقال الذي كانا في يديه: استحق أغلاهما ثمناً، وقال الذي باعهما: بل استحق أرخصهما (¬7) ثمناً، فإن القول قول المشتري للثوبين مع يمينه؛ لأن العبد كله (¬8) لم يجب له، فيصدق الذي يريد أن يرجع بالعبد إلا أن تقوم (¬9) له ببينة. وإذا اختلف البائع والمشتري فقال البائع: بعتك هذا العبد بألف درهم، وقال المشتري: بل اشتريت منك هذه الجارية بخمسين ديناراً، وليس بينهما بينة، فإن كل واحد منهما يحلف على دعوى صاحبه، فإن حلفا ترادا البيع، وأيهما (¬10) نكل عن اليمين لزمه ما قال صاحبه. فإن قامت (¬11) لهما جميعاً البينة أجزت البيع في العبد والأمة. وإذا كان عبد في يدي رجل فقال: ابتعته من فلان بألف درهم ونقدت الثمن، وقال فلان: ما بعتك هذا العبد وإنما بعتك جارية بهذه الألف، وقبضت الثمن ودفعتها إليك، فإنه يحلف بالله ما باعه العبد. فإن حلف رد عليه العبد. ثم يحلف الذي كان في يديه العبد ما اشتريت منه جارية ولا ¬

_ (¬1) ع: الثوبين. (¬2) ع: ايقبضما. (¬3) ف - العبد. (¬4) ع - إن. (¬5) ع: أخذ. (¬6) ع + اخذ. (¬7) ع: ارخضما. (¬8) ف: كله. (¬9) ع: أن يقوم. (¬10) ع: وانهما. (¬11) م - قامت.

قبضتها (¬1). فإن حلف رد عليه الآخر (¬2) الألف (¬3). وأيهما نكل عن اليمين لزمه دعوى صاحبه. وإن لم (¬4) يتحالفا ترك العبد في يديه على حاله كهيئته كما كان. فإن قامت لهما جميعاً البينة على ما ادعيا كان العبد له ولزمه ألف أخرى. وإذا اشترى الرجل عِدْل زُطِّي (¬5) وأقر أنه زُطِّي (¬6) ولم يره وقبضه على ذلك، ثم جاء به بعد ذلك يرده، وقال: وجدته كرابيس، فإنه لا يصدق. ولكنه لو اشترى فقال: لا أدري أزُطِّي (¬7) هو (¬8) أم لا، ولا أدري أقُوهِي هو أم لا، ولكن آخذه على ذلك وأنظر إليه، فأخذه ثم جاء بعد ذلك يرده وقال: وجدته كرابيس، كان مصدقاً، والقول قوله مع يمينه. وكذلك كل شيء هو فيه بالخيار فهو مصدق في (¬9) رده إن قال البائع: لم أبعك بهذا. ولو اشترى ثوباً فقال البائع: هو هروي، وقال المشتري: لا أدري - وقد رآه - ولكني أخذته على ما يقول، ثم جاء به بعد ذلك يرده فقال: قد وجدته يهودياً، لم يصدق؛ لأنه لم يكن له فيه خيار، ولأنه قد رآه، وليس هذا كالعِدْل الذي لم يره. وإذا نظر إلى العِدْل مطوياً ولم ينشره ثم اشتراه فليس له أن يرده إلا من عيب. وإذا اشترى الرجل خادماً على أنها خراسانية فوجدها سِنْدِية كان له أن يردها، وكان هذا عندي بمنزلة العيب. ... ¬

_ (¬1) ع: قبضها. (¬2) ع: الاجر. (¬3) ف ع: ألف. (¬4) ع - لم. (¬5) م: نطي. (¬6) م: نطي. (¬7) م: أنطي. (¬8) ع: أهو زطي. (¬9) ع - في.

باب البيوع الفاسدة من قبل الأجل

باب البيوع الفاسدة من قبل الأجل وإذا (¬1) اشترى الرجل شيئاً إلى الحصاد أو إلى الدِّياس (¬2) أو إلى جِذَاذ (¬3) النخل أو إلى رجوع الحاج فهذا كله باطل. بلغنا ذلك عن عبد الله بن عباس (¬4). ولا يجوز فيه البيع. والمشتري ضامن لقيمة (¬5) المبيع (¬6) إن كان قد هلك عنده. وكذلك البيع (¬7) إلى العطاء. غير أن للمشتري أن يبطل الأجل الفاسد وينقد الثمن. أستحسن هذا، وأدع القياس فيه (¬8). وإذا أسلم الرجل في طعام إلى أجل من هذه الآجال فالسلم فاسد مردود، ويرد رأس المال. وإذا اشترى الرجل بَيْعاً (¬9) إلى المهرجان أو إلى النيروز (¬10) فإن هذا ¬

_ (¬1) م: فإذا. (¬2) داس الرجل الحنطة يدوسها دوساً ودياساً مثل الدراس، ومنهم من ينكر كون الدياس من كلام العرب، ومنهم من يقول: هو مجاز، وكأنه مأخوذ من داس الأرض دوساً إذا شدد وطأه عليها بقدمه. انظر: المصباح المنير، "دوس". (¬3) ع: إلى جزاز؛ ط: إلى حذاذ. وهو خطأ، لأن الحَذّ وإن كان مستعملا في القطع إلا أنه لم يستعمل في قطع ثمر النخل. انظر: لسان العرب، "حذذ". وجَذّ النخلَ يجذّه جَذاً وجَذاذا وجِذاذا: صَرَمَه، لكن الأشهر هو استعمال جذّ في قطع الأشياء الصلبة كالذهب والفضة. انظر: لسان العرب، "جذذ". والأشهر في قطع ثمر النخل هو الجِدَاد أو الجزاز. قال المطرزي: والجَدّ في الأصل القطع، ومنه جَدَّ النخلَ: صَرَمَه أي قطع ثمره، جداداً، فهو جادّ، وفي حديث أبي بكر - رضي الله عنه - أنه نَحَلَ عائشة جداد عشرين وسقاً. وقال أيضاً: الجَزّ: قطع الشيء الكثيف الضعيف، ويقال: جَزّ الصوف وجَزّ النخل إذا صرمه، والجزاز كالجداد بالفتح والكسر إلا أن الجداد خاص في النخل، والجزاز فيه وفي الزرع والصوف والشعر، وقد فرّق محمد -رحمه الله- بينهما فذكر الجداد قبل الإدراك والجزاز بعده، وهو وإن لم يثبت حسن. انظر: المغرب، "جدد، جزز"؛ ولسان العرب، "جدد، جزز". (¬4) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 290. (¬5) ع: لقيمته. (¬6) ف: البيع. (¬7) ع - البيع. (¬8) ع - فيه. (¬9) أي: مبيعاً. (¬10) ع: إلى النوروز.

فاسد لا يجوز أيضاً إلا أن يكون ذلك (¬1) معروفاً، ولا يتقدم ولا يتأخر كما تعرف الأهلة، فيكون (¬2) ذلك جائزاً. وكذلك البيع إلى الميلاد أو إلى صوم النصارى. وإذا باعه إلى فطر النصارى فهذا جائز إذا كان قد (¬3) دخل في الصوم؛ لأنه إذا دخل في الصوم فقد عرف الفطر. وإذا كانت المبايعة قبل الصوم إلى فطر النصارى فلا يجوز ذلك، إلا أن يكون يعرف أن ذلك الأجل لا يتقدم ولا يتأخر، فيكون ذلك جائزاً. وإذا اشترى الرجل بَيْعاً إلى أجلين وتفرقا على ذلك فلا خير (¬4) في ذلك. محمد حدثنا أبو حنيفة يرفعه (¬5) إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن شرطين في بيع (¬6). وإذا اشترى الرجل بَيْعاً (¬7) إلى أجل بكذا وكذا (¬8) نسيئة وكذا وكذا (¬9) حالاً فلا خير في البيع من ذلك. وإن ساومه في البيع مساومة إلى أجلين ثم قاطعه على واحد من ذينك الأجلين فأمضى البيع فهو جائز. وإذا باع الرجل قوهية بقوهيتين إلى أجل فالبيع فاسد. وكذلك كل صنف من الثياب باعه بشيء من صنفه إلى أجل مثله أو أكثر أو أقل فلا خير فيه. وإذا باع الرجل قوهية بمرويين (¬10) إلى أجل فلا بأس بذلك بعد أن يشترط طولاً معلوماً وعرضاً معلوماً ورقعةً معلومة وأجلاً معلوماً، وليس هذا ¬

_ (¬1) ع - ذلك. (¬2) ف + في. (¬3) ع - قد. (¬4) ع: فاخير. (¬5) م ع: رفعه. (¬6) تقدم تخريجه قريباً. (¬7) أي: مبيعاً. (¬8) ف: بكذا كذا. (¬9) ف ع: وكذا كذا. (¬10) ع: بمروتين.

بنوع واحد. ألا ترى أنه لو (¬1) اشترى كرباسين إلى أجل بقوهية كان جائزاً، لأن هذا مختلف وإن كان أصله قطناً. ألا ترى أنه يبيع طيلساناً (¬2) ببُرْدَين (¬3) إلى أجل أو بكساءين من (¬4) صوف (¬5) إلى أجل، وأصل ذلك كله صوف؛ لأنه مختلف. وكذلك كساء صوف همداني بعباءتين (¬6) إلى أجل أو عباءة بكساءين همدانيين (¬7) أو أكثر من ذلك إلى أجل. فإن كان كساء همداني بكساء همداني أو أكثر إلى أجل (¬8) لم يكن فيه خير، ولا بأس به يداً (¬9) بيد. ولا بأس بيهوديين (¬10) بزُطِّيين إلى أجل. ولا بأس بثوب قطن بثوبي كتان إلى أجل. ولا بأس بطيلسان كردي بطيلسان (¬11) خوارزمي إلى أجل (¬12). وكل شيء من هذا أجزته (¬13) في النسيئة فهو إذا كان يداً (¬14) بيد فهو جائز. وقد يجوز يداً (¬15) بيد اثنان بواحد وواحد بواحد وإن كان نوعاً واحداً (¬16). وإن كان ثوب يهودي بيهوديين (¬17) أو مروية بمرويتين أو قوهية بقوهيتين فلا خير في ذلك إذا كان نسيئة. ولا بأس بمِسْح موصلي بمِسْحين ¬

_ (¬1) ع - لو. (¬2) ع: طيلسان. (¬3) البُرْد ثوب فيه خطوط، وخص بعضهم به الوَشْي، والجمع أبراد وأبرد وبرود، والبردة كساء أسود مربّع فيه صِغَر تلبسه الأعراب، والجمع بُرَد بفتح الراء، وهو كساء يلتحف به. انظر: لسان العرب، "برد"؛ ومختار الصحاح، "برد". (¬4) ع - من. (¬5) ف: أو بكساء صوف. (¬6) ع: بعبايين. (¬7) ع: بكساء همداني. (¬8) ف - أو عباءة بكساءيين همدانيين أو أكثر من ذلك إلى أجل فإن كان كساء همداني بكساء همداني أو أكثر إلى أجل. (¬9) ع: يد. (¬10) ع: يهوديين. (¬11) ع - كردي بطيلسان. (¬12) م - ولا بأس بطيلسان كردي بطيلسان خوارزمي إلى أجل. (¬13) ع: أجزيه. (¬14) ع: يد. (¬15) ع: يد. (¬16) ع - وإن كان نوعا واحدا. (¬17) ع: بنهوديين.

قُشَاسَارِيين (¬1) إلى أجل. ولا بأس بقطيفة أصفهانية بقطيفتين كرديتين إلى أجل. ولا بأس بالزيت بالشعير أو الحنطة إلى أجل. وكذلك العنبر والزعفران. وكل ما يوزن بالأرطال والأَمْنَاء (¬2) والمثاقيل فهو (¬3) وزن كله. ولا بأس بأن يبيعه بشيء مما يكال قليلاً (¬4) كان أو كثيراً (¬5) إلى أجل. ولا بأس بأن يبيع شيئاً (¬6) مما يكال (¬7) بشيء مما يوزن مما سميناً في هذا الكتاب، من الحنطة يبيعها بالزيت أو بالسمن أو بالقَتّ (¬8) أو بشيء مما يوزن غير ذلك. ولا خير في بيع الحنطة بشيء مما يكال إلى أجل، أو ما (¬9) يوزن بما يوزن إلى أجل، قليلاً كان أو كثيراً، مئل الشعير والحنطة والسمن وأشباه ذلك. ولا خير في بيع شيء من الأدهان بغيره من الأدهان إلى أجل؛ لأن هذا كله وزن. وإذا اختلف النوعان من الوزن فلا بأس اثنان بواحد يداً (¬10) بيد. وكذلك إذا اختلف النوعان من الكيل. ولا خير فيه نسيئة. ... ¬

_ (¬1) مِسْح قُشَاسَاري بضم القاف وبالشين المعجمة قبل السين، منسوب إلى قُشَاسَار، وهي من بلاد الروم، وقيل: بينها وبين الشام. انظر: المغرب، "قساسار". (¬2) جمع المَنَا الذي يكال به السمن وغيره، وقيل: الذي يوزن به رطلان، والتثنية مَنَوَان والجمع أَمْناء، مثل سبب وأسباب، وفي لغة تميم منّ بالتشديد والجمع أمنان والتثنية منّان على لفظه. انظر: المصباح المنير، "منا". (¬3) م - فهو. (¬4) ع: قليل. (¬5) ع: أو كثير. (¬6) ف ع: بشيء. (¬7) م - شيئاً مما يكال. (¬8) القَتّ: اليابس من الإسْفِسْت، ودهن مُقَتَّت: هو الذي يطبخ بالرياحين حتى يطيب، والفاء تصحيف. انظر: المغرب، "قتت". والإسْفِسْت نوع من العلف. (¬9) ع - ما. (¬10) ع: يد.

باب الخيار

باب الخيار بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من اشترى شاة مُحَفَّلَة (¬1) فهو بخير (¬2) النظرين إلى ثلاثة أيام" (¬3). وبلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه جعل رجلاً من (¬4) الأنصار بالخيار في كل بيع يشتريه ثلاثة أيام (¬5). والخيار عندنا ثلاثة أيام فما دونها، ولا يكون أكثر من ذلك. ولو جعلت المدة أكثر من ثلاثة أيام (¬6) فلا خير فيه (¬7) إن طالت المدة، فيدخل في هذا ما لا يحسن في طول المدة ويتغير (¬8) المبيع، وهذا قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فالخيار جائز وأن اشترط شهراً أو أكثر من ذلك بعد أن يبين ذلك إلى وقت معلوم. فإذا اشترى الرجل السلعة على أنه بالخيار أربعة أيام فإن هذا بيع فاسد لا يجوز في قول أبي حنيفة. فإن اختار المشتري البيع قبل أن تمضي (¬9) ثلاثة أيام فذلك (¬10) له. وإن مضت الثلاثة الأيام (¬11) قبل أن يختار (¬12) فالبيع فاسد. وكذلك إن كان الشرط من الخيار للبائع. وقال أبو ¬

_ (¬1) م ع: محلفة، صح م هـ المحفّلة: الناقة أو البقرة أو الشاة التي حُفِّل اللبن في ضرعها أي جُمع بترك حلبها ليغتر بها المشتري فيزيد في الثمن. انظر: المغرب، "حفل". (¬2) ف م ع: بآخر. والتصحيح من ط؛ ومن مصادر الحديث. (¬3) صحيح مسلم، البيوع، 23 - 28؛ وسنن ابن ماجة، التجارات، 42؛ وسنن أبي داود، البيوع، 46؛ وسنن الترمذي، البيوع، 29؛ وسنن النسائي، البيوع، 14. (¬4) م + أهل. (¬5) سنن ابن ماجة، الأحكام، 24؛ وسنن الدارقطني، 3/ 54 - 55؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 5/ 273، ونصب الراية للزيلعي، 4/ 6. (¬6) ف - فما دونها ولا يكون أكثر من ذلك ولو جعلت المدة أكثر من ثلاثة أيام. (¬7) ع: في ذلك. (¬8) ف م ط: ويعتبر؛ ع: ويعسر. (¬9) ع: أن يمضي. (¬10) ع: فكذلك. (¬11) م ع: أيام. (¬12) م: أن يختاره.

يوسف ومحمد: الخيار أربعة أيام وخمسة أيام وأكثر (¬1) من ذلك بعد أن يسمي أجلاً معلوماً، فهو جائز إن اشترط ذلك المشتري أو البائع. وإذا اشترى الرجل بَيْعاً (¬2) على أنه بالخيار ثلاثة أيام ثم مات المشتري قبل أن يختار (¬3) فإن خياره ينقطع إذا مات، والبيع ماض (¬4). ألا ترى أن البيع قد كان لزمه غير أن للمشتري مشيئة في رده، فإذا مات لم تحول مشيئته إلى غيره. وكذلك إذا ذهب عقله أو أغمي عليه أو ارتد في هذه الثلاثة الأيام (¬5) عن الإسلام فقتل أو مات. وكذلك إن كان الخيار للبائع ثم مات قبل أن يختار فقد انقطع خياره، ولزمه البيع والقبض. وإن كان (¬6) الخيار لهما جميعاً فماتا جميعاً فقد انقطع الخيار ولزم (¬7) البيع. والقبض (¬8) في هذا (¬9) وغير القبض سواء. وإذا كان الخيار للمشتري وقد قبض السلعة فماتت في يديه (¬10) قبل أن يختار فقد (¬11) لزمه البيع وعليه الثمن. وكذلك إن تغيرت في يديه (¬12) بعيب أصابها به هو أو غيره أو أصابها من غير جناية أحد. وكذلك إن وطئها أو عرضها على بيع. فهذا كله خيار. وكذلك إذا قال: قد رضيتها أو قد اخترتها (¬13)، فالثمن له لازم في هذا كله. ¬

_ (¬1) ع: وكثر. (¬2) أي: مبيعاً. (¬3) ع: أن يختاره. (¬4) ع: ماضي. (¬5) م: أيام. (¬6) م: إن كان. (¬7) ف م: ولزمه. والتصحيح من ط؛ والمبسوط، 13/ 42. (¬8) ع - وإن كان الخيار لهما جميعاً فماتا جميعاً فقد انقطع الخيار ولزم البيع والقبض. (¬9) ع - هذا. (¬10) ق: في يده. (¬11) ع - فقد. (¬12) ع: في يده. (¬13) م ط: قد أجزتها.

فإن لم يصنع شيئاً مما ذكرت واختار ردها على البائع بغير محضر من البائع ثم هلكت في يده بعد ذلك فعليه الثمن. وليس اختياره بغير محضر من البائع (¬1) بشيء. لو شاء (¬2) أن يقول (¬3) بعد ذلك: قد رضيتها وأخذتها كان له ذلك. وهو قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: رده (¬4) بغير محضر من البائع جائز، وكان قوله الأول مثل قول أبي حنيفة. ولو اختار ردها (¬5) بقلبه كان ذلك باطلاً. وإذا كان الخيار للبائع وقد قبضها المشتري فماتت في يد (¬6) المشتري فعليه القيمة؛ لأنه قد أخذها على وجه البيع. ولو لم تمت (¬7) ولكن أعتقها البائع أو دبرها أو وهبها وقبضها الموهوبة له أو رهنها وقبضها المرتهن أو أجرها وقبضها المستأجر أو لم يقبضها (¬8) أو كاتبها أو وطئها فهذا كله اختيار ونقض للبيع. ولو لم يقبض ولم يصنع (¬9) شيئاً مما ذكرت واختار رد البيع بغير محضر من المشتري ولم يقبضها (¬10) منه كان هذا باطلاً، وكان المشتري ضامناً لقيمتها إن ماتت في يديه. وله بعد هذا المنطق أن يجيز (¬11) البيع ما دامت حية في قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف كما وصفت لك: نقضه (¬12) جائز بغير محضر من المشتري. ¬

_ (¬1) ف م - ثم هلكت في يده بعد ذلك فعليه الثمن وليس اختياره بغير محضر من البائع، والزيادة من ع. ونفس العبارة في ط إلا أن فيه: "في يديه"، وزيادة "الرد" بعد "اختياره". والعبارة بمعناها في المبسوط، 13/ 44. وعبارة ب: ولو لم يكن شيء من ذلك فاختار الرد على البائع بغيبته لم يصح رده عند الحبرين والخيار باق. والمقصود بالحبرين أبو حنيفة ومحمد. (¬2) ف م ع: أو شاء. والتصحيح من ط. (¬3) ع: أو يقول. (¬4) ع: رد. (¬5) م: ذلك. (¬6) ع: في يدي. (¬7) ع: يمت. (¬8) ع: لم يعتقها. (¬9) ع: يفعل. (¬10) م: ولو لم يقبضها. (¬11) ع: أن يخير. (¬12) ع: بضعة.

وإذا اختار البائع إلزام البيع والمشتري غائب فهو جائز، والبيع لازم للمشتري. وليس للبائع بعد الرضى أن ينقض البيع. وقال يعقوب في (¬1) نقض صاحب الخيار البائع كان أو المشتري بغير محضر من صاحبه: جائز كما تجوز إجازته. وقال أبو حنيفة ومحمد: لا يجوز ذلك إلا بمحضر من صاحبه (¬2) أو وكيل له في ذلك. وإذا اشترط المشتري الخيار (¬3) لابنه أو لأبيه (¬4) أو لأمه أو لأحد من أهله أو من غير أهله فهذا كله كاشتراطه الخيار لنفسه. وكذلك البائع. وإذا كانت (¬5) السلعة في يدي البائع وله الخيار أو الخيار للمشتري فلا ضمان على المشتري. وإذا اشترى الرجل بَيْعاً (¬6) وهو بالخيار ثلاثة أيام أو أكثر من ذلك أو أقل وكان البائع بالخيار أو المشتري فجاء به المشتري ليرده فقال البائع: ليس هذا الذي بعتك، وقال المشتري: بل هو الذي بعتني، فإن القول قول المشتري مع يمينه. فإن كان البيع لم يقبض واختلفا فيه والخيار ثلاثة أيام أو أقل فأراد البائع أن يلزمه البيع فقال المشتري: ليس هو هذا، فالقول قول المشتري مع يمينه، ولا يلزمه البيع إلا أن تقوم (¬7) عليه بينة أنه هو البيع، فيلزمه (¬8) البيع، فإن كان له الخيار رده إن شاء. وإذا اشترى الرجل بَيْعاً واشترط الخيار لشريك له أو لابنه أو لبعض أهله ثلاثة أيام (¬9) ثم إن الذي كان له الخيار رد البيع على البائع بمحضر منه ¬

_ (¬1) ط - فى. (¬2) م ع - جائز كما تجوز إجازته وقال أبو حنيفة ومحمد لا يجوز ذلك إلا بمحضر من صاحبه. (¬3) ف + أو. (¬4) ف ع: لأبيه أو لابنه. (¬5) م: إذا كانت. (¬6) أي: مبيعاً. (¬7) ع: أن يقوم. (¬8) ف م ع: فلزمه. والتصحيح من ط. وفي ب: فيلزم المشتري إذا لم يكن له خيار. (¬9) ع - أيام.

قبل أن يمضي الأجل فرده جائز. وإن (¬1) لم يرده وقال المشتري: قد أجزته، وقال الذي له الخيار: لا أرضى، فالبيع لازم للمشتري، وليس له الخيار إذا رضي المشتري. وكذلك لو كان البائع اشترط الخيار لنفسه ولبعض (¬2) أهله فقال: قد أوجبت (¬3) البيع، وقال الذي له الخيار (¬4): لا أرضى (¬5)، فالبيع جائز. ولو قال البائع: قد رددت (¬6) البيع أو أبطلت، وقال الذي له الخيار: قد أوجبت (¬7) البيع، كان البيع باطلاً مردوداً على صاحبه؛ لأن الخيار إنما هو للبائع. ولو أوجب الذي له الخيار البيع للمشتري فدفعه إليه وقال البائع بعد ذلك: لا أجيزه، كان (¬8) البيع جائزاً. ¬

_ (¬1) ف م - إن؛ والزيادة من ع ط؛ والكافي، 1/ 168 ظ. (¬2) ف م ع: أو لبعض. والتصحيح من ط. وعبارة ب: وكذا لو شرطه البائع لغيره ثم أجازه البائع في المدة سقط خيارهما ولزم. وعبارة الحاكم: وكذلك لو كان البائع شرط الخيار لبعض أهله فقال: قد أوجبت البيع، وقال الذي له الخيار: لا أرضى، فالبيع جائز. انظر: الكافي، الموضع السابق. وكلام السرخسي الآتي يدل على أن العبارة في بعض النسخ "أو"، لكنه أشار إلى أنه خلاف الأصح. قال السرخسي: وكذلك لو كان البائع شرط الخيار لبعض أهله فقال: قد أوجبت البيع، وقال الذي له الخيار: لا أرضى، فهو جائز، وقد أشار في بعض نسخ البيوع إلى أنه إذا أجاز أحدهما وفسخ الآخر فما فعله العاقد أولى فسخا كان أو إجازة، لأن العاقد يتصرف بحكم ملكه، والآخر بحكم النيابة عنه، وفِقْهُ هذا الكلام أن الحاجة إلى الثابت للتصرف عند امتناع المنوب عنه عن التصرف بنفسه وذلك ينعدم إذا اقترن تصرفه بتصرف النائب، ولكن الأول أصح، وقد فسره في المأذون أن الفسخ أولى لما بينا، ولأن الخيار مشروط بالفسخ لا للإجازة، والفاسخ منهما يتصرف بحكم الخيار تصرفا شرع الخيار لأجله، فكان تصرفه أولى. انظر: المبسوط، 13/ 48 - 49. (¬3) ف م: قد أوجب؛ ع: قد أجبت. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 48. (¬4) ع + إذا رضي المشتري وكذلك لو كان البائع. (¬5) ع: لا رضى. (¬6) ف ع: قد اخترت؛ م: قد أجزت. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق. (¬7) ف م: قد أوجب. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق. (¬8) ف م: فكان.

وإذا كان المشتري بالخيار أو البائع والعبد عند المشتري، فالتقيا البائع والمشتري فيه فتناقضا البيع (¬1) أو ترادا، غير أن البائع لم يقبض من المشتري العبد حتى هلك، فإن المشتري ضامن. فإن كان الخيار له فهو ضامن للثمن. وإن كان الخيار للبائع فإنه ضامن لقيمته. ولا يجوز عتق المشتري فيه بعدما ترادا البيع، ولا هبته ولا بيعه ولا صدقته ولا إجارته (¬2). وعتق البائع فيه جائز. لأنه قد صار له أَخْذُه (¬3). وإذا اشترى الرجل عِدْل زُطِّي (¬4) برأس ماله ولم يعلم ما هو ثم أخبره برأس ماله فالمشتري بالخيار: إن شاء أخذه، وإن شاء تركه. وكذلك إذا أخذه المشتري برَقْمِه (¬5) ولم يعلم ما هو ثم علم ما رقمه فهو بالخيار: إن شاء أخذه، وإن شاء تركه. وكذلك إذا استهلكه المشتري (¬6) قبل أن يخبره برقمه وثمنه فعليه القيمة. ولو اشترى رجل (¬7) من رجل عِدْل بَزّ على أنهما فيه بالخيار ثلاثة أيام فقال البائع: قد ألزمتك البيع، وقال المشتري: لا أقبله، فإن البيع لا يلزمه. وكذلك لو قال المشتري (¬8): قبلت البيع، وقال البائع: لا ألزمكه (¬9)، فإن البيع لا يلزم المشتري. ولا يلزم البيع في هذه المنزلة حتى يجتمعا على إجازة (¬10) البيع. وإذا اشترى الرجل بيعاً من رجل على أنه إن لم ينقده الثمن إلى ثلاثة ¬

_ (¬1) م - البيع. (¬2) ع: ولا صدقة ولا إجارة. (¬3) ف م: واحده؛ ع: وأخذه؛ ط: وحده. والتصحيح من ب جار. (¬4) م: نطي. (¬5) التاجر يَرْقُم الثياب أي يُعلمها بأن ثمنها كذا، ومنه: لا يجوز بغ الشيء برَقْمِه. انظر: المغرب، "رقم". وقال الفيومي: رقمت الشيء أعلمته بعلامة تميزه عن غيره كالكتابة ونحوها، ومنه: لا يباع الثوب برقمه ولا بلمسه. انظر: المصباح المنير، "رقم". (¬6) م - المشتري. (¬7) ف - رجل. (¬8) م ع: المشتري لو قال. (¬9) ع: لا ارمكه. (¬10) ع: على إجازته.

أيام فلا بيع بينهما فهذا جائز. فإن كان عبداً أو أمةً أعتقه ثم لم ينقده حتى مضت الثلاثة الأيام جميعاً فالبيع جائز، والعتق جائز، وعليه الثمن. وكذلك إن قال: إن لم ينقده (¬1) اليوم الثمن أو إلى يومين، فلا بيع بيني وبينك. ولو اشترى اثنان شيئاً على أنهما بالخيار (¬2) فاختار أحدهما رده واختار الآخر إمساكه فليس لواحد منهما أن يرد حصته دون الآخر؛ لأنهما صفقة واحدة، ولا يرد بعضها دون بعض. وكذلك لو كانا وصيين أو شريكين شركة عنان وهذا قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فلأحدهما أن يرد دون صاحبه. فإن اختار أحدهما جاز ذلك، وكان للآخر أن يرد إن شاء. وأما إذا كانا متفاوضين فإن قال أحدهما للبائع: قد أجزت البيع، فهو جائز عليه وعلى شريكه، وليس لشريكه أن يرده. وكذلك إذا باعا بيعاً واشتُرط الخيار لهما، فأيهما ما أمضى البيع على المشتري جاز على الآخر، وأيهما نقض البيع قبل أن ينقضه الآخر فهو منتقض، ليس للآخر أن يمضيه إلا ببيع مستقبل. وإذا اشترى الرجل لابنه وهو صغير في عياله أو باع له واشترط الخيار لنفسه أو اشترط الخيار المشتري عليه فهو جائز. وإذا كان البائع أو المشتري بالخيار ثلاثة أيام فمضت الثلاثة قبل أن يختار فقد جاز البيع ولزم المشتري. وكذلك إذا مات صاحب الخيار كان البيع جائزاً لازماً له، ولا يورث الخيار، ولا يكون لغير الذي اشترطه. وإذا اشترى الرجل بيعاً (¬3) على أنه فيه بالخيار إلى غد أو إلى الليل أو إلى الظهر فإن له الخيار الغد كله والليل كله (¬4) ووقت الظهر كله (¬5). وهذا ¬

_ (¬1) ط: لم ينقد. (¬2) ع - ولو اشترى اثنان شيئاً على أنهما بالخيار. (¬3) ع - بيعا. (¬4) ع - كله. (¬5) م - ووقت الظهر كله.

قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد: إن له الخيار إلى مطلع الفجر أو إلى أن تغيب الشمس أو إلى أن تزول (¬1) الشمس. وإذا اشترى (¬2) الرجل بَيْعاً لرجل واشترط له الخيار بأمره فقال البائع: قد رضي الآمر، والآمر غائب، فإن البائع لا يصدق، وليس على المشتري يمين في ذلك. ولو كانت عليه يمين لم يكن له أن يرده حتى يحضر الآمر. وله أن يرده بغير يمين. وليس بخصم فيما يدعي (¬3) البائع على الآمر. وهو في ذلك بمنزلة الأجنبي. وإنما هو خصم في خصومة ما بينهما لا في غير ذلك. وإذا أقام البائع البينة أن الآمر قد رضي فإن البيع لازم للآمر. وإن لم تقم (¬4) له بينة على ذلك فقال المشتري: قد رضي الآمر، وصدقه البائع، وقال الآمر في الثلاثة الأيام: قد أبطلت البيع بمحضر من البائع قبل أن يمضي أجل الخيار، فإن البيع يلزم المشتري، ولا يلزم الآمر. فإن كانت هذه المقالة منهم (¬5) بعدما مضى الخيار فإن البيع يلزم الآمر (¬6). ألا ترى أنه قد لزمه قبل أن يتكلم بشيء من أمر الخيار. وإذا اشترى الرجل عِدْل زُطِّي (¬7) أو جِرَاب هروي فيه خمسون ثوباً كل ثوب بكذا كذا، أو جماعة بألف درهم، على أنه بالخيار ثلاثة أيام، فأراد أن يرد بعضه دون بعض، فليس له ذلك، وإنما له أن يأخذه كله أو يرده كله. وكذلك الطعام وكل ما يكال أو يوزن مجازفة أو مكايلة. وكذلك العروض كلها والحيوان إذا اشتراها صفقة واحدة وهو بالخيار ثلاثة أيام، فليس له أن يرد بعضه دون بعض. وإذا اشترى الرجل ثوبين كل واحد منهما بعشرة دراهم على أنه بالخيار فيهما ثلاثة أيام وقبضهما، فهلك أحدهما فليس له أن يرد ¬

_ (¬1) م ع: إلى نزول. (¬2) ف: اشترط. (¬3) ف م + على. (¬4) ع: لم يقم. (¬5) ط: منه؛ وقال المحقق شحاتة: في الأصول: منهم. وهو الصحيح، لأن المقالة صدرت من ثلاثة أشخاص. (¬6) ف م: للآمر. (¬7) م: نطي.

الباقي منهما، وعليه الثمن كله. وكذلك لو لم يهلك ولكنه أصابه عيب عنده من عمله (¬1) أو من غير عمله. وكذلك لو باعه أو باع بعضه فإنه لا يستطيع أن يرد الصحيح منهما بالخيار إلا وهذا معه؛ لأنهما صفقة واحدة، وقد لزم الذي دخله العيب، فإذا لزمه ذلك لزمه الآخر. وإذا كان له الخيار أن يأخذ أحدهما (¬2) دون الآخر ولم يكن له إلا أن يأخذ واحداً بعشرة فهلك أحدهما أو دخله عيب من عمله أو من غير عمله فإنه يلزمه الذي هلك أو الذي دخله عيب بعشرة ويرد الباقي. وإذا لم يهلك ولم يدخله عيب ثم هلكا جميعاً معاً فإن عليه نصف ثمن كل واحد منهما. وكذلك لو كانا مختلفي الثمن. فإن كانا قائمين (¬3) بأعيانهما واختار أحدهما ألزمته (¬4) ثمنه وكان في الآخر أميناً، فإن ضاع عنده (¬5) بعد ذلك لم يكن عليه ضمان. وأصل هذا البيع في القياس فاسد؛ لأنه اشترى ما لم يعرف وما لم يعلم. ألا ترى أنه لو اشترى ثوباً من عشرة أثواب أو أكثر من ذلك فقال: آخذ أيها (¬6) شئت (¬7)، أو قال البائع: ألزمك (¬8) أيها شئت، أو كانت حيواناً (¬9) من البقر والإبل والغنم فقال: قد أخذت منك واحدة من هذه بعشرة، كان هذا باطلاً لا يجوز. ولكني أستحسن في ذلك في الثوبين والثلاثة إذا كان المشتري قد قبض واختاره. وإذا اشترى الرجل خادمين إحداهما (¬10) بألف درهم، والأخرى بخمسمائة، على أن يأخذ أيهما شاء ويترك الأخرى، فأعتقهما جميعاً في كلمة واحدة، فإنه يخير: فأيهما (¬11) اختار (¬12) وقع العتق عليها بالثمن الذي يسمى (¬13)، ويرد الأخرى. ¬

_ (¬1) ع + أو من عمل غيره. (¬2) ع: أن يأخذهما. (¬3) ع: باقيين. (¬4) ع: لزمته. (¬5) ع: عبده. (¬6) ف: خذ أيها؛ م: احداهما. (¬7) ع: نسيت. (¬8) ع: ألزمتك. (¬9) ع: كان حيوان. (¬10) ف م: أحدهما. والتصحيح من ط. (¬11) ف: يخيره أيهما. (¬12) ف م: اختاره. (¬13) ع: تسمى.

ولو (¬1) لم يعتق (¬2) واحدة منهما ولم يطأ غير أنه حدث بهما عيب لا يدري أيهما أول، فقال البائع: قد أخذت التي ثمنها ألف درهم، وقال المشتري: قد أخذت التي ثمنها خمسمائة أول مرة، فالقول قوله، ويرد الأخرى ونصف قيمة العيب في القياس. ولكني أستحسن أن يردها ولا يرد نصف قيمة العيب، أستحسن ذلك. فإن (¬3) حدث بهما جميعاً العيب معاً فإنه يرد أيهما شاء، ويمسك الأخرى، ولا يرد نصف قيمة العيب، أستحسن ذلك. ولو حدث لإحداهما (¬4) عيب آخر بعد ذلك أو ماتت أو جنى عليها المشتري جناية لزمته، ورد الأخرى. وهذا قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإن كان أعتق البائع الذي اختار المشتري فلا يقع عليها عتق. فإن كان البائع قد أعتقهما (¬5) جميعاً أعتقت الذي (¬6) يرد (¬7) عليه منهما. وإن لم يعتق واحد من الموليين غير أن المشتري وطئ الجاريتين جميعاً، فحبلت (¬8) كل واحدة منهما منه، ثم مات قبل أن يبين (¬9) أيتهما اختار، فإن علم أيتهن (¬10) وطئ أول مرة فهي أم ولد له، وعليه ثمنها (¬11)، ويرد الأخرى وولدها على البائع وعقرها، ولا يثبت نسبه من المشتري، ويكون على المشتري عقرها. فإن لم يعلم أيهما وطئ أول مرة فالقول قوله إن كان حياً. وإن كان ميتاً فالقول قول ورثة (¬12) المشتري أيضاً. فإن قالوا: لا نعلم، فإنه يلزم المشتري نصف (¬13) ثمن كل واحدة ونصف عقر كل واحدة، وتسعى كل واحدة منهما في نصف قيمتها للبائع، ويسعى ولد كل ¬

_ (¬1) ع - ولو. (¬2) ع: ولم يعتق. (¬3) ع: وإن. (¬4) م: حدث بهما. (¬5) ع: قد أعتقها. (¬6) ع - الذي. (¬7) ع: ترد. (¬8) ع: فجلت. (¬9) ع: أن يتبين. (¬10) ط: أيتهما. وقال شحاتة: في الأصول: أيتهن. والجمع يستعمل في مكان المثنى. (¬11) ف م ع: ثمنه. والتصحيح من ط. (¬12) ع: ورثته. (¬13) ع - نصف.

واحد منهما في نصف قيمته للبائع، ولا يثبت نسب واحد منهما. وإذا وطئهما (¬1) البائع مع المشتري وادعى هو والمشتري الولدين جميعاً فالقول قول المشتري، أيهما قال: هو أول، هو ولده، وأمه أم (¬2) ولده، وعليه عقر الأخرى، والأخرى وولدها للبائع، يثبت نسبه منه، وعلى البائع عقر أم ولد المشتري؛ لأنه كان وطئها معه، فلما صارت أم ولد المشتري جعلتُ على البائع العقر بالوطء، وجعلت على المشتري عقر أم ولد البائع أيضاً. فإن مات البائع والمشتري ولم يبينوا (¬3) شيئاً من ذلك فالقول قول ورثة المشتري. فإن لم يعلموا ذلك لم يثبت نسب واحد من الولدين من المشتري ولا من البائع، والأمتان وأولادهما أحرار، وولاء أولادهما بين المشتري والبائع، [وعلى المشتري نصف ثمن كل واحدة منهما] (¬4)، وعلى البائع والمشتري نصف عقر كل واحدة (¬5) منهما، فهذا قصاص. وإذا اشترى الرجل لرجل عبداً على أنه بالخيار ثلاثة أيام، فاختلفا في الخيار، فقال البائع: قد مضى الخيار فلا خيار لك، وقال المشتري: لم يمض (¬6) الخيار، وقد تصادقا (¬7) على أنه بالخيار ثلاثة أيام، فالقول قول المشتري مع يمينه، وعلى البائع البينة أنه قد مضى. وإن كان الخيار للبائع فاختلفا فيه فالقول قول البائع: إنه لم يمض (¬8)، وعلى المشتري البينة أنه قد مضى. وإذا اختلفا فقال المشتري: في خيار ثلاثة أيام، وقال البائع: إنما لك خيار يومين، فالقول قول البائع مع يمينه، وعلى المشتري البينة؛ لأنه مدعي. وكذلك لو قال البائع: في خيار يومين، وقال المشتري: بل لك خيار يوم، فإن القول قول المشتري مع يمينه، وعلى البائع البينة. ¬

_ (¬1) ف م ع: وإذا وطئها. والتصحيح من ط. (¬2) ع: أو. (¬3) ع: ينبتوا. (¬4) الزيادة من الكافي، 1/ 169 و؛ والمبسوط، 13/ 59. (¬5) ف م ع: كل واحد. (¬6) ع: لم يمضي. (¬7) ع: تصادقها. (¬8) ع: لم يمضي.

وإن قال المشتري: لي خيار، وقال البائع: ما شرطت لك خياراً (¬1)، فإن القول قول البائع مع يمينه، وعلى المشتري البينة؛ لأنه مدعي. وقال أبو يوسف: القول قول الذي يقر بالبَتَات في البيع، والمدعي بالخيار، عليه البينة. وإن قال البائع: في الخيار (¬2)، وقال المشتري: ما لك خيار، كان القول قول المشتري مع يمينه، وعلى البائع البينة. وأيهما ادعى الخيار فإنه لا يصدق إلا ببينة، والقول قول الآخر، في قول أبي يوسف ومحمد. ولو كان المبيع داراً كان للبائع فيها خيار لم يكن فيها شفعة؛ لأن البيع (¬3) لم يجب بعد. وإن كان الخيار للمشتري فللشفيع فيها شفعة؛ لأن البيع قد وجب. وإذا قال الرجل للرجل: اذهب بهذه السلعة، فانظر إليها اليوم، فإن رضيتها فهي لك بألف درهم، فقال: نعم، فهذا وقوله: قد أخذتها بالألف وأنا بالخيار إلى الليل، سواء. وإذا كان المشتري بالخيار في الجارية (¬4) ثلاثة أيام فاستخدمها فليس هذا اختياراً (¬5)، وإنما يجعل الخيار في الرقيق لهذا. وكذلك لو كانت دابة فركبها ينظر إليها أو إلى سيرها. وكذلك لو كان قميصاً فلبسه ينظر إلى قدره عليه، فهو على خياره، وأن لبسه بعد ذلك فقد رضيه. وإذا سافر على الدابة فقد رضيها. واذا سكن الدار فقد رضيها وأبطل الخيار. وإذا غشي الجارية أو لمسها لشهوة (¬6) أو قبلها لشهوة (¬7) فقد رضيها، وأبطل الخيار. وكذلك إذا نظر (¬8) إلى فرجها من شهوة. وكذلك إذا أصابها عنده عيب من فعله أو من فعل غيره أو أصابها بلاء عنده فإن هذا كله ¬

_ (¬1) ع: خيار. (¬2) م ع: خيار. (¬3) ع - البيع. (¬4) ع: في الخيارية. (¬5) ف ع: فليس له اختيار؛ م: فليس لها اختيار. (¬6) م: بشهوة. (¬7) م: بشهوة. (¬8) ف: إن نظر.

بمنزلة الرضى. وإن كانت الأمة هي التي نظرت إلى فرج الرجل أو لمسته لشهوة (¬1) أو قبلته لشهوة (¬2)، فأقر السيد بذلك أنها (¬3) فعلت ذلك من شهوة، فقد جازت عليه؛ لأنه إذا أقر بذلك منها (¬4) حرمت عليه ابنتها وأمها. وكذلك هذا في الرجعة، وهو قول أبي يوسف، قاسه على قول أبي حنيفة. وأما في قول محمد فلا يكون ما صنعت الجارية بالمشتري رضى من المشتري؛ لأنه لم يصنع. ولو لم يكن الخيار للمشتري وكان للبائع فجامعها أو لمسها من شهوة أو قبلها من شهوة كان هذا نقضاً للبيع. وإذا باع الرجل خادماً لرجل بأمره واشترط الخيار لآمره فقال البائع: قد رضي الآمر، وأجاز البيع، وقال الآمر: ما رضيت ولا أجزت، فإن القول قول الآمر، ولا يمضي البيع، وعلى الآمر اليمين ما أجازه. وإن اختلف الآمر والمشتري في الخادم فقال الآمر: ليس هذه بخادمي، وقال المشتري: هي الخادم التي اشتريت منك، فالقول في ذلك قول المشتري (¬5) مع يمينه. وكذلك لو كان المشتري بالخيار فردها فاختلفا فيها (¬6) فالقول في ذلك قول المشتري مع يمينه. فإذا رضي الذي (¬7) له الخيار (¬8) بالبيع بقلبه من غير أن يقول قولاً أو يصنع شيئاً يوجب البيع فإن الرضا له بالقلب ليس بشيء. ولا يكون رضاً بالقلب حتى يتكلم أو يعمل عملاً يعرف أنه قد رضي بعمله ذلك. وإذا أجمع على ردها بقلبه فليس بشيء (¬9)، وله بعد هذا أن يأخذها وأن يوجب البيع. وأن لم (¬10) يكن للخيار وقت فلصاحبه أن يأخذ بالخيار ما بينه وبين ¬

_ (¬1) ف م: بشهوة. (¬2) ف م: بشهوة. (¬3) ع: انما. (¬4) ع - منها. (¬5) ع + هي الخادم التي اشتريت منك فالقول في ذلك قول المشتري. (¬6) ع - فيها. (¬7) ف - الذي. (¬8) ع - الخيار. (¬9) ع + بشيء. (¬10) ف م - لم؛ والزيادة من ع ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 62.

ثلاثة أيام، فإذا مضت الثلاثة الأيام قبل أن يختار البيع فالبيع فاسد؛ لأن الخيار لا يكون أكثر من ثلاثة أيام في قول أبي حنيفة. وإذا اشترى الرجل عبدين أحدهما بألف والآخر بخمسمائة، على أن يأخذ أحدهما ويرد الآخر أيهما شاء، وعلى (¬1) أنه لا يأخذهما جميعاً، فماتا جميعاً، فقال البائع: مات الذي بألف قبل، وقال المشتري: بل مات الذي بخمسمائة قبل، فإنه لا يصدق (¬2) واحد (¬3) منهما على ما قال. غير أن على المشتري اليمين بالله ما يعلم أن الذي بألف مات أولاً، ويحلف البائع بالله ما يعلم أن الذي (¬4) بخمسمائة مات أولاً. فأيهما نكل عن اليمين لزمه دعوى صاحبه. وإن حلفا جميعاً لزمه نصف ثمن كل واحد منهما. وقال يعقوب بعد ذلك: القول قول المشتري في ذلك، وأيهما زعم أنه (¬5) الذي مات أول (¬6) فالقول قوله مع يمينه. لأنه مدعي عليه الفضل إلا أن يقيم الآخر بينة. وهذا قول محمد. فإن قامت البينة لكل واحد منهما على دعوى صاحبه لزم المشتري ألف درهم؛ لأن البائع يدعي الفضل. وكذلك لو لم يموتا جميعاً ولكن حدث بهما جميعاً عيب (¬7) ثم ماتا، ثم قامت بينة أن الذي بألف درهم مات أولاً، وأقام المشتري البينة أن الذي بخمسمائة مات أول. فإذا جاءت البينتان جميعاً أخذت ببينة الألف. وكذلك لو جاؤوا متفرقين. وهو قول محمد. وإذا اشترى (¬8) الرجل عبداً على أن البائع بالخيار ثلاثة أيام، فقُطِعَت ¬

_ (¬1) م + المشتري. (¬2) م - يصدق. (¬3) ع: واحدا. (¬4) ف - بألف مات أولا ويحلف البائع بالله ما يعلم أن الذي. (¬5) ف م ع: أن. والتصحيح من ط. (¬6) ط: أولا. وقال شحاتة: في الأصول: أول. وهو صحيح لا حاجة إلى تغييره. (¬7) ع: عيبا. (¬8) م - اشترى.

يد العبد عند المشتري، فقطعها (¬1) المشتري أو غيره، فإن البائع بالخيار: إن شاء ألزمه البيع وأخذ الثمن، وإن شاء أخذ عبده وأخذ نصف قيمته من المشتري واتبع المشتري القاطع. وإن كان البائع هو الذي قطع يد العبد ثم أراد أن يلزم المشتري البيع فليس له ذلك. وقطعه يده اختيار للبيع ورد له. وإذا اشترى الرجل جارية على أنه (¬2) فيها بالخيار، فولدت عنده، أو وطئها هو أو غيره بفجور أو غير ذلك، فإن الخيار قد انقطع، ولزمه البيع؛ لأن هذا شيء حدث فيها يلزم البيع في مثله. وإذا اشترى (¬3) النصراني من النصراني خمراً على أنه بالخيار ثلاثة أيام، ثم أسلم المشتري قبل الثلاث، فله أن يرد الخمر، وقد انتقض البيع. وكذلك رجل مسلم اشترى (¬4) من مسلم عبداً على أنه بالخيار ثلاثة أيام، ثم ارتد عن الإسلام المشتري قبل أن تمضي (¬5) الثلاث، فله أن يرد العبد، ولا يوجب عليه الإسلام ولا الكفر [شيئاً] (¬6). وإذا اشترى (¬7) النصراني من النصراني (¬8) خمراً فلم يقبضها حتى أسلم المشتري فلا بيع بينهما. وكذلك لو كان البائع هذا الذي أسلم. وهذا استحسان، وليس بقياس. وإذا اشترى الرجل عبدين بألف درهم على أن أحدهما له (¬9) لازم، والآخر هو فيه بالخيار (¬10) إن شاء أمسكه وإن شاء رده، فهذا فاسد لا يجوز؛ لأنه لا يعرف الذي يلزمه (¬11) والذي هو فيه بالخيار. فإن ماتا وقد ¬

_ (¬1) ط: قطعها؛ وقال: في الأصول: فقطعها. (¬2) ع - أنه. (¬3) ف + الرجل. (¬4) ع: اشتر. (¬5) ع: أن يمضي. (¬6) الزيادة من ط؛ والمبسوط، 13/ 64. (¬7) ع: اشترط. (¬8) ع - النصراني. (¬9) ع - له. (¬10) ع: الخيار. (¬11) ف م ع: الزمه؛ ط: لزمه. والتصحيح من الكافي، 1/ 169 ظ.

باب الخيار بغير شرط

اشتراهما بألف درهم وقيمتهما ألفان فهو ضامن لقيمتهما (¬1). واذا اشترى النصراني من النصراني خمراً أو خنزيراً وهو بالخيار ثلاثة أيام، فأسلما جميعاً أو أحدهما قبل صاحبه قبل أن يمضي الخيار، فإن البيع فاسد (¬2) ينتقض (¬3)، قبض أو لم يقبض، في قياس قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد إذا قبض المشتري لزمه البيع، ووجب عليه الثمن. وهذا كالرؤية. ... باب الخيار بغير شرط واذا اشترى الرجل جِرَاب هروي أو عِدْل زُطِّي (¬4) أو سمناً أو زيتاً في زِقّ أو حنطة في (¬5) جُوَالِق (¬6) ولم ير شيئاً من ذلك، فهو بالخيار إذا رآه. وليس للخيار في هذا (¬7) وقت. فإن رأى بعضها ولم ير كلها (¬8) فهو فيما بقي من الثياب بالخيار، ويرد ما لم ير وما قد رأى. ولو بقي ثوب واحد لم يره كان له أن يردها (¬9) جميعاً. وكذلك كل حيوان أو عروض مما لا يكال ولا يوزن. وأما (¬10) السمن والزيت والحنطة فإن كان الذي لم يره مثل الذي قد رآه فهو له لازم، لأنه شيء واحد. فإن اختلفا فقال المشتري: قد تغير، وقال البائع: لم يتغير، فالقول في ذلك قول البائع مع يمينه، وعلى المشتري البينة. وإن رأى الرجل متاعاً مطوياً ولم ينشره ولم يفتشه فاشتراه على ذلك، فالبيع له لازم، ولا خيار له فيه. ¬

_ (¬1) ع: لقيمتها. (¬2) م ع - فاسد. (¬3) ع + قبل. (¬4) م: نطي. (¬5) م + في. (¬6) ع: في جواليق. (¬7) ع - هذا. (¬8) ع: كله. (¬9) ع: أن يردهما. (¬10) م: أما.

ولو نظر إلى مملوك (¬1) أو إلى دابة كائنة (¬2) ما كانت ثم اشتراها بعد من صاحبها بعد ذلك بشهر لم يكن فيه خيار. فإن قال المشتري: قد تغيرت عن حالها الذي رأيتها عليه، فعليه (¬3) البينة على ما قال. فإن لم تكن (¬4) له بينة فعلى البائع اليمين بالله. فإن نكل عن اليمين بطل البيع. وإن حلف مضى البيع على المشتري. وإذا اشترى الرجل بَيْعاً (¬5) ولم يره، ثم أرسل رسولاً مِن قِبَله فقبضه، فهو بالخيار إذا رآه، ولا يوجبه عليه نظر الرسول إلى المتاع وقبضه إياه. ولو وكل وكيلاً يقبضه (¬6) كان قبض الوكيل عليه جائزاً (¬7)، ولا خيار له بعد نظر الوكيل إليه، وليس الوكيل في هذا كالرسول، وهذا قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فالوكيل والرسول في ذلك سواء، والمشتري فيهما جميعاً بالخيار إذا رأى، إن شاء أخذ (¬8) وإن شاء ترك (¬9)؛ لأن المشتري لم يوكله بالرؤية بشيء ولم يرض (¬10) به، إنما وكله بالقبض. وإذا اشترى الرجل عِدْل زُطّي (¬11) ولم يره، ثم باع منه ثوباً أو لبسه حتى تغير أو قطعه، ثم نظر إلى ما بقي فلم يرضه، فليس له أن يرده، فالبيع (¬12) له لازم، إنما له أن يأخذ كله أو يرد كله، إلا أن يجد (¬13) به عيباً فيرده بالعيب. وإذا اشترى الرجل عِدْل زُطِّي (¬14) بثمن واحد، أو كل (¬15) ثوب بعشرة، أو كر حنطة، أو خادمين، أو شيئاً (¬16) مما يكال أو يوزن، فحدث في شيء منه عيب قبل أن يقبضه، فهو بالخيار، إن شاء أخذه كله وإن شاء ¬

_ (¬1) ع + أو إلى أمة. (¬2) ع: كابنه. (¬3) ع: فله. (¬4) ع: لم يكن. (¬5) أي: مبيعاً. (¬6) م - يقبضه. (¬7) ع: جائز. (¬8) ع: أخذه. (¬9) ع: تركه. (¬10) ع: يرضا. (¬11) م: نطي. (¬12) ع: والبيع. (¬13) ع: أن تجد. (¬14) م: نطي. (¬15) ع: وكل. (¬16) ف م ع: أو شيء.

تركه كله، وليس له أن يأخذ الذي ليس به عيب بحصته من الثمن ويرد الذي به العيب؛ لأنها صفقة واحدة. ولو كان قبض ثم رأى العيب لزمه الذي ليس به عيب بحصته من الثمن (¬1)، وكان بالخيار في الذي به العيب، إن شاء رده وإن شاء أمسكه. وأما ما كان من كيل أو وزن من ضرب واحد فقبضه ثم وجد به عيباً بعد ذلك قد دلسه به فليس له إلا (¬2) أن يأخذه (¬3) جميعاً أو يرده (¬4) جميعاً. وإذا اشترى الرجل عِدْل زُطي (¬5) أو جِرَاب هروي أو شيئاً (¬6) من العروض أو الحيوان صفقة واحدة، فاستحق بعضه قبل أن يقبض، أو حدث به عيب (¬7)، أو كان به عيب قبل أن يشتريه فاطلع عليه قبل أن يقبض، فالمشتري (¬8) بالخيار، إن شاء أخذه كله (¬9) وأن شاء رده (¬10) كله، وليس له أن يأخذ بعضه دون بعض؛ لأنها صفقة واحدة، ولأنه لم يقبضه. وإن كان قد قبضه ثم استحق بعضه أو وجد ببعضه عيباً فإن له أن يرفى الذي به العيب خاصة، ويمسك ما سواه، ويرجع بثمن ما استحق خاصة، ويلزمه ما بقي (¬11) مما لم يستحق. ولو كان ثوباً واحداً أو عبداً واحداً مما لا يتبعض فاستحق بعضه كان له أن يرد ما بقي. ولو كان ثوبين فاستحق (¬12) أحدهما جاز عليه الآخر إذا كان الاستحقاق بعد القبض. ولو كان قبض أحدهما ولم يقبض الآخر ثم استحق الذي قبض أو الآخر أيهما ما كان فله الخيار في الباقي بحصته من الثمن، إن شاء أخذ بذلك وإن شاء تركه؛ لأنه لم يقبض ما اشترى كله. ¬

_ (¬1) ع - ويرد الذي به العيب لأنها صفقة واحدة ولو كان قبض ثم رأى العيب لزمه الذي ليس به عيب بحصته من الثمن. (¬2) ع - له إلا. (¬3) م: أن يأخذ. (¬4) ع: أو يرد. (¬5) م: نطي. (¬6) م ع: أو شيء. (¬7) ع: عيبا. (¬8) ف: فللمشتري. (¬9) ع - كله. (¬10) ع: تركه. (¬11) ع - بقي. (¬12) ع + بعضه كان له أن يرد ما بقي ولو كان ثوبين فاستحق.

وإذا اشترى شيئاً مما يكال أو يوزن صفقة واحدة فاستحق بعضه فإن له أن يترك ما بقي، ولا يأخذه (¬1) إن كان استحق قبل القبض. وكذلك إن وجده ناقصاً فله أن يتركه (¬2)، وأن شاء أخذه (¬3) بحصته من الثمن. فإن كان اشترى عِدْل زُطِّي (¬4) بثمن واحد فوجده ناقصاً أو زائداً فلا خير في البيع، وله أن يرده. وإن كان سمى لكل ثوب ثمناً فلا خير فيه إذا كان زائداً؛ لأن الذي وقع عليه البيع في هذا مجهول لا يعرف. وإن كان ناقصاً فعلم بذلك قبل أن يقبض أو بعد ما قبض فهو بالخيار، إن شاء ترك، وإن شاء أخذ ما بقي بما سمى لكل ثوب من الثمن. وإذا اشترى الرجل كر حنطة بخمسين درهماً فوجده ناقصاً فإن شاء أخذه بحصته من الثمن؛ لأن هذا يعرف (¬5) ما يصيبه (¬6) من الثمن، فليس هذا كالعروض التي ثمنها (¬7) جملة واحدة. واذا اشترى الرجل أمتين صفقة واحدة، فإذا إحداهما (¬8) أم ولد أو (¬9) مدبرة أو مكاتبة، فعلم قبل القبض، فالمشتري بالخيار، إن شاء لم يلزمه الأمة الباقية، وأن شاء أخذها بحصتها من الثمن. والأعمى في كل ما اشترى إذا لم يُقَلِّبْ ولم يَجُسّ بالخيار، فإذا قَلَّبَ أو جَسّ فهو بمنزلة النظر من الصحيح، ولا خيار له إذا لم يجد به عيباً. فإن وجد به عيباً فهو بمنزلة الصحيح. ... ¬

_ (¬1) ع: ولا خذه. (¬2) ع: أن يترك. (¬3) ع: يأخذه. (¬4) م: نطي. (¬5) ف م ع: هذا لا يعرف. والتصحيح من فى وعبارة ب جار: ولو اشترى كر حنطة بكذا فوجده ناقصا خير بين أخذ الباقي بحصته وبين الترك لأن حصته معلومة بخلاف العروض التي ثمنها جملة غير مفصل. (¬6) ع: ما نصيبه. (¬7) ع: ثمنا. (¬8) ع: أحدهما. (¬9) ع: أم.

باب المرابحة

باب المرابحة وإذا اشترى الرجل بيعاً نسيئة فليس له أن يبيعه مرابحة حتى يبين (¬1) له أنه اشتراه (¬2) نسيئة. فإن باعه مرابحة وكتم ذلك فالمشتري بالخيار إذا اطلع على ذلك: إن شاء رده وأخذ ماله، وإن شاء أجاز البيع. فإن كان المشتري قد استهلك البَيْع (¬3) أو قد استهلك بعضه فالبيع لازم له جائز عليه، وليس له (¬4) أن يرد ما بقي منه بذلك، ولا يرجع في شيء من الثمن. وإذا اشترى الرجل خادماً أو ثوباً أوطعاماً أو دابةً فأصاب الخادم بلاء ذهب (¬5) من ذلك (¬6) بصرها، أو لزمها من ذلك عيب، أو أصاب الدابة من ذلك عيب (¬7)، أو أصاب الثوب من ذلك عيب (¬8)، أو أصاب الطعام شيء فدخله من ذلك عيب، فلا بأس أن يبيع ذلك مرابحة. ألا ترى أن الثوب لو اصفر أو توسخ وكان ذلك ينقصه فلا بأس بأن يبيع ذلك مرابحة (¬9). ولو أصاب من غلة الخادم أو الدابة أو الدار أو العبد [شيئاً] (¬10) باعه (¬11) مرابحة؛ لأن الغلة ليست من أصل ذلك البيع. وإن أصاب العبد شيء (¬12) من ذلك عيب من عمل المولى ينقصه فلا يبيع شيئاً من ذلك مرابحة حتى يبين ذلك. وكذلك إذا أصابه من عمل غيره؛ لأنه ضامن لما نقصه. فإن كان عمله بإذن المولى فهو إذاً بمنزلة ¬

_ (¬1) ع: حتى تبين. (¬2) ف م - اشتراه؛ والزيادة من ع ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 78. (¬3) أي المبيع. (¬4) ف: وله جائز وليس عليه. (¬5) ع: أذهب. (¬6) ع - من ذلك. (¬7) ع: عيبا. (¬8) م - أو أصاب الدابة من ذلك عيب أو أصاب الثوب من ذلك عيب. (¬9) ع - ألا ترى أن الثوب لو اصفر أو توسخ وكان ذلك ينقصه فلا بأس بأن يبيع ذلك مرابحة. (¬10) ف م ع - شيئاً. والتصحيح من الكافي، 1/ 170 و. (¬11) ف - باعه. (¬12) ف م ع: شيئاً. والتصحيح من ط.

المولى. إذا باع (¬1) شيئاً من ذلك ولم يبينه فالمشتري بالخيار: إن شاء رد البيع، وإن شاء أمسكه. وإن كان قد استهلكه أو بعضه لزم البيع، ولم يكن للمشتري أن يرده، ولا يرد ما بقي، ولا يرجع في شيء من الثمن. وإذا ولدت الجارية أو الغنم أو البقر أو الإبل أو أثمر النخل أو الشجر فلا بأس بأن يبيعه مرابحة وذلك معه. فإن استهلك المولى ذلك فليس له أن يبيع (¬2) شيئاً من ذلك مرابحة حتى يبين ما أصاب من ذلك. وكذلك ألبان الغنم وأصوافها وسُمُونها، ما أصاب (¬3) من ذلك من شيء فلا يبيع (¬4) شيئاً من ذلك مرابحة حتى يبين ما أصاب منها. فإن كان قد أنفق (¬5) عليها ما يساوي ذلك في علفها أو ما يصلحها فلا بأس بأن يبيعها مرابحة ولا يبين ذلك. وإن لم يكن أنفق عليها شيئاً ولم يصب من أولادها ولكنها مَوَّتت (¬6)، أو أصاب الغلة آفة فأهلكتها (¬7)، فله أن يبيع ذلك مرابحة ولا يبين ذلك وإن كان ذلك (¬8) قد نقص الخادم أو الإبل أو الغنم أو البقر. وإذا اشترى الرجل متاعاً فله أن يجعل عليه من الخياطة والقِصَارة (¬9) والكراء ويقول: قام علي بكذا كذا، ولا يقول: اشتريته بكذا وكذا، فإن ذلك كذب؛ لأنه لم يأخذه به (¬10)، إنما قام عليه مع النفقة بعد ما اشتراه بكذا كذا، وقد اشتراه بأقل مما قام عليه، ثم لحقه من النفقة حتى قام عليه بذلك. ولا يلحق ما أنفق على نفسه وسفره في طعام ولا مئونة ولا كراء. ¬

_ (¬1) ف ع: فإن باع. (¬2) ف: أن يبيعه. (¬3) م: وما أصاب. (¬4) ع: بيع. (¬5) ع: قد اتفق. (¬6) ف م ع: ولكنها موت، ط: ولكنها ماتت موتا. ومَوَّتَت الدواب أي كثر فيها الموت. انظر: لسان العرب، "موت". (¬7) ع: فأهلكها. (¬8) ع - ذلك. (¬9) قصر الثياب أن يجمعها القصّار فيغسلها، وحرفته القِصَارة بالكسر. انظر: المغرب، "قصر". (¬10) ع + لأنه.

وأما الرقيق فله أن يلحق بهم طعامهم وكسوتهم بالمعروف ثم يقول: قاموا علي بكذا كذا. وإذا اشترى الرجل طعاماً فأكل نصفه أو ثلثه فله أن يبيع النصف الباقي (¬1) مرابحة على نصف الثمن؛ لأن علمه (¬2) يحيط أن هذا نصفه. وكذلك كل شيء يكال أو يوزن بعد أن يكون من ضرب واحد. فإن كان مختلفاً فلا يبيعن مرابحة بما بقي قل أو كثر. وكذلك الثوب الواحد إذا ذهب نصفه: احترق أو خرقه إنسان (¬3) أو هو أو باعه أو وهبه أو تصدق به، فلا يبيع النصف الباقي (¬4) مرابحة على الثمن الأول؛ لأنه لا يدري أن هذا وذاك سواء مِن قِبَل ما دخل في شِقّه. وكذلك الثوبان إذا اشتراهما جميعاً صفقة واحدة فلا يبيعن أحدهما مرابحة دون الآخر، لأنه لا يعلم ما رأس مال هذا من هذا (¬5) إلا ظناً يظنه أو حَزْراً يحزره (¬6). وكذلك لو اشترى عِدْل زُطِّي (¬7) أو عِدْل يهودي أو جِرَاب هروي بألف درهم، فلا يبيعن ثوباً منها مرابحة؛ لأنه لا يعلم ما رأس ماله. ولو كان أخذ كل ثوب منها بعشرة دراهم فله أن يبيع كل ثوب منها مرابحة على عشرة. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: لا يبيعن مرابحة حتى يبين أنه اشترى معه غيره. وكذلك لو باع كل ثوب منها برقمه الذي عليه، أو زيادة ¬

_ (¬1) ع: الثاني. (¬2) ف م ع: عليه. والتصحيح من ط. وعبارة ب: لأنه يعلم أن هذا نصفه. ومعناه في المبسوط، 13/ 81. (¬3) ع: احترقه أو أحرقه إنصان. (¬4) ع: الثاني. (¬5) ف م - من هذا؛ والزيادة من ع ط. وفي ب؛ لأنه لا تعلم حصته من الثمن إلا بالحزر والظن. (¬6) ع: أو حرز يحرزه. (¬7) م: نطي.

دَانِق على رقمه، ثم علم ما رقمه فرضي بذلك، فهو جائز، وله أن يبيعه مرابحة على ما سمى لكل ثوب. ألا ترى أنه لو كان ثوبان فأخذهما جميعاً، الأبيض بعشرة، والأصفر بخمسة عشر، كان له أن يبيع كل واحد منهما على ما سمى له (¬1). ولو كانتا دارين كان لشفيع كل واحد منهما أن يأخذها بالذي سمى لها (¬2). ولو وجد عيباً يُرَدُّ منه رد (¬3) كل ثوب وجد فيه العيب بما (¬4) سمى له من الثمن. ثم لو استحق ثوب منها (¬5) برئ من ثمنه الذي سمى له. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وأما في قول محمد فإذا اشترى ثياباً صفقة واحدة بعضها أفضل من بعض كل ثوب بعشرة، فلا ينبغي أن يبيع ثوباً منها مرابحة على عشرة حتى يبين الأمر على وجهه؛ لأن الرجل قد (¬6) يشتري الثوبين [بمائة وخمسين] (¬7)، أحدهما (¬8) يساوي مائة (¬9)، والآخر يساوي خمسين، كل ثوب بخمسة وسبعين. فإن باع أحدهما بخمسة وسبعين مرابحة كان ذلك قبيحاً (¬10) - لأنه إنما زاد في ثمن ذلك لمكان الآخر- حتى يبين فيبيع (¬11) كيف يشاء. وإذا اشترى الرجل بَيْعاً (¬12) بحنطة أو شعير أو شيء (¬13) مما يكال أو يوزن فلا بأس بأن يبيعه مرابحة على ذلك. وإذا اشترى الرجل ثوباً بعشرة دراهم فباعه بخمسة عشو درهماً، ثم اشتراه بعشرة، فلا يبيعه مرابحة حتى يطرح ربحه (¬14) الأول من رأس مال ¬

_ (¬1) ع - له. (¬2) ع: لهما. (¬3) ع - منه رد. (¬4) ف م ع: فما. والتصحيح من ب جار ط. (¬5) ع: ثوبا منهما. (¬6) ع - قد. (¬7) الزيادة من ب جار ط. (¬8) ف م ع + بخمسمائة. والتصحيح من ب جار ط. (¬9) ف م: بمائة؛ ع: ثمانمائة (مهملة). والتصحيح من ب ط. (¬10) ع: قبيح. (¬11) ع + كل. (¬12) أي: مبيعاً. (¬13) ف م ع: حنطة أو شعيرا أو شيئاً. والتصحيح من ط؛ والكافي، 1/ 170 و؛ والمبسوط، 13/ 82. (¬14) ع: ربحة.

البيع الآخر، فيقوم بخمسة دراهم، وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد: فلا يبيعه مرابحة على عشرة دراهم، ولا يطرح منها شيئاً؛ لأنه شراء مستقبل لا يدخل فيه شيء (¬1) كان قبله من ربح ولا وضيعة. ألا ترى أنه لو كان أصله هبة أو صدقة أو ميراثاً (¬2) أو وصية ثم باعه ثم اشتراه كان له أن يبيعه مرابحة على الثمن الآخر ولا يطرح منه شيئاً. ولو كان أصله بيعاً فباعه بوصيف (¬3) أو بدابة ثم اشتراه بعشرة كان له (¬4) أن يبيعه مرابحة ولا يطرح منه شيئاً، فكيف يطرح الوصيف والدابة من العشرة. وإذا اشترى (¬5) الرجل نصف عبد بمائة درهم واشترى آخر. (¬6) نصفه بمائتين ثم باعاه (¬7) مرابحة، أو قالا: بربح كذا وكذا على رأس المال، أو بوضيعة كذا وكذا من رأس المال، فإن الثمن يكون بينهما أثلاثاً على مائتين (¬8) وعلى مائة. ولو كان أحدهما قد اشترى ثلثه (¬9) بمائة درهم واشترى (¬10) الآخر ثلثيه (¬11) بمائتي (¬12) درهم ثم باعاه مرابحة كان الثمن بينهما على ما سميا من الثمن. وكذلك لو ولياه رجلاً بالذي أخذاه به. ولو قسما (¬13) الثمن بينهما على القدر (¬14) الذي لهما (¬15) في العبد فربح أحدهما أو وضع الآخر فهذا لا يكون وقد باعاه مرابحة أو وَلَّيَاه (¬16) رجلاً بالذي أخذاه به. فإذا أنفق الرجل على عبده في تعليم عمل من الأعمال دراهم فإنه لا ¬

_ (¬1) ع: شيئاً. (¬2) ع: أو ميراث. (¬3) ف ع: بوصيفه؛ م: بوضيعة. والتصحيح من تتمة العبارة كما قال المحقق شحاتة. وهي كذلك في الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 83. (¬4) ع - له. (¬5) م: إذا اشترى. (¬6) م ع: نصف. (¬7) ع: ثم باه. (¬8) ع: على مابين. (¬9) ع: ثلثة. (¬10) م + واشترى. (¬11) ع: ثلثاه. (¬12) ع: بمائتين. (¬13) ف: قسم. (¬14) ف م ع: على قدر. (¬15) ف: لها. (¬16) أي باعاه تولية.

يلحق ذلك في (¬1) رأس (¬2) ماله ولا يبيعه مرابحة على ذلك. فكذلك (¬3) الشعر والغناء والعربية وأجر تعليم القرآن (¬4)، لا يوضع (¬5) شيء من هذا على رأس المال. وكل شيء علم به رجل جاريةً له أو عبداً له مما لا يحل فلا يلحق برأس ماله. وكذلك أجر (¬6) الطبيب وأجر الرائض (¬7) والراعي وجُعْلَ الآبق وأجر الحجام والختان (¬8)، فهو مثل ذلك أيضاً. وأما سائق الغنم الذي يسوقها من بلد إلى بلد فإنه يلحقه في رأس ماله. وكذلك أجر السمسار يلحقه في رأس ماله مثل أجر القصار. ولا يلحق أجر المعلم الحساب في رأس ماله. وكذلك أجر النائحة (¬9). ولو باع جاريتين إحداهما أفضل من الأخرى وقد اشترى كل واحدة منهما بخمسمائة، فباعهما مرابحة، كان الثمن نصفين وإن (¬10) كانت إحداهما أفضل من الأخرى. ألا ترى أنها لو كانت (¬11) دارين على هذ (¬12) الصفة (¬13) أخذ الشفيع كل واحدة منهما بالذي أخذها به لا ينقصه ولا يزيده شيئاً. وكذلك التولية. وقال محمد: لا يبيع إحداهما (¬14) مرابحة حتى يبين أنه اشترى معها غيرها مرابحة. وإذا باع الرجل متاعه مرابحة ثم حط من البيع الأول شيئاً فإنه يحط ذلك الشيء وربحه عن المشتري الآخر، ويجبر على ذلك في ¬

_ (¬1) م ع - في. (¬2) ع: برأس. (¬3) ع: وكذلك. (¬4) ع + أن. (¬5) م: ولا يوضع. (¬6) ع - أجر. (¬7) الرائض هو مؤدب الفرس والجمل ونحوهما. يقال: راض المُهْر رياضاً ورياضة: ذَلَّلَه، فهو رائض. انظر: القاموس المحيط، "روض". (¬8) ع: والحبان. (¬9) ف م + والشعر والغناء والعربية وأجر تعليم القرآن لا يوضع شيء من هذا على رأس المال كل شيء علم به رجل جارية له أو عبدا له مما لا يحل ولا يلحق رأس المال. (¬10) ف م ع: فإن. والتصحيح من ط. (¬11) ع: أنهما لو كانا. (¬12) ع - هذه. (¬13) ع - الصفقة. (¬14) ف م: أحدهما. والتصحيح من ع ط.

القضاء. وكذلك لو كان ولاه رجلاً ثم حط عنه شيئاً حط (¬1) مثله عن المشتري. وإذا باع الرجل متاعاً مرابحة فخانه في المرابحة ودلس له فإن المشتري بالخيار إذا اطلع على ذلك: إن شاء رد المتاع، وإن شاء أخذه بالثمن الذي اشتراه به لا ينقص منه شيئاً. فإن كان المشتري قد أهلك المتاع أو بعضه فالثمن له لازم ولا يحط عنه منه شيء. وإذا أقر البائع بأنه قد خانه أو زاد عليه أو قاصت عليه بذلك بينة لم يكن للمشتري أن يرجع في شيء من ذلك لتلك الخيانة (¬2)، إنما له أن يرد المتاع كله كما أخذه، أو يلزمه الثمن كله. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: نرى (¬3) أن يحط عنه الخيانة (¬4) وحصتها من الربح على كل حال. واذا اشترى الرجل ثوباً بعشرة دراهم فليس له أن يبيع ذراعاً منه (¬5) مرابحة؛ لأن الثوب مختلف. وكذلك ليس له أن يبيع (¬6) أكثر من ذراع أو أقل مرابحة إلا أن يقول: أبيعك نصفه أو ثلثه أو جزء من كذا وكذا (¬7) جزء، فلا بأس بأن يبيعه على هذه الصفة؛ لأنه يكون شريكاً (¬8) فيه كله بذلك. وإذا اشترى الرجل مما يكال أو يوزن بعد أن يكون شيئاً واحداً غير مختلف فلا بأس بأن يبيع رطلاً منه أو قفيزاً منه (¬9) على حصته من الثمن مرابحة؛ لأنه شيء واحد قد أحاط علمه به (¬10). فإن كان مختلفاً فليس له أن يبيع واحداً منها مرابحة. وهو قول أبي حنيفة. ¬

_ (¬1) ف ع + عنه. (¬2) ع: الخانه. (¬3) ع: يرى. (¬4) ع: الجناية. (¬5) ف م: منها؛ ع - منه. والتصحيح من ط. (¬6) ع + منه. (¬7) ف ع: من كذا كذا. (¬8) م ع: شريك. (¬9) م - منه. (¬10) ع: بذلك.

وإذا أسلم الرجل عشرة دراهم في ثوبين من نوع واحد ومن ضرب (¬1) واحد وشرط واحد وأعطاه عشرة دراهم ثم قبضهما (¬2) فلا يبيعن واحداً منهما (¬3) مرابحة في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: له أن يبيع كل واحد منهما على خمسة دراهم. ألا ترى أن صفقتهما واحدة، وأنه لو صالح الذي عليه السلم على رأس مال أحدهما وأخذ الآخر كان ذلك جائزاً. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد في هذا. وإذا اشترى الرجل نصف عبد بمائة ثم اشترى النصف الآخر بمائتين فله أن يبيع أي النصفين شاء مرابحة على ما اشتراه به، وإن شاء باعه كله على ثلاثمائة مرابحة. وإذا اشترى الرجل عبداً بألف درهم ثم وهب له البائع الثمن كله فله أن يبيعه مرابحة على الألف التي اشتراه بها (¬4) منه. وإن وهب له بعض الثمن كان للمشتري أن يبيعه مرابحة على ما بقي من الثمن. وكذلك (¬5) لو حط عنه بعض الثمن. وليس يشبه هبة الثمن كله هبة بعض الثمن. وإذا اشترى عبداً بألف درهم ثم باعه بالثمن عروضاً أو أعطاه (¬6) به رهناً فهلك الرهن كان له أن يبيع العبد مرابحة على ألف درهم. وإذا اشترى الرجل ثوباً بعشرة دراهم جياد فنقدها فوجد أحدها زائفاً فتجاوز به البائع عنه فله أن يبيعه مرابحة على عشرة دراهم جياد. وكذلك لو اشتراه بعشرة دراهم نقد ليس لها أجل فلم ينقد الثمن أشهراً فله أن يبيعه مرابحة على عشرة دراهم، لأن هذا نقد (¬7) ليس يتأخر. وإذا اشترى الرجل ثوباً بعشرة دراهم ثم وهبه ثم رجع في هبته وأخذه ¬

_ (¬1) م: من ضرب. (¬2) ف م ع: ثم قبضها. والتصحيح من ط. (¬3) م ع: منها. (¬4) ع: به. (¬5) م - كذلك. (¬6) ع: أو أعطا. (¬7) م: بعد؛ ع + ليس لها أجل فلم ينقد.

فله أن يبيعه مرابحة على عشرة دراهم (¬1). وكذلك لو باعه بعشرة دراهم أو أكثر ثم رد عليه بعيب أو بيع (¬2) فاسد أو بخيار أو باستقالة البائع فأقاله كان له أن يبيعه مرابحة على عشرة دراهم. ولو كان باعه شم ورثه أو وهبه أو صار في ملكه بغير شراء لم يكن له أن يبيعه مرابحة، لأن هذا الملك الثاني ملك بغير شراء، وقد هدر الملك الأول الذي كان فيه الشراء. وإذا اشترى الرجل من أبيه أو أمه أو مكاتبه أو عبده أو عبد من مواليه أو مكاتب من مواليه متاعاً بثمن قد قام على البائع بأقل من ذلك فليس للمشتري أن يبيعه مرابحة إلا بالذي قام على البائع للتهمة. وليس هذا كالشرى من الأجنبي ولا من الأخ ولا من العم. وإذا اشترى الرجل من امرأته فليس له أن يبيع مرابحة. كل (¬3) من لا تجوز (¬4) شهادته له فلا يبيعن ما اشترى منه مرابحة. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: أنا أرى أن يبيع (¬5) كل ما اشترى من هؤلاء مرابحة ما خلا عبده أو مكاتبه أو عبد من مولاه. وهو قول محمد. وإذا اشترى الرجل ثوباً (¬6) بثوب قد قام (¬7) الثوب الأول بعشرة دراهم فليس له أن يبيع الثوب (¬8) الآخر مرابحة على عشرة دراهم. وإذا اشترى الرجلان من رجل عِدْل زُطِّي (¬9) بألف درهم فاقتسماه بينهما فليس لواحد منهما أن يبيع (¬10) نصيبه مرابحة؛ لأنه ليس يحيط علمه أن هذا هو النصف. ¬

_ (¬1) ف - لأن هذا نقد ليس يتأخر وإذا اشترى الرجل ثوبا بعشرة دراهم ثم وهبه ثم رجع في هبته وأخذه فله أن يبيعه مرابحة على عشرة دراهم. (¬2) ط: أو ببيع. (¬3) ط: وكل. (¬4) ع: لا يجوز. (¬5) م ع + من. (¬6) ع: ثوب. (¬7) ع: قدام. (¬8) ع - الثوب. (¬9) م: نطي. (¬10) ع - يبيع.

وإذا اشترى الرجل عبداً به عيب قد دُلِّسَ له أو ثوباً فيه عيب قد (¬1) دُلِّسَ له (¬2) ثم اطلع عليه بَعْدُ فرضي أو لم يرض فله أن يبيعه مرابحة؛ لأنه قد اشتراه بذلك الثمن. وكذلك لو اشترى بيعاً مرابحة فحاباه (¬3) صاحبه فيه كان له أن يبيعه مرابحة على ما أخذه به؛ لأنه (¬4) بذلك قام عليه (¬5). وإذا ولّى رجل رجلاً بيعاً بما قام عليه (¬6)، ثم اطلع على أنه أخذه بأقل من ذلك بشهادة شهود قامت على ذلك، رجع عليه بالفضل؛ أو بإقرار من البائع الأوسط، أو بدعوى من المشتري الآخر، وأبى البائع الأوسط أن يحلف عليها، فإنه يرجع عليه بذلك الفضل، ويتم له البيع، ويكون له أن يبيع مرابحة على ما بقي. ولو باعه مرابحة قبل أن يرجع بشيء على البائع الأول كان ذلك جائزاً، وله أن يرجع بتلك الخيانة (¬7)، وما أخذه (¬8) رده على المشتري. وهذا قول أبي حنيفة. وفرق بين التولية وبين المرابحة فقال: يرجع بالخيانة (¬9) في التولية، ولا يرجع في المرابحة، وله الخيار. وقال يعقوب: هما سواء في ذلك كله، يرجع بالخيانة (¬10) والربح. وقال محمد: هما سواء، فلا يرجع بخيانة (¬11) ولا ربح إن كان ما استهلكه، فهو بالخيار، إن شاء أخذه بجميع الثمن ولا يطرح عنه الخيانة (¬12)، وإن شاء رده على صاحبه وبطل البيع. ¬

_ (¬1) ف: وقد. (¬2) ع - أو ثوبا فيه عيب قد دلس له. (¬3) ط: فخانه. وفي ب: ومن اشترى شيئاً محاباة ... فله بيعه مرابحة. (¬4) ع - لو اشترى بيعا مرابحة فحاباه صاحبه فيه كان له أن يبيعه مرابحة على ما أخذه به لأنه. (¬5) وعبارة السرخسي: وكذلك لو اشتراه مرابحة فخانه صاحبه فيه كان له أن يبيعه مرابحة على ما أخذه به، لما بينا أن الثابت له بسبب هذه الخيانة الخيار فقط. انظر: المبسوط، 13/ 89. (¬6) أي باعه تولية. (¬7) ع: الجناية. (¬8) ف ع: أخذ. (¬9) ع: بالجناية. (¬10) ع: بالجناية. (¬11) ع: بجناية. (¬12) ف م: الخيار؛ ع: منه شيئاً.

وإذا اشترى الرجل من شريك له شركة عنان فلا بأس بأن يبيعه مزابحة. [وإن كان للأول فيه حصة لم ينبغ للأول أن يبيع حصة نفسه مرابحة] (¬1) إلا على ما اشتراه به. فإن كان لم يشتره (¬2) وصار له بوجه غير الشرى فلا يبيعن (¬3) حصته مرابحة. وإذا كانت خادماً لشريك المفاوض للخدمة فاشتراها شريكه منه لتخدمه ثم بدا له أن يبيعها (¬4) فلا بأس بأن (¬5) يبيعها (¬6) مرابحة. وكذلك كل شيء كان لأحدهما دون صاحبه فاشتراه الآخر ليكون له دون صاحبه. وكل شيء كان بينهما فلا يبيعه واحد منهما (¬7) مرابحة إذا (¬8) اشتراه من صاحبه إلا على الأصل الأول. وإن كان عبد بين (¬9) اثنين قد قام عليهما بمائة دينار فربّح (¬10) أحدهما صاحبه في حصته ديناراً (¬11) فلا بأس بأن يبيعه مرابحة على مائة دينار ودينار. وإذا اشترى الرجل متاعاً ثم رقمه بأكثر من ثمنه ثم باعه مرابحة على رقمه فهو جائز، ولا يقول: قام علي بكذا (¬12) وكذا، ولكن رقمه كذا وكذا، فأنا أبيعه (¬13) مرابحة على ذلك. وكذلك لو كان أصله ميراثاً (¬14) أو هبةً أو صدقةَ أو وصيةً فقومه قيمته ثم باعه مرابحة على تلك القيمة كان ذلك جائزاً. ¬

_ (¬1) الزيادة من الكافي، 1/ 170 ظ. وقريب منها في ط؛ والمبسوط، 13/ 90. (¬2) ع: لم يشتر. (¬3) ع: يبعن. (¬4) ف: أن يبيعهما. (¬5) م - بأس بأن. (¬6) ف: يبيعهما. (¬7) ف م ع + حصته. والصحيح حذفها كما في الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 90. (¬8) ف م ع: وإذا. والتصحيح من ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 9. (¬9) م: من. (¬10) أي فاشترى أحدهما نصيب صاحبه بربح دينار، كما هو في نسخة ب. والأولى أن يقال: فأربح. انظر: المغرب، "ربح". (¬11) ع: دينار. (¬12) م: كذا. (¬13) ع: فابا بيعه. (¬14) ع: ميراث.

وإذا اشترى الرجل من عبد له أو عبد لبعض ولده أو من أمته (¬1) أو من أمة لابن له بيعاً (¬2) قد قام عليه بأقل من ذلك فلا يبيعه مرابحة إن كان (¬3) على العبد دين أو لم يكن إلا على الأقل. وكذلك العبد وأم الولد والمكاتب والمدبر والعبد قد عتق نصفه وهو يسعى في بعض (¬4) قيمته. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: أما العبد الذي قد عتق نصفه فلا بأس بأن يييع ما اشترى منه مرابحة؛ لأنه حر كله. وإذا باع الرجل المتاع بربح ده يازده أو بعشرة (¬5) أحد عشر (¬6) أو بده دوازده أو بعشرة اثني عشر أو بده سيزده أو بعشرة ثلاثة عشر فهذا سواء كله. فإذا علم (¬7) المشتري بالثمن فهو بالخيار: إن شاء أخذه بذلك، وإن شاء رده. فإن كان قد علم بالثمن قبل (¬8) عقدة البيع (¬9) [فليس له أن يرده] (¬10). وكذلك المتاع يرقمه، فهو كذلك أيضاً إذا علم الرقم: إن شاء أخذه، كان شاء تركه. وإذا اشترى الرجل ثوباً بعشرة دراهم ثم باعه بوضيعة ده يازده على الثمن فإن الثمن يكون تسعة دراهم (¬11) وجزء من أحد عشر جزء من الدرهم (¬12)، وصارت الوضيعة عشرة أجزاء من أحد (¬13) عشر جزء من درهم. ¬

_ (¬1) م ع: من أمه. (¬2) ع - بيعا. (¬3) ع: اكان. (¬4) ع: في نصف. (¬5) ع: أو بعشر. (¬6) قوله "أو بعشرة أحد عشر" تفسير لقوله "بربح هـ يازده"، وكذا ما يأتي بعده. وانظر: المبسوط، 13/ 91. (¬7) ع: أعلم. (¬8) ع + قبضه. (¬9) ف م ع + فهو بالخيار إن شاء أخذه دن شاء رده. (¬10) الزيادة من الكافي، 1/ 170 ظ. وقريب منها في ط، والمبسوط، 13/ 91. (¬11) ف م: من الدراهم، ع: الدراهم. وأثبتنا عبارة الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 91. (¬12) م ع: من الدراهم. (¬13) ع: من إحدى.

باب العيوب في البيوع كلها

وإذا اشترى الرجل ثوباً بخمسة دراهم واشترى آخر ثوباً بستة دراهم ثم باعاهما (¬1) جميعاً صفقة واحدة مرابحة أو مواضعة فإن الثمن بينهما على قدر رؤوس أموالهما. وإذا (¬2) اشترى (¬3) الرجل عبداً بألف درهم ثم وَلاَّه رجلاً ثم حط عن المشتري الأول الثمن كله فإنه لا يحط عن الآخر شيئاً؛ لأن هذا ليس بحط ولا وضيعة. ... باب العيوب في البيوع كلها وإذا باع الرجل عبداً أو أمةً أو داراً أو ثوباً أو شيئاً من الأشياء فبرئ (¬4) البائع إلى المشتري عند عقدة (¬5) البيع من كل عيب فهو براءة جائزة، ولا يضره أن لا يسمي شيئاً من ذلك. ألا ترى أنه لو برئ (¬6) إليه من القُرُوح والخُرُوق (¬7) في الثوب ومن الدَّبَر (¬8) في الدابة كانت هذه البراءة جائزة فيما سمى، وإن كان لم يقل فوجد قرحة كذا وكذا أو كذا وكذا (¬9) دَبَرَة، وكذلك لو قال: هو بريء من كل عيب، فقد دخل فيه كل عيب، وكذلك كل داء وكل دَبَرَة وكل حرق أو خرق أو كي أو (¬10) غيره من العيوب. وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإذا شهد شاهدان (¬11) على البراءة من كل عيب في خادم، ثم إن ¬

_ (¬1) ف م ع: ثم باعهما. والتصحيح من ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 91. (¬2) ع - وإذا. (¬3) ع: واشترى. (¬4) ع: فيرى. (¬5) ع: عقد. (¬6) ع: لو يرى. (¬7) ع: من الفروج والحروف. (¬8) الدَّبَرة بالتحريك كالجراحة تحدث من الرَّحْل أو نحوه، وقد دَبِر البعير دَبَرا، وأدبره صاحبه. انظر: المغرب، "دبر". (¬9) ع: كذا. (¬10) ف - أو. (¬11) ع: شاهدين.

[أحد] (¬1) الشاهدين اشتراها (¬2) بغير براءة فوجد بها عيباً، كان له أن يردها مِن قِبَل أن الشهادة على البراءة لم تكن إقراراً (¬3) منه ولا من البائع ولا من المشتري أن بها (¬4) عيباً. وكذلك لو قال (¬5): برئت من الإباق، وأشهد على ذلك، ثم اشتراها منه أحد الشاهدين بغير براءة من ذلك فوجدها آبقة، كان له أن يردها بذلك. وإذا اشترى الرجل السلعة ولم يبرأ البائع إليه من شيء ثم أراد البائع بعدما وقع البيع [أن] (¬6) يبرأ من العيوب فأبى المشتري أن يبرئه من ذلك فله (¬7) ذلك، وليس للبائع البراءة إلا عند عقدة البيع. واذا اشترى الرجل من الرجل أمة (¬8) فلا يقربها حتى تحيض حيضة. بلغنا نحو من ذلك عن علي بن أبي طالب (¬9). ولا ينبغي للبائع أن يبيعها (¬10) إذا كان يطؤها (¬11) حتى تحيض حيضة (¬12) عنده. وإن كانت لا تحيض فينبغي للمشتري أن يستبرئها (¬13) بشهر، ولا يقبلها ولا يباشرها (¬14) حتى يستبرئها بحيضة أو بشهر. وإن كانت ممن تحيض فارتفع حيضها انتظر (¬15) بها حتى يعلم (¬16) أنها غير حامل ثم يطؤها (¬17). وإذا قربها المشتري ووجد بها عيباً قد دلس فليس له أن يردها بذلك العيب، وتُقَوَّم (¬18) ¬

_ (¬1) الزيادة من ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 94. (¬2) ف م ع: اشتراهما. والتصحيح من ط. (¬3) ع: لم يكن إقرار. (¬4) ع: نها. (¬5) م - قال. (¬6) من ط. (¬7) ع + من. (¬8) ع: الأمة. (¬9) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 149. وانظر: الدراية لابن حجر، 2/ 230 - 231. (¬10) ع: أن يتبعها. (¬11) ع: وطئها. (¬12) ع: حيطه. (¬13) ع: أن يشتريها. (¬14) ع: تباشرها. (¬15) ف م ع: فانتظر. والتصحيح من ب جار. (¬16) ع: حتى تعلم. (¬17) ع - يطؤها. (¬18) ع: ويقوم.

به [وتُقَوَّم] (¬1) وليس بها عيب، فإن كان العيب ينقصها العشر رجع بعشر الثمن. وكذلك لو لم يطأها ولكن حدث بها عيب عنده ثم وجد عيباً قد دلس له فليس له أن يردها بذلك العيب، ولكن تُقَوَّم (¬2) وبها العيب وتُقَوَّم وليس بها العيب، فإن كان العيب (¬3) ينقصها العشر رجع (¬4) بعشر الثمن ويكون فيها كما كان في التي وطئ. فإن باعها بعد ما رأى العيب فليس له أن يرجع بشيء مِن قِبَل أن البائع يقول: أنا أقبلها. وكذلك لو وطئها غير المشتري بزناً أو بشبهة. وكذلك لو زوجها المشتري فوطئها الزوج أو لم يطأها لم يكن للمشتري أن يردها بالعيب، ولكن يرجع بنقصان العيب. ولو كان لها زوج عند البائع قد (¬5) وطئها عنده ثم وطئها عند المشتري فإن للمشتري أن يردها بالعيب، ولا يشبه هذا وطء المشتري ولا وطء الزوج الذي زوجها المشتري. ولو اشترى جارية بكراً ولها زوج فوطئها عند المشتري لم يكن للمشتري أن يردها؛ لأنها كانت بكراً فذهبت عُذْرَتها عند المشتري (¬6)، ولا يشبه هذا الباب الأول. ولو اشترى ثوباً فصبغه بعُصْفُر (¬7) أو زعفران أو قطعه قميصاً أو قَبَاءً ولم يخطه بعد ثم وجد به عيباً كان له أن يرجع بفضل ما بينهما. فإن باعه قبل أن يخاصمه لم يكن له أن يرجع بشيء إلا في العُصْفُر والزعفران، فإن وإن يرجع فيه (¬8)؛ لأن البائع لو قال: أنا أقبله، لم يكن له أن يأخذه. ¬

_ (¬1) الزيادة من ب جار ط؛ والكافي، الموضع السابق. (¬2) ع: يقوم. (¬3) م: الثمن. (¬4) ف ع: ويرجع؛ م: ورجع. والتصحيح من ب ط. (¬5) ف ع: وقد. (¬6) ف م - لم يكن للمشتري أن يردها لأنها كانت بكرا فذهبت عذرتها عند المشتري. والزيادة من ع ط. وعبارة الحاكم: ولو اشترى جارية بكرا لها زوج فوطئها عند المشتري ثم وجد بها عيبا لم يكن له أن يردها. انظر: الكافي، 11/ 17 و. وعبارة ب: ... إلا أن تكون بكرا فلم يطأها الزوج إلا في يد المشتري فلا يردها لزوال عذرتها في يده. (¬7) هو نبت يصبغ به. انظر: لسان العرب، "عصفر". (¬8) م - فيه.

وكل عيب وجده (¬1) المشتري بالسلعة فعرضها بعدما رآه على البيع (¬2) أو وطئها أو قبلها أو لامسها لشهوة أو أجرها (¬3) أو رهنها أو وهبها فإن هذا كله رضاً بذلك في القياس، وليس له أن يردها ولا يرجع بفضل ما بينهما. ولو استخدمها كان هذا في القياس رضاً، ولكني أدع القياس، ويكون له (¬4) أن يردها في الاستحسان. ولو كان قميصاً أو ثوباً فلبسه أو دابةً فركبها كان هذا كله رضاً بالعيب. غير أني أستحسن إذا (¬5) ركب الدابة ليردها أو ليسقيها أن لا يكون هذا رضاً، إنما الرضا ركوبه (¬6) في حاجته. ولو ولدت الجارية عند الرجل أو وطئها فباعها وكتم ذلك فليس للمشتري أن يردها بذلك؛ لأن هذا ليس بعيب لازم. ولا بأس بأن يبيعها مرابحة إن لم يكن (¬7) ينقصها (¬8) إذا كان الولد قد مات. فإن كان جامعها وهي بكر فلا يبيعها مرابحة حتى يبين (¬9) ذلك. وإذا اشترى الرجل خادماً فدبرها أو أعتقها البتة أو ولدت ولداً فكانت أم ولد له (¬10) ثم وجد بها عيباً قد دلس له كان له أن يرجع بنقصان ما بينهما. ولو كان باعها أو وهبها وقبضها الموهوبة له ثم وجد بها عيبا قد دلس له (¬11) لم يكن له أن يرجع إليه؛ لأنها قد خرجت من ملكه إلى ملك غيره. وكذلك لو باع بعضها وبقي في يده بعضها لم يكن له أن يرد ما بقي، ولا يرجع بفضل خادم غيره. ألا ترى أنه لو باعها من البائع ثم وجد ¬

_ (¬1) ع: وجدة. (¬2) ف م ع: على البائع. والتصحيح من ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 98. (¬3) م: أو اجراها. (¬4) ف م: لها. والتصحيح من ط. (¬5) ف م ع: فإذا. والتصحيح من ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 99. (¬6) ع: ركوبة. (¬7) م - يكن. (¬8) ع: يقبضها. (¬9) م: حتى يتبين. (¬10) ع - له. (¬11) ع - كان له أن يرجع بنقصان ما بينهما ولو كان باعها أو وهبها وقبضها الموهوبة له ثم وجد بها عيبا قد دلس له.

المشتري بها عيباً لم يكن له أن يرجع على البائع (¬1) بشيء والخادم عند البائع. وكذلك لو وهبها أو تصدق بها عليه. وإذا اشترى الرجل خادماً فقتلها (¬2) هو ثم وجد بها عيباً قد دلس له لم يرجع بشيء؛ لأنه هو الذي جنى عليها. وهذا والعتق في القياس سواء، ولكن أستحسن في العتق. ولو لم يقتلها (¬3) هو ولكنها ماتت موتاً كان له أن يرجع بفضل العيب، وليس الموت كالقتل؛ لأن القتل من جنايته. ولو قتلها (¬4) غيره لم يرجع بشيء. وكذلك لو اشترى (¬5) ثوباً فخرقه أو طعاماً فأكله لم يكن له أن يرجع بنقصان العيب. وإن لم يكن علم بالعيب ولبس الثوب حتى تخرق (¬6) أو أكل الطعام ثم علم بعيب (¬7) كان قد دلس له لم يكن له أن يرجع بشيء. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: له أن يرجع بفضل ما بين العيب والصحة، وليس هذا كالأول، هذا (¬8) مما يصنع الناس. وكذلك الحنطة إذا طحنها والسويق إذا لَتَّه كان له أن يرجع (¬9) بفضل ما بينهما؛ لأن السويق قائم بعينه، وهو بمنزلة الثوب يصبغه (¬10) أو يقطعه قميصاً أو قباءً. وإذا اشترى خفين أو نعلين أو مصراعي باب بيت فوجد في أحدهما (¬11) عيباً (¬12) فله أن يردهما جميعاً. فإن كان قد باع الذي ليس به عيب فليس له أن يرد ما بقي، ولا يرجع بشيء؛ لأن هذا بمنزلة شيء واحد باع بعضه. ¬

_ (¬1) م - ثم وجد المشتري بها عيبا لم يكن له أن يرجع على البائع. (¬2) م ع: فقبلها. (¬3) م ع: لم يقبلها. (¬4) م: ولو قبلها. (¬5) ع: لو اشتر. (¬6) ع: حتى يحرق. (¬7) م ع: بعيبه. (¬8) ع + هذا. (¬9) ع: أن يرج. (¬10) م: يصنعه. (¬11) ع: في إحداهما. (¬12) م ع: عيب.

وإذا اشترى عبداً ثم باعه فرد عليه بعيب فقبله (¬1) بغير قضاء قاض (¬2) فليس له أن يرده على الأول؛ لأن هذا بمنزلة الصلح والرضى. ولو قبله (¬3) بقضاء قاض ببينة (¬4) قامت أو بإباء (¬5) يمين أو بإقرار عند القاضي أنه باعه، والعيب فيه ولا يعلم هو بالعيب، كان له أن يرده على الذي (¬6) باعه إياه إن كانت له على العيب بينة، وإلا استحلفه. فإن نكل عن اليمين رده عليه، وإن حلف لم يرده عليه. وإذا اشترى الرجل جارية لها زوج ولا (¬7) يعلم به ثم علم (¬8)، أو عبداً له امرأة وهو لا يعلم ثم علم به، كان هذا عيباً يرد منه؛ لأن فرج الجارية عليه حرام إذا كان لها زوج، ولأن العبد تلزمه (¬9) نفقة المرأة. وإذا اشترى الرجل شاة فحلب (¬10) لبنها فأكله (¬11) أو ناقة لم يكن له أن يردها بعيب، ولكن يرجع بنقصان العيب. وكذلك نخلة أو شجرة إذا اشتراها رجل فأكل غلتها فإنه لا يردها (¬12) بعيب. ولو كان عبداً فأكل غلته أو كانت داراً فأكل غلتها كان له أن يردها بالعيب؛ لأن هذا غلة ليس منه، وغلة النخل والشجر ولبن الشاة والبقرة منها، وهذا بمنزلة الولد. وإذا اشترى الرجل عبداً فوجده مخنثأ فله أن يرده. وكذلك إن كان سارقاً. وكذلك لو كان على غير دين الإسلام كان له أن يرده (¬13). وإذا كان زانياً أو ولد زنا لم يكن له أن يرده؛ لأن هذا ليس بعيب في الغلام. وهو عيب في الجارية يردها منه إذا كانت زانية أو ولد زنا؛ لأنها توطأ وتتخذ (¬14) أم ولد. ¬

_ (¬1) ع: فقتله. (¬2) ع: قاضي. (¬3) ع: قتله. (¬4) ع: قاضي بينة. (¬5) م: أو بايباء (مهملة)؛ ع: أو بأسا. (¬6) م - الذي. (¬7) ع: ولم. (¬8) ع - ثم علم. (¬9) ع: بلزمه. (¬10) ع: فجلب. (¬11) أي فشربه، على التوسع في استعمال الأكل بمعنى الشرب. (¬12) ع: فله أن يردها. (¬13) ع - كان له أن يرده. (¬14) ع: ويتخذ.

والثُّؤْلُول (¬1) إذا كان ينقص الثمن عيب. فإذا كان لا ينقصه فليس بعيب. والخال أيضاً والبَجَر (¬2) عيب. والصُّهُوبة (¬3) في الشعر عيب. والشَّمَط (¬4) عيب. والبَخَر (¬5) عيب في الجارية، ولا يكون في الغلام إلا أن يكون من داء. والأَدَر (¬6) عيب. والعَمَش (¬7) عيب (¬8). والعَشَى (¬9) عيب. والذَّفَر (¬10) في ¬

_ (¬1) الثؤلول خُرَاج يكون بجسد الإنسان له نُتوء وصلابة واستدارة، وقد ثُؤْلِل الرجل يُثَأْلَلُ إذا خرجت به الثآليل. انظر: المغرب، "ثأل". (¬2) ع: والبجر. رجل أَبْجَر ناتئ السُّرّة، وبه بَجَر أي نُتوء في السرة وبَجَرَة. انظر: المغرب، "بجر". (¬3) م: والصعوبة. الصَّهَب والصُّهْبَة والصُّهُوبة حمرة في شعر الرأس واللحية، وهو أصهب، وهي صهباء، والفعل صَهِب بكسر الهاء. انظر: المغرب، "صهب". (¬4) قال المطرزي: رجل أَشْمَط: خالط شعره بياض، وفي أجناس الناطفي: الشَّمَط عيب، قال: وهو بياض شعر رأسه في مكان واحد، والباقي أسود، قال ابن فارس: الشَّمَط اختلاط الشيب بسواد الشباب، وكل خِلْطين خلطتهما فقد شمطتهما، ومنه قيل للصباح: شَمِيط لاختلاط بياضه بباقي ظلمة الليل، وعن الليث: الشَّمَط في الرجل شيب اللحية، وقيل الشَّمَط بياض شعر الرأس يخالط سواده، ولا يقال للمرأة: شيباء، ولكن شمطاء. وتفصيل الناطفي لبيان أن الشَّمَط متى يكون عيباً، لا أنه تحديد لغوي. انظر: المغرب، "شمط". (¬5) بَخِرَ الفم بَخَراً من باب تعب: أنتنت ريحه، فالذكر أَبْخَر، والأنثى بَخْرَاء، والجمع بُخْر، مثل أحمر وحمراء وحُمْر. انظر: المصباح المنير، "بخر". (¬6) ع: والأدر. الأَدر مصدر، والآدر من به أُدْرَة وهي عِظَم الخُصَى. انظر: المغرب، "أدر". (¬7) ف ع ط: والأعمش. والتصحيح من ب جار. وعَمِشَت العين عَمَشا من باب تعب: سال دمعها في أكثر الأوقات مع ضعف البصر، فالرجل أعمش، والأنثى عمشاء، والجمع عُمْش، من باب أحمر. انظر: المصباح المنير، "عمش". (¬8) م - والأعمش عيب. (¬9) ف م ع ط: والأعشى. والتصحيح من ب جار؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 108. عَشِيَ عَشىً من باب تعب: ضعف بصره، فهو أعشى، والمرأة عشواء. انظر: المصباح المنير، "عشي". (¬10) ع: والدفر. الدَّفَر مصدر دَفِر إذا خبثت رائحته، وبالسكون النَّتْن اسم منه، وأما الذَّفَر بالذال المعجمة فبالتحريك لا غير، وهو حدة الرائحة أيما كانت، ومنه مسك أذفر وإبط ذفراء، ورجل ذَفِر، به دَفَر أي صُنَان، وهو مراد الفقهاء في قولهم: والذَّفَر والبَخَر عيب في الجارية. انظر: المغرب، "دفر".

الغلام (¬1) ليس بعيب، إلا أن يكون من (¬2) ذلك شيئاً لا يكون في الناس، فاحشاً ينقص الثمن، فيكون عيباً. والسن السوداء عيب. والسن الساقطة (¬3) عيب (¬4) ضرساً كان أو غيره. والظفر الأسود إذا (¬5) كان ينقص الثمن فهو عيب. والإباق مرة واحدة عيب وإن كان صغيراً. فهو عيب ما كان صغيراً، فإذا احتلم (¬6) وحاضت الجارية فليس ذلك (¬7) بعيب إلا أن يأبق بعد الكبر. وكذلك البول على الفراش ما دام صغيراً، فإذا احتلم الرجل وحاضت الجارية فليس ذلك بعيب ولا يرد من ذلك، إلا أن يفعله بعدما احتلم وبعدما حاضت الجارية. وإن أبق بعدما احتلم فهو عيب لازم أبداً. والجنون عيب، إذا جن مرة واحدة فهو عيب لازم أبداً. والحَبَل (¬8) في الجارية عيب. والحَوَل عيب (¬9). والقَرْن (¬10) عيب. والعَفَل (¬11) عيب. والبَرَص عيب. والجُذَام عيب. والفَتْق عيب. والسِّلْعة (¬12) عيب. وكل شيء ينقص في الثمن من الرقيق والدواب والإبل والبقر فهو عيب. والكي والقروح والفَدَع (¬13) في القدم (¬14) عيب. وهذا كله عيب. ¬

_ (¬1) ع: عيب م. (¬2) ط - من. (¬3) م ع: الساقط. (¬4) ع - عيب. (¬5) ع: وإذا (¬6) م: فاحتلم. (¬7) ع - ذلك. (¬8) ع: والخيل. (¬9) م - والحول عيب. (¬10) القَرْن في الفرج مانع يمنع من سلوك الذكر فيه إما غدة غليظة أو لحمة أو عظم، وامرأة قَرْناء: بها ذلك. انظر: المغرب، "قرن". (¬11) العَفَل عن الشيباني: شيء مدوَّر يخرج بالفرج، ولا يكون في الأبكار، وإنما يصيب المرأة بعد ما تلد، وعن الليث: عَفِلَت المرأة عَفَلاً، فهي عَفْلاء، وكذا الناقة، والاسم العَفَلَة، وهي شيء يخرج في فرجها شِبه الأُدْرَة. انظر: المغرب، "عفل". (¬12) السِّلْعة بلفظ سِلْعة المتاع: لحمة زائدة تحدث في الجسد كالغدة تجيء وتذهب بين الجلد واللحم، والسَّلْعَة بالفتح الشَّجَّة، والأسلع الأبرص. انظر: المغرب، "سلع". (¬13) الفَدَع اعوجاج في الرسغ من اليد والرجل، وقيل: أن يصطك كعباه ويتباعد قدماه، وعن ابن الأعرابي: الأَفْدَع الذي يمشي على ظهر قدمه. انظر: المغرب، "فدع". (¬14) م - في القدم.

والفَحَج (¬1) عيب (¬2). والحَنَف (¬3) عيب. والضَّكَك (¬4) عيب. والصَّدَف (¬5) عيب. والشَّدَق (¬6) عيب في الفم. وكل عيب طعن به (¬7) المشتري ظاهراً أو باطناً ولا بينة له فإن القاضي لا ينبغي له أن يستحلف البائع حتى يعلم أن العيب بالسلعة. فإن كان ظاهراً نظر إليه. وإن كان باطناً ولا ينظر إليه إلا النساء، فإذا أخبرت (¬8) امرأتان حرتان مسلمتان أو امرأة بالعيب استحلف البائع. فإن كان باطناً في الجوف أو في البصر أرى ذلك الأطباء. فإذا اجتمع رجلان مسلمان منهم على ذلك استحلف القاضي البائع بالله لقد باعه وقبضه المشتري وما هذا العيب به البتة. ولا يستحلفه (¬9) على علمه في شيء من هذا. ولوطعن المشتري بإباق أو جنون ولا يعلم القاضي بذلك (¬10) فإنه لا (¬11) يستحلف البائع حتى يشهد شاهدان أنه قد أبق عند المشتري أو جن عنده. فإذا قام على هذا بينة استحلف البائع البتة بالله لقد باعه وما أبق قط منذ بلغ عنده ولا جن عنده قط. فإذا أبى البائع أن يحلف ¬

_ (¬1) الفَحَج تباعد ما بين أوساط الساقين من الإنسان والدابة، والنعت أفحج وفحجاء. انظر: المغرب، "فحج". (¬2) ع + والفحج عيب. (¬3) الأحنف الذي أقبلت إحدى إبهامى رجليه على الأخرى، وعن ابن دريد: الحَنَف انقلاب ظهر القدم حتى يصير بطناً، وأصله الميل. انظر: المغرب، "حنف". (¬4) الصّكّاء التي يصطك عُرقوباها، وبها صَكَك، وأصله من الصكّ: الضرب. انظر: المغرب، "صكك". (¬5) قال السرخسي: الصدف التواء في أصل العنق. انظر: المبسوط، 13/ 110. وقال المطرزي: الصدف ميل في الحافر أو الخف إلى الجانب الوحشي، وأما بمعنى الالتواء في العنق فلم أجده. انظر: المغرب، "صدف". (¬6) م ع: والتشدق. قال السرخسي: الشَّدْق وسع مفرط في الفم. انظر: المبسوط، 13/ 110. وقال ابن منظور: الشَّدَق سعة الشِّدْق، والشِّدْقان جانبا الفم، والأشدق: العريض الشِّدْق الواسعه المائله أي ذلك كان. انظر: لسان العرب، "شدق". (¬7) ف م ع: طعن في. والتصحيح من ط؛ والكافي، 1/ 171 ظ. (¬8) ع: فا أخبرت. (¬9) ع: يستخلفه. (¬10) م ع: ذلك. (¬11) ع - لا.

ردت السلعة عليه. وإن لم تكن (¬1) له بينة وادعى أن البائع قد علم أنه قد أبق عنده فإن البائع يحلف على علمه بالله ما يعلمه أبق عند المشتري. فإن حلف برئ. وإن أبى اليمين استحلف بالله لقد باعه وما أبق قط منذ ما (¬2) بلغ. فإن حلف برئ. وإن نكل عن اليمين لزمه. فإن طعن البائع فقال: استحلف المشتري، ما رضيت (¬3) بالعيب منذ رأيته، ولا عزمت على بيع، حلف المشتري على ذلك، ثم يردها (¬4)، فإن أبى أن يحلف لم يرد. والعَسَر (¬5) عيب. والحَبَل في الجارية عيب. وليس الحَبَل في البهيمة عيباً (¬6)، ولا (¬7) يشبه الإنسان في هذا البهيمة (¬8). والبقرة والشاة والناقة والفرس وغير ذلك من البهائم سواء في ذلك، ولا يكون ذلك فيهن عيباً كما (¬9) يكون في الإنسان. والعَزَل (¬10) عيب. والمَشَش (¬11) عيب. . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ (¬1) ع: لم يكن. (¬2) ت م ع: عندما. والتصحيح مستفاد من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 111. (¬3) ف م - فإن حلف برئ وإن نكل عن اليمين لزمه فإن طعن البائع فقال استحلف المشتري ما رضيت. والزيادة من ع. ونفس العبارة في ط؛ إلا أن فيها زيادة "بالله" بعد قوله "المشتري". ومعنى العبارة موجودة في ب؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 111. (¬4) ع: ثم ردها. (¬5) العَسَر مصدر الأَعْسَر، وهو الذي يعمل بيساره. انظر: المغرب، "عسر". (¬6) م ع: عيب. (¬7) ف ع: لا. (¬8) م ع: كالبهيمة. (¬9) ع + أن. (¬10) فرس أعزل: به عَزَل، وهو ميل الذنب إلى أحد شقيه. انظر: المغرب، "عزل". (¬11) المَشَش شيء في الدابة يَشْخَص حتى يكون له حجم وليس له صلابة العظم الصحيح، وقد مَشِشَت بإظهار التضعيف، وفي أجناس الناطفي: المَشَش عيب، وهو نفخ متى وضعت الإصبع عليه دَمِي، وإذا رفعتها عاد. انظر: المغرب، "مشش".

والنخس (¬1) عيب. والحَرَد (¬2) عيب. والزوائد (¬3) عيب. والصَّدَف (¬4) عيب. والمهقوع (¬5) عيب. والجمح (¬6) عيب. وخلع (¬7) الرأس عيب. وبَلّ المِخْلاة (¬8) عيب إذا كان ينقص الثمن. والانتشار (¬9) عيب. والعَشَى (¬10) عيب. والشَّتَر (¬11) ¬

_ (¬1) الناخس جَرَب يكون عند ذنب البعير، بعير منخوس، والناخس الدائرة التي تكون في دائرة الفخذين كدائر كتف الإنسان، والدابة منخوسة يتطير منها، والناخس ضاغط يصيب البعير في إبطه. انظر: لسان العرب، "نخس". (¬2) م: والجرد. الحَرَد أن يَيْبس عصب يد البعير من عقال، أو يكون خلقة، فتَخْبِط إذا مشى. انظر: المغرب، "حرد". (¬3) الزوائد: أطراف عصب يتفرق عند العَجان وينقطع عندها ويلصق بها. انظر: المبسوط، 13/ 112. والعَجان الدبر. وقيل: ما بين القبل والدبر. انظر: لسان العرب، "عجن". (¬4) تقدم تفسيره. (¬5) المهقوع من الخيل الذي به الهَقْعَة، وهي دائرة في جنبه حيث يكون رَحْل الراكب، وعن الغُوري: في أعلى صدره، وعن ابن دريد: بياض في جانبه الأيسر يتشاءم بها، وفي المنتقى: المهقوع الذي إذا سار سُمِع ما بين الخاصرة وفرجه صوت، وهو عيب. انظر: المغرب، "هقع". (¬6) الجمح بمعنى الجِماح غير مسموع، وهو أن يركب الفرس رأسه لا يَثنيه شيء، وهو جَمَح براكبه: غَلَبَه، وهو جَمُوح وجامح، الذكر والأنثى فيه سواء، وعن الأزهري: فرس جَمُوح له معنيان، أحدهما ذم يُرَدْ منه بالعيب، وقد ذكر، والثاني أن يكون سريعاً نشيطاً وهو ليس بعيب. انظر: المغرب، "جمح". (¬7) ف م: وصلع؛ ع: وظلع. والتصحيح من ب ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 112. وعرفه السرخسي بأنه أن يخلع رأسه من العذار وإن شد عليه. انظر: المصدر السابق. (¬8) بل المخلاة هو أن يسيل لعاب الفرس على وجه تبتل المخلاة به إذا جعلت على رأسه وفيها علفه. وقيل: أن يأخذ المخلاة بشفتيه فيرمي بها. انظر: المبسوط، 13/ 112. (¬9) هو انتفاخ العصب عند الإتعاب، والعصب الذي ينتشر هي العَجان. انظر: المبسوط، 13/ 112. والعَجَان ما بين القبل والدبر. انظر: لسان العرب، "عجن". (¬10) ف م ع ط: والأعشى. وقد تقدم قبل قليل. (¬11) ع: والبشر. رجل أَشْتَر انقلب شُفْر عينيه من أسفل أو أعلى، وقيل الشَّتَر أن ينشق الجَفْن حتى ينفصل شِقّه، وقيل: هو انقلاب الجَفْن الأسفل فلا يلقى الأعلى. انظر: المغرب، "شتر".

عيب. والحَوَل عيب (¬1). والحَوَص (¬2) عيب. والظُّفْر (¬3) عيب. والشعر يكون في جوف العين عيب. والجَرَب عيب في العين (¬4) وغير (¬5) العين. والماء (¬6) في العين عيب. وريح السبل عيب. والغَرَب (¬7) عيب. والسعال القديم عيب إذا كان من داء. والمستحاضة والتي يرتفع حيضها زماناً فهذا (¬8) كله عيب (¬9). وإذا اشترى الرجل عبداً وعليه دين لم يعلم به ثم علم به فله أن يرده، إلا أن يقضي البائع دينه عنه (¬10)، أو يبرئه الغرماء من الدين. وإذا اشترى الرجل جارية محرمة بالحج وهو لا يعلم به (¬11) ثم علم فليس هذا عيباً (¬12)؛ لأن له أن يحللها. وإذا اشترى الرجل جارية في عدة من طلاق بائن أو موت فليس هذا بعيب. فإن كان في عدة من طلاق يملك فيه الرجعة فهذا عيب يرد منه. فإن انقضت العدة فقد وجبت؛ لأن العيب قد ذهب. ¬

_ (¬1) ف - إذا كان ينقص الثمن والانتشار عيب والأعشى عيب والشتر عيب والحول عيب، صح هـ. (¬2) قال المطرزي: الحَوَص بفتحين ضيق إحدى العينين دون الأخرى، عن الليث، وقال الأزهري: هو عندهم جميعهم ضيق في العينين معاً، فأما ما في الإيضاح أن الحَوَص اتساع إحدى العينين فسهو. انظر: المغرب، "حوص". (¬3) الظَّفَرَة بفتحتين جُلَيْدة تنبت في بياض العين، ويسميها الأطباء الظُّفْرة والظُّفْر، ويقال: عين ظَفِرة، ورجل مظفور. انظر: المغرب، "ظفر". (¬4) ع: في العين عيب. (¬5) ع: وفي غير. (¬6) ع: واما. (¬7) الغَرْب أيضاً عِرْق في مجرى الدمع يسقي فلا ينقطع مثل الناسور، وعن الأصمعي بعينه غَرْب: إذا كانت تسيل فلا تنقطع دموعها، والغَرَب بالتحريك وَرَم في المآقي، وعلى ذلك صح التحريك والتسكين. انظر: المغرب، "غرب". (¬8) ع - فهذا. (¬9) ف: عيب كله. (¬10) ف ع: عنه دينه. (¬11) ع - به. (¬12) ع: عيب.

وإذا ابتاع الرجل خادماً من رجل فطعن المشتري بعيب فقال البائع: ما هذا بخادمي، فالقول قول البائع مع يمينه بالله، وعلى المشتري البينة أنه اشترى منه هذه الجارية. وإذا اشترى الرجل جارية على أنها بكر فوجدها ثيباً فإنه لا يصدق على ذلك، والقول قول البائع أنها بكر مع يمينه، وعلى المشتري البينة أنها ثيب. وإذا اشترى الرجل جوزاً أو بيضاً فوجده فاسداً كله وقد كسره فله أن يرده، ويأخذ الثمن كله. وكذلك البطيخ والفاكهة إذا وجدها فاسدة كلها بعدما يكسرها فله أن يرده، إذا كان لا يساوي شيئاً فهو فاسد. وإذا اشترى الرجل عبداً قد حل دمه بقصاص فقتل عنده فإنه يرجع على البائع بالثمن كله. وكذلك لو كان مرتداً فقتل عنده. ولو باعه وهو (¬1) سارق فقطعت (¬2) يده عنده كان له أن يرده ويأخذ الثمن كله. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد (¬3): إنه يقوم سارقاً ويقوم غير سارق ثم يرجع بفضل ما بينهما من الثمن، ولا يستطيع أن يرده بعد القطع. وكذلك حلال الدم. ولو كان هذا مستقيماً (¬4) كان الرجل إذا اشترى جارية حاملاً فماتت في نفاسها وقد دلس له الحمل كان له أن يرجع بالثمن كله. وهذا ليس بشيء. وإذا اشترى الرجل جارية وعبداً (¬5) فزوجهما ثم وجد بهما عيباً لم يكن له أن يردهما لما أحدث فيهما. فإن طلقها ثلاثاً بائناً (¬6) ولم يكن دخل بها كان (¬7) له أن يردهما. ¬

_ (¬1) ع - وهو. (¬2) م: فقطت. (¬3) م - ومحمد. (¬4) ع: مستقيم. (¬5) ف م ع: أو عبدا. والتصحيح من ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 117. (¬6) ع: ثانيا. (¬7) م - دخل بها كان، صح هـ.

وإذا اشترى الرجل جارية فوجد بها عيباً، فشهد شاهد (¬1) أنه اشتراها وهذا العيب بها، وشهد آخر على إقرار البائع بهذا، كان هذا باطلاً، لا يردها بهذه الشهادة؛ لأنهما قد اختلفا، ولا يرجع بفضل عيب. وإذا وهب الرجل للرجل جارية على عوض وقبضا جميعاً ثم وجد عيباً فله أن يرده في هذا كما يرد في الشرى. وكذلك الصدقة بالعوض. وإذا تزوجت المرأة على جارية فقبضتها فوجدت بها عيباً فلها (¬2) أن تردها وتأخذ قيمتها صحيحة. وإن حدث بها عيب آخر عندها (¬3) لم تستطع (¬4) ردها، ولكنها ترجع بفضل ما بينهما من العيب الأول ومن قيمتها صحيحة. وكذلك لو خلعها على جارية كان كذلك أيضاً. ولو باع من عبد نفسه بجارية ثم وجد بها عيباً كان له أن يردها عليه، ويأخذ منه قيمة نفسه. وهذا قول أبي حنيفة الآخر. وهو قول أبي يوسف. وقال محمد: يرجع عليه بقيمة (¬5) الجارية. وهو قول أبي حنيفة الأول. فإن كان حدث بها عند المولى عيب (¬6) لا يستطيع ردها (¬7)، ويرجع (¬8) بفضل ما بينهما من قيمة العبد، تُقَوَّم صحيحة وتُقَوَّم وبها العيب، فإن كان ينقصها (¬9) عشر ذلك رجع بعشر قيمة العبد في قول أبي حنيفة الآخر. وهو قول أبي يوسف. وأما في قول محمد فإنه (¬10) يرجع بذلك من قيمتها (¬11)، فإن ردت (¬12) الجارية رجع على العبد بقيمتها. ولو كاتبه على جارية بغير عينها (¬13) فأداها إليه وأعتق ثم وجد بها عيباً ¬

_ (¬1) ع: شاهدا. (¬2) ف ع: كان لها. (¬3) ف: عند. (¬4) م: لم يستطع؛ ع: لم تستطيع. (¬5) ع: بقيمته. (¬6) ع: عيبا. (¬7) ع + ولكنها. (¬8) ف م ع: رجع. والتصحيح من ب جار ط. وعبارة ب جار: فإن حدث بها عيب عند المولى لم يردها ويرجع بنقصان العيب من قيمة العبد. (¬9) ف ع: نقصها. (¬10) م - فإنه. (¬11) ف ع: في قيمتها. (¬12) ف: زادت. (¬13) ع: عنها.

كان له أن يردها عليه، ويأخذ مكانها مثلها صحيحة. فإن كان قد حدث بها عيب عند المولى لم يكن له أن يردها، وكان له أن يرجع بما نقصها العيب من قيمة الجارية. وإذا باع الرجل (¬1) لرجل جارية بأمره ثم خوصم في - عيب فقبلها (¬2) بغير قضاء قاض (¬3) فإنها تلزم (¬4) البائع، ولا تلزم (¬5) الآمر، إلا إن كان عيباً يعلم أن مثله لا يحدث، فيلزم الآمر. وكذلك لو قامت بينة أنه باعها وبها العيب ألزمته البائع (¬6) وألزمت الآمر. ولو كان عيباً يحدث مثله فخاصمه البائع فيها إلى القاضي وأقر عنده بالعيب كان إقراره عند القاضي وعند غيره سواء، لا يلزم الآمر إلا في عيب لا يحدث مثله. فإن لم يقر ولكنه أبى أن يحلف فألزمه القاضي الجارية فإنها تلزم الآمر. فإن أنكر (¬7) المولى أن تكون جاريته التي باع لم تلزم (¬8) الآمر، وكان (¬9) القول في ذلك قوله، وعليه اليمين بالله. فإن أقام البائع البينة على أنها هي الجارية التي باع (¬10) فإنها تلزم الآمر. وإذا اشترى الرجل للرجل جارية بأمره ثم وجد بها عيباً فله أن يدفعها إلى الآمر، وله أن يخاصم فيها ويردها وإن كان الآمر غير حاضر. ألا ترى أنه لو كان معه مال مضاربة اشترى بها بَزًّا ورب المال غائب فوجد بثوب منها عيباً كان له أن يخاصم فيه ويرده. فإن ادعى البائع أن (¬11) الآمر قد رضي بالعيب وطلب يمين الآمر أو يمين المأمور ما رضي (¬12) بذلك الآمر لم يكن له على المأمور يمين بذلك، ولا على الآمر. ولو كانت عليه يمين بذلك لم يكن له أن يردها حتى يحضر الآمر فيحلف. فإن قامت بينة على ¬

_ (¬1) ف ع: رجل. (¬2) ع: فقتلها. (¬3) ع: قاضي. (¬4) ف: تلزمها؛ ع: يلزم. (¬5) م ع: ولا يلزم. (¬6) ف م ع: للبائع. والتصحيح من ط. (¬7) ع - أنكر. (¬8) ع: لم يلزم. (¬9) ف م ع: كان. والتصحيح من ط. (¬10) ع + له. (¬11) م - أن. (¬12) ف م ع: بان رضي. والتصحيح من ط؛ والكافي، 1/ 172 و؛ والمبسوط، 13/ 120.

رضى الآمر لم يكن له أن يردها. ولو كان الآمر قد قبضها ثم وجد بها عيباً لم يكن له أن يردها (¬1)، ولا يخاصم فيها حتى يحضر المشتري، فيكون هو الذي يخاصم ويرد. ولو أقر المشتري أنه قد أبرأ البائع من هذا العيب صدق المشتري على نفسه بالعيب، ولا يصدق على الآمر، وتلزم (¬2) الجارية المشتري إلا أن يرضى الآمر بقوله أو يقيم بينة على ذلك. ولو اشترى رجلان جارية فوجدا (¬3) بها عيباً فرضي أحدهما وأبى الآخر أن يرضى لم يكن لواحد منهما أن يرد حتى يجتمعا (¬4) جميعاً على الرد؛ لأنها صفقة واحدة. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: الذي رضي بالعيب يلزمه نصيبه ويرد الآخر حصته ولا يلزم الآخر عيب؛ لأنه لم يرض (¬5) به إن (¬6) رضي به غيره. وإذا اشترى الرجل عبداً بجارية وقبضها ثم وجد صاحب العبد بالعبد عيباً ثم مات عنده فإنه يُقَوَّم صحيحا ويُقَوَّم وبه العيب، فإن كان (¬7) ذلك ينقصه عشر قيمته رجع بعشر الجارية، وإن كان الثلث فالثلث. وإن كان العبد قائماً بعينه رده وأخذ الجارية. وكذلك الحيوان والعروض كلها إذا باع منها شيئاً بشيء فاستحق أو وجد (¬8) بها (¬9) عيباً رده وأخذ متاعه. وإذا كان المتاع قد استهلك رد عليه قيمته. وكذلك كل ما يكال أو يوزن في هذا الباب إذا كان بعينه. ولو استحق شيء من ذلك بإقرار الذي هو في يده (¬10) لم يرجع بشيء؛ لأنه أقر أنه أتلف السلعة. وكذلك إذا اشترى الرجل خادما وأقر أنها لفلان فلا يرجع بشيء على البائع. ولو قضى بها القاضي بشهادة الشهود قضى له على البائع بالثمن (¬11). فإن قال البائع: ¬

_ (¬1) م - ولو كان الآمر قد قبضها ثم وجد بها عيبا لم يكن له أن يردها. (¬2) ع: ويلزم. (¬3) ع: فوجد. (¬4) م ع: حتى يجتمعان. (¬5) ع: لم يرضى. (¬6) ع: فإن. (¬7) ف - كان. (¬8) ع: أو جد. (¬9) ط: به. (¬10) ف ت في يديه. (¬11) ف م ع: الثمن. والتصحيح من ط.

ليس (¬1) هذه بجاريتي التي بعتك، فالقول قول البائع مع يمينه، وعلى المشتري البينة أنها هي (¬2) الخادم التي اشتراها منه. وإذا اشترى الرجل خادماً بكر حنطة وليس الكر عنده فإنه لا يجوز. فإن قال: بكر حنطة جيد (¬3) أو وسط أو رديء، فهو جائز، أستحسن ذلك، وأدع القياس فيه؛ لأنه بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه اشترى جَزُوراً (¬4) بتمر (¬5)، ثم استقرضه فأعطاه إياه (¬6). فإن وجد عيباً بالجارية وقد استهلك البائع الكر رد الجارية وأخذ كراً (¬7) مثل كره. وكذلك كل ما يكال أو يوزن والذي يعد عدداً. وليس ما سوى ذلك من العروض مثل هذا؛ لأنه إن اشترى جارية بثوب وليس الثوب عنده فالبيع باطل. ولو اشتراها (¬8) بثوب عنده ثم وجد بها عيباً وقد استهلك البائع الثوب ردها وأخذ قيمة (¬9) الثوب؛ لأن الثوب لا يقرض، والطعام وما أشبهه (¬10) من الكيل والوزن يستقرض، فيكون عليه مثله. واذا اشترى الرجل بيعاً بنسيئة أو بنقد ولم (¬11) ينقد (¬12) فليس ينبغي له ¬

_ (¬1) ط: ليست. (¬2) م - هي. (¬3) ع: جيدا. (¬4) ع: جزوزا. (¬5) ف م ع ط: بثمن. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق؛ ومن مصادر الحديث المذكورة في الحاشية التالية. وورد في المبسوط: بكري تمر. انظر: المبسوط، 13/ 121. ولم أجده في مصادر الحديث، ويوجد في بعضها: بِوَسْق تمر. والوسق ستون صاعا كما هو معروف. أما الكُرّ فهو اثنا عشر وسقا. انظر: المغرب، "كرر". (¬6) عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ابتاع من أعرابي جزوراً بتمر، وكان يرى أن التمر عنده، فإذا بعضه عنده وبعضه ليس عنده، فقال: "هل لك أن تأخذ بعض تمرك وبعضه إلى الجذاذ؟ " فأبى، فاستسلف له النبي - صلى الله عليه وسلم - تمره فدفعه إليه. انظر: مسند أحمد، 6/ 268؛ والمستدرك للحاكم، 2/ 37؛ والمحلى، 9/ 111؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 6/ 20. وقال الهيثمي: إسناد أحمد صحيح. انظر: مجمع الزوائد، 4/ 139 - 140. (¬7) م ع: كر. (¬8) ع: اشترى. (¬9) ع: قيمته. (¬10) ع: أشبه. (¬11) ع: أو لم. (¬12) ع + الثمن.

أن يبيع ذلك من البائع بأقل من ذلك الثمن الذي أخذه به إن كان لم ينقده الثمن، ولا (¬1) ينبغي للبائع أن يشتريه منه بأقل من ذلك. ولو فعل رددت البيع الآخر. وإن كان قد انتقد الثمن فلا بأس بأن يشتريه بأقل أو أكثر. وإن كان لم ينقد الثمن وقد حدث بالسلعة عيب فلا بأس بأن يشتريه بأقل من الثمن. وإن كان لم يحدث بها عيب (¬2) ولكن السعر (¬3) رَخُصَ فلا يشتريه بأقل من الثمن. ولا يجوز شراؤه ولا شراء ابنه ولا أبيه ولا مكاتبه ولا عبده ولا مدبره ولا أم ولده ولا وكيله، إلا أن الوكيل الذي (¬4) اشتراها لزمته، ولا تلزم (¬5) الآمر في قول أبي يوسف. وأما في قول محمد فإنها تلزم الآمر، ويكون البيع فاسداً كأن الآمر اشترى ذلك. ولو باعه لرجل لم يكن ينبغي له أن يشتريه بأقل من ذلك قبل أن ينقد (¬6) لنفسه ولا لغيره، ولا ينبغي للذي باعه أن يشتريه أيضاً بأقل من ذلك لنفسه ولا لغيره؛ لأنه هو البائع. وقال أبو يوسف ومحمد بن الحسن: شرى أبيه وابنه جائز. ولو كان الذي اشتراه اشتراه لغيره لم يجز بيع الوكيل الذي اشتراه وبيع الذي اشتراه له (¬7) لو باعه (¬8) من البائع بأقل من ذلك أو من الآمر (¬9). ولا بأس بأن يشتريه الآمر أو البائع بالعروض بأقل من قيمة الثمن؛ لأن هذا غير الثمن الذي باعه به. ولو باعه بحنطة لم يكن له ثانياً أن يشتريه ¬

_ (¬1) ع - له أن يبيع ذلك من البائع بأقل من ذلك الثمن الذي أخذه به إن كان لم ينقده الثمن ولا. (¬2) ع: عيبا. (¬3) ع: الشعر. (¬4) ع: إذا. (¬5) ع: يلزم. (¬6) ط + فليس ينبغي له ذلك لا. ولو رتبنا الجملة هكذا لاتضح المعنى أكثر: ولو باعه لرجل لم يكن ينبغي له أن يشتريه لنفسه ولا لغيره بأقل من ذلك قبل أن ينقد. (¬7) ط + وكذلك. (¬8) ف م ع: أو باعه. والتصحيح من ط. (¬9) وعبارة ب هكذا: وكذا لو كان المشتري وكيلا لم يجز للبائع أن يشتريه قبل النقد بأقل من الوكيل ولا من موكله. وانظر: المبسوط، 13/ 122 - 123.

بشعير بأقل من ذلك وإن كان لم يبعه به. وكذلك لا بأس بأن يشتري بما (¬1) سوى الحنطة من العروض. وكذلك إذا باعه بدراهم أو دنانير فلا بأس بأن يشتريه بأي العروض شاء وإن كانت أقل من الثمن. فأما الدراهم والدنانير فلا يشتريه بأقل من الثمن. فإن كان باعه بدراهم فلا يشتريه بدنانير أقل من تلك الدراهم، أدع القياس في هذا وأستحسن؛ لأن الدراهم والدنانير في هذا سواء. وإذا باعه بألف درهم نسيئة سنة ثم اشتراه بألف درهم (¬2) نسيئة سنتين قبل أن ينتقد (¬3) كان البيع الثاني (¬4) باطلاً لا يجوز، مِن قِبَل أنه أخذه (¬5) بأقل مما باعه حيث زاده في الأجل سنة، ولو كان زاده في الثمن (¬6) درهماً أو أكثر كان البيع جائزاً. وإذا باع الرجل طعاماً بدراهم فلا بأس بأن يشتري بالثمن قبل أن يقبضه من البائع (¬7) ما بدا له من العروض يداً بيد، طعاماً كان أو غيره، أكثر من طعامه أو أقل، إذا لم يكن طعامه بعينه؛ لأن هذا غير ما باع. قال: بلغنا عن عائشة أن امرأة سألتها فقالت: إني اشتريت من زيد بن أرقم خادماً بثمانمائة درهم إلى أجل، ثم بعتها منه بسبعمائة درهم، فقالت: بئس ما اشتريت، وبئس ما شريت (¬8)، أبلغي زيد بن أرقم أن الله قد أبطل جهادك إن لم تتب. قال محمد: حدثنا بذلك أبو حنيفة رفعه (¬9) إلى عائشة (¬10). ¬

_ (¬1) ف م ع: بها. والتصحيح من ط. وعبارة ب: ولا بأس بأن يشتريه بعرض سوى الحنطة. (¬2) ف ع - درهم. (¬3) ع: أن ينقد. (¬4) ف: الثمن. (¬5) م: أخذها. (¬6) ف ع: على الثمن. (¬7) ط: من المشتري. وفي جميع النسخ: البائع. والمشتري يقال له بائع أيضا كما هو معروف عند الفقهاء وأهل اللغة. فلا حاجة إلى التغيير. (¬8) ع: ما شرى. (¬9) ع - رفعه. (¬10) رواه الإمام محمد بإسناده. انظر: الحجة على أهل المدينة له، 2/ 748. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 186؛ والمصنف لعبد الرزاق، 8/ 185؛ وسنن الدارقطني، 3/ 52؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 5/ 330؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 15.

وإذا كان لرجل على (¬1) رجل دين إلى أجل من ثمن بيع (¬2) فحط عنه على أن يعجل له فلا خير (¬3) في هذا، ولا يجوز. بلغنا ذلك عن عبد الله بن عمر (¬4). ويرد (¬5) المال على المطلوب، ويكون المال كله عليه على حاله إلى أجله. وإذا (¬6) باع الرجل عبداً بنسيئة فليس ينبغي لمكاتب له أن يشتريه بأقل من ذلك من قبل أن ينتقد المولى الثمن. وكذلك أم الولد والمدبر والمكاتب والعبد. وكذلك لو باع أحد (¬7) من هؤلاء من أمتعتهم لم يكن للمولى أن يشتريه بأقل من ذلك قبل أن ينتقده. ولو باعه بتأخير لم يكن للمولى أن يشتريه بمثل ذلك الثمن إلى أبعد (¬8) من ذلك الأجل، فأما إلى أقل من ذلك الأجل (¬9) أو إلى مثله فلا بأس به. وإذا باع الرجل عبداً بنسيئة أو بنقد فلم ينتقد (¬10) البائع الثمن حتى باع المشتري العبد أو وهبه أو خرج من ملكه أو مات فأوصى (¬11) به فاشتراه البائع من الذي كان له بأقل من ذلك كان هذا جائزاً لا بأس به؛ لأنه قد خرج من ملك الأول. فلو مات الأول وتركه ميراثاً لم يكن للبائع أن يشتريه من الورثة بأقل مما باعه. والورثة في هذا بمنزلة المشتري. ألا ترى أنهم يردونه عليه بعيب. وإذا (¬12) باع الرجل عبداً نسيئة ثم اشتراه هو وعبداً آخر بمثل ذلك الثمن أو أقل قبل أن ينتقد الذي باعه فهذا فاسد يرده، ويلزمه الآخر الذي ¬

_ (¬1) ع: عن. (¬2) م - بيع. (¬3) ع: فا خير. (¬4) الآثار لأبي يوسف، 185 - 186. ورواه الإمام محمد عن الإمام مالك بإسناده عن زيد بن ثابت. انظر: الموطأ برواية محمد، 3/ 201. (¬5) م: وترد. (¬6) ف م: فإذا. (¬7) ع: أحدا. (¬8) ع: إلى بعد. (¬9) ف + فأما إلى أقل من ذلك الأجل. (¬10) ع: ينقد. (¬11) ف م ع: فأوصاه. والتصحيح من ط. (¬12) ع: فإذا.

لم يبع بحصته من الثمن. وكذلك لو اشترى العبد الذي (¬1) باعه هو ورجل آخر بأقل من ذلك الثمن كانت حصة الذي اشتراه معه جائزة، وحصته مردودة (¬2) لا تجوز (¬3). وكذلك لو اشتراه (¬4) هو وعبداً آخر بأكثر من ذلك الثمن إذا كان الذي (¬5) يصيبه (¬6) من الثمن أقل مما باعه فإنه فاسد، ويرده خاصة، ويجوز عليه الآخر. وإذا كان نصيبه من الثمن مثل ما باعه فالبيع فيه جائز. وإذا باع الرجل خادماً بنسيئة سنة فولدت عند المشتري ثم أراد البائع أن يشتريها بأقل من ذلك قبل أن ينتقد فلا بأس بذلك. [و] إن (¬7) كانت الولادة لم تنقصها شيئاً (¬8) فلا يبتاعها (¬9) بأقل من ذلك الثمن (¬10) الذي باعها به. وإذا ولدت الجارية عند (¬11) آخر ثم باعها ولم يسم (¬12) ذلك بنسيئة أو بنقد (¬13) فهو جائز، لا يفسد ذلك بيعه. وإذا اشترى (¬14) الرجل جارية من رجل فولدت عنده لأقل من ستة أشهر من يوم اشتراها فادعياه البائع والمشتري جميعاً معاً فإنه يكون ابن البائع، والأمة أم ولده (¬15)، ويرد الثمن. وكذلك إذا ادعاه البائع ثم ادعاه ¬

_ (¬1) ف: للذي. (¬2) ف م ع: مردود. (¬3) ع: لا يجوز. (¬4) ف م ع: لو اشترى. والتصحيح من ط. وانظر الحاشية التالية. (¬5) ط + باعه. ولا تقتضيه العبارة. وعبارة الحاكم: وإن اشتراه من المشتري مع عبد آخر بثمن حصته منه أقل من الثمن الذي باعه لم يجز الشراء فيه، ويجوز في العبد الآخر بحصته. انظر: الكافي، 1/ 172 ظ. وعبارة السرخسي قريبة منه. انظر: المبسوط، 13/ 127. (¬6) م: نصبه؛ ع: نصيبه. (¬7) زيادة الواو من ط. وهو مستفاد أيضاً من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 127. (¬8) م ع - شيئاً. (¬9) ع: فايبتاعها. (¬10) م - الثمن. (¬11) ع: عنده. (¬12) ع: يسمي. (¬13) ع: أو ينقد. (¬14) ع: اشتر. (¬15) ع: أم ولد.

المشتري بعد. ولو كان المشتري ادعاه قبل البائع جاز دعواه، وكانت أم ولد له، ولا تجوز (¬1) دعوى البائع بعد. وكذلك لو ولدت لأكثر من ستة أشهر فادعياه جميعاً كانت الدعوى دعوى المشتري، ولا تجوز (¬2) دعوى البائع. ولو ادعاه البائع ولم يدعه المشتري لم تجز (¬3) دعواه إذا جاءت به (¬4) لأكثر من ستة أشهر منذ يوم باعه. وإذا كان المشتري قد أعتق الولد وقد جاءت به لأقل من (¬5) ستة أشهر من يوم باع فإنه لا تجوز (¬6) دعوى البائع؛ لأن ولاءه قد ثبت من المشتري. وكذلك لو مات وبقيت أمه؛ لأنه لم يبق معها ولد يثبت (¬7) نسبه. ولو باعه ولم يعتق وأعتق المشتري الأم ثم ادعاه البائع وقد جاءت به لأقل من ستة أشهر ثبت نسبه من البائع. فأما (¬8) الأم فإنها لا تكون أم ولد بعد العتق. ويقسم الثمن على قيمتها وقيمة ولدها، فيرد البائع ما أصاب الابن من الثمن على المشتري إن كان قد انتقد. وإن لم يكن انتقد رد المشتري على البائع ما أصاب الأم. ولو كانت قد ولدت عند البائع قبل أن يبيع ثم باع ثم ادعى الولد جازت دعواه إذا كان لم يدخل فيه عتق ولم يمت (¬9)، وصارت أمه أم ولد. ولو لم يولد (¬10) عنده ولكنه اشتراهما ثم باعهما ثم ادعى (¬11) الولد فإن نسبه لا يثبت مِن قِبَل أنه لم يولد (¬12) عنده. ولو اشتراها وهي حبلى ثم باعها فولدت من الغد من يوم اشتراها فادعاه البائع الأوسط لم يصدق؛ لأن الحبل كان أصله عند البائع الأول. ولو كان ادعى البائع الأول الذي كان عنده الحبل فإن أبا حنيفة قال: هو مصدق. وهو قول أبي يوسف ومحمد. ولو ولدت عنده ولدين في بطن ¬

_ (¬1) ع: يجوز. (¬2) ع: يجوز. (¬3) ع: لم يجز. (¬4) ع - به. (¬5) ع - من. (¬6) ع: لا يجوز. (¬7) ع: ثبت. (¬8) ع: فأم. (¬9) ف م: ولو لم يمت؛ ع: ولو لم تمت؛ ط: وكذلك لو لم يمت. والتصحيح مستفاد من ب جار حيث يقول: ولو ولدت قبل البيع فباعهما ثم ادعى الولد ثبت نسبه منه إن كان حيا لم يعتق، وصارت أمه أم ولد له. (¬10) م ع: لم تولد. (¬11) ع: ثم داعا. (¬12) م: لم تولد.

باب بيوع أهل الذمة بعضهم من بعض

واحد ثم باعهما أو باع أحدهما ثم ادعى الذي عنده لزمه الولدان جميعاً، وصارت الأم أم ولد له، ويرد الثمن. وإن كان المشتري قد أعتق الولد الذي عنده ثم ادعى البائع الولد الذي كان عنده لزمه نسبهما جميعاً (¬1)، وكانت دعواه للذي عنده بمنزلة الشاهد، وأبطلت عتق المشتري. فإن أعتق المشتري الأم قبل ادعاء هذا الولد جاز عتقه فيها، ولا تكون أم ولد (¬2) البائع؛ لأنها لا ترد إلى الرق بعد أبداً. ... باب بيوع أهل الذمة بعضهم من بعض وإذا اشترى الرجل من أهل الذمة العبد المسلم من المسلمين (¬3) فإن شراءه جائز يلزمه البيع. وكذلك لو اشترى أمة مسلمة. والصغير في ذلك من الرقيق والكبير سواء. والبيع في ذلك كله جائز لازم له. وكذلك لو اشترى (¬4) من ذمي مثله عبداً مسلماً أو أمة مسلمةً. فإني أجيز البيع وأجبر (¬5) المشتري الذي لزمه البيع على بيع ذلك من المسلمين، ولا أخلي بينه وبين أن يكون في ملكه. ليس ينبغي أن يكون في ملك أحد من أهل الذمة عبد مسلم (¬6) ولا أمة مسلمة، صغيراً كان أو كبيراً، إلا أن يجبروا على بيعه من المسلمين. وإذا كان للذمي عبد كافر (¬7) أو أمة كافرة فأسلمت أو أسلم العبد فإنه يجبر على بيعهما (¬8). ¬

_ (¬1) ف م + وصارت الأم أم ولد له ويرد الثمن وإن كان المشتري قد أعتق الولد الذي عنده ثم ادعى البائع الولد الذي كان عنده لزمه نسبهما جميعاً. (¬2) م: ولا يكون ولد. (¬3) ع: من المسلم. (¬4) ع + أمة مسلمة والصغير في ذلك من الرقيق والكبير سواء والبيع في ذلك كله جائز لازم له وكذلك لو اشترى. (¬5) ع: وأجيز. (¬6) ع: عبدا مسلما. (¬7) ع: عبدا كافرا. (¬8) ع ت على بيعها.

وإذا كان للذمي عبد وامرأته (¬1) أمة قد ولدت منه فأسلم العبد وله منها ولد صغير فإنه يجبر على بيع العبد (¬2) مع ولده الصغير؛ لأنهما مسلمان وإن كان ذلك مما يفرق بينه وبين أمه للحق الذي لزم في ذلك. ألا ترى أن أمه لو كان لها ابن صغير فجنى جناية دفع بها وأمسكت الأم (¬3)، ولو لزم الولد (¬4) دين (¬5) بيع فيه وأمسكت الأم، لأن هذا حق لزم في الولد خاصة دون الأم (¬6) كما لزم الإسلام. وإذا كان العبد الكافر بين المسلم والكافر فأسلم العبد فإن الكافر يجبر على بيع حصته منه. ولو أن عبداً أسلم ومولاه كافر فكاتبه مولاه جازت مكاتبته، فإن أداها عتق (¬7)، وإن عجز فرد في الرق أجبر المولى على بيعه. ولو أن العبد الكافر أسلم ثم إن الكافر رهنه عند مسلم أو كافر فإنه سواء، ويجبر (¬8) المولى على البيع في ذلك، ويكون ثمنه رهناً مكانه. وكذلك لو أجره من مسلم أو كافر، وتبطل (¬9) الإج يارة، ولا يترك في ملكه، ولا يَغْلَقُ (¬10) فيه شيء من هذا. ولو كان رهنه أو أجره وهو كافر ثم أسلم فيدي المرتهق أو المستأجر أجبرته على بيعه (¬11)، ولا أتركه (¬12) في يدي (¬13) الكافر وهو مسلم. ولو دبر الكافر عبداً مسلماً بعدما أسلم العبد أو قبل إسلامه، أو ¬

_ (¬1) ع: عبدا أو امرأته. (¬2) ع: الوالد. (¬3) ع - الأم. (¬4) ع - ببيع. (¬5) ف م ع: بدين. والتصحيح من ب جار ط؛ والمبسوط، 13/ 134. (¬6) ع: الأمر. (¬7) ف م ع: فعتق. والتصحيح من ب جار ط. (¬8) م: فإنه يجبر. (¬9) ط: تبطل. (¬10) ع ط: يعلق. وغَلِقَ الرهن من باب لَبِس: إذا استحقه المرتهن، ومنه "أذن لعبده في التجارة وغَلِقَتْ رقبته بالدين" أي استُحِقَّت به فلم يقدر على تخليصها. انظر: المغوب، "غلق". (¬11) ع: على بيعة. (¬12) ف: ولا تركه. (¬13) ع: في يد.

كانت (¬1) أمة فوقع عليها فولدت منه بعد إسلامها أو قبل، قُوِّمَتْ (¬2) قيمةَ عَدْل أم ولد أو مدبرة، ثم سعت في قيمتها، فإذا أدت عتقت، وهي بمنزلة الأمة ما دامت تسعى. وتجب (¬3) على أم الولد العدة إذا هي أدت، ويكون ولاؤها وولاء المدبرة لمولاها الكافر. وإذا (¬4) باع الرجل عبداً على أنه بالخيار ثلاثة أيام ثم أسلم العبد ثم اختار الكافر إمضاء بيع العبد أو رده: فإن اختاره أجبرته على بيعه، وإن اختار إمضاء (¬5) البيع لكافر (¬6) مثله أجبرت ذلك الكافر على بيعه. وإن كان أمضى البيع لمسلم فهو له، ولا يجبر على بيعه. فإن كان المشتري بالخيار فرد البيع أجبرت (¬7) الكافر. وإن اختاره وهو مسلم فهو له. وإن كان كافراً فهو له وأجبره على بيعه. وإذا اشترى الكافر عبداً مسلماً بيعاً فاسداً فقبضه الكافر فإنه يجبر على رده على البائع. فإن كان البائع كافراً أجبر على بيعه. وإن كان البائع غائباً وكان مسلماً فرفع (¬8) أمر المشتري إلى القاضي، فإن كان البيع بيعاً يجوز في مثله البيع (¬9) أجبرته على بيعه. ولو أن مسلماً اشترى عبداً مسلماً من كافر بيعاً فاسداً أجبر على رده على الكافر وعلى بيعه. وإن (¬10) كان الكافر غائباً فهو له على حاله عند المسلم. ولو أن رجلاً مسلماً وهب عبداً مسلماً لكافر أو تصدق به عليه كان ¬

_ (¬1) ع: أو كاتب. (¬2) ف م ع: فوجب. والتصحيح من ط؛ والمبسوط، 7/ 168. (¬3) ع: ويجب. (¬4) ف: فإذا. (¬5) م - إمضاء. (¬6) ف: الكافر. (¬7) ع: أخبرت. (¬8) ف م ع: فرجع. والتصحيح من ب ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 135. (¬9) ف م ع: العتق. والتصحيح مستفاد من ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 135. (¬10) ف ع: فإن.

ذلك جائزاً إذا قبض، وأجبر (¬1) الكافر على بيعه. ولو أراد المسلم أن يرجع في هبته كان له ذلك ما لم يبع الكافر، أو يعوض (¬2)، أو يكون ذا رحم محرم منه، أو تكون الهبة قد ازدادت (¬3) خيراً. ولو أن كافراً وهب عبداً مسلماً لرجل مسلم وقبض ثم رجع الكافر فيه وقبضه كان جائزاً، وأجبر الكافر على بيعه (¬4). ولو أن رجلاً مسلماً تحته امرأة نصرانية لها مملوك مسلم فأجبرت على بيعه فباعته من زوجها والثشراه (¬5) زوجها لولد له صغير كان ذلك جائزاً (¬6)، ولا يجبر على بيعه. وإذا أسلم عبد لنصراني فأجبر القاضي على بيعه فباعه ثم جاء نصراني آخر فاستحقه بعد البيع ببينة من المسلمين (¬7) فالبيع مردود، ويجبر (¬8) الذي استحقه على بيعه. فإن كان قد أعتقه فعتقه باطل. ولو (¬9) أن (¬10) يتامى من النصارى أسلم عبد لهم أجبروا على بيعه. فإن كان لهم وصي باعه الوصي. وإن لم يكن لهم وصي جعل لهم القاضي وصياً فباعه لهم. وإذا (¬11) أسلم عبد نصراني ولم يحتلم بعد أن يتكلم بالإسلام ويكون عاقلاً فإن هذا إسلام، ويجبر المولى على بيعه، أستحسن هذا وأدع القياس فيه. وإذا أسلم عبد المكاتب وهو نصراني وهو مكاتب أجبر المكاتب النصراني على بيعه. ¬

_ (¬1) ف: والحر؛ م: والجبر. (¬2) ع: أو نعوض. (¬3) ع: قد ازادادت. (¬4) ع + واذا أسلم عبد لنصراني فأجبر القاضي على بيعه. (¬5) ع: واشتراة. (¬6) م - جائزا. (¬7) ع: من المسلم. (¬8) م ع: يجبر. (¬9) م - لو. (¬10) ع - أن. (¬11) ف م: فإذا.

ولو كان مولاه عبداً نصرانياً تاجراً لنصراني أجبرته على بيعه. ولو كان المولى مسلماً ولا دين على العبد [لم] (¬1) أجبره على بيعه. وإن كان على العبد دين أجبرته على بيعه. وكذلك إذا اشترى النصراني عبداً مسلماً فوجد (¬2) به عيباً فقال: أنا أرده، تركته حتى يرده (¬3)، وكان هذا بمنزلة البيع. وإذا اشترى النصراني عبداً مسلماً فأراد أن يخاصم بعيب فوكل وكيلاً يخاصم عنه فإن الوكيل تقبل (¬4) منه (¬5) الخصومة في ذلك (¬6) حتى يبلغ اليمين بالله ما رأى ولا رضي. فإذا بلغ ذلك لم يستطع (¬7) أن يرده حتى يجيء الموكل الآمر فيحلف. وإن كان البائع هو الذي وكل فهو جائز مِن قِبَل أن وكيله لو أقر عليه لجاز. ولو أقر وكيل المشتري أن المشتري قد رضي بالعيب فإن (¬8) إقراره عند القاضي جائز على المشتري. وإذا أبى وكيل البائع أن يحلف فأبى أن يقر فعلى البائع أن يحلف بالله. وليس يحلف الوكيل لقد باعه وما (¬9) هذا به. ولكن البائع يحلف بالله لقد باعه وما هذا به يوم باعه، يؤتى به حتى يحلف. وإذا اشترى النصراني مصحفاً أجبرته على بيعه وكان شراؤه جائزاً عليه. وكذلك لو باعه كان بيعه جائزاً. وإذا اشترى النصراني عبداً وهو بالخيار ثلاثة أيام فأسلم العبد قبل أن يمضي الخيار، فإن أجاز البيع فهو جائز، ويجبر على بيعه. وإن رد (¬10) البيع ولم يجبره فهو جائز. وكذلك لو كان البائع بالخيار. ولا يجوز (¬11) فيما بين أهل الذمة الربا، ولا بيع الحيوان بالحيوان. ¬

_ (¬1) الزيادة من ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 136. (¬2) ع: وجد. (¬3) ف م: حتى رده. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 136. (¬4) ع: يقبل. (¬5) ف ع - منه. (¬6) م - في ذلك. (¬7) ع: لم يستطيع. (¬8) - ف م ع: فكان؛ ط: كان. (¬9) ع: ما. (¬10) ع: رده. (¬11) ع: وهو لا يجوز.

ولا يجوز السلم فيما بينهم في الحيوان (¬1) ولا الدرهم (¬2) بالدرهمين (¬3) يداً (¬4) بيد ولا النسيئة ولا الصرف بالنسيئة ولا الذهب بالذهب إلا مثلاً (¬5) بمثل يداً (¬6) بيد. وكذلك الفضة. وكذلك كل ما يكال أو يوزن إذا كان صنفاً واحداً. هم في البيوع كلها (¬7) بمنزلة أهل الإسلام ما خلا الخمر والخنزير. ولا أجيز فيما بينهم بيع الميتة والدم. فأما الخمر والخنزير فإني أجيز بيعها بين أهل الذمة؛ لأنها أموال أهل الذمة. أستحسن ذلك وأدع القياس فيه مِن قِبَل الأثر الذي (¬8) جاء في نحو من ذلك عن عمر (¬9). وإذا اشترى النصراني أو الرجل من أهل الذمة الخمر من الرجل المسلم فذلك باطل لا يجوز. وكذلك لو (¬10) باع الكافر من مسلم (¬11) خمراً لم يجز ذلك. وإن استهلك المسلم خمراً لكافر فعليه قيمتها. وإن استهلك الكافر خمراً لمسلم فلا شيء عليه. لا تحل (¬12) الخمر لمسلم، ولا يحل بيعها، ولا أكل ثمنها. بلغنا نحو (¬13) من ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬14). ¬

_ (¬1) ف: بالحيوان. (¬2) ع: الدراهم. (¬3) ف: بالدرهم. (¬4) ع: يد. (¬5) ع: مثل. (¬6) ع: يد. (¬7) م - كلها. (¬8) ع - الذي. (¬9) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 195، 10/ 369؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 55. (¬10) ع - لو. (¬11) ع: من المسلم. (¬12) ع: لا يحل. (¬13) ع: نحن. (¬14) قال الإمام محمد: أخبرنا أبو حنيفة قال: حدثنا محمد بن قيس أن رجلاً من ثقيف يُكَنَّى أبا عامر كان يُهدي لرسول الله كلَّ عامٍ رَاوِيَةَ خمر. فأَهدى إليه في العام الذي حُرِّمَتْ رَاوِيَتَه كما كان يُهدي. فقال له النبي: "يا أبا عامر، إن الله قد حَرَّمَ الخمرَ، فلا حاجة لنا في خمرك". قال: فخُذْها يا رسول الله، فبِعْها واسْتَعِن بثمنِها على حاجتك. فقال له النبي: "يا أبا عامر، إن الذي حَرَّمَ شربهاَ حَرَّمَ بيعَها وأَكْلَ ثمنِها". انظر: الآثار لمحمد، 130. ونفس الحديث رواه الإمام أبو يوسف أيضاً. انظر: الآثار لأبي يوسف، 228؛ وصحيح البخاري، البيوع، 105؛ وصحيح مسلم، المساقاة، 67 - 72. أما ما ذكره المحقق شحاتة فهو موقوف على ابن عمر، ولم يبين ذلك، وقد نقله عن الآثار لأبي يوسف، 227. انظر: الأصل (شحاتة)، 222. وكان ينبغي أن يذكر المرفوع، لأن المؤلف ذكر الحديث بلاغاً عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

وإذا اشترى النصراني خمراً من نصراني فأسلما جميعاً أو أحدهما أيهما (¬1) ما كان قبل أن يقبض المشتري فالبيع فاسد لا يجوز؛ لأنها قد صارت حراماً على المسلم منهما. ولو كان قبضها قبل أن يسلم واحد (¬2) فيهما ثم أسلما أو أسلم أحدهما قبل قبض الثمن كان الثمن ديناً على المشتري؛ لأنه ماله. ويخلل الخمر إن كان هو المسلم. وإذا أسلم النصراني إلى النصراني (¬3) في خمر ثم أسلما جميعاً أو أسلم أحدهما فالبيع باطل، ويرد رأس ماله (¬4). وكذلك إذا اشترى منه خنزيراً فأسلم قبل أن يقبض فالبيع باطل فاسد لا يجوز، ويرد عليه ما قبض من الثمن. وإذا اشترى المسلم من المسلم عصيراً ثم (¬5) صار خمراً قبل أن يقبضه فالبيع فاسد لا يجوز. فإن صارت الخمر خلاً (¬6) قبل أن يترافعا (¬7) إلى السلطان فالمشتري بالخيار: إن شاء أخذه، وإن شاء (¬8) أخذ الثمن إن كان أعطاه؛ لأن أصل الشرى كان عصيراً حلالاً. وكذلك النصراني (¬9) يشتري من النصراني خمراً ثم صارت خلا قبل أن يقبض ثم أسلما، فإن شاء المشتري أخذها وأعطى الثمن. ولو أن المسلم حيث صار العصير خمراً خاصم فيها أبطل (¬10) القاضي البيع، فإن صارت خلاً بعد ذلك فلا سبيل له (¬11) عليها مِن قِبَل أن القاضي قد نقض البيع. وإذا أقرض النصراني من النصراني خمراً ثم أسلم المقرض فلا شيء له عليه. وكذلك لو أسلما جميعاً، لأنها الخمر بعينها. ولو لم يسلم المقرض ¬

_ (¬1) ع - أيهما. (¬2) ع: واحدا. (¬3) ع - إلى النصراني. (¬4) ع: المال. (¬5) ف م - فالبيع باطل فاسد لا يجوز ويرد عليه ما قبض من الثمن وإذا اشترى المسلم من المسلم عصيرا ثم. والزيادة من ع ط. ومعناها في ب جار. (¬6) ف ع + من. (¬7) ع: أن تترافعا. (¬8) ف م - أخذه وإن شاء. والزيادة من ع ط؛ والكافي، 1/ 173 و؛ والمبسوط، 13/ 137. (¬9) ع + ان. (¬10) ع: بطل. (¬11) م - له.

وأسلم المستقرض فأيهما ما (¬1) أسلم فلا شيء له على المستقرض. وهو (¬2) قول أبي يوسف رواه عن أبي حنيفة. وفيها قول آخر قول محمد: فإن أسلم المستقرض أو أسلما جميعاً إلا أن المستقرض لو بدأ بالإسلام فقيمتها عليه دين (¬3)؛ لأنها قد كانت لازمة له فلا يقدر على إبطالها عنه. وهذا قول زفر وعافية (¬4) الذي روى عن أبي حنيفة. ولو استهلك نصراني لنصراني خمراً أو خنزيراً ثم أسلم المستهلك كان عليه القيمة في الخنزير في قول أبي يوسف الذي روى عن أبي حنيفة. وهو (¬5) قول محمد على ما وصفت لك: إذا أسلم المستهلك لها فعليه قيمتها، وإن أسلم الذي هي له أبطلت عن (¬6) المستهلك. ولو أسلم الطالب ولم يسلم المطلوب كان عليه قيمة الخنزير وكانت الخمر باطلاً؛ لأن على المطلوب خمراً مثلها كيلاً، فلا يعطي الطالب وهو مسلم خمراً. وقيمة الخنزير قد وجبت عليه له قبل أن يتكلم. وإن (¬7) الخمر إنما يكون له (¬8) خمر (¬9) مثلها. فإن أسلم فهي باطل لا يقضي ما له في القول الأول، وهو قول أبي يوسف. ¬

_ (¬1) ع: فانهما مما. (¬2) ع: وهذا. (¬3) ف ع: دين عليه. (¬4) هو عافية بن يزيد الأودي القاضي الكوفي، من أصحاب أبي حنيفة الذين كان يقدمهم، ثقة في الحديث وصاحب علم وورع، ولي القضاء ببغداد في عهد المهدي والرشيد. قال الذهبي: توفي سنة نيف وستين ومائة. لكن يظهر أن ذلك غير سديد، لأنه ولي القضاء في عهد هارون الرشيد وهو إنما تولى الخلافة سنة سبعين ومائة. ولعل الصواب ما ذكره ابن حجر في لسان الميزان أنه توفي سنة 180 هـ انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد، 7/ 331؛ وتسمية فقهاء الأمصار للنسائي، 128؛ وتاريخ بغداد للخطيب، 2/ 307؛ والجواهر المضية في طبقات الحنفية للقرشي، 1/ 267، 543؛ وسير أعلام النبلاء للذهبي، 7/ 398؛ وتهذيب التهذيب لابن حجر، 5/ 53؛ ولسان الميزان لابن حجر، 3/ 222. (¬5) ع: هو. (¬6) ع: على. (¬7) ع - إن. (¬8) ع - له. (¬9) ع: خمرا.

وإذا اشترى النصراني من النصراني خمراً أو خنزيراً على أنه بالخيار ثلاثة أيام ثم أسلم المشتري قبل أن يختار (¬1) وقد قبض كان البيع باطلاً في قول أبي حنيفة مِن قِبَل أنه لم يجب البيع. ألا ترى أنه لو اشترى أباه (¬2) وهو بالخيار فيه لم يعتق في قول أبي حنيفة، ويعتق (¬3) في قول أبي يوسف ومحمد. ويجوز البيع في الخمر على المشتري (¬4) إذا كان قد قبض ثم أسلم، وهو بالخيار، ويبطل الخيار في قول أبي يوسف ومحمد. ولو كان البائع بالخيار ثم أسلما جميعاً أو أسلم البائع وهو بالخيار كان (¬5) البيع باطلاً لا يجوز. وإن أسلم المشتري وقد قبض الخمر والخيار للبائع لم يفسد البيع؛ لأن البيع قد تم من قبل المشتري. ألا ترى (¬6) أن المشتري لو مات لم ينتقض البيع بموته (¬7)، وكان البيع على حاله، وكان البائع (¬8) على خياره، وكذلك إسلامه لا ينقض شيئاً من البيع. وإذا ارتهن النصراني من النصراني خمراً بدين له أو خنزيراً (¬9) فهو جائز. فإن أسلم المرتهن بطل الرهن وكان دينه على حاله كما هو. فإن هلك الرهن في يديه فهو على حاله كما كان رهناً حتى يرده إلى صاحبه. ولو كان الراهن هو الذي أسلم بطل ذلك كله. فإن هلك الرهن لم ينتقض (¬10) من حق المرتهن شيء (¬11). وإذا اشترى النصراني خمراً لمسلم بأمره من نصراني فهو جائز؛ لأن النصراني هو الذي اشتراه. ويخللها المسلم، وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يجوز البيع على المسلم (¬12)، وهي لازمة للنصراني. فإن ¬

_ (¬1) ع - يختار. (¬2) ع: باه. (¬3) ع - في قول أبي حنيفة ويعتق. (¬4) ف - على المشتري. (¬5) ف: وكان. (¬6) ف - ترى. (¬7) ع: لموته. (¬8) ع + بالخيار. (¬9) ع: أو خنزير. (¬10) ع: لم ينقص. (¬11) ع: شيئاً. (¬12) ف م: على مسلم.

اشترى المسلم خمراً لنصراني من نصراني كان باطلاً لا يجوز؛ لأن المسلم هو الذي (¬1) ولي عقدة البيع. ولو باع نصراني خمراً لمسلم من نصراني كان جائزاً؛ لأن النصراني هو الذي ولي عقدة البيع في قول أبي حنيفة (¬2). ولو كان العبد نصرانياً (¬3) ومولاه مسلم فاشترى العبد خنزيراً أو باعه (¬4) كان البيع جائزاً. وكذلك المكاتب النصراني إن كان مولاه مسلماً. وكذلك المدبر والمدبرة وأم الولد النصرانية إن (¬5) كان مواليهم مسلمين. وإذا كان العبد مسلماً أو المكاتب (¬6) أو المدبر أو أم الولد (¬7) فاشترى أحد منهم خمراً أو باعه (¬8) من نصراني فلا يجوز وإن كان المولى نصرانياً؛ لأن المسلم هو الذي ولي (¬9) عقدة البيع. وإذا كان لأحد من أهل الذمة عبدان أخوان (¬10) فلست أكره لهم التفريق؛ لأن ما فيه أهل الذمة من الشرك أعظم مما يدخل عليهم من التفريق (¬11). * * * ¬

_ (¬1) ف - الذي. (¬2) ع + وقال. (¬3) ع: نصراني. (¬4) ما: أو باعها؛ ع: وباعها. (¬5) ف: وإن. (¬6) ف: والمكاتب. (¬7) ع - إن كان مواليهم مسلمين وإذا كان العبد مسلما أو المكاتب أو المدبر أو أم الولد. (¬8) ع: أو باعها. (¬9) ف - ولي، صح هـ. (¬10) ع: اخران. (¬11) قال السرخسي: وإذا كان للذمي عبدان أخوان لم أكره له أن يفرق بينهما في البيع، لأن ما فيه من الشرك أعظم من التفريق، يعني أن المنع من التفريق لحق الشرع، والكفار لا يخاطبون من حقوق الشرع بما هو أعظم من كراهة التفريق، نحو العبادات، فكذلك لا يظهر في حقهم حكم كراهة التفريق في البيع، والله أعلم. انظر: المبسوط، 13/ 138 - 139.

باب بيوع ذوي الأرحام

باب بيوع ذوي الأرحام قال أبو حنيفة -رحمه الله-: ليس ينبغي للرجل أن يفرق بين الجارية وبين ولدها في البيع إذا كانوا صغاراً. وكذلك كل ذي رحم محرم منه. وكذلك الأخوان. قال: وبلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك في الأخوين (¬1). والكافر في ذلك (¬2) والمسلم عندنا سواء. وإن كانوا رجالاً ونساءً أو غلماناً قد احتلموا أو جواري (¬3) قد حضن فلا بأس بأن (¬4) يفرق بين هؤلاء. ولو كان عبدٌ لرجل، وابْنُ (¬5) العبدِ عبدٌ صغير لابن الرجل، وهو صغير في عياله (¬6)، فأراد الرجل أن يبيع واحداً منهما ويفرق بينهما كان ذلك جائزاً. ولو اشتراهما جميعاً فوجد بأحدهما عيباً كان له أن يرده ويمسك الآخر الباقي منهما. ¬

_ (¬1) قال الإمام محمد: أخبرنا أبو حنيفة قال: حدثنا عبد الله بن الحسن قال: أقبل زيد بن حارثة برقيق من اليَمَن. فاحتاج إلى نفقةٍ يُنفِق عليهم. فباع غلاماً من الرقيق كان معه أمُّه. فلما قَدِم على النبي فتَصَفَّحَ الرقيقَ فيَمُرُّ بالأم. قال؛ "ما لي أرى هذه والِهَة؟ " قال: احْتَجْنا إلى نفقةٍ، فبعْنا ابناً لها. فأَمَرَه أن يَرجع فيردّه. قال محمد: وبهذا نأخذ. نَكره أن يُمزَق بين الوالدةَ أو الوالد وولده إذا كان صغيراً. وكذلك الأَخَوَان وكلُّ ذي رحم محرم إذا كانا صغيرَين أو كان أحدهما صغيراً. ولا ينبغي أن يُفرَّق بينهما في البيع. فأما إذا كانوا كباراً كلهم فلا بأس بالفُرقة بينهم. وهذا كله قول أبي حنيفة - رضي الله عنه -. انظر: الآثار لمحمد، 128. وانظر لروايات في النهي عن التفريق بين الوالد والولد وبين الأخوين: الآثار لأبي يوسف، 159، 164؛ وسنن ابن ماجة، التجارات، 46؛ وسنن أبي داود، الجهاد، 123؛ وسنن الترمذي، البيوع، 52؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 16. (¬2) ف - في ذلك. (¬3) ف م ع: أو جوارهم. (¬4) ف: أن. (¬5) ف م ع: ومن؛ ط: و [ذو رحم محرم] من العبد. والتصحيح مستفاد من ب جار؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 140. (¬6) ف م ع: في حاله. والتصحيح من ط. وعبارة الحاكم والسرخسي: في حجره. انظر: الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 140.

ولو جنى أحدهما جناية كان له أن يدفع أحدهما ويمسك الآخر. ولو لحق أحدهما دين كان له أن يبيعه (¬1) في الدين (¬2) ويمسك الآخر. ولو كان له من كل واحد منهما شقص (¬3) لم أكره له أن يبيع شقصه في أحدهما دون الآخر. ولو كانا مملوكين كلاهما جميعاً له فباع أحدهما وفرق بينهما كان مسيئاً، وكان ذلك جائزاً. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: أبطل البيع في الولد خاصة إذا بيع وهو صغير، أو بيع والده، ولا أبطله في الأخوين. ولو دبر أحدهما أو كاتب أم ولده (¬4) لم أكره له أن يبيع الآخر قبل ذلك. ولا بأس بأن (¬5) يكاتب أحدهما دون الآخر. وكذلك (¬6) العتق. ولا بأس ب [أن يبيع] أحدهما نَسَمَةً للعتق (¬7) ويمسك الآخر (¬8). ولو كانا في غير ملكه وكان كل واحد منهما في ملك بعض ولده وولده صغار فلا بأس بأن يبيع كل واحد منهما (¬9) على حدة، لأنه لم يملكهما إنسان (¬10) واحد. ولو كان أحدهما لابن له كبير لم يكن بأس (¬11) بالتفريق أيضاً. وكذلك لو كان أحدهما له والآخر لزوجته (¬12) مِن قِبَل أنه لا ¬

_ (¬1) ع: أن يمنعه. (¬2) ف: في دين. (¬3) ع: تنقص. (¬4) ف ع: أم ولد له. (¬5) م - بأن. (¬6) ع: فكذلك. (¬7) ف م ع: فلا بأس بأحدهما نسمة العتق. والتصحيح مع الزيادة مستفاد من ب جار ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 141. (¬8) ع: الا. (¬9) ف م: منهم. والتصحيح مستفاد من ب. (¬10) ف م ع: لإنسان. والتصحيح مستفاد من ب ط. (¬11) ع: بأسا. (¬12) ف: لزوجه

يقدر على بيع الذي لزوجته والذي لولده (¬1) الكبير. ولو كان أحدهما له والآخر لمكاتب له أو لعبد له مأذون له في التجارة وعليه دين للناس لم يكن بالتفريق بأس (¬2)؛ لأنه لا يملك بيع عبد مكاتبه ولا بيع عبد لعبد (¬3) له عليه دين. ولو كان عبده (¬4) ليس عليه دين لم يكن له (¬5) أن يفرق بينهما؛ لأن مال عبده له. وإذا كان أحدهما لمضاربٍ (¬6) له فلا بأس بأن يبيع المضارب ما كان عنده من ذلك. وإن كان عنده أخوان جميعاً فلا يفرق بينهما. وإذا كانت عنده أمة فباعها وهو بالخيار ثلاثة أيام ثم اشترى ابناً لها لم نَرَ (¬7) له أن يوجب البيع في أمته تلك، وكرهت له ذلك؛ لأنه قد ملكهما جميعاً. ولو كان المشتري هو الذي كان بالخيار لم يكن بذلك بأس (¬8) أن [1/ 258 ظ] يستوجبها (¬9). ولو كان عنده ابن لها فاختار ردهالم يكن بذلك بأس (¬10). ألا ترى أنه يردها بعيب لو كان بها ولا يكون به بذلك بأس (¬11). وإذا كان في ملك المكاتب ذو رحم محرم أو كان ذلك في ملك العبد التاجر وعليه دين أو ليس عليه دين فإني أكره له من ذلك ما أكره للحر المسلم. وإذا كان في ملك الحر المسلم ذو محرم من الرضاعة أو ذو محرم من غير النسب فلا بأس بأن يفرق بين أولئك. ¬

_ (¬1) ف: ولا لولده. (¬2) ع: بأسا. (¬3) ف م: له؛ ع - لعبد. والتصحيح مستفاد من ب ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 141. (¬4) ع: عنده. (¬5) م - له. (¬6) ف م ع: المضارب؛ ط: للمضارب. (¬7) ع: لم ير. (¬8) ع: بأسا. (¬9) ف م ع: أن يستردها. والتصحيح من ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 141. (¬10) ع: بأسا. (¬11) ع: بأسا.

قال: بلغنا عن عبد الله بن مسعود أن رجلاً سأله فقال: أبيع جارية لي قد أرضعت ولدي؟ فقال ابن مسعود (¬1): قل: من يشتري (¬2) داية ولدي؟ (¬3). وإذا كان عند الرجل عبد له وامرأته أمة له وهما جميعاً له فلا بأس بأن يفرق بينهما، يبيع أحدهما ويمسك الآخر. وليس هذا كالذي يبيع الرحم المحرم. ولو كان للمسلم رقيق من أهل الكفر من السبي أو الغنيمة أو اشتراهم من أهل الذمة وهو ذو رحم محرم كرهت له أن يفرق بينهم كما أكره له أن يفرق بين المسلمين. ولا ينبغي أن يفرق بينهم بهبة أو صدقة ولا وصية، ولا يبيع أحداً منهم لابن له وهو صغير في عياله؛ لأن هذا تفريق كله. وإذا دخل الرجل الحربي بغلامين أخوين (¬4) صغيرين دار الإسلام بأمان فأراد بيع أحدهما فلا بأس بشراه وإن كان يفرق بينهما؛ لأني لو لم أشتره منه أعاده فأدخله دار الحرب فصار حربياً. ولكنه لو اشترى أخوين في دار الإسلام كرهت لمسلم أن يشتري أحدهما، وأجبره السلطان (¬5) على بيعهما جميعاً؛ لأنه اشتراهما في دار الإسلام من أهل الإسلام. وكذلك لو اشتراهما من أهل الذمة. ولو اشتراهما (¬6) في دار الإسلام من حربي مستأمن لم يجبر على بيعهما (¬7)، وللمسلم أن يشتري أحدهما دون الآخر. * * * ¬

_ (¬1) ع - أن رجلاً سأله فقال أبيع جارية لي قد أرضعت ولدي فقال ابن مسعود. (¬2) ع - يشتري. (¬3) ف م ع: دابة ولدي. والتصحيح من ب جار. والداية: الظئر أي المرضعة انظر: لسان العرب، "دوي". وغيرها في ط إلى "أم ولدي" اعتمادا على المبسوط، 13/ 142؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 2/ 19. ووردت كذلك في المصنف لعبد الرزاق، 9/ 184. (¬4) ع: اخرين. (¬5) ع - السلطان. (¬6) ع + جميعاً. (¬7) ف - لم يجبر على بيعهما.

باب الأمة الحامل إذا بيعت

باب الأمة الحامل إذا بيعت وإذا باع الرجل أمة من رجل فقبضها أو لم يقبضها حتى ولدت ولداً فادعياه جميعاً فإنه ينظر، فإن كانت جاءت بالولد لأقل من ستة أشهر من يوم (¬1) وقع البيع فهو من البائع، وهي أم ولد له، ويرد الثمن إن كان انتقد المشتري. فإن جاءت به لستة أشهر بعد عقدة البيع أو أكثر فإنه ولد المشتري، وهي أم ولد له. وإن ولدت ولدين أحدهم لأقل من ستة أشهر والآخر لأكثر من ستة أشهر بيوم فادعاهما جميعاً البائع والمشتري ردا (¬2) البيع، وهي أم ولد للبائع. فإن لم يدعهما (¬3) المشتري ولا البائع حتى أعتق المشتري الأم ثم ادعى البائع الولد وقد جاءت به لأكثر من ستة أشهر فإنه لا (¬4) يصدق على ذلك. ولو لم يكن أعتق الأم المشتري لم يصدق أيضاً. فإن كانت جاءت به (¬5) لأقل من ستة أشهر (¬6) وقد أعتق الأم فإن نسب الولد يثبت، ويكون الولد ابناً (¬7) للبائع، ولا يصدق على الأم أنها حرة، وقد وجب ولاؤها لغيره، وحرم فرجها إلابنكاح، فلا أردها أمة رقيقاً توطأ بغير نكاح. وإن كان البائع انتقد الثمن قسم الثمن على قيمة الولد والأم، فيرد على المشتري ما أصاب الولد، ويمسك ما أصاب الأم (¬8). وإذا باع الرجل أمة (¬9) حاملاً فولدت عند المشتري بعد البيع بشهر (¬10) فأعتق المشتري الولد أو أعتقهما (¬11) جميعاً ثم ادعى البائع الولد فإن دعوته ¬

_ (¬1) م - يوم. (¬2) م ع: رد. (¬3) ف م ع: لم يدعيها. والتصحيح من ط. (¬4) ف: أشهر فلا. (¬5) م - به. (¬6) ع - فإنه لا يصدق على ذلك ولو لم يكن أعتق الأم المشتري لم يصدق أيضاً فإن كانت جاءت به لأقل من ستة أشهر. (¬7) ع: ابن. (¬8) ف: الولد. (¬9) ف - أمة. (¬10) ف: لشهر. (¬11) ع: أو أعتقها.

لا تجوز (¬1)، ولا يصدق مِن قِبَل الولاء الذي يثبت (¬2) للمشتري بالولد (¬3). ولو كانت الجارية لم تعتق بعد (¬4) لم ترجع (¬5) إليه أيضاً مِن قِبَل أن ولدها لم يثبت نسبه منه؛ لأنه أعتق. وكذلك لو لم يعتق واحداً منهما ولكن الولد مات ثم ادعاه البائع فإن دعواه باطل (¬6) مِن قِبَل أنه لا يثبت نسبه من بعد الموت. ولو كان للولد ولد حي ثم ادعى البائع الولد لم أجز له ذلك (¬7)، ولم أجعل الجارية أم ولد له، ولم أردها عليه. ولا يشبه هذا ولد الملاعنة؛ لأن هذا مات عبداً فلا يصير حراً بعد الموت، ولأنه لا يثبت نسب الولد بعد الموت. فإذا مات الولد وترك ولداً لم يصدق على الدعوة، وولد الملاعنة قد كان نسبه ثابتاً (¬8) أبطله اللعان. فإذا مات (¬9) ابن الملاعنة وترك ولداً ثم ادعاه الزوج فهو ثابت النسب منه. ألا ترى أن الرجل لو لاعن امرأته بولد ولم يكن دخل بالأم أنه لا ينبغي له أن يطأ ولدها، ولو مات قبل الملاعنة ثبت نسبه منه. وإذا باع الرجل أمة فولدت بعد البيع لأكثر من ستة أشهر فادعاه البائع وصدقه المشتري فإنه يصدق، وهو ابنه، وهي أم ولد له، ويرد الثمن إن كان قد (¬10) قبض منه. ولو (¬11) لم يصدقه المشتري لم يثبت النسب ولم يصدق. وإذا باع الرجل أمة حاملاً ثم باعها المشتري من رجل آخر حتى (¬12) ¬

_ (¬1) ع: لا يجوز. (¬2) ع: ثبت. (¬3) ع: في الولد. (¬4) ف: بعد لم تعتق. (¬5) ع: لم يرجع. (¬6) ط: باطلة وما في النسخ صحيح، لأن "باطل" يوصف به المذكر والمؤنث. انظر: لسان العرب، "بطل". (¬7) ف م ع: ولو كان الولد حيا ثم ادعى البائع الولد أجزأه ذلك. والتصحيح من ط اعتمادا على المبسوط، 7/ 203. (¬8) ع: ثابت. (¬9) ع - مات. (¬10) ع - قد. (¬11) ف - ولو. (¬12) ع + ثم.

تناسخها رجال، ثم ولدت لأقل من ستة أشهر من البيع الأول، فادعوه جميعاً معاً، فإنه (¬1) للأول، وهي أم ولد له، ويترادان البيع. وكذلك لو باع عبداً قد ولد عنده ثم ادعاه فإنه يصدق، وعليه أن يرد الثمن على المشتري. وإذا كان في يدي (¬2) الرجل صبي (¬3) لا ينطق ولد عنده فزعم أنه عبده (¬4) ثم أعتقه ثم زعم أنه ابنه فإني (¬5) أستحسن (¬6) في هذا أن أجعله ابنه، وأدع القياس فيه. ولو كان عبداً كبيراً أعتقه ثم ادعاه ومثله يولد لمثله (¬7) لم أجز دعوته (¬8) إلا أن يصدقه. وهما في القياس سواء. غير أني (¬9) أستحسن في المدبرة بين اثنين (¬10) إذا جاءت بولد فادعاه أحدهما أثبت نسبه منه، وضمن نصف قيمته لشريكه إن كان موسراً، والولاء له ولشريكه. ولو كان عبداً كبيراً (¬11) دبره هو (¬12) وشريكه ثم ادعاه أحدهما أعتقت حصته منه، وضمن لشريكه نصف قيمته مدبراً، وأثبت نسبه إن كان مثله يولد لمثله بعد أن لا يكون له نسب معروف، والولاء (¬13) بينهما على حاله، أستحسن هذا وأدع القياس فيه. وإذا ولدت الأمة ولدين في بطن واحد فباع المولى أحدهما وباع الأم ثم إن المشتري ادعى الذي اشتراه (¬14) فإن نسبه يثبت منه، وتكون (¬15) الأمة أم ولد له، ويثبت (¬16) نسب الولد الذي عند البائع منه، وهو عبد ¬

_ (¬1) ع: فابه. (¬2) ف: في يد. (¬3) ع - صبي. (¬4) ع: عنده. (¬5) ع - فإني. (¬6) ع: فأستحسن. (¬7) ع: لولد مثله. (¬8) ع: دعواه. (¬9) ط: كما أني. وقد أخذها من المبسوط، 13/ 144. (¬10) ع: ابنين. (¬11) ع: عبد كبير. (¬12) ف: دبر وهو؛ م ع: دبر هو. وعبارة ب: ولو دبرا عبدا كبيرا لهما ... (¬13) ف م: فالولاء. (¬14) ف: المدعي اشترى الذي ادعاه. (¬15) ع - وتكون. (¬16) ع: وثبت.

للبائع (¬1). وإن لم يدع (¬2) المشتري الولد ولكنه أعتق الولد الذي اشتراه أو أعتق أمته ثم إن البائع ادعى الولد الذي عنده فإن نسبه يثبت، ويثبت نسب الآخر، ويرد حصة الابن من الثمن إن كان (¬3) انتقد. فأما (¬4) الأم فعتقها نافذ (¬5)، لا ترجع (¬6) أم ولد فتكون رقيقاً يستحل فرجها بغير نكاح بعد أن حرم. وإذا لم يدع (¬7) البائع ولم يعتق المشتري ثم إنهما جميعاً ادعيا الولد فإنه (¬8) يثبت نسبه من البائع مِن (¬9) قِبَل أنه للأول، والجارية أم ولد له، ويرد الثمن إن كان انتقده. وإذا باع الرجل أمة حاملاً فخاف المشتري أن يدعي البائع حبلها، فأراد أن يتحرز (¬10) منه ويستوثق حتى لا تجوز دعوته، فإنه يشهد عليه أن هذا الحبل من عبد له كان زوجاً للأمة، فإذا أقر (¬11) بهذا لم يستطع (¬12) أن يدعيه أبداً. وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد: إنه يستطيع أن يدعيه (¬13) إذا أنكر العبد ذلك الولد. ألا ترى أن قول المولى لا يجوز على العبد إذا أنكر، فلا يكون الولد (¬14) ابناً للعبد، والولد (¬15) هاهنا (¬16) لم يثبت نسبه من أحدهم (¬17). وإذا كانت الأمة بين اثنين فباعها أحدهما من صاحبه ثم ادعى البائع ¬

_ (¬1) ع: البائع. (¬2) ع: لم يدعي. (¬3) ف + قد. (¬4) ط: أما. (¬5) ع: ناقد. (¬6) ع: لا يرجع. (¬7) ع: لم يدعي. (¬8) ع: فا. (¬9) م - من. (¬10) ف: أن يغرر؛ م ع: ان يعرر. والتصحيح من ط؛ والمبسوط، 13/ 144. (¬11) م: فإذا أقمر. (¬12) ع: لم يستطيع. (¬13) ع - أبداً وهذا قول أبي حنيفة وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد إنه يستطيع أن يدعيه. (¬14) ع - الولد. (¬15) ف ع: والوالد. (¬16) ع: هنا. (¬17) ع: من أحدنم؛ ط: من أحدهما. وعبارة ب: لأن قول المولى لا يجوز على العبد إذا أنكر، فلا يكون ابنا للعبد، فيبقى غير ثابت النسب من أحد.

الولد وقد ولدت لأقل من ستة أشهر فإني أجيز (¬1) دعوته، وأجعلها أم ولد له، ويرد ما أخذ من الثمن من المشتري، ويرد نصف العقر ونصف القيمة على شريكه. ولو أنهما ادعياه (¬2) جميعاً ثبت نسبه منهما وكان ابنهما، ويرثهما (¬3) ويرثانه، ويرد البائع (¬4) ما أخذ من الثمن. فإن ادعاه البائع وأعتق المشتري خَرَجَ (¬5) الكلام منهما (¬6) جميعاً معاً صار الغلام (¬7) حراً، وهو ابن البائع، ويرد الثمن على المشتري. وهو ضامن لنصف (¬8) العقر ولنصف قيمة الأم. والعتق فيه باطل مِن قِبَل أن الولد شاهد، وقد كان قبل الكلام متّهماً (¬9) فيه. وكذلك لو كانت الأم بينهما على حاله لم (¬10) يبعها (¬11) أحدهما (¬12) من صاحبه. وإذا كانت الأمة بين اثنين فباعها (¬13) أحدهما من رجل وهي حامل، فادعى المشتري الحبل (¬14) وادعاه البائع والذي لم يبع، فادعوه جميعاً معاً، فإن نسبه يثبت إذا كانت وضعته (¬15) لأقل من ستة أشهر بعد البيع من البائع والذي لم يبع، ولا يثبت نسبه من المشتري. ويأخذ المشتري ما نقده (¬16) من الثمن، ويرد على الذي (¬17) لم يبع نصف العقر بإقراره بالوطء (¬18). فإن ¬

_ (¬1) ع: أجبر. (¬2) ع: ادعيا. (¬3) ع: يرثهما. (¬4) م ع: البيع. (¬5) ط: وخرج. (¬6) ف م ع: بينهما. والتصحيح من ط. (¬7) ع: الكلام. (¬8) ع + قيمة. (¬9) ع: منهما. (¬10) ع - لم. (¬11) ع: يبيعها. (¬12) م: أحد؛ ع: أحدها. (¬13) ط: فباع. (¬14) ع - الحبل. (¬15) ع: وضيعته (¬16) م ع: ما نقد. (¬17) ع - الذي. (¬18) وعبارة الحاكم: وقال أبو الفضل: قوله: ويرد المشتري نصف العقر، ليس بسديد، والصواب أن يرد جميع العقر على الشريكين جميعاً، يُطلَب هذا في رواية أبي سليمان. انظر: الكافي، 1/ 173 و -173 ظ. وقال السرخسي: قال الحاكم أبو الفضل: قوله: ويرد على الذي لم يبع نصف العقر، ليس بسديد، والصواب أن يرد جميع العقر على الشريكين جميعاً، وهكذا في رواية أبي سليمان. انظر: المبسوط، 13/ 145.

باب الاستبراء في البيوع وغيرها

جاءت به لأكثر من ستة أشهر بعد البيع ثبت نسبه من المشتري ومن الذي لم يبع، وكان (¬1) ابنهما، وكانت أم ولدهما (¬2)، ولا يثبت نسبه من البائع. وعلى البائع نصف العقر للذي (¬3) لم يبع. * * * باب الاستبراء في البيوع وغيرها وإذا اشترى الرجل جارية فليس ينبغي له أن يقربها حتى يستبرئها بحيضة. قال: بلغنا ذلك عن علي بن أبي (¬4) طالب وعن عبد الله بن عمر (¬5). وكذلك إذا اشتراها من امرأة أو من عبد أو من مكاتب أو من صبي باعها له أبوه أو وصيه، فإنه في ذلك سواء: لا يقربها حتى يستبرئها بحيضة. وكذلك (¬6) ينبغي أن لا (¬7) يقبلها ولا يباشرها (¬8) ولا ينظر [منها] (¬9) إلى عورة. وإذا كانت لا تحيض لصغر (¬10) أو كبير استبرأها بشهر. وإن كانت حاملاً فليس له أن يقربها حتى تضع. فإن (¬11) ارتفع حيضها وهي ممن تحيض تركها حتى إذا (¬12) استبان له أنها ليست بحامل وقع عليها. ¬

_ (¬1) م: فكان. (¬2) ع: ولدها. (¬3) ف م ع: الذي. والتصحيح من ط. (¬4) م - أبي. (¬5) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 149، والدراية لابن حجر، 2/ 230 - 231. (¬6) م: ولذلك؛ ع + لا. (¬7) ف ع - لا. (¬8) ع - ولا يباشرها. (¬9) الزيادة من ط؛ والكافي، 1/ 173 ظ؛ والمبسوط، 13/ 146. (¬10) ف ع: من صغر. (¬11) ع: وإن. (¬12) ف م - إذا؛ والزيادة من ع ط؛ والمبسوط، 13/ 147.

وإذا أصاب الرجل الجارية من السبي فليس ينبغي له أن يقربها حتى يستبرئها بحيضة. بلغنا نحو من ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬1). وكذلك إذا كانت حاملاً فليس له أن يقربها حتى تضع حملها. بلغنا (¬2) نحو من ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬3). فإن اشتراها من الفيء أو وقعت في سهمه فهو سواء. وكذلك إذا وهب الرجل جارية أو تصدق بها عليه أو أوصى بها له فهو بمنزلة الشراء لا يقربها حتى تحيض بحيضة. وكذلك لو ورثها (¬4). وكذلك لو كان له (¬5) في جارية شقص فاشترى (¬6) بقيتها أو ورثها (¬7) ببعض ما ذكرت من الوجوه. وإذا اشترى الرجل جارية وهي حائض فإنه لا يحتسب بتلك (¬8) الحيضة حتى تحيض عنده حيضة مستقبلة. وإذا اشترى الرجل الجارية (¬9) فلم يقبضها حتى حاضت عند البائع فإنه لا يحتسب بتلك الحيضة، ولا يجزيه (¬10) حتى تحيض عنده حيضة بعدما يقبضها. وإذا وضعاها على يدي العدل حتى ينقد الثمن فحاضت عند العدل ¬

_ (¬1) سنن الدارمي، الطلاق، 18؛ وسنن أبي داود، النكاح، 44. (¬2) ف - بلغنا، صح هـ. (¬3) رواه الإمام محمد عن الإمام أبي حنيفة عن مكحول مرسلاً. انظر: الآثار لمحمد، 138. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 239 - 240. وفي هذا المعنى عدة أحاديث. انظر: صحيح مسلم، النكاح، 139؛ وسنن أبي داود، النكاح، 44؛ وسنن الترمذي، السير، 15؛ وسنن النسائي، البيوع، 79. (¬4) م: لو قربها. (¬5) ع - فهو بمنزلة الشراء لا يقربها حتى تحيض بحيضة وكذلك لو ورثها وكذلك لو كان له. (¬6) ف م ع: فاشتراها. والتصحيح من ط. (¬7) ع: أو وثها. (¬8) ع: تلك. (¬9) ف: الحائض. (¬10) ع: تجزيه.

فلا يجزيه بتلك الحيضة حتى تحيض بعدما يقبضها المشتري (¬1) حيضة عنده (¬2). ولو باع رجل جارية فلم يقبضها المشتري حتى تاركه البائع البيع وناقضه كان ينبغي في قياس هذا القول أن لا يقربها البائع الأول حتى يستبرئها بحيضة، ولكنا ندع القياس في هذا الباب ونأخذ فيه بالاستحسان ولا نجعل (¬3) عليه استبراء. وإذا اشترى الرجل جارية فاستبرأها (¬4) بعشرين يوماً ثم حاضت انتقضت الأيام، وكان عليه أن يستبرئها بهذه الحيضة. وإذا حاضت عند المشتري حيضة ثم وجد بها عيباً فردها فإنه ينبغي للبائع الذي ردت عليه أن لا يقربها حتى تحيض عنده حيضة. وكذلك لو استقاله البائع فأقاله بعدما قبض المشتري. وإذا رهن (¬5) الرجل الجارية ثم افتكها (¬6) أو كاتبها ثم عجزت فليس عليه أن يستبرئها؛ لأن هذا لم يملك رقبتها عليه غيره. وكذلك لو غصبها إياه رجل. ولو باع منها شقصاً وقبضها المشتري ثم اشتراها البائع بعد كان (¬7) عليه أن يستبرئها. ولو وهبها لابن له صغير أو لابنته وهما في عياله ثم ¬

_ (¬1) ع - بعدما يقبضها المشتري. (¬2) ع: عنده حيضة. (¬3) ف م: ولا نحمل (مهملة)؛ ع ط: ولا يحمل. (¬4) ف: فاشتراها. (¬5) ع: ارتهن. (¬6) ف م: ثم افتصها؛ ع: ثم اقبضها. والتصحيح من ب ط. وعبارة السرخسي: فُكَّت المرهونة. انظر: المبسوط، 13/ 148. (¬7) ف م ع: لم يكن. والتصحيح مستفاد من ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 148.

اشتراها منهم كان عليه أن يستبرئها بحيضة من قبل أن يطأها؛ لأنه ملك رقبتها غيره. ولو باعها على أنه بالخيار ثم اختار الجارية لم يكن عليه أن يستبرئها. وإذا كان المشتري بالخيار وقبضها ثم ردها المشتري بالخيار فإن في هذا (¬1) قولين: أما أحدهما فليس عليه أن يستبرئها؛ لأنها لم تجب للمشتري بعد. وهو في قياس قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد بأن عليه أن (¬2) يستبرئها بحيضة؛ لأنها قد وجبت للمشتري. وإذا باع الرجل الجارية بيعاً فاسداً وقبضها المشتري ثم ردها القاضي بعد ذلك بالبيع الفاسد فعلى البائع أن يستبرئها بحيضة. وإذا غصب الرجل (¬3) الجارية فباعها من رجل آخر، فقبضها المشتري فوطئها، ثم خاصم مولاها الأول فيها، فقضى القاضي بها له، فإنه لا ينبغي له أن يستبرئها في القياس، ولكن أدع القياس وأجعل (¬4) عليه أن يستبرئها بحيضة مِن قِبَل أنها قد حلت للمشتري حيث اشتراها. ولو كان يعلم المشتري أنها لهذا ولم يطأ (¬5) لم يكن على هذا أن يستبرئها بحيضة بشيء؛ لأنها لم تحل للأول، ولأن الولد إذا علم المشتري لم يثبت نسبه (¬6). وفي الأول قد ثبت نسبه (¬7) فعلى مولاها الاستبراء مِن قِبَل هذا. وإن لم يطأ الجارية في المسألة الأولى فليس عليه استبراء. ولو زوجها المولى فمات عنها الزوج قبل أن يدخل بها أو بعدما دخل بها لم يكن للمولى أن يقربها حتى تعتد عدة المتوفى عنها زوجها. ولو طلقها الزوج بعد الدخول (¬8) لم يكن للمولى أن يقربها حتى تعتد (¬9) وتنقضي ¬

_ (¬1) ف: هذا في. (¬2) م - عليه أن. (¬3) م - الرجل. (¬4) ع: أو جعل. (¬5) ع: تطأ. (¬6) ع: نسيه. (¬7) م - وفي الأول قد ثبت نسبه. (¬8) ف: بعد الحول. (¬9) ع - عدة المتوفى عنها زوجها ولو طلقها الزوج بعد الدخول لم يكن للمولى أن يقربها حتى تعتد.

عدتها. ولو لم يدخل ما الزوج حتى طلقها كان للمولى أن يقربها (¬1) بعدما يستبرئها بحيضة. ولو تزوجت بغير إذن مولاها وأخبرت الزوج أنها حرة أو لم (¬2) تخبره وفرق بينهما قبل الدخول بها فليس على المولى أن يستبرئها (¬3). فإن فرق بينهما بعد الدخول فليس للمولى أن يقربها حتى تنقضي عدتها. وإذا وطئ الرجل الجارية لبعض ولده فلم تعلق (¬4) منه ثم بدا له فاشتراها من ولده ذلك فعليه أن يستبرئها بحيضة. وكذلك الولد إذا اشترى من أمه أو من أبيه. وكذلك إن اشترى من مكاتبه فعليه أن يستبرئها بحيضة. وإذا اشترى الرجل جارية من عبد له تاجر (¬5) فليس عليه أن يستبرئها؛ لأنها أمته. فإن كان على العبد دين يحيط برقبته وبما في يديه فهو في القياس سواء مِن قِبَل أنه لم يكن يملكها غيره، ولكن أدع القياس وأجعل عليه أن يستبرئها بحيضة في قياس قول أبي حنيفة. وأما في قياس (¬6) قول أبي يوسف ومحمد فلا استبراء على مولى العبد إذا كانت (¬7) قد حاضت عند العبد منذ اشتراها حيضة؛ لأن المولى يملكها وإن كان على عبده دين. وإذا وهب الرجل أمة لرجل وقبضها الموهوب ثم رجع فيها الواهب وقبضها فلا يقربها حتى يستبرئها بحيضة. وإذا ورث الرجل أمة أو أوصي (¬8) بها له أو دفعت إليه بجناية أو بدين كان له في عنقها فلا يقربها حتى تحيض حيضة. وإذا أسر العدو أمة لرجل ثم أصابها مع رجل قد اشتراها أو في المغنم بعد القسمة فأخذها بالقيمة أو بالثمن فليس له أن يقربها حتى يستبرئها ¬

_ (¬1) ف + حتى. (¬2) ع: ولم. (¬3) ف ع: أن يقربها. (¬4) ع: يعلق. (¬5) م: بأجر. (¬6) ع - قياس. (¬7) ع: إذا كان. (¬8) م: او وصي.

بحيضة. وكذلك لو أصابها قبل (¬1) أن يقسم فأخذها (¬2) بغير شيء؛ لأنه قد ملكها العدو عليه. ألا ترى أنهم لو أسلموا عليها كانت لهم، ولو أعتقوا جاز عتقهم. وإذا أبقت أمة لرجل أو كاتبها ثم عجزت فردت رقيقاً فليس عليه أن يستبرئ واحدة من هاتين؛ لأنها لم تخرج من ملكه. وكذلك لو غصبها إياه رجل أو رهنها أو أجرها. وكذلك لو باعها وهو بالخيار فاختارها فليس عليه أن (¬3) يستبرئها. وإذا باع الرجل أم ولده أو مدبرته وقبضها المشتري ثم ردها على البائع فليس عليه أن يستبرئها مِن قِبَل أنه لم يملك رقبتها ولا فرجها المشتري. ألا ترى أنها لو كانت امرأة للمشتري لم يفسد نكاحها ولم يجز عتقه فيها لو أعتقها لأنه لم يملك الرقبة، ولو ولدت عند المشتري لم يثبت نسب الولد من المشتري. وإذا أراد الرجل أن يبيع أمته وقد كان يطؤها فليس ينبغي له أن يطأها ويبيعها حتى يستبرئها (¬4) بحيضة. بلغنا نحو من ذلك عن عبد الله بن عمر (¬5). وليس ينبغي للمشتري أن (¬6) يجتزئ باستبراء (¬7) البائع إياها حتى يستبرئها بحيضة أخرى. ولو باع الرجل قبل أن يستبرئ أجزنا بيعه (¬8)، وعلى (¬9) المشتري أن يستبرئ بحيضة. ¬

_ (¬1) ف م ع: بعد. والتصحيح من ب جار ط؛ وكتاب السير من كتاب الأصل. انظر: 5/ 118 ظ. وانظر: الرد على سير الأوزاعي لأبي يوسف، 56. (¬2) ع: فأخذ. (¬3) ف - يستبرئ واحدة من هاتين لأنها لم تخرج من ملكه وكذلك لو غصبها إياه رجل أو رهنها أو أجرها وكذلك لو باعها وهو بالخيار فاختارها فليس عليه أن. (¬4) ف: حتى يشتريها. (¬5) المصنف لعبد الرزاق، 7/ 226. (¬6) ع - أن. (¬7) ف: باشتراء. (¬8) ع: ببيعه (مهملة). (¬9) ع ط: وكان على.

ولو أراد البائع أن يزوجها كان ينبغي له أن لا يزوجها حتى يستبرئها بحيضة. ولو زوج قبل أن يستبرئ (¬1) جاز ذلك، وينبغي للزوج أن لا يقربها حتى تحيض حيضة، وليس عليه ذلك بواجب في القضاء. وكذلك أم ولد الرجل أو مدبرته إذا أراد أن يزوجها. وإذا زنت (¬2) أمة لرجل فليس عليه أن يستبرئها، وليس في الزنا عدة ولا استبراء. فإن حملت من الزنا فليس له أن يقربها حتى تضع؛ لأن ما في بطنها ولد من غيره. وإذا كانت الأمة بين رجلين فباعها أحدهما كلها ثم سلم الآخر البيع بعدما قبض المشتري وبعدما حاضت حيضة فإن على المشتري أن يستبرئها بعدما أجاز البيع كله؛ لأن فرجها لا يحل له، ولا يملك الرقبة إلا بعدما أجاز هذا البيع (¬3). وكذلك لو باع أمة لرجل وقبضها المشتري وحاضت عنده حيضة ثم أجاز المولى البيع كان عليه أن يستبرئها بحيضة بعدما أجاز المولى البيع (¬4)؛ لأن الملك إنما وقع اليوم، وإنما حل فرجها اليوم حين أجاز البيع. ولو خلع الرجل امرأته على أمة لها فقبضها كان عليه أن يستبرئها بحيضة. ولو كاتب عبداً له على أمة بغير عينها ثم قبضها (¬5) كان عليه أن يستبرئها بحيضة. وكذلك لو أعتقه على خادم فقبضها منه كان عليه أن يستبرئها بحيضة (¬6). ¬

_ (¬1) ف ع: أن يشتري. (¬2) ع: ازنت. (¬3) ع - كله لأن فرجها لا يحل له ولا يملك الرقبة إلا بعدما أجاز هذا البيع. (¬4) ع: البيع المولى. (¬5) م: ثم اقبضها. (¬6) م - وكذلك لو أعتقه على خادم فقبضها منه كان عليه أن يستبرئها بحيضة؛ ع - ولو كاتب عبدا له على أمة بغير عينها ثم قبضها كان عليه أن يستبرئها بحيضة وكذلك لو أعتقه على خادم فقبضها منه كان عليه أن يستبرئها بحيضة.

ولو ارتدت خادم (¬1) لرجل عن الإسلام فاستتيبت (¬2) فتابت (¬3) لم يكن عليه أن يستبرئها؛ لأنها لم تخرج من ملكه وإن كان فرجها قد حرم عليه حين ارتدت، فإن حرمة (¬4) هذا كحرمة الحيض. وإذا اشترى الرجل أمة لها زوج لم يدخل بها فطلقها زوجها قبل أن يقبضها المشتري ثم قبضها المشتري فعلى المشتري أن يستبرئها بحيضة قبل أن يطأها. فإن لم يطلقها زوجها حتى قبضها منه المشتري ثم طلقها قبل أن تحيض فلا (¬5) بأس بأن يطأها المشتري قبل أن يستبرئها؛ لأنه قبضها ولا استبراء عليه فيها. فإن قبضها المشتري ثم زوجها فمات عنها زوجها فاعتدت بشهرين وخمسة أيام قبل أن تحيض فلا (¬6) بأس بأن يطأها المشتري قبل أن يستبرئها بحيضة. ولو لم يكن زوجها هذا مات عنها ولكنها (¬7) طلقها زوجها قبل أن يدخل بها وقبل أن تحيض عنده فلا يطؤها المشتري حتى يستبرئها بحيضة. ولو كانت قد حاضت عند زوجها ثم طلقها قبل الدخول أجزته هذه الحيضة من الاستبراء، وكان له أن يطأها قبل أن يستبرئها. ولو أن رجلاً اشترى (¬8) امرأته ولم يدخل بها حتى قبضها بعدما فسد النكاح فيما بينها وبين المشتري فليس عليه أن يستبرئها (¬9) وإن كانت لم تحض بعدما فسد النكاح. * * * ¬

_ (¬1) ع: خادما. (¬2) ف ع: فاستتيب. (¬3) ف: فمات؛ ع: فبانت. (¬4) ع: حرمته. (¬5) ف: ولا. (¬6) ع: فا. (¬7) ط: ولكن. (¬8) م: استبرا. (¬9) ع: أن تستبرئها.

باب الاستبراء في الأختين في البيع وغيره

باب الاستبراء في الأختين في البيع وغيره وإذا كان للرجل أمة يطؤها ثم اشترى أختها كان له أن يطأ الأولى التي كان يطؤها ولا يقرب أختها. فإن لم يكن وطئ واحدة منهما فله أن يطأ أيتهما شاء. فإن أراد أن يطأ التي كانت عنده وطئها بغير استبراء. فإن وطئهما جميعاً فقد أساء، فلا يقرب واحدة منهما ثانية (¬1) حتى يبيع الأخرى أو يزوجها. فإن زوج إحداهما بعد أن تحيض حيضة أو قبل أن تحيض (¬2) حيضة (¬3) فله أن يجامع الباقية منهما، غير أَنِّي أحب له أن لا يجامع الباقية منهما حتى تحيض أختها حيضة. وكذلك الزوج لو لم يقرب التي تزوج حتى تحيض حيضة كان أحب إلي، والنكاح جائز على كل حال. بلغنا ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا ينبغي لرجلين يؤمنان بالله واليوم الآخر أن يجتمعا (¬4) على امرأة في طهر (¬5) واحد" (¬6). فإن وطئها الزوج ثم طلقها الزوج وانقضت عدتها فليس ينبغي للمولى أن يقرب واحدة منهما أيضاً حتى يزوج أو يبيع. فإن باع إحداهما حل له وطء الأخرى. فإن اشترى التي (¬7) باع أو ردت عليه بعيب فلا ينبغي له أن يطأ واحدة منهما أيضاً حتى يملك فرج الأخرى عليه غيره. بلغنا عن عبد الله بن عمر هذا أو نحو من هذا. ¬

_ (¬1) ع: باينه. (¬2) ع: أن يختص. (¬3) م - أو قبل أن تحيض حيضة. (¬4) م ع: أن يجتمعان. (¬5) ع: في ظهر. (¬6) لم أجده بهذا اللفظ. لكن روي عن أنس مرفوعاً: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يغشين رجلان امرأة في طهر واحد". انظر: الكامل لابن عدي، 3/ 59. وروي عن رُوَيْفِع بن ثابت الأنصاري مرفوعاً: "لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يَسْقِيَ ماءَه زَرْعَ غيرِه، يعني إتيان الحَبَالَى، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقع على امرأة من السبي حتى يستبرئها". انظر: مسند أحمد، 4/ 108؛ وسنن أبي داود، النكاح، 44؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 252. (¬7) م ع: الذي.

ولو ارتدت إحداهما عن الإسلام لم يحل له أن يطأ الأخرى؛ لأن المرتدة في ملكه بعد، وحرمتها هاهنا كحرمة الحيض. وكذلك لو رهن إحداهما أو أجرها أو دبرها أو لحقها دين أو جنت جناية فإنه لا ينبغي أن يقرب الأخرى؛ لأن هذه لم تخرج من ملكه حتى تدفع بالجناية أو تباع في الدين الذي عليها. ولو كاتب (¬1) إحداهما أو أعتق (¬2) بعضها فقضى عليها القاضي بالسعاية فيما بقي عليها من قيمتها أو لم يقض (¬3) حل له أن يطأ الأخرى. فإن أدت فقد خرجت من ملكه. ألا ترى أنه لو وطئ هذه التي تسعى أو المكاتبة أعطاهما مهراً. وكذلك إذا أعتقها البتة على جُعْل أو على غير جُعْل حل له أن يطأ الأخرى. ولو لم يفعل هذا ولكنه وهب إحداهما أو تصدق بها وقبضت منه أو باع شقصاً حل له أن يطأ الأخرى. ولو (¬4) لم (¬5) يفعل هذا ولكن أهل الشرك أسروها (¬6) حل له أن يطأ الباقية منهما؛ لأن أهل الشرك (¬7) قد ملكوا التي أسروا (¬8). ولو أبقت إليهم لم يحل له أن يطأ الباقية؛ لأن التي أبقت في ملكه لم تخرج من ملكه. وهذا قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فان أبقت إليهم فأسروها (¬9) فأحرزوها حل له أن يطأ أختها؛ لأنهم قد ملكوها. ولو لم يكن شيء من هذا ولكنه زوج إحداهما نكاحاً فاسداً فوطئها زوجها ثم فرق بينهما فإنه لا بأس بأن يطأ الأخرى؛ لأن هذه في عدة ¬

_ (¬1) م ع: ولو كانت. (¬2) ع: أو عتق. (¬3) ع: لم يقضي. (¬4) ع - ولو. (¬5) ع: ولم. (¬6) ف: اشتروا. (¬7) ف: الشركه. (¬8) ف: اشتروا. (¬9) ف: فاشتروها.

وجبت عليها، وقد حرمت (¬1) على المولى حتى تنقضي العدة، [وهو] (¬2) بمنزلة موت زوجها عنها أو عدة من طلاق من نكاح صحيح. ولو فرق بينهما قبل أن يدخل بها لم ينبغ (¬3) للمولى أن يقرب واحدة منهما. ولكنها (¬4) إذا كانت عند الزوج ولم يفرق بينهما ولم يدخل بها لم يكن للمولى أن يقرب واحدة منهما. ولو باع إحداهما بيعاً فاسداً فقبضها المشتري فإنه يحل له أن يطأ الباقية منهما؛ لأنه قد ملك رقبة الأخرى غيره. ألا ترى أن عتق المشتري في التي اشتراها جائز، وأن عتق (¬5) البائع (¬6) فيها باطل. ولا يحل للمشتري أن يطأ التي عنده أيضاً، لأن بيعه فيها فاسد. فإن ترادا البيع فليس ينبغي للمولى أن يطأ واحدة منهما حتى يملك الأخرى عليه غيره. فإن باع التي لم يبع فلا يقرب التي ردت عليه حتى يستبرئها بحيضة؛ لأنه قد ملكها عليه غيره. وإذا تزوج الرجل أخت جاريته وقد كان يطأ جاريته فلا يقرب امرأته حتى يملك فرج أمته غيره. ولا ينبغي له أن يقرب أمته. ولو كانت [أخت] (¬7) امرأته أمة (¬8) ثم اشتراها كان له أن يقرب الأولى التي كان يقرب، والنكاح لا يشبه الملك في هذا. وإذا اشترى أخت أمته ولم يكن وطئ أمته كان له الخيار في أن يطأ أيتهما (¬9) شاء. فإن وطئ إحداهما لم يقرب الأخرى حتى يملك فرج التي ¬

_ (¬1) ف م ع: وقد حرت. والتصحيح مستفاد من ب ط؛ والمبسوط، 13/ 161. (¬2) من ط. (¬3) ع: لم ينبغي. (¬4) ف م ع: ولكنه. والتصحيح من ط. (¬5) م: أعتق. (¬6) ف م ع + في التي اشترى جائز وأن عتق. (¬7) من ط؛ والكافى، 1/ 174 و؛ والمبسوط، 13/ 161. (¬8) ف - أمة. (¬9) ع: أيهما.

وطئ غيره. فإن وطئ التي كانت عنده أول مرة ثم باعها فأراد أن يطأ التي اشترى وقد (¬1) كانت حاضت عنده حيضة قبل أن يبيع أختها فلا بأس بأن يقربها، وتجزيه هذه الحيضة من الاستبراء؛ لأنها حاضت في ملكه. والأختان من الرضاعة والأختان من النسب سواء في الحرمة؛ لأنه بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" (¬2). وإذا كانت (¬3) عند الرجل أمة يطؤها فاشترى (¬4) عمتها أو خالتها أو ابنة أخيها أو ابنة أختها من نسب كان أو رضاع فهو بمنزلة الأختين فيما ذكرنا. وإذا وطئ الرجل أمة لا تحل له أمها أبداً ولا بنتها ولا والدة (¬5) لها ولا ولد. وكذلك هي لا تحل (¬6) لوالد له ولا لولده. وكذلك إذا قبلها من شهوة أو لمسها من شهوة أو باشرها لشهوة أو نظر إلى فرجها من شهوة فهو بمنزلة الجماع في ذلك كله. فأما ما سوى الفرج في النظر فليس بشيء ولا يحرم ذلك شيئاً. بلغنا ذلك عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه خلا بجارية له وجرّدها، فاستوهبها ابن له منه، فقال: إنها لا تحل لك (¬7). ¬

_ (¬1) ع: ولو. (¬2) قال الإمام محمد: أخبرنا أبو حنيفة قال: حدثنا الحكم بن عتبة عن عراك بن مالك أن أفلح بن قُعَيس استأذن علي عائشة، فاحتجبت منه. فقال: أتحتجبين مني وأنا عمك؟ قالت: من أين؟ قال: أُرْضِعْتِ بلبن ابن أخي. فلما دخل عليها النبي ذكرت ذلك له. فقال: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب". انظر: الآثار لمحمد، 78. ورواه الإمام محمد عن الإمام مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر بلفظ: "يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة". انظر: الموطأ برواية محمد، 2/ 592. وانظر: صحيح البخاري؛ الشهادات، 7؛ وصحيح مسلم، الرضاع، 1 - 2؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 2/ 97. (¬3) ع: كان. (¬4) ع: واشترى. (¬5) ف م: ولا ولده؛ ط: ولا والد. والتصحيح من ع. (¬6) ف ع: لا تحل هي. (¬7) المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 479.

وبلغنا عن مسروق بن الأجدع أنه قال: بيعوا جاريتي هذه، أَمَا أني لم أصب منها إلا ما (¬1) يحرّمها على ولدي من اللمس والنظر (¬2). قال: حدثنا محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: إذا وطئ الرجل الجارية حرمت عليه أمها وابنتها وحرمت على ابنه وعلى أبيه (¬3). وإذا اشترى الرجل الجارية وهي صغيرة لا تحيض أو قد يئست (¬4) من الحيض من كبير فإنما عليه أن يستبرئها بشهر واحد. وإذا اشترى الرجل جارية وقبضها وعليها عدة من زوج من طلاق أو وفاة من زوج يوماً أو أكثر من ذلك أو أقل فليس عليه بعد ذلك استبراء؛ لأنها كانت في عدة واجبة، فليس يكون من الاستبراء شيء واجب أشد من هذا. ألا ترى أنه لو اشتراها وقبضها حتى مات عنها زوجها فاعتدت بشهرين وخمسة أيام حل له أن يطأها. ولو كان لا يحل الوطء ثم تزوجها آخر فمات عنها فاعتدت بشهرين وخمسة أيام لم يحل له أن يطأها. فهذا قبيح، والقياس فيه كثير، ولكنه يفحش. فإذا (¬5) انقضت عدتها حل له أن يطأها. ألا ترى أنه لو كانت حاملاً فولدت حل له (¬6) أن يطأها، فكذلك انقضاء العدة بغير ولد. وإذا اشترى الرجل جارية لها زوج ولم يدخل بها زوجها وقبضها ثم طلقها الزوج قبل أن يدخل بها حل للمولى أن يطأها؛ لأنه اشتراها وقبضها وهي عليه حرام. فإن كان البائع وطئها قبل أن يزوجها (¬7) فلا ينبغي للمشتري ¬

_ (¬1) ع - ما. (¬2) المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 480. (¬3) ف م ع + وحرمت عليه أمها وابنتها. وانظر: المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 481؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 2/ 134. (¬4) ط: قد أيست. (¬5) ف م ع: إذا. والتصحيح من ط. (¬6) ف: فولدت له حل. (¬7) ف: أن يتزوجها؛ ع: أن يتزوج بها.

أن يقربها حتى تحيض (¬1) حيضة. فإن كان لم يطأها أو كانت قد حاضت حيضة بعدما وطئها فلا بأس أن يقربها المشتري ولا يستبرئها. وإذا اشترى الرجل أمة قد حاضت فارتفع حيضها من غير أن تأيس (¬2) فإنه ينتظر بها حتى يعلم (¬3) أنها غير حامل ثم يقربها. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد في ذلك: أُوَقِّتُ (¬4) عدة الحرة في الوفاة (¬5) أربعة أشهر وعشراً إذا ارتفع حيضها، فلا يدرى أحامل هي (¬6) أو غير حامل، فإذا استبان حملها في الأربعة الأشهر والعشر فلا يقربها حتى تضع، فإن لم يستبن فلا بأس بأن يقربها. إذا وجب الاستبراء على المشتري لم يحل له أن يباشر ولا يقبل ولا يلمس لشهوة ولا ينظر إلى فرج لشهوة حتى يستبرئ. وإذا اشترى المكاتب جارية وقبضها وحاضت عنده ثم أعتق حل له أن يطأها، وكانت تلك الحيضة استبراء؛ لأنه قد ملكها. ألا ترى أن (¬7) مولاه (¬8) لو اشتراها منه قبل أن يطأها وقبل أن يعتق كان عليه أن يستبرئها بحيضة؛ لأنها في ملك المكاتب. وإذا اشترى المكاتب (¬9) جارية ثم حاضت عنده ثم عجز المكاتب فليس ينبغي للمولى أن يطأ الجارية حتى تحيض عنده حيضة بعدما عجز (¬10) المكاتب (¬11). فإن كانت الجارية التي كان اشتراها المكاتب ابنته أو أمه فحاضت عند المكاتب حيضة ثم عجز المكاتب (¬12) فلا بأس بأن يطأها ¬

_ (¬1) ع: أن يقبضها قبل أن تحيض. (¬2) ع: أن يابس. (¬3) ع: حتى تعلم. (¬4) ع ط: أوفت. (¬5) ف م: في الوفا؛ ع: في الوفاء. والتصحيح من ط. (¬6) ع: نفى. (¬7) ع - أن. (¬8) ف م ع: مولاها. والتصحيح من ط. (¬9) م: الرجل. (¬10) ف م: عجزه. والتصحيح من ط. (¬11) ع - فليس ينبغي للمولى أن يطأ الجارية حتى تحيض عنده حيضة بعدما عجز المكاتب. (¬12) ع - فحاضت عند المكاتب حيضة ثم عجز المكاتب.

المولى ولا يستبرئها؛ لأن (¬1) المكاتب حين اشتراها صارت مكاتبة للمولى. ألا ترى أن المولى لو أعتقها قبل أن يعجز المكاتب جاز عتقه. وكذلك هذا في (¬2) قول أبي يوسف ومحمد في كل جارية اشتراها المكاتب وهي ذات رحم محرم منه فهي بمنزلة هذا. فأما (¬3) في قياس (¬4) قول أبي حنيفة فعليه الاستبراء في ذلك كله إلا في ابنة أو أم أو جدة أو ابنة ابنة وإن سفلت. وإذا اشترى النصراني جارية فليس عليه أن يستبرئها؛ لأن ما فيه من الشرك أعظم من ترك الاستبراء. فإن أسلم قبل أن تحيض حيضة وقبل أن يطأها فليس عليه أن يستبرئها في القياس (¬5)، ولكني أستحسن وأجعل عليه أن يستبرئها بحيضة، وإن كان وطئها في نصرانيته فليس عليه أن يستبرئها. وإذا اشترى الرجل المسلم جارية مجوسية فحاضت بعدما قبضها حيضة ثم أسلمت حل له أن يطأها، وأجزته تلك الحيضة من الاستبراء. ألا ترى أنه لو اشتراها وهى مُحْرِمَة قد أذن لها في ذلك لم يحل له أن يطأها، وإذا حاضت حيضة ثم حلت وفرغت من الإحرام حل له أن يطأها وأجزته تلك الحيضة من الاستبراء. وإذا اشترى الرجل أخت البائع من الرضاعة أو جارية كانت عليه حراماً (¬6)، فعليه أن يستبرئها بحيضة. كما أنه لو اشتراها من امرأة كان عليه أن يستبرئها بحيضة (¬7). وإذا اشترى الرجل جارية من رجل فلم يقبضها الرجل (¬8) حتى ردها من عيب أو من غير عيب ومن (¬9) خيار فليس على البائع أن يستبرئها؛ لأن المشتري لم يكن قبض. وإذا اشترى الرجل أمة لها زوج لم يدخل بها وقبضها المشتري ثم ¬

_ (¬1) ع - لأن. (¬2) م - في. (¬3) ط: أما. (¬4) م - قياس. (¬5) ع - القياس. (¬6) ع: حر. (¬7) ع - بحيضة. (¬8) ف م ع: رجل. والتصحيح من ط. (¬9) ع: أو من.

باب آخر من الخيار في البيوع

طلقها الزوج أو مات عنها ولم يدخل بها فإنه ليس عليها عدة في الطلاق، وللمولى أن يطأها. فإن كان مولاها الأول وطئها قبل أن يزوجها ولم تحض (¬1) من يوم وطئها حيضة فإني أحب للمشتري أن لا يطأها حتى تحيض حيضة، أستحسن ذلك وأدع القياس فيه (¬2). واذا مات عنها الزوج فعليها شهران (¬3) وخمسة أيام، فإذا مضى ذلك فلا بأس بأن يطأها المولى. وإذا اشتراها المولى وهي في عدة من الزوج ميت طلاق أو موت فقبضها فمضت العدة فلا بأس بأن يطأها المولى. وإذا اشترى الرجل (¬4) الأختين فنظر إلى فروجهما جميعاً (¬5) لشهوة أو قبلهما جميعاً (¬6) لشهوة فلا ينبغي قوله (¬7) أن يطأ واحدة منهما حتى يملك فرج إحداهما عليه غيره بملك أو نكاح أو وجه من وجوه الملك. والنظر إلى الفرج من شهوة والقبلة بمنزلة الجماع. ... باب آخر من الخيار في البيوع وإذا (¬8) رأى الرجل عند الرجل جارية وساومه بها ولم يشترها (¬9)، ثم رآها بعد ذلك متنقبة فاشتراها منه بثمن مسمى، ولم يعلمه أنها تلك الجارية ولم يقع بينهما (¬10) منطق يستدل به أنه قد عرفها، فهو بالخيار إذا كشف نقابها: إن شاء أخذها، وإن شاء تركها، وهذا بمنزلة (¬11) من اشترى بَيْعاً (¬12) ولم يره. أرأيت لو رآها عنده وساومها ولم يشترها ثم رآها متنقبة عند آخر فاشتراها ولم يقل له: هي التي رأيت، ولم يأت بنطق ولا ¬

_ (¬1) ف م ع: لم تحض. والتصحيح من ط. (¬2) م ع - فيه. (¬3) ع + شهران. (¬4) ع - الرجل. (¬5) م - جميعاً. (¬6) م - جميعاً. (¬7) ف - له. (¬8) م: فإذا. (¬9) ع: يشتريها. (¬10) ع: منها. (¬11) ع + كما. (¬12) أي: مبيعاً.

أمر يستدل به على معرفة أن هذه الجارية هي (¬1) التي رأيت عند فلان فهو بالخيار إذا (¬2) رآها. ولو نظر (¬3) إلى جِرَاب هروي وقَلَّبَه ثم إن صاحب الجِرَاب قطع منه ثوباً ثم لقيه (¬4) بعد ذلك فأخبره أنه قطع منه ثوباً ولم يره إياه ثانية حتى اشتراه فهو بالخيار إذا رآه؛ لأنه لا يدري أي ثوب أخذ (¬5) لعله أخذ أجودها. ولو أن رجلاً عرض على رجل ثوبين فلم يشترهما (¬6) ثم لف أحدهما في منديل ثم اشتراه منه ولم يره ولم يعلم أيهما هو (¬7) فهو بالخيار إذا رآه. ولو أتاه بالثوبين جميعاً وقد لف كل واحد منهما في منديل فقال: هذان (¬8) الثوبان اللذان عرضت عليك أمس، فقال: قد أخذت (¬9) هذا لأحدهما بعشرين وهذا بعشرة، في صفقتين أو في صفقة واحدة، ولم يرهما في هذه المرة فأوجبهما له، فإن له الخيار؛ لأنه لا يعلم أيهما هذا من هذا. ولو قال: أخذت واحداً منهما بعشرة، ولم يسم (¬10) أيهما هو كان هذا فاسداً منهما (¬11). ولو قال: أخذت كل واحد منهما بعشرين، جاز ذلك (¬12) ولم يكن له خيار؛ لأنه أخذهما منه في (¬13) صفقة واحدة ولم يُفَضِّلْ (¬14) أحدَهما في الثمن (¬15). ¬

_ (¬1) ع - هي. (¬2) ف م: واذا. والتصحيح من ع ط. (¬3) ف م: ولم ينظر؛ ع: ولم نظر. والتصحيح من ط؛ والكافي، 1/ 174 ظ؛ والمبسوط، 13/ 163. (¬4) ف: ثم بعينه (مهملة)؛ م ع: ثم نصبه (مهملة). والتصحيح من ط. (¬5) ع: أخذه. (¬6) ع: يشتريهما. (¬7) ع - هو. (¬8) ع: هذاان. (¬9) ف ع: قد أجرت؛ م: قد احرت. والتصحيح من ط. (¬10) ع: يسمي. (¬11) ف م - كان هذا فاسدا منهما؛ والزيادة من ع ط. وعبارة ب: فهو فاسد. (¬12) ف - ذلك. (¬13) م - في. (¬14) ط: ولم يفصل. (¬15) ف: في اليمين (مهملة)؛ م ط: في الثمنين. والتصحيح من ع. وعبارة ب: وسوى بينهما في الثمن.

ولو اشترى ثوباً ولم يره ثم رهنه أو أجره يوماً أو باعه والمشتري (¬1) بالخيار كان هذا اختياراً (¬2) منه، ولم يكن له أن يرده (¬3) بالخيار. ولو باعه والبائع بالخيار فنقض (¬4) البيع كان له أن يرده إذا رآه. ولو كان عبداً اشتراه رجل ولا خيار فيه للبائع وكاتبه المشتري ولم يره ثم عجز (¬5) فرآه لم يكن له أن يرده بالخيار. وكذلك الخيار إذا كان شرطاً. ولو حُمّ العبد ثم ذهبت الحمى عنه كان له أن يرده إذا رآه. فإن كان قد رآه واشترط الخيار ثلاثة أيام فذهبت الحمى عنه قبل (¬6) الثلاث كان له أن يرده بالخيار. ولو أشهد على نقض البيع في الثلاث بمحضر من البائع والعبد محموم، ثم ذهبت الحمى عنه قبل الثلاث ولم يحدث رداً حتى مضت الثلاث، كان له أن يرده بذلك الرد. ولو تمت (¬7) به الحمى عشرة أيام لم يكن له (¬8) أن يرده بذلك الرد ولا بغيره. ولو (¬9) خاصمه في الثلاث إلى القاضي ورده المشتري فأبى البائع أن يقبله وهو محموم فإن القاضي يبطل الرد ويجيز البيع، فإن صح في الثلاث لم يكن له أن يرده بعد قضاء (¬10) ¬

_ (¬1) ف م ع: فالمشتري. والتصحيح من ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 164. (¬2) ع: اختيار. (¬3) ع: أن يردها. (¬4) ف م ع: فقبض. والتصحيح من ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 164. (¬5) ع + عن. (¬6) م: بعد. (¬7) ف م: ولو نعت (مهملة)؛ ع: ولو بقت؛ ط: ولو بقيت. والتصحيح من الحاكم. انظر: الكافي، الموضع السابق. ولفظ السرخسي: ولو تمادت. انظر: المبسوط، 13/ 165. (¬8) ع - له. (¬9) ع: ولا. (¬10) ع: قضما.

القاضي. وكذلك هذا القول في خيار الرؤية. ولو أشهد على رده في الثلاث بحضرة البائع وهو صحيح ثم حم قبل أن يقبضه البائع ثم أقلعت عنه الحمى وعاد إلى الصحة قبل الثلاث أو بعدها فإنه (¬1) يلزم البائع، ولا خيار له في ذلك؛ لأن المشتري فسخ البيع وهو صحيح. وكذلك خيار الرؤية. ولو خاصمه والحمى به فالبائع بالخيار: إن شاء قبل البيع ولا يأخذ للحمى أرشاً، وإن شاء لم يقبل. فإذا أبطل (¬2) القاضي الرد وألزم المشتري العبد فليس له أن يرده بعد ذلك. ولو جرح (¬3) العبد عند المشتري جرحاً (¬4) له أرش أو جرحه هو أو كانت (¬5) أمة فوطئها هو أو غيره لم يكن له أن يردها بخيار رؤية ولا بخيار الشرط. وكذلك لو ولدت ومات ولدها أو لم يمت. ولو كانت دابة أو شاة فولدت لم يكن له أن يردها بخيار الشرط ولا بخيار الرؤية. وكذلك لو قتل ولدها هو أو غيره. ولو مات موتاً كان له أن يردها بخيار الشرط والرؤية؛ لأنه من القتل (¬6) أخذ أرشاً، ووجب في حياة الولد معها ولد لم يشتره (¬7). ولو أن البائع جرحها عند المشتري أو قتلها وجب البيع على المشتري، وكان على البائع القيمة في خيار الشرط والرؤية. ولو استودعها المشتري البائع بعد ما قبضها فماتت عند البائع قبل أن يرضى المشتري فهو في القياس يلزم المشتري الثمن في خيار الشرط، ولكن أدع القياس وأجعلها من مال البائع في خيار الشرط. وفي خيار الرؤية هي من مال المشتري، وعليه الثمن؛ لأن البيع قد لزمه فيها حين يفسخه أو يرده. فأما في الخيار فإنه لم يستوجب بعد، وهو من مال البائع في قياس قول أبي حنيفة. فأما في قياس قول أبي يوسف - وهو قول محمد - فهي من (¬8) مال المشتري. ¬

_ (¬1) ع: فابه. (¬2) م: فإذا بطل. (¬3) ع: خرج. (¬4) ع: خرج. (¬5) ع: أو كاتب. (¬6) ع: من القبل. (¬7) ع: ولدا لم يشتريه. (¬8) ع - من.

باب بيع النخل إذا كان فيه ثمر فأكله البائع قبل المشتري أو أثمر بعد البيع فأكله البائع قبل قبض المشتري

باب بيع النخل إذا كان فيه ثمر فأكله البائع قبل المشتري أو أثمر بعد البيع فأكله البائع قبل قبض المشتري وإذا اشترى الرجل أرضاً ونخلاً بألف درهم، والأرض تساوي ألفاً والنخل يساوي ألفاً، ثم إن النخل بعد ذلك أثمر في يدي البائع مرة أو مرتين (¬1) أو أكثر من ذلك، كل مرة تساوي الثمرة ألفاً، فأكل ذلك كله البائع (¬2) قبل قبض المشتري، ثم جاء المشتري يطلب بيعه بكم يأخذ الأرض والنخل؟ قال: أصل ذلك أن تنظر (¬3) إلى كل شيء أثمر النخل في يدي البائع فأكله البائع، فتجمع (¬4) قيمة ذلك (¬5)، فتنظر (¬6) كم قيمته، ثم تضمه (¬7) إلى قيمة الأرض والنخل، ثم تقسم (¬8) الثمن على قيمة ذلك. فما أصاب الثمر (¬9) فإنه يحط عن المشتري من الثمن. فإن كان إنما أثمر مرة وقيمة الثمر ألف فأكله البائع فإن المشتري يأخذ الأرض والنخل بثلثي الثمن (¬10). فإن كان أثمر مرتين أخذ الأرض والنخل بنصف الثمن. وإن كان أثمر ثلاث مرات أخذ الأرض والنخل بخمسي (¬11) الثمن. وإن كان أثمر خمس مرات أخذ الأرض والنخل بسبعي الثمن؛ لأن الثمرة خمسة آلاف، والأرض والنخل ألفان (¬12)، فذلك سبعة آلاف. يقسم (¬13) الثمن على سبعة، فيصيب الأرض والنخل سبعان (¬14)، فيأخذ المشتري الأرض والنخل بذلك، ¬

_ (¬1) ع: أمرتين. (¬2) ف ع: البائع كله. (¬3) ع: أن ينظر. (¬4) ف: فتجتمع؛ ع: فيجتمع. (¬5) ع ط + كله. (¬6) ع: فينظر. (¬7) ع: ثم يضمه. (¬8) ع: ثم يقسم. (¬9) ف ع: الثمن. (¬10) ف م - فإن كان إنما أثمر مرة وقيمة الثمر ألف فأكله البائع فإن المشتري يأخذ الأرض والنخل بثلثي الثمن؛ والزيادة من ع ط. والعبارة مع شرحها في المبسوط، 13/ 168. (¬11) ف م ع: بخمس. والتصحيح من ط؛ والمبسوط، 3/ 169. (¬12) م ع: ألفين. (¬13) ع: فقسم. (¬14) م ع: سبعين.

ويحط عنه خمسة أسباع الثمن، وذلك حصة الثمرة. وإن كان في النخل يوم اشتراه ثمرة تساوي (¬1) ألفاً قد اشتراه مع الأرض والنخل (¬2) فأكله البائع، ثم أثمر بعد ذلك مرة أو مرتين أو أكثر من ذلك، فأكله البائع، ثم جاء المشتري بكم يأخذ الأرض والنخل؟ قال: أما الثمرة الأولى فإنها تذهب بثلث الثمن؛ لأنها ثلث البيع. وله ما أثمر بعد ذلك. فإن كان أثمر عشر مرات أو أكثر أو أقل (¬3) من ذلك فإنه يجمع كله، فتنظر (¬4) كم قيمته، ثم تضمه (¬5) إلى الأرض والنخل، ثم تقسم (¬6) ثلثي الثمن على جميع ذلك. فما أصاب حصة الأرض والنخل من ثلثي الثمن أخذ المشتري الأرض والنخل بذلك. وما أصاب حصة الثمن فإنه يحط عن المشتري من ثلثي الثمن. وإنما قسمته (¬7) على ثلثي الثمن لأن الثمرة الأولى قد ذهبت بثلث الثمن. ومن ذلك أنه إذا أثمر بعد الثمرة الأولى بثمرة تساوي ألفاً فأكله البائع فإن المشتري يأخذ الأرض والنخل بثلثي ثلثي الثمن، وهو أربعة أتساع جميع الثمن. فإن كان أثمر مرتين بعد الأولى فأكله البائع فإن المشتري يأخذ الأرض والنخل بنصف الثلثين. فإن كان أثمر ثلاث مرات بعد الأولى (¬8) فأكله البائع (¬9) فإن المشتري يأخذ الأرض والنخل (¬10) بخمس الثمن وثلث خمس الثمن، وهو أربعة أجزاء من خمسة عشر من جميع المال. وإنما كان ذلك على ما ذكرنا من الأجزاء (¬11) والأخماس لأن الثمرة الأولى ذهبت بثلث الثمن كله، وبقي الأرض والنخل بثلثي الثمن، فما أثمر بعد ذلك ثلاث مرات كل مرة تساوي ألفاً كان ذلك ¬

_ (¬1) ط: ثمر يساوي. (¬2) ف: مع النخل والأرض. (¬3) ع: أو أقل أكثر. (¬4) ع: فينظر. (¬5) ع: ثم يضمه. (¬6) ع: ثم يقسم. (¬7) ع: قيمته. (¬8) ع: الأول. (¬9) ع - فأكله البائع. (¬10) ف م - بنصف الثلثين فإن كان أثمر ثلاث مرات بعد الأولى فأكله البائع فإن المشتري يأخذ الأرض والنخل. والزيادة من ع. ونحوها في ط. ومعناها في ب. (¬11) ف م + من خمسة عشر من جميع المال وإنما كان ذلك على ما ذكرنا من الأجزاء.

ثلاثة آلاف، والأرض والنخل ألفين، فذلك خمسة آلاف وثلثا (¬1) الثمن (¬2)، فقسمت على خمسة، فالأرض والنخل من ذلك الخمسان، والثمر (¬3) ثلاثة أخماس (¬4)، فيأخذ المشتري الأرض والنخل بالخمسين (¬5) من الثلثين، ويحط عنه ما بقي، وهو ثلاثة أخماس الثلثين. فكذلك هذا الباب وما أشبهه كله على هذا القياس. وللمشتري في جميع ما ذكرنا إن كان في النخل ثمر (¬6) يوم اشتراه أو لم يكن فأثمر بعد ذلك فأكله البائع فإن للمشتري الخيار في جميع ذلك: إن شاء أخذه بما ذكرنا من الثمن، وإن شاء تركه. فإن كان الثمر الذي أثمر بعد البيع لم يأكله البائع، ولكن أصابته آفة من السماء فذهبت به، ونقص ذلك النخل، فإن المشتري هاهنا بالخيار أيضاً: إن (¬7) شاء أخذه بجميع الثمن، وان شاء تركه (¬8). ولا يشبه هذا أكل البائع الثمر. وإن كان ذهاب هذا الثمر (¬9) بالآفة التي أصابته لم ينقص النخل شيئاً فإن المشتري لا يكون له الخيار، ولكن البيع له لازم، ويأخذه بجميع الثمن. وإنما خالف الثمرة التي كانت في النخل يوم اشترى النخل الثمرة التي حدثت بعد ذلك لأن الثمرة الأولى التي كانت في النخل (¬10) حيث اشترى كانت من أصل (¬11) البيع، ووقع عليها بعينها البيع، فصارت لها (¬12) حصة من الثمن، وأما إذا أثمر بعد ذلك إنما هو زيادة في النخل بحصته من الثمن، يكون من ثمن الأرض والنخل خاصة. والزيادة في البيع مخالف لما يقع عليه، فلذلك اختلفا. وهذا قول أبي يوسف الأول، وهو قول محمد. ¬

_ (¬1) ع: وثلثي. (¬2) ف - الثمن. (¬3) ف م ع: والثمن. والتصحيح من ط. (¬4) م: الأخماس. (¬5) ف م ع: بالخمس. والتصحيح من ط. (¬6) ف: ثم. (¬7) ف ع: فإن. (¬8) ع: تركته. (¬9) ف: الثمن. (¬10) م - النخل. (¬11) ف م ع: من أهل. والتصحيح من ط. (¬12) ف م ع: فصار له. والتصحيح من ط.

باب الرجل يبيع العبد فيجني عليه البائع والمشتري قبل القبض ثم يموت من جنايتهما

وقال أبو يوسف بعد ذلك: كل ثمرة حدثت في يدي البائع بعد البيع فهو زيادة في النخل دون الأرض. ... باب الرجل يبيع العبد فيجني عليه البائع والمشتري قبل القبض ثم يموت من جنايتهما وإذا اشترى الرجل من الرجل عبداً بألف درهم فلم يقبضه حتى قطع البائع يده فالمشتري بالخيار: إن شاء أخذ العبد بنصف الثمن، وإن شاء تركه. وما استهلك منه البائع فإنما هو شيء ذهب منه، ليس فيه على البائع ضمان، إلا أن الثمن يبطل عن المشتري منه بحساب ما انتقص (¬1) البائع من العبد، وذلك النصف؛ لأن اليد من العبد نصفه. ولو كانت اليد شلت من غير فعل أحد كان المشتري بالخيار: إن شاء أخذ العبد بجميع الثمن، وإن شاء ترك البيع (¬2) للعيب الذي حدث في العبد. ولو كانت اليد قطعها أجنبي فالمشتري بالخيار: إن شاء أخذ العبد بجميع الثمن واتبع الجاني بنصف القيمة، وان شاء ترك البيع. فإن أخذ العبد واتبع الجاني بنصف القيمة (¬3) تصدق بما زادت نصف القيمة على نصف الثمن، لأنه ربح ما لم يضمن. فإن (¬4) ترك البيع اتبع البائع الجاني بنصف القيمة، ويتصدق أيضاً بما زاد نصف القيمة على نصف الثمن؛ لأنه قطع وهو لغيره (¬5). ¬

_ (¬1) ف + من. (¬2) ف - البيع، صح هـ. (¬3) ع + وإن شاء ترك البيع فإن أخذ العبد واتبع الجاني بنصف القيمة. (¬4) ع: وإن. (¬5) ع: بغيره.

وإن كان الذي قطع يده هو المشتري فإن هذا (¬1) اقتضاء (¬2) منه لجميع العبد. فإن هلك العبد بعد ذلك من قطع اليد أو من غير قطع اليد ولم يكن البائع منع المشتري العبد بعدما قطع المشتري يد العبد (¬3) فعلى المشتري جميع الثمن إن مات من القطع أو من غيره. فإن كان البائع منع المشتري عن قبض العبد بعدما قطع المشتري يد العبد ثم مات العبد في يدي البائع من قطع اليد فعلى المشتري جميع الثمن. فإن (¬4) مات من غير قطع اليد فعلى المشتري نصف الثمن بقطع (¬5) اليد، لأنه استوفى حين قطع اليد نصف ما اشترى، لأن (¬6) اليد من العبد نصفه، ثم منعه البائع ما بقي حتى هلك في يديه من غير فعل المشتري، وبطل من المشتري ثمن (¬7) ما بقي من العبد. وإذا اشترى الرجل من الرجل عبداً بألف درهم فلم يقبضه حتى قطع البائع يده ثم إن المشتري قطع رجله من خلاف ثم برأ منهما جميعاً فلا خيار للمشتري في هذا، ويلزمه العبد بنصف الثمن، ويبطل عنه نصف الثمن لقطع البائع يده. وإنما بطل خياره في هذا الوجه لأنه قطع رجله بعدما قطع البائع يده، فكان هذا (¬8) اختياراً (¬9) منه للبيع، والرضا بالعبد أقطع. ولو لم يكن البائع قطع يده ولكن المشتري هو الذي قطع يده قبل ثم قطع البائع رجله بعد ذلك فبرأ منهما جميعاً فإن المشتري بالخيار: إن شاء أخذ العبد وأعطى (¬10) ثلاثة أرباع الثمن، وإن شاء أبطل البيع. لزمه نصف الثمن بقطعه اليد؛ لأنه حين قطع اليد فقد استوفى نصف ما اشترى من ¬

_ (¬1) ف: هذ. (¬2) ع: قضا. (¬3) م + ثم مات العبد. (¬4) ع: وإن. (¬5) ع: منقطع. (¬6) ع: الان. (¬7) ف م - ثمن؛ والزيادة من ع ط. وعبارة ب جار: فسقط باقي الثمن. (¬8) ف م ع: كان هذا؛ ط: فكان في هذا. (¬9) ع: اختيار. (¬10) ع: وأعطاع.

البائع، ثم قطع البائع بعد رجله (¬1) من خلاف، فمنع نصف ما بقي بعد اليد، فالمشتري بالخيار فيما بقي من العبد: إن شاء أخذه بربع الثمن مع النصف (¬2) الذي لزمه بقطع اليد، وإن شاء ترك. وإنما جاز الخيار في هذا الباب للمشتري ولم يكن له في الباب الأول خيار لأن القطع في هذا الباب كان من البائع (¬3) بعد رضا المشتري؛ لأن البائع حين جنى على العبد بعد جناية (¬4) المشتري ولم يحدث من المشتري بعد قطع البائع شيء (¬5) في العبد يكون قد رضي به البائع. وفي الباب الأول كانت جناية المشتري بعد جناية البائع، فكان ذلك منه رضاً بأن يأخذ العبد بجناية البائع عليه، فلذلك اختلفا. وإذا اشترى الرجل من الرجل عبداً بألف درهم فنقده (¬6) الدراهم ولم يقبض حتى (¬7) قطع المشتري يده، ثم ثَنَّى البائع منقطع رجله من خلاف، فبرأ من ذلك كله، فإن العبد للمشتري، ولا خيار له فيه، وعلى البائع للمشتري نصف قيمة العبد المقطوع اليد. ولا يشبه نقد الثمن في هذا غير نقد الثمن؛ لأن المشتري حين نقد الثمن ثم قطع صار قابضاً لجميع العبد بقطعه اليد، وصار البائع لا يقدر على منعه حتى يدفع إليه الثمن. فلما قطع البائع رجله بعد ذلك كان بمنزلة رجل قطع رِجْلَ عبدِ رَجُلٍ ليس بينه وبينه فيه بيع، فيغرم نصف قيمته مقطوع اليد بقطعه الرجل. ولو كان البائع هو الذي قطع اليد قبل المشتري ثم إن المشتري قطع رجله بعد ذلك لم يكن للمشتري في العبد خيار، ولزمه البيع بنصف الثمن، ويرجع المشتري على البائع بنصف الثمن (¬8) الذي أعطاه. وإنما افترق هذا ¬

_ (¬1) ع + بعد ذلك فبرأ منهما جميعاً فإن المشتري بالخيار إن شاء أخذ العبد وأعطى ثلاثة أرباع الثمن وإن شاء أبطل البيع لزمه نصف الثمن بقطعه اليد لأنه حين قطع اليد فقد استوفى نصف ما اشترى من البائع ثم قطع البائع بعد رجله. (¬2) م: من النصف. (¬3) ف م ع: مع البائع. والتصحيح من ط. (¬4) ع: جنايته. (¬5) ع: شيئاً. (¬6) ع: فينقده. (¬7) ع + جنى. (¬8) ع - الثمن.

والباب الأول لأن المشتري لم يقبض العبد حين قطع البائع يده، فأبطل بقطع يد العبد نصف الثمن عن المشتري، وصار المشتري بالخيار: إن شاء أخذ ما بقي من العبد بنصف الثمن، وإن شاء تركه. فلما قطع المشتري رجله بعد قطع البائع كان هذا رضاً منه بالعبد واختياراً (¬1) للبيع، فيلزمه ما بقي من العبد، وبطل عنه نصف الثمن بقطع البائع يد العبد قبل أن يقبضه المشتري. ولو كان المشتري هو الذي قطع اليد قبل قطع البائع كان هذا قبضاً منه لعبده الذي اشترى كله: ما قطع منه وما بقي، فليس للبائع أن يمنعه ما بقي من العبد؛ لأنه قد استوفى الثمن. فلما قطع رجله صار (¬2) ضامناً لنصف قيمته (¬3) مقطوع اليد؛ لأنه بمنزلة عبد لا بيع بينهما فيه. وإذا اشترى الرجل من الرجل عبداً بألف درهم ولم ينقده الثمن حتى قطع البائع يد العبد، ثم قطع المشتري بعد ذلك رجله من خلاف، فمات من ذلك كله في يدي (¬4) البائع، فإن المشتري يبطل عنه من الثمن خمسة أثمانه، ويلزمه ثلاثة أثمان (¬5) الثمن؛ لأن البائع حين قطع يد العبد قبل قطع المشتري بطل عن المشتري بقطع البائع اليد نصف الثمن. ثم إن المشتري قطع رجل العبد وهو ربع جميع ما اشترى؛ لأنه نصف ما بقي بعد اليد. فوجب عليه بعد ذلك ربع الثمن؛ لأنه لم يقبضه حين جنى عليه. ثم مات العبد من القطعين جميعاً. وإنما بقي من العبد ربعه، فصار على المشتري من ذلك الربع بعضه، وهو الثمن من جميع الثمن، وبطل عنه نصف ذلك الربع، وهو أيضاً الثمن؛ لأن البائع هو الذي (¬6) استهلك ذلك الثمن. فبطل عن المشتري نصف الربع الباقي، وهو الثمن من جميع العبد، وصار عليه نصف ذلك الربع، وهو ثمن الجميع، فبطل عنه (¬7) خمسة أثمان الثمن، ووجب عليه ثلاثة أثمانه. ¬

_ (¬1) ع: واختيار. (¬2) ع - صار. (¬3) ف: قيمة. (¬4) ع: في يد. (¬5) ع: أثمانه. (¬6) ع - هو الذي؛ ع + قد. (¬7) ع - فبطل عنه.

ولو كان المشتري هو الذي قطع اليد قبل قطع البائع ثم إن البائع قطع الرجل بعد ذلك من خلاف، فمات العبد من ذلك كله، فإن على المشتري في هذا خمسة أثمان الثمن، ويبطل عنه ثلاثة أثمان الثمن؛ لأن المشتري حين بدأ قطع (¬1) اليد كان قابضاً لنصف ما اشترى، ووجب عليه نصف الثمن. فلما قطع البائع رجله بعد ذلك كان قد منع ربع العبد، فبطل المسمى بذلك ربع الثمن. ثم مات العبد من القطعين جميعاً. فبطل (¬2) عن المشتري نصف الربع الباقي، وهو الثمن من جميعه، وصار عليه نصف ذلك الربع، وهو ثمن الجميع، فوجب عليه خمسة أثمان الثمن، وبطل عنه ثلاثة أثمانه. وإذا اشترى الرجل من الرجل عبداً بألف درهم ونقده الثمن، ثم إن المشتري قطع يد العبد، ثم إن البائع قطع رجله بعد ذلك من خلاف، فمات العبد من ذلك كله، فإن العبد لازم للمشتري بجميع الثمن، وعلى البائع للمشتري ثلاثة أثمان قيمة العبد؛ لأن المشتري حين قطع يده صار قابضاً لجميع العبد، وصار البائع لا يقدر على منعه. فلما جنى عليه كان بمنزلة عبد لا بيع بينهما فيه حين جنى عليه. وهو ضامن لجنايته من قيمته، وجنايته عليه ثلاثة أثمان قيمته صحيحاً. ولو كان البائع هو الذي قطع يده قبل ثم إن المشتري قطع رجله بعد ذلك ثم مات منهما (¬3) جميعاً، وقد كان المشتري نقد الثمن، فإن المشتري يرجع على البائع بنصف الثمن الذي نقده، ويلزم العبد المشتري بنصف الثمن الذي نقد، ويرجع المشتري على البائع بثمن القيمة؛ لأن البائع قبل أن يقطع المشتري رجله (¬4) أبطل (¬5) من الثمن بعضه، ثم إن المشتري قطع رجله، فصار قابضاً لما بقي منه، ثم مات العبد من فعلِ يدٍ فَعَلَه البائع قبل ¬

_ (¬1) ط: بقطع. (¬2) ع: فبطع. (¬3) ف: عنهما. (¬4) م - رجله. (¬5) ف م ع: بطل. والتصحيح من ط. أي أبطل البائع بعض الثمن بقطع اليد. انظر: المبسوط، 13/ 176.

القبض ومِن (¬1) فِعل المشتري. فعلى البائع ما حدث فيه (¬2) من فعله بعد قبض المشتري له، فيكون عليه ذلك من قيمة العبد. والذي حدث بعد قبض المشتري من جناية البائع الثمن، فعليه ثمن القيمة. لا يبطل في هذا الموضع ثمن الثمن؛ لأن هذا حدث بعد قبض المشتري وبعدما صار البائع لا يقدر على منع العبد. فكل (¬3) شيء كان من جناية البائع بعد قبض المشتري العبد وقد نقد المشتري البائع الثمن فإنما على البائع فيه القيمة. وكل شيء كان من جناية البائع قبل قبض المشتري فإنه يبطل عن المشتري به من الثمن بحساب ذلك. وإذا اشترى الرجل عبداً من رجل بألف درهم فنقده الثمن أو لم ينقده حتى قطع البائع يده، ثم قبضه المشتري بإذن البائع أو بغير إذنه، فمات في يد المشتري من جناية البائع عليه، فإن الثمن يبطل عن المشتري منه نصفه (¬4)، فإن كان قبض البائع رد على المشتري نصفه. وإن (¬5) كان لم ينقد الثمن دفع المشتري (¬6) إلى البائع نصفه، وما هلك من العبد في يدي المشتري بجناية البائع، فعلى المشتري ثمنه. فلا (¬7) ضمان على البائع فيه، لأن المشتري قبضه فصار ضامناً. ولا يشبه أخذ المشتري العبد في هذا القبض بالجناية والقبض بالحدث يحدثه المشتري في العبد. كل شيء حدث من جناية البائع الأول بعدما يحدث فيه المشتري جناية، فإن كان البائع لم ينتقد الثمن بطل عن المشتري من الثمن بحساب ما استهلك البائع منه قبل قبض المشتري العبد بالحدث الذي أحدثه المشتري فيه (¬8)، بطل عن ¬

_ (¬1) ف م ع: وهي. والتصحيح من ط. (¬2) ف م - فيه؛ والزيادة من ع ط. (¬3) ع: وكل. (¬4) م + وإن كان لم ينقد الثمن دفع المشتري إلى البائع نصفه. (¬5) ع: فكان. (¬6) ع: المشتر. (¬7) ع: ولا. (¬8) ف ع: فيه المشتري.

المشتري من الثمن (¬1) بحساب ذلك. وما حدث من استهلاك البائع بعد قبض المشتري بالحدث الذي أحدثه فيه المشتري [إن كان البائع انتقد الثمن] (¬2) فعلى البائع فيه القيمة. وإذا كان القبض من المشتري بغير جناية جناها في العبد، إنما أخذ العبد أخذاً فهلك في يديه بجناية (¬3) جناها عليه البائع قبل قبض المشتري، فإن البائع لا ضمان عليه فيما هلك عند المشتري من ذلك، ولا يبطل عن المشتري (¬4) بذلك شيء من الثمن، إنما يبطل من الثمن حصة المشتري فيما (¬5) استهلك البائع من العبد قبل أن يأخذه المشتري. ألا ترى أن رجلاً لو فقأ عين عبده وقطع رجله أو قطع يده ثم غصبه إياه رجل فمات في يديه من فعل المولى كان على الغاصب قيمة العبد يوم غصبه إن كان قد مات من فعل مولاه. وإذا اشترى الرجل عبداً من رجل فلم ينقد الثمن حتى قبضه بغير أمر البائع، فقطع البائع يده في يد المشتري، ولم يأخذه حتى مات العبد من قطع اليد في يد المشتري، أو من غير ذلك، فإن كان مات من قطع اليد فقد بطل البيع ولا ضمان على المشتري في العبد ولا في ثمنه؛ لأن البائع حين قطع يده في يد المشتري ثم مات من ذلك فكأن البائع أخذه من المشتري فمات في يديه. فإن (¬6) كان العبد قد مات من غير قطع البائع بطل عن المشتري نصف الثمن بقطع البائع يده، ووجب على المشتري نصف الثمن بموت العبد في يديه. فإذا اشترى الرجل من الرجل عبداً بألف درهم فلم ينقده الثمن حتى ¬

_ (¬1) م - من الثمن. (¬2) من ط. وهو مستفاد من المبسوط، 13/ 176. (¬3) ف - جناها في العبد إنما أخذ العبد أخذا فهلك في يديه بجناية. (¬4) ع + من ذلك ولا يبطل عن المشتري. (¬5) ف: وما؛ م ع: م. والتصحيح من ط. وهي مستفادة أيضاً من نسخة ب حيث يقول: إنما يسقط من الثمن حصة ما أتلفه البائع قبل أخذ المشتري. وانظر: المبسوط، 13/ 176. (¬6) ع: وإن.

أحدث (¬1) المشتري فيه عيباً ينقصه من الثمن شيئاً، فلم يمنعه البائع العبد بعد ذلك حتى مات العبد من غير ما أحدث المشتري، فإن أبا حنيفة كان يقول: هذا قبض من المشتري لجميع العبد، وعليه جميع الثمن. ولو كان المشتري باعه وقبضه الذي اشتراه منه بعدما أحدث المشتري فيه فإن ما أحدث (¬2) [فيه] (¬3) كان بيعه جائزاً؛ لأنه قبض، وإذا باع عبداً قد قبضه [فهو جائز] (¬4). وقال أبو حنيفة: إذا اشترى الرجل من الرجل (¬5) جارية فلم يقبضها المشتري حتى زوجها رجلاً فالنكاح جائز (¬6). فإن ماتت قبل أن يقبضها المشتري ماتت من مال البائع، ولم يكن هذا من المشتري (¬7) قبضاً. وكان ينبغي في القياس أن يكون هذا (¬8) قبضاً؛ لأنه عيب دخل الجارية. ألا ترى أنها (¬9) ترد منه. ولكن (¬10) أبا حنيفة قال: أستحسن أن لا أجعله قبضاً؛ لأنه ليس بعيب حدث في بدنها (¬11). وكان أبو حنيفة يقول: إن وطئها الزوج ثم ماتت بعد ذلك ماتت من مال المشتري، وصار على المشتري جميع الثمن نقصها (¬12) وطء الزوج أو لم ينقصها (¬13). وكذلك وطء المشتري: لو وطئها وهي ثيب (¬14) في يدي البائع ثم ماتت بعد ذلك ولم يمنعها البائع المشتري فعلى المشتري جميع الثمن. فإن كان البائع منعها المشتري بعد وطء المشتري أو الزوج إياها أوَ، لم ينقصها (¬15) الوطء شيئاً ثم ماتت فإن أبا حنيفة قال: انتقض البيع فيها، ولا شيء على المشتري من العقر ولا من ¬

_ (¬1) ع: أخذت. (¬2) ع: م أحدثه. (¬3) من ط. (¬4) من ط. وانظر: المبسوط، 13/ 177. (¬5) ع - من الرجل. (¬6) ع: جائزا. (¬7) ع + ماتت من مال البائع ولم يكن هذا من المشتري. (¬8) ف ع - هذا. (¬9) ع: أنه. (¬10) ع: وكان. (¬11) ع: في يديها. (¬12) م ع: بقبضها. (¬13) م: لم يقبضها؛ ع: لم ينقضها. (¬14) ع: بنت. (¬15) الواو من ط. وانظر: المبسوط، 13/ 178.

الثمن. فإن كانت بكراً أو كان الوطء قد نقصها فإن أبا حنيفة كان لا ينظر في هذا إلى العقر، ولكنه ينظر إلى ما نقصها الوطء، فيجعل على المشتري من الثمن حصة ذلك ويبطل ما بقي. ولو كان البائع هو الذي وطئها فلم ينقصها شيئاً أخذها المشتري بجميع الثمن، ولا عقر على البائع في ذلك في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإنه ينظر إلى عقرها وإلى قيمتها، فيقسم الثمن على ذلك، ويبطل عن المشتري حصة العقر من الثمن، وتكون الجارية للمشتري بما بقي من الثمن. وإن كان وطء البائع نقصها (¬1) أو كانت بكراً فإن أبا حنيفة كان لا ينظر في هذا إلى العقر، ولكنه (¬2) ينظر إلى ما نقصها الوطء، فيبطل بحصة (¬3) ذلك عن المشتري من الثمن (¬4). وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإنما (¬5) ينظر إلى الأكثر من ذلك من العقر والنقصان، فيطرح عنه من الثمن حصة ذلك. وإذا اشترى الرجل عبداً من رجل بألف درهم ولم ينقده الثمن حتى قطع البائع يد العبد، ثم قطع المشتري ورَجُلٌ أجنبي رِجْلَ العبد من خلاف معاً، فمات العبد من ذلك كله، فإن المشتري قد بطل عنه من الثمن بقطع البائع اليد نصفه، ولزم المشتري ربع الثمن بقطعه (¬6) [وَ] قطع (¬7) الأجنبي رِجْلَ العبد، ثم يرجع المشتري على (¬8) الأجنبي بنصف أرش الرِّجْل، وهو ثمن العبد صحيحاً. وقد مات العبد من ذلك كله، فبطل عن المشتري من الثمن حصة ثلث ما بقي من العبد، وهو ثلثا (¬9) جميع الثمن، ويلزمه من الثمن الثمن وثلث الثمن بجنايته وجناية الأجنبي على ما بقي من العبد. ويرجع المشتري على الأجنبي أيضاً بثلثي ثمن القيمة بجنايته على النفس، فيكون على الأجنبي من قيمة العبد ثمن العبد بقطع الرجل وثلثا (¬10) ثمن ¬

_ (¬1) م: ينقصها؛ ع: بعضها. (¬2) م: ولكن. (¬3) ط: حصة. (¬4) ع - من الثمن. (¬5) م: فانها؛ ع: فانهما. (¬6) م: بقطه. (¬7) الواو من ط. (¬8) ع - المشتري على. (¬9) ع: ثلثي. (¬10) ع: وثلثي.

القيمة بما استهلك من النفس. ويكون على المشتري من ثمن العبد ثلاثة أثمان الثمن وثلث ثمن الثمن بجنايته وجناية الأجنبي. ولا يتصدق المشتري بشيء مما أخذ من الأجنبي وإن كان ما أخذ منه (¬1) أكثر من حصته من الثمن؛ لأنه إنما جنى عليه الأجنبي مع قبض المشتري إياه. ولو كان البائع والأجنبي هما اللذان قطعا اليد قبل المشتري، ثم قطع المشتري رجل العبد من خلاف، فمات العبد من ذلك كله، فإن على المشتري من الثمن بقطعه الرجل ربع الثمن، وعليه بما استهلك (¬2) من النفس ثلثا ثمن الثمن، ويكون عليه أيضاً بجناية الأجنبي على العبد ربع الثمن، وبجناية الأجنبي على النفس ثلثا ثمن الثمن، فيؤدي ذلك إلى البائع، ويرجع المشتري على الأجنبي بربع القيمة بقطعه اليد، وبثلثي ثمن القيمة بما استهلك من النفس، فيكون ذلك على عاقلة الأجنبي في ثلاث سنين كل سنة من ذلك الثلث. فإذا قبض ذلك المشتري فإن كان الذي قبض من جناية الأجنبي على اليد أكثر من ربع الثمن تصدق بالفضل على ربع الثمن؛ لأنه ربح ما لم يضمن. وإنما (¬3) كان قبضه (¬4) للعبد بجنايته عليه بعد جناية الأجنبي على اليد. وأما ما استهلك الأجنبي من النفس فإن كان فيه فضل على ما غرم المشتري من حصة ذلك من الثمن لم يكن على المشتري أن يتصدق به؛ لأنه ربح ما قد قبض وضمن. ألا ترى أن رجلاً لو اشترى عبداً بألف درهم فلم يقبضه حتى قطع رجل أجنبي يده، فقبضه على ذلك ورضيه، ثم مات العبد في يدي المشتري من جناية الأجنبي عليه، فإن (¬5) على عاقلة الأجنبي جميع قيمة العبد في ثلاث سنين. فإذا أخذها المشتري فإن كان فيها فضل على الثمن تصدق بنصف ذلك الفضل (¬6)، وهو حصة اليد؛ لأنه ربح ما لم يضمن؛ لأن اليد قطعت وليس العبد في ضمانه. وأما ¬

_ (¬1) ف - منه. (¬2) م: ما استهلك. (¬3) ع: وإذا. (¬4) ع: قبضة. (¬5) ع: كان. (¬6) ف م ع: الثمن. والتصحيح من ط؛ والمبسوط، 13/ 182.

ما هلك في يدي المشتري فإن كان في قيمته فضل على (¬1) حصته من الثمن فهوطيب للمشتري؛ لأنه ربح ما ضمن، فصار في ملكه مضموناً. وإذا اشترى الرجل عبداً من رجل بألف درهم فلم ينقده الثمن حتى قطع المشتري والأجنبي يد العبد معاً، ثم قطع البائع بعد ذلك رجله من خلاف، ثم مات من ذلك كله، فإن المشتري بالخيار: إن شاء سلم للبائع من الثمن نصفه بقطعه وقطع الأجنبي يد العبد، ويرجع المشتري على الأجنبي بربع (¬2) القيمة، ولا يتصدق بما كان في ذلك من فضل؛ لأن جناية الأجنبي كانت مع قبض المشتري للعبد بقطعه اليد، ويرجع البائع على المشتري أيضاً بثمن الثمن وثلث ثمن الثمن باستهلاكه واستهلاك الأجنبي النفس، ويرجع المشتري على الأجنبي بثلثي (¬3) ثمن قيمة العبد، ويبطل عن (¬4) المشتري (¬5) من الثمن ثمنا (¬6) جميع الثمن وثلثا (¬7) ثمن (¬8) جميع الثمن بقطع البائع رجل العبد، واستهلاك البائع النفس بعد قطع الرجل. وإن شاء المشتري نقض البيع ولزمه من (¬9) الثمن حصة جنايته خاصة، وذلك ثمنا (¬10) جميع الثمن وثلثا (¬11) جميع ثمن (¬12) الثمن، ويرجع البائع على الأجنبي بثمني جميع قيمة العبد وثلثي ثمن جميع قيمة العبد (¬13). فإن كان في ذلك فضل عن ثمني (¬14) الثمن وثلثي ثمن الثمن (¬15) تصدق به البائع؛ لأنه ربح ما لم يكن له حين جنى عليه الأجنبي، فلا أحب له أكله. وإذا اشترى الرجل من الرجلين عبداً بألف درهم ولم ينقدهما الثمن ¬

_ (¬1) ع - على. (¬2) م: ربع. (¬3) م ع: ثلثي. (¬4) ع: على. (¬5) ع - المشتري. (¬6) ف: ثمن؛ ع: ثمني. (¬7) ع: وثلثي. (¬8) ف - ثمن. (¬9) م ع - من. (¬10) ع: ثمني. (¬11) ع: وثلثي. (¬12) ع - ثمن. (¬13) ما - وثلثي ثمن جميع قيمة العبد. (¬14) ف ع: عن ثمن. (¬15) ع - وثلثي ثمن الثمن.

حتى قطع أحد البائعين يد العبد، ثم قطع البائع الآخر رجل العبد من خلاف، ثم فقأ المشتري عيني العبد، فمات العبد من ذلك كله في يدي البائع، فإن البيع قد لزم المشتري بفقئه (¬1) العين بعد جناية البائعين. ولو (¬2) لم (¬3) يكن فقأ العين كان بالخيار: إن شاء نقض البيع، وإن شاء أخذه. فأما إذا فقأ العين بعد جناية البائعين فهذا اختيار (¬4) منه للبيع، فيكون عليه من الثمن للقاطع الأول ثمن جميع الثمن وخمسة أسداس ثمن جميع الثمن، ويكون عليه للقاطع (¬5) الثاني من الثمن على المشتري ثمنا (¬6) جميع الثمن (¬7) وخمسة أسداس ثمن جميع الثمن، ويبطل ما بقي من الثمن، ويرجع المشتري على القاطع الأول بثمني قيمة العبد وسدس ثمن قيمة العبد، فيكون ذلك على عاقلته في ثلاث سنين، ويكون على القاطع الثاني للمشتري ثمن قيمة العبد [وسدس ثمن قيمته] (¬8) على عاقلته في ثلاث سنين (¬9)، ويتصدق المشتري بما زاد ذلك كله على ما غرم من الثمن إلا سدس ثمن (¬10) قيمة العبد مما غرم (¬11) البائعان (¬12) له، فإن فضلهما على سدس ثمن الثمن يطيب له. وإذا اشترى رجلان العبد (¬13) من رجل بألف (¬14) درهم ولم ينقدا (¬15) الثمن حتى قطع أحد المشتريين (¬16) يد العبد، ثم قطع المشتري الآخر رجله ¬

_ (¬1) ع: بفقية. (¬2) ع - ولو. (¬3) ع: ولم. (¬4) ع: اختار. (¬5) ف م: القاطع. والتصحيح من ع ط؛ والكافي، 1/ 176 و. (¬6) ع: ثمني. (¬7) ف + ويكون على القاطع الثاني من الثمن على المشتري ثمنا جميع الثمن. (¬8) من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 183. وفي ط: وسدس ثمن قيمة العبد. (¬9) ف - ويكون على القاطع الثاني للمشتري ثمن قيمة العبد وسدس ثمن قيمة العبد على عاقلته في ثلاث سنين. (¬10) م - ثمن. (¬11) ف م ع: ما غرم. والتصحيح من ب ط. (¬12) ع: البائعين. (¬13) ع: العبد رجلان. (¬14) م ع: ألف. (¬15) ع: ينقد. (¬16) ع: المشترين.

من خلاف، فمات من ذلك كله، فإن البيع يلزم المشتريين (¬1) جميعاً بالثمن كله، ويرجع القاطع الثاني على القاطع الأول بثمني قيمة العبد ونصف ثمن قيمة العبد، ويرجع القاطع الأول على القاطع الثاني بثمن قيمة العبد ونصف ثمن قيمة العبد (¬2)، فيكون ذلك على عاقلة (¬3) كل واحد منهما لصاحبه في ثلاث سنين. فإن كان البائع فقأ عينه بعد قطع المشتريين جميعاً اليد والرجل فمات من ذلك كله فإن المشتريين بالخيار: إن شاءا نقضا البيع، وكان للبائع على القاطع الأول ثمنا (¬4) الثمن وسدس ثمن الثمن (¬5)، ويكون على القاطع الثاني من الثمن ثمن الثمن وسدس ثمن الثمن، ويرجع البائع أيضاً على القاطع الأول بثمني القيمة وسدس ثمن القيمة، ويرجع البائع على القاطع الثاني بثمن القيمة وسدس ثمن القيمة، ويبطل من جناية البائع على العبد ثمن الثمن وثلث ثمن الثمن. فإن اختار المشتري أخذ العبد كان على كل واحد من المشتريين ثلاثة أثمان الثمن وثلث ثمن الثمن، ويبطل عنهما (¬6) من الثمن ثمن الثمن وثلث ثمن الثمن بجناية البائع على العبد، ويرجع القاطع الثاني على القاطع (¬7) الأول بثمني جميع القيمة وسدس ثمن القيمة، ويرجع القاطع الأول على القاطع الثاني بثمن جميع القيمة (¬8) وسدس ثمن جميع (¬9) القيمة، فيكون ذلك على عاقلة كل واحد منهما في ثلاث سنين. وإذا اشترى الرجل من الرجل عبداً بألف درهم ولم ينقده الثمن حتى ¬

_ (¬1) ع: المشترين. (¬2) ح - ويرجع القاطع الأول على القاطع الثاني بثمن قيمة العبد ونصف ثمن قيمة العبد. (¬3) ح: على عاقلته. (¬4) ف م: ثمن؛ ع: ثمني. والتصحيح من ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 184. وفي ب: ربع الثمن. وهو صحيح أيضاً. (¬5) ع - الثمن. (¬6) ع: عنها. (¬7) ع: على القا. (¬8) ع - وسدس ثمن القيمة ويرجع القاطع الأول على القاطع الثاني بثمن جميع القيمة. (¬9) ف - جميع.

قطع البائع يد العبد، ثم قطع المشتري بعد ذلك اليد الأخرى، أو قطع الرجل التي في جانب اليد المقطوعة، فمات العبد من ذلك كله، فإن المشتري يبطل عنه نصف الثمن بقطع البائع يد العبد، ثم ينظر إلى ما نقص العبد من جناية المشتري عليه في قطع يده أو رجله. وهذا لا يشبه قطع الرجل من خلاف؛ لأن هذا استهلاك للعبد، فنقصانه أكثر من نقصان قطع الرجل من خلاف (¬1). فينظر إلى ما نقص العبد من جناية المشتري عليه، فإن كان نقصه أربعة أخماس ما بقي كان عليه أربعة أخماس نصف الثمن، وقد تلف (¬2) الخمس الباقي، وهو عشر جميع العبد من فعلهما (¬3) جميعاً، فعلى المشتري بجنايته على ذلك نصف ذلك العشر، فيكون عليه أربعة أعشار الثمن ونصف عشر الثمن، ويبطل عنه خمسة أعشار الثمن ونصف عشر الثمن. وعلى هذا جميع ما وصفت لك في هذا الوجه. وإذا اشترى الرجل من الرجل عبداً بألف درهم ولم ينقده الثمن حتى قطع المشتري يد العبد، ثم قطع البائع رجل العبد من خلاف، ثم مات العبد من غير ذلك ولم يحدث البائع للمشتري منعاً، فإن على المشتري ثلاثة أرباع الثمن؛ لأن المشتري حين قطع اليد قبل البائع وجب عليه نصف الثمن بقطع اليد، فكان بقطعه اليد قابضاً لما بقي من العبد. فلما قطع البائع رجله بعد ذلك كان قابضاً حصة (¬4) الرجل خاصة بذلك الربع من جميع العبد، فبطل عن المشتري ربع الثمن بذلك، وصار المشتري (¬5) على قبضه الأول فيما بقي من العبد؛ لأن البائع لم يحدث له منعاً فيما بقي من العبد، فإذا مات العبد من غير فعل البائع والمشتري فإنما مات في ضمان المشتري وقبضه، فعليه ثمن ما بقي من العبد، وهو ربع جميع الثمن، فوجب عليه ¬

_ (¬1) ع - لأن هذا استهلاك للعبد فنقصانه أكثر من نقصان قطع الرجل من خلاف. (¬2) ف م: فاتت (مهملة)؛ ع: مات؛ ط: فات. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 13/ 185. (¬3) ع: من فعلها. (¬4) م ع: بحصة. (¬5) ع: المشتر.

باب بيع الرجل العبد أو الأمة فيزيد قبل القبض أو يثقص أو تلد ولدا فيموت ولدها أو يحدث به عيب

بذلك وباليد التي قطعها (¬1) ثلاثة أرباع الثمن. ولو كان العبد حياً لم يمت وقد برأ من القطعين جميعاً فالمشتري بالخيار: إن شاء أخذ ما بقي من العبد [وأعطاه ثلاثة أرباع الثمن، وإن شاء تركه] (¬2) وأعطاه نصف الثمن بقطعه اليد. ولو كان البائع منع العبد بعد قطعه الرجل وأراد المشتري أخذه بثلاثة أرباع الثمن، فمنعه البائع إياه حتى يعطيه الثمن، فمات في يده من غير جناية، فليس على المشتري من الثمن إلا نصف الثمن (¬3) بقطعه اليد خاصة؛ لأن البائع منعه لِمَا (¬4) بقي من العبد، فنقض قبض المشتري له. ولا يشبه منع البائع ما بقي من العبد الجناية عليه إذا جنى عليه بعد قبض المشتري. وإنما (¬5) يكون مانعاً بجنايته لما استهلك من العبد بتلك الجناية خاصة، ولا يكون قابضاً لما بقي. وإذا منع ذلك وقد طلبه المشتري منه فهذا منع قد نقض قبض المبيع، فإن هلك في يد البائع بعد ذلك هلك ما بقي من مال البائع. ... باب بيع (¬6) الرجل العبد أو الأمة فيزيد قبل القبض أو يثقص أو تلد (¬7) ولداً فيموت ولدها أو يحدث به عيب وإذا اشترى الرجل من الرجل جارية بألف درهم وقيمتها ألف درهم، فولدت ولداً عند البائع ابنة تساوي (¬8) ألفاً، ونقصت الولادة الأم، فالمشتري بالخيار: إن شاء أخذهما جميعاً (¬9) بجميع الثمن، وإن شاء تركهما. فإن ¬

_ (¬1) ف م: قطعهما. (¬2) الزيادة من الكافي، الموضع السابق. وقريب منها في نسخة ب. وهي مع شرحها في المبسوط، 13/ 185. (¬3) ف م - إلا نصف الثمن؛ والزيادة من ع ب ط؛ والكافي، الموضع السابق. (¬4) ط: فيما. (¬5) ف ع: فإنما. (¬6) ف م: منع. (¬7) ع: أتلد. (¬8) ع: يساوي. (¬9) ف - جميعاً.

اختار أخذهما فلم يأخذهما حتى ولدت الابنة ابنة (¬1) تساوي ألفاً وقد نقصها (¬2) الولادة فإن المشتري أيضاً بالخيار: إن شاء أخذهم بجميع الثمن، وإن شاء ترك. فإن زادت الوسطى حتى صارت تساوي ألفين فقبضهن جميعاً والوسطى تساوي ألفين والأخرى تساوي ألفاً (¬3) والأم قد نقصت قيمتها فهي تساوي خمسمائة، فوجد بالأم عيباً بعدما قبضهن جميعاً، فإنه يرد الأم بربع الثمن، ولا يلتفت إلى نقصانها، إنما ينظر إلى قيمتها يوم وقع البيع. فإن لم يكن وجد بالأم عيباً ولكنه وجد بالثانية عيباً فإنه يردها بنصف الثمن؛ لأن قيمتها يوم قبضها ألفا درهم، ولا ينظر إلى ما كانت قيمتها قبل ذلك. فإن لم يجد بالثانية عيباً ولكنه وجد بالآخرة عيباً فإنه يردها بربع الثمن؛ لأن قيمتها يوم قبضها ألف درهم. ووجه هذا الباب في الرد بالعيب أنك تنظر إلى قيمة الأم يوم وقع عليها البيع، ولا تنظر (¬4) إلى زيادة كانت بعد ذلك ولا إلى نقصان، وتنظر (¬5) إلى قيمة ما ولدت (¬6) من الولد بعد البيع يوم يقبض (¬7) المشتري، ولا ينظر إلى زيادة كانت قبل ذلك ولا إلى نقصان. وكذلك ولد ولدها. فإذا وجد المشتري بشيء من (¬8) ذلك (¬9) عيباً بعدما قبضه قسم الثمن على قيمة التي اشتريت يوم وقع البيع وعلى قيمة الولد يوم قبض المشتري ولا عيب فيه. وإذا اشترى الرجل أمتين بألف درهم، قيمة إحداهما (¬10) خمسمائة، وقيمة الأخرى ألف درهم، فولدت كل واحدة منهما ولداً يساوي ألفاً، ثم اعورت الأم التي تساوي ألفاً، فاختار المشتري أخذ ذلك كله بالثمن، فقبض ذلك كله ودفع الثمن، ثم وجد بالعوراء عيباً وقيمتها خمسمائة، فإنه يردها بثلاثمائة وثلاثة وثلاثين وثلث؛ لأنها وابنتها بثلثي الثمن، وقيمة ابنتها ألف ¬

_ (¬1) ف: ابنا. (¬2) ط: نقصتها. (¬3) ع: ألف. (¬4) ع: ينظر. (¬5) ع: وينظر. (¬6) م ع: ما وليت (مهملة). (¬7) ف م ع: ثم يقبض. والتصحيح من ب ط؛ والكافي، الموضع السابق. (¬8) م - بشيء من. (¬9) م: بذلك. (¬10) ف م: أحدهما.

درهم يوم قبضها المشتري، وقيمة الأم يوم وقع البيع ألف درهم، فحصتها من الثمن النصف من الثلثين، وهو ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون (¬1) وثلث. فإن لم يجد بالعوراء عيباً ولكنه وجد بالأم الأخرى عيباً فإنه يردها بمائة وأحد عشر درهماً (¬2) وتسع درهم؛ لأن حصتها وحصة ابنتها من الثمن الثلث، وهو ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون (¬3) وثلث، وقيمة ابنتها يوم قبضها المشتري ألف درهم، وقيمة الأم يوم وقع عليها البيع خمسمائة، وإذا قسمت ثلث الثمن على قيمتها صارت حصة الأم من ذلك الثلث، وهو مائة وأحد عشر درهماً وتسع درهم. وإذا اشترى الرجل من الرجل شاة بثلاثين درهماً (¬4) فولدت قبل القبض فأراد المشتري ردها فليس له ذلك؛ لأن هذا ليس نقصاناً (¬5) في الشاة كما تكون (¬6) الولادة نقصاناً (¬7) في الخادم. وكذلك كل شيء كانت ولادته لا تنقصه (¬8) فإن المشتري يجبر على أخذها ولا خيار له في ذلك. فإن رأى بهما عيباً قبل القبض فهو بالخيار: إن شاء أخذهما جميعاً بجميع الثمن، وإن شاء تركهما، وليس له أن يأخذ أحدهما دون صاحبه. فلو لم يجد بالأم عيباً ولكنه وجد بالولد عيباً فلا خيار له، والولد والأم لازمان له بجميع الثمن. وكذلك لو مات الولد قبل القبض أخذ الأم بجميع الثمن، ولا خيار له فيها. فإن كان البائع هو الذي قتل الولد قسم الثمن على قيمة الأم يوم وقع البيع عليها، ولا ينظر في ذلك (¬9) إلى زيادة القيمة ولا إلى نقصانها، وينظر إلى قيمة الولد يوم قتله البائع، فيقسم الثمن ¬

_ (¬1) ع: وثلثين. (¬2) ع: درهم. (¬3) م ع: وثلثين. (¬4) ف - وتسع درهم وإذا اشترى الرجل من الرجل شاة بثلاثين درهما؛ ط - بثلاثين درهما. (¬5) م: بنقصان؛ ع: نقصان. (¬6) ع: يكون. (¬7) ع: نقصان. (¬8) ع: لا ينقصه. (¬9) م - في ذلك.

على ذلك، فما أصاب الولد من الثمن ألقي عن المشتري (¬1) وأخذ الأم بما بقي. وقال أبو يوسف ومحمد في هذا: إن له الخيار في الأم؛ لأن البائع قد استهلك بعض ما وقع عليه البيع؛ لأنه يقول: إذا قتل (¬2) الولد صارت له حصة من الثمن، فإذا صارت له حصة من الثمن فكأن البيع وقع عليهما (¬3). وإذا قبضهما (¬4) المشتري جميعاً ثم وجد بالأم عيباً ردها بحصتها من الثمن، ولا يكون له أن يرد الولد. فإن لم يجد بالأم عيباً (¬5) ولكنه وجد بالولد عيباً (¬6) رده بحصته من الثمن. ولا يشبه القبض في هذا غير القبض. إذا قبضهما جميعاً صار (¬7) كأن البيع وقع عليهما جميعاً. ألا ترى أنه يرد (¬8) الأم بحصتها من الثمن إذا وجد بها العيب دون الولد، ولا يكون له أن يرد الولد، فكذلك (¬9) الولد أيضاً هو بمثل حال الأم. فإن لم يقبضهما (¬10) حتى وجد بالولد عيباً لم يكن له أن يردهما بذلك؛ لأن الولد لم يكن له حصة من الثمن حتى يقبض. ألا ترى أنه إنما يقسم الثمن على قيمة الولد يوم يقبض (¬11) المشتري. وإذا اشترى الرجل جارية بألف درهم بإحدى عينيها (¬12) بياض ¬

_ (¬1) ف م ع: على المشتري. وفي ط؛ والكافي، 1/ 176 ظ؛ والمبسوط، 13/ 188: بطل عن المشتري. (¬2) ع + البائع. (¬3) م ع: عليها. (¬4) ف م ع: قبضها. والتصحيح من ط. (¬5) ف + رده بحصتها من الثمن ولا يكون له أن يرد الولد فإن لم يجد بالأم عيبا. (¬6) ع - ردها بحصتها من الثمن ولا يكون له أن يرد الولد فإن لم يجد بالأم عيبا ولكنه وجد بالولد عيبا. (¬7) ع: صان. (¬8) م: أنه لو رد. (¬9) ف: فلذلك. (¬10) ف م ع: لم يقبضها. والتصحيح من ط. (¬11) ف م ع: ثم يقبض. والتصحيح من ب جار ط. (¬12) ع: عينها.

وقيمتها ألف درهم فولدت ولداً يساوي ألف درهم (¬1)، ثم ذهب البياض الذي بعينها فصارت تساوي ألفين، ثم إن البائع ضرب العين التي كانت في الأصل صحيحة فابيضت، فرجعت إلى قيمتها الأولى فصارت تساوي ألفاً، وبياض العين ينقصها أربعة أخماس القيمة الأولى، فإني لست ألتفت إلى زيادة، ولكن أنظر كم ينقصها البياض لو كان بياض العين الأول على حاله، فإن كان ينقصها أربعة أخماس قيمتها الأولى وذلك ثمانمائة فإن المشتري بالخيار: إن شاء أخذهما بستة (¬2) أعشار الثمن، وإن شاء تركهما. فإن اختار أخذهما فقبضهما ثم وجد بالأم عيباً فإنه يردها بسدس ما أخذهما به، وذلك عشر الثمن كله. ولو لم يجد بالأم عيباً ولكنه وجد بالولد رده بخمسة أسداس ما أخذهما به. ولو لم يكن البائع ضرب العين الصحيحة ولكنه ضرب العين التي كان بها البياض بعدما ذهب البياض، فعاد البياض إلى حاله الأولى، فإن المشتري في قول أبي يوسف ومحمد بالخيار: إن شاء أخذهما بثلثي الثمن، وإن شاء تركهما. فإن أخذهما بثلثي الثمن فوجد بالأم عيباً بعد القبض ردها (¬3) بنصف ما أخذهما به. ولو كان وجد بالولد (¬4) عيباً فكذلك أيضاً. وإنما يأخذهما بثلثي الثمن لأن ذهاب بياض العين زيادة فيها لها (¬5) قيمة، فلما جنى على تلك الزيادة (¬6) وجب فيها (¬7) أرش، فصار بمنزلة ولد ولدته فجنى عليه. وإذا كان إنما جنى على العين الصحيحة التي كانت في الأصل كذلك فإني لمست أعتد بهذه الزيادة في بدنها، ولا تكون (¬8) بمنزلة الولد؛ لأنها ليست تزايل الأم (¬9)، فهي وإن كانت قيمتها مائة ألف فكأنها ألف. ألا ترى أنها مضمونة بذلك، وأن الرجل إذا رهن (¬10) جارية بألف ¬

_ (¬1) ع - درهم. (¬2) ع: ستة. (¬3) ف: رد. (¬4) ف: بالوجد ولد. (¬5) م ع: له. (¬6) ف م: زيادة. (¬7) ع: فيه. (¬8) ع: في يديها ولا يكون؛ ع + في. (¬9) ف م: للأم؛ ع: بزايل للأم؛ ط: مزايلة للأم. (¬10) ف: إذا ارتهن.

تساوي ألفاً (¬1) [فولدت ولداً قيمته ألف] (¬2) ثم ماتت الأم أنها تموت بالنصف؛ لأن الأم كانت (¬3) ألفاً (¬4). والزيادة إذا جنى عليها وأخذ أرشها فكأنه [276/ 1 و] ولد ولدته، وما كان في رقبتها وبدنها فكأنه لم يكن قط، ولا يشبه المزايل الذي قد زال عنها ما كان فيها. وإذا اشترى الرجل من الرجل جارية بألف درهم قيمتها ألف درهم وإحدى عينيها بيضاء، فذهب البياض فصارت تساوي ألفين، ثم إن عبداً لرجل أجنبي ضرب تلك العين فعاد البياض كما كان، فإن مولى العبد بخير: فإن شاء دفع العبد، وإن شاء فدى بألف درهم بأرش العين. فإن دفع العبد وقيمته خمسمائة فأخذهما المشتري جميعاً بجميع الثمن ثم إنه وجد بالعبد عيباً فإنه يرده (¬5) بثلث الثمن؛ لأن قيمته خمسمائة يوم قبضه المشتري، وقيمة الجارية (¬6) يوم وقع عليها البيع ألف درهم، فإنه يقسم الثمن على قيمة ذلك. وإن كان المشتري إنما وجد العيب بالجارية ردها بثلثي الثمن. فإن كان المشتري لم يقبض العبد حتى زاد في يدي البائع فصار يساوي ألف درهم فقبضهما (¬7) المشتري ثم وجد بأحدهما (¬8) عيباً فإنه يرده (¬9) بنصف الثمن. وإذا اشترى الرجل جارية بألف تساوي ألفاً ففقأ البائع عينها ثم إنها ولدت بعد الفقء ولداً يساوي ألفاً فإن المشتري بالخيار: إن شاء أخذهما بنصف الثمن، وإن شاء تركهما. فإن كان (¬10) الفقء بعد الولادة فالمشتري بالخيار: إن شاء أخذهما بثلاثة أرباع الثمن، وإن شاء تركهما. ولا يشبه الفقء قبل الولادة الفقء (¬11) بعدها؛ لأنه إذا فقأ العين قبل الولادة بطلت ¬

_ (¬1) م ع: ألف. (¬2) الزيادة من ب جار. وزاد في ط: ثم ولدت ولدا يساوي ألفا. (¬3) ع: كأنها. (¬4) م ع: ألف. (¬5) ع: يرد. (¬6) ف: الجاية. (¬7) ف م ع: فقبضها. والتصحيح من ط. (¬8) ع: بإحداهما. (¬9) ع: يرد. (¬10) ف م: كانت. (¬11) ع: بالفقا.

حصتها من الثمن، فلا تعود (¬1) فيه أبداً. وإذا كان الفقء بعد الولادة فالولد يذهب من الثمن بحساب ذلك. ولا يشبه البيع في هذا الرهن؛ لأن البيع قد بطل فيه بعض الثمن، فكأنه اشترى شيئاً فمات، فبطل عنه وبطل البيع فيه، وفي (¬2) الرهن (¬3) إنما ذهب من مال الراهن خمسمائة، فبطل حصتها (¬4) من الدين. فإن (¬5) كانت ولدت ولداً يساوي ألفاً بعد ذلك أو قبله فهو سواء، ويبطل من الدين مقدار خمسمائة (¬6) في (¬7) قيمة الأم وقيمة ولدها يوم يقبض (¬8). وإذا اشترى الرجل جارية بألف درهم وهي تساوي ألف درهم، بيضاء إحدى العينين، ففقأ البائع العين الباقية فصارت تساوي مائتي درهم، فالمشتري بالخيار: إن شاء أخذها (¬9) بمائتي درهم، وإن شاء تركها (¬10). فإن لم يخترها (¬11) ولم يأخذها حتى ذهب بياض عينها الأولى فصارت تساوي ألفاً فالمشتري بالخيار: إن شاء أخذها بمائتي درهم، وإن شاء تركها (¬12)؛ لأن ذهاب بياض عينها إنما هو بمنزلة الزيادة في بدنها. وكذلك لو كان بياض عينها ذهب قبل أن يفقأ البائع عينها الأخرى فصارت تساوي ألفي درهم، ثم إن البائع فقأ عينها التي كانت صحيحة قبل الدفع (¬13) فنقصها ¬

_ (¬1) م ع: فلا يعود. (¬2) م ع - وفي. (¬3) م ع: والرهن. (¬4) ف م ع: حصتهما. والتصحيح من ب جار ط. (¬5) ع: وإن. (¬6) م: خمس؛ م ع + فان. (¬7) ف - في. (¬8) ف م ع + وقيمة ولدها. والتصحيح من ط. (¬9) ع: أخذهما. (¬10) ع: تركهما. (¬11) ع: لم يحبرها. (¬12) ف + فإن لم يخترها ولم يأخذها حتى ذهب بياض عينها الأولى فصارت تساوي ألفا فالمشتري بالخيار إن شاء أخذها بمائتي درهم وإن شاء تركها. (¬13) قال شحاتة: كذا، ولا يظهر معنى "الدفع" هاهنا، والمقصود أنها كانت صحيحة قبل ذلك أي يوم وقع البيع. انظر: الأصل (شحاتة)، 321. وليس كلامه بسديد. وعبارة=

ذلك نصف قيمتها اليوم، وهو ألف درهم. ولو كان بياض العين على حالها نقصها فقء العين أربعة أخماس قيمتها فإنه إنما ينظر إلى نقصان فقء العين في قيمتها الأولى، ولا ينظر إلى نقصانها في هذه القيمة، فالمشتري بالخيار: إن شاء أخذها بخمس الثمن وهو مائتا (¬1) درهم، وإن شاء تركها. وإذا اشترى الرجل جارية بألف درهم تساوي ألفاً، وهي (¬2) بيضاء إحدى العينين، ففقأ البائع عينها (¬3) الباقية، فصارت تساوي مائتي درهم، ثم إن البياض الأول ذهب من عينها فصارت تساوي ألفاً، ثم إن عبداً لرجل أجنبي ضرب العين التي برأت (¬4)، فعاد البياض إلى حاله، فإن (¬5) مولى العبد بالخيار: إن شاء دفع العبد بجنايته إلى البائع، وإن (¬6) شاء فداه بثمانمائة درهم. فإن دفعه إلى البائع وقيمته خمسمائة فالمشتري بالخيار: إن شاء أخذهما جميعاً بمائتي درهم، وإن شاء تركهما. فإن اختار أخذهما جميعاً فقبضهما ثم وجد بالجارية عيباً ردها بسبعي الثمن الذي نقد، وهو مائتا (¬7) درهم. وإن لم يجد بها عيباً ولكنه وجد بالعبد عيباً رد (¬8) بخمسة أسباع الثمن. ولو كان البائع لم يفقأ عين الجارية حتى ذهب بياض عينها فصارت تساوي (¬9) ألفي درهم، ثم إن عبداً لرجل (¬10) ضرب العين التي برأت (¬11) فعادت إلى حالها، ثم إن البائع فقأ العين الثانية فصارت تساوي مائتي درهم، فإن مولى العبد بالخيار: إن شاء دفع العبد، وإن شاء أخذه بألف درهم. فإذا دفع العبد وقيمته خمسمائة درهم إلى البائع فالمشتري ¬

_ = الحاكم: وإن لم يأخذها حتى ذهب بياض عينها الأولى وصارت تساوي ألفاً فالمشتري على خياره. انظر: الكافي، الموضع السابق. فالمقصود هو "قبل الدفع إلى المشتري". وانظر: المبسوط، 190/ 13 - 191. (¬1) ع: مائتي. (¬2) ع: وهو. (¬3) ف - عينها. (¬4) ع: براة. (¬5) ف: لأن. (¬6) ف: فإن. (¬7) ع: مائتي. (¬8) ع: رده. (¬9) ف م: فصار يساوي. (¬10) ع: عبد الرجل. (¬11) ع: براة.

باب قبض المبيع أمر البائع أو بغير أمره وقد قبض البائع الثمن أو لم يقبض

بالخيار: إن شاء أخذهما جميعاً، وإن شاء تركهما. فإن أخذهما (¬1) فإن عليه من الثمن خمسي (¬2) الثمن وثلث خمس الثمن (¬3)، وبطل عنه بفقء البائع عين الجارية خمسا (¬4) الثمن وثلثا (¬5) خمس الثمن؛ لأن العبد زيادة بمنزلة الولادة، فكأنها ولدت ولداً (¬6) يساوي خمسمائة وقيمتها ألف درهم، ففقأ البائع عينها الصحيحة، فنقصها ذلك ثمانمائة درهم، فالمشتري بالخيار: إن شاء أخذهما وولدهما (¬7) بخمسي (¬8) الثمن وثلث خمس الثمن، وإن شاء تركهما. ... باب قبض المبيع أمر البائع أو بغير أمره وقد قبض البائع الثمن أو لم يقبض وإذا اشترى الرجل من الرجل عبداً بألف درهم حالة فليس للمشتري أن يقبض العبد حتى يعطي الثمن. فإذا أعطاه الثمن فله أن يقبض العبد. فإن لم يقبض العبد حتى وجد البائع الدراهم التي قبض زُيُوفاً (¬9) أو ¬

_ (¬1) ع - فإن أخذهما. (¬2) ف م ع: خمس. والتصحيح من ب ط؛ والمبسوط، 3/ 191. (¬3) ف م - وثلث خمس الثمن؛ والزيادة من ع ب ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 191. (¬4) ف م ع: خمس. والتصحيح من ط؛ والمبسوط، 13/ 191. (¬5) ع: وثلثي. (¬6) ط: ولذا. (¬7) قال شحاتة: الظاهر أن هذه الكلمة زائدة هنا، إذ ليس في المسألة ولد. انظر: الأصل (شحاتة)، 323. هذا مع أن الولد مذكور في المسألة قبل سطر فقط. لكن "ولداً" محرفة عنده إلى "ولذا". (¬8) ف م ع: بخمس. والتصحيح من ب ط. (¬9) زَافَتْ عليه دراهمُه أي صارت مردودة عليه لِغِشِّ فيها، وقد زُيِّفَتْ إذا رُدَّتْ، ودرهم زَيْف وزائف، ودراهم زُيُوف وزُيَّف، وقيل: هي دون البَهْرَج في الرداءة، لأن الزيف=

نَبَهْرَجَة (¬1) أو سَتُّوقاً (¬2) أو رصاصاً أو استحقت من يده فإن للبائع أن يمنع المشتري من قبض العبد حتى يعطيه مكان ذلك دراهم (¬3) جياداً (¬4) مثل شرطه. وكذلك لو وجد بعض الثمن على ما وصفت لك كان له أن يمنع المشتري حتى يعطيه مكان الذي وجد جياداً (¬5) على شرطه وإن (¬6) كان ذلك درهماً واحداً. فإن لم يجد في الثمن شيئاً مما وصفت لك حتى قبض المشتري العبد من البائع بإذنه، ثم إن البائع وجد الثمن أو بعضه على ما وصفت لك، فإن كان وجد في ذلك سَتُّوقاً أو رصاصاً أو استحق (¬7) من يده جاز له أن يأخذ (¬8) العبد حتى يدفع (¬9) إليه المشتري مكان الذي وجد من ذلك جياداً على شرطه وإن كان الذي وجد من ذلك قليلاً أو كثيراً. ¬

_ = ما يرده بيت المال، والبَهْرَج ما يرده التجار، وقياس مصدره الزُّيُوف، وأما الزُّيَافَة فمن لغة الفقهاء. انظر: المغرب، "زيف". وقال السرخسي: ثم الزيوف ما زيّفه بيت المال ولكن يروج فيما بين التجار. انظر: المبسوط، 12/ 144. (¬1) ع: أو بهمرجة. النَّبَهْرَج والبَهْرَج الدرهم الذي فضته رديئة، وقيل: الذي الغلبة فيه للفضة، إعراب نَبَهْرَه وقيل: المُبْطَل السِّكّة. انظر: المغرب، "بهرج"؛ والقاموس المحيط، "نبج". (¬2) قال المطرزي: السَّتُوق بالفتح أردأ من البَهْرَج، وعن الكرخي: الستّوق عندهم ما كان الصُّفْر أو النحاس هو الغالب الأكثر، وفي الرسالة اليوسفية: البَهْرَجَة إذا غلبها النحاس لم تؤخذ، وأما الستّوقة فحرام أخذها، لأنها فلوس. انظر: المغرب، "ستق". وقال السرخسي: الستوقة فلس مموه بالفضة. انظر: المبسوط، 12/ 144. (¬3) م - دراهم. (¬4) ع: جياد. (¬5) ع: جياد. (¬6) ف م ع: فإن. والتصحيح من ط؛ والكافي، 1/ 177 و. (¬7) ف + يد. (¬8) ع: أن يأخذه. (¬9) ع: حين دفع.

فإن كان وجد (¬1) الثمن أو بعضه زُيوفاً أو نَبَهْرَجَةً (¬2) استبدلها من المشتري، ولم يكن له أن يرجع العبد (¬3) فيكون عنده حتى يقبض الثمن؛ لأن البائع في هذا الوجه قد قبض الثمن؛ لأن النَّبَهْرَجَة والزُّيوف دراهم، وقبضه إلا أن فيها عيباً. وأما السَّتُّوقَة والرصاص فليست دراهم (¬4)، فكأنه لم يقبض منه شيئأ، فكان (¬5) له (¬6) أن يرجع من عنده حتى يوفيه الثمن. فكذلك (¬7) الذي استحق من يديه (¬8). فإن لم يقبض البائع من المشتري العبد ولم يجد في الثمن شيئاً مما ذكرت لك حتى باع المشتري العبد من آخر فقبضه أو لم يقبضه، أو وهبه لرجل فقبضه منه، أو رهنه من رجل بمال له عليه وقبضه المرتهن، أو أجره، ثم إن البائع وجد في الثمن شيئاً مما ذكرت لك، فإن جميع ما صنع المشتري الأول من ذلك جائز، لا يقدر البائع على رده. وليس للبائع على العبد سبيل؛ لأن المشتري قبضه بإذن البائع، وأخرجه من ملكه على ذلك الإذن الذي كان من البائع. فلا سبيل للبائع على العبد بعد إذنه للمشتري في قبضه إذا أخرجه المشتري من ملكه؛ إذ أوجب للمشتري فيه حقاً حتى لا يستطيع رده. ولكن البائع يرجع على المشتري بجميع ما وجد في الثمن مما ذكرت لك حتى يستوفي، وأما العبد فلا سبيل له عليه. ولو أن البائع لم يكن دفع العبد إلى المشتري وقد قبض الثمن، فأخذ المشتري العبد بغير إذن البائع، ثم إن البائع وجد الثمن الذي قبضه أو بعضه نَبَهْرَجَةً أو سَتُّوقاً أو رصاصاً أو زُيوفاً أو استحق (¬9) من يديه، ¬

_ (¬1) ع - من ذلك جيادا على شرطه وإن كان الذي وجد من ذلك قليلاً أو كثيراً فإن كان وجد. (¬2) ع: أو بهرجة. (¬3) ع: بالعبد. (¬4) ع: بدراهم. (¬5) ف ع - فكان. (¬6) ف ع: فله. (¬7) ط: وكذلك. (¬8) ع: من يده. (¬9) ف م ع: أو استحقت. والتصحيح من ط.

فإن للبائع في جميع ذلك أن يرجع فيأخذ العبد منه فيحبسه (¬1) حتى يوفيه المشتري جميع الثمن على ما شرط له. وكذلك لو أن المشتري حين قبضه بغير إذن البائع باعه أو وهبه أو أجره أو رهنه كان للبائع أن ينقض ذلك كله، ويرد العبد حتى يوفيه المشتري الثمن (¬2). ولا يشبه الإذن في القبض غير الإذن؛ لأنه إذا أذن له في قبضه فقد سلطه على بيعه وعلى ما أحدث فيه من شيء. فإذا قبض المشتري بغير إذن البائع لم يكن قبضه ذلك قبضاً إلا أن يكون الثمن الذي نقد المشتري البائع جياداً على شرطه. ولو أن المشتري قبض العبد في جميع ما ذكرنا بغير إذن البائع ثم إن البائع علم بقبضه وسلم ذلك ورضي فهو مثل إذنه في القبض في جميع ما ذكرنا. ولو أن رجلاً له على رجل ألف درهم فرهنه بها عبداً يساوي ألفاً وقبضه المرتهن، ثم إن الراهن قضى المرتهن دراهمه، ولم يقبض الراهن الرهن (¬3) حتى وجد المرتهن الدراهم أو بعضها زُيوفاً أو نَبَهْرَجَةً أو سَتُّوقَةً أو رصاصاً أو استحقت من يديه، فإن للمرتهن أن يمنعه الرهن حتى يستوفي حقه ما كان عليه. وكذلك لو كان الراهن قد قبض الرهن بإذن المرتهن أو بغير إذنه، ثم وجد المرتهن شيئاً من الدراهم على بعض ما ذكرت لك، فله أن يرجع في الرهن، يعيده (¬4) رهناً كما كان حتى يوفيه حقه في جميع ذلك. ولا يشبه هذا البيع؛ لأن الرهن إنما قبضه الراهن على أنه قد أوفاه، فإذا وجد الدراهم زُيوفاً أو نَبَهْرَجَةً أو غير ذلك فإنه لم يوفه (¬5)، فله أن يرجع في الرهن حتى يستوفي. ألا ترى أن رجلاً لو اشترى من رجل عبداً فأذن البائع ¬

_ (¬1) ف م ع ط: من المسمى. وقال المحقق شحاتة: كذا في الأصلين، والمفهوم أنه المشتري. والتصحيح مستفاد من ب جار. وانظر: المبسوط، 13/ 194. (¬2) ف - الثمن. (¬3) ع - الرهن. (¬4) ع: فيعيده. (¬5) ع: لم يوفيه.

للمشتري في قبضه عارية منه له فقبضه (¬1) المشتري على أنه عارية لم يكن للبائع أن يأخذه بعد ذلك، وكان ذلك إذناً في قبضه على كل وجه، وكان مثل قوله: قد أذنت لك في قبضه (¬2). ألا ترى أن العبد إذا اشتراه ثم أذن له في قبضه قبل أن يقبض منه الثمن فقبضه أنه لا يكون له أن يرده فيمنعه (¬3) حتى يعطيه الثمن. والرهن ليس كذلك، إذا أذن له في قبضه فله أن يعيده إذا بدا له. ولو كان العبد رهناً في يدي رجل فأذن للراهن في قبضه عارية منه كان جائزاً، وكان للمرتهن أن يرجع في الرهن حتى يعيده على حاله. فهذا فرق ما بين الرهن والشرى في الزُّيوف. ولو كان الراهن قبض (¬4) العبد وقد كان المرتهن انتقد الدراهم [وَ] كان (¬5) قبضه إياه بإذن المرتهن، ثم إن الراهن باع العبد أو وهبه وقبضه الموهوب له أو رهنه وقبض المرتهن، ثم إن المرتهن الأول وجد الثمن أو بعضه على ما وصفنا، فإن جميع ما صنع الراهن من ذلك جائز (¬6) لا يرد منه شيء. ولكن الراهن ضامن لقيمة (¬7) العبد الرهن يكون رهناً مكان (¬8) العبد في يدي المرتهن الأول حتى يوفيه حقه. ولو كان قبض الراهن بغير إذن المرتهن ثم أحدث فيه الراهن بعض ما ذكرنا، ثم وجد المرتهن المال الذي قبض أو بعضه على ما ذكرنا، كان للمرتهن (¬9) أن يرد ذلك كله حتى يعيده رهناً على حاله. وإذا اشترى الرجل عبداً بألف درهم فلم (¬10) يقبضه حتى وكل ¬

_ (¬1) ف: يقبضه. (¬2) ف + ألا ترى أن رجلاً لو اشترى من رجل عبدا فأذن البائع للمشتري في قبضه عارية منه له فقبضه المشتري على أنه عارية لم يكن للبائع أن يأخذه بعد ذلك وكان ذلك إذنا في قبضه على كل وجه وكان مثل قوله قد أذنت لك في قبضه. (¬3) ع: فمنعه. (¬4) م + قبض. (¬5) الواو من ط. (¬6) ع: جائزا. (¬7) ع: لقيمته. (¬8) ع: فكان. (¬9) ع: المرتهن. (¬10) م: فسلم.

رجلاً (¬1) يقبضه، فقبضه الوكيل بغير إذن البائع ولم ينتقد (¬2) البائع، ثم إن العبد هلك في يدي (¬3) الوكيل، فللبائع أن يضمن الوكيل قيمة العبد، فيكون في يديه حتى يعطيه المشتري الثمن. فإذا أعطاه المشتري الثمن رجعت القيمة إلى الوكيل. ولو تَوِيَت القيمة عند البائع لم يكن للبائع في القيمة ضمان واتبع الوكيل المشتري بالقيمة؛ لأنه أمره بقبض العبد. ولو كان المشتري هو الذي قبض العبد بغير أمر البائع فمات في يديه (¬4) لم يكن له على المشتري ضمان في القيمة، إنما عليه الثمن. ولا يشبه المشتري في هذا وكيله؛ لأن ضمان الثمن على المشتري، فلا يجتمع عليه ضمان القيمة والثمن. فأما الوكيل فلا ضمان عليه في الثمن، وقبضه للمبيع بإذن (¬5) المشتري فيما بينه وبين البائع بمنزلة قبضه إياه بغير إذنه. ألا ترى أنه ليس للمشتري أن يقبضه، فإذا قبضه ضمن القيمة (¬6). ولو أن الوكيل قبض العبد بإذن المشتري فلم يمت في يديه حتى أعتقه المشتري كان هذا وموت (¬7) العبد في يدي الوكيل سواء. ولو أن المشتري أمر رجلاً بعتق العبد وهو في يدي البائع فأعتقه المأمور فإن أبا (¬8) يوسف قال: هذا وقبض الوكيل العبد سواء، ويضمن الوكيل قيمته، فيكون في يدي البائع حتى يدفع إليه المشتري، فإذا دفع إليه الثمن أخذ الوكيل القيمة من البائع. فإن هلكت في يدي البائع رجع بها الوكيل على المشتري؛ لأنه أمره بالعتق. وأما (¬9) في (¬10) قول أصحابنا (¬11) فلا ¬

_ (¬1) ف: وكيلا. (¬2) ع: فلم ينتقده. (¬3) ف: في يد. (¬4) ع: في يدي. (¬5) ع: بأن. (¬6) ف: الفضة (مهملة). (¬7) ف: وثبوت. (¬8) ع: أبي. (¬9) ع: فأما. (¬10) ع - في. (¬11) وعبارة الحاكم: وقال محمد: لا ضمان على الوكيل. انظر: الكافي، الموضع السابق. وقال السرخسي: وهو قول محمد، وهو رواية عن أبي حنيفة. انظر: المبسوط، 13/ 196. ولعل مقصود الإمام محمد بقوله: قول أصحابنا، هو قول الإمام أبي حنيفة وتلاميذه وليس قول الإمام محمد فقط، وأن الإمام أبا يوسف خالفهم في هذه المسألة ثم رجع إلى قولهم كما يذكره في تتمة العبارة، والله أعلم.

ضمان على الوكيل (¬1) المعتق (¬2)؛ لأنه لم يأخذ شيئاً. ويرجع البائع (¬3) على المشتري بالثمن (¬4) فيأخذه (¬5) منه، ليس له غير ذلك. ثم رجع أبو يوسف بعد (¬6) ذلك إلى هذا القول فقال بهذا القول: لا ضمان عليه (¬7). ¬

_ (¬1) ف: على الموكل. (¬2) ع - المعتق. (¬3) ف - البائع، صح هـ. (¬4) ع - بالثمن. (¬5) ع: فيأخذ. (¬6) ف - بعد. (¬7) ف م + آخر كتاب البيوع والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد وآله وسلم تسلميا كثيراً؛ ع + آخر الكتاب البيوع والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

كتاب الصرف

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب الصرف أبو بكر محمد بن عثمان قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن عمار الكريبي (¬2) عن أبي سليمان (¬3) موسى بن سليمان الجوزجاني عن محمد بن الحسن قال: حدثنا أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم عن أبي حنيفة عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الفضة بالفضة وزنٌ (¬4) بوزن، يدٌ (¬5) بيد، والفضل ربا. والذهب بالذهب وزنٌ (¬6) بوزن، يدٌ (¬7) بيد، والفضل ربا. والحنطة بالحنطة كيلٌ (¬8) بكيل، يدٌ بيد (¬9)، والفضل ربا" (¬10). ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) ف: الكربي؛ والكلمة مهملة في م ز. وهناك محمد بن علي بن عمار الكريبي، ورد ذكره عند القرشي خلال ترجمة شخص آخر، وأنه جرت مناظرة بينه وبين داود بن علي (ت. 270) حول حجية خبر الواحد. انظر: الجواهر المضية، 1/ 111. وداود بن علي هو داود الظاهري. (¬3) ف - سليمان. (¬4) ز: وزنا. (¬5) ز: يدا. (¬6) ز: وزنا. (¬7) ز: يدا. (¬8) ز: كيلا. (¬9) ز - يد بيد. (¬10) رواه الإمام محمد في أول كتاب البيوع من كتاب الأصل. انظر: 1/ 212 ظ. ورواه=

وحدثنا عن أبي حنيفة عن الوليد بن سريع عن أنس بن مالك قال: أتي عمر بن الخطاب بإناء خُسْرَوَاني (¬1) قد أحكمت صناعته. فبعثني به لأبيعه. فأُعْطِيتُ به وزنه وزيادة. فذكرت ذلك لعمر بن الخطاب. فقال: أما الزيادة فلا (¬2). وحدثنا عن (¬3) أبي حنيفة عن مرزوق أبي بكير (¬4) [عن أبي جبلة] (¬5) قال: سألت عبد الله بن عمر، فقلت: إنا نقدم أرض الشام ومعنا الوَرِق الثقال النافقة، وعندهم الوَرِق الخِفَاف الكاسدة، أفنبتاع وَرِقَهم العشرة بسبعة ونصف وسبعة؟ قال: فقال: لا تفعل، ولكن بع (¬6) وَرِقَك بذهب، واشتر (¬7) وَرِقَهم بالذهب، ولا تفارقه حتى تستوفي، وإن وثب من سطح (¬8) فثِبْ معه (¬9). ¬

_ = أيضاً في الآثار عن الإمام أبي حنيفة نحوه. انظر: الآثار لمحمد، 131. وهو بهذا الإسناد في الآثار لأبي يوسف، 183. والحديث معروف مشهور. انظر: صحيح البخاري، البيوع، 78؛ وصحيح مسلم، المساقاة، 75 - 77، 82. وقد تقدم تفسير الحديث في أول كتاب البيوع. وقوله: "وزنٌ بوزن يدٌ بيد" روي بالرفع هكذا، وتقديره: بَيْعُ الفضة بالفضة وزنٌ بوزن يدٌ بيد. والمشهور هو النصب. وانظر: الحاشية أول كتاب البيوع من كتاب الأصل، الموضع السابق. (¬1) إناء خُسْرَوَاني، منسوب إلى خُسْرَوْ، ملك من ملوك العجم. انظر: المغرب، "خسرو". (¬2) رواه الإمام أبو يوسف عن الإمام أبي حنيفة بنفس الإسناد. انظر: الآثار لأبي يوسف، 183. ورواه كذلك الإمام محمد في الآثار، 131. (¬3) ز+ الإمام الأعظم. (¬4) ز: بكر. (¬5) الزيادة من الآثار لأبي يوسف، 185؛ والآثار لمحمد، 131؛ والكافي، 1/ 177 و؛ والمبسوط، 14/ 4. ولعله جبلة بن سحيم الكوفي الذي روى عن ابن عمر. انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر، 2/ 53. (¬6) ز: بيع. (¬7) ز: واشترى. (¬8) ف ز: في سطح. (¬9) الآثار لأبي يوسف، 185؛ والآثار لمحمد، 131.

وحدثنا عن كليب (¬1) بن وائل قال: سألت عبد الله بن عمر عن الصرف، فقال: مِن هذه إلى هذه، وإن استنظرك إلى خلف هذه السارية فلا تفعل، يعني "من هذه إلى هذه" من يدك إلى يده (¬2). وحدثنا عن كليب (¬3) بن وائل قال: سألت عبد الله بن عمر عن الفضة بالفضة، فقال: وزن بوزن، من يدك إلى يده. وحدثنا عن أشعث (¬4) بن سوار عن محمد بن سيرين أنه كان يكره أن يباع (¬5) السيف المحلى بالفضة، بالنقد، مخافة أن تكون الفضة التي أعطى أقل مما فيه، ويكره أن يبيعه بالنسيئة، ولا يرى بأساً أن (¬6) يبيعه بالذهب (¬7). وحدثنا عن داود بن أبي هند عن أبي نضرة (¬8) قال: سألت عبد الله بن عمر عن الصرف، فقال: لا بأس به يد (¬9) بيد. قال: وسألت عبد الله بن عباس، فقال مثل ذلك. قال: وقعدت يوماً في حلقة فيها أبو سعيد الخدري، فأمرني رجل، فقال: سله عن الصرف. قال: فقلت له: إن هذا يأمرني أن أسألك عن الصرف. قال: فقال لي: الفضل ربا. قال: فقال رجل (¬10): سله أمِنْ قِبَل رأيه أو شيء سمعه من النبي -صلى الله عليه وسلم -. وذكرت ذلك له. فقال أبو سعيد: بل سمعته من رسول الله-صلى الله عليه وسلم -. أتاه رجل يكون في نخله برُطَب (¬11) طيب. فقال: "من أين هذا؟ " قال: أَعطيتُ صاعين من تمر رديء وأخذتُ هذا. فقال له رسول الله-صلى الله عليه وسلم -: "أَرْبَيْتَ. فقال: إن سعر هذا في السوق كذا، وسعر هذا في السوق كذا. فقال: "أَرْبَيْتَ". ثم قال له: "هَلَّا بعته بسلعة ثم ابتعت بسلعتك تمراً". فقال أبو سعيد: التمر ربا، والدراهم ¬

_ (¬1) ز: عن كلب. (¬2) ف م ز: إلى يدك. والتصحيح من الرواية التالية. وروي بمعناه في المصنف لعبد الرزاق، 8/ 119. (¬3) ز: عن كلب. (¬4) ز: عن أشعب. (¬5) ز: أن يبا. (¬6) ز: بأن. (¬7) المصنف لابن أبى شيبة، 4/ 285، 286، 7/ 317. (¬8) ع: أبي بصرة. (¬9) ز: يدا. (¬10) ف ز: لرجل. (¬11) م: رطب.

مثله. قال أبو نضرة: [فلقيت بعد ذلك ابن عمر - رضي الله عنهما - فقال: لا خير فيه] (¬1)، وأمرت أبا الصهباء، فسأل ابن عباس عن الصرف، فقال: لا خير فيه (¬2). وحدثنا عن داود بن يزيد عن عامر عن شريح أن رجلاً باع طوق ذهب مفضّضاً (¬3) بمائة دينار. فاختصما إلى شريح، فأفسد البيع (¬4). وهذا عندنا لأنه لم يكن يدري ما كان في الطوق (¬5). وحدثنا عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن أبي سلمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث يوم خيبر السعدين سعد بن مالك وآخر، فباعا متاعاً، ثم باعا ذهباً، كل أربعة مثاقيل بثلاثة مثاقيل عيناً. فقال لهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أربيتما فرُدَّا" (¬6). وحدثنا عن سليمان بن سفيان قال: أتاني ابن الأسود بن يزيد، فصرفت له دراهم وافية بدنانير. قال: ثم دخل المسجد فصلى ركعتين فيما أظن. ثم جاءني، فقال: اشتر (¬7) بها غَلَّة (¬8). قال: فجعلت أطلب الرجل ¬

_ (¬1) الزيادة من المبسوط، 14/ 6. وهي في صحيح مسلم نحو ذلك. انظر الحاشية التالية. (¬2) رواه مسلم من طريق داود نحوه ـ انظر: صحيح مسلم، المساقاة، 100. (¬3) شيء مفضّض: ممؤه بالفضة أو مرصّع بالفضة. انظر: لسان العرب، "فضض". (¬4) روي عن شريح أن رجلاً سأله عن طوق من ذهب فيه فصوص وجوهر، فقال: انزع الطوق، فبعه وزناً بوزن، وبع الجوهر كيف شئت. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 70؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 285. (¬5) انظر للشرح: المبسوط، 14/ 6. (¬6) وروى الإمام مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -السعدين أن يبيعا آنية من المغانم من ذهب أو فضة، فباعا كل ثلاثة بأربعة عيناً أو كل أربعة بثلاثة عيناً. فقال لهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أربيتما، فردا". انظر: الموطأ، البيوع، 28. (¬7) م ز: اشترى. (¬8) قال المطرزي: الغَلَّة من الدراهم هي المقطَّعة التي في القطعة منها قيراط أو ربع دانق أو حبة، عن أبي يوسف في رسالته. ويشهد لهذا ما في الإيضاح "يكره أن يقرضه غلَّةً ليرد عليه صحاحاً". انظر: المغرب، "غلل". أي هي الدراهم المقطعة إلى قطع صغيرة.

الذي صرفت عنده. فقال: لا عليك أن لا تجده، وإن وجدته فلا أبالي (¬1). وحدثنا عن أبان بن أبي عياش (¬2) عن أنس بن مالك قال: بعت جَامَ (¬3) فضة بوَرِق أقل من ثمنه. فبلغ ذلك عمر بن الخطاب. فقال: ما حملك على ذلك؟ قلت: الحاجة. قال: رُدّ الوَرِق إلى أهلها، وخذ إناءك فعَارِضْ (¬4) به. وأخبرنا عن أبان بن أبي عياش (¬5) عن أبي رافع قال: سألت عمر بن الخطاب عن الصَّوْغ (¬6) أَصُوغُه فأبيعه (¬7). قال: وزن (¬8) بوزن. قال: قلت: إني أبيعه وزناً بوزن، ولكني آخذ (¬9) فيه أجر عملي. قال: إنما عملك لنفسك، فلا تزدد (¬10) شيئاً. فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن تباع الفضة إلا وزناً بوزن. ثم قال: يا أبا (¬11) رافع، إن الآخذ والمعطي والكاتب والشاهد فيه شركاء (¬12). ¬

_ (¬1) قال السرخسي: وفيه دليل جواز التوكيل بالصرف، وأن التفاضل حرام عند اتفاق الجنس، لأنه كان مقصود الأسود أن يشتري بالدراهم الجيادِ الغلةَ، وعلم أن الفضل حرام، فأمره أن يشتري بها دنانير، ثم أمره بأن يشتري بالدنانير الغلةَ، وكان هذا الوكيل اشتغل بطلب ذلك الرجل لأنه ظهر عنده أمانته ومسامحته في المعاملة، وبين له الأسود أنه كغيره فيما هو مقصودي (كذا، ولعله: مقصوده)، فلا يتكلف في طلبه. انظر: المبسوط، 14/ 7. (¬2) ز: أبي عباس. (¬3) الجامِ طبق أبيض من زجاج أو فضة. انظر: المغرب، "جوم". (¬4) عارَضَ بسلعته أي أعطى سلعة وأخذ أخرى. انظر: لسان العرب، "عرض". (¬5) ز: أبي عباس. (¬6) صاغ الرجل الذهب يَصُوغه صَوْغاً: جعله حُلِيًّا، فهو صائغ وصوّاغ، وهي الصياغة. انظر: المصباح المنير، "صوغ". (¬7) ز: فابتعه. (¬8) ز: وزنا. (¬9) ز: أجد. (¬10) م: تزد؛ ز: ترد. (¬11) ز: يا با. (¬12) روي نحو ذلك. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 125. روي نحو هذا عن ابن عمر - رضي الله عنه -. انظر: الموطأ، البيوع، 31.

وحدثنا عن المجالد بن سعيد عن (¬1) أبي الوَدَّاك (¬2) قال: سمعت أبا سعيد الخدري يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الذهب بالذهب الكِفّة بالكِفّة (¬3)، والفضة بالفضة الكِفّة بالكِفّة، ولا فَضْلَ (¬4) فيه فيما بينهما". قال: قلت: إني سمعت ابن عباس يقول: ليس في يد بيد ربا. قال: فمشى إليه أبو سعيد وأنا معه. فقال له: أسمعت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -ما لم نسمع؟ فقال: لا. فقال أبو سعيد: فإني سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - قال، ثم حدثه الحديث. قال: فقال ابن عباس: لا أفتي به أبداً (¬5). وحدثنا عن حصين بن عبدالرحمن عن عامر بن ذؤيب العجلي قال: سألت عبد الله بن عمر عن الصرف، قال: قال عمر: لا تبتاعوا الدرهم بالدرهمين. قال: فإني أخاف عليكم الربا (¬6). وحدثنا عن الحسن بن عمارة عن أبي إسحاق عن أبي عمرو الشيباني عن عبد الله بن مسعود أنه كان يبيع نُفَايَةَ (¬7) بيت المال يداً بيد ¬

_ (¬1) م: بن؛ ز: ابن. (¬2) هو جبر بن نوف البِكَالِي. انظر: المغرب، "ودك". (¬3) كِفّة الميزان معروفة، والكِفّة بالكِفّة عبارة عن المساواة في الموازنة. انظر: المغرب، "كفف". (¬4) ف م ز: ولا خير. وكذلك في ب جار؛ والكافي، 1/ 177 ظ؛ والمبسوط، 14/ 8. والتصحيح مستفاد من كتب الحديث. فقد روى الطحاوي من حديث أبي سعيد الخدري: " ... لا فضل بين شيء من ذلك"، ومن حديث أبي هريرة " ... لا فضل بينهما"، ومن حديث فضالة بن عبيد: " ... ليس بينهما فضل". انظر: شرح معاني الآثا ر، 4/ 68، 69، 71. (¬5) روي القسم المرفوع منه بلفظ قريب عن فضالة بن عبيد وعبادة بن الصامت - رضي الله عنهما - في صحيح مسلم، المساقاة، 89 - 92؛ وسنن النسائي، البيوع، 44. أما قصة ابن عباس وأبي سعيد الخدري فرويت بألفاظ مختلفة. فبعضها لم يذكر فيه رجوع ابن عباس عن رأيه. انظر: صحيح البخاري، البيوع، 79. وذكر في بعضها الرجوع. انظر: السنن الكبرى للبيهقي، 5/ 282، 286. (¬6) شرح معاني الآثار للطحاوي، 4/ 69 - 70. (¬7) نُفَاية الشيء: بقيته وأردؤه ... والنُّفاية ما نفيته من الشيء لرداءته. ويجوز أن يقال: نُقَايَة. انظر: لسان العرب، "نفي"، "نقي". ووردت الكلمة عند السرخسي محرفة مرة إلى "بقايا" ومرة إلى "بقاية". انظر: المبسوط، 14/ 8 ـ

بفضل. فخرج خَرْجَةً إلى عمر بن الخطاب، فسأله عن ذلك. فقال: هو ربا. وكان عبد الله بن مسعود استخلف على بيت المال (¬1) عبد الله بن سَخْبَرَة الأزدي. قال: فلما قدم عبد الله بن مسعود نهى عبد الله بن سَخْبَرَة عن بيع الدراهم بالدراهم بينهما فضل (¬2). وحدثنا عن مالك بن مغول عن القاسم بن صفوان قال: أكريت عبد الله بن عمر إبلاً بدنانير، فأتيته أتقاضاه وبين يديه دراهم. فقال لمولاه: انطلق معه إلى السوق. فإذا قامت على سعر فإن (¬3) أحب أن يأخذ (¬4) وإلا فاشتر (¬5) له دنانير فأعطها إياه. فقلت له: يا أبا عبد الرحمن، أيصلح هذا؟ قال: نعم، ما بأس بهذا، إنك ولدت وأنت صغير (¬6). وحدثنا عن أبي بكر الهذلي عن محمد بن سيرين عن مسلم بن يسار عن عبادة بن الصامت قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -يقول: "الذهب بالذهب مثل (¬7) بمثل، يد (¬8) بيد؛ والفضة بالفضة مثل (¬9) بمثل، يد (¬10) بيد؛ والحنطة بالحنطة مثل (¬11) بمثل، يد (¬12) بيد؛ والشعير بالشعير مثل بمثل، يد بيد (¬13)؛ ¬

_ (¬1) م ز - بيت المال. (¬2) روي نحو ذلك. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 123؛ والمعجم الكبير للطبراني، 9/ 111. وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح. انظر: مجمع الزوائد، 4/ 116. وانظر: السنن الكبرى للبيهقي، 5/ 282. (¬3) ز: فإني. (¬4) ز: أن نأخذ. (¬5) ز: فاشترى. (¬6) م: صغيرة. روي نحو ذلك. انظر: السنن الكبرى للبيهقي، 6/ 65. وقال السرخسي: ... إنك ولدت وأنت صغير، أي جاهل لا تَعْلَم حتى تُعَلَّم، وهكذا حال كل واحد منا، فإنه لا يَعْلَم حتى يُعَلَّم، فكأنه مازحه بهذه الكلمة وكنى بالصغر عن الجهل. انظر: المبسوط، 14/ 9. (¬7) ز: مثلا. (¬8) ز: يدا. (¬9) ز: مثلا. (¬10) ز: يدا. (¬11) ز: مثلا. (¬12) ز: يدا. (¬13) م ز - والشعير بالشعير مثل بمثل يد بيد.

والملح بالملح مثل (¬1) بمثل، يد (¬2) بيد؛ والتمر بالتمر مثل (¬3) بمثل، يد (¬4) بيد. وإذا اشتريتم بعضه ببعض فاشتروه كيف شئتم، يداً بيد". فعنى بذلك إذا اختلف النوعان (¬5). قال: فقال معاوية بن أبي سفيان: ما بال أقوام يحدثون عن رسول لله - صلى الله عليه وسلم - أحاديث (¬6) لم نسمعها (¬7). فقال عبادة بن الصامت: أشهد أني سمعت هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال، ثم أعاد الحديث. ثم قال: لنحدثنه وإن رغم أنف معاوية (¬8). وحدثنا عن أبي بكر الهذلي عن شهر بن حوشب عن عبد الله بن عباس أنه قال: لا بأس بالدرهمين بالدرهم يداً بيد. فقال له أبو سعيد الخدري: أشهد أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الذهب بالذهب يد (¬9) بيد، مثل (¬10) بمثل". فقال ابن عباس: لا أفتي بالذي أفتيت (¬11) أبداً (¬12). وحدثنا عن سعيد بن أبي عروبة (¬13) عن أبي معشر عن إبراهيم أنه قال في بيع السيف المحلى: إذا كانت الفضة التي فيه أقل من الثمن فلا بأس بذلك (¬14). وحدثنا عن سعيد بن أبي عروبة (¬15) عن قتادة عن سليمان بن يسار عن أبي الأشعث الصنعاني قال: خطبنا عبادة بن الصامت بالشام، فقال: يا ¬

_ (¬1) ز: مثلا. (¬2) ز: يدا. (¬3) ز: مثلا. (¬4) ز: يدا. (¬5) ز: النوان. (¬6) ز: أحاديثا. (¬7) ز + قال. (¬8) روي نحوه في صحيح مسلم، المساقاة، 80 - 81. (¬9) ز: يدا. (¬10) ز: مثلا. (¬11) ز + به. (¬12) تقدم تخريج القسم المرفوع منه قريباً. وأما الباقي فقد روي بمعناه. انظر: السنن الكبرى للبيهقي، 5/ 282، 286. (¬13) ع: عرونة. (¬14) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 69؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 286. (¬15) ع: عرونة.

أيها (¬1) الناس إنكم أحدثتم بيوعاً لا ندري ما هي. ألا وإن الذهب بالذهب وزن (¬2) بوزن، تِبْرُه (¬3) وعَيْنُه (¬4). ألا وإن الفضة بالفضة وزن (¬5) بوزن، تِبْرُها وعَيْنُها. لا بأس بأن تبيع الفضة بالذهب يداً بيد والفضة أكثر، ولا يصلح نسيئة. ألا وإن الحنطة بالحنطة مدين بمدين. ألا وإن الشعير بالشعير مدين بمدين. لا بأس بأن تبيع الشعير بالحنطة يداً بيد والشعير أكثرهما، ولا يصلح نسية. ألا وإن التمر بالتمر مدين بمدين. حتى ذكر: الملح مدين بمدين، فمن زاد أو ازداد (¬6) فقد أربى (¬7). وحدثنا عن (¬8) عبد الله بن عمر (¬9) عن نافع عن عبد الله بن عمر عن عمر بن الخطاب أنه قال: الذهب بالذهب مثل (¬10) بمثل، والوَرِق بالوَرِق مثل (¬11) بمثل، لا تفضِّلوا بعضها على بعض، لا يباع غائب منها (¬12) بناجز (¬13)، فإني أخاف عليكم الرَّما - والرَّمَا هو الربا - وإن استنظرك إلى أن يدخل بيته فلا تُنْظِرْه (¬14). وعن إبراهيم بن طَهْمَان عن أيوب بن أبي تَمِيمَة عن محمد بن سيرين ¬

_ (¬1) ز: يا يها. (¬2) ز: وزنا. (¬3) التبر ما كان غير مضروب من الذهب والفضة، وعن الزجاج: هو كل جوهر قبل أن يستعمل كالنحاس والصُّفْر وغيرهما. انظر: المغرب، "تبر". (¬4) هو المضروب من الذهب دنانير، وقيل: هي الدنانير والدراهم. انظر: المغرب، "عين"؛ ومختار الصحاح، "عين". (¬5) ز: وزنا. (¬6) م: أو زداد. (¬7) رواه النسائي والطحاوي من طريق سعيد نحوه. انظر: سنن النسائي، البيوع، 44؛ وشرح معاني الآثار للطحاوي، 4/ 4. (¬8) ف ز - عن. (¬9) هو العمري من أحفاد عمر - رضي الله عنه -. (¬10) ز: مثلا. (¬11) ز: مثلا. (¬12) ف ز: منها غائب. (¬13) أي لا يباع نسيئة بنقد. انظر: المبسوط، 14/ 10. (¬14) ز: تنتظره ـ وانظر: الموطأ، البيوع، 35.

عن سليمان بن يسار عن أبي الأشعث قال: سمعت عبادة بن الصامت يقول: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -أو قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تبتاعوا الذهب بالذهب والوَرِق بالوَرِق إلا وزناً بوزن، ولا التمر بالتمر، ولا الحنطة بالحنطة، ولا الشعير بالشعير، ولا الملح بالملح، إلا سواءً بسواء عيناً (¬1) بعين، فمن زاد أو ازداد فقد أَرْبَى. ولكن بيعوا الذهب بالوَرِق والحنطة بالشعير والتمر بالملح يداً بيد كيف شئتم" (¬2). وحدثنا عن حصين بن عبد الرحمن عن (¬3) عامر الشعبي قال: لا بأس بأن تبيع السيف المحلى بالدراهم، لأن فيه حَمَائِلَه (¬4) وجَفْنَه (¬5) ونَصْلَه (¬6). وحدثنا عن رجل عن مطر بن حيان عن الحسن البصري أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا يتبايعون (¬7) فيما بينهم السيف المحلى والمِنْطَقَة (¬8) المفضّضة (¬9). محمد عن أبي يوسف قال: وحَدَّثَنَا عن الحسن بن عمارة (¬10) عن ¬

_ (¬1) ز: عين. (¬2) تقدم تخريجه قريباً. (¬3) ز - عن. (¬4) حمائل السيف جمع المِحْمَل بوزن المِرْجَل: عِلاَقة السيف، وهو السيف الذي يتقلده المتقلد، وكذا الحِمَالة بالكسر، هذا قول الخليل، وقال الأصمعي: حمائل السيف لا واحد لها من لفظها، وإنما واحدها مِحْمَل بوزن مِرْجَل. انظر: مختار الصحاح، "حمل". (¬5) جَفْن السيف غلافه. انظر: المصباح المنير، "جفن". (¬6) نصل السيف حديدته. انظر: المغرب، "نصل". والأثر رواه الطحاوي من طريق محمد عن أبي يوسف عن حصين به. انظر: شرح معاني الآثار، 4/ 77. وروي عن الشعبي مختصراً. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 285. (¬7) ز: يتبعون. (¬8) المنطقة ما يشده الإنسان على وسطه. انظر: المغرب، "نطق". (¬9) روي عن الحسن أنه كان لا ير ى بأساً بذلك. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 69؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 285، 286؛ والطحاوي، 4/ 76. (¬10) ز: عبارة. أي قال محمد: حدثنا أبو يوسف عن الحسن بن عمارة. وقد مر هذا الإسناد في كتاب الأصل مرارا.

حبيب بن أبي ثابت عن أبي صالح (¬1) عن أبي سعيد الخدري، قال: لقي ابن عباس، فقال له أبو سعيد وهو خارج: يا ابن أخي (¬2)، أَصَحِبْتَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ما لم نَصْحَبْهُ أو قرأتَ ما لم نقرأ؟ فقال ابن عباس: بل أنتم أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، قرأتم ما لم نقرأ (¬3). فقال ابن عباس: فأنا أشهد أن أسامة بن زيد أخبرني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الربا في النسيئة". فقال أبو سعيد: أنا أشهد أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الذهب بالذهب والفضة بالفضة هاء وهاء، فمن زاد فقد أَرْبَى" (¬4). وحدثنا عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن إبراهيم أنه قال: الإقالة بيع (¬5). [وَ] عن الحكم عن شريح مثله. وحدثنا عن الحسن بن عمارة عن الحكم وأبي عروبة (¬6) عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: سمعت عمر بن الخطاب يخطب على المنبر يقول: يا أيها (¬7) الناس، لا تتبايعوا الدرهمين بالدرهم (¬8)، فإن ذلك الربا العَجْلان (¬9)، ولكن من ¬

_ (¬1) ز: صلح. (¬2) ز: أخ. (¬3) ز - فقال ابن عباس بل أنتم أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأتم ما لم نقرأ. (¬4) تقدم تخريجه قريباً. (¬5) قال السرخسي: معناه كالبيع في الحكم، وبه نأخذ فنقول: الإقالة في الصرف كالبيع، يعني يُشترَط التقابض من الجانبين قبل الإفتراق كما في عقد الصرف، وهو معنى قول علمائنا -رحمهم الله- إن الإقالة فسخ في حق المتعاقدين بيع جديد في حق غيرهما، ووجوبُ التقابض في المجلس من حق الشرع، فالإقالة فيه كالبغ. انظر: المبسوط، 14/ 10. (¬6) ز: عرونة. (¬7) ز: يا يها. (¬8) ف: الدرهم بالدرهمين. (¬9) أي ربا النقد. وهو إشارة إلى أن الربا نوعان، في النقد والنسيئة. انظر: المبسوط، 14/ 11.

كان عنده سَحْقُ (¬1) درهمٍ (¬2) فليخرج به إلى السوق فليقل (¬3): من يبتاع سَحْقَ هذا الدرهم، فليَبْتَعْ (¬4) به ما شاء (¬5). وحدثنا عن الحسن بن عمارة عن الزهري وأبي عمرة عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب أنه قال: الذهب بالذهب مثل (¬6) بمثل، والشعير بالشعير مثل (¬7) بمثل، والزبيب بالزبيب مثل (¬8) بمثل، والملح بالملح مثل (¬9) بمثل، فمن زاد فهو ربا. وإذا اختلف النوعان فلا بأس مثلان بمثل يد (¬10) بيد (¬11). وحدثنا عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن إبراهيم أنه لم يكن يرى بأساً باقتضاء الوَرِق من الذهب، والذهب من الفضة، بيعاً (¬12) كان أو قرضاً، إذا كان (¬13) بسعر يومه (¬14). ¬

_ (¬1) قال المطرزي: وثوبٌ سَحْق: بَالٍ، ويضاف للبيان فيقال: سَحْقُ بُرْدٍ، وسَحْقُ عمامةٍ. وعليه قوله: اشترى سَحْقَ ثوبٍ. وقوله: من كان له سَحْقُ درهم، أي زائف، على الاستعارة. انظر: المغرب، "سحق". (¬2) م - درهم. (¬3) ز: فليقول. (¬4) ز: فليبتاع. (¬5) روي نحو ذلك. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 123؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 498. (¬6) ز: مثلا. (¬7) ز: مثلا. (¬8) ز: مثلا. (¬9) ز: مثلا. (¬10) ز: يدا. (¬11) روي القسم الأول منه نحوه مرفوعاً عن عمر - رضي الله عنه -. انظر: صحيح البخاري، البيوع، 76. أما قوله: إذا اختلف النوعان ... فقد روي أيضاً نحوه مرفوعاً من حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه -. انظر: صحيح مسلم، المساقاة، 81. (¬12) ز: بيع. (¬13) م ز - كان. (¬14) روي نحو ذلك. لكن روي عن النخعي عكسه أيضاً. انظر للروايتين: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 128.

وحدثنا عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن (¬1) إبراهيم أنه كان يكره أن يشتري الرجل الثوب بدنانير إلا درهماً (¬2). وإذا اشترى الرجل دراهم بدراهم أجود منها فلا ينبغي له أن يشتري أكثر منها ولا أقل، ولا يصلح أن يجعل لذلك أجلاً، ولا يفارقه حتى يقبض. فإن اشترى إناءً مصوغاً من فضة بدراهم مضروبة أو بفضةٍ تِبْر أو بإناء مصوغ فليس يصلح من ذلك شيء إلا وزن (¬3) بوزن يد (¬4) بيد، ليس [فيه] (¬5) فضل (¬6) ولا أجل. وإذا اشترى بألف درهم بِيضٍ لها صَرْفٌ (¬7) ألفَ درهم ومائة درهم نُفَايَة (¬8) أو سُود ليس لها صَرْف فإن ذلك لا يجوز ولا يصلح. فإن كان مع البِيض دينار (¬9) أو ثوب أو عرض له ثمن كائناً (¬10) ما كان أو فلوس مسماة فهو جائز، لأن الفضل الذي في السُّود يكون بهذا الذي مع البِيض. والدراهم المضروبة والفضة التِّبْر والآنية المصوغة والحلي في جميع ما ذكرنا سواء. وإن كانت فضة بيضاء جيدة بفضة سوداء رديئة أكثر منها فلا خير في ذلك ولا يجوز. فإن كان مع البِيض ذهب، مثقالٌ (¬11) أو دونه، أو عرض أو فلوس فهو جائز. ¬

_ (¬1) م ز: بن. (¬2) ز: إلا درهم. المصنف لعبد الرزاق، 8/ 129. (¬3) ز: إلا وزنا. (¬4) ز: يدا. (¬5) الزيادة من ب جار. (¬6) ف: نصل (مهملة). (¬7) يقال: للدرهم على الدرهم صَرْف في الجودة والقيمة، أي فَضْل. انظر: المغرب، "صرف". (¬8) تقدم تفسيرها قريباً. (¬9) ز: دنانير. (¬10) ز: كائن. (¬11) المثقال وزنه درهم وثلاثة أسباع درهم، وكل سبعة مثاقيل عشرة دراهم. انظر: المصباح المنير، "ثقل".

وإذا اشترى الرجل سيفاً محلى أو منطقة مفضضة أو إناء فيه فضة بدراهم لا يدرى أقل مما فيه أو أكثر فإن ذلك لا يجوز حتى يعرف أن ذلك أكثر مما في السيف، فيكون الفضل بنَصْل السيف وجَفْنه وحَمَائِله (¬1). فإن كان الثمن مثل ما في السيف من الفضة فلا خير فيه. وإن كان أكثر فكان في ذلك أجل ساعة فلا خير فيه. وإذا اشترى الرجل لِجَاماً مموَّهاً (¬2) بفضة فاشتراه بدراهم أقل مما فيه أو أكثر فهذا جائز. ولا يشبه التمويه في هذا غيره، لأن التمويه لا يَخْلُص (¬3). ألا ترى أن الرجل يشتري الدار المموّهة، في سقوفها تمويه من الذهب كثير، بذهبٍ أقل (¬4)، ولا يفسد ذلك البيع وإن كان بتأخير (¬5) بعد أن يكون مموّهاً (¬6) وإن كان ما فيها أكثر من الثمن (¬7). وإن كان شيئاً مما فيه صفائح كحلية السيف فإن كان الثمن أكثر مما فيه جاز ذلك (¬8). وإن كان مثله أو أقل لم يجز البيع. فإن لم يعرف أيهما أكثر لم يجز البيع. وكذلك السَّرْج المفضَّض يشترى بالفضة فهو مثل المِنْطَقَة (¬9) والسيف. ¬

_ (¬1) تقدم تفسير هذه الألفاظ قريباً. (¬2) ز: مموه ـ موَّه الشيءَ طَلاَه بماء الذهب أو الفضة وما تحت ذلك حديد أو شَبَه، ومنه قوله: مموَّه، أي مزخرَف. انظر: المغرب، "موه". (¬3) خَلُص أي صفا، والخلوص الصفاء، والتخليص التصفية. أنظر: المغرب، "خلص". فالتمويه لا تستطيع تخليصه من مكانه. انظر: المبسوط، 14/ 12. (¬4) ف م ز: يشتري الدار المموهة بالذهب وأقل في سقوفها تمويه من الذهب كثير. والتصحيح من ب. (¬5) ف: بتاخر؛ م: تاخر؛ ز: يتأخر. (¬6) ز: مموه. (¬7) وعبارة ب: ألا ترى لو اشترى الدار المموّهة وفي سقوفها تمويه من الذهب كثير بذهب أقل أنه لا يفسد وإن كان مؤجلا. وعبارة السرخسي: وعلى هذا لو اشترى دارا مموهة بالذهب بثمن مؤجل فإنه يجوز وإن كان بسقوفها من التمويه بالذهب أكثر من الفضة أو الذهب، لأنه لا يتخلص منه شيء، فلا يعتبر ذلك في حكم الربا ولا في وجوب التقابض في المجلس. انظر: المبسوط، 14/ 12. (¬8) ز - ذلك. (¬9) تقدم تفسيره قريباً.

وإذا اشترى الرجل من الرجل عشرة دراهم بدينار (¬1) فانتقد أحدهما ولم يتفرقا حتى أخذ الآخر منه رهناً (¬2) فيه وفاء فهلك الرهن قبل أن يتفرقا فهو جائز، والرهن بما فيه. وأخبرنا عن أشعث (¬3) بن سوار عن نافع عن ابن عمر أنه قال في الصرف: لا تفارقه وبينك وبينه عمل (¬4). وإذا اشترى الرجل بالدنانير النافقة دنانير كاسدة لا تَنْفُق بأكثر منها فإنه لا يجوز. وكذلك لو اشترى بها ذهباً تِبْراً (¬5) ليس بجيد فإنه لا يجوز في ذلك إلا وزن (¬6) بوزن مثل (¬7) بمثل يد (¬8) بيد ليس فيه فضل ولا تأخير. والدنانير المضروبة والحلي المصوغ والآنية في ذلك كله سواء. وكذلك الذهب التِّبْر. وإن كان بعضه ذهباً (¬9) أحمر والآخر ذهب دونه ليس بجيد فإنه لا يجوز في ذلك إلا مثل (¬10) بمثل يد (¬11) بيد ليس فيه فضل ولا تأخير. فإن كان دنانير عشرة معها درهم (¬12) وهي مثاقيل (¬13) بأحد (¬14) عشر مثقالاً (¬15) ذهباً تِبْراً (¬16) أو دنانير (¬17) كاسدة فهو جائز، لأن مع القليل درهماً (¬18)، فهو بالفضل. وكذلك لو كان مكان الدرهم مثقال فضة أو ثوب ¬

_ (¬1) ز: بدنانير. (¬2) ف م ز: بالآخر منه ذهبا. والتصحيح من ب؛ والكافي، 1/ 178 و؛ والمبسوط، 14/ 12. (¬3) ز: عن أشعب. (¬4) ورد بمعناه عن ابن عمر مرفوعاً. ولفظ أبي داود: "لا باس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء". انظر: سنن أبي داود، البيوع، 14. وفي رواية النسائي: "إذا بايعت صاحبك فلا تفارقه وبينك وبينه لَبْس". انظر: سنن النسائي، البيوع، 52. (¬5) ف م ز: ذهب تبر. (¬6) ز: وزنا. (¬7) ز: مثلا. (¬8) ز: يدا. (¬9) ف م ز: ذهب. (¬10) ز: مثلا. (¬11) ز: يدا. (¬12) ز: دراهم. (¬13) تقدم تفسير المثقال. (¬14) ز: بإحدى. (¬15) م: مثاقيل؛ ز: مثقال. (¬16) ف م ز: ذهب تبر. والتصحيح من ب. (¬17) ز: أو نانير. (¬18) ز: درهم.

أو عرض من العروض يساوي شيئاً أو دَانِق (¬1) فلوس فهذا كله جائز. وإذا كان حلي ذهب فيه لؤلؤ وجوهر لا يستطيع أن يخلّصه منه إلا بضرر فاشتراه رجل بدنانير فإن هذا (¬2) لا يجوز إلا أن يعرف [أن] (¬3) الدنانير أكثر مما فيه من الذهب، فإن عرف ذلك فهو جائز. فإن كان أقل مما فيه أو مثله أو لم يعرف ذلك فهو فاسد لا يجوز. فإن باعوا ذلك بدنانير نسيئة فإنه لا يجوز. حدثنا أبو إسحاق الشيباني عن عامر الشعبي عن شريح أنه أتي (¬4) بحلي ذهب فيه جوهر يباع نسيئة. فقال: ميزوه، ثم بيعوا الذهب بالنقد، والجوهر بالنسيئة (¬5). وإذا اشترى الرجل بدينار عشرة دراهم أو أقل أو أكثر يداً بيد فهو جائز. وكذلك لو اشترى مائة درهم بدينار. وكذلك لو اشترى إناءً مصوغاً فضة، فيه مائة درهم فضة، بدينار (¬6)، يداً بيد، فهو جائز. وكذلك لو اشترى مثقال ذهب بقيراط نسيئة كان جائزاً. وكذلك لو اشترى عشرة دنانير بدرهم فهو جائز إذا كان يداً بيد. وكذلك لو اشترى قُلْبَ (¬7) ذهب لا (¬8) يدري ما وزنه بفضة لا يدري ما وزنها يداً بيد فهو جائز. ولا يشبه هذا الذهب بالذهب والفضة بالفضة. ولو أن رجلاً اشترى فضة بفضة لا يدري ما وزن هذه ولا وزن هذه أو يعرف وزن هذه ولا يعرف وزن هذه الأخرى كان هذا فاسداً لا يجوز حتى يعرف أنهما سواء. وكذلك الذهب بالذهب لا ¬

_ (¬1) الدانق هو سدس الدرهم. انظر: مختار الصحاح، "دنق". (¬2) م ز: فإنه. (¬3) التصحيح مستفاد من ب. (¬4) ف - أتي. (¬5) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 70؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 285. (¬6) ز - وكذلك لو اشترى إناء مصوغا فضة فيه مائة درهم فضة بدينار. (¬7) أي سوار غير ملوي. انظر: المغرب، "قلب". (¬8) م: ولا.

يعرف وزن واحد منهما أو يعرف وزن أحدهما ولا يعرف وزن الأخرى، فإن هذا فاسد لا يجوز حتى يكون وزنهما سواء، ويكون وزن ذلك معروفاً (¬1)، يداً بيد. وإذا اشترى الرجل دراهم بدراهم مثلها ثم تفرقا قبل القبض أو قَبَضَ أحدهما ولم يقبض (¬2) [الآخر] فإن البيع فاسد وينتقض. وكذلك إناء فضة بدراهم أو تِبْر من الفضة بدراهم مثلها أو إناء فضة (¬3) بفضة مثلها في الوزن. فإن تفرقا قبل أن يقبضا انتقض البيع وفسد. وإن قبض أحدهما ولم يقبض الآخر حتى تفرقا فسد البيع. [وكذا الدنانير بدنانير مثلها] (¬4). وكذلك الذهب التِّبْر بالذهب أو بالدنانير. وكذلك الحلي المصوغ (¬5) من الذهب بالدنانير بمثل وزنه وقد قبض أحدهما ولم يقبض الآخر أو لم يقبضا جميعاً، فإن البيع ينتقض ويفسد. وكذلك الدراهم بالدنانير والفضة التِّبْر أو الآنية من الفضة بالدنانير أو الذهب التِّبْر أو حلي ذهب. فإن تفرقا قبل أن يقبضا جميعاً فإن البيع ينتقض ويفسد. وإذا اشترى رجل سيفاً محلى بفضة (¬6) بدراهم أكثر مما فيه ثم تفرقا قبل أن يقبضا فإن البيع ينتقض ويفسد، لأنه شيء واحد لا يُنْقَض (¬7)، فإن (¬8) فسد بعضه فسد كله. ألا ترى أنه لو باعه الجَفْن والحمائل أو ¬

_ (¬1) ز: معروف. (¬2) ف م ز: أو لم يقبض. وعبارة ب: وتفرقا قبل قبضهما أو أحدهما. (¬3) م - بدراهم أو تبر من الفضة بدراهم مثلها أو إناء فضة. (¬4) الزيادة من ب جار. (¬5) ف م ز: المصنوع. (¬6) ف م ز + أو. والتصحيح من ب؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 13. (¬7) ولفظ الحاكم: لا يبعض. انظر: الكافي، الموضع السابق. ولفظ السرخسي: لا يتبعض. انظر: المبسوط، 14/ 13. (¬8) ز: فإذا.

النَّصْل (¬1) دون الفضة لم يجز ذلك. وكذلك المِنْطَقَة (¬2) المفضّضة والسَّرْج المفضَّض والإناء المفضَّض. وكذلك لو كان الثمن ذهباً. فإن نقد الثمن بحساب ما يصيب الفضة ولم ينقد (¬3) البقية فهو جائز. وكذلك لو اشترط تأخير البقية إلى أجل معلوم فهو جائز. وإن كان الثمن في هذا دنانير أو دراهم أو مثاقيل (¬4) فضة معروفة أو مثاقيل ذهب معروفة فهو سواء، وهو جائز. وإذا اشترى الرجل عشرة دراهم بدينار (¬5) وتقابضا ثم وجد فيها درهماً رصاصاً أو نحاساً أو سَتُّوقاً (¬6)، فإن كانا لم يتفرقا استبدله منه، وإن كان قد تفرقا رد عليه، وكان شريكاً فى الدينار (¬7) [بحصته] (¬8)، وانتقد (¬9) تسعة دراهم، ثم تفرقا قبل أن يقبض الدرهم الباقي، فهو شريك في الدينار (¬10) بالعُشْر (¬11). وإذا اشترى الرجل عشرة دراهم بدينار وتقابضا وتفرقا ثم وجد فيها ¬

_ (¬1) تقدم تفسير هذه الألفاظ قريباً. (¬2) تقدم تفسيره قريباً. (¬3) ز: ينتقد. (¬4) تقدم تفسير المثقال قريباً. (¬5) ف م ز: بدنانير. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 14/ 13. ويدل عليه لفظ المسألة التالية. (¬6) ف م ز: درهم رصاص أو نحاس أو ستوق. والتصحيح من ب. قال المطرزي: السَّتُوق بالفتح أردأ من البَهْرَج، وعن الكرخي: الستّوق عندهم ما كان الصُّفْر أو النحاس هو الغالب الأكثر، وفي الرسالة اليوسفية: البَهْرَجَة إذا غلبها النحاس لم تؤخذ، وأما الستّوقة فحرام أخذها، لأنها فلوس. انظر: المغرب، "ستق". وقال السرخسي: الستوقة فلس مموه بالفضة. انظر: المبسوط، 12/ 144. (¬7) ف م ز: في الدنانير. والتصحيح من ب؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 13. (¬8) الزيادة من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 13. (¬9) وفي ب: كما لو انتقد. وعبارة الحاكم: وهذا بمنزلة لو انتقد. انظر: الكافي، الموضع السابق. وقال السرخسي: لأنه تبين أنه كان قبض في المجلس تسعة دراهم. انظر: المبسوط، 14/ 13. (¬10) م ز: في الدنانير. (¬11) ف م ز: بالعشرة. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 14/ 13.

درهماً نَبَهْرَجاً (¬1) أو لا تَنْفُق (¬2) غير أنه فضةٌ أو زَيْفاً (¬3) فإنه يستبدله. وكذلك إن وجد فيها درهمين أو ثلاثة أو أقل من النصف. وإن وجد أكثر من النصف أو النصف سواءً زُيوفاً (¬4) فإن أبا حنيفة كان يقول بردها، ويكون شريكاً في الدينار، ويقول: يستبدل ما بقي الأكثر، ولا يجوز أن يستبدلها (¬5). وقال أبو يوسف ومحمد: يجوز أن يستبدلها وإن وجد كلها زيوفاً، لأنها فضة، ولأن البيع لم ينتقض. ألا ترى أنه لو شاء قال: أنا أجيزها عنك وأقبلها، فجاز ذلك لهذا. فكذلك النَّبَهْرَج والدراهم التي لا تجوز، غير أنها فضة، فإنه يستبدلها. وهذا عند أبي يوسف ومحمد بمنزلة رجل اشترى عشرة دراهم بِيض بدينار (¬6) فدلّس له البائع سُوداً مكانها وقبضا وتفرقا ثم علم بذلك، فإن شاء أجازها ورضي بها، وإن شاء ردها وأخذ مكانها بِيضاً كما شرط له. وإذا اشترى الرجل ألف درهم بمائة دينار وليست الدراهم عند البائع ولا الدنانير عند المشتري فاستقرض البائع ألف درهم فدفعها إلى المشتري واشترى (¬7) المشتري مائة دينار فنقدها وتقابضا قبل أن يتفرقا فإن هذا جائز. ¬

_ (¬1) ز: نهرجا. النَّبَهْرَج والبَهْرَج الدرهم الذي فضته رديئة، وقيل: الذي الغلبة فيه للفضة، إعراب نَبَهْرَه ـ وقيل: المُبْطَل السِّكّة. انظر: المغرب، "بهرج"؛ والقاموس المحيط، "نبج". (¬2) ز: لا ينفق. (¬3) ف م ز: أو زيف. والتصحيح من ب. زَافَتْ عليه دراهمُه أي صارت مردودة عليه لِغِشِّ فيها، وقد زُيِّفَتْ إذا رُدَّتْ، ودرهم زَيْف وزائف، ودراهم زُيُوف وزُيَّف، وقيل: هي دون البَهْرَج في الرداءة، لأن الزيف ما يرده بيت المال، والبَهْرَج ما يرده التجار، وقياس مصدره الزُّيُوف، وأما الزَّيَافَة فمن لغة الفقهاء. انظر: المغرب، "زيف". وقال السرخسي: ثم الزيوف ما زيّفه بيت المال ولكن يروج فيما بين التجار. انظر: المبسوط، 12/ 144. (¬4) ز: زيوف. (¬5) أي إذا كانت النصف أو أكثر من النصف فلا يستبدلها. (¬6) ف: بدنانير. (¬7) ولفظ الحاكم والسرخسي: استقرض. انظر: الكافي، 1/ 178 ظ؛ والمبسوط، 14/ 14.

ولا يشبه هذا العروض والحيوان. وليس هذا مثل بيع الرجل ما ليس عنده، لأن الدراهم هي الثمن والدنانير هي الثمن، كل واحد منهما هو الثمن. وكذلك الفضة التِّبْر والذهب التِّبْر، لو اشترى رجل عشر مثاقيل فضة بمثقال ذهب وليست الفضة ولا الذهب عند كل واحد منهما فاستقرض كل واحد منهما فدفعه قبل أن يتفرقا إلى صاحبه كان جائزاً. ولو أن رجلاً باع (¬1) إناء فضة بوزنه فضة أو بدنانير مسماة أو باع قُلْب ذهب بوزنه ذهباً (¬2) أو بدراهم ثم استحق القُلْب قبل الفرقة أو الإناء (¬3) بطل البيع. ولا يشبه هذا في هذا الموضع الدراهم والدنانير، ولو اشترى رجل من رجل ألف درهم بمائة دينار فاستحقت الدراهم قبل أن يتفرقا فأعطاه مثلها كان ذلك جائزاً. وكذلك لو استحقت الدنانير فأعطاه مثلها قبل أن يتفرقا كان جائزاً. وإذا اشترى الرجل ألف درهم بعينها بمائة دينار والدراهم بِيض فقال: أعطني سُوداً، لم يكن ذلك إلا أن يرضى البائع. فإن تراضيا على ذلك فهو جائز. وكذلك لو اشترى منه ضَرْباً (¬4) من الدنانير فقال له البائع: أعطني دنانير بقيمتها، لم يكن له ذلك إلا أن يرضى بذلك الآخر، فإن تراضيا فهو جائز (¬5). وإذا اشترى الرجل ألف درهم بمائة دينار ولم يسم واحد منهما شيئاً فلكل واحد منهما نقد الناس [في ذلك البلد] (¬6). ولصاحب الدنانير مائة دينار كوفية إذا كانا بالكوفة. ولصاحب الدراهم ألف درهم غَلّة (¬7) نقد الكوفة. فإن كانا في بلد غير الكوفة فلكل واحد منهما نقد ذلك ¬

_ (¬1) م ز: اباع. (¬2) ز: ذهب. (¬3) ف م ز: والإناء. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 14. (¬4) ز: ضرب. (¬5) وعبارة السرخسي: وكذلك لو قبض الدراهم فأراد أن يعطيه ضَرْباً آخر من الدنانير سوى ما عيّنه لم يجز ذلك إلا برضاه ـ انظر: المبسوط، 14/ 18. (¬6) الزيادة من ب؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 18. (¬7) تقدم تفسيره قريباً.

البلد. فإن كان (¬1) النقد مختلفاً متفاضلاً (¬2) فالبيع فاسد إلا أن يسميا من ذلك ضرباً معلوماً. وإذا اشترى الرجل سيفاً محلى بفضة (¬3) بعشرة دنانير فقبض السيف ولم ينقد الدنانير ولم يفترقا حتى باع المشتري السيف من آخر وقبضه المشتري الآخر ولم ينقد [الثمن] (¬4) أيضاً حتى افترقوا جميعاً وفارق بعضهم بعضاً فإنه يرجع (¬5) السيف إلى الأول، لأن البيع كله انتقض. ولو لم يفارق الآخِرُ الأوسطَ حتى فارقه الأول ثم نقده الآخِر فإن بيع الأوسط جائز في السيف. وإن فارقه الأول ثم [إن] (¬6) الأوسط باع السيف من الآخِر فبيع الآخِر جائز. قلت: ولم أجزت بيع الأوسط بعدما فارق الأول؟ قال: لأنه في يد الأول على بيع فاسد، فيجوز بيعه إياه من الآخر، والأوسط ضامن لقيمة السيف. فإن باع (¬7) الأوسط نصف السيف أو لم يدفع إليه حتى جاء الأول فخاصمهم فإنه يدفع إلى الأول نصفه، ويجوز البيع في نصفه، ويضمن الأوسط نصف قيمة السيف للأول (¬8) من الذهب. وإن كان النقد معروفاً فقال أحدهما: شرطت لي كذا وكذا، لشيء أفضل من النقد المعروف، وقال الآخر: لم أشرط لك، فإنهما يتحالفان. وأيهما نكل عن اليمين لزمه دعوى الآخر. وإن حلفا جميعاً ترادّا. فإن قامت لهما بينة أخذت ببينة الذي يدعي الفضل منهما. قلت: ولا ترى هذا شرطاً يبطل؟ قال: لا. هذا اختلاف (¬9) في الثمن. ¬

_ (¬1) ز - كان. (¬2) ز: يتفاضل. (¬3) م ز: بعضه. (¬4) الزيادة من ب؛ والمبسوط، 14/ 18. (¬5) ز: مرجع. (¬6) الزيادة من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 19. (¬7) ف - السيف فإن باع، صح هـ. ـ (¬8) ف: الأول. (¬9) ف م ز: اختلفا. والتصحيح من ب جار.

وإذا اشترى الرجل ألف درهم بمائة دينار [فنقد الدنانير] (¬1) فقال الآخر: اجعلها الدراهم التي لي عليك، ففعل فهو جائز. وإن أبى لم يجبر عليه، ولم يكن قصاصاً (¬2). وإذا اشترى الرجل ألف درهم بمائة دينار فنقد الدنانير وقبض من الدراهم طائفة ثم تفرقا قبل أن يقبض ما بقي انتقض من البيع (¬3) بقدر ما بقي، ومضى منه بقدر ما انتقد وجاز. وإذا اشترى الرجل ألف درهم بمائة دينار فوكل كل واحد منهما وكيلاً يقبض منه ويدفع إليه وتفرقا هما قبل القبض فإن البيع ينتقض ويفسد. وكذلك إن وكل أحدهما وذهب وأقام الآخر فإن البيع ينتقض ويفسد. فإن لم يتفرقا حتى تقابض الوكيلان ذلك فهو جائز. وإذا اشترى الرجل عشرة دراهم بدينار فنقد تسعة دراهم وبقي درهم ونقد الآخر الدينار ثم لم يتفرقا ولم يكن عنده درهم فقال: بعني بالدرهم (¬4) شيئاً، فإن ذلك لا يجوز، ولا يبرأ من الدرهم بذلك البيع، لأنه ليس [له أن] (¬5) يشتري بالدراهم (¬6) شيئاً حتى يقبضها. وإذا اشترى الرجل من الرجل ألف درهم بمائة دينار فنقده الدنانير ولم ينتقد الدراهم حتى اشترى منه بها (¬7) خادماً فإن ذلك لا يجوز، ولا يلزم البيع، وليس له أن يشتري بالدراهم شيئاً حتى يقبضها. وإذا اشترى الرجل إبريق فضة وزنه ألف درهم بألف درهم ونقده خمسمائة درهم وقبض الإبريق ثم تفرقا فإنه يلزمه نصف الإبريق ويبطل نصفه. ¬

_ (¬1) الزيادة من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 19. (¬2) ز: قصاص. (¬3) ز: من المبيع. (¬4) ز: بالدراهم. (¬5) انظر المسألة التالية. (¬6) ف - لأنه ليس له أن يشتري بالدراهم. (¬7) ف: بها منه.

وإذا اشترى الرجل إبريق فضة بألف درهم وقبض كل واحد منهما ثم إن الذي اشترى الإبريق وجد فيه كسراً أو عيباً فهو بالخيار، إن شاء رده، وإن شاء أخذه. وليس هذا كالخيار في عقدة البيع. واذا اشترى الرجل سيفاً محلى فيه خمسون درهماً بمائة درهم وتقابضا ثم إن المشتري وجد بالسيف عيباً أو استحق نصفه فهو بالخيار، [ففي الاستحقاق] إن شاء رد ما بقي وأخذ الثمن كله، وإن شاء أمسك ما بقي، ويرجع بنصف الثمن، وفي العيب إن شاء رده وأخذ الثمن (¬1)، وإن شاء أمسكه. وكذلك المنطقة المفضضة والإناء المفضض والسرج المفضض. وكذلك القُلْب والطوق الفضة يشتريه الرجل بوزنه وتقابضا وتفرقا (¬2) ثم وجد فيه كسراً أو عيباً فهو بالخيار، إن شاء رده وأخذ ما نقد، وان شاء أمسكه. والخيار في هذا بغير شرط مستقيم جائز صحيح. وإذا اشترى الرجل من الرجل إبريق فضة وزنه ألف درهم بألف درهم ثم تقابضا ثم وجد فيه هَشِيماً ليس بنافذ ولا يسيل (¬3) منه ماء وهو عيب فإن له أن يرده إن شاء. وإن انكسر الإبريق عنده قبل أن يرده فإن رأى به عيباً فليس له أن يرده، وليس له أن يرجع بفضل شيء إلا أن يرضى البائع أن يقبله مكسوراً ويرد عليه الثمن. ولو رجع بفضل العيب كان قد أخذ فضةً مِثْلَها وفَضَلَ شيءٌ، فلذلك (¬4) لا يجوز. ولو كان اشتراه بدنانير كان له أن يرجع بفضل العيب، وليس الدنانير في هذا كالدراهم (¬5). ولو أن رجلاً اشترى من رجل إبريق فضة وزنه ألف درهم بألف درهم وتقابضا وتفرقا فاستحق رجل نصف الإبريق وصار تِبْراً كان للمشتري أن يرجع على البائع بنصف الثمن الذي استحق، وليس له أن يرد ما بقي لما ¬

_ (¬1) م ز - وأخذ الثمن. (¬2) ف ز: ويتقابضا ويتفرقا. (¬3) ز: نسيل. (¬4) ز - فلذلك. (¬5) ف: كالدراهم في هذا.

حدث فيه من العيب (¬1). وإذا اشترى الرجل ألف درهم بمائة دينار فنقده المائة دينار ولم ينتقد الألف حتى اشترى بها من رجل خادماً أو عرضاً أو باعها بدنانير بربح أو وضيعة أو برأس المال فإني لا أجيز ذلك، وأبطله، مِن قِبَل أنه باعه صَرْفاً قبل أن يقبضه، ولا ينبغي أن يبيع صَرْفاً ولا يشتري به حتى يقبضه. ولو اشترى الآخر بالدنانير شيئاً جاز ذلك، لأنه قد قبضها. وإذا اشترى الرجل عشرة دراهم بدينار من رجل ونقد الدينار ثم اشترى منه ثوباً بعشرة دراهم ثم قبضه فصار له عليه عشرة فقال: اجعلها بها قبل أن يتفرقا، فإن تراضيا بذلك فإنه لا يجوز، وأيهما أبى ذلك لم يكن له قصاص ولم يكن بها. قلت: فإن اشترى (¬2) منه ثوباً بعشرة دراهم ثم صرف عنده ديناراً بعشرة ثم لم يفترقا (¬3) حتى تقاصّا؟ (¬4). قال: أستحسن أن أجيزه، كأنه اشترى ما عليه بعشرة، ولا يكون قصاص حتى يتقاصّا (¬5). وإذا اشترى الرجل عشرة دراهم بدينار من رجل ونقده الدينار فلم يكن عنده الدراهم فاستقرضها من الذي نقده الدينار (¬6) وقبضها منه ثم دفعها إليه فإنه جائز. ¬

_ (¬1) والمسألة في ب هكذا: ولو استُحق نصف الإبريق بعدما انكسر رجع على البائع بنصف الثمن، ولا يرد ما بقي منه لأجل الكسر الحادث. وعبارة الحاكم في الكافي مع شرح السرخسي هكذا: وإن لم يجد به عيباً ولكنه استحق نصفه ولم يرد النصف الباقي على البائع حتى انكسر الإبريق لزمه النصف الباقي بالعيب الحادث عنده فيه، ورجع بنصف الثمن، لأن العقد في النصف المستحق قد بطل. انظر: الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 21. (¬2) ف م ز: اشتريت. (¬3) م ز: لم يفترق. (¬4) ف م ز: حتى تقاصصا. (¬5) ف م ز: حتى يتقاصان. (¬6) م ز - من الذي نقده الدينار.

وإذا اشترى الرجل من الرجل عشرة دراهم بدينار وتقابضا إلا درهماً واحداً (¬1) بقي من العشرة فأراد الذي اشترى منه الدراهم أن يأخذ منه (¬2) عشر الدينار (¬3) ولم يكن عند الآخر درهم فله ذلك. فإن قال له: بعني بعشر الدينار فلوساً مسماة أو عرضاً مسمى فباعه فذلك جائز. يقول: لأني إذا افترقا [جعلته] كأنه (¬4) بيع فاسد يجوز، كأني ناقضتُه (¬5) فيه وبعتُه (¬6)، وإن لم يفترقا (¬7) فذلك أَجْوَز. ولو باعه بالدراهم (¬8) لم يجز. فهذا مخالف لذلك. وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم دين فباع (¬9) دينه من رجل آخر بمائة دينار وقبض الدنانير فإن ذلك لا يجوز، وعليه أن يرد الدنانير. وكذلك لو اشتراها (¬10) بذلك الدين كان هذا باطلاً ولا يجوز، وهذا قول أبي حنيفة (¬11). وإذا اشترى الرجل بمائة دينار عنده وديعة لرجل ألفَ درهم ونقدها وقبضها ثم جاء صاحبها فأخذها من البائع، فإن كانا لم يتفرقا كان له عليه مثلها دنانير، وإن كانا قد تفرقا رجع عليه بالف درهم. ولو أن صاحب الدنانير أجاز البيع كان جائزاً، وكان له مثل دنانيره. وكذلك لو كانت ألف درهم وديعة عند رجل لرجل فباعها بمائة دينار وتقابضا فهو مثل الباب ¬

_ (¬1) ز: إلا درهم واحد. (¬2) م ز - منه. (¬3) م ز: الدنانير. (¬4) ف: كله. (¬5) ف م ز: ناقضت. والتصحيح من ب. وانظر لشرح المسألة: المبسوط، 14/ 13، 21. (¬6) وعبارة ب: لأنه كبيع فاسد ناقضه فيه وباعه. (¬7) ز: لم يفترق. (¬8) ف: بالدرهم؛ ز: الدراهم. (¬9) م ز: فباعه. (¬10) أي لو اشترى الدنانير، كما هو في ب. (¬11) قال الحاكم: وكذلك لو اشترى بذلك الدين من رجل خادماً كان باطلاً، وكذلك كل دين إلا أن يشتريه من الذي هو عليه ويقبضه فيجوز. ويقول السرخسي -رحمه الله-: وكذلك بيع الدين من غير من عليه الدين والشراء بالدين من غير من عليه الدين سواء، كل ذلك باطل، وعلى قول زفر: الشراء بالدين من غير من عليه الدين صحيح كما يصح ممن عليه الدين ... انظر: المبسوط، 14/ 22. ورأي الصاحبين موافق للإمام في المسألة، ولم يذكر الحاكم ولا السرخسي خلافاً لهما في ذلك.

الأول سواء. وكذلك رجل اشترى عشرة مثاقيل فضة بغير عينها بدنانير (¬1) وتقابضا ثم إن إنساناً استحق الإبريق وأجاز البيع قبل أن يقضى له به فهو جائز، وله الثمن. ولا يشبه هذا عندي الدنانير والدراهم، لأن هذا في هذه الحال بمنزلة العروض. وإذا اشترى الرجل عشرة دراهم وديناراً (¬2) باثني عشر درهماً وتقابضا فهو جائز، عشرة بمثلها، والدينار (¬3) بالفضل. وإذا اشترى الرجل ديناراً ودرهمين بدرهمين ودينارين وتقابضا فهو جائز، ويكون دينار بدرهمين، وليس هذا كالأول (¬4)، ولو استُحق الدينار الذي مع الدرهمين رجع بالدرهمين (¬5) اللذين مع الدينارين (¬6)، ولو استُحق الدرهمان اللذان (¬7) مع الدينار رجع بالدينارين (¬8) اللذين مع الدرهمين. ¬

_ (¬1) ز: ودنانير. (¬2) ف ز: ودنانيرا. (¬3) ز: والدنانير. (¬4) أي يصرف الجنس إلى خلاف الجنس، وليس هكذا في المسألة التي قبلها. انظر: المبسوط، 14/ 23. وقد شرح السرخسي المسألة باستيفاء في كتاب البيوع. انظر: المبسوط، 12/ 190. (¬5) ف: من الدرهمين؛ م ز: الدرهمين. (¬6) م ز: مع الدينار. (¬7) ز: الدرهمين اللذين. (¬8) ف: بالدينار.

الأَصْلُ للإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَنْ الشَّيْبَانِيِّ (189 هـ - 805 م) تحقيق وَدرَاسَة الدكتور محمَّد بوينوكالن الجُزُءُ الثالث إصَدارَات وَزَارَة الأَوقاف وَالشّؤون الإسْلاَمية إدارَة الشّؤون الإسْلاَمّية دَولة قَطَر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ طبعه خاصة بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية دولة قطر الطبعَة الأولى 1433 هـ - 2012 م دار ابن حزم بيروت - لبنان - ص - ب 6366/ 14 هاتف وفاكس: 701974 - 300227 (009611) البريد الإلكتروني: [email protected] الموقع الإلكتروني: www.daribnhazm.com

الأَصْلُ للإمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَن الشَّيْبَانِيِّ (3)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

باب الخيار في الصرف

باب الخيار في الصرف وإذا اشترى الرجل ألف درهم بمائة دينار واشترط الخيار يوماً فإن أبطل الخيار قبل أن يتفرقا فالبيع جائز، وإن تفرقا وقد تقابضا فهذا البيع فاسد لا يجوز، مِن قِبَل الخيار الذي دخل فيه. و [كذلك] إن كان الخيار في هذا للبائع فهو فاسد. فإن كان الخيار لهما جميعاً فهو فاسد أيضاً. وإن كان الخيار ثلاثة أيام أو يومين أو شهراً فهو سواء (¬1)، وهذا (¬2) فاسد كله. فإن أبطلا الخيار قبل أن يتفرقا فهو جائز. وكذلك إن أبطله الذي له الخيار فهو جائز أيضاً. وإذا اشترى الرجل إبريق فضة بوزنه فضة أو بدنانير واشترط الخيار يوماً فهذا فاسد. وكذلك قُلْب (¬3) ذهب اشتراه رجل بدراهم أو بوزنه ذهباً واشترط الخيار يوماً. وكذلك التِّبْر من الذهب والفضة والآنية. وكذلك الحلي من الذهب والفضة. [وكذلك الطَّوْق من الذهب] (¬4) اشتراه رجل بفضة واشترط الخيار يوماً وفيه جوهر ولؤلؤ (¬5) لا يتخلّص إلا أن يكسر (¬6) الطوق فإن البيع فاسد. وكذلك السيف المحلى يشتريه الرجل بألف درهم أكثر مما فيه أو بدنانير واشترط الخيار يوماً فهو فاسد. وكذلك المِنْطَقَة (¬7) المفضضة والسَّرْج المفضض والآنية المفضضة والخاتم الفضة فيه فَصّ، فكل (¬8) شيء من هذا اشتراه رجل بفضة أكثر مما فيه أو بذهب واشترط الخيار يوماً فهو فاسد. فإن اشترط (¬9) الخيار للبائع أو للمشتري أو لهما ¬

_ (¬1) ز: فاسد. (¬2) ف - سواء وهذا، صح هـ. (¬3) هو السوار غير الملوي كما تقدم. (¬4) الزيادة مستفادة من ب؛ والكافي، 1/ 179 و؛ والمبسوط، 14/ 23. (¬5) ف: ولو. (¬6) ز: إن انكسر. (¬7) هي ما تربط على وسط الإنسان كما تقدم. (¬8) م: كل. (¬9) ز: اشتر.

جميعاً أو لغيرهما فإن ذلك فاسد لا يجوز. فأما اللِّجَام المموَّه بالفضة أو الخَرَز (¬1) المموَّه بالفضة يشتريه الرجل بالذهب أو فضة أقل مما فيه أو أكثر ويشترط الخيار يوماً فإن البيع جائز، لأن المموه لا يُجْمَع (¬2) ولا يشبه غيره. وإذا اشترى الرجل جاريةً وطَوْقَ ذهبٍ فيه خمسون ديناراً بألف درهم واشترط الخيار في الجارية والطَّوْق يوماً فإن هذا فاسد كله في قول أبي حنيفة. وأما في (¬3) قول أبي يوسف ومحمد، فقالا: نُفسد الطوق ونُجيز (¬4) الجارية بحصتها من الثمن، وإن تقابضا أو لم يتقابضا فهو في ذلك سواء. وكذلك إن كان اشتراهما بمائة دينار فهو سواء. وإذا كان الخيار فيه ساعةً أو شهراً أو سنة في ذلك فهو سواء. وإذا اشترى الرجل جاريةً وطَوْقَ ذهبٍ فيه خمسون ديناراً بحنطة جُزَافاً أو كيلاً مسمى أو بشيء من العروض مما يوزن أو مما لا يوزن ويشترط الخيار يوماً أو ثلاثة أيام فهذا جائز، لأن هذا ليس فيه صرف. وإذا اشترى الرجل بدرهمٍ رِطْلاً من نحاس واشترط الخيار يوماً فهذا جائز، لأن هذا ليس بصرف وإن كان يوزن. وإن كان الخيار للبائع أو للمشتري فهو سواء. فإن كان مكان النحاس رصاص أو حديد أو شَبَه (¬5) فهو جائز. وكذلك (¬6) إن كان إناءً مصوغاً فهو جائز. ألا ترى أن رجلاً لو اشترى ¬

_ (¬1) الخَرَز جمع الخَرَزَة التي تُنْظَم. انظر: مختار الصحاح، "خرز". وهي ما تُنْظَم في سِلْك للزينة. (¬2) وعبارة ب: لا يخلص منه شيء. ولفظ السرخسي: لا يتخلص. انظر: المبسوط، 14/ 24. (¬3) ف - في. (¬4) ف م ز: فقال أفسد الطوق وأجيز. (¬5) قال ابن منظور: الشَّبَه والشَّبْه: النحاس يُصبَغ فيَصفرّ، وفي التهذيب: ضَرْب من النحاس يُلقَى عليه دواء فيصفرّ، قال ابن سيده: سمي به لأنه إذا فُعل ذلك به أشبه الذهب بلونه، والجمع أشباه، يقال: كوز شَبَه وشِبْه بمعنى. انظر: لسان العرب، "شبه". قال الفيومي: وهو أرفع الصُّفْر. انظر: المصباح المنير، "شبه". (¬6) ف: ولذلك.

باب البيع في الفلوس والشراء

زيتاً أو سمناً بدرهم أو بدينار واشترط الخيار يوماً كان جائزاً. إنما يفسد الخيار في الذهب بالذهب والفضة بالفضة والذهب بالفضة والفضة (¬1) بالذهب، تِبْراً كانا جميعاً أو أحدُهما أو إناءً من ذلك أو دراهم أو دنانير. فإذا وقع في ذلك خيار فالبيع فاسد، لأنه صرف، ولا خيار في الصرف. وكذلك كل ما وصفت لك من الآنية المفضَّضة (¬2) والسَّرْج والسيف والمِنْطَقَة إذا كان ذلك مفضَّضاً، لأنه شيء واحد. فإذا وقع الخيار فهو فاسد بعد أن يكون الثمن ذهباً أو فضة. فإن كان الثمن من (¬3) غير ذلك مما يوزن من الأدهان والإدام فهو جائز. وكذلك إن كان يوزن الثمن من النحاس والحديد والشَّبَه والرصاص تِبْراً كان أو إناءً مصوغاً فهو جائز. وكذلك إن كان الثمن شيئاً مما يكال أو شيئاً من العروض لا يكال ولا يوزن فهو جائز وإن كان فيه خيار يوماً أو ثلاثة أيام. فإن كان السيف هو الثمن فهو سواء. ولا يضرك أيهما سميتَ الثمن وأيهما سميتَ البَيْع (¬4) في ذلك. لا يفسد البيع مِن قِبَل هذا الوجه. وكذلك السَّرْج المفضَّض والمِنْطَقَة المفضَّضة والإناء المفضَّض. وكذلك الحلي المصوغ بالجوهر والخاتم (¬5) الذهب فيه فَصّ أو ليس فيه فَصّ (¬6). وكذلك الخاتم الفضة فيه فَصّ أو ليس فيه فَصّ فهو سواء. وهذا كله باب واحد. باب البيع في الفلوس والشراء وإذا اشترى الرجل فلوساً بدراهم (¬7) ونَقَدَ الدراهم ولم تكن الفلوس عند صاحبها البائع فإن البيع جائز، مِن قِبَل أن الفلوس بمنزلة الثمن. فإن ¬

_ (¬1) م ز: أو الفضة. (¬2) م: المفضة. (¬3) م ز - من. (¬4) البيع بمعنى المبيع. انظر: المغرب، "بيع". (¬5) م: أو الخاتم. (¬6) ز - فص. (¬7) م ز: بدرهم.

استقرضها فدفعها إليه فهو جائز. فإن افترقا قبل أن (¬1) يدفعها إليه ثم دفعها إليه بعد ذلك فهو جائز. وإن لم تكن (¬2) الدراهم (¬3) عنده ولم تكن (¬4) الفلوس عند هذا ثم تقابضا جميعاً قبل أن يتفرقا فهو جائز. وإن تفرقا قبل أن يقبض كل واحد منهما فإنه لا يجوز البيع، وقد انتقض البيع، وليس مِن قِبَل أن هذا صرف، ولكن مِن قِبَل أنهما افترقا وكل واحد منهما الذي اشترى تَرَكَه على صاحبه ديناً، وكل واحد منهما هو الثمن، فصار هذا ديناً (¬5) بدين، فلا يجوز مِن قِبَل ذلك. وإذا اشترى الرجل خاتم فضة فيه فَصّ أو ليس فيه فَصّ أو خاتم ذهب فيه فَصّ (¬6) أو ليس فيه فصّ بكذا (¬7) كذا فَلْساً فهو جائز. فإن لم تكن الفلوس عنده فهو جائز. فإن تقابضا قبل أن يفترقا أو بعدما افترقا فهذا جائز. ولا يشبه الدراهم، لأن الدراهم ثمن في هذا الوجه، والخاتم هاهنا بمنزلة العَرْض. وإذا اشترى الرجل فاكهةً أو لحماً أو ثوباً بكذا كذا فَلْساً وليست عنده الفلوس كان البيع جائزاً، قَبَضَا أو لم يقبضا، بعد أن يكون المبيع قائماً بعينه. والفلوس في هذا الوجه بمنزلة الدراهم والدنانير. ألا ترى أن الرجل يشتري اللحمَ بالدراهم والسَّمْنَ وأشباه ذلك ويَقْبِض ولا يَنْقُد فيكون ذلك جائزاً. وكذلك الفلوس والدنانير. وإذا اشترى الرجل (¬8) درهماً بكذا وكذا (¬9) فَلْساً أو كذا وكذا (¬10) فَلْساً اشتراها بدرهم فيكون سواء. فإن قبض أحدهما وبقي الآخر حتى تفرقا وكَسَدَ (¬11) ذلك الذي بقي عند (¬12) صاحبه فهو جائز مستقيم صحيح، إنما ¬

_ (¬1) م ز - الفلوس بمنزلة الثمن فإن استقرضها فدفعها إليه فهو جائز فإن افترقا قبل أن. (¬2) ف م ز: لم ينقد. والتصحيح من ب. (¬3) م ز: الدرهم. (¬4) ز: يكن. (¬5) ز: دين. (¬6) ز: ذهب. (¬7) ز: فكذا. (¬8) م ز - الرجل. (¬9) ف: بكذا كذا. (¬10) ف ز: أو كذا كذا. (¬11) ف م ز: وكسر. (¬12) ف م ز: عنده ـ

يفسد لو تفرقا (¬1) قبل أن يقبض كل واحد منهما. وإذا اشترى الرجل بعشرة أَفْلُس بعينها شيئاً من العروض وقبضه ثم أراد أن يعطيه غير ذلك الفلوس مما يجوز بين الناس فله ذلك. وهو بمنزلة الدراهم والدنانير في هذا الوجه. ولو أعطاه تلك الفلوس فوجد فيها فَلْساً لا تَنْفُق كان له أن يستبدله، بمنزلة درهمٍ زَيْف (¬2) وجده في الثمن، فله أن يستبدله. وإذا اشترى الرجل فَلْساً بعينه بفَلْسَين بأعيانهما فهو جائز، لأن هذا لا يوزن (¬3). ولا يكون بمنزلة الدراهم والدنانير (¬4) في هذا الوجه. وإن تفرقا قبل أن يقبضا فهو جائز. وليس لواحد منهما أن يعطي صاحبه غير ذلك بعينه. وأيهما ما هلك انتقض البيع. وإذا دفع صاحب الفَلْس فأراد الآخر أن يعطيه فَلْساً (¬5) غير ذلك الفَلْس فليس له ذلك. ولو رَخَّصْتُ في هذا دَخَلَ فيه شيءٌ قبيح فاحش: رجل باع فَلْساً بعينه بعشرين فَلْساً وقبض ¬

_ (¬1) ز: إذا تفرقا. (¬2) هو نوع رديء من الدرهم، وكان بيت المال يرده ولكن يروج بين التجار. وقد تقدم. (¬3) قال الحاكم: وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال محمد: لا يجوز أن يبيع فلساً بفلسين بأعيانهما كانت أو بغير أعيانهما. انظر: الكافي، 1/ 179 و. وقد ذكر الإمام محمد هذه المسألة في كتاب البيوع أيضاً، فقال هناك: وكذلك الفلوس، فلا بأس بأن يُستبدل فلس بفلسين أو أكثر يداً بيد، ولا خير فيه نسيئة. وهذا قول أبي يوسف. وقال محمد: لا يجوز ذلك يداً بيد ولا نسيئة؛ لأن الفلوس ثمن: إن ضاع منها شيء قبل القبض وجب على صاحبه مكانه؛ لأنه من نوعه. وقال أبو يوسف: إن ضاع الفلس قبل أن يدفعه فقبض الفلسين لم يجز أن يدفع أحدهما قضاء منه. وكذلك الفلوس لا بأس بأن يشتري فلساً بفلسين أو أكثر يداً بيد، ولا خير فيه نسيئة. وذكر الإمام محمد هنا أن بيع الفلس بالفلسين بأعيانهما جائز، وسيذكر قول أبي يوسف بالجواز قريباً، ولم يذكر أنه مخالف لهما. وذكر السرخسي في الموضعين الجواز عن الإمامين أبي حنيفة وأبي يوسف، وعدم الجواز عن الإمام محمد. انظر: المبسوط، 183/ 12، 14/ 25 - 26. وانظر: بدائع الصنائع، 5/ 185، 6/ 59؛ وفتح القدير، 6/ 168، 170، 7/ 22، 75، 155؛ والبحر الرائق، 6/ 219. (¬4) م ز - والدنانير. (¬5) ف - فلسا.

العشرين فَلْساً ثم أعطاه فَلْساً منها ولم (¬1) يعطه ذلك الذي بعينه. فلو كان هذا جائزاً (¬2) أن يكون كان قد أخذ تسعة عشر فَلْساً بغير شيء. وهذا لا ينبغي ولا يجوز إلا أن يعطيه ذلك العاشر (¬3) بعينه فيجوز. وإذا اشترى الرجل مائة فَلْس بدرهم فنقد الدرهم وقبض من الفلوس خمسين فلساً ثم كَسَدَت الفلوس فإن المشتري يأخذ نصف درهم فضة (¬4). ولو لم تَكْسُدْ ولكنها رَخُصَتْ أو غَلَتْ فإن للمشتري خمسين فلساً، يجبر على أخذها إن أبى، ويجبر البائع على دفعها إن أبى، إلا أن يصطلحا على المتاركة. وإذا اشترى الرجل فلوساً بدرهمٍ، مائةَ فَلْس (¬5)، ثم لم يقبضها حتى باعها من آخر فإن هذا فاسد (¬6) لا يجوز. وكذلك لو باع الآخر الدرهم الذي باع [به] (¬7) الفلوس قبل أن يقبضه من الآخر بفلوس أو غيرها فإن هذا لا يجوز، لأن الدراهم دين والفلوس دين، فلا يجوز له أن يشتري بالدين ولا يبيعه. ولو أن رجلاً أقرض رجلاً عشرة أَفْلُس أو درهماً ثم باع ذلك من آخر بعَرْض بعينه أو اشترى من آخر عَرْضاً بعينه (¬8) لم يجز ذلك، لأن هذا دين لا يجوز الشراء به ولا البيع، إلا أن يبيعه من الذي هو عليه أو يشتري به منه شيئاً بعينه ويقبضه من قبل أن يتفرقا. ¬

_ (¬1) م ز: أو لم. (¬2) ز: جائز. (¬3) ولعل الصواب: الذي. وقد يكون "العاشر" بمعنى أن ذلك الفلس عاشر أحد العشرتين الموجودتين في عشرين فلساً. (¬4) وقال الحاكم: وإذا اشترى مائة فَلْس بدرهم فنقد الدرهم وقبض من الفلوس خمسين ثم كَسَدَت الفلوس بطل البيع في الخمسين الباقية، ورد البائع نصف الدرهم الذي قبض، وللمشتري أن يشتري منه بذلك النصف درهم ما أحب. انظر: الكافي، الموضع السابق. وانظر للشرح: المبسوط، 14/ 26. (¬5) م ز - فلس. (¬6) م ز - فاسد. (¬7) الزيادة من ب. (¬8) م - بعينه.

وإذا (¬1) اشترى الرجل بدينارٍ ألفَ فَلْس ونقد الدينار وقبض نصف الفلوس ثم كسدت الفلوس فإن البيع ينتقض في النصف الباقي، ويكون عليه نصف دينار. فإن تراضيا أن يبيعه به دراهم أو عَرْضاً غير ذلك يداً بيد فهو جائز. وحدثنا محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: لا بأس بالسلم في الفلوس (¬2). فإن أسلمتَ في الفلوس أو بعتَها نسيئة أو أسلمتَها هي في شيء فهو جائز. وإذا اشترى الرجل فَلْسا بفَلْسَين وكل واحد من ذلك بغير عينه فإن هذا فاسد لا يجوز. ولو أجزتُ هذا كان لصاحب الفَلْسَين أن يقبض الفلوس ويرد على صاحبه أحدهما ويمسك الآخر، فيكون قد أمسك فَلْساً بغير شيء، فهذا لا يجوز. وإذا اشترى الرجل مائة فَلْس بدرهم فقبضها فباع من واحد تسعين فَلْساً بدرهم فهو جائز، ولو لم يقبضها حتى باع (¬3) منها تسعين فَلْساً بدرهم (¬4) ثم قبض تلك الفلوس فنقد منها تسعين واستفضل عشرة أَفْلُس (¬5) فهذا جائز مستقيم. ¬

_ (¬1) ف: فإذا. (¬2) رواه الإمام محمد بنفس الإسناد في كتاب الآثار، 129، بلفظ: عن إبراهيم في السلم في الفلوس فيأخذ الكفيل، قال: لا بأس به. (¬3) م: حتى يبيع. (¬4) ز - فهو جائز ولو لم يقبضها حتى باع منها تسعين فلسا بدرهم. (¬5) ف - أفلس؛ ف م ز + فهذا ليس بجائز ولو لم يقبضها حتى يبيع تسعين فلسا ثم قبض تلك الفلوس فنقد منها تسعين واستفضل عشرف وعبارة ب موافقة لما في ف م، لكنه ذكر في هامشه: كذا ذكر الجواب في المسألتين وليس بينهما تفاوت في الوضع إلا أنه ذكر في الأولى أنه باع تسعين بدرهم وفي الثاني أطلق. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 26.

وسمعت أبا يوسف يقول: إذا اشترى الرجل فَلْساً بفَلْسَين بأعيانهما فهو جائز وإن لم يقبض واحد منهما حتى افترقا، لأنه بمنزلة العَرْض (¬1) في هذا الوجه، أيهما ضاع انتقض البيع. وإن (¬2) اشترى فَلْساً بفَلْسَين فهو جائز. وإن قبض أحدهما فجائز. وإن لم يقبض واحد منهما حتى تفرقا (¬3) فالبيع فاسد (¬4). وإذا اشترى الرجل من الفاكهة أو من الإدام بدانِق (¬5) فلوس أو بدانِقين فلوس أو بقيراط (¬6) فلوس فهذا جائز، وعليه من الفلوس ما سمى، لأن الدانِق معروف والقيراط. ولو اشترى شيئاً من ذلك بدرهم (¬7) فلوس كان مثل ذلك في القياس، وهو في الدرهم أفحش، لم يجز (¬8) ................. ¬

_ (¬1) ز: العروض. (¬2) ز: وإذا. (¬3) م: حتى يتفرقا. (¬4) تقدمت هذه المسألة قريباً. (¬5) الدانق هو سدس الدرهم كما مر. (¬6) القيراط هو نصف الدانق، أي جزء من اثني عشر جزء من الدرهم. انظر: المصباح المنير، "قرط". (¬7) ز: بدراهم. (¬8) ف م: لم يخبر (مهملة)؛ ز: لم نجيز. والتصحيح من ب. وقال السرخسي: وهو في الدرهم أفحش، ولم ينص على حكم الجواز والفساد هنا، وروى هشام عن محمد فيما دون الدرهم أنه يجوز، وإن قال: "بدرهم فلوس أو بدرهمين" لا يجوز، وهو اختيار الشيخ الإمام أبي بكر محمد بن الفضل البخاري، وعن أبي يوسف أنه يجوز في الكل ... انظر: المبسوط، 14/ 26. فلم يذكر الحاكم ولا السرخسي أن محمداً يرى رده كما ذكر في المتن هنا، بل ذكر السرخسي أنه لم ينص على الجواز أو الفساد هنا كما مر. ويقول ابن نجيم: ولو اشترى شيئاً بنصف درهم فلوس صَحّ، وعليه فلوس تباع بنصف درهم، وعلى هذا لو قال: بثلث درهم أو بربعه أو بدانق فلوس أو بقيراط فلوس، لأن التبايع بهذا الطريق متعارف في القليل معلوم بين الناس لا تفاوت فيه، فلا يؤدي إلى النزاع، قَيَّدَ بما دون الدرهم، لأنه لو اشترى بدرهم فلوس لا يجوز عند محمد أو بدرهمين فلوس لا يجوز عند محمد لعدم العرف، وجوّزه أبو يوسف في الكل للعرف، وهو الأصح، كذا في الكافي والمجتبى. انظر: البحر الرائق، 6/ 220؛ وحاشية ابن عابدين، 5/ 271. لكن ذلك غير موجود في نسخة الكافي لدينا. ولعله في المجتبى. وقد ذكر ابن الهمام أن محمداً يقول بالجواز في ظاهر الرواية عنه. انظر: فتح القدير، 7/ 159. وهو مخالف لما سبق. ولعل هذا الموضع مما اختلفت فيه نسخ كتاب الأصل.

ولم يرده (¬1). ومحمد يرى رده. ولو أعطى الرجل درهماً للبائع (¬2) وقال: أعطني بنصفه، فلوساً، وأعطني [بنصفه الباقي] (¬3) درهماً صغيراً وزنه نصف درهم، فهذا جائز مستقيم. فإن لم يقبض الفلوس والدرهم الصغير حتى تفرقا (¬4) وقد سمى له الفلوس فإن الفلوس جائزة لازمة له، ولا يجوز الدرهم الصغير، لأنه في هذا صرف، وليس في الفلوس صرف. ولو لم يكن دفع الدرهم الأول حتى تفرقا (¬5) انتقض ذلك كله، الفلوس منه والدرهم الصغير، أما الدرهم الصغير (¬6) بنصف الدرهم الكبير فهو صرف قد تفرقا قبل أن يقبضا، فلا (¬7) يجوز، وأما (¬8) الفلوس بنصف الدرهم فكل واحد منهما دين (¬9) على صاحبه، وليس يجوز دين بدين. وإن قبض الفلوس فحصتها من ذلك جائزة، والآخر باطل. وإن قبض الدرهم الصغير ولم يقبض غير (¬10) ذلك بطل ذلك كله، لأنه صرف غير مقبوض. واذا دفع الرجل إلى الرجل درهماً فقال: أعطني بنصفه فلوساً: كذا كذا فَلْساً، وأعطني (¬11) بنصفه الباقي درهماً صغيراً يكون فيه نصف درهم إلا حَبّة (¬12)، فإن هذا فاسد، لأنه صرف نصفه بنصف إلا حبة. وينبغي في القياس في قياس قول أبي حنيفة أن يفسد الفلوس والدرهم الصغير جميعاً، ¬

_ (¬1) ز: نرده. (¬2) ف م: البائع. والتصحيح من ب. (¬3) الزيادة من ب. ولفظ السرخسي: بنصف. انظر: المبسوط، 14/ 27. (¬4) م: حتى يتفرقا. (¬5) م: حتى يتفرقا. (¬6) ف - الصغير. (¬7) م: ولا. (¬8) ز: أما. (¬9) ز: دينا. (¬10) م ز - غير. (¬11) الأصح هو إسقاط لفظة "أعطني"، كما سيأتي إيضاح ذلك في الحاشية. (¬12) قال الرازي: الحبة جزء من ثمانية وأربعين جزء من الدرهم. انظر: مختار الصحاح، "مكك". وقال الفيومي: كان الدرهم اثنتي عشرة حبة خُرْنوب في أحد الأوزان قبل الاسلام، وأما الدرهم الإسلامي فهو ست عشرة حبة. انظر: المصباح المنير، "درهم".

لأنهما صفقة واحدة، فإن فسد بعضها فسد (¬1) كلها. وفي قول أبي يوسف [ومحمد] (¬2) الفلوس جائزة لازمة له، والدرهم الصغير بنصف درهم إلا حبة باطل لا يجوز. ولو شارطه فقال: أعطني كذا وكذا فَلْساً ودرهماً صغيراً وزنه نصف درهم إلا قيراطاً (¬3)، كان هذا جائزاً كله إذا تقابضا قبل أن يفترقا (¬4). ولو أن رجلاً كان معه درهم (¬5) فقال: بعني بهذا الدرهم عشرين فلساً ودرهماً صغيراً (¬6) يكون وزنه دانقين ونصفاً (¬7)، كان هذا كله جائزاً إذا تقابضا قبل أن يتفرقا. ولو أن رجلاً كان معه درهم زَيْف أو سَتُّوق أو نَبَهْرَج (¬8) لا يَنْفُق فباعه ¬

_ (¬1) ف م - فسد. (¬2) الزيادة من الكافي، 1/ 179 ظ؛ والمبسوط، 14/ 27. (¬3) ز: إلا قيراط. (¬4) قال السرخسي -رحمه الله-: الأصح عندي أن العقد يجوز في حصة الفلوس عندهم جميعاً على ما وضع عليه المسألة في الأصل فإنه قال: وأعطني بنصفه الباقي درهماً، وإذا تكرر الإعطاء يتفرق العقد به، وفساد أحد العقدين لا يوجب فساد الآخر، ألا ترى أن على هذا الوضع لا يكون قبول العقد في أحدهما شرطاً للقبول في الآخر، إلا أن يكون وضع المسألة على ما ذكر الحاكم في المختصر: وبالنصف الباقي درهماً صغيراً (انظر: الكافي، الموضع السابق)، فحينئذ يكون العقد واحداً، لأنه لم يتكرر ما به ينعقد العقد، وهو قوله: أعطني. ولو قال: أعطني كذا فَلْساً ودرهماً صغيراً وزنه نصف درهم إلا قيراطاً، كان جائزاً كله إذا تقابضا قبل أن يتفرقا، لأنه قَابَلَ الدرهمَ هنا بما سمى من الفلوس ونصف درهم إلا قيراط، فيكون مثل وزن الدرهم الصغير من الدرهم بمقابلته، والباقي كله بإزاء الفلوس. انظر: المبسوط، 14/ 27 - 28. (¬5) ز: درهما. (¬6) ز: ودرهم صغير. (¬7) ز: ونصف. (¬8) ز: درهما زيفا أو ستوقا أو نبهرجا. الزَّيْف دون البَهْرَج في الرداءة، لأن الزيف ما يرده بيت المال، والبَهْرَج ما يرده التجار. انظر: المغرب، "زيف". وقال السرخسي: الزيوف ما زيّفه بيت المال، ولكن يروج فيما بين التجار. انظر: المبسوط، 12/ 144. أما السَّتُّوق قال المطرزي: السَّتُّوق بالفتح أردأ من البَهْرَج، وعن الكرخي: الستّوق عندهم ما كان الصُّفْر أو النحاس هو الغالب الأكثر، وفي الرسالة اليوسفية: البَهْرَجَة =

من رجل وبَيَّنَ له (¬1) بخمس دوانيق فلوس أو بأربعة دوانيق فلوس كان هذا جائزاً مستقيماً. وإن باعه بنصف درهم فلوس (¬2) وبدرهم صغير وزنه دانقان (¬3) فهو جائز إذا تقابضا قبل أن يتفرقا. وإن باعه إياه بخمسة دوانيق فضة أو بدرهم غير قيراط فضة فهذا لا يجوز. وإن قال: بعني بهذه الفضة فلوساً: كذا كذا فَلْساً، فهذا جائز، لأن أصل هذا جائز (¬4). دان باعه إياه (¬5) بخمسة أسداس درهم أو بنصف درهم فإن هذا لا يجوز، لأن هذا يقع على الفضة دون الفلوس، فإذا وقع البيع على الفضة لم يجز بأقل مما فيه، وإذا وقعت على الفلوس جاز ذلك وإن كان قليلاً. وإذا اشترى بَيْعاً (¬6) بدانق أو بدانقين أو بنصف درهم فإن هذا كله يقع على الفضة إلا أن يَقْبَل (¬7) بذلك فلوساً، فإن قَبِل بها فلوساً فهو جائز مستقيم. واذا اشترى الرجل من الرجل بدرهم فلوساً وقبضها ولم ينقد الدرهم ¬

_ = إذا غلبها النحاس لم تؤخذ، وأما الستّوقة فحرام أخذها، لأنها فلوس. انظر: المغرب، "ستق". وقال السرخسي: الستوقة فلس مموه بالفضة. انظر: المبسوط، 12/ 144. وأما النَّبَهْرَج والبَهْرَج فهو الدرهم الذي فضته رديئة، وقيل: الذي الغلبة فيه للفضة، إعراب نَبَهْرَه. وقيل: المُبْطَل السِّكّة. انظر: المغرب، "بهرج"؛ والقاموس المحيط، "نبج". (¬1) ف: وبر له. وفي ب: وبينه. ولفظ الحاكم والسرخسي: من رجل قد علم عيبه. انظر: الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 28. (¬2) م ز + وبدرهم صغير فلوس. وما في المتن موافق أيضا لما في الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 28. (¬3) ف م ز: دانقين. (¬4) م ز - لأن أصل هذا جائز. وقال السرخسي: لأنهما نوعان مختلفان. انظر: المبسوط، 14/ 28. (¬5) م ز - إياه. (¬6) أي: مبيعاً، كما تقدم غير مرة. (¬7) كذا في ف م؛ والكافي، الموضع السابق. لكن في ب: إلا أن يُقَيِّدَه بقوله فلوساً. ولفظ السرخسي: إلا أن يَقْرِنَ بكلامه ذكر الفلوس. انظر: المبسوط، 14/ 28.

حتى كسدت الفلوس فهو جائز، والدرهم [دين] (¬1) عليه. وإن لم يقبض الفلوس ونقد (¬2) الدرهم ثم كسدت الفلوس (¬3) قبل أن يقبضها فإن القياس في هذا أن يجوز ذلك عليه، ولكني أدع القياس، وأجعل عليه أن يرد الدرهم. وكذلك لو اشترى لحماً أو فاكهة بفلوس مسماة وقبض اللحم والفاكهة ثم كسدت الفلوس قبل أن يُقَبِّضَ الفلوسَ فإنه ينبغي في القياس أن يجوز عليه، ولكني أدع القياس في ذلك، وأجعل عليه قيمة ذلك الشيء يوم قبض إن كان مستهلكاً، وإن كان قائماً ينتقض البيع فيه (¬4). وإذا اشترى فاكهة بعشرة أَفْلُس فقبضها ولم ينقده الفلوس حتى رَخُصَت أو غَلَت فإن عليه عشرة أَفْلُس من ذلك الضرب. وكذلك لو اشترى مائة فلس ثم غَلَت الفلوس أو رَخُصَت ولم يقبض جَبَرْتُه (¬5) على أن يدفع الدرهم ويقبض المائة فَلْس إذا كانا لم يتفرقا. وإذا اشترى بدانقٍ فلوسِ فاكهةً والدانق عشرون (¬6) فَلْساً ثم غَلَت بعدما قبض الفاكهة قبل أن يُقَبِّضَ الفلوسَ أو رَخُصَت فإن عليه عشرين فَلْساً يومَ وَقَعَ البيع. وإذا اشترى الرجل فلوساً بدرهم فوجد فيها فَلْساً لا يَنْفُق (¬7) وقد نقد الدرهم فإنه يستبدله. وإن لم يكن نقد الدرهم استبدله أيضاً ما لم يتفرقا. فإن تفرقا ولم يقبض الدرهم وكان فلساً لا يجوز (¬8) مع الفلوس بطلت حصته من الدرهم. [وإن كان يجوز معها في حال ولا يجوز في حال استبدله في ¬

_ (¬1) الزيادة من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 28. (¬2) م: فنقد. (¬3) ز - فهو جائز والدرهم عليه وإن لم يقبض الفلوس ونقد الدرهم ثم كسدت الفلوس. (¬4) أي يرده بعينه. انظر: المبسوط، 14/ 28. (¬5) جبر وأجبر بنفس المعنى، وهي لغة جيدة، لكن استضعفه المطرزي. انظر: المغرب، "جبر"؛ والمصباح المنير، "جبر". (¬6) ز: عشرين. (¬7) ز: لا تنفق. (¬8) أي: لا يروج، كما في ب.

المجلس قبل أن يتفرقا، وإن استُحق منها شيء بطلت حصته من الدرهم] (¬1). وإذا استقرض رجل من رجل عشرة أَفْلُس أو أقرضها إياه ثم كسدت تلك الفلوس واتخذ الناس فلوساً غيرها فإنما عليه مثل ذلك الضرب الذي كسدت، فليس عليه قيمتها فضة (¬2)، ولا مثلُها من الفلوس التي أحدث الناس. فإن اصطلحا على شيء يداً بيد فهو جائز. وفي قول أبي يوسف عليه [قيمتُها] (¬3) من الفضة، استحسن ذلك (¬4). وإذا استقرض الرجل من الرجل دانِقَ فلوسٍ أو دانِقَين فأقرضه فهو جائز، فإن رَخُصَت أو غَلَت فإنما عليه مثل العدد الذي أخذ، ليس عليه أكثر من ذلك ولا أقل. وكذلك لو قال: أقرضني نصف درهم فلوس أو درهم فلوس، فهو مثل ذلك. وكذلك (¬5) لو قال: أقرضني دانق حنطة، فأقرضه ربع حنطة فإنما عليه أن يرد مثله. وكذلك لو قال: أقرضني (¬6) عشرة دراهم غَلَّة بدينار (¬7)، فأعطاه عشرة دراهم أو أقل أو أكثر فإنما عليه دراهم مثلها، ولا ينظر إلى غلاء الدراهم ولا إلى رُخْصِها. وكذلك كل ما يكال من الحنطة والشعير والسمسم والتمر والزبيب وأشباه ذلك من الحبوب يستقرض رجل من رجل كيلاً (¬8) من ذلك، فإنما ¬

_ (¬1) الزيادة مستفادة من ب؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 29. (¬2) ف - فضة. (¬3) من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 29. (¬4) وهو قول محمد أيضاً. انظر: الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 29. (¬5) ف: ولذلك. (¬6) م - دانق حنطة فأقرضه ربع حنطة فإنما عليه أن يرد مثله وكذلك لو قال اْقرضني، صح هـ. (¬7) ف م: أقرضني عليه دراهم بدينار؛ ز: أقرضني عله دراهم بدينار. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق. وسقط لفظ, غلة" من المبسوط، 14/ 30. والغَلّة من الدراهم هي المقطعة إلى قطع صغيرة كما مر. (¬8) ز: كيل.

عليه مثله. وكذلك المرأة تستقرض من الرجل أو من المرأة أو (¬1) العبدُ التاجرُ من الحر أو المكاتبُ من الحر أو الحرُّ يستقرض من العبد التاجر فهو سواء. غير أني أكره أن يستقرض الحر من العبد التاجر والمكاتب، فإن استقرض رَدَدْتُه، فإن لم أجده كان عليه مثلُه. وكل ما يوزن بالرطل من السمن والعسل والزيت والأدهان كلها فهو مثل ذلك. وكل ما يُعَدُّ عدداً من البيض والجوز فهو مثل ذلك. هذا كله باب واحد، والقرض (¬2) فيه جائز. وإن جعل الجوز بكيل (¬3) فهو جائز أيضاً. وأما الحيوان والرقيق والإبل والغنم والبقر والبهائم كلها والطير والوحش فليس ينبغي لأحد أن يستقرض من ذلك شيئاَ ولا يجوز. وإذا استقرض شيئاً من ذلك رَدَدْتُه وأبطلتُه. فإن باعه المستقرض أجزتُ ذلك وضمّنتُه قيمتَه، وجعلتُه بمنزلة البيع الفاسد. وكذلك الدُّور والأَرَضُون (¬4) والسُّفُن والثياب والطيالسة، فإن هذا ليس يُستقرَض ولا يجوز القرض فيه. فإن فعل فهو على ما ذكرت لك في الحيوان. فأما القطن والكَتّان والإبْرِيسَم والنحاس التِّبْر (¬5) والحديد والصُّفْر (¬6) والشَّبَه (¬7) والرصاص، فإن استقَرض رجل (¬8) من هذا وزناً معلوماً فهو جائز، ¬

_ (¬1) ف + من. (¬2) ف م ز: والعرض. (¬3) م ز + أيضا. (¬4) ز: والأرضين. (¬5) م ز: النقر (مهملة)؛ ف: والبر (مهملة). والتصحيح من الكافي، الموضع السابق. (¬6) قال ابن منظور: الصُّفْر النحاس الجيد، وقيل: الصفر ضرب من النحاس، وقيل: هو ما صَفِرَ منه، الجوهري: والصُّفْر بالضم الذي تُعمَل منه الأواني. انظر: لسان العرب، "صفر". (¬7) قال ابن منظور: الشَّبَه والشِّبْه: النحاس يُصبَغ فيَصفرّ، وفي التهذيب: ضَرْب من النحاس يُلقَى عليه دواء فيصفرّ، قال ابن سيده: سمي به لأنه إذا فُعل ذلك به أشبه الذهب بلونه، والجمع أشباه، يقال: كوز شَبَه وشِبْه بمعنى. انظر: لسان العرب، "شبه". قال الفيومي: وهو أرفع الصُّفْر. انظر: المصباح المنير، "شبه". (¬8) ف + رجل.

وعليه مثله. وكذلك اللَّبَن والجُبْن والمَصْل (¬1) وكل شيء مما يكال بالرطل أو يوزن. وكذلك الزعفران والمسك وكل ما يوزن من العطر على هذا النحو فإن القرض فيه جائز مستقيم، على (¬2) صاحبه مثله. وأما الخشب والحطب والقصب والرياحين الرطبة والبقول فإنه لا يجوز القرض (¬3) في شيء من ذلك، وهو فاسد، فإن فعل رَدَدْتُه، فإن لم أجده ضمّنتُه قيمته. وكذلك الخُضَر (¬4) كله. وأما (¬5) الحناء والوَسِمَة (¬6) والرياحين اليابسة التي تكال كيلاً فلا (¬7) بأس بأن يستقرض منها كيلاً معلوماً، ويكون عليه مثله. وكل قرض إلى أجل فهو حالّ، والأجل فيه باطل، لأنه عارية، بمنزلة رجل أعار رجلاً حائطاً (¬8) شهراً، فله أن يأخذه قبل الشهر. وكذلك (¬9) الحنطة والشعير وشبه ذلك مما يكال فالقرض فيه جائز. وإذا أعار الرجل الرجل ألف درهم وقبضها فهي قرض، ¬

_ (¬1) م ز: والبصل. والمَصْل: عُصَارة الأقِط، وهو ماؤه الذي يُعْصَر منه حين يُطْبَخ. انظر: المصباح المنير، "مصل". والأقط شيء يابس متحجِّر يتّخذ من اللبن المَخِيض يُطبَخ ثم يُترَك ثم يَمْصُل. انظر: لسان العرب، "أقط". (¬2) ز - على. (¬3) ف م ز + فيه. (¬4) ف م ز: الحبر (مهملة). وكذلك في ب جار. ورجحنا أن يكون "الخُضَر" بمعنى الخضراوات الرطبة غير المجففة. انظر: المغرب، "خضر". والمعنى في عدم الجواز هو كونها مضمونة بالقيمة عند الاستهلاك. انظر: المبسوط، 14/ 33. (¬5) ف: أما. (¬6) الوسمة بكسر السين وسكونه شجرة ورقها خِضاب، وقيل: هي الخِطْر، وقيل: هي العِظْلِم يجفف ويطحن ثم يخلط بالحناء فيَقْنَأ لونه، وإلا كان أصفر. انظر: المغرب، "وسم". (¬7) م ز: ولا. (¬8) الحائط بمعنى البستان، وأصله من الحائط المحيط به. انظر: المغرب، "حوط". (¬9) ف م ز: وكل قرض.

باب القرض والصرف في ذلك

وهذا جائز. وكذلك الدنانير. ألا ترى (¬1) أن المستقرض (¬2) لو اشترى بها جارية كانت له، وكان عليه مثلها. وكذلك الفلوس. وكذلك الفضة التِّبْر وغير التِّبْر. وكل ما ذكرنا من الكيل والوزن والعدد الذي أجزنا فيه القرض فالعارية فيه جائزة بمنزلة القرض. فأما آنية الفضة (¬3) والذهب والحلي والجوهر كله فإن هذا عارية وليس بقرض، وعليه أن يرده، وإن باعه لم يجز، لأن صاحبه لم يسلّطه على البيع حين (¬4) أعاره. وكذلك الآنية من النحاس والصُّفْر والشَّبَه (¬5) وما أشبهه. وكذلك الثياب والحيوان في جميع ما ذكرنا مما لا يجوز فيه القرض، فإن عاريته لا تكون قرضاً، ولا يجوز فيه بيع المستعير. وكذلك الدُّور والأَرَضُون (¬6) والسُّفُن والرقيق. وإذا أقرض رجل لآخر دراهم (¬7) أو دنانير أو فلوساً فأخّرها شهراً فإن له أن يرجع في التأخير إن شاء ذلك، لأنه عارية. وكذلك كل ما يقرض. باب القرض والصرف في ذلك حدثنا أبو يوسف عن عتبة بن (¬8) عبد الله عن (¬9) يزيد بن جُعْدُبَة (¬10) عن عُبَيْد بن السَّبَّاق (¬11) عن زينب امرأة عبد الله أنها قالت: أعطاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جِدَادَ (¬12) خمسين وَسْقاً من تمر خيبر، وعشرين وَسْقاً من شعير. فقال لي ¬

_ (¬1) ز - ترى. (¬2) ولفظ السرخسي: أن المستعير. انظر: المبسوط، 14/ 34. (¬3) ف - الفضة، صح هـ. (¬4) ز: حتى. (¬5) تقدم تفسير الصفر والشبه قريباً. (¬6) ز: والأرضين. (¬7) ز: دراهما. (¬8) ز: عن. (¬9) ز: بن. (¬10) ز: جعدة. (¬11) ز: الساق. (¬12) ز: جذاذ. الجَدّ في الأصل القطع، ومنه جَدَّ النخلَ صَرَمَه أي قطع ثمره جِدَاداً فهو جادّ، وفي الروايات: أعطاها جِدَاد كذا وسقا أو جَادَّ كذا وسقا، وكلاهما مؤوّل، إلا أن الأول نظير قولهم: هذه الدراهم ضَرْب الأمير، والثاني نظير قولهم: عِيشة راضية، والمعنى أنه أعطاها نخلا يُجَدُّ منه مقدار كذا وسقا من التمر. انظر: المغرب، "جدد".

عاصم بن عدي: أُعطيكِ تمراً هاهنا، والوفاءُ بتمركِ (¬1) بخيبر (¬2). فقالت: حتى أسأل عن ذلك. فسألت عمر بن الخطاب، فنهاها عن ذلك، وقال: كيف بالضمان فيما بين ذلك (¬3). وحدثنا أبو يوسف عن عاصم بن سليمان عن محمد بن سيرين قال: أقرض عمر بن الخطاب أبي بن كعب عشرة آلاف درهم. قال: وكانت لأُبَيّ نخلٌ تُعَجِّل. قال: فأهدى أبي بن كعب لعمر بن الخطاب رُطَباً، فرده عليه. فلقيه أبي بن كعب، فقال: أظننت أني أهديت (¬4) لك من أجل مالك، ابعث إلى مالك فخذه. قال: فقال عمر لأبي: رد إلينا هديتنا (¬5). ¬

_ (¬1) ف ز: تمرك. (¬2) ز: بخبر. (¬3) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 358. قال السرخسي: إن هذا إن كان بطريق البيع فاشتراط إيفاء بدلٍ له حَمْل ومَؤونة في مكان آخر مبطل للبيع، وهو مبادلة التمر بالتمر نسيئة، وذلك لا يجوز. وإن كان بطريق الاستقراض فهذا قرض جَرَّ منفعة، وهو إسقاط خطر الطريق عن نفسه ومؤنة الحمل، ونهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قرض جَرَّ منفعة، وسماه ربا. انظر: المبسوط، 14/ 35. وقد أخرج الحديث المذكور الحارث بن أبي أسامة في مسنده وغيره عن علي - رضي الله عنه - مرفوعاً بلفظ: "كل قرض جر منفعة فهو ربا"، بسند ضعيف. لكن روي معناه موقوفا عن ابن مسعود وأبي بن كعب وعبد الله بن سلام وابن عباس وفضالة بن عبيد - رضي الله عنهم -، كما روي عن عدد من التابعين. انظر: السنن الكبرى للبيهقي، 5/ 349؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 60؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 34. وسيرويه المؤلف عن إبراهيم النخعي وعطاء بن أبي رباح وأبي جعفر الباقر. (¬4) م: أهدي. (¬5) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 142؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 5/ 349. قال السرخسي -رحمه الله-: إن عمر - رضي الله عنه - إنما رد الهدية مع أنه كان يقبل الهدايا لأنه ظن أنه أهدى إليه لأجل ماله، فكان ذلك منفعة القرض، فلما أعلمه أبي - رضي الله عنه - أنه ما أهدى إليه لأجل ماله قبل الهدية منه، وهذا هو الأصل، ولها قلنا: إن المنفعة إذا كانت مشروطة في الإقراض فهو قرض جَرَّ منفعة، وإن لم تكن مشروطة فلا بأس به. انظر: المبسوط، 14/ 35.

وحدثنا أبو يوسف عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه كان يكره كل قرضٍ جَرَّ منفعة (¬1). وحدثنا عن (¬2) المغيرة الضبِّي عن إبراهيم مثله. وحدثنا عن محمد بن سالم عن عامر الشعبي أنه كان يكره أن يقول الرجل للرجل: أقرضني، فيقول: لا حتى أبيعك (¬3). وحدثنا عن زكريا بن أبي زائدة عن عامر أنه سئل عن امرأة أقرضت امرأة عشرة مثاقيل ذهب جيد، وكان عندها ذهب رديء دونه، فأرادت أن تعطيها من ذلك الذهب اثني (¬4) عشر مثقالاً، فكره عامر ذلك، وقال: لتبع (¬5) ذهبها في السوق، ثم لتشتر (¬6) للآخر ذهباً. وحدثنا عن أشعث (¬7) بن سوار عن الحسن بن أبي الحسن وعن نافع عن عبد الله بن عمر أنهما قالا جميعاً في الرجل يكون له على الرجل الدراهم فيعطيه دنانير (¬8)، قالا (¬9): خذها بقيمتها في السوق (¬10). وحدثنا عن الحجاج بن أرطأة عن عطاء بن أبي رباح (¬11) عن ¬

_ (¬1) وقد رواه الإمام محمد عن الإمام أبي حنيفة بلا واسطة أيضاً. انظر: الآثار لمحمد، 132. وانظر: المصنف لعبد الرزاف، 8/ 145؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 327، 328. وقد روي مرفوعا وموقوفاً كما سبق في الحاشية. (¬2) م - عن. (¬3) قال السرخسي: وإنما أراد بهذا إثبات كراهة العِينة، وهو أن يبيعه ما يساوي عشرة بخمسة عشر ليبيعه المستقرض بعشرة فيحصل للمقرض زيادة، وهذا في معنى قرض جَرَّ منفعة. انظر: المبسوط، 14/ 36. (¬4) ز: اثنا. (¬5) ز: لتبيع. (¬6) ز: لتشتري. (¬7) ز: عن أشعب. (¬8) ز: الدنانير. (¬9) ز: قالا. (¬10) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 375، 376. قال السرخسي: وهذا لأن عند اختلاف الجنس لا يظهر الربا بخلاف ما إذا كان الجنس واحداً كما ذكر ذلك عن الشعبي. انظر: المبسوط، 14/ 36. (¬11) ز: رياح.

عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه بعث عَتّاب بن أَسِيد إلى مكة، فقال: "انْهَهُم عن شرطين في بيع، [وعن بيع] (¬1) وسَلَف، وعن بيع ما ليس عندك، وعن ربح ما لم يضمن" (¬2). وحدثنا عن (¬3) أبي حنيفة عن أبي يعقوب عن من حدثه عن عبد الله بن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله. وحدثنا عن زكريا بن أبي زائدة عن عامر قال: أقرض عبد الله بن مسعود رجلاً دراهم، فقضاه الرجل من جيد عطائه، فكره عبد الله بن مسعود ذلك، وقال: لا (¬4) إلا من عُرْضِه (¬5) مثل دراهمي. قال: فسألت عامراً عن ¬

_ (¬1) الزيادة من الآثار للإمام محمد، 126، ومن الكافي، 1/ 180 و؛ والمبسوط، 14/ 36. ونحوه في المستدرك للحاكم؛ والسنن الكبرى للبيهقي. انظر الحاشية التالية. ونفس السقط موجود في الآثار لأبي يوسف، 182. (¬2) ورواه الإمام محمد في الآثار أيضاً، 126، عن عَتَّاب بن أَسِيد عن النبي أنه قال له: "انطلق إلى أهل الله - يعني أهل مكة - فانْهَهُم عن أربع خصال: عن بيع ما لم يَقبضوا، وعن ربح ما لم يَضمنوا، وعن شرطين في بيع، وعن سَلَفِ وبيع". قال محمد: وبهذا كله نأخذ. وأما قوله: "سَلَف وبيع،" فالرجل يقول للرجل: أَبيعك عبدي هذا بكذا وكذا على أن تُقرضني كذا وكذا، أو يقول: تُقرضني على أن أبيعك، فلا ينبغي هذا. وقوله: "شرطين في بيع،" فالرجل يبيع الشيء في الحالّ بألف درهم وإلى شهرٍ بألفين، فيقع عُقدة البيع على هذا، فهذا لا يجوز. وأما قوله: "ربح ما لم يَضمنوا"، فالرجل يشتري الشيء فيبيعه قبل أن يَقبضه يَرْبَحُ، فليس ينبغي له ذلك. وكذلك لا ينبغي له أن يبيع شيئاً اشتراه حتى يَقبضه. وهذا كله قول أبي حنيفة إلا في خصلة واحدة: العقار من الدُّور والأَرَضِين قال: لا بأس أن يبيعها الذي اشتراها قبل أن يَقبضها؛ لأنها لا تَتحوّل عن موضعها. قال محمد: وهذا عندنا لا يجوز، وهو كغيره من الأشياهـ وانظر للحديث أيضاً: الآثار لأبي يوسف، 182؛ والمستدرك للحاكم، 2/ 21؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 5/ 339. ولفظ الرواية هنا: وعن بيع ما ليس عندك، ومعناها ما ليس في ملكك. انظر: المبسوط، 14/ 36. (¬3) ز + الإمام الأعظم. (¬4) ف - لا. (¬5) أي: من أي الدراهم كان من غير تعيين. انظر: المغرب، "عرض".

ذلك، فقال: لا بأس بأن (¬1) يقضيه (¬2) أجود من دراهمه إذا لم يشترط ذلك عليه (¬3). وحدثنا عن الحسن بن عمارة عن أبي إسحاق عن صِلَة بن زُفَر قال: جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود على فرس بَلْقَاء (¬4)، فقال له: إني (¬5) أوصي إلي في يتيم. فقال له عبد الله: لا تشتر (¬6) من ماله شيئاً، ولا تستقرض منه شيئاً (¬7). وحدثنا عن الحجاج عن عطاء بن أبي رباح أن ابن الزبير كان يأخذ الوَرِق بمكة من التجار، فيكتب لهم إلى البصرة أو إلى الكوفة، فيأخذون أجود من وَرِقهم. قال عطاء: فسألت عبد الله بن عباس عن أخذهم أجود من وَرِقهم، فقال: لا بأس بذلك ما لم يكن شرطاً (¬8). وحدثنا عن الحجاج بن أرطأة عن عطاء بن أبي رباح (¬9) أنه كان يكره كل قرضٍ جَرَّ منفعة (¬10). ¬

_ (¬1) ز: أن. (¬2) ف م: يقبضه. (¬3) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 522، 523. (¬4) أي في لونه سواد وبياض. انظر: مختار الصحاح، "بلق". (¬5) م ز: إنه. (¬6) ز: لا تشتري. (¬7) المصنف لعبد الرزاق، 9/ 94؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 6/ 236. وقال السرخسي -رحمه الله-: وبه نأخذ فنقول: ليس للوصي أن يستقرض من مال اليتيم، لأنه لا يُقرِض غيرَه، فكيف يستقرضه لنفسه، وهذا لأن الإقراض تبرع، فلا يحتمله مال اليتيم، وبظاهر الحديث يأخذ محمد -رحمه الله- فيقول: إذا اشترى الوصي من مال اليتيم لنفسه شيئاً لا يجوز، ولكن أبا حنيفة يقول: مراده إذا اشترى بمثل القيمة أو بأقل على وجه لا يكون فيه منفعة ظاهرة لليتيم، لأن مقصوده من هذا الأمر له أن ينفي التهمة عن نفسه. انظر: المبسوط، 14/ 37. (¬8) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 140؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 358. (¬9) ز: رياس. (¬10) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 327. وقد روي مرفوعاً وموقوفاً كما سبق في الحاشية.

وحدثنا عن إسماعيل بن مسلم عن عمرو بن دينار عن عبد الله بن عباس أنه كان يأخذ الوَرِق على أن يكتب لهم إلى الكوفة بها (¬1). وحدثنا عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن البصري عن عبد الله بن عباس بمثله، وكان أبو جعفر (¬2) يكره كل قرضٍ جَرَّ منفعة. وحدثنا عن الحجاج بن أرطأة عن عطاء بن أبي رباح (¬3) قال: استقرض رسول - صلى الله عليه وسلم - من رجل دراهم، فقضاه، فأَرْجَحَ له. فقال: أَرْجَحْتَ. فقال: "إنّا كذلك نَزِن" (¬4). ولا بأس بأن يقبل الرجل هديةً مِن رجلٍ له عليه دينٌ: قَرْضٌ أو غيرُه، ما لم يَشْرِط، ولا بأس بأن يجيب دعوته. وإذا كان لرجل على رجل دينٌ: قَرْضُ دراهمَ أو دنانيرَ، فأعطاه أجود منها أو دونها برضاهما (¬5) فهو جائز. ولو كان حين أقرضه اشترط عليه أن يقضيه (¬6) أجود منها أو دونها كان هذا باطلاً لا يجوز. وإذا استقرض رجل من رجل ألف درهم بالكوفة على أن يوفيه بالبصرة فإن هذا فاسد، لا يجوز ذلك، لأنه قرض جَرَّ منفعة، فهو مكروه، والدراهم عليه حالّة، يأخذه بها إن شاء (¬7). ¬

_ (¬1) وهذا ما يسمى بالسُّفْتَجَة، ويجمع على سَفَاتِج، وسيأتي كلام المؤلف عنه قريباً وأنه يجوز إذا كان من غير شرط. وانظر: المبسوط، 14/ 37. (¬2) لعله أبو جعفر الباقر محمد بن علي بن الحسين، من الذرية الطاهرة، وهو إمام مشهور ثقة صاحب علم وفضل، توفي سنة 114 هـ, وقيل: 117 هـ. انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي، 4/ 401. وأظن أن القائل: وكان أبو جعفر ... هو إسماعيل بن مسلم، لأنه من طبقة الرواة عنه. انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر، 1/ 288. (¬3) ز: رباح. (¬4) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 68. (¬5) ف: برضى بها، صح هـ. (¬6) م: أنه يقبضه؛ ز: أن يقبضه. (¬7) ف م ز + الله.

وكذلك السَّفَاتِج، يقرض الرجل الرجل ألف درهم على أن يكتب له بها سُفْتَجَة إلى بلد كذا وكذا، فهذا مكروه، والدراهم عليه حالّة، يأخذه بها إن شاء. وأما [إن] أقرضه بغير شرط وكتب له سُفْتَجَة إلى بلد آخر (¬1) كان هذا جائزاً لا بأس به، لأنه [بغير] (¬2) شرط منه. ولو أن رجلاً (¬3) باع رجلاً عبداً (¬4) بألف درهم إلى شهر على أن يوفيه إياها (¬5) بالبصرة كان هذا جائزاً، لأن هذا لا يشبه القرض. فإذا حَلَّ المال أخذه به (¬6). وللبائع أن يأخذ المشتري بالثمن بالكوفة ولا يؤخره إلى البصرة، لأنه لا مَؤونة (¬7) عليه في ذلك. ألا ترى لو أن رجلاً اشترى عبداً (¬8) بكُرّ (¬9) حنطة جيدة إلى أجل مسمى على أن يوفيه إياه بالبصرة كان (¬10) جائزاً. فكذلك الدراهم. ولكن الطعام له مَؤونة، فيأخذه (¬11) حيث شرط له. ولو اشترى عبداً بألف درهم حالة على أن يوفيه إياه بالبصرة كان هذا فاسداً، ولا يشبه هذا السلم، لأن السلم في الحال فاسد لو كان الثمن طعاماً أو زيتاً، فكذلك هو في الدراهم. قلت: فما علة (¬12) فساده؟ ¬

_ (¬1) ز: كذا. (¬2) الزيادتان استفدناهما من ب؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 37. (¬3) ف - رجلا. (¬4) م - عبدا. (¬5) أي الدراهم. (¬6) م ز - به. (¬7) أي: الثقل، من مَأَنْتُ القوم إذا احتملت مؤونتهم، وقيل: هي العُدّة. انظر: المغرب، "مأن". (¬8) ز - عبدا. (¬9) الكُرّ: مكيال لأهل العراق، وجمعه أَكْرَار، فقيل: إنه اثنا عشر وَسْقاً كل وَسْق ستون صاعاً، وفي تقديره أقوال أخرى ذكرها المطرزي. انظر: المغرب، "كر". (¬10) ز - كان. (¬11) م ز: فيأخذ. (¬12) ف م ز: عليه. ومعناه في ب.

قال: كأنه [قال له:] (¬1) بعتك مالي بألف درهم حالة [على أن] (¬2) لا تأخذها (¬3) إلا بالبصرة. قال: فالبيع فاسد. واذا كان إلى أجل جاز في ذلك كله. ولو لم تكن (¬4) له مَؤونة أوفاه حيث لقيه. وما كانت فيه مَؤونة أوفاه حيث شرطه (¬5) له. وإذا أقرض رجل رجلاً ألف درهم فقبضها ثم أخّره بها شهراً فالتأخير باطل، وله أن يأخذه بها حالة. ولو صالحه منها على خمسمائة درهم فهو جائز. وإن صالحه على عشرة دنانير فهو جائز إذا كانت يداً بيد. فأما الدراهم فإن صالحه على خمسمائة درهم وفارقه قبل أن يعطيه فالصلح ماضٍ جائز. وإن كان صالحه على خمسين ديناراً أو باعها (¬6) إياه بذلك ثم فارقه قبل أن يعطيه انتقض البيع، وصارت الدراهم عليه كما هي. وإن نقده طائفة فإنه يبرأ من حصة ما نقده، ويلزمه حصة ما بقي. وإن أقرضه فضةً تِبْراً أو ذهباً تِبْراً (¬7) وقضاه أجود من ذلك أو دونه في الجودة فقَبِلَه فهو جائز. فإن كان (¬8) اشترط ذلك عليه فهو فاسد لا يجوز. وإن صالحه على فضة أقل من وزن فضته فهو جائز، لأنه حَطَّ عنه. وكذلك الذهب. فإن صالحه من الفضة على ذهب تِبْرٍ أو مصوغٍ جُزَافٍ بعينه أو وَزْنٍ (¬9) ثم فارقه قبل أن يستوفي انتقض البيع، وكانت الفضة عليه كما هي. فإن استوفى قبل أن ¬

_ (¬1) الزيادة من ب. (¬2) الزيادة من ب. (¬3) ز: لا يأخذها. (¬4) ز: يكن. (¬5) م ز: شرط. (¬6) ز: أو باعه. (¬7) ف م ز: فضة تبر أو ذهب تبر. (¬8) ز - كان. (¬9) وعبارة الحاكم والسرخسي: أو مصوغ لا يعلم وزنه. انظر: الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 38. وهو بمعنى الجُزَاف. وقال السرخسي: ووقع في بعض نسخ الأصل: لو صالحه على ذهبٍ تِبْرٍ جُزَافاً بعينه أو وَرِق، قيل: قوله: أو وَرِق، زيادة من الكاتب، وقيل: بل هو صحيح، لأن في لفظ الصلح ما يدل على أن ما وقع عليه الصلح من الوَرِق أقل من الدين، لأن مبنى الصلح على التجوّز بدون الحق، فيحوز إلا أن يعلم أنه أكثر من حقه وزناً. انظر: المبسوط، 14/ 38. ويظهر أن النسخة التي ذكرها السرخسي حُرِّفت فيها كلمة "وزن" إلى "ورق". والجملة مع كلمة "وزن" صحيحة المعنى لا غبار عليها. والمعنى: سواء كان البيع جُزَافاً أو وزناً ...

يتفرقا فهو جائز. وكذلك الذهب القرض يشترى به الفضة. ولو كان القرض ألف درهم فاشترى به طَوْقَ ذهب وقبض جاز ذلك، ولو افترقا قبل أن يقبض انتقض ذلك، فكذلك الأول. ولو كان لا يعلم وزن ما اشترى فلا يفسد ذلك البيع. ولو أقرض رجل رجلاً درهماً ثم اشترى به فلوساً بعينها أو بغير (¬1) عينها فهو جائز إن قبضها (¬2) قبل أن يتفرقا. وإن تفرقا قبل القبض فان ذلك ينتقض ويبطل، لأنه دين بدين. وكذلك لو أقرضه فلوساً ثم باعها إياه بدرهم. وإذا أقرض الرجل الرجل ألف درهم وأخذ منه بها كفيلاً ثم إن الكفيل صالح الطالب على عشرة دنانير وقبضها كان جائزاً، ويرجع الكفيل على المكفول عنه بألف درهم. ولو أن الكفيل صالح على مائة درهم وأداها لم يرجع عليه إلا بمائة درهم (¬3)، ولا يشبه (¬4) هذا الدنانير. ولو أن المكفول (¬5) عنه صالح الكفيل قبل أن يؤدي إليه (¬6) على عشرة دنانير وقبض كان جائزاً، وكان المال على الكفيل، يؤديه. فإن أداه (¬7) المكفول عنه رجع ¬

_ (¬1) ف: وبغير. (¬2) ف: إن اقتضى؛ م: إن اقتضا؛ ز: إن أقبضا. والتصحيح من ب؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 38. (¬3) والطالب له أن يرجع بتسعمائة على المكفول عنه. وقد ذكر الإمام محمد هذه المسألة في كتاب الحوالة والكفالة قائلاً: وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم، وكفل بها عنه رجل بأمره، فصالح الكفيل الطالب على مائة درهم، على أن أبرأ المطلوب الذي عليه الأصل منها، فهو جائز. ويرجع الكفيل على المطلوب بالذي أدى، وهو مائة درهم، ولا يرجع عليه بأكثر منها، ولو كان صالحه على مائة درهم على أن أبرأ الكفيل خاصة مما بقي عليه، كان للطالب أن يرجع على الذي عليه الأصل بتسعمائة درهم ... انظر: 7/ 218 و. وانظر: المبسوط، 14/ 39. (¬4) ت: لا يشبه. (¬5) ز: أن الكفيل. (¬6) أي: قبل أن يؤدي الكفيل المال إلى الطالب. انظر: المبسوط، الموضع السابق. (¬7) وعبارة الحاكم: وإن أدى المكفول عنه الدين. انظر: الكافي، الموضع السابق. وعبارة السرخسي: فإن أدى المكفول عنه الدراهم. انظر: المبسوط، الموضع السابق.

به على الكفيل إلا إن شاء الكفيل أن يرد الدنانير التي أخذ. ولو كان صالحه على مائة درهم كان جائزاً، فإن أدى الكفيل المال لم يرجع بشيء، وإن أداه المكفول عنه لم يرجع على الكفيل إلا بما أعطاه. وإذا أقرض الرجل الرجل ألف درهم وقبضها منه (¬1) ثم أمره أن يَصْرِفَها له [بدنانير] (¬2) فصَرَفَها فإنه لا يجوز، ولا تكون (¬3) للطالب، وهي للمطلوب مِن قِبَل أنه دين عليه. فإن رضي الطالب أن يأخذ الدنانير ورضي المطلوب أن يعطيها إياه ففعل ذلك فهو جائز (¬4)، وهو ¬

_ (¬1) م - منه. (¬2) الزيادة من ب. ونحوه في المبسوط، الموضع السابق. (¬3) ز: يكون. (¬4) قال الحاكم في هذا الموضع: هكذا وجدت هذه المسألة في رواية أبي سليمان، ولم يذكر فيها اختلافاً، ووجدت جوابها في رواية أبي حفص بأنه لا يجوز، ولا تكون للطالب حتى يقبضها من المطلوب من قبل أنه دين عليه، وكذلك إن كان الدين دنانير فأمره أن يصرفها بدراهم في قول أبي حنيفة، وقال أبو يوسف ومحمد: هو جائز إذا دفع الدراهم وقبض الدنانير قبل قبض الطالب أو بعده. ويقول السرخسي -رحمه الله- تعالى: هكذا في رواية أبي سليمان من غير تنصيص على الخلاف فيه، وفي رواية أبي حفص قال: هذا قول أبي حنيفة، أما على قول أبي يوسف ومحمد -رحمهما الله- فهو جائز على الطالب، سواء صرف الدراهم بالدنانير أو الدنانير بالدراهم، وسواء قبضه الطالب في المجلس أو بعده. وهو الصحيح. والمسألة تنبني على ما بينا في كتاب البيوع "وإذا قال الطالب للمطلوب: أسلم مالي عليك في كُرّ حنطة ... " وقد قررنا الخلاف في تلك المسألة، فكذلك في هذه، إذ لا فرق بين أن يأمره بالصرف مع غير المعين أو السلم، عندهما يصح في الوجهين جميعاً باعتبار أنه أضاف الوكالة إلى ملكه، فالدين في ذمة المديون ملك الطالب، وعند أبي حنيفة لا يجوز في الوجهين، لأنه أمره بدفع الدين إلى من يختاره لنفسه. انظر: المبسوط، 14/ 39 - 40. وانظر لشرح المسألة التي ذكرها في كتاب البيوع: المبسوط، 12/ 210. وقد أشار إليها السرخسي بالمعنى ولم يلتزم باللفظ. ولفظ المسألة في كتاب البيوع، باب الوكالة في السلم، من كتاب الأصل: وإذا وكل رجل رجلاً أن يسلم له عشرة دراهم من الدين الذي عليه في الطعام فأسلمها له فإن هذا لا يكون سلماً للآمر في قول أبي حنيفة، وهو من مال الوكيل المأمور حتى يقبض الطعام ويدفعه إلى الآمر. وهو [في] قول أبي يوسف ومحمد [جائز]. انظر: 1/ 228 ظ.

بيع من المطلوب للطالب. وكذلك لو كان الدين دنانير فأمره أن يصرفها بدراهم فهو مثل الباب الأول سواء. وإذا كان للرجل على الرجل ألف درهم فدفع المطلوب إلى الطالب دنانير فقال: اصرفها وخذ حقك منها، فقبضها فهلكت قبل أن يصرفها فهي من مال الدافع. والمدفوع إليه إنما هو مؤتمن، فإن صرفها وقبض الدراهم ثم هلكت قبل أن يأخذ منها حقه فهي من مال الدافع حتى يأخذ منها هذا حقه، فإذا أخذ منها (¬1) حقه فضاع ما أخذ فهو قضاءٌ له (¬2) حين قَبَضَها (¬3). فإن قال: بعها بحقك، قال (¬4): هذا حين قبض الدنانير قبضها على أنها له (¬5). قلت: فإن قال: بع (¬6) هذا ثم اقبض حقك أو بعه واقبض حقك؟ قال: هما سواء. قلت: وكذلك لو قال: خذ هذه الدراهم فنصفُها (¬7) هبة [ونصفُها قضاءً بحقك، صار قضاءً حين قبض، ويرد الهبة. ولو قال: نصفُها هبة] (¬8) واقبض نصفَها من حقك [أو] (¬9) ثم اقبض نصفها من حقك، فهو (¬10) مؤتمن حتى يقبض. وكذلك لو كان الذي له دنانير (¬11) فأعطاه دراهم يصرفها أو أعطاه حلي ذهب يبيعه بدراهم ثم يصرفها بدنانير أو أعطاه إناء فضة يبيعه بدنانير، فهذا كله باب واحد. ¬

_ (¬1) ف + هذا. (¬2) ز: فضالة. (¬3) أي: حين قبضها آخذاً لحقه منها، فقد صار عاملاً لنفسه، وكان قبل أخذ حقه كالوكيل، والوكيل مؤتمن. انظر: المبسوط، الموضع السابق. (¬4) أي: قال الإمام محمد. (¬5) أي: فيكون قابضاً لحقه قبل البيع. انظر: المبسوط، الموضع السابق. (¬6) م ز: مع. (¬7) م ز: فقبضها. (¬8) الزيادة من ب جار. (¬9) الزيادة من ب. (¬10) ف - فهو. (¬11) ف م ز: الدنانير. والتصحيح من ب.

وإذا كان لرجل على رجل (¬1) ألف درهم فصرفها بدنانير ولم يقبضها حتى افترقا فإن البيع ينتقض ويفسد، وتعود (¬2) الدراهم على حالها. حدثنا عن أبي إسحاق (¬3) الشيباني عن محمد بن زيد أنه قال: سألت عبد الله بن عمر عن الرجل تكون عليه الدراهم لرجل فاشترى بها منه طعاماً، قال: لا حتى يقبض دراهمه. قال: فأخبرني أخي أنه سأل سعيد (¬4) بن جبير عن ذلك وذكر له ذلك، فقال: هذا قول ابن عمر، وليس بشيء، ولا بأس بذلك (¬5). وإذا اشترى الرجل من الرجل البَيْع (¬6) على أن يقرضه فإن هذا فاسد لا يجوز (¬7). وإذا أقرض الرجلُ الرجلَ المكاتبَ دراهم فهو جائز. وكذلك الرجل الحر يقرض الرجل العبد التاجر المأذون له في التجارة. وكذلك ¬

_ (¬1) م - على رجل. (¬2) ز: ويعود. (¬3) ف م ز: حدثنا عن علي بن إسحاق. والتصحيح مستفاد من المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 357؛ والمحلى لابن حزم، 8/ 505. كما أن قوله "حدثنا عن أبي إسحاق" قد تكرر عدة مرات في أسانيد الروايات في كتاب الصرف. وأبو إسحاق الشيباني هو سليمان بن أبي سليمان الكوفي، ثقة، وقد روى عنه الإمام أبو حنيفة، توفي سنة 142 هـ انظر: جامع المسانيد للخوازمي، 2/ 465؛ وتهذيب التهذيب لابن حجر، 4/ 172. وهناك احتمال آخر أضعف من الأول، وهو أن يكون في العبارة سقط، ويكون صوابه: حدثنا عن علي بن [مسهر عن أبي] إسحاق. وابن أبي شيبة يرويه عن علي بن مسهر عن أبي إسحاق. وعلي بن مُسْهِر قاضي الموصل روى عن الإمام أبي حنيفة، وهو ثقة، توفي سنة 189 هـ. انظر: جامع المسانيد للخوازمي، 2/ 508؛ وتهذيب التهذيب، 7/ 335. (¬4) ز: سعد. (¬5) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 357؛ والمحلى لابن حزم، 8/ 505. (¬6) أي: المبيع، كما تقدم مراراً. (¬7) لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع وسَلَف وعن بيع وشَرْط، والمراد شرط فيه منفعة لأحد المتعاقدين لا يقتضيه العقد، وقد وجد ذلك. انظر: المبسوط، 14/ 40. والحديث المذكور مر في المتن قريباً، ومر تخريجه هناك.

المرأة تقرض الرجل. وكذلك المسلم يقرض الذمي أو الذمي يقرض المسلم. وكذلك الحربي المستأمن يقرض أو يستقرض. وكذلك المرتد يقرض أو يستقرض (¬1). فإن تاب فهو جائز عليه وله. وإن قُتِلَ على ردته فقَرْضُه الذي عليه دينٌ في ماله، والذي أقرض دين على صاحبه. والمرأة المرتدة استقراضها وقرضها جائز. ولا يجوز قرض العبد التاجر. وكذلك المكاتب إذا أقرض فليس يجوز، وله أن يرجع (¬2). وكذلك الصبي والمعتوه. وإذا أقرض الحرُّ الصبيَّ مالاً فاستهلكه الصبي فلا ضمان عليه. وكذلك الرجل الحر (¬3) يقرض المعتوه (¬4). وإذا أقرض الحرُّ العبدَ المحجورَ عليه فلا ضمان عليه ما دام عبداً، فإن أُعْتِقَ يوماً رجع به عليه (¬5). وإن وجد ¬

_ (¬1) ف - وكذلك المرتد يقرض أو يستقرض. (¬2) ولعل الصواب أن يكون "لأنه تبرع" مكان "وله أن يرجع"، حيث يقول السرخسي: لأنه تبرع، وهؤلاء لا يملكون التبرع. انظر: المبسوط، 14/ 41. والمقصود بهؤلاء: العبد التاجر والمكاتب والصبي والمعتوه. (¬3) م - الحر. (¬4) لم يزد الحاكم هنا شيئاً. لكن قال السرخسي -رحمه الله-: هكذا أطلق في نسخ أبي حفص، وفي نسخ أبي سليمان قال: وهذا قول أبي حنيفة ومحمد -رحمهما الله-، أما في قول أبي يوسف فهو ضامن لما استهلك. وهو الصحيح، لأنه بمنزلة الوديعة، لأنه سلطه على الاستهلاك بشرط الضمان، وتسليط الصبي على الاستهلاك صحيح، وشرط الضمان عليه باطل، وقد قررنا هذه الطريقة في كتاب الوديعة، فهي في القرض أظهر. انظر: المبسوط، 14/ 41. وانظر لشرح المسألة في كتاب الوديعة: المبسوط، 11/ 118. وقد قال الإمام محمد في كتاب الوديعة: قلت: أرأيت رجلاً استودع صبياً صغيراً ألف درهم فاستهلكها الصبي؟ قال: لا ضمان عليه. قلت: لم؟ قال: لأنه صبي، وقد سلّطه رب المال على ماله حين دفعه إليه. وهو في قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: الصبي ضامن لذلك في ماله. انظر: 6/ 57 و. (¬5) وقال السرخسي: وهو على الخلاف الذي بينا وإن لم ينص عليه، وعند أبي يوسف يؤاخذ به في الحال، كما في الوديعة. انظر: المبسوط، 14/ 41. ولم يبين الحاكم الخلاف هنا أيضاً. وفي كتاب الوديعة من كتاب الأصل: قلت: أرأيت رجلاً استودع عبداً محجوراً عليه ألف درهم فاستهلكها؟ قال: لا ضمان عليه الساعة، فأما إذا أعتق فإن عليه الضمان. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: يضمن ذلك، وهو عبد يباع فيه. انظر: 6/ 57 و. وانظر للشرح: المبسوط، 11/ 120.

باب الرهن في الصرف

المقرض ماله بعينه عند الصبي أو المعتوه أو (¬1) العبد أخذه مِن عِنْدِه (¬2). وإذا باع الرجل دراهم (¬3) من رجل بدراهم إلى أجل وقبض فإن هذا فاسد لا يجوز، وهو بمنزلة القرض، وهو حالٌّ عليه، يأخذه به، وإن وجد دراهمه بعينها فليس للآخر أن يعطيه غيرها (¬4). باب الرهن في الصرف وإذا اشترى الرجل من الرجل عشرة دراهم بدينار فنقد الدينار وأخذ بالدراهم رهناً يساوي عشرة دراهم فهلك الرهن في يديه قبل أن يفترقا فهو بما فيه، وهذا بمنزلة السَّلَم (¬5). ألا ترى أنه لو أخذ رهناً بحنطة سَلَم فهلك الرهن كان بما فيه إذا كان فيه (¬6) وفاء. وكذلك الرهن بدينار وقَبْضُ الدراهم (¬7). ¬

_ (¬1) م ز + اد. والتصحيح مستفاد من ب؛ والمبسوط، 14/ 41. (¬2) ف - وإن وجد المقرض ماله بعينه عند الصبي أو المعتوه أو العبد أخذه من عنده. (¬3) ز: دراهما. (¬4) وعبارة الحاكم: فللآخر أن يعطيه غيرها. انظر: الكافي، 1/ 180 ظ. وقال السرخسي بعد أن ذكر ذلك: لأنه قرض عليه، واختيار محل قضاء بدل القرض إلى من عليه، وقد بينا فيه خلاف أبي يوسف. وفي نسخة أبي سليمان: ليس للآخر أن يعطيه غيرها، وهذا هو الأصح، لأنها مقبوضة بحكم عقد فاسد، فيجب ردها بعينها على ما بينا أن الدراهم تتعين بالقبض وإن كانت لا تتعين بالعقد. انظر: المبسوط، الموضع السابق. (¬5) قال في كتاب البيوع والسلم: وإذا أخذ الرجل بالسلم رهناً يكون فيه وفاء بالسلم، فهلك الرهن، فقد بطل السلم؛ لأن الرهن بما فيه. ولو لم يهلك الرهن حتى يموت المسلم إليه وعليه دين، كان صاحب السلم أحق بالرهن، يباع له في حقه حتى يستوفي. ولو كان الرهن أقل من قيمة السلم ثم هلك رجع رب السلم بالفضل، وبطل من سلمه بقدر قيمة الرهن. ولو كان الرهن أكثر من السلم بطل السلم كله، وكان المرتهن في فضل الرهن أميناً. وهذا القول في الرهن قول أبي حنيفة. محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم. وبه كان يأخذ أبو حنيفة. وهو قول أبي يوسف ومحمد. انظر: 1/ 221 و. وانظر للشرح: المبسوط، 12/ 151، 14/ 41. (¬6) م ز: به. (¬7) وعبارة ب: وكذا لو نقد الدراهم وأخذ بالدينار رهنا.

وكذلك إذا اشترى سيفاً محلّى بدينار فقبضه فأخذ بالدينار رهناً فيه وفاء فهلك قبل أن يفترقا فهو سواء. وكذلك لو كان ثمن السيف عشرة دراهم وهي أكثر مما فيه من الفضة فهو كذلك. وكذلك المِنْطَقَة (¬1) المفضَّضة والإناء المفضَّض. ولو نقد الثمن وأخذ رهناً بالسيف فيه وفاء فهلك الرهن عنده قبل أن يفترقا كان هذا مخالفاً لذلك، هذا يُقْضَى له بالسيف، ويُقْضَى عليه بالأقل (¬2) من قيمة السيف وقيمة الرهن. وكذلك لو كان مكان السيف مِنْطَقَة أو سَرْج أو إناء مفضَّض. وكذلك قُلْبٌ (¬3) من فضة فيه عشرة دراهم اشتراه رجل بوزنه بدراهم أو بدنانير فدفع القُلْب فأخذ رهناً بالثمن فيه وفاء فهلك الرهن قبل أن يتفرقا فإن الرهن بما فيه. وإن أخذ رهناً بالقُلْب وقَبَّضَ (¬4) الثمنَ فهلك الرهن قبل أن يتفرقا (¬5) فإنه يقضى له بالقُلْب، ويكون عليه الأقل من قيمة الرهن والقُلْب (¬6). وكذلك الفضة التِّبْر والإناء من الفضة. وكذلك القُلْب الذهب والخاتم الذهب. وهذا كله باب واحد. فإن وضع الرهن على يدي عَدْل فهلك فهو والأول سواء. وإذا اشترى الرجل قُلْبَ ذهبٍ (¬7) فيه عشرة مثاقيل ذهب بخمسين (¬8) درهماً فقبض القُلْبَ وأعطاه بالدراهم رهناً وتفرقا قبل أن يقبض صاحب الدراهم الدراهم فقد انتقض البيع وفسد، ويرد الرهن ويأخذ القُلْب، وإن هلك في يديه بعدما تفرقا ضمن الأقل من قيمته ومن الدراهم. فكذلك (¬9) لو ¬

_ (¬1) هي ما تُربَط على الوسط، كما مر. (¬2) ف م ز: بأقل. والتصحيح من ب؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 42. (¬3) القُلْب هو السوار غير الملوي كما تقدم. (¬4) قبَّضه المال أي أعطاه إياه. انظر: مختار الصحاح، "قبض". (¬5) ف: وقبض الثمن قبل أن يتفرقا وقبض الثمن قبل أن يتفرقا فهلك الرهن؛ م ز: وقبض الثمن قبل أن يتفرقا فهلك الرهن. والتصحيح من ب. (¬6) ف م ز: بالقلب. والتصحيح من ب. (¬7) ف م ب جار: قلب فضة وهو خطأ، لأنه يقول فيما بعد: ... بدينار مثل وزنه، ويقول: وكذلك لو كان القلب من الفضة ... (¬8) ف م ز: خمسين. والتصحيح من ب. (¬9) م ز: فلذلك.

كان القُلْب قد اشتراه بدينار (¬1) مثل وزنه. وكذلك (¬2) لو كان الرهنُ بالقُلْب وقُبِضَ الثمن وتفرقا قبل أن يُقبَض (¬3) [القُلْبُ] فإن البيع قد انتقض. وكذلك لو كان القُلْب من الفضة وثمنُه فضةٌ مثلُه (¬4) أو ذهبٌ فهو مثل هذا. وكذلك لو كان (¬5) مكان القُلْب دراهم أو فضةٌ تِبْرٌ اشتراه [بدنانير أو دراهم مثل وزنه، أو اشترى دنانير أو تِبْرَ ذهبٍ] (¬6) بدراهم أو بدنانير مثل وزنه، فقبض أحدهما [ولم] (¬7) يقبض الآخر فأعطاه به رهناً وتفرقا، أو لم يقبض (¬8) كل واحد منهما من صاحبه شيئاً وأخذ كل واحد منهما من صاحبه (¬9) رهناً، فإن هذا كله باب واحد، وقد فسد البيع فيه وانتقض وبطل، ويترادّان، ويضمن كل واحد منهما لصاحبه الأقل من قيمة الرهن ومما ارتهنه به إن هلك (¬10) عنده. وأهل الذمة والمسلمون في الصرف والرهن فيه سواء. وكذلك العبد المأذون له في التجارة والمكاتب والمرأة والصغير (¬11) والكبير والحر فهم كلهم فيه سواء. وكذلك (¬12) الحربي والمستأمن والمرتد (¬13) إذا باع في حال ردته أو اشترى (¬14) ثم تاب وأسلم فإنه لا يجوز في الرهن والصرف فيه إلا ما يجوز بين الحرين المسلمين. ¬

_ (¬1) أي: بجنس الدينار، وليس المقصود بدينار واحد. ولذا قال في ب: بدنانير. (¬2) ز: ولذلك. (¬3) ف م ز: أن يقبضا. والتصحيح مع الزيادة مستفاد من ب. (¬4) أي: كوزنه، كما في ب. (¬5) ز - القلب من الفضة وثمنه فضة مثله أو ذهب فهو مثل هذا وكذلك لو كان. (¬6) الزيادة مستفادة من ب جار. (¬7) الزيادة مستفادة من ب جار ومن السياق. (¬8) ف م ز: ولم يقبض. والتصحيح مستفاد من السياق ومن ب. (¬9) م ز - شيئاً وأخذ كل واحد منهما من صاحبه. (¬10) م: وإن هلك. (¬11) ف: الصغير. (¬12) ز: ولذلك. (¬13) ز: والمرتده. (¬14) م: واشترى.

باب الصرف في المعدن والكنز وتراب الصواغين

باب الصرف في المعدن والكنز وتراب الصواغين حدثنا (¬1) أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم (¬2) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال (¬3): "الرِّجْل جُبَار، والعَجْمَاء جُبَار، والبئر (¬4) جُبَار، وفي الركاز الخمس" (¬5). وحدثنا عن عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري (¬6) عن جده عن أبي هريرة قال: كان أهل الجاهلية إذا هلك الرجل في البئر (¬7) جعلوها عَقْلَه (¬8)، وإذا جرحته دابة جعلوها عَقْلَه، وإذا وقع عليه معدن جعلوه عَقْلَه. فسألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك. فقال: "العجماء جرحها جبار، والبئر (¬9) جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس". فقالوا: يا رسول الله، وما الركاز؟ قال: "الذهب الذي خلقه الله تعالى في الأرض يوم (¬10) خلقت" (¬11). ¬

_ (¬1) ز + الإمام الأعظم. (¬2) م ز - عن إبراهيم. (¬3) ف م ز + في. (¬4) ز: والتبر. (¬5) الآثار لمحمد، 100؛ والحجة له، 1/ 437. وانظر: الموطأ، العقول، 12؛ والآثار لأبي يوسف، 88؛ والمصنف لعبد الرزاق، 9/ 423؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 400؛ وصحيح البخاري، الزكاة، 66؛ وسنن أبي داود، الديات، 27؛ وسنن النسائي، الزكاة، 28؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 8/ 343؛ وجامع المسانيد، 2/ 183؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 387. وانظر لشرح الحديث الحاشية بعد التالية. (¬6) ز: سعد المقري. (¬7) ز: في التبر. (¬8) عَقْله أي ديته. انظر: لسان العرب، "عقل". (¬9) ز: والتبر. (¬10) ف - يوم. (¬11) السنن الكبرى للبيهقي، 4/ 152؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 380؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 2/ 182. قال السرخسي -رحمه الله-: والمراد بالعَجْمَاء الدابة، لأنها بهيمة لا تنطق، ألا ترى أن الذي لا يفصح يسمى أعجمياً. والجُبَار الهَدَر، وفيه دليل أن فعل الدابة هَدَر لأنه غير صالح بأن يكون موجباً على صاحبها ولا ذمة لها في نفسها. وفي بعض الروايات قال: "والرجل جُبَار"، والمراد أن الدابة إذا رَمَحَت برجلها فلا ضمان فيه على السائق والقائد، لأن ذلك لا يستطاع الامتناع منه، بخلاف ما لو كَدَمَت الدابة أو ضربت باليد حيث يضمن، لأن في وسع الراكب أن يمنعه بأن يرد =

وحدثنا عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "جرح العجماء جبار، والبئر (¬1) جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس" (¬2). وحدثنا عن سليمان الأعمش عن أبي قيس عن هُزَيْل (¬3) عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمثل ذلك. وحدثنا عن سعد بن طَرِيف عن عُمَير (¬4) عن جده أنه وجد كنزاً في قرية خَرِبَة بخراسان، وذلك الكنز دنانير وجوهر وفضةٌ تِبْر، وأنه (¬5) أتى به علي بن أبي (¬6) طالب، فدعا علي - رضي الله عنه - رجلاً نصرانياً فقوّمه، وبعث الأمناء، فقال: إن كانت قريةً خَرِبَتْ على عهد فارس فهم (¬7) أحق به، وإن كانت عَادِيّه (¬8) خَرِبَت قبل ذلك فهو للذي (¬9) وجده. فوجدوها (¬10) قرية عَادِيّة ¬

_ = لجامه. وأما البئر والمعدن فجُبَار لأن سقوطه بعمل من يعالجه فيكون كالجاني على نفسه. وفيه دليل لنا على وجوب الخمس في المعدن، فقد أوجب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخمس في الرِّكَاز، ثم فسر الرِّكَاز بالمعدن وهو الذهب المخلوق في الأرض حين خُلِقَت، فإن الكنز موضوع العباد، واسم الركاز يتناولهما، لأن الرَّكْز هو الإثبات، يقال: ركز رمحه في الأرض، وكل واحد منهما مُثْبَت في الأرض خِلقة أو وَضْعاً. انظر: المبسوط، 14/ 42 - 43. (¬1) ز: والتبر. (¬2) تقدم تخريجه قريباً. (¬3) ف م ز: عن هذيل. والصحيح أنه هزيل بن شرحبيل، تابعي ثقة من أصحاب عبد الله بن مسعود. انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر، 11/ 30. (¬4) ف م ز: عن عرير. والصحيح أنه عمير بن مأموم، فهو ممن روى عنه سعد بن طريف. ويروي عمير عن الحسن بن علي - رضي الله عنه -، لكن لم يذكروا له رواية عن جده. انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر، 3/ 410. (¬5) ف - أنه. (¬6) ز - أبي. (¬7) ف م ز: فهو. والتصحيح من المبسوط، 14/ 43. والرواية الآتية تفسر هذه الرواية حيث يقول فيها: إن كنت وجدتها في قرية خربة يؤدي خراجها قوم فهم أحق بها منك. وانظر للشرح: المبسوط، الموضع السابق. (¬8) عادية أي قديمة. انظر: المغرب، "عود". (¬9) ف ز: الذي. (¬10) ز: فوجودها.

خَرِبَت قبل ذلك فأدخل خمسه بيت المال، وأعطى الرجل بقيته (¬1). وحدثنا عن إسماعيل بن أبي خالد عن عامر قال: وجد رجل ألف درهم وخمسمائة درهم في قرية خَرِبَة. فقال علي بن أبي طالب: سأقضي فيها قضاءً بَيِّناً (¬2)، إن كنت وجدتها في قرية خَرِبَة يؤدي خراجَها قومٌ فهم (¬3) أحق بها منك، وإن كنت (¬4) وجدتها في قرية خَرِبَة ليس يؤدَّى خراجُها أُخِذَ منها الخمسُ لبيت المال، وبقيتها لك، وسنُتِمّ ذلك لك كله (¬5). وحدث عن (¬6) أبي حنيفة عن إبراهيم بن (¬7) محمد بن المُنْتَشِر عن أبيه عن مسروق عن عائشة أن رجلاً وجد كنزاً بالمدائن، فرفعه إلى عاملها، فأخذه كله، فبلغ ذلك عائشة، فقالت: بفِيه الكِثْكِث (¬8)،- تعني التراب - فهلا أخذ أربعة أخماس ودفع إليه خمسه (¬9). ¬

_ (¬1) الدراية لابن حجر، 1/ 261 - 262. وانظر للشرح الحاشية بعد التالية. (¬2) ز: قضاتنا. (¬3) ف: فهم قوم. (¬4) ز - كنت. (¬5) وروي عن الشعبي أن رجلاً وجد في خربة ألفاً وخمسمائة، فأتى علياً، فقال: أد خمسها، ولك ثلاث أخماسها، وسنطيّب لك الخمس الباقي. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 436. وللآثار المختلفة في ذلك انظر: نصب الراية للزيلعي، 2/ 381 - 382؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 2/ 182. وقال السرخسي: وفيه دليل لأبي حنيفة ومحمد -رحمهما الله- على أن واجد الكنز في ملك الغير لا يملكه، ولكن يردها على صاحب الخِطَّة، وهو أول مالك كان لهذه الأرض بعد ما افتُتِحَت. وفيه دليل وجوب الخمس في الكنز، وأن للإمام أن يضع ذلك في الواحد إذا رآه محتاجاً إليه، وله أن يضع ذلك في بيت المال كما رواه عن علي - رضي الله عنه - في الحديث الآخر. انظر: المبسوط، 14/ 43. (¬6) ز + الإمام الأعظم. (¬7) ز: عن. (¬8) الكِثْكِث والكَثْكَث: فُتات الحجارة والتراب. وقولها: "بفيه الكثكث" دعاء بالخيبة. انظرت المغرب، "كثكث". (¬9) رواه الإمام أبو يوسف عن أبي حنيفة. انظر: الآثار لأبي يوسف، 89. وقال السرخسي: وهذا مَثَلٌ في العرب معروف للجاني المخطئ في عمله، وهو مراد عائشة =

وحدثنا (¬1) عن أشعث (¬2) بن سَوَّار عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: العجماء جُبَار، والمعدن والبئر (¬3) جُبَار، وفي الرِّكَاز الخمس. وحدثنا عن عبد الله بن بشر عن جبلة بن حُمَمَة الخثعمي عن رجل منهم قال: خرج في يوم مَطَرٍ إلى دَيْر جرير (¬4) فوقعت منه ثُلْمَة (¬5)، فإذا بُسْتُوقَة (¬6) أو جَرَّة فيها أرَبعة آلاف مثقال. فأتيت بها علياً - رضي الله عنه -، فقال: أربعة أخماسها لك، والخمس الباقي اقسمه بين فقراء أهلك (¬7). وحدثنا عن رجل عن سِمَاك بن حرب عن الحارث (¬8) الأزدي قال: وجد رجل ركازاً، فاشتراه أبي منه بمائة شاة تَبِيع، فلامته (¬9) أمي، فقالت: ¬

_ = - رضي الله عنها - بما قالت، يعني أنه خاب وخسر لخطئه فيما صنع في دفعه الكل إلى العامل، فقد كان له أن يخفي مقدار حقه في ذلك ولا يدفع إلى العامل إلا قدر الخمس. انظر: المبسوط، الموضع السابق. (¬1) ف: حدثنا. (¬2) ز: عن أشعب. (¬3) ز: والتبر. (¬4) ف م ز ب جار: جرين (مهملة في ف م، ومهملة الجيم في ز). وفي شرح معاني الآثار للطحاوي، 3/ 304: دير حرب. ولفظ السرخسي: دير خربة. انظر: المبسوط، 14/ 43. والتصحيح من الحجة على أهل المدينة للإمام محمد، 1/ 445؛ والكافي، الموضع السابق. ولم نجده في معجم البلدان، وفيه: دير الحريق، دير قديم بالحيرة، والله أعلم. (¬5) الثلمة: الخلل في الحائط وغيره، وموضع الكسر أو الانفراج في الإناء والحائط. انظر: مختار الصحاح، "ثلم"؛ ولسان العرب، "ثلم". فيكون في العبارة تجوّز. أي سقط حجر من موضع الكسر. (¬6) من الفَخّار. انظر: القاموس المحيط، "بسق". (¬7) الحجة على أهل المدينة للإمام محمد، الموضع السابق؛ والتاريخ الكبير للبخاري، 2/ 219؛ وشرح معاني الآثار للطحاوي، الموضع السابق. وقال السرخسي: وهذا دليل على جواز وضع الخمس في قرابة الواحد، وأن للإمام أن يفوض ذلك إليه كما له أن يفعله بنفسه، لأن خمس الركاز في معنى خمس الغنيمة، ووضع ذلك في قرابة الغانمين جائز إذا كانوا محتاجين إليه. انظر: المبسوط، 14/ 43. (¬8) ف + بن الحارث. (¬9) ز: فلامتع (مهملة). وهي غير واضحة في ف م. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 43.

اشتريته (¬1) بثلاثمائة، أَنْفُسُها مائة وأولادها مائة وكفايتها مائة. فندم فأتاه فاستقاله. فأبى أن يُقِيلَه. فقال: لك عشر شياه. فأبى. فقال: لك عشر أخرى. فأبى. فعالج الركاز، فخرج منه قيمة ألف شاة. فأتاه الآخر، فقال: خذ غنمك وأعطني (¬2) مالي. فأبى عليه. فقال: لأضرّنك (¬3). فأتى علياً فذكر له بعض ذلك، فقص عليه القصة. فقال: أد (¬4) خمس ما أخذت للذي (¬5) وجد الركاز، وأما هذا فإنما أخذ ثمن غنمه (¬6). وحدثنا عن محمد بن أبي الجَعْد قال: سألت عامراً عن بيع (¬7) تراب الصوّاغين، فقال: لا خير فيه، وهو (¬8) غَرَر، مثل بيع السمك في الماء (¬9). ¬

_ (¬1) ف + منك. (¬2) ف م ز: عتك فأعطني. والتصحيح من المبسوط، الموضع السابق. (¬3) ف م: لاضربك. والتصحيح من المبسوط، الموضع السابق. (¬4) ز: أدى. (¬5) ز: أحدث الذي. (¬6) قال السرخسي في شرح الرواية: وقوله: بمائة شاة تبيع، أي كل شاة يتبعها ولدها، وهي حامل بأخرى، وهذا معنى ملامتها إياه حيث قالت: اشتريتها بثلائمائة. والمراد بقولها: وكفايتها، حملها، وقيل: المراد لبنها ... وفيه دليل على أن خمس الركاز على الواجد دون المشتري، وأن بيع الواجد قبل أداء الخمس جائز في الكل، فيكون دليلاً لنا على جواز بيع مال الزكاة بعد وجوب الزكاة فيه. انظر: المبسوط، 14/ 43 - 44 (¬7) ز - بيع. (¬8) ف: هو. (¬9) قال السرخسي: المقصود ما في التراب من الذهب والفضة لا عين التراب، فإنه ليس بمتقوم، وما فيه ليس بمعلوم الوجود والصفة والقدر، فكان هذا بيع الغرر، ونهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع فيه غَرَر، ولكن هذا إذا لم يعلم هل فيه شيء من الذهب والفضة أم لا، فإن علم وجود ذلك فبيع شيء منه معين بالعروض جائز على ما نبينه إن شاء الله. انظر: المبسوط، 14/ 44. وحديث النهي عن بيع الغرر رواه الإمام محمد عن الإمام مالك بإسناده. انظر: الموطأ برواية محمد، 3/ 218 - 223. وانظر: مسند أحمد، 2/ 144، 155؛ وصحيح البخاري، البيوع، 61؛ وصحيح مسلم، البيوع، 4، 5؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 10. والغَرَر هو الخَطَر الذي لا يُدْرَى أيكون أم لا، كبيع السمك في الماء والطير في الهواء. وعن علي - رضي الله عنه -: هو عمل ما لا =

وحدثنا عن محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب (¬1) عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو قال: سمعت رجلاً من مزينة يسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عما يوجد في الطريق العامر. فقال: "عَرِّفْها حَوْلاً، فإن جاء صاحبها وإلا فهي لك". قال: قلت: فإن وجدها في الخَرِب العادي؟ (¬2) قال: "فيها وفي الركاز الخمس" (¬3). والمعدن عندنا بمنزلة الركاز فيه الخمس. وكل من احتفر في المعدن فعليه الخمس، وله أربعة أخماس. وأكره أن يقاسموه التراب، ولا أجيزه لو فعلوه، حتى يُخَلَّص (¬4) ثم يُقاسموه ما خُلِّصَ (¬5) من ذلك. ألا ترى أن رجلاً لو اشترى تراب معدن فضة بفضة لم أجز ذلك، لأني لا أدري أيهما أكثر. وكذلك لو كان تراب معدن (¬6) ذهب فاشتراه رجل بذهب لم أجز ذلك. ولو ¬

_ = يؤمن عليه الغرور. وعن الأصمعي: بيع الغرر أن يكون على غير عهدة ولا ثقة. قال الأزهري: ويدخل فيه البيوع المجهولة التي لا يحيط بها المتبايعانه انظر: المغرب، "غرر". (¬1) ف: أشعث. (¬2) العادي هو القديم، كما مر. (¬3) روي من طريق عمرو بن شعيب نحو ذلك. وورد فيه: وسئل عن اللقطة توجد في أرض العدو، فقال: "فيها وفي الركاز الخمس". انظر: المعجم الأوسط للطبراني، 1/ 168؛ وسنن الدارقطني، 3/ 194. وروي عن أبي ثعلبة - رضي الله عنه -: قلت: يا نبي الله، الوَرِق يؤخذ في الأرض العادية؟ قال: "فيها وفي الركاز الخمس". انظر: المعجم الكبير للطبراني، 22/ 226. وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير، وفيه أبو فروة يزيد بن سنان، وثقه أبو حاتم وغيره، وضعفه جماعة. انظر: مجمع الزوائد، 4/ 169. وقال السرخسي: وفيه دليل على أن الملتقط عليه التعريف في اللقطة، وبظاهره يستدل الشافعي ويقول: له أن يتملكها بعد التعريف وإن كان غنياً، ولكنا نقول: مراده فاصرفها إلى حاجتك، لأنه - صلى الله عليه وسلم - علمه محتاجاً، وعندنا للفقير أن ينتفع باللقطة بعد التعريف. قال: فإن وجدها في الخَرِب العادي ففيها وفي الركاز الخمس، والمراد بالركاز المعدن، لأنه عطفه على الكنز، وإنما يعطف الشيء على غيره لا على نفسه. انظر: المبسوط، 14/ 44. (¬4) التخليص بمعنى التصفجة. انظر: المغرب، "خلص". (¬5) ف: بما خلص. (¬6) م ز - فضة بفضة لم أجز ذلك لأني لا أدري أيهما أكثر وكذلك لو كان تراب معدن.

اشترى ذلك بفضة وذهب لم أجز ذلك أيضاً. وكذلك تراب الفضة لو (¬1) اشتراه رجل بذهب وفضة لم أجز ذلك أيضاً. والدراهم المضروبة والدنانير [وَ] التِّبْر (¬2) في ذلك كله (¬3) سواء. والحلي المصوغ والسيف المحلى والمِنْطَقَة المفضَّضة في ذلك كله سواء، لا يجوز، لأني لا أدري أيهما أكثر (¬4). وإذا اشترى الرجل تراب معدن ذهب بفضة معروفة الوزن أو مجهولة أجزت ذلك، وكان بالخيار إذا خلّص ذلك ورأى ما فيه. وكذلك تراب فضة بذهب كان مثل ذلك، وكان جائزاً. ولو اشترى كل واحد منهما بعَرْض من العُروض فهو جائز، وله الخيار إذا رأى ما فيه. وإذا احتفر الرجل موضعاً من المعدن ثم باع تلك الحفرة فإن بيعه باطل. تلك الحفرة وغيرها من المعدن سواء. ألا ترى أنه لو باع جبل المعدن أو موضعاً منه لم يجز ذلك، لأنه لم يحرزه. وإن باعه بعروض أو حيوان فهو سواء، ولا يجوز ذلك، لأنه لا يملكه، ولم يحفر ترابه ويخرجه فيحرزه. ولو احتفر رجل حَفِيرَة (¬5) فأعطاها رجلاً يحتفر فيها على أن عوّضه عوضاً كان ذلك باطلاً لا يجوز، وله أن يرجع في عوضه. وما احتفر الرجل من الحَفِيرَة (¬6) وأحرز فهو له، ويخمّس. ولو أن رجلاً أخرج معدناً من داره فإن أبا حنيفة كان يقول: ليس فيه خمس. وقال أبو يوسف: فيه خمس. والدار والأرض سواء في قول أبي يوسف، وهما مختلفان في قول أبي حنيفة (¬7). والذمي إذا عمل في المعدن والعبد والمكاتب والمدبر والمرأة والرجل والمرتد في ذلك كله (¬8) سواء. وكذلك الصبي والمعتوه. ¬

_ (¬1) ز: ولو. (¬2) الواو من ب جار. (¬3) م - كله. (¬4) ز: أكبر. (¬5) الحفيرة هي الحفرة. انظر: المغرب، "حفر". (¬6) ز: من الحفرة. (¬7) وذكر في كتاب الزكاة قول محمد مع قول أبي يوسف. انظر: 1/ 125 ظ. (¬8) م ز - كله.

وإذا استأجر الرجل الأجير يعمل معه بترابٍ معروفٍ (¬1) فإن ذلك جائز، وهو بالخيار (¬2) إذا رأى ما فيه. وإن [كان] التراب ذهباً (¬3) أو فضةً فهو سواء. وإذا استأجره بوزن من التراب معروف بغير عينه فإن ذلك لا يجوز. وإذا كان لرجل على رجل دين فأعطاه تراباً بعينه بدينه، فإن كان الدين فضة فأعطاه تراب فضة فإن ذلك لا يجوز، وان كان أعطاه تراب ذهب فإن ذلك يجوز (¬4)، وهو بالخيار إذا رأى ما فيه. واذا استقرض الرجل من الرجل تراب ذهب أو تراب فضة فإنما عليه مثل ما خرج من ذلك التراب من الذهب والفضة بوزنه. والقول فيه قول الذي عليه الدين مع يمينه، و [هو] الذي استقرض التراب. وان كان استقرضه على أن يعطيه تراباً مثله فإن ذلك لا يجوز. وكذلك لو اشتراه شراءً فاسداً واستهلك التراب. وإذا اشترى الرجل تراب فضة بتراب فضة فإن ذلك لا يجوز، لأني لا أدري أيهما أكثر. وكذلك تراب الذهب بتراب الذهب. فإن كان تراب ذهب بتراب فضة فهو جائز، وكل واحد منهما بالخيار إذا رأى ما فيه. وقال أبو حنيفة: لو أن رجلاً من أهل الحرب دخل دار الإسلام بأمان فوجد فيها ركازاً (¬5) لم يكن له منه شيء، وكان كله لبيت المال. وهو قول أبي يوسف (¬6). واذا عمل هذا الحربي المستأمن في معدن ¬

_ (¬1) أي: معين. وقال السرخسي: وإن استأجر الرجل الأجير يعمل معه بتراب معدن معروف فهو جائز إذا كان يعلم أن فيه شيئاً من الذهب أو الفضة، لأن جهالة مقداره لا تفضي إلى المنازعة، لما كان التراب معيناً معروفاً، وله الخيار إذا رأى ما فيه، كمن أجّر نفسه بعوض لم يره فهو بالخيار إذا رآه. انظر: المبسوط، 14/ 45. (¬2) م ز - وهو بالخيار. (¬3) ز: ذهب. (¬4) في م بياض؛ ز: غرر. (¬5) ز: ركاز. (¬6) وذكر المسألة في كتاب الزكاة ولم يذكر فيها خلافاً، فهو قول محمد أيضاً. انظر: 1/ 125 ظ.

باب صرف القاضي

في دار الإسلام فإنه لا شيء له، وما أصاب من ذلك أخذ منه وجعل في بيت المال، إلا أن يكون السلطان أمره بذلك، فيخمس ما أصاب، وما بقي فهو له. ... باب صرف القاضي وإذا صرف القاضي دراهم (¬1) عند رجل بدنانير يداً بيد فهو جائز. وإن كانت ليتيم لم يوص أبوه أو لميتٍ (¬2) عليه دين فهو جائز. وإن تفرقا قبل القبض فإن البيع ينتقض. وكذلك وكيل القاضي. ولو أن القاضي وكّل أميناً (¬3) من أمنائه يبيع ذهب الميت في دين له أو حلياً أو إناء (¬4) فضة فباعه بتأخير أو باعه (¬5) بنقد ثم (¬6) افترقا قبل أن يقبض أو باعه بفضة أكثر من فضة الإناء أو بذهب أكثر من ذهب الحلي لم يجز ذلك. وكذلك (¬7) لو كان سيفاً (¬8) محلى فباعه أمين القاضي بفضة أقل مما فيه كان ذلك باطلاً لا يجوز. ولو أن القاضي بعث أمينين من أمنائه فباعا إناء فضة لميت بوزنه دراهم فيه (¬9) ألف درهم ثم دفعا الإناء إلى المشتري وقام أحدهما ووكّل الآخرَ بقبض الثمن فقبض الثمن كان حصة القائم من ذلك باطلاً وجاز حصة الآخر، يبطل (¬10) نصف (¬11) البيع ويجوز نصفه. وكذلك لو كان المشتري اثنين والبائع واحداً (¬12) فقام أحدهما بعدما قبضا (¬13) الإناء قبل أن يَنْقُدَ ¬

_ (¬1) ز: دراهما. (¬2) ف م ز: الميت. والتصحيح من السياق. (¬3) م: وكيلا. (¬4) ف + أو. (¬5) م ز - باعه. (¬6) ف + ثم. (¬7) ز: ولذلك. (¬8) ز: سيف. (¬9) م ز - فيه. (¬10) ز: تبطل. (¬11) ف م ز: بنصف. والتصحيح مستفاد من ب. (¬12) ز: واحد. (¬13) ف م ز: قبض. والتصحيح من ب.

ووكّل الآخرَ [بنقد الثمن] (¬1) ونَقَدَ المالَ جازت حصة الذي لم يفارق ونَقَدَ، وبطلت حصة القائم. وكذلك لو كان غير أمين القاضي. وكذلك لو كان رجلان (¬2) اشتريا ألف درهم من رجل بمائة دينار فنقداه الدنانير ثم قام أحدهما ووكّل الآخر بقبض الدراهم فقبضها فإنه ينتقض حصة القائم ويجوز حصة الآخر. وكذلك لو كان بائع الدراهم اثنين والمشتري للدنانير واحداً (¬3). وإذا كان وصي اليتيم لليتيم عنده دراهم فصرفها بدنانير من نفسه بالسعر كما يصرف في السوق فإنه لا يجوز. وكذلك لو كانت دنانير فصرفها بدراهم. وكذلك لو كانت دراهم فأبدله بها دنانير. وكذلك لو كان إناء فضة فصاغه بوزنه (¬4). وهذا كله باب واحد لا يجوز. قلت (¬5): كيف أبطل أبو حنيفة هذا وكان (¬6) يقول: إذا اشترى الوصي شيئاً من متاع اليتيم ثم رفع (¬7) إلى القاضي نظر فيه فإن كان خيراً لليتيم أجازه وإلا رده؟ قال (¬8): هذا صرف، وإذا افترقا بطل. قلت: فإن فعل ذلك بحضرة القاضي فأجازه؟ قال: لا أعرف قوله في هذا، وينبغي أن يجوز. وكذلك السيف المحلَّى والمِنْطَقَة المفضَّضة. ¬

_ (¬1) الزيادة من ب. (¬2) ز: رجلين. (¬3) ز: واحد. لعل الصواب: وكذلك لو كان بائع الدنانير اثنين والمشتري للدراهم واحدا. وإلا فهي نفس المسألة التي قبلها تماما. (¬4) وعبارة ب: ولا أن يشتري إناء فضة له بوزنه. (¬5) السائل هو الإمام محمد. (¬6) م ز: أو كان. (¬7) ز: ثم دفع. (¬8) المجيب هو الإمام أبو يوسف.

وإن باعه في السوق فهو جائز. وإذا كان الوصي في حجره يتيمان (¬1) لأحدهما دراهم وللآخر (¬2) دنانير فصرف دنانير هذا بدراهم هذا فإنه لا يجوز. وقال أبو حنيفة: لو أن وصي يتيم اشترى من ماله شيئاً نظرت في ذلك، فإن كان خيراً لليتيم أمضيت البيع، وإن كان شراً أبطلت البيع. وقال أبو يوسف: لا أجيز هذا على حال، للأثر الذي جاء عن عبد الله بن مسعود (¬3). واذا كان لليتيم مال عند جده أبي (¬4) الأب وليس له وصي فصرف ماله فهو جائز، وهو في ذلك (¬5) بمنزلة الأب. وإن كان لليتيم وصي أوصى إليه أبوه فإن تصريف (¬6) الجد لا يجوز عليه. ولا يجوز من ذلك (¬7) الصرف إلا ما يجوز بين المسلمين. وإذا التقط الرجل لقيطاً فهو حر، فإن تُصُدِّقَ عليه بدراهم أو دنانير فصَرَفَها له فإن ذلك لا يجوز، لأنه ليس بوصي، ولا يجوز ذلك على ¬

_ (¬1) ز: يتيمين. (¬2) ف م: والآخر. (¬3) قال السرخسي: وإذا اشترى من مال اليتيم شيئاً لنفسه نظرت فيه، فإذا كان خيراً لليتيم أمضيت البيع فيه، وإلا فهو باطل، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف الآخِر -رحمهما الله-، وفي قوله الأول وهو قول محمد لا يجوز أصلاً للأثر الذي روينا عن ابن مسعود - رضي الله عنه -، والمسألة مذكورة في كتاب الوصايا. انظر: المبسوط، 14/ 46. وقد مر الأثر المذكور في المتن قريباً بلفظ: لا تشتر من ماله شيئاً، ولا تستقرض منه شيئاً، ومر شرحه هناك. والمسألة مذكورة مع بيان قول محمد في كتاب الوصايا من كتاب الأصل. انظر: 3/ 239 و - 239 ظ. وانظر لشرح المسألة في كتاب الوصايا: المبسوط، 28/ 33. (¬4) ز: أبو. (¬5) م ز - وهو في ذلك. (¬6) التصريف في الدراهم والبِياعات: إنفاقها. وصرّفته في الأمر تصريفاً فتصرّف: قلّبته فتقلّب. انظر: لسان العرب، "صرف"؛ والقاموس المحيط، "صرف". (¬7) ف م + من.

اللقيط. وكذلك أم الصبي وأخو الصبي وعمه وخاله لا يجوز عليه تصرفه (¬1). وكذلك وصي الأم ووصي الأخ ووصي العم إذا كان اليتيم وارثه، فليس يجوز تصريف الوصي (¬2) على اليتيم. ولا يجوز على الصغير تصريف أحد ما (¬3) خلا أباه أو الجد أبا (¬4) الأب إذا مات الأب أو وصي الجد أبا (¬5) الأب إذا لم يكن للأب (¬6) وصي. وقال أبو حنيفة: إذا ابتعت تراب الصوّاغين بذهب فلا خير فيه، وإن (¬7) ابتعته بفضة فلا خير فيه، لأني لا أدري أقل هو أو أكثر. وقال أبو حنيفة: إذا اشترى ذلك بعروض فهو جائز، وهو بالخيار إذا علم ما فيه. دن اشترى بشيء مما يكال بحنطة أو بشعير أو بسمسم أو بشيء (¬8) من الحبوب مسمى فهو جائز، وهو بالخيار إذا رآه وعلم ما فيه. وكذلك إذا اشتراه بشيء مما يوزن من السمن والزيت والأدهان كلها بشيء مسمى من ذلك فهو جائز، وهو بالخيار إذا رآه وعلم ما فيه. وكذلك إذا اشتراه بعبد أو أمة بعينها فهو جائز، وهو بالخيار إذا رآه (¬9). وكذلك لو اشترى به داراً أو عَرْضاً من العروض كائناً ما كان أو إناء من آنية النحاس أو الحديد أو الصُّفْر (¬10) أو الرصاص أو شيئاً من ذلك موزوناً (¬11) أو مجازفة فهو جائز، وهو بالخيار إذا رأى التراب وعلم ما فيه. وكذلك لو اشتراه بلؤلؤ أو جوهر أو بياقوت فهو مثل ذلك. فإن اشتراه بدراهم فلا خير فيه. وكذلك إن اشتراه بدنانير. وكذلك إن اشتراه بسيف محلَّى أو بمِنْطَقَة مفضَّضة (¬12) أو بإناء مفضَّض أو بحلي (¬13) ذهب فيه لؤلؤ أو بقلادة فيها ¬

_ (¬1) ف: تصريفه. (¬2) م + الوصي. (¬3) ف م: أحدهما؛ ز: أحد مما. (¬4) ز: أبو. (¬5) ز: أبو. (¬6) ف م ز: الأب. (¬7) ز: فإن. (¬8) ز: أو سمسم أو شيء. (¬9) ف ز + وعلم ما فيه. (¬10) هو النحاس الجيد، كما تقدم. (¬11) ز: موزون. (¬12) ف: مفضة. (¬13) ف م ز: أو بعرض. والتصحيح من ب.

ذهب ولؤلؤ وجوهر أو ذهب وحده وجوهر أو فضة وحدها وجوهر فلا خير في شيء من ذلك، لأني لا أدري ما أخذ أكثر أو ما (¬1) أعطى، ولا أدري لعله ليس في تراب الصواغين شيء إلا ذهب وحده أو فضة وحدها. فإن علما جميعاً أن فيه فضةً وذهباً (¬2) فلا بأس بأن يشتريه بفضة أو ذهب (¬3) ويزيد مع ذلك ما أحب من الذهب أو الفضة أو العروض (¬4). وكذلك إن كان الجوهر مع التراب فهو جائز. والذي قبض التراب بالخيار إذا رآه وعلم ما فيه. ولو أن رجلاً اشترى ذهباً وفضةً لا يعلم ما فيها (¬5) بفضة وذهب لا يعلم ما وزنهما كان ذلك جائزاً، ذهب هذا بفضة هذا وفضة هذا بذهب هذا. وكذلك لو زاد (¬6) أحدهما لؤلؤاً وجوهراً (¬7). وإذا كان في تراب الصوّاغين ذهب وفضة تُعرَف فاشتراه رجل بذهب وفضة وتقابضا واشترط الخيار يوماً فهو فاسد لا يجوز إلا أن يبطل خياره قبل أن يتفرقا، لأنه صرف، فإذا رأى ما فيه ولم يَشْتَرِط الخيار [فهو جائز] (¬8). وليس خيار الشرط في هذا كخيار (¬9) النظر (¬10). وتراب المعادن مثل تراب الصوّاغين. إذا عُرِفَ ترابُ الصوّاغين أنه ذهب فمثل معدن [ذهب] (¬11)، وإذا عرف أنه فضة فمثل معدن فضة. وإذا كان فيه فضة وذهب فهو موافق (¬12) للمعدن، ما كان في هذا جائزاً (¬13) جاز في هذا، وما فسد في هذا فسد في هذا. ¬

_ (¬1) م ز: وما. (¬2) ز: ذهب. (¬3) ف - بفضة أو ذهب، صح هـ. (¬4) ف م ز: أو فضة أو عروض. (¬5) ز: ما فيه. كذا في ف م ب؛ والكافي، 1/ 181 و. ولفظ السرخسي: لا يعلم وزنهما. انظر: المبسوط، 14/ 47. (¬6) ف + مع. (¬7) ز: وجوهر. (¬8) هذه الزيادة لا بد منها لتصحيح العبارة. (¬9) ف: لخيار. (¬10) أي: كخيار الرؤية. (¬11) الزيادة مستفادة من تتمة العبارة. (¬12) ف م ز ب جار: مخالف. لكن في هامش ب جار: صوابه موافق لأنه فسر بالموافقة. وهو كذلك كما هو ظاهر من تتمة العبارف (¬13) ز: جائز.

باب زيادة العطاء والدين بالدين وغيره

وإذا اشترى الرجل تراب معدن فضة (¬1) بذهب كان ذلك جائزاً إذا تقابضا، وهو بالخيار إذا رآه. وكذلك لو اشترى تراب معدن ذهب بفضة فهو مثل هذا. الدراهم في هذا والفضة [التِّبْر] (¬2) سواء. وكذلك الدنانير والذهب التِّبْر. ولو (¬3) كان تراب معدن ذهب وتراب معدن فضة اشتراهما رجل بدنانير ودراهم كان جائزاً، وهو بالخيار إذا رأى ما فيهما وعلم ما فيه. ولو اشتراهما بدراهم كان باطلاً. وكذلك لو اشتراهما بدنانير. فإن اشتراهما بدنانير نسيئة فلا خير فيه، لأنه صرف (¬4). وكذلك تراب الصوّاغين. فلا يجوز في الصرف النسيئة ولا الخيار. فإذا أَبْطَلَ الذي له الأجل قبل أن يتفرقا ونَقَدَ فهو جائز. وكذلك الخيار. وإن تفرقا قبل أن يُبْطِلَ الأجل فالبيع فاسد. وإن أبطله بعد ذلك فهو فاسد لا يجوز. ... باب زيادة العطاء والدين بالدين وغيره وقد سألت (¬5) أبا (¬6) حنيفة عن رجل له عطاء فزِيدَ في عطائه مائة درهم فباعها بدراهم أو بدنانير أو بعروض أو أمة (¬7) أو عبد، قال: لا يجوز بيعها بشيء من ذلك (¬8). ¬

_ (¬1) ف - فضة. (¬2) الزيادة مستفادة من الجملة التالية. (¬3) ف: وكذلك لو. (¬4) م ز: ضرب. (¬5) ز + الإمام الأعظم. (¬6) ز: أبو. (¬7) ف: أو ابنه (مهملة). (¬8) وسيذكر في المتن بعد قليل أنه لا يجوز بيع العطاء أو الرزق. وقال السرخسي -رحمه الله- شارحاً: ولا يجوز بيع العطاء والرزق، فالرزق اسم لما يخرج للجند من المال عند رأس كل شهر، والعطاء اسم لما يخرج له في السنة مرة أو مرتين، وكل ذلك صِلَة يخرج له، فلا يملكها قبل الوصول إليه، وبغ ما لا يملك المرء لا يجوز. وكذلك إن زِيدَ في عطائه فباع تلك الزيادة بالعروض أو غيرها فهو باطل، وهو قول =

وحدثنا عن أبي إسحاق الشيباني عن عامر عن (¬1) شريح أنه قال في بيع زيادة العطاء: لا بأس بذلك بالعروض. وقال الشعبي: أنا أكرهها بالعروض وغيرها (¬2). وكذلك قال أبو حنيفة. وكذلك بيع العطاء مع الرزق. ولو أن رجلاً فرض له الإمام عطاءً أو رزقاً فباعه أو باع شيئاً منه كان باطلاً لا يجوز. وسألت (¬3) أبا حنيفة عن رجل له دين فاشترى به شيئاً من العروض نسيئة، قال: هذا لا يجوز، ولا يجوز أن يشتري ديناً بدين (¬4). ولو أن رجلاً له دين دراهم على رجل فباعها من آخر بدنانير (¬5) ديناً له على رجل كان ذلك البيع باطلاً لا يجوز، لأن هذا دين بدين. وكذلك في هذا القول الكيل والوزن والعدد كله إذا كان ديناً (¬6) بدين أو بعاجل. وكذلك الفلوس. حدثنا الحسن بن عمارة عن الحكم عن إبراهيم وشريح أنهما قالا: إذا كان لرجل دين على رجل فاشترى بذلك الدين خادماً من رجل وأحاله عليه جاز البيع، ولم يكن للبائع (¬7) إلا الدين إن خرج له، وإن ذهب وتَوَى (¬8) فهو عليه (¬9). وقال أبو حنيفة: هذا لا يجوز. ¬

_ = الشعبي، وبه نأخذ، وكان شريح يجوّز بيع زيادة العطاء بالعروض، ولسنا نأخذ بهذا، لأن زيادة العطاء كأصله في أنه لا يملكه قبل القبض، ولو كان مملوكاً له كان ديناً، وبيع الدين من غير من عليه الدين لا يجوز، فإذا لم يجز هذا فيما هو دين حقيقة فكيف يجوز في العطاء، ولكن ذكر عن إبراهيم وشريح -رحمهما الله- أنهما كانا يجوّزان الشراء بالدين من غير من عليه الدين، وقد بينا أن زفر أخذ بقولهما في ذلك. انظر: المبسوط، 14/ 47. وقول شريح وإبراهيم سيرويه المؤلف بإسناده في المتن. (¬1) ز: بن. (¬2) رواه ابن أبي شيبة من طريق الشيباني عن عامر الشعبي عن شريح نحوه. انظر: المصنف، 4/ 352. (¬3) ز + الإمام. (¬4) ف ز: يشتري دينارين. (¬5) م ز: بدينار. (¬6) ز: دين. (¬7) ف م ز + الأول. وهو ساقط من ب. (¬8) أي: هلك، كما مر مراراً. (¬9) ف: فليس له عليه؛ م: فليس عليه. والتصحيح من ب.

حدثنا عن من حدثه عن موسى بن عُبيدة الرَّبَذي عن عبد الله بن فى ينار عن ابن عمر أنه قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الدين بالدين (¬1). وكذلك الديون من الأدهان والحنطة وغيرها. وحدثنا عن يزيد بن أبي زياد وعن مجاهد عن (¬2) عبد الله بن عمر بن الخطاب [أنه] ابتاع بعيراً بدراهم وعنده دنانير أو بدنانير وعنده دراهم، فقال لغلامه: اذهب إلى السوق بها، فإذا قامت (¬3) على ثمن فإن شاء أخذها، وإلا فبعها وأعطه (¬4). وإذا كان لرجل على رجل دين درهم حال من ثمن بيع أو قرض فأخذ منه بها دنانير بسعر يومه أو أغلى أو أرخص فلا بأس بذلك، وهذا جائز إذا كان يداً بيد. وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم فباعها [منه] بمائة دينار أو اشترى بها [منه] (¬5) مائة دينار ثم تفرقا قبل أن يقبضا فإن البيع قد انتقض وفسد، وصارت الدراهم له على حالها. فإن كان نَقَدَه بعضَها ولم يَنْقُدْه (¬6) بعضَها (¬7) جاز من ذلك بحساب ما نَقَدَ، وبطل من ذلك بقدر ما لم يَنْقُدْ. ولو ابمَاع بها جَامَ (¬8) فضة أو حلي ذهب ثم تفرقا قبل أن يقبضا فإن البيع ينتقض ويفسد. ولو اشترى منه ألف درهم بمائة دينار فقبض الدنانير كان له أن يأخذه بالدراهم ما لم يتفرقا (¬9)، وليس له أن يجعلها قصاصاً إلا أن ¬

_ (¬1) روي بلفظ: بيع الكالئ بالكالئ. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 90، والسنن الكبرى للبيهقي، 5/ 290. وقد تفرد به موسى بن عبيدة. وقال أحمد بن حنبل: لا تحل عندي الرواية عنه، ولا أعرف هذا الحديث عن غيرهـ وقال أيضاً: ليس في هذا حديث يصح، لكن إجماع الناس على أنه لا يجوز بيع دين بدين. انظر: تلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 26. (¬2) م ز: بن. (¬3) ز: فأقامت. (¬4) السنن الكبرى للبيهقي، 6/ 65. (¬5) الزيادتان مستفادتان من ب. (¬6) ز: ينتقضه. (¬7) م ز: بعضا. (¬8) الجام طبق أبيض من زجاج أو فضة. انظر: المغرب، "جوم". (¬9) ف: لم تفرقا.

باب الإجارة في صياغة الذهب وعمل المعادن

يتراضيا (¬1) على ذلك. ولو أن رجلاً اشترى من رجل عشرة دراهم بدينار ونَقَدَه الدينار ولم يقبض الدراهم حتى اشترى منه بها (¬2) شيئاً كان الشرى باطلاً لا يجوز، ويأخذه بالدراهم. فإن اشترى منه ثوباً بعشرة دراهم فهو جائز، ولا يكون قصاصاً بالصرف. فإن تراضيا بذلك جميعاً فإنه لا يجوز. وإذا (¬3) اشترى رجل (¬4) عشرة دراهم بدينار فدفع الدينار فليس له أن يصرف الدراهم في شيء حتى يقبضها. فإن اشترى منه ثوباً بعشر؟ نَقْدٍ فليس له أن يجعلها قصاصاً، كأنه اشترى العشرة التي عليه بالدينار. ولو غصبه غصباً دراهم أو أقرضه كانت قصاصاً وإن لم يتقاصّا (¬5). ... باب الإجارة في صياغة (¬6) الذهب وعمل المعادن وإذا استأجر الرجل أجيراً يعمل له فضة معلومة يصوغها صياغة (¬7) معلومة بأجر معلوم فهو جائز. والحلي في ذلك والآنية وحلية السيف وحلية المَنَاطِق (¬8) في ذلك كله سواء. وكذلك الإناء يفضَّض والسَّرْج. وكذلك الحلي من الذهب. وإن استأجره على ذلك بذهب أو فضة فهو جائز. وكذلك إن استأجر رجل أجيراً (¬9) يُخَلِّص (¬10) ذهباً أو فضة، ¬

_ (¬1) ز: إن تراضيا. (¬2) م - بها. (¬3) ز: فإذا. (¬4) ف: الرجل. (¬5) م ز: لم يتقاص. (¬6) ف م ز: في صناعة. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 47. وعبارة المؤلف الآتية تدل عليه. (¬7) ز: صناعة. (¬8) المناطق جمع المِنْطَقَة، وهي ما تربط على الوسط، كما مر. (¬9) م ز: رجلا. (¬10) يخلّص أي يصفّي، والتخليص التصفية. انظر: المغرب، "خلص".

إذا اشترط من ذلك شيئاً معروفاً فهو جائز. وكذلك إذا استأجره يخلّص له ما في تراب الصوّاغين أو ما في تراب المعادن فإن كان ذلك معلوماً فهو جائز. وكذلك الرجل يستأجر رجلاً يفضّض له حلياً أو يَنْقُش له حلياً أو آنية من نَقْش معروف. وكذلك إن استأجره يموِّه (¬1) له لِجَاماً أو خَرَزاً (¬2) أو عصا حديد بأجر (¬3) معلوم فهو جائز. فإن اشترط ذهب التمويه (¬4) على الذي أخذ الأجر (¬5) فلا خير في ذلك، لأنه لا يدري ما يبلغ من (¬6) ذلك، ولأنه صرْفُ ذَهَبٍ (¬7). ولو استأجره بدرهم يموّه له خَرَزاً بقيراط (¬8) ذهب فإن هذا باطل إلا أن يقبض الدراهم ويقبض ذلك القيراط ثم يرده إليه فيقول: موِّه به. وكذلك لو استأجره بذهب أكثر من ذلك فإنه لا يجوز إلا أن يتقابضا. ولو استأجره ليموهه بفضة وكان الأجر (¬9) ذهباً فهو كذلك أيضاً. وإن كان الأجر (¬10) فضة فهو كذلك أيضاً. ولو استأجره بعَرْض أو بشيء (¬11) كيلٍ أو وزنٍ بعينه على أن يموِّه له ذلك بذهب أو فضة مسماة فهو جائز. فإن عَمِلَه فقال المستأجر: لم تُدْخِلْ (¬12) فيه ما شرطتَ لي، وقال الآخر: قد فعلتُ، فالقول قول رب ¬

_ (¬1) أي: يطلي بماء الذهب أو الفضة، وقد مر. (¬2) هي الحبّات التي تنظم في سلك للزينة، وقد مر. (¬3) ز: بأجرة. (¬4) ف: تمويه الذهب، صح هـ. (¬5) ز: الاخر. (¬6) ز - من. (¬7) فلا بد من التقابض في المجلس. انظر: المبسوط، 14/ 48. (¬8) قيراط الذهب يختلف حسب البلدان ففي بعضها هو نصف عُشر دينار، وفي بعضها جزء من أربعة وعشرين جزء من الدينار. انظر: لسان العرب، "قرط"؛ والقاموس المحيط، "قرط". (¬9) ز: الاخر. (¬10) ز: الاخر. (¬11) ف م ز: بعوض مسمى. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 48. وعبارة ب: بعرض كيلي أو وزني. (¬12) ز: لم يدخل.

العصا ورب اللِّجَام ورب الخَرَز مع يمينه، ويعطي المموِّه قيمة (¬1) ما زاد (¬2) ذلك التمويه في متاعه إلا أن يرضى أن يأخذ بقوله. وإذا استأجر الرجل (¬3) رجلاً ليحمل (¬4) له مالاً من أرض إلى أرض أو ذهباً أو دنانير مسماة أو دراهم مسماة فهو جائز. وكذلك تراب المعادن والآنية من الذهب والفضة (¬5). وكذلك لو استأجره يبيع له ذلك شهراً، لأن الإجارة على الشهر. ولو استأجره يحفر له في هذا المعدن عشرة أيام بكذا وكذا كان جائزاً. ولو استأجره يُنقي (¬6) له تراب المعادن أو تراب الصياغة (¬7) بنصف ما يخرج منه كان فاسداً، وله أجر مثله. وإذا استأجر رجل من رجل إبريق فضة أو إناء فضة يعمل به يوماً إلى الليل جاز ذلك. وكذلك لو استأجر حلي ذهب أو فضة مسماة تلبسه (¬8) امرأة يوماً إلى الليل بذهمب أو فضة مسماة جاز ذلك. ولو استأجر منه ألف درهم أو مائة دينار يوماً إلى الليل بدرهم أو دينار أو ثوب لم يجز ذلك، لأن هذا ليس بآنية (¬9)، إلا أن يسمي فيقول: أَزِنُ (¬10) بها. ولو استأجر سيفاً محلَّى أو مِنْطَقَة مفضَّضة أو سَرْجاً (¬11) مفضَّضاً يلبس ذلك ويركب ¬

_ (¬1) ف م ز: فيها. والتصحيح من المبسوط، الموضع السابق. (¬2) م: ما أراد. (¬3) ف: رجل. (¬4) ف: يحمل. (¬5) ز - وكذلك تراب المعادن والآنية من الذهب والفضة. (¬6) أنقى ينقي إنقاء ونقى ينقّي تنقية أي نظّف. انظر: لسان العرب، "نفي، نقي". (¬7) ب: الصاغة. (¬8) ز: يلبسه. (¬9) أي: لأنه لا يبقى عينه عند الانتفاع به، والإجارة تكون مع بقاء العين. انظر: المبسوط، 14/ 49. (¬10) ف م: أزن أزن (مهملتين). والتصحيح من ب جار. (¬11) ز: أو شرجا.

السَّرْج سنةً بدراهم مسماة أكثر مما فيه أو أقل أو (¬1) بدنانير (¬2) مسماة أو بعروض (¬3) كان جائزاً، لأن هذا يعمل به. ولو استأجر رجل رجلاً صائغاً يصوغ له طَوْقَ ذهبٍ بقدر معلوم وقال له: زِدْ في هذا الذهب عشرة مثاقيل، فصاغه الصائغ، وقال [رب الطَّوْق] (¬4): قد زدتَ فيه خمسة مثاقيل، فالقول قوله مع يمينه، وله مثل ما زاد فيه من الذهب، وله الأجر، إلا أن يشاء الصائغ أن يعطيه ذهباً مثل ذهبه، ويكون الطَّوْق للصائغ (¬5). وهذا لا يشبه الأول (¬6)، لأنه لا يرضى أن يعطيه خَرَزَه. وهذا ذهب ووزن، يعطيه ويأخذ بوزنه (¬7). ¬

_ (¬1) م - أو. (¬2) ز: بدينار. (¬3) م: أو بعرض. (¬4) الزيادة من الكافي، 1/ 181 ظ؛ والمبسوط، 14/ 49. (¬5) م: الصائغ. (¬6) ف + يقول. (¬7) قال السرخسي -رحمه الله- شارحاً للكافي: ولو استأجر صائغاً يصوغ له طَوْقَ ذهبٍ بقدر معلوم وقال: زد في هذا الذهب عشرة مثاقيل فهو جائز، لأنه استقرض منه تلك الزيادة، وأمره أن يخلطه بملكه، فيصير قابضاً كذلك، ثم استأجره في إقامة عمل معلوم في ذهب له، ولأن هذا معتاد، فقد يقول الصائغ لمن يستعمله: إن ذهبك لا يكفي لما تطلبه، فيأمره أن يزيد من عنده، وإذا كان أصل الاستصناع يجوز فيما فيه التعامل فكذلك الزيادة. فإن قال: قد زدتُ فيه عشرة مثاقيل، وقال رب الطوق: إنما زدتَ فيه خمسة، فإن لم يكن محشواً يوزن الطوق ليظهر به الصادق منهما، فإن كان محشواً فالقول قول رب الطوق مع يمينه، لإنكاره القبض في الزيادة على خمس مثاقيل، إلا أن يشاء الصائغ أن يرد عليه مثل ذهبه ويكون الطوق للصائغ، لأن الطوق في يده، وهو غير راض بإزالة يده عنه ما لم يعطه عشرة مثاقيل، وقد تعذر ذلك بيمين رب الطوق، فكان للصائغ أن يمسك الطوق ويرد عليه مثل ذهبه. قال [الإمام محمد في الأصل]: وهذا لا يشبه الأول، يريد به مسألة الخَرَز، فقد بينا هناك أن الخيار لصاحب الخَرَز، لأن ذهب التمويه صار مستهلكاً لا يتخلّص من الخرز، بمنزلة الصبغ في الثوب، فكان الخيار لصاحب الخرز، وهنا عين ما زاد من الذهب قائم في الطوق، فالصائغ فيه كالبائع فيكون له أن يمتنع من تسليمه ما لم يصل إليه كمال العوض. انظر: الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 49.

باب غصب الذهب والفضة مصوغا أو تبرا والرهن في الصرف

وإذا أمر الرجل صائغاً أن يصوغ له خاتم فضة فيه درهم بنصف درهم وأراه القدر (¬1) وقال: تكون الفضة عليّ قرضاً (¬2) مِن قِبَلِك، فصاغه على ذلك، فإنه لا يجوز، مِن قِبَل أن الفضة للصائغ، صاغها وهي له، ولا يكون له الأجر (¬3)، لأن الذي اصطنع عنده [لو كان] (¬4) إناءَ نحاسٍ كان بالخيار إذا فرغ منه، فكذلك إناء الفضة، فإنما صاغ لنفسه، ولا يجوز أن يأخذه بأكثر مما فيه (¬5). ... باب غصب الذهب والفضة مصوغاً أو تِبْراً (¬6) والرهن (¬7) في الصرف وإذا غصب الرجل من الرجل قُلْبَ (¬8) فضةٍ أو قُلْبَ ذهبٍ فاستهلكه ¬

_ (¬1) ز: القدز. (¬2) ف م ز: قرض. (¬3) م ز: الاخر. (¬4) لا بد من هذه الزيادة لتصحيح العبارة. (¬5) وعبارة ب هكذا: ولو استأجره أن يصوغ له خاتم فضة وأراه قَدْرَه وَزْنُه درهم من عند الصائغ قرضاً عليه فصاغه فهو للصائغ، لأن الفضة له، ولا أجر له، ولو اصطنع عنده إناء فضة معلوم جاز، وله الخيار إذا رآه، كما لو اصطنع إناء نحاس، فإنما صاغ لنفسه، ولا يجوز أن يعطيه أكثر من وزنه. وقال السرخسي -رحمه الله-: وإن أمر الصائغ أن يصوغ له خاتم فضة فيه درهم بنصف درهم وأراه القدر وقال: تكون الفضة علي قرضاً من عندك، لم يجز، لأن الفضة للصائغ كلها، والمستقرض لا يصير قابضاً لها، فيبقى الصائغ عاملأ في ملك نفسه ثم بائعاً منه الفضة بأكثر من وزنها، وذلك لا يجوز، بخلاف الأول، فهناك المستقرض يصير قابضاً للذهب بخلطه بملكه، فإنما يكون الصائغ عاملاً له في ملكه، فلهذا يستوجب الأجر عليه. وفي مسألة الخاتم يفسد أيضاً لعلة أخرى، وهو أنه صرف بالنسيئة، وذلك لا يجوز سواء كان بمثل وزنه أو أكثر. انظر: المبسوط، 14/ 49 - 50. (¬6) ز: مصوغ أو تبر. (¬7) كذا في ف م ب جار. لكن ليس للرهن ذكر في هذا الباب. فقد يكون: والدهن. أي غصب الدهن. فقد ذكره في الباب. أو يكون: والصلح. فقد ذكر الصلح في آخر الباب. (¬8) القُلْب هو السوار غير الملوي كما تقدم.

فإن عليه قيمة الفضة مصوغاً من الدنانير، وعليه قيمة الذهب مصوغاً من الدراهم. والقول في وزن الذهب الذي في القُلْب والفضة وفي صفتها جيدةً أو رديئةً قول الغاصب مع يمينه، وعلى الطالب البينة إن ادعى فضلاً. وكذلك كل إناء أو حلي، خاتم فما فوقه أو دونه، من الذهب أو الفضة. وكذلك الرجل يكسر إناء فضة لرجل أو قُلْبَ ذهبٍ فهو مثل ذلك، عليه قيمته على ما وصفت لك: إن كان ذهباً قُوِّمَ الذهب مصوغاً بدراهم، وإن كان فضة قُوِّمَت الفضة مصوغة بدنانير، كان عليه ذلك، ويدفع الإناء المكسورة [إلى الكاسر] (¬1) فتكون له. وإن افترقا قبل أن يدفع (¬2) القيمة فلا يضره ذلك، ولا يُفْسِدُ هذا القضاءَ بالقيمة (¬3) التي وجبت عليه (¬4)، وليس هذا كالبيع، هذا غصب، ولو أن المغتصب أخّر القيمة عن الغاصب شهراً أو أكثر من ذلك أَجَزْتُ ذلك. ولو أن رجلاً اغتصب رجلاً ألف درهم فاستهلكها كانت عليه حالّة، فإن أخّرها سنةً جاز ذلك، وكذلك الدنانير في هذا، والتأخير جائز في ذلك. ولو أن رجلاً أقرض رجلاً ألف درهم أو مائة دينار ثم أخّر ذلك عنه سنة فإن التأخير باطل، وله أن يرجع فيه، لأن القرض عارية، ولا يشبه الغصب. واذا هَشَمَ (¬5) الرجل قُلْباً من ذهب أو من فضة لرجل فكان هَشِيماً (¬6) ينقصه شيئاً ولا يفسده كلَّه فإن أراد أن يرجع بفضل ذلك فليس له ذلك، ولكن يقال (¬7) له: ادفعه كله، وخذ قيمته مصوغاً، فإن كان فضة أَخَذْتَ ¬

_ (¬1) الزيادة من الكافي، الموضع السابق. (¬2) م ز: أن يدفعه. (¬3) ف م ز: والقيمة: والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 14/ 50. (¬4) وعبارة السرخسي -رحمه الله- هكذا: فإن قضى القاضي عليه بالقيمة وافترقا قبل أن يقبضها فذلك لا يضر عندنا، وعلى قول زفر -رحمه الله- يبطل قضاء القاضي بافتراقهما قبل القبض ... انظر: المبسوط، 14/ 50. (¬5) هشم من باب ضرب، والهَشْم هو كسر الشيء الرِّخْو. انظر: المغرب، "هشم". (¬6) ز: هشم. (¬7) ف: قال.

بقيمته دنانير، وإن كان ذهباً أَخَذْتَ قيمته دراهم. وكذلك إن كان (¬1) كسره أو استهلكه أو أَحْدَثَ فيه حَدَثاً (¬2) على وجه من الوجوه يكون الضمان عليه. ولو أن رجلاً اغتصب رجلاً (¬3) ذهباً تِبْراً أو فضة تِبْراً واستهلكه (¬4) فعليه مثله حالاً، فإن أخّره عنه فهو جائز. وكذلك الفلوس إذا اغتصبها الرجل أو أفسدها أو استهلكها أو كانت تِبْراً من النحاس أو الحديد أو الرصاص إذا استهلك رجل لرجل من ذلك شيئاً أو غصبه إياه فعليه مثله بالوزن، فإن كان أخّر ذلك عنه شهراً فهو جائز. ولو استهلك إناء من آنية النحاس أو الحديد أو الرصاص أو السيف أو السلاح كان ضامناً لقيمته دنانير أو دراهم، فإن (¬5) كان ذلك المتاع يباع بالدراهم قُضي عليه بالدراهم، وإن (¬6) كان يباع بالدنانير قُضي (¬7) عليه بالدنانير. وكذلك لو كسره أو هَشَمَه (¬8) هَشْماً يفسده، فإن كان هَشْماً [لا] (¬9) يفسده ضَمِنَ قيمتَه ودُفِع إليه (¬10). وكذلك الحيوان كله والعروض. فأما الكيل والوزن من الحنطة والشعير والأدهان وأشباه ذلك فإن عليه مثل ذلك بكيله ووزنه، فإن أخّره عنه شهراً فهو جائز. وإذا كسر الرجل إناء فضة لرجل فاستهلكه صاحبه قبل أن يعطيه إياه فلا شيء لصاحبه على الذي كسره، مِن قِبَل إنما (¬11) له القيمة عليه إذا دفعه ¬

_ (¬1) م ز - كان. (¬2) ف م ز: أو حدث فيه حدث. والتصحيح من ب. (¬3) ز - رجلا. (¬4) ز: أو استهلكه. (¬5) ف م ز: وإن. (¬6) ف م ز: فإن. (¬7) ز: قضا. (¬8) الهَشْم: هو كسر الشيء الرخو، كما تقدم قريباً. (¬9) الزيادة من المبسوط، 14/ 52. (¬10) أي: ضمن النقصان ودفع المتاع المكسور إلى الكاسر. انظر: المبسوط، 14/ 52. (¬11) وفي ب: لأنه إنما.

إليه (¬1). وكذلك كل إناء كسره من فضةٍ أو ذهب أو حليٍّ مصوغٍ خاتمٍ فما (¬2) سِوَاه دَقَّه أو أحرقه أو هَشَمَه هَشْماً ينقصه فلا شيء عليه لصاحبه إلا أن يدفعه كله ويأخذ قيمته على ما وصفتُ لك. وإذا اغتصب الرجلُ الرجلَ إناءَ (¬3) فضةٍ أو حليَّ ذهب أو فضةٍ فأمسكه وقال: قيمته مصوغاً كذا وكذا، لشيء أقل من قيمته، وادعى المغتصَب [منه] أكثر من ذلك ولم تكن (¬4) له بينة، فحلف الغاصب، فأدى القيمة على ما قال، ثم ظهر الإناء بعد ذلك على ما قال المغتصب منه فإن للمغتصَب [منه] أن يأخذه ويرد ما أخذ، لأنه لم يعطه ما ادّعى. ولو أقام هو (¬5) بينة على قيمته فقُضي له بها أو ادّعى قيمةً (¬6) فأبى الآخر أن يحلف (¬7) عليها فقُضي (¬8) له بها فقبضها أو لم يقبضها حتى أظهر الآخر الإناء والحلي فإن القضاء جائز نافذ، وليس للمغتصَب [منه] إلا القيمة التي قُضي بها له، لأنه هو ادّعى ذلك. وإذا اغتصب الرجلُ رجلاً فضةً فضربها دراهم أو صاغها قُلْباً أو إناء أو حلياً فإن للمغتصَب [منه] أن يأخذ ذلك مصوغاً في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف فإنه يضمن له فضةً مثلَها، وتكون (¬9) له الدراهم، وكلُّ شيء صاغ منها [فهو] للغاصب (¬10). قال: وكان (¬11) أبو حنيفة يفرق بين الفضة والذهب وبين غيرهما من الأشياء. وكذلك الذهب في هذا. ولو غصبه ¬

_ (¬1) أي: لأن شرط التضمين تسليم المكسور إليه. انظر: المبسوط، 14/ 52. (¬2) م ز: مما. (¬3) غصب واغتصب يتعديان إلى مفعولين فيقال: غَصَبَه مالَه، واغتصب الرجلُ الجاريةَ نفسَها. انظر: المصباح المنير، "غصب". (¬4) ز: يكن. (¬5) أي: المغصوب منه. (¬6) م ز - قيمة. (¬7) ز + له. (¬8) ف: قضى. (¬9) ز: ويكون. (¬10) م ز: الغاصب. وقول محمد مثل قول أبي يوسف. انظر: الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 11/ 101، 14/ 52. ولم أجد المسألة في كتاب الغصب من كتاب الأصل. (¬11) ز + الإمام الأعظم.

إناءً مصوغاً أو حلياً مصوغاً ذهباً أو فضة فكسره وصاغه شيئاً آخر كان له أن يأخذه في قول أبي حنيفة، ولا يأخذه في قول أبي يوسف ويأخذ قيمة الأول مصوغاً على ما ذكرتُ لك. وإذا (¬1) اغتصب الرجلُ الرجلَ دراهمَ أو دنانيرَ فأذابه (¬2) فإن لصاحبه أن يأخذه إن شاء، وإن شاء ضمّن الغاصبَ دنانيرَ مثله. وإذا اغتصب الرجلُ الرجلَ درهماً فألقاه في دراهم له فعليه مثله، ولا يكون هذا شريكاً، لأنه مستهلِك (¬3). وكذلك الدنانير والفلوس وكل ما يكال أو يوزن مما يختلط. وإذا اغتصب الرجل الرجل ذهباً أو فضةً فسَبَكَ (¬4) ذلك مع ذهب له أو فضة حتى اختلط (¬5) فعليه مثل ما اغتصب، لأنه ضامن لهذا. وإذا كانت لرجلٍ دراهمُ، ودراهمُ لرجلٍ، فخلطهما رجلٌ حتى لا يُعْرَفان فهو ضامن لمال كل واحد منهما، ويُقْضَى له بهذا المال إن اختارا (¬6) ¬

_ (¬1) م ز: ولو. (¬2) تذكير الضمير على التأويل بالمغصوب. (¬3) وهذا قول أبي حنيفة. انظر: الكافي، الموضع السابق. ولم يذكر الحاكم قول الصاحبين في المسألة، لكنه ذكر قولهما في مسألة شبيهة بها بعد ذلك بأسطر. وذكر السرخسي أن قولهما هو أن المغصوب منه مخير بين التضمين والشركة. انظر: المبسوط، 14/ 52. ولم أجد المسألة في كتاب الغصب من كتاب الأصل، لكن تطرق إلى مسألة قريبة منها في كتاب الوديعة، وهو ما إذا خلط المستودع مال المودع مع ماله. انظر: 6/ 56 ظ. وذكر السرخسي في شرح كتاب الغصب أنه لم يذكر في الكتاب حكم المخلوط، ثم ذكر القولين المذكورين وشرح المسألة، ثم شرحها في كتاب الوديعة أيضاً. انظر: المبسوط، 11/ 91، 110. (¬4) سَبَكَ الذهب أو الفضة: أذابها وخلّصها من الخَبَث. انظر: لسان العرب، "سبك". (¬5) ز: اخلط. (¬6) ف م ز ب: إن اختار. والتصحيح مستفاد من السرخسي حيث يقول: وكذلك لو غصب دراهم لرجل ودراهم لآخر فخلطهما خلطا لا يمكن تمييزه أو سَبَكَ ذلك كله فهو ضامن لمال كل واحد منهما، والمخلوط له بالضمان، وعندهما لكل واحد منهما الخجار بين التضمين والشركة. انظر: الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 52. فالمذكور في المتن إذن هو قول الإمامين أبي يوسف ومحمد. أما قول الإمام فهو التضمين فقط. وانظر الحاشية المارة قريباً.

ذلك (¬1). وإن شاءا اقتسما هذا ولم يضمّناه. وكذلك الدنانير. وكذلك لو سَبَكَ ذلك كله وخلطه. وإذا اغتصب الرجلُ الرجلَ فلوساً واستهلكها وجعلها (¬2) إناء فعليه مثلها، والإناء له، وليس يشبه هذا الفضة والذهب. وإذا اغتصب الرجل دراهم (¬3) بِيضاً فخلطها بدراهم سُود فلصاحبه أن يأخذه، وليس هذا خَلْطاً ولا استهلاكاً (¬4). وكذلك لو خلطه بدنانير أو كان ديناراً فخلطه بدراهم. وإذا اغتصب الرجلُ الرجلَ ديناراً أو درهماً فجعل ذلك عُرْوَة (¬5) في قِلاَدة فهذا استهلاك، وعلى الغاصب مثله. وكذلك لو كانت فضة فخلطها بفضة غيرها وصاغ من ذلك شيئاً. وإذا اغتصب الرجلُ الرجلَ فضة ثم رَدَّ إليه فضةً أجود منها بذلك فهو جائز. وكذلك الذهب. وكذلك الدراهم المضروبة. [وَ] لو غصبه (¬6) ألف درهم بِيض لها صَرْفٌ (¬7) فأعطاه مكانها ألفَ درهم سُود ليس لها صَرْفٌ وهي دونها برضاً من صاحبها فهو جائز، ولا يُجبَر على ذلك إن أبى. وكذلك لو اغتصبه دراهم [جيدة فأعطاه مكانها دراهم] (¬8) نَبَهْرَجَة (¬9) لا تَنْفُق أو ¬

_ (¬1) ف - ذلك. (¬2) م: أو جعلها. (¬3) ز: دراهما. (¬4) ز: خلط ولا استهلاك. (¬5) العُرْوَة هنا بمعنى طَوْق القِلادة، أي ما يجعل حول العنق وتعلّق به القلادة. وعروة القميص: مدخل زِرّه، وعروة الكُوز والدّلو: مقبضه. انظر: المغرب، "عرو"؛ ولسان العرب، "عرو". (¬6) ف م ز: لو أعطاه. والتصحيح من ب. (¬7) أي: لها فضل على الدراهم الأخرى لو صرفت. وقد مر. (¬8) لا بد من الزيادة لتصحيح العبارة واتساقها مع ما بعدها. (¬9) ز: نهرجة. النَّبَهْرَج والبَهْرَج الدرهم الذي فضته رديئة، وقيل: الذي الغلبة فيه للفضة، إعراب نَبَهْرَه. وقيل: المُبْطَل السّكّة. انظر: المغرب، "بهرج"؛ والقاموس المحيط، "نبج".

زُيوفاً (¬1). وكذلك لو كان (¬2) الغَصْب (¬3) دراهم زُيوفا أو نَبَهْرَجَهَ فأعطاه أجود منها فهو جائز، ولا يُجبَر الغاصب أن يعطي إلا مثل ما غصب. ولو اغتصب رجلٌ رجلاً ألفَ درهم ثم اشتراها منه بمائة دينار بسعر يومئذ أو أغلى أو أرخص كان جائزاً. فإن قبض المائة دينار فهو جائز. ولو كانت الدراهم ليست في يد الغاصب وكانت في بيته (¬4) قائمة أو مستهلكة فهو سواء، وهو (¬5) جائز، لأنه ضامن لها (¬6)، وهو (¬7). بمنزلة الدين عليه. وكذلك لو كانت دنانير اشتراها بدراهم. فإذا كان الغَصْب (¬8) إناءَ فضةٍ أو ذهب أو حلياً مصوغاً (¬9) فذهب به الغاصب فوضعه في بيته ثم جاء فصالح المغَتصَب [منه] من الإناء وهو فضة على دينار ومن الإناء الذهب على دراهم ودَفَعَ كان جائزاً. وكذلك لو صالحه من الذهب على ذهبٍ وَزْنَه (¬10) ومن الفضة على فضةٍ وَزْنَها (¬11) فهو جائز إذا قبض ذلك. ولا يفسد ذلك أن يكون الإناء غير حاضر، مِن قِبَل أنه غَصْب وأنه له ضامن. وكذلك لو كان الإناء مستهلكاً. وإن صالحه من الفضة على ذهب بتأخير أو صالحه من الذهب على فضة بتأخير أو صالحه من الفضة على فضةِ وَزْنَها بتأخير أو الذهب على ذهب وَزْنَه بتأخير كان هذا جائزاً، لأنه صالح في غَصْب، والغَصْب دين، وليسَ هذا كالشيء القائم بعينه يبيعه إياه، فهذا الآن صرف ليس (¬12) بدين. نقول (¬13): لأن الإناء الفضة تجب (¬14) فيه قيمته مصوغاً من الذهب إن شاء، وإن أعطاه ¬

_ (¬1) ز: أو زيوف. الزيوف جمع زَيْف، وهي دون البَهْرَج في الرداءة، لأن الزيف ما يرده بيت المال، والبَهْرَج ما يرده التجار. انظر: المغرب، "زيف". (¬2) ز: لو كانت. (¬3) أي: المغصوب. (¬4) م ز: في يده. (¬5) م - سواء وهو، صح هـ. (¬6) م ز: لأنه لها ضامن. (¬7) ب: فهي. (¬8) أي: المغصوب. (¬9) ز: مصاغا. (¬10) أي: مثل وزنه. (¬11) أي: مثل وزنها. (¬12) ز: وليس. (¬13) م + نقول. (¬14) ف م ز: وتجب. والتصحيح من ب.

باب الصرف في الوديعة

مثل وزنه فضة أو أقل من وزنه إلى أجل فجائز، وذلك دين، فهما مختلفان لذلك. ولو كان الإناء قائماً بعينه لا يمنعه إياه قد أظهره فباعه منه كان هذا صرفاً، ولا يجوز إلا يداً بيد ويتقابضان (¬1). وإذا كان الإناء ظاهراً له يبيعه إياه فهو صرف. وإن كان غائباً عنه فقال: اشتريته منك بنسيئة، فإني أكره ذلك إذا وقع فيه اسم البيع، وكرهتُ منه (¬2) ما أكره من الصرف. وإنما أستحسن الصلح في ذلك على ما وصفتُ لك إذا كان الإناء مغيَّباً عنه. فأما إذا كان الإناء ظاهراً له مقراً (¬3) به فإني أكره الصلح والبيع في ذلك [إلا] (¬4) على ما يجوز في الصرف. ... باب الصرف في الوديعة وإذا استودع الرجلُ الرجلَ ألفَ درهم وقبضها فوضعها في بيته ثم التقيا في السوق فباعها إياه بمائة دينار وقبض الدنانير فإن ذلك لا يجوز، مِن قِبَل أن الوديعة في البيت لم يقبضها، ولا يجوز الصرف على هذا الوجه. ألا ترى أنه لو هلكت الوديعة قبل أن يقبضها كانت من مال المستودِع ربِّ الدراهم. وإذا استودع رجلٌ رجلاً حليَّ ذهب أو حلي فضة أو سيفاً (¬5) محلَّى أو مِنْطقَة مفضَّضة أو سَرْجاً (¬6) مفضَّضاً أو آنيةً من آنية الفضة، فوضعه في بيته، ثم التقيا في السوق، فباعه ذلك بدراهم أو دنانير، وقبض الثمن، ثم افترقا ¬

_ (¬1) ز: ويقابضان. (¬2) م ز - منه. (¬3) ز: مقر. (¬4) الزيادة من ب؛ والكافي، 1/ 182 و؛ والمبسوط، 14/ 53. (¬5) ز: أو سيف. (¬6) ز: أو شرجا.

قبل أن يقبض المتاع، ورجع المستودعَ إلى بيته، فقبض المتاع، فإن البيع قد فسد وانتقض، مِن قِبَل أنه صرف غير مقبوض. ولو لم يفترقا حتى أرسل إلى المتاع فأتى به فقبضه فإن البيع جائز إذا كان بذهب (¬1). وأن كان (¬2) بدراهم أكثر مما في السيف والمِنْطَقَة والسَّرْج (¬3) فهو جائز. وإذا استودع رجلٌ رجلاً سيفاً محلَّى ثم باعه منه بسيف محلَّى آخر وقبضا كلاهما وقبض المستودعَ السيف الذي في بيته قبل أن يفترقا فإن هذا جائز. واذا اشترى الرجل سيفاً غير محلَّى بخاتم فضة فهو جائز، ولا يفسد ذلك أن لا يقبضه (¬4) وإن افترقا. وإذا استودع الرجلُ الرجلَ السيفَ المحلَّى فوضعه في بيته ثم خرج إلى السوق فاشتراه من صاحبه بثوب وعشرة دراهم ونَقَدَ العشرةَ والثوبَ ولم يقبض السيف فإن البيع وَقَعَ وهو جائز، فلما افترقا قبل أن يقبض واحد منهما انتقض البيع كله، لأنه شيء واحد (¬5). وكذلك لو اشتراه بسيف محلَّى فدفعه ولم يقبض الوديعة وكانت في بيته حتى افترقا فإن حلية السيف بحلية السيف لا تجوز، فقد انتقض ذلك. وكان ينبغي أن يكون نَصْلُ (¬6) السيف وحَمَائِلُه [وجَفْنُه] (¬7) بنَصْل الآخر وحَمَائله وجَفْنه (¬8)، وإن كان في حلية ¬

_ (¬1) ب: إذا كان الثمن ذهبا. (¬2) م ز - بذهب وإن كان. (¬3) ز: والشرج. (¬4) ز: إلا بقبضه. (¬5) لأن السيف في حكم شيء واحد، وقد انتقض العقد في حصة الحلية بترك القبض في المجلس، لأنه صرف، فينتقض في الكل، لما في تمييز البعض من البعض في التسليم من الضرر. انظر: المبسوط، 14/ 53 - 54. (¬6) ز: فضل. (¬7) الزيادة من ب، والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 54. (¬8) النصل هو حديدة السيف، وحمائله ما يعلق به، وجفنه هو وعاؤه. وقد مر تفسير هذه الألفاظ.

أحدهما فضلٌ أضيف ذلك إلى النَّصل والحَمَائل فكان ذلك كله بحَمَائل هذا ونَصله، ولكن أدع هذا وأفسد البيع كله، لأنه شيء واحد. ولو قبض كل واحد منهما قبل أن يفترقا كان جائزاً، فضةُ كل واحد منهما بفضة الآخر، وحَمَائلُ كل واحد منهما ونَصْلُه (¬1) بحَمَائل الآخر ونَصْله (¬2)، وإن كان في الحلية فَضْلٌ أضيف الفَضْل فكان بالحَمَائل والجَفْن (¬3) والنَّصْل. وهذا مِثْلُ رجلٍ باع رجلاً ثوباً ونُقْرَةَ (¬4) فضةٍ بثوب ونُقْرَةَ فضةٍ وتقابضا جميعاً، فالثوب بالثوب، والفضة بالفضة، فإن كان في أحدهما فَضْلٌ فهو مع الثوب بذلك الثوب. قلت: فرجلٌ اشترى بعشرة دراهم وثوبٍ شاة وأحد عشر درهماً، فعشرة بعشرة، وشاة ودرهم بالثوب، فإن تقابضا قبل أن يتفرقا جاز ذلك، وإن تفرقا قبل أن يقبضا جميعاً أو قبض أحدهما ولم يقبض الآخر انتقض من ذلك عشرة بعشرة، وجاز الثوب والشاة والدرهم (¬5)؛ قلت: ولم لا تجيزه إذا افترقا كأنه اشترى الثوب بعشرة دراهم وباع الثوبَ الآخَرَ (¬6) بأحد عشر درهماً؟ قال: لأن أول البيع وقع على ما فسرتُ لك. ولو أن رجلاً ابتاع سيفاً محلَّى بفضة بإناء فيه ذهب قد حُلِّيَ به وتقابضا قبل أن يتفرقا فهو جائز، وإن افترقا قبل أن يقبضا فإنه ينتقض ذلك كله. ولو أن رجلاً باع ثوباً وديناراً بثوب ودرهم فالثوب بحصته من الثوب ¬

_ (¬1) م ز: وفضله. (¬2) م ز: وفضله. (¬3) سقط "والجفن" من المبسوط، الموضع السابق. (¬4) النُّقْرة: هي القطعة المذابة من الذهب أو الفضة، ويقال: نقرة فضة، على الإضافة للبيان. انظر: المغرب، "نقر". (¬5) وعبارة ب: وجاز بيع الثوب بالشاة والدرهم. (¬6) أي: باع الثوب للآخر.

والدرهم، والثوب الآخر بحصته من الثوب [والدينار] (¬1)، فإن (¬2) افترقا قبل أن يقبضا (¬3) بطل حصة الذهب من الفضة وحصة الفضة من الذهب ولزم الثوبان (¬4) كُل واحدٍ منهما صاحبَه بحصته التي سميتُ لك، ولا خيار في ذلك. وليس هذا كالسيف. هذان شيئان مختلفان، لا يضرهما ولا ينفعهما أن يأخذ أحدهما دون الآخر. والسيف إن جاز له النَّصْل والحَمَائِل والجَفْن دون الحلية كان في ذلك ضرر وفساد. قلت: فكيف معنى هذا إن كانت قيمة الدينار عشرة دراهم وقيمة كل ثوب عشرة دراهم؟ قال: فقد صار جزء من أحد عشر من الدينار والثوب الذي معه بالدرهم، فبطل جزء من أحد عشر من الدينار، وبطل حصته من الدرهم نصفه، وجاز نصف الدرهم بالحصة من الثوب جزء من أحد عشر، وجاز عشرة أجزاء من الدينار وعشرة أجزاء من الثوب الذي معه بالثوب الذي مع الدرهم (¬5). قلت: فكيف صار الدينار أحق أن يبدأ به قبل الدرهم والثوب؟ قال: هما سواء، يختار [أيهما شاء] في هذا (¬6) الوجه. ولو أن رجلاً ابتاع دينارين ودرهماً (¬7) بدرهم ودينار وتقابضا كان ¬

_ (¬1) الزيادة من ب؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 54. (¬2) م ز: فما أن. (¬3) ز: أن يقبض. (¬4) ز: الثوبين. (¬5) ز: مع الدراهم. وعبارة ب هكذا: فقد صار جزء من أحد عشر من الدينار ومن الثوب الذي معه بالدرهم، فبطل من الدرهم نصفه، ومن الدينار جزء من أحد عشر، وهو حصة نصف الدرهم منه، وجاز نصف الدرهم بجزء من أحد عشر من [الثوب] الذي مع الدينار، وجاز الباقي من الدينار ومن الثوب الذي معه وهو عشرة أجزاء من أحد عشر بالثوب الذي مع الدرهم. (¬6) ف م ز: إلى هذا. (¬7) ز: ودرهم.

باب [الصرف في] الذهب والفضة وغيرهما من الكيل والوزن

جائزاً، الفضةُ التي مع هذا بالذهب الذي مع ذلك، [و] الفضة التي مع ذلك بالذهب [الذي مع هذا. لا] (¬1) أجعل شيئاً من الفضة بعضه ببعض، ولا شيئاً من الذهب بعضه ببعض، لأن البيع إذاً يفسد. والأول لا يفسد. وإن جعلت الفضة بعضها ببعض فإنه يفسد، لأنه يبقى دينار بدينارين فيفسد. ... باب [الصرف في] (¬2) الذهب والفضة وغيرهما من الكيل والوزن وإذا استبدل رجلٌ رجلاً (¬3) بدرهم معه لا يعلم ما وزنه درهماً مثل وزنه أجود منه أو أردأ منه فهو جائز. وكذلك لو قال: بعني بهذا فضةً وَزْنَه، فهو جائز (¬4). وكذلك الدنانير. وكذلك قطعة من حديد استبدل بها مثل وزنها من حديد غيره. وكذلك النحاس والصُّفْر (¬5) والرصاص. ولو أن رجلاً اشترى من رجل مثقالَيْ (¬6) فضة ومثقالاً من نحاس بمثقالٍ مِن فضة (¬7) وثلاثة مثاقيل حديد كان جائزاً، تكون الفضة بمثلها، ويكون ما بقي من الفضة والنحاس بذلك الحديد. وكذلك مثقال صُفْر ¬

_ (¬1) الزيادتان السابقان استفدناهما من ب جار. والمعنى يستلزمه. (¬2) الزيادة مستفادة من الحاكم والسرخسي. ولفظهما: باب الصرف في الوزنيات. لكن حُرفت في المبسوط إلى "الوزنيان". انظر: الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 55. (¬3) ولفظ الحاكم: من رجل. انظر: الكافي، الموضع السابق. (¬4) م ز - وكذلك لو قال بعني بهذا فضة وزنه فهو جائز. (¬5) هو النحاس الجيد، كما تقدم. (¬6) ف م ز: مثقال. والتصحيح من المبسوط، 14/ 55. (¬7) ف م ز: بثئقالين فضة. والتصحيح مستفاد من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 55.

ومثقال حديد بمثقال صُفْر ومثقال رصاص، فالصُّفْر بمثله، والرصاص بالحديد. وكذا مثقال حديد ومثقال رصاص بمثقال حديد ومثقال نحاس، فإن حديد هذا بحديد ذلك ورصاص ذلك بنحاس هذا. والحديد كله سواء، الجيد فيه والرديء، لا يصلح إلا وزناً بوزن مثلاً بمثل يداً بيد. فإن افترقا قبل أن يتقابضا (¬1) فإن البيع جائز على حاله، ولا يشبه هذا الصرف في هذا الوجه. والحديد الذي تُصْنَعُ (¬2) منه السيوف والحديد الذي لا يصلح لذلك (¬3) سواء، وزناً (¬4) بوزن، ولا يكون هذا نوعين مختلفين (¬5) وإن (¬6) كان أحدهما أغلى من الآخر. وإذا كان ذلك إناءً مصوغاً أو سيفاً مضروباً قد خرج من الوزن (¬7) ذلك كلُّه فلا بأس بأن يشتري واحداً من ذلك بحديد أكثر منه أو أقل يداً بيد، ولا خير فيه نسيئة، لأنه صنف واحد، وأصله وزنٌ كلُّه. وكذلك الرصاص القَلَعي (¬8) الجيد بالأُسْرُبّ (¬9)، فهذا رصاص كله يوزن، ولا (¬10) يصلح إلا واحداً بواحد (¬11) يداً بيد وإن كان ¬

_ (¬1) ز: أن يقابضا. (¬2) ز: يصنع. (¬3) ف م ز: ذلك. (¬4) ز: وزن. (¬5) ز - مختلفين. (¬6) ف: ولو. (¬7) م ز: من الورق (مهملة). (¬8) القَلَعي والقَلْعي: الرصاص الجيد، وقيل: هو الشديد البياض، والقَلْع اسم المعدن الذي ينسب إليه الرصاص الجيد، وقيل هو اسم بلد بالهند أو بالأندلس. وقيل: القَلْعي بالسكون غلط انظر: المغرب، "قلع"؛ ولسان العرب، "قلع"؛ والقاموس المحيط، "قلع". (¬9) الأُسْرُب بضم الهمزة وتشديد الباء هو الرصاص، وهو معرّب. وقيل بتخفيف الباء أيضاً. انظر: لسان العرب، "سرب"؛ والمصباح المنير، "سرب". ويظهر من المتن أنه أردأ من الرصاص القلعي. انظر: المبسوط، 14/ 55. (¬10) ف ز: فلا. (¬11) أي: إلا وزناً بوزن.

أحدهما أغلى من الآخر. فإن اشترى ذلك رطلاً (¬1) برطل بعينه ثم تفرقا قبل أن يقبضا فإن ذلك جائز، ولا يشبه هذا الصرف في هذا الوجه. هذا بمنزلة الدهن بالدهن (¬2) والحنطة بالحنطة (¬3). وإن كان شيئاً من الرصاص مصوغاً قد خرج من الوزن فلا بأس بأن يشتري رصاصاً (¬4) أكثر منه وزناً أو أقل يداً بيد، ولا خير في ذلك نسيئة. وإن كان الإناء (¬5) يوزن كما يوزن الرصاص فلا خير فيه إلا مثلاً (¬6) بمثل يداً (¬7) بيد. وكذلك النحاس الجيد منه والرديء فهو جائز واحداً (¬8) بواحد يداً (¬9) بيد، ولا خير في الفضل الذي يكون في ذلك. ولا بأس بالنحاس الأحمر بالشَّبَه (¬10)، الشَّبَهُ واحدٌ والنحاسُ اثنان، يداً (¬11) بيد، مِن قِبَل أن الشَّبَه قد زاد فيه الصبغ. ولا خير فيه نسيئة، لأنه نوع واحد وَزْنٌ كله. ولا بأس بالشَّبَه بالصُّفْر (¬12) الأبيض (¬13) يداً (¬14) بيد، الشبه واحد والصفر اثنان ¬

_ (¬1) ف م ز: رجلا. والتصحيح من ب. (¬2) ف م ز: الرهن بالرهن. والتصحيح من ب. (¬3) ز - بالحنطة. (¬4) ز: رصاص. (¬5) أي: المصوغ من الرصاص. (¬6) ز: إلا مثل. (¬7) ز: يد. (¬8) ز: واحد. (¬9) ز: يد. (¬10) قال ابن منظور: الشَّبَه والشِّبْه: النحاس يُصبَغ فيَصفرّ، وفي التهذيب: ضَرْب من النحاس يُلقَى عليه دواء فيصفرّ، قال ابن سيده: سمي به لأنه إذا فُعل ذلك به أشبه الذهب بلونه، والجمع أشباه، يقال: كوز شَبَه وشِبْه بمعنى. انظر: لسان العرب، "شبه". قال الفيومي: وهو أرفع الصُّفْر. انظر: المصباح المنير، "شبه". (¬11) ز: اثنين يد. (¬12) ف: بالاصفر؛ م ز: الصفر. والتصحيح من ب جار؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 55. (¬13) الصفر هو النحاس وهو أصفر، لكن قيده بالأبيض لأنه خلط برصاص فغير لونه، كما سيأتي في كلام المؤلف. (¬14) ز: يد.

يداً (¬1) بيد، لأن في الشبه الصبغ. ولا (¬2) خير فيه نسيئة. وكذلك الصفر الأبيض فلا بأس بواحد منه باثنين من النحاس الأحمر، لأن الصفر الأبيض فيه رصاص قد خُلِطَ به. وذلك كله يداً بيد، ولا خير فيه نسيئة. وإن افترقا قبل أن يتقابضا (¬3) وهو قائم بعينه فلا بأس بذلك. ولا بأس بالحديد بالرصاص اثنين بواحد أو أكثر من ذلك يداً بيد، ولا خير فيه نسيئة. وإن كان يداً بيد فافترقا قبل أن يتقابضا وهو قائم بعينه فلا بأس بذلك. ولا يشبه هذا الصرف في هذا الوجه. وكذلك الحديد بالنحاس. وكذلك النحاس بالرصاص. وكذلك الشبه بالحديد أو بالنحاس الأحمر أو بغيره من النحاس. وإذا اشترى الرجل الإناء من النحاس برطل من حديد رديء وليس الرطل (¬4) بعينه ولم يضرب له أجلاً وقبض فإن البيع جائز. فإن دفع إليه الرطل الحديد قبل أن يتفرقا فهو مستقيم. وإن تفرقا قبل أن يدفعه إليه فإن كان ذلك الإناء قد خرج من الوزن فلا بأس به، وإن كان الإناء يوزن فلا خير فيه، مِن قِبَل أنه وَزْنٌ بوزنٍ دينٌ (¬5). فلا خير في الحديد بعضه ببعض بتأخير، وكذلك الحديد بالنحاس أو بالرصاص أو الرصاص بالنحاس أو الشبه. فإذا اشترى رطلاً من حديد بعينه برطلين من رصاص جيد بغير عينه وقبض الحديد وتفرقا قبل أن يقبض الرصاص فإن البيع يفسد وينتقض، مِن قِبَل أنه وَزْن قد صار بدين، فلا خير فيه. ولو دفعه إليه قبل أن يتفرقا كان جائزاً. وكذلك النحاس في هذا والشبه (¬6). ولا خير في أن يُسلم بعض هذا ¬

_ (¬1) ز: يد. (¬2) ز: لا. (¬3) م ز: أن تقابضا. (¬4) م ز: الرجل. (¬5) وعبارة ب: لأنه وزني كله نسيئة. وقال السرخسي: لأنه بيع موزون بموزون، والدَّيْنِيّة فيه عَفْوٌ في المجلس لا بعده. انظر: المبسوط، 14/ 56. (¬6) أي: بيع الحديد بالنحاس أو الشبه كما سبق. وعبارة ب: وكذا النحاس بالشبه في هذا.

باب الصرف في دار الحرب

في بعض. ولا بأس بأن يشتري حديداً برصاص بعينه جُزَافاً أو بنحاس أو بشبه. وإن اشترى رصاصاً جيداً برصاص دونه جُزَافاً فلا (¬1) يجوز إلا مثلاً بمثل. ولا بأس برطلين من الزئبق برطل من الرصاص يداً بيد. وكذلك كل شيء يوزن من الكُحْل (¬2) والزِّرْنِيخ (¬3) وأشباهه فلا بأس به إذا اختلف النوعان يداً بيد، ولا خير فيه نسيئة. ... باب الصرف في دار الحرب وقال (¬4) أبو حنيفة: إذا دخل المسلم دار الحرب بأمان فلا بأس بأن يبيعهم درهماً بدرهمين وأكثر (¬5) من ذلك. وكذلك الدنانير. فإنه لا بأس بأن يأخذ أموالهم بطِيبَة أنفسهم على أي (¬6) وجهٍ (¬7) ما كان، وأن يبيعهم خمراً أو خنزيراً أو ميتةً أو غير ذلك مما لا يجوز، فلا بأس به. وإن كان ذلك نسيئةً أو نقداً فلا بأس بذلك. وإن أعطاك أحدهم عشرة دراهم بدينار نسيئة فلا بأس (¬8). وإن أعطاك درهمين بدرهم نسيئة فلا بأس به. وكذلك إذا دخل عليهم بغير أمان. والعبد التاجر والذمي في هذه الحالة (¬9) بمنزلة الحر المسلم. وكذلك المرأة من المسلمين. وكذلك الأسير في أيدي أهل الحرب من المسلمين فهو كذلك. وكذلك كيل الحنطة لا بأس بأن ¬

_ (¬1) ف م: ولا. (¬2) هو ما يُكتحَل به. انظر: لسان العرب، "كحل". (¬3) حجر معروف، ومركباته سامة، يستخدم في الطب وقتل الحشرات. انظر: القاموس المحيط، "زرنيخ"؛ والمعجم الوسيط، "الزرنيخ". (¬4) م ز: قال؛ ز + الإمام الأعظم. (¬5) ز: فأكثر. (¬6) م ز - أي. (¬7) ز - وجه. (¬8) م ز - به. (¬9) ف: الحال.

يعطي قفيزاً واحداً ويأخذ خمسة يداً بيد ونسيئة. وكذلك الشعير. وكل ما يوزن من النحاس والحديد والأدهان وغيره لا بأس بأن يشتري منهم اثنين (¬1) بواحد من نوعه يداً بيد ونسيئة. وكذلك (¬2) لو اشتريتَ بنوع من ذلك نوعاً غيره نسيئةً أو يداً بيد. ولو أن تاجراً في دارهم أعطى رجلاً منهم ألف درهم بألف دينار نسيئة كان جائزاً. وإن كتب له بها إلى عبد له فى دار المسلمين فهو جائز. والأسير المسلم في دار الحرب والتاجر المستأمن في ذلك سواء. ولو أن تاجراً مسلماً في دار الحرب (¬3) اشترى من تاجر مسلم درهماً بدرهمين في دار الحرب كان ذلك فاسداً لا يجوز. أُفْسِدُ من ذلك بين تجار المسلمين في دار الشرك ما أفسد في دار الإسلام. وكذلك النساء والمكاتبون (¬4) والعبيد المسلمون (¬5) التجار. فأما المسلمون من أهل الحرب أسلموا في دار الحرب فإني أكره لهم ذلك، ولا أرده إن تبايعوا به في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: أما أنا فأرده فيما بينهم وأقضي به كما أقضي (¬6) به بين تجار المسلمين (¬7). وقال أبو حنيفة: إذا خرج الحربي إلى دار الإسلام بأمان تاجراً (¬8) ¬

_ (¬1) ز: اثنان. (¬2) ف: ولذلك. (¬3) ز + والتاجر المستأمن في ذلك سواء ولو أن تاجرا مسلما فى دار الحرب. (¬4) ز: والمكاتبين. (¬5) ز: المسلمين. (¬6) ز: يقضى. (¬7) ومحمد يرده أيضاً، على ما ذكره الحاكم والسرخسي. قال السرخسي: أما على أصل أبي يوسف فقط فظاهر ... ومحمد يقول: مال كل واحد منهما معصوم عن التملك بالأخذ، ألا ترى أن المسلمين لو ظهروا على الدار لا يملكون مالهما بطريق الغنيمة، وإنما يتملك أحدهما مال صاحبه بالعقد، بخلاف مال الحربي. انظر: المبسوط، 14/ 58. (¬8) م + بأمان.

فباعه مسلم أو ذمي درهماً بدرهمين فإن ذلك لا يجوز، مِن قِبَل أنه في دار الإسلام حيث يجري عليه حكم الإسلام، فلا يجوز عليه إلا ما يجوز على المسلمين. وكذلك (¬1) التجار من أهل الحرب يدخلون إلى دار الإسلام بأمان فيشتري أحدهم درهماً بدرهمين من صاحبه فإني أُفْسِدُ من ذلك ما أُفْسِدُ بين أهل الإسلام، وأجيز من ذلك (¬2) ما جاز بين أهل الإسلام. وكذلك أهل الذمة. فإذا باع الحربي في دار الحرب درهماً بدرهمين أو ديناراً بدينارين نسيئة أو يداً بيد أو دينارأ بعشرة دراهم نسيئة فهو جائز. فإن خرجوا إلينا (¬3) فصاروا ذمة قبل أن يتقابضوا أو أسلموا (¬4) فصاروا مسلمين ثم اختصموا في ذلك أبطلته. وكذلك المسلم يبيع الحربي أو يشتري منه في دار الحرب ثم أسلم أهل الحرب وأسلم الحربي قبل أن يتقابضا، فإن اختصما في ذلك إلى قاضي المسلمين رده. وإن كانا قد تقابضا ثم اختصما (¬5) في ذلك لم أنظر في ذلك إذا كان ذلك في دار الحرب. وإن لم يتقابضا حتى دخلا دار الإسلام ثم تقابضا ثم اختصما في ذلك رد كله. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: أنا أكره إذا دخل المسلم دار الحرب أن يبيعهم درهماً بدرهمين. أكره من ذلك ما أكره في دار الإسلام. وكذلك الخمر والخنزير والميتة أكره من ذلك في دار الحرب ما أكره في دار الإسلام. لا أراه يصلح ولا يحل. حدثنا ابن أبي ليلى عن الحَكَم عن مِقْسَم عن ابن عباس أن رجلاً من المشركين وقع في الخندق فمات (¬6)، فأُعْطِيَ المسلمون ¬

_ (¬1) ف م ز + التاجر فأما. وهي زيادة لا معنى لها، إلا أن يكون في الكتاب سقط. لكن لا يوجد في النسخ الأخرى أو الكافي أو المبسوط ما يؤيد ذلك. (¬2) م - ما أفسد بين أهل الإسلام وأجيز من ذلك. (¬3) ف م ز + فأسلموا. والتصحيح من ب؛ والكافي، 1/ 182، والمبسوط، 14/ 59. (¬4) ف م ز: أن تقابضوا وأسلموا. والتصحيح من ب؛ والكافي، 1/ 182، والمبسوط، 14/ 59. (¬5) ز: ثم اختلفا. (¬6) م - فمات، صح هـ.

باب الصرف بين العبد ومولاه والولد والأب وغيره من القرابة

بجيفته مالاً، فسألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فنهاهم (¬1). وإذا اشترى الحربي في دار الحرب عشرة دراهم بدرهم من حربي وعجّل له الدرهم وجعل الدراهم نسيئة ثم أسلموا جميعاً ثم خاصمه في العشرة الدراهم فإن هذا باطل لا يجوز، ولكنه يرد إليه رأس ماله درهماً. وهذا مثل الذي رد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ربا الجاهلية. وحدثنا عن عبيدالله بن أبي حُميد (¬2) عن أبي (¬3) المَلِيح (¬4) عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه خطب الناس في حجة الوداع، فقال: "كل ربا كان في الجاهلية فهو (¬5) موضوع، وأول ربا أضع (¬6) ربا عباس بن عبد المطلب" (¬7). وحدثنا بذلك عن محمد بن عبيدالله العَرْزَمِي عن الحَكَم عن مِقْسَم عن ابن عباس. وقال أبو يوسف: رد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ربا الجاهلية، وكذلك أَرُدُّ أنا ربا دار الحرب إذا كان بين المسلمين وبينهم وأُبْطِلُه. ... باب الصرف بين العبد ومولاه والولد والأب وغيره من القرابة وإذا اشترى الرجل من عبده درهماً بدرهمين وليس عليه ¬

_ (¬1) المصنف لابن أبي شيبة، 6/ 497؛ ومسند أحمد، 1/ 248، 271؛ والمعجم الكبير للطبراني، 11/ 378. (¬2) ز: حمد. (¬3) ف - أبي. (¬4) ز: مليح. (¬5) ز - فهو. (¬6) ز: وضع. (¬7) الحديث من هذا الطريق مرسل، فأبو المليح واسمه زيد بن أسامة الهذلي من التابعين. وقيل في اسمه: عامر. انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر، 12/ 268. وقد روي موصولاً عن جابر - رضي الله عنه - في حديثه الطويل عن حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -. انظر: صحيح مسلم، الحج، 147؛ وصحيح ابن خزيمة، 4/ 251؛ وصحيح ابن حبان، 9/ 257. وروي من حديث عمرو بن الأحوص - رضي الله عنه -. انظر: سنن ابن ماجه، المناسك، 76؛ وسنن أبي داود، البيوع، 5؛ وسنن الترمذي، التفسير، سورة التوبة 9. ومن حديث أبي حُرَّة الرَّقَاشي عن عمه. انظر: سنن الدارمي، البيوع، 3؛ ومجمع الزوائد، 3/ 266، 4/ 116.

دين فإن هذا ليس ببيع (¬1)، إنما هو ماله بعضه في بعض. وإن كان على العبد دين فإن هذا ليس (¬2) بربا، لا ربا بين (¬3) رجل وبين عبده، ولكني أرده مِن قِبَل أنه ليس له أن يأخذ ماله وعليه دين، فإني (¬4) أرده لأنه ليس ببيع، ولو كان (¬5) بيعاً (¬6) لم يجز، ولست أرده لأنه ربا (¬7). وكذلك إذا كان العبد مأذوناً له في التجارة. وكذلك العبد لو اشترى من عبده (¬8) درهماً بدرهمين لم يكن ذلك رباً ولا (¬9) بيعاً (¬10). وإذا اشترى الرجل من عبد ابنه (¬11) أو عبد أبيه (¬12) أو من عبد أمه أو من عبد امرأته أو اشترت امرأة من عبد زوجها درهماً بدرهمين فإن ذلك لا يجوز، لأن هذا بيع. وإذا اشترى العبد من العبد درهماً بدرهمين فإن هذا لا يجوز، وهما كالحرين المسلمين. وكذلك المكاتب يشتري من مولاه. وكذلك العبد قد عتق بعضه وهو يسعى في بعض قيمته. فأما أم الولد والأمة فهما بمنزلة ¬

_ (¬1) م: يمتنع؛ ز: ممتنع. (¬2) ف + ببيع إنما هو ماله بعضه في بعض وإن كان على العبد دين فإن هذا ليس. (¬3) ز: من. (¬4) م ز: قال. (¬5) م: لو كان. (¬6) ز: بيع. (¬7) يقول السرخسي -رحمه الله تعالى-: وليس بين المولى وعبده ربا ... لأن هذا ليس ببيع، لأن كسب العبد لمولاه، والبيع مبادلة ملك بملك غيره، فأما جعل بعض ماله في بعض فلا يكون بيعاً، فإن كان على العبد دين فليس بينهما ربا أيضاً، ولكن على المولى أن يرد ما أخذه على العبد، لأن كسبه مشغول بحق غرمائه، ولا يسلم له ما لم يفرغ من دينه، كما لو أخذه لا بجهة العقد. انظر: المبسوط، 14/ 59. (¬8) ف: من صيده؛ ز: من سيده. (¬9) ف - ربا ولا، صح هـ. (¬10) ز: بيع. (¬11) ز: أبيه. (¬12) ز: ابنه.

العبد في ذلك. وعبيد (¬1) أهل الذمة في ذلك كعبيد (¬2) المسلمين. وعبيد المستأمنين من أهل الحرب في دار الإسلام فهم بمنزلة عبيد المسلمين في ذلك. وإذا اشترى الرجل من ابنه وهو صغير في عيال أبيه أو من ابن له كبير أو من يتيم في حجره صغير وهو وصيه (¬3) درهماً بدرهمين فهو باطل لا يجوز. وكذلك دينار (¬4) بدينارين. وكذلك النسيئة في ذلك. وكذلك لو كان الولد هو المشتري من الأب فهو في ذلك سواء. وكذلك الرجل يشتري من امرأته أو امرأة اشترت من زوجها فهو فاسد، لا يجوز من ذلك إلا ما يجوز (¬5) بين المسلمين. وكذلك الأح يشتري من أخيه أو من عمه أو من خاله أو من ابن أخيه (¬6) أو (¬7) ابن الأخ من العم أو ابن الأخت من العم أو الرجل من خاله فهو كله سواء. وكذلك كل ذي رحم محرم من النسب أو محرم من الرضاع أو محرم من غير ذلك فهو كله سواء، ولا يجوز فيما بينهم من الصرف إلا ما يجوز ما (¬8) بين المسلمين، ويفسد من ذلك ما يفسد بين المسلمين. وكذلك شريكان (¬9) شركة عنان اشترى أحدهما من الآخر فإنه لا يجوز. وإذا كان شريكان متفاوضان (¬10) فاشترى أحدهما من صاحبه درهماً بدرهمين فإن هذا ليس بربا ولا صرف، وهذا كله بينهما، ولا يجوز فيه البيع (¬11)، لأنه مالهما جميعاً، وهو لهما كله. وأهل الذمة في هذا كله سواء مثل أهل الإسلام عبيداً كانوا أو أحراراً. ¬

_ (¬1) م ز: وعبد. (¬2) ز: كعبد. (¬3) ف: وصي له. (¬4) ز: دينارا. (¬5) ف: فيما يجوز. (¬6) ف: ابن أخته. (¬7) ز + من. (¬8) ز - ما. (¬9) ز: شريكين. (¬10) ز: شريكين متفاوضين. (¬11) ف م: في البيع. والتصحيح يقتضيه المقام.

باب الوكالة في الصرف

وكذلك أهل الحرب المستأمنين في دار الإسلام. ... باب الوكالة في الصرف (¬1) وإذا وكل رجل رجلاً ودفع إليه دنانير يصرفها بدراهم فهو جائز، ولا يفسد ذلك غيبة (¬2) رب الدنانير عن الصرف، لأنه لم يَلِ (¬3) العقدة، وإنما ولي عقدة البيع الوكيل. وإذا وكل رجل رجلاً يصرف له دراهم ووكل (¬4) رجل آخر رجلاً بدنانير يصرفها له فالتقيا الوكيلان فتصارفا فهو جائز، ولا يفسد ذلك غيبة (¬5) أحد من الموكلين (¬6). وإذا وكل الرجل رجلين بدراهم يصرفانها له فليس لأحدهما أن يصرفها دون الآخر، وإن صرفاها جميعاً فهو جائز. فإن قام أحدهما (¬7) قبل أن يقبضا فذهب انتقض حصة الذاهب من الصرف، وهي النصف، وحصة الباقي جائزة. فإن قاما جميعاً ووكلا رب المال بقبض الدنانير فإنه لا يجوز، لأنهما وليا عقدة البيع، فلا يجوز أن يقبض غيرهما إلا أن يكونا حاضرين ويأمراه (¬8) فيقبض (¬9) وهما حاضران، فإن هذا جائز. ¬

_ (¬1) هذا الباب بتمامه موجود في كتاب الوكالة بنفس العنوان "باب الوكالة في الصرف" أيضاً بتغيير يسير في بعض مسائله وألفاظه، وقد استفدنا منه في تصحيح بعض الألفاظ المحرفة في هذا الباب. انظر: 8/ 22 و. (¬2) ف م ز: عليه. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 60. (¬3) ز: لم يلي. (¬4) م: وكل. (¬5) ف م ز: على. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق، والمبسوط، الموضع السابق. (¬6) ف: كل واحد من الوكيلين. (¬7) ز: إحداهما. (¬8) ف م ز: وامراته. والتصحيح من ب جار. (¬9) ز: فتقبض.

وإذا وكل رجل رجلاً بدنانير يصرفها [بدراهم، وللوكيل دنانير يريد أن يصرفها لنفسه، فصرفها جميعاً بدراهم] (¬1) وقبضها وفارقه (¬2) ثم (¬3) وجد فيها درهماً زائفاً (¬4) فإن للوكيل أن يبدّله ولا ينتظر (¬5) رب المال، وكذلك التَّبَهْرَج (¬6)، فأما السَّتُّوق (¬7) والرصاص فإنه يرده، ويكون شريكه في الدنانير بحصته، ولو لم يفارقه كان له أن يستبدله ذلك أيضاً. واذا وجد الوكيل درهماً زائفاً فأراد رب المال أن يكون هو يرده فليس له ذلك، لأنه لم يصرف عنده شيئاً، إلا أن يوكله الوكيل بذلك (¬8). وإذا وكل الرجل رجلاً بدراهم يصرفها فصرفها (¬9) وقبض الآخر الدراهم وأقر (¬10) بالاستيفاء فوجد فيها درهماً زائفاً فقبضه الوكيل وأقر أنه من دراهمه وجحد ذلك رب الدراهم فإن الدرهم (¬11) يلزم (¬12) الوكيل دون الآمر (¬13). وإن لم يقر الوكيل ولكن البينة قامت بذلك أنه من دراهمه ولم يقر بالاستيفاء فرده عليه القاضي فإنه يلزم الآمر أيضاً. وكذلك إن لم تقم ¬

_ (¬1) الزيادة تقتضيها تتمة المسألة. وهي مستفادة من ب. (¬2) ز: وفارقها. (¬3) ز - ثم. (¬4) الزائف والزَّيْف هو الدرهم الذي فضته رديئة ويرده بيت المال، لكن يقبله التجار، كما تقدم. (¬5) ف: ولا ينظر. (¬6) هو الدرهم الذي يكون أردأ من الزائف، ويرده التجار أيضاً، كما تقدم. (¬7) الستوق أردأ من الزيف والنبهرج، كما تقدم. (¬8) وعبارة ب هكذا: ولو أراد رب المال أن يستبدل هو بالدرهم الزائف فليس له ذلك لأنه ليس بعاقد إلا أن يوكله الوكيل بذلك. (¬9) ف + وقبض الدنانير. (¬10) ف م ز: وأمر. والتصحيح من ب جار؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 60. (¬11) ف م ز: الدراهم. والتصحيح من ب جار. (¬12) ز: تلزم. (¬13) ف م ز: الآخر. والصحيح ما أثبتناه.

بينة وأبى الوكيل أن يحلف فرده عليه القاضي (¬1) فإنه يلزم الآمر أيضاً (¬2). وإذا وكل رجل رجلاً بدراهم يصرفها له بدنانير فليس له أن يصرف الدنانير ولا يشتري بها شيئاً ولا يهبها ولا يُمْهِرها ولا يُقرضها ولا يَرهنها، فإن فعل شيئاً من ذلك فهو مردود. وإذا وكل رجل رجلاً بإبريق فضة عند رجل يشتريه له بعينه بدراهم وأعطاه الدراهم وأراد الوكيل أن يشتريه (¬3) لنفسه دون الآمر ففعل (¬4) ذلك فهو للآمر إن اشتراه بألف درهم أو أقل أو أكثر وذلك وَزْنُهُ سواءً، وليس للوكيل أن يخرج من الوكالة إلا بمحضر من الآمر. وكذلك هذا في العروض كلها والحيوان. وإذا اشتراه بدنانير أو بشيء من العروض مما يكال أو يوزن ¬

_ (¬1) ف م ز: الوكيل. وانظر الحاشية التالية. (¬2) كذا في ف م. ونحوه في ب؛ والكافي. لكن تعقب ذلك السرخسي. قال الحاكم: وإن رده القاضي على الوكيل ببينة أو بإباء يمين ولم يكن القابض أقر بالاستيفاء لزم الآمر. انظر: الكافي، الموضع السابق. قال السرخسي: وفي هذا نظر، فإن القابض إذا لم يقر باستيفاء حقه ولا باستيفاء الجياد فالقول قوله فيما يدعي أنه زيوف، لأنه ينكر قبض حقه، ولا حاجة له إلى إقامة البينة، ولا يمين على الوكيل الذي عاقده، إنما اليمين عليه، فإن من جعل القول قوله شرعاً يتوجه عليه اليمين، وإنما يرد إذا حلف لا إذا أبى اليمين، فعرفنا أن هذا الجواب مختل، والصحيح أنه إذا حلف ورده على الوكيل فهو لازم للآمر، لأنه رده عليه بغير اختياره فيما هو حجة في حق الآمر. انظر: المبسوط، 14/ 60 - 61. وقد تكررت هذه المسألة في كتاب الوكالة، باب الوكالة في الصرف، بتغيير يسير حيث يقول هناك: وإن لم يقر الوكيل أنه من دراهمه ولم يقر القابض بالاستيفاء ولكن البينة قامت أنه من دراهمه فرده عليه القاضي فإنه يلزم الآمر، وكذلك إن لم تقم بينة وأبى الوكيل أن يحلّفه فرده القاضي على الوكيل فإنه يلزم الآمر أيضاً. انظر: 8/ 122 ظ. وقد وردت مسألة شبيهة بهذا عند المؤلف هنا في كتاب الصرف وكتاب الوكالة، لكن أقر فيها المشتري بالقبض. قال المؤلف: وإذا وكل رجل رجلاً بطَوْق ذهب يبيعه له فباعه وانتقد الثمن وقبض المشتري الطَّوْق ثم قال المشتري: وجدت الطوق صُفْراً مموَّهاً بالذهب، وأنكر الآمر، فإن أقر الوكيل لزمه ذلك دون الآمر، غير أنه يُستحلَف الآمر. فإن أنكر الوكيل وأبى أن يحلف فرده عليه القاضي فإنه يلزم الآمر. وكذلك لو قامت عليه بينة. انظر: 1/ 312 و؛ 8/ 124 و. (¬3) ز - له بعينه بدراهم وأعطاه الدراهم وأراد الوكيل أن يشتريه. (¬4) ف: يفعل.

أو غير ذلك فهو له خاصة دون الآمر، لأنه خالف ما أمره به. وكذلك هذا في جميع العروض والحيوان. وإذا وكل رجل رجلاً أن يشتري له إبريق فضة بعينه من رجل ولم يعطه شيئاً فما (¬1) اشتراه به من دراهم أو دنانير فهو جائز، وهو للآمر. وإذا اشتراه بشيء مما يكال أو يوزن بعينه أو بغير عينه أو بعروض (¬2) فهو للوكيل في قولنا. وفي قول (¬3) أبي حنيفة إن كان الطعام بغير عينه فهو للآمر في قياس قوله، وقال: العروض في البيع لا تجوز، ولا تكون (¬4) للآمر في الشرى، هي للوكيل، وكلُّ شيء بغير عينه يجوز للآمر في الشرى في قوله. وقولُنا في البيع والشرى على الدنانير والدراهم سواء (¬5). وإذا وكل رجل رجلاً يبيع له إبريق فضة فيه ألف درهم بألفي درهم فإن هذا فاسد لا يجوز، ولا يضمن الوكيل، لأنه لم يخالف. ولو باعه بدنانير أو بشيء من العروض والحيوان فإنه لا يجوز، ويضمن الوكيل إن لم ¬

_ (¬1) ف ز: مما. والتصحيح من ب. (¬2) ف: أو بعرض. (¬3) ف: قولنا وقول. (¬4) ز: يكون. (¬5) وقد ذكر المسألة في كتاب الوكالة، باب الوكالة في الصرف، ولم يذكر فيها خلافاً بين الإمام وصاحبيه، فقال هناك: وإذا وكل الرجل رجلاً أن يشتري له إبريق فضة بعينه من رجل ولم يعطه شيئاً فما اشتراه به من دراهم أو دنانير فهو جائز، وهو للآمر. وإن اشتراه بشيء مما يكال أو يوزن ليس بعينه فليس بجائز وهو للمأمور؛ لأن الثمن إنما يكون من الدراهم والدنانير. وإن اشتراه بشيء مما يكال أو يوزن بعينه أو بحيوان أو بعروض فهو للوكيل دون الآمر. انظر: 8/ 122 ظ - 123 و. وقال السرخسي شارحاً: وإن وكله أن يشتري له إبريق فضة بعينه من رجل فاشتراه بدراهم أو دنانير جاز على الآمر، وجاز إن نواه لنفسه، لأن مطلق التوكيل بالشراء ينصرف إلى الشراء بالنقد، فهو بنيته قصد عزل نفسه في موافقة أمر الآمر، وليس له أن يخرج نفسه من الوكالة إلا بمحضر من الآمر. وإن اشتراه بشيء مما يكال أو يوزن بعينه أو بغير عينه لم يجز على الآمر، لأن مطلق التوكيل بالشراء يتقيد بالشراء بالنقد ... فإذا اشتراه بشيء آخر كان مخالفاً، وكان مشترياً لنفسه. انظر: المبسوط، 14/ 61.

يقدر عليه (¬1). وإن كان أمره أن يبيعه بما رأى فهو جائز، يلزم الآمر. وإذا وكل رجل رجلاً بفضة له يبيعها ولم يسم له الثمن فباعها بفضة أكثر منها فإنه لا يجوز، ولا يضمن الوكيل دن كان قد أربى، والذي وكّله أحق بهذه الفضة من الوكيل يَقْبِضُ منها وزن فضته، وما بقي فهو في يدي (¬2) الوكيل حتى يؤديها إلى صاحبها. وإذا وكل رجل رجلاً يشتري له إبريق فضة بعينه عند رجل ولم يدفع إليه الثمن ولم يسم له بِكَمْ يشتريه فاشتراه الوكيل بوزنه دراهم أو بدنانير (¬3) فهو جائز، وهو للآمر الذي وكله، والثمن عليه دين. فإن اختلفا فقال للوكيل (¬4) الذي وكله: لم تشتره، وقال الوكيل (¬5): بل (¬6) قد اشتريتُه بكذا وكذا، وصدّقه البائع، فإنه يلزم الموكل (¬7) بذلك الثمن. وكذلك لو قال الموكل: قد أخذتَها بثمن دون الذي (¬8) قلتَ، وصدّقه البائع، فهو له، وهذا والباب الأول سواء، نقول (¬9): لأن البائع قد أبرأه من الفضل. وكذلك لو أمره أن يشتري له داراً من رجل بعينها أو عبداً بعينه أو ثوباً بعينه أو دابة بعينها فهو والباب الأول سواء. وإذا وقال رجل رجلاً يبيع تراباً (¬10) من تراب الصوّاغين فهو جائز. وإن ¬

_ (¬1) وعبارة ب: فيضمن الوكيل بذلك إن تعذر رده. (¬2) ف: في يد. (¬3) ف م: دنانير. والتصحيح من ب. (¬4) م: الوكيل. (¬5) ز - فاشتراه الوكيل بوزنه دراهم أو بدنانير فهو جائز وهو للآمر الذي وكله والثمن عليه دين فإن اختلفا فقال للوكيل الذي وكله لم تشتره وقال الوكيل. (¬6) ف: بلى. (¬7) ف م ز: الوكيل. والتصحيح من كتاب الوكالة. انظر: 8/ 123 و. (¬8) ف م ز: دون الثمن. والتصحيح من كتاب الوكالة. انظر: الموضع السابق. (¬9) ز: يقول. (¬10) ولفظ الحاكم والسرخسي: تراب فضة. انظر: الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 61.

باعه بعَرْض من العروض كائناً (¬1) ما كان بحنطة أو غيرها فهو جائز، والمشتري بالخيار إذا رآه وعلم ما فيه، إن شاء أخذه، وإن شاء رده. وإن (¬2) باعه بذهب فإنه لا يجوز، وكذلك إن باعه بفضة فإنه (¬3) لا يجوز، مِن قِبَل أنه (¬4) لا يعلم أهو أكثر أو ما فيه، فصار هذا فضةٌ بفضةٍ جُزَافاً أو فضةٌ [بفضةٍ] (¬5) وذهب مجازفةً فلا يجوز. وإن علم بعد ذلك أن ما في التراب من الفضة أقل من الفضة التي اشتراها به وأن في التراب ذهباً (¬6) سوى ذلك (¬7) فعَلِمَ هذا قبل أن يتفرقا فهو جائز إن شاء ذلك الذي اشترى التراب، لأن الخيار له كان. وإن تفرقا (¬8) قبل أن يعلم ذلك فإن البيع فاسد لا يجوز، لأنهما تفرقا على فساد، فلا يجوز. وإذا وكل رجل رجلاً أن يبيع تراباً له من تراب المعادن (¬9) فإن كان ذلك التراب فضة فباعه (¬10) بفضة فإنه لا يجوز، مِن قِبَل أنه لا يدري أيهما أكثر، ولا أضمّن الوكيل شيئاً من ذلك وإن (¬11) كان قد أربى، لأنه بيع. وكذلك لو كان التراب تراب معدن ذهب فباعه بذهب فهو مثل الأول. فإن علم المشتري كم في التراب من الذهب وكم في التراب الآخر من الفضة فكان مثل ما أعطى (¬12) فإن كان علم ذلك قبل أن يتفرقا فله أن يجيز البيع، فإن علم ذلك بعدما تفرقا فالبيع فاسد. ¬

_ (¬1) ز: كان. (¬2) ز + شاء. (¬3) ف - فإنه. (¬4) ف - من قبل أنه، صح هـ. (¬5) الزيادة من كتاب الوكالة، باب الوكالة في الصرف. انظر: 8/ 123 و. (¬6) ز: ذهب. (¬7) ز: بذلك. (¬8) م ز: وإن لم يتفرقا. (¬9) م ز: المعدن. (¬10) ف م ز: فصاغه. والتصحيح مستفاد من ب. (¬11) م ز: فإن. (¬12) ز: ما أعطاه.

وإذا باع الوكيل هذا التراب بعروضٍ: حنطة أو شعير أو شيء مما يكال أو يوزن سوى الذهب والفضة أو ثوب أو عبد أو دابة أو دار، فهو جائز، ومشتري التراب بالخيار إذا رآه وعلم ما فيه. ولا يجوز بيع الوكيل في شيء مما باع به التراب من الثمن. نقول: لا يجوز بيعه لذلك (¬1) الثمن ولا هبته ولا صدقته ولا رهنه، ولو تزوج امرأة [بذلك الثمن] لم يجز لها (¬2) ذلك، ولو أجّر (¬3) الدار أو العبد أو الدابة أبذلك الثمن، لم يجز ذلك، لأن رب التراب لم يوكله. وإن ادعى أحد في شيء من ذلك دعوى فليس للوكيل أن يخاصم في ذلك. وإن علم المشتري للتراب (¬4) ما فيه فقال: لا حاجة في فيه، وأخذ متاعه من الوكيل بغير قضاء قاض، فهو جائز، لأنه كان له الخيار في ذلك. ولو وكله أن يزوّجه (¬5) امرأة بهذا التراب وهو تراب معدن فزوّجه كان النكاح جائزاً، فإن كان فيه عشرة دراهم فضة أو أكثر من ذلك أو كان تراب ذهب فيه قيمة عشرة دراهم أو أكثر كان مهرها، ليس لها غيره (¬6). وكذلك تراب الصوّاغين. والخلع على هذا جائز وإن لم يكن فيه إلا درهم واحد. ولو وكل رجل رجلاً يبيع سيفاً له محلَّى أو مِنْطَقَة (¬7) مفضَّضة أو إناءً مفضَّضاً (¬8) فهو جائز. فإن (¬9) باعه بذهب وقَبَضَا (¬10) فهو جائز. وإن باعه ¬

_ (¬1) ز: بذلك. (¬2) أي: لم يجز أن يدفع ذلك لها كمهر. (¬3) ز - ولا هبته ولا صدقته ولا رهنه ولو تزوج امرأة لم يجز لها ذلك ولو أجر. (¬4) ف: التراب. (¬5) م: أن يزوج. (¬6) وإن لم يكن فيه قيمة عشرة دراهم فإنه يكمل لها عشرة دراهم، لأنه أدنى الصداق. انظر: المبسوط، 14/ 61. (¬7) هي ما تربط على الوسط، كما تقدم. (¬8) ف م ز: مفضض. (¬9) ف م ز: كان. والتصحيح من كتاب الوكالة. انظر: 8/ 123 ظ. (¬10) ف م ز: وقبض؛ ب: فتقابضا.

[بذهب نسيئة فلا يجوز، ولا يضمن الوكيل، وليس هذا بخلاف، لأن البيع قد يكون، (¬1) نسيئةً ونَقْداً (¬2). فإن باعه بفضة أكثر مما فيه نسيئة فلا خير فيه، ولا يجوز، ولا يضمن الوكيل شيئاً من ذلك. وإن باعه بفضة أقل مما فيه ومعها ذهب أو عَرْض أو فلوس فهو جائز إذا كان يداً بيد. وإن كان (¬3) نسيئة فلا يجوز، ولا يضمن الوكيل (¬4). وإذا وكل رجل رجلاً بحلي ذهب (¬5) فيه لؤلؤ أو ياقوت يبيعه له فباعه بالنقد بالدراهم ثم تفرقا قبل أن يقبض الثمن، فإن كان اللؤلؤ والياقوت مُزَايِلاً (¬6) للذهب جاز في ذلك بحصته، وبطل حصة الذهب. وإن كان ذلك يُنْزَع بغير ضرر فهو كذلك أيضاً. فإن كان لا يُنْزَع إلا بضرر فإنه لا يجوز شيء منه. وإن باعه كله بتأخيبر بذهب أو فضة أو بذهب وفضة أو بذهب وطعام أو بشيء مما يكال غير الطعام غير أن ذلك كله نسيئة فإنه (¬7) لا يجوز شيء من ذلك، لأنها صفقة واحدة، فلا يجوز بعضها دون بعض. وإذا وكل رجل رجلاً يشتري له بدراهم (¬8) فلوساً فاشترى بها فلوساً وقبضها فهو جائز. فإن كسدت الفلوس قبل أن يقبض (¬9) الذي وكله فلا يلزم الوكيل شيء، ولا يرد البيع. ولو كسدت الفلوس قبل أن يقبض الوكيل كان الوكيل بالخيار، إن شاء ردها، وإن شاء أخذها (¬10). فإن أخذها فهي لازمة ¬

_ (¬1) الزيادة من كتاب الوكالة، باب الوكالة في الصرف. انظر: الموضع السابق. (¬2) ف م ز: ونقد. (¬3) ف ز - يدا بيد وإن كان، صح ف هـ. (¬4) وقد ذكر المسألة بأتم من هذا في كتاب الوكالة. انظر: الموضع السابق. (¬5) ز: ذهبا. (¬6) ز: مزايل. (¬7) ز: قال. (¬8) ف م ز: دراهم. والتصحيح من كتاب الوكالة، باب الوكالة في الصرف. انظر: 8/ 124 و. (¬9) ف م ز: أن يصل. والتصحيح من كتاب الوكالة. انظر: الموضع السابق. (¬10) ذكر المؤلف مسائل في كساد الفلوس قبل هذا أيضاً. انظر: باب البيع في الفلوس والشراء، 1/ 289 و. وقال السرخسي: وقد ذكر قبل هذا أن العقد يفسد بكساد الفلوس =

له دون الآمر، مِن قِبَل أنها لا يُنتفع بها وأنها (¬1) ليست بفلوس حيث (¬2) كسدت، إنما هي الآن صُفْر (¬3). ألا ترى أنه لو اشترى بالدراهم صُفْراً أو فلوساً (¬4) كانت كاسدة (¬5) قبل ذلك لم تلزم الآمر، ويضمن الوكيل الدراهم. ولو وكل رجل رجلاً يشتري عبداً بعينه فاشتراه ثم وجد بالعبد عيباً قبل أن يقبضه الوكيل كان الوكيل فيه بالخيار، فإن شاء تركه وفسخ البيع ولا يضمن، وإن شاء (¬6) أجاز البيع وأخذه. فإن كان العيب ينتفع بالعبد معه فهو لازم للآمر. فإن كان عيباً (¬7) يستهلك العبد فيه لزم الوكيل، ولا يلزم الآمر. أستحسن ذلك، وأدع القياس فيه (¬8). وكذلك الدار والأمة والدابة والثوب. ¬

_ = قبل القبض استحساناً، فقيل: التفريع المذكور هنا على جواب القياس، وقيل: مراده من قوله هناك أن العقد يفسد أنه لا يجبر على قبض الفلوس الكاسدة، فأما إذا اختار الأخذ فله ذلك، كما فسره هنا. انظر: المبسوط، 14/ 62. (¬1) ز: وأن. (¬2) ز: حتى. (¬3) أي: نحاس، كما تقدم. (¬4) ز: وفلوس. (¬5) ف م ز: فاسدة. والتصحيح من كتاب الوكالة. انظر: 8/ 124 و. (¬6) ف - شاء. (¬7) ز: عيب. (¬8) قال السرخسي -رحمه الله-: وذكر في السير الكبير أن على قول أبي حنيفة - رضي الله عنه - العيب اليسير والفاحش فيه سواء، وهو لازم للآمر إن اشتراه بمثل قيمته، لأن أخذه مع العلم بالعيب كشرائه ابتداء مع العلم بالعيب، ومن أصل أبي حنيفة - رضي الله عنه - أن العيب المستهلك لا يمنع الوكيل من الشراء للآمر بمتل قيمته، فكذلك لا يمنعه من القبض والرضى به عند الأخذ، ومن أصلهما أن ذلك يمنع شراءه للآمر ابتداء، لأن الموكل لم يقصد ذلك، وهو معلوم عرفاً، فكذلك رضاه عند الأخذ. وهذه مسألة كتاب الوكالة، وقد بينا هناك. ولئن كانت المسألة في قولهم كما أطلق في الكتاب فوجهه أن الرضى بالعيب اليسير من الوكيل بالشراء ملزم للآمر بخلاف العيب الفاحش، فكذلك الرضى بالعيب اليسير يكون ملزماً للآمر بخلاف الرضى بالعيب الفاحش إلا أن يشاء الآمر. انظر: المبسوط، 14/ 62 - 63. وانظر لشرح المسألة في كتاب الوكالة: المبسوط، 19/ 36، 66. وانظر: شرح السير الكبير للسرخسي، 4/ 1394.

ولو وكل رجل رجلاً بعبد يشتريه له فاشتراه ثم قُتِلَ (¬1) العبدُ عند البائع قبل أن يقبضه الوكيل فالوكيل بالخيار، فإن شاء فسخ البيع ورده ولا يضمن شيئاً (¬2)، وإن شاء أجاز البيع وكانت القيمة له خاصة دون الآمر، لأنها ليس بالعبد الذي أمره به. وإذا وكل رجل رجلاً بطَوْق ذهب يبيعه له فباعه وانتقد الثمن وقبض المشتري الطَّوْق ثم قال المشتري: وجدت الطوق صُفْراً ممؤَهاً بالذهب، وأنكر الآمر، فإن أقر الوكيل لزمه ذلك دون الآمر، غير أنه يُستحلَف الآمر. فإن أنكر الوكيل وأبى أن يحلف فرده عليه القاضي فإنه يلزم الآمر. وكذلك لو قامت عليه بينة. وإذا وكل رجل رجلاً يشتري له طَوْق ذهب فيه مائة دينار بعينه من رجل، فاشتراه بألف درهم ونَقَدَ الألف ولم يقبض الطَّوْق حتى كسره ولم يفترقوا، فاختار الوكيل أن يضمّن الذي كسر الطَّوْق قيمتَه مصوغاً من الفضة، فهو جائز على الوكيل. فإن (¬3) اختار (¬4) ذلك بائع الطَوْق صار (¬5) ذلك للوكيل على الذي كسر الطَّوْق، ولا يَلزم الآمرَ من هذا شيء، إنما له دراهمه على الوكيل. فإن كان الطَّوْق في قيمته فَضْلٌ على ألف درهم فقَبَضَ ذلك الوكيلُ تصدّق بالفَضْل، وإن كان فيه نقصان فهو جائز عليه. قلت: ويكون للآمر إن أحب أن يختار أخذ قيمة ذلك؟ قال: نعم، إن شاء أَخَذَ تلك القيمة، وإن شاء لم يأخذ ولزم ذلك الوكيل. وإذا وكل رجل رجلاً بخاتم ذهب فيه ياقوتة يبيعه له فباعه بفضة فهو جط ئز. وإن باعه بذهب أكثر منه فهو جائز. وإن باعه بخاتم ذهب أكثر من ¬

_ (¬1) ز: ثم قبل. (¬2) ف - شيئاً. (¬3) ز - فإن. (¬4) ز: فاختار. (¬5) ف م ز: وصار. والتصحيح مستفاد من ب؛ والكافي، 1/ 183 و؛ والمبسوط، 14/ 63.

وزنه ليس فيه فَصّ فهو جائز. وإن باعه بدراهم فهو جائز. وكل شيء من هذا باعه به نسيئة فهو مردود، ولا يجوز. وإن باعه يداً بيد ثم تفرقا قبل أن يقبضا أو قبل أن يقبض أحدهما انتقض البيع وفسد. وإن باعه بخاتم ذهب أكثر مما فيه من الذهب وفيه فَصّ أو لا فَصّ فيه ثم تقابضا فهو جائز. وإذا وكل رجلٌ رجلَين بألف درهم يبيعانها له فباعها أحدهما دون الآخر فبيعه لا يجوز، لأنه لم يرض برأيه دون رأي صاحبه. وكذلك كل عَرْض وكّلهما (¬1) ببيعه فهو في هذا سواء. وإذا وكل رجل مسلم رجلاً ذمياً يصرف له دراهم أو دنانير (¬2) فإني أكره ذلك، لأنه ذمي يستحل من ذلك الحرام. وأجيز الوكالة في البيع والشرى (¬3) على المسلم في القضاء إذا لم يكن فيه ربا. وإذا وكل الذمي المسلم بدراهم يصرفها له فهو جائز. وكذلك الذمي لو وكل الذمي (¬4). وكذلك الحربي المستأمن يوكّل ذمياً أو مسلماً بذلك أو يوكّله مسلم أو ذمي بشيء من ذلك، فهو على ما وصفتُ لك. وكذلك الحر يوكل المكاتب أو المكاتب يوكل الحر. وكذلك الكبير يوكل الصغير، والصغير التاجر يوكل الكبير، والعبد التاجر يوكل الحر، أو الحر يوكله. وكذلك المرأة توكل الرجل أو الرجل (¬5) يوكلها. وكذلك المرأة الذمية توكل امرأة مسلمة أو توكلها (¬6) مسلمة، فهذا كله باب واحد، وهو جائز. وإذا وكل الرجل رجلاً بدراهم فصرفها له عند عبد للموكل والوكيل يعلم أو لا يعلم فلا ضمان على الوكيل. وإن كان على العبد دين فالصرف جائز. وإن لم يكن عليه دين فهو ماله بعضه (¬7) في بعض، وإن أربى في ذلك لم يضره، لأنه ليس ببيع لازم. وكذلك العبد الذي عليه الدين (¬8). ¬

_ (¬1) ف: وكلما. (¬2) ز: دراهما أو دنانيرا. (¬3) ف ز: في الشرى والبيع. (¬4) ز - الذمي. (¬5) م: والرجل (¬6) ز: فهو كلها. (¬7) م ز - بعضه. (¬8) أي: لا يضر ذلك مولاه شيئاً. انظر: المبسوط، 14/ 64.

وإذا وكل رجل رجلاً بألف درهم يصرفها له فباعها بدنانير وحط عنه شيئاً لا يتغابن الناس في مثله فإنه لا يجوز (¬1) على الآمر. وإن باعها بشيء يتغابن الناس في مثله فإنه جائز على الآمر. وإذا وكل رجل رجلاً بألف درهم يصرفها له فصرفها له عند شريك للوكيل في الصرف [مفاوض فإن ذلك لا يجوز. وأن كان شريكاً للآمر مفاوضاً فإن الصرف لا ينفذ على الآمر ولا يجوز. وإن صرفها عند شريك للوكيل في الصرف] (¬2) وهو غير مفاوض فلا يجوز أيضاً. فإن صرفها عند شريك للآمر في الصرف غير مفاوض فإنه جائز إذا لم يكن له في هذه الدنانير حق. وكذلك لو صرفها عند مضارب [لرب المال جاز ذلك. ولو صرفها عند مضارب] (¬3) للوكيل من المضاربة لم يجز. وكذلك [التوكيل ببيع] (¬4) العروض في هذا الباب عبداً كان أو أمة أو داراً أو متاعاً أو دابةً. والشريك (¬5) المفاوض والشريك العنان والمضارب للوكيل كان أو لرب المال على ما وصفتُ لك. وإذا وكل رجل رجلاً بألف درهم يصرفها له والوكيل بالكوفة ولم يسم له مكاناً فصرفها (¬6) بالسوق (¬7) أو بالكُنَاسَة (¬8) أو بالفُرَات (¬9) عند صيارفة ¬

_ (¬1) ز: جائز. (¬2) الزيادة من كتاب الوكالة. انظر: 8/ 125 و. (¬3) الزيادة من كتاب الوكالة. انظر: الموضع السابق. وانظر: المبسوط، 14/ 64. (¬4) الزيادة مستفادة من ب؛ والكافي، الموضع السابق. (¬5) ف م ز: فهو الشريك. والتصحيح مستفاد من ب؛ والكافي، الموضع السابق. (¬6) ز: يصرفها. (¬7) ف ز: في السوق. (¬8) الكُنَاسَة: ما كُنِس بالمِكْنَسَة من الوسخ في البيت، يقال: كنس البيت أي: كسحه، بالمِكْنَسَة كَنْساً، من باب ضرب. وبها سمي كُنَاسَة كُوفَان، وهي موضع قريب من الكوفة، وهي المرادة في أبواب الإجارات والكفالة من كتب الفقه الحنفي، والصواب ترك حرف التعريف. انظر: المغرب، "كنس". (¬9) م ز: أو بالضراب. والكلمة مهملة في ف. والنقط من ب والمقصود ساحل الفرات، وهو النهر المعروف ويمر بالكوفة. انظر: المغرب، "فرت".

الحَنَّاطين (¬1) فهو جائز. وإن خرج بها من الكوفة إلى الحِيرَة (¬2) فصرفها ثَمّ فهو جائز، ولا ضمان عليه في شيء من ذلك. وأن خرج بها (¬3) إلى البصرة أو إلى مكة أو إلى الشام فصرفها (¬4) هناك فلا ضمان عليه أيضاً، لأنه لم يوقِّت (¬5) له مكاناً أو شيئاً خالفه، فأجيزه عليه. ولو وكله ببيع عبد له أو عَرْض من العروض له حَمْل ومَؤونة (¬6) فاستأجر له وخرج به من الكوفة ثم باعه أجزتُ البيع، ولا أُلزم الآمر [من] (¬7) الأجر شيئاً، لأنه لم يأمره به، ولو لم يكن له حَمْل ولا مَؤونة أجزتُ البيع (¬8). وإذا أمره ببيع طعام أو عَرْض له مَؤونة وحَمْل فحمله (¬9) من الكوفة إلى بلد فضاع أو سُرِق (¬10) فهو ضامن له، وهو مخالف (¬11). وإن سَلِمَ (¬12) حتى يبيعه لم يجز البيع. ولو أن رجلاً دفع إلى رجل دراهم فقال: ¬

_ (¬1) ز: صارفة الخياطين. الحناط هو بائع الحنطة، و"الحناطين" يقصد به موضع تفريغ الحنطة من السفينة. انظر: المغرب، "حنط، نقل". (¬2) الحيرة مدينة قديمة على مسافة ميل من الكوفة. انظر: المغرب، "حير". (¬3) م ز - إلى الحيرة فصرفها ثم فهو جائز ولا ضمان عليه في شيء من ذلك وإن خرج بها. (¬4) ز: فصرفهما. (¬5) م ز: لم يوف. (¬6) أي: ما له ثِقَل يحتاج في حَمْله إلى دابة أو أجرة حمّال. انظر: المغرب، "حمل". (¬7) الزيادة من ب جار. (¬8) قال الحاكم: وقال في رواية أبي حفص: أجزت البيع إذا باعه بمثل ثمنه في الموضع الذي أمره ببيعه فيه وأعاد هذه المسألة في كتاب الوكالة وقال في جوابها: لم أجز البيع، ولم ألزم الآمر من البيع شيئاً، لأنه لم يأمره بالخروج. واتفق على ذلك رواية أبي سليمان وأبي حفص. انظر: الكافي، الموضع السابق. قال السرخسي: وهو الأصح. انظر للشرح: المبسوط، 14/ 64 - 65. والمسألة في كتاب الوكالة من كتاب الأصل كما ذكرها الحاكم في الكافي. انظر: 8/ 125 و. (¬9) م ز: يحمله. (¬10) ف: أوسوق؛ م ز: أوسق. والتصحيح من ب. (¬11) زاد في ب: لأنه لم يأمره بالحمل. (¬12) ف م ز: وإن أسلم. والتصحيح مستفاد من ب، ومن المبسوط، 14/ 65.

ابتع في بها ثوباً، ولم يُسَمِّ له المكان وقد سمى الثوب، فابتاع له الثوب (¬1) من غير الكوفة، كان جائزاً إذا لم يكن له حَمْل ولا مَؤونة. قلت: فإن قال: مائة ثوب هروي؟ قال: إذا جاء ما له [حَمْل] (¬2) ومَؤونة فهو له خاصة، ولا يلزم الآمر. وإذا وكل رجل رجلاً بألف درهم يصرفها له ثم إن الموكل صرف تلك الألف فجاء الوكيل إلى بيت الموكل وأخذ ألفاً غير تلك فصرفها فهو جائز. قلت: فإن دفعها إلى الوكيل فضاعت له أن يأخذ غيرها؟ قال: لا. ولو أن الموكل لم يصرف الألف، كانت موضوعة فأخذ الوكيل ألفاً غيرها فصرفها كان جائزاً. ولا تشبه الدنانير والدراهم غيرهما من العروض. ولو أمره (¬3) أن (¬4) يبيع (¬5) فضة بعينها أو ذهباً (¬6) بعينه أو عَرْضاً (¬7) من العروض سوى ذلك بعينه فباع غيره لم يجز. ولو أمره ببيع فلوس بعينها فأخذ له فلوساً مثلها فباعها كان جائزاً. والفلوس في هذا بمنزلة الدراهم والدنانير. ولو وكل رجل رجلاً بألف درهم يصرفها فصرفها واشترط الخيار لنفسه أو للذي (¬8) وكّله ثم تفرقا على ذلك (¬9) و [قد] تقابضا فإن البيع باطل (¬10) لا يجوز، ولا يضمن الوكيل شيئاً من ذلك مِن قِبَل أنه أربى، لأنه لم يخالف (¬11). وكذلك لو باع نسيئة. وكذلك لو باع وجعل الخيار ¬

_ (¬1) م ز: الثمن. (¬2) الزيادة من ب جار. (¬3) ف: لو أمره. (¬4) ز - أن. (¬5) ز: ببيع. (¬6) ز: أو ذهب. (¬7) ز: أو عرض. (¬8) ف م ز: وللذي. والتصحيح من ب. (¬9) ز - على ذلك. (¬10) م: بباطل. (¬11) تقدم هذا في باب الخيار في الصرف. انظر: 1/ 288 ظ.

للمشتري. ولو أن رجلاً وكّل رجلاً ببيع عبد له فباعه الوكيل واشترط الخيار للمشتري ثلاثة أيام كان جائزاً. وكذلك لو اشترط الخيار لنفسه أو للموكل. وليس هذا كالصرف. وإذا وكل رجل رجلاً بألف درهم يصرفها له فصرفها بدنانير كوفية (¬1) فهو جائز. فإن قال الآمر: اصرفها (¬2) في بدنانير، ولم يسم كوفية أو شامية، فصرفها الوكيل بكوفية فهو جائز، لأن وزن الكوفة (¬3) كوفية، فهو على وزن الكوفية. وقال أبو يوسف (¬4): أما اليوم فإن صرفها بكوفية مقطَّعة فإنه لا يجوز، لأن وزن الكوفية اليوم على الشامية الثِّقَال، وإنما جاز قبل اليوم لأن وزن الكوفة كان على الكوفية المقطَّعة النُّقَّص (¬5). ولو قال: اشتر (¬6) لي هذه (¬7) الدنانير كلها غَلَّة (¬8)، ولم يسم له غَلَّة الكوفة أو بغداد، فاشترى له غَلَّة الكوفة كان جائزاً. ولو اشترى له غير الغَلَّة لم يجز على الآمر إلا أن يكون مثل غَلَّة الكوفة. وكذلك لو اشترى له غَلَّة البصرة أو غَلَّة بغداد فإنه لا يجوز على الآمر إلا أن يكون مثل (¬9) غَلَّة الكوفة فيجوز عليه. فإن قال له (¬10): بع (¬11) هذه الألف درهم بدنانير شامية، فباعها بكوفية، فإن كانت الكوفية غير مقطَّعة وكانت تكون وزنها شامية فهو جائز، ¬

_ (¬1) ف م: لوفيه (مهملة). والتصحيح من ب، والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 66. (¬2) ف م: صرفها. والتصحيح من ب. (¬3) م: الكوفية. (¬4) وذكر السرخسي قول محمد مع أبي يوسف. انظر: المبسوط، 14/ 66. (¬5) ف: النص. قال المطرزي: وقوله: "في الدراهم الكوفية المقطَّعة النُّقَّص" أي الخِفَاف الناقصة، وفُعَّل في جمع فاعل قياس. انظر: المغرب، "نقص". (¬6) ز: اشتري. (¬7) ز: بهذه. (¬8) الغَلَّة من الدراهم: هي المقَطَّعة إلى قطع صغيرة، كما تقدم. (¬9) ز: مثله. (¬10) ز - له. (¬11) م ز: لتبيع.

باب العيوب في الصرف

وليس الدنانير في هذا كالدراهم. ولو قال (¬1): بعها بدنانير عُتُق (¬2)، فباعها بشامية لم يجز على الآمر، لأن هذا مثل الدراهم (¬3). ... باب العيوب في الصرف وإذا اشترى الرجل سيفاً محلَّى بدراهم أكثر مما فيه وتقابضا ثم افترقا ثم وجد بالسيف عيباً في نَصْله أو في (¬4) جَفْنه أو في حَمَائِله (¬5) أو (¬6) حليته فله أن يرده بأي ذلك ما كان. وإن رده وقبله منه صاحبه بغير قضاء قاض فإنه ينبغي له أن لا يفارقه (¬7) حتى يقبض منه الثمن. ولو لم يقبله (¬8) إلا بقضاء قاض فلا يضره أن يفارقه (¬9) قبل أن يقبض الثمن، مِن قِبَل أن هذا ليس ببيع مستقبل. ألا ترى أن للبائع أن يرده في هذا على من كان اشتراه منه، ولا يرده في الباب الأول على من اشتراه منه. وكذلك لو استقاله فأقاله ¬

_ (¬1) م - قال. (¬2) قال المطرزي: والعتيق: القديم، وقد عَتُقَ بالضم عَتَاقة، ومنه "الدراهم العُتُق" بضمتين، والتشديد خطأ، لأنه جمع عتيق. انظر: المغرب، "عتق". (¬3) قال السرخسي: قال: وليس الدنانير في هذا كالدراهم، فإن مقصوده من شراء الغَلّة الإنفاق في حوائجه، وإنما يحصل ذلك بغلة الكوفة أو مثلها، ومقصوده من الدنانير الربح، وذلك يختلف باختلاف الوزن، فإن كان وزن الكوفية مثل وزن الشامية فقد حصل مقصوده، ولو قال بعها بدنانير عُتُق فباعها بالشامية لا يجوز على الآمر، لأن المقصود لا يحصل بهذا، لما للعُتُق من الصَّرْف (أي الزيادة؛ في القيمة، كما مر) على الشامية. انظر: المبسوط، 14/ 66. (¬4) م - في. (¬5) تقدم تفسير هذه الألفاظ. (¬6) ز + في. (¬7) ف: لا ينبغي له أن يفارقه. (¬8) م: لم يقبضه. (¬9) ف م ز + من.

البيع فإنه لا ينبغي له أن يفارقه حتى يقبض الثمن ويقبض الآخر السيف (¬1). وحدثنا عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن إبراهيم أنه قال: الإقالة بيع (¬2). وكذلك المِنْطَقَة المفضَّضة والسَّرْج المفضَّض، وكذلك إناء (¬3) من فضة اشتراه رجل بفضة أو بذهب وزنه (¬4). وإن كان حلي ذهب فيه جوهر مفضَّض (¬5) فوجد بالجوهر عيباً فأراد أن يرده دون الحلي فليس له ذلك، إما أن يرده كله، وإما أن يأخذه كله. وكذلك لو اشترى خاتم فضة فيه فَصّ ياقوت فوجد عيباً بالفَصّ أو بالفضة فأراد أن يرد الذي به العيب دون الآخر فليس له ذلك، إما أن يرده جميعاً، وإما أن يأخذه جميعاً. وكذلك السيف المحلَّى والمِنْطَقَة المفضَّضة (¬6) والإناء المفضَّض والسَّرْج المفضَّض. وإن كان الثمن ديناراً فرده بالعيب بقضاء قاض فله أن يؤخر ثمنه ويفارقه قبل أن يقبض. وكذلك له أن يمسك السيف والحلي بعد رد القاضي ولا يدفعه إلى البائع حتى يستوفي الثمن. ولو أن رجلاً اشترى إبريق فضة فيه ألف درهم بألف درهم أو بمائة دينار وتقابضا ثم استُحق نصف الإبريق فأراد رد ما بقي بقضاء قاض فرَدَّه فإن له أن يفارقه قبل أن يقبض الثمن. وكذلك لو استُحق الإبريق فله أن يفارقه قبل أن يقبض الثمن. وكذلك (¬7) رجل اشترى من رجل دراهم بمائة دينار وتقابضا وافترقا (¬8) ¬

_ (¬1) انظر للشرح: المبسوط، 14/ 66 - 67. (¬2) تقدم في أوائل الكتاب بنفس الإسناد. انظر: 1/ 283 و. (¬3) ف: وكل إناء. (¬4) كذا في ف م ز. وفي ب: وكذا المفضض من المناطق والسروج وأواني الفضة. (¬5) ف م + فيه. (¬6) م ز - المفضضة. (¬7) م - لو استحق الإبريق فله أن يفارقه قبل أن يقبض الثمن وكذلك، صح هـ. (¬8) ف: أو افترقا.

ثم وجدها رصاصاً أو سَتُّوقَة (¬1) فردها عليه فإن له أن يفارقه قبل أن يقبض الثمن، وهو جائز. ولو كانت الدراهم زُيوفاً (¬2) فردّها ففي قول أبي حنيفة إن لم يقبض الدنانير حتى افترقا لم يضره ذلك، لأن الدنانير صارت ديناً عليه؛ وفي قول أبي يوسف يستبدلها، ولا يفارقه حتى يستوفي (¬3). حدثنا عن أبي إسحاق الشيباني عن حبيب بن أبي ثابت عن عبد الله بن حبيب (¬4) عن المسور بن مخرمة قال: وجدتُ في المغنم يوم القادسية طَسْتاً لا ندري أشَبَهٌ (¬5) هو أم ذهب. قال: فابتعتُها بألف درهم. قال: فأعطاني بها تجار الحِيرَة ألفي درهم. قال: فدعاني سعد فقال: لا تُلَبِّثْنِي (¬6) ورُدَّ الطَّسْت. قال: قلت له: لو كانت شَبَهاً (¬7) ما قَبِلْتَها (¬8) مني. قال: إني أخاف أن يسمع عمر أني بعتك طَسْتاً بألف درهم فأُعْطِيتَ بها ألفي درهم، فيرى أني (¬9) صانعتُك فيها. قال: فأخذها مني. فأتيتُ عمر فذكرتُ له ذلك. فرفع يديه ثم قال: الحمد لله الذي جعل رعيتي تخافني في آفاق الأرض، وما زاد على ¬

_ (¬1) تقدم تفسيرها غير مرة. (¬2) تقدم تفسيرها غير مرة. (¬3) وقد مرت مسألة نحوها في أوائل كتاب البيوع والسلم. انظر: 1/ 217 ظ. وبين السرخسي هنا أن قول محمد مع أبي يوسف، كما هو في أبواب السلم. انظر: المبسوط، 14/ 67. (¬4) ف م: أبي حثمة (مهملة)؛ ز: أبي حيثمة. ولم نجد عبد الله بن أبي حثمة في كتب الرجال. والتصحيح مستفاد من ترجمة حبيب بن أبي ثابت وعبدالله بن حبيب. انظر: تهذيب الكمال للمزي، 5/ 358 - 359، 14/ 408 - 409. (¬5) الشَّبَه بفتحتين: من المعادن ما يشبه الذهب في لونه، وهو أرفع الصُّفْر. انظر: المصباح المنير، "شبه". (¬6) م: لا تلني. ولفظ الحاكم والسرخسي: لا تلمني. انظر: الكافي، 1/ 183 ظ؛ والمبسوط، 14/ 67. ولا تُلبّثني أي لا تؤخرني، من لَبِثَ أي مكث وانتظر. انظر: المصباح المنير، "لبث". (¬7) ف: ما قبلها. (¬8) ف: ما قبلها. (¬9) ف م ز: أن. والتصحيح من ب؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 67.

هذا شيئاً (¬1). وإذا اشترى الرجل طَسْتاً أو إناء ولا يدري ما هو ولم يشترط له صاحبه شيئاً فهو جائز. وإذا اشترى الرجل إناء فضة ولم يشترط أنه فضة جيدة ولا رديئة فإذا هو غير فضة فإنه لم يقع بينهما بيع، ويرد ذلك. ولو كانت فضة سوداء أو حمراء فيها رصاص أو صُفْر هو الذي أفسدها فهو بالخيار، إن شاء ردها، وإن شاء أجاز البيع. وكذلك لو كانت الفضة تِبْرأ على هذه الصفة. وكذلك الذهب. فإن كانت الفضة رديئة من غير غش (¬2) فيها فليس له أن يردها. وكذلك الذهب. وكذلك لو كان حلياً مصوغاً. وكذلك السيف المحلَّى والمِنْطَقَة المفضَّضة تكون فضتها (¬3) على ما ذكرنا. ولو أن رجلاً اشترى من رجل سيفاً محلَّى على أن فيه مائة درهم بمائتي درهم وتقابضا وتفرقا فإذا فيه مائتا درهم فإنه لا يلزم المشتري السيف كله ولا بعضه، ولكنه يرده كله. ولو أن رجلاً اشترى من رجل إبريقَ فضةٍ بألف درهم على أن فيه ألف درهم فتقابضا وتفرقا فإذا فيه ألفا (¬4) درهم فإنه يكون للمشتري نصفه إن شاء بألف، ويكون للبائع نصفه؛ وإن شاء المشتري رد ذلك كله. ولو لم يفترقا كان له الخيار، إن شاء أخذ كله بألفين أو ترك (¬5). ولو اشتراه بمائة ¬

_ (¬1) ز: شيء. رواه ابن أبي شيبة بسياق آخر باختصار. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 6/ 553. وقال السرخسي: وفيه دليل أن لصاحب الجيش ولاية بيع المغانم، وأنه ليس له أن يبيع بغبن فاحش، وأن تصرفه فيه كتصرف الأب والوصي في مال الصغير، ولهذا استرده سعد - رضي الله عنه - لما ظهر أنه باع بغبن فاحش. وفيه دليل على أن الإمام إذا بلغه عن عامله ما رضي به من عدل أو هيبة فعله فإنه ينبغي له أن يشكر الله تعالى على ذلك، فإن ذلك نعمة له من الله تعالى، وكان عمر رضي الله عنه بهذه الصفة تهابه عُمّاله في آفاق الأرض، وذلك لحسن سريرته. انظر: المبسوط، 14/ 68. (¬2) م: غيب. (¬3) ز: فضته. (¬4) ز: ألفي. (¬5) م ز: أو يترك.

دينار فكان الثمن دنانير (¬1) كان جائزاً له كله بالدنانير. ولو اشترى رجل من رجل نُقْرَة فضة على أن فيها مائة درهم وتقابضا فإذا فيها مائتا درهم فإنه يكون للمشتري نصفها لا خيار له فيه، لأن هذا يُبَعَّض (¬2)، ويرد نصفها على البائع. وكذلك لو اشتراها بعشرة دنانير. وكذلك لو كانت ذهباً تِبْراً (¬3) فاشتراه بدراهم أو بذهب مثله فهو مثل الأول سواء. حدثنا الكَلْبِي عن سَلَمَة بن السائب عن أبي رافع قال: خرجت بخلخال فضة لامرأةٍ (¬4) أبيعه، فلقيني أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -، فاشتراه مني، فوضعته (¬5) في كِفّة الميزان ووضع أبو بكر دراهمه في كِفّة الميزان، فكان الخلخال أَشَفَّ (¬6) منها قليلاً، فدعا بالمقراض ليقطعه، فقلت: يا خليفة رسول الله، هو لك. فقال: يا أبا رافع (¬7)، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الذهب بالذهب وزنٌ (¬8) بوزن، والزائد والمستزيد في النار" (¬9). ¬

_ (¬1) م ز: دينار. (¬2) وعبارة ب: لأنه لا يضرها القطع. وعبارة السرخسي: لأن النقرة لا يضرها التبعيض. انظر: المبسوط، 14/ 69. وبَعَّضَ الشيءَ تبعيضاً فتَبَعَّض أي: جزّأه فتجزّأ. انظر: لسان العرب، "بعض"؛ والقاموس المحيط، "بعض". (¬3) ف م ز: ذهب تبر. (¬4) ولفظ السرخسي: لامرأتي. انظر: المبسوط، 14/ 69. (¬5) م: فوضعه. (¬6) قال المطرزي: والشِّفّ بالكسر: الفضل والزيادة، وفي حديث [أبي] رافع: فكان الخلخال أَشَفَّ منها قليلاً، أي أفضل من الدراهم وأزيد منها. انظر: المغرب،"شفف" (¬7) إف: يا با رافع؛ ز: يا رافع. (¬8) وهو هكذا بالرفع في المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 498. وهو بالنصب: وزناً، في المصنف لعبد الرزاق، 8/ 124. وانظر: الحاشية أول كتاب البيوع وأول كتاب الصرف، 1/ 212 ظ، 280 ظ. (¬9) رواه عبدالرزاق عن الثوري عن محمد بن السائب عن أبي سلمة عن أبي رافع نحوه. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 124. وانظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 498؛ ومسند البزار، 1/ 209. وقال السرخسي: وفيه دليل تحريم الفضل عند اتحاد الجنس، =

ولو اشترى رجل من رجل عشرة دراهم فضة بعشرة دراهم فزادت عليها دانقاً (¬1) فوهبه له هبة (¬2) ولم يدخله في البيع فإن أبا حنيفة قال: هذا جائز (¬3). وإذا وهب الرجل لرجل مائة دينار فلم يدفع إليه الدنانير حتى باعها بألف درهم فإن ذلك باطل لا يجوز، مِن قِبَل أنه لم يَقْبِض، ولكن لو وَهَبَ له الدراهم التي يعطيه كان (¬4) جائزاً. وإذا كان السيف المحلَّى والمِنْطَقَة (¬5) المفضَّضة والنُّقْرَة (¬6) الفضة أو إناء الفضة بين رجلين فباع أحدهما نصيبه وهو النصف بدينار من شريكه أو من غيره وتقابضا فهو جائز. فإن كان باعه من شريكه فنَقَدَه الدينار (¬7) والسيفُ في البيت ثم افترقا قبل أن يقبض السيف فإن البيع قد انتقض، ولا بأس بأن يبيع الرجل الفضة جُزَافاً [بالذهب] (¬8). وكذلك لو باعها بفلوس أو عروض فهو جائز. ¬

_ = وأن القليل من الفضل والكثير فيما يضره التبعيض أو لا يضره سواء، وفيه دليل أن مبادلة الفضة بالفضة الكِفّة بالكِفّة تجوز وإن لم يعلم مقدارهما لوجود المساواة في الوزن. انظر: المبسوط، 14/ 69. (¬1) ز: دانق. (¬2) ز - هبة. (¬3) ذكر السرخسي المسألة ولم يذكر فيها خلافاً بين الإمام وصاحبيه، ثم قال السرخسي: لأن المحرم [هو] الفضل الخالي عن المقابلة إذا كان مستحقاً بالبيع، وهذا مستحق بعقد التبرع، وهو غير مشروط في البيع، ولا يؤثر في البيع، فإن قيل: فلماذا لم يقبله أبو بكر - رضي الله عنه -؟ قلنا: كأنه احتاط في ذلك، أو علم أن أبا رافع رضي الله عنه كان وكيلاً في بيع الخلخال، والوكيل بالبيع لا يملك الهبة. انظر: المبسوط، 14/ 69. (¬4) م ز - كان. (¬5) هي ما تربط على الوسط، كما تقدم. (¬6) تقدم أن النُّقْرة هي القطعة المذابة من الذهب أو الفضة. (¬7) ز: الدنانير. (¬8) الزيادة من الكافي، 1/ 184 و؛ والمبسوط، 14/ 69.

باب الصلح في الصرف

وإذا اشترى الرجل سيفاً محلَّى بفضة فيه خمسون درهماً وقيمة السيف وحَمَائِله وجَفْنه (¬1) خمسون درهماً بمائة درهم فنَقَدَه منها خمسين درهماً وقبض السيف ولم يَنْقُدْه الخمسين حتى افترقا فهو جائز، وما نَقَدَ فهو ثمن الفضة. وكذلك لو كانت الخمسون (¬2) الباقية نسيئة شهراً. وكذلك لو كان الثمن عشرة دنانير فنَقَدَه خمسة (¬3) وقبض السيف وبقيت خمسة دنانير ثم افترقا، أو كانت هذه الخمسة نسيئة شهراً (¬4) فهو جائز، والنقد من ذلك ثمن الفضة. وكذلك (¬5) [لو] (¬6) لم يؤخر عنه شيئاً وأخذ منه خمسة دنانير وصالحه من الخمسة الأخرى على دراهم مسماة أو على ثوب وتقابضا فهو جائز. وكذلك لو كان الثمن دراهم فنَقَدَه خمسين درهماً وصالحه من الخمسين (¬7) الأخرى على ثوب أو خمسة دنانير وتقابضا فهو جائز. وكذلك لو كان مكان السيف خاتم أو حلي أو (¬8) خاتم فيه فَصّ أو سَرْج مفضَّض كان جائزاً. ... باب الصلح في الصرف وإذا اشترى رجل (¬9) من رجل عبداً بمائة دينار وقبض العبد ونقد الدنانير ثم تفرقا فوجد بالعبد عيباً فجاء فخاصم فيه فأقر البائع بذلك أو جحد ثم صالحه في الوجهين جميعاً على دينارٍ ثم تفرقا قبل أن يقبض فالصلح جائز، والدينار (¬10) دين على البائع، وإن كان قيمة العيب أكثر من ذلك. وإن كان صالحه على عشرة دنانير وذلك (¬11) أكثر من قيمة العيب أو أقل ثم تفرقا قبل أن يقبض فالصلح جائز. وكذلك إن كان ضرب ¬

_ (¬1) تقدم تفسير الحمائل والجفن. (¬2) م ز: الخمسة. (¬3) ف م ز: خمسين. (¬4) ف: بستة أشهر. (¬5) ف م ز: ولذلك. (¬6) الزيادة من ب. (¬7) ف: من الخمسة. (¬8) م - أو. (¬9) ز: الرجل. (¬10) م ز: والدنانير. (¬11) ف: وكذلك.

للدينار (¬1) أجلاً فهو جائز. ولو لم يصالحه على الدنانير (¬2) ولكنه صالحه على دراهم سماها وقبضها قبل أن يفترقا فهو جائز، إن كانت الدراهم عند البائع أو لم تكن عنده فاستقرضها فهو سواء. فإن افترقا قبل أن يقبض الدراهم انتقض الصلح واستقبلا الخصومة في العيب، وكذلك (¬3) لو كان ضرب للدراهم أجلاً ثم فارقه (¬4) قبل أن يقبضها، مِن قِبَل أن الدراهم لها حصة في الثمن، وهو دنانير، فلا يجوز أن يفارقه قبل أن يقبض. وكذلك لو كان في صلحهما خيار اشترطه واحد منهما فهو فاسد. فإن أبطل صاحب الخيار خياره ونقده (¬5) الدراهم قبل أن يفترقا فهو جائز. ولو أن رجلاً ادّعى على رجل مائة درهم فأنكر ذلك أو أقر ثم صالحه في الوجهين جميعاً على عشرة دراهم إلى أجل أو حالة ثم تفرقا قبل أن يقبض فالصلح جائز، لأن هذا المدعي حَطَّ مِن حقه. وكذلك لو كان في ذلك خيار لواحد منهما لم يُبْطِلْ ذلك الصلحَ، لأن هذا (¬6) ليس من الصرف. فإن صالحه على خمسة دنانير وقَبَضَها قبل أن يفترقا فهو جائز، وإن افترقا قبل أن يقبضها انتقض الصلح. وكذلك إن كانت إلى أجل فالصلح فاسد لا يجوز. وكذلك الخيار إذا وقع في هذا الصلح من واحد منهما فإن الصلح في هذا فاسد إذا تفرقا عليه. فإن نَقَدَ الدنانير وأبطل الذي له الأجلُ الأجلَ (¬7) وأبطل صاحب الخيارِ الخيارَ ونَقَدَ الدنانيرَ قبل أن يفترقا فهو جائز. وإذا ماتت امرأة وتركت ميراثاً من رقيق وثياب (¬8) ومتاع (¬9) وحلي ذهب وفضة وجوهر وتركت أباها وزوجَها وميراثُها كله عند أبيها فصالح زوجَها من ذلك على مائة دينار ولا يُعْلَم أنَصِيبُه من الذهب أكثر من ذلك ¬

_ (¬1) م: الدينار. (¬2) ز: على الدينار. (¬3) ف: ولذلك. (¬4) ز: ثم فارقته. (¬5) ز: ونقد. (¬6) م ز - هذا. (¬7) م ز - الأجل. (¬8) ف م ز: أو ثياب. (¬9) م: أو متاع.

أو أقل فالصلح في هذا باطل. وكذلك لو صالحه على خمسمائة درهم ليس فيها دينار ولا يُعْلَمُ ما نَصيبُه من حلي الفضة، أكثر من ذلك أو أقل، فالصلح في هذا فاسد لا يجوز. فإن كان صالحه على خمسمائة درهم وخمسين ديناراً وتقابضا قبل أن يفترقا فالصلح جائز. ولو كان حصة الزوج من الذهب أكثر من ذلك الذهب الذي أخذ، وكان حصته من الفضة أكثر مما أخذ من الفضة (¬1)، يكون الذي (¬2) أخذ من الذهب بالفضة وحصتِه من العروض، وتكون (¬3) الفضة التي أخذها بالذهب وبحصته (¬4) من العروض. فإن تفرقا قبل أن يقبض [الزوج] (¬5) شيئاً انتقض الصلح وفسد. فإن قبض الزوج الدراهم والدنانير وكان الميراث في بيت الأب ولم يكن حاضراً حيث كان الصلح انتقض من الصلح حصة الذهب والفضة. وإن قبض الأب ذلك كله وقبض الزوج بعض الدنانير والدراهم وبقي بعضها فإن كان انتقد بقدر حصة (¬6) الذهب والفضة والحلي فالصلح جائز ماض (¬7). وكذلك إن كان انتقد أكثر من ذلك. فإن كان انتقد أقل من ذلك بطل من الذهب والفضة حصة ما لم ينتقد، وجاز حصة ما انتقد، وجاز ما سوى ذلك من غير الحلي. وإذا ادعى رجل سيفاً محلَّى بفضة (¬8) عند رجل وهو في يديه فصالحه الرجل على عشرة دنانير وقبض منها خمسة واشترى بالخمسة الباقية ثوباً قبل أن يقبضها وقبض الثوب فإن كان نَقَدَ من الثمن بقدر الحلية وحصتِها التي يصيبها فالصلح جائز، وشراء الثوب جائز. وكذلك لو لم يشتر ثوباً بما بقي ¬

_ (¬1) م ز - أكثر مما أخذ من الفضة. (¬2) ف م ز: أيكون للذي. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق. (¬3) ز: ويكون. (¬4) ف م ز: وبحصتها. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 71. (¬5) الزيادة من ب. (¬6) ف م ز: انتقد نقد وحصة. والتصحيح مستفاد من ب. (¬7) م ز: ماضي. (¬8) ف م ز: بعينه. وكذلك في الكافي، الموضع السابق. والتصحيح من المبسوط، 14/ 71.

وفارقه قبل أن يقبضه فالصلح جائز. وإن كان الذي نقد (¬1) أقل من حصة الحلية ثم افترقا قبل أن يقبض ما بقي فالصلح فاسد لا يجوز، وشرى (¬2) الثوب إن كان اشتراه فاسد، لأنه قد دخل في ثمنه بعص لمن الحلية، فلما فسد بعضه فسد كله (¬3). وإذا اشترى الرجل إبريق فضة بمائة دينار وفي الإبريق ألف درهم وتقابضا ثم وجد بالإبريق عيباً وهو قائم بعينه فله أن يرده. فإن صالحه البائع على دينار وقَبَضَ فهو جائز. وإن كان الدينار أقل من قيمة العيب فهو جائز. وإن كان أكثر من قيمة العيب فهو جائز (¬4) في قول أبي حنيفة (¬5). وكذلك لو كان إلى أجل. وإن كان الصلح على عشرة دراهم فهو جائز. فإن افترقا قبل أن يقبض انتقض الصلح. وكذلك إن كان في الصلح خيار فافترقا عليه وقد تقابضا انتقض الصلح. وكذلك لو كان في الصلح أجل فافترقا عليه ولم يقبض فإن ذلك فاسد لا يجوز، لأن الصلح دراهم، فهو في ذلك سواء، وهو فاسد. غير أنه إن كانت الدراهم أكثر من قيمة العيب جاز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد إن (¬6) تقابضا. وإذا ادعى رجل على رجل عشرة دراهم وعشرة دنانير فأنكر ذلك المدعى عليه أو أقر ثم صالحه على خمسة دراهم من ذلك كله (¬7) فهو جائز ¬

_ (¬1) م ز: كان قد نقد. (¬2) م ز: من شرى. (¬3) انظر للشرح: المبسوط، 14/ 71 - 72. (¬4) ز - كان كان أكثر من قيمة العيب فهو جائز. (¬5) وقال أبو يوسف ومحمد -رحمهما الله-: إذا كان الفضل مما لا يتغابن الناس في مثله فهو غير جائز، وهذا بناء على مسألة كتاب الصلح عن المغصوب المستهلك على أكثر من قيمته، يجوز عند أبي حنيفة - رضي الله عنه -، ولا يجوز عندهما ... انظر: المبسوط، 14/ 72. وقد ذكر المؤلف المسألة في كتاب الصلح، باب الصلح في الغصب، وذكر الخلاف بين الإمام وصاحبيه. انظر: 8/ 48 و. وانظر لشرح السرخسي للمسألة في كتاب الغصب: المبسوط، 21/ 55. (¬6) ف م ز: وإن. والتصحيح من ب. (¬7) م ز - كله.

إن كان ذلك نقداً (¬1) وإن كان ذلك نسيئة، لأن هذا لم يشتر شيئاً ولم يبع. وإذا اشترى الرجل قُلْبَ (¬2) ذهب (¬3) فيه عشرة مثاقيل بمائة درهم وتقابضا ثم استهلك القُلْب [أو لم يستهلكه] (¬4) ثم وجد به عيباً قد كان دلّسه له فصالحه على عشرة دراهم نسيئة فهو جائز، لأن حصة ذلك العيب هو دين على بائع القُلْب، فالتأخير في ذلك والنقد سواء. ولو كان صالحه على دينار كان جائزاً إذا قبض قبل أن يفترقا، [فإن افترقا] (¬5) قبل أن يقبضه فالصلح فاسد لا يجوز. ولو صالحه مكان الدينار على عشرة دراهم ثم تفرقا قبل أن يقبضه والقلب قائم بعينه أو مستهلك وأخر العشرة شهراً أو تفرقا قبل أن يقبضها فالصلح جائز، لأن القُلْب إنما ثمنه الآن (¬6) تسعون درهماً. أرأيت لو حَطَّ البائع عشرة دراهم بغير عيب (¬7) ثم تفرقا قبل أن يقبضها (¬8) ألم (¬9) يكن جائزاً، فكذلك إذا حَطَّ عنه بعيب. وكذلك الإبريق والسيف المحلَّى والمِنْطَقَة المفضَّضة. وإذا اشترى الرجل قُلْبَ فضة فيه عشرة دراهم بدينار وتقابضا ثم وجد في القُلْب هَشْماً (¬10) أو كَسْراً (¬11) ينقصه فصالحه من ذلك على قيراط (¬12) ¬

_ (¬1) ز: نقد. (¬2) ز: قلبا. القُلْب هو السوار غير الملوي، كما تقدم. (¬3) ز - ذهب. (¬4) الزيادة مستفادة من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 73. (¬5) الزيادة مستفادة من ب؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 73. (¬6) م: إنما فيه الا. (¬7) ز: دراهم لغيب. (¬8) ف: أن يقبضا. (¬9) ز: إن لم. (¬10) قال المطرزي: الهَشْم كسر الشيء الرّخو، من باب ضرب. ومنه "وجد في القُلْب هَشْماً". انظر: المغرب، "هشم". (¬11) ف م ز: هشم أو كسر. (¬12) ولفظ الحاكم: على قيراطين. انظر: الكافي، الموضع السابق. ولفظ السرخسي: على قيراطي. انظر: المبسوط، 14/ 73.

ذهب من الدينار على أن زاده مشتري القُلْب رُبْعَ (¬1) حنطةٍ وتقابضا فهو جائز. وإن كانت [الحنطة] (¬2) بعينها وتفرقا قبل أن يقبضا (¬3) القيراط الذهب (¬4) والحنطة فهو جائز (¬5). وإن تقابضا ثم وجد بالحنطة عيباً ردها ورجع بحصتها من القيراط، يُقْسَم القيراط على قيمة الحنطة وعلى قيمة العيب الذي في القُلْب، فتُرَدّ (¬6) حصة الحنطة. وإذا اشترى الرجل قُلْبَ فضة فيه عشرة دراهم بدينار وتقابضا ثم (¬7) أقال أحدهما صاحبه البيع وتفرقا في الإقالة قبل أن يتقابضا (¬8) فإن الإقالة تنتقض (¬9) وتبطل. وكذلك لو رده بعيب وقبله الآخر منه ثم تفرقا قبل أن يتقابضا أو بعدما قبض أحدهما ولم (¬10) يقبض الآخر فإن ذلك ينتقض ويعود الأمر كما كان. وإذا خاصمه إلى القاضي فكان القاضي هو الذي يرده بالعيب فافترقا قبل أن يقبضا أو قبل أن يقبض أحدهما وقد قبض الآخر فهذا جائز، لأن القاضي هو الذي فسخ البيع. ولو اشترى قُلْبَ فضة فيه عشرة دراهم بدينار فدفع الدينار وقبض القُلْب ولم يره، كان في خِرْقَة أو غير ذلك، ثم رأى القُلْب فرده ولم يرضه فذلك له، وهو جائز. فإن فارقه قبل أن يقبض الدينار فهو جائز، لأن هذا قد كان له أن يرده، ولأن بائع القُلْب يرده على الذي باعه إياه في هذا الوجه، ولا يرده في العيب بغير قضاء قاض، ولا يرده في الإقالة. ... ¬

_ (¬1) أي: ربع الصاع، وهو المُدّ انظر: المغرب، "ربع". (¬2) الزيادة من ب؛ والمبسوط، 14/ 73. (¬3) ف م ز: أن يقبض. (¬4) ف م ز: ذهب. (¬5) ز + وإن كانت بعينها وتفرقا قبل أن يقبض القيراط ذهب والحنطة فهو جائز. (¬6) ف م ز: فرد. (¬7) م ز + وجد. (¬8) ف م ز: أن يتفرقا. والتصحيح مستفاد من ب. (¬9) ز: تنقض. (¬10) ف م ز: أو لم. والتصحيح مستفاد من ب.

باب الصرف في المرض

باب الصرف في المرض وسألت (¬1) أبا حنيفة (¬2) عن رجل مريض باع ابنه ديناراً بألف درهم وقبضا جميعاً، فقال: لا يجوز، لأن ابنه وارث، ولأن البيعَ وصيةٌ لوارث وإن كان لم يحط عنه شيئاً. وقال أبو يوسف ومحمد: هذا جائز. ولو باعه الدينار بقيمته (¬3) من الدراهم [أو أكثر] (¬4) أجزتُ ذلك، إذا لم يحط عنه شيئاً فهو جائز، ليس في هذا وصية. وإذا (¬5) اشترى من ابنه ألف درهم بمائتي دينار وتقابضا وليس له مال غيرها وله ورثة كبار فأجازوا ذلك كان جائزاً، وأن ردوا ذلك فهو مردود كله لا يجوز، لأنه (¬6) وصية في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف أو محمد، (¬7) فإن شاء الوارث أخذ القيمة، وإن شاء نقض البيع (¬8). وإذا باع المريض ألف درهم بدينار وليس له مال غيرها وقبض كل واحد منهما وتفرقا ثم مات المريض والدينار عنده فإن الخيار في ذلك إلى ورثة الميت، فإن أجازوا فهو جائز، وإن ردوا ما زاد على الثلث فلهم ذلك. وإن ردوا جعلت المشتري بالخيار، فإن شاء أخذ ديناره ورد الألف، وإن شاء أخذ من الألف قيمة الدينار وأخذ ثلث الألف تامة. وإن كان الدينار قد ¬

_ (¬1) ز + الإمام الأعظم. (¬2) ز + النعمان حشرنا الله معه في أعلا فراديس الجنان. (¬3) ز: بقيمه. (¬4) الزيادة من ب؛ والمبسوط، 14/ 73. (¬5) م ز: ولو. (¬6) م ز: لابنه. (¬7) الزيادة من ب؛ والكافي، 1/ 184 ظ؛ والمبسوط، 14/ 73. (¬8) قال السرخسي: وسوى هذا رواية أخرى عنهما أن أصل العقد يبطل إذا حابى المريض وارثه بشيء، ويأتي بيان ذلك في الشفعة إن شاء الله تعالى. انظر: المبسوط، 14/ 74، 150 - 151. وانظر: كتاب الأصل، كتاب الشفعة، باب الشفعة في المرض، 6/ 222 و.

استهلكه الميت كان له قيمة الدينار وثلث ما بقي من الألف. ولو كان المريض أعطى مائة دينار بعشرة دراهم وتقابضا وتفرقا ثم مات والدنانير عند هذا والدراهم عنده قائمة بعينها فإن الخيار في ذلك للورثة، فإن أجازوا فهو جائز، وإن ردوا فهو مردود. ويخير (¬1) الذي أعطاهم الدراهم (¬2)، فإن شاء أخذ قيمتها من الدنانير وثلث المائة دينار، وإن شاء رد. وإن [كان] (¬3) الميت استهلك الدراهم فإن شاء أخذ قيمتها من الدنانير وثلث ما بقي، وإن شاء رد ذلك وأخذ دراهم (¬4) مثل دراهمه. وإذا باع المريض سيفاً قيمته مائة درهم وفيه من الفضة مائة درهم وذلك كله قيمة عشرين ديناراً بدينار (¬5) وتقابضا ثم مات المريض فإن أجازوا الورثة فهو جائز، وإن ردوا فذلك لهم. ويكون المشتري بالخيار، إن شاء كان له قيمة الدينار من السيف وحليتِه وثلثُ السيف [تامّاً] (¬6) بعد ذلك، وهذا إذا كان الدينار عند المريض قائماً بعينه لم يستهلكه؛ وإن شاء رد ذلك وأخذ ديناره. وإن كان الدينار قد استهلكه المريض كان المشتري بالخيار، إن شاء أخذ (¬7) ديناراً مثل ديناره ورد البيع، يكون ذلك ديناً في تركة الميت، يباع السيف حتى يُنْقَد ذلك، ويستوفي ديناره؛ وإن شاء جاز (¬8) له من السيف وحليتِه قيمةُ الدينار وثلثُ ما بقي. وكذلك لو اشترى مِنْطَقَة مفضَّضة كان على هذا القياس. وإذا باع رجل مريض إناء فضة فيه ألف درهم بدينار وتقابضا وتفرقا ¬

_ (¬1) ز: ويجيز. (¬2) ز - الدراهم. (¬3) الزيادة من ب؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 74. (¬4) ز: دراهما. (¬5) ز - بدينار. (¬6) الزيادة من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 74. وفي ب: كاملاً. (¬7) ز - ديناره دن كان الدينار قد استهلكه المريض كان المشتري بالخيار إن شاء أخذ. (¬8) ولفظ السرخسي: كان. انظر: المبسوط، 14/ 74.

فاستهلك كل واحد منهما ذلك ثم مات المريض وليس له مال غيره فأبى الورثة أن يجيزوا فإن للمشتري قيمة الدينار من الإناء، وله ثلث ما بقي من الإناء، ويغرم قيمة ثلثي (¬1) ما بقي من الإناء مصوغاً دنانير. وإن كان الرجل (¬2) مريضاً وله تسعمائة درهم وليس له مال غيرها فباعها بدينار وقبض الدينار (¬3) وقبض الآخر من التسعمائة مائة (¬4) درهم ولم يقبض ما بقي حتى تفرقا ومات المريض والدينار والمال قائم (¬5) بعينه والدينار يساوي تسعة دراهم فإن أجاز (¬6) ورثة المريض أو ردوا فهو سواء، وكانت له المائة درهم بتُسع الدينار، وردوا عليه ثمانية أتساع الدينار. وإن قبض مائتي درهم ولم يقبض سبعمائة فهو على هذا الحساب. وإن لم يقبض شيئاً رد عليه ديناره بعينه، ولم يكن بينهما بيع. ولو لم يفترقا ولم يمت المريض حتى زاده المشتري تسعة وخمسين ديناراً وقبضها المريض وقبض المشتري التسعمائة درهم فإن هذا كله جائز (¬7). وإن كان المريض وكّل وكيلاً فباعها من هذا الرجل بدينار بأمر المريض والدينار يساوي عشرة دراهم ثم مات المريض قبل أن يتقابضا فقال المشتري: أنا آخذ التسعمائة بتسعين ديناراً قبل أن يفترقا، فله ذلك، وله أن ينقد التسعين ديناراً ويأخذ التسعمائة كلها. وهذا جائز، لأن البيع قد وجب قبل موت الميت ولم يفترقا. ¬

_ (¬1) م ز: ثلث. ويشهد لما في المتن نسخة ب؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 75. (¬2) م ز - الرجل. (¬3) م ز - وقبض الدينار. (¬4) م - مائة. (¬5) ز: قائما. (¬6) م ز: أجازوا. (¬7) قال الحاكم: وإنما تصح هذه المسألة الأخيرة إذا زيد في سؤالها أن قيمة الدينار عشرة دراهم. انظر: الكافي، الموضع السابق. قال السرخسي: وهو كما قال، فإن حق الورثة في ستمائة درهم، لأن جملة مال المريض تسعمائة، وإنما تكون المحاباة بقدر الثلث إذا كانت قيمة كل دينار عشرة انظر: المبسوط، 14/ 75.

وإذا اشترى الرجل من الرجل ألف درهم بمائة درهم وتقابضا والذي أعطى الألف مريض ثم (¬1) مات من مرضه ذلك فإن هذا لا يجوز على حال، لأن هذا ربا، إلا أن يشاء الذي أعطى المائة أن يمسك مائة (¬2) من الألف بمائته ويرد الفضل. ولو كان أعطى (¬3) مع المائة درهم ديناراً كان هذا مستقيماً. فإن أجازوا الورثةُ (¬4) فهو جائز. وإن ردوا فالآخر بالخيار، إن شاء أخذ من الألف مائة مكان مائته (¬5) وأخذ مما بقي قيمة الدينار وأخذ ثلث (¬6) الألف، [وإن شاء نقض البيع] (¬7). ولو كان مكان الدينار ثوب كان مثل هذا أيضاً. فإن كان الثوب قد استهلكه الميت وأبى الورثة أن يجيزوا وأبى الرجل أن يأخذ شيئاً فإن له مائة مكان مائته، وله قيمة ثوبه (¬8)، والقول في ذلك (¬9) قول الورثة مع أيمانهم إلا أن يقيم رب الثوب بينة على ما يدعي. وإذا كان للرجل إبريق فضة فيه مائة درهم فباعه في مرضه بمائة درهم وقيمته بالدنانير عشرون ديناراً وقيمة مائة درهم عشرة دنانير فإن أجازوا الورثة ذلك فهو جائز. وإن أبوا الورثة أن يجيزوا فالمشتري بالخيار، إن شاء رد البيع وأخذ دراهمه، وأن شاء كان له ثلثا (¬10) الإبريق بثلثي المائة، وثلثه للورثة، لأن قيمة ثلثي الإبريق بالدنانير ثلاثة عشر ديناراً وثلث دينار، وقيمة ثلث المائة درهم ثلاث دنانير وثلث دينار، وقيمة ثلث الإبريق ستة دنانير ¬

_ (¬1) ز - الرجل ألف درهم بمائة درهم وتقابضا والذي أعطى الألف مريض ثم. (¬2) م: منه. (¬3) ز - المائة أن يمسك مائة من الألف بمائته ويرد الفضل ولو كان أعطى. (¬4) على لغة أكلوني البراغيث. (¬5) ف: مكاتبه (مهملة). (¬6) ف: بثلث. (¬7) الزيادة مستفادة من ب؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 76. (¬8) م ز: يومه. (¬9) أي: في قدر القيمة، كما ذكر في ب. (¬10) ز: ثلثي.

باب الإجارة في عمل التمويه

وثلثين، وقيمة ثلثي المائة درهم ستة دنانير (¬1) وثلثي دينار (¬2)، فإذا (¬3) جمعتها (¬4) جميعاً كان ثلثي عشرين ديناراً، وسقط عنه ثلث العشرين للوصية. ... باب الإجارة في عمل (¬5) التمويه وإذا دفع (¬6) الرجل إلى الرجل (¬7) لِجَاماً يموِّهه بفضة وَزْناً معلوماً يكون قرضاً على الدافع على أن يعطيه الدافع أجراً معلوماً على ذلك فهو جائز، يلزمه الأجر (¬8)، ويلزمه القرض. فإن أنكر رب اللّجَام فقال: لم تَصنع فيه من الفضة الوزنَ الذي شرطتُ عليك، وقال الأجير: بلى قد صنعتُه، فالقول قول رب اللِّجَام مع يمينه على عِلْمِه (¬9)، وعلى العامل البينة، لأنه مدعي. وكذلك الخَرَز (¬10) الحديد وما أشبهه. فإن قال: موّهه بمائة درهم فضة على أن أعطيك (¬11) ثمنها وأجرَ عملك ذهباً عشرة دنانير بذلك كله، ثم افترقا على ذلك فهذا (¬12) فاسد، لأنه صرف. فإن عمل كان له فضة مثل وزنها ¬

_ (¬1) م ز - وثلثين وقيمة ثلثي المائة درهم ستة دنانير. (¬2) م - وثلثي دينار. (¬3) م: فأدى. (¬4) م ز: جميعهما. (¬5) م ز - عمل، صح م هـ. (¬6) ز: رفع. (¬7) ف ز: إلى رجل. (¬8) م ز - الأجر. (¬9) ف م ز: على عمله. والتصحيح من ب؛ والكافي، الموضع السابق. (¬10) الخَرَز هي ما تُنْظَم في خيط للزينة، كما تقدم. (¬11) ز + درهم فضة. (¬12) م ز: فهو.

عليه، وكان له أجر مثله - ولا أجاوز به - من الدنانير (¬1). وكذلك لو قال: بعني مثقال فضة وموّهه به على أن أعطيك ثمنه وأجر عملك درهمين، فهو فاسد، وهو مثل الباب الأول سواء. وإذا دفع الرجل إلى رجل ثوباً يكتب كتاباً عليه بذهب معلوم وأجر معلوم من الفضة فهو فاسد مثل الأول. وكذلك لو اشترط (¬2) أجره وثمنه ذهباً. فإن قال: أقرضني مثقال ذهب واكتب به على هذا (¬3) الثوب كتاب كذا وكذا على أن أعطيك أجرك نصف درهم أو قيراطين ذهباً جيداً (¬4)، فهو (¬5) جائز، والتمويه والكتاب في هذا سواء، كله جائز وإن لم يقبض القرض، أوَ، وَجَبَ (¬6) له الأجر فيه، لأنه حين كتب له به فكأنه قبضه إذا كان أَمَرَه بشيء من ذلك معروفٍ. وإذا دفع رجل إلى رجل عشرة دراهم فضة وقال: اخلط فيها خمسة دراهم ثم صُغْها (¬7) كلها قُلْبَيْ فضة، ولك أجر كذا وكذا، ففعل ذلك فهو جائز، والخمسة قرض عليه، لأنه حيث خلطها بفضة الدافع فهو قبض من الدافع، وعليه الأجر لذلك كله. ولو لم يدفع إليه فضة ولكن ¬

_ (¬1) قال السرخسي: هكذا ذكر الحاكم -رحمه الله-، وهو مشكل، لأن فساد العقد في حصة الصرف طارئ بالافتراق قبل القبض، وذلك لا يوجب فساد الإجارة. قال [السرخسي]- رضي الله عنه -: وقد تأملتُ في الأصل فوجدته يعتبر أجر المثل لبيان الحصة، فإنه يقول: وكان له مقدار أجره من الدنانير، لأنه إذا قسمت الدنانير على أجر مثله وعلى المائة درهم فعلمت أنه حكم بصحة العقد في حصة الإجارة، واعتبر أجر المثل للانقسام، ثم جعل له بمقابلة العمل المسمى لصحة العقد. انظر: المبسوط، 14/ 77. وعبارة المتن مغايرة لما ذكره السرخسي ناقلاً عن الأصل، فلعله ينقل عن نسخة أخرى. (¬2) م ز: لو شرط. (¬3) ز: على هذه. (¬4) ز: ذهب جيد. (¬5) ف: فهذا. (¬6) زدنا الواو للإيضاح. (¬7) ز: ثم صيغها.

قال: صُغْ لي منك عشرة دراهم فضة قُلْباً، على أن أعطيك عليها (¬1) أجر درهم، كان هذا باطلاً لا يجوز، لأن العامل عَمِلَ فضة لنفسه ولم يقبضها الآمر (¬2) فتكونَ من ماله ويكونَ عليه الأجر. ألا ترى أنها لو هلكت كانت من مال العامل، والباب الأول لو هلكت بعدما خلطها بفضة الآمر كانت من مال الآمر. وقال أبو يوسف: لو كانت فضة الدافع قيراطاً (¬3) وخَلَطَ المُقْرِض مائة [درهم] (¬4) بفضة الآمر كان قبضاً. وقال محمد بن الحسن: لا يكون قبضاً إلا أن تكون فضة الآمر أكثر. ولو اختلفا فيها فقال الآمر: كانت فضتي اثني عشر وأمرتك أن تزيد فيها ثلاثة، وقال المدفوع إليه: بل كانت عشرة وأمرتني أن أزيد فيها خمسة، وفي القُلْبَين خمسة عشر، كان القول قول المدفوع إليه أنه قد زاد فيها خمسة وأن الدافع إنما دفع إليه عشرة، ويضمن له عشرة مثل فضته، مِن قِبَل أنه قد زاد فيها درهمين على ما (¬5) أمره الدافع (¬6)، إلا أن يرضى الدافع أن يأخذها ويعطيه خمسة ويعطيه الأجر تاماً، فيكون له ذلك. ولو كان القُلْب لا يُعرَف وزنه لِحَشْوٍ (¬7) فيه واتفقا أنه أعطاه عشرة دراهم وأمره أن يزيد فيه خمسة فقال الدافع: لم تزد فيه شيئاً، وقال المدفوع إليه: قد زدتُ فيه خمسة (¬8)، فالقول قول الدافع مع يمينه على ¬

_ (¬1) ز - عليها. (¬2) ف م ز: الآخر. والتصحيح من ب. (¬3) ز: قيراط. (¬4) الزيادة من ب. (¬5) ف - ما. (¬6) فكان بذلك مخالفاً لأمر الدافع، فيضمن لذلك. انظر: المبسوط، 14/ 78. (¬7) الحَشْو ما وضع بداخل الشيء من غيره، يقال: حَشَا الوسادة بالقطن حَشْواً. انظر: المصباح المنير، "حشو". (¬8) ز - فقال الدافع لم تزد فيه شيئاً وقال المدفوع إليه قد زدت فيه خمسة.

عِلْمِه (¬1). فإن شاء أخذ من الصائغ (¬2) القُلْب وأعطاه من الأجر (¬3) بحساب ذلك. وإن شاء المدفوع إليه أعطاه فضة مثل فضته وسَلِمَ له القُلْبُ بعد أن يحلف الآخر ما يَعْلَمُه زاد فيه خمسة. ولو اتفقا على أنه قد زاد فيه (¬4) خمسة وقال الآمر: كانت فضتي بيضاء وأمرتك أن تزيد فيها فضة بيضاء، وقال المدفوع إليه: بل كانت فضتك سوداء وأمرتني فزدتُ فيها فضة سوداء، فالقول قول المدفوع إليه مع يمينه أن الذي دفع إليه فضة سوداء، والقول قول الدافع أنه أمره أن يزيد (¬5) على فضته فضة بيضاء مع يمينه البتة (¬6). وإن اختلفا في الأجر (¬7) فقال الدافع: أجرك درهم، وقال المدفوع إليه: أجرتي درهمان (¬8)، فإن القول في ذلك قول الدافع مع يمينه البتة. وكذلك لو قال: عملته لي بغير أجر، كان القول قوله مع يمينه (¬9). وإذا اشترى الرجل من الرجل عشرة دراهم بدينار وتقابضا ثم وجدها زُيوفاً (¬10) بعدما تفرقا فاستبدلها منه ثم إن رجلاً أقام البينة على الدراهم الزّيوف فقُضي بها (¬11) له لم ينتقض البيع في الصرف، لأنه أبدلها إياه قبل ¬

_ (¬1) ف م ز: على عمله. والتصحيح من ب. (¬2) ف م: الصانع. (¬3) ز: من الاخر. (¬4) م ز - فيه. (¬5) ز: أن أزيد. (¬6) لكن أفاد الحاكم والسرخسي أن القول قول العامل، ولم يذكرا هذا التفصيل. انظر: الكافي، 1/ 185 و؛ والمبسوط، 14/ 78. ولعل هنا سَقَطاً عندهما. وما في ب موافق لما في المتن. (¬7) ز: في الاخر. (¬8) ف: درهما. (¬9) ف - البتة وكذلك لو قال عملته لي بغير أجر كان القول قوله مع يمينه. (¬10) تقدم تفسيره غير مرة. (¬11) ز: لها.

أن يَستحق هذا. وهو قول أبي يوسف ومحمد (¬1). ولو قال رجل لرجل: أقرضني مائة فَلْس ثم صغْها لي كُوزاً على أنّ أَجْرَكَ درهم، كان هذا باطلاً (¬2) لا يجوز القرض فيه ولا الإجارة (¬3)، من قِبَل أنه لم يقبض. فإن كان دفع إليه نحاساً فقال: أقرضني [رطلاً]، (¬4) مِن نحاس فاخلطه وصُغْه (¬5)، جاز، لأنه حين خلطه صار قابضاً. وكذلك لو قال: أقرضني رطلاً من نحاس أو حديد ثم صُغْ (¬6) لي منه كذا وكذا على أن أجرك درهم، لم يجز ذلك. فإن قبض النحاس والفلوس ثم دفعها (¬7) إليه فقال: اعملها بأجر درهم، كان هذا جائزاً، لأنه قد قبض. ألا ترى لو أن رجلاً استقرض من رجل كُرَّ (¬8) حنطةٍ فقال: اطحنها لي بدرهم، فطحنها له قبل أن يقبضه كان هذا باطلاً ليس فيه أجر، وإن أعطاه الدقيق فعليه دقيق مثله؛ ولو دفع إليه كُرَّ حنطةٍ فقال: أقرضني نصف كُرّ واخلطه ثم اطحنها لي بدرهم، ففعل ذلك، كان هذا جائزاً، وعليه نصف الكُرّ، وعليه الأجر تاماً، لأن هذا قد قبض نصف الكُرّ حين خلطه بطعام الدافع. ولو دفع إليه لِجَاماً ودفع إليه فضة (¬9) معلومة فقال: مَوِّهْ (¬10) هذا ¬

_ (¬1) قال السرخسي: رجل اشترى من رجل عشرة دراهم بدينار وتقابضا ثم وجدها زيوفاً بعدما تفرقا فاستبدلها منه ثم استحق [رجل] تلك الدراهم الزيوف لم يبطل العقد، لأنه حين استبدلها بالجياد قبل أن يستحق فإنما استقر حكم العقد على الجياد دون الزيوف المردودة، واستحقاق ما ليس فيه حكم العقد لا يؤثر في العقد، وهذا إنما يتأتى على قولهما وكذلك عند أبي حنيفة إن كان الرد بعيب الزّيافة والاستبدال به قبل افتراقهما عن مجلس العقد أو بعد الافتراق والمردود قليل. انظر: المبسوط، 14/ 78. (¬2) ز: باطل. (¬3) ف م ز: ولا إجارة. (¬4) الزيادة مستفادة من الجملة التالية. وفي ب: أقرضني كذا نحاس. (¬5) ز: وضعه. (¬6) ز: ثم ضع. (¬7) ز: ثم دفعا. (¬8) تقدم تفسيره غير مرة وأنه من المكاييل. (¬9) ف: فضله. (¬10) أي: اطْلِ، كما تقدم.

باب من الصرف في الشرى والبيع والسلم يجنى على القلب قبل أن يقبضه المسلم إليه أو المشتري

اللِّجَام بهذه الفضة على أنّ لك أجر درهم، فإن هذا جائز. وكذلك لو كان الأجر ذهباً معلوماً. وكذلك لو كان أعطاه مكان الفضة ذهباً فقال: مَوّهْ به على أنّ أجرك كذا وكذا (¬1)، أو قال (¬2): اكتب بهذا (¬3) الذهب في هذا الثوب كتاباً معلوماً بأجر معلوم، كان جائزاً. وكذلك لو دفع إليه فضة فقال: اكتب بها في هذا الثوب كان مثل الأول. دن كان الأجر في هذا ذهبأ أو فضة فهو جائز. وكذلك لو اشترط عليه أن يموِّهه بمثقال ذهب مِن عنده فهو جائز بعد أن يكون الأجر (¬4) شيئاً من العروض غير (¬5) الذهب والفضة. ولو أعطاه ذهباً فقال: مَوِّهْ هذا الفجَام وما فَضَلَ فهو لك أَجْرٌ، كان هذا باطلاً لا يجوز، مِن قِبَل أن الأجر مجهول، وله أجر مثله، وما بقي من الذهب فهو لصاحبه. ... باب من الصرف في الشرى والبيع والسلم يجْنَى على القُلْب قبل أن يقبضه المسلَم إليه أو المشتري وإذا اشترى الرجل قُلْبَ فضةٍ بدينار ودفع الدينار (¬6) ثمناً ثم إن رجلاً أحرق القُلْبَ بالنار فاختار المشتري أن يضمّن الرجل المحرق قُلْبَه فله ذلك. فإن أخذ قيمة (¬7) القُلْب ذهباً قبل أن يفارق المشتري البائع فإن ذلك البيع جائز، ويتصدق المشتَري بالفَضل في ذلك على الدينار. وكذلك إن اختار نَقْضَ البيع وأَخَذَ البائعُ قيمةَ القُلْب فإنه (¬8) يتصدق بالفَضْل فيها على الثمن. فإن تفرقا قبل أن يقبض المشتري قيمة القُلْب من الذي أحرقه وقد اختار ¬

_ (¬1) ف: كذا كذا. (¬2) ف م ز: فيه. والتصحيح من ب. (¬3) ف ز: هذا. (¬4) ف م ز: وقال. والتصحيح من ب. (¬5) ف م ز: فيه. والتصحيح من ب. (¬6) ف: الدار. (¬7) ف: منه. (¬8) أي: البائع، كما في ب.

تضمينه فإن ذلك ينتقض ويبطل، مِن قِبَل أنه صَرْفٌ تفرقا قبل أن يقبضه، ويرجع بالدينار على البائع، وتكون (¬1) قيمة القُلْب للبائع (¬2) على الذي أحرقه. ألا ترى أن البيع الأول وقع على أنهما إن تفرقا قبل أن يقبض انتقض البيع فيه، فكذلك القيمة هي مثل القُلْب، إن تقابضا قبل أن يفترقا فهو جائز، وإن تفرقا قبل أن يقبض (¬3) فهو باطل لا يجوز البيع فيه. وكذلك لو كان مكان القُلْب إناء فضة أو إناء ذهب اشتراه بدراهم أو اشتراه بذهب مثل وزنه. وهذا قول محمد. وهو قول أبي يوسف الأول. ثم قال أبو يوسف بعد ذلك: إذا اختار (¬4) المشتري اتباع المحرِق بالقيمة ثم تفرقوا قبل القبض وقد قبض البائع الثمن فهو جائز، لأن اختياره لذلك بمنزلة قبضه (¬5) له (¬6)، لأنه لو تَوَى تَوَى من ماله، فصار بمنزلة القبض. وقال محمد: قول يعقوب الأول أحب إلي (¬7). وإذا اشترى الرجل سيفاً محلّى بفضة وزنها خمسون درهماً فاشتراه بمائة درهم أو بعشرة دنانير فهو جائز. فإن تفرقا قبل أن يتقابضا انتقض البيع. فإن نقد الثمن ولم يقبض السيف حتى أفسد رجل من حَمَائِله شيئاً أو من جَفْنِه فاختار المشتري أَخْذَ السيف وأن يُضمِّنَ المفسدَ قيمةَ ما أفسد فذلك له. فإن تفرق البائع والمشتري قبل أن يقبض المشتري قيمة الفساد ¬

_ (¬1) ز: ويكون. (¬2) ف م: البائع. والتصحيح من ب. (¬3) م ز + انتقض البيع فيه فكذلك القيمة هي مثل القلب إن تقابضا قبل أن يفترقا فهو جائز وإن تفرقا قبل أن يقبض. (¬4) ز: إن اختار. (¬5) م ز: فضه. (¬6) م ز - له. (¬7) قال السرخسي: وقول أبي حنيفة كقول أبي يوسف الآخر -رحمهما الله- دن لم يذكره هنا، فقد نص عليه في نظيره في الجامع إذا قُتل المبيع قبل القبض فإن اختار المشتري تضمين القاتل في قول أبي حنيفة وأبي يوسف الآخِر -رحمهما الله- يصير قابضاً بنفس الاختيار، حتى لو توى ذلك على القاتل يكون من مال المشتري، وفي قول أبي يوسف الأول وهو قول محمد -رحمهما الله- لا يصير قابضاً بنفس الاختيار ... انظر: المبسوط، 14/ 79.

وقد قبض السيف فهو جائز، لأن الفساد كان في غير الفضة؛ بمنزلة ثوب اشتراه رجل من رجل ونقد الثمن فأحرقه رجل آخر قبل أن يقبضه المشتري واختار المشتري إمضاء البيع وأن يُضَمِّنَ المفسدَ قيمةَ الثوب، فذلك له، ولا يُفْسِدُ ذلك تفرقُهما قبل أن يقبض القيمة. ألا ترى أنهما لو تفرقا والثوب قائم بعينه لم ينتقض البيع، فكذلك القيمة. وكذلك لو كان مكان الثوب سيف (¬1) محلّى فأفسده كلَّه رجلٌ وأحرقه (¬2) بالنار (¬3) فاختار المشتري إمضاء البيع وتضمين المفسد وأن يَنْقُدَ البائعُ الثمنَ، فذلك له. فإنْ ذَهَبَ المفسدُ وفارقهم قبل أن يَنْقُدَ قيمة الفساد فإن ذلك لا يُفسد البيع ما لم يفارق البائع المشتري، لأن المفسد ليس ببائع ولا مشتري، وإنما هو غاصب ضامن. فإن فارق البائع المشتري (¬4) قبل القبض انتقض البيع كله في جميع ذلك في قول محمد. وهو قول أبي يوسف الأول. وقد بينتُ لك قوله الآخِر. وإذا أسلم رجل ثوباً في كُرّ حنطة أو باع قُلْباً بدينار فهَشَمَ (¬5) رجل القُلْب أو شَقّ الثوب باثنين واختار مشتري القُلْب والمسلَم إليه أَخْذَ القُلْب (¬6) والثوب ونَقْدَ الثمن وقال: أتبع المفسد بضمان ذلك، وقَبَضَ القُلْب والثوب قبل أن يتفرقا، فله ذلك وإن لم يأخذ القيمة حتى تفرقا، لأنه قد قبضهما بأعيانهما. واذا اشترى الرجل سيفاً محلّى بفضة وزنها خمسون درهماً بمائة درهم فأحرق رجل بَكْرَةً (¬7) من حليته واختار المشتري قبض السيف وإمضاء البيع ¬

_ (¬1) ز: سيفا. (¬2) م: أحرقه. (¬3) م ز - بالنار. (¬4) م ز - المفسد ليس ببائع ولا مشتري وإنما هو غاصب ضامن فإن فارق البائع المشتري. (¬5) أي: كسره، والهَشْم كسر الشيء الرخو، كما تقدم. (¬6) م ز - أو شق الثوب باثنين واختار مشتري القلب والمسلم إليه أخذ القلب. (¬7) قال المطرزي: البَكْرَة في حلية السيف حلقة صغيرة كالخَرَزَة، وكأنها مستعارة من بَكْرَة البئر. انظر: المغرب، "بكر".

وتضمين الغاصب، ونَقَدَ الثمنَ وقَبَضَ السيفَ (¬1)، وفارق البائعَ قبل أن يقبض قيمة البَكْرَة، فإن البيع ينتقض في البَكْرَة خاصة دون السيف، لأنها قد زايلت السيف. ولو كان المشتري لم يفارق البائع حتى فارقهم محرق البَكْرَة ثم رجع إليهم فأدى قيمة البَكْرَة إلى المشتري وتقابضوا جاز البيع فيها وفي بقية السيف، ولا يفسد ذلك فراق (¬2) الغاصب. وهو قول محمد وقول أبي يوسف الأول. وقال أبو يوسف في قوله الآخِر: لو (¬3) أن رجلاً اشترى من رجلٌ إبريق فضة بخمسين ديناراً فدفع إليه الدنانير ثم لم يفترقا حتى عَدَا رجلٌ على الإبريق فأحرقه فاختار المشتري اتباع الذي أحرق الإبريق ثم افترقا قبل أن يقبض ما ضمنه فهو جائز وإن فارقهما جميعاً المحرقَ والبائعَ، فينبغي في قياس هذا القول الآخر أن (¬4) لا يبطل البيع في البَكْرَة التي استهلكها الرجل من السيف. وإذا أسلم الرجل ثوباً إلى رجل في كُرِّ حنطةٍ فأحرقه رجل بالنار كلَّه فاختار المسلَم إليه إمضاء السَّلَم واتباعَ المحرق بقيمة الثوب فإنْ قَبَضَ القيمة من المحرق قبل أن يفارق رب السَّلَم فهو جائز. وإن تفرقا قبل القبض بطل السلم. والقيمة في هذا الموضع بمنزلة الثوب بعينه. ولو فارقهم المحرق ثم رجع فأعطاه القيمة قبل أن يفترق المسلَم إليه ورب السَّلَم فاختار المسلَم إليه ورب السلم إمضاء السلم وأَخْذَ القيمة كان السلم جائزاً، ولا يفسده (¬5) ذهاب الغاصب، لأنه غاصب ليس ببائع (¬6). وهذا قياس قول يعقوب. وقولُ محمد ما بينتُ لك. وإذا اشترى الرجل سيفاً محلّى بفضة بمائة درهم وحليةُ السيف خمسون (¬7) درهماً وتقابضا فهو جائز، وإن باعه المشتري مرابحة بربح (¬8) ¬

_ (¬1) ز - السيف. (¬2) م ز: افتراق. (¬3) م ز: ولو. (¬4) ز - أن. (¬5) ف م ز: ولا يفسد. والتصحيح من ب. (¬6) ز: بيايع. (¬7) ز: خمسين. (¬8) ف م ز: فربح. والتصحيح من ب؛ والكافي، 1/ 185 ظ؛ والمبسوط، 14/ 81.

عشرين درهماً أو بده دوازده (¬1) أو بربح ثوب بعينه فإن ذلك لا يجوز، لأن للحلية (¬2) حصة في الربح، ولا يجوز بأكثرً منها. أرأيت لو قال: أَرْبَحْتُك (¬3) في الحلية عشرة وفيما بقي عشرة، فإن البيع فاسد، لأن الفضة لا تجوز إلا بمثلها. وكذلك المِنْطَقَة المفضَّضة والسَّرْج المفضَّض والإناء المفضَّض. فأما اللِّجَام المموَّه والخَرَز المموَّه فلا بأس بالمرابحة فيه، لأن التمويه لا يَخْلُص (¬4). وإذا باع الرجل قُلْبَ فضةٍ فيه عشرة دراهم بدينار وتقابضا ثم باعه بربح نصف دينار أو بربح درهم فلا بأس بذلك، وهو جائز. ولو كان قام عليه بعشرة دراهم [فباعه بربح درهم لم يجز. ولو ضم معه ثوباً قد قام عليه بعشرة دراهم] (¬5) فقال: يقوم علي هذان (¬6) بعشرين، وباعهما بربح درهم أو بربح ده يازده (¬7) فإنه يجوز في الثوب (¬8) بحصته ولا يجوز [في] (¬9) القُلْب، لأن ثمنه أكثر مما فيه، في قول أبي يوسف (¬10)؛ ولا يجوز شيء من ذلك في قياس قول أبي حنيفة. وكذلك جارية وطَوْق فضة عليها فيه مائة درهم اشتراها رجل بألف درهم ونَقَدَ وقَبَضَ ثم باعها مرابحة بربح مائة درهم أو بربح ده يازده فإن الطَّوْق لا يجوز، وتجوز ¬

_ (¬1) أي: باع السلعة بعشرة باثني عشر. انظر: المبسوط، 13/ 91. (¬2) ف م ز: الحلية. والتصحيح من ب. (¬3) ف م ز: ربحتك. والتصحيح من ب. وأَرْبَحَه أي أعطاه الربح، وأما ربّحه بالتشديد فغير منقول. انظر: المغرب، "ربح"؛ والمصباح المنير، "ربح". (¬4) خَلُص الشيء يَخْلُص أي صَفَا، كما تقدم. فالتمويه هو الطلاء، وهو شيء قليل جداً، لا تستطيع أن تصفّيه من مكانه لو أردت ذلك. (¬5) الزيادة من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 82. (¬6) ز: هذين. (¬7) أي: باع السلعة بعشرة بأحد عشر. انظر: المبسوط، 13/ 91. (¬8) ف م ز: يجوز القلب. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق. (¬9) الزيادة من الكافي، الموضع السابق. (¬10) وقول محمد مع أبي يوسف كما أفاده في الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 82.

الجارية، في قول أبي يوسف (¬1). ولو أن رجلاً اشترى سيفاً محلّى بمائة درهم وحليته خمسون درهماً وقَبَضَ ونَقَدَ فقال: يقوم علي بمائة، فاشتراه رجل منه بمائة درهم على أنْ أرْبَحَه (¬2) درهمأ فيما (¬3) سوى الفضة أو ده يازده أو عشرة [أحد عشر] (¬4) فيما (¬5) سوى الفضة فإن هذا جائز، والربح كله فيما سوى الفضة. ولو أن رجلاً ابتاع سيفاً محلّى فضةً (¬6) بمائة درهم وحليته خمسون درهماً وتقابضا ثم حَطَّ عنه درهماً (¬7) فهو جائز، والحَطُّ ليس من الفضة (¬8). ولو أن رجلاً ابتاع قُلْبَ فضةٍ فيه عشرة دراهم بعشرة دراهم وتقابضا ثم حَطَّ عنه درهما وقَبِلَ الحَطَّ وقبضه بعدما افترقا من مقام البيع أو قبل أن يفترقا فإن البيع ينتقض، ويفسد كله في قياس قول (¬9) أبي حنيفة. وفي قول محمد يجعله هبة، فإن سلّمه له فهو هبة، دان لم يسلّمه له فله أن يمتنع (¬10) منه، ولا ينتقض البيع. وقول يعقوب: ينبغي أن يَبْطُلَ الحَطّ، لأنه يريد أن يفسد ذلك (¬11). ¬

_ (¬1) وكذلك قول محمد كما أفاده في الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 82. وذكر الكرخي أن أبا يوسف رجع إلى قول أبي حنيفة. انظر: المبسوط، الموضع السابق. (¬2) ف م ز: أن ربحه. (¬3) ف م ز: فيها. (¬4) الزيادة من ب. وهو بمعنى ده يازده كما تقدم. (¬5) ف م ز: فيها. (¬6) أي: محلى بفضة. (¬7) ز: درهم. (¬8) م ز + ولو أن رجلاً ابتاع سيفا محلى فضة بمائة درهم وحليته خمسون درهما وتقابضا ثم حط عنه درهم فهو جائز والحط ليس من الفضة. (¬9) ز: الإمام الأعظم. (¬10) ف م ز: أن يمنع. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 82. (¬11) وعبارة السرخسي هكذا: ولو ابتاع قُلْبَ فضةٍ وزنه عشرة بعشرة دراهم وتقابضا ثم حط عنه درهماً وقَبِلَ الحط وقبضه بعدما افترقا من مقام البيع أو قبل أن يفترقا فسد=

وقال محمد: إنما جعلته بمنزلة الهبة في كل شيء لا يجوز إلا مثلاً بمثل. ألا ترى (¬1) أن رجلاً لو حَطَّ الثمن كله كان هبة، وهنا (¬2) كل درهم ثمن لدرهم. وقال محمد: ينبغي إذا لم يقبض الثمن حتى حط درهماً فإن قَبِلَ [الحط] (¬3) انتقض حصة الدرهم، لأنه لو لم يفارقه حتى حط جميع الثمن قبل القبض فقَبِلَ انتقض البيع. وإنما احتجتُ إلى قبوله لأنه نَقْضُ بيع (¬4). وإن افترقا قبل أن يقبل بطل حصته بالافتراق قبل أن يقبض. وينبغي في قياس قول يعقوب إذا لم يقبض فأبى (¬5) أن يقبل الحط فهو على حاله، وهو إذا قبل أيضاً على حاله، لأن في قبوله (¬6) فساداً (¬7) لما بقي. فهذا في قول أبي يوسف بعد القبض وقبله سواء. وفي قول (¬8) أبي حنيفة إن يقبل (¬9) قبل القبض وبعد القبض أفهو سواء، وهو فاسد كله،] (¬10). إلا أنه في قول يعقوب إن قبل وفارقه قبل أن ينقده (¬11) انتقض حصته، لأنه لم ينقد الدراهم بالحط. وهذا إذا كان بعد القبض. وهذا بمنزلة رجل اشترى ثوباً بعشرة دراهم فحط عنه الثمن كله بعدما قبض أو لم يقبض، فهذا ليس بحط، إنما ¬

_ = البيع كله في قول أبي حنيفة، وفي قول أبي يوسف الحط باطل، ويرد الدرهم عليه، والعقد الأول صحيح، وفي قول محمد -رحمه الله- العقد الأول صحيح، والحط بمنزلة الهبة المبتدأة، له أن يمتنع منه ما لم يسلمه ... انظر: المبسوط، 14/ 82. (¬1) ز - ترى. (¬2) ف م ز: فهذا. والتصحيح من ب. (¬3) من ب. (¬4) ولا ينفرد أحد المتعاقدين بإفساد العقد. انظر: المبسوط، 14/ 83. (¬5) ف م ز: فاما. والتصحيح من ب. (¬6) ف: في قوله. (¬7) ز: فساد. (¬8) ف: وقول. (¬9) ف م: إن تقبل. (¬10) انظر لشرح المسألة: المبسوط، 14/ 82. (¬11) م: أن ينتقده.

هذه هبة. فكذلك الفضة بوزنها لا تكون بأقل من وزنها، فإذا حط منها شيئاً فإنما ذلك هبة، إن (¬1) شاء سلّم، وإن شاء مَنَعَ (¬2) جميع الثمن، بمنزلة هبة درهم من ثمن الفضة. ولو أن رجلاً اشترى قُلْبَ فضةٍ وثوباً بعشرين درهماً وفي القُلْب عشرة دراهم ثم تقابضا ثم حَطَّ عنه درهماً من ثمنها جميعاً جاز نصف الحَطّ في الثوب، ولا يجوز في القُلْب، وينتقض البيع في القُلْب. وفي قياس قول أبي يوسف يجوز الحَط في حصة الثوب، والبيع في القُلْب جائز. وفي قول (¬3) محمد هو (¬4) هبة - مثل قوله الأول - في نصف الدراهم. ولو كان البَيْع (¬5) سيفاً على مائة درهم وحليتُه خمسون درهماً فحَطَّ عنه من ثمنه درهماً أجزتُ ذلك الحَطّ على غير الفضة. ولو أن رجلاً باع قُلْبَ فضةٍ بعشرين ديناراً وتقابضا ثم حَط عنه بعدما افترقا عشرة دنانير وقبض العشرة فهو جائز. وكذلك لو فارقه قبل أن يقبض العشرة كان جائزاً أيضاً. وإذا اشترى الرجل قُلْبَ فضة [وَزْنُه] (¬6) عشرة دراهم بعشرة دراهم وتقابضا فهو جائز، فإن زاد أحدهما الآخر درهماً أو قيراطاً (¬7) ذهباً أو شيئاً من العروض وقَبِلَ الزيادة فإن البيع يُنْقَض في قياس قول أبي حنيفة. ولا يُنْقَض في قول أبي يوسف الأول (¬8)، وتنتقض الزيادة ولا تجوز. وكذلك لو جعله بالخيار يوماً وتفرقا على ذلك ولم يكن شرطاً (¬9) في البيع. وقولُ أبي ¬

_ (¬1) م: وإن. (¬2) ف م: امنع؛ ز: اتبع. والتصحيح مستفاد من ب؛ والكافي، الموضع السابق. (¬3) ف: وقول. (¬4) ف - هو. (¬5) ز: المبيع. والبغ هو المبيع، كما مر مرارا. (¬6) الزيادة من ب. ولفظ الحاكم: فيه. انظر: الكافي، الموضع السابق. (¬7) ف م ز: درهم أو قيراط. (¬8) وكذا قول محمد على ما ذكره في الكافي، الموضع السابق. (¬9) ف ز: شرط.

حنيفة: الخيار بَعْدُ بمنزلة الخيار في أصل البيع، فإن أجاز في الصرف قبل الفرقة [جاز] (¬1)، وإن افترقا فالبيع (¬2) باطل. وإذا اشترى الرجل قُلْبَ فضةٍ بدينار وفي القُلْب عشرة دراهم فهو جائز، فإذا تقابضا وتفرقا فهو جائز، فإذا التقيا بعد ذلك فزاد أحدهما الآخر شيئاً وقبض الزيادة فهو جائز، وهو في البيع. إن زاد الذي قبض الدينار ثوباً فدفعه إلى الذي قبض القُلْب فهو جائز. فإن زاده ديناراً آخر أو نصف دينار فهو جائز إذا دفعه قبل أن يتفرقا. فأما الثوب فلا بأس أن لا يدفعه حتى يفترقا، لأن حصته ليس بصرف، وحصة الدينار الزيادة صرف. فإن تفرقا قبل أن يقبض الدينار الزيادة انتقض بيع نصف القُلْب. دن كان زيادة نصف دينار انتقض بيع ثلث القُلْب. ولو كان قابض القُلْب زاد فى رهماً ودفعه إلى قابض الدينار فهو جائز، وإن تفرقا قبل أن يقبضه انتقض البيع من القُلْب في عُشْرِه وَزْنَ درهم، لأن الدرهم بمثله، والدينار بتسعة. وإذا اشترى الرجل سيفاً محلَّى بمائة درهم في حلية السيف خمسون درهماً ونَقَدَ وقَبَضَ وتفرقا ثم زاده الذي قبض السيف درهماً فهو جائز. وإن تفرقا قبل أن يقبضا فهو جائز، لأن الزيادة ليست في الفضة، إنما هي فيما (¬3) سوى ذلك. ولو حط عنه الذي قبض الثمن درهماً كان جائزاً، وليس الحط من ثمن الفضة. وكذلك لو حط عنه عشرة دراهم. ولو كان الذي قبض الثمن زاده ديناراً فإن قبض قبل أن يتفرقا فهو جائز. وإن تفرقا قبل أن يقبض انتقض (¬4) من الثمن بحصة الدينار. وتفسير ذلك أن يُعْزَل من الثمن وزن الفضة، ويُقْسَم ما بقي على قيمة الدينار وقيمة السيف سوى الحلية، فتُرَدّ حصة الدينار. ولو أن رجلاً اشترى قُلْبَ فضةٍ بعشرة دراهم وفيه عشرة دراهم واشترى آخَرُ ثوباً بعشرة دراهم ثم باعا (¬5) جميعاً القُلْبَ والثوبَ من الرجل ¬

_ (¬1) من ب. (¬2) ف م ز: والبيع. (¬3) ف: في. (¬4) ف م - انتقض. (¬5) ز: ثم بايا.

بربح عشرة [أحد عشر] (¬1) أو بربح ده يازده (¬2) أو بربح درهمين كان حصة الثوب من ذلك جائزاً، ولا تجوز حصة القُلْب، لأن له في الربح حصة. ألا. ترى أن "ده يازده" على عشرين درهماً درهمين. قُلْتُ: فكيف أجعل الربح كله للثوب. وكذلك لو كان القُلْب والثوب لرجل واحد. وكذلك لو باعهما بوضيعة ده يازده أو بوضيعة عشرة أحد (¬3) عشر. وكذلك بنقصان ده يازده من رأس المال وعشرة أحد عشر (¬4). وكذلك بزيادة العشرة أحد عشر على رأس المال. فهذا كله باب واحد. وكذلك السيف المحلّى والمِنْطَقَة المفضَّضة. ولو جمع القُلْبَ والثوبَ الذي وصفنا أولاً فقال: أبيعكهما بزيادة درهم على عشرين درهماً، كان جائزاً، وكان الفَضْل بالثوب، لأنه لم ينسب العشرين إلى رأس المال ولا إلى ما قاما عليه به، فهذا مساومة. وكذلك لو قال: أبيعكهما بنقصان درهم من عشرين أو بوضيعة درهم من عشرين، فهو جائز، والفضة مثلها، والثوب بما بقي، لأن هذا مساومة. ولو أن رجلاً اشترى فضة بخمسين درهماً وَزْنُها كذلك واشترى سيفاً بخمسين درهماً بجَفْنِه وحَمَائِله (¬5) ثم أنفق عليه خمسة دراهم وعلى الصياغة (¬6) خمسة دراهم (¬7) ثم قال: يقوم علي بمائة وعشرة دراهم، فباعه مرابحة على ذلك بربح ده يازده أو بربح عشرة أحد عشر (¬8) أو بربح (¬9) عشرين درهماً كان فاسداً كله، لأنه شيء واحد لا يُنْقَض (¬10)، وقد وقع ¬

_ (¬1) الزيادة من الكافي، الموضع السابق. (¬2) أي: عشرة بأحد عشر، كما تقدم. (¬3) ز: اخذ. (¬4) ز: عشره. (¬5) الجفن هو الغِمْد، والحمائل هي علاقة السيف، كما تقدم. (¬6) م ز: الصناعة. (¬7) وعبارة ب هكذا: ثم صاغ له الخمسين الدرهم حلية بأجرة خمسة وأنفق عليه خمسة. (¬8) ز: عشرة. (¬9) ف م ز: وبربح. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 85. (¬10) أي: لا يُفْصَل، كما هو في ب.

للفضة فيه ربح (¬1). وإذا باع رجل قُلْبَ فضةٍ بعشرة دراهم وفي القُلْب عشرة ولم يتفرقا حتى قبض القُلْبَ وغصبه الآخر عشرة دراهم غصباً أو أقرضها إياه قرضاً فهي قصاص بثمن القُلْب وإن لم يتقاصّا. وإن تفرقا (¬2) على غير رضى فهو مثل ذلك. ولو كان له (¬3) عليه عشرة دراهم قبل ذلك لم يكن قصاصاً (¬4) إلا أن يتراضيا. ولا يشبه الدين الذي كان قبل البيع ما حدث بعد البيع. ولو (¬5) أن رجلاً [اشترى] (¬6) قُلْبَ فضةٍ وَزْنُه عشرة دراهم وثوباً (¬7) بعشرين درهماً فنَقَدَه عشرة وتقابضا ثم تفرقا وقد بقي من الثمن عشرة دراهم (¬8) جعلتُ ما نَقَدَه (¬9) ثمنَ القُلْب خاصة دون الثوب استحساناً (¬10)، وليس بقياس. ولو لم أجعل ذلك على هذا انتقض البيع في نصف القُلْب. ولو نَقَدَه العشرة فقال: هي من ثمنهما (¬11) جميعاً، فهو مثل الأول. فإن نَقَدَه ¬

_ (¬1) زاد الحاكم: ولو كان الثمن والنفقة ديناراً جاز. انظر: الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 85. (¬2) م ز: وإن لم يفترقا. وانظر: المبسوط، 14/ 85. (¬3) ف - له. (¬4) ز: قصاص. (¬5) م ز - لو. (¬6) الزيادة من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 85 وفي ب جار: باع. (¬7) ز: وثوب. (¬8) ف - وثوب بعشرين درهما فنقده عشرة وتقابضا ثم تفرقا وقد بقي من الثمن عشرة دراهم. (¬9) ز: ما بعده. (¬10) ز: استحسان. (¬11) ف م ز: من ثمنهاِ. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 14/ 86 وقال السرخسي: لأن الشيء يضاف إلى الشيئين والمراد أحدهما، قال الله تعالى: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ (22)} [سورة الرحمن، 55/ 22]، والمراد أحدهما، وهو المالح، وقال تعالى: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} [سورة الأنعام، 6/ 130]، فالمراد به=

العشرةَ فقال: هي من الثوب خاصة، وقال الآخر: نعم، أو قال: لا، ثم تفرقا على ذلك قبل أن يَنْقُدَه العشرةَ الباقية، فإن كان رضي بها (¬1) من ثمن (¬2) الثوب فإن البيع ينتقض في القُلْب، لأنهما افترقا قبل أن يَنْقُدَه ثمن القُلْب. وان لم يرض بها من ثمنه فهو مثل ذلك، لأن الدافع يجعلها قضاءً مِن أيهما شاء. قال: وإذا سمى الثوب رضي هذا أو لم يرض [فهو سواء]. وقوله: منهما، هو منهما، قال أو لم يقل (¬3). ولو باعه سيفاً محلّى فضة (¬4) بمائة درهم وَزْنُ الحلية خمسون (¬5) درهماً فنَقَلَه خمسين درهماً وقبض السيف وقال: هذا النَّقْد من ثمن السيف والحلية أو من ثمن السيف دون الحلية، ورضي بذلك القابض أو لم يرض فهو سواء، وهو من ثمن الحلية خاصة دون ما سوى ذلك. أستحسن ذلك (¬6) وأدع القياس فيه، لأن هذا شيء واحد. ولو كان الثمن عشرة دنانير فنقده منها خمسة كان مثل ذلك. وكذلك لو كان ثمن القُلْب والثوب [عشرة دنانير] (¬7) فنَقَدَه منها خمسة فقال: هذه من ثمنهما (¬8) جميعاً، فإني أجعلها من ثمن القُلْب. فإن قال: هو ¬

_ = الإنس خاصة، فهنا وإن قال "هو من ثمنهما" فقد قصد إيفاء الحق المستحَق عليه، وإيفاءُ ثمن القُلْب في مجلس العقد مستحَق بخلاف ثمن الثوب، فيُصْرَف ذلك إلى ثمن القُلْب. انظر: المبسوط، الموضع السابق. (¬1) ف م ز + من ثمن الثوب خاصة وقال الآخر نعم أو قال لا ثم تفرقا على ذلك قبل أن ينقده العشرة الباقية فإن كان رضي بها. (¬2) م ز - ثمن. (¬3) ف م: قال فإن لم يقل. والتصحيح من ب. أي سواء قال "العشرة التي دفعتها من ثمنهما" أو لم يقل ذلك فما دفعه يُصْرفُ إلى حصة القُلْب، إلا إذا ذكر أن ذلك ثمن الثوب خاصة فيصرف إلى ثمن الثوب. (¬4) أي: محلى بفضة. (¬5) ز: خمسين. (¬6) ف: هذا. (¬7) الزيادة من ب. (¬8) ز: من ثمنها.

من ثمن القُلْب خاصة، فهو مثل ذلك. ولو قال: هي من ثمن الثوب خاصة، ثم تفرقا فهي من ثمن الثوب، وينتقض البيع في القُلْب. ولكن لو اشترى فضة بخمسة دنانير وسيفاً وجَفْناً وَحَمَائِل (¬1) بخمسة دنانير وأنفق على صياغته (¬2) وتركيبه ديناراً ثم باعه مرابحة على ذلك بربح عشرة أحد عشر (¬3) أو بربح ده يازده أو بربح دينار وتقابضا كان ذلك جائزاً كله. ولو كان قُلْبُ فضةٍ لرجل يقوم عليه بدينار وثوبٌ لآخَر يقوم عليه بدينارين فباعاهما (¬4) مرابحة على ذلك بربح دينار أو بربح عشرة أحد عشر (¬5) أو بربح ده يازده كان (¬6) الثمنُ بينهما والربحُ (¬7)، على قدر رأس مال (¬8) كل واحد منهما. فقد صار للقُلْب هاهنا حصة من الربح. يقول: لأن الثمن دنانير. وإذا كان القُلْب يقوم عليه بعشرة دراهم وكان الثوب يقوم (¬9) بعشرين فباعاهما (¬10) مرابحةً على ما وصفتُ لك فهو باطل، لأنه يكون للقُلْب في الربح حصة. فكيف تكون (¬11) له حصة إذا كان الثمن ذهباً ولا تكون (¬12) له حصة إذا كان الثمن فضة؟ وكيف يكون هذا إذا كان (¬13) سيفاً على حليته ¬

_ (¬1) ف ز: وحمائل وجفنا. (¬2) م ز: على صناعته. (¬3) ز: عشرة. (¬4) ف م ز: فباعهما. والتصحيح من ب؛ والمبسوط،14/ 86. (¬5) ز: عشرة. (¬6) ف م ز: ان. (¬7) أي: فإن الثمن والربح بينهما، كما هي عبارة الكافي، 1/ 186 و. (¬8) م ز: المال. (¬9) ز + عليه. (¬10) ف م ز: فباعهما. وانظر المسألة السابقة. (¬11) ز: يكون. (¬12) ز: يكون. (¬13) ز - كان.

فضة، يقوم (¬1) على صاحبه بمائة درهم، والحلية خمسون درهماً وَزْنُها، فباعه (¬2) مرابحة على مائة أيكون (¬3) للحلية في الربح (¬4) حصة؟ وإن كان الثمن عشرة دنانير، بذلك قام عليه، فباعه مرابحة على ذلك، أيكون (¬5) للفضة في الربح حصة؟ وإذا قال: بربح ده يازده على مائة درهم، فيعطي عشرة دراهم أو يحسب على خمسين؟ فإن حسب ذلك (¬6) على مائة درهم فقد جعل للحلية في الربح حصة، وإن حسبه على خمسين فإنما الربح خمسة دراهم، وقد قامت (¬7) بمائة درهم، فيكون هذا ده يازده أو عشرة أحد عشر؟ قلت: فسيف فيه حلية خمسون درهماً اشتريته بمائة فبعته بربح درهمين؟ قال: (¬8) البيع فاسد. قال: وإن قال: بزيادة درهمين، فجائز، والزيادة في النَّصْل خاصة. وإذا كان قُلْبُ فضةٍ لرجل فيه عشرة، وثوبٌ لآخَر قيمته عشرة، فباعا جميعاً ذلك من رجل بعشرين درهماً، كل واحد منهما باع الذي له، إلا أن البيعِ صفقة واحدة، ثم نَقَدَ (¬9) صاحبَ القُلْب عشرة، فهي له، لا يَشْرَكُه الآخر، ولا يَنْتَقِض (¬10) البيع وإن تفرقا قبل أن ينقد ما بقي. ولو باعا جميعاً ¬

_ (¬1) ز: تقوم. (¬2) ف م ز: فباعها. والمبيع هو السيف المحلّى. (¬3) ف م ز: ليكون. وانظر الجملة التالية. (¬4) م ز - في الربح. (¬5) م ز: ليكون. (¬6) م ز - ذلك. (¬7) ف م ز: وقد تقوم. (¬8) ز: فإن. (¬9) ز: ثم نقده. (¬10) ف م ز: ولا ينقض. والتصحيح من ب، والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 87.

الثوبَ، باعاه جميعاً، والقُلْبَ باعاه جميعاً، فنَقَدَ صاحبَ القُلْب (¬1) عشرة ثم تفرقا انتقض البيع في نصف القُلْب، لأنه لم يَنْقُده جميعَ ثمن القُلْب، وإنما اشترى من صاحبه نصفه واشترى نصفه [من الآخر] (¬2) ولم ينقده. ولو أن رجلاً باع لؤلؤة بمائة دينار على أن فيها مثقالاً (¬3) فإذا فيها مثقالان (¬4) كان البيع جائزاً. ولو باع داراً بألف درهم على أنها ألف ذراع فإذا هي ألفان كان البيع جائزاً، لأنه قد اشتراها كلها. ولو باعها كل ذراع بدرهم على أنها ألف ذراع فإذا هي ألفا ذراع فإن شاء أخذها بألفي درهم، وإن شاء تركها، ولا يشبه الأول، لأن الأول اشتراها جملة، وهذا اشتراها كل ذرل بدرهم. وإن لم يسم جملة الذراع (¬5) فقال: أبيعك هذه الدار كل ذراع بدرهم (¬6)، فالبيع باطل؛ و [في] قول يعقوب جائز (¬7). وكذلك [قُلْب] (¬8) فضة اشتراها بعشرة على أن فيه عشرة فإذا فيه (¬9) عشرون فهذا كله درهم بدرهم، يأخذه بعشرين درهماً إن لم يكونا تفرقا، لأن كل درهم بدرهم وإن (¬10) لم يسم؛ وإن شاء ترك. وإذا أخذه بدينار فإنه له جميعاً، لأنه لم يسم كل درهم بشيء. ولو قال: كل دره بعُشْر دينار، أخذه بدينارين أو ترك. ¬

_ (¬1) م ز - القلب. (¬2) من ب. (¬3) ز: مثقال. (¬4) ز: مثقالين. (¬5) وفي ب: الذرع. (¬6) ف - وإن لم يسم جملة الذراع فقال أبيعك هذه الدار كل ذراع بدرهم. (¬7) ف م ز: جاز. وكذلك قول محمد. قال في كتاب البيوع: وإذا اشترى الرجل دارا كل ذراع منها بكذا وكذا ولم يسم جماعة الذرعان فالبيع في هذا فاسد ... في قول أبي حنيفة. وقال يعقوب ومحمد في هذا: هو جائز كله إذا كان قد رآه، وإن لم يره فهو بالخيار إن رآه. انظر: 1/ 230 ظ، 231 و. (¬8) الزيادة من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 87. (¬9) م ز - فيه. (¬10) ف م - فإن. والتصحيح من ب.

ولو باعه قُلْبَ فضةٍ فيه عشرة دراهم، وثوباً، بعشرين درهماً، فنَقَدَه عشرة، وقال: نصفُها من ثمن القُلْب ونصفُها من ثمن الثوب، ثم تفرقا وقد قبض القُلْب والثوب، فإن البيع ينتقض في نصف القُلْب. وأما السيف (¬1) إذا سمى فقال: نصفها من ثمن الحلية ونصفها من ثمن نَصْل (¬2) السيف، ثم تفرقا فإن البيع لا يفسد في هذا كله. ولو قال: أبيعك السيف بمائة درهم، خمسين نَقْدٍ من ثمن السيف والحلية، نصفٌ مِن ثمن الحلية ونصفٌ مِن ثمن السيف، وخمسين نسيئة سنة من ثمن السيف والحلية، ثم تفرقا، كان البيع فاسداً في السيف كله. قلت: فإن لم يسم نصفاً (¬3) من الحلية ونصفاً (¬4) من (¬5) السيف؟ قال: جائز، ويكون ما نَقَدَ حصةَ الحلية، كأنه قال يشتري السيف بمائة، خمسين نَقْدٍ وخمسين (¬6) نسيئة سنة (¬7)، فهذا جائز. ولو كان (¬8) هذا في القُلْب والثوب فسد في ذلك كله في قول أبي حنيفة، وكان في قول أبي يوسف (¬9) جائزاً (¬10) في الثوب وفاسداً (¬11) في القُلْب. ولو أن رجلاً ابتاع سيفاً محلّى بمائة درهم على أن حليته خمسون درهماً وتقابضا فإذا حليته ستون درهماً فإن كانا لم يفترقا فالمشتري بالخيار، ¬

_ (¬1) أي: السيف المحلى، كما في ب. (¬2) أي: حديدة السيف، كما تقدم. (¬3) ز: نصف. (¬4) ز: ونصف. (¬5) ز + ثمن. (¬6) ز - نقد وخمسين. (¬7) ف: سنة نسيئة (¬8) ف م ز + مع. والتصحيح من ب. (¬9) وكذلك قول محمد، كما ذكره في الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 89. (¬10) ز: جائز. (¬11) ز: وفاسد.

إن شاء زاد عشرة دراهم وأخذ السيف، وإن شاء نقض البيع وأخذ ماله. وإن كانا قد تفرقا فالبيع فاسد منتقض. [وكذلك لو كان في حلية السيف مائة درهم] (¬1)، وان كانا لم يتفرقا (¬2) فهو بالخيار، إن شاء زاد خمسين درهماً ونَقَدَها وأَخَذَ السيفَ، [وإن شاء ترك] (¬3). وإذا اشترى الرجل إبريق فضة فيه مائة درهم بمائة درهم وتقابضا ثم علم أن فيه مائتي (¬4) درهم فإن كانا لم يتفرقا فالمشتري بالخيار، إن شاء زاد مائة ونَقَدَها وسَلِمَ له البَيْع، [وإن شاء ترك] (¬5). وإن كانا قد (¬6) تفرقا فإنه يجوز له نصف الإبريق بما نَقَدَ ويُرجع إلى البائع نصفه، وإن شاء رد هذا النصف وأخذ ما نَقَدَ. وكذلك قُلْب فضة. وكذلك كل إناء فضة. ولا يشبه هذا السيف. ألا ترى أن رجلاً لو باع نصف إبريق جاز، ولو باع نصف (¬7) حلية (¬8) السيف لم يجز، ولو باع النَّصْل والحَمَائِل ونصف الحلية لم يجز، لأن في هذا ضرراً (¬9)، وليس في بيع نصف الإبريق ضرر. ولو أن رجلاً اشترى سيفاً محلّى فضةً (¬10) وَزْنُ حليتِه خمسون درهماً بعشرة دنانير وتقابضا وتفرقا فإذا في السيف مائة درهم فإن البيع جائز، ولا يشبه هذا البيع بالدرهم. ولو أن رجلاً اشترى قُلْبَ فضةٍ بدينار على أن فيه عشرة دراهم وتقابضا وتفرقا فإذا فيه عشرون درهماً كان البيع جائزاً، لا يرد منه شيء ولا ينتقض. ¬

_ (¬1) الزيادة من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 89. (¬2) ف: لم يفترقا. (¬3) الزيادة من المبسوط، 14/ 89 (¬4) ز: مائتا. (¬5) الزيادة مستفادة من ب. (¬6) م ز - قد. (¬7) م - إبريق جاز ولو باع نصف، صح هـ. (¬8) ز - حلية. (¬9) ز: ضرر. (¬10) أي: محلى بفضة.

ولو كان مكان [القُلْب] (¬1) نُقْرَةُ (¬2) فضةٍ رد منها نصفها وجاز له نصفها، لأن النُّقْرَة تُقْسَم فلا يُفسدها، والقُلْب لا يُقْسَم. وإنما مثل القُلْب مثل رجل باع قُلْبَ فضةٍ لرجل وكّله ببيعه ووكّله آخر ببيع ثوب فباعهما جميعاً صفقة واحدة بدينار وعشرة دراهم على أن (¬3) ثمن القُلْب الدينار وثمن الثوب الدراهم كان جائزاً، فإن دفع القُلْب وقبض ثمنه فهو جائز، ولا يَشْرَكُه صاحب الثوب في ثمن القُلْب وإن كان البيع صفقة واحدة، لأن ثمن كل واحد مسمى على حدة. وكذلك لو كان [الثمن] (¬4) عشرين (¬5) درهماً، عشرة (¬6) ثمن القُلْب، ووَزْنُ القُلْب عشرة، وعشرة سُود ثمن الثوب، وبينهما صَرْف (¬7)، فهو مثل ذلك، ولا يَشْرَكُ واحدٌ منهما صاحبَه. أرأيت لو باع أحدَهما بحنطة والآخَرَ بشعير أكان (¬8) أحدُهما يشارك الآخر، لا يشاركه (¬9) في شيء. ولو كان بينهما جميعاً عشرون درهما (¬10) فنَقَدَه عشرة دراهم كانت هي ثمن القُلْب، وكان البيع جائزاً، تكون لصاحب القُلْب كلها، ولا يَشْرَكُه صاحب الثوب فيها، ولا يُفسِد البيعَ تفرقُهم قبل قبضه ما بقي. وإنما ¬

_ (¬1) الزيادة من ب؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 89. (¬2) النقرة هي القطعة المذابة من الفضة أو الذهب، كما تقدم. (¬3) ف م + من. والتصحيح من ب. (¬4) الزيادة من ب؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 89. (¬5) ف م ز: عشرون. (¬6) م + من. وزاد الحاكم والسرخسي: بيض. انظر: الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 89. ويفيده قول المؤلف الآتي: وبينهما صرف. (¬7) أي: بين الثمنين صَرْف، أي تفاضل في القيمة، كما مر. (¬8) م ز: كان. (¬9) م ز: ولا يشاركه. (¬10) وعبارة الحاكم: ولو باعهما بعشرين درهماً صفقة واحدة ولم يبين ثمن أحدهما من صاحبه ... انظر: الكافي، 1/ 186 ظ. وكذلك عبارة السرخسي، إلا كلمة "ثمن" سقطت منه. انظر: المبسوط، 14/ 89.

كان (¬1) ذلك لصاحب القُلْب خاصة لا (¬2) يَشْرَكُه الآخَرُ فيه لأن البَيْع كان لكل واحد منهما [في]، الذي له خالصاً لا يَشْرَكُه الآخَرُ فيه (¬3). ولو كان أحدُهما وَلِيَ بَيْعَ ذلك كلِّه ثم انْتَقَدَ (¬4) عشرةً ثم تفرقا كانت لصاحب القُلْب خاصة، ولا يَشْرَكُه فيها صاحبُ الثوب، لأنه لم يكن له في القُلْب شريك. ولو وقع للثوب في هذا حصةٌ فسد البيع فيما بقي من القُلْب. أرأيت لو كان باع القُلْب والثوب بعشرين درهماً عشرةٍ نَقْدٍ وعشرةٍ نسيئةٍ سنة فقبض النقد ودفع القُلْب والثوب ألم يكن هذا جائزاً والنقد من ثمن القُلْب (¬5). ¬

_ (¬1) ف - كان. (¬2) ز: ولا. (¬3) وعبارة ب هكذا: لأن لكل واحد منهما مبيعا يختص به. (¬4) انتقد الدراهم أي قبضها. انظر: مختار الصحاح، "نقد". (¬5) ف + آخر كتاب الصرف والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله وسلم؛ م + آخر كتاب الصرف وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله وسلم.

كتاب الرهن

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب الرهن قال: أخبرنا أبو سليمان عن محمد بن الحسن عن أبي يوسف عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اشترى من يهودي طعاماً بنسيئة، ورَهَنَه دِرْعَه (¬2). محمد عن أبي يوسف عن محمد بن سالم عن الشعبي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه قال: يترادّان الفضل في الرهن (¬3). محمد عن أبي يوسف عن يحيى بن أبي أنَيْسَة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَغْلَقُ الرهن، لا يَغْلَقُ الرهن، لا يَغْلَقُ الرهن، لصاحبه غُنْمُه، وعليه غُرْمُه" (¬4). ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) صحيح البخاري، الرهن، 2؛ وصحيح مسلم، المساقاة، 124؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 2/ 38؛ وعقود الجواهر للزبيدي، 2/ 91. (¬3) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 525؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 6/ 43. (¬4) الموطأ؛ الأقضية، 13؛ والموطأ برواية محمد، 3/ 342؛ ومسند الشافعي، 148، 251؛ وسنن ابن ماجه، الرهون، 3؛ وشرح معاني الآثار للطحاوي، 4/ 100، 102؛ وسنن الدارقطني، 3/ 32 - 33؛ وصحيح ابن حبان، 13/ 258؛ والدراية لابن حجر،2/ 257.

باب ما لا يجوز من الرهن

محمد عن (¬1) أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم قال: إذا كان الرهن والدين قيمته سواء فضاع الرهن فهو بما فيه. وان كانت (¬2) قيمته أكثر من الدين فهو في الفضل أمين لا ضمان عليه. وان كانت قيمته أقل من الدين رجع المرتهن (¬3) على الراهن بذلك (¬4). وهذا (¬5) قول أبي حنيفة -رحمه الله- الذي كان يأخذ به. وهو قول أبي يوسف ومحمد. [محمد] عن يعقوب عن محمد بن سالم عن عامر الشعبي عن شريح أنه قال: الرهن بما فيه وإن كان خاتماً من حديد بمائة درهم (¬6). ... باب ما لا يجوز من الرهن محمد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة قال: لا يجوز الرهن غير مقبوض لقول الله تعالى في كتابه: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} (¬7). ولو كان الرهن محوزاً مقسوماً معلوماً مسمى لم يجز إذا كان غير مقبوض. وكذلك (¬8) لا يجوز في الرهن سهام مسماة من دار ولا أذرع ولا نصف دار ولا ثلث دار ولا ربع دار إذا كان ذلك غير مقسوم. ¬

_ (¬1) ز + الإمام الأعظم. (¬2) ز: كان. (¬3) م ف ز: الرهن. والتصحيح من ب. (¬4) الآثار لمحمد، 134؛ والمصنف لعبد الرزاق، 8/ 242؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 525؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 2/ 39. (¬5) م ز - وهذا. (¬6) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 238؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 525؛ وشرح معاني الآثار للطحاوي، 4/ 103. (¬7) سورة البقرة، 2/ 283. (¬8) م: ولذلك.

ولو كان مقسوماً لم يجز (¬1) حتى يقبض. وكذلك الأرض لا يجوز أن يرهن ثلثها. ولو كان سهام منها (¬2) مسماة أو جُرْبَان (¬3) لم يجز إلا بأن يكون مقسوماً معلوماً. وكذلك النصيب فيما لا يقسم (¬4) من العقار والحمام والحائط والقطعة الصغيرة والبيمت الصغير والدّكّان الصغير والطريق الصغير والكبير، فلا يجوز أن يرهن شيئأ من هذا النصيب (¬5) غير مقسوم. ولو قبض ذلك كله وسمى الرهن فيه سهاماً لم يجز حتى يكون الرهن مقسوماً مقبوضاً. وكذلك الدار (¬6) والأرض والعبد لو رهن منها نصيباً مسمى (¬7) معلوماً وهو غير مقبوض، و [إن] (¬8) قبض الدار كلها لم يجز الرهن. وكذلك الأرض. وكذلك النصيب في الثوب أو السيف أو العبد أو الأمة أو البقرة أو البعير أو في الشاة أو الدابة. وكذلك [النصيب من] (¬9) جميع الحيوان يرهنه (¬10) فيقبضه كله (¬11) فإنه لا يجوز وإن كان مسمى معلوماً. وكذلك النصيب في (¬12) الرحى والسفينة والحمام. ألا ترى أنه قد بقي منه ما لم يدخل في الرهن. وإذا ارتهن الرجل داراً أو أرضاً وقبضها ثم استحقت منها طائفة بطل الرهن (¬13) فيما بقي. وكذلك المنزل يرتهن منه طائفة غير مقسومة والعبد والأمة والدابة والثوب وكل ما سمينا إذا استحق منه نصيب غير مقسوم بطل الرهن فيما بقي؛ لأنه لم يسلم له جميع ما ارتهنه. وإذا ارتهن نصيباً من الطعام مسمى أو شيئاً مما يكال أو يوزن ولم يقسم وقبض ذلك الشيء كله فإنه لا يجوز الرهن فيه غير مقسوم. وإذا ارتهن الرجل طعاماً مسمى كيله ثم استحقت منه طائفة نصف أو ¬

_ (¬1) ف - لم يجز. (¬2) ف - منها. (¬3) جُرْبَان جمع جَرِيب. انظر: المصباح المنير، "جرب". (¬4) ز: لا ينقسم. (¬5) م ز: نصيب. (¬6) ز: الدلو. (¬7) ف - مسمى، صح هـ. (¬8) الزيادة من ب. (¬9) الزيادة مستفادة من ب. (¬10) ف: يرتهنه. (¬11) م ف ز: فيقبضها كلها. (¬12) م ز - النصيب في. (¬13) م ز - الرهن.

ثلث أو ربع بطل الرهن فيما بقي. وكذلك كل ما يكال أو يوزن. وكذلك الثوب والدابة والعبد والحمام والرحى والدار والطريق والعروض كلها والكيل (¬1) والوزن كله والحيوان كله إذا استحق منه شيء لم يجز الرهن في البقية؛ لأنه رهن (¬2) ما لم يكن يملك. وكذلك اللؤلؤ والفص والياقوت. وإذا كان العبد بين اثنين فرهن أحدهما نصيبه من صاحبه وهو النصف وقبضه كله فإن ذلك (¬3) لا يجوز؛ لأنه يرهن شيئاً غير مقسوم، ولا يجوز. وكذلك الدابة والدار والأرض والسيف والعروض كلها. وكذلك كل ما يكال أو يوزن. وكذلك كل ما يقسم وما لا يقسم إذا رهنه الشريك من شريكه أو من غيره فإنه لا يجوز. وكذلك العبد بين اثنين يرهن أحدهما نصيبه من غير (¬4) شريكه وهو غير مقسوم وقبضه بأمر الشريك أو بغير أمره فإنه لا يجوز وإن أذن له (¬5) شريكه في ذلك. وكذلك كل ما يقسم وما لا يقسم أو ما يكال أو ما يوزن إذا كان بين الرجلين فرهن أحدهما نصيبه من رجل بإذن شريكه أو بغير إذنه فإنه لا يجوز إلا أن يكون محوزاً (¬6) مقسوماً معلوماً. وكذلك الرجل يرهن (¬7) بيتاً من دار بينه وبين آخر بغير إذنه ويقبض المرتهن فإنه لا يجوز الرهن فيه؛ لأن للشريك نصفه. وكذلك إذا أذن له الشريك في رهن نصيبه. وإذا ارتهن الرجل ثمراً (¬8) في نخل أو شجر دون النخل والشجر فإن الرهن لا يجوز إلا أن يصرم ذلك كله فيقبضه بأمره. وكذلك لو ارتهن زرعاً أو رَطْبَةً (¬9) في أرض دون الأرض. وإذا كفل الرجل بنفس الرجل فأعطاه رهناً بذلك وقبضه المرتهن فإنه لا يجوز؛ لأنه ارتهنه بغير مال واجب. وكذلك الرهن بجراحة فيها قصاص ¬

_ (¬1) م: والوكيل. (¬2) م ز - رهن. (¬3) م ز: فإنه. (¬4) م ز - غير. (¬5) ف - له. (¬6) ز: محرزا. (¬7) م ف ز: يرتهن. والتصحيح من ع ب. (¬8) ز: تمرا. (¬9) نوع من العلف. انظر: المغرب، "رطب"؛ ولسان العرب، "رطب".

أو دم عمد فإنه لا يجوز، ولا يضمن المرتهن إن هلك في يديه من غير فعله؛ لأنه ليس بمال واجب (¬1). وكذلك الرهن بالشفعة. وكذلك الرهن بالدابة يستعيرها الرجل أو الثوب أو المتاع يستعيره الرجل ويعطي به رهناً فإنه لا يجوز، ولا يكون رهناً، ولا يضمن المرتهن إن هلك في يديه من غير فعله (¬2). وإذا استأجر الرجل دابةً أو داراً أو أرضاً أو عبداً وقبض ذلك وأعطاه به رهناً وقبضه المرتهن فإنه لا يجوز الرهن، ولصاحبه أن يرجع في الرهن. ولو هلك الرهن في يدي (¬3) المرتهن من غير عمله لم يضمن. وكذلك الوديعة يستودعها الرجلُ الرجلَ ويأخذ بها رهناً. وكذلك (¬4) كل شيء أصله (¬5) أمانة. وإذا اشترى الرجل داراً أو عبداً أو ثوباً وأخذ رهناً بما أدركه فيها مِن دَرَك (¬6) فإن ذلك لا يجوز. ولو هلك في يدي (¬7) المرتهن من غير عمله لم يضمن. وإذا (¬8) ارتهن الرجل من الرجل ثوباً أو عبداً أو دابة وقبضها والدين وقيمتها سواء فاستحقها رجل فإن الرهن لا يجوز، وللمستحق أن يأخذ متاعه، ويرجع المرتهن على الراهن بماله. فإن كان الرهن هلك في يدي ¬

_ (¬1) م ز: واحد. وانظر الجملة السابقة في المتن. (¬2) ف - لأنه ليس بمال واجب وكذلك الرهن بالشفعة وكذلك الرهن بالدابة يستعيرها الرجل أو الثوب أو المتاع يستعيره الرجل ويعطي به رهنا فإنه لا يجوز ولا يكون رهنا ولا يضمن المرتهن إن هلك في يديه من غير فعله. (¬3) ز: في أيدي. (¬4) ف - كذلك. (¬5) ز - أصله. (¬6) الدَّرَك والدَّرْك اسم مِن أدركتُ الشيء: التَّبِعَة، يقال: ما لحقك من دَرَك فعلي خلاصه، ومنه ضمان الدَّرَك، ويكتب في الوثَائق والشروط. انظر: المغرب، "درك"؛ ومختار الصحاح، "درك"؛ والمصباح المنير، "درك". (¬7) ف: في يد. (¬8) م ف ز: فإذا. والتصحيح من ع.

المرتهن فلصاحبه أن يضمّن أيهما شاء. إن شاء ضمّن الراهن، وإن شاء ضمّن المرتهن. فإن ضمّن الراهنَ كان الرهن بما فيه، لأنه قد سَلِمَ لصاحبه المرتهنِ الرهنُ. وإن (¬1) ضمّن المرتهنَ قيمة الرهن رجع المرتهن (¬2) على الراهن بقيمة الرهن وبالدين؛ لأن الرهن لم يَسْلَمْ له، وقد غرّه الراهن فيه، فصار بمنزلة الوديعة عنده، فيضمن له الراهن القيمة التي لَحِقَتْه، ويضمن الدين (¬3) الذي عليه. ولو لم يهلك الرهن ولكنه كان عبداً فأبق فضمّن المرتهنَ قيمتَه رجع المرتهن على الراهن بتلك القيمة وبالدين. فإن ظفروا بالعبد بعد ذلك كان للراهن، ولا يكون رهناً؛ لأنه قد استُحِقّ وبطل الرهن (¬4). وإذا ارتهن الرجل أمة أو ناقة فقبض ذلك فولدت الأمة عنده أو نُتِجَت الناقة عنده ثم ماتت الأمة أو الناقة عنده وأولادها ثم استحقها رجل فضمّن المرتهن فإنما يضمّنه قيمة الأمة أو (¬5) الناقة، ولا يضمّنه قيمة الولد؛ لأن الولد زيادة ولم يحدث فيه المرتهن شيئاً. وكذلك (¬6) لا يضمن له الراهن قيمة الولد، ويرجع المرتهن على الراهن بما ضمن وبدينه. وإذا ارتهن الرجل الأرض وفيها نخل وقبضها ثم أثمر النخل عنده ثم إنه (¬7) أصابت الثمرة اَفة فهلكت أو احترق النخل ثم استحق ذلك رجل ببينة فلا ضمان على المرتهن ولا على الراهن في هذاة لأنهما لم يغيرا شيئاً عن حاله. وليست الأرض بمنزلة الثوب والخادم، لأن ذلك يحوّل والأرض لا تحوّل. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد بن الحسن: يضمن ذلك كله كما يضمن غيره وهو بمنزلة غيره من الأشياء. ثم رجع يعقوب إلى قول أبي حنيفة. وإذا ارتهن الرجل أمة فوضعها على يدي عدل يبيعها عند مَحِلّ المال ¬

_ (¬1) م ف ز: فإن. والتصحيح من ب جار. (¬2) م ز - المرتهن. (¬3) م ز - الدين. (¬4) ف: الراهن. (¬5) ف - أو. (¬6) م ز: ولذلك. (¬7) ف - إنه.

باب الرهن يوضع على يدي العدل

فولدت أولاداً فإن للعدل أن يبيعها ويبيع الولد. فإن باعهما جميعاً وقبضهما المشتري ولا يعلم بمكانه ثم استحقهما (¬1) رجل كان للمستحق أن يضمّن العدل (¬2) الذي باعه قيمة الخادمة وقيمة الولد، [لأنه] أتلفهما، ويرجع العدل (¬3) بذلك في الثمن الذي كان عنده إن كان عنده (¬4) مال فيه وفاء. فإن لم يكن فيه وفاء رجع بتمام ما ضمن على الراهن. فإن كان قد قضاه المرتهن فالعدل بالخيار. إن شاء (¬5) اتّبع الراهن بذلك وخلّى عن المرتهن وسَلِمَ للمرتهن ما اقتضى. وإن شاء ضمّن المرتهن، ورجع (¬6) المرتهن بماله على الراهن. ولو لم يبعهما ولكنهما ماتا عنده كان للمستحق أن يضمّن العدل قيمة الأم، ولا يضمّنه قيمة الولد، ويرجع العدل (¬7) بذلك على الراهن. ... باب الرهن يوضع على يدي العدل وإذا ارتهن الرجل رهناً فوضعه على يدي عدل وقبضه العدل وقيمته والدين سواء فهو رهن جائز. وهو والذي (¬8) في يدي المرتهن سواء لا يختلفان في شيء من أجل أنه مقبوض. بلغنا ذلك عن إبراهيم والشعبي وعطاء بن أبي رباح والحسن البصري (¬9). وإذا كان عند المرتهن (¬10) أو في يدي عدل فهو سواء، ونفقته على الراهن. وكذلك لو مات كان كفنه على الراهن مِن قِبَل أنه قد خرج من ¬

_ (¬1) م: ثم استحقها. (¬2) م ز - العدل. (¬3) م ز: العبد. (¬4) ز - إن كان عنده. (¬5) ز - شاء. (¬6) ف: ويرجع. (¬7) م ز: العبد. (¬8) م ف: الذي. والتصحيح من ع. (¬9) انظر للروايات في هذا المعنى: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 240 - 241، 246؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 367، 5/ 21. (¬10) م: عند المريض؛ ف: عبد المريض؛ ز - المرتهن.

الرهن، والكفن بمنزلة الطعام في ذلك. ولو لم يمت وكان على حاله فدفعه العدل إلى الراهن أو إلى المرتهن كان ضامناً؛ لأنه خالف حين دفعه العدل إلى الراهن أو إلى المرتهن (¬1). وكذلك لو استودعه رجلاً (¬2) ضمن. ولو وضعه عند امرأته أو خادم له أو عند (¬3) ولد له وهو في عياله صغيراً كان أو كبيراً أو عند (¬4) أجير له لم يضمن. وكذلك المرتهن لو كان الرهن عنده فوضعه عند بعض من ذكرنا. وإذا كان العدل رجلين والرهن شيء مما يُقْسَم فاقتسماه (¬5) فكان عند كل واحد منهما نصفه، وإن كان مما لا يُقْسَم فوضعاه عند أحدهما، لم يكن عليهما ضمان، وكان ذلك جائزاً. ولو كان مما يُقْسَم فوضعاه عند أحدهما (¬6) ضمن الذي وضع حصته عند صاحبه؛ لأنه مما يقسم. وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر: إنهما لا يضمنان في ذلك؛ لأن كل واحد منهما مؤتمن (¬7) في ذلك. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. ولو سافر العدل فخرج بالرهن أو انتقل عن البلد إلى بلد آخر فذهب به معه لم يضمن. وكذلك المرتهن نفسه إذا كان الرهن على يديه. وليس للعدل أن يبيع الرهن إلا أن يُسلَّط على بيعه. فإذا سُلِّطَ على بيعه فبيعه جائز، والعهدة عليه. ولو أبى أن يبيع فرفعه المرتهن إلى القاضي أجبره القاضي على البيع بعد أن تقوم (¬8) البينة على ذلك. ولو مات العدل ¬

_ (¬1) ز - كان ضامنا لأنه خالف حين دفعه العدل إلى الراهن أو إلى المرتهن. (¬2) ز: رجل. (¬3) ز: أو عبد. (¬4) ز: أو عبد. (¬5) م: واقتسماه. (¬6) ف - لم يكن عليهما ضمان وكان ذلك جائزا ولو كان مما يقسم فوضعاه عند أحدهما. (¬7) م ف: موقن؛ ز: مؤمن. والتصحيح من ع. (¬8) ز: أن يقوم.

بطل تسليطه على البيع، والرهن على حاله. ولو أوصى العدل إلى من يبيعه لم يجز ذلك. فإن أجمع الراهن والمرتهن على أن يضعاه على يدي غيره فذلك جائز، وهو عدل. وإن أبى الراهن فرفع المرتهن ذلك إلى القاضي فجعل القاضي بينهما عدلاً ووضعه على يديه فذلك جائز. فإن جعل القاضي المرتهن فيه عدلاً ووضعه على يديه فذلك جائز أيضاً (¬1). وكذلك إن وضعه الراهن على يدي المرتهن من غير أن يرفعا ذلك (¬2) إلى القاضي كان ذلك جائزاً. ولو لم يمت العدل ولكن مات الراهن كان للعدل أن يبيعه بعد موته. وليس يُبْطِل موتُ الراهن تسليطَ العدل (¬3) على بيعه. ألا ترى أن الراهن (¬4) لو أَشْهَدَ أنه قد أخرج العدل من التسليط على البيع لم يكن له ذلك. فكذلك موته. وإذا باع العدل الرهن وقضى المال للمرتهن ثم وجد بالعبد عيباً فردَّ عليه ببينة فإنه يضمن الثمن، ويرجع به على المرتهن، ويكون الرهن رهناً على حاله الأول يبيعه العدل. ولو لم تقم (¬5) بينة على العيب ولكن العدل أقر بذلك، فإن كان عيباً لا يحدث مثله فإنه مثل الباب الأول. وإن كان عيباً يحدث مثله ولم يقر به وأبى أن يحلف حتى قضى به القاضي عليه فهو مثل الباب الأول. وإن أقر به لزمه الرد خاصة وضمن الثمن، ولا يرجع على المرتهن. فإن صدّقه المرتهن رد عليه المرتهن ما قبض منه، ويبيع الرهن ¬

_ (¬1) ف - فإن جعل القاضي المرتهن فيه عدلا ووضعه على يديه فذلك جائز أيضا. (¬2) م: بذلك. (¬3) ز - على حاله ولو أوصى العدل إلى من يبيعه لم يجز ذلك فإن أجمع الراهن والمرتهن على أن يضعاه على يدي غيره فذلك جائز وهو عدل وإن أبى الراهن فرفع المرتهن ذلك إلى القاضي ... ولو لم يصت العدل ولكن مات الراهن كان للعدل أن يبيعه بعد موته وليس يبطل موت الراهن تسليط العدل. (¬4) م: أن للراهن. (¬5) ز: لم يقم.

ثانية، ولا يلزم الراهن من وضيعة ذلك شيء إلا أن يقره. ولو لم يطعن (¬1) المشتري بعيب ولكنه استقاله فأقاله البيع أو رده عليه بعيب يحدث مثله أو لا يحدث مثله بغير قضاء قاض (¬2) وقبله منه لزم ذلك البيع العدل، ولا يلزم المرتهن ولا الراهن. وإذا باع العدل الرهن ثم وهب الثمن للمشتري قبل قبضه (¬3) إياه فهو جائز، وهو ضامن له. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: ليس له أن يهبه. ولو قال: قد قبضته فهلك عندي، كان مصدَّقاً وكان من مال المرتهن. وكذلك لو قال: دفعته إلى المرتهن، فهو مصدَّق، وكان على العدل أن يحلف على ذلك. ولو لم يقر بقبضه ولكنه حط منه شيئاً جاز ذلك عليه، وضمن ما حط به، ولا يجوز ذلك على الراهن والمرتهن. ولو كان قَبَضَ الثمن ثم وهبه كله أو بعضه لم يجز ذلك؛ لأنه لغيره. ولو قال: حططت عنك من الثمن، أو قال: قد وهبت لك من الثمن كذا وكذا، فأوجب له ذلك، أجبرته على أن يعطي ذلك من ماله، وسلّمتُ الثمن ودفعتُ إلى المرتهن وافياً. ولو لم يحطط عنه ولكن قال: قد قبضت الثمن ودفعته إلى المرتهن بعدما قبضته (¬4)، كان مصدَّقاً بعد أن يحلف، وبطل حق المرتهن. ولو باع العدل الرهن (¬5) وقضى (¬6) المرتهن ثم استحق الرهن وضمن العدل كان العدل بالخيار. إن شاء رجع على الراهن وسَلِمَ للمرتهن ما أخذ. وإن شاء رجع على المرتهن ورجع المرتهن على الراهن. فإن رجع على واحد منهما فأفلس (¬7) الذي رجع عليه أو مات لم يكن له على الآخر رجوع بشيء. وليس له أن يأخذهما جميعاً، ولكن يأخذ أيهما شاء. وإذا باع العدل الرهن وأقر المرتهن والراهن بالبيع فقال: بعته بمائة ¬

_ (¬1) م ز: لم يصبعن (مهملة). (¬2) ز: قاضي. (¬3) ز: قبل أن يقبضه. (¬4) م ف: قبضه. والتصحيح من ع. (¬5) ف - الرهن. (¬6) ف - وقضى، صح هـ. (¬7) ز: فليس.

درهم، والدين مائة درهم، وقال المرتهن -: بعته بخمسين درهماً فأعطيتنيها، وقال العدل: بل أعطيتك مائة درهم، والدين مائة درهم، فإن القول قول المرتهن ما قَبَضَ إلا كذا وكذا، والبينة على الراهن والعدل. ولو لم يقبض الثمن وتوى عند المشتري فإن هذا والباب الأول سواء، ويرجع المرتهن على الراهن بخمسين درهماً. ولو قامت لهما جميعاً بينة على ذلك أخذت ببينة (¬1) الراهن والعدل؛ لأنهما يدّعيان الفضل. ولو وكل العدل ببيع الرهن وكيلاً والعدل حاضر جاز ذلك. فإن كان العدل غائباَ عن البيع لم يجز ذلك إلا أن يجيزه العدل بعد ذلك البيع فيجوز؛ لأن الراهن لم يرض ببيع غيره. وإذا أجاز (¬2) ذلك العدل (¬3) بعد البيع فكأنه هو باعه. وكذلك لو وقّت (¬4) العدل للوكيل ثمناً فقال: بعه بكذا وكذا، فباعه كان ذلك جائزاً. وإذا باع العدل الرهن من امرأته أو ابنه أو أبيه (¬5) أو عبده أو أمته (¬6) أو مكاتبه أو أم ولده أو مدبره فإن ذلك لا يجوز إلا أن يجيز ذلك الراهن والمرتهن جميعاً. وإذا وكل العدل (¬7) بعض من سمينا بالبيع فالقول فيه كالقول في الوكيل الأول الذي وصفت لك. ولو باع العدل من بعض هؤلاء فأجاز الراهن وأبى المرتهن أن يجيزه أو أجازه المرتهن ولم يجزه الراهن فإن ذلك لا يجوز. وهذا قول أبي حنيفة -رحمه الله-. وأما في قول أبي يوسف ومحمد بن الحسن فإن باع من ابنه وهو كبير أو من زوجته بما (¬8) يتغابن الناس فيه فهو جائز. وإذا كان العدل اثنين وقد سُلِّطَا على البيع فباع أحدهما ولم يجز ذلك الآخر لم يجز ذلك (¬9). ولو أجاز الراهن ولم يجز المرتهن فإنه لا يجوز. ولو لم يجزه المرتهن ولا الراهن وأجازه العدل الاَخر جاز البيع. ولو لم يجزه العدل الآخر وأجاز الراهن والمرتهن جميعاً جاز البيع. ولو باعه الراهن ¬

_ (¬1) م: بينة. (¬2) م ف ز: وإذا احلا. والتصحيح من ع. (¬3) ف - العدل. (¬4) أي: لو عيّن. (¬5) م ز - أو أبيه. (¬6) م ف ز: أو ابنته. والتصحيح من ع. (¬7) م: العبد. (¬8) ف ز: ما. (¬9) ز - ذلك.

أو المرتهن فأجاز العدلان جميعاً جاز البيع. ولو باعه رجل أجنبي ليس معهم فأجازه العدلان وأبى ذلك الراهن والمرتهن فإن البيع جائز. ولو أبى ذلك العدلان وأجاز الراهن والمرتهن كان ذلك جائزاً، وكانا قد أخرجا العدلين (¬1) من الوكالة. وإذا أخرج الراهن والمرتهن العدلين من التسليط على البيع فلا بيع لهما بعد ذلك. فإن كانا (¬2) حاضرين فأخرجهما الراهن والمرتهن وسَلَّطَا غيرهما على البيع فهو جائز، وليس لهما أن يبيعا بعد (¬3) ذلك. ولو أراد العدل بيع الرهن قبل حِلّ (¬4) الأجل فليس له ذلك. فإن قال المرتهن: كان أجله إلى رمضان وكنتَ مُسَلَّطاً على بيعه وقد دخل رمضان، وصدّقه العدل، وقال الراهن: بل سَلَّطْتُك على بيعه إذا دخل شوال، فالقول في التسليط على البيع قول الراهن، والقول في حِلّ المال قول المرتهن. وإن اتفقا على الأجل أنه شهر وقال العدل والمرتهن: قد مضى، وقال الراهن: لم يمض، فالقول قول الراهن. وإذا باع العدل الرهن بدنانير أو بغيرها من العروض والحق دراهم فله أن يصرفها بدراهم إذا كان قد سلّطه على البيع حتى يوفيه. وهو قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فلا يجوز أن يبيعه بعَرْض (¬5). ولو باعه بدراهم والدين طعام كان له أن يشتري طعاماً فيقبضه ويوفيه المرتهن. وكذلك لو باعه بشيء من العروض والدين دراهم كان له أن يبيع تلك العروض أيضاً حتى يوفيه الدراهم في قول أبي حنيفة -رحمه الله-. وكذلك لو باعه بنسيئة كان ذلك جائزاً في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكل شيء توى من المال عند المشتري فهو من مال المرتهن. فإن ¬

_ (¬1) ز: العدلان. (¬2) م: فإن كان. (¬3) م ز - بعد. (¬4) يقال: حل الدين حلولاً، أي: جاء أجله. وحل الحق حِلا أي وجب. فلعل استعمال المؤلف مبني على هذا. ومَحِلّ الدين أجله. انظر: المصباح المنير، "حلل". (¬5) العرض خلاف النقد. انظر: المغرب، "عرض".

كان باعه بتسعين درهماً والدين مائة درهم وقبض المرتهن التسعين كان للمرتهن أن يرجع على الراهن بعشرة. وكذلك لو كان الرهن يساوي مائة درهم يوم ارتهنه. ولو كان الرهن أمة والعدل مسلَّط على بيعها فولدت الأمة كان له أن يبيع ولدها معها. وكذلك لو كان الرهن شاة أو بقرة أو ناقة فنُتِجَت فله أن يبيع الولد معها. والسمن والصوف مع الرهن بمنزلة الولد. وكذلك لو كان الرهن نخلاً أو كرماً أو شجراً فأثمر كان له أن يبيع الثمر مع الرهن. وكذلك لو كان المرتهن هو المسفَط على البيع. فإن كانت الأرض أرض عشر (¬1) فأخذ السلطان العشر من الثمرة أو كانت أرض خراج فأخذ السلطان الخراج والعشر من الثمرة (¬2) كان للعدل أن يبيع ما بقي من الأرض. وإن كان الراهن (¬3) مَلِيئاً (¬4) فأخذ السلطان منه العشر أو الخراج لم يكن للراهن أن يرجع في شيء من الثمرة. وهو كله رهن يبيعه العدل ويوفيه المرتهن. ولو كانت إبلاً أو بقرأ أو غنماً سائمةً لم يكن فيها زكاة؛ لأن على صاحبها من الدين ما يستغرق رقابها. وإن كان العدل هو الراهن، فإن كان المرتهن لم يقبض من يديه فليس برهن. وإن كان المرتهن قبضه وجعل الراهن مسلَّطاً على بيعه فهو رهن، وبيع الراهن (¬5) فيه جائز. وإذا ارتهن الرجل داراً أو بيتاً وسَلّط الراهنُ رجلاً على بيعها ودَفْع الثمن إلى المرتهن ولم يقبضها المرتهن حتى حلّ المال فإنها لا تكون رهنا فإن باع العدل الدار فالبيع جائز بالوكالة لا بالرهن. وكذلك الشقص (¬6) في الخادم أو في العبد أو في الدار. وإذا باع العدل (¬7) ذلك فإنه ¬

_ (¬1) م ز: عشره. (¬2) م ز - أو كانت أرض خراج فأخذ السلطان الخراج أو العشر من الثمرة. (¬3) ف ز: الرهن. (¬4) المليء أي الغني. انظر: المغرب، "ملأ". (¬5) ز + بما. (¬6) م ز - الشقص. (¬7) م ف ز: العبد. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 21/ 86.

يدفع الثمن إلى الراهن، ثم يُقْضى للمرتهن (¬1) على الراهن بحقه. وإن دفع المال إلى المرتهن لم يضمن؛ لأنه وكل بدفعه إليه. فإن مات الراهن قبل أن يبيع العدل الرهن فليس له أن يبيعه بعد موت الراهن. وهو أسوة الغرماء؛ لأن رهنه غير مقبوض. وإذا كان العدل مسلَّطاً على بيع الرهن وهو عبد فقُتِل عنده فدُفِعَ مكانَه عبدٌ (¬2) أو أمة فهو مسلَّط على بيع العبد أو الأمة كما كان مسلَّطاً على بيع الأول. ولو لم يُقْتَل (¬3) ولكن فقأ عبدٌ إحدى (¬4) عينيه (¬5) فدُفِعَ به كان مسلَّطاً على بيعهما. وكذلك جميع ما جَنَى عليه إذا دُفِعَ مكانَه، والعدل مسلَّط على بيعه. وإذا باع العدل الرهن فقال: بعته بتسعين درهماً والدين مائة (¬6)، وأقر بذلك المرتهن فإنه يسأل الراهن عن ذلك. فإن أقر أنه باعه وادعى أكثر من تسعين فالقول قول العدل والمرتهن في ذلك، وعلى الراهن البينة على ما يدعي. فإن أقاموا جميعاً بينة (¬7) أخذت ببينة (¬8) الراهن؛ لأنه المدعي للفضل. فإن لم يقر الراهن بالبيع وقال (¬9): مات الرهن في يدي العدل، فإن القول قول الراهن إذا كانت (¬10) قيمة الرهن والدين سواء يوم دفع؛ مِن قِبَل أن الراهن يقول: مات الرهن فبطل (¬11) ما عليّ ويريد المرتهن أن يرجع عليّ بعشرة، فلا يصدّق. ألا ترى أن الرهن (¬12) حيث كان قيمته والدين سواء أنه إن كان مات أو أصابته اَفة ذهب بما فيه، وأنه إذا باعه العدل حسب للراهن الثمن الذي بيع به، ويرجع عليه بالفضل. فكذلك إذا جحد الراهن البيع كان القول قوله. ¬

_ (¬1) م ف ز: المرتهن. والتصحيح من المبسوط، 21/ 86. (¬2) ز: عبدا. (¬3) م ز: لم يقبله؛ ف: لم يقتله. (¬4) م ز: أحد. (¬5) ز: عينه. (¬6) ز + درهم. (¬7) م: ببينة. (¬8) م: بينة. (¬9) ز: وقد. (¬10) ز: إذا كان. (¬11) م ز: فيبطل. (¬12) م ز: أن المرتهن.

ولو أقر الراهن والمرتهن والعدل بالبيع فقال الراهن: بعته بمائة درهم، وقال العدل: بعته بتسعين، وقال المرتهن: بعته بثمانين، وليست لهم بينة، وقد قَبَّض المالَ من المشتري وقَبَضَه العدلُ ودفعه إلى المرتهن، فإن القول في ذلك قول المرتهن مع يمينه، ويرجع على الراهن بعشرين درهماً. فإن أقاموا جميعاً البينة أخذت ببينة الراهن؛ لأنه المدعي. ولو قال العدل (¬1): بعتُه بتسعين، وقال الراهن: لم [تَبِعْه] (¬2)، وقال المرتهن: بعتَه بمثل ذلك، مثل قول العدل، أو قال: بعتَه بثمانين، فإن القول في ذلك قول الراهن أنه لم يبع، ولا يصدَّق واحد (¬3) منهما على البيع. فإن أقام العدل البينة أنه باع بتسعين وأعطاها المرتهن وأقام الراهن البينة (¬4) أنه لم يبع وأنه مات في يديه قبل أن يبيعه، فإن بينة الراهن على هذا لا تجوز؛ لأنهم لم يشهدوا على فضل مال، إنما شهدوا أنه لم يبع، وهذا لا تجوز شهادتهم (¬5) فيه، والبينة في هذا بينة العدل. وإذا وُضِعَ الرهن على يدي عدل فارتد العدل عن الإسلام ثم باع العدل الرهن ثم قتل على ردته فإن بيعه جائز؛ لأنه ليس يملكه، إنما هو وكيل فيه. فإن لم يقتل وأسلم فذلك أجوز لبيعه. وإن لم يسلم ولكنه لحق بدار الحرب فلحاقه بمنزلة موته. فإن رجع مسلماً فهو على وكالته. ولو رجع الراهن والمرتهن عن الإسلام فلحقا (¬6) بدار الحرب أو قتلا على الردة فباع العدل الرهن في الردة أو بعدما لحقا بالدار أو بعدما (¬7) قتلا فبيعه جائز؛ مِن قِبَل أن موت الراهن لا يبطل وكالته. وكذلك ردته. وإذا كان العدل عبداً تاجراً أو مكاتباً أو مدبراً تاجراً فهو جائز. وإن (¬8) كان عبداً محجوراً عليه فوضعا ذلك على يديه بإذن مولاه فهو جائز. وإن ¬

_ (¬1) م ز: المدعي. (¬2) مستفاد من ب. (¬3) م ز: واحدا. (¬4) ف: بينة. (¬5) م ف ز: شهادته. والتصحيح من المبسوط، 21/ 87. (¬6) م ز: فلحاقه. (¬7) ف ز: وبعدما. (¬8) ز: وإذا.

وضعاه بغير إذن مولاه فهو جائز، ولا عهدة عليه، والعهدة على الذي سلّطه على البيع؛ لأن مولاه لم يأذن له. وإذا كان العدل صبياً لم يحتلم لم بعد أن يكون قد عقل البيع والشرى فإن بيعه جائز إذا كان قد سقطه على البيع، ولا تكون (¬1) عليه عهدة، والعهدة على الذي أمره. فإن كان أبوه أذن له فالعهدة عليه، ويرجع على الذي أمره. فإن لم يكن أبوه أذن له واستُحِقّ البَيْع (¬2) من يد المشتري، فإن شاء المشتري رجع على المرتهن الذي قبض المال، ويرجع المرتهن على الراهن بماله. وإن شاء رجع على الراهن وسَلِمَ للمرتهن ما أخذه. وكذلك العبد المحجور عليه. وإذا ذهب عقل الراهن وأُيسَ (¬3) من أن يبرأ فالعدل على وكالته. وكذلك المرتهن لو ذهب عقله. أَلا ترى (¬4) أن موت الراهن لا يبطل وكالة العدل ولا بيعه، فكذلك ذهاب عقله. وإذا ذهب عقل العدل لم يجز بيعه في تلك الحال، وكانت تلك الحال بمنزلة الموت. فإن رجع عليه عقله فهو على وكالته. وإذا كان الراهن أو المرتهن صغيراً أو كبيراً ذاهب العقل أو عبداً (¬5) محجوراً عليه فإن الرهن لا يجوز ولا وكالة العدل (¬6) ولا بيعه (¬7). ¬

_ (¬1) م ز: ولا يكون. (¬2) أي: المبيع. انظر: المغرب، "بيع". (¬3) م ف ز: وأويس. والتصحيح من ب جار. قال المطرزي: قوله: " ... وأويس من أن يبرأ"، الصواب وأُيِسَ من غير واو بعد الهمزة، أو ويُئِسَ ... يقال يئس منه وأيس، وأيأسه غيره وآيسه. انظر: المغرب، "أيس". (¬4) م ز: ألا يرى. (¬5) ز: أو عبدا. (¬6) ف: العبد. (¬7) ف م ز + إذا كان الراهن كبيرا أو المرتهن صغيرا أو كبيرا ذاهب العقل أو عبدا محجورا (ف + عليه) فإن الرهن لا يجوز.

وإذا كان الراهن والمرتهن كبيرين حرين، والعدل صغير لا يعقل، أو كبير لا يعقل ولا يعبّر مَنْطِقاً ولا يَقْبض، فجعل الرهن على يديه، فإنه لا يجوز ولا يكون رهناً، لأنه لا يكوَن قبضه قبضاً. ولو كبر وعقل فباع الرهن (¬1) جاز بيعه بتسليط الراهن إياه على البيع. وإذا كان الراهن والمرتهن مسلمين والعدل ذمياً، أو كان العدل مسلماً والراهن والمرتهن (¬2) ذميين، فالرهن جائز، وتسليط العدل على بيعه جائز. وكذلك الحربي المستأمن. فإن لحق الحربي بالدار وهو العدل لم يكن له أن يبيع وهو في الدار. وإن كان هو الراهن أو المرتهن والعدل ذمياً أو مسلماً أو حربياً (¬3) مقيماً في الدار بأمان فللعدل أن يبيع، وبيعه جائز. وإذا باع العدل وقبض الثمن فلم يدفعه إلى المرتهن حتى هلك عنده ثم رُدَّ عليه المبيعُ بعيب، فمات عنده أو استُحِقّ، أو كان عنده حيَّا صار مردوداً بالعيب وأخِذَ بالثمن (¬4) حتى أداه، فإن له أن يرجع على الراهن في ذلك (¬5) كله، ولا يكون له أن يرجع على المرتهن بشيء، لأنه لم يقبض منه شيئاً. ولا يكون له أن يرجع على المرتهن بشيء أبداً إذا لم يكن قبض منه شيئاً. وإذا كان الراهن مفلساً والعبد في يدي العدل فقال العدل: أنا أبيع الرهن وأستوفي المال الذي غَرِمْتُ (¬6)، فله ذلك، وهو أحق بذلك من المرتهن، كما يجوز له أن يأخذ من المرتهن ما أخذ فكذلك هو أحق بالرهن حتى يستوفي. وإذا باع العدل الرهن بيعاً فاسداً أو ربا فإنه لا يجوز بيعه ولا يضمن. ¬

_ (¬1) م ز - الرهن. (¬2) ف - والمرتهن. (¬3) ف + أو. (¬4) م ف ز: الثمن. والتصحيح من الكافي، 2/ 213 و. ووقع في المبسوط، 21/ 89:وقد أخره. وهو تحريف. (¬5) ف: في هذا. (¬6) أي: ما غرمه بسبب رد العبد عليه بالعيب ثم موته عنده ...

باب الرهن الذي يكون رهنا ولا يضمن صاحبه

وإذا كان الرهن خمراً أو خنزيراً والعدل ذمي والراهن ذمي والمرتهن مسلماً فباعه العدل وهو مسلط على بيعه فبيعه جائز بالوكالة، والرهن باطل لا يجوز. وإذا دفع الثمن إلى المرتهن فهو جائز إذا كان الراهن (¬1) سلطه على ذلك. وإذا (¬2) كان الراهن مسلماً والعدل ذمياً والمرتهن ذمياً والرهن خمراً أو خنزيراً فالرهن باطل لا يجوز. فإن باعه العدل وهو مسلَّط على بيعه فبيعه جائز في قياس قول أبي حنيفة. وينبغي للمسلم أن يتصدق بالثمن. فإن كان قد قضاه العدل للمرتهن فينبغي للراهن أن يتصدق بمثله. وإذا كان العدل مسلماً والراهن والمرتهن ذميان فبيعه باطل إذا كان خمراً أو خنزيراً في قياس قول أبي حنيفة. وهما (¬3) في قول أبي يوسف ومحمد جميعاً باطل (¬4). ... باب الرهن الذي يكون رهناً ولا يضمن صاحبه وإذا ارتهن الرجل عبداً بألف درهم وقبضه وقيمته ألف درهم فهو رهن جائز. فإن وهب المرتهن المال للراهن وأبرأه منه فهو جائز. وإن لم يدفع العبد إليه حتى مات في يدي المرتهن من غير أن يمنعه إياه فإنه ينبغي في القياس أن يضمن المرتهن قيمته ألف درهم. ولكنا ندع القياس في ذلك، ولا نضمنه شيئاً. ولو منعه العبد حتى مات في يده ضمن قيمته. وإذا ارتهنت المرأة من زوجها رهناً بصداقها وصداقُها مسمى والرهنُ قيمتُه مثل الصداق ثم أبرأته من المهر أو وهبته فلم يَقْبِض العبد حتى مات ولم تَمْنَعْه (¬5) إياه فلا ضمان عليها فيه. ولو كان طلقها قبل أن يدخل بها كان كذلك أيضاً. ولو اختلعت منه قبل أن يدخل بها ولم تمنعه (¬6) حتى مات ¬

_ (¬1) ف: المرتهن. (¬2) م ز: وإن. (¬3) أي: البيع في المسألتين السابقتين. (¬4) ز: باطلا. (¬5) ز: يمنعه. (¬6) ز: يمنعه.

وقد أبرأته من الصداق فلا ضمان عليها فيه. ولو لم تبرئ زوجها من الصداق حتى طلقها (¬1) ثم أبرأته من حصتها من الصداق ولم يقبض العبد حتى مات عندها ذهب بنصف الرهن، ولا ضمان عليها في النصف الذي بطل؛ لأنها لم تمنعه (¬2). وكذلك لو تزوجها على غير مهر مسمى وأعطاها عبداً رهناً به ثم وهبت له المهر ثم طلقها قبل الدخول أو بعده ولم تمنعه (¬3) إياه حتى مات عندها لم يكن عليها ضمان. ولو لم يدخل بها ولم تهب له شيئاً حتى طلقها فإن المهر يبطل عنه، ويأخذ العبد، وتكون المتعة عليه ديناً في الذمة (¬4) في القياس. فإن مات عندها أخذت المتعة. فإن أبرأته عن المتعة ولم تمنعه العبد حتى مات عندها فلا ضمان عليها فيه في قياس هذا القول. وأما في الاستحسان فإن الرهن يذهب بالمتعة إذا لم تبرئه من المتعة. وهذا قياس قول أبي يوسف الأول ومحمد. وقال أبو يوسف بعد ذلك (¬5) بالقياس، وهو القول الآخر. وإذا أسلم الرجل خمسمائة درهم إلى رجل في طعام مسمى وارتهن عبداً يساوي ذلك الطعام وقبض العبد ثم صالحه على رأس ماله فإنه ينبغي في القياس أن يقبض العبد، ويكون رأس المال ديناً عليه، ولكنا ندع القياس ونجعله رهناً في بدله حتى يستوفي رأس المال. ألا ترى أن رجلاً لو أقرض رجلاً كُرّ (¬6) حنطة وارتهن منه ثوباً قيمته مثل قيمة الكُرّ ¬

_ (¬1) أي: قبل الدخول. (¬2) م ف زع: لم تقبضه. وكذلك في ب جار. وتعليل السرخسي للمسألة هكذا: فقد حصل مقصود الزوج [أي براءة ذمته عن الصداق] في النصف بالطلاق قبل الدخول، وإنما بقي ضمان الرهن في النصف الذي هو حقها، فبهلاك الرهن يصير مستوفيا ذلك القدر خاصة، فلهذا لا يلزمها رد شيء. انظر: المبسوط، 21/ 92. (¬3) ز: يمنعه. (¬4) ف - في الذمة. (¬5) م - ذلك. (¬6) الكُرّ: مكيال لأهل العراق، وجمعه أَكْرَار، فقيل: إنه اثنا عشر وَسْقاً كل وَسْق ستون صاعاً، وفي تقديره أقوال أخرى ذكرها المطرزي. انظر: المغرب، "كرر".

فصالحه الذي عليه الكر على كُرَّيْ شعير يداً بيد جاز ذلك (¬1)، ولو هلك الرهن عند المرتهن بطل الطعام، ولم يكن له على الشعير سبيل. ولو كان باعه الكر بدراهم مسماة ثم افترقا قبل أن يقبضها كان البيع باطلاً، وكان الطعام عليه، وكان الثوب رهناً بالطعام. وليس هذا كالشعير إذا كان قائماً بعينه؛ لأن الشعير لو هلك انتقض البيع. وإن كان الشعير ليس بعينه وقد اشترطا منه شيئاً مسمى ثم تفرقا قبل أن يقبض كان البيع باطلاً، وكان الطعام عليه، لأنه دين بدين، والرهن له كما مر. وإذا أسلم الرجل إلى الرجل دراهم في طعام فارتهن منه رهناً فاصطلحا على رأس المال ثم لم يقبض حتى هلك وقيمته أكثر من رأس المال وهي مثل قيمة الطعام فإن على المرتهن مثل ذلك الطعام. وكذلك لو وهب له رأس المال بعد الصلح ثم لم يمنعه العبد حتى مات فعليه طعام مثله. وإذا اشترى الرجل ألف درهم بمائة دينار وقبض الألف وأعطاه بالمائة الدينار رهناً وقبض الألف وهو يساويها ثم افترقا فسد البيع، وبطلت المائة دينار، وصار عليه ألف درهم. وليس له أن يأخذ الرهن حتى يوفيه ألف درهم. فإن هلك الرهن عنده رجع عليه بمائة دينار ورجع المرتهن بالألف. وإن لم يتفرقا (¬2) حتى ضاع الرهن فهو بالمائة دينار، لأنه بما فيه، والألف للمشتري. وإن كان الرهن على يدي عدل فهو في جميع ما وصفت لك من هذا الباب مثله إذا كان على يدي المرتهن. وإذا قبض المرتهن حقه من الراهن ثم هلك الرهن عنده ولم يمنعه من قبضه وقيمته مثل الدين فعليه أن يرد ما قبض؛ لأن هذا قد أخذ مالاً. ولو كان الدين طعاماً قرضاً فاشتراه الذي هو عليه بدراهم ودفعها إلى المرتهن وبرئ من الطعام ثم هلك الرهن عند المرتهن كان على المرتهن أن يرد على الراهن مثل ذلك الطعام إذا كان الرهن قيمته مثله؛ لأنه قد اقتضى طعاماً فعليه أن يرد. ولو كان اشترى ¬

_ (¬1) ف - ذلك؛ ز + ولا يكون له أن يقبض الثوب حتى يدفع إليه الكري الشعير. (¬2) ف: لم يفترقا.

الطعام ودفع ثمنه ثم هلك الرهن كان على المرتهن أن يرد مثل ذلك الطعام؛ لأنه كان قبض طعامه بقبض الرهن. وإذا ارتهن الرجل عبداً بألف درهم يساوي ألفاً فقضاها رجل متطوع عن المطلوب وقبضها الطالب ثم هلك الرهن عنده فإن على المرتهن أن يرد المال على المتطوع؛ لأن الرهن ذهب بما فيه. ألا ترى لو أن رجلاً اشترى عبداً بألف درهم فنقدها عنه متطوع ثم رَدَّ العبد بعيب أو استُحِقّ رجع المال إلى المتطوع، ولا يرجع إلى المشتري. ولو أن امرأة نقدها رجل متطوع مهرها عن زوجها ثم طلقها الزوج قبل أن يدخل بها وقد سمى لها مهراً رجع نصف المهر إلى المتطوع. ولو لم يسم لها مهراً رجع المهر إلى المتطوع، وعلى الزوج المتعة. وكذلك المتطوع في الرهن. وإذا جنى العبد جناية عند المرتهن وقيمته ألف درهم والدين ألف والجناية ألف أو أكثر وأبى المرتهن أن يفديه وفداه الراهن بالجناية ثم مات العبد عند المرتهن فإن على المرتهن أن يرد على الراهن ألفاً. وهذا بمنزلة مال اقتضاه (¬1) المرتهن من الراهن؛ لأن الراهن قد غرم ذلك. وليس هذا بمنزلة ما اقتضاه (¬2) المرتهن كما ذكرنا من الهبة. ولو لم تكن جناية، ولكن أفسد متاعاً فلزمه من ذلك دين يستغرق قيمته (¬3) فقضاه الراهن ثم مات العبد عند المرتهن قبل أن يرده فعلى المرتهن أن يرد على الراهن الألف (¬4) التي كانت (¬5) عليه. وإذا ارتهن الرجل عبداً بألف يساوي ألفاً ثم تصادقا أنه لم يكن عليه شيء وقد مات العبد فإن على المرتهن أن يرد على الراهن ألفاً؛ لأن هذا قد أخذه رهناً بمال باطل لم يكن. وكذلك لو أخذه منه على أن يقرضه ألفاً. وإذا أحال الراهن المرتهن على رجل بالمال وأبرأه منه ثم مات العبد قبل أن يرده على (¬6) الراهن فهو بما فيه، وقد بطل الدين عن الراهن، وبطلت الحوالة. ¬

_ (¬1) ز: اقضاه. (¬2) ز: ما اقضاه. (¬3) م ز: قيمة. (¬4) م ز: ألفا. (¬5) ز: كان. (¬6) م ف ز - على. والزيادة من ع.

وليس هذا كالهبة، لأن هذا قد احتال بالمال، فهو بمنزلة القبض. وكذلك لو أعطاه رهناً مكان الرهن الأول ثم مات الرهن قبل أن يدفعه فهو بالمال، والرهن الثاني باطل يرده. ولو هلك الثاني وبقي الأول كان في الثاني مؤتمناً، ولا ضمان عليه فيه، وكان الرهن هو الأول حتى يرده. وكذلك لو ناقضه الرهن من غير أن يعطيه صاحبه فهو في ضمانه، إن هلك هلك بالمال. وإذا ازداد الراهن (¬1) دراهم من المرتهن وجعلها في الرهن فإنه لا يكون في الرهن (¬2). وكذلك كل ما أنفقه المرتهن على الرهن (¬3) بأمر القاضي أو بأمر صاحبه أو جناية أداها المرتهن وفي الرهن فضل فإنه لا يكون شيء من ذلك [فى] (¬4) الرهن، ولكنه على الراهن. ولو كان الرهن يساوي ألفين والدين ألفاً والجناية كانت ألفين ففداه المرتهن والراهن غائب لزم الراهنَ في ذلك الألف، ولا يكون العبد بها رهناً. وإذا زاد (¬5) الراهن المرتهن رهناً مع الرهن الأول فإن هذا لا يكون رهناً في القياس، ولكنا نستحسن ونجعله رهناً مع الرهن الأول. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد في الزيادة في الرهن والدين. وقال أبو يوسف: أستحسن أن أجيزهما جميعاً. وإذا كان الرهن أمة فولدت ابنة ثم إن المرتهن أبرأ الراهن من المال وحلّله منه ودفع إليه الأم ولم يقبض الابنة حتى ماتت من غير أن يمنعه فلا ضمان عليه فيها. وكذلك لو كان قبض الولد ولم يقبض الأم، أو كان الرهن شيئين (¬6) فقبض أحدهما ولم يقبض الآخر حتى هلك عنده ولم يمنعه إياه لم يضمن شيئاً. ¬

_ (¬1) ف: الرهن. (¬2) أي: إذا أخذ الراهن من المرتهن دراهم غير الدين الأول وبقي الرهن على حاله مرهوناً بالدين السابق واللاحق فإنه لا يجوز. انظر: المبسوط، 21/ 97. (¬3) ز: على الراهن. (¬4) الزيادة من الكافي، 2/ 214 ظ. (¬5) م ف ز: وإذا ازداد؛ ع: وإذا ازاد. والتصحيح من ب جار. (¬6) م ف ز: ابنتين. وهي مهملة في م. والتصحيح من ب جار.

باب رهن الوصي لليتيم

باب رهن الوصي لليتيم وإذا كان على الميت دين وله وصي فرهن الوصى بعض تركة الميت لغريم من غرماء الميت دون أصحابه فإن ذلك لا يجوز. إن خاصموه قبل أن يقضيهم الدين ردوا الرهن، وبيع لهم جميعاً في دينهم (¬1) بالحصص. ولو لم يكن عليه دين إلا لإنسان واحد فرهنه الوصي متاعاً للميت بدينه كان جائزاً وباع الرهن في دينه. وإذا ارتهن الرجل رهناً فمات وهو في يدي وصيه فهو بمنزلته غير أنه لا يبيعه إلا بإذن صاحبه. ولو كان الميت مسلَّطاً على بيعه لم يجز للوصي أن يبيعه؛ لأن المسلَّط على بيعه قد مات. وإذا كان للميت على رجل دين فارتهن (¬2) الوصي بذلك الدين رهناً فهو جائز. وإذا استدان الوصي لليتيم في كسوته وطعامه ورهن بذلك متاعاً لليتيم فهو جائز. وكذلك لو أدان (¬3) مالاً لليتيم يتجر له فيه وارتهن به رهناً لليتيم وقبض كان جائزاً. وللوصي أن يرتهن بدين اليتيم وأن يرهن متاع اليتيم في دين اليتيم، أي ذلك فعل فهو جائز. محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: ينظر الوصي لليتيم، فإن رأى أن يعطي ماله (¬4) مضاربة أعطاه، وإن رأى أن يُبْضِعَه أَبْضَعَه (¬5)، وإن رأى أن يعمل هو به مضاربة عمل به (¬6). ¬

_ (¬1) م ز: في ذمتهم. (¬2) ف + فارتهن. (¬3) م: لو دان. (¬4) م ف ز: بماله. والتصحيح من ب جار. (¬5) أبضع الشيء: جعله بِضاعة، والبِضاعة: قطعة من المال تُعَدّ للتجارة. انظر: المصباح المنير، "بضع". (¬6) الآثار لأبي يوسف، 173؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 390، 6/ 231.

أبو يوسف عن يحيى بن (¬1) سعيد عن القاسم عن عائشة - رضي الله عنها - أنها كانت تُبْضع أموال ولد أخيها في البحر وهم أيتام في حجرها وتزكيها (¬2). محمد قال: حدثنا حميد بن عبد الله (¬3) عن أبيه عن جده أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أعطاه مال يتيم مضاربة (¬4). وإذا ارتهن الوصي خادماً لليتيم من نفسه أو رهن الوصي خادماً لنفسه من اليتيم بحق لليتيم عليه فإن ذلك لا يجوز عليه ولا له، مِن قِبَل أنه رهن من نفسه. وكذلك اليتيم إذا رهن من غيره أو ارتهن فإن ذلك لا يجوز حتى يجيز ذلك وصيه. فإن أجازه الوصي فهو جائز. وإذا كانا وصيين فرهن أحدهما متاعاً للميت أو ارتهن له متاعاً فإن ذلك لا يجوز مِن قِبَل أن الوصي الآخر لم يسلّم ذلك. فإن سلّم الوصي الآخر ذلك كان جائزاً. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: رهن أحد الوصيين وبيعه وشراؤه لليتيم جائز، كل شيء جاز من الوصيين فهو يجوز من أحدهما. وكذلك لو رهنا جميعاً أو ارتهنا كان جائزاً. ولو كانا وصيين فغاب أحدهما أو مات لم يجز للآخر أن يرهن ولا يرتهن في قول أبي حنيفة ومحمد. وإن جعل القاضي كان الميت وصياً مع الحي في تركة الميت والنفقة والشراء والبيع والتقاضي كان مثل (¬5) وصي الميت، إن رهنا ¬

_ (¬1) ز: عن. (¬2) المصنف لعبد الرزاق، 4/ 66؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 379. (¬3) كذا في النسخ. ولعله عبد الله بن حميد بن عبيد. فقد قال ابن حجر: عبد الله بن حميد بن عبيد الأنصاري الكوفي عن أبيه عن جده أن عمر - رضي الله عنه - أعطاه مالاً مضاربة. رواه عنه أبو حنيفة -رحمه الله-. انظر: الثقات لابن حبان، 7/ 15؛ وتعجيل المنفعة لابن حجر، 1/ 219. وقال أيضاً: حميد بن عبيد الأنصاري الكوفي عن أبيه أن عمر دفع إليه مالاً مضاربة وعنه ابنه عبد الله وليث بن أبي سليم. انظر: الثقات لابن حبان، 6/ 189؛ وتعجيل المنفعة لابن حجر، 1/ 106. (¬4) المصنف لعبد الرزاق، 4/ 86؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 379. (¬5) ز - مثل.

جميعاً أو ارتهنا فهذا جائز. ولو وكل الوصي الغائب وكيلاً يكون مع الشاهد في البيع والشرى كان ذلك جائزاً ما صنع. ولو رهن هو والشاهد رهناً جاز ذلك. وكذلك إن (¬1) ارتهنا. وكذلك إن كان الوصي واحداً فوكل وكيلاً بذلك كان ذلك (¬2) جائزاً. ولو كان الورثة كباراً فليس للوصي أن يرهن من متاعهم شيئاً. وكذلك لو كانوا صغاراً وكباراً لم يكن للوصي أن يرهن من متاعهم شيئاً بدين يستدينه عليهم أو على الصغار خاصة. وكذلك لو كانوا كباراً غُيَّباَ عن المصر فللوصي أن يرهن رهناً بدين الميت. وإن كان بعض الورثة كباراً وبقيتهم صغاراً وكان الكبير شاهداً فاحتاج إلى نفقة ينفقها على الرقيق فرهن شيئاً من متاعهم في ذلك فإن ذلك لا يجوز في قول أبي يوسف ومحمد. وإن كان غائباً جاز. وإن كان الوارث صغيراً فاحتاج الوصي إلى نفقة ينفقها على الرقيق أو كسوة فرهن شيئاً من متاعهم في ذلك فإنه يجوز. وإذا كان الوارث صغيراً فاحتاج الوصي إلى مال ينفقه أو كسوة فرهن الوصي بعض متاعه (¬3) فهو جائز. وكذلك لو رهن داراً له أو أرضاً في دين يستدينه عليهم وجعل المرتهن (¬4) مسلَّطاً على بيعه عند حِلّ الأجل. ولو كان الورثة كباراً فسلّموا ذلك الرهن فهو جائز. ولو كان على الميت دين فخاصم الغريم في هذا الرهن كان له أن يبطله، ويباع (¬5) في دينه. فإن قضوه الدين قبل أن يبطل الرهن فإن الرهن جائز. وكذلك الوارث الكبير يرهن شيئاً من متاع الميت وعلى الميت دين. فإن خاصم الغريم في الرهن أبطله وباع له الرهن في دينه. فإن قضاه الوارث دينه جاز الرهن إذا لم يكن له وارث غيره. وإذا رهن الوصي شيئاً من المتاع بمال أنفقه على اليتيم وقبضه المرتهن ¬

_ (¬1) ز: لو. (¬2) ز - ذلك. (¬3) أي: بعض متاع نفسه وليس متاع اليتيم. وهو مستفاد من ب جار. (¬4) م - المرتهن، صح هـ. (¬5) م ف ز: وباع. والتصحيح من ع.

فهو جائز. وكذلك إذا كان الوارث كبيراً فرهن لنفسه بمال أنفقه، فإن رُدَّ عليهم سلعة كان باعها الميت بعيب فماتت (¬1) في أيديهم فصارت ديناً في مال الميت، وليس له مال غير الذي رهنوا، فإن الرهن جائز فيه، والراهن ضامن لقيمته (¬2) حتى يؤديه في دين الميت، الوصي كان أو الوارث. فإن كان الوصي ضمن رجع بذلك على اليتيم. وإنما جاز الرهن لأنه لم يكن على الميت دين يومئذ. وإذا رهن الوصي عبداً للميت ثم استُحِقّ عبد كان الميت (¬3) باعه أو دار فرجع المشتري في ميراث الميت بالثمن فالرهن لا يجوز؛ لأن هذا لم يزل ديناً على الميت. ولا يشبه هذا العيب، إنما هذا كحر باعه الميت وأخذ ثمنه فقيمته (¬4) دين على الميت. ولو كان الميت زوج أمة وأخذ مهرها فأعتقها الوارث بعد موته قبل دخول الزوج بها فاختارت نفسها وقعت (¬5) الفرقة بينها وبين زوجها وكان المهر ديناً في مال الميت وكان الابن ضامناً له، وكان الرهن الذي رهن الابن من متاع الميت جائزاً. وإذا ارتهن الوصي داراً ليتيم في حجره بدين أدانه فأراد أن يكتب كتاباً باسمه ويبين أنه لليتيم كتب: "ذِكْرُ حَقِّ (¬6) فلان بن فلان وَصِيّ فلان بن فلان (¬7) على فلان بن فلان كذا وكذا درهماً وَزْن سبعة (¬8)، ومَحِلّها إلى كذا ¬

_ (¬1) ز: فمات. (¬2) ز: لقيمة. (¬3) م ز - تم استحق عبد كان الميت؛ ف: للميت. والتصحيح من ب جار. (¬4) ف: بقيمته. (¬5) م: ووقعت. (¬6) ذِكْرُ الحق هو الصّكّ. والجمع ذُكُور حقوق، ويقال: ذُكُور حق. انظر: لسان العرب، "ذكر"؛ والقاموس المحيط، "ذكر". (¬7) ز - وصي فلان بن فلان. (¬8) قال المطرزي: وقوله: المعتبر من الدنانير وزن المثاقيل وفي الدارهم وزن سبعة، قال الكرخي في مختصره: وهو أن يكون الدرهم أربعة عشر قيراطاً وتكون العشرة سبعة مثاقيل، والمائتان وزن مائة وأربعين مثقالاً، وكانت الدراهم في الجاهلية ثِقالاً مثاقيل=

وكذا، وهي من ثمن متاع لفلان بن فلان، باعه فلان وَصي فلان بن فلان، وقبضه، وقبله فلان ورضيه، وبرئ فلان الوصي وفلان اليتيم إليه منه، وفلان يومئذ صغير في حجر فلان وصي فلان، فمن قام بهذا الذِّكْر حَق فهو وَفِيُ ما فيه، وقد رهن فلان بن فلان فلاناً (¬1) بهذا المال الدارَ التي في بني فلان، أحدُ حدودِها والثاني والثالث والرابع، بحدودها كلها، وكل حق هو لها، رَهْناً قبوضاً بهذا المال، وقبضها فلان بن فلان لفلان من فلان، على أن فلاناً مسلَّط (¬2) على بيعها عند حِلّ هذا المال، جائز بيعه أمين في ذلك، يبيعه فيستوفي هذا المال، فإن زاد ثمنها على هذا المال فلفلان، وإن نقص فعليه". وإن استدان الوصي لليتيم في خَراجٍ عليه فرهن داراً لليتيم وبيّن ذلك في الذِّكْر حَقّ (¬3) كتب: "ذِكْرُ حَقِّ فلان بن فلان على فلان بن فلان، عليه كذا وكذا درهمأ وَزْن سبعة، قرضاً استقرضها من فلان، فأداها في خراج فلان، وفلان يومئذ صغير في حجر وصيه فلان، فمن قام بهذا الذِّكْر حَقّ (¬4) فهو ولي ما فيه، وقد رهن فلان فلاناً بهذا المال دار فلان التي في بني فلان، أحد حدودها والثاني والثالث والرابع، بحدودها كلها وكل حق هو لها، رَهْناً مقبوضاً بجميع هذا المال، وقبضها فلان بن فلان، على أنه مسلَّط على بيعها جائز بيعه أمين في ذلك، يبيع فيستوفي ماله من هذا، فإن نقص ثمنها من مال فلان فعلى فلان الوصي، وإن زاد فلفلان اليتيم، شهد". وإذا رهن الوصي متاعاً لليتيم (¬5) في دين استدانه عليه وقبضه المرتهن ¬

_ = وخِفافاً طبرية، فلما ضُربت في الإسلام جمعوا الثقيل والخفيف فجعلوهما درهمين فكانت العشرة من هذه الدراهم المتخذة وَزْن سبعة مثاقيل، وذكر أبو عبيد في الأموال أن هذا الجمع والضرب كان في عهد بني أمية وطوّل القول فيه، وهو في المُعْرِب. انظر: المغرب، "درهم". (¬1) م - فلانا. (¬2) ز: مسلطا. (¬3) ز: حقا. (¬4) ز: حقا. (¬5) م ز - شهد وإذا رهن الوصي متاعا لليت.

باب رهن الوالد عن ولده

ثم إن الوصي استعاره من المرتهن لحاجة اليتيم فضاع في يدي الوصي فقد خرج من الرهن، وهو من مال اليتيم، والمال دين على الوصي يرجع به على اليتيم. وإذا رهن الوصي متاعاً لليتيم في نفقة ينفقها (¬1) عليه فأدرك اليتيم فأقر بذلك وأراد أن يبطل الرهن فليس له ذلك، وهو جائز عليه. وإن كان الوصي رهن عبد نفسه كان باطلاً، لا يجوز أن يرهن من نفسه. وكذلك لا يجوز أن يرهنه من ابن له صغير. ولو رهنه من (¬2) ابن له كبير أو من أبيه وقبضه كان جائزاً. وكذلك لو رهنه من مكاتب له. وكذلك لو رهنه من عبد له تاجر عليه دين فهو جائز. فإن لم يكن عليه دين فليس بجائز؛ لأنه ماله وعبده. وإذا رهن الوصي مالاً لليتيم ثم غصبه من المرتهن الوصيُّ فاستعمله حتى هلك فإن الوصي ضامن للدين. فإن أداه نظر في قيمة المتاع، فإن كان أكثر رد الفضل على اليتيم، وإن كان أقل رجع على اليتيم بفضل الدين. وإن كان (¬3) الدين لم يَحِلّ فطلب المرتهن أن يَضْمَنَ الوصيُّ قيمةَ المتاع فيكون رهناً مكان الرهن فله ذلك. وإذا (¬4) استدان الوصي على نفسه ورهن متاعاً لليتيم في ذلك فالرهن جائز، وهو ضامن له، لأنه يجوز رهنه على اليتيم وبيعه، وكذلك إذا رهنه لنفسه. ... باب رهن الوالد عن ولده وإذا رهن الأب عن نفسه في دين استدانه متاعاً لولده وقبض المرتهن ذلك، فإن كان ولده ذلك صغيراً فالرهن جائز، وإن كان كبيراً فالرهن باطل. ¬

_ (¬1) ف ز: نفقها. (¬2) ز - من. (¬3) م ز - كان. (¬4) ز: وإن.

وكذلك لو رهنه في دين استدانه للولد في بعض ما لا بد منه فإنه جائز إذا كان صغيراً. فإن هلك الرهن وقيمته والدين سواء ذهب بما فيه، ولا ضمان على الوالد إذا كان رهنه للولد. فإن كان رهنه لنفسه ضمن قيمته لولده إذا كان الدين مثل القيمة. وكذلك لو رهنه لنفسه من ابن له كبير أو من أب له أو من مكاتب فهو جائز. وإن رهنه من عبد له تاجر فهو جائز إذا كان عليه دين أو لم يكن عليه دين. وليس الأب في هذا كالوصي. ألا ترى أن الأب يشتري من ولده ويبيعه وهو صغير فيجوز ذلك عليه. وليس للوصي ذلك. وكذلك إذا ارتهن الأب متاع الولد لنفسه أو رهن للولد متاعاً بمال أخذه منه فهو جائز. وإذا أراد أن يكتب لولده الصغير وهو دار كتب: "هذا كتاب من فلان بن فلان لابنه فلان، إني استقرضت من مالك (¬1) كذا وكذا درهماً، فأنفقتها في حاجتي، وضمنتها لك، ورهنتك بها الدار التي في بني فلان، أحد حدودها والثاني والثالث والرابع، بحدودها كلها وكل حق هو لها، رهناً مقبوضاً بجميع هذا المال، وقبضتها لك بهذا المال، وأنت يومئذ صغير في عيالي، شهد". وإذا ارتهن الرجل من ولده الصغير داراً كتب: "هذا ما شهد عليه فلان وفلان، شهدوا أن فلان بن فلان نقد عن ابنه (¬2) فلان (¬3) كذا وكذا (¬4) درهماً، مهر امرأته فلانة بنت فلان من ماله، على أنه دين على ابنه فلان، على أنه قد ارتهن بهذا المال دار ابنه التي في بني فلان، أحد حدودها والثاني والثالث والرابع، بحدودها كلها وكل حق هو لها، رهناً مقبوضاً، وقبضها فلان، وفلان يومئذ صغير في عياله، وكتبوا شهادتهم جميعاً في شهر كذا من سنة كذا". وإذا (¬5) رهن الوالد دار ابنه في دين على الابن (¬6) وكتب كتاباً كتبه ¬

_ (¬1) م ز: من مال. (¬2) ز: عن أبيه. (¬3) م ز - فلان. (¬4) ف: كذا كذا. (¬5) م ف ز: فإذا. والتصحيح من ع. (¬6) م ز - على الابن.

على نحو من كتاب الوصي. وكذلك إذا ارتهن له. وإذا رهن الرجل مالاً لولده وهو صغير وأدرك الولد فأراد رد الرهن فليس له ذلك. وكذلك لو مات الأب لم يكن له أن يرد الرهن حتى يقضي المال. فإن كان الأب رهنه لنفسه فقضاه الابن رجع به في مال الأب. وإن كان الأب إنما رهنه للولد في مال على (¬1) الولد لم يرجع الولد بما قضى من ذلك. وإذا رهن الوالد (¬2) متاع ولده وولده كبير فإنه لا يجوز ذلك إلا أن يجيز الولد ذلك. وكذلك لو كان في عياله بعد أن يكون قد أدرك. فإن كان المتاع لابنين له أحدهما صغير والآخر كبير فرهن الوالد (¬3) ذلك كله به فإنه لا يجوز حصة الصغير ولا حصة الكبير. فإن سلم الكبير جاز ذلك كله. فإن كان الوالد (¬4) إنما رهن ذلك لنفسه وهلك الرهن وقيمته والدين سواء ضمن لهما قيمته. فإن أراد الصغير أن يضمن أخاه بتسليم الرهن فليس له ذلك مِن قِبَل أنه لم يرهنه. وإذا رهن الوالد متاعاً لابنه وهو صغير من ابن له صغير آخر فهو جائز. وكذلك لو باعه. ولا يكون هذا للوصي أن يرهن متاعاً ليتيم (¬5) من يتيم. وإذا رهن الوالد متاعاً لولده عن مال أخذه لنفسه ولولده هذا وولده هذا صغير فهو جائز. وإن هلك الرهن وقيمته والدين سواء فهو بما فيه، ويضمن الوالد حصته من ذلك للولد (¬6). وكذلك الوصي. وإذا كان الأب عبداً أو مكاتباً والولد حر وهو صغير فرهن الأب شيئاً من متاعه لم يجز ذلك على الولد؛ لأن أباه عبد. وكذلك لو كان الأب ¬

_ (¬1) م ز - على. (¬2) ز: الولد. (¬3) ف: الولد. (¬4) ف: الولد. (¬5) ز: لليتيم. (¬6) م ف ز: الولد. والتصحيح من ع ب.

باب رهن الحيوان

كافراً والولد مسلماً فإنه لا يجوز. وكذلك المرتد والمرتدة. وكذلك الحربي إذا كان ولده مسلماً فإنه لا يجوز (¬1). وإذا رهن الجد متاعاً لولده فإن كان الأب حياً فإن ذلك لا يجوز. وإن كان الأب ميتاً والجد مِن قِبَل الأب حياً فإن الرهن جائز إذا كان الولد صغيراً. ولا يجوز رهن الجد أبي الأم، ولا الوالدة، ولا يجوز رهن الجدة. ولا يجوز رهن جدٍ أبي (¬2) الأب إذا كان الأب حياً. فإن كان الأب ميتاً ولا وصي له والولد صغير فهو بمنزلة الأب. ... باب رهن الحيوان وإذا ارتهن الرجل عبداً أو أمةً أو إبلاً أو بقراً أو غنماً أو شيئاً من الحيوان وقبض ذلك فهو جائز، وعلفه وطعام الرقيق على الراهن. ولو كان شيئاً مما يرعى فأَجْرُ الراعي على الراهن؛ لأنه بمنزلة العلف. وعلى المرتهن أن يضمها إليه إما في منزله وإما في منزل يتكاراه (¬3) له، وليس على الراهن من ذلك شيء، لأن القبض على المرتهن، وليس هذا كالعلف. وإن أصاب الرقيق جراحة أو (¬4) مرض أو دَبِرَت (¬5) الدواب فإن إصلاح ذلك ودواءه على المرتهن إذا كان الدين والقيمة سواء. وإذا كان الدين أقل من قيمة الرهن فالمعالجة عليهما، على الراهن والمرتهن بحساب ذلك. ¬

_ (¬1) ز - وكذلك الحربي إذا كان ولده مسلما فإنه لا يجوز؛ صح هـ.؛ م ف ز + وكذلك المرتد. والتصحيح من ع. (¬2) ز + جدات. (¬3) م ف: مكاراه؛ ز: مكاراف والتصحيح من ع. وفي ب جار: يكتريه؛ وفي المبسوط، 21/ 104: يتكارى. (¬4) ف - أو. (¬5) دَبِرَ البعير دَبَراً وأَدْبَرَه صاحبه، أي: أصابها الدَّبَرَة بالتحريك، وهي كالجِراحة تَحدث من الرَّحْل أو نحوه. انظر: المغرب، "دبر".

وإذا ارتهن الرجل بعيراً بمائة درهم وقيمته مائة فقبضه ثم رخصت الإبل ونقص السعر حتى صار يساوي خمسين درهماً فهو رهن على حاله لا ينتقص (¬1) من الدين شيء؛ لأن تغير السعر ليس بنقصان في الرهن. ألا ترى أنه يرخص ثم يغلو (¬2). فإن افتكه صاحبه لم يقبله إلا بمائة (¬3). فإن نفق في يدي المرتهن ذهب بالمائة. وإن ذهبت عينه (¬4) ذهب ربع المائة. وإن أصابه عيب فنقصه (¬5) شيئاً ذهب من المال بحساب ذلك. وكذلك لو زاد السعر وغلت الإبل حتى صارت تساوي مائتين كان كذلك أيضاً. وإذا ارتهن الرجل من الرجل (¬6) شاة أو بقرة أو دابة فهو متل ذلك. فإن كان الرهن ناقة أو بقرة لها لبن فلبنها رهن معها. وكذلك أصواف الغنم وسمونها. وكذلك أولادها. وما (¬7) هلك من ذلك في يدي المرتهن لم يكن عليه فيه ضمان، ولا ينقص ذلك من ماله شيئاً، لأن اللبن والصوف والسمن والولد زيادة لم تكن في أصل الرهن، فلذلك لا ينتقص من الدين شيء، لأن الرهن على حاله (¬8). وكذلك ثمرة النخل والشجر (¬9). فأما غلة العبد أو الدار أو الأرض (¬10) تؤاجر فإن (¬11) هذا لا يشبه ذلك؛ لأن هذا ليس من الرهن بشيء (¬12). فإن كان المرتهن أجّرها بغير أمر الراهن فالغلة له ويتصدق بها. فإن كان الراهن أذن له في ذلك فقد خرجت من الرهن، ولا يعود فيه إلا برهن مستقبل، والغلة للراهن. فإن استهلكها فهو لها (¬13) ضامن. وإن ¬

_ (¬1) م: لا ينتقض. (¬2) م ز: ثم يغلوا. (¬3) م ز: إلا بما فيه. (¬4) ز: عنه. (¬5) م ز + من المال. (¬6) ز - من الرجل. (¬7) ز: أو ما. (¬8) أي: لأنه لا ينتفع بزيادة الرهن. وانظر: المبسوط، 21/ 105 - 106. (¬9) م ز - والشجر. (¬10) ز: والأرض. (¬11) ز + فإن. (¬12) أي: لأنه غير متولد من عين الرهن. انظر: المبسوط، 21/ 105. وقد وقعت العبارة فيه حرفة إلى: من غير الرهن. (¬13) م ف ز: له. والتصحيح من ع.

هلكت عنده بغير فعله فلا ضمان عليه، وهو مؤتمن في ذلك. فإن ركب المرتهن الدابة (¬1) وهي رهن أو كان بعيراً فركبه أو كان عبداً فاستخدمه أو كان ثوباً فلبسه أو سيفاً فتقلّده بغير إذن الراهن فهو له ضامن. فإن كان الراهن قد أذن له في ذلك فلا ضمان عليه فيه. وإذا نزل عن الدابة أو نزع الثوب أو كفّ عن الخدمة واللبس والركوب فهو رهن على حاله، وإن هلك ذهب بما له عليه. وإن هلك في حال الخدمة أو اللبس أو الركوب وقد أذن له الراهن (¬2) فلا ضمان عليه، والدين على الراهن كما هو. وإن لم يأذن له في ذلك وهلك في ركوبه أو لبسه أو خدمته ضمن المرتهن قيمة ذلك وكان رهناً مكانه. وكذلك إن أعاره أو أجره المرتهن بغير إذن الراهن وهلك في الإجارة ضمن المرتهن قيمة ذلك، وكان رهناً (¬3) مكانه (¬4). وكذلك إن أعاره (¬5). فأي ذلك فعل بإذن الراهن فهلك لم يكن عليه فيه ضمان، والدين على الراهن على حاله (¬6). وإن فعل ذلك بغير إذن الراهن فهلك في ذلك كان ضامناً لقيمته، ويكون رهناً مكانه. وإذا فعل شيئاً من ذلك بأمر الراهن خرج من الرهن، وله أن يعيده في ذلك كله رهناً كما كان. ما خلا الإجارة بإذن الراهن فإنه لا يعود في الرهن؛ لأنه قد وجب فيه حقاً للمستأجر. ألا ترى أنه لو أذن له أن يرهنه فرهنه خرج من الرهن الأول. وإذا أثمر النخل والكرم وهو رهن فخاف المرتهن على الثمرة الهلاك فباعه بغير أمر القاضي فبيعه باطل، وهو ضامن لقيمته. فإن جَزَّزَ (¬7) الثمر أو قطف العنب فإنه ينبغي في القياس أن يضمن، ولكني أدع القياس وأستحسن، ولا أضمّنه. وكذلك إذا حلب الإبل والغنم. ¬

_ (¬1) م ز: للدابة. (¬2) ز: الراكب. (¬3) ف: رهنه. (¬4) م ز - وكان رهنا مكانه. (¬5) كذا في م ف زع. وهو تكرار لما مر آنفا. (¬6) م ز: على حال. (¬7) أي: قطعه انظر: المغرب، "جزز".

وإذا سافر المرتهن (¬1) بالرهن وخرج به معه فلا ضمان عليه فيه. وإن استودعه فهو له ضامن. وإذا ارتهن الرجل عِدْلاً (¬2) مِن (¬3) زُطِّي (¬4) بألف درهم فقبضه ثم قضاه الراهن بعض المال وأراد أن يقبض بعض المتاع فليس له ذلك مِن قِبَل أنه لم يوفه المال. وليس للراهن أن يقبض شيئاً من الرهن حتى يوفيه جميع ما عليه من الدين. ولو رهنه مائة شاة أو عشراً من الإبل بألف درهم ثم قضاه بعضها فليس له أن يقبض حتى يوفي المال كله، وإن هلك الرهن عند المرتهن وقيمته والدين سواء رد المرتهن على الراهن ما اقتضاه منه. وكذلك لو كان قضاه المال كله ثم هلك الرهن (¬5) عنده رد (¬6) عليه المال، فكان الرهن بما فيه. وإن كان الذي قضاه المال غير الراهن إنسان تَطَوَّعَ به على الراهن ثم هلك الرهن عند المرتهن رد المرتهن على الذي قضاه المال، ولا يرد على الراهن؛ لأن الرهن ذهب بما فيه فصار المال لصاحبه الذي قضاه. وإذا رهن الرجل عند الرجل مائة شاة بألف درهم كل شاة بعشرة فذلك جائز. فإن قضاه عشرة دراهم لم يكن له أن يقبض شيئاً؛ لأن الرهن صار صفقة واحدة، ولا يقبض (¬7) منه شيئاً حتى يوفيه المال (¬8). ولو رهنه ¬

_ (¬1) م ز - المرتهن. (¬2) هو واحد العِدْلين اللذين يوضعان على جانبي الدابة. انظر: المغرب، "عدل"؛ ولسان العرب، "عدل". (¬3) ف - من. (¬4) م ز: من نطي. الزّطّي نوع من الثياب، والزط قوم من الهند. انظر: المغرب، "زطط". (¬5) ز + كله. (¬6) م ف ز ع: فرد. والتصحيح من ب جار. (¬7) م: ولا ينتقض. (¬8) قال الحاكم: ويقال: إن هذا في قول أبي يوسف، وجواب الزيادات قول محمد أن له أن يأخذ شاة منها. انظر: الكافي، 2/ 216 ظ. وقال السرخسي: وفي الزيادات قال في هذه المسألة: يكون له أن يسترد أي شاة شاء، قال الحاكم: فما ذكر في الزيادات=

شاتين (¬1) بثلاثين درهماً إحداهما بعشرين والأخرى بعشرة ولم يبين هذه من هذه كان الرهن باطلاً لا يجوز؛ لأنه لم يبين هذه من هذه. ولو بين كان جائزاً. ولو ماتت الشاة التي رهنها بعشرين وذلك قيمتها أو أكثر ذهب من المال عشرون. وإن كانت (¬2) قيمتها خمسة عشر ذهب من المال خمسة عشر، والشاة الباقية رهن. وإن ماتت فهي بعشرة، ويؤدي خمساً. وإذا ارتهن الرجل عبداً بألف درهم نصفه بستمائة ونصفه بأربعمائة فإن هذا لا يجوز؛ لأنه رهن نصف العبد وقد سمى كل نصف على حدة. وكذلك لو قال: رهنتك كل نصف بخمسمائة، لم يجز. ألا ترى أنه لو كان لرجلين عليه ألف درهم فقال لهما: قد رهنتكما هذا العبد (¬3) لكل واحد منكما نصفه بخمس مائة، لم يجز مِن قِبَل أنه أفرد كل نصف على حدة. ولو قال: رهنتكما العبد كله بما لكما، كان جائزاً؛ لأن هذا رهن واحد. وإذا رهن (¬4) الرجل عند الرجل دابتين على أن يقرضه مائة درهم وقبض إحدى الدابتين فنفقت عنده وقيمتها خمسون درهماً وقيمة الباقية ثلاثون (¬5) فعلى (¬6) المرتهن أن يرد على الراهن خمسين درهماً. فإن بدا له أن يأخذ الأخرى ويقرضه شيئاً فهو مستقيم. وإن لم يفعل لم يجبر (¬7) على شيء. ولو نفقت إحداهما عند المرتهن والأخرى عند الراهن ولم يدفع إليه المرتهن شيئاً بعد أو دفع (¬8) إليه المائة ثم اختلفا في قيمة ¬

_ = قول محمد -رحمه الله-، وما ذكر في كتاب الرهن قول أبي يوسف، وكان أبو بكر الرازي ينكر ما ذكره الحاكم، ويقول: قد ذكر ابن سماعة في نوادره عن محمد مثل ما أجاب به في كتاب الرهن، والصحيح أن المسألة على روايتين. انظر: المبسوط، 21/ 110. (¬1) م: شاة. (¬2) ز: كان. (¬3) ف: بالعبد. (¬4) م - رهن، صح هـ. (¬5) ف: يلون؛ م ز: تكون. وأول الكلمة مهملة في ف م. والتصحيح من ع؛ والمبسوط، 21/ 111. (¬6) م ف ز: على. والتصحيح من ع؛ والمبسوط، 21/ 111. (¬7) م ز: لم يجز. (¬8) م ز: نقدا ودفع.

الدابتين فإن القول قول المرتهن في الوجهين جميعاً في التي ماتت عنده وفي التي ماتت عند الراهن؛ لأنها نفقت قبل أن تقع (¬1) رهناً. فإن كان المرتهن لم يعط الدراهم الراهن فإنه يعطيه من المائة على قدر التي نفقت عنده، والقول في ذلك قوله. وكذلك لو كان قد أعطاه المائة بطل منها بحساب ذلك. وإن كانت الدابتان جميعاً لا تساويان مائة بطل من المائة قدر قيمة هذه التي نفقت عند المرتهن. فإن كان لم يقرضه بعد وجبت عليه قيمة هذه الميتة. فإن كانت قيمتهما (¬2) أكثر من مائة قسمت المائة على قيمتهما (¬3)، فكان على ما وصفت لك في الباب الأول. وإذا رهن الرجل عند الرجل دابةً أو مملوكاً وغاب الراهن فأنفق المرتهن [على الرهن] (¬4) بغير أمر القاضي فهو متطوع، وليس له من النفقة شيء. وإن أمره القاضي أن ينفق ويجعله (¬5) ديناً على الراهن [فهو دين على الراهن] (¬6)، ولا يصدق المرتهن على النفقة إلا ببينة. فإن لم تكن (¬7) له بينة حلف الراهن على علمه ما يعلمه أنفق على رهنه كذا كذا. ¬

_ (¬1) ز: أن يقع. (¬2) م ف زع: قيمتها. ولا بد من التثنية. (¬3) م ف زع: على قيمتها. والتصحيح من ب جار. (¬4) م ف - على الرهن. والزيادة من ع؛ والمبسوط، 21/ 111. (¬5) م ف زع: وجعله. والتصحيح من المبسوط، 21/ 112. فإن أمره القاضي بذلك ليكون دينا على الراهن ففعل فهو دين على الراهن. (¬6) الزيادة من المبسوط، 21/ 111. وقد تحرفت عبارة السرخسي إلى "على الرهن"، لكن ورد في دوام العبارة صحيحاً. قال السرخسي معللاً وشارحاً: لأن الإنفاق بأمر القاضي كالإنفاق بأمر الراهن، وللقاضي ولاية النظر في مال الغائب فيما يرجع إلى حفظ ملكه عليه، والبيان في أنه قال: ويجعله ديناً على الراهن، وهكذا يقول في كتاب اللقطة وغيره، وكان أبو بكر الأعمش -رحمه الله- يقول: لا حاجة إلى هذه الزيادة، ولكن مجرد أمره يكفي، لأن أمر القاضي كأمر صاحب المال، وأكثر مشايخنا -رحمهم الله- على أنه ما لم يصرح القاضي بهذا اللفظ لا يصير ديناً. انظر: المبسوط، 21/ 111 - 112. وربما كان الذي أدى إلى هذا الاختلاف في الرأي هو السقط الحاصل في النسخ. وانظر: كتاب اللقطة من كتاب الأصل، 7/ 37 و. (¬7) ز: لم يكن.

وإذا ارتهن الرجل دابتين فنفقت إحداهما ذهب من الدين بحساب ذلك. ولو كانت الباقيةُ قَتَلَتْها (¬1) كان كذلك أيضاً. وليس هذا كالجناية في الرقيق. وإذا ارتهن الرجل دابتين وقبضهما ثم استحقت إحداهما فإن الأخرى رهن (¬2) كما هي لا يَفتكّها إلا بجميع المال. فإذا ماتت ذهبت بحصتها. وإذا ارتهن الرجل دابتين فقبضهما فنُتِجَت إحداهما عند المرتهن وقيمتهما سواء مثل الدين وقيمة الولد مثل قيمة الأم ثم نفقت التي لم تلد ذهب نصف الرهن. ولو لم تنفق هذه ولكن نفقت التي ولدت ذهب ربع الدين. فإن لم تنفق التي ولدت ولكن نفق ولدها لم يذهب من الرهن شيء (¬3) إن كانت الولادة لم تنقص الأم شيئاً. فإن كانت الأم هي التي ماتت ذهب ربع الرهن، فإن ولدت (¬4) الابنة مثلها كانت هاتان الابنتان رهناً بثلثي النصف، ولا يفتك (¬5) الراهن شيئاً من ذلك دون شيء، ولكنه إذا أعطاه (¬6) خمسة أسداس المال أخذ رهنه. ولو اعورّت إحدى الابنتين ذهب بموت الأم أربعة أجزاء من أحد (¬7) عشر جزء من النصف. وليس البهائم في هذا كالرقيق. ولو كان هذا في الرقيق بقيت (¬8) الابنتان بثلاثة أخماس النصف. وإذا ارتهن الرجل أمتين بألف درهم وقيمة كل واحدة منهما خمسمائة فولدت كل واحدة منهما ابنة ثم ماتت إحدى الأمتين فإنه يذهب من الرهن ¬

_ (¬1) م زع: قتلها؛ ف: قبلها. والتصحيح من الكافي، 2/ 217 و. وتحرفت الكلمة عند السرخسي إلى "مثلها"، لكن باقي العبارة عنده يدل على صحة ما أثبتناه في المتن بلا ريب. انظر: المبسوط، 21/ 112. (¬2) ز: رهنا. (¬3) ز: شيئاً. (¬4) وفي المبسوط، 21/ 113: فذهب ربع الدين ثم ولدت. (¬5) ف م ز: ولا على؛ ع - يفتك. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 21/ 113. (¬6) ز: إذا أعطى. (¬7) ز: من إحدى. (¬8) ف م ز ع: بقي. والتصحيح من المبسوط، 21/ 113.

الربع إذا كانت قيمة الابنتين وقيمة الأمتين سواء. فإن ذهبت الأمة الأخرى ذهب ربع جميع المال أيضاً، وتبقى الابنتان بالنصف. فإن ولدت إحداهما ولداً مثلها (¬1) في القيمة كانت هي وولدها بثلثي النصف والأخرى بنصف النصف. وكذلك النخل يكون رهناً فيثمر أو الشجر فهو بمنزلة الرقيق. وكذلك الغنم والإبل والبقر وسائر الدواب. وإذا ارتهن الرجل أرضاً ونخلاً بألف درهم وقيمة الأرض (¬2) خمسمائة وقيمة النخل خمسمائة فاحترق النخل فالأرض رهن بخمسمائة، وتبطل خمسمائة. فإن نبت في الأرض نخل يساوي خمسمائة (¬3) فإن هذا النخل والأرض رهن بثلثي جميع المال مِن قِبَل أن ما ذهب الثلث وما بقي الثلثان؛ لأن هذا رهن واحد (¬4). وإذا ارتهن الرجل أرضاً ليس فيها نخل فنبت فيها نخل، وقيمة الأرض مثل الدين، وقيمة النخل التي نبت (¬5) فيها مثل قيمة الأرض، وهما جميعاً رهن بالمال، فإن ذهب (¬6) النخل لم ينقص (¬7) من الدين شيء؛ لأنه زيادة. وإذا ارتهن الرجل أرضاً وكرماً (¬8) وقيمته والدين سواء ثم أثمر الكرم ثمراً يكون مثل قيمته ثم ذهب الشجر وسلم الثمر وقيمة الأرض والشجر سواء فإنه يذهب ثلث الدين. فإن ذهب الثمر بعد ذلك ذهب أيضاً سدس جميع المال، فتبقى الأرض بنصف المال. وليس هذا كالباب الأول؛ لأن هذا كان الشجر في أصل الرهن، والأول كان النخل زيادة بعد الرهن. ¬

_ (¬1) م ف ز ع: مثله. والتصحيح من ب جار. (¬2) م: الاخرى. (¬3) م ز - وتبطل خمسمائة فإن نبت في الأرض نخل يساوي خمسمائة. (¬4) وانظر للشرح: المبسوط، 21/ 114. (¬5) ف: تنبت. (¬6) ز: ذهبت. (¬7) ز: لم ينتقض. (¬8) وعبارة ب جار: أرضا فيها كرم.

وإذا ارتهن الرجل دابة وقبضها فإن ساقها أو قادها فأصابت إنساناً بيدها أو وطئته برجلها فهو على القائد والسائق، ولا يلحق الدابة من ذلك شيء (¬1) ولا الراهن. وإذا ارتهن الرجل ثوباً يساوي خمسة دراهم ومثقال ذهب يساوي عشرة دراهم بخمسة دراهم فهلك الذهب ولَبِسَ الثوبَ حتى تخرّق أو بدأ بالثوب فلبسه قبل ذهاب الذهب فإنه يضمن قيمة الثوب، ويحسب من ذلك درهماً وأربع دوانيق ثلث الخمس، ويرد الثلثين ثلاثة دراهم ودانقين، وقد ذهب ثلثا ماله في الذهب (¬2). وإذا ارتهن الرجل عمامة تساوي نصف درهم ودرهم فضة بدرهم فهلكت الفضة ولبس العمامة حتى تخرقت فإنه يذهب ثلثا دينه بذهاب الفضة، ويضمن قيمة العمامة، يحسب له من ذلك دانقين، ويرد دانقاً. وإذا ارتهن الرجل المسلم مصحفاً فهو جائز. وكذلك لو ارتهن صحفاً أو ورقاً فهو جائز. وإذا ارتهن الرجل المسلم خمراً أو خنزيراً أو ميتةً فلا يجوز ولا يصلح. وإن رهنه ذلك ذمي أو مسلم فهو سواء لا يجوز، غير أنه إذا رهنه ذمي فهلك الخمر أو الخنزير عنده ضمن وكان بما فيه، إلا أن يكون الدين أكئر فيرد (¬3) الفضل. وكذلك إن كان ذهب بعضه (¬4) ذهب ¬

_ (¬1) ز: شيئاً. (¬2) يقول السرخسي -رحمه الله-: وإذا ارتهن ثوباً يساوي خمسة دراهم ومثقال ذهب يساوي عشرة دراهم بخمسة فهلك الذهب ولبس الثوب حتى تخرق أو بدأ بالثوب فلبسه قبل هلاك الذهب فقد سقط ثلثا الدين بهلاك الذهب، لأن الدين انقسم على قيمة الذهب وقيمة الثوب، وحصة الذهب ثلثا الخمسة، فذهب ذلك بهلاك الذهب، ويضمن قيمة الثوب، لأنه باللبس حتى تخرق صار غاصباً متلفاً، فيضمن قيمته، يحسب له من ذلك ما كان منه وذلك ثلث الخمسة بطريق المقاصة، ويؤدي ما زاد على ذلك إلى صاحب الثوب. انظر: المبسوط، 21/ 115. (¬3) ز: فرد. (¬4) ز: بفضة وفي ب جار: نصفه.

باب رهن الفضة بالفضة والكيل والوزن

بحسابه. ولا يضمن في الميتة والدم شيئاً. وإن كان المرتهن ذمياً والراهن مسلماً فالرهن باطل، ولا يضمن في شيء من ذلك. ... باب رهن الفضة بالفضة والكيل والوزن وإذا ارتهن الرجل قُلْبَ (¬1) فضة فيه عشرة دراهم بعشرة وقيمة القُلْب أقل من عشرة دراهم فانكسر (¬2) عند المرتهن فإنه ضامن لقيمته مصوغاً من الذهب، ويكون القُلْب له، ويرجع بماله. فإن كان المال إلى أجل كان الذهب الذي غرم المرتهن (¬3) رهناً مكانه. وإن لم ينكسر ولكنه هلك فإن في هذا قولين. أما أحدهما فإن الرهن بما فيه، وهو قول (¬4) أبي حنيفة. وأما القول الآخر فإنه لكون على المرتهن قيمته من الذهب، ويكون رهناً مكانه، ويرجع بماله. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وإذا ارتهن الرجل عشرة دراهم سُود بعشرة دراهم بِيض لها صَرْف (¬5) وفَضْل فهلكت السود عند المرتهن فهو في قياس القول الأول (¬6) الرهن بما فيه. وفي قياس القول الآخر يضمن عشرة دراهم سُوداً مثلها، وتكون له البِيض ديناً على حالها. وإذا ارتهن الرجل إبريق فضة فيه مائة درهم وهو يساوي مائة درهم (¬7) ¬

_ (¬1) قُلْب فضة أي سِوار غير ملوي. انظر: المغرب، "قلب". (¬2) ف م ز: فإن كسر. والتصحيح من الكافي، 2/ 218 و. ويقول المؤلف في تتمة العبارة: وإن لم ينكسر. (¬3) ف م ز: والمرتهن. والتصحيح من ع. (¬4) ز + الإمام الأعظم. (¬5) يقال: للدرهم على الدرهم صَرْف في الجودة والقيمة أي فَضْل. انظر: المغرب، "صرف". (¬6) ز: الاخر. (¬7) م ز - درهم.

وعشرة دراهم فقبضه وانكسر عنده فهو ضامن لعُشر قيمته مصوغاً من الذهب، ويأخذ عُشر الإبريق، ويرجع بدينه على الراهن، وتكون تسعة أعشاره رهناً، يقسم ذلك، فيكون هو والذهب الذي غرم المرتهن، فيكون رهناً بالدين (¬1). ولو لم ينكسر ولكنه هلك فهو بما فيه في قول أبي يوسف (¬2). وإذا ارتهن الرجل قُلْبَ فضة فيه عشرة دراهم بدرهم فكَسَرَ رجلٌ ذلك القُلْب عنده، فإن قدر عليه غرم تسعة أعشار من قيمة القُلْب مصوغاً (¬3) من الذهب، فكان رهناً مكانه بالدرهم، وكان القُلْب له. فإن أبى الراهن والمرتهن (¬4) أن يدفعا إليه القُلْب ورضيا أن يكون رهناً على حاله وهو مكسور فهو رهن، ولا ضمان على ذلك الرجل. وإذا ارتهن الرجل عشرة دراهم بِيضاً لها صَرْف (¬5) بعشرة دراهم سُود فهلكت فهي بالسود، ويبطل (¬6) السود؛ لأن الفضل في هذا الباب في الرهن. وإذا ارتهن الرجل قُلْب فضة جيدة بيضاء فيها عشرة دراهم بعشرة تِبْر فضة سُود فهلك الرهن عنده فهو بما فيه؛ لأن فيه وفاء وزيادة. ولو لم ¬

_ (¬1) وعبارة الحاكم: وتكون تسعة أعشاره وما غرمه من الذهب رهناً بجميع الدين. انظر: الكافي، 2/ 218 و. وعبارة ب جار: ويبقى الذهب وتسعة أعشاره رهناً بالدين. (¬2) وقال الحاكم: وفي رواية أبي حفص أنه قول أبي يوسف. انظر: الكافي، الموضع السابق. وقال السرخسي: وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف -رحمهما الله-، وقد ذكر في نسخ أبي حفص أنه قول أبي يوسف، فأما عند محمد فالراهن يجعل عشر المكسور للمرتهن بعينه، ويرد تسعة أعشاره، لأنه يعتبر حالة الانكسار بحالة الهلاك، ولو هلك في هذه المسألة كان المرتهن مستوفياً دينه بعشر الإبريق، وهذا مثله. انظر: المبسوط، 21/ 119 - 120. (¬3) ز: مصاغا. (¬4) قال السرخسي: في الكتاب ذِكْرُ إبائِهما جميعاً، والمعتبر إباء الراهن خاصة. انظر: المبسوط، 21/ 120. ومقصوده بالكتاب هنا هو الأصل. (¬5) أي: لها فضل قيمة كما مر. (¬6) ز: وتبطل.

يهلك ولكنه انكسر ضمن المرتهن قيمته مصوغاً من الذهب، فكان ذلك (¬1) رهناً (¬2) بالذي له، وكان القُلْب له. وهذا قياس قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر وهو قول محمد: إنه لا يضمن القُلْب، وإنما يقال للراهن: إن شئت فسلّم له القُلْب بالعشرة التي عليك، وإلا فخذه مكسوراً وأعطه ماله؛ لأنه لم يكسره فيضمن، ولم يأخذه على أن يضمن القُلْب من الذهب، إنما أخذه بأن يكون بما فيه. وهذا قول محمد. وقال أبو يوسف: إن أراد الراهن أن يضمّنه بقدر قيمة فضة المرتهن من القُلْب ذهباً كان ذلك له، وضمّنتُه قدر قيمة الفضة السوداء من القلب، وكان ما بقي من القلب للراهن، يقسم ذلك، فيجمع (¬3) مع الذهب الذي ضمن المرتهن، فيكون رهناً، ويكون للمرتهن حصة الذهب الذي ضمن من القلب. وهذا قول أبي يوسف. وقال محمد: ليس له الأمر الأول، إن شاء أخذه مكسوراً وأعطاه دراهمه، وإن شاء سلّمه له بماله، لأنه لم يأخذه على أن يضمن منه شيئاً. وإذا ارتهن الرجل قُلْبَ فضة فيه عشرة دراهم بدينار فانكسر وقيمته والدينار [سواء] (¬4)، ويكون القلب له. ولو لم ينكسر القلب ولكنه هلك فإنه بما فيه. وهذا قول أبي يوسف. وقال محمد: إذا هلك فهو بما فيه. وإذا انكسر فالراهن بالخيار. إن شاء أخذ القلب (¬5) مكسوراً وأعطاه الدينار. وإن شاء جعل له الفضة بديناره؛ لأن المرتهن إنما أخذ الفضة على ضمان الدينار، فلا يضمن غير ذلك. وإذا ارتهن الرجل قُلْبَ فضة فيه خمسون درهماً بكُرّ حنطة سَلَماً أو قرضاً فهو سواء. وإن هلك الرهن وقيمته والدين سواء ذهب الرهن بما فيه. وإن لم يكن هلك ولكنه انكسر فهو على ما وصفت لك. ¬

_ (¬1) ف - ذلك. (¬2) ف ز: ذهبا. (¬3) ف: فيجتمع. (¬4) من المبسوط، 21/ 120. (¬5) م ف ز ع: فضة. والتصحيح من المبسوط، 21/ 120.

وإذا ارتهن الرجل خاتم فضة فيه من الفضة وزن درهم وفيه فَصّ يساوي تسعة دراهم بعشرة دراهم فهلك الخاتم فهو بما فيه في قياس قول أبي حنيفة. وإذا ارتهن الرجل سيفاً محلّى [بفضة] (¬1) وقيمة السيف خمسون درهماً وفضته (¬2) خمسون فارتهنه بمائة درهم فهلك فهو كالخاتم. ولو لم يهلك ولكنه انكسرت حليته أو انكسر نَصْل (¬3) السيف بطل من الرهن بحساب ما ذهب من النقصان في انكسار النصل. وأما الفضة فيغرم المرتهن قيمتها مصوغاً من الذهب، وتكون الفضة رهناً بخمسين، ويكون ما بقي من النصل رهناً بحساب ما بقي من الخمسين الأخرى في قول أبي يوسف. وإذا ارتهن الرجل كُرّ حنطة جيدة (¬4) بكُرّ رديء فهلك فهو بما فيه. فإن أصابه ما يُفسِد (¬5) فعلى المرتهن كُرّ مثله، ويكون الفاسد له، ويرجع بدينه في قياس قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر قول محمد: إن الراهن بالخيار. إن شاء سلّمه بالدين. وإن شاء أخذه (¬6) وبه العيب وأعطاه كُرّه. ولو كان الرهن كُرّ حنطة رديئة والدين (¬7) كُرّ حنطة جيدة فهلك (¬8) فهو بما فيه. وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر: إنه يضمن كُرُّا مثل ذلك، ويرجع بِكُرِّه. وكذلك إذا أصابه ما يُفسِده (¬9) ضمن كُرًّا مثله وكان له ذلك الفاسد ¬

_ (¬1) زدناه للإيضاح. (¬2) م ف: وفصه. والتصحيح من الكافي، 2/ 218 ظ. وفي ب جار: وحليته. وهو صحيح أيضا. وحُرّفت في المبسوط إلى "ونصله"، واستمر التحريف بعد ذلك في باقي العبارة أيضا. انظر: المبسوط، 2/ 121. (¬3) نَصْل السيف حديدته. انظر: المغرب، "نصل". (¬4) ف - جيدة. (¬5) ولفظ الحاكم: ماء فأفسده. أنظر: الكافي، 2/ 219 و. (¬6) ف + وفيها قول آخر قول محمد إن الراهن بالخيار إن شاء سلمه بالدين وإن شاء أخذه. (¬7) م ف ز - كر حنطة رديئة والدين. والتصحيح من ع. ونحوه في المبسوط، 21/ 121. (¬8) م ز - فهلك. (¬9) ولفظ الحاكم: ماء ففسد. انظر: الكافي، الموضع السابق.

وكان دينه على حاله. وكذلك شعير بشعير أو سمن بسمن أو زيت بزيت أو ذهب (¬1) بذهب أو فضة بفضة. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. وإذا ارتهن الرجل قُلْبَ فضة بعشرة دراهم فقال: إن جئتك بالعشرة إلى شهر وإلا فهو بيع لك بالعشرة، فإن الرهن جائز والشرط باطل. وكذلك الرهون كلها (¬2) فيما يكال أو يوزن وفي الرقيق والثياب. وإذا أعطى الرجلُ (¬3) [الرجلَ] (¬4) قُلْبَ فضة فقال: ارهنه لي عند رجل بعشرة دراهم، وفي القُلْب عشرون درهماً، فأمسكه عنده الوكيل، فأعطاه عشرة دراهم (¬5)، وقال: رهنته لك كما أمرتني، ولم يقل: رهنته عند آخر، فهلك القلب عنده وتقاضاه العشرة، فإن تصادقا بالذي كان رجع بالعشرة، وكان مؤتمناً في القلب؛ لأنه لم يخالفه. وإن تكاذبا وقال الآمر: قد أقررتَ بأنك رهنته، فلا شيء لك علي، فهو كما قال بعد أن يحلف بالله ما يعلمه أمسكه. فإن قال الآمر للوكيل: قد أقررتَ بأنك قد رهنته ثم زعمت أنك لم ترهنه فأنت ضامن للقلب، فله أن يضمّنه قيمة (¬6) القلب مصوغاً من الذهب (¬7)، ويضمن له العشرة. وإذا ارتهن الرجل الطَّوْقَ وفيه خمسون ومائة مثقال من (¬8) ذهب بألف درهم وتقابضا ذلك فحال الحول والألف درهم عند الراهن يتّجر فيها فلا زكاة فيها على الراهن ولا في رهنه، ولا زكاة على المرتهن في الدين الذي له ولا في الرهن الذي عنده. فإذا قبض المال فرد الرهن فعلى المرتهن زكاة الألف لما مضى، وعلى الراهن زكاة الطوق لما مضى (¬9). ¬

_ (¬1) ز: بذهب. (¬2) ف - كلها. (¬3) ف - الرجل. (¬4) وفي المبسوط، 21/ 121: وإذا أعطى رجل رجلاً. (¬5) م ز: الدراهم. (¬6) م - قيمة. (¬7) ز: بالذهب. (¬8) ف - من. (¬9) وقال الحاكم الشهيد: وقد طعن عيسى في ذلك، وقال: لا معنى لضمان القيمة، لأنهما لو تصادقا أنه لم يرهنه لم يضمنه، دن رهنه لم يضمنه، فقيل في تخريجه: قوله: رهنته، بمعنى قوله: ليس لك عندي شيء، ومن أنكر أمانة في يده ضمنها.=

وإذا ارتهن الرجل كُرَّيْ حنطة رديئة (¬1) بكُرّ حنطة جيدة وقيمتهما سواء فهلكا عند المرتهن فالرهن بما فيه. فإن أصابه ما يُفسِده (¬2) فإنه يضمن كُرّ حنطة مثل أحدهما، ويكون له نصف (¬3) الكُرّين جميعاً، ويرجع بدينه على الراهن في قياس قول أبي حنيفة. وإذا ارتهن الرجل شيئاً مما يوزن بشيء مما يكال (¬4) أو شيئاً مما يكال بشيء مما يوزن وفيه وفاء فهلك فهو بما فيه. فإن أصابه شيء أفسده ولم يهلك ضمن المرتهن مثله وكان ذلك له، ويرجع بدينه في قول أبي يوسف (¬5). وإذا ارتهن الرجل إبريق فضة فيه ألف درهم (¬6) بألف درهم أو بمائة ¬

_ = انظر: الكافي، 2/ 219 ظ. وقال السرخسي -رحمه الله-: قال عيسى: هذا غلط، ولا معنى لإيجاب ضمان القيمة على الوكيل، لأنه إن كان رهنه فليس عليه ضمان القيمة أيضاً، وليس هنا حالة ثالثة، فبأي طريق يكون الوكيل ضامناً للقيمة، وهذا نظير الظن الذي ذكرناه في كتاب الوديعة: إذا ادعى المودع الهلاك ثم ادعى الرد، ووجه ظاهر الرواية أنه من حيث الظاهر قد تناقض كلامه، ومع التناقض لا يقبل قوله، فكأنه ساكت حابس للقلب، فيضمن قيمته، توضيحه: إنه لما قال: رهنته، أوجب هذا الكلام: إنه لم يبق لك عندي شيء، فيجعل جاحداً الأمانة بهذا الطريق، ومن أنكر أمانة في يده ضمنها، فلهذا كان له أن يضمن الوكيل قيمت. انظر: المبسوط، 21/ 122. (¬1) ز: رديء. (¬2) م: مايفسد. (¬3) م ز - أصابه ما يفسد فإنه يضمن كر حنطة مثل أحدهما ويكون له نصف، صح م هـ. (¬4) م ز ع: شيئاً مما يكال أو شيء مما يوزن؛ ف: شيئاً مما يكال أو شيئاً مما يوزن. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق. وعبارة السرخسي محرفة، وهي هكذا: وإن ارتهن شيئاً مما يوزن بشيئين مما يكال أو شيئاً مما يكال بشيئين مما يوزن ... انظر: المبسوط، 21/ 123. ولا حاجة إلى "شيئين". وعبارة ب جار: ولو ارتهن بموزون مكيلاً فيه وفاء ... (¬5) كذلك نسب الحاكم هذا القول إلى أبي يوسف فقط. انظر: الكافي، الموضع السابق. لكن ذكر السرخسي أنه قول أبي يوسف وقول أبي حنيفة -رحمهما الله-، ثم قال: وفي قول محمد: يتخير الراهن بين أن يجعله للمرتهن بدينه وبين أن يسترده بقضاء الدين. انظر: المبسوط، 21/ 123. (¬6) أي: وزنه ألف درهم كما هو في نسخة ب.

دينار وتقابضا أو بحنطة أو بشعير أو بشيء مما يكال أو يوزن أو بثياب سَلَم ذَرْع معلوم أو بشيء مما يُسْلَم فيه من الذَّرْع (¬1) من القصب والخشب وتقابضا ومضى على ذلك سنة فلا زكاة فيه على واحد منهما. فإذا قضاه المال زكّى الراهن رهنه لما مضى، وزكّى المرتهن دينه الذي قبض إن كان ذهباً أو فضةً. وان كان شيئاً مما سمينا غير ذلك زكّاه (¬2) إن كان للتجارة، وإن كان لغير التجارة لم يزكّه. وإذا رهن الرجل عند الرجل فلوساً بعشرة دراهم (¬3) وهي تساوي ذلك، فإن هلكت فهي بما فيها. وإن انكسرت (¬4) ذهب من دينه بحساب ذلك؛ لأنها كانت لا توزن يوم رهنها إياه. وتقوّم وهي منكسرة بحساب ما تساوي. وإذا رهن الرجل عند الرجل فلوساً بعشرة دراهم (¬5) وهي تساوي ذلك فكسدت الفلوس فهي رهن على حالها. فإن هلكت ذهبت (¬6) بالعشرة؛ لأن كسادها بمنزلة تغير (¬7) السعر. وإذا رهن الرجل عند الرجل طَسْتاً أو تَوْراً (¬8) أو كُوزاً بدرهم أو أكثر من ذلك وفي الرهن وفاء وفَضْل فإن هلك الرهن فهو بما فيه. وان انكسر فما كان منه لا يوزن نقص من الدين بحساب ذلك. وما كان منه يوزن وقيمته مثل الدين والدين حال فإن الراهن بالخيار، إن شاء أخذه وأعطاه المال. وإن شاء ضمنه قيمته مصوغاً من الدراهم (¬9) وكان ذلك للمرتهن ¬

_ (¬1) ز: من الزرع. أي بشيء مذروع كما هو في نسخة ب. (¬2) ز: زكا؛. (¬3) م ز: الدراهم. (¬4) ف م ز: وإن كسدت. والتصحيح من ع ب؛ والمبسوط، 21/ 123. (¬5) م ف - دراهم؛ ع: الدراهم. (¬6) ز: ذهب. (¬7) ولفظ الحاكم: تراجع. انظر: الكافي، 2/ 220 و. (¬8) التَّوْر إناء صغير من نحاس يُشرب فيه وُيتوضأ منه. انظر: المغرب، "تور". (¬9) كذا أيضاً في ب جار. ولفظ الحاكم والسرخسي: من الذهب. انظر: الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 21/ 123.

وأخذ الراهن القيمة وأعطاه دينه في قياس قول أبي حنيفة -رحمه الله- (¬1). وكذلك نصل السيف. وكل شيء من الحديد والصُّفْر (¬2) والشَّبَه (¬3) يكون إناءً مصوغاً لا يباع مثله وزناً فهو كما وصفت لك. وما كان من ذلك يباع وزناً لم ينقص من الرهن بحساب ذلك. ولكن إن كان هو والدين سواء ضمن المرتهن قيمته مصوغاً وكان رهناً مكانه، وكان ذلك الشيء للمرتهن، وكان الدين على حاله في قول أبي يوسف (¬4). وإذا رهن الرجل عند الرجل قُلْبَ فضة فيه عشرة دراهم على أن يقرضه درهماً فقبض الرهن فهلك (¬5) الرهن (¬6) قبل أن يقرضه كان عليه أن يعطيه درهماً. وإن لم يسم القرض وأعطاه القُلْب على أن يقرضه شيئاً، فهلك القُلْب، فإنه يقال للمرتهن: أعطه ما شئت. وكذلك إن قال: أمسكه رهناً بنفقة يعطيها إياه، فهو مثل الباب الأول. وإن قال: أمسكه رهناً بدراهم، فلا بد من أن يعطيه ثلاثة دراهم. ولو كان (¬7) الرهن ثوباً فقال: أمسكه رهناً بعشرين درهماً، فهلك الثوب عند المرتهن قبل أن يعطيه شيئاً كان عليه أن يعطيه قيمة الثوب، والقول فيه ما قال المرتهن مع يمينه إلا أن ¬

_ (¬1) وعبارة الحاكم: ... في قول أبي يوسف، ورأيت في رواية أبي حفص: وهو قول أبي حنيفة، مكان أبي يوسف. انظر: الكافي، الموضع السابق. قال السرخسي: وهذا صحيح على أصل أبي حنيفة، أما عند أبي يوسف فإنما يستقيم هذا الجواب على رواية سوى ما على ظاهر الرواية عند أبي يوسف. انظر: المبسوط، 21/ 123. (¬2) قال ابن منظور: الصُّفْر النحاس الجيد، وقيل: الصفر ضرب من النحاس، وقيل: هو ما صَفِرَ منه، الجوهري: والصُّفْر بالضم الذي تُعمَل منه الأواني. انظر: لسان العرب، "صفر". (¬3) الشَّبَه والشِّبْه من المعادن ما يشبه الذهب في لونه، وهو أرفع النحاس. انظر: مختار الصحاح، "شبه"؛ والمصباح المنير، "شبه". (¬4) قال الحاكم: هاهنا كان أبو يوسف ذكر في الروايتين جميعاً. انظر: الكافي، الموضع السابق. وعند السرخسي ما يفيد أنه كذلك على قول أبي حنيفة أيضاً. انظر: المبسوط، 21/ 123 - 124. (¬5) ف: يهلك. (¬6) م ز - فهلك الرهن. (¬7) ز: قال.

تجاوز عشرين. فإن جاوزت قيمته عشرين لم يعطه إلا عشرين. وكذلك لو قال: خذ هذا الثوب رهناً بعشرة لك عليّ (¬1)، فقبضه فهلك، ثم تصادقا أنه لم يكن عليه شيء، ضمن المرتهن الأقل من قيمة الثوب ومن العشرة. ولو أعطاه قلب فضة أو ذهباً رهناً بثيء يعطيه إياه من الحنطة أو شيء مما يكال أو يوزن وسمى الكيل والوزن وسمى الصنف فهلك القُلْب عنده ضمن المرتهن من ذلك الصنف ما سمى. ولو كان القُلْب فيه عشرة (¬2) دراهم (¬3) فقال: خذه رهناً بمختوم حنطة أو مختوم شعير، وأخذه (¬4) على ذلك فهلك عند المرتهن قبل أن يعطيه شيئاً كان على المرتهن مختوم شعير، الأقل من ذلك. وكذلك لو قال له: خذ بدينار رهناً أو بدرهم ضمن الأقل من ذلك. وإذا رهن الرجل عند الرجل خاتم فضة فيه درهم بنصف درهم فلوس فأعطاه تسعين فلساً فغلت الفلوس فصارت ثلاثين فلساً بدرهم فصارت التسعون تساوي ثلاثة دراهم ثم هلك الخاتم فهو بما فيه؛ لأنه كان (¬5) يوم ارتهنه فيه وفاء، فلا أنظر إلى تغير السعر. ولو كسدت الفلوس فلم تنفق لم يكن عليه إلا تسعون فلساً، فإن هلك الخاتم ذهب بما فيه. ولو رخصت الفلوس فصارت تسعون بدانق (¬6) لم يكن عليه إلا تسعون فلساً. فإن هلك الخاتم ذهب بما فيه. فإن انكسر ولم يهلك فإن شاء المرتهن أبطل الرهن ودفع الخاتم مكسوراً. وإن طلب حقه ضمن نصف قيمة الخاتم مصوغاً من الذهب وأخذ نصف الفضة وكان الذهب ونصف الفضة الباقية رهناً بتسعين فلساً. ولا يكون رهناً غير مقسوم، ولكنه يقسم الخاتم نصفين نصف مع الذهب ونصف يعطاه الراهن. وهذا قول أبي يوسف. وقال محمد في ذلك كله من المكيل والموزون والفضة والذهب وكل رهن: إذا هلك ذهب بما فيه، فإنه إذا لم يهلك وفسد ودخله عيب لم ¬

_ (¬1) م ز - علي. (¬2) ز: العشرة. (¬3) م ز: الدراهم. (¬4) ف: فأخذه. (¬5) ز: كل. (¬6) اف ز ع: دانقا. والتصحيح من المبسوط، 21/ 124.

باب الرهن يهلك فيكون بما فيه واختلافهما في ذلك

يضمنه (¬1)، ولكن الراهن بالخيار. إن شاء أخذه فاسداً معيباً وأدى الدين، ولا شيء عليه غير ذلك. وإن شاء جعل المضمون منه للمرتهن بدينه وبطل الدين عن الراهن. وإن بقي من الرهن شيء غير مضمون أخذه الراهن فكان له. ... باب الرهن يهلك فيكون بما فيه واختلافهما (¬2) في ذلك وإذا ارتهن الرجل رهناً بألف درهم وقيمته ألف فهلك الرهن عنده فهو بما فيه. وكذلك لو كان (¬3) بطعام أو بشيء (¬4) مما يكال أو يوزن سَلَم أو قرض فهو بما فيه إذا كانت قيمته والرهن (¬5) سواء. وكذلك لو كانت قيمة الرهن أكثر رجع المرتهن بما بقي من دينه. وكذلك لو كان الدين صداقاً لامرأته فهلك الرهن كان بما فيه. وكذلك لو كان صَرَفَ أحلُهما عند صاحبه فقبض أحدهما وأخذ الآخر رهناً يساوي حقه فهلك عنده كان بما فيه إذا كان ذلك قبل أن يفترقا. وليس هذا بقبضِ غيرِ ما أَسْلَمَ فيه وغيرِ ما صَرَفَ (¬6)، ولكنه براءة من الدين؛ لأن الرهن بما فيه. ولو نقص الرهن بعيب أصابه ذهب منه بحساب ذلك. ولو زاد الرهن في السعر وغَلاَ (¬7) أو نقص من السعر ورَخُصَ (¬8) لم يتحول عن حالته (¬9) الأولى، إنما ينظر في ¬

_ (¬1) ف - لم يضمنه. (¬2) ف م ز: واختلافها. والتصحيح من ع. (¬3) ف: لو قال. (¬4) م ز: أو شيء. (¬5) م ز: والدين. (¬6) وعبارة ب جار: وليس هذا استبدالا ببدل الصرف والسلم. (¬7) م ف ز ع: والغلا. والتصحيح من ب جار. (¬8) م ف ز ع: والرخص. والتصحيح من ب جار. وعبارتهما: ولو غلا سعر الرهن أو رخص. (¬9) ف ز: عن حاله.

ذلك إلى حالته يوم ارتهنه، فيكون على ذلك، لا يتحول لرخص ولا لغلاء (¬1). وإن نقص بعيب دخله نقص بحساب ما نقص. وإذا كان العبد (¬2) يساوي ألفاً والدين ألفاً فذهبت عينه ذهب نصف الدين. فإن كان الدين ألفين ذهب ربع الدين. وكذلك ما زاد أو نقص على هذا الحساب. وإذا كان (¬3) الرهن أمة (¬4) فولدت أو كان الرهن نخلاً أو شجراً فأثمر فالولد والثمر رهن (¬5) معه. وإذا هلك الرهن فاختلف الراهن والمرتهن في الدين فالقول قول الراهن في الدين مع يمينه. فإن أقاما جميعاً البينة أخذت ببينة المرتهن. وإن اختلفا في قيمة الرهن فالقول قول المرتهن مع يمينه. وكذلك لو كان قبض أحدهما ولم يقبض الآخر (¬6) فهلك الذي قبض عنده وهلك الآخر عند الراهن فالقول في ذلك قول المرتهن مع يمينه. وكذلك لو كان المرتهن لى يعط المال فالقول في القيمة قول المرتهن، ويعطي بقدر ذلك. وإن كان أعطى المال بطل من دينه بقدر ذلك. وإذا كان الرهن أمة فولدت ثم ماتت الأم وبقي الولد فاختلفا في القيمة فالقول قول المرتهن. وكذلك النخل والشجر إذا أثمر ثم هلك. ... ¬

_ (¬1) ف: ولا غلاء. (¬2) وعبارة ب جار: ولو ارتهن عبدا. (¬3) م ز: إذا كان. (¬4) ف - أمة. (¬5) ز: رهنا. (¬6) وعبارة ب: وكذا لو كان قبض بعض الرهن دون البعض.

باب كتاب الشروط في الرهن

باب (¬1) كتاب (¬2) الشروط في الرهن وإذا ارتهن الرجل داراً بألف درهم فأراد أن يكتب كتاباً كتب: "ذِكْرُ حَقّ فلان بن فلان على فلان بن فلان، عليه كذا كذا درهماً وَزْن سبعة جياد، وحِلّها إلى كذا وكذا، وهذه الدراهم من ثمن متاع باعه فلان بن فلان، وقبضه وقبله فلان ورضيه، وبرئ فلان إليه منه، ومن قام بهذا الذِّكْر حَقّ (¬3) فهو وليّ ما فيه، وقد رهن فلان فلاناً بهذا المال الدار التي في بني فلان، أحد حدودها والثاني والثالث والرابع، بحدوها كلها وكل حق هو لها، رهناً مقبوضاً بجميع هذا المال، وقبضها فلان على أنه مسلَّط على بيعها عند حِلّ الأجل، جائز بيعه أمين في ذلك، يبيع فيستوفي ماله، فإن نقص الثمن عن مال (¬4) فلان فعلى فلان، وإن زاد فله، شهد". وإذا ارتهن الرجل منزلاً في دار بطعام أصله سَلَم كتب: "ذِكْرُ حَقِّ فلان بن فلان على فلان بن فلان، عليه كذا وكذا (¬5) كر حنطة، كل كر كذا كذا مختوماً بالهاشمي طعاماً جيداً نقياً يابساً، يوفيه إياه في موضع كذا وكذا، إلى كذا كذا من الأجل، وقد قبض فلان بن فلان ثمن (¬6) هذا الطعام وهو كذا وكذا، وبرئ إليه منه، ومن قام بهذا الذِّكْر حَقّ (¬7) فهو وليّ ما فيه، وقد رهن فلان فلاناً بهذا الطعام المنزل الذي في الدار التي في بني فلان، أحد حدود هذه الدار التي فيها هذا المنزل والثاني والثالث والرابع، وأحد حدود هذا المنزل والثاني والثالث والرابع، بحدوده كلها (¬8) وكل حق ¬

_ (¬1) ف - باب. (¬2) م ز - كتاب. (¬3) م ف ز ع: الذكر حقا. وفي ب جار: الذكر الحق. وفكر الحق هو الصكّ كما تقدم. (¬4) م ف ز ع: من ملك. والتصحيح من ب. (¬5) م: كذا كذا. (¬6) ف - ثمن. (¬7) ز: حقا. (¬8) م ف ز ع: كله. والتصحيح من ب.

هو له، رهناً بجميع هذا الطعام، وقبض فلان هذا المنزل، على أن فلاناً مسلَّط على بيع هذا المنزل عند حِلّ هذا الطعام، جائز بيعه أمين في ذلك، يبيع فيوفي فلاناً طعامه، فإن نقص الثمن عن طعامه (¬1) فعلى فلان، وإن زاد فله، شهد" (¬2). وإذا ارتهن الرجل أرضاً من رجل بثياب يهودية أَسْلَمَ فيها كتب: "ذِكْرُ حَقّ فلان بن فلان على فلان بن فلان، [عليه] (¬3) كذا كذا ثوباً يهودية، ثياباً وسطاً، كل ثوب منها طوله كذا كذا ذراعاً وعرضه كذا كذا ذراعاً (¬4)، يوفيها إياه في موضع كذا وكذا، وإلى كذا كذا من الأجل، وقد قبض فلان ثمن هذه الثياب وهو كذا كذا درهماً، وقد برئ فلان إليه منه، ومن قام بهذا (¬5) الذّكْر حَقّ (¬6) فهو وليّ ما فيه، وقد رهن فلان فلاناً بهذه الثياب أرضاً يقال لها كذا كذا من قرية كذا كذا من طَسُّوج (¬7) كذا كذا من رُسْتَاق (¬8) كذا كذا (¬9)، أحد حدودها والثاني والثالث والرابع، بحدودها كلها وكل حق هو لها، رهناً مقبوضاً بجميع هذه الثياب، وقد قبض فلان هذه ¬

_ (¬1) م ف ز ع: من طعامه. والتصحيح من ب. (¬2) م ف ز - شهد. والزيادة من ع. (¬3) الزيادة من ب. (¬4) م: ذراع؛ م ز ع + جيدا؛ ف + جيد (مهملة). وهي ساقطة من ب جار. (¬5) م: بهذه. (¬6) ز: حقا. (¬7) الطَسُّوج الناحية كالقرية ونحوها، معرَّب. انظر: المغرب، "طسج". (¬8) م ف ز: من بدستق (مهملة)؛ ع: من دستق. والتصحيح من ب جار. قال الفيومي: الرّسْتَاق معرَّب، ويستعمل في الناحية التي هي طرف الإقليم، والرُّزْدَاق بالزاي والدال مثله، والجمع رَسَاتِيق ورَزَادِيق، قال ابن فارس: الرَّزْدَق السطر من النخل والصف من الناس، ومنه الرُّزْدَاق، وهذا يقتضي أنه عربي، وقال بعضهم: الرُّسْتَاق مولَّد وصوابه رُزْدَاق. انظر: المصباح المنير، "رستق". وقال المطرزي: الرَّزْدَق الصف، وفي الواقعات: رَسْتَق الصفّارين والبيّاعين، وكلاهما تعريب رَسْته انظر: المغرب، "رزدق" (¬9) م ز - كذا.

الأرض، على أنه مسلَّط على بيعها عند حِلّ أجل (¬1) هذه الثياب، جائز بيعه أمين في ذلك، فيستوفي هذه الثياب كلها، فإن نقص ثمنها عن هذه (¬2) الثياب فعلى فلان، وإن زاد فله، شهد". وإذا ارتهن الرجل شيئاً مما يكال أو يوزن كتبه على هذا الكتاب الذي كتبته لك في الطعام. وإذا ارتهن الرجل حريراً أو نوعاً من هذه الثياب سوى ذلك الشيء مما يُذْرَع كتب على نحو ما كتبت لك في الثياب. وإذا ارتهن الرجل عبداً أو أمةً أو دابة أو ثياباً أو متاعاً كتب: "ذِكْرُ حَقّ فلان بن فلان على فلان بن فلان، عليه كذا كذا درهماً وَزْن سبعة جياداً، قرضاً حالة يأخذه بها إذا شاء، ومن قام بهذا الذِّكْر حَق (¬3) فهو وليّ ما فيه، وقد رهن فلان فلاناً بهذا المال عبداً يقال له فلان الفلاني وأمة يقال لها فلانة الفلانية، وثلاثة أثواب: مُلاَءَةٌ (¬4) منها مَرْوِية (¬5) لَبيس (¬6)، وقميص مَرْوِي لَبِيس، ودِرْع (¬7) مَرْوِي لَبِيس، ونَمَطان (¬8) وثلاثة وسائد لَبِيسٌ كلها، نَمَطان منها أصفر وَشْيُه (¬9) كذا كذا - حتى يسمي النَّمَطين والوسائد كلها وينسبها إلى ألوانها وإلى وَشْيِها - رهناً مقبوضاً، على أن وضعا ذلك جميعاً على يدي فلان، وقبضها فلان كلها من فلان، على أنه ¬

_ (¬1) م ف ز ع: الأجل. والتصحيح من ب جار. (¬2) م ف ز ع: من هذه. والتصحيح من ب جار. (¬3) ز: حقا. (¬4) المُلاَءَة الملحفة والإزار. انظر: لسان العرب، "ملأ". (¬5) نسبة إلى مرو. (¬6) أي: ملبوس قد استعمل وصار خَلَقاً. انظر: المغرب، "خلق". (¬7) ز: وذرع. درع المرأة ما تلبسه فوق القميص. انظر: المغرب، "درع". (¬8) قال المطرزي: النَّمَط ثوب من صوف يطرح على الهودج، وفي السير: ظِهَارة المِثَال (أي الفراش) الذي ينام عليه. انظر: المغرب، "نمط". (¬9) ز: وسته. الوَشْي خلط اللون باللون، وَشَى الثوبَ أي رَقَمَه ونَقَشَه. انظر: المغرب، "وشي".

باب الرجل إذا ارتهن من الرجل دابة وثيابا بكفالة تكفل بها عنه

مسلَّط على بيعها إذا مضى شهر كذا كذا من سنة كذا، جائز بيعه أمين في ذلك، يبيع فيوفي فلاناً ماله هذا، فإن نقص الثمن من ماله فعلى فلان، وإن زاد فله، شهد". ... باب الرجل إذا ارتهن من الرجل دابةً وثياباً بكفالة تكفل بها عنه وإذا ارتهن الرجل من الرجل دابة أو ثياباً بكفالة تكفّل بها عنه كتب: "هذا كتاب لفلان بن فلان من فلان بن فلان، إني كنت أمرتك أن تضمن عني لفلان كذا وكذا، فضمنت له ذلك عني إلى كذا (¬1)، وكتب (¬2) عليك (¬3) بذلك صكاً باسمه إلى هذا الأجل، وإني رهنتك بهذا المال بغلة دَهْمَاء (¬4)، وكذا كذا ثوباً هروية جِياداً بِيضأ جُدُداً، ووضعنا (¬5) ذلك على يدي فلان بن فلان، وقبض فلان ذلك رهناً مقبوضاً، على أنه مسلَّط على بيعه عند حِلّ هذا المال، جائز بيعه أمين في ذلك، يبيع فيؤدي هذا المال إلى فلان أو يؤديه إليك، فإن نقص (¬6) الثمن عن هذا (¬7) المال فعلي، وإن زاد فلي". وإذا كان الرهن على يدي عدل أو على يدي المرتهن فهو سواء. وإن مات الراهن فالمرتهن أحق به من الغرماء. فإن هلك الرهن وقيمته والدين سواء ذهب بما فيه. ¬

_ (¬1) ف + كذا. (¬2) ز: فكتب. (¬3) م ز: عليه. (¬4) ز: درهما. أي سوداء. انظر: المغرب، "دهم". (¬5) ف ز: ووضعا. (¬6) م ز: فإن قبض. (¬7) م ف ع: من هذا. والتصحيح من ب جار.

وإذا ارتهن الرجل طَوْق ذهب بدين قَرْض كتب: "ذِكْرُ حَقّ فلان بن فلان على فلان، عليه كذا كذا درهماً وَزْن سبعة، قرضاً حالة يأخذه بها إذا شاء، ومن قام بهذا الذِّكْر حَقّ فهو وليّ ما فيه، وقد رهن فلان فلاناً بهذا المال طَوْق ذهب فيه كذا كذا مثقالاً ذهباً أحمر جيداً، رهناً مقبوضاً بجميع هذا المال (¬1)، وقبضه فلان من فلان، شهد". وإذا كتب الرجل ذِكْر حَقّ باسمه وهو من ثمن متاع لابنه وارتهن به قرية وأرضها كتب: "ذِكْر حَقّ فلان بن فلان على فلان بن فلان، كذا كذا درهماً وَزْن سبعة جياداً، وحِلُّها إلى كذا كذا من الأجل، وهذا المال من ثمن متاع لفلان بن فلان، باعه فلان (¬2) من فلان، وقبضه فلان منه وقبله ورضيه، وبرئ فلان إليه منه، وفلان يومئذ صغير في عيال أبيه فلان، ومنٍ قام بهذا الذّكْر حَقّ فهو وليّ ما فيه، وقد رهن فلان فلاناً بهذا المال قرية يقال لها كذا وكذا وأرضَها، وهذه القرية والأرض من طَسُّوج (¬3) كذا من رُسْتَاق (¬4) كذا (¬5)، منها قَرَاح (¬6) يقال له كذا وكذا، أحد حدوده والثاني والثالث والرابع، وأحد (¬7) حدود هذه القرية والثاني والثالث والرابع، بحدود هذه القرية والأرض المحدودة (¬8) في كتابنا هذا وبيوتها وكل حق هو لها، رهناً مقبوضاً بجميع هذا المال، وقبضهما فلان من فلان، على أنه مسلَّط على بيعهما عند حِلّ هذا المال، جائز بيعه أمين في ذلك، يبيع فيستوفي هذا المال، وإن نقص (¬9) هذا الثمن عن هذا (¬10) المال فعلى فلان، وإن زاد فله، شهد". ¬

_ (¬1) ز: هذال. (¬2) ف - فلان. (¬3) تقدم قريباً أنه بمعنى القرية. (¬4) م ف ز ع: من بدستق. وقد تقدم ما فيمى (¬5) م: لذا. (¬6) القَرَاح المزرعة التي ليس فيها بناء ولا شجر، والجمع أَقْرِحَة. انظر: المغرب، "قرح"؛ والمصباح المنير، "قرح". (¬7) م: وأخذ. (¬8) ز: المحذوذة. (¬9) م ف ز: وإن يقبض. والتصحيح من ع. (¬10) م ف ز ع: من هذا. والتصحيح من ب جار.

باب الشهادة في الرهن

وكذلك الوصي يبيع مال اليتيم فإنه يكتب كذلك. وإذا تَعَيَّنَ (¬1) الوصيُّ ورهن داراً ليتيبم كتب: "ذِكْرُ حَقّ فلان على فلان، عليه كذا كذا درهماً وَزْن سبعة، وحِلّها (¬2) إلى كذا كذا من الأجل، وهو من ثمن متاع اشتراه فلان من فلان (¬3) لفلان، وقبضه منه وقبله ورضيه، وباعه وأدى ثمنه عن فلان، وهو كذا كذا درهماً كانت على فلان، ومن قام بهذا الذكْر حَقّ فهو وليّ ما فيه، وقد رهن فلان فلاناً بهذا المال دار فلان التي في بني فلان، وفلان يومئذ صغير في حجر وصيّه فلان، أحد حدود هذه الدار والثاني والثالث والرابع، بحدودها كلها وكل حق هو لها، رهناً مقبوضاً بجميع هذا المال، وقبضها فلان من فلان، على أنه مسلَّط على بيع هذه الدار، جائز بيعه أمين في ذلك، يبيع فيستوفي ماله، فإن نقص الثمن عن ماله (¬4) فعلى فلان، وإن زاد فله، شهد". ... باب الشهادة في الرهن وإذا اختلف الراهن والمرتهن فجحد الراهن الرهن وادعاه المرتهن وقد قبض فإنه يسأل البينة على أنه ارتهن وقبض. فإن أقام رجلين أو رجلاً ¬

_ (¬1) أي: باع بيع العِينَة. قال المطرزي: إنه لم يجد "تعيّن" بمعنى هذا في اللغة، لكنه موجود في لسان العرب. والعِينَة بالكسر: السَّلَف، واعْتَانَ الرجلُ اشترى الشيء بالشيء نسيئة، وتَعَيَّنَ، وعَيَّنَ التاجر تعييناً، وقيل: هي أن يبيع الرجل متاعه إلى أجل ثم يشتريه في المجلس بثمن حال لِيَسْلَمَ به من الربا، وقيل لهذا البيع عِينَة لأن مشتري السلعة إلى أجل يأخذ بدلها عيناَ، أي: نقداً حاضراً. انظر: المغرب، "عين"؛ ولسان العرب، "عين"؛ والمصباح المنير، "عين". (¬2) ز. وحدها. (¬3) ف: من لفلان. (¬4) م ف ز ع: من ماله. والتصحيح من ب جار.

وامرأتين فهو جائز. إن شهدا (¬1) على معاينة القبض أو على إقرار الراهن بذلك فهو سواء. وهذا قول (¬2) أبي حنيفة الآخر رجع إليه. وهو قول أبي يوسف. وإذا شهدا على معاينة القبض واختلفا في المكان أو في (¬3) الأيام أو في البلدان أو في الشهور فهو سواء، والرهن جائزة لأنه لم يكن رهناً ولا قبضاً إلا بإقرار الراهن. ألا ترى أنه لو قبض بغير إقرار الراهن كان غاصباً. وإن اختلف الشاهدان فقال أحدهما: رهنه بمائة، وقال الآخر (¬4): رهنه بمائتين، فشهادتهما باطل. ولو قال أحدهما: بمائة، وقال الآخر: بمائة وخمسين درهماً، والمرتهن يدعي مائة وخمسين (¬5) درهماً فالرهن بمائة درهم، وللمرتهن على الراهن مائة درهم يؤخذ بها. فإن ادعى المرتهن مائة درهم (¬6) فشمهادتهما باطل. ولو شهد أحدهما بكُرّ حنطة والآخر بكُرّ شعير كان باطلاً. ولو شهد أحدهما بدينار والآخر بدرهم كان الرهن باطلاً، ولا يكون عليه من الدين شيء في جميع هذه الوجوه (¬7)، إلا في الذي شهد [أحدهما] (¬8) بمائة وشهد الآخر بمائة وخمسين فإنه يكون عليه مائة إذا ادعى المرتهن ذلك (¬9) في قول أبي حنيفة. وإذا ادعى (¬10) الراهن أنه رهن بخمسمائة وذلك قيمته وأقام على ذلك شاهداً وأقام شاهداً آخر على مائة وقال المرتهن: لي عليه ¬

_ (¬1) ز: شهد. (¬2) ز + الإمام الأعظم. (¬3) م ز ع: وفي. (¬4) ف ز + رهنه بمائة وقال الآخر. (¬5) م ف ز ع: وخمسون. وورد صحيحا في المبسوط، 21/ 125 (¬6) ف + يؤخذ بها فإن ادعى المرتهن مائة درهم. (¬7) ف: الوجه. (¬8) الزيادة من ب جار. (¬9) أي: مائة وخمسين. وعبارة ب جار: إذا ادعى المرتهن الأكثر. (¬10) م ز: فإذا ادعى.

خمسون ومائة وهذا رهن بمائة منها، فهو رهن بمائة، والقول في ذلك قول المرتهن مع يمينه إلا أن يقيم الراهن بينة أخرى على ما ادعى. فإن أقام كل واحد منهما بينة على ما ادعى فالبينة بينة الراهن، وهو رهن بمائة وخمسين درهماً؛ لأنه مدعي للفضل. وإن اختلفا في قيمة الرهن بعدما هلك في يدي المرتهن فالقول قول المرتهن في قيمته مع يمينه، ويذهب من المال بحساب ما قال. وكذلك لو كانا ثوبين فهلك أحدهما كان القول قول المرتهن في قيمة الهالك. فإن أقام الراهن بينة على أكثر من ذلك الذي ادعى المرتهن أخذت ببينة الراهن، ولا تقبل بينة المرتهن على قوله. وإذا رهن الرجل عبداً بألف باعه بها متاعاً فقبض المتاع وأبى أن يدفع إليه الرهن وجحد الراهن وأقام المرتهن (¬1) بينة على أنه باعه هذا المتاع على أن يرهنه ذلك العبد فإني لا أجبره على أن يدفع إليه ذلك العبد؛ لأنه لم يقبضه ولم يكن رهناً، ولا يكون رهناً إلا مقبوضاً، ولكن صاحب المتاع البائع بالخيار. إن شاء أخذ متاعه إلا أن يعطيه الآخر العبد رهناً أو يعطيه مكانه رهناً يرضى به. ولو لم يجحد الراهن ولكن الرهن مات في يديه أو استحق أو باعه أو أصابه عيب ينقصه فإن الذي باع المتاع بالخيار. إن شاء أخذ متاعه. وإن شاء تركه بغير رهن. فإن رضي الآخر أن يعطيه رهناً مكان ذلك الرهن بقيمته (¬2) أعطاه وسلم له البيع. وإن أبى البائع أن يأخذ رهناً إلا دراهم أو دنانير قيمة ذلك فله ذلك أو يأخذ متاعه. فإن كان المتاع قد استهلك أخذ ثمنه حالاً أو يعطيه قيمة ذلك الرهن دراهم (¬3) أو دنانير رهناً مكانه. وإذا ادعى الرهن الواحد الرجلان (¬4) كلاهما يدعي، يقول: رهنتني ¬

_ (¬1) ف: الرهن. (¬2) م ف ز ع: ثقه (مهملة). والتصحيح من ب جار. ويظهر أن في عبارة السرخسي سقطا. انظرت المبسوط، 21/ 126. (¬3) م ز: دراهما. (¬4) م: للرجلان.

بألف درهم وقبضت، ويقيم بينة على ذلك، فإن كان الرهن في يدي الراهن لم يكن لواحد منهما في القياس؛ لأنه لا يكون نصفه رهناً لكل واحد وهو غير مقبوض (¬1). فإن أقام أحدهما بينة أنه أول وأنه قد قبضه جاز له. فإن لم تقم لأحدهما بينة أنه أول ولكن وقتت كل (¬2) واحدة من البينتين وقتاً فإنه لأولهما. وإن كان في يدي واحد منهما وكل واحد منهما يقيم البينة أنه ارتهنه وقبضه فإنه يقضى به للذي هو في يديه إلا أن يقيم الآخر بينة أنه أول. فإن كان في أيديهما جميعاً وكل واحد منهما يقيم البينة أنه ارتهنه وقبضه فإذا علم الأول منهما فهو رهن له وبطل الآخر. وإن لم يعلم الأول فإنه لا يكون لواحد منهما في القياس. وبه نأخذ. وفي الاستحسان لكل واحد منهما نصفه رهناً بنصف حقه. ولو مات الراهن وعليه دين والرهن في أيديهما وكل واحد منهما يقيم البينة أنه ارتهنه كان لكل واحد نصفه بنصف حقه يباع له. فإن فضل عن نصيب كل واحد منهما شيء كان أسوة الغرماء (¬3) بالحصص، ويضرب كل واحد منهما مع الغرماء بالذي بقي له. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد، استحسنا ذلك. وقال أبو يوسف: أما أنا فأرى أن (¬4) الرهن كله باطل، وأنه بين الغرماء بالحصص. وإذا أقام رجلان كل واحد منهما بينة على متاع أنه ارتهنه من فلان وقبضه وهو في يدي أحد صاحبي الدين ولا يعلم أيهما أول فهو رهن للذي هو في يديه. وإن أقام كل واحد منهما بينة أنه ارتهنه من رجل سوى صاحب هذا المتاع فهو رهن للذي هو في يديه. وإن كان الآخر أول فإن أقام كل (¬5) منهما بينة أن هذا المتاع متاع فلان وأنه ارتهنه بكذا وكذا وقبضه ¬

_ (¬1) ز: مقبضو. (¬2) ف: لكل. (¬3) الأسُوة والإِسوة: القدوة، والقوم أسوة في هذا الأمر أي: حالهم فيه واحدة. انظر: لسان العرب، "أسو". (¬4) م ز - أن. (¬5) ز + واحد.

وهو في يدي أحدهما فهو رهن للذي (¬1) في يديه، ولا يقبل من الآخر البينة إذا كان صاحبه غائبأ؛ لأن القضاء يكون على الغائب. وإن كان صاحبه شاهداً وصاحبه الآخر غائباً لم أقض بينهما حتى يحضر راهن هذا وراهن هذا. فإذا حضرا قضيت به للمدعي الذي ليس في يديه وجعلته رهناً له، ولا أنظر في هذا إلى الأول ولا إلى الآخرة لأن الأصل ليس مِن قِبَل إنسان واحد. وإذا كان عبد في يدي رجل فادعى رجل أنه عبده وأنه رهنه من فلان بألف درهم وقبضه فلان منه وفلان غائب والذي العبد في يديه يدعيه ويقول: هو عبدي، فإنه يقضى به للمدعي، فيؤخذ منه فيوضع على يدي عدل حتى يحضر الغائب فيصدق بالرهن أو يكذب. ولو غاب الراهن وقال المرتهن: هذا العبد رهن في يدي مِن قِبَل فلان بكذا كذا درهماً، وإن هذا (¬2) اغتصبه مني أو استعاره مني أو استأجره مني، فأقام على ذلك بينة فإني أدفعه إليه؛ لأن هذا أخذه من يديه. وليس هذا كالباب الأول. وإذا اختلف الراهن والمرتهن فقال الراهن: رهنتك هذا الثوب وقبضته مني وأعطيتني العشرة، وأقام البينة وقال المرتهن: بل رهنتني هذا العبد، وأقام على ذلك بينة بالقبض فإني آخذ ببينة المرتهن؛ لأنه المدعي. ولو اختلفا فقال المرتهن: رهنتهما جميعاً، وقال الراهن: بل رهنتك هذا وحده، وقد قبض العبد والثوب فأقاما جميعاً البينة فإن البينة بينة المرتهن، وهما جميعاً رهن له (¬3) بما ادعى. وإذا اختلف الراهن والمرتهن في عبد وأمة والدين ألف وهما مقران بألف فقال الراهن: رهنتك الأمة بألف وقبضتها مني، وقال المرتهن: بل رهنتني العبد وقبضته منك، وأقاما جميعاً البينة فإنه يؤخذ ببينة المرتهن (¬4)، ¬

_ (¬1) ز + هو. (¬2) ز - هذا. (¬3) م - له؛ ز - رهن له. (¬4) ف: الرهن.

ويكون العبد رهناً له، ويرد الأمة إلى الراهن. فإن كانا قد ماتا جميعاً في يديه وقيمة الأمة ألف وقيمة العبد خمسمائة فأقاما بينة فإن البينة في هذا بينة الراهن؛ لأنه المدعي للفضل؛ لأن الأمة حيث ماتت في يديه صار مستوفياً. وإذا اختلف الراهن والمرتهن فقال المرتهن: رهنتني هذا العبد بألف وقبضته منك، ولي عليك سوى ذلك مائة دينار ولم تعطني بها رهناً، وقال الراهن: لم أرهنك هذا العبد، ولكن غصبتني هذا العبد غصباً، ولك (¬1) علي هذه الألف درهم (¬2) بغير رهن، وقد رهنتك بالمائة دينار أمة يقال لها فلانة وقبضتها مني، وقال المرتهن: لم أرتهن أمتك فلانة وهي أمتك، وليست بينهما بينة والعبد والأمة في يدي المرتهن فإنه يحلف الراهن (¬3) على دعوى (¬4) المرتهن. فإن حلف بطل الرهن في العبد وأخذه الراهن. وإن نكل عن اليمين كان العبد رهناً للمرتهن بالألف. وأما المرتهن فإنه لا يحلف في الأمة بشيء ويردها على الراهن؛ لأنه أقر أنها أمته ولم يدّع (¬5) فيها رهناً (¬6). وإن قامت لهما جميعاً بينة أخذت ببينة المرتهن وأبطلت بينة الراهن ورددت عليه أمته. فإن كانت الأمة قد ماتت في يدي المرتهن وقيمتها مائة دينار فهي بها؛ لأن الراهن قد أقام البينة على أنها رهن (¬7) بمائة دينار. وأما العبد فإنه رهن بالألف على حاله. وإذا أقام الراهن البينة أنه قد رهن هذا الرجل عبداً بألف يساوي ألفين وقبضه منه وأنكر المرتهن ذلك ولا يدري ما فعل العبد فالمرتهن ضامن لقيمته كلها؛ لأنه جحد فصار ضامناً للفضل الذي كان فيه مؤتمناً. ولو أقر المرتهن ولم يجحد أن العبد مات عنده لم يضمن شيئاً وذهب العبد بما فيه. فإذا لم يقر أنه ارتهنه ولا مات عنده ضمنته القيمة كلها وحسبت له من ذلك ألفه ورد ألفاً. ¬

_ (¬1) م ز: ولكن. (¬2) ف ز - درهم. (¬3) م ف: للراهن. والتصحيح من ع. (¬4) ز: على يدعوي. (¬5) ز: يدعي. (¬6) م - رهنا. (¬7) ز - رهن.

وإذا أقام الراهن بينة على المرتهن أنه رهنه رهناً وقبضه ولم يسم الشهود الرهن (¬1) ولم يعرفوه فإنه يسأل المرتهن عن الرهن ويجعل القول قوله. فإن قال: هو ثوب، فهو ثوب. وإن قال: قيمته كذا كذا، فهو كما قال مع يمينه؛ لأن الشهود لم يبينوا شيئاً. وإذا شهد شهود الراهن أنه رهن عند هذا المرتهن ثوباً مروياً بمائة درهم يساوي خمسين درهماً (¬2) وجحد المرتهن ذلك ولا يعرف ما فعل بالثوب (¬3) فالمرتهن ضامن لقيمة الثوب يحسب له من دينه. وإن لى يجحد المرتهن ذلك ولكن جاء بثوب يساوي عشرين درهماً فقال: هو هذا، فإنه لا يصدق ولا يقبل منه ذلك ويطرح عنه خمسون درهماً. وإذا أقام المرتهن البينة على الراهن أنه رهنه هذا الثوب بحقه ولم يقبضه فإنه لا يجوز، ولا يكون رهناً؛ لأنه لم يقبضه. فإن شهدت شهود المرتهن أنه (¬4) قد قبض الثوب جاز ذلك وقضيت له به. وإذا كان الراهن رجلين فادعى (¬5) المرتهن عليهما رهناً فأقام البينة على أحدهما (¬6) أنه رهنه وقبضه والمتاع لهما جميعاً وهما يجحدان الرهن فإنه يستحلف الراهن الذي لم يقم البينة عليه بالله ما رهنته. فإن حلف فسد الرهن ورد عليهما. وإن أبى أن يحلف جاز الرهن عليهما جميعاً للمرتهن. وإذا كان الراهن واحداً والمرتهن اثنين فقال أحدهما: ارتهنت أنا وصاحبي هذا الثوب منك بمائة وقبضناه، وأقام البينة، وأنكر المرتهن الآخر وقال: لم نرتهنه (¬7)، وقبضا (¬8) الثوب، وجحد الراهن الرهن فإنه يرد على ¬

_ (¬1) ز: الراهن. (¬2) م ز - درهما. (¬3) م ف ز ع: الثوب. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 21/ 131. (¬4) ز: فانه. (¬5) م ز: وادعى. (¬6) م - أحدهما؛ ز - على أحدهما. (¬7) م ف ع: لم نرهنه. والتصحيح من المبسوط، 21/ 131. (¬8) ز - وأقام البينة وأنكر المرتهن الآخر وقال لم نرتهنه وقبضا.

الراهن الرهن؛ لأنه قد (¬1) أبطل نصف حق الذي أنكر، فلا يجوز نصفه رهناً. وهذا قؤل أبي يوسف. وقال محمد: أقضي به رهناً فأجعله في يد (¬2) المرتهن الذي أقام البينة وعلى يدي (¬3) عدل، فإذا قضى الراهن المرتهن الذي أقام البينة (¬4) على الراهن جاز الرهن. وإن هلك الرهن ذهب (¬5) نصيب المرتهن الذي أقام البينة من المال، ولا يصدق المرتهن الذي جحد الرهن على إبطال حق المرتهن الذي أقام البينة بجحوده. وإذا ادعى الرجل أنه استوح المرتهن ثوباً وأقام البينة أنه استودعه إياه وأقام الآخر البينة أنه ارتهنه منه فإنه يؤخذ ببينة المرتهن؛ لأن المرتهن أولى. ولو أقام الراهن بينة أنه باعه إياه وأقام المرتهن بينة على الرهن جعلته بيعاً وأبطلت الرهن. وإذا ادعى المرتهن أنه وهبه له وقبضه وادعى الراهن أنه رهنه إياه وأقاما جميعاً البينة أخذت ببينة المرتهن وجعلته هبة وأبطلت الرهن؛ لأن الرجل قد يهب بعدما يرهن (¬6) ويبيع بعدما يرهن، ولا يرهن بعدما يهب، ولا بعدما يبيع. وكذلك لو ادعى رجلان هذا الثوب فقال أحدهما: اشتريته بعشرة دراهم، والآخر يقول: ارتهنته بعشرة، وأقام كل واحد منهما البينة على ما قال وعلى القبض وهو في يدي الراهن جعلته (¬7) بيعاً للمشتري فأبطلت الرهن إلا أن يعلم (¬8) أن الرهن كان قبل البيع. ولو كان في يدي المرتهن جعلته رهنا إلا أن يقيم صاحب الشرى بينة أن الشرى كان أول. ولو كان في يدي الراهن فادعى المرتهن الرهن وادعى الآخر الصدقة وكل واحد منهما يقيم بينة على ذلك وعلى القبض وهو في يدي الراهن فإن ¬

_ (¬1) م - قد. (¬2) ز: في يدي. (¬3) م: وعلى يد. (¬4) ز - وعلى يدي عدل فإذا قضى الراهن المرتهن الذي أقام البينة. (¬5) ز: جاز. (¬6) ف: قد يهب ما يرهن. (¬7) ف: وجعلته. (¬8) ز: أن تعلم.

صاحب الرهن أولى به؛ لأنه قد أعطاه في ذلك مالا (¬1)، إلا أن تقوم بينة أن الهبة هي الأول فيكون لصاحب الهبة. وكذلك الصدقة والنحلى والعمرى والعطية. وإذا استودع الرجل (¬2) رجلاً ثوباً ثم رهنه إياه فإن هلك الرهن قبل أن يقبضه المرتهن بالرهن فهو فيه مؤتمن، والقول قوله بغير بينة. فإن أقام الراهن بينة أنه قد قبضه بالرهن بعدما ارتهن وهلك بعد ذلك وأقام المرتهن بينة أنه قد هلك عنده بالوديعة قبل أن يقبضه بالرهن فإنه يؤخذ ببينة الراهن. وإذا اختلف الراهن والمرتهن في الرهن فقال الراهن: قبضت مني الرهن فهلك في يديك، وقال المرتهن: بل قبضته مني أنت بعد الرهن فهلك في يديك، فالقول في ذلك قول الراهن مع يمينه؛ لأن المرتهن قد أقر بقبضه فهو في ضمانه، وهو بماله. فإن أقاما جميعاً البينة على ما قالا أخذت ببينة الراهن؛ لأنه المدعي للفضل؛ لأن هلاك الرهن في يدي المرتهن بمنزلة القضاء. وإذا اختلف الراهن والمرتهن في الرهن فقال الراهن هلك في يدي (¬3) المرتهن، وقال المرتهن: هلك في يدي الراهن قبل أن أقبضه، فالقول قول المرتهن مع يمينه؛ لأنه لم يقر بقبض الرهن. فإن أقام كل واحد منهما البينة أخذت ببينة الراهن؛ لأنه المدعي. وإذا اختلف الراهن والمرتهن في الرهن فقال المرتهن: ارتهنته بمائة، وقال الراهن: بمائتين، وقد قبضه، فإن القول قول المرتهن. فإن أقاما جميعاً البينة أخذت ببينة الراهن؛ لأنه المدعي. وإذا اختلف الراهن والمرتهن في الرهن فقال المرتهن: رهنتني هذين ¬

_ (¬1) م ز ع: ما؛ ف: ماء. والتصحيح من ب جار. ويقول السرخسي: الرهن عقد ضمان، والهبة والصدقة عقد تبرع، وعقد الضمان أقوى من عقد التبرع، فكان صاحب الرهن أولى. انظر: المبسوط، 21/ 133. (¬2) م ف ز ع: الرجلان. وفي ب جار: الاثنان. والتصحيح من المبسوط، 21/ 133. (¬3) ف: في يد.

الثوبين وقبضتهما، وقال الراهن: بل رهنتك أحدهما بعينه، فإن القول قول الراهن مع يمينه. فإن أقاما جميعاً البينة أخذت ببينة المرتهن، لأنه المدعي. وإذا هلك الرهن في يدي المرتهن فاختلف الراهن والمرتهن في قيمته فالقول قول المرتهن مع يمينه. فإن أقام كل واحد (¬1) منهما البينة أخذت ببينة الراهن. وإذا كان الرهن عبداً والدين ألفاً فذهبت عين العبد وهو يساوى ألفاً فقال الراهن: كانت هذه قيمته يوم رهنتك وقد ذهب نصف دينك، وقال المرتهن: بل كانت قيمته خمسمائة يوم رهنتني، وإنما زاد بعد ذلك وإنما ذهب ربع حقي، فالقول قول الراهن مع يمينه؛ لأن العبد يساوي ألفاً الساعة. فإن أقاما جميعاً البينة على ما ادعيا أخذت ببينة الراهن؛ لأنه يدعي الفضل والبراءة. وإذا مات الذمي فادعى الذمي بعض متاعه رهناً وادعى مسلم عليه ديناً وأقام الذمي بينة من أهل الذمة (¬2) وأقام المسلم بينة من المسلمين على دينه فإنه يبدأ بدين المسلم حتى يستوفي حقه. فإن بقي شيء كان للذمي. ولا يجوز رهن الذمي حتى يستوفي المسلم ماله؛ لأن شهود (¬3) الذمي من أهل الذمة وشهادتهم تضر بالمسلم. ولو كان شهود الذمي مسلمين جاز ذلك له وكان أحق بالرهن حتى يستوفي. ولو أقام المسلم بينة من أهل الذمة وأقام (¬4) الذمي بينة من أهل الذمة أخذت ببينة المسلم، ولا يكون رهناً حتى يستوفي المسلم. ولو ادعى المسلم الرهن وادعى الذمي [الرهن كذلك] وأقام الذمي بينة من المسلمين وأقام (¬5) المسلم بينة من أهل الذمة جازت شهادتهم جميعاً، فأيهما (¬6) كان أول فهو أولى (¬7) به. فإن لم يعلم أيهما (¬8) ¬

_ (¬1) م: كل واجد. (¬2) ف: الكوفة، صح هـ. (¬3) م ف ز - شهود. والزيادة من ع. (¬4) م ز: فأقام. (¬5) م ز: فأقام. (¬6) م ف ز: فأيها. والتصحيح من ع. (¬7) ف: أول. (¬8) م ف ز ع: أيها.

باب رهن المكاتب

أول وكان في يدي واحد منهما فهو له دون صاحبه. فإن كان في أيديهما جميعاً فلكل واحد منهما نصفه رهناً بنصف حقه. وهذا قول أبي حنيفة. وأما في قول يعقوب ومحمد فالرهن باطل، وهو بين الغرماء بالحصص. ... باب رهن المكاتب وإذا ارتهن المكاتب رهناً بدين له أو رهن رهناً بدين عليه فهو جائز، وهو في ذلك بمنزلة الحر. فإن رهن رهناً بالمكاتبة وقبضه المولى منه وقيمته والمكاتبة سواء فهلك الرهن عند المولى فهو بما فيه، وبطلت المكاتبة ويعتق المكاتب. ولو لم يهلك ولكنه كان عبداً فاعورّ ذهب نصف المكاتبة. ولو لم يعورّ ولكنه أبق فخاصم المكاتب المولى وأراد دفع (¬1) المال وأَخْذَ رهنه فقال المولى: قد أبق، فإنه يحلف على ذلك وينظر في ذلك ويستأنى به. فإن حلف أبطلنا المكاتبة عن المكاتب وأعتقناه. وإن وجد العبد رُدَّ على المكاتب (¬2) ورجع عليه المولى بالمال كما كان، وهو حر بالعتق الأول الماضي فيه. ولو رهن رجل عبداً عن المكاتب رهناً بمكاتبته وفيه وفاء وقبضه المولى فهو جائز. فإن هلك بطلت المكاتبة وعتق (¬3) المكاتب، ولا يرجع مولى العبد (¬4) على المكاتب بشيء (¬5)، لأنه لم يستعره منه ولم يأمره برهنه. وإذا أراد المكاتب أن يرهن مولاه رهناً فأبى المولى أن يقبل منه كان له ذلك. وكذلك الحر يكون له على الحر دين. ¬

_ (¬1) ز: رفع. (¬2) م ف ع: على المكاتبة. والتصحيح من ب؛ والمبسوط،21/ 134. (¬3) م ف ز: واعتق. والتصحيح من ع. (¬4) أي: الراهن، كما ورد في ب؛ والمبسوط، 21/ 135. (¬5) م ف ز ع: بعتق. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 21/ 135.

وإذا أراد المرتهن أن (¬1) يرد الرهن (¬2) على الراهن مكاتباً كان أو عبداً أو أمةً فهو جائز، ولا يجبره على إمساك الرهن. وإذا كاتب الرجل عبدين له مكاتبة واحدة وكفل كل واحد منهما عن صاحبه بالمال إن أدّيا عتقا وإن عجزا رُدَّا رقيقاً ثم إن أحدهما رهن المولى رهناً قيمته مثل المكاتبة فهلك عند المولى فهو بالمكاتبة، وقد عتقا جميعاً، ويرجع المكاتب الراهن على المكاتب (¬3) الذي لم يرهن بحصته من المكاتبة؛ لأنه قد أداها. فإن كان الرهن بينهما نصفين وكانا (¬4) رهناً جميعاً فهلك عند المولى وقيمة أحد المكاتبين ألفان (¬5) وقيمة الآخر ألف (¬6) فإن الذي قيمته ألف يرجع على الذي قيمته ألفان بسدس قيمة الرهن. وإن (¬7) كان قيمة أحدهما ألفاً وخمسمائة (¬8) وقيمة الآخر ألفاً (¬9) فإن الذي قيمته ألف يرجع على الذي قيمته ألف وخمسمائة بعشر قيمة الرهن. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. وإذا رهن المكاتب عند المكاتب رهناً بدين له عليه فهو جائز. وكذلك لو رهن عند عبد تاجر أو رَهَنَ عبدٌ تاجر عنده رهنا (¬10). وكذلك (¬11) لو (¬12) رهن مولاه (¬13) بقرض استقرضه منه قبل حِلّ النَّجْم (¬14) أو بعدما حَلَّ طائفةٌ ¬

_ (¬1) م ف ز - أن. والزيادة من ع. (¬2) ف: الراهن. (¬3) ف - الراهن على المكاتب. (¬4) ف. فكانا. (¬5) م ز: ألفين. (¬6) ف - ألف. (¬7) ز. فإن. (¬8) م ز: قيمة أحدهما خمسمائة. (¬9) ز: ألف. (¬10) ز - وكذلك لو رهن عند عبد تاجر أو رهن عبد تاجر عنده رهنا. (¬11) م: ولذلك. (¬12) ز - لو. (¬13) أي: أخذ المكاتب رهناً من مولاه. وعبارة ب: وكذا لو رهن عند مأذون أو ارتهن من مأذون أو من مولاه ... (¬14) أي: القسط الذي يدفعه إلى مولاه كل شهر مثلاً، يقال: نَجَّمَ الدين أي أداه نجوماً، وأصله من النجم المعروف لأن العرب في الجاهلية كانوا لا يعرفون الحساب وإنما يحفظون أوقات السنة بالأنواء. انظر: المغرب، "نجم".

منها فاستوفاه أو بطعام أو شعير فهو جائز. وإذا ارتهن المكاتب رهناً من رجل بدين له ثم علم أنه لا دين له عليه فإن المكاتب ضامن كما يضمن الحر. وكذلك المكاتب يأخذ الرهن على أن يقرض فهلك الرهن عنده وقيمته مثل ما أراد أن يقرض فهو ضامن كما يضمن الحر وإن كان قرضه لا يجوز مِن قِبَل أنه قد أخذ رهناً. وكذلك المكاتب يكفل بكفالة ثم يأخذ بها رهناً قيمته والدين الذي تكفّل (¬1) به سواء فهلك الرهن فهو ضامن لقيمة الرهن، وكفالته باطل (¬2). ولا يجوز للمكاتمب المسلم أن يرهن خمراً، ولا يرتهنها من مسلم ولا من (¬3) كافر. وكذلك الحر المسلم. وإذا رهن المكاتب وهو كافر من مكاتب آخر كافر خيراً أو خنزيراً فهو جائز. وإذا رهن المكاتب عبده أو أمته فهو جائز. ولا يجوز أن يرهن ابنه الذي ولد له في المكاتبة، ولا الذي اشتراه. وكذلك أبوه وأمه وجده وجدته وولد ولده من الرجال والنساء لا يجوز له أن يرهن أحداً من هؤلاء. فإن رهن أخاه أو أخته أو ذا رحم محرم منه من سوى هؤلاء الذين سميت لك فهو جائز في قول (¬4) أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإنه ليس له أن يرهن أخاً، ولا أختاً (¬5)، ولا ذا رحم محرم منه، وليس له أن يبيع أحداً من هؤلاء. فإن رهن أم ولده معها ولد فإنه لا يجوز. وإن لم يكن معها ولد وكان اشتراها قبل ذلك فله أن يرهنها وأن يبيعها في قياس قول أبي حنيفة. وليس له أن يبيعها ولا يرهنها في قول أبي يوسف ومحمد. وكل شيء أجزنا (¬6) فيه الرهن فالبيع والمكاتبة فيه جائزة ما خلا أم الولد فإنه يكاتبها، وإن كان معها ولد فليس له أن يبيعها ولا يرهنها، مِن قِبَل أن الحر ¬

_ (¬1) ز: يكفل. (¬2) ز: باطلة. (¬3) ف - من. (¬4) ز + الإمام الأعظم. (¬5) م ز - ولا أختا. (¬6) ز: اخرنا.

يكاتب أم ولده وليس له أن يبيعها ولا يرهنها. فكذلك المكاتب. وإذا رهن المكاتب رهناً عن رجل وقبضه (¬1) المرتهن فإنه لا يجوز وإن أذن له المولى في ذلك، لأن المولى لا يملك مال المكاتب، ولا يملك المكاتب أن يرهن عن غيره، لأنه بمنزلة الكفالة. وإذا ارتهن الرجل من مكاتبه عبداً وفيه وفاء بالمكاتبة وقَبَضَهُ فهو جائز. وإن أبق العبد فاختصما في ذلك جعلت العبد من مال المولى، وأبطلت المكاتبة، وأعتقت المكاتب. فإن وُجِدَ العبدُ بعد ذلك كان رهناً في يدي المولى، وأجبرت المكاتب على أن يفتكّه بالمكاتبة، والعتق ماضٍ جائز. وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم ورَهَنَهُ بها عبداً يساوي خمسمائة درهم ثم أعتقه البتّة أو دبّره أو كانت (¬2) أمة فوطئها فولدت والراهن موسر فهو ضامن لقيمة الرهن، ويكون رهناً مكانه. فإن كان المال قد حَلَّ (¬3) اقتضاه المرتهن من ماله ورجع بالفضل (¬4) على الراهن. فإن كان الراهن معسراً كان للمرتهن أن يستسعي أم الولد والمدبر في الدين كله ويستسعي المعتَق بتّة في خمسمائة، ويرجع العبد المعتَق على الراهن بذلك، ويرجع المرتهن على الراهن بفضل حقه. فإن كانت أمة فدبّرها وهي تساوي خمسمائة والدين ألف والراهن معسر فقضيتُ على المدبرة بالسعاية فولدت ولدأ فماتت (¬5) فإن المرتهن يستسعي ولدها في جميع المال. وكذلك لو كانت حية استسعاها (¬6) في جميع المال. فإن كان الراهن لم يدبّرها ولكن الراهن وطئها فولدت ولداًا ستسعاها المرتهن في جميع دينه، ولا يستسعي الولد ابن الراهن في شيء. فإن ولدت ولداً بعد ذلك من غير المولى كان للمرتهن أن يستسعي ذلك الولد معها. فإن ماتت (¬7) استسعى ذلك الولد في ¬

_ (¬1) م + وقبضه. (¬2) م ز: أو كاتب. (¬3) ز: قد حصل. (¬4) ف: الفضل. (¬5) م ف ز: فمات. والتصحيح من ع ب؛ والمبسوط، 21/ 138. (¬6) م ز: استسعاهما. (¬7) م ف ز: فإن مات. والتصحيح من ع ب.

جميع دينه. ولا سعاية على ابن المولى، وهو حر ماتت هي (¬1) أو عاشت، ولا سعاية عليه في شيء. وإذا ارتهن الرجل عبداً بألف درهم يساوي خمسمائة فأعتقه الراهن وهو معسر ثم مات الراهن وترك خمسمائة فإن المرتهن يأخذها، ويسعى له العبد في خمسين ومائتين. ولو كان العبد سعى قبل موت الراهن كان عليه أن يسعى في قيمته كلها. وإن مات الراهن بعد السعاية وترك خمسمائة درهم كانت بين المرتهن والعبد نصفين؛ لأن كل واحد منهما يطلب الميت بخمسمائة درهم. وإذا رهن الرجلان عند الرجل عبداً بألف درهم ثم إن أحدهما أعتق (¬2) العبد وهو موسر وقيمة العبد ألف فهو ضامن لخمسمائة حصته من الدين، وعلى شريكه مثلها، ولشريكه أن يضمّن المعتِقَ نصفَ قيمة العبد. وإن شاء استسعى العبد. وإن شاء أعتق. ولو كان المعتق معسراً فللمرتهن أن يستسعي العبد في الألف كلها، ويرجع العبد على المعتق بخمسمائة، ولا يرجع على الآخر بشيء. ولو أعتقه أحدهما ثم دبّره الآخر فإن كانا معسرين فهو كما وصفت لك. وإن كانا موسرين ضَمِنَا الألفَ للمرتهن وسعى المدبر للذي دبّره في نصف قيمته، ولا يرجع واحد منهما على صاحبه بشيء. وإذا رهن الرجل عبداً استعاره بألف درهم وقيمته ألف فاستعاره ليرهنه فأعتقه المولى فعتقه جائز. وإن كان موسراً ضَمِنَ المالَ للمرتهن، ويرجع على الراهن بذلك. وإن كان معسراً وكان الراهن موسراً (¬3) ضَمِنَ الراهنُ المال (¬4)، ولا يرجع على أحد بشيء. وإن كانا معسرين جميعاً سعى العبد في ذلك ثم يرجع على أيهما شاء. فإن رجع على مولاه رجع مولاه على الراهن. وإن رجع على الراهن وترك مولاه فليس لمولاه على الراهن شيء. وإذا رهن (¬5) الرجل أمته عند رجل بألف درهم وقيمتها ألف فوطئها ¬

_ (¬1) م ز - هي. (¬2) م ز: عتق. (¬3) ف - وكان الراهن موسرا، صح هـ. (¬4) ف: ضمن المال الراهن. (¬5) ز: رجع.

فجاءت بولد يساوي ألفاً فادعاه بعدما ولدته فإن كان موسراً فهو ضامن للمال. وإن كان معسراً سعت الأمة في نصف المال وسعى الولد في نصف المال. وإن لم يؤد (¬1) الولد شيئاً حتى ماتت الأم قبل أن يفرغ من السعاية سعى ولدها في الأقل من قيمته ونصفِ الدين على حاله، ولا يزاد (¬2) عليه شيء لموت (¬3) الأم، ويرجع الولد بما سعى على الأب، ويرجع المرتهن بما بقي من ماله على الراهن. وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم إلى أجل فرهنه بها عبداً يساوي ألف درهم وقبضه المرتهن ثم أقر الراهن أن العبد الرهن لرجل وادعى ذلك المُقَرّ له وأنكر (¬4) المرتهن فإن الراهن لا يصدَّق على المرتهن في ذلك، ولكن المُقَرّ له إن شاء أدى المال وقبض الرهن. فإن أدى المال حالاً لم يكن له أن يرجع فيه على الراهن حتى يحل المال. ولو أن المُقَرّ له لم يؤد (¬5) المال حتى أَعْتَقَ كان عتقه (¬6) جائزاً، وكان المرتهن بالخيار. إن شاء أخذ الراهن بقيمة العبد فيكون رهناً مكانه. وإن شاء أخذ بذلك المعتِق (¬7). فإن أخذ بذلك الراهن لم يرجع على المعتِق. فإن أخذ بذلك المعتِق رجع بذلك على (¬8) الراهن؛ لأنه هو الذي لحقه الضمان مِن قِبَله. فإن كانا معسرين كان للمرتهن أن يستسعي العبد في القيمة فيكون رهناً مكانه في يدي المرتهن، ويرجع العبد بتلك القيمة على الراهن. وليس له أن يرجع بذلك على المعتِق؛ لأنه مقر بأن المعتق لم يأذن له في رهنه، إنما كان ¬

_ (¬1) م ز: لم يزد؛ ف ع: لم يرد. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 21/ 140. (¬2) م ف ز: لا يزداد. والتصحيح من ع بد ولفظ السرخسي: لا يزاد. انظر: المبسوط، 21/ 140. (¬3) ز: بموت. (¬4) ز - وقبضه المرتهن ثم أقر الراهن أن العبد الرهن لرجل وأدعى ذلك المقر له وأنكر. (¬5) م ف ز ع: لم يرد. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 21/ 141. (¬6) م ز - عتقه. (¬7) م ف ز: العتق. والتصحيح من ع. (¬8) م - على.

مغتصباً (¬1). ولو كان العبد معروفاً للمعتق وقد كان أعاره الراهن ليرهنه (¬2) فرهنه بألف وقبضه المرتهن والدين إلى أجل ثم أعتقه المعتق فإن كان المعير والمستعير موسرين جميعاً فللمرتهن أن يرجع على المعتق بقيمة الرهن، فيكون رهناً مكان الرهن. وليس للمرتهن أن يضمّن الراهن؛ لأنه لم يستهلكه. فإن كان المعير معسراً فللمرتهن أن يستسعي العبد في قيمته فيكون رهناً مكانه، ويرجع بذلك العبد (¬3) على المعير. وليس له على المستعير سبيل. فإذا حلّ الدين أخذ من الراهن ورجعت القيمة إلى المعير بضمانه. ولكن الدين لو كان حالاً والمسألة على حالها كان المرتهن بالخيار. إن شاء رجع بدينه على الراهن، وإن شاء رجع على المعير إن كانا موسرين. فإن رجع على المعير رجع المعير بذلك على المستعير. فإن رجع على المستعير لم يرجع المستعير بذلك على المعير. وإن كانا معسرين جميعاً استسعى المرتهنُ (¬4) العبدَ في الدين. فإذا أداه كان العبد بالخيار. إن شاء رجع بما أدى على المستعير. وإن شاء رجع بذلك على المستعير. فإن رجع على المعير رجع المعير (¬5) بما ضمن على المستعير. وإن رجع على المستعير لم يرجع المستعير على المعير بشيء. وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم فرهنه بها عبداً يساوي ألفين وقبضه المرتهن ثم أقر المرتهن أن الرهن لرجل اغتصبه منه الراهن فإن المرتهن لا يصدَّق على الراهن. فإن أدى الراهن الدين وأخذ العبد لم يكن للمقَرّ له على العبد (¬6) ولا على ما أخذ المرتهن سبيل بإقرار المرتهن. فإن مات العبد في يدي المرتهن ضمن المرتهن جميع قيمة العبد، ولا يرجع على الراهن بشيء من ذلك. وإن كان المرتهن لم يقر برقبة العبد ولكنه أقر ¬

_ (¬1) ز: متغصبا (مهملة). (¬2) ف: لرهنه. (¬3) م ز - العبد، صح م هـ. (¬4) م ف ز: الراهن. والتصحيح من ع. (¬5) م ف ز ع: العبد. وهو تحريف ظاهر. (¬6) ز + ولا.

أن لرجل (¬1) عليه ديناً (¬2) ألفي درهم استهلكها، وقد مات العبد في يدي المرتهن، فإن الرجل المقَرّ له يرجع على المرتهن بألف درهم، ولا يرجع عليه بغير ذلك؛ لأن العبد حين هلك في يديه صار مستوفياً بهلاكه لدينه، فعليه أن يؤدي إلى المقَرّ له ما استوفى من عبده بدينه. ولو كان العبد لم يصت ولكن المرتهن أقر برقبته (¬3) لرجل، وقد كان المرتهن جَعَلَ عَدْلاً فيما بينه وبين الراهن يبيعه حتى يوفيه حقه، فباعه العَدْلُ بألفي درهم ودفعه وقبض المال فنَقَدَ المرتهنَ من ذلك ألفَ درهم وأعطى (¬4) الراهنَ ألف درهم، فإن أجاز المقَرُّ له البيع أخذ الألف التي (¬5) أخذها المرتهن. وإن لم يُجِز البيعَ فلا سبيل للمقَرّ له على ما أخذ المرتهن. ولو كان المرتهن لم يقر بالرقبة ولكنه أقر أن العبد استهلك لرجل ألفي درهم والمسألة على حالها فإن المرتهن يدفع الألف التي قبض من ثمن العبد إلى المقَرّ له إن أجاز البيع أو لم يجز، لأن الرقبة لم تكن للمقَرّ له، فلا يضره إجازة البيع لو لم يجز، فإذا أخذ المقَرّ له من المرتهن ألف درهم لم يرجع بها على الراهن؛ لأنها لم تتلف بإقراره. وإذا رهن الرجل عبداً بألف درهم يساوي ألفاً فحفر العبد عند المرتهن بئراً في طريق المسلمين ثم إن الراهن أدى الدين وأخذ عبده فوقع في البئر دابة تساوي ألف درهم فعطبت فإن العبد يباع في الدين إلا أن يفديه المولى الراهن. فإن بِيع العبدُ بألف درهم وأعطاها صاحب الدابة رجع الراهن على المرتهن بالدين الذي (¬6) قضاه فأخذه منه؛ لأن العبد تلف بفعل كان عنده. فإن وقع في البئر دابة أخرى تساوي ألف درهم فعطبت رجع صاحبها على ¬

_ (¬1) ز: أن الرجل. وذلك الرجل هو صاحب العبد كما يظهر من تتمة العبارة وانظر: المبسوط، 21/ 142. (¬2) م ز: دين. (¬3) م ف ز: برقبة. والتصحيح من ع ب. (¬4) م ف ز: وأعطاه. والتصحيح من ع ب؛ والمبسوط، 21/ 142. (¬5) م ف ز ع: الذي. والتصحيح من المبسوط، 21/ 142. (¬6) ف: المرتهن بالذي.

صاحب الدابة الأولى فأخذ منه نصف ما أخذ؛ لأنهما مشتركان في ثمن العبد. فإذا أخذ منه نصف ما في يديه لم يكن لصاحب الدابة الأولى أن يرجع على الراهن بشيء مما قبض من الدين، لأنه إنما قبض ما كان أعطى المرتهن، ولم يقبض من قيمة العبد قليلاً ولا كثيراً. فإن وقع في البئر حر أو عبد فمات فدمه هدر، ولا يلحق أحداً (¬1) منه قليل ولا كثير. وإذا ارتهن الرجل أمة بألف درهم وقيمتها خمسمائة وقبضها فكاتبها المولى فللمرتهن أن يبطل المكاتبة. وليس هذا كالتدبير؛ لأن التدبير عتق. ولو لم يكاتبها ولكنه دبّرها فسعت في خمسمائة ثم ولدت ابناً يساوي خمسمائة ثم ماتت الأم كان على ابنها أن يسعى في خمسمائة. ولو كان [مكان] (¬2) الابن ابنة فسعت في مائة ثم ولدت ابنة ثم ماتت الابنة الأولى وبقيت السفلى وقيمة الأولى والسفلى سواء كان على السفلى أن تسعى فيما بقي كله. وإذا رهن الرجل أمتين عند رجل وقيمتهما ألفان كل واحدة منهما تساوي ألفاً (¬3) بألف درهم فدبّرهما المولى ثم ماتت إحداهما فإن الباقية تسعى في نصف الدين ويضمن المولى نصف الدين. فإن ولدت هذه الباقية (¬4) ابنة ثم ماتت قبل أن تسعى في شيء وقيمتها مثل قيمة أمها أو أقل أو أكثر سعت في خمسمائة تامة؛ لأن هذه سعاية على الأم قد وجبت عليها وخرجت من الرهن (¬5). ولو كانت ولدتها قبل التدبير ثم دبّرهما جميعاً سعت في خمسين ومائتين إن كانت قيمتها مثل قيمة أمها. وإذا ارتهن الرجل أمة تساوي ألفاً فولدت ابنة تساوي ألفاً (¬6) ثم دبّر المولى الأم وهو معسر فإن على الأم أن تسعى في خمسمائة. فإن ماتت ¬

_ (¬1) م ز: أحد. (¬2) وعبارة ب: ولو كان المولود ابنة. (¬3) ز: ألف. (¬4) م ز - الباقية. (¬5) م ف ز: عن الرهن. والتصحيح من ع ب، والمبسوط، 21/ 145. (¬6) م ز - فولدت بنتا تساوي ألفا.

ابنتها (¬1) سعت في ألف تامة. فإن لم تمت الابنة (¬2) وماتت الأم ولم يدبّرها ثم فى بّر الابنة فإن على الابنة أن تسعى في خمسمائة. فإن ولدت الابنة ابنة (¬3) وماتت الابنة الأولى سعت الابنة السفلى في خمسمائة (¬4) وإن كانت (¬5) قيمتها مائة. وإذا ارتهن الرجل أمة تساوي ألف درهم ثم ولدت ابنة تساوي ألف درهم ثم ولدت الابنة ابنة تساوي ألفأ ثم دبّرهن جميعاً ثم ماتت الأم والابنة الأولى (¬6) كان على الابنة السفلى أن لسعى في نصف الدين مِن قِبَل أنه لا يحتسب بالوسطى (¬7). ولو ماتت الأم والابنة قبل التدبير ثم دبّر السفلى سعت في نصف الدين؛ لأني لا (¬8) أحتسب بالوسطى إذا لم يقع عليها التدبير. ويرجع (¬9) على المولى بكل شيء أبطلناه بعد التدبير. وإذا ارتهن الرجل أمة تساوي ألفاً بألف درهم فولدت ابنة تساوي ألفاً ثم دبّرهما جميعاً فإن على كل واحدة منهما أن تسعى في خمسمائة. فإن ماتت الأم رجع بحصتها على المولى. ¬

_ (¬1) ف: أمها. (¬2) ز: الأم. (¬3) ز: ابنته. (¬4) ف - فإن ولدت الابنة ابنة وماتت الابنة الأولى سعت الابنة السفلى في خمسمائة. (¬5) ز: كان. (¬6) ز - الأولى. (¬7) اعترض عيسى بن أبان على الجواب في هذه المسألة وذهب إلى أن المولى إذا دبرهن جميعاً فإنه يحتسب بالوسطى ويكون على السفلى السعاية في ثلث الدين، لكن إذا لم يدبر الوسطى فإنها لا يحتسب بها، كما ذكر ذلك في المتن في المسألة التالية. واستصوب السرخسي اعتراض عيسى بن أبان. انظر: المبسوط، 21/ 146. وقد أجاب بعض الفقهاء على هذا الاعتراض. انظر: البحر الرائق لابن نجيم، 8/ 303. (¬8) ف - لا. (¬9) م ز: ورجع.

وإذا ارتهن الرجل أمة (¬1) بألف درهم تساوي ألفاً (¬2) فعَلِقَت فادعى الولدَ الراهنُ بعدما ولدت ثم ماتت الأم سعى الولد في حصته من الدين. فإن ادعى الولد قبل أن تلده ثم ولدت ثم ماتت الأم فليس على الولد أن يسعى. وليس هذا كالأول. وإذا ارتهن الرجل أمة بألف درهم تساوي ألفاً إلى أجل فولدت ولداً يساوي ألفاً فدبّر المولى الولد فإن كان موسراً ضمن قيمته وكان رهناً مع الأم. وإن كان معسراً سعى الولد في خمسمائة. فإن ماتت قبل أن تفرغ من السعاية كانت الأمة رهناً بالألف، لا يفتكّها إلا بالألف، لأن الابنة (¬3) زيادة. فإن ماتت الأم ماتت بخمسمائة؛ لأن المولى ضامن لقيمة التي دبّر (¬4). ويكون فيها من الدين خمسمائة. ولو لم يدبّر الابنة ولكن دبّر الأم وهو معسر فإن الأم تسعى في خمسمائة. فإن ماتت الابنة (¬5) كان على الأم أن تسعى في الألف كلها. ولو دبرهما جميعاً كان على المرتهن أن يستسعيهما جميعاً في الألف كل واحدة في خمسمائة. فإن ماتت الأم لم يرجع (¬6) على الأخرى بالفضل؛ لأن (¬7) السعاية قد وجبت عليهما. وإن ماتت الابنة سعت الأم في الألف كلها. ... ¬

_ (¬1) ز - أمة. (¬2) م ف ز ع + فولدت ابنة تساوي ألفا ثم دبرهما جميعاً فإن على كل واحدة منهما أن تسعى في خمسمائة فإن ماتت الأم رجع بحصتها على المولى وإذا ارتهن الرجل أمة بألف درهم تساوي ألفا. وهي مكررة سهوا كما هو ظاهر. ويفهم ذلك من ب جار أيضا. (¬3) وفي ب جار: الولد. وقد قال قبل ذلك: "فولدت ولدا" ثم ذكر "الابنة"، وهو تخصيص بعد تعميم، ولا فرق بين أن يكون الولد ابنة أو ابنا في هذه المسألة. (¬4) وفي ب جار: لقيمة الذي دبره. (¬5) وفي ب جار: فإن مات الولد. (¬6) ز: لم ترجع. (¬7) ز: إلا أن.

باب رهن العبد التاجر

باب رهن العبد التاجر وإذا كان العبد تاجراً أو يؤدي الغَلَّة فرهن بدين عليه أو ارتهن فهو جائز. وكذلك إن رهن عبداً أو أمة ابنَه كان أو أباه أو ذا رحم محرم منه فهو سواء. وليس العبد في هذا كالمكاتب؛ لأن العبد يبيع ابنه وأباه وأمه. ولا يجوز أن يرهن العبد الخمر ولا الخنزير بعد أن يكون العبد مسلماً، ولا يرتهنه (¬1). فإن كان الراهن أو المرتهن منه كافراً وكان العبد مسلماً لم يجز أيضاً. وكذلك المكاتب. فإن كان العبد كافراً فرهن عند كافر أو ارتهن فهو جائز. وإن كان مولاه مسلماً فهو جائز. وكذلك المكاتب. وإذا رهن العبد مولاه أو ارتهن منه فإن كان على العبد دين فأَخْذُه الرهن من مولاه جائز. ولا يجوز أن يرتهن مولاه منه مِن قِبَل أنه لا يكون لمولاه عليه دين. فإن لم يكن على العبد دين فلا يجوز أن يرهن مولاه ولا يرتهن منه (¬2). وإذا أخذ العبد رهناً بشيء يقرضه فهلك الرهن عنده قبل أن يقرضه وقيمته والقرض سواء فهو ضامن لقيمة الرهن. وإن كان أقرضه لا يجوز. وكذلك لو ارتهن بكفالة. وإذا رهن العبد رهناً عَنْ رجل (¬3) وقبضه المرتهن وهو تاجر يبيع ويشتري فإنه لا يجوز مِن قِبَل أنه بمنزلة الكفالة من العبد. فإن أذن له مولاه في ذلك فهو جائز إن لم يكن عليه دين، [فإن كان عليه دين] (¬4) فلا يجوز وإن أذن له مولاه. وكذلك المكاتب والمدبر وأم الولد والعبد الذي يسعى في بعض قيمته. وهذا قول أبي حنيفة. وفيه قول آخر قول أبي يوسف ومحمد: إن الذي يسعى في بعض قيمته بمنزلة الحر يجوز بيعه وصنيعه كما ¬

_ (¬1) م ز: ولا يرهنه. (¬2) م ز - منه. (¬3) م ز: عند رجل. (¬4) الزيادة مستفادة من المبسوط، 21/ 147.

يجوز صنيع الحر. والعبد الصغير التاجر في الرهن والكفالة (¬1) سواء بمنزلة العبد الكبير. وكذلك العبد المشرك (¬2) فهو بمنزلة المسلم ما خلا الخمر والخنزير. وإذا ارتهن العبد من العبد وهما تاجران فهو جائز داراً كانت أو أرضاً. وكذلك الرقيق والحيوان. ولا يجوز للعبد (¬3) أن يرهن نفسه عند رجل وإن كان العبد تاجراً؛ لأن بيعه نفسه لا يجوز. وإذا أجاز (¬4) المولى الرهن فهو جائز إن لم يكن عليه دين. ألا ترى أنه لو باع نفسه فأجاز المولى جاز. ولو رهن العبد عبداً ذا رحم محرم من مولاه وعليه دين يحيط بقيمته وبجميع ما في يديه أو ارتهنه فهو جائز. إن كان هو الراهن جاز. وإن كان هو المرتهن جاز. ألا ترى أنه لو رهن بدين عليه فإن كان في ماله فضل على دينه عتق العبد الذي رهنه العبد ولم يجز الرهن فيه. وهذا قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فالعبد الرهن الذي رهنه العبد المأذون له حر على كل حال، ولا يجوز الرهن فيه إن (¬5) كان في الرهن (¬6) فضل أو لم يكن. وإذا (¬7) ارتهن العبد أو رهن ثم مات أو حُجِرَ عليه فهو على حاله رَهْن. وكذلك لو أُعْتِقَ. وكذلك المدبر وأم الولد والمكاتب يرهن ثم يعتق أو يرتهن ثم يعتق فهو جائز (¬8). ¬

_ (¬1) م ف ز ع: والكفيل. والتصحيح من ب جار. (¬2) م ف ز ع: المشترك. وكذلك في ب جار. (¬3) م: العبد. (¬4) ز: جاز. (¬5) م ف ز ع: وإن. والتصحيح ظاهر من السياق. (¬6) ز: لرهن. (¬7) م ف ز: فإذا. والتصحيح من ع. (¬8) م - فهو جائز.

وإذا رهن العبد التاجر أو ارتهن ثم أبق فلحق بدار الحرب فالرهن على حاله جائز. وإذا دفع المولى إلى عبده التاجر بضاعة يبيعها له فرهن منها شيئاً فإنه لا يجوز. وإذا ارتهن بثمنها (¬1) رهناً فهو جائز. وإذا رهن العبد المحجور عليه أو ارتهن فإنه لا يجوز. فإن أجاز مولاه فهو جائز. وإذا رهن العبد التاجر متاعاَ وسَلَّطَ على بيعه عَدْلاً ووضعه على يديه فباع العدل المتاع والعبد تاجر ثم جاء مولى (¬2) العبد فادعى المتاع فأقر العبد له فإن (¬3) إقراره لا يجوز. فإن أقام بينة على المتاع أخذه. فإن أقر المولى أنه قد أمره أن يرهنه ولم يأمره بالبيع فالقول قول المولى مع يمينه، ولا يجوز البيع فيه، ويكون رهناً على حاله. وإذا رهن المولى شيئاً من متاع العبد وقبضه المرتهن فإن كان على العبد دين فإنه لا يجوز. وإن لم يكن عليه دين فإنه جائز. ولو كان عليه دين فأجاز العبد الرهن لم يكن جائزاَ وكان المولى ضامناً له (¬4). وكذلك لو أعار العبد متاعاً من متاعه ليرهنه كان الرهن باطلاً لا يجوز. فإن أجازه المولى وعليه دين فإن ذلك باطل لا يجوز. فإن لم يكن عليه دين فهو جائز. وإن كان الدين يحيط بما في يدي العبد فإنه لا يجوز (¬5) ولو أجازه الغرماء أيضاً. وإن (¬6) كان ما في يدي العبد أفضل من الدين فإنه لا يجوز أيضاً؛ ¬

_ (¬1) م ف ز: ثمنها. والتصحيح من ع. (¬2) م - مولى، صح هـ. (¬3) ز: فإنه. (¬4) ز - ولو كان عليه دين فأجاز العبد الرهن لم يكن جائزا وكان المولى ضامنا له؛ صح هـ. (¬5) ف - فإنه لا يجوز، صح هـ. (¬6) م ز: فان.

لأن هذا معروف بمنزلة الكفالة وبمنزلة القرض، فلا يجوز وإن أجاز المولى. ولا يجوز رهن الصبي ولا ارتهانه إلا أن يأذن له أبوه. فإن كان أبوه قد مات فأذن له وصيه فهو جائز. ألا ترى أن الرجل يأذن لابنه في التجارة والبيع والشرى فيكون جائزاً، وكذلك الوصي، وكذلك الرهن. فإن كبر الغلام فما كان في صغره رَهَنَ أو ارتهن فأَذِنَ الأبُ فهو جائز. وكذلك إن مات. ولو رهن متاعاً لنفسه عن غيره لم يجز ذلك وإن أذن له أبوه؛ لأنه معروف بمنزلة الكفالة. وإذا ارتهن (¬1) الغلام الصغير التاجر من الغلام التاجر رهناً فهو جائز. وكذلك لو ارتهن (¬2) من عبد تاجر أو حر تاجر أو مكاتب أو أم ولد. وكذلك لو رهنه شيئاً كان جائزاً إذا كان تاجراً. وإذا ارتهن الرجل رهناً على أنه بالخيار كان الرهن جائزاً إذا قبضه، وله أن يرده متى ما (¬3) شاء، والخيار باطل؛ لأن له أن يرده بغير خيار. وإذا كان الراهن بالخيار فهو جائز. والخيار في ذلك ثلاثة أيام مثل خيار البيع. وإذا كان ذاهب العقل فرهن رهناً فإنه لا يجوز. وكذلك إن ارتهن. فأما رهن الأعمى فذلك منه جائز. وكذلك الأخرس يرهن أو يرتهن (¬4) بعد أن يكون يكتب ويجيب عن نفسه بكتاب منه أو بإشارة تعرف. وإذا ارتهن الرجل رهناً في جُوالِق (¬5) أو جِراب ولم يره ولم يَنْشُرْه (¬6) ¬

_ (¬1) م ف ز ع: وإذا رهن. والتصحيح مستفاد من تتمة العبارة حيث يقول: وكذلك لو رهنه شيئاً ... فيكون تكرارا لا فائدة له إذا لم يصحَّح. (¬2) م ف ز ع: لو رهن. وانظر الحاشية السابقة. (¬3) م ز - ما. (¬4) ز: يرتهن أو يرهن. (¬5) الجِوالِق بكسر الجيم واللام وبضم الجيم وفتح اللام (أي جُوالَق) وكسرها (أي جُوالِق): وعاء، وجمعه جَوَالِق كصحائف، وجَوَالِيق وجُوالِقات. انظر: القاموس المحيط، "جلق". (¬6) م: ولم يشتره.

باب رهن أهل الذمة

فإن شاء أن يرده رده؛ لأن له أن يرده. وإن نظر إليه فليس له أن يأخذ مكانه رهناً آخر. وكذلك العقار والرقيق والحيوان. ... باب رهن أهل الذمة وإذا رهن رجل من أهل الذمة رجلاً من أهل الذمة رهناً وقبضه فهو جائز، والذمي في ذلك كالمسلم. وإذا رهن الذمي ذمياً خمراً أو خنزيراً فقبض فهو جائز. فإن هلك عنده وقيمة الرهن مثل الدين بطل الدين. وإن كان أقل فهو بما (¬1) فيه. وإن كان الدين (¬2) أكثر رجع المرتهن بالفضل. وإن لم يهلك الرهن ولكن الخمر صارت خَلاًّ فإن كانت كقيمتها يوم ارتهنها فهي رهن (¬3) على حالها لا يتغير. وإن كانت أفضل من الدين فهو سواء. وكذلك لو رهنه عصيرًا فصار خمراً. وإذا رهنه شاة فماتت فدبغ (¬4) جلدها فهو رهن. فإن كان الدين عشرة دراهم وكانت الشاة تساوي عشرة يوم ارتهنها فإنه ينظر كم كان يساوي لحمها وكم (¬5) يساوي جلدها. فإن كان الجلد يساوي درهماً فهو به إذا كان اللحم يساوي تسعة دراهم (¬6). فإن كان اللحم يساوي أقل من ذلك والجلد يساوي أكثر من ذلك فالجلد رهن بما يساوي. فإن كانت الشاة تساوي عشرين درهماً يوم ارتهن والدين عشرة وكان الجلد يساوي درهماً واللحم يساوي تسعة عشر فالجلد رهن نصف درهم وقد ذهب ما (¬7) بقي (¬8). وإن كانت الشاة تساوي يوم ارتهنها خمسة جِلْدُها درهم واللحم أربعة فإن الجملة ¬

_ (¬1) م: لما. (¬2) ز - الدين. (¬3) ز - رهن. (¬4) م ز: فدفع. (¬5) م ز + كان. (¬6) م ز: الدراهم. (¬7) ف: بما. (¬8) وعبارة ب: وسقط باقي الدين.

رهن بستة، وذهب من الرهن أربعة، لأن الرهن لو ذهب كله ذهب خمسة، فلما بقي منه ما يساوي درهماً كان الذي ذهب منه أربعة وما بقي رهن بستة. وإذا ارتهن المسلم خمراً من مسلم أو كافر فصار في يديه (¬1) خَلاًّ فإن الرهن لا يجوز، وللراهن أن يأخذ الخل، ويكون الدين عليه كما هو. فإن كان الراهن كافراً وكانت قيمة الخمر يوم رهنه والدين سواء فله (¬2) أن يَدْفَعَ الخلّ، ويَبْطُلُ الدينُ مِن قِبَل أنه أخذ الخمر على وجه الضمان. وإذا ارتهن الرجل المسلم عصيراً من مسلم أو كافر فهو رهن. فإن تحولت خمراً والراهن مسلم فإن للمرتهن أن يخللها، وتكون (¬3) رهناً على ما وصفت لك، ويبطل منها على حساب ما نقص. وإن كان الراهن كافراً فله أن يأخذ الخمر ويبطل الرهن فيها، ويكون الدين عليه. وليس للمسلم أن يخلّلها. فإن خلّلها المسلم فهو ضامن لقيمتها يوم خلّلها وتكون (¬4) له، ويرجع بدينه. وإذا ارتهن الذمي من الذمي ميتة أو دماً فإن الرهن في هذا (¬5) باطل؛ لأن هذا ليس له ثمن ولا قيمة. وليس هذا كالخمر والخنزير. فإن كان الركان جلد ميتة فدبغه المرتهن فإنه لا يكون رهناً؛ لأن الرهن كان فاسداً. وللراهن أن يأخذه ويعطيه أجر الدباغة. وإذا (¬6) رهن المسلم المسلم خمراً فقبضها وخلّلها فللراهن أن يأخذها ولا يعطيه أجرأ؛ لأن الرهن كان فاسداً، ولأن عمله ليس كالدِّباغ. وإذا ارتهن الذمي من الذمي خمراً ثم أسلما جميعاً فقد خرجت من الرهن. فإن خلّلها فهي رهن. وكذلك لو أسلم أحدهما أيهما كان ثم صارت الخمر خلًّا (¬7) فهي رهن، وينقص من الدين بحساب ما نقص منها (¬8). ¬

_ (¬1) م ز: فصار بدنه. (¬2) أي: فللراهن. (¬3) ز: ويكون. (¬4) ز: ويكون. (¬5) م: فيها. (¬6) م ز: فإذا. (¬7) م ز - الخمر خلا. (¬8) ف - منها.

باب رهن أهل الحرب

وإذا رهن الذمي عند الذمي عصيراً ثم أسلما فصارت خمراً فأراد الراهن قبضها فليس له ذلك؛ لأن للمرتهن أن يخلّلها وتكون رهناً على حالها. وكذلك مسلم رهن مسلماً عصيراً فصار خمراً. وإذا مات الذمي فادعى عليه ذمي ديناً بشهادة أهل الذمة وعنده خمر رهناً فادعى عليه مسلم ديناً بشهادة أهل الذمة (¬1) أو غيرهم فإن الخمر تباع للمسلم حتى يستوفي دينه قبل الكافر. وإذا ارتهن الكافر خمراً من الكافر ووضعاها على يدي مسلم وقبضها فإن الرهن جائز، ولكنها تُنْزعَ من المسلم فتوضع على يدي رجل من أهل الذمة عدل في دينه. وليس لواحد منهما أن يقبضها حتى يضعها القاضي على يدي رجل من أهل الذمة عدل في دينه. وكذلك المسلم يرهن المسلم رهناً فيضعه على يدي عدل فيموت العدل (¬2). ... باب رهن أهل الحرب وإذا دخل الرجل الحربي دار الإسلام بأمان فرهن رهناً بدين عليه أو ارتهن فهو جائز، وهو في جميع ذلك بمنزلة أهل الذمة. فان رجع إلى دار الحرب ثم ظهر المسلمون (¬3) على تلك الدار فأخذوه أسيراً وله رهن في دار الإسلام بدين عليه فقد (¬4) بطل الدين، وصار الرهن للذي (¬5) هو في يديه بذلك الدين في قول أبي يوسف. وأما في قول محمد فيباع الرهن، فيستوفي ¬

_ (¬1) ز + وعنده خمر رهنا فادعى عليه مسلم دينا بشهادة أهل الذمة. (¬2) أي: فإنه يوضع على يدي عدل آخر. انظر: المبسوط، 21/ 152. (¬3) ز: المسلمين. (¬4) م ز - فقد. (¬5) م: الذي. وهكذا هو في المبسوط، 21/ 152؛ لكن الرهن ليس في يديه وإنما هو في دار الإسلام. فهو تحريف.

باب رهن المرتد

المرتهن دينه، وما بقي فهو فيء لمن أسره. وإن كان عنده رهن لمسلم أو ذمي بدين له رد الرهن على صاحبه وبطل دينه في قول أبي يوسف ومحمد. وهو قياس قول أبي حنيفة. وإذا ارتهن الحربي من الحربي رهناً فقبضه ثم دخلا بأمان فاختصما فيه فإنه لا يقضى بينهما فيه؛ لأنهما لم يستأمنا ليجري (¬1) عليهما الحكم. ولو صارا ذمة أو مسلمَين ثم اختصما في ذلك الرهن والرهن قائم بعينه أمضيتُ الرهن على حاله. ... باب رهن المرتد وإذا رَهَنَ (¬2) المرتدُّ المسلمَ أو الذميَّ أو مرتداً مثلَه رهناً وقبضه فإن قتل المرتد على ردته فرَهْنُه باطل لا يجوز كما لا يجوز بيعه. وإن أسلم المرتد فالرهن جائز. فإن قتل المرتد على ردته وهلك الرهن يزيدي المرتهن (¬3) وهو والدين سواء وقد كان الدين قبل الردة والرهن من مال المرتد الذي اكتسبه قبل الردة فهو بما فيه. ولو كان الراهن مسلماً والمرتهن مرتداً ثم قتل على ردته أو لحق بدار الحرب فإن الرهن باطل لا يجوز. فإن أسلم ولم يقتل (¬4) فالرهن جائز. وإذا استدان المرتد ديناً في ردته بإقرار منه وكان (¬5) الرهن متاعاً من الذي اكتسبه قبل الردة أو بعد الردة فإن أسلم فذلك جائز. وإن قتل على ¬

_ (¬1) ز: لتجري. (¬2) م ف ز ع: وإذا ارتهن. وانظر تتمة العبارة. (¬3) ف + فالرهن جائز فإن قتل المرتد على ردته وهلك الرهن في يدي المرتهن. (¬4) م: ولم يقبل. (¬5) ف م ز: كان.

ردته فذلك الرهن باطل. فإن كان هلك في يدي المرتهن وهو من (¬1) متاع اكتسبه قبل الردة فهو له ضامن حتى يرد قيمته على الورثة (¬2)، ويكون ماله وفى ينه فيما اكتسب المرتد بعد الردة. وإن كان الدين قبل الردة والمتاع من كسبه في الردة فهلك عنده فهو له ضامن، ويكون ذلك فيئاً مع ما اكتسب بعد الردة، ويرجع المرتهن بما له في مال المرتد الذي اكتسبه قبل الردة. وهذا قول أبي حنيفة في المرتد. وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد: إن كسبه في الردة وقبلها واحد، وهو ميراث لورثته. وإن رهنه فقتل على ردته أو أسلم فهو جائز. وكذلك شراؤه وبيعه وعتقه وكل (¬3) شيء من أمره ما خلا ذبيحته ونكاحه، فإنه لا تؤكل (¬4) ذبيحته، ولا يجوز نكاحه، وهو قول (¬5) أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإذا رهنت المرتدة أو ارتهنت فهو جائز، ولا تشبه المرأة في هذا الرجل في قول أبي حنيفة؛ لأن المرأة لا تقتل ويقتل (¬6) الرجل. وإذا رهن المرتد من كافر (¬7) خمراً ثم أسلم الراهن فإن الرهن لا يجوز. وكذلك لو كان المرتهن مرتداً والراهن ذمياً. وإذا رهن المسلمُ المسلمَ عبداً مرتداً فقبضه وهو لا يعلم فقُتِلَ عنده في الردة فهو من مال الراهن، والدين عليه كما هو. وكذلك لو كان عبداً قد حَل دمُه بقصاص. ولو كان عبداً قد سَرَقَ عند الراهن فقُطِعَتْ يدُه عند المرتهن لم يذهب من الدين شيء، وكان العبد رهناً بالدين كله. وإن اختلفا في ذلك قال الراهن: رهَنْتُكَه وهو مسلم، وقال المرتهن: رَهَنْتَنِيه وهو كافر، فالقول قول المرتهن مع يمينه، والبينة بينة الراهن؛ لأنه يدعي البراءة. وكذلك الحلال الدم في القصاص. وكذلك الذي قُطِعَتْ يدُه في السرقة. وليس العبد الزاني ولا القاذف أو الشارب للخمر كذلك. إذا ¬

_ (¬1) م ز + ثمن. (¬2) أي: على ورثة المرتد. (¬3) ف م ز: كل. والواو من ب جار. (¬4) ز: لا يؤكل. (¬5) ز: قو. (¬6) ز: لا تقبل وتقتل. (¬7) أي: عند كافر.

باب رهن المضارب

ضُرِبَ من هؤلاء أحدٌ (¬1) عند المرتهن فدخله عيب نقص ذلك من مال المرتهن وإن (¬2) كان أصاب (¬3) ذلك عند الراهن. ليس يشبه هذا ذلك. وهذا قول (¬4) أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد مثل ذلك إلا في السرقة والقتل، فإنهما قالا: يُقَوَّمُ سارقاً ويُقَوَّمُ غير سارق فيكون رهناً بقيمته سارقاً أو قاتلاً أو مرتداً حلال الدم. فإذا قُطِعَ أو قُتِلَ بطل من الدين على قدر (¬5) قيمته سارقاً أو حلال الدم. ... باب رهن المضارب وإذا رهن المضارب من المضاربة رهناً بدين (¬6) استدانه عليها فإن كان رب المال أمره أن يستدين ويرهن (¬7) فالرهن جائز، والدين عليهما. فإن هلك الرهن وقيمته والدين سواء صار على المضارب نصفه لصاحبه. بن كان لم يأمره أن يستدين عليها صار على المضارب قيمته (¬8) كلها. وإذا أدان المضارب ديناً على المضاربة فارتهن به رهناً فهو جائز. فإن هلك الرهن عنده وقيمته والدين سواء ذهب الرهن بما فيه. وإذا اشترط المضارب بيع (¬9) الرهن الذي ارتهن أو الذي رهن عند ¬

_ (¬1) م ف ز: حدا؛ ع: احدا. وعبارة ب جار: ولو حُدَّ بِزنى. (¬2) م ف ز: فإن. والتصحيح من ع. (¬3) م ف ز ع: أصحاب. والتصحيح من الكافي، 2/ 228 و. (¬4) ز + الإمام الأعظم. (¬5) م ز - قدر. (¬6) م ف + أو. والتصحيح من الكافي، 2/ 228 ظ. ووقع عند السرخسي: استدامه. وهو تحريف. انظر. المبسوط، 21/ 154. (¬7) م ف ز: أو يرهن؛ ع: وأن يرهن. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 21/ 154. (¬8) م ف ز ع: قيمتها. (¬9) م ف ز: مع. والتصحيح من ع ب.

باب رهن المفاوض

حِلّ الأجل فباعه الذي سُلِّطَ على ذلك فهو جائز. وإذا رهن المضارب من المضاربة متاعاً بدين استدانه عليها فإن ذلك لا يجوز إذا لم يكن رب المال قد أذن له في ذلك، وهو ضامن لقيمة الرهن. فإن كانت المضاربة ألفين فاشترى عبداً بألف درهم وقبضه ونقد المال ثم اشترى متاعاً بالألف الأخرى وقبضه على أن أعطاه العبد رهناً به فهو جائز؛ لأن هذا رهن في المضاربة، والأول (¬1) قد خالف ورهنه في غيرها. وإذا مات رب المال والمضاربة عروض عند المضارب فرهن منها شيئاً فليس يجوز، وهو ضامن. وإذا باع منها شيئاً جاز ذلك. وليس البيع في هذا كالرهن. ولو كان بعضها وَرِقاً فاشترى بها (¬2) شيئاً لم يجز على رب المال وضمن. ولو رهن منها شيئاً في ذلك لم يجز وكان ضامناً. وإذا رهن رب المال متاعاً من المضاربة وفيه فضل فإنه لا يجوز ذلك على المضارب إذا كان فيه فضل على رأس المال؛ لأن للمضارب (¬3) فيه نصيب. فإن لم يكن فيه فضل على رأس المال فهو جائز، ورب المال ضامن له كأنه استهلكه (¬4). وكذلك لو باعه وأكل ثمنه. ... باب رهن المفاوض وإذا رهن المفاوض رهناً من المفاوضة بدين فيها أو ارتهن رهناً بدين منها بغير إذن شريكه فهو جائز. وكذلك لو سَلَّطَ [أحداً] (¬5) على بيعه فهو ¬

_ (¬1) أي: الذي استدان عليها بغير أمر المالك، كما ذكره في ب. (¬2) م ز: فاشتراها. (¬3) م ز: المضارب. (¬4) وعبارة السرخسي: كما لو استهلكه. انظر: المبسوط، 21/ 155. (¬5) وعبارة ب: ولكل واحد من الشريكين المتفاوضين أن يرهن ويرتهن بديون الشركة وأن يوكل ببيع الرهن.

باب الرهن في شركة العنان

جائز. وإن هلك الرهن في يديه وقيمته والدين سواء ذهب الرهن بما فيه. ولو وجب عليه دين من جناية فرهن بها رهناً من المفاوضة كان جائزاً، وكان ضامنًا لذلك الرهن؛ لأنه رهنه في غير تجارتهما. وليس لشريكه أن ينقض الرهن؛ لأنه قد سُلِّطَ على أن يرهن وأن يبيع في قول أبي حنيفة ومحمد وأبي يوسف. ولو أعار المفاوض إنسانًا متاعاً ليرهنه كان جائزاً في قياس قول أبي حنيفة مثل كفالته (¬1)، ولو كفل جاز على صاحبه، فكذلك الرهن. ولا يجوز في قول أبي يوسف ومحمد على صاحبه كفالته ولا عاريته الرهن. ولو استعار متاعاً من رجل وقبضه ورهنه كان جائزاً. فإن هلك المتاع وقيمته والدين سواء ضَمِنَ المال لِلذي أعاره. وإذا ارتهن المفاوض رهناً فوضعه عند شريكه فضاع فهو بما فيه. فإن كانت قيمته أكثر من الدين فلا ضمان عليه في الفضل. وكذلك لو وضعه عند زوجته أو أجيره أو عبده أو إنسان من عياله. ولو وضعه عند أجنبي ضمن القيمة، يحسب له من ذلك الذي له، ويرد الفضل. ... باب الرهن في شركة العنان وإذا كان رجلان شريكان شركة (¬2) عنان فرهن أحدهما متاعاً من الشركة بدين عليهما لم يجز، وكان ضامناً لحصة شريكه من الرهن. ولو ارتهن بدين لهما أداناه هما وقبض لم يجز على شريكه، مِن قِبَل أنه لم يسلّطه أن يرتهن. فإن هلك الرهن في يديه وقيمته والدين سواء ذهب بحصته، ورجع شريكه بحصته على المطلوب، ويرجع المطلوب على شريكه بنص قيمة الرهن. ¬

_ (¬1) م ز: كفاله. (¬2) م: بشركة.

وإذا اشتركا شركة عنان على أن يبيعا ويشتريا ويعمل كل واحد منهما في ذلك برأيه، فما رهن واحد منهما في الشركة أو ارتهن فهو جائز على صاحبه، فإن استودع صاحبه الرهن فهلك كان بما فيه إذا كانت قيمته والدين سواء، ولا يضمن فضلاً إن كان فيه. وكذلك لو استودع أحداً من عياله. وإذا أخذ رهناً بدين لهما فهلك عنده فقال شريكه: لم تأخذه رهناً، وقال الآخر: قد أخذته وهلك عندي، فإن كان هو وَلِيَ صفقةَ البيع فالقول قوله وهو مصدَّق، وإن كان لم يَلِها (¬1) هو وإنما وَلِيَها الآخرُ فإنه لا يصدَّق إلا أن يكون كل واحد منهما قد أجاز ما صنع صاحبه أو أَذِنَ (¬2) له أن يعمل برأيه في الرهن. وإن اشتركا على أن يبيعا ويشتريا على أن لأحدهما ثلثي الربح وللآخر ثلثه، وكذلك الوضيعة، وأذن كل واحد منهما لصاحبه أن يرهن أو يرتهن، فالرهن جائز، ما رهن أحدهما أو ارتهن في الشركة على الثلث أو الثلثين. وإذا اشتركا على أن لهذا ألفين ولهذا ألفاً يشتريان ويبيعان ويعمل كل واحد منهما في ذلك برأيه وما صنع من شيء فهو جائز، وإذا أدان أحدهما ديناً من الشركة فهو جائز، وكذلك إن رهن أو ارتهن، ولهذا ثلثا الرهن، ولهذا ثلثه. وإذا كفل الرجل عن الرجل بدين وارتهن (¬3) من المكفول عنه رهناً بذلك وقبضه فهو جائز وإن لم يكن أدى المال بعد. وإذا افترق الشريكان ثم هلك الرهن في يدي أحدهما ثم قال: أخذت هذا الرهن من فلان بديني ودينك في الشرك قبل أن نفترق (¬4)، وقال الآخر: بعدما افترقنا، فإن كان هذا أدان الدين وحده في الشركة وأخذ الرهن في ¬

_ (¬1) م ز: لم يليها. (¬2) ز: وأذن. (¬3) م: أو ارتهن؛ ز - ولهذا ثلثا الرهن ولهذا ثلثه وإذا كفل الرجل عن الرجل بدين وارت. (¬4) ز: أن يفترق.

الشركة أو بعدها فهو جائز عليهما. وإن كان أدان الآخر الدين فعلى المرتهن البينة أنه أخذ الرهن في الشركة. فإن جاء ببينة على ذلك وقد أجاز كل واحد منهما ما صنع صاحبه فهو جائز. وإن لم يكن أجاز كل واحد منهما ما صنع صاحبه ولم يقل: اعمل برأيك فيه، فإنه لا يجوز على شريكه ولو أخذه في الشركة (¬1). فإن كانا اشتركا على أن يبيعا ويشتريا بالنقد والنسيئة على أن الربح بينهما نصفين والوضيعة عليهما فهو جائز. وإن كان كل واحد منهما لم يأذن لصاحبه أن يعمل في ذلك برأيه فأدانا جميعاً ديناً وارتهن أحدهما رهناً فإنه لا يجوز على شريكه. فإن هلك الرهن عنده وقيمته والدين سواء ذهبت حصته من الدين، ولا يجوز على صاحبه. وصاحبه بالخيار، إن شاء ضمنه حصته، وإن شاء ضمن الذي عليه الدين؛ لأن أخذه (¬2) الرهن بمنزلة استيفائه المال. ألا ترى أن ديناً بين رجلين على رجل فقبضه أحدهما كله كان لشريكه أن يرجع بحصته إن شاء على القابض، وإن شاء على الذي عليه الدين. فالرهن بمنزلة قبض المال إذا هلك؛ لأنه كأنه استوفاه بحقه. وإن كان الرهن قائماً بعينه فلكل واحد منهما أن يرد ما صنع صاحبه. وإن كان كل واحد منهما قد أجاز ما صنع صاحبه في الشركة والرهن فالرهن جائز. ولو أن رجلاً أدان رجلاً ألفاً وأخذ آخر بها رهناً لم يجز ذلك على رب المال، ولا يضمن آخذ الرهن شيئاً؛ لأنه (¬3) هاهنا بمنزلة العدل فيما بينهما. ولو كان قال له آخذ الرهن: قد وكلني صاحب المال بقبض المال، وأمرني أن آخذ منك به رهناً، [فأخذ به منه رهناً] (¬4) قيمته والدين سواء، فهلك الرهن عنده، فإنه ضامن لقيمة الرهن، ويرجع الطالب على المطلوب مسألة. ولو كان المطلوب حين دفعه صدّقه في الوكالة لم يرجع المطلوب على الوكيل بشيء. ¬

_ (¬1) م ز - ولو أخذه في الشركة. (¬2) م ز: أخذهما. (¬3) ز: لا. (¬4) ما بين المعقوفتين من الكافي، 2/ 229 ظ.

باب العارية في الرهن

ولو كان لرجل على رجل عشرة دراهم فجاءه رجل فقال له: قد وكلني فلان بأخذها منك أو أبتاع بها منك بيعاً وأصنع فيها ما شئت، فأعطاه ثوباً بخمسة دراهم أورهنه ثوباً بخمسة دراهم، (¬1) وقبضهما، فصدّقه المطلوب في ذلك، فهلك الثوبان جميعاً عنده، ضمن خمسة دراهم ثمن الثوب الذي اشتراه، ولا يضمن من ثمن الذي ارتهنه شيئاً، ويرجع (¬2) الطالب على الغريم بعشرة. ... باب العارية في الرهن وإذا استعار الرجل من الرجل ثوباً ليرهنه فما (¬3) رهنه [به] (¬4) من شيء قليل أو كثير فهو جائز؛ لأنه لم يسم له شيئاً. ولو سمى له شيئاً فرهنه بأقل من ذلك أو أكثر ضمن الثوب. وكذلك لو أمره أن يرهنه بدراهم فرهنه بطعام. وكذلك لو أمره أن يرهنه بزيت فرهنه بسَمْن فهو ضامن لقيمة الثوب. وكذلك لو أمره أن يرهنه من رجل فرهنه من آخر. ولو قال: ارهنه بالكوفة، فرهنه بالبصرة، كان ضامناً. وإذا استعار الرجل من الرجل ثوباً ليرهنه بعشرة دراهم فرهنه بعشرة وقبضها وقيمة الثوب عشرة فهلك الثوب عند المرتهن بطل المال عن الراهن، ووجب المال على الراهن لرب الثوب يعطيها إياه (¬5). فإن لم يكن ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من المبسوط، 21/ 158. وفي ب: وارتهن ثوباً. (¬2) م + ويرجع. (¬3) م ز: فيما. (¬4) الزيادة من ب؛ والمبسوط، 21/ 158. (¬5) وفي ب: وعلى الراهن لرب الثوب قيمته. ولفظ الحاكم: ووجب عليه لرب الثوب ثوب مثله. انظر: الكافي، 2/ 230 و. ونحوه عند السرخسي. انظر: المبسوط، 21/ 159.

الثوب هلك ولكنه (¬1) تخرّق فنقص ذلك منه نصفه ذهب من المال بحساب ما نقص. وكل شيء يبطل من الدين عن الراهن فإنه يجب لرب الثوب على الراهن. ولو كان الثوب يساوي خمسة فرهنه بعشرة فهلك الثوب فعلى الراهن خمسة لرب الثوب وخمسة للمرتهن. وإذا استعار الرجل ثوباً ليرهنه بعشرة وهو يساوي عشرة فرهنه بعشرة وأعسر الراهن فلم يجد ما يفتكّه فافتكّه رب الثوب (¬2) فإنه يرجع بتلك العشرة على الراهن. ولو أن المرتهن أبى أن يدفع التوب إليه لم يكن له ذلك إذا قضاه العشرة. وإذا استعار الرجل من الرجل ثوباً ليرهنه بعشرة، وقيمته عشرون، فرهنه بعشرة، فضاع الثوب، فإن العشرة التي أخذ الراهن ترد (¬3) على صاحب الثوب، وبطل حق المرتهن، ولا يضمن المرتهن من الفضل شيئاً. وكذلك الراهن لا يضمن شيئاً. وإذا استعار الرجل من الرجل ثوباً ليرهنه (¬4) بعشرة، وقيمته عشرة، فهلك عنده قبل أن يرهنه، فلا ضمان عليه فيه. ولو رهنه ثم افتكّه ثم هلك عنده فلا ضمان عليه فيه. ولو اختلف رب الثوب والراهن في ذلك فقال الراهن [بأنه] هلك بعدما افتكّه، وقال رب الثوب: هلك قبل أن يفتكّه، فالقول قول الراهن مع يمينه؛ لأن رب الثوب يدعي المال. وكذلك لو قال: هلك قبل أن أرهنه، وقال رب الثوب: هلك بعدما رهنتَه، فالقول قول المستعير مع يمينه. فإن قامت لهما جميعاً بينة أخذتُ ببينة رب الثوب أنه (¬5) هلك في الرهن (¬6)، ولم أقبل بينة المستعير وضمّنتُه. وكذلك لو اختلف الراهن والمرتهن فقال المرتهن: قد قبضتُ منك المال وأعطيتُك الثوب، وأقام البينة، وقال الراهن: بل قضيتُك (¬7) المال وهلك الثوب ¬

_ (¬1) ف ز: لكنه. (¬2) م ز - الثوب. (¬3) ز: يرد. (¬4) م ز - ليرهنه. (¬5) م ف ز ع: لأنه. والتصحيح من ب جار. (¬6) لأنه المدعي، كما ذكره في ب جار. (¬7) م ز: بل قبضتك.

عندك، وأقام كل واحد منهما البينة فالبينة بينة الراهن؛ لأنه يدعي الضمان. وإذا استعار الرجل من الرجل ثوباً فرهنه فهلك الثوب عند المرتهن واختلف الراهن والمرتهن في قيمة الثوب فالقول قول المرتهن، وعلى رب الثوب (¬1) البينة، فإن أقام رب الثوب البينة أخذتُ ببينته. ولو اختلف رب الثوب والمستعير فقال رب الثوب: أمرتك أن ترهنه بخمسة، وقال المستعير: بعشرة، فالقول قول رب الثوب، والمستعير ضامن لقيمته حيث رهنه بعشرة. ولو أقاما جميعاً البينة أخذت ببينة المستعير وأبرأته من ضمان القيمة. وإذا (¬2) استعار الرجل من الرجل عبداً يساوي ألف درهم ليرهنه بألف فرهنه فلم يقبض الألف حتى مات العبد عند المرتهن فإن على المرتهن ألف درهم يأخذها الراهن، ويرجع رب العبد على الراهن بألف درهم. فإن لم يهلك العبد وأخذ الراهن الألف وقبض المرتهن العبد ثم إن رب العبد أعتق العبد فعتقه جائز، وللمرتهن أن يرجع بالمال على الراهن إن شاء. وإن شاء رجع بذلك (¬3) على رب العبد فيكون رهناً على حاله حتى يفتكّه الراهن. وإذا استعار الرجل من الرجل عبداً ليرهنه وقيمته ألف درهم فرهنه بألف درهم بأمر صاحبه، ثم أقر أنه قد قبض العبد فمات عنده وادعى المرتهن ذلك والمال على الراهن بعدُ لم يدفعه، فإن الراهن يصدَّق على قبض العبد؛ لأن المال عليه للمرتهن. ولو كان العبد حيًا فقبضه الراهن ثم قال: اعورّ عندي، ولم يعطه (¬4) المال بعد، وصدّقه المرتهن فالقول قول الراهن، ويدفع المال إلى المرتهن، ويأخذ صاحب العبد عبده أعور. ¬

_ (¬1) م ف ز: رب المال. والتصحيح من ع. (¬2) ز: فإذا (¬3) ز - بذلك. (¬4) م ف ز: ولم يعط. والتصحيح من ع. ولفظ الحاكم: ولم أعطه. انظر: 2/ 230 ظ. وكذلك المبسوط، 21/ 161.

وإذا استعار الرجل من الرجل عبداً ليرهنه وهو يساوي ألف درهم فرهنه بألف، ثم قضى المال وبعث وكيلًا يقبض العبد فقبض الوكيل العبد فعَطِبَ (¬1) العبد في يدي الوكيل فالمستعير ضامن إلا أن يكون الوكيل من عياله، فإن كان من عياله فلا ضمان عليه. وكذلك لو قبض العبد هو نفسه من المرتهن، ثم بعث به مع وكيل من عنده إلى صاحب (¬2) العبد، فعَطِبَ العبد في يدي الوكيل، فإن كان الرسول في عياله فلا ضمان عليه، وإن كان من غير عياله ضمن. وإذا استعار الرجل من الرجلين عبداً فرهنه من رجل بأمرهما ثم قضاه نصف المال وقال: هذا من فكاك نصيب فلان خاصة، فليس يكون له ذلك، وهو (¬3) من جميع العبد. فإن مات العبد في يدي المرتهن قبل أن يدفعه إلى الراهن ذهب بما فيه، ورد على الراهن ما أخذ منه، ويضمن الراهن نصف الباقي، ثم يرد ذلك كله على مولى العبد. وإذا استعار الرجل عبداً فرهنه بألف وقيمته ألف بأمر صاحبه ثم قضى المال وهلك العبد عند المرتهن فلا ضمان على الراهن، والمرتهن ضامن للألف، يردها على الراهن، ويردها الراهن على مولى العبد (¬4). ¬

_ (¬1) ز: فعطيت. (¬2) م. إلى صاحبه. (¬3) ز - هو. (¬4) قال الحاكم: ولو استعار عبداً فرهنه بألف وقيمته ألف بأمر صاحبه ثم قضى المال وهلك العبد عند المرتهن فلا ضمان على الراهن، والمرتهن ضامن للألف يردها على مولى العبد. قال عيسى: هذا خطأ، لأن الرهن لما هلك في يدي المرتهن فكان المرتهن مستوفيًا يوم قبضه. قال أبو الفضل: يحتمل أن يكون أراد بقوله "لا ضمان على الراهن" يعني ضمان القيمة، ورأيت جواب هذه المسألة في رواية أبي حفص قال: فالمرتهن ضامن للألف يردها على الراهن ويردها الراهن على مولى العبد، ولم يقل "لا ضمان على الراهن". وهو الأصح كما قال عيسى. انظر: الكافي، 2/ 230 ظ - 231 و. وقال السرخسي بعد ذكر المسألة كما ذكرها الحاكم: قال عيسى -رحمه الله-: هذا خطأ، ولكن الصحيح أن الراهن ضامن للألف لصاحب العبد، والمرتهن ضامن للألف للراهن لما هلك يزيد المرتهن، فقد تم الاستيفاء الذي انعقد بقبض الرهن،=

وإذا استعار الرجل من الرجل عبداً أو دابةً، فاستخدم العبد أو ركب الدابة قبل أن يرهنها، ثم رهنها بمال مثل قيمتها، ثم قضى المال فلم يمَبصها حتى هلكا (¬1) عند المرتهن، فلا ضمان على (¬2) الراهن؛ لأنه قد برئ من الضمان حين رهنها، والمال على المرتهن يرده على المعير (¬3). فإذا استعار الرجل عبداً ليرهنه فرهنه ثم افتكّه ثم استخدمه فهو ضامن. وكذلك لو كانت دابة فركبها. فإن لم تَعْطَبْ في الخدمة ولا في الركوب وعَطِبَتْ بعد ذلك من غير فعله (¬4) فلا ضمان عليه. وإذا استعار الرجل أمة ليرهنها ثم وطئها الراهن أو المرتهن فإنه يُدْرَأُ عنهما (¬5) الحد (¬6)، ويكون المهر على الواطئ رهناً معها. فإن افتكّها الراهن ¬

_ = وعلى المرتهن رد ما استوفى بإيفائه، وإنما استوفاه من الراهن، فيرده عليه، والراهن صار قاضياً دينه بملك المعير، فيقوم له مثل ذلك. قال الحاكم: ويحتمل أن يكون أداه فقوله (كذا، والصحيح: أراد بقوله، كما نقلناه عن مخطوطة الكافي آنفا) "لا ضمان على الراهن" ضمان القيمة، لأنه لا يتحقق منه خلاف بترك استرداد الرهن مع قضاء الدين، بخلاف ما لو استرده ثم دفعه إلى المرتهن يكون ضامناً قيمته للخلاف بالتسليم للأجنبي ... وهو الأصح كما قال عيسى. انظر: المبسوط، 21/ 161. وذكر نحوه ابن نجيم. انظر: البحر الرائق، 8/ 306. (¬1) ز: هلكت. (¬2) ف + المرتهن فلا ضمان على. (¬3) قال الحاكم: والمال على المرتهن يرده على الراهن ويأخذه المعير. وفي رواية أبي حفص في جواب هذه قال: والمال على المرتهن يرده على المعير، ولم يذكر رده على الراهن. انظر: الكافي، 2/ 231 و. وقال السرخسي: والمال على المرتهن يرده على المعير، هكذا ذكر في رواية أبي حفص، وفي رواية أبي سليمان قال: والمال على المرتهن يرده على الراهن ثم يأخذه المعير، وقيل: وهو الصحيح، لأن المرتهن صار مستوفياً دينه بهلاك الرهن، وظهر أنه استوفى الرهن، فعليه أن يرد المستوفى ثانياً على من استوفاه منه، وهو الراهن، ويرجع المعير على الراهن لما صار قاضياً من دينه بملكه. انظر: المبسوط، 21/ 162. (¬4) م: ذلك. (¬5) ز: عنها. (¬6) وهذا إذا قال: ظننت أنها تحل في. انظر: 9/ 19 و؛ والمبسوط، 21/ 162.

باب رهن الأرضين

سُلّمَت الأمة ومهرها لمولاها. ولو كان وُهِبَ لها هبةٌ كانت الهبة لمولاها. ولو كانت اكتسبت كسباً كان لمولاها. فإن كان المرتهن أجّرها فالكسب له (¬1)، ويتصدّق به لضمانه له. فإن أجّرها بأمر الراهن فالأجر للراهن، وقد خرجت من الرهن، وهو ضامن لها إذا أجّرها بغير أمر مولاها. فإن دفع المال وعَطِبَت الأمة من تلك الإجارة فإن شاء رب الأمة ضمّن أيهما شاء. فإن ضمّن المرتهن رجع المرتهن على الراهن بذلك. فإن ضمّن الراهن لم يرجع على المرتهن بشيء. ... باب رهن الأرضين وإذا (¬2) ارتهن الرجل أرضاً فيها نخل وشجر وقبضها فهو جائز، وسَقْيُ الأرض والنخل والشجر على الراهن. فإن أنفق المرتهن على الأرض أو الشجر أو النخل شيئاً فهو متطوع في ذلك إلا أن يكون أنفقه بأمر قاض وجعله ديناً على الراهن. فإن أثمر النخل والشجر فثمرتها رهن. وليس للمرتهن أن يبيع الثمرة وإن خاف عليه الفساد إلا بأمر الراهن. فإن غاب الراهن فأمره القاضي ببيعه فباعه فبيعه (¬3) جائز. فإن هلك الثمر لم ينقص من الرهن شيء؛ لأنه زيادة. ولو هلك النخل والشجر وبقيت الأرض ذهب من الرهن بحساب ذلك؛ لأن هذا من أصل الرهن. ولو نبت فيها شجر ونخل سوى ذلك كان هذا بمنزلة الثمر الزيادة، تُقَوَّمُ على هذه (¬4) الأرض، ويُقَوَّمُ ما ذهب من النخل والشجر، ثم يُقْسَمُ المال على ذلك، فيُطْرَحُ عنه ما أصاب النخل والشجر المذاهب. فإن ذهب النخل والشجر الذي حدث لم يحتسب منه، وقُوِّمَت الأرض وما ذهب من النخل والشجر الذي كان في الأرض، ثم قُسِمَ الدين على ذلك، فذهب من الدين بحساب ذلك. ¬

_ (¬1) ز - له. (¬2) م: فإذا. (¬3) ف: فهو. (¬4) ز: على هذا.

وإذا ارتهن الرجل أرضاً فيها شجر ونخل (¬1) ولم يسم (¬2) النخل والشجر وقبض الأرض فإن النخل والشجر يدخلان في الرهن. ألا ترى أنه لو (¬3) رهن داراً دخل في الرهن البناء وإن لم يسمه. ولو كان في النخل ثمر (¬4) دخل في الرهن وإن لم يسمه. ولا يشبه هذا البيع؛ لأن هذا كله للراهن على حاله، والبيع قد خرج من ملكه. ألا ترى أنه لو ارتهن أرضاً فيها زرع كان الزرع رهناً معها، ولو باع أرضاً فيها زرع (¬5) لم يقع في البيع. ألا ترى أنه لو كان الزرع لغير الراهن فرهنه الأرض بغير زرع لم يجز. وكذلك لو رهنه الزرع بغير أرض على أن يتركه (¬6) في الأرض كما هو لم يجز الرهن. وإذا ارتهن الرجل أرضاً فيها نخل وزرع وارتهن ذلك معها وهي من أرض العشر فأخذ السلطان العشر من الغلة فإن ذلك لا ينقص من الدين شيئاً؛ لأن هذا حق فيه، ولا يبطل ما بقي من الرهن. وليس هذا بمنزلة النصيب يستحق. ولو كان السلطان أخذ العشر من الراهن كان جائزاً، ولا يرجع الراهن في غلة الأرض بشيء. وكذلك الخراج. وإذا ارتهن الرجل أرضاً وقبضها فأدى المرتهن عشرها أو خراجها أخذه السلطان بذلك أو تطوع به لم يرجع على الراهن؛ لأنه متطوع (¬7) فيما أدى مِن قِبَل نفسه. وإن كان مظلوماً وأخذه السلطان مكرها فلا شيء له؛ لأن الخراج والعشر على رب الأرض (¬8). ¬

_ (¬1) ز: نخل وشجر. (¬2) م ز: لم يسم. (¬3) ف: ترى لو أنه. (¬4) م: ثم. (¬5) ز - كان الزرع رهنا معها ولو باع أرضا فيها زرع. (¬6) ف: أن شركه. (¬7) ز: متوع. (¬8) قال الحاكم: لأنه ظلم لحقه. انظر: الكافي، 2/ 231 ظ. وقال السرخسي: وإن أكرهه السلطان فهو ظالم في حقه، لأنه ليس عليه من الخراج والعشر شيء، والمظلوم لا يرجع إلا على الظالم. انظر: المبسوط، 21/ 163.

وإذا ارتهن الرجل أرضاً وقبضها فليس للراهن أن يزرعها ولا يؤاجرها. وليس للمرتهن أن يزرعها ولا يؤاجرها، فإن فعل ذلك ضمن ما نقص الأرض وتصدق بالفضل إن زرع أو أجّر أو كان هو زرع (¬1). بن أذن له الراهن في الإجارة ففعل أو سَلَّمَ المرتهن للراهن أن يؤاجرها ففعل خرجت من الرهن ثم لم تعد فيه؛ لأن هذا حق قد وجب فيها. والمال على الراهن كما وجب. ولو أعارها بإذن صاحبها وقبضها المستعير خرجت من الرهن ما دامت في يدي المستعير، وكان للمرتهن أن يردها في الرهن؛ لأنه لم يجب فيها حق لازم كحق الإجارة. وإن كان زرعها المستعير بإذنهما فهو سواء. ولو أذن أحدهما لصاحبه فرهنها كان ذلك خروجاً من الرهن الأول كما خرجت في الإجارة؛ لأن هذا حق وجب للمرتهن لا يملك واحد منهما نقضه. وإذا ارتهن الرجل أرضاً وقبضها فغرقت وغلب عليها الماء حتى جرى فيها السفن وصارت نهراً لا يستطاع أن ينتفع بها ولا يحبس عنها الماء وجرت فيها السفن فلا حق للمرتهن على الراهن. وإن (¬2) نَضَبَ (¬3) الماءُ عنها فهي رهن على حالها. وإن كان الماء أفسد منها شيئاً على الراهن أو عَفِنَ نخلٌ منها ذهب من المال (¬4) بحساب ذلك. ... ¬

_ (¬1) كذا قوله: أو كان هو زرع. ولا يوجد في ب. وهذا إذا زرعها المرتهن. ولم يذكر ما على الراهن إذا زرعها الراهن. وذكر السرخسي أنه إذا أجرها الراهن فالأجر له. انظر: المبسوط، 21/ 163. فينبغي أن يكون الزرع له أيضاً إذا زرعها. لكنه يكون مكروهاً، لأنه ذكر أنه ليس له أن يزرعها.؛ ربما يكون المقصود يقول المؤلف "أو كان هو زرع " هو زرع الراهن، فيكون من المستحب له أن يتصدق بالزرع، والله أعلم. (¬2) م ز: فلو. (¬3) أي: انحسر وانفرج. انظر: المغرب، "نضب". (¬4) م: من الماء.

باب الرجلين يرهنان أرضا

باب الرجلين يرهنان أرضاً وإذا كان لرجلين على رجل دين وهما غير شريكين فيه فرهنهما بذلك الدين أرضاً وقبضاها فهو جائز، ولا يُفسِد عليهما (¬1) أن لا يقسما (¬2) الأرض، ولا يشبه هذا رهن النصف غير مقسوم؛ لأن هذه أرض مقسومة محوزة قد قبضاها جميعاً. وكذلك لو كان لأحدهما دراهم وللآخر دنانير أو لأحدهما دراهم وللآخر طعام أو لأحدهما حنطة وللآخر شعير أو شيء مما يكال أو يوزن مختلفاً أو من نوع واحد فهو جائز. وكذلك لو كان لأحدهما سلم وللآخر قرض أو صداق أو غصب أو أرش جراحة كان الرهن جائزاً إذا قبضا (¬3). فإن قضى أحدَهما ما له عليه فهو جائز، ولا يشركه الآخر، ويأخذ الرهن حتى يقبض الشريك الباقي ما له عليه. ولو تَلِفَ الرهن في أيديهما وقد اقتضى أحدُهما دينه وقيمة الرهن والدين سواء رَدَّ هذا ما اقتضى وبطل حق الآخر؛ لأن الرهن بما فيه. ولو ارتهن كل واحد منهما هذه الأرض على حدة وقَبَضَ كلُّ واحد منهما فإن عُرِفَ (¬4) الأولُ منهما فهو أحق بها من الآخر. وإن لم يُعْرَف (¬5) الأول وكانت في يدي أحدهما فهي للذي هي (¬6) في يديه. وإن كانت في أيديهما جميعاً فإن الرهن باطل. وكذلك لو لم يكن (¬7) في يدي واحد منهما وكانت في يدي الراهن كان الرهن باطلاً (¬8). وكذلك لو مات الراهن وهو في يديه فأقام كل واحد منهما البينة أنه ارتهنها وقبضها فإنه ينبغي أن يكون في القياس باطلاً، ولكن أستحسن أن أجعل لكل واحد منهما نصفها رهناً ¬

_ (¬1) ز: عليها. (¬2) م ز ع: الا ان يقسما؛ ف: الا ان تفسد. والتصحيح مستفاد من السياق ومن معنى عبارة المبسوط، 21/ 164. وانظر: بدائع الصنائع للكاساني، 6/ 138 - 139. (¬3) م ز: إذا اقتضا. (¬4) م ز: فإن عرفت. (¬5) ز: لم تعرف. (¬6) ز - هي. (¬7) ز: لم تكن. (¬8) م ز: باطل.

بنصف حقه إذا كانت في أيديهما (¬1). وإذا (¬2) ارتهن الرجل من الرجلين داراً لهما أو أرضاً لهما بحق له عليهما فهو جائز. فإن قضاه أحدهما حصته من المال دون صاحبه فهو جائز، ولا يأخذ الأرض ولا الدار حتى يقضي صاحبه ما بقي عليه أو يقضي هذا عنه ما عليه؛ مِن قِبَل أنه ارتهنها منهما جميعاً. وإذا ارتهن الرجل من الرجلين أرضاً بدين له عليهما وكل واحد منهما كفيل عن صاحبه أو ليس كل واحد منهما كفيل عن صاحبه (¬3) فهو جائز. وكذلك لو كانت الأرض لغيرهما. وإذا ارتهن الرجل أرضاً من رجل وأقام رجل البينة أن له نصفها وأقام المرتهن عليه البينة بالتسليم فهو جائز عليه. وكذلك لو كان أقام البينة أنها له كلها وأقام المرتهن البينة (¬4) عليه بالتسليم فذلك كله جائز. وإن كانت الأرض بين رجلين فرهناها من رجل له عليهما مال وأحدهما شريك في ذلك المال، والمال متفرق، فالرهن لا يجوزة مِن قِبَل أنه لا يكون (¬5) راهناً لنفسه، فلما بطل بعضه بطل كله. وإذا ارتهن الرجل من الرجلين أرضاً وله على أحدهما مال وقد كفل المرتهن عن الآخر بمال قد أداه أو لم يؤده فالرهن جائزة لأنه حق له ارتهنه به. وإذا ارتهن (¬6) الرجل داراً من رجلين وقبضها منهما أو كان الحق ¬

_ (¬1) وذكر ابن نجيم أنه لا فرق بين أن يكون الرهن في أيديهما أو يزيد الراهن في هذه المسألة. انظر: البحر الرائق، 8/ 290. فمناط المسألة هو موت الراهن، وكون الرهن في يديه أو في يدي المرتهنين ليس بمؤثر. (¬2) م ف ز: فإذا. والتصحيح من ع. (¬3) ف - أو ليس كل واحد منهما كفيل عن صاحبه. (¬4) ف - البينة. (¬5) م: لا يلون. (¬6) م ف ز: فإذا ارتهن. والتصحيح من ع.

لرجلين والراهن (¬1) واحد وارتهنا منه أرضاً أو داراً فقبضاها ثم مات الراهن أو المرتهن فالرهن على حاله، ولا يُفْسِدُه (¬2) الميراث الذي وقع فيه ولا الشركة. وإذا ارتهن الرجل من رجلين أرضاً أو داراً لأحدهما أكثر من نصفها فإنه جائز إذا قبض. وإذا كان المرتهن اثنين والراهن اثنين فرهناهما داراً أو أرضاً وجعلا الثلثين من ذلك رهناً لأحدهما بحقه والثلث الآخر رهناً للآخر بحقه فإن ذلك لا يجوز أيضاً إذا كان الحق متفرقًا. فإن كان الحق واحداً ولأحدهما ثلثاه وللآخر ثلثه فلا يجوز أيضاً. وإن كان الحق نصفين فلا يجوز أيضاً مِن قِبَل أنهما قد فَصَلاَ رهن أحدهما من الآخر ولم يقسماه، فلا يجوز (¬3). ولو كان لأحدهما ألف وللآخر ألفا درهم مالُ هذا على حِدَة ومالُ هذا على حِدَة فرهناهما الدار جميعاً كان ذلك (¬4) جائزاً إذا قبضا (¬5)، ولصاحب الألفين الثلثان وللآخر الثلث. ولو كان لأحدهما كُرّ حنطة وللآخر كُرّ شعير كانت الدار رهناً في أيديهما على قدر قيمة هذا وقيمة هذا. ولو كان شيئاً (¬6) مما يكال أو يوزن (¬7) مختلفاً كان كذلك. فإن غلا أحدهما بعد ذلك ورخص (¬8) الآخر لم يتغير عن حاله الأولى. وكذلك الدنانير والدراهم. فإن قال الراهنان لصاحب الحنطة: لك ثلثاها رهناً، دون صاحبه، ولصاحب الشعير: لك ثلثها رهناً، دون صاحبه، والحنطة تساوي مائة والشعير يساوي (¬9) خمسين فكان الرهن هكذا كان باطلاً إذا سمى لهذا منه شيئاً ولهذا شيئاً. وكذلك لو قالا (¬10) لهذا: لك النصف، ولهذا: لك النصف (¬11)؛ لأن ¬

_ (¬1) ز: والرهن. (¬2) م ف ز ع: ولا يفسد. (¬3) وانظر للشرح: المبسوط، 21/ 165. (¬4) ز - ذلك. (¬5) ز: إذا اقتضا. (¬6) ز: شيء. (¬7) ز - أو يوزن. (¬8) ز: ويرخص. (¬9) ف - يساوي، صح هـ. (¬10) م ف ز ع: لو قال. والتصحيح من ب. (¬11) ز - ولهذا لك النصف.

هذا رهن في صفقتين. ولو قالا (¬1): أَرْهَنَّاكُمَا (¬2) الدار جميعاً، كانت بينهما على القيمة؛ لأن هذا صفقة واحدة. ولو مات أحد الراهنين فورثه الآخر كانت الدار على حالها. وإذا ارتهن الرجل عبداً بألف وقيمته خمسمائة وقبضه ثم زاده الراهن رهناً آخر مع ذلك فإنه جائز، وهما جميعاً رهن بالمال كله. وكذلك لو كان الأول يساوي ألفاً أو أكثر فما (¬3) زاده من رهن فهو معه رهن جميعاً بالمال كله. وكان ينبغي في القياس أن لا تكون الزيادة رهناً حتى يناقضه الرهن الأول فيرده ويقبضه ثم يرهنهما رهناً مستقبلًا، ولكنا تركنا القياس في ذلك. وإذا ارتهن الرجل عبداً بألف درهم يساوي ألفين أو أقل أو أكثر فقبضه ثم استزاده الراهن (¬4) مالاً فأقرضه مائة درهم أخرى وجعلها في الرهن فإنه لا يكون في الرهن. وهذا والباب الأول سواء في القياس، ولكنا أخذنا في الأول بالاستحسان. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: أما أنا فأرى أن أجيز هذا الآخر أيضاً وأجعل الرهن لهما جميعاً. وإذا ارتهن الرجل عبداً بألف درهم يساوي ألف درهم ثم بدا للراهن أن يعطيه رهناً مكانه ويأخذه وقبل ذلك المرتهن فأعطاه رهناً مكانه ثم لم يأخذ الأول حتى مات فإن الأول هو الرهن، وهو في الآخر مؤتمن. وكذلك لو مات الآخر وبقي الأول كان الأول هو الرهن وكان في الآخر مؤتمناً. فإن رد الأول وبقي الآخر في يديه فهو رهن. وإذا تتارك (¬5) المرتهن والراهن الرهن ونقضاه وهو في يدي المرتهن فهو رهن على حاله حتى يقبضه الراهن. فإن بدا للمرتهن أن يمسكه فله ذلك، وليس للراهن أن يأخذه. وإن بدا للراهن تَرَكَهُ رهناً على حاله. ولو قال المرتهن: أَرُدهُ، فللمرتهن أن يرده وإن كره الراهن ذلك. ¬

_ (¬1) م ف ز ع: ولو قال. والتصحيح من ب. (¬2) ب: رهناكما. وأَرْهَنَ بمعنى رَهَنَ، لغة قليلة. انظر: المصباح المنير، "رهن". (¬3) ز: مما. (¬4) ز: الرهن. (¬5) ف: تناول.

وإذا كان المرتهن اثنين فقال أحدهما: أرد، وأبى الآخر فليس له أن يرد حتى يجتمعا على الرد. ولو اختلفا (¬1) في أصل الرهن فقال أحدهما: لم نرتهن، وقال الآخر: بلى ارتهنا، وأقام بينة، وقال الراهن: لم أرهن، فإنه لا يكون رهناً حتى يجتمعا على الدعوى. وكذلك لو كانا شريكين شركة عنان أو متفاوضين فإنه لا يكون رهناً. وليس هذا كالذي كان رَهْناً فنقضه أحدهما. ولو كان رَهْناً فقبضه (¬2) أحدهما وهما متفاوضان كان نقضه جائزاً على شريكه إذا قبضه الراهن وإن أبى ذلك شريكه. وكذلك لو كان المتفاوضان هما رَهَنَا عند الرجل فنقضه أحدهما وقبضه كان جائزاً. ولو كانا شريكين شركة عنان فرهنا جميعاً رهناً لم يكن لأحدهما أن ينقض الرهن دون الآخر. ولو نقضه وقبضه فهلك عنده كان المرتهن ضامناً لحصة الذي لم ينقض الرهن ورجع عليهما (¬3) مسألة، ويرجع بنصف القيمة التي ضمن على الذي قبض منه الرهن (¬4). ولو كان أحدهما رَهَنَه دون الآخر بإذن شريكه ثم نقض ¬

_ (¬1) أي: اختلف المرتهنان. (¬2) ز: فنقضه. (¬3) م ز: عليها. (¬4) قال السرخسي: ولو كانا شريكي عنان فرهنا جميعاً رهناً لم يكن لأحدهما أن ينقضه دون صاحبه، لأنهما كالأجنبي في نقض كل واحد منهما الرهن في نصيب صاحبه، فإن شركة العنان لا تتضمن إلا الوكالة بالبيع والشراء، وفيما سوى ذلك كل واحد منهما في حق صاحبه يُنَزَّل منزلة الأجنبي، فإن نقضه وقبضه فهلك عنده كان المرتهن ضامناً لحصة الذي لم ينتقض، لأنه صار مخالفاً برد حصته على الآخر، ويرجع عليهما مسألة، ويرجع بنصف القيمة التي ضمن على الذي قبض منه الرهن، لأن القابض منه لا يرده عليه، بمنزلة غاصب الغاصب في حقه، والغاصب الأول إما ضمن رجع بما ضمن على الغاصب الثاني، فَهذا مثله. قال عيسى: هذا خطأ، والصواب أن لا يرجع المرتهن بما ضمن على القابض، لأنه هو الذي سلّمه إليه مع علمه أنه ليس بمالك له، فهو في حقه كمودع الغاصب، فإذا ملك الغاصب بالضمان كان مسلّماَ ملك نفسه إلى الأجنبي طوعا، وقد هلك يزيد القابض من غير فعله، فلا ضمان عليه، إلا أن يكون ادعى الوكالة من صاحبه ودفعه المرتهن من غير تصديق، فحينئذ يرجع عليه لأجل الغرور الممكن من جهته بدعواه الوكالة من صاحبه. وقد قيل في تصحيح جواب الكتاب: إن حالة الشركة التي بينهما توهم كثيراً من الناس جواز قبض=

باب جناية الرهن بعضه على بعض

الرهن وقبضه وسلّم ذلك المرتهن كان ذلك جائزاً؛ لأنه هو الذي رهنه. وكذلك الرجل يستعير العبد فيرهنه. وكذلك الرجل يرهن متاعاً لغيره فيجيز رب المتاع ثم ينقض الرهن ويقبضه فنقضه جائز. ... باب جناية الرهن بعضه على بعض وإذا ارتهن الرجل عبدين بألف يساوي كل واحد منهما (¬1) ألفاً فقتل أحدهما صاحبه فإن الباقي القاتل يكون رهناً بسبعمائة (¬2) درهم وخمسين. ولو لم يقتله ولكنه فقأ عينه كان الفاقئ بستمائة وخمسة وعشرين، والمفقوءة عينه (¬3) رهناً بمائتين وخمسين درهماً، وهما جميعاً بهذا لا يفتكّهما جميعاً إلا بما سمينا. ولهِ أن المفقوءة عينه فقأ بعد ذلك عين (¬4) الفاقئ بقي في عنق الفاقئ الأول من الدين ثلاثمائة واثنا (¬5) عشر ونصف، ويلحق الفاقئ الآخر مائة وستة (¬6) وخمسون (¬7) وربع إلى المائتين وخمسين التي في عنقه. ولو لم يفقأ كل واحد منهما عين صاحبه على ما وصفنا ولكن كل واحد منهما فقأ عين الآخر جميعاً معاً ذهب من الرهن ربعه، وبقي في عنق كل واحد منهما ثلاثة أرباع خمسمائة. وإذا كان الرهن أمتين قيمة كل واحدة ألف فولدت كل واحدة منهما ابنة تساوي ألفاً والدين ألف فقتلت إحدى (¬8) الابنتين صاحبتها (¬9) فإنه لا ¬

_ = أحدهما له في حقهما فيقوم ذلك مقام الغرور الذي يمكن بادعاء أحدهما الوكالة، فكما يرجع هناك بما ضمن فكذلك هنا. انظر: المبسوط، 21/ 166 - 167. (¬1) م: منها. (¬2) ووقع في المبسوط، 21/ 167: بتسعمائة. وهو تحريف. (¬3) م ز - عينه. (¬4) م ز: غير. (¬5) م ف: واثني؛ ز: واثنتي. (¬6) م ز: ستة. (¬7) م ف ز: وخمسين. (¬8) ز: احد. (¬9) م ز: صاحبتهما.

ينقص (¬1) من الدين شيء، وهؤلاء الثلاثة البواقي رهن بالألف كلها. فإن ماتت (¬2) أم المقتولة بقيت القاتلة وأمها بستمائة وسبعة وثمانين ونصف، الأم من ذلك بمائتين (¬3) وخمسين، والابنة بما بقي، مائتان (¬4) وخمسون من ذلك الرهن الأول، ومائة وسبعة وثمانون ونصف (¬5) بحصتها من الجناية. وإذا ارتهن الرجل عبدين كل واحد منهما بخمسمائة وقيمة كل واحد منهما ألف ارتهن كل واحد منهما على حدة (¬6) فقتل أحدهما صاحبه فإنه يخير الراهن والمرتهن. فإن شاءا (¬7) جعلا القاتل مكان المقتول وبطل ما كان في القاتل من الدين. وإن شاءا (¬8) افتديا القاتل بقيمة المقتول وغرم كل واحد منهما خمسمائة، فكانت هذه القيمة رهناً مكان المقتول، وكان القاتل رهناً على حاله. وليس هذان العبدان بمنزلة الرهن الواحد؛ لأن كل واحد منهما رهن (¬9) على حدة. أرأيت لو كان أحدهما رهناً بخمسمائة درهم والآخر بخمسين دينارًا أو كان أحدهما رهناً بعشرة أكرار حنطة والآخر بعشرة أكرار شعير كان يكون كحال رجل واحد له عبدان رهنا جميعاً لا يستطيع أن يفتكّ أحدهما دون الآخر حتى يؤدي جميع المال. وهذان متفرقان، أيهما ما أدى فيه افتكّه. ولو أن أحد هذين العبدين المتفرقين فقأ عين الآخر قيل لهما: ادفعاه أو افدياه بأرش عين الآخر. فإن دفعاه بطل ما فيه من الرهن. وإن فدياه كان الفداء عليهما نصفين، وكان رهناً على حاله، وكان الفداء رهناً مع المفقوء عينه. وإن قال المرتهن: لا أبغي (¬10) الجناية وأنا أدع الرهن على ¬

_ (¬1) ز: لا ينتقض. (¬2) م: فإن مات. (¬3) ز: ثمانين. (¬4) ز: مائتي. (¬5) ف - ونصف. (¬6) ز - بخمسمائة وقيمة كل واحد منهما ألف ارتهن كل واحد منهما على حدة. (¬7) م: فإن شا. (¬8) م ز: وإن شا. (¬9) م ز: رهنا. (¬10) ولفظ الحاكم: لا أبقي. انظر: الكافي، 2/ 233 و. وكذلك في المبسوط، 21/ 171. وعبارة ب: وللمرتهن أن يترك الجناية.

حاله ذلك، فله ذلك، ويكون الفاقئ رهناً مكانه على حاله، والمفقوء عينه ذهب نصف ما فيه. وإن طلب المرتهن الجناية فقال الراهن: أنا أفديه، وقال المرتهن: لا أفدي، فإن للراهن أن يفدي بأرش الجناية كلها. فإذا فدى بأرش الجناية (¬1) كان نصف ذلك غرماً على المرتهن في العبد الجاني، ويبطل من حقه في العبد الجاني نصفه. وإن أبى الراهن أن يفدي وقال المرتهن: أنا أفدي بجميع أرش الجناية، فدى وكان متطوعاً في ذلك، ولا يلحق الراهن مما فدى به شيء (¬2) إذا كان (¬3) يكره الفداء. وإن كان الراهن غائباً ففدى المرتهن كان على الراهن نصف ذلك الفداء ديناً في قول أبي حنيفة (¬4). وكذلك كل جناية يجنيها أحدهما على الآخر. وإذا كان الرهن يساوي ألفاً وهو رهن بألف أو أقل فقتل نفسه أو فقأ عين نفسه أو جرح نفسه جرحاً فليس في شيء من هذا أرش. وهذا مثل بلاء ينزل به من السماء فكأنه ذهبت عينه من غير جناية، فذهب نصف الرهن. فإذا كان الدين ألفاً وكانت قيمته خمسمائة ففقأ عين نفسه ذهب من الدين ربعه. وإذا كان الرهن أمة تساوي ألفاً وهي رهن بألف فولدت ابنة تساوي ألفاً فجنى الولد جناية فدُفِعَ بها لم يبطل من الرهن شيء وكان الرهن كما هو. فإن فقأت الأم عيني الابنة فدُفِعَت الأم وأخذ الولد فإن الولد رهن بألف كاملة مكان الأم، وهي في هذه الحال بمنزلة عبد لم تلده. وإن مات مات بجميع الرهن، ولا يفتك إلا بجميع الدين. فإن فقأ الولد بعد ذلك عيني الأم فدُفِعَ وأُخِذَت الأم عمياء فإنه ينبغي في القياس أن يكون رهناً بجميع المال، ولكنا ندع القياس هاهنا، ونجعل الرهن الأول قد عاد إلى حاله، فذهب منه بحساب ما نقص من العينين. ¬

_ (¬1) ز - كلها فإذا فدى بأرش الجناية. (¬2) ز: شيئاً. (¬3) م ز: وإذا كان. (¬4) وفي قول أبي يوسف ومحمد يكون متطوعاً. وقد ذكر المؤلف ذلك فيما يأتي قريباً في باب جناية الرهن على غير الراهن والمرتهن. وانظر: المبسوط، 21/ 172، 183.

وإذا استعار الرجل من الرجلين عبدين قيمة كل (¬1) واحد منهما ألف درهم فرهنهما جميعاً بألف درهم، فقام أحدهما إلى صاحبه ففقأ عينه، ثم إن المفقوء عينه قام إلى الآخر ففقأ عينه، فإن المستعير يفدي العبدين بسبعمائة (¬2) وثمانية عشر وثلاثة أرباع درهم، ويكون على المستعير أيضاً لمولى العبد المفقوءة عينه أولاً مائة وخمسة وعشرون درهماً، ويكون على المستعير أيضاً لمولى العبد المفقوءة عينه آخراً مائة وستة وخمسون درهماً وربع. ثم يقال لرب العبد الفاقئ أولاً (¬3): ادفع ثلاثة أرباع عبدك أو افده بثلاثة أرباع أرش عين العبد الآخر. فإن دفعه فليس له على صاحبه شيء؛ لأنه قد دفعه. وكل شيء دفع بجنايته صار للمدفوع إليه (¬4). وليس على المدفوع إليه أن يدفع عبده بجنايته على هذا العبد؛ لأنه يرجع إليه مع العبد. وإن فداه بثلاثة أرباع أرش العين قيل لرب العبد المفقوءة عينه أولاً: ادفع من عبدك ثلاثة أخماسه وثلاثة أثمان خمسه ونصف ثمن خمسه، أو افده بمثل ذلك من أرش العين، فأي ذلك ما فعل سلم لصاحبه، ولا (¬5) يرجع واحد منهما على صاحبه بشيء. وإذا كان الرهن بألف وهو يساوي ألفاً وهي أمة فولدت ابناً يساوي ألفاً ثم جنت الأم جناية فدفعت بقي الابن بخمسمائة. فإن فقأ الابن عين الأم فدُفِعَ وأُخِذَت الأم عادت إلى حالها الأولى رهناً بألف، غير أنه يذهب من الأم (¬6) بحساب (¬7) ما ذهب من بصرها. ¬

_ (¬1) م ز: عبدين من كل؛ ف: عبدين من كل قيمة كل، ع: ثمن كل. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 21/ 173. (¬2) وفي المبسوط، 21/ 173: بتسعمائة. وهو خطأ. (¬3) م: ولا. (¬4) وقال السرخسي: وفيه نوع شبهة، فإنه إنما يدفع ثلاثة أرباعه، ويبقى الربع على ملكه، وفي ذلك القدر يجعل جناية المفقوءة عينه أولاً على ملك مولى الفاقئ، فكأنه ذهب وهم محمد -رحمه الله- إلى أن الدفع في جمجع العبد، فلهذا قال: ليس له على صاحبه شيء، ومثل هذا يقع إذا طال التفريع. انظر: المبسوط، 21/ 174. (¬5) ز: فلا. (¬6) م ز: فذهب من الأب. (¬7) ف + ذلك.

وإذا كان الرهن أمة تساوي ألفاً والدين ألف، فولدت ولدين كل واحد منهما يساوي ألفاً، فجنى أحدهما جناية فدُفِعَ بها، ثم فقأت الأم عينيه (¬1)، فدُفِعَت الأم، وأُخِذَ الابنُ مكانها، فإن هذا الابن الأعمى والصحيح بالألف كلها على حالها. فإن مات الأعمى (¬2) ذهب نصف الدين؛ لأن الأعمى كأنه الأم على حالها لم ينقص منه شيء. وإن جنى الولد الجاني على الأم فدُفِعَ وأُخِذَت الأم مكانه عاد الرهن على حاله الأول، وذهب من الألف بحساب ما ذهب من الأم. وإذا استعار الرجل عبدين من رجلين كل واحد منهما يساوي ألفاً وأذنا له فرهنهما جميعاً بالألف فقتل أحدهما صاحبه فالقاتل رهن بسبعمائة وخمسين، وقد بطل من الرهن خمسون ومائتان، يردها الراهن على رب العبد القاتل بسبعمائة وخمسين، ثم يقال لمولاه: ادفع ثلاثة أرباعه إلى مولى العبد المقتول أو افده بسبعمائة وخمسين؛ مِن قِبَل أن مولى المقتول قد أخذ ربع الجناية. ولو لم يقتله (¬3) ولكنه فقأ عينه كانا جميعاً رهناً بثمانمائة وخمسة (¬4) وسبعين، الفاقئ من ذلك بستمائة درهم وخمسة وعشرين، والمفقوءة عينه بخمسين ومائتين، ويرد الراهن (¬5) على مولى العبد المفقوء عينه مائة وخمسة وعشرين؛ لأنها بطلت عنه. وليس للراهن أن يفتكّهما (¬6) جميعاً إلا بجميع ما بقي. فإن افتكّهما قيل لمولى الفاقئ: ادفع ثلاثة أرباع عبدك أو افده بثلاثة أرباع أرش العين. ولو كان الرهن أمتين والمسألة على حالها (¬7) فولدت كل واحدة منهما ولدًا يساوي ألفاً ثم إن أم (¬8) أحد الولدين قتلت صاحبتها بطل من الدين اثنان وستون ونصف، ولزم القاتلة من الجناية مائة وسبعة وثمانون ونصف، ¬

_ (¬1) ز: عينه. (¬2) ز - والصحيح بالألف كلها على حالها فإن مات الأعمى. (¬3) ز: لم يقبله. (¬4) ف: وخمسين. (¬5) ز: الرهن. (¬6) ف: أن يقتلهما (مهملة). (¬7) م ز - على حالها. (¬8) ز - أم.

وذلك ثلاثة أرباع خمسين ومائتين؛ لأن القاتلة قيمتها ألف، وهي رهن بخمسين ومائتين. فإن مات ولد القاتلة بطل عنها من هذه الجناية اثنان وستون ونصف؛ لأنها الآن رهن بخمسمائة، ولا يلزمها من الجناية إلا نصفها، فذلك مائة وخمسة وعشرون. فإن مات ولد المقتولة لزم القاتلة من الجناية مائة وخمسة وعشرون (¬1) أخرى، فتكون رهناً بسبعمائة وخمسين، خمسمائة كانت في عنقها قبل الجناية، ولحقها من الجناية مائتان وخمسون في الفضل (¬2)، ويبطل مائتان وخمسون؛ لأن في نصفها دين خمسمائة. ولو كان الولدان حيين (¬3) على حالهما كانت القاتلة رهنا بخمسين ومائتين، ويلحقها ثلاثة أرباع خمسين ومائتين. فإذا افتكّهما الراهن بما فيهما رد على مولى المقتولة اثنين وستين ونصفاً (¬4)، ودفع مولى القاتلة كلها إلا نصف ثمن قيمتها، أو فداها بتسعمائة وسبعة وثلاثين ونصف. وإذا رهن الرجل أمتين بألف تساويان ألفين فولدت كل واحدة منهما ابناً يساوي ألفاً، فإن قتل أحد الولدين أمه (¬5) لم يلحقه من الجناية شيء، وكان رهناً بخمسين ومائتين، والأخرى وولدها رهن بخسمائة، وذهب من الرهن ربعه كأن المقتولة ماتت. ولو كانت الأم هي التي قتلت ولدها كانت رهناً بخمسمائة، لا ينقص (¬6) ذلك منها شيئاً (¬7). وكذلك لو كانت الأم فقأت عينه، لأنه زيادة (¬8). ولو لم يكن ذلك ولكن أحد الولدين قتل الولد الآخر كانت أم المقتول وثلاثة أثمان القاتل رهناً بخمسمائة، وخمسة أثمان القاتل ¬

_ (¬1) ز - فإن مات ولد المقتولة لزم القاتلة من الجناية مائة وخمسة وعشرون. (¬2) ف: في القتل. وفي ب أيضا: في الفضل. (¬3) ز: حيان. (¬4) ز: ونصف. (¬5) ز: أمة. (¬6) م ف ز: وانتقص. والتصحيح من ع. ولفظ السرخسي: لم ينقص من الدين شيء. انظر: المبسوط، 21/ 176. (¬7) ز: شيء. (¬8) أي: لأن الولد نماء حادث.

باب جناية الرهن على الراهن والمرتهن

وأمه رهناً بخمسمائة. وإن مات القاتل لم ينقص (¬1) من الرهن شيء. ولو لم يمت القاتل ولكن ماتت أمه ذهب ربع الرهن. ولو لم تمت ولكن ماتت الأخرى ذهب من الرهن خمسة أثمان خمسمائة، وبقي في عنق القاتل ثلاثة أثمان خمسمائة من الجناية مع خمسين ومائتين في عنقه من الرهن وخمسين ومائتين في عنق أمه، فيفديهم الراهن (¬2) بذلك. وإذا ارتهن الرجل أمة (¬3) وعبداً بألف كل (¬4) واحد منهما يساوي ألفاً فولدت الأمة ابناً يساوي ألفاً فهي وولدها بخمسمائة والعبد بخمسمائة. فإن جنى ولدها على إنسان فدفعه لم يبطل من الرهن شيء. فإن فقأ الولد عيني العبد جميعاً فأخذ الولد ودفع العبد فإن الولد بخمسمائة والأمة بخمسمائة. فإن قتل الولد الأم أو قتلته الأم فالقاتل منهما بسبعمائة وخمسين. فإذا قتل العبد المدفوع هذا القاتل فدُفِعَ به كان رهناً بسبعمائة وخمسين إلا نقصان العبد (¬5) الذي نقص منه. ... باب جناية الرهن على الراهن والمرتهن (¬6) وإذا كان الرهن عبداً يساوي ألفاً وهو رهن بألف أو أكثر فجنى (¬7) على الراهن جناية تبلغ النفس أو دون ذلك خطأ فلا شيء في ذلك عليه، لأنه ماله وعبده، وهو رهن على حاله. وكذلك لو كانت هذه الجناية في عبد لمولاه أو أمة أو أم ولد أو مدبرة. وكذلك لو كان متاعاً فاستهلكه. ¬

_ (¬1) ز: لم ينتقص. (¬2) م: الرهن. (¬3) ز + تساوي ألفا. (¬4) م ز - كل. (¬5) وفي ب: نقصان العين. ولفظ السرخسي: نقصان العينين. انظر: المبسوط، 21/ 178. والمعنى واحد، أي ما نقص من قيمة العبد بسبب فقء العينين. (¬6) ز: والمرهن. (¬7) م ف ز: يجني. والتصحيح من ع؛ والمبسوط، 21/ 178.

وكذلك لو جنى هذه الجناية على المرتهن في نفسه أو رقيقه فهو باطل؛ لأنه [لا] (¬1) فضل فيه على الدين في قول أبي حنيفة. ولو جنى على ابن الراهن أو على ابن المرتهن كانت جنايته على هذا كجنايته على الأجنبي يُدْفَعُ بذلك أو يُفْدَى. وإذا كان العبد يساوي ألفين وهو رهن بألف فجنى على الراهن جناية خطأ في نفسه أو رقيقه أو أفسد شيئاً من متاعه فهو باطل مثل الأول، ولا شيء فيه؛ لأنه ماله. وهو رهن على حاله. وإن جنى على المرتهن في نفسه أو رقيقه قيل لمولاه الراهن (¬2): ادفعه أو افده. فإن دفعه وقتله (¬3) المرتهن بذلك صار عبداً له وبطل الدين والرهن. وإن كان فداه كان على الراهن نصف الفداء، ويكون رهناً على حاله. وإنما خالف هذا الأول لأن في هذا فضلاً (¬4) على الدين. وهذا قول أبي حنيفة. وفي الباب الأول قول آخر قول أبي يوسف ومحمد: إن الراهن والمرتهن إن شاءا (¬5) أبطلا الرهن ودفعاه بالجناية إلى المرتهن. وإن شاء المرتهن قال: لا أبغي الجناية، فبقي (¬6) رهناً (¬7) على حاله. وإذا أفسد متاعاً للمرتهن وقيمته ألفان وهو رهن بألف وطلب المرتهن أن يأخذه بقيمة المتاع فإنه يعرض على الراهن. فإن (¬8) شاء قضى عنه نصف ذلك الدين وجعل نصفه على المرتهن. وإن كره أن يقضي ذلك بيع (¬9) العبد في ذلك الدين كله. فإن بقي شيء بعد قضاء الدين أخذ الراهن نصفه والمرتهن نصفه. وإن كان الدين قليلاً أو كثيراً فهو كذلك. وإذا قتل الرهنُ مولاه (¬10) عمداً أو قتل المرتهنَ عمداً فإن هذا لا يشبه ¬

_ (¬1) الزيادة من ب جار. (¬2) م + أو؛ ز - الراهن. (¬3) ز: وقبله. (¬4) ز: فضل. (¬5) م ز: إن شا. (¬6) م ف ز ع: فهي. والتصحيح من ب جار. (¬7) ز: رهن. (¬8) ز: وإن. (¬9) م ف ز: مع. والتصحيح من ع ب. (¬10) م ف ع: مولا. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 21/ 181.

باب جناية الرهن على غير الراهن والمرتهن

الخطأ. عليه القصاص في الوجهين جميعاً، ويبطل الدين والرهن إذا قُتِلَ؛ لأن القصاص هاهنا ليس بمال. فإن قتل الراهن خطأ كان رهناً على حاله، لأن العبد عبد المقتول، فلا يلحقه أرش لمولاه. وكذلك لو كان أرش (¬1) لمولاه. وكذلك لو كان المقتول هو المرتهن إذا كان الرهن والدين سواء في قول أبي حنيفة. فإن كان العبد يساوي ألفين والدين ألفاً، فقتل المرتهن عمداً، فعفا أحد ابنيه، فإنه يقال للراهن والذي عفا: ادفعا نصف العبد إلى الذي لم يعف، أو افدياه بثلاثة أرباع نصف الدية. فإن فدياه كان رهناً على حاله. وإن دفعا نصفه بطل نصف الدين في قول أبي حنيفة، وكان لهما على الراهن نصف الدين بينهما نصفين. فإن فدياه (¬2) كان على الراهن ربع الدية، وعلى ابن المرتهن الذي عفا ثمن الديه. وإن كان العبد رهناً بين رجلين بألف وهو يساوي ألفين فقتل أحدهما عمداً وله وليان فعفا أحدهما فإنه يقال للراهن والمرتهن الباقي والذي عفا: ادفعوا نصف العبد (¬3) إلى الذي لم يعف. فإن دفعوا بطل الرهن في العبد، وبطل نصف الدين، وكان نصف الدين على الراهن بينهم على حاله، فإن فدوه فدوه (¬4) بسبعة أثمان نصف الدية، على الراهن من ذلك أربعة أسهم، وعلى المرتهن الباقي سهمان، وعلى الولي الذي عفا سهم. ... باب جناية الرهن على غير الراهن والمرتهن وإذا كان العبد رهناً بألف درهم وهو يساوي ألفين فقتل رجلاً خطأً فإن الراهن والمرتهن يخيران (¬5). فإن شاءا دفعاه وبطل الرهن. وإن شاءا فدياه بالدية نصفين، على كل واحد منهما النصف، وكان رهناً على حاله. ¬

_ (¬1) م - أرش، صح هـ. (¬2) ز: فداياه. (¬3) م ز - نصف العبد. (¬4) ف - فدوه. (¬5) م ف ز ع: يخير.

فإن قال أحدهما: أدفع، وقال الآخر: أفدي، فليس يسعه ذلك، إما أن يدفعاه وإما أن يفدياه. فإذا دفعه الراهن والمرتهن غائب (¬1) فهو جائز، وقد خرج من الرهن إلا أن يشاء المرتهن أن يؤدي نصف ما فداه الراهن به. ولو فداه المرتهن والراهن غائب (¬2) فهو جائز، وهو رهن، وعلى الراهن نصف الدية دين عليه للمرتهن، ولا يكون العبد بها رهناً في قول أبي حنيفة. وإن كانت الجناية دون النفس فكان أرشها قليلاً أو كثيراً (¬3) ففداه المرتهن والراهن غائب فعلى الراهن نصف أرشها دين عليه. وإن كان الراهن هو الذي فدى والمرتهن غائب نظرنا في الأرش. فإن بلغ (¬4) نصفَ (¬5) الدين كله فقد خرج من الرهن وبطل الدين كله. وكذلك إن (¬6) زاد نصف الفداء على الدين. وإن كان الدين أكثر من نصف الفداء كان العبد رهناً بالذي بقي حتى يقضيه (¬7) الراهن. وإذا كان الراهن والمرتهن حاضرين فقال المرتهن: أنا أفدي، وقال الراهن: أنا أدفع، فللمرتهن أن يفدي (¬8)، وهو متطوع في ذلك لا شيء له على الراهن فيه، وهذا والغائب في القياس سواء. وهذا القول قول أبي حنيفة. وفي الغائب قول آخر: إنه ليس عليه من الفداء شيء، وهو مثل الحاضر. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وإذا أصاب الرهن بلاء فاحتاج (¬9) فيه إلى دواء فذلك عليهما نصفان (¬10)، وطعامه على الراهن، والطعام مخالف للدواء. وإذا كان الرهن والدين سواء أو كان الرهن أقل من الدين فأصابه ¬

_ (¬1) م: غاب. (¬2) م: غاب. (¬3) م ز: قليل أو كثير. (¬4) ف ز ع: فإن باع. والتصحيح من الكافي, 2/ 236 ظ. (¬5) ز: نصفه. (¬6) م ف ز - إن. والزيادة من ع. (¬7) ز: يقبضه. (¬8) ز: أن يدفع. (¬9): فلا جناح. (¬10) ز - نصفان.

جرح (¬1) أو بلاء فعلاجه على المرتهن، وطعامه على الراهن. وكذلك لو جنى جناية كان الفداء على المرتهن دون الراهن. وليس له أن يدفع إلا برضا من الراهن. وإذا كان الرهن دواباً أو إبلاً فعلفها على الراهن. فإن (¬2) أصابها خُراج (¬3) أو دَبَر (¬4) فإن نفقة ذلك على المرتهن إذا كانت القيمة والدين سواء. فإن كان في القيمة فضل على الدين كان على الراهن بحساب الفضل. وإذا كانت الأمة رهناً بألف وقيمتها ألف فولدت ولداً يساوي ألفاً ثم جنى ولدها على الراهن فلا شيء في ذلك. وكذلك لو جنى على رقيق الراهن أو أفسد متاعه فلا شيء فيه. فإن جنت الأم على المرتهن في نفسه ورقيقه فمات الولد فلا شيء فيهاة مِن قِبَل أن الرهن لم يكن فيه فضل يوم ارتهنه. ألا ترى أن الأمة لو زادت ثم جنت عليه لم يكن عليه فيه شيء. فإن كانت الأمة تساوي ألفاً والدين ألف والولد يساوي ألفاً فجنى الولد على الراهن في نفسه أو رقيقه فهو باطل. وإن جنى على المرتهن لم يكن له بد من أن يدفع أو يفدى. فإن دفع لم يبطل من الدين شيء؛ لأنه زيادة. وإن فداه كان على الراهن نصف (¬5) الفداء كما كان يكون عليه في الأم. وكذلك لو جنى هذا الولد على رجل أجنبي فإن الفداء عليهما نصفان. وإذا كان العبد رهناً بألف وهو يساوي ألفاً فأفسد متاعاً لرجل أو استهلك مالاً فإن ذلك (¬6) دين (¬7) في عنقه، يباع فيه فيستوفي صاحب المتاع ثمن متاعه. فإن بقي شيء كان للمرتهن. فإن كان ماله قد حَلَّ ¬

_ (¬1) ز: جرج. (¬2) ز: فا. (¬3) الخراج بالضم: البَثْر، الواحدة خُراجة وبَثْرة، وقيل: هو كل ما يخرج على الجسد من دمَّل ونحوه. انظر: المغرب، "خرج". (¬4) الدَّبَر جمع الدَّبَرَة، وهي كالجراحة تحدث من الرَّحْل أو نحوه، وقد دَبِرَ البعيرُ دَبَراً وأَدْبَرَه صاحبه. انظر: المغرب، "دبر". (¬5) م ف ز: بنصف. والتصحيح من ع. (¬6) م ف ز: فإن كان. والتصحيح من ع. (¬7) ز: دينا.

باب الجناية على الرهن

اقتضاه. وإن لم يكن حَلَّ كان رهناً مكان الأول بحصته حتى يَحِلَّ فيأخذه. وإذا أقر الراهن أن الرهن لغيره أو أن على الرهن ديناً أو جناية فإنه لا يصدَّق على شيء من ذلك. فإن فداه وتطوع (¬1) فهو جائز. وكذلك لو كان الرهن عبداً فأقر بذلك لم يجز. وكذلك لو أقر بذلك المرتهن، غير أن المرتهن إذا أقر بدين عليه فإن افتكّه الراهن فإقرار المرتهن عليه باطل. فإن بيع فاقتضى ثمنه كان الغريم أحق به. وإذا افتكّ الرهنَ الراهنُ الذي أقر بذلك فإنه يجوز عليه. وإذا كان الرهن (¬2) عبداً (¬3) يساوي ألفاً ففقأ عيني (¬4) عبد يساوي مائة درهم فدفع الرهن وأخذ العبد أعمى فهو رهن بالألف يفتكه بها. فإن أصابه عيب ينقصه ذهب من الدين بحساب ذلك. وإن نقص السعر ورخص لم ينقصه ذلك شيئاً في قول أبي يوسف. وقال محمد: يدفع العبد الرهن بجنايته، وما بقي من العبد المفقوءة عيناه (¬5)، فيقوَّم المفقوءة عيناه صحيحاً، ويقوَّم أعمى، فيبطل من الرهن فضل ما بينهما. فإن كان أرش ذلك الثلثين (¬6) بطل ثلثا الدين. فإن كان أكثر أو أقل فعلى حساب ذلك، ويصير العبد الأعمى رهناً بما بقي. فإن شاء الراهن سلّمه للمرتهن بما بقي من الدين، فلا يكون لواحد منهما على صاحبه شيء. وإن شاء الراهن أخذه وأعطاه ما بقي من الدين. ... باب الجناية على الرهن وإذا كان العبد رهناً بألف وقيمته ألف فغلا السعر فصار يساوي ألفين ¬

_ (¬1) م: أو تطوع. (¬2) م ز: العبد. (¬3) م ز - عبدا. (¬4) ف ز: عين. (¬5) أي: يصير الأعمى رهناً بما بقي، كما يذكره بعد سطرين. (¬6) ز: الثلثان.

فقتله رجل فعليه ألفان. فإن أدى ألفاً وبقي ألف فإن هذه الألف للمرتهن هو أحق بهاث لأن الباقية زيادة لم تكن في أصل الرهن. ولو كان الرهن قيمته ألفين في الأصل كانت هذه الألف التي خرجت بين الراهن والمرتهن نصفين، وما خرج كان بينهما نصفين (¬1)، وما بقي فهو بينهما. وإن لم يقتل (¬2) ولكن فقئت عينه ثم توى الأرش على الفاقئ فإنه يذهب نصف الدين، إن كان (¬3) العبد يساوي في الأصل ألفاً فزادت قيمته حتى بلغت ألفين أو كان في الأصل يساوي (¬4) ألفين فهو سواء. وإن كان الرهن أمة تساوي ألفاً فولدت ولدًا يساوي ألفاً فجنى ابنها جناية فدُفِعَ بها لم ينقص (¬5) من الرهن شيء؛ لأنه زيادة. ولو لم يجن الابن ولكن جنت الأم فدُفِعَتْ ذهب (¬6) نصف الرهن. وإن (¬7) فدوا الأم فإن الفداء عليهما (¬8) نصفين. فإن مات الولد [فالفداء] (¬9) الذي (¬10) أعطى المولى قضاء من الدين، والأم رهن فيما بقي؛ لأن الولد قد ذهب. وإن كان الرهن (¬11) عبداً يساوي ألف درهم ورهن بألف فقتله عبد يساوي مائة أو أكثر من ذلك أو أقل به عيب فاحش فدُفِعَ به فهو رهن بجيمع المال مكان الأول؛ لأن المولى الراهن يقال له: هذا عبدك فافتكّه. وليس هذا كالدراهم، الدراهم لا يقال: افتكّها، ولكن المرتهن يأخذها قضاء من ماله إذا حل. وهذا قياس قول أبي حنيفة (¬12) وأبي يوسف. وأما في قول ¬

_ (¬1) كذا في النسخ. وعبارة ب: ولو كانت قيمته يوم الرهن ألفين فما خرج فهو بينهما نصفان وكذا ما بقي. وعبارة الحاكم: ولو كانت قيمته في الأصل ألفين كان ما خرج من قيمته بين الراهن والمرتهن مناصفة وما توى كان بينهما. انظر: الكافي، 2/ 237 و. ونحوه عند السرخسي. انظر: المبسوط، 21/ 185. (¬2) ز: لم تقتل. (¬3) ف + في. (¬4) ف + ألفا فولدت ولدا يساوي. (¬5) ز: لم ينتقض. (¬6) م ف ز: فدفعه فذهب. والتصحيح من ع. (¬7) م ز: فإن. (¬8) م ز: عليها. (¬9) الزيادة من المبسوط، 21/ 186. (¬10) م ز - الذي. (¬11) م ز - الرهن. (¬12) م - أبي حنيفة، صح هـ.

محمد (¬1) فإن الراهن يخير. فإن شاء أخذ المدفوع بِعَيْبِه (¬2) وأدى الدين كله. وإن شاء سلّم العبد المدفوع للمرتهن بدينه، وبطل عنه الدين. وإذا كان العبد المدفوع صحيحاً فذهبت عينه بعدما دفع ذهب نصف الرهن. وكذلك ما ذهب منه سوى العين (¬3) ذهب من الرهن بحساب ذلك. وإذا كان العبد رهناً بألف وهو يساوي ألفاً ففقأت (¬4) عينه أمة فدُفِعَتْ فهما جميعاً رَهْنٌ (¬5) بألف. فإن مات العبد بقيت هذه بالنصف (¬6). فإن ماتت الأمة بقي العبد بالنصف. ولو قَتَلَ عبدٌ هذا العبدَ الأعور ودُفِعَ به كانا جميعاً رَهْناً بألف، أيهما مات مات بخمسمائة. وإن كانت قيمتها مختلفة فأيهما هلك هلك بالأصل (¬7) الذي دُفِعَا به. وليس للراهن أن يفتكّ أحدهما دون صاحبه. فإن قتل أحدهما صاحبه (¬8) كان القاتل رهناً بخمسمائة وإن كان فيهما فضل؛ مِن قِبَل أن هذا كأنه رهن واحد فقأ (¬9) عين نفسه؛ لأن الأصل كان واحداً. وكذلك لو فقأ أحدهما عين صاحبه ذهب ربع الرهن. وإذا كان الرهن عبداً واحداً بألف وهو يساوي ألفاً فقتله عبدان فدُفِعَا به فهما جميعاً رهن بألف. فإن قتل أحدهما صاحبه كان الباقي رهناً بخمسمائة وإن كانت قيمة كل واحد منهما ألفاً أو أكثر؛ مِن قِبَل أن الأصل رهن واحد. ولو فقأ عين نفسه لم تلزمه (¬10) جناية، وذهب من الرهن نصفه. ولو كان الرهن عبدين يساويان خمسمائة وهما رَهْنٌ (¬11) بألف فزاد كل واحد منهما حتى صار يساوي ألفاً (¬12) ثم قتل أحدهما صاحبه كان العبد الباقي رهناً بسبعمائة وخمسين على ما كان يكون عليه في الزيادة لو (¬13) كانت في ¬

_ (¬1) ز - محمد. (¬2) م ف ز ع: بعده. والتصحيح من ب جار. (¬3) م ز: ألفين. (¬4) ز: ففقئت. (¬5) ز: رهنا. (¬6) م: النصف. (¬7) م ف ز: الأصل. والتصحيح من ع ب جار. (¬8) م ز - فإن قتل أحدهما صاحبه. (¬9) ز: ففقأ. (¬10) ز: لم يلزمه. (¬11) ز: رهناً. (¬12) م ف + ألفا. والتصحيح من ع. (¬13) ف ع: ولو. والتصحيح من ب جار؛ والمبسوط، 21/ 187.

الأصل. ولو لم يقتل أحدهما صاحبه (¬1) ولكن قتل كل واحد منهما عبداً (¬2) فدُفِعَ به وقيمة المدفوع قليلة أو كثيرة، ثم قتل أحد المدفوعين صاحبه، كان القاتل رهناً بسبعمائة وخمسين درهماً لا يزيد. وإذا كان عبدان رهناً بألف كل واحد منهما يساوي ألفاً فقَتَلَ كلَّ واحد منهما أمة فدُفِعت مكانه وقيمة كل واحدة (¬3) منهما قليل أو كثير (¬4) فكل واحدة (¬5) منهما رَهْن مكان العبد المقتول. فإن قَتَلَتْ إحداهما صاحبتَها فالقاتلة رهن بسبعمائة وخمسين كما كان يكون في العبدين (¬6) لو قتل أحدهما صاحبه. ولو لم يقتلها (¬7) ولكن ولدت كل واحدة منهما ابناً مثل أمه في القيمة فقَتَلَتْ إحدى الأمتين ابنَ الأخرى أو قَتَلَ أحدُ (¬8) الابنين صاحبَه كان القول في هذا مثل القول الأول (¬9) في الأمتين اللتين رُهِنَتَا بألف يساويان ألفاً ألفاً فولدت كل واحدة منهما ابناً يساوي ألفاً ثم كان من جنايتهما ما كان من جناية هؤلاء. وإذا كان العبد رهناً بألف وقيمته ألفان ففقأ عبدٌ عينَه فدُفِعَ به فهو رَهْنٌ معه بألف، فأيهما قَتَلَ صاحبَه أو جرحه لم يلزمه من ذلك جناية، وذهب من الرهن بحساب ذلك. وإذا كان عبدان رهناً بألف وقيمة كل واحد منهما ألف فقتلهما عبد ¬

_ (¬1) م ز - كان العبد الباقي رهنا بسبعمائة وخمسين على ما كان يكون عليه في الزيادة ولو كانت في الأصل ولو لم يقتل أحدهما صاحبه. (¬2) م: عبد. (¬3) م ف ز ع: كل واحد. (¬4) م: قليل أكثير. (¬5) م ف ز ع: واحد. والتصحيح من ب. (¬6) ف - في العبدين، صح هـ. (¬7) م ف: لم يقتلهما؛ ز: ولو يقتلهما. والتصحيح من ع. (¬8) م ز: إحدى. (¬9) م - الأول.

باب الغصب في الرهن

واحد فدُفِعَ بهما ففقأ عين نفسه أو جرح نفسه فإنه يذهب من الرهن بحساب ذلك، ولا يكون عليه أرش. وإذا كان العبد رهناً بألف وقيمته ألفان فقتله عبدان فدُفِعَا مكانه فمات أحدهما أو جنى فدُفِعَ فإن الباقي رهن بنصف المال وإن اختلفت قيمتهما. ... باب الغصب في الرهن وإذا كان العبد رهناً بألف وهو يساوي ألفاً فاغتصبه رجل فقَتَلَ عنده قتيلاً خطأ ثم رده فدفعوه بالجناية فإنه يرجع على الغاصب بقيمته فيكون رهناً مكانه. وإن فداه المرتهن كانت القيمة التي يأخذ (¬1) من الغاصب له مكان الفداء. ولو كان الرهن يساوي ألفين ففداه الراهن (¬2) والمرتهن كانت القيمة التي يأخذون (¬3) من الغاصب بينهما نصفين. وإن كان العبد رهناً بألف وهو يساوي ألفاً فاغتصبه رجل فأفسد عنده متاعاً فلحقه من ذلك دين ثم رده فإنه يباع في ذلك الدين إلا أن يشاء المرتهن أن يصلح رهنه (¬4). فإن بقي شيء بعد الدين (¬5) كان في الرهن، ويضمن الغاصب ما دفعوا (¬6) في الدين، فيكون رهناً مع ما بقي من الثمن للمرتهن، ولا ينقص من الرهن شيء. ولو استغرق الدين قيمتَه كلَّها أخذوا (¬7) من الغاصب قيمته فكان رهناً مكانه. فإذا اغتصب الرجل عبداً يساوي ألفاً وهو رهن بألف فقتل عنده قتيلاً ¬

_ (¬1) ز: تؤخذ. (¬2) ف - الراهن، صح هـ. (¬3) ز: يأخذان. (¬4) ويكون ذلك بقضاء الدين. انظر: المبسوط، 22/ 2. (¬5) أي: فإن بيع العبد وقضي من ثمنه الدين ثم بقي فضل بعد الدين ... انظر: المبسوط، 22/ 2. (¬6) ز: ما دفعا. (¬7) ز: أخذا.

خطأ ثم دفعه إلى المرتهن فمات عند المرتهن فقد بطلت الجناية، ولا شيء على الغاصب، وقد ذهب العبد بما فيه من الرهن. وكذلك لو عفا ولي الدم. وكذلك (¬1) لو كان الدم عمداً فيه قصاص. ولو لم يكن جناية (¬2) ولكن كان استهلاك مال كان هذا هكذا أيضاً. إذا مات (¬3) في يدي المرتهن أو أبرؤوه من الدم والدين فلا شيء على الغاصب. وإذا كان العبد رهناً بألف وقيمته ألف فاغتصبه رجل فقتل عنده قتيلاً خطأ ثم أفسد متاعاً بمثل قيمته ثم قتل قتيلاً عمداً (¬4) ثم رد عليهم (¬5) فاختاروا دفعه فإنه يُدْفَعُ بالخطأ إلى أولياء الخطأ، ثم يقتله أصحاب العمد، ويكون على الغاصب القيمة، فيدفع إلى أولياء الخطأ (¬6)، ثم يأخذها الغرماء، ثم يرجع المرتهن على الغاصب بقيمة أخرى، فيأخذها (¬7) أصحاب الخطأ، ثم يأخذها (¬8) الغرماء، ثم يرجع عليه بقيمة أخرى حتى يكون في يدي المرتهن قيمة لا تَبِعَةَ (¬9) فيها بشيء. ولو كان بدأ بالدين ثم ثَنَّى بالعمد ثم ثَلَّثَ بالخطأ فاختاروا دفعه فإنه يُدْفَعُ بالخطأ، ثم يُقْتَلُ بالعمد، ثم تكون على الغاصب قيمته (¬10) للمرتهن يأخذها الغرماء، ثم يرجع على الغاصب بقيمة أخرى، فيكون رهناً مكان العبد. وإذا اغتصب الرجل الرهن وهي أمة تساوي ألفاً وهي رهن بألف (¬11) فولدت عند الغاصب ولداً فجنى الولد جناية ثم ردهماً جميعاً فإن الولد يُدْفَعُ ¬

_ (¬1) م - وكذلك، صح هـ. (¬2) ز: الجناية. (¬3) م ز: إذا ماتت. (¬4) ولفظ الحاكم: ولو قتل عند الغاصب قتيلاً خطأ ثم قتل قتيلاً عمداً ثم أفسد متاعاً مثل قيمته ... انظر: الكافي، 2/ 238 و؛ والمبسوط، 22/ 3. (¬5) ز: عليهما. (¬6) ف - ثم يقتله أصحاب العمد ويكون على الغاصب القيمة فيدفع إلى أولياء الخطأ. (¬7) م ف ز: فيأخذوها. (¬8) م ز: ثم يأخذوها. (¬9) م ف ز: ولا يبيعه؛ ع: لا يبيعه. والتصحيح من المبسوط، 22/ 3. (¬10) م ز: قيمة. (¬11) ز: بالألف.

بالجناية أو يُفْدَى (¬1)، ولا يرجعون على الغاصب بشيء؛ لأنه لم يغصبهم الولد. وإذا كان العبد يساوي أكثر من عشرة آلاف، وهو رهن بذلك، فغصبه رجل، فجنى عنده جناية، فقتل قتيلاً خطأ، ففداه المرتهن، فإنه يرجع على الغاصب بعشرة آلاف إلا عشرة دراهم، ولا يرجع بأكثر من ذلك. وإن كانت قيمته عشرين ألفاً أو أكثر من ذلك وهو (¬2) رَهْن بها، فقَتَلَ قتيلين عند الغاصب، ففداه المرتهن بعشرين ألفاً، رجع على الغاصب بعشرة آلاف درهم إلا عشرة دراهم، ولا يجاوز ذلك. ولو لم يَفْدُوه ولكنهم دفعوه رجع على الغاصب بعشرة آلاف إلا عشرة دراهم، فيدفع نصفها إلى المجني عليه الأول (¬3)، ثم يرجع بذلك على الغاصب، فتكون هذه العشرة آلاف إلا عشرة دراهم رهناً بمثلها من دينه، ويبطل الفضل. وكذلك لو قُتِلَ العبدُ عند المرتهن ولم يكن غَصْباً وكان القتل خطأ فغَرِمَ قاتلُه عشرة آلاف درهم (¬4) إلا عشرة دراهم كانت رَهْنًا بمثلها، وبطل الفضل. ولو لم يَقْتُلْهُ حر ولكن (¬5) قَتَلَهُ عبدٌ يساوي مائة درهم فدُفِعَ به كان رهناً مكانه بجميع العشرين ألفاً، وليس (¬6) الدراهم في هذا كالعبد والأمة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. ولو لم يُقْتَل (¬7) ولكن المرتهن باعه عند حِل المال بعشرين ألفاً، وكان مسلَّطاً على بيعه، فباعه، فتَوِيَتْ (¬8)، كانت من مال المرتهن، لأنها رهن وإن كان قد بِيعَ. وكذلك لو كان عدلاً مسلَّطاً على بيعه فباعه فتَوَى (¬9) المال. ولو باع بأقل من الدين رجع المرتهن على الراهن بما نقص الثمن عن الدين. وليس البيع في هذا كالجناية؛ لأن البيع قبض من الراهن ¬

_ (¬1) م ف ز ع: ويفدى. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 22/ 3. (¬2) م ف ز: فهو. والتصحيح من المبسوط، 22/ 4. (¬3) ز - الأول. (¬4) م ز - درهم. (¬5) ف: ولكنه. (¬6) ف: ليس. (¬7) م ف ز ع: لم يقتله. والتصحيح من المبسوط، 22/ 4. (¬8) ز: فثويت. (¬9) ز: فثوى.

لمتاعه (¬1) حيث باعه، فما نقص فعليه (¬2). ولو كان العبد رَهْناً (¬3) بألف وهو يساوي ألفاً فرخص السعر حتى أصار، (¬4) يساوي مائة وحَلَّ المالُ فقتله رجل فغَرِمَ مائةً لم يكن للمرتهن غيرها ويبطل الفضل. وكذلك لو قتله المرتهن. وإن قتله الراهن فهو كذلك أيضاً. ألا ترى أن المال لو لم يكن حَلَّ كانت عليه قيمته تكون (¬5) رهناً مكانه ولا يكون للمرتهن إلا ذلك. وإذا كان الرهن عبداً بألف درهم وهو يساوي ألفاً فغصبه الراهن فجنى عنده ثم رد على المرتهن (¬6) ففداه فإنه يرجع بالأقل من قيمته والفداء على الراهن. ولو لم يغصبه الراهن ولكن استعاره فجنى عنده فقتل قتيلاً عنده فدفعه المرتهن والراهن بذلك كان الدين على الراهن، ولا يضمن قيمة الرهن؛ لأنه أخذه بعارية فكان خارجًا من الرهن ما كان في العارية، وغَلِقَ (¬7) في الجناية، فصار عليه الدين بحاله (¬8). وكذلك لو استعاره رجل بإذن الراهن. ولو استعاره بغير إذن الراهن فجنى عنده جناية فدُفِعَ بالجناية كان الراهن بالخيار، إن شاء ضَمَّنَ (¬9) المرتهنَ قيمته، وإن شاء ضَمَّنَ المستعيرَ قيمته، فيكون رهناً مكانه، ولا يرجع واحد منهما على صاحبه ¬

_ (¬1) م ف ز ع: بمتاعه. والتصحيح من ب جار (¬2) قال السرخسي: لأن المرتهن في هذا البجع نائب عن الراهن، فيكون بيعه كبيع الراهن، وذلك بمنزلة الفكاك، ثم يتحول ضمان الدين إلى الثمن بقدر الثمن، فما زاد على ذلك يبقى في ذمة الراهن بخلاف القتل، فإنه يقتل وهو مرهون، فيسقط من الدين مقدار مالية القيمة الواجبة. انظر: المبسوط، 22/ 4 - 5. (¬3) م ف ز ع: عبدا رهن. والتصحيح من المبسوط، 22/ 5. (¬4) الزيادة من المبسوط، 22/ 5. (¬5) ز: يكون. (¬6) ز - وهو يساوي ألفا فغصبه الراهن فجنى عنده ثم رد على المرتهن؛ صح هـ. (¬7) غَلِقَ الرهن من باب لَبِس: إذا استحقه المرتهن، ومنه "أذن لعبده في التجارة وغَلِقَتْ رقبته بالدين" أي استُحِقَّت به فلم يقدر على تخليصها. انظر: المغرب، "غلق ". (¬8) م ف: كما؛ ع: كما هو. والتصحيح من ب جار. (¬9) م ف + الرهن.

بشيء. وكذلك لو كان الراهن (¬1) أعاره بغير أمر المرتهن (¬2) ضمن المستعير القيمة، وإن شاء ضمنها الراهن. وإذا كان العبد رهناً بألف، وقيمته ألف، فاغتصبه رجل، فجنى عنده جناية تستغرق قيمته، واكتسب عنده ألف درهم، ثم رده ورد المال، ودفع العبد بالجناية، فإنه (¬3) يرجع عليه بقيمة العبد، وتكون الألف التي اكتسب العبد لمولى العبد؛ لأنه لا يدخل في الرهن منه شيء. وليس الكسب في هذا كالولد. وكذلك لو وُهِبَ له ألف درهم كانت للمولى، ولا يدخل في الرهن؛ لأن هذا ليس من أصل الرهن، والولد والثمرة من أصل الرهن، فهما رهن مع الرهن. وإذا كان العبد رهناً بألف درهم وقيمته ألف فاغتصبه عبد فجنى عنده جناية تستغرق قيمته فإن ذلك في عنق العبد الغاصب يباع العبد فيه أو يُفْدَى؛ لأن الغصب في هذه المنزلة ليس كالجناية. ألا ترى أن الغاصب لو كان حراً كانت القيمة في ماله حالة. ولو كانت جناية كانت في ثلاث سنين؛ لأن رجلاً لو قتل عبداً كانت قيمته في ثلاث سنين. ولو أن العبد الغاصب كان يساوي عشرين ألفاً (¬4) وكان العبد المغتصَب يساوي عشرين ألفاً (¬5) فقَتَلَ عنده (¬6) قتيلين فدُفِعَ بذلك لم يكن في عنق العبد الغاصب إلا عشرة آلاف غير عشرة دراهم يباع [فيها] (¬7) أو يُفْدَى. ولو اغتصب [العبد] (¬8) صبياً حراً وأمره أن يقتل رجلاً فقتل أو جنى عنده جناية بأمره كان ذلك على عاقلة الصبي، ويُدْفَعُ العبدُ أو يُفْدَى. وإذا ارتهن (¬9) عبداً يساوي ألفاً بألف فغصبه رجل من المرتهن فقتل عنده رجلاً خطأ ثم رده، فغصبه رجل آخر فقتل عنده رجلاً آخر (¬10) ¬

_ (¬1) ف: الرهن. (¬2) م ز: الراهن. (¬3) أي: المرتهن. (¬4) م ز: ألف. (¬5) م ز: ألف. (¬6) ز - عنده. (¬7) الزيادة من ب؛ والمبسوط، 22/ 6. (¬8) الزيادة من ب. (¬9) م ف ز: فإذا ارتهن. والتصحيح من ع. (¬10) م - آخر.

خطأ (¬1) فرده، ثم اغتصبه رجل فقتل عنده رجلاً آخر خطأ (¬2) ثم رده، فاختار دفعه بالجنايات، فإنه يُدْفَعُ فيكون بين أصحاب الجنايات أثلاثاً. ويضمن الغاصب الأول ثلث قيمته فيدفعها (¬3) المولى والمرتهن إلى ولي القتيل الأول، ثم يرجع المولى على الغاصب الأول أيضاً بمثله فيدفعه إلى ولي القتيل الأول، ثم يرجع على الغاصب الأول أيضاً بمثله فيكون في يديه، ويكون في يدي ولي القتيل الأول ثلثا (¬4) قيمته وثلث عبد (¬5)، ويرجع على الغاصب الثاني بثلث قيمته، فيدفع نصف ذلك الثلث إلى ولي القتيل الثاني، ثم يرجع على الغاصب الثاني بذلك النصف، وهو سدس جميع القيمة التي دفع، فيكون في يدي المولى ثلث قيمته من قبل الغاصب الثاني، ويكون في يديه ثلث قيمته من الغاصب الأول، ويكون في يدي ولي المجني عليه الثاني ثلث عبد وسدس قيمة ذلك وذلك تمام النصف، ويكون على الغاصب الثالث ثلث قيمته. ولا يدفع إلى ولي القتيل الثالث شيء؛ لأنه قد استوفى حقه ثلث العبد فتكون هذه القيمة التي أخذ المولى رهناً للمرتهن مكان العبد. وكذلك لو كان الغاصب في هذه المسألة واحداً يغصب ويرده. وكذلك لو كان الغاصب واحداً وجنى هذه (¬6) الجنايات قبل أن يرده كان القول فيه كالقول في الثلاثة، يغرم قيمته، فيأخذ ولي القتيل الأول ثلثيها (¬7) والثاني سدسها ثم يرجع المرتهن بذلك كله على الغاصب فيكون رهناً مكان العبد. وإذا ارتهن الرجل أمة بألف (¬8) تساوي خمسة آلاف فاغتصبها رجل ¬

_ (¬1) ز - ثم رده فغصبه رجل آخر فقتل عنده رجلاً آخر خطأ. (¬2) ف - فرده ثم اغتصبه رجل فقتل عنده رجلاً آخر خطأ. (¬3) م ف ز: فدفعها. والتصحيح من ع. (¬4) ز: ثلثي. (¬5) م ف ز ع + المولى. والتصحيح من الكافي، 2/ 239 ظ. وفي ب: ثلث العبد. (¬6) ز: بهذه. (¬7) ز: ثلثاها. (¬8) ف - بألف.

فجنت عنده جناية دون النفس ثم ردها فاختاروا فداءها فَدَيَاهَا (¬1): المرتهنُ بخمس الفداء، والراهنُ بأربعة أخماس الفداء. فإن كانت الجناية ألفاً أو ألفين أو ثلاثة آلاف أو أربعة رجعوا بذلك على الغاصب. وإن كانت الجناية خمسة آلاف أو أكثر رجعا على الغاصب بخمسة آلاف إلا عشرة دراهم، ولا يرجعان عليه بأكثر من قيمتها إذا قَتَلَتْ، وما زاد على ذلك فهو عليهما دونه. ألا ترى (¬2) أن عبداً لو كان رهناً بألف وهو يساوي عشرة آلاف فاغتصبه رجل فقتل عنده قتيلين ثم رده ففدياه بعشرين ألفاً كان الفداء عليهما على قدر الرهن والفضل الذي فيه، ويرجعان على الغاصب بعشرة آلاف إلا عشرة دراهم، فيكون رهناً بقدره من الدين بحساب ما كان فيه على حساب ما غرما. وإذا اغتصب الرجل عبداً لرجل رهناً فاستهلك عنده متاعاً فعليه قيمة ذلك المتاع ديناً في عنقه ما بلغ. فإذا رده فالغريم بالخيار. إن شاء استسعاه. وإن شاء بيع (¬3) لهم في ذلك. فأي ذلك ما صنع به ضمن الغاصب الأقل من قيمته ومن الدين. ولو سعى للغرماء في أكثر من قيمته أضعافاً لم يضمن الغاصب إلا قيمته. وإن سعى العبد (¬4) في الدين وهو ألف حتى يؤديه أخذوا من الغاصب قيمته وهي ألف فكانت هذه القيمة للمولى، وكان (¬5) العبد رهناً على حاله؛ لأنه قد سلم من الدين. ولو بيع في الدين بدئ بالدين حتى يستغرق الثمن، ويرجعون على الغاصب بالقيمة. وإن بقي من الثمن شيء لم يضمن الغاصب من قيمته إلا قدر ما أخذ الغرماء. فإن باعوا العبد بثلاثة آلاف وقيمته ألفان والدين (¬6) ألف والرهن الأول ألف قضوا الغرماء ألفاً وضمنوا الغاصب ثلث قيمته، فتكون هذه الألفان وثلث القيمة رهناً بالمال كله لا ينقص من المال شيء؛ لأن قيمته ألفان وقد (¬7) بقي مثل ¬

_ (¬1) م ف ز: ففداها. والتصحيح من ب جار. ولفظ الحاكم: فعلى المرتهن خمس الفداء ... انظر: الكافي، الموضع السابق. وكذلك المبسوط، 22/ 7. (¬2) ز - ترى. (¬3) م ف ز: يبيع. والتصحيح من ع. (¬4) ف: للعبد. (¬5) ف: ولو كان. (¬6) ف ز: فالدين. (¬7) م ف ز ع: فقد. والتصحيح من المبسوط، 22/ 8.

باب الجناية في الرهن بالحفر

ذلك. ولو كانوا باعوه بألفين فقضوا غرماء العبد ألفاً رجعوا على الغاصب بنصف القيمة ألف كاملة، فكانت هاتان الألفان رهناً بالمال كله، لا ينقص من قيمة العبد شيء. ولو توى ما على الغاصب كانت هذه الألف التي بقيت رهناً بنصف الدين. ولو كان العبد رهناً على يدي عدل وهو رهن بألف وقيمته ألف (¬1) فباعه العدل بألفين وكان مسلَّطا على البيع فتَوِيَتْ (¬2) إحدى الألفين وخرجت ألفٌ (¬3) استوفاها المرتهن؛ لأن الألف الأخرى زائدة. ولو [كانت قيمته ألفين فباعه بألفين و] كان (¬4) مسلَّطاً على البيع فتَوِيَتْ (¬5) إحدى الألفين وخرجت الأخرى كان للمرتهن نصف هذه التي خرجت، ونصفها للراهن. ولو باعه العدل بثلاثة آلاف (¬6) فخرجت ألف وتَوِيَتْ ألفان كان ما خرج بينهما نصفين، لأن أصل الرهن كان على أنه نصفين، لأنه كان يساوي ألفين والدين ألف. ... باب الجناية في الرهن بالحفر وإذا كان العبد رهناً بألف وقيمته ألف فاغتصبه رجل فحفر عنده بئراً في الطريق ووضع في الطريق حجراً ثم رده الغاصب على المرتهن فافتكّه الراهن وقضى الدين وقبض (¬7) العبد نم وقع في البئر إنسان فمات فإنه يقال للراهن الذي قبض العبد: ادفع عبدك أو افده بالدية. فأي ذلك فعل فإنه يرجع على الغاصب بقيمته. فإن كان الغاصب مفلساً أو كان غائباً رجع الراهن على المرتهن بالذي قضاه إذا كان الدين والرهن سواء حتى يكون ¬

_ (¬1) ف - وقيمته ألف. (¬2) ز: فثويت. (¬3) م ف ز ع: ألفا. والتصحيح من ب. (¬4) الزيادة من الكافي، 2/ 240 و. ومعناه في ب؛ والمبسوط، 22/ 8. ولا بد منها ليتم المعنى. (¬5) ز: فثويت. (¬6) م ز: بثلثة الألف. (¬7) ف: وقض.

التَّوَى من مال المرتهن. فإن عَطِبَ بالحجر آخر فمات وقد دفع العبد إلى صاحب البئر فإنه يقال لصاحب البئر: ادفع نصفه أو افده بعشرة آلاف (¬1)، ولا يتبع (¬2) المولى ولا المرتهن من ذلك بشيء سوى الذي اتبعهم أول مرة، والذي عَطِبَ بالحجر [هو] (¬3) مِثْلُ آخر لو وقع في البئر. وإذا احتفر العبد بئراً في الطريق وهو رهن بألف وقيمته ألف فوقع فيها عبد فذهبت عيناه فإنه يُدْفَعُ العبدُ الرهن (¬4) أو يُفْدَى. فإن فَدَاه (¬5) كان رهناً على حاله، وأَخَذَ المرتهنُ العبدَ الأعمَى فكان له بالعبد (¬6). فإن دَفَعَ العبدَ الرهنَ أخذ العبد الأعمى فكان رهناً مكانه بالألف تامة. فإن وقع في البئر (¬7) آخر اشتركوا في العبد الحافر بحصة (¬8) ذلك أو يفديه مولاه الذي هو عبده بأرش الجناية، فلا يلحق الأعمى من ذلك شيء. فإن وقعت في البئر دابة فعَطِبَتْ لَحِقَ ثمنها العبد في يدي أصحابه حتى يباع لهم في ذلك أو يعطوا ثمن الدابة، ولا يلحق الأعمى من ذلك شيء. فإن بيع العبد في (¬9) ثمن الدابة ثم وقع في البئر رجل فمات لم يكن له أرش، ودمه هدر؛ مِن قِبَل أن العبد قد ذهب فكأنه مات أو قُتِلَ عمداً حيث بِيع في الدين. فإن وقعت دابة أخرى في البئر/ اشترك أصحاب الدابة الأولى وأصحاب الدابة الأخرى في الثمن بقدر قيمتها (¬10). وإذا احتفر العبد في الطريق بئراً (¬11) وهو رهن بألف وقيمته ألفان ثم جنى بعد الحفر على عبد ففقأ عينيه فدفع وأخذ العبد فهو رَهْن مكانَه. فإن وقع في البئر عبد آخر فذهبت عيناه قيل لمولاه الذي هو عنده: ادفع نصفه ¬

_ (¬1) م ز: الألف. (¬2) ز: بتيع. (¬3) الزيادة من ب. (¬4) ز - الرهن. (¬5) م ف ز ع: فدياه. والتصحيح من المبسوط، 22/ 10. والفداء على المرتهن لأن العبد مضمون بالدين كما ذكره السرخسي. (¬6) قال السرخسي: فكان له مكان ما أدى من الفداء. انظر: المبسوط، 22/ 10. (¬7) م ز - البئر. (¬8) م: بحصته. (¬9) م ز - في. (¬10) ف: قيمتهما. (¬11) ف: بئرا في الطريق.

وخذ هذا العبد الأعمى أو افده بقيمة هذا العبد الأعمى (¬1)، والعبد الأعمى الأول رَهْن بألف. فإن كان العبدُ الأعمى الأول أمةً فولدت ابناً فهي وولدها رهن بألف (¬2). فإن ماتت هي وبقي الابن فإن الألف تقسم على قيمتها عمياء وعلى قيمة ولدها، ويبطل ما أصاب قيمتها (¬3)، ويكون الابن رهناً (¬4) بما أصاب قيمته. فإذا احتفر العبدُ الرَّهْنُ بئراً في طريق أو وضع فيه حجراً فعَطِبَ بذلك الراهن أو أحد (¬5) من رقيقه لم يلحقه من ذلك شيء في قول أبي حنيفة؛ لأنه عبده. فإن وقع فيها المرتهن أو أحد من رقيقه والرهن والدين سواء فهو كذلك، لا يلحقه في ذلك شيء في قول أبي حنيفة (¬6). فإن كان في الرهن فضل على الدين دُفِعَ بالجناية وبطل الدين والرهن. وإن فداه الراهن [فداه] (¬7) بقدر فضله الذي هو فيه، وعلى المرتهن بقدر رهنه الذي فيه من الفداء، وهو رهن على حاله. فإن قال المرتهن: لا أفدي ولكن أدفع إلى نفسي، قيل للراهن: افده كله [أو ادفعه] (¬8)، ويبطل الدين والرهن إذا دفعه كله. وكذلك كل شيء أحدثه في الطريق من جناح أخرجه أو بناء أو دابة أوقفها أو جذع وضعه أو ماء (¬9) صبه (¬10) أو حجر وضعه أو أمره المرتهن أن يحتفر بئراً في فنائه فعطب فيها الراهن أو غيره فهو على عاقلة المرتهن كأنه ¬

_ (¬1) ف + وحد الأعمى. (¬2) م ز - فإن كان العبد الأعمى الأول أمة فولدت ابنا فهي وولدها رهن بألف. (¬3) ز - عمياء وعلى قيمة ولدها ويبطل ما أصاب قيمتها. (¬4) م ز - رهنا. (¬5) م: وأحد؛ ف ز: وأخذ. (¬6) م ف ز - لأنه عبده فإن وقع فيها المرتهن أو أحد من رقيقه والرهن والدين سواء فهو كذلك لا يلحقه في ذلك شيء في قول أبي حنيفة. والزيادة من ع. ونحوه في ب؛ والمبسوط، 22/ 11. (¬7) الزيادة من الكافي، 2/ 241 و. (¬8) الزيادة من ب. (¬9) م ز: أماء. (¬10) ز + لي.

هو الحافر، وليس في عنق العبد من ذلك شيء. ولو كان الراهن هو الذي أمره بذلك في فناء نفسه كان كذلك أيضاً على (¬1) عاقلة الراهن. ولو أمره الراهن أو المرتهن (¬2) أن يقتل رجلاً فقتله فدُفِعَ به كان على الذي (¬3) أمره بذلك قيمته ويكون رهناً مكانه. وكذلك لو بعثه يسقي دابة فأوطأ إنسانًا. فإن كان بعثه الراهن بأمر المرتهن دُفِعَ بتلك الجناية وكان الدين على الراهن؛ لأنه قد خرج من [ضمان] (¬4) الدين حيث بعثه في حاجته بأمره. وكذلك لو كان (¬5) بعثه المرتهن بإذن الراهن. وإذا وقع (¬6) العبد الرهن في بئر حفرها عبدان في الطريق فمات فيها فدُفِعَ العبدان فهما رَهْنٌ مكانه، قليلة كانت قيمتهما أو كثيرة. فإن كان الرهن الأول لا يساوي ألفاً والدين ألف ثم إن أحد هذين وقع في البئر فعَطِبَ فليس له أرش، والباقي بنصف المال. فإن كان الأول يساوي ألفين، وهو رهن بألف، فإن في عنق الباقي من الجناية نصف المال، ولا يلحقه من الجناية شيء. وإذا كان العبد رهناً بألف وقيمته ألفان أو أكثر فأقر الراهن أنه غصبه وأنه لغيره فإنه لا يصدَّق على ذلك، وهو رهن على حاله. فمتى ما افتكّه دفعه إلى صاحبه الذي أقر به له. ولو أن صاحبه المقَرّ له به أدى المال الذي العبد به رَهْنٌ كان له أن يرجع على الغاصب؛ مِن قِبَل أنه أغلق رقبة العبد بذلك. ولو أن مولى العبد المقَرّ له أعتق العبد جاز عتقه كما يجوز عتق الراهن، والمرتهن بالخيار. إن شاء ضمّن الراهن الرهن. وإن شاء ضمّن مولى العبد المقَرّ له. فإن كانا معسرين استسعى العبد. وإن كانا موسرين (¬7) ضمّن أيهما شاء. فإن ضمّن المعتِق رجع المعتِق على الراهن بالدين الذي ¬

_ (¬1) ز - على. (¬2) م ف ز ع: والمرتهن. والتصحيح من المبسوط، 22/ 11. (¬3) م ز - الذي. (¬4) الزيادة من المبسوط، 22/ 11. (¬5) ف - كان. (¬6) ف ز: دفع. (¬7) ز: معسرين.

أخذ منه المرتهن. وإن ضمّن الراهن لم يرجع الراهن على المعتِق بشيء. ولو كان المعتِق لم يعتقه ولكن دبّره كان له أن يضمّنه أيضاً. ولو باعه لم يجز بيعه. ولا يجوز ما أقر به فيه من شيء بعد الرهن. وكذلك لو كانت أمة فزوّجها لم يكن لزوجها أن يَقْرَبَها، والنكاح جائز. ولو رهن رجل أمة لها زوج كان الرهن جائزاً، وكان الزوج على نكاحه. فإن غشيها الزوج فهلكت من ذلك فإنه ينبغي في القياس أن تكون (¬1) من مال الراهن، ولكنا نستحسن ونجعلها من الرهن. وإن كان إنما تزوجها بعد الرهن فوطئها الزوج فماتت من الوطء كانت من مال الراهن. وإذا أقر (¬2) الرجل بأن هذا الرهن الذي رهنه من فلان لفلان فأراد المقَرّ له أن يستحلف المرتهن فإنه يستحلف على علمه. فإن لم يحلف دفع العبد إلى المقر له. وإذا أقر المرتهن على نفسه بأن الرهن الذي عنده لفلانٍ غَصَبَه إياه الراهن فإنه لا يصدَّق على ذلك، ولا يجوز ذلك على الراهن. ولو كان المرتهن اثنين فشهدا أن (¬3) هذا الرهن لفلانٍ غَصَبَه إياه فلانٌ جازت شهادتهما؛ لأنهما يضران بأنفسهما، ولأنهما لو شاءا ردا (¬4) الرهن على الراهن. ولو كان الراهن اثنين فشهدا أن هذا الرهن لفلان لم تجز شهادتهما؛ لأنهما يريدان أن يبطلا الرهن، ولا يصدَّقان على إبطال فعل فعلاه، وليس لهما أن يبطلا الرهن، وللمرتهن أن يبطله. ولو كانا كفيلين بالمال فشهدا على الرهن (¬5) أنه لفلان فإن شهادتهما لا تجوز؛ [لأنهما له بمنزلة الراهنَين. ولو شهد به ابنا الراهن وهو منكر فإن شهادتهما تجوز] (¬6) مِن قِبَل أنهما يشهدان على أبيهما. ويبطل الرهن. وكذلك (¬7) لو شهد ابنا الكفيل. وكذلك ابنا المرتهن تجوز شهادتهما في ذلك. ¬

_ (¬1) ز: أن يكون. (¬2) م: وإذا قر. (¬3) م ز: أنه. (¬4) ز: راد. (¬5) ز: على الراهن. (¬6) الزيادة مستفادة من المبسوط، 22/ 13. (¬7) ف: فكذلك.

وإذا كان الراهن مكاتباً لرجلين فشهد مولياه (¬1) أن هذا الرهن لفلان - والمكاتب ينكر ذلك - وأن المكاتب غصبه (¬2) فشهادتهما جائزة. وكذلك لو كان عبداً تاجراً فشهد مولياه (¬3) جاز ذلك. وكذلك لو كان هو المرتهن فشهد مولياه (¬4) جاز ذلك. وإذا ارتهن الرجل من الرجل متاعاً فادعاه آخر وقال: لي عليه البينة أنه متاعي وأنه سرقه، فسأل المرتهن أن يخرجه حتى يقيم عليه البينة فأبى المرتهن إخراجه فإن المرتهن يجبر على إخراجه (¬5). وإذا ارتهن الرجل رهناً وأقر أن قيمته ألف درهم ثم جاء به بعد ذلك يساوي مائة (¬6) درهم (¬7) ولم يتغير فقال الراهن: ليس هذا متاعي، وقال المرتهن: هو متاعك، فإن المرتهن لا يصدَّق؛ لأنه قد أقر أن قيمته ألف، فإما أن يجيء بمتاع يساوي ألفاً أو يغرم له ألفاً. وإذا باع الرجلان بَيْعاً (¬8) من رجل إلى سنة على أن يرهنهما هذا العبد ففعل ثم شهدا أن الرهن لفلان الآخر، فإن قالا: نحن نرضى أن يكون ديناً إلى أجله بغير رهن، أجزت شهادتهما. فإن قالا: لا، نريد رهناً غيره أو يرد علينا متاعنا (¬9)، فإني أبطل شهادتهما. وإذا باع الرجل بَيْعاً من رجل على أن يرهنه رهناً بغير عينه فإن البيع فاسد، ويرد المتاع. فإن استهلك المتاع فعليه قيمته. ¬

_ (¬1) ز: مولاه. (¬2) ز + إياه. (¬3) م ف ز ع: مولاه. والتصحيح مستفاد من ب؛ والمبسوط، 22/ 13. (¬4) ز: مولاه. (¬5) م ز - فإن المرتهن يجبر على إخراجه. (¬6) ز - مائة. (¬7) م ز ف - درهم. والزيادة من ع. (¬8) أي: مبيعاً. انظر: المغرب، "بيع". (¬9) م ف ز: متاعا. والتصحيح من ع.

وإذا باع الرجل بيعاً من رجل على أن يرهنه رهناً بعينه فاستحق ذلك الرهن أو هلك قبل أن يقبضه المرتهن فإنه يقال للراهن: اِرْهَنْه رهناً يرضاه (¬1) أو أَعْطِهِ قيمة ذلك الرهن ذهباً أو فضةً فيكون رهناً أو رُدّ عليه ماله. وإذا ارتهن الرجل ثوباً يساوي عشرة بعشرين درهماً ثم رَهَنَا (¬2) ثوباً آخر يساوي عشرين مع الرهن الأول وقبضه فإن الرهن الأول بالثلث (¬3) والثاني بالثلثين، ولا أنظر إلى تغير السعر في الثوب الأول، إنما أنظر إلى السعر يوم ارتهن الأول وإلى السعر يوم ارتهن الثاني. وإذا كان لرجل على رجل عشرون (¬4) درهماً فرهنه (¬5) بعشرة منها ثوباً يساوي عشرة أو عشرين فهو جائز. وإن قضاه عشرة فللراهن أن يجعلها مما (¬6) في الرهن ويقبض الرهن. وليس للمرتهن أن يمنعه الرهن؛ لأن الرهن لم يكن رهناً (¬7) بجميع المال. ولو رهنه رهناً بجميع المال يساوي درهماً واحداً (¬8) لم يكن له أن يقبضه حتى يوفيه جميع المال. وإذا كان لرجل على رجل عشرون (¬9) درهماً فرهنه بعشرة منها ثوباً يساوي عشرين فهو جائز. فإن زاده رهناً بعد ذلك يساوي عشرين أيضاً وجعله (¬10) بالعشرة الباقية فهو جائز. وإن جعله بالعشرين جميعاً فهو جائز. فإن هلك الثوب الأول ذهب بثلثي العشرة. وإن هلك الثوب الآخر ولم يهلك الثوب الأول ذهب بثلث (¬11) العشرة التي بها الرهن الأول، وذهب بالعشرة الباقية كلها. ¬

_ (¬1) ز: برضاه. (¬2) أي: اتفق الراهن والمرتهن على الرهن، من باب التغليب، لأن "رهن" فعل الراهن، و"ارتهن" فعل المرتهن. (¬3) م ف ز: بالثلثه. والتصحيح من ب. (¬4) ز: عشرين. (¬5) ز - فرهنه. (¬6) ز: بما. (¬7) م ز - رهنا. (¬8) ز: واحد. (¬9) ز: عشرين. (¬10) م ف ز: وجعلته. والتصحيح من ع. (¬11) م ف ز: بتلك. والتصحيح من ع ب؛ والمبسوط، 22/ 14.

وإذا كان لرجل على رجلين مال وكل واحد منهما كفيل عن صاحبه فأعطاه أحدهما رهناً بجميع المال وهو يساوي ذلك فهو جائز. فإن أعطاه الآخر بعد ذلك رهناً بجميع المال وهو يساوي ذلك فهو جائز أيضاً، وأيهما (¬1) هلك ذهب بنصف المال. وكذلك لو كان المال على أحدهما والآخر كفيل. وكذلك لو كان أصل المال على أحدهما (¬2) والآخر ليس عليه شيء. وكذلك لو كانا مكاتبين مكاتبة واحدة فرهن أحدهما المولى رهناً بالمكاتبة وفيه وفاء ثم رهنه الآخر رهناً فيه وفاء كان كل واحد منهما بنصف المكاتبة. وإذا كان لرجل على رجل عشرون (¬3) درهماً فرهنه بها ديناراً يساوي عشرة دراهم ثم رخصت الورق حتى صارت عشرون بدينار فهلك الدينار فإنما يهلك (¬4) بالعشرة بالقيمة يوم ارتهنه. وإذا كان لرجل على رجل عشرة دراهم فرهنه ديناراً يساوي عشرة دراهم ثم غلت الورق حتى (¬5) صارت تساوي (¬6) خمسة بدينار ثم رهنه ديناراً آخر فهما (¬7) جميعاً رهن بالعشرة. فإن هلك الدينار الأول ذهب بثلثي العشرة. وإن لم يهلك الأول ولكن هلك الآخر ذهب بثلث العشرة، وإنما أنظر إلى السعر يوم ارتهن كل واحد منهما. وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم فرهنه عبداً يساوي خمسمائة بخمسمائة، ثم زاده أمة رهناً بالألف كلها تساوي (¬8) ألفاً وولدت ابنة تساوي خمسمائة، ثم ماتت الأمة والعبد، بقي الولد بسدس الخمسمائة التي كان بها ¬

_ (¬1) م: وأيها. (¬2) ز - والآخر كفيل وكذلك لو كان أصل المال على أحدهما. (¬3) ز: عشرين. (¬4) م ف ز: فإنها هلك؛ ز + هلك. والتصحيح من ع. (¬5) م ز - حتى. (¬6) م ز - تساوي. (¬7) م ف ز ع: فهو. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 22/ 15. (¬8) ز: يساوي.

العبد رهناً، وبثلث الخمسمائة الأخرى؛ مِن قِبَل أن نصفها كان في الأم، فذهب نصف النصف بموت الأم، وبقي النصف في رقبة الولد، وذهب العبد بنصف الخمسمائة. وإذا ارتهن الرجل عبداً بخمسمائة وهو يساوي ألفاً ثم زاده المرتهن خمسمائة درهم على (¬1) أن زاده الراهن أمة رهناً (¬2) بجميع الألف فإن أبا حنيفة قال في هذا: تكون الأمة رهناً بذلك، نصفها مع العبد في الخمسمائة الأولى، ونصفها بخمسمائة الآخرة. وهو قول محمد. وأما في قول أبي يوسف فهما رهن جميعاً بالألف كلها. وإذا ارتهن الرجل عبداً يساوي خمسمائة بألف ثم زاده المرتهن خمسمائة على أن يجعلها في الرهن فإنها لا تكون فيه في قول أبي حنيفة ومحمد، وتكون في الرهن في قول أبي يوسف. وإذا ارتهن الرجل أمة تساوي خمسمائة بخمسائة (¬3) ثم زاده الراهن (¬4) أمة أخرى تساوي خمسمائة فهما جميعاً رهن بخمسمائة. وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم فرهنه بخمسمائة منها أمة تساوي ألفاً ثم رهنه بالألف كلها أمة تساوي ألفاً (¬5)، فولدت كل واحدة منهما ابنًا مثل قيمة أمه ثم ماتت الأولى [سقط ... ولو لم تمت الأولى] (¬6) ولكن ماتت الآخرة، ذهب من الخمسمائة الأولى (¬7) ثلثها، وذهمب من الخمسمائة الآخرة خمساها. وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم فرهنه بخمسمائة منها أمة ¬

_ (¬1) م ف ز + انه. والتصحيح من ع؛ والمبسوط، 22/ 15. (¬2) ف: رهنها. (¬3) م ز - بخمسمائة؛ ف: على خمسمائة. (¬4) ف: المرتهن. (¬5) م ف ز ع: تساوي خمسمائة. والتصحيح من ب. (¬6) الزيادة مستفادة من ب جار. ولكن العبارة ناقصة فيهما أيضاً. (¬7) ف - الأولى.

تساوي ألفاً ثم رهنه بالألف كلها أمة تساوي خمسمائة فولدت كل واحدة منهما ابناً يساوي ما تساوي الأم فالأولى وابنها (¬1) [ونصف الأخرى] ونصف ابنها رهن بخمسمائة، [ونصف الأخرى ونصف ابنها رهن بالخمسمائة الأخرى] (¬2)، فإن (¬3) ماتت الأم (¬4) الآخرة ذهب ربع هذه الخمسمائة التي فيها خاصة، وبقي نصف ابنها بثلاثة (¬5) أرباعها (¬6)، ويذهب من الخمسمائة الأولى خمسون درهماً. وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم وزن سبعة فرهنه بخمسمائة درهم منها أمة تساوي مائتي درهم ثم زاده أمة تساوي ثمانمائة رهناً بالمال كله فولدت كل واحدة منهما ابناً يساوي مثل قيمة أمه ثم ماتت الأولى ذهبت من الخمسمائة السدس. ولو لم تمت الأولى ولكن ماتت الآخرة ذهب من الخمسمائة الأولى ثلثها، وذهب من الخمسمائة (¬7) الآخرة خمساها. وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم فرهنه بخمسمائة منها أمة تساوي ألفاً [ورهنه بالخمسمائة الباقية عبداً يساوي ألفاً ثم زاده أمة رهناً بالمال كله تساوي ألفاً] (¬8) ثم ولدت كل واحدة من الأمتين ابناً يساوي ألفاً ثم ماتت الأمة الآخرة فإنه يذهب سدس المال. ولو لم تمت الأمة الآخرة ولكن ماتت الأولى ذهب سدس المال (¬9). ولو لم تمت الأولى ولكن مات العبد (¬10) ذهب ثلث الدين. ولو لم يمت العبد فقضى المطلوب الطالب ¬

_ (¬1) م ف ز ع: فالاول ابنها. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 22/ 16. (¬2) الزيادتان السابقتان استفدناهما من ب؛ والمبسوط، 22/ 16. (¬3) م ف ز ع: وإن. والتصحيح من المبسوط، 22/ 16. (¬4) م - الأم، صح هـ. (¬5) م ف ع: ثلاثة. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 22/ 16. (¬6) وعند السرخسي: أرباع. انظر: المبسوط، الموضع السابق. (¬7) م ف + ثلثها وذهب من الخمسمائة. والتصحيح من ع. (¬8) الزيادة من المبسوط، 22/ 17. ونحوه في ب. (¬9) ز - ولو لم تمت الأمة الآخرة ولكن ماتت الأولى ذهب سدس المال. (¬10) ف ز: العبد مات.

خمسمائة كان له أن يأخذ بها إن شاء العبد الأول، وإن شاء الأمة الأولى وابنها، وليس له أن يقبض الأمة الآخرة حتى يؤدي المال كله (¬1). ¬

_ (¬1) م + تم كتاب الرهن بحمد الله وعونه والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله أجمعين وسلم تسليما كثيراً؛ ف + تم كتاب الرهن بحمد الله وعونه والحمد لله رب العالمين وصلاته على سيدنا محمد وآله أجمعين وسلم تسليما كثيراً.

كتاب القسمة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب القسمة أخبرنا أبو سليمان قال: أخبرنا محمد (¬2) قال: أخبرنا أبو يوسف عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن بُشَيْر بن يسار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قسم خيبر على ستة وثلاثين سهماً، جمع ثمانية عشر سهماً منها للمسلمين، وسهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معهم، وثمانية عشر سهماً منها أرزاق أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونَوَائبه (¬3). محمد بن الحسن عن المسعودي عن القاسم أن مسروقاً لم يكن يأخذ على القضاء رزقاً (¬4). محمد بن إسحاق عن الكلبي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قسم خيبر على ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) ف - محمد. (¬3) م ف ز ع: ونوابه. والتصحيح من المبسوط، 15/ 3؛ ومن مصادر الحديث. ونوائب جمع نائبة وهي النازلة، والمقصود هنا من ينتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي يأتيه من الرسل والوفود والضيوف. انظر: المغرب، "نوب". وقد روي الحديث نحو ذلك. انظر: سنن أبي داود، الخراج، 23 - 24؛ ومسند أحمد، 4/ 36؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 397. (¬4) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 297؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 68.

ثمانية عشر سهماً، وكانت الرجال ألفاً وأربعمائة، وكانت الخيل مائتي فرس، وكان على كل مائة رجل رجل. فكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه على مائة. وكان (¬1) عُبَيْد (¬2) السِّهَام (¬3) على مائة. وكان عاصم بن عدي على مائة. وكان الزبير على مائة. وكان طلحة على مائة. وكان عبد الرحمن بن عوف على مائة. وكان سهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع سهم (¬4) عاصم بن عدي. وكانت المَقَاسِم (¬5) في الشِّقّ والنَّطَاة (¬6). وكانت الشِّقّ ثلاثة عشر سهماً، وكانت النَّطَاة (¬7) خمسة أسهم. وكانت الكَتِيبَة (¬8) فيها خمس الله وطعام أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعطاياه. وكان أول سهم خرج في الشِّقّ سهم عاصم، وفيه سهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -, ثم سهم علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -, ثم سهم عبد الرحمن بن عوف، ثم سهم طلحة، ثم سهم ساعدة، ثم سهم النجار، ثم سهم حارثة (¬9)، ثم سهم أسلم، ثم سهم سَلِمَة، ثم سهم (¬10) خزرج (¬11)، ثم سهم أوس، وكان أول سهم خرج من (¬12) النَّطَاة (¬13) سهم (¬14) الزبير، ثم سهم بَيَاضَة، ثم سهم أسَيْد (¬15)، ثم سهم ¬

_ (¬1) ف: كان. (¬2) ز: عبد. (¬3) هو عبيد بن سُليم الأنصاري - رضي الله عنه -، وقيل له عُبَيْد السهام لما اشترى ثمانية عشر سهماً من السهام يوم خيبر؛ وقيل غير ذلك. انظر: السيرة النبوية لابن هشام، 4/ 323؛ والمغرب للمطرزي، "سهم"؛ والإصابة لابن حجر، 4/ 413. (¬4) ف - سهم. (¬5) م ز: بالمقاسم. المقاسم جمع المَقْسِم، وهو النصيب، ويستعمل بمعنى القسمة. انظر: المغرب، "قسم". (¬6) ز: والبطاة. الشق بكسر الشين وفتحها، وهما حصنان من حصون خيبر. انظر: المغرب، "شق، نطو". (¬7) م ز: البطاه. (¬8) ز: الكثيبة. اسم لأحد حصون خيبر. انظر: المغرب، "كتب". (¬9) ز: حارية. (¬10) ز - سهم. (¬11) م ز: آخر. (¬12) م ز - من. (¬13) ز: البطاه. (¬14) م ز: منهم. (¬15) وهو أسيد بن الحُضَير، كما ذكره ابن هشام، الموضع السابق.

الحارث، ثم سهم ناعم، وفيه (¬1) قُتِلَ محمود بن مسلمة (¬2). محمد عن الحسن بن عمارة (¬3) عن الحكم عن يحيى بن الجزار عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أن عبد الله بن يحيى الكندي كان يقسم لعلي بن أبي طالب الدور والأرضين، ويأخذ على ذلك الأجر. عن شيخ عن الحكم بن عتيبة (¬4) عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه كان عزل شريحًا (¬5) عن القضاء، ثم أعاده عليه، ورزقه خمس مائة درهم في كل شهر (¬6). حدثنا إسماعيل بن مسلم عن الحسن أن رجلاً أعتق ستة أَعْبُد له عند الموت ولا مال له غيرهم، فأَقْرَعَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بينهم، فأعتق اثنين منهم وأَرَقَّ (¬7) أربعاً (¬8). ¬

_ (¬1) أي: في ناعم، وهو حصن من حصون خيبر. وقد استشهد محمود بن مسلمة في ذلك الحصن عندما ألقي عليه رحى من أعلى الحصن. انظر: الإصابة لابن حجر، 6/ 42 - 43. (¬2) السيرة النبوية لابن هشام، 4/ 321 - 323. وروي بعضه في سنن أبي داود، الخراج، 23 - 24. (¬3) م ف ز: محمد بن الحسن عن عمارة. وهو تحريف. والحسن بن عمارة يروي عنه محمد بن الحسن وهو يروي عن الحكم. انظر: تهذيب الكمال، 6/ 265 - 267. واسمه يتكرر كثيراً في أسانيد الكتاب. (¬4) ز: بن عيينة. (¬5) م ف ع: شريكا. والتصحيح من ب. وشريك القاضي متأخر كثيراً حيث توفي سنة 177 هـ انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر، 4/ 295. (¬6) عن ابن أبي ليلى قال: بلغني أن علياً رزق شريحاً خمسمائة انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد، 6/ 138؛ والدراية لابن حجر، 2/ 243. (¬7) م ز: ورزق؛ ف: ورق. (¬8) م ف + محمد عن حصين عن القاسم عن عبد الرحمن عن أبيه عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال ما أحب أن يأخذ قاضي المسلمين أجرا ولا الذي على المغانم ولا الذي على المقاسم. أما الحديث فقد روي موصولا أيضا من طريق الحسن وغيره عن عمران بن الحصين - رضي الله عنه -. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 9/ 163؛ وصحيح=

محمد بن الحسن عن قيس بن الربيع (¬1) عن أبي (¬2) حصين عن القاسم بن (¬3) عبدالرحمن عن أبيه عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال: ما أحب أن يأخذ قاضي المسلمين أجراً ولا (¬4) الذي على المقاسم ولا (¬5) الذي على المغانم (¬6). محمد عن أبي إسحاق الشيباني عن عامر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث علي بن أبي طالب إلى اليمن، فأتي بركاز، فأخذ منه الخمس وترك أربعة أخماسه. وأتاه ثلاثة نفر يدّعون غلاماً، كل واحد منهم يقول: هو ابني، فأقرع بينهم، فقضى بالغلام للذي قَرَعَ (¬7)، وجعل عليه الدية لصاحبيه. قال: فقلت لعامر: هل رفع عنه حصته؟ قال: لا أدري (¬8). محمد عن إسماعيل بن إبراهيم قال: خاصمت أخي إلى الشعبي في دار صغيرة أريد قسمتها، ويأبى أخي ذلك، فقال الشعبي: لو كانت مثل هذه - وخَطَّ بيده مقدار آجُرَّة - لقسمتها بينكم. قال: وخَطَّها على أربع قِطَع. ¬

_ = مسلم، الأيمان، 56 - 58؛ وسنن أبي داود، العتق، 10؛ وسنن الترمذي، الأحكام، 27؛ وسنن النسائي، الجنائز، 65؛ وشرح معاني الآثار للطحاوي، 4/ 381؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 93. وانظر كذلك: الأم للشافعي، 4/ 95 والمدونة الكبرى لسحنون، 7/ 176؛ والمحلى لابن حزم، 9/ 358. (¬1) ز - بن الحسن عن قيس بن الربيع. (¬2) ز - أبي. (¬3) ز: عن. (¬4) م ز + على. (¬5) ز + على. (¬6) روي عن القاسم بن عبد الرحمن أن عمر كره أن يؤخذ على القضاء رزق وصاحب مغنمهم. لكن روي عن الحكم أن عمر بن الخطاب رزق شريحاً وسلمان بن ربيعة الباهلي على القضاء. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 297. (¬7) قَرَعَ أي: أصابته القُرْعَة. انظر: المغرب، "قرع". (¬8) المعجم الكبير للطبراني، 5/ 174؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 382؛ ومجمع الزوائد للهيثمي، 3/ 78؛ والدراية لابن حجر، 1/ 261 - 262. وروي القسم الثاني منه في سنن ابن ماجه، الأحكام، 20؛ وسنن أبي داود، الطلاق، 31؛ وسنن النسائي، الطلاق، 50.

محمد عن عيسى بن المسيب عن الشعبي (¬1) عن شريح أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان يرزقه مائة درهم على القضاء (¬2). وقال أبو حنيفة: لا بأس بأن يأخذ قاسم الدور والأرضين عليه الأجر من الذين يقسم بينهم. قال: والأجر على عدد رؤوس الرجال وإن كان نصيب أقل من نصيب، لعل نصيب (¬3) القليل أشد حساباً من نصيب الكثير. وقال أبو يوسف ومحمد -رحمهما الله-: يُجعَل الأجر على عدد الأنصباء، ولا يُجعَل على عدد الرؤوس. وقال أبو يوسف ومحمد: يَجعل (¬4) لقاسم القاضي رزقاً من بيت المال ولا يأخذ من الناس شيئاً، وإن لم يَجعل له رزقاً وقسم بالأجر فهو جائز. محمد عن عيسى بن المسيب عن أبي حصين عن عامر عن شريح أنه قال: وما لي لا أَرْتَزِق وأستوفي منهم وأوفيهم وأصبر لهم بنفسي في المجلس وأعدل بينهم في القضاء. محمد عن (¬5) محمد بن إسحاق عن الكلبي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد السفر أقرع بين نسائه. قالت (¬6) عائشة - رضي الله عنها -: فأصابتني القرعة في السفرة التي أصابني فيها ما أصابني. وذكره محمد بن إسحاق عن الزهري (¬7). ... ¬

_ (¬1) ز - عن الشعبي. (¬2) روي بدون ذكر مائة درهم في المصنف لعبد الرزاق، 8/ 297. (¬3) ز - نصيب. (¬4) أي: يجعل القاضي أو غيره ممن إليه الإدارة. (¬5) م: بن. (¬6) م: قال. (¬7) السيرة النبوية لابن هشام، 261/ 4. والحديث طويل، وهو عن قصة الإفك للسيدة عائشة - رضي الله عنها - الطاهرة المطهرة. انظر: صحيح البخاري، المغازي، 34؛ وصحيح مسلم، التوبة، 56.

باب قسمة الدور

باب قسمة الدور وإذ كانت الدار بين رجلين اقتسماها فيما بينهما مُذَارَعَةً ذَرَعَهَا بينهما رجلٌ ورضيا به ثم أقرع بينهما فإن أبا حنيفة -رحمه الله- قال: هذا جائز. وكذلك قسمةُ قاسم القاضي إذا قسم بين قوم وأقرع بينهم فإن أبا حنيفة -رحمه الله- قال: هذاَ جائز. وقال أبو حنيفة: القرعة في القياس لا تستقيم، ولكنا تركنا القياس في ذلك وأخذنا بالأثر والسنة. وإذا كانت الدار بين رجلين ورثاها فاقتسماها وفَضَّلُوا بعضها على بعض لفضل قيمة البناء والموضع فهو جائز في قول أبي حنيفة. وإن اقتسموا الأرض ساحة (¬1) والبناء قيمةً بقيمة عَدْل فهو جائز. وإن كان البناء حين اقتسموا الأرض غير معروف القيمة فلا يجوز هذا في القياس، ولكنا استحسنا فيه وأجزناه. وقال أبو حنيفة: إذا كانت الدار بين ورثة كبار كلهم فأقروا أنها ميراث بينهم فأرادوا القاضي على أن يأمر بقسمتها بينهم فإن القاضي لا يأمر بذلك إلا أن تقوم بينة على أصل المواريث؛ لأن قسمة القاضي قضاء منه. وقال أبو يوسف ومحمد: يقسمها بينهم، ويقضي عليهم بإقرارهم على أنفسهم، ويُشهِد الشهودَ أني إنما قسمتها بينهم بإقرارهم على أنفسهم ولم أقض على أحد سواهم. وقال أبو حنيفة: لو كانت دراهم أقروا أنها ميراث بينهم أو عروض سوى العقار قسمتها بينهم، فأما الدور والأرضين فلا أقسمها بينهم بإقرارهم حتى تقوم البينة على المواريث. ¬

_ (¬1) ولفظ السرخسي: مساحة انظر: المبسوط، 15/ 8. وساحة الدار: عَرْصَتها، والموضع المتَّسع أمامها. انظر: المصباح المنير، "سوح، عرص".

وقال أبو يوسف: الدور والأَرَضُون (¬1) والدراهم والدنانير والمتاع والثياب والعروض كلها سواء، أقسم ذلك بينهم بإقرارهم على أنفسهم. وهذا قول محمد. وإن كان في الورثة صغير أو كبير غائب والدار في أيدي الكبار والحضور (¬2) فأقروا بأنه ميراث بينهم وأرادوا القاضي على قسمتها بينهم فإن أبا حنيفة -رحمه الله- قال: لا أقسمها حتى تقوم البينة على أصول المواريث، ولا أقضي على الغائب والصغير بقولهم؛ لأن قسمة القاضي قضاء منه. وقال أبو يوسف ومحمد: أقسمها (¬3) بينهم وأعزل حق الغائب وحق الصغير، وأُشْهِدُ الشهودَ أني إنما قسمتها بينهم (¬4) على إقرار هؤلاء الحضور، فإن الغائب والصغير على حجته إن كانت لهما. وقال أبو يوسف ومحمد: إن كانت الدار في يدي الغائب أو في يدي الصغير أو كانت في أيديهما منها (¬5) شيء لم أقسمها حتى تقوم البينة على المواريث. وكذلك الأرض. وقال محمد: إذا كان في يدي الغائب (¬6) الكبير شيء استَوْدَعَه مستودَعاً (¬7) وغاب لم أقسم ذلك حتى يحضر؛ لأني لا أقضي على غائب بما في يديه. فإذا قامت البينة على المواريث والحضور وارثان (¬8) أو أكثر والغائب ¬

_ (¬1) م ف ز ع: والأرضين. (¬2) ولفظ السرخسي: الكبار الحضور. انظر: المبسوط، 15/ 11. (¬3) ف: أعزلها. (¬4) ز - وأعزل حق الغائب وحق الصغير وأشهد الشهود أني إنما قسمتها بينهم. (¬5) ز: منهما. (¬6) ز: الغاصب. (¬7) م ف ز ع: مستودع. ولفظ الحاكم: رجلا. انظر: الكافي، 1/ 194 ظ. ومعنى العبارة في المبسوط، 15/ 11. (¬8) م ف ز ع: وارثين. والتصحيح من ب.

واحد أو أكثر والصغير واحد أو أكثر فإن أبا حنيفة قال: يأمر القاضي بقسمتها، ويعزل نصيب كل صغير وغائب، ويوكل بذلك وكيلًا، وذلك جائز على الصغير والغائب. وقال أبو حنيفة: إن كان وارث [واحد] (¬1) حاضر وبقيتهم غُيَّب صغار وكبار فأقام الوارث (¬2) الحاضر بينة على المواريث (¬3) وسأل القاضي أن يقسم الدار فإنه لا يقسمها؛ لأنه ليس معه خصم. فإن كان معه خصم صغير واحد جَعل له القاضي وَصِيًّا وقبل البينة وأمر بقسمة الدار؛ لأن معه خصماً (¬4). وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك الأرض. وكذلك المنزل في الدار. وإن كان بناء في دار بين (¬5) رجلين أراد أحدهما قسمته وأبى الآخر فارتفعا إلى القاضي فإن أبا حنيفة قال في ذلك: إن كان ينتفع كل واحد منهما بنصيبه إذا قسم ويَصْلُحُ لِشَيءٍ فإن القاضي ينبغي له أن يقسمه بينهما. وإن كان صغيراً (¬6) لا ينتفع واحد منهما بنصيبه بوجه فإن القاضي لا يقسمه بينهما. وقال أبو حنيفة: لا يقسم القاضي الحائط بين الرجلين ولا الحمام ولا شيئاً أكبر (¬7) من ذلك؛ لأن في قسمة هذا ضرراً (¬8). وقال أبو حنيفة: إذا كانت دار لرجل ولاخر فيها شِقْص صغير لا ينتفع بالشِّقْص لو قُسِمَ فأراد صاحب النصيب الكبير القسمة وأبى الآخر فإن القاضي يقسمها بينهما. ألا ترى أن صاحب النصيب (¬9) الكبير ينتفع بنصيبه إذا قُسِمَ وأن القليل النصيب متوسّع بنصيب صاحبه ما لم يقسم. ¬

_ (¬1) مستفاد من ب والمبسوط، 15/ 12. (¬2) م ف ز + على. (¬3) ف: على الوارث. (¬4) م ز: خصم. (¬5) م ز: في دارين. (¬6) م ز: صغير. (¬7) ز ع: أكثر. أي لا ينظر إلى كبر البناء، وإنما ينظر إلى إمكان الانتفاع به بعد القسمة. (¬8) م ز: ضرر. (¬9) ف - النصيب.

وقال أبو حنيفة: إنما أمنع (¬1) القسمة إذا كان الضرر عليهما جميعاً، فإذا كان الضرر على أحدهما وليس على الآخر ضرر فإن القاضي يقسم ذلك بينهما (¬2). وقال أبو حنيفة -رحمه الله-: القسمة على النساء والرجال سواء. وكذلك أهل الذمة والحربي (¬3) والعبد التاجر. وكذلك حر ومكاتب بينهما دار فإنه يقسمها بينهما. وإذا كانت الدار بينهما [بشراء] (¬4) أو ميراث وليس فيهم صغير ولا غائب وقامت البينة على ذلك فإنها تقسم (¬5) بينهم. وقال أبو حنيفة: إذا أقروا أنها بينهم بشرى قسمتها بينهم بغير بينة. وإذا أقروا أنها ميراث لم أقسمها بينهم إلا ببينة. وقال: الشرى مخالف للميراث؛ لأن الميراث قضاء على الميت. وقال أبو يوسف ومحمد: هما سواء، ويقسمه بغير بينة إذا أقروا به. وقال أبو حنيفة: إذا كان الدار بين قوم بشِرَى وأحدهم غائب فأقاموا البينة على ذلك فإني لا أقسمها بينهم، وليس هذا كالميراث. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. وقال أبو يوسف ومحمد (¬6): إذا كانت الدار ميراثاً وفيها وصية بالثلث وبعض الورثة غُيَّب وبعضهم شاهد فأراد الموصى له بالثلث أن يقسمها وأقام البينة على المواريث والثلث (¬7) فإن الدار تقسم على ذلك. وقال أبو حنيفة: ¬

_ (¬1) م ف ز: إنما أضع. (¬2) أي: إذا طلب ذلك صاحب النصيب الكبير. أما إذا طلب ذلك صاحب النصيب الصغير الذي لا ينتفع به بعد القسمة فإنه لا يقسم. انظر: المبسوط، 15/ 13 - 14. (¬3) م ز: والحر. (¬4) مستفاد من التفصيل الآتي للمسألة. (¬5) ز: فإنه يقسم. (¬6) يتبين من آخر العبارة أن الإمام أبا حنيفة أيضاً على هذا الرأي. انظر: تتمة العبارة. وانظر: المبسوط، 15/ 12. (¬7) ف: بالثلث؛ ز: فالثلث.

لا يخلو دار أن يكون في ورثتها غائب أو صغير. فلو كنت لا أقسم داراً فيها هذا لا أقسم شيئاً. فهذا لا يستقيم، ولا تُترك القسمة إذا قامت البينة لغيبة غائب ولا لصغر صغير. وإذا كانت الدار بين رجلين فاقتسماها ورَفَعَا الطريقَ [بينهما] (¬1) فهو جائز. وإن كان نصيب أحدهما أكثر من نصيب الآخر فإنه ينبغي أن يبين ذلك في كتاب القسمة ويصف الطريق كيف هو بينهما. وإذا كانت الدار بين رجلين وفيها صُفَّة (¬2) فيها بيت، وباب البيت في الصُّفَّة، ومسيل ماء ظهر البيت على ظهر الصفة، [فاقتسما، فأصاب الصُّفَّةَ] (¬3) أحدُهما وقطعة من الساحة، وأصاب البيتَ أحدُهما وقطعةً من الساحة (¬4)، ولم يذكروا طريقاً ولا مسيل ماء، وصاحب البيت يقدر على أن يفتح بابه فيما (¬5) أصاب من الساحة ويُسيل ماءه في ذلك، فإن أرافى أن يمر في الصُّفَّة على حاله (¬6) ويُسيل ماء على حاله (¬7) الأولى فإنه ليس له ذلك، ويُمنَع من ذلك. ولو اشترط كل واحد منهما أن له ما أصابه بكل حق هو له كان كذلك أيضاً مُنِعَ الطريقَ ومسيلَ الماء وأُمِرَ بأن يَصرف ذلك إلى حَيِّزِه (¬8). ولو لم يكن له مَفْتَح إلى الطريق ولا مسيل ماء [وقد قال: بكل حق هو له] (¬9) تَركتُ طريقه في الصُّفَّة ومسيل مائه على حاله. ولو رَفَعَا ¬

_ (¬1) مستفاد من المبسوط، 12/ 14. (¬2) الصفة هي البَهْو الواسع الطويل والظُّلَّة. انظر: لسان العرب، "صفف". (¬3) الزيادة من المبسوط، 15/ 14. (¬4) وعبارة ب: فأصاب أحدهما الصفة وقطعة من الساحة وأصاب الآخر البيت وقطعة من الساحة. (¬5) م ز: فما. (¬6) ز: على حالته. (¬7) م ز - ويسيل ماء على حاله. (¬8) الحَيِّز: كُلُّ مَكَان، فَيْعِل من الحَوْز بمعنى الجمع، ومراد الفقهاء به بعض النواحي كالبيت من الدار مثلاً. انظر: المغرب، "حوز". (¬9) الزيادة من الكافي، 1/ 194 ظ وانظر: المبسوط، 15/ 15.

طريقًا بينهما وكان على الطريق ظُلَّة (¬1) وكان طريق أحدهما على ظهر تلك الطُّلَّة وهو يستطيع أن يجعل طريقه في مكان آخر فأراد صاحبه أن يمنعه المَمَرّ على ظهر ظُلَّته لم يكن له ذلك، وكان له مَمَرٌّ على ظهر الطريق؛ لأن أسفل الطريق بينهما مَمَرّ، فكذلك أعلاه. ولو أن رجلين اقتسما داراً فوقع الباب لأحدهما ووقع القسم الآخر في ناحية الآخر (¬2) وليس له طريق يمر فيه فإن أبا حنيفة قال: إن كان له مَفْتَح أجزت القسمة وأمرته أن يفتح في ذلك باباً، وإن لم يكن له باب أبطلت القسمة؛ لأن هذا ضرر، ولا تجوز القسمة على الضرر. وكان أبو حنيفة يقول في العلو الذي لا سفل له وفي السفل الذي لا علو له: يُحسَب في القسمة السفل ذراعاً بذراعين من العلو. وقال أبو يوسف (¬3): يُحسَب العلو بالنصف والسفل بالنصف، يُنْظَرُ كم جملةُ ذراع كلِّ واحد منهما، فيُطْرَحُ النصف من ذلك. وقال محمد: يُقسَم ذلك على قيمة العلو والسفل؛ لأن العلو ربما كان أجود من السفل. وقال أبو حنيفة: إذا كان الدور بين قوم ميراثاً فأراد أحدهم أن يجمع نصيبه منها في دار واحدة وأبى ذلك الآخر واختلفا في ذلك فإن القاضي يقسم كل دارٍ مِن ذلك بينهم على حدة، ولا يضم (¬4) بعض أنصبائه إلى بعض إلا أن يصطلحوا على ذلك. وكذلك منزلان (¬5) في دارٍ متفرقان (¬6) ¬

_ (¬1) الظُّلَّة في اللغة: كل ما أظلك من بناء أو جبل، وفي اصطلاح الفقهاء: يريدون بها السُّدَّة التي فوق الباب، وقيل: هي التي أحد طرفي جذوعها على هذه الدار وطرفها الآخر على حائط الجار المقابل. انظر: المغرب، "ظلل". وقيل: الظلة تكون أمام الدار مفصولاً عنها. انظر: لسان العرب، "كنن". (¬2) ز: الأخر ى. (¬3) م ز - يحسب في القسمة السفل ذراعا بذراعين من العلو وقال أبو يوسف. (¬4) م ز: ولا يضمن. (¬5) ز: منزلين. (¬6) ز: متفرقين.

أحدهما في أقصاها والآخر في أدناها. فإن كانا مجتمعين في مكانٍ قَسمتُها قسمة واحدة، وجمعتُ نصيب كل واحد منهما في أحدهما. ولو كانت داران مجتمعتان (¬1) فاختلفا في ذلك قسمتُ كل واحدة منهما على حدة في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: يُنظَر في القسمة. فإن كانت إذا جُمعت أنصباء كل واحد منهما على حدة في دار كان أعدل للقسمة جمع ذلك. ولو اختلفوا في قيمة البناء فقال بعضهم: اجعل قيمة البناء على الذَّرْع (¬2) من الأرض، وقال بعضهم: اجعلها على الدراهم (¬3)، فإن القاضي يجعلها على الذَّرْع، لأن الدراهم ليست من الميراث، وليس كلهم يقدر عليها، وإذا وقع البناء في نصيب أحدهم كانت الدراهم ديناً عليه فلعلها تَتْوَى (¬4) عليه، والزيادة في الذَّرْع مما وَرِثُوا كُلُّهم (¬5) يَقْدِرُ عليه، وتقع (¬6) القسمة حين تقع (¬7) ولا حق لبعضهم قِبَلَ بعض (¬8). ولو اختلفوا في الطريق فقال بعضهم: ارفع الطريق بينهم، وقال بعضهم: لا ترفع (¬9) واجعل كل واحد على حدة، فإن الحاكم ينظر في ذلك. فإن كان لكل واحد منهم طريق يستقيم فَتْحُه في نصيبه فإنه يقسم ¬

_ (¬1) م ف ز ع: مجتمعان. والتصحيح من ب. (¬2) م ز: في يذرع (مهملة)؛ ف ع: في بذر (مهملة). وفي ب: بذرع. وكذلك المبسوط، 15/ 18. ورجحنا "على الذرع" لاتفاقه مع بقية العبارة. (¬3) م ز: في الدراهم. (¬4) أي: تهلك. انظر: المغرب، "توي". (¬5) وفي ب: مما ورثوه وكلهم. (¬6) م ف ز ع: ووقع. والتصحيح من ع. (¬7) م ف ز ع + القسمة. والتصحيح من ب. (¬8) قال ابن نجيم: وعن محمد أنه يَرُدّ على شريكه بمقابلة البناء ما يساويه من العَرْصَة، وإذا بقي فَضْلٌ ولم يمكن تحقيق التسوية فيه بأن لم تَفِ العَرْصَةُ بقيمة البناء فحينئذ تُرَدُّ الدارهمُ، لأن الضرورة في هذا القدر، فلا يُترَك الأصل وهو القسمة بالمساحة إلا بالضرورة، وهذا يوافق رواية الأصل. انظر: البحر الرائق، 8/ 174. (¬9) ز: لا يرفع.

بينهم بغير طريق يُرْفَعُ لجماعتهم، وإن كان لا يستقيم فَتْحُه في نصيبه ذلك رفع الطريق بين جماعتهم (¬1). ولو اختلفوا في سعة الطريق وفي ضيقه (¬2) جعل الطريق بينهم على عرض باب الدار وطوله على أدنى ما يكفيهم. وإذا وقع حائط بين قسيمين (¬3) وذلك الحائط لأحد القسيمين (¬4) وعليه جذوع (¬5) للآخر (¬6) - وقعت القسمة على أن تكون (¬7) هكذا أو لم يُذْكَرْ في القسمة- فإنه يُترَك على حاله إلا أن يشترط (¬8) قطع الجذوع عنه. وكذلك لو كان أَزَجٌ (¬9) وقع على حائط هذه الصُّفَة أو دَرَجُه (¬10). وكذلك أسطوانة وقع عليها جذوع. وكذلك رَوْشَن (¬11) وقع لصاحب العلو مُشرِف علي نصيب الآخر فأراد صاحب السفل أن يقطع الرَّوْشَن (¬12) فليس له ذلك. ألا ترى أن أحدهما لو أصابه باب (¬13) علو وأصاب الآخر سفله لم يكن لصاحب السفل أن يهدم العلو. فكذلك هذا. ¬

_ (¬1) ز - وإن كان لا يستقيم - فتحه في نصيبه ذلك رفع الطريق بين جماعتهم. (¬2) م: وفي ضيقته. (¬3) ز: قسمين. (¬4) ز: قسمين. (¬5) جمع جِذْع، وهو ساق النخلة، ويقال لسهم السقف. انظر: المصباح المنير، "جذع". (¬6) م ف ز ع: لآخر. والتصحيح من المبسوط، 15/ 20. (¬7) ز: أن يكون. (¬8) ز: أن يشرط. (¬9) الأَزَج: بيت يبنى طولاً. انظر: المغرب، "أزج". (¬10) دَرَجُ السُّلَّم: رُتَبه، الواحدة: درجة، ويسمى بها المبني من خشب أو مَدَر مُرَكَّباً على حائط أو نحوه، تسمية الكل باسم البعض. انظر: المغرب، "درج". (¬11) م: روش؛ ز: روس. والروشن: الكُوّة، وهي ثَقْب البيت؛ والشرفة؛ وقيل: المَمَرّ على العلو. انظر: المغرب، "رشن"؛ والقاموس المحيط، "رشن"؛ والمعجم الوسيط، "رشن". (¬12) م: الروش؛ ز: الروس. (¬13) ولفظ الحاكم: ببيت. انظر: الكافي، 1/ 195 و. وفي المبسوط، 15/ 20: ثبت. وهو تحريف.

وإذا أصاب الرجل مَقْصُورَةً (¬1) في دار وأصاب الآخر منزلاً آخر طريقُ علوِ هذا المنزل في هذه المقصورة ولم يذكرا (¬2) ذلك عند القسمة فلا طريق له في المقصورة، لأن هذا يقدر على أن يجعل طريقه في حقه، ولا طريق له في المقصورة. وإذا وقع للرجل في القسمة ساحة (¬3) لا بناء (¬4) فيها ووقع للآخر بناء فأراد صاحب الساحة أن يبني ساحته ويرفع بناءه، فقال صاحب البناء: إنك تسد علي الريح والشمس فلا أدعك ترفع بناءك، فلصاحب الساحة أن يرفع بناءه ما بدا له، وليس للآخر أن يمنعه؛ لأنه حقه يصنع فيه ما بدا له. وهذا قول (¬5) أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولو أراد أن يصنع في الساحة مَخْرَجاً أو تَنُّوراً أو أراد أن يبني حماماً فمنعه صاحب البناء فإن أبا حنيفة -رحمه الله- قال: له أن يبني له (¬6) حماماً وَمخرجاً وتنوراً، ولا يمنع من ذلك. قلت: أرأيت لو أراد أن يجعل فيه رَحًى أو حدّاداً أو قصّاراً أو صائغاً أما كان له أن يصنع (¬7) ذلك كله (¬8). ولو كف عن كل شيء يؤذي جاره كان أحسن له، ولكنه لا يجبر على ذلك. ولو فتح صاحب البناء في علو بنائه باباً أو كُوَّةً فطلب صاحب الساحة أن يسد ذلك وتأذى به لم يكن له سده، ولكنه يبني في ملكه ما يستره من ذلك. وكذلك جميع هذا القول في [دارين] (¬9) إحداهما لرجل من أهل الذمة والأخرى لمسلم. وأهل الإسلام والنساء والرجال والحر والعبد التاجر والمكاتب في ذلك سواء. ¬

_ (¬1) قال المطرزي: حجرة من حجر الدار. انظر: المغرب، "قصر". وقيل: غرفة من الدار لا يدخلها غير صاحب الدار، من القَصْر بمعنى الحبس. انظر: لسان العرب، "قصر". (¬2) م ز: ولم يذكر. (¬3) أي: عرصة، كما تقدم. (¬4) ف: لا بها. (¬5) ز + الإمام الأعظم. (¬6) ف - له. (¬7) ز: أن يصيغ. (¬8) ز + قال. (¬9) الزيادة مستفادة من المبسوط، 15/ 21.

ولو اتخذ رجل بئراً في ملكه (¬1): كِرْيَاسًا (¬2) أو بالوعة، أو بئراً ليستقي (¬3) منه الماء فنَزَّ منها (¬4) حائط جاره (¬5) فطلب تحويل ذلك فإنه لا يجبر على تحويله؛ لأنه ملكه يصنع فيه ما بدا له. وإن سقط الحائط من ذلك لم يضمن صاحب البئر شيئاً. وإذا اقتسم (¬6) رجلان داراً فأخذ أحدهما حَيِّزاً (¬7) وأخذ الآخر حَيِّزاً فوقع لأحدهما حائط الظاهر منه على آجرتين وأساسه على أربع آجرات فدخل في نصيب صاحبه من ذلك آجرة فقال صاحب الحائط: لي (¬8) أن آخذ من نصيبك ما دخل فيه من أس حائطي، فأبى ذلك الآخر، فإنما له ما ظهر من الحائط على وجه الأرض، وليس يؤخذ بأساسه. وإذا اقتسم رجلان داراً فأخذ كل واحد منهما حَيِّزاً فأراد جارٌ لهما أَخْذَ ذلك بالشفعة، أو كانت داران فاقتسما على أن يأخذ كل واحد مسهما داراً وطلب جارُ كل واحد منهما الشفعة (¬9)، فإنه لا شفعة في شيء من ذلك؛ مِن قِبَل أن كل واحد منهما شريك لصاحبه، فهو أحق بها. ولو كانت داراً (¬10) فاقتسماها رجلان فأخذ هذا حَيِّزاً (¬11) وهذا حَيِّزاً (¬12) ورَفَعَا الطريق بينهما فهو جائز. وإن أرادا (¬13) قسمة في الطريق بعد ذلك فإن كانت قسمته تستقيم بغير ضرر قسمته (¬14) بينهما. ولو كان لا يستقيم ولا يكون لأحدهما طريق غير ذلك لم أقسمه. وإذا اقتسم رجلان داراً ومنزلاً في دار أخرى على أن أخذ أحدهما الدار والآخر المنزل فهو جائز وإن كانت الدار أفضلها وضعاً وبناءً. ¬

_ (¬1) م ف ز ع + أو. والتصحيح من المبسوط، 15/ 21. (¬2) هو الكَنِيف في أعلى السطح بقَنَاةٍ من الأرض. انظر: القاموس المحيط، "كرس". (¬3) ف ز: ليسقي. (¬4) ز: فيرميها. (¬5) م ز - جاره. (¬6) م ز: وإذا اقسم. (¬7) أي: مكانًا. وقد تقدم. (¬8) م ز - لي. (¬9) ف - الشفعة. (¬10) م + دارا. (¬11) ز: جزءا. (¬12) ز: جزءا. (¬13) م ز: وإن أراد. (¬14) م ز: تستقيم بعرض وقسمته.

وإذا اقتسم الرجلان داراً ونصف دار على أن أخذ أحدهما الدار وأخذ الآخر نصف الدار (¬1) فهو جائز. وكذلك لو كان بينهما نصف دار وثلث دار أخرى فاصطلحا على أن أخذ أحدهما النصف والآخر ثلث الدار فهو جائز. وكذلك لو كانت بينهما سهام مسماة من هذه الدار وسهام مسماة في دار أخرى. وكذلك لو كانت مائة ذراع مُكَسَّرَة (¬2) من هذه الدار ومائتي ذراع مُكَسَّرَة من الدار الأخرى فأخذ أحدهما المائة ذراع وأخذ الآخر مائتي ذراع، اقتسما على ذلك. وكذلك لو كان شِقْص في دار وشِقْص (¬3) في أرض وهما سهمان معروف السهام فإن ذلك جائز. وكذلك لو كانت دار وأرضٌ (¬4) فأخذ أحدهما الدار وأخذ الآخر الأرض. وكذلك لو كانت دار وعبد فأخذ أحدهما الدار وأخذ الآخر العبد فهو جائز. وكذلك لو كان مكان العبد متاع أو ثياب. وكذلك الحيوان كله. وكذلك لو كانت داران وحيوان [وثياب] (¬5) فاقتسما على أن أخذ أحدهما داراً وحيواناً (¬6) وأخذ (¬7) الاخر داراً وثياباً (¬8). وكذلك لو عَدَّلا (¬9) ذلك وقَوَّما ثم اقترعا (¬10) عليه فوقعت القسمة على القرعة فهو جائز. وكذلك لو أخذ أحدهما دارين وأخذ (¬11) الآخر الرقيق والمتاع. وكذلك لو كانت داران في إحداهما بناء والأخرى صحراء فاصطلحوا على أن أخذ أحدهما الأرض كلها والآخر البناء كله دون الأرض فهو جائز؛ فإن ¬

_ (¬1) م ف ز: نصف دار. (¬2) م ف ز: مكسورة. والتصحيح من ع. وقد ورد في الموضع الثاني صحيحا في النسخ الثلاث. والذراع المكسَّرة ست قبضات، وهي ذراع العامة، وإنما وُصفت بذلك لأنها نقصت عن ذراع المَلِك بقبضة، وهو بعض الأكاسرة لا الأخير، وكانت ذراعه سبع قبضات. انظر: المغرب، "ذرع". (¬3) م ف ز: أو شقص. (¬4) م ف: داراً وأرضًا. (¬5) الزيادة من ب. (¬6) م ف ز ع: وعبدا. والتصحيح من ب. (¬7) م ز - أخذ. (¬8) ز: أو ثيابا. (¬9) يقال: عَدَّلْتُه تعديلاً فاعتدل: سوّيته فاستوى، ومنه قسمة التعديل، وهي قسمة الشيء باعتبار القيمة والمنفعة لا باعتبار المقدار، فيجوز أن يكون الجزء الأقل يعادل الجزء الأعظم في قيمته ومنفعته. انظر: المصباح المنير، "عدل". (¬10) ز: ثم اقرعا. (¬11) ف: والاحد.

اشترط على أن يكون له البناء بأصله ويكون (¬1) الأرض للآخر فهو جائز؛ وإن اقتسما على أن يكون البناء لأحدهما وليس له في الأرض (¬2) شيء وعلى أن يكون للآخر الأرض على أن لا يقلع صاحب البناء بناءه فإن هذا فاسد لا يجوز (¬3). وإذا كانت الدار في طريق ليس بنافذ لها فيه باب فاقتسم أهل الدار الدار على أن يفتح كل إنسان منها (¬4) باباً في ذلك الزُّقَاق لنفسه فهو جائز. فإن أبى أهل الزُّقَاق ذلك عليهم فليس لأهل الزُّقَاق أن يمنعوهم ذلك. ألا ترى أنه لو كان لرجل في هذا الزّقَاق باب كان له أن يفتح فيه عشرة أبواب، وكان له أن يكسر حائطه كله مما يلي الزُّقَاق ويمر من أي النواحي شاء. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإذا كانت مَقْصُورَة (¬5) بين ورثةٍ بابُها في دار مشتركة ليس لأهل المقصورة فيها إلا طريقهم فاقتسموا المقصورة على أن يفتح كل واحد منهم باباً لنفسه في الدار الأعظم (¬6) لم يكن لهم ذلك، وليس لهم إلا طريق واحد ¬

_ (¬1) ز: وتكون. (¬2) ف: من الأرض. (¬3) وعبارة الكافي مع شرحه للسرخسي هكذا: ولو اصطلحا في دار واحدة على أن يأخذ أحدهما الأرض كلها والآخر البناء كله فهو جائز، للتراضي، فإن الأرض والبناء كل واحد منهما مال متقوم، مبادلة نصيب أحدهما من الأرض بنصيب الآخر من البناء صحيح؛ فإن شرط على أن يكون البناء له ينقضه وتكون الأرض للآخر فهو جائز، وإن اشترط أن لا يقلع بناءه فهذا فاسد؛ لأن صاحب الأرض لا يتوصل بهذه القسمة إلى الانتفاع بالأرض، ولأن هذا في معنى بيع شرط فيه إعارة أو إجارة، فإن صاحب البناء لما شرط ترك البناء في أرض الآخر فإن كان بمقابلة هذا الترك شيء من العوض فهو إجارة فاسدة شرطت في بيع، وإن لم يكن بمقابلتها شيء من العوض فهو إعارة مشروطة في البيع. انظر: الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 15/ 22 - 23. (¬4) ف: منهما. (¬5) هي غرفة من غرف الدار، وقيل: هي دار صغيرة محصّنة. انظر: المغرب، "قصر"؛ ولسان العرب، "قصر". (¬6) وفي ب؛ والمبسوط، 15/ 23: العظمى. والدار قد تُذَكَّر. انظر: القاموس المحيط، "دور".

عَرْضَ (¬1) باب الدار الأعظم (¬2)، ويبني أهل الدار الخارجة ما شاؤوا من ذلك، ويفتح أهل المقصورة ما بدا لهم من الأبواب في ذلك الموضع. وإذا كانت لأهل هذه المقصورة دار أخرى إلى جانب هذه المقصورة فوقعت هذه الدار في قسم رجل منهم فأراد أن يفتح باباً في هذا الطريق المرفوع بينهم فليس له ذلك؛ لأنه لا طريق لهذه الدار في هذه. وإن اشترى الذي أصابه المقصورة هذه الدار فأراد أن يجعل طريق هذه الدار في المقصورة ولم يمر (¬3) في الطريق المشترك (¬4) فله ذلك إذا كان ساكن المقصورة والدار واحداً (¬5). وإذا كان ساكن هذه واحداً (¬6) وساكن الدار آخر فليس له ذلك. وإذا كانت دار في يدي رجلين وهما مقران بأنها ميراث بينهما، كل واحد منهما ادعى الدار كلها، ولا يعرف أصلها كيف كان، فاقتسماها بينهما (¬7)، فهو جائز. وإن رفعا ذلك إلى القاضي لم يقسم الدار بينهما حتى تقوم البينة على الأصل في قول أبي حنيفة، ويقسمها في قول أبي يوسف ومحمد. وإذا كانت دار بين رجلين فاقتسماها فأخذ (¬8) أحدهما طائفة والآخر طائفة وفي نصيب أحدهما ظُلَّة (¬9) على الطريق أو ¬

_ (¬1) م ف ز: عوض. والتصحيح من ع ب. وفي المبسوط، 15/ 23: بقدر عرض. (¬2) قد تُذَكَّر الدار كما مر. (¬3) وف ب: ولا يمر. وفي المبسوط، 15/ 24: ثم يمر. (¬4) ز: المشتركة. (¬5) ز: واحد. (¬6) ز: واحد. (¬7) م ف ع: بينهم. والتصحيح من ب. (¬8) ز: وأخذ. (¬9) الظُّلَّة في اللغة: كل ما أظلك من بناء أو جبل، وفي اصطلاح الفقهاء: يريدون بها السُّدَّة التي فوق الباب، وقيل: هي التي أحد طرفي جذوعها على هذه الدار وطرفها الآخر على حائط الجار المقابل. انظر: المغرب، "ظلل". وقيل: الظلة تكون أمام الدار مفصولاً عنها. انظر: لسان العرب، "كنن".

كَنِيف (¬1) شارع على الطريق، فإن كان (¬2) اقتسما على أن لكل واحد منهما ما حاز (¬3) بكل حق هو له فله الظُّلَّة والرَّوْشَن (¬4). وكذلك لو كانا اقتسما على أن لكل واحد منهما ما أصابه بمرافقه وبكل قليل أو كثير هو فيه أو منه فإن له الظُّلَّة والرَّوْشَن. فإن لم يُذْكَرْ (¬5) ذلك ولم يشترطا شيئاً إلا أن أحدهما قال: لك هذا الحَيِّز، فلكل واحد منهما ما كان في حَيِّزه من ظُلَّة أو رَوْشَن في قول أبي يوسف ومحمد (¬6). وإن هدم أهل الطريق ذلك لم تنتقض القسمة. إنما لهم من ذلك البناء وليس لهم الأرض؛ لأنها طريق للمسلمين. وإذا كانت دار بين رجلين فاقتسماها بينهما فلما وقعت الحدود بينهما فإذا أحدهما لا طريق له ولا يقدر على طريق فإن أبا حنيفة قال في هذه القسمة: مردودة. فإن كان له حائط يقدر على أن يفتح فيه باباً فالقسمة جائزة، ويفتح في ذلك باباً. وإن كان له طريق يمر فيه رجل ولا يمر فيه الجمل (¬7) فالقسمة جائزة. وإن كان له طريق لا يمر فيه رجل فليس هذا بطريق ولا تجوز القسمة. فإن كانا اقتسما على أن لا طريق لفلان وهو يعلم أنه (¬8) لا طريق له ووقعت القسمة على هذا فهو جائز؛ لأنه رضي بذلك نفسه وإن دخل عليه في ذلك ضرر. وإذا كانت دار بين رجلين فاقتسماها على أن يشتري أحدهما من ¬

_ (¬1) الكَنِيف: ما يُشْرَع فوق باب الدار كالجناح ونحوه، وأهل العراق يسمون ما أشرعوا من أعالي دورهم كَنِيفاً. وقيل: الكنيف يكون متصلًا بالدار بخلاف الظلة. انظر: لسان العرب، "كنف، كنن". (¬2) ز: كانا. (¬3) ف: ما جاز. (¬4) الروشن: الكُوّة، وهي ثَقْب البيت؛ والشرفة؛ وقيل: المَمَرّ على العلو. انظر: المغرب، "رشن"؛ والقاموس المحيط، "رشن"؛ والمعجم الوسيط، "رشن". (¬5) ز: لم يذكرا. (¬6) خلافاً للإمام أبي حنيفة كما ذكره في كتاب الشفعة بأوسع من هذا. انظر: 6/ 216 و. (¬7) وفي المبسوط، 15/ 24: الحمولة. (¬8) ز: أن.

باب قسمة الدور بالدراهم وغير ذلك ولزيد أحدهما على الآخر

الآخر داراً له خاصة بألف درهم فوقعت القسمة على هذا فإن القسمة في هذا باطل لا تجوز، والشرط فيه باطل. وكذلك كل قسمة على شرط [شراء] (¬1) أو شراء على شرط (¬2) قسمة أو قسمة على أن يهب له شيئاً أو على أن يتصدق به عليه فإن هذه القسمة باطل. داذا كانت القسمة على أن يزيده شيئاً معروفًا فهو جائز. ... باب قسمة الدور بالدراهم وغير ذلك ولزيد أحدهما على الآخر وإذا كانت الدار بين رجلين ميراثاً أو شراءً فاقتسما فأخذ كل واحد منهما طائفة على أن يَزيد أحدُهما (¬3) الآخرَ دراهم مسماة فإن هذا جائز. فإن كانت الدراهم إلى أجل مسمى فهو جائز. وكذلك لو كان مكان الدراهم دنانير حالّة فهو جائز. وكذلك لو كانت الدنانير إلى أجل مسمى. وكذلك لو كان مكان الدنانير طعام بعينه كيلًا مسمى. وكذلك لو كان مجازفة وإن كان بغير عينه بعد أن يكون كيلًا معلوماً وضرباً معلوماً وأجلاً معلوماً كان جائزاً. وكذلك كل ما يكال أو يوزن. ولو اشترط طعاماً بغير عينه وسمى كيله ولم يسم صفته كانت القسمة باطلاً لا تجوز. فإن سمى صفته فهو جائز. وكذلك الوزن كله والكيل كله. وإن سمى له أجلاً ولم يسم الصفة فإنه لا يجوز. فإن سمى ذلك أو سمى الأجل والصفة ولم يسم الموضع الذي يوفيه فهو جائز، ويوفيه عند الدار. وهذا والسلم في القياس سواء. ولكني أستحسن في هذا. وفي قياس قول أبي حنيفة: إنه باطل حتى يسمي المكان الذي يوفيه ¬

_ (¬1) الزيادة من الكافي، 1/ 195 ظ. (¬2) م ف ز ع + في. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق. (¬3) م ف ع + على. والتصحيح من ب.

فيه (¬1). والأول هو قول أبي يوسف ومحمد. ولو كانت الزيادة التي زاده عبداً (¬2) بعينه كان جائزاً. وكذلك لو كانت أمة بعينها. ولو كان عبد بغير عينه كان باطلاً لا يجوز. ولو كان مكان ذلك عشرة من الغنم زادها إياه فإن كانت بأعيانها فهو جائز. وإن كانت بغير أعيانها فهو باطل لا يجوز. وكذلك الحيوان كله. فإن اشترط (¬3) من الحيوان عدداً مسمى وأسناناً مسماة إلى أجل معلوم فإن ذلك لا يجوز؛ لأن هذا مجهول. ولو كان عبداً بعينه زاده إياه على أن لا يقبضه خمسة أيام كان هذا فاسداً لا يجوز. وكذلك الحيوان كله. ولو لم يزده شيئاً من ذلك ولكنه زاده أثواباً مسماة بأعيانها فهو جائز وإن [لم] يعرف طولها وعرضها. وكذلك لو كانت من أصناف مختلفة فهو جائز؛ لأنها بأعيانها، قد عرف عددها. فإن لم يرها فهو بالخيار إذا رآها. إن شاء أخذها وأنفذ القسمة. وإن شاء ردها وأبطل القسمة. وكذلك الثياب كلها والحيوان كله والوزن كله. وإن ضرب للثياب (¬4) أجلاً وهي مسماة وسمى طولها وعرضها ورُقْعَتَها (¬5) وجنسها وضَرَبَ لها أجلاً مسمى فهو جائز. وكذلك صنوف الثياب كلها. وكذلك لو كان اشترط مكان الثياب قَصَباً مسمى أَطْنَاباً (¬6) مسماة وذَرْعاً معلوماً وأجلاً معلوماً فهو جائز. وكذلك الخشب في هذا. ولو (¬7) لم يجعل (¬8) لذلك أجلاً لم تجز القسمة. وإذا كان ميراثٌ بين رجلين في دارٍ وميراث آخرُ في دارٍ أخرى فاصطلحا على أنْ أَخَذَ أحدُهما ما في هذه الدار وأَخَذَ الآخرُ ما في تلك الدار وزاد مع ذلك دراهم (¬9) مسماة فإن كانا سميا السهامَ سهامَ كل دار فهو ¬

_ (¬1) ف - فيه. (¬2) ز: عبد. (¬3) ز: اشرط. (¬4) م ز: للنبات. (¬5) أي: غِلَظها وثخانتها. انظر: المغرب، "رقع". (¬6) أطناب الشجر: عُروق تتشعّب من أصلها، واحدتها: الطُّنُب بضم الطاء والباء، ويجوز إسكان الباء. ويطلق على ما تشد به الخيمة من الحبال أيضاً، والوَتِد وغير ذلك. انظر: لسان العرب، "طنب". (¬7) ف - لو. (¬8) م ف ز ع: لم يعمل. والتصحيح من ب. (¬9) م ز: دراهما.

جائز، وإن لم يكونا سميا (¬1) ذلك فإنه لا يجوز. ولو سميا مكان السهام أَذْرُعاً مُكَسَّرَة (¬2) فإنه جائز في قول أبي يوسف ومحمد، ولا يجوز في قياس قول أبي حنيفة. وإذا كانت الداران (¬3) بين ثلاثة نفر فاقتسموها على أَنْ أَخَذَ أحدُهم إحدى الدارين وأخذ الاخر الأخرى على أَنْ رَدَّ الذي أخذ الدار الكبرى على الذي لم يأخذ شيئاً دراهم (¬4) مسماة فهو جائز. وإذا كانت دار بين ثلاثة نفر ومنزل أيضاً بينهم فاقتسموا ذلك على أن يأخذ اثنان منهم الدار بينهما نصفين ويأخذ الآخر المنزل على (¬5) أن يرد إليهما دراهم مسماة فهو جائز. وكذلك لو كانا صاحبا الدار هما (¬6) اللذان رَدَّا عليه الدراهم المسماة كان جائزاً. وكذلك دار بين ثلاثة رهط فاقتسموها على أَنْ كانت (¬7) الدار لاثنين منهما، لكل واحد منهما (¬8) طائفة مقسومة، على أَنْ رَدَّا (¬9) على الثالث دراهم مسماة فهو جائز. فإن كانت الدراهم على أحدهما الثلثان (¬10) لِفَضْلِ (¬11) منزلِه وعلى الآخر (¬12) الثلث فهو جائز. وإذا كانت الدار بين رجلين فاقتسماها نصفين على أَنْ رَدَّ أحدُهما على ¬

_ (¬1) ز - السهام سهام كل دار فهو جائز وإن لم يكونا سميا. (¬2) تقدم تفسيره قريباً. (¬3) م ف ز ع: الدار. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 15/ 26. (¬4) ز: دراهما. (¬5) ز - على. (¬6) م ف ز ع: صاحبي الدار وهما. والتصحيح مستفاد من ب. (¬7) م ف ز ع: أن صاحب. (¬8) م ف ز - لكل واحد منهما. والزيادة من ع. وفي ب: لكل واحد. (¬9) م ف ز ع: أن ردوا. والتثنية أولى وإن كان الجمع قد يستعمل في مكان المثنى أحيانا. (¬10) ز: الثلثين. (¬11) ز: ليصل. (¬12) ز - الآخر.

الآخر عبداً بعينه وعلى أن زاده (¬1) الآخر مائة درهم فهو جائز. وإذا كانت الدار بين ثلاثة نفر، فاقتسموها أثلاثاً، فكان قِسْمٌ منها أفضلَها والآخرُ أوسطَها والآخرُ أخَسَّها (¬2)، فاشترط عليها زيادة دراهم مسماة، على صاحب المنزل الأفضل الثلثين من الدراهم، وعلى الآخر الثلث، فهو جائز. وإذا كانت الدار بين اثنين فأخذ أحدهما البناء وأخذ الآخر الخراب على أن رفى صاحب البناء على الاخر (¬3) دراهم (¬4) مسماة أو دنانير فهو جائز. وإذا كانت دار بين رجلين فأخذ أحدهما السفل وأخذ الآخر العلو على أن رد صاحب السفل على صاحب العلو دراهم مسماة فهو جائز. وكذلك لو كان صاحب العلو هو الذي رد على صاحب السفل دراهم مسماة فهو جائز. وإذا كانت الدار بين رجلين فاقتسماها نصفين على أن رد أحدهما على الآخر عبداً بعينه على أن رد الآخر مائة درهم فهو جائز. وإذا كانت دار (¬5) بين رجلين بالكوفة ودار بينهما بالبصرة فاقتسما على أن أخذ أحدهما الدار التي بالكوفة وأخذ الآخر الدار التي بالبصرة على أن رد أحدهما على الآخر دراهم مسماة فهو جائز. والأَرَضُون (¬6) والقرى والبساتين مثل ذلك في جميع ما ذكرنا. ... ¬

_ (¬1) م ز: أن زياده. (¬2) م ف ز - والآخر أخسها. والزيادة من ع. (¬3) م ف ز - الآخر. والزيادة من ع. (¬4) م ز: الدراهم. (¬5) ف: الدار. (¬6) م ف ز ع: والأرضين. والتصحيح من ب.

باب قسمة الدور وتفضيل بعضها على بعض بغير دراهم

باب قسمة الدور وتفضيل بعضها على بعض بغير دراهم وإذا كانت دار بين رجلين نصفين فاقتسما وأخذ أحدهما مقدم الدار وهو الثلث وأخذ الآخر مؤخر الدار وهو الثلثان فهو جائز. ولو كانا ميراثاً أو شرى فهو جائز. وكذلك لو أخذ أحدهما منها ثلثًا شارعاً له غلة على أن يُسَلِّم بقية الدار لشريكه فهو جائز (¬1). وإذا كانت الدار بين رجلين لأحدهما الثلث وللآخر الثلثان فاقتسماها على أن يأخذ (¬2) صاحب الثلث بثلثه ثلثًا شارعاً ويُسَلِّم بقية الدار لشريكه فهو جائز. ولو اقتسماها على أَنْ أَخَذَ صاحبُ الثلثين بثلثيه ثلثاً شارعاً وأخذ الآخر ما بقي بثلثه كان جائزاً، وإن كان ما أصاب صاحب الثلث أكثر من حقه فهو جائز. وإن كان الثلث الذي وقع في قسم الآخر ليست له غلة وليس بشارع فهو جائز، وإنما هذا بمنزلة البيع. وإذا كانت الدار بين ثلاثة نفر ميراثاً أو شرى فاقتسموها على أن أخذ أحدهم بيتاً (¬3) منها بجميع حقه وأخذ الآخران (¬4) من الدار ما بقي بحصتهما (¬5) من الدار فهو جائز. وإذا كانت دار بين رجلين ميراثاً بينهما فاقتسماها على أن أخذ كل واحد منهما طائفة من الدار على أن رفعا طريقاً بينهما ولأحدهما ثلثاها (¬6) وللآخر (¬7) ثلثها فهو جائز. ¬

_ (¬1) م ف ز: فهي جائزة. (¬2) م ف ز: أن أخذ. (¬3) ف: ثلثا. (¬4) ز: الاخرين. (¬5) ز: بحصتها؛ ب: بحقهما. (¬6) أي: ثلثا الطريق، والطريق يذكر ويؤنث. انظر: لسان العرب، "طرق". (¬7) ف - ثلثاها وللآخر.

وإذا كانت دار بين رجلين فأخذ أحدهما طائفة منها (¬1) تكون الثلث وأخذ الآخر طائفة منها تكون قدر النصف ورفعا طريقاً بينهما يكون مقدار السدس فهو جائز. وإن اشترطا أن يكون الطريق لواحد ثلثاه وللآخر ثلثه فهو جائز. وإن اشترطا أن يكون أصل الطريق لصاحب الأقل ويكون للآخر ممره منه فهو جائز. وإن لم يشترطا (¬2) شيئاً من ذلك فهو على قدر ما ورثا. وكذلك لو اشترطا (¬3) أن يكون الأصل (¬4) لصاحب الأكثر وللآخر ممرٌ فيه فهو جائز. وإذا كان الدار ميراثاً بينهم أو شرى أو وصية أو أصابها (¬5) من (¬6) صلح من شيء ادّعياه (¬7) فاقتسماها على هذه الجهة فهو جائز. وإن كانت دار بين رجلين وبينهما شقص في دار أخرى فاقتسماها على أن أخذ أحدهما الدار والآخر الشقص من الدار الأخرى فإن كانا سميا كم هو من سهم فهو جائز. وإن كانا سميا ثلثًا أو ربعًا فهو جائز. وإن كانا سميا أذرعاً مسماة فهو جائز في قول أبي يوسف ومحمد، ولا يجوز في قياس قول أبي حنيفة. فإن لم يسميا أسهمًا ولا أذرعاً ولا ثلثاً ولا ربعاً فإنه لا يجوز. فإن أقرا جميعاً أنهما كانا يعرفان كم من سهام هي يوم اقتسما فهو جائز. وإن عرف ذلك أحدهما وجهله الآخر فالقسمة مردودة. ولو كانت دُورٌ ثلاثة بين رجلين فاقتسماها على أن أخذ أحدهما داراً وأخذ الآخر دارين فهو جائز. وكذلك ثلاثة منازل في دور مختلفة. وكذلك أبيات في دار واحدة أو دور مختلفة. وكذلك منزل علو في دار وبيت ¬

_ (¬1) م ف + ولأحدهما ثلثاها وللآخر ثلثها فهو جائز وإذا كانت دار بين رجلين فأخذ أحدهما طائفة منها. (¬2) م ز: لم يشترط. (¬3) م ف ز: لو اشترط. (¬4) م - الأصل، صح هـ. (¬5) م: أوصى بها، ز: أوصابها. (¬6) ز: ما. (¬7) م ز: ادعاها؛ ف: ادعاه؛ ع: ادعياها. والتصحيح من ب.

باب قسمة الأرضين

سفل (¬1) [في دار] وعلو في دار أخرى فاقتسماها على أن أخذ أحدهما المنزل وأخذ الآخر البيت [والعلو] (¬2) فهو جائز. وإذا كانت الدار بين رجلين فاقتسماها على أن أخذ أحدهما الثلثين من مؤخرها بجميع حقه وأخذ الآخر الثلث من مقدمها فهو جائز. وإذا دخل في ذلك تَغَايُرٌ (¬3) فيما بينهما فاقتسما على ذلك فهو جائز. وما لم تقع (¬4) الحدود بينهما ويتراضيا (¬5) بعد القسمة فلكل واحد منهما أن يرجع. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولو اصطلحوا على أن أخذ أحدهما الثلث من مقدمها والآخر الثلثين من مؤخرها كان لكل واحد منهما أن يرجع في ذلك ما لم يرضيا بذلك بعد أن تقع (¬6) الحدود. وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ... باب قسمة الأرضين وإذا كانت الأرض بين قوم ميراثاً فأراد بعضهم قسمتها وأبى ذلك بعضهم فرفعوا (¬7) ذلك إلى القاضي وأقاموا البينة على أصول المواريث فإن أبا حنيفة قال: أقسمها بينهم. وكذلك لو كانت قرية وأرض. ولو كانت أَقْرِحَة (¬8) معلومة متفرقة فأراد بعضهم أن يقسم كل قَرَاح ¬

_ (¬1) ف: وسفل. (¬2) الزيادتان السابقتان من ب. (¬3) أي: غَبْنٌ كما هو في المبسوط، 15/ 28. (¬4) ز: لم يقع. (¬5) م ف ز ع: وتراضيا. والتصحيح من ب. وفي المبسوط، 15/ 28: والتراضي. (¬6) ز: أن يقع. (¬7) ف: رفعوا. (¬8) جمع قَرَاح بالفتح، وهي كل قطعة على حِيَالها من مَنابِت النخل وغير ذلك. وقيل: القَرَاح الأرض المخلَّصة لزرع أو لغرس. وقيل: القَرَاح المزرعة التي ليس عليها بناء=

على حدة وأراد بعضهم غير ذلك وقال: لا يُفَرَّق، فإنه يقسم بينهم كل قَرَاح على حدة بمنزلة دور متفرقة. ولو كانت دور متفرقة قُسِمَتْ كل دار على حدة. ولو كانت قرى متفرقة قُسِمَتْ كل قرية على حدة وكل قَرَاح على حدة. وهذا قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد إذا اختلفوا فقال بعضهم: يُقسَم كل قرية على حدة وكل قَرَاح على حدة، وقال بعضهم: يُجمَع نصيب كل إنسان على حدة، نَظَرَ القاضي إلى أفضل ذلك لهم وأقله عليهم ضرراً فيقسم عليهم على ذلك. وقال أبو يوسف: إذا أراد بعضهم أن يجعل نصيبه في مكان واحد وأبى الآخرون (¬1) فإني أجمع نصيب كل واحد منهم في ذلك في مكان واحد إذا كان ذلك أفضل في القسمة. وإذا أرادوا أن يفضلوا (¬2) بعضهم على بعض (¬3) بفضل نخل (¬4) أو شجر في ساحة (¬5) الأرض فهو جائز. ولو كان بعض الورثة غائباً (¬6) فقامت البينة على الأرض والميراث فإن أبا حنيفة قال: يقسمها القاضي بينهم (¬7) ويعزل (¬8) نصيب الغائب. وكذلك لو كان فيهم صبي صغير قَسَمَ على الصغير. ¬

_ = ولا فيها شجر. وقيل: القراح من الأرض البارز الظاهر الذي لا شجر فيه. انظر: المغرب، "قرح"؛ ولسان العرب، "قرح"؛ ومختار الصحاح، "قرح". ويأتي قريباً في كلام المؤلف ما يفيد أنه يكون على القَرَاح النخل والشجر والزرع. ففي استعمال المؤلف هي بمعنى قطعة أرض مطلقاً. (¬1) ز: الآخر. (¬2) ف: أن يفضل. (¬3) م ز: على بعضهم. (¬4) ف: نخر. (¬5) ع: في مساحة. وساحة الدار أي عرصتها والمكان المتسع أمام الدار، كما تقدم. (¬6) م ز: غائب. (¬7) م ف ز ع: بينهما. (¬8) م ز: ويقول؛ ف: ويقوم. والتصحيح من ع.

ولو كانت قرية وأرض بين ثلاثة نفر فغاب واحد وأراد الباقون أن يقتسماها وأصلها شرى وأقاما البينة على الشرى فإن أبا حنيفة قال: لا أقسمها، وقال: لا يشبه الشرى الميراث، لأن الميراث قضاء على الميت، وإذا حضر من ورثته اثنان فكل واحد منهما خصم لصاحبه وتُقبَل البينة وتُقسَم بينهم (¬1)، لأن هذا قضاء على الميت، وأما الشرى فإنما أقضي على الحي الغائب. ولو كانت قرية وأرض في يدي رجل فأقر أنها ميراث من أبيه وفي الورثة الغائب والصغير فإن أبا حنيفة قال: لا أقسمها حتى تقوم البينة على الميراث، ولا أسألهم البينة على القرية والأرض. وقال أبو يوسف: أقسمها بين الورثة على ما أقروا به، والذي هي في يديه وكل غائب وصغير على حجته. وإن كانت القرية في يدي صغير لم أقسمها ولم أخرجها من يديه إلا ببينة على المواريث وعلى أن القرية والأرض للميت. وإن كانت في يدي غائب لم أقسمها حتى يحضر، فإذا أقر قسمتها، وإن أنكر سألتهم البينة على المواريث. وإذا كانت القرية والأرض في يدي رجل فادعى رجل آخر (¬2) أنها لأبيه وأقام البينة على ذلك وعلى المواريث وليس له وارث حاضر غيره فأراد القسمة فإنها لا تقسم له؛ لأنه يكون خصماً في الميراث. وكذلك الدار. وإذا كانت القرية والأرض ميراثاً فاقتسم أهل الميراث فأصاب رجل قَرَاحاً ونخلاتٍ (¬3) في قَرَاح آخر وأصاب الآخر بيوتاً وأصاب الآخر كَرْماً فهو جائز. وإذا كانت القرية والأرض بين الورثة وهم كبار حضور فاقتسموها فأصاب رجل منهم قَرَاحاً وأصاب الآخر بستاناً وأصاب الآخر كَرْماً وأصاب ¬

_ (¬1) ز: سهم. (¬2) ف ز: لآخر. (¬3) م ف ز ع: أو نخلات. والتصحيح من ب.

الآخر بيوتاً وكتبوا في القسمة "كل حق هو (¬1) لها" فإن لصاحب البستان ما فيه من نخل وشجر، ولصاحب الكَرْم ما فيه من كَرْم وشجر، ولصاحب القَرَاح ما فيه من نخل وشجر (¬2)، ولكل واحد منهم طريقه وشِرْبه. فإن كان في النخل ثمر وفي الشجر والكَرْم ثمر وكان في القَرَاح زرع وقد ذكروا في كتاب القسمة "كل حق هو لها" فإن الثمرة والزرع لا تدخل في ذلك. ولو كتبوا "كل قليل أو كثير هو فيها أو منها" دخل ذلك في القسمة (¬3). ولو لم يكتبوا "كل حق هو لها" ولا "كل قليل أو كثير هو فيها" ولا "منها" ولا "مرافقها" فإن الزرع والثمر (¬4) لا يدخل في القسمة، وهو بينهم (¬5) ميراث، ولكن يدخل النخل والشجر والكرم في القسمة. وكذلك البناء. ويدخل الطريق والشِّرْب في القسمة. وإذا اقتسم قوم أرضاً بينهم على أن لا طريق لهم ولا شرب ورضوا بذلك فهو جائر. وإذا كانت أرض بين قوم ولهم نخل في غير أرضهم فاقتسموا على أن أخذ اثنان منهم الأرض وأخذ الآخر نخلاً منفرداً بأصوله فهو جائز. وإذا قسم (¬6) نفر أرضاً على أن لفلان هذه القطعة وهذه النخلة والنخلة ¬

_ (¬1) م - هو. (¬2) ف - ولصاحب الكرم ما فيه من كرم وشجر ولصاحب القراح ما فيه من نخل وشجر. (¬3) وذكر الحاكم في الكافي أن الإمام محمدا ذكر في كتاب المزارعة خلاف هذا وأنه لا يدخل الزرع والثمر في القسمة بهذا الشرهـ انظر: الكافي، 1/ 96 و؛ والمبسوط، 15/ 29. لكن المسألة مبنية على ذكر "من حقوقها" وعدم ذكره في الشرط، كما بينه المؤلف بوضوح في كتاب الشفعة وكتاب المزارعة. انظر: 6/ 215 ظ؛ 7/ 119 و. إلا أن المؤلف ذكر في كتاب الشفعة هنا عن أبي يوسف أنه قال: إنه وإن ذكر "من حقوقها" فالزرع يدخل في ذلك. لكن لم يذكر المؤلف في ذلك خلافاً في كتاب المزارعة. وانظر للشرح: المبسوط، 14/ 136، 23/ 154. (¬4) ف - والثمر. (¬5) م ف ز: بينهما؛ ع: بينها. والتصحيح من ب. (¬6) ز: اقتسم.

في غير القطعة، وعلى أن للآخر قطعة أخرى ولم يقولوا بكل حق هو لها، وعلى أن للثالث القطعة (¬1) التي فيها النخلة، فأراد أن يقطع النخلة في قطعته (¬2)، فليس له ذلك، والنخلة لصاحبها بأصلها، بمنزلة حائط أصابه في حَيِّز صاحبه. وكذلك لو أصابه مكان النخلة شجرة. فإن قطع النخلة والشجرة فله أن يغرس مكانها ما بدا له؛ لأن موضعها له. وإن أراد أن يمر إليها فمنعه صاحب الأرض فإن القسمة فاسدة؛ لأنه لا طريق لهذا إلي نخلته، وقد وقعت القسمة على مضرة. فإن كانوا ذكروا في كتاب القسمة "بكل حق هو لها" فله الطريق إلي نخلته وشجرته (¬3)، والقسمة جائزة. وإن كانت قرية وأرض ورحى ماء بين نفر ميراثاً وهم كبار (¬4) حضور فاقتسموا فأصاب رجل الرحى ونهرها (¬5) وبيت الرحى، وأصاب آخر أقرحة مسماة، وأصاب الآخر البيوت وأقرحة، فاقتسموها بكل حق هو لها، فأراد صاحب النهر أن يمر إلي نهره في أرض قَسِيمِه (¬6)، فمنعه ذلك، فليس له أن يمنعه، وله الطريق إلي نهره إذا كان نهره يمر في وسط أرض هذا إذا لم يكن له مَخْلَص إليه إلا في أرض هذا. وكذلك إن كتبوا في القسمة "ومرافقها وكل قليل وكثير هو فيها أو منها". فإن كان (¬7) النهر مع حد الأرض له طريق إليه (¬8) في غير الأرض فإنه يمر إليه في غير أرض هذا، فليس له في أرض هذا طريق. فإن كان في وسط أرض هذا ولم يشترط المرافق ولا الطريق ولا كل حق هو لها ولا كل قليل أو كثير هو ¬

_ (¬1) م ف ز ع: قطعة. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 15/ 29. (¬2) ف: من قطعته؛ ز: في قطعه. (¬3) م ز: وشجره. (¬4) ز: كبارا. (¬5) ف ز: وممرها. (¬6) ز: قسمه. قال المطرزي: قاسمته المال وهو قسيمي أي مقاسمي، ومنه قول محمد -رحمه الله-: "فإذا أراد صاحب النهر أن يمر إلي نهره في أرض قسيمه" يعني به شريكه الذي وقعت المقاسمة معه. و"قسيمة" و"قسمة" كلاهما غلط. انظر: المغرب، "قسم". (¬7) ز - كان. (¬8) م ز - إليه.

فيها أو منها (¬1) فإنه لا طريق له في أرض هذا، والقسمة فاسدة إلا أن يقدر أن يمر في بطن النهر. فإن قدر على هذا فالقسمة جائزة، وطريقه في بطن النهر. وإن لم يقدر على هذا فالقسمة فاسدة. وإن كان للنهر مُسَنّاة (¬2) من جانبيه يكون طريقه عليها فهو جائز، وطريقه عليها، ولا يكون طريقه في أرض صاحبه. وإن لم يذكروا المُسَنَّاة في القسمة فاختلف صاحب الأرض وصاحب النهر فيها فإنها لصاحب النهر؛ لأنها من حقوقه ومُلْقَى طينه وطريقه في قول أبي يوسف ومحمد (¬3). وإذا كان نهر بين أرض قَسِيمِه (¬4) وبين أرض أخرى ليس له طريق ولا مُسَنَّاة إلا في إحدى هاتين الأرضين وكان طريقه قبل القسمة في أرض قَسِيمِه (¬5) فإن كانت القسمة وقعت بكل حق هو له فله الطريق في أرض قَسِيمِه (¬6). وكذلك إن كان فيه ذكر المرافق او ذكر (¬7) الطريق أو ذكر كل قليل أو كثير هو فيها أو منها. فإن (¬8) لم يكن فيها شيء من ذلك فإن القسمة فاسدة؛ لأنه لا طريق للنهر، فهذا ضرر. فإن اشترطوا على صاحبه أن لا طريق له في هذه الأرض فهو جائز، ولا طريق له إذا علم يوم اشترطوا عليه أنه لا طريق له. وكذلك النخلة والشجرة (¬9). وكذلك النهر يصبّ في أَجَمَة (¬10) كان لصاحبه ذلك المصبّ على حاله. ¬

_ (¬1) ز: ولا كل قليل أو كثير هو فيها أو منها ولا كل حق هو لها. (¬2) المُسَنّاة ما يبنى للسيل ليرد الماء. انظر: المغرب، "سنو". (¬3) وقال الإمام أبو حنيفة: هي لصاحب الأرض، وقد ذكر الإمام محمد هذا في كتاب الشرب مفصلاً. انظر: 5/ 225 ظ، 227 و. وانظر: المبسوط، 15/ 31. (¬4) ز: قسمة. (¬5) ز: قسمه. (¬6) ز: قسمه. (¬7) م ف ز: وذكر. والتصحيح من ب. (¬8) م ز: قال. (¬9) ف ز: والشجر. (¬10) الأجمة هي الشجر الملتف. انظر: المغرب، "أجم".

وقال (¬1) أبو حنيفة: إذا كان نهر لرجل يمر في أرض أخرى فاختصما في مُسَنَّاة على النهر فقال رب الأرض: هي لي (¬2)، وقال رب النهر: هي لي، فهي لرب الأرض، وليس له أن يهدمها حتى يضر بالنهر (¬3)، ولكنه يَغرس عليها ما بدا له، بمنزلة حائط سفله لرجل وعلوه لآخر، فلصاحب العلو أن يحدث على علوه ما بدا له ما لم يضر بالسفل. وقال أبو حنيفة: لا حَرِيم للنهر (¬4). وقال أبو يوسف ومحمد: المُسَنَّاة في هذا لصاحب النهر، لأنها من حقوق النهر، وللنهر حَرِيم لِمُلْقَى طينه، أجعل له من ذلك على قدر ما يصلحه. وإذا كانت القرية والأرض بين قوم فاقتسموا الأرض مساحة (¬5) على أن من أصابه نخل أو شجر أو بيوت في أرضه فهي عليه بقيمتها (¬6) دراهم فهو جائز، بمنزلة رجلين اقتسما داراً على أن لكل واحد منهما ما أصابه من البناء بالقيمة، فهو جائز وإن لم يسميا ذلك. ألا ترى (¬7) أنه لو كانت دار بين رجلين فيها ساحة وفيها بناء لهما (¬8) فاقتسماها على أن أخذ أحدهما الساحة وأخذ الآخر موضع البناء على أن البناء بينهما على حاله، ثم أراد الذي أصابته الساحة أن يأخذ نصيبه من البناء لم يكن له ذلك؛ لأن فيه ضرراً (¬9) على صاحبه. ولكن له قيمة حقه من ذلك، أجبره عليه. فإذا كنت أجبره ¬

_ (¬1) ز + الإمام الأعظم. (¬2) م ف ز: له. (¬3) وفي ب: فيضر برب النهر. وفي المبسوط، 15/ 32: فإن ذلك يضر بالنهر. والمعنى واحد. (¬4) انظر: كتاب الشرب، 5/ 226 ظ - 227 و. (¬5) ف: ساحة. (¬6) م ف ز ع: بقيمته. والتصحيح من المبسوط، 15/ 32. (¬7) ز - ترى. (¬8) ز: لما. (¬9) م ز: ضرر.

على أخذ القيمة بغير شرط [فهو إذا كان بشرطٍ] (¬1) أَجْوَز وإن لم يسموا ذلك. ولو اشترطوا ذلك بدينار كان جائزاً. ولو اشترطوا ذلك حنطةً أو شعيراً أو شيئاً من الوزن أو الكيل أو الحيوان أو الثياب أو الذهب التِّبْر (¬2) أو الفضة التّبْر فإنه باطل لا يجوز في شيء من ذلك ولا في الذهب والفضة التِّبْر والمَصُوغَة إلا في الدنانير والدراهم. فإن اشترطوا (¬3) من الحنطة ضرباً معلوماً فقالوا (¬4): جيد ووسط ورديء أو دون فهو جائز إذا سموا الكيل وإن لم يضربوا (¬5) له أجلاً. وكذلك الشعير وكل ما يكال أو يوزن. ولا يجوز هذا في الثياب ولا في الحيوان. ألا ترى أنك لو اشتريت ثوباً هرويًا بكيل من الحنطة الجيدة كان (¬6) ذلك جائزاً. وكذلك الكيل كله والوزن كله. ولو اشتريت ثوباً هرويًا بعينه بثوب زُطِّي (¬7) بغير عينه لم يجز. وكذلك الثياب كلها والحيوان. ولو ضرب لذلك أجلاً ولم يسم له طولاً ولا عرضاً لم يجز. ولو ضرب للطعام أجلاً كان جائزاً. وكذلك الشعير. وكذلك الكيل كله والوزن كله. وإذا كانت القرية والأرض بين ورثة وعلى الميت دين وصاحب الدين غائب فأقاموا البينة على القرية والأرض وأصل الميراث وسألوا القاضي أن يقسم ذلك فإنه لا ينبغي للقاضي أن يقسم ذلك للدين الذي على الميت. وكذلك الدار والرقيق والميراث في الأصناف كلها فإنه لا ينبغي للقاضي أن يقسم ذلك بين الورثة وعلى الميت دين. وإن سألوا القاضي (¬8) أن يَقِفَ من ذلك الدينَ بقدر ما يكون فيه وفاءٌ ويَقسم بينهم ما بقي فإنه يفعل ذلك. ألا ترى أنه لو كان على الميت عشرة دراهم ديناً وترك ألفاً عيناً فإنه لا (¬9) ينبغي للقاضي أن يحبس هذا المال كله على هذا الدين، ولكنه يحبس منه بقدر ¬

_ (¬1) الزيادة من المبسوط، 15/ 32. (¬2) ف - التبر. (¬3) م ف ز: فإن اشترط. (¬4) م ف ز: فقال. (¬5) م ف ز: لم يضرب. (¬6) ف ز: الجيد مكان. (¬7) م ز: نطي. والزُّطي نوع من الثياب تنسب إلى الزُّطّ، وهم قوم من الهند. انظر: المغرب، "زطط". (¬8) ف + على. (¬9) ف - لا.

ذلك ويقسم ما بقي بينهم، ولا ينبغي للقاضي أن يأخذ كفيلاً بشيء من ذلك. أرأيت إن لم يجد الوارث من يكفل عنه أو لم يجد الغريم من يكفل عنه أيسع للقاضي إمساك حقه وهو يعرف أنه حقه، وإنما (¬1) يُطلَب الكفيل منه بشيء لم يَلحقه بعد، إنما ذلك فيما (¬2) يُخَاف وعسى أن يلحقه شيء (¬3). وإذا لم يعلم القاضي أن عليه ديناً وسألوا القسمة وأقاموا البينة على الأرض والقرية فإنه (¬4) ينبغي له أن يسألهم أعليه دين أو لا. فإن قالوا: لا، كان القول قولهم وقسم ذلك بينهم. فإن لحق دين بعد ذلك نقض القسمة كلها. وكذلك لو لم يسألهم عن ذلك حين قسم. وكذلك لو لحق وارث آخر لم يعرفه الشهود ولم يشهدوا عليه فإن القسمة كلها تنتقض وتُستقبَل (¬5) بينهم القسمة (¬6). وإن أقر أحد منهم بدين لرجل وجحد ذلك بقيتهم ولم يكن للغريم بينة على الدين (¬7) فإنه يقسمها بينهم على المواريث، ثم يأخذ حصة المقر من ذلك فيبيعها في الدين. ولو كان قسم القاضي بينهم بالبينة على القرية والأرض وعلى أصول المواريث ثم أقام رجل البينة أن الميت أوصى [له] (¬8) بألف درهم، وهي تخرج من ثلثه، فإن القسمة تنتقض وتبطل. فإن غرم الورثة هذه الألف درهم ¬

_ (¬1) م ز: إنما. (¬2) م ف ز ع: انما. (¬3) وفي ب: وإنما يؤخذ الكفيل منه بشيء لم يلحقه بعد ويخاف وعسى أن يلحقه شيء. وعبارة السرخسي هكذا: وإنما يطلب الكفيل بشيء لم يلحقه بعد ولكنه يخاف ذلك وعسى لا يلحقه شيء. وقال المؤلف في كتاب الدعوى: وقال أبو حنيفة: لا آخذ من الوارث كفيلا بشيء مما يدفع إليه من ميراثه، وقال: أرأيت إن لم يجد كفيلا أكنت أمنعه حقه بشيء أخاف ولم يَسْتَبِنْ بعدُ ولم يجب عليه بعدُ. انظر: 5/ 166 و. وهذا قول أبي حنيفة، أما قول الصاحبين فمخالف لقول الإمام. انظر: المبسوط، 15/ 34، 17/ 46. (¬4) م: فان. (¬5) ز: وتستقل. (¬6) ف: بالقسمة. (¬7) م ف ز ع: على دين. (¬8) الزيادة من ب؛ والمبسوط، 15/ 34.

من أموالهم فدفعوا إليه جازت قسمتهم ولم تنتقض. وكذلك (¬1) لو (¬2) كان هذا ديناً فقضوه إياه. وكذلك لو قضاه واحد منهم على أن لا يرجع عليهم بشيء، فهذا سواء في الدين والوصية. وإن أراد (¬3) أن يرجع عليهم لم تجز القسمة وكان بمنزلة الأول إلا أن يقضوه بالحصص. ولو كان صاحب الوصية أوصى له بالثلث وأقام البينة على ذلك أَبطلتُ (¬4) القسمة. وإذا كانت القرية والأرض بين رجلين شرى فمات أحدهما وترك نصيبه منها ميراثاً فأقام ورثته البينة على الميراث وعلى الأصل وشريك أبيهم (¬5) غائب وأصل الشركة بين أبيهم وبين صاحبهم سواء فإن القاضي لا يقسم ذلك حتى يحضر الغائب. ولو حضر الغائب وغاب بعض الورثة قسمتها بينهم. وإذا كانت القرية والأرض بين رجلين ورثاها من أبيهما فمات أحدهما وتركها ميراثاً بين ورثته وغاب عم الورثة وأقاموا (¬6) البينة على أصول مواريث (¬7) الجد وعلى الأرض والقرية فإنه يقسمها بينهم ويعزل نصيب عمهم. وكذلك لو كان عمهم حاضراً وغاب بعض بني أخيه فإنه يقسمها بينهم؛ مِن قِبَل أن الأصل ميراث، ولا يشبه هذا الشرى. وهكذا هذا في الدور والمنازل. وإذا كانت القرية والأرض بين قوم ميراثاً فاقتسموها بغير قضاء قاض فأصاب كل إنسان منهم قَرَاحًا على حدة فله طريقه وشربه ومسيل مائه ونخله وشجره وكل حق هو له. ولو كان [فيهم] (¬8) صغير ليس له وصي أو غائب ليس له وكيل فإن القسمة تبطل ولا تجوز. وإذا كانت القرية والأرض بين ورثة فاقتسموها بقضاء صاحب الشُّرَط ¬

_ (¬1) م ز: ذلك. (¬2) ز: ولو. (¬3) ف ز: أرادوا. (¬4) م ف ز ع: بعد.- والتصحيح من المبسوط، 15/ 35. (¬5) ف: بينهم. (¬6) ف ز: فأقاموا. (¬7) م: المواريث. (¬8) مستفاد من المبسوط، 15/ 35.

باب قسمة الحيوان والعروض

أو عامل الرُّسْتَاق (¬1) أو الطَسُّوج (¬2) على الخراج أو عامل المَعُونَة (¬3) وفيهم الصغير والغائب بعد أن قامت عنده البينة على الميراث والأصل فإن ذلك لا يجوز؛ لأن هذا ليس بقاض. وكذلك الدار في المصر. وكذلك لو اصطلحوا أو تحاكموا إلى عَدْل ورضوا به من الفقهاء فسمع بينتهم (¬4) على الأصل والميراث ثم قسم ذلك بينهم بالعدل وفيهم الصغير الذي لا وصي له والغائب الذي لا وكيل له فإن ذلك لا يجوز. فإن قدم الغائب فأجاز وكبر الصبي فأجاز فهو جائز. فإن مات الغائب فأجاز (¬5) وارثه فإنه لا يجوز في القياس، ولكني أستحسن وأجيز (¬6)، وكذلك الصغير إن مات (¬7)، في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: لا يجوز ذلك. ... باب قسمة الحيوان والعروض وإذا كانت الغنم بين قوم ميراثاً أو شرى فأراد بعضهم قسمتها وكره ذلك بعض وقامت البينة على الورثة والأصل والميراث فإن أبا حنيفة قال: ¬

_ (¬1) قال الفيومي: الرُّسْتَاق معرَّب، ويستعمل في الناحية التي هي طرف الإقليم، والرّزْدَاق بالزاي والدال مثله، والجمع رَسَاتِيق ورَزَادِيق، قال ابن فارس: الرَّزْدَق السطر من النخل والصف من الناس، ومنه الرُّزْدَاق، وهذا يقتضي أنه عربي، وقال بعضهم: الرُّسْتَاق مولَّد وصوابه رُزْدَاق. انظر: المصباح المنير، "رستق". وقال المطرزي: الرَّزْدَق الصف، وفي الواقعات: رَسْتَق الصفّارين والبيّاعين، وكلاهما تعريب رَسْتَه. انظر: المغرب، "رزدق". (¬2) م ف ز ع: أوطسوج. والتصحيح من المبسوط، 15/ 35. وقال المطرزي: الطَّسُّوج الناحية كالقرية ونحوها، معرَّب، يقال: أردبيل من طساسيج حُلْوان. انظر: المغرب، "طسج". (¬3) ز: المعمونة. (¬4) ز: بينهم. (¬5) ف: فاختار. (¬6) القائل لهذا هو أبو حنيفة وأبو يوسف. أما محمد فلا يجيز ذلك. انظر: المبسوط، 15/ 36؛ والبحر الرائق لابن نجيم، 8/ 170. (¬7) م ز: وإن مات.

أقسمها بينهم. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وكذلك البقر والإبل. وكذلك الثياب، الزُّطِّي (¬1) واليهودي وكل صنف من الثياب. وكذلك المال العين. وكذلك الذهب والفضة. وكذلك الحنطة والشعير. وكذلك السمن والزيت وكل ما يكال أو يوزن. وقال (¬2) أبو حنيفة: إذا كان رقيق خاصة وليس بينهم شيء غير ذلك فإني لا أقسم الرقيق. وقال أبو يوسف ومحمد: يقسم بينهم. ولو أراد بعضهم أن يبيع نصيبه خاصة في شيء مما سمينا في هذا الكتاب فله ذلك. وإذا كان الميراث رقيقاً وغنماً أو ثياباً أو أمتعةً فقامت البينة على ذلك وعلى الميراث فإنه يقسم بينهم ذلك، إذا دخل مع الرقيق غيره قسمت ذلك كله. وهذا قول أبي حنيفة. وإذا كان ثوب زُطّي وثوب هروي ووسادة وبساط فإن هذا لا يقسم إلا برضاهم جميعاً (¬3). وإذا كان الميراث بين قوم من رقيق وثياب وغنم وعقار (¬4) ودُور بالمصر وضِيَاع (¬5) بالسواد فاقتسموا ذلك وكلهم حاضرون كبار فأخذ بعضهم الرقيق وأخذ بعضهم الغنم وأخذ بعضهم الدور وأخذ بعضهم الضِّيَاع فهو جائز. ولو رفعوا ذلك إلى القاضي قسم بينهم الدور على حدة والأرض على حدة والغنم على حدة وكل دار على حدة والثياب على حدة، ولا يضم (¬6) ¬

_ (¬1) ز: النطي. الزُّطِّي نوع من الثياب تنسب إلى الزُّطّ، وهم قوم من الهند. انظر: المغرب، "زطط". (¬2) ز + الإمام الأعظم. (¬3) م ف ز - وإذا كان ثوب زطي وثوب هروي ووسادة وبساط فإن هذا لا يقسم إلا برضاهم جميعاً. والزيادة من ع. وتوجد بتغيير يسير في ب؛ والمبسوط، 15/ 37. (¬4) م ف ز: وبحار (مهملة). والتصحيح من ع ب. (¬5) جمع ضَيْعَة بمعنى العقار، والضَّيْعَة عند أهل الحَضَر النخل والكَرْم والأرض. انظر: مختار الصحاح، "ضيع"؛ والمصباح المنير، "ضيع". (¬6) م ز: ولا يضمن.

بعضها إلى بعض إلا أن يتراضوا على ذلك. وإن كان ذلك (¬1) ميراث امرأة بين زوجها وأخيها فتركت بينهما متاعاً وثياباً فاقتسما ذلك فيما بينهما فهو جائز. وإن رفعا ذلك إلى القاضي فإن القاضي لا يقسمه لأنه مختلف، إلا برضاهما جميعاً. ولو اشتراه رجلان منهما ثم أرادا (¬2) قسمته فاقتسماه فهو جائز. وإذا أراد أحدهما ذلك وأبى الآخر وترافعا إلى القاضي لم يقسمه ولم يجبر واحداً (¬3) منهما على بيعه. وإن كان بين الورثة على حاله وعلى الميت [دين] (¬4) وقد أوصى بوصية في ثلثه فإن ذلك يباع، فيُقضى الدين وتُنفَّذ الوصية ويُقسَم ما بقي. وإذا (¬5) كانت الغنم بين رجلين فأرادا قسمتها فقسماها نصفين ولم يَأْلُوا (¬6) عن العدل ثم أقرعا فأصاب أحدهما طائفة والآخر طائفة أخرى فندم أحدهما فأراد الرجوع عن ذلك فليس له أن يرجع، والقسمة جائزة. وكذلك لو رضيا برجل فقسم ذلك بينهما نصفين ولم يَألُ أن يَعْدِل (¬7) في ذلك ثم أقرع بينهما فهو جائز عليهما. وكذلك (¬8) الحيوان كله. وإذا كانت غنم بين قوم فتَسَاهَمُوا (¬9) عليها قبل أن يقسمها (¬10) فأيهم خرج سهمه أولاً عَدُّوا له الأول فالأول فإن هذا لا يجوز، والقسمة على ¬

_ (¬1) ف: الميراث. (¬2) م ز: منهم ثم أراد. (¬3) ز: واحد. (¬4) الزيادة من ب. (¬5) ز: وإن. (¬6) قال المطرزي: قوله: لم يَأْلُ أن يعدل في ذلك، أي لم يقصِّر في العدل والتسوية، مِن أَلاَ في الأمر يَأْلُو أُلوًا وأُليَّا إذا قصّر فيه، إلا أنه حذف "في" مع أن ... وأما لفظ الرواية: فقسماها نصفين ولم يألوا من العدل، فعلى التضمين، وقولهم: لا آلوك نصحًا، معناه لا أمنعكه ولا أنقصكه، وهو تضمين أيضاً. انظر: المغرب، "ألو". (¬7) م ف ز: ولم يألوا الف يعدل؛ ع: ولم تألوا الف يعدل. والتصحيح مستفاد من ب جار؛ والمبسوط، 15/ 38. (¬8) ز: ولذلك. (¬9) تَسَاهَمَ القومُ أي تَقَارَعُوا. انظر: لسان العرب، "سهم". (¬10) أي: قبل أن يقسمها القسّام. وفي المبسوط، 15/ 38: قبل أن يقسموها.

هذا فاسدة (¬1). وكذلك هذا في الثياب والحيوان كله؛ لأن هذا مجهول لا يعرف. وإذا كانت الغنم والبقر والإبل (¬2) ميراثاً بين قوم فاقتسموها على أن أخذ واحد الإبل وأخذ الآخر البقر وأخذ الغنم آخر فاقتسموها (¬3) على ذلك فهو جائز. وإن رد صاحب الإبل على صاحبيه كذا كذا درهماً، لصاحب الغنم منها الثلثان، ولصاحب البقر الثلث، فهو جائز. وكذلك لو كان صاحب الغنم هو الذي يرد على صاحبيه فهو جائز. ولو لم يقتسموا على هذا الوجه ولكنهم جعلوا الإبل قسماً والبقر قسماً والغنم قسماً ثم تَسَاهَمُوا عليها واقترعوا (¬4) على أن من أصابه الإبل رد كذا كذا درهماً على صاحبيه نصفين فهو جائز. وإن ندم أحدهم بعدما وقعت السهام لم يجز نقض ذلك ولا رده، وجازت القسمة عليهم جميعاً. وإن ندم واحد منهم قبل أن تقع السهام فرجع عن ذلك فإن له ذلك. وإن وقع واحد من السهام وبقي اثنان فندم أحدهما ورجع عن ذلك فإن له ذلك. ولو وقع سهمان وبقي واحد لم يكن له أن يرجع، لأن السهام قد وقعت كلها (¬5). ولا تجوز القسمة في الأول (¬6) بعد رجوعه. وإذا كانت أَعْدَالُ (¬7) ثيابٍ بين قوم فاقتسموها فجعلوا (¬8) الزُّطّي (¬9) منها ¬

_ (¬1) ز: فاسد. (¬2) م: والإبل والبقر. (¬3) ف: فاقتسموا. (¬4) ز: وأقرعوا. (¬5) أي: لأن القسمة قد تمت، فبخروج سائر السهام يتعين ما يصيب السهم الباقي خرج أو لم يخرج. انظر: المبسوط، 15/ 38. (¬6) أي: في المسألة التي قبلها فيما إذا وقع واحد من السهام وبقي اثنان فندم أحدهما. (¬7) أعدال جمع عِدْل بمعنى أحد الوعاءين الذين يعلقان بجانبي الدابة، من عِدْل الشيء أي مِثله. انظر: المغرب، "عدل"؛ ومختار الصحاح، "عدل". (¬8) ف: فوضعوا. (¬9) ز: النطي. الزُّطَّي نوع من الثياب تنسب إلى الزُّطّ، وهم قوم من الهند. انظر: المغرب، "زطط".

قسماً والسّابِري (¬1) قسماً واليهودي قسماً ثم أقرعوا بينهم فهو جائز، وأيهم أصابه شيء من ذلك لزمه ذلك. فإن ندم رجل منهم بعدما تقع السهام لم يكن له أن يرجع. وإن وقع سهم من السهام وبقي سهمان أو ثلاثة أو وقع سهمان وبقي سهمان فرجع أحدهم عن ذلك فإن ذلك له، ولا تجوز القسمة بعد رجوعه. ولو وقعت السهام كلها ثم رجع أحدهم لم يكن له ذلك. وإذا كان الثوب بين رجلين فأراد أحدهما قسمته (¬2) وأبى الآخر فإنه لا يقسم، لأن في قسمته ضرراً (¬3). فإن رضيا بذلك جميعاً قسمتُه بينهما. ولو اقتسماه فشَقَّاه طولاً أو عرضاً (¬4) بتراض (¬5) منهما فهو جائز. ولو اصطلحا على أَنْ أَخَذَ أحدُهما مُقَدَّمَ الثوب فأخذ (¬6) منه الثلث من مُقَدَّمِه وأعطى صاحبه البقية وشَقَّاه على ذلك فهو جائز. وإن ندم أحدهما بعد ذلك فرجع عن ذلك لم يكن له ذلك، والقسمة جائزة. وإذا كانت الثياب بين قوم (¬7) إن (¬8) اقتسموها لم يُصِبْ كلُّ واحد منهم (¬9) ثوباً تاماً [فإن القاضي لا يقسمها بينهم] (¬10). وإذا اصطلحوا واجتمعوا على القسمة وتراضوا بذلك على أن من أصابه هذا الثوب رد على صاحبه درهماً، ومن أصابه هذا رد على صاحبه درهمين، وكان (¬11) الثوب ¬

_ (¬1) ز + منها. السابري ضرب من الثياب يعمل بسابور موضع بفارس، وعن ابن دريد: ثوب سابري أي رقيق. انظر: المغرب، "سبر". (¬2) ف: قيمته. (¬3) ز: ضرر. (¬4) م ف ز: وعرضا. والتصحيح من ع ب؛ والمبسوط، 15/ 39. (¬5) ز: بتراضي. (¬6) م ف ز ع: وأخذ. وعبارة ب جار: وكذا لو قطعا لأحدهما الثلث من جهة المقدم ... (¬7) وهم أربعة أشخاص كما يظهر من المسألة. وفي حاشية ب: أي أربعة. (¬8) ز -إن. (¬9) م ف ز: منهما؛ ع: منها. والتصحيح من المبسوط، 15/ 39. (¬10) الزيادة من المبسوط، 15/ 39. (¬11) ز: وكانت.

باب الخيار في القسمة بغير شرط

بين الباقيين (¬1) نصفين، فهو جائز؛ لأنهم تراضوا بذلك. وإذا كانت الثياب ثلاثة أثواب بين رجلين فأراد أحدهما قسمتها وأبى الآخر فإني أنظر، فإن كانت قسمتها تستقيم قسمتها، وإن كانت (¬2) لا تستقيم لم أقسمها بينهم. فإن اقتسما هذه الثلاثة الأثواب (¬3) على أن من أصابه هذا (¬4) الثوب كان للآخر الباقيان ويرد صاحب الثوبين عشرة دراهم على صاحب الثوب فهو جائز (¬5). وإذا كانت الثياب بين قوم فاصطلحوا على أن أقسمها بينهم وأُجزّئها أجزاءً وأَعْدِل فيما بينهم (¬6) ثم أُقْرِع بينهم فهو جائز. فإن أراد أحدهم أن يرجع عن ذلك فليس له أن يرجع (¬7). ... باب الخيار في القسمة بغير شرط وإذا اقتسم قوم دُوراً أو قَرَاحاً (¬8) أو أَرَضِين أو حيواناً أو متاعاً أو ثياباً مختلفة أو شيئاً من الأشياء مما لا يكال ولا يوزن ومما لا ¬

_ (¬1) م ف ز ع: الباقين. والتصحيح من ب. (¬2) م ز: وإن كان. (¬3) ز: أثواب. (¬4) ز: هذه. (¬5) قال السرخسي: هكذا قال في الكتاب، والأصح أن يقال: إن استوت القيمة وكان نصيب كل واحد منهما ثوب ونصف فإنه يقسم الثوبين بينهما ويدع الثالث مشتركًا، وكذلك إن استقام أن يجعل أحد القسمين ثوباً وثلثي الآخر والقسم الآخر ثوباً وثلث الآخر، أو أحد القسمين ثوباً وربعًا والآخر ثوباً وثلاثة أرباع، فإنه يقسم بينهم ويترك الثوب الثالث مشتركًا، لأنه تيسر عليه التمييز في بعض المشترك، ولو تيسر ذلك في الكل كان يقسم الكل عند طلب بعض الشركاء، فكذلك إذا تيسر ذلك في البعض، والله أعلم بالصواب. انظر: المبسوط، 15/ 39. (¬6) م ف ز ع: أن اقسما بينهم ويجزاها اجزا وعدل فيما بينهما. والتصحيح من ب جار. (¬7) ز: فليس له ذلك. (¬8) ما تقدم أنه بمعنى قطعة أرض.

يُجْبَر (¬1) على قسمته لاختلافه ولم يَرَ بعضهم قسمه الذي وقع له ورآه بعد ذلك فهو بالخيار، إن شاء رد القسمة، وإن شاء أمضاها. والميراث في ذلك والشرى إذا لم يره سواء (¬2). وكذلك البستان والكرم. وكذلك الحنطة والشعير والسمن والزيت. وكذلك كل ما يكال أو يوزن. وكذلك الذهب التِّبْر والفضة التِّبْر. وكذلك آنية الفضة والحلي والذهب والفضة والجوهر واللؤلؤ. وكذلك العروض كلها. وكذلك السلاح والسُّرُوج. وإذا كانت ألفا درهم بين رجلين، كل ألف في كيس، فاقتسما على أن لأحدهما كيسًا وللآخر كيسًا (¬3)، وقد رأى أحدهما المال كله ولم يَرَ الآخرُ، فإن القسمة جائزة على الذي رآه وعلى الذي لم يره، إلا أن يكون قسم الذي لم ير المال شَرَّهما (¬4) فيكون له الخيار، إن شاء رد القسمة، وإن شاء أمضاها. وكذلك الدنانير والدراهم. وكذلك الفلوس. ولا تشبه (¬5) الدنانير والدراهم والفلوس شيئاً مما ذكرنا. وإذا اقتسم رجلان داراً قد رأى كل واحد منهما ظاهر الدار وظاهر المنزل الذي أصابه ولم ير جوفه فلا خيار لواحد منهما، ورؤية ما ظهر مثل ما بطن. وكذلك الأرض والقرية. وإذا اقتسم رجلان بستاناً وكَرْماً فأصاب أحدهما البستان وأصاب الآخر الكَرْم ولم يَرَ واحد منهما الذي أصابه ولا رأى جوفه ولا رأي نخله ولا شجره ولكن رأى حائطاً من ظاهره (¬6) فالقسمة جائزة، ورؤية الظاهر مثل ¬

_ (¬1) م ف ز ع: لا يجبران. والتصحيح من ب جار. (¬2) م ز: سوى. (¬3) ف - وللآخر كيسا، صح هـ. (¬4) م ف ز ع: اسرها. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 15/ 40. ويمكن قراءة النسخ على أنها "أشرها". لكن أشر قياس متروك، كما ذكره في المغرب، "شرر". (¬5) ز: يشبه. (¬6) م ف ز ع: من ظاهر. والتصحيح من المبسوط، 15/ 40.

باب الخيار في القسمة

رؤية الباطن، ولا خيار لواحد منهما في رد القسمة. وإن كان رأى كل واحد منهما أطراف الشجر من فوق الحائط فالقسمة جائزة ولا خيار. وإذا اقتسم رجلان عِدْلَ زُطّي (¬1) أو جِرَابَ هَرَوي (¬2) فاقتسماه ورأياه مَطْوِيًّا فلا (¬3) خيار لواحد منهما في ذلك. وكذلك كل متاع يقتسمانه (¬4) مَطْوِيًّا؛ لأنهما قد رأياه جميعاً فلا خيار لواحد منهما. ... باب الخيار (¬5) في القسمة وإذا اقتسم الرجلان فأصاب كل واحد منهما طائفة واشترط أحدهما الخيار في ذلك ثلاثة أيام فالقسمة جائزة، والخيار جائز. ولصاحب الخيار أن يفسخ القسمة في ثلاثة أيام، وليس للآخر أن يفسخها. وإن مضت الثلاثة قبل أن يفسخها جازت (¬6) القسمة. وكذلك لو مات الذي له الخيار قبل الثلاث كانت القسمة جائزة (¬7). وكذلك إن بنى فيها أو هدم فيها سقفًا. وكذلك لو جَصَّصَها أو طَيَّنَ منها حائطاً (¬8) أو هدم حائطاً أو ¬

_ (¬1) ز: نطي. العِدْل وعاء يوضع على الدابة على جانبيها، فهما عِدْلان. والزُّطّي نوع من الثياب. وقد تقدما. (¬2) الجِرَاب وعاء من إهاب الشاة لا يُوعَى فيه إلا يابس. انظر: لسان العرب، "جرب". والهروي نوع من الثياب منسوب إلى هراة، مدينة معروفة. انظر: المغرب، "هرو". (¬3) ز: ولا. (¬4) م ز: يقسمانه. (¬5) ز: الجناية. (¬6) أي: لزمت. (¬7) م ف ع + وإن لم يمت؛ ز + ولو لم يمت. والتصحيح من ب. وجائزة هنا بمعنى لازمة. (¬8) م ف ع + فيها. والتصحيح من ب جار.

سكنها فهذا رضاً وإمضاء للقسمة (¬1). ولو مضت الثلاثة الأيام فقال الذي له الخيار: قد كنت رددت القسمة قبل أن تمضي الثلاث، فإنه لا يصدق على ذلك، والقسمة جائزة. فإن أقام البينة أنه رد القسمة على ذلك أبطلت القسمة. وإن ادعى ذلك هو وادعى ذلك صاحبه فإنه لا يصدَّق، وعليه البينة. فإن أقام البينة أنه رد القسمة وأقام الآخر البينة أنه أجازها فإنه يؤخذ بشهود الرد، وتبطل القسمة. وأيهما (¬2) ادعى الرد وأقام البينة فهو مثل صاحبه. وإذا كانت القرية والأرض بين قوم ميراثاً فاقتسموا واشترط أحدهم الخيار ثلاثة أيام فهو جائز. فإن (¬3) زَرَعَ الأرضَ أو سقى الزرعَ أو جَزَّزَ (¬4) النخلَ أو حصد الزرع أو قَطَفَ كَرْمَها أو غرس فيها شيئاً أو أحدث فيها ¬

_ (¬1) م ز: القسمة. قال الحاكم الشهيد: وسكنى الدار التي وقعت في سهم صاحب الخيار رضى منه بها وإبطال للخيار. انظر: الكافي، 1/ 197 و. وقال السرخسي شارحاً: وقد بينا اختلاف الروايات في هذه المسألة في البيوع، وأن مراده حيث يقول: ذلك رضى منه، إذا تحول إليها وسكنها بعد القسمة، وحيث يقول: لا يكون رضى، إذا كان ساكناً فيها فاستدام السكنى. انظر: المبسوط، 15/ 40. وانظر لشرح المسألة في كتاب البيوع: المبسوط، 13/ 61. ولكنه لم يفصل اختلاف الروايات كما ذكر، ولعله سقط من النسخة المطبوعة. وقال الكاساني: ولو كان المبيع داراً فسكنها المشتري أو أسكنها غيره بأجر أو بغير أجر أو رَمّ شيئاً منها أو جصّصها أوطيّنها أو أحدث فيها شيئاً أو هدم فيها شيئاً فذلك كله إجازة، لأنه دليل اختيار الملك أو تقريره، فكان إجازة دلالة. وذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي في سكنى المشتري روايتين ووفّق بينهما فحمل إحداهما على ابتداء السكنى والأخرى على الدوام عليه. انظر: بدائع الصنائع، 5/ 271. (¬2) ف + لو. (¬3) م ف ز ع: وإن. وفي ب جار: فلو. والفاء هو المناسب للمقام. (¬4) قال المطرزي: الجَزّ: قطع الشيء الكثيف الضعيف، ويقال: جَزّ الصوف وجَزّ النخل إذا صرمه، والجِزَاز كالجِدَاد بالفتح والكسر إلا أن الجِدَاد خاص في النخل، والجِزَاز فيه وفي الزرع والصوف والشعر، وقد فرّق محمد -رحمه الله- بينهما فذكر الجِداد قبل الإدراك والجِزاز بعده، وهو وإن لم يثبت حسن. وأما جزّز التمر بالتكرير فقياس. انظر: المغرب، "جزز".

نهراً أو كَرَاهاً (¬1) أو بنى فيها بناءً أو طيّن فيها بيتاً أو أَلْقَحَ (¬2) النخلَ أو سقى أو كَسَحَ (¬3) الكَرْمَ فهو كله رضى. فإن اشترط الخيار أربعة أيام فهو فاسد، لا تجوز القسمة على هذا في قول أبي حنيفة. وإن أبطل الخيار قبل أن تمضي ثلاثة أيام جازت القسمة. وإن كان الخيار ثلاثة أيام فعَرَضَ على بيع فهذا رضى بالقسمة. والخيار جائز في قسمة الحيوان والثياب والعروض وما يكال وما يوزن وفي البقر والغنم والإبل ثلاثة أيام، والدواب والرقيق ثلاثة أيام، في قياس قول أبي حنيفة. وكذلك كل ما يكال أو يوزن. وإن كان أربعة أيام أو أكثر فهذا فاسد. وقال أبو يوسف ومحمد: إن كان الخيار سنة (¬4) في ذلك فهو جائز. وإن اشترطوا خياراً ولم يُوَقِّتُوا له وقتاً فإذا أَبْطَلَ الخيارَ وأَنْفَذَ القسمةَ في الثلاث فهو جائز في قياس قول أبي حنيفة. وإن مضت الثلاث قبل أن يُنْفِذَ القسمة أبطلت القسمة. ولو كان في الورثة صغير قَاسَمَ له وصيُّه على هذا الخيار على ما وصفت لك كان جائزاً. وكذلك لو كان أبوه قَاسَمَها له كان جائزاً. وكذلك الجد إذا لم يكن له أب ولا وصي. وكذلك المغلوب المعتوه بمنزلة الصبي. وكذلك غائب قَاسَمَ له وكيل على هذا الخيار فهو جائز (¬5). ¬

_ (¬1) م ز: أو كرما؛ ف: أو أكراها. والتصحيح من ع. كرى النهر كَرْيا وكَرْوا أي حفره وأخرج طينه. انظر: المغرب، "كرى"؛ ولسان العرب، "كرى". (¬2) ألقح ولقّح بمعنى واحد. انظر: المصباح المنير، "لقح". (¬3) كَسَحَ البيتَ كَنَسَه، ثم استعير لتنقية البئر وحَفْر النهر وقَشْر شيء من تراب جداول الكَرْم. انظر: المغرب، "كسح". (¬4) ز: ستة. (¬5) ف - الجد إذا لم يكن له أب ولا وصي وكذلك المغلوب المعتوه بمنزلة الصبي وكذلك غائب قاسم له وكيل على هذا الخيار فهو جائز.

باب قسمة الأب على الصغير والمعتوه

وكذلك لو كان في هذه القسمة رَدُّ دراهمِ بعضِهم على بعض فهو جائز في ذلك كله إذا كان الخيار ثلاثة أيام في قول أبي حنيفة، وإن كان أكثر من ثلاثة أيام لم يجز. ... باب قسمة الأب على الصغير والمعتوه وإذا قسم الأب داراً على ابنه وهو صغير أو أرضاً أو حيواناً أو ثياباً أو متاعاً أو شيئاً مما يكال أو يوزن فإن قسمته عليه جائزة. وإن نقص من حقه ما (¬1) يتغابن الناس في مثله فهو جائز على الصغير. وإن نقص أكثر من ذلك لم تجز القسمة. وكذلك وصي الصغير. وكذلك الجد أبو (¬2) الأب إذا كان الأب ميتاً. فإن كان للأب وصي لم تجز قسمة الجد، ولكن تجوز قسمة الوصي. فإن كان الأب حياً لم تجز قسمة الجد. والمعتوه والمغلوب في ذلك بمنزلة الصبي. وكذلك وصي (¬3) المرأة (¬4) يُقاسِم [عن] (¬5) أولادها الصغار (¬6) ميراثَهم منها وليس لهم أب ولا وصي أب. وكذلك (¬7) وصي الأخ ووصي العم ووصي ابن العم يُقاسِم للصغير ميراثَه منهم إذا لم يكن له أب ولا وصي أب في جميع ميراثهم من الميت الذي أوصى إليه ما خلا العقار. فإن كان (¬8) للصغير أب أو وصي أب (¬9) لم تجز قسمة هذا على الصغير. وليس لوصي الأم ولا لوصي العم والأخ أن يقاسم لهم ميراثاً غير ذلك (¬10). فأما وصي الأب فيقاسم ميراثهم من الأب وغيره. ¬

_ (¬1) ز - ما. (¬2) ز: أب. (¬3) م ف: توصي. (¬4) أي: وصي الأم، كما هو في ب؛ والمبسوط، 15/ 41. (¬5) الزيادة من ب جار. (¬6) م ز: الصغير؛ ف: الصغر. (¬7) ز: ولذلك. (¬8) ز - كان. (¬9) م ز - أب. (¬10) أي: فيما ورثوه من غير الموصي. انظر: المبسوط، 15/ 41.

باب قسمة ما يرد بالعيب

ولا تجوز قسمة الأب الكافر على [ولده] (¬1) الصغير المسلم. وكذلك قسمة الأب المكاتب أو العبد على [ولده] (¬2) الحر الصغير. أوالمعتوه، (¬3) في ذلك بمنزلة الصغير. ولا تجوز قسمة الأب على الكبير الغائب، ولا تجوز قسمة الوصي على الكبير الغائب، في العقار والدُّور والأَرَضِين، ويجوز (¬4) في الكيل والوزن والدراهم والدنانير فيما كان من الميراث. ولا تجوز قسمة الأخ على أخيه الصغير، ولا قسمة الأم على ابنها الصغير، ولا قسمة الزوج على امرأته الصغيرة. ولا تجوز قسمة العم على الصغير والكبير الغائب في جميع ذلك (¬5). ولو أن رجلاً التقط صبياً فكان يَعُولُه لم تجز قسمته في شيء عليه. وإذا جَعل القاضي وصياً لليتيم يُقاسِم عليه في العقار وغيره فهو جائز. ووصي القاضي في ذلك بمنزلة وصي الأب إذا جعله القاضي وصياً في كل شيء. فإن كان جعله وصياً في النفقة خاصة أو في حفظ شيء عنده (¬6) لم تجز (¬7) قسمته. ... باب قسمة ما يرد بالعيب وإذا اقتسم الورثة (¬8) داراً وهم كبار كلهم حضور وقبض كل ¬

_ (¬1) الزيادة من ب جار. (¬2) الزيادة من ب جار. (¬3) مزيد من قبلنا لتصحيح العبارة أخذاً من الفقرة السابقة. (¬4) ز: وتجوز. (¬5) وعبارة الحاكم هكذا: ولا تجوز قسمة الأخ والأم والعم والزوج على الصغير والصغيرة والكبير الغائب وإن لم يكن لأحد منهم أب ولا وصي أب. انظر: الكافي، الموضع السابق. ونحوه في المبسوط، 15/ 41. (¬6) ف ز - عنده. (¬7) ز: لم يجز. (¬8) م ز - الورثة.

واحد منهم الذي أصابه ثم وجد أحدهم بقسمه الذي أصابه عيباً، حائطاً متصدعاً واهياً، أو جذعاً مكسوراً، أو باباً مكسوراً، أو شيئاً من ذلك ينقص الثمن وإن قل، فله أن يرد وينقض القسمة. وكذلك لو كان (¬1) القاضي هو قسمها بينهم. وكذلك هذا في الأَرَضِين إذا وجد في نخلها أو شجرها أو بنائها أو في أرضها عيباً فله أن يردها. وكذلك لو كان شيء من الكيل أو الوزن (¬2) اقتسموه (¬3) فوجد بعضهم بنصيبه عيباً. وأما الثياب والغنم والحيوان فإذا اقتسمها قوم فأصاب رجل عشرة من الغنم فوجد بأحدهم عيباً فإنما يرد الذي بها (¬4) العيب وحدها خاصة، ويكون بينه وبين أصحابه، ويرجع في جميع (¬5) ما أصابهم بقدر ذلك (¬6)، ولا يشبه هذا الدار الواحدة والأرض الواحدة والطعام الواحد والشيء يوزن من صنف واحد. ولو كانت أَرَضُون ودور فأصاب رجل دارين وأَرْضَين فوجد بأحدهما عيباً كان له أن يردها خاصة دون الأخرى، ويرجع (¬7) بقدر ذلك فيما بقي (¬8) في أيديهم. ولوصي الصغير أن يرد بالعيب، ولأبي الصغير أن يرد له بالعيب، وكذلك الجد إذا لم يكن له أب ولا وصي، في كل قسمة. وقسمة القاضي في ذلك والصلح فيه بغير أمر القاضي سواء. ¬

_ (¬1) م ز - لو كان. (¬2) ز: والوزن. (¬3) م ف ز ع: اقتسموا. والتصحيح من ب جار. (¬4) ف + من. (¬5) م ف ز ع: بجميع. والتصحيح من المبسوط، 15/ 42. (¬6) وعبارة ب: ويرجع في نصيب كل واحد بقدر ذلك. (¬7) ف: ورجع. (¬8) م ز - بقي.

وأيما رجل منهم عَرَضَ على بيع بعدما رأى العيب أو زرع الأرض أو بنى فيها شيئاً أو أجّر الدار والأرض أوطحن بعض الطعام أو قطع الثوب الذي فيه العيب أو رهنه فهذا كله رضاً، ولا يرد بالعيب. وإذا سكن الدار بعدما رأى العيب وقد كان ساكناً فيها قبل ذلك أو استخدم الخادم فليس (¬1) هذا برضى، وإذا ركب الدابة أو لبس الثوب فليس له أن يرد بالعيب، إنما أستحسن في الخدمة والسكنى. وإذا أجّر شيئاً من ذلك أو رهنه (¬2) فهذا رضا. وإن لبسه لينظر إلى قدره فليس هذا رضاً في الخيار، وهو رضاً بالعيب (¬3). وإن جَصَّصَ (¬4) الدار أو بنى فيها أو هدم منها فهو رضاً. وإن جَزَّزَ (¬5) نخله (¬6) من الأرض أو هدم حائطاً أو بنى شيئاً فهذا رضاً بالعيب. وإذا باع قسمه الذي أصابه من الدار ولا يعلم بالعيب فردها المشتري عليه بذلك العيب فإن قبله بغير قضاء قاض فليس له أن ينقض القسمة. وإن قبله بقضاء قاض فله أن ينقض القسمة. والبينة في ذلك وإباء اليمين سواء. وإن كان المشتري قد هدم من الدار شيئاً قبل أن يعلم بالعيب لم يكن له أن يردها، ويرجع على البائع بنقصان (¬7) ذلك العيب. وليس للبائع أن يرجع بنقصان العيب في قسم أصحابه إلا أن يرضى أصحابه أن يردوا نصيبه مهدوماً وينقضوا القسمة كلها، فيكون لهم ذلك. والميراث والشرى في جميع ذلك سواء. ولو كانت دار بين رجلين فاقتسماها، ثم هدم أحدهما طائفة من نصيبه، ثم وجد حائطاً متصدعاً واهياً يُنْقِصُ صَدْعُه ووَهْيُه نصفَ عشرِ قيمةِ (¬8) قسمِه، فإنه يرجع على صاحبه، فيكون له ربع العشر الذي أصابه، ¬

_ (¬1) م ف ز: وليس. (¬2) ز: أو رهنا. (¬3) م: بالغيب. (¬4) م ف ز: فإن جصص. (¬5) أي: قطع، وقد تقدم قريباً. (¬6) ز: نخلة. (¬7) م ف ز ع: بفضل. والتصحيح من الجملة الآتية عند المؤلف؛ والمبسوط، 15/ 43. وفي ب جار: بأرش. (¬8) ف ز: قيمته.

باب القسمة يستحق منها الشيء

إلا أن يرضى صاحبه أن يرد القسم مهدوماً، فيكون القسمان (¬1) جميعاً بينهما. وكذلك لو كان هذا في أرض. والميراث والشرى في ذلك سواء. ... باب القسمة يستحق منها الشيء وإذا كانت دار بين رجلين فاقتسماها فأخذ أحدهما الثلث من مقدمها وقيمته ستمائة وأخذ الآخر الثلثين من مؤخرها وقيمته ستمائة ثم اصطلحا على ذلك، ميراثاً كانت أو شراءً، ثم استحق نصف ما في يدي صاحب المقدم، فإن أبا حنيفة قال في هذا: يرجع صاحب المقدم على صاحب المؤخر بربع ما في يديه وقيمته، وذلك (¬2) مائة درهم وخمسون درهماً إن شاء، وإن شاء (¬3) نقض القسمة. وهذا قول محمد بن الحسن. وقال أبو يوسف: يرد ما بقي في يديه، وتبطل (¬4) القسمة، ويكون ما بقي في أيديهما بينهما نصفين (¬5). ولو كان صاحب المقدم (¬6) باع نصف ما في يديه واستحق النصف ¬

_ (¬1) م ف ز ع: ويكون القسمين. والتصحيح من ب جار. (¬2) ف: ذلك. (¬3) ز - شاء. (¬4) ز: ويبطل. (¬5) ذكر الحاكم قول محمد مع أبي يوسف أولاً ثم قال: وفي رواية أبي حفص ذكر محمد مع أبي حنيفة، وكذلك فيما جانس هذا من مسائل هذا الباب. انظر: الكافي، 1/ 197 ظ. وقال السرخسي: وهو الأصح، فقد ذكر ابن سماعة أنه كتب إلى محمد يسأله عن قوله في هذه المسألة فكتب إليه أن قوله كقول أبي حنيفة -رحمه الله-. انظر: المبسوط، 15/ 44. واللافت للنظر أن كتاب القسمة في النسخ التي بأيدينا من رواية أبي سليمان، لكن ما ذكره الحاكم والسرخسي يدل على أن هذا الموضع موافق لرواية أبي حفص. وقد يكون هذا من تصرف الناسخين بخلط الروايتين. (¬6) م ز - المقدم.

الباقي فإنه يرجع على صاحبه في قول أبي حنيفة ومحمد بربع ما في يديه إن (¬1) كان الذي باع بألف درهم أو بعشرة دراهم. وفي قول أبي يوسف يرجع فيما في (¬2) يدي صاحبه من الدار، فيكون بينهما نصفين، ويضمن نصف قيمة الذي باع، وذلك ربع جميع ما أخذ، فيرد على صاحبه. وكذلك أرض بين رجلين تكون مائة جَرِيب (¬3) وهي بينهما نصفان، فأخذ أحدهما عشرة أَجْرِبَة بجميع حقه وهي تساوي ألف درهم، وأخذ الآخر تسعين جريباً وهي تساوي ألف درهم بجميع حقه، ثم باع كل واحد منهما الذي في يديه بأقل من تلك القيمة أو بأكثر، ثم استحق جريب من العشرة الأجربة، فرد المشتري ما بقي منها (¬4) على الذي باعه، فإن (¬5) في قياس قول أبي حنيفة ومحمد (¬6) يرجع صاحب العشرة الأجربة على صاحب التسعين جريباً بخمسين درهماً. وفي قول أبي يوسف تكون التسعة الأجربة بينهما نصفين، ويضمن صاحب التسعين جريباً خمسمائة درهم، فيردها على صاحبه. وإذا كانت مائة (¬7) شاة بين رجلين نصفين ميراثاً أو شراءً فاقتسماها فأخذ أحدهما أربعين منها تساوي خمسمائة درهم، وأخذ الآخر ستين منها تساوي خمسمائة درهم (¬8)، فاستحقت شاة من الأربعين تساوي عشرة ¬

_ (¬1) م ف ز ع: وإن. والتصحيح من المبسوط، 15/ 45. (¬2) ف - في. (¬3) عرف المؤلف الجريب في كتاب الخراج من كتاب الأصل بأنه ستون ذراعاً في ستين ذراعاً. انظر: 5/ 151 و. (¬4) ز: منهما. (¬5) م ف ز ع + هذا. (¬6) يغلب على الظن أن المقصود هنا أن هذا القول قول محمد الذي قاسه على قول أبي حنيفة، لأنه ذكر قول أبي يوسف صراحة في السطر التالي، فمن غير المعقول أن لا يذكر قول محمد صراحة ويذكره قياساً. ولعل هذا من تصرف الرواة أو الناسخين. (¬7) ف: امة. (¬8) م ز - درهم.

دراهم، فإنه يرجع بخمسة دراهم في الستين شاة في قول أبي يوسف ومحمد، فتكون الستون شاة يَضْرِبُ هذا فيها بخمسة دراهم، ويَضْرِبُ الآخر فيها (¬1) بخمسمائة (¬2) إلا خمسة دراهم. وكذلك هذا في قول أبي حنيفة أيضاً. وإذا كان كُرُّ (¬3) حنطة بين رجلين بينهما نصفين (¬4) يكون أربعين (¬5) قفيزاً، منها (¬6) عشرة أقفزة طعام جيد وحدها، وثلاثون قفيزاً رديء على حدة، فأراد أن يأخذ أحدهما العشرة الأقفزة بحقه، ويأخذ الآخر الثلاثين قفيزاً، فإن ذلك لا يجوز؛ لأنه كيل (¬7) بكيل، ولا يصلح أن يأخذ أكثر مما يعطي صاحبه. فإن زاده صاحب الثلاثين قفيزاً ثوباً فاقتسما على ذلك فهو جائز. وإن استحق من الثلاثين عشرة أقفزة فإنه يرجع عليه بنصف الثوب (¬8)؛ لأن عشرة من الثلاثين بالعشرة الجيدة (¬9)، والثوب بحصة صاحب العشرة من العشرين الباقية، فلما استحق نصفها رجع عليه بنصف الثوب. وإذا كان كُرّ حنطة وكُرّ شعير بين رجلين فاقتسما فأخذ أحدهما ثلاثين مختوما (¬10) حنطة رديئة وعشرة مخاتيم شعير جيد، وأخذ الاخر عشر مخاتيم ¬

_ (¬1) ز - فيها. (¬2) م ز: بخمسين؛ ف ع: بخمسون. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق. وفي المبسوط، 15/ 46: بأربعمائة وخمسة وتسعين. (¬3) الكُرّ مكيال لأهل العراق، وجمعه أَكْرَار، فقيل: إنه اثنا عشر وَسْقاً كل وَسْق ستون صاعاً، وفي تقديره أقوال أخرى ذكرها المطرزي. انظر: المغرب، "كرر". وقد ذكر المؤلف هنا أنه يكون أربعين قفيزاً. والقفيز اثنا عشر صاعاً. انظر: المغرب، "كرر". (¬4) ز: نصفان. (¬5) م ز: أربعون. (¬6) م ز: فيها. (¬7) ز: كل. (¬8) وذكر السرخسي أن جواب الإمام محمد في زيادات الزيادات في هذه المسألة: يرجع بثلث الثوب وسدس الطعام الجيد. وانظر للشرح: المبسوط، 15/ 46. (¬9) م ز: الجيد. (¬10) ز: مختوم.

حنطة جيدة وثلاثين مختوماً (¬1) شعيراً (¬2) رديئاً (¬3)، ثم إن نصف الشعير الرديء استحق، والحنطة والشعير على حالها، فإنه يرجع عليه بربع المخاتيم حنطة (¬4). وإذا كانت الدار بين رجلين نصفين ميراثاً فاقتسما فأخذ أحدهما النصف المقدم وهو أفضل وهو ثمن ستمائة درهم، وأخذ الآخر النصف المؤخر وهو يساوي أربعمائة درهم (¬5) على أن رد عليه صاحب النصف المقدم مائة درهم، ثم باع صاحب المقدم النصف المقدم وباع صاحب (¬6) المؤخر النصف (¬7) المؤخر، ثم استحق نصف النصف المقدم، فرجع المشتري (¬8) على بائعه بحصة ذلك من الثمن وأنفذ (¬9) البيع في البقية، فإن صاحب النصف المقدم يرجع على صاحب النصف المؤخر بمائة [وخمسين] درهماً، خمسون منها (¬10) نصف المائة التي نقد، ومائةٌ منها ربع قيمة النصف المؤخر (¬11). ولو كان مكان المائة ثوب يساوي مائة ¬

_ (¬1) ز: مختوم. (¬2) ز - شعير. (¬3) م ف ز ع: رديئة. والتصحيح من المبسوط، 15/ 47. (¬4) م ف ز ع: بربع العشرة مخاتيم حنطة. وكذلك في ب جار؛ والكافي؛ والمبسوط. لكن تعقب ذلك الحاكم قائلا: قال أبو الفضل [الحاكم]: وفي هذا الجواب موضع تأمل. انظر: الكافي، الموضع السابق. وقال السرخسي: وهذا غلط بَيِّن، فإن العشرة المخاتيم حنطة جيدة في يد المستحق عليه، فكيف يرجع بربعه. والصحيح ما في النسخ العتيقة أنه يرجع بربع المخاتيم حنطة، يعني ثلاثين مختوما حنطة رديئة التي أخذها صاحبه، يرجع بربع ذلك، وهو سبعة أقفزة ونصف ... انظر: المبسوط، 15/ 47. فصححنا المتن كما يقول السرخسي -رحمه الله-. ولعل الخطأ حاصل من أحد الرواة أو الناسخين للكتاب. (¬5) ز - درهم. (¬6) ز + نصف. (¬7) م ز: للنصف. (¬8) ز + فرجع. (¬9) ز: وانقد. (¬10) م ف ع: بمائة درهم وخمسين منها. وفي ب جار: بمائة وخمسين درهما منها. والتصحيح مع الزيادة من المبسوط، 15/ 48. وهو واضح من تتمة الجملة. (¬11) ز - بمائة درهما خمسون منها نصف المائة التي نقد ومائة منها ربع قيمة النصف المؤخر.

باب ما يرجع فيه بقيمة ما بني وما لا يرجع فيه

وكان قائماً بعينه فإنه يرجع بنصف الثوب وبمائة درهم. وكذلك (¬1) لو كان الثوب يساوي مائة درهم أو عشرة دراهم فإنه يرجع بنصفه وبربع قيمة النصف المؤخر. وإذا كانت أرض ودار بين رجلين نصفين فاقتسما فأخذ (¬2) أحدهما (¬3) الدار وأخذ الآخر الأرض، على أن رد صاحب الأرض على صاحب الدار عبداً وقيمة العبد ألف وقيمة الدار ألف (¬4) وقيمة الأرض ألفان وقبض العبد، ثم إن صاحب الدار باع الدار، فاستحق إنسان منها علو بيت يكون ذلك البيت والسفل عشر الدار، فلما استحق العلو ذهب نصف العشر (¬5)، ورجع المشتري على البائع بحصة ذلك من الثمن، وأمسك ما بقي من الدار، فإن صاحب الدار يرجع بستة (¬6) عشر وأربع (¬7) دوانيق من قيمة الأرض على صاحب الأرض (¬8) في قياس قول أبي حنيفة (¬9) ومحمد (¬10). وفي قول أبي يوسف يرجع بذلك في رقبتها، [وَ] يكون (¬11) شريكاً في الأرض. ... باب ما يرجع فيه بقيمة ما بني وما لا يرجع فيه (¬12) وإذا اقتسم الرجلان داراً ميراثاً بينهم أو شرى فبنى أحدهما في قسمه ¬

_ (¬1) م ز - كذلك. (¬2) ز: وأخذ. (¬3) ز: اهما. (¬4) ف - وقيمة الدار ألف. (¬5) م ز - العشر. (¬6) ز: لستة. (¬7) ز: وربع. (¬8) ز - الأرض. (¬9) قال الحاكم: ويحتمل أن يكون مذهب أبي حنيفة فيه أنه جعل له أن يأخذ من القيمة لأنه لا ينتفع بذلك من الأرض، إلا أن يرضى بذلك. انظر: الكافي، 1/ 198 و. وقال السرخسي: وقيل: لا خلاف بينهم في الحقيقة، وتأويل قول أبي حنيفة ... فانظر للشرح والمناقشة: المبسوط، 15/ 49. (¬10) انظر ما سبق في الحاشية قريباً في نظير هذا. (¬11) الواو من المبسوط، 15/ 49. (¬12) ز - فيه.

الذي أخذ بناء ثم استحق من قسمه نصيب معلوم محوز (¬1) وكان البناء في ذلك الموضع الذي استحق فرد القسمة وأبطلها وأراد أن يرجع بقيمة بنائه على شريكه فليس له ذلك، وليس هذا كالبيع (¬2)، وإنما هذه قسمة في دار واحدة. وكذلك لو كانت الأرض واحدة قَسَمَاهَا (¬3) بينهما فأصاب كل واحد منهما طائفة منها فغرس فيها نخلاً وشجراً ثم استحقت وأمره الحاكم أن يقلع ما غرس فإنه لا يرجع بقيمة ذلك على شريكه؛ لأنها قسمة. وإذا كانت داران فاقتسماها فأخذ هذا داراً وهذا داراً، فبنى أحدهما في الدار الذي أخذ بناء، ثم استحقت ونقض بناءه، فنقض القسمة وأراد أن يرجع بنصف قيمة البناء على شريكه، فإنه يرجع به عليه، وهذا لا يشبه الأول في القياس. وكذلك لو كانت أرضون فأخذ هذا واحدة وأخذ هذا (¬4) واحدة على قسمة وصلح (¬5)، فبنى أحدهما في الأرض الذي أخذ وغرس وزرع، ثم استحقت وأمره القاضي أن يقلع (¬6) ذلك منها، فإنه يرجع على شريكه بنصف قيمة ذلك. ولا يرجع لو كانت أرضاً (¬7) واحدة فاقتسماها فأخذ هذا طائفة وهذا طائفة، أو داراً واحدة فاقتسماها فأخذ هذا طائفة وهذا طائفة (¬8)، لأني لا أقسم كل دار على حدة وكل أرض (¬9) على حدة، فإذا اصطلحا على أن أخذ هذا داراً وهذا داراً وهذا أرضاً وهذا أرضاً (¬10) فقد باع كل واحد منهما حصته من تلك بحصته من هذه. ولو كانا خادمين فاصطلحا على أن أخذ هذا خادماً وهذا خادماً فعَلِقَتْ إحدى ¬

_ (¬1) م ف ز: نصيبا معلوما محوزا. (¬2) لأنه لا غرور في القسمة بخلاف البيع. انظر: المبسوط، 15/ 49. (¬3) م ف ز ع: قسمها. (¬4) ز - هذا. (¬5) ز: وصالح. (¬6) م ف ز ع: أن يبلغ. والتصحيح مستفاد من ب جار. (¬7) م ف ز ع: أرض. (¬8) ف + أو دارا واحدة فاقتسماها فأخذ هذا طائفة وهذا طائفة. (¬9) ز: دار. (¬10) م - وهذا أرضا.

الخادمين وولدت ولداً من الذي هي عنده ثم استحقها رجل فضمّنه قيمة الولد فإنه يرجع على شريكه بنصف قيمته، ويكون له نصف الخادم التي أخذ شريكه. فإن كان شريكه باعها ضمن نصف قيمتها. وإذا كان منزلان في دار واحدة وهما متفرقان وفيها منازل (¬1) لغيرهم والطريق لجميعهم فاقتسم أصحاب المنزلين وأخذ هذا منزلاً وهذا منزلاً فبنى أحدهما في المنزل الذي أصابه ثم استحق ونقض (¬2) بناءه فإنه يرجع على شريكه بنصف قيمة البناء. وكذلك لو كان منزل في دار واحدة وكله ميراث. وإذا كانت دار واحدة وأرض بيضاء فاقتسمها الورثة (¬3) بقضاء قاض أو بنى أحدهم (¬4) في قسمه (¬5) ثم استُحِقّ قسمُه ونَقَضَ بناءَه ورَدَّ القسمة فإنه يرجع على شركائه بقيمة البناء. ولو كانت دُور بين ورثة فقسمها القاضي بينهم وجمع (¬6) نصيب كل واحد منهم في دار على حدة وأجبرهم على ذلك فبنى أحدهم (¬7) في الدار التي أصابته ثم استحقت وهدم بناءه فإنه لا يرجع على شركائه (¬8) بالقيمة في هذا الوجه؛ لأن القاضي قضى عليهم بالقسمة، وجمع (¬9) نصيب هذا في هذه الدار، فلمّا كان مِن رأي القاضي أن يجمع الأنصباء من كل دار في موضع واحد صارت بمنزلة دار على حدة. وكذلك الأرضان. والداران (¬10) في المصر الواحد وفي المصرين ميراثاً أو شراءً سواء. وكذلك ¬

_ (¬1) م ز: منزل. (¬2) م ز: وينقض. (¬3) م ف ع: الوارث. وانظر: تتمة المسألة. (¬4) م ف ز ع: أحدهما. وانظر: تتمة المسألة. (¬5) ز: في قسمة. (¬6) ف: وجميع. (¬7) م ف ز ع: أحدهما. والتصحيح من المبسوط، 15/ 50. (¬8) ف: على شريكه. (¬9) م ف ز ع: ويرجع. (¬10) م ف ز ع: والدار. والتصحيح من ب جار.

الأرضون المتفرقة في مواضع مختلفة. والوصية والشرى والميراث وكل شركة وقعت فهو سواء في ذلك. وإذا اقتسم الرجلان دارين فأخذ أحدهما داراً واحدة وأخذ الآخر داراً واحدة (¬1) فبنى أحدهما في الدار الذي (¬2) أخذ (¬3) وهدم (¬4) وأنفق ثم استحق من الأخرى موضع جِذْع في حائط أو مسيل ماء أوطريق أو حائط بأصله أو باب البيت فإن الذي استحق ذلك من يديه بالخيار، إن شاء نقض القسمة كلها وهدم ما أحدث هذا من البناء وضمن قيمة ما هدم. وإن شاء لم ينقض القسمة ولم يرجع بشيء ورضي بما بقي في يديه (¬5). ولو أخذ أحدهما داراً والآخر دارين قيمتهما (¬6) سواء فاستحقت إحداهما لم يكن له أن ينقض القسمة، وكانت (¬7) الدار الباقية له، ويرجع بربع الدار التي أخذ الآخر، فيكون له ربعها. ¬

_ (¬1) م ف ز - واحدة. والزيادة من ع. (¬2) قد يُذَكَّر الدار، كما تقدم. (¬3) ز: أصابته. (¬4) ف: الذي هدم. (¬5) وقد تعقب الحاكم هذه المسألة بكلام نذكره مع شرحه للسرخسي. قال السرخسي -رحمه الله-: وقيل: هذا الجواب قولهما، فأما عند أبي حنيفة -رحمه الله- لا يكون له أن ينقض بناء شريكه، على ما قال في الجامع الصغير: المشتري شراء فاسداً إذا بنى في الدار المشتراة انقطع به حق البائع في الاسترداد عند أبي حنيفة -رحمه الله-، وليس له أن ينقض بناء المشتري، وعندهما له أن ينقض بناءه، فهنا إذا اختار نقض القسمة تبين أن صاحبه أخذ الدار بقسمة فاسدة، فهي كالمأخوذة بالشراء الفاسد. قال الحاكم -رحمه الله-: ويحتمل أن هذا الجواب على مذهبهم جميعاً تخريجاً على ما هو الصحيح عند أبي يوسف من مذهب أبي حنيفة -رحمهما الله- إذا بنى المشتري في الدار المشتراة شراءً فاسداً، فإنه ذكر في الجامع الصغير شكّا في رواية أبي يوسف عن أبي حنيفة -رحمهما الله- أن الدار تترك للمشتري شراءً فاسداً من أجل بنائه، حيث قال: فيما أعلم. وقيل: هذه من إحدى المسائل التي جرت فيها المحاورة بين أبي يوسف ومحمد -رحمهما الله- في الرواية عن أبي حنيفة -رحمه الله-. وقوله: لا يرجع بشيء، يحتمل أن يكون جواباً في استحقاق موضع الجذع ومسيل الماء خاصة، لأن لما سواهما حصة من الدرك (والصواب: البدل، كما في الكافي)، فعند الاستحقاق لا بد أن يرجع بذلك أو بقيمته إن تعذر الرجوع بعينه لأجل البناء. انظر: الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 15/ 51. وانظر للمسألة المشار إليها: الجامع الصغير للإمام محمد، 331. (¬6) ز: قيمتها. (¬7) م ف ز ع: وكذلك. والتصحيح من المبسوط، 15/ 51.

باب ما لا يقسم من العقار وغيره

باب ما لا يقسم من العقار وغيره وإذا كان حائط بين رجلين فأراد أحدهما قسمته وأبى الآخر فإن (¬1) أبا حنيفة قال: لا أقسمه بينهما؛ لأن في قسمته ضرراً. وكذلك الحمام في قول أبي حنيفة (¬2) إذا أراد أحدهما أن يقسمه وأبى الآخر. وكذلك لو كان بين ورثة فاجتمعوا جميعاً على قسمته (¬3) غير واحد فإنه لا يقسم. وكذلك البيت الصغير بين الورثة (¬4) إذا اقتسموا لم يصب واحد منهم شيئاً ينتفع به فأرادوا قسمته غير واحد فإن أبا حنيفة قال: لا أقسمه بينهم. وقال: إن كان واحد منهم له معظم البيت يصيبه (¬5) بنصيبه موضع ينتفع (¬6) به والباقون لا يصيب كل واحد منهم ما ينتفع به فأراد صاحب النصيب الكبير أن يقسمه لينتفع بحصته فإنه قال في هذا: أقسمه (¬7) بينهم؛ لأن صاحب القليل ينتفع في هذا بنصيب صاحب الكثير (¬8) إذا لم يقسم (¬9). وكذلك الدار الصغيرة بين قوم. ولو كان بناء بين رجلين في أرض رجل قد بنياه (¬10) بإذنه فيها ثم أرادا (¬11) أن يقسما البناء وأن يهدماه وصاحب الأرض (¬12) غائب فإن لهما أن يقسما ذلك ويهدماه إن أجمعا على ذلك. وإن أبى أحدهما لم يجبر على قسمته. فإن أخرجهما صاحب الأرض هدماه. ¬

_ (¬1) ز + الإمام الأعظم. (¬2) م ف ز - قال لا أقسمه بينهما لأن في قسمته ضرر وكذلك الحمام في قول أبي حنيفة. والزيادة من ع. (¬3) ز: على قسمة. (¬4) ف ز: ورثة. (¬5) ز: نصيبه. (¬6) م ز - ينتفع. (¬7) م ف ز: قسمه. والتصحيح من ع. (¬8) ز: الكبير. (¬9) أي: لأن في هذا ظلماً لصاحب النصيب الأكبر. انظر: المبسوط، 15/ 52. (¬10) م ف ز: قد بناه ـ والتصحيح من ع. (¬11) م ف: ثم أراد والتصحيح من ع. (¬12) م ف ز ع: البناء. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 15/ 52.

وقال أبو حنيفة: إذا أجمع صاحبا (¬1) الحائط على قسمته قسمته بينهما وإن كان فيه ضرر. وكذلك الحمام. وقال أبو حنيفة: إذا كان طريق بين قوم إن اقتسموه لم يكن لبعضهم طريق ولا منفذ فأراد بعضهم قسمته وأبى الآخر فإني لا أقسمه بينهم. وقال أبو حنيفة: إن كان طريق بين قوم إن اقتسموه (¬2) كان لكل قوم طريق نافذ فإني أقسمه بينهم إذا طلب ذلك واحد منهم وإن أبى الآخرون إذا لم يكن في قسمته ضرر على جماعتهم. وإن كان في قسمته ضرر على جماعتهم أو إن (¬3) كان في قسمته ضرر على بعضهم دون بعض في ضِيق في طريق أو أنه لا يجد طريقاً فإني لا أقسمه بينهم إلا أن يتراضوا بينهم جميعاً. وإذا كان طريق بين اثنين إن اقتسماه لم يكن لواحد منهما فيه ممر ولكن كل واحد منهما يقدر على أن يفتح له (¬4) في منزله باباً أو يجعل طريقه في وجه آخر فأراد أحدهما قسمته وأبى الآخر فإني أقسمه بينهما؛ لأنه ليس عليهما في هذا ضرر. وإذا كان مسيل ماء بين رجلين فأراد أحدهما قسمة ذلك وأبى الآخر فإن كان له موضع يسيل فيه ماؤه سوى (¬5) هذا (¬6) قسمت هذا بينهما. فإن لم يكن له موضع إلا بضرر (¬7) لم أقسمه. وإن كانت أرض بين قوم صغيرة إن اقتسموها لم يصب كل إنسان منهم منها شيئاً ينتفع به وأراد بعضهم قسمتها وأبى الآخرون فإني لا أقسمها بينهم. ¬

_ (¬1) م ف ز ع: صاحب. والتصحيح من ب جار. (¬2) ف: إن قسموه. (¬3) م ف ز ع: وإن. (¬4) ف - له. (¬5) ف: سواء. (¬6) ف - هذا. (¬7) ز: بضر.

وإذا كان دكان في السوق بين رجلين أو حانوت يبيعان فيه بيعاً أو يعملان (¬1) فيه عملاً بأيديهما في شركة بينهما أو كل واحد منهم لنفسه فأراد أحدهما قسمته وأبى الآخر فإني أنظر في ذلك. فإن كان (¬2) يصيب (¬3) كل واحد منهما موضعاً يعمل فيه قسمتها بينهما. وإن كان لا يصيبه ذلك لم أقسمه بينهما. وإن كان زرع بين ورثة في أرض لغيرهم فأرادوا قسمة الزرع دون الأرض فيما بينهم فإن كان (¬4) الزرع قد بلغ أو سَنْبَلَ (¬5) فإني لا أقسمه (¬6) بينهم حتى يحصد، فأقسمه بينهم بكيل. وإن كان بَقْلاً (¬7) لم أقسمه أيضاً؛ لأن فيه ضرراً (¬8). ألا ترى أنه لو أراد أحدهما أن يترك (¬9) نصيبه الذي يصيبه كان للآخر أن يمنعه ذلك؛ لأن موضعه من الأرض عارية لهم جميعاً. وإذا كانت أرض بين رجلين نصفين فأرادا أن يقتسما (¬10) زرعها دون الأرض لم يجز ذلك إن (¬11) اشترطا (¬12) ترك ذلك في الأرض. فإن اشترطا جَزَّ (¬13) ذلك فاجتمعا على القسمة أجزت ذلك. ¬

_ (¬1) م ف ز ع: ويعملان. والتصحيح من المبسوط، 15/ 53. (¬2) م ف ز - فإن كان؛ ع + في ذلك. والتصحيح من المبسوط، 15/ 53. (¬3) ز: نصيب. (¬4) م ف ز: وإن كان. (¬5) سَنْبَلَ الزرعُ أي: خرج سُنْبُلُه. انظر: المغرب، "سبل". (¬6) م ف: لا أقسم؛ ز: لا أقسمها. (¬7) البَقْل هنا بمعنى الزرع الذي لم يدرك. انظر: المغرب، "بقل". (¬8) ز: ضرر. (¬9) م ز: أن يشرك؛ ف ع: أم يشترك. والتصحيح من ب جار. ونحوه في المبسوط، 15/ 53. (¬10) ز: أن يقسما. (¬11) م ز: وإن. (¬12) ز: اشرطا. (¬13) الجز أي: القطع. انظر: المغرب، "جزز".

وكذلك الأول إن اقتسموا على أن يَجُزّ كل واحد منهما ما أصابه أجزت ذلك (¬1). وكذلك طَلْعٌ في نخل بين قوم فأرادوا قسمة الطَّلْع دون النخل والأرض، فإن اقتسموه واشترطوا تركه فإن ذلك فاسد لا يجوز، وإن اقتسموه على أن يقطع كل واحد منهم ما أصابه أجزت ذلك. فإن استأذن رجل منهم أصحابه بعد القسمة في ترك ما أصابه من ذلك فأُذِنَ له في ذلك فأدرك وبلغ ولم ينقضوا القسمة حتى بلغ ذلك فإن الفضل له طيب، وإن ترك ذلك بغير رضاهم تصدّق بالفضل. وقال أبو حنيفة: لو كان عبيد بين قوم فأراد أحدهم قسمتهم (¬2) وأبى الآخرون لم أجبرهم على قسمتهم، وقال: لا أرى شيئاً من الحيوان يشبه العبيد. وقال: لو كان ثوب بين رجلين فأراد أحدهما قسمته وأن يشق نصيبه منه فأبى الآخر ذلك لم أجبره على ذلك ولم أقسمه بينهما. وكذلك السيف المحلى والخاتم والإناء من الفضة كان أو [مِن] ذهب أو شَبَه (¬3) أو صُفْر (¬4). وكذلك كل ثوب هَرَوياً (¬5) كان أو قُوهِياً (¬6) فأراد أحدهما قسمته وأبى الآخر فإني لا أقسمه. ¬

_ (¬1) في المسألة التي قبل هذا، وهو ما إذا ترك الشريكان الزرع الذي لم يدرك في أرض غيرهما واشترطا أن يجز كل واحد منهما ما أصابه فإنه يجوز ذلك بتراضيهم. انظر: المبسوط، 15/ 53. (¬2) ز - قسمتهم. (¬3) الشَّبَه والشِّبْه من المعادن ما يشبه الذهب في لونه، وهو أرفع النحاس. انظر: مختار الصحاح، "شبه"؛ والمصباح المنير، "شبه". (¬4) قال ابن منظور: الصُّفْر النحاس الجيد، وقيل: الصفر ضرب من النحاس، وقيل: هو ما صَفِرَ منه، الجوهري: والصُّفْر بالضم الذي تُعمَل منه الأواني. انظر: لسان العرب، "صفر". (¬5) ز: هروي. (¬6) ز: أو قوهي.

كل شيء يُكسَر أو يُقطَع فإن في كسره وقطعه ضرراً (¬1)، وقال أبو حنيفة: لا أقسمه، فإن رضيا جميعاً قسمته. وإذا أوصى الرجل بصوف على ظهر غنم بين رجلين (¬2) فأرادا قسمة ذلك قبل أن يُجَزَّ (¬3) الصوف لم يُقسَم ذلك بينهما. وكذلك اللبن في ضُرُوعها، وأولادها في بطونها. ولو قسما ذلك بينهما لم يجز. وإذا كانت قَوْصَرَة (¬4) من تمر أو دَنّ خل بين رجلين فأراد أحدهما قسمته وأبى الآخر فإن هذا يقسم بينهما. وإن كانت سَاجَة (¬5) أو خشبة أو باب أو رحى أو دابة أو بعير (¬6) بين رجلين فأراد أحدهما قسمته وأبى الآخر فإن هذا لا (¬7) يقسم. وكذلك اللؤلؤة والياقوتة والفَصّ بين اثنين أراد أحدهما قسمته وأبى الآخر فإن هذا لا يقسم بينهما. ولو كان لؤلؤاً جماعةً قَسمتُها أو يواقيتَ جماعةً قَسمتُها. وإذا كان حبل (¬8) بين رجلين أو جُوَالِق (¬9) أو بساط أو شِقّ مَحْمِل (¬10) فأراد أحدهما قسمته وأبى الآخر فإني لا أقسمه. ¬

_ (¬1) م ز: ضرر. (¬2) أي: أوصى به لرجلين. انظر: المبسوط، 15/ 54. (¬3) ز: أن تجز. (¬4) م ز: قوسرة: القَوَصَرَّة بالتشديد والتخفيف: وعاء التمر يتخذ من قصب. وقولهم: وإنما تسمى بذلك ما دام فيها التمر، وإلا فهي زبيل، مبني على عرفهم. انظر: المغرب، "قصر". (¬5) الساجة أي الخشبة المنحوتة المهيأة للأساس ونحوه، والساج شجرة عظيمة تنبت ببلاد الهند. انظر: المغرب، "سوج". (¬6) ز: أو بعيرا. (¬7) ز - لا. (¬8) ف: حل. (¬9) هو الوعاء، وقد تقدم. (¬10) شِقّ مَحْمِل أي: نصفه، والمحمل بفتح الميم الاولى وكسر الثاني أو على العكس الهودج الكبير. وأما تسمية بعير المحمل به فمجاز، ومنه قوله: ما يكترى به شق محمل. انظر: المغرب، "حمل".

وإذا كان جُبْنَة (¬1) بين رجلين فأراد أحدهما قسمتها وأبى الآخر فإن كان في قطعها ضرر على واحد منهما لم أقسمها. فإن لم يكن في ذلك ضرر قسمتها وقطعتها بينهما. وإذا كان جُبْن كثير قسمتُه بينهما. وكذلك المَصْل (¬2) وإن أبى بعضهم ذلك. وكذلك البيض والجوز وإن أبى بعضهم ذلك. وكذلك الثياب اليهودية والمروية والهروية. وكذلك الإبل والبقر والغنم والخيل والحمير فإني أقسم ذلك بينهما وإن أبى ذلك أحدهما. وكذلك كل ما يكال أو يوزن أو يعد عدداً وكل أرض أو دار فإني أقسم ذلك بينهم. وكذلك نُقْرَةُ (¬3) فضةٍ أو نُقْرَةُ ذهبٍ أو حديدٌ غيرُ مضروبٍ ولا مَصُوغ أو صُفْرٌ أو نحاسٌ أو رصاصٌ. وكذلك كل ما يوزن من الأدهًان والعِطْر فإني أقسم ذلك كله بينهما وإن أبى ذلك أحدهما. وكل علو بين رجلين يصيب كل واحد منهما ما ينتفع به والسفل لغيرهم، وكذلك سفل بين رجلين علوه لغيرهم، فإني أقسمه بينهما إذا طلب ذلك أحدهما وإن أبى الآخر. وكذلك اللحم بين رجلين. وكذلك السمك والزيت والسمن والشحم والخل. وكذلك الأشربة. وكذلك الماء إذا كان بين رجلين في إناء. وإذا كان بئر بين رجلين أو عين أو قَنَاة أو نهر وليس لهم معها أرض فأراد أحدهما قسمته وأبى الآخر ذلك فإني لا أقسم ذلك بينهما. فإن كانت مع ذلك أرض ليس لها شِرْب إلا من ذلك قسمتُ الأرض بينهما. وإن أبى أحدهما تركت البئر والعين والقناة والنهر بينهما على حاله لكل واحد منهما شربه منها. فإن كان كل واحد منهما يقدر على أن يجعل في أرضه شِرْباً من ¬

_ (¬1) ز: جبة. الجبنة: القرص من الجبن. انظر: المغرب، "جبن". وفي هامش ب: أي قالب جبن. (¬2) المَصْل مثال فَلْس: عُصارة الأَقِط، وهو ماؤه الذي يعصر منه حين يطبخ، قاله ابن السِّكِّيت. انظر: المصباح المنير، "مصل". (¬3) النُّقْرة: القطعة المذابة من الذهب أو الفضة، ويقال: نقرةُ فضةٍ على الإضافة للبيان. انظر: المغرب، "نقر".

باب قسمة الدار فيها طريق لغير أهلها

مكان آخر، أو كانت (¬1) أَرَضُون وأنهار متفرقة فيها (¬2) أو عيون وآبار قسمتُ ذلك كله فيما بينهما، العيونَ والآبارَ والأرضَ. وإن كان مصحف بين رجلين أو سرج أو درع حديد أو قوس أو جبة أو طيلسان أو فراش أو وسادة أو بساط أو فسطاط أراد أحدهما قسمة ذلك وأبى الآخر فإني لا أقسمه بينهما. وقال (¬3) أبو حنيفة: لا أجبر واحداً (¬4) منهما على (¬5) بيع نصيبه في شيء سميناً في هذا الباب (¬6). وإن أراد أحدهما البيع وأبى الآخر فإن الذي يأبى لا يجبر على بيع، ويقال للآخر: بع نصيبك إن شئت أو دع. ... باب قسمة الدار فيها طريق لغير أهلها شيخ عن عكرمة (¬7) عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"اِذْرَعُوا الطريق سبعة أذرع ثم ابنوا" (¬8). وقال أبو حنيفة: إذا كانت الدار (¬9) بين رجلين فأرادا قسمتها وفيها ¬

_ (¬1) ز: وكانت. (¬2) م ف ز: منها. والتصحيح من ع ب. (¬3) ز + الإمام الأعظم. (¬4) ز: واحد. (¬5) ز: في. (¬6) م ف: الكتاب. والتصحيح من ع وهامش ف. وكذلك من ب جار. (¬7) م ز: عن عكرم. (¬8) ذكره هكذا مرسلاً. وقد روي نحو ذلك موصولاً من حديث عكرمة عن أبي هريرة وابن عباس، كما روي من طريق آخرين من الصحابة - رضي الله عنهم -. انظر: صحيح البخاري، المظالم، 29؛ وصحيح مسلم، المساقاة، 143؛ وسنن أبي داود، الأقضية، 31؛ وسنن الترمذي، الأحكام، 20؛ وسنن ابن ماجه، الأحكام، 16؛ ومسند أحمد، 1/ 303؛ ومجمع الزوائد للهيثمي، 4/ 159؛ وفتح الباري لابن حجر، 5/ 118 - 119. (¬9) ف: دار.

طريق لغيرهم فأراد صاحب الطريق أن يمنعهما (¬1) القسمة فليس له ذلك، ويُترَك الطريق [عَرْضه] (¬2) عَرْضُ باب الدار الأعظم، وطوله من باب الدار إلى باب (¬3) الذي له الطريق، ويُقسَم بقية الدار بين الرجلين (¬4) على حقوقهما، ويُترَك هذا الطريق بينهما، [وَ] لصاحب (¬5) الطريق ممره في ذلك، وليس لهم قسمة هذه الطريق إذا سخط ذلك بعضهم إلا أن يتراضوا جميعاً. وإن باعوا هذا الطريق (¬6) وهذه الدار برضاهم جميعاً فاقتسموا الثمن يضرب فيها أصحاب الأصل (¬7) بثلثي الطريق، ويضرب فيه صاحب الممر بالثلث. وإذا كان في الدار مسيل ماء لرجل فأراد أصحاب الدار قسمتها ومنعهم صاحب المسيل القسمة فليس له ذلك، ويترك له مسيله، ويقسمون ما بقي من الدار بينهم على حقوقهم. وإذا كانت الدار فيها طريق لرجل وطريق لآخر (¬8) من ناحية أخرى فأراد أهل الدار قسمتها ومنعهم أهل الطريق فإنه يُعزَل طريق واحد عَرْضُه (¬9) عَرْضُ باب الدار إلى باب كل واحد منهما، ويقسم ما بقي من الدار بين أهلها، ويكون لهم طريقهم وممرهم في هذا الطريق. ولو كان لرجل صُفَّةٌ (¬10) في دارٍ وطريقُها إلى باب الدار، وما بقي من الدار بين ورثة، فأرادوا قسمتها كان لهم ذلك، ويُرفَع الطريق قَدْرَ عَرْضِ ¬

_ (¬1) م ف ز ع: أن يمنعه. والتصحيح من المبسوط، 15/ 56. (¬2) الزيادة من المبسوط، 15/ 56. (¬3) م ز - إلى باب. (¬4) م ف ز: بين رجلين. (¬5) الواو من ب؛ والمبسوط، 15/ 56. (¬6) جعل الطريق هنا مذكراً وفي الجملة السابقة مؤنثاً، ويجوز فيه التذكير والتأنيث. انظر: لسان العرب، "طرق". (¬7) م ف ز ع + برضاهم. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 15/ 56. (¬8) م ف ز: الآخر. والتصحيح من ع ب، والمبسوط، 15/ 57. (¬9) م ف: عوضه. والتصحيح من ع. (¬10) الصفة هي البَهْو الواسع الطويل والظُّلَّة. انظر: لسان العرب، "صفف".

باب الدار إلى باب الصُّفَّة، ويكون ما بقي من الدار بعد الصُّفَّة والطريق يُقسَم بين أهل الدار على المواريث. فإن كان باب الصُّفَّة أَعْرَضَ من باب الدار فأراد صاحب الطريق أن يكون عَرْضُ الطريق عَرْضَ باب الصُّفَّة فليس له ذلك، ولكنه يُرفَع الطريقُ عَرْضُه عَرْضُ باب الدار. ولو كان له منزل بابه أعظم وأعرض من باب الدار الأعظم فأراد رَفْعَ الطريق على عرض باب المنزل لم يكن له ذلك، ورَفَعَ الطريقَ عَرْضُه عَرْضُ باب الدار وطوله من باب الدار إلى باب المنزل. ولو أراد صاحب هذا المنزل أن يفتح في هذه الطريق باباً (¬1) آخر كان له ذلك، وليس يستحق ببابين وثلاثة من الطريق إلا ما يستحق بواحد. ولو كان هذا المنزل بين رجلين فقسماه بينهما وجعل كل واحد منهما طريقاً على حدة في هذا الطريق كان جائزاً، وكان ذلك لهما، ولا يمنعهما ذلك أهل الطريق. ولو كان صاحب هذا المنزل (¬2) واحداً (¬3) فاشترى داراً من وراء هذا المنزل وفتحها إلى هذا المنزل واتخذ لها طريقاً في هذا المنزل وفي هذا الطريق فإن أبا حنيفة قال (¬4): إن كان ساكن الدار والمنزل واحداً (¬5) فله أن يمر من الدار في المنزل وفي الطريق المرفوع بينهم، وإن كان في الدار ساكن [آخر] (¬6) فليس لساكن الدار أن يمر في الطريق. ولو اختصم أهل الطريق في الطريق فادعى كل واحد منهم أنه له فإن أبا حنيفة قال: هو بينهم أثلاثاً (¬7) بالسوية [إذا لم يُعرَف أصله] (¬8)، ولا نجعله بينهم (¬9) في قدر ما في أيديهم من ذَرْع الدار والمنزل، ولو ¬

_ (¬1) م ز: باب. (¬2) م ز:- المنزل. (¬3) م ز: واحد. (¬4) ولم يُذكر أن هناك خلافاً بينه وبين الصاحبين. انظر: المبسوط، 15/ 58. (¬5) م ز: واحد. (¬6) الزيادة من المبسوط، 15/ 58. (¬7) أي: إذا كانوا ثلاثة فيقسم أثلاثاً. أما إذا كانوا أقل أو أكثر فيقسم بينهم بالسوية حسب عددهم. ولهذا لم يذكر "أثلاثاً" في ب؛ والمبسوط، 15/ 58. (¬8) الزيادة من المبسوط، 15/ 58. وسيشير إليه المؤلف. (¬9) م ف ز ع: بينهما. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 15/ 58.

جعلته على قدر المساحة لم يكن لصاحب المنزل أن يضيف إليه الدار التي اشترى، لا يضرب بذَرْعها في الطريق مع ذَرْع المنزل، فهذا لا يكون، ولو عُرِفَ أصلُ الطريق كيف كان بينهم جعلته بينهم على ذلك. فإن كانت دار لرجل واحد وفيها طريق لآخر فمات صاحب الدار ووَرِثَهُ وَرَثَتُه فقسموا الدار بينهم ورفعوا الطريق لصاحبه ولهم ثم باعوه فأرادوا قسمة ثمنه فإن لصاحب الطريق نصفه ولورثته نصفه. فإن لم يعرف أن الدار كانت بينهم ميراثاً وجحدوا ذلك فإن الطريق بينهم على عدد أرباب الأنصباء، فإن كانوا أربعة وصاحب الطريق واحد فهو بينهم أخماساً. وإذا كانت (¬1) الدار في يدي رجل منها بيت وفي يدي آخر منها بيتان وفي يدي آخر منها منزل عظيم وكل واحد منهم يدعي الدار جميعاً فلكل واحد منهم ما في يديه، وساحة الدار بينهم أثلاثاً. ولو مات صاحب المنزل وتركه ميراثاً بين ورثة وهم خمسة ثم اختصموا في الساحة كان للورثة الثلث حصة الميت. وإذا اقتسم قوم داراً ورفعوا طريقاً بينهم ومسيل ماء فهو جائز. وإن عظّموا الطريق أو جعلوه (¬2) صغيرا فهو جائز؛ لأنه صلح. وإذا اقتسم القوم داراً وفيها (¬3) كَنِيف (¬4) شارعة على الطريق العظمى أو ظُلَّة (¬5) على الطريق العظمى فليس يحسب ذَرْع الظُّلَّة والكَنِيف في ذَرْع الدار. ¬

_ (¬1) م ف ز: فإذا كانت. (¬2) ز: وجعلوه. (¬3) ف - وفيها. (¬4) الكَنِيف: ما يُشْرَع فوق باب الدار كالجناح ونحوه، وأهل العراق يسمون ما أشرعوا من أعالي دورهم كَنِيفاً. وقيل: الكنيف يكون متصلاً بالدار بخلاف الظلة. انظر: لسان العرب، "كنف، كنن". (¬5) الظُّلَّة في اللغة كل ما أظلك من بناء أو جبل، وفي اصطلاح الفقهاء يريدون بها السُّدَّة التي فوق الباب، وقيل: هي التي أحد طرفي جذوعها على هذه الدار وطرفها الآخر على حائط الجار المقابل. انظر: المغرب، "ظلل". وقيل: الظلة تكون أمام الدار مفصولاً عنها. انظر: لسان العرب، "كنن".

باب قسمة دار الميت وعليه دين أو وصية أو وارث غائب أو صغير

ولو كانت الظُّلَّة على طريق غير نافذ كان ذَرْعها يحسب بذَرْع الدار، بمنزلة علو في الدار سفله لغيرهم، وفي (¬1) قول أبي يوسف يحسب على النصف من الذَّرْع، وفي قول أبي حنيفة على الثلث، وفي قول محمد على القيمة (¬2). ... باب قسمة دار الميت وعليه دين أو وصية أو وارث غائب أو صغير وإذا اقتسم الورثة داراً لميت أو أرضاً لميت وعلى الميت دين فجاء غرماء الميت يطلبون دينهم فإن القسمة ترد. فإن كان الدين قليلاً أو كثيراً فهو سواء. وإن كان للميت مال (¬3) سوى ذلك بعتُه في الدين وأنفذتُ القسمة. وإن لم يكن للميت مال (¬4) سوى ذلك فأدى الورثة الدين من أموالهم على قدر مواريثهم فإن القسمة جائزة. وكذلك لو أن الغريم أبرأ الميت من الدين أو وهبه له فإن القسمة جائزة. وإن كان الميت قد أوصى بالثلث فاقتسم الورثة وصاحب الثلث غائب ثم جاء صاحب الثلث فإنه يُبطِل (¬5) القسمة ويردها إذا كانوا اقتسموا بغير قضاء قاض. وكذلك لو كان للميت وصي وقَسَمَ حصة صاحب الثلث فإن ذلك لا يجوز على صاحب الثلث، وله أن يبطل القسمة وينقضها. وإذا اقتسم الورثة داراً وفيهم غائب وليس للميت وصي ولا للغائب وكيل ثم قدم الغائب فله أن يبطل القسمة وينقضها. وكذلك لو كان في ¬

_ (¬1) م ف ز ع: وهو. والتصحيح من الكافي، 1/ 199 و. (¬2) قد تقدم الكلام على كيفية القسمة في العلو والسفل في باب قسمة الدور. (¬3) ف - مال. (¬4) م - مال. (¬5) ز: تبطل.

الورثة صغير ليس له وصي فكبر فله أن ينقض القسمة ويبطلها. والدور والأرضون والقرى والحيوان والعروض والكيل والوزن إذا كان (¬1) ميراثاً في جميع ما ذكرنا من الدين والوصية والوارث الكبير والغائب والوارث الصغير في ذلك سواء كله، وهو مردود كله. وإذا كانت دار بين ثلاثة نفر شِراءً (¬2) فغاب أحدهم فاقتسم الاثنان الباقيان فقدم الغائب فله أن يبطل القسمة وينقضها. وكذلك لو مات الغائب وترك ابناً صغيراً فكبر كان (¬3) له أن يبطل القسمة. وكذلك لو كان على هذا الميت دين أو أوصى (¬4) بوصية فإن للغرماء وأهل الوصية أن ينقضوا القسمة. والأرض والدار والعروض والحيوان في ذلك سواء. وإذا كانت الدار والأرض والثياب ميراثاً بين قوم ولا دين على الميت ولا وصية ثم مات بعض الورثة وترك عليه ديناً (¬5) أو أوصى (¬6) بوصية أو كان له وارث غائب أو صغير ولا وصي له فاقتسم الورثة الدار [بغير قضاء قاض] (¬7) فللغرماء أن يبطلوا القسمة، وكذلك أهل الوصية، وكذلك الوارث [الغائب وَ] الصغير (¬8) الذي لا وصي له. وإذا كانت دار بين قوم ميراثاً وعلى الميت دين فمات الطالب وترك ورثة صغاراً فاقتسم ورثة الميت الدار فلورثة الغريم إذا كبروا أن يبطلوا القسمة حتى يستوفوا دينهم. وإذا كانت الأرض بين قوم ميراثاً فاقتسموا بينهم وأشهدوا على أنفسهم ¬

_ (¬1) م ف ز: إذا كانا. (¬2) م ف ز: سوا؛ ع: سواء. (¬3) م ز: فكان. (¬4) م ف ز ع: ولو أوصي. والتصحيح مستفاد من ب جار. (¬5) م ز: دين. (¬6) م ف ز ع: وأوصي. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 15/ 60. (¬7) الزيادة من المبسوط، 15/ 60. (¬8) الزيادة من المبسوط، 15/ 60.

بالقسمة ثم ادعت امرأة الميت مهراً من صداقها فأقامت عليه البينة فلها أن تنقض القسمة وتردها، ولا تكون قسمتها واقرارها بالميراث خروجاً من دَينها؛ لأنها لم تبرئ الميت من الدين. وكذلك كل وارث يدعي [ديناً على الميت] (¬1) ويقيم بينة. ولو أن وارثاً ادعى وصية لابن له صغير وأقام البينة أن الميت أوصى له بالثلث وقد قسموا الدار والأرض على المواريث فإن هذه القسمة لا تُبطِل حق ابنه في الوصية، وإن أراد أبوه أن يطلب وصية ابنه ويبطل القسمة فليس للأب ذلك، لأنه قد أقر أنه لا وصية لابنه (¬2)، ولكن الابن يطلب [إذا كبر] ويرد القسمة. وإذا كانت الأرض والدار ميراثاً بين قوم فاقتسموها على قدر مواريثهم من أبيهم، ثم ادعى أحدهم أن أخاً له من أمه وأبيه قد ورث أباه معهم أنه مات بعد أبيه فورثه هو وأراد ميراثه منه وقال: إنما قسمتم لي ميرأثي من أبي، ولم يكتبوا (¬3) في القسمة أنه لا حق لبعضهم فيما أصاب بعض، وجحد بقية الورثة هذا الوارث، وأقام الرجل عليه البينة، فإنه لا يقضى له بحقه من ذلك، ولا يقبل (¬4) منه بينة على ذلك، ولا تنقض القسمة. فإن كانوا كتبوا في كتاب القسمة أنه لا حق لبعضهم فيما أصاب بعض أو لم يكتبوا (¬5) ذلك فهو سواء، وليس له أن ينقض القسمة. وإقراره بالميراث من الأب إقرار بأنه لا حق له غيره، وهذا يخرجه من ميراث أخيه. وإذا اقتسم القوم (¬6) أرضاً ميراثاً من أبيهم ثم ادعى أحدهم بعد الفراغ من القسمة أن هذه الأرض لأمه خاصة دون أبيه وأقام على ذلك البينة فإنه لا تقبل منه (¬7) البينة على ذلك، وإقراره بالقسمة يبطل دعواه الذي يدعي. وكذلك لو ادعى أن أمه اشترتها من أبيه لم يقبل ذلك منه. وكذلك لو ¬

_ (¬1) الزيادة من المبسوط، 15/ 60. (¬2) لأن الأب بإقدامه على القسمة كأنه أقر أنه لا وصية لابنه. انظر: المبسوط، 15/ 61. (¬3) ف: ولم تكتبوا. (¬4) ز: تقبل. (¬5) ف + في. (¬6) م ز - القوم. (¬7) م + منه.

ادعاها هو أنه اشتراها من أبيه أو ادعى هبة أو صدقة فإنه لا يقبل منه، وإقراره بالقسمة والميراث إبطال لذلك وخروج منه. وإذا كانت الأرض والقرية ميراثاً بين ثلاثة نفر ورثوا ذلك عن أبيهم فمات أحدهم وترك ابناً كبيراً فاقتسم هو وعماه القرية والأرض على ميراث الجد وقبض كل واحد منهم حصته ثم إن ابن الابن أقام البينة أن جده أوصى له بالثلث وأراد أن يبطل القسمة فليس له ذلك، وقسمته على ميراث الجد إبطال لما ادعى من الوصية وخروج من ذلك. ولو لم يدع (¬1) وصية من جده وادعى ديناً لنفسه على أبيه وأقام البينة على هذا الدين وأراد إبطال القسمة فله أن يبطلها. ألا ترى أن الدين لو كان لغيره فأجاز الغريم القسمة كان باطلاً، وكان للغريم أن يبطل القسمة، وكذلك الوارث إذا كان هو الغريم. وإذا ادعى الوارث أنه كان اشترى نصيب أبيه في حياته بثمن مسمى ونقده الثمن وأقام البينة على ذلك فهو جائز، ولا يبطل ذلك القسمة، والقسمة عليه جائزة؛ لأنه قسم نصيبه. فإن كان شرى أو ميراثاً فهو سواء. وإذا كانت الأرض ميراثاً بين قوم ورثوا ذلك عن أبيهم فاقتسموها وهم كبار وقبض كل واحد منهم الذي أصابه عن ميراث الأب ثم إن أحدهم اشترى من الآخر قسمه بثمن مسمى (¬2) ونقده الثمن ثم قامت البينة على دين على الأب فإن القسمة تبطل وتُنقَض ويبطل الشرى. وكذلك لو كان اشترى غير وارث. ولو (¬3) لم يكن عليه دين ولم يشتره وارث وكانت دار ورثها (¬4) ثلاثة رجال ميراثاً (¬5) عن أبيهم فاقتسموها أثلاثاً على ميراث الأب فأخذ كل واحد منهم الثلث محوزاً مقسوماً، ثم إن رجلاً غريباً اشترى من أحدهم قسمه ¬

_ (¬1) ز: لم يدعي. (¬2) ز: مسماه. (¬3) م ف ز - لو. والزيادة من ع. (¬4) م: وثها. (¬5) م ز: ميراث.

بثمن مسمى ونقده وقبض، ثم جاء أحد الباقين فقال للمشتري: إنا لم نقسم، فاشترى منه الثلث من جميع الدار بثمن مسمى ونقده (¬1)، ثم جاء الثالث فقال (¬2): قد قسمنا، وأقام البينة على ذلك وصدقه البائع الأول وكذبه البائع الثاني، وقال المشتري: ما أدري أقسمتم أم (¬3) لا، فإن القسمة الأولى جائزة، والشرى الأول جائز. فأما (¬4) الشرى الثاني فإن شاء المشتري أخذ ثلث قسم البائع بثلث الثمن ويرجع عليه بثلثي الثمن. وإن شاء رد ذلك وأخذه بجميع الثمن. ولو كان المشتري أقر بالشرى الأول والقسمة وأقر في الشراء الآخر أنها لم تقسم والمسألة على حالها كان القضاء فيما بينهم على ما وصفنا. فإن رد بيع الثاني فإنه يرد عليه من نصيب الأول ثلثه؛ لأنه قد أقر له. وإن أمضى البيع لزمه ثلثا (¬5) الثمن بثلث (¬6) نصيب الأول وبثلث نصيب الثاني، ويرجع بثلث الثمن حصة نصيب الثالث، ويبقى في يدي البائع الثاني [ثلثا] (¬7) قسمه (¬8) الذي أصابه. وإذا أقر الرجل أن فلاناً مات وترك هذه الدار ميراثاً وهذه الأرض ثم ادعى بعد ذلك أنه أوصى له بالثلث فإني أقبل منه البينة على ذلك. وليس يخرجه قوله هذا من وصيته (¬9). وكذلك لو ادعى ديناً فإنه تقبل (¬10) منه البينة على ذلك. وإن ادعى شراء من الميت أو هبة أو صدقة فإنه لا يقبل منه ذلك، وإقراره بأنها ميراث يبطل ما ادعى من الشرى والهبة، ولا يقبل منه البينة على ذلك. وكذلك لو أقر أنها ميراث من أبيه ثم ادعى أنها ميراث من غير أبيه فإنه لا يقبل ذلك منه. وإذا اقتسم (¬11) القوم داراً ميراثاً عن رجل والمرأة مقرة بذلك وأصابها ¬

_ (¬1) ع + ثم جاء الثاني فقال المشتري إنا لم نقسم فاشترى منه الثلث من جميع الدار بثمن مسمى ونقده. (¬2) ز - فقال. (¬3) ف - أم. (¬4) ز: وأما. (¬5) ز: ثلثي. (¬6) م ز: بثلثي. (¬7) الزيادة من المبسوط، 15/ 63. (¬8) ز: قسمة. (¬9) م ز: من وصية. (¬10) ز: يقيل. (¬11) م: وإذا اقسم.

الثمن مع ولده فعزل لها على حدة (¬1) ثم ادعت بعد ذلك أنه أصدقها إياها أو أنها اشترتها بصداقها فإنه لا يقبل ذلك منها، وإقرارها بالميراث يخرجها من الدعوى. وإذا اقتسم (¬2) الورثة أرضاً بينهم على أنها ميراث من أبيهم فأصاب كل إنسان طائفة بجميع ميراثه من أبيه، فادعى أحدهم من قسم الآخر بناءً أو نخلاً وزعم أنه بنى البناء أو غرس النخل وجاء بالبينة على ذلك، فإنه لا يقبل ذلك منه، وإقراره بأن هذا ميراث أخيه يخرجه من ذلك. وإذا اقتسم القوم أرضاً فيها زرع ونخل وشجر حامل ولم يذكروا الحمل في القسمة، ولم يذكروا أنه أصاب كل إنسان منهم الذي أصابه بكل حق هو له ولا بكل قليل أو كثير هو فيه أو منه، إنما أشهدوا أنه أصاب فلاناً (¬3) كذا بميراثه من أبيه، وأصاب فلانة كذا ميراثها من أبيها، ثم أراد أحدهم أن يرجع في حمل النخل والشجر (¬4) الذي أصاب (¬5) غيره، فله ذلك، ولا تكون (¬6) القسمة في هذا أشد من البيع. ألا ترى لو باع ذلك لم يدخل في البيع إلا أن يشترطه. فكذلك القسمة. ولكن يدخل النخل والشجر في ذلك والبناء كله وإن لم يشترط كل حق هو له، يدخل في البيع هذا، ولا تدخل (¬7) فيه الثمرة. وكذلك لو اقتسموا داراً فيها ظُلَّة شارع أو كَنِيف (¬8) شارع ولم يذكروا ذلك في القسمة وقد وقع في حَيِّز بعضهم (¬9) ولم يقل: بكل حق هو له ولا بكل قليل أو كثير هو فيه أو منه (¬10)، فإنه في قياس ¬

_ (¬1) ز: على جده. (¬2) م ز: فإذا اقتسم. (¬3) م ز: فلان. (¬4) ز: أو الشجر. (¬5) ز: أصابه. (¬6) ز: يكون. (¬7) ز: يدخل. (¬8) تقدم تفسير الظلة والكنيف قريباً. (¬9) م ف ز ع: نصيبهم. والتصحيح من ب جار. (¬10) م + إنما أشهدوا أنه أصاب فلاناً كذا بميراثه من أبيه وأصاب فلانة كذا ميراثها من أبيها ثم أراد أحدهم أن يرجع في حمل النخل والشجر الذي أصاب غيره فله ذلك ولا تكون القسمة في هذا أشد من البيع ألا ترى لو باع ذلك لم يدخل في البيع إلا أن يشترطه فكذلك القسمة ولكن يدخل النخل والشجر في ذلك والبناء كله وإن لم=

قول أبي حنيفة يكون له الكَنِيف ولا تكون له الظُّلَّة، كما يكون في البيع (¬1)، وفي قول أبي يوسف ومحمد يكونان (¬2) له جميعاً في القسمة والبيع وإن لم يشترطهما. ولو كانت للدار والأرض غلة من إجارة كانت أو من ثمن ثمرة دين على رجل لم يدخل ذلك في القسمة، وكان ذلك بينهم على المواريث. ولو اشترطوا ذلك في قسم بعضهم كانت القسمة فاسدة؛ لأنهم أدخلوا فيها الدين، ولا تجوز قسمة يدخل فيها دين للميت على الناس ويكون (¬3) في حصة بعضهم دون بعض. ولو اقتسموا على أن ضمن أحدهم (¬4) ديناً على الميت مسمى كان هذا باطلاً إذا كان في أصل القسمة. وإن ضمن الدين بغير شرط في القسمة على أن لا يتبع الوارثُ الميتَ ولا ميراثَه بشيء من ذلك وعلى أن يبرئ غرماء الميت [الميتَ] (¬5) كان هذا جائزأ. فإن أبى الغرماء أن يقبلوا ضمانه وطلبوا ميراث الميت ونقض القسمة فلهم ذلك. وإن رضوا بضمانه (¬6) وأبرؤوا الميت جازت القسمة. فإن أدى المال إليهم فهو جائز. وإن توى المال قِبَلَه (¬7) رجعوا في مال الميت حيث كان. ... ¬

_ = يشترط كل حق هو له يدخل في البيع هذا ولا يدخل فيه الثمرة وكذلك لو اقتسموا داراً فيها ظلة شارع أو كنيف شارع ولم يذكروا ذلك في القسمة وقد وقع في حيز نصيبهم فلم يقل بكل حق هو له ولا بكل قليل أو كثير هو فيه أو منه. (¬1) أي: أصل هذا هو قول الإمام في مسألة دخول الثمر في البيع. (¬2) ز: يكون. (¬3) ف: يكون. (¬4) م ف ز ع: أحدهما. والتصحيح من المبسوط، 15/ 64. (¬5) الزيادة من ب جار. (¬6) م ف: فضمانه. (¬7) وفي ب؛ والمبسوط، 15/ 64: عليه.

باب دعوى الغلط في القسمة

باب دعوى الغلط في القسمة وإذا اقتسم (¬1) القوم داراً أو أرضاً (¬2) ميراثاً بينهم أو شرى وقبض كل واحد منهم حقه من ذلك ثم ادعى أحدهم غلطاً فإن (¬3) أبا حنيفة قال في ذلك: لا تعاد القسمة، ولكنه يسأل البينة على الغلط (¬4). فإن أقام البينة على ذلك أَعَدْتُ القسمة فيما بينهم حتى يستوفي كل ذي حق حقه. وإن لم تكن (¬5) له بينة فأراد أن يستحلفهم على الغلط فله ذلك. فإن حلف منهم رجل لم يكن له عليه سبيل. وإن نكل عن اليمين نَظَرْتُ إلى نصيب الذي نكل (¬6) عن اليمين ونصيب الذي ادعى الغلط (¬7) ثم قسمتُه بينهما على قدر أنصبائهما. وكذلك (¬8) كل قسمة تكون في غنم أو بقر أو ثياب أو شيء مما يكال أو يوزن ادعى فيه أحدهم غلطاً بعد القسمة والقبض فهو مثل ذلك، لا يعاد ذَرْعُ شيء من ذلك ولا مساحته (¬9) ولا كيله ولا وزنه إلا بحجة (¬10). وإذا اقتسم الرجلان دارين فأخذ أحدهما داراً والآخر داراً ثم ادعى أحدهما غلطاً وجاء بالبينة أن له كذا وكذا ذراعاً (¬11) في الدار التي في يدي صاحبه فَضْلاً في قِسْمِه (¬12) فإنه يقضى له بذلك الذَّرعْ، ولا تعاد القسمة، وليس هذا كالدار الواحدة في قول أبي يوسف ومحمد. وأما في قياس قول أبي حنيفة فالقسمة فاسدة والداران بينهما نصفان؛ لأن أحدهما يرجع على صاحبه بذَرْع من الدار التي أخذ منه، وهو بمنزلة رجل ¬

_ (¬1) ف: فإذا اقتسم. (¬2) ز: وأرضا. (¬3) ز + الإمام الأعظم. (¬4) ولم يذكر في المسألة خلاف بين الإمام وصاحبيه. انظر: المبسوط، 15/ 64. (¬5) ز: لم يكن. (¬6) ف: وكل. (¬7) ز - الغلط. (¬8) م: ولذلك. (¬9) م ف ز: ولا مساحه. والتصحيح من ع، والمبسوط، 15/ 64. (¬10) م ف ز ع: ولا ذرعه. والتصحيح من المبسوط، 15/ 65. (¬11) م: كذا كذا ذرعا. (¬12) م ع: في قسمته؛ ف ز: في القسمة.

اشترى ذراعاً من دار، فلا يجوز في قول أبي حنيفة. وإذا اقتسم الرجلان أَقْرِحَة فأصاب أحدهما قَرَاحَين وأصاب الآخر أربعة أقرحة ثم ادعى صاحب القراحين أحد الأقرحة التي في يدي صاحب الأربعة وأقام البينة أنه أصابه في قسمه (¬1) فإنه يقضى له بذلك. وإذا اقتسم رجلان عشرة أثواب فأخذ أحدهما أربعة أثواب وأخذ الآخر ستة أثواب فادعى صاحب الأربعة ثوباً بعينه من الستة أنه (¬2) أصابه (¬3) في القسمة وأقام على ذلك البينة فإنه يقضى به (¬4) له (¬5). وإن لم تقم له بينة كان له أن يستحلف الذي في يديه الثوب. فإن حلف برئ. وإن نكل عن اليمين لزمه الثوب. وإذا اقتسم رجلان عشرة أثواب (¬6) فأصاب أحدهما ستة أثواب والآخر أربعة أثواب وشُهِدَ (¬7) على القسمة وعلى معرفة الأثواب، ثم ادعى صاحب الأربعة ثوباً من الستة أنه (¬8) أصابه (¬9) في قسمه وجاء بالبينة عليه وجاء الآخر بالبينة أنه أصابه في الستة (¬10)، فكل أقام عليه البينة، فإني أقضي به لصاحب الأربعة؛ لأنه المدعي. وإذا اقتسم رجلان مائة شاة فأصاب أحدهما خمسة وخمسين وأصاب ¬

_ (¬1) أي: أنه من نصيبه في القسمة. (¬2) م ف ز ع: التي. وانظر: لفظ المسألة السابقة. (¬3) ز: أصابته. (¬4) م: يقضان؛ ف ز: نقصان. (¬5) ز - له. (¬6) ف - عشرة أثواب. (¬7) ز: وشهدا. (¬8) م ف ز ع: التي. وانظر: لفظ المسألة التي قبل السابقة. (¬9) ز: أصابته. (¬10) ز: في السنة.

الآخر خمسة (¬1) وأربعين ثم ادعى صاحب الأَوْكَس (¬2) أنه غَلِطَ في القسمة وقال: أخطأنا في تقويمها، فإنه لا تعاد (¬3) له القسمة ولا تقبل في ذلك منه بينة. وإن قال: أخطأنا في العدد فأصاب كل إنسان منا خمسين (¬4) شاة والخمس غلط كان منا، وقال الآخر: قد اقتسمنا على هذا، وليست بينهما بينة (¬5) والغنم قائمة بعينها فإنها يتحالفان ويترادان. وإن أقام كل واحد منهما بينة على ذلك رددت القسمة، لأن صاحب الخمسة (¬6) والأربعين هو المدعي، وأَنْقُضُ القسمة، ويستقبلان القسمة فيما بينهما. وإذا اقتسما مائة شاة فأخذ كل واحد منهما حصته فقال أحدهما: أخذتَ واحداً (¬7) وخمسين غلطاً (¬8) وأخذتُ أنا تسعاً (¬9) وأربعين، وقال الآخر: ما أخذتُ إلا خمسين، فالقول قوله أنه لم يأخذ إلا خمسين بعد أن يحلف، وعلى الآخر البينة. وإذا اقتسم الرجلان داراً فأخذ كل واحد منهما طائفة فادعى أحدهما بيتاً في يدي الآخر وقال: هذا فيما أصابني (¬10)، وكذبه الآخر فإن عليه البينة. فإن أقاما جميعاً البينة أخذت ببينة المدعي الذي ليس هو في يديه، لأنه المدعي، ولم أقبل البينة للذي هو في يديه. وكذلك هذا في الأرضين (¬11). ولو لم يُشْهِدَا على أصل القسمة واختلفا في ذلك فقال [هذا] (¬12): أصابني هذه الناحية وهذا البيت فيها، وقال الذي هي في يديه: أصابني هذا كله، فإنهما يتحالفان ويترادان القسمة، وإن كانت لهما بينة على ¬

_ (¬1) م ز: خمس. (¬2) م ف ز ع: الأكثر. والتصحيح من المبسوط، 15/ 66. والأوكس هو الأقل مِن وَكَسَه أي نقصه. انظر: المغرب، "وكس". (¬3) ز: لا يعاد. (¬4) م ف ز + خمسين. (¬5) ف: منه. (¬6) ز: الخمس. (¬7) م ز: أحد؛ ف - واحدا. (¬8) م ز - غلطا. (¬9) ز: تسع. (¬10) م ز - أصابني. (¬11) م ز: في الأربعين. (¬12) الزيادة من المبسوط، 15/ 66.

القسمة أنفذت بينهما ما (¬1) شَهِدَتْ به الشهود. وإن اختلفا في الحد فيما بينهما فقال أحدهما: هذا الحد لي ودخل في نصيب صاحبه، وقال الآخر: هذا الحد لي ودخل في نصيب صاحبه (¬2)، فإن قامت لهما البينة جميعاً أخذت ببينة هذا وببينة هذا. فإن قامت لأحدهما بينة دون الآخر أخذت بالبينة. وإن لم تقم لهما بينة ولا لأحدهما استحلفت كل واحد منهما على دعوى صاحبه، وجعلت لكل واحد منهما ما في يديه. وإن أراد أحدهما أن يرد القسمة ردها بعدما يتحالفان. وقال أبو يوسف ومحمد في رجل مات وترك داراً وترك ابنين فاقتسما الدار فأخذ كل واحد منهما النصف وأشهدا على القسمة والقبض والوفاء، ثم إن أحدهما ادعى بيتاً في يدي صاحبه أو طائفة في يدي صاحبه، وقال: هذا في حدي، فإنه لا يصدق على ما ادعى إلا أن يقر به صاحبه؛ مِن قِبَل أنه أشهد بالوفاء. ولو لم يكن أشهد بالوفاء ولم يسمع منه إقرار بالقسمة حتى قال: اقتسمنا (¬3) فأصابني هذه الناحية، وهذا البيت والناحية في يديه، والبيت في يدي شريكه، وقال شريكه: بل أصابني البيت وما في يدي كله، فإني أسأل المدعي عن البيت (¬4) كيف كان أمره، أكان (¬5) قبل أن تقتسما (¬6) في يدي شريكك فلم يدفعه إليك، أو كان في يديك بعد القسمة فغصبكه. فإن قال: كان في يدي بعد القسمة فغصبني أو أجرته أو أعرته أو أسكنته، فإن القسمة جائزة ولا أنقضها، وأحلّف صاحبه. فإن قال: كان في يدي صاحبي قبل القسمة فأصابني في القسمة فلم يسلمه لي، تحالفا وترادا. وكذلك الاختلاف في الحد. ولو ادعى غلطاً في جميع نصيب صاحبه زيادة في الذَّرْع فقال: ¬

_ (¬1) ف ز: بما. (¬2) ز - وقال الآخر هذا الحد لي ودخل في نصيب صاحبه. (¬3) ز: اقتسمناها. (¬4) م ف ز ع: المدعي البينة. والتصحيح من المبسوط، 15/ 67. (¬5) ز: كان. (¬6) ز: أن يقتسما.

أصابني ألف وأصابك ألف فصار في يديك ألف ومائة وفي يدي تسعمائة، وقال الآخر: أصابني ألف وقبضتُها (¬1) وأصابك ألف [فقبضتَها] ولم أَزْدَدْ، فالقول قول الذي يُدَّعَى (¬2) قِبَلَه الغلط مع يمينه (¬3). فإن قال: أصابني ألف ومائة وأصابك ألف ومائة، وقال الآخر: أصابني ألف وأنت [أصابك] ألف فقبضتُ (¬4) تسعمائة وقبضتَ أنت ألفاً (¬5) ومائة، فإنهما في هذا يتحالفان ويترادان؛ مِن قِبَل أنه لم يقر بقبض المائة وقد أقر بها الذي في يديه. ولو كان قال: كنتُ قبضتُها فغصبتَنيها (¬6)، لم أنقض (¬7) القسمة، وأحلّف المدعَى قِبَلَه الفضل (¬8). ولو اقتسما (¬9) ألف درهم أو مائة شاة أو كيلاً أو وزناً وأشهدا (¬10) بالاستيفاء ثم ادعى أحدهما مما في يدي صاحبه شيئاً معلوماً فقال: هذا فيما أصابني، وجحد ذلك صاحبه وقال: بل هو فيما أصابني، فالقول قول الذي هو في يديه، مِن قِبَل أن الآخر قد أقر بالاستيفاء. ولو لم يكن أشهدا بالاستيفاء ولا أقرا به وقال [أحدهما]: اقتسمنا فاستوفيتُ واستوفيتَ ثم غصبتَني هذه الفَضْلَة، أو استودعتُكها فجحدتَ، أو أعرتُكها، فإني لا أنقض القسمة، والقول قول الذي هو في يديه مع يمينه. فإن قال: أصابني في القسمة وكان في يديك ولم تدفعها إلي (¬11)، تحالفا وترادا. ولو اقتسما مائة شاة فصار في يد أحدهما ستون وفي يدي الآخر ¬

_ (¬1) م ف ز ع + منك. والتصحيح من المبسوط، 15/ 67. (¬2) م: يدعا. (¬3) أي: القول قول المنكر مع يمينه، كما أفاده في ب؛ والمبسوط، 15/ 68. (¬4) ف ز: قبضت. (¬5) م ز: ألف. (¬6) ز: فغصبنيها. (¬7) م ف ز: ألم أنقض. (¬8) م ف ز ع + ولم أنقض القسمة. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 15/ 68. (¬9) م ف ز: فلو اقتسما. (¬10) م ف ز: وأشهدوا. (¬11) ف: لي.

أربعون (¬1) فقال الذي في يديه الأربعون (¬2): أصابني خمسون (¬3) وأنت [أصابك] خمسون (¬4) وتقابضنا (¬5) ثم غصبتَني عشراً بأعيانها فخلطتَها (¬6) في غنمك فهي لا تُعرَف، وجحد الآخر الغصب وقال: بل أصابني ستون (¬7) وأنت [أصابك] أربعون (¬8)، فالقول قوله مع يمينه. ولو قال الأول: أصابني خمسون (¬9) فدفعتَ إلي أربعين وبقي في يديك عشر (¬10) لم تدفعها إلي، وقال الآخر: بل أصابني ستون (¬11) وأصابك أربعون (¬12)، فإنهما يتحالفان ويترادان القسمة. ولو كان في هذه المسألة أشهد عليه بالوفاء قبل هذه المقالة كان القول قول الذي في يديه الستون (¬13)، ولا يمين عليه. ولكنه لو قال: أصابني خمسون (¬14) وقبضتُها فغصبتَني عشراً بعد (¬15) القبض، وقال الآخر: بل أصابك أربعون (¬16) وأنا [أصابني] ستون (¬17)، أو أصابك (¬18) خمسون (¬19) وأنا [أصابني] خمسون (¬20) ولم أغصبك شيئاً، وقد أَشْهَدَ عليه بالوفاء، فإنه يَحْلِفُ على الغصب الذي ادُّعِي قِبَلَه وعلى الوديعة والعارية، فإن حلف برئ منه. ولو لم يشهد بالوفاء فقال الذي في يديه الأربعون (¬21): كانت غنم ¬

_ (¬1) ز: أربعين. (¬2) ز: الأربعين. (¬3) ز: خمسين. (¬4) ز: خمسين. (¬5) م ز: وتقابضا. (¬6) م ز: فخلطتهما؛ ف ع: فخلطهما. (¬7) ز: ستين. (¬8) ز: أربعين. (¬9) ز: خمسين. (¬10) ز: عشرا. (¬11) ز: ستين. (¬12) ز: أربعين. (¬13) ز: الستين. (¬14) ز: خمسين. (¬15) ز: بعض. (¬16) ز: أربعين. (¬17) ز: ستين. (¬18) م ف ز ع: وأصابك. والتصحيح من ب جار. (¬19) ز: خمسين. (¬20) ز: خمسين. (¬21) ز: الأربعين.

والدنا مائة شاة فأصابني خمسون (¬1) وأنت [أصابك] خمسون (¬2) فقبضتُها وقبضتَ (¬3) ثم غصبتَني عشرة وهي هذه، فقال الذي في يديه الستون (¬4): بل كانت غنم والدي مائة وعشرين فأصابني ستون (¬5) وأنت [أصابك] ستون (¬6) ولم أغصبك وقد تقابضنا (¬7)، فإن هذا قد أقر بفضل عشرة من الغنم ليس (¬8) فيها قسمة؛ لأن الآخر قال: إنما اقتسمنا مائة. والذي في يديه الستون (¬9) إذا أقر أنها كانت أكثر من مائة رد الفضل الذي في يديه وهي عشرة، ويحلف صاحبه (¬10). وإن لم يقر بفضل على مائة فقال: قد (¬11) كانت مائة وأصابني ستون (¬12) وأنت [أصابك] أربعون (¬13) فالقول قوله مع يمينه على الغصب الذي ادعاه [صاحبه] (¬14) قِبَلَه؛ مِن قِبَل أن شريكه قد أبرأه من حصته من المائة ولم يبرئه من حصته (¬15) من الفضل على المائة. وإن كانت الغنم قائمة بعينها قسمتُها نصفين ولا أُفْسِدُ القسمة، فإن كانت العشر الفَضْل (¬16) بأعيانها كانت بينهما نصفين، وإن كانت مجهولة رَدَدْتُ الستين والأربعين (¬17) واستقبلا القسمة. ... ¬

_ (¬1) ز: خمسين. (¬2) ز: خمسين. (¬3) ف + مني. (¬4) ز: الستين. (¬5) ز: ستين. (¬6) ز: ستين. (¬7) م ف ز ع: تقابضا. والتصحيح من المبسوط، 15/ 69. (¬8) م ف ز ع: فليس. والتصحيح من المبسوط، 15/ 69. (¬9) ز: الستين. (¬10) ويقتسمان العشرة. انظر: المبسوط، 15/ 69. (¬11) ز: بل. (¬12) ز: ستين. (¬13) ز: أربعين. (¬14) الزيادة من المبسوط، 15/ 69. (¬15) ف - من المائة ولم يبرئه من حصته. (¬16) م ف ز ع: افضل. والتصحيح من ب جار. (¬17) م ف ز - والأربعين. والتصحيح من ع ب جار.

باب قسمة الوصي على أهل الوصية والورثة

باب قسمة الوصي على أهل الوصية والورثة وإذا كانت الدار ميراثاً بين قوم، فيهم صغير له وصي، وفيهم غائب له وكيل في القسمة، فاقتسموا الدار على ذلك، فهو جائز. وكذلك الأرضون والقرى والدور والأشقاص في الدور. وكذلك لو كان فيهم صغير له أب (¬1) يقاسم عليه فهو جائز. وكذلك لو لم يكن له أب ولا وصي فقاسم الجد أبو الأب [على] الصغير فهو جائز. وكذلك لو كان في الميراث مال صامت (¬2) أو ذهب أو فضة أو شيء من الكيل والوزن أو ثياب أو شيء من الحيوان أو شيء من العروض كائناً ما كان فإن القسمة في ذلك كله جائزة (¬3) على ما ذكرت لك. فإن كان في الميراث دين بينهم على الميت فأدخلوا الدين في القسمة فصار الدين في قسم واحد منه فإنه لا يجوز. وكذلك لو اقتسموا الدين فأخذ كل واحد منهم من حقه ديناً على رجل خاصة فإن هذا لا يجوز، وهذا يُبطل القسمة. فإن أهملوا ذلك الدين وتركوه على المواريث فاقتسموا ما سوى ذلك فهو جائز (¬4). ولا تجوز قسمة الأخ على الصغير ولا قسمة العم ولا قسمة الأم ولا ¬

_ (¬1) ز: أن. (¬2) هو المضروب وغيره من الذهب والفضة سوى المموَّه. انظر: المغرب، "مول". (¬3) م ف ز ع: جائز. (¬4) م ف ز ع + وكذلك قسمة الجد أبي (ز: أبو) الأب على الصغير إذا لم يكن له والد ولا وصي. إلا أن كلمة "وصي" في آخر الجملة كتبت "صي" وسقط منها الواو في نسخة م. وعموماً فالجملة هذه سبقت قبل أسطر، وهي زائدة مكررة هنا، فالأولى حذفها، ولعلها من خطأ الناسخين.

قسمة الجد أبو الأم إذا كان الأب حياً. ولا تجوز قسمة الوصي بين صغيرين. وإن كان معهم ورثة كبار فإن قسم نصيبي الصغيرين (¬1) معاً جاز ذلك. وكذلك الأب (¬2). ولا تجوز قسمة وصي الميت على الكبار وهم كارهون. فإن كان (¬3) فيهم غائب فقاسم الوصي عليه فإنه لا يجوز (¬4) في العقار، وفي غير ذلك جائز. وإن كان فيهم صغير وكبير غائب (¬5) وكبار حضور فعزل الوصي نصيب الكبير الغائب مع نصيب الصغير وقاسم الكبار الحضور فهو جائز (¬6) في العقار وما سواه في قول أبي حنيفة. ولا يجوز في قول أبي يوسف ومحمد على الكبير في شيء من العقار إذا كان غائباً. وإذا كان الوصي وصي الأخ أو وصي الأم أو وصي العم فإنه لا تجوز قسمته في العقار، وتجوز في العروض على الصغير والغائب. وإن كان الوصي من أهل الذمة والورثة والميت من أهل الذمة فهم (¬7) في جميع ذلك بمنزلة أهل الإسلام. وإن كان الوصي من أهل الذمة والورثة والميت من أهل الإسلام فإنه يخرج من الوصية ويجعل مكانه مسلماً. فإن كان (¬8) قاسم على الصغير قبل أن يخرج فقسمته جائزة مثل قسمة الوصي المسلم. وكذلك لو كان الوصي عبداً لغير الميت فإنه وصي حتى يخرجه القاضي. ¬

_ (¬1) ز + جميعاً. (¬2) والمراد أن الأب كالوصي في المسألة الأخيرة وليس في التي قبلها، فإن الأب يجوز له أن يقسم بين ابنيه الصغيرين. انظر: المبسوط، 15/ 69. (¬3) م - كان. (¬4) ز: لا تجوز. (¬5) م + فقاسم الوصي عليه فإنه لا يجوز في العقار وفي غير ذلك جائز وإن كان فيهم صغير وكبير غائب. (¬6) م ف ز ع + في ذلك الصغار كله. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 15/ 70. (¬7) م ف ز ع: فهو. والتصحيح من ب جار. (¬8) ف - كان.

باب قسمة أهل الذمة

ولا تجوز قسمة الوالد على الصغير إذا كان الصغير مسلماً والأب كافراً. وكذلك الأب المكاتب أو العبد أو المرتد عن الإسلام والمقتول على ردته، لا تجوز قسمة أحد من هؤلاء على الصغير. وكذلك الوالد الحربي المستأمن وابنه مسلم في دار الإسلام أو ذمي، فإن قسمته لا تجوز عليه. ولو كان ابنه حربياً مثله جازت قسمته عليه. ولا تجوز قسمة المرتد المقتول في ردته (¬1) على ولده (¬2) الصغار وإن كانوا على دينه ولدوا من امرأته وهي مرتدة مثله في حال الردة. وكذلك لا تجوز قسمته لنفسه في قول (¬3) أبي حنيفة. ولا تجوز قسمة ولي الصغير (¬4) إذا لم يكن وصياً. وكذلك الرجل يلتقط اللقيط، فلا تجوز قسمته عليه في شيء من الأشياء. وكذلك المعتوه والمغلوب فهو بمنزلة الصغير في جميع ذلك. فأما المُبَرْسَم (¬5) والمغمى عليه والذي يُجَنّ ويُفِيق فلا تجوز عليه القسمة إلا برضاه. ... باب قسمة أهل الذمة وإذا كان ميراث بين أهل الذمة الخمر والخنازير وغير ذلك فاقتسموه ¬

_ (¬1) م ز: على ردته. (¬2) ز: على أولاده. (¬3) ز + الإمام الأعظم. (¬4) وفي ب جار: ولا تجوز قسمة قريب غير وصي على الصغير. (¬5) هو الذي أصيب بمرض البِرْسَام أي ذات الجنب، وهو التهاب غشاء الرئة، والمصاب بهذا المرض يصاب بالهذيان أحياناً. انظر: القاموس المحيط، والمعجم الوسيط، "برسم".

فيما بينهم فهو جائز. فإن كان فيهم صبي صغير له وصي أو غائب له وكيل فهو جائز. وإذا اقتسم أهل الذمة الخمر فيما بينهم بكيل أو وزن فهو جائز (¬1). ولا يجوز (¬2) فيما بين أهل الذمة قسمة الميتة ولا قسمة الدم؛ لأنها ليس لها (¬3) ثمن وليس بمال، والخمر والخنزير مال. ولو اقتسموا خمراً فيما بينهم وفضّل بعضهم بعضاً في كيلها لم يجز الفضل في ذلك فيما بينهم؛ لأنه صنف واحد يكال ويوزن (¬4). وإذا اقتسم أهل الذمة الخنازير فيما بينهم فهو جائز. وإذا أراد بعضهم قسمته وأبى بعضهم أجبرهم على القسمة كما أجبرهم على قسمة الغنم لو كانت، فكذلك (¬5) أجبرهم على قسمتها إذا طلب ذلك بعضهم. وإذا كان وصي الذمي مسلماً وفيهم صغير وفي الميراث خمر فإني أكره للمسلم أن يقاسم الخمر. وكذلك الخنازير. ولكنه يوكل من أهل الذمة من يوثق به في ذلك، فيقاسم الصغير، ويبيع (¬6) ذلك بعد القسمة بدراهم أو دنانير، وذلك جائز على الصغير. ولو باعها الوكيل من الورثة قبل القسمة بأمر القاضي أو الوصي جاز ذلك على الصغير. وإذا وكل الذمي المسلم بقسمة ميراث وفيه خمر وخنازير فإني أنهى المسلم عن قسمة ذلك. فإن قاسم ذلك المسلم لم تجز قسمته، وكان ذلك بمنزلة بيعه وشراه في ذلك، وليس للمسلم أن يوكل بقسمة ذلك غيره؛ لأن صاحبه لم يفوض ذلك إليه. فإن فوض ذلك إليه فوكل المسلم ذمياً فقاسم له ذلك فهو جائز. ولو أن ذمياً مات وترك خمراً وخنازير فأسلم أحد ورثته ثم وكل ¬

_ (¬1) ف + وإذا اقتسم أهل الذمة الخمر فيما بينهم بكيل أو وزن فهو جائز. (¬2) ز: تجوز. (¬3) م ف ز: لأنهم ليس له. (¬4) ز: أو يوزن. (¬5) م ف ز: وكذلك. (¬6) م ف ز: أو يبيع.

وكيلاً (¬1) ذمياً فقاسم الخمر والخنازير كانت قسمته في الخمر والخنازير (¬2) باطلاً لا يجوز (¬3)؛ لأنها ليست بمال للمسلم في قول أبي يوسف ومحمد. ويجوز (¬4) في قياس قول (¬5) أبي حنيفة (¬6). ولو أخذ نصيباً من الخمر فجعلها خلاًّ لم تجز القسمة الأولى (¬7) على المسلم، وكان (¬8) المسلم ضامناً لحصة [شركائه] (¬9) من الخمر الذي خلّل، ويكون الخل له في قول أبي يوسف ومحمد. وإن كان ميراث بين أهل الذمة من (¬10) عقار أو غيره فأسلم [أحد] الورثة ثم اقتسموا ذلك بشهادة أهل الذمة فإن شهادتهم لا تجوز على المسلم إن جحد القسمة، وتجوز (¬11) على أهل الذمة وإن جحدوا هم (¬12) وادعى هو ذلك. ولا تجوز (¬13) قسمة أهل الذمة فيما بينهم في الخمر والخنازير [وغير ذلك] (¬14) إذا كان فيهم صغير ليس له وصي أو غائب ليس له وكيل. وكذلك إن كان على الميت دين يحيط بماله وميراثه (¬15) خمر وخنازير والغرماء مسلمون فاقتسم (¬16) الورثة ذلك الميراث فإنه لا تجوز قسمته، ويباع في الدين، ويوليه (¬17) قاضي المسلمين رجلاً من أهل الذمة فيبيعه فيقضي (¬18) به دين الميت. ¬

_ (¬1) ف - وكيلا. (¬2) م ف ز: والخنزير. (¬3) ز: لا تجوز. (¬4) ز: وتجوز. (¬5) ز + الإمام الأعظم. (¬6) وفي المبسوط، 15/ 71: في قول أبي حنيفة. (¬7) أى: القسمة المذكورة. (¬8) ف: ولو كان. (¬9) م ف ع: لحصته. والتصحيح مع الزيادة من المبسوط، 15/ 72. (¬10) ز + من. (¬11) م ز + له. (¬12) م ز: جحدوهم. (¬13) م ف ز: لا تجوز. (¬14) لا بد من هذه الزيادة لأن الخمر والخنازير لا خصوصية لها في المسألة. وانظر المسألة المارة في أول الباب. (¬15) م ف ز ع: أو ميراثه. (¬16) ف: فانقسم. (¬17) م ف ز: ويواليه. (¬18) ز: فيقضا.

باب قسمة المكاتب

باب قسمة المكاتب وإذا كانت الدار بين حر ومكاتب فاقتسماها فهو جائز. وكذلك الأرض والحيوان كله من الرقيق وغيره. وكذلك الثياب والعروض كلها. وكذلك الكيل والوزن. فإن قاسم المكاتب شريكه (¬1) في ذلك كله فهو جائز. وكذلك لو وكّل وكيلاً بذلك. وكذلك المكاتب لو عجز (¬2) بعد القسمة فأراد مولاه رد شيء من هذا لم يكن له ذلك، وكانت جائزة عليه. وكذلك لو أدى (¬3) فعتق فأراد (¬4) رد شيء من هذا لم يكن له (¬5) ذلك، وكانت جائزة عليه. وكذلك لو كانت دار بين المكاتب وبين مولاه أو شيء مما ذكرنا فقاسم المكاتب مولاه فهو جائز. وكذلك كل ذي رحم محرم من مولاه من والد أو أخ قاسمه المكاتب بشيء مما ذكرنا كان بينهما فهو جائز. وإن قاسم مولى المكاتب على المكاتب وهو كاره، أو غائب لم يوكله بذلك، فإن قسمته لا تجوز عليه. فإن (¬6) عجز ورُدَّ رقيقاً وصار ذلك الشيء لمولاه فإن قسمته لا تجوز؛ لأنه قَسَمَهُ يومئذ وليس هو له. ولو وكل المكاتب وكيلاً بالقسمة فعجز فرُدَّ في الرق قبل أن يقاسم لم تجز قسمته على تلك الوكالة. وكذلك لو مات المكاتب وترك وفاء أو لم يترك وترك أولاداً يسعون في المكاتبة لم تجز قسمة الوكيل في ذلك (¬7). ولو أوصى المكاتب عند موته إلى (¬8) الوصي (¬9) فقاسم الوصي ورثة المكاتب الكبار لولده الصغار وقد ترك وفاء فإن قسمة الوصي في هذا جائزة (¬10)، وإذا قاسم الكبيرَ للصغار (¬11) جاز على ¬

_ (¬1) م ف ز ع: لشريكه. والتصحيح من ب جار. (¬2) ف: ولو عجز. (¬3) ز - أدى. (¬4) أي: أراد مولاه. (¬5) ز - له. (¬6) ز: وإن. (¬7) م ف ز: في تلك. (¬8) ف - إلى. (¬9) م ز: إلى الموصى. (¬10) م: جائزا؛ ز: جائز. (¬11) م ف ز: الصغار. والتصحيح من ع.

باب قسمة العبد التاجر

نحو ما تجوز عليه قسمة وصي الحر (¬1). ولو وكل المكاتب وكيلاً بقسمته ثم أدى فعتق فقاسم الوكيلُ جازت قسمته؛ لأن ذلك الشيء في ملك المكاتب بعدُ لم يخرج من ملكه. وإن كان المكاتب باع ذلك قبل أن يقاسم الوكيل لم تجز قسمة الوكيل، وكذلك في هذا الحر. ولو أوصى المكاتب إلى وصي وترك ابناً كبيراً وصغيراً وُلِدا (¬2) في المكاتبة ولم يترك وفاء فقاسم الوصيُّ (¬3) الكبيرَ للصغير فإن ذلك لا يجوز، فإن أدوا المكاتبة قبل أن يردوا القسمة أجزت القسمة، وإن اختصموا فيها قبل أن يؤدوا المكاتبة أَبطلتُ القسمة. ... باب قسمة العبد التاجر وإذا كان لعبد تاجر دارٌ (¬4) بينه وبين حر (¬5) أو أرضٌ فقاسمها إياه (¬6) فهو جائز، إن كان (¬7) عليه دين أو لم يكن، إن أجاز ذلك مولاه أو لم ¬

_ (¬1) قال الحاكم الشهيد: قال أبو عصمة: هذا خلاف ما قال [الإمام محمد] في الزيادات، والذي قال في الزيادات أصح من هذا. انظر: الكافي، 1/ 200 ظ. وقال السرخسي: وقال في الزيادات: وصيُّه بمنزلة وصي الحر في حق الابن الكبير الغائب حتى تجوز قسمته فيما سوى العقار. وما ذكر هناك أصح، لأنه لا يثبت للمكاتب على ولده الصغير ولاية مطلقة وإن استندت حريته إلى حال حياته، لأنه في تلك الحال مشغول بنفسه لا يمكنه أن ينظر إلى الولد، فلا تثبت له الولاية، وإنما تثبت الولاية المطلقة للوصي إذا كان للموصي ولاية مطلقة. ألا ترى أن وصي الأخ والعم لا يثبت له من الولاية إلا قدر ما كان للموصي، فهنا أيضاً كان للموصي على ولده الصغير المولود في الكتابة من الولاية ما يرجع إلى الحفظ، ولا ولاية له عليه فوق ذلك، فكذلك وصيه بعد موته. وما زاد على هذا من البيان قد ذكرناه في إملاء شرح الزيادات. انظر: المبسوط، 15/ 73. (¬2) ف: ولد. (¬3) م: للوصي. (¬4) ز: دارا. (¬5) م ف ز: آخر. (¬6) م ز - إياه. (¬7) م ف: وإن كان؛ ز: وإذا كان.

يجز. وكذلك الحيوان والرقيق وغيرهم. وكذلك العروض والثياب. ولو كان شيء من ذلك بين عبدين كل واحد منهما تاجر فاقتسما ذلك جاز عليهما وإن كره ذلك المولى. وكذلك لو كانا عبدين لرجل واحد وعليهما دين أو على أحدهما. فإن لم يكن على أحدهما دين ولا (¬1) عليهما فقسمتهما باطل؛ لأن مولاهما واحد، وهما ومالهما له. ولو كانا مكاتبين لرجل واحد فاقتسما شيئاً من ذلك جاز عليهما، ولا يشبه المكاتب في هذا العبد، العبد وماله لمولاه إذا لم يكن عليه دين، والمكاتب ماله لنفسه. وإن كان عبد تاجر ليس عليه دين بينه وبين رجل دار فقاسمها إياه مولى العبد بغير رضا من العبد كان جائزاً. ولو كان عليه دين قليل أو كثير لم يجز (¬2) ذلك إلا أن يسلمه العبد. ولو كان بين العبد وبين مولاه دار فقاسمها إياه فإن كان على العبد دين فالقسمة جائزة. وإن لم يكن عليه دين فالدار كلها للمولى، والقسمة فيها باطل. ولو أن عبداً بينه وبين عبد شركة في تجارة من بَزّ وعروض اقتسما ذلك كان ذلك جائزاً. ولو وكل العبد وكيلاً بقسمة ذلك فهو جائز. وإن كانت الأمة تاجرة فهي بمنزلة العبد في جميع ذلك. وكذلك العبد التاجر إذا كان تاجراً ومولاه مسلم أو كافر. وكذلك العبد المسلم ومولاه كافر في جميع ما ذكرنا من القسمة. وكذلك العبد التاجر ومولاه مكاتب (¬3) فهو بمنزلته (¬4). وكذلك العبد يكون له عبد تاجر فهو بمنزلة ذلك في جميع ما ذكرنا. وكذلك أم الولد التاجرة والمدبرة التاجرة. ولا تجوز قسمة ابن العبد التاجر (¬5) إذا كان عبداً إلا أن يكون مأذوناً له في التجارة، وأما ابن المكاتب المولود في مكاتبة أبيه (¬6) أو اشتراه فإن قسمته جائزة؛ لأنه بمنزلة المكاتب. وأما أخو (¬7) المكاتب إذا اشتراه أو كان ذا رحم محرم منه فإنه لا تجوز قسمة أحد (¬8) منهم في قول (¬9) أبي حنيفة لأنه محجور عليه، ¬

_ (¬1) ز + على. (¬2) ز: لم تجز. (¬3) م: يكاتب. (¬4) م ز: بمنزله. (¬5) م ز - التاجر. (¬6) ز: مكاتبته ابنه. (¬7) ز: أخ. (¬8) ز: واحد. (¬9) ز + الإمام الأعظم.

وفي قول أبي يوسف ومحمد جائز لأنه بمنزلة المكاتب. وأما أبو (¬1) المكاتب وأمه وولده وولد ولده إذا اشتراهم فقسمتهم (¬2) جائزة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك قسمة العبد التاجر والمكاتب [لهم] (¬3) في قولهما. ولا تجوز قسمة العبد المحجور عليه في شيء من ذلك في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك الأمة وأم الولد والمدبرة. ولو أن عبداً بين رجلين أذن له أحدهما في الشرى والبيع فاشترى داراً هو ورجل حر جاز ذلك في حصة الذي أذن له. فإن قاسم ذلك فهو جائز. وكذلك كل قسمة بينه وبين حر. ولو كانت (¬4) دار بينه وبين مولاه الذي لم يأذن له فقاسمها (¬5) إياه جاز (¬6) ذلك. وكذلك المكاتب نصفه مكاتب ونصفه رقيق إذا كاتبه أحد الموليين على نصيبه بإذن شريكه فقسمته جائزة في جميع ما ذكرنا مثل قسمة الحر المسلم (¬7). ¬

_ (¬1) ز: أب. (¬2) م: إذا اشتراها فقسمتهما؛ ف ز ع: إذا اشتراها فقسمتها. والتصحيح مستفاد من ب جار. (¬3) أي: للقرابة الذين اشتراهم المكاتب. وعبارة ب جار: وكذا مأذونه. (¬4) م ف ز: لو كانت. (¬5) م ف ز ع: فقاسماها. والتصحيح من المبسوط، 15/ 73. (¬6) ز - جاز. (¬7) م + آخر كتاب القسمة والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.

كتاب الهبة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب الهبة [باب] الهبة (¬2) لذوي الأرحام أخبرنا أبو سليمان عن محمد بن الحسن عن (¬3) أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال: من وهب لذي رحم هبة فقبضها فليس له أن يرجع فيها (¬4). محمد عن أبي يوسف عن هشام بن عروة (¬5) عن أبيه عن عائشة ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) ز - الهبة. (¬3) ز + الإمام الأعظم. (¬4) الموطأ، الأقضية، 42؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 73. ولفظ مالك هكذا: عن داود بن الحُصَين عن أبي غَطَفان بن طَرِيف المُرِّي أن عمر بن الخطاب قال: من وهب هبة لصلة رحم أو على وجه صدقة فإنه لا يرجع فيها، ومن وهب هبة يرى أنه إنما أراد بها الثواب فهو على هبته يرجع فيها إذا لم يرض منها. ويأتي قريب من هذا عند المؤلف. انظر: 2/ 91 ظ. ويأتي في باب الصدقة برواية الإمام محمد عن الإمام مالك بإسناده. انظر: 2/ 108 و. (¬5) م - بن عروة؛ ز: عن عروة.

- رضي الله عنها - أنها قالت: نَحَلَني (¬1) أبو بكر جُذَاذَ (¬2) عشرين وسقاً من ماله بالعالية، فلما حضره الموت حمد الله تعالى وأثنى عليه وقال: يا بنية، إن أحب الناس إلي غنى أنت وأعزهم علي فقراً (¬3) أنت، وإني كنت نحلتك جذاذ عشرين وسقاً من مالي بالعالية، وإنك لم تكوني قبضتيه، وإنما هو مال الوارث، وإنما هما أخواك وأختاك، قالت: فقلت: إنما هي أم عبد الله، تعني أسماء، فقال: إنه قد (¬4) ألقي (¬5) في نفسي بأن ذا بَطْنِ ابنةِ (¬6) خارجةَ جاريةٌ (¬7). أبو يوسف عن إسماعيل بن (¬8) أبي خالد عن عامر الشعبي عن عائشة أن أبا بكر نحلها أرضاً، فلم تقبضها حتى أدركه الموت، فقال لها: إنك لم تقبضيها، وإنما هي للوارث. محمد عن أبي يوسف عن الأعمش عن إبراهيم أنه قال: إذا عُلِمَت (¬9) ¬

_ (¬1) نحل أي: أعطى وتبرع. انظر: لسان العرب، "نحل". (¬2) الجَذّ والجَدّ بمعنى: القطع، ورويت الكلمة بالدال أيضاً. انظر: لسان العرب، "جدد، جذذ". (¬3) م ز: فقر. (¬4) ز - قد. (¬5) ف ز + إلي. (¬6) م ز: انه. (¬7) الموطأ، الأقضية، 40؛ والمصنف لعبد الرزاق، 9/ 101؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 281. ومعني قوله: "ذا بطن ابنة خارجة جارية"، أي الحمل الموجود في بطن حبيبة بنت خارجة- وهي زوجة أبي بكر - رضي الله عنه -- أنثى. وقد ولدت أنثى كما تَفَرَّس أبو بكر - رضي الله عنه -. انظر: شرح الزرقاني على الموطأ، 4/ 57. (¬8) م: عن. (¬9) وعبارة الحاكم والسرخسي: إذا أعلمت. انظر: الكافي، 1/ 146 ظ؛ والمبسوط، 12/ 48. ويأتي عند المؤلف: إذا وهب الرجل لابنه الصغير هبة فأعلمها ... لكن استعمال المؤلف لفظ, معلوم، معلومة" فيما يأتي يدل على أن كلا الاستعمالين "علم، أعلم"موجود. انظر مثلاً: 2/ 94 و، 94 ظ. وروى الإمام أبو يوسف عن إبراهيم أنه قال في الهبة والصدقة: لا تجوز إلا مقبوضة معلومة. انظر: الآثار، 163. وقال السرخسي: والصدقة كالهبة عندنا في أنه لا يوجب الملك للمتصدق عليه إلا بالقبض خلافاً لمالك --رحمه الله تعالى--. وفي الصدقة خلاف بين الصحابة ومن بعدهم رضي الله تعالى عنهم. وكان علي وابن مسعود - رضي الله عنهما - يقولان: إذا أعلمت الصدقة=

الصدقة جازت، ولا تجوز الهبة إلا مقسومة مقبوضة (¬1). محمد عن أبي يوسف عن عيسى بن المسيب عن الشعبي عن علي وعبد الله بن مسعود - رضي الله عنهما - قالا: إذا عُلِمَت الصدقة جازت (¬2). محمد عن أبي يوسف عن الحجاج عن القاسم بن (¬3) عبدالرحمن عن علي وعبد الله مثله. محمد عن أبي يوسف عن أشعث بن سوار عن محمد بن سيرين عن شريح أنه سئل: ما يجوز للصبي الصغير من نَحْلِ (¬4) أبيه؟ فقال: الشهود (¬5). قال: فإن كان (¬6) أبوه الذي يليه؟ قال: هو أَحَقُّ مَن وَلِيَه (¬7). محمد عن أبي يوسف عن العَرْزَمِي (¬8) عن عمرو (¬9) بن شعيب عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان ¬

_ = جازت. وكان ابن عباس ومعاذ - رضي الله عنهم - يقولان: لا تجوز الصدقة إلا مقبوضة. وعن شريح وإبراهيم النخعي -رحمهما الله تعالى- فيه روايتان ذكرهما في الكتاب. فأخذنا بحديث ابن عباس - رضي الله عنهما -، وحملنا قول علي وعبد الله بن مسعود - رضي الله عنهما - على صدقة الرجل على ولده الصغير، وذلك بالإعلام يتم، لأنه يصير قابضاً له. انظر: المبسوط، الموضع السابق. (¬1) المصنف لعبد الرزاق، 9/ 122؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 281. (¬2) المصنف لعبد الرزاق، 9/ 122؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 281. (¬3) م ز: عن. (¬4) نَحْل مصدر نَحَلَ، وقد تقدم معناه. (¬5) ف - الشهود. (¬6) ز: كاه. (¬7) عن ابن سيرين قال: سئل شريح ما يجوز للصبي من النحل؟ قال: إذا أشهد وأعلم. قيل: فإن أباه يحوز عليه؟ قال: هو أحق من حاز على ابنه. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 9/ 103. (¬8) م ف ز: العروحي. وهو تصحيف. وإنما يروي الإمام أبو يوسف عن محمد بن عبيد الله العرزمي عن عمرو بن شعيب. انظر مثلاً: الآثار، 12. (¬9) م: عن عمر.

- رضي الله عنهما - أنهما قالا: إذا وهب الرجل لابنه الصغير هبة فأعلمها فهو جائز (¬1). محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن شريح أنه قضى في صدقة لم تقبض ولم تُحَزْ فأجازها. محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن إبراهيم مثله. محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن يحيى عن علي بن أبي طالب مثله. محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن مجاهد عن (¬2) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - مثله (¬3). محمد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: الرجل والمرأة بمنزلة ذي الرحم المحرم (¬4) إذا وهب أحدهما لصاحبه لم يكن له أن يرجع فيها (¬5). ¬

_ (¬1) عن عمر بن الخطاب قال: ما بال رجال ينحلون أبناءهم نحلاً ثم يمسكونها، فإن مات ابن أحدهم قال: مالي بيدي لم أعطه أحداً، وإن مات هو قال: هو لابني قد كنت أعطيته إياه. مَن نحل نحلة فلم يَحُزْها الذي نحلها حتى يكون إن مات لورثته فهي باطل. انظر: الموطأ، الأقضية، 41؛ والمصنف لعبد الرزاق، 9/ 102. وعن عثمان بن عفان قال: من نحل ولداً له صغيراً لم يبلغ أن يحوز نحله، فأعلن ذلك له وأشهد عليها، فهي جائزة وإن وليها أبوه. انظر: الموطأ، الوصية، 9؛ والمصنف لعبد الرزاق، 9/ 103. (¬2) م: بن. (¬3) ز - محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن إبراهيم مثله محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن يحيى عن علي بن أبي طالب مثله محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن مجاهد عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - مثله. روي عن ابن عباس قال: لا تجوز الصدقة حتى تقبض. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 281. (¬4) م ز - المحرم. (¬5) الآثار لمحمد، 122؛ وشرح معاني الآثار للطحاوي، 4/ 84؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 2/ 65.

محمد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة عن الهيثم (¬1) أن شريحاً كان لا يجيز الصدقة إلا مقبوضة محوزة (¬2). محمد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم إذا وهب لامرأته أو لبعض ولده وقد أدرك وهو في عياله أن ذلك جائز إذا أعلمه وإن لم يقبض ذلك الموهوب له. محمد عن أبي يوسف عن عطاء بن السائب عن شريح أنه سأله رجل عن الحَبِيس (¬3)، فقال (¬4): إنما أقضي ولست أفتي، قال: فأعدت عليه المسألة، فقال: لا حَبْسَ عن فرائض الله تعالى (¬5). محمد عن أبي يوسف عن مسعر بن كدام (¬6) عن أبي عون عن شريح أنه قال: جاء محمد - عليه السلام - ببيع الحَبِيس (¬7). محمد عن أبي يوسف عن الحجاج عن الشعبي قال: لا تجوز الصدقة إلا مقبوضة. ¬

_ (¬1) ز: عن القسم. (¬2) الآثار لأبي يوسف، 163؛ والمصنف لعبد الرزاق، 9/ 122. (¬3) ز: عن الحبس. الحَبِيس فسره المؤلف في باب الرقبى والحبيس بأن يقول الإنسان: داري هذه حَبِيس على عقبي من بعدي. انظر: 2/ 105 ظ. ويأتي شرحه هناك. وقال المطرزي: الحبيس هو كل ما وقفته لوجه الله حيوانا كان أو أرضاً أو داراً. ويقال: حَبَسَ فرساً في سبيل الله وأحبس فهو حَبِيس ومُحْبَس. وقد جاء حَبَّسَ بالتشديد، ومنه قوله - عليه السلام - لعمر - رضي الله عنه - في نخل له: "حَبِّس الأصل وسَبِّل الثمرة"، أي: اجعله وقفاً مؤبداً واجعل ثمرته في سبيل الخير. انظر: المغرب، "حبس". وقد استدل بهذا لأبي حنيفة في قوله بعدم لزوم الوقف. انظر: المبسوط، 12/ 52. (¬4) م ز: وقال. (¬5) رواه الإمام محمد بنفس الإسناد وبإسناد آخر في الحجة، 3/ 60، 64. (¬6) ز: بن كرام. (¬7) ز: الحبس. كرر المؤلف الروايتين في أول باب الرقبى والحبيس. انظر: 2/ 105 و - 105 ظ. ورواه الإمام محمد في الحجة، 3/ 60، بلفظ: كان محمد - صلى الله عليه وسلم - يبيع الحُبُس. وقد وردت الرواية الأخيرة بلفظ "بمنع الحبس" في المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 350؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 6/ 163.

محمد عن أبي يوسف عن الحجاج عن الزهري ... (¬1). عن سعيد (¬2) عن جابر عن القاسم عن معاذ وعن شريح قالا (¬3): لا تجوز الصدقة إلا مقبوضة (¬4). محمد عن أبي يوسف عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال: قال عمر بن الخطاب: ما بال أحدكم يَنْحَل ولدَه بصدقة لا يحوزها ولا يقسمها، يقول: إن أنا مت كانت له، وإن مات هو رجعت إلي، وأيم الله لا يَنْحَلُ رجل ولده نِحْلَة لم يحزها ولم يقسمها ثم يموت إلا صارت ميراثاً للوارث. محمد عن أبي يوسف عن الحجاج عن الزهري عن عثمان بن عفان مثله. محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن يحيى بن الجزار عن علي بن أبي طالب أنه قال في المرأة تهب لزوجها هبة، فإن شاءت رجعت فيها إذا هي ادعت أنه استكرهها، وإن وهب هو لها شيئاً فليس له أن يرجع في الهبة. محمد (¬5) عن غالب بن عبيد (¬6) الله عن عطاء (¬7) ومجاهد عن عمر بن الخطاب أنه قال: من وهب هبة لذي (¬8) رحم محرم فليس له أن يرجع فيها، ومن وهب هبة لغير ذي رحم فله أن يرجع فيها ما لم ¬

_ (¬1) كذا في م ف. ولعل فيه زيادة خطأ من الناسخين. (¬2) الكلمة مهملة في م ف. ولعله سفيان بن سعيد الثوري. فإن عبدالرزاق رواه عن الثوري عن جابر عن القاسم بن عبدالرحمن عن معاذ وشريح. انظر: المصنف، 9/ 122. والإمام محمد يروي عن سفيان الثوري. انظر مثلاً: الحجة على أهل المدينة، 1/ 10، 22، 69. (¬3) م ف: قال. (¬4) ز - محمد عن أبي يوسف عن الحجاج عن الزهري عن سعيد عن جابر عن القاسم عن معاذ وعن شريح قالا لا تجوز الصدقة إلا مقبوضة. (¬5) م ز - محمد. (¬6) ز: بن عبد. (¬7) ز: بن عطاء. (¬8) ز: لذوي.

يُثَبْ (¬1) منها (¬2). قلت: أرأيت رجلاً وهب لأخيه عبداً فلم يقبضه أيجوز ذلك؟ قال: لا. قلت: أفرأيت إذا قبضه الأخ الموهوب له بعدما افترقا بغير أمر الواهب أيجوز قبضه؟ قال: لا. قلت: فللواهب أن يرجع في العبد فيأخذه؟ قال: نعم. قلت: ولم وقد قبضه الموهوب له؟ قال: ليس قبضه بشيء إلا أن يقبض بأمر الواهب. قلت: أرأيت إن وهبه له والعبد حاضر معه كيف يجوز القبض من ذلك، وكيف يكون القبض؟ قال: أن يخلي بينه وبين العبد ويأمره بقبضه. قلت: أرأيت إن قبضه الموهوب له ثم افترقا والواهب مقر بذلك ولكنه لم يتكلم الواهب بالقبض أيكون (¬3) هذا قبضاً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا قال الواهب له (¬4): قد خليت (¬5) بينك وبين العبد فاقبضه، فانصرف الواهب فقبض الموهوب له العبد وقد كان العبد حاضراً عندهما أيكون هذا قبضاً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان العبد حيث وهبه له ليس بحاضر عندهما ولم يأذن له في القبض ما القول في ذلك؟ قال: إن دفع إليه العبد فالهبة جائزة، وإلا فليس بشيء. قلت: أرأيت الواهب إذا قال: قد وهبته لك فانطلق فاقبضه، أيجوز ذلك إن قبضه؟ قال: نعم. قلت: فللواهب أن يرجع فيه ما لم يقبضه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن مات الواهب قبل أن يقبضه أو مات الموهوب له؟ قال: الهبة باطل، والعبد عبد الواهب. قلت: أرأيت رجلاً استودع (¬6) أخاه عبداً أو ثوباً أو متاعاً أو داراً (¬7) أو دابةً ثم قال صاحب المتاع والعبد والدابة والدار: قد وهبت لك الذي استودعتك وهي في يدي المستودع، أيجوز ذلك؟ قال: نعم، إذا قال ¬

_ (¬1) ز: لم يثيب. (¬2) تقدم قريباً بإسناد آخر. انظر: 2/ 90 ظ. ويأتي في باب الصدقة نفس الأثر بمعناه برواية الإمام محمد عن الإمام مالك بإسناده. انظر: 2/ 108 و. وانظر: الموطأ، الأقضية، 42. (¬3) م ز: أن يكون. (¬4) م ز - له. (¬5) م: قد خلت. (¬6) ف: استودعه. (¬7) م: أو ثوبا؛ ز - أو دارا.

الموهوب له: قد قبلت. قلت: فللواهب أن يرجع فيه؟ قال: لا. قلت (¬1): ولا يحتاج في هذا إلى الإذن في القبض؟ قال: لا؛ لأنه في يديه وقد قبضه، وهو بمنزلة ما قبض. قلت: أرأيت إن كانا في غير بلدهما وما ذكرت لك في منزل المستودع فوهبه له أهو بهذه المنزلة؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن كان الموهوب له ساكناً في دار أو بأجرة أو عارية؟ قال: نعم، هذا كله جائز. قلت: أرأيت الرجل يهب لابنه أو لابنته أو لأبيه (¬2) أو لابن أخيه أو لعمه أهو بمنزلة ما ذكرت لك في الباب الأول؟ قال: نعم. [قلت:] وكل ذي رحم محرم منه فهو بمنزلة الذي ذكرت لك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً وهب لأخيه من الرضاعة هبة (¬3) وقبضها أله أن يرجع فيها؟ (¬4) قال: نعم ما دامت قائمة بعينها ما لم تزدد خيراً أو يستهلكها أو يعوضه عوضاً منها، ولا يكون الرضاع في هذا بمنزلة النسب، والرضاع في هذا بمنزلة الأجنبي. قلت: أرأيت الرجل يهب لامرأته هبة وقبضتها أله أن يرجع فيها؟ (¬5) قال: لا، ويكون هذا بمنزلة النسب. قلت: وكل محرم من الرضاعة وأم امرأته وامرأة أبيه (¬6) أله أن يرجع فيما وهب وهو في ذلك بمنزلة الأجنبي، ولا يكون بمنزلة ذي الرحم المحرم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً وهب لابن أخيه هبة أو لابن أخته أو لابن ابن أخيه أو لابنة ابنته أو لأخته (¬7) من أمه أو لجده أبو أمه أو لخاله أو لخالته أو لعمه أو لعمته وقبضوا ما وهب لهم أله أن يرجع في شيء مما وهب لهؤلاء؟ قال: لا، وكل هؤلاء ذو رحم محرم. قلت: ففسر لي ذا (¬8) الرحم ¬

_ (¬1) ز: قال. (¬2) م ف ز - أو لأبيه. والزيادة من ع ب. (¬3) ز - هبة. (¬4) م - فيها. (¬5) م - فيها. (¬6) ز: ابنه. (¬7) ز: أو لأخيه. (¬8) ز: ذي.

المحرم من النسب الذي لا يكون للواهب أن يرجع فيما أعطاه؟ قال: كل من لا يحل له نكاحه للنسب فليس له أن يرجع فيما أعطاه، بعد أن لا يكون ممن (¬1) يحرم عليه نكاحه من قبل الرضاع أو غيره، من نحو امرأة الأب (¬2) وأم امرأته وامرأة ابنه، ليس [هؤلاء] بمنزلة من حرم عليه بالنسب. قلت: أرأيت ابن عم وهب لابن عمه شيئاً أو قبضه له أله أن يرجع في هبته؟ قال: نعم. قلت: وكذلك ابن الخال إذا وهب لابن خاله أو لابن خالته؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الصدقة على ذي الرحم المحرم إذا قبضها المتصدق عليه أله أن يرجع فيها؟ قال: لا. قلت: وكذلك الصدقة على ذي الرحم الذي ليس بمحرم؟ قال: نعم. قلت: وكذلك النحلى والعمرى والعطية؟ قال: نعم، هو في جميع ما وصفنا على نحو ما ذكرنا في الباب الأول، يجوز ذلك إذا قبضه الموهوب له والمتصدق عليه والمنحول له والمعمر (¬3) له والمعطى، وإذا لم يقبض لم يجز (¬4). ولا يستطيع المعطي أن يرجع ولا الواهب ولا المتصدق ولا الناحل (¬5) في شيء من ذلك إذا قبضه المنحول له والمعطى والموهوب له إذا كان ذا رحم محرم. [قلت]: فإن كان غير ذي رحم محرم كان له أن يرجع فيها ما لم تزدد خيراً أو يستهلكها أو يعوضه عوضاً من ذلك؟ قال: نعم، ما خلا الصدقة خاصة، فإنه لا يرجع فيها إذا قبضت وتصدق بها على رحم أو غيره. قلت: أرأيت رجلاً وهب عبداً له لرجلين أحدهما أخوه والآخر أجنبي فقبضاه أله أن يرجع في الهبة؟ قال: نعم، له أن يرجع في نصيب الأجنبي في نصفه إذا كان العبد على حاله لم يزدد (¬6) خيراً أو يعوضه أو يستهلكه. قلت: وكذلك كل هبة لرجلين أحدهما ذو (¬7) رحم محرم والآخر أجنبي (¬8) ¬

_ (¬1) ف + لا. (¬2) ف: الأم. (¬3) ز: والمعير. (¬4) ز: لم تجز. (¬5) م ز: ولا الباطل. (¬6) م ز: ثم يزدد. (¬7) ز: ذا. (¬8) ز - أجنبي.

إذا كانت هبة مقبوضة جائزة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً وهب لأخ له هبة والموهوب له نصراني أو يهودي أو مجوسي وقبض الموهوب له الهبة أللواهب أن يرجع فيها؟ قال: لا. قلت: وكذلك كل ذي رحم محرم من المشركين هم في الهبة وفي جميع ما ذكرت مثل المسلمين سواء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً وهب لأخيه وهو عبد هبة وقبض ذلك العبد أله أن يرجع فيها؟ قال: نعم، ما دامت قائمة بعينها. قلت: لم وهو ذو رحم محرم منه؟ (¬1) قال: لأن الهبة وقعت في هذه الحال لمولى العبد ولم تقع للعبد، وليس بين المولى وبين الواهب نسب. قلت: أرأيت إن كان المولى أخاً للواهب والعبد ليس بأخيه أو ذا رحم محرم منه (¬2) أله أن يرجع فيها بعدما قبض العبد الهبة؟ قال: نعم. قلت: ولم وقد صارت في ملك المولى؟ قال: لأن الهبة كانت للعبد وهو غير محرم. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: ليس له أن يرجع فيها؛ لأنها للمولى. وهو قول محمد بن الحسن (¬3). قلت: أرأيت رجلاً من أهل الحرب دخل إلينا بأمان وله عندنا أخ مسلم فوهب أحدهما لصاحبه هبة وقبضها الموهوب له هل لواحد منهما أن يرجع فيما وهب لصاحبه؟ قال: لا. قلت: وهما في ذلك بمنزلة المسلمين؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن رجع إلى دار الحرب قبل أن يقبض، أو يقبض منه ما وهب له، ما القول في ذلك؟ قال: تبطل الهبة، ويرد (¬4) إليه ما كان وهب. قلت: ويبعث به إلى دار الحرب؟ قال: لا، ولكن يوقف (¬5) حتى يطلبها (¬6)، ويكون ما وهب له المسلم رَدًّا (¬7) على المسلم. قلت: أرأيت إن وهب الحربي للمسلم هبة وأمره أن يقبضها فلم ¬

_ (¬1) م ز - منه. (¬2) ف - منه. (¬3) انظر للشرح والتعليل: المبسوط، 12/ 58 - 59. (¬4) ز: وترد. (¬5) ز: توقف. (¬6) أي: يأتي في طلبها. (¬7) ز: رد. أي مردودا.

يقبضها المسلم حتى رجع الحربي إلى دار الحرب فقبضها المسلم بعد ذلك أتجوز الهبة؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يأذن له في قبضها؟ قال: لا يجوز إذن. قلت: ولم؟ قال: أستحسن ذلك وأدع القياس فيه (¬1). قلت: أرأيت رجلاً يهب لامرأته هبة فتقبضها أله أن يرجع فيها؟ قال: لا. قلت: وكذلك (¬2) إن وهبت المرأة لزوجها؟ قال: نعم إذا قبضها الزوج. قلت: وهما في ذلك بمنزلة ذي (¬3) الرحم المحرم في جميع ما ذكرت من الهبة والصدقة والنحلى والعمرى والعطية؟ قال: نعم. محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: إنهما بمنزلة الرحم المحرم: الزوج (¬4) والمرأة (¬5). قلت: أرأيت رجلاً وهب لامرأة (¬6) عبداً ثم تزوجها بعد ذلك أله (¬7) أن يرجع في العبد وهو قائم بعينه لم يزدد خيراً؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كانت المرأة هي التي وهبت لرجل ثم تزوجها بعد ذلك فلها أن ترجع فيه؟ قال: نعم (¬8). قلت: أرأيت رجلاً وهب لامرأته عبداً وقبضته (¬9) ولم يدخل بها حتى طلقها (¬10) أو قد كان دخل بها فطلقها (¬11) أله أن يرجع في العبد؟ قال: لا. قلت: وكذلك لو كانت هي الواهبة؟ قال: نعم. قلت: من أين اختلف هذا والباب الأول؟ قال: لأن الهبة إذا كانت قبل التزويج فله أن يرجع فيهاة؛ لأنه لم يكن تزوج يوم وهب. فإذا كان بعد التزويج لم يكن له أن يرجع فيها. وإنما أنظر في ذلك إلى حال الهبة حين تقع. فمن ثم اختلفا. ... ¬

_ (¬1) انظر للتعليل والشرح: المبسوط، 12/ 60. (¬2) م: وكذا (¬3) ز: ذو. (¬4) م ز: والزوج. (¬5) تقدم قريبا. (¬6) م ز: لامرأته. (¬7) ز: فلها. (¬8) م ف - قال نعم. والزيادة من ع. (¬9) م ز: وقبضه. (¬10) ف - حتى طلقها. (¬11) ز: وطلقها.

باب هبة الرجل لولده وهم صغار ولمن في عياله من الكبار

باب هبة الرجل لولده وهم صغار ولمن في عياله من الكبار قلت: أرأيت رجلاً وهب لابنه عبداً والابن كبير فلم يقبضه هل تجوز الهبة؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن كان ابنه صغيراً هل تجوز الهبة؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يقبض الصغير؟ قال: ليس للصغير هاهنا قبض. قلت: ولم؟ قال: لأن قبض أبيه له قبض. ألا ترى أن رجلاً لو وهب لابن هذا الرجل الصغير هبة لكان الذي قبض ذلك أبوه، وكان قبض الأب جائزاً. قلت: أرأيت رجلاً وهب لابنه وهو صغير داراً أهو بهذه المنزلة؟ قال: نعم، والهبة جائزة. قلت: أرأيت الأب إذا وهب لابنه وهو صغير أو كبير وقد قبض هبته أله أن يرجع فيها؟ قال: لا. قلت: فإن كان غنياً عن ذلك أله أن يرجع فيها؟ قال: لا. قلت: فإن كان محتاجاً؟ قال: وإن. قلت: وكذلك إذا وهب (¬1) الرجل لابنه وهو صغير متاعاً أو رقيقاً أو دواباً أو غير ذلك؟ قال: نعم. [قلت]: وكل شيء وهب الأب لابنه أو لأحد من ولده بعد أن يكون صغيراً وأشهد على ذلك والذي وهب له معلوم فالهبة في ذلك جائزة والقبض في ذلك أن يعلم ما وهبه ويشهد عليه؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الصدقة والعطية والنحلى والعمرى إذا جعلها لولده وهم صغار؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان ولده الصغار في عيال أمهم أهم بهذه المنزلة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت يتيما صغيراً في عيال أمه وهبت له أمه عبداً أو متاعاً أو غيره من الهبة وهو معلوم وأشهدت على ذلك وأبوه ميت أتجوز هبتها ولا وصي له؟ قال: نعم. قلت: وليس لها أن ترجع في شيء من ذلك؟ قال: لا. قلت: وقبض الأم له قبض؟ قال: نعم. قلت: وهي في ذلك بمنزلة الأب لو كان حياً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت لو كان هذا اليتيم صغيراً في عيال أخيه فوهب له هبة معلومة وأشهد على ذلك أهو بمنزلة ¬

_ (¬1) ف - إذا وهب، صح هـ.

هذا؟ (¬1) قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان في عيال عمه وفي حجره؟ قال: نعم. قلت: فإن كان للصبي أخ أو أم؟ قال: وإن كان، فما أعطى العم فهو جائز، وقبضه له قبض. قلت: وكذلك لو كان في عيال جده أبي أبيه أو أبي أمه أو في عيال جدته؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو وهب لهذا اليتيم رجل أجنبي هبة فقبضه أحد من هؤلاء وهو في حجره فقبضه له جائز؟ قال: نعم. قلت: فإن كان له وصي فوهب له هبة وهو في عياله وأشهد على ذلك وأعلمه أيجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: وهو في جميع ذلك كمن وصفت لك في القبض، والهبة له جائزة؟ قال: نعم. قلت: فإن وهب رجل لصبي هبة فقبضها وصيه أهو جائز؟ قال: نعم. قلت: فإن كان رجل يعول هذا اليتيم وليس له وصي ولا بينهما قرابة وليس لهذا اليتيم أحد إلا هذا الرجل الذي يعوله فوهب له هبة أهو بهذه المنزلة؟ قال: نعم، هذا وذاك سواء. قلت: لم؟ قال: لأني أستحسن ذلك. قلت: وكل يتيم في حجر أخ له يعوله أو عم أو ابن أخ فوهب له رجل هبة فإنما يقبضها الذي يعوله؟ قال: نعم. قلت: وإن لم يقبضها لم تجز الهبة؟ قال: لا يجوز. قلت: وكذلك الرجل يهب للصبي الهبة وأبوه حي فإن قبضها له الأب جازت وإن لم يقبضها لم تجز؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن دفعها الواهب إلى الصبي وقبضها الصبي وهو يعقل غير أنه لم يحتلم ولم يقارب أن يحتلم أيجوز قبضه؟ قال: أما في القياس فلا يكون قبضاً، ولكن أستحسن وأجعله قبضاً وأجيز الهبة. قلت: أرأيت الصبية التي لم تحض ومثلها يجامع وقد دخل بها زوجها فوهب لها هبة من يقبضها؟ قال: زوجها. قلت: فإن لم يقبضها الزوج فالهبة باطلة؟ قال: نعم. قلت: فإن كانت قد أدركت فقبض لها الزوج هبتها؟ قال: لا يجوز قبض الزوج حتى تقبض هي بنفسها. قلت: أرأيت إن كانت هي لم تحض فقبض الهبة أبوها أيجوز؟ قال: نعم. [قلت]: وإذا كانت قد عقلت ومثلها يجامع فإن قبضت هي أو الأب أو الزوج جاز ¬

_ (¬1) ف: أهو بهذه المنزلة.

القبض؟ قال: نعم (¬1). قلت: أرأيت إن كانت في منزل أبيها ولم يكن بنى بها زوجها فقبض لها الأب الهبة أيجوز؟ قال: نعم. قلت: ولا يجوز قبض الزوج؟ قال: لا. قلت: أرأيت الابن أو الابنة يهب الرجل لأحدهما هبة وقد أدركا فقبض لهما أبوهما هل يجوز قبض الأب لهما؟ قال: لا. قلت: وإن كانا في عياله؟ قال: وإن كانا في عياله (¬2). قلت: أرأيت الرجل يهب لابنه هبة وابنه كبير وهو في عياله أتجوز هبته؟ قال: لا حتى يقبض هو. قلت: ولم وهو في عياله؟ قال: لأنه كبير، ولست أنظر في هذا إلى العيال وغيره، إنما أنظر إلى الصغير والكبير (¬3). قلت: فما حال وقت القبض إذا جاز وإذا لم يجز؟ قال: إذا احتلم الغلام وحاضت الجارية. قلت: أرأيت إن كان غلاماً قد احتلم مثله ولم يحتلم هو، وجارية قد حاضت مثلها ولم تحض هي، هل يجوز قبضها؟ قال: نعم، أستحسن ذلك. قلت: أرأيت رجلاً وهب لصبي هبة وأبوه حي فقبضها أخوه له هل يجوز قبضه له؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن قبضه له جده أبو أبيه هل يجوز قبضه؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن قبضت الأم وهو في حجرها أو في عيالها وليس له أب ولا جد (¬4) أيجوز قبضها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان الأب غائباً غيبة منقطعة والصبي في حجر أخيه وعياله فوهب للصبي هبة فقبضها الأخ أيجوز قبضه؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان الأب دفعه إلى غير الأخ فغاب الأب غيبة منقطعة وكان في عيال ذلك الرجل وحجره وليس (¬5) له أحد غيره فوهب له هبة جاز قبضه؟ قال: نعم. قلت: فإن كان الأخ قبض هبته وهو في حجر هذا الرجل الأجنبي أيجوز ¬

_ (¬1) قال الحاكم: تأويله أنه يجوز قبض الزوج إذا لم يكن أب. انظر: الكافي، 1/ 147 ظ. (¬2) م ف ز - قال وإن كانا في عياله. والزيادة من ع. (¬3) م ز: إلى الصغر والكبر. (¬4) ز: لأحد. (¬5) ف: ليس.

باب الهبة فيما لا يجوز

قبضه؟ قال: لا؛ لأنه في عيال هذا الأجنبي وحجره، وقبض هذا الأجنبي جائز له. ... باب الهبة فيما لا يجوز قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل نصيباً في دار لم تقسم هل تجوز الهبة؟ قال: لا. قلت: وإن دفع الدار كلها إليه؟ قال: وإن دفع فلا يجوز ذلك. قلت: فإن (¬1) سمى ثلثاً أو ربعاً أو خمساً وذلك نصيبه غير أنه لم يقسم؟ قال: لا يجوز أيضاً سمى أو لم يسم. قلت: فإن سمى سهماً من كذا كذا سهماً؟ قال: وإن سمى فلا يجوز. ولا تجوز الهبة في نصيب من دار وأرض إلا محوزاً مقبوضاً معلوماً (¬2). قلت: وكذلك النحلى والعطية والعمرى والصدقة؟ قال: نعم. قلت: ولم لا يجوز؟ قال: للأثر الذي بلغنا عن أبي بكر وعائشة، وبلغنا عن ابن عباس أنه قال: لا تجوز صدقة إلا مقبوضة (¬3). فهذا لا يستطيع أن يقبض. قلت: وكذلك لو وهب له نصيب في بيت كبير لم يقسم؟ قال: نعم، لا يجوز. قلت: لم؟ قال: لأن البيت يقسم. قلت: وكل شيء يقسم لا تجوز فيه الصدقة ولا النحلى ولا العطية ولا العمرى وإن سماه (¬4) إذا كان غير مقسوم؟ قال: نعم، لا يجوز. قلت: أرأيت الرجل يهب الدار لرجلين ودفعها إليهما ولم يقسم لكل واحد منهما نصيبه هل تجوز الهبة؟ قال: لا قلت: وكذلك الصدقة (¬5) ¬

_ (¬1) ف: وإن. (¬2) ز: إلا محوز مقبوض معلوم. (¬3) تقدمت هذه الآثار قريباً في أول. كتاب الهبة. (¬4) م ف ز: ساه. (¬5) قال الحاكم: يحتمل أن يكون أراد بقوله "وكذلك الصدقة" على الغنيين، لأنه قال في الجامع الصغير في رجل تصدق على فقيرين بعشرة دراهم جاز، ولا يجوز في الغنيين. انظر: الكافي، 1/ 146 ظ. والمسألة منقولة من الجامع الصغير بالمعنى. انظر: الجامع=

والعطية والعمرى والنحلى؟ (¬1) قال: نعم. قلت: وكذلك الأرض؟ قال: نعم. قلت: وكل شيء يقسم فهو على هذا النحو؟ قال: نعم. وقال أبو يوسف ومحمد: هو جائز. قلت: أرأيت رجلين وهبا لرجل داراً لهما ودفعاها إليه وقبضها أيجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الأرض وكل شيء يقسم؟ قال: نعم. وقال أبو يوسف ومحمد بن الحسن: إذا وهب الرجل لرجلين شيئاً مما يقسم داراً أو غير ذلك فكانت هبته لهما جميعاً معاً جازت؛ لأنها هبة واحدة، فلا يحتاج فيها إلى القسمة. وإن وهب لأحدهما قبل صاحبه وقبض ثم وهب للآخر وقبض لم يجز. وإن لم يقبض حتى وهب للآخر ثم قبضا معاً فهو جائز. قلت: فمن أين اختلف هذا والباب الأول في قول أبي حنيفة؟ قال: لأن الباب الأول في قول أبي حنيفة وهب رجل لرجلين، فوهب لكل واحد منهما نصف الدار لم يقسماه، وليس نصيب كل واحد منهما محوزاً معلوماً (¬2). وأما إذا وهب اثنان لرجل فليس للموهوب له شريك فيما وهب ¬

_ = الصغير للإمام محمد، 437. وقال السرخسي: ثم قال في الأصل: وكذلك في الصدقة. وهذا يدل على أنه إذا تصدق بما يقسم على رجلين أنه لا يجوز عند أبي حنيفة - رضي الله عنه - كالهبة. وفي الجامع الصغير قال: لو تصدق بعشرة دراهم على فقيرين يجوز. قال الحاكم -رحمه الله تعالى-: يحتمل أن يكون مراده من قوله "وكذلك الصدقة" على الغنيين. فيكون ذلك بمنزلة الهبة، لأن فعل الهبة من الفقير صدقة، والصدقة على الغني تكون هبة. والأظهر أن في المسألة روايتين. وجه رواية الأصل ما بينا أن تمام الصدقة بالقبض كالهبة، وقبض كل واحد منهما يلاقي جزءاً شائعاً، فلا تتم به الصدقة كما لا تتم به الهبة. ووجه الرواية الأخرى أن المتصدق يجعل ماله لله تعالى خالصاً، ولا يملكه الفقير من جهة نفسه، وإنما يملكه الفقير ليكون كفاية له من الله تعالى بعدما تمت الصدقة من جهته، وإذا تصدق على رجلين فلا شيوع في الصدقة، لأنه جعل جميع العين لله -سبحانه وتعالى- خالصاً بخلاف الهبة. ألا ترى أن الجهالة في المصروف إليه لا تمنع صحة الصدقة حتى إذا أوصى بثلث ماله صدقة على الفقراء يجوز، بخلاف ما لو أوصى به لقوم لا حصون من الأغنياء، وكذلك إذا أوصى بعين للفقراء أو لفلان ونصفه لفلان، واعتبر للفقراء سهم واحد باعتبار أن الصدقة لله تعالى لا للفقراء. انظر: المبسوط، 12/ 68. (¬1) ز: والنحل. (¬2) م ز: محوز معلوم.

له، فمن ثم جاز. فلذلك اختلف. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا وهب رجل داراً لرجلين وقبضاها فهو جائز. وكذلك كل شيء يقسم. وكذلك كلما يقسم وإن لم يقسم لكل واحد منهما الذي له على حدة بمنزلة الرهن، لو رهنهما داراً بحق لهما أجزت ذلك، ولو رهن نصف دار لرجل بحقه ولم يقسمه له لم يجز (¬1). وكذلك كل ما يقسم. ولا يشبه الاثنان الواحد، إذا وهب للاثنين الدار كلها أو رهنها وقبضاها جاز ذلك (¬2)، وإذا وهب لواحد نصفها لم يجز (¬3). وإذا وهب لرجلين لأحدهما ثلثي الدار وللآخر ثلثها وقبضاها لم يجز ذلك في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وأما في قول محمد فإن قبضا جميعاً فهو جائز. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجلين مائة درهم أو مائة شاة أو مائة من الإبل أو البقر أو عِدْلاً (¬4) من زُطِّي (¬5) أو جِرَاب هَرَوي أو جنساً من الثياب أو جراب هروي فيه خمسون (¬6) ثوباً ودفع ذلك إليهما وقبضا ذلك منه ولم يقسم لكل واحد منهما نصيب هل تجوز هبته لهما؟ قال: لا في قول أبي حنيفة. قلت: وكذلك في قول أبي حنيفة النُّحلى والعمرى والصدقة؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو وهب لهما جميعاً طعاماً كثيراً أو غير ذلك مما يكال أو يوزن؟ قال: لا يجوز إلا أن يقسم لكل واحد منهما نصيبه، لأن هذا كله يقسم. ويجوز في قول أبي يوسف ومحمد. قلت: وكذلك المنزل والبيت في الدار يهبه الرجل لرجلين؟ قال: نعم، لا يجوز في قول أبي حنيفة إلا مقسوماً. قلت: أرأيت داراً بين رجلين وهب أحدهما نصيبه منها لرجل قبل أن ¬

_ (¬1) ز: لم تجز. (¬2) ز + كله. (¬3) ز: لم تجز. (¬4) م ز: أو عدل. العِدْل واحد العِدْلين اللذين يكونان على جنبي الدابة لحمل الأمتعة. وقد تقدم مرارا. (¬5) ز: من نطي. نوع من الثياب، ينسب إلى الزُّطّ قوم من الهند. وقد تقدم. (¬6) م: خمسين.

يقسم هل يجوز؟ قال: لا. قلت: فإن وهب أحدهما (¬1) لشريكه هل يجوز؟ قال: لا، لأنه وهب له شيئاً غير مقسوم. قلت: أرأيت كل ما يكال أو يوزن أو يعد عدداً يهبه الرجل لرجلين ويدفعه إليهما ويقبضانه ولم يقسم لكل واحد منهما أيجوز؟ قال: لا يجوز شيء من هذا؛ لأن هذا يقسم ويعد ويقدر على قسمته في قول أبي حنيفة. قلت: فإن وهب رجل لرجلين ألف درهم وقال لأحدهما: لك الثلثان (¬2) وللآخر الثلث؟ قال: لا يجوز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. قلت: وكذلك لو وهب لأحدهما ستمائة وللآخر أربعمائة درهم (¬3) ولم يقسمها بينهما؟ قال: نعم، لا يجوز. قلت: وكذلك كل شيء يقسم أو يعد؟ قال: نعم في قول أبي حنيفة. وقال محمد: هو جائز. قلت: أرأيت الرجل يهب للرجل (¬4) ديناً له على رجل وأمره بقبضه فقبضه الموهوب له أيجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: ولم أجزت هذا وهذا شيء لا يستطاع قبضه؟ قال: أجيزه إذا قبضه، وأدع القياس فيه. قلت: أرأيت الرجل يرهن العبد من رجل فقبضه المرتهن ثم وهبه الرجل لابنه هل يجوز وابنه صغير في عياله؟ قال: لا يجوز. قلت: لم؟ قال: لأنه رهن. ألا ترى أن بيعه إياه لا يجوز. فكذلك (¬5) هبته. قلت: أرأيت الرجل يغصبه الرجل عبداً فوهبه المغصوب لابن له صغير في عياله؟ قال: لا تجوز الهبة. قلت: لم؟ قال: لأن (¬6) هذا والرهن سواء؛ لأنهما في ضمان غيره. قلت: وكذلك لو وهبهما (¬7) لرجل غير ابنه؟ قال: نعم، لا يجوز (¬8)؛ لأنهما في ضمان غيره، ولأن الموهوب له لم يقبض. ¬

_ (¬1) ز - نصيبه منها لرجل قبل أن يقسم هل يجوز قال لا قلت فإن وهب أحدهما. (¬2) م ز: الثلثين. (¬3) م ز - درهم. (¬4) ف: لرجل. (¬5) م ف: فلذلك. (¬6) م ف ز: لأنه. (¬7) م ف ز: لو وهبها. (¬8) ز: لا تجوز.

قلت: أرأيت الرجل يبيع بيعاً فاسداً وقبضه المشتري، أو يبيعه والمشتري بالخيار، ثم وهبه البائع لابن له صغير في عياله؟ قال: لا يجوز، هذا بمنزلة الغصب والرهن (¬1). ألا ترى أنه في ضمان غيره. قلت: أرأيت المكاتب يهب الهبة؟ قال: لا تجوز هبته. قلت: لم؟ قال: لأن المكاتب بمنزلة العبد، ولا تجوز هبة العبد. قلت: فهل يجوز عتقه لو أعتق؟ قال: لا. قلت: فلو أجاز مولاه؟ قال: لا يجوز أيضاً؛ لأنه في هذه الحال بمنزلة الصبي. ألا ترى أن الصبي لو وهب عبداً له أو أعتقه لم يجز (¬2) وإن أجاز ذلك أبوه. قلت: وكذلك المعتوه الذي لا يفيق؟ قال: نعم. قلت: أرأيت لو وهب رجل ما على ظهر غنمه من الصوف وما في ضروعها من اللبن؟ قال: لا يجوز ذلك. قلت: فإن أمره بجز الصوف وحلب اللبن وقبض ذلك؟ قال: أستحسن أن أجيز هذا وأدع القياس فيه. [قلت:] وكذلك الثمر (¬3) في النخل والشجر والزرع إذا حصد؟ قال: نعم، ذلك كله سواء. قلت: أرأيت العبد المأذون له في التجارة يهب الهبة؟ قال: لا تجوز هبته. قلت: فإن أجاز ذلك مولاه؟ قال: إن كان عليه دين لم تجز هبته، وإن لم يكن عليه دين فهو جائز إذا كان قبضها منه (¬4) الموهوب له. قلت: أرأيت إن كان عليه دين فأجاز ذلك مولاه والغرماء أتجوز هبته؟ قال: لا. قلت: أرأيت الرجل يهب للرجل (¬5) ما في بطن جاريته والجارية حبلى أيجوز ذلك؟ قال: لا. قلت: وكذلك لو وهب له (¬6) ما يخرج من نخله العام من الثمر؟ قال: نعم، لا يجوز. قلت: وكذلك لو وهب له ما في بطون غنمه؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) ز - والرهن. (¬2) ز: لم تجز. (¬3) ز: التمر. (¬4) م ز - منه. (¬5) ف: لرجل. (¬6) ف - له.

قلت: أرأيت رجلاً أعتق ما في بطن جارية له ثم وهبها لرجل (¬1) أتجوز هبته؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الصدقة والنحلى والعمرى والعطية؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن باع هل يجوز بيعه؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن ما في بطن الجارية حر. ألا ترى أن رجلاً لو باع جارية واستثنى ما في بطنها كان البيع فاسداً. قلت: أرأيت الرجل يهب الجارية وهي حبلى وقبضها الموهوب له لمن يكون ما في بطنها؟ قال: للموهوب له. قلت: أرأيت إن وهبها له واستثنى ما في بطنها أتجوز الهبة؟ قال: نعم، إذا قبضها. قلت: فلمن يكون ما في بطنها؟ قال: للموهوب له. قلت: فالاستثناء في هذا الوجه باطل؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً وهب عبداً لابنه لرجل أو وهب من مال ابنه لإنسان هل يجوز ذلك؟ قال: لا. قلت: وإن كان ابنه صغيراً؟ قال: وإن كان. قلت: أرأيت عبداً مأذوناً له في التجارة عليه دين كثير وهبه مولاه لرجل هل تجوز هبته؟ قال: لا. قلت: فما حال الدين؟ قال: الدين في رقبة العبد على حاله، يباع في الدين إلا أن يؤدي عنه مولاه (¬2) الذي هو في يديه. قلت: أرأيت إن كان الموهوب له العبد ذهب فلا يقدر عليه ولا يقدر على العبد هل لهم على الواهب سبيل؟ قال: نعم، للغرماء أن يأخذوه بقيمة العبد، وهو ضامنٌ يومَ وهب العبد. قلت: وكذلك النحلى والصدقة والعمرى؟ قال: نعم. وقال أبو يوسف ومحمد (¬3): إذا وهب رجل (¬4) لرجلين شيئاً مما يقسم داراً أو غير ذلك وكانت (¬5) هبته لهما جميعاً معاً جازت الهبة؛ لأنها هبة واحدة ولا يحتاج فيها إلى القسمة. وإن وهب لأحدهما قبل ¬

_ (¬1) ف ز: الرجل. (¬2) ز - مولاه. (¬3) م ز - ومحمد. (¬4) ف: الرجل. (¬5) م ز: فكانت.

صاحبه وقبضه ثم وهب للآخر بعد ذلك لم تجز الهبة لواحد منهما. فإن دفع الدار إليهما جميعاً معاً جازت إذا قبضا جميعاً (¬1) وإن تفرق أصل (¬2) الهبة. ألا ترى أنه لو وهب له نصف دار غير مقسوم لم يجز (¬3)، فإن قسمه ودفعه إليه جاز؛ ولو وهب له ديناً على رجل لم يجز، وإن أمره بقبضه فقبضه جاز. ولو وهب داراً لرجلين، الثلثين (¬4) لواحد والثلث لآخر (¬5)، فإن فى فع إليهما جميعاً معا جاز ذلك في قول محمد، وإن دفع إلى أحدهما قبل الآخر ثم دفع إلى الآخر لم يجز. وقال أبو يوسف: لا يجوز (¬6) هذا، وهذا بمنزلة الرهن. وقال أبو يوسف: لو رهن (¬7) داراً من رجلين (¬8) بألف وخمسمائة درهم (¬9) ولأحدهما خمسمائة وللآخر ألف فرهنها إياهما بأموالهما جاز ذلك، ولأحدهما في هذا الموضع الثلث وللآخر الثلثان (¬10). وكذلك كل ما يقسم من دراهم أو دنانير أو كيل أو وزن فهو مثل هذا. وأما ما لا يقسم فهو جائز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإنما (¬11) قال أبو حنيفة: لا يجوز فيما يقسم. وخالفه أبو يوسف ومحمد، قالا: يجوز؛ فأما إذا كان لا يقسم فقولهما فيه: جائز، وهو سواء. ولو أن رجلاً وهب ما في بطن جاريته (¬12) لرجل وسلطه على قبضه إذا وضعت فوضعت فقبضه الموهوب له لم يجز ذلك. وليس هذا كالذي يهبه ثم يسلطه على قبضه فقبضه؛ مِن قِبَل أن هبة الولد ما لم يكن بعد. ألا ترى أنه لو وهب له دهن سمسم قبل أن يعصر ثم سلطه على قبضه إذا ¬

_ (¬1) ز - جميعاً. (¬2) م ف ز: أهل. (¬3) ز: لم تجز. (¬4) ز: الثلثان. (¬5) م ز: للآخر. (¬6) ز: لا تجوز. (¬7) ف. لو وهب. (¬8) ز: من دارجلين. (¬9) ف - درهم. (¬10) م ز: الثلثين. (¬11) ف: إنما. (¬12) ف: جارية.

باب الهبة فيما يجوز بغير قسمة

عصره لم يجز (¬1) ولو قبضه (¬2). وكذلك دقيق حنطة وهبه قبل أن يطحن. وكذلك زيت في زيتون. وكذلك لبن في ضرع شاة. وكذلك صوف على ظهر شاة (¬3). وكذلك سمن في لبن (¬4) أو زبد من قبل أن يُمخض أو يُسلأ (¬5). فهذا كله لا تجوز فيه هبة ولا صدقة ولا بيع. وإن قبض لم يجز ذلك ولم يمض (¬6) له. وهذا كله يجوز في الوصية. والوصية في هذا لا تشبه الهبة. ألا ترى أني لو أوصيت لما في بطن امرأة بوصية جاز ذلك؛ لأنه يرث ويورث. وكذلك الوصية به. ولا يجوز (¬7) فيه الرهن، ولو رهن ما في بطن أمته (¬8) وهي حبلى وسلطه على قبضه إذا ولدت لم يجز ذلك. وكذلك جميع ما وصفنا في هذا الوجه لا يجوز فيه الرهن. ... باب الهبة فيما يجوز بغير قسمة قلت: أرأيت رجلاً وهب عبده لرجلين هل تجوز الهبة؟ قال: نعم، إذا قبضا. قلت: ولم؟ قال: لأن هذا مما لا يقسم، فالهبة فيه جائزة. قلت: وكذلك النحلى والصدقة والعمرى؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) ز: لم تجز. (¬2) ف - ولو قبضه. (¬3) انظر: 2/ 97 و. وقد قال السرخسي: ثم قال في بعض النسخ: وكذلك اللبن في ضرع الشاة، والصوف على ظهرها. وهذا غلط، فقد قيل هذا في الصوف واللبن إذا أذن له في الحَلْب والجَزّ وقبض ذلك جاز استحساناً. انظر: المبسوط، 12/ 74. ولعل هذه النسخة صحيحة ويقصد بها أنه لا يجوز ذلك إذا لم يأذن له في القبض. (¬4) م: من لبن؛ ز: من لبد. (¬5) ز: أو يسلى. سلأ السمن بالهمز سَلأً، طبخه وعالجه حتى خلص. انظر: المغرب، "سلأ". (¬6) م ز: يمضى. (¬7) ز: تجوز. (¬8) ف: امرأته.

قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل نصف عبد له أو ثلثه أو ربعه هل يجوز ذلك؟ قال: نعم إذا قبض ذلك. قلت: وكذلك لو قال: قد (¬1) وهبت لك جزء من عشرة أجزاء؟ قال: نعم إذا قبضه. قلت: وكذلك النصيب في الدابة أو في (¬2) الثوب؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو وهب له نصيباً في حائط أو حمام أوطريق وقد سماه؟ قال: نعم، هذا كله جائز؛ لأن هذا مما لا يقسم. وكل شيء مما لا يقسم يهب النصف منه فهو جائز إذا قبض وسماه ودفعه إلى الموهوب (¬3) له. قلت: وكذلك عبد بين رجلين وهباه لرجل وقبض أتجوز هبتهما؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن وهب أحدهما نصيبه لرجل ودفعه إليه أيجوز؟ (¬4) قال: نعم. قلت: فإن وهب أحدهما لصاحبه هل يجوز؟ (¬5) قال: نعم (¬6). قلت: أرأيت عبداً بين رجلين قال أحدهما لرجل: قد وهبت لك نصيبي من هذا العبد فاقبضه، ولم يسمه ولم يعلمه إياه، هل يجوز؟ قال: لا. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل نصف عبدين له أو نصف (¬7) ثوبين له هل تجوز الهبة إذا قبضها؟ قال: نعم. قلت (¬8): أرأيت إن وهب له نصف خمسة أثواب له أو عشرة مختلفة زُطّي (¬9) وهروي ومروي وقُوهي، ووهب لرجل آخر نصف ذلك أجمع، ودفعه إليهما، أيجوز ذلك غير مقسوم؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان عنده خمسة من الدواب مختلفة؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان بعيراً وبقرةً وشاةً وهب نصف ذلك لرجل فهو جائز؟ (¬10) قال: نعم. قلت: فإذا كان ذلك كله من نوع واحد عشرة أثواب ¬

_ (¬1) م ز - قد. (¬2) ف: وفي. (¬3) م ز: إلى الموهب. (¬4) ز: هل يجوز. (¬5) ف: أيجوز. (¬6) ز - قلت فإن وهب أحدهما لصاحبه هل يجوز قال نعم. (¬7) م ز: ونصف. (¬8) م ز - قلت. (¬9) ز: نطي. (¬10) ف - فهو جائز.

باب الهبة والعوض

زُطّي (¬1) أو غنم أو بقر لم تجز هبة نصفه إلا مقسوماً؟ (¬2) قال: نعم، لا يجوز إلا مقسوماً محوزاً معلوماً (¬3). قلت: أرأيت الرجل يهب نصيباً له في حائط أو في طريق هل يجوز ذلك إذا سمى؟ قال: نعم. قلت: فكل شيء لا يقسم وهب منه (¬4) نصفه أو ثلثه فهو جائز إذا سمى وقبض؟ قال: نعم. ... باب الهبة والعوض قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل هبة وقبضها الموهوب له ثم عوض الواهب من هبته عوضاً وقبض العوض الواهب أله أن يرجع في هبته؟ قال: لا. قلت: فهل للذي عوض أن يرجع في عوضه؟ قال: لا. قلت: وليس لواحد منهما أن يرجع في شيء؟ قال: لا. قلت: وكذلك العطية والنحلى والعمرى؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يهب عبداً له لرجلين وقد كان أحدهما عوضه عوضاً من حصته هل للواهب أن يرجع في حصة الآخر؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان صاحب العوض عوضه من الهبة كلها عن نفسه وصاحبه هل للواهب أن يرجع في شيء من العبد؟ قال: لا. قلت: فهل يستطيع المعوض أن يرجع في شيء (¬5) من عوضه؟ قال: لا. قلت: فهل يرجع على صاحبه الذي لم يعوض شيئاً وقد عوض عن هبته وعن نصيبه؟ قال: لا. قلت: وإن كان قد عوضه بأمره أو بغير أمره؟ قال: وإن. ¬

_ (¬1) ز: نطي. (¬2) ز: إلا مقسوم. (¬3) ز: لا تجوز إلا مقسوم محوز معلوم. (¬4) م ز - منه. (¬5) ز - من العبد قال لا قلت فهل يستطيع المعوض أن يرجع في شيء.

قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل عبداً فجاء رجل فعوض عن هبته الموهوب له أللواهب أن يرجع فيه؟ قال: لا. قلت: فهل للواهب الذي عوض أن يرجع على الموهوب له الأول الذي عوض عنه بشيء؟ قال: لا. قلت: فهل يستطيع أن يرجع في عوضه على الواهب؟ قال: لا. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل هبة فقبضها الموهوب (¬1) له ثم عوض الموهوب (¬2) له الواهب منها عوضاً فقال: هذا عوضاً (¬3) من هبتك أو ثواباً منها أو هذا مكان هبتك أو بدل هبتك؟ قال: هذا كله عوض، ولا يستطيع الواهب أن يرجع في شيء من هبته. قلت: فهل يستطيع أن يرجع في شيء من عوضه؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن استحق رجل الهبة هل للمعوض أن يرجع في عوضه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن استحق العوض هل للواهب أن يرجع في هبته؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأنها قد صارت هبة بغير عوض. قلت: وإذا استحقت الهبة أو العوض (¬4) فقد صار كل واحد منهما بغير عوض، وللذي استحق ما في يديه أن يرجع في الذي له ويرجع صاحب الهبة في الهبة إذا كانت قائمة بعينها ولم تزدد خيراً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل عبداً وعوضه الموهوب له فاستحق نصف العبد هل له أن يرجع في نصف العوض؟ قال: نعم. قلت: وإن استحق (¬5) نصف العوض هل له أن يرجع في نصف العبد؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن كانت الهبة مالاً كثيراً فعوضه الموهوب له عوضاً وهو شيء قليل، أو كانت الهبة ألف درهم والعوض عشرة دراهم، أو كانت الهبة عشرة أثواب وعوضه الموهوب له ثوباً، أو كانت الهبة غنماً فعوضه الموهوب له شاة واحدة، أو كانت بقراً فعوضه الموهوب له (¬6) بقرة واحدة، واستحق نصف الهبة مقسوماً وهو مما يقسم، فله أن يرجع في نصف العوض، فإن ¬

_ (¬1) ز: الموهوبة. (¬2) ز: الموهوبة. (¬3) ز: عوض. (¬4) ف: والعوض. (¬5) ف: إن استحق. (¬6) ز - له.

استحق ثلث الهبة رجع في ثلث العوض؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن استحق نصف العوض أو ثلثه أو ربعه رجع في نصف الهبة (¬1) أو ثلثه أو ربعه؟ (¬2) قال: لا حتى يستحق العوض كله ثم يرجع في الهبة كلها. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل ألف درهم وعوضه الموهوب له منها درهماً واحداً من تلك الدراهم أيكون ذلك عوضاً من الهبة كلها؟ قال: لا. قلت: فهل للواهب أن يرجع في الهبة؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن وهب رجل لرجل داراً فعوضه الموهوب له من الدار بيتاً واحداً منها أيكون عوضاً منها؟ قال: لا. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل دارا فاستحقت نصف تلك الدار غير مقسوم أيجوز له النصف الباقي؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: ألا ترى لو أن رجلاً وهب لرجل نصف دار غير مقسوم لم يجز. قلت: أرأيت إن استحق من الدار بيت معلوم مقسوم (¬3) هل يجوز ما بقي للموهوب له؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل هبة فعوضه من هبته شاة مسلوخة فاستبان للواهب بعد ذلك أنها كانت ميتة هل له أن يرجع في هبته؟ قال: نعم. قلت: أرأيت لو أن نصرانياً وهب لمسلم هبة فعوضه المسلم منها خمراً أو خنزيراً هل يكون هذا عوضاً؟ قال: لا، ويكون (¬4) للنصراني أن يرجع في هبته، ولا يكون ذلك عوضاً. قلت: أرأيت عبداً مأذوناً له (¬5) في التجارة وهب لرجل هبة وعوضه من هبته عوضاً (¬6) أيكون لكل واحد منهما أن يرجع في الذي له، والهبة باطلة؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) م: في نصفه. (¬2) ز - رجع في نصف الهبة أو ثلثه أو ربعه. (¬3) ز: بيتا معلوما مقسوما. (¬4) ف: لا يكون. (¬5) م - له. (¬6) ف - عوضا.

قلت: أرأيت رجلاً وهب لغلام صغير هبة فقبضها أبوه وعوضه من مال ابنه أللواهب أن يرجع في هبته؟ قال: نعم، والعوض لا يجوز. قلت: أرأيت إن وهب رجل مال ابنه لرجل فعوضه ذلك الرجل من هبته لأبيه (¬1) أن يرجع في هبته إن كان كبيراً أو صغيراً؟ قال: نعم، والهبة باطل. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل هبة فعوضه الموهوب له من هبته تلك فاستحق العوض الذي كان عوضه هل له أن يرجع في هبته؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل هبة فتصدق عليه الموهوب له صدقة فقال: هذا عوضاً من هبتك، أيكون هذا عوضاً ويكون للواهب أن يرجع في هبته؟ قال: لا يرجع، وهذا عوض. قلت: وكذلك إن نحله أو أعمره فقال: هذا عوضاً من هبتك، أيكون عوضاً؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأنه إنما عوضه من هبته، فإذا لم تسلم (¬2) له الهبة رد عليه العوض أو قيمته. قلت: أرأيت لو استحقت الهبة وهلك الثوب عند المعوض هل للمعوض أن يضمن الواهب قيمة عوضه؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنه إنما عوضه من هبته، فإذا لم تسلم (¬3) له الهبة رد عليه العوض أو قيمته. قلت: أرأيت لو استحقت الهبة أكان للواهب أن يضمن الموهوب قيمة الهبة؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه قد وهبها له ولم يشترط عليه عوضاً. ألا ترى أن الموهوب له إنما عوضه مكافأة تطوعاً. قلت: أرأيت الرجل يهب للرجل (¬4) عبداً على أن يعوضه ثوباً ويقع الأمر على ذلك منهما جميعاً ثم امتنع أحدهما وأبى قبل أن يقبض واحد (¬5) منهما هل لواحد منهما أن يمنع قبل القبض ولا يجبر هذا على دفعه؟ قال: نعم، أيهما شاء أن يمنع فله ذلك. قلت: أرأيت إن كان ¬

_ (¬1) م ز: لابنه. (¬2) م ف: لم يسلم. (¬3) م ف: لم يسلم. (¬4) م ف ز: الرجل. (¬5) م: واحدا؛ ز - واحد.

قد قبض كل واحد منهما من صاحبه ما القول في ذلك؟ قال: هذا جائز، وهذا في هذا (¬1) الوجه بمنزلة البيع، وليس لواحد منهما أن يرجع فيما أعطى بعد القبض، ولا ينقض ذلك. قلت: ولكل واحد منهما أن يرد ما في يده إن وجد به عيباً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن استحق ما في يدي أحدهما أله أن يرجع على صاحبه بما أعطاه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان قد هلك ما في أيديهما ما القول في ذلك؟ قال: يرجع على صاحبه بما أعطاه، ويغرم قيمة ما استحق لصاحبه الذي استحقه. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل داراً على أن يعوضه ألف درهم وقبض كل واحد منهما أللشفيع فيها شفعة؟ قال: نعم، لأن هذا بمنزلة البيع. قلت: أرأيت إن لم يقبض كل واحد منهما ثم ترادا ذلك أللشفيع فيها شفعة؟ قال: لا. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل نصيباً له في أرض وسماه وليس بمقسوم على أن يعوضه ألف درهم أيجوز ذلك؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه نصيب غير مقسوم. قلت: ولم وهذا بمنزلة البيع؟ قال: هذا بمنزلة البيع لو كان قبضاً وكان مقسوماً، وهو (¬2) هبة فلا تجوز إلا مقسومة. قلت: أرأيت الرجل يهب للرجل داراً وقبضها ثم عوضه بعد ذلك ألف درهم بغير شرط وقبض الألف هل للشفيع فيها شفعة؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن العوض كان بغير شرط. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل هبة فجاء رجل فاستحقها بعد القبض ثم إنه أجاز الهبة قبل أن يقبضها من صاحبها هل تجوز الهبة؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو أن رجلاً وهب لرجل توباً والثوب لغير الواهب فأجاز ذلك رب الثوب؟ قال: فالهبة جائزة. قلت: ولم أجزته وقد وهب له شيئاً ليس له؟ قال: لأن رب الثوب حيث أجازه فكأنه (¬3) هو الذي ¬

_ (¬1) ف ز - هذا، صح ف هـ. (¬2) ف: وكان. (¬3) م ف ز - حيث أجازه فكأنه. والزيادة من ع.

وهب له. قلت: فلرب الثوب أن يرجع في الثوب وهو قائم بعينه؟ قال: نعم، إذا لم يكن الموهوب له ذا رحم محرم أو يكون قد عوضه. قلت: فهل للواهب الذي لم يكن (¬1) يملك الثوب أن يرجع في الثوب وهو قائم بعينه؟ قال: لا، إلا أن يأمره بذلك صاحب الثوب الذي أجاز الهبة. قلت: ولم؟ قال: لأن الواهب ليس هو بصاحب الثوب. قلت: أرأيت إن عوض الموهوب له رب الثوب عوضاً هل له أن يرجع فيه؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن عوض الموهوب له (¬2) الرسول عوضاً لرب الثوب أن يرجع فيه؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأن عوضه للرسول ليس بشيء. قلت: فللواهب أن يرجع بعد ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن استحقت الهبة وهلك العوض هل يرجع الموهوب له على المعوض بقيمة عوضه؟ (¬3) قال: نعم (¬4). قلت: أرأيت إن كان الرسول ذا رحم محرم ألرب الثوب أن يرجع فيه؟ قال: نعم. قلت: ولم كان هذا هكذا؟ قال: لأن الرسول ليس بواهب، وصاحب الثوب هو الذي وهب، فمن ثم كان هذا هكذا. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل عشرة دراهم وقبضها ثم إن عوضه الواهب من هبته درهماً من تلك الدراهم التي وهبت له فقبله الواهب وقبضه أيكون هذا عوضاً؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه إنما عوضه بعض ما وهب له، فلا (¬5) يكون ذلك (¬6) عوضاً. قلت: أرأيت لو وهب له خمسة دراهم وثوباً فقبض ذلك الموهوب له ثم عوضه الثوب أو الدراهم من الهبة كلها هل يكون هذا عوضاً؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه إنما عوضه بعض ما وهب له. قلت: أوليس هذان (¬7) مختلفين؟ قال: وإن كانا مختلفين؛ لأنهما هبة واحدة، ولا يكون أحدهما عوضاً من الآخر. أدع القياس في ذلك. وينبغي في القياس أن يكون عوضاً. قلت: فإن ¬

_ (¬1) م ز - يكن. (¬2) ز - رب الثوب عوضا هل له أن يرجع فيه قال لا قلت أرأيت إن عوض الموهوب له. (¬3) م ف ز - على المعوض بقيمة عوضه،+ أله أن يرجع في هبته. والتصحيح من ع. (¬4) م ف ز: قال لا. وانظر: الكافي، 1/ 147 و. (¬5) ز: ولا. (¬6) ف - ذلك. (¬7) ز: هذين.

وهب له هبتين مختلفتين في مجلسين فعوض إحدى الهبتين من الأخرى أيكون عوضاً؟ قال: نعم، هذا عوض، آخذ في هذا بالقياس. قلت: أرأيت لو وهب له (¬1) حنطة فطحن بعضها فعوضه دقيقاً (¬2) من تلك الحنطة هل يكون عوضاً؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأن هذا قد تغير عن حاله التي كان عليها. [قلت:] وكذلك لو وهب له ثيابا فصبغ منها ثوبا بعصفر أو قطعه قميصاً فخاطه أو قباء فعوضه إياه أيكون (¬3) ذلك عوضاً؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو وهب له سويقاً فلتّ بعضه ثم عوضه الواهب أيكون هذا عوضاً (¬4)؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنه قد زاد فيه، وكل شيء من هذا النحو فهو على هذا. قلت: أرأيت الرجل يهب العبد للرجل ثم يهب الموهوب له للواهب شيئاً ولا يقول: هذا عوضاً من هبتك، هل للواهب أن يرجع في هبته؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن قال: قد تصدقت عليك بهذا عوضاً من هبتك، هل يكون هذا (¬5) عوضاً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن قال: قد نحلتك هذا من هبتك، هل يكون هذا عوضاً؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن قال: قد كافيتك أو قد (¬6) جازيتك أو قد أثبتك (¬7) أو هذا بدل هبتك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل خادماً وقبضها ثم عوض الواهب منها ثوباً فقبضه الواهب ثم استحق نصف الثوب فأراد الواهب أن يمسك ما بقي من الثوب ويرجع في هبته؟ قال: ليس له ذلك. قلت: فإن قال: أنا أرد ما بقي من الثوب وأرجع (¬8) في هبتي؟ قال: فله ذلك. قلت: ولم؟ قال: لأنه عوضه شيئاً ولم يسلم له العوض. قلت: أرأيت إن استحق نصف الخادم هل يكون للموهوب له أن يرجع في شيء من العوض؟ قال: نعم في نصفه. قلت: لم؟ قال: لأنه استحق نصف الخادم، ولأن الخادم قد غره منهما. ¬

_ (¬1) ز: لو وهبه. (¬2) ز: دقيق. (¬3) ف: هل يكون؛ ز: يكون. (¬4) ز - أيكون هذا عوضا؛ صح هـ. (¬5) ف - هذا. (¬6) م ف ز: أو قال. (¬7) ز: قد آتيتك. (¬8) م ف ز: فأرجع.

باب الهبة لغير ذي الرحم والرجوع فيها

قلت: فما بال العوض إن استحق نصفه رد الواهب ما بقي ورجع في هبته، وإذا استحق نصف الهبة لم يردها كلها؟ قال: لأن المعوض إذا قال: قد عوضتك هذا من هبتك، فاستحق نصفه فقد غره. ألا ترى أنه لو قال: عوضتك هذا الشيء، ثم استحق نصف ذلك الشيء كان قد غره. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل جارية ثم عوضه الموهوب له من نصف هبته درهماً أله أن يرجع في نصف الجارية، ولا يرجع في النصف الذي عوضه منه؟ قال: نعم، له أن يرجع فيما لم يعوضه. ... باب الهبة لغير ذي الرحم والرجوع فيها قلت: أرأيت رجلاً يهب لرجل الهبة ويدفعها إليه هل يستطيع أن يرجع فيها؟ قال: إن كانت الهبة قائمة بعينها لم تزدد خيراً وليس الموهوب له بذي رحم محرم ولم يعوض الواهب فله أن يرجع فيها. قلت: أرأيت الواهب أله أن يرجع في هبته عند غير قاض؟ (¬1) قال: لا. قلت: أرأيت إن رجع (¬2) فيها عند غير قاض (¬3) فسلم له الموهوب له ذلك ورد إليه الهبة أيجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: إن أبى الموهوب له أن يدفعها إليه أيجوز رجوع الواهب فيها؟ قال: لا، حتى يقدمه إلى القاضي فيقضي عليه. قلت: أرأيت إن باع الموهوب له العبد أو أعتقه أو تصدق به أو استهلكها بعد رجوع الواهب قبل أن يقضي به القاضي للواهب هل يجوز ¬

_ (¬1) م: قاضي. (¬2) ز: إن يرجع. (¬3) م: قاضي.

للموهوب له ما صنع فيه من شيء؟ قال: نعم، هو جائز. قلت: أرأيت إن قضى به القاضي عليه أللموهوب (¬1) له العبد أن يبيعه قبل أن يقبضه الواهب؟ قال: لا، والعبد عبد الواهب. قلت: أرأيت إن مات العبد في يدي الموهوب قبل أن يقبضه الواهب بعدما قضى به القاضي له (¬2) هل للواهب أن يضمنه قيمته؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن أبى الموهوب له بعد ذلك أن يدفعه وقد طلبه الواهب منه فمات العبد عند الموهوب له هل يضمن قيمته؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا كانت الهبة قد خرجت من ملك الموهوب له بهبة أو ببيع أو استهلاك أو زادت عنده خيراً أللواهب أن يرجع فيها؟ قال: لا. قلت: وكذلك إن وهبها الموهوب له لابن له صغير أو تصدق عليه؟ قال: نعم. قلت: فإن كانت الهبة قد ازدادت نقصاناً هل للواهب أن يرجع فيها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كانت قد زادت (¬3) خيراً في السوق ولم تزدد في بدنها (¬4) إلا شرا أللواهب فيها رجعة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل داراً لا بناء فيها فبنى الموهوب له فيها حائطاً أو بيتاً أو كانت أرضاً فغرس فيها نخلاً أو شجراً أو كرماً أو كانت جارية صغيرة فكبرت وازدادت خيراً؟ قال: لا يستطيع الواهب أن يرجع في شيء مما ذكرت لك. قلت: وكذلك إن وهب له غلاماً فصار رجلاً أو وهب له جارية فكبرت؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الدار إذا بنى فيها بيتاً لم لا يرجع فيما بقي من الدار مما ليس فيه بناء؟ قال: لأنه إذا بنى في بعضها فهو بمنزلة البناء لو بنى في كلها. ألا ترى أنه لو بنى بيتاً في أقصاها وبيتاً في أدناها وبيتاً (¬5) في وسطها لم يكن له أن يرجع في شيء منها. ¬

_ (¬1) م ف ز: الموهوب. (¬2) م ز - له. (¬3) ز: إن كان قد ازدادت. (¬4) ف: في يديها؛ ز: في يديهما. أي في حال كون الهبة دابة مثلا. (¬5) ف: أو بيتا.

وكذلك لو بنى عليها حائطاً أو داراً عليها لم يكن له أن يرجع فيها قليلاً كان بنى فيها أو كثيرأ. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل داراً فهدمها أللواهب أن يرجع في الأرض؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو وهب له عشرة آلاف درهم أو عبدين أو ثوبين أو نحو ذلك فاستهلك بعضه وبقي بعض (¬1) هل للواهب أن يرجع فيما بقي؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل ثوباً فصبغه أحمر أو أصفر هل للواهب أن يرجع فيه؟ قال: لا؛ لأن هذا قد زاد فيه. ألا ترى أن عُصْفُره (¬2) وزعفرانه فيه. قلت: وكذلك لو كان قطعه قباء أو قميصاً (¬3) أو سراويل (¬4) فخاطه أو قلانس (¬5) فخاطها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن قطعه (¬6) ولم يخطه أله أن يرجع فيه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يهب للرجل طعاماً فيطحنه أو سويقاً فيلته أللواهب أن يرجع فيه؟ قال: لا؛ لأنه قد تغير عن حاله. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل ديناً له عليه هل يستطيع أن يرجع فيه؟ قال: لا؛ لأن هذه مستهلكة. قلت: أرأيت إن قال الموهوب له حين وهبها له: لا أقبلها، أيكون ديناً على حالها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان الموهوب له غائباً ولم يعلم بالهبة حتى مات أيجوز له الهبة ويبرأ مما عليه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن وهبها له وهي معه قائمة وسكت حتى افترقا هل تجوز الهبة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً وهب لعبد هبة وقبضها العبد هل للواهب أن يرجع فيها؟ قال: نعم. قلت: ولم وقد صارت الهبة لمولاه؟ قال: لأن الهبة ¬

_ (¬1) ز: بعضا. (¬2) م ز: أن عصفرانه. العصفر صبغ أحمر. انظر: لسان العرب، "عصفر". (¬3) م: أقميصا. (¬4) م ز: أو سراويلا. (¬5) م ز: أو قلانسا. (¬6) م: إن قعطه.

إنما وقعت للذي هي في ملكه اليوم ولم تتحول إلى ملك غيره؛ لأن العبد في ملكه. قلت: أرأيت النحلى والعمرى والعطية أهو بمنزلة الهبة في كل شيء؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الكسوة والحملان إذا أراد به الرجل الهبة؟ قال: نعم (¬1). قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل داراً أو عبداً فباع الموهوب له نصف الدار أو نصف العبد (¬2) هل للواهب أن يرجع في شيء مما بقي من ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً يهب لرجل هبة ويقبضها الموهوب له ثم يهبها الموهوب له لغيره ثم يرجع فيها الواهب الثاني ويقبضها هل للواهب الأول أن يرجع فيها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان الموهوب له الآخر ردها على الواهب الثاني هل للواهب الأول أن يرجع فيها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان الموهوب له الآخر قد تصدق بها على الواهب الثاني أو وهبها له أو باعها إياه هل (¬3) للواهب الأول أن يرجع فيها؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنها قد رجعت إليه بهبة من الآخر، وملك الآخر سوى ملك الأول، ولا يكون للأول أن يرجع فيها أبداً إلا أن يرجع فيها الواهب الثاني. وإذا رجعت الهبة إليه بهبة أو بصدقة (¬4) مستقبلة فليس للأول عليها سبيل؛ لأنها قد كانت خرجت من ملك الثاني ورجعت إليه بملك غير ملكه الأول. قلت: وكذلك لو رجعت إلى الثاني بوصية أو ميراث؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجلين عبداً ثم أراد أن يرجع في حصة أحدهما دون الآخر أله ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن جعل ما أعطى ¬

_ (¬1) ف - قلت وكذلك الكسوة والحملان إذا أراد به الرجل الهبة قال نعم. (¬2) م ز: نصف العبد أو نصف الدار. (¬3) ز - هل. (¬4) م ز: أو صدقة.

أحدهما صدقة وجعل الآخر هبة أله أن يرجع في شيء من العبد؟ قال: نعم، يرجع فيما كان جعله هبة، ولا يرجع في نصيب المتصدق عليه. قلت: أرأيت إن كان وهب لهما العبد بهبة فعوضه أحدهما من حصته أله أن يرجع في حصة الذي لم يعوضه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان عوضه أحدهما من جميع العبد أله أن يرجع في حصة واحد منهما؟ قال: لا. قلت: أرأيت رجلاً وهب لعبد هبة والعبد أخوه هل له أن يرجع فيها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان المولى أخا (¬1) الواهب أله أن يرجع فيها؟ قال: نعم. قلت: وإن كان قد قبضه المولى؟ قال: وإن كان (¬2). وهذا (¬3) قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يرجع إذا كان المولى ذا رحم محرم من الواهب. قلت: أرأيت رجلاً وهب لمكاتب هبة ثم إن المكاتب عجز فرد رقيقاً أو عتق والهبة عنده قائمة بعينها أللواهب أن يرجع في إحدى الوجهين؟ قال: نعم، يرجع فيهما جميعاً (¬4). قلت: فإن كان المكاتب أخا (¬5) الواهب؟ قال: أما إذا رد رقيقاً فللواهب أن يرجع في الهبة. فإذا عتق فليس له أن يرجع فيها في قول أبي يوسف. وأما في قول محمد بن الحسن فإن (¬6) له أن يرجع فيها إذا عتق المكاتب ولم يكن ذا (¬7) رحم محرم (¬8)؛ لأنها لم تخرج من ملك الذي وهبها له. وإن عجز المكاتب لم يكن للواهب أن يرجع فيها؛ لأنها قد صارت لغير المكاتب وخرجت من ملك الموهوب له إلى ملك غيره. وإن كان المكاتب ذا رحم محرم من الواهب لم يكن (¬9) له أن يرجع فيها على حال. وهذا قول أبي يوسف. ¬

_ (¬1) ز: أخو. (¬2) ز + وقد. (¬3) ز: هذا. (¬4) أي: في قول أبي يوسف كما يأتي في المسألة التالية. وانظر: المبسوط، 12/ 86. (¬5) ز: أخو. (¬6) م ز: قال. (¬7) ز: ذي. (¬8) ف + من. (¬9) ز - لم يكن.

قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل أرضاً وهي صحراء فبنى فيها الموهوب له هل للواهب أن يرجع فيها؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن خاصمه الواهب إلى القاضي فقال له القاضي: ليس لك أن ترجع فيها، ثم هدمها الموهوب له فعادت صحراء كما كانت هل للواهب أن يرجع فيها؟ قال: نعم؛ لأنها عادت إلى حالها كهيئتها يوم وهبها له. قلت: أرأيت مكاتباً وهب هبة لرجل هل تجوز هبته؟ قال: لا. قلت: أرأيت رجلين وهبا عبداً لرجل وقبضه منهما ثم أراد أحدهما أن يرجع في حصته أله ذلك؟ قال: نعم. قلت: وإن كان الآخر غائباً؟ قال: وإن كان. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل هبة ثم أراد أن يرجع فيها الواهب فقال الموهوب له: إنما تصدقت بها علي، أو يقول: قد عوضتك منها عوضاً، أو يقول: أنا أخوك فليس لك أن ترجع فيها، وكذبه الواهب في هذا كله؟ قال: القول قول الواهب، وله أن يرجع فيها، إلا أن تقوم للآخر بينة بالذي ادعى من الصدقة والعوض والقرابة، فإذا قامت (¬1) له بينة لم يكن للواهب أن يرجع فيها. قلت: (¬2) أرأيت رجلاً وهب لرجل خادماً فأراد أن يرجع فيها فقال الموهوب له: وهبتها لي وهي صغيرة فكبرت عندي وازدادت خيراً، وقال الواهب: كذبت بل وهبتها لك على هذه الحال؟ قال: القول قول الواهب مع يمينه، وله أن يرجع فيها. قلت: أرأيت (¬3) إن كانت أرضاً فقال الموهوب له: وهبتها لي وهي صحراء فبنيت فيها وغرست، وكذبه الواهب وزعم أنه وهبها على هذه الحال؟ قال: فالقول قول الموهوب له. قلت: من أين اختلفا؟ قال: لأن البناء والغرس ليس من الأرض، إنما هو من غيرها، فالقول قول الموهوب له. وكذلك كل شيء زاد فيه من غير الذي ¬

_ (¬1) ز: فإذا مت. (¬2) ف - قلت، صح هـ. ـ (¬3) ز + أرأيت.

وهبه من نحو الثوب يصبغه (¬1) والسويق يلته (¬2) والثوب يخيطه (¬3). وما كان من حيوان فالقول قول الواهب (¬4). قلت: أرأيت إن كسر الموهوب له البناء وقلع الغرس هل للواهب أن يرجع فيها؟ قال: نعم؛ لأنها قد عادت إلى حالها. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل جارية فولدت عند الموهوب له من زوج أو من فجور هل للواهب أن يرجع فيها؟ قال: نعم. قلت: فهل له على الولد (¬5) سبيل؟ قال: لا؛ لأن الولد ليس بالجارية (¬6). قلت: أرأيت إن كانت حبلى أله أن يرجع فيها؟ قال: إن كانت قد ازدادت خيراً لم يكن له أن يرجع فيها، وإن كانت على حالها أو زادت (¬7) شراً كان له أن يرجع فيها. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل جاريتين فولدت إحداهما عنده فعوض الموهوب له الولد الواهب من هبته هل له أن يرجع في الباقية؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن وهب له جارية فزادت عنده أو لم تزد ثم وهب له بعد ذلك أخرى ثم عوضه الأولى من هبته هل له أن يرجع في الثانية؟ قال: لا. قلت: أرأيت رجلاً لو وهب لرجل أديماً فقطعه خفين وخرزه هل للواهب أن يرجع فيها؟ (¬8) قال: لا؛ لأنه قد تغير عن حاله. قلت: وكذلك لو وهب له طيلساناً غير مقطوع فقطعه وخاطه؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو وهب له غزلاً فنسجه أو حديداً فضربها سيفاً أو حنطة فطحنها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل خفاً وهو على الموهوب له أتجوز ¬

_ (¬1) م ز: فصبغه. (¬2) ز: ثلثه. (¬3) ز: بحنطة. (¬4) بمنزلة الكبر في الخادم. انظر: المبسوط، 12/ 88. (¬5) م: على الوالد. (¬6) أي: لأن الولد ليس بموهوب، وحق الرجوع مقصور على عين الموهوب. انظر: المبسوط، الموضع السابق. (¬7) ز: أو ازدادت. (¬8) ز: فيهما.

باب الرقبى والحبيس

الهبة فيه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل دفاتر فكتب فيها أله أن يرجع فيها؟ قال: لا. ... باب الرقبى والحبيس قال: أخبرنا محمد عن أبي يوسف عن عطاء عن شريح أنه سأله عن الحَبِيس، فقال: إنما أقضي، ولست أفتي. قال: فأعدت عليه المسألة، فقال: لاَ حَبْسَ (¬1) عن فرائض الله تعالى. محمد عن مسعر بن كدام عن أبي عون (¬2) عن شريح أنه قال: جاء محمد - عليه السلام - ببيع الحَبِيس (¬3). قلت: أرأيت رجلاً حضره الموت فقال: هذه داري حبيساً؟ قال: هي ¬

_ (¬1) م ز: لا حبيس. (¬2) م ف ز: عن أبي عوف. (¬3) ورد بلفظ, بمنع الحبس" في المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 350؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 6/ 163. وقد تقدمت الروايتان أول كتاب الهبة. انظر: 2/ 91 و. وقد فسره المؤلف هنا بأن يقول الإنسان: داري هذه حبيس على عقبي من بعدي. وقال السرخسي: قال: رجل حضره الموت فقال: داري هذه حبيس، لم تكن حبيساً، وكان ذلك ميراثاً، لأن قوله "حبيس" أي محبوس، فعيل بمعنى مفعول، كالقتيل بمعنى المقتول، ومعناه: محبوس عن سهام الورثة. وسهام الورثة في ماله بعد موته حكم ثابت بالنص، فلا يتمكن من إبطاله بقوله. وهو معنى قول شريح: لا حبيس عن فرائض الله تعالى، وجاء محمد - صلى الله عليه وسلم -ببيع الحبيس. وكذلك إن قال: داري هذه حبيس على عقبي بعد موتي، فهو باطل، لأن معناه: محبوس على ملكهم لا يتصرفون فيه بالإزالة كما يفعله المالك، وهو مخالف لحكم الشرع، فكان باطلاً. انظر: المبسوط، 12/ 89.

ميراث بين ورثته (¬1). قلت: فإن قال: داري هذه (¬2) حبيس على عقبي من بعدي؟ قال: هذا باطل. قلت: وهذا الحبيس الذي وصفت لي؟ قال: نعم، والحبيس باطل لا يجوز. قلت: أرأيت رجلاً قال لرجل: داري لك رقبى، هل يجوز هذا؟ قال: لا، والرقبى باطل. قلت: وما تفسير الرقبى عندك؟ قال: الرقبى هي الحبيس، والرقبى (¬3) ليس بشيء. قلت: أرأيت رجلاً قال لرجلين: عبدي هذا لأطولكما حياة؟ قال: نعم، هذا باطل، وهذا الرقبى. قلت: أرأيت رجلاً قال لرجل: داري حبيس لك؟ قال: هذا باطل أيضاً، فلا يجوز شيء من الرقبى ولا الحبيس (¬4). قلت: ولا يجوز شيء (¬5) من الرقبى ولا الحبيس؟ قال: لا. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: أما أنا فأرى أنه إذا قال: داري لك هذه حبيس، فهي له إذا قبض، وقوله: حبيس، باطل (¬6). وكذلك إذا قال: هي لك رقبى. محمد قال: وحدث (¬7) عن داود بن أبي هند عن أبي الزبير عن جابر يرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الرقبى جائزة، والعمرى جائزة" (¬8). ¬

_ (¬1) م ز: من ورثته. (¬2) م - حبيسا قال هي ميراث من ورثته قلت فإن قال داري هذه، صح هـ. (¬3) ز - باطل قلت وما تفسير الرقبى عندك قال الرقبى هي الحبيس والرقبى. (¬4) ف: الرقبى والحبيس. (¬5) م: شيئاً. (¬6) ز - وهذا الرقبى قلت أرأيت رجلاً قال لرجل داري حبيس لك قال هذا باطل أيضا فلا يجوز شيء من الرقبى ولا الحبيس قلت ولا يجوز شيء من الرقبى ولا الحبيس قال لا وهذا قول أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف أما أنا فأرى أنه إذا قال داري لك هذه حبيس فهي له إذا قبض وقوله حبيس باطل. (¬7) ز: وجدت. أي أبو يوسف. (¬8) حسنه الترمذي. انظر: سنن ابن ماجه، الهبات، 4؛ وسنن أبي داود، البيوع، 87؛ وسنن الترمذي، الأحكام، 16؛ وسنن النسائي، الرقبى، 2؛ العمرى، 2. وروي بلفظ: "العمرى جائزة" فقط. انظر: صحيح البخاري، الهبة، 32؛. وصحيح مسلم، الهبات، 30، 32. وانظر: الدراية لابن حجر، 2/ 185.

باب الشهادة في الهبة والصدقة والنحلى والعمرى

وقال محمد: حدثنا أبو مالك النخعي عن جابر الجعفي (¬1) عن الشعبي عن شريح أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -أجاز العمرى، ورد الرقبى ... باب الشهادة في الهبة والصدقة والنحلى والعمرى قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل عبداً ثم جحده ذلك فشهد شاهدان أنه وهب له ذلك العبد وقبضه الموهوب له هل يجوز؟ قال: إذا شهدا (¬2) أنه قبض العبد بمحضر منهما ورضا من الواهب فالهبة جائزة. قلت: وكذلك النحلى والعطية والعمرى؟ قال: نعم. قلت: أرأيت (¬3) إن شهد شاهدان على إقرار الواهب بالقبض ولم يعاينوا القبض وجحد ذلك الواهب أتجوز شهادتهما؟ قال: لا، والعبد للواهب. قلت: وكذلك الصدقة والنحلى والعمرى؟ قال: نعم. ورجع أبو حنيفة عن هذا، وقال: هو جائز. وقوله الآخر قول أبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت إن كان العبد في يدي الموهوب (¬4) له فشهد شاهدان على إقرار الواهب بالقبض ولم يشهدا بالمعاينة أتجوز شهادتهما، ويكون العبد للموهوب له؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن العبد في يدي الموهوب له، وقد أقر الواهب بقبضه. قلت: وكذلك النحلى والصدقة والعمرى والعطية؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان الواهب أقر عند القاضي بالهبة والقبض والعبد في يديه وأقر بقبض الموهوب له هل يجوز ذلك، ويكون العبد للموهوب له؟ قال: نعم. قلت: من أين اختلف الإقرار وشهادة الشهود في قول أبي ¬

_ (¬1) ز - عن جابر الجعفي. (¬2) م ف ز: إذا شهد. والتصحيح من ب. (¬3) ز - أرأيت. (¬4) ف: العبد هو الموهوب.

حنيفة الأول؟ قال: لأنه إذا أقر لزمه ذلك. ولا تجوز شهادة الشهود إلا على المعاينة؛ لأن الهبة لا تجوز إلا مقبوضة. رجع (¬1) أبو حنيفة عن المعاينة، وقال: إذا شهدوا على الإقرار بالقبض جاز ذلك. قلت: أرأيت رجلاً استودع رجلاً عبداً أو داراً أو غنماً أو متاعاً أو غير ذلك ثم وهبه للمستودع ثم جحده ذلك فشهد عليه بذلك شاهدان ولم يشهدوا على القبض؟ قال: هذا جائز، ولا يحتاج في هذا إلى القبض. قلت: ولم؟ قال: لأنه في يدي الموهوب له، وقد كان في يديه حيث وهب له. [قلت:] وكذلك النحلى والصدقة والعمرى؟ قال: نعم. قلت: أفرأيت إن جحد الواهب أن يكون في يديه يومئذ وقد شهدت الشهود أنه كان في يدي الموهوب له؟ قال: لا يلتفت إلى جحوده، وتجوز الهبة. قلت: أرأيت إن جحد الواهب أن يكون في يديه وقد شهدت الشهود على الهبة ولم يشهدوا على معاينة القبض ولا على إقرار الواهب بالقبض والهبة (¬2) في يدي الموهوب له يوم خاصم إلى القاضي أيجوز ذلك؟ قال: نعم إذا كان الواهب حياً (¬3)؛ وإذا كان ميتاً (¬4) فشهادتهما باطل. قلت: أرأيت إذا شهدوا على إقرار الواهب أن الهبة كانت في يديه يومئذ أيجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: وكذلك النحلى والصدقة والعمرى والعطية؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل عبداً وقبضه الموهوب له ثم جاء رجل فأقام البينة أنه كان اشتراه من الواهب ما القول في ذلك؟ قال: إن أقام البينة أنه اشتراه قبل الهبة والقبض فالبينة بينة المشتري، وتبطل الهبة، وكذلك النحلى والعطية والعمرى. قلت: فإن لم يشهد الشهود على الشراء قبل الهبة هل تجوز الهبة لصاحب الهبة ويبطل الشراء؟ قال: نعم. قلت: ¬

_ (¬1) ز + الإمام الأعظم. (¬2) م ف ز: فالهبة. والتصحيح من الكافي، 1/ 148 و؛ والمبسوط، 12/ 90. (¬3) ز: حي. (¬4) ز: ميت.

لم؟ قال: لأن الهبة في يدي الموهوب له، ولا تنزع (¬1) منه إلا ببينة على الشراء قبل الهبة. قلت: أرأيت إن كان في يدي الواهب فأقام رجل البينة أنه وهبه له وقبضه وأقام رجل آخر البينة أنه كان (¬2) اشتراه وقبضه ولا يدرى أيهما قبل؟ قال (¬3): آخذ ببينة المشتري وأبطل الهبة. قلت: وكذلك الصدقة والعمرى والعطية؟ قال: نعم. [قلت:] والشرى أولى منهما؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن أقام الموهوب له البينة على العبد أنه وهبه له وقبضه قبل الشراء وأقام صاحب الشراء البينة أنه اشتراه قبل الهبة وقبضه ما القول في ذلك؟ قال: العبد كله لصاحب الشرى. قلت: أرأيت رجلاً رهن رجلاً رهناً ثم جحد، وشهدت الشهود على ذلك، ما القول في ذلك؟ قال: لا يجوز الرهن إلا مقبوضاً، فإن (¬4) شهدت الشهود على أنه رهنه وشهدوا على معاينة القبض فهو جائز، وإلا فهو باطل. قلت: فإن شهدوا على إقرار الراهن (¬5) بالقبض ولم يشهدوا على المعاينة أيجوز ذلك؟ قال: لا، حتى يشهدوا على معاينة القبض. رجع أبو حنيفة وقال: إذا شهدوا على الرهن (¬6) بالقبض فهو جائز، وهو قوله الآخر. وهو قول أبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل متاعاً ثم قال (¬7): إنما كنت (¬8) استودعتك، وقد هلك المتاع في يدي الموهوب له أو لم يهلك؟ قال (¬9): إن أقام الموهوب له البينة على الهبة جاز ذلك، وإن لم تقم له بينة حلف ¬

_ (¬1) ز: ينزع. (¬2) م ف ز - كان في يدي الواهب فأقام رجل البينة أنه وهبه له وقبضه وأقام رجل آخر البينة أنه كان. والزيادة من ع. (¬3) ز - قال. (¬4) ف: قال إن. (¬5) ز: الواهب. (¬6) كذا في الأصول. ولعل الصواب "على إقرار الراهن". انظر ما يأتي في آخر الباب أسفله. (¬7) ز - قال. (¬8) م ف ز: إذا كنت. (¬9) ز: قا.

باب الصدقة

الواهب أنه لم يهبه. فإن حلف رجع في هبته. وإن أبى أن يحلف لم يرجع في الهبة. فإن وجدها قد هلكت (¬1) بعدما ادعى المستودَع الهبة فالمستودَع ضامن لقيمته. والقول في القيمة قول الموهوب له إلا أن يكون للواهب بينة على القيمة. قلت (¬2): أرأيت رجلاً ادعى هبة من رجل في دار وأقام البينة أنه وهبها له وأقر الواهب أنه قد قبضها وهي في يدي الموهوب له؟ قال: أجيزها له. قلت: فإن كانت في يدي الواهب؟ قال: إذاً لا يجوز (¬3) حتى يشهد الشهود على معاينة القبض، ولا تجوز الهبة ولا النحلى والصدقة ولا العطية ولا العمرى حتى يعاين الشهود القبض. رجع (¬4) أبو حنيفة عن هذا وقال: هو جائز، ولا يحتاج إلى المعاينة إذا شهدوا على إقرار الواهب بالقبض. ورجع (¬5) أبو حنيفة في الرهن عن معاينة لشهود بالقبض، وقال: إذا شهدوا على إقرار الراهن بالقبض فهو جائز. وهو قوله الآخر. وهو قول أبي يوسف ومحمد. ... باب الصدقة محمد عن أبي يوسف عن الحجاج عن عطاء عن عبد الله بن عباس أنه قال: لا تجوز الصدقة إلا مقبوضة (¬6). قلت: أرأيت رجلاً تصدق على رجل بنصيب له في دار لم تقسم أو في أرض أو في شيء مما يقسم؟ قال: الصدقة باطلة، والصدقة في هذا ¬

_ (¬1) ز: قد هلك. (¬2) م ز - قلت. (¬3) ز: لا تجوز. (¬4) ز + الإمام الأعظم. (¬5) ز + الإمام. (¬6) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 281. وقد ذكره الإمام محمد بلاغاً في الحجة، 3/ 96 - 97.

بمنزلة الهبة، لا تجوز فيما يقسم إلا مقسوماً. وكل شيء لا يقسم فالصدقة في بعضه جائزة نحو العبد أو الثوب أو الحمام ونحو ما ذكرت في الهبة. قلت: أرأيت رجلاً تصدق على رجل بعبد ودفعه إليه وقبضه المتصدق عليه للمتصدق (¬1) أن يرجع في صدقته؟ قال: لا. قلت: وإن كانت قائمة بعينها لم تزدد خيراً؟ قال: وإن؛ ليست (¬2) الصدقة في هذا بمنزلة الهبة. قلت: أرأيت الصدقة على ذي الرحم المحرم وعلى (¬3) غير ذي الرحم المحرم سواء، إذا قبضت الصدقة لم يكن لصاحبها أن يرجع فيها؟ قال: نعم، لا يستطيع (¬4) الرجوع فيها. قلت: أرأيت إن لم يقبضها المتصدق عليه أله أن يرجع فيها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً تصدق على رجل بصدقة وقبضها المتصدق عليه ثم مات المتصدق عليه والذي تصدق بها وارثه فورث تلك الصدقة هل يحل له أن يأكلها؟ قال: نعم، لا بأس به. وقد بلغنا في الأثر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -أن رجلاً تصدق (¬5) بصدقة ثم مات المتصدَّق عليه (¬6)، فورّثه النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬7) من تلك الصدقة (¬8). قلت: أرأيت الصدقة في جميع ما لا يقسم إذأ قبضه صاحبه أو فيما يقسم (¬9) إذا كان مقسوماً فقبضه المتصدق عليه لم يكن للمتصدق أن يرجع ¬

_ (¬1) ز: أللمتصدق. (¬2) م ف ز: لان. (¬3) م ز: على. (¬4) ف: ولا يستطيع. (¬5) ع + على رجل. وكذلك في الكافي، 1/ 148 و. (¬6) ع - المتصدق عليه. وكذلك في الكافي، 1/ 148 و. (¬7) م ف ز - أن رجلاً تصدق بصدقة ثم مات المتصدق عليه فورثه النبي - صلى الله عليه وسلم -. والتصحيح من المبسوط، 12/ 92. (¬8) مسند أحمد، 5/ 349؛ وصحيح مسلم، الصيام، 157؛ وسنن ابن ماجه، الصدقات، 3؛ وسنن أبي داود، الزكاة، 31؛ وشرح معاني الآثار للطحاوي، 4/ 80؛ ومجمع الزوائد للهيثمي، 4/ 166، 232. (¬9) ف - إذا قبضه صاحبه أو فيما يقسم.

فيه بعد القبض؟ قال: نعم، لا يستطيع أن يرجع فيها. قلت: أرأيت رجلاً قال: قد جعلت غلة داري هذه صدقة في المساكين، وقال ذلك في صحته ثم مات ما حال غلة الدار؟ قال: الدار ميراث للورثة. قلت: أرأيت إن قال: داري صدقة في المساكين، ثم مات ما حال الدار؟ قال: الدار ميراث بين الورثة. قلت: ولم (¬1) وقد جعلها صدقة في المساكين؟ قال (¬2): لأنه لم ينفذها (¬3) في حياته. قلت: وكذلك لو كان قال: عبدي صدقة في المساكين، أو ثوبي هذا صدقة أو هذه الدراهم، ثم مات قبل أن ينفذ (¬4) شيئاً من ذلك كان ذلك كله ميراثاً للورثة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان حياً وقد قال: داري صدقة في المساكين، ما القول في ذلك؟ قال: عليه أن يتصدق بها. قلت: أرأيت إن تصدق بقيمة الدار والعبد على المساكين أيجزيه ذلك؟ قال: أي ذلك (¬5) ما فعل أجزأه. قلت: أرأيت إن قال: دراهمي صدقة في المساكين، أيجب عليه أن يتصدق بها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً قال: جميع ما أملك صدقة في المساكين؟ قال: يتصدق بجميع ما يملك، ويمسك قوته. فإذا أصاب شيئاً بعد ذلك تصدق بما أمسك. قلت: أفيتصدق بجميع ما يملك من الرقيق والعقار وغير ذلك؟ قال: لا يتصدق مما يملك إلا بالدراهم والدنانير وما كان للتجارة وما كان من سائمة الأموال التي تجب فيها الزكاة. فأما غير ذلك فليس عليه أن يتصدق به. أستحسن في ذلك وأدع القياس فيه. قلت: أرأيت رجلاً وهب للمساكين هبة ودفعها إليهم هل له أن يرجع فيها؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: أستحسن ذلك وأدع القياس في ذلك. هذا بمنزلة الصدقة. ولو أتاك مسكين فأعطيته شيئاً لم يكن لك أن ترجع فيه. فهذا بهذه المنزلة. قلت: وكذلك لو أعطى رجلاً محتاجاً على وجه الحاجة؟ ¬

_ (¬1) ز - ولم. (¬2) ف ز - قال. (¬3) ز: لم ينقدها. (¬4) م ز: أن ينقد. (¬5) ز - ذلك.

قال: نعم. قلت: وكذلك لو أعطى ذا رحم محرم على وجه الصلة؟ قال: نعم. محمد قال: أخبرنا مالك بن (¬1) أنس عن داود بن حصين عن أبي غَطَفان بن طَريف المُرِّي عن مروان بن الحكم عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال: من وهب هبة لصلة رحم أو على وجه صدقة لم يكن له أن يرجع فيها. ومن وهب هبة يرى أنه إنما وهبها ليثاب منها فله أن يرجع فيها إن (¬2) لم يُثَب منها (¬3). فكذلك ما وصفت لك قبل هذا من الهبة لذي الحاجة ولذي الرحم المحرم. قلت: أرأيت رجلاً جعل في داره مسجداً فصلى فيه الناس ثم مات ما حال المسجد؟ قال: هو ميراث لورثته، يصنعون به ما شاؤوا. قلت: أرأيت إن كان أخرجه من داره وصنعه مسجداً للناس ولم يكن فيه من الدار شيء (¬4) وكان ظاهراً قد أظهره للناس (¬5) وعزله من الدار ثم مات ما حال ذلك المسجد؟ قال: يكون مسجداً للمسلمين، وليس لورثته عليه سبيل. قلت: من أين اختلف هذا والأول؟ قال: لأن المسجد الأول كان في جوف الدار. وهو بمنزلة مسجد في بيته وفي داره. أرأيت رجلاً أذن للناس أن يصلوا في بيت في داره وجعل لهم مؤذناً ثم مات أما كان يصير ذلك ميراثاً؟ قلت (¬6): بلى. قال: فهذا وذلك سواء. وأما إذا عزله من الدار لم يكن فيه بيت ولا طريق فهو مسجد. وكذلك سائر المساجد. قلت: أرأيت إن بنى (¬7) على منزله مسجداً وسكن في أسفله ثم مات؟ قال: هذا ميراث له. قلت: أرأيت إن جعل أسفله مسجداً وفوقه بيتاً يكون فيه؟ قال: هذا ميراث أيضاً. قلت: وكذلك لو جعل أعلاه مسجداً وأسفله سِرْداباً؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) ز: عن. (¬2) م ز: ومن؛ ف: وإن. (¬3) الموطأ، الأقضية، 42. وقد تقدم نحوه. انظر: 2/ 90 ظ، 91 ظ. (¬4) م ز: شيئاً. (¬5) م ز: الناس. (¬6) ف: قال. (¬7) ف: إذا بنى.

باب النحلى والعمرى والعطية والمنحة والسكنى والاستثناء وغير ذلك

ولو أن رجلاً وهب لمسكين درهماً فسماه (¬1) هبة ونواه من زكاته وقبضه المسكين أجزى عنه من زكاته. وكذلك النحلى. ألا ترى أنه لو أعطاه إياه عطية أجزاه من زكاته إذا نوى ذلك، والعطية (¬2) عندنا هبة وليست بصدقة. ولو أعطى رجلاً غنياً عطية كان له أن يرجع فيها. ولو أعطى مسكيناً عطية على وجه الصدقة والحاجة لم يكن له أن يرجع فيها. وهذا استحسان. والقياس أن له أن يرجع إذا لم يسمها صدقة، ولكني تركت القياس. ... باب النحلى والعمرى والعطية والمنحة والسكنى والاستثناء وغير ذلك (¬3) قلت: أرأيت رجلاً قال لرجل: قد نحلتك عبدي هذا وقد نحلتك هذا الثوب، وقبض المنحول الثوب (¬4) ما القول في ذلك؟ قال: النحلى في ذلك (¬5) كله بمنزلة الهبة. قلت: وكذلك إن قال: قد أعطيتك هذا الثوب عطية؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو قال: قد أعمرتك هذه الدار؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو قال (¬6): كسوتك هذا الثوب؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو قال: قد (¬7) حملتك على هذه الدابة، أيكون بهذه المنزلة؟ قال: لا، هذه تكون عارية، ولا تكون هبة إلا أن يقول صاحب الدابة: قد أردت (¬8) بذلك الهبة. قلت: أرأيت إن قال: قد أخدمتك (¬9) هذه الجارية؟ (¬10) قال: هذه أيضاً عارية. قلت: وكذلك إن قال: قد (¬11) منحتك هذه الجارية؟ قال: هذه أيضاً عارية. قلت: فإن قال: قد (¬12) منحتك هذه الأرض؟ قال: ¬

_ (¬1) ز: قسماه. (¬2) م ف ز: العطية. (¬3) ع: والاستثناء في ذلك. (¬4) م ز: للثوب. (¬5) م ز - ذلك. (¬6) ف ز - لو قال. (¬7) ز - قد. (¬8) ز: قد ازددت. (¬9) م ز: قد أخذت منك. (¬10) م ز + عارية. (¬11) م ز - قد. (¬12) م ز - قد.

هذه عطية، وتكون عارية. قلت: فإن قال: قد أطعمتك (¬1) هذه الأرض، وإنما أطعمه غلتها (¬2) والرقبة لصاحبها، أله أن يأخذها متى ما (¬3) شاء؟ قال: نعم. قلت: فإن مات صاحب الأرض؟ قال (¬4): فهي ميراث (¬5) لورثته. قلت: أرأيت إن قال: قد أطعمتك هذا الطعام فاقبضه، فقبضه؟ قال: هذه هبة. قلت: وكذلك لو قال: قد جعلت لك هذه الدار فاقبضها وهذا العبد فاقبضه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً قال لرجل: داري هذه لك عمرى سكنى، فقبضها ما القول في ذلك؟ قال: هذه عارية، وليست بهبة. قلت: لم؟ قال: لأنه قال: سكنى. قلت: وكذلك لو قال: هي لك نحلى سكنى؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن قال: هي لك سكنى هبة؟ قال: نعم (¬6). قلت: وكذلك إن قال: هي لك سكنى (¬7) صدقة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن قال: هي لك (¬8) فاقبضها، هل تكون هبة؟ قال: نعم. قلت: وإن لم يسم الهبة؟ قال: وإن. قلت: فإن قال: هي لك عمرى؟ قال: هذه أيضاً هبة. قلت: فإن قال: هي لك سكنى؟ قال: هذه عارية. قلت: فإن قدم الهبة في هذا الوجه وأخر العارية أو قدم العارية وأخر الهبة فهو سواء، وهي عارية كلها؟ قال: نعم. قلت: فإن قال: هي لك هبة إجارة كل شهر بدرهم أو إجارة هبة؟ قال: هذه إجارة في الوجهين جميعاً في التقديم والتأخير. قلت: أرأيت رجلاً قال لرجل: داري هذه لك عمرى تسكنها، ثم قبضها المعمر له؟ قال: هذه هبة. قلت: ولم وقد قلت: إذا قال: لك سكنى عمرى، فهي عارية؟ قال: لأن قوله: عمرى تسكنها، بمنزلة قوله: هذا الطعام لك (¬9) تأكله، وهذا الثوب لك تلبسه، وهذه الدابة لك تركبها. ¬

_ (¬1) م: قد أطمعتك. (¬2) م: عليها. (¬3) ز - ما. (¬4) م ف ز - قال. والزيادة من ع. (¬5) ز: بميراث. (¬6) م + قلت وكذلك إن قال. (¬7) ز - هبة قال نعم قلت وكذلك إن قال هي لك سكنى. (¬8) ف - لك. (¬9) ز + هذا الطعام.

قلت: فهذا كله هبة إذا قبضه الموهوب له؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يقول للرجل: قد وهبت لك هذا العبد حياتك وحياته، ثم قبضه الموهوب له؟ قال: هذه هبة جائزة، وهي بمنزلة قوله: قد وهبت لك، وقوله. حياتك، باطل. قلت (¬1): أرأيت إن قال: قد وهبت لك هذا العبد حياتك، فإذا متَّ فهو لي، أو إذا متُّ أنا فهو لورثتي، وقبضه الموهوب له على ذلك؟ قال: هذه هبة جائزة، وليس قوله هذا بشيء (¬2).قلت: وكذلك لو قال: أعمرتك داري هذه حياتك، أو قال: قد أعطيتكها حياتك، أو نحلتكها حياتك؟ قال: نعم. قلت: فإن قال: قد تصدقت بها عليك حياتك، هل له أن يرجع فيها؟ قال: لا (¬3). قلت: فلو قال: عبدي هبة لك ولعقبك من بعدك، أهو بهذه المنزلة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن قال لرجلين: قد وهبت لكما عبدي هذا، ثم قال: هو للباقي منكما، بعد ذلك، فقبضاه على ذلك؟ قال: هو لهما جميعاً، وليس قوله: للباقي، بشيء. قلت: أرأيت رجلاً قال لرجل: قد أسكنتك داري هذه (¬4) حياتك ولعقبك من بعدك؟ قال: هذه عارية، يأخذها متى ما شاء. قلت: فإن قال: هي لك ولعقبك من بعدك؟ قال: هبة جائزة، والشرط [باطل، وليس] (¬5) للعقب منها شيء إلا ما يرثون من الموهوب له. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل عبداً على أن يعتقه وقبضه الموهوب له على ذلك ثم أبى أن يعتقه؟ قال: الهبة جائزة، والشرط باطل. قلت: أرأيت الرجل يهب للرجل عبداً مريضاً (¬6) به جرح فداواه الموهوب له فبرئ من ذلك المرض ومن ذلك الجرح هل للواهب أن يرجع فيه؟ قال: لا؛ لأنه قد برأ وازداد خيراً. قلت: فإن كان أصم (¬7) فسمع ¬

_ (¬1) م ز + من هاهنا؛ م هـ: في نسخة مضروب عليه وفي نسخة غير مضروب عليه. (¬2) ز م + إلى هنا. (¬3) ف - قال لا. (¬4) ف: هذه داري. (¬5) الزيادة مستفادة من ب. (¬6) ز: من يضا. (¬7) م ز: أصما.

أو كان (¬1) أعمى فأبصر هل له أن يرجع فيه؟ قال: لا. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل عبداً لا مال له غيره والواهب مريض فقبضه الموهوب له فأعتقه ثم مات الواهب من ذلك المرض أو كان الموهوب له قد باعه في حياة الواهب؟ قال: عتق الموهوب له وبيعه له جائز، ويضمن ثلثي قيمة العبد لورثة الميت. قلت: فإن كان على الميت دين يحيط برقبة العبد ولم يدع مالاً غير العبد؟ قال: يضمن الموهوب له قيمة العبد كلها. قلت: أرأيت إن كان الموهوب له معسراً وقد كان أعتق العبد هل لغرماء الواهب على العبد سبيل؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن حقهم على الذي أعتقه. ألا ترى أن الموهوب له لو كان باع العبد من رجل لم يكن لهم على الذي اشترى العبد سبيل. قلت: أرأيت لو أن الموهوب له أعتق العبد وهو مريض ثم مات ولا مال له غير العبد وعليه دين ما القول في ذلك؟ قال: يسعى العبد في جميع قيمته، ويكون جميع تلك القيمة بين غرماء الموهوب له، ويضرب فيها غرماء الواهب بقيمة العبد؛ لأنها دين للميت الأول على هذا الميت الآخر. ويكون ما أصاب قيمة العبد بين غرماء الواهب يضربون بالحصص جميعاً. قلت: أرأيت لو أن هذا الواهب حيث وهب هذا العبد وهو مريض كان الموهوب له ذا رحم محرم من الواهب (¬2) أله أن يرجع في الهبة أو لورثته بعد موته؟ قال: أما الواهب فلا يرجع، وأما إذا مات الواهب في مرضه كان لورثته ثلثا ذلك إذا لم يكن له مال غيره. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل عبداً فاعور عند (¬3) الموهوب له أله أن يرجع في العبد؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن وهب له عبداً (¬4) فقبضه فدبره أله أن يرجع فيه؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن وهب له عبداً فكاتبه ثم عجز فرده رقيقاً أله أن يرجع فيه؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) ز - كان. (¬2) م: الموهوب له رجلاً بينه وبين الواهب؛ ف ز: الموهوب رجلاً بينه وبين الواهب. والتصحيح مستفاد من ب. (¬3) م ز: عنده؛ ف: عبده ـ (¬4) ز: عبد.

قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل جارية تساوي ألف درهم فولدت عند الموهوب له فنقصت حتى صارت تساوي هي وولدها خمسمائة درهم (¬1) هل له أن يرجع في الجارية والولد؟ قال: يرجع في الجارية، ولا يرجع في الولد. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل عبداً فشَجَّ العبدُ الموهوبَ له أو فقأ عينه هل للواهب أن يرجع فيه (¬2)، وإن رجع فيه هل للموهوب له أن يأخذ المولى بشيء مما جنى عليه؟ قال: للواهب أن يرجع فيه، وليس للموهوب له من الجناية شيء. قلت: أرأيت إن كان العبد أبق عند الموهوب له فجاء به رجل فرجع الواهب في هبته على من جُعْل العبد؟ قال: على الموهوب له. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل داراً وقبضها الموهوب له فغير منها بيتاً أو نقضها وبناها (¬3) هل للواهب أن يرجع في شيء من البيت والدار؟ قال: لا. قلت: أرأيت رجلاً غصب من رجل مالاً فوهبه (¬4) له المغصوب منه وهو قائم بعينه أله أن يرجع فيه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل شجرة بأصلها فقطعها أله أن يرجع فيها؟ (¬5) قال: نعم (¬6). قلت: أرأيت إن قطعها وجعلها أبواباً وجذوعاً وسَقَفَها (¬7) أله أن يرجع فيها؟ قال: لا، إذا كان عمل فيها شيئاً قل أو كثر ¬

_ (¬1) ف - درهم. (¬2) م ز - فيه. (¬3) م: أو بناها. (¬4) م ف ز: فوهب. والتصحيح من ب. (¬5) ز - فيها. (¬6) واعترض على ذلك أبو عصمة، لكن دافع السرخسي عن المؤلف. انظر: المبسوط، 12/ 98 - 99. (¬7) ف: وشققها. وسَقَفَ وسَقَّفَ أي: جعله سَقْفا. انظر: لسان العرب، "سقف"؛ والقاموس المحيط، "سقف".

لم يرجع فيها؛ لأن هذه الآن ليست بشجرة كما وهبها له. فإذا غيرها عن حالها لم يرجع فيها. قلت: لم؟ قال: لأنها قد صارت غير شجرة. وله أن يرجع في موضعها من الأرض. ولو وهبها له بغير أصلها وأذن له في قبضها كان له أن يرجع؛ لأن الهبة جازت وهي مقطوعة. والباب الأول جازت (¬1) الهبة وهي شجرة. وكذلك لو وهب له تمراً (¬2) في نخل وأمره بجَزِّه (¬3) وقبضه كان له أن يرجع فيه. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل عبداً وقبضه الموهوب له فجنى عنده جناية بلغت قيمة العبد أو أكثر ففداه الموهوب له أللواهب أن يرجع في العبد؟ قال: نعم. قلت: وهل يرجع عليه الموهوب له بشيء؟ قال: لا. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل ثوباً فشقه نصفين فخاط نصفه قباء والنصف الآخر على حاله أله أن يرجع في النصف الباقي؟ قال: نعم. قلت: فإن كان وهب له شاة فذبحها هل له أن يرجع فيها؟ قال: نعم في قول أبي يوسف (¬4). ولو ضحى بها لم يكن له أن يرجع فيها (¬5). قلت (¬6): أرأيت لو ضحى بها أو ذبحها في هدي متعة أما كانت (¬7) تجزئ عنه. فكيف يكون للواهب أن يرجع فيها وهي تجزئ (¬8) عنه. وقال محمد: يرجع فيها، وتجزئ عنه من الأضحية والمتعة. ولو أن رجلاً وهب لرجل درهماً وقبضه ثم إن الموهوب له جعله صدقة لله كان للواهب أن يرجع فيه ما لم يقبضه المتصدق عليه في قول أبي حنيفة ومحمد. قلت: فإن كان وهب أَجْذَاعاً (¬9) ¬

_ (¬1) م ز + في. (¬2) ز: ثمرا. (¬3) ز: بحذه. (¬4) وقول محمد كقول أبي يوسف. أما قول الإمام أبي حنيفة فمختلف فيه. انظر: المبسوط، 12/ 99. (¬5) هذا في قول أبي يوسف. أما قول محمد فيأتي. وانظر: المصدر السابق. (¬6) القائل هو أبو يوسف؛ لأن التعليل المذكور يصلح لقوله. (¬7) ز: كان. (¬8) م ف ز: وهل تجزئ. (¬9) أجذاع جمع جِذْع، وهي ساق النخلة. انظر: لسان العرب، "جذع".

فكسرها فجعلها حطباً أله أن يرجع فيها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن وهب له لَبِناً (¬1) فكسره فجعله طيناً ولم (¬2) يبله أله أن يرجع فيه؟ قال: نعم، له أن يرجع فيه. قلت: فإن أعادها لبناً؟ قال: فإن (¬3) أعادها لبناً فلا يرجع. قلت: فما الزيادة التي لا يستطاع الرجوع فيها وما النقصان الذي يرجع فيه؟ قال: إذا زادت الهبة خيراً في البدن أو زاد فيها الموهوب له شيئاً غيرها قل أو كثر لم يكن له أن يرجع فيها، وإن زادت شراً في البدن أو نقصت من الهبة شيئاً والهبة قائمة بعينها فله أن يرجع فيما بقي. قلت: أرأيت الرجل يهب للرجل دابتين فازدادت إحداهما خيراً والأخرى شراً؟ قال: يرجع في التي ازدادت شراً، ولا يرجع في التي ازدادت خيراً. قلت فإن وهب له بُخْتُجاً (¬4) فجعله خلاً؟ قال: لا يرجع فيه. قلت: فإن وهب له ثوباً هروياً فصبغه بزعفران أله أن يرجع فيه؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن وهب له سيفاً فجعله سكاكين؟ قال: إذا جعل منه سكيناً واحدة (¬5) أو أكثر من ذلك فليس له أن يرجع فيها، وإن كسره فجعله سيفاً آخر (¬6) لم يكن له أيضاً أن يرجع فيها. قلت: فإن وهب له داراً فبناها على غير ذلك البناء وترك بعضها على حاله أله أن يرجع في شيء منها؟ (¬7) قال: لا. قلت: أرأيت (¬8) إن وهب له حماماً فجعله مسكناً أو وهب له بيتاً فجعله حماماً أله أن يرجع فيه؟ قال: إن كان البناء على حاله لم يزد فيه شيئاً فله أن يرجع فيه، وإن كان نقص شيئاً فله أن يرجع فيه أيضاً، وإن كان زاد فيه (¬9) شيئاً فليس له أن يرجع فيه. وكذلك إن غلق عليه باباً أو ¬

_ (¬1) م ف ز: البنا. والتصحيح من الكافي، 1/ 148 ظ. (¬2) ز: وله. (¬3) م ف ز: وإن. والتصحيح من الكافي، 1/ 149 و؛ والمبسوط، 12/ 101. (¬4) البُخْتُج: العصير المطبوخ. انظر: لسان العرب، "بختج". (¬5) السكين يذكر ويؤنث. انظر: لسان العرب، "سكن". (¬6) م ز - آخر. (¬7) م ف ز: يرجع فيها لم يجز له. والتصحيح من الكافي، 1/ 149 و؛ والمبسوط، 12/ 101. (¬8) ز - أرأيت. (¬9) ف - فيه.

باب هبة المريض

جصصه أو أصلحه وجعله بِصَارُوج (¬1) أو طينه فليس له أن يرجع فيه. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل غلاماً فقبضه الموهوب له ثم إن العبد شج رجلاً ففداه الموهوب له أو لم يفده حتى رجع فيه الواهب؟ قال: إن لم يكن فداه الموهوب له حتى رجع فيه الواهب فالأرش في عنق العبد، إن شاء الواهب فداه، وإن شاء دفعه. وإن كان الموهوب له فداه قبل أن يرجع فيه الواهب فليس له على الواهب الراجع ولا على العبد شيء. ... باب هبة المريض قلت: أرأيت مريضاً وهب لصحيح عبداً يساوي ألفاً ولا مال له غيره ودفعه إليه وقبضه الصحيح [و] عَوَّضَ المريضَ (¬2) عوضاً (¬3) فقبضه المريض ثم مات المريض والعوض عنده؟ قال: إن كان العوض مثل ثلثي قيمة الهبة أو أكثر فالهبة جائزة، والعوض جائز. وإن كان قيمة العوض مثل نصف قيمة الهبة رجع ورثة الواهب في سدس الهبة. فإن شاء الموهوب له رد الهبة كلها وأخذ العوض، وإن شاء رد سدس الهبة التي لا تجوز له وأمسك ما بقي، إذا كان اشترط في أصل العوض. وإن لم يكن اشترط فإنه يرجع في سدس العوض (¬4). ¬

_ (¬1) الصاروج: النورة وأخلاطها تطلى بها الحياض والحمامات. انظر: المغرب، "صرج"؛ ولسان العرب، "صرج". (¬2) م ف ز: عوضا لمريض. وعبارة الحاكم "فعوضه الصحيح منه عوضا". انظر: الكافي، 1/ 49 و؛ والمبسوط، 12/ 101. وقد وضع الحاكم والسرخسي هذه المسألة في آخر الباب السابق. وستتكرر هذه المسألة بعينها في هذا الباب مع تغيير يسير جداً. انظر: 2/ 115 و. ولعل مكانها الصحيح هناك، فالسياق هناك أنسب. والظاهر أن الخطأ من الناسخين أو الرواة. (¬3) ف - عوضا. (¬4) قارن: المبسوط، 12/ 102.

محمد عن أبي يوسف عن الأعمش عن إبراهيم قال: لا تجوز هبة المريض إلا مقبوضة، وأما الصدقة فتجوز إذا علمت (¬1). قلت: أرأيت رجلاً مريضاً صاحب فراش وهب (¬2) هبة في مرضه فمات في مرضه ذلك هل تجوز الهبة؟ قال: إن كان الموهوب له قد قبضها فالهبة جائزة من الثلث، وإن كان لم يقبضها فالهبة باطلة، وهي ميراث لورثة الميت. قلت: ولم؟ قال: لأن الهبة لا تجوز إلا مقبوضة. ألا ترى لو أن رجلاً وهب لرجل هبة وهو صحيح فلم يقبضها حتى يموت الواهب لم تجز الهبة. وكذلك المريض. قلت: أرأيت إن كان الموهوب له قد قبضها ثم مات المريض هل تجوز الهبة؟ قال: نعم، ويكون من الثلث. فإن كانت الهبة تبلغ الثلث أو أقل جازت. وإن كانت أكثر جاز منها الثلث ويرد ما بقي منها إلى الورثة. قلت: وكذلك الصدقة في المرض والنحلى والعطية والعمرى؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً مريضاً وهب لرجل داراً وقبضها ودفعها إليه ثم إن المريض مات في مرضه ذلك وليس للميت مال غيرها ما القول في ذلك؟ قال: يرد ثلثي الدار إلى الورثة، والهبة في ثلثها جائزة. قلت: لم؟ قال: لأنه قد قبضها قبل موت المريض. ألا ترى لو أن رجلاً وهب لرجل داراً وقبضها الموهوب له ثم جاء رجل آخر فاستحق نصفها كانت الهبة مردودة، لأنه إذا استحق نصفها صار كأنه وهب له شيئاً (¬3) غير مقسوم. ولا يشبه هذا الباب الأول؛ لأن الباب الأول كانت الهبة صحيحة، وإنما انتقضت بعد ذلك، وهذه كانت في الأصل منتقضة. قلت: فإن وهب له داراً في مرضه وهي تزيد على الثلث؟ قال: هو جائز من الثلث. قلت: وكذلك الصدقة في المرض والعمرى والنحلى والعطية؟ قال: نعم. قلت: وكذلك كل شيء وهب له في مرضه مما لا يقسم وهو أكثر من الثلث كان جائزاً ¬

_ (¬1) تقدم بنفس الإسناد أول كتاب الهبة. انظر: 2/ 90 ظ. (¬2) م ف ز: وهبه. (¬3) ز: شيء.

من الثلث إذا قبضه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن وهب له شيئاً لا يقسم في مرضه فقبضه الموهوب له فزاد على الثلث هل تجوز الهبة؟ قال: نعم، ويجوز ذلك من الثلث، ويرد ما زاد على الثلث (¬1) إلى الورثة. قلت (¬2): وكذلك كل شيء لا يقسم وهبه له في مرضه فقبضه الموهوب له؟ قال: نعم، هو جائز. قلت: فإن كان أكثر من الثلث؟ قال: الفضل يرد على الورثة. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل جارية في مرضه وهي جميع ماله فقبضها الموهوب له فأعتقها أو وطئها فعَلِقَت منه أو باعها ثم مات الواهب في مرضه ذلك ما القول في ذلك؟ قال: عتقه جائز وبيعه جائز، وتصير أم ولد له إذا علقت منه، ويضمن الموهوب له ثلثي قيمتها للورثة. قلت: أرأيت إذا أعتقها الموهوب له وهو (¬3) معسر هل لورثة الواهب أن يستسعوا الجارية؟ قال: ليس لهم على الجارية سبيل، وهي حرة، وعلى الموهوب له ثلثا قيمة الجارية ديناً عليه. قلت: ولم صار هذا هكذا؟ قال: لأن الموهوب له أعتقها يوم أعتقها وهو يملك جميع الرقبة وليس للواهب في الجارية (¬4) شيء، وإنما لزم (¬5) الموهوب له ثلثا القيمة وكان ديناً عليه بعتقه. قلت: أرأيت إن دبر الموهوب له الأمة أو كاتبها ثم مات الواهب قبل أن تؤدي (¬6) شيئاً ما القول في ذلك؟ قال: تدبيره جائز، ومكاتبته جائزة، ويضمن ثلثي القيمة للورثة، ولا تُرَدّ المكاتبة. قلت: أرأيت إن كان الموهوب له مريضاً فأعتقها في مرضه ومات من ذلك المرض ولا مال له غيرها؟ قال: تسعى الجارية في ثمانية أتساع قيمتها ويبقى لها التسع، فترد (¬7) من سعايتها ستة أتساع قيمتها إلى ورثة الواهب ويكون تسعا القيمة لورثة الموهوب له. قلت: أرأيت إذا قضى (¬8) القاضي على المولى بثلثي القيمة ثم ¬

_ (¬1) م ز - الثلث. (¬2) م - قلت، صح هـ. (¬3) م - هو. (¬4) ز: في الجاية. (¬5) م: التزم؛ ز: الزم. (¬6) ز: أن يؤدي. (¬7) م ف ز: فيدور. (¬8) م ف ز + به.

إن المكاتبة عجزت بعد ذلك هل للورثة على المكاتبة سبيل ولم يأخذ الورثة من الموهوب له شيئاً (¬1) بعد ذلك؟ قال: لا؛ لأن الجارية للموهوب له، وثلثي القيمة دين على الموهوب له. قلت: أرأيت إن لم يخاصم الورثة الموهوب له في المكاتبة حتى عجزت وردت (¬2) في الرق؟ قال: يكون ثلثا العبد (¬3) للورثة، وثلثه للموهوب له. قلت: ولم؟ قال: لأن القاضي ما لم يقض على الموهوب له بالمال ولم يستهلك الموهوب له العبد فثلثا (¬4) العبد للورثة إذا اختصموا وهو في يدي الموهوب له. قلت: أرأيت إذا مات المريض والعبد في يدي الموهوب له (¬5) على حاله، فأعتقه الموهوب له بعد موت الواهب أو كاتبه أو باعه أو دبره، أهو بهذه المنزلة- أيضاً؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأنه له حتى يرد ذلك القاضي. قلت: أرأيت إن خاصموه فقضى القاضي على الموهوب له برد ثلثي العبد ولم يقبضه الورثة حتى أعتقه الموهوب له هل يجوز عتقه في جميعه؟ قال: لا، ولكن يجوز عتقه في ثلثه في قول أبي حنيفة. والورثة بالخيار إن كان الموهوب له موسراً، وهو في هذه الحال بمنزلة عبد بينهم. فإن كان موسراً فالورثة بالخيار، إن شاؤوا أعتقوا، وإن شاؤوا ضمنوا، وإن شاؤوا استسعوا. فإن أعتقوا أو استسعوا فالولاء بينهما، الثلثان للورثة، والثلث للموهوب له. وإن ضمنوا فالولاء (¬6) كله للموهوب له. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: الولاء كله للموهوب له خاصة (¬7). قلت: أرأيت إن كان على هذا ¬

_ (¬1) م ز: شيء. (¬2) م ز: حتى عجز ورد. (¬3) كذا في الأصول. وينبغي أن يكون "الأمة"؛ لكن عدل المؤلف عن استعمال "الجارية" إلى "العبد" في هذه المسألة والمسائل الآتية، والحكم لا يتغير بكون المملوك ذكراً أو أنثى. (¬4) م ز: فثلثي. (¬5) ز + قلت أرأيت إذا مات المريض والعبد في يدي الموهوب له. (¬6) ف - بينهما الثلثان للورثة والثلث للموهوب له وإن ضمنوا فالولاء. (¬7) المسألة على الخلاف المعروف بين الإمام وصاحبيه في مسألة إعتاق أحد الشريكين للعبد. فعند الإمام يعتق حصة المعتق من العبد، ثم إن كان المعتق موسراً فالشريك بالخيار في الإعتاق أو التضمين أو الاستسعاء، وإن كان المعتق معسراً فله الإعتاق أو =

الميت دين كثير يحيط بماله فأعتق الموهوب له العبد أو باعه أو دبره أو كاتبه قبل موت الواهب بعدما قبضه أو فعل ذلك بعد موته قبل أن يخاصمه الورثة إلى القاضي؟ قال: جميع ما صنع فيه الموهوب له فهو جائز من بيع أو عتق أو غير ذلك، والكتابة جائزة، ويضمن الموهوب له جميع القيمة للغرماء بينهم (¬1). قلت: فمتى يضمن القيمة؟ قال: يوم قبض العبد إلا أن يزيد العبد قبل العتق فيضمن قيمته يوم أعتق. قلت: ويكون للغرماء على العبد سبيل؟ قال: لا يرجعون عليه بما بقي من دينهم، ولا سبيل لهم عليه. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل عبداً وهو جميع ماله وقيمته ألف درهم فقبضه الموهوب له وهما مريضان جميعاً صاحبا فراش ودفع العبد إلى الموهوب له ثم إن الواهب مات ومات الموهوب له في مرضهما ما القول في ذلك؟ قال: يرد ثلثا العبد إلى ورثة الواهب، ويكون ثلثه لورثة الموهوب له. قلت: أرأيت إن كان الموهوب له قد أعتق العبد في ذلك المرض وليس لواحد منهما مال غيره ما القول في ذلك؟ (¬2) قال: عتق الموهوب له فيه جائز، وثلثا قيمته دين على الموهوب له، ويسعى العبد في ثلثي قيمته لورثة الواهب دينهم الذي لهم، ويسعى بعد ذلك في ثلث ما بقي لورثة الموهوب له، فيكون جميع سعاية العبد ثمانية أتساع قيمته، وتكون وصيته تسع قيمته، وذلك ثلث ما بقي بعد الدين. قلت: أرأيت إن كان على الموهوب له دين ألف درهم ما القول في ذلك وقيمة العبد ألف؟ قال: يسعى العبد في جميع قيمته، فيقتسمانها (¬3) غرماء الموهوب له وورثة الواهب بالحصص، فيضرب فيها غرماء الموهوب له بجميع دينهم، ويضرب فيه ¬

_ = الاستسعاء فقط، والولاء يكون للمعتق في حالة الضمان، ويكون مشتركاً في حالتي الاستسعاء وإعتاق الشريك الثاني. أما عند الصاحبين فالعبد يعتق كله ابتداء، ثم إن كان المعتق موسراً فعليه الضمان، وإن كان معسراً فيستسعى العبد، والولاء للمعتق. والمسألة في كتاب العتاق. انظر: 3/ 11 و، 112 ظ. (¬1) ف: منهم. (¬2) ف: فيه. (¬3) ز: فيقتسماها.

ورثة الواهب بثلثي القيمة؛ لأنه دين على الموهوب له. قلت: ولم كان هذا (¬1) هكذا؟ قال: لأن هذا كله دين على الموهوب له، وحق ورثة الواهب دين عليه أيضاً، وما كان عليه من دين (¬2). ألا ترى أن العبد لو كان (¬3) مات في يدي الموهوب له ثم مات الموهوب له وترك ألف درهم اقتسماها (¬4) غرماء الموهوب له (¬5) وورثة الواهب على ما ذكرت لك بالحصص. قلت: أرأيت إن كان على الواهب دين كثير ما القول في ذلك والدين يحيط بماله؟ قال: يسعى العبد في جميع قيمته، فيكون بين غرماء الواهب وغرماء الموهوب له بالحصص، يضرب فيها غرماء الواهب بقيمة العبد، ويضرب فيها غرماء الموهوب له بجميع دينهم، فيكون ذلك بينهم على ذلك بالحصص. قلت: فإن كان المال سواء كان نصفه لغرماء الواهب ونصفه لغرماء الميت؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان دين الواهب أكثر من قيمة العبد بكم يضربون مع الغرماء؟ قال: يضربون بقيمة العبد، ويضرب غرماء الموهوب له بجميع دينهم في سعاية العبد. قلت: ولم كان هذا هكذا؟ قال: لأن قيمة العبد دين للواهب على الموهوب له، فلا يضربون بأكثر من ذلك؛ لأن قيمته دين على الموهوب له. وهو بمنزلة ألف درهم كانت للواهب على الموهوب له، فما أصاب الألف التي ضرب بها غرماء الواهب فهي بينهم بالحصص. قلت: فلم يضرب غرماء الموهوب له (¬6) بجميع دينهم؟ قال: لأن دينهم على الموهوب له، [فمن] ثم ضربوا (¬7) به. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل عبداً وهو مريض فقبض الموهوب له العبد والعبد ثلث ماله ثم إن الموهوب له قتل الواهب في مرضه ذلك ما القول في ذلك؟ قال: الهبة مردودة إلى ورثة الواهب. قلت: لم؟ قال: لأن ¬

_ (¬1) م ز - هذا. (¬2) أي: حق ورثة الواهب دين على الموهوب له أيضاً مع ما كان عليه من دين قبل ذلك. (¬3) ف: لو أن العبد كان. (¬4) م ف ز: فاقتسماها. (¬5) ف + ثم مات الموهوب له. (¬6) م ز - له. (¬7) م ز: ثم يضربوا.

الموهوب له قاتل، فلا تجوز له وصية وهو قاتل. قلت (¬1): فكيف لا تجيزها وهي هبة؟ قال: لأنها بمنزلة الوصية إذا مات. ألا ترى أنني قد جعلتها من الثلث. قلت: أرأيت مريضاً وهب لرجل عبداً في مرضه قيمته ألف درهم وقبضه الموهوب له وليس له مال غيره ثم إن العبد قتل الواهب ما القول في ذلك؟ قال: يقال للموهوب له: افد (¬2) العبد، فإن فداه بالدية كان العبد له، لأنه يخرج (¬3) من الثلث. وإن دفعه فلا شيء له. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل عبداً فقبضه الموهوب له وهما صحيحان جميعاً ثم إن الموهوب له مرض وليس له مال غير العبد فرجع الواهب في العبد أيكون له ذلك؟ قال: نعم، له أن يرجع فيه. فإن رجع فقبضه بأمر القاضي فذلك جائز ولا حق للموهوب له فيه ولا لورثته. وإن كان على الموهوب له دين لم يكن لغرمائه عليه سبيل مِن قِبَل أن هذا حق للواهب. ألا ترى أن الموهوب له لو أراد أن يرجع فيه بعدما رده عليه لم يكن له ذلك. أفلا ترى أن رده ليس بهبة مستقبلة. لو كانت هبة كان له أن يرجع. قلت: أرأيت إن رجع فيه وقبضه في مرض الموهوب له أيجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان على الموهوب له دين؟ قال: وإن كان عليه دين فهو جائز؛ لأنه إنما رجع في حقه. قلت: فإن مات الموهوب له في ذلك المرض؟ (¬4) قال: وإن مات. قلت: أرأيت إن كان الموهوب له رده إليه بغير أمر القاضي (¬5) ثم مات الموهوب له قبل أن يرتفعوا إلى القاضي؟ قال (¬6): يرد العبد إلى ورثة المؤهوب له. فإن كان عليه (¬7) دين بيع للغرماء. وإن لم يكن عليه دين فثلثه للواهب وثلثاه لورثة الموهوب له. قلت: ولم صار هذا هكذا؟ قال: لأن رده عليه بمنزلة هبة له. قلت: وإن ¬

_ (¬1) ز - قلت. (¬2) م ز: افدى. (¬3) م ف ز: لا يخرج. والتصحيح من ب. وانظر: المبسوط، 12/ 104. (¬4) م ز - المرض. (¬5) ف: قاض. (¬6) ز: فلا. (¬7) م ز - عليه.

كان قد رجع فيه الواهب؟ قال: وإن كان، إلا أن يكون قد قضى عليه القاضي برده، فإن كان قضى القاضي عليه برده فهو جائز، وليس للورثة عليه سبيل ولا للغرماء. وأما إذا رجع فيه ورده بغير قضاء قاض فلا يجوز ذلك؛ لأنه مريض كما وصفت لك. قلت: أرأيت إن كان الواهب رجع وهو صحيح (¬1) يوم وهب والموهوب له مريض (¬2) أهو بهذه المنزلة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان الواهب مريضاً أهو بهذه المنزلة؟ قال: لا؛ لأن الواهب إذا كان مريضاً لم يجز ما صنع إلا أن يكون من الثلث. فإن كان من الثلث جاز. فأما إذا كان غير مريض فهو جائز. قلت: أرأيت مريضاً وهب لصحيح عبداً يساوي ألفاً ولا مال له غيره ودفعه إليه وقبضه ثم إن الصحيح عوض المريض عوضاً وقبضه (¬3) المريض ثم مات المريض والعوض عنده؟ قال: إن كان في العوض مثل ثلثي قيمة الهبة أو أكثر فالهبة جائزة، والعوض جائز. وإن كان قيمة العوض مثل نصف قيمة الهبة رجع ورثة الواهب في سدس الهبة. فإن شاء الموهوب له رد الهبة كلها وأخذ العوض. وإن شاء رد سدس الهبة الذي لا يجوز له (¬4). وإن شاء أمسك ما بقي إذا (¬5) كان اشترط في أصل الهبة العوض (¬6). وإن لم يكن اشترط فإنه يرجع بسدس الهبة بلا خيار (¬7). قلت: أرأيت رجلاً مريضاً له عبد يساوي خمسة آلاف درهم وهبه لرجل وقبضه الموهوب له وليس له مال غيره ثم إن العبد قتل المريض خطأ؟ قال: يقال للموهوب له: إن شئت فادفعه ولا شيء لك، وإن شئت فافده بالدية كلها وهو لك، فإن فداه سلم له، وإن دفعه دفع نصفه (¬8). ¬

_ (¬1) م: صحيحا. (¬2) م: مريضا. (¬3) ز: وقبضها. (¬4) ف - له. (¬5) ف: وإذا. (¬6) ز - العوض. (¬7) تقدمت هذه المسألة بنفس الألفاظ تقريباً في أول هذا الباب. انظر: 2/ 111 ظ - 112 و. (¬8) أي: ودفع نصفه على وجه الدفع للجناية ونصفه على وجه رد الهبة ... وانظر للشرح: المبسوط، 104، 105.

باب هبة المسلم للذمي والذمي للمسلم والعوض منهما

قلت: فإن كان يساوي ستة آلاف درهم واختار الفداء؟ قال: يرد الموهوب له على ورثة الواهب ربع العبد، ثم يقال له: ادفع (¬1) ما بقي ولا شيء لك، أو افده بثلاثة أرباع الدية بسبعة آلاف وخمسمائة درهم، فيكون في يدي الورثة تسعة (¬2) آلاف، وفي يدي الموهوب له أربعة آلاف وخمسمائة. ... باب هبة المسلم للذمي والذمي للمسلم والعوض منهما قلت: أرأيت مسلماً وهب لنصراني (¬3) هبة أو ليهودي أو مجوسي هل يجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الذمي لو كان هو الواهب للمسلم؟ قال: نعم. قلت: وهما في ذلك بمنزلة المسلمين؟ قال: نعم. قلت: أرأيت مسلماً وهب لأبيه وأبوه نصراني أو مجوسي أو يهودي ودفعه إليه أله أن يرجع في هبته؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال (¬4): لأنه أبوه. ليس له أن يرجع فيما وهب لأبيه وإن كان ذمياً. قلت: وكذلك (¬5) لو وهب الذمي للمسلم وهو ذو (¬6) رحم محرم منه؟ قال: نعم. قلت: وهو في ذلك بمنزلة المسلمين؟ قال: نعم. قلت: وإن وهب لذي رحم محرم لم يرجع فيه وإن كان ذميا، وإن وهب لغير ذي رحم محرم رجع فيه؟ قال: نعم. [قلت: أرأيت رجلاً وهب لزوجته هبة وهي أمة لأجنبي أله أن يرجع في هبته؟ قال: نعم] (¬7). قلت: ولم وقد (¬8) زعمت أنه ليس للرجل أن ¬

_ (¬1) م - ادفع، صح هـ.؛ م ز + افد. (¬2) ز: بسبعة. (¬3) م ز: النصراني. (¬4) ف - لم قال. (¬5) ف + وكذلك. (¬6) ز: ذي. (¬7) ما بين المعقوفتين مستفاد من ب حيث يقول: ولو وهب من زوجته وهي أمة لأجنبي فله الرجوع. (¬8) م ز: قد.

يرجع فيما وهب لامرأته؟ قال: لأن الهبة هاهنا للمولى وليس هي للمرأة. ألا ترى لو أن رجلاً وهب لعبد هبة والعبد أخوه كان له أن يرجع فيه لأن الهبة وقعت للمولى. قلت: أرأيت إن كانت امرأته (¬1) ذمية فوهب لها هبة أله أن يرجع فيها؟ قال: لا، وهي في ذلك بمنزلة الحرة المسلمة. قلت: وكذلك إن وهبت له هبة لم تكن (¬2) لها أن ترجع فيها؟ قال: نعم، لا ترجع فيها. قلت: أرأيت مسلماً وهب لذمي هبة فعوضه الذمي خمراً فقبضها المسلم منه أيكون للمسلم أن يرجع في هبته؟ قال: نعم، ولا تكون الخمر عوضاً. قلت: ولم؟ قال: لأن الخمر لا تحل (¬3) للمسلم. قلت: وكذلك إن وهب الذمي للمسلم هبة فعوضه المسلم من هبته خمراً؟ قال: نعم، لكل واحد منهما أن يرجع في هبته، ولا يكون ذلك عوضاً؛ لأنه لا يحل للمسلم أن يعوضه الخمر، ولا يكون ما يحرم عليه عوضاً من هبته. قلت: أرأيت إن صار الخمر بعد ذلك خلا في يد (¬4) المسلم أو في يد النصراني هل يكون ذلك عوضاً؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنها لم تكن يوم قبضها المعوض (¬5) عوضاً، فلا تكون عوضاً بعد ذلك. وأيهما كان ذلك (¬6) في يديه فرده إلى صاحبه رجع الآخر (¬7) في هبته. قلت: أرأيت نصرانياً وهب لنصراني هبة فعوضه من هبته خمراً أو خنزيراً فقبض كل واحد منهما ذلك أيكون ذلك عوضاً؟ قال: نعم، ولا يكون لواحد منهما أن يرجع في هبته. قلت: ولم؟ قال: لأن هذا في دينهم حلال. ألا ترى (¬8) أني أجيز بيعها فيما بينهم، فلذلك (¬9) جعلته عوضاً. قلت: أرأيت إن عوضه بميتة أو دم أيكون ذلك عوضاً؟ قال: لا. قلت: ولم؟ ¬

_ (¬1) ز: امرأة. (¬2) ز: لم يكن. (¬3) ز: لا يحل. (¬4) ز: في يدي. (¬5) م ف: العوض. (¬6) ف - ذلك. (¬7) م ز - الآخر. (¬8) م ز - ترى. (¬9) ز: فكذلك.

قال: لأن هذا ليس له ثمن عندهم، ولا يجوز بيعه فيما بينهم، ولو تبايعوه لم أجزه ولم أجعله في الهبة. قلت: أرأيت رجلاً ارتد عن الإسلام فوهب له رجل هبة وقبضها وعوضه المرتد عوضاً منها (¬1) وقبض العوض ثم إن المرتد أسلم فهل يجوز ذلك، ولا يكون للواهب أن يرجع في هبته؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن قتل المرتد مرتداً أو لحق بدار الحرب؟ قال: أجيز الهبة، ولا يجوز ما عوض، ويرجع ورثته فيأخذون من الواهب العوض. قلت: ولم؟ قال: لأن المرتد عوض مال الورثة، ولأنه لا يجوز شيء مما صنع إلا أن يسلم. وقال أبو يوسف: يجوز عوضه كما يجوز عوض المسلم، ولا سبيل لورثته على العوض. وقال محمد: يجوز عوضه كما يجوز عوض المسلم (¬2) المريض من الثلث. قلت: أرأيت إن كان المرتد هو الواهب وقد عُوِّضَ من هبته ثم قتل مرتداً أو لحق بدار الحرب؟ قال: ترد هبته إلى ورثته. قلت: فإن كان عُوِّضَ شيئاً رجع العوض إلى صاحبه إن كان قائماً بعينه، وإن كان قد استهلكه كان ذلك ديناً في ماله؟ قال: نعم. قلت: وسواء إن كان علم الآخر بارتداده أو لم يعلم في جميع ما ذكرت لك؟ قال: نعم. قلت: ولم صار هذا هكذا؟ قال: لأن هبة (¬3) المرتد لا تجوز في قول أبي حنيفة إلا أن يسلم. فإذا أُخِذَت الهبة من الموهوب له رجع فأخذ عوضه؛ لأن الهبة لم تَسْلَمْ له. قلت: فإن أسلم المرتد بعدُ جاز ما صنع في جميع ما ذكرت؟ قال: نعم. قلت: أرأيت مرتداً وهب لنصراني هبة أو وهب له النصراني هبة على أن يعوضه النصراني من هبته خمراً أو يعوض هو (¬4) النصراني من هبته خمراً ¬

_ (¬1) م ز: فيها. (¬2) ف - ولا سبيل لورثته على العوض وقال محمد يجوز عوضه كما يجوز عوض المسلم. (¬3) ز: هبته. (¬4) م ف ز: أو عوضه. والتصحيح مستفاد من تتمة العبارة؛ ومن ب؛ والكافي، 1/ 149 ظ؛ والمبسوط، 12/ 107.

ثم قتل (¬1) في ردته أو أسلم أيكون لواحد منهما أن يرجع في هبته؟ قال: نعم، ولا يكون ما عوض واحد منهما صاحبه عوضاً. قلت: وكذلك لو مات مرتداً أو لحق بدار الحرب أَجَزْتَ الهبة له إذا كانت بغير شرط عوض، ولا تُجَوِّزُ هبته ولا عوضه؟ قال: نعم. قلت: ولم لا تَجْعَلُ عوضه عوضاً؟ قال: لأنه لو باعها أو اشتراها لم أجزه، فلا يكون ذلك عوضاً، ولا يكونان بمنزلة الذميين في ذلك. قلت: أرأيت رجلاً من أهل الحرب دخل إلينا بأمان فوهب له رجل مسلم هبة أو وهب هو لمسلم هبة فعوض أحدهما صاحبه أيكون (¬2) ذلك بمنزلة المسلمين، ولا يكون لواحد منهما أن يرجع في هبته؟ قال: نعم، لا يرجع فيها. قلت: أرأيت إن لم يكن بينهما عوض أيكون لكل واحد منهما أن يرجع فيما وهب لصاحبه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن رجع الحربي بعد ذلك إلى دار الحرب وقد وهب هبة أو وُهِبَ له وليس بينهما عوض فأسلم (¬3) ورجع ثانياً إلى دار الإسلام بأمان أيكون له أن يرجع في هبته إن كانت قائمة بعينها، أو يكون للمسلم أن يرجع في هبته إن كانت قائمة بعينها (¬4) في يدي الحربي؟ قال: نعم. قلت. أرأيت إن سبي الحربي وأخذت الهبة معه ثم جاء صاحبها هل له أن يرجعٍ فيها ولم يقسم المغنم بعد؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنها قد صارت فيئاً وخرجت من ملك الحربي. قلت: أرأيت إن وقع الحربي في سهم رجل فأعتقه فوصلت إليه تلك الهبة بعد ذلك بشرى أو غير ذلك أيكون له أن يرجع فيها؟ قال: لا. قلت: لم (¬5) وهي قائمة بعينها في يديه؟ قال: لأنها رجعت إليه بملك غير ملك الأول. قلت: أرأيت إن كان الحربي هو الواهب فسبي ووقع في سهم رجل وصار عبداً له هل له أن يرجع في هبته وهي قائمة بعينها عند الذي وهبها له؟ قال: لا يرجع (¬6) فيها؛ لأنها تصير لمولاه. وقال أبو يوسف: هبة المرتد ¬

_ (¬1) م ز: ثم قال. (¬2) ف + في. (¬3) ليس الإسلام بشرط، وإنما ذكر عرضاً. انظر: المبسوط، 12/ 107. (¬4) ف - أو يكون للمسلم أن يرجع في هبته إن كانت قائمة بعينها. (¬5) ز: ولم. (¬6) م ز: قال يرجع.

وعوضه وبيعه وشراه جائز بمنزلة المسلم، وإن قتل على ردته ولحق بدار الحرب فهو بمنزلة المسلم الصحيح. قلت: أرأيت إن أعتق العبد فرجع في هبته لمن تكون؟ قال: لا يستطيع أن يرجع فيها، وتكون (¬1) للموهوب له، ولا يكون للمولى منها شيء. قلت: أرأيت حربياً وهب لحربي هبة ثم أسلم أهل الدار أو أسلما فخرجا إلى دار الإسلام أللواهب منهما أن يرجع في هبته وهي قائمة بعينها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان عوضه في دار الحرب من هبته عوضاً هل له أن يرجع فيها؟ قال: لا. قلت: ويكونان في ذلك بمنزلة غيرهما؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً مريضاً وهب لصحيح عبداً يساوي ألفاً ولا مال له غيره ودفعه إليه وقبضه على أن يعوضه شيئاً بعينه أو بغير عينه وقد سماه فعوض (¬2) الصحيح للمريض عوضاً وقبضه المريض ثم مات المريض والعوض عنده؟ قال: إن كان قيمة العوض مثل ثلثي قيمة الهبة أو أكثر فالهبة جائزة والعوض جائز. وإن كان العوض مثل نصف قيمة الهبة رجع ورثة الواهب في سدس الهبة. فإن شاء الموهوب له رد الهبة كلها وأخذ العوض. وإن شاء رد سدس الهبة التي لا تجوز له وأمسك ما بقي (¬3). وقال في رجل بينه وبين رجل عبد (¬4) فوهب له أحدهما ألف درهم أو شيئاً مما يكال أو يوزن: إنه لا يجوز لشريكه في الغلام منه شيء، والهبة ¬

_ (¬1) ز: ويكون. (¬2) م ف ز: فعوضه. (¬3) م ف ز + وقال محمد بن الحسن يجوز عوضه كما يجوز عوض المسلم المريض من الثلث وقبضها المريض ثم مات المريض والعوض عنده. ولا معنى لهذه العبارة هنا، وقد تقدمت أولها قريبا في 2/ 116 و، وتقدم باقي العبارة خلال المسألة السابقة. ويظهر أن ذلك من خطأ الناسخين. وتقدمت المسألة المذكورة في المتن بلفظ قريب في الباب السابق مرتين. انظر: 2/ 111 ظ - 112 و، 115 و. وليس محلها هنا. ولعل ذلك من خطأ الناسخين أيضا. (¬4) ز: عبدا.

باطلة. وكذلك الصدقة. وإن وهب شيئاً من العروض مما لا يقسم فنصفه لشريكه جائز، والنصف الآخر رد على الواهب. وقال في رجل وهب لرجل عبداً وقبضه [أو تصدق به وقبضه] (¬1) المتصدق به عليه ثم قال: هذه الجارية لك بمكان هذا العبد، أو قال: بدلاً من هذا العبد، أو قال: عوضاً من هذا العبد، وقبض ذلك الموهوب له، قال: لا تصير الجارية له إلا برد العبد عليه، فإن رد العبد على الواهب تمت له الجارية. وقال في رجل وهب لرجل هبة وقبضها الموهوب له ثم ناقضه الهبة أو قال: قد رددتها عليك، وقبض ذلك الواهب أو لم يقبض (¬2)، ثم بدا للموهوب له أن يرجع عن ذلك [لم يكن له ذلك] (¬3) قبض الواهب أو لم يقبض. وقال في رجل استودع وديعة فجحدها بغير محضر من صاحبها، قال: هو ضامن بمحضره كان أو بغير محضره، إلا أن يكون سلطاناً يخاف على ذلك المال منه إن أقر به، أو يخاف اللصوص مكابرين. فإن أنكر في هذه الأحوال أن يكون لذلك الرجل عنده وديعة فلا ضمان عليه. أو يكون صاحبها أمره أن يكتم ذلك ولا يخبر به أحداً، فإن أنكر في هذه الحال فلا ضمان عليه في ذلك؛ لأنه لا يسعه إلا ذلك إذا استودعه على ذلك (¬4). وقال في رجل في يده وديعة دار (¬5) أو دابة أو متاع (¬6) أو دنانير أو دراهم ثم مات الذي هي (¬7) في يديه وله وصي، قال: فللوصي (¬8) أن يقبضها فتكون في يديه حتى يجيء صاحبها، وهو بمنزلته في ذلك، لا ¬

_ (¬1) الزيادة من ب. (¬2) ف: لم يقبل. (¬3) الهداية للمرغيناني، 3/ 229. (¬4) هذه المسألة والتي بعدها متعلقة بالوديعة ولا علاقة لها بالهبة، لكنها ذكرت هنا، ولعل ذلك من صنع الناسخين أو الرواة. (¬5) ز: دارا. (¬6) ز: أو متاعا. (¬7) ز - هي. (¬8) ز - فللوصي.

سبيل للورثة عليها. وكذلك لو لم يكن له وصي لم يكن للورثة عليها سبيل. وينبغي للقاضي أن يجعل له وصياً (¬1) فيجعلها في يديه حتى يجيء صاحبها متى ما جاء. وكذلك إن أنكر الورثة أن يكون عنده وديعة إلا واحداً منهم فإنه قال: هي وديعة لفلان، فأقام على ذلك بينة جعلها القاضي في يد (¬2) وصي الميت حتى يجيء الذي قامت له البينة أنها وديعة له (¬3). ¬

_ (¬1) ز: وصي. (¬2) ز - يد. (¬3) م + آخر كتاب الهبة والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وحسبنا الله ونعم الوكيل، ف + آخر كتاب الهبة والحمد لله رب العالمين وصلاته على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيراً؛ ز + تم الجزء المبارك والحمد لله وحده.

كتاب الإجارات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب الإجارات أبو سليمان عن محمد بن الحسن عن أبي يوسف قال: حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة - رضي الله عنهما - قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يستام الرجل على سوم أخيه، ولا ينكح على خطبته، ولا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها، ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفأ ما في صحفتها، فإن الله تعالى هو رازقها، ولا تناجشوا (¬2)، ولا تبايعوا بإلقاء الحجر، ومن استأجر أجيراً فليعلمه أجره" (¬3). محمد عن أبي يوسف عن العلاء بن المسيب بن رافع عن أبي أمامة ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) م: تباخسوا. (¬3) رواه الإمام محمد عن الإمام أبي حنيفة بنفس الإسناد في الآثار، 130. وهذا الحديث يجمع أحاديث متفرقة رويت أيضاً في مصادر أخرى. انظر: صحيح البخاري، البيوع، 58؛ وصحيح مسلم، النكاح، 38؛ 51 - 55. والبيع بإلقاء الحجر هو بيع الحصاة كما ورد في صحيح مسلم. انظر: صحيح مسلم، البيوع، 4. وللجملة الأخيرة انظر: السنن الكبرى للبيهقي، 6/ 120؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 131، والدراية لابن حجر، 2/ 186.

قال: قلت لعبدالله بن عمر: إني رجل أكري إبلي إلى مكة (¬1)، أفيجزئ عني من حجي؟ قال: ألست تلبي وتقف وترمي الجمار؟ قال: قلت: بلى. قال ابن عمر: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن مثل ما سألتني عنه (¬2)، فلم يجبني حتى أنزل الله تعالى هذه الآية: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} (¬3)، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أنتم حجاج" (¬4). محمد عن أبي يوسف عن الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس قال: أتاه رجل، فقال: إني أجرت نفسي من قوم، وحططت لهم من أجرتي، أفيجزئ (¬5) عني من حجي؟ قال: فقال ابن عباس: هذا من الذين قال الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} (¬6). محمد عن مالك بن مغول عن القاسم بن صفوان قال: أكريت ابن عمر إبلاً بدنانير، فأتيته أتقاضاه، وعنده دراهم، فقال لمولاه: اذهب بها إلى السوق، فإذا قامت على ثمن فإن أرادها فأعطه إياها، وإلا فبعها وأعطه ماله. قال: وقلت: ويصلح هذا يا أبا (¬7) عبدالرحمن؟ قال: وما بأس بهذا، إنك ولدت وأنت صغير (¬8). ¬

_ (¬1) ص- إلى مكة. (¬2) ص- عنه. (¬3) سورة البقرة، 2/ 198. (¬4) مسند أحمد، 2/ 155؛ وسنن أبي داود، المناسك، 6؛ وتفسير الطبري، 2/ 282، 285؛ والدر المنثور للسيوطي، 1/ 535. (¬5) م: أفيجزئني. (¬6) روي عن ابن عباس - رضي الله عنه - أنه قال: كانت عُكاظ ومَجَنَّة وذو المجَاز أسواقاً في الجاهلية فتأثموا أن يتجروا في المواسم فنزلت: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ}، في مواسم الحج. انظر: صحيح البخاري، التفسير، سورة 2/ 34، وسنن أبي داود، المناسك، 4؛ وتفسير الطبري، 2/ 282. (¬7) م ص ف: يا با. (¬8) م: صغيرة. روي نحو ذلك. انظر: السنن الكبرى للبيهقي، 6/ 65. وقال السرخسي: ... إنك ولدت وأنت صغير، أي جاهل لا تَعْلَم حتى تُعَلَّم، وهكذا حال كل واحد منا، فإنه لا يَعْلَم حتى يُعَلَّم، فكأنه مازحه بهذه الكلمة وكنى بالصغر عن الجهل. انظر: المبسوط، 14/ 9.

محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة عن أبي حصين عن عباية بن رافع بن خديج عن أبيه قال: مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على حائط فأعجبه، فقال: "لمن هذا؟ "، فقلت: لي، استأجرته، فقال: "لا تستأجره بشيء منه" (¬1). محمد عن أبي يوسف عن حصين بن عبد الرحمن عن عامر الشعبي أنه قال في رجل استأجر بيتاً فأجره بأكثر مما استأجره، فقال عامر: لا بأس بذلك، إذا كان يفتح بابه ويغلقه ويخرج متاعه فلا بأس بالفضل (¬2). وقال أبو حنيفة. إذا أصلح في البيت شيئاً فلا بأس بالفضل، وإن لم يصلح فيه شيئاً بتطيين أو تجصيص أو لا يزيد فيه شيئاً فلا خير في الفضل، ويتصدق به. محمد عن أبي يوسف عن فطر عن عطاء أنه كان لا يرى بالفضل بأساً (¬3). وكان عطاء يعجب من قول أهل الكوفة في ذلك أنهم كرهوا الفضل. محمد عن أبي يوسف عن غالب بن عبد الله (¬4) عن عطاء أنه قال: لا بأس بأن يؤاجره بأكثر من ذلك وأن لم يصلح فيه شيئاً. محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن إبراهيم ¬

_ (¬1) رواه الطبراني في المعجم الكبير، 4/ 263 من طريق الإمام أبي حنيفة. ومعناه في الصحيح. انظر: صحيح البخاري، الحرث والمزارعة، 6؛ وصحيح مسلم، البيوع، 115 - 117. (¬2) رواه عبدالرزاق وابن أبي شيبة من طريق سفيان عن حصين عن عامر أنه كرهه إلا أن يحدث فيه عملاً. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 222؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 18. (¬3) عن عبدالملك عن عطاء أنه سئل عن رجل اكترى إبلاً فأكراها بأكثر من ذلك، قال: فتردد ساعة ثم قال: ما أرى به بأساً في رأي. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 18. (¬4) لعل الصحيح: عبيد الله. فهو الذي يروي عن عطاء. انظر: لسان الميزان، "غالب بن عبيد الله".

أنه كان يكره الفضل إلا أن يزيد فيه شيئاً، فإن زاد فيه شيئاً طاب له الفضل (¬1). محمد عن أبي يوسف عن الأعمش عن إبراهيم أنه كان يعجبهم إذا أبضعوا بضاعة أن يعطوا صاحبها أجراً كي يضمنها (¬2). محمد عن أبي يوسف عن إسماعيل بن أبي خالد عن عامر (¬3) عن شريح أنه خاصم إليه بقالاً قد أجره رجل بيتاً، فألقى إليه مفتاحه في وسط من الشهر، فقال شريح: هو بريء من البيت. وقال أبو حنيفة: إن كان له عذر فهو بريء من البيت، وإن لم يكن له (¬4) عذر فالإجارة لازمة له، والعذر أن يريد السفر أو يفلس فيقوم عن السوق أو يمرض فيقوم عن السوق أو ما أشبه ذلك. محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه كان لا يضمن (¬5) الأجير المشترك ولا غيره (¬6). وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: المشترك عندنا القصار والخياط والصباغ والإسكاف وكل من يتقبل (¬7) الأعمال من غير واحد، وأجير الرجل وحده يكون الرجل يستأجر الرجل ليخدمه شهراً أو ¬

_ (¬1) رواه عبدالرزاق من طريق سفيان عن عبيدة عن إبراهيم أنه كرهه إلا أن يحدث فيه عملاً. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 222. ورواه ابن أبي شيبة عن منصور عن إبراهيم أنه كره أن يستأجر الرجل الدار ثم يؤجرها بأكثر مما استأجرها، قال: قلت لإبراهيم: فإن آجرها بأكثر لمن يكون الأجر؟ قال: لصاحبها. وعن حماد عن إبراهيم أنه ربا. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 17. (¬2) روى عبدالرزاق من طريق الأعمش عن إبراهيم قال: كان بعضهم يستبضع البضاعة فيعطي عليه الأجر لكي يضمنها. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 221. (¬3) م ص ف: عباس. والكلمة مهملة في ف. والتصحيح من إسناد المؤلف الآتي، حيث يكرر نفس الرواية هناك. انظر: 2/ 157 ظ. (¬4) ف - له. (¬5) م ص ف: لا يمضى. (¬6) روى عبدالرزاق وابن أبي شيبة عن إبراهيم عكس ذلك تماماً. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 217، 221؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 310. (¬7) ص ف + من.

ليخرج معه إلى مكة وما أشبه ذلك مما يستأجر فيه شهراً أو سنة (¬1) مما لا يستطيع الأجير أن يؤاجر فيه نفسه من غيره. محمد عن أبي يوسف عن أشعث بن سوار عن ابن سيرين عن شريح أنه كان يضمن الملاح من كل شيء إلا الغرق والحرق (¬2). وقال أبو حنيفة: إن غرقت من يده أو من معالجته فهو ضامن، وإن احترقت من نار أدخلها السفينة لحاجة له من خبز أوطبخ أو غير ذلك فلا ضمان عليه. محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة عن علي بن الأقمر قال: جاء رجل بصباغ إلى شريح وأنا عنده قاعد، فقال: إني أعطيت هذا ثوبي يصبغه فاحترق بيته، فقال له شريح: اضمن له ثوبه، فقال الصباغ: كيف أضمن له وقد احترق (¬3) بيتي؟ فقال شريح: أرأيت لو احترق بيته أكنت تدع له أجرك؟ (¬4) وقال أبو حنيفة: لا يضمن الأجير المشترك إلا ما هلك من عمله، ولا يضمن أجير الرجل وحده إلا ما خالف. محمد عن أبي يوسف عن الحجاج بن أرطأة عن أبي حفص أن علياً كان يضمن الخياط والقصار ومثل ذلك من الصناع احتياطاً للناس أن لا يضيعوا متاعهم (¬5). محمد عن أبي يوسف عن ليث بن سعد عن طلحة بن أبي سعيد عن بكير بن عبد الله بن الأشج قال: كان عمر يضمن الصناع ما أفسدوا من متاع الناس أو ضاع على أيديهم (¬6). محمد عن أبي حنيفة عن بشر أو بشير (¬7) شك (¬8) محمد عن أبي ¬

_ (¬1) م ص: وسنة. (¬2) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 310. (¬3) م: وقد احرق. (¬4) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 221. (¬5) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 217، 218؛ المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 309 - 310. (¬6) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 217 من طريق ليث. (¬7) م ص ف - بشير؛ صح ص هـ. (¬8) م ص ف: شريك. والتصحيح من الآثار للمؤلف، 134.

جعفر أن علياً لم يكن يضمن الأجير (¬1). محمد عن أبي يوسف عن الأعمش عن أبي القاسم قال: ابتعت كَاذِياً (¬2) من السفن (¬3)، فحملت خوابي منها على حمالين، فانكسرت خابية، فخاصمته إلى شريح، فقال الحمال: زحمنا الناس في السوق فانكسرت، فقال شريح: إنما استأجركما لتبلغوها أهلها، فضمنهم إياها (¬4). وقال أبو حنيفة: لا ضمان عليه إذا كسرها غيره. وقال أبو حنيفة: القول قوله بعد أن يحلف. محمد عن أبي يوسف عن أشعث بن سوار عن محمد بن سيرين قال: كان شريح إذا أتاه حائك بثوب قد أفسده قال: رد عليه مثل غزله، وخذ الثوب، وإن لم ير (¬5) فساداً قال: شاهدي عدل على شرط لم يوفك به (¬6). ¬

_ (¬1) قال الإمام محمد في الآثار: أخبرنا أبو حنيفة عن بشر أو بشير- شك محمد - عن أبي جعفر محمد بن علي أن علي بن أبي طالب كان لا يُضَمِّن القصّار ولا الصائغ ولا الحائك. قال محمد: وهو قول أبي حنيفة. انظر: الآثار، 134. وانظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 310. وقال ابن حجر: بشر أو بشير عن أبي جعفر هو الباقر، وعنه أبو حنيفة. يحتمل أن يكون بشير بن المهاجر المذكور في التهذيب. انظر: الإيثار برواة الآثار، 48. ولترجمة بشير بن المهاجر انظر: تهذيب التهذيب، 1/ 411. (¬2) قال السرخسي: والكاذي دهن تحمل من الهند في السفن إلى العراق. انظر: المبسوط، 15/ 82. وقال المطرزي: الكاذي بوزن القاضي ضرب من الأدهان معروف. ومنه: "اشتريت كاذياً من السفن فحملت خوابي منها". انظر: المغرب، "كذي". (¬3) م ص ف: من السفر. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 15/ 82. وانظر الحاشية السابقة. (¬4) روى ابن أبي شيبة من طريق الأعمش عن أبي الهيثم القطان قال: أستأجرت حمالاً يحمل في شيئاً، فكسره. فخاصمته إلى شريح فضمنه، وقال: إنما استأجرك لتبلغه ولم يستأجرك لتكسره. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 310. (¬5) م ص: لم يرى. (¬6) م ص ف: شاهدان بسط يوفوك به. والتصحيح من الكافي، 1/ 201 و؛ والمبسوط، 15/ 82. وعن ابن سيرين عن شريح قال: اختصم إليه حائك ورجل دفع إليه غزلاً فأفسد حياكته، فقال الحائك: إني قد أحسنت، قال: فلك ما أحسنت وله مثل غزله. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 219.

محمد عن أبي يوسف عن عبدالأعلى عن عامر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، ومن كنت خصمه خصمته: رجل باع حراً وأكل ثمنه واسترقه آخر، يرجل استأجر أجيراً فاستوفى عمله ومنع (¬1) أجره، ورجل أعطى بي (¬2) ثم غدر" (¬3). محمد عن أبي يوسف عن عطاء بن السائب عن ابن أبي يعمر عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن عسب التيس وكسب الحجام وقفيز الطحان (¬4). محمد عن أبي يوسف عن ابن أبي ليلى عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من السحت عسب التيس ومهر البغي وكسب الحجام"، قال: فأتاه رجل من الأنصار، فقال: إن لي حجاماً وناضحاً، أفلا أعلف ناضحي (¬5) من كسبه؟ قال: "نعم"، قال (¬6): ثم أتاه رجل آخر فقال: إن لي عيالاً وحجاماً، أفأطعم عيالي من كسبه؟ قال: "نعم" (¬7). ¬

_ (¬1) م: أو منع. (¬2) م ص: أعطاني. (¬3) صحيح البخاري، البيوع، 106، وسنن ابن ماجه، الرهون، 4. (¬4) شرح مشكل الآثار للطحاوي، 2/ 186. ورويت الجملتان الأوليان من هذا الحديث في الصحيح. انظر: صحيح البخاري، الإجارة، 37؛ وصحيح مسلم، المساقاة، 40. وانظر للتفصيل: نصب الراية للزيلعي، 4/ 134، 135، 140، والدراية لابن حجر، 2/ 188، 190. وقد فسر المؤلف "قفيز الطحان" فيما يأتي قريباً بقوله: وإذا أسلم الرجل حنطة إلى طحان يطحنها بدرهم وربع دقيق منها فإن أبا حنيفة -رحمه الله- قال: هذا فاسد، لأن دقيق هذه الحنطة مجهول. وهذا عندنا تفسير الحديث الذي ذكر في صدر هذا الكتاب، قوله: "قفيز الطحان". انظر: 2/ 122 و. (¬5) م ض: فاضمن. (¬6) ف - قال. (¬7) روي النهي عن بعض ذلك بلفظ قريب في صحيح مسلم، المساقاة، 40؛ وسنن أبي داود، البيوع، 38؛ وسنن الترمذي، البيوع، 46؛ وسنن النسائي، البيوع، 94. وللنهي عن مهر البغي انظر: صحيح البخاري، الإجارة، 20. وعن أنس بن مالك=

محمد عن أبي يوسف عن أشعث بن سوار عن ابن سيرين عن ابن عباس أنه (¬1) قال: احتجم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأعطى الحجام أجره، ولو كان حراماً ما أعطاه (¬2). محمد عن أبي يوسف عن مطرف عن إبراهيم عن شريح أنه كان يضمن الأجير المشترك، ولا يضمن الأجير وحده (¬3). محمد عن أبي يوسف عن غالب بن عبد الله (¬4) عن عطاء (¬5) وطاوس (¬6) ومجاهد قالوا: لا ضمان على الأجير الراعي وإن اشترطوا (¬7) ذلك (¬8). ... ¬

_ = - رضي الله عنه - قال: حجم أبو طيبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأمر له بصاع من تمر، وأمر أهله أن يخففوا من خراجه. انظر: صحيح البخاري، البيوع، 39؛ وصحيح مسلم، المساقاة، 62. وعن مُحَيِّصَة أنه استأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - في إجارة الحجام، فنهاه عنها، فلم يزل يسأله ويستأذنه حتى قال: "اعْلِفْه ناضِحَك وأَطْعِمْه رقيقَك". قال الترمذي: وفي الباب عن رافع بن خديج وأبي جحيفة وجابر والسائب بن يزيد. قال الترمذي: حديث محيصة حديث حسن صحيح. انظر: سنن أبي داود، البيوع، 38؛ وسنن الترمذي، البيوع، 47. (¬1) ص- أنه. (¬2) صحيح البخاري، البيوع، 39؛ وصحيح مسلم، المساقاة، 65 - 66. (¬3) تقدم تخريج القسم الأول منه قريباً. وعن الشعبي قال: ما رأيت شريحاً قط إلا وهو يضمن الأجير، إلا رجلاً استأجر رجلاً يعلف له بغلتين بحشيش فشردت إحداهما فلم يضمنه. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 20. (¬4) لعل الصواب: عبيد الله. فهو الراوي عن عطاء. انظر: لسان الميزان، "غالب بن عبيد الله". (¬5) ص- عن عطاء. (¬6) ص: عن طاووس. (¬7) ص: استرضوا. (¬8) روي عدم تضمين الراعي عن الشعبي وسعيد بن المسيب والزهري وابن شبرمة. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 220؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 19 - 20.

باب الاستصناع

باب الاستصناع قال أبو حنيفة: إذا استصنع الرجل عند الرجل (¬1) طَسْتاً من نحاس أو كُوزاً أو تَوْراً وما أشبه ذلك أو إناء من حديد أو قُمْقُماً (¬2) ووصف له المقدار فهو جائز، والمستصنع بالخيار إذا رآه مفروغاً. وقال أبو حنيفة: إذا ضرب لذلك أجلاً فهو سلم، فإن كان معروفاً (¬3) فهو جائز، ولا خيار فيه. وينبغي في قياس قوله إذا لم يبين له الثمن أن يفسد، لأنه سلم. وقال أبو حنيفة: إذا كان ما أسلم فيه مجهولاً فهو فاسد. وقال أبو يوسف ومحمد: لسنا نرى ذلك سلماً واجباً، ولكن الخيار للمستصنع إذا فرغ العامل من عمله، وإن عجل له الأجر أو لم يعجله فهو سواء عندنا، وهو جائز؛ ألا ترى أن الرجل يستصنع القلنسوة عند الرجل أو الخف على أن يفرغ منه غداً أو بعد غد، ولا يعجل له الأجر، فيكون هذا جائزاً (¬4). وهو بالخيار إذا رآه، إن شاء أخذه، وإن شاء تركه. فإن أخذه فليس للصانع أن يمنعه. وإذا أسلم الرجل حديداً إلى حداد ليصنعه إناء قد سماه بأجر مسمى فهو جائز، ولا خيار له فيه إذا كان مثل ما سماه. فإن أفسد عمله فله أن يضمنه حديداً مثله، ويصير الإناء للصانع الذي عمله. وكذلك النحاس والصفر. وكذلك الجلد يسلمه الرجل إلى الإسكاف ليجعله خفين. وكذلك الغزل يسلمه الرجل إلى حائك لينسجه. وقال أبو حنيفة: إذا أسلم الرجل إلى الإسكاف في خفين وعجل له ¬

_ (¬1) ص- عند الرجل. (¬2) القُمْقُمة وعاء من نحاس ذو عروتين، قال الأصمعي: هو رومي. انظر: مختار الصحاح، "قمم". (¬3) م ص: معرفا. (¬4) م: جائز.

الأجر ووصف له التقطيع والمقدار وضرب له أجلاً، فإن كان معروفاً (¬1) فهو جائز ولا خيار للمستصنع، وإن كان مجهولاً لا يعرف فهو فاسد. وقال أبو يوسف ومحمد: نراه جائزاً كله، الخيار للمستصنع (¬2)، ولا خيار للعامل، ولا نرى هذا سلماً. وقال أبو حنيفة: لو أن رجلاً أسلم إلى حائك في ثوب من قطن نسجه وسمى له عرضه وطوله وجنسه ورقعته، والغزل من الحائك، ولم يعجل له (¬3) الثمن، كان هذا مثل الخفين في القياس، ولكن هذا لا يعمل به الناس فلا يجوز، وإنما أخذت في الآنية بالاستحسان. ولو ضرب لهذا الثوب أجلاً كان جائزاً إذا عجل له الثمن، وكان سلماً، ولا خيار له، وإن فارقه قبل أن يعجل له الثمن فهو فاسد، لأن هذا أمر معروف موقت، لا يشبه الآنية والخفاف والقلانس. ولو أن رجلاً أسلم غزلاً (¬4) إلى حائك ينسجه له سبعاً في أربع، فحاكه أصغر من ذلك أو أكبر، فإن الرجل بالخيار، إن شاء ضمنه غزلاً مثل غزله، وسلم له الثوب، وإن شاء أخذ الثوب وأعطاه الأجر، إلا في النقصان، فإنه يعطيه من الأجر بحساب ذلك، لا يجاوز به ما سمى له. وكذلك لو اشترط عليه صفيقاً كان له أجر مثله، لا يجاوز به ما سمى له. ولو أمره أن يزيد في الغزل رطلاً من غزله فقال: قد زدته، وقال رب الثوب: لم تزده (¬5)، فإن القول قول رب الغزل مع يمينه، والحائك مدعي. فإن أقام الحائك بينة أخذت ببينة الحائك، وضمنت رب الغزل غزلاً مثله، ولو لم تكن له بينة حلف صاحب الغزل على علمه، فإن حلف برئ، وإن نكل عن اليمين لزمه غزل مثله. ¬

_ (¬1) ص- معروفا. (¬2) ف - وإن كان مجهولا لا يعرف فهو فاسد وقال أبو يوسف ومحمد نراه جائزا كله الخيار للمستصنع. (¬3) ص- له. (¬4) ف - غزلا، صح هـ. (¬5) م: لم تزدد؛ ص ف: لم يزدد.

ولو أن رجلاً أسلم غزلاً مسمى إلى حائك ينسجه ثوباً وأمره أن يزيد من عنده غزلاً وزناً بعينه مسمى مثل غزله، على أن يعطيه ثمن الغزل وأجر الثوب دراهم (¬1) مسماة، فإن هذا جائز. فإن اختدفا بعد الفراغ من الثوب، فقال رب الثوب: لم تزد فيه، وكان وزن غزلي مَنَا، وقال النساج: صدقت، قد كان وزن غزلك مَنَا، وقد زدت فيه رطلاً، فوزنوا الثوب فوجدوه مَنَوين، فقال رب الثوب: إنما زاد وزنه لما فيه من الدقيق، وقال الحائك: بل هو من الغزل والدقيق، فإن القول في ذلك قول الحائك مع يمينه، ويجبر الرجل على أن يعطيه ما سمى له وإذا لم يعلم أن الدقيق يزيد فيه ما قال رب الثوب. وأما إذا كان الثوب مستهلكاً قد باعه صاحبه ولم يقر أن فيه ما قال الحائك من الوزن فإن القول قول رب الثوب مع يمينه على علمه (¬2)، ويلزمه أجر الثوب، ولا يلزمه ثمن الغزل، ويقسم الأجر على عمل (¬3) ثوب مثله وعلى قيمة غزل ذلك، فيطرح عنه ما أصاب الغزل منه. وإذا أسلم (¬4) الرجل حنطة إلى طحان يطحنها بدرهم وربع دقيق منها فإن أبا حنيفة -رحمه الله- قال: هذا فاسد، لأن دقيق هذه الحنطة مجهول. وهذا عندنا تفسير الحديث الذي ذكر في صدر هذا الكتاب، قوله: "قفيز الطحان". ولو لم يشترط في ذلك ربع دقيق منها كان جائزاً. وإن اشترط عليه مع الدراهم ربع دقيق جيد كان جائزأ (¬5). ولو عمله على هذا الشرط الفاسد كان له أجر مثله لا يجاوز به درهماً وقيمة ربع دقيق مما يكون من ذلك الدقيق. ولو سلم (¬6) رجل إلى رجل سمسماً على أن يعصره دهناً بأجر مسمى كان ذلك جائزاً. ولو اشترط عليه مع الأجر رطلاً من دهنه كان فاسداً. ألا ترى لو أن رجلاً استأجر رجلاً يذبح له شاة ويسلخها بأجر ¬

_ (¬1) م: دراهما. (¬2) م: على عمله. (¬3) ف - عمل. (¬4) م ص: فإذا سلم. (¬5) ف - وإن اشترط عليه مع الدراهم ربع دقيق جيد كان جائزا. (¬6) م: أسلم.

مسمى كان جائزاً، ولو اشترط عليه رطلاً من لحمها مع ذلك كان فاسداً. وكيف يستأجر بلحم شاة حية أو بدهن من سمسم لم يعصره. ألا ترى أن الحديمث قد جاء في النهي عن بيع الملاقيح والمضامين وحَبَل الحَبَلَة (¬1). فالملاقيح عندنا أن يشتري منه (¬2) ملاقح هذا الفحل العام (¬3). وحبل الحبلة أن يبيعه حبل الناقة أو الشاة أو الفرس. والمضامين أن يبيعه ما تضمنه (¬4) الرحم من الحمل، فيقول: أبيعك ما حملت هذه الناقة، فيضمن له ذلك. وكذلك دهن السمسم ودقيق الحنطة وزيت الزيتون الذي لم يعصر ولحم الشاة الحية. ولو أجزت ذلك أجزت بيع رطل من سمن في لبنها (¬5). وقد جاء في الاثار النهي عن بيع ما في الضروع، وعن بيع الصوف على ظهورها (¬6). وقد جاء أنه نهي عن بيع الغرر (¬7). فهذا كله غرر. ولو أن رجلاً دفع سمسماً إلى رجل فقال: قشره ورَبِّه (¬8) ببنفسج (¬9) ¬

_ (¬1) عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع المضامين والملاقيح وحبل الحبلة. وفيه ابراهيم بن اسماعيل بن أبي حبيبة، وثقه أحمد، وضعفه جمهور الأئمة. انظر: المعجم الكبير للطبراني، 11/ 230؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 10؛ ومجمع الزوائد للهيثمي، 4/ 104. وعن سعيد بن المسيب أنه قال: لا ربا في الحيوان، وإنما نُهِيَ من الحيوان عن ثلاثة: عن المضامين والملاقيح وحَبَل الحَبَلَة، والمضامين بيع ما في بطون إناث الإبل، والملاقيح بيع ما في ظهور الجمال. انظر: الموطأ، البيوع، 63. وعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع حَبَل الحَبَلَة، وكان بيعاً يتبايعه أهل الجاهلية، كان الرجل يبتاع الجَزُور إلى أن تُنْتَج الناقة ثم تُنْتَج التي في بطنها. انظر: صحيح البخاري، البيوع، 61؛ وصحيح مسلم، البيوع، 5 - 6. (¬2) ف: به. (¬3) ص: للقدم. (¬4) ص: ما يضمنه. (¬5) م ص: في ابنها. (¬6) روي عن ابن عباس مرفوعاً وموقوفاً، وصحح البيهقي وقفه. انظر: المعجم الكبير للطبراني، 11/ 338؛ والمعجم الأوسط له، 4/ 101؛ وسنن الدارقطني، 3/ 15، والسنن الكبرى للبيهقي، 5/ 340؛ 4/ 11 - 12. وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله ثقات. انظر: مجمع الزوائد، 4/ 102. وهو مرفوع في المعجم الأوسط. (¬7) صحيح مسلم، البيوع، 4؛ وسنن الترمذي، البيوع، 17. (¬8) ورَبِّه يروى بالفتح من التربية، وبالضم من الرب على المجاز. انظر: المغرب، "ربب". (¬9) البنفسج نوع من الأدهان على ما مر في كتاب البيوع. انظر: 1/ 222 و.

واعصره على أن أعطيك أجرك درهماً، كان هذا فاسداً لا يجوز، لأنه لا يعرف ما شرط من البنفسج. فإن قال: على أن تُربيه بقفيز من بنفسج كان هذا جائزاً. وإن كان البنفسج الذي يدخل في مثل هذا السمسم معروفاً عند التجار فهو جائز. وكذلك الخِيري (¬1) وكل الأدهان. وقال أبو حنيفه: إذا استصنع الرجل عند الإسكاف خفين ووصف له المقدار وسمى له الثمن فهو جائز، فإن عمله الإسكاف فالرجل بالخيار، إن شاء أخذه، وإن شاء تركه، وهو قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو يوسف ومحمد: إن اختار الرجل [أن] يأخذه وأراد الإسكاف منعه فليس للإسكاف ذلك. وقال أبو يوسف ومحمد: إن باع الإسكاف الخفين من رجل آخر من قبل أن يراه الأول فبيعه جائز، ولا سبيل للأول عليه وإن رآه الأول قبل أن يبيعه، ولا يمنعه. وكذلك الرجل يستصنع القلنسوة فيصف له مقدارها ووزنها. وكذلك الثوب والقمقم والإبريق وكل إناء من آنية الشَّبَه (¬2) والنحاس والحديد والصفر الأبيض والأحفر. وكذلك آنية العاج، وكذلك الرصاص، وكذلك آنية الخوص، وكذلك آنية العيدان، وكذلك الأبواب، وكذلك لُجُم (¬3) الحديد ونصول السيوف والسكاكين، وكذلك القِسِي والنَّبْل والنُّشَّاب والجِعَاب (¬4)، وكذلك متاع الحديد كله يستصنعه الرجل. ولا يفسد ذلك أن لا يضرب (¬5) له أجلاً ¬

_ (¬1) الخِيرِي هو المنثور، وهو نوع من الخشخاش، وغلب على الأصفر منه لأنه الذي يخرج دهنه ويدخل في الأدوية. انظر: المصباح المنير، "خير"؛ والقاموس المحيط، "خشّ". (¬2) قال ابن منظور: الشَّبَه والشِّبْه: النحاس يُصبَغ فيَصفرّ، وفي التهذيب: ضَرب من النحاس يُلقَى عليه دواء فيصفرّ، قال ابن سيده: سمي به لأنه إذا فُعل ذلك به أشبه الذهب بلونه، والجمع أشباه، يقال: كوز شَبَه وشِبْه بمعنى. انظر: لسان العرب، "شبه". قال الفيومي: وهو أرفع الصُّفْر. انظر: المصباح المنير، "شبه". (¬3) لجُم جمع لجام مثل كتاب وكتب. انظر: المصباح المنير، "لجم". (¬4) م ف: والحعب. والتصحيح من الحاكم. انظر: الكافي، 1/ 201 ظ. والجعاب جمع جَعْبَة السهام. انظر: المغرب، "جعب". (¬5) ف: إلا أن يضرب.

ولا ينقده الثمن. وكذلك الحِراب (¬1). وكل وعاء من أَدَم أو كوز أو قربة أو راوية (¬2) أو دلو فهو مثل ذلك. وكذلك حمائل السيوف كلها والمناطق، وكذلك السلاح كله، وكذلك متاع الخشب كله، والقِصاع وآنية الخشب كلها، فهو على ما وصفت لك. وإن ضرب لذلك أجلاً وعجل الثمن فهو سواء، وهو بالخيار إذا رآه، إن شاء أخذه، وأن شاء تركه في قول أبي يوسف ومحمد. فإن جعل للأجر أجلاً وضرب للعامل أجلأ فهو سواء، وله الخيار إذا رآه، إن شاء أخذه، وإن شاء تركه، ولا خيار للعامل بعد أن يرضى الاَجِر، فأما إذا لم يرضه (¬3) فلصاحب المتاع (¬4) أن يبيعه ممن شاء في قول أبي يوسف ومحمد. وكذلك متاع الخَزَف كله، وكذلك متاع الأساكفة كلها. وإذا دفع الرجل جلداً إلى إسكاف واستأجره بأجر مسمى على أن يَخرز له خفين وسمى له المقدار والصفة على أن يُنعله الإسكاف ويُبطنه ووصف له البِطانة والنعل فهو جائز، ولا خيار لصاحب الأديم بعد أن يعمله عملاً مقارباً صالحاً لا فساد فيه. فإن جاء به فاسداً فصاحب الجلد بالخيار، إن شاء ضمنه قيمة الجلد وترك الخف -، وإن شاء (¬5) أخذ الخف (¬6) وأعطاه مثل أجر عمله وقيمة ما زاد فيه. وكذلك إذا سلم - ولم يعلم وزن ما سمى له- خرقة إلى صانع ليصنعها له قلنسوة ويُبطنها ويحشوها فهو مثل ذلك. وللخياط والإسكاف ولجميع هؤلاء الصناع إذا رضي المستصنع ¬

_ (¬1) م ص ف: الحور. والتصحيح من الكافي، 1/ 201 ظ. والحراب جمع الحربة، وهي الرمح الصغير. انظر: المصباح المنير، "حرب". ويحتمل أن يكون "الجراب". وهو وعاء من الجلد يوضع فيه الزاد. انظر: لسان العرب، "جرب"، وتاج العروس، "جرب". (¬2) ف - أو راوية. (¬3) م: لم يره. (¬4) وهو العامل كما صرح به في ب. (¬5) ف - ضمنه قيمة الجلد وترك الخف وإن شاء. (¬6) م ص ف: العين. وقد تقرأ في ص: العيز.

فاختاره أن لا يدفع إليه المتاع حتى يأخذ منه الأجر. وليس له أن يبيعه بعد رضى الآخر به. وإن كان آجره بالأجر إلى أجل مسمى والعامل آجره على أن يدفعه إليه والأجر إلى أجله، فإن كان ميعاداً بغير شرط فإنه يقبض الأجر منه ولا يدفعه حتى أجره منه (¬1). وإذا دفع الرجل ثوبه إلى صباغ ليصبغه أحمر بأجر مسمى ووصف له الصبغ فهو جائز إذا صبغه على تلك الصفة، وله أن يحبسه حتى يأخذ أجره. ولو هلك عنده لم يضمن في قول أبي حنيفة، ولم يكن له أجر. وكذلك لو اشترط عليه أن يصبغه بزعفران أو بِبَقَّم (¬2) أو بعُصْفُر أو سواد فهو جائز بعد أن يصف له ذلك الصبغ، فلصاحب الثوب أن يضمنه قيمة (¬3) الثوب أبيض، ويسلم له الثوب. وأن شاء أخذ الثوب (¬4) وأعطاه أجر مثله لا يجاوز به ما سمى له. فإن اختلف الصباغ ورب الثوب، فقال رب الثوب (¬5): أمرتك أن تصبغه بعصفر، وقال الصباغ: أمرتني أن أصبغه بزعفران، فإن أبا حنيفة قال: القول فيه قول رب الثوب مع يمينه. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. وإذا استصنع الرجل الخف عند الإسكاف فعمله وفرغ منه، فقال الرجل: ليس بهذا (¬6) المقدار والخرز والتقطيع أمرتك، وقال الإسكاف: بل بهذا أمرتني، وأراد الإسكاف أن يحلف الرجل، فليس له عليه يمين، ويقال للرجل: إن شئت فخذه، وإن شئت فدعه. ولهذا الخيار بطلت اليمين عنه، ولو لم يكن الخيار كانت عليه اليمين. ألا ترى لو أن الإسكاف أقام البينة عليه أنه شارطه على هذا المقدار جعلت (¬7) الخيار للرجل، إن شاء أخذه، وإن شاء تركه. ¬

_ (¬1) لأن المواعيد لا يتعلق بها اللزوم. انظر: المبسوط، 15/ 92. (¬2) البَقَّم بتشديد القاف: صبغ معروف يستخرج من شجرة بنفس الاسم. انظر: المصباح المنير، "بقم"؛ والقاموس المحيط، "بقم". (¬3) م ص: وقيمة. (¬4) ف: أخذه أبيض. (¬5) م - فقال رب الثوب. (¬6) م ص: هذا. (¬7) ص: جعل.

ولو أن (¬1) رجلاً سلم (¬2) خفه إلى صانع يُنعله بأجر مسمى كان جائزاً، فإن أنعله بنعل لا ينعل بمثله الخفاف، لا خير فيها، فصاحب الخف بالخيار، إن شاء ضمنه قيمة خفه، وإن شاء أخذ أجر مثله في عمله وقيمة النعل، ولا يجاوز به ما سمى له. وإن كان نعلاً ينعل بمثله الخفاف فهو جائز وإن لم يكن جيداً بعد أن يكون ينعل بمثلها. ولو اشترط عليه جيداً فخرزها كما شرط له كان جائزاً، ولا خيار له، وإن كانت غير جيدة فهو بالخيار، إن شاء ضمنه قيمة الخف وسلمه له، وإن شاء أخذ الخف وأعطاه أجر مثله في عمله وقيمة ما زاد فيه، ولا يجاوز به ما سمى له. ولو اختلفا في الخرز وقد خرزه على ما وصف له ولم يختلفا في عمله، فإن قامت لهما جميعاً بينة أخذت ببينة العامل. ولو قال رب الخف: عملته في بغير أجر، وقال العامل: بل عملته لك بدرهم (¬3)، فإن على العامل أن يحلف على دعواه أنه لم يعمله بغير أجر. فإذا حلف (¬4) فإن على رب الخف أن يحلف على دعوى الإسكاف أنه لم يشارطه على درهم، ثم يغرم رب الخف ما زاد النعل في خفه. ولو قامت (¬5) لهما جميعاً البينة أخذت ببينة العامل، لأنه المدعي. ولو عمل الخف كله من عنده ثم اختلفا في الأجر كان القول قول الإسكاف، إن شاء المدعي أخذه بذلك، وإن شاء ترك، ولا يمين عليه. ولو قامت لهما بينة كان بالخيار، إن شاء أخذه، وإن شاء تركه. ولو أن رجلاً أسلم ثوباً إلى صباغ ليصبغه أحمر، فصبغه أحمر (¬6) على ما وصف له بالعُصفر، ثم اختلفا في الأجر، فقال الصباغ: عملته بدرهم، وقال رب الثوب: عملته لي بدانقين، فإن قامت لهما بينة أخذت ببينة ¬

_ (¬1) يوجد نقص فى نسخة ص ابتداء من هنا بمقدار ورقة. (¬2) ف: أسلم. (¬3) م: بل عملته هم. يوجد خرم في هذا الموضع في نسخة م. (¬4) م: أجر يحلف. (¬5) ف: أقامت. (¬6) م: أحمرا.

الصباغ، وإن لم تقم لهما بينة فإني أنظر إلى ما زاد العصفر في قيمة الثوب، فإن كان درهماً أو أكثر أعطيته درهماً بعد أن يحلف الصباغ: ما صبغته (¬1) بدانقين، وإن كان ما زاد في الثوب من العصفر أقل من دانقين أعطيته دانقين بعد أن يحلف رب الثوب ما صبغه إلا بدانقين، وإن كان يزيد في الثوب نصف درهم أو أقل من درهم أعطيت الصباغ مثل ذلك بعد أن يحلف الصباغ ما صبغه بدانقين. وإن (¬2) كان الصبغ زعفران فهو مثل العصفر. وإن كان الصبغ أسود فالقول قول رب الثوب مع يمينه. ولو قال رب الثوب للصباغ: صبغته (¬3) بغير أجر، فإن القول أيضاً (¬4) قول رب الثوب مع يمينه. وكذلك كل صبغ ينقص الثوب فالقول فيه قول رب الثوب مع يمينه، لأن الصباغ قد استهلك الثوب وصار ضامناً، فعليه البينة، لأنه (¬5) المدعي. وأما كل صبغ يزيد في الثوب فقال رب الثوب: صبغته في (¬6) بغير أجر، وقال الصباغ: صبغته لك بدرهم، فإن على كل واحد منهما اليمين على دعوى صاحبه، ثم يضمن رب الثوب ما زاد الصبغ في ثوبه، لا يجاوز له به درهماً. ولو أن رجلاً اختلف هو والقصار في أجر ثوب، فقال القصار: عملته بربع درهم، وقال رب الثوب: عملته بقيراط، فإن كان لم يأخذ في العمل تحالفا وترادا، وإن كان قد فرغ فالقول قول رب الثوب مع يمينه، لأن الثوب ليس فيه زيادة من متاع القصار كزيادة العصفر والزعفران. ولو أن رجلاً شارط قصاراً على أن يقصر له عشرة أثواب بدرهم ولم يكن عنده ولم ير الثياب كان هذا فاسداً. وكذلك الغسل. وإن أراه الثياب كان جائزاً، لأن الثياب مختلفة وعملها يتفاضل. ولو سمى جنساً من الثياب كان مثل ذلك أيضاً إذا لم يره إياها. ولو أن رجلاً أسلم ثوباً إلى خياط يخيطه قميصاً بدرهم فخاطه ¬

_ (¬1) م: ما صبغه. (¬2) م: فإن. (¬3) م: صبغه. (¬4) م - أيضا. (¬5) م: لأن. (¬6) م: صبغه الى.

قباء وأقر بالخلاف فصاحب الثوب بالخيار، إن شاء ضمنه قيمته وسلم له القباء، وإن شاء أخذ القباء وأعطاه أجر مثله، ولا يجاوز به ما سمى له. ولو اختلفا فقال الخياط: أمرتني بقباء، وقال رب الثوب: أمرتك بقميص، فإن القول قول رب الثوب مع يمينه، فإن قامت لهما بينة أخذت ببينة الخياط، لأنه قد ضمن وهو في الحال مدع، فعليه البينة، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولو لم يختلفا في ذلك وقطعه قميصاً واختلفا في الأجر فإن القول قول رب الثوب في الأجر مع يمينه. فإن قامت لهما بينة أخذت ببينة الخياط، لأنه المدعي. ولو أن رجلاً أعطى صباغاً ليصبغه بعصفر بربع الهاشمي بدرهم فصبغه بقفيز عصفر وأقر (¬1) رب الثوب بذلك فإن رب الثوب بالخيار، إن شاء ضمنه قيمة الثوب وسلم الثوب للصباغ، وإن شاء أخذ الثوب وأعطاه ما زاد العُصفر في (¬2) قيمة الثوب مع الأجر. ولو أن رب الثوب قال: لم تصبغه إلا بربع عصفر، وأنت كاذب، فإني أنظر في ذلك، فإن كان مثل ذلك الصبغ يكون بربع عصفر فالقول في ذلك قول رب الثوب مع يمينه على علمه، إلا أن يقيم الصباغ بينة، فإن أقام بينة آخذ ببينته. وإن كان ذلك الصبغ لا يكون (¬3) بربع عصفر وكان ذلك يعرف فالقول قول الصباغ، والجواب فيه مثلها (¬4) في المسألة الأولى. ولو أن رجلاً قال (¬5) للخياط (¬6): انظر إلى هذا الثوب، فإن كفاني قميصاً فاقطعه بدرهم وخِطْه، فقال (¬7): نعم، ثم قطعه، فقال (¬8) بعد ذلك: إنه لا يكفيك، فإن الخياط ضامن لقيمة الثوب، لأنه إنما أمره أن يقطعه إن ¬

_ (¬1) ف: فأقر. (¬2) ف هـ: في هذا المحل نقصان ورقة. والصحيح أن عدة أوراق من المخطوطة قد اختلط ترتيبها، لكنها موجودة. فالورقة 158 من المجلد الأول انتقلت إلى محل الورقة 161. (¬3) ف + إلا. (¬4) ف - مثلها. (¬5) ينتهي النقص الموجود في نسخة ص هنا. (¬6) م: الخياط؛ ف: لخياط. (¬7) م ص ف: قال. (¬8) ص- فقال، صح هـ.

كان يكفيه، فحيث قطعه فكأنه هو الذي دلس له الثوب وغيره منه (¬1). أرأيت لو قال: إن كان يكفيني فاقطعه، وإن كان لا يكفيني فلا تقطعه، فقطعه، ثم قال: لا (¬2) يكفيك، ألم يكن (¬3) ضامناً. ولو أن رجلاً قال لخياط (¬4): انظر إلى هذا الثوب أيكفيني قميصاً، فقال: نعم، فقال رب الثوب: اقطعه، فقطعه، فإذا هو لا يكفيه، فإنه لا يضمن، وليس هذا بمنزلة الأول، هذا قد أمره أن يقطعه، والباب الأول قال له: إن كان يكفيني فاقطعه، فحيث غيره ضمن قيمة الثوب، لأنه لم يأمره (¬5) أن يقطعه إذا كان لا يكفيه. ولو أن رجلاً أسلم (¬6) ثوباً إلى خياط يقطع له قباء، وقال: بَطِّنْه من عندك (¬7) واحْشُه على أن (¬8) لك من الأجر كذا وكذا (¬9)، فإن هذا مثل الخف الذي أسلمه في القياس أن يُنْعَل، فإذا عمله كما يعمل مثله فله أجره الذي سماه، ولكن لا أجيز هذا، وأجعل للخياط قيمة بطانته وحشوه وأجر مثله في خياطته، ولا أجاوز به ما سمي له في أجر خياطته خاصة. ولو أن رجلاً أعطى رجلاً ثوباً وبطانةً وقطناً وأمره أن يقطعه جبة ويحشوها ويَنْدِف (¬10) عليها القطن وسمى له أجراً فإن ذلك جائز. ولو أن رجلاً اشترط على خياط أن يقطع له عشرة أقمصة كل قميص بدرهم ولم يسم له قدرها ولا أجناسها فإن ذلك فاسد لا يجوز، لأن المقدار مختلف. ولو قال له: "ثياب هروية (¬11) ومقدارها على هذا" لشيء (¬12) معروف كان جائزاً. ¬

_ (¬1) ص - منه. (¬2) م ص - لا. (¬3) م ص: لم يكن. (¬4) م: الخياط. (¬5) م: لأنه ... أمره. (¬6) م ص: سلم. (¬7) م: بطنه ... عندك. (¬8) ف - على أن، صح هـ. (¬9) م ص: كذا كذا. (¬10) ندف القطن من باب ضرب وزناً ومعنى. انظر: لسان العرب، "ندف". (¬11) م ص ف: هروي. (¬12) ص: الشيء.

وإذا أسلم الرجل الثوب إلى الخياط فقطعه قميصاً وشرط عليه إن خاطه اليوم فله درهم، وإن لم يفرغ منه اليوم فله نصف درهم، فإن أبا حنيفة قال: إن خاطه اليوم كما قال فله درهم، وإن لم يفرغ منه يومه ذلك فله أجر مثله، ولا ينقصه من نصف درهم. وقال أبو حنيفة: أرأيت لو قال: إن فرغت منه غداً فليس لك أجر، لم يكن هذا الشرط فاسداً؟ ولهذا كان يفسده أبو حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا شرط هذا الشرط فالقول فيه مثل قول أبي حنيفة، وليس هذا مثل الباب الأول، قد سمى له، وهذا لم يسم له، فهذا مخاطرة. أرأيت لو استأجره فقال: إن خطته خياطة كذا وكذا فأجرك نصف درهم، ألم يكن هذا على ما سمى، وهذا في قول أبي حنيفة الأول فاسد، لأنه لم يأخذه على شيء معلوم، وفي قوله الآخر جائز. وقال أبو حنيفة: إذا اختلف القصار ورب الثوب في الأجر وقد عمل العمل فالقول قول رب الثوب مع يمينه. وكذلك الصباغ والخياط وكل عامل (¬1) يعمل بيده (¬2) مثل هذا فالقول في الأجر قول رب المتاع. ولو قال رب الثوب: عملته في بغير أجر، كان القول قوله مع يمينه. وقال أبو حنيفة: إذا اشترى الرجل من الرجل نعلاً بدرهم وشراكاً معها على أن يحذوها فهو جائز. وإن اشترى ثوباً بعشرة دراهم على أن يخيطه البائع الذي باع الثوب فهو فاسد، وهما في القياس سواء، غير أني أستحسن في النعل، لأنه عمل للناس، وليس يفعلون ذلك في الثياب. وإذا جاء رجل إلى حذاء بشراكين ونعلين فاستأجره على أن يحذوها له بأجر مسمى فهو جائز. ولو اشترط عليه شراكين فأراه إياه ورضيه ثم حذاها له كان جائزاً. أستحسن في هذا وفي الخف يُنعَل ويُرقَع وفي النعل يُخصَف أن أجيز ذلك كله. ولو أتاه بثوب فأسلمه إليه ليقطعه جبة أو قباء وشرط عليه البطانة والحشو كان هذا فاسداً لا يجوز، وهذا مثل الخف والنعل في القياس، ولكن هذا لا يستصنعه الناس. أرأيت لو أتاه ¬

_ (¬1) ص - عامل. (¬2) م: مثله.

باب ما يوجب للعامل أجره

بثوب يقطعه له قميصاً وشرط عليه أن يجعل كميه من عنده ألم يكن هذا فاسداً لا يجوز. أرأيت لو أتاه ببطانة فقال: ظَهِّرْ هذه بثوب من عندك، ألم يكن هذا (¬1) فاسداً لا يجوز. أرأيت لو استأجره على أن يبني له (¬2) داراً على أن الآجر والجص من عند البناء، ألم يكن هذا فاسداً لا يجوز. فكل شيء أسلمه إلى عامل يعمله فشرط عليه أن يجعل في عمله شيئاً من قِبَله ليس بعينه مثل الجص والآجر والجذوع والكمين والقطن والبطانة والظهارة فهو فاسد. فإذا عمل على ذلك فالعمل لصاحب المتاع، وللعامل أجر مثله مع قيمة ما زاد فيه. ولو أن قصاراً قصر ثوباً بأجر معلوم فطلب صاحبه الثوب فأعطاه القصار ثوباً (¬3) غيره خطأ منه أو تعمد ذلك، فقطعه الذي أخذه قميصاً وخاطه (¬4)، ثم جاء صاحب الثوب، فإنه بالخيار، إن شاء ضمن القصار قيمة الثوب، ويرجع القصار بتلك القيمة على القاطع، ويرجع القاطع على القصار بثوبه، وإن شاء رب الثوب ضمن القاطع قيمة الثوب وسلم له الثوب، ويرجع القاطع على القصار بثوبه (¬5). وكذلك هذا الوجه في كل عامل أو صانع أو صباغ أو غيره. ... باب ما يوجب للعامل أجره وإذا أسلم الرجل ثوباً إلى القصار ليقصره بأجر مسمى، فقصره، ثم ضاع (¬6) الثوب من عند القصار بعد الفراغ من العمل، فإن أبا حنيفة قال في ¬

_ (¬1) ف - هذا. (¬2) ص - له. (¬3) م + بأجر معلوم فطلب صاحبه الثوب فأعطاه القصار ثوبا. (¬4) ف - خطأ منه أو تعمد ذلك فقطعه الذي أخذه قميصا وخاطه. (¬5) ف - وإن شاء رب الثوب ضمن القاطع قيمة الثوب وسلم له الثوب ويرجع القاطع على القصار بثوبه. (¬6) ف: ثم باع.

هذا: لا أجر له، ولا ضمان عليه في الثوب، لأنه لم يسلم العمل إلى رب الثوب. وكذلك الخياط والصباغ والصائغ، وكل عامل يعمل عملاً لرجل بأجر مسمى، فهلك العمل عند العامل قبل أن يسلمه إلى صاحبه، فليس له الأجر، ولا ضمان عليه فيما ضاع في قول أبي حنيفة. وأما في قول من يضمن الأجير فإنه يضمنه الثوب، فإن شاء رب الثوب ضمنه قيمة الثوب مقصوراً وأعطاه الأجر، وإن شاء ضمنه قيمته غير مقصور (¬1) ولا أجر له، وهو قول أبي يوسف. وإذا استأجر الرجل حمالاً يحمل له شيئا على ظهره أو على دابة بأجر معلوم إلى موضع معلوم، فحمله فانكسر، أو عثرت الدابة فانكسر (¬2) المتاع أو فسد، فإن أبا حنيفة قال في هذا: هو ضامن لقيمة المتاع، وإن ضمنه رب (¬3) المتاع قيمته حيث انكسر فله من الأجر بحساب ذلك، وإن ضمنه من حيث حمله فلا أجر له، والخيار في ذلك إلى صاحب المتاع. وإذا قصر القصار ثوباً وفرغ منه بأجر مسمى، فأراد رب الثوب أن يأخذ منه الثوب قبل أن يعطيه الأجر (¬4) وأبى ذلك، فإن للقصار أن يمنعه ذلك حتى يأخذ أجره منه، فإن هلك الثوب بعد منعه إياه فالقول فيه على ما وصفت لك أنه لا ضمان عليه ولا أجر (¬5). وكذلك الصباغ والخياط والصائغ والحائك وكل عامل، وكذلك الخراز (¬6). فأما الحمال والملاح والذي يحمل على ظهره وعلى دوابه وإبله فهو سواء، ولصاحب المتاع أن يأخذ ذلك منه قبل أن يعطيه الأجر، وليس للحمال أن يمنعه ذلك. ألا ترى ¬

_ (¬1) ص - وأعطاه الأجركان شاء ضمنه قيمته غير مقصورة صح هـ. إلا كلمة "قيمته". (¬2) ف - أو عثرت الدابة فانكسر. (¬3) ص ف: رد. (¬4) م: الأجير. (¬5) م: ولا أجره. (¬6) م ص: الحزار؛ ف: الحرار. ولعل الصواب ما أثبتناه من حيث النقط. والخراز هو الذي يخيط الجلد كما هو معروف.

أن المتاع لو هلك بعدما سار به نصف الطريق كان له نصف الأجر في قول أبي حنيفة، ولا يضمن شيئاً، وليس العامل (¬1) بيده (¬2) في هذا كالحمال والملاح. وكان أبو حنيفة يقول: الكراء إلى مكة لا يعطيه من كرائه شيئاً حتى يرجع من مكة، وكذلك كان يقول في جميع من يحمل حمولة على دوابه أو إبله أو سفينته أو على ظهره، ثم إنه رجع عن ذلك فقال: كلما سار مسيراً يكون له من الأجر شيء معروف (¬3)، فإنه يأخذ ذلك من المستأجر، وهو قول أبي يوسف ومحمد. وإن عجل له الأجر كله فهو جائز. وليس للمستأجر أن يرجع فيما عجل من الأجر. وكذلك لو كان سلّفه سَلَفاً. وكذلك لو كان باعه بالأجر متاعاً أو طعاماً أو حيواناً ودفعه (¬4) إليه فهو جائز، وإن كان أوفاه الحمل والشرط قبل (¬5) ذلك. وإن انتقص ولم يوفه ذلك لموت حدث أو غيره من عذر فإنه يرجع عليه بالدراهم، ولا يرجع عليه بالعرض الذي أعطاه إياه، لأنه باعه ذلك بشيء عليه. ولو (¬6) استأجره بعشرة دراهم يحمل له (¬7) من الكوفة إلى البصرة شيئاً، فأعطاه بها ديناراً وعجل له ذلك قبل أن يحمل له، ثم حمل له وأوفاه الشرط، فهو جائز في قول أبي يوسف الأول، وهو قول محمد. وقال أبو يوسف بعد ذلك: أبطل الصرف خاصة. وإن مات قبل أن يحمل له شيئاً أو بعدما سار في نصف الطريق فإنه يرد الأجر كله دراهم إن (¬8) لم يكن حمل له شيئاً. فإن كان بعدما سار نصف الطريق فله نصف الأجر، ويرد نصف الأجر دراهم. وإن (¬9) لم يكن حمل له شيئاً رد الأجر كله دراهم، لأنه باع الدينار بذلك الأجر وعجل له. ألا ترى أن رجلاً لو كان له على رجل عشرة دراهم إلى أجل لم يكن للطالب أن يأخذه به. وإن عجل له الدينار فهو جائز، وهو قول أبي يوسف الأول، وهو قول محمد. وقال أبو يوسف بعد ذلك: لا ¬

_ (¬1) م: للعامل. (¬2) م ص: في يده. (¬3) م ص ف: شيئاً معروفا. (¬4) ص: دفعه. (¬5) م ص: فسئل. لكن بدون علامة الهمزة في ص. (¬6) ف: وكذلك لو. (¬7) ف - له. (¬8) ص: وإن. (¬9) م ص: فإن.

يجوز أن يعطيه بالأجر ديناراً [قبل] (¬1) أن يحمله، لأنه صرف. ولو استأجر رجل رجلاً يعمل له عملاً من قصارة أو نحوها بثوب بعينه أو بشاة (¬2) بعينها كان جائزاً، ولم يكن للأجير أن يأخذ الأجر حتى يوفي العمل، وليس له أن يقبض منه بعضاً دون بعض. وإن كان اكتراه ليحمل له شيئاً فحمل نصفه ثم أراد أن يقبض نصف الثوب فله ذلك. وكذلك الشاة والعروض والحيوان كله. ولو كان خياطاً أو عاملاً يعمل بيده في بيته لم يكن له أن يقبض من الأجر قليلاً ولا كثيراً حتى يفرغ من العمل ويدفعه إلى صاحبه. وأما الأرض والدار فإنهما بمنزلة الحمولة، يأخذ من الأجر بحساب ما يجب له يوماً بيوم. وإذا استأجر الرجل الرجل يخيط (¬3) له أو يعمل له عملاً غير ذلك حمولة أو سكناً (¬4) أو داراً استأجرها بأجر مسمى وشرط له أن يعجل له الأجر فإنه يؤخذ بتعجيله قبل العمل، وإن كان اشترط عليه أن يؤدي الأجر إلى أجل معلوم فهو جائز، فإن فرغ الأجير من عمله وفرغ من حمله ودفع ذلك فليس له أن يقبض الأجر حتى يحل الأجل، كان لم يكن شرط أجلاً للأجر ولا تعجيلاً فإنه في كل عمل بيده لا يُتم فِعلَه (¬5) حتى يستوفي الأجر. وأما الحمولة (¬6) والسكنى والزراعة فإنه يقبض من الأجر بحساب ما يجب له يوماً بيوم. وإن اشترط له أن يعطيه الأجر عند انقضاء أجل السكنى وأجل (¬7) الزراعة فهو جائز. والدنانير والدراهم والفلوس في ذلك سواء. وكذلك الذهب والفضة التبر وغيره وكل كيل أو وزن بعد أن يسمي كيله ووزنه وصفته جيداً أو رديئاً أو وسطاً. فإن لم يكن له حمل ولا مئونة أتاه به حيث ما أخذه. وإن كان له حمل ومئونة فإنه ينبغي في قول أبي حنيفة أن يكون فاسداً حتى يشترط الموضع الذي يدفعه إليه. وفي قول أبي يوسف ومحمد ¬

_ (¬1) الزيادة من الكافي، 1/ 202 ظ. (¬2) م: أو شاة. (¬3) م: يخيطه؛ ص: بحنطة. (¬4) م ص: أو سكينا. (¬5) م: فعليه. (¬6) م ص ف: الحمول. (¬7) م ص: وأجر.

باب السمسار والذي يشتري بالأجر

يدفعه عند الأرض والدار، وفي الحمولة حيث ما وجب له ذلك، وفي العمل الذي يعمل بيده يعطيه (¬1) الأجر حيث يوفيه العمل. ... باب السمسار والذي يشتري بالأجر محمد عن أبي يوسف عن سليمان الأعمش عن شقيق (¬2) بن سلمة عن قيس بن أبي غَرَزَة الكناني قال: كنا نتبايع الأوساق (¬3) بالمدينة ونسمي أنفسنا السماسمرة، فخرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسمانا اسماً هو أحسن من أسمائنا، فقال: "يا معشر التجار، إن البيع يحضره اللغو والحلف، فشوبوه بالصدقة" (¬4). وقال أبو حنيفة: إذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم فقال: اشتر لي بها ثوباً زُطّياً (¬5) بأجر عشرة دراهم، فإن هذا فاسد لا يجوز. وكذلك إن سمى له الثياب فقال: مائة ثوب زطي فإنه فاسد لا يجوز أيضاً، من قبل أن الشرى ليس له وقت، ولا يدري أيشتري (¬6) في شهر أو في سنة أو أقل من ذلك أو أكثر، وليس هو بعمل معلوم مثل غسل ثوب ومثل خياطة ثوب. ألا ¬

_ (¬1) م ص ف: ويعطيه. (¬2) م ص ف: عن سفين. والتصحيح من المصادر التالية. (¬3) الأوساق جمع الوسق: وهو مكيال معروف. والعبارة عند الحاكم: كنا نبتاع بأسواق المدينة ... انظر: الكافي، 1/ 202 ظ. لكن عند السرخسي كما هو في المتن: نبتاع الأوساق. انظر: المبسوط، 15/ 99. وقد ورد اللفظان الأوساق والأسواق في طرق الحديث المختلفة. انظر: السنن الكبرى للنسائي، 3/ 132؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 5/ 265. (¬4) سنن ابن ماجه، التجارات، 3؛ وسنن أبي داود، البيوع، 1؛ وسنن النسائي، الأيمان، 23. (¬5) م ص: زطي. (¬6) م ف: يشتري.

ترى أنه يتيسر (¬1) له الشرى فيشتري (¬2) فيفرغ منه في يوم واحد، أو يتعذر عليه فلا يفرغ منه في شهر أو أكثر. وكذلك السماسرة في شرى الثياب كلها والطيالسة (¬3) وغير ذلك من أنواع الثياب وغيرها. ولو أن رجلاً قدم بطعام إلى الكوفة أو بتمر أو بغنم فدعا رجلاً من أهل تلك البِياعة فاستأجره على أن يبيع له ذلك بدراهم مسماة فإن أبا حنيفة قال: هذا فاسد، من قبل أنه لا يدري في كم يبيعه، لأن وقت ذلك مجهول، وهذا مثل الشراء. وكذلك كل بياعة (¬4) استأجر رجل رجلاً يبيعها له. ولو جعل له من كل كُرّ حنطة يبيعه درهماً ومن كل قَوْصَرَة تمر (¬5) يبيعها له دانقاً ومن كل شاة يبيعها دانقاً فإن أبا حنيفة قال: هذا فاسد. وكذلك أحمال الفاكهة تقدم (¬6) الكوفة فيجعل صاحبها لرجل دانقاً من كل حمل يبيعه فإن هذا كله فاسد لا يجوز في قول أبي حنيفة. وإذا بعث الرجل إلى سمسار بألف درهم فقال: اشتر في بها ثياباً على أن لك من كل ثوب تشتريه دانقاً، فإن أبا حنيفة قال: هذا فاسد لا يجوز، لأنه مجهول. ولو أنه استأجر رجلاً يوماً إلى الليل يبيع له متاعاً وشرط له بأجر معلوم أو يشتري له متاعاً معلوماً وشرط له أجراً معلوماً فهذا جائز، لأن الأجر له إذا مضى ذلك اليوم باع أو لم يبع اشترى أو لم يشتر، والباب الأول ليس له حتى يبيع وحتى يشتري. وكذلك لو استأجره شهراً يبيع له طعاماً أو ثياباً أو يشتري له طعاماً، فإذا قعد لذلك حتى يستكمل الشهر فله الأجر تاماً وإن لم يكن اشترى أو لم يبع. وقال أبو حنيفة في السمسار في جميع ما ذكرنا في هذا الكتاب: ما ¬

_ (¬1) م: تيسر. (¬2) م: فليشتري. (¬3) ف: أو الطيالسة. (¬4) م ف: سلعة. وقد كانت في م "بياعة" ثم غيرت إلى "سلعة" كما يظهر من الخط. والبياعة هي السلعة. انظر: القاموس المحيط، "بيع". (¬5) م: ثم. (¬6) م: بقدوم.

باب الكفالة بالأجر فيى جميع التجارات

كان من ذلك فاسداً إذا اشترى أو باع فله أجر مثله، لا يجاوز به ما سمي له من الأجر. وقال أبو يوسف ومحمد: إن شاء أمره أن يشتري له ويبيع ولا يشترط له أجراً، فيكون مُعيناً له، ثم يعوضه بعد الفراغ من الشراء والبيع مثل ما كان يأخذ (¬1) مثله من الأجر. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا قال الرجل: بع لي هذا الثوب ولك درهم، أو اشتر (¬2) في هذا المتاع ولك درهم، ففعل ذلك فله أجر مثله في ذلك، لا يجاوز به الدرهم الذي وقع عليه الإجارة في الشرى والبيع (¬3). ... باب الكفالة بالأجر (¬4) فيى جميع التجارات وإذا استأجر الرجل داراً أو أرضاً أو رحًى أو إبلاً أو غير ذلك، أو استأجر رجلاً يحمل له شيئاً، أو سلم ثوباً إلى قصار أو إلى صانع من الصناع، وسمى الأجر وأعطى بالأجر كفيلاً فهو جائز. فإن كان ضرب للأجر أجلاً فهو على الكفيل إلى ذلك الأجل. وإن كان لم يضرب لى أجلاً فهو على الكفيل كما يكون على الذي عليه الأجر، ويأخذ أيهما شاء في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإن كان إنما أحاله عليه حوالة فليس له على الذي عليه الأصل، وهو على المحتال عليه، ولا يرجع على الذي عليه الأصل إلا أن يموت ولا يترك وفاء، فيرجع عليه في قول أبي حنيفة. وفي قول أبي يوسف ومحمد: إن أفلس فقضى القاضي بإفلاسه رجع أيضاً. فإذا استأجر الرجل حمالاً ليحمل له شيئاً إلى موضع معلوم بأجر ¬

_ (¬1) م ص: بأجر. (¬2) ص: واشتر. (¬3) ف: في البيع والشرى. (¬4) ص - بالأجر.

معلوم وكفل له كفيلاً بالأجر فهو جائز. وإن كان المستأجر ذمياً أو مسلماً أو امرأة فهو سواء. وكذلك لو استأجر عبداً تاجراً أو عبداً محجوراً عليه قد أمره مولاه أن يستأجر (¬1) لذلك المتاع فأعطاه كفيلاً لذلك فهو جائز، وليس (¬2) للكفيل أن يأخذ المستأجر بالأجر حتى يؤديه، لكنه إن لزم به فله أن يلزم المكفول عنه (¬3) حتى يكفيه ويؤديه عنه (¬4)، فإذا أداه الكفيل فله أن يأخذه بالأجر. ولو كان الأجر إلى أجل وكان إجارة ليس لصاحبها أن يأخذه بالأجر حتى يوفي (¬5) العمل فعجّل الكفيل الأجر من عنده قبل ذلك فليس للكفيل أن يرجع به على المكفول به حتى يجيء ذلك الوقت. فإذا جاء ذلك الوقت فله أن يأخذه به. ولو اختلف الأجير والمستأجر والكفيل في الأجر، فقال الكفيل: هو درهم، وقال الأجير: هو درهمان، وقال المستأجر: هو نصف درهم، فإن القول في ذلك قول المستأجر مع يمينه بالله على ذلك، ويغرم الكفيل ما أقر به من الأجر للأجير، ولا يرجع على المستأجر إلا بنصف درهم. ولو كان الكفيل عبداً تاجراً لم تجز كفالته، وكذلك المكاتب. ولو أقاموا جميعاً البينة على ما ادعوا أخذت ببينة المؤاجر وقضيت له بدرهمين على الكفيل وعلى المستأجر. وإذا استأجر الرجل داراً بثوب بعينه وكفل به رجل فهو جائز. فإذا استكمل السكنى وهلك الثوب عند صاحبه فإن الكفيل بريء من كفالته، لأنه لا يكون على المستأجر قيمة الثوب. وكذلك لو استأجره بخدمة عبده شهراً وكفل به رجل، فإن كان كفل بالخدمة فإنه لا يجوز، وإن كفل بنفس [العبد] (¬6) فإنه يؤخذ (¬7) به، فإذا مضى الشهر وأقر المكفول له أنما حقه ¬

_ (¬1) م + ان. (¬2) م ص: ليس. (¬3) ص: له. (¬4) ص: تحيد. والياء غير منقوطة. والكلمة كانت مرسومة قريبة من ذلك في م، ثم صححت. (¬5) انتقل هنا في المجلد الأول نسخة ف من الورقة 163 إلى الورقة 158. (¬6) الزيادة من الكافي، 1/ 203 و. (¬7) م ص: يوفر؛ ف: يومر. والتصحيح من المصدر السابق.

باب الكفالة بالحموله والسكنى والخدمة

قبله (¬1) خدمة الشهر (¬2) الماضي فإن الكفيل بريء من ذلك، وله أجر مثل أجر الدار على المستأجر في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد (¬3). ... باب الكفالة بالحموله والسكنى والخدمة وإذا استأجر الرجل من الرجل إلى مكة محملاً (¬4) أو زاملة (¬5) بأجر مسمى وكفل له رجل بالحمولة فإن أبا حنيفة قال: هو فى ذلك جائز، ويؤخذ الكفيل بالحمولة كما يؤخذ المؤاجر. وإذا استأجر الرجل إبلاً بغير أعيانها يحمل عليها طعاماً مسمى إلى بلد معلوم وبأجر معلوم وكفل له رجل بالحمولة فهو جائز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد (¬6). ولو أن رجلاً أسلف في كراء مكة في شق محمل وشق (¬7) زاملة وأخذ كفيلاً بالحمولة كان ذلك جائزاً، وكان على الكفيل أن يؤخذ بذلك كما يؤخذ المكري (¬8). ¬

_ (¬1) م ص: قبل. (¬2) م ص ف: شهر. والتصحيح من المصدر السابق. (¬3) قال الحاكم: في قولهم جميعاً. انظر: الكافي، نفس الموضع. ولم يذكر "قياس". (¬4) قال المطرزي: المحمل بفتح الميم الأولى وكسر الثاني أو على العكس الهودج الكبير ... وأما تسمية بعير المحمل به فمجاز وإن لم نسمعه، ومنه قوله ... ما يكترى به شق محمل أي نصفه أو رأس زاملة ... انظر: المغرب، "حمل". (¬5) قال المطرزي: زَمَلَ الشيءَ حمله، ومنه الزاملة: البعير يحمل عليه المسافر متاعه وطعامه ... ثم سمي بها العدل الذي فيه زاد الحاج من كعك وتمر ونحوه، وهو متعارف بينهم، أخبرني بذلك جماعة من أهل بغداد وغيرهم. انظر: المغرب، "زمل". (¬6) ص - وأبي يوسف ومحمد. (¬7) م: أو شق. (¬8) م ص: الكرى.

ولو أن رجلاً استأجر داراً ليسكنها أو أرضاً يزرعها أو بيتاً يسكنه وأخذ كفيلاً بالسكنى وبالوفاء بالزراعة كان هذا باطلاً لا يجوز، لأنه سمى شيئاً بعينه، ألا ترى أني أجيز الإجارة في الخدمة، ولو أعطى كفيلاً بخدمته لم يجز ولم يلزم الكفيل شيء. وقال أبو حنيفة: لو استأجر بعيراً بعينه أو دابةً بعينها وكفل له رجل بالحمولة كانت الكفالة باطلاً لا تجوز. وقال أبو حنيفة: إذا استأجر رجل رجلاً يخدمه وكفل له (¬1) رجل بخدمته فالكفالة باطل لا تجوز، لأن خدمة الكفيل ليس بخدمة الأجير. وسكنى دار الكفيل وزراعة أرض الكفيل ليس ذلك بالذي استأجر المستأجر. وكذلك لو استأجر أباعر (¬2) بأعيانها إلى مكة أو إلى بلد آخر يحمل عليها طعاماً فكفل رجل بالحمولة كان ذلك باطلاً لا يجوز، إذا كانت الإبل بأعيانها والدواب فهو مثل الأجير في الخدمة. وقال أبو حنيفة: إن عجل الأجر وكفل الكفيل له بالأجر إن لم يوفه الخدمة والسكنى والزراعة فهو جائز، ويأخذ المستأجر الكفيل بالأجر الذي عجل له، فإذا أداه رجع به على الذي أجره، وكل شيء أبطلنا فيه الكفالة من هذا فالإجارة فيه جائزة نافذة إذا لم تكن الكفالة شرطاً في الإجارة. ولو أن رجلاً استأجر حمالاً يحمل له شيئاً فأخذ كفيلاً بالحمولة كان ذلك (¬3) باطلاً لا يلزم الكفيل منه شيء، لأنه اشترط على الحمال أن يحمله بنفسه. فإذا سلم الرجل ثوباً إلى الخياط يخيطه له بأجر مسمى وأخذ منه كفيلاً بخياطة الثوب، فإن كان صاحب الثوب اشترط على الخياط أن يخيطه بيده فالكفالة باطل. وكذلك النسج وكل عمل من صياغة أو قصارة أو خياطة أو شيء من صناعة الآنية كلها إذا اشترط عليه عمله بيده في ذلك. وإن لم ¬

_ (¬1) م ص - له. (¬2) جمع بعير. (¬3) م ص - ذلك.

باب إجارة الظئر

يشترط عليه عمله بيده فإن الكفيل يؤخذ (¬1) بذلك، لأن الخياط يخيط الثوب عنده أجيره وغلامه وشريكه. وكذلك إذا كفل به عنه رجل. وكذلك الصبّاغ إذا أخذ كفيلاً بهذه الصّباغة (¬2) فعملها، وبالحمولة فحملها، فإنه يرجع به الكفيل على المكفول عنه بأجر مثل ذلك بقيمته بالغاً ما بلغ، لأنه كفل بأمره، وأخذ بالعمل الذي كان في عنق ذلك الرجل، فعليه قيمة ذلك العمل يوم ضمن. ... باب إجارة الظئر محمد قال: حدثنا محمد بن الفرات عن زيد بن علي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا ترضع لكم الحمقاء، فإن اللبن يُفسد" (¬3). وإذا استأجر الرجل ظئراً ترضع له صبياً سنتين حتى تفطمه بأجر معلوم كل شهر فهو جائز، وطعام الظئر وكسوتها على نفسها، وترضع الصبي في بيتها إن شاءت، وليس عليها أن ترضعه في بيت أبيه. فإن اشترطت كسوتها في كل سنة ثلاثة أثواب زُطِّية (¬4) أو صنف غير ذلك ¬

_ (¬1) م ص: لا يؤخذ. (¬2) ص: الصناعة. (¬3) م ف ب: يفسده. والتصحيح من الكافي، 1/ 203 و؛ والمبسوط، 15/ 119. وفي المراسيل لأبي داود عن زياد السهمي قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تسترضع الحمقاء فإن اللبن يشبه. انظر: المراسيل، 182. ومن طريقه رواه البيهقي. انظر: السنن الكبرى، 7/ 464. وعن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تسترضعوا الورهاء"، قال يونس بن حبيب: الورهاء الحمقاء. رواه الطبراني في المعجم الصغير والبزار إلا أنه قال: "لا تسترضعوا الحمقاء فان اللبن يورث"؛ وإسنادهما ضعيف. وعن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن رضاع الحمقاء. رواه الطبراني في المعجم الأوسط، وفيه عباد بن عبد الصمد، وهو ضعيف. انظر: المعجم الأوسط للطبراني، 1/ 27؛ والمعجم الصغير للطبراني، 1/ 100؛ ومجمع الزوائد للهيثمي، 4/ 262. (¬4) م ص ف: زطي.

واشترطت عند الفطام دراهم مسماة وقطيفة ومِسْحاً (¬1) وفِراشاً فإن أبا حنيفة قال في ذلك: هذا جائز، وقال: أستحسن في الظئر فأجيزه، ولا أجيزه في غيرها، وقال: في ذلك وسط (¬2) من الثياب والمتاع. وقال أبو يوسف ومحمد: هذا كله فاسد، ولها أجر مثلها فيما أرضعت. وفي قياس قول أبي حنيفة إن اشترطت طعامها عليهم فهو جائز. وفي قياس (¬3) قول أبي يوسف ومحمد: لا يجوز. وقال أبو يوسف ومحمد: إن سموا لها ذرع كل ثوب وعرضه وطوله ورقعته وجنسه وضربوا له أجلاً مسمى فهو جائز. وكذلك الطعام إن سموا لها كل يوم كيلاً من الدقيق معروفاً فهو جائز. ولو اشترطوا عليها أن ترضع الصبي في منزلهم فهو جائز. فإن كان لها زوج معروف فآجرت نفسها بغير إذنه والزوج معروف يعرف (¬4) أنها امرأته فللزوج أن يبطل الإجارة. ولو كان الزوج مجهولاً لا يعرف إلا بقولها فليس له أن ينقض الإجارة. وإن هلك الصبي بعد سنة فلها أجر ما مضى، ولها ما اشترطت من الكسوة، وما اشترطت عند الفطام فبحساب ذلك. ولو ضاع الصبي من يديها أو وقع فمات أو سرق الصبي أو سرق من ثياب الصبي شيء أو سرق من حلي الصبي شيء لم يضمن الظئر من ذلك شيئاً، فإن اتهموا الظئر بشيء من ذلك فعليها اليمين بالله، وليس هذا مثل الأجير المشترك؛ ألا ترى أن هذه ليس لها أن تأخذ في غير عملهم، ولا أن تشغل نفسها عن رضاع الصبي. وليس عليها من عمل أبوي الصبي إن كلفوها عجناً أوطبخاً أو خبزاً، ¬

_ (¬1) المِسْح بَلاس الرهبان، والمِسح الكساء من الشعر، والجمع القليل أمساح والكثير مسوح. انظر: المغرب، "مسح"؛ ولسان العرب، "مسح". (¬2) م ص ف: وسطا. (¬3) كلمة "قياس" ساقط من الكافي، 1/ 203 و. (¬4) ص - يعرف.

فليس لهم ذلك إلا أن تشاء هي ذلك. وأما عمل الصبي وغسل ثيابه وما يصلحه مما يعالج به الصبيان من الريحان والدهن فهو على الظئر، ليس على أهل البيت من ذلك شيء إلا أن يشاؤوا هم ذلك. فإن كان الصبي يأكل الطعام فليس على الظئر أن يشتري له الطعام، ولكن ذلك كله على أهله، وعليها أن تهيئه له. وإن أراد أهل الصبي أن يخرجوا الظئر قبل الأجل فليس لهم ذلك إلا من عذر، والعذر في ذلك أن لا يأخذ الصبي من لبنها، أو تحمل فيخافون على الصبي من ذلك، أو تكون سارقة فيخافون على متاعهم، أو تكون فاجرة بينة (¬1) فجورها فيخافون على صبيهم، فهذا عذر، أو يريدون سفراً بصبيهم (¬2) فتأبى أن تخرج معهم، فهذا عذر. وليس للظئر أن تخرج من عندهم إلا من عذر، وعذرها مرض لا تستطيع معه الرضاع، فهذا عذر لها، وإن كانوا يؤذونها بألسنتهم كفوا عنها، وإن أساؤوا (¬3) أخلاقهم معها كفوا عنها، وإن لم يكفوا عنها كان لها أن تخرج. وإن كان الزوج قد سلم الإجارة فأرادوا أن يمنعوه من غشيانها مخافة الحبل وأن يضر ذلك بصبيهم (¬4) فإن لهم أن يمنعوه ذلك في منزلهم، وإن لقيها في منزله فله أن يغشاها، ولا يسع الظئر أن تمنعه نفسها، ولا يسع أهل الصبي أن يمنعوها ذلك. ولا يسع الظئر (¬5) أن تطعم أحداً من طعامهم من غير أمرهم. فإن زارها أحد من ولدها فلهم أن يمنعوه من الكينونة عندها، ولهم أن يمنعوها من الزيارة إذا كانت تضر الصبي (¬6). وما كان من ذلك لا يضر بالصبي فليس لهم أن يمنعوها. ولو أن رجلاً أذن لأمته في التجارة فأجرت نفسها ظئراً لترضع صبياً ¬

_ (¬1) ص: بينا. (¬2) ص - بصبيهم؛ صح فوق السطر. (¬3) م ص ف: أسوا. (¬4) ف: لصبيهم. (¬5) م ف: للظئر. (¬6) م: للصبي.

لقوم فإن ذلك جائز. وكذلك العبد التاجر يؤاجر أمته ظئراً أو يستأجر ظئراً لصبي له فهو جائز. وكذلك الأمة المأذون لها في التجارة لها أن تؤاجر أمتها ظئراً أو عبدها للخدمة. وكذلك المكاتب يستأجر ظئراً أو يؤاجرها فهو جائز. فإن رد في الرق والظئر عنده انتقضت الإجارة. وإن كان هو الذي أجر أمته لم تنتقض الإجارة في قول أبي يوسف. وقال محمد: تنتقض في المكاتب. ألا ترى أن المال صار لغيره فكأنه مات عاجزاً (¬1). وإن مات أبو الصبي لم تنتقض الإجارة، لأنها للصبي، وأجر الصبي في ميراث الصبي. ولو مات أبواه جميعاً لم تنتقض الإجارة. ولو استأجروها لترضع صبيين لهم كل شهر بكذا وكذا درهماً فمات أحدهما فإنه يرفع عنها نصف الأجر (¬2). ولو استأجر ظئرين ترضعان صبياً واحداً كان ذلك جائزاً. فإن ماتت إحداهما وبقيت الأخرى بقيت بحصتها من الأجر، وحصتها النصف إذا كان لبنهما (¬3) واحداً. ولا يجوز بيع لبن بنات آدم وزناً ولا كيلاً على وجه من الوجوه. وليس يشبه البيع الإجارة. ولا بأس بأن يستعط الرجل بلبن امرأة، ويشوبه بدواء، ولو أصاب ثوبه لم يتنجس. ولو آجرت الظئر نفسها من قوم آخرين ترضع لهم صبياً، ولا يعلم أهل الصبي الأولون بذلك، فأرضعت حتى فرغت، فإنها قد أثمت، وهذه خيانة منها، ولها الأجر كاملاً على هؤلاء وعلى الأولين، ولا تتصدق بشيء منه. ولا بأس بأن يستأجر الرجل المسلم الظئر اليهودية والنصرانية ¬

_ (¬1) م: تاجرا. (¬2) م: الأجره. (¬3) م: لبنها.

والمجوسية ترضع ولده. ولا بأس بأن يُرضَع الولد (¬1) بلبن الفاجرة التي قد ولدت من الفجور. وإذا استأجر الرجل ظئراً ترضع صبياً له في بيتها، فدفعته إلى جاريتها، فأرضعته حتى مضى الأجل، فلم ترضعه هي، فلها أجرها. وإن كانت ترضعه هي مع جاريتها فلها الأجر أيضاً تاماً. وإن لم ترضعه هي فليس لخادمها أجر إلا الذي اشترطت. فإن أرضعته هي حولاً ثم يبس لبنها فأرضعته خادم (¬2) لها حولاً فإن لها أجرها كاملاً. ولو كانت هي ترضعه يوماً وخادمها يومين أو ثلاثة ثم ترضعه يوماً فلها الأجر كله كاملا. ولو يبس لبنها فاستأجرت له ظئراً حتى مضى الحولان كان الأجر عليها، ولها الأجر كاملاً. وإذا أراد الرجل امرأته أن تُرضِع ولدَه منها فأبت عليه فلها ذلك، وليس له أن يستكرهها على رضاعه (¬3). فإن استأجرها على رضاعه بأجر معلوم ففعلمت ذلك فلا أجر لها. وكذلك لو استأجر خادماً لها منها فلا أجر لها. ولو أنه استأجر مكاتبتها منها كان لها الأجر تاماً، لأن مال المكاتبة ليس بمال المولى. ولو كانت المرأة مطلقة طلاقاً بائناً فأرادها على أن ترضع ولده منها فأبت فلها ذلك، ولا تجبر على رضاعه. فإن استأجرها بأجر معلوم فلها الأجر عليه، وهو جائز. وكذلك لو استأجر خادمها (¬4) فهو جائز، ويؤخذ بالأجر (¬5). ولو وجد ظئراً ترضع بدون ذلك، فأبت المرأة أن تأخذ ذلك الأجر، وقالت (¬6): إني أريد أن يكون الصبي عندي، فلها ذلك، ويقال لأبي الصبي: استأجر للصبي ظئراً (¬7) ترضعه عند أمه، وليس على الأم من الرضاع شيء. ولو استأجر الرجل امرأته ترضع صبياً له من غيرها كان جائزاً، وكان عليه الأجر. وكذلك خادمها ومكاتبتها. ولو استأجر رجل مدبرة ¬

_ (¬1) م ف: الرجل. (¬2) م ص: خادما. (¬3) ص: على ذلك. (¬4) م ص ف: خادما. والتصحيح من ب؛ والكافي، 1/ 203 ظ. (¬5) م ص ف: بالأجره. (¬6) م: فقالت. (¬7) م ص ف + من.

لامرأته ترضع ولده منها وهي غير مطلقة في منزلها كان ذلك باطلاً، ولا أجر لها، لأن مدبرتها بمنزلة أمتها وبمنزلتها. ولو استأجر رجل أمه (¬1) أو أخته أو ابنته أو عمته أو خالته على أن ترضع صبياً له كان جائزاً، وعليه الأجر لهن (¬2). وكذلك كل ذي رحم محرم منه لهن (¬3) الأجر تاماً إذا أتممن (¬4) الرضاع. فإن أبت واحدة (¬5) من هؤلاء أن ترضع وأرادها هو على ذلك وقد استأجرها فإني لا أجبرها على ذلك إذا كن لا يعرفن (¬6) بمثل ذلك العمل. فإن كن يعرفن (¬7) بمثل ذلك فهو جائز عليها، وليس لها أن تترك ذلك إلا من عذر. ولو كان الصبي لا يأخذ إلا منها وقد ألفها لم تجبر على ذلك إذا أبت ذلك وكانت لا تعرف بذلك (¬8). ولو أن رجلاً استأجر ظئراً لترضع له صبياً في بيتها كل شهر بشيء، فجعلت تُوجِره، ترضعه ألبان الغنم، وتغذيه بكل ما يصلحه حتى استكمل الحولين، ولها لبن لم ترضعه منه شيئاً، أو ليس لها لبن، فليس لها الأجر، لأنها لم ترضعه. فإن جحدت ذلك وقامت بينة عليها فلا أجر لها. وإن لم تَقم عليها بينة وقالت: قد أرضعتُ، وحلفت على ذلك، فالقول قولها، وتأخذ الأجر. فإن أقاموا البينة جميعاً أخذت ببينتها، والقول قولها، والبينة بينتها. ولو استأجرت له ظئراً غيرها ترضعه كان مثل هذا في القياس، ولكني أستحسن أن يكون لها الأجر (¬9)، وتتصدق بالفضل. ولو أخذت مع ذلك صبياً آخر فأرضعتهما جميعاً حتى فطمتهما (¬10) غير أن ذلك أضر بهما فإن لها الأجر كاملاً من كل واحد منهما (¬11). ¬

_ (¬1) م ص: أمته. (¬2) م ص ف: لهم. (¬3) م ص ف: لهم. (¬4) م ص ف: إذا أتموا. (¬5) ص: بواحدة. (¬6) م ص ف: إذا كانوا لا يعرفون. (¬7) م ص ف: كانوا يعرفون. (¬8) ف: ذلك. (¬9) ف: أجر. (¬10) م: حتى فطمتها. (¬11) أي: وإن أضر ذلك بالصبيين.

باب إجارة الدور والبيوت

وإذا التقط الرجل لقيطاً فاستأجر له ظئراً فهو جائز، والأجر عليه، وهو متطوع في ذلك. وكذلك لو أن رجلاً استأجر لابن أخيه ظئراً وهو يتيم في حجره أو غير يتيم فإن الأجر عليه، وهو متطوع في ذلك. وكل يتيم ليس له أم ترضعه فعلى أوليائه (¬1) كل ذي رحم محرم منه أن يستأجر له ظئراً على قدر مواريثهم، فإن كان لا ولي له فعلى بيت المال. وكل لقيط فهو على بيت المال إذا لم يتطوع عليه أحد بشيء. قلت: أرأيت رجلاً استأجر ظئراً لترضع صبياً له إلى أجل فانقطع لبنها قبل الأجل؟ قال: لهم أن يحاسبوها بما أرضعت لهم وتخرج من عندهم. قلت: أرأيت إن كان الصبي هو الميت قبل الأجل؟ قال: فإن (¬2) لهم أن يتاركوها ويعطوها أجراً بمقدار ما أرضعت لهم. ... باب إجارة الدور والبيوت وإذا استأجر الرجل من الرجل داراً ولم يسم الذي يريدها له وسمى الأجر والسنة والشهر، أو قال: كل شهر (¬3) بكذا، فإن أبا حنيفة قال: هو جائز. وقال أبو حنيفة: له أن يَسكنها، وأن يُسكنها من شاء، وأن يضع فيها ¬

_ (¬1) م ص: أوليا؛ ف: أولياء. (¬2) ف - فإن. (¬3) م: شيء.

ما بدا له من الثياب والمتاع والحيوان، وأن يعمل فيها ما بدا له من الأعمال، ما خلا الرحى أن ينصب فيها أو الحداد والقصار، فإن هذا يضر بالبناء، فليس له أن يجعل فيها شيئاً من هذا، إلا برضى صاحب الدار، أو يشترط عليه في الإجارة. وهكذا قال أبو يوسف ومحمد. وقال أبو يوسف ومحمد: كل عمل يفسد البناء أو يوهنه فهو مثل الرحى والحداد والقصار. وقال أبو حنيفة: إذا استأجر داراً ليسكنها كل شهر بأجر معلوم فهو جائز، وله أن يربط فيها دابته وبعيره وشاته، وأن يسكنها ضيفه، وله أن يؤاجرها من غيره، وأن يسكنها من أحب بغير إجارة. وقال أبو حنيفة: وإن أجرها بأكثر مما استأجرها فإنه يتصدق بالفضل، إلا أن يكون قد أصلح فيها شيئاً فيطيب له الفضل. وقال أبو حنيفة: إن سكنها (¬1) شهراً ثم أراد أن يخرج في الهلال، أو أراد صاحب الدار أن يخرجه في ذلك الوقت فذلك له، وهو جائز، ولكل واحد منهما أن ينقض الإجارة في رأس الشهر إذا كانت الإجارة كل شهر بكذا وكذا، فإن سكنها يوماً من الشهر الداخل أو يومين فإن أبا حنيفة رحمة الله عليه قال: ليس له أن يخرجه هذا الشهر الذي قد سكن فيه يوماً أو يومين إلا من عذر، وليس للمستأجر أن يخرج إلا من عذر، وهو قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: إذا استأجر الرجل بيتاً في دار بأجر معلوم كل شهر ولم يسم أول الشهر فهو من أول يوم استأجره له شهراً كاملاً (¬2). وقال أبو يوسف ومحمد: إذا كان ذلك اليوم هو (¬3) يوم الهلال فإنها له من يوم الهلال إلى (¬4) حين يهل الهلال. فإن نقص الشهر يوماً كان عليه الأجر كاملاً لا ينقص منه شيء، لأنه قد استوفى الشهر. وإن كان ذلك اليوم في بعض ¬

_ (¬1) ص: إن أسكنها. (¬2) م ص ف: شهر كامل. (¬3) ص - هو. (¬4) ف - إلى.

الشهر فله ثلاثون يوماً لكل شهر، وكل ما سكنه فهو ثلاثون يوماً لكل شهر (¬1). وإذا استأجره سنة مستقبلة أولها هذا اليوم، وهذا اليوم لأربع عشرة مضين من الشهر، فإنه يسكنه بقية هذا الشهر وأحد عشر شهراً بالأهلة وستة عشر يوماً من الشهر الباقي حتى يستكمل اثني عشر شهراً، شهر (¬2) منها بالأيام وأحد عشر شهراً بالأهلة على ما وصفت لك. وإذا استأجر الرجل بيتاً في علو دار شهراً فهو جائز، وكذلك المنزل في العلو، وكذلك المنزل في السفل ليس له علو، وكذلك منزل على ظُلّة على ظهر الطريق فهو جائز. ولو استأجر الرجل بيتاً على أن يُقعد فيه قصاراً فهو جائز. فإن أراد أن يكون فيه حداداً فإني أنظر في ذلك، فإن كان مضرتهما واحدة أو مضرة (¬3) الحداد أقل كان له أن يتخذ ذلك، وإن كانت أكثر مضرة لم يكن له ذلك. وكذلك الرحى. وإذا استأجر المكاتب داراً أو أجرها فهو جائز. وكذلك العبد التاجر. وكذلك الأمة التاجرة. وكذلك أهل الذمة والمستأمن (¬4) من أهل الحرب في الأمصار كان أو غيرها. وإذا استأجر الرجل داراً سنة بأجر معلوم فسكنها ولم يضرب للأجر أجلاً، فإن أبا حنيفة كان يقول في هذا: لا يأخذ الأجر إلا في آخر السنة، ثم قال بعد ذلك: يأخذ الأجر لكل يوم بحسابه، وهو قول أبي يوسف ومحمد. وأن كان شرط في الإجارة أن الأجر عند انقضاء السنة فهو كما شرط. وكذلك إن كان شرط أجر كل شهر عند انقضائه فهو جائز. وكذلك لو شرط تعجيل (¬5) الأجر فهو جائز، وعليه أن يعجله. وكذلك لو شرط ¬

_ (¬1) ف - وكل ما سكنه فهو ثلاثون يوماً لكل شهر. (¬2) ص ف - شهر؛ صح ص فوق السطر. (¬3) م: ومضرة. (¬4) ص: والمستأجر. ويظهر أن نسختي م وف كانتا كذلك ثم صححا. (¬5) م ف: تعجل.

تأخير الأجر بعد انقضاء السنة إلى شهر مسمى فهو جائز. وإذا استأجر الرجل من أهل الذمة داراً بالكوفة من رجل مسلم سنة بأجر معلوم فهو جائز. فإن (¬1) كان الذمي نصرانياً فاتخذ فيها مصلى يصلي فيه خاصة دون الجماعة وأراد رب الدار أن يمنعه، فليس لرب الدار أن يمنعه أن يتخذ فيها مصلى لنفسه خاصة، فإن (¬2) أراد أن يتخذ فيها مصلى للعامة أو يضرب فيها بالناقوس فلرب الدار أن يمنعه ذلك، وليس ذلك من قبل أنه يملك الدار، ولكن من قبل أني أكره أن يحدث في أمصار المسلمين، ولرجل من المسلمين أن يمنعه ذلك كما يمنعه رب الدار. وكذلك لو أراد أن يبيع فيها الخمر منعه ذلك، ولا ينبغي أن يظهر بيع الخمر في أمصار المسلمين، ولرجل من المسلمين أن يمنعه ذلك كما يمنعه رب الدار، من قبل أن هذا فسق، ولا ينبغي أن يظهر في أمصار المسلمين. ولو كان هذا داراً بالسواد أو بالجبل كان للمستأجر أن يصنع ما شاء من ذلك. وليس للذمي أن يدخل خمراً في مصر من (¬3) أمصار المسلمين. ولو كان المستأجر مسلماً فظهر منه فسق في الدار أو دعارة أو كان يجمع فيها على الشراب منع من ذلك كله. وليس لرب الدار أن يخرجه من الدار من أجل ذلك، ولكن يمنعه من ذلك كله. وكذلك الذمي الذي وصفنا في هذا الكتاب ليس لرب الدار أن يخرجه من الدار، ولكن يمنعه من ذلك. وإذا استأجر الرجل داراً فسقط منها حائط فأراد المستأجر أن يخرج من الدار قبل انقضاء الأجل لسقوط (¬4) ذلك الحائط فإني أنظر في ذلك، فإن كان سقوط ذلك الحائط يضر بالسكنى فله أن يخرج إلا أن يبنيه رب الدار، وإن (¬5) كان لا يضر بالسكنى فليس له أن يخرج. وإن كان رب الدار غائباً فليس له أن يخرج، وإن خرج لزمه الأجر. وإن سقط منها شيء فهو مثل الحائط. وإن سقطت الدار كلها فله أن يخرج إن ¬

_ (¬1) م ف: فإن. (¬2) م ص: كان. (¬3) ف - مصر من، صح هـ. (¬4) ف: بسقوط. (¬5) م: فإن.

كان صاحب الدار شاهداً أو غائباً، وهذا عذر. وهو قول محمد (¬1). وإذا استأجر الرجل داراً سنين مسماة بأجر معلوم، فلم يدفعها إليه رب الدار حتى مضى من تلك السنين شهر أو شهران، ثم دفعها إليه رب الدار، فأبى المستأجر أن يقبلها، فإني أجبره على قبضها. وكذلك لو كان طلبها منه فمنعه إياها (¬2) أو لم يطلبها منه فهو سواء، وله أن يدفعها إليه فيما بقي. أرأيت لوطلب رب الدار إليه أن يأخذها فأبى شهراً أو شهرين ثم بدا له فأراد أخذها هل لرب الدار أن يمنعه ذلك، ليس له أن يمنعه شيئاً من ذلك. ومتى ما ارتفعوا إلى الحاكم أجبر المستأجر على قبضها فيما بقي إلا أن يكون له عذر. وإذا استأجر الرجل داراً فدفعها إليه رب الدار إلا بيتاً منها كان فيه متاع له وسكنها المستأجر فإنه يرفع عنه بحساب ذلك البيت. وكذلك لو دفعها كلها فسكنها شهراً ثم انتزع منها بيتاً فجعل فيه رب الدار متاعاً له فإنه يرفع عنه بحساب ذلك البيت بعد الشهر الأول. ولو أن رجلاً اغتصب الدار من المستأجر أو بيتاً منها لم يكن للمؤاجر على المستأجر أجر في الغصب. وإذا استأجر الرجل داراً بدراهم مسماة كل شهر فهو جائز. وكذلك الدنانير. وكذلك الفلوس. وكذلك الذهب التجر بعد أن يسمي جيداً أو رديئاً أو وسطاً. وكذلك الفضة التبر. وكذلك كل كيل يستأجر به داراً أو بيتاً وسمى الكيل ونوعه وصفته. وكذلك الوزن. وإن ترك شيئاً من هذا لم يسمه فسدت الإجارة. وإن اشترط هذا كله وضرب له أجلاً فهو جائز، وإن لم يضرب له أجلاً فهو جائز. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. ويوفيه ذلك إذا كان له حمل ومؤنة عند الدار. وإن لم يكن له حمل ولا مؤنة أوفاه حيث شاء. وإذا استأجرها بثياب وسمى أجناسها والرُّقْعَة (¬3) والطول والعرض والأجل فهو جائز، وإن لم يسم الأجل فسدت الإجارة. وأما الحيوان ¬

_ (¬1) وليس فيه خلاف في المذهب انظر: المبسوط، 15/ 136. (¬2) ص: فمنعها إياه. (¬3) يقال: رقعة هذا الثوب جيدة، يراد غِلَظُه وثخانته. انظر: المغرب، "رقع".

والرقيق فإنه لا يجوز أن يستأجر به (¬1) داراً ولا بيتاً ولا غير ذلك إلا أن يكون شيء من ذلك قائماً بعينه. وكذلك الآنية كلها من الذهب والفضة وغير ذلك. وإذا استأجر الرجل داراً بعبد (¬2) بعينه سنين مسماة فهو جائز. فإن أعتق رب الدار قبل أن يدفع الدار إلى المستأجر وقبل أن يقبضه المؤاجر فعتقه باطل، لأنه لم يجب له فيه شيء. فإن كان المستأجر دفع العبد إليه ولم يقبض الدار حتى أعتقه رب الدار فعتقه جائز. فإن تمت السكنى فعتقه جائز، ولا شيء عليه. وإن انهدمت الدار قبل القبض أو غرقت أو استحقت أو مات أحدهما فعلى (¬3) المعتق قيمة العبد كله، وعتقه (¬4) فيه جائز، لأنه سَلَّطه عليه وملّكه إياه ودفعه إليه. ولو لم يكن شيء من ذلك ولم يقبض العبد حتى سكن الدار شهراً، ثم أعتقا جميعاً العبد وهو في يد المستأجر، فإنه يجوز عتق رب الدار فيه بقدر أجر شهر. ويجوز عتق المستأجر فيما بقي من العبد، وتنتقض الإجارة. ألا ترى أن العبد لو مات بعد شهر انتقضت الإجارة (¬5) وكان عليه أجر مثلها شهراً. ولو كان استكمل السكنى ثم مات العبد قبل أن يسلم إليه واستحق كان عليه أجر مثلها. وهكذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك كل حيوان أو عرض من العروض يستأجر به داراً أو بيتاً فاستوفى السكنى، وهلك ذلك الشيء في يده قبل أن يسلم إليه، كان عليه أجر مثله. ولو كان المستأجر دفع العبد ولم يسلم الدار حتى أعتق المستأجر فعتقه باطل، لأنه قد خرج من ملكه حين دفعه إلى رب الدار (¬6). ¬

_ (¬1) م ص: له. (¬2) م + بعبد. (¬3) ص + المستحق. (¬4) م ص ف: في عتقه. والتصحيح من ب. (¬5) ص - ألا ترى أن العبد لو مات بعد شهر انتقضت الإجارة. (¬6) ف + حتى أعتق المستأجر فعتقه باطل لأنه قد خرج من ملكه حين دفعه إلى رب الدار.

ولو أن رجلاً آجر داراً من رجل سنة بأجر معلوم فسكنها فاستكمل السكنى ثم استحقها رجل، فإن الأجر للمؤاجر على المستأجر، ولا يكون لرب الدار، لأن المؤاجر كان ضامناً غاصباً، والأجر له بضمانه (¬1). وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو حنيفة: عليه أن يتصدق به، ولا يجبر عليه. وإن انهدمت من السكنى ضمن الساكن ويرجع به على المؤاجر. وهو قول محمد. وإذا استأجر الرجل داراً أشهراً مسماة بأجر معلوم ثم أراد رب الدار أن يأخذ بالأجر بَيْعاً (¬2) من المستأجر برضى من المستأجر فلا بأس بذلك، وهو جائز. وكذلك الفَامِي (¬3) يستأجر البيت يبيع فيه كل شهر بأجر معلوم وكان رب البيت يأخذ منه الدقيق والسويق والزيت والسمن يشتري ذلك منه من أجر البيت قبل أن ينقضي الشهر، وكذلك بعدما انقضى الشهر فهو جائز. ولو أن رب البيت أراد أن يتعجل الأجر كله قبل الهلال وأبى المستأجر أن يعطيه من ذلك بقدر ما وجب له فإنه يجبر المستأجر على أن يعطيه من ذلك بقدر ما وجب له. ولو أن رجلاً استقرض من رب البيت أجر البيت شهرين، فأمر رب البيت الفامي المستأجر أن يعطيه ذلك، وكان الرجل يشتري به (¬4) من الفامي السويق والدقيق والزيت والسمن حتى استوفى أجر (¬5) الشهرين فهو جائز، وليس للفامي على المستقرض شيء، ولكن لرب البيت على المستقرض أجر هذين الشهرين اللذين أخذ بهما (¬6) بيعاً، وقد برئ الفامي (¬7) منهما. وكذلك لو أخذ ديناراً فيما يأخذ كان جائزاً، من قبل أن الأجر قرض عليه، فله أن يأخذ به ما شاء من صرف أو غيره. وكذلك ¬

_ (¬1) م ص ف: ضمانه. والتصحيح من ب. (¬2) أي: مبيعاً. وقد تقدم هذا الاستعمال، أي: استعمال البيع بمعنى المبيع، عند المؤلف مرات عديدة. (¬3) ص: القامي. الفامي بتشديد الياء السُّكَّري، وهو الذي يسميه العوام البَيّاع. انظر: المغرب، "فوم". (¬4) ف - به. (¬5) ف - أجر. (¬6) ف: أخذهما. (¬7) م: القاضي.

لو كان للفامي على الرجل دينار وأجر البيت عشرة دراهم كل شهر، فمضى شهران، ثم أمر رب البيت الفامي أن يدفع أجر هذين الشهرين إلى هذا الرجل قرضاً عليه، ورضي الرجل بذلك، فهو جائز. فإن قاصّه بالدينار الذي له عليه وأخذ بالفضل بيعاً دقيقاً أو غيره فهو جائز في العروض والدينار، وعليه الدراهم، وليس هذا بصرف فيما بين رب البيت والمستقرض، ولكنه صرف فيما بين المستقرض والفامي (¬1). وهذا كله قول أبي يوسف ومحمد. ثم رجع أبو يوسف عن الصرف خاصة إذا لم يمض الشهران ولم يجب الأجر، وقال: لا يجوز. ولو كان رب البيت أقرضه الدراهم (¬2) على أن يرد عليه ديناراً بعشرة دراهم فإن هذا لا يجوز، فإن أحاله على هذا الوجه بالدراهم فقاصّه بالدينار (¬3) وأخذ ببقيتها بَيْعاً فإنما له عليه عشرون درهماً، واشتراطه عليه الدينار باطل لا يجوز، وهذا الآن صرف بنسيئة، فلذلك لا يجوز. ولو أن هذا الفامي (¬4) لم يكن وجب عليه أجر هذين الشهرين، ولكن رجل استقرض من رب البيت أجر هذين الشهرين، فأمر الفامي (¬5) أن يعطيه إياه وأن يعجله (¬6) له فطابت نفس الفامي (¬7) بذلك، فأعطى الرجل به دقيقاً أو زيتاً أو ديناراً بعشرة منها، ثم مات رب البيت قبل أن يسكن الفامي (¬8) شيئاً من هذين الشهرين أو انهدم البيت فإن الفامي (¬9) لا يرجع على الرجل ¬

_ (¬1) ص: القارض. (¬2) م ف: الدرهم. (¬3) ص - فقاصه بالدينار. (¬4) م ف: العارض؛ ص: القارض. والتصحيح مستفاد من ب؛ والمبسوط، 15/ 138. (¬5) م ف: العارض؛ ص: القارض. والتصحيح مستفاد من ب؛ والمبسوط، الموضع السابق. (¬6) ف: يعجل. (¬7) م ف: العارض؛ ص: القارض. والتصحيح مستفاد من ب؛ والمبسوط، الموضع السابق. (¬8) م ف: العارض؛ ص: القارض. والتصحيح مستفاد من ب؛ والمبسوط، الموضع السابق. (¬9) م ف: العارض؛ ص: القارض. والتصحيح مستفاد من ب؛ والمبسوط، الموضع السابق.

بشيء، ولكنه يرجع على رب البيت بعشرين درهماً، ويرجع رب البيت على الرجل بعشرين درهماً قرضاً عليه. وكذلك لو استحق البيت أو باعه من عذر في قول أبي يوسف الأول، وهو قول محمد. وقال أبو يوسف بعد ذلك: يرجع على رب البيت بقدر ما أعطى هذا من البيع، فأما حصة الدينار فإنه يرجع بالدينار بعينه على الذي كان عليه الأصل. ولو أن رجلاً استأجر داراً يسكنها بسكنى دار أخرى فإن أبا حنيفة قال: هذا فاسد لا يجوز. وقال: إن استأجرها بخدمة عبد شهراً أو بركوب دابة إلى موضع معلوم فهو جائز. وكذلك لو استأجر عبداً شهراً بسكنى دار شهراً فهو جائز. وكذلك الرجل يستأجر البيت بالعلو بأجر معلوم فهو جائز. وكذلك المنزل بالعلو. وكذلك السفل الذي علوه لغيره. وكذلك منزل على ظُلّة على ظهر (¬1) الطريق آجره رجل فهو جائز. ولا يجوز أن يستأجر سكنى بسكنى ولا خدمة بخدمة. وإذا استأجر المجوسي (¬2) من المسلم داراً فهو جائز. وكذلك أهل الذمة. وكذلك المسلم يستأجر من أهل الذمة. وكذلك المرأة، فهي في ذلك مثل الرجل. وإذا استأجر الرجل داراً بثوب بعينه فهو جائز. وإن سكنها شهراً فليس لرب الدار أن يبيع الثوب من المستأجر ولا من غيره حتى يقبضه، لأنه بمنزلة البيع. ألا ترى أنه لو هلك الثوب قبل أن يدفعه كان على المستأجر (¬3) مثلها. وكذلك الحيوان، وكل عرض بعينه، وكل كيل أو وزن بعينه، وكل فضة أو ذهب تبر بأعيانهما. وكذلك القُلْب (¬4) الذهب والإناء الفضة يستأجر به رجل داراً فاستوفى السكنى ولم يدفع ذلك فليس له أن يبيعه حتى يقبضه. ولو آجر داراً بحنطة بكيل (¬5) معلوم ولم يسم جيداً ولا وسطاً ولا رديئاً فالإجارة فاسدة، وإن سمى جيداً فهو جائز. وله أن يبيعه ذلك قبل أن ¬

_ (¬1) ص - ظهر. (¬2) م ص ف: المجوس. (¬3) م + أجر. (¬4) هو السوار. وقد تقدم مراراً. (¬5) م ف: كيل.

يقبضه، ولا يفارقه حتى يقبض الثمن. وكذلك الوزن كله والكيل كله (¬1). وله أن يبيعه من المستأجر. فإن تفرقا قبل أن يقبض ثمنه انتقض البيع، بمنزلة رجل اشترى ثوباً بمختوم (¬2) حنطة جيد بغير عينه، فله أن يبيعه قبل أن يقبضه من الذي عليه القرض، فإن فارقه قبل أن ينقده انتقض (¬3) البيع، وليس له أن يبيع من غيره. وكذلك الإجارة بالكيل والوزن بغير عينه بعد أن سمى جيداً أو وسطاً فهو مثل ذلك، وله أن يبيعه من المستأجر قبل أن يقبضه، فإن قبض ثمنه قبل أن يفترقا فهو جائز، وإن تفرقا قبل أن يقبض الثمن انتقض البيع. ولو أن رجلاً استأجر داراً بثوب بعينه وبدراهم كان جائزاً. وكذلك لو اشترط مع ذلك قفيز حنطة جيد بغير عينه أو بعينه (¬4) فهو جائز. وكذلك لو استأجره بثوب وبخدمة عبد شهراً فآجر رب الدار العبد ذلك الشهر بدراهم فهو له، وإن (¬5) كان فيه فضل فهو له طيب، ولا يتصدق به. وليس هذا كالذي يستأجر بيتاً بدراهم ثم يؤاجره بفضل دراهم. ولو استأجر بيتاً [بثوب] (¬6) فأجره بدراهم أكثر من قيمة الثوب طاب له الفضل، إذا اختلف الذي أجره له والذي استأجره له طاب له (¬7) الفضل. إنما يكره من ذلك أن يستأجر بدرهم فيؤاجره بدراهم أكثر منها، أو يستأجره بطعام، فيؤاجره بأكثر (¬8) من الطعام. فإن أجره بشعير أكثر من قيمته فهو جائز. وإن باع الثوب قبل أن يقبضه وقبضه المشتري فإن البيع مردود. فإن وجد (¬9) الثوب أخذه، وإن وجده مستهلكاً أخذ قيمته. وكذلك لو أجرها بركوب دابة شهراً أو أجرها رب الدار بعدما قبضه بعشرة دراهم ذلك الشهر فهو جائز. وإن أجرها مستأجر الدار فهو باطل، ورب الدار أولى بها. فإن حبسها عنه حتى يمضي ذلك الشهر فله أجر مثل الدار كله. وإذا استأجر داراً سنة بثمانية دراهم وعشرين قفيز (¬10) حنطة جيدة، ¬

_ (¬1) ف - والكيل كله. (¬2) مكيال معروف. وقد تقدم. (¬3) ص - انتقض؛ صح هـ. (¬4) ص: أو بغير. (¬5) ص + وإن. (¬6) الزيادة من الكافي، 1/ 204 ظ. (¬7) ف - له. (¬8) م ص+ منه. (¬9) ف: وجده. (¬10) ص: قفيزا.

فسكنها السنة، ثم إن رب الدار اشترى بالدراهم والحنطة دابة من المستأجر بعينها، فهو جائز. وإن تفرقا قبل أن يقبضها فهو جائز. وكذلك كل شيء اشترى به بعينه فهو جائز (¬1)، لأن العين بعينه، يطيب له الفضل. ولو كان باعه الحنطة بدراهم ثم تفرقا قبل أن يقبضها كان فاسداً، لأنه دين بدين. ولو باعه الحنطة بشعير بعينه ثم تفرقا قبل أن يقبضها كان جائزاً، لأنه بعينه. ولو كان بغير عينه وشرط له شعيراً جيداً، فإن قبض قبل أن يتفرقا فهو جائز، وإن تفرقا قبل أن يقبض فهو باطل، لأنه دين بدين، ولأنه بغير عينه. وكذلك الزيت والسمن وكل شيء يوزن أو يكال. فإن قبض الطعام والدراهم فوجد في الدراهم زَيْفاً (¬2) وفي الطعام عيباً كان له أن يرد ذلك ويستبدله بعد أن يقر المستأجر أنه أعطاه ذلك. ولو جحد وقال: ليس هذا مما أعطيتك، فإن القول قول رب الدار مع يمينه. وكذلك لو شهد له أنه قد (¬3) قبض منه كذا وكذا درهماً وكذا وكذا قفيز حنطة فإن القول قوله في الزَّيْف والنَّبَهْرَج (¬4) وأن الطعام به عيب (¬5). فإن قال: قد قبضت منه من أجر الدار عشرة دراهم وقفيز حنطة، ثم جاء بدراهم زُيُوف أو سَتُّوق (¬6) أو نَبَهْرَج أو بقفيز حنطة فيه عيب ليرده، فإن القول قول المستأجر في ذلك، ولا يصدق ¬

_ (¬1) ف - وإن تفرقا قبل أن يقبضها فهو جائز وكذلك كل شيء اشترى به بعينه فهو جائز. (¬2) زَافَتْ عليه دراهمُه أي: صارت مردودة عليه لِغِشٍّ فيها، وقد زُيِّفَتْ إذا رُدَّتْ، ودرهم زَيْف وزائف، ودراهم زُيُوف وزُيَّف، وقيل: هي دون البَهْرَج في الرداءة، لأن الزيف ما يرده بيت المال، والبَهْرَج ما يرده التجار، وقياس مصدره الزُّيُوف، وأما الزَّيَافَة فمن لغة الفقهاء. انظر: المغرب، زيف. وقال السرخسي: ثم الزيوف ما زيّفه بيت المال ولكن يروج فيما بين التجار. انظر: المبسوط، 12/ 144. (¬3) م ص - قد. (¬4) النَّبَهْرَج والبَهْرَج الدرهم الذي فضته رديئة، وقيل: الذي الغلبة فيه للفضة، إعراب نَبَهْرَه. وقيل: المُبْطَل السِّكّة. انظر: المغرب، "بهرج"؛ والقاموس المحيط، "نبج". (¬5) م ص ف: والطعام له أن العيب. والتصحيح من ب؛ والكافي، 1/ 204 ظ. (¬6) قال المطرزي: السَّتُّوق بالفتح أردأ من البَهْرَج، وعن الكرخي: الستّوق عندهم ما كان الصُّفْر أو النحاس هو الغالب الأكثر، وفي الرسالة اليوسفية: البَهْرَجَة إذا غلبها النحاس لم تؤخذ، وأما الستّوقة فحرام أخذها، لأنها فلوس. انظر: المغرب، ستق. وقال السرخسي: الستوقة فلس مموه بالفضة. انظر: المبسوط، 12/ 144.

رب الدار أنه زَيْف، لأنه قد أقر أنه قبض أجر الدار الدراهم. أرأيت لو قال: قد قبضت منه أجر الدار كله، ثم جاء فقال: وجدتها زُيُوفاً، أكان يصدق عليه، لا يصدق على شيء من ذلك إذا أقر أنه قد أخذه من أجر الدار. ولو قال: قد (¬1) استوفيت أجر الدار، ثم جاء بعد ذلك فقال: وجدتها زُيُوفاً، لم يصدق ببينة ولا بغيرها. ولو أجرها بثوب بعينه فقبضه، ثم جاء به يريد رده من عيب، فقال المستأجر: لم يكن هذا فيه، فالقول قول المستأجر، وعلى رب الدار البينة. فإن جاء رب الدار ببينة رده وأخذ قيمته سكنى وهو أجر مثلها، وإن لم يأت ببينة حلف المستأجر ما كان هذا فيه، وبرئ (¬2) منه. ولو كان حدث به عيب عنده لم يستطع رده، ولكنه يرجع بفضل العيب المدلس بقدر ذلك من أجر مثلها. وكذلك كل حيوان أو عرض من العروض يستأجر به الرجل بعينه. ولو كان رب الدار باع ذلك لم يكن له أن يرجع بعيب. وكذلك لو قبلت بغير قضاء قاض. ولو لبس الثوب بعدما رأى العبد كان هذا رضى منه بالعيب ولم يرجع بشيء. ولو استوفى المستأجر السكنى وأوفى الأجر ثم خرج من الدار وفيها (¬3) تراب كثير ورماد كثير، فقال رب الدار للمستأجر: أخرجه، وقال المستأجر: بل إخراجه عليك، والمستأجر مقر أنه من كُناسته ورماده، فإن على المستأجر أن يخرج ذلك كله. وكذلك كل سِرقين وزِبْل. أرأيت لو مات للمستأجر دابة فيها أما كان عليه إخراجها، أو ترك فيها دناناً أو حِبَاباً (¬4) مكسورة أما كان عليه إخراج ذلك. فإن كانت فيها بالوعة أو كِرْيَاس (¬5) قد امتلأ ذلك من فِعال المستأجر وأهله فإن هذا في القياس مثل الباب الأول، ولكن أدع القياس في هذا، ولا أجعل على المستأجر ما غيبت الأرض من ¬

_ (¬1) ص - قد. (¬2) ص: فبرئ. (¬3) م ص ف: وما فيها. (¬4) حِبَاب جمع حُبّ بمعنى الجرة الضخمة. انظر: لسان العرب، "حبب". (¬5) الكرياس: الكنيف، وقيل: هو الكنيف الذي يكون مشرفاً على سطح بقناة إلى الأرض. قال الأزهري: سمي كرياساً لما يعلق به من الأقذار فيركب بعضه بعضاً ويتكرس. وقيل: كرناس بالنون. انظر: لسان العرب، "كرس".

ذلك، إنما عليه ما ظهر. ولو اختلفا فيما ظهر، فقال المستأجر: استأجرتها وهو فيها، وقال رب الدار: بل هو من فعلك، فإن القول قول المستأجر في ذلك مع يمينه، ولا يؤخذ بإخراجه، إلا أن يقيم بينة (¬1) أنه (¬2) من فعاله. ولو اشترط رب الدار على المستأجر حين آجره إخراج ما أحدث فيها من تراب أو سِرقين، كان ذلك جائزاً، لأنه عليه وإن لم يشترط، وكذلك إذا اشترطه. ولو استأجر فَامِي من الرجل بيتاً، فباع فيه زماناً، ثم خرج منه واختلفا فيما فيه (¬3) من الأواني (¬4) التي تكون فيها البيع والرفوف (¬5) التي فيه على (¬6) هذه (¬7) الأواني والتَّخَاتِج (¬8) التي قد بني عليها (¬9) البناء، فقال رب البيت: كان هذا في بيتي حين استأجرته، وقال المستأجر: بل أنا أحدثته، فإن القول في ذلك قول المستأجر مع يمينه. وكذلك الطحان إذا خرج من البيت فأراد أن يأخذ متاع الرحى وما كان تحتها من بناء وخشبها الذي منها وأساطينها فذلك كله للطحان المستأجر، وليس لرب البيت من ذلك شيء. وكذلك القصّار والقلاّء (¬10) والحدّاد وكل بناء نحو هذا، نحو قِدْر أو مِقْلَى أو كِير الحدّاد والصائغ، فهو كله للمستأجر مع يمينه. وكذلك ما أشبه هذا من الأوعية والآنية والأداة التي تكون للصناع والعمال. ولو أن رجلاً استأجر أرضاً ليطبخ فيها الآجُرّ والفَخَّار بأجر مسمى فهو ¬

_ (¬1) م + على. (¬2) م: أنها. (¬3) م ص: بينه. (¬4) ص - من الأواني. (¬5) م: والرقوف. (¬6) ب: عليها. وما عند الحاكم موافق لما في المتن. انظر: الكافي، 1/ 204 ظ. (¬7) م ص ف: هذا. (¬8) التخاتج جمع تَخْتَج قياساً، وهو تعريب تَخْتَه. انظر: المغرب، "تختج". (¬9) م ص ف: عليه. (¬10) م ص ف: والعلاف. والتصحيح من الكافي، 1/ 205 و، والمبسوط، 15/ 142. والقَلّاء هو الذي يصنع القَلِيَّة، وهي مَرَقَة تُتخذ من لحوم الجزور وأكبادها، والقلاء أيضا هو الذي يقلي البر للبيع. انظر: لسان العرب، "قلي".

جائز. وإن اختلفا في الأتون الذي يطبخ فيه الآجر، فقال رب الأرض: أنا بنيته وآجرتكه، وقال (¬1) المستأجر: بل بنيته أنا، فالقول قول المستأجر في هذا، لأني رأيت المستأجر هو الذي يبني فيها، فالقول قوله مع يمينه. ولو اختلف رب الدار والمستأجر في بناء من بناء الدار غير ما ذكرنا، أو في باب أو في خشبة أدخلها في السقف، فقال رب الدار: أنا أجرتك وهذا فيها، وقال المستأجر: أنا أحدثته، فإن القول في هذا (¬2) قول رب الدار مع يمينه. وكذلك كل حائط أو فَرْش (¬3) بآجُرّ أو تجصيص أو تطيين أو باب مركَّب أو غَلَق (¬4) في باب أو ميزاب، فإن القول قول رب الدار مع يمينه. وما كان في الدار من لَبِن موضوع رطب أو يابس أو جذع موضوع أو آجُرّ أو جص (¬5) فهو للمستأجر، والقول فيه قوله مع يمينه. وإنما هذا عندنا بمنزلة متاعه في الدار وثيابه. فإن أقاما جميعاً البينة على كل شيء جعلنا القول قول المستأجر، والبينة بينة رب الدار. ولو كان في الدار بئر ماء مطوياً أو بالوعة محفورة وقال المستأجر: أنا أحدثتها، وأنا (¬6) أقلع بنائي، فالقول في ذلك قول رب الدار مع يمينه، وإن قامت لهما بينة أخذت (¬7) ببينة المستأجر. وكذلك الخُصّ (¬8) والسُّتْرَة (¬9) والدرج والخشب المبني في البناء. ولو أراد المستأجر قلع تنور في الدار وقال: أنا أحدثته، ¬

_ (¬1) ف: فقال. (¬2) ص - في هذا. (¬3) ص: أو غرس. (¬4) الغَلَق بالتحريك المغلاق: وهو ما يغلق ويفتح بالمفتاح. انظر: المغرب، "غلق". (¬5) م ف: وجص. (¬6) م ص: فأنا. (¬7) ص ف: آخذ. (¬8) م ص ف ب: الجص. وكذلك الكافي، 1/ 205 و. والتصحيح من المبسوط، 15/ 143. والخُصّ بيت من قَصَب. انظر: المغرب، "خصص". أما الجص فقد تقدم ذكره في المتن قبل قليل، فلا حاجة إلى التكرار، والله أعلم. (¬9) سُترة السطح ما يبنى حوله. وقيل: هي الظُّلّة، وهي شيء خفيف لا يمكن الحمل عليها. انظر: المغرب، "ستر".

وقال رب الدار: بل كان فيها، فالقول في ذلك قول المؤاجر مع يمينه، لأن هذا مثل البناء. ولو كان في الدار كُوَّارَات (¬1) نحل اختلفا (¬2) فيها كان القول فيها قول المستأجر. وكذلك الحَمَام والدجاج إنما هو بمنزلة الشاة والبعير والدابة، فهو للمستأجر. ولو جصّصها المستأجر أو فرش البيت بآجُرّ أو بجص أو ركّب باباً أو جعل غَلَقاً في باب وأقر بذلك رب الدار فإن للمستأجر أن يقلع ذلك كله، وكل (¬3) شيء أحدثه فيها مما لا يضر قلعه فله أن يأخذه، وما كان من ذلك مما يضر بالدار إذا قلعه فليس له أن يقلعه، ولكن قيمة ذلك الشيء (¬4) على رب الدار يوم يختصمون. ولو كان سَمَّكَ حائط دار فأدخل في أساسه ألف آجرة بغير أمر رب الدار وكان قلعه يضر بالدار فإن له قيمته على رب الدار يوم يختصمان فيه. ولو كان نقض المستأجر من الحائط شيئاً ضمن ذلك النقصان. وكذلك كل بناء أو جذع أدخله فهو مثل هذا. ولو انهدم بيت من الدار فقال المستأجر: نُقْضُه (¬5) في، وقال رب الدار: بل هو لي، فإذا عرف أنه بيت انهدم فهو لرب الدار، والقول في ذلك قوله مع يمينه، وإن لم يعرف فالقول قول المستأجر مع يمينه. ولو كان رب الدار أمر المستأجر أن يبني في الدار على أن يحسب له (¬6) ذلك من الأجر فبنى ولم يختلفا في البناء وأقرا به جميعاً ولكنهما ¬

_ (¬1) الكوارة بالضم والتشديد: مُعَسَّل النحل إذا سُوّي من طين. انظر: المغرب، "كور". (¬2) ص: واختلفا. (¬3) ص: فكل. (¬4) ص - الشيء. (¬5) النُّقْض البناء المنقوض، والجمع نُقُوض. وقيل: النِّقْض بالكسر لا غير. انظر: المغرب، "نقض"؛ والمصباح المنير، "نقض". (¬6) ص - له.

اختلفا في النفقة، فإن القول قول رب الدار مع يمينه على علمه. فإن أقاما جميعاً البينة أخذت ببينة المستأجر، لأنه مدعي الفضل. ولو قال رب الدار: لم يبن فيها شيئاً (¬1)، وقال المستأجر: قد بنيت فيها، فإن القول قول رب الدار مع يمينه. فإن قامت لهما جميعاً البينة أخذت ببينة المستأجر، لأنه المدعي. ولو قال رب الدار: لم آمرك بالبناء، ولم تبن فيها شيئاً، وقال المستأجرة قد أمرتني، وقد بنيت هذا الحائط، فإن القول قول رب الدار مع يمينه. فإن أقاما جميعاً البينة أخذت ببينة المستأجر، لأنه مدع، ولزم رب الدار النفقة. ولو كان على باب منها مصراعان فوقع أحدهما والآخر معلّق بالباب، فاختلف رب الدار والمستأجر في ذلك، فقال رب الدار: المصراع الساقط لي والمعلّق لك، والساقط يعرف أنه أخوه، وقال المستأجر: بل هما لي، أو قال: بل الساقط لي، وليس هذا المعلّق في (¬2)، فإن القول قول رب الدار في ذلك مع يمينه، فإن قامت لهما بينة أخذت ببينة المستأجر، لأنه مدع. ولو كان بيت سقفه مسقف بجذوع مصورة فسقط جذع منها فكان مطروحاً في البيت، فاختلف رب الدار والمستأجر فيه، فقال رب الدار: هو من سقف هذا البيت، وقال المستأجر: بل هو في، وهو يعرف أن تصاويره موافق لتصاوير البيت، فإن القول في ذلك قول رب الدار مع يمينه. فإن أقاما جميعاً البينة أخذت ببينة المستأجر، لأنه مدع. وإصلاح الدار والبيت وتطيينها وإصلاح ميازيبها وما (¬3) وهى من بنائها أو حيطانها على رب الدار، ليس على المستأجر من ذلك شيء. وكذلك كل سُتْرَة (¬4) يضر تركها بالسكنى فعلى رب الدار. فإن أبى أن يفعل فللمستأجر ¬

_ (¬1) ص - شيئاً. (¬2) ص: وهذا المعلق ليس لي. (¬3) ص - وما؛ صح فوق السطر. (¬4) سترة السطح: ما يبنى حوله، والسترة أيضاً: الظُّلّة، وهي شيء خفيف يبنى على الحائط لا يمكن الحمل عليها. انظر: المغرب، "ستر".

أن يخرج منها، إلا أن يكون استأجرها وهي كذلك وقد رآها. وإصلاح بئر الماء والبالوعة وبئر المَخْرَج (¬1) على رب الدار، ولا يجبر على ذلك. وإن كان ذلك إنما امتلأ من فعل المستأجر فإن شاء المستأجر أن يصلح ذلك فعل، ولا يجبر على (¬2) ذلك (¬3)، ولا يحسب ذلك له من الأجر. ولو أن رجلاً آجر من رجل نصف دار غير مقسوم أو نصف (¬4) بيت هو (¬5) فيه ساكن لم يبين لصاحبه نصفه من النصف (¬6) الآخر، ولم يبين أين سكنه (¬7) في مقدّمه أو مؤخّره، فقال كل واحد منهما: أنا أسكن في مقدّم البيت أو مؤخّره، ما القول فيه؟ قال: أما أبو حنيفة فقال: الإجارة في هذا فاسدة، ولا تجوز مِن قِبَل أنه غير مقسوم. وقال أبو يوسف ومحمد: أما نحن فنراه جائزاً، ويتهايآن فيه، يجبران (¬8) على ذلك. رجل تكارى داراً من رجل سنة على أن جعل أجرها أن يكسوه ثلاثة أثواب هل تجوز هذه الإجارة؟ أرأيت إن قال له: أكسوك ثلاثة أثواب، ولم يسم من أي جنس هي، أرأيت إن ذكر أجناسها هل تجوز هذه الإجارة؟ ما غاية كسوة الرجل، ما غاية كسوة المرأة، وقد سكنها سنة؟ قال: الإجارة فاسدة، فإن سكنها كان عليه أجر مثلها فى قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل تكارى منزلاً من رجل داراً كل شهر بدرهم، فقال له رب المنزل: دونك المنزل فانزله، ولم يفتح له بابه، فجاء رأس الشهر، فقال رب المنزل: هات أجر البيت، فقال المستأجر: لم أنزله ولم تفتحه لي، بقول من يؤخذ؟ ¬

_ (¬1) المخرج هو الكنيف، وقد تقدم مراراً. (¬2) م - على. (¬3) ص - ولا يجبر على ذلك. (¬4) ص: أو نصفا. (¬5) م ف: فهو؛ ص - بيت هو. (¬6) م ص ف: نصف من نصف. (¬7) م ص ف: أني سكنته. (¬8) ص: غيران؛ ف: يجبر.

قال: إن كان يقدر على فتحه فالمستأجر ضامن، والكراء عليه، وأن كان لا يقدر على فتحه فلا أجر له على المستأجر في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل تكارى من رجل منزلاً في دار- وفي الدار سكان - كل شهر بدرهم فأدخله في الدار وخلى بينه وبين المنزل وقال: اسكنه، فلما جاء رأس الشهر طلب (¬1) رب المنزل الأجر، فقال المستأجر: ما سكنته، حال بيني وبين النزول فيه فلان الساكن، ولا بينة له بذلك، والساكن مقر بذلك أو جاحد، ما القول في ذلك؟ وببينة (¬2) من يؤخذ؟ قال: إن كان المستأجر فيه فالأجر على المستأجر، وإن كان فيه ساكن غاصب فلا أجر (¬3) على المستأجر، والقول فيه قوله، وأن لم يكن فيه ساكن فالمستأجر ضامن للأجر في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل تكارى داراً من رجل بمائة درهم سنة، فلما جاء رأس السنة وأراد الخروج من الدار فإذا في الدار زِبْل وطين وتراب كثير وسِرقين الدواب، فقال رب الدار: انقل هذا فإنه عليك، وقال المستأجر: بل هو عليك والدار دارك، وهو يعلم أنه من عمل المستأجر على من يكون ذلك الكَنْس وما أحدث فيها من الطين والتراب والسِرقين والعذرة، على رب الدار أو على المستأجر؟ قال: على المستأجر (¬4) كنس ذلك كله في قياس قول أبي حنيفة، وهو قول أبي يوسف ومحمد. رجل تكارى من رجل منزلاً سنة كل شهر بعشرة دراهم، فلما حل الأجل وأعطاه أجر المنزل وأراد الخروج من الدار فقال رب الدار: إنك قد ملأت البئر من الوضوء وغيره، فاكنسها، وقال المستأجر: بل هو عليك، ¬

_ (¬1) ف: وطلب. (¬2) ص: وبينة. (¬3) ف + له. (¬4) م ص - قال على المستأجر؛ صح م هـ.

على من يكون ذلك، على رب الدار أو على المستأجر؟ قال: لا يكون على المستأجر (¬1) كنس البئر، ولا يؤخذ به رب الدار أيضاً في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً تكارى البيت ولم يسم ما يعمل فيه أترى الكراء على هذا جائزاً (¬2)؟ أرأيت إن عمل فيه بالحديد والقِصَارة حتى انهدم البيت أترى عليه ضماناً فيما انهدم من المنزل؟ أرأيت إن أقاما جميعاً البينة فقال المستكري: استكريت منك البيت لأعمل فيه القِصَارة والحديد، وقال الآخر (¬3): لم أكرك لهذا، إنما أكريتك لعمل غير هذا، وبينهما بينة، [ببينة من يؤخذ؟ قال:] ببينة (¬4) المستأجر (¬5)، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإن سَلِمَ البيت ولم ينهدم جعلت عليه الكراء، أستحسن ذلك، وأدع فيه القياس. رجل تكارى داراً أو بيتاً كل شهر بأجر معلوم وأسكن في الدار أو في البيت معه غيره فانهدم المسكن الذي أسكنه، لم يبين لصاحب المنزل أن أسكن (¬6) فيه من أحد، هل يضمن المستكري، وما القول في ذلك؟ أرأيت إن كان بينهما بينة ببينة (¬7) من يؤخذ؟ (¬8). قال: لا يضمن في شيء مما ذكرت، وليس عليه بينة في ذلك، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل تكارى من رجل بيتاً كل شهر بدرهم، فجاء صاحب المنزل فقال: أعطني أجر الشهر قبل أن يتم الهلال، فقال المستأجر: لا أعطيك حتى يتم الشهر، هل له ذلك، وهل لرب المنزل أن يأخذه بحساب ما سكن فيه، فيأخذ منه أجر ذلك، الأول فالأول؟ ¬

_ (¬1) ص - قال لا يكون على المستأجر. (¬2) م ص: جائز. (¬3) ص: الآجر. (¬4) ص: فبينة. (¬5) م ص ف + يؤخذ بها. (¬6) ص: أن سكن. (¬7) ص: بينة. (¬8) ص + بها.

قال: يأخذه بأجر يوم بيوم، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك الغلام إذا استأجره. أرأيت الرجلٍ يتكارى المنزل من الرجل كل شهر بدرهم فيَرُمُّ (¬1) المستأجر فيه مَرَمَّة فطلب رب المنزل الأجر، فقال المستأجر: قد انفقت على الدار كذا وكذا، ولم يفضل لك من الأجر شيء، فقال رب المنزل: إني لم آمرك أن تنفق كل هذا، واتهمه (¬2)، بقول من يؤخذ، وببينة من يؤخذ؟ قال: القول قول رب الدار إذا قال: إني لم آمرك، والقول (¬3) قول رب الدار أيضاً إن قال (¬4): أمرتك بكذا (¬5) وكذا، بدون الذي أنفق، وعلى الآخر البينة، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل تكارى من رجل بيتاً بدرهم كل شهر، فلما جاء رأس الشهر طلب رب البيت أجر البيت، فقال المستأجر: إنما أعرتنيه وأسكنتنيه بغير أجر، وصاحب البيت منكر لذلك، ولا بينة بينهما، بقول من يؤخذ، وببينة من يؤخذ؟ قال: القول قول الساكن مع يمينه، والبينة بينة رب الدار مع يمينه (¬6) في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل أكرى داراً من رجل كل سنة بمائة درهم، فلما جاء رأس السنة طلب رب الدار الأجر، فقال الآجر: إن الدار داري، ولا حق لك فيها، أو قال (¬7): هي لفلان، وكلني بالقيام عليها أو أجرها مني (¬8)، فقبض (¬9)، ولا ¬

_ (¬1) رَمَّ البناء: أصلحه، رَمَّا ومَرَمَّة، من باب طلب. انظر: المغرب، "رمم". (¬2) م ص: أو اتهمه. (¬3) ف: فالقول. (¬4) ص: إذا قال. (¬5) م ص ف: كذا. (¬6) قوله "مع يمينه" لا يوجد في الكافي، 1/ 205 ظ، ولا في المبسوط، 15/ 148. ولعل حذفه هو الصواب. (¬7) ص: وقال، ف: لو قال. (¬8) م ص - مني؛ صح م هـ (¬9) كذا في م ص ف. وهي مهملة في ف. ولم تتبين في قراءة الكلمة في الكافي، 1/ 205 ظ. ولعل المعنى أن المستأجر قبض الدار وهي في يده.

بينة لهما، بقول من يؤخذ، وببينة من يؤخذ إن كانت لهما بينة؟ قال (¬1): القول قول المستأجر، وهو خصم، والبينة بينة الطالب في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل أكرى منزلاً له من رجل كل سنة بكذا وكذا، فلما جاء رأس السنة طلب صاحب المنزل الأجر، فقال المستأجر: إنك وهبت المنزل لي، فلا أجر لك، أو أعرتنيه، أو وهبته لابني، فلا أجر لك، ولا بينة بينهما، بقول من يؤخذ، وببينة من يؤخذ، وهل يبرئه دعواه من الكراء؟ قال: إذا ادعى رقبة المنزل لنفسه أو لابنه أو ادعى عارية ولم يقر بأصل الكراء فإن القول فيه قول المستأجر في العارية مع يمينه، والبينة بينة المؤاجر. فأما في الهبة فالقول قول رب الدار، ولا أجر على الساكن، والبينة بينة الموهوب له، يؤخذ له ذلك. وإذا أقر بأصل الكراء ثم ادعى الهبة أو العارية فدعواه باطل، والكراء له لازم، إلا أن يقيم بينة في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل استأجر (¬2) من رجل حانوتاً ومن رجل آخر حانوتاً آخر فنقب أحدهما إلى الآخر يترفّق بذلك، هل يضمن في ذلك إن كان نقض الحائط، لأنه نقبه إلى البيت الآخر؟ قال: هو ضامن لما أفسد من الحائط، والكراء عليه في البيتين جميعاً في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل استأجر داراً فيها أبيات كثيرة بأجر معلوم، فآجر من الدار أبياتاً، وسكن هو سائرها فانهدم الذي آجر منها، هل يضمن الذي استأجر الدار من الذي استأجر من المستأجر، فإن ضمن هل يرجع على الذي أجره، ما القول في ذلك، بقول من يؤخذ، وببينة من يؤخذ، أرأيت إن قال الذي استأجر الدار: إنما انهدم الذي سكنت أنا فيه، وقال رب الدار: إنما انهدم الذي آجرته أنت، ما القول في ذلك، وببينة من يؤخذ؟ ¬

_ (¬1) م ص ف: فان. (¬2) م: استجار.

قال: لا ضمان عليه في شيء من ذلك، وعليه الكراء في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، لأن سكناه وسكنى غيره سواء. ألا ترى أنه يُسكِن فيها خدمه وأضيافه وأجراءه، وعليه الكراء. رجل تكارى من رجل منزلاً سنة بعشرة دراهم، فخرج الرجل من البيت، فعمد أهله فأكروا من المنزل بيتاً وأنزلوا إنساناً آخر، فانهدم البيت الذي أسكنوه، هل يضمن الذي أسكن الدار (¬1) أو يضمن الذي استأجر المنزل أو يضمن أهله الذين أكروه وأنزلوه؟ قال: لا ضمان على المستأجر ولا على المؤاجر إلا أن ينهدم من عمله، فإن انهدم من عمله ضمن، ويرجع بما ضمن من ذلك على الذي آجره في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل تكارى منزلاً من رجل (¬2) كل شهر بدرهم، فطلق الرجل امرأته، فخرج من المنزل وذهب، هل لصاحب المنزل سبيل على المرأة وعلى الرجل، والمرأة مقرة أن زوجها استكرى المنزل وطلقها وذهب؟ قال: لا كراء على المرأة، ولا تخرج من المنزل حتى الهلال (¬3)، والكراء على الزوج، وهو قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل تكارى منزلاً من رجل بدرهم كل شهر على أن ينزله هو وحده ولا ينزله غيره، فتزوج امرأة أو امرأتين فأنزلهما معه فيه، فأبى صاحب المنزل أن يدعه، أله ذلك إن أراد أن يخرج منه؟ أرأيت إن تكارى المنزل منه سنة ففعل ذلك شهراً أو شهرين أله أن يخرج من المنزل قبل أن يتم السنة، ما القول في ذلك، وببينة من يؤخذ؟ قال: ليس لرب المنزل أن يخرجه قبل السنة من أجل ما ذكرت، لأن له أن ينزله هو ومن كان معه من أهله، وليس الشرط بشيء، ولا سبيل له ¬

_ (¬1) م ف + ويضمن الذي استأجر المنزل. (¬2) ف - من رجل. (¬3) ف: حتى الهلاك.

عليه حتى يتم السنة في قياس أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل تكارى منزلاً من رجل كل شهر بعشرة دراهم، فقال صاحب المنزل: اكنس البئر التي في المنزل مخافة المطر، فقال المستأجر: ذلك عليك، وأنت تكنسه من عندك، أو طَيِّن فوق البيت، فقال رب المنزل: هو عليك، وقال المستأجر: بل هو عليك، على من يكون ذلك، وبقول من يؤخذ؟ أرأيت إن قال صاحب المنزل: إن رضيت وإلا فاخرج، وقد أكرى (¬1) المنزل منه سنة؟ فقال: ذلك كله على رب المنزل، ولا يجبر عليه، ولكن إن أضر ذلك بالمستأجر في سكناه كان له أن يخرج في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل تكارى (¬2) من رجل داراً سنة بمائة درهم، فعمد المستأجر فحفر فيها بئر الماء أو بئراً يتوضأ فيها، فدخل داخل فعطب فيها أو بعض أهل الدار، هل يضمن الذي حفر البئر؟ أرأيت إن أذن له صاحب الدار أو لم يأذن له هو سواء؟ قال: إن أذن له رب الدار فلا ضمان عليه، وإن لم يأذن له فهو ضامن في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل تكارى من رجل داراً كل شهر بعشرة دراهم، على أن ينزلها هو بنفسه وأهله، على أن يعمر الدار ويَرُمّ ما كان فيها من خرابٍ مَرَمَّةً ويصلحها، ويعطي أجر حارسها وما نابها من نائبة من سلطان وغيره، هل يجوز الكراء على هذا، فإن لم يجز وسكنها ما له من الأجر؟ قال: عليه أجر مثلها، والإجارة على ما ذكرت من الشرط الفاسد لا تجوز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، وإن سكنها فعليه أجر مثلها بالغا ما بلغ، من قبل أنه اشترط مع الأجر شيئاً مجهولاً لا يعرف (¬3)، ولا ينقص مما سماه. ¬

_ (¬1) م: اكترى. (¬2) م: تكرى. (¬3) م ص: مما يعرف.

رجل تكارى من رجل داراً سنة بمائة درهم، فكان في الدار جدار واهي (¬1)، ورب الدار غائب، فتقدموا إلى الساكن في الحائط فلم يهدمه حتى وقع وقتل إنساناً، هل يضمن صاحب الدار أو المستأجر، ويُوجَب على صاحب الدار شيء (¬2) لما تقدموا إلى الساكن؟ قال: لا يضمن واحد منهما في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك لو كان رهناً أو عارية. رجل تكارى منزلاً من رجل في دار كل شهر بدرهم، وفي الدار سكان غيره، فأدخل الساكن دابة له في الدار فأوثقها (¬3) على بابه (¬4) فضربت (¬5) إنساناً (¬6) فمات، أو هدمت (¬7) حائطاً، هل عليه من ذلك الضمان؟ أرأيت إن أدخل صاحب الدار دابة له أو دابة لضيف له فوطئت (¬8) إنساناً من السكان، هل يضمن رب الدار ما وطئت (¬9) أو أفسدت من متاع السكان؟ قال: لا ضمان على واحد منهما في شيء من ذلك، لأن للساكن أن يربط دابته في الدار، وكذلك رب الدار. رجل تكارى داراً سنة بأجر معلوم فسكنها، هل لرب الدار أن يربط فيها دابة بغير رضى الساكن؟ فإن فعل فضربت إنساناً من أهل الساكن هل يضمن؟ قال: ليس له أن يربط فيها دابة بغير رضى الساكن (¬10)، وإن فعل فهو ضامن لما أصابت. ¬

_ (¬1) ص: واه. (¬2) ص: شيئاً. (¬3) م: فأوبقهما؛ ص: فأوثقهما. (¬4) م ص ف: على دابة. والتصحيح من ب؛ والكافي، 1/ 205 ظ. (¬5) م ص ف: فضرب. (¬6) م: إنسان. (¬7) ص: أو هدم. (¬8) م ص ف: فأوطت. (¬9) م ص ف: ما أوطت. (¬10) ص - فإن فعل فضربت إنسانا من أهل الساكن هل يضمن قال ليس له أن يربط فيها دابة بغير رضى الساكن.

رجل تكارى من رجل داراً بخدمة عبد شهراً، على أن يسكن الدار شهراً (¬1)، فسكن الدار شهراً، فمات العبد قبل أن يكمل الشهر، أرأيت إن كان العبد ليس بعينه إلا أنه قال: أسكن دارك شهراً بخدمة عبد من عبيدي شهراً، هل يجوز هذا؟ فإن لم يجز وقد سكن الدار شهراً ولم يعطه العبد، أو مات، ما لصاحب الدار من الأجر؟ قال: إن كان العبد بعينه فالإجارة فاسدة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإن كان العبد بغير عينه وقد سكن الدار ففيها أجر مثلها، مات العبد أو لم يمت، في قول أبي حنيفة وأبي يوسف (¬2) ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً تكارى داراً من رجل سنة بمائة درهم، على أن لا يسكنها ولا ينزل فيها، فوقع الكراء على هذا، هل يجوز ذلك؟ أرأيت إن كملت السنة فطلب صاحب الدار الأجر، فقال المستأجر: لم أسكنها، ولا أجر لك علي؟ أرأيت إن تصادقا على ما ذكرت لك هل يُلزِمه ذلك أجراً؟ قال: الإجارة فاسدة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، وإن لم يسكنها فلا أجر عليه، وإن سكنها فعليه أجر مثلها، ولا ينقص مما سماه. رجل تكارى من رجل داراً على أن يسكن فيها، فلم يسكن فيها، لكنه جعل فيها طعاماً حنطة وشعيراً وتمراً وغير ذلك من أنول التجارة، وإنما استكراها منه سنة بأجر معلوم، فقال رب الدار: إن لم تسكنها فرد علي الدار، فإن هذا يخربها علي، ولم (¬3) تكمل السنة بعد، هل له ذلك؟ قال: ليس لرب الدار أن يخرجه حتى يكمل السنة في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، لأن هذا من السكنى. رجل تكارى من رجل داراً سنة بمائة درهم، فزوج المستأجر ابنته من ¬

_ (¬1) ص - على أن يسكن الدار شهرا. (¬2) ف - وأبي يوسف، صح هـ. (¬3) م ص ف: فلم.

رجل، وبوّأها في الدار معه بيتاً، وخلى بينه وبين امرأته عرّس بها (¬1)، والأب في ناحية من الدار في منزل آخر، فطلب الأب من الزوج كراء منزله، فقال: عليك أجر المنزل الذي أنت فيه، وأبى الآخر، وقال: الأجر لك، وإنما نزلت عليك، هل لصاحب الدار عليه سبيل والقصة على ما ذكرت لك؟ قال: لا أجر على الزوج في جميع ما ذكرت في (¬2) في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل تكارى من رجل منزلاً كل شهر بدرهم (¬3)، وفي الدار سكان، فأمره صاحب المنزل أن يكنس البئر التي في الدار ويخرج ترابها منها، ففعل وطرحه في الدار، فعطب بذلك إنسان، على من الغرم، ومن يضمن ذلك، رب الدار أو الساكن؟ أرأيت لو فعل ذلك بغير أمر رب الدار أو بأمره أهو سواء؟ قال: لا ضمان على الآجر في شيء مما ذكرت في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد إذا لم يخرجه إلى الطريق. رجل تكارى من رجل داراً سنة على أن أنزله داره سنة، فسكنها، فوقعت الإجارة على هذا، أو قال: آجرني دارك هذه على أن أسكنك منزلي الذي في مكان كذا وكذا، فوقعت الإجارة على هذا، وسكنها، هل تجوز هذه الإجارة؟ أرأيت إن انهدمت إحدى (¬4) الدارين بما يرجع أحدهما على الآخر؟ أرأيت إن قال: آجرني منزلك هذا، وأنزلك حانوتي الذي في السوق، فوقعت الإجارة على هذا وقبضا وسكنا هل يجوز ذلك؟ قال: لا تجوز الإجارة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد في ¬

_ (¬1) م ص: لها. (¬2) م ف: لك؛ ص - قال لا أجر على الزوج في جميع ما ذكرت في. (¬3) ف: بدراهم. (¬4) ف - إحدى، صح هـ.

شيء مما ذكرت، ولا ضمان فيما انهدم من ذلك، وعلى كل واحد منهما فيما سكن من ذلك أجر مثله. رجل تكارى داراً من رجل سنة بمائة درهم على أنه بالخيار ثلاثة أيام، فإن رضيها أخذها بمائة درهم، وإن لم يرضها أخذها سنة بخمسين درهماً، هل تجوز الإجارة على هذا؟ أرأيت إن انهدمت (¬1) الدار في ثلاثة أيام أو بعدما مضت الثلاثة وهو فيها من سكناه هل يجب عليه ضمان ما انهدم؟ أرأيت إن قال: أنا فيها بالخيار ثلاثة أيام، فإن رضيتها أخذتها بمائة درهم، فانهدمت في ثلاثة أيام، هل عليه ضمان؟ قال: أما المسألة الأولى فإن الإجارة في هذا فاسدة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، وإن سكنها في ثلاثة أيام وجب عليه أجر مثلها، ولا يضمن ما انهدم منها. وأما المسألة الثانية فإن الإجارة فيها فاسدة، وإن سكنها في ثلاثة أيام فقد لزمته الأجرة. رجلان استأجرا بيتين في دار، كل واحد في بيت على حدة، بأجر معلوم، فعمد كل واحد منهما فأعطى صاحبه بيته، فسكن في بيت صاحبه بغير أمر صاحب البيت، فانهدم أحد البيتين، هل عليه ضمان، أو على الذي أعطاه الضمان؟ قال: لا ضمان على واحد منهما في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد (¬2) إن كان سكن كل واحد منهما بأمر المستأجر. وإن كان بغير أمر المستأجر فلا ضمان على واحد منهما إلا أن ينهدم من سكناه في قول أبي حنيفة وأبي يوسف، ويضمن في قول محمد. ولا أجر على واحد منهما إن سكن صاحبه بغير أمره، وإن سكن بأمره فعلى المستأجر الأجر، والساكن ضيف له. رجل تكارى من رجل بيتاً كل شهر بدرهم، فاجتمع عليه من ذلك أجر سنة، ثم مات الرجل وترك ورثته وامرأته وولده، فجاء رب المنزل ¬

_ (¬1) م ص: إن هدمت. (¬2) ف - ومحمد.

يطلب الأجر من المرأة والورثة، فقالوا: ما استأجرنا منك شيئاً، إنما استأجر منك أبونا، هل عليهم في ذلك أجر؟ أرأيت إن أنكر بعضهم وأقر بعض، هل له على المقر سبيل؟ أرأيت إن كانت المرأة هي التي استأجرت فماتت فطلب الأجر من الزوج، فقال مثل ذلك، ما القول في ذلك؟ قال: لا أجر لصاحب المنزل على أحد من ورثته، ولكن حقه في تركة الميت إن أقر الورثة بذلك وهم كبار في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد (¬1). وكذلك إن قامت (¬2) بذلك البينة، فإن لم تقم بينة فأقر بعضهم وجحد بعض فإن الأجر في ميراث المقر من ورثة الميت، جميع ما أقر به ديناً فيه، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل تكارى منزلاً من رجل وصي لليتامى، أو وكيل الوصي (¬3)، أو (¬4) لقوم وكلوه أن يؤاجرها ولم يوقتوا له كم سنة أو وقتوا له (¬5) عشر سنين، فآجرها عشر سنين من رجل بمائة درهم، كل سنة بعشرة دراهم، فمات الوصى أو الوكيل (¬6)، فجاء أرباب المنزل، فقالوا: لا نرضى بما آجرك وصينا ولا وكيلنا، أجر منزلنا أكثر من مائتي درهم، وهم مقرون بأنهم وكلوه (¬7) بذلك وآجر وصيهم، هل لهم على المستأجر سبيل في إخراجهم من المنزل، أو أخذ شيء من المنزل إن أبى أن يعطيهم؟ قال: الإجارة جائزة، ولا سبيل لهم على المستأجر، والأجر يدفعه المستأجر إلى الوكيل أو الوصي، ولا يدفعه إليهم، فإن كان الوكيل آجرها بدانق أو آجرها بمائة درهم فهو جائز في قياس قول أبي حنيفة، ولا تجوز في قول أبي يوسف ومحمد إلا أن يحط ذلك بما (¬8) يتغابن الناس في مثله. وكذلك الوصي لا تجوز إجارته إذا آجر بما لا يتغابن الناس فيه في قولهم جميعاً. ¬

_ (¬1) م ف + رحمهم الله. (¬2) م: إن أقامت. (¬3) ص: للوصي. (¬4) ص - أو. (¬5) م ص ف: أو وقتوه. (¬6) ف: والوكيل. (¬7) ف: وكلوا. (¬8) م ف: مما.

رجل تزوج امرأة، فنزل عليها وهي في منزل بكراء، فمكث عندها سنة، فجاء صاحب المنزل يطلب أجر منزله، فقالت المرأة للزوج: أجر منزله عليك، وقال الزوج: إنما استكريتِ أنتِ المنزل، فأجره عليكِ، فأعطيه أجره، وقالت المرأة: قد أخبرتك أنه معي بأجر، فإنما أجره عليك، فقال الرجل: ما أخبرتِني بشيء، بل قلتِ في: إن المنزل منزلي، أو قلتِ: إن المنزل معي بغير أجر، هل يصدّق على مقالته، وبقول من يؤخذ؟ قال: ليس على الرجل أجر، والأجر على المرأة، وإن أخبرته أيضاً أنه معها بأجر فليس عليه الأجر أيضاً في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل تكارى من رجل داراً ببغداد بمائة درهم كل سنة، وأسلفه أجرها، فلما قدم الكوفة قال: لا أرضى بها، وقد كان رأى الدار قبل ذلك أو لم يرها، هل له أن يردها ويرجع بدراهمه على رب الدار؟ قال: هو بالخيار إذا رآها إن لم يكن رآها قبل ذلك، ويترك الإجارة، ويأخذ دراهمه؛ وإن كان رآها قبل ذلك (¬1) فلا خيار له في ذلك إلا أن يكون (¬2) انهدم من الدار شيء يضر بالسكنى في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل تكارى من رجل داراً بخراسان والدار بالكوفة كل سنة بمائة درهم، ووقع الإجارة على اسم الدار، فلما قدم المستأجر رأى الدار وليس فيها بناء، إنما هي حيطان ليس فيها بناء، فقال المستأجر: لا أرضى، أله ذلك؟. قال: نعم، هذا والباب الأول سواء. رجل تكارى من رجل داراً بالكوفة والدار بخراسان كل سنة بمائة ¬

_ (¬1) ف - ويترك الإجارة ويأخذ دراهمه وإن كان رآها قبل ذلك. (¬2) ف - يكون، صح هـ.

درهم، فلما قدم الرجل خراسان إذا الدار إنما هي في الرَّبَض (¬1) وليست في مدينتها، فقال: لا أرضى، أله ذلك وقد كان رأى الدار ثم جحد، هل يلزمه من ذلك شيء؟ قال: إن كان رأى الدار وقد قامت عليه بذلك البينة (¬2) فالإجارة له لازمة، وإن لم تقم عليه بينة استحلف على ذلك وردها في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل تكارى منزلاً من رجل في دار على أنَّ آجِرَه يكفيه وعياله نفقتهم ومؤونتهم ما دام في الدار نازلاً معهم، هل يجوز الكراء على هذا؟ أرأيت إن قال رب المنزل: لم تنفق علي ولا على عيالي شيئاً مما جعلت لنا، فهات أجر المنزل، بما يقضى به؟ (¬3) أرأيت إن كانت لهما بينة ببينة من يؤخذ على ما وصفنا؟ قال: الإجارة فاسدة في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، وعلى المستأجر لرب الدار أجر مثلها. فإن قال رب الدار: لم ينفق علي شيئاً، فالقول قوله، والبينة بينة المستأجر، ويحسب له ما قامت له البينة من أجر مثلها. [قلت]: أرأيت الرجل يتكارى الدار سنة كل شهر بدرهم كيف يقع الكراء ولم يسكنها السنة كلها، اثني عشر شهراً أو شهراً واحداً؟ أرأيت إن أراد رب المنزل أن يخرجه قبل أن يستكمل السنة كلها؟ قال (¬4): لا يخرج (¬5) قبل مضي السنة إلا من عذر في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت الرجل يتكارى الدار شهراً بعشرة دراهم فيسكنها يوماً أو يومين أو ثلاثة ثم يبدو له أن يخرج منها إلى دار أخرى، هل لصاحب الدار ¬

_ (¬1) ص: بالربض. الرَّبَض ما حول المدينة من بيوت ومساكن. انظر: المغرب، "ربض". (¬2) ف: البينة بذلك. (¬3) ص: نقصانه. (¬4) م ص - قال. (¬5) م ص: ولا يخرج.

أن يأخذه بأجر الشهر كله أو بقدر ما سكنها المستكري، ما القول في ذلك؟ أرأيت إن قال: إنما تكاريتها كل يوم بكذا وكذا، وقال الآخر (¬1) أكريتك شهراً بكذا وكذا، بقول من يؤخذ؟ أرأيت إن كانت (¬2) بينهما بينة ببينة من يؤخذ؟ قال: أما إذا أقر أنه استأجرها شهراً فليس له أن يتركها إلا من عذر، وإن شاء سكن غيرها إذا آجرها شهراً كاملاً، وأما إذا جحد أن الكراء شهر (¬3)، أو قال: تكاريتها يوماً، فالقول قوله مع يمينه، وعلى رب الدار البينة، ويؤخذ بما قامت به بينة رب الدار في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت (¬4): أرأيت الرجل يتكارى البيت شهراً [بدرهم فسكنها] (¬5) شهرين أيكون (¬6) عندك في الشهر الآخر بمنزلة الغاصب (¬7)، فإن كان بمنزلة الغاصب (¬8) فما (¬9) عليه، وقد انهدمت الدار من سكناه، وهو يقول: لم تنهدم من سكناي في الشهر الآخر (¬10)، إنما انهدمت في الشهر الأول، بقول من يؤخذ؟ أرأيت إن كانت بينهما بينة على ما ذكرت ببينة من يؤخذ؟ قال: عليه الكراء في الشهر الأول، ولا كراء عليه في الشهر الثاني، والقول قول المستأجر إنها انهدمت في الشهر الأول (¬11)، ولا ضمان عليه ¬

_ (¬1) ص: الآجر. (¬2) م ص: إن كان. (¬3) م ص ف: شهرا. (¬4) م - قلت. (¬5) م ص ف ب + أو. وما بين المعقوفتين من الكافى، 1/ 205 ظ؛ والمبسوط، 15/ 151. (¬6) ص: أو يكون. (¬7) ف: الغائب. (¬8) ف: الغائب. (¬9) م ص: مما. (¬10) ف - الآخر. (¬11) ف - بقول من يؤخذ أرأيت إن كانت بينهما بينة على ما ذكرت ببينة من يؤخذ قال عليه الكراء في الشهر الأول ولا كراء عليه في الشهر الثاني والقول قول المستأجر إنها انهدمت في الشهر الأول.

بعد أن يحلف (¬1). فإن قامت لهما بينة أخذت ببينة رب الدار في قياس (¬2) قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت الرجل يتكارى الدار أو البيت شهراً ثم يسكنه بعد شهر يوماً أو يومين ثم يخرج منه، هل ترى عليه أجر ذلك الشهر؟ أرأيت إن قال رب المنزل: كسرت علي أجر الشهر، وقال الآخر: لم أفعل، هل يلزمه ذلك؟ أرأيت إن كانت بينهما بينة ببينة من يؤخذ؟ قال: لا شيء عليه من الأجر فيما زاد على الشهر الأول في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً يتكارى بيتاً أو داراً على أن يسكنها شهراً، فأعطاه صاحب المنزل المفاتيح، ففتح المنزل، فأتاه المؤاجر يطلب أجر الشهر، فقال المستأجر: إني لم أسكنه، ولم أستطع أن أفتح الباب، ما القول فيه (¬3)، وهل (¬4) يصدق على مقالته، وصاحب المنزل يقول: قد سكنته، بقول من يؤخذ؟ أرأيت إن كانت بينهما بينة ببينة (¬5) من يؤخذ؟ (¬6). قال: الأجر كله على المستأجر، ولا يصدق على قوله: لم أقدر على فتحه ولم أسكن، وإن قامت البينة لرب المنزل أنه قد فتح الباب، وأقام المستأجر البينة أنه لم يقدر على فتحه، فإنه يؤخذ ببينة رب المنزل في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت الرجل يتكارى المنزل من الرجل والدار (¬7) فيقيم رب المنزل والدار معه، حتى إذا كان رأس الشهر قال رب المنزل: أعطني أجر منزلي وأجر داري، فقال المستكري (¬8): ما أنا بمعطيك أجراً، لأنك لم ¬

_ (¬1) م ص ف: أن حلف. (¬2) ص - قياس. (¬3) ص - فيه. (¬4) م ص ف: وهو. (¬5) م - ببينة. (¬6) ص - أرأيت إن كانت بينهما بينة ببينة من يؤخذ. (¬7) ف: أو الدار. (¬8) ف: فقال الاحر للمستكري.

تخل بيني وبين المنزل، وكنت نازلاً معي في الدار، فلا أعطيك أجراً (¬1)، هل له ذلك، وهما مقران بذلك؟ أرأيت إن قال المستكري: أعطيك (¬2) نصف الكراء، لأنك قد كنت معي فيه ساكناً، أله ذلك؟ قال: عليه من الأجر بحساب ما كان في يديه في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلين استأجرا حانوتاً يعملان فيه هما بأنفسهما، فعمد أحد الرجلين فاستأجر أجيراً فأقعده (¬3) معه في الحانوت، فأبى صاحبه الذي استأجر معه الحانوت أن يدعه (¬4)، أله ذلك، وكيف القضاء فيه؟ قال: للشريك أن يقعده (¬5) فيه معه في نصفه ما لم يدخل على شريكه ضرراً بيناً في نصفه في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلين استأجرا حانوتاً من رجل يعملان فيه ويتقبلان العمل فيه شريكين فقعدا فيه كل سنة بمائة درهم، ثم افترقا، فأراد أحدهما أن يبني في وسط الحانوت حائطاً يكون نصفه له ونصفه لصاحبه، فأبى شريكه أن يدعه (¬6) أله ذلك؟ (¬7) أرأيت إن أدخل (¬8) عليه شريكاً (¬9) آخر أو إنساناً (¬10) آخر فأراد شريكه أن يمنعه من ذلك؟ أرأيت إن كان أحدهما (¬11) أكثر متاعاً من الآخر فضيق عليه هل (¬12) لرب الدار أن يمنعه؟ قال: أما البناء فليس له أن يبني، وأما كثرة الأُجَرَاء (¬13) والمتاع ومن يدخل عليه فهو مثل الباب الأول (¬14). ¬

_ (¬1) ف - لأنك لم تخل بيني وبين المنزل وكنت نازلا معي في الدار فلا أعطيك أجرا. (¬2) م ص ف: أعطيتك. (¬3) ف: أجراء فأقعدهم. (¬4) م + ذلك. (¬5) م ف: أن يقعد. (¬6) م ص + ذلك. (¬7) ص ف - أله ذلك. (¬8) م ص: إن دخل. (¬9) ص: شريك. (¬10) ص: أو إنسان. (¬11) م: واحدها؛ ص: واحدهما. (¬12) م ص: وهل. (¬13) م ص ف: الاجر. (¬14) أي. للشريك أن يصنع في نصفه ما يريد ما لم يدخل على شريكه ضرراً بيناً في نصفه.

قلت: أرأيت رجلاً تكارى من رجل بيتاً ودكاناً (¬1) على باب حانوته (¬2) كل شهر بدرهم، والدكان من طريق المسلمين، فحيل (¬3) بين الرجل وبين أن يترفّق به هل يرفع عنه من كرائه شيئاً من أجل المكان، أو ترى هذا فاسداً، فإن كان فاسداً فلمن كراء ذلك؟ قال: الكراء جائز، ويرفع عنه بحساب الدكان في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلين استأجرا منزلاً من رجل كل شهر بدرهم، فاشترطا (¬4) فيما بينهما على أن ينزل أحدهما في أقصى الحانوت والآخر في مقدمه، ولم يشترط ذلك في أصل الإجارة، فسكنا على ذلك، هل تجوز الإجارة على هذا؟ أرأيت إن أبى الذي في أقصى الحانوت، فقال: أنا أنزل في مقدمه، أله ذلك، وإنما وقعت (¬5) الإجارة على ما وصفت لك؟ قال: الكراء جائز، ولصاحب (¬6) الأقصى أن ينزل في المقدمة مع صاحبه، والشرط فيما بينهما باطل في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. [قلت:] أرأيت رجلاً تكارى داراً ليسكنها هو بنفسه وأهله، فلم ينزلها هو، وأنزل فيها أناساً آخرين، وجعل (¬7) فيها دواباً له (¬8) أو إبلاً أو بقراً، فانهدمت الدار من عملهم، أو من غير عملهم، أترى هذا خلافاً، ويضمن؟ قال: لا ضمان عليه في هذا، وليس بخلاف، وعليه الأجر في قياس ¬

_ (¬1) الدكان هنا بمعنى المكان المرتفع الذي يبنى للجلوس عليه. انظر: لسان العرب، "دكن". (¬2) الحانوت أي: البيت الذي استأجره كحانوت. ولذلك قال السرخسي: فإن تكارى بيتاً ودكاناً على بابه. انظر: المبسوط، 15/ 152. (¬3) م ص ف: فجعل. والتصحيح من ب، والكافي، 1/ 206 و؛ والمبسوط، 15/ 152. (¬4) ص: فاشترط. (¬5) ف: أوقعت. (¬6) م ص: لصاحب. (¬7) ف: أو جعل. (¬8) م: دوابا غنما.

قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد (¬1). قلت: أرأيت رجلاً تكارى من رجلين منزلاً، فمات أحدهما قبل أن يحل الأجل، وإنما تكاراها سنة، فمات أحدهما قبل انقضاء السنة، هل تنتقض الإجارة، أو تنتقض إجارة نصف المنزل؟ أرأيت إن قالوا له ورثة الميت: قد رضينا، أو قال الوصي: قد رضينا، هل تكون الإجارة جائزة لهما؟ قال: قد انتقضت الإجارة في حصة الميت، فإن رضي الورثة وهم كبار ورضي المستأجر بالإجارة، فهو جائز، وكذلك الوصي والمستأجر، وإن أبى أحدهما (¬2) لم يجبر المستأجر على حصة الميت. قلت: أرأيت رجلين استأجرا منزلاً من رجل كل سنة بمائة درهم، فمات أحد المستأجرين أو أفلس أو غاب هل تفسد الإجارة؟ أرأيت إن أعطى هذا الشاهد أجر الدار كلها، أيرجع به على صاحبه الذي تكارى معه، أو يكون متطوعاً (¬3) في ذلك؟ قال: لا تفسد الإجارة لما ذكرت، وأيهما أفلس أو غاب فأدى صاحبه الأجر كله فهو متطوع (¬4) في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلين استأجرا منزلاً من رجل كل سنة بمائة درهم، فلما حل الأجل جحدا وقالا: ما لك قِبَلَنا قليل ولا كثير، وإنما الدار لفلان، وأقرا بذلك، فجاء (¬5) المقر له بالدار فطلب الأجر، فقالا: إنما كنا فيها بغير أجر، هل يوجب عليهما بقولهما للأول (¬6): إنما الدار لفلان، أجراً أو شيئاً، وقد أقرا (¬7) بالنزول فيها سنة؟ وهل عليهما يمين إذا ادعيا أنهما كانا فيها بغير أجر؟ أرأيت إن قالا: إنما الأجر للأول، ثم جحدا؟ ¬

_ (¬1) قال السرخسي: وقيل: هذا إذا كان منزلاً تدخل الدواب مثل ذلك المنزل عادة، فإن كان بخلاف ذلك فهو غاصب ضامن لما ينهدم بعمله. انظر: المبسوط، 15/ 153. (¬2) م: احذها. (¬3) م ص: مقطوعا. (¬4) ص: مقطوع. (¬5) ص: وجاء. (¬6) ص: الأول. (¬7) ف: افترى.

قال: القول قولهما، وهما ساكنان بغير أجر، ويحلفان على ذلك، فإن أقرا بالأجر أخذا به في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً تكارى من رجل داراً سنة بمائة درهم على أن يعجل له الأجر، فسكن في الدار شهراً، فقال رب المنزل: عجل في الأجر كما شرطت عليك، فأبى المستأجر أن يعطيه، قال (¬1): إنما (¬2) أعطيك أجر ما سكنت، ولا أعجل لك، وإن أراد رب المنزل أن يخرجه قبل السنة أله ذلك؟ قال: يأخذه بالأجر حتى يعجله له، وليس له أن يخرجه حتى تمضي السنة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً تكارى منزلاً في دار من رجل كل شهر بدرهم، فعمل المستأجر فيها تنوراً فوق البيت يخبز فيه، فاحترق بعض بيوت الجيران من تنوره ذلك، أو احترق بعض بيوت الدار أو بعض متاعهم، أرأيت إن أذن له رب المنزل أو لم يأذن له أهو سواء؟ قال: هذا كله سواء، ولا ضمان عليه في شيء من ذلك في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً تكارى منزلاً من رجل كل شهر بدرهم، فنزله عشرة أيام، ثم خرج، هل له عليه أجر الشهر كله (¬3)، أو بحساب ما سكن، وإنما خرج هو ولم يخرجه رب الدار؟ أرأيت إن نزل المنزل شهراً أو أياماً من الشهر الآخر هل عليه أجر ذلك الشهر وتلك (¬4) الأيام، أو عليه هاهنا أجر شهر، وليس (¬5) لتلك (¬6) الأيام أجر؟ قال: ليس له أن يخرج إلا من عذر، فإن خرج من غير عذر فعليه ¬

_ (¬1) م ص - قال. (¬2) م ص ف: وإنما. (¬3) ص + بحسابه. (¬4) ص: وذلك. (¬5) ص + له. (¬6) م: لك؛ ص: تلك.

أجر الشهر كله، وإن (¬1) خرج من عذر فعليه من الأجر بحساب ما سكن، وإن نزلها أياماً من الشهر الداخل فهو مثل الباب الأول في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً وكل رجلاً يؤاجر منزلاً له، فأكراه الوكيل من أبي رب المنزل ولم يعرفه أو عرفه، فلما حل عليه الأجر طلب الوكيل منه الأجر، فأبى الأب أن يعطيه، وقال: المنزل لابني، فلا أجر لك علي، هل له ذلك؟ أرأيت إن أجرها من أبيه أو من أمه أو من ابنته فهو بهذه المنزلة؟ أرأيت إن أجرها من عبد مأذون له في التجارة أو مكاتب له أو مدبر أو عبد له غير تاجر أله أن يأخذهم بالأجر، وهم يأبون أن يعطوه، أيقضى عليهم بالأجر أم لا؟ قال: الأجر على المستأجر في جميع ما ذكرت، إلا أن يكون عبداً لرب الدار، فإن كان عبدا لرب الدار فلا أجر عليه. وإن كان المولى هو المستأجر ورب الدار عبده فلا أجر عليه (¬2) أيضاً إلا أن يكون على العبد دين، فإن كان على العبد دين فعلى المولى الأجر في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً وكل رجلاً (¬3) بكراء منزل (¬4) بأجر معلوم، فأكراه الوكيل من أبيه (¬5) أو من أمه أو من ابنه أو من ابنته، هل يجوز الكراء على هذا؟ أرأيت إن غاب الوكيل وجاء رب المنزل يطلب الأجر، أله على الساكن سبيل؟ أرأيت لو قال الساكن: إنما آجرني فلان، ولصاحب الدار البينة أن الدار داره؟ أرأيت إن كان يعلم الساكن ذلك فأبى أن يعطيه؟ أرأيت إن أعطى الساكن الأجر ثم جاء الوكيل، فقالوا له: إنا قد أعطينا الأجر رب المنزل، فقال لهم: لم أعطيتموه، وإنما أنا (¬6) آجرتكم المنزل، وقد علم ¬

_ (¬1) ف: فإن. (¬2) ص - وإن كان المولى هو المستأجر ورب الدار عبده فلا أجر عليه. (¬3) ص - وكل رجلا. (¬4) ص: تكارى منزلا. (¬5) أي: من أبي الوكيل. (¬6) ف - أنا.

أنهم قد أعطوا رب الدار الأجر أو لا يعلم أنهم أعطوا رب الدار الأجر؟ قال: لا خصومة بين رب الدار وبين الساكن في شيء مما ذكرت، وإن أعطاه الأجر فهو بريء منه، وإن آجره من ولد له كبير فهو جائز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك الأب والأم. ولا يجوز في قياس قول أبي حنيفة (¬1) أن يؤاجر الوكيل من أبيه أو من أمه أو من ابنه وكل من لا تجوز شهادته (¬2) له. وكذلك زوجته. قلت: أرأيت رجلاً وكل رجلاً أن يؤاجر منزلاً له، وأكراه الوكيل بحيوان أو إجارة فاسدة مما لا تجوز فيه الإجارة، هل يضمن الوكيل شيئاً من ذلك؟ وإنما يرجع رب الدار على الساكن، وقد سكن فيها سنة؟ وهل لصاحب المنزل سبيل على المستأجر أم على الوكيل؟. قال: لا شيء على الوكيل، وعلى المستأجر أجر مثل الدار في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً دفع داره إلى رجل يسكنها ويقوم عليها ويَرُمُّها ولا أجر لها، فعمد فآجرها من رجل بأجر معلوم، فانهدمت الدار من سكنى الآجِر، هل لصاحب الدار سبيل على الذي آجرها، أو على المستأجر؟ قال: يضمن رب الدار المستأجر، ويرجع المستأجر بذلك على الذي آجره، ولا يكون لرب الدار أن يضمن المؤاجر في قول أبي حنيفة، ولكنه يضمن في قول أبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً وكل رجلاً (¬3) يؤاجر له منزلاً، فعمد الوكيل فوهب الدار لرجل، أو أعارها إياه عارية، أو أعمرها إياه عمرى، فسكنها الرجل سنتين، ثم جاء صاحب المنزل ليطلب (¬4) الأجر من الوكيل، فقال الوكيل: ما قبضت من أجرها درهماً ولا دانقاً، ولصاحب الهبة البينة على الهبة أو ¬

_ (¬1) ف - وأبي يوسف ومحمد وكذلك الأب والأم ولا يجوز في قياس قول أبي حنيفة. (¬2) ص - شهادته؛ صح هـ. (¬3) ف - وكل رجلا. (¬4) م: أيطلب؛ ص: يطلب.

على العارية، هل لصاحب الدار عليه سبيل أم على الوكيل؟ قال: ليس على الوكيل ولا على المستأجر أجر في شيء من ذلك في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، والهبة باطل لا تجوز، من قبل أنه وهب ما لا يملك. قلت: أرأيت رجلاً استأجر بيتاً من رجل في دار كل شهر بدرهم، وفي الدار بيت آخر، فسكنه المستأجر، فطلب رب البيت منه أجره مع أجر البيت الذي معه، وقال: إنما أكريتك بيتاً واحداً، وهو مقر بذلك، وقال المستأجر: إنما وجدت في الدار بيتاً فارغاً فانتفعت به فلا أجر لك عليه؟ قال: عليه أجر بيت واحد، وهو البيت الذي تكارى منه، وليس عليه في البيت الآخر أجر في قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً استأجر من رجل منزلاً، والمنزل مقفل، فقال له رب المنزل: خذ المفتاح فافتحه واسكن البيت، ففتح الرجل المنزل، وأعطى أجر الحداد نصف درهم، وأجر البيت كل شهر درهم، على من يكون أجر الحداد؟ أرأيت إن انكسر القفل من معالجة الحداد والقفل لرب المنزل هل يضمن الذي استأجر المنزل أو الحداد؟ قال: أجر الحداد على الذي استأجره إن كسر القفل، والحداد ضامن لقيمته، ولا يضمن المستأجر القفل، مِن قِبَل أن صاحب القفل قد أذن له في فتحه إذا عالجه بما يعالج به مثله في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً استأجر منزلاً من رجل سنة بثلاثة أثواب يهودية ذَرْعاً معلوماً وعرضاً معلوماً ورُقْعةً (¬1) معلومةً وأجلاً معلوماً وطولاً معلوماً، على أن يعطيه ذلك عند انقضاء الإجارة، هل تجوز هذه الإجارة؟ أرأيت إن قال صاحب المنزل: لا آخذ منك إلا ثياباً جياداً، وقال المستأجر: ليس ذلك، ما يعطيه من ذلك؟ ¬

_ (¬1) أي: غِلَظاً وثخانةً، كما تقدم.

باب إجارة الحمامات

قال: يعطيه شرطه أدنى ما يكون من ذلك الجنس الذي سمى (¬1) من الطول والعرض والرُّقْعة، ويجبر صاحب المنزل على أخذ ذلك، وليس لرب المنزل أن يخرجه من المنزل حتى يستكمل الأجل في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ... باب إجارة الحمامات محمد قال: حدثنا الوليد بن عيسى بن (¬2) عمارة عن أبيه عن جده عمارة بن عقبة، قال: قدمت على عثمان بن عفان، فسألني عن مالي، فأخبرته أن في غلامين حجامين لهما غلة، وحماماً له غلة، قال: فكره لي غلة الحجامين وغلة الحمام (¬3). وإذا استأجر الرجل حماماً من رجل وحدده شهوراً مسماة بدراهم مسماة فهو جائز. وإن كان حماماً للرجال وحماماً للنساء وقد حددهما جميعاً وقد سمى في كتاب الإجارة حماماً فإنه في القياس إنما استأجر حماماً واحداً، وهو فاسد، لأنه لا يدري أيها استأجر، ولكن أدع القياس في ذلك وأجيز له الحمامين جميعاً. ألا ترى أنك تقول: حمام فلان، وهما حمامان. ومَرَمَّة الحمامين في صَارُوجِهما (¬4) وما لا بد منه لهما (¬5) على رب الحمام، وليس (¬6) على المستأجر من ذلك شيء. وكذلك إصلاح قِدْر الحمام ¬

_ (¬1) ص: سماه. (¬2) ف - عيسى بن، صح هـ. (¬3) أخرجه ابن أبي شيبة مختصراً. انظر: المصنف له، 4/ 354. ونقله الإمام الشافعي نحوه بدون إسناد. انظر: السنن الكبرى للبيهقي، 9/ 338. (¬4) الصاروج: النورة وأخلاطها تطلى بها الحياض والحمامات. انظر: المغرب، "صرج"؛ ولسان العرب، "صرج". (¬5) ف - لهما. (¬6) ص: فليس.

وحوضه ومسيل مائه فهو على رب الحمام. ولو استأجر رجل حماماً واشترط عليه رب الحمام أن مَرَمَّته على المستأجر فإن هذه الإجارة فاسدة لا تجوز، من قبل أن المرمة مجهولة لا تعرف كم تبلغ. ولو اشترط عليه رب الحمام (¬1) عشرة دراهم كل شهر لمَرَمَّتِه مع الأجر إذا أذن أن ينفقها عليه فإن هذا جائز. فإن قال المستأجر: قد رممت الحمام بها، لم يصدق، لأنه ضامن لها، وهي دين عليه، فلا يبرأ منها بقوله، ولكن للمستأجر أن يستحلف رب الحمام ما يعلم أنه رَمَّ (¬2) بها الحمام (¬3)، فإن حلف أخذها منه، وإن نكل عن اليمين برئ المستأجر منها، وإن أقام المستأجر البينة أنه قوإنفقها في مَرَمَّتِه فهو جائز، وهو بريء منها. ولو كان المستأجر اشترط أنه أمين في هذه النفقة وأن القول قوله فيها فإنه لا يكون أميناً فيها، ولا يكون القول قوله، وهذا مثل الباب الأول، وذلك من قبل أنه ضامن لها، فلا يكون مؤتمناً فيها، وهو ضامن له. ولو جعلا بينهما رجلاً يقبضها وينفقها على الحمام كان جائزاً، فإن قال المستأجر: قد دفعتها إليه وكذبه رب الحمام فإن العدل الذي جعلا بينهما يسأل عن ذلك، فإن أقر أنه قد قبضها فهو مصدق، والمستأجر بريء منها، والعدل مؤتمن فيها، فإن قال: ضاعت، حلف على ذلك ويبرأ منها. وإن قالط: أنفقتها في مرمته، حلف على ذلك (¬4) وبرئ منها، لأنه مؤتمن لا يكون عليه ضمان. ولو كان العدل كفيلاً بالأجر كان مثل المستأجر، ولا يصدق، ولا يكون مؤتمناً فيها. وإذا استأجر الرجل حمامين للرجال والنساء في دار أشهراً مسماة بأجر معلوم فهو جائز. فإن أراد رب الحمام أن يمنعه البئر الذي يستقى (¬5) منه ماء الحمام أو يمنعه مسيل ماء الحمام أو موضع سرقينه فليس له أن يمنعه، لأن ¬

_ (¬1) ف - أن مرمته على المستأجر فإن هذه الإجارة فاسدة لا تجوز من قبل أن المرمة مجهولة لا تعرف كم تبلغ ولو اشترط عليه رب الحمام. (¬2) رَمَّ البناء: أصلحه، رَمًّا ومَرَمَّة انظر: المغرب، "رمم". (¬3) ص - ما يعلم أنه رم بها الحمام. (¬4) ف - ويبرأ منها وإن قال أنفقتها في مرمته حلف على ذلك. (¬5) م ف: يستسقى.

هذا من مرافقه ما لا يصلحه غيره. وكذلك لو لم يشترط المستأجر كان له ذلك. وهذا بمنزلة مدخل الحمام وفنائه. ولو اختلفا في قِدْر الحمام فادعاها المستأجر وادعاها رب الحمام فإنه يقضى بها لرب الحمام، لأنها في بنائه. ولو أراد رب الحمام أن يُقعد مع المستأجر أميناً ليقبض (¬1) غلته يوماً بيوم لم يكن له ذلك، لأنه ليس له من غلة الحمام شيء، إنما [له] أجر مسمى على المستأجر، وليس هو من غلته في شيء. ولو انقضت الإجارة وفي الحمام رماد كثير وسرقين كثير، فقال رب الحمام: السرقين لي، وقال المستأجر: بل (¬2) هو لي، وأنا أنقله، فهو للمستأجر، وله أن ينقله، لأن هذا من أداة الحمام وعُمَالته (¬3)، وهذا مثل النّورة والزِّرْنيخ. ولو باع ذلك السِّرقين من رب الحمام كان بيعه جائزاً، فإذا اختلفا في ذلك فهو للمستأجر. وأما الرماد فإن كان ذلك من عمل المستأجر وكان مقراً بذلك فعليه أن ينقله. فإن جحد ذلك فقال: ليس من عملي ولا من فعلي، فإن على رب الحمام البينة. فإن أقام رب الحمام البينة جبرت المستأجر على نقله. وإن لم تقم بينة حلف المستأجر على ذلك (¬4) بالله، فإن حلف لم يؤخذ بنقله، وإن نكل عن اليمين أخذ بذلك. ولو قال المستأجر: الرماد من فعلي، وأنا أحمله وأنتفع به، وقال رب الحمام: ليس هو ما أحدثت، فدعه في حمامي أنتفع به، فإن القول قول المستأجر مع يمينه، وله أن يحمله. ولو أراد المستأجر أن يترك السرقين ولا ينقله وطلب رب الحمام أن يأخذه بحملانه، وأقرا جميعاً أنه للمستأجر، فإن المستأجر (¬5) يؤخذ بنقله. ولو أن مسيل ماء الحمام كان فارغاً فامتلأ، فأراد رب الحمام ¬

_ (¬1) م ص: لقبض. (¬2) ف - بل. (¬3) يجوز التثليث في العين، والمعنى أجر العمل. انظر: لسان العرب، "عمل". ولعل المقصود هنا أعم من أجر العمال، وهو ما يصرف على العمل عموماً. (¬4) ص - على ذلك؛ صح هـ. (¬5) ص - فإن المستأجر.

أن يأخذ المستأجر بكنسه، والمستأجر ينكر (¬1) أنه امتلأ من عمله، فإنه يؤخذ بذلك حتى يكنسه. ولو أن رب الحمام اشترط على المستأجر نقل الرماد والسرقين والغُسَالة في الإجارة، فإن ذلك لا يفسد الإجارة، لأنه على المستأجر وإن لم يشترط رب الحمام. فإن كان مسيل الماء مسقّفاً ليس بظاهر وهوطاق (¬2) تحت الأرض فهو مثل ذلك، ولا يشبه هذا البالوعة والكِرْياس (¬3). ولو أن المستأجر اشترط كنس ذلك على رب الحمام فالإجارة فاسدة لا تجوز، لأنه ليس على رب المال كنس ذلك. ولو أن رجلاً استأجر حماماً من رجل سنة بكذا وكذا درهماً، فقال رب الحمام: قد تركت (¬4) لك أجر شهر (¬5) لِمَرَمَّةِ (¬6) الحمام، فإن هذا لا يفسد الإجارة. ولو قال: قد أنفقتها في مَرَمَّة الحمام، فإنه (¬7) لا يصدق (¬8) المستأجر على أنه قد أنفقها على الحمام إلا ببينة على ذلك، لأنه ضامن لها ولا يكون مؤتمناً فيها، وحالها مثل حال العشرة دراهم التي وصفنا قبل هذه المسألة. ولو استأجر الرجل من الرجل الحمام أشهراً مسماة بأجر معلوم، واشترط عليه رب الحمام كل شهر (¬9) عشر طَلْيَات (¬10)، فإن هذه الإجارة فاسدة لا تجوز، لأن هذه النُّورة التي اشترط مجهولة، لا يعرف بكم يكون ثمنها إن يَطْلِه، [وَ] بكم يرجع عليه من الإجارة. ¬

_ (¬1) م ص - ينكر. (¬2) الطاق: ما عُطِف من الأبنية، فارسي معرب. انظر: مختار الصحاح، "طوق"؛ ولسان العرب، "طوق". وقد تكون الكلمة محرفة عن "خَافٍ" تفسيراً لقوله: ليس بظاهر. (¬3) هو نوع من الكنيف، وقد تقدم قريباً. (¬4) م ص: قد تركته. (¬5) م ص: شهرى. (¬6) ف: لزمه. (¬7) ص - فإنه. (¬8) ص: لم يصدق. (¬9) ص + كل يوم. (¬10) طليته بالنورة وغيرها: لطخته. واطّليت على افتعلت بترك المفعول إذا فعلت ذلك بنفسك. والطَّلْيَة: المرة، ومنها "استأجره على أن ينوّره في الحمام عشر طَلْيات". انظر: المغرب، "طلي".

وإذا استأجر الرجل من الرجل حمامين أشهراً مسماة كل شهر بأجر معلوم، فانهدم أحدهما، فأراد المستأجر أن يكون الآخر (¬1) معه بحصته من الأجر، وقال رب الحمام: خذه بجميع الأجر أو دَعْ، فإنه يلزم الباقي المستأجر بحصته من الأجر، ولا خيار له. وإنما أبطلت الخيار في هذا إذا كان قبض، بمنزلة بيتين شارعين (¬2) استأجرهما رجل يبيع فيهما، فانهدم أحدهما بعدما قبضهما، فإنه يلزم الآخر بحصته من الأجر. ألا ترى أنه لو استأجر رجل حماماً وعبداً وقبضهما فمات (¬3) العبد فإنه يلزم الحمام بحصته من الأجر، فإن انهدم الحمام وإنما استأجر العبد ليقوم على الحمام في عمله فإن له أن يترك العبد إن شاء، وإن شاء أخذه بحصته من الأجر (¬4). ولو استأجر حمامين فانهدم أحدهما قبل أن يقبض المستأجر فالمستأجر بالخيار، إن شاء قبض الباقي منهما بحصته من الأجر وإن شاء (¬5) ترك. وإذا استأجر الرجل من الرجل حماماً واحداً فانهدم منه بيت بعد القبض أو قبل القبض فإن هذا لا يلزمه، من قبل أنه حمام واحد وأنه لا يستقيم بعضه دون بعض. ولو أن رجلاً دخل الحمام بأجر فأعطى ثيابه صاحب الحمام لحفظها له فضاعت منه لم يكن عليه ضمانها. محمد عن يعقوب عن الحجاج بن أرطأة عن رجل عن شريح أن رجلاً دخل الحمام، فأعطى ثيابه صاحب الحمام ليمسكها، فسرقت منه، فلم (¬6) يضمنها إياه. ¬

_ (¬1) م ص: الاجر. (¬2) بيت وكنيف شارع، أي: قريب من الشارع، وهو الطريق الذي يَشْرَع فيه الناس عامة على الإسناد المجازي، أو من قولهم: شَرَعَ الطريقُ، إذا تبين. انظر: المغرب، "شرع". (¬3) ص: ومات. (¬4) ف - فإن انهدم الحمام وإنما استأجر العبد ليقوم على الحمام في عمله فإن له أن يترك العبد إن شاء وإن شاء أخذه بحصته من الأجر. (¬5) م: إن شاء. (¬6) ص: لم.

ولو أن رجلاً دخل الحمام بدانق على أن ينوّره صاحب الحمام فإن هذا في القياس فاسد. وكذلك لو أعطى فلساً على أن يدخل الحمام فيغتسل كان هذا فاسداً، لأنه لا يدري بكم يغتسل من الماء ومتى يخرج وكم يكفيه من النُّورة، ولكن أستحسنه فيما بينهم فأجيزه. قلت: أرأيت رجلاً أجر حماماً له (¬1) من رجل شهراً بمائة درهم، هل تجوز هذه الإجارة، ولم يسم دار الحمام ولا قِدْره ولا مسيل مائه ولا مستقى مائه ولم يسم شيئاً من ذلك، إلا أنه قال (¬2): أؤاجرك (¬3) حمامي شهراً بمائة درهم؟ قال: الإجارة جائزة، وله مرافق الحمام كلها في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً استأجر من رجل حماماً كل شهر بمائة درهم، فتركه شهراً ثم عمل فيه الشهر الآخر عليه (¬4) أجر شهر واحد أو أجر شهرين؟ أرأيت إن سمى فقال: كل شهر بمائة درهم، أو قال: أستأجره منك شهراً بمائة، أهما سواء؟ قال: إذا كان كل شهر بمائة (¬5) فما عمل فيه فعليه كل شهر بمائة. وإذا قال: أستأجره منك شهراً بمائة درهم، فليس عليه إلا أجر شهر واحد، وهو غاصب في الآخر في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً استأجر من رجل حماماً بألف درهم ومائتي فى رهم، كل شهر بمائة، على كم وقع الكراء، على شهر أو على سنة؟ ¬

_ (¬1) ص - له. (¬2) م - قال، صح هـ.؛ ص + أنا. (¬3) ص: أؤجرك. (¬4) م ص - عليه. (¬5) ص - بمائة.

قال: وقع الكراء على سنة. قلت: لم (¬1) وقد سمى كل شهر، أرأيت قوله: أستأجره منك سنة، كل شهر بكذا وكذا، وقوله: سنة بكذا وكذا، أهما سواء؟ قال: هذا كله باب واحد، والإجارة سنة، وكل شهر بما سمى في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً استأجر من رجل حماماً بألف درهم سنة، فأقعد معه رب الحمام من عنده رجلاً يأخذ ما يدخل عليه من غلة الحمام الأول فالأول، أله ذلك، وأبى مستأجر (¬2) الحمام أن يعطيه، قال: لا أعطيك حتى رأس الشهر، أله ذلك؟ أرأيت إن قال صاحب الحمام: أنا أخاف أن يذهب بغلته، فأنا أُقعد معه أميناً من عندي ليستوفي (¬3) غلتي من تحت يده، أله ذلك، وما القضاء فيه؟ قال: ليس لرب الحمام أن يُقعد معه أحداً في شيء مما ذكرت، ويكون له أن يأخذ المستأجر بأجر كل يوم بحساب (¬4) ما يصيبه من الشهر في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً استأجر من رجل حماماً كل سنة بألف بقدرها وبئرها ومسيل مائها فاجتمع من رمادها شيء كثير وأراد المستأجر ترك الحمام، فقال له صاحب الحمام: اكنس هذا الرماد الذي جمعته، وقال المستأجر: بل هو عليك، إنما هو في دارك، كيف القضاء فيما بينهما؟ قال: الإجارة على هذا جائزة، وما اجتمع من الرماد من عمله فعلى المستأجر نقل ذلك كله، وليس على رب الحمام من ذلك شيء، إلا أن يكون يُعرَف أنه كان في داره قبل أن يستأجرها هذا، فإن كان كذلك فهو ¬

_ (¬1) ص - لم. (¬2) م ص: المستأجر. (¬3) م ص: للمستوفي. (¬4) م: الحساب.

باب إجارة الراعي

عليه في قياس قول (¬1) أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، وإن كان لا يُدرَى فإنه لا يجبر المستأجر على نقله. قلت (¬2): أرأيت رجلاً استأجر حماماً بغير قِدْر واستأجر القِدْر من غيره فانكسرت القدر فلم يعمل في الحمام أشهراً وقد استكراه سنة (¬3)، فطلب صاحب الحمام أجر حمامه، وطلب صاحب القدر أجر قدره، وهو يقول: لم أعمل في حمامك ولا في قدرك، وهم مقرون بذلك، هل عليه [أجر]؟ أرأيت إن يحاجّه أو قامت (¬4) عليهم بينة ببينة من يؤخذ؟ قال: أما صاحب الحمام فله أجره إذا دفع إليه وخلى بينه وبينه فعمل فيه أو لم يعمل، وأما صاحب القدر فإن كانت (¬5) انكسرت من عمله فلا أجر عليه يوم انكسرت، وإن كانت (¬6) انكسرت من غير عمله فلا أجر عليه أيضاً في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ... باب إجارة الراعي محمد عن أبي يوسف قال: حدثنا غالب بن عبيد الله عن مجاهد وطاوس وعطاء أنهم قالوا: لا ضمان على الأجير الراعي وإن اشترطوا (¬7) ذلك عليه (¬8). وإذا استأجر الرجل راعياً ليرعى له غنماً بأجر معلوم فهو جائز. وإن ¬

_ (¬1) ص - قول. (¬2) ف - قلت. (¬3) ف: لنفسه. (¬4) م: أو أقامت. (¬5) ف - كانت. (¬6) م ف: فإن كانت. (¬7) ص: اشترط. (¬8) روي عدم تضمين الراعي عن الشعبي وسعيد بن المسيب والزهري وابن شبرمة. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 220؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 19 - 20.

كان رب الغنم اشترط عليه أن لا يرعى معها شيئاً غير غنمه فهو جائز (¬1). فإن ماتت منها شاة لم يضمن الراعي، ولم يرفع عنه من الأجر بحساب تلك الشاة. ألا ترى أنه أجير (¬2) هذا وحده، وليس له أن يرعى معها شيئاً غيرها. ولو ضرب منها شاة ففقأ عينها أو كسر يدها كان ضامناً، لأنه لم يأذن في ضربها. ولو سقاها من نهر فغرقت منها شاة لم يضمن. وكذلك لو عطبت منها شاة في يد (¬3) الراعي (¬4) أو أكلها سبع من السباع فإنه لا يضمن، لأنه ليس بأجير مشترك، وهو مصدق فيما هلك منها بعد أن يحلف على ذلك بالله. ولو كان هذا الراعي مشتركاً يرعى لمن شاء ثم مات منها شاة من عمله فإن أبا حنيفة كان لا يضمنه ذلك. وجميع ما كتبنا قبل هذا فهو قياس (¬5) قول أبي حنيفة كله. وأما في قول من يضمن الأجير المشترك فإنه يضمن الراعي ما هلك منها، ولا يضمن فيما مات منها إذا علم ذلك. وأما أبو حنيفة فكان لا يضمنه ما هلك ولا ما مات. وإن ساقها إلى الرعي فعطب منها شاة فإن أبا حنيفة كان يضمنه قيمتها. وكذلك قول من يضمن الأجير المشترك، لأنها عطبت من سياقته (¬6). وهو قول أبي يوسف. ولو أن شاة ماتت فادعى الراعي ذلك وجحد رب الغنم وقال (¬7): استهلكها (¬8)، فإن الراعي ضامن لها في قول من يضمن الأجير المشترك حتى يقيم البينة على الموت. فإن أقام البينة برئ. وكذلك لو أوردها نهراً لسقيها فغرقت منها شاة كان ضامناً. وكذلك إن مر بها على جسر فسقطت منها شاة في الماء فغرقت أو انكسرت فهو ضامن. وإن (¬9) أكل منها سبع شاة فلا ضمان عليه في قول أبي حنيفة، وعليه الضمان في قول من يضمن الأجير المشترك. وكذلك لو سرق منها شاة، لأنه قد ضيع حيث لم يحفظها من السبع والسرق، وهذا في قول من يضمن الأجير المشترك. ¬

_ (¬1) ص - كان كان رب الغنم اشترط عليه أن لا يرعى معها شيئاً غير غنمه فهو جائز. (¬2) م: أخبر. (¬3) م ص ف - يد؛ صح ص فوق السطر. (¬4) ف: الرعي. (¬5) ص + من. (¬6) م ص: من ساقته. (¬7) م ص - وقال. (¬8) م ص: واستهلكها. (¬9) م ص + كان.

ولو كانوا (¬1) الذين دفعوا إليه الغنم اشترطوا عليه ضماناً (¬2) فيما عطب (¬3) من فعله وبصنعه كان ذلك جائزاً عليه في قول أبي حنيفة وغيره، لأنه يضمن ذلك بغير شرط، وكذلك إذا شرط عليه. ولو اشترطوا عليه ضمان ما مات منها كانت الإجارة فاسدة على هذا الشرط في (¬4) قول أبي حنيفة وفي قول من يضمن الأجير. وإذا أتى الراعي بالغنم إلى أهلها فأكل السبع منها شاة وهي في مرابضها عند أهلها فلا ضمان عليه. ولو اشترط رب الغنم على الراعي وهو أجير وحده ضمان ما عطب منها (¬5) لم يضمن، وكانت الإجارة فاسدة في قياس (¬6) قول أبي حنيفة، والراعي الذي ليس له أن يرعى لغيره لا يضمن إلا أن يخالف، والمشترك يضمن ما ضيع (¬7) وما عطب من سياقته في قول أبي حنيفة. وإذا كان الراعي مشتركاً فله أن يبعث بالغنم مع غلامه وأجيره وولده بعد أن يكون ولداً كبيراً في عياله، ولا يكون منه هذاً خلافاً. وإذا كان راعي رجل وحده فبعث بها مع أجيره أو مع ولد له كبير في عياله فلا ضمان عليه أيضاً. وإذا استأجر الرجل راعياً يرعى غنماً له شهراً ولم يذكر له شيئاً غير ذلك، فأراد الراعي أن يرعى لغيره بأجر، وأراد رب الغنم الأول أن يمنعه من ذلك، فليس للراعي أن يؤاجر نفسه من غيره، لأنه قد استأجره شهراً. ولو فعل ذلك ورب الغنم لا يعلم حتى فرغ من الشهر، فإن الأجر له كاملاً، ولا يتصدق منه بشيء، ولا يطرح عنه من الأجر الأول ¬

_ (¬1) ص: كان. (¬2) م ف: ضمان. (¬3) ف: ما أعطب. (¬4) ف + قياس. (¬5) ص - منها. (¬6) ف - قياس، صح هـ. (¬7) م ف: ما صنع.

شيء إذا كان قد رعى غنمه الشهر كله. ولو كان يَبْطُل (¬1) من الشهر (¬2) يوماً واحداً أو يومين لا يرعاها حوسب بذلك من أجره، وإن كان ذلك من مرض أو من بِطالة (¬3) فإنه يحاسب بذلك (¬4) من أجره. ولو أن رجلاً سأل راعياً يرعى له غنمه هذه (¬5) بدرهم في الشهر كان جائزاً، وكان لهذا الراعي أن يرعى بالأجر لغيره. وليس هذا مثل الباب الأول، لأن الأول قد استأجره لنفسه شهراً، وهذا إنما دفع إليه الغنم بدرهم في الشهر، فهذا مخالف (¬6) لذلك. ولو كان حين دفع إليه الغنم بدرهم في الشهر (¬7) اشترط عليه أن لا يرعى معها شيئاً كان جائزاً، وكان بمنزلة الباب الأول. وإذا قال الرجل للرجل: ارع غنمي هذه بدرهم في الشهر، فهذا مشترك وإن لم يرع لغيره. ولو دفع إليه غنمه يرعاها على أن أجرها ألبانها وأصوافها فإن هذا فاسد لا يجوز. ولو دفع رجل غنمه إلى راع واشترط على الراعي جبناً معلوماً وسمناً معلوماً، وما بقي من ألبانها وسمونها وأصوافها للراعي، فهذا فاسد لا يجوز، وما أصاب الراعي من ألبانها وأصوافها وسمونها فهو له ضامن، وله أجر مثله. ولو أن راعياً مشتركاً خلط غنماً للناس بعضها ببعض فلم يعرف أهلها ذلك، فإن القول في ذلك قول الراعي مع يمينه. وإن جهل ذلك الراعي ¬

_ (¬1) بَطَلَ الأجير يَبْطُل، وتَبَطَّل يتبطّل أي عَطَّل، وتكاسل. انظر: المغرب، "بطل"؛ والقاموس المحيط، "بطل". (¬2) ص + الواحد. (¬3) أي: من كسل كما تقدم. (¬4) م: ذلك. (¬5) ف - هذه. (¬6) م: يخالف. (¬7) ف - فهذا مخالف لذلك ولو كان حين دفع إليه الغنم بدرهم في الشهر.

فقال: لا أعرفها، فهو ضامن لقيمة الغنم كلها لأهلها، وتسلم (¬1) له الغنم، والقول قول الراعي في قيمتها (¬2) يوم خلطها مع يمينه. ولو ادعى بعضهم طائفة من الغنم فإن الراعي يحلف: ما هذه (¬3) غنم هذا، فإن لم يحلف (¬4) دفعها إليه، وإن حلف ضمن له القيمة على ما قال الراعي. ولو دفع الرجل الراعي غنم رجل (¬5) إلى غيره فأمسكها وأقر بذلك فإن للرجل أن يضمن الراعي قيمتها، وليس له على الذي قبضها سبيل إلا أن يقيم بينة أنها له، أو يقر بمثل ما أقر به الراعي. ولو كانت الغنم قائمة بأعيانها فأقام البينة أنها له أخذها، ولا يسع المصدق أن يصدق غنماً حتى يحضر صاحبها وإن كانت مع الراعي، لأن الراعي لا يملكها. وإذا أراد راع مشترك أن يرعى في الجبال، فاشترط عليه رب الغنم أن ما (¬6) مات منها فعليه أن يأتيهم بِسِمَتِه (¬7) [وإلا] هو [ضامن، لم يلزمه بهذا ضمان وإن لم يأت بسمته في قول أبي حنيفة؛ وفي قول أبي يوسف هو ضامن] (¬8) إلا أن يقيم بينة على الموت. ولو أخذ المصدق زكاة الغنم من الراعي فلا ضمان على الراعي في ذلك. وإن خاف الراعي الموت على شاة منها فذبحها فهو ضامن لقيمتها يوم ذبحها. ¬

_ (¬1) ص: ويسلم. (¬2) م ص: وقيمتها. (¬3) ف + الغنم. (¬4) ص + فإن لم يحلف. (¬5) ص: الرجل. (¬6) ف - ما. (¬7) ص: بسميه؛ ف: بسمنه. والسِّمَة العلامة التي تعرف بها الدابة من كي أو قطع في الأذن أو نحو ذلك. انظر: لسان العرب، "وسم". (¬8) الزيادتان من الكافي، 1/ 207 و. وانظر: المبسوط، 15/ 162 - 163.

وإذا اختلف رب الغنم والراعي، فقال رب الغنم: دفعت إليك (¬1) مائة شاة، وقال (¬2) الراعي: دفعت إلي تسعين شاة، فإن القول في ذلك قول الراعي مع يمينه، ولا ضمان عليه إذا حلف. وإن أقاما جميعاً البينة أخذت ببينة رب الغنم، وضمنت الراعي الفضل، لأنه جحده. وليس للراعي أن يسقي من ألبان الغنم ولا يأكل ولا يبيع ولا يقرض، فإن فعل ذلك فهو ضامن، إلا أن يكون رب الغنم أذن له في ذلك. ولو أن رب الغنم باع نصف غنمه، فإن كان استأجر الراعي شهراً على أن يرعى له، فإنه لا يحط عنه من الأجر شيء، لأن الإجارة على الشهر، فلا يضره أن ينقص من الغنم شيئاً. ولو أن رب الغنم أراد أن يزيد في الغنم ما يطيق الراعي كان ذلك له، لأنه استأجره شهراً يرعى له. وإن سمى له غنماً أو لم يسم له غنماً (¬3) فهو سواء. ولو استأجره شهراً يرعى له هذه الغنم بأعيانها لم يكن له أن يزيد فيها شيئاً في القياس، ولكن أدع القياس وأجعل له أن يزيد فيها. أرأيت لو ولدت الغنم أما كان عليه أن يرعى أولادها معها، أستحسن ذلك وأدع القياس فيه. ولو كان لم يستأجره شهراً، ولكنه دفع إليه غنماً (¬4) مسماة على أن يرعى له في كل شهر بدرهم، فإنه ليس لرب الغنم أن يزيد فيها شيئاً. وإن باع منها طائفة فإنه ينقصه من الأجر بحساب ذلك. فإن ولدت الغنم لم يكن عليه أن يرعى أولادها معها. فإن كانوا اشترطوا عليه حين دفعوا إليه الغنم أن يولدها ويرعى أولادها معها فهو فاسد في القياس، لأنه لا يدري ما أولادها، ولكني أستحسن ذلك وأجيزه. والبقر والإبل والجواميس والبغال والحمير في ذلك كله سواء. وليس للراعي أن يُنْزِي على شيء من ذلك بغير أمر (¬5) رب المال. فإن ¬

_ (¬1) ص: إليه. (¬2) ف: قال. (¬3) ص - أو لم يسم له غنما. (¬4) م: غنماه. (¬5) ص - أمر؛ صح فوق السطر.

فعل فعطب منها شيء من ذلك فإنه ضامن. ولو لم يفعل هو ذلك ولكنه كان في الغنم فحل فنَزَا على بعضها فعطب فلا ضمان على الراعي، لأنه لم يرسله فيها. ولو نَدَّ من الإبل بعير أو من البقر بقرة، فخاف الراعي إن اتبع ما ند منها أن يضيع ما بقي، فإنه في سعة من ترك ذلك الواحد، ولا ضمان عليه في قياس قول أبي حنيفة، وهو ضامن في قول أبي يوسف. ولو تكارى من يجيء بالواحدة فهو متطوع في الكراء. وإن تفرقت الغنم والإبل والبقر عليه فِرَقاً فلم يقدر على اتباعها كلها، فأقبل على فرقة منها وترك ما سوى ذلك، فهو في سعة من ذلك، ولا ضمان عليه في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإذا استأجر الرجل راعياً يرعى له غنمه وهو راع مشترك، فرعاها في بلد فعطبت (¬1)، فقال رب الغنم: إنما اشترطت عليك أن ترعاها في موضع كذا وكذا لموضع غير ذلك، وقال الراعي: بل شرطت علي هذا الموضع الذي رعيتها فيه، فالقول في ذلك قول رب الغنم مع يمينه، وعلى الراعي البينة. فإن أقاما جميعاً البينة أخذت ببينة الراعي، لأنه المدعي في قياس قول أبي حنيفة. وفي قول أبي يوسف هو ضامن وإن لم يخالف. فإن (¬2) أقام البينة أنها نفقت (¬3) فهو المدعي. وإن كان الراعي أجيراً (¬4) وحده فهو سواء، والقول فيه مثل ذلك في قول أبي حنيفة وأبي يوسف، لا يضمن إلا أن يخالف، ولا أجر للراعي إذا خالف بعد أن تعطب الغنم، فإن سلمت الغنم استحسنت أن أجعل له الأجر. ... ¬

_ (¬1) م ف: فعطب. (¬2) ف: وإن. (¬3) م ص ف: نفقد. (¬4) م ص: أخبره.

باب إجارة الثياب

باب إجارة الثياب وإذا استأجر الرجل (¬1) ثوباً ليلبسه يوماً إلى الليل بأجر معلوم مسمى فهو جائز، وليس له أن يُلبسه غيره، فإن ألبسه غيره وكان هو الذي أعطاه إياه فهو ضامن للثوب إن أصابه شيء، وإن لم يصبه شيء لم يكن عليه أجر في ذلك اليوم الذي أعطاه فيه غيره فلبسه، لأنه خالف، فصار ضامناً. وإن كان استأجره لِلّبس يوماً إلى الليل ولم يسم من يلبسه فإن هذا فاسد. وإن اختصما فيه قبل أن يلبسه أفسدت (¬2) الإجارة. وإن لبسه أو أعطاه (¬3) غيره فلبسه إلى الليل فهو جائز، وعليه الأجر، ولا ضمان عليه إن ضاع فيه. والقميص والقباء والرداء والسراويل والقلنسوة والجبة والطيلسان والكساء والقطيفة والمنطقة وغير ذلك من جميع أصناف الثياب مما يلبس من ذلك كله سواء. وإنما أفسدت (¬4) الإجارة إذا لم يسم من يلبسه لأن اللبس مختلف، بعض الناس أسوأ لبساً من بعض. وقال أبو حنيفة: إذا استكرى الرجل دابة يوماً إلى الليل ولم يسم ما يعمل عليها، فإن اختصما قبل العمل فهو فاسد، وإن عمل عليها إلى الليل فهو جائز، وعليه الأجر، أستحسن ذلك. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وكذلك الثوب. وإذا استأجر الرجل قميصاً ليلبسه يوماً إلى الليل بدرهم، فلم يلبسه، ووضعه في منزله حتى جاء الليل، فطلبه (¬5) صاحبه، فإن عليه الأجر كاملاً، وليس له أن يلبسه بعد ذلك. ولو لم يفعل به ولكنه اتّزر به يوماً إلى الليل فهو ضامن إن تخرّق، لأن هذا يفسد القميص. وإن سَلِمَ جعلت عليه الأجر، أستحسن ذلك. وكان ينبغي في القياس أن لا يكون عليه الأجر لأنه خالف. وإذا استأجرت المرأة درعاً لتلبسه ثلاثة أيام بأجر مسمى فهو جائز. ¬

_ (¬1) م - الرجل. (¬2) ص: فسدت. (¬3) ص: وأعطاه. (¬4) م ص: فسدت. (¬5) ف: وطلبه.

ولو كان أجر اليوم الأول درهماً وأجر اليومين الباقيين دانقاً فهو جائز على ما سمى. ولو كان أجر (¬1) اليومين الأولين دانقاً وأجر اليوم الآخر درهماً كان جائزاً على ما سمى. ولها أن تلبسه النهار كله ومن الليل من أوله وآخره ما يلبس الناس. وإن لبسته الليل كله فتخرق من لبسها في غير الليل فلا ضمان عليها. وليس لها أن تنام فيه، لأن ذلك ليس مما يصنع الناس، وهذا يفسد الثوب. وإن فعلت ذلك فتخرق (¬2) الثوب من ذلك فهي ضامنة. وليس عليها أجر في تلك الساعة التي تخرق فيها الثوب، وعليها الأجر فيما كان قبل ذلك وبعده. وإن سلم ولم يتخرق جعلت عليها الأجر كله. وإن كان الدرع ليس بدرع الصَّيَانَة (¬3) إنما هو درع بِذْلَة ينام في مثله فلا ضمان عليها إن نامت فيه وعليها الأجر. وإن لم تلبسهَ تلك الأيام فعليها الأجر كاملاً. وإن كانت استأجرته لمخرج تخرج فيه يوماً بدرهم فلبسته في بيتها فعليها الأجر وليس هذا بخلاف. وإن لم تخرج في ذلك المخرج ولم تلبسه فعليها الأجر، لأنه قد شرط عليها يوماً ودفعه إليها، فالأجر عليها إذا جاء ترك اللبس من قبلها. ولو كان الدرع ضاع منها ذلك اليوم ثم وجدته بعد ذلك لم يكن عليها أجر إذا صدقها رب الدرع. وإن لبسته في اليوم الثاني (¬4) ضمنتها ولم يكن عليها أجر. وإن كذبها رب الدرع وقال: لم يضع منك، فإن كان في يديها (¬5) حين قالت هذه المقالة فالأجر لها لازم، ولا تصدق أنه ضاع منها. فإن (¬6) جاءت ببينة أنه ضاع منها قبل منها ولا أجر عليها. وإن لم يكن لها بينة أنه ضاع منها فعلى رب المتاع اليمين بالله على علمه ما يعلم أنه ضاع منها. فإن حلف لزمها الأجر كله. وإن نكل عن اليمين بطل عنها الأجر. وإن سرق منها فلا ضمان عليها. وكذلك لو تخرّق عليها مِن لُبسها فلا ضمان عليها. وليس هذا مثل الأجير المشترك الذي يضمن ما ¬

_ (¬1) م - أجر. (¬2) ف + فيها. (¬3) درع الصيانة أي: ما يصان ويلبس نهاراً ولا ينام فيه. أما درع البِذْلة فهو ما يبتذل ويمتهن وينام فيه. انظر: المبسوط، 15/ 167؛ والقاموس المحيط، "بذل". (¬4) م ص ف: الباقي. والتصحيح من ب؛ والكافي، 1/ 207 ظ. (¬5) ص: في يدها. (¬6) ف: وإن.

جنت يده، لأن هذه إنما استأجرت شيئاً لتلبسه، وهذا مثل رجل استأجر دابة ليركبها فعطبت الدابة فلا ضمان عليه، فهذا مثل ذلك. ولو أصابه في بيتها نجس أو قرض فأره أو حرق نار لم يكن عليها ضمان. ولو أمرت خادمها فلبسته (¬1) كانت ضامنة. وكذلك لو أمرت ابنة لها فلبسته أو أختاً لها فلبسته فتخرق من لبسهن كانت ضامنة، ولا أجر عليها وإن سلم الثوب بعد أن يصدقها رب الثوب بذلك، فلا أجر عليها. وإن كذبها وقال: أنت لبستيه، فالقول قوله مع يمينه على علمه، وعليها الأجر إن حلف. وإن نكل عن اليمين بطل عنها الأجر. وإن أجرت الثوب ممن يلبسه بفضل أو بنقصان فهي ضامنة لذلك، لأنها خالفت، إنما استأجرته لتلبسه هي، فليس لها أن تعطيه غيرها، والأجر لها بالضمان. وفي قياس قول أبي حنيفة ومحمد ينبغي لها أن تصّدق به. وإن لبسته خادمتها أو ابنتها أو أختها بغير أمرها فلا ضمان عليها، وهذا بمنزلة الغصب لو غصبها إياه إنسان لم يكن عليها أجر. ولو تخرق من لبس الخادم كان في عنق الخادم ضمان ذلك، ولا أجر على المولاة لذلك. وكذلك لو تخرق من لبس الابنة. وكذلك لو تخرق من لبس الأخت. وليس لها أن تلبسه يوماً بعد ذلك. وإذا استأجر الرجل قُبَّة (¬2) لينصبها في بيته ويبيت فيها شهراً بأجر مسمى فهو جائز. وإن سمى البيت الذي ينصبها فيه أو لم يسم فهو جائز. وإن سماه فنصبها في غيره فهو جائز، وعليه الأجر، لأنه ليس فيها ضرر على القبة. فإن نصبها في الشمس أو في المطر وكان عليها في ذلك ضرر فإنه ضامن لما أصابها من ذلك، ولا أجر عليه. إذا وقع الضمان بطل الأجر. فإن سَلِمت القبة فلم يدخلها ضرر كان عليه الأجر. أستحسن ذلك وأدع القياس فيه. ولو اشترط (¬3) أن ينصبها في داره فنصبها في دار في قبيلة أخرى فعليه الأجر، ولا ضمان عليه. وليس له أن يخرجها من المصر. فإن أخرجها ¬

_ (¬1) م ص: فلبسه. (¬2) نوع من الخيام معروف عند التركمان والأكراد، أو هو بيت مستدير، وقيل: لا يكون إلا من الجلد. انظر: المصباح المنير، "قبب"؛ ولسان العرب، "قبب". (¬3) ف: شرط.

من المصر إلى السواد فنصبها فسَلِمت أو انكسرت فلا أجر عليه وعليه الضمان. أرأيت إن أراد أن يردها على من الحمولة والأجر. ألا ترى أنه على رب المتاع أن يرد متاعه إذا كان إجارة. فإذا أخرجها من المصر كان عليه في هذا مؤنة. أرأيت لو نقلها إلى مصر آخر وبَلَغَ أجرُها في ذلك المصر أكثرَ من أجرها الذي استأجرها به لم يكن ضامناً ولا أجر عليه. وقال أبو حنيفة: إذا استأجر الرجل رحى ليطحن (¬1) عليها فحملها وذهب بها إلى منزله شهراً بأجر مسمى فهو جائز، وعلى رب الرحى أن يقبض رحاه من منزل المستأجر، وعليه الحملان، وليس على المستأجر شيء من ذلك. وقال أبو حنيفة: لو كانت عارية كان على المستعير أن يردها. وكذلك قال أبو يوسف (¬2) ومحمد. والمصر وغير المصر في ذلك سواء في القياس. وإذا استأجر الرجل عِيدان حَجَلَةٍ (¬3) أو كسوتها أو جمعهما جميعاً أشهراً مسماة فهو جائز. وكذلك الرجل يستأجر البسط أو الوسائد أو الفرش. وكل متاع من متاع البيت يستأجره الرجل بأجر مسمى وأجل مسمى فهو جائز. وكذلك الصندوق والسرير. وكذلك الآنية كلها من الأَخْوِنَة (¬4) والقدور والقِصاع وغير ذلك من المتاع. وكذلك الستور، فإن (¬5) سمى لذلك وقتاً معلوماً فهو جائز. وإن سمى للقدور (¬6) لحماً معلوماً يطبخه فيها فهو جائز. ولو استأجر قدوراً يطبخ فيها لحم جزور بعينها كان جائزاً. ولو انكسرت من ذلك أو احترقت من ذلك العمل لم يضمن المستأجر. ولو كانت القدور بغير ¬

_ (¬1) م ص: فيطحن. (¬2) ص: أبو حنيفة. (¬3) قال المطرزي: الحَجَلة بفتحتين ستر العروس في جوف البيت، والجمع حِجَال. وفي الصحاح: بيت يزين بالثياب والأسرة. وبه يخرَّج قول محمد في عيدان الحَجَلة وكسوتها. انظر: المغرب، "حجل". (¬4) الخِوَان: ما يؤكل عليه، والجمع خُون وأَخْوِنَة. انظر: المغرب، "خون". (¬5) م ص: وإن. (¬6) م: القدور.

عينها لم يجز. فإن جاءه بقدور فقبلها على الكراء الأول فهو جائز والأجر له لازم. ولو استأجر رجل من رجل ستوراً فعلقها على بابه أو على صُفَّتِه بأجر مسمى شهراً أو أقل من ذلك فهو جائز. ولو استأجر رجل من رجل متاعاً معلوماً إلى أجل معلوم وأعطاه كفيلاً بالمتاع فالإجارة جائزة والضمان باطل. ولو أعطى كفيلاً بالأجر كان جائزاً. وإذا استأجر الرجل ميزاناً ليزن فيه دراهم مسماة وسمى يوماً إلى الليل أي ذلك ما سمى بأجر معلوم فهو جائز. وكذلك القَبّان (¬1) وكل ميزان يوزن به. وكذلك السَّنْجات (¬2) إن استأجرها بأجر معلوم يزن به إلى وقت معلوم فهو جائز. وكذلك المكاييل لا بأس بإجارتها إذا سمى أجراً ووقّت وقتاً أو سمى ما يكال بها كم هو، فهو جائز. وإذا استأجر الرجل سَرْجاً (¬3) ليركب به شهراً بأجر مسمى فهو جائز. وإن ركب به غيره وكان (¬4) هو الذي أعطاه إياه فهو ضامن، لأنه قد خالف. وإذا استأجر الرجل إِكَافاً (¬5) لينقل عليه الحنطة شهراً فهو جائز. وحنطته وحنطة غيره في ذلك سواء. وكذلك لو استأجر جُوَالِقاً (¬6) لينقل فيه حنطة فهو جائز. ¬

_ (¬1) القبان هو القسطاس الذي يوزن به. انظر: المغرب، "قبب"؛ ولسان العرب، "قبن". (¬2) سَنْجَة: الميزان معرَّب، والجمع سَنْجَات، مثل سجدة وسجدات، وسِنَج أيضاً مثل قَصْعَة وقِصَع. انظر: المصباح المنير، "سنج". (¬3) ما يوضع على الدابة ليركب عليها، وقد غلب استعماله في الخيل. انظر: لسان العرب، "سرج". (¬4) م ص: فكان. (¬5) ما يوضع على الحمار ليركب عليه. انظر: لسان العرب، "أكف". (¬6) الجِوالِق بكسر الجيم واللام وبضم الجيم وفتح اللام (أي جُوالَق) وكسرها (أي جُوالِق) وعاء، وجمعه جَوَالِق كصحائف، وجَوَالِيق وجُوالِقات. انظر: القاموس المحيط، "جلق".

باب إجارة الحلي

وكذلك لو استأجر محملاً (¬1) ليركب عليه فهو جائز. وليس له أن يحمل عليه غيره. فإن حمل عليه غيره فهو ضامن إن أصابه شيء. وكذلك الفسطاط (¬2) يستأجره الرجل ليخرج به إلى مكة يستظل به ويجعل فيه متاعه فهو جائز. وإن استظل به غيره أو أدخله به فهو جائز وعليه الأجر، ولا ضمان عليه. وكذلك الخيمة. وليس إدخالها غيره فيها بخلافٍ (¬3) فيضمن، ولا يضمن هذا. وليس هذا كالمسكن يستأجره الرجل ليسكن فيه فله أن يسكنه من أحب، ولا ضمان عليه في ذلك. ولو أجر الفسطاط بأكثر مما استأجره فهو جائز، ويتصدق بالفضل. وإن أسرج في الفسطاط أو في الخيمة أو في القبة أو علق فيه قنديلاً فأفسد شيئاً فلا ضمان عليه إذا صنع من ذلك ما يصنع الناس. فإن اتخذ مطبخاً أو أوقد فيه حتى صار بمنزلة المطبخ من الدخان والسواد فهو ضامن. ... باب إجارة الحلي محمد عن أبي (¬4) شهاب (¬5) عبد ربه الحناط (¬6) عن عمرو بن عبيد (¬7) ¬

_ (¬1) قال المطرزي: المحمل بفتح الميم الاولى وكسر الثاني أو على العكس الهودج الكبير ... وأما تسمية بعير المحمل به فمجاز وإن لم نسمعه، ومنه قوله ... ما يكترى به شق محمل أي نصفه أو رأس زاملة ... انظر: المغرب، "حمل". (¬2) الفسطاط: الخيمة العظيمة. انظر: المغرب، "فسط". (¬3) م ص ف: بخلافه. ولعل الصواب ما أثبتناه. والمعنى أن إدخال غيره في الخيمة لا يعتبر مخالفة لمقتضى العقد، فلا يضمن المستأجر. وانظر: باب إجارة الفسطاط، 2/ 169 و. (¬4) م ص ف: ابن. والتصحيح من كتب الرجال. (¬5) م ص ف + عن. وهي زائدة. وانظر لترجمة أبي شهاب عبد ربه بن نافع الحناط: تهذيب التهذيب، "عبد ربه بن نافع". (¬6) م ص: الخياط. (¬7) م ص: بن عبيدة.

عن الحسن أنه قال: لا بأس بأن يستأجر حلي الذهب بالذهب وحلي الفضة بالفضة. وبه يأخذ محمد. وإذا استأجرت المرأة حلياً معلوماً لتلبسه يوماً إلى الليل فهو جائز. وإن كان الحلي ذهباً والأجر ذهباً فهو جائز. وكذلك إن كان الأجر فضة فهو جائز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك إن كان الأجر عروضاً. وكذلك لو كان الحلي فضة والأجر فضة وذهب فهو جائز. وكذلك لو كان الحلي لؤلؤاً أو جوهراً والأجر فضة أو ذهب فهو جائز. وكذلك لو كان الأجر لؤلؤاً أو جوهراً بعينه فهو جائز (¬1). وكذلك لو كان الأجر ثوباً بعينه فهو جائز. وإن حبسته المرأة أكثر من يوم فهي ضامنة، وعليها الأجر في ذلك اليوم خاصة. وإن ألبسته (¬2) غيرها في ذلك اليوم فهي ضامنة، ولا أجر عليها. فإن قال رب الحلي: أنت لبستيه في هذا اليوم وقد لزمك الأجر، وقالت هي: بل لبسه أهلي، فإنها لا تصدق على إبطال الأجر، والأجر لها لازم، لأن الحلي قد سَلِم. وإن لك الحلي كان لرب الحلي أن يصدقها ويضمنها الحلي ولا يضمنها الأجر. فإن كذبها وقال: أنت لبستيه، فقد أبرأها من الضمان، ويكون عليها الأجر، لأنها قد أقرت أن الحلي قد كان عندها يومئذ، والأجر لها لازم. وإذا استأجرت المرأة حلياً يوماً إلى الليل بأجر مسمى فحبسته شهراً ثم جاءت فقالت: إني لم ألبسه، فإنها لا تصدق، ويلزمها أجر ذلك اليوم، وهي بمنزلة الغاصب فيما بقي من الأيام، ولا أجر عليها. وإن استأجرت كل يوم بأجر مسمى فحبسته شهراً ثم جاءت به فعليها أجر كل يوم حبسته لو حبسته سنة في قياس (¬3) قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإذا استأجرته يوماً إلى الليل فإن بدا لها أيضاً فحبسته كل يوم بذلك الأجر فلبسته يوماً ولم ترده حتى مضت عشرة أيام، قال: أما الإجارة على هذا الشرط فاسدة في القياس، ولكني أستحسن فأجيزها، وأجعل عليها الأجر ¬

_ (¬1) ف - وكذلك لو كان الأجر لؤلؤا أو جوهرا بعينه فهو جائز. (¬2) م ص: ألبسه. (¬3) ص - قياس؛ صح هـ.

باب إجارة الدواب

لكل يوم حبسته في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ... باب إجارة الدواب وإذا استأجر الرجل دابة بعينها ليركبها إلى مكان معلوم بأجر معلوم فإن أبا حنيفة قال في هذا بأنه جائز. وكذلك (¬1) قال أبو يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: ليس له أن يحمل عليها غيره. فإن حمل عليها غيره (¬2) فهو ضامن، ولا أجر عليه. وإن ركبها هو وحمل معه عليها (¬3) آخر حتى يبلغ الوَقْت (¬4) فعليه الكراء كله في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإن عطبت الدابة بعد بلوغه المكان من الركوب فعليه في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد نصف القيمة، وعليه الأجر كله. وإن كان الرجل الذي حمل على الدابة أثقل منه أو أخف فهو سواء. وليس يوزن الرجل بالقَبَّان (¬5) في هذا الوجه. وإذا استأجر الرجل دابة إلى الجَبَّانة (¬6) أو إلى الجنازة فإن هذا فاسد إلا أن يسمي موضعاً معلوماً فيجوز ذلك. وكذلك الرجل يتكارى الدابة ليُشيّع عليها رجلاً ولم يسم موضعاً ولا يوماً فإن هذا فاسد لا يجوز. ¬

_ (¬1) ص: وكذ. (¬2) ف - فإن حمل عليها غيره, (¬3) ف + غيره فإن حمل عليها غيره فهو ضامن ولا أجر عليه وإن ركبها هو وحمل معه عليها. (¬4) أي: المكان المسمى. (¬5) هو نوع من الموازين، وقد تقدم قريباً. (¬6) الأصل في الجَبّانة عند أهل الكوفة أنه اسم للمقبرة، وفي الكوفة عدة مواضع تعرف بالجَبّانة، كل واحدة منها منسوبة إلى قبيلة. انظر: معجم البلدان لياقوت، "عرزم".

وإذا تكارى الرجل دابة (¬1) من بلد إلى الكوفة ليركبها فإن أبا حنيفة قال: يبلغ بها منزله في أي موضع ما كان من الكوفة. وكذلك لو حمل عليها متاعاً. وقال أبو حنيفة: لو وضع المتاع في ناحية من الكوفة وقال: هذا منزلي، فإذا هو قد أخطأ، فأراد أن يحمله ثانية إلى منزله، فليس له أن يحمله إلى منزله ثانية. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. رجل تكارى حماراً من الكوفة ليركبه إلى الحِيرة ذاهباً وجائياً فإن له أن يبلغ عليه إلى أهله بالكوفة إذا رجع. أرأيت لو تكارى إبلاً إلى مكة ذاهباً وجائياً أما كان له أن يبلغ إلى أهله، بل له أن يبلغ إلى أهله. وكذلك الدواب. وإذا تكارى الرجل دابة بالكوفة من موضع كانت فيه الدابة إلى الكُنَاسة (¬2) ذاهباً وجائياً فأراد أن يبلغ في رجعته إلى أهله فليس له ذلك، وإنما له أن يرجع إلى ذلك الموضع الذي تكارى (¬3) منه الدابة. أرأيت لو تكارى دابة من الكنَاسة إلى جَبَّانة بِشْر (¬4) ليركبها ذاهباً وجائياً ومنزله عند دار عيسى بن موسى (¬5) أو عند دَيْر هِنْد (¬6) ثم ذهب عليها إلى جَبَّانة بِشْر ثم رجع بها ثم أراد أن يبلغ إلى أهله أكان له ذلك، ليس له ذلك. وليس هذا كالدابة يتكاراها الرجل إلى مدينة من المدائن أو إلى قرية من القرى أو إلى ¬

_ (¬1) م: دابته. (¬2) المقصود هنا كُنَاسة كُوفان، وهي موضع قريب من الكوفة قُتل بها زيد بن علي - رضي الله عنه -، وهي المرادة في الإجارات والكفالة، والصواب ترك حرف التعريف. انظر: المغرب، "كنس". (¬3) م ص ف: يكتري. (¬4) تقدم قريباً أنه كان بالكوفة عدة مواضع تعرف بالجبانة. (¬5) هو عيسى بن موسى العباسي الهاشمي، كان ولي العهد بعد أبي جعفر المنصور، لكن عزله المنصور وولى مكانه المهدي، وكان أمير الكوفة ومن قواد العباسيين، توفي سنة 168 هـ. انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي، 7/ 434، 454. (¬6) هناك ديران: دير هند الصغرى ودير هند الكبرى، وكلاهما بالحيرة قرب الكوفة. انظر: معجم البلدان، "دير هند".

مصر من الأمصار ذاهباً وجائياً، فله (¬1) أن يرجع عليها إلى أهله. والذي في المصر لا يشبه هذا. وإذا تكارى الرجل دابة إلى موضع معلوم بأجر معلوم ولم يسم ما يحمل عليها فإن أبا حنيفة قال في هذا: إن اختصموا ساعة يقع الكراء فإنه فاسد ويترادان. فإن حمل عليها إلى ذلك الموضع أو ركبها فعليه الكراء فإنه الذي تكارى به. أستحسن ذلك وأدع القياس. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. وإذا تكارى الرجل دابة ليحمل عليها حنطة معلومة بأجر معلوم إلى موضع معلوم فحمل عليها شعيراً بمثل ذلك الكيل إلى ذلك الموضع فلا ضمان عليه في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، وعليه الكراء. وكذلك لو اشترط عليه أن يحمل عليها كذا وكذا ثوباً هروياً فحمل عليها مثل عدده بزاً أو من (¬2) جنس من الثياب هو أخف منه فعليه الكراء، وهو جائز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك لو اشترط أن يحمل عليها دهن بنفسج فحمل عليها دهن خِيري (¬3) أو زنبق فهو جائز. وكذلك لو اشترط أن يحمل سمناً عربياً فحمل عليها سمناً جبلياً (¬4). وكذلك لو اشترط أن يحمل عليها زيتاً [فحمل عليها سمناً] (¬5). ولو استأجرها ليحمل عليها شعيراً فحمل عليها حنطة مثل ذلك الكيل فهو مخالف، وهو ضامن إن عطبت الدابة، ولا أجر عليه. وقال أبو حنيفة: إذا استأجرها ليحمل عليها عشرة مخاتيم من حنطة له ¬

_ (¬1) م ص ف: أله. (¬2) م: ومن؛ ص - أو من. (¬3) الخِيرِي هو المنثور، وهو نوع من الخشخاش، وغلب على الأصفر منه لأنه الذي يخرج دهنه ويدخل في الأدوية. انظر: المصباح المنير، "خير"؛ والقاموس المحيط، "خشّ". (¬4) ص: حليا. (¬5) زدنا ما بين المعقوفتين حتى يستقيم الكلام.

فحمل عليها عشرة (¬1) مخاتيم من حنطة لغيره فهو جائز، وعليه الكراء، ولا ضمان عليه، وليس هذا منه بخلاف، إذا حمل عليها حنطة له أو حنطة غيره (¬2) فهو سواء. ولو حمل عليها أحد عشر مختوماً فبلغت الدابة (¬3) ذلك الموضع الذي تكارى إليه ثم عطبت الدابة من ذلك فإن أبا حنيفة قال: عليه الكراء كاملاً، وعليه جزء من أحد عشر جزء من قيمة الدابة بقدر ما زاد عليها من الحمل. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. وإذا اختلف رب الدابة والمستأجر، والمستأجر لم يركب الدابة بعد، فقال المستأجر: أكريتك من الكوفة إلى بغداد بعشرة دراهم، وقال رب الدابة: بل أكريتك من الكوفة إلى القصر بعشرة دراهم، والقصر هو المنتصف، فإن أبا حنيفة قال: يتحالفان ويترادان. وقال أبو حنيفة: إن أقاما جميعاً البينة فإنه يؤخذ ببينة المستأجر إلى بغداد بعشرة دراهم؛ لأنه مدع لفضل المسير. وكان يقول قبل ذلك: إنه يكون له (¬4) إلى بغداد بخمسة عشر؛ لأن العشرة (¬5) قد وجبت عليه إلى القصر. ثم رجع عن هذا وجعلها إلى بغداد بعشرة دراهم. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو يوسف ومحمد: أرأيت لو تكارى شق محمل (¬6) أو شق زاملة (¬7) إلى مكة بمائة درهم ولم يختلفا في ذلك، وأقام المستأجر البينة أنه زاده عُقْبَةَ الأجير (¬8) لم ¬

_ (¬1) م: عشر. (¬2) ص: لغيره. (¬3) ف + من. (¬4) م + له. (¬5) م ص: العشر. (¬6) قال المطرزي: المحمل بفتح الميم الأولى وكسر الثاني أو على العكس الهودج الكبير ... وأما تسمية بعير المحمل به فمجاز وإن لم نسمعه، ومنه قوله ... ما يكترى به شق محمل أي: نصفه أو رأس زاملة ... انظر: المغرب، "حمل". (¬7) قال المطرزي: زَمَلَ الشيءَ حمله، ومنه الزاملة: البعير يحمل عليه المسافر متاعه وطعامه ... ثم سمي بها العدل الذي فيه زاد الحاج من كعك وتمر ونحوه، وهو متعارف بينهم، أخبرني بذلك جماعة من أهل بغداد وغيرهم. انظر: المغرب، "زمل". (¬8) م: الاخير. العُقْبَة: النوبة. ومنها عاقبه معاقبة وعقابا: ناوبه. وعُقْبَة الأجير: أن ينزل المستأجر صباحا مثلا فيركب الأجير. انظر: المغرب، "عقب".

يؤخذ بعقبة الأجير (¬1)، ولا يُزاد على الكراء شيئاً. فكذلك (¬2) المسألة الأولى. وقال أبو حنيفة: إذا تكارى رجل دابة بسَرْج (¬3) ليركبها، فحمل عليها مكان السرج إكافاً (¬4) وركبها، فإنه ضامن بقدر ما زاد؛ لأنه قد خالف حين وضع السرج عنها وأوكفها. وقال أبو حنيفة: إن كان حماراً مسرجاً بسرج حمار فأسرجه بسرج برذون لا يسرج بمثله الحمر فهو مثل الإكاف. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا استأجر حماراً بإكاف فأسرجه ونزع الإكاف فلا ضمان عليه فيه؛ لأن السرج أخف. وكذلك لو أوكف بإكاف مثل ذلك أو أخف (¬5) منه. وكذلك لو تكارى حماراً عرياناً فأسرجه ثم ركبه كان ضامناً. وقال أبو حنيفة: إذا استأجر الرجل دابة ليركبها إلى مكان معلوم فجاوز ذلك ثم رجع فعطبت الدابة بعدما دخل في الوقت الأول راجعاً فإنه كان يقول: لا ضمان عليه، ثم رجع عن ذلك، وقال: هو ضامن؛ لأنه ضمن حين خالف، فلا يبرأ من الضمان حتى يدفعها إلى صاحبها. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: إذا تكارى الرجل دابة ليركبها فضربها فعطبت الدابة، أو كبحها باللجام فأعطبها ذلك، فإنه ضامن إلا أن يأذن له صاحب الدابة في ذلك. وقال أبو يوسف ومحمد: أستحسن أن لا يضمنه إذا لم يتعد في (¬6) الضرب والكبح، وضرب كما يضرب الناس في الموضع الذي يضربون فيه، فإذا كان ذلك تعدياً (¬7) فهو ضامن. ¬

_ (¬1) م ص: الاخير. (¬2) م: فلذلك. (¬3) ما يوضع على الدابة ليركب عليها، وقد غلب استعماله في الخيل. انظر: لسان العرب، "سرج". (¬4) ما يوضع على الحمار ليركب عليه. انظر: لسان العرب، "أكف". (¬5) ص: وأخف. (¬6) ص - في؛ صح فوق السطر. (¬7) م ص ف: تعدي.

وإذا استأجر دابة بأجر معلوم إلى مكان معلوم يحمل عليها شيئاً معلوماً، فأجرها بأكثر من ذلك إلى ذلك الموضع على أن يحمل عليها مثل ذلك، فهو جائز. فإن كان زاد معها حبلاً أو جُوالِقاً (¬1) أو لجاماً طاب له الفضل. وإن لم يكن زاد معها شيئاً لم يطب له الفضل؛ لأنه ليس فيه رأس مال فيطيب له الفضل به. ولو كان أعلفها (¬2) لم يطب له الفضل؛ لأن العلف ليس بمتاع ينتفع به المستأجر. وإذا ألجم الرجل دابة استأجرها ولم يكن عليها لجام فلا ضمان عليه إذا كان مثلها يلجم بمثل ذلك اللجام. وكذلك لو كان عليها لجام فأبدله. وكذلك لو نزع لجامها وركبها بغير لجام. وإذا استأجر الرجل دابة من رجل ليحمل عليها حمولة معلومة بأجر معلوم فساق (¬3) الدابة فعثرت فأسقطت الحمولة ففسدت فإن أبا حنيفة قال: المكاري ضامن؛ لأن هذا من جناية يده. ولو انقطع الحبل فسقط الحمل ففسد كان مثل ذلك. ولو مطرت السماء ففسد الحمل أو أصابته الشمس ففسد فلا ضمان عليه؛ لأن هذا ليس من جناية يده. وهو ضامن (¬4) في قول من يضمن الأجير المشترك. وكذلك لو هلك الحمل أو سرق. وقال أبو حنيفة: إذا استأجر الرجل حمالاً ليحمل له حملاً فعثر فانكسر ذلك الحمل فهو ضامن. فإن شاء ضمنه في الموضع الذي حمله فيه، ولا أجر عليه. وإن شاء ضمنه قيمته في الموضع الذي انكسر فيه، وعليه الأجر إلى ذلك الموضع. وهكذا كل حمل. وإن سقط من رأس الحمال فتكسر فهو مثل ذلك. وإن زحمه الناس فلا ضمان عليه في قول أبي حنيفة، وهو ضامن في قول من يضمن الأجير. ¬

_ (¬1) الجِوالِق بكسر الجيم واللام وبضم الجيم وفتح اللام (أي جُوالَق) وكسرها (أي جُوالِق): وعاء، وجمعه جَوَالِق كصحائف، وجَوَالِيق وجُوالِقات. انظر: القاموس المحيط، "جلق". (¬2) ص: علفها. (¬3) م ص: فساقدب. (¬4) ص: يضمن.

ولو استعار رجل من رجل دابة إلى موضع فجاوز بها ذلك الموضع ثم عاد إليه فعطبت فإن أبا حنيفة كان يقول: لا ضمان عليه. ثم قال بعد ذلك: هو ضامن؛ لأنه ضمن حين خالف، فلا يبرئه من الضمان إلا أن يدفعها إلى صاحبها، وهذا بمنزلة الإجارة. وهكذا قول أبي يوسف ومحمد. ولو كانت وديعة في يديه فركبها بغير أمر صاحبها ثم ردها إلى موضعها من منزله برئ من الضمان في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولا يشبه هذا الإجارة والعارية. ألا ترى أن هذا وكيل في حفظها بعد الخلاف، وهو بمنزلة صاحبها، إذا ردها إلى منزله برئ، والمستأجر والمستعير ليسا كذلك كوكيلين في حفظها. وإذا استأجر (¬1) الرجل دابة فحمل عليها عبداً له صغيراً فساق به رب الدابة فعثرت فوقع فعطب العبد وقد أمره رب العبد أن يسوق فلا ضمان عليه؛ لأن هذه ليست (¬2) بجناية (¬3)، ولا يشبه هذا المتاع. أرأيت لو كان مكان العبد رجل حر أو صغير حر فساق به كما يسوق بالناس فعثرت الدابة فعطب أكان يضمن. ألا ترى أنه لو حمل عليها حنطة وحمل عليها صاحبها ثم ساق بهم فعثرت الدابة فعطبت أو غرقت الحنطة لم يضمن رب الدابة؛ لأن صاحب الطعام طعامه في يديه. وكذلك نفسه. وإذا خلى بين متاعه وبين رب الدابة فهذا الذي يقع فيه الضمان. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من رجل كل شهر بعشرة دراهم على أنه متى ما بدا له من ليل أو نهار حاجة ركبها لا يمنعه ذلك فوقع الكراء على ذلك؟ أرأيت إن أعطاه الرجل الدابة بغير سرج ولا لجام أو قال: أكريتك عرياناً ولم (¬4) أكرك (¬5) بسرج ولا لجام، وقال المستكري: بل استكريت منك بسرج ولجام، وليس بينهما بينة، ما القول في ذلك؟ أرأيت ¬

_ (¬1) ف: إذا استأجر. (¬2) م ص - ليست. (¬3) م ص: جناية. (¬4) ص + يقل. (¬5) م ص: أكريتك.

إن كانت (¬1) بينهما بينة ببينة من يؤخذ؟ قال: إن سمى بالكوفة ناحية من نواحيها (¬2) فهو جائز. وإن لم يكن سمى مكاناً فالإجارة فاسدة في قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة يوماً يقضي حوائجه في المصر؟ قال: هذا جائز. وله أن يركبها إلى أي نواحي المصر شاء، وإلى الجَبَّانة (¬3) ونحوها، وليس له أن يسافر عليها. قلت: أرأيت رجلاً استأجر دابة إلى واسط ذاهباً أو جائياً بعلفها فركبها فأتى واسط، فلما رجع حمل عليها حملاً وركب عليها فعطبت الدابة، ما القول في ذلك؟ قال: عليه أجر مثلها في الذهاب ونصف أجر مثلها في (¬4) الرجوع (¬5)، وهو ضامن في الحملان بقدر ما زاد عليها، وعليه في ركوبها أجر مثلها، ويحسب له ما علفها به من ذلك. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة عشرة أيام كل يوم بدرهم، فحبسها ولم يركبها، فردها اليوم العاشر، وقد علم بذلك المكاري، أيسعه (¬6) كراء دابته وهو يعلم أن دابته لم تركب، أو يقضى له بشيء، وكيف إن اكتراها يوماً بدرهم فحبسها (¬7) شهراً ثم جاء بها ليردها، كم يكون له من الكراء؟ قال: أما إذا تكاراها عشرة أيام كل يوم بدرهم فإنما يسعه أن يأخذ الأجر كله. وأما إذا تكاراها يوماً بدرهم فإنما عليه أجر يوم ¬

_ (¬1) ص ف: إن كان. (¬2) ص - من نواحيها. (¬3) الأصل في الجَبّانة عند أهل الكوفة أنه اسم للمقبرة، وفي الكوفة عدة مواضع تعرف بالجَبّانة، كل واحدة منها منسوبة إلى قبيلة. انظر: معجم البلدان لياقوت، "عرزم". (¬4) ص - ونصف أجر مثلها في. (¬5) ص: والرجوع. (¬6) م ص: ليسعه. (¬7) م ص ف: فيحبسها.

واحد، ولا أجر عليه فيما سوى ذلك في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة إلى بغداد بسكنى بيت شهراً أو سكنى دار شهراً هل تجوز الإجارة على هذا؟ وعلى من علفها؟ أرأيت إن عطبت الدابة في نصف الطريق أو في ثلث الطريق كم يكون له من السكنى والخدمة؟ أرأيت إن كان تكاراها (¬1) ذاهباً وجائياً فلما بلغ بغداد نفقت الدابة وقد وقع الكراء على ما وصفت لك؟ وكم يكون للمكاري من السكنى والخدمة؟ قال: أما السكنى والخدمة (¬2) فهو جائز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. فإن نفقت الدابة في الطريق فعليه من الأجر والسكنى والخدمة بحساب ما سار، ولا شيء له (¬3) عليه من العلف. قلت: أرأيت رجلاً تكارى من رجل دابة لعروس يحملها عليها (¬4) إلى بيت زوجها بخمسة دراهم، فانطلق بالدابة فحبسوها (¬5) حتى أصبح ثم ردها ولم تركب؟ (¬6) أرأيت إن حملوا عليها امرأة غير العروس فعطبت أو لم تعطب؟ قال: إن كان تكاراها (¬7) لعروس بعينها فحمل عليها غيرها فهو ضامن ولا كراء عليه. وإن كان إنما تكاراها لعروس بغير عينها فلا ضمان عليه في قولهم جميعاً. وأما حبسهم الدابة حتى أصبحوا فلا كراء عليهم. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من رجل على أن يركب مع فلان يشيعه، فحبسها من غدوة إلى انتصاف النهار، ثم بدا للرجل أن لا يخرج، فرد الدابة عند الظهر، هل يجب عليه الأجر وإنما وقع الكراء على أن يشيع ¬

_ (¬1) ف: أرأيت لو تكاراها. (¬2) ف - قال أما السكنى والخدمة. (¬3) ف - له. (¬4) ف - عليها. (¬5) ص: فحبسها. (¬6) ص: يركب. (¬7) م: تكارها.

فلاناً فلم يخرج فلان؟ قال: إن كان حبسها قدر ما يحبس الناس فلا ضمان عليه ولا أجر. وإن كان حبسها أكثر مما يحبس (¬1) الناس فهو ضامن، ولا أجر عليه في قولهم جميعاً وإن ركبها بعد (¬2) الحبس. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من رجل إلى (¬3) حلوان يسير عليها بغير عينها بعشرين درهماً، فنُتجت الدابة في الطريق، فضعفت الدابة عن الرجل عن حمله (¬4) من أجل الولادة، هل يأخذ المستكري حتى يتكارى له دابة تحمله، أو يقيم عليه المستكري حتى تقوى (¬5) الدابة وهو يخاف الحبس؟ قال: عليه أن يأتيه بدابة غيرها تحمله وتحمل متاعه إلا أن يكون وقع الكراء على هذه الدابة بعينها. فإن كان كذلك لم يكن عليه أن يأتيه بدابة غيرها (¬6) في قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً (¬7) تكارى من رجل ثلاث دواب من بغداد إلى الري بأعيانها، ثم إن رب الدواب آجر دابة من غيره، وأعار أخرى، ووهب أخرى [أو باع] (¬8)، فوجد المستكري الدواب في أيديهم، هل له عليهم سبيل؟ أرأيت إن كان مكان الذي أجر كان تصدق بها هل له عليها سبيل، وما حاله وحال الذين وجد (¬9) الدواب في أيديهم ولا يقدر على المكاري وله البينة على الكراء لهن كلهن؟ أرأيت إن كان صاحب الدواب ¬

_ (¬1) م: ما يحبس. (¬2) م ص ف: بغير. والتصحيح من الكافي، 1/ 208 ظ؛ والمبسوط، 15/ 177. (¬3) ص - رجل إلى. (¬4) ص: عن حمل. (¬5) م: حتى تقول. (¬6) ف + تحمله. (¬7) ف: الرجل. (¬8) الزيادة من الكافي، 1/ 208 ظ؛ والمبسوط، 15/ 177. ولا بد منها حتى يطابق السؤال الجواب. (¬9) م ص: وجدوا.

حاضراً وهو مقر (¬1) بالكراء ولكل واحد بينة على ذلك؟ قال: إن كان باعها من عذر فبيعه (¬2) جائز، وانتقفست الإجارة. وإن كان باعها من غير عذر فبيعه مردود لا يجوز. وأما إذا وجد (¬3) بعض الدواب في يدي المستعير فلا خصومة بينهما حتى يحضر رب الدواب. وأما الصدقة والهبة فهو خصم فيها، وهو أحق بها إن أقام بينة. وأما الإجارة فالمستأجر أحق بها حتى يوفي إجارته. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة وغلاماً إلى البصرة بعشرة دراهم ذاهباً وجائياً (¬4) جميعاً (¬5) صفقة واحدة وقد شرط لهم أن يرد الغلام والدابة إلى الكوفة؟ قلت: أرأيت إن لم يردهما، أرأيت إن سرقت الدابة أو أبق الغلام، أرأيت إن أبق الغلام ونفقت الدابة في يدي (¬6) المستكري، ما عليه في هذه الأحوال كلها؟ قال: عليه من الأجر بحساب ما خدمه الغلام وركوب الدابة. وإن ماتت الدابة [أو سرقت] (¬7) فعليه من أجرها بقدر ما سار. ولو أبق الغلام فعليه من الأجر بقدر ما خدمه في قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من رجل إلى بغداد بعشرة دراهم، فانطلق المكاري معه، وعلف الدابة على المكاري، فراع المكاري منه، فعلّفها المستكري الدابة حتى بلغ بغداد، هل يقضى له على المكاري بعلف الدابة؟ أرأيت إن كان تكاراها بدرهم وأنفق عليها درهمين وله بذلك بينة والمكاري مقر أنه لم يزل يعلف الدابة (¬8) حتى بلغ بغداد؟ أرأيت إن أقاما جميعاً البينة فقال المكاري: لم آمرك أن تنفق (¬9) عليها، وقال المستكري: ¬

_ (¬1) ف: مقيم. (¬2) م ص+ فيه. (¬3) م ص: وجدوا. (¬4) ص: أو جائيا. (¬5) ف: ذاهبا وجميعاً. (¬6) ص: في يد. (¬7) لا بد من هذه الزيادة ليطابق السؤال الجواب. (¬8) ف: بغداد. (¬9) ص: أن ينفق.

بل أمرتني، بقول من يؤخذ، وببينة من يؤخذ؟ قال: المستكري في العلف متطوع، والقول قول رب الدابة، وعلى المستكري البينة؛ لأنه مدع في قولهم جميعاً. إلا أن يقيم المستكري البينة أنه أمره أن ينفق. وإن أنفق يرجع على المكاري بذلك. قلت: أرأيت رجلاً يستأجر دابة من رجل إلى واسط بعشرة دراهم، فقال المكاري للمستكري: استكر علي غلاماً يتبعك ويتبع الدابة وأجره علي، وأعطه (¬1) الدراهم ينفق على الدابة وينفق على نفسه من كرى الدابة، فانطلق المستكري، فاستأجر غلاماً وأعطاه دراهم ينفق على الدابة وعلى نفسه (¬2) بشهادة شهود، فسرقت النفقة من الغلام، أرأيت إن أقر الغلام أنه أخذ من المستكري نفقة هل يجوز إقراره؟ [قال:] فإن أقام المستكري البينة أنه استأجر الغلام ودفع إليه النفقة أو أقر الغلام بالقبض لزم ذلك المكاري إن ضاعت النفقة أو لم تضع. وإلا فلا شيء له. وعلى المكاري أجر الغلام إذا أقام البينة أنه أمره أن يستأجره في قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من رجل إلى بغداد بعشرة دراهم، فأعطاه أجره، حتى إذا بلغ بغداد رد عليه المكاري الدراهم بعينها أو بعضها، وقال: هي زُيُوف (¬3) أو سَتُّوقَة (¬4)، وقال المستكري: لست أعرف ¬

_ (¬1) م ص: ولا أعطه. (¬2) ف + من كرى الدابة فانطلق المستكري فاستأجر غلاما وأعطاه دراهم ينفق على الدابة وعلى نفسه. (¬3) زَافَتْ عليه دراهمُه أي صارت مردودة عليه لِغِشِّ فيها، وقد زُيِّفَتْ إذا رُدَّتْ، ودرهم زَيْف وزائف، ودراهم زُيُوف وزُيَّف، وقيل: هي دون البَهْرَج في الرداءة، لأن الزيف ما يرده بيت المال، والبَهْرَج ما يرده التجار، وقياس مصدره الزُّيُوف، وأما الزَّيَافَة فمن لغة الفقهاء. انظر: المغرب، زيف. وقال السرخسي: ثم الزيوف ما زيّفه بيت المال ولكن يروج فيما بين التجار. انظر: المبسوط، 12/ 144. (¬4) ص - أو ستوقة. قال المطرزي: السَّتُّوق بالفتح أردأ من البَهْرَج، وعن الكرخي: الستّوق عندهم ما كان الصُّفْر أو النحاس هو الغالب الأكثر، وفي الرسالة اليوسفية: =

هذه الدراهم، وقال: أعطيتك جياداً، وليست بينهما بينة، أرأيت إن كانت بينهما بينة ببينة من يؤخذ؟ قال: القول قول رب الدابة في الكراء أنه لم يستوف مع يمينه (¬1)، وعلى المستكري البينة أنه أوفاه إياه الدراهم. وكذلك إذا ادعى أنه أعطاه زُيُوفاً أو سَتُوقَةً فالقول قوله مع يمينه، وعلى المستكري البينة في قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من رجل بعشرة دراهم إلى بغداد فأعطاه بعض كرائه حتى إذا بلغ بغداد قال المكاري للمستكري: أوف بقية الكراء، فقال: قد أوفيتك، وليست بينهما بينة، بقول من يؤخذ؟ أرأيت إن كانت بينهما بينة ببينة من يؤخذ؟ قال: القول قول المكاري مع يمينه، وعلى المستكري البينة أنه قد أوفاه كراءه في قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً استأجر دابة من رجل إلى البصرة ذاهباً وجائياً، فمات المكاري في الطريق، فاستأجر المستأجر رجلاً يقوم على الدابة، فكيف القول فيه إن نفقت الدابة في نصف الطريق، كم يكون للمكاري من الكراء؟ أرأيت إن قال المكاري: كاريتها على أن تكفيني مؤنتها وتردها (¬2) علي، وقال المستكري: لم أفعل، وأقاما البينة جميعاً على ذلك، ببينة من يؤخذ؟ أرأيت إن لم تكن بينهما بينة بقول من يؤخذ؟ قال: المستكري متطوع، ولا شيء له (¬3) على ورثة المكاري. وإن نفقت الدابة في الطريق فعليه من الكراء بقدر ما سار في قولهم جميعاً. ¬

_ = البَهْرَجَة إذا غلبها النحاس لم تؤخذ، وأما الستّوقة فحرام أخذها، لأنها فلوس. انظر: المغرب، ستق. وقال السرخسي: الستوقة فلس مموه بالفضة. انظر: المبسوط، 12/ 144. (¬1) ص - مع يمينه. (¬2) ص: وترد. (¬3) ف - له.

والقول قول المستكري، وعلى رب الدابة البينة فيما ادعى من الفضل. فإن أقام البينة أنه اشترط عليه العلف فالكراء فاسد؛ لأن العلف مجهول. قلت: أرأيت رجلاً تكارى حماراً بعينه من رجل بدرهمين إلى بغداد ذاهباً وجائياً فعمد صاحب الحمار فباعه (¬1) هل للذي استكراه أن يأخذ الحمار حيث ما وجده، أو وهب المكاري الحمار، أو أعاره، أو أمهره أو تصدق به على إنسان، هل للذي استكرى الحمار عليه سبيل حيثما وجده، والحمار قائم بعينه عند الذي صار (¬2) إليه؟ قال: يأخذ الحمار حيثما وجده (¬3) إلا أن يكون باعه من عذر أو أعاره، فإنه لا يأخذه في قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً استكرى دابة بأجر مسمى ثم يؤاجرها من رجل آخر، أو يعيرها، أو يستودعها من رجل، هل لصاحب الحمار أن يأخذ حماره حيثما وجده، وهو مقر أنه قد أجره أو أعاره لإنسان أو استودعه إنساناً، أو أجره الذي استعار منه، أله عليه سبيل أن يأخذ منه؟ قال: إن أقام الذي في يديه (¬4) الحمار البينة أنه أودعه إياه أو أكراه (¬5) رجل لم يكن بينه وبين المستأجر خصومة حتى يَقدم المستكري الأول في قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة على أنه بالخيار ساعة من نهار فركبها على ذلك فعطبت الدابة تحته أو نزل عنها (¬6) في منزلة فسُرقت الدابة (¬7)، هل عليه غرم في الدابة؟ ¬

_ (¬1) م ص ف: متاعه. والتصحيح مستفاد من ب. ولا بد منه ليطابق السؤال الجواب وليستقيم المعنى. (¬2) م ص: سار. (¬3) ف - والحمار قائم بعينه عند الذي سار إليه قال يأخذ الحمار حيثما وجده. (¬4) ص: في يده. (¬5) ص + من. (¬6) م ص: عليها. (¬7) ف + فسرقت الدابة.

قال: إن كان الذي استأجر الدابة هو بالخيار فركبها فقد لزمه الأجر كله ولا ضمان عليه. وإن كان صاحب الدابة بالخيار فركبها المستكري فعليه الضمان، ولا أجر عليه في قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابتين من رجل إحداهما إلى بغداد والأخرى إلى حلوان هل يجوز الكراء على هذا؟ أرأيت إن ماتت إحدى الدابتين قبل أن يبلغ بغداد وحلوان (¬1)، فلما نفقت الدابة قال الذي استكرى الدابة: قد (¬2) نفقت الدابة التي استكريتها إلى بغداد، وقال المكاري: بل نفقت الدابة التي استكريتها إلى حلوان، هل على المكاري أن يستكري له دابة إلى حلوان وقد نفقت الدابة تحته؟ قال: إن كانت الدابة التي استكراها إلى بغداد بعينها وإلى حلوان بعينها فالإجارة جائزة. وإن كانت بغير عينها فيهما (¬3) فالإجارة غير جائزة، ولا ضمان عليه في قولهم جميعاً، وعليه فيما ركب أجر مثله. قلت: أرأيت رجلاً تكارى من رجل إبلاً إلى مكة عشرة من الإبل على عبد بعينه أو بغير عينه هل يجوز الكراء على هذا؟ أرأيت إن استحق العبد من يدي المكتري (¬4) بما يرجع به على صاحب (¬5) العبد؟ أرأيت إن تكارى إبلاً على هذا الكراء بغير أعيانها أو بأعيانها أَوَهو سواء؟ قال: الإجارة جائزة على عبد بعينه، وله أجر مثله إن استحق من يده. وأما إذا كان بغير عينه (¬6) فعليه أجر مثله (¬7) في قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى بغلاً إلى بغداد بثلاثة دراهم (¬8) ذاهباً فجاءه المكاري فجعل في خرجه متاعاً قد حمله لقوم (¬9) بأجر أو متاعاً له، هل ¬

_ (¬1) م ص: وببغداد؛ صح م هـ. (¬2) م ص: ثم، صح م هـ. (¬3) ص: منهما. (¬4) م: المكري. (¬5) ص - به على صاحب، صح هـ. (¬6) ص: إذنه. (¬7) ف + إن استحق من يده وأما إذا كان بغير عينه فعليه أجر مثله. (¬8) م: الدراهم. (¬9) م ص: القوم.

للمستكري أن يمنعه أن يحمل ذلك المتاع في خُرْجِه (¬1) ويحمله على بغله؟ أرايت إن حمله على بغله الذي أكراه (¬2)، فلما بلغ بغداد قال المستكري: أنا أَخْسِر (¬3) عليك نصف الأجر فيما حملت عليه، أله ذلك وهو (¬4) مثل متاع المستكري في الثقل؟ (¬5) أرأيت إن عطبت الدابة فقال: إنما أَعطبها متاعك، وقال المكاري: بل أنت أعطبتها من ضربك أو عنفك عليها أو خلافك، ولا بينة بينهما، بقول من يؤخذ؟ قال: عليه أن يمنعه من أن يحمل على الدابة (¬6)، [لأن] السياق (¬7) [في] ذلك إلى المستكري، ولا ضمان عليه فيما عطبت إلا أن يقيم المكاري البينة أنه خالف فيضمن في قولهم جميعاً. وإن بلغت الدابة فأراد أن ينقص لذلك شيئاً لم ينقص، ووجب عليه الكراء كله. قلت: أرأيت الرجل يستأجر من الرجلين الدابة (¬8) إلى بغداد ذاهباً وجائياً بعشرة دراهم، فقال أحد الرجلين: أكريناكها بعشرة دراهم، وقال الآخر: بخمسة عشر، ولا بينة بينهما، أرأيت إن كان بينهما بينة ببينة من يؤخذ؟ أرأيت إن قال أحدهما: أكريناك إلى المدائن، والآخر يقول: أكريناك إلى بغداد، واتفقوا على الكراء، ولا بينة بينهما في المسير؟ قال: القول قول (¬9) الذي استأجر الدابة مع يمينه. فإن أقاما صاحبا ¬

_ (¬1) الخُرْج: وعاء ذو عِدلين، وجمعه خِرَجَة. انظر: مختار الصحاح، "خرج". (¬2) ف: اكتراه. (¬3) خَسَرَ الشيءَ: نقصه من باب ضرب. انظر: المصباح المنير، "خسر". (¬4) م ص ف: هو له. (¬5) ف: في البقل. (¬6) م ص ف: دابة. (¬7) م ص ف: يساق. وقد علل السرخسي ذلك بقوله: لأنه بالعقد استحق منافعه، وقام هو في ذلك مقام المالك والمالك مقام الأجنبي. انظر: المبسوط، 15/ 178. (¬8) ف - الدابة. (¬9) ف - قول.

الدابة البينة فلكل واحد منهما نصف ما قامت به البينة في قولهم جميعاً (¬1). قلت: أرأيت رجلاً تكارى حماراً أو ثوراً يطحن عليه فأوثقه في الرحى فساقه أجيره فعَنُفَ عليه حتى عطب الثور من عمله هل يضمن الأجير أو المستأجر؟ أرأيت إن ضمن الأجير هل يرجع على الذي استأجره بما ضمن؟ قال: الأجير ضامن ولا يضمن المستأجر؛ لأنه إنما عطبت الدابة من عمل الأجير فهو ضامن في قولهم. قلت: أرأيت رجلاً تكارى ثوراً ليطحن عليه كل يوم أقفزة معلومة فزاد عليه فعطب الثور أو خَبَطَ (¬2) الثور فقتله أو رَبَضَ (¬3) الثور حين أوثقه في الرحى فكسر المتاع؟ قال: إن كان استأجره كل يوم يطحن أقفزة معلومة فزاد عليه فهو ضامن. وأما ما كسر من متاع الرحى فليس على الأجير من ذلك شيء في قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً استأجر ثوراً من رجل يطحن عليه كل يوم عشرين قفيزاً، فوجده المستأجر (¬4) لا يطحن إلا عشرة أقفزة، كم يعطيه من الأجر، وإنما (¬5) استأجره كل يوم بدرهم على أن يطحن له كل يوم عشرين قفيزاً، ¬

_ (¬1) م ص ف + قلت أرأيت رجلاً تكارى دابة على أنه بالخيار ساعة من النهار فركبها على ذلك فعطبت الدابة تحته أو نزل عليها في منزلة فسرقت الدابة هل عليه غرم في الدابة قال إن كان الذي استأجر الدابة بالخيار فركبها فقد لزمه الأجر كله ولا ضمان عليه وإن كان صاحب الدابة بالخيار فركبها المستكري فعليه الضمان ولا أجر عليه في قولهم جميعاً. وقد تقدمت هذه المسألة بنفس العبارة آنفا. (¬2) خبطت الدابة الأرض ضربها بيده. انظر: لسان العرب، "خبط". فلعل المعنى أن الدابة ضربت الأرض برجلها فتعثرت وماتت بسبب ذلك. والجواب يدل على ذلك. (¬3) ربض، الرُّبُوض للشاة والدابة كالجلوس للإنسان. انظر: المغرب، "ربض"؛ ولسان العرب، "ربض". (¬4) م: والمستأجر. (¬5) م ص: إنما.

فلم يطق إلا عشرة، وهما مقران بذلك، أرأيت إن جحده صاحب الثور بقول من يؤخذ؟ أرأيت إن كانت بينهما بينة ببينة من يؤخذ؟ قال: المستأجر بالخيار. إن شاء أبطل الإجارة، وعليه فيما عمل من الطحن بحساب ما عمل من الأيام، ولا يحط عنه من الأجر شيء في قياس قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة (¬1) من رجل إلى بغداد ذاهباً وجائياً بخمسة دراهم، فوجدها لا تبصر بالليل، أو وجدها جَموحاً أو عَثوراً أو تَرْمَح (¬2) أو تخبط أو تعضّ، أله أن يردها ويأخذه بدابة غيرها؟ أرأيت إن ادعى ذلك المستكري، وقال رب الدابة: ليس هو كذلك، بقول من يؤخذ، وببينة من يؤخذ؟ قال: إن كانت الدابة بعينها فهو بالخيار، وعليه من الأجر بحساب ما سار. وإن كانت دابة بغير عينها فعليه أن يبلغه إلى بغداد على دابة (¬3) غيرها إن قامت البينة أنها عثورة أو جموحة أو عضوضة أو لا تبصر. [قلت:] أرأيت رجلاً تكارى بعيراً (¬4) من رجل ليعمل عليه على النصف أو الثلث هل يجوز ذلك؟ قال: كان أبو حنيفة يقول: إذا نقل على البعير فالأجر كله لصاحب البعير، وللذي يعمل عليه أجر مثله على صاحب البعير. فإن كان الرجل يحمل عليه المتاع فيبيعه فما كسب عليه فهو له، وله أجر مثل البعير فيما عمل. وهو قول أبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابةً وغلاماً ليذهب له بكتاب إلى بغداد فقال الغلام: قد ذهبت بالكتاب، وقال الرجل الذي أرسل إليه بالكتاب: لم ¬

_ (¬1) ص - دابة؛ صح هـ. (¬2) رَمَحَ ذو الحافر رَمْحاً من باب نفع: ضرب برجله. انظر: المصباح المنير، "رمح". (¬3) ص: بدابة (¬4) ف - بعيرا، صح هـ.

يأت به، أو قال: قد جاء به، فأعطاه أجره عشرة دراهم، وقال الذي أرسل الغلام: قد أعطاه المرسل إليه، أو قال: قد أعطيته أنا الأجر، والغلام يجحد ذلك؟ قال: إن أقام الغلام البينة أنه قد دفع إليه الكتاب، وإلا فلا أجر له. وإن أقام الغلام البينة أنه أتى بغداد بالكتاب فلم يجد الرجل فله الأجر؛ لأنه قد دفعه حيث أمر. وأما الذي ببغداد فإنه لا يأخذ منه الرسول شيئاً، والذي أرسله ضامن لأجر الرسول. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من رجل إلى مكان معلوم ولم يقل: اركبها بسَرْج (¬1) ولا إكاف (¬2)، فجاء بها المكاري عريانة ودفعها إليه، فركبها المستكري بإكاف، فعطبت الدابة، وكانت الدابة لا يركب مثلها بإكاف، هل عليه في ذلك ضمان؟ قال: إن كان قد يركب (¬3) في تلك الطريق مثل تلك الدابة بإكاف أو سرج (¬4) فلا ضمان عليه. وإن كان لا يركب في ذلك إلا بسرج فركب بإكاف فهو ضامن في قولهم جميعاً (¬5). قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من الفرات (¬6) إلى جُعْفِي - وجُعْفِي قبيلتان (¬7) بالكوفة - فلم يسم أيهما هي، أو إلى الكُنَاسة ولم يسم أي ¬

_ (¬1) ما يوضع على الدابة ليركب عليها، وقد غلب استعماله في الخيل. انظر: لسان العرب، "سرج". (¬2) ما يوضع على الحمار ليركب عليه انظر: لسان العرب، "أكف". (¬3) ص: قد تركب. (¬4) ف: وسرج. (¬5) والسرج أخف من الإكاف، كما تقدم قريباً في كلام المؤلف. (¬6) م: من العراف؛ ص ف: من العراق. والتصحيح من الكافي، 1/ 209 و؛ والمبسوط، 15/ 180. (¬7) م ص: قبيلتين.

الكُناستين (¬1)، أو سمى بَجِيلَة (¬2) ولم يسم أيتهما هي الباطنة أو الظاهرة، هل يجوز هذا الكراء، وكيف القول في ذلك؟ قال: عليه أجر مثلها إذا لم يسم إلى الظاهرة أو إلى الباطنة في قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة يحمل عليها ولم يسم ما يحمل عليها، فاشترى حنطةً أو شعيراً أو ملحاً أو غير ذلك من الحبوب، فحمله عليها أو ركب، فوقع الكراء على ذلك ولم يسميا ما يحمل عليها، هل يجوز الكراء على هذا فعطبت الدابة؟ قال: كان أبو حنيفة يستحسن أن يجعل عليه الأجر الذي سمى إذا ركب أو حمل عليها إلى المكان الذي سمى (¬3)، ولا يضمنه الدابة. وهو قول أبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من رجل بدرهم إلى الحيرة فأتى عليها النجف هل ترى هذا ضامناً إن سلمت أو عطبت؟ أرأيت إن أردف عليها إنساناً أو لم يردف وقد جاوز الوقت؟ أرأيت إن زاد عليها حملاً فعطبت قبل أن يبلغ الحيرة أو عطبت بعدما رجع من النجف (¬4) إلى الحيرة؟ قال: إن كان هو بالحيرة فعليه الأجر إلى الحيرة، وهو ضامن للدابة فيما جاوز الوقت حتى يردها إلى صاحبها. وإن كان زاد عليها قبل أن يأتي الحيرة ضمن بقدر ما زاد (¬5) في قولهم جميعاً. ¬

_ (¬1) م ص ف: الكناس. والتصحيح من المصدرين السابقين. (¬2) الكلمة مهملة في م ص ف. ونقطت هكذا في الكافي، 1/ 209 و. وعند السرخسي: بحيلة. انظر: المبسوط، 180/ 15. وبَجِيلَة قبيلة من اليمن سكنت الكوفة. والظاهرة هي التي تسكن خارج عمران الكوفة، والباطنة التي داخلها انظر: طلبة الطلبة، 266؛ والمغرب، "بجل". (¬3) ف: سماه. (¬4) ص ف: إلى النجف. (¬5) م ص: بعدما زاد.

قلت: أرأيت رجلاً تكارى بعيراً من رجل يعمل عليه بالفرات (¬1) بالنصف أو بالثلث أو بالربع هل يجوز ذلك؟ وكيف إن كان صاحب البعير قال للذي يعمل عليه: إنما استكريت بنصف ما يكتسب أو بثلث أو بربع على بعيري هذا، فوقع الكراء على هذا، هل يجوز، أو كيف إن عطب البعير؟ قال: كان أبو حنيفة يقول: إن كان ينقل على البعير فالأجر كله لصاحب البعير، والذي يعمل عليه له (¬2) أجر مثله على صاحب البعير. وإن كان الرجل يحمل عليه المتاع فيبيعه فما كسب عليه من شيء فهو له، وعليه أجر مثل البعير فيما عمل. وهو قول أبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً تكارى من رجل دابة بالنصف ويعمل عليها بالفرات، وتكارى عبداً من مولاه بدراهم مسماة مأذوناً له في التجارة أو غير مأذون له، أو تكارى من مولاه على ثلث ما تكسب هذه الدابة أو ربع أو نصف، فوقع الكراء على ذلك، هل يجوز ذلك؟ أرأيت إن عطب الغلام وهو غير مأذون له أو عطب البعير تحته؟ قال: أما في قول أبي حنيفة فهو كما وصفت لك في المسألة الأولى أن لصاحب البعير مثل أجر البعير. وأما الغلام فإن كان استأجره بدراهم مسماة فهو جائز. وإن كان استأجره بثلث أو بربع (¬3) ما يكتسب (¬4) على الدابة فالإجارة فاسدة، وله أجر مثله. وأما الغلام إن (¬5) كان غير مأذون له ولم يستأجره من مولاه فإن سلم الغلام فله الأجر. وإن لم يسلم فهو ضامن لقيمته. استحسن ذلك أبو حنيفة. وأما البعير فلا ضمان عليه فيه. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من رجل إلى بغداد على [أنه] إن يبلغه إليها فله رضاؤه فبلغه، فقال: رضاي عشرون درهماً، أله ذلك؟ وما له من الأجر؟ وهل يجوز الكراء على هذا؟ ¬

_ (¬1) م ص: بالعراف. (¬2) ص - له. (¬3) م: أو ربع. (¬4) م ص: ما يكسب. (¬5) م: وإن؛ ص: فإن.

قال: عليه أجر مثلها إلى بغداد إلا أن يكون أكثر من عشرين درهماً في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من رجلين إلى بغداد بمثل (¬1) ما تكارى به أصحابه وبمثل ما تكارى فيه (¬2) الناس هل يجوز الكراء على هذا؟ قال: لا يجوز. وعليه أجر مثلها إن ركبها إلى بغداد. فإن كان ذلك مختلفاً فعليه وسط من ذلك في قياس قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من رجل ولم يسم بغلاً أو حماراً فجاءه بحمار فركبه فقال: إنما استكريت بغلاً بخمسة دراهم، وقال المكاري: بل أكريتك هذا الحمار بخمسة دراهم، واختلفا في ذلك وليس بينهما بينة، أرأيت إن كانت بينهما بينة ببينة من يؤخذ؟ قال: إن قال الذي استأجر الدابة: إنما استأجرت هذا الحمار بدرهم، أو قال: إنما استأجرت هذا البغل بخمسة دراهم، فالقول قوله مع يمينه، وعلى صاحب الدابة البينة في قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابةً حماراً أو بغلاً إلى القادسية فأردف رجلاً خلفه فعطبت الدابة هل يضمن شيئاً؟ أرأيت إن عطبت الدابة ما على الذي تكارى، هل يضمن شيئاً من أجل الردف أم لا؟ قال: عليه الأجر كاملاً إن كان بلغ القادسية، وهو ضامن بقدر ما زاد عليها إن عطبت الدابة، وليس عليه من الردف أجر؛ لأنه خالف وضمن. فلا أجر عليه في قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من الكوفة إلى فارس بدراهم مسماة، وسمى مدينة منها، بدراهم معلومة في الدرهم ثَمَّ تَزِنُ خمسة دوانيق أو درهماً ودانقين، تكاراها (¬3) بعشرة دراهم، فلما بلغ فارس قال: أعطني نقد ¬

_ (¬1) ف: مثل. (¬2) ص: به. (¬3) ص: تكارها.

الكوفة، وقال المستكري: لا أعطيك إلا نقد فارس، فقال المكاري: أعطني درهماً ودانقين كل درهم نقد فارس، وقال الآجر (¬1): أعطيك نقد الكوفة، كيف القول في ذلك فيما بينهما؟ أرأيت إن تكارى منه بدنانير وهي بالكوفة تنقص، وهي ثمان مثاقيل، أي شيء يعطيه؟ قال: عليه أن يعطيه وزن الكوفة يوم تكارى منه الدابة. إن كانت دراهم الكوفة وزن سبعة فعليه وزن سبعة. وإن كانت أقل من ذلك فعليه ذلك. وكذلك الدنانير في قولهم جميعاً. إذا سمى مكاناً معلوماً من فارس فالكراء جائز. فإن لم يسم فالكراء فاسد. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة إلى الري ولم يسم مدينتها ولا رُسْتَاقها (¬2) بعينه فوقع الكراء على هذا هل يجوز ذلك؟ أرأيت إن تكارى إلى الشام ولم يذكر كُورَة (¬3) من كُوَرِها أو إلى خراسان ولم يسم كورة من كورها فوقع الكراء على هذا هل يجوز ذلك؟ أرأيت إن ركبها على هذا فعطبت الدابة؟ قال: إن سار (¬4) بها إلى أدنى الري (¬5) فله أجر مثله، ولا يجاوز بها ما سمى له. وإن أتى بها أقصى الري (¬6) فله أجر مثله، لا ينقص مما سمى في قياس قولهم جميعاً. ¬

_ (¬1) ف: الآخر. (¬2) قال الفيومي: الرُّسْتَاق معرَّب، ويستعمل في الناحية التي هي طرف الإقليم، والرُّزْدَاق بالزاي والدال مثله، والجمع رَسَاتِيق ورَزَادِيق، قال ابن فارس: الرَّزْدَق السطر من النخل والصف من الناس، ومنه الرُّزْدَاق، وهذا يقتضي أنه عربي، وقال بعضهم: الرُّسْتَاق مولَّد وصوابه رُزْدَاق. انظر: المصباح المنير، "رستق". وقال المطرزي: الرَّزْدَق الصف، وفي الواقعات: رَسْتَق الصفّارين والبيّاعين، وكلاهما تعريب رَسْتَه. انظر: المغرب، "رزدق". (¬3) الكورة هي الناحية والجهة والمحلة وتطلق على المدينة. انظر: المصباح المنير، "كور". (¬4) ص: إسار. (¬5) ص: الذي. (¬6) ص: الذي.

قلت: أرإيت رجلاً تكارى دابةً وغلاماً على أن يحمل له كتاباً إلى بغداد بعشرة دراهم، فزعم أنه قد بلغ الكتاب، فقال الذي بعث بالكتاب إليه: لم يأت بشيء، بقول من يؤخذ؟ أرأيت إن قال الذي أتاه الكتاب: قد أعطيته عشرة دراهم أجر الكتاب، وقال الذي استكراه: قد أعطيته عشرة دراهم، وجحد الآجر ذلك، بقول من يؤخذ؟ أرأيت إن كانت بينهما بينة ببينة من يؤخذ؟ قال: إذا ادعى الغلام أنه قد أتاه بالكتاب وجحد ذلك فالقول قول الذي أتاه بالكتاب مع يمينه. وأما إذا ادعى الذي استأجر أنه قد دفع إليه عشرة دراهم فإنه لا يصدق، والقول قول الأجير مع يمينه. والإجارة على هذا جائزة إذا أقام البينة أنه أتاه بالكتاب إلى بغداد. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من الكوفة إلى بغداد على أن يسير به في يومين فإن دخل في يومين فله (¬1) عشرة دراهم وإن لم يدخل به في يومين فله درهمان، أو قال: إن دخلت (¬2) في يومين فلك عشرة دراهم وإلا فلا شيء لك، ووقع الكراء على هذا؟ قال: إن دخل به في يومين فله عشرة دراهم. وإن أبطأ به فله أجر مثله، لا ينقصه من درهمين، ولا يجاوز به عشرة في قياس قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فهو على الشرط إلا في قوله: إن أبطأ به فلا أجر له، وله أجر مثله إن أبطأ به، لا يجاوز به عشرة دراهم. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من رجل بالكوفة من غدوة إلى العشية بدرهم هل يجوز هذا الكراء؟ ومتى وقت العشي؟ أرأيت إن قال المكاري: وقت العشي عند الظهر، وقال المستكري: وقت العشي عند العصر، فركبها إلى العصر، هل عليه كراء فيما بينه وبين الظهر والعصر؟ أرأيت إن عطبت الدابة فيما بين الظهر والعصر هل يضمن؟ قال: يردها عند زوال الشمس؛ لأن الشمس إذا زالت فقد دخل وقت ¬

_ (¬1) م ف: وله. (¬2) ف + بي.

الصلاة، فإذا دخل وقت الظهر فقد دخل وقت العصر (¬1). وهو ضامن إن ركبها فيما زاد على ذلك في قياس قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة يوماً بدرهم متى يركبها، ومتى يردها إذا ركبها؟ أرأيت إن قال المستكري: استكريتها ليلة بدرهم، متى يركبها؟ أرأيت إن قال: اركبها يوماً، هل يدخل في ذلك الليلة مع اليوم أو يدخل اليوم مع الليلة؟ قال: إذا تكاراها يوماً ركبها عند طلوع الفجر ويردها عند غروب الشمس، وإذا تكاراها ليلة ركبها عند غروب الشمس ويردها عند طلوع الفجر في قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة بدرهم فيقول: أذهب عليها إلى حاجة لي، فوقع الكراء على هذا ويركبها على هذا، هل يجوز هذا الكراء؟ أرأيت إن نفقت الدابة (¬2) على هذا الكراءِ وهذا الشرطِ تحت (¬3) المستكري (¬4) هل يضمن المستكري شيئاً من ذلك؟ قال: إن كان بين إلى أي مكان هو فهو جائز، وإلا فله أجر مثله، ولا يجاوز به الدرهم، إلا أن يكون بالكوفة وبيّن المكان به، فيجوز الكراء على هذا. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة بثوب أو قفيز من طعام أو برطل من زيت أو دهن ولم يسم من ذلك الصنف بعينه أو بشاة أو ببقرة أو ببعير وعمل على الدابة أو سار عليها هل يجوز الكراء على هذا؟ أرأيت إن عطبت الدابة هل يضمن؟ ¬

_ (¬1) يعني أن العشي اسم لما بعد الزوال فهو يجمع الظهر والعصر، فالغاية هي الزوال، والغاية لا تدخل تحت المغيا، فإذا زالت الشمس فقد انتهى العقد، فعليه الرد. انظر: المبسوط، 15/ 182. (¬2) ص + هل. (¬3) م ص: يجب. (¬4) م: لمستكري؛ ف: لمستكر.

قال: على المستأجر أجر مثلها، والإجارة على هذا الشرط فاسدة، ولا ضمان عليه في قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى من رجل دابة إلى بغداد بخمسة دراهم، وبعث معه صاحب الدابة بغلام يردها من بغداد، فعمد الغلام فأكراها من رجل، ولم يأمره رب الدابة أن يؤاجرها، فعطبت الدابة تحت الرجل؟ أرأيت إن ذهب الغلام ووجد صاحب الدابة دابته في يدي المستكري، فقال: قد استكريتها من غلامك وأعطيته أجرها، هل يلزمه شيء بإقراره؟ قال: الرجل ضامن للدابة إن عطبت، ولا أجر لها (¬1). فإن كان الغلام الذي أجرها رجلاً (¬2) فما أخذ منه صاحب الدابة (¬3) رجع به على الذي أكراه، وهو الغلام في قياس قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من رجل فإذا هي سرقة فوجدها صاحبها في يدي (¬4) المستكري وأقام البينة أنها دابته وقد أخذ المكاري أجر الدابة؟ قال: المستأجر ضامن للدابة، ولا أجر للدابة، ولا أجر لصاحبها المكاري فيما عملت. فإن أخذ المستأجر أجر الدابة رجع على الذي أجره بما ضمن وبالأجرة (¬5). قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من رجل على أن يطحن عليها كل شهر بعشرة دراهم ولم يسم كم يطحن عليها كل يوم هل يجوز ذلك؟ أرأيت إن عطبت الدابة من العمل هل يضمن؟ قال: الإجارة جائزة، وعليه الأجر كاملاً، ولا ضمان عليه إن عطبت ¬

_ (¬1) ص: له. (¬2) ص: رجل. (¬3) ص: الدار. (¬4) ص: في يد. (¬5) ف: بالأجرة؛ ص: في الإجارة.

الدابة من العمل (¬1) إلا أن يكون شيئاً فاحشاً في قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من رجل من غدوة إلى الليل بدرهم فحبسها شهراً أي شيء ترى عليه من الأجر؟ أرأيت إن تكاراها سنة كل يوم بدرهم أو بعشرة دراهم أو شهراً بأجر معلوم فحبسها سنة أخرى كم يعطيه؟ قال: عليه أجر يوم واحد وشهر واحد وسنة واحدة، وليس عليه شيء فيما حبسها؛ لأنه ضامن للدابة. وكذلك إجارة سنة في قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من رجل إلى بغداد يركبها فخالف المكان (¬2) الذي استأجرها إليه هل عليه كراء فيما خالف وفيما لم يخالف؟ قال: الكراء له لازم في مسيره قبل الخلاف، وهو ضامن للدابة فيما خالف، ولا أجر عليه في قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من رجل ليحمل عليها إنساناً بأجر معلوم، فحمل عليها امرأة ثقيلة برَحْل أو سَرْج، فعطبت الدابة من ذلك، وقد علم ثقل المرأة أنها ثقيلة جداً، هل يضمن الذي تكارى الدابة أو يضمن المرأة؟ قال: لا ضمان عليه؛ لأنها إنسان وإن كانت ثقيلة. إلا أن يكون لا تحملها دابة قد علم ذلك فيضمن إذا حملها في قياس قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من رجل يوماً إلى الليل بدرهم فجاء به صاحب الدابة فأراه الدابة على آرِيِّه (¬3) وقال: اركبها إذا ¬

_ (¬1) ص - هل يضمن قال الإجارة جائزة وعليه الأجر كاملا ولا ضمان عليه إن عطبت الدابة من العمل. (¬2) ص: المكاري. (¬3) وعبارة الحاكم والسرخسي: على آريها. انظر: الكافي، 1/ 209 ظ؛ والمبسوط، 15/ 183. والآري هو المِعْلَف عند العامة، وهو مراد الفقهاء. وعند العرب الآري: الآخِيّة، وهي عروةُ حبل تُشَد إليها الدابة في محبسها، فاعول مِن تَأَرَّى بالمكان إذا أقام فيه. انظر: المغرب، "أري".

شئت، فلما كان الليل قال صاحب الدابة: هات كراء دابتي، فقال المستأجر: ما ركبتها ولم أستطع أن أركبها، وقال صاحب الدابة: قد ركبتها، وليس بينهما بينة؟ قال: إن كانت الدابة دفعت إلى المستأجر فعليه الأجر إذ جاء بها عند الليل معه. وإن كان لم يقبضها فلا أجر عليه، وعلى رب الدابة البينة أنه قد ركبها. فإن لم يكن له بينة حلف المستأجر ما ركبها في قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من رجل إلى حاجة له بالحيرة فقال رب الدابة: هذه الدابة (¬1) دونك لتركبها في حاجتك، فلما كان بقدر ما يرجع من الحيرة قال: لم أركبها ولم أستطع ركوبها فلا أجر لك علي، لأني لم أذهب إلى الحيرة، بقول من يؤخذ، وببينة من يؤخذ؟ قال: إذا حبسها بقدر ما يذهب إلى الحيرة (¬2) ويرجع فلا أجر عليه إذا لم يذهب. وإن دفعها إليه وقال: لم أذهب، فإن علم أنه قد توجه إلى الحيرة فقال: رجعت ولم أذهب، لم يصدق. وإن ردها من ساعته ولم يركب فلا أجر عليه؛ لأنه قد تكاراها ليذهب عليها إلى الحيرة في قياس قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من رجل إلى بغداد على أن يعطيه الأجر إذا رجع من بغداد، فمات المستأجر ببغداد ولم يرجع منها، هل للمكاري على ورثته شيء، أو هل للمكاري على ميراثه سبيل، وما القول في ذلك وإنما وقعت الإجارة على هذا؟ قال: عليه الأجر إلى بغداد ذاهباً ديناً في ماله إن كان ترك مالاً، والا فلا سبيل له على ورثته في شيء من ذلك في قياس قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة إلى واسط واشترط عليه وقال: إن ¬

_ (¬1) ف - الدابة. (¬2) ف - بقول من يؤخذ وببينة من يؤخذ قال إذا حبسها بقدر ما يذهب إلى الحيرة.

باب انتقاض الإجارة

بلغت بي إلى (¬1) واسط في يومين فلك أربعون درهماً، وإن بلغت بي في ثلاثة أيام فلك ثلاثون درهماً؟ [قال:] قال أبو حنيفة: الشرط الأول جائز، والثانى باطل. وقال أبو يوسف ومحمد: الأول والثاني جائزان جميعاً. ... باب انتقاض الإجارة محمد عن أبي يوسف عن إسماعيل بن أبي خالد عن عامر عن شريح أنه قال: من استأجر بيتاً فمتى ما ألقى مفاتيحه إلى صاحبه فهو بريء من الإجارة (¬2). وقال أبو حنيفة: ليس له ذلك إلا من عذر، والشرط أملك. محمد عن أبي يوسف عن الحجاج بن أرطاة عن محمد بن خالد القرشي عن رجل من بني كنانة قال: سمعت عمر بن الخطاب حين وضع رجله في الغَرْز (¬3) يقول: إن الناس قائلون غداً: ماذا قال عمر، وإن البيع عن صفقة أو خيار، والمسلمون عند شروطهم. وقال أبو حنيفة: ليس للمستأجر ولا للمؤاجر أن ينقض الإجارة دون الأجل (¬4) إلا من عذر. وقال: العذر أن ينهدم البيت أو ينهدم منه ما لا يستطيع أن يسكن فيه. فإذا أراد صاحبه أن يبيعه فليس هذا بعذر، وليس له ذلك، وليس له أن ينقض الإجارة. فإن باعه (¬5) فإن أبا حنيفة قال: بيعه باطل لا يجوز. فإن كان (¬6) عليه دين فحبس في دينه فباعه ورثته فهذا عذر، ¬

_ (¬1) ص - إلى. (¬2) تقدم بنفس الإسناد في أول كتاب الإجارة بلفظ قريب. انظر: 2/ 120 و. (¬3) م ص: في العرو. والغَرْز ركاب الرحل. انظر: المغرب، "غرز". (¬4) ف: الآخر. (¬5) ف - فإن باعه. (¬6) ف - كان.

وبيعه فيه جائز. وأما بيعه في غير دين لرغبة وحدها أو [خوف] أصابه (¬1) فليس له ذلك. وكدلك لو أراد أن يسكنه هو ولم يكن له منزل إلا منزل فسقط، فليس له ذلك. وكذلك لو أراد التحويل من المصر فليس له أن ينقض الإجارة. وقال (¬2) أبو حنيفة: إن أراد المستأجر أن ينقض الإجارة قبل الأجل فليس له ذلك. وإن كان هذا البيت في السوق يبيع فيه المستأجر ويشتري فلحقه دين أو أفلس فقام عن السوق فإن هدا عذر، وله أن ينقض الإجارة. وكدلك إن أراد أن يتحول من بلد إلى بلد، أو يتحول من تلك التجارة إلى تجارة أخرى، أو أراد الشخوص من ذلك المصر، فهذا عذر، وله أن ينقض الإجارة. فإن لم يكن الأمر على ذلك ولكنه وجد (¬3) بيتاً هو أرخص منه فليس له أن ينقض الإجارة. وكذلك لو كان منزلاً (¬4) يسكنه فوجد منزلا هو أرخص منه أو أوسع منه فليس له أن ينقض الإجارة. وكذلك لو اشترى منزلاً فأراد أن يتحول إليه فليس له ذلك، وليس هذا بعذر. وإذا استأجر الرجل دابة وَهِيَ بعينها إلى بغداد ثم بدا للمستأجر أن يقعد ولا يخرج فإن أبا حنيفة قال: هذا عذر. ولو كان أراد غريماً له ببغداد فقدم غريمه فأقام لقدومه كان هذا عذراً. أو لو (¬5) كان في طلب عبد له أبق فوجده كان هذا عذراً. ولو مرض كان هذا عذراً وكان له أن ينقض الإجارة. وكذلك لو تعثرت الدابة أو أصابها شيء لا يستطيع الركوب عليها معه كان هذا عذراً. وإن لم يكن الأمر على شيء مما ذكرت لك وأراد رب الدابة أن ¬

_ (¬1) زيادة كلمة "خوف" مستفادة من كلام المؤلف الآتي في الفقرة التالية. (¬2) ف - لرغبة وحدها أو إصابة فليس له ذلك وكذلك لو أراد أن يسكنه هو ولم يكن له منزل إلا منزل فسقط فليس له ذلك وكذلك لو أراد التحويل من المصر فليس له أن ينقض الإجارة وقال. (¬3) ف - وجد. (¬4) المنزل موضع النزول، وهو عند الفقهاء دون الدار وفوق البيت، وأقله بيتان أو ثلاثة. انظر: المغرب، "نزل". (¬5) ص: ولو.

ينقض الإجارة فليس له ذلك. ولو عرض له (¬1) عارض لا يستطيع الشخوص مع دابته (¬2) لم يكن له أن ينقض الإجارة، ولكنه يؤمر أن يرسل معه رسولاً يتبع (¬3) الدابة. وكذلك لو عرض له غريم له يلزمه (¬4) أو خوف أصابه كان يؤمر أن يرسل من عنده غلاماً يتبعها (¬5). ولو كانت الدابة بغير عينها كان الحال في ذلك على ما ذكرت لك ولم يكن عذرا. ولو عثرت أو عطبت كان هذا عذراً إذا كانت بعينها. فإن كانت بغير عينها لم يكن هذا عذراً؛ لأنه لم يستأجر دابة بعينها. ويؤمر المؤاجر أن يأتيه بدابة يحمله (¬6) عليها. ولو حمله على دابة فمات المستأجر في بعض الطريق كان عليه من الأجر بحساب ما سار، وبطل عنه بحساب ما بقي. ولو كان أكراه دابة بعينها فعطبت أو نفقت فعليه مثل ذلك أيضاً. وكذلك الكراء إلى مكة، فإن بدا للمستأجر أن يترك الحج فهذا عذر. وإن مرض أو لزمه غريم أو خاف أمراً فهذا عذر. وليس يكون شيء من هذا عذراً للمؤاجر. وإن (¬7) مات رب الإبل في بعض الطريق فإن أبا حنيفة قال: للمستأجر أن يركبها على حاله، ولا يضمن، وعليه (¬8) الكراء حتى يأتي مكة، فيرفع ذلك إلى القاضي، فإن سلم له القاضي الكراء إلى مكة فهو جائز، فإن فسخ الكراء أو باع الإبل فهو جائز. وأحب إلي إن كان المستأجر ثقة أن يُنفذ القاضي الكراء له إلى الكوفة (¬9). وإن أنفق على الإبل شيئاً لم يحتسب له ذلك. فإذا أمره القاضي بذلك حسب له ذلك إذا أقام بينة على ذلك. وإن كان المستأجر غير ثقة ولا مأمون فإني أحب للقاضي أن يفسخ ¬

_ (¬1) أي: لرب الدابة. (¬2) ف: مع دابة. (¬3) م: يبيع؛ ص: تبيع. وهي مهملة في ف. والضبط من الكافي، 1/ 209 ظ؛ والمبسوط، 16/ 4. (¬4) ف: لم يلزمه. (¬5) م: يبيعها. وهي مهملة في ف. والضبط مستفاد من المصدرين السابقين. (¬6) ص: يحمل. (¬7) م: فإن. (¬8) ص: عليه. (¬9) ص: إلى مكة.

الإجارة ويبيع (¬1) الإبل. وكذلك كراء الإبل والسفن والبقر والدواب وجميع الحيوان فهو مثل ذلك. فإن كان المستأجر قد دفع الكراء إلى رب الإبل الميت وفسخ القاضي الإجارة وباع الإبل فإنه ينبغي له (¬2) أن يسأله (¬3) البينة على ما دفع إلى الميت ثم يرد (¬4) عليه بحساب ما بقي. وإنما يَقبل البينة ها هنا لأن الإبل في يده، فلا ينبغي له أن يقبضها حتى يرد عليه ما بقي من الأجر. وهذا قضاء على الورثة نافذ عليهم وهم غُيَّب. ولكن لا بد من هذا؛ لأني آخذ الإبل منه. وإذا استأجر الرجل أرضاً من رجل بالدراهم (¬5) فغرقت فهذا عذر، وله أن يفسخ الإجارة. وكذلك إذا أصابها تراب لا تصلح معه الزراعة فهو مثل ذلك. وإن مات المستأجر ورب الأرض أيهما ما (¬6) مات فقد انتقضت الإجارة. وكذلك القول في جميع الإجارات (¬7). وإن لم يموتا وأراد المستأجر أن يترك الزرع ويأخذ (¬8) في عمل غيره فهذا عذر. وكذلك إن احتاج حتى لا يقدر على ما يزرع فهذا عذر. وإن لم يكن كذلك ولكنه وجد أرضاً أرخص منه (¬9) أجراً وأجود فليس له أن يفسخ الإجارة، وليس هذا عذراً (¬10). وكذلك رب الأرض إن وجد من الأجر أكثر مما أعطاه فليس له أن يفسخ الإجارة، وليس هذا عذراً. وإن مرض المستأجر وهو الذي كان يعمل بنفسه فهذا عذر، وله أن يفسخ الإجارة. وكذلك إن مرض رب الأرض فليس له أن يفسخ الإجارة. وإن كانت الأرض ليتيم أجرها وصيه فكبر اليتيم قبل انقضاء الشرط فليس له أن ينقض الإجارة. وكذلك الدار والعبد. وإن كان الوصي أجر اليتيم في عمل فبلغ وأدرك وأراد أن يفسخ الإجارة فله ذلك، وهذا عذر. وليس نفسه كأرضه وعبده وداره. ¬

_ (¬1) ص: وتبيع. (¬2) م ص - له. (¬3) م ف ص: أن سأله. (¬4) م ص ف: لم يرد. (¬5) ص: بدراهم. (¬6) م ص - ما. (¬7) ص: التجارات. (¬8) م: ويأخذه. (¬9) ص - منه. (¬10) ص: عذر.

وإذا استأجر الرجل عبداً للخدمة أو لعمل من الأعمال فمرض العبد فهذا عذر. وإن أراد المستأجر أن يفسخ الإجارة فله ذلك. وإن لم يرد المستأجر وأراد رب العبد أن يفسخ الإجارة فليس له ذلك. وإن لم يفسخها واحد منهما حتى بَرَأَ العبدُ فالإجارة لازمة ويُطْرَح عنه من الأجر بحساب ما بطل. وإذا أبق العبد فللمستأجر أن يفسخ الإجارة وهذا عذر. وكذلك إن كان العبد سارقاً فللمستأجر أن يفسخ الإجارة؛ لأن هذا فساد. وإن أمسكها المستأجر فليس لمولى العبد أن يفسخها. وإذا أراد المستأجر أن يسافر ويترك ذلك العمل فله أن يفسخ الإجارة، وهذا عذر. وإن أراد رب العبد أن يسافر ويخرج بعبده معه فليس له ذلك، وليس هذا بعذر. وإن وجد له (¬1) أجراً أكثر من ذلك أو أراد أن يجعله في عمل غير ذلك فليس له أن يفسخ الإجارة. وإن وجد المستأجر أجيراً أرخص منه فليس له أن يفسخ الإجارة. وإن كان العبد غير حاذق لذلك العمل فأراد المستأجر أن يفسخ الإجارة فليس له ذلك إلا أن يكون [عمله] (¬2) فاسداً فله أن يفسخ الإجارة بذلك. وإن مات رب العبد انتقضت الإجارة. وليس للمستأجر أن يستعمل العبد في غير ذلك العمل الذي استأجره. وإذا كان المستأجر اثنين فمات أحدهما انتقضت حصته. وكذلك لو كان العبد بين اثنين فأجراه. وكذلك الأرض والدابة والدار فإن الباقي على حصته. وإن كان عبداً (¬3) استعمله يوماً ورفع عنه يوماً. وإن كانت داراً تهاياً هو وصاحبه فسكن نصفها. وكذلك الأرض. وإذا استأجر الرجل داراً بأمة بعينها سنة فسكنها شهراً ثم ماتت الأمة عند المستأجر قبل أن يدفعها فإن أبا حنيفة قال: تنتقض الإجارة ويكون عليه لما سكن (¬4) أجر مثله. وكذلك الحيوان كله والثياب كلها. والإجارة في هذا جائزة لأنه استأجر بشيء بعينه. وإذا استأجر الرجل عبداً سنة بأجر مسمى ثم رجع المستأجر عن ¬

_ (¬1) م ص ف: به. (¬2) الزيادة من الكافي، 1/ 210 و. (¬3) م ف + أو. (¬4) م: لم اسكن؛ ف: إذا سكن.

باب الشهادة في الإجارة

الإسلام ولحق بدار الحرب، فإن لم يختصموا ولم ينقضوا الإجارة حتى رجع مسلماً، وقد (¬1) بقي من مدة الإجارة شيء قليل، فإن الإجارة تلزمه فيما بقي عليه ويرجع بحساب ما يبطل. وكذلك الدار إذا استأجرها ليسكنها بأجر مسمى سنة فهو مثل ذلك أيضاً. ... باب الشهادة في الإجارة وإذا ادعى الرجل قِبَلَ رجل أنه أجره عبده وجحد ذلك رب العبد وقال (¬2) المستأجر: استأجرته شهراً بستة دراهم، وجحد ذلك رب العبد، فأقام المستأجر شاهدين، فشهد أحدهما أنه استأجره هذا الشهر بستة دراهم، وشهد الآخر أنه استأجره بخمسة، فإنه لا تجوز شهادة الشاهد الذي شهد بخمسة؛ لأن المدعي قد أكذبه. ولو شهد أحدهما بستة وشهد الآخر بتسعة فقد أكذب الذي شهد بتسعة. ولو جحد المستأجر فادعى رب العبد أنه أجره هذا الشهر فأقام شاهدين، فشهد أحدهما أنه أجره هذا الشهر بخمسة، وشهد الآخر بستة، والمستأجر يجحد ذلك، فقد أكذب الذي شهد له بستة، فلا (¬3) تجوز شهادته. وكذلك لو شهد له واحد بخمسة، وشهد له آخر بأربعة، فقد أكذب الذي شهد بأربعة، فلا تجوز شهادته. وإن تصادق رب العبد والمستأجر على الإجارة بأنها شهر، وقال رب العبد: بخمسة، وقال المستأجر: بأربعة، ولم يستعمله شيئاً، واختلفا في غرة الشهر قبل أن يمضي منه شيء، فإنهما يتحالفان، ويحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه، وتنتقض الإجارة. وأيهما نكل عن اليمين لزمه دعوى صاحبه. وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. فإن قامت لهما جميعاً البينة أخذت ببينة (¬4) رب العبد؛ لأنه مدعي الفضل. وهذا في قولهم جميعاً. ¬

_ (¬1) ف - قد. (¬2) ف: أو قال. (¬3) ص: ولا. (¬4) م: بينة.

وقال أبو حنيفة: إذا استأجر الرجل دابة فاختلفا قبل أن يركبها فقال رب الدابة: أكريتك إلى الصَّرَاة (¬1) بعشرة دراهم، وقال المستأجر: بل أكريتني إلى بغداد بخمسة، فإنهما يتحالفان ويترادان الإجارة، وأيهما نكل عن اليمين لزمه دعوى صاحبه. فإن حلفا جميعاً ثم قامت لأحدهما بينة أخذت ببينته وأبطلت دعوى الآخر. ولو قامت لهما جميعاً البينة أخذت ببينة رب الدابة على الأجر وببينة المستأجر على الفضل؛ لأن كل واحد منهما يدعي ما شهدت به شهوده. وهذا كله قول أبي حنيفة الآخر. وقد (¬2) كان يقول قبل هذا: هو إلى بغداد باثني عشر ونصف، فإن قامت البينة للآخر بعشرة إلى الصَّرَاة (¬3) وهو المنتصف، وشهد شهود الآخر بخمسة إلى بغداد، فعليه درهمان ونصف مع العشرة. ثم رجع عن هذا، وقال: هو بعشرة إلى بغداد. ومثل (¬4) ذلك مثل رجل أقام بينة على رجل أنه تكارى منه محملاً (¬5) وزاملةً (¬6) وعُقْبَةَ الأجير (¬7) إلى مكة بمائة درهم، ¬

_ (¬1) م ص ف: إلى الفراة؛ ب: إلى الفرات. والتصحيح من الكافي، 1/ 210 و. ويدل على ذلك ما يأتي قريبا، حيث يذكر المؤلف في هذه المسألة أن الصراة هي المنتصف أي منتصف الطريق بين الكوفة وبغداد، ويذكر نفس الشيء في مسألة آتية قريبا. انظر: 2/ 160 ظ. والصَّرَاة نهر يسقي من الفرات. انظر: المغرب، "صري". أما الفرات فهو يمر بالكوفة، فلا يعقل أن يكون الأجر إلى الفرات أكثر من الأجر إلى بغداد. (¬2) ف - قد. (¬3) م ص: إلى الفراة؛ ف: إلى الفرات. والتصحيح مستفاد من المصدر السابق. (¬4) ص ف: مثل. (¬5) قال المطرزي: المحمل بفتح الميم الأولى وكسر الثاني أو على العكس الهودج الكبير ... وأما تسمية بعير المحمل به فمجاز وإن لم نسمعه، ومنه قوله ... ما يكترى به شق محمل أي نصفه أو رأس زاملة ... انظر: المغرب، "حمل". (¬6) قال المطرزي: زَمَلَ الشيءَ حمله، ومنه الزاملة: البعير يحمل عليه المسافر متاعه وطعامه ... ثم سمي بها العدل الذي فيه زاد الحاج من كعك وتمر ونحوه، وهو متعارف بينهم، أخبرني بذلك جماعة من أهل بغداد وغيرهم. انظر: المغرب، "زمل". (¬7) العُقْبَة: النوبة. ومنها عاقبه معاقبة وعقاباً: ناوبه. وعُقْبَة الأجير: أن ينزل المستأجر صباحاً مثلاً فيركب الأجير. انظر: المغرب، "عقب".

وأقام (¬1) المكاري البينة أنه أكراه محملاً وزاملة (¬2) بمائة درهم إلى مكة ولم يذكر فيها عقبة الأجير، فقال: آخذ بشهادة المستأجر على ما ادعى من العقبة. وكذلك لو شهدوا أنه أكراه ذاهباً وجائياً بمائة درهم، وادعى المكري (¬3) أنه أكراه بمائة درهم ذاهباً، وأقام البينة، فإنه يؤخذ ببينة المستأجر على البدأة والرجعة؛ لأنه المدعي. وتلزمه مائة درهم. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو يوسف ومحمد: إن قال رب الدابة: أكريتك إلى بغداد بدينار، وقال المستأجر: بعشرة دراهم، وأقاما جميعاً البينة، فإنه يؤخذ ببينة رب الدابة على الدينار؛ لأنه مدعي الفضل. وكذلك إذا اختلفا في الأجر جميعاً فقال أحدهما: بشعير، وقال الآخر: بحنطة، أو قال أحدهما (¬4): بثوب مروي، وقال الآخر: بثوب هروي بعينه، وأقاما جميعاً البينة، فإنه يؤخذ ببينة رب الدابة؛ لأنه هو المدعي. وإن جحد المستأجر الإجارة، وقال: أعرتني عارية، وقد ركبها إلى بغداد، وقال رب الدابة: أكريتها بدرهم ونصف، فإن أبا حنيفة قال في هذا: القول قول الراكب ولا ضمان عليه ولا أجر. أما الضمان فلأن رب الدابة قد (¬5) زعم أنه (¬6) ركب بأمره، فقد أبرأه من الضمان. وأما الكراء فرب الدابة فيه مدعي (¬7)، فلا يصدق. وعلى الراكب اليمين، فإن حلف برئ، وإن لم يحلف لزمته الدعوى. فإن أقام رب الدابة شاهدين فشهد أحدهما بدرهم والآخر بدرهم ونصف فإن أبا حنيفة قال: أقضي له بالدرهم؛ لأنهما قد أجمعا على الدرهم. ولو ركب رجل دابة إلى الحيرة فقال رب الدابة: أكريتها (¬8) إلى ¬

_ (¬1) ص ف: فأقام. (¬2) م ص: أو زاملة. (¬3) م: الكري. (¬4) م ف: قال الآخر. (¬5) ف: وقد. (¬6) م + قد. (¬7) ص: مدع. (¬8) ف: أكريها.

الجَبَّانة (¬1) إلى أطراف البيوت بدرهم فجاوزت ذلك، وقال الذي ركب الدابة: ما استأجرتها منك ولكنك أعرتنيها (¬2) عارية، وحلف على ذلك، فإنه يبرأ من الأجر. وإن أقام رب الدابة شاهدين على [أنه] (¬3) أكراه إلى الحيرة بدرهم فإنه لا يلزمه ذلك؛ لأن دعواه فد أكذبت شهوده. وإذا تكارى الرجل دابة من رجل من الكوفة (¬4) إلى القادسية فقال الراكب: تكاريتها إلى القادسية بنصف درهم، وقال رب الدابة: أكريتها (¬5) إلى السالحين (¬6) بدرهم ونصف، فإن القول قول الراكب في الكراء، وليس عليه إلا نصف درهم مع يمينه على ذلك. وإن أقاما جميعاً البينة فالبينة بينة رب الدابة على درهم ونصف، ويؤخذ شهود المستأجر على فضل المسير. فإن لم تقم لهما جميعاً البينة ولكن رب الدابة أقام شاهدين فشهد أحدهما أنه أكراه إلى السالحين بدرهم ونصف فإنه يقضى لرب الدابة بدرهم إذا كان قد ركب به؛ لأنهما قد أجمعا عليه. ولو كان رب الدابة ادعى أول ما ادعى أنه أكراها إلى موضع السواد ليس في ذلك الطريق، وقال المستأجر القول الأول، فلا كراء على المستأجر؛ لأنه قد خالف وصار ضامناً حيث ركبها إلى غير ذلك الموضع. ولو أن رجلاً ادعى قبل رجل أنه أكراه دابتين بأعيانهما بعشرة دراهم إلى بغداد وأقام على ذلك بينة، وأقام رب الدابتين بينة أنه أكراه إحداهما (¬7) بعينه إلى بغداد بعشرة دراهم، فإن قول أبي حنيفة الأول في هذا أن تكون له الدابتان جميعاً بخمسة عشر (¬8) درهماً إذا كان أجر مثلهما (¬9) سواء. ثم رجع عن ذلك، وقال: تكون له الدابتان جميعاً بعشرة دراهم، وهو قول أبي ¬

_ (¬1) الأصل في الجَبّانة عند أهل الكوفة أنه اسم للمقبرة، وفي الكوفة عدة مواضع تعرف بالجَبّانة، كل واحدة منها منسوبة إلى قبيلة. انظر: معجم البلدان لياقوت، "عرزم". (¬2) م ص ف: أجرتنيها. (¬3) الزيادة من ب. (¬4) ص - من الكوفة؛ صح هـ. (¬5) م ص: أكريتنيها. (¬6) السالحون: موضع على أربعة فراسخ من بغداد إلى المغرب. انظر: المغرب، "سلح". (¬7) ص: أحدهما. (¬8) م ص: بخمسة وعشرين. (¬9) ص: مثلها.

يوسف ومحمد؛ لأن المستأجر هو المدعي وعليه البينة، وليس على رب الدابة بينة. فإن أقام رب الدابتين البينة أنه أكراه إحداهما بعينها إلى بغداد بدينار وأقام المستأجر البينة أنه استكراهما (¬1) جميعاً بعشرة دراهم إلى بغداد فإن هذا لا يشبه الأول، لأن (¬2) الأجر قد اختلف. فتكون له الدابتان بدينار وخمسة دراهم (¬3). آخذ ببينة (¬4) رب الدابة على الدينار، وألزم المستأجر خمسة دراهم (¬5) في الدابة الأخرى؛ لأن رب الدابة مدعي للدينار (¬6). وكذلك لو أقام البينة أنه أكراه هذه الدابة بقفيز من حنطة جيدة وأقام المستأجر [البينة] أنه استكراهما جميعاً بقفيز شعير جيد فإنه يجب تسليم (¬7) الدابتين (¬8) جميعاً بقفيز (¬9) من حنطة ونصف قفيز شعير، والحنطة أجر التي (¬10) ادعى رب الدابة، والشعير أجر الأخرى. وكذلك إذا اختلفا في الأجر. ولو أقام رب الدابة البينة أنه أكراه (¬11) بعشرة دراهم إلى بغداد وأقام المستأجر البينة أنه استكراهما جميعاً بخمسة دراهم إلى بغداد جعلتهما جميعاً بعشرة دراهم (¬12) إذا كان الأجر واحداً، وليس (¬13) يشبه (¬14) هذا اختلاف الأجر. وكذلك الذهب في هذا والكيل والوزن. وإذا ادعى المستأجر أنه استكراها (¬15) إلى بغداد بدينار (¬16) وأقام على ذلك بينة وأقام رب الدابة بينة (¬17) أنه أكراها منه إلى الصَّرَاة (¬18) بعشرين درهماً وقد ركبها إلى بغداد والصراة هي المنتصف فإني أقضي ¬

_ (¬1) ص: استكراها. (¬2) ص: فإن. (¬3) م: الدراهم. (¬4) ص: بينة. (¬5) م ص ف: الدراهم. (¬6) ص ف: الدينار. (¬7) م ص - تسليم. (¬8) ص: للدابتين. (¬9) م ص: بقفيزين. (¬10) ص: الذي. (¬11) ص ف: أكراها. (¬12) م ف: الدراهم. (¬13) ص - وليس. (¬14) م ص: ببينة (¬15) أي: دابة واحدة كما صرح الحاكم. انظر: الكافي، 1/ 210 و. (¬16) م - بدينار، صح هـ. (¬17) ف: الدار البينة. (¬18) الصراة نهر يسقي من الفرات. انظر: المغرب، "صري".

عليه بعشرين درهماً ونصف دينار، وآخذ ببينة (¬1) رب الدابة في العشرين الدرهم، [و] نصفُ (¬2) الدينار في فضل مسيره. وكذلك إذا اختلف في هذا الوجه في الكيل والوزن والعروض والحيوان. فإن كان الأجر حنطة كله فادعى المستأجر أنه خمسة مخاتيم إلى بغداد وأقام البينة، وادعى رب الدابة أنه عشرة مخاتيم إلى الصراة وأقام البينة، فإني أقضي بعشرة مخاتيم إلى الصراة. وإن كان قد ركبها فهي له لازمة. وإن كان لم يركب أوجبت عليه الكراء (¬3)، وليس له أن يتركه إلا من عذر. وإذا ادعى رجل أنه تكارى دابة إلى بغداد بعشرة دراهم وجحد رب الدابة وجاء المستأجر بشاهدين، فشهد أحدهما أنه تكاراها ليركبها بعشرة دراهم، وشد الآخر أنه تكاراها ليركبها ويحمل عليها هذا المتاع بعشرة دراهم (¬4)، وادعى المستأجر أنه استأجرها ليركبها (¬5) ويحمل عليها متاعه، فإنه لا تجوز شهادتهما؛ لأنهما اختلفا وقد أكذب الذي شهد بغير متاع. وقال أبو حنيفة: لو شهد أحدهما أنه تكاراها ليركبها بأجر مسمى إلى بغداد، وشهد آخر أنه تكاراها ليحمل عليها حُمُولَة (¬6) معروفة إلى بغداد بعشرة دراهم (¬7)، أو قال (¬8) الآخر: حُمُولَة أخرى إلى بغداد بعشرة دراهم (¬9)، فقد اختلفت الشهادة، فلا تجوز. ألا ترى أنه إذا ادعى شهادة واحد منهما فقد أكذب الآخر، ولو لم يدع ذلك المستأجر وادعى ذلك رب الدابة أنه كان مثل هذا أيضاً. وقال أبو حنيفة: إذا ادعى رجل أنه أسلم ثوباً إلى صباغ وجحد الصباغ فجاء بشاهدين، فشهد أحدهما أنه دفعه إليه ليصبغه أصفر، وشهد ¬

_ (¬1) م ص ف: منه. (¬2) الواو من ب. (¬3) ص: الكر. (¬4) م ص: الدراهم. (¬5) ف + بعشرة دراهم وادعى المستأجر أنه استأجرها ليركبها. (¬6) الحمولة بالضم هي الأحمال، وبالفتح هي ما يحمل عليه من الدواب. انظر: المغرب، "حمل". (¬7) م ص ف: الدراهم. (¬8) ص: وقال. (¬9) م ص ف: الدراهم.

باب ما يضمن الأجير المشترك وأجير الرجل وحده في الخلاف وغيره

الآخر أنه دفعه إليه بدرهم ليصبغه أحمر، فإن أبا حنيفة قال في هذا: قد اختلفت الشهادة فلا أقبلها. وكذلك إن جحد رب الثوب وادعى الصباغ. ... باب ما يضمن الأجير المشترك وأجير الرجل وحده في الخلاف وغيره محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه كان لا يضمن الأجير المشترك وغيره (¬1). والمشترك عندنا القصار والصباغ والخياط والإسكاف وكل من يتقبل الأعمال من غير واحد. وأجير الرجل وحده يكون الرجل فيستأجر (¬2) الرجل يخدمه شهرأ أو ليخرج معه إلى مكة وما أشبه ذلك مما يستأجره فيه شهراً أو سنةً مما لا يستطيع أن يؤاجر نفسه من غيره. محمد عن أبي يوسف عن مطرف عن إبراهيم عن شريح أنه كان يضمن الأجير المشترك، ولا يضمن الأجير وحده (¬3). وقال أبو حنيفة: إذا أسلم الرجل ثوباً إلى القصار بأجر مسمى فدقه القصار فتخرق، أو قَصَرَه (¬4) فتخرّق، أو جعل فيه نُورة فاحترق أو شَمَّسَه فتخرّق (¬5)، فهو ضامن لذلك كله، وهو من جناية يده. وقال أبو حنيفة: إن كان أجير القصار هو الذي فعل ذلك غير متعمد له فالضمان على القصار، ولا ضمان على الأجير؛ لأن الأجير أجير خاص، وليس بأجير مشترك، ولا يضمن فيما أوتي على يديه من ذلك. وقال أبو حنيفة في الصباغ يصيب الثوب عنده مثل ذلك فهو مثل ¬

_ (¬1) تقدم. (¬2) ص: يستأجر. (¬3) تقدم. (¬4) م ص ف: أو عصره. (¬5) ص: فتحرق.

القصار. وكذلك الخياط والإسكاف والصائغ والصناع (¬1) كلهم. وقال أبو حنيفة: لو هلك الثوب عند القصار فلا ضمان عليه، وهو مؤتمن بعد أن يحلف على ذلك، ولا أجر له. وكذلك جميع هؤلاء العمال. وكذلك لو سرق الثوب أو خرقه (¬2) رجل عنده أو قرضه الفأر فلا ضمان عليه، والضمان على الرجل الذي خرقه. وكذلك جميع العمال. وقال أبو حنيفة: لو دفع القصار ثوب رجل إلى غيره فقطعه كان صاحب الثوب بالخيار. إن شاء ضمن القصار قيمة ثوبه، ويرجع القصار بذلك على الذي قطع الثوب، ويرد القصار على الذي قطع الثوب (¬3) ثوبه، ويسلم له الثوب الذي قطع. وإن شاء رب الثوب ضمن الذي قطع الثوب، ويكون له، ولا يضمن القصار شيئاً. وقال أبو حنيفة: إذا خاطه قباء فقال رب الثوب: أمرتك بقميص، وقال الخياط: أمرتني بقباء، فالقول قول رب الثوب في ذلك مع يمينه، والخياط ضامن لقيمة الثوب. وإن شاء لم يضمنه وأخذ رب الثوب ثوبه وأجره، لا يجاوز به (¬4) ما سمى. وكذلك الصباغ يصبغ الثوب أحمر، فقال رب الثوب: أمرتك بأصفر، فالقول قول رب الثوب مع يمينه، وله أن يضمن الصباغ قيمة ثوبه أبيض، ولا يعطيه أجراً. و (ن شاء أخذ الثوب ولم يضمنه، وضمن رب الثوب الصباغ ما زاد العُصْفُر في ثوبه. فإن كان صبغه أسود، فاختار رب الثوب أخذ الثوب لم يكن للصباغ على رب الثوب ضمان صبغه؛ لأن السواد نقصان، والحمرة والصفرة زيادة، إذا كان يزيد في الثوب. وكذلك جميع العمل بعد أن يكون مشتركاً. وقال أبو حنيفة في الملاح إذا أخذ الأجر: فإن غرقت السفينة من ريح أو موج أصابها أو من (¬5) مطر أو من شيء وقع عليها أو من جبل ¬

_ (¬1) م: والصباع؛ ص: والصباغ. (¬2) ص: أو حرقه. (¬3) ف + ويرد القصار على الذي قطع الثوب. (¬4) ف - يجاوز به، صح هـ. (¬5) ف - من.

صدمها (¬1) من غير فعله فلا ضمان على الملاح. وإن غرقت السفينة من مده أو من معالجته أو من عنفه أو من جدفه (¬2) فهو ضامن. وقال أبو حنيفة: إنما سقط الضمان عن الملاح في الباب الأول من قبل أنه من غير عمله، وهذا الباب من عمله ومن معالجته فهو ضامن. وقال أبو حنيفة: إن نقص الطعام فلا ضمان على الملاح بعد أن يحلف بالله ما أخذ شيئاً. وقال أبو حنيفة: فإن زاد الطعام فلرب الطعام. فإن كان رب الطعام دفع (¬3) الطعام إلى الملاح أو خلى (¬4) بينه وبين الطعام فنقص فلا ضمان عليه في قول أبي حنيفة (¬5). وقال أبو حنيفة: إن انكسرت السفينة فدخل الماء فيها فأفسده فإن كان ذلك من عمل الملاح فهو ضامن، وإن كان من غير عمله فلا ضمان عليه. وقال أبو حنيفة: إن كان رب الطعام في السفينة أو وكيله فلا ضمان على الملاح إلا أن يخالف ما أمر به أو يصنع شيئاً يتعمد فيه الفساد. وقال أبو حنيفة في الحمال يحمل دَنّ خل بأجر معلوم فعثر فانكسر فإن صاحب الدَّنّ بالخيار. إن شاء ضمنه قيمة الدَّنّ حيث انكسر وأعطاه من الكراء بحساب ما حمل. وإن شاء ضمنه قيمة الدَّنّ من حيث حمله ولا يعطيه الأجر. وكذلك قوله في الملاح والسفينة وفي كل حُمُولَة. وقال أبو حنيفة: إذا حمل رجل على دابته أو على بعيره بأجر معلوم ثم ساقه فتعثر فسقط الحمل ففسد، أو كان رب الدابة راكباً عليها فعثر فسقط الحمل، فهو ضامن لذلك. ¬

_ (¬1) م ص ف ب: هدمها. واللفظ عند الحاكم والسرخسي: صدمته. انظر: الكافي، 1/ 210 ظ؛ والمبسوط، 16/ 10. (¬2) ص: من جذفه. (¬3) م ص - دفع. (¬4) م ص: على الملاح وخلى. (¬5) ص - في قول أبي حنيفة؛ صح هـ.

وقال أبو حنيفة: إن كان صاحب المتاع يمشي مع رب الدواب فرب الدابة ضامن. فإن كان رب المتاع راكباً على الدابة فلا ضمان على رب الدابة؛ لأن رب المتاع لم يخل بينه وبين المتاع، والمتاع في يدي صاحبه. وكذلك إن كان على الدابة وكيله، فإن كان مع الذي حمل الدَّنّ فإن ذلك لا يبرئه من الضمان. وقال أبو حنيفة: إن انحل الحبل الذي به الحِمْل مربوط فالحمال ضامن. وكذلك إن انقطع من عمله فهو ضامن. فإن زحمه الناس فكسروا ذلك لم يضمن، وضمن الذي زاحمه وكسره. وقال أبو حنيفة: إن كان على الدابة مملوك صغير لرب المتاع استأجر الدابة ليحملهما جميعاً فعثرت فوقعا فمات المملوك وفسد الحِمْل فإنه لا يضمن المملوك، لأنه لم يجن عليه، وضمن الحِمْل. قال: وكان أبو حنيفة يقول: بنو آدم والمتاع في هذا مختلفان. وكذلك السفينة لو حمل فيها رقيقاً له مع متاعه، ومثلهم لا يحفظون شيئاً، فغرقت من مد الملاح أو من جدفه (¬1) أو من عمله، ضمن الملاح المتاع، ولم يضمن الرقيق. وقال أبو حنيفة: إذا حجم الحجام بأجر معلوم أو بَزغَ (¬2) البيطار أو ختن الخاتن بأجر معلوم فمات من ذلك فلا ضمان عليه إلا أن يخالف (¬3). ولا يشبه هذا الثوب الذي يدقه. وإذا دق أجير القصار ثوباً فخرقه أو عصره (¬4) فتخرق فإن (¬5) ضمان ¬

_ (¬1) ص: من جذفه. (¬2) قال المطرزي: بزغ البيطار الدابة، شقها بالمِبْزَغ، وهو مثل مِشْرَط الحجام. انظر: المغرب، "بزغ". (¬3) وفي هامش نسخة ف هذا التعليق: قوله: "إلا أن يخالف" فيضمن دية النفس، وفيه مناقشة. (¬4) كذا في م ف ب. ولعله: أو قصره. (¬5) ف: كان.

ذلك على الأستاذ. ولا ضمان على الأجير عبداً كان أو حراً. وكذلك لو غسله فتخرق. ولو أن أجير القصار وطئ على ثوب ما لا يوطأ عليه فخرقه كان الضمان عليه خاصة، ولا ضمان على الأستًاذ. وإن كان يختلف في عمل القصار فوطئ على الثوب فتخرق فهو ضامن. وكذلك لو (¬1) وطئ ثوباً للقصار (¬2) كان ضامناً. وكذلك لو كان الثوب وديعة عند القصار. ولا يشبه هذا الوطء ما ذكرنا قبله. ولو حمل غلام القصار حِمْلاً في بيت من عمله بأمر أستاذه فسقط الحِمْل فتخرق ثوبه كان ضمانه على القصار، ولا ضمان على الأجير. ولو كان الحِمْل ثياباً من القِصَارة فتخرق بعضها من السقوط فإن ضمان ما تخرق أو ضمان ما سقطت عنه فتخرق على القصار، ولا ضمان (¬3) على الأجير؛ لأن هذا من عمل القِصَارة. وكذلك لو دخل بالنار ليُسْرِج بأمر القصار فوقعت شرارة على ثوب من القِصَارة فأحرقه، أو كان معه سراج يحمله فوقع فأصاب دهنه ثوباً من القِصَارة فأفسده فهو مثل الأول. وكذلك أجير الحائك وجميع العمال كلهم. وكذلك أجير الرجل يخدمه، فإن وقع من يده شيء فتكسر أو فسد شيء (¬4) فيما (¬5) يختلف في خدمة (¬6) صاحبه فلا ضمان عليه في ذلك إذا كان ذلك في ملك صاحبه. ولو أن غلام القصار فيما يدق من الثياب (¬7) انفلتت منه المِدَقَّة (¬8) فوقعت على ثوب من القصارة فخرقته فإن الضمان على القصار، ولا ضمان على الغلام؛ لأن هذا من عمله. ولو وقع ذلك على ثوب غير القصارة كان ضمان ذلك على الغلام. وقال محمد: إن انفلتت المِدَقَّة فوقعت على موضع المِدَقَّة ثم وقعت على شيء بعدها فلا ضمان على الأجير. ولو أصاب ذلك إنساناً فقتله فإن الغلام ضامن ولا ضمان على القصار؛ لأن هذا جنايته. وكذلك لو مر بشيء من متاعه يحمله فوقع على إنسان في البيت فقتله كان ¬

_ (¬1) م - لو. (¬2) م ف: القصار. (¬3) م ف: فلا ضمان. (¬4) م ص: بشيء. (¬5) ص: مما. (¬6) ص: من خدمة. (¬7) ف: من الثوب. (¬8) المدقة اسم لما يدق به انظر: المغرب، "دقق".

ضامناً. ولا تشبه (¬1) الجناية في شيء من بني آدم ما (¬2) سوى ذلك من الحيوان والعروض من متاع القصارة وغيره. ولو دق ثوباً فانفلتت المدقة من يده فأصابت ثوباً وديعة أو من غير القصارة كان الضمان على الغلام، ولا ضمان على القصار. والوديعة والعارية وغير ثياب القصارة سواء. ولا يشبه هذا ثياب القصارة؛ لأن ثياب القصارة من عمله، وليس هذا من عمله. ولو انكسر شيء من أداة القصار على هذا الوجه وكان (¬3) مما يدق به أو يدق عليه فلا ضمان عليه. وإن كان مما لا يدق به ولا يدق (¬4) عليه فهو ضامن. وكل شيء وقع من يدي الخادم أو غلام القصار فأفسد شيئاً من متاع رب البيت أو من متاع القصارة فإن الضمان على القصار. وإن كانت وديعة عند رب البيت فإن الضمان على الغلام. وإن كان وطئ الخادم على شيء فخرقه فإن كان مما يوطأ عليه فلا ضمان عليه؛ لأن رب البيت قد أذن له في المشي على ذلك. وإن كان مما لا يوطأ عليه فهو ضامن. وإن كانت وديعة عند رب البيت وهو مما يوطأ عليه (¬5) ولم يؤذن له في بسطه فهو ضامن، ولا ضمان على رب البيت. وإن كانت عارية عند رب البيت استعاره ليبسطه (¬6) فلا ضمان على واحد منهما. ألا ترى لو أن رجلاً (¬7) دعا قوماً إلى منزله فمشوا على بساطه فتخرق لم يضمنوا. وكذلك لو جلسوا على وسائده (¬8) لم يضمنوا. ولو وطئوا على آنية من آنيته ضمنوا. وإن وطئوا ثوباً لا يبسط مثله ولا يوطأ مثله (¬9) ضمنوا. وكذلك الأجير إذا مشى في البيت في خدمته وعمله فوطئ شيئأ مما يوطأ مثله فلا ضمان عليه. وإن وطئ شيئاً مما لا يوطأ مثله فخرقه (¬10) ضمن. وإن ¬

_ (¬1) م ص ف: ولا تنسب. والتصحيح من ب. (¬2) م ص ف ب: بما. (¬3) ف: فكان. (¬4) ص - به ولا يدق. (¬5) ف + فهو ضامن وإن كانت وديعة عند رب البيت وهو مما يوطأ عليه. (¬6) م: لبسطه. (¬7) ص ف: ألا ترى أن رجلاً لو. (¬8) م ص ف: على وسائد. (¬9) م ص - مثله. (¬10) ف: فخرق.

حمل شيئاً في خدمة أستاذه فسقط منه ففسد لم يضمن. وإن كان عمل عندهم بأجر فالضمان على الأستاذ. وكذلك لو سقط على شيء فخرقه فلا ضمان على الغلام إذا كان ذلك المتاع لرب البيت. فإن كان عمل بالأجر فالضمان على الأستاذ. وإن كان متاعاً عندهم وديعة فالضمان على الغلام. والفرق ما بين الوديعة ومتاع الأستاذ أن الأستاذ أذن له في الاختلاف في خدمته وعمله على متاعه ولم يأذن له صاحب الوديعة. فلذلك اختلف. ولو أن رب البيت نفسه سقط من يده شيء على وديعة في بيته فأفسدها كان ضامناً. وكذلك لو عثر فسقط عليها. وكذلك أجيره. وإن كان بساطاً أو وسادة استعاره ليبسطه فلا ضمان عليه في ذلك ولا على أجيره. وإذا جفف القصار ثوباً على حبل فمر عليه حُمُولة في الطريق فخرقه فلا ضمان عليه، والضمان على سائق الحُمُولة، ولا ضمان على القصار. ولو دق ثوباً في جوفه حصاة فتخرق كان ضامناً. وكذلك لو أمره أن يغسله بالصابون فغسله بالنُّورة كان ضامناً إذا كان ذلك من النُّورة أفسده. ولو أذن رجل لرجل في دخوله بيته والقعود على وسادته فدخل وهو متقلد سيفاً فلما جلس شق السيف وسادته أو بساطه لم يضمن؛ لأنه قد أذن له. ولو أن رجلاً تكارى دابة ليحمل عليها عشرة مخاتيم حنطة من الكوفة إلى الحيرة فحمل عليها خمسة عشر مختوماً ولم يعلم صاحبها فلما بلغت الحيرة عطبت الدابة من ذلك فإن أبا حنيفة قال في ذلك: يضمن ثلث قيمتها ويكون عليه الأجر كاملاً. وكذلك قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: لو شج رجل عبداً موضحتين وشجه آخر بعد ذلك موضحة فمات منها كلها، كان على الأول عشر قيمته صحيحاً، ويضمن الآخر نصف عشر قيمته مشجوجاً شجتين، وما بقي من قيمته فعليهما نصفين. ولو كانوا شجوه جميعاً كان على صاحب الشجتين عشر، وعلى صاحب الواحد نصف

عشر (¬1)، وما بقي فعليهما نصفين، وليس هذا كالدابة. وقال أبو يوسف ومحمد: لو أن حائطاً مائلاً لرجل ثلثه وللآخر ثلثاه تُقُدِّمَ إليهما فيه فوقع على رجل فجرحه أو قتله كان على كل واحد منهما نصف الدية (¬2). ولو لم يجرحه ولكن قتله ثقل الحائط كان على صاحب الثلث ثلث الدية، وعلى صاحب الثلثين ثلثا الدية، ولا يشبه هذا الجراحة. وقال أبو حنيفة: لو أن رجلاً أمر رجلاً أن يضرب عبده عشرة أسواط فضربه أحد عشر سوطاً فمات من ذلك رفع عنه ما نقصه العشرة أسواط، وضمن ما نقصه السوط الآخر وهو مضروب عشرة أسواط، ثم يضمن نصف ما بقي من قيمته مضروباً أحد عشر سوطاً. وقال أبو حنيفة: إذا استأجر رجل دابة من الكوفة إلى السالحين (¬3) فجاوز به إلى القادسية فعليه الكراء إلى السالحين وهو ضامن فيما جاوز، ولا كراء عليه فيه. وإن ردها إلى السالحين لم يبرأ (¬4) من ضمانه حتى يردها إلى صاحبها. وهذا قوله (¬5) الآخر (¬6). وكان يقول قبل ذلك: إذا ردها (¬7) إلى السالحين برئ منها ثم رجع عن ذلك. وكذلك العارية. وقوله الآخر قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: إذا استوح رجل رجلاً دابة فركبها فهو ضامن. وإذا ردها إلى منزله ونزل عنها برئ من الضمان. ولا يشبه هذا العارية والإجارة؛ لأن المستودع وكيل في إمساكها وحفظها، والمستعير والمستأجر ليسا بوكيلين في إمساكها. وقال أبو حنيفة: إذا استأجر الرجل دابة إلى وقت معلوم بأجر معلوم فضربها فهو ضامن لما أصابها من ذلك الضرب. وقال: إن كَبَحَها باللجام فهو ضامن إلا أن يأذن له صاحبها في ذلك. وقال أبو يوسف ¬

_ (¬1) ص: العشر. (¬2) ف: الداية (مهملة). (¬3) السالحون موضع على أربعة فراسخ من بغداد إلى المغرب. انظر: المغرب، "سلح". (¬4) ص: لم يبر. (¬5) م ص ف: قول. (¬6) م ص: آخر. (¬7) ص: لو ردها.

ومحمد: لا يضمن إذا فعل ذلك كما يفعل الناس. وقال أبو حنيفة: إذا أسلم الرجل غلاماً إلى مُكَتِّب (¬1) أو في عمل غير ذلك، أو أسلم ابنه في عمل إلى رجل، فضربه المُكَتِّب أو الأستاذ، فهو ضامن لما كان من ذلك، فإن أذن له في ذلك فلا ضمان عليه. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد في الإنسان، وقالا: نستحسن في الدابة إذا صنع ما يصنع الناس أن لا يضمن. وإذا تَوَهَّق (¬2) راعي الرَّمَكَة (¬3) ومدها به فوقع الوَهَق في عنقها فجذبها فعطبت الدابة فهو ضامن. وإن كان صاحبه أذن له في ذلك أو أمره بالوَهَق فلا ضمان عليه. وقال أبو حنيفة: إذا بَزَغَ (¬4) البيطار دابة فعطبت فلا ضمان عليه. وإذا حجم الرجل عبداً أو ختنه بأجر معلوم أو فعل ذلك بحر صغير بأمر أبيه وختن العبد بأمر سيده فلا ضمان عليه. وكذلك لو بَطّ (¬5) قرحة أو قطع عِرْقاً. ولو أن رجلاً أمر رجلاً أن يقطع إصبعاً من أصابعه لوجع أصابه (¬6) فيها فمات من ذلك لم يكن عليه الضمان. وكذلك لو أمره أن يفعل ذلك بابن له صغير أو بعبده أو أمته (¬7). ولو أن عبداً أتى حجاماً فقال: احجمني محجمة، بأجر أو بغير أجر ¬

_ (¬1) المُكَتِّب والمُكْتِب: هو المعلم. انظر: المغرب، "كتب". (¬2) قال المطرزي: تَوهَّقه جعل الوَهَق في عنقه وأعلقه بها، وهو الحبل الذي في طرفيه أنشوطة تُطرَح في أعناق الدواب حتى تؤخذ. انظر: المغرب، "وهق ". (¬3) قال المطرزي: رَمَكَة وهي الفرس والبرذونة تتخذ للنسل. انظر: المغرب، "رمك". (¬4) قال المطرزي: بزغ البيطار الدابة، شقها بالمِبْزَغ، وهو مثل مِشْرَط الحجام. انظر: المغرب، "بزغ". (¬5) ص: لو ربط. بَطَّ الجرح أي شقه، من باب طلب. انظر: المغرب، "بطط". (¬6) ف + فمات. (¬7) ص - أو بعبده أو أمته.

بغير إذن مولاه فعطب من ذلك كان الحجام ضامناً. وكذلك لو فعل مئل ذلك بالدابة بغير أمر صاحبها كان ضامناً. وكذلك الختان وفَصْد العرق. وكذلك لو بَطَّ قرحة. ولو أن رجلاً أمر رجلاً أن يختن عبده فقطع ذكره كان ضامناً. ولو أن رجلاً أمر حجاماً أن يقلع له سنه فقلعه فقال الرجل: أمرتك أن تقلع سناً غير هذا، فالقول قوله في ذلك، والحجام ضامن في قول أبي حنيفة، وهو قول أبي يوسف ومحمد. ولو أن رجلاً تكارى دابة يحمل عليها عشرة مخاتيم فجعل في جواليقها عشرين مختوماً، ثم أمر رب الدابة فكان هو الذي وضعها على الدابة، لم يكن عليه الضمان؛ لأنه هو الذي حمل على دابته. ولو كانت غِرَارَة (¬1) واحدة (¬2) فحملاها جميعاً حتى وضعاها على الدابة كان المستأجر ضامناً لربع قيمة الدابة. وإن كان الحِمْل في عِدْلين (¬3) فحمل كل واحد منهما عِدْلاً فوضعاهما (¬4) جميعاً على الدابة لم يضمن المستأجر شيئاً. وإذا ساق الراعي الإبل والبقر والغنم فعطبت من سياقته وهو غير مشترك فإنه لا يضمن إذا كان غير مشترك. ولو تناطحت البقر فقتل بعضها بعضاً أو وطئ بعضها بعضاً من سياقته أو في سياقته فقتل بعضها بعضاً وهو غير مشترك وهي لإنسان واحد فلا ضمان عليه. وإن كانت لأقوام (¬5) شياه فهو ضامن مشتركاً كان أو غير مشترك كما يضمن الرجل في سياقته. وكل من وقع عليه الضمان فلا أجر له فيه. وإذا ساق الراعي الإبل أو الغنم أو البقر فعطبت منها شاة فإن كان ¬

_ (¬1) الغِرَارة: الجُوالِق، واحدة الغرائر. قال الجوهري: الغِرارة واحدة الغرائر التي للتبن. قال: وأظنه معرباً. انظر: لسان العرب، "غرر". (¬2) م: فأخذه. (¬3) هما وعاآن يوضعان على جانبي الدابة. وقد تقدمت الكلمة في الكتاب مراراً. (¬4) ص: فوضعاها. (¬5) ص: كان لقوم.

مشتركاً كان ضامناً. وإن كان غير مشترك فلا ضمان عليه. وإن وطئت ناقة منها ناقة وهما لرجلين مختلفين فهو ضامن مشتركاً كان أو غير مشترك؛ لأن السائق ضامن لما أوطأ. وإن كان السائق مشتركاً فساق الغنم أو البقر أو الرَّمَك (¬1) أو الإبل لسقيها من نهر فسقط بعضها في النهر فغرق من ساعته فهو ضامن؛ لأن هذا من عمله. ولو مر بها على جسر فسقط منها شيء في الماء (¬2) في السياق فعطبت كان ضامناً؛ لأن هذا من عمله. وقال أبو حنيفة: إذا استأجر الرجل دابة ليركبها فحمل معه إنساناً آخر فعطبت الدابة فإنه ضامن للنصف. وقال أبو حنيفة: لا يوزنان، ولكن الحاكم يَحْزِر (¬3) ذلك، فإن كان وزن كل واحد منهما مثل وزن صاحبه ضمن نصف القيمة. وقال أبو حنيفة: كيف يزنهما الحاكم بعد الطعام أم قبله أو بعد الخلاء أم قبله. وقال أبو حنيفة: إن حمل عليها رجلاً آخر ضمن قيمة الدابة كلها. قال: وإن حمل معها شيئاً آخر ضمن بحساب ما زاد. وقال أبو حنيفة: إذا استأجر دابة بسَرْج فنزع السرج وأسرجها بسرج آخر، قال: إن كان يُسرَج مثلها بمثله فلا ضمان عليه. وإن كان سرجاً لا يسرج مثلها بمثله فهو ضامن بحساب السرج. وقال: لو نزع السرج وأَوْكَفَها (¬4) كان ضامناً بحساب ما زاد. قال: وإن استأجرها بإكاف (¬5) فنزع الإكاف وأسرجها بسرج يسرج به مثلها فلا ضمان عليه؛ لأن هذا أخف من الإكاف. وقال أبو حنيفة: لو استأجرها ليحمل عليها عشرة مخاتيم حنطة فحمل عليها مثل ذلك شعيراً لم يضمن، وكان عليه الكراء كاملاً، ولم يكن هذا ¬

_ (¬1) تقدم قريباً. (¬2) ف - في الماء. (¬3) حزر من باب ضرب أي: قدَّر. انظر: مختار الصحاح، "حزر". (¬4) أي: وضع عليها إكافاً، وهو ما يوضع على الحمار ليركب عليه، أما السرج فهو ما يوضع على الخيل كما تقدم. (¬5) ما يوضع على الحمار ليركب عليه. انظر: لسان العرب، "أكف".

منه بخلاف. وقال: لو تكاراها ليحمل عليها دهناً (¬1) فحمل عليها دهناً (¬2) مثله أو غير ذلك الجنس لم يضمق ولم يكن هذا منه خلافاً. وكذلك قال في الثياب يحمل عليها شيئاً من ذلك هو أثقل مما اشترط أو أضر بالدابة - وإن كان مثل وزنه أو كيله أو عدده - فهو ضامن. وقال أبو حنيفة: إن تكاراها ليحمل عليها فركب عليها ولبس من الثياب أكثر مما كان عليه حين استأجرها فإن لبس ذلك مثل ما يلبس الناس فلا ضمان عليه. وإن لبس مما لا يلبس الناس فعطبت الدابة فهو ضامن بقدر ما زاده. وإذا تكارى الرجل الناقة ليحمل عليها امرأة (¬3) فولدت المرأة فحملها هي وولدها على الناقة بغير أمر صاحبها فعطبت الدابة فهو ضامن بحساب ما زاد عليها الولد. [ولو] (¬4) نُتجت الدابة فحمل ولدها مع المرأة فهو ضامن. وإذا تكارى بعيراً بمَحْمِل (¬5) فحمل عليه زامِلَة (¬6) فهو ضامن. وإن حمل عليه رَحْلا (¬7) مكان المحمل (¬8) وركبه فلا ضمان عليه مِن قِبَل أن هذا أخف من المحمل، ويضمن في الزاملة لأنه خالف. وإذا سلم (¬9) الرجل ثوباً إلى الصباغ فصبغه فقال رب الثوب: أمرتك ¬

_ (¬1) م ص: ذهبا. (¬2) م: ذهبا؛ ص - فحمل عليها دهنا. (¬3) م ص - امرأة؛ صح م هـ. (¬4) الزيادة من الكافي، 1/ 211 و. (¬5) قال المطرزي: المحمل بفتح الميم الأولى وكسر الثاني أو على العكس الهودج الكبير. . . وأما تسمية بعير المحمل به فمجاز وإن لم نسمعه، ومنه قوله. . . ما يكترى به شق محمل أي نصفه أو رأس زاملة. . . انظر: المغرب، "حمل". (¬6) قال المطرزي: زَمَلَ الشيءَ حمله، ومنه الزاملة: البعير يحمل عليه المسافر متاعه وطعامه. . . ثم سمي بها العدل الذي فيه زاد الحاج من كعك وتمر ونحوه، وهو متعارف بينهم، أخبرني بذلك جماعة من أهل بغداد وغيرهم. انظر: المغرب، "زمل". (¬7) م ص: رجلاً. والرَّحل للبعير مثل السَّرْج للدابة. انظر: المغرب، "رحل". (¬8) ص: الحمل. (¬9) ف: أسلم.

باب إجارة رحى الماء وغيرها

أن تصبغه أصفر، وقال الصباغ: أمرتني أن أصبغه أحمر، فإن أبا حنيفة قال في هذا: القول قول رب الثوب مع يمينه، ويضمن الصباغ قيمة ثوبه إن شاء. وإن شاء أخذ الثوب وأعطى الصباغ ما زاد فيه العُصفُر. ألا ترى لو أن رجلاً لَتَّ سَوِيقَ رجل بسَمْن أو حَلَّى (¬1) بعسل فقال رب السويق: لم آمرك، وحلف على ذلك، وقال الفاعل: أمرتني أن أجعل فيه بدرهم، فإن الفاعل لا يصدق، ولرب السويق أن يضمنه مثل سويقه. وإن شاء أخذ السويق وأعطاه ما زاد ذلك في سويقه. وقال أبو حنيفة: لو أن رجلاً أخذ جلد رجل فدبغه كان لصاحب الجلد أن يضمنه. فإن ادعى عليه أنه عمله بأجر وكذبه رب الجلد وحلف على ذلك فإن رب الجلد بالخيار. إن شاء ضمنه قيمة الجلد غير مدبوغ. وإن شاء أخذ جلده وأعطاه ما زاد فيه الدباغ. ولو كان الجلد ميتة لم يكن له أن يضمنه في قول أبي حنيفة، ولكنه يأخذه ويعطيه ما زاد الدباغ فيه. ولو كان خمراً فجعله خلًّا (¬2) فإن أبا حنيفة قال في هذا: يأخذه ولا يعطيه شيئاً؛ لأنه ليس فيه زيادة، وفي الجلد زيادة ما دبغ (¬3) به. ... باب إجارة رحى الماء (¬4) وغيرها وإذا استأجر الرجل رحى ماء والبيت الذي هو فيها ومتاعها كل شهر بعشرة دراهم فهو جائز. فإن انقطع الماء عنها فلم يعمل رفع عنه من الأجر بحساب ذلك. فإن أراد المستأجر نقض الإجارة لم لانقطاع الماء ¬

_ (¬1) م ص ف: أو خلا. وقد حذفت الكلمة من ب. والخل لا يخلط بالعسل، ولا يناسبه السياق. وحَلَّيت الطعام جعلته حلوا، وربما قالوا: حلأت السويق، فهمزوا ما ليس بمهموز. انظر: مختار الصحاح، "حلو". (¬2) م: خلافا. (¬3) م ص: ما دفع. (¬4) ف: إجارة الرحى.

فله ذلك. وإن لم يفسخ الإجارة حتى عاد الماء فأراد أن يفسخها فليس له ذلك وإن كان بقي من الشهر يوم واحد، من قبل أن الإجارة لازمة له الشهر كله، ويرفع عنه بحساب ما انقطع عنها. فإن اختلفا في انقطاع الماء فقال المستأجر: انقطع عني عشرة أيام، وقال صاحب الرحى: بل خمسة أيام، فإن القول قول المستأجر مع يمينه. وإن لم يقر رب الرحى بانقطاع الماء فإن كان يوم اختصما الماء منقطعاً فالقول قول المستأجر مع يمينه. وإن كان الماء جارياً يوم اختصما فالقول قول رب الرحى مع يمينه على علمه. وإذا استأجر الرجل رحى بالبيت الذي فيها ومتاعها بعشرة كل شهر ثم طحن فيها طحيناً بثلاثين درهماً في الشهر بربح عشرين درهماً، فإن كان المستأجر هو الذي يقوم على الرحى في الطعام أو أجيره أو في عياله فالربح له طيب. وإن كان رب الطعام هو الذي يلي ذلك لم يطب الربح لصاحب الربح إلا أن يكون عمل فيها عملاً ينتفع به الرحى من كَرْي (¬1) نهرها أو نَقْر (¬2) الرحى أو أصلح شيئاً طاب له الربح. وإذا استأجر الرجل من الرجل (¬3) موضعاً على نهر ليبني عليه بيتاً ويتخذ عليه رحى وعلى أن الحجارة والحديد والمتاع والبناء من عند المستأجر فهو جائز. وإن انقطع ماؤها شهراً (¬4) فلم تطحن الرحى ولم يفسخ (¬5) الإجارة فالإجارة له لازمة، وله أن يفسخ الإجارة؛ لأن ذهاب الماء عذر. ولو أن رجلاً استأجر رحى ماء ببيتها ومتاعها ونهرها بأجر مسمى كان جائزاً. فإن انقطع الماء فله أن يفسخ الإجارة؛ لأن هذا عذر. فإن لم يفسخها (¬6) حتى مضى شهر فلا أجر له في ذلك الشهر. وإن قل (¬7) الماء حتى أضر بالطحن وهي على ذلك تطحن فإن كان ذلك ضرراً فاحشاً فله أن ¬

_ (¬1) كري النهر: حفرها. انظر: المغرب، "كري". (¬2) النقر: ضرب الرحى والحجر وغيره بالمنقار. ونقره ينقره نقراً: ضربه. والمنقار حديدة كالفأس ينقر بها. انظر: لسان العرب، "نقر". (¬3) ص: من رجل. (¬4) م ف: بشهر. (¬5) م: لم يفسخ. (¬6) ص: لم يفسخ. (¬7) ف: أقل.

يترك الإجارة. وإن كان غير فاحش فالإجارة له لازمة. وإذا خاف رب الرحى أن ينقطع الماء ويفسخ (¬1) الإجارة فأكراه (¬2) البيت والحجرين والمتاع خاصة فهو جائز. وإن انقطع الماء فللمستأجر أن يترك الإجارة؛ لأن هذا عذر. ألا ترى لو أن طحاناً استأجر رحى يطحن عليه بجمله فنفق جمله ولم يكن عنده ما يشتري به جملاً أن (¬3) له أن يترك الإجارة وكان هذا عذراً. وإذا استأجر الرجل رحى ماء فانكسر أحد الحجرين أو الدَّوَّارة (¬4) فهذا عذر، وله أن ينقض الإجارة. وكذلك إن انهدم البيت. فإن كان رب الرحى أصلح (¬5) ذلك قبل أن يفسخ الإجارة فليس للمستأجر أن ينقض الإجارة، ولكن يرفع عنه بقدر ذلك من الأجر. فإن اختلفا فقال المستأجر: بَطَلْتَ (¬6) عشرة أيام، وقال رب الرحى: بَطَلْتُ خمسة أيام، فإن القول قول المستأجر مع يمينه؛ مِن قِبَل أن رب الرحى قد أقر بالبَطالة. ولو لم يقر بذلك، وقال: لم تَبْطُل شيئاً ولم ينكسر شيء (¬7)، لم يصدق المستأجر على شيء إلا أن يكون كما (¬8) قال يوم يختصمان. وإذا استأجر الرجل رحى ماء على أن يطحن فيها حنطة ولا يطحن غير ذلك فطحن فيها شعيراً أو غير ذلك من الحبوب غير الحنطة فإني أنظر في ذلك. فإن كان لا يضر بالرحى أجزت الإجارة ولم أضمنه شيئاً. وإن (¬9) كان أضر عليها من الحنطة ضمنته ما نقصها، ولم أجعل عليه من الأجر في ذلك الوقت. وإذا استأجر الرجل رحى من رجل بالكوفة يطحن فيها سمسماً ¬

_ (¬1) م ص: فيفسخ. (¬2) م: فا كراء؛ ص: فأكرا؛ ف: فأكرى. (¬3) ص: فإن. (¬4) قال المطرزي: "استأجر رحى ماء فانكسرت الدوارة"، هي الخشبات التي يديرها الماء حتى تدور الرحى بدورانها. انظر: المغرب، "دور". (¬5) م ص ف: يصلح. (¬6) أي: لم تعمل، كما تقدم. (¬7) ص: شيئاً. (¬8) م - كما. (¬9) ف: فإن.

فطحن فيها البَزْر (¬1) فهو مثل الأول. وإذا استأجر الرجل رحى من رجل وبعيراً من آخر وبيتاً من آخر فاستأجر ذلك كله صفقة واحدة كل شهر بأجر معلوم فذلك جائز، ويقسمون الأجر قَدْرَ ذلك. ولو اشتركوا في هذا الأمر (¬2) وأخذوا الجمل فطحنوا طعاماً وعملوا بأنفسهم جميعاً، والجمل لأحدهم والبيت للآخر والرحى للآخر، على أن يكون الأجر بينهم أثلاثاً، فطحنوا للناس على هذه الشركة، وإنما كانوا يؤاجرون الجمل بعينه، فإن الشركة على هذا فاسدة، والأجر كله لصاحب الجمل، وعلى صاحب الجمل أجر صاحب البيت لنفسه ولبيته، وعليه أجر صاحب الرحى لنفسه ولرحاه. ألا ترى أن رجلاً لو أخرج دابة وأخرج آخر جُوَالِقَين (¬3) وأخرج آخر إكافاً وبَرْذَعَة (¬4) واشتركوا (¬5) على أن يحملوا للناس بالأجر فحملوا للناس وكسبوا مائة درهم فإن هذا الشرط باطل، والكسب كله لصاحب الدابة، وعليه أجر صاحب الجوالق لنفسه ولجواليقه، وعليه الأجر لصاحب الإكاف والبرذعة لنفسه وأجرُ إكافه وبرذعته. وإذا كانت الرحى لرجل والجمل لآخر والبيت لآخر فاشتركوا على أن يطحنوا للناس بأجر، فما طحنوا فأجره بينهم أثلاثاً، فإن أجروا الجمل بعينه ¬

_ (¬1) بَزْر البقل ونحوه بالكسر، والفتح لغة. قال ابن السكيت: ولا تقوله الفصحاء إلا بالكسر، فهو أفصح. والجمع بزور. وقال ابن دريد: قولهم: بَزْر البقل خطأ إنما هو بَذْر، وقد تقدم عن الخليل: كل حب يُبْذَر فهو بَزْر وبَذْر، فلا يعارض بقول ابن دريد. انظر: المصباح المنير، "بزر". (¬2) ف: الأجر. (¬3) الجِوالِق بكسر الجيم واللام وبضم الجيم وفتح اللام (أي جُوالَق) وكسرها (أي جُوالِق): وعاء، وجمعه جَوَالِق كصحائف، وجَوَالِيق وجُوالِقات. انظر: القاموس المحيط، "جلق". (¬4) البرذعة: الحِلْس الذي يلقى تحت رحل البعير. والجمع البراذع. انظر: المغرب، "برذع". (¬5) ص: فاشتركوا.

فطحن بأجر (¬1) معلوم، فإن أجر ذلك الطعام لصاحب الجمل، ولهما جميعاً أجر أنفسهما ومتاعهما على صاحب الجمل. فإن تقبّلوا الطعام على أن يطحنوا بأجر معلوم ولم يؤاجروا الجمل بعينه فما اكتسبوا فهو بينهم أثلاثاً. وإذا كان لرجل بيت على نهر قد كان فيه رحى ماء فذهبت، وجاء آخر برحى ومتاعها فنصبها في البيت، واشتركا على أن يتقبّلا من الناس الطعام والشعير فيطحنانه، فما اكتسبا فهو بينهما نصفين، على أن يعملا في بيت أحدهما بأداة الآخر (¬2)، كان جائزاً. وكذلك الصاغة (¬3) والأساكفة والصباغون والخياطون. ولو أجر الرحى بأجر معلوم على طعام معلوم (¬4) كان الأجر كله لصاحب الرحى، وكان (¬5) لصاحب البيت [أجر] مثل بيته ونفسه إذا كان قد عمل في ذلك على صاحب (¬6) الرحى، ولا أجاوز به نصف أجر الرحى، لأنه قد رضي بذلك، في قول أبي يوسف. وإذا كان للرجل بيت ونهر ورحى ومتاعها فانكسر الحجر الأعلى، فجاء رجل فنصب حجراً بغير أمر صاحبه، وجعل يطحن للناس بأجر معلوم ويتقبل الطعام، فهو مسيء (¬7) في ذلك، والأجر له، وهو ضامن لما أفسد من الحجر الأسفل ومتاعه (¬8). ولو كان وضع الحجر الأعلى برضاً من صاحبه على أن الكسب بينهما نصفين وعلى أن يعملا بأنفسهما كان هذا مثل الباب الأول. ولو أن رجلاً بنى على نهر رجل بيتاً ونصب فيه رحى ماء بغير رضا صاحب النهر ثم تقبل الطعام فطحنه وكسب في ذلك مالاً كان له الكسب، ¬

_ (¬1) ص - فما طحنوا فأجره بينهم أثلاثا فإن أجروا الجمل بعينه فطحن بأجر. (¬2) ف: الاجر. (¬3) م ف: الصياغة. (¬4) ص - على طعام معلوم. (¬5) م ص: وإن. (¬6) م: على صاحبه. (¬7) م ص ف ب: مسمى. والتصحيح من المبسوط، 16/ 18. (¬8) أي: إن أفسد شيئاً من ذلك.

باب كراء الإبل إلى مكة

وكان ضامناً لما نقص البيت وساحته وموضعه والنهر، ولا يضمن شيئاً من الماء وكان آثماً في مائه وفي غصبه ما غصب من البقعة والنهر. ولا يضمن شيئاً من الماء إلا أن يكون أفسد من النهر شيئاً فيضمن قيمة ذلك. ولو أن رجلاً له نهر اشترك هو ورجلان على أن جاء أحدهما برحى والآخر بمتاعها على أن يبنوا البيت جميعاً من أموالهم على أن ما اكتسبوا من شيء فبينهم فهذا جائز، وهذا مثل المسألة الأولى. ... باب كراء الإبل إلى مكة وإذا استأجر الرجل بعيرين من الكوفة إلى مكة يحمل على أحدهما مَحْمِلاً (¬1) فيه رجلان وما يصلحهما من الوِطاء والدِّثار، وقد رأى الرجلين ولم ير الوطاء والدثار، وأحدهما زاملة (¬2) يحمل عليه كذا وكذا مختوماً من السويق والدقيق وما يصلحهما من الزيت والخل والمعاليق (¬3) ولم يبين، وشرط عليه ما يكتفي به من الماء ولم يبين ذلك، فإن هذا كله فاسد في القياس. وقال أبو حنيفة: أستحسن هذا وأجيزه. وقال: إن اشترط عليه أن يحمل له من هدايا مكة من صالح ما يحمل الناس فهو جائز. وقال أبو يوسف ومحمد: يسمي لكل محمل قربتين من ماء وإداوتين من أعظم ما يكون من ذلك، ويكتب في الكتاب أن الجَمَّال قد رأى الوطاء ¬

_ (¬1) قال المطرزي: المحمل بفتح الميم الاولى وكسر الثاني أو على العكس الهودج الكبير. . . وأما تسمية بعير المحمل به فمجاز وإن لم نسمعه، ومنه قوله. . . ما يكترى به شق محمل أي نصفه أو رأس زاملة ... انظر: المغرب، "حمل". (¬2) قال المطرزي: زَمَلَ الشيءَ حمله، ومنه الزاملة: البعير يحمل عليه المسافر متاعه وطعامه. . . ثم سمي بها العدل الذي فيه زاد الحاج من كعك وتمر ونحوه، وهو متعارف بينهم، أخبرني بذلك جماعة من أهل بغداد وغيرهم. انظر: المغرب، "زمل". (¬3) المِعْلاق: ما يعلَّق به اللحم وغيره. والجمع: المعاليق. ويقال لما يعلَّق بالزاملة من نحو القِرْبة والمِطْهَرة والقُمقمة معاليق أيضاً. انظر: المغرب، "علق".

والدثار والقربتين والإداوتين والقبة والخيمة، فإنه أحوط (¬1). وإن اشترط عُقْبَة الأجير (¬2) فإن أبا حنيفة قال: هو جائز. وهو قول أبي يوسف ومحمد. ويكتب أنه قد رأى الجَمَّال المحمل (¬3). قال: وإن تكارى شِقّ مَحْمِل وشِقّ زاملة فاختلفا فقال الجَمّال: إنما عنيت عيدان المحمل (¬4)، وقال المستكري: بل عنيت الإبل، فإذا كان الكراء كما يتكارى به الإبل إلى مكة فهو على ذلك. وإذا كان كما يتكارى به شِقّ مَحْمِل خشب فالقول قول الجَمّال. وإذا كان كما يكون كراء الإبل إلى مكة فهو على الإبل ولا يصدق الجَمّال على قوله. وإن كان الكراء بشيء يسير فالقول ما قال الجَمّال مع يمينه. وإذا تكارى الرجل من الكوفة إلى مكة إبلاً مسماة بغير أعيانها فقال الجَمّال: أجّرتك في غرة ذي القعدة، وقال المستأجر: بل أجّرتني في خمس مضين، أو قال: أجّرتك في خمس يمضين، وقال المستكري: بل أجّرتني في غرة الشهر، فإنه يخرجه في خمس يمضين في الوجهين جميعاً؛ لأنا لا نخاف الفوت. فإن أراد المكري أن يتأخر إلى النصف في ذي القعدة وأبى (¬5) عليه المستأجر فليس (¬6) للمكري (¬7) ذلك؛ لأن هذا وقت يخاف فيه الفوت. وإن قال المستأجر: بل أخرني (¬8) إلى النصف، وقال المكري: بل أخرجك (¬9) لخمس يمضين من ذي القعدة، فإنه يوكس (¬10) مؤنته من العلف (¬11)، فإني أؤخره إلى عشر يمضين من ذي القعدة، ولا أؤخره أكثر ¬

_ (¬1) ص - أحوط. (¬2) العُقْبَة: النوبة ومنها عاقبه معاقبة وعقاباً: ناوبه وعُقْبَة الأجير: أن ينزل المستأجر صباحاً مثلاً فيركب الأجير. انظر: المغرب، "عقب". (¬3) ص - المحمل. (¬4) ف + قال. (¬5) ص: وأتى. (¬6) م ص: وليس. (¬7) ص: الكرا. (¬8) م ص: بل أخرجتني. (¬9) ف: بل أجرتك. (¬10) الوكس هو النقص. انظر: لسان العرب، "وكس". (¬11) المبسوط، 16/ 20.

من ذلك. فإن كان (¬1) بينهما (¬2) شرط حملتهما (¬3) على الشرط، فإن (¬4) كان ذلك في النصف جعلتها (¬5) في النصف، وإن كان إلى الخمس أو إلى العشرة جعلتها (¬6) على ذلك. وقال أبو حنيفة: إذا استأجر الرجل محملاً وزاملةً إلى مكة فليس له أخذ الكراء (¬7) حتى يفرغ من الحُمولة. ثم رجع عن ذلك، فقال: يأخذ، كلما سار شيئاً من الطريق تُعرَف له حصة أخَذَ. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: إن عجل له المستأجر الأجر فهو جائز. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: لا بأس بالسَّلَف في كراء مكة قبل الحج بسنة أو بشهر، فإذا فعل فهو جائز. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وإذا مات الرجل بعدما قضى المناسك ورجع إلى مكة (¬8) فإنما عليه من الأجر بحساب ذلك. وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. أقال، (¬9) أبو يوسف ومحمد (¬10): يلزمه الكراء خمسة أعشار ونصف، ويبطل عنه أربعة أعشار ونصف (¬11)؛ لأن الذهاب أربعة أعشار ونصف، والرجعة كذلك، وقضاء المناسك عُشر (¬12). ولو كان شرط الممر (¬13) ¬

_ (¬1) م ص - كان؛ صح م هـ. (¬2) م - بينهما؛ ص: مما. (¬3) م: حملها؛ ص: حملهما. والمعنى أجبرتهما على العمل بما شرطا. (¬4) م ص - فإن. (¬5) م: حملها؛ ص: حملتها. (¬6) م: حملها؛ ص: حملتها. (¬7) م ص ف: اخرل المكرى. والتصحيح من ب. (¬8) أي: رجع إلى مكة بعد أيام منى. (¬9) الزيادة من ب. (¬10) لا خلاف بينهم في هذه المسألة. وإنما قدر الإمامان ذلك شرحا لقول الإمام أبي حنيفة انظر: المبسوط، 16/ 22. (¬11) ص + ويبطل. (¬12) م ص ف: عشرة. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 16/ 22. (¬13) ص: المصر.

على المدينة في الرجعة أو في البدأة فإن كان في البدأة لزمه من الكراء إذا مات بعد الفرك من الحج ستة وثلاثون جزء من ثلاثة وستين جزء (¬1) من جميع الكراء. وإن كان الشرط على المدينة في الرجعة لزمه من الكراء ثلاثة وثلاثون جزء من ثلاثة وستين جزء. وذلك أني جعلت المدينة ثلاثة أجزاء، والمناسك ستة أجزاء، والبدأة سبعة وعشرين جزء، والرجعة مثل ذلك. وإذا تكارى قوم مشاة إلى الكوفة إبلاً واشترطوا على المكري (¬2) أن يحمل من مرض منهم أو أعيا فهو فاسد لا يجوز (¬3). ولو اشترطوا عليه عُقْبَة (¬4) لكل واحد منهم كان هذا جائزاً. وإذا أراد المستأجر أن يبدل محمله فيجعل محملاً غيره فإن لم يكن فيه ضرر فله ذلك. وإن أراد صاحب المحمل أن ينصب على المحمل كَنِيسَة (¬5) فأراد أن يجعل عليها مكانها كنيسة أخرى أو قُبّة فليس له ذلك. وإن أراد أن يجعل كنيسة دونها فله ذلك (¬6). وإذا تكارى بعيرين من رجل بأعيانهما فماتا انتقضت الإجارة. فإن كانا بغير أعيانهما فنفقت إبل الجَمّال أخذه بالكراء. وإن أراد الجَمّال (¬7) أن لا يخرج إلى مكة فليس ذلك بعذر. وإذا أراد المستأجر أن لا يخرج من عامه ذلك فله ذلك (¬8)، وهذا عذر. ¬

_ (¬1) ف: جميعاً. (¬2) م: الكري. (¬3) م ص - لا يجوز. (¬4) تقدم تفسيره قريباً. (¬5) قال المطرزي: الكنيسة في الإجارات: شبه الهودج يغرز في المحمل أو في الرحل قضبان ويلقى عليها ثوب يستظل الراكب ويستتر به، فَعِيلة من الكُنُوس بمعنى الاستتار. انظر: المغرب، "كنس". (¬6) م ص - فله ذلك. (¬7) م ف: المستأجر؛ ص - الجمال. والتصحيح من الكافي، 1/ 212 و؛ والمبسوط، 16/ 23. (¬8) ف - فله ذلك.

[باب من استأجر أجيرا يعمل له فيى بيتة]

وإذا تكارى الرجل إبلاً يحمل عليه الطعام من الكوفة إلى مكة (¬1) بأجر معلوم وكيل معلوم كان جائزاً. فإن بدا للجمّال أن لا يكري وأن يدع الكراء فليس له (¬2) ذلك، وليس هذا بعذر. وإذا أراد صاحب الطعام أن لا يخرج لكسادٍ بَلَغَه أو خوفٍ أو بدا له ترك التجارة في الطعام في ذلك الوجه فله ذلك، وهذا عذر. ... [باب من استأجر أجيراً يعمل له فيى بيتة] وقال أبو حنيفة: إذا استأجر الرجل أجيراً يعمل عملاً مسمى في بيته بأجر معلوم فهو جائز. فإن فرغ الأجير من العمل في بيت المستأجر ولم يضعه في يده وفسد العمل أو هلك فإن له الأجر تاماً على المستأجر. ولو استأجر الرجل خياطاً يخيط له قميصاً فخاط بعضه في بيت رب الثوب ثم سُرق الثوب (¬3) كان الأجر بقدر ما خاط. وإن كان استأجره ليخيطه في بيت الأجير فخاط بعضه ثم سرق الثوب فإن أبا حنيفة قال: ليس في هذا للأجير أجر (¬4)، لأنه لم يسلم العمل إلى رب الثوب، ولا ضمان عليه فيما سرق. وقال: هذا مخالف للذي يعمل في بيت رب الثوب. ألا ترى أن رجلاً لو (¬5) استأجر أجيراً يبني له حائطاً معلوماً بأجر معلوم فبنى بعضه أو كله ثم انهدم الحائط فإن كان بناه كله فله الأجر تاما. وإن كان بنى بعضه فله بحساب ذلك. وهذا قول أبي حنيفة؛ لأن البناء (¬6) ملك صاحب البناء. وكذلك البئر، الرجل يستأجر أجيراً يحفرها له في داره، فحفرها كلها أو بعضها ثم انهدمت، فإن كان (¬7) حفرها كلها فله الأجر تاماً، وإن كان ¬

_ (¬1) ف: من مكة إلى الكوفة. (¬2) ف: الكراء فله. (¬3) ص - ثم سرق الثوب. (¬4) ص - أجر. (¬5) ص - لو. (¬6) ص ف + في. (¬7) م ص ف: وإن كان.

حفر بعضها فله بحساب ذلك. وكذلك الرجل (¬1) يخبز له في بيته دقيقاً معلوماً بأجر معلوم فخبز له الخبز ثم سُرق بعد فراغه منه فإن له من الأجر بقدر ما عمل. وإن كان يخبز في بيت الخباز لم يكن له من الأجر شيء، ولا ضمان عليه فيما سُرق. وهذا قول أبي حنيفة. وإن احترق الخبز في التنور قبل أن يخرجه فإن أبا حنيفة قال في هذا: هو ضامن. فإن ضمّنه قيمة الخبز مخبوزاً أعطاه الأجر. وإن ضمّنه دقيقاً مثل دقيقه لم يكن له الأجر. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: إذا سلم (¬2) الرجل ثوباً إلى القصار يَقْصُره فقَصرَه ثم هلك بعدما قصره قبل أن يدفعه إلى رب الثوب فلا أجر له؛ لأنه لم يدفع العمل إليه. وإن دق الثوب فأحرقه (¬3) أو خَرَقَه (¬4) فرب الثوب بالخيار. إن شاء ضمنه قيمة الثوب إذا كان الخَرْق مستهلكاً له، ضمنه قيمة الثوب على تلك الحال، ويعطيه من الأجر بقدر ما عمل. وإن شاء ضمنه قيمة ثوبه غير مقصور ولم يكن عليه أجر. وقال أبو حنيفة: لا ضمان عليه فيما هلك. وإذا استأجر الرجل رجلاً يحمل له طعاماً أو تمراً بأجر معلوم من موضع (¬5) إلى موضع ثم حمل فسرق منه في بعض الطريق فإن أبا حنيفة كان يقول (¬6): له من الأجر بحساب ما حمل. ويقول: لا يشبه هذا القصار والصباغ. وكذلك الدابة يستأجرها ليحمل عليها من بلد إلى بلد فحمل عليها (¬7) فله من الأجر بحساب ذلك. وكذلك السفينة يستأجرها ليحمل فيها (¬8) حُمولة فهو مثل هذا أيضاً. ¬

_ (¬1) ف - الرجل. (¬2) ف: إذا أسلم. (¬3) الحَرْق والحَرَق يطلقان على الثقب في الثوب، فإن كان من النار فهو بسكون الراء، وإن كان من دقّ القصار فهو محرك، وقد روي فيه السكون. انظر: المغرب، "حرق". (¬4) الخرق هو الثقب. انظر: المغرب، "خرق". (¬5) م ص: في موضع. (¬6) ص: حنيفة قال. (¬7) م ف + فحمل عليها. (¬8) ص: عليها.

وإذا تمت الحُمولة فأراد رب المتاع أن يأخذ متاعه قبل أن يدفع الأجر، وقال الحمال (¬1): لا أدفعه حتى تعطيني الأجر، كان لصاحب المتاع أن يأخذه قبل أن يعطيه الأجر؛ لأنه لو ضاع كان له الأجر كاملاً. وأما الصباغ والقصار والخياط وكلْ صانع يعمل عملاً بيده في بيته فليس لصاحب المتاع أن يأخذ متاعه حتى يعطيه الأجر. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وذلك لأنه لو هلك لم يكن له أجر. وكل شيء إذا هلك لم يكن له أجر فله أن يحبسه حتى يأخذ الأجر (¬2). وكل شيء إذا هلك كان له الأجر (¬3) فليس له أن يحبسه، ولصاحبه أن يأخذه قبل أن يعطيه الأجر. أفلو حبس الصانع الثوب، (¬4) فهلك من عنده لم يضمن الثوب في قياس قول أبي حنيفة، وإنما يهلك بالأجر، ويبطل الأجر. وأما الحمال الذي يحمل على ظهره أو على (¬5) دابته أو في سفينة فحبس المتاع حتى يستوفي الأجر ولم يدفعه إلى صاحبه فهو ضامن إن هلك؛ لأنه خالف، ولأن الحبس لم يكن له. ولو أن الصباغ والقصار والصائغ والخياط والإسكاف عملوا العمل في بيت الذي استأجرهم لم يكن لهم أن يحبسوا المتاع بالأجر؛ لأنهم قد وجبت لهم حين فرغوا منه قبل أن يدفعوه إلى صاحبه. فلذلك اختلف. وهم ضامنون في قول أبي حنيفة لما جنت أيديهم فيما عملوا في بيت المستأجر مثل (¬6) ما يضمنون ما عملوا في بيوتهم؛ لأن الذي عمل أجير (¬7) مشترك. ولو كان استأجره يوماً ليخيط ثياباً في بيته لم يضمن ما جنت يده؛ لأنه ليس له أن يعمل غير ذلك العمل في يومه. وكذلك كل عامل يعمل بيده. وإذا استأجر الرجل خبازاً ليصنع له طعاماً في وليمة أو ولادة ليخبز له خبزاً شيئاً من ذلك معلوماً بأجر معلوم، فأفسد (¬8) الطعام وأحرقه أو لم ¬

_ (¬1) ص: الجمال. (¬2) م ف: الأجره. (¬3) ص: أجر. (¬4) الزيادة من ب. (¬5) ف: ظهرها وعلى. (¬6) م ص ف: بعمل. والتصحيح من الكافي، 1/ 212 و؛ والمبسوط، 16/ 24. (¬7) ص: أمر. (¬8) م: فأفسده.

ينضجه أو عمل فيه عملاً يكون فيه فساد، فإن هذا ضامن؛ لأنه أجير مشترك، وهذا من جناية يده. ولو لم يفسد الخباز ذلك ولكن رب الدار اشترى راوية (¬1) من ماء، فأمر صاحب البعير فأدخلها، فساق البعير في الدار، فعطب، فخَرّ على القدور، فكسرها، فأفسد الطعام، فلا ضمان على صاحب البعير؛ لأنه ساق فيها بأمر رب الدار. ولا ضمان على رب الدار في سياق ولا قِيَاد، ولا ضمان على الخباز فيما أفسد غيره من الطعام. وكذلك البعير لو كان سقط على صبي ابن رب الدار فقتله أو عبد لرب الدار فلا ضمان عليه. ولو أدخل الخباز بنارٍ ليطبخ بها فوقعت شرارة فاحترقت الدار والخبز فلا ضمان عليه؛ لأن له أن يدخل بالنار يعمل بها ما استؤجر له. ولا ضمان على رب الدار فيما احترق للسكان (¬2)؛ لأنه أدخل النار في ملكه. ¬

_ (¬1) م: رواوية. (¬2) ص: للساكن.

الأَصْلُ للإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَنْ الشَّيْبَانِيِّ (189 هـ - 805 م) تحقيق وَدرَاسَة الدكتور محمَّد بوينوكالن الجزء الرابع إصَدارَات وَزَارَة الأَوقاف وَالشّؤون الإسْلاَمية إدارَة الشّؤون الإسْلاَمّية دَولة قَطَر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ طبعه خاصة بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية دولة قطر الطبعَة الأولى 1433 هـ - 2012 م دار ابن حزم بيروت - لبنان - ص - ب 6366/ 14 هاتف وفاكس: 701974 - 300227 (009611) البريد الإلكتروني: [email protected] الموقع الإلكتروني: www.daribnhazm.com

الأَصْلُ للإمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَن الشَّيْبَانِيِّ (4)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

باب إجارة الفسطاط والخيمة والأوتاد والجرب والبيوت ومتاع مكة

باب إجارة الفسطاط (¬1) والخيمة والأوتاد والجُرُب (¬2) والبيوت ومتاع مكة وإذا استأجر الرجل فسطاطاً يخرج به إلى مكة ذاهباً وجائياً ويحج ويخرج من الكوفة في هلال ذي القعدة فهو جائز. وكذلك الخيمة والكَنِيسة (¬3) والرِّوَاق (¬4) والسرادق (¬5) والمَحْمِل (¬6) والجُرُب والجَواليق (¬7) والحبال والقِرَب (¬8) والأَدَاوِي (¬9) والفُرُش والبُسُط فهذا جائز كله. وإن تكارى الفسطاط ليخرج به إلى مكة حاجاً ذاهباً وجائياً ولم يسم متى يخرج به فإن هذا فاسد في القياس. ولكني أدع القياس وأجيزه ويخرج به كما يخرج الناس. ولو تخرق الفسطاط من غير خلاف ولا عنف لم يكن على المستأجر ضمان. ¬

_ (¬1) الفسطاط: الخيمة العظيمة. انظر: المغرب، "فسط". (¬2) جرب جمع جراب وهو وعاء الزاد، وهو مثل كتاب وكتب. انظر: مختار الصحاح، "جرب"؛ والمصباح المنير، "جرب". (¬3) تقدم تفسيره قريباً. (¬4) قال المطرزي: الرواق كساء مرسل على مقدم البيت من أعلاه إلى الأرض. ويقال: رَوْق البيت ورِواقه مقدمه. انظر: المغرب، "روق". لكن قال الفيروزآبادي: الرواق ككتاب وغراب: بيت كالفسطاط. انظر: القاموس المحيط، "روق". ولعله أنسب هنا. (¬5) السرادق ما يدار حول الخيمة من شُقَق بلا سقف. والسرادق أيضاً ما يمد على صحن البيت. وقال الجوهري: كل بيت من كُرْسُف سرادق. وقال أبو عبيدة: السرادق الفسطاط. انظر: المغرب، "سردق"؛ والمصباح المنير، "سردق". (¬6) تقدم تفسيره غير مرة. (¬7) الجِوالِق بكسر الجيم واللام وبضم الجيم وفتح اللام (أي جُوالَق) وكسرها (أي جُوالِق) وعاء، وجمعه جَوَالِق كصحائف، وجَوَالِيق وجُوالِقات. انظر: القاموس المحيط، "جلق". (¬8) جمع القِرية انظر: المصباح المنير،"قرب". (¬9) جمع الإداوة. انظر: لسان العرب، "أدو".

ولو لم يتخرق وقال المستأجر: لم أستظل (¬1) تحته ولم أضربه يوماً واحداً، وقد ذهب به (¬2) ورجع (¬3)، فسئل عن ذلك، فقال: استغنيت عنه وكان معي ما هو أخف منه، فإن الأجر عليه، وليس هذا بعذر، وليس يبرأ من الأجر. ولكن لو انقطعت أطنابه (¬4) فقال: لم أستطع نصبه، كان هذا عذراً، ولم يكن عليه الكراء إلا بقدر ما ضربه، والقول في ذلك قول المستأجر مع يمينه. وكذلك الخيمة. وكذلك المحمل ينكسر فلا يصلح أن يركب فيه فهو مثل ذلك. ولو احترق المحمل فقال المستأجر: لم أركب إلا يوماً، كان القول قوله مع يمينه، وليس عليه الكراء إلا بحساب ذلك. ولو أسرج (¬5) المستأجر سراجاً في الفسطاط حتى اسود الفسطاط من الدخان أو احترق فإني أنظر في ذلك. فإن كان أسرج كما يسرج الناس فلا ضمان عليه. وإن كان تعدى ذلك ضمنته بحساب ما أفسده منه، وكان عليه الكراء إذا كان ما بقي منه يسكن فيه. وإن كان احترق كله أو احترق منه ما لا يسكن فيما بقي منه فعليه الضمان، ولا كراء عليه منذ يوم لزمه الضمان. وإن (¬6) أوقد فيه فهو (¬7) مثل السراج أيضاً. وإن اشترط عليه صاحبه أن لا يوقد فيه ولا يسرج فيه فليس له أن يسرج ولا يوقد. فإن فعل ذلك ضمن، وعليه الأجر. وإن استأجر الرجل قُبّة (¬8) تركية بالكوفة كل شهر بأجر مسمى ليوقد فيها ويبيت فيها فهو جائز، ولا ضمان عليه إن احترقت من الوقود. وإن ¬

_ (¬1) م ص ف: لم أظل. (¬2) م - به. (¬3) ص: رجع. (¬4) الطُّنب بضمتين وسكون الثاني لغة: الحبل تشد به الخيمة ونحوها، والجمع أطناب. انظر: المصباح المنير، "طنب". (¬5) ص - أسرج؛ صح هـ. (¬6) ص: فإن. (¬7) م - فهو. (¬8) أي: خيمة كما تقدم.

أبات (¬1) فيها عبداً له أو ضيفاً له أيضاً فلا ضمان عليه؛ لأنه بمنزلته. وإنما هذا مثل المسكن يسكن فيه (¬2) من شاء (¬3). وكذلك الفسطاط في طريق مكة والخيمة. وإذا استأجر الرجل فسطاطاً من رجل يخرج به إلى مكة، فقعد هو وأعطى أخاه فحج (¬4) ونصبه واستظل فيه، فهو ضامن ولا أجر عليه؛ لأنه دفعه إلى غيره. وهذا قول أبي يوسف. وقال محمد: لا ضمان عليه، وعليه الأجر، ولو كان هو الذي خرج (¬5) به ثم أسكن فيه أخاه لم يضمن. والفسطاط مخالف للمسكن في هذا الوجه، لأنه يحول من موضع إلى موضع، في قول أبي يوسف. وقال محمد: هذا مثل خدمة العبد (¬6). وكذلك الخيمة والسرادق. ولو انقطعت أطناب الفسطاط كلها فصنعها المستأجر من عنده ثم نصب الفسطاط حتى رجع كان عليه الكراء كله. وإذا رجع أخذ أطنابه منه. ولو لم يعلق عليه الأطناب ولم ينصبه لم يكن له (¬7) عليه الكراء؛ لأن هذا عذر. والقول في ذلك قول المستأجر إذا كان منقطع (¬8) الأطناب. ولو انكسر عمود الفسطاط كان مثل ذلك أيضاً. ولو انكسرت أوتاده فلم يضربه حتى رجع كان عليه الكراء كاملاً. وليس الأوتاد مثل الأطناب والعمود؛ لأن ¬

_ (¬1) م: بات. (¬2) م ص - فيه. (¬3) م ص ف + فيه. (¬4) ف: يحج.، (¬5) م ص ف: اخرج. (¬6) ص - العبد. قال الحاكم: وقال [محمد]: سكناه وسكنى غيره سواء. ألا ترى أنه لو استأجر عبداً يخدمه في طريق مكة فاجره من غيره يخدمه لم يضمن. ألا ترى أنه لو أخرج الفسطاط فأسكن فيه غيره لم يضمن. انظر: الكافي، 1/ 212 ظ. ونحوه في المبسوط، 16/ 26. (¬7) ف - له. (¬8) ص: متقطع.

الأوتاد من قبل المستأجر، والأطناب والعمود من قبل صاحب الفسطاط. فلذلك اختلف. وإذا تكارى رجل فسطاطاً يخرجه إلى مكة ذاهباً وجائياً فخلْفه بالكوفة وخرج هو بنفسه حتى رجع فإنه ضامن، ولا كراء عليه، والقول في ذلك قوله مع يمينه بالله ما أخرجه؛ لأنه خالف حين خلّفه ووقع عليه الضمان. وكذلك إن أقام بالكوفة فلم يخرج ولم يدفع الفسطاط إلى صاحبه، فهو مثل الأول، لأنه لم يصل إلى صاحبه (¬1). وكذلك لو خقفه عند رجل وحمله إلى بيته أو تركه في منزله. [وكذلك لو خرج ودفع الفسطاط إلى غلامه فقال: ادفعه إلى صاحبه، فلم يدفعه حتى رجع المولى. وكذلك لو دفعه إلى حر] وقال للرجل الحر: احمله إلى صاحبه، فهو مثل الأول. [ولو حمله الرجل إلى صاحب الفسطاط فأبى أن يقبله برئ المستأجر] (¬2) والرجل (¬3) من الضمان، ولا أجر عليه. ولو هلك عند هذا الآخر قبل أن يحمله إلى صاحبه فإن صاحب الفسطاط بالخيار، يضمن أيهما شاء. فإن ضمن الوكيل رجع به على المستأجر. وإن ضمن المستأجر لم يرجع به على الوكيل. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. ولو أن المستأجر ذهب بالفسطاط إلى مكة ورجع فقال رب الفسطاط للمستأجر: احمله إلى منزلي، وقال المستأجر: بل احمله أنت إلى منزلك، فإن أبا حنيفة قال في هذا: الحمولة على رب المتاع في كل إجارة، وقال: الحمولة في العارية على المستعير. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وإذا لم يخرج بالفسطاط ولكنه خلفه بالكوفة ضمن وسقط عنه الأجر. فإن أراد رب الفسطاط أن يحمله إلى منزله واختلفا في ذلك فإن الحمولة على المستأجر؛ لأنه مخالف ضامن بمنزلة الغاصب. وقال أبو حنيفة: إذا استأجر الرجل الدابة من الكوفة إلى بلدة ¬

_ (¬1) ص ف - فهو مثل الأول لأنه لم يصل إلى صاحبه. (¬2) الزيادتان السابقتان من الكافي، 1/ 212 ظ. ونحو ذلك في المبسوط، 16/ 28. (¬3) م ف: والأجر؛ ص: والآخر. والتصحيح من المصدرين السابقين.

أخرى فقبضها وذهب صاحب الدابة فإن حبسها بالكوفة على قدر ما يحبسها الناس إلى أن يرتحل فلا ضمان عليه. وإن حبسها ما لا يحبس الناس مثله يومين أو ثلاثة أيام فهو ضامن لها. وهو قول أبي يوسف ومحمد. ولا كراء عليه. وكذلك الفسطاط وجميع ما يتكارى من بلد إلى بلد. وإذا استأجر رجلان فسطاطاً من الكوفة إلى مكة ذاهباً وجائياً بأجر معلوم فهو جائز. فإن اختلفا بمكة فقال أحدهما: أريد أن آتي البصرة، وقال الآخر: أريد أن أرجع إلى الكوفة، وأراد كل واحد منهما أن يأخذ الفسطاط من صاحبه، فإن دفعه الكوفي إلى البصري فذهب به إلى البصرة فلرب الفسطاط أن يضمن البصري قيمة الفسطاط إن هلك (¬1)، ولا أجر عليه. وإذا أراد رب الفسطاط أن يضمن الكوفي، فإن أقر الكوفي أنه أمره أن يذهب به إلى البصرة كان له أن يضمنه نصف قيمته، ولا أجر عليه، ويضمن البصري نصف قيمته (¬2)، ولا أجر عليهما في الرجعة. ولو قال الكوفي: لم آمره أن يذهب به إلى البصرة، ولكني دفعت إليه ليمسكه حتى يرتحل، فلا ضمان عليه بعد أن يحلف على ذلك بالله، ولا كراء عليه في رجعته. وإن ارتفعا إلى القاضي فقصا (¬3) عليه القصة واختصما في ذلك فإن القاضي يمنع البصري أن يذهب به إلى البصرة. وإن رأى القاضي أن يفسخ إجارة البصري ويؤاجر حصته من كوفي مع الكوفي الأول فهو جائز. وإن لم يجد من يستأجره فدفع الفسطاط إلى الكوفي فقال: نصفه معك بالإجارة الأولى، ونصفه معك وديعة حتى تُبلغه معك صاحبه، فهو جائز، وعلى الكوفي نصف الأجر، ولا أجر على البصري في الرجعة ولا ضمان. وإن لم يرتفعا إلى القاضي ولكنهما تشاجرا في ذلك ودفعه البصري إلى الكوفي فرجع به إلى الكوفة فالكراء عليهما جميعاً، على البصري نصفه. وإن ارتفعا إلى ¬

_ (¬1) ص: إذا هلك. (¬2) ف - ولا أجر عليه ويضمن البصري نصف قيمته. (¬3) ف: فقصى.

القاضي فسمع مقالتهم وأبى أن يحكم بينهما لغيبة صاحب الفسطاط فدفعه البصري إلى الكوفي فهو على الجواب الأول. وإن غصبه الكوفي غصباً فجاء به إلى الكوفة فعلى الكوفي حصته من الأجر ذاهباً وجائياً، وعلى البصري أجره ذاهباً، وليس عليه في الرجعة أجر، ولا ضمان على الكوفي في حصة نفسه. فأما حصة البصري فإنه يضمن؛ لأنه غاصب فى ذلك. ولو ارتفعا إلى الحاكم بمكة وأقاما البينة على قصتهما وحلف البصري على ما يريد من الرجعة إلى البصرة فإن عمل القاضي في ذلك بشيء مما وصفت لك فهو جائز. وإن ترك ذلك فلم ينظر فيما بينهما فهو موسع عليه في ذلك؛ لأن رب الفسطاط غائب. وإذا تكارى الرجل فسطاطاً من الكوفة إلى مكة ذاهباً وجائياً ثم خرج إلى مكة ثم خلفه بمكة ورجع فعليه الكراء ذاهباً، وهو ضامن لقيمة الفسطاط يوم خلفه. فإن ضمنه القيمة كان الفسطاط له. ولو لم يضمنه ولم يختصما حتى حج من قابل ورجع بالفسطاط فلا أجر عليه في الرجعة، وإنما الأجر عليه في البدأة (¬1) في هذا، وسقط عنه الأجر في الرجعة؛ لأنه لم يستأجره إلا في العام الماضي، وقد خالف وضمن. وكل مستأجر فسطاط أو ثوب أو متاع أو حيوان أو عقار بذهب أو فضة، ففسد حتى لا ينتفع به أو غصبه سلطان أو غيره، فلا أجر على المستأجر منذ يوم كان ذلك، وعليه الأجر فيما مضى قبل ذلك. والقول فيه قول المستأجر إذا اختصما يوم يختصمان، وهو على مثل ما وصفنا من الهلاك والفساد والغصب مع يمينه بالله على ذلك. فإن قامت لرب المتاع بيِّنة أنه قد استعمله بأكثر مما قال المستأجر أخذت ببيِّنته، ولا أقبل بيِّنة المستأجر على خلاف ذلك؛ لأن القول قول المستأجر في ذلك، والبيِّنة على رب المتاع. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابتين من رجلين صفقة واحدة بعشرة ¬

_ (¬1) م ص ف: في البدأ. وقد تقدمت الكلمة كما أثبتناها غير مرة. انظر: 2/ 160 و، 167 ظ.

باب الإجارة الفاسدة وما لا يجوز منها

دراهم ليحمل عليهما عشرين مختوماً فحمل على كل واحد عشرة مخاتيم؟ قال: يقسم الأجر على أجر مثل كل دابة منها فيعطيه صاحبه. باب الإجارة الفاسدة (¬1) وما لا يجوز منها قال محمد: إذا استأجر الرجل ألف درهم بدرهم كل شهر يعمل بها أو كل يوم فإن هذا فاسد لا يجوز، ولا يكون (¬2) عليه أجر في ذلك، ويكون عليه الضمان. وكذلك الدنانير (¬3). وكذلك لو استأجر حنطة أو شعيراً. وكذلك الكيل والوزن كله. ويكون على المستأجر الضمان في ذلك؛ لأن الإجارة وقعت على فساد (¬4)، فصار بمنزلة العارية، والعارية قرض. وإذا استأجر الرجل ألف درهم ليزن بها دراهم يوماً إلى الليل بأجر مسمى فهو جائز. وكذلك الدنانير. وكذلك لو استأجر حنطة مسماة ليعيّر (¬5) بها مكاييل له يوماً إلى الليل بأجر معلوم فإن هذا جائز؛ لأنه عمل يعمل به، وهذا بمنزلة الإناء يستأجره الرجل يعمل به أو الثوب يلبسه. وقال أبو حنيفة: إذا استأجر الرجل نصف دار غير مقسوم فإنه فاسد لا يجوز؛ لأنه لا يقدر على أن ينتفع به. وقال أبو يوسف ومحمد: هو ¬

_ (¬1) م ص ف: إجارة الفاسد. والتصحيح من ب، ومن الكافي، 1/ 213 و؛ والمبسوط، 16/ 31. (¬2) ص ف: لا يكون. (¬3) ف - وكذلك الدنانير. (¬4) م: على فساده. (¬5) عيرت الدنانير تعييراً امتحنتها لمعرفة أوزانها. وعايرت المكيال والميزان معايرة وعِياراً امتحنته بغيره لمعرفة صحته. وعِيار الشيء ما جُعل نظاماً له. قال الأزهري: الصواب عايرت المكيال والميزان، ولا يقال: عيرت إلا من العار، هكذا يقول أئمة اللغة. وقال ابن السكيت: عايرت بين المكيالين امتحنتهما لمعرفة تساويهما، ولا تقل: عيرت الميزانين، وإنما يقال: عيرته بذنبه. انظر: المغرب، "عير"؛ والمصباح المنير، "عير".

جائز يتهايأ هو وشريكه، ويجبران على ذلك. وكذلك إجارة نصف عبد أو نصف دابة. وقال أبو حنيفة: إن استأجر نصيباً في دار غير مسمى (¬1) فإنه لا يجوز. وكذلك العبد والدابة والأرض. وكذلك قال أبو يوسف. ثم رجع عن هذا، وقال: هو جائز إذا علم كم (¬2) النصيب، إن شاء أخذ، وإن شاء ترك. وهو قول محمد. وإذا استأجر الرجل مائة ذراع مكسَّرة (¬3) من هذه الدار أو جَرِيبين من هذه الأرض فإنه لا يجوز في قول أبي حنيفة. وهو جائز في قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: لا تجوز إجارة النخل والشجر والكرم، يقول الرجل للرجل: أستأجر منك هذا النخل والشجر والكرم (¬4) عشر سنين بكذا كذا درهماً (¬5)، فما أثمر فهو لي. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. وكذلك ألبان الغنم وأصوافها وسمونها وأولادها. وقال أبو حنيفة: إذا استأجر الرجل أرضاً فيها زرع أو رَطْبَة (¬6) أو شجر أو قصب أو كرم يمنع ذلك من الزراعة فإن الإجارة فاسدة لا تجوز. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. ¬

_ (¬1) ص: مسماة. (¬2) ص: علمكم. (¬3) الذراع من المرفق إلى أطراف الأصابع، ثم سمي بها الخشبة التي يذرع بها، والمذروع أيضاً مجازاً. والذراع المكسَّرة ست قبضات، وهي ذراع العامة، وإنما وصفت بذلك لأنها نقصت عن ذراع المَلِك بقبضة، وهو بعض الأكاسرة لا الأخير، وكانت ذراعه سبع قبضات. انظر: المغرب، "كسر". (¬4) ف - يقول الرجل للرجل أستأجر منك هذا النخل والشجر والكرم؛ صح هـ. (¬5) ص: درهم. (¬6) نوع من العلف كما تقدم غير مرة.

وقال أبو حنيفة: لا تجوز إجارة الآجام (¬1) والأنهار للسمك ولا لغيره. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: لو استأجر رجل بئراً شهراً يسقي منها أرضه أو غنمه هذه لم يجز. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. وكذلك النهر والعين. وإذا كان للرجل شرب في نهر وأجره من رجل بأجر معلوم فإنه لا يجوز؛ لأنه غرر مجهول لا يعرف. وقال أبو حنيفة: إن استأجر الرجل عبداً كل شهر بأجر مسمى وطعامه لم يجز ذلك. وكذلك رزقه. وكذلك الدابة يستأجرها الرجل بأجر مسمى يوماً أو شهراً بعلفها فإنه فاسد لا يجوز. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. وكان أبو حنيفة يقول: لا يجوز في شيء من هذا الطعام والرزق إلا في الظئر. وكان أبو يوسف ومحمد لا يجيزان ذلك في الظئر ولا في غيرها. وكذلك الرجل يستأجر الدار ويشترط عليه رب الدار تطيينها ومَرَمَّتَها وتجصيصها أو تعليق (¬2) باب على بعض (¬3) بيوتها أو إدخال جذع في بعض السقوف فإن هذا فاسد لا يجوز؛ لأنه مجهول. وكذلك الرجل يستأجر الأرض ويشترط عليه رب الأرض أن يَكري (¬4) فيها نهراً أو يضرب عليها مُسَنَّاة (¬5) أو يُسَرْقِنها أو يحفر فيها بئراً فإن ذلك فاسد لا يجوز. ولا يجوز أن يستأجر الرجل أرضاً ليزرعها وفيها ماء أو رَطْبَة أو قصب أو شجر يمنعها ذلك من الزرع. ¬

_ (¬1) الآجام جمع الأَجَمَة، وهي في الأصل الشجر الملتف، لكن المقصود هنا البَطِيحَة التي هي منبت القصب. انظر: المغرب، "أجم". (¬2) ف: وتعليق. (¬3) ص: على أحد. (¬4) كري النهر حفره كما تقدم. (¬5) المسنّاة حائط يبنى في وجه الماء، ويسمى السد. انظر: المصباح المنير، "سنن".

وإذا استأجر الرجل أرضاً وشرط على صاحبها أن يكون له ما فيها من الزرع إذا انقضت (¬1) الإجارة فإن هذا فاسد لا يجوز؛ لأنه مجهول. وكذلك لو اشترط عليه أن يدفعها إليه مكروبة (¬2) فهو سواء. ولو أن رجلاً دفع إلى رجل أرضاً يغرس فيها شجراً أو كرماً على أن ما غرس فيها من شيء فلرب الأرض نصف الشجر ونصف الأرض، ونصف الأرض (¬3) ونصف الشجر للغارس كان هذا باطلاً لا يجوز، من قبل الشركة التي دخلت، ومن قبل أنه لا يدرى ما يغرس فيها. فإن فعل فالشجر كله لرب الأرض، وعليه قيمة الشجر، وأجر ما عمل، ولا آمره أن يقطع الشجر لما يدخل (¬4) ذلك من الفساد عليهما جميعاً. ولو كانا قد أكلا الغلة على هذا الشرط حاسب الغارس بما أكل من هذه الغلة في الأجر. وإذا دفع الرجل غَزْلاً إلى حائك لينسجه بالنصف أو بالثلث أو الربع فنسجه فإن أبا حنيفة قال: هذا فاسد لا يجوز. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد مِن قِبَل الشركة، ومِن قِبَل أن الأجر مجهول. ألا ترى أني إذا أمضيت هذا بينهما جعلت له أجراً على هذا فيما يعمل لنفسه. وكذلك الطعام يحمله الرجل في السفينة أو على دابة بالنصف فإنه لا يجوز في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: له أجر مثله، ولا أجاوز به قيمة النصف من ذلك. وهو قول (¬5) محمد. وإذا كان طعام بين رجلين استأجر أحدهما صاحبه ليطحنه أو ليحمله فإن أبا حنيفة قال: هذا فاسد لا يجوز مِن قِبَل الشركة. وكان يقول: لا يأخذ أجراً على شيء هو فيه شريك. وكذلك الغَزْل والغنم يكون بين الرجلين يرعاها أحدهما بأجر أو ينسج الغزل وهو بينهما بأجر معلوم فإن ¬

_ (¬1) ف: إذا انتقضت. (¬2) كَرَبَ الأرض كِراباً: قَلَبَها للحرث، من باب طلب. انظر: المغرب، "كرب". (¬3) ف - ونصف الأرض. (¬4) ص + في. (¬5) ص + أبي.

ذلك كله فاسد لا يجوز، ولا أجر له. وإذا دفع الرجل طعاماً إلى طحان ليطحنه بدرهم وقفيز من دقيقه فإن أبا حنيفة قال: هذا فاسد لا يجوز مِن قِبَل أنه اشترط دقيقاً لم يخرج بعد، ومِن قِبَل أنه اشترط دقيقاً من شيء يطحنه هو، فيكون له فيه نصيب. وكذلك لو قال: اطحنه بالنصف أو بالثلث أو بالربع وبزيادة فى راهم. ولو أن رجلاً دفع طعاماً له (¬1) إلى رجل ليحمله إلى رحى الماء في موضع معلوم بدرهم على أن يسلمه فيطحنه بأجر معلوم كان جائزاً. فإن طحنه في الرحى بشيء من دقيقه فإنه لا يجوز، وللطحان أجر مثله، ولا أجاوز به قيمة ما سمى من الدقيق. ولو كان الرجل الذي (¬2) حمل الطعام استأجر الرحى بأجر معلوم على أن يلي هو القيام عليه كان (¬3) جائزاً. وإن كان الأجر دقيقاً أوطعاماً ولم يشترط من دقيق هذه الحنطة كان جائزاً. ولو أعطاه من ذلك الأجر كان جائزاً بعد أن لا يكون اشترط ذلك حين استأجره. ولو أن رجلاً استأجر رحى ماء على أنه إن (¬4) انقطع الماء فالأجر عليه فإن هذا فاسد لا يجوز. وإذا استأجر الرجل كتباً ليقرأ فيها فإنه لا يجوز شعراً كانت أو فقهاً أو غيره، ولا تجوز الإجارة فيها. وكذلك إجارة المصاحف يستأجرها الرجل يقرأ (¬5) فيها فإنه فاسد لا يجوز. وإن سمى لذلك يوماً معلوماً أو شهراً معلوماً فإنه لا يجوز، ولا أجر له إن قرأ. وقال أبو حنيفة: لا يجوز أن يستأجر الرجل رجلاً ليُعلِّم له ولده القرآن أو يستأجر الرجل الرجل يؤمهم في رمضان. وكذلك لا تجوز الإجارة على الأذان ولا على تعليم القرآن ولا على الصلاة. ¬

_ (¬1) م ص - له. (¬2) ص - الذي؛ صح هـ. (¬3) ص + ذلك. (¬4) م - إن. (¬5) م: يقر.

أبو يوسف عن أشعث بن سوار عن أبيه عن عثمان بن أبي العاص قال: كان من آخر ما عهد إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "صل بالقوم صلاة أضعفهم، وأن اتَّخِذْ (¬1) مؤذناً لا يأخذ على الأذان أجراً" (¬2). وقال أبو حنيفة: لا تجوز الإجارة على الغناء والنوح. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: لا تجوز الإجارة على شيء من اللهو والمزامير أو الطبل. ولا تجوز الإجارة على الحداء ولا على قراءة شعر ولا غيره. ولا تجوز الإجارات في شيء من الباطل. وإن أعطى المستأجر شيئاً من اللهو يلهو به فضاع أو انكسر فلا ضمان عليه. وإذا استأجر الرجل الذمي من المسلم بِيعة يصلي فيها فإن ذلك لا يجوز؛ لأن هذا معصية. وكذلك لو استأجرها ذمي من ذمي. وكذلك الكنيسة وبيت النار. وكذلك المسلم يستأجر من المسلم مسجداً يصلي فيه فإن هذا باطل لا يجوز؛ لأن هذا لله طاعة، ولا تصلح الإجارة فيه. والصلاة المكتوبة والنافلة في ذلك سواء. ألا ترى لو أن رجلاً استأجر رجلاً يصلي بهم مكتوبة أو نافلة لم تجز الإجارة في ذلك. وكذلك الأذان. وكذلك أهل الذمة يستأجرون (¬3) الرجل من أهل الذمة يصلي بهم فإنه لا يجوز؛ لأن هذا معصية. واليهودي والنصراني والمجوسي وغيرهم من أهل الكفر في ذلك سواء. وكذلك لو استأجروا رجلاً يضرب لهم بالناقوس لصلاتهم فإنه لا يجوز؛ لأن هذا معصية. ¬

_ (¬1) م ص: وإن اتخذت. (¬2) سنن ابن ماجه، الأذان، 3؛ وسنن أبي داود، الصلاة، 39؛ وسنن الترمذي، الصلاة، 41؛ وسنن النسائي، الأذان، 32. وقد صححه الترمذي. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 4/ 139 - 140. (¬3) ص: يستأجروا.

وإذا استأجر الرجل الذمي من المسلم بيتاً ليبيع فيه الخمر فإن هذا باطل لا يجوز. وليس في شيء من (¬1) هذا أجر قليل ولا كثير في قول أبي يوسف ومحمد. وكذلك رجل ذمي استأجر رجلاً مسلماً يحمل له خمراً فإن أبا يوسف ومحمداً قالا: لا يجوز ذلك، ولا أجر له. وقال أبو حنيفة: هو جائز، وله الأجر. وقال أبو حنيفة: هو مثل رجل حمل لرجل ميتة أو عذرة أو جيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يشبه هذا الميتة ولا الجيفة، إنما يحمل الميتة لتلقى (¬2) أو ليماط أذاها، وأما (¬3) الخمر إنما يحمل للشرب والمعصية. وكذلك (¬4) الدابة في هذا يستأجرها الذمي من المسلم (¬5) ليحمل عليها خمراً. وكذلك السفينة فهو مثل ذلك. وإن استأجره ذمي من ذمي يحمل له خمراً فهو جائز، أو استأجر منه بيتاً ليبيع فيه الخمر فهو جائز. وكذلك دابته وسفينته. وكذلك لو استأجره يرعى له خنازير. ولو استأجره ليبيع له ميتة لم يجز (¬6). وكذلك لو استأجره ليبيع له دماً لم يجز؛ لأن هذا ليس ببيع وليس له ثمن. وإذا استأجر الذمي من المسلم داراً ليسكنها فلا بأس بذلك. فإن شرب فيها الخمر أو عبد فيها الصليب أو أدخل فيها الخنازير لم يلحق المسلم من ذلك شيء من الإثم؛ لأنه لم يؤاجرها لذلك. والإجارة جائزة لازمة له (¬7). وكذلك لو اتخذ فيها بيعة أو كنيسة أو بيت نار بعد أن يكون ذلك بالسواد فإن الإجارة جائزة، ولا يلحق المسلم من ذلك شيء. وكذلك لو باع فيها الخمر. وكذلك هذا في الأمصار. غير أني أحول بين أهل الذمة وبين أن ¬

_ (¬1) ص - شيء من. (¬2) م - لتلقى. (¬3) م: فأما. (¬4) م: فكذلك. (¬5) ص: من مسلم. (¬6) ف - وكذلك لو استأجره يرعى له خنازير ولو استأجره ليبيع له ميتة لم يجز. (¬7) ف - له.

يتخذوا في الأمصار أمصار المسلمين الكنائس والبيع، وأن يبيعوا فيها الخمر. محمد عن أبي يوسف عن ليث بن سعد عن توبة بن نمر (¬1) الحضرمي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا خصاء في الإسلام ولا كنيسة" (¬2). محمد عن أبي يوسف عن شيخ من أهل الشام عن مكحول أن أبا عبيدة بن الجراح صالحهم بالشام على أن يخلي عن كنائسهم القديمة، وعلى أن لا يتخذوا كنيسة (¬3). وهذا تفسير الحديث الأول. معنى ذلك عندنا (¬4) أن لا تتخذ كنيسة في مصر من أمصار المسلمين. وإذا استأجر الرجل المسلم من المسلم بيتاً ليصلي فيه في رمضان فإن ذلك لا يجوز، ولا أجر له. وكذلك لو اشترطوا أن يصلي فيه المكتوبة. وكذلك الرجل يستأجر الرجل ليقتل له رجلاً أو ليشجه أو ليضربه ظلماً فإن ذلك لا يجوز، ولا أجر له. وكذلك كل إجارة وقعت من رجل إلى رجل في مظلمة فإن الإجارة في ذلك فاسدة، ولا أجر له. ولو أعطاه الذي استأجره سلاحاً ليضرب به رجلاً أو ليقتل به رجلاً فضاع ذلك أو انكسر لم يكن عليه ضمان. ولو أن قاضياً من قضاة المسلمين استأجر رجلاً ليضرب حدًّا قدامه أو ليقتص من رجل أو ليقطع يد رجل أو ليقوم عليه في مجلس القضاء شهراً بأجر معلوم فإن الإجارة جائزة، وله الأجر إذا كان استأجره ليقوم عليه كل ¬

_ (¬1) م ص: بن نهر. (¬2) روي مرفوعاً وموقوفاً. انظر: الأموال لأبي عبيد، 123؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 10/ 24؛ والكامل لابن عدي، 3/ 361؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 453؛ والدراية لابن حجر، 2/ 135؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 4/ 129. (¬3) روي عن ابن سراقة أن أبا عبيدة ابن الجراح كتب لأهل دير طَبَايَا: أني أمنتكم على دمائكم وأموالكم وكنائسكم أن تهدم. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 6/ 468. وطبايا موضع يقع اليوم بلبنان. (¬4) ف - عندنا.

شهر بشيء (¬1) معلوم، فإن ذلك جائز، ويدخل في ذلك القصاص وضرب الحدود وغير ذلك. ولو استأجره لإقامة الحدود خاصة وللقصاص خاصة فإن ذلك لا يجوز. ولو فعل شيئاً من ذلك أو ضربه كان عليه أجر مثله. ولو استصحبه على أن يجعل له رزقاً كل شهر فإن هذا جائز. وكذلك قاسم القاضي إذا كان استأجره ليقسم له كل شهر بأجر مسمى فهو جائز. محمد عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن يحيى عن (¬2) علي بن أبي طالب أنه كان له قاسم يقسم له بالأجر (¬3). ولو أن رجلاً قضى له بالقصاص في قتل فاستأجر رجلاً فقتل لم أجعل له أجراً؛ لأن هذا ليس بعمل. ولو أن رجلاً استأجر رجلاً (¬4) يغزو عنه أبطلت ذلك ولم أجزه. ولو أن رجلاً أتى كاحلاً فشارطه على أن يكحل (¬5) عينه (¬6) شهراً بدرهم أجزت ذلك. وكذلك الدواء في كل داء. وإذا استأجر رجل من رجل فحلاً ليُنْزِيَه فإن ذلك باطل لا يجوز، والفحولة في ذلك كله سواء للأثر الذي جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. محمد عن أبي يوسف عن ابن أبي ليلى عن عطاء عن أبي هريرة عن ¬

_ (¬1) ص: بأجر. (¬2) م ص ف: بن. والتصحيح من كتاب القسمة. انظر: 2/ 58 و. وقد نسب الحاكم والسرخسي أيضاً هذا إلى علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -. انظر: الكافي، 1/ 213 ظ؛ والمبسوط، 16/ 40. (¬3) روي القول بجواز ذلك عن ابن سيرين أيضاً كما علقه البخاري عنه. انظر: صحيح البخاري، الإجارة، 16؛ وفتح الباري لابن حجر، 4/ 454. ورويت كراهته عن بعض الصحابة والتابعين. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 115؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 475. (¬4) م ص + فقتل لم أجعل له أجرا لأن هذا ليس بعمل ولو أن رجلا؛ م + استأجر رجلا. (¬5) كَحَلَ عينَه كَحْلاً من باب طلب، وكَحَّلَها تكحيلاً، مثله. انظر: المغرب، "كحل". (¬6) ص: عنه.

النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من السحت كسب الحجام ومهر البغي وثمن الكلب" (¬1). محمد عن أبي يوسف عن عطاء بن السائب عن ابن أبي نُعْم (¬2) بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن عَسْب (¬3) التيس وقفيز الطحان (¬4). وقال أبو حنيفة: إذا استأجر رجل رجلاً يعلم ولده القرآن كل شهر بأجر (¬5) معلوم فإنه لا يصلح ولا يحل. وكذلك لو اشترط عليه أن يعلمه (¬6) كل سورة من القرآن بكذا وكذا. وكذلك لو اشترط عليه أن يعلمه الفقه والفرائض. وقال أبو حنيفة: لا تجوز الإجارة على تعليم الغناء والنياحة. ومن استأجر نائحة أو مغنية فهو عاص ولا أجر لها. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. ¬

_ (¬1) روي عن أبي هريرة في سنن النسائي، البيوع، 94؛ وصحيح ابن حبان، 11/ 315، وسنن الدارقطني، 723 - 73. وعن رافع بن خديج في صحيح مسلم، المساقاة، 40 - 41؛ وسنن أبي داود، البيوع، 38؛ وسنن الترمذي، البيوع، 46؛ وسنن النسائي، البيوع، 94. وانظر لتفصيل طرقه ونقدها: نصب الراية للزيلعي، 4/ 52؛ والدراية لابن حجر، 2/ 161. (¬2) م ص: ابن أبي نعيم. (¬3) م ص ف: عن عسيب. (¬4) روي من طريق ابن أبي نُعْم عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - بلفظ: عسب الفحل. انظر: سنن الدارقطني، 3/ 47؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 5/ 339. وفي مسند أبي يعلى، 2/ 301 بلفظ: عسب الفرس. وانظر للتفصيل والنقد: نصب الراية للزيلعي، 4/ 140؛ والدراية لابن حجر، 2/ 190. والنهي عن عسب الفحل فقط ورد في الصحيح. انظر: صحيح البخاري، الإجارة، 21. وقد فسر المؤلف "قفيز الطحان" فيما سبق بقوله: وإذا أسلم الرجل حنطة إلى طحان يطحنها بدرهم وربع دقيق منها فإن أبا حنيفة -رحمه الله- قال: هذا فاسد، لأن دقيق هذه الحنطة مجهول. وهذا عندنا تفسير الحديث الذي ذكر في صدر هذا الكتاب، قوله: "قفيز الطحان". انظر: 2/ 122 و. (¬5) ص: بأجل. (¬6) م: أن يعمله.

وقال أبو حنيفة: من أسلم غلاماً إلى معلم واشترط عليه أن يحذّقه فإن هذا فاسد لا يجوز؛ لأن التحذيق مجهول لا يعرف. وكذلك لو اشترط عليه في أشهر مسماة. وقال أبو حنيفة: لا يجوز أجر السمسار وإن اشترط على كل ثوب أجراً مسمى أو على كل ألف درهم أجراً مسمى؛ لأن شراءه ذلك مجهول لا يعرف وقته (¬1) كم يكون. وقال أبو حنيفة: لا يجوز أجر الزمّار ولا أجر الطبال ولا شيء مما يغنى به (¬2)، ولا تحل إجارته ولا تصلح. وقال أبو حنيفة: كل إجارة فيها رزق الغلام أو علف الدابة فإنه فاسد لا يجوز؛ لأن هذا مجهول. إلا أنه كان يستحسن ذلك في باب واحد، في طعام الظئر فإنه كان أبو حنيفة (¬3) يجيزه. وقال أبو يوسف ومحمد: الظئر وغيرها سواء، وهو فاسد. وإذا أراد أن يعامل السمسار معاملة صحيحة جائزة استأجره (¬4) يوماً إلى الليل يشتري له بأجر مسمى أو أياماً مسماة، أو يشتري له بغير أجر ولا يشترط ثم يعوضه على قدر ذلك ولا يزيد ذلك على المتاع. وإذا أراد أن يصحح العلف والطعام حتى لا تفسد (¬5) فيه الإجارة جعله دراهم مسماة فيجوز ذلك. وإذا استأجر أرضاً بدراهم مسماة وشرط خراجها على المستأجر فإن هذا فاسد لا يجوز؛ لأن الخراج مجهول لا يعرف. وكذلك لو أجرها بالنصف وشرط أن الخراج عليه كان ذلك فاسداً لا يجوز. وكذلك لو أخذها ¬

_ (¬1) م + فيه. (¬2) ص: يعتا به. (¬3) ص - أبو حنيفة. (¬4) م ص: فاستأجره. (¬5) ص: لا يفسد.

على أن يزرعها بغير أجر إلا أن صاحبها شرط عليه أن يؤدي خراجها كان فاسداً؛ لأنه مجهول لا يعرف. وكذلك لو اشترط (¬1) عليه أن يُسَرْقِنها أو يَكري (¬2) فيها نهراً أو يبني عليها حائطاً. وكذلك لو كانت داراً فشرط (¬3) عليه رب الدار أن يُطيّنها أو يُجضصها أو يغلق عليها بابأ كان ذلك فاسداَ. وكذلك لو كانت أرضاً فأجرها واشترط عليه رب الأرض العشر كان فاسداً. وكذلك لو أجر أرضاً بالنصف وبزيادة دراهم كان فاسداً؛ لأنه مجهول ولأنه شرطان. وهذا كله قول أبي حنيفة. وقال أبو حنيفة: لو أسلم ثوباً إلى خياط يخيطه قميصاً على أنه إن فرغ منه اليوم فله درهم، وإن فرغ منه الغد فله نصف درهم، فإن الأجر الأول جائز، والأجر الآخر فاسد، وله أجر مثله، ولا أجاوز به درهماً، ولا أنقصه من نصف درهم. وقال أبو يوسف ومحمد: هما جائزان جميعاً. وقال أبو حنيفة: إذا استأجر الرجل أرضاً سنة بخادم بغير عينها أو ببعير أو ببقرة أو بشيء من الحيوان أو بثوب من الثياب فإن هذا فاسد لا يجوز وإن سمى جنساً من الثياب، لأنه مجهول. وإن سمى شيئاً من الكيل أو الوزن فسمى كيله أو وزنه ولم يسم صفته فإنه لا يجوز. وإن سمى صفته فهو جائز. وكذلك الذهب التِّبْر والفضة التِّبْر والنحاس والحديد والرصاص. فأما الدراهم والدنانير والفلوس فإذا سمى كذا كذا درهماً أو كذا كذا ديناراً أو كذا كذا فلساً فهو جائز، وله نقد البلد ووزنهم. وإن كان وزنهم مختلفاً فهو فاسد حتى يبين وزنهم. وإذا استأجر رجل داراً أو دابة أو غلاماً أو أرضاً بدراهم مسماة عدداً بغير عينها (¬4) وبغير وزن فإن هذا فاسد لا يجوز؛ مِن قِبَل أن وزن العدد ¬

_ (¬1) ص: لو شرط. (¬2) ص: أو يجري. (¬3) م: يشرط. (¬4) ف: أعيانهم.

مختلف. ولو كانت الدراهم قائمة بعينها فاستأجر بها كان جائزاً. ولو استأجره بمائة درهم عدداً مما يدخل في المائة خمسة كان هذا جائزاً؛ لأنه قد سمى الوزن. وإذا استأجر رجل رجلاً ليكتب له مصحفاً أو فقهاً معلوماً بأجر مسمى (¬1) فهو جائز، وليس هذا كتعليم القرآن. ولو استأجر رجل رجلاً ليكتب له نَوْحاً أو شعراً أو غناءً معلوماً بأجر مسمى لزمه ذلك، وكان جائزاً، ولا يشبه هذا التعليم. وقال أبو حنيفة: إذا استأجر الرجل رجلاً يعمل له عملاً هو بينهما ففعله فلا أجر له؛ لأن العمل بينهما، فلا يكون له أجر في عمل له نصفه. ولو استأجره على أن يخيط ثوباً بينهما أو متاعاً لم يكن له أجر في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: لو استأجر منه نصيبه من دار أو من عبد أو من دابة أو سفينة أو أرض أو بيت فهذا جائز، ولا يشبه هذا الباب الأول. وإذا استأجر الوصي نفسه يعمل لليتيم الذي هو وصيه فلا يجوز. وكذلك عبده والأب يستأجر نفسه لعمل يعمله (¬2) لابنه أو عبده أو أم ولده أو مدبره (¬3) فإنه [لا] (¬4) يجوز ذلك. والوصي يستأجر من نفسه عبداً ليتيم ليعمل (¬5) ليتيم آخر هو في حجره وهو وصيهما جميعاً فإنه لا يجوز. وأجر الأب في عمل ابنه الصغير جائز. والرجل عنده عبد وديعة فيستأجر نفسه ليقوم على ذلك العبد أو يكون عنده متاع فيستأجر نفسه لإصلاح ذلك المتاع فإن ذلك لا يجوز. وكذلك الرهن. وكذلك الصبي يؤاجر نفسه لا يجوز، وإن عمل أوجبت له الأجر. وكذلك العبد المحجور ¬

_ (¬1) ف - بأجر مسمى. (¬2) م ص: يعمل. (¬3) ص: أو مدبرته. (¬4) الزيادة مستفادة من ب؛ والكافي، 1/ 213 ظ. (¬5) ف: يعمل.

عليه يؤاجر (¬1) نفسه أنه لا يجوز. وإن عمل وأخذ الأجر فإنه لمولاه. وقال أبو حنيفة: إذا استأجر الرجل الدابة ولم يسم ما يحمل عليها فإن اختصموا في ذلك قبل أن يحمل الحمل أفسدت الإجارة. فإن حمل عليها أجزت الإجارة وجعلت عليه (¬2) الأجر الذي سمى له. وكذلك العبد يستأجره الرجل ولم يسم لما يستأجره. وقال أبو حنيفة: لا تجوز إجارة الدراهم والدنانير. وإذا استأجر الرجل نهراً يابساً ليجري فيه (¬3) الماء إلى أرضه أو إلى رحى ماء فإن هذا فاسد لا يجوز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك رجل استأجر بالوعة ليصب فيها وضوءه (¬4) وبوله فإنه لا يجوز. وكذلك لو استأجر مسيل ماء ليسيل فيه ماء ميزابه فإنه لا يجوز. وكذلك الرجل يستأجر بئراً ليسقي منها غنمه وإبله كل شهر بأجر مسمى فإن ذلك لا يجوز. وكذلك العين في هذا والنهر. ولو أجره بَكَرَة (¬5) ودلواً وحبلاً ليسقي بها غنمه هذه أو إبله (¬6) فإن هذا فاسد لا يجوز؛ لأن هذا ليس على الشهر ولا على سقي الغنم. وإن كان استأجرها ليسقي بها الشهر كله فهو جائز. وإذا استأجر الرجل من الرجل موضع جذع يضعه في حائط له فإن هذا فاسد لا يجوز. وكذلك لو استأجر منه حائطاً له ليبني عليه سترة فإن هذا فاسد لا يجوز. ولو استأجر الرجل طريقاً في دار ليمر فيه كل شهر بشيء مسمى فإن هذا فاسد لا يجوز في قياس قول أبي حنيفة. ألا ترى أن أبا حنيفة قال: لو أن رجلاً استأجر نصف دار أو ثلثها أو ربعها أو سهماً من سهامها فإنه لا ¬

_ (¬1) م - يؤاجر؛ صح هـ. (¬2) ف - عليه. (¬3) ف - فيه. (¬4) م: وضو. (¬5) البَكَرَة والبَكْرَة بفتح الكاف وإسكانها ما يستقى عليها. انظر: المصباح المنير، "بكر". (¬6) م ص ف: وإبله. والتصحيح من ب.

يجوز. وكذلك الطريق (¬1). وإذا استأجر الرجل علو منزل ليبني عليه فإن هذا جائز في قول أبي يوسف ومحمد، ولا يجوز في قياس قول أبي حنيفة. وإذا استأجر الرجل موضع كُوّة في حائط لرجل يدخل عليه منها الضوء والرَّوْح (¬2) فإن هذا فاسد لا يجوز. وكذلك لو استأجر موضع وَتِد في حائط يعلق به شيئاً فإنه لا يجوز؛ مِن قِبَل أنه ليس معه أرض. ولو استأجر رجل من رجل موضع ميزاب في حائط لم يجز ذلك. وقال أبو حنيفة: إذا استأجر الرجل رجلاً يعمل له عملاً معلوماً اليوم (¬3) إلى الليل بدرهم خياطة أو صياغة أو خِبازة (¬4) أو غير ذلك من الأعمال فإن الإجارة في ذلك فاسدة. وقال: أرأيت لو لم يفرغ من العمل حتى مضى اليوم أعليه أن يعمل بقيته من الغد. أرأيت إن فرغ من العمل نصف النهار أله أن يستعمله ما بقي من اليوم في عمل آخر. ألا ترى أن الأجر قد وقع على اليوم وعلى العمل. فلذلك فسد. وقال أبو يوسف ومحمد: أستحسن هذا وأجيزه، وأجعله على العمل دون اليوم. فإن فرغ منه نصف النهار فله الأجر كاملاً، ولا يستعمله بقية يومه ذلك في شيء. وإن لم يفرغ منه يومه ذلك فعليه أن يعمل منه ما بقي (¬5) في غد حتى يفرغ منه، إنما الإجارة على هذا العمل أجلاً ووقتاً، وليست عليه الإجارة. ألا ترى لو أن رجلاً استأجر رجلاً على أن يعمل له هذا العمل بدرهم وشرط عليه أن يفرغ منه اليوم فإن هذا جائز. وكذلك الباب الأول. ولو استأجر رجل من رجل دابة من الكوفة إلى بغداد ثلاثة أيام بأجر مسمى كان هذا فاسداً لا ¬

_ (¬1) وذلك للشيوع والجهالة، حيث لا يدرى الموضع الذي يمر فيه أو يسكنه لكنه يجوز عند أبي يوسف ومحمد لأن ذلك معلوم عرفاً. انظر: المبسوط، 16/ 43. (¬2) روح أي: الريح هي التي تهب. انظر: المغرب، "روح". (¬3) ت - اليوم؛ صح هـ. (¬4) م: أو جباره. والكلمة مهملة في ف. والنقط من الكافي، 1/ 214 و. (¬5) ص + منه.

يجوز في قياس قول أبي حنيفة، وهو جائز في قول أبي يوسف ومحمد. وكذلك الرجل يستأجر رجلاً ينقل له طعاماً من موضع إلى موضع اليوم إلى الليل بأجر مسمى فهو مثل ذلك في القولين جميعاً. وإذا استأجر الرجل أجيراً شهراً في عمل معلوم أو دابة شهراً يعمل عليها شيئاً معلوماً بثوب قد سمى طوله وعرضه ورقعته وأجله وجنسه فهو جائز. وإن ترك شيئاً من ذلك ولم يسمه فهو فاسد لا يجوز. وإذا استأجر الرجل عبداً شهراً بأجر مسمى على أنه إن مرض فعليه أن يعمل بقدر الأيام التي مرض في الشهر الداخل فإن هذا فاسد لا يجوز، وهذا ينقض الإجارة، وأيهما ما اشترط هذا (¬1) فالإجارة منتقضة، وهو سواء لذلك الشرط. وإذا استأجر بيتاً شهراً بعشرة على أنه إن سكنه (¬2) يوماً ثم خرج فعليه عشرة دراهم فإن أبا حنيفة قال: هذا فاسد. وكذلك الرجل يستأجر الدابة بعشرة دراهم (¬3) إلى بغداد على أنه إن بلغ قرية سالحين (¬4) ثم بدا له أن يرجع فعليه الأجر كله فإن هذا فاسد لا يجوز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: إذا استأجر الرجل دابة يحمل عليها حملاً مسمى بأجر معلوم إلى موضع معلوم، وعلى أنه إن حمل عليها كذا كذا لحِمل آخر غير ذلك الحِمل إلى ذلك المكان فأجرها كذا كذا، ولم يحمل الحمل (¬5) الأول، فعليه من الأجر كذا وكذا، فإن هذا فاسد لا ¬

_ (¬1) ص: ذلك. (¬2) ص: إن سكن. (¬3) م ص: الدراهم. (¬4) م ص ب: شاهين. والكلمة مهملة في ف. وقال الحاكم والسرخسي: قرية كذا. انظر: الكافي، 1/ 214 و؛ والمبسوط، 16/ 45. والسالحون والسالحين موضع على أربعة فراسخ من بغداد إلى المغرب. انظر: المغرب، "سلح". وقد مر اسم سالحين في الكتاب قريبا عدة مرالد انظر: 2/ 160 و، 160 ظ، 163 ظ. (¬5) ف - الحمل.

يجوز؛ لأنه لم يأخذها على واحد من الحملين، في قوله الأول. وهو جائز في قوله الآخر. وقال أبو حنيفة: إذا استأجر الرجل أرضاً ليزرعها حنطة (¬1) بخمسين درهماً فإن زرعها سمسماً فأجرها مائة درهم فإن هذا فاسد لا يجوز؛ لأنها إجارتان. أرأيت لو استأجر بيتاً على أن يسكنه بدرهم في الشهر، فإن نصب فيه رحى فأجره درهمان في ذلك الشهر، أليس (¬2) يكون هذا فاسداً في قوله الأول. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة بعد: هو جائز، في قوله الآخر. وكذلك لو أخذ أرضاً مزارعة بالنصف على أن يزرعها حنطة، فإن زرعها (¬3) شعيراً فأجرها خمسون درهماً، فإن هذا فاسد في قول أبي حنيفة الأول وأبي يوسف ومحمد. وكذلك إن اشترط (¬4) إن يزرعها (¬5) شعيراً فهي بالثلث فهو (¬6) فاسد في قول أبي حنيفة. رجل تكارى من رجل نصف منزل غير مقسوم، ونصفاً (¬7) هو فيه ساكن، لم يبين لصاحبه (¬8) نصفه من النصف الآخر، ولم يبين أن يسكن في مقدم البيت أو مؤخره، قال: أما أبو حنيفة فإنه قال: الإجارة فاسدة لا تجوز؛ مِن قِبَل أنه غير مقسوم. وأما أبو يوسف ومحمد فقالا: هو جائز يتهايآن فيه. رجل له منزل نازل فيه فأجر رجلاً نصفه وقال: اسكن معي فيه، ولم يبين أين (¬9) يكون من البيت، فنزل المستأجر مكاناً من البيت، فقال رب البيت: لا أرضى أن تنزل هذا، بعدما قد نزله شهراً واستأجر منه سنة، قال (¬10): هذا فاسد ¬

_ (¬1) ص - حنطة. (¬2) م + كان؛ ص: كان. (¬3) ص - حنطة فإن زرعها. (¬4) ص: لو اشترط. (¬5) ف: إن زرعها. (¬6) ص ف: وهو. (¬7) ص: ونصف. (¬8) ص: صاحبه. (¬9) ف: أن. (¬10) ص: فإن.

في قول أبي حنيفة. وإن نزل شهراً فعليه (¬1) أجر مثله. وأما أبو يوسف ومحمد فقالا: هو جائز، ويتهايأ رب المنزل والمستأجر في المنزل. رجل استأجر من رجل داراً سنة على أن يجعل أجرها أن يكسوه هل تجوز الإجارة؟ أرأيت إن قال: أكسوك ثلاثة أثواب ولم يسم من أي جنس هي؟ أرأيت إن ذكر أجناسها؟ وما غاية الكسوة عندك وقد سكنها شهراً؟ قال: الإجارة فاسدة في قياس (¬2) قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. فإن سكنها كان عليه أجر مثلها. رجل استأجر داراً سنة على أن أجرها أن يعمل معه سنة أو شهراً، فسكنها هذا، هل تجوز الإجارة على هذا؟ أرأيت إن قال صاحب الدار: (¬3) أؤاجرك هذه الدار سنة وأجرها أن تؤذن لنا في المسجد سنتين (¬4) أو تقوم بنا في رمضان أو تؤمنا في مسجدنا (¬5) هذا، فوقعت الإجارة على هذا، هل تجوز؟ قال: الإجارة بالأذان والصلاة فاسدة في قول أبي حنيفة. وإن سكن الدار فعليه أجر مثلها، ولا أجر له في الأذان والصلاة. وإن استأجرها بأن يخدمه شهراً أو سنة فوقعت الإجارة على هذا فالإجارة جائزة في قول أبي حنيفة (¬6) وأبي يوسف ومحمد. رجل تكارى دابة عشرة أيام كل يوم بدرهم، فحبسها عشرة أيام، فلم يركبها فردها اليوم (¬7) العاشر، وقد علم بذلك رب الدابة، أيسعه أن يأخذ كراءها وهو يعلم أن دابته لم تركب، أو هل يقضى له بشيء؟ أرأيت إن تكاراها كل يوم بدرهم (¬8) فحبسها شهراً ثم جاء بها ليردها (¬9) كم يكون له من الأجر؟ ¬

_ (¬1) م ص+ أجر شهر. (¬2) ص - قياس. (¬3) م ص ف: الدابة. (¬4) ف: سنين. (¬5) م: في مسجد. (¬6) ص - أبي حنيفة. (¬7) م ص: يوم. (¬8) ف - بدرهم. (¬9) ف - ليردها.

قال: يأخذ منه لكل يوم درهماً كما تكاراها في القضاء، ويسعه أن يأخذ أجر الدابة وإن كان يعلم أنه لم يركبها في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل تكارى دابة من رجل إلى بغداد على أن يعطيه المستكري دابة يعمل عليها فوقع الكراء على هذا هل يجوز ذلك؟ أرأيت إن نفقت الدابة الذاهبة إلى بغداد أو نفقت هذه الدابة الأخرى كيف القول في ذلك؟ قال: الإجارة فاسدة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، وعليه أجر مثلها. رجل تكارى دابة بِرْذَوْناً أو فرساً يَعْتَرِض (¬1) عليه فإن جاز فله عشرة دراهم، وإن لم يجز فله خمسة دراهم، فوقع الكراء على هذا، هل يجوز الكراء، وكيف إن نفقت الدابة أو أخذه السلطان حيث علم أنه استأجرها؟ قال: الإجارة فاسدة، وعليه أجر مثلها إذا ركبها ليَعْتَرِض (¬2) عليها، ولا ضمان عليه (¬3) في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل تكارى بغلاً أو برذوناً أو حماراً على أن كلما ركب الأمير ركبه معه أو كلما ركب فلان ركب (¬4) معه، فوقع الكراء على هذا، هل يجوز ذلك؟ أرأيت (¬5) إن ركبه على هذا الشرط فعطبت الدابة ما القول فيه؟ قال: الإجارة فاسدة، وعليه في كل (¬6) ركبة ركبها أجر مثلها في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، ولا ضمان عليه في شيء من ذلك. رجل تكارى دابة (¬7) إلى بغداد بخمسة دراهم على أن العلف عليه هل ¬

_ (¬1) ف: يعرض. ومنه قولهم: "اعترض الجند للعارض" أي: عرضوا أنفسهم عليه لينظر إليهم. انظر: المغرب، "عرض"؛ ولسان العرب، "عرض". (¬2) ف: ليعرض. (¬3) ص: عليها. (¬4) ف - فلان ركب. (¬5) ص - أرأيت. (¬6) ف - كل. (¬7) ص - دابة.

يجوز الكراء على هذا؟ وإن جاء فردها دَبِرَة (¬1) عجفاء هل يضمن؟ فإن ضمن فما (¬2) يضمن؟ قيمتها يوم تكاراها أو يوم جاء بها؟ قال: الإجارة على هذا فاسدة، وعليه أجر مثلها، ولا ضمان عليه فيها في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل تكارى دابة من رجل إلى بغداد على إن رزقه الله شيئاً من بغداد أعطاه، أو رزقه الله تعالى من رجل سماه رزقاً أعطاه (¬3) من ذلك شيئاً، فوقع الكراء على ذلك وركبها فعطبت الدابة أو لم تعطب؟ قال: الإجارة على هذا فاسدة في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، وعليه أجر مثلها إن كان ركبها. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا استأجر الرجل خبازاً يخبز له يوماً إلى الليل فالإجارة جائزة. رجل تكارى دابة إلى البصرة أو إلى واسط أو إلى بغداد وجعل أجرها علفها حتى يردها هل يجوز هذا الكراء؟ أرأيت إن ركبها فعطبت الدابة فقال صاحب الدابة: إنما نفقت لأنك لم تعلفها ولم تقم عليها، وقال المستكري: بل قد كنت أعلفها وأحسن القيام عليها، بقول من يؤخذ؟ قال: الإجارة في هذا (¬4) فاسدة، وعليه أجر مثله فيما سار، ولا يصدق فيما قال من العلف إلا أن تقوم بينة، ولا ضمان عليه في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل تكارى دابة من رجل وجعل كراءها على أن أعطاه دابة يركبها، ¬

_ (¬1) الدَّبَرَة بالتحريك: قرحة الدابة والبعير. والجمع دَبَر وأدبار، مثل شجرة وشجر وأشجار. ودَبِرَ البعير بالكسر يَدْبَر دَبَراً فهو دَبِر وأدبر، والأنثى دَبِرَة انظر: لسان العرب، "دبر". (¬2) ف - فما؛ ص: فبما. (¬3) ف: فأعطاه. (¬4) ف - في هذا؛ صح هـ.

باب إجارة حفر العيون والآبار وما أشبهه

فصار أجر كل دابة ركوب الأخرى، ووقع الكراء على هذا، هل تجوز هذه الإجارة؟ أرأيت إن نفقت (¬1) إحدى الدابتين قبل أن يصل إلى المكان الذي تكاراها إليه هل على صاحب الدابة أن يستأجر له دابة أخرى يركبها؟ قال: الإجارة على هذا فاسدة، ولكل دابة أجر مثلها على الذي ركبها في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل تكارى دابة من رجل بالكوفة إلى بغداد بخمسة دراهم، إن بلغته (¬2) وإلا فلا شيء له، أرأيت إن قال: إن (¬3) بلغت (¬4) إلى بغداد على هذه الدابة فلك عشرة دراهم، وإلا فلا شيء لك، فوقع الكراء على هذا وركبها فلم تبلغه ونفقت الدابة أو لم تنفق، هل له (¬5) أجر على هذا؟ قال: عليه أجر مثلها بقدر ما سار عليها؛ لأن الإجارة كانت فاسدة على هذا الشرط في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ... باب إجارة حفر العيون والآبار وما أشبهه وإذا استأجر الرجل حفاراً ليحفر له بئراً في داره ولم يسم له البئر (¬6) ولم يصفها فإن هذا فاسد لا يجوز؛ لأنه لم يسمها. ولو سمى عشرة أذرع في الأرض وما يدير بها (¬7) كذا وكذا (¬8) ذراعاً بأجر مسمى أجزت ذلك. فإن حفر ثلاثة أذرع ثم وجد جبلاً أشد عملاً وأشد مئونة وأراد ترك ذلك فليس له ذلك، ويجبر على الحفر إذا كان يطاق. أرأيت لو وجد رملاً أهون له من ¬

_ (¬1) ف: إن أنفقت. (¬2) ص: إن بلغه. (¬3) م - إن. (¬4) ص: إن بلغتني. (¬5) م ص - له. (¬6) م ص: يسم البدن. (¬7) أي: عمقها وقطرها. وعبارة ب: اشترط أن يسمي ذرع عمقها وذرع دورها. (¬8) م ص: كذا كذا.

وجه الأرض مئونة أكان لصاحب الأرض أن يناقضه. فكذلك الجبل. ولو كان شرط عليه أن كل ذراع في سَهلةٍ (¬1) أوطين بدرهم، وكل ذراع في جبل بدرهمين، وكل ذراع في الماء بدرهمين، وسمى طول البئر عشرين (¬2) ذراعاً، فهو جائز كما شرط. ولو استأجره ليحفر له بئراً في عشرة أذرع في جبلٍ مروةٍ (¬3) فحفر ذراعاً ثم استقبله جبل صفا أصم فإن كان ذلك (¬4) يطاق عمله وحفره فهو عليه. وإن كان لا يطاق فله أن يترك الإجارة ويكون له بحساب حفره. وكذلك (¬5) النهر والقناة وكل حَفِيرَة (¬6) والسِّرْداب (¬7) والبالوعة. وإذا ظهر الماء في البئر قبل أن يبلغ المنتهى الذي شرط عليه فإن كان مما لا يستطيع أن يحفر معه فهذا عذر، وله أن يترك الحفر. وإن كان يستطيع الحفر معه فإني أجبره على الحفر. وإذا استأجر الرجل رجلاً يحفر له بئراً في داره بأجر معلوم وذرع معلوم فحفرها ثم انهارت قبل أن يفرغ منها فإن له من الأجر بحساب ذلك؛ مِن قِبَل أنه حفرها في ملك ربها. وهذا قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولو كان حفرها كلها كان له الأجر كاملاً. وكذلك إذا كانت في فنائه. ولو كانت بئر ماء فشرط عليه مع حفرها طَيَّها بالآجُرِّ والجص فعملها وفرغ منها ثم انهارت فإن له الأجر كاملاً. وإن انهارت قبل أن يطويها فإن ¬

_ (¬1) يقال: أرض سهلة. انظر: المصباح المنير، "سهل". (¬2) م ص: عشر. (¬3) قال المطرزي بعد أن ذكر عبارة المؤلف: الجبل قد يجعل عبارة عن الصلابة وإن لم يكن جبلاً، وأريد هنا الحجر لأنه منه، وإِنما وصف بالمروة والصفا لتضمنهما معنى الرقة والصلابة. انظر: المغرب، "جبل". (¬4) م - ذلك. (¬5) ص: وكذ. (¬6) ص: حفير. الحفيرة والحفرة بمعنى واحد. انظر: المغرب، "حفر". (¬7) السرداب بالكسر: بناء تحت الأرض للصيف، معرَّب. انظر: القاموس المحيط، "سرب".

عليه من الأجر بحساب ذلك. ولو استأجره أن يحفرها في الجبّانة (¬1) في غير فنائه ولا ملكه فحفرها فانهارت فلا أجر له حتى يسلمها إلى صاحبها. أرأيت لو استأجره يحفر قبراً فحفره ثم دفن فيه إنسان (¬2) آخر ولم يأت المستأجر بجنازته أكان يكون على المستأجر الأجر. لا أجر عليه في شيء من ذلك. فلو جاء المستأجر فخلى الأجير بينه وبين القبر فانهارت بعد ذلك أو دفن فيه إنسان (¬3) آخر فللأجير الأجر كاملاً. وإن لم يكن الأمر على ذلك ودفن (¬4) فيه المستأجر ميتة ثم قال للأجير: احث عليه التراب، فأبى الأجير، فإن القياس أن لا يحثو عليه التراب، ولكني أنظر إلى ما يصنع أهل تلك البلاد. فإن كان الأجير هو الذي يحثو (¬5) التراب جَبَرْتُه (¬6) على ذلك. وكذلك يُعمَل بالكوفة. وإن كان الأجير لا يحثو عليه التراب في تلك البلاد فإني لا أجبره. وإن أراد أهل الميت أن يكون الأجير هو يضع الميت في لحده وأن ينصب عليه اللبن فأبى الأجير فليس يجبر على ذلك؛ لأن هذا ليس من عمل الأجير. وإن وصف له موضعاً يحفر فيه فحفر في غيره فليس له أجر. فإن دفنوا في حفرته ولم يعلموا فله الأجر. وإن وصفوا له موضعاً فحفر فيه فوافق (¬7) جبلاً هو أشد من وجه الأرض فحفر حتى فرغ فليس (¬8) يزاد على أجره (¬9) شيئاً. ¬

_ (¬1) الجبّانة: المصلى العام في الصحراء، وربما أطلقت على المقبرة لأن المصلى غالباً تكون في المقبرة. انظر: المغرب، "جبن"؛ والمصباح المنير، "جبن". (¬2) ف: إنساناً. (¬3) ف: إنساناً. (¬4) م - ودفن (مخروم). (¬5) ص+ عليه. (¬6) جبر وأجبر بمعنى واحد. وقد استضعف المطرزي هذه اللغة، لكن ذكر غيره أنها لغة جيدة. انظر: المغرب، "جبر"؛ والمصباح المنير، "جبر". (¬7) م ص ف: فوافوا. وعبارة ب: فوجد. والتصحيح من الكافي، 1/ 214 ظ. (¬8) م ص: وليس. (¬9) ص: على آخره.

وإن استأجر بالكوفة رجلاً (¬1) يحفر له قبراً ولم يبيِّن له في أي موضع يحفره فإني أستحسن إذا حفره في الجَبَّانة التي يدفن فيها أهل ذلك الموضع أن يجعل له الأجر. وإن حفر في غير تلك الناحية فلا أجر له إلا أن يدفنه في حفرته. فإن أرادوه على تطيين القبر أو تجصيصه فليس ذلك عليه. وإن استأجروه ليحفر لهم القبر ولم يسموا له طوله ولا عرضه ولا عمقه في الأرض فإنه فاسد في القياس، ولكني أستحسن فأجيزه، وآخذه بوسط ما يعمل الناس. فإذا وصفوا له موضعاً فوجد وجه الأرض ليناً فلما حفر ذراعاً وجد جبلاً فأبى أن يحفر (¬2) فإني أجبره على أن يحفر إذا كان مثل ما يحفر الناس. فإن وجد جبلاً لا يحفر لم أجبره (¬3). ولو استأجره (¬4) على أن يحفر له قبراً ولم يسم له لحداً ولا شقًّا فلحد لحداً فقالوا: كنا نريد الشق، فإن كان بالكوفة فهو على اللحد؛ لأن عُظْمَ عملهم على ذلك. وإن كان في بلدة عُظْمُ عملهم على الشق فهو على الشق. وإذا استأجر الرجل رجلاً ليكري (¬5) له نهراً (¬6) أو قناة فأراه (¬7) مفتحها ومصبها (¬8) وأراه عرضها وسمى له كم يمكّن لها في الأرض فهذا جائز. وإن شرط طَيَّها بالآجُرّ والجص وأن يكون ذلك من عند الأجير فهذا فاسد لا يجوز؛ مِن قِبَل أنه مجهول، ومِن قِبَل أن فيه شراء الآجر والجص، فهذا شراء ما ليس عنده. فإن شرط أن الآجر والجص (¬9) من عند رب القناة ولم يسم عدد الآجر فإنه فاسد في القياس، ولكني أستحسن وأجيز (¬10) من ذلك على ما يعمل الناس. وإن سمى عدد الآجر وكيل الجص وعرض الطي وطوله في السماء فهو أوثق وأجود. وإن سمى عرضه وطوله في السماء ولم ¬

_ (¬1) م ص - رجلا. (¬2) ص - فأبى أن يحفر. (¬3) ص: لم يجبره. (¬4) ص: استأجر. (¬5) كري النهر حفره. انظر: المغرب، "كري". (¬6) ف: نهارا. (¬7) ص: فأراد. (¬8) م: أو مصبها. (¬9) ص - فهذا شراء ما ليس عنده فإن شرط أن الآجر والجص. (¬10) م: وأجيزه.

يسم عدد الآجر والجص فهو جائز. ألا ترى أن الرجل يستأجر الرجل بالكوفة ليحفر له البئر ويطويها فأجيز ذلك وإن لم يسم عدد الآجر. وإذا استأجر الرجل قوماً يحفرون سرداباً فإنه لا يجوز حتى يسمي طوله وعرضه وقعره في الأرض. فإذا سمى ذلك فهو جائز. فإن عمل بعضهم أكثر مما عمل بعض فإن الأجر بينهم على عدد الرؤوس بعد أن يعملوا جميعاً ويشتركوا في ذلك. فإن لم يعمل واحد منهم شيئاً لمرض أو عذر فإن كان شريكاً لهم في الأصل فله الأجر معهم. وإن لم تكن بينهم شركة (¬1) فلا أجر له، ويرفع عنه من الأجر بحصته، ويكون عملهم في حصته تطوعاً. وهذا في قياس قول أبي حنيفة. وكذلك البئر. وكذلك القناة (¬2). رجل تكارى رجلاً ليحفر له بئراً عشرة أذرع طولاً معلوماً في عرض معلوم بعشرة دراهم، فدفعها إلى الحفار، وزعم الحفار أنه دفعها إليه على أن يحفرها خمسة أذرع طولاً في عرض معروف، وليس لواحد منهم بينة، فإن كان لم يعمل شيئاً فإنه يحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه. فإن (¬3) حلفا تتاركا الإجارة. وأيهما نكل عن اليمين لزمه دعوى صاحبه. فإن كان قد حفر خمسة أذرع فالقول قول المستأجر مع يمينه، يعطيه من الأجر بحساب ما قال، ويحلف الأجير (¬4) على دعوى المستأجر، ويتتاركان فيما بقي. وإذا قال: احفر لي هذا المكان عشرة أذرع في ذراعين، فهو جائز. فإن حفر فانتهى إلى جبل (¬5) لا يطاق فالأجير بالخيار، إن شاء حفر، وإن شاء لم يحفر. وإن كان المستأجر سمى له جبلاً فهو جائز. وهذا على قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ¬

_ (¬1) ص - شركة. (¬2) ف: البنا. (¬3) م ص: وإن. (¬4) ف: الآخر. (¬5) م: إلى الجبل.

باب كتابة إجارة البناء والتجصيص والتطيين وعمل الجصاص وعمل الرهص وشبهه والآجر والجص

باب كتابة إجارة البناء والتجصيص والتطيين (¬1) وعمل الجصاص وعمل الرِّهْص (¬2) وشبهه والآجر والجص وإذا استأجر رجل رجلاً يبني له حائطاً بالجص والآجر فأعلمه طوله وعرضه وارتفاعه في السماء وسمى الأجر فهو جائز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولو سمى كذا كذا ألف آجرة من هذا الآجر، وكذا كذا كُرًّا (¬3) من جص، ولم يسم الطول والعرض، فإنه في القياس فاسد، ولكني أجيزه. ولو سمى مع ذلك الطول والعرض كان أجود. ولو سمى كذا كذا (¬4) آجرة أو لبنة ولم يسم المِلْبَن (¬5) ولم يره إياه كان فاسداً. غير أني أنظر، فإن كان آجر ذلك البلد واحداً ولبنهم (¬6) واحداً جَبَرْتُه (¬7) عليه وأجزته. ولو كان مختلفاً أفسدته. وإذا استأجر الرجل بناءً ليبني له داراً بالأساس والسراديب والسفل والعلو بالطاقات والأساطين والحيطان على مثل ما يبنى بالكوفة، وكل ألف آجرة وأربعة أكرار جص بكذا كذا، فإن هذا فاسد في القياس؛ لأن السفل والأساس أهون من العلو والطاقات وأشد (¬8) من الحائط والمستطيل (¬9). ولكني أدع القياس وأجيزه عليه، وأجعل الزنابيل (¬10) والدلاء ¬

_ (¬1) ف - والتطيين. (¬2) الرِّهْص هو أسفل عَرَق في الحائط، ويسمى الذي يعمله الرهَّاص. والعَرَق كل صف من اللَّبِن والآجُرّ في الحائط. انظر: المغرب، "رهص". والقاموس المحيط، "عرق". (¬3) نوع من الأكيال، كما تقدم. (¬4) ف + كذا. (¬5) ص: اللبن. الملبن أداة اللبن. انظر: المغرب، "لبن". (¬6) ص: ولبنه. (¬7) جبر بمعنى أجبر، كما تقدم. (¬8) ص: أشد. (¬9) ص: المستطيل. (¬10) جمع الزِّنبيل هو المِكتل بكسر الميم، وهو ما يُعمل من الخُوص يحمل فيه التمر وغيره. انظر: المصباح المنير، "زبل".

وآنية الماء على رب الدار، ولا طعام عليه في شيء من هذه الإجارة. وإذا اشترط رب الدار (¬1) الزِّنبيل (¬2) والدلاء وآنية الماء على المتقبِّل فهو عليه. وأما الماء فهو على رب الدار، وعلى المتقبل أن يسقيه إن كانت في الدار بئر (¬3). وكذلك إن كانت البئر قريبة منها ما لم تكن بعيدة متفاوتة. والمَرّ (¬4) على المتقبل. وإنما اختلفت المَرّ (¬5) والزنبيل (¬6) لأن عمل الناس بالكوفة على ذلك. وإذا تكارى رجل رجلاً يوماً إلى الليل يبني له بالجص والآجُرّ فهو جائز، ويعمل يومه ذلك من حين صلى الغداة إلى غروب الشمس؛ لأنه تكاراه يوماً فله ذلك. والعمال بالكوفة إنما يعملون إلى العصر، وليس لهم ذلك إلا أن يشترطوا به. ولو اشترط رب الدار على البناء وضع الجذوع والحَرَادِيّ (¬7) وكَبْس (¬8) السطوح وتطيينها وسمى الكَبْس وقَدْر التطيين فهو جائز. ¬

_ (¬1) م + ولا طعام عليه في شيء من هذه الإجارة وإذا اشترط رب الدار. (¬2) م: الزنبل. (¬3) ف - بئر. (¬4) م ف ص ب: والمرور. وكذلك في الكافي، 1/ 215 و. لكن صححه في هامش الكافي. وحُرفت عبارة السرخسي إلى: المرء. انظر: المبسوط، 16/ 51. والمَرّ هو الحبل، والمِسْحاة، أو مقبضها. والمَرِيرَة والمِرَار والمُمَرّ والمَرّ بمعنى الحبل الذي أجيد فَتْله. انظر: لسان العرب، "مرر". ولعل المقصود هنا المسحاة، فقد فسر المطرزي المَرّ بأنه الذي يُعمل به في الطين. انظر: المغرب، "مرر". (¬5) ص: المرور. (¬6) م: والزنبل. (¬7) الحَرَادِيّ ما يلقى على خشب السقف من أطنان القصب. الواحد: حُرْدِيّ. انظر: المغرب، "حرد". (¬8) م ف: وكنس. والتصحيح من الكافي، 1/ 215 و. كبس النهر فانكبس، وكذا كل حفرة، إذا طَمَّها أي: ملأها بالتراب ودفنها. وقوله: "ليس عليه وضع الجذوع وكبس السطوح وتطيينها" يعني به إلقاء التراب على السطح وتسويته عليه قبل أن يطيّن، مستعار من الأول. انظر: المغرب، "كبس".

باب إجارة الرقيق في الخدمة وسائر الأعمال

وإذا استأجر رجلاً يبني له باللبن وسمى له ذلك كله فإنه جائز، وعلى (¬1) البنّاء بلّ الطين ونقله إلى الحائط. إلا أن يكون مكاناً بعيداً فيكون بالخيار إذا علم ذلك. فإن كان قد أراه المكان فلا خيار له. وإذا استأجر الرجل رجلاً يبني له حائطاً بالرِّهْص (¬2) وشرط عليه الطول والعرض والرفع في السماء فهو جائز. ... باب إجارة الرقيق في الخدمة وسائر الأعمال وإذا استأجر الرجل عبداً للخدمة كل شهر بأجر مسمى فإن أبا حنيفة قال: هذا جائز. وإن أراد المستأجر أن يستخدمه بالليل والنهار فإن أبا حنيفة قال: يستخدمه من السحر إلى بعد العشاء الآخرة وإلى أن ينام الناس، وإنما يخدمه كما يخدم الناس. وقال أبو حنيفة: أكره أن يستأجر الرجل امرأة حرة يستخدمها يخلو ما. وكذلك الأمة. وهو قول أبي يوسف ومحمد. فإن فعل ذلك فهو (¬3) جائز في القضاء، وهو مكروه لهما جميعاً. وقال أبو حنيفة: إذا استأجر الرجل العبد كل شهر بأجر مسمى فأراد العبد أن يتعجل الأجر وأبى ذلك المستأجر فإن أبا حنيفة قال في هذا: لا يأخذ الأجر حتى يستكمل الشهر. ثم رجع عن ذلك بعد فقال: يأخذ يوماً بيوم. وقوله الآخر قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: إذا أراد الرجل أن يدفع عبداً له إلى حائك يعلمه ¬

_ (¬1) ص: على. (¬2) تقدم تفسيره قريباً. (¬3) ف: وهو.

النسج فإن اشترط عليه أن يحذّقه (¬1) في ثلاثة أشهر بكذا وكذا (¬2) أو لم يجعل لذلك أجلاً فإن أبا حنيفة قال في ذلك: هو فاسد لا يجوز؛ لأن الحِذْق (¬3) ليس يكون مِن قِبَل الأستاذ المعلم، إنما يكون من قبل (¬4) المتعلم، ولا يعلم أيكون ذلك أم لا. وقال: إن دفعه إليه أشهراً مسماة يقوم عليه في تعليم النسج على أن يعطي (¬5) المولى الأستاذ كل شهر شيئاً مسمى فهذا جائز. وقال أيضاً: إن كان الأستاذ هو الذي شرط للمولى أن يعطيه كل شهر شيئاً مسمى ويقوم على غلامه في تعليم ذلك فهو جائز. وقال: إن دفعه إليه عشرة أشهر ثلاثة أشهر منها برزقه وسبعة أشهر منها بأجر مسمى مع رزقه ويقوم عليه في ذلك في تعليمه فإن أبا حنيفة قال في هذا: هو فاسد مِن قِبَل الرزق؛ لأنه مجهول لا يعرف. وقال أبو حنيفة: يقوّم رزقه كل شهر بشيء مسمى كم يكون ثم يجعله (¬6) دراهم، فيشترط ذلك عليه في الشهور الأولى (¬7) كل شهر بذلك (¬8)، وفي الشهور الأخيرة (¬9) يشترط ذلك مع الأجر (¬10)، فإذا فعل ذلك فهو جائز. وكذلك لو اشترط مكان الدراهم دقيقاً معلوماً بكيل معروف وصفة معروفة فهو جائز. فإن جعل عدداً من الخبز لم يجز؛ لأنه مجهول لا يعرف. وكذلك الأعمال كلها والصياغة والقصارة والخياطة وعمل الأساكفة (¬11) والسروج وكل عمل يعمله عامل بيده فهو مثل هذا أيضاً. وكذلك تعليم الخبز والطبخ. وقال أبو حنيفة: إذا دفع رجل غلاماً إلى عامل ليعلمه على أن رزق الغلام على مولاه، وعلى أن الأجر على رب الغلام كل شهر بشيء مسمى، ¬

_ (¬1) م ص ف: ان حذقه. (¬2) م - وكذا؛ ص: بكذا كذا. (¬3) م: الحذاق. (¬4) م - قبل. (¬5) م ف: أن أعطى؛ ص: أن أعطاه. (¬6) م ص: كم يجعله. (¬7) ص: الأول. (¬8) ص - بذلك. (¬9) م: الآخرة؛ ص: الأخر. (¬10) م: مع الآخر. (¬11) الإسكاف: الخفّاف. وقيل: الإسكاف كل صانع سوى الخفّاف، فإنه الأَسْكَف. وقيل: الإسكاف النجار وكل صانع بحديدة. انظر: القاموس المحيط، "سكف".

فدفعه (¬1) إلى العامل، ولم يشترط عليه التحذيق، وشرط عليه أن يقوم عليه في تعليمه ويعلمه فهو جائز. وكذلك هذا الباب في تعليم الكتاب والخط والحساب والهجاء في الحروف فهو جائز مستقيم. وإذا أراد الرجل أن يدفع عبده إلى عامل بأجر مسمى سنة فأراد رب العبد أن يستوثق من الأستاذ فإن أبا حنيفة قال في هذا: يؤاجره الشهر الأول بجميع الأجر إلا درهماً، ويؤاجره بقية السنة بذلك الدرهم. فإن انقضت الإجارة بموت أو مرض أو علة بعد الشهر الأول وجب له الأجر (¬2) كله إلا ذلك الدرهم. وقال أبو حنيفة: إذا أراد الأستاذ أن يستوثق جعل (¬3) السنة كلها إلا الشهر (¬4) الآخر بدرهم، والشهر الآخر ببقية الأجر. وقال أبو يوسف ومحمد مثل ذلك. وقالا: يخالف بين الأجرين أحب إلينا، فيجعل (¬5) أحدهما ديناراً أو دنانير، والآخر فضة، أو يجعل (¬6) أحدهما حنطة حتى يكونا مختلفين. وإنما يحتاط (¬7) في هذا ويخالف (¬8) بين الأجرين لجهل الحاكم لئلا يجعلها إجارة واحدة. وإذا دفع رجل غلاماً إلى رجل عامل ليعلمه عملاً ولم يشترط واحد منهما على (¬9) صاحبه أجراً ودفعه على وجه الإجارة وعلمه، فلما علم ذلك العمل قال الأستاذ: لي الأجر على رب العبد، وقال رب العبد: لي الأجر على الأستاذ، فإني أنظر في ذلك العمل إلى ما يصنع أهل تلك البلاد، فإن كان المولى هو الذي يعطي الأجر جعلت على المولى أجر مثله للأستاذ، فإن كان الأستاذ هو الذي يعطي الأجر على ذلك جعلت على الأستاذ أجر مثله للمولى. ¬

_ (¬1) ص ف: يدفعه. (¬2) ص: الشهر. (¬3) م: يجهل. (¬4) م ص: إلى الشهر. (¬5) ص: فنجعل. (¬6) ص: أو نجعل. (¬7) ص: وإنا نحتاط. (¬8) ص: ونخالف. (¬9) م ص ف + دعوى. والتصحيح من ب؛ والكافي، 1/ 215 و.

وقال أبو حنيفة: إذا استأجر الرجل غلاماً في عمل مسمى كل شهر بأجر مسمى (¬1) فهو جائز، وهذا على (¬2) شهر واحد وعلى كل شهر يستعمله فيه. وقال أبو حنيفة: إذا دخل من الشهر الثاني يوم واحد فاستعمله فيه فقد لزمته الإجارة في ذلك الشهر، وليس له أن يخرجه إلا من عذر. وكذلك البيت والحيوان كله. وإذا استأجر الرجل عبداً فأبق فأراد المستأجر أن يفسخ الإجارة فله ذلك. وإن لم يفسخها حتى ظفروا بالعبد فإنه يلزم المستأجر فيما بقي من الإجارة بحساب ذلك. وإذا استأجر الرجل عبداً شهرين شهراً بخمسة وشهراً بستة فإن أبا حنيفة قال: هذا جائز، والشهر الأول بخمسة، والشهر الثاني بستة؛ لأنه سمى الخمسة أولاً. ولو كان سمى الستة أولاً كان الشهر الأول بستة (¬3). وإذا استأجر الرجل عبداً شهرين بدرهم وشهراً بخمسة فالشهران الأولان بدرهم والشهر الثالث بخمسة. وإذا استأجر الرجل عبداً للخدمة بالكوفة كل شهر بأجر مسمى فليس له أن يسافر به. وإن سافر به فهو ضامن ولا أجر عليه. وإذا استأجره للخياطة فاستعمله في غير ذلك فهو ضامن ولا أجر عليه. وكذلك كل عمل (¬4) يستأجره له فيستعمله في غيره فهو ضامن ولا أجر عليه. ولو استأجره بالكوفة ليستخدمه كل شهر بأجر مسمى ولم يشترط الخدمة بالكوفة ولا بغيرها فإن الخدمة بالكوفة، وليس له أن يسافر به بغير إذن مولاه. [فإن سافر به بغير إذن مولاه] (¬5) فهو ضامن ولا أجر عليه. ¬

_ (¬1) ص - كل شهر بأجر مسمى. (¬2) ف: وعلى هذا. (¬3) م ص: ستة. (¬4) م: كل عامل. (¬5) الزيادة مستفادة من ب؛ والكافي، 1/ 215 و.

فإن ضرب المستأجر العبد فليس له ذلك إلا أن يأذن له صاحبه رب العبد. فإن ضربه بغير أمر (¬1) صاحبه فعطب فهو ضامن. وإن دفع الأجر عند غرة الشهر إلى العبد فإن كان المولى هو الذي أجره لم يبرأ (¬2) من الأجر. وإن كان العبد هو أجر نفسه فهو بريء من الأجر. وإذا استأجر الرجل عبداً للخدمة كل شهر بأجر مسمى فأمره أن يغسل ثوبه أو يخيط له ثوباً أو يخبز له وهو يحسن (¬3) ذلك أو يعلف الدابة أو يستقي له ماء من بئر أو ينزل (¬4) بمتاعه من ظهر بيت أو يرقيه أو يحلب شاة (¬5) فإن ذلك كله له. وكل شيء من خدمة البيت فله أن يكلفه ذلك، وليس له أن يقعده خياطاً ولا حواكاً (¬6) ولا قصاراً ولا صائغاً (¬7) ولا إسكافاً ولا في عمل الرحى وإن كان حاذقاً بذلك؛ لأنه إنما استأجره للخدمة، فهذا ليس من الخدمة. فإن كلفه خياطة شيء يسير في بيته كما يخيط الخادم فله ذلك. وإن كلفه أن يستقي كما يستقي الخادم فله ذلك. وإذا استأجر الرجل عبداً بخمسة دراهم كل شهر ولم يذكر طعاماً فإنه ليس على المستأجر طعام. وإن أطعمه الشهر كله فهو متطوع ولا يحسب (¬8) ذلك له؛ لأنه لم يأمره. وإذا استأجر الرجل عبداً للخدمة فنزل به ضيفان فأمره بخدمتهم فإنه يخدمهم ولا يضمن؛ لأن هذا من عمله وخدمته. ولو أن المستأجر أجر العبد من رجل آخر للخدمة كان جائزاً ولا يضمن، ولكنه إن كان استفضل من الأجر شيئاً تصدق به. وإن كان أعان العبد بشيء طاب له الفضل. وليس هذا كالدابة يستأجرها ليركبها فيؤاجرها من آخر بأكثر من [ما استأجرها به]. ¬

_ (¬1) ص: إذن. (¬2) ص: لم يبر. (¬3) ف: يستحسن. (¬4) م: أو يترك. (¬5) ص - شاة. (¬6) هو بمعنى الحائك. (¬7) م: ولا صانعا. (¬8) ص: يجب.

هذا يضمن، ويتصدق بالأجر كله؛ لأنه خالف (¬1). وإذا استأجر الرجل عبداً للخدمة ثم تزوج وحدث له عيال فقال: اخدمني وعيالي، فله ذلك. وإذا تكارت المرأة خادماً ليخدمها كل شهر بأجر مسمى فهو جائز. فإن تزوجت المرأة فقالت: اخدمني واخدم زوجي، فلها ذلك. وإذا استأجرت المرأة رجلاً ليخدمها فهو جائز، وأكره أن يخلو ما وتخلو به. والعبد في ذلك والحر سواء. وإذا استأجر الرجل امرأته (¬2) لتخدمه كل شهر بأجر مسمى فإنه لا يجوز؛ لأنها في عياله. فإن استأجرها لترضع ابناً له من غيرها فهو جائز. وإن استأجرها لترضع ولدها فإنه لا يجوز. وإن استأجرت امرأة زوجها ليخدمها (¬3) بأجر مسمى فإنه جائز (¬4). ولو استأجرته ليرعى لها غنماً أو يقوم على دواب لها أو على أرض لها أو على دار أو على متاع وليس من متاع البيت فهو جائز. وكذلك الرجل يستأجر امرأته لشيء من ذلك فهو جائز. وإذا استأجرها لخدمة البيت فإنه لا يجوز. وإذا استأجر ابنه وهو رجل ليخدمه في خدمة بيته فليس عليه أجر ولا يجوز، ويؤخذ ابنه بخدمته. وكذلك الأم تستأجر ابنها. وإن استأجر الأب ¬

_ (¬1) ف: مخالف. (¬2) م ف: امرأة. (¬3) ص - ليخدمها. (¬4) م هـ+ لأنه ليس عليه خدمة المرأة وفي بعض النسخ الروايات (كذا) أنه لا يجوز وهي رواية أبي سليمان. ومعناه موجود في هامش ب أيضاً. وقال الحاكم: وقال في كتاب الإباق: له أن يمتنع من الخدمة. انظر: الكافي، 1/ 215 ظ. ولم أجده في كتاب الإباق، والمقصود كتاب جعل الآبق. وقال السرخسي: وقال في كتاب الآثار: له أن يمتنع من الخدمة لأنه يلحقه مذلة بأن يخدم زوجته. انظر: المبسوط، 16/ 55. ولم أجد هذا في الآثار للإمام محمد. ويظهر أن نسخ الأصل مختلفة في هذه المسألة. انظر للتفصيل: بدائع الصنائع، 2/ 278.

الابن لرعية غنم أو لقيام على دابة أو على ضياعه (¬1) فهذا جائز. وكذلك الأم. وإن كان الابن هو استأجر الأب للخدمة والأم للخدمة فإن ذلك لا يجوز، ولا يترك الوالد يخدم ولده. وإن كان عمل في ذلك شيئاً كان له أجره. وإذا كان الابن مكاتباً فاستأجره أبوه للخدمة وأبوه حر وهو غني عن خدمته أو محتاج إليها فهذا جائز، وعليه الأجر. ولو كان الأب من أهل الذمة والابن مسلم أو الابن كافر والوالد مسلم لم يجز ذلك في الخدمة. وإن كان الولد عبداً والأب حراً فاستأجره من مولاه جاز ذلك. وإن كان الأب هو العبد والابن هو الحر فاستأجره من مولاه (¬2) ليخدمه أبطلت ذلك ولم أجزه؛ لأنه لا ينبغي للأب أن يخدم الولد ولا يجبره على ذلك. وإن عمل جعلت له الأجر. وأما الأخ يستأجر أخاه أو عمه (¬3) أو الرجل يستأجر خاله أو المرأة تستأجر أخاها للخدمة فإن هذا جائز. وكذلك كل ذي رحم محرم ما خلا الوالد والولد. وإذا استأجر الرجل الذمي الرجل المسلم يخدمه كل شهر بأجر مسمى فهو جائز، وأكره للمسلم خدمة الذمي، وهو جائز. وكذلك الحربي المستأمن يستأجر المسلم للخدمة أو يستأجر الذمي عبداً كان أو حراً فهو سواء، وهو جائز. وكذلك الحر المسلم يستأجر الحربي المستأمن ليخدمه كل شهر بأجر مسمى فهو جائز. وكذلك المسلم يستأجر الذمي. ... ¬

_ (¬1) ص: على صناعة. (¬2) م + جاز ذلك. (¬3) ف: أو عمله.

باب الرجل يستأجر من يضرب له اللبن ويطبخ له الآجر والجص والنورة

باب الرجل يستأجر من يضرب له اللبن ويطبخ له الآجر والجص والنورة وإذا استأجر الرجل [رجلاً] (¬1) يضرب له لبناً (¬2) في دار فإن أبا حنيفة قال في ذلك: إذا كان ذلك بمِلْبَن (¬3) معلوم وشرط له الأجر لكل ألفٍ أجرٌ معلوم فهو جائز. وقال أبو حنيفة: إن لبّنه فأصابه المطر قبل أن يرفعه (¬4) فأفسده فليس له أجر. وكذلك إن تكسر. وقال أبو حنيفة: إذا أقامه فقد برئ اللبان ووجب أجره. وقال أبو يوسف ومحمد: حتى يجف، فإذا جف وأشرجه (¬5) فقد برئ منه. وإذا استأجره يلبن له كل ألف لبنة بأجر مسمى ولم يسم له الملبن فهذا فاسد لا يجوز. فإن (¬6) سمى ملبناً بعينه فهو جائز. وإن سمى عرضاً معلوماً وطولاً معلوماً فهو جائز. وإذا لبنه في دار اللبان فإنه لا يجب له الأجر حتى يدفعه إلى صاحبه. وإذا لبنه في ملك صاحبه فهو بريء منه حتى يقيمه في قول أبي حنيفة، وفي قول أبي يوسف حتى يجف بعدما يقيمه ويشرجه. ألا ترى أن رجلاً لو تكارى خبازاً ليخبز له لم يجب له الأجر حتى يخرجه من التنور. وهذا قول أبي حنيفة في اللبن ما دام رطباً، فليس يحمل، ولا يستطيع تحويله، ولا ينتفع [به]. فإذا بلغ المنفعة فقد برئ منه اللبان. وإن انكسر بعد ¬

_ (¬1) الزيادة من الكافي، 1/ 215 ظ؛ والمبسوط، 16/ 57. (¬2) ص: اللبن. (¬3) ص: بلبن. (¬4) م ف: أن يدفعه؛ ص: أن تدفعه. والتصحيح من المصدرين السابقين. (¬5) أشرج اللبِن وشرّجه؛ أي: نضّده وضمّ بعضه إلى بعض. انظر: المغرب، "شرج"؛ والقاموس المحيط، "شرج". (¬6) ف: وإن.

ذلك أو أصابه مطر فأفسده فلِلَّبّان الأجر تامًّا. ولو أصابه ذلك قبل أن يجف وقبل أن يقيمه لم يكن للّبَّان أجر. ألا ترى لو أن الخبز احترق في التنور لم يكن للخباز أجر وكان ضامناً للعجين إن كان ضيعه أو احترق من عمله. وكذلك الرجل يستأجر خبازاً يصنع له طعاماً لعرس أو غير ذلك فأفسده فهو ضامن لذلك. وإذا استأجر رجل (¬1) رجلاً يضرب له لبناً بملبن معلوم ويطبخه له آجراً وعلى أن الحطب من عند رب اللبن فهو جائز. وإن أفسد اللبن بعدما أدخله الأَتُون (¬2) وتكسر لم يكن له أجر؛ لأنه لم يفرغ منه بعد. ولوطبخه حتى نضج ثم كف عنه النار فاختلف هو وصاحبه في إخراجه، فإن إخراج ذلك على الأجير بمنزلة الخباز، يكون إخراج الخبز من التنور عليه. فإن انكسر قبل أن يخرجه فلا أجر له. وإن أخرجه من الأتون فإن كان الأتون والأرض في ملك رب اللبن وجب له الأجر وبرئ من ضمانه. وإن كان الأتون في ملك اللبّان فلا أجر له حتى يدفعه إلى صاحبه. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا شق راوية (¬3) الرجل فهو ضامن لما سال منها ولما عطب بما سال منها ما لم يَسُقْ بها (¬4) صاحبها. إذا كان شيء يحمل فشقه فحمله وهو (¬5) ينظر إلى الشق فهذا رضا بما يصنع. والصغير في هذا والكبير سواء. وإذا سبق رجل راوية فلم يزل يسيل ما فيها ومال الجانب الآخر فوقع فانخرق أيضاً، قال: هو ضامن لهما جميعاً، لأن هذا من فعله، ¬

_ (¬1) ص: الرجل. (¬2) الأتون على وزن فَعُول: موقد النار، وهو للحمّام، ويستعار لما يطبخ فيه الآجر. انظر: المغرب، "أتن". (¬3) أي: ما يوضع على جانبي الدابة من الوعاء كما هو ظاهر من السياق. (¬4) م ص ف: يستعن بها. وفي ب: يستعن به. وفي الكافي: لم يشق بها؛ انظر: 1/ 215 ظ. وفي المبسوط: لم يستوعبها؛ انظر: 16/ 58. والتصحيح مستفاد من المسألتين التاليتين حيث ورد فيهما: "وساق بعيره"، "وساقها". (¬5) ص: فهو.

إلا أن يكون الآجر (¬1) قد مضى وساق بعيره فلا يكون عليه شيئ. أرأيت إن شق فيه ثقباً صغيراً فقال صاحبها: بئس ما صنعت، ثم مضى وساقها فزلق رجل بما (¬2) سال منه أكان يكون على الأول؛ قال: لا؛ فلهذا جعلته (¬3) إذا حمل وهو يرى أو ساق فهذا رضى منه بما صنع (¬4). وقال أبو يوسف ومحمد: إذا استأجر الرجل رجلاً كل شهر بدرهم على أن يطحن له كل يوم قفيزاً إلى الليل فإن (¬5) هذا باطل إلا أن لا يسمي له قفيزاً ولا شيئاً. فإذا قال: على أن تطحن لي يوماً إلى الليل، فهذا جائز (¬6). رجل استأجر من رجل داراً سنة كل شهر بعشرة دراهم على أن ينزلها هو وأهله أو هو بنفسه على أن يعمر الدار ويَرُمّ ما كان فيها من خراب، ويعطي أجر حارسها وما نابها من نائبة سلطان أو غيره، هل تجوز الإجارة على هذا؟ قال: الإجارة على ما ذكرت من الشرط فاسد (¬7) لا يجوز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإن سكنها فعليه أجر مثلها بالغاً ما بلغ مِن قِبَل أنه شرط مع الأجر شيئاً مجهولاً لا يعرف. رجل استأجر داراً من رجل سنة بمائة درهم على أن لا يسكنها ولا ينزل فيها فوقعت الإجارة على هذا هل يجوز ذلك؟ أرأيت إن كملت السنة ¬

_ (¬1) م: الاجر. (¬2) م ص: لما. (¬3) ص - جعلته؛ صح هـ. (¬4) قال السرخسي: وهذه المسألة ليست من مسألة (لعله مسائل) الإجارات. ولعل محمداً -رحمه الله- عند فراغه من هذا الكتاب ذكر هذه المسألة قياساً في هذا الموضع كيلا يفوت. انظر: المبسوط، 16/ 59. (¬5) ص ف: قال. (¬6) ذكر الحاكم والسرخسي أن هذه المسالة زيادة من نسخ أبي حفص. انظر: الكافي، 1/ 215 ظ؛ والمبسوط، 16/ 59. (¬7) ص: فاسدة.

فطلب [رب] الدار الأجر فقال المستأجر: لم أسكنها فلا أجر لك علي؟ أرأيت إن تصادقا على ما ذكرت لك هل يلزمه في ذلك أجر؟ قال: الإجارة فاسدة في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإن لم يسكن فلا أجر عليه. فإن سكنها فله أجر مثلها، ولا أنقصه مما (¬1) سمى. رجل تكارى داراً من رجل سنة على أن أنزله داراً له سنة يسكنها فوقعت الإجارة على هذا وسكنها هل تجوز هذه الإجارة؟ أرأيت إن انهدمت إحدى الدارين بما يرجع أحدهما على الآخر؟ أرأيت إن قال: أجرني منزلك هذا وأنزلك حانوتي الذي في السوق، ووقعت الإجارة على هذا وقبضا وسكنا هل تجوز الإجارة؟ قال: لا تجوز الإجارة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد في شيء مما ذكرت. ولا ضمان على واحد منهما فيما انهدم. وعلى كل واحد منهما أجر مثله فيما سكن. رجل استأجر منزلاً لرجل في داره على أنّ أَجْرَ منزله أن يكفيه وعياله نفقتهم ومؤنتهم ما دام نازلاً في المنزل هل تجوز هذه الإجارة؟ أرأيت إن قال رب المنزل؛ لم تنفق علي وعلى عيالي درهماً ولا دانقاً مما جعلت لي عليك، فأنا آخذك بأجرها، هل يقضى له عليه بشيء؟ أرأيت إن كانت بينهما بينة ببينة من يؤخذ؟ قال: الإجارة فاسدة في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، وعلى المستأجر لرب المنزل أجر مثله. وإن قال رب المنزل: لم ينفق علي شيئاً، فالقول قوله، والبينة بينة المستأجر، ويحسب له ما قامت به البينة من أجر مثلها (¬2). ¬

_ (¬1) ص: ما. (¬2) م + آخر كتاب الإجارات والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد وآله كتبه أبو بكر بن أحمد بن محمد الطلحي الإصفهاني في رجب سنة تسع وثلاثين وستمائة؛ ص+ آخر كتاب الإجارات ويتلوه كتاب الشركة إن شاء الله تعالى كتبه العبد الفقير إلى الله محمد بن نصر بن عز بن علي المختار حامدا لله ومصليا على رسوله محمد وآله في صفر سنة ست وستين وستمائة؛ ف + آخر كتاب الإجارات.

كتاب الشركة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب الشركة باب شركة العنان وإذا أراد الرجل أن يشارك الرجل شركة عنان في تجارة خاصة فأرادا أن يكتبا بينهما كتاباً كتبا: "هذا ما اشترك عليه فلان بن فلان وفلان بن فلان، اشتركا على تقوى الله تعالى وأداء الأمانة، وعلى أن رأس مال فلان كذا وكذا، ورأس مال فلان كذا وكذا، وذلك كله في أيديهما، يشتريان به ويبيعان، ويعمل كل واحد منهما فيه برأيه جميعاً وشتى، يبيع ويشتري بالنقد والنسيئة، فما كان في (¬2) ذلك من ربح فهو بينهما على قدر رؤوس أموالهما، وما كان في ذلك من وضيعة أو تبعة فهو عليهما على قدر رؤوس أموالهما، اشتركا على ذلك في شهر كذا من سنة كذا". وإذا اشتركا في تجارة وليس لواحد منهما رأس مال وفَضَّلَ أحدهما صاحبه من الربح لفضل بصره، وكانت الشركة بينهما على أن يشتريا ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) ف - في.

بوجوههما، فلا خير في ذلك؛ لأنه يأكل ربح ما ضمن الآخر (¬1)، فلا يجوز أن يُفَضِّل أحدهما صاحبه في الربح (¬2). هذا إنما يجوز في الدين (¬3) ليس فيه شراء بتأخير أو في المال العين [أو] (¬4) العمل بأيديهما. وإذا اشتركا بغير رأس مال على أن يشتريا بوجوههما (¬5)، فما ربحا أو وضعا فعليهما، فذلك جائز. فإن أرادا أن يكتبا بذلك كتاباً وكانت تجارتهما تجارة معلومة خاصة في باب دون الأبواب كتبا: "هذا ما اشترك عليه فلان بن فلان وفلان بن فلان، اشتركا على تقوى الله تعالى وأداء الأمانة، وعلى أنه ليس لواحد منهما رأس مال، اشتركا على أن ما اشتريا جميعاً أو شتى من تجارة كذا وكذا بالنقد والنسيئة فهو بينهما نصفين، والوضيعة عليهما نصفين، ويعمل كل واحد منهما في ذلك برأيه، فما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما نصفان (¬6)، وما كان في ذلك من تبعة أو وضيعة فهو عليهما نصفان (¬7)، اشتركا على ذلك في شهر كذا من سنة كذا". وإذا اشتركا على أن لأحدهما الثلثين مما اشتريا والثلثين من الربح وعليه من الوضيعة الثلث كان ذلك جائزاً. وإذا اشترك الرجلان في عمل بأيديهما فأرادا أن يكتبا بينهما كتاباً كتبا: "هذا ما اشترك عليه فلان بن فلان وفلان بن فلان، اشتركا على تقوى الله تعالى وأداء الأمانة، اشتركا في عمل كذا وكذا، يعملان بأيديهما ويتقبلان العمل من الناس جميعاً وشتى، ويعمل كل واحد منهما في ذلك برأيه، فما رزقهما الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما نصفين، وما كان في ذلك ¬

_ (¬1) م: بالاجر. (¬2) ف - الربح. (¬3) ص: في اللذين. قال السرخسي: في الذي. انظر: المبسوط، 11/ 156. وذكر أن هذا إشارة إلى شركة الوجوه. انظر: المبسوط، 11/ 157. (¬4) الزيادة من الكافي، 1/ 137 و؛ والمبسوط، 11/ 156. (¬5) ص: بوجوههم. (¬6) ص: نصفين. (¬7) ص: نصفين.

من وضيعة أو تبعة فهو بينهما نصفين، اشتركا على ذلك في شهر كذا من سنة كذا". وإذا اشترك الرجلان في عمل بأيديهما مختلف يعمل أحدهما القِصَارَة والآخر الخياطة فذلك جائز. فما اكتسب أحدهما من شيء فهو بينهما. ولو مرض أحدهما أو غاب أو لم (¬1) يعمل من غير علة كان ما اكتسب الذي (¬2) عمل بينهما نصفين؛ لأنهما قد اشتركا على ذلك. ولو أنهما حيث اشتركا اشترط أحدهما ثلثي الربح والآخر ثلث الربح كان ذلك جائزاً. ألا ترى أن أحدهما يكون أجود عملاً من صاحبه وأبصر بالعمل وأجرى في ذلك من صاحبه، فلا يرضى صاحبه أن يكون للآخر من الربح مثل ما له، فيفضّله صاحبه في الربح لفضل عمله. ولو عمل الذي له الأوكس (¬3) من الربح وغاب الآخر أو كان حاضراً ولم يعمل (¬4) كان الربح بينهما على ما اشتركا عليه. ألا ترى أنهما لو عملا جميعاً لم يكن عملهما (¬5) سواء حتى يكون عمل أحدهما أكثر من عمل الآخر، فيكون لأحدهما ثلثا الربح وللآخر الثلث. وكذلك الغيبة والمرض. ألا ترى أنهما لا يستطيعان أن يُقَدِّرَا عملهما حتى يكونا سواء على قدر شرطهما. أرأيت لو قام أحدهما فصلى المكتوبة وعمل الآخر أليس كان يكون للذي قام يصلي من الربح مما عمل هذا بحصته، لا يَحْسُنُ (¬6) في هذا إلا هذا. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإذا اشترك الرجلان فجاء أحدهما بألف درهم والآخر بألفي درهم فاشتركا على أن الربح بينهما نصفين والوضيعة عليهما نصفين فهذه شركة فاسدة لا تجوز، ولا يستقيم أن يكون على صاحب الألف من الوضيعة أكثر من رأس ماله. فإن عملا على هذا فوضعا فالوضيعة عليهما على قدر رؤوس ¬

_ (¬1) ص: ولم. (¬2) ف: للذي. (¬3) أي: الأقل. انظر: لسان العرب، "وكس". (¬4) م ف: أو لم يعمل. (¬5) م ص: عليهما. (¬6) م ص ف: لا يحبس. والتصحيح من ب.

أموالهما. وإن ربحا فالربح بينهما على ما اشترطا. فإن اشتركا على أن الربح بينهما على رأس المال والوضيعة على ذلك كله فذلك كله جائز. وكذلك لو كان أحدهما يعمل بالمال دون صاحبه وكان ذلك في شرطهما أو لم يكن فإن عمل صاحب الألف بالمال أو صاحب (¬1) الألفين فهو سواء وهو جائز؛ لأنه ليس لواحد منهما فضل في ربحه على قدر رأس ماله. ولو اشترطا أن الربح بينهما نصفان (¬2) والوضيعة على قدر رأس المال وعلى أن يعملا بالمال جميعاً كان ذلك جائزاً. وإن عمل أحدهما بالمال دون صاحبه أيهما ما كان بعد أن يكونا قد اشترطا أن يعملا جميعاً في أصل الشركة فإن ذلك جائز، والربح بينهما على ما اشترطا، والوضيعة على المال، وأيهما عمل فهو في ذلك سواء. وإن اشتركا على أن يعمل صاحب الألفين بالمال خاصة دون صاحب الألف على أن الربح بينهما نصفين وعلى أن الوضيعة على قدر رؤوس أموالهما فإن هذه الشركة فاسدة، وما ربح من شيء فهو بينهما على رؤوس أموالهما. وكذلك الوضيعة. وذلك لأنه لا يطيب لصاحب الألف من فضل الألفين شيء إلا أن يعمل معه في المال عملاً قليلاً أو كثيراً. وإن كان الذي اشتركا عليه العمل بالمال من (¬3) صاحب الألف خاصة دون صاحب الألفين فإن هذه الشركة والربح بينهما نصفين على ما اشتركا. يطيب لصاحب الألف الفضل من الربح بعمله فيه. وهذا بمنزلة المضاربة يأخذها الرجل. وإذا أقعد الصانع معه رجلاً في دكانه يطرح عليه العمل بالنصف فإن ذلك في القياس فاسد. ولكنا ندع القياس ونستحسن فنجيزه. وإنما جاز الفضل لرب الدكان لأنه أقعده في دكانه. وكذلك لو أعانه (¬4) بمتاع من متاعه. وكذلك قال أبو حنيفة في الخياط يتقبّل (¬5) المتاع ويَلِي (¬6) قَطْعَه (¬7) ثم ¬

_ (¬1) ص: وصاحب. (¬2) م ف: نصفين. (¬3) م ص - من. (¬4) م + في دكانه وكذلك لو أعانه. (¬5) م ص ف: يفصل. والتصحيح من الكافي، 1/ 137 و؛ والمبسوط، 11/ 159. (¬6) م ص ف: وهي. والتصحيح من المصدرين السابقين. (¬7) م: قطعته.

يدفعه إلى آخر بالنصف فإن ذلك جائز مِن قِبَل أن القطع (¬1) عمل. وكذلك القصار والإسكاف. وكذلك كل عامل. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وإذا اشترك الرجلان بالعروض فلا شركة بينهما؛ لأن رأس مال كل واحد منهما مجهول لا يعرف. فإن باعا تلك العروض بثمن واحد قسمنا (¬2) الثمن على قيمة متاع كل واحد منهما يوم باعاه. وكذلك كل شيء من العروض مما لا يكال ولا يوزن. وكذلك الحيوان كله لا تجوز (¬3) الشركة فيه. وكذلك لو كان رأس مال أحدهما دراهم ورأس مال الآخر عروضاً (¬4) لم تكن بينهما شركة على هذا. وإذا اشترك الرجلان بشيء مما يكال أو يوزن أو يُعَدّ عدداً وذلك سواء في الكيل والوزن والعدد والصفة فخلطاه فهو بينهما نصفين، وما ربحا فيه فلهما، وما وضعا فيه فعليهما. وإذا لم يخلطاه فليسا بشريكين، ولكل واحد منهما متاعه، له ربحه، وعليه وضيعته. وإذا اشترك الرجلان ولأحدهما حنطة وللآخر شعير أو لأحدهما سمن وللآخر زيت فلا تجوز الشركة. فإن لم يخلطاه فلكل واحد منهما متاعه، له ربحه، وعليه وضيعته. فإن خلطاه فالشركة فاسدة. وإن باعاه فالثمن بينهما على قدر قيمة متاع كل واحد منهما يوم خلطاه مخلوطاً. فإن كان أحدهما يزيده الخلط خيراً فإنه يضرب بقيمته يوم يقتسمون غير مخلوط. وكذلك العروض كلها من الكيل والوزن إذا كانا مختلفين. وإذا اشترك الرجلان ولأحدهما ألف درهم وللآخر مائة دينار فخلطا ذلك أو لم يخلطاه فهو سواء؛ لأن ذلك لا يختلط. فأيهما ما هلك وبقي الآخر فإن الذي هلك هلك من مال صاحبه، والذي بقي هو لصاحبه، وليس للآخر فيه شيء، وليس على الذي بقي ماله من مال الذي هلك شيء؛ (¬5) لأن الشركة لم تقع، لأن المالين لم يختلطا. ¬

_ (¬1) ص - أن القطع. (¬2) م ص: قيمتهما. (¬3) ص: لا يجوز. (¬4) ص: عروض. (¬5) ص: شيئاً.

وإذا اشتريا متاعاً على المال فنقدا الثمن من الدراهم وقد هلكت الدنانير بعد ذلك فإنها تهلك من مال صاحبها الذي كانت له، وليس على صاحب الدراهم منها شيء. وأما المتاع الذي اشتريا (¬1) بالدراهم، فهو بينهما على قدر رؤوس أموالهما في الأصل، ويرجع صاحب الدراهم على صاحب الدنانير من ثمن المتاع بقدر حصته من المتاع؛ (¬2) لأنه نقد ثمن (¬3) المتاع من ماله. وإذا اشتريا بالدراهم والدنانير جميعاً متاعاً فالمتاع بينهما على قدر رؤوس أموالهما في الأصل. وإذا اشتريا جميعاً بالألف متاعاً ثم اشتريا بعد ذلك بالدنانير متاعاً فوضعا في أحد المتاعين وربحا في الآخر فإن ذلك كله بينهما على قدر رؤوس أموالهما، الربح بينهما على قدر ذلك، والوضيعة تقسم بينهما على قدر الدنانير والدراهم يوم يقتسمون. وكذلك لو أن رجلين اشتريا متاعاً بألف درهم وكُرّ حنطة على أن لأحدهما من المتاع بحصة الألف وللآخر بحصة الكُرّ، ونقد الذي له من المتاع بحصة الألف ألف درهم، وكَالَ (¬4) الآخرُ الكُرّ حنطة، فهو جائز على ما اشتركا. وكذلك لو اشتريا متاعاً بكُرّ حنطة وكُرّ شعير، فكال أحدهما كُرّ حنطة على أن له (¬5) من المتاع بحصته (¬6)، وكال الآخر كر شعير على أن له من المتاع بحصته، ثم باعا ذلك بدراهم، فأرادا أن يقتسما ذلك، فإنهما يقتسمان ذلك على قدر قيمة الحنطة والشعير يوم يقتسمان. وكذلك كل ما أشبه الحنطة والشعير مما يكال. وكذلك كل ما ¬

_ (¬1) ص: اشترياه. (¬2) ص - بقدر حصته من المتاع. (¬3) ف: الثمن. (¬4) ف: وكان. (¬5) م - له. (¬6) م ص ف: بعدده. والتصحيح من المبسوط، 11/ 165.

يوزن (¬1). فأما ما سوى ذلك من العروض فإن اشتريا به متاعاً ثم باعا ذلك المتاع بدراهم فإنهما يقتسمان الدراهم على قيمة العروض يوم اشترياها. ولا يشبه هذا الذهب والفضة وما يكال أو يوزن. ألا ترى أنهما إذا اشتريا بالعروض لم يدريا كم رأس مال كل واحد منهما؛ لأنه ليس بكيل ولا وزن. أولا ترى أنهما لا يستطيعان أن يبيعا ما اشتريا بالعروض مرابحة، وقد يبيعان (¬2) ما اشتريا بالدراهم والدنانير والفلوس والكيل والوزن مرابحة. وكذلك العدد هو بمنزلة الكيل والوزن. ألا ترى أنهما لو باعا ذلك مرابحة، والثمن كيل أو وزن، استوفى كل واحد منهما رأس ماله الذي كال أو وزن، ثم اقتسما الربح على قيمة رأس مال كل واحد منهما يوم اقتسما الربح، إن كان الربح كيلاً مسمى أو وزناً مسمى. وإن كانا باعاه مرابحة العشرة أحد عشر كان لكل واحد منهما رأس ماله وحصته من الربح على ما باعا. فأما ما لا يكال ولا يوزن ولا يعد من العروض فلا يستطيعان أن يبيعا ما اشتريا كذلك مرابحة. ولو أن رجلاً اشترى ثوباً بعشرة مخاتيم حنطة قد عرف صفتها، ثم باع ذلك الثوب على ذلك مرابحة، جاز ذلك. ولو أن رجلاً أعطى رجلاً دنانير مضاربة يعمل بها ثم أراد (¬3) القسمة كان لرب المال أن يستوفي دنانيره، ويأخذ من المال بقيمتها يوم يقتسمون الربح. وينبغي لمن خالف ذلك أن يقول: يأخذ بقيمتها يوم أعطاه (¬4). ولو أن رجلين اشتركا ولكل واحد منهما ألف درهم، فاشتركا على أن ¬

_ (¬1) وقد اعتُرِضَ على هذا كما ذكره الحاكم، وقيل: صوابه أن يقتسماه على القيمة يوم وقع البيع. انظر: الكافي، 1/ 137 ظ. وبيَّن السرخسي أن المعترض هو عيسى بن أبان، وشرح المسألة. انظر: المبسوط، 11/ 165. (¬2) ص: يبيعا. (¬3) ص: ثم أرادا. (¬4) قال السرخسي: ولم يبين من المخالف، قيل: المخالف زفر -رحمه الله- ... انظر: المبسوط، 11/ 166.

يشتريا ما ويبيعا وخلطاها، كان ما اشتريا ما (¬1) من شيء فربحا أو وضعا فالربح بينهما والوضيعة عليهما. فكذلك ما اشتريا ببعضها. وكذلك ما هلك منها قبل الشراء فهو بينهما، وما بقي فهو بينهما؛ مِن قِبَل أنها اختلطت ووقعت الشركة بينهما. وإن كان يُعْرَف فيما ضاع شيءٌ بعينه من مال أحدهما فإنه يضيع من ماله خاصة دون مال صاحبه. وإن كان يُعْرَف فيما بقي شيءٌ بعينه من مال أحدهما كان له دون صاحبه، وكان ما ضاع وما بقي بينهما على قدر ما اختلط من رؤوس أموالهما فلم يعرف. وإذا اشترك الرجلان بغير مال على أن ما اشتريا من الرقيق (¬2) فهو بينهما فهو جائز. وإذا اشترك الرجلان بغير مال على أن ما اشتريا اليوم فهو بينهما، أو على أن ما اشتريا هذا الشهر أو هذه السنة فهو بينهما، فخصا صنفاً من الأصناف أو عَمَلاً أو لم يخصا، فهذا جائز. وكذلك لو لم يوقتا للشركة وقتاً كان جائزاً. ولو قال أحدهما: قد اشتريت متاعاً فهلك مني، فعليك أيها الشريك نصف الثمن، فإن صدقه شريكه على مقالته فعليه نصف الثمن. وإن كذبه شريكه لم يصدِّق المدعي على ما ادعى. وكذلك لو أنكر الشريك الشرى كان كذلك بعد أن يحلف ما يعلم ذلك. فإن حلف برئ، ولا شيء عليه. فإن أقام المدعي البيِّنة على الشراء وقبض المتاع ثم قال: قد هلك المتاع، وكذبه الشريك، فإن على المدعي أن يحلف بالله لقد هلك المتاع. فإذا حلف اتبع (¬3) شريكه بنصف الثمن. وإذا اشتريا متاعاً وقبضاه، ثم قبضه أحدهما من شريكه ليبيعه، فقال: قد هلك، فهو مصدق بعد أن يحلف بالله لقد هلك المتاع. وإذا اشترك الرجلان بغير مال على أن ما اشتريا من شيء فهو بينهما ¬

_ (¬1) م: لها. (¬2) م ص ف: من الدقيق. والتصحيح من الكافي، 1/ 137 ظ؛ والمبسوط، 11/ 167. (¬3) ف: اتبعه.

نصفين، ولأحدهما ثلثا الربح، وللآخر الثلث، كانت الشركة جائزة (¬1)، والشرط باطلاً (¬2)، والربح بينهما نصفين. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولا ينبغي لأحدهما أن يأكل ربح ما يضمن صاحبه. ألا ترى أن على صاحبه نصف الضمان، فكيف [يكون] له ثلث الربح وعليه نصف الضمان (¬3). ولكن لو اشتركا على أن ما اشتريا من شيء فلفلان ثلثه (¬4) ولفلان ثلثاه، والربح والوضيعة بينهما على قدر ذلك، كان ذلك جائزاً، وهذا بمنزلة قولهما: ما اشترينا من شيء فهو بيننا نصفين. وإذا اشترك الرجلان شركة عنان بأموالهما أو بوجوههما، فاشترى أحدهما متاعاً (¬5)، فقال الشريك (¬6) الذي لم يشتر: هذا المتاع من شركتنا، وقال الذي اشتراه: بل هو لي خاصة، وإنما اشتريته بمالي ولنفسي قبل الشركة، فالقول قول المشتري مع يمينه بالله ما هذا من شركتنا. فإذا حلف كان له خاصة. ولو أن رجلاً أمر رجلاً أن يشتري له عبداً بعينه بينه وبينه، فقال: نعم، فخرج المأمور فاشترى وأشهد أنه إنما يشتريه (¬7) لنفسه خاصة، فإن العبد بينه وبين الذي أمره أن يشتريه، ولا يستطيع الذي اشتراه أن يخرج من شركة صاحبه إلا بمحضر منه. ولو كان هذا يستطيع أن يخرج من الشركة كان لكل شريك مفاوض أو غيره أن يخرج من الشركة (¬8) وصاحبه غائب. وكذلك إذا اشترك الرجلان على أن ما اشتريا من شيء فهو بينهما، أو ¬

_ (¬1) ف: باطلة. وانظر للشرح: المبسوط، 11/ 168. (¬2) ص: باطل. (¬3) ص - فكيف له ثلث الربح وعليه نصف الضمان. (¬4) ص - ثلثه. (¬5) م ص ف: مثلها. والتصحيح من الكافي، 1/ 137 ظ؛ والمبسوط، 11/ 168. (¬6) م ص ف: للشريك والتصحيح من المصدرين السابقين. (¬7) ف: اشتراه. (¬8) ف - كان لكل شريك مفاوض أو غيره أن يخرج من الشركة.

على أن ما اشترى كل واحد منهما من شيء فهو بينهما، ثم اشترى أحدهما متاعاً وأشهد أنه يشتريه لنفسه خاصة بغير محضر من صاحبه، فكل ما اشتريا من شيء فهو بينهما. وكذلك لو قالا: على أن كل ما اشترى واحد منا اليوم من شيء فهو بيننا نصفين، لم يستطع أحدهما الخروج مما اشتركا عليه إلا بمحضر منهما جميعاً. ألا ترى أن رجلاً لو (¬1) أمر رجلاً أن يشتري له عبداً بعينه بثمن قد سماه له أو لم يسمه، ودفع إليه الثمن أو لم يدفعه إليه، ففارقه المأمور على أن يشتريه للآمر؛ فلما أراد أن يشتري أشهد عند عقدة الشراء أنه إنما اشترى العبد لنفسه، أن ذلك لا يستقيم، وأن العبد عبد الآمر؛ ولا يستطيع (¬2) المأمور الخروج مما أمر به إلا بمحضر من الآمر. فكذلك الأول. وكذلك لو أن الآمر أشهد أنه قد أخرج المأمور مما أمره به والمأمور غير حاضر لم يجز ذلك. فإن اشتراه المأمور قبل أن يعلم بإخراج الآمر إياه (¬3) من الأمر فهو للآمر. ولو أن رجلاً أمر رجلاً أن يشتري له عبداً بعينه (¬4) بينه وبينه، فقال: نعم، فذهب المأمور ليشتري العبد، فلقيه رجل آخر، فقال: اشتر هذا العبد بيني وبينك، فقال المأمور: نعم، فاشترى المأمور ذلك العبد، فإن للأول نصف العبد، وللآخر نصف العبد، وسقط المشتري المأمور، فلا يملك منه شيئاً؛ لأن الشرى وقع للأول نصفه، وللآخر نصفه. وإذا اشترى الرجل عبداً وقبضه، فطلب إليه رجل آخر الشركة فأشركه، فإن له نصفه. وكذلك لو أشرك رجلين (¬5) في صفقة واحدة كان العبد بينهم أثلاثاً. وإذا كان العبد بين رجلين قد اشترياه فأشركا (¬6) فيه رجلاً فإن القياس أن يكون للرجل النصف. وأما في الاستحسان فله الثلث. وبه نأخذ (¬7). ولو ¬

_ (¬1) م ص - لو. (¬2) ص - الآمر ولا يستطيع؛ صح هـ. (¬3) م: ايا. (¬4) م + ببينه. (¬5) ف: اشترك رجلان. (¬6) ف: فاشتركا. (¬7) ص: يأخذ.

أشركه أحد الرجلين في نصيبه ونصيب صاحبه فأجاز شريكه ذلك كان للرجل النصف وللشريكين النصف. وإذا أشرك (¬1) رجل رجلاً في متاع قد اشتراه قبل أن يقبضه كانت الشركة فاسدة؛ لأنه بيع، فلا يجوز أن يبيع ما لم يقبض. ولو أنه أشركه بعدما قبض المتاع فلم يدفع إليه شيئاً حتى هلك المتاع لم يكن على الشريك من ثمن المتاع شيء؛ لأنه لم يقبض. وكذلك التولية، هو في هذا بمنزلة البيع. وإذا كان العبد بين رجلين فأشرك أحدهما رجلاً في نصيبه، ولم يقل في كم أشركه، ثم (¬2) أشركه الآخر أيضاً في نصيبه، كان للرجل نصف العبد، ولكل واحد من الأولين الربع. وإذا اشترى الرجل عبداً ثم أشرك فيه رجلاً قبل أن يقبضه فإن الشركة لا تجوز؛ لأنها بيع فاسد لأنه لم يقبض العبد. ولو كان قبض (¬3) المشتري العبد ثم أشرك فيه رجلاً، ثم مات العبد عند المشتري قبل أن يُقَبِّضَه المشتري من الشريك الآخر، فإنه من (¬4) مال الذي مات عنده، ولا يكون من مال هذا الشريك؛ لأن هذا الشريك مشتري (¬5)، فلا يكون من ماله حتى يقبضه. وكذلك التولية هو بمنزلة البيع. وإذا اشترك الرجلان في عبد قبل أن يشترياه، فقال كل واحد منهما لصاحبه: أينا اشتراه فهو بينه وبين صاحبه، أو قال كل واحد منهما لصاحبه: أينا اشتراه فقد اشترك (¬6) فيه صاحبه، أو قال: فصاحبه شريكه، فهذا جائز، فأيهما اشتراه فهو بينه وبين الآخر، وقَبْضُ المشتري منهما قَبْضٌ له ولشريكه. فإن مات في يد أحدهما كان من مالهما (¬7) جميعاً. وكذلك لو ¬

_ (¬1) ف: اشترك. (¬2) ص - أشركه ثم؛ صح هـ. (¬3) ص: اقبض. (¬4) ف - من. (¬5) ص: مشتر. (¬6) م ص: أشرك. (¬7) م ص ف: مال أحدهما. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 11/ 171.

اشترياه جميعاً معاً، أو اشترى أحدهما نصفه قبل صاحبه ثم اشترى صاحبه النصف الباقي، كان بينهما. فإن نقد أحدهما الثمن بأمر صاحبه أو بغير أمره، وقد كانا اشتركا فيه قبل الشراء على ما وصفت، فإنه يرجع بنصف الثمن على شريكه. فإن باع أحدهما العبد واستثنى نصفه، وقد أذن كل واحد منهما لصاحبه في بيع العبد، كان جائزاً، وكان العبد بينه وبين الذي اشتراه منه، وكان للشريك الآخر نصف الثمن إذا كان باعه على أن له نصفه، ويأخذ من المشتري نصف الثمن. وإن كان باعه (¬1) إلا نصفه كان للمشتري نصفه بجميع الثمن، وكان ثمن (¬2) نصف العبد بينه وبين شريكه نصفين في قياس قول أبي حنيفة. وأما في قياس قول أبي يوسف ومحمد (¬3) فالبيع على نصف المأمور الذي يملك من العبد (¬4) خاصة. ولو أن رجلاً اشترى عبداً وقبضه ثم قال لرجل آخر: قد أشركتك في هذا العبد على أن تنقد (¬5) عني، ففعل ذلك ونقد (¬6) عنه أو لم ينقد (¬7)، كانت هذه الشركة فاسدة لا تجوز؛ مِن قِبَل أنه اشترط فيها على أن ينقد (¬8) عنه، فهو كالشرط في البيع. فإن نقد (¬9) عنه الرجل فإنه يرجع بما نقد (¬10) على الذي أمره، ولا شيء له في العبد. ¬

_ (¬1) ف - على أن له نصفه ويأخذ من المشتري نصف الثمن وإن كان باعه. (¬2) م: الثمن؛ ف - ثمن. (¬3) وعبارة الحاكم والسرخسي: في قول أبي يوسف ومحمد. انظر: الكافي، 1/ 138 و؛ والمبسوط، 11/ 172. ولعل الصواب أن محمداً يقول هذا قياساً على قول أبي يوسف. (¬4) ص - الذي يملك من العبد. وهي عبارة الحاكم. انظر: الكافي، 1/ 138 و. وانظر للشرح: المبسوط، 11/ 172. (¬5) م ص ف: أن تبعد. والتصحيح هنا وفي المواضع التالية من ب؛ والكافي، 1/ 138 و؛ والمبسوط، 11/ 173. (¬6) م ص ف: وبعد. (¬7) م ص ف: لم يبعد. (¬8) م ص ف: أن يبعد. (¬9) ص: بعد. (¬10) ص: بعد.

وإذا اشترى الرجل نصف عبد بمائة درهم، واشترى رجل آخر نصف ذلك العبد بمائتي درهم، ثم باعاه مساومة بثلاثمائة درهم، فإن الثمن بينهما نصفين؛ لأن كل واحد منهما كان له نصف العبد، فله نصف الثمن. ولو باعاه (¬1) مرابحة بربح مائة درهم أو بالعشرة أحد عشر كان الثمن والربح بينهما أثلاثاً. وكذلك لو وَلَّيَاه رجلاً برأس ماله أو باعاه بوضيعة كذا كذا فإن الثمن بينهما أثلاثاً. وإن باعاه مساومة بمائتي درهم أو أقل من ذلك فإن الثمن بينهما نصفين. وإذا اشترك الرجلان في تجارة شركة عنان على أن يشتريا ويبيعا بالنقد والنسيئة فذلك جائز، وأيهما اشترى أو باع فهو جائز (¬2) عليه وعلى شريكه، وما اشترى كل واحد منهما من غير تلك التجارة فهو له خاصة دون صاحبه، وما اشترى أحدهما من تلك التجارة وأشهد عند عقدة الشراء أنه يشتري لنفسه فهو بينه وبين شريكه نصفين. وإن أقر أحدهما بدين في تجارتهما وأنكر الآخر فإنه يجوز على الذي أقر به خاصة، ويؤخذ (¬3) منه جميع الدين، وليس على من أنكر منه شيء. وإذا كان لهما دين على رجل فأخّره (¬4) أحدهما فتأخيره باطل لا يجوز على صاحبه إلا برضاه، وليس هذا كالمفاوضين. ولو باع أحدهما سلعة من الشركة التي بينهما ثم وجد المشتري بها عيباً فإنه لا يستطيع أن يردها على الذي لم يبعه، ولا يكون خصمه فيها. إلا الذي باعها إياه. وكذلك لو اشترى أحدهما سلعة من شريكهما، فأراد أن يردها الذي لم يشترها بعيب، لم يكن له ذلك؛ لأن المشتري غيره. وكذلك لو أخذ أحدهما مالاً مضاربة فربح فيه كان الربح له خاصة، وكل وضيعة لحقت أحدهما من غير شركتهما فهي عليه خاصة، لا يلحق صاحبه منها شيء. وإذا شهد أحدهما لصاحبه بشهادة (¬5) من غير شركتهما فهو جائز. وقال أبو حنيفة: لشريك العنان (¬6) أن يُبْضِعَ وأن يدفع المال مضاربة ¬

_ (¬1) ف: باعا. (¬2) ص - وأيهما اشترى أو باع فهو جائز. (¬3) ص ف: يؤخذ. (¬4) ف: فأجره. (¬5) ف: فيشهادة. (¬6) ف: المضارب.

باب الشركة كيف تصنع في المفاوضة وفي شركة العنان

فإن لم يأذن له شريكه في ذلك، ويجوز له أن يعمل في المال الذي في شركتهما كل شيء يجوز للمضارب أن يعمله. وهذا أيضاً قول أبي يوسف ومحمد. ... باب (¬1) الشركة (¬2) كيف تُصْنَع (¬3) في المفاوضة وفي شركة (¬4) العنان محمد عن أشعث بن سوار عن محمد بن سيرين أنه قال: لا تجوز شركة بعروض ولا بمال غائب (¬5). وبه يأخذ أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد. وعن أبي إسحاق الشيباني عن عامر الشعبي أنه قال: الربح على ما اصطلحا عليه، والوضيعة على المال (¬6). وقال أبو حنيفة: إن اصطلحا في شركة عنان أن الوضيعة على المال (¬7) والربح عليه والمال نصفين فهو جائز، وإن فضّل أحدهما صاحبه في الربح فهو جائز، وإن فضل أحدهما الآخر في الوضيعة فإنه لا يجوز. سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن علي أنه قال: ليس على من قاسم الربح ضمان (¬8). وتفسير هذا أن الوضيعة على المال في المضاربة والشركة. ¬

_ (¬1) م + أو. (¬2) ص - الشركة. (¬3) ص ف: يصنع. (¬4) م ف: الشركة. (¬5) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 482. (¬6) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 267. (¬7) ف: في المال. (¬8) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 253.

وعن بعض أصحابنا عن جابر الجعفي عن علي بن أبي طالب أنه قال: الربح على ما اشترطا عليه، والوضيعة على المال (¬1). وإذا اشترك الرجلان شركة مفاوضة فأرادا أن يكتبا بينهما كتاباً كتبا: "هذا ما اشترك عليه فلان بن فلان وفلان بن فلان، اشتركا على تقوى الله تعالى وأداء الأمانة، اشتركا في كل نبيل ووكيس (¬2) شركة مفاوضة، يبيعان بالنقد والنسيئة، ويشتريان بالنقد والنسيئة، ويعمل كل واحد منهما في ذلك برأيه، على أن رأس مالهما كذا وكذا بينهما نصفين، وذلك كله في أيديهما، فما رزقهما الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما نصفين، وما لحقهما في ذلك من وضيعة أو تبعة فعليهما نصفين، اشتركا على ذلك في شهر كذا من سنة كذا". يكتب كل واحد منهما كتاباً على هذه النسخة، فيكون عنده. إذا اشتركا على هذا فهما متفاوضان في كل قليل وكثير، وذلك كله بينهما نصفين، فما اشترى واحد منهما من شيء بنقد أو نسيئة فهو ماض جائز عليه وعلى صاحبه، يؤخذ به كله. وإذا كان لرجلين لكل واحد منهما ألف درهم لا مال لهما غير ذلك، فاشتركا بمالهما شركة مفاوضة أو شركة عنان ولم يخلطا المال، فالشركة جائزة. وإن خلطا المال فهو جائز. وإن اشترى أحدهما بماله متاعاً في شركة المفاوضة فهو جائز عليه وعلى صاحبه، لهما ربحه وعليهما وضيعته. فإن هلك مال الآخر فهو من مال الذي هلك خاصة دون شريكه، لا يلزم شريكه من ذلك شيء إذا كانا لم يخلطا المال. وشركة المفاوضة وشركة العنان في هذا سواء بعد أن يكون شريك العنان قد أذن كل واحد منهما لصاحبه في الشراء. ولو كان رأس مال أحدهما ألف درهم بِيض، ورأس ¬

_ (¬1) روى ابن أبي شيبة من طريق سفيان عن أبي حصين عن علي في المضاربة أو الشريكين - قال سفيان لا أدري أيهما قال - الربح على ما اصطلحا عليه والوضيعة على المال. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 268. (¬2) وَكَس؛ أي: نقص، والوكس هو النقص في القيمة والثمن. لكن لم أجد "وكيس" في المعاجم. انظر: لسان العرب، "وكس". وعبارة الحاكم والسرخسي: قليل وكثير. انظر: الكافي، 1/ 138 و؛ والمبسوط، 11/ 177.

مال الآخر سُود، فهو مثل ذلك في شركة (¬1) المفاوضة والعنان، إلا أن يكون للبِيض فضل في الصرف، أو يكون للسُّود فضل في الصرف. فإن كان لأحد المالين فضل في الصرف فإنه لا تجوز شركة المفاوضة بينهما، وتكون شركتهما شركة عنان. وإنما بطلت شركة المفاوضة لأن أحدهما أكثر رأس مال من الآخر. فإذا كان أحدهما أكثر رأس مال من الآخر لم تجز شركة المفاوضة فيما بينهما. ولو كان المالان يوم وقعت الشركة سواء ثم صار في أحد المالين فضل قبل أن يشتريا شيئاً فسدت المفاوضة. وإن كان ذلك بعدما اشتريا بالمالين جميعاً شيئين متفرقين لم تفسد المفاوضة. فأما إذا صار في أحد المالين فضل قبل الشراء فالشركة فاسدة. وإذا صار في أحد المالين فضل بعدما اشتريا بالمالين فإن الشركة جائزة، ويكون لكل واحد منهما على صاحبه نصف رأس ماله ديناً عليه. وكذلك لو كان رأس مال أحدهما ألف درهم ورأس مال (¬2) الآخر مائة دينار قيمتها مثل الألف فهو مثل الباب الأول، وهو جائز. فإن اشترى كل واحد بماله متاعاً لصاحبه وقد أذن كل واحد لصاحبه (¬3) في الشراء والبيع فالربح (¬4) والوضيعة عليهما على (¬5) رؤوس أموالهما يوم وقع الشراء. فأما في المفاوضة فإنه لازم لهما على كل حال. وكذلك لو اشتريا جميعاً بمال أحدهما دون الآخر فإنه يلزمهما جميعاً. وإذا اشتريا بالمالين أو اشترى به أحدهما دون الآخر بإذن شريكه فقد وقعت الشركة وإن لم يكونا خلطا المال. وهذا بمنزلة اختلاط المال. ولو كانت الدنانير أكثر قيمة من الدراهم أو كانت الدراهم أكثر قيمة من الدنانير لم تجز المفاوضة بينهما، وجازت شركة العنان. فإذا اقتسما ¬

_ (¬1) م ص ف: في الشركة. والتصحيح من ب. (¬2) ص - أحدهما ألف درهم ورأس مال. (¬3) م ص - وقد أذن كل واحد لصاحبه؛ صح م هـ. (¬4) ص: والربح. (¬5) ف: وعلى.

وتفرقا ضرب كل واحد منهما برأس ماله أو بقيمة رأس ماله يوم يقتسمون. ولو كان رأس مال أحدهما بِيضاً ورأس مال الآخر سُوداً فخلطا ذلك لم يكن اختلاطاً حتى يشتريا به، وكانت مثل الدنانير والدراهم، ولكن قد وقعت الشركة حين تعاقدا بالكلام، وأيهما هلك من ماله قبل الشراء منهما جميعاً فهو عليه خاصة. ولو كانت الدراهم سُوداً كلها فخلطاها كان ما هلك منهما جميعاً، وما بقي فهو بينهما. ولو قال أحدهما لصاحبه: قد بعتك نصف مالي هذابنصف مالك هذا، فرضي بذلك، فتقابضا ولم يخلطا المالين، كانا مشتركين في ذلك بمنزلة ما قد خلط؛ لأن مال كل واحد بينه وبين شريكه بعد أن لا يكونا قسما كل مال على حدة. وإن كان رأس مال أحدهما دراهم ورأس مال الآخر عروضاً (¬1) فإنه لا تكون بينهما شركة مفاوضة ولا شركة عنان (¬2). وإذا باعه (¬3) نصف العروض بنصف الدراهم وتقابضا (¬4) واشتركا شركة مفاوضة أو شركة عنان جاز ذلك. وجميع العروض من العقار والحيوان (¬5) والمتاع والثياب سواء. وكذلك الفضة (¬6) التبر والذهب التبر وحلي مصوغ من ذهب أو فضة، فهو بمنزلة العروض في ذلك، ولا تجوز الشركة في شيء من ذلك (¬7) إلا بالدراهم (¬8) خاصة أو بالدنانير خاصة. ولكن إن اشترى كل واحد منهما نصف مال صاحبه بنصف مال صاحبه وتقابضا فهما شريكان (¬9) في ذلك، إن شاءا (¬10) مفاوضة وإن شاءا (¬11) عناناً. وكذلك الشركة بالفلوس بمنزلة الدراهم والدنانير. ¬

_ (¬1) ص: عروض. (¬2) ف - عنان. (¬3) ف: باع. (¬4) ف: فتقابضا. (¬5) ف: وللحيوان. (¬6) م ص: فضة. (¬7) م ص ف + لا تجوز الشركة. (¬8) ف: في الدراهم. (¬9) م ص: فيما يشتركان. (¬10) ص: إن شاء. (¬11) ص: وإن شاء.

باب بضاعة المفاوضة

وإذا اشترك الرجلان شركة مفاوضة وليس لهما مال فهو جائز. وإن كانا عاملين بأيديهما أو كانا يشتريان بوجوههما فهو جائز. وكذلك الخياطان إذا اشتركا في الخياطة مفاوضة. وكذلك خياط وقصار، وشبه ذلك من العمال، فهو جائز. فمن كانت أعمالهما مختلفة أو واحدة فتفاوضا في ذلك فهو جائز. وإن تقبّل أحدهما عملاً أُخِذَ الآخر به وإن كان عمله غير ذلك العمل. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ... باب بضاعة المفاوضة وإذا أبضع أحد المتفاوضين بضاعة مع رجل فلا ضمان على المفاوض لشريكه، وله أن يُبْضِع، وله أن يدفع مضاربة وأن (¬1) يستودع (¬2)، وليس له أن يقرض. فإن أقرض فهو ضامن لنصف ذلك، ولا يفسد ذلك المفاوضة، وليس له أن يعير في القياس. فإن فعل فأعار دابة فعطبت الدابة تحت المستعير فإن القياس في هذا أن يَضمن المعير نصف قيمة الدابة لشريكه. ولكني أستحسن ولا أضمنه. وهذا قياس قول أبي حنيفة. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وكذلك لو أعار ثوباً فهلك عند المستعير لم يكن على المعير ضمان ولا على المستعير. وإذا أبضع المفاوض بضاعة مع رجل، ثم تفرق المتفاوضان قبل أن يشتري المستبضع بالبضاعة، ثم اشترى بالبضاعة بعد (¬3) فرقتهما (¬4) وهو لا يعلم بفرقتهم، فإن شراءه جائز على الذي أمره وعلى شريكة. ولو كان أمره أحدهما (¬5) أن يبتاع لهما متاعاً وسماه بألف درهم ولم يدفع إليه المال كان ما اشترى من ذلك للآمر دون شريكه. ألا ترى أنه لو مات الذي ¬

_ (¬1) ص - وأن. (¬2) ص: ويستودع. (¬3) م ص: فعمد. (¬4) ص: فرقتها. (¬5) ص - أحدهما.

لم يُبضع وبقي الذي أبضع ثم إن المستبضع اشترى المتاع لزم الحي الآمر، ولم يلزم الميت ولا ورثته من ذلك شيء. فإن كان دفع إليه مالاً فورثة الميت بالخيار، إن شاؤوا ضمّنوا حصتهم الآمر؛ وإن شاؤوا ضمّنوا المستبضع. فإن ضمّنوا المستبضع رجع المستبضع بذلك على الآمر؛ وكان المتاع كله للآخر. ولو أن أحد المتفاوضين وكَّل رجلاً أن يبتاع له جارية بعينها بثمن مسمى أو بغير عينها، أو أمره أن يبتاع له متاعاً، ثم إن الشريك الآخر نهى المأمور (¬1) عن ذلك بعدما أمره الأول، لم يكن للوكيل أن يشتري ذلك. ونهي الشريك الآخر مثل نهي الآمر. فإن اشتراه الوكيل بعد ذلك فهو له دون الآمر. ولو لم ينهه الشريك الآخر حتى اشتراه كان المتاع والجارية بين المتفاوضين جميعاً، وكان للبائع الثمن على الوكيل، ويرجع به الوكيل على أي المتفاوضين شاء. وإن (¬2) شاء رجع به عليهما جميعاً. وله أن يأخذ الذي لم يأمره بذلك كله كما له أن يأخذ الذي أمره. ألا ترى أن أحدهما لو اشترى شيئاً بثمن مسمى وقبضه كان للبائع أن يأخذ الآخر الذي لم يشتر بالثمن. أوَلا ترى أن الذي لم يشتر لو وجد بالبَيْع (¬3) عيباً كان له أن يخاصم فيه ويرده (¬4) على البائع (¬5). أوَلا ترى لو أن رجلاً اشترى من أحد المتفاوضين مبيعاً (¬6) فوجد به عيباً كان له أن يرده على الشريك الذي لم يبعه وكان خصمه في ذلك. أرأيت لو كان قصّاران متفاوضان فأسلم رجل إلى أحدهما ثوباً أما كان له أن يأخذ الآخر بعمله ذلك، وللآخر أن يأخذه بالأجر إذا فرغ من العمل. وهذا يبين لك ما ذكرنا قبله. وكذلك كل (¬7) عمل تفاوض فيه رجلان مسلمان أو ذميان. والنساء في ذلك بمنزلة الرجال. ¬

_ (¬1) م ص: الآمر؛ صح م هـ. (¬2) ص: فإن. (¬3) ص: بالمبيع. بالبيع أي بالمبيع، من باب التسمية بالمصدر. (¬4) ص: ويزده. (¬5) م ص ف: على البيع. والتصحيح من الكافي، 1/ 138 ظ. (¬6) م ص: بيعا. (¬7) م - كل.

وإذا أبضع أحد المتفاوضين بضاعة له ولشريكه، شارك شركة عنان، فأبضع ألف درهم بينهما نصفين مع رجل ليشتري له ما متاعاً برضا الشريك (¬1) شريك عنان، غير أن الذي ولي الدفع أحد المتفاوضين، فمات الذي ولي الدفع، ثم اشترى المستبضع بذلك متاعاً بعد موت الدافع، فإن المستبضع ضامن للمال، والمتاع له، ويكون المال نصفه للشريك بشركة (¬2) عنان، ونصفه للمفاوض الباقي ولورثة (¬3) الميت، وقد انقطعت البضاعة حين مات الدافع. ولو كان الدافع حياً ومات الشريك شريك عنان، ثم اشترى المستبضع المتاع، كان المتاع كله للمتفاوضين (¬4) جميعاً، ويلزمهما حصة الآخر. وإن شاء ورثة الميت ضمنوا المستبضع حصتهم من الثمن. فإن ضمنوا المستبضع حصتهم رجع المستبضع بذلك على المتفاوضين (¬5) على أيهما شاء. وإن شاء رجع عليهما جميعاً. وإنما صار المتاع لهما جميعاً لأن الذي دفع المال أحد المتفاوضين، ولأنه حي لم يمت. وكذلك لو أن أحد المتفاوضين أخذ مالاً من رجل على وجه بيع فاسد، فاشترى به وباع، كان البيع لهما جميعاً، والضمان عليهما جميعاً. ولو لم يمت الشريك شريك عنان في الباب الأول ولكن مات أحد المتفاوضين الذي لم يبضع البضاعة، ثم إن المستبضع اشترى المتاع بذلك البضاعة، فإن المتاع يلزم الآمر، ويكون نصفه للشريك شريك عنان، ويضمن المفاوض الحي لورثة شريكه حصتهم من المال، ولا يكون لهم من المتاع شيء. فإن شاء الورثة ضمنوا ذلك المستبضع. فإن ضمنوا المستبضع رجع المستبضع بذلك على الآمر. وإذا أمر أحد المتفاوضين رجلين أن يشتريا له عبداً بثمن مسمى وسمى (¬6) جنسه فاشترياه له فهو له ولشريكه. فإن افترقا في الشركة فقال الشريك الذي لم يأمر: قد اشترياه (¬7) قبل أن نفترق، وهو بيننا جميعاً، وقال ¬

_ (¬1) ص: الشرك. (¬2) م ص: بشرك. (¬3) ص: ولوورثه. (¬4) م ص: للمفاوضين. (¬5) م ص: على المفاوضين. (¬6) ص: أو سمى. (¬7) م ص: قد اشتريناه.

الآمر: اشترياه بعد الفرقة، هو لي خاصة دونك، فإن القول في ذلك قول الآمر مع يمينه، وعلى الآخر البينة (¬1). فإن أقاما جميعاً البينة (¬2) على ما ادعيا من شرائهما، فإنه يؤخذ ببينة الذي لم يأمر؛ لأنه هو (¬3) المدعي والآخر هو المنكر. ألا ترى أنه لو لم تكن بينهما بينة كان على الآمر اليمين. وإن قال الآمر: اشترياه قبل الفرقة فهو بيننا جميعاً، وقال الذي لم يأمر: اشترياه بعد الفرقة فهو لك، فإن القول في هذا (¬4) للذي (¬5) لم يأمن والآخر مدع، فعليه البينة. ألا ترى أنه يريد أن يلزمه نصف العبد بنصف الثمن. فإن أقاما جميعاً البينة أخذت ببينة الآمر، وقضيت به لهما جميعاً، وألزمتهما الثمن جميعاً، يأخذه الآمر فيدفعه إلى الوكيلين. وإن اجتمعا جميعاً على أنهما لا يدريان متى اشترياه فإنه يلزم الآمر دون الآخر. ولو شهد الوكيلان أنهما اشترياه قبل الفرقة لم تجز شهادتهما، ولا يصدقان على الآمر إذا خالفا قوله، لأن القول قوله، والبينة على الآخر. وكذلك كل هذا من شريكين شركة عنان. وإذا أبضع أحد المتفاوضين ألف درهم من شركتهما مع رجل في متاع، وأمره أن يشتريه له، فخرج الرجل، ثم إن المتفاوضين افترقا في شركتهما، ثم إن المستبضع اشترى المتاع بعد فرقتهما، فقدم به وهو لا يعلم بالفرقة، فهو لهما جميعاً. ولو لم يفترقا ولكن أحدهما مات، ثم اشترى المستبضع وهو لا يعلم، فإن كان الذي مات هو الذي لم يبضع، فإن شرى المستبضع جائز على الآمر؛ يلزمه ذلك دون الميت، ولكن ورثة الميت بالخيار، إن شاؤوا رجعوا على الشريك الآمر بنصف الثمن؛ لأن المتاع قد صار له. وإن شاؤوا رجعوا بذلك على المستبضع، ويرجع به المستبضع على الآمر. وإن كان الميت منهما هو الآمر فما اشترى المستبضع فهو لنفسه، وهو ضامن للثمن بين الشريك الحي وورثة الميت. ولا يشبه ¬

_ (¬1) ف - فإن القول في ذلك قول الآمر مع يمينه وعلى الآخر البينة. (¬2) ص - فإن أقاما جميعاً البينة. (¬3) ص - هو. (¬4) ص+ قول. (¬5) م ص: الذي.

الموت الفرقة؛ لأن الفرقة لا تجوز على المأمور (¬1) حتى يضمن الثمن وهو لا يعلم بها. ولو كانا افترقا ثم اشترى المستبضع المتاع وهو لا يعلم ثم هلك المال كان المتاع لهما جميعاً، وكان (¬2) الثمن للمشتري عليهما جميعاً، ولا يبطل فرقتهما البضاعة. ولو مات أحدهما كان الموت مخالفاً للفرقة. فإن اشترى المستبضع بالمال بعد موت الذي لم يبضعه كان المتاع للحي الذي ولي دفع المال إليه، وكان ورثة الميت بالخيار. إن شاؤوا ضمنوا الآمر حصتهم. وإن شاؤوا ضمنوا المستبضع. فإن ضمنوا المستبضع رجع المستبضع بذلك على الآمر. وإنما كان لهم أن يضمنوا الآمر لأن المتاع قد صار له. وإذا أبضع أحد المتفاوضين رجلاً بضاعة، وأمره أن يشتري له متاعاً قد سماه بألف درهم، ولم يدفع إليه المال، فلما ذهب المستبضع تفرق المتفاوضان في شركتهما، ثم إن المستبضع اشترى المتاع، فإن المتاع كله يكون للآمر دون شريكه؛ لأنه أمره ولم يدفع إليه المال (¬3)، وهذا مخالف لدفع المال. ألا ترى أن رجلاً لو أعطى (¬4) رجلاً مالاً مضاربة، فأبضعه المضارب رجلاً، ثم إن رب المال نهى المضارب عن البيع والشراء به، وناقضه المضاربة (¬5)، ثم إن المستبضع اشترى بالمال ولم يعلم بالمناقضة، أن ذلك جائز، وهو على المضاربة على حاله. ولو كان رب المال يستطيع أن ينقض ذلك بغير علم المستبضع كان المستبضع ضامناً، فهذا قبيح، لا يجوز أن يضمن المستبضع وهو غائب، ينهى رب المال المضارب عن الشراء، والمستبضع لا يعلم بنهيه إياه. ولو لم يكن المستبضع قبض المال، وكان المضارب إنما أمره بذلك، ولم يدفع إليه المال، ثم إن ¬

_ (¬1) ف: على الآمر؛ صح هـ. (¬2) م ص: وإن كان؛ ف: كان. (¬3) ف - فلما ذهب المستبضع تفرق المتفاوضان في شركتهما ثم إن المستبضع اشترى المتاع فإن المتاع كله يكون للآمر دون شريكه لأنه أمره ولم يدفع إليه المال. (¬4) ص: لو أن رجلاً أعطى. (¬5) م ص: المضارب.

باب خصومة المتفاوضين فيما بينهما إذا أنكر أحدهما الشريك أو أقر به أو مات أحدهما

رب المال قبض ماله من المضارب، وناقضه المضاربة، ثم اشترى المستبضع البضاعة، لزمت الآمر المضارب دون رب المال. وكذلك الشريك شريك عنان (¬1). وكذلك المفاوض. ودفع المال في ذلك وغير دفعه مختلف. ولو كان رب المال لم يناقضه المضاربة، ولكنه مات، ثم اشترى المستبضع المتاع بالمال، وهو لا يعلم، وقد كان المال دفع إليه، فإن شراءه جائز، ويلزم المال المضارب دون رب المال، وورثة رب المال بالخيار. إن شاؤوا رجعوا بالمال على المضارب؛ لأن المتاع قد صار له. وإن شاؤوا رجعوا على المستبضع، ورجع بذلك على المضارب. وموت رب المال مخالف للنهي في دفع المال إلى الوكيل. وكذلك موت أحد المفاوضين بعد أن يكون المستبضع قد قبض المال. فإن لم يكن قبض المال فنهيه (¬2) وموته سواء. وكذلك موت المستبضع الذي سلطه رب المال على أن يبضع ماله مع من شاء فهو مثل ذلك. ... باب خصومة المتفاوضين فيما بينهما إذا أنكر أحدهما الشريك أو أقر به أو مات أحدهما وإذا ادعى رجل قِبَلَ رجل أنه شاركه وجحد المدعى عليه ذلك، والمال في يد الجاحد، فإن البينة على المدعي، واليمين على المنكر. فإن أقام المدعي البينة أنه مفاوضة وأن هذا المتاع وهذا الرقيق هو في يد المنكر، وقال الشهود: هو في شركتهما، أو قالوا: هو بينهما نصفين، أو لم يقولوا: من شركتهما (¬3) ولا بينهما نصفين، غير أنهم شهدوا أنه في يديه وأنه مفاوضة، فإنه يقضى للمدعي بنصف ذلك كله. فإن ادعى الذي هو في ¬

_ (¬1) ص: العنان. (¬2) ف: فهنيه. (¬3) ص: من شركهما.

يديه في ذلك ميراثاً لم يقبل ذلك منه. وإن أقام البينة على ذلك لم يقبل منه؛ لأنه في يديه وهو يجحد، وقد قضي عليه ببينة قامت عليه، فلا تقبل منه البينة على شيء من ذلك. وهذا قول أبي يوسف. وقال محمد: إذا لم يشهد الشهود إلا بالمفاوضة لم يزيدوا على ذلك ولم يذكروا المتاع بشيء قبلت بينة الذي المتاع في يديه إن (¬1) ادعى بعض ذلك المتاع أنه له ميراث أو هبة أو صدقة عليه ممن يملكه. ولو كانوا شهدوا على المتاع أنه في يديه، وادعى أن شريكه وهب له حصته من عبد في يديه، والعبد قائم بعينه، وأقام البينة على الهبة والقبض، قُبِلَ ذلك منه في قولهما جميعاً. وكذلك الصدقة والنحلى والعطية. ولا يشبه دعواه ذلك مِن قِبَل شريكه دعواه مِن قِبَل عبده في قول أبي يوسف. ألا ترى أنهم لو شهدوا أن هذا العبد من شركتهما، فأقام البينة الذي هو في يديه أن المدعي وهبه له أو تصدق به عليه، أجزت (¬2) ذلك. ولو أقام البينة أنه ورثه عن أبيه وهو يملكه، أو أن رجلاً آخر وهبه له أو تصدق به عليه وقبضه، لم أقبل ذلك منه؛ لأنه لا بينة عليه. إنما البينة على المدعي الذي يخاصمه. فإذا ادعاه من قِبَل المدعي - والذي في يديه هو المدعي هاهنا- فعليه البينة، والذي ليس في يديه هو المنكر، فلا بينة عليه. ولو أن رجلاً ادعى قِبَلَ رجل أنه شريكه شركة مفاوضة، وفي يد المدعى عليه متاع ومال، فأقر المدعى عليه (¬3) بالمفاوضة، وادعى عبداً في يديه أنه ميراث له، وأقام على ذلك (¬4) البينة، فإن ذلك يقبل منه، ويقضى له بالعبد؛ لأنه مقر بالمفاوضة، مدع للميراث، فهو المدعي في هذا الوجه (¬5)، وعليه البينة. ولو لم تكن له بينة كان على صاحبه اليمين. ألا ترى أن المتاع لو كان في أيديهما وهما مقران بالمفاوضة، فادعى أحدهما شيئاً مما في أيديهما من العروض أنه له من ميراث، وأقام البينة، قبلت بينته (¬6)، ¬

_ (¬1) ص: وإن. (¬2) ص + له. (¬3) ص - عليه. (¬4) ف - على ذلك. (¬5) ف - الوجه. (¬6) م: ببينته.

فإن لم تكن له بينة استحلفت صاحبه على ما يدعي. فكذلك إذا كان المتاع في يدي المدعي، وهو مقر بالمفاوضة. والباب الأول الذي أنكر فيه المفاوضة لا يمين على صاحبه فيه؛ لأنه قد أقام البينة على الشركة، فهو المدعي، وعليه البينة، ولا يمين عليه، ولا يكون المنكر مدعياً. وكذلك إذا أقر بالمفاوضة، ثم ادعى داراً في يديه هبة من رجل أو صدقة، وأقام على ذلك البينة، فإنه تقبل منه البينة على ذلك، ويقضى له بالدار. وإذا ادعى رجل قِبَلَ رجل شركة في عبد (¬1) خاصة، وجحد الذي في يديه العبد، فأقام المدعي البينة أن العبد بينهما نصفين، فإنه يقضى له بنصفه، ولا يقبل من الذي في يديه العبد البينة أن العبد ميراث له. وشركة العنان والمفاوضة في هذا سواء. أرأيت رجلاً ادعى عبداً في يدي رجل أنه بينهما نصفين، وأنهما شريكان مفاوضان، وأقام على ذلك البينة، فقضي له بنصف العبد، أيقبل من الذي في يديه العبد البينة أنه ميراث. أرأيت لو أقام البينة أنهما اشتريا العبد جميعاً من فلان بألف درهم، ونقداه الثمن، وقبض الذي في يديه العبد العبد برضا من شريكه، فشهد الشهود على هذا، فقضيت له بنصف العبد، أكنت أقبل من الذي في يديه العبد البينة أنه ميراث. لا أقبل منه في شيء من هذه المسائل في قول أبي يوسف. وإذا مات أحد المتفاوضين والمال في يد الباقي، فادعى ورثة الميت المفاوضة، وجحد ذلك الحي، فأقاموا على ذلك البينة أن أباهم كان شريكه شركة مفاوضة، فإنه لا يقضى لورثة الميت بشيء مما في يد هذا الحي، إلا أن يقيموا البينة أنه كان في يديه في حياة الميت، أو يقيموا البينة أنه من شركة ما بينهما. فإن أقاموا البينة أنه كان في يديه في حياة (¬2) الميت أو أنه من شركة ما بينهما فإنه يقضى لهم بنصفه. فإن أقام الحي البينة أنه ميراث من أبيه (¬3) فإنه لا تقبل منه البينة؛ لأنه المدعى عليه، وإنما البينة على ¬

_ (¬1) م: في عين. (¬2) م ص: من حياة. (¬3) ف: من ابنه.

المدعي. ولو كان المال في يد الورثة وجحدوا الشركة، فادعى الرجل الحي الشركة، وأقام البينة على شركة (¬1) المفاوضة، وأن هذا المال كان في يد صاحبهم قبل موته، وأقام على ذلك البينة، وأقام الورثة البينة أن أباهم مات وترك هذا ميراثاً من غير شركة ما بينهما، لم أقبل منهم البينة على ذلك، وأقضي للمدعي بنصفه. وكذلك لو قالوا: مات جدنا فتركه ميراثاً لأبينا، وأقاموا البينة على ذلك، فإنه لا يقبل ذلك منهم. ألا ترى أن المدعي الذي ليس في يديه هو الذي عليه البينة، واليمين على من أنكر الذي في يديه المتاع. وهذا قول أبي يوسف. وقال محمد: أقبل البينة من الورثة على ذلك إذا لم يشهد الشهود على شيء بعينه أنه من شركتهما. وإذا اختصما (¬2) المتفاوضان وتفرقا، فقال أحدهما والمال في يديه: إنما كنتَ شريكي بالثلث، وقال الآخر: بالنصف، إلا أن كليهما قد أقرا بالمفاوضة، فإن الشركة بينهما نصفين، وكل متاع أو رقيق أو دور أو شيء من متاع التجارة فهو بينهما نصفين، وما كان من ثياب كسوة أو متاع بيت أو رزق العيال أو خادم مدبَّرةٍ أو أم ولد يطؤها فإني (¬3) أجعل ذلك لمن كان في يديه، ولا أجعله في الشركة. أستحسن ذلك وأدع القياس فيه. وكان ينبغي في القياس أن يدخل هذا كله في الشركة. وإذا مات أحد المتفاوضين وكان المال في يديه وفي يدي الباقي، فقال الباقي وهو الذي بقي المال في يديه لورثة الميت: كان صاحبكم شريكي شركة مفاوضة بالثلث، وقال الورثة: بالنصف، فإن القول قول الورثة، وهو بالنصف؛ لأن الحي قد أقر بالمفاوضة، والمفاوضة لا تكون إلا بالنصف. وكذلك لو كان المال في يدي الورثة، فأقروا أن الحي كان شريك الميت مفاوضة بالثلث، وقال الحي: بالنصف، فهو بالنصف (¬4). ¬

_ (¬1) م ص ف: على الشركة. (¬2) على لغة أكلوني البراغيث. وهو كثير في الكتاب. وقد أجاز الكوفيون ذلك، والإمام محمد كوفي النشأة. (¬3) م: فان. (¬4) ص - فهو بالنصف.

ومن أقر بالمفاوضة فهو على النصف، ولا يصدق على دعوى أكثر من ذلك ولا أقل. ولو كان الشريكان حيين (¬1) جميعاً، والمال في يد أحدهما، وهو يجحد الشركة، فأقام الآخر البينة أنه شريكه شركة مفاوضة، له الثلثان، وللذي (¬2) في يديه المال الثلث، فإني أستحسن أن أجيز شهادتهم، وأجعل المال بينهما نصفين. وكان ينبغي في القياس حيث أقروا (¬3) بالمفاوضة أن يكون قد أكذب شهوده حين شهدوا له بالثلثين. ولكني أدع القياس فيه وأجعل المال بينهما نصفين. وكذلك لو مات (¬4) المدعي فكان ورثته هم المدعين (¬5) وأقاموا البينة على ذلك فهو (¬6) على ما وصفت لك. ولو أن متفاوضين تفرقا، ثم أقام أحدهما البينة أن المال كان كله في يدي (¬7) صاحبه، وأن قاضي كذا وكذا قد قضى بذلك عليه، وسموا المال، وشهدوا أن القاضي قضى به بينهما نصفين، وأقام الآخر البينة على صاحبه بمثل ذلك على ذلك القاضي بعينه، أو على قاض آخر، فإن عُلِمَ (¬8) القضيةُ الآخرة وقد كان القضاء من قاض واحد فهذا رجوع عن القضاء الأول، ويؤخذ بقضائه الآخر. وإن (¬9) كان الأمر من قاضيين لزم كل واحد منهما القضاء الذي نفذ عليه، ويحاسب كل واحد منهما صاحبه بما عليه، ويترادان الفضل. وكذلك لو كان من قاض واحد ولم تُعلَم (¬10) أي القضيتين أول فهو مثل ذلك. وإذا افترق المتفاوضان أو مات أحدهما، وبينهما أموال عظيمة فيها الدور والعروض والرقيق والدواب والغنم والبز والقطن، من ذلك في يد ¬

_ (¬1) ص: جين. (¬2) ص: والذي. (¬3) م ص: أقر. (¬4) ص: لو كان. (¬5) م ص ف: المدعون. (¬6) ص - فهو. (¬7) م: في يد. (¬8) م ص: على. (¬9) ف: ولو. (¬10) ص: يعلم.

أحدهما دون الآخر، ومن ذلك ما سواه باسم أحدهما دون الآخر (¬1)، وهما يتجاحدان المفاوضة، وقد أوصى الميت بالثلث، وعليهما دين من التجارة أو على أحدهما، وعلى كل واحد منهما دين من مهر امرأته، وقامت البينة على المفاوضة، فإنه يقضى بذلك كله بينهما نصفين. وما كان من دين عليهما أو على أحدهما من التجارة فهو عليهما جميعاً. وما كان من ذلك من مهر امرأة أو جناية فهو على (¬2) الذي ولي ذلك خاصة. وما أوصى به الميت فهو في ثلث حصته بعدما يقضى (¬3) الدين كله، ولا يلزم صاحبه من الوصية شيء. وما كان من ميراث ورثه أحدهما دون الآخر كان (¬4) له خاصة. وكذلك كل جائزة أجازه بها سلطان أو هبة أو هدية إن كان ذلك قبل موت الميت أو بعد موته فهو سواء. ولا يُفْسِدُ شيء من ذلك المفاوضة إلا أن تكون دراهم أو دنانير قد قبضها (¬5). وكل وديعة كانت عند أحدهما فهي عندهما جميعاً. فإن مات المستودع قبل أن يبين لزمتهما جميعاً. وإن كان المستودع حيًّا فقال: قد دفعتها، كان مصدقًا. ولو قال بعد موت صاحبه: أكلتها في حياة الميت، فهي (¬6) عليه خاصة، ولا يصدق على صاحبه. ولو قامت البينة أنه أنفقها في حياة الميت كانت عليهما جميعاَ. وإن قال الحي منهما: ضاعت من يد الميت قبل موته، وكان الميت هو المستودع، أو كان المستودع (¬7) هو الحي منهما، فإن كان (¬8) الميت المستوح، لزم الحي الضمان بإقراره بالوديعة، لأنا (¬9) لا نعلم ما قال؛ وإن كانت الوديعة عند الحي وهو الذي استودعها فهو مصدق، ولا ضمان عليه ولا على (¬10) الميت في تركته. ... ¬

_ (¬1) وعبارة ب هكذا: وبعضه في يد أحدهما خاصة وبعضه باسم أحدهما خاصة. (¬2) ف - على. (¬3) ص: انقضى. (¬4) م ص: فان. (¬5) م ص ف: قد قبضه. (¬6) م ص: وهي. (¬7) ص - أو كان المستودع. (¬8) م ص - كان. (¬9) م ص: أنا. (¬10) م: ولا أهل.

باب وديعة المفاوض

باب وديعة المفاوض وإذا استودع أحد المتفاوضين وديعة من مالهما فلا ضمان عليه في ذلك، وله أن يستودع كما له أن يستبضع، لأن الوديعة من التجارة. ولو جحد المستودع ولا بينة له حلّفه بالله، فإن حلف برئ، ولا ضمان على المفاوض بجحود المستودع. ولو أقر المستودع بالوديعة، وقال: دفعتها إلى المفاوض الذي أودعني أو إلى صاحبه، كان بريئاً بقوله، وهو مصدَّق؛ فإن جحد الذي ادعى عليه ذلك فلا ضمان على واحد منهما بقول المستودع. ولا ضمان على المستودع بقوله: دفعت الوديعة إلى الشريك، لأنه يبرأ إذا دفع الوديعة إلى أحدهما أيهما ما (¬1) كان. ولو قال: دفعتها إلى الذي أودعني، وجحد ذلك المفاوض المودع، وادعى ذلك المفاوض الذي لم يودع، فإنهما لا يصدَّقان على المفاوض المودع بعد أن يحلف بالله: ما (¬2) قبضت. ولو حلف المستودع بالله: لقد دفعت إليك، برئ من الضمان، ولم يصدق على هذا. ولو مات المودع المفاوض، فقال المستودع: قد كنت دفعتها إليه في حياته، برئ المستودع، ولا يصدق على ورثة المودع، ولا يصدق على تركته. وكذلك لو مات الذي لم يودع، فقال المستودع: قد كنت دفعتها إليه، فإنه يبرأ من ذلك بعد أن يحلف، ولا يصدق على الميت إذا (¬3) جحد الورثة ذلك بعد أن يحلفوا على علمهم. ولو قال المستودع: قد دفعتها إلى ورثة الميت، فكذّبوه وحلفوا ما قبضوا، فإن المستودع يضمن (¬4) الحي نصف المال، فيكون ذلك بين الحي وبين ورثة الميت نصفين. ¬

_ (¬1) ص - ما. (¬2) ف - ما. (¬3) م ص ف: وإذا. والتصحيح من ب. (¬4) م ص + حصة.

ولو كان قال: قد دفعت ذلك إلى الحي الذي أودعني بعد موت الذي لم يودعني، وحلف على ذلك، فإنه بريء، ولا يصدق على الحي بعد أن يحلف الحي بالله ما قبض. ولو كان المودع هو الذي مات، فقال المستودع: قد دفعتها إلى ورثته، وحلف (¬1) على ذلك، وجحد الورثة وحلفوا على ذلك، فإن المستودع يضمن نصف المال حصة الحي، فيكون ذلك بين الحي وورثة الميت نصفين، من قِبَل أنه إنما خالف في النصف، لأن النصف للورثة، فلا ضمان عليه في الذي لهم، والنصف للشريك الباقي (¬2)، فإذا دفعه إلى غير من أودعه إياه ضمن، فيكون ذلك بينهم، ولا يصدق على إبطال حق ورثة الميت من هذا الذي أدى. ولو قال: قد دفعت المال إليكما جميعاً، إلى الحي نصفه، وإلى ورثة الميت نصفه، وجحدوا جميعاً ذلك، فإن المستودع يحلف على ذلك، وإن حلف برئ. وإن أقر أحد الفريقين بقبض نصفِ شَرِكَه الفريقُ الآخر فيما أخذ، لأن المال بينهم نصفين. ولو مات المستودع والمفاوضان حيان كانت الوديعة ديناً في مال المستودع لهما. فإن ماتا أو مات أحدهما بعد ذلك أو قبل ذلك فهو سواء، والمال دين في مال المستودع. فإن أقر المستودع عند موته أن المال قد هل كأو أنه قد دفعه إلى الذي أودعه إياه فهو مصدَّق، وهو بريء. فإن صدقه المفاوض كان المال بينه وبين شريكه. فإن جحد ذلك لم يلزم المال بقول المستودع. وإن قال المستودع: قد دفعت المال إلى المفاوضين جميعاً، فأقر أحدهما بذلك وجحد الآخر، فإن المستودع بريء، والمقر بذلك مصدق على نفسه وعلى شريكه. ¬

_ (¬1) ص: حلف. (¬2) م ص ف: والباقي.

باب عارية المفاوض

وإن افترق المتفاوضان، ثم قال المستودع: قد دفعت المال إلى الذي أودعني، وكذبه بذلك، فالمستودع (¬1) بريء، ولا ضمان على الآخر بعد أن يحلف. ولو قال المستودع: دفعته إلى الآخر بعد الفرقة، وكذبه الآخر، ضمن نصف المال الذي أودعه إياه، فيكون بينهما نصفين. ولو صدقه الآخر كان المودع بالخيار، إن شاء ضمن المستودع حصته، وإن شاء رجع به على شريكه. ... باب عارية المفاوض وإذا استعار رجل (¬2) من أحد المتفاوضين دابة فركبها فعطبت الدابة، ولم يأذن له الآخر (¬3) في ذلك، فإنه يضمن في القياس نصف قيمتها للآخر إذا كانت الدابة من المفاوضة، ولكني أستحسن وأدع القياس فيه (¬4)، فلا أضمن المعير ولا الراكب. ألا ترى أن العبد المأذون له في التجارة يعير (¬5) الدابة فلا يضمن الراكب وإن كان على العبد دين. ولا يشبه (¬6) العارية القرض. ألا ترى أن العبد ليس له أن يقرض. وكذلك إذا أعار أحد المتفاوضين ثوباً من المفاوضة رجلاً فلبسنه الرجل حتى تخرّق فلا ضمان عليه في ذلك. وكذلك لو أعار داراً (¬7) من المفاوضة فأسكنها رجلاً فانهدمت من سكناه لم يضمن (¬8) الساكن ولا المعير. وكذلك الطعام يهديه أحد المتفاوضين لرجل أو يدعوه إليه وهو من المفاوضة فلا ضمان على الآكل ولا على الداعي. ألا ترى أن العبد التاجر يهدي الطعام ويدعو إليه، فلا يكون بذلك بأس، ولا ضمان على الآكل. ¬

_ (¬1) ص: فإن المستودع. (¬2) ص: استأجر الرجل. (¬3) ف: له في الأجر. (¬4) ص - فيه. (¬5) ص: يقبض. (¬6) ص: تشبه. (¬7) م ص: ولدا. (¬8) م: ولم يضمن.

الأحوص بن حكيم عن أبيه (¬1) عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أجاب دعوة عبد (¬2). يعقوب بن إبراهيم عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر عن محمود بن لبيد عن ابن عباس عن سلمان الفارسي أنه قال: أهديت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا عبد قبل أن أكاتب، فقبل ذلك مني (¬3). يعقوب قال: حدثنا داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد مولى أبي أسيد قال: أعرست وأنا عبد، فدعوت رهطًا من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - فيهم أبو ذر، فأجابوني (¬4). فعارية المفاوض وأكل طعامه وقبول هديته وإجابة دعوته بغير أمر شريكه جائز لا بأس به. ولو كسا المفاوض رجلاً ثوباً أو وهب له دابة لم تجز [في] حصة (¬5) شريكه من ذلك، ولشريكه أن يضمنه، وإن شاء ضمن قابض ذلك. ولا يجوز ذلك في الذهب والفضة ولا في الأمتعة ولا في الحيوان كله ولا في الحنطة والحب كله. إنما أستحسن ذلك في الفاكهة واللحم والخبز وأشباه ذلك مما يؤكل. ¬

_ (¬1) الأحوص بن حكيم قريب من طبقة الإمام أبي حنيفة على ما يظهر من ترجمته. أما أبوه حكيم بن عمير فهو تابعي يروي عن عمر وغيره. انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر، 1/ 168، 2/ 387. (¬2) عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجيب دعوة المملوك. انظر: سنن ابن ماجه، التجارات، 66؛ الزهد، 16؛ وسنن الترمذي، الجنائز، 32. (¬3) هو في الحديث الطويل في إسلام سلمان الفارسي - رضي الله عنه - من طريق محمد بن إسحاق نحواً من هذا. انظر: مسند أحمد، 5/ 439، 442 - 443. وانظر: المصدر السابق، 5/ 354، 438. (¬4) رواه عبدالرزاق وابن أبي شيبة مطولاً من طريق داود بن أبى هند. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 6/ 191؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 6/ 92. (¬5) م ص + شركه؛ ف هـ + شركه. والتصحيح من ب؛ والكافي، 1/ 139 ظ؛ والمبسوط، 11/ 193.

وإذا استعار الرجل دابة من أحد المتفاوضين فعطبت تحته، فقال الذي لم يعره: إنه جاوز الوقت، وقال الذي أعاره: قد وَقَّتُ (¬1) حيث ذهب، فلا ضمان عليه. فإن قال الذي أعاره: قد جاوز الوقت، وقال الذي لم يعره: قد وَقَّتَّ (¬2) له حيث بلغ، فلا ضمان على الراكب، أيهما أقر له بذلك الوقت الذي عطبت فيه الدابة فلا ضمان عليه. وكذلك الثوب والمتاع وكلما يستعار أعار أحدهما صاحبه وهو من شركتهما فعطبت في العارية، فقال أحدهما: خالف، وقال الآخر: لم يخالف، فلا ضمان على المستعير. ولو أن رجلاً أعار أحد المتفاوضين دابة ليركبها إلى مكان معلوم فركبها شريكه فعطبت فهما ضامنان، يأخذ رب الدابة أيهما شاء. وكذلك الثوب. فإن كان الذي ركبها إنما ركبها في حاجتهما فالضمان عليهما في أموالهما. وإن كان ركبها في حاجة لنفسه (¬3) خاصة فالضمان عليهما (¬4) جميعاً، ويرجع الشريك إن أدى المال من شركتهما على الراكب بنصف ما أدى، فيكون ديناً (¬5) له عليه، لأن الشريك الراكب ركبها على غير تجارتهما، فكان (¬6) بمنزلة غصب اغتصبه أوطعام اشتراه فأكله. فإن كان الراكب أدى ثمن الدابة الغصب من شركتهما فنصف ذلك دين عليه لشريكه. وإذا استعار أحد المتفاوضين دابة ليحمل عليها طعاماً (¬7) له خاصة لرزقه من مكان معلوم، فحمل عليها شريكه طعاماً مثل ذلك من ذلك الموضع، من تجارتهما أو شركتهما أو لنفسه خاصة لرزقه، إلى موضعه الذي سماه المستعير، فلا ضمان عليه، إن كان من شركتهما أو كان اشتراه لرزقه فهو سواء، من قبل أن حمل (¬8) أحدهما مثل حمل الآخر. ألا ترى أن الشريك لو حمل طعاماً من شركتهما لم يضمن. وكذلك لو حمل عليها ¬

_ (¬1) ف: قد وقف. (¬2) م ص ف: قد دفعت. (¬3) ص: لنفس. (¬4) ف - في أموالهما وإن كان ركبها في حاجة لنفسه خاصة فالضمان عليهما. (¬5) م: دينارا. (¬6) ف: وكان. (¬7) م: متاعا؛ صح هـ. (¬8) ف - حمل؛ صح هـ.

طعاماً لغيرهما فهو مثل ذلك. ألا ترى لو أن رجلاً استعار من رجل دابة ليحمل عليها عشرة مخاتيم حنطة (¬1)، فبعث الدابة مع وكيل له ليحمل عليها الطعام، فحمل الوكيل طعاماً لنفسه مثله، أنه لا يضمن، فالمفاوضة (¬2) أوجب من الوكالة. وإذا استعار أحد المتفاوضين دابة ليحمل عليها عِدْل زُطِّي (¬3)، فحمل عليها شريكه مثل ذلك العدل من ذلك الموضع إلى الموضع الذي سمى، فلا ضمان على واحد منهما إن كان العدل الأول من تجارتهما أو بضاعة أو كان العدل الآخر من تجارتهما أو بضاعة. ولكنه لو حمل عليها طَنَافِسَهُ (¬4) أو أَكْسِيَة (¬5) كان ضامناً إن عطبت الدابة. فإن كان ذلك من تجارتهما فالضمان عليهما. وإن كانت بضاعة عند الذي حمل فالضمان عليهما، ويرجع الشريك على الذي حمل بنصف ذلك، لأنه بمنزلة الغاصب. وإذا استعار أحد المتفاوضين دابة ليحمل عليها عشرة مخاتيم حنطة، فحمل عليها شريكه مخاتيم شعير فلا ضمان عليهما إن عطبت الدابة، والشعير- في ذلك بمنزلة الحنطة. ولو كانا شريكين شركة عنان في التجارة في البيع والشراء فاستعار أحدهما دابة ليحمل عليها عشرة مخاتيم حنطة من شركتهما، فحمل عليها شريكه عشرة مخاتيم شعير من شركتهما لم يضمن، والمفاوض والعنان في هذا سواء. ولو استعارها الأول ليحمل عليها حنطة رزقاً لأهله، فحمل عليها شريكه شعيراً له خاصة، كان شريكه ضامناً، لأنه لم يأمره بذلك. ¬

_ (¬1) ص - حنطة. (¬2) م ص ف: فالمفاوض. ووقع عند السرخسي "فللمفاوضة" محرفا. انظر: المبسوط، 11/ 194. وعبارة ب: فالمفاوض أولى من الوكيل. (¬3) ص: نطي. العدل واحد العدلين اللذين يكونان على جنبي الدابة. انظر: المغرب، "عدل". والزطي نوع من الثياب. انظر: المغرب، "زطط". (¬4) جمع طنفس، ويقال: للبسط والثياب والحصير. انظر: القاموس المحيط، "طنفس". (¬5) ص: أو أكسيته.

وإذا ادعى رجل أن أحد المتفاوضين باعه خادماً، فجحد ذلك، وحلّفه القاضي على ذلك، فأراد المدعي استحلاف الآخر، فإن القاضي يستحلفه له على علمه، فإن حلف فلا بيع للمدعي، وإن نكل عن اليمين لزمته الجارية بالثمن الذي ادعى المشتري، ونفذ (¬1) البيع (¬2) للمشتري على المفاوضين جميعاً. وكذلك كل أرض أو عقار أو رقيق أو حيوان أو بز أو متاع أو عروض ادعى رجل أن أحد المتفاوضين باعه ذلك بثمن مسمى، أو ادعى أنه أشرك فيه، أو ادعى أنه سلم له داراً بالشفعة، وجحد ذلك المفاوض، واستحلفه القاضي على ذلك فحلف، فإن للمدعي أن يستحلف شريكه على علمه، فإن نكل عن اليمين أمضى ذلك عليهما جميعاً (¬3)، وإن حلف برئا جميعاً من تلك الدعوى ولم تلزمهما (¬4). وإن ادعى المدعي ذلك عليهما جميعاً كان له أن يستحلف كل واحد منهما البتّة (¬5). فأيهما نكل عن اليمين أمضى الأمر عليهما جميعاً. وإن ادعى ذلك على أحدهما وهو غائب كان له أن يستحلف الحاضر على علمه، فإن حلف فهو بريء، وإن (¬6) قدم الغائب كان له أن يستحلفه البتّة. وكذلك لو ادعى أنه باع أحدهما جارية وجحد المفاوض ذلك فإن له أن يستحلفه البتة، ويستحلف شريكه على علمه. وكذلك العروض والحيوان والمتاع. وكذلك لو ادعى أنه استأجر من أحدهما أو أجّره دابة أو أرضاً أو داراً. وكذلك لو ادعى أنه أتجرهما جميعاً أو استأجر منهما جميعاً. ¬

_ (¬1) ص: ونقد. (¬2) م: الثمن؛ صح هـ. (¬3) ف - جميعاً. (¬4) ص: يلزمهما. (¬5) البَتّ هو القطع. انظر: المغرب، "بتت". فيحلف يميناً قاطعة، ولا يحلف على علمه فقط، لأن كل واحد منهما في هذه الحالة يحلف على فعل نفس. انظر: المبسوط، 11/ 195. (¬6) م: فإن.

باب اليمين التي تلزم أحد المتفاوضين دون الآخر

وكذلك لو ادعى أن أحدهما رهنه رهناً وقبضه ثم خاصمه والرهن في يد المفاوض (¬1) وأراد قبضه فله أن يستحلفه البتة، ويستحلف شريكه على علمه. وإن ادعى أنهما وَلِيَا ذلك جميعاً استحلفهما جميعاً البتة. وكذلك لو ادعى على (¬2) أحدهما أنه أخذ منه (¬3) ثمن بَيْع (¬4) أو أنه قضاه نصفه (¬5) وجحد المفاوض ذلك (¬6). وكذلك لو ادعى على أحدهما ديناً كان له أن يستحلفه البتة، ويستحلف الآخر على علمه، فأيهما نكل عن اليمين لزمهما (¬7) الأمر (¬8) جميعاً. وكذلك لو ادعى عبد من تجارتهما الكتابة على أحدهما وجحد الآخر فإن له أن يستحلفه البتة، ويستحلف شريكه الآخر على علمه. ولو أن رجلاً أسلم ثياباً إلى قصار بأجر معلوم، فجحد القصار ذلك، واستحلفه القاضي، فحلف، وللقصار شريك مفاوض، فأراد أن يستحلف شريكه القصار على علمه، كان له ذلك. ولو كان صاحب المتاع له شريك مفاوض لم يكن للشريك أن يستحلف القصار بعد استحلاف شريكه. وكذلك كل خياط وإسكاف (¬9) أو صباغ أو صائغ أو حائك أو صانع من الصناع. ... باب اليمين التي تلزم أحد المتفاوضين دون الآخر وإذا ادعى رجل على أحد المتفاوضين جراحة خطأ لها أرش ولا بينة ¬

_ (¬1) م ف: المتفاوض. والتصحيح من به (¬2) ف - على. (¬3) م ص ف: عنه؛ م ف + الامن؛ ص + الامر. وعبارة ب: قبض منه. (¬4) أي: مبيع. (¬5) ص ف: بنصفه. (¬6) ص - ذلك. (¬7) ص: لزمه. (¬8) ف: الاجر. (¬9) ص: أو إسكاف.

له فإن له أن يستحلفه (¬1) على ذلك البتة، فإن حلف برئ، وإن نكل عن اليمين لزمه الأرش. وإن حلف (¬2) وأراد (¬3) المدعي أن يستحلف شريكه فليس له ذلك، لأن هذا أرش جناية، ليس من التجارة. ألا ترى أنه لو قامت بينة لم يلزم شريكه منه شيء. وكذلك لو أن امرأة ادعت على أحدهما مهراً أكثر من مهر مثلها وجحد ذلك فإنه يقضى عليه بأن يحلف لها، ولا يمين على شريكه. وكذلك لو ادعى (¬4) رجل على أحدهما من أرش جراحة عمد (¬5) كانا اصطلحا فيها. وكذلك امرأتان متفاوضتان (¬6) اختلعت إحداهما من زوجها بمال فادعى (¬7) أكثر من ذلك فله أن يستحلفها، ولا يمين على شريكتها (¬8). ولو أن رجلاً ادعى على أحد المتفاوضين من كفالة بدين استحلفه (¬9) في قول أبي حنيفة، لأن أبا حنيفة قال: الكفالة لازمة للشريك، وهي من التجارة. وقال أبو حنيفة: لو أن أحد المتفاوضين كفل عن رجل بمال لزم شريكه من ذلك ما يلزم الذي وليه. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يلزم الشريك الكفالة، ولا يمين على شريكه (¬10)، لأن الكفالة معروف (¬11)، ولا تلزم إلا من صنعه ووليه. ولو ادعى قِبَلَه كفالة بنفس فاستحلفه القاضي فحلف فليس للمدعي أن يستحلف شريكه، لأن هذا لو قامت به بينة لم يلزم شريكه منه شيء في قولهم جميعاً. ¬

_ (¬1) ص ف: أن يستحلف. (¬2) ص - حلف. (¬3) م - وأراد؛ ص: أراد. (¬4) م ص: لو ادعاه. (¬5) ص: عبد. (¬6) ف: متفاوضاتان. (¬7) ص + أحدهما. (¬8) ص: على شريكها. (¬9) م ص: فاستحلفه. (¬10) م ص: على شريك. (¬11) م ص ف: معروفة. والمعنى أن الكفالة تبرع. انظر: المبسوط، 11/ 196.

باب اليمين تجب للمتفاوضين على رجل

باب اليمين (¬1) تجب للمتفاوضين على رجل وإذا ادعى أحد المتفاوضين على رجل ديناً أو سَلَماً أو خادماً ذكر أنه اشتراها منه أو ذكر أنها له ولشريكه، فجحد المدعى قِبَلَه ذلك، فقدمه إلى القاضي، فاستحلفه على ذلك فحلف، ثم جاء الشريك فأراد أن يستحلفه، فليس له ذلك. واستحلاف صاحبه إياه بمنزلة استحلاف الآخر. ألا ترى أن اليمين على واحد، ولا يحلّف الواحد مرتين. وكذلك لو ادعى عليه أنه باعه جِرَاب هَرَوِي (¬2) أو قُوهِي أو عِدْل زُطِّي (¬3) أو ادعى قِبَلَه إجارة حانوت في السوق أو إجارة عبد من تجارتهما وجحد الآخر فاستحلفه القاضي فحلف على ذلك ثم جاء الآخر فليس له أن يستحلفه، واليمين لهما جميعاً. وكذلك لو كانا مشتركين في هذا الباب شركة عنان لم يكن للشريك أن يستحلفه. وكذلك المضارب والمستبضع يشتري بالبضاعة أو بالمضاربة بَيْعاً (¬4) أو يستأجر بمتاع (¬5) منها دوابًا فجحد ذلك، فحقفه القاضي، ثم جاء رب المال، فليس له أن يستحلفه، لأنه وكيله وقد استحلفه، وليس عليه أن يحلِّف في أمر واحد رجلاً (¬6) مرتين. ... ¬

_ (¬1) ص + التي. (¬2) ص: هرويا. (¬3) تقدمت هذه الكلمات غير مرف فالجراب والعدل نوعان من الأوعية. أما الهروي والقوهي والزطي فهي أنواع من الثياب. (¬4) أي: مبيعاً كما تقدم مراراً. (¬5) م ف: لمتاع. (¬6) ص + واحدا.

باب المفاوضة الفاسدة

باب المفاوضة الفاسدة وإذا تفاوض الذمي والمسلم فإن ذلك فاسد لا يجوز، ولا يلزم كما يلزم المسلمين. أرأيت لو اشترى الذمي خمراً أو خنزيراً أكان يجوز ذلك (¬1) على المسلم. أرأيت لو باعه الذمي بعدما اشتراه هل كان يكون للمسلم في ثمنه شرك. ألا ترى أن الذمي يشتري ويبيع ما لا يلزم المسلم. فإذا كان هذا هكذا لم تستقم المفاوضة. أرأيت لو اشترى الذمي بَيْعاً (¬2) من ذمي بخمر (¬3) وسمى أرطالاً مسماة إلى أجل ألم (¬4) يكن جائزاً ذلك عليه، فهل يجوز ذلك على المسلم. لا يجوز على المسلم شيء من هذا. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: أجيز المفاوضة بين المسلم والذمي كما أجيزها بين المسلمين، وأكره ذلك. وأما الحر والعبد يتفاوضان فإن ذلك لا يجوز. وكذلك العبدان، فإنه لا يجوز. ألا ترى أن المولى لو أقر على عبده بدين لزمه، فهل يلزم المفاوض الآخر إقرار المولى. ألا ترى أن مال العبد لمولاه، فكيف تجوز له المفاوضة فيما لا يملك. وكذلك عبدان تفاوضا في عمل، فإنه لا يجوز، ولا يكونان متفاوضين، ولكنهما يكونان شريكين شركة عنان. وكذلك المسلم والذمي يتفاوضان، فإنهما لا يكونان متفاوضين، وهما شريكان شركة عنان في قول أبي حنيفة ومحمد. وكذلك الحر والمكاتب لا يجوز أن يتفاوضا. وكذلك المدبر وأم الولد لا يجوز أن يتفاوضا. وأما المدبر الذي يسعى في بعض قيمته فإنه لا يجوز أن يفاوض عبداً مثله ولا حراً في قول أبي حنيفة، ويجوز في قول أبي يوسف ومحمد. ¬

_ (¬1) ف: أكان ذلك يجوز. (¬2) أي: مبيعاً. (¬3) ف: بخمره. (¬4) ص: لم.

وإذا تفاوض الذميان كانت مفاوضتهما جائزة كالحرين المسلمين. وكذلك إن كان أحدهما نصرانياً والآخر مجوسياً فذلك جائز. ولا تجوز مفاوضة المكاتبين. ولا تجوز المفاوضة على أن لأحدهما من الربح أكثر مما لصاحبه ورأس المال سواء. ولا تجوز المفاوضة على أن أحدهما (¬1) أكثر رأس مال من الآخر والربح سواء، أو على قدر رؤوس أموالهما، من قِبَل أن كل شيء يلزم أحد المتفاوضين يلزم الآخر، فلا يستقيم أن يكون على أحدهما الثلث وعلى الآخر الثلثان. وإذا اشترك المتفاوضان ورؤوس أموالهما سواء، ثم وَرِثَ أحدُهما دنانير أو دراهم، فإن المفاوضة تفسد إذا كان ما ورث عينًا. وإن كان ما ورث ديناً لم يفسد حتى يقبض الدراهم. وإذا وَرِثَ أحدُهما ذهباً أو فضةً أو جوهرًا أو عقارًا أو شيئاً من الحيوان أو العروض لم تفسد المفاوضة، إلا أن يبيع ذلك بدراهم أو دنانير، فإن باعه بدراهم أو دنانير فسدت المفاوضة إذا قبض الثمن. وإذا اشترك الرجلان شركة مفاوضة وأحدهما أكثر رأس مال من الآخر فإن ذلك لا يجوز، ولا يكونان متفاوضين. وإذا شارك المسلم الذمي شركة مفاوضة فإن ذلك لا يجوز، ولا يكونان متفاوضين في (¬2) قول أبي حنيفة ومحمد. وكذلك الرجل المسلم يفاوض الذمية. وكذلك الذمي يشارك المسلمة. وكذلك الحر يشارك العبد. وكذلك العبدان يشتركان شركة مفاوضة. وكذلك المكاتب يشارك الحر شركة مفاوضة فمانه لا يجوز وإن أذن له مولاه. وكذلك المكاتبان والمدبران وأم الولد. وكذلك الصبي يشارك الصبي شركة مفاوضة بإذن أبيهما، فإنه لا يجوز ¬

_ (¬1) م: أن لأحدهما. (¬2) ص - في.

من قبل أن المفاوضة فيها ضمان. ألا ترى أن ما لزم أحد المتفاوضين فالاَخر له ضامن، وأن الصبي لا يجوز ضمانه وإن أذن له أبوه. ويجوز في هذا كله شركة العنان غير أني أكره للمسلم شركة أهل الكفر، وهو جائز. ولا تجوز شركة المسلم المرتد مفاوضة ولا شركة عنان إذا قتل على ردته أو لحق (¬1) بدار الحرب في قياس قول أبي حنيفة. وقال أبو حنيفة: لا تجوز شركة العبد والحر مفاوضة، ولا الحر والمكاتب مفاوضة، ولا المكاتبين ولا العبدين بإذن مولاهما. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا شارك المسلم المرتد شركة عنان فهو جائز، فإن قُتِلَ على ردته أو لحق بالدار (¬2) فقَتْلُه ولُحُوقُه بدار الحرب يقطع الشركة. وأما في (¬3) قياس قول أبي حنيفة: فإن أسلم فهو على شركته، وإن قتل على ردته أو لحق بدار الحرب فشركته باطل. فأما المفاوضة فإنها لا تجوز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد إن قتل أو لحق بدار الحرب (¬4)، وإن أسلم فهو جائز. وإذا شارك المسلم المرتدة شركة عنان أو مفاوضة فهو جائز في شركة العنان في قولهم جميعاً، ولا تجوز في المفاوضة، إلا أن تسلم المرأة المرتدة، فإن أسلمت فهو جائز. وشركته (¬5) إياها مكروهة في قياس قول أبي حنيفة ومحمد، وينبغي في قياس قول أبي يوسف أن يكون جائزاً في التجارة ويكرهها (¬6). ¬

_ (¬1) م: ولحق. (¬2) ص: بدار الحرب. (¬3) ص - في. (¬4) م ص: بالدار. (¬5) م: وشركه. (¬6) ف: ولا يكرهها. وتقدم في أول فقرة في هذا الباب أن أبا يوسف قال: أجيز المفاوضة بين المسلم والذمي كما أجيزها بين المسلمين، وأكره ذلك. انظر: 2/ 196 ظ.

باب إذن أحد المتفاوضين للعبد في التجارة

باب إذن أحد المتفاوضين للعبد في التجارة وإذا أَذِنَ أحد المتفاوضين لعبد من تجارتهما (¬1) في التجارة أو في أداء الغلة فهو جائز عليه وعلى شريكه. وكذلك لو أذنا له جميعاً. وكذلك لو كاتب أحدهما عبداً من تجارتهما فهو جائز. وإن أعتق (¬2) أحدهما عبداً من تجارتهما على مال لم يجز ذلك على شريكه. ألا ترى أن الوصي يكاتب عبد اليتيم، وأن الأب يكاتب عبد ابنه الصغير، وليس لواحد منهما أن يعتقه على مال. وإذا زَؤَجَ أحد المتفاوضين أمة من تجارتهما على مال فهو جائز. وإذا زوج عبداً من تجارتهما لم يجز، مِن قِبَلِ أنه يأخذ في الأمة لها مهراً أو يوجب لها نفقة وأن يبوّئها (¬3) بيتاً، وأما العبد فإنه يوجب في عنقه ديناً من غير التجارة، ويوجب عليه النفقة لامرأته. وإذا كان عبد تاجر للمتفاوضين فأدانه أحدهما ديناً من تجارتهما لم يلزمه من ذلك شيء، لأن العبد والمال لهما. وكذلك شريكان (¬4) شركة عنان (¬5) في البيع والشراء. فأما شريكان (¬6) في عبد ألهما، (¬7) خاصة أذنا له في التجارة ثم أدانه كل واحد منهما ديناً فإنه يلزمه نصف دين كل واحد منهما في حصة الآخر. ولا تجوز (¬8) مكاتبة الشريك شركة (¬9) عنان، ولا تزويجه أمة من تجارتهما، وكذلك المضارب. وإذا كان العبد التاجر بين المتفاوضين فباعه أحدهما ثوباً من ميراث ¬

_ (¬1) ص - من تجارتهما. (¬2) ص: عتق. (¬3) م ف: وإن بوأها. (¬4) ص: شريكين. (¬5) وعبارة الحاكم: وكذلك في شركة العنان. انظر: الكافي، 1/ 140 و؛ والمبسوط، 11/ 200. (¬6) ص: شريكين. (¬7) الزيادة من المصدرين السابقين. (¬8) م ص ف: تكون. والتصحيح من ب. (¬9) ص: شرك.

باب إجارة المفاوض

ورثه فإنه يلزمه نصف (¬1) ذلك الدين في نصيب الآخر. ولو كان العبد ميراثاً لأحدهما فأذن له الآخر في البيع والشراء لم يجز ذلك، لأنه ليس من التجارة. ولو أذن له مولى العبد جاز ذلك. ولو أدانه الآخر ديناً من ميراثه خاصة بعدما أذن له مولاه لزمه ذلك كله. ولو أدانه ديناً من التجارة لزمه نصف ذلك، وهو نصيب الذي أدانه. ... باب إجارة المفاوض وإذا استأجر أحد المتفاوضين أجيراً في تجارتهما أو في نخلهما فهو جائز عليهما جميعاً، يأخذ الأجير أيهما (¬2) شاء. وكذلك إذا استأجر دابة في عملهما أو في تجارتهما أو بيتاً أو سفينةً أو إبلاً. وكذلك كل أجير استأجره أحدهما لشيء (¬3) من الأشياء من تجارتهما، فهو لازم لهما جميعاً، يأخذ الأجير أيهما شاء. وإن استأجره أحدهما في شيء من أمره خاصة فالأجر (¬4) عليهما جميعاً يأخذ الأجير أيهما شاء، ويكون ذلك في مال الذي استأجره خاصة. وكذلك لو استأجر دابة يحمل عليها متاعاً من متاع بيته خاصة، فحمله، فإن رب الدابة يأخذ أيهما شاء، وذلك في مال الذي استأجره خاصة. ¬

_ (¬1) م ص: صاحب؛ ف - نصف. والتصحيح من الكافي، 1/ 140 و؛ والمبسوط، 11/ 200. (¬2) م ص: بأيهما. (¬3) م ص: ليس. (¬4) م: والأجر.

ولو استأجر أحدهما إبلاً إلى مكة فحج عليها فإن للمكري أن يأخذ بذلك (¬1) أيهما شاء، ويكون ذلك في مال الذي استأجره خاصة. ولا يكون شريك العنان في هذا مثل المفاوض. ولا يلزم شريك العنان مما استأجر صاحبه شيء إذا كان استأجره لشيء له خاصة. وكذلك لو استأجر شيئأ لتجارتهما فإنما يأخذ المؤاجر بالأجر الذي استأجره، ولا سبيل له على الآخر، ولكن الذي استأجره يرجع على شريكه بنصف ذلك إذا كان استأجر لشيء (¬2) من تجارتهما، بعد أن يكونا شريكين في البيع والشراء. فإذا كانا شريكين في سلعة خاصة فاستأجر أحدهما للسلعة شيئاً بغير أمر صاحبه كان الأجر كله عليه، ولا يرجع على شريكه منه بشيء. ولو أن أحد المتفاوضين أجّر عبداً من تجارتهما من رجل أو دابةً كان للآخر (¬3) أن يأخذه بالأجر، وكان للمستأجر إذا غاب الذي أخجّره أن يأخذ الآخر (¬4) بما لزم صاحبَه حتى يدفع إليه الذي أجّره صاحبه. ولو أن أحدهما أخر عبداً له من ميراث له خاصة لم يكن للآخر أن يأخذ المستأجر بالأجر. ألا ترى أنه لو كان لأحدهما دين من ميراث له لم يكن للآخر أن يتقاضاه. وليس الدين الذي يلزم (¬5) أحدهما فيؤخذان به جميعاً كدين يجب لأحدهما خاصة دون الآخر. وإذا أجّر أحد المتفاوضين عبداً له خاصة من ميراث فليس [للآخر أن يأخذ الأجر، وليس] (¬6) للمستأجر أن ياخذ الآخر (¬7) بتسليم العبد. ¬

_ (¬1) ص: بدرك. (¬2) م ص: بشيء. (¬3) ص: للاجر. (¬4) ص: الاجر. (¬5) م: لزم. (¬6) الزيادة مستفادة من ب؛ والكافي، 1/ 140؛ والمبسوط، 11/ 201. (¬7) م ف: الأجر. والتصحيح مستفاد من الكافي، 1/ 140 و؛ والمبسوط، 11/ 201.

وإذا استأجر أحد المتفاوضين شِقَّ مَحْمِل (¬1) وشِقَّ زَامِلَة (¬2) إلى مكة وذهب ولم ينقده الكراء فللمُكري أن يأخذ أيهما شاء بذلك، ويكون ذلك من حصة المستأجر. وليس هذا في شركة عنانٍ هكذا، لأن في شركة العنان لا يأخذ الكراء إلا أمن، الذي استأجر منه. ألا ترى أن المتفاوضين لو استأجرا منه رواحل إلى مكة يحملان عليها طعاماً من تجارتهما ويحجان أن للمكري أن يأخذ أيهما شاء بالأجر كله، ويكون على كل واحد منهما حصة محمله، وحصة الطعام عليهما جميعاً. ولو كانا شريكين شركة عنان لم يكن له أن يأخذ كل واحد منهما إلا بالنصف. أرأيت لو استأجر أحدهما مَحْمِلاً وزَامِلَة لرجل من إخوانه أكان للمكري أن يأخذ شريكه بالأجر. فإذا كانت الشركة مفاوضة فإن له ذلك. ألا ترى أنه لو اشترى جارية لرجل أمره بها كان للبائع أن يأخذ شريكه بالثمن. فكما كان له أن يأخذ شريكه بالثمن (¬3) إذا اشترى لغيره فكذلك له أن يأخذ شريكه بالأجر إذا كان استأجر لنفسه. ولا يكون شريك عنان مثل هذا، ليس للمكري أن يأخذ إلا الذي ولي الكراء خاصة. ولو استأجر أحد المتفاوضين بعيراً يحمل عليه طعاماً ورزقاً لأهله ثم بدا له فحمل عليه طعاماً من تجارتهما ألم يكن للمكري أن يلزمهما جميعاً. أرأيت لو استأجره بطعام من تجارتهما ثم بدا له فحمل طعاماً لحاجة نفسه أليس هذا وذاك سواء، ويأخذ المكري (¬4) أيهما شاء بجميع الكراء. ... ¬

_ (¬1) قال المطرزي: المحمل بفتح الميم الأولى وكسر الثاني أو على العكس الهودج الكبير ... وأما تسمية بعير المحمل به فمجاز وإن لم نسمعه، ومنه قوله ... ما يكترى به شق محمل أي نصفه أو رأس زاملة ... انظر: المغرب، "حمل". (¬2) قال المطرزي: زَمَلَ الشيءَ حمله، ومنه الزاملة: البعير يحمل عليه المسافر متاعه وطعامه ... ثم سمي بها العدل الذي فيه زاد الحاج من كعك وتمر ونحوه، وهو متعارف بينهم، أخبرني بذلك جماعة من أهل بغداد وغيرهم. انظر: المغرب، "زمل". (¬3) م ص: الثمن. (¬4) م: الكري.

باب شركة أحد المتفاوضين

باب شركة أحد المتفاوضين وإذا شارك أحد المتفاوضين رجلاً في سلعة خاصة أو في متاع أو شارك شركة عنان في تجارة فهو جائز عليه وعلى شريكه، إن كان أذن له شريكه في ذلك أو لم يأذن له فهو سواء. وكذلك لو شارك رجلاً (¬1) شركة مفاوضة بإذن صاحبه فهو جائز عليه وعلى شريكه إن كان أذن له في ذلك، وإن كان لم يأذن له في ذلك لم يجز. ولا يشبه العنان في هذا المفاوضة. وكذلك لو وَلَّى (¬2) أحدهما رجلاً سلعة أو وَلَّاه نصفها فهو جائز عليه وعلى شريكه. وكذلك لو كان الذي شاركه أخاً له أو عماً (¬3) له أو ابن عم له أو ابن أخ له. وكذلك لو كان الذي شاركه أباه أو ابنه أو أمه أو زوجته إذا كانت الشركة عنانًا. فإذا كانت مفاوضة لم تكن مفاوضة وكانت شركة عنان. وإذا أجر أحد المتفاوضين نفسه لحفظ شيء أو نقل (¬4) شيء فالأجر بينه وبين شريكه. وكذلك لو خاط ثوباً أو عمل عملاً بأجر فالأجر بينهما نصفين. وإن كان ذلك العمل من غير تجارتهما فهو سواء. وإن كانا شريكين شركة عنان لم يكن هذا؛ لأن ما اكتسب المفاوض من كسب فهو بينهما، وما كسب شريك العنان فهو له خاصة إلا ما كان من شركتهما. ولو أن أحد المتفاوضين أجّر عبداً له من ميراث خاصة أو دابةً أو أرضاً أو داراً كان (¬5) الأجر له خالصًا، ولا تفسد المفاوضة حتى (¬6) يقبض (¬7) الأجر، فإذا قبض الأجر فسدت المفاوضة إن كان ما قبض من الأجر دراهم أو دنانير. ¬

_ (¬1) م ص: لو شاركه رجل. (¬2) أي: باعه تولية. (¬3) م ف: أخ له أو عم. (¬4) م ص: أو بنقل. (¬5) ف + له. (¬6) م - حتى. (¬7) ص: يفيض.

باب رهن المفاوضين

باب رهن المفاوضين وإذا رهن أحد المفاوضين (¬1) رهناً والرهن عبد من المفاوضة بدين عليه في المفاوضة فهو جائز عليه وعلى شريكه. وكذلك لو رهن متاعاً من متاعهما. وكذلك لو رهن متاعاً من خاصة متاعه بدين من التجارة كان جائزاً. فإن هلك المتاع وقيمته والدين سواء فهو بما فيه، ويرجع الراهن على شريكه بنصف ذلك الدين. ولو كان الدين على أحدهما من مهر امرأته فرهنها بذلك متاعاً من تجارتهما كان (¬2) ذلك جائزاً على شريكه. فإن هلك الرهن وقيمته والدين سواء فهو بما فيه، ويضمن الراهن نصف قيمة الرهن لشريكه. ألا ترى أنه لو باع من امرأته بمهرها عبداً من المفاوضة أو متاعاً جاز ذلك عليهما، وضمن نصف الثمن لشريكه؛ وكذلك الرهن. ولو كان لهما أو لأحدهما دين من تجارتهما على رجل فارتهن أحدهما به رهناً كان ذلك جائزاً، وكان إن هلك بما فيه، بعد أن تكون قيمته والدين سواء، أو تكونَ قيمته أكثر من الدين. ولو كان أحدهما وَلِيَ البيعَ ووَلِيَ الآخرُ الرهنَ وقبضه كان جائزاً. وليس هذا كالشريك شريك عنان، لا يجوز أن يرهن الشريك شريك عنان رهناً إلا أن يكون هو الذي ولي المبايعة أو أمره الذي ولي المبايعة (¬3) منهما بذلك. فإن كان هو الذي ولي المبايعة فله أن يرتهن، وليس للآخر أن يرتهن، وليس لأحدهما أن يرتهن رهناً بمال هما وَلِيَاه جميعاً. فإن فعل وهلك (¬4) الرهن وقيمته والدين سواء ذهب نصف الحق، وضمن نصف الرهن في ماله خاصة، ويبقى نصف الحق للآخر. ولو أقر أحد المتفاوضين أنه رهن هذا المتاع من رجل وجحد الآخر ¬

_ (¬1) ص: المتفاوضين. (¬2) ف: فإن. (¬3) ص - أو أمره الذي ولي المبايعة. (¬4) م ص ف: وذلك. والتصحيح من الكافي، 1/ 140 ظ؛ والمبسوط، 11/ 203.

باب غصب أحد المتفاوضين

ذلك جاز عليهما جميعاً إذا كان الذي أقر بالرهن أقر بالقبض. وكذلك لو أقر أنه ارتهن وقبض. ولو افترق المتفاوضان ثم أقر أحدهما أنه كان رهن متاعاً من تجارتهما بدين عليهما وكذبه الآخر لم يجز ذلك. وكذلك لو مات أحدهما. وكذلك الشريكان شركة عنان إذا أقر أحدهما بالرهن وكذبه الآخر فإنه لا يجوز إن أقر أنه رهن هو أو ارتهن بعد أن يقر بذلك بعد الفرقة. فإن أقر به في الشركة فهو جائز عليهما إذا كان هو الذي ارتهن، بعد أن يكون هو الذي وَلِيَ البيع. ولو كان ارتهن ولم يَلِ البيع لم يجز ذلك على شريكه في شركة العنان. ... باب غصب أحد المتفاوضين وإذا (¬1) اغتصب أحد المتفاوضين مالاً فاستهلكه أو عقر دابة أو خرق ثوباً فإنه يلزمه ذلك هو وصاحبه جميعاً، يأخذ الطالب أيهما شاء، ويكون على الفاعل خاصة. ألا ترى أن أحدهما لو ابتاع بيعاً فاسداً فقبضه واستهلكه كان للبائع أن يأخذ أيهما شاء بالقيمة. أوَلا ترى أنه لو كانت عند أحدهما وديعة فعمل بها كان ضامناً، والربح لهما، ويأخذ رب الوديعة أيهما شاء بالمال. أوَلا ترى أنه لو كان عندهما مال مضاربة في نوع من المتاع فخالف أحدهما فاشترى غير ذلك بغير أمر رب (¬2) المال أن الضمان عليهما جميعاً والربح لهما جميعاً. ولو كانا شريكي عنان لم يضمن الآخر ما اغتصب صاحبه ولا (¬3) ما أفسد. ولو كان بيعاً فاسداً اشتراه أحدهما في الشركة فهلك ضمن ذلك هو، ورجع بنصفه على شريكه. ... ¬

_ (¬1) ص: ولو. (¬2) م ص ف: عند ذلك بعيرا من رب. ولعل الصواب ما أثبتناه. (¬3) ص: ولو.

باب جناية المفاوض

باب جناية المفاوض وإذا جنى أحد المتفاوضين جناية خطأً أو عمداً فلا شيء على شريكه من ذلك، إن كان ذلك ببينة أو بإقرار فهذا سواء. وكذلك كل جناية في نفس أو دونها، لأن هذا ليس من التجارة. ولو صالحه الجاني على مال من أرش الجناية لم يكن لصاحب الجناية على الآخر من ذلك شيء، لأن هذا ليس من التجارة، فلا شيء على شريكه. ولو كفل رجل عن الجاني بأرش الجناية لم يضمن الشريك من ذلك شيئاً. ولو كفل أحد الشريكين بأرش جناية عن رجل لزمه ذلك، ولم يلزم شريكه شيء، لأن هذا ليس من التجارة. ألا ترى أنه أرش الجناية. أرأيت لو قَتَلَ [أحدهما] (¬1) ابنَ شريكه أكان يكون على الأب من ذلك شئ. ألا ترى أن لابنه القصاص إن كان عمداً، والدية إن كان خطأ، لأنه غير قاتل، فكيف يكون عليه من الدية شيء وليس بقاتل ولا ضَمِين (¬2)، في قول أبي يوسف ومحمد (¬3). وإذا أدى الجاني أرش الجناية من مالهما فحصة (¬4) الآخر من ذلك عليه، ولا تفسد المفاوضة، لأنه صار عليه ديناً. ألا ترى أن أحدهما لو أنفق أكثر مما أنفق صاحبه كان ديناً عليه، ولم تفسد المفاوضة حتى يقبضها، فكذلك أرش الجناية. ... ¬

_ (¬1) الزيادة من ب. (¬2) ضَمِن المال ضماناً فهو ضامن وضَمِين، أي: التزمه وكفل به. انظر: مختار الصحاح، "ضمن"؛ والمصباح المنير، "ضمن". (¬3) وذكر السرخسي أنه يؤاخذ به في قول أبي حنيفة. انظر: المبسوط، 11/ 204. ولم يذكر ذلك الحاكم. انظر: الكافي، 1/ 140 ظ. (¬4) م ص: بحصة.

باب نكاح المتفاوضين

باب نكاح المتفاوضين وإذا تزوج أحد المتفاوضين امرأة ودخل بامرأته ولزمه المهر، أوطلقها قبل الدخول فلزمه نصف المهر إن كان فرض لها مهراً، أو المتعة إن لم يكن فرض لها مهراً، فلا شيء على شريكه من ذلك، لأن المهر والمتعة ليس من تجارتهما، وهذا بمنزلة الجناية. ولو كفل أحد المتفاوضين بمهر امرأة عن رجل لم يلزم شريكه من ذلك شيء في قول أبي يوسف ومحمد، لأن هذا مهر (¬1). ولو أقر أحد المتفاوضين لامرأته بمهوها لم يلزم شريكه من ذلك شيء. وكذلك لو صالحها على نفقة كل شهر لم يلزم الشريك من ذلك شيء. وكذلك لو فرض عليه القاضي نفقة امرأته أو نفقة خادمها كل شهر لم يلزم الشريك من ذلك شيء. وكذلك لو فرض عليه نفقة ولده أو ذي (¬2) رحم محرم منه ممن تلزمه (¬3) نفقته لم يلزم الشريك من هذا شيء. ولو أقر أحد المتفاوضين لامرأته بدين من غير المهر فإنه لا يلزم الآخر من ذلك شيء في قول أبي حنيفة، ويلزم ذلك المقر خاصة. وكذلك لو أقر أنه من ثمن متاع اشتراه منها أو من قرض لم يلزم الشريك من ذلك شيء. وكذلك لو أقر لابنه بدين أو لمكاتبه أو لأبيه أو لأمه أو لجدته أو لجده، لكل من لا تجوز شهادته من هؤلاء له، فإنه لا يلزم الشريك من الدين بإقراره لهؤلاء شيء، ويلزم المقر ذلك كله خاصة. ولو طلق امرأته ثلاثاً أو واحدة بائنة ثم أقر لها بدين من تجارة فإنه ¬

_ (¬1) وذكر السرخسي أنه يؤاخذ به في قول أبي حنيفة. انظر: المبسوط، 11/ 204. ولم يذكر ذلك الحاكم. انظر: الكافي، 1/ 140 ظ. (¬2) ص: أو ذا. (¬3) ف: تلزم.

يلزمه، ولا يلزم الشريك ذلك ما دامت المرأة في العدة. فإن أقر لها بعد انقضاء العدة بدين من مهر لزمه، ولا يلزم شريكه. وإنما بطل (¬1) إقراره لها وهي في العدة عن شريكه لأن طلاقه يقع عليها، ونفقته تجري عليها، ولا يستطيع أن يتزوج أربعاً ولا أختها، وهذا كله (¬2) قياس قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: إقراره بالدين لجميع هؤلاء جائز عليهما، ما خلا عبده ومكاتبه. ولو كان النكاح فاسداً فأقر لها بمهرها وقد دخل بها لزمه ذلك ولم يلزم الشريك. ولو أقر لها بدين من غير المهر لزمهما جميعاً. ولو أعتق أم ولده وأقر لها بدين من تجارتهما لزمهما جميعاً، لأن شهادته لأم ولده بعد العتق جائزة وإن كانت في عدة. ولا تجوز شهادته لامرأته وإن كانت قد بانت منه ما دامت في العدة. ألا ترى أن امرأته لا تخرج من بيته ولا تَشَوَّفُ وأن أم الولد تخرج وتَشَوَّفُ، ويتزوج الرجل عليها أربعاً إن شاء (¬3)، ويتزوج أختها، ولكن لا يقرب أختها حتى تنقضي عدة أم الولد في قول أبي يوسف ومحمد، ولا يتزوج على امرأته أربعاً وهي في العدة. ولو أقر لأم امرأته بدين كان جائزاً عليه وعلى شريكه. وكذلك ولد المرأة من غيره. وكذلك أبو المرأة وجدها. وإذا أقرت المرأة المفاوضة بدين لزوجها لم يلزم شريكها شيء. وإن أقرت لابن زوجها أو لأبيه أو لأمه لزم ذلك شريكها ولزمها في قول أبي حنيفة. ... ¬

_ (¬1) ف: أبطل. (¬2) ص + في. (¬3) ص - إن شاء.

باب عتق المفاوضين

باب عتق المفاوضين وإذا أعتق أحد المتفاوضين (¬1) عبداً بينه وبين شريكه وهو موسر فإن أبا حنيفة قال: الشريك بالخيار، إن شاء ضمن الذي أعتق نصف قيمته، وإن شاء استسعى العبد، وإن شاء أعتق، ولا تفسد المفاوضة إن أعتق. وإن استسعى العبد فقبض نصف قيمته أو قبض منها شيئاً (¬2) فسدت المفاوضة. وإن لم يستسع العبد ولكنه ضمن شريكه لم تفسد المفاوضة حتى يقبضه، فإذا قبض ذلك فسدت المفاوضة. وقال أبو حنيفة: إن كان الشريك المعتق معسراً (¬3) فهو على مثل الباب الأول، إلا أنه ليس له أن يضمنه. ولو كاتب أحد المتفاوضين (¬4) عبداً من المفاوضة بغير إذن شريكه فإن ذلك جائز عليهما جميعاً، وهذا (¬5) استهلاك مثل العتق. ألا ترى أن وصي اليتيم يكاتب عبد اليتيم فيجوز ذلك، فكذلك الشريك المفاوض. ولو أعتق أحد الشريكين العبد من الشركة على مال بغير أمر الشريك لم يجز على صاحبه، وكان القول في ذلك مثل القول في الشريكين غير المفاوضين. وإذا افترق (¬6) المتفاوضان (¬7) وقسما ما كان بينهما إلا عبداً زعم أحدهما أنه أعتقه قبل القسمة أو بعدها فهو سواء، وهو على ما وصفت لك من حال العتق. ولو مات أحد المتفاوضين (¬8) فأعتق الباقي عبداً من المفاوضة وقال: ¬

_ (¬1) ف: المفاوضين. (¬2) ص: شيء. (¬3) م ص ف: موسرا. والتصحيح من ب. (¬4) ف: المفاوضان. (¬5) م ص: في هذا. (¬6) م ص ف: تقدم. والتصحيح مستفاد من ب. (¬7) ف: المفاوضين. (¬8) ف: المفاوضين

أعتقته (¬1) قبل موت صاحبي، فهو سواء، وهو ضامن لنصف قيمته إن كان غنياً. ولو كاتبه فقال: كاتبته بعد موت صاحبي، وكذبه الورثة فإن الكتابة لا تجوز. وكذلك لو كان الميت حيًا غير أنهما قد افترقا فقال أحدهما: كاتبته قبل الفرقة، وكذبه الشريك، فإن للشريك أن يرد المكاتبة بعد أن يحلف على علمه: ما يعلمه كاتبه في المفاوضة. ولو تفرقا وأشهد كل واحد منهما على صاحبه بالبراءة من كل شرك ثم قال أحدهما: قد كنت أعتقت هذا العبد في الشركة وقد دخل نصف قيمته فيما برئت إليك، فإن أقر الآخر أنه أعتقه في الشركة وقال: لم أضمنه نصف القيمة، ولكني اخترت ضمان العبد، فإن القول قول الشريك الذي لم يعتق بعدما يحلف على ذلك، ويضمن العبد نصف قيمته في قياس قول أبي حنيفة، وليس له أن يضمن المولى لحال البراءة. وإن قال: قد كنت اخترت (¬2) ضمانك أيها الشريك، فإن الشريك بريء من الضمان، لأن الشريك قد أبرأه. ولا ضمان للذي لم يعتق على العبد، لأنه قد أقر أن العتق كان في الشركة، وقد اختار ضمان الشريك، وكان ذلك قبل البراءة. وإن قال الشريك: كان العتق قبل البراءة، ولم أختر ضمانك ولا ضمان العبد، فأنا على خياري (¬3)، إن شئت ضمّنتك، وإن شئت ضمّنت العبد، فإن له أن يضمّن العبد، وليس له أن يضمّن المولى لحال البراءة. فإن أقام المعتق البينة أن نصف قيمة هذا قد دخل في الذي (¬4) أبرأه منه كان ذلك جائزاً عليه، وهذا قياس قول أبي حنيفة. وأما في قياس قول أبي يوسف ومحمد فلا سبيل له على العبد إذا كان المعتق موسراً، لأن الضمان وقع على المعتق يوم أعتق إن شاء الآخر، وإن أبى فقد برئ من الضمان بالبراءة. ¬

_ (¬1) م: أعتقه. (¬2) ف: أجزت. (¬3) م ص ف: على حجتي. والتصحيح من الكافي، 1/ 140 ظ؛ والمبسوط، 11/ 207. (¬4) م ص ف: في هذا. وعبارة ب: دخل في البراءة.

ولو قال الشريك: لم يعتقه إلا بعد الفرقة، كان القول قوله أيضاً، وكان له أن يضمنه. فإن أقام المعتق البينة أنه أعتقه في المفاوضة وضمن له نصف قيمته، وأقام الآخر البينة أنه (¬1) أعتق بعد الفرقة واختار سعاية العبد، فإن البينة بينة المعتق، ويعتق العبد، ويبرأ المعتق والعبد من نصف قيمته، لأن القول قول الشريك، والبينة على المعتق. ولو أقر أحدهما أنه كاتب عبداً على ألف درهم في الشركة وقبضها منه ومات العبد، وقال: كان ذلك في المفاوضة، فقد دخل فيما (¬2) برئت إليك منه، وقال الآخر: قد كاتبته بعد الفرقة، ولم يدخل ما أخذت منه في البراءة، فإن القول قول الذي لم يكاتب مع يمينه على علمه، وعلى الذي كاتب البينة على ما قال، فإن لم تكن له بينة ضمن نصف الألف لشريكه. ولو كان العبد قد مات وترك مالاً كثيراً (¬3) لا وارث له، فقال المكاتب: كاتبته بعد الفرقة وأنا وارثه، وقال الآخر: كاتبته في المفاوضة ونحن وارثاه جميعاً والمال لنا، ولم يؤد المكاتب بعد شيئاً، فإن القول في ذلك قول الذي لم يكاتب، وهو مكاتب بينهما، يأخذان مكاتبته، وما بقي فهو ميراث بينهما، لأن الذي كاتب مدع، فعليه البينة. ولو مات المتفاوضان جميعاً واقتسم الورثة جميع ما تركا ثم وجدوا كنزًا ومالاً، فقال أحد الفريقين: هذا لنا وكان في قسمنا (¬4)، وكذبهم الفريق الآخر، فإنه بينهما نصفين، ولا يصدق الذي ادعى أنه في قسمه إلا ببينة. ولو كان في أيديهم فقالوا: هذا في قسمتنا، وكذبهم الفريق الآخر، فإن كانوا قد أشهدوا (¬5) بالبراءة من كل شيء وهو في (¬6) قسمتهم فهو (¬7) ¬

_ (¬1) ف + أعتقه في المفاوضة وضمن له نصف قيمته وأقام الآخر البينة أنه. (¬2) ص: فيها. (¬3) ص: كبيرا. (¬4) ص: في قسمتنا. (¬5) ف: قد شهدوا. (¬6) ص: فهو من. (¬7) م ص: وهو.

باب شراء المتفاوضين وبيعهما

لهم. وإن كانوا لم يشهدوا بالبراءة من كل شيء فهو (¬1) بينهما جميعاً بعدما يحلف الآخرون: ما دخل هذا في قسمة هؤلاء. ولو كان في يد أحد الفريقين مال (¬2) فقالوا: كان هذا لأبينا قبل المفاوضة، لم يصدقوا، وكان المال بينهم وبين أصحابهم نصفين. ولو كانوا قد أشهدوا (¬3) بالبراءة من كل شيء ثم أقروا بهذا فإن للآخر نصفه، وإقرار هؤلاء بهذا إكذاب لبراءتهم، لأنهم قالوا: لم يكن هذا في الشركة ولم يبرئونا منه. إذا كانت البراءة مما كان في الشركة فهو على ما وصفت لك. وإن كانت البراءة مما كان (¬4) في الشركة وغيره فلا حق لهم فيه، لأنه قد دخل في البراءة. ... باب شراء المتفاوضين وبيعهما وإذا اشترى أحد المتفاوضين رقيقاً أو دواباً أو غنماً أو شيئاً من الحيوان أو شيئاً من البز أو شيئاً من القطن والأدهان والخشب أو الدور أو الأرضين فهو بينهما نصفين. وكذلك كل شيء من تجارتهما وغير تجارتهما (¬5) هو سواء، إلا أني أستحسن في كسوته وكسوة عياله وقوت أهله من الطعام والإدام أن يكون له ذلك خاصة دون شريكه. وكذلك ما اشترى وكيل أحدهما أو رسوله أو عبد له أو صاحب بضاعة أو صاحب مضاربة له فهو سواء. وذلك كله بينهما نصفين. والنساء والرجال وأهل الذمة إذا كانوا شركاء متفاوضين في ذلك سواء. ¬

_ (¬1) م: وهو؛ ف - وهو في قسمتهم فهو لهم وإن كانوا لم يشهدوا بالبراءة من كل شيء فهو. (¬2) ص: مالا. (¬3) ف: قد شهدوا. (¬4) م ص ف: كانت. (¬5) ص - وغير تجارتهما.

وإذا باع أحد المتفاوضين عبداً من المفاوضة بمائة دينار (¬1)، وكتب الصك باسمه، وكانت الأشياء في يديه دون الآخر، فجحد المفاوضة، فقد وقعت الفرقة بجحوده، لأنه يقول: لا شركة بيني وبينك، فهو ضامن لنصف ما في يديه إذا قامت البينة على المفاوضة، لأنه جحد فضمن (¬2). ألا ترى أن المستودع أمين، فإذا جحد ضمن، فكذلك الشريك. وله أن يقبض المائة دينار دون صاحبه، لأنه وَلِيَ البيع. فإذا قبضها فهو ضامن لنصفها (¬3)، لأنه جحد المفاوضة. ولو مات المفاوضان جميعاً قبل الجحود وقبل الفرقة وأوصى كل واحد منهما إلى رجل على حدة، كان الذي يتقاضى المائة دينار وصي الذي ولي المبايعة، ولا يضمن الوصي ولا الورثة من ذلك شيئاً بعد أن يكونوا مقرين بالمفاوضة. وإن كان الوصي وارثاً فجحد المفاوضة ولا وارث له غيره، والأموال والأشياء في يديه، وليس في يدي الآخر شيء، فهو ضامن لنصف ذلك ولنصف المائة دينار التي قبض، لأنه جحد فضمن. وكذلك كل مال من ثمنِ بَيْعٍ باعه أحدهما أو غَصْبٍ اغتصبه من أحدهما أو إجارة أجّرها فوجب له الأجر، فهو على ما وصفت لك. فإن أقر الورثة بالمفاوضة لم يضمنوا شيئاً إلا أن يخرجوا شيئاً للميت فيقضون به حاجتهم، أو يأكلوه، فيضمنون نصف ذلك. ولا يضمن الميت من نصيب صاحبه شيئاً. ولا يكون هذا بمنزلة المضاربة. المضارب لو مات والمضاربة مجهولة كان ضامناً لها. وكذلك الوديعة والعارية. وإذا كانت معروفة (¬4) بعينها لم يضمنها. وكذلك شركة (¬5) المفاوضة، وهذا بمنزلة الوديعة المعروفة، فلا يضمن الميت من هذا الوجه شيئاً. وإذا اشترى أحد المتفاوضين جارية ليطأها لخاصة نفسه (¬6) بأمر شريكه ¬

_ (¬1) ص: الديار. (¬2) ف: فيضمن. (¬3) ف: لنصيبها. (¬4) م: معرفة. (¬5) م ص ف: الشركة. (¬6) ص: نفسها.

وإذنه فإن للبائع أن يأخذ أيهما شاء بالمال، لأن هذا دين من التجارة. ألا ترى أنه لو اشترى بها (¬1) بضاعة لغيره كان للبائع أن يأخذ أيهما شاء، وكذلك إذا اشتراها (¬2) لخاصة نفسه، ولكن يحتسبان (¬3) بها فيما بينهما من حصة الذي اشتراها. وكذلك لو اشترى أحدهما طعاماً لأهله أو كسوة لأهله بإذن شريكه أو بغير إذنه كان للبائع أن يأخذ أيهما شاء، ويحتسبان (¬4) بذلك فيما بينهما من حصة (¬5) الذي اشترى. أرأيت لو اشتريا بذلك جميعاً وهو كسوة لأحدهما أما كان للبائع (¬6) أن يأخذ أيهما شاء. أرأيت لو اشتريا كُرَّ حنطة رزقاً لأهلهما [أ] لم يكن للبائع أن يأخذ أيهما شاء (¬7)، فكذلك إذا اشترى أحدهما لخاصة نفسه، ويحتسبان (¬8) بذلك على أنه (¬9) له خاصه (¬10). وأما الجارية فإذا اشتراها أحدهما ليطأها لنفسه وذلك (¬11) بغير إذن شريكه كانت بينهما، وليس له أن يطأها. ولو باع أحدهما خادماً كانت لخاصة نفسه ميراثاً وَرِثَها لم يكن لشريكه أن يقبض ثمنها. ولا يشبه الدين الذي على أحدهما الدين الذي لأحدهما. ألا ترى أن كل دين (¬12) لزم (¬13) أحدهما فهو عليهما جميعاً، إلا جناية أو مهراً، فإنه (¬14) قد يكون الدين لأحدهما من ميراث أو غيره فلا يكون للآخر أن يتقاضاه. وليس الشريكان شركة عنان هكذا. ¬

_ (¬1) ص - بها. (¬2) ص: إذا اشترى. (¬3) ص: يحسبان. (¬4) ص: ويحسبان. (¬5) ص: بحصة. (¬6) م ص - للبائع. (¬7) ف - أرأيت لو اشتريا كر حنطة رزقا لأهلهما لم يكن للبائع أن يأخذ أيهما شاء. (¬8) ص: ويحسبان. (¬9) م ص ف: على أن. (¬10) وقال في الجامع الصغير: متفاوضان أذن أحدهما لصاحبه أن يشتري جارية فيطأها فانعل فهي له بغير شيء. وقال أبو يوسف ومحمد -رحمهما الله-: يرجع عليه بنصف الثمن. انظر: الجامع الصغير، 404؛ والكافي، 1/ 141 و؛ والمبسوط، 11/ 209. (¬11) م ص: وكذلك. (¬12) م ف: كل قبل؛ ص: كل قتل. وفي ب: ما لزم. (¬13) م ص + لزم. (¬14) م ص: وأنه.

ولو أن أحد الشريكين شركة عنان اشترى بَيْعاً (¬1) من تجارتهما لم يكن للبائع أن يتبع (¬2) الشريك الذي لم يَلِ الشراء بشيء من ذلك، ولكنه يتبع (¬3) الذي وَلِيَ الشراء، ثم يتبع (¬4) الذي وَلِيَ الشراء صاحبه بالنصف. وإذا اشترى أحد المتفاوضين جارية لحاجة نفسه بأمر صاحبه فوطئها ونقد (¬5) الشراء من أموالهما ثم استحقت الجارية، فعلى الواطئ العقر، يأخذ رب الجارية بالعقر أيهما شاء، لأن هذا دين من البيع والشراء، وليس هذا كالمهر في النكاح. ألا ترى أن عبداً مأذوناً له في التجارة لو اشترى جارية فوطئها ثم استحقت لزمه العقر. وكذلك المكاتب. ولو كان من نكاح لم يلزمه المهر حتى يعتق. وأما الشريكين (¬6) شركة عنان فإن اشترى أحدهما جارية فوقع عليها ثم استحقت لم يلزم (¬7) العقر إلا الذي وطئ خاصة. وإذا باع أحد المتفاوضين جارية من تجارتهما بدين فليس له ولا للآخر (¬8) أن يشترياها بأقل من ذلك حتى يقبضا الثمن. ولو وهب البائع الثمن للمشتري أو أبرأه منه جاز ذلك عليه، وضمن لشريكه نصف الثمن في قول أبي حنيفة ومحمد. ولو لم يفعل ذلك ولكن الشريك هو الذي فعل ذلك جاز من ذلك النصفُ حصتُه (¬9). ولو أسلم أحد المتفاوضين دراهم في طعام إلى أجل كان ذلك جائزاً، وكان لهما جميعاً. ولو تعيّن (¬10) أحدهما عِينَةً أو اشترى أحدهما طعاماً بنسيئة كان المال عليهما جميعاً يؤخذان به، وليس الشريك شركة عنان هكذا. ¬

_ (¬1) أي: مبيعاً. (¬2) ص: أن يبيع. (¬3) ص: يبيع. (¬4) ص: ثم يبيع. (¬5) ص: وبعد. (¬6) ص: الشريكان. (¬7) م: لم يلزمه. (¬8) ف: وللآخر. (¬9) م: حصة. (¬10) يقال: تعيّن منه عِينة. انظر: تهذيب اللغة، "عين". وذكر المطرزي أنه لم يجد "تعين" بمعنى بايع بيع العينة، وأن "اعتان" يستعمل في هذا المعنى. انظر: المغرب، "عين". وذكر الفيروزآبادي "عيّن" لنفس المعنى. انظر: القاموس المحيط، "عين". وقد استعمل الحاكم والسرخسي "تعين" أيضاً. انظر: الكافي، 1/ 141 و؛ والمبسوط، 11/ 211.

ولو قبل أحد المتفاوضين رأس مال سلم لهما كان جائزاً على شريكه. ولو أقال أحدهما بيعاً قد باعه الآخر في جمارية أو متاع كان جائزاً عليهما. وكذلك الشريك شركة (¬1) عنان في هذا من الشراء والبيع. ولو باع أحدهما عبداً بتأخير ثم مات البائع وأوصى إلى وارث له فغاب الوصي وجاء الشريك لم يكن بينه وبين المشتري (¬2) خصومة، لأن الشركة قد انقطعت. ولو دفع المشتري نصف الثمن إلى الحر جاز ذلك، وكان منه بريئاً. ولو باع أحد المتفاوضين صاحبه ثوباً من المفاوضة ليقطعه قميصاً جاز ذلك عليه. وكذلك (¬3) لو باعه أمة أراد (¬4) أن يطأها. وكذلك لو باعه (¬5) طعاماً فجعله رزقاً لأهله فهو جائز، والثمن عليه، نصفه له، ونصفه لشريكه. ولو اشترى أحدهما من الآخر عبداً للتجارة وكان العبد من تجارتهما فإن (¬6) ذلك لا يجوز. وكذلك المتاع والثياب والدواب. ولو كان لأحدهما عبد ميراثاً فاشتراه الآخر للتجارة كان جائزاً، وكان بينهما، وكان الثمن عليه، ولا تفسد المفاوضة حتى يقبض الثمن، فإذا قبض الثمن فسدت المفاوضة. وكذلك لو كان لأحدهما (¬7) أمة ورثها، فاشتراها الآخر وهو يريد أن يطأها، فهو جائز، وهي له خاصة، والثمن عليه، ولا تفسد المفاوضة حتى يقبض الثمن، فإذا قبض الثمن فسدت المفاوضة. وكذلك الشريكان شركة (¬8) عنان في جميع ذلك، إلا أنه لا تفسد الشركة بقبض المال. ¬

_ (¬1) ص: شريك. (¬2) ص: الشريك. (¬3) ف + وكذلك. (¬4) ص: وأراد. (¬5) ف - أراد أن يطأها وكذلك لو باعه. (¬6) م ص: كان. (¬7) ف: أحدهما. (¬8) ص: شرك.

باب ارتداد أحد المتفاوضين أو كليهما

باب ارتداد أحد المتفاوضين أو كليهما وإذا ارتد أحد المتفاوضين عن الإسلام ولحق بدار الحرب فقد انقطعت المفاوضة بينهما. ولو رجع مسلماً قبل أن يقضي القاضي بلحاقه وقبل أن يحكم في ارتداده فهما على الشركة. وكذلك لو كان في دار الإسلام فأسلم قبل أن يحكم القاضي فهما على شركتهما. وكذلك الشريكان شركة (¬1) عنان. فإن لحق الشريك بالدار وحكم القاضي بلحوقه وجعله بمنزلة الميت فقد (¬2) انقطعت الشركة. فإن رجع مسلماً لم تعد الشركة بينهما بالأمر الأول. ألا ترى أنه إذا ارتد عن الإسلام ولحق بالدار لم يعتق مدبره، ولم يحل دينه حتى يحكم القاضي في ذلك وينزله بمنزلة الميت، فكذلك (¬3) الشركة. وإذا أقر المرتد بدين في ردته ثم قتل على ردته لم يلزمه ذلك الدين في قول أبي حنيفة، ويلزمه في قول أبي يوسف ومحمد كما يلزم الشريك شريك عنان. وقال أبو حنيفة: إذا ارتد أحد المتفاوضين ثم أسلم فالشركة على حالها، فإن قتل فقد وقعت الفرقة. وفي قول أبي يوسف ومحمد هما على الشركة، وهي شركة عنان ما لم يقتل أو يلحق بدار الحرب ويحكم القاضي في لحاقه ويجعله بمنزلة الميت. وأيهما أقر بدين قبل ذلك فإنه يلزمه في قول أبي يوسف ومحمد. وأيهما باع أو اشترى فإنه يلزمهما جميعاً. وكذلك الشريك شريك عنان في البيع والشراء في قول أبي يوسف ومحمد. وأما في قول أبي حنيفة: فإن أقر المسلم لزمه، ويوقف أمر المرتد، فإن أسلم لزمه ما أقر به المسلم، وإن قتل على ردته لم يلزم (¬4). وكذلك ما أقر به المرتد فهو موقوف في قول أبي حنيفة. فإن قتل بطل. وإن أسلم لزمهما جميعاً. وكذلك إن باع أو اشترى. وكذلك إن باع شريكه لم تجز من ¬

_ (¬1) م ص: شرك. (¬2) م: قد. (¬3) م: فلذلك. (¬4) ص: لم يلزمه.

ذلك حصة المرتد إلا أن يسلم، فإن أسلم جاز ذلك (¬1). وكذلك الشريك شركة (¬2) عنان. وإذا باع أحد المتفاوضين متاعاً أو رقيقاً إلى أجل أو بالنقد ولم يَنْتَقِد (¬3) فلكل واحد منهما أن يقبض جميع المال، والذي وَلِيَ ذلك والآخر فيه سواء كأنهما باعا جميعاً. ألا ترى أن المشتري لو وجد عيباً كان له أن يرد على الذي لم يبعه كما يرد على الذي باعه، لأنهما متفاوضان. فإن افترقا ولم يعلم المطلوب بذلك فلكل واحد منهما أن يقبض المال كله. وإن قضى المطلوب أحدهما المال كله ولا يعلم بالفرقة فهو جائز، وهو بريء من المال، وللشريك الذي لم يقبض المال أن يتبع (¬4) شريكه، وإن علم المطلوب بالفرقة فليس له أن يدفع المال كله إلا [إلى] (¬5) الذي وَلِيَ البيع، ولا يدفع إلى الذي لم يَلِ البيع شيئاً، فإن دفع إليه شيئاً برئ من ذلك إذا دفع ما بينه وبين النصف. وليس له أن يأخذه بشيء من ذلك بعد الفرقة إلا بوكالة من الآخر. فإن وجد المشتري عيباً كان له أن يرد على الذي باعه ويرد الذي باع (¬6) على الشريك الذي لم يبع النصف. وليس بين المشتري وبين الذي لم يبع خصومة في العيب بعد الفرقة. ولكن لو كان خاصم الذي باعه قبل الفرقة فرَدَّ (¬7) عليه وقد كان نقده الثمن، فقُضِي له برد الثمن عليه، أو قًضِي له عليه بما نقص السلعة ولم يَرُدّ السلعة لعيب حدث فيها، ثم تفرقا قبل أن يقبض المال، فإن له أن يأخذ أيهما شاء، لأن هذا دين وجب على أحدهما قبل الفرقة. ألا ترى أنه لو أدان أحدهما قبل الفرقة ديناً ثم افترقا كان له أن يأخذ أيهما شاء، لأن هذا دين وجب عليهما قبل الفرقة. وأيهما أدى (¬8) رجع على شريكه بالنصف. وإذا وجد عيباً فلم يرد ولم يخاصم حتى افترقا لم يكن له أن يخاصم إلا الذي باعه، لأن المشتري لم ¬

_ (¬1) ف - ذلك. (¬2) ص: شريك. (¬3) أي: لم يقبض الثمن. (¬4) م: أن يبيع. (¬5) الزيادة من ب؛ والمبسوط، 11/ 213. (¬6) ف - باع؛ صح هـ. (¬7) م ص ف: يرد. والتصحيح من ب. (¬8) ص: إذا.

يجب له المال عليهما في المفاوضة. ولو استحق المبيع (¬1) بعد الفرقة وقد كان نقد الثمن قبل الفرقة فإنه يرجع بالثمن على أيهما شاء. وكذلك لو غصب أحدهما في المفاوضة لزم شريكه، وهو على ما وصفت لك. وإذا أسلم رجل إلى خياط ثوباً ليخيطه هو بنفسه وللخياط شريك في الخياطة مفاوضة فافترقا، فأراد صاحب الثوب أن يأخذ الشريك الذي لم يسلم إليه بالعمل، فليس له ذلك. وكذلك لو مات الذي ولي قبض الثوب لم يكن له أن يأخذ الحي بالعمل. وكذلك كل قِصارة وصِيَاغة (¬2) وتجارة، وكذلك كل صانع من الصناع، مِن قِبَل أن المفاوضة قد انقطعت. ألا ترى أن رجلاً لو (¬3) أسلم إلى خياط ثوباً ليخيطه بنفسه وأخذ منه ضَمِينًا (¬4) بالخياطة كان باطلاً، وإن لم يكن أسلمه إليه ليخيطه بنفسه كانت الكفالة جائزة، فإن مات الخياط قبل العمل برئ الكفيل من الضمان، من قبل أن الإجارة قد انقطعت حين مات. وكذلك موت المفاوض. ألا ترى لو أن رجلاً تكارى من رجل شِق مَحْمِل وشِقّ زاملة (¬5) إلى مكة فأخذ منه كفيلاً ثم (¬6) مات الجَمَّال كان الكفيل بريئاً من الكفالة، لأن الإجارة قد انتقضت. وإذا كان أخوان شريكان (¬7) وكان في أيديهما مال كثير (¬8) يصرفان ويشتريان ويبيعان وهما متفاوضان فهلك أحدهما، وهذا (¬9) الشريك الأموال في يديه، وبعض الضِّيَاع (¬10) أو عامتها اشترياها باسم الميت، وكان الميت أقرض أناساً قروضاً أو باع بيوعاً والصِّكَاك باسمه مما أقرض ومما باع، فجاء بعض ورثة الميت فقال: إنك كنت شريكَ والدِنا بالثلث، ولم يذكر ¬

_ (¬1) م ص: البيع. (¬2) م ف: وصناعة. والتصحيح من ب. (¬3) م ص - لو. (¬4) أي: كفيلاً. انظر: لسان العرب، "ضمن". (¬5) تقدم تفسير ذلك قريباً. (¬6) م - ثم. (¬7) ص: شريكين. (¬8) ص: كبير. (¬9) ص: فهذا. (¬10) جمع ضَيْعَة بمعنى العقار. انظر: المصباح المنير، "ضيع".

المفاوضة، وقال الآخر: بل كنت شريكه مفاوضة في جميع الأشياء، فاختصما، فأقام البينة أنه كان شريك الميت شركة مفاوضة في حياته وصحته، أرأيت إذا شهد الشهود على إقرار الميت قبل موته بعشر سنين وقد كان الميت (¬1) أعتق رقيقاً، فلما أقام البينة على المفاوضة ادعى رقبة الرقيق فقال الورثة: إنما كان عتقهم قبل المفاوضة، فما حالهم وحال الرقيق والمال الذي باسم الميت وما كان أقرض؟ وإن ادعى بعد ذلك ورثة الميت أن والدهم ورث ميراثاً هل يقبل؟ وهل يفسد ذلك المفاوضة؟ وإن غَصب [رجل] من أحدهم مالاً فهلكا جميعاً وأُمِرَ الغاصب برد المال عليهم أو على من اغتُصِب منه واجتمع ورثة الشريكين جميعاً إلى من يُدْفَع ذلك الغصب؟ وإن ادعى ورثة الذي غُصِبَ منه وباسمه أن ذلك كان لأبيهم قبل المفاوضة هل يصدَّقون؟ وهل تُقْبَل بينتهم؟ وعلى من يُرَدّ ذلك الغصب؟ قال أبو يوسف ومحمد: نأخذ (¬2) بالبينة على المفاوضة منذ عشر سنين، ونقضي بذلك، ونجعل كل شيء في أيديهما (¬3) قبل موت الميت من الضِّيَاع والعقار والرقيق والأموال بينهما نصفين، ونجعل الرقيق الذين أعتقوا من المفاوضة، ونجعل ما غُصِبَ من شيء من واحد منهما في هذه العشر سنين من المفاوضة، وما اغتَصَبَ أحدُهما كان عليه خاصة، ولا يصدَّق الورثة على شيء مما في أيديهم أن أباهم ورثه دون الآخر. وقال أبو يوسف: لا تُقبَل شهادتهم في ذلك، لأنهم أنكروا المفاوضة، فكانت البينة على عمهم الحي، لأنه المدعي، واليمين على من أنكر. وقال محمد: بهذا كله نأخذ إلا في خصلة: تُقبَل بيِّنتهم على ما ادعوا من الميراث الذي ورثه أبوهم فأُخْرِجُه من المفاوضة، وأجعله لهم خاصة. ولو كان في يد العم الحي مال فقال: هذا ما أصبته بعد موت أخي، كان القول قوله مع يمينه، وعلى ورثة الميت البينة، فإن أقاموا البينة أن هذا المال كان في يد عمهم في حياة أبيهم جعلته بينهم نصفين. وما أقرض ¬

_ (¬1) ف + قد. (¬2) ص: يأخذ. (¬3) ص: في أيدينا.

أحدهما فهو ضامن لنصف ذلك لشريكه. وما أعتق واحد منهما فهو ضامن لنصف ذلك لشريكه. وكل غصب اغتصبه رجل منهما جميعاً أو من أحدهما في هذه العشر سنين فهو بينهما نصفين، يُرَدّ عليهما إن كانا حيين، وإن كانا ميتين فهو لورثتهما. وإن كان في أيديهما مال قبل هذه العشر سنين فهو بينهما نصفين. وكذلك كل غصب اغتُصِب من أحدهما قبل ذلك أو منهما جميعاً فهو بينهما نصفين إذا كان إقرارٌ (¬1) منهما بالمفاوضة، لأن هذا على ما مضى. وإن كانا اشتركا يومئذ (¬2) واستقبلا (¬3) الشركة يومئذ فما كان لواحد منهما من دين قبل ذلك أو غصب فهو له خاصة وإن كانا أقرا (¬4) بالشركة، ولا يفيد أنهما استقبلا الشركة يومئذ فهو (¬5) بينهما (¬6)، ولا يفسد المفاوضة أن يكون لأحدهما دين (¬7) دون الآخر. فإذا قبض الدين فسدت المفاوضة. وكذلك إذا ورث أحدهما مالاً فلا تفسد المفاوضة حتى يقبض، فإذا قبض فسدت المفاوضة. وإذا كانا شريكين بينهما كُرّ حنطة وكُرّ شعير ولم يأمر أحدهما صاحبه بالبيع ولا بالشراء، فاستعار أحدهما دابة ليحمل عليها حنطة، فحمل عليها الآخر الشعير بغير أمر صاحبه، كان ضامناً للدابة ولحصة شريكه من الشعير، وليس هذان كالشريكين شركة عنان في البيع والشراء. ألا ترى أن الشريك يحمل بغير أمر شريكه، وكذلك المفاوض. وأما الشريكان اللذان لا يبيعان ولا يشتريان، فإن حمل أحدهما بغير أمر صاحبه فهو ضامن، وإذا ¬

_ (¬1) م ص ف: إقرارا. (¬2) م ص ف: يومين. والتصحيح من ب. (¬3) م ص ف: واستعملا. (¬4) م ص ف: كان إقرارا. والتصحيح من ب. (¬5) م + فهو. (¬6) أي: لا يفيد استقبالهما الشركة يومئذ أن الشركة كانت موجودة بينهما قبل ذلك. والله أعلم. (¬7) ص: دينا.

باب الشركة الفاسدة

لم يكن له أن يحمل ضمن الدابة. ألا ترى أن الشريكين شركة (¬1) عنان في البيع والشراء لأحدهما أن يحمل متاعهما، ولا يضمن، لأن هذا من تجارتهما. وإذا أجّر أحد المتفاوضين نفسه في حياته يوماً بأجر أو عَمِلَ عملاً بأجر فالأجر بينهما نصفين. وكل كسب اكتسب أحدهما فهو بينهما نصفين. وإذا اشترك الرجلان شركة مفاوضة وليس لهما مال فهو جائز. وإن كانا عاملين بأيديهما أو يشتريان بوجوههما فهو جائز. وكذلك خياطان اشتركا في الخياطة مفاوضة. وكذلك خِياطةً وقِصارةً وشِبْهَ ذلك من الأعمال المختلفة كانت أعمالهم أو واحدة مفاوضة في ذلك فهو جائز. وإن تَقَبَّلَ أحدهما عملاً أُخِذَ الآخر به حتى يعمله (¬2) وإن كان عمله غير ذلك العمل. ... باب الشركة الفاسدة وإذا اشترك الرجلان على أن يحتطبا الحطب ويبيعاه فما باعا من شيء فهو بينهما نصفان (¬3) كانت (¬4) هذه الشركة فاسدة لا تجوز، ولكل واحد منهما ما احتطب، إن باعه فله الثمن، وإن أعانه الآخر على ذلك بشيء فله أجر مثله، ولا أجاوز به (¬5) نصف الثمن في قول أبي يوسف. وقال محمد: له أجر مثله بالغاً ما بلغ؛ ألا ترى أنه لو أعانه فلم يصيبا شيئاً كان له أجر مثله فيما أعانه. وكذلك لو اشترك رجلان على أن يَحْتَشّا (¬6) فيبيعاه. وكذلك كل ثمرة اشتركا عليها على أن ما اجتنيا من الثمار من الجبال والبَرِّيَّة والمَفَازَة من الفُسْتُق والجوز وغير ذلك فهما سواء فإن هذا لا يجوز، ولكل ¬

_ (¬1) ص: شرك. (¬2) م: حتى يعلمه. (¬3) ص: نصفين. (¬4) م ف: وكانت. (¬5) م ف: ولا أجاوزه. (¬6) أي: يجمعا الحشيش وهو الكلأ اليابس. انظر: المغرب، "حشش".

واحد منهما ما اجتنى من الثمار وما احتطب وما احتشّ. فإن خلطاه جميعاً ثم باعاه فإني أنظر. فإن كان مما يكال أو يوزن قسمت الثمن بينهما على كيل الذي لكل واحد منهما وعلى وزنه. وإن كان مما لا يكال ولا يوزن وكان حطباً أو حشيشاً أو قَصَباً قسمت الثمن بينهما. يَضرب كل واحد منهما بقيمة الذي له. فإن لم يُعرف الكيل والوزن والقيمة فكل واحد منهما مصدَّق فيما يدعي إلى النصف من ذلك. فإن ادعى أكثر من النصف فعليه البينة، لأنه متاع في أيديهما، ففي يد كل واحد منهما نصفه. وكذلك لو كانا يحتطبان الحطب على دواب لهما أو غلمان لهما أو إبل لهما. وكذلك لو اشتركا في طين يحملانه من أرض لا يملكها أحد فيبيعانه في المصر كان مثل ذلك. وكذلك الملح والكُحْل والزاج (¬1) والزرنيخ. وكل حجر من هذا الضرب كان في الجبال والبرية فهو على هذه الصفة. وكذلك رجلان اشتركا في طين يُلَبِّنَانه لا يملكه أحدهما، فما لَبَّنَ كل واحد منهما فهو له خاصة. وكذلك لوطبخاه آجُرًّا. وكذلك الجص إذا اشتركا في طبخه من رمل أو أرض لا يملكه أحد. وكذلك النورة. ولو كانت النورة يملك عينها أحد، فاشتركا أن يشتريا من ذلك الطين ويطبخاه، يعملان (¬2) فيه على أنه بينهما، فإن هذا جائز، لأن أصل هذا شراء. وكذلك سِهْلَة الرجاج (¬3) يشتركان فيه، فهو مثل هذا، إذا اشتركا على شيء يشتريانه جاز ذلك، وإن كان شيئأ (¬4) لا يشتريانه (¬5) لم يجز ذلك. أرأيت لو اشتركا على طلب الكنوز على أن ما أصابا من كنز فهو بينهما نصفان (¬6)، فأصاب أحدهما كنزًا ولم يصب الآخر ألم يكن الكنز للذي ¬

_ (¬1) الزاج ملح من الأملاح، وهو من الأدوية، وهو من أخلاط الحبر. انظر: لسان العرب، "زاج"؛ والقاموس المحيط، "زاج". (¬2) ص: ويعملا. (¬3) سِهْلة الزجاج هي رمل البحر يجعل في جوهر الزجاج. انظر: المغرب، "سهل". (¬4) ص: شيء. (¬5) م: لا يشتركانه. (¬6) ص: نصفين.

أصابه خاصة دون صاحبه ولا حق للآخر فيه. ولو عملا فيه جميعاً (¬1) ما استخرجاه (¬2) كان بينهما نصفين. وإذا اشترك الرجلان في صيد السمك على أن ما أصابا من شيء فهو بينهما نصفين فإن هذا فاسد لا يجوز. فإن اصطادا كان كل ما اصطاد كل واحد منهما خاصة له دون صاحبه. وإذا اشتركا فنصبا شبكة جميعاً أو ضرباها جميعاً فما أصابا جميعاً فهو بينهما. وإذا اشترك الرجلان في طلب الوحش والطير على أن ما أصابا من شيء فهو بينهما، فما أصاب أحدهما من شيء (¬3) فهو له خاصة دون صاحبه، فإن أصابا جميعاً فهو بينهما نصفين. وكذلك لو نصبا شبكة جميعاً أو نصبا الشَّرَك (¬4) جميعاً فما أصابا من شيء فهو بينهما نصفين. ولو كان لهما كلب فأرسلاه جميعاً كان ما أصاب الكلب لصاحبي (¬5) الكلب [بينهما نصفين] (¬6). ولو كان الكلب لأحدهما في يديه فأرسلاه جميعاً كان ما أصاب الكلب لصاحب الكلب خاصة. وإن (¬7) كان لكل واحد منهما كلب فأرسل هذا كلبه [وهذا كلبه] (¬8) فأصابا صيداً واحداً كان بينهما نصفين. ولو أصاب كل واحد منهما صيداً على حدة كان له خاصة دون صاحبه. ولو أصاب أحد الكلبين صيداً ثم جاء الآخر فأعانه عليه كان بينهما نصفين (¬9). وإن كان الأول قد قتله أو (¬10) أثخنه حتى لا يستطيع منه امتناعاً ولا تحركاً فهو للأول. ¬

_ (¬1) ص + على أن. (¬2) م: ما استخرجا. (¬3) م ص - فهو بينهما فما أصاب أحدهما من شيء؛ صح م هـ. (¬4) هو حبائل الصيد، وما ينصب لصيد الطير. انظر: القاموس المحيط، "شرك". (¬5) م ص ف: لصاحب. (¬6) الزيادة والتصحيح السابق مستفادان من السرخسي. انظر: المبسوط، 11/ 217 - 218. (¬7) ف: ولو. (¬8) وعبارة السرخسي: فأرسل كل واحد كلبه. انظر: المبسوط، 11/ 218. (¬9) ف - ولو أصاب كل واحد منهما صيداً على حدة كان له خاصة دون صاحبه ولو أصاب أحد الكلبين صيداً ثم جاء الآخر فأعانه عليه كان بينهما نصفين. (¬10) ف - قتله أو؛ صح هـ.

وإذا اشترك الرجلان ولأحدهما بغل وللآخر بعير فاشتركا على أن يؤاجرا ذلك، فما رزقهما الله تعالى من شيء فهو بينهما نصفان (¬1)، فآجراهما جميعاً بأجر معلوم في عمل معلوم وحِمْل معلوم، فإن هذا فاسد لا يجوز، ويقسم الأجر على مثل أجر البغل ومثل أجر البعير. ولو تقبّلا حمولة معلومة بأجر معلوم ولم يؤاجرا البغل ولا البعير فحملا الحمولة على ذلك، فإن الأجر بينهما نصفان (¬2)، لأنهما لم يؤاجرا البغل ولا البعير (¬3) بأعيانهما. ولو آجر البغل بعينه كان أجره لصاحبه (¬4) خاصة دون أصاحب، البعير (¬5). فإن كان الآخر أعانه على الحمولة بالبُعْرَان (¬6) كان للذي أعانه أجر مثله لا يجاوز به نصف الأجر الذي آجر به في قول أبي يوسف. وقال (¬7) محمد: له أجر مثله (¬8) بالغاً ما بلغ، وليس شركتهما بإجارة الدواب بأعيانها. والإبل والبقر والغنم مثل الشركة في عمل أيديهما بأداتهم وأمتعتهم (¬9). ولو أن قصاراً له أداة القصارين وقصاراً (¬10) له بيت اشتركا على أن يعملا بأداة هذا وفي بيت هذا على أن الكسب بينهما نصفين كان ذلك جائزأ. وكذلك الصاغة (¬11) والخياطون والصناعون (¬12) والعمال يشتركون بآنيتهم (¬13) وأداتهم فهو مثل هذا (¬14)، والشركة فيه جائزة. وكذلك الرحى والبيت والمتاع. ولو أن رجلين اشتركا ولأحدهما (¬15) دابة وللآخر إكاف وجُوالقات ¬

_ (¬1) ص: نصفين. (¬2) ص: نصفين. (¬3) ف - فحملا الحمولة على ذلك فإن الأجر بينهما نصفان لأنهما لم يؤاجرا البغل ولا البعير. (¬4) ف: له. (¬5) م ص: البغل. (¬6) م ص ف: بالبغلان. (¬7) ف - قال؛ صح هـ. (¬8) ص - مثله. (¬9) ص: أبدانهما بأداتهما وأمتعتهما. (¬10) ص: وقصار. (¬11) م ص ف: الصياغة. (¬12) ص: والصباغون. (¬13) ص: بأبنيتهم. (¬14) ف - هذا. (¬15) ص: لأحدهما.

فاشتركا (¬1) على أن يؤجرا دابة على أن أجرها بينهما نصفين كانت هذه الشركة فاسدة، وإن أجرا (¬2) الدابة كان أجرها لصاحبها، وللرجل معه أجر مثله، وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: له أجر مثله بالغاً ما بلغ، لأن الأجر الأول كان غير معلوم. وقال أبو حنيفة: لو أن رجلاً دفع دابته إلى رجل يؤاجرها على أن ما آجرها به من شيء فهو بينهما نصفين كانت هذه الشركة فاسدة، والأجر كله لرب الدابة، وللرجل الذي آجر الدابة أجر مثله. وكذلك البيت والسفينة والبعير. وقال أبو حنيفة: لو أن رجلاً دفع دابته إلى رجل يبيع عليها البز والطعام على أن الربح بينهما كانت هذه الشركة فاسدة، والربح لصاحب البز والطعام، ولصاحب الدابة أجر مثلها. وكذلك قول أبي حنيفة في البيت يدفعه رجل إلى رجل على هذا الوجه. وكذلك السفينة. وقال أبو حنيفة: شركة المسلم للذمي (¬3) مكروه، ولا تجوز شركتهما مفاوضة، وهو قول محمد. وقال أبو يوسف: أكره للمسلم شركتهما مفاوضة وأجيزها. وقال أبو حنيفة: لا تجوز شركة العبد الحر مفاوضة، ولا تجوز شركة العبدين مفاوضة، وكذلك المكاتبون، ولا تجوز شركة المكاتب الحر مفاوضة، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وقال أبو يوسف ومحمد في الصبيين: لا تجوز مفاوضتهما. وقال أبو حنيفة: شركة المسلم الذمي شركة عنان مكروه، وهي جائزة عليهما، وهو قول أبي يوسف ومحمد. ¬

_ (¬1) ف: واشتركا. (¬2) ص: أجر. (¬3) ف: الذمي.

قال إسماعيل بن مسلم: عن الحسن أنه قال: لا بأس بشركة المسلم الذمي إذا ولي المسلم البيع والشراء (¬1). وقال أبو حنيفة في شركة العبد الذي يسعى في بعض قيمته: هو مثل المكاتب. وكذلك المدبر هو بمنزلة المكاتب (¬2). وكذلك أمهات أولادهم بمنزلة العبيد لا تجوز شركتهم مفاوضة، وتجوز شركتهم شركة عنان. وقال أبو يوسف ومحمد في الذي يسعى في بعض قيمته: هو بمنزلة الحر في الشركة في جميع ذلك (¬3). ¬

_ (¬1) المصنف لعبد الرزاق، 4/ 269. (¬2) ف ص: المكاتبين. (¬3) م + تم كتاب الشركة والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد النبي وآله كتبه أبو بكر بن أحمد الطلحي الإصفهاني في رجب سنة تسع وثلاثين وستمائة؛ ص + تم كتاب الشركة يتلوه إن شاء الله تعالى كتاب المضاربة كتبه الفقير إلى الله الراجي مغفرته محمد بن نصر بن عز بن علي المختار غفر الله (كذا) ولوالديه وللمؤمنين والمؤمنات بمدينة القاهرة حرسها الله وفرغ منه في الثالث من ربيع الأول سنة ست وستين وستمائة حامدا لله تعالى ومصليا على خير خلقه نبيه محمد وعلى آله ومسلماً تسليما كثيراً.

كتاب المضاربة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب المضاربة محمد بن الحسن عن حميد بن عبد الله بن عبيد الأنصاري عن أبيه عن جده عن عمر بن الخطاب أنه أعطى مال يتيم مضاربة، قال: ولا أدري كيف كان الشرط بينهما، فعمل له بالعراق، وكان يأتي الحجاز (¬2)، فكان يقاسم عمر (¬3) الربح (¬4). محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أن ابن مسعود أعطى زيد بن خُلَيْدة مالاً مضاربة، فأسلمه زيد إلى عِتْرِيس بن عُرقوب في قلاص معلومة بأسنان معلومة (¬5) إلى أجل معلوم، فحل الأجل، فاشتد عليه. فأتى عتريس ابن مسعود يستعين به عليه، فذكر له ذلك. فقال ابن مسعود لزيد: ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) ف: بالحجاز. (¬3) م ص ف ب: غير. والتصحيح من الكافي، 2/ 243 و. (¬4) هو مختصر في الآثار لأبي يوسف، 160. وأخرج ابن أبي شيبة من طريق عبد الله بن حميد عن أبيه عن جده أن عمر بن الخطاب دفع إليه مال يتيم مضاربة فطلب فيه فأصاب فقاسمه الفضل ثم تفرقا. انظر: المصنف، 4/ 390. (¬5) ص - بأسنان معلومة.

خذ رأس مالك، ولا تسلم شيئاً من رأس مالنا في الحيوان (¬1). محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه كان يكره المضاربة بالنصف والثلث (¬2) وزيادة عشرة دراهم (¬3). وقال: أرأيت إن لم يربح إلا تلك العشرة؟ محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: في المضاربة والوديعة والدين سواء، فيتحاصّون في ذلك في مال اليتيم جميعاً. محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال في الوصي يعطي مال اليتيم مضاربة: إن شاء أبضعه (¬4)، وإن شاء اتجر به، أي ذلك خير لليتيم فعل به (¬5). محمد عن أبي يوسف عن عبد الله بن علي عن العلاء بن عبدالرحمن مولى الحُرَقَة (¬6) عن أبيه (¬7) قال: كان عثمان بن عفان - رضي الله عنه - يعطي مالاً مفاوضة، والمفاوضة هي المضاربة. محمد عن أبي يوسف عن سعيد (¬8) بن أبي عروبة (¬9) عن قتادة عن ¬

_ (¬1) الآثار لأبي يوسف، 186 - 187؛ والمصنف لعبد الرزاق، 8/ 24؛ وشرح معاني الآثار للطحاوي، 4/ 63. (¬2) ف: أو بالثلث. (¬3) م ص ف: الدراهم. (¬4) ص: أنصفه. (¬5) أخرج ابن أبي شيبة من طريق منصور عن إبراهيم قال: لا بأس أن يعمل الوصي بمال اليتيم. قلت لإبراهيم: إن توى يضمن؟ قال: لا. وعن إبراهيم قال: لا بأس أن يعمل الوصي بمال اليتيم له. انظر: المصنف، 4/ 390. (¬6) لقب لبطن من قبيلة جهينة. انظر: المغرب، "حرق". (¬7) ف - عن أبيه. (¬8) ف: عن سعد. (¬9) م ص ف: سعيد بن عروة. والتصحيح من كتاب الشركة. انظر: 2/ 188 و.

الحسن قال: قال علي: [ليس على] (¬1) من قاسم الربح ضمان (¬2). وتفسير هذا عندنا أن الوضيعة على المال، والربح على ما اشترطا عليه. محمد عن عبد الله بن محرز عن قتادة عن خلاس عن علي أنه قال: يعطي مال اليتيم مضاربة، ويقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "رفع القلم عن ثلاث، عن الغلام حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يصح، وعن النائم حتى يستيقظ" (¬3). محمد عن عبد الله بن محرز عن عطاء وقتادة أن عمر بن الخطاب وعائشة وعبد الله بن عمر كانوا يدفعون مال اليتيم مضاربة (¬4). محمد عن أبي يوسف عن زكريا بن أبي زائدة عن عامر الشعبي أنه سئل عن رجل أخذ مالاً مضاربة فأنفق في مضاربته خمسمائة ثم ربح. قال: يتم رأس المال من الربح. محمد عن زكريا بن أبي زائدة عن عامر الشعبي أنه سئل عن رجل أعطى رجلاً أربعة آلاف درهم مضاربة، فخرج بها إلى خراسان، فأشهد بها عند خروجه أن هذا المال مال صاحب الأربعة آلاف (¬5) درهم ليس لأحد فيه حق، ثم أقبل، فتوفي في الطريق، فأشهد عند موته أيضاً أن هذا المال مال ¬

_ (¬1) الزيادة من كتاب الشركة. انظر: الموضع السابق. (¬2) روى عبدالرزاق عن علي قال: من قاسم الربح فلا ضمان عليه انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 253. وروى ابن أبي شيبة من طريق سفيان عن أبي حصين عن علي في المضاربة أو الشريكين - قال سفيان: لا أدري أيهما قال - الريح على ما اصطلحا عليه والوضيعة على المال. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 268. (¬3) روي القسم المرفوع منه عن علي وعائشة - رضي الله عنهما -. وحسنه الترمذي. انظر: سنن ابن ماجه، الطلاق، 11؛ وسنن أبي داود، الحدود، 17؛ وسنن الترمذي، الحدود، 1؛ وسنن النسائي، الطلاق، 21. وانظر لتفصيل الطرق والنقد: نصب الراية للزيلعي، 4/ 161 - 165؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 1/ 183 - 184. (¬4) المصنف لعبد الرزاق، 4/ 66 - 71؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 390. (¬5) م: الآلاف.

صاحب الأربعة آلاف ليس لأحد فيه حق (¬1)، ثم إن رجلاً جاء بصك فيه ألف مثقال مضاربة مع هذا الرجل، له بها البينة، وهي قبل الأربعة آلاف بإحدى وعشرين سنة. قال عامر: قد أشهد في حياته وعند موته أن هذا المال لصاحب الأربعة آلاف، فإن جاء هذا المدعي ببينة أن له في هذا المال حقاً اقتسما، وإلا فإنما هي لصاحب الأربعة آلاف (¬2). محمد عن أبي يوسف عن يونس عن الحسن أنه كان يكره المضاربة بالعروض، ويكره الشركة بالعروض (¬3). وقال أبو حنيفة: لا تكون المضاربة إلا بالدنانير والدراهم، ولا تكون بما سوى ذلك من كيل أو وزن أو عرض من العروض، إنما تكون بالدنانير والدراهم. وكذلك قال أبو يوسف. وقال محمد: أستحسن أن تكون المضاربة بالفلوس كما تكون بالدنانير والدراهم، لأنها ثمن مثل الدنانير والدراهم، ولا تكون بما سوى ذلك. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة على أن ما رزق الله تعالى من شيء في ذلك فهو بينهما نصفان (¬4) فهذا جائز، وما كان في ذلك من ربح فهو بينهما نصفان (¬5). وكذلك لو قال: ما رزقك الله من شيء في ذلك. وكذلك لو قال: ما كان في ذلك من ربح فهو بيننا. وكذلك لو قال: ما ربحت في ذلك من شيء فهو بيننا نصفان (¬6)، فهو سواء. فإذا عمل في المال فربح فيه ربحاً فهو بينهما نصفان (¬7). وإذا دفع الرجل إلى الرجل (¬8) مالاً مضاربة على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فللمضارب ربعه، ولرب المال ما بقي، أو قال: ¬

_ (¬1) ف - حق. (¬2) روي نحو ذلك. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 258. (¬3) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 250، 261. (¬4) ص: نصفين. (¬5) ص: نصفين. (¬6) ص: نصفين. (¬7) ص: نصفين. (¬8) م ص: إلى رجل.

للمضارب خمسه، أو قال: سدسه، أو قال: عشره أو قال: جزء من عشرين جزء، أو أقل من ذلك أو أكثر، بعد أن يكون اشترط شيئاً من الربح في جميع الربح ثلثاً أو ربعاً (¬1) أو كذا كذا جزء من كذا كذا جزء، فهو جائز، وهي مضاربة على ما اشترطا (¬2). وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فللمضارب مائة درهم من ذلك، أو أقل من ذلك أو أكثر، بعد أن يسمي من ذلك دراهم معلومة، فهذه مضاربة فاسدة لا تجوز. فإن عمل المضارب على ذلك فباع واشترى فربح مالاً كثيراً أو لم يربح فله (¬3) أجر مثله فيما عمل، ولا يكون له في الربح قليل ولا كثير. ما أشبه هذا من المضاربة إذا عمل بها المضارب فربح أو وضع فله أجر مثله ولا ربح له. وكذلك المضارب لو عمل بالمال فتلف كله فله أجر مثله. ولا ضمان عليه فيما تلف من المال في جميع هذه الوجوه، لأنه كان في ذلك أميناً. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فللمضارب ربح نصف المال، أو قال: ربح ثلث المال (¬4)، أو قال: ربح مائة درهم من رأس المال، أو قال: ربح عشر المال، فعمل المضارب بالمال فربح أو وضع، فهذه مضاربة جائزة، والربح على ما اشترطا إن ربح المضارب شيئاً. وإن لم يربح شيئاً (¬5) ولكنه وضع فلا أجر له ولا ضمان (¬6) عليه. وكذلك كل مضاربة جائزة فلا أجر للمضارب فيما عمل فيها إن وضع أو لم يضع أو ربح إلا أنه إذا ربح أخذ ما اشترط من الربح. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة (¬7) على أن ما رزق الله ¬

_ (¬1) ص: ثلث أو ربع. (¬2) ف: ما اشترط. (¬3) ف: وله. (¬4) ص - أو قال ربح ثلث المال. (¬5) ص - وإن لم يربح شيئاً. (¬6) ف - له ولا ضمان؛ صح هـ. (¬7) ف: مفاوضة؛ صح هـ.

تعالى في ذلك من شيء فللمضارب ربح هذه المائة درهم من المال لمائة درهم بعينها من المال، [أو قال: ربح هذا النصف من المال] (¬1) لنصفٍ بعينه، أو قال: ربح عشر هذا المال، لعشر بعينه عزله من المال، فإن هذه مضاربة فاسدة. ألا ترى أن المضارب لا يدري لعله سيربح في المال الذي اشترط ربحه خاصة، ولا يربح فيما بقي من المال، فيكون الربح كله للمضارب، أو لعله سيربح في المال الذي لم يشترط المضارب ربحه، ولا يربح في المال الذي اشترط المضارب فيه ربحاً لنفسه، فهذا لا يستقيم، ولا يكون مضاربة أبداً إلا مضاربة إن ربح فيها ربحاً كان للمضارب بعضه قليلاً كان أو كثيراً. فإن عمل المضارب بالمال الذي أخذ على ما وصفت لك فربح أو وضع أو تلف المال فلا يكون ضمان (¬2) على المضارب، وله أجر مثله فيما عمل. وإذا دفع الرجل إلى رجل ألف درهم مضاربة فقال له: هذه الألف معك بالنصف مضاربة، أو قال: خذها مضاربة بالثلث، أو قال: خذها مضاربة بالخمس، أو قال: خذها مضاربة بجزء من عشرين جزء، ولم (¬3) يبين شيئاً من ذلك، فأخذها المضارب فعمل فيما ربح، فهذه مضاربة جائزة، وما اشترط في ذلك من نصف أو ثلث أو خمس أو جزء من عشرين جزءاً فهو للمضارب، وما بقي فهو لرب المال. وكذلك لو قال: خذها مضاربة بالثلثين أو ما بقي فهو لك، فعمل فربح، كان الثلثان للمضارب. فإن قال رب المال: إنما عنيت أن الثلثين أو ما بقي فهو لك، فقد تصادقا أنهما لم يبينا شيئاً غير ما وصفت لك، فإن الثلثين للمضارب، ولا يصدق رب المال في شيء من ذلك، لأن قوله: اعمل بها (¬4) مضاربة بالنصف أو الثلث أو الثلثين، إنما يقع ذلك في كلام الناس أن ذلك للمضارب. ¬

_ (¬1) الزيادة من الكافي، 2/ 244 و. (¬2) ف - ضمان؛ صح هـ. (¬3) ص: أو لم. (¬4) ص - بها.

وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم فقال: خذها (¬1) مفاوضة بالنصف، فذلك جائز، وهي مضاربة بالنصف. وكذلك لو قال: خذ هذه الألف معاملة بالنصف، فهذه مضاربة. وقوله: مفاوضة أو معاملة أو مضاربة، فهو سواء، وهي مضاربة في الوجوه كلها. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما، ولم يزد على هذا شيئاً، فإن هذه مضاربة جائزة، والربح بينهما نصفان (¬2). وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم فقال: خذ هذه الألف فاعمل بها على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بيننا نصفان (¬3)، ولم يقل: مضاربة، ولا غير ذلك، فهذه مضاربة جائزة، وهي على ما اشترطا. وكذلك لو قال: اعمل بهذه الألف على أن لك نصف ربحها، أو قال: ثلث ربحها، أو قال: عشر ربحها، أو قال: جزء من عشرين جزء، ولم يزد على هذا شيئاً، فهذا جائز، وهي مضاربة، ولا يبالي سمى مضاربة أو لم يسم. وكذلك لو قال: خذ هذه الألف فاعمل بها بالنصف أو بالثلث أو بالعشر، ولم يسم غير ذلك، كان هذا كله (¬4) مضاربة على ما اشترطا، أستحسن ذلك وأدع القياس فيه، لأنه أمر الناس وفعلهم. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو كله للمضارب، فقبض المضارب هذا المال على هذا، فعمل به فربح أو وضع أو هلك المال بعدما قبض المضارب قبل أن يعمل به؛ فإن كان عمل به فربح فالمال على المضارب دين، والربح كله للمضارب، وإن وضع في المال فالوضيعة على المضارب، وهو (¬5) ضامن حتى يوفي رب المال جميع المال الذي أعطاه، وكذلك لو هلك المال في يد المضارب قبل أن يعمل به من مال المضارب، وضمن ¬

_ (¬1) م ص: أحدهما. (¬2) ص: نصفين. (¬3) ص: نصفين. (¬4) م - كله. (¬5) م ص ف + مال.

المضارب المال لرب المال. ولا يشبه هذا ما قبله مما وصفت لك، لأنه إذا دفع رب المال إلى المضارب المال على أن الربح للمضارب فقبض المال على هذا فهذا قرض على المضارب، لأنه اشترط الربح كله لنفسه. فإذا اشترط الربح كله لنفسه فالمال قرض عليه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو كله لرب المال، فقبض المضارب المال، فربح فيه مالاً كثيراً أو وضع أو هلك المال قبل أن يعمل المضارب (¬1)، فإن كان ربح فيه شيئاً فهو كله لرب المال، وإن كان وضع فيه فالوضيعة فيه على رب المال. وكذلك إن كان المال هلك قبل أن يعمل به المضارب فهو من مال رب المال، ولا شيء على المضارب في هلاك المال، ولا شيء للمضارب على رب المال في عمله بالمال إن (¬2) ربح أو وضع، لأن المال كان في يدي المضارب بضاعة لرب المال، لأن رب المال حين اشترط الربح كله لنفسه فلم يشترط (¬3) المضارب من شيء فلا شيء للمضارب فيما عمل، وإنما هو في هذه الحال بمنزلة المستبضع. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم فقال: خذ هذه مضاربة، أو قال: خذها مفاوضة، ولم يزد على ذلك شيئاً ولم يذكر ربحاً، فأخذ المضارب فعمل بها فربح ربحاً أو وضع أو تلف المال قبل أن يعمل به؛ فإن كان المال (¬4) تلف في يدي المضارب قبل أن يعمل به فلا ضمان على المضارب فيه، ولا أجر على رب المال، وللمضارب أجر مثله فيما عمل، لأنه قال: خذ هذا المال مضاربة، ولم يسم له ربحاً، فهذه مضاربة فاسدة، وللمضارب أجر مثله فيما عمل. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة على أن لرب المال ثلث الربح، أو قال: على أن لرب المال ربع الربح، ولم يزد على هذا شيئاً ولم يسم للمضارب شيئاً من الربح، فعمل المضارب فريح أو وضع ¬

_ (¬1) م: بالمضارب. (¬2) ص - إن. (¬3) م ص ف: فلم يعر. (¬4) ص - المال؛ صح هـ.

فالربح كله لرب المال، والوضيعة على رب المال، وللمضارب أجر مثله فيما عمل، لأنه لم يسم للمضارب ربحاً، فصارت هذه مضاربة فاسدة لا تجوز، وهذا القياس في هذا، ولكن أستحسن أن أجيزه، وأن أجعل ثلث الربح أو ربع الربح أيهما اشترط لرب المال، وما بقي من الربح فللمضارب، أدع القياس في هذا وأستحسن. ولو دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة على أن للمضارب ثلث الربح ولرب المال نصف الربح، فعمل المضارب فربح ربحاً، فإن للمضارب ثلث الربح كما اشترط، وما بقي من الربح فهو لرب المال وإن كان لم يسم لرب المال إلا نصف الربح، لأن كل شيء من الربح لم يسم لأحد فهو لرب المال، لأنه (¬1) ربح ماله. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة على أن للمضارب ثلث الربح أو سدس الربح فالمضاربة على هذا فاسدة، فإن اشترى المضارب فربح أو وضع فلا ضمان عليه في شيء من ذلك، ولا ربح له، والربح (¬2) كله لرب المال، وللمضارب أجر مثله فيما عمل من (¬3) ذلك كله، لأن المضارب لم يشترط شيئاً من ذلك معلوماً. وكذلك لو كان رب المال هو الذي اشترط ذلك فقال للمضارب: اعمل بهذا المال على أن لي من ربحه نصف (¬4) الربح أو ثلثه ولك ما بقي، فهذا والأول سواء، والربح كله لرب المال، وللمضارب أجر مثله. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم فقال: خذ هذه واشتر بها هروياً بالنصف، أو قال: اشتر بها رقيقاً بالنصف، ولم يزد على هذا شيئاً، فاشترى المضارب بالألف كما أمره فهذا فاسد، وللمضارب أجر مثله فيما اشترى، وليس للمضارب أن يبيع ما اشترى إلا بأمر رب المال. فإن باع شيئاً مما اشترى فبيعه باطل. فإن تلف ما باع ولم يقدر على صاحبه الذي ¬

_ (¬1) م ف: أنه. (¬2) م ص: فالربح. (¬3) م ص - من. (¬4) ص: النصف.

اشتراه منه فالمضارب ضامن لقيمة الذي باع لرب المال، والثمن الذي باع به المضارب (¬1) للمضارب. فإن كان فيه فضل على القيمة التي غرم المضارب فهو للمضارب، وينبغي له أن يتصدق به. فإن أجاز رب المال بيع المال والذي باع المضارب قائم بعينه أو لا يدرى إن هو (¬2) هلك أو لم يهلك فالبيع جائز، والثمن لرب المال يطيب ولا يتصدق منه بشيء. فإن لم يجز رب المال البيع حتى علم أن الذي باع المضارب قيمة متاعه الذي باع يوم باع، ويكون الثمن (¬3) للمضارب، يتصدق بالفضل الذي كان فيه على قيمة المتاع. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم فقال: خذ هذه فابتع بها متاعأ، فما كان من فضل (¬4) فلك النصف، ولم يزد على هذا شيئاً، ولم يقل: له ربع المتاع (¬5)، كان مضاربة جائزة وله أن يشتري ما بدا له من المتاع ويبيعه فما كان في ذلك من فضل فهو بينهما نصفان (¬6)، أستحسن ذلك وأدع القياس فيه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم فقال: اعمل بهذه على النصف، ولم يقل: مضاربة، أو قال: خذ هذا المال على النصف، ولم يزد على هذا القول شيئاً، ولم يقل: مضاربة، فهذا جائز، والمال في يديه (¬7) مضاربة بالنصف، يشتري به ما بدا له ويبيع، فما كان من ربح فهو بينهما نصفان. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة على أن يعطي رب المال المضارب ما شاء من الربح أو شرط ذلك المضارب، فقال المضارب: آخذ منك هذه الألف مضاربة، على أن أعطيك ما شئت من الربح، أو شرط ذلك المضارب، فقال المضارب: آخذ منك هذه الألف ¬

_ (¬1) ف: للمضارب. (¬2) م ص ف: أين هو. (¬3) ف: اليمين. (¬4) م: من فضا. (¬5) م + فإن. (¬6) ص: نصفين. (¬7) ف: في يده.

مضاربة على أن أعطيك ما شئت من الربح، فأخذ المضارب المال على أحد هذين الشرطين فعمل به فربح أو وضع، فهذه مضاربة فاسدة، والربح كله لرب المال والوضيعة عليه، ولا ربح للمضارب في ذلك ولا وضيعة عليه، وللمضارب على رب المال أجر مثله فيما عمل به ربح أو وضع. وإذا دفع الرجل إلى الرجل (¬1) ألف درهم مضاربة على أن لرب المال ما شاء من الربح وللمضارب ما بقي، أو كان المضارب هو الذي اشترط على رب المال أنّي (¬2) لي ما شئت من الربح وما بقي فهو لك، فأخذ المضارب المال فعمل به على أحد هذين الشرطين فربح أو وضع، فهذا والأول سواء. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة على أن لرب المال من الربح مائة درهم وما بقي فهو للمضارب فالمضاربة على هذا فاسدة، والربح كله لرب المال، وللمضارب أجر مثله فيما عمل. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة على أن للمضارب نصف الربح إلا عشرة دراهم، أو على أن للمضارب نصف الربح وزيادة (¬3) عشرة دراهم، فهذه فاسدة، والربح كله لرب (¬4) المال والوضيعة عليه، وللمضارب أجر مثل (¬5) عمله (¬6) فيما عمل. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم على مثل ما شرط فلان لفلان من الربح، وقد علما (¬7) جميعاً ما شرط فلان لفلان من الربح أو لم (¬8) يعلما، أو علم أحدهما ولم يعلم الآخرة فإن كان جميعاً رب المال والمضارب قد علما ما شرط فلان لفلان من الربح في مضاربته (¬9) التي (¬10) دفع إليه فالمضاربة جائزة، وللمضارب من الربح مثل ما شرط لفلان من ¬

_ (¬1) ص: إلى رجل. (¬2) ص: أن. (¬3) ص: بزيادة. (¬4) ف + كله لرب. (¬5) م ص: مثله. (¬6) م ص - عمله. (¬7) ص: عمل. (¬8) ف: لو لم. (¬9) م ص ف: في مضاربته من الربح. والتصحيح من الكافي، 2/ 245 و. (¬10) ف: الذي.

الربح في مضاربته. فإن كان النصف فله الثلث ما كان من قليل أو كثير. وإن كان نصف ما ربح الأول أو ثلثه أو أكثر أو أقل من نصف ما ربح هذا الآخر (¬1) أو ثلثه لم يلتفت إليه (¬2)، وإن (¬3) كان رب المال والمضارب (¬4) لم يعلما ما شرط فلان لفلان من الربح أو علم ذلك أحدهما ولم يعلمه الآخر فالمضاربة فاسدة، وجميع الربح لرب المال والوضيعة عليه، وللمضارب أجر مثله فيما عمل إن ربح أو وضع. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة لا يدري واحد منهما ما وزنها فهذا جائز، وهي مضاربة، فإن اشترى بها المضارب وباع وربح فصارت ألفي درهم، فاختلفا في رأس المال فقال المضارب: كان رأس المال خمسمائة، وقال رب المال: كان رأس المال ألفاً، فالقول قول المضارب مع يمينه، ويأخذ رب المال خمسمائة، وما بقي فهو بينهما على ما اشترطا عليه من الربح. وكذلك لو دفع إليه رب المال دنانير مضاربة لا يدريان ما وزنها كانت المضاربة جائزة وإن لم يعلما ما وزنها. وهذا والأول سواء. فإن كان في ذلك ربح فاختلفا في رأس المال وأقاما جميعاً البينة أخذت ببينة رب المال على رأس المال، لأنه هو الذي يدعي الفضل، فالبينة بينته. وإن كان للرجل عند الرجل ألف درهم وديعة فأمره أن يعمل بها مضاربة بالنصف فهذا جائز، وهي مضاربة على ما اشترطا من الربح. وإذا كان للرجل على الرجل ألف درهم دين (¬5) فأمره أن يعمل بها مضاربة فيشتري بها ما بدا له من المتاع ثم يبيعه فما كان فيه من فضل فهو بينهما نصفين فهذه مضاربة فاسدة، وما اشترى بها المضارب من متاع فباعه فربح فيه ربحاً فهو له، ولا شيء لرب المال في قول أبي حنيفة، ولرب المال على المضارب ماله ديناً على حاله. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فجميع ما اشترى المضارب من ذلك أو باع فربح فيه فهو لرب المال، ¬

_ (¬1) ف: الأجر. (¬2) ص - لم يلتفت إليه. (¬3) ص: فإن. (¬4) ف: والمضاربة. (¬5) ص - دين.

باب المضارب يشترط بعض الربح لنفسه وبعض الربح لغيره أو يفعل ذلك رب المال

والمضارب بريء من المال الدين، وللمضارب على رب المال أجر مثله فيما اشترى وباع، لأنه اشترى له وباع. وإذا كان للرجل على الرجل ألف درهم فقال رب المال لرجل آخر: اقبض مالي من فلان ثم اعمل به مضاربة بالنصف، فهذا جائز، وللمضارب أن يقبض المال من الذي عليه الدين، لأنه وكيل لرب المال، فإذا قبضه برئ منه الذي عليه الدين (¬1)، وصار بمنزلة الوديعة في يدي المضارب. فإذا اشترى به المضارب وباع فذلك جائز، والربح على ما اشترطا. ولا يشبه هذا الدين الذي يكون على المضارب، لأن المضارب لا يكون قابضًا من نفسه فيبرأ من الدين، ولا تكون المضاربة بمال مضمون، إنما تكون المضاربة على مال أصله أمانة. وعلى هذا جميع ما وصفت لك من هدا الوجه. ... باب المضارب يشترط بعض الربح لنفسه وبعض الربح لغيره أو يفعل ذلك رب المال وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة على أن ما رزق الله في ذلك من شيء فللمضارب ثلثه ولعبد المضارب ثلثه ولرب المال ثلثه فهذا جائز. فإن اشترى المضارب وباع وربح ربحاً فثلثاه للمضارب، وثلثه لرب المال، لأن الذي اشترط المضارب لعبده كأنه اشترطه لنفسه. ألا ترى أن كل مال لعبده فهو له. ولا يفسد المضاربة اشتراط (¬2) المضارب (¬3) لعبده (¬4) ثلث الربح. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة على أن للمضارب ¬

_ (¬1) ف + لأنه وكيل لرب المال فإذا قبضه برئ منه الذي عليه الدين. (¬2) م ف: اشترط. (¬3) ص: المضاربة. (¬4) م ص ف: لهذه.

ثلث الربح وثلثه لرب المال وثلثه لعبد رب المال فهذا أيضاً مضاربة جائزة، والثلثان من الربح لرب المال، والثلث للمضارب. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة على أن للمضارب ثلث الربح ولامرأة المضارب ثلث الربح ولرب المال ثلث الربح فهذه مضاربة جائزة، والثلثان من الربح لرب المال، والثلث للمضارب. ولا يشبه عبد المضارب في هذا امرأته، لأنه لا يملك مال امرأته، وكل (¬1) ما كان لها من ذلك فليس للمضارب فيه حق. وأما العبد فما كان له من مال فهو للمضارب، واشتراطه الربح لعبده بمنزلة اشتراطه لنفسه. وأما اشتراطه لامرأته أو لابنه أو لأبيه أو لأخيه أو لأخته أو لمكاتبه فهذا كله سواء. وجميع ما اشترط لهؤلاء فهو لرب المال، لأنه لا يكون للمضارب مما اشترط لأحد من هؤلاء إن تتم (¬2) الشرط قليل ولا كثير. فإذا كان ما اشترط المضارب من ذلك لا يكون له فإنما (¬3) يكون ذلك لرب المال (¬4)، وللمضارب ما اشترط لنفسه خاصة من الربح. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مفاوضة على أن للمضارب ثلث الربح ولرب المال ثلثه ولامرأة رب المال ثلثه فهذه مضاربة جائزة، والثلثان من الربح لرب المال، والثلث للمضارب. وكذلك لو اشترط رب المال ذلك الربح لابنه أو لأبيه أو لأخيه أو لأخته أو لرجل أجنبي كان ما اشترط رب المال لنفسه ولهؤلاء من الربح لرب المال خاصة. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة على أن ثلث الربح للمضارب وثلثه للمساكين أو للحاج أو في الرقاب وثلثه لرب المال فالثلثان من الربح لرب المال والثلث للمضارب. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة على أن ثلث الربح للمضارب وثلثه يقضى به دين المضارب الذي للناس عليه، أو قال: الذي ¬

_ (¬1) م ص: فكل. (¬2) م: ان يمر؛ ص: إن تمر. (¬3) م ص ف: وإنما. (¬4) ص - المال.

لفلان عليه، وثلث الربح لرب المال، فهذه مضاربة جائزة. والثلثان للمضارب ولرب المال الثلث، لأن الذي اشترط المضارب من الربح في قضاء دينه للمضارب. ألا ترى أنه يبرأ لو قضى به الدين، فيكون المال للذي عليه ويبرأ منه (¬1). فما اشترط المضارب من الربح لقضاء دينه فإنه له، لأنه اشترطه لنفسه، يدفع إليه ما اشترط من ذلك، ولا يجبر على دفعه إلى غرمائه. وإذا دفع الرجلان (¬2) إلى الرجل ألف درهم مضاربة على أن للمضارب ثلث الربح من جميع المال، وما بقي من الربح فثلثه لأحد صاحبي المال، والثلثان للآخر، فعمل المضارب بالألف فربح فيها مالاً، فإن ثلث جميع ما ربح المضارب للمضارب، وما بقي فهو بين صاحبي المال نصفين، وما اشترطا في الربح من الثلث والثلثين فهو باطل، والربح بينهما نصفان (¬3)، لأن رأس المال كان بين صاحبي المال نصفين، فاشترط (¬4) أحدهما من الربح أكثر مما اشترط الآخر، فهو باطل. وكذلك المضارب اشترط أن له ثلث الربح، ثلثا ذلك من حصة أحدهما، والثلث من حصة الآخر، على أن ما بقي من الربح فهو بين صاحبي المال نصفين، فعمل المضارب على هذا الشرط، فربح، فإن للمضارب ثلث الربح على ما اشترطا، ثلثا ذلك من حصة الذي اشترط ذلك من حصته، والثلث من حصة الآخر، وما بقي من الربح فهو بين صاحبي المال على اثني عشر سهماً، خمسة أسهم من ذلك للذي ضرط المضارب من حصته ثلثي ثلث (¬5) الربح، وسبعة أسهم من ذلك للآخر الذي شرط للمضارب ثلث ثلث الربح، واشتراط (¬6) صاحبي المال الربح بينهما نصفين باطل، لأن رأس المال كان بينهما نصفين، فليس ينبغي لواحد منهما أن يأكل ربح مال صاحبه، لأنه ليس يعمل فيه فيطيب له الفضل بعمله فيه. ¬

_ (¬1) ف: عنه. (¬2) ص: الرجل. (¬3) ص: نصفين. (¬4) م: فاشتراط. (¬5) ف - ثلث. (¬6) م: واشترط.

وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة على أن ما رزق الله تعالى من شيء في ذلك فللمضارب ثلثه، ولعبد المضارب وعليه دين يحيط بماله ثلثه، ولرب المال ثلثه، فعمل المضارب على ذلك فربح مالا، فإن هذا في قياس قول أبي حنيفة للمضارب ثلثه، والثلثان لرب المال. وأما في قياس قول أبي يوسف ومحمد فالثلثان للمضارب، والثلث لرب المال، كان العبد عليه دين كثير أو لم يكن، لأن العبد في قول أبي حنيفة إذا كان عليه دين يحيط بماله فليس يملك المضارب من مال العبد قليلاً ولا كثيراً. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإن مال العبد لسيده وإن كان عليه دين كثير، فإنما اشتراطه لنفسه، فالثلثان للمضارب، ولا يقضى بشيء منه دين العبد، والثلث لرب المال. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فثلثه للمضارب، والثلث الآخر لمن شاء المضارب، والثلث لرب المال، فعمل المضارب على هذا فربح مالاً، فإن الثلث من الربح للمضارب، والثلثان لرب المال، وما اشترط المضارب من ذلك فهو باطل. وكذلك لو كان الشرط من رب المال فجعل للمضارب ثلث الربح، ولرب المال الثلث، وثلث الربح لمن شاء رب المال، فإن الثلثين من الربح لرب المال، والثلث للمضارب. وإذا دفع الرجل إلى الرجلين ألف درهم مضاربة على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فلأحدهما بعينه نصف الربح، وللآخر سدس الربح، ولرب المال ثلث الربح، فهذه مضاربة جائزة، فإن ربحا فالربح بينهم، نصفه للذي اشترط الربح، وسدسه للآخر، وثلثه لرب المال. وإذا دفع الرجلان إلى الرجلين ألف درهم مضاربة على أن لأحد المضاربين بعينه من الربح الثلث، وللآخر السدس، وما بقي فبين صاحبي المال، لأحدهما ثلثه وللآخر ثلثاه، فعمل المضاربان (¬1) بالمال ¬

_ (¬1) ص - المضاربان.

فربحا فيه، فإن نصف الربح للمضاربين على ما اشترطا، لأحدهما منه الثلثان وللآخر الثلث، وأما النصف الباقي من الربح فهو بين صاحبي المال نصفين، واشتراطهما الثلثين والثلث باطل، لأن ما فضل من الربح بعد نصيب المضاربين بينهما نصفان، فلا ينبغي لأحدهما أن يتفضل على صاحبه بشيء من الربح بغير عمل عمله. فإن كان صاحبا المال قالا للمضاربين حين دفعا المال مضاربة: لكما نصف الربح بينكما، لفلان منه الثلثان، من نصيب أحد صاحبي المال منه ثلثاه، ومن نصيب الآخر الثلث، وقالا للمضارب الآخر: لك من نصف الربح الثلث، ثلثا ذلك من نصيب أحد صاحبي المال الذي أعطى المضارب الأول ثلث نصيبه، والثلث من ذلك من نصيب صاحب المال الذي أعطى المضارب الآخر الثلثان، والنصف الذي بقي من الربح بين صاحبي المال نصفين، فعمل المضاربان على ذلك فربحا مالاً، فإن نصف الربح بين المضاربين على ما اشترطا، للذي شرط الثلثين من ذلك ثلثا نصف الربح، وللآخر الثلث، وأما النصف (¬1) الذي صار لصاحبي المال فإنه لا يقسم بينهما نصفين، ولكنه يقسم بينهما على تسعة أسهم، للذي شرط للمضارب ثلثي النصف من نصيبه من ذلك أربعة أسهم، وللآخر خمسة أسهم. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة على أن يخلطها المضارب بألف من قبله ثم يعمل بهما جميعاً على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فللمضارب ثلثاه، وللذي دفع الألف الثلث، فخلط المضارب الألف الذي أخذ بألف من ماله ثم عمل بهما جميعاً فربح مالاً، فإن هذا جائز، يستوفي كل واحد منهما رأس ماله ألف درهم، وما بقي فهو بينهما على ما اشترطا (¬2)، للمضارب ثلثاه كما اشترط، ولصاحب الألف الثلث، لأن المضارب حين كان هو العامل بالمال طاب له المال الذي اشترط على ربح ماله له. ولو كان الذي دفع الألف إلى المضارب هو الذي اشترط لنفسه ¬

_ (¬1) م ص ف: نصف. (¬2) ص: ما اشترطاه.

ثلثي الربح، وللمضارب الثلث، والذي يلي العمل هو المضارب، فعمل المضارب (¬1) فربح مالاً، فإن كل واحد منهما يستوفي رأس ماله، وما بقي من الربح فهو بين صاحبي المال نصفين، والذي اشترط (¬2) ثلثي الربح لنفسه بغير عمل يكون منه في المال فإن اشتراطه باطل، ولا يكون له الربح إلا حصة رأس ماله، وما اشترط من (¬3) فضل ربح على حصة رأس ماله فهو باطل. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألفي درهم مضاربة على أن يخلطها (¬4) المضارب بألف درهم من قبله ثم يعمل بالمال كله على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما نصفين، فخلط المضارب المال بألف من ماله، ثم عمل بالمال فربح مالاً، فإن هذا جائز، ويأخذ كل واحد منهما رأس ماله، وهو الذي يلي العمل، فالفضل له طيب بعمله. وإن كان الذي دفع المال هو الذي اشترط على المضارب أن له ثلاثة أرباع الربح، وللمضارب ربعه، فعمل المضارب على هذا، فربح مالاً، فإن كل واحد منهما يأخذ رأس ماله، وما بقي فهو بينهما على رؤوس أموالهما، الثلثان من ذلك لصاحب الألفين، والثلث من ذلك لصاحب الألف، لأن الذي اشترط فضل الربح لا يعمل، وإنما العمل على الآخر، وإنما اشترط فضل الربح الذي لا يعمل، فذلك (¬5) الفضل الذي اشترط لا يكون له بغير عمل، ولكنه يكون لصاحبه، لأنه حصة رأس مال صاحبه من الربح. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة على أن يخلطها بألف من قبله ثم يعمل بهما جميعاً على أن للمضارب ثلثي الربح، نصف ذلك من ربح ألفه خاصة، ونصفه من ربح ألف صاحبه (¬6) خاصة، [وعلى] (¬7) أن ما بقي من الربح للذي دفع الألف إلى المضارب فخلطها وعمل فهذا جائز، ¬

_ (¬1) ص - فعمل المضارب. (¬2) ف: اشترطه. (¬3) م ص ف + ربح. (¬4) م ف: أن يخلعها. (¬5) ف: فلذلك. (¬6) ف - صاحبه؛ صح هـ. (¬7) الزيادة من الكافي، 2/ 247 و.

باب المضاربة بالعروض

وللمضارب ثلثا (¬1) الربح على ما اشترطا، والثلث لرب المال الذي دفع الألف، لأن سدس الربح الذي صار للذي دفع الألف من ربح ألف المضارب له سدس مثله من ربح ألف الذي صار للمضارب، وما بقي من الذي يفضل به المضارب على رب المال الذي دفع الألف فهو للمضارب طيب بعمله في المضاربة. ... باب المضاربة بالعروض قال: بلغنا عن إبراهيم النخعي والحسن البصري أنهما قالا: لا تكون المضاربة بالعروض، إنما تكون بالدنانير والدراهم (¬2). وكذلك قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وإذا دفع الرجل إلى الرجل كُرّ حنطة مضاربة على أن يشتري به ويبيع على أن ما رزق الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفين، فهذه مضاربة فاسدة. فإن اشترى المضارب وباع فربح أو وضع فالربح لرب المال والوضيعة عليه، ولا ضمان على المضارب، وللمضارب أجر مثله فيما عمل إن ربح أو وضع. وكذلك الشعير وجميع ما يكال بمنزلة الحنطة فيما وصفت لك. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مائة فَرَق من زيت مضاربة على أن يشتري بها ويبيع فما رزق الله في ذلك من شيء فهو بينهما نصفين، فهذه مضاربة فاسدة. فإن اشترى المضارب بها وباع فربح أو وضع فالربح لرب المال والوضيعة عليه، ولا ضمان على المضارب، وللمضارب أجر مثله (¬3) فيما عمل. وكذلك ما يوزن من سمن أو دهن أو غير ذلك، فهو مثل ما وصفت لك من الزيت. ¬

_ (¬1) ص: ثلث. (¬2) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 250. (¬3) ف: مثل.

وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف مثقال فضة تبراً ومائة مثقال ذهب (¬1) تبراً مضاربة على أن يشتري بها ويبيع فما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما نصفين، فاشترى وباع وربح أو وضع، فالربح لرب المال والوضيعة عليه، وللمضارب أجر مثله فيما عمل إن ربح أو وضع، ولا يشبه هذا الدنانير والدراهم. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة نَبَهْرَجَة (¬2) أو زُيُوفاً بالنصف فهو جائز. فإن اشترى وباع فربح استوفى رب المال رأس ماله، وما بقي فهو (¬3) بينهما على ما اشترطا عليه. ولا يشبه هذا مسألة فضة التبر وذهب التبر، لأن هذا ثمن، والفضة التبر والذهب التبر عرض من العروض. ألا ترى أن رجلاً لو اشترى من رجل خادماً بذهب تبر بعينه أو بفضة تبر بعينها فهلكت الفضة أو الذهب قبل أن يقبضها الذي باع الخادم أن البيع ينتقض. ولو أن رجلاً اشترى من رجل خادماً بألف درهم نَبَهْرَجَة (¬4) أو زُيُوف بعينها فضاعت الدراهم قبل أن يقبضها الذي باع الخادم لم ينتقض البيع، وكان على المشتري دراهم مثلها، فهذا يبين لك الفرق (¬5) بين الدراهم والفضة (¬6) التبر والذهب التبر. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم سَتُّوقَة ورصاصًا مضاربة بالنصف فاشترى وباع وربح أو وضع فالربح لرب المال والوضيعة عليه، وللمضارب فيما عمل أجر مثله. ولا تشبه الستوقة والرصاص النبهرجة (¬7) والزيوف، لأن الستوقة والرصاص ليسا بفضة، إنما هما عرض (¬8) من العروض بمنزلة الرصاص التبر والصفر التبر. وإذا دفع الرجل إلى الرجل فلوساً مضاربة بالنصف فهو جائز، وهي مضاربة على ما اشترطا، لأن الفلوس بمنزلة الدراهم والدنانير في قول ¬

_ (¬1) ص: ذهبا. (¬2) ص: مبهرجة. (¬3) م + ما. (¬4) ص: مبهرجة. (¬5) م ف: فرق؛ ص: فرقا. (¬6) م ف: وفضة. (¬7) م ف: نبهرجة. (¬8) ص: هي عرضا.

محمد. ألا ترى أن رجلاً لو اشترى شيئاً بفلوس بأعيانها فضاعت الفلوس قبل أن ينقدها كان عليه مثلها ولم ينتقض البيع بهلاك الفلوس. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف فَلْس مضاربة بالنصف فلم يعمل بها المضارب ولم يشتر بها شيئاً حتى كسدت تلك الفلوس وفسدت وأُحدثت فلوس غيرها فقد فسدت المضاربة. وإن اشترى بها المضارب بعد ذلك فربح أو وضع فالربح لرب المال والوضيعة عليه، ولا ضمان على المضارب، وللمضارب أجر مثله فيما (¬1) عمل إن ربح أو وضع، لأن الفلوس حين كسدت قبل أن يعمل بها صارت عرضاً من العروض بمنزلة الصفر التبر. ألا ترى أن رجلاً لو اشترى بهذه الفلوس شيئاً فضاعت الفلوس قبل أن ينقدها انتقض (¬2) البيع. ولا تشبه الفلوس الكاسدة الفلوس النافقة بين الناس، لأن الفلوس إذا كسدت وفسدت وأُحدثت (¬3) غيرها صارت عرضاً من العروض. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف فَلْس مضاربة بالنصف فاشترى بها المضارب ثوباً فدفعها وقبضه ثم إن الفلوس كسدت وفسدت وأُحدثت (¬4) غيرها فإن المضاربة جائزة على حالها التي كانت عليه، ولا يفسدها فساد الفلوس ولا تغيرها، لأن المضاربة قد تحولت ثوباً قبل فساد الفلوس. فإن باع المضارب الثوب بدراهم أو دنانير أو غير ذلك من العروض فذلك جائز، وهو على المضاربة على حاله، فإن ربح المضارب ربحاً ثم أراد القسمة أخذ رب المال قيمة فلوسه من المضاربة يوم فسدت الفلوس، وكانت تلك القيمة رأس ماله، وما بقي اقتسمه المضارب ورب المال على ما اشترطا من الربح. وإذا دفع الرجل إلى الرجل عبداً مضاربة بالنصف أو داراً أو ثوباً أو شيئاً من العروض فاشترى به المضارب وباع وربح (¬5) أو وضع فالربح كله ¬

_ (¬1) ف - فيما، صح هـ. (¬2) م ص ف: ان ينقض. والتصحيح من الكافي، 2/ 247 ظ. (¬3) ص: وأحدث. (¬4) ص: وأحدث. (¬5) ف: المضارب وربح وباع.

لرب المال والوضيعة عليه، ولا ضمان على المضارب، وللمضارب أجر مثله فيما عمل إن ربح أو وضع. وعلى هذا جميع العروض كلها والكيل والوزن كله والذهب والفضة والصُّفْر والشَّبَه (¬1) إلا الدراهم والدنانير والفلوس النافقة بين الناس. وإذا دفع الرجل إلى الرجل دابة ليعمل عليها ويؤاجرها على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما نصفان (¬2)، فأجرها الذي عمل، فأصاب عليها (¬3) مالاً، فإن جميع ما أصاب عليها الذي قبضها [مِنْ] أَجْرِها لرب الدابة، وللذي عمل على دابته أجر مثله فيما عمل. وإذا دفع الرجل إلى الرجل بعيراً ورَاوِيَة (¬4) ليسقي (¬5) الماء ويبيع على أن (¬6) ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما نصفان (¬7)، فعمل الذي قبض البعير واستقى عليه فأصاب مالاً، فإن المال كله للذي قبض البعير، ولرب البعير على الذي قبض البعير مثل أجر بعيره ومثل أجر راويته. وإذا دفع الرجل إلى الرجل شبكة ليصيد بها السمك على أن ما صاد من شيء فهو بينهما نصفين، فقبضها فصاد بها سمكاً كثيراً، فإن جميع ما صاد للذي قبض الشبكة، ولصاحب الشبكة أجر مثل الشبكة على الذي قبض الشبكة. وإذا دفع الرجل إلى الرجل دابة ليحمل عليها طيناً ويبيعه على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما نصفين، فنقل عليها طيناً كثيراً ¬

_ (¬1) نوع من النحاس كما تقدم. (¬2) ص: نصفين. (¬3) ف - عليها. (¬4) وعاء يصنع من ثلاثة جلود. انظر: المغرب، "روي". وهي في الأصل الدابة التي يستقى عليها، لكن غلب عند الناس استعمالها في المزادة التي يستقى بها على سبيل الاستعارة. انظر: مختار الصحاح، "روي". (¬5) ص: ليستقي. (¬6) ص - أن. (¬7) ص: نصفين.

وباعه فأصاب مالاً، فجميع ما أصاب من ذلك للذي نقل الطين على الدابة، ولرب الدابة أجر مثل دابته. وإذا دفع الرجل إلى الرجل دابة ليؤاجرها وينقل عليها الطين على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما نصفين، فأصاب عليها الذي قبضها من أجرها، فإن جميع ما أصاب من ذلك لرب الدابة، وللذي عمل عليها أجر مثله فيما عمل. وإذا دفع الرجل إلى حائك غَزْلاً على أن يَحُوكَه ثوباً سبعاً في أربع ثوباً وسطاً على أن الثوب بينهما نصفين، فعمل الحائك الثوب على هذا، فإن هذا فاسد، والثوب لصاحب الغزل، وللحائك على صاحب الغزل أجر مثله فيما عمل. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً بيضاء على أن يغرسها ما بدا له من نخل أو شجر أو كرم على أن ما غرسها من شيء فنصفه للغارس ونصف لرب الأرض، وعلى أن لرب الأرض نصف الأرض، وللغارس نصف الأرض (¬1)، فقبض الأرض على هذا، وغرسها نخلاً وشجراً وكرماً وسقاه وقام عليه حتى نبت (¬2)، فإن هذا فاسد كله، والأرض والنخل والشجر والكرم جميعاً لرب الأرض، وللغارس قيمة ما غرس في الأرض من نخل أو شجر أو كرم يوم غرس، وأجر مثله فيما عمل في ذلك فسقى حتى نبت (¬3)، فذلك له على رب الأرض. وكذا لو أن رجلاً دفع إلى رجل أرضاً بيضاء على أن يبني فيها كذا كذا بيتاً قد سمى طولها وعرضها، وكذا كذا حجرة وحائطاً يدور بجميع الدار، على أن ما بنى من ذلك فهو بينهما نصفين، وعلى أن أصل الدار بينهما نصفين، فقبض الأرض وبناها كما شرط عليه رب ¬

_ (¬1) ص - وللغارس نصف الأرض. (¬2) م: حتى يتب (مهملة الأول)؛ وهي مهملة في ف تماما. (¬3) م ص: حتى نمت؛ ف: حتى تمت.

الأرض، فإن هذا فاسد، وجميع ما بنى في ذلك لرب الأرض، وعلى رب الأرض للذي بنى قيمة بنائه يوم بنى، وأجر مثله فيما عمل. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً بيضاء على أن يبني فيها دَسْكَرَة (¬1) ويؤاجرها على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما نصفين، فقبضها على هذا الشرط فبناها دسكرة كما أمره رب الأرض فأجرها، فأصاب مالاً، فإن جميع ما أصاب من ذلك للذي بنى بناعه على أرض رب الأرض. وإذا دفع الرجل إلى رجل أرضاً بيضاء على أن يبني فيها دسكرة على أن ما بنى من ذلك فهو بينهما نصفان (¬2)، والأرض بينهما نصفان (¬3)، وعلى أن يؤاجرها الذي بنى الدسكرة فما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما نصفان (¬4)، فقبض الأرض فبناها على ما شرط عليه رب الأرض وأجرها (¬5) فأصاب مالاً، فإن هذا فاسد، والدسكرة والأرض والأجر للذي (¬6) آجر به (¬7) الدسكرة لرب الأرض، وللذي بنى الدسكرة على رب الأرض قيمة ما بنى به الدسكرة يوم بنى، وأجر مثله فيما عمل، وأجر مثله فيما أجر من الدسكرة. ولا تشبه هذه المسألة التي قبلها، لأن هذا قد شرط للذي بنى البناء نصف الأرض ثمناً لبنائه، فصار البناء لرب الأرض. كأنه أمره أن يبنيه لنفسه بثمن معلوم، فلما صار البناء لرب الأرض صار (¬8) أجره أيضاً لرب الأرض، وصار للذي بنى قيمة بنائه، وأجر مثله فيما عمل وفيما (¬9) أجر. وإذا لم يشترط صاحب البناء شيئاً من الأرض مكان بنائه، فإنما بنى صاحب البناء لنفسه، فأجر البناء لصاحب البناء، ولرب الأرض أجر أرضه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل بيتاً على أن يضع فيه البز على أن ما ¬

_ (¬1) الدسكرة بناء شبه القصر حواليه بيوت يكون للملوك. انظر: المغرب، "دسكر". (¬2) ص: نصفين. (¬3) ص: نصفين. (¬4) ص: نصفين. (¬5) م ص: فأجرها. (¬6) ص ف: الذي. (¬7) ف: أجرته. (¬8) ص: وصار. (¬9) م ص: وفيها.

رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما نصفان (¬1)، فقبض البيت فباع فيه فأصاب مالاً فإن جميع ذلك المال لصاحب البز، ولصاحب البيت أجر مثله. ولو كان دفع رب البيت إليه البيت ليؤاجره (¬2) يباع فيه البز على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما نصفان (¬3) فإن هذا فاسد. فإن أجر البيت فالأجر لرب البيت، وللذي أجر البيت أجر مثله فيما عمل. وعلى هذا جميع هذا الوجه إذا كان آجر البيت هو الذي (¬4) اشترط الشركة فيه، والأجر لرب البيت. وإذا كان الذي اشترط الشركةَ فيه [هو] رِبْح ما بِيع في البيت، فإنما لرب البيت أجر مثل بيته. وإذا دفع الرجل إلى الرجل عبداً يساوي ألف درهم، فقال: خذ هذا العبد مضاربة، وقيمته ألف، على أن رأس مالي قيمته (¬5)، على أن تبيعه وتشتري بثمنه وتبيع، على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء أخذت منه رأس مالي قيمة الغلام ألف درهم، وما بقي فهو بيننا نصفين، فأخذها المضارب على هذا، فباع واشترى حتى ربح مالاً كثيرأ، فإن هذه مضاربة فاسدة، وجميع ما اشترى (¬6) المضارب وباع لرب المال، والوضيعة على رب المال، وللمضارب أجر مثله فيما عمل إن ربح أو وضع. وإذا دفع الرجل إلى الرجل عبداً، فقال له: بع عبدي هذا واقبض ثمنه فاعمل به مضاربة، على أن ما رزق الله تعالى في ثمنه من شيء فهو بيننا نصفين، فهذه مضاربة جائزة. فإن باعه المضارب فقبض الثمن فباع به واشترى فربح ربحاً فرأس المال في المضاربة الثمن الذي باع المضارب به العبد يستوفيه، وما بقي من الربح فهو بينهما على ما اشترطا، غير أني أكره أن يدفع الرجل إلى الرجل عبداً فيقول: بعه وخذ ثمنه مضاربة على أن الربح بيننا، لأن البيع الأول لم يكن (¬7) في المضاربة، وإنما كان (¬8) مُعِيناً ¬

_ (¬1) ص: نصفين. (¬2) ف: أو أجره. (¬3) ص: نصفين. (¬4) ف: للذي. (¬5) م ص: قيمة. (¬6) م + به. (¬7) ف - لم يكن. (¬8) ف + كان.

لرب المال في بيعه، وقد دخل ذلك كله في المضاربة فصار بيع العبد كأنه شرط شرطه رب المال على المضارب في المضاربة، فأكرهه لهذا، ولكنه يأمره (¬1) ببيعه ولم يذكر ذلك في المضاربة، فإذا قبض الثمن أمره أن يعمل به مضاربة ما أحب، ولا أجر لرب المال إن شرط بيعه على المضارب في المضاربة فيقول: بعه (¬2) واقبض ثمنه فاعمل به مضاربة بالنصف، فإن فعل هذا فهو جائز، ولكني أكره ذلك له. وإذا دفع الرجل إلى الرجل نُقْرَة (¬3) فضة، فقال: بعها بالدنانير ثم اقبض الدنانير ثم اعمل بها مضاربة بالنصف، ففعل ذلك المضارب فهو جائز. وكذلك لو دفع إليه رب المال كُرْ حنطة، فقال: بعه واقبض (¬4) ثمنه فاعمل بها (¬5) مضاربة بالنصف، ولم يسم له بأي شيء يبيعه، فباعه المضارب بدنانير أو بدراهم (¬6) ثم عمل (¬7) بها فربح، فهذا كله جائز، وهي مضاربة على ما اشترطا. فإن كان الذي باع به المضارب الكر دنانير فرأس (¬8) مال (¬9) رب المال في المضاربة دنانير، وإن كان دراهم فرأس (¬10) مال رب المال في المضاربة (¬11) دراهم. وكذلك الكيل والوزن والعروض (¬12) إذا أمره رب المال أن يبيعه ثم يعمل (¬13) بثمنه مضاربة، فباعه بدنانير أو دراهم ثم عمل بالثمن مضاربة، فهو جائز، وهو على المضاربة على ما اشترطا. وإذا دفع الرجل إلى الرجل عبداً فقال: بعه ثم اعمل بالثمن مضاربة، ¬

_ (¬1) وعبارة ب: والطريق أن يأمره ... وهي أوضح. (¬2) م ص: به. (¬3) النُّقْرة هي القطعة المذابة من الذهب أو الفضة، ويقال: نقرة فضة، على الإضافة للبيان. انظر: المغرب، "نقر". (¬4) ف: فاقبض. (¬5) ص: به. (¬6) ف: أو دراهم. (¬7) م ف: ثم اعمل. (¬8) م ص: ورأس. (¬9) م - مال. (¬10) م ص: ورأس. (¬11) ص - في المضاربة. (¬12) ص: والعرض. (¬13) م ص: ثم عمل.

فباعه بعشرة أكرار حنطة وقبضها وعمل بها مضاربة، فإن هذا في قول أبي حنيفة مضاربة فاسدة، وجميع (¬1) ما ربح المضارب في ذلك لرب المال، والوضيعة في ذلك أيضاً على رب المال، وللمضارب أجر مثله فيما عمل بالثمن فباع به واشترى. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإن المضارب ضامن لقيمة العبد الذي دفع إليه رب المال، وجميع ما ربح المضارب فهو للمضارب، والوضيعة على المضارب، ولا أجر للمضارب على رب المال، ولا يتصدق بالفضل على ما ضمن، لأن أبا يوسف ومحمدًا يقولان: لو أن رجلاً دفع إلى رجل عبداً فقال: بعه، لم يكن له أن يبيعه إلا بالدنانير أو بالدراهم (¬2) بما يبيع به الناس، فإن باعه بغير ذلك فهو ضامن، والبيع باطل. وقال أبو يوسف: قال أبو حنيفة: إذا أمر الرجل [رجلاً أن يبيع] عبداً له فما باعه به (¬3) من شيء فهو جائز. وإذا دفع الرجل إلى الرجل عبداً، فقال: بعه واعمل بثمنه مضاربة بالنصف، والعبد يساوي ألف درهم، فباعه المضارب بمائة درهم، ثم عمل بها مضاربة، وربح فيها ربحاً أو وضع فيها، فإن قول أبي حنيفة في هذا: إن هذه مضاربة جائزة، وما ربح المضارب في المائة فهو بينهما على ما اشترطا، ورأس مال رب المال في المضاربة مائة درهم. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإن المضارب ضامن لقيمة العبد، وما اشترى المضارب بالثمن فربح فهو له، وما وضع عليه، ولا أجر للمضارب على رب المال، ولا تكون هذه مضاربة، لأن أبا يوسف ومحمداً يقولان: لو أن رجلاً أمر رجلاً أن يبيع له عبداً فباعه المأمور بما لا يتغابن الناس فيه كان باطلاً، وصار ضامناً للعبد إن هلك في يد المشتري. وأما في قول أبي حنيفة فبيعه جائز وإن باعه بما لا يتغابن الناس فيه. فلذلك اختلفا في المضاربة. وإذا كان للرجل (¬4) عشرة أكرار حنطة ودراهم ودنانير ودقيق، فقال: خذ أي أصناف مالي هذا شئت فاعمل به مضاربة بالنصف، ¬

_ (¬1) ص: فجميع. (¬2) ص + أو. (¬3) م ص ف: له. (¬4) ص: قال الرجل للرجل.

باب ما يجوز للمضارب في المضاربة

فأخذ المضارب أحد الأصناف فعمل بها مضاربة، فإن كان أخذ الدراهم والدنانير فذلك جائز، والمضاربة كما اشترطا، وإن كان أخذ غير ذلك فاشترى به وباع فالربح لرب المال والوضيعة عليه، وللمضارب أجر مثله فيما عمل. وإذا قال الرجل للرجل: خذ أي مالي شئت فبعه ثم اعمل بثمنه مضاربة بالنصف، فأخذ عبده فباعه بالدنانير أو بالدراهم ثم عمل (¬1) به مضاربة، فهو جائز، والمضاربة على ما اشترطا. وإذا قال الرجل للرجل: اشتر لي عبداً بألف درهم نسيئة (¬2) سنة ثم بعه واعمل بثمنه مضاربة، فاشترى المضارب له عبداً كما أمره وقبضه وباعه بالدنانير أو بالدراهم ثم عمل (¬3) بالثمن فربح أو وضع، فهذه مضاربة جائزة، والربح على ما اشترطا، والوضيعة على الثمن (¬4) الذي باع المضارب به العبد. فرأس مال رب المال في المضاربة ثمن العبد الذي باعه المضارب، فأما الثمن الذي اشترى به المضارب فليس من المضاربة، وهو دين على رب المال. ... باب ما يجوز للمضارب في المضاربة وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة ولم يقل له: اعمل فيه برأيك، فله أن يشتري ما بدا له من أصناف التجارات ويبيع بالنقد والنسيئة ويُبْضِعه ويستأجر فيه الأجراء يشترون ويبيعون، وله أن يستأجر لكل (¬5) متاع ¬

_ (¬1) ف: ثم اعمل. (¬2) ص ف: ثلثه. وهي مهملة في م. والتصحيح من الكافي، 2/ 249 و. (¬3) م ف: ثم اعمل. (¬4) ص - على الثمن؛ صح هـ. (¬5) ص: كل.

يشتريه ما بدا له من البيوت والدواب وغير ذلك. وله أن يسافر به، وأن يودعه. وليس له أن يقرض منه شيئاً، وليس له أن يخلطه بماله، ولا يدفعه مضاربة، لأن هذه شركة، وليس له أن يشارك به. فإن كان قال حين دفعه إليه: أعمل فيه برأيك، فله أن يخلطه بماله وأن يشارك به وأن يعطيه مضاربة، وليس له أن يقرض. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة على أن يعمل بها بالكوفة فليس له أن يعمل به في غيرها، وليس له أن يعطيه بضاعة لمن يخرج به، وليس له أن يدفعه مضاربة بالكوفة ولا في غيرها، إنما له أن يشتري بها ويبيع بالكوفة. فإن أخرجها من الكوفة فاشترى بها وباع في غيرها فربح فيها ربحاً أو وضع وضيعة فالربح له يتصدق به، والوضيعة عليه، وهو ضامن لجميع رأس المال لرب المال، لأنه خالفه حين أخرجه من الكوفة. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة على أن يعمل بها بالكوفة فأخرجها من الكوفة ثم لم يشتر بها شيئاً (¬1) ولم يبع حتى ردها إلى الكوفة فاشترى بها وباع فهذا جائز، وهو على المضاربة على حالها، الربح على ما اشترطا، والوضيعة على رب المال، لأن المضارب حين رد المال إلى الكوفة قبل أن يشتري به (¬2) شيئاً برئ من الضمان ورجع المال مضاربة على حاله. فإن لم يرده المضارب إلى الكوفة حتى اشترى بنصفه متاعاً ثم قدم الكوفة بما بقي من المال وذلك المتاع فباع واشترى حتى ربح في المال كله ربحأ أو وضع وضيعة فإن الذي ربح في ذلك المتاع له خاصة، ووضيعته عليه خاصة، وما ربح في المال الذي لم يشتر في غير الكوفة فهو على المضاربة. [ولو دفعها مضاربة إليه] على أن يعمل بها في سوق الكوفة فعمل بها في [غير] ذلك [المكان وربح فيها] (¬3) ربحاً إلا أنه بالكوفة فإن أبا ¬

_ (¬1) م ص - شيئاً. (¬2) ص: بها. (¬3) الزيادات الثلاثة السابقة مستفادة من السياق؛ ومن الكافي، 2/ 249 ظ.

يوسف قال: هذا جائز، وهو على المضاربة على حاله، إذا كان ذلك في مصر واحد استحسنت أن لا أضمنه. وكذلك قال محمد. أرأيت لو أمره أن يعمل بها في الصيارفة فعمل بها ذلك العمل بعينه في موضع من السوق غير موضع الصيارفة أكنت أضمنه. أرأيت لو دفع إليه مالاً مضاربة على أن يعمل به في السوق في بيت فلان فعمل به في السوق في بيت غير ذلك البيت أكنت أضمنه. لست أضمنه شيئاً من ذلك إذا كان هذا في مصر واحد. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة على أن يعمل فيه في سوق الكوفة (¬1)، وقال له: لا تعمل به إلا في السوق، فعمل به في الكوفة في غير السوق، فباع واشترى فربح أو وضع، فالربح له والوضيعة [عليه]، وهو ضامن للمال. ولا يشبه هذا الباب الأول، لأن هذا قال له: لا تعمل به إلا ي السوق، فهذا نهي، فإن عمل به في غير السوق ضمن. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة على أن يعمل به بالكوفة، أو قال له: خذ هذا المال مضاربة تعمل به بالكوفة، أو قال له: خذ هذا المال مضاربة فاعمل به بالكوفة، فهو كله سواء، وليس له أن يعمل به في غير الكوفة. فإن عمل به في غير الكوفة فهو ضامن. وإذا قال الرجل للرجل: خذ مالي هذا مضاربة بالنصف بالكوفة، فليس له أن يشتري به في غير الكوفة. فإن اشترى ضمن وكان الربح للمضارب (¬2) والوضيعة عليه. وإذا قال الرجل للرجل: خذ مالي هذا مضاربة بالنصف واعمل به بالكوفة فله أن يعمل به بالكوفة (¬3) وحيث ما بدا له، إنما هذا بمنزلة المشورة منه عليه. ولا يشبه هذا الباب الأول، لأن الباب الأول شرط عليه في المضاربة أن يعمل بها بالكوفة (¬4). ¬

_ (¬1) ص: في السوق في الكوفة. (¬2) ص - للمضارب؛ صح هـ. (¬3) ص - فله أن يعمل به بالكوفة. (¬4) ص: في الكوفة.

وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة (¬1) على أن يشتري به طعاماً، أو قال له: خذ هذه الألف مضاربة بالنصف فاشتر بها (¬2) الطعام، أو قال: خذ هذه الألف مضاربة بالنصف تشتري بها (¬3) الطعام، أو قال: خذ هذه الألف مضاربة بالنصف في الطعام، فهذا كله سواء، وهي (¬4) مضاربة في الحنطة والدقيق خاصة، وليس له أن يشتري بها غير ذلك، لأن الطعام إنما هو في كلام الناس على الحنطة والدقيق خاصة (¬5). وكذلك لو قال: خذ هذا المال مضاربة في الشعير خاصة كان له مضاربة في الشعير خاصة (¬6). وكذلك كل صنف سماه فجعل (¬7) المضاربة عليه على نحو ما وصفت لك فإنما للمضارب أن يشتري ذلك الصنف (¬8) خاصة، فإن اشترى غيره ضمن المال وكان الربح له والوضيعة عليه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة في الرقيق فليس له أن يشتري بالمال غير الرقيق، وله أن يشتري الرقيق في المصر الذي دفع إليه فيه المال مضاربة وفي (¬9) غيره، وله أن يبيعه في الرقيق، وأن يستأجر ببعض المال على حملان الرقيق، وأن يشتري ببعض المال كسوة الرقيق (¬10) وطعام الرقيق وما لا بد للرقيق منه، وإن كان لم يأمره بذلك، لأن هذا لا بد له منه. أرأيت لو دفع إليه مالاً مضاربة في الحنطة أما (¬11) كان له أن يستأجر ببعض المال بيتاً يحوز فيه طعامه أو مكانًا يبيعه فيه أو سفينة يحمله فيها من مصر إلى مصر. أرأيت لو دفع إليه مالاً مضاربة في البز خاصة أما كان له أن يستأجر سمساراً يشتري له البز. إذا كان من هذا شيء مما يُصلح الرقيق لكسوتهم وطعامهم وما لا بد لهم منه فللمضارب أن يعطيه ويكون ذلك في المضاربة. ¬

_ (¬1) ص - مضاربة. (¬2) ص: به. (¬3) ص: به. (¬4) ص: فهي. (¬5) ص - والدقيق خاصة. (¬6) ص - كان له مضاربة في الشعير خاصة. (¬7) ف: يجعل. (¬8) م ص: النصف. (¬9) م ص: في. (¬10) م ص: للرقيق. (¬11) م ص: إنما.

وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً فقال: خذ هذا المال مضاربة بالنصف واشتر به البز وبع، فللمضارب أن يشتري ما بدا له من البز وغيره، ولا يشبه هذا الباب الأول، لأنه إذا قال: خذ هذا المال مضاربة بالنصف واشتر به البز، فإنما هذه مشورة من رب المال على المضارب، وليس بشرط يشترطه (¬1) في المضاربة عليه. أرأيت لو قال له: (¬2) خذ هذا المال مضاربة بالنصف واشتر به بز فلان، أو قال له: (¬3) خذ هذا المال مضاربة وانظر (¬4) فلاناً (¬5) فعامله فيه واشتر منه وبع، أكان يكون هذا قد نهاه أن يشتري إلا من فلان خاصة، ليس هذا بنهي، إنما هذه مشورة. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة على أن يشتري من فلان ويبيع منه على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما نصفان فهذه مضاربة جائزة، وليس للمضارب أن يشتري من غير ذلك الرجل ولا أن يبيع من غيره، فإدن اشترى من غيره فهو ضامن لرأس المال، والربح له يتصدق به. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة على أن يشتري بها من أهل الكوفة ويبيع، فاشترى وباع بالكوفة من رجل ليس من أهل الكوفة، فهذا جائز. ولا يشبه هذا أن يأمره بالشرى من الصيارفة، [فلو دفعه إليه مضاربة في الصرف على أن يشتري من الصيارفة] (¬6) ويبيع، كان له أن يشتري من غير الصيارفة ما بدا له من الرزق (¬7). وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة في الطعام على أن يشتري ويبيع بالكوفة فليس له أن يشتري به طعاماً في غير الكوفة، فإن فعل ضمن وكان الربح للمضارب (¬8)، يتصدق به. ¬

_ (¬1) م ص: يشرطه. (¬2) م ص - له. (¬3) م ص - له. (¬4) م ف - وانظر. (¬5) ف - فلانا. (¬6) الزيادة مستفادة من الحاكم والسرخسي. انظر: الكافي، 2/ 250 و؛ والمبسوط، 22/ 42. (¬7) وقال الحاكم والسرخسي: من الصرف. انظر: المصدرين السابقين. (¬8) م ص ف + ان.

وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة بالنصف فاشترى وباع وربح أو وضع وكان (¬1) الذي اشترى بالمال حنطة، فقال رب المال: دفعته إليك مضاربة في البز، وقال المضارب: دفعته (¬2) إلي مضاربة ولم تسم شيئاً، فالقول قول المضارب مع يمينه، ولا يصدق رب المال على ضمان المضارب إن كان وضيعة، لأن رب المال حين أقر بالمضاربة فهذا على جميع التجارات إلا أن يقيم رب المال بينة على ما ادعى. وكذلك لو كان المضارب ربح في المال ربحاً فقال: أمرتني بالبز فاشتريت الحنطة، وهو خلاف ما أمرتني به، فالربح لي، وقال رب المال: دفعته إليك مضاربة ولم أسم شيئأ، فالقول قول رب المال، والربح بينهما على ما اشترطا، ولا يصدق واحد منهما على ما ادعاه (¬3) من تجارة خاصة. فإن أقام واحد منهما البينة على ما ادعى من تجارة خاصة أخذ ببينته. فإن كان الذي أقام البينة (¬4) المضارب على ما ادعى من خلافه لأمر رب المال فالربح له يتصدق به، وهو ضامن لرأس مال رب المال حتى يدفعه إليه. فإن كان رب المال هو الذي أقام البينة على خلاف المضارب إياه أخذ ببينته، وضمن المضارب لرب المال رأس ماله. وإذا (¬5) دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة بالنصف ولم يقل له شيئاً، وقال له رب المال بعد ذلك: لا تعمل بالمال إلا بالحنطة، [فليس له أن يعمل به إلا في الحنطة] (¬6) كما أمره، وأمره إياه بعد المضاربة بذلك وأمره إياه بذلك في المضاربة سواء. فإن كان المضارب اشترى ببعض المال بزًّا ثم أمره رب المال أن (¬7) لا يعمل بالمال إلا في الحنطة فليس للمضارب أن يشتري بما بقي في يديه من المال إلا الحنطة، وأما البز الذي اشترى فله أن يبيعه بما بدا له من طعام أو دنانير أو دراهم أو شعير أو سمن، إلا أنه إذا ¬

_ (¬1) م ص - وكان. (¬2) م: دفعه. (¬3) ص ف: ما ادعى. (¬4) ف - البينة. (¬5) م + وإذا. (¬6) الزيادة من الكافي، 2/ 250 و. (¬7) ف - أن.

رجع إليه رأس المال الذي كان بعد ذلك [فاشترى] برأس (¬1) المال الذي رجع إليه غير الحنطة ضمن المضارب رأس المال، وكان (¬2) الربح للمضارب يتصدق به. وإن كان ذلك وضيعة كان على المضارب. وما كان في البز الذي اشترى قبل أن يأمر رب المال المضارب أن يشتري الحنطة من وضيعة فهي على رب المال. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف ولم يسم له شيئاً ثم قال بعد ذلك: اشتر به البز وبع، فللمضارب أن يشتري به البز وغيره ما (¬3) بدا له، وليس هذا بنهي عن غير البز، وإنما هو مشورة من رب المال على المضارب. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف فاشترى بها البز وباع فوضع في المال فقال رب المال: إنما أمرتك بالطعام خاصة، وقال المضارب: أمرتني بالبز خاصة، فالقول قول رب المال، والمضارب ضامن لرأس المال. إذا أقر المضارب أن رب المال دفعه إليه مضاربة في شيء خاص فالقول قول رب المال في ذلك الشيء. وإذا قال المضارب: دفعت إلي المال مضاربة ولم تسم (¬4) شيئاً، فالقول قول المضارب، ولا يشبه هذا الباب الأول. فإن أقام المضارب البينة أن رب المال دفع إليه المال وأمره أن يشتري به (¬5) ما بدا له وأقام رب المال البينة أنه نهاه أن يشتري بها شيئاً غير الطعام خاصة، فإن وقّتت (¬6) البينتان وقتاً أخذ بشهادة الشهود الذين شهدوا على الوقت الآخر، لأني أجعل البينتين قد صدقتا جميعاً، والقول الآخر ينقض الأول، فإن لم توقّت البينتان وقتاً أو وقتت إحداهما ولم توقت الأخرى ولا يدرى أيهما أول فالبينة بينة رب المال. ألا ترى أن البينتين لو لم يوقتا بشيء من ذلك كان القول قول المضارب، فإذا قامت البينتان جميعاً ولا يدرى أيهما أول أخذ ببينة رب المال، لأنه هو المدعي. ولو كان المضارب ادعى أنه دفع إليه المال مضاربة ¬

_ (¬1) ف: رأس. (¬2) م ص ف: أو كان. (¬3) ص: وما. (¬4) ص: يسم. (¬5) ف - به. (¬6) ص: وقت.

في البز خاصة وادعى رب المال أنه دفع إلى المضارب (¬1) المال مضاربة في الحنطة خاصة وقد اشترى المضارب بالمال بزًّا فوضع في المال وضيعة فالقول قول رب المال، والبينة على المضارب. فإن أقام رب المال البينة أنه دفع المال مضاربة إلى المضارب في الحنطة خاصة، وأقام المضارب البينة أن رب المال دفع إليه المال مضاربة في البز خاصة، وقد وقتت (¬2) البينتان وقتاً، فإن البينة بينة الذي شهدت (¬3) شهوده على الوقت الآخر، لأن الوقت الآخر من القول ينقض الأول، ألا ترى أن القولين لو علم أنهما (¬4) كانا (¬5) من رب المال جميعاً أخذنا بالآخر (¬6) منهما، فإن لم توقت البينتان وقتاً أو وقتت إحدى البينتين ولم توقت الأخرى ولا يدرى أيهما أول فالبينة بينة المضارب، لأنه المدعي لما اشترى. ألا ترى أن البينتين لو لم تشهدا بشيء مما شهدتا به كان القول قول رب المال. فإذا كان القول قول رب المال فشهدت (¬7) الشهود على ما وصفت ولا يدرى أي البينتين أول فالبينة بينة المضارب، لأنه المدعي. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة على أن يشتري بالنقد ويبيع (¬8) بالنقد، فإن اختلفا فقال المضارب: امرتني بالنقد والنسيئة، وقال رب المال: أمرتك بالنقد خاصة، فالقول قول المضارب مع يمينه، وعلى الآخر البينة على ما ادعى من النهي، فإن أقاما جميعاً البينة ولم توقت البينتان وقتاً فالبينة بينة رب المال على النهي، لأنه المدعي. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة وأمره أن يبيع بالنسيئة ولا يبيع بالنقد فباع بالنقد فهو جائز وإن كان قد نهاه عن هذا، لأن هذا خير لصاحب المال. ألا ترى لو أن رجلاً أمر رجلاً أن يبيع عبداً له بألف ¬

_ (¬1) ف + رب. (¬2) ص: وقت. (¬3) ص: شهد. (¬4) ص: أيهما. (¬5) م ص: كان. (¬6) م: بالاجره؛ ص: بالآخرة. (¬7) ص: فشهد. (¬8) ف + إلا.

درهم نسيئة (¬1) ولا يبيعه بالنقد فباعه بألف درهم بالنقد أن ذلك جائز، لأنه صنع خيراً مما أمر به. ألا ترى لو أن رجلاً أمر رجلاً أن يبيع له عبداً بألف درهم وقال: لا تبعه بأكثر من ذلك، فباعه بأكثر من ذلك أن بيعه جائز، لأنه صنع خيراً مما أمر به رب العبد. وكذلك المضارب إذا نهاه عن النقد وأمره بالنسيئة فباعه بالنقد فبيعه جائز. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة على أن يشتري الطعام خاصة فله أن يستأجر لنفسه إذا خرج في الطعام خاصة، وأن يستأجر للطعام، وأن يشتري دابة يركبها إذا سافر كما يشتري التاجر، وأن يشتري حَمُولَة يحمل عليها الطعام إذا لم (¬2) يجد كراء (¬3). فإن اشترى سفينة (¬4) يحمل فيها الطعام فإن هذا لا يجوز على رب المال، لأن هذا ليس مما يفعل التجار. فإن كان في بلد يشترى للطعام (¬5) فيها حمولة فيحمل عليها فاشترى شيئاً من الحمولة فهو جائز، إنما أستحسن من هذا ما يصنع التجار إذا خرجوا في حمولة الطعام. وما كان من ذلك يشترونه فاشتراه المضارب من المضاربة فهو جائز على رب المال، وما كان من ذلك (¬6) يستأجرونه فهو جائز على رب المال في المضاربة. وما كان من ذلك لا يشتريه التجار مثل السفينة ونحوها فاشتراها المضارب فهي له، ولا تكون من المضاربة، فإن كان نقد ثمنها من المضاربة فهو ضامن لما نقد. ولو (¬7) كان رب المال دفع (¬8) إليه المال مضاربة بالنصف ولم يسم ما يشتري به فاشترى طعاماً وسفينة يحمل فيها الطعام أو اشترى دواباً جاز ذلك كله على رب المال وكان من المضاربة، ولا يشبه الباب الأول، لأن الباب الأول إنما أمره بالطعام خاصة، فلا يجوز له أن يشتري غير الطعام، إلا ما لا بد له من الحمولة ومن غيرها، فما (¬9) يفعل التجار في تلك التجارة لزم ذلك المضارب دون رب المال. ¬

_ (¬1) ف + بنسيئة. (¬2) م - إذا لم. (¬3) ص - إذا لم يجد كراء. (¬4) م: بنفسه. (¬5) ص: الطعام. (¬6) ص + لا. (¬7) م ص - لو. (¬8) م ص ف: يدفع. (¬9) ص: مما.

وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة فاشترى به المضارب رقيقاً وباع وربح أو وضع فقال رب المال: أمرتك بالطعام خاصة، وقال المضارب: دفعت إلي المال مضاربة ولم تسم لي شيئاً، فالقول قول المضارب، فإن أقاما جميعاً البينة أخذت ببينة رب المال، فإن وقّتت (¬1) البينتان وقتين أحدهما قبل صاحبه أخذت ببينة الوقت الآخر. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة فاشترى بها وباع في غير المصر فربح أو وضع تم اختلفا، فقال: كان المضاربة على أن يكون الشواء والبيع (¬2) بالمصر خاصة، وقال الآخر: لم تسم شيئاً، فالقول قول الذي قال (¬3): لم تسم شيئاً، فإن قامت لكل واحد منهما بينة على ما ادعى ولم توقت البينتان وقتاً فالبينة بينة الذي يدعي أنه نهاه أن يخرج المال من المصر (¬4). وإذا دفع الرجل إلى الرجلين (¬5) ألف درهم مضاربة بالنصف فليس لواحد منهما أن يشتري ولا يبيع ولا يحدث في المال شيئاً إلا أن يأذن له صاحبه، فإن أذن لأحدهما صاحبه في الشرى والبيع والإجارة أو في شيء من المضاربة ففعل ذلك المأذون له في ذلك فذلك جائز. وكذلك لو أبضعا رجلاً بضاعة يشتري بها ويبيع ففعل ذلك المستبضع فذلك كله جائز على رب المال. وإن أبضع أحدهما بعض المال بغير أمر صاحبه فاشترى المستبضع وباع وربح ربحاً فجميع ما كان في ذلك من ربح للمضارب الذي استبضعه، ورب المال بالخيار، إن شاء ضمن المضارب الذي أمره، وإن شاء ضمن (¬6) المستبضع ما أخذ من المضاربة. فإن ضمن المستبضع رجع المستبضع على المضارب الآمر بما ضمن. وإن ضمن المضارب الآمر لم يرجع على المستبضع بشيء. وإن أذن المضاربان كل واحد منهما لصاحبه في أن يبضع ما شاء من المال فأبضع أحدهما رجلاً وأبضع الآخر رجلاً فذلك جائز عليهما وعلى رب المال. ¬

_ (¬1) ص: وقت. (¬2) ص: أو البيع. (¬3) م ص - قال. (¬4) م ص ف: من البصرة. (¬5) ف: إلى الرجل. (¬6) ف + ضمن.

وإذا دفع الرجل إلى الرجلين ألف درهم مضاربة فاشتريا بها عبداً وقبضاه ثم باعاه من رجل بألف درهم فلكل واحد منهما أن يقبض نصف الثمن. وإن لم يأذن له شريكه في ذلك فليس (¬1) له أن يقبض الثمن كله إلا أن يأذن له شريكه، فإن أذن له شريكه في ذلك فهو جائز، وهو بمنزلة الوكيل في ذلك. وإذا دفع الرجل إلى الرجلين ألف درهم مضاربة وقال لهما: لا تبضعا المال، فأبضعاه فهما ضامنان للمال (¬2)، ولا يجوز ذلك على رب المال. فإن أبضع أحدهما صاحبه لم يجز ذلك أيضاً على رب المال وكان ما اشترى المستبضع بالمال للمضاربين وهما ضامنان المال (¬3) لرب المال. فإن أبضعا رب المال يشتري لهما فذلك جائز، وهو من المضاربة، ولا يكون مما نهى عنه رب المال، لأن رب المال هو الذي اشترى لهما، فلا يكون عليهما الضمان، لأن رب المال حين اشترى به بضاعة، فكأنه أذن لهما في أن يبضعاه إياه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة على أن له من الربح مائة درهم فهي مضاربة فاسدة. فإن استبضع المضارب المال رجلاً فاشترى به متاعاً فربح أو وضع فذلك جائز على رب المال. وكل شيء جاز للمضارب في المضاربة الصحيحة أن يفعله من شرى أو بيع أو إجارة أو بضاعة أو غير ذلك فهو جائز في المضاربة الفاسدة. وكذلك لو دفع إليه ألف (¬4) درهم مضاربة فاسدة وأمره أن يعمل فيها برأيه فشارك فيها أو خلطها بماله أو أعطاها مضاربة فذلك جائز، وهي بمنزلة المضاربة الصحيحة، كل شيء جاز في المضاربة الصحيحة فهو جائز في الفاسدة. فإن دفع إليه مضاربة فاسدة فدفع المضارب المال إلى رجل بضاعة فاشترى به وباع فربح أو وضع فذلك كله لرب المال، وكذلك الوضيعة، وللمضارب أجر مثله فيما اشترى المستبضع وباع وإن كان ¬

_ (¬1) ص: وليس. (¬2) ص - للمال. (¬3) ص: لمال. (¬4) ص - ألف.

المضارب لم يل شيئاً من ذلك، لأنه هو الذي استعان المستبضع. أرأيت لو دفع رجل إلى رجل أرضاً مزارعة فاسدة فاستعان عليها قوماً فزرعوها حتى انقضت المزارعة وبلغ الزرع ألم يكن للمزارع أجر مثل ذلك العمل وإن كان المزارع لم يل العمل، فكذلك البضاعة من المضارب وإن كانت المضاربة فاسدة. وإذا دفع الرجل إلى الرجلين ألف درهم مضاربة على أن لأحدهما ثلث الربح وللآخر مائة درهم من الربح فعمل المضاربان على ذلك فربحا أو وضعا فإن الربح بينهما للمضارب الذي شرط له ثلث الربح من ذلك كما شرط، فأما الذي شرط له مائة درهم فإن المضاربة فيما بينه وبين رب المال فاسدة، وله أجر مثله، وما بقي من الربح فهو لرب المال. فإن كانا وضعا فليس للذي شرط له ثلث الربح شيء، وللذي شرط له مائة درهم من الربح أجر مثله (¬1) فيما عمل. فإن لم يعملا حتى أبضع المال أحدهما صاحبه فاشترى به وباع حتى ربح مالاً، فإن كان الذي أبضع صاحبه هو الذي اشترط ثلث الربح فله ثلث الربح، وللآخر أجر مثله في عمله بنصف المال، ولا أجر له في عمله بنصف المال الذي استبضعه إياه صاحبه. وإن كان الذي اشترط من الربح مائة درهم هو الذي أبضع صاحبه المال فإن المستبضع له ثلث الربح، وللذي اشترط من الربح مائة درهم أجر مثله في نصف المال وإن كان الذي ولي العمل غيره. فليس لواحد منهما أن يشتري ولا يبيع ولا يبضع ولا يستأجر ولا يؤاجر في شيء من المضاربة إلا بإذن صاحبه وإن كانت المضاربة فيما بين أحدهما وبين (¬2) رب المال فاسدة، لأن رب المال لم يرض إلا برأيهما جميعاً. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة فاشترى بها عبداً وقبضه ثم باعه بألف درهم وقبضه المشتري ثم إن المضارب ¬

_ (¬1) ف: أجر مثل عمله. (¬2) م - بين.

أخر (¬1) المال عن المشتري لسنة (¬2) بعيب طعن فيه المشتري في العبد أو بغير عيب فإن ذلك جائز على رب المال، وهو على المضاربة، ولا يضمن المضارب بتأخيره شيئاً. وكذلك لو احتال المضارب بالمال على غير المشتري والذي احتال عليه أيسر (¬3) من المشتري أو كان أعسر (¬4) من المشتري فهو سواء، وهو (¬5) جائز على رب المال، وهو من المضاربة على حاله، ولا يضمن المضارب باحتياله على غير المشتري موسراً كان المحتال عليه أو معسراً شيئاً (¬6)، لأن هذا من التجارة ومما يعمل التجار فيما بينهم. ولو كان المضارب لم يؤخر المال ولم يحتل به ولكنه حط بعضه وأخذ بعضاً، فإن كان ذلك لعيب طعن (¬7) به المشتري في العبد فالحط جائز على رب المال، وهو من المضاربة، ولا يضمن المضارب بحطه شيئاً إذا حط مثل ما يحط الناس في ذلك العيب أو مثل ما يتغابن به في مثل ذلك. وإن (¬8) كان المضارب حط من المال شيئاً بغير عيب طعن فيه المشتري فإن أبا حنيفة قال: الحط جائز على المضارب، وهو ضامن لما حط من ذلك لرب المال. ولا يجوز حط المضارب على رب المال بغير عيب، لأن هذا ليس من التجارة، إنما هو بمنزلة الهبة، وهو قول محمد. وقال أبو يوسف: لا يجوز حط المضارب عن المشتري (¬9). [و] في قول أبي حنيفة: ما بقي من المال فاشترى به وباع فربح أو وضع فهو على المضاربة، ورأس المال فيه الذي قبض المضارب من المشتري من المال، وأما ما حط المضارب عن المشتري فهو دين لرب المال على المضارب. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف وقال له: اعمل فيه برأيك، فخلط المال بماله قبل أن يشتري به ثم اشترى به وباع وربح أو وضع فذلك جائز، وهو على المضاربة. وكذلك لو دفع المضارب المال ¬

_ (¬1) ص: أخذ. (¬2) م ص: بلبسه (مهملة). (¬3) أي: أغنى. انظر: لسان العرب، "يسر". (¬4) أي: أفقر. انظر: لسان العرب، "عسر". (¬5) ف - سواء وهو؛ صح هـ. (¬6) ص - شيئاً. (¬7) م ص ف: ظهر. (¬8) م ص: فإن. (¬9) م ص ف: من المشتري.

باب شرى المضارب وبيعه

مضاربة بالنصف كان ذلك جائزاً على رب المال، ولا ضمان على المضارب. وكذلك لو شارك المضارب بمال رب المال رجلاً آخر كان ذلك جائزاً على رب المال، ولا ضمان على المضارب، لأنه أمره أن يعمل في ذلك برأيه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف ولم يقل له: اعمل في ذلك برأيك، فأخذ المضارب فخلطه بماله ثم اشترى به وباع فربح أو وضع فالربح له والوضيعة عليه، وهو ضامن لرأس مال (¬1) المضاربة. فإن لم يكن المضارب خلط المال ولكنه اشترى به وبألف من ماله عبداً واحداً وقبضه ونقد (¬2) المال قبل أن يخلطه فهذا جائز على (¬3) رب المال، ولا يضمن المضارب شيئاً من ذلك، لأنه لم يخلطه حتى اشترى به. وإن باع العبد بعد ذلك بألفين ثم قبضهما (¬4) جميعاً مختلطين فذلك جائز على رب المال، ولا ضمان على المضارب، لأنه لم يخلط المال حتى اشترى به. فإن قبض هذين (¬5) الألفين ثم عزل المضارب المضاربة على حدة وعزل ماله على حدة ثم اشترى بأحد المالين وربح أو وضع فالربح لهما جميعاً، نصفه للمضارب، ونصفه على ما اشترطا في المضاربه من الربح. وإن وضع فالوضيعة عليهما نصفين. وقسمة المضارب ماله من مال رب المال باطل، لأنه لا يكون مقاسماً لنفسه. وإذا دفع الرجل إلى الرجلين ألف درهم مضاربة وأمرهما أن يعملا في ذلك برأيهما فليس لواحد منهما أن يشتري بشيء من المال ولا يبيع إلا بأمر صاحبه، وقوله لهما: اعملا برأيكما، لا يستوجب رأيه (¬6) أن يعمل أحدهما بالمال بغير أمر صاحبه. باب شرى المضارب (¬7) وبيعه (¬8) وإذا دفع الرجل إلى الرجلين ألف درهم مضاربة بالنصف وقال لهما: ¬

_ (¬1) م ص: المال. (¬2) ص: ونفذ. (¬3) م: وعلى. (¬4) م ص ف: قبضها. والتصحيح من ب. (¬5) م ص: هذه. (¬6) ص - رأيه. (¬7) م ص: المضاربة. (¬8) م + من المضاربين.

اعملا في ذلك برأيكما أو لم (¬1) يقل، فاشترى أحدهما بنصف المال بأمر صاحبه وباعه حتى أصاب مالاً وعمل الآخر بنصف المال بغير أمر صاحبه (¬2) حتى أصاب مالاً فإن جميع ما أصاب المضارب (¬3) الذي عمل بغير أمر صاحبه له (¬4)، ويضمن لرب (¬5) المال رأس ماله، ويتصدق بالفضل. وأما المضارب الذي عمل عمله بأمر صاحبه فإنه يؤخذ مما (¬6) في يده نصف رأس مال رب المال، وما بقي فهو بين المضاربين وبين رب المال على ما اشترطا، نصفه لرب المال ونصفه للمضاربين. فإن تَوَى (¬7) جميع ما كان في يدي المضارب الذي عمل بغير أمر صاحبه وهو معسر لا يقدر على أداء فإن رب المال يأخذ جميع رأس ماله. فما أصاب المضارب الذي عمل بأمر صاحبه فإن بقي من الربح شيء أخذ رب المال نصفه، وأخذ المضارب الذي عمل بأمر صاحبه ربعه، وأما الربع الذي بقي فهو حصة المضارب (¬8) الآخر من الربح، فينظر إلى نصف رأس المال الذي استهلكه المضارب الذي عمل بغير أمر صاحبه، فيجمع إلى ربح هذا المضارب الآخر، فإن كان نصف رأس المال الذي (¬9) استهلكه المضارب يكون الربع إذا جمع إلى ما ربح هذا المضارب صار نصف رأس المال الذي (¬10) استهلكه المضارب [له] (¬11)، فهو حصته من الربح، وأخذ رب المال من (¬12) المضارب ربع الربح الذي كان للمضارب الذي استهلك نصف رأس المال، فاقتسماه على ثلاثة أسهم. فإن كان الربح الذي ربح المضارب الذي عمل بأمر صاحبه ألف درهم أخذ رب المال من جميع ما في يدي المضارب رأس ماله ألف درهم وبقي خمسمائة، فيجمع (¬13) إلى رأس مال الذي ¬

_ (¬1) ص: ولم. (¬2) ص - بغير أمر صاحبه. (¬3) ص: للمضارب. (¬4) م ص - له. (¬5) م + لرب. (¬6) ص: هما. (¬7) أي: هلك وضاع كما تقدم. (¬8) م ص: للمضارب. (¬9) م: للذي. (¬10) م ص: للذي. (¬11) الزيادة مستفادة من ب، والكافي، 2/ 252 ظ. (¬12) م ص - من. (¬13) ص: فيجتمع.

استهلك المضارب الآخر، فيقسم على أربعة أسهم، لرب المال من ذلك النصف، وللمضارب الذي عمل بأمر صاحبه الربع، وذلك كله سبعمائة وخمسون، وبقيت حصة المضارب الآخر الخمسمائة التي (¬1) على ثلاثة أسهم، ويرجعان على المضارب الذي استهلك نصف رأس المال بمائتين وخمسين، فيقتسمانها على ثلاثة أسهم حتى يستوفي رب المال خمسمائة وكل واحد من المضاربين مائتين وخمسين. ولو لم يهلك المال الذي في يدي المضارب الذي عمل بغير أمر صاحبه فله (¬2) نصف رأس ماله، ليس له غير ذلك، وما بقي فهو للمضارب الذي عمل بغير أمر صاحبه يتصدق به. وإذا دفع الرجل إلى الرجلين ألف درهم مضاربة فاقتسماها نصفين فاشترى أحدهما بنصف (¬3) المال عبداً بغير أمر صاحبه، فأجاز ذلك صاحبه بعدما وقع الشرى، فإن العبد الذي اشترى المضارب للمضارب، ولا يكون لرب المال ولا من المضاربة بإجازة (¬4) المضارب الآخر الشرى، لأن المضارب حين اشترى العبد كان الشرى له، وصار العبد عبده، فإجازة الآخر باطل. فإن كان المضارب المشتري نقد ثمن (¬5) العبد من المضاربة فهو ضامن للمال، والعبد عبده، إن باعه وربح كان له، أو وضع كان عليه. وإذا دفع الرجل إلى الرجلين ألف درهم مضاربة وأمرهما أن يعملا برأيهما أو لم يأمرهما فاشتريا بالألف عبداً ثم باعه أحدهما بغير أمر صاحبه بألف درهم أو بمائة دينار أو بشيء مما يكال أو يوزن بغير عينه فبيعه باطل، فإن باع ذلك المضارب الآخر فأجاز البيع فهو جائز، والعبد للمشتري. وللمضارب الذي ولي البيع [قَبْضُ] (¬6) الثمن، ما كان (¬7) على المشتري هو الذي يأخذه به، وليس للمضارب ¬

_ (¬1) ص: الفى. (¬2) م ص - فله. (¬3) م ص ف: نصف. والتصحيح من الكافي، 2/ 252 ظ. (¬4) م ص ف: فأجاز. والتصحيح من المصدر السابق. (¬5) م: الثمن. (¬6) الزيادة مستفادة من الكافي، 2/ 252 ظ. (¬7) أي شيء كان مما ذكره المؤلف، ألف درهم أو مائة دينار أو غير ذلك.

الآخر أن يأخذ المشتري بشيء من الثمن إلا بوكالة من المضارب البائع. وإذا دفع الرجل إلى الرجلين ألف درهم مضاربة وقال لهما: اعملا في ذلك أو لم يقل، فاشتريا عبداً بألف درهم فباعه أحدهما بغير أمر صاحبه بجارية أو بعرض من العروض أو بفضة تبر أو بذهب تبر أو بشيء مما يكال أو يوزن بعينه فبيعه باطل. وإن بلغ ذلك صاحبه وأجازه فإني أستحسن أن أجيز ذلك، وأجعل الثمن الذي باع به العبد من المضاربة، فإن لم يجز ذلك المضارب الآخر حتى قبض المضارب البائع الثمن الذي باع به (¬1) العبد فباعه فربح أو وضع ثم إن المضارب الآخر أجاز ما صنع صاحبه من بيع أو شرى فإن إجازته باطلة، ويرد العبد، ويكون في يدي المضاربين على المضاربة - وأما الثمن الذي قبضه المضارب البائع فباعه فإن ذلك الثمن له وضيعته وله ربحه، فإن كان عرضاً من العروض أو داراً أو جارية أو غير ذلك ضمن قيمته للذي كان اشترى منه العبد. وإن كان الثمن الذي قبض شيئاً من الكيل أو الوزن أو الفضة التبر أو الذهب فباعه فله ربحه ووضيعته، وهو ضامن لمثله لصاحبه الذي قبضه منه وهو له، فلما باعه قبل أن يخبر صاحبه فصار بيعه فيه جائزاً وصار (¬2) ثمنه له، فلما جاز بيعه فيه لنفسه كانت إجازة المضارب الآخر في ذلك باطلاً (¬3)، لأنه أجاز ما قد جاز بيعه قبل إجازته، وإجازته باطل (¬4). وإذا دفع الرجل إلى الرجلين (¬5) ألف درهم مضاربة فاشتريا بالألف عبداً يساوي ألفاً فباعه أحدهما بغير أمر صاحبه بألف درهم أو بمائة دينار أو بشيء من الكيل أو الوزن بغير عينه فبيعه باطل، فإن أجاز ذلك رب المال فهو جائز، والثمن على المضاربة على حاله، وإجازة رب المال في هذا وإجازة (¬6) المضارب الآخر سواء. فإن كان المضارب لم يبع العبد بشيء مما ¬

_ (¬1) ف - به. (¬2) م: أو صار. (¬3) ص: باطلة. (¬4) ص: باطلة. (¬5) ص: إلى الرجل. (¬6) ص: أو إجازة.

وصفت لك ولكنه (¬1) باعه بعرض من العروض بعينه بجارية أو دار أو غير ذلك من العروض أو شيء مما يكال أو يوزن بعينه أو بفضة تبر بعينها أو بذهب تبر بعينه (¬2) فإن بيعه باطل. فإن بلغ (¬3) ذلك رب المال فأجاز فهو جائز. وجميع الثمن الذي باع (¬4) المضارب العبد [به] (¬5) للمضارب البائع، والعبد للمشتري، ويضمن المضارب البائع لرب المال قيمة العبد ألف درهم، وقد بطلت المضاربة، لأنها صارت ديناً على المضارب البائع. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف فاشترى عبداً بألف درهم، ولم يقل عند الشرى: إنه اشتراه بالمضاربة، فلما قبضه قال: اشتريته وأنا أنوي أن يكون بالمضاربة، وكذبه رب المال، والعبد قائم بعينه أو مستهلك، فالقول قول المضارب مع يمينه، ويدفع المضارب الألف المضاربة إلى البائع، لأن المال كان في يدي المضارب، فهو مصدق فيه. فإن لم يدفعه حتى هلك المال في يدي (¬6) المضارب بعد الشرى، فإن كان العبد (¬7) قائماً بعينه لم يهلك فقال المضارب: اشتريته وأنا أنوي المضاربة، وكذبه رب المال، وهذا القول كان من المضارب بعد هلاك المال، وقد كان الشرى قبل هلاك المال، فالقول قول رب المال، والعبد للمضارب، ويغرم المضارب ثمن العبد من ماله للبائع، ولا يصدق المضارب على رب المال، لأنه يريد أن يضمنه. وكذلك لو كان العبد مستهلكاً كان بهذه المنزلة. فإن كان شرى العبد كان قبل هلاك المال وهذا القول كان من المضارب قبل هلاك المال فقال المضارب: اشتريت العبد وأنا أنوي أن يكون من المضاربة، وكذبه رب المال، والمال قائم بعينه، ثم هلك المال بعد ذلك، فإن العبد قائم بعينه، والقول قول المضارب، ويأخذ من المال ألف درهم ¬

_ (¬1) ص: ولكن. (¬2) ص: بعينها. (¬3) ف: يبلغ. (¬4) م ص: بيع. (¬5) الزيادة من ب. (¬6) ف: في يد. (¬7) ص - العبد.

فيدفعها إلى البائع، ويكون العبد على المضاربة. صان كان المضارب قال هذا القول والمال قائم بعينه وقد هلك العبد، وكذبه رب المال، ثم ضاع المال بعد ذلك قبل أن ينقده المضاربُ البائعَ، فالقول قول رب المال، ولا ضمان عليه، ويضمن المضارب ثمن العبد من ماله للبائع (¬1). إنما يصدق المضارب بعد هلاك العبد ما دام مال المضارب في يده، فأما إذا هلك فإنه لا يصدق على رب المال، لأنه يريد أن يرجع على رب المال بالثمن، فلا يصدق على ما يريد أن يرجع به. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة فاشترى بها عبداً ثم نقد ثمنه من ماله وبقيت الألف المضاربة في يده فقال: إنما اشتريت العبد لنفسي، وكذبه رب المال، فالقول قول رب المال، والعبد من المضاربة، ويأخذ المضارب الألف المضاربة قصاصًا بماله الذي أدى، لأن المضارب حين اشترى العبد بألف درهم ولم يسم مضاربة ولا غيرها فقال المضارب: اشتريت لنفسي، وقال رب المال: اشتريت العبد على المضاربة، فالقول قول المضارب مع يمينه بالله ما اشترى العبد بالألف المضاربة. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة فاشترى عبداً بألف درهم ولم يسم شيئاً، ثم اشترى عبداً آخر بألف درهم ولم يسم شيئاً، فقال المضارب بعد ذلك: اشتريت العبدين جميعاً وأنا أنوي أن يكونا بالمضاربة، ولم ينقد المضاربة (¬2) في واحد منهما، فإن صدقه رب المال فيما قال فالعبد الأول هو المضاربة، والعبد الثاني للمضارب، ويغرم ثمنه لصاحبه. وكذلك إن كذبه رب المال فيهما جميعاً. فإن قال رب المال للمضارب: إنما اشتريت العبد الثاني بالمضاربة، واشتريت الأول لنفسك، وقال المضارب: قد (¬3) اشتريت العبدين (¬4) وأنا أنوي أن يكون كل واحد منهما بالمضاربة، فالقول قول رب المال، والعبد الآخر للمضاربة، والعبد الأول للمضارب، ¬

_ (¬1) م ص ف: البائع. والتصحيح من ب. (¬2) ولفظ ب: ولم ينقد ألف المضاربة. (¬3) ص - قد. (¬4) ص - العبد ين؛ صح هـ.

لأن المضارب قد أقر أنه اشترى العبد الآخر وهو [ينوي] أن يكون للمضاربة [فاجتمع قول رب المال] (¬1) مع أنه نوى، فلا يصدق على ما ادعى في العبد الأول إلا أن يصدقه رب المال. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة فاشترى المضارب عبدين صفقة واحدة، كل واحد منهما بألف درهم، وقال المضارب: نويت أن يكون كل واحد منهما بألف المضاربة، وصدقه رب المال في ذلك، فإن كل واحد من العبدين نصفه للمضاربة ونصفه للمضارب، ويغرم المضارب من ماله ألف درهم، فيدفعها إلى البائع، ويكون العبدان نصفهما على المضاربة ونصفهما للمضارب. فإن باعهما المضارب بثلاثة آلاف درهم وقبض المال جميعاً فلا ضمان عليه، ويكون له نصف الألف، والنصف الباقي يستوفي منه رب المال رأس ماله، وما بقي فهو بينهما على ما اشترطا من الربح. فإن كان رب المال لم يصدق المضارب فيما قال ولكنه قال: اشتريت هذا العبد بعينه بالمضاربة، وقال المضارب: اشتريت العبدين وأنا أنوي أن يكون كل واحد منهما ثمنه على حدة بجميع المضاربة، فإن القول في هذا قول رب المال، والعبد الذي ادعى رب المال هو مضاربة، والآخر للمضارب، لأن المضارب قد أقر أنه قد اشترى كل واحد منهما على حدة بجميع المضاربة، فإذا أقر المضارب بذلك فالقول قول رب المال فيما ادعى من ذلك. ولو قال المضارب: اشتريت العبدين جميعاً بألف من عندي وألف المضاربة، وقال رب المال: اشتريت هذا العبد بعينه بالمضاربة، فالقول قول المضارب في هذا، ونصف العبدين جميعاً على المضاربة، ونصفهما للمضارب، ولا يشبه هذا الأول، لأن المضارب إنما أقر في هذا الوجه أنه اشترى نصف العبدين بالمضاربة، فالقول قوله. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة، ثم نهاه رب المال بعد ذلك أن يبيع أو يشتري، فإن كان مال المضاربة قائماً بعينه في يدي المضارب لم يشتر به شيئاً فالنهي من رب المال جائز على المضاربة. فإن ¬

_ (¬1) الزيادة مفهومة من السياق ومن كلام السرخسي. انظر: المبسوط، 22/ 52.

باع بعد ذلك أو اشترى فإنما اشترى وباع لنفسه، ووضيعته عليه، وربحه له، يتصدق به. فإن كان رب المال لم ينه المضارب حتى اشترى المضارب بالمال عرضاً من العروض جارية أو غلاماً أو داراً أو غير ذلك من الكيل أو الوزن (¬1) من الحنطة أو الشعير أو نحو ذلك، ثم نهى رب المال المضارب أن يبيع أو يشتري، فنهيه باطل، وللمضارب أن يبيع ما في يديه من ذلك، وبيعه جائز. فإن باعه بعرض آخر فله أن يبيع ذلك العرض بما بدا له. فإن باعه بعرض فله أن يبيع ذلك أيضاً، وبيعه فيه (¬2) جائز. فإن باع شيئاً من ذلك بدراهم أو بدنانير فليس له أن يشتري بشيء من ذلك شيئاً. فإن اشترى من ذلك حنطة أو شعيراً أو عرضاً من العروض فإنما اشترى لنفسه. وله أن يبيع الدنانير بالدراهم حتى يوفي رب المال رأس ماله، وليس له أن يشتري بالدنانير شيئاً غير الدراهم، فإن اشترى بها شيئاً غير الدراهم فإنما اشترى لنفسه. وكذلك هذا كله لو مات رب المال، كان موت رب المال ونهيه في هذا سواء في جميع ما وصفت لك. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة فاشترى بنصفها عبداً ثم نهاه رب المال عن الشرى والبيع بالمضاربة، فليس له أن يشتري بالدراهم التي في يديه ولا يبيع، فإن اشترى بها شيئاً فإنما اشترى لنفسه، وأما العبد فله أن يبيعه بما بدا له، فإن باعه فله أن يبيع الثمن أيضاً بما بدا له، إلا أن يكون الثمن الذي باع به العبد دراهم أو دنانير. فإن كان الذي باع به العبد دراهم مثل الدراهم التي كانت رأس المال في صرفها أجزتها (¬3)؛ فليس له أن يصرفها في شيء حتى يدفعها إلى رب المال. فإن صرفها بأي شيء ضمنها. فإن كان ثمن العبد دراهم مخالفة للدراهم التي كانت رأس المال المضاربة فلا يصرفها في (¬4) غير ذلك. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة وأجاز ما صنع في ذلك من شيء، فاشترى بها خمراً أو خنزيراً أو ميتة أو مدبراً أو ¬

_ (¬1) ص: والوزن. (¬2) ص - فيه. (¬3) ص - أجزتها. (¬4) ص - في.

أم ولد أو مكاتباً وهو يعلم أو لا يعلم، فقبض ذلك ونقد الدراهم، فهو ضامن للدراهم التي دفع، لأن المضارب اشترى بالمضاربة ما لا يجوز بيعه فيه (¬1)، فإذا اشترى ما لا يجوز بيعه فيه فإنما اشترى لنفسه، لأن رب المال إنما أمره أن يشتري ما يبيع، لأن المضاربة على هذا تقع. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة، فاشترى عبداً بيعاً فاسداً اشترط فيها شرطاً أفسده (¬2)، أو اشترى بالمضاربة دراهم أكثر منها أو أقل شراء فاسداً، فدفع المضاربة وقبض ما اشترى، فلا ضمان عليه فيما دفع من المال المضاربة (¬3)، لأنه اشترى ما يجوز بيعه فيه، ألا ترى أنه لو باع العبد الذي اشترى جاز بيعه فيه، وغرم قيمة العبد، وكان ما باع به العبد لرب المال. وكذلك الصرف الفاسد. وكل بيع فاسد يجوز بيع المضارب فيه فشراؤه (¬4) إذا اشتراه جائز لازم لرب المال، ولا ضمان على المضارب فيما دفع من المضاربة في ثمن ما اشترى. فإن كان الذي اشترى المضارب من ذلك قائماً بعينه لم يبعه رده على صاحبه الذي اشتراه منه وأخذ ما أعطاه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة وأمره أن يعمل في ذلك برأيه فاشترى المضارب بالألف المضاربة عبداً يساوي خمسمائة درهم ونقد الثمن وقبض العبد فإن العبد للمضارب، والمضارب ضامن لمال المضاربة الذي نقد، ولا يلزم العبد رب المال، ولا يكون من المضاربة، لأن المضارب اشترى العبد وهو يساوي خمسمائة بألف درهم، وهذا مما لا يتغابن الناس في مثله. وكذلك جميع ما اشترى المضارب بالمضاربة أو ببعضها فإنه ينظر في ذلك، فإن كان المضارب اشترى شيئاً من المضاربة بما (¬5) لا يتغابن الناس في مثله فهو بمنزلة هذا. فإن اشترى المضارب بالألف المضاربة عبداً يساوي تسعمائة وخمسين درهماً جاز ذلك على رب ¬

_ (¬1) ص - فيه. (¬2) ص: فاسدا. (¬3) ص - المضاربة؛ صح هـ. (¬4) ص: وشراه. (¬5) م ف - بما.

المال، لأن هذا مما (¬1) يتغابن الناس في مثله. وكذلك جميع ما اشترى المضارب بما (¬2) يتغابن الناس في مثله فهو بمنزلة هذا. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة فاشترى بها عبداً يساوي ألفاً ثم باعه بمائة درهم فإن هذا في قياس قول أبي حنيفة جائز وإن كان هذا مما لا (¬3) يتغابن الناس في مثله، لأن (¬4) أبا حنيفة كان يفرق بين الشرى والبيع، يقول: لو أن رجلاً أمر رجلاً بأن يشتري له عبداً بألف فاشترى له عبداً بألف يساوي مائة درهم لم يلزم الآمر ولزم المأمور، وقال: لو أن رجلاً أمر رجلاً أن يبيع له عبداً يساوي ألفاً فباعه بمائة درهم جاز ذلك على رب العبد. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فهما سواء في المضارب والوكيل، لا يجوز أن يبيع على الآمر ورب المال ولا يشتري إلا بما يتغابن الناس في مثله. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة على أن يشتري بها الثياب ويقطعها بيده ويخيطها على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما نصفان (¬5) فهو جائز على ما اشترطا. وكذلك لو دفع إليه مالاً (¬6) مضاربة على أن يشتري بها الجلود والأَدَم (¬7) وَيخْرِزها خِفافا ودِلاء ورَوَايا (¬8) بيده وأجرائه على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما نصفان (¬9) فهذا جائز على ما اشترطا. وكذلك جميع ما اشترط عليه رب المال. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة على أن ما رزق الله ¬

_ (¬1) ف + لا. (¬2) ف: مما. (¬3) م ص - لا؛ صح م هـ (¬4) ص: فإن. (¬5) ص: نصفين. (¬6) ص - مالا. (¬7) جمع أديم، وهو الجلد المدبوغ. انظر: المغرب، "أدم". (¬8) جمع خف ودلو وراوية على الترتيب. والراوية هي المزادة يوضع فيها الماء وتصنع من الجلد. وقد تقدم. (¬9) ص: نصفين.

تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما، ولم يقل: نصفين ولا أثلاثاً ولا أرباعاً، فعمل المضارب على ذلك فربح أو وضع، فهذه مضاربة جائزة، والربح بينهما نصفان (¬1). وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة على أنهما شريكان في الربح ولم يسم ثلثاً ولا نصفاَ فعمل المضارب - ربح (¬2) أو وضع - فالمضاربة جائزة، وللمضارب نصف الربح. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة على أن المضارب شريك في الربح ولم يسم نصفاً ولا ثلثاً فعمل المضارب فربح أو وضع فإن هذا في قياس قول أبي يوسف مضاربة جائزة، وللمضارب نصف الربح، ولرب المال النصف. وأما أنا فأرى هذه مضاربة فاسدة، وأرى الربح كله لرب المال والوضيعة عليه وللمضارب أجر مثله فيما عمل ربح أو وضع. وإذا دفع الرجل إلى الرجل في مرضه ألف درهم مضاربة على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما نصفان (¬3)، فعمل المضارب وربح ألفاً، ورب المال مريض على حاله، ثم مات رب المال في مرضه ذلك، وأجر مثل المضارب أقل مما اشترط له من الربح فيما عمل، وعلى رب المال دين يحيط بماله كله، فإن للمضارب نصف الربح، يبدأ به قبل دين أصحاب الدين، وما بقي من رأس المال وحصة رب المال من الربح فهو لأصحاب الدين بالحصص، وليس هذا بوصية، لأن الربح لم يكن لرب المال، إنما وقع الربح يوم وقع وبعده للمضارب، ولم يملك رب المال قط. ألا ترى أن رجلاً لو أقرض في مرضه رجلاً مالاً فربح فيه المستقرض فهو للمستقرض، ولا حق للمقرض ولا لغرمائه فيه. وكذلك المضاربة والربح. ولا يشبه الربح في هذا الإجارة، لأن الإجارة دين يلزم رب المال، فإذا كان ديناً (¬4) يلزم رب المال كان الأجير كالغرماء (¬5) في مال ¬

_ (¬1) ص: نصفين. (¬2) ص: وربح. (¬3) ص: نصفين. (¬4) ص: دين. (¬5) م ص ف: والغرماء. والتصحيح من ب.

الميت، وأرد الأجير إلى أجر مثله. وإذا دفع الرجل إلى رجل (¬1) ألف درهم مضاربة في مرضه ولم يسم للمضارب ربحاً، فعمل به المضارب في مرض رب (¬2) المال فربح ألفاً، ثم إن رب المال مات وعليه دين يحيط بماله كله، فإن هذه مضاربة فاسدة، وجميع الألفين بين الغرماء وبين المضارب، يضرب الغرماء بدينهم، ويضرب فيها المضارب بأجر مثله. وكذلك كل مضاربة فاسدة وجب بها أجر. وإذا دفع الرجل الصحيح إلى المضارب ألف درهم على أن يعمل بها مضاربة، على أن للمضارب عشر الربح، والمضارب مريض، وعليه دين كثير، فعمل المضارب، فربح ألفاً في مرضه، وأجر مثله خمسمائة درهم، ثم مات المضارب من ذلك المرض، ولا مال له، فإن للمضارب عشر الربح، ولا يزاد على ذلك شيئاً. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة، فاشترى بها عبداً، ثم طعن المضارب بعيب في العبد، فقال المضارب: إنما اشتريت العبد لرب المال بمضاربته (¬3)، وهو الخصم في ذلك، فإن الخصم في العبد المضارب، ولا ينظر إلى رب المال. فإن أقام المضارب البينة أن العيب كان بالعبد (¬4) قبل أن يبيعه البائع رده المضارب على البائع. فإن قال البائع: قد رضي المضارب بالعيب، واستحلفه ما رضي، لم أرد العبد على البائع حتى يحلف المضارب بالله ما رضي بالعيب ولا عرضه على بيع منذ رآه، فإن حلف رده على البائع (¬5)، وإن نكل عن اليمين لم يرد العبد على البائع، وكان العبد على المضاربة على حاله. وكذلك لو أقر المضارب أنه قد رضي بالعيب وأبرأه (¬6) منه أو عرضه على بيع منذ رآه. و [لو] (¬7) قال البائع: لم يرض المضارب، ولم يعرض على بيع منذ رأى العيب، ولكن رب المال قد ¬

_ (¬1) ص: إلى الرجل. (¬2) ف - رب. (¬3) أي: برأس ماله. والمؤلف يستعمل "المضاربة" بمعنى رأس المال كثيراً. (¬4) ص: في العبد. (¬5) ص - على البائع. (¬6) ص: أو أبرأه. (¬7) الزيادة من ب؛ والكافي، 2/ 255 و.

رضي بالعيب، فاستَحْلِفْ المضارب بالله ما يعلم رب المال بالعيب، ولا عرضه على بيع منذ راَه، فإن القاضي لا ينبغي له أن يستحلف المضارب على شيء من هذا. وكذلك لو قال البائع: استَحْلِفْ رب المال على شيء من هذا، لم ينبغ للقاضي أن يستحلف رب المال على شيء من هذا، ولا خصومة بين البائع وبين رب المال في شيء من هذا. فإن أقام البائع البينة أن رب المال قد رضي بهذا العيب أو عرضه على بيع منذ رآه، أو أن (¬1) المضارب قد رضي بالعيب أو عرضه على بيع منذ رآه، فإن العبد يلزم المضارب في ذلك كله، ويكون على المضاربة على حاله، ولا يرجع المضارب على البائع بنقصان ذلك العيب. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة (¬2) فاشترى بها عبداً يساوي ألفاً قد رآه رب المال ولم يره المضارب، فالمضارب بالخيار إذا راَه، إن شاء أخذه وإن شاء تركه. فإن كان رب المال لم يره ورآه المضارب فاشتراه فليس للمضارب ولا لرب المال أن يرداه بخيار الرؤية، وإنما ينظر في هذا إلى المشتري ولا ينظر في هذا إلى رب المال. وكذلك لو كان رب المال قد علم أنه قد اعور قبل أن يشتريه المضارب ولم يعلم المضارب فاشتراه فللمضارب أن يرده بذلك العيب، وعلم رب المال في ذلك باطل. ولو كان المضارب هو الذي رأى العور ولم يره رب المال لم يكن لكل واحد منهما أن يرده بالعور، والعبد على المضاربة على حاله. وكذلك الرجل يوكل رجلاً بأن يشتري له عبداً بغير عينه بألف درهم فهو بمنزلة المضاربة في جميع ما ذكرنا. ولو أن رجلاً دفع إلى رجل ألف درهم على أن يشتري بها عبد فلان بعينه ثم يبيعه فما كان فيه من فضل فهو بينهما نصفان (¬3)، فاشتراه المضارب ولم يره وقد رآه رب المال، فلا خيار للمضارب فيه، وليس (¬4) له أن يرده بخيار الرؤية. وكذلك لو كان المضارب هو الذي رآه قبل أن يشتري العبد ولم يره رب المال فليس لواحد منهما أن يرده بخيار ¬

_ (¬1) م ص: وأن. (¬2) م + على. (¬3) ص: نصفين. (¬4) ف: ليس.

الرؤية. وكذلك لو كان العبد أعور قد (¬1) علم بذلك رب المال والمضارب ثم اشتراه المضارب لم يكن له أن يرده بالعور، ولا يشبه العبد بعينه العبد بغير عينه. وكذلك الوكيل، لو أن رجلاً وكَّل رجلاً أن يشتري له عبداً بعينه فاشتراه له وقد كان الآمر رآه أو علم بعيب كان به (¬2) لم يكن للوكيل أن يرده بخيار الرؤية ولا بذلك العيب. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف على أن يشتري بها الثياب ويبيع فله أن يشتري الخَزّ (¬3) والحرير والقَزّ (¬4) والثياب من القطن والكتان، وليس له أن (¬5) يشتري بها المُسُوح (¬6) ولا السُّتُور ولا الأنماط (¬7) ولا الوسائد ولا الطَّنَافِس (¬8)، ولا يجوز ذلك فيما لا يلبس الناس، وله أن يشتري الأَكْسِيَة والأَنْبَجَانيات (¬9) والطيَالِسَة (¬10) ونحو ذلك مما يلبس الناس. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف على أن يشتري بها البز فليس له أن يشتري شيئاً من ثياب الخز ولا ثياب الحرير ولا من الطيالسة ولا من الأكسية، وليس له أن يشتري إلا الثياب من القطن ¬

_ (¬1) ص: وقد. (¬2) م ص: له. (¬3) اسم دابة، وقد سمي الثوب المتخذ من وبرها باسمها. انظر: المغرب، "خزز". (¬4) قال المطرزي: القَزّ ضرب من الإبريسم، معرَّب. قال الليث: هو ما يسوى منه الإبريسم. وفي جمع التفاريق: القَزّ والإبريسم كالدقيق والحنطة. انظر: المغرب، "قزز". (¬5) ص: بأن. (¬6) جمع مِسْح وهو بَلَاس الرهبان. انظر: المغرب، "مسح". (¬7) قال المطرزي: النمط ثوب من صوف يطرح على الهودج. انظر: المغرب، "نمط". وقال الفيومي: النَّمَط بفتحتين ثوب من صوف ذو لون من الألوان، ولا يكاد يقال للأبيض. انظر: المصباح المنير، "نمط". (¬8) جمع طِنْفِسَة وهي بساط له خَمْل رقيق. انظر: المصباح المنير، "طنفسة". (¬9) نوع من الأكسية منسوب إلى مَنْبج بالشام. انظر: المغرب، "نبج". (¬10) جمع طيلسان فارسي معرب، وهو من لباس العجم أسود مدوّر. انظر: المغرب، "طلس".

والكتان خاصة، فإن اشترى غير ذلك ضمن، وكان ما اشترى لنفسه. وإذا باع المضارب عبداً فطعن فيه المشتري بعيب بعدما قبضه، والعيب مما يحدث مثله، فأقر المضارب أنه كان عنده فرده القاضي بإقراره، أو قبله المضارب عند غير ذلك القاضي بذلك العيب، أو أبى المضارب اليمين فرد عليه القاضي، أو قامت (¬1) بينة على ذلك العيب أنه كان عند المضارب فرده عليه القاضي، أو استقال (¬2) المشتري المضارب فأقاله البيع فإن ذلك كله سواء، وجميع ما صنع المضارب من ذلك فهو جائز على رب المال، وقد عاد العبد على المضاربة كما كان. ولو لم يقبل المضارب العبد ولكن المضارب أنكر العيب الذي طعن به المشتري ثم صالحه المضارب عن العيب (¬3) على أن زاد مع العبد ديناراً أو ثوباً (¬4) أو دابة أو نحو ذلك من المضاربة فإن هذا أيضاً جائز على رب المال. فإن كان حصة ذلك العيب من الثمن مائة درهم فصالحه على (¬5) أن زاده ثوباً من المضاربة يساوي ألف درهم فإن ذلك باطل لا يجوز على رب العبد، لأن هذا مما لا (¬6) يتغابن الناس فيه. وكذلك جميع ما صالح عليه المضارب من عيب ادُّعي قبله. فإن كان الذي صالح عليه (¬7) مما يتغابن الناس فيه أجزته على رب المال، وإن كان مما لا يتغابن الناس فيه أبطلته. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة، فاشترى المضارب من أبيه أو من ابنه أو من مكاتبه أو من عبده وعليه دين أو من امرأته أو من جده أو من جدته أو من ابنة ابنه عبداً يساوي ألف درهم بألف درهم فإن ذلك جائز على رب المال. وكذلك لو اشترى بمثل (¬8) الثمن الذي اشتراه به. فإن كان ما اشترى من أحد (¬9) منهم لا يساوي ما اشترى، وهو مما يتغابن ¬

_ (¬1) م ص ف: إذا قامت. والتصحيح مستفاد من ب؛ والكافي، 2/ 255 ظ. (¬2) ص: واستقال. (¬3) ص ف: من العيب. (¬4) ص - أو ثوبا. (¬5) م ص - على. (¬6) م ص - لا؛ صح م هـ (¬7) ص - عليه. (¬8) م ص ف: مثل. والتصحيح من ب. (¬9) ص: من واحد.

الناس في مثله، فإن هذا في قياس قول أبي حنيفة يلزم ما اشترى من ذلك المضارب، ولا يلزم (¬1) ذلك رب المال، ولا يكون من المضاربة. فإن نقد المضارب مال المضاربة في ثمن ذلك فهو ضامن لما نقد من ذلك، وما اشترى فهو له. وأما في قول أبي يوسف فجميع ما اشترى من ذلك بما يتغابن الناس في مثله فهو جائز على رب المال، إلا أن يشتري من مكاتبه أو عبده. فإن اشترى من واحد من هذين فقول (¬2) أبي يوسف وقول أبي حنيفة في ذلك سواء. وما اشترى المضارب من أحد منهما فهو له في قولهما. فإن اشترى المضارب ممن ذكرنا بما لا يتغابن الناس في مثله في قولهم (¬3) جميعاً فإنه يلزم المضارب ولا يلزم رب المال، ولا يكون ذلك في المضاربة. وإذا اشترى المضارب من (¬4) أحد ممن ذكرنا عبداً بالألف (¬5) المضاربة، والعبد يساوي ألفاً، فأراد المضارب أن يبيعه مرابحة، فإن في قياس قول أبي حنيفة لا يبيعه (¬6) مرابحة حتى يبين وإن كان اشتراه لغيره، لأنه هو الذي ولي صفقة البيع. وأما في قول أبي يوسف فإنه يبيعه مرابحة ولا يبين في ذلك كله، إلا أن يشتري به من مكاتبه أو من عبده وعليه دين فإنه لا يبيعه مرابحة حتى يبين، وقولهما في ذلك واحد. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى بها المضارب أو ببعضها أباه أو أمه أو أخاه أو ابنه أو ذا رحم (¬7) محرم منه ولا فضل فيه عن (¬8) رأس المال، فذلك جائز على رب المال، وللمضارب أن يبيعه، فإن اشتراه وفيه فضل يوم اشتراه فهو لازم له، وإنما اشتراه المضارب لنفسه، فيعتق من مال المضارب. فإن كان المضارب نقد المضاربة أو بعضها في ثمنه فهو ضامن لما نقد (¬9) من ذلك. وكذلك (¬10) لو اشترى أبا رب ¬

_ (¬1) ف + من. (¬2) م: بقول. (¬3) ص: في قولهما. (¬4) ف: ممن. (¬5) ص: بآلاف. (¬6) م: ألا يبيعه. (¬7) ف: اذا رحم. (¬8) ص: على. (¬9) ص: نقده. (¬10) ص - كذلك.

المال أو أخاه (¬1) أو ذا رحم محرم منه بالمضاربة أو ببعضها (¬2) ولا فضل فيه عن رأس المال أو كان فيه فضل عن رأس المال (¬3) فذلك كله سواء. وما اشترى المضارب من ذلك فهو للمضارب، لا يلزم رب المال. فإن كان نقد (¬4) شيئاً (¬5) من المضاربة في ثمن ذلك ضمن المضارب ما نقد. وإذا كان للرجل على رجل ألف درهم ديناً، فأمر رجلاً أن يقبض من الذي له عليه الدين جميع ما له عليه ويعمل به مضاربة بالنصف، فقبض المأمور نصف ما على صاحب الدين ثم عمل به مضاربة، فذلك جائز، وهو على المضاربة، ورأس المال في المضاربة ما قبض المضارب من الدين. ولو كان رب المال أمر المضارب فقال له: اقبض جميع الألف التي على فلان، ثم اعمل بها مضاربة، فقبض بعضها، فاشترى به وباع فربح أو وضع، فإن ذلك كله للمضارب، له ربحه وعليه وضيعته، وهو ضامن لما قبض من الدين، ولا يشبه هذا الباب الأول، لأن هذا قال له: اقبض الدين ثم اعمل به مضاربة، إنما أمره بالعمل بعد القبض، والأول قال له: اقبضى المال كله واعمل به، فله إذا قبضى بعضه أن يعمل به. أرأيت لو قال له (¬6): اقبض المال من فلان ثم اعمل به بعد ذلك مضاربة، أكان (¬7) له أن يعمل به إذا قبض بعضه، فليس له أن يعمل به حتى يقبضه كله. وإذا دفع الرجل إلى الصبي أو العبد المحجور مالاً مضاربة، فاشترى به وباع وربح أو وضع بغير أمر والد الصبي ومولى العبد، فإن ما اشترى العبد والصبي من ذلك جائز على رب المال، والربح بينهما على ما اشترطا، والوضيعة على المال، والعهدة في (¬8) ما باع الصبي والعبد على رب المال، والخصم فيما اشترى الصبي والعبد رب المال، ولا عهدة على ¬

_ (¬1) م: وأخاه. (¬2) م: أو بعضها. (¬3) ف - أو كان فيه فضل عن رأس المال. (¬4) م ص - نقد. (¬5) ص: شيء. (¬6) ف - له. (¬7) ف: إذا كان. (¬8) م ص ف: على.

الصبي ولا على العبد في شيء من ذلك. فإن عتق (¬1) العبد بعد ذلك وكبر (¬2) الصبي فالعهدة فيما باع العبد [تنتقل إلى العبد، ولا تنتقل فيما باع الصبي إلى الصبي. ولو مات العبد في عمل المضاربة وقُتل الصبي وهو في عمل المضاربة بعدما ربحا فإن مولى العبد يضمن رب المال قيمة عبده يوم أمره بالعمل في المضاربة، لأنه كان غاصباً إياه يوم عمل له في المضاربة بأمره، وجميع ما ربح العبد لرب المال دون مولى العبد، لأنه قد ضمنه قيمته فصار الربح له. ألا ترى أن المضاربة لو كانت فاسدة كان للعبد أجر مثله في حياته. فإن مات غرم رب المال قيمته وبطل الأجر عنه. فأما الصبي إذا قتل في عمله بعدما ربح فإن ديته على عاقلة القاتل. وإن شاء ولي الصبي ضمن عاقلة رب المال الدية، ورجعت عاقلة رب المال على عاقلة القاتل بها، وسلم لورثة الصبي حصته من الربح. وإذا دفع الرجل إلى الرجلين ألف درهم مضاربة فمات أحدهما فقال الباقي منهما: قد هلك المال، فهو مصدق في نصف المال مع يمينه، ولا ضمان عليه في شيء من المال. وأما الميت فإن نصف مال المضاربة دين في مال] (¬3)، لأنه حين مات أحد المضاربين بطلت المضاربة، لأن رب المال لم يرض في الشرى والبيع إلا برأيهما جميعاً له. وإذا دفع الرجل المسلم إلى الرجل النصراني ألف درهم مضاربة بالنصف فإن هذا جائز، وهو مكروه، لا يصلح للمسلم (¬4) أن يدفع إلى نصراني مضاربة، لأنه يشتري الخمر والخنزير ويعمل بالربا. فإن دفع إليه مالاً مضاربة فهو جائز. وإن (¬5) اشترى النصراني خمراً أو خنازير فإن هذا في قياس قول أبي حنيفة على ما اشترطا، وينبغي للمسلم أن يتصدق بنصيبه من ¬

_ (¬1) ص: أعتق. (¬2) م: كبر. (¬3) الزيادة من الكافي، 2/ 256 و - ظ. وهي عند السرخسي مع الشرح. انظر: المبسوط، 22/ 59 - 60. (¬4) ص ف: المسلم. (¬5) ص: فإن.

الربح، وإن كان في ذلك وضيعة فهو على رب المال. وأما في قول أبي يوسف فجميع ما اشترى المضارب من الخمر والخنزير لازم للمضارب، ولا يلزم شيء من ذلك رب المال، فإن نقد المضارب المال المضاربة في ثمن ما اشترى فهو ضامن للمال الذي نقد، والربح للمضارب والوضيعة عليه. وكذلك قول أبي حنيفة وأبي يوسف فيما اشترى المضارب النصراني من ميتة، فإن شراءه باطل، فإن كان نقد المال في ثمن ذلك فهو ضامن للمال. وإن أربى فاشترى درهمين بدرهم فالبيع فاسد. فإن باع فربح أو وضع فإن ذلك في قولهم جميعاً جائز على رب المال، والربح بينهما على ما اشترطا (¬1)، والوضيعة على رب المال. ولا يشبه الربا في هذا الميتة. ألا ترى أن رجلاً مسلماً لو اشترى (¬2) إبريق فضة بأقل من وزنه من الفضة فقبضه فباع جاز بيعه، وكذلك ثمنه له، ويغرم لصاحب الإبريق قيمة إبريقه مصوغاً بالذهب. ويتصدق بالربح الذي أصاب زيادة على ما ضمن، فكذلك (¬3) المضارب. وإذا دفع الرجل النصراني إلى الرجل المسلم ألف درهم مضاربة فذلك جائز، لا يكره للمسلم أن يأخذ المضاربة من النصراني كما يكره للمسلم أن يعطي النصراني مالاً مضاربة. ألا ترى أن الذي يلي البيع في هذا الوجه المسلم. فإذا كان المسلم (¬4) هو الذي يلي الشراء والبيع فلا بأس بالمضاربة في ذلك. وإن كان المال لنصراني فإن عمل المسلم بالمال الذي سلم إليه النصراني مضاربة فربح أو وضع فالربح بينهما على ما اشترطا، والوضيعة على رب المال. فإن اشترى المسلم بمال النصراني خمراً أو خنزيراً أو ميتة فإن شراءه باطل. فإن دفع مال المضاربة في شيء من ذلك فهو ضامن لرب المال. فإن باع المسلم الخمر والخنزير فربح أو وضع فالوضيعة عليه، والربح إن كان يعرف أهله الذي أخذه منهم رده عليهم، ولا يتصدق به، ولا يأكله رب المال، ولا يعطي النصراني شيئاً من ذلك، لأنه خالف حين ¬

_ (¬1) ص: ما اشترط. (¬2) ص - لو اشترى. (¬3) ص: وكذلك. (¬4) ص - المسلم؛ صح هـ.

اشترى ما لا يحل لمسلم بيعه. فإن كان لم يشتر شيئاً من ذلك ولكنه أربى في المال فهذا والباب الأول سواء، ويجوز (¬1) ذلك كله على رب المال، والربح بينهما على ما اشترطا، والوضيعة على رب (¬2) المال، وينبغي للمسلم أن يتصدق بما أصابه من الربح. وإذا دفع الرجل ألف درهم إلى الرجلين (¬3) مضاربة وأحدهما نصراني فهو جائز، ولست أكره هذا كما أكره إذا كان المضارب واحداً وكان نصرانياً، لأن المضاربين إذا كانا اثنين لم يستطع النصراني أن يبيع ويشتري إلا والمسلم معه، والمضاربة جائزة، والربح على ما اشترطا، والوضيعة على رب (¬4) المال. وإذا دفع الرجل إلى عبده مالاً مضاربة أو إلى مكاتبه أو إلى أبيه أو ابنه أو إلى امرأته فالمضاربة جائزة على ما اشترطا. وإذا دفع الرجل إلى الرجلين (¬5) ألف درهم مضاربة بالنصف فاشتريا بها عبداً يساوي ألفين، فقبضاه، فباعه أحدهما بغير أمر صاحبه بعرض من العروض يساوي ألفاً، فأجاز ذلك رب المال، فإن ذلك جائز، والعرض الذي اشتراه المضارب له، وعلى (¬6) المضارب قيمة العبد ألفا درهم، يستوفي منها رب المال رأس ماله ألف درهم، وما بقي فهو بينهم. ولو كان المضارب باع العبد بألفي درهم وأجاز ذلك رب المال جاز ذلك على المضاربين جميعاً، ولا ضمان على المضارب البائع، ويؤخذ من المشتري الألفان، فيكون ذلك على المضارب، يستوفي رب المال رأس ماله، وما بقي فهو بينهم على ما اشترطوا. ولو كان المضارب باع العبد بألف وثمانمائة أو بألف وتسعمائة أو بأقل من قيمته بقليل أو كثير مما يتغابن الناس فيه أو مما لا يتغابن الناس فيه فأجاز ذلك رب المال فإجازته باطل (¬7)، ولا يجوز ما صنعا من ذلك على المضارب الآخر، لأن في ذلك ¬

_ (¬1) م ص: يجوز. (¬2) م ص - رب. (¬3) ف: إلى رجلين. (¬4) م ص - رب. (¬5) م: إلى رجلين؛ ص: إلى الرجل. (¬6) ص: على. (¬7) ص: باطلة.

باب نفقة المضارب

نقصاناً (¬1) يدخل على المضارب الآخر. ألا ترى أنه لا ربح في المضاربة حتى يستوفي رأس المال. فإذا كان النقصان يدخل على المضارب لم يدخل ذلك عليه إلا أن يرضى بالبيع، فإن لم يسلم البيع رد العبد حتى يبيعه المضاربان جميعاً. وكذلك لو كان رب المال هو الذي باع العبد بما سميت لك وأجاز ذلك أحد المضاربين لم يجز ذلك حتى يجيزه المضارب الآخر، إنما يجوز بيع رب المال على المضاربين إذا باع بمثل القيمة أو بأكثر، فأما إذا باع بأقل من القيمة بقليل أو كثير لم يجز ذلك على المضاربين وإن (¬2) أجاز [أحدهما] ذلك حتى يجيزا (¬3) ذلك جميعاً. ولو كان أحد المضاربين باع العبد ببعض ما سميت لك من الثمن فأجاز ذلك المضارب الآخر ولم يجزه رب المال، فإن باع العبد بما يتغابن الناس فيه أو كان (¬4) أقل من القيمة فهو جائز عليهما وعلى رب المال، وإن كان باع العبد بما لا يتغابن الناس في مثله فذلك باطل، لا يجوز في قول أبي يوسف، وأما في قول أبي حنيفة فإنه جائز. ... باب نفقة المضارب وإذا دفع الرجل إلى الرجل عشرة آلاف درهم مضاربة بالنصف أو بالثلث أو بالربع أو بأقل من ذلك أو بأكثر، فعمل المضارب بالمال وهو في مصره أو في أهله، فنفقة المضارب من طعامه وكسوته وجميع أمره على نفسه، ولا يكون على رب المال ولا في المضاربة (¬5) من نفقته شيء، لأنه لم يسافر في المال ولم يخرج فيه، فإذا لم يسافر في المال فنفقته على نفسه. فإن خرج بالمال إلى مصر من الأمصار يشتري بالمال أو يبيع بعض (¬6) ¬

_ (¬1) ص: نقصان. (¬2) م ص ف: فإن. (¬3) م ص ف: حتى يجيزان. (¬4) م ص: فيه فإن كان. (¬5) ص: في المضارب. (¬6) م + بعض.

ما اشترى فإن نفقته في طريقه وفي المصر الذي يريد إتيانه على المال في كسوته وطعامه ودهنه وغسل ثيابه وركوبه في سفره وفي المصر الذي أتاه بالمعروف على قدر نفقة مثله. فإن أنفق من ذلك نفقة (¬1) أكثر من نفقة مثله (¬2) حسب له من ذلك نفقة مثله، وكان ما بقي عليه في ماله. فإذا رجع إلى مصره وقد بقي معه ثياب أو غير ذلك من طعام (¬3) وغيره (¬4) رده في المضاربة. وأما ما أنفق على نفسه في دوابه وحجامته ونحو ذلك مما يتداوى به (¬5) فإن ذلك في ماله خاصة، ولا يكون ذلك على المضاربة. وكذلك لو اشتكى عينه فكحلها لم يحسب شيء من ذلك على المضاربة، وكان ذلك عليه في ماله خاصة. وكذلك لو اشترى جارية ليطأها أو لتخدمه (¬6) كان ذلك عليه في ماله خاصة، ولا يحسب ثمنها من المضاربة. فإن استأجر أجيراً يخدمه في سفره وفي مصره الذي أتاه ليخبز له ويطبخ له ويغسل ثيابه ويعمل له ما لا بد منه من نحو ذلك (¬7) مما (¬8) وصفت لك فإن ذلك يحسب في المضاربة، لأن هذا مما (¬9) لا بد منه. وكذلك لو كان معه غلمان يعملون له في المال كان نفقتهم في سفرهم وفي المصر الذي يأتونه في طعامهم وكسوتهم وغسل ثيابهم ولأنفسهم (¬10) مما (¬11) لا بد لهم منه على المضاربة، وهم في ذلك بمنزلة المضارب (¬12). وكذلك الدواب لو كانت للمضارب فحمل (¬13) عليها متاعاً من المضاربة إلى مصر من الأمصار، وكان علفها على المضاربة ما كانت الدواب في عمل المضاربة. فإن ربح المضارب في المال ربحاً بدئ برأس المال فأخرج من المال، وجعلت النفقة ¬

_ (¬1) م: دفعة؛ ص: دفعه. (¬2) ف - فإن أنفق من ذلك نفقة أكثر من نفقة مثله. (¬3) ف - أو غير ذلك من طعام. (¬4) ص ف: أو غيره. (¬5) ص - به. (¬6) ص: أم لتخدمه. (¬7) ص - ذلك. (¬8) م ص ف: ما. (¬9) ص: ما. (¬10) م: ولاهبهم (مهملة)؛ ص - ولأنفسهم. (¬11) م ص: ما. (¬12) ص: المضاربة. (¬13) ص: يحمل.

مما بقي، إن (¬1) بقي بعد ذلك شيء قسم بين المضارب ورب (¬2) المال على ما اشترطا من الربح بينهما. وكذلك لو كان (¬3) أنفق من المال على نفسه في سفره قبل أن يشتري به شيئاً فأنفق من ذلك خمسمائة درهم ثم اشترى وباع وربح مالاً كثيراً فإن رب المال يستوفي (¬4) ماله كله، ويأخذ من الربح ما أنفق المضارب من رأس المال حتى يستوفي جميع رأس ماله الذي سلم (¬5) إلى المضارب، وما بقي من الربح فهو بينهما على ما اشترطا. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة ليخرج به (¬6) إلى (¬7) السواد يشتري به الطعام وذلك المكان مسيرة يوم أو يومين أو أقل من ثلاثة أيام فأقام في ذلك المكان يشتري ويبيع فإنه يحسب نفقته في طريقه ومقامه في ذلك المكان على المال، وهذا ومسيرة ثلاثة أيام فصاعداً سواء. ألا ترى أنه ليس في أهله. ولو كان في مصره الذي فيه أهله إلا أن المصر عظيم أهله في أقصاه، والمكان الذي يبيع فيه ويشتري في الجانب الآخر من المصر، فكان (¬8) يقيم بمكانه ذلك يشتري ويبيع ويبيت في مكانه ذلك فلا يرجع إلى أهله، فإن نفقته في كسوته وطعامه ودهنه وجميع أمره على نفسه، ولا يشبه هذا الباب (¬9) الذي قبله، لأن هذا مصر واحد. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة وللمضارب أهل بالكوفة وأهل بالبصرة ووطنه فيهما (¬10) جميعاً، فخرج بالمال من الكوفة ليتجر به بالبصرة، فإنه يحسب نفقته في كرائه وطعامه وكسوته ودهنه وغسل ثيابه وما لا بد له منه ما دام في سفره حتى يبلغ البصرة على المال، فإذا دخل البصرة فإن جميع نفقته على نفسه ما دام بالبصرة، فإذا خرج من البصرة راجعاً إلى الكوفة كانت نفقته في سفره حتى ينتهي إلى الكوفة على المال. ¬

_ (¬1) ص: وإن. (¬2) م: لرب. (¬3) ص ف - كان. (¬4) م + في. (¬5) م ص - سلم. (¬6) م ص ف: مضاربة في حرمه. والتصحيح من ب؛ والكافي، 2/ 257 ظ. (¬7) ص - إلى. (¬8) ف: وكان. (¬9) ص + الأول. (¬10) ص: فهما.

وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة وأهل المضارب ووطنه بالكوفة وأهل رب المال ووطنه بالبصرة، فخرجا جميعاً من الكوفة إلى البصرة ليتجر المضارب بالمال بالبصرة، فإن نفقة المضارب في سفره وبالبصرة حتى يخرج منها وحتى (¬1) يرجع إلى الكوفة في المال، ولا يلتفت إلى وطن رب المال، إنما ينظر في هذا إلى وطن المضارب. ولو كان المضارب وطنه بالبصرة ورب المال وطنه بالكوفة، فدفع إليه مالاً مضاربة، فخرج به المضارب من الكوفة إلى البصرة ليتجر به كانت نفقته حتى ينتهي إلى البصرة على المال، فإذا انتهى إلى البصرة فنفقته على نفسه حتى يخرج من البصرة، فإذا خرج من البصرة إلى الكوفة فنفقته على المال. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة وهما بالكوفة وليست الكوفة وطناً للمضارب فنفقة المضارب ما دام في الكوفة على نفسه، ولا يكون على المضاربة، لأنه لم يسافر بالمال منذ أخذه، فإذا لم يسافر فيه فالنفقة على نفسه، ولا يكون على المال. ولو خرج من الكوفة حتى يأتي وطنه ثم عاد في تجارته إلى الكوفة وليست له بوطن، كانت نفقته ما دام مقيماً بالكوفة في تجارته على المال، لأنه حين سافر في المضاربة ثم عاد إلى الكوفة في تجارته كانت الكوفة بمنزلة غيرها من الأمصار التي ليست بوطن له. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة بالكوفة ووطن المضارب بالكوفة، فخرج بالمال إلى البصرة وليست بوطن، فإن نفقته في الطريق ما دام بالبصرة في تجارته على المال، فإن (¬2) تزوج بالبصرة واتخذها داراً وأَوْطَنَها (¬3) فنفقته بعد ذلك على نفسه، لأنه حين اتخذها داراً وأوطنها بطل مقامه بها للتجارة، وصار بمنزلة وطنه بالكوفة. ¬

_ (¬1) ص - يخرج منها وحتى. (¬2) م - فإن (مخروم). (¬3) أوطن أرض كذا واستوطنها وتوطنها بمعنى واحد، أي: اتخذها محلاً لإقامته. انظر: المغرب، "وطن".

وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة، فسافر المضارب بالمال، وأعانه رب المال بغلمانه يعملون معه في المضاربة، وأعانه بدوابه تحمل المتاع الذي يشتري بالمضاربة، فإن المضاربة جائزة، ولا يفسد هذا المضاربة، ونفقة الغلمان (¬1) والدواب على رب المال، ولا يكون من نفقتهم شيء على المضاربة. فإن أنفق عليهم المضارب من المال شيئاً بغير أمر رب المال فهو ضامن لما أنفق. فإن ربح في المال ربحاً بدئ (¬2) من رأس المال كله، فأخذه رب المال، وما بقي من الربح أعطى منه رب المال حصته التي اشتركا، وكان ما بقي للمضارب، ويحسب على المضارب ما أنفق على رقيق رب المال ودوابه من حصته من الربح. فإن كانت حصته من الربح أقل مما أنفق غرم ما زاد على حصة (¬3) ما أنفق حتى يؤديه، فيستوفي (¬4) رب المال رأس ماله وحصته من الربح كلها. فإن كان رب المال أمره بالنفقة على رقيقه ودوابه حسب ذلك من مال رب المال إن كان في المال ربح أو وضيعة، ولا يحسب شيء من ذلك من حصة المضارب من الربح (¬5)، لأن نفقة رب (¬6) المال ودوابه الذين أعار لهم المضارب على رب المال خاصة في ماله. ولا يشبه ذلك رقيق المضارب ودوابه الذين يعملون في المال إذا سافر به، لأن رقيق المضارب إذا سافر بالمال فكانوا يعملون فيه ما كانوا بمنزلة المضارب. ألا ترى أني لو لم أجعل نفقتهم على المضاربة (¬7) لجعلتها على المضارب. وكل نفقة تلحق المضارب في سفره في المضاربة من نفقة على نفسه أو على رقيقه الذين يعملون في المضاربة أو على دوابه التي يحمل عليها متاع المضاربة فنفقة ذلك كله على المضاربة في الكسوة والطعام والعلف والدهن وغسل الثياب وما لا بد منه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة، فدفعه المضارب إلى عبده ¬

_ (¬1) م ص ف: الصبيان. (¬2) م ص: توى. (¬3) م ص: على حصته. (¬4) ص: حتى يستوفي. (¬5) ف: بالربح. (¬6) ف - رب. (¬7) ف: على المضارب.

ليخرج به إلى مصر من الأمصار يشتري به ويبيع، فخرج به العبد إلى ذلك المصر، فإن نفقة العبد في سفره وفي مقامه في ذلك المصر على مال المضاربة، وكذلك إذا رجع حتى ينتهي إلى مصره الذي خرج منه فإن نفقته على المال، لأنه سافر فيه، وهو بمنزلة سيده في ذلك. ألا ترى أني لو لم أجعل نفقة العبد على المال لجعلتها على المضارب، فإذا كانت النفقة تكون على المضارب فهي على مال (¬1) المضاربة، ونفقة عبده في هذه الحالة بمنزلة نفقة نفسه. فإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة وأعانه رب المال بعبد له يعمل معه (¬2) في المضاربة ويبعث معه المال يتجر به حيث أحب، ففعل ذلك المضارب، وأرسل بالمال مع (¬3) ذلك العبد إلى مصر من الأمصار يشتري به ويبيع، فإن هذا جائز لا يفسد شيء من ذلك المضاربة، ونفقة العبد في سفره وفي مصره الذي ينتهي إليه حتى يرجع إلى مصر مولاه (¬4) على رب المال، ولا يكون على المضاربة. فإن ربح في المال ربحاً، وقد كان رب المال أمر العبد أن ينفق على نفسه من المال فأنفق، فإن تلك النفقة تحسب على رب المال من رأس ماله وحصته من الربح، ويستوفي المضارب حصته من الربح كلها، ولا يحسب عليه شيء من النفقة. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة فأبضعه المضارب مع رجل، فنفقة ذلك الرجل في سفره حتى يرجع بالمال إلى المضارب على نفسه، ولا يكون على مال (¬5) المضاربة من النفقة قليل ولا كثير. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة فأبضعه المضارب رب المال ليخرج به إلى مصر من الأمصار يشتري به ويبيع، فأخذه رب المال فخرج به، فاشتركتابه متاعاً فربح أو وضع، فإن هذا جائز، وهو على المضاربة ¬

_ (¬1) م: على المال. (¬2) م ص: به. (¬3) م ص: معه. (¬4) م: إلى مصره ولاه. (¬5) م: على المال.

على حاله. ولا تفسد المضاربة أن يكون الذي يعمل بها رب المال إذا كان المضارب هو الذي أبضعه المال وأمره أن يشتري به ويبيع. ونفقة رب المال في سفره حتى يرجع إلى أهله على نفسه. فإن ربح في المال ربحاً وقد أنفق رب المال من ذلك نفقة فإن النفقة تحسب من رأس مال رب (¬1) المال ومن (¬2) حصته من الربح، ولا يحسب شيء من نفقته من حصة المضارب من الربح. وهذا يبين لك فرق (¬3) ما (¬4) بين عبيد المضارب وعبيد رب المال إذا خرجوا في المال. ألا ترى أن المضارب إذا خرج في المال كانت نفقته على المال حتى يرجع إلى أهله، وأن رب المال نفقته على نفسه حتى يرجع إلى أهله، وكذلك عبد المضارب إذا خرج في المال كانت نفقته على المال، ونفقة رب المال على مولاه حتى يرجع إلى أهله. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة، فأبضعه المضارب مع أبيه أو ابنه أو أخيه أو أخته أو مكاتبه أو ذي رحم محرم منه، فخرج بالمال، فإن نفقته على نفسه حتى يرجع إلى أهله، ولا يشبه هذا عبد المضارب. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة، وأمره أن يعمل فيه برأيه، فدفعه المضارب إلى رجل آخر مضاربة فيه، فأخذ (¬5) المضارب الآخر المال إلى مصر من الأمصار يشتري به ويبيع، فإن ذلك جائز، ونفقة المضارب الآخر على المال في سفره، وفي المصر الذي ينتهي إليه حتى يرجع إلى أهله، وهو في ذلك بمنزلة المضارب. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة، فخرج المضارب فيها وفي عشرة آلاف درهم لنفسه إلى مصر من الأمصار يشتري بها ويبيع، فإن نفقته في سفره وفي مصره الذي ينتهي إليه وإن طال مقامه به (¬6) في تجارته حتى يرجع إلى أهله على المال، على أحد عشر جزء، ¬

_ (¬1) ص - مال رب؛ صح هـ. (¬2) ص: وهي. (¬3) ص: فرقا. (¬4) م ص - ما. (¬5) ف: فأخرج. (¬6) م: له.

جزء من تلك النفقة على المضاربة، وعشرة أجزاء على نفسه، لأنه خرج في المال كله. فإن ربح رفعت (¬1) النفقة في مالهما (¬2) على أحد عشر جزء، وكان ما بقي من المال على المضاربة، فيستوفي منه رب المال رأس ماله، وما بقي فهو على ما اشترطا من الربح. وأما الذي أصاب المضارب في ماله فهو له خاصة، إلا أن يكون عليه من النفقة التي أنفق عشرة أجزاء من أحد عشر جزء مما أنفق. وكذلك لو كانت المضاربة التي خرج فيها عشرة آلاف درهم، وكان من مال المضارب (¬3) ألف درهم، فسافر في المال، فإن نفقته حتى يرجع إلى أهله على المال على أحد عشر جزء، عشرة أجزاء من ذلك على المضاربة، وجزء من ذلك (¬4) على المضارب في ماله. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم من ماله مضاربة على (¬5) أن يعمل في ذلك برأيه، فخلطها المضارب بمائة درهم من ماله، ثم خرج بالمال إلى مصر من الأمصار يشتري به ويبيع، فإن نفقته في سفره وفي المصر الذي ينتهي إليه على المال، على أحد عشر جزء كما وصفت لك في الباب الأول، وخلط المال في ذلك وغير خلطه سواء. فإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة، على أن للمضارب من الربح مائة درهم، فخرج المضارب بالمال، فربح ربحاً وأنفق في سفره نفقة حتى رجع إلى أهله أو وضع، وقد أنفق على نفسه من رأس المال حتى رجع إلى أهله، فإن هذه مضاربة فاسدة، والربح كله لرب المال والوضيعة عليه، وللفضارب أجر مثله (¬6) فيما عمل إن ربح أو وضع، وما أنفق المضارب من نفقة من (¬7) رأس المال أو من الربح فهو عليه خاصة، ولا يحسب على مال المضاربة ولا على رب المال، ولكنه يحسب على المضارب، فيدفع (¬8) ذلك من أجر مثله بقدر ذلك، [و] كان ذلك للمضارب ¬

_ (¬1) ص: دفعت. (¬2) ص: في مالهم. (¬3) م ص ف: المضاربة. (¬4) ص - على المضاربة وجزء من ذلك. (¬5) م ص - على. (¬6) ف: مثل عمله. (¬7) ف - من. (¬8) م ص ف: فدفع.

على رب المال. وإن كان ما أنفق المسافر في سفره حتى (¬1) رجع إلى أهله أكثر من أجر مثله حسب له من (¬2) ذلك أجر مثله، وضمن ما بقي من نفقته من ماله حتى يرد ذلك على رب المال. وكذلك كل مضاربة فاسدة سافر فيها المضارب فأنفق على نفسه، فإن نفقته على نفسه لا تكون على المضاربة. ولا تشبه المضاربة الفاسدة في هذا المضاربة الصحيحة، لأن المضاربة إذا كانت فاسدة فإنما المضارب فيها أجير؛ ألا ترى أن له أجر مثله ربح أو وضع، فإذا استأجر أجيراً في المضاربة فنفقته على نفسه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة بالنصف، فخرج المضارب بالمال إلى مصر من الأمصار يشتري به متاعاً أو شيئاً من أصناف التجارة، فانتهى إلى ذلك المصر فلم يشتر شيئاً حتى خرج بالمال إلى مصره، وقد أنفق من المال نفقة، فإن تلك النفقة تكون من المال. فإن أخذ رب المال ما بقي من ماله من المضارب قبل (¬3) أن يشتري به شيئاً لم يكن على المضارب مما أنفق قليل ولا كثير، فإن ذلك كله على رب المال. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة فسافر بالمال فمر على العاشر فأراد أن يعشّره، فأخبره أنه مضاربة، وحلف له على ذلك، فإنه ينبغي للعاشر أن يصدقه ولا يعشّره، فإن عشّره العاشر (¬4) فكان العاشر هو الذي أخذ ذلك فلا ضمان على المضارب فيما أخذه (¬5) العاشر. وإن كان المضارب هو الذي أعطى العاشر المال بغير إكراه من العاشر فهو ضامن لما أعطى العاشر من ذلك. وكذلك إن أراد العاشر أن يأخذ من المضارب العشر فصانعه (¬6) المضارب بشيء من المال حتى كف عنه فإن ذلك يحسب من مال المضارب (¬7) خاصة، وهو ضامن لما أعطى، ولا يحسب شيء من ذلك ¬

_ (¬1) م ف + إذا. (¬2) م - له من (مخروم). (¬3) م ص ف: مثل. (¬4) ص - العاشر. (¬5) م ص: أخذ. (¬6) م ص: فبايعه. (¬7) ص: المضاربة.

على المال، ولا يشبه هذا نفقة المضارب على نفسه. وكذلك لو أن المضارب أخذه سلطان فأراد أن يقتضيه شيئاً (¬1) من المال فصانعه (¬2) بشيء من المال فإن ذلك يحسب على المضارب في ماله، ولا يحسب على المضاربة. وإذا دفع الرجل إلى الرجل (¬3) مالاً مضاربة، فاشترى به متاعاً أو لم يشتر به شيئاً، فنهاه رب المال أن يخرج من البلد الذي اشتراه فيه، فليس له أن يخرج به من ذلك البلد، فإن أخرجه فهو ضامن، وما كان من نفقة أنفقها المضارب على نفسه أو على المال فهو في مال المضارب خاصة. فإن تجاوز بمال المضاربة أو بالمتاع الذي كان اشترى من مال المضاربة إلى المصر الذي نهاه رب المال أن يخرج بالمال منه قبل أن يحدث بالمال حدثاً من شراء أو بيع برئ من المال، وعاد المال على المضاربة على حاله، وما أنفق المضارب من نفقة في سفره ذلك على المال أو على نفسه فهو في ماله خاصة، ولا يحسب شيء من ذلك على مال المضاربة ولا على رب المال. وكذلك لو أن رب المال مات والمضاربة في يدي المضارب مال عين (¬4) أو متاع أو رقيق أو غير ذلك فسافر به المضارب بعد موت رب المال وقد علم المضارب بموت رب المال أو لم يعلم فهو سواء، وهو بمنزلة نهي رب المال المضارب أن يخرج المال من المصر الذي فيه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة، فسافر فيه المضارب، فاشترى متاعاً من بلد آخر، فمات رب المال وهو لا يعلم بموته، ثم سافر المضارب بالمتاع حتى أتى ابه مصراً آخر، فإن نفقة المضارب في سفره بعد موت رب المال على نفسه، ولا يكون شيء من ذلك على المضاربة. ولو هلك شيء من المتاع في الطريق فالمضارب له ضامن، فإن سلم المتاع حتى ¬

_ (¬1) ص: فأراد يقبضه بشيء. (¬2) م ص: فبايعه؛ ف: فرافعه. وانظر ما سبق من العبارة. (¬3) ف - إلى الرجل. (¬4) ص: غير.

يبيعه المضارب فبيعه جائز، وهو على المضاربة، يستوفي ورثة رب المال رأس مالهم من الربح. فهو بين الورثة وبين المضارب على ما اشترط المضارب ورب المال. ولو كان المضارب خرج بالمتاع من ذلك المصر قبل موت رب المال فسافر فيه ثم مات رب المال لم يكن عليه ضمان، وكان نفقته في سفره حتى ينتهي إلى المصر ويبيع المتاع على المال. ولو كان رب المال مات والمضارب بمصر من الأمصار غير مصر رب المال والمضاربة متاع في يديه، فخرج (¬1) بها المضارب إلى مصر رب المال، استحسنت أن لا أضمنه وأن أجعل نفقته حتى يبلغ مصر رب المال على المضاربة. ولا يشبه مصر رب المال في هذا غيره من الأمصار. ألا ترى أن له أن يرد المال على الورثة وأن يأتيهم حتى يدفع إليهم مالهم. وكذلك لو كان رب المال حياً فأرسل إليه رسولاً فنهاه عن الشرى والبيع وفي يده متاع، فخرج به المضارب إلى مصر رب المال، فإني لا أضمنه ما هلك من المتاع في سفره، وأجعل نفقته على المتاع، لأنه على المضاربة على حاله؛ ألا ترى أن له أن يبيعه إذا قدم. ولو كانت المضاربة في يده دراهم أو دنانير فمات رب المال والمضارب في مصر غير مصر رب المال، أو كان رب المال حياً فأرسل إليه رسولاً فنهاه عن الشرى والبيع، فأقبل المضارب بالمال إلى مصر رب المال، فهلك المال في الطريق، فلا ضمان على المضارب. فإن سلم المال حتى يقدم (¬2) به المضارب مصر رب المال وقد أنفق المضارب في سفره نفقة فإن نفقته في ماله خاصة، ولا تحسب على المضاربة، لأن رب المال حين مات أو نهاه عن الشراء والمال دراهم أو دنانير فقد خرج المال من المضاربة وصار بمنزلة الوديعة في يديه؛ ألا ترى أنه ليس له أن يشتري به شيئاً لرب المال، ولو فعل لضمن لرب المال، فهذا لا يشبه المتاع يكون في يديه، لأن المتاع يجوز بيعه فيه على رب المال. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة فاشترى وباع، فصار المال ¬

_ (¬1) ف: يخرج. (¬2) ص: حتى قدم.

ديناً على الناس، فأبى المضارب أن يتقاضاه، فإن كان في الدين فضل على رأس المال أجبر (¬1) المضارب على أن يتقاضاه (¬2)، وإن لم يكن في المال الدين فضل على رأس المال لم يجبر المضارب على أن يتقاضاه، وأمر المضارب أن يحيل به رب المال على الذين عليهم الدين. فإن كان في المال الدين فضل على رأس المال وهو في مصر المضارب فتقاضاه (¬3) المضارب فأنفق في تقاضيه نفقة على نفسه في ركوبه وفي خصومته أصحاب الدين وفي طعامه وشرابه حسب ذلك كله في مال المضارب. فإن كان الدين غائباً عن المضارب فسافر المضارب فيه فأنفق نفقته في سفره وفي المصر الذي فيه الدين على نفسه في طعامه وكسوته وركوبه ودهنه وغسل ثيابه وما أشبه هذا مما لا بد له منه فذلك يحسب من مال المضاربة. فإن طال سفر المضارب في ذلك ومقامه حتى أتت نفقته على جميع الدين وفضل من نفقته فضل على الدين حسب له نفقته في الدين حتى يأتي على الدين كله، وما بقي حسب من مال المضارب خاصة، ولا يحسب على رب المال شيء من ذلك، إنما تحسب نفقته في مال (¬4) المضاربة، فإذا أتت نفقته على مال (¬5) المضاربة حتى تستغرقه كان ما بقي عليه من ماله. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة فسافر فيه، ثم اشترى في طعامه وكسوته ودهنه واستأجر ما يركب عليه من ماله ليرجع به في مال المضاربة فذلك جائز، وله أن يرجع به في مال المضاربة وإن كان قد نقد فيه ماله. فإن لم يرجع به (¬6) في المضاربة حتى تَوَى (¬7) مال (¬8) المضاربة فلا ضمان ¬

_ (¬1) ص: أجير. (¬2) ف - فإن كان في الدين فضل على رأس المال أجبر المضارب على أن يتقاضاه. (¬3) م ص ف: يتقاضاه. (¬4) م ف: في المال. (¬5) م: على المال. (¬6) ص + في مال المضاربة فذلك جائز وله أن يرجع به في مال المضاربة وإن كان قد نقد فيه ماله فإن لم يرجع به. (¬7) أي: هلك كما تقدم. (¬8) م ص: المال.

على رب المال في ذلك، ونفقته في ذلك تكون على نفسه، لأنه إنما تكون نفقة المضارب إذا سافر في المال على المال، فإذا توى المال لم يلحق رب المال من النفقة شيء. وكذلك لو كان المضارب اشترى طعاماً لنفسه فأكله فاستأجر دابة فركبها في سفره ولم ينقد ثمن ذلك ولا أجر الدابة حتى ضاع المال فإن ذلك يحسب على المضارب من (¬1) ماله خاصة، ولا يكون على رب المال من ذلك قليل ولا كثير. ولو كان المضارب استأجر دابة ببعض مال المضاربة ليحمل عليها متاعاً من المضاربة فحمله (¬2) عليها واشترى طعاماً من المضاربة فضاع المال قبل أن ينقد المال وضاع الطعام في يدي المضارب فإن ثمن الطعام وأجر الدواب على رب المال، يؤديه إلى المضارب حتى ينقده. ولا يشبه ما اشترى به للمضاربة (¬3) وما استأجر من الدواب لحمل المضاربة ما استأجر لنفسه (¬4) وما اشترى لنفسه فأكله، لأن هذا لنفسه وليس من المضاربة؛ ألا ترى أن الدواب التي استأجرها لحمل متاع المضاربة إنما استأجرها لرب المال، لأنه استأجرها لمتاعه، فإذا توى المال لحق رب المال أجر ما استأجر له، وكذلك ثمن ما اشترى له، وأما ما استأجر لنفسه واشترى لنفسه فأكله فإن هذا لنفسه، ولا يلحق رب المال منه شيء. ألا ترى أنه حين أكله وحين ركب الدابة فقد استوفى ذلك لنفسه، فكيف يكون على رب المال وقد أخذ هذا (¬5) لنفسه خاصة. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة فأدانه المضارب في غير مصره فربح فيه (¬6) ربحاً، فأراد المضارب أن يكون هو (¬7) الذي يتقاضاه وتكون نفقته منه، وقال رب المال: أنا أتقاضاه ولا تكون أنت الذي تتقاضاه، فإن رب المال يجبر على أن يتقاضاه (¬8) المال المضارب، وتكون نفقته على المال. ألا ترى أني لو أحلت رب المال برأس ماله وحصته من الربح وأمرت المضارب أن يتقاضى حصته من الربح فأخذ المضارب حصته ¬

_ (¬1) م ص - من. (¬2) ص: فحمل. (¬3) م ص ف: المضاربة. (¬4) ص - ما استأجر لنفسه. (¬5) ص: وقد أخذها. (¬6) ص - فيه. (¬7) م ف: هذا. (¬8) ص: أن يتقاضا.

من الربح ولم يأخذ رب المال شيئاً أخذ رب المال جميع ما أخذ المضارب، وكان المضارب متقاضياً لرب المال، وإذا كان المضارب متقاضياً لرب المال كانت نفقته على المال (¬1). ولو كان الدين لا فضل فيه فكان (¬2) المضارب قال: أنا أتقاضاه وتكون نفقتي منه حين أقضيه كله، وقال رب المال: أحلني له حتى (¬3) أتقاضاه، فإن المضارب يجبر على أن يحيل به رب المال على أصحاب الدين، لأنه لا فضل فيه، وإنما المال لرب المال، فإذا كان المال لا فضل فيه أجبر المضارب على أن يحيل رب المال بالمال، ولم تكن (¬4) للمضارب نفقته (¬5) على المال. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة بالنصف فاشترى به (¬6) متاعاً وفيه فضل أو لا فضل فيه فأراد المضارب أن يمسكه حتى يجر به ربحاً كثيراً وأراد (¬7) رب المال بيعه، فإن كان المال لا فضل فيه أجبر المضارب على أن يبيعه أو يعطيه رب المال برأس (¬8) ماله، وإن كان في المال فضل فكانت المضاربة ألفاً والمتاع يساوي ألفين فإن المضارب لا يجبر على بيعه. وإن شاء المضارب أن يعطي رب المال ثلاثة أرباع المتاع برأس ماله وحصته من الربح [فله ذلك] (¬9)، وسلم رب المال ربع المتاع للمضارب بحصته من الربح، فإن أبى رب المال ذلك أجبر على ذلك. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة وأمره أن يعمل فيه برأيه أو لم يأمره بشيء من ذلك، فأخذ (¬10) المضارب المال واستأجر ببعضه أرضاً بيضاء، ثم اشترى ببعض المال المضاربة طعاماً أو شعيراً فزرعه في الأرض ¬

_ (¬1) م + وإذا كان المضارب متقاضيا لرب المال وإذا كان المضارب متقاضيا لرب المال كانت نفقته على المال. (¬2) ص: وكان. (¬3) ص: متى. (¬4) ص: يكن. (¬5) ص: نفقة. (¬6) ص: له. (¬7) م: وارد. (¬8) ف: رأس. (¬9) الزيادة مستفادة من ب، والكافي، 2/ 260 و. (¬10) ف: وأخذ.

فربح أو وضع، فإن هذا جائز، وهو على المضاربة، وهذا عندنا بمنزلة التجارة. ولو كان استأجر أرضاً بيضاء على أن يغرس فيها نخلاً وشجراً ورِطاباً (¬1) ففعل ذلك من المضاربة فذلك جائز، وهو على المضاربة، فإن وضع فذلك على رب المال، وإن ربح فالربح على ما شرطا. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة بالنصف وقال له: اعمل في ذلك برأيك، فأخذ المضارب نخلاً وشجراً ورِطاباً معاملة على أن ينفق على ذلك من مال (¬2) المضاربة على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فنصفه لصاحب النخل والشجر والزطاب، [ونصفه للمضارب على المضاربة، فعمل المضارب وأنفق مال المضاربة عليه، فإن ما خرج منها بين صاحب الشجر والنخل والرطاب] (¬3) وبين المضارب نصفين، ولا يكون لرب المال شيء من ذلك، والنفقة التي أنفقها المضارب على النخل والشجر والرطاب من المضاربة على المضارب في ماله خاصة، وهو ضامن لما أنفق من ذلك لرب المال المضاربة (¬4)، لأن المضارب في هذا بمنزلة ما هو أجير في النخيل والشجر والرطاب، وإنما الذي يأخذ المضارب من ذلك أجر للمضارب، فلا يكون لرب المال فيه شيء. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة وقال له: اعمل في ذلك برأيك، فأخذ من رجل أرضاً بيضاء على أن يزرعها طعاماً، على أن ما أخرج الله تعالى من شيء فنصفه لصاحب الأرض ونصفه على المضاربة، فأخذ الأرض فاشترى طعاماً ببعض المضاربة فزرعه في الأرض ثم أنفق بما (¬5) بقي من المضاربة عليه حتى بلغ، فإن هذا جائز، وهذا على المضاربة، يأخذ رب الأرض نصف ما خرج، وما بقي فهو على المضاربة، يباع فيستوفي رب المال رأس ماله، وما بقي فهو بين المضارب ورب المال على ما اشترطا من الربح. فإن لم يقل له: اعمل فيه برأيك، ¬

_ (¬1) جمع رَطْبَة وهي نوع من العلف. انظر: المغرب، "رطب". (¬2) م ص: من المال. (¬3) الزيادة من الكافي، 2/ 260 ظ. (¬4) م ص ف: المضارب. والتصحيح مستفاد من ب، والكافي، 2/ 260 ظ. (¬5) ص: ما.

باب المرابحة في المضاربة

فالمضارب ضامن للمضاربة، وما خرج من الربح فهو بين المضارب وبين رب الأرض نصفان (¬1). ... باب المرابحة في المضاربة وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة، فسافر في المال فأنفق على نفسه في كسوته (¬2) وركوبه ودهنه وغسل ثيابه وما لا بد منه نفقة تبلغ مائة درهم، ثم قدم بالمتاع وقد اشتراه بألف درهم فأراد أن يبيعه مرابحة أو مساومة، [فإن باعه مساومة] باعه كيف شاء، لأن المساومة ليس فيها تسمية ثمن، وإن باعه مرابحة باعه على الألف درهم التي اشترى بها المتاع خاصة، ولا يبيعه مرابحة (¬3) على ما أنفق على نفسه مما ذكرت لك، [لأنه] لم ينفقه على المتاع، وإنما يحسب على المتاع ما أنفق على المتاع خاصة، ولا يحسب ما أنفق المضارب على نفسه. فإن بين المضارب ذلك فقال: ابتعت المتاع بألف درهم، وأنفقت على نفسي مائة درهم، فأنا أبيعه مرابحة على ألف درهم ومائة درهم، [فإنه يجوز. فإن لم يبين له ذلك وقال: قام علي بألف ومائة درهم] (¬4) فأنا أبيعه مرابحة على ذلك، ولم يبين الأمر على وجهه كان هذا لا ينبغي له. فإن اشتراه مشتر على ذلك فربح مائة درهم ثم علم المشتري بذلك فإن أبا حنيفة قال: إن كان المتاع (¬5) في يد (¬6) المشتري قائماً بعينه لم يستهلك منه شيئاً فالمشتري بالخيار، إن شاء أخذه بألف ومائتين وإن شاء تركه. وإن كان المشتري استهلك شيئاً من المتاع أو حدث ¬

_ (¬1) ص: نصفين. (¬2) م + وكسوته. (¬3) ف - باعه على الألف درهم التي اشترى بها المتاع خاصة ولا يبيعه مرابحة. (¬4) الزيادة مستفادة من ب؛ والكافي، 2/ 261 و. (¬5) ص: النكاح. (¬6) ف: في يدي.

بشيء منه عيب قبل أن يعلم المشتري بخيانة (¬1) البائع (¬2) إياه لزم المشتري جميع المتاع بألف درهم ومائتي درهم، وهو قول محمد. وقال أبو يوسف: يلزم المشتري البيع بألف درهم، وبحصة الألف درهم من المائة الربح إن (¬3) كان المتاع قائماً بعينه أو لم يكن، ولا خيار للمشتري في رد شيء من المتاع. وقال أبو حنيفة: إن قال المضارب: يقوم علي هذا المتاع بألف درهم ومائة درهم، ولم يبين الأمر على وجهه فوَلَّى (¬4) المتاعَ بذلك رجلاً فعلم المشتري بخيانة (¬5) البائع إياه، فلا خيار للمشتري في هذا البيع، ويلزمه المتاع بألف درهم، وتبطل مائة درهم التي خانه فيها البائع. وكذلك قال أبو يوسف. فإن كان المتاع قائماً بعينه في يدي (¬6) المشتري لم يهلك منه شيء، أو كان في يدي البائع فهو سواء في قولهما جميعاً. كان أبو حنيفة يفرق بين التولية في هذا وبين المرابحة. وقال أبو يوسف: هما سواء، ولا خيار في واحد منهما للمشتري، ويطرح عن المشتري ما حاباه فيه البائع وحصته من الربح إن كان المشتري باعه مرابحة. وقال محمد: هما سواء مثل قول أبي حنيفة (¬7) في المرابحة، التولية والمرابحة سواء، ولا يفسد (¬8) من ذلك شيء (¬9)، وهو قول زفر والقاسم بن معن (¬10) وعامة أصحابنا. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة فاشترى بها متاعاً ¬

_ (¬1) ص: بجناية. (¬2) ص: البائعين. (¬3) م ص ف: وإن. (¬4) أي: باع تولية. انظر دوام العبارة. (¬5) ص: بجناية. (¬6) ف: في يد. (¬7) ف: وقال محمد ما سوى قول أبي حنيفة. (¬8) ص: ولا يحد؛ ف: ولا يحط. (¬9) ف: شيء من ذلك. (¬10) القاسم بن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود أبو عبد الله الهذلي الكوفي (ت. 175). من كبار أصحاب الإمام أبي حنيفة. وروى عنه محمد بن الحسن. ولي القضاء بالكوفة، وكان لا يأخذ على القضاء أجراً. كان معروفاً بالسخاء والمروءة. وكان عالماً بالعربية والشعر. وقد وثقه ابن معين وأحمد بن حنبل وغيره من المحدثين. انظر: الجواهر المضية، 1/ 412.

ورَقَمَه (¬1) بألفي درهم، ثم قال المضارب للمشتري: أبيعك هذا المتاع مرابحة على رَقْمِه، وهو ألفا درهم بربح مائة درهم، فهذا جائز لا بأس به، لأنه لم يخبره أن المتاع قام عليه بذلك. وإن كان المضارب قال (¬2) للمشتري: أبيعك هذا المتاع على رقمه بربح مائة درهم، ولا يعلم المشتري ما رقمه، فالبيع فاسد. فإن علم المشتري بالرقم كم هو فهو بالخيار في قول أبي حنيفة، إن شاء أخذه بالرقم وربح مائة درهم، وإن شاء تركه. فإن كان المشتري قبض المتاع من المضارب قبل أن يعلم ما رقمه فباعه ثم علم برقمه بعد ذلك فرضيه فإن رضاه في هذا باطل، وقد لزمه المتاع، ويغرم قيمة المتاع للمضارب إن كانت أقل مما اشترى به المتاع أو أكثر. وكذلك إن ولّاه المضارب المتاع برقمه ولا يعلم المشتري ما رقمه فهو بمنزلة ذلك في جميع ما وصفت لك. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة فاشترى بها متاعاً ورقمه ألفا (¬3) درهم ثم ولاّه رجلاً برقمه ولا يعلم المشتري ما رقمه ثم باعه المضارب بعد ذلك من رجل آخر بيعاً صحيحاً ولم يكن المشتري الأول قبض المتاع من المضارب فإن بيع المضارب المشتري الآخر جائز، وقد انتقض بيعه. وكذلك لو كان المشتري الأول قد علم برقمه فاشترى فلم يرضه ولم يرده حتى باعه المضارب من رجل آخر بيعاً صحيحاً فبيع المضارب المشتري (¬4) الآخر جائز، وبيع الأول باطل. ولو لم يبعه المضارب حتى رضي الأول برقمه بعدما علم برقمه ثم باعه المضارب بعد ذلك بيعاً صحيحاً كان بيعه الثاني باطلاً، وكان المتاع للذي اشتراه بالرقم. ولو كان المشتري بالرقم قبض المتاع في هذه الوجوه كلها من ¬

_ (¬1) التاجر يَرْقُم الثياب، أي: يُعلمها بأن ثمنها كذا. انظر: المغرب، "رقم". وقال الفيومي: رقمت الشيء أعلمته بعلامة تميزه عن غيره كالكتابة ونحوها. انظر: المصباح المنير، "رقم". (¬2) ف: قام. (¬3) ص: ألفي. (¬4) ف - المشتري.

المضارب ثم باع المضارب المتاع من رجل آخر بيعاً صحيحاً فبيعه هذا الثاني باطل. وإن كان المشتري بالرقم علم بالرقم كم هو أو لم يعلم فهو سواء. وكذلك لو كان المشتري علم برقمه فرده على المضارب ونقض البيع فيه وقد كان المضارب باعه قبل نقض المشتري بالرقم فإن ذلك باطل، لأن المضارب باعه وهو في يدي الذي اشتراه بالرقم على ملك له فاسد، فلا يجوز بيع المضارب فيه حتى يرده عليه ثم يبيعه المضارب بعد ذلك. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة فاشترى بها متاعاً فقال المضارب لرجل: أبيعك هذا المتاع مرابحة بربح مائة درهم على ألفي درهم، ولم يسم له رقماً ولا غيرها فاشتراه على ذلك ثم علم المشتري أن المضارب إنما كان عليه المتاع بألف درهم، فأراد رده، فإن البيع لازم للمشتري، وعليه ألفا (¬1) درهم ومائة درهم للمضارب، وهذا بيع صحيح لا بأس به، لأن المضارب لم يخبره أنه اشتراه بألفي درهم، وإنما قال له: أبيعكه بربح مائة على ألفي درهم، فهذا جائز مستقيم لا بأس به. إنما يكره من هذا أن يقول: يقوم علي بألفي (¬2) درهم، أو يقول: اشتريته بألفي درهم. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة فاشترى ببعضه رقيقاً وأنفق بعضه على الرقيق في طعامهم وكسوتهم ودهنهم وما لا بد لهم منه فإنه يحسب ذلك كله على الثمن، فيجمعه والثمن ثم يقول إن أراد أن يبيعه مرابحة: قام علي بكذا وكذا (¬3)، فيدخل في ذلك الثمن وما أنفق عليه بالمعروف. فإن كان أنفق شيئاً من ذلك بإسراف حسب منه نفقة مثل ذلك الرقيق بالمعروف، فيقول: قام علي بكذا، فهذا مستقيم لا بأس به. ولا يقول: اشتريته بكذا وكذا، فإن هذا كذب منه في المرابحة. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة فخرج بها فاشترى متاعاً ببعضها وأنفق بعضها على المتاع في قِصَارته وأعطى بعضها (¬4) أجر ¬

_ (¬1) ص: ألف. (¬2) ص ف: بألف. (¬3) م: بكذا كذا. (¬4) ص - بعضها؛ صح هـ.

السمسار (¬1) الذي اشترى له (¬2) المتاع وبعضها تكارى به دواباً حمل عليها المتاع، فإنه يحسب ذلك كله على المتاع إذا أراد أن يبيعه مرابحة، فيقول: قام علي بكذا وكذا. وإن قال: اشتريته بكذا وكذا، فجمع جميع الثمن وما أنفق فجعله ثمناً، فقال: اشتريته بكذا وكذا، ثم باعه مرابحة على ذلك، فإن المشتري بالخيار، إن شاء أخذه وإن شاء تركه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة فاشترى ببعضه دواباً فأعطى على رياضتها (¬3) أجراً من المضاربة فإنه يبيعه مرابحة على الثمن، ولا يدخل في ذلك أجر الرائض. وكذلك أجر البَيْطَار، وكذلك أجر راعي الدواب، ولا يحسب شيء (¬4) من ذلك على الثمن. ولا يبيع الدواب مرابحة على شيء من ذلك، ولا يولّي (¬5) الدواب بشيء من ذلك. وكذلك لو اشترى رقيقاً فمرض بعضهم فاكترى (¬6) طبيباً يداويه (¬7) بأجر معلوم أو حجاماً يَحْجُمه بشيء معلوم ثم أراد أن يبيع الرقيق مرابحة، باعه على الثمن وطرح جميع ذلك الأجر. ولا يشبه هذا أجر السمسار ولا أجر الدواب التي يحمل عليها الثياب، لأن هذا من أمر التجار. فأما أجر (¬8) الطبيب والحجام ونحو ذلك فإنما ذلك رِفَادة (¬9) الرقيق، فلا يحسب شيء من ذلك على الثمن، ولا يبيع عليه مرابحة. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة فاشترى ببعضه غنماً واستأجر ببعضه من يسوق الغنم إلى مصر المضارب أو غيره، ثم أراد أن يبيع الغنم مرابحة فإنه يبيعها مرابحة على الثمن وعلى أجر سائق الغنم، وهذا بمنزلة أجر السمسار، لأنه من التجارة مما يفعل الناس فيه. ¬

_ (¬1) ف: للسمسار. (¬2) ص: به. (¬3) أي: تذليلها وجعلها صالحة للاستعمال، من راض الدابة يَرُوضها. والذي يقوم بذلك هو الرائض. انظر: المصباح المنير، "روض". (¬4) ص: شيئاً. (¬5) م ص ف: يوالي. (¬6) م ف: فاشترى. (¬7) ص: يدوائه. (¬8) ص: أمر. (¬9) م ص: رواده. رفادة أي صلة ومعونة. انظر: لسان العرب، "رفد".

وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة فاشترى بها جارية فباعها من رجل بألفي درهم، ثم اشترى من الرجل بالألفين قبل أن يقبضها جارية تساوي ألفين، فلا بأس بأن يبيعها مرابحة، ولا يبين (¬1) أن ثمنها كان ديناً. ولو كان صالحه من المال (¬2) الذي عليه على هذه الجارية (¬3) صلحاً ولم يشترها منه شراء فليس ينبغي للمضارب أن يبيعها مرابحة حتى يبين. ولا يشبه هذا الصلح في هذا الشراء. وإذا دفع الرجل إلى الرجل (¬4) ألف درهم مضاربة فاشترى المضارب على تلك المضاربة جارية بألف درهم نسيئة سنة فإن هذا جائز، والجارية من المضاربة. فإن أراد المضارب أن يبيعها مرابحة فليس له أن يبيعها مرابحة حتى يبين أنه اشتراها بنسيئة. فإن باعها مرابحة ولم يبين بربح مائة درهم، أو ولاّها رجلاً بألف درهم ولم يبين، فعلم الرجل بالنسيئة، والجارية قائمة بعينها، فالمشتري بالخيار، إن شاء أخذها بالثمن الذي اشترى به حالاً، وإن شاء تركها، ولا يكون له من النسيئة مثل ما كان للمضارب في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد جميعاً. ولا يشبه هذا الخيانة (¬5) في المال في قول أبي حنيفة وأبي يوسفط في التولية، وهما في قول محمد سواء. ولو كان المشتري استهلك الجارية أو حدث بها عيب لزمه عنده في قولهم جميعاً بالثمن الذي اشتراها به حالاً ولا يحط عنه من الثمن قليل ولا كثير. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة، فاشترى ببعضها ثياباً، ثم فَتَلَها (¬6) أو قَصَرَها بأجر، أو صبغها حمراء أو صفراء أو سوداء بأجر مسمى، فأراد أن يبيعها مرابحة على الثمن وعلى الأجر، فذلك جائز، وله أن يبيعها على ذلك مرابحة، وأن يولّيها بذلك، فيقول: قامت علي بكذا، ولا يقول: اشتريتها بكذا. ¬

_ (¬1) م: ولا يخبر. (¬2) ص: من الدين. (¬3) ف: الحاله. (¬4) ف - إلى الرجل. (¬5) ص: الجناية. (¬6) ص: ثم فصلها (مهملة). فتل الحبل وغيره إذا لواه. انظر: لسان العرب، "فتل".

وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة، فاشترى ببعضه متاعاً، ثم مر به على العاشر وأخذ منه عُشوره (¬1)، وأراد أن يبيعه مرابحة، فإنه يبيعه مرابحة على ما اشتراه به، ولا يبيعه مرابحة على العشور، ولا (¬2) يحسب بذلك في زكاة ماله، لأن العشور إما أن تكون زكاة فلا يبيع عليها مرابحة، وإما أن تكون غصباً فلا يكون على ما غصب منه مرابحة. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة، فاشترى متاعاً، ثم قَصَرَه من ماله، فهو متطوع بقِصارته، ولا يرجع على رب المال بشيء مما قصر به (¬3) المتاع. ولا ضمان على المضارب في قصارته إن كان رب المال قال له: اعمل فيه برأيك، أو لم يقل. فإن باع المضارب المتاع مساومة كان الثمن كله لرب المال على المضاربة، ولا شيء للمضارب في الثمن إلا ما اشترط من الربح في المضاربة إن كان في الثمن ربح. وإن باعه المضارب مرابحة باعه على الثمن الذي اشترى المتاع، ولا يبيعه على أجر القصارة، لأنه كان متطوعاً في قصارته، فلا يلتفت إلى ذلك، فيستوفي رب المال رأس ماله، وما بقي من الثمن فهو على المضاربة. وكذلك (¬4) لو فتل الثياب من ماله أو صبغها سوداء من ماله فلا ضمان عليه في شيء من ذلك، والأمر فيه (¬5) كما وصفت لك في المساومة والمرابحة. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة، فاشترى به كله ثياباً، ثم صبغها من عنده بزعفران أو صبغ (¬6) يزيد في الثياب، فإن كان رب المال أمره أن يعمل في ذلك برأيه فلا ضمان عليه، وإن كان لم يأمره أن يعمل في ذلك برأيه فالمضارب ضامن للثياب، لأنه خلط بها شيئاً من ماله، ورب المال بالخيار في الثياب إن لم يكن فيها فضل على (¬7) رأس المال، إن شاء أخذها برأس ماله، وأعطى المضارب ما زاد الصبغ في ثيابه يوم ¬

_ (¬1) ص: عشره. (¬2) م ص ف: وأن لا. (¬3) ص - به. (¬4) م: ولذلك. (¬5) م ص - فيه. (¬6) ص: أو صبغا. (¬7) م: عليه.

يختصمون، وإن شاء سلم له الثياب وضمن قيمتها. فإن لم يفعل رب المال شيئاً من ذلك حتى يبيع المضارب الثياب مساومة أو مرابحة فإن بيعه جائز على (¬1) رب المال، وهو بريء من ضمان الثياب. فإن كان باع الثياب مساومة قسم الثمن على قيمة الثياب وما زاد الصبغ فيها، فما أصاب حصة الصبغ فهو للمضارب، وما أصاب حصة الثياب استوفى رب المال في ذلك رأس ماله، وما بقي فهو بينهما على ما اشترطا من الربح في المضاربة. فإن كان باع (¬2) الثياب مرابحة قسم الثمن على ما اشترى به المضارب الثياب، وعلى أجر الصبغ الذي صبغ به المضارب يوم صبغ، فما أصاب حصة أجر الصبغ من ذلك فهو للمضارب، وما أصاب حصة الثمن من ذلك استوفى رب المال رأس ماله المضاربة، وما بقي فهو بينهما على ما اشترطا من الربح (¬3) في المضاربة. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة فاشترى به متاعاً أو رقيقاً جملة واحدة فليس له أن يبيع شيئاً من ذلك مرابحة، إلا جميع ما كان سمى لكل ثوب ثمناً ولكل عبد ثمناً، فلا بأس بأن يبيع كل واحد منهما مرابحة على حدة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وأما في قول محمد فلا ينيغي أن يبيع شيئاً من ذلك مرابحة إلا أن يبين، لأن الرجل قد يشتري الرديء والجيد جميعاً كل واحد بثمن مسمى، وإنما يزيد في الرديء لمكان الجيد، فلا يبيع الرديء إلا أن يبين (¬4) أنه اشترى معه متاعاً أجود منه كل واحد بثمن. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة، فاشترى به متاعاً أو رقيقاً، فاعور بعض الرقيق من غير فعل أحد، وفسد المتاع من غير فعل أحد فلا بأس بأن يبيع المضارب ذلك مرابحة من غير بيان. فإن كان المضارب أو ¬

_ (¬1) ع - أو مرابحة فإن بيعه جائز على؛ صح هـ. (¬2) ف - باع. (¬3) م - من الربح؛ صح هـ. (¬4) ع - يبين.

غيره هو الذي أحدث ذلك فلا ينبغي له أن يبيع شيئاً من ذلك من غير بيان. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة، فاشترى به طعاماً من صنف واحد أو شعيراً من صنف واحد أو شيئاً مما يكاد أو يوزن من صنف واحد فلا بأس بأن يبيع بعضه مرابحة بحصته من الثمن. وإن (¬1) كان شيء (¬2) من ذلك الذي اشتراه يتفاضل في الجودة فلا يبيع شيئاً من ذلك مرابحة إلا جميعاً، لأن ثمن بعض هذا لا يعرف إلا بالحَزْر والظن والتقويم. وإذا كان من صنف واحد عرف ثمن بعضه بغير حزر ولا ظن ولا تقويم. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة، فاشترى بها متاعاً، فقبضه ولم ينقد الدراهم (¬3) حتى ضاعت، فإن المضارب يرجع على رب المال بألف درهم، فينقدها البائع. فإن أراد المضارب أن يبيع المتاع مرابحة بألف درهم ولا يزيد (¬4) على ذلك شيئاً من غير بيان أمر وجهة، فإن بين باعه (¬5) كيف شاء. فإن ربح في المتاع ربحاً كثيراً كان رأس مال رب المال في ذلك ألفي (¬6) درهم، يستوفيها، وما بقي فهو بينهما على ما اشترطا من الربح في المضاربة. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة، فاشترى بها المضارب جارية، ولم يقبضها (¬7) حتى ادعى (¬8) المضارب (¬9) أنه قد نقد البائع الثمن، وجحد ذلك البائع، فإن (¬10) المضارب يرجع على رب المال بألف، فيدفعها إلى البائع، ويأخذ الجارية، وتكون على المضاربة (¬11)، ويكون لرب المال في الجارية إذا قسموا المضاربة ألفا درهم رأس ماله. فإن أراد المضارب أن يبيعها مرابحة باعها بألف درهم. ولا يشبه المضارب الوكيل؛ لو أن رجلاً ¬

_ (¬1) ص: فإن. (¬2) ف - شيء. (¬3) ص: الثمن. (¬4) م: لا يزيد. (¬5) ف: بايعه. (¬6) ص: ألفا. (¬7) ص: يقتصها. (¬8) ص - ادعى. (¬9) ص: المضارع. (¬10) م ص: أن. (¬11) ف - وتكون على المضاربة.

دفع إلى رجل ألف درهم وأمره أن يشتري له بها جارية، فاشتراها، فذكر الوكيل أنه قد نقد البائع الألف وجحد ذلك البائع، فإن الوكيل يغرم من ماله ألف درهم ويدفعها إلى البائع، ويأخذ منه الجارية، فيسلم للآمر، لأن الوكيل حين أقر أنه قد نقد من البائع الثمن فقد أقر أنه استوفى (¬1) من الآمر ثمن الجارية. ألا ترى أنه إنما نقدها في دين للبائع عليه، والمضارب أمين في ذلك. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة، فاشترى بها جارية، فلم ينقدها حتى ضاعت، فرجع على رب المال بمثلها فلم ينقدها حتى ضاعت (¬2)، فإنه يرجع على رب المال أيضاً بمثلها. ولو كان المضارب وكيلاً أمره رجل أن يشتري له جارية بألف درهم، فدفعها (¬3) إليه، فاشترى بها جارية ولم ينقدها حتى ضاعت، فإنه يرجع بها على الآمر. فإن أخذها من الآمر فلم ينقدها حتى ضاعت لم يرجع على الآمر بعد ذلك بشيء، لأنها قبضها المرة الثانية قضاء من دينه على الآمر. ولا يشبه الوكيل في هذا المضارب. وهذا يبين (¬4) المسألة (¬5) التي قبلها. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة، فاشترى بعشرة منه ثوباً، فباعه مرابحة، فقال البائع للمشتري: أبيعك هذا الثوب بربح الدرهم الدرهم، فاشتراه على ذلك، فالشرى جائز، والثمن عشرون درهماً. وكذلك لو قال: أبيعك هذا الثوب بربح الدرهم اثنين كان الثمن ثلاثين درهماً. ولو قال: أبيعك هذا الثوب بربح العشرة خمسة أو بربح الدرهم نصف درهم كان هذا جائزاً، وكان الثمن خمسة عشر درهماً. وكذلك لو قال: أبيعك هذا الثوب بربح العشرة سبعة، كان الثمن سبعة عشر درهماً. ¬

_ (¬1) م ص ف: استوفاه. (¬2) ص ف - فرجع على رب المال بمثلها فلم ينقدها حتى ضاعت. (¬3) م ص: فيدفعها. (¬4) ص - المضارب وهذا يبين. (¬5) ص + الأولى.

ولو قال: أبيعك هذا الثوب بربح العشرة خمسة عشر، كان ينبغي في القياس إذا اشتراه أن يكون بخمسة وعشرين درهماً، لأنه قال له: بربح العشرة خمسة عشر، فربحه في العشرة خمسة عشر، ولكنا ندع (¬1) القياس في هذا ونستحسن أن نجعل الثمن خمسة عشر درهماً، لأن هذا معاني كلام الناس إذا قال أحدهم: أبيعك هذا الثوب بربح العشرة أحد عشر، أو قال: أبيعك هذا الثوب بده يازده، كان الربح في هذين الوجهين جميعاً درهماً (¬2) واحداً (¬3). ولو قال: أبيعك هذا الثوب بربح العشرة أحد عشر ونصف، كان الربح في كل عشرة درهماً ونصفاً (¬4). وكذلك لو قال: أبيعك هذا الثوب بربح العشرة أحد عشر ودانق، كان الربح في ذلك درهماً ودانقاً. ولو قال: أبيعك هذا الثوب بربح العشرة عشرة (¬5) وخمسة (¬6)، فاشتراه على ذلك، كان الثمن في هذا خمسة وعشرين درهماً. وكذلك لو قال: أبيعك هذا الثوب بربح العشرة خمسة وعشرة، كان الثمن خمسة وعشرين درهماً. ولو أن مضارباً اشترى ثوباً بعشرة دراهم فقبضه فنقص في يده حتى صار يساوي ثلاثة دراهم فباعه بوضيعة من رأس المال جاز ذلك. فإن قال للذي (¬7) يبيعه إياه: أبيعك بوضيعة الدرهم درهماً (¬8)، كان البيع جائزاً، وكان الثمن خمسة دراهم. وكذلك لو قال: أبيعك بوضيعة الدرهم درهمين، كان البيع جائزاً، وكان الثمن ثلاثة دراهم وثلثاً. ولو قال: أبيعك هذا الثوب بوضيعة الدرهم نصفاً، كان جائزاً، وكان الثمن ستة دراهم وثلثين. ولو قال: أبيعك هذا بوضيعة العشرة خمسة عشر، كان جائزاً، والثمن ستة دراهم وثلثان (¬9). ولو قال: أبيعك هذا بوضيعة العشرة أحد عشر، قسمت من (¬10) الثمن (¬11) العشرة ¬

_ (¬1) ص: ندفع. (¬2) ص - أحد عشر أو قال أبيعك هذا الثوب بده يازده كان الربح في هذين الوجهين جميعاً درهماً. (¬3) ص: واحد. (¬4) ص: درهم ونصف. (¬5) م ص - عشرة؛ صح م هـ. (¬6) ص: خمسة. (¬7) ص - للذي. (¬8) ص: درهم. (¬9) ص: وثلثين. (¬10) ص ف - من. (¬11) ص: ثمن.

على أحد عشر جزء، فطرحت من العشرة جزء من أحد عشر جزء، وكان (¬1) ثمن الثوب من العشرة عشرة أجزاء (¬2) من أحد عشر جزء. وإذا دفع الرجل إلى الرجل (¬3) مالاً مضاربة، فاشترى به حنطة، ثم اشترى بكُرّ من الحنطة ثوباً، ثم باعه مرابحة، أو ولى رجلاً (¬4) بذلك الكر، فلا بأس به. وكذلك كل ما يكال أو يوزن أو يعد عدداً مثل الفلوس والجوز والبيض اشترى به المضارب ثوباً أو شيئاً، فلا بأس بأن يبيعه على ذلك مرابحة بما (¬5) بدا له من الربح من دراهم أو دنانير أو عروض بعينها أو شيء من الصنف الذي كان اشترى به ما باع. فإن كان المضارب اشترى ثوباً بكر حنطة والكر أربعون قفيزاً فباعه مرابحة، فقال: أبيعك هذا الثوب بربح العشرة أحد عشر، فهذا جائز، ويزاد على الكر على كل عشرة أقفزة منه (¬6) قفيز من صنفه فيكون ثمن الثوب أربعة وأربعين قفيزاً. وكذلك لو باعه بوضيعة العشرة أحد عشر كان جائزاً، والوضيعة من الحنطة، يقسم الكر على أحد عشر جزء، فما أصاب جزء من أحد عشر من الكر ألقي من الثمن، فأخذ المشتري الثوب بما بقي. وكذلك هذا في كل ما يكال أو يوزن أو يعد عدداً. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة، فاشترى به عبداً وقبضه، ثم باع العبد بجارية وقبضها ودفع العبد، فأراد أن يبيع الجارية مرابحة على الثمن أو يولّيها بالثمن، فإن هذا لا يستقيم أن يبيعها على شيء من ذلك مرابحة ولا يولّيها إلا من الذي يملك العبد. فإن باعها من الذي اشترى منه العبد مرابحة بربح عشرة دراهم على الثمن فهو جائز، والثمن العبد الذي كان اشترى به الجارية وعشرة دراهم. وكذلك التولية، ليس له أن يولّي الجارية أحداً إلا صاحب العبد، فإنه يولّيه إياها بالثمن الذي اشتراها به، فيكون جائزاً، ويرد عليه الذي اشترى العبد، ويأخذ منه الجارية. ولو كان ¬

_ (¬1) م + وكان. (¬2) ف: اخرى. (¬3) م - إلى الرجل. (¬4) ف - رجلا. (¬5) م ص ف: فما. والتصحيح مستفاد من ب. (¬6) ص: ستة.

الذي اشترى العبد باعه من رجل آخر أو وهبه (¬1) لرجل آخر وقبضه، ثم باعه المضارب الجارية مرابحة أو تولية، جاز ذلك كما يجوز في المسألة الأولى. ولو أن المضارب باع الجارية من رجل لا يملك العبد بربح عشرة دراهم على رأس المال، فبلغ ذلك رب الغلام فأجاز البيع، كان جائزاً، وكانت الجارية للذي اشتراها من المضارب، ويأخذ المضارب الغلام، ويأخذ من الذي اشترى منه الجارية عشرة دراهم، ويرجع (¬2) مولى الغلام على المشتري بقيمة الغلام. وكذلك التولية في هذا، لو أن المضارب ولّى الجارية رجلاً لا يملك الغلام، فبلغ ذلك رب الغلام فأجاز (¬3)، جاز ذلك، وكانت الجارية للمشتري، والغلام للمضارب، وغرم المشتري لرب الغلام قيمة الغلام. وكذلك العروض كلها إذا كانت ثمناً فباع عليها المضارب أو اشترى فهو مثل ما وصفت لك في هذا الوجه. فإذا كانت في يد المضارب جارية من المضاربة فباعها بغلام وتقابضا، ثم إن المضارب باع الغلام من صاحب الجارية بربح العشرة أحد عشر، كان البيع فاسداً، لأن الربح إنما هو زيادة ثمن (¬4) الجارية، وليس بزيادة دراهم ولا دنانير (¬5) ولا شيء معروف، فإذا كان كذلك فهو باطل. ولو أن المضارب باع الغلام من رب الجارية بوضيعة العشرة أحد عشر كان البيع جائزاً، ويأخذ (¬6) المشتري من المضارب الغلام (¬7)، ويعطيه من الجارية عشرة أجزاء من أحد عشر جزء من الجارية. ولو قال المضارب: أبيعك هذا الغلام بربح عشرة دراهم، ولم يقل بربح العشرة أحد عشر، كان البيع جائزاً، وأخذ المضارب (¬8) [الجارية، ويأخذ عشرة دراهم. ولو أن] (¬9) الجارية التي في يدي المشتري قد عَوِرَت، فولّى المضارب المشتري (¬10) الغلام الذي في يده بالثمن فالبيع جائز، فإذا ¬

_ (¬1) ف + له. (¬2) ص: يرجع. (¬3) ص - فأجاز. (¬4) م ص: من. (¬5) ف - ولا دنانير. (¬6) م ص: أو يأخذ. (¬7) م: والغلام. (¬8) م ص ف + من المضارب. (¬9) الزيادة مستفادة من ب، والكافي، 2/ 263 ظ. (¬10) ص - المشتري.

علم المضارب بالعور فهو بالخيار، إن شاء أخذ الجارية، وإن شاء ترك. وكذلك هذا في المرابحة. ولو كان المضارب باع الغلام الذي في يده من صاحب الجارية ولم يحدث في الجارية عيب قال له المضارب: أبيعك هذا الغلام بوضيعة عشرة دراهم من رأس المال، كان البيع باطلاً، لأن العشرة (¬1) الدراهم إذا ألقيت من الجارية لم يعرف ما بقي منها إلا بالحَزْر والظن فلا يجوز. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم بَخِّية (¬2) مضاربة فاشترى بها عبداً ثم باعه بالكوفة، فقال المضارب للمشتري: اشتريته بألف درهم بَخِّية فأنا أبيعكه بربح مائة درهم، فاشتراه على ذلك، ثم اختلفا في المائة، فقال المضارب: هي بَخِّية، وقال المشتري: هي غَلّة (¬3) الكوفة، وقد تصادقا أن الشرى كما وصفت لك، فإن البيع جائز، وعلى المشتري الثمن ألف درهم بَخِّية ومائة درهم غَلّة الكوفة. ألا ترى أنه لو قال: أبيعك بربح دينار، كان (¬4) الدينار من دنانير الكوفة. وكذلك إذا قال: بربح مائة، فهي على دراهم الكوفة. ولو كان المضارب قال: اشتريته بألف درهم بَخِّية فأنا أبيعكه بربح العشرة أحد عشر، فاشتراه على ذلك، فإن البيع جائز، والثمن ألف درهم ومائة درهم بَخِّية، وهذا لا يشبه الباب الأول، لأنه إذا قال: بربح العشرة أحد عشر، فإنما الربح من ذلك الصنف (¬5). ألا ترى أن الثمن لو كان طعاماً باعه بربح العشرة أحد عشر كان الربح طعاماً، فكذلك (¬6) هذا. ولو كان المضارب لم يبع العبد مرابحة ولكنه باعه بوضيعة فقال المشتري: اشتريته بألف درهم بَخِّية فأنا أبيعكه بوضيعة مائة درهم أو بوضيعة العشرة أحد عشر، فإن البيع فيهما جائز، والوضيعة في ذلك من الدراهم البَخِّية، لأن الوضيعة لا تكون أبداً إلا من الثمن، والربح ليس من الثمن. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة، فاشترى به جارية وقبضها، ¬

_ (¬1) ص: عشرة. (¬2) نوع من الدراهم، وقد تقدم. (¬3) نوع من الدراهم، كما تقدم. (¬4) ص: وكان. (¬5) ف: النصف. (¬6) ف: وكذلك.

فباعها بغلام وقبض الغلام ودفع الجارية، فزادت (¬1) الجارية في يدي المشتري أو ولدت ولداً ثم إن المضارب باع الغلام من رب الجارية بربح مائة درهم وهو لا يعلم [بالزيادة أو] بالولادة، فإن كانت الجارية زادت في بدنها ولم تلد فالربح جائز بالجارية وبمائة درهم، فإن كانت الجارية ولدت ولداً ولم تزد فالمضارب بالخيار، إن شاء أخذ الجارية ومائة درهم، وإن شاء نقض البيع، ولا سبيل له على الولد. وكذلك التولية في جميع ما وصفت لك. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة، فاشترى بها جارية وباعها بألف وخمسمائة، ثم اشتراها بألف، فأراد أن يبيعها مرابحة، فإن أبا حنيفة قال: يطرح من الثمن الربح الذي ربح، وهو خمسمائة، ثم يبيعها مرابحة على خمسمائة درهم، ولا ينبغي أن يبيعها مرابحة، حتى يطرح جميع ما ربح فيها من الثمن. وقال أبو يوسف ومحمد: يبيعها مرابحة على الثمن الآخر كله، ولا يطرح شيئاً مما ربح من الثمن. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة فاشترى بها جارية، وقبضها (¬2) ثم باعها بألف درهم وكُرّ حنطة وسط، ثم اشتراها بألف درهم، فأراد أن يبيعها مرابحة، فإنه لا يبيعها مرابحة في قياس قول أبي حنيفة، لأنه قد ربح (¬3) فيها كر حنطة، فلا يقدر على أن يطرح الكر الحنطة (¬4) من الثمن إلا بالحَزْر والظن، فليس ينبغي للمضارب أن يطرحه من الثمن ثم يبيعها مرابحة على ما بقي من ذلك. ولو كان باعها بألف درهم ودينار أو بألف درهم (¬5) وعبد أو بألف درهم وبشيء مما يكال أو يوزن سوى الدراهم ثم اشتراها بعد ذلك بألف درهم فإنه لا ينبغي له أن يبيعها مرابحة على شيء في قياس قول أبي حنيفة. ¬

_ (¬1) م ف: فولدت. والتصحيح من الكافي، 2/ 263 ظ. (¬2) ص: ثم قبضها. (¬3) م + ربح. (¬4) م ف: حنطة. (¬5) م ص - درهم.

باب المضارب يبيع المتاع ثم يشتريه لنفسه بأقل من ذلك

وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة، فاشترى بها جارية وقبضها (¬1)، فباعها بمائة دينار، والدنانير أكثر من الدراهم، ثم اشتراها بألف درهم، فأراد أن يبيعها مرابحة، فإنه لا يبيعها في قياس قول أبي حنيفة مرابحة على شيء، لأن الدراهم والدنانير في قول أبي حنيفة سواء. ألا ترى أن أبا حنيفة كان يقول: لو أن رجلاً باع جارية بألف درهم لم ينبغ (¬2) له أن يشتريها من الدنانير بأقل من الدراهم حتى يقبض الثمن، وكان يجعل الدراهم والدنانير في هذا سواء. وكذلك ينبغي أن تكون الدراهم والدنانير في ذلك سواء. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة، فاشترى بها جارية وقبضها، ثم باعها بخمسين كُرّ حنطة، وقيمتها أكثر من ألف درهم، ثم اشتراها بألف درهم، فأراد أن يبيعها، فلا بأس بأن يبيعها مرابحة على ألف درهم وإن كان الطعام أكثر من الدرهم، لأن الطعام غير الدراهم. وكذلك لو كان باعها بشيء مما يكال أو يوزن غير الدراهم والدنانير، أو كان باعها بعرض من العروض، ثم اشتراها بألف درهم، فلا بأس بأن يبيعها مرابحة على الألف وإن كان الذي باعها به أكثر من ألف، ولا يشبه الدراهم والدنانير في قياس قول أبي حنيفة، كان يقول: لو أن رجلاً باع جارية بألف درهم ثم اشتراها بكر حنطة قيمته مائة درهم (¬3) قبل أن يقبض الثمن إن الشرى جائز، ولا يفسده أن تكون قيمة الطعام أقل من ألف درهم. ... باب المضارب يبيع المتاع ثم يشتريه لنفسه بأقل من ذلك وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة، فاشترى بها جارية ¬

_ (¬1) ص - فاشترى بها جارية وقبضها. (¬2) ص: لم ينبغي. (¬3) م ص - درهم.

تساوي ألفاً فقبضها، ثم باعها بألف درهم، فلم ينقد الثمن حتى اشتراها لنفسه من غير المضاربة بخمسمائة درهم، فإن الشراء (¬1) الثاني باطل وإن كان اشتراها لنفسه، لأنه هو وَلِيَ صفقة البيع الأول. ولو كان رب المال اشتراه لنفسه بخمسمائة (¬2) كان ذلك أيضاً باطلاً، لأن المضارب إنما باعها لرب المال. فإن كان المضارب حين اشتراها لنفسه بخمسمائة وقبضها فباعها كان بيعه جائزاً، وغرم قيمتها لمولاها وإن (¬3) كان قيمتها أقل من ألف درهم أو أكثر. وكذلك رب المال لو كان اشتراها لنفسه بخمسمائة درهم فباعها بعدما قبضها كان بيعها جائزاً، ويغرم (¬4) قيمتها لمولاها الذي باعها، إن قلت قيمتها أو كثرت. فإن كان في الثمن الذي باعها به فضل عن قيمتها التي غرما تصدقا به. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى بها جارية تساوي ألفين، فقبضها، ثم باعها بألفي درهم، فلم ينقد الثمن حتى اشتراها رب المال بخمسمائة، فإن البيع باطل في جميع الجارية، ولا يجوز في ربع الجارية التي كان للمضارب (¬5) منها، لأن الثمن الذي على المشتري لا حق للمضارب فيه حتى يستوفي رب المال جميع رأس ماله. ألا ترى أن الذي اشترى الجارية من المضارب إن مات ولم يدع الألف درهم أخذها رب المال، فكان أحق بها من المضارب. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم، فاشترى بها جارية تساوي ألفاً، فباعها بألفين، فقبض المضارب الثمن إلا درهماً واحداً، ثم اشتراها المضارب لنفسه أو اشتراها رب المال لنفسه بخمسين ديناراً ثم اشتراها المضارب لنفسه، فإن البيع الثاني باطل، لا يجوز ما بقي من الثمن الأول قليل أو كثير. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة، فاشترى بها جارية ¬

_ (¬1) م ص: شرى. (¬2) ص - درهم. (¬3) م: "وإن" غير واضح. (¬4) ص: ويقوم. (¬5) م ص: المضارب.

تساوي ألفاً، فباعها بألفين، ولم ينقد المضارب الثمن حتى اشترى الجارية بخمسمائة درهم ابن المضارب أو أبوه أو زوجته أو مكاتبه أو عبد له مأذون في التجارة وعليه دين كثير، فإن في قياس قول أبي حنيفة في هذا أن البيع الثاني باطل لا يجوز. وكذلك لو كان اشترى الجارية أبو رب المال أو ابنه أو زوجته أو مكاتبه أو عبده. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإن البيع الثاني جائز في ذلك كله إلا شراء المكاتب والعبد خاصة، فإن البيع الثاني في ذلك باطل في قول أبي يوسف ومحمد. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة، فاشترى به جارية، ثم باعها بألف درهم، فلم ينقد الثمن حتى وكل رجلاً أن يشتري بخمسمائة درهم فإن قياس قول أبي حنيفة في هذا أن البيع الثاني جائز على المضارب، ويوفيه الجارية بخمسمائة لنفسه. ألا ترى أن أبا حنيفة كان يقول: لو أن مسلماً أمر نصرانياً أن يشتري له خمراً، فاشتراها له من نصراني، أن البيع جائز، ويلزم الخمر المسلم، لأن الذي وَلِيَ صفقة البيع غيره، فكذلك هذا. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإن البيع يلزم الوكيل، ولا يلزم المضارب، إذا لم يجز له أن يشتري لنفسه فكذلك لا يجوز أن يوكل من يشتري له. فإذا اشترى الوكيل لزم الوكيل ما اشترى، ولا يلزم الآمر. وكذلك فيما وصفت لك في قولهما من الخمر يشتريها النصراني للمسلم (¬1) يلزم النصراني ولا يلزم المسلم. وقال محمد: قول أبي يوسف في مسألة (¬2) الخمر أحب إلي. وأما الوكيل الذي وكل فاشترى الجارية بأقل مما بيعت (¬3) له فإن البيع في ذلك فاسد، ويكون ما اشترى للآمر بالقيمة بمنزلة البيع الفاسد، ولا يشبه هذا الخمر والخنزير مما (¬4) لا يملكه المسلم على حال، فأمره في ذلك باطل، ويلزم النصراني ما اشترى من ذلك دون المسلم. فإن كان الوكيل أمره المضارب أن يشتري له العبد بخمسمائة أبو المضارب أو ابنه أو زوجته أو مكاتبه أو عبده فإن ¬

_ (¬1) م ص + لم. (¬2) ف - مسألة. (¬3) م ص: نعت. (¬4) ص: ومما.

في قياس قول أبي يوسف ومحمد أن البيع يلزم (¬1) الوكيل في ذلك كله، إلا في المكاتب، فإن البيع في ذلك باطل لا يلزم الوكيل ولا المضارب. وفي قول أبي حنيفة في هذا كله البيع باطل، لا يلزم المضارب ولا يلزم الوكيل. وكذلك المضارب لو كان وكل بشراء ذلك له أبا رب المال أو ابنه أو زوجته أو مكاتبه أو عبده كان القول في ذلك على ما وصفت لك من أبي المضارب أو ابنه أو مكاتبه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة، فاشترى به جارية تساوي ألف درهم، فباعها بألف درهم (¬2)، فلم ينقد حتى وكل المضارب رب المال أن يشتريها (¬3) له بخمسمائة (¬4)، أو وكَل رب المال المضارب أن يشتريها (¬5) له بخمسمائة، فاشتراه أحدهما بوكالة الآخر، فإن الشراء باطل في ذلك كله. فإن كان الذي وكل المضارب بشرائها رجلاً أجنبياً فاشتراها له المضارب، فإن شراءه أيضاً باطل، لأن المضارب هو الذي ولي صفقة البيع. ألا ترى أن نصرانياً لو أمر مسلماً أن يشتري له خمراً فاشترى (¬6) له أن البيع باطل، وكذلك هذا. ولو كان الرجل الأجنبي وكل رب المال أن يشتريها (¬7) له بخمسمائة فاشتراها كان شراؤها باطلاً؛ ألا ترى أن شراءه لنفسه لا يجوز، فكذلك لا يجوز لغيره. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة على أن يشتري بها الهَرَوي (¬8) خاصة على أن ما كان في ذلك من ربح فهو بينهما نصفان (¬9)، وعلى أن ما اشترى من السابِري (¬10) فربح فالربح كله لرب المال، وعلى أن ¬

_ (¬1) م ص + من. (¬2) ص - فباعها بألف درهم. (¬3) م ص: أن يشتري بها. (¬4) م: خمسمائة. (¬5) م ص: أن يشتري بها. (¬6) ص: فاشتراه. (¬7) م: أن يشتري بها؛ ص: أن يشتري. (¬8) نوع من الثياب كما تقدم. (¬9) ص: نصفين. (¬10) م ص - من السابري؛ صح م هـ. وهو نوع من الثياب كما تقدم.

ما اشترى به (¬1) من الزُّطّي (¬2) فربح فالربح كله للمضارب، فعمل هذا فربح هذا أو وضع، فإن كان اشترى الهروي فربح فالربح بينهما على ما اشترطا والوضيعة على المال، وإن كان اشترى السابري فربح فالربح كله لرب المال، والمال بضاعة في يدي المضارب، والوضيعة على المال، وإن كان اشترى به زطيًّا فربح أو وضع فالربح كله له (¬3)، والوضيعة عليه، والمال المضاربة قرض عليه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة، فاشترى به جاريتين، تساوي كل واحدة منهما ألف (¬4) درهم، فباع إحداهما بألف درهم، والأخرى بألفين، فقبضهما المشتري، ثم إن المضارب لقي المشتري بعد ذلك، فقال له: إني أَرْخَصْتُ عليك الجاريتين [فزدني في ثمنهما، فزاده مائة درهم وقبضها، ثم وجد المشتري بإحدى الجاريتين] (¬5) عيباً (¬6)، فأراد ردها، فإنه يردها بالثمن الذي كان (¬7) اشتراها به أولاً وبنصف المائة، لأن المائة الزيادة (¬8) إنما تقسم على قيمة الجاريتين، ولا تقسم على الثمن. ولو كان المشتري طعن فيها بعيب، فصالحه المضارب على أن حط عنه من الثمن مائة درهم، فقبضها، ثم وجد المشتري بعد ذلك بإحدى الجاريتين عيباً، فأراد ردها (¬9)، فإنه يردها بثمنها الذي كان اشتراها به، إلا أنه يحط من ذلك حصة (¬10) المائة التي كان حط عنه. فإن كانت الجارية التي ردها بالعيب التي كان اشتراها بألف درهم ردها عليه بالألف غير ثلاثة وثلاثين وثلث، ويقسم الحط على الثمنين، فيكون من الألفين الثلثان (¬11) ومن الألف الثلث. ولا يشبه الحط الزيادة، إنما الزيادة شيء اشترى به المشتري الجاريتين؛ ألا ترى أن الجاريتين لو لم يكن ثمنهما غير المائة أنك تقسم المائة على ¬

_ (¬1) ص - به. (¬2) نوع من الثياب كما تقدم. (¬3) ف - له. (¬4) م: بألف. (¬5) الزيادة مستفادة من ب؛ والكافي، 2/ 264 ظ. (¬6) ف: عنا (مهملة). (¬7) ف - كان. (¬8) ف: الزائدة. (¬9) ف: رها. (¬10) ص: بحصة. (¬11) ص: من الألف الثلثين.

باب المضارب يدفع إليه المال وهو يعمل معه فيه أو يعمل به المضارب مع رب المال

قيمتهما (¬1)، فكذلك إذا زادها بعد وقوع الشراء. ولو كان المضارب اشترى الجاريتين من المشتري بربح مائة درهم على ما باعها به، ثم وجد بإحداهما (¬2) عيباً ردها بالثمن الذي كان باعها به (¬3) من المشتري وحصةِ الثمن من المائة الربح. يقسم (¬4) المائة الربح على الثمنين؛ فإن كان ثمن الجارية التي ترد ألفاً ردها بألف وثلاثة وثلاثين وثلث، وإن كانت الجارية التي ردها الأخرى ردها بألفين وستة وستين وثلثين. ولا تشبه المرابحة في هذا الزيادة في الثمن، لأن المرابحة إنما تقسم على الثمن، والزيادة تقسم على قيمة الجاريتين. ولو كان مشتري الجاريتين اشترى إحداهما بألف درهم والأخرى بألفين فأراد أن يبيعهما (¬5) مرابحة فإنه يبيعهما (¬6) مرابحة على ثلاثة آلاف (¬7) درهم، وإن شاء باع كل واحدة منهما مرابحة على ثمنها على حدة، فإن لم يبع واحدة منهما مرابحة حتى زاد المشتري في الثمن مائة درهم ثم أراد المشتري أن يبيعها فإنه يبيع الجاريتين جميعاً مرابحة على ثلاثة آلاف ومائة. وإن أراد أن يبيع إحداهما مرابحة على حدة لم يكن له أن يبيعها مرابحة، لأن المائة إنما تقسم على قيمة الجاريتين. وهذا إنما يعرف حصة كل واحد منهما بالحَزْر والظن، فإذا كان إنما يعرف بالحزر والظن فليس له أن يبيع مرابحة إلا جميعاً. ... باب المضارب يدفع إليه المال وهو يعمل معه فيه أو يعمل به المضارب مع رب المال وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة على أن يعمل رب المال ¬

_ (¬1) ص: على قيمتها. (¬2) م ص: ثم بإحداهما وجد. (¬3) ص - به. (¬4) ص: تقسم. (¬5) ص: أن يبيعها. (¬6) ص: يبيعها. (¬7) ص: الألف.

والمضارب جميعاً، على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما نصفان (¬1)، فهذه مضاربة فاسدة، لأن رب المال لم يُخَلِّ (¬2) بينه (¬3) وبين (¬4) المال (¬5). وإن عمل المضارب على هذا فربح أو وضع فالربح لرب المال، والوضيعة عليه، وللمضارب فيما عمل أجر مثله إن ربح أو وضع. وكذلك رب المال لو لم يكن دفع المال إلى المضارب ولكنه اشترط على المضارب أن يعمل معه في المال، على أن ما رزق الله تعالى ربحاً فهو بينهما نصفان (¬6)، فعمل المضارب مع رب المال فربح أو وضع، فإن هذا أيضاً فاسد، وللمضارب أجر مثله (¬7) فيما عمل إن ربح أو وضع (¬8)، والربح لرب المال، والوضيعة عليه. وإذا أخرج الرجل من ماله ألف درهم، فقال للرجل: اعمل بهذه (¬9) مضاربة، فاشتر به (¬10) وبع، على أن ما رزق الله في ذلك من شيء فهو بينهما نصفان (¬11)، ولم يدفع إليه المال، فاشترى المضارب عليها وباع فربح أو وضع، فالربح لرب المال، والوضيعة عليه، وللمضارب أجر مثله فيما عمل، وهذه مضاربة فاسدة. إنما تكون مضاربة جائزة إذا دفع رب المال المال إلى المضارب، وكان العامل بالمال المضارب، ولم يشترط رب المال أن يعمل معه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة على أن يعمل بها ¬

_ (¬1) ص: نصفين. (¬2) م ص - يخل؛ صح م هـ؛ ف: لم يحل. (¬3) أي: بين المضارب. (¬4) ص + رب. (¬5) م ف + بشيء؛ ص + شيء. والتصحيح من ب. وانظر: المبسوط، 22/ 83. (¬6) ص: نصفين. (¬7) ف: مثل عمله. (¬8) ص - فإن هذا أيضاً فاسد وللمضارب أجر مثله فيما عمل إن ربح أو وضع. (¬9) م ص ف: هذه. والتصحيح من ب؛ والكافي، 2/ 265 و. (¬10) ف - به. (¬11) ص: نصفين.

المضارب وعبد رب المال، فما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فلرب المال النصف، وللمضارب والعبد النصف، فعمل هذا، فربحا أو وضعا، فهذه مضاربة جائزة، والربح على ما اشترطا، والوضيعة على المال. ولا يشبه العبد في هذا مولاه إن كان على العبد دين أو لم يكن. وكذلك لو كان مكان العبد مكاتب لرب المال أو أبو رب المال أو ابنه أو ذو رحم محرم منه فهو بمنزلة العبد فيما وصفت لك. وإذا دفع أحد الشريكين المتفاوضين إلى رجل مالاً مضاربة على أن (¬1) يعمل به (¬2) المضارب والشريك الآخر، على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فللمتفاوضين الثلثان، وللمضارب الثلث، فعملا على هذا فربحا أو وضعا، فهذه مضاربة فاسدة، والربح للمتفاوضين، والوضيعة عليهما، وللمضارب على المتفاوضين أجر مثله فيما ربح أو وضع يأخذ به أي المتفاوضين شاء. وإن كان مكان المتفاوضين شريكان شركة عنان فدفع أحدهما إلى رجل مالاً مضاربة على أن يعمل شريكه معه، على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فللشريكين الثلثان وللمضارب الثلث، فإن كان المال من شركتهما فإن المضاربة فاسدة، والربح والوضيعة عليهما، وللمضارب أجر مثله فيما عمل، يأخذ به الذي دفع إليه المال مضاربة، ولا سبيل على الآخر. وإن لم يكن المال من (¬3) شركتهما فهذه مضاربة جائزة، والربح على ما اشترطا، والوضيعة على المال. فإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة وابنه صغير في عياله على أن يعمل الأب معه في المال، فما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فللمضارب ثلثه، وللأب ثلثه، وللابن ثلثه، فعملا على هذا فربحا أو ¬

_ (¬1) ص + مات. (¬2) م - به. (¬3) م ص ف: فيه.

وضعا، فإن هذه مضاربة جائزة، والربح على ما اشترطوا، والوضيعة على المال. وكذلك وصي الأب في هذا بعد موت الأب هو بمنزلة الأب. ولو كان الأب يدفع إلى رجل مالاً لابنه مضاربة وابنه صغير ابن عشر سنين على أن يعمل الابن والمضارب بالمال، على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فللمضارب نصفه، فعملا على هذا فربحا أو وضعا، فإن هذه مضاربة فاسدة، والربح كله للابن، والوضيعة على المال، وللمضارب أجر مثله فيما عمل إن ربح أو وضع، ويرجع به على الأب، ولا سبيل له على الابن (¬1)، وللأب أن يؤديه من مال الابن، وكذلك الوصي في هذا. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة بالنصف، فرده المضارب (¬2) على رب المال، فأمره أن يشتري له ويبيع على المضاربة، فاشترى به رب (¬3) المال فربح أو وضع، ولم يل المضارب بيع شيء من ذلك ولا شراءه، فإن هذه مضاربة جائزة، والربح على (¬4) ما اشترطا، والوضيعة على المال، لأن رب المال إنما اشترى بالمال وباع بأمر المضارب، فالمال بمنزلة البضاعة للمضارب في يدي رب المال. ولو كان رب المال إنما أخذ المال من منزل المضارب بغير أمر المضارب فاشترى به وباع فربح أو وضع فقد انتقضت المضاربة، والربح كله لرب المال، والوضيعة عليه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف فاشترى بها المضارب جارية وقبضها، فأخذها (¬5) رب المال، فباعها بغير أمر المضارب، فربح فيها ربحاً، فبيعه جائز، والربح فيها على ما اشترطا، ولا يكون أخذ رب المال الجارية نقضاً للمضاربة. ولو كان رب المال حين باع الجارية باعها بألفي درهم ثم اشترى بالألفين جارية أخرى فباعها بأربعة آلاف، ¬

_ (¬1) م ص + منه. (¬2) م: والمضارب. (¬3) ف - رب؛ صح هـ. (¬4) م - على. (¬5) م ف: فأخذ.

ضمن (¬1) رب المال للمضارب (¬2) خمسمائة (¬3) حصته من الربح [في] ثمن الجارية الأولى، ولا حق له في ثمن الجارية الأخيرة، لأن رب المال حين باع الجارية الأولى بألفي درهم كان بيعه جائزاً على المضارب، فكان الثمن على المضاربة، فلما اشترى بالثمن جارية أخرى كان إنما اشترى لنفسه، فما ربح في الجارية الثانية فهو له، وما وضع [فهو] عليه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة فاشترى بها جارية وقبضها ودفعها إلى رب المال، وأمره أن يبيعها وأن يشتري بثمنها ويبيع على المضاربة، فباعها رب المال بألفي درهم، ثم اشترى بالألفين جارية، فباعها بأربعة آلاف درهم وقبض الثمن، فإن هذا كله على المضاربة، ولرب المال في ذلك رأس ماله ألف درهم، وما بقي فهو بينهما نصفان. فإن لم يقتسما المال حتى ضاع منه ألفا درهم في يد رب المال فإن الذي ضاع من الربح، ويستوفي رب المال رأس ماله ألف درهم مما بقي (¬4)، وما بقي فهو بينهما نصفان (¬5)، لأن الألفين لم يتعين [حق المضارب] فيه قبل (¬6) القسمة وقبل أن يستوفي رب المال رأس ماله، ولا يكون رب المال مستوفيا لرأس ماله بكينونة المال في يديه، لأنه مال لم تقع فيه قسمة بعد، فرب المال فيه بمنزلة الأمين. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف فاشترى بها المضارب جارية وقبضها، فأخذها رب المال بغير أمر (¬7) المضارب فباعها بغلام يساوي ألفين، فقبض الغلام فباعه بأربعة آلاف درهم، فإن هذا كله على المضاربة، يستوفي رب المال رأس ماله ألف درهم، وما بقي فهو ¬

_ (¬1) ص: فضمن. (¬2) م: المضارب. (¬3) م ص ف + ولو كان رب المال. والتصحيح من الكافي، 2/ 266 و. (¬4) ف - مما بقي. (¬5) ص: نصفين. (¬6) م ص ت: لم يتقرى فى الأصل. والتصحيح مع الزيادة مستفاد من كلام الكاساني في شرح المسألة ونظائرها. انظر: بدائع الصنائع، 6/ 113 - 114. (¬7) ص: إذن.

بينهما نصفان (¬1)، لأن المال لم يخرج من المضاربة حتى صار أربعة آلاف درهم؛ ألا ترى أن رب المال حين باع الجارية بغلام كان الغلام من المضاربة، وهو عرض، فهو بمنزلة الجارية الأولى، فلما باعه جاز بيعه فيه على المضاربة كما جاز في الجارية الأولى. ولا يشبه هذا بيعه الجارية الأولى بالدراهم، لأنه حين باع الجارية الأولى بالدراهم عادت المضاربة على حالها، فليس له أن يشتري بها شيئاً على المضاربة إلا المضارب، فإن اشترى بها شيئاً فإنما اشترى لنفسه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى بها جارية تساوي ألفاً، فأخذها رب المال بغير أمر المضارب، فباعها بمائتي دينار وقبض الدنانير، فاشترى بها جارية فباعها بأربعة آلاف درهم (¬2)، فإن الدراهم لرب المال، ولا يكون على المضارب (¬3)، ورب المال ضامن لمائتي دينار، يستوفي منها رأس المال ألف درهم، وما بقي فهو بين رب المال وبين المضارب نصفان (¬4) على ما اشترطا. والدنانير في هذا والدراهم سواء، لأن الدنانير والدراهم ثمن، وليستا (¬5) بعروض. وإن كان رب المال لم يشتر بالدنانير جارية ولكنه اشترى بها ثلاثة آلاف درهم كانت الدراهم على المضاربة، يستوفي منها رب المال رأس ماله ألف درهم، وما بقي فهو بينهما على المضاربة، لأن الثمن حين كان دنانير والمضاربة دراهم فلرب المال أن يبيع الدنانير حتى يحولها إلى المضاربة، وليس له أن يشترى بها شيئاً غير المال الذي كان مضاربة في الأصل؛ ألا ترى أن رب المال لو مات وفي (¬6) يدي المضارب دنانير وكانت المضاربة دراهم لم يكن للمضارب أن يشتري بالدنانير شيئاً على المضاربة غير الدراهم. وكذلك رب المال ليس له أن يشتري بالدنانير شيئاً غير المال الذي كان مضاربة بالأصل. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى بها ¬

_ (¬1) ص: نصفين. (¬2) م ص - درهم. (¬3) ف: على المضاربة. (¬4) ص: نصفين. (¬5) ص: وليسا. (¬6) ص: في.

المضارب جارية، فأخذها رب المال بغير أمر المضارب، فباعها بشيء مما يكال أو يوزن غير الدراهم والدنانير، ثم باع ذلك الشيء الذي باع به (¬1) الجارية بالغلام، وقبض الغلام، فباعه بأربعة آلاف درهم، فإن هذا جائز كله، وهو على المضاربة، يستوفي منه رب المال رأس ماله ألف درهم، وما بقي فهو بينهما نصفان (¬2) على ما اشترطا، وجميع ما يكال أو يوزن غير الدراهم والدنانير بمنزلة العروض في جميع ما وصفت لك من هذه الوجوه. وإذا دفع العبد المأذون له في التجارة إلى رجل مالاً مضاربة فهو جائز، فإن اشترط المضارب أن يعمل بالمال هو ومولى العبد جميعاً، على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فللعبد نصفه، وللمضارب ربعه (¬3)، ولمولى العبد ربعه، فعمل المضارب ومولى العبد جميعاً بالمال، فربحا أو وضعا، فإن كان العبد المأذون له لا دين له عليه فالمضاربة فاسدة، لأن (¬4) المال مال العبد، والربح كله للمولى، والوضيعة على المال، وللمضارب أجر مثله فيما عمل إن وضعا أو ربحا. فإن كان العبد عليه دين فالمضاربة جائزة، والربح على ما اشترطوا، والوضيعة على المال. ولو كان العبد دفع المال ولا دين عليه إلى رجل مضاربة على أن يعمل العبد والمضارب بالمال جميعاً، على أن للمضارب نصف الربح ولرب المال نصفه، فهذه مضاربة فاسدة، والربح كله لرب المال، والوضيعة على المال، وللمضارب على العبد أجر مثله فيما عمل، لأن العبد هو الذي دفع المال واشترط (¬5) أن يعمل بالمال مع المضارب، فالمضاربة فاسدة إن كان (¬6) المال لرب المال. وإذا دفع المكاتب إلى رجل ألف درهم مضاربة فذلك جائز، فإن اشترط المكاتب على المضارب أن يعمل بالمال هو ومولى المكاتب، على أن للمكاتب نصف الربح ولهما نصفه، فإن هذه مضاربة جائزة. فإن لم ¬

_ (¬1) م ص - به. (¬2) ص: نصفين. (¬3) ص: نصفه. (¬4) ف + رب. (¬5) م: واشترطه. (¬6) م ف: وإن كان.

يعمل المضارب بالمال حتى عجز المكاتب ولا دين عليه فإن المضاربة فاسدة، لأن المكاتب حين عجز صار المال لرب المال، فإن اشتريا بعد ذلك فربحا أو وضعا فالربح كله لرب المال، والوضيعة على المال، والأجر للمضارب فيما عمل، فإن لم يعجز المكاتب حتى (¬1) اشترى المولى والمضارب بالمال جارية ثم عجز المكاتب بعد ذلك (¬2)، فباع الجارية بغلام، ثم باع الغلام بأربعة آلاف، فإن المولى منها يستوفي رأس ماله، وما بقي فهو بينهما على ما اشترطا. وعجز المكاتب في هذه المنزلة بمنزلة موته. فإذا عجز أو مات والمضاربة دراهم أو دنانير لم يكن لهما أن يشتريا بها شيئاً على المضاربة. وإذا عجز أو مات والمضاربة عروض فما باع العروض به من (¬3) شيء (¬4) اقتسما ربحه على ما اشترطا. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة بالنصف، وأمره أن يعمل فيه برأيه، فدفعه الرجل إلى رجل آخر مضاربة، على أن يعمل المضارب الأول والمضارب الأخير بالمال، على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فللمضارب الآخر ربعه، وللمضارب الأول ربعه، ولرب المال نصفه، فإن هذه مضاربة فاسدة. فإن عملا على هذا فربحا أو وضعا فالربح كله بين المضارب الأول (¬5) وبين رب المال نصفين، والوضيعة على المال، وللمضارب الآخر أجر مثله فيما عمل في المال إن ربح أو وضع، لأن المضارب الأول حين شرط عليه أن يعمل معه في المال لم يُخَلِّ بينه وبينه، وصارت مضاربة فاسدة. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة بالنصف، فدفعه المضارب إلى رب المال مضاربة بالثلث، فاشترى به رب المال وباع فربح أو وضع، ¬

_ (¬1) م ص: حين. (¬2) م ص + حتى اشترى المولى والمضارب بالمال جارية ثم عجز المكاتب بعد ذلك. (¬3) ص - من. (¬4) ص: شيئاً. (¬5) ص - الأول.

باب الاختلاف في المضاربة بين المضارب ورب المال

فإن المضاربة الأولى جائزة، والمضاربة الأخيرة باطل، ويقتسم المضارب ورب المال الربح نصفين على ما اشترطا في المضاربة الأولى، وأما المضاربة الثانية فهي (¬1) باطل، والمال في يدي رب المال بمنزلة البضاعة، كأنه أمره أن يشتري به ويبيع على وجه البضاعة، ألا ترى أن المضارب لو استأجر رب المال أن يشتري له ويبيع بعشرة دراهم في الثمن فاشترى رب المال به وباع فربح أو وضع كان ما صنع من ذلك جائزاً على المضاربة، ولا أجر لرب المال، لأنه عمل في ماله، فكذلك (¬2) الثانية. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة بالنصف، وأمره أن يعمل فيه برأيه، فدفع المضارب المال إلى رجل آخر مضاربة بالربع، على أن يعمل هو ورب المال، فعملا فربحا أو وضعا، فإن المضاربة الثانية فاسدة، والربح كله بين رب المال وبين المضارب الأول نصفين على ما اشترطا، وللمضارب الآخر أجر مثله فيما عمل إن ربح أو وضع، لأن المضارب الأول حين اشترط على المضارب الآخر أن يعمل معه رب المال لم يُخَلِّ بينه وبين المال، لأن صاحب المال يعمل مع المضارب الآخر، فهو بمنزلة المضارب الأول لو عمل مع المضارب الآخر. ... باب الاختلاف في المضاربة بين المضارب (¬3) ورب المال وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة فربح فيها ألفاً، ثم اختلف المضارب ورب المال، فقال المضارب: شرطت في نصف الربح، وقال رب المال: شرطت لك (¬4) ثلث الربح، فالقول قول رب ¬

_ (¬1) ص: فهو. (¬2) ف: وكذلك. (¬3) م ص: من المضارب. (¬4) ص: لي.

المال مع يمينه، وعلى المضارب البينة (¬1). فإن أقام المضارب البينة على ما ادعى أخذت ببينته. فإن أقاما جميعاً البينة أخذ ببينة المضارب، لأنه يدعي الفضل في الربح على ما أقر به رب المال. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة فربح فيه ربحاً، فقال رب المال: شرطت لك مائة درهم من الربح، أو قال: دفعت إليك المال مضاربة، ولم أشترط لك ربحاً، وقال المضارب: شرطت في نصف الربح، فالقول قول رب المال مع يمينه. فإن حلف على ما ادعى عليه المضارب أعطى المضارب أجر مثله فيما عمل، والمضاربة الفاسدة في هذا الوجه والجائزة سواء. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة فربح فيه ربحاً، فقال المضارب: شرطت في ثلث الربح، وقال رب المال: شرطت لك ثلث الربح وزيادة عشرة دراهم، فلك علي أجر مثلك، فإن القول في هذا قول المضارب، وله ثلث الربح، ولا يصدق رب المال على ما ادعى من فساد المضاربة. فإن أقاما جميعاً البينة على ما ادعيا من ذلك أخذ ببينة رب المال، وكان عليه أجر مثله فيما عمل له المضارب، لأنه يدعي الفساد، فالبينة بينته. ولو كان رب المال ادعى أنه شرط للمضارب ثلث الربح إلا عشرة دراهم وقال المضارب: شرطت في ثلث الربح، كان القول قول رب المال، وللمضارب أجر مثله فيما عمل. فإن أقاما جميعاً البينة على ما ادعيا أخذ ببينة المضارب. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة فاشترى به وباع فوضع وضيعة، فقال رب المال: شرطت لك نصف الربح فلم تربح شيئاً، وقال المضارب: شرطت لي ربح مائة درهم، أو دفعت المال إلي مضاربة ولم تشترط في ربحاً فلي أجر مثلي فيما عملت، فالقول قول رب المال مع يمينه، لأن المضارب يدعي الأجر على رب المال، فعليه البينة. فإن أقاما ¬

_ (¬1) م ف: بينة.

جميعاً البينة فأقام رب المال البينة أنه شرط نصف الربح، وأقام المضارب البينة أنه دفع إليه المال مضاربة ولم يشترط له ربحاً، فإن البينة بينة رب المال، ولا يلتفت إلى بينة المضارب، لأن بينة رب المال شهدوا أنه شرط له نصف الربح. ولا يلتفت إلى البينة الذين قالوا: لم يشرط له شيئاً، لأن هذه ليست (¬1) بشهادة. والقول في هذا الوجه قول رب المال، والبينة بينته. ولو أقام رب المال البينة أنه شرط للمضارب نصف الربح، وأقام المضارب البينة أنه شرط له ربح مائة درهم، فالبينة في هذا بينة المضارب، لأنه المدعي. ألا ترى أنه ادعى في المضاربة ربحاً فاسداً، فلما ادعى ذلك كان مدعياً لأجر مثله، فالبينة بينته لما ادعى. وعلى هذا جميع هذه الوجوه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة فاشترى به وباع فربح ربحاً أو وضع وضيعة، فادعى المضارب أنه دفع إليه المال مضاربة وشرط له ربح مائة درهم، أو قال: شرطت لي نصف الربح، فقال رب المال: إنما دفعت إليه (¬2) المال بضاعة وأمرته أن يشتري في ما بدا له ويبيع، فإن القول قول رب المال مع يمينه، وجميع ما فيه من الربح لرب المال، والوضيعة على رب المال، ولا شيء للمضارب على رب المال في شيء من ذلك. فإن أقاما جميعاً البينة على ما ادعيا، فأقام رب المال (¬3) البينة أنه دفع إليه المال بضاعة، وأقام المضارب البينة أنه دفع إليه المال مضاربة، وشرط له نصف الربح، أو قالوا (¬4): اشترط له ربح مائة درهم، أو قالوا: دفع إليه المال مضاربة، ولم يسموا شيئاً، وادعى ذلك المضارب، فإن البينة في هذا كله بينة المضارب. فإن كانت شهود المضارب شهدوا له بنصف الربح فله نصف الربح إن كان في المال ربح، فإن لم يكن فيه ربح فلا شيء له. فإن كانوا شهدوا له بربح مائة درهم، أو قالوا: دفع المال إليه مضاربة ولم يسم شيئاً، فللمضارب على رب المال أجر مثله فيما عمل إن كان ربح في المال ربحاً أو وضع وضيعة. ¬

_ (¬1) ص: ليس. (¬2) ف - إليه. (¬3) ص - رب المال؛ صح هـ. (¬4) م ص: أو قال.

وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة فجاء المضارب بالمال وهو ألفا درهم، فقال رب المال: رأس مالي ألفا درهم فلا ربح لك، وقال المضارب: كان رأس المال ألف درهم وقد ربحت ألف درهم، وقد كان شرط المضاربة فيما بينهما على النصف، فإن أبا حنيفة -رحمه الله- كان يقول: القول قول رب المال ولا ربح للمضارب. ثم رجع عن ذلك فقال: القول قول المضارب ورأس المال ألف درهم والربح ألف درهم وهو بينهما نصفان (¬1). وهذا قول أبي يوسف. وهو أحب القولين إلي. فإن اختلف المضارب ورب المال فيما شرطا من الربح في المضاربة، فقال المضارب: شرطت لي نصف الربح وكان رأس المال ألف درهم والربح ألف درهم، وقال رب المال: شرطت لك ثلث الربح وكان رأس مالي ألفي درهم، فالقول قول المضارب في رأس المال، والقول قول رب المال فيما اشترطا من الربح مع أيمانهما، فيأخذ رب المال رأس ماله ألف درهم، ويأخذ ثلثي الربح، ويأخذ المضارب ثلث الربح. وإن أقاما جميعاً البينة على ما ادعيا من ذلك فإن البينة بينة رب المال، ويأخذ الألفين كلها فتكون له خاصة، لأنه (¬2) قد أقام البينة أن رأس ماله ألفا درهم. فإن كان المال الذي في يدي المضارب ثلاثة آلاف درهم فالبينة بينة رب المال على ما ادعى من رأس المال، والبينة بينة المضارب على ما ادعى من الربح، فيأخذ رب المال رأس ماله ألفي درهم، ويبقى ألف درهم، للمضارب نصفها، ولرب المال نصفها. وإذا دفع الرجل إلى الرجلين مالاً مضاربة بالنصف، فجاءا (¬3) بثلاثة آلاف درهم، فقال رب المال: كان رأس مالي ألفي درهم، والربح ألف درهم (¬4)، وقال أحد المضاربين: كان رأس المال ألف درهم، والربح ألفي (¬5) درهم، وصدق المضارب الآخر رب المال فيما ادعى من ذلك، ¬

_ (¬1) ص: نصفين. (¬2) م ص: ولأنه. (¬3) م ص: فجاء. (¬4) ص - والربح ألف درهم. (¬5) ص: ألفا.

فإن رب المال يأخذ من ذلك كله ألف درهم، لأنهما قد اجتمعا عليها، ويبقى في يدي المضاربين ألفا درهم، فيأخذ رب المال من يدي المضارب الذي أقر له برأس المال ألفي درهم خمسمائة (¬1) درهم، ثم يقاسم (¬2) رب المال المضارب الآخر خمسمائة درهم من الألف التي في يديه على ثلاثة أسهم، لرب المال ثلثاها، وللمضارب ثلثها، فيصير في يدي رب المال ألف درهم وثمانمائة درهم وثلاثة وثلاثون درهماً وثلث درهم، ويبقى في يدي المضاربين ألف درهم، فهي ربح بينهم، لرب المال خمسمائة، وللمضاربين لكل واحد منهما مائتا درهم وخمسون، فيضم نصيب المضارب الذي أقر برأس المال ألفي درهم إلى نصيب رب المال، فيصير سبعمائة وخمسين، فيستوفي من ذلك المال تمام ألفي درهم رأس ماله، وذلك مائة وستة وستون وثلثان، وما بقي بعد ذلك من السبعمائة والخمسين فهو بين رب المال وبين المضارب الذي أقر برأس المال ألفي درهم، لرب المال الثلثان من ذلك، وللمضارب الثلث، فيكون لرب المال ألفا درهم رأس ماله، ويكون له من الربح ثلائمائة وثمانية وثمانون درهماً وثمانية أتساع (¬3) درهم، ويكون للمضارب الذي أقر برأس المال ألفي (¬4) درهم من الربح مائة درهم وأربعة وتسعون درهماً وأربعة أتساع درهم، ويكون للمضارب الذي أقر برأس المال ألف درهم من الربح أربعمائة وستة عشر وثلثان، لأن المضارب الذي أقر برأس المال ألفي درهم لا ربح له حتى يستوفي رب المال رأس ماله ألفي درهم على ما أقر به لرب المال. فإن أقاموا جميعاً البينة على ما ادعوا من ذلك أخذ ببينة رب المال، وبطلت بينة المضارب. فإن لم تكن لهما بينة حلف المضارب على ما ادعى رب المال. فإن نكل عن اليمين كان رأس المال ألفي درهم، وعلى هذا جميع هذه الوجوه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة فربح فيها ربحاً، فقال ¬

_ (¬1) ص: وخمسمائة. (¬2) ص: ثم تقاسم. (¬3) م ص ف: أسباع. (¬4) م ص: ألفا.

المضارب: أقرضتني هذا المال، فربحت فيه، فالربح لي، وقال رب المال: دفعته إليك مضاربة بالثلث، أو قال: دفعته إليك بضاعة، أو قال: دفعته إليك مضاربة، ولم أسم لك ربحاً، أو قال: دفعته إليك مضاربة بربح مائة درهم، فإن القول في ذلك قول رب المال، ولا يصدق المضارب على ما ادعي من القرض. فإن كان رب المال ادعى أنه بضاعة أخذ المال كله، ولا شيء للمضارب (¬1) عليه. وأن كان ادعى مضاربة بالثلث أخذ المضارب ثلث الربح. وإن كان ادعى مضاربة بغير تسمية ربح أو ربح مائة فالمال كله لرب المال، وللمضارب على رب المال أجر مثله، لأن المضارب يدعي أن الذي أخذ منه رب المال من الربح كله له، ورب المال يزعم أن له عليه أجر مثله، فيأخذ المضارب أجر مثله من رب المال قضاءً مما (¬2) ما ادعى من المال الذي أخذ منه رب المال. فإن هلك المال في يدي المضارب بعد هذا القول قبل أن يقبضه رب المال فإن المضارب ضامن لجميع ما كان في يديه من ذلك المال من رأس المال والربح، لأنه ادعى أنه له، فضمن ما كان في يديه من ذلك. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة ألف درهم، فربح فيها ربحاً، فقال المضارب: شرطت لي نصف الربح، وقال رب المال: شرطت لك ثلث الربح، فلم يقبض رب المال حتى هلك المال كله في يدي المضارب، فإن المضارب ضامن لسدس الربح يؤديه إلى رب المال، وإنما ضمن السدس، لأنه ادعى أنه له فضمنه، وهو السدس الذي بين الثلث [الذي] أقر له به رب المال والنصف الذي ادعى لنفسه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً (¬3)، فعمل به فوضع فيها، أو هلك في يديه قبل أن يعمل به، فقال المضارب: دفعته إلي مضاربة، ¬

_ (¬1) ص + على ما ادعى من القرض فإن كان رب المال ادعى أنه بضاعة أخذ المال كله ولا شيء للمضارب. (¬2) م ص ف: فصار ما. والتصحيح من ب، والكافي، 2/ 268 ظ، والمبسوط، 22/ 93. (¬3) ص + مضاربة.

وقال رب المال: دفعته إليك قرضاً، فإن كان المضارب عمل بالمال فالقول قول رب المال، والمضارب ضامن للمال، وما كان في ذلك من ربح أو وضيعة فهو للمضارب، وإن كان المال ضاع في يدي المضارب قبل أن يعمل به فالقول قول المضارب مع يمينه. فإن أقاما جميعاً البينة على ما ادعيا من ذلك، فإن كان المال ضاع قبل أن يعمل به المضارب، فالبينة بينة رب المال، والمضارب ضامن. وكذلك إن كان المال ضاع بعدما عمل به المضارب فهو سواء. ولو قال المضارب: دفعت إلي المال مضاربة، وقال رب المال: أخذته مني غصباً، وقد ضاع المال قبل أن تعمل به، فلا ضمان على المضارب. فإن كان قد عمل به ثم ضاع فالمضارب ضامن للمال. فإن أقاما جميعاً البينة على ما ادعيا من ذلك فالبينة بينة المضارب في الوجهين إن كان المال ضاع قبل أن يعمل به أو بعد ذلك. ولو قال المضارب: أخذت منك هذا المال مضاربة، فضاع مني قبل أن أعمل به، أو بعدما عمل به، وقال رب المال: أخذته مني غصباً، فإن المضارب ضامن في الوجهين جميعاً، لأنه أقر أنه أخذ المال، والأخذ غصب. ولا يشبه قوله: أخذته منك مضاربة، قوله: دفعته إلي مضاربة. إذا قال: أخذته منك، فقد أقر بغصبه. وإذا قال: دفعته إلي مضاربة، فلم يقر بأخذه، فليس بغاصب، إلا أن يعمل به فيضمن. ولو قال المضارب: أخذته منك مضاربة، فضاع قبل أن أعمل به، وقال رب المال: أقرضتك المال قرضاً، فلا ضمان على المضارب إلا أن يعمل بالمال. فإن قال المضارب: أخذته مضاربة، فضاع قبل أن أعمل به أو بعدما عملت به، وأقام على ذلك البينة، وأقام رب المال البينة أنه أخذه منه غصباً، فالبينة بينة المضارب، لأنه يدعي الإذن من رب المال، فالبينة بينته. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً فربح فيه ربحاً، فقال رب المال: دفعت إليك المال بضاعة، وقال المدفوع إليه: دفعته إلي مضاربة بالنصف، فالقول قول رب المال مع يمينه، والبينة على (¬1) المضارب. فإن أقاما جميعاً ¬

_ (¬1) ف: بينة.

البينة على ما ادعيا من ذلك فالبينة بينة المضارب (¬1)، لأنه يدعي حصته من الربح، فالبينة بينته. وإذا دفع الرجل إلى الرجلين ألف درهم مضاربة بالنصف، فجاءا (¬2) بألفي درهم، فقال أحدهما: ألف درهم رأس مال المضاربة وألف درهم ربح، فصدقه رب المال في ذلك، وقال المضارب الآخر: ألف درهم رأس مال المضاربة (¬3)، وخمسمائة درهم ربح، وخمسمائة دين لفلان علينا في المضاربة، وادعى ذلك المقر له، فإن رب المال يأخذ رأس ماله ألف درهم، ويأخذ المقر له بالدين من المضارب الذي أقر له مائتين (¬4) وخمسين درهماً مما في يديه (¬5)، ويقاسم المضارب الذي أنكر الدين رب المال مائتين وخمسين مما في يديه على ثلاثة أسهم، سهمان من ذلك لرب المال، وسهم للمضارب (¬6) الذي أنكر الدين. ويبقى في يدي المضاربين خمسمائة درهم. فأقروا جميعاً أنها ربح. فيقتسمونها (¬7) بينهم، لرب المال نصفها، وللمضاربين نصفها بينهما نصفين. ولا يرجع صاحب الدين على المضارب الذي أقر له بشيء من الدين غير ما أخذ منه. وكذلك لو كان أحد المضاربين ادعى الخمسمائة الدين لنفسه، فقال: خمسمائة من هذا المال مالي، فهو لي خاصة، وخمسمائة ربح، كان الأمر كما وصفت لك، يكون له مما في يديه خاصة إذا ما ادعى مائتان وخمسون، ويقتسم المضارب الآخر ورب المال مائتي درهم وخمسين درهماً بينهم أثلاثاً، ويبقى ¬

_ (¬1) ف - فإن أقاما جميعاً البينة على ما ادعيا من ذلك فالبينة بينة المضارب. (¬2) م ص: فجاء. (¬3) م ص: المضارب. (¬4) ص: بمائتين. (¬5) م ص ف + على ثلاثة أسهم سهمان من ذلك لرب المال وسهم للمضارب. وهذه العبارة مكانها في الجملة التالية. انظر الحاشية التالية. والتصحيح مستفاد من الكافي، 2/ 269 و. (¬6) م ص ف - على ثلاثة أسهم سهمان من ذلك لرب المال وسهم للمضارب. وانظر الحاشية السابقة. (¬7) ص: مقتسمونها.

خمسمائة، فيقتسمونها بينهم جميعاً أرباعاً. وإذا دفع الرجل إلى الرجلين ألف درهم مضاربة بالنصف، فجاءا (¬1) بألفي درهم، خمسمائة منها بِيض، وألف وخمسمائة منها سُود، فقال أحد المضاربين: الخمسمائة درهم البيض (¬2) وديعة لفلان، والخمسمائة السود (¬3) ربح، وقال المضارب الآخر: الألف كلها ربح (¬4)، فإن رب المال يأخذ رأس ماله ألف درهم من السود، ويأخذ المقر له بالوديعة مائتين وخمسين من البيض، وهي التي في يدي المقر بالوديعة، ويقسم المضارب الآخر ورب المال المائتين وخمسين (¬5) البيض التي في يدي المضارب على ثلاثة أسهم، سهم للمضارب، وسهمان لرب المال، ويقتسمون جميعاً الخمسمائة السود التي أقروا أنها ربح على أربعة أسهم، سهمان من ذلك لرب المال، وسهمان للمضاربين، لكل واحد منهما سهم. وكذلك لو كانت الألفان في يد المضارب المنكر للوديعة، من قبل أنه مقر أن المال في أيديهما، حيث أقر أنه مضارب معه، فالمال في يديه وفي أيديهما سواء. ولا يشبه هذا أن يكون المال كله في يدي المقر، فكان كان المال في يدي المقر فهو مصدق (¬6)، ولا يصدق رب المال. فإن كان المضاربان (¬7) حين جاءا بألفين كانت الخمسمائة البيض كلها في يدي المضارب المقر (¬8) بالوديعة، فقال: هذه الخمسمائة وديعة لفلان عندي، وما بقي فهو ربح، وقال المضارب الآخر ورب المال: كله ربح، فإن رب المال يأخذ رأس ماله ألف درهم من السود، ويأخذ صاحب الوديعة وديعته كلها، ويقتسمون الخمسمائة السود كلها بينهم على أربعة أسهم، سهمان من ذلك لرب المال، ولكل واحد من المضاربين سهم. ولا ينقص المضارب المقر بالوديعة من ¬

_ (¬1) م ص: فجاء. (¬2) م ف: بيض. (¬3) م: للسود. (¬4) م ص - ربح؛ صح م هـ. (¬5) ص: واالخمسين. (¬6) م: "فهو مصدق" غير واضح. (¬7) م ص ف + جاءا. والتصحيح من الكافي، 2/ 269 ظ. (¬8) ص ف - المقر.

حقه في هذه الخمسمائة السود شيئاً بإقراره بالوديعة. ولو كانت البيض في يدي المضارب المنكر للوديعة والمسألة على حالها أخذ رب المال رأس ماله ألف درهم، وما بقي من المال قسم على أربعة أسهم، سهمان من ذلك لرب المال، وسهمان من ذلك للمضاربين، لكل واحد منهما سهم، فإن أخذ المضارب المقر بالوديعة سهمه دفع إلى رب الوديعة ما وقع في سهمه من الدراهم البيض، لأنه أقر أنها وديعة لا حق له فيها. وإذا دفع الرجل إلى الرجلين ألف درهم مضاربة بالنصف وأمرهما أن يعملا في ذلك برأيهما، فجاءا بألفي درهم في أيديهما جميعاً، فقال أحدهما: ألف درهم منها رأس مال المضاربة، وخمسمائة ربح، وخمسمائة وديعة لفلان، خلطناها بهذا المال بأمره، فهو شريكنا بهذا المال بخمسمائة درهم، وصدقه فلان بذلك، وقال المضارب الآخر ورب المال: الألف كلها ربح، فإن رب المال يأخذ رأس ماله ألف درهم، ويأخذ المقر له بالشركة مائتي درهم وخمسين درهماً مما في يدي المضارب المقر بالشركة، ويقاسم المضارب المنكر للشركة رب المال مائتين وخمسين درهماً مما في يديه على ثلاثة أسهم، سهمان من ذلك لرب المال، وسهم للمضارب، ويقتسم رب المال والمضاربان جميعاً الخمسمائة الباقية التي أقروا بأنها ربح بينهم على أربعة أسهم، سهمان من ذلك لرب المال، وسهمان للمضاربين، لكل واحد منهما سهم، فيكون للمضارب المقر بالشركة من المال مائة درهم وخمسة وعشرون درهماً، فيجمع إلى المائتين والخمسين التي أخذها صاحب الشركة، فيقسم ذلك بين صاحب الشركة وبين المضارب المقر بالشركة على خمسة أسهم بينهم، من ذلك سهم وهو الخمس للمضارب المقر بالشركة، وأربعة أسهم للمقر له بالشركة خمسة وتسعون درهماً؛ لأن المضارب المقر بالشركة قد أقر أن لصاحب الشركة في الألف التي بقيت بعد رأس المال خمسمائة درهم نصف الألف، وأن (¬1) النصف الباقي بين المضاربين وبين رب المال على أربعة أسهم، لكل واحد من المضاربين ¬

_ (¬1) ص: فإن.

سهم، فهو يزعم أن الألف التي بقيت بعد رأس المال ينبغي أن تقسم على ثمانية أسهم، أربعة أسهم من ذلك لصاحب الشركة، وسهم له (¬1)، وسهم لصاحبه، وسهمان لرب المال. فإذا جحد رب المال والمضارب الآخر بالشركة (¬2) فهو يزعم أن الظلم دخل عليهما على حساب ما كان لهما في أصل المال. وكل شيء صار لهما من هذا المال فينبغي أن يقسم بينهما على خمسة أسهم، أربعة أسهم من ذلك لصاحب الشركة، وسهم له. ولو كان المال كله يوم أقر المضارب (¬3) بالشركة في يدي المضارب المقر بالشركة أخذ المقر له بالشركة جميع الخمسمائة من المال، وأخذ رب المال رأس ماله، وبقيت خمسمائة، فهي بين المضاربين وبين رب المال على أربعة أسهم، سهمان من ذلك لرب المال، وللمضاربين سهمان، لكل واحد منهما سهم. ولا ينقص المضارب المقر بالشركة لإقراره بالشركة شيئاً من حصته من الربح، لأن المال كان في يديه، فالقول قوله فيه. ولو كان المال كله (¬4) في يدي المضارب المنكر للشركة والمسألة على حالها فإن رب المال يأخذ رأس ماله ألف درهم، ويقتسمون الألف الباقية رب المال والمضاربان على أربعة أسهم، سهمان لرب المال، وسهمان للمضاربين بينهما نصفان، فيكون لرب المال من الألف الربح خمسمائة، ويكون للمضارب المنكر للشركة مائتان وخمسون، ويكون للمضارب المقر بالشركة مائتان وخمسون (¬5)، فيقتسمها هو وصاحب الشركة بينهما على خمسة أسهم، أسهم، من ذلك وهو الخمس للمقر بالشركة، والأربعة الأسهم لصاحب الشركة، فيكون للمضارب المقر بالشركة خمسون درهماً، ويكون لصاحب الشركة مائتا درهم. وعلى هذا جميع هذا الباب وقياسه. ¬

_ (¬1) ص - وسهم له. (¬2) يقال: جحد حقه وجحد بحقه. وفي التنزيل: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} [سورة النمل، 14]. وانظر: لسان العرب، "جحد". (¬3) ص: بالمضاربة. (¬4) م + كان؛ ص - المال كله. (¬5) م ص + ويكون للمضارب المقر بالشركة مائتان وخمسون.

وإذا دفع الرجل إلى الرجلين (¬1) ألف درهم مضاربة بالنصف، وقال لهما: اعملا في ذلك برأيكما، فجاءا بألفين، فقال أحد المضاربين: كان رأس المال ألف درهم، فشاركنا فلاناً (¬2) في المال فجاء بخمسمائة درهم، فخلطنا (¬3) بالألف، ثم عملنا بالمال، فربحنا خمسمائة درهم، وقال المضارب الآخر: الألف كلها ربح، فإن صاحب رأس مال المضاربة يأخذ مما في يدي المضاربين رأس ماله ألف درهم، ويدفع المضارب المقر بالشركة [إلى] (¬4) الذي أقر له بالشركة مما في يديه مائتين وخمسين نصف الخمسمائة التي أقر أنها له، ويبقى في يدي المضارب المقر بالشركة مائتان وخمسون، فقد أقر أنها ربح بين صاحب الشركة وبين المضاربين ورب المال على ثلاثة [أسهم] (¬5)، فيأخذ صاحب الشركة منهما حصته من الربح ثلث مائتين وخمسين، وذلك ثلاثة وثمانون وثلث، ويبقى في يدي المضارب المقر بالشركة مائة وستة وستون درهماً وثلثان، وينظر إلى ما بقي في يدي المضارب الذي أنكر الشركة وهو خمسمائة، فيرفع منهما مائتان وخمسون وثلث المائتين والخمسين الباقية وهو ثلاثة وثمانون وثلث، فيكون ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث (¬6)، فيقتسمها رب المال والمضارب المنكر للشركة على ثلاثة أسهم، الثلثان من ذلك لرب المال، والثلث للمضارب، ويجمع جميع ما بقي في يدي المضاربين بعد ذلك، وذلك ثلاثمائة وثلاثة وثمانون وثلث، فيقسم بين المضاربين وبين رب المال على أربعة أسهم، سهمان من ذلك لرب المال، وسهمان للمضاربين، لكل واحد منهما سهم، فيكون للمضارب المقر بالشركة من ذلك ثلاثة وثمانون وثلث، فيجمع إلى ما أخذ (¬7) صاحب الشركة، فيقسم بين صاحب الشركة وبين المضارب المقر بالشركة على تسعة أسهم، التسع من ذلك للمضارب المقر، وثمانية أتساع ذلك لصاحب الشركة، لأن المضارب المقر بالشركة أقر أن لصاحب الشركة خمسمائة من الألف رأس ¬

_ (¬1) ف: إلى الرجل. (¬2) ص: فلان. (¬3) م ص: فخلطا. (¬4) الزيادة مستفادة من الكافي، 2/ 270 ظ. (¬5) الزيادة من الكافي، 2/ 270 ظ. (¬6) ص - فيكون ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث. (¬7) ص: ما أخر.

باب المضارب يدفع المال مضاربة

ماله، وثلث الخمسمائة الباقية حصته من الربح، وما بقي من الخمسممائة فله الربع، فجعلنا كل خمسمائة من ذلك على ستة أسهم، والخمسمائة التي أقر (¬1) بها المضارب لصاحب الشركة ستة أسهم، وحصته من الخمسمائة الربح الثلث وهو (¬2) سهمان، فذلك ثمانية أسهم، وحصة المضارب المقر بالشركة فيما بقي من الخمسمائة سهم، فذلك كله إذا جمعته تسعة أسهم، فاقسم ما حصل في يدي صاحب الشركة وما حصل في يدي المضارب المقر بالشركة على تسعة أسهم، سهم من ذلك وهو التسع للمضارب المقر بالشركة، وثمانية أتساع لصاحب الشركة. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. ... باب المضارب يدفع المال مضاربة وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً (¬3) مضاربة بالنصف أو بالثلث أو بأقل من ذلك أو بأكثر ولم يقل له: اعمل فيه برأيك، فأراد المضارب أن يدفعه مضاربة إلى غيره فليس له ذلك. فإن دفعه مضاربة إلى غيره فباع واشترى فربح أو وضع وضيعة فإن رب المال بالخيار، إن شاء ضمن المضارب الأول رأس ماله، وإن شاء ضمن المضارب الآخر رأس ماله. فإن ضمن المضارب الأول رأس ماله سلمت المضاربة فيما بين المضارب الأول وبين المضارب الآخر. فإن كان المضارب الآخر وضع في المال وضيعة فالوضيعة على المضارب الأول. وإن كان ربح في المال ربحاً فالربح بين المضارب الآخر وبين المضارب الأول على ما اشترطا من الربح فيما بينهما. فإن اختار رب المال أن يضمن المضارب الآخر رأس مالى فيأخذ رأس ماله منه فإن المضارب الأخير يرجع بما ضمن من ذلك ¬

_ (¬1) م ص - أقر. (¬2) ص - وهو. (¬3) م - مالا.

على المضارب الأول فيأخذه منه. وما كان في مال المضاربة من وضيعة فهو على المضارب الأول (¬1)، وما كان من ربح فهو بين المضاربين على ما اشترطا من الربح فيما بينهما. فإن اختار رب المال أن يأخذ من الربح الذي ربح المضارب الآخر حصته التي اشترط على المضارب الأول ولا يضمن واحد من المضاربين شيئاً من ماله فليس له ذلك، لأن المضارب الأول حين دفع المال مضاربة فعمل بها خالف فيه فصار ضامناً، فلا ربح لرب المال في ماله، قد ضمنه له المضارب. والمضارب الأول في هذا بمنزلة رجل غصب رجلاً مالاً فدفعه مضاربة إلى رجل آخر فعمل به ذلك الرجل فربح أو وضع، في جميع ما وصفت لك من الضمان وقسمة الربح وغير ذلك. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة بالنصف ولم يقل: اعمل فيه برأيك، فدفعه مضاربة إلى رجل آخر، فلم يعمل له الرجل حتى ضاع في يديه، فإن المضاربين بريئان من المال، ولا ضمان عليهما فيه، لأنهما لم يخالفا حتى يعمل به المضارب الآخر. وكذلك لو غصب رجل المال من المضارب الآخر كان الضمان على الغاصب، ولا ضمان على واحد من المضاربين. ولو أن المضارب الآخر استهلك المال أو وهبه كان الضمان عليه خاصة، ولا ضمان على المضارب الأول، لأنه خالف فيما أمره به. ولو كان المضارب الثاني أبضعه مع رجل يشتري به ويبيع فاشترى به ذلك الرجل وباع فربح ربحاً أو وضع وضيعة فإن الربح بين المضاربين على ما اشترطا، والوضيعة على المضارب الأول، ولا ربح لرب المال، ورب المال بالخيار، إن شاء ضمن المضارب الأول رأس ماله، وإن شاء ضمن المضارب الآخر، وإن شاء ضمن المستبضع. فإن ضمن المستبضع رجع المستبضع على المضارب الآخر بما ضمن، ورجع المضارب الآخر على المضارب الأول بما ضمن. وكذلك لو ضمن رب المال المضارب الآخر رجع المضارب الآخر على المضارب الأول بما ¬

_ (¬1) ف - فيأخذه منه وما كان في مال المضاربة من وضيعة فهو على المضارب الأول.

ضمن (¬1)، ولا يرجع على المستبضع بشيء. ولو اختار رب المال ضمان المضارب الأول سلمت المضاربة، ولا يرجع المضارب الأول على أحد بشيء مما ضمن. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة بالنصف ولم يقل له: اعمل فيه برأيك، فدفعه المضارب إلى رجل آخر مضاربة بالثلث، ولم يقل له: اعمل فيه برأيك، فدفعه المضارب الثاني إلى رجل آخر مضاربة بالسدس، فعمل فيه المضارب الثالث فربح أو وضع، فإن المضارب الأول بريء من الضمان، لأن المضارب الثاني خالف ما أمره به حين دفعه مضاربة، ورب المال بالخيار، إن شاء ضمن المضارب الثاني رأس ماله، وإن شاء ضمن المضارب الثالث، فإن ضمن المضارب الثاني لم يرجع على أحد بشيء، وإن ضمن المضارب الثالث رجع على المضارب الثاني بما ضمن، وما كان في المال من ربح فهو بين المضارب الثاني والثالث على ما اشترطا من الربح، وما كان في ذلك من وضيعة فهو على المضارب الثاني. ولو كان المضارب الأول حين دفع المضاربة إلى الثاني بالثلث (¬2) قال له: اعمل فيه برأيك، فدفعه المضارب الثاني إلى رجل آخر مضاربة بالسدس فربح أو وضع فإن رب المال بالخيار، إن شاء ضمن رأس ماله أي المضاربين شاء، وإن شاء ضمن المضارب الآخر، فإن ضمنه رجع بما ضمن على المضارب الثاني ورجع بذلك المضارب الثاني على المضارب الأول. فإن اختار رب المال ضمان المضارب الثاني رجع المضارب الثاني على المضارب الأول بما ضمن. وإن اختار رب المال ضمان المضارب الأول لم يرجع المضارب الأول على أحد بشيء مما ضمن. وما كان في المضاربة من وضيعة فعلى المضارب الأول، وما كان في ذلك من ربح فللمضارب الآخر سدسه، وللمضارب الثاني سدسه، وللمضارب الأول ثلثاه. ¬

_ (¬1) ص - وكذلك لو ضمن رب المال المضارب الآخر رجع المضارب الآخر على المضارب الأول بما ضمن. (¬2) م ص ف: والثالث. والتصحيح من الكافي، 2/ 271 ظ.

وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة بالنصف ولم يقل له: اعمل في ذلك برأيك، فدفعه المضارب إلى رجل آخر مضاربة، على أن للمضارب الآخر من الربح مائة درهم، فعمل المضارب الآخر بالمال فربح أو وضع، أو تَوَى (¬1) المال كله بعدما عمل به، فلا (¬2) ضمان على واحد من المضاربين في رأس المال، لأن مضاربة الثاني كانت مضاربة فاسدة، فإنما كان أجيراً في المال ولم يكن شريكاً فيه. وما كان في المال من وضيعة فعلى رب المال، وما كان في ذلك من ربح فهو بين المضارب الأول وبين رب المال بعدما يستوفي المضارب الآخر أجر مثله فيما عمل. وكذلك لو تَوَى المال بعدما عمل به المضارب الآخر كان للمضارب الآخر أجر مثله فيما عمل على المضارب الأول، ويرجع بذلك المضارب الأول على رب المال. فإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة على أن له من الربح مائة درهم ولم يقل: اعمل في ذلك برأيك، فدفعه المضارب إلى رجل آخر مضاربة بالنصف فاشترى به وباع فربح أو وضع أو تَوَى المال بعدما عمل، فلا ضمان على المضاربين في شيء من ذلك الذي توى من المال، وما كان في ذلك من وضيعة فعلى رب المال، وما كان في ذلك من ربح فهو كله لرب المال، وعلى رب المال أجر مثل المضارب الأول فيما عمل المضارب الآخر، وعلى المضارب الأول للمضارب الآخر مثل نصف الربح الذي ربح في ماله خاصة؛ لأن المضاربة الأولى كانت فاسدة، فكان للمضارب الأول أجر مثله، وكان بمنزلة الأجير، فلما دفع المال مضاربة بالنصف كان جميع ما ربح الآخر لرب المال، ولم يكن للمضارب الآخر شركة في المال من الربح ولا غيره. لأن المضارب الأول لا ربح له في المال، فكذلك لا يكون للمضارب الآخر (¬3) ربح في المال. ولكن جميع ما اشترط المضارب الأول ¬

_ (¬1) أي: هلك كما تقدم. (¬2) م ص ف: ولا. والتصحيح من المصدر السابق. (¬3) ص: الأخير.

للمضارب الآخر من الربح على المضارب الأول في ماله خاصة. ألا ترى أن رجلاً لو استأجر رجلاً يعمل له بماله فيشتري له ويبيع ويبضعه ويستأجر عليه (¬1) إن أحب ذلك، فاستأجر عليه الأجير من يعمل به أو أبضعه فعمل بالمال فربح فيه ربحاً أو وضع فيه وضيعة، أن الربح قاله لرب المال والوضيعة عليه وللأجير أجره وعلى رب المال فيما عمل المستبضع والأجير الأجر. ولو أن الأجير الأول دفعه إلى رجل مضاربة بالنصف فعمل فيه فربح ربحاً كان الربح كله لرب المال، وللأجير أجره على رب المال، وللمضارب نصف الربح الذي ربح على الأجير. ولا ضمان على المضارب في شيء من المال، لأن المضارب لم يكن شريكاً في المال لمضاربته. ألا ترى أن الربح كله سلم لرب المال، وأن ما اشترط الأجير من الربح يكون في مال الأجير خاصة، فكذلك (¬2) ما وصفت لك من المضاربة الفاسدة. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة بالنصف وقال له: اعمل فيه برأيك، فله أن يبضعه وأن يستأجر عليه من يعمل فيه وأن يدفعه مضاربة وأن يخلطه بماله وأن يشارك به غيره. فإن دفعه المضارب إلى رجل مضاربة بالثلث فعمل به فربح أو وضع فإن الربح بينهم على ما اشترطوا، للمضارب الآخر ثلث الربح، وللمضارب الأول سدس الربح، ونصف الربح لرب المال. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة بالنصف وأمره أن يعمل في ذلك برأيه فدفعه المضارب إلى آخر وأمره أن يعمل في ذلك برأيه فدفعه المضارب الثاني مضاربة فذلك جائز، والمضارب الثاني في هذا بمنزلة المضارب الأول، لأنه قال: اعمل فيه برأيك، فصار بمنزلة المضارب الأول. ولو كان الأول دفعه إلى الثاني مضاربة ولم يقل له (¬3): اعمل فيه برأيك، فليس للثاني أن يدفعه مضاربة، لأن المضارب الأول لم يقل له: اعمل فيه ¬

_ (¬1) ص: له. (¬2) ف: وكذلك. (¬3) ف - له.

برأيك، ولكن للمضارب الثاني أن يبضعه وأن يستأجر فيه، وليس له أن يخلطه بماله (¬1) ولا يشارك فيه. ولو قال له المضارب الأول: اعمل فيه برأيك، كان له أن يشارك فيه وأن يخلطه بماله وأن يدفعه مضاربة، فهو في ذلك بمنزلة المضارب الأول. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة، وقال له: اعمل فيه برأيك، على أن لك من الربح مائة درهم، فدفعه المضارب إلى رجل آخر مضاربة بالنصف، فربح فيه أو وضع، فإن الربح كله لرب المال، والوضيعة عليه، وعلى رب المال أجر مثل المضارب الأول فيما عمل المضارب الآخر، وللمضارب الآخر أجر مثل نصف الربح في مال المضارب الأول. لأن المضارب أخذ المال مضاربة صحيحة فوجب (¬2) له على المضارب الأول ما شرط له في ماله خاصة. ولو كان المضارب الأول أخذ المال مضاربة بالنصف وقال له رب المال: اعمل فيه برأيك، فدفعه المضارب إلى رجل آخر مضاربة على أن (¬3) له من الربح مائة درهم، فعمل به المضارب الآخر فربح (¬4) أو وضع، فالوضيعة على رب المال، وللمضارب الآخر أجر مثله على المضارب الأول، ويرجع بذلك المضارب الأول في مال (¬5) المضاربة، فإن كان في المال ربح بدئ بأجر مثل المضارب الآخر فدفع إلى المضارب الآخر فأخذ رب المال رأس ماله مما بقي، فإن بقي من الربح شيء كان بين المضارب الأول وبين رب المال نصفين. فإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة بالنصف وقال له: اعمل فيه برأيك، فلم يعمل فيه المضارب حتى دفعه مضاربة بالثلث، فعمل به المضارب الآخر فربح ربحاً، فإن للآخر ثلث الربح، وللأوسط (¬6) سدس الربح، ولرب المال نصف الربح. وسدس الربح للأوسط طيب لا يتصدق بشيء منه وإن كان لم يشتر بالمال ولم يبع، لأن دفعه المال مضاربة عمل ¬

_ (¬1) ص: بمال. (¬2) ف: فوهب. (¬3) م - أن. (¬4) م ص ف + له. (¬5) م ص: في المال. (¬6) م ف: والاوسط.

منه في المال، فما جعل له من الربح كان له طيباً. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، أو قال: على أن ما كان في ذلك من ربح فهو بينهما نصفان، أو قال: خذ هذا المال مضاربة بالنصف، أو قال: على أن ما كان في هذا المال من فضل فهو بينهما نصفان، وقال له في ذلك كله: اعمل في ذلك برأيك، فدفعه المضارب إلى رجل آخر مضاربة بالثلث فعمل على ذلك فربح ألف درهم، فإن رب المال يأخذ رأس ماله ألف درهم، ويبقى (¬1) ألف درهم، فيأخذ المضارب الآخر ثلث الربح ثلاثمائة وثلاثة وثلاثين وثلث (¬2)، ويأخذ رب المال نصف الربح خمسمائة درهم، ويكون للمضارب الأوسط سدس الربح مائة وستة وستون وثلثان (¬3)، لأن رب المال اشترط من الربح نصف الربح كله، فلا ينقص رب المال من نصف الربح الذي اشترط لنفسه شيئاً. ولو كان المضارب الأول دفع المال مضاربة إلى المضارب الثاني بالنصف، فعمل فيه المضارب الثاني، فربح ألفاً، فإن رب المال يأخذ رأس ماله ألف درهم، ويأخذ المضارب الثاني نصف الربح خمسمائة درهم، ويكون نصف الربح وهو خمسمائة درهم لرب المال، ولا شيء للمضارب الأول، لأنه اشترط للمضارب الثاني جميع ما كان له من الربح؛ ألا ترى أن رب المال اشترط لنفسه نصف (¬4) الربح، فلا ينقص رب المال من نصف الربح شيئاً، وقد اشترط المضارب الأول للمضارب الآخر نصف الربح، فلا بد من أن يأخذ المضارب الثاني جميع ما شرط له المضارب الأول. ولو كان المضارب الأول شرط للمضارب الثاني ثلثي الربح، فعمل المضارب الثاني، فربح ألفاً، فإن رب المال يأخذ رأس ماله ألف درهم، ويأخذ نصف الربح، وهو خمسمائة درهم، ويأخذ المضارب الآخر نصف الربح الذي بقي، وهو خمسمائة، ويرجع المضارب الثاني على المضارب الأول في ماله خاصة ¬

_ (¬1) ص: وتبقى. (¬2) ص: وثلثا. (¬3) ص: وستين وثلثين. (¬4) م ص - نصف.

بسدس الألف التي (¬1) ربح، لأنه كان شرط ثلثي الربح، فلم يأخذ إلا نصفه، ويرجع عليه في ماله بما كان شرط له من الربح. ولا ضمان على المضارب الأول في المال لما كان شرط للمضارب الثاني من فضل الربح الذي لرب المال، لأنه لا (¬2) يأخذه من الربح الذي في المال، إنما يأخذ من مال المضارب الأول، ولو كان يأخذه من المال لكان المضارب الأول ضامناً للمال حين أشرك فيه رجلاً بسدس (¬3) ربح لم يأمره رب المال أن يشارك به في المال آخر (¬4). وهذا يبين لك أن الرجل إذا دفع المال مضاربة بالنصف ولم يقل له: اعمل فيه برأيك، فدفعه المضارب إلى رجل مضاربة فاسدة، أن المضارب الأول لا (¬5) يضمن، لأن المضارب الثاني لا شيء له من الربح. ولو كان يكون له من الربح شيء لضمن المضارب الأول المال، لأنه أشرك فيه بغير أمره. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة، وشرط رب المال على المضارب على أن ما ربحت (¬6) في هذا المال من شيء فهو بيننا نصفين، أو قال له: على أن ما رزقك الله في هذا المال من شيء فهو بيننا نصفين، أو قال له: على أن ما كان لك في هذا المال من فضل فهو بيننا نصفين، أو قال له: على أن ما كسبت في هذا المال من كسب فهو بيننا نصفين، أو قال له (¬7): على أن ما كان لك في هذا المال من ربح فهو بيننا نصفين، أو قال: على أن ما رزقت في هذا المال من شيء فهو بيننا نصفين، أو قال له: على أن ما صار لك في هذا المال من ربح فهو بيننا نصفين، وقال له: اعمل في هذا برأيك، فدفعه المضارب إلى رجل مضاربة بالنصف، فاشترى به وباع، فربح المال، فإن رب المال يستوفي رأس ماله ألف درهم، ويأخذ المضارب ¬

_ (¬1) ص: الذي. (¬2) م ص - لا؛ صح م هـ. (¬3) م ص: سدس. (¬4) م: اجرا؛ ص: احرا. (¬5) م ص - لا؛ صح م هـ. (¬6) م ف: ما ركب (مهملة)، ص: ما زكت. والصواب ما أثبتناه أخذا من كلام المؤلف بعد عدة أسطر: "ولا يشبه قوله: ما ربحت، وما رزقك الله ... ". (¬7) م ص - له.

الآخر نصف الربح كله خمسمائة درهم، ويبقى من الربح خمسمائة درهم، فيكون بين المضارب وبين رب المال نصفين. ولا يشبه قوله: ما ربحت، وما رزقك الله، وما كان لك في ذلك من فضل، ونحو ذلك، ما (¬1) قبله من قوله: ما كان في ذلك من رزق، وما كان في ذلك (¬2) من ربح، ونحوه، لأنه إذا قال: ما رزقك الله، أو ما كان لك من فضل، فنسب إليه الأمر، فإنما يكون لرب المال نصف الربح الذي اشترط مما يحصل للمضارب الأول، لأنه هو الذي رزقه الله، وهو الذي ربح، وهو الذي صار له. فإذا قال: ما رزق الله في ذلك من شيء، أو ما كان في ذلك من فضل فهو بيننا، فما كان في ذلك من فضل جرى على يد المضارب الأول (¬3)، أو على يدي غيره نصف ذلك كله لرب المال، فلهذا اختلفا. ولو كان المضارب الأول شرط للمضارب الثاني (¬4) ثلثي الربح، أو قال: خمسة أسداس الربح، فعمل المضارب الآخر، فربح ربحاً، فإن جميع ما اشترط للمضارب الآخر من الربح له، وما بقي فهو بين المضارب الأول وبين رب المال نصفين. إنما يكون لرب المال نصف ما يحصل للمضارب الأول من الربح. فأما ما كان شرط المضارب الأول للمضارب الآخر فإنه يبدأ به قبل ربح (¬5) المال، ويأخذ رب المال نصف الربح مما بقي. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة، على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما نصفين، وقال له: اعمل فيه برأيك، فدفعه الثاني مضاربة إلى رجل آخر بالثلث، فعمل فيه، فربح ألفاً، فإن للمضارب الآخر ثلث الربح، وللمضارب الأول (¬6) سدس الربح. ولو شرط المضارب الأول للثاني نصف الربح فعمل به فربح فللثاني نصف الربح ولرب المال نصف الربح (¬7)، ولا شيء للمضارب الأول. ونصف الربح لرب المال. ولو كان المضارب الأول دفع المال ¬

_ (¬1) م ص: مما. (¬2) ف - من رزق وما كان فى ذلك. (¬3) ف - الأول. (¬4) ص - الثاني. (¬5) ص + رب. (¬6) م ص: الثاني؛ صح م هـ. (¬7) م ص - ولو شرط المضارب الأول للثاني نصف الربح فعمل به فربح فللثاني نصف الربح ولرب المال نصف الربح؛ صح م هـ.

باب قسمة المضارب المال

مضاربة إلى رجل، وشرط (¬1) عليه أن ما رزقه الله في ذلك من شيء فهو بينهما نصفين، وقال له: اعمل فيه برأيك، فدفعه الثاني مضاربة إلى رجل، على أن ما رزق الله في ذلك من شيء فله الثلث، فعمل في المال، فربح ألفاً، فإن للمضارب الآخر ثلث الربح الذي اشترط، وسدس الربح بين المضارب الثاني والأول نصفين، ونصف الربح لرب المال. ولو كان رب المال قال للمضارب الأول: ما رزقك الله في ذلك من شيء فهو بيننا نصفين، والمسألة على حالها، فإن للمضارب الآخر أن يأخذ ثلث الربح كله، ويقاسم المضارب الثاني المضارب (¬2) الأول الثلثين الباقيين من الربح نصفين، ويقاسم رب المال المضارب (¬3) الأول الثلث الذي صار له نصفين. وعلى هذا جميع هذه الوجوه وقياسها (¬4). ... باب قسمة المضارب المال وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فربح ألفاً، فاقتسما الربح، والمال المضاربة على حاله في يدي المضارب، فأخذ رب المال من الربح خمسمائة، وأخذ المضارب لنفسه من الربح خمسمائة درهم، ثم إن الألف درهم الذي كان رأس ماله ضاع في يدي المضارب، أو عمل فيه، فوضع فيه وضيعة، أو تَوَى كله بعدما عمل به، فإن قسمتهما التي اقتسماها باطلة، والخمسمائة التي أخذ رب (¬5) [المال] من الربح تحسب (¬6) له من رأس ماله، ويؤدي المضارب الخمسمائة التي أخذها (¬7) لنفسه من الربح إلى [رب] المال، فيكون له من رأس ماله، والألف التي هلكت في يدي المضارب هي الربح، فإن كان بقي منها شيء ¬

_ (¬1) ص: واشترط. (¬2) م: والمضارب؛ ص: والمضاب؛ ف: وللمضارب. (¬3) ص ت والمضارب. (¬4) م ص ف: وقياسه. (¬5) ص ف - رب. (¬6) ص: كسب. (¬7) ص: أخرها؛ ف: أجرها.

اقتسمه رب المال والمضارب نصفين، وهذا قول أبي حنيفة. وأبو يوسف ومحمد يقولان: لا تجوز قسمة الربح في المضاربة حتى يستوفي رب المال رأس ماله، فإن استوفى رب المال رأس ماله، أو استوفى له وكيل له وكله بقبضه، ثم اقتسموا الربح بعد ذلك جازت القسمة. فإن كان رب المال استوفى رأس ماله من المضارب ألف درهم، ثم اقتسما الربح بعد ذلك بينهما نصفين، فأخذ رب المال خمسمائة، وأخذ المضارب خمسمائة، ثم إن رب المال دفع إلى المضارب الألف درهم رأس ماله، فقال: خذ هذه الألف، فاعمل بها على المضاربة التي كانت، فهذا جائز، وهي مضاربة مع المضارب على النصف، وهذه مضاربة مستقبلة، فإن وضع فيها أو تَوِيَتْ بعدما عمل فيها أو قبل أن يعمل فيها فهو سواء كله، لا ينتقض شيء من قسمة الربح الذي اقتسماه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فربح المضارب فيها ألفاً، فاقتسما الربح، فأخذ المضارب من الربح خمسمائة درهم لنفسه، وأخذ رب المال خمسمائة لنفسه، وبقيت في يدي المضارب ألف درهم رأس مال رب المال، فضاعت الألفان كلها من يدي المضارب ورب المال قبل أن يعملا بشيء من ذلك، أو يحدثا في شيء من ذلك شيئاً، فإن الخمسمائة التي أخذ رب المال تحسب (¬1) له من رأس ماله، ويضمن المضارب الخمسمائة التي كان أخذها لنفسه من الربح، فيكون من رأس مال رب المال، فيؤديها إليه، ولا ضمان على المضارب في الألف التي كانت بقيت في يديه، لأنه كان فيها أميناً. وإنما ضمن المضارب الخمسمائة التي كان أخذها من الربح لنفسه، لأنه أخذ من المال على أنها له، فصار له ضامناً، وخرجت من المضاربة، فإذا ضاعت ضمنها، ووجبت عليه من رأس المال. ولو كان الربح ألفين، فأخذ كل واحد منهما حصته من الربح ألف درهم، ثم ضاع المال كله في أيديهما، ولم يقبض رب المال رأس ماله من المضارب، فإن الألف التي قبض رب ¬

_ (¬1) ف: تحتسب.

المال من الربح هو رأس المال، ويضمن المضارب في ماله لرب المال خمسمائة درهم نصف الألف التي كان قبضها ربحاً لنفسه، لأنه أخذها على أنها له. ولو لم يكن المال ضاع حتى اشترى بالألف التي بقيت في يديه بعد قسمة الربح، فربح مالاً كثيراً، كانت الألف التي قبض رب المال من الربح الأول هي رأس ماله، ويأخذ رب المال من هذا المال ألف درهم مثل الألف التي كان أخذها المضارب من الربح الأول، ثم ينظر فيما بقي من المال بعد ذلك، فيكون بين المضارب وبين رب المال نصفين على ما اشترطا من الربح في أصل المضاربة الأولى، لأنها هي المضاربة الأولى على حالها، لا تنتقض ولا تكون مضاربة مستقبلة إلا بقبض رأس المال، ثم يقسم الربح بعد ذلك. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فربح فيها (¬1) المضارب ألفي درهم، ثم اقتسما، فدفع المضارب إلى رب المال رأس ماله ألف درهم، وبقيت ألفا درهم، فأخذ المضارب من الألفين حصته من الربح ألف درهم، وبقيت حصة رب المال، فلم يأخذها رب المال حتى ضاعت في يدي المضارب، فإن الألف التي ضاعت في يدي المضارب ضاعت منهما جميعاً، ويرجع (¬2) رب المال على المضارب بخمسمائة درهم نصف الألف التي أخذها المضارب لنفسه. فإن كانت الألف التي أخذها المضارب لنفسه من الربح هي التي ضاعت، وبقيت الألف حصة رب المال من الربح، فإن الألف التي هلكت من المضارب تحسب على المضارب من حصته، وتسلم (¬3) التي بقيت في يدي المضارب من الربح لرب المال، لأن المضارب قبض ربحه، فما ضاع من ربحه بعدما قبضه ضاع من ماله، ورب المال لم يقبض ربحه، فما هلك منه قبل أن يقبضه هلك من مالهما جميعاً. فإن كان المضارب قاسم رب المال الربح، فأخذ المضارب حصته من ¬

_ (¬1) ف - فيها. (¬2) ف: ثم يرجع. (¬3) م ص ف: وسلم.

الربح، ولم يقبض رب المال حصته من الربح حتى ضاع المال كله ما قبض المضارب فيه لنفسه وما لم يقبض، فإن الربح الذي لم يقبض رب المال هلك من مالهما جميعاً، ويغرم المضارب لرب المال نصف الربح الذي كان قبض لنفسه، لأنه حين قبض لنفسه كان مستوفيا، وما هلك من ماله، فإذا هلك من ماله غرم المضارب نصف الربح الذي قبض لنفسه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فربح ألفاً، فاقتسما الربح، فأخذ كل واحد منهما نصفه، ثم اختلفا في رأس المال، فقال المضارب: قد دفعته إليك، وإنما قاسمتني بعد الدفع، وقال رب المال: لم تدفع إلي رأس المال، فإن القول قول رب المال، ولا تكون قسمته للربح إقراراً منه بقبض رأس المال، ويأخذ رب المال الخمسمائة (¬1) التي أخذها المضارب من الربح، فتكون له من رأس ماله. فإن أقاما جميعاً البينة على ما ادعيا فالبينة بينة المضارب، لأنه هو المدعي لدفع (¬2) رأس المال، ولا يقبل من رب المال البينة. فإن لم يقيما بينة جعلنا القول قول رب المال. فلو لم يقبض من المضارب الخمسمائة التي أخذها لنفسه حتى ضاعت في يديه فإن المضارب ضامن لها يؤديها إليه من ماله، لأنه أخذها على أنها له، فصار ضامناً لها. ولو كان الربح ألفين، فأخذ كل واحد منهما ألفاً، ثم اختلفا في رأس المال على ما وصفت لك، فإن الألف التي أخذها رب المال من الربح هي رأس المال، ويرجع رب المال على المضارب بنصف الألف التي أخذ لنفسه من الربح، ولا ضمان على المضارب في رأس مال المضاربة بعد بينته على ما ذكر من ذلك، لأنه ذكر أنه دفعه إلى رب المال. فإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فذكر المضارب أنه قد ربح فيها ألفاً، وجاء بألفين، ثم إنه جحد، فقال: لم أربح فيها إلا خمسمائة، فهلكت الألف ان في يدي المضارب قبل أن ¬

_ (¬1) م ف: خمسمائة. (¬2) م ص ف: بدفع.

يقبض منه رب المال شيئاً، وقد قامت البينة على إقرار المضارب بما قال من الربح، فإن المضارت يضمن الخمسمائة التي أقر أنه ربحها، ثم أنكر أن يكون، فيأخذها منه كلها رب المال، فتكون من رأس ماله، ولا ضمان عليه فيما هلك من الألف التي كانت رأس مال المضاربة، ولا يضمن الخمسمائة التي لم ينكر أن تكون ربحاً، إنما يضمن الخمسمائة التي أقر أنها ربح ثم أنكر أن تكون ربحاً، فأما ما سوى ذلك فلا ضمان عليه فيه، لأنه لم يجحده، فهو أمين. فلو كان أنكر أن يكون ربح في المال شيئاً، والمسألة على حالها، فضاع المال بعد ذلك، فإن المضارب يضمن الألف الربح كلها، لأنه جحدها، فصار ضامناً. فيأخذها رب المال من المضارب من رأس ماله، ولا ضمان على المضارب في رأس المال، لأنه لم يجحده. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فربح فيها ألفاً، فقال لرب المال: قد دفعت لك (¬1) رأس المال ألف درهم، وبقيت هذه الألف الربح، وقال رب المال: لم أقبض منك شيئاً، فإن القول قول رب المال مع يمينه في أنه لم يقبض ما ادعى المضارب من رأس المال، فإن حلف أخذ (¬2) الألف الباقية كلها من رأس ماله، واستحلف المضارب بالله ما استهلكها ولا ضيعها، فإن حلف برئ، وإن نكل عن اليمين غرم خمسمائة درهم لرب المال حصته من الربح. ولو أن المضارب حين أراد رب المال استحلافه على الألف أنه قد دفعها إلى رب المال فقال: لم أدفعها إليه، ولكنها ضاعت مني، وحلف على ذلك، فإنه يغرم خمسمائة درهم نصف الألف التي ذكر أنه دفعها إلى رب المال، لأنه حين زعم أنه دفعها إلى رب المال كان مصدقاً إن حلف، فإذا قال بعد ذلك: لم أدفعها إليه، ولكنها ضاعت مني، فقد أكذب نفسه في الدفع حين ذكر أنها ضاعت، وأكذب نفسه في الضياع حين ذكر أولاً أنه قد دفعها، فصار ضامناً ¬

_ (¬1) م: قد دفعتك؛ ف: قد دفعته. (¬2) ص - أخذ.

للألف كلها يستوفي منها حصته من الربح، ويغرم حصة (¬1) رب المال من الربح، فذلك خمسمائة درهم. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فقال المضارب: ربحت ألفاً، فدفعت إليك رأس مالك، وبقيت هذه الألف الربح في يدي، وكذبه رب المال، فالقول قول رب المال، فإن أقاما جميعاً البينة على ما ادعيا من ذلك فالبينة بينة المضارب، لأن رب المال لا تقبل بينته أنه لم يقبض رأس المال. فإن أقام كل واحد منهما البينة على إقرار صاحبه بما ادعى، فأقام المضارب البينة أن رب المال أقر أنه قبض رأس ماله ألف درهم، وأقام رب المال البينة أن المضارب أقر أن رب المال لم يقبض من رأس المال شيئاً، فإن لم يعلم أي الإقرارين أول فالبينة بينة المضارب، وإن (¬2) علم أي الإقرارين أول فالبينة بينة الذي يدعى الإقرار الآخر، لأن الإقرار الآخر ينقض الإقرار الأول. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة بالنصف، فاشترى به وباع، فربح ربحاً، أو لم يربح شيئاً، أو لم يشتر به شيئاً منذ دفع إليه المال، أو اشترى (¬3) به عرضاً، فلم يبعه حتى زاده رب المال في الربح السدس، فجعل للمضارب الثلثين، ولرب المال الثلث، أو كان المضارب حط عن رب المال من الربح السدس، فصار لرب المال الثلثان، وللمضارب [الثلث] (¬4)، ثم ربح المضارب بعد ذلك ربحاً، فإن هذا جائز لازم لهما جميعاً على ما حط المضارب، أو زاد رب المال، ويقتسمان (¬5) ما كان من ربح قبل الزيادة أو الحط، وما كان من ربح بعد الزيادة أو الحط [فيقتسمانه] (¬6) على الحط والزيادة، ولا ينظر في ذلك إلى الشرط الأول، لأن الحط والزيادة قد نقضا الشرط الأول، فكأن الشرط الأول كان على الحط والزيادة، وما كان من ربح قبل الحط والزيادة فهو بمنزلة ما كان ¬

_ (¬1) ف - حصة. (¬2) ف: فإن. (¬3) ف: واشترى. (¬4) الزيادة من الكافي، 2/ 274 ظ. (¬5) ص: ويقسمان. (¬6) الزيادة من المصدر السابق.

باب عتق العبد من المضاربة ودعوة الولد من المضاربة

ربح بعد ذلك. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. ولو كان المضارب ربح ربحاً، فاقتسما الربح نصفين، فأخذ رب المال رأس ماله قبل الحط والزيادة، ثم وقع الحط والزيادة بعد ذلك، فقال المضارب: إنك قد كنت غبنتني، فزاده ربح السدس، أو قال رب المال للمضارب: إنك غبنتني، فنقصه السدس، فإن هذا جائز لازم، ويرجع كل واحد منهما على صاحبه بما جعل له من ذلك في القياس. وأما في قول محمد فيجوز الحط، ولا تجوز الزيادة، لأن العمل قد انقضى. ... باب عتق العبد من المضاربة ودعوة الولد من المضاربة وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى بها المضارب عبداً يساوي ألفاً وأعتقه المضارب فعتقه باطل، لأن العبد لا فضل له عن (¬1) رأس المال. ولو أعتقه رب المال كان جائزاً، وبطلت المضاربة، ولا ضمان على رب المال، لأن العبد لا فضل له. ولو كان المضارب قد اشترى بخمسمائة من الألف المضاربة عبداً يساوي ألفاً، فأعتقه، فإن أبا حنيفة وأبا يوسف ومحمداً قالوا جميعاً بأن عتقه باطل، لأن العبد ليس في قيمته فضل عن رأس المال؛ ألا ترى أن الخمسمائة الباقية لو ضاعت كان رأس مال رب المال كله، فلذلك أبطلنا عتق المضارب العبد. ولو كان رب المال هو الذي أعتق العبد جاز عتقه، وكان مستوفياً لرأس ماله لعتقه العبد، لأن قيمة العبد ألف درهم، ويقتسمان الخمسمائة الباقية المضارب ورب المال نصفين. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى بها ¬

_ (¬1) ص: على.

المضارب عبداً يساوي ألفي (¬1) درهم، فأعتقه المضارب، فعتقه جائز في ربع العبد، ورب المال بالخيار إن كان المضارب موسراً، إن شاء ضمنه ثلاثة أرباع قيمة العبد، وذلك ألف وخمسمائة، وإن شاء استسعى العبد فى ذلك، وإن شاء أعتق. وهذا قول أبي حنيفة. وأما قول أبي يوسف ومحمد: فلا خيار لرب المال في ذلك، ولكنه يضمن المضارب ثلاثة أرباع قيمة العبد إن كان موسراً، ليس له غير ذلك، وإن كان المضارب معسراً استسعى العبد في الألف ثلاثة أرباع قيمته، ليس له غير ذلك. ولو كان المضارب اشترى بخمسمائة من المضاربة عبداً يساوي ألفين، فأعتقه، وهو موسر، كان عتقه جائزاً في ربع العبد، ويأخذ رب المال الخمسمائة الباقية من رأس ماله، ويضمن رب المال المضارب تمام رأس ماله خمسمائة درهم ونصف الربح، وهو سبعمائة وخمسون، ويرجع أيضاً المضارب في قول أبي حنيفة على العبد بجميع ما ضمن، وهو ألف ومائتان وخمسون، ويرجع المضارب أيضاً على العبد بمائتين وخمسين، فيستسعيه، وذلك تمام ما كان وجب له من الربح، لأن العبد إنما كان عتق منه يوم أعتقه المضارب ربعه، وذلك خمسمائة، فلما استوفى رب المال الخمسمائة الباقية من رأس ماله زاد نصيب المضارب في العبد، فصار سبعمائة (¬2) وخمسين، ولا يعتق من العبد إلا ما عتق (¬3) منه يوم أعتقه، وذلك ربع العبد، فأما ما زاد من نصيب المضارب بعد ذلك فإن المضارب يستسعي العبد في ذلك. وهذا قياس قول أبي حنيفة. وأما في قياس قول أبي يوسف ومحمد فإن العبد يعتق كله من المضاربة (¬4)، ويستوفي رب المال الخمسمائة الباقية من رأس ماله، ويضمن المضارب تمام رأس ماله خمسمائة درهم، ونصف ما (¬5) بقي من قيمة العبد، وذلك سبعمائة وخمسون، ويعتق العبد، ولا سعاية عليه في شيء من ذلك إذا كان المضارب موسراً. ¬

_ (¬1) م: ألف. (¬2) م: سبع؛ ص ف: سبعا. (¬3) ص: ما أعتق. (¬4) م ص: من المضارب. (¬5) ص: ونصفا وما.

وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى بها عبدين يساوي كل واحد منهما ألفاً، فأعتقهما المضارب جميعاً معاً أو متفرقين، فإن عتقه باطل، وهما على المضاربة على حالهما. فإن زادت قيمتهما أو قيمة أحدهما بعد ذلك كان ذلك العتق باطلاً وإن زادت القيمة، لأنه أعتق يوم أعتق ولا فضل في واحد منهما عن رأس المال. ولو كان رب المال هو الذي أعتقهما فأعتقهما جميعاً معاً في كلمة واحدة فإن العبدين جميعاً حران، ورب المال ضامن لخمسمائة درهم نصف المضاربة (¬1) من الربح موسرا كان رب المال (¬2) أو معسراً، ولا سعاية على العبدين في شيء من ذلك، لأن رب المال أعتقهما، ولا شيء للمضارب فيهما. فإن أراد (¬3) المضارب أن يستسعي العبدين في الخمسمائة التي وجبت له فليس له ذلك، لأن عتق رب المال جاز فيهما جميعاً. وهذا قياس قول أبي حنيفة وقياس قول أبي يوسف ومحمد. فإن أعتقهما رب المال أحدهما قبل صاحبه فإن الأول حر لا سبيل عليه، وولاؤه كله لرب المال (¬4)، وأما الباقي قد عتق نصفه من مال رب المال في قول أبي حنيفة، والمضارب بالخيار في نصف العبد الباقي، إن شاء ضمن رب المال إن كان موسراً نصف قيمته، وإن شاء استسعى، وإن شاء أعتق. فإن ضمن رب المال (¬5) نصف قيمته رجع بها رب المال على العبد، وكان الولاء كله لرب المال، وإن استمسعى المضارب العبد أو أعتقه كان الولاء بينهما نصفين. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى بها المضارب عبدين يساوي أحدهما ألفين والآخر ألف (¬6) درهم، فأعتقهما ¬

_ (¬1) م ص: المضارب. (¬2) ص - رب المال؛ صح هـ. (¬3) ف + رب. (¬4) ص - فإن أعتقهما رب المال أحدهما قبل صاحبه فإن الأول حر لا سبيل عليه وولاؤه كله لرب المال. (¬5) ف - إن كان موسرا نصف قيمته وإن شاء استسعى وإن شاء أعتق فإن ضمن رب المال. (¬6) ص - ألف.

المضارب جميعاً معاً أو متفرقين أحدهما بعد صاحبه وهو موسر، فإن عتقه في العبد الذي قيمته ألف درهم باطل، لأنه لا فضل في قيمته عن رأس المال. وأما العبد الذي قيمته ألفان فإنه يعتق منه ربعه بعتق المضارب. ويباع العبد الذي قيمته ألف درهم، فيستوفي رب المال من ذلك رأس ماله ألف درهم، ويضمن المضارب حصة رب المال من الربح في العبد الآخر، وذلك ألف درهم، ويرجع بها المضارب على العبد في قياس قول أبي حنيفة. ويستسعي المضارب العبد أيضاً في خمسمائة درهم تمام نصيبه من العبد، لأن العبد لم يعتق منه يوم أعتقه المضارب غير ربعه، وإنما زاد نصيبه حين صار ألف درهم بعدما استوفى رب (¬1) المال رأس ماله، فكل زيادة كانت في نصيب المضارب بعد العتق فإنها لا تعتق، ولكن المضارب يستسعي العبد في تلك الزيادة. ولو أن المضارب لم يعتق العبدين ولكن رب المال أعتقهما جميعاً في كلمة واحدة فإن العبد الذي قيمته ألف درهم حر كله من مال رب المال ولا سعاية عليه، وأما العبد الذي قيمته ألفان فإن ثلاثة أرباعه حر من مال رب المال، وأما الربع الباقي فإن كان رب المال موسراً فالمضارب في قول أبي حنيفة بالخيار، إن شاء ضمن ذلك الربع رب المال، وإن شاء استسعى العبد فيه، وإن شاء أعتق العبد. وإن كان رب المال معسراً استسعى العبد المضارب في ذلك الربع، وإن شاء أعتقه. ويضمن المضارب أيضاً رب المال تمام حصته من الربح وذلك خمسمائة موسراً كان رب المال أو معسراً، لأنه أعتقه يوم أعتقه ولا حق للمضارب في العبدين إلا ربع العبد الذي قيمته ألفان، فكل شيء زاد به (¬2) نصيب المضارب بعد عتق رب المال فإن الضمان فيه على رب المال، ولا ضمان فيه على العبد موسراً كان (¬3) رب المال أو معسراً. فإن أخذ المضارب من رب المال الألف درهم التي وجبت له كلها رجع رب المال على العبد بينهما بخمسمائة، وهو الربع الذي كان المضارب بالخيار، إن شاء أعتق، ¬

_ (¬1) ف - رب. (¬2) ف: زادته. (¬3) م: وكان.

وإن شاء ضمن. وأما الخمسمائة الباقية التي ضمنها رب المال بزيادة حصة المضارب فليس يرجع على العبد بها. فإن كان رب المال أعتق أحد العبدين قبل صاحبه فكان الأول منهما الذي قيمته ألفان عتق منه ألف وخمسمائة وعتق من الثاني النصف، والمضارب في قياس قول أبي حنيفة بالخيار، إن شاء ضمن رب المال إن كان موسراً ربع قيمة (¬1) الأول ونصف قيمة الآخر، وأن شاء أعتق، وإن شاء استسعى. فإن ضمن رب المال رجع رب المال بما ضمن على العبدين. وإن كان رب المال أعتق العبد الذي قيمته ألف درهم ثم أعتق الآخر بعد ذلك عتق الأول (¬2) كله من رب المال، وعتق نصف الآخر أيضاً من رب المال، والمضارب بالخيار إن كان رب المال موسراً (¬3): إن شاء ضمنه نصف قيمة الآخر، وإن شاء استسعى، وإن شاء أعتق، فإن ضمن رب المال رجع رب المال بما ضمن على العبد. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة فاشترى بها عبدين يساوي كل واحد منهما ألف درهم، فأعتقهما المضارب جميعاً معاً أو أعتق أحدهما قبل صاحبه، فإن عتقه باطل، وهما عبدان على المضاربة على حالهما. فإن فقأ رب المال عين أحدهما أو قطع يده فقد صار رب المال مستوفياً لنصف رأس ماله. وأما العتق الذي كان من المضارب قبل ذلك فإنه باطل لا يجوز. فإن أعتقهما المضارب بعد ذلك بطل العتق في العبد المجني عليه، لأنه لا فضل فيه عما بقي من رأس المال، وأما العبد الآخر فإنه يعتق منه ربع ربحه، ويباع العبد المجني عليه فيدفع (¬4) إلى رب المال تمام رأس ماله، ويضمن المضارب إن كان موسراً لرب المال نصف قيمة العبد الذي جاز عتقه، ويرجع المضارب بما ضمن وهو خمسمائة درهم ¬

_ (¬1) ف: قيمته. (¬2) ص: العبد. (¬3) م ص: إن كان موسرا رب المال. (¬4) م ص ف: ويباع العبد الآخر عليه فيه ربع؛ ف + المال. والتصحيح من ب؛ والكافي، 2/ 276 ظ.

على العبد، ويرجع عليه أيضاً بمائتين وخمسين، وهذا كله قياس قول أبي حنيفة. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف فاشترى بها جارية تساوي ألفاً، فولدت ولداً يساوي ألفاً، فادعاه المضارب، فإن دعواه باطل لا يجوز، وهو ضامن لعقر (¬1) الجارية، فتكون في المضاربة، وله أن يبيع الجارية وولدها، فإن لم يبع واحداً منهما حتى زادت الجارية فصارت تساوي ألفين فإن الجارية أم ولد للمضارب، وهو ضامن من قيمتهما الألف (¬2) والخمسمائة (¬3)، ألف رأس مال رب المال، وخمسمائة حصته من الربح. فأما الولد فرقيق على حاله ما لم يؤد ما عليه من قيمة الأم أو يأخذ رب المال شيئاً من العقر، لأنه لا فضل فيه عن رأس المال. وللمضارب أن يبيعه، فإن لم يبعه حتى صار يساوي ألفين فإن الولد يصير ابن المضارب ويعتق منه ربعه، ولا ضمان على المضارب في الولد، لأنه إنما عتق بالدعوة التي كانت قبل الزيادة، فيأخذ المولى من المضارب ألف درهم رأس ماله، فإذا استوفى ذلك صار ما بقي من الابن وما بقي على المضارب من قيمة الأم ومن العقر ربح. فإن كان العقر مائة درهم ضمن رب (¬4) المال الألف كلها والمائة درهم، فإن أخذها كان للمضارب مثل ذلك من الولد، فيعتق من الولد قدر ألف درهم ومائة درهم، ويبقى تسعمائة درهم بين المضارب وبين رب المال نصفين، فيعتق أيضاً من الولد حصة المضارب من ذلك أربعمائة وخمسون، ويسعى الولد لرب المال في أربعمائة وخمسين، ويكون ولاء الولد بين المضارب (¬5) وبين رب المال، لرب المال منه عشره وربع عشره، وما بقي من الولاء فهو للمضارب في قياس قول أبي حنيفة. ولو كان المضارب معسراً لا يقدر على الأداء فأراد رب المال أن يستسعي الجارية في رأس ماله وحصته من الربح لم يكن له ذلك، لأنها أم ولد، ولا ¬

_ (¬1) م ص ف: تعتق. والتصحيح من الكافي، 2/ 276 ظ. (¬2) ف - الألف. (¬3) ف: خمسمائة. (¬4) ف: لرب. (¬5) من المضارب.

سعاية على أم الولد. فإن أراد أن يستسعي الولد كان له ذلك، فيستسعيه في ألف وخمسمائة حصته من الربح في الولد، ويعتق من الولد ربعه من المضارب، ويكون ولاء الولد بين المضارب وبين رب المال، للمضارب ربعه، ولرب المال ثلاثة أرباعه، ويرجع رب المال على المضارب بنصف قيمة الأم ونصف العقر، فيكون ذلك ديناً له، فيأخذ به إذا بدا له. فإن أدى المضارب ذلك إلى رب المال فأراد الولد أن يرجع بشيء مما يسعى فيه على رب المال أو على المضارب فليس له ذلك، وهذا كله قياس قول أبي حنيفة. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف فاشترى بها جارية تساوي ألفاً، فولدت ولداً يساوي ألفاً، فادعى رب المال الولد، فهو ابنه، والأم أم ولده، ولا يغرم رب المال نصف القيمة للمضارب، لأن رب المال حين ادعى الولد فإنما يثبت نسبه منه وهو في بطن أمه، فلا ضمان عليه في الولد، وأما في الأم فلا فضل فيها عن رأس مال رب المال، ولا ربح في المضاربة، فلا يغرم. ولا يغرم (¬1) رب المال من العقر شيئاً، لأنه وطئ الجارية وهي له ولا فضل فيها عن رأس المال. وكذلك لو كان الولد يساوي ألفين كان بهذه المنزلة. ولو كانت الأم تساوي ألفين كانت أم ولد لرب المال، وغرم ربع قيمتها وثمن عقرها للمضارب، وكانت الجارية أم ولد له، وكان الولد ولده، ولا ضمان عليه في الولد، لأن النسب يثبت (¬2) والولد في بطن أمه. وإنما غرم رب المال ربع قيمة الأم للمضارب لأن الأم كان فيها ربح ألف درهم، وهو نصف قيمتها، فيغرم نصف ذلك النصف، وهو ربع القيمة. وأما العقر فإن رب المال وطيء الجارية وله ثلاثة أرباعها، فلا عقر عليه في حصته من الجارية، وإنما عليه ربع العقر ربحاً، فله نصفه، ولرب المال نصفه، فيغرم ثمن العقر وربع قيمة الجارية. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. ولو كان المضارب هو الذي وطئ الجارية وقيمتها ¬

_ (¬1) ص - ولا يغرم؛ صح هـ. (¬2) م ص: ثبت.

ألفان فجاءت بولد فادعاه المضارب بعدما ولدته وقيمته ألف درهم (¬1) فإن الولد ولد المضارب، ولا ضمان عليه في الولد، والولد عبده، ويغرم المضارب ثلاثة أرباع قيمة الجارية لرب المال، فيستوفي من ذلك رأس ماله ألف درهم وما بقي له من حصته من الربح. ويغرم المضارب ثلاثة أثمان العقر، لأنه وطئ الجارية يوم وطئها وله ربعها، فلا عقر عليه في الربع الذي كان له، وأما الثلاثة أرباع التي كانت لرب المال فإنه يغرم في ذلك ثلاثة أرباع العقر، فيكون ربحاً، فيغرم لرب المال نصف تلك الثلاثة الأرباع، وهي ثلاثة أثمان العقر، فيكون لرب المال. فإذا قبض رب المال ذلك عتق نصف الولد، وسعى في نصف قيمته لرب المال، وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى بها جارية تساوي ألفاً، فولدت ولداً يساوي ألفاً، فادعى المضارب الولد، فإن دعوته باطل، وهو ضامن للعقر، وأما الجارية والولد فلا يعتق واحد منهما. فإن غرم رب المال المضارب العقر وهو مائة درهم فأخذه رب المال من المضارب (¬2) صارت أم ولد للمضارب، ويعتق الولد، ويثبت نسبه. ولا يضمن المضارب من قيمة الولد شيئاً، لأن العقر حين قبضه رب المال من المضارب صار مستوفياً من رأس المال مائة درهم، وصار رأس المال تسعمائة درهم، ففي الأم فضل مائة درهم (¬3) ربح، وفي الغلام فضل مائة درهم ربح، فثبت نسب الولد، ولا ضمان عليه فيه، وأما أم الولد فهو ضامن من قيمتها تسعمائة درهم وخمسين. فإذا قبض ذلك رب المال من المضارب عتق نصف الولد من المضارب، وسعى الولد في نصف قيمته لرب المال، فيكون ولاء الولد بينهما نصفين، وليس لرب المال أن يستسعي أم الولد في شيء من قيمتها، فإن كان المضارب معسراً وقد (¬4) أدى العقر، ¬

_ (¬1) ف - درهم. (¬2) م + العقر وهو مائة درهم فأخذه رب المال من المضارب. (¬3) ص - درهم. (¬4) م ص: أو قد؛ ف: أو كان قد. والتصحيح من الكافي، 2/ 278 و.

باب جناية العبد من المضاربة والجناية عليه

فأراد (¬1) رب المال (¬2) أن يستسعي الولد في تسعمائة وخمسين ويعتق منه خمسون (¬3) فيكون ولاء الولد بينهما، لرب المال تسعة أعشاره ونصف عشره، وللمضارب نصف عشره، [فله ذلك] (¬4)، ويرجع رب المال على المضارب بنصف قيمة أم الولد، فيكون ذلك ديناً لرب المال على المضارب. ... باب جناية العبد من المضاربة والجناية عليه وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة، فاشترى بها وباع فربح، ثم اشترى ببعضها عبداً يساوي ألف درهم، فقتله رجل عمداً، فلا قصاص فيه، لأن رب المال إن جعل القصاص له ثم أخذ رأس ماله مما بقي كان في القصاص الذي أخذ حق المضارب. ولو كان المضارب اشترى بالألف المضاربة عبداً يساوي ألف درهم ولا فضل فيه عن رأس المال ولا شيء غيره من المضاربة غير العبد، فقتله رجل عمداً، فالقصاص واجب لرب المال على القاتل، وقد خرج العبد من المضاربة. فإن صالحه القاتل على ألف درهم كانت لرب المال من رأس ماله، وإن صالحه على ألفي درهم استوفى رب المال من ذلك رأس ماله ألف درهم، وما بقي فهو بمنزلة الربح بينهما على ما اشترطا ولو كان المضارب اشترى بالألف المضاربة كلها عبداً يساوي ألفين، فقتله رجل عمداً، لم يكن (¬5) على قاتله قصاص، لأن العبد المقتول كان فيه فضل حين قتل عن رأس المال، فلو جعلت لرب المال والمضارب القصاص على قدر مالهما في العبد كنت قد جعلت (¬6) للمضارب حصته قبل أن يستوفي رب المال رأس ¬

_ (¬1) ص: فإن اراد. (¬2) ص: الولد. (¬3) ص: خمسين. (¬4) الزيادة مستفادة من المصدر السابق. (¬5) ف + له. (¬6) ف - لرب المال والمضارب القصاص على قدر مالهما في العبد كنت قد جعلت.

ماله؛ ألا ترى أن أخذ رب المال بالقصاص ليس بقبض (¬1) لرأس المال، فكذلك لم أجعل فيه قصاصاً. فإن أجمع رب المال والمضارب جميعاً على القصاص فلا قصاص فيه (¬2) أيضاً، لأن المضارب لو جعلت له القصاص واجباً لم يكن له في العبد حق، فإجماعه مع رب المال وغير إجماعه سواء، ولكن المضارب يأخذ قيمة العبد من القاتل من ماله في ثلاث سنين، فتكون على المضاربة يشتري فيها ويبيع. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة، فاشترى بها عبداً يساوي ألفاً أو أقل من ذلك أو أكثر، فقتل العبد رجلاً عمداً، فادعى أولياء القتيل ذلك على العبد، وجحد ذلك العبد، فأقام الأولياء عليه البينة بذلك، والمضارب حاضر، ورب المال غائب، فإن القاضي لا يقضي على العبد بالقصاص حتى يحضر رب المال، فإذا حضر رب المال قضى على العبد بالقصاص، فإن حضر رب المال والمضارب غائب فإن القاضي لا يقضي أيضاً على العبد ببينة أولياء القتيل حتى يحضر المضارب، لأن العبد في يدي المضارب، ولو أن العبد أقر بالقتل عمداً قضي عليه بذلك إن حضر رب المال أو المضارب (¬3) أو لم يحضرا (¬4)، وهذا قول أبي حنيفة وقول محمد. وأما في قول أبي يوسف فإنه يقبل البينة على العبد في العمد، فإن لم يحضر المضارب ورب المال فالبينة والإقرار عنده سواء. فإن حضر رب المال والمضارب فأقر العبد بالقتل عمداً فإن عليه القصاص. فإن لم يقتص منه حتى عفا أحد وليي القتيل وله وليان وقد كان رب المال والمضارب كذبا العبد في إقراره بالقتل، فإن حق ولي القتيل الباقي باطل، لأن إقرار العبد لا يجوز إذا تحول القتل إلى أن يدفع بعض العبد أو يفدى (¬5). فإن ¬

_ (¬1) ص: يقتص. (¬2) ص - لم أجعل فيه قصاصاً فإن أجمع رب المال والمضارب جميعاً على القصاص فلا قصاص فيه. (¬3) ص - أو رب المال. (¬4) ص: لم يحضر. (¬5) م ص: أو يقرا.

كان المضارب أقر بما قال العبد وأنكر ذلك رب المال، فإن كان قيمة العبد ألف درهم مثل المضاربة أو أقل من ذلك لم يجز قوله، وكان هذا والباب الأول سواء. وإن كان في العبد فضلٌ نُظِر إلى حصة المضارب من ذلك الفضل فقيل له: ادفع نصف حصتك إلى الذي لم يعف أو افده (¬1)، فإذا اختار أحدهما بطلت (¬2) المضاربة وأخذ رب المال من العبد قدر رأس ماله وحصته من الربح فكان له، وأخذ المضارب نصف حصته الذي (¬3) بقي فكان له. ولو كان المضارب أنكر ما أقر به العبد وأقر بذلك رب المال، فإن كان العبد قيمته ألف درهم مثل المضاربة أو أقل، فإن المضارب لا يلتفت إلى قوله، ويقال لرب المال: ادفع نصف العبد إلى الولي الذي لم يعف، أو افده بنصف الدية. فإن دفعه كان النصف الباقي من العبد على حاله في المضاربة يبيعه المضارب، ثم يعمل بثمنه مضاربة، ورأس المال فيه نصف رأس المال الأول إن كان العبد يساوي ألفاً. وإن كان يساوي أقل من ألف فرأس المال في النصف الباقي ألف درهم إلا قدر قيمة ما استهلك رب المال من العبد، وهو نصف العبد الذي دفع، فإنه يرفع من رأس المال، ويكون ما بقي من رأس مال الأول وهو رأس مال المضاربة في نصف العبد الباقي. فإن باع المضارب هذا النصف فربح (¬4) فيه ربحا استوفى رب المال ما بقي من رأس ماله على ما وصفت لك، وما بقي فهو بينهما على ما اشترطا من الربح. ولو كان بالعبد فضل يوم أقر بالجناية كانت قيمته ألفي درهم، فعفا أحد وليي العمد وقد صدق رب المال بالجناية وكذب بها المضارب فإن رب المال يصدق على حصته من ذلك، فيقال له: ادفع نصف حصتك أو افده، ويسلم لرب المال نصف حصته من العبد، ويكون للمضارب حصته (¬5) من العبد، وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى بها ¬

_ (¬1) ص - أو افده. (¬2) ص - بطلت. (¬3) م ص ف: التي. (¬4) م ف: ربح. (¬5) م ص: حصة.

عبداً يساوي ألفاً، فجنى جناية خطأ، فإن المضارب ليس له أن يدفع العبد بالجناية، ولا يكون خصماً في شيء من ذلك، ولكن إن شاء المضارب فداه من ماله، وكان متطوعاً في هذا، وكان العبد مضاربة على حاله. فإن باعه بربح (¬1) أو وضيعة لم يكن له أن يأخذ ما فداه العبد من ذلك. ولو كان رب المال حاضراً كان هو الذي يقال له: ادفعه أو افده، فإن اختار الفداء أخذه ولم يكن للمضارب سبيل عليه، وإن دفعه سلم لولي (¬2) الجناية، فإن أراد دفعه فقال المضارب: أنا (¬3) أفديه ويكون على المضاربة لأني أريد أن أبيعه فأربح فيه، كان له ذلك. ولو كان المضارب غائباً لم يكن لرب المال أن يدفعه، إنما له أن يفديه حتى يحضر المضارب، لأنه في يدي المضارب. ولو كان المضارب اشترى ببعض المضاربة عبداً، فجنى جناية خطأ، وفي يدي المضارب من المضاربة مثل الفداء وأكثر، فأراد المضارب أن يفديه بمال المضاربة الذي في يديه، فليس له ذلك، لأن هذا ليس من التجارة، إنما له أن يفديه إن أحب ذلك من ماله، فيكون متطوعاً، فأما أن يفديه من المضاربة أو يدفعه فليس له ذلك. وإذا دفع الرجل إلى الرجل دراهم مضاربة بالنصف، فاشترى بها عبداً يساوي ألفين، فجنى جناية خطأ تحيط بقيمته أو أقل من ذلك، فليس لواحد منهما أن يدفع العبد حتى يحضرا جميعاً. وإن كان أحدهما غائباً ففداه الآخر فهو متطوع في الفداء، فإذا حضرا جميعاً قيل لهما: ادفعا أو افديا، فإن دفعا فليس لهما شيء، وإن فديا العبد والفداء أقل من قيمته أو أكثر فإن الفداء عليهما أرباعاً، ثلاثة أرباعه على رب المال، وربعه (¬4) على المضارب، وقد خرج العبد من المضاربة، وصار ثلاثة أرباعه لرب المال وربعه للمضارب. فإن أراد المضارب بيع نصيب رب المال من العبد لم يكن له ذلك (¬5)، فإن اختار رب المال الفداء واختار المضارب الدفع فدى رب ¬

_ (¬1) م ف: لربح. (¬2) ص: الولي. (¬3) ص: أما. (¬4) ف: وديعه. (¬5) ص - فإن أراد المضارب بيع نصيب رب المال من العبد لم يكن له ذلك.

باب ما لا يجوز للمضارب أن يفعله في المضاربة وما يجوز له

المال ثلاثة أرباع الفداء (¬1)، ودفع المضارب ربع العبد إلى ولي الجناية، ونصيب رب المال الذي فدى لرب المال، وقد خرج من المضاربة، لأن المضارب حين دفع نصيبه فقد وقعت القسمة، فإذا وقعت القسمة فقد انقضت المضاربة. ولو كان رب المال اختار الدفع واختار المضارب الفداء فدى نصيبه، ودفع رب المال ثلاثة أرباع العبد، وفدى المضارب ربع العبد، فصار له ذلك الربع لا حق لرب المال فيه، لأن المضارب حين فداه فقد وقعت 1 لقسمة فيه وبطلت المضاربة. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. ... باب ما لا يجوز للمضارب أن يفعله في المضاربة وما يجوز له وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة، فاشترى بها جارية أو غلاماً، فأراد أن يزوج واحداً منهما، فليس له ذلك في قول أبي حنيفة ومحمد؛ ألا ترى أن العبد المأذون له في التجارة ليس (¬2) له أن يزوج عبداً من تجارته ولا أمة، فكذلك (¬3) المضارب. ... باب في الكتابة والعتق على مال (¬4) وإذا دفع الرجل إلى رجل مالاً (¬5) مضاربة فاشترى به جارية أو عبداً فكاتبه فالكتابة باطل. ليس للمضارب أن يكاتب عبداً من المضاربة. فإن كان العبد لا فضل فيه وقد كاتبه فأدى الكتابة فإن المكاتبة باطل، ويرد العبد ¬

_ (¬1) ص: العبد. (¬2) م: وليس. (¬3) ص: وكذلك. (¬4) ف: على المال. (¬5) م ص - مالا.

باب في الرهن

رقيقاً، ويكون ما أدى العبد من المكاتبة في المضاربة، يستوفي رب المال رأس ماله، وما بقي فهو ربح على ما اشترطا. ولو كان العبد حين كاتبه المضارب كان فيه فضل عن رأس المال فإن المكاتبة باطل. فإن لم يرد (¬1) المكاتبة حتى أدى المكاتب المكاتبة فإن نصيب المضارب من المكاتب وحصة نصيب المضارب من المكاتبة للمضارب، ويستوفي رب المال رأس ماله مما بقي من المكاتبة، فإن بقي من المكاتبة شيء بعد ذلك اقتسماه على ما اشترطا من الربح، ورب المال بالخيار، إن شاء ضمن المضارب إن كان موسراً حصته من العبد، وهو نصيبه من الربح الذي شرط لنفسه. إن كانت المضاربة على النصف ضمن المضارب لرب المال نصف قيمة العبد، وإن شاء استسعى العبد في قول أبي حنيفة، وإن شاء أعتقه. وإذا دفع رجل إلى رجل ألف درهم مضاربة، فاشترى عبداً أو أمة تساوي ألفاً أو أقل من ذلك، فأعتقه المضارب على ألفي درهم، فإن عتقه باطل، والعبد رقيق على حاله في المضاربة. ولو كان في العبد فضل على رأس المال عتق (¬2) نصيب المضارب بحصته من المال الذي أعتق العبد عليه، وسلمت تلك الحصة من المال للمضارب، ورب المال بالخيار في قول أبي حنيفة إن كان المضارب موسراً، إن شاء ضمن المضارب، وإن شاء أعتق، وإن شاء استسعى. ... باب في الرهن وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة، فاشترى ببعضها عبداً، فرهنه المضارب بدين عليه من غير المضاربة، فإن رهنه باطل إن كان في العبد فضل على رأس المال أو لم يكن. وإن رهنه بدين من ¬

_ (¬1) ص: لم ترد. (¬2) ص: أعتق.

المضاربة وفيه فضل أو ليس فيه فضل فإن الرهن (¬1) جائز، لأن هذا من التجارة. وإذا دفع رجل إلى رجل مالاً مضاربة، فاشترى ببعضه عبداً فيه فضل أو ليس فيه فضل، فاستهلك العبد مالاً أو قتل دابة، فأراد المضارب أن يبيعه في الدين بغير محضر من رب المال، فذلك له وبيعه جائز. وإن دفعه إلى صاحب الدين بدينهم فذلك جائز على رب المال، وإن فداه بمال من المضاربة فذلك جائز على رب المال (¬2). ولا يشبه هذا الجناية في بني آدم. وكذلك كل دين لحق العبد فهو بمنزلة هذا. وإذا دفع رجل إلى رجل مالاً مضاربة، ولم يقل له: اعمل فيه برأيك، فاشترى ببعضه عبدا، فأذن له المضارب في التجارة، فاشترى العبد وباع، فربح ربحاً أو وضع وضيعة لحقه في ذلك دين، فذلك جائز على رب المال، والعبد مأذون له في التجارة. فإن اشترى العبد عبداً من تجارته فجنى عبده جناية فليس للع أن يدفعه، ولا يفديه حتى يحضر المضارب ورب المال؛ ألا ترى أن المضارب ليس له أن يدفع العبد المأذون له بالجناية حتى يحضر رب المال، وإن كان متطوعاً فذلك العبد الذي يأذن له المضارب في التجارة ليس له أن يدفع عبداً بجناية، إنما للعبد أن يفعل من ذلك ما كان للمضارب أن يفعل. ولا يشبه العبد الذي يأذن له المضارب في التجارة العبد الذي يأذن له مولاه في التجارة، إذا أذن رجل لعبده في التجارة فاشترى عبداً فجنى العبد جناية فللعبد المأذون له في التجارة أن يدفعه أو أن (¬3) يفديه، ولا يشبه هذا العبد الذي يأذن له المضارب في التجارة، لأن العبد الذي يأذن له المضارب في التجارة لا يكون أحسن حالاً في تجارته من المضارب الذي أذن له، إنما يكون له من ذلك ما يكون للمضارب أن يفعل. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. ¬

_ (¬1) ص ف + فيه. (¬2) ص - وإن فداه بمال من المضاربة فذلك جائز على رب المال؛ صح هـ. (¬3) ص: وأن.

وإذا دفع رجل إلى رجل مال ابنه مضاربة بالنصف أو بالثلث أو بالثلثين أو بأكثر أو بأقل وابنه صغير في عياله فذلك جائز على ابنه، إن ربح المضارب فهو على ما اشترطا، وإن (¬1) وضع فالوضيعة على المال. وكذلك لو أن الأب أخذ مالاً مضاربة لنفسه من مال ابنه وهو صغير في عياله بالنصف أو بالثلثين أو بأكثر من ذلك أو بأقل. ولو أن الأب (¬2) أخذ لابنه وهو صغير في عياله من رجل مالاً مضاربة بالنصف على أن يعمل به الأب للابن فعمل الأب (¬3) فربح، فإن الربح بين الأب وبين رب المال نصفين على ما اشترطا، ولا شيء للابن، لأن الابن لم يعمل بالمال. ولو أن الابن كان مثله يشتري ويبيع فأخذ الأب له مالاً مضاربة بالنصف على أن يشتري به الغلام ويبيع، فما اشترى به الغلام وباع فربح أو وضع فالمضاربة في ذلك جائزة، والربح بين رب المال والابن نصفين. وكذلك لو كان الأب عمل للابن في المال بأمره وقد اشترط في أصل المضاربة أن الذي يلي العمل الابن فذلك جائز، والمال الذي يعمل به الأب بمنزلة البضاعة في يده للابن. وإن كان الابن لم يأمره فاشترى الأب وباع فربح أو وضع فهو ضامن للمال، والربح له يتصدق به، لأن رب المال لم يأذن للأب في العمل، إنما أذن للابن، فإذا عمل به الأب بغير إذن الابن فهو ضامن. وكذلك الوصي يدفع مال اليتيم في حجره مضاربة أو يأخذ لنفسه مضاربة أو يأخذ لليتيم مالا مضاربة، فهو في ذلك كله بمنزلة ما وصفت لك من أمر الولد (¬4). وإذا أعطى المكاتب رجلاً مالاً بالنصف أو بالثلث أو بأكثر من ذلك أو أقل أو أخذ مالاً مضاربة بالنصف أو أقل أو أكثر فهو جائز على ما اشترط المكاتب ورب المال. وكذلك العبد المأذون له في التجارة. وكذلك العبد الذي قد (¬5) عتق بعضه وهو يسعى في بعض قيمته. وإذا أعطى الصبي رجلاً مالاً مضاربة بالنصف أو بأقل من ذلك أو ¬

_ (¬1) ف: فإن. (¬2) ص: أن رجلا. (¬3) ص - فعمل الأب. (¬4) ف: الوالد. (¬5) ص ف - قد.

بأكثر بغير أمر (¬1) أبيه أو بغير إذن وصيه فإن (¬2) كان الصبي مأذوناً له (¬3) في التجارة فذلك جائز، والربح على ما اشترطا. وكذلك إن كان دفع المال وهو غير مأذون له في التجارة بإذن أبيه أو وصيه. فإن كان دفع المال بغير إذن أبيه ولا وصيه وليس بمأذون له في التجارة فعمل به المضارب فربح أو وضع فهو ضامن لرأس المال، والوضيعة على المضارب، والربح له، لا يتصدق به. ولا بأس بأن يأخذ المسلم من النصراني مالاً مضاربة، لأن الذي يلي البيع والشرى المسلم، فلا (¬4) بأس بأن يأخذ من النصراني مالاً مضاربة. وإذا دفع المسلم إلى النصراني مالاً مضاربة، فإن أبا حنيفة وأبا يوسف ومحمداً قالوا: ذلك مكروه، وهو جائز في القضاء. فإن باع واشترى فربح أو وضع فالربح بينهما على ما اشترطا، والوضيعة على المال. وإنما كرهنا هذه المضاربة لأن الذي يلي البيع والشرى النصراني، فكرهنا أن يشتري النصراني بذلك الخمر والخنزير وما لا يحل من الربا وغيره. وإذا دفع النصراني إلى المسلم فلا بأس بذلك وإن كان أحدهما نصرانياً، لأن النصراني لا يقدر على أن يبيع ويشتري إلا مع المسلم. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة بالنصف، فاشترى بها جارية فيها فضل عن رأس المال أو لا فضل فيها فليس ينبغي للمضارب أن يطأها قبل أن يستبرئها (¬5) بحيضة ولا بعد ذلك إن كان فيها فضل عن رأس المال أو لم يكن، ولا يباشرها، ولا يقبِّلها لشهوة، ولا يلمسها لشهوة، لأنها على المضاربة؛ ألا ترى أن رب المال لو أراد أخذها من المضارب لم يكن له ذلك، وكان للمضارب أن يبيعها، فإن ربح فيها ربحاً أخذ حصته. ولو أن المضارب اشترى جارية فزوجها إياه رب المال فإن كان في الجارية فضل فالنكاح باطل والجارية على المضاربة على حالها. وإن لم يكن في الجارية ¬

_ (¬1) م ص ف: أو بأكثر بأمر. (¬2) م ص: وإن. (¬3) م ف - له. (¬4) م: ولا. (¬5) ف: أن يشتريها.

فضل فالنكاح جائز، وقد خرجت الجارية من المضاربة، وليس للمضارب أن يبيعها. ألا ترى أن عبداً مأذوناً له في التجارة لو اشترى جارية من تجارته ولا دين عليه فزوجها إياه مولاه كان النكاح جائزاً، وقد خرجت الجارية من التجارة، فكذلك المضارب. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة، فاشترى المضارب بالمال جارية، ثم أشهد بعد ذلك أنه يشتريها لنفسه شرى مستقبلاً بمثل ذلك المال أو بربح، وقد كان رب المال أذن له أن يفعل ذلك أو لم يأذن له، فإن شراءه لنفسه باطل، ولا ينبغي له أن يطأ الجارية، والجارية على المضاربة على حالها. وإن كان حين اشترى الجارية بالمال المضاربة أشهد أنه يشتريها لنفسه، فإن كان رب المال أذن له فى ذلك فهو جائز، وما اشترى فهو له، وهو ضامن للمال الذي نقد (¬1) لرب المال. وإن كان رب المال لم يأذن له في ذلك فإن الذي اشترى المضارب بالمال في المضاربة على حاله، ولا يكون للمضارب. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة، فاشترى به جارية فيها فضل، فأراد أن يأخذها المضارب لنفسه، فباعها إياه رب المال بزيادة على رأس المال الذي اشتراها به، فذلك جائز، يستوفي رب المال من ذلك رأس ماله، وما بقي فهو بينهما على ما اشترطا من الربح، وقد خرج المال من المضاربة، لأن المضارب صار ضامناً للمال حين اشترى الجارية، فلما ضمن المال خرج المال من المضاربة. ولو كان رب المال أراد أخذ الجارية لنفسه، فباعها إياه المضارب بزيادة على رأس المال، وأخذ (¬2) المضارب المال، فإنه على المضاربة، ولا يشبه ضمان رب المال في هذا ضمان المضارب. ... ¬

_ (¬1) ص: تقرر. (¬2) م ص ف: فأخذها. والتصحيح من الكافي، 2/ 281 و.

باب المرتد والحربي يدفع مالآ مضاربة أو يدفع إليه أو يرتد من يدفع إليه

باب المرتد والحربي يدفع مالآ مضاربة أو يدفع إليه أو يرتد من (¬1) يدفع إليه وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة بالنصف، فارتد المضارب عن الإسلام، ثم اشترى وباع فربح أو وضع، ثم قتل على ردته، فإن شراءه وبيعه جائز على رب المال، وما كان في ذلك من وضيعة فهو على رب المال، وما كان في ذلك من ربح فهو بينهما على ما اشترطا، والعهدة في جميع ما باع في قياس قول أبي حنيفة على رب المال، ولا عهدة على المضارب، لأنه باع واشترى وهو مرتد ثم قتل على ردته، فلا عهدة عليه. ألا ترى أن مرتداً لو أمره رجل أن يبيع له عبداً فباعه ثم قتل على ردته كان البيع جائزاً، وكانت العهدة على الآمر. وكذلك لو أن مسلماً أمر مسلماً أن يبيع له عبداً فارتد المأمور ثم باع العبد ثم قتل على ردته فإن بيعه جائز، والعهدة في ذلك على الآمر، فكذلك المضارب. وأما في قول أبي يوسف ومحمد في هذا فهو جائز، والوضيعة على رب المال، والربح على ما اشترطا، والعهدة على المرتد. ولو أن المرتد لم يقتل على ردته ولكنه مات مرتداً أو لحق بدار الحرب كان قولهم في ذلك بمنزلة المرتد إذا قتل على ردته. ولو أن المرتد المضارب باع واشترى فوضع أو ربح ثم أسلم كان قولهم في ذلك واحدا: بيعه وشراؤه جائز، والعهدة على المضارب، وما كان من وضيعة فعلى رب المال، وما كان من ربح فعلى ما اشترطا. وإذا دفع الرجل إلى المرأة مالاً مضاربة، فارتدت، فاشترت به وباعت فربحت أو وضعت، ثم ماتت أو لحقت بدار الحرب، فإن بيعها وشراءها جائز على المضاربة، وما ربحت (¬2) فهو بينهما على ما اشترطا، والوضيعة على المال، والعهدة على المرأة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، ولا تشبه المرأة في قول أبي حنيفة في هذا الرجل، لأن الرجل يقتل والمرأة ¬

_ (¬1) م ص ف: ما. (¬2) م ص: ما ربحت.

لا تقتل في قوله، وأما في قول أبي يوسف ومحمد فهو سواء. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة بالنصف، فارتد رب المال عن الإسلام، ثم اشترى المضارب وباع فربح أو وضع، ثم قتل المرتد أو مات قبل أن يسلم أو لحق بدار الحرب، ثم دفع المضارب المال إلى القاضي، فإنه يجيز البيع والشرى على المضارب، ويضمنه رأس المال، ويجعل الربح للمضارب والوضيعة عليه في قياس قول أبي حنيفة، وأما في قول أبي يوسف ومحمد فهو على المضاربة، والربح على ما اشترطا، والوضيعة على المال، والعهدة في هذا كله على المضارب. فإن لم يدفع المضارب إلى القاضي ولم يقض في مال رب المال بشيء حتى رجع رب المال من دار الحرب مسلماً فإن شرى المضارب وبيعه جائز على رب المال، وهو على المضاربة على حالها، والربح على ما اشترطا، والوضيعة على المال. وكذلك إن أسلم رب المال قبل أن يقتل أو يموت فإن جميع ما صنع المضارب من ذلك جائز على رب المال والمال على المضاربة على حاله والربح على ما اشترطا والوضيعة على المال. ولو كان رب المال امرأة دفعت مالاً مضاربة بالنصف، ثم ارتدت المرأة عن الإسلام، ثم باع المضارب واشترى فربح أو وضع، ثم ماتت المرأة على ردتها أو لحقت بدار الحرب، فإن بيع المضارب وشراءه عليها جائز، وهو على المضاربة، والربح على ما اشترطا، والوضيعة على المال في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد؛ لأن المرأة لا تقتل والرجل يقتل فلذلك (¬1) أخذها (¬2) في قول أبي حنيفة، وهما في قول أبي يوسف ومحمد سواء، وذلك جائز على المضاربة. وإذا دفع الرجل المسلم إلى المرتد مالاً مضاربة فهو في (¬3) قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد جميعاً فيما اشترى وباع فربح أو وضع، ثم قتل على ردته أو مات أو لحق بدار الحرب أو أسلم، بمنزلة الرجل المسلم ¬

_ (¬1) م ص: فكذلك. (¬2) كذا في الأصول. ولعل الصواب: أجازها. (¬3) م ص - في.

يدفع إلى الرجل (¬1) المسلم مالاً مضاربة بالنصف، ثم يرتد المضارب بعد ذلك فيقتل أو يموت أو يلحق بدار الحرب على ردته أو يسلم، هو في ذلك بمنزلته (¬2) على ما وصفت لك في جميع أمره. ولو كان المضارب امرأة مرتدة دفع إليها رجل مسلم مالاً مضاربة فهو بمنزلة المسلم يدفع إلى المسلم ثم يرتد المسلم بعد ذلك، فالأمر فيهما جميعاً سواء على ما وصفت لك. وإذا دفع الرجل المرتد إلى الرجل المسلم مالاً مضاربة، فباع واشترى، فربح أو وضع، ثم قتل المرتد (¬3) على ردته، أو لحق بدار الحرب، أو مات، أو أسلم قبل أن يقتل، فهو في ذلك كله بمنزلة الرجل المسلم يدفع إلى الرجل المسلم مالاً مضاربة، ثم يرتد رب المال بعدما يدفع المال مضاربة، فهو سواء، والأمر فيهما جميعاً على ما وصفت لك. وكذلك المرأة المرتدة تدفع إلى الرجل المسلم مالاً مضاربة، فهي بمنزلة المرأة المسلمة تدفع مالاً مضاربة إلى الرجل المسلم، ثم يرتد بعد ذلك عن الإسلام، حالهما في ذلك سواء، لأن ارتدادهم قبل المضاربة وبعد المضاربة في ذلك سواء. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة بالنصف، فارتد رب المال عن الإسلام، ولحق بدار الحرب، فلم يقض في ماله بشيء (¬4) حتى رجع مسلماً، وقد اشترى المضارب بالمال أو باع، ورب المال في دار الحرب، فإن شراءه وبيعه على رب المال جائز، وذلك كله على المضاربة، وما وضع في ذلك فهو على رب المال، وما ربح فهو بينهما على ما اشترطا. ولو كان المضارب هو الذي ارتد عن الإسلام ولحق بدار الحرب، ولحق بالمال معه فاشترى وباع به في دار الحرب، ثم رجع بالمال مسلماً، فإن له جميع ما اشترى وباع من ذلك كله، ولا ضمان عليه في المال، ولا شيء ¬

_ (¬1) ص + إلى الرجل. (¬2) م ص: بمنزلة. (¬3) ص - المرتد. (¬4) م ص: شيء.

عليه منه (¬1)، لأنه إنما خالف فيه بعدما دخل دار الحرب، فلا ضمان عليه في دار الحرب. ألا ترى أنه لو لحق مرتداً ثم عاد فأخذ المال أو استهلكه لم يكن عليه ضمان، فكذلك (¬2) هذا. وإذا دفع الرجل المسلم إلى الرجل المسلم مالاً مضاربة، فاشترى بالمال جارية أو عرضاً من العروض، ثم ارتد رب المال عن الإسلام، ولحق بدار الحرب، أو قتل، أو مات مرتداً، ثم باع المضارب الجارية أو ذلك العرض الذي اشترى، فذلك جائز، وهو على المضاربة، ولا ضمان عليه، وليس له بعد ذلك أن يشتري بالثمن إن كان دراهم شيئاً، فإن (¬3) كان (¬4) دنانير فليس له أن يشتري به شيئاً غير الدراهم حتى يوفي رأس المال. وإن كان المضارب باع الجارية أو ذلك العرض الذي اشترى بشيء من الكيل أو الوزن غير الدراهم والدنانير أو باعها بشيء من العروض فالبيع جائز، وللمضارب أن يبيع ذلك بما بدا (¬5) له حتى يصير في يديه دراهم أو دنانير، فيكون الأمر فيه على ما وصفت لك. وإذا دخل الرجل (¬6) الحربي إلى دار الإسلام بأمان فدفع إليه رجل مسلم مالاً مضاربة بالنصف، فأودعه الحربي رجلاً مسلماَ، ثم رجع الحربي إلى دار الحرب، ثم دخل دار الإسلام بأمان بعد ذلك، فأخذ المال من الذي استودعه، فاشترى به وباع، فربح أو وضع، فإن الربح للحربي، والوضيعة عليه، وهو ضامن لرأس المال لرب المال، لأن الحربي حين دخل دار الحرب إلى أهله انتقضت المضاربة، فما اشترى بعد ذلك وباع بالمال (¬7) فهو لنفسه. ولو أن الحربي دخل بالمال معه دار الحرب، فاشترى به في دار الحرب وباع، فربح أو وضع، ثم رجع إلى دار الإسلام بأمان، فجميع ما اشترى من ذلك وباع فهو للحربي، ولا ضمان ¬

_ (¬1) ف: ولا على شيء منه. (¬2) ص: فكذا. (¬3) ص: وإن. (¬4) م: أو كان. (¬5) م: ما بدا. (¬6) ف - الرجل؛ صح هـ. (¬7) ص - بالمال.

عليه في رأس المال، ولا شيء عليه فيما استهلكه في دار الحرب وهو حربي، ولا ضمان عليه فيما استهلك في دار الحرب. وإذا دخل الحربي إلى دار الإسلام بأمان، فدفع إليه رجل مسلم مالاً مضاربة بالنصف، وأذن له المسلم أن يُدخله دار الحرب، فيشتري به ويبيع في دار الحرب، فدخل الحربي بالمال دار الحرب، فاشترى به وباع، فربح أو وضع، فإني أستحسن أن أجيز ذلك على المضاربة، وأجعل الوضيعة على رب المال، والربح على ما اشترطا إن أسلم أهل الدار، أو رجع المضارب إلى دار الإسلام مسلماً، أو معاهداً، أو بأمان. وإن ظهر المسلمون على تلك الدار ومال المضاربة في يدي المضارب، فربح فيه ربحاً، أو اشترى به عروضاً فيها (¬1) فضل أو لا فضل فيها، فإن رب المال يستوفي من المضاربة رأس ماله وحصته من الربح، وما بقي فهو فيء للمسلمين. فإن كان الذي في يدي المضارب عروضاً ولا (¬2) فضل فيها عن رأس المال فهي كلها لرب المال، وإن كان فيها فضل كان حصة المضارب من ذلك فيئاً. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. وإذا دخل الحربيان إلى دار الإسلام بأمان، فدفع أحدهما إلى صاحبه مالاً مضاربة بالنصف أو بالثلث أو بأقل أو بأكثر، فذلك جائز، فإن دخل أحدهما دار الحرب فالمضاربة على حالها، ولا ينقض دخول أحدهما دار الحرب المضاربة، لأنهما من أهل (¬3) الحرب جميعاً من أهل دار واحدة. ولو أن أحد الحربيين دفع إلى رجل مسلم مالاً مضاربة بالنصف أو بأقل من ذلك أو بأكثر كانت المضاربة جائزة. فإن دخل المسلم دار الحرب بأمان لم تنتقض المضاربة بدخول المسلم دار الحرب. ولا يشبه دخول المسلم دار الحرب دخول (¬4) الحربي إذا دفع إليه المسلم مالاً مضاربة. وإذا دخل الحربيان إلى دار الإسلام بأمان، فدفع أحدهما إلى صاحبه مالاً مضاربة، على أن له من الربح مائة درهم، فالمضاربة فاسدة، وهما في ¬

_ (¬1) م ص ف: فيه. (¬2) م ص ف: فلا. (¬3) ص: من دار. (¬4) م ص ف: بدخول.

ذلك بمنزلة المسلمين وكذلك كل مضاربة فاسدة اشترط فيها من الربح شرطاً فاسداً فهما فيه بمنزلة المسلمين. وكذلك الذميان. وإذا دخل المسلمان دار الحرب بأمان، فدفع أحدهما إلى صاحبه مالاً مضاربة، فاشترط عليه من الربح مائة درهم، فالمضاربة فاسدة، وحالهما في المضاربة في دار الحرب كحالهما في دار الإسلام فيما (¬1) كان فيها جائزاً (¬2) وما كان فيها فاسداً (¬3). وكذلك الذميان يدخلان دار الحرب بأمان. وإذا دخل المسلم أو الذمي دار الحرب بأمان، فدفع إلى رجل حربي مالاً مضاربة بربح مائة درهم، أو دفع إليه الحربي مالاً مضاربة بربح مائة درهم، فإن هذا في قياس قول أبي حنيفة ومحمد جائز. فإن اشترى المضارب على هذا وباع فربح أو وضع فالوضيعة على رب المال، والربح على ما اشترطوا، يستوفي المضارب من ذلك الربح مائة درهم، وما بقي فهو لرب المال، فإن لم يكن في المال من الربح إلا مائة درهم فهي كلها للمضارب، وإن كان الربح أقل من مائة درهم فذلك للمضارب أيضاً، ولا شيء للمضارب على رب المال غير ذلك، لأن رب المال لم يشترط له المائة درهم إلا من الربح. وأما في قول أبي يوسف فالمضاربة فاسدة، وللمضارب أجر مثله، وحالهما في ذلك كحالهما في دار الإسلام. وإذا دخل الرجل المسلم دار الحرب بأمان، فدفع إلى رجل من أهل الحرب ممن قد أسلم في دار الحرب مالاً مضاربة بربح مائة درهم، فإن هذا في قياس قول أبي حنيفة جائز، وحالهما في هذا كحال المسلمين يدخلان من دار الإسلام. وعلى هذا جميع هذا الوجه. ... ¬

_ (¬1) م ص: فما. (¬2) ص: جائز. (¬3) ص: فاسد.

باب الشركة في المضاربة والخلط وحكمه

باب الشركة في المضاربة والخلط وحكمه (¬1) وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة، ولم يقل: اعمل فيه برأيك، ولم يقل: شارك به، ولا اخلطه بمالك، فليس له أن يخلطه بماله، ولا يشارك به، ولا يخلطه بمال غيره. فإن فعل شيئاً من ذلك ضمن. وما ربح بعد ذلك أو وضع فالوضيعة عليه، والربح له يتصدق به. فإن دفع المضارب المال إلى رجل، فقال: اخلطه بمالك هذا، أو اخلطه بمالي هذا، ثم اعمل بهما جميعاً، فأخذ الرجل من المضاربة، فلم يخلطه حتى ضاع من يديه، فلا ضمان على المضارب ولا على الذي أخذ المال، لأنه لم يخلطه حتى ضاع منه، وإنما يضمن إذا خلطه، وأما إذا لم يخلطه فلا ضمان عليه فيه، لأنه بمنزلة الوديعة في يديه، وللمضارب أن يودع، ولا يكون عليه ضمان، فكذلك (¬2) هذا. ولو كان قال له: اعمل فيه برأيك، كان له أن يخلطه بماله، وأن يشارك به. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة، ولم يقل له: اعمل فيه برأيك، ولكنه قال له: شارك به، فدفعه المضارب إلى رجل آخر مضاربة، فذلك جائز، ولا ضمان على واحد من المضاربين في ذلك. فإن اشترى الآخر بالمال وباع فهو على المضارب، لأن رب المال إذا أمره بالشركة فقد أمره بالمضاربة، لأن المضاربة شركة، ولو لم يكن أذن له في الشركة لم يكن له أن يدفعه مضاربة. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، ودفع إليه ألف درهم مضاربة بالثلث (¬3) ولم يقل له: اعمل فيه برأيك، فخلطهما المضارب قبل أن يعمل بشيء منها، فربح أو وضع، فذلك جائز، والوضيعة على رب المال، ولا ضمان على المضارب فيما خلط من المال، لأنه خلط ¬

_ (¬1) ص ف - والخلط وحكمه. (¬2) ص: فكذا. (¬3) م ص - ودفع إليه ألف درهم مضاربة بالثلث؛ صح م هـ.

مال رب المال بعضه ببعض. فإن كان المضارب ربح في المال بعدما خلطه اقتسما نصف الربح نصفين والنصف الآخر أثلاثاً، ثلث للمضارب والثلثان لرب المال. فإن ربح في أحدهما ووضع في الآخر قبل أن يخلط فخلط المال بعد ذلك فقد صار ضامناً للمال الذي وضع فيه، ولا ضمان عليه في المال الذي ربح فيه. فإن باع واشترى فربح أو وضع فوضيعة المال الذي كان وضع فيه عليه، وربحه له كله (¬1) يتصدق به. وما كان في المال الذي ربح فيه من وضيعة فهو على رب المال. وما كان في ذلك من ربح اقتسمه المضارب ورب المال على ما اشترطا. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة، ولم يقل له: اعمل فيها برأيك، فاشترى بها المضارب وبألف أخرى من ماله جارية، فخلط المضارب الألفين جميعاً قبل أن ينقدهما بعدما اشترى، أو لم يخلطهما حتى نقدهما بعد ذلك البائع، فلا ضمان عليه، والجارية نصفها على المضاربة، ونصفها للمضارب. فإن باع المضارب الجارية بعد ذلك ثم قبض الثمن جميعاً فلا ضمان عليه في ذلك، وإن كان قد قبض المال مختلطاً فله أن يشتري بالثمن بعد ذلك ويبيع، فيكون نصفه على المضاربة، ونصفه للمضارب. فإن قسم المضارب المال المضاربة بغير محضر من رب المال فقسمته باطل، والمال كله نصفه على المضاربة، ونصفه للمضارب حتى يقاسم رب المال. ولو أن المضارب حين أخذ المال على جهة المضاربة خلطها بألف من ماله قبل أن يشتري بها ثم اشترى بها كان ما اشترى لنفسه، وكان ضامناً لمال (¬2) المضاربة. ولو كان خلط المال بعدما اشترى ثم لم ينقده حتى ضاع في يده كان ضامناً للألف المضاربة، حتى يدفعها من ماله إلى البائع، ولا يرجع بها على رب المال. وإذا قبض المضارب الجارية كان نصفها على المضاربة، ولا يفسد المضاربة فيها ضمان المضارب، لأنه إنما ضمن المال بعدما اشترى. ¬

_ (¬1) ص: كله له. (¬2) م ف: للمال.

وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة، ولم يقل له: اعمل فيها برأيك، فاشترى بها المضارب ورجل آخر بألف من عند ذلك الرجل جارية، فنقد الألفين قبل أن يخلطاها، ثم قبضا (¬1) الجارية، فإن الجارية نصفها على المضاربة، ونصفها لذلك الرجل. وإن باعه بعد ذلك بثمن واحد وقبض الثمن مختلطاً فذلك جائز، ونصف الثمن على المضاربة على حاله، ولا يضمن المضارب. فإن قاسم المضارب وذلك الرجل الثمن فإن قسمة المضارب جائزة على رب المال. فإن خلط المضارب المال المضاربة بالمال الذي أخذ ذلك الرجل بعد القسمة فالمضارب ضامن للمضاربة، لأف خلط بعد القسمة (¬2). وإذا شارك المضارب بالمال المضاربة وقد أذن له رب المال في ذلك (¬3) فعملا فربحا أو وضعا، فقال المضارب للشريك: قد قاسمتك فالذي (¬4) في يدي من المضاربة، فكذبه الآخر، فإن القول في ذلك قول الشريك مع يمينه، ويقتسمان ما في يد المضارب على رؤوس أموالهما. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف يعمل فيها برأيه، فباع بها واشترى، فربح بها ألف درهم، ثم أعطاه ألفاً أخرى مضاربة بالثلث يعمل فيها برأيه (¬5)، فخلط خمسمائة من هذه الألف بالمضاربة الأولى فصارت ألفين وخمسمائة، ثم هلكت منها الألف وبقيت ألف وخمسمائة، فإن أبا يوسف قال في ذلك: الذي بقي رأس ماله كله والذي تَوَى هذا الربح الذي ربح في المضاربة الأولى. وقال محمد: الذي توى يهلك من ذلك كله بحساب، ولو لم يهلك من ذلك شيء ثم عمل بها فربح ألفاً أخرى فإني أقسم الربح على خمسة أسهم، خمسه (¬6) من المضاربة ¬

_ (¬1) ص: ثم قبض. (¬2) ص - فالمضارب ضامن للمضاربة لأنه خلط بعد القسمة. (¬3) ف - في ذلك. (¬4) م: فللذي؛ ص: بالذي. (¬5) ف - فباع بها واشترى فربح بها ألف درهم ثم أعطاه ألفاً أخرى مضاربة بالثلث يعمل فيها برأيه. (¬6) ص: خمسة؛ ف - خمسه.

الأخيرة، وأربعة أخماس من المضاربة الأولى. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف يعمل (¬1) فيها برأيه فعمل فربح ألفاً، ثم أعطى رب المال الأول رجلاً آخر ألفاً مضاربة بالنصف وأمره أن يعمل فيها برأيه، فدفع المضارب الأول الألفين مضاربة إلى رجل بالثلث وأمره أن يعمل فيها برأيه فخلط هذه الألف بالألفين، فلا ضمان عليه في ذلك، وما ربح فعلى ثلثه، وما وضع فعلى ثلثه (¬2). فإن وضع خمسمائة أخذ المضارب الأول ألفاً (¬3) وستمائة وستاً (¬4) وستين وثلثين (¬5)، ورد على المضارب الثاني ثمانمائة وثلاثة وثلاثين وثلثاً (¬6). ولو ربح ألفاً أمسك ثلثها لنفسه وقسم الثلثين الباقيين أثلاثاً، يأخذ صاحب الألفين الثلثين من ذلك، ثم يقاسم صاحب المال، فيدفع إليه (¬7) رأس ماله ألفاً (¬8)، وما بقي فلرب المال نصف ما كان من ربح المضارب الأول في المال من شيء، وهو خمسمائة نصف الألف الأولى، وثلاثة أرباع ما صار من الربح الثاني، لأن ما أعطى المضارب الأول المضارب الثاني من الربح من نصيبه، وما بقي من الربح فهو للمضارب، وذلك نصف الألف الأولى وربع ما صار له من الربح في المضاربة الثانية، ويأخذ المضارب الآخر من المضارب الأول (¬9) الثلث، ثم يقاسم رب المال المضارب الثاني، فيدفع إليه رأس ماله، وما بقي فهو بينهما، لرب المال ثلاثة أرباعه، وللمضارب ربعه. ولو كان المضارب الأول لم يربح شيئاً حتى دفع الألف مضاربة بالثلث وأمره أن يعمل فيها برأيه، فربح ألفاً، ثم دفع إليه المضارب الثاني الألف التي في يده مضاربة بالثلث، وأمره أن يعمل فيها برأيه، فخلط الألفين، ثم عمل فربح ألفاً، فإن الربح على ثلاثة، والوضيعة على ثلاثة، ويقسم الربح، ¬

_ (¬1) ص: وأمره. (¬2) ص - وما وضع فعلى ثلثمى (¬3) ص: ألف. (¬4) ص: وست. (¬5) ص: وثلثي. (¬6) ص: وثلث. (¬7) ص - إليه؛ صح هـ. (¬8) ص: ألف. (¬9) م ص: الثاني؛ صح م هـ.

فيصيب الألف ثلث الربح، فيأخذ حصته (¬1) المضارب من ذلك ثلث ذلك الثلث، وما بقي أخذ رب المال رأس ماله، واقتسما (¬2) ما بقي بينهما، لرب المال ثلاثة أرباعه، ومما بقي فللمضارب، ما أصاب الألفين من الألف وهو الثلثان (¬3) من ذلك أخذ المضارب الآخر منه ومن الألف الأولى الربح، ثم يرد ما بقي على المضارب الأول، فيأخذ (¬4) رب المال (¬5) رأس ماله، وما بقي فهو بين رب المال والمضارب الأول، لرب المال ثلاثة أرباعه، وللمضارب الأول ربعه. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم، فقال: نصفه عليك قرض، ونصفه معك مضاربة بالنصف، فأخذها المضارب على ذلك، فهو جائز على ما سميا (¬6). فإن ضاع المال في يدي المضارب من قبل أن يعمل به فهو ضامن لنصف المال، لأنه أخذه على أنه قرض عليه، ولا ضمان عليه فيما بقي، لأنه أخذه (¬7) على وجه الأمانة، فإن لم يضع المال حتى عمل به (¬8) المضارب فربح أو وضع فإن الوضيعة عليهما، على المضارب نصفها، وعلى رب المال نصفها، وإن (¬9) ربح فنصف الربح للمضارب، وذلك حصة الخمسمائة القرض، والنصف الباقي من الربح على ما اشترطا بينهما في المضاربة من الربح. وإن قسم المضارب المال بينه وبين رب المال (¬10) بعدما عمل به أو قبل (¬11) أن يعمل به بغير محضر من رب المال فقسمته باطل. فإن هلك أحد القسمين قبل أن يقبض رب المال نصيبه هلك من مالهما جميعاً. وإن قسم المضارب المال بغير محضر من رب المال، ثم حضر رب المال فأجاز قسمته، فالقسمة جائزة. فإن لم يقبض رب المال نصيبه الذي جعل له حتى هلك رجع بنصف نصيب المضارب، ¬

_ (¬1) م: حصة. (¬2) م ص: واقتسماه. (¬3) ص: الثلثين. (¬4) م ف: فأخذ. (¬5) ف - رب المال. (¬6) م ص: ما سمينا. (¬7) ص - على أنه قرض عليه ولا ضمان عليه فيما بقي لأنه أخذه. (¬8) م ص: يعمل له. (¬9) ف: فإن. (¬10) م - المال. (¬11) م: أو فعل؛ ص - قبل.

ولو هلك نصيب المضارب (¬1) لم يرجع المضارب في نصيب رب المال بشيء، لأن المضارب قد قبض نصيبه. فإن هلك النصيبان جميعاً بعد رضا رب المال بالقسمة فإن رب المال يرجع على المضارب بنصف ما صار للمضارب، لأن نصيب رب المال لم يسلم لرب المال، فبقي على المضارب خمسمائة (¬2) قرضاً على حالها. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم، فقال: خذ هذه الألف على أن نصفها قرض (¬3) عليك، وعلى أن تعمل بنصفها الآخر مضاربة، على أن الربح كله لي، فإن هذا مكروه ولا ينبغي (¬4) له، لأنه قرض جر (¬5) منفعة. فان عمل على هذا فربح أو وضع فالربح بينهما نصفان، لأن المضارب جعل نصف المال قرضاً عليه، والنصف الباقي بضاعة في يديه، فإن وضع فالوضيعة عليهما (¬6) نصفان. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم، على أن نصفها مضاربة بالنصف، ونصفها هبة للمضارب، فقبضها المضارب غير مقسومة على ذلك، فإن هذه الهبة فاسدة لا تجوز. فإن هلك المال الذي في يدي المضارب قبل أن يعمل به أو بعدما عمل به فهو ضامن لنصف المال، وهو الهبة، لأنه قبضه على أنه له هبة فاسدة، فصار ضامناً له. فإن ربح في المال ربحاً كان نصف الربح للمضارب، حصة الهبة من ذلك، ونصف الربح بينهما على ما اشترطا عليه في المضاربة، وإن وضعا فالوضيعة عليهما (¬7) نصفان. فإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم، على أن نصفها بضاعة، ونصفها مضاربة بالنصف، فقبضها المضارب على ذلك، فهو جائز، والمال على ما سميا من البضاعة والمضاربة. فإن هلك المال أو كان فيه وضيعة ¬

_ (¬1) م ص - ولو هلك نصيب المضارب؛ صح م هـ. (¬2) ص - خمسمائة. (¬3) ص: قرضاً. (¬4) م ص: لا ينبغي. (¬5) م ص + إلى؛ ف هـ + إلى. (¬6) ص: بينهما. (¬7) ص: بينهما.

فذلك كله على رب المال، وإن كان في المال ربح (¬1) كان نصفه حصة البضاعة من ذلك لرب المال، ونصف الربح حصة المضاربة بينهما على ما اشترطا عليه في المضاربة. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم، على أن نصفها وديعة في يدي المضارب، ونصفها مضاربة (¬2) بالنصف، فذلك جائز، والمال في يد المضارب على ما سميا، فإن قسم المضارب المال نصفين ثم عمل بأحد النصفين على المضاربة، فربح أو وضع، فالوضيعة عليه وعلى رب المال نصفين. فإن ربح فإن الربح نصفه للمضارب، ونصفه على ما اشترطا من الربح في المضاربة، لأن قسمة المضارب كان باطلاً، فلما اشترى بنصف المال كان ضامناً لنصف ذلك النصف، لأنه وديعة. ألا ترى أنه لو اشترى بالألف كلها ونقدها ضمن، فكذلك إذا اشترى بنصفها ونقد، فإن أراد أن يشتري به ولا يضمن اشترى بنصف الألف غير مقسوم، ثم كان البائع شريكاً في الألف حتى يحضر رب المال فيقاسمه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، وأشهد عليه في العلانية أنها قرض يتوثق بذلك، فعمل المضارب بالمال فربح أو وضع؛ فإن تصادقوا أن الأمر كان على ذلك، وأنهم إنما أشهدوا (¬3) بالقرض على وجه التوثق، وليس بقرض، إنما هي مضاربة، فالمال مضاربة، والوضيعة على رب المال، والربح على ما اشترطا. وإن تكاذبا وقامت البينة بهذا الذي وصفت لك، فقالت البينة: نشهد أن رب المال دفع المال مضاربة، وأشهد عليه بالقرض، وأخبرانا جميعاً أنهما إنما أشهدا (¬4) بالقرض على وجه التوثق، وليس بالقرض، وإنما هي مضاربة، فالمال مضاربة، والوضيعة فيه على رب المال، والربح على ما اشترطا، وأيهما ادعى القرض لم يصدق. فإن شهد شاهدان بالمضاربة (¬5) وشهد شاهدان بالقرض (¬6)، ولم يفسروا شيئاً غير ذلك، فالبينة بينة الذي يدعي القرض. ¬

_ (¬1) ص: ربحا. (¬2) ص: ودر. (¬3) م: إنما شهدوا. (¬4) م: إنما شهدا. (¬5) ص: بالقرض. (¬6) ص: بالمضاربة.

وإذا دفع الرجل إلى الرجل جِرَاب هَرَوي (¬1)، فباعه نصفه، وأشهد عليه بذلك، والبيع كان بخمسمائة، ثم أمره أن يبيع النصف الباقي، وأن يعمل بالثمن كله مضاربة، على أن ما رزق الله في ذلك من شيء فهو بيننا نصفان، فباع المضارب نصف الجراب بخمسمائة، ثم عمل بها وبالخمسمائة التي عليه، فربح في ذلك ربحاً أو وضع، فما كان في ذلك من وضيعة فعليهما نصفان، وما كان في ذلك من ربح فهو بينهما نصفان، لأن الخمسمائة الدين (¬2) لا تكون مضاربة حتى يقبضها رب المال، وجميع ما اشترى المضارب فإنما اشتراه لنفسه، فله ربحه، وعليه وضيعته. ولو كان رب المال أمره أن يعمل بالمالين جميعاً مضاربة، على أن للمضارب ثلثي الربح، فعمل بالمالين جميعاً، فربح أو وضع، فالوضيعة عليهما نصفان، والربح بينهما على ما اشترطا، للمضارب ثلثاه، ولرب المال ثلثه. ولو كان رب المال اشترط لنفسه الثلثين من الربح وللمضارب الثلث والمسألة على حالها، فعمل بالمال فربح أو وضع، فالوضيعة عليهما نصفان، والربح بينهما نصفان، لأن رب المال اشترط فضل الربح من المال الدين بغير عمل يعمله رب المال في المضاربة، فذلك الفضل الذي اشترط باطل. وهذا بمنزلة رجل دفع إلى رجل خمسمائة درهم مضاربة، وأمره أن يخلطها بخمسمائة من ماله، ثم يعمل بالمال كله، على أن للمضارب ثلث الربح وللآخر الثلثان، فعمل المضارب، فربح ربحاً، فالربح بينهما نصفان. ولا يكون للذي دفع المال من الربح إلا حصة ماله، لأنه لم يعمل في المال شيئاً، فكذلك الخمسمائة التي ربحها المضارب، ووضيعتها عليه. وهذا كله قياس قول أبي حنيفة. ... ¬

_ (¬1) الجراب وعاء، والهروي نوع من الثياب، وقد تقدم مراراً. (¬2) م ص: الذي.

باب إقرار المضارب بالمضاربة فى الصحة والمرض

باب إقرار المضارب بالمضاربة فى الصحة والمرض وإذا مات المضارب ومال المضاربة في يديه، وعليه دين، والمال معروف، وهو دراهم، والمضاربة التي دفعها رب المال دراهم، فإن رب المال يأخذ رأس ماله، يبدأ به قبل الغرماء. فإن كان في المال ربح أخذ رب المال أيضاً حصته من الربح قبل الغرماء، ثم قسم حصة المضارب من الربح بين غرمائه. فإن قال ورثة المضارب والغرماء: إن على المضارب ديناً (¬1) من المضاربة، وكذبهم رب المال، فالقول قول رب المال، ولا يصدق الورثة والغرماء على ما ادعوا من ذلك، إلا أن يقيموا البينة على ذلك. فإن أقاموا البينة كان الدين في المال الذي هو المضاربة، فإن لم تكن (¬2) لهم بينة استحلفوا رب المال على علمه، فإن حلف برئ من الدين، وإن نكل عن اليمين لزمه الدين في مال المضاربة. وإن كانت المضاربة حين مات المضارب عروضاً أو رقيقاً أو دنانير أو هي معروفة، فأراد رب المال بيع ذلك، فإن الذي يلي بيع ذلك وصي المضارب، فإن لم يكن له وصي جعل له القاضي وصياً، ويبيع المتاع، ويستوفي رب المال رأس ماله وحصته من الربح، ويعطي حصة المضارب من الربح غرماءه. وكذلك (¬3) لو كان الذي (¬4) في يديه دنانير والمضاربة دراهم باع الوصي الدنانير، فأعطى رب المال رأس ماله وحصته من الربح، وقسم حصة المضارب بين غرمائه، فإن أراد رب المال أن يأخذ من الدنانير بقدر رأس ماله وحصته من الربح فأعطاه الوصي فذلك جائز. وأن كانت المضاربة لا تعرف في يدي المضارب وعليه دين الصحة فرب (¬5) المال أسوة الغرماء في جميع ما في يدي المضارب، ولا ربح للمضارب. وإذا دفع الرجل إلى رجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فأقر عند موته أنه ¬

_ (¬1) ص: دين. (¬2) ص: لم يكن. (¬3) م ص + الذي. (¬4) م ص - الذي. (¬5) م ص ف: فلرب. والتصحيح من الكافي، 2/ 285 ظ.

قد باع بالمال (¬1) واشترى، فربح ألفاً، ثم مات المضارب والمضاربة غير معروفة، وللمضارب مال فيه وفاء بالمضاربة وبالربح، فإن رب المال يأخذ من مال المضاربة رأس ماله (¬2) ألف درهم ديناً في ماله، ولا شيء له من الربح، لأن المضارب لم يقر بأن الربح وصل إليه. ولو أن المضارب (¬3) أقر بأنه ربح في مال المضاربة (¬4) ألف درهم، وأن ذلك قد وصل إليه، ثم مات المضارب ولا يعرف مال المضاربة، فإن رب المال يأخذ (¬5) من مال المضاربة رأس ماله ألف درهم، وحصته من الربح خمسمائة ديناً في مال المضاربة، لأن المضارب قد أقر أن الربح وصل إليه. ولو أن المضارب قال في مرضه: قد ربحت في مال المضاربة ألف درهم، ووصلت إلي، وضاع كله، وكذّبه (¬6) رب المال، ولم يستحلفه على ذلك حتى مات المضارب، فإن المضارب بريء من المال، ولرب المال أن يستحلف الورثة على علمهم على ضيعة المال، فإن حلفوا برئوا، وإن نكل أحد منهم عن اليمين لزمه رأس ماله، وحصة رب المال من الربح في نصيبه من المال خاصة. وكذلك لو قال المضارب في مرضه: قد دفعت رأس المال إلى رب المال وحصته من الربح، فهذا بمنزلة قوله: قد ضاع، في جميع ما وصفت لك، إلا أن رب المال يأخذ حصة المضارب من الربح الذي حصل (¬7) في يديه، فيكون له من (¬8) رأس ماله، لأن المضارب لا يصدق على ما صار له من الربح. فإن كان على المضارب دين يحيط بماله، وحصة المضارب من الربح غير معروفة، وقد علم أن المضارب قد ربح ألف درهم ووصلت إليه، فإن رب المال يحاصّ (¬9) الغرماء بحصته من المضارب من الربح، ويبطل من مال رب المال ما بقي. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فأقر عند موته ¬

_ (¬1) م ص: المال. (¬2) ف + رأس ماله. (¬3) ص + لم يقر بأن الربح وصل إليه. (¬4) ص - أقر بأنه ربح في مال المضاربة. (¬5) م ف: أخذ. (¬6) م ص ف: وكذب. والتصحيح من ب، والكافي، 2/ 285 ظ. (¬7) ص: حصلت. (¬8) ص - من. (¬9) ف: يحاصص.

وعليه دين كثير يحيط بماله أنه قد ربح في المال ألف درهم، وأن المضاربة والربح دين على فلان، ثم مات المضارب، فإن أقر الغرماء بما قال المضارب عند موته فالقول قول المضارب، ولا حق لرب المال فيما ترك المضارب، ويتبع رب المال الذي عليه الدين برأس ماله فيأخذه، وما بقي أخذ رب المال نصفه، واقتسم نصفه غرماء المضارب مع مال المضارب. وإن قال غرماء المضارب: إن المضارب لم يربح في المال شيئاً، وليس الدين الذي على فلان من المضاربة، فإن جميع ما كان على فلان من الدين وجميع ما ترك المضارب من الدين والمال بين غرماء المضارب وبين رب المال، يضرب فيه غرماء المضارب بدينهم، ويضرب رب (¬1) المال برأس ماله، ولا يضرب بشيء من الربح. وإذا قال المضارب في مرضه الذي مات فيه لمال في يديه: هذا المال مضاربة لفلان، وعليه دين كثير في الصحة، ولا تُعرف المضاربة إلا بقول المضارب، لم يصدق، ويبدأ بدين الصحة حتى يقضي كله، فإن بقي شيء من ذلك استوفى رب المال رأس ماله مما بقي، فإن لم يبق شيء فلا شيء لرب المال. فإن كان الدين الذي على المضارب أقر به في المرض وهو يحيط بماله، فإن كان إقراره بالدين قبل إقراره بالمضاربة حاصّه، وحاصّ رب المال الغرماء فيما ترك المضارب (¬2) برأس ماله. ولو كان إقرار المضاربة بعينها قبل إقرارها بالدين بُدئ (¬3) بالمضاربة، فإن كان الإقرار بالمضاربة بغير عينها ثم أقر بالدين ثم أقر المضارب بعد ذلك أن المضاربة هي هذه الألف بعينها فإن المضارب لا يصدق على ذلك بعد إقراره بالدينَ، ويحاصّ (¬4) رب المال الغرماء في مال المضاربة برأس ماله. ولو كانت المضاربة معروفة في الصحة فأقر المضارب في مرضه بدين لا يحيط بماله، ثم قال المضارب بعد ذلك: هذه الألف بعينها هي المضاربة، ولا يعرف أن هذه الألف بعينها هي المضاربة إلا بقول المضارب، فإن المضارب مصدق (¬5) فيما قال، يُبدأ بالألف فيعطاها رب المال، وما بقي من مال ¬

_ (¬1) ف - رب. (¬2) م: المضاربة. (¬3) م ص ف: وبدئ. والتصحيح مستفاد من الكافي، 2/ 286 و. (¬4) ف: ويحاصص. (¬5) ص - مصدق.

المضارب فهو بين الغرماء. ولو لم يكن على المضارب دين، فقال: هذه الألف مضاربة لفلان عندي، ولفلان عندي وديعة كذا وكذا، ولفلان من الدين كذا وكذا، بدئ (¬1) بالمضاربة، لأنه أقر بها بعينها. ولو لم يقر بها بعينها وأقر بالوديعة بعينها كان جميع ما للمضارب بين أصحاب الدين وأصحاب الوديعة وأصحاب المضاربة بالحصص. ولو قال المضارب في مرضه الذي مات فيه: لفلان عندي ألف درهم مضاربة، وهي في هذا الصندوق، ولفلان علي ألف درهم، فنظر في الصندوق بعد موته فلم يوجد فيه شيء، كان ما ترك المضارب بين رب المال وبين الغرماء بالحصص، ولا يبطل حق رب المال إن لم يوجد في الصندوق شيء. ولو وجد في الصندوق ألف درهم كان رب المال أحق بها. وكذلك الكيس والجِراب. وإذا وجد في الصندوق ألفان ولا يدرى أيهما لرب المال فلرب المال ألف درهم منها خاصة، وما بقي فبين الغرماء إن كانت الألف مختلطة أو غير مختلطة. فإن علم أن المضارب هو الذي خلط المال بغير أمر رب المال كان المال كله بينهم (¬2) بالحصص في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فنصفه لرب المال ونصفه للغرماء. وإذا قال المضارب في مرضه الذي مات فيه: لفلان عندي في هذا البيت ألف درهم مضاربة، فهو بمنزلة الصندوق سواء. وإذا أقر (¬3) المضارب فقال: عندي (¬4) لفلان ألف درهم مضاربة، وهي التي على فلان، ولفلان علي ألف درهم دين، ولا مال له غيره، وأقر المضارب بهذا في مرضه الذي مات فيه، جعلنا الألف الدين لرب المال. وإذا جحد المضارب المضاربة في صحته أو في مرضه ثم أقر بها فهي لازمة ديناً في ماله. وكذلك لو جحد شيئاً من الربح ثم أقر به ثم قال: لم يصل إلي، ضمن ما جحد من الربح وإن كان ديناً، لأنه جحده فضمنه. ألا ترى أنه حيث جحده زعم أنه له، فلما ادعى المضارب أن المال له وأنه ليس لرب المال كان ضامناً له. ¬

_ (¬1) ص: يدى. (¬2) ص - بينهم. (¬3) م ص ف: أبرأ. والتصحيح من ب. (¬4) ص - عندي؛ صح هـ.

وإذا دفع الرجل إلى الرجلين مالاً مضاربة، فمات أحدهما، فقال الآخر: هلك المال، صدق في نصيبه مع يمينه، ولم يصدق في نصيب صاحبه، وكان نصيب صاحبه ديناً لرب المال في مال المضارب الميت. فإن علم أن الميت كان أودع نصيبه (¬1) صاحبه الحي وقد هلك فهو مصدق، ولا ضمان عليه ولا على المضارب الميت فإن قال: دفعت ذلك إلى صاحبي، كان مصدقاً مع يمينه في مال صاحبه. وإذا ربح المضارب في المال فأقر به وبرأس المال (¬2) ألفاً (¬3)، ثم قال: خلطت المال المضاربة بمالي قبل أن أربح فيه، لم يصدق. وإن قال هلك المال في يديه بعد ذلك ضمن المضارب رأس المال لرب المال وحصته من الربح، لأنه حيث زعم أنه خلطه بماله ثم ربح بعد ذلك فقد زعم أن الربح له، فضمن رأس المال وحصة رب المال من الربح. وإذا أقر المضارب بدين في المضاربة لولد المضارب أو لوالده أو لزوجته أو لمكاتبه (¬4) أو لعبد له عليه دين أو لا دين عليه فإن إقراره في ذلك باطل في قياس قول أبي حنيفة -رحمه الله-، ويلزم المضارب ما أقر به من ذلك في ماله خاصة، إلا ما أقر لعبده ولا دين عليه، فإنه لا يلزمه منه شيء. وأما في قول أبي يوسف فيجوز إقراره في ذلك كله إلا إقراره لمكاتبه أو عبده فإنه باطل. وإذا أقر المضارب بمضاربة بعينها في مرضه، ثم أقر بها بعينها وديعة في مرضه لآخر، ثم أقر بدين، ثم مات، فإنه يبدأ بالمضاربة، فيأخذها رب المال، ويتحاصون في ذلك الباقي من مال المضاربة صاحب الوديعة وأصحاب الديون، فيقتسمون ذلك بينهم بالحصص. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. ... ¬

_ (¬1) م ص: نصيب. (¬2) ف - المال. (¬3) ص: ألف درهم. (¬4) م: أو المكاتبه.

باب الشفعة في المضاربة

باب الشفعة في المضاربة وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة، فاشترى بها المضارب داراً تساوي ألفاً أو أقل من ذلك أو أكثر، ورب المال شفيعها بدار له من غير المضاربة، فأراد أن يأخذها بالشفعة، فله أن يأخذها من المضارب بالشفعة، ويدفع إلى المضارب الثمن، فيكون الثمن في يد (¬1) المضارب على المضاربة، وتكون الدار لرب المال، وقد خرجت من المضاربة. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة، فاشترى المضارب بنصفه داراً، ثم إن رب المال اشترى داراً إلى جنبها وشفيعها المضارب، كان للمضارب أن يأخذ الدار التي اشترى رب المال بالشفعة من رب المال بما بقي من المال المضاربة، فتكون الدار في المضاربة، وينقد المضارب رب الدار (¬2) الثمن من المضاربة. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة، فاشترى بها داراً تساوي ألفاً، ورب المال شفيعها، فسلم (¬3) رب المال الشفعة، ثم إن المضارب باع الدار بعد ذلك، فأراد رب المال أن يأخذها بالشفعة، فليس له ذلك، لأن المضارب إنما باع الدار لرب المال، فليس لرب المال أن يأخذ ما باع له المضارب بالشفعة. وكذلك لو أن رب المال باع داره التي كانت له من غير مال المضاربة ولم يكن المضارب باع الدار التي اشترى، فأراد المضارب أن يأخذ الدار التي باع رب المال بالشفعة، فليس له ذلك. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة، فاشترى بنصفه داراً وإلى جنبها دار لرب المال، فباع رب المال داره وفي يدي المضارب من المضاربة قدر الثمن الذي باع به رب المال داره، فأراد المضارب أن يأخذ داره بالشفعة، فليس له ذلك، لأن المضارب إذا أخذ الدار بالشفعة ببعض ¬

_ (¬1) ص - الثمن في يد؛ صح هـ. (¬2) ص: المال. (¬3) م - ورب المال شفيعها فسلم (غير واضح).

المضاربة فإنما يأخذها لرب المال، فليس له أن يأخذها لرب المال ورب المال هو الذي باعها. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى بها داراً تساوي ألفين، ورب المال شفيعها، فسلم الشفعة، ثم باعها المضارب بألفين، فأراد رب المال أن يأخذها بالشفعة أو يأخذ (¬1) نصف نصيب المضارب منها بالشفعة، فليس له ذلك، لأن المضارب باع ثلاثة أرباع الدار لرب المال بإذن رب المال، وباع نصيبه من ذلك، فصار بيعاً واحداً، فلا شفعة لرب المال في شيء منه. أرأيت لو باعها المضارب بألف درهم أكان للمضارب منه شيء وهي رأس المال لا فضل فيها؛ أفلا ترى أنه إنما باع لرب المال. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى بها داراً تساوي ألفين ورب المال شفيعها، فباع رب المال داره، فأراد المضارب أن يأخذها بالشفعة لنفسه بنصيبه في الدار التي اشترى، فله أن يأخذها بالشفعة، لأن له في الدار التي اشترى بالمضاربة ربعها، فله أن يأخذها بالشفعة لنفسه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة بالنصف، فاشترى بنصفه داراً وفي (¬2) قيمتها فضل عن رأس المال، فباع رجل داراً إلى جنبها، وفي يد المضارب من مال المضاربة مثل ثمن الدار التي بيعت (¬3) إلى جنب الدار التي من المضاربة، فأراد المضارب أن يأخذ الدار التي بيعت بالشفعة لنفسه، فليس له (¬4) ذلك، إنما يأخذها بالشفعة على المضاربة. فإن سلم المضارب الشفعة فأراد رب المال أن يأخذها بالشفعة لنفسه فليس له ذلك. ولو كان المضارب ليس في يديه من المال المضاربة شيء يأخذ به الدار التي بيعت، فأراد المضارب أن يأخذها بالشفعة لنفسه للفضل الذي له في الدار التي من المضاربة فله ذلك، لأن له في الدار التي من المضاربة فضلاً. ولو ¬

_ (¬1) ص: ويأخذ. (¬2) م: أو في. (¬3) ص: ابيعت. (¬4) م - بالشفعة لنفسه فليس له (غير واضح).

كانت الدار التي من المضاربة لا فضل فيها عن رأس المال، فأراد المضارب أن يأخذ هذه الدار لنفسه، فليس له ذلك، لأن الدار التي المضارب شفيعها لا حق له فيها إذا لم يكن فيها فضل عن رأس المال. فإن أراد رب المال أن يأخذ الدار التي بيعت إلى جانب الدار المضاربة بالشفعة لنفسه فله ذلك، لأن الدار التي من المضاربة لرب المال، لا حق للمضارب فيها. فإن سلم المضارب الشفعة، وأراد رب المال أن يأخذ الدار بالشفعة فتسليم المضارب باطل، ورب المال على شفعته. فإن كان في الدار التي من المضاربة فضل عن رأس المال، وليس في يدي المضارب من مال المضاربة شيء، فأراد رب المال والمضارب جميعاً أن يأخذا (¬1) الدار التي بيعت إلى جانب الدار المضاربة بالشفعة لأنفسهما فذلك لهما، يأخذانها بالشفعة لأنفسهما (¬2) نصفين، لأنهما شريكان (¬3) في الدار التي من المضاربة، فإن كان أحدهما أكثر نصيباً في الدار من صاحبه لم يلتفت إلى ذلك وأخذا (¬4) التي بيعت (¬5) بالشفعة بينهما نصفين. فإن سلم أحدهما الشفعة كان للآخر أن يأخذ الدار كلها بالشفعة، فإن كان قد بقي في يد المضارب من مال المضاربة قدر ثمن الدار التي بيعت، فأراد المضارب أو رب المال أن يأخذ الدار بالشفعة لنفسه، فليس له ذلك، لأن في مال المضاربة وفاء بثمن الدار التي بيعت، وإنما يأخذ المضارب الدار بالمال أو يدع. فإن سلم المضارب الشفعة سلمت الدار للمشتري، ولم يكن للمضارب ولا لرب المال أن يأخذ الدار بعد ذلك بالشفعة، لأن تسليم المضارب في هذا الوجه جائز على نفسه وعلى رب المال. ولو لم يعلم المضارب بالشفعة حتى تناقضا المضاربة، واقتسما الدار التي من المضاربة (¬6) على رأس المال وعلى قدر ما لهما من الربح، ثم أرادا (¬7) أن يأخذا الدار التي بيعت إلى جانب دار المضاربة بالشفعة لأنفسهما، ¬

_ (¬1) ص: أن يأخذ. (¬2) ص - فذلك لهما يأخذانها بالشفعة لأنفسهما. (¬3) ص: شريكين. (¬4) م ف: وأخذ. (¬5) ص: ابيعت. (¬6) ص: التي للمضاربة. (¬7) ص: ثم أراد.

فلهما ذلك، لأن المضاربة قد انتقضت، وأيهما سلم الشفعة أخذ الآخر الدار كلها بالشفعة أو يدع، وليس لأحدهما إذا سلم الآخر أن يأخذ بعض الدار دون البعض (¬1)، إنما يأخذ كلها أو يدع. وإذا دفع الرجل إلى الرجلين مالاً مضاربة، فاشتريا به داراً، ورب المال شفيعها، فأراد أن يأخذ حصة أحدهما بالشفعة دون حصة الآخر، وذلك نصف الدار، فله ذلك. ولو كان المضارب واحداً (¬2) وأراد أن يأخذ بالشفعة رب المال بعض الدار دون البعض فليس له ذلك، إما أن يأخذ كلها بالشفعة (¬3) أو يدع. وإذا دفع الرجل إلى الرجلين (¬4) مالاً مضاربة بالنصف، فاشتريا بها داراً، وفيها فضل عن رأس المال أو لا فضل فيها (¬5)، ورجل أجنبي شفيعها، فأراد أن يأخذ نصف الدار التي اشترى أحد المضاربين دون الآخر، فله ذلك وأن كان الذي اشتريت له الدار واحداً، لأن المشتريين اثنان (¬6)، فإذا كان المشتري اثنين فللشفيع أن يأخذ حصة أحدهما دون الآخر، ولا ينظر في هذا. إلى الذي اشتريت له الدار وإن كان الذي اشتريت له الدار واحداً؛ ألا ترى أن الشفيع يأخذها من المضاربين وأن لم يحضر رب المال. وكذلك الوكيلان، لو أن رجلاً وكل رجلين أن يشتريا له داراً بألف فاشترياها وقبضاها أو لم يقبضاها حتى أراد الشفيع أن يأخذ ما اشترى (¬7) أحدهما دون صاحبه فله ذلك، وإن كان الآمر هو أحد (¬8) المضاربين. وإذا دفع الرجلان إلى الرجل مالاً مضاربة، فاشترى به داراً، وأحد صاحبي المال شفيعها، فأراد أن يأخذ بعضها بالشفعة دون بعض، فليس له ¬

_ (¬1) يوجد خلاف قديم بين النحاة في جواز دخول الألف واللام على "بعض" و"كل". ولم يسمع عن العرب. وقد استعمل "البعض" و"الكل" كبار النحاة مثل سيبويه والأخفش، وأنكره الأصمعي وأبو حاتم. انظر: لسان العرب، "بعض". (¬2) ص: واحد. (¬3) ص - بالشفعة. (¬4) ف: إلى الرجل. (¬5) ص: فيه. (¬6) ص: اثنين. (¬7) م: أن يأخذها اشترى. (¬8) م ص ف: الآمر بواحد.

ذلك، إما أن يأخذها كلها بالشفعة أو يدع. ولو كان الشفيع رجلاً أجنبياً (¬1) فأراد أن يأخذ بعض الدار دون بعض، أو أراد أن يأخذ نصيب أحد صاحبي المال دون نصيب الآخر، فليس له ذلك، إما أن يأخذها كلها أو يدع، لأن الذي وَلِيَ البيع في هذا الوجه واحد، فليس للشفيع أن يأخذ الدار إلا جميعاً. وكذلك الرجلان يوكلان الرجل يشتري لهما داراً، فليس للشفيع أن يأخذ نصيب أحدهما دون الآخر، لأن الوكيل واحد، هو الذي يلي خصومة الشفيع في ذلك؛ ألا ترى أن الآمرين لو كانا غائبين كان للشفيع أن يأخذ الدار من الوكيل، ولا ينظر في ذلك إلى الغائبين. فإذا كان له أن يأخذ ذلك من الوكيل فليس له أن يأخذ الدار إلا جميعاً أو يدع. وإذا دفع الرجل إلى الرجلين مالاً مضاربة، فاشتريا ببعضه داراً، ثم بيعت دار إلى جنبها، وأرادا أن يأخذاها (¬2) بالشفعة بالمال الذي بقي في أيديهما من مال المضاربة، فلهما ذلك. فإن سلم أحدهما الشفعة وأبى الآخر أن يسلم فليس لواحد منهما أن يأخذها بالشفعة دون صاحبه. وإن لم يسلما فإذا سلم أحدهما كان بمنزلة التسليم منهما جميعاً. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة، فاشترى بها داراً تساوي ألفاً أو أقل أو أكثر وشفيعها رب المال بدار له من غير المضاربة، ورجل أجنبي شفيعها أيضاً بدار له، فأرادا جميعاً أن يأخذا بالشفعة، فلهما ذلك أن يأخذا بالشفعة، والدار بينهما نصفان، ويدفعان الثمن إلى المضارب، فيكون على المضاربة. فإن سلم رب المال الشفعة وأراد الأجنبي أن يأخذ بالشفعة فإن القياس في هذا أن يأخذ الأجنبي نصف الدار بالشفعة، ليس له غير ذلك، ولكني أستحسن أن يأخذ الرجل الأجنبي الدار كلها بالشفعة، لأني أجعل المضارب في هذا بمنزلة رجل اشترى لنفسه داراً وله شفيعان، فسلم (¬3) أحدهما الشفعة، فللآخر أن يأخذ الدار كلها بالشفعة. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. ¬

_ (¬1) ص: رجل أجنبي. (¬2) ص: أن يأخذها. (¬3) م: فيسلم.

باب الشروط في المضاربة

باب الشروط في المضاربة وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة بالنصف، فأراد المضارب أن يكتب كتاباً على رب المال شرطاً بالمضاربة، يبين فيه ما له من الربح، كتب: هذا كتاب لفلان بن فلان من فلان بن فلان. إني دفعت إليك كذا وكذا (¬1) درهماً وزن سبعة، مضاربة، على أن تشتري بها وتبيع، بالنقد والنسيئة، في جميع التجارات وغير ذلك، وتعمل (¬2) في ذلك برأيك، فما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فلي منه النصف، ولك منه النصف بعملك فيه، وقد دفعت هذا المال إليك، وقبضته مني وهو كذا (¬3) في شهر كذا من سنة كذا، فهو في يديك فيما سمينا في كتابنا هذا من هذه المضاربة. شهد. فإن أراد رب المال أن يكتب أيضاً على المضاربة كتاباً يكون بالمضاربة كتب: هذا كتاب لفلان بن فلان من فلان بن فلان. إنك دفعت إلي كذا كذا درهماً وزن سبعة، مضاربة، على أن أشتري بها وأبيع، بالنقد والنسيئة، في جميع التجارات وغير ذلك، وأعمل في ذلك كله (¬4) برأيي، فما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فلك منه النصف، ولي منه النصف بعملي فيه، وقد دفعت إلي هذا المال، وقبضته منك، وهو كذا كذا في غرة شهر كذا من سنة كذا، فهو في يدي بما سمينا في كتابنا هذا من المضاربة. شهد. وليس للمضارب أن يشترط مع هذا الربح أجراً، لأنه شريك في المال، وكل من كان شريكاً في المال فليس له أن يشترط أجراً فيما عمل في ذلك المال. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، على أن للمضارب ما عمل أجر عشرة دراهم كل شهر، فإن هذا شرط فاسد، لا ينبغي للمضارب أن يشترطه. فإن عمل المضارب على هذا الشرط الفاسد ¬

_ (¬1) م ف: كذا كذا. (¬2) م ص ف: وتفعل. (¬3) م ف + كذا. (¬4) ف - كله.

فربح أو وضع، فالوضيعة على المال والربح على ما اشترطا والربح (¬1) بينهما نصفان، ولا أجر للمضارب في ذلك. وكذلك لو أن المضارب اشترط أجر (¬2) عشرة دراهم كل شهر لعبد له يعمل معه في المضاربة، أو لبيت له يشتري فيه ويبيع، فعمل المضارب على هذا فربح أو وضع، فالربح على ما اشترطا، والوضيعة على المال، ولا أجر لعبد المضارب ولا لبيته. ولو كان العبد الذي اشترط له الأجر عبد المضارب وعليه دين أو مكاتباً أو عبدا (¬3) له قد أعتق بعضه أو ابن المضارب أو أباه (¬4) أو زوجته أو ذا (¬5) رحم محرم منه فهذا جائز، وهو على ما اشترطا، وللذي عمل بالمال مع المضارب من هؤلاء أجر عشرة دراهم كل شهر على ما اشترطوا. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، على أن يعمل عبد رب المال مع المضارب، على أن للعبد أجر عشرة دراهم كل شهر ما عمل مع المضارب، فإن هذا شرط فاسد. فإن عمل المضارب بالمال والعبد معه فاشترى وباع فربح أو وضع، فالوضيعة على المال، والربح على ما اشترط المضارب ورب المال نصفين، ولا أجر لعبد رب المال فيما عمل في ذلك. وكذلك بيت رب المال، إذا (¬6) اشترط رب المال على المضارب أن يعمل في بيت رب المال هذا على أن على (¬7) المضارب (¬8) أجر بيت رب المال عشرة دراهم كل شهر، فعمل المضارب في بيت رب المال (¬9) على هذا، فربح أو وضع، فالوضيعة على المال والربح على ما اشترطا، ولا أجر للبيت في شيء من هذا. ولو كان عبد رب المال عليه دين، فاشترط أجر عشرة دراهم كل شهر، فإن هذا جائز. وكذلك مكاتب رب المال وابنه وأبوه وزوجته وأخوه وكل ذي رحم محرم منه. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. ¬

_ (¬1) ص - والربح. (¬2) م ص - أجر. (¬3) ص: أو مكاتب أو عبد. (¬4) ص: أو أبوه. (¬5) ص: أو ذو. (¬6) م ف: الذي. (¬7) م - على؛ صح هـ. (¬8) ص: على أن للمضارب. (¬9) ص - في بيت رب المال.

وإذا استأجر الرجل رجلاً عشرة أشهر كل شهر بعشرة دراهم يشتري له البز ويبيع فذلك جائز. فإن دفع إليه رب المال في هذه العشرة الأشهر أجيراً يعمل له فعمل له الأجير فربح أو وضع، فإن الربح لرب المال والوضيعة عليه، ولا شيء للأجير من الربح، لأنه أجير لرب المال، وهذا لا يجتمع له الأجر والشركة. وهو قول أبي يوسف رحمة الله عليه. وفيها قول آخر، وهو قول محمد: إن الربح فيما عمل المضارب في هذا (¬1) المال بينهما على ما اشترطا، والوضيعة على المال، ولا أجر للأجير ما دام يعمل بهذا المال. فإذا عمل بمال غير هذا المال من مال رب المال فله أجر عشرة دراهم كل شهر حتى تنقضي هذه الشهور. ألا ترى أن هذا الأجير لو شارك رب المال بألف من ماله، فخلطه بمال رب المال بإذنه، على أن يعمل الأجير بالمالين جميعاً، على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما أثلاثاً أو نصفين، فعمل الأجير بالمال، أن الشركة جائزة بينهما على ما اشترطا، ولا أجر للأجير (¬2) ما دام يعمل بهذا المال. ولو جعلت له الأجر وأبطلت ما اشتركا (¬3) من الشركة كنت (¬4) قد جعلت له الأجر، وإنما عمل في مال هو [فيه] شريك، فهذا لا يستقيم، ولكن كل من (¬5) كان شريكاً في مال بربح أو برأس مال فلا أجر له ما دام يعمل بذلك المال. وإذا استأجر الرجل الرجل بعشرة دراهم كل شهر يشتري له ويبيع، فدفع الأجير إلى رب المال مالاً مضاربة، فعمل به على النصف أو على الثلث فذلك جائز، والأجير على الإجارة، ورب المال على المضاربة. فإن استبضع رب المال الأجير مال (¬6) المضاربة يشتري به ويبيع على المضاربة، فقبضه الأجير فاشترى به وباع، فذلك جائز، وهو على المضاربة (¬7) على ما ¬

_ (¬1) ص: من هذا. (¬2) ف + للأجير. (¬3) م ص: ما اشترطا. (¬4) ص: كتب. (¬5) ص: مل. (¬6) م ص: ماله. (¬7) ص - فقبضه الأجير فاشترى به وباع فذلك جائز وهو على المضاربة.

باب المرابحة في المضاربة بين المضارب ورب المال

اشترطا، والأجر (¬1) للأجير على حاله، لأن الأجير إنما استبضعه رب المال، ولم يكن على الأجير في ذلك شرط أن يعمل بالمال. ألا ترى أن الأجير لو لم يعطه رب المال في هذه الأشهر مالاً يشتري به ويبيع كان له الأجر (¬2) على رب المال، فكذلك هذا. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة، على أن يعمل به رب المال، على أن لرب المال أجر عشرة دراهم كل شهر ما عمل مع المضارب، فاشترى بمال المضاربة، فربحا أو وضعا، فإن الربح كله لرب المال، والوضيعة على المال، وللمضارب أجر مثله فيما عمل في المال، ولا أجر لرب المال، لأن رب المال حين اشترط أن يعمل مع المضارب فلم يُخَلِّ (¬3) بين المضارب وبين العمل فصارت المضاربة فاسدة، وصار للمضارب أجر مثله. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. ... باب المرابحة في المضاربة بين المضارب ورب المال وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة، على أن ما كان في ذلك من ربح فهو بينهما نصفان، فاشترى به (¬4) رب المال عبداً بخمسمائة، فباعه من المضارب بالألف المضاربة، فإن باعه المضارب مساومة باعه كيف شاء، وإن باعه مرابحة على خمسمائة باعه (¬5) بالثمن الذي اشتراه رب المال، ولا ينبغي له أن يبيعه مرابحة على ما اشتراه، لأنه إنما اشتراه من رب المال لرب المال، فيطرح من الثمن ربح رب المال، لأنه يبيعه لرب المال. ولو كان رب المال اشترى العبد بألف درهم فباعه من المضارب ¬

_ (¬1) ص: ولا أجر. (¬2) ص + كان له الأجر. (¬3) ص: فلم يحل. (¬4) ف - به. (¬5) م - باعه.

بخمسمائة درهم من المضاربة، فأراد المضارب أن يبيعه مرابحة باعه مرابحة على ما اشتراه به من رب المال، وذلك خمسمائة درهم، يبيعه في الوجهين جميعاً على أقل الثمنين (¬1). وهكذا جميع ما اشترى المضارب من رب المال بالمضاربة. ولو كان رب المال لم يشتر العبد، ولكنه ورثه أو وهب له أو تصدق به عليه أو ملكه بوجه من الوجوه غير الشرى، فباعه من المضارب بألف المضاربة، فربح فيها ألفاً، فاشترى رب المال عبداً بألف درهم يساوي ألفي درهم، فباعه من المضارب بالألفين جميعاً، فإن المضارب يبيعه مرابحة على ألف وخمسمائة، ألف اشترى بها رب المال، وخمسمائة ربح المضارب، وأما الخمسمائة التي ربحها رب المال فإنها تطرح من الثمن، لأنه إنما ابتاع لرب المال، فاطرح [ربح] رب المال من الثمن، وذلك خمسمائة درهم، يبيعه المضارب بألف وخمسمائة. ولو كان رب المال اشترى العبد بخمسمائة درهم والعبد يساوي ألفين، فباعه من المضارب بالألفين كلها، فأراد المضارب أن يبيع العبد مرابحة فإنه يبيعه مرابحة (¬2) على ألف درهم، خمسمائة (¬3) التي اشترى بها رب المال العبد، وخمسمائة درهم ربح المضارب، وأما (¬4) الألف التي ألقيت من الثمن، فخمسمائة (¬5) درهم منها (¬6) تمام رأس مال (¬7) رب (¬8) المال، وخمسمائة درهم ربح رب المال، ولا يحتسب (¬9) بشيء من ذلك، وإنما يباع العبد مرابحة على الذي اشتراه به رب المال وعلى ربح المضارب، إلا أن يبين المضارب الأمر على وجهه، فيبيعه مرابحة كيف شاء. ¬

_ (¬1) ف: الثمن. (¬2) ص - فإنه يبيعه مرابحة. (¬3) ص: وخمسمائة درهم. (¬4) ص: وامد. (¬5) م ص ف: بخمسمائة. (¬6) ص - منها. (¬7) م ف - مال. (¬8) ص - رب؛ صح هـ. (¬9) ف: ولا يحسب.

ولو أن رب المال كان اشترى العبد بألف درهم، وقيمة العبد ألف درهم، فباعه من المضارب بالألفين، الألف المضاربة والألف الربح، فأراد المضارب أن يبيعه مرابحة، فإنه يبيعه مرابحة على ألف درهم، لأن قيمة العبد ألف درهم، ولا ربح فيه للمضارب، وإنما هو رأس المال. ألا ترى أن المضارب لو أعتقه قبل أن يبيعه لم يجز عتقه، لأنه لا فضل فيه، وكذلك يبيعه مرابحة على رأس ماله، ويطرح الفضل. ولو كان رب المال اشتراه بخمسمائة درهم وقيمته ألف درهم، فباعه من المضارب بالألفين جميعاً، فأراد المضارب أن يبيعه مرابحة، فإنما يبيعه مرابحة على خمسمائة، لأنه لا ربح فيه، وإنما قيمته مثل رأس مال رب المال، فإنه يبيعه المضارب على ما اشتراه به رب المال. ولو كان رب المال اشتراه بألفين، وقيمته ألف درهم، فباعه المضارب بالألفين جميعاً، فإن المضارب يبيعه مرابحة على ألف درهم، ولا يبيعه على أكثر من ذلك، لأن قيمته ألف درهم، فليس فيه للمضارب تبعة (¬1) عليه، وإنما رأس مال المضاربة ألف درهم، وهو أقل من الثمن الذي (¬2) اشتراه [به] رب المال، وإنما يبيعه المضارب على الثمن. ولو كان العبد يساوي ألفاً وخمسمائة، والمسألة على حالها، وقد اشتراه رب المال بألف درهم، فأراد المضارب أن يبيعه مرابحة، باعه على ألف درهم ومائتين (¬3) وخمسين درهماً، لأن الربح فيه إنما هو خمسمائة، فيطرح (¬4) منه ربح رب المال النصف، ويباع مرابحة على رأس مال المضاربة وعلى ربح المضارب. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى المضارب بالمضاربة كلها عبداً، فباعه من رب المال بألفي درهم، فأراد رب ¬

_ (¬1) م ص: تبيعة. (¬2) ص - الذي. (¬3) ص: ومائتي. (¬4) م ص ف: فطرح.

المال أن يبيعه مرابحة، فإن رب المال يبيعه مرابحة على ألف درهم وخمسمائة، ألف من ذلك رأس ماله، وخمسمائة منها ربح المضارب. وأما الخمسمائة درهم التي ربحها رب المال في المضاربة فإنما يطرحها من الثمن لأن المضارب إنما كان اشترى العبد لرب المال، فإذا ربح فيه رب المال شيئاً طرح من الثمن، وباعه رب المال على ما بقي، فيبيعه رب المال مرابحة على ألف درهم وخمسمائة، إلا أن يبين الأمر على وجهه، فيبيعه كيف شاء. ولو لم يكن المضارب اشترى العبد بجميع المضاربة، ولكنه اشترى بخمسمائة درهم من المضاربة، فباعه من رب المال بألفي درهم، فأراد رب المال أن يبيعه مرابحة، فإنه يبيعه على ألف درهم، خمسمائة درهم (¬1) الثمن الذي اشتراه به المضارب، وخمسمائة درهم منها ربح المضارب، ويُلْقَى من الثمن ألف، خمسمائة (¬2) درهم منها تمام رأس المال، لأنه لا ربح للمضارب حتى يعمل برأس (¬3) المال، وخمسمائة منها ربح رب (¬4) المال، فيطرح ذلك كله من الثمن. وإن كان بقي من المضاربة خمسمائة درهم في يدي المضارب لم يشتر بها شيئاً لم يحتسب بها في ثمن هذا العبد. ألا ترى أنها لو ضاعت كان رأس المال كله من ثمن العبد الذي اشتراه به رب المال وربح رب المال، وباعه رب المال مرابحة على الثمن الذي اشتراه به المضارب وهو خمسمائة درهم، وعلى ربح المضارب وهو خمسمائة درهم، فيبيعه مرابحة على ألف درهم، إلا أن يبين فيبيعه كيف شاء. فإن كانت قيمة العبد في هذا الوجه أكثر من الثمن أو أقل أو كانت مثله فهو سواء، ولا يلتفت في هذا إلى قيمة العبد، لأن المضارب إنما يصل إليه الثمن، ولا يصل إليه العبد. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى بها عبداً، فباعه من رب المال بألفي درهم، ثم باعه رب المال مساومة بثلاثة آلاف درهم، ثم اشتراه المضارب من رجل أجنبي بألفي درهم التي أخذها ¬

_ (¬1) ص - درهم. (¬2) ص: وخمسمائة. (¬3) م ف: حتى يكمل رأس. (¬4) ص - رب.

من (¬1) رب المال ثمناً للعبد، فأراد المضارب أن يبيعه مرابحة، فإنه لا يبيعه مرابحة في قياس قول أبي حنيفة -رحمه الله- بشيء من الأشياء، ولا يبيعه في قياس قوله إلا مساومة، لأن رأس مال الأول كان ألف درهم، فربح فيه المضارب حين باعه من رب المال خمسمائة درهم، وباعه رب المال فربح ألفاً وخمسمائة حين باعه من الأجنبي بثلاثة آلاف (¬2)، فهذا قد ربح فيه ألف درهم، وإنما رأس مال الأول فيه ألف درهم، فإذا طرحت الربح من رأس المال لم يبق من رأس المال شيء، ولا ينبغي أن يبيعه مرابحة في قياس قول أبي حنيفة -رحمه الله- إلا أن يبين، فيبيعه كيف شاء. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإن المضارب يبيعه (¬3) مرابحة على الثمن الذي اشتراه به من الأجنبي، ولا يلتفت إلى ما كان فيه من ربح قبل ذلك، لأنه إذا خرج (¬4) من ملك المضارب وملك رب المال إلى الأجنبي وكان عبداً لم يملكاه قط - في قول أبي يوسف ومحمد - فيبيعه المضارب مرابحة على الئمن الذي اشتراه [به] من الأجنبي، وهو ألفا درهم. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى بها عبداً، فباعه من رب المال بألف درهم وخمسمائة درهم، ثم باعه رب المال من أجنبي بألف وستمائة، ثم عمل المضارب بالألف والخمسمائة حتى صارت ألفي درهم، فاشترى بها العبد من الأجنبي، ثم أراد المضارب أن يبيع العبد مرابحة، فإنه يبيعه في قياس قول أبي حنيفة - رضي الله عنه - مرابحة على ألف درهم (¬5) وأربعمائة، لأن المضارب كان ربح في البيع الأول حين باعه من رب المال مائتين (¬6) وخمسين درهماً، وربح رب المال فيه حين باعه من الأجنبي ثلاثمائة وخمسين درهماً (¬7)، ثم اشتراه المضارب لنفسه ولرب المال بألفي درهم، فلا بد من أن يطرح من هذين (¬8) الألفين ما ¬

_ (¬1) ص - من؛ صح هـ. (¬2) م: الالف. (¬3) م: بيعه. (¬4) م: إذا أخرج. (¬5) ص - درهم. (¬6) ص: مائتي. (¬7) م ص - درهماً. (¬8) ف: من هذه.

ربح المضارب على رب المال، وهو مائتا درهم وخمسون درهماً، ويطرح ما ربح رب المال على الأجنبي وهو ثلاثمائة وخمسون. وأما في القول الآخر فإنه يبيعه مرابحة على جميع الثمن الذي اشتراه به من الأجنبي، فيبيعه مرابحة على ألفي درهم، لأن الأجنبي حين اشتراه من رب المال فقد خرج من ملك رب المال ومن ملك المضارب بشرى صحيح، ولا يشبه اشتراء (¬1) رب المال من المضارب، فإذا كان الأمر على هذا باع المضارب العبد على جميع الثمن الذي اشتراه به من الأجنبي. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة بالنصف، فاشترى بألف منها عبداً يساوي ألفاً، ثم باعه من رب المال، ثم إن رب المال باعه من رجل (¬2) أجنبي بألف وخمسمائة مرابحة، ثم (¬3) إن المضارب اشتراه من الأجنبي مرابحة بألفي درهم من المضاربة، ثم إن رب المال حط عن الأجنبي من الثمن ثلاثمائة (¬4)، فإن الأجنبي يحط عن المضارب مثل ما حط عنه رب المال من الثمن، وحصة ذلك من الربح، وذلك كله أربعمائة، فإذا أراد المضارب أن يبيع العبد مرابحة باعه على ألف ومائتي درهم، لأن رب المال كان ربح فيه على الأجنبي خمسمائة، فلما حط عنه ثلاثمائة درهم كانت الثلاثمائة من جميع الثمن ثلثاها (¬5) من رأس المال، والثلث من الربح، فبقي من ربح المال على الأجنبي بعدما حط الثلاثمائة (¬6) أربعمائة درهم (¬7)، وكان الذي حط الأجنبي عن المضارب من الألفين أربعمائة درهم، فينبغي للمضارب في قياس قول أبي حنيفة أن يطرح من الثمن الأربعمائة درهم التي حطت عنه، لأنه قد أخذها من الأجنبي، وينبغي له أيضاً في قياس قول أبي حنيفة أأن يطرح، ما بقي من أربح، رب المال، لأنه إنما اشتراه بماله، فيطرح من ذلك أربعمائة درهم، وهو الذي ¬

_ (¬1) ص: شرى. (¬2) ص - رجل. (¬3) ص - ثم. (¬4) ص: ثلاثمائة من الثمن. (¬5) م ص ف: ثلثها. والتصحيح من ب، والكافي، 2/ 290 ظ. (¬6) م ص ف + من. والتصحيح مستفاد من ب، والكافي، 2/ 290 ظ. (¬7) ص - درهم.

بقي من ربح رب المال، فيبيعه مرابحة على ألف درهم ومائتي درهم، إلا أن يبين فيبيعه مرابحة على ألف وستمائة، ويطرح من الثمن الذي حط عنه الأجنبي خاصة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد في الوجهين جميعاً فإنه يبيعه مرابحة على ألف وستمائة درهم، ولا يطرح منه ربح (¬1) رب المال، إنما يطرح منه ما حط الأجنبي عن المضارب، وذلك أربعمائة. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم، فاشترى بها عبداً، فولاه رب المال، ثم إن رب المال باع العبد مرابحة من رجل (¬2) أجنبي بألف وخمسمائة، ثم إن الأجنبي باعه من المضارب (¬3) مرابحة بألفي درهم من المضاربة، ثم إن المضارب حط عن رب المال من الذي ولاه العبد مائتي درهم، فإن رب المال ينبغي له أن يحط تلك المائتين وحصتها من الربح عن الأجنبي، وذلك ثلاثمائة، لأن ربحه كان خمسمائة، فإذا حط رب المال عن الأجنبي ثلاثمائة درهم فينبغي للأجنبي أن يحط هذه الثلاثمائة التي حطت عنه عن المضارب وحصتها من الربح، وذلك أربعمائة، فيبقى العبد في يدي (¬4) المضارب بألف درهم وستمائة بيعاً من الأجنبي. فإن أراد المضارب أن يبيعه مرابحة باعه على ألف ومائتي درهم في قياس قول أبي حنيفة، يطرح من الثمن الذي اشتراه به ما حط عن الأجنبي، وهو أربعمائة، ويطرح (¬5) من ذلك أيضاً (¬6) ربح رب المال عن الأجنبي وهو أربعمائة درهم. وأما في قياس قول أبي يوسف ومحمد فإنه يبيعه مرابحة على ألف وستمائة، يطرح من الثمن الذي اشتراه به من الأجنبي الأربعمائة، ولا يطرح ربح رب (¬7) المال من ذلك. وعلى هذا جميع ما وصفت لك من هذا الوجه. ... ¬

_ (¬1) ص - ربح. (¬2) ص - رجل. (¬3) م: من المضاربة. (¬4) ص: في يد. (¬5) م ص ف: فيطرح. (¬6) م ص ف + فان. (¬7) ف - رب.

باب ضمان المضارب

باب ضمان المضارب فإذا دفع رجل إلى رجل مضاربة بالنصف، ثم دفع إليه مالاً آخر بالنصف مضاربة، فخلطه، قال: مسائل هذا الباب كله تشتمل على حرف، وهو أن المضارب عمل في المضاربتين جميعاً ثم خلط، أو خلط قبل أن يربح، أو ربح في واحد منهما ثم خلط، وقد أذن له بالخلط أو لم يأذن له (¬1)، أو أذن له (¬2) بالخلط في إحدى (¬3) المضاربتين دون الأخرى (¬4). قال: أما إذا خلط قبل الربح فلا ضمان عليه، لأنه خلط مال رب المال بعضه ببعض سواء أذن له أو لم يأذن له. وإن خلطه بعدما ربح فإذا أذن له بالخلط فلا ضمان عليه بها. وإذا لم يأذن له بالخلط ضمن، لأنه خلط مال نفسه بمال رب المال. وإذا أذن له بالخلط في أحد المضاربتين وقد ربح في أحد المضاربتين ينظر، إن أذن له بالخلط بالمضاربة الأخيرة ولم يأذن له في الأولى وقد ربح في الأولى فلا ضمان عليه، لأنه خلط مال رب المال بمال نفسه بإذن رب المال. وإن (¬5) أذن له (¬6) بالخلط في المضاربة الأولى ولم يأذن له في المضاربة الأخيرة فخلط ضمن، لأن المضاربة الأخيرة مال رب المال، ولم يأذن له بالخلط. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، وأمره أن يعمل في ذلك برأيه أو لم يأمره (¬7)، فعمل، فربح فيها ألفاً، فصارت ألفي درهم، ثم إنه دفع إليه ألف درهم مضاربة بالنصف، وأمره أن يعمل في ذلك برأيه أو لم يأمره (¬8)، فخلط هذه الألف الأخيرة بالألفين الأوليين، ثم ¬

_ (¬1) م - له. (¬2) ص - أو أذن له. (¬3) ص: في أحد. (¬4) ص: الآخر. (¬5) م - لو؛ ف: ولو. (¬6) م ص - له. (¬7) ص - يأمره؛ صح هـ. (¬8) م ص + فعمل فربح فيها ألفا فصارت ألفي درهم ثم إنه دفع إليه ألف درهم مضاربة بالنصف وأمره أن يعمل في ذلك برأيه أو لم يأمره.

عمل بالمال كله، فربح فيها ألفاً، فإن كان لم يأمره أن يعمل في الأخيرة برأيه فإن المضارب ضامن للألف (¬1) الأخيرة حين خلطها بالربح الذي كان له في المضاربة الأولى، لأن له فيها حقاً (¬2) من الربح خمسمائة، فإذا ضمنها كان ما ربح فيها من شيء بضمانه، فيأخذ من هذا المال ألفاً وثلاثمائة وثلاثة وثلاثين درهماً وثلثاً (¬3)، فيكون ذلك له خاصة لضمانه، ويغرم لرب المال ألف درهم ديناً (¬4) عليه، ويتصدق في قياس قول أبي حنيفة ومحمد بربح الألف التي ضمن، وأما ما بقي من المال فهو على المضاربة، ولا يضمن فيه شيئاً، لأنه لم يخلط بماله، إنما خلط بمال رب المال، فيأخذ رب المال مما بقي من المال رأس ماله الأول، وما بقي من الربح فهو بينهما نصفان على ما اشترطا من المضاربة. ولو أن المال ضاع قبل القسمة ضمن المضارب لرب المال المضاربة الأخيرة، وهي ألف، ولا يضمن المضاربة الأولى. ولو كان رب المال أمره أن يعمل في المضاربة الأخيرة برأيه ولم يأمره في الأولى بذلك، أو أمره في المضاربة، فربح ألفاً، ثم خلط المضاربة الأولى بالمضاربة الأخيرة، فعمل بهما جميعاً، فربح ألفاً، فصار المال كله أربعة آلاف، فإن المال كله مضاربة على ما اشترطا، يأخذ رب المال رأس ماله، وهو ألف، وما بقي فهو بينهما نصفان، ولا يضمن في هذا الوجه المضارب شيئاً من المضاربتين جميعاً، لأنه أمره أن يعمل فيها برأيه؛ ألا ترى أنه لو خلطها بمال المضارب لا يضمن، فكذلك (¬5) هذا. ولا يضمن في المضاربة الأولى وإن كان لم يأمره أن يعمل برأيه، لأنه خلطها بالمضاربة الأخيرة قبل أن يربح في الأخيرة شيئاً، وإنما خلط مال رب المال بعضه ببعض. فإذا كان لا ربح للمضارب في المال الذي أمره أن يعمل فيه برأيه لأنه لا ربح فيه فلا ضمان عليه. فإذا كان المال الذي لم (¬6) يأمره أن يعمل برأيه لا ربح فيه والآخر فيه الربح ضمن المال الذي لم يأمره أن يعمل فيه برأيه. ولو لم يأمره أن يعمل ¬

_ (¬1) ص - للألف؛ صح هـ. (¬2) ص: حق. (¬3) ص: وثلث درهم. (¬4) ص: دين. (¬5) ف: فلذلك. (¬6) ص - لم؛ صح هـ.

في واحد من المالين برأيه فخلطهما قبل أن يربح في واحد منهما شيئاً فهما على المضاربة، ولا ضمان عليه في واحد منهما. ولو كان ربح في كل واحد منهما ربحاً قبل أن يخلطهما، ولم يأمره أن يعمل في واحد منهما برأيه، فخلطهما، ضمن المالين جميعاً، وحصة رب المال من الربح الذي كان قبل أن يخلطهما. وما ربح في المالين جميعاً بعد خلطهما فإنه للمضارب خاصة، ويتصدق به إلا حصة الربح الذي ربح قبل أن يخلطهما، فإن ذلك حلال له، لا بأس به. ومن ذلك لو أن رجلاً دفع إلى رجل ألف درهم مضاربة، ثم دفع إليه (¬1) بعد ذلك ألف درهم مضاربة، والمضاربتان (¬2) جميعاً بالنصف، ولم يأمره أن يعمل في ذلك برأيه، فربح في كل ألف ألفاً مثلها، ثم خلط المال كله، فعمل به، فربح ألفاً، فإن المال كله للمضارب، ويضمن لرب المال ثلاثة آلاف درهم، ألفان (¬3) رأس ماله، وألف ربحه من المضاربتين جميعاً قبل أن يخلطهما، ويسلم للمضارب من هذا المال جميع الذي غرم، فيطيب له، ويبقى في يديه ألفا درهم، فيكون له من ذلك ألف درهم، حصته من الربح الذي كان له قبل أن يخلط المال، فيطيب له ذلك، ويبقى له ألف درهم، يكون له منها مائتا درهم وخمسون، حصة هذا الربح، فيطيب له، ويتصدق بما بقي من المال، وهو سبعمائة درهم وخمسون درهماً، وذلك حصة مال رب المال من الربح الذي كان بعد خلط المضاربتين، فيكون ذلك للمضارب بضمانه المال، إلا أنه ينبغي له أن يتصدق به في قول أبي حنيفة ومحمد. وأما في قول أبي يوسف في هذا كله فإن الربح له لا يتصدق بشيء منه، لأنه ضمن فطاب له الربح. ولو أن رب المال كان أمره في المضاربتين جميعاً أن يعمل فيها (¬4) برأيه، فعمل، فربح في كل واحد من المالين ألف درهم، ثم خلطهما بعد ذلك، فربح فيهما ألفاً، لا ضمان عليه في شيء من ذلك، والمضاربة على حالها بينهما على ما اشترطا، لأنه كان أمره أن يعمل فيها برأيه، فلذلك لا يضمن. ¬

_ (¬1) ص - إليه. (¬2) ص: والمضاربتين. (¬3) ص: ألفين. (¬4) ص: فيهما.

وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فربح المضارب فيها ألفاً، فصارت في يديه ألفي درهم، ثم إنه دفع إليه بعد ذلك ألف درهم مضاربة، وأمره أن يعمل فيها برأيه، فخلطهما (¬1) بالمضاربة الأولى، فهلكت منها ألف درهم بعدما خلطها، فإن أبا يوسف قال: الألف التي هلكت هي الربح، ويستوفي رب المال رأس ماله كله مما بقي، وهو ألف درهم. وقال محمد: وأما أنا فأرى الألف التي هلكت من المالين جميعاً على ثلاثة أسهم، يأخذ رب المال رأس المال مما بقي، وهو ألف درهم وستمائة درهم وستة وستون درهماً وثلثا (¬2) درهم، وما بقي من المال فهو مضاربة الآخر (¬3) الذي ربح ألفاً، فأخذ رب المال من ذلك ألف درهم رأس ماله، وما بقي فهو بين رب المال والمضارب الذي ربح على ما اشترطا عليه. وقال: لا تشبه المضاربتان (¬4) في هذا الوجه المضاربة الواحدة. وقال محمد: هما (¬5) عندنا سواء إذا كانتا مضاربتين مختلفتين. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم، ولم يأمره أن يعمل فيها برأيه، ودفع إلى آخر مضاربة، ولم يأمره أن يعمل فيها برأيه (¬6)، فخلطا المال جميعاً، ثم عملا به فربحا، فالمال (¬7) مضاربة (¬8) على حاله، ولا ضمان على واحد منهما فيه، لأنهما خلطا مال رب المال بعضه ببعض، ولم يخلطا به شيئاً من مالهما. وإن كان أحدهما ربح في مضاربته شيئاً قبل أن يخلطا ثم خلطا، فالأمر فيه كما وصفت لك في الواحد إذا أخذ من الرجل المضاربتين. وعلى هذا جميع ما وصفت لك من هذا الوجه. ... ¬

_ (¬1) ص: فخلطها. (¬2) م ص ف: وثلثي. (¬3) ص: الأخير. (¬4) ص: لا يشبه المضاربتين. (¬5) م ف: هو. (¬6) ف + ودفع إلى آخر مضاربة ولم يأمره أن يعمل فيها برأيه. (¬7) ف: فال (¬8) ص - مضاربة؛ صح هـ.

باب المرابحة في المضاربة بين المضاربين

باب المرابحة في المضاربة بين المضاربين وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، ودفع إلى آخر ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى أحدهما عبداً بخمسمائة درهم من المضاربة، فباعه من المضارب الآخر بجميع الألف المضاربة التي في يديه، فإن أراد المشتري العبد أن يبيعه مساومة باعه كيف شاء، وإن أراد أن يبيعه مرابحة باعه على أقل الثمنين، وهو خمسمائة الثمن الأول الذي اشتراه به المضارب الأول، لأن المال كله لإنسان واحد، فإذا كان المال لإنسان واحد (¬1) ولا ربح فيه للمضارب البائع باع المشتري العبد على أقل الثمنين. ولو كان المشتري اشترى العبد بالألف المضاربة وبألف من ماله، ثم أراد أن يبيعه مرابحة [فإنه يبيعه] (¬2) على ألف درهم [و] مائتين (¬3) وخمسين، الألف التي أداها من ماله لا ينقص منها، لأنها ليست من المضاربة، ومائتان (¬4) وخمسون من المضاربة؛ ألا ترى أن الأول كان اشترى العبد بخمسمائة، ورأس ماله في كل نصف من العبد مائتان وخمسون، فلما باعه من المضارب الآخر بالألف المضاربة وبألف من ماله وكان هذا المشتري الآخر اشترى نصفه بألف من ماله (¬5)، فيبيع ذلك النصف مرابحة على جميع الألف التي نقد من ماله. وأما (¬6) نصف العبد الآخر الذي اشترى بالمضاربة فإن رأس مال المشتري الأول فيه مائتان وخمسون، وقد اشتراه هذا بالمضاربة، فينبغي له أن يطرح من مال المضاربة التي اشتراها بعدما زاد على مائتين وخمسين، ويبيع هذا النصف (¬7) بمائتين وخمسين ¬

_ (¬1) ص - فإذا كان المال لإنسان واحد. (¬2) الزيادة مستفادة من الكافي، 2/ 291 ظ. (¬3) ص: مائتي. (¬4) ص: ومائتا. (¬5) ص - وكان هذا المشتري الآخر اشترى نصفه بألف من ماله. (¬6) ف: فأما. (¬7) ص + بمائتي وخمسين ويبيع هذا النصف.

مرابحة إن أحب ذلك، ولا يبيعه على أكثر من ذلك، لأن المضاربتين (¬1) لإنسان واحد. فإن بين المشتري الآخر الأمر على وجهه كيف اشترى العبد الأول، وبأي شيء اشتراه هو أيضاً، وأخبر أن ذلك مال رجل واحد، فلا بأس بأن يبيعه مرابحة على الألفين. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، ثم دفع إلى آخر ألفي درهم مضاربة بالنصف، فاشترى الذي دفع إليه (¬2) الألف مضاربة عبداً بالألف المضاربة، فباعه من المضارب الآخر بالألفين المضاربة، فأراد هذا المضارب الآخر أن يبيعه مرابحة ولا يبين، فإنه يبيعه مرابحة على ألف درهم وخمسمائة درهم، ألف منها رأس المال الذي اشتراه به المضارب الأول، وقد ربح المضارب الأول في العبد خمسمائة، وربح رب (¬3) المال خمسمائة، فينبغي للمضارب الآخر أن يطرح ربح (¬4) رب المال الذي ربح، لأنه إنما اشتراه له، فيطرح المشتري الآخر من الثمن الذي اشترى العبد به، وهو ألفا درهم، ربح رب المال في المضاربة الأولى، وهو خمسمائة درهم، ويبقى ألف (¬5) درهم وخمسمائة درهم، فيبيعه مرابحة (¬6) على ذلك. ولو كان المضارب الأول لم يشتر العبد بالألف المضاربة، ولكنه اشتراه بخمسمائة درهم، ثم باعه من المضارب الآخر بجميع المضاربة، وهو ألفا درهم، فأراد هذا المضارب الآخر أن يبيعه مرابحة ولا يبين، فإنه يبيعه مرابحة على ألف درهم، خمسمائة (¬7) درهم منها رأس مال المضارب الأول الذي نقد في العبد، وخمسمائة منها ربح المضارب الأول، وبطل من الثمن الذي اشترى العبد به هذا المضارب الآخر ألف درهم (¬8)، خمسمائة درهم (¬9) منها تمام رأس المال لرب المال ¬

_ (¬1) ص: المرابحتين. (¬2) ص - إليه؛ صح هـ. (¬3) ص - رب. (¬4) م ص - ربح. (¬5) ف: الألف. (¬6) ص - مرابحة؛ صح هـ. (¬7) م: وخمسمائة. (¬8) ص - ألف درهم. (¬9) ف - درهم.

من المضاربة الأولى، لأن المضارب الأول لا ربح له حتى يستوفي رب المال رأس المال، ورأس مال رب المال في كل مال من المضاربة (¬1) على حدة ألف كاملة، لأن الذي بقي في يد المضارب الأول من المضاربة لو هلكت كان رأس ماله كله في ثمن هذا العبد، وهو ألف درهم. فلا ربح للمضارب الأول في هذه الألف التي تجعل من ثمن العبد رأس مال رب المال، وإنما ربحه في الألف الباقية، فربحه نصفها، وهو خمسمائة درهم، وربح رب المال نصفها وهو خمسمائة، فاطرح تمام رأس مال رب المال أيضاً، لأن المضارب الآخر إنما اشترى لرب المال، وإنما يبيع له، فلا يكون له في العبد ربح مرتين، يباع العبد كله مرابحة. وإنما باعه المضارب الأول لرب المال، وإنما اشتراه المضارب الآخر لرب المال، فإذا طرحت من الألفين التي اشترى بهما العبد تمام رأس مال رب المال، وذلك خمسمائة، وربح رب المال خمسمائة، فباعه المضارب الآخر مرابحة على الألف الباقية، فخمسمائة منها رأس مال المضاربة الأولى (¬2) التي نقد، وخمسمائة ربح فيها. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، ثم دفع إلى آخر ألفي درهم مضاربة بالنصف، فاشترى المضارب الأول عبداً بألف درهم من المضاربة، فباعه من المضارب الثاني بثلاثة آلاف درهم، ألف منها من مال (¬3) المضارب الثاني، وألفين منها المضاربة التي دفعت إليه، فأراد المضارب الآخر أن يبيع العبد مرابحة ولا يبين، فإنه يبيعه على ألفي درهم [و] مائة درهم وستة وستين وثلثي درهم، ألف منها الذي نقد المضارب الآخر من ماله، لا ينقص منها شيء، وهي حصة ثلث العبد، وقد اشترى ثلثي العبد بألفي المضاربة (¬4)، ورأس مال المضارب الأول الذي نقد في هذين الثلثين ثلثا (¬5) الألف المضاربة، وذلك ستمائة وستة وستون ¬

_ (¬1) ص - في كل مال من المضاربة؛ صح هـ. (¬2) ف - الأولى؛ صح هـ. (¬3) ص - مال. (¬4) ص: درهم. (¬5) م ص: ثلثي.

وثلثا (¬1) درهم، فيبيع المضارب (¬2) الآخر ثلثي العبد مضاربة على هذه الستمائة وستة وستين التي نقدها الأول في ثلثي هذا العبد، ويطرح المضارب الآخر مما بقي من الألفين التي نقد في ثلثي هذا العبد تمام رأس مال رب المال من المضاربة الأولى، لأنه لرب المال لا ربح للمضارب فيه، فيطرح ثلاثمائة وثلاثة وثلاثين وثلثاً (¬3) تمام رأس مال المضاربة (¬4) الأولى، ويبقى من الألفين المضاربة ألف وخمسمائة درهم ربح رب المال، فيطرح من رأس المال، ويبقى خمسمائة ربح المضارب الأول، فيبيع المضارب الآخر ثلثي العبد الذي (¬5) اشتراهما بالمضاربة على ما نقد فيهما المضارب الأول، وهو ستمائة وستة وستون وثلثان (¬6)، وعلى ربح المضارب الأول، وهو خمسمائة درهم، فيبيع الثلثين مرابحة على ألف درهم ومائة درهم، وهي ستة وستون درهماً (¬7) وثلثا (¬8) درهم، ويبيع ثلث (¬9) الذي صار للمضارب الآخر من العبد بالألف التي نقد مرابحة على الألف التي نقد كلها، فيبيع العبد كله مرابحة على ألفي درهم ومائة درهم وستة وستين درهماً وثلثين (¬10). ولو كان المضارب الأول لم يشتر العبد بالألف المضاربة كلها، ولكنه اشتراه بخمسمائة من المضاربة، والعبد يساوي ثلاثة آلاف درهم، ألف منها من مال المضارب الآخر، وألفا درهم منها المضاربة التي دفعت إليه، فأراد المضارب الآخر أن يبيع العبد مرابحة ولا يبين، فإنه يبيعه مرابحة على ألف درهم و [ثمان] مائة (¬11) درهم وثلاثة وثلاثين درهماً وثلث درهم، ويطرح من رأس المال ألف درهم ومائة درهم وستة وستين درهماً وثلثي درهم، لأن الذي نقد المضارب في هذا العبد خمسمائة درهم، فاشتراه المضارب الآخر بثلاثة آلاف درهم، ألف من ماله، فصار له بذلك ¬

_ (¬1) ص: وثلثي. (¬2) ص - المضارب. (¬3) ص: وثلث. (¬4) م: مضاربه. (¬5) ص: اللين. (¬6) ص: وثلثي درهم. (¬7) ص - درهماً. (¬8) ص: وثلثي. (¬9) ف - ثلث. (¬10) ص: وثلثي درهم. (¬11) ص: وبمائة. والتصحيح من الكافي، 2/ 291 ظ.

الثلث خاصة، يبيعه (¬1) مرابحة على الألف التي نقد كلها، واشترى الثلثين بالألفين من المضاربة، ورأس مال المضارب التي نقد في ثلثي العبد ثلاثمائة وثلاثة (¬2) وثلاثون (¬3) درهماً وثلث درهم، ويبيع هذا المضارب الآخر هذين الثلثين من العبد على ما نقد فيهما المضارب الأول، وقد بقي من الألفين المضاربة بعد ذلك ألف درهم وستمائة درهم وستة وستون درهماً (¬4) وثلثان، فيطرح منها تمام رأس مال رب المال من المضاربة الأولى، وذلك ستمائة وستة وستون وثلثان (¬5)، ولا يبيع عليها (¬6) مرابحة، وبقي بعد (¬7) ذلك ألف درهم، ربح رب المال من ذلك خمسمائة درهم، فيطرح أيضاً من رأس المال، ولا يبيع عليها مرابحة، ويبقى خمسمائة درهم للمضارب الأول، فيبيع ثلثي العبد مرابحة مع ما نقد المضارب الأول في ثلثي العبد، وذلك ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث، فيبيع ثلثي العبد مرابحة مع ما نقد (¬8) الذي اشتراه بالمضاربة على ثلاثمائة (¬9) وثلاثة وثلاثين وثلث، ويبيع الثلث الذي اشتراه لنفسه بالألف (¬10) التي نقد، فيبيع العبد كله مرابحة على ألف درهم وثمانمائة وثلاثة وثلاثين وثلث. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، ثم دفع بعد ذلك ألفاً (¬11) مضاربة إلى رجل آخر بالنصف، فاشترى المضارب الآخر ¬

_ (¬1) م ص ف: بيعه. (¬2) ف - وثلاثة؛ صح هـ. (¬3) م ص ف: وثلاثين. (¬4) من هنا ابتدأت المقابلة على نسخة د. (¬5) ف - درهماً وثلثان فيطرح منها تمام رأس مال رب المال من المضاربة الأولى وذلك ستمائة وستة وستون وثلثان. (¬6) م: عليهما. (¬7) د م - بعد. (¬8) م ف - مرابحة مع ما نقد. والزيادة؛ من د ع. (¬9) م ف: على ثمانمائة. والتصحيح من د ع. (¬10) م: الألف. (¬11) م - ألفا؛ صح هـ.

وباع، حتى ربح ألفاً، فصار في يديه (¬1) ألفا درهم، ثم إن المضارب الأول اشترى عبداً بالألف من المضاربة، فباعه من المضارب الآخر بالألفين (¬2) التي في يديه، وقيمة العبد ألفا درهم، فأراد المضارب الآخر أن يبيع العبد مرابحة ولا يبين، باعه مرابحة على ألف درهم وخمسمائة درهم، لأن المضارب الأول اشتراه بالألف، فيبيعه بها المضارب الآخر، ويبيعه أيضاً بخمسمائة حصة المضارب الأول من الربح الذي ربح، ويبطل من الثمن حصة رب المال الذي ربح مع المضارب الأول، وهو خمسمائة، فيبيع المضارب الآخر العبد مرابحة على ألف وخمسمائة. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة، فعمل المضارب الآخر حتى ربح ألف درهم، فصار في يديه (¬3) ألفا درهم، ثم إن المضارب اشترى عبداً بألف، خمسمائة من ماله، وخمسمائة من المضاربة، فباعه من المضارب الآخر بألفين من المضاربة التي في يديه، فإن أراد المضارب الآخر أن يبيعه مرابحة ولا يبين فإنه يبيعه مرابحة على ألف درهم وخمسمائة درهم، فيطرح من رأس المال خمسمائة درهم، لأن المضارب الأول اشترى نصفه لنفسه بخمسمائة، فباعه من المضارب الآخر بألف، فلا بأس بأن يبيعه ذلك النصف بألف درهم، لأن ذلك النصف لم يكن لرب المال حين اشتراه المضارب الأول. وأما نصف العبد الذي اشتراه المضارب الأول من المضاربة فإنما اشتراه لرب المال، ثم باعه المضارب الآخر بألف درهم، فيبيع المضارب ذلك النصف بخمسمائة التي نقدها فيه المضارب الأول، وبقيت خمسمائة، وقد كان رب المال دفع إلى المضارب الأول ألف درهم مضاربة، فتمام رأس المال مع الخمسمائة التي نقدها المضارب الأول من المضاربة خمسمائة، ولا ربح للمضارب الأول حتى يستوفي جميع رأس المال من ثمن نصف العبد الذي اشتراه المضارب الآخر. فإذا لم يكن ¬

_ (¬1) د: في يده. (¬2) د م: بألفين. (¬3) د: في يده.

للمضارب الأول في الخمسمائة الباقية ربح وكانت لرب المال طرحت من رأس المال، فلم يبع المضارب الآخر عليها نصف العبد الذي اشتراه، فيبيع العبد مرابحة على ألف وخمسمائة، على ما وصفت لك. ولو كان المضارب الأول اشترى عبداً بألف درهم وخمسمائة درهم، ألف من عنده، وخمسمائة من المضاربة، فباعه من المضارب الآخر بالألفين من المضاربة التي (¬1) في يديه، فأراد المضارب الآخر أن يبيع العبد مرابحة ولا يبين، فإنه يبيعه مرابحة على ألف درهم وثمانمائة درهم وثلاثة وثلاثين وثلث، لأنه اشترى ثلثيه لنفسه بألف، فباعه من المضارب الآخر بألف وثلاثمائة وثلاثة وثلاثين وثلث، فاشترى ثلثه من المضاربة بخمسمائة، فباعه المضارب الآخر بستمائة وستة وستين وثلثين، فيطرح ما زاد من ذلك على الخمسمائة التي نقد المضارب الأول، وذلك مائة وستة وستون وثلثان، فيبيعه المضارب الآخر على ألف درهم وثمانمائة وثلاثة وثلاثين وثلث درهم. وكذلك لو كان اشتراه المضارب الأول بالألف المضاربة وبخمسمائة من ماله، ثم اشترى منه المضارب الآخر بألفين من المضاربة، فأراد المضارب الآخر أن يبيعه مرابحة على ذلك ولا يبين، فإنه يبيعه مرابحة على ألف وثمانمائة درهم وثلاثة وثلاثين وثلث. وعلى هذا جميع ما وصفت لك من هذا وقياسه. وإذا بين المضارب الآخر للمشتري الأمر على وجهه، فأخبره أنه اشتراه من مال المضاربة في يديه لرجل، واشتراه من مضارب لرب المال، وبين له الأمر على وجهه، لا بأس أن يبيعه مرابحة على جميع ما اشترى، فإذا باعه ولم يبين الأمر على وجهه فليس له أن يبيعه مرابحة إلا على ما وصفت لك في هذه الوجوه كلها. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة، ودفع إلى آخر ألفي درهم مضاربة، فاشترى الأول المدفوع إليه عبداً بألف درهم (¬2) من ماله ¬

_ (¬1) م ف: المضارب الذي. (¬2) د - مضاربة ودفع إلى آخر ألفي درهم مضاربة فاشترى الأول المدفوع إليه عبداً بألف درهم.

وبخمسمائة (¬1) من المضاربة، فباعه من المضارب الآخر بثلاثة آلاف درهم من ماله، والألفين من المضاربة، فأراد المضارب الآخر أن يبيعه مرابحة ولا يبين، فإنه يبيعه مرابحة على ألفي درهم وستمائة وستة وستين وثلثي درهم، لأن المضارب الأول اشترى ثلثي العبد بألف درهم من ماله (¬2)، فباع (¬3) ذلك من المضارب الآخر ثلثي الثلاثة الآلاف، وذلك ألفا درهم، ولا ينقص من هذه الألفين قليلاً ولا كثيراً، واشترى المضارب الأول (¬4) ثلث العبد بخمسمائة من المضاربة، فباعه بثلث الثلاثة الآلاف (¬5)، وذلك ألف درهم ثلثها من مال الآخر، فلا ينقص منه قليل ولا كثير، وذلك ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث، وباع ثلثي ثلث العبد ورأس ماله فيه ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث (¬6) بثلث الألفين من مال المضاربة، وذلك ستمائة وستة وستون وثلثان، فاطرح منها ما زاد على رأس المال هذين التسعين، لأنه لرب المال، وذلك ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث، فيبيعه مرابحة على ألفين (¬7) وستمائة وستة وستين وثلثين. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، ثم دفع إلى رجل آخر ألفي درهم مضاربة بالنصف، فاشترى المضارب الأول بالألف المضاربة وبخمسمائة من ماله عبداً يساوي خمسة آلاف درهم، فباعه من المضارب الآخر بثلاثة آلاف درهم، منها ألف (¬8) من مال الآخر، وألفا درهم المضاربة، فأراد المضارب الآخر أن يبيعه مرابحة ولا يبين، فإنه (¬9) يبيعه مرابحة على ألفي درهم وخمسمائة درهم، لأن المضارب الأول اشترى ¬

_ (¬1) د: بخمسمائة. (¬2) د - من ماله. (¬3) د: ع. أي سقط "فبا" من "فباع". (¬4) د - الأول. وقد اختلطت الأوراق في نسخة د هنا، فانتقل من الورقة 2 وإلى 8 و. (¬5) د: ألف. (¬6) ف - وباع ثلثي ثلث العبد ورأس ماله فيه ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث. (¬7) ف: على الفيايين (مهملة). (¬8) دم - ألف. (¬9) ف - فإنه؛ دم: به.

ثلث العبد بخمسمائة، فباعه بثلث الثلاثة الآلاف من كل ألف ثلث، فلا ينقص منها قليل ولا كثير. وأما ثلثا العبد الذي اشتراه المضارب الأول بألف درهم المضاربة، فإن ثلث ذلك اشتراه المضارب الآخر بستمائة وستة وستين وثلثين من ماله، لا ينقص من ذلك قليل ولا كثير، ويبقى ثلثا الثلثين اشتراهما المضارب الأول بستمائة وستة وستين وثلثين، فباعهما من المضارب الآخر بالألف وثلاثمائة وثلاثة وثلاثين وثلث، فاطرح منها تمام رأس مال (¬1) المضاربة الأولى، وذلك ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث، ونصف الربح الذي صار لرب المال في المضاربة الأولى، وهو مائة وستة وستون وثلثان، فيبقى مع ذلك ثمانمائة (¬2) وثلاثة وثلاثون وثلث، فيجمع إلى الألف وستمائة وستة وستين وثلثين، فيكون ذلك كله ألفي درهم وخمسمائة درهم، فيبيعه مرابحة على ذلك. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، ثم دفع إلى آخر ألفي (¬3) درهم مضاربة بالنصف، فاشترى المضارب الأول جارية بألف (¬4) درهم من ماله، وخمسمائة درهم من مال المضاربة، فباعها من المضارب الآخر بثلاثة آلاف درهم من المضاربة، وألفين (¬5) من مال المضارب الآخر، فأراد المضارب الآخر أن يبيعها مرابحة ولا يبين، فإنه يبيعها مرابحة على ألفي درهم وثمانمائة وثلاثة وثلاثين وثلث، فإذا قبض الثمن الآخر كان (¬6) لنفسه من الثمن حصة ألفي درهم، وكان ما بقي من المضاربة، فإن كان الثمن الذي باعها به أربعة آلاف درهم كان له خاصة من ذلك اثنا عشر جزء من سبعة عشر جزء من أربعة آلاف، وتبقى خمسة أجزاء من سبعة عشر جزء (¬7)، فتكون من المضاربة. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، ثم دفع إلى ¬

_ (¬1) م: المال؛ ف - مال. (¬2) ف: مائة. (¬3) ف: ألف. (¬4) ف: بألفي. (¬5) ف: وألفي درهم. (¬6) دم - كان. (¬7) د - من أربعة آلاف وتبقى خمسة أجزاء من سبعة عشر جزء.

باب الدعوة من المضارب ورب المال في المملوك يشتريه المضارب

رجل آخر ألفي درهم مضاربة بالنصف، فاشترى المضارب الأول بألف درهم المضاربة جارية، وبخمسمائة من ماله، وباعها من المضارب الآخر بألف من المضاربة، وبألفين من ماله، فأراد المضارب الآخر أن يبيع الجارية ولا يبين، فإن المضارب الآخر يبيعها مرابحة على ألفي درهم وثمانمائة درهم وثلاثة وثلاثين درهماً وثلث درهم. فإذا قبضها قسم الثمن على رأس مال المضارب الآخر وهو ألفا درهم، أو، على (¬1) ثمانمائة وثلاثة وثلاثين وثلث، وهذا والباب الأول سواء في القسمة، يقسم الثمن على سبعة عشر سهماً، للمضارب الآخر من الثمن اثنا عشر جزء من سبعة عشر جزء، وخمسة أجزاء من سبعة عشر من الثمن من المضاربة. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. ... باب الدعوة من المضارب ورب المال في المملوك يشتريه المضارب وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة، وأمره أن يعمل فيها برأيه أو لم يأمره، وشرط له من الربح نصفه، فاشترى المضارب ابناً لرب المال قيمته ألف أو أكثر من ذلك أو أقل بالألف المضاربة، ونقدها، فالشرى جائز، والغلام مملوك للمضارب، والمضارب ضامن للمال من المضاربة يرده على رب المال، فإن شاء رب المال أخذ المال من البائع، ورجع البائع بذلك على المضارب، لأن المضارب لو جاز شراؤه لابن رب المال على رب المال عتق بالنسب، وإنما أمره رب المال أن يشتري له ما يبيع، فيربح له فيه، فإذا اشترى له ما لا يقدر على بيعه لم يجز شراؤه على رب المال، وكان ما اشترى من ذلك للمضارب؛ ألا ترى لو أن رجلاً دفع إلى رجل مالاً، وأمره أن يشتري له جارية يطؤها، فاشترى ¬

_ (¬1) زيادة الواو من ب؛ والكافي، 2/ 293 و.

له المأمور أخته، أن ذلك لا يلزم الآمر، [لأنه] لم يشتر له جارية يصل إلى وطئها، فإذا خالف ما أمره فإنما اشتراها لنفسه. وإذا دفع الرجل إلى رجل ألف درهم مضاربة، فاشترى بها ابن المضارب، وقيمته ألف أو أقل من ذلك، فالشرى جائز، وهو على المضاربة عبد لرب المال، لأن المضارب لا فضل له فيه. فإن لم يبعه المضارب حتى زادت قيمته على ألف (¬1) درهم، فصار يساوي (¬2) ألفاً ومائتي درهم أو أكثر من ذلك، فإن العبد يعتق بنسبه من المضارب، لأنه ابنه، وقد كان له فيه فضل نصف ما زاد على رأس المال، فعتق (¬3) منه حصة المضارب من الفضل على رأس المال، وهو النصف مما زاد على ألف درهم، ولا ضمان على المضارب في هذا وإن كان قد عتق بعض العبد في نسبه (¬4)، لأن العتق جرى في العبد من غير فعل منه، ولكن العبد يسعى لرب المال في رأس ماله وفي حصته من الربح، وهي نصف الزيادة على رأس المال. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى بها المضارب (¬5) ابنه، وقيمته أكثر من ألف درهم يوم اشتراه، ونقد الثمن، فإن الابن للمضارب يعتق كله، لأنه إنما اشتراه لنفسه، ويضمن رب المال المضارب الألف المضاربة، وإن شاء أخذها من البائع، ورجع بها البائع على المضارب، لأن المضارب إذا اشترى ابنه أو ذا رحم محرم منه وفيه فضل يوم اشتراه فإنما اشتراه لنفسه؛ ألا ترى أني لو جعلته من المضاربة عتق نصيبه حين اشتراه، فكان قد اشترى ما لا يقدر على بيعه، وإنما أمره رب المال أن يشتري ما يبيع فيربح فيه، وهذا بمنزلة الذي اشترى أبا (¬6) رب المال بالمضاربة، فإنما اشترى لنفسه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى بها ¬

_ (¬1) م + ألف. (¬2) د: فصارت تساوي. (¬3) م: يعتق. (¬4) دم: في سببه. (¬5) ف - المضارب. (¬6) د: أبو.

عبداً لا يعرف له نسب يساوي ألفي درهم، فقال المضارب لرب المال: هذا ابنك، فقال رب المال: كذبت، فإن الغلام يعتق، فيرجع المضارب ورب المال على الغلام، فيستسعيانه في جميع قيمته، وهو ألفا درهم، فتكون ثلاثة أرباعها لرب المال، وربع للمضارب. فإن كان رب المال قال للمضارب حين قال المضارب لرب المال: هو ابنك، قال له رب المال: بل هو ابنك، أو قال: صدقت، فإن الغلام مملوك للمضارب، وعلى المضارب أن يرد رأس المال على رب المال، ولا يثبت نسب الولد إلا أن يكون رب المال صدقه، فإن كان صدقه فهو ابنه، ولا يعتق الغلام في هذا الوجه، لأن رب المال إذا صدقه بأن هذا ابنه فقد زعم أنه (¬1) إنما اشتراه لنفسه، لأن المضارب إذا اشترى ابن رب المال من المضاربة فإنما اشتراه لنفسه، لأنه اشترى ما لا يجوز بيعه فيه، فإن صدقه رب المال بأنه ابنه كما قال فقد زعم رب المال أن المضارب إنما اشتراه لنفسه. وإذا قال المضارب لرب المال: هو ابنك، فقال رب المال: (¬2) كذبت ولكنه ابنك، فقد زعم أن الغلام إنما اشتراه المضارب لنفسه، لأن المضارب إن كان صادقاً فيما قال فإنما اشتراه لنفسه. فإن (¬3) كان رب المال صادقاً فيما قال فإنما اشتراه المضارب لنفسه (¬4)، لأن المضارب إذا اشترى ابنه وفيه فضل عن رأس المال فإنما اشتراه لنفسه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى بها عبداً يساوي ألف درهم، فقال المضارب لرب المال: هو ابنك، وكذبه رب المال، فالعبد على حاله في المضاربة. فإن لم يبعه المضارب حتى زاد، فصار يساوي ألفي درهم، عتق وسعى في جميع قيمته، ثلاثة أرباعها لرب ¬

_ (¬1) د - أنه. (¬2) د - أن المضارب إنما اشتراه لنفسه وإذا قال المضارب لرب المال هو ابنك فقال رب المال. (¬3) ف: وإن. (¬4) د - إن كان صادقا فيما قال فإنما اشراه لنفسه فإن كان رب المال صادقا فيما قال فإنما اشتراه المضارب لنفسه.

المال، وربعها للمضارب. فإن كان رب المال لم يكذب المضارب حين قال: إنه ابنك، ولكنه قال: قد صدقت، ولا فضل في الغلام على رأس (¬1) المال، فإن الغلام للمضارب، ويضمن المضارب لرب المال رأس ماله، لأنه إنما اشتراه لنفسه. فإن كان رب المال لم يصدقه فيما قال، ولكنه قال له: كذبت، ولكنه ابنك، ولا فضل فيه يوم اشتراه المضارب، فإن الغلام على حاله في المضاربة، يبيعه المضارب إن شاء ذلك. فإن لم يبعه حتى زادت قيمته فصار يساوي ألفي درهم، فإن الغلام يعتق، ويسعى في جميع قيمته، ثلاثة أرباعها لرب المال وربعها للمضارب. وإذا دفع الرجل إلى الرجل (¬2) ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى بها عبداً يساوي ألفي درهم، فقال رب المال للمضارب: هو ابنك، فقال له المضارب: كذبت، فإن (¬3) العبد يعتق ويسعى للمضارب في جميع حصته من الربح، وهو خمسمائة، ولا سعاية على العبد لرب المال، لأن رب المال زعم أن المضارب إنما اشتراه لنفسه، وأنه ابنه، وأنه (¬4) قد عتق كله من قبله، وأنه لا ضمان على العبد، ولا سعاية، وإنما يدعي رب المال أن (¬5) له رأس ماله على المضارب، فلا يصدق على المضارب، فيضمنه رأس ماله، ولا شيء له على العبد، لأنه يزعم أنه لا شيء له عليه، وأن العبد قد عتق كله من قبل المضارب، فإنه يستسعي العبد في ربع قيمته، وهو حصته من الربح، لأنه كذب رب المال فيما قال، فإن كان المضارب لم يكذب رب المال فيما قال ولكنه صدقه فإن العبد يثبت نسبه من المضارب، ويعتق كله من قبله، ويضمن المضارب لرب المال رأس ماله. ¬

_ (¬1) ف: عن رأس. (¬2) ف: إلى رجل. (¬3) د - بها عبداً يساوي ألفي درهم فقال رب المال للمضارب هو ابنك فقال له المضارب كذبت فإن. (¬4) ف - وأنه. (¬5) د - أن.

وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف (¬1)، فاشترى بها عبداً (¬2) يساوي ألفين، فقال رب المال للمضارب: هو ابنك، فقال له المضارب: بل هو ابنك، فإن الغلام يكون مملوكاً للمضارب، ويضمن المضارب لرب المال رأس ماله، لأنهما جميعاً قد أجمعا على أن المضارب إنما اشتراه لنفسه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى بها عبداً يساوي ألفاً، فقال رب المال للمضارب: هو ابنك، فقال المضارب: كذبت، فإن العبد على حاله في المضاربة. فإن زاد العبد حتى صار يساوي ألفين فإنه يعتق ويسعى في جميع قيمته، لرب المال ثلاثة أرباعها، وللمضارب ربعها. فإن كان المضارب قال لرب المال: صدقت فيما قلت، ولا فضل في الغلام، فهذا والأول سواء، والعبد على حاله في المضاربة، يبيعه المضارب إن شاء ذلك، وهو ابنه ثابت النسب منه. فإن لم يبعه حتى زادت قيمته فصار يساوي ألفين عتق الغلام وسعى في ثلاثة أرباع قيمته لرب المال، ولا شيء عليه للمضارب، لأنه ابنه، ولا ضمان على المضارب في شيء من ذلك. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى بها عبداً يساوي ألفين، فقال المضارب: هو ابني، وقال رب المال: كذبت، فإن العبد يعتق ربعه، ويثبت النسب من المضارب، ورب المال بالخيار إن كان المضارب موسراً، إن شاء ضمنه ثلاثة أرباع قيمته، وإن شاء استسعى العبد في ثلاثة أرباع قيمته، وأن شاء أعتق، وكان الولاء بينهما، لرب المال ثلاثة أرباعه، وللمضارب ربعه في قياس قول أبي حنيفة. فإذا كان رب المال لم يكذب المضارب فيما ادعى ولكنه صدقه فإن العبد يعتق من مال (¬3) المضارب، وهو ابنه ثابت النسب منه، ويضمن المضارب لرب المال ¬

_ (¬1) ف - بالنصف. (¬2) ف: عبدين. (¬3) د - مال؛ صح هـ.

رأس ماله. فإن كان رب المال لم يصدقه فيما ادعى، ولكن رب المال ادعى أن الغلام ابنه بعدما قال المضارب: هو ابني، فإن الغلامَ ابنُ المضارب، ويعتق كله من مال المضارب، ويضمن المضارب لرب المال رأس ماله. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى بها عبداً يساوي ألفاً، فقال المضارب: هو ابني، وكذبه (¬1) رب المال، فإن الغلام لا يثبت نسبه، وهو على حاله في المضاربة، فإن لم يبعه المضارب حتى زادت قيمته، فصار يساوي ألفين، فإنه يعتق ربعه، ويثبت نسبه من المضارب، ويسعى لرب المال في ثلاثة أرباع قيمته، ولا ضمان على المضارب لرب المال، لأنه لم يعتق حين ادعاه، إنما عتق حين زاد. ألا ترى أنه قد عتق من المضارب بغير شيء أحدثه فيه المضارب بعد الزيادة، وهو بمنزلة مضارب اشترى ابنه بالمضاربة ولا فضل فيه، ثم زاد حتى صارت قيمته أكثر من المضاربة، وإنما يسعى الغلام في حصة رب المال، ولا ضمان على المضارب، وكذلك هذا الذي وصفت لك. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى بها عبداً يساوي ألفاً، فادعاه المضارب بأنه ابنه، وصدقه رب المال، كان الغلام ابن المضارب، وهو على المضاربة على حاله. فإن لم يبعه حتى صار يساوي ألفين، فإنه يعتق من الغلام ربعه، ويسعى في ثلاثة أرباع قيمته، ولا ضمان على المضارب في ذلك. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى بها عبداً يساوي ألفاً، فزادت قيمته حتى صار يساوي ألفين، ثم إن المضارب ادعاه، وكذبه رب المال في ذلك، فإن العبد يثبت نسبه من المضارب، وتعتق حصته منه، وهي الربع، ورب المال بالخيار إن كان موسراً، إن شاء ضمن المضارب ثلاثة أرباعه، وإن شاء استسعى العبد في ذلك، وإن شاء أعتقه. فإن ضمن المضارب لم يرجع المضارب على العبد بشيء مما كان ¬

_ (¬1) ف: فكذبه.

ضمن، وكان العبد حراً كله، وإن استسعى رب المال العبد أو أعتقه كان له ثلاثة أرباع ولائه في قياس قول أبي حنيفة. فإن كان المضارب ادعى الغلام حين زادت قيمته، فصار يساوي ألفين، ولم يكذبه رب المال في ذلك، ولكن صدقه، فلا ضمان على المضارب في شيء من ذلك، والغلام ابن المضارب، وقد عتق ربعه من قبل المضارب، ويسعى الغلام لرب المال في ثلاثة أرباع قيمة العبد، فإن شاء رب المال أعتقه، ويكون لرب المال في الوجهين جميعاً ثلاثة أرباع ولائه في قياس قول أبي حنيفة. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة، فاشترى بها عبداً يساوي ألفاً، فادعى المضارب أنه ابنه، فقال رب المال: كذبت، ولكنه هو ابني، فإن العبد يكون ابن رب المال ثابت النسب منه، ويعتق كله من مال رب المال، ولا ضمان على المضارب في شيء من ذلك. فإن لم يدعه واحد منهما حتى زادت قيمته، فصار يساوي ألفين، فقال المضارب: هو ابني، وقال رب المال: كذبت، ولكنه ابني، فإنه ابن المضارب، وقد عتق العبد منهما جميعاً، ولا ضمان على واحد منهما لصاحبه، وللمضارب ربع ولائه، ولرب المال ثلاثة أرباع ولائه، لأن المضارب ادعاه قبل رب المال، وله فيه فضل، فيثبت نسبه منه، فصار ابنه، فلا يتحول نسبه إلى رب المال بعد ذلك أبداً. وإنما بطل الضمان عن المضارب لأن رب المال زعم أنه ابنه، فلما ادعى ذلك عتقت حصته من العبد، وهي ثلاثة أرباع العبد، فبطل بذلك الضمان عن المضارب (¬1)، ألا ترى أن (¬2) رب المال لو لم يدعه، ولكنه أعتقه بعد دعوة المضارب، جاز عتقه، وصار ابن المضارب، فكذلك دعوته في قياس قول أبي حنيفة. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى بها المضارب عبداً يساوي ألفين، ونقد الثمن، فقال رب المال: هو ابني، ¬

_ (¬1) م + لأن رب المال زعم أنه ابنه فلما ادعى ذلك عتقت حصته من العبد وهي ثلاثة أرباع العبد وبطل بذلك الضمان عن المضارب. (¬2) د - أن؛ صح هـ.

وكذبه المضارب، فإن الغلام يثبت نسبه من رب المال، ويعتق ثلاثة أرباع العبد، وللمضارب الخيار، إن شاء ضمن رب المال ربع قيمة العبد إن كان موسراً، وإن شاء استسعى العبد في ذلك، وإن شاء أعتق. فإن (¬1) ضمن رب المال عتق العبد كله من رب المال، ولا يرجع رب المال على العبد بما ضمن. وإن استسعى المضارب العبد في ربع قيمته أو أعتقه كان له ربع ولائه في قياس قول أبي حنيفة. فإن كان المضارب لم يكذب رب المال حين ادعاه، ولكن (¬2) صدقه، فإن الغلام ابن رب المال، وهو عبد للمضارب، ويضمن المضارب لرب المال رأس ماله. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى المضارب بها عبداً يساوي ألفاً، ونقد الثمن، فادعى رب المال أنه ابنه، وكذبه المضارب، فإن الغلام ابن رب المال، وهو حر كله من مال رب المال، ولا ضمان على المضارب في شيء من ذلك. فإن كان المضارب لم يكذبه في شيء من ذلك، ولكنه صدقه، فإن الغلام ابن رب المال، وهو عبد المضارب، ويضمن المضارب رأس ماله لرب (¬3) المال. فإن كان المضارب لم يصدق رب المال حين ادعاه، ولكن المضارب قال لرب المال: كذبت، ولكنه ابني، فإن الغلام ابن رب المال، وهو حر من قبل رب المال، ولا ضمان لواحد منهما على صاحبه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى المضارب بها عبداً يساوي ألفاً، ونقد الثمن، فزاد العبد حتى صار يساوي ألفين، فقال رب المال: هو ابني، وقال المضارب: كذبت، فإن العبد ابن رب المال، ويعتق منه ثلاثة أرباعه، والمضارب بالخيار إن كان رب المال موسراً، إن شاء ضمن رب المال ربع قيمة العبد، وإن شاء استسعى العبد، وإن شاء أعتق في قياس قول أبي حنيفة. فإن كان المضارب لم يكذب رب ¬

_ (¬1) د م: وإن؛ د + شاء. (¬2) د: لكن. (¬3) د م ف: لرأس. ولفظ ب: ويضمن المضارب رأس المال لربه.

باب المال المضاربة تضيع بعدما اشتري بها أو قبل

المال بما ادعى، ولكنه صدقه بما قال، فإن الغلام ابن رب المال، وهو عبد المضارب، ويضمن المضارب لرب المال رأس ماله. فإن كان المضارب لم يصدق رب المال بما قال، ولكنه قال له حين ادعاه: كذبت، ولكنه ابني، فإن الغلام ابن رب المال (¬1)، لأنه سبقه إلى الدعوة، والعبد حر منهما جميعاً، ولا ضمان لواحد منهما على صاحبه، وللمضارب ربع ولائه في قياس قول أبي حنيفة رحمة الله عليه، ولرب المال ثلاثة أرباع ولائه. وعلى هذا جميع هذا الوجه، وتفسيره على ما وصفت لك. ... باب المال المضاربة تضيع بعدما اشتري بها (¬2) أو قَبْل وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى بها بزاً أو جارية أو متاعاً، ثم ضاعت الألف قبل أن ينقدها المضارب البائع، فإن المضارب يرجع على رب المال بألف مثلها، فيدفعها إلى البائع. فإن قبض المضارب من رب المال الألف ليدفعها إلى البائع، فضاعت منه أيضاً، رجع على رب المال بألف أخرى حتى يدفعها إلى البائع. وكذلك لو ضاعت هذه الألف أيضاً. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف (¬3) درهم، وأمره أن يشتري له جارية أو غير ذلك من صنوف البياعات، فاشترى بها ما أمره (¬4)، فضاعت الألف في يدي المأمور قبل أن يدفعها إلى البائع، فإن للمأمور أن يرجع (¬5) ¬

_ (¬1) ف + وهو عبد المضارب ويضمن المضارب لرب المال رأس ماله فإن كان المضارب لم يصدق رب المال بما قال ولكنه قال له حين ادعاه كذبت ولكنه ابني فإن الغلام ابن رب المال. (¬2) د: به. (¬3) ف - ألف؛ صح هـ. (¬4) م - بها ما أمره (غير واضح). (¬5) ف - أن يرجع.

بها على الآمر حتى ينقدها البائع. فإن رجع بها المأمور على الآمر، فأخذها منه، فلم يدفعها إلى البائع حتى ضاعت، فليس له أن يرجع بها على الآمر، ولكن المأمور يغرم ألفاً من ماله، فيدفعها إلى البائع، ويأخذ من البائع ما اشترى منه، فيدفعه إلى الآمر، ولا يرجع على الآمر بشيء، ولا يشبه المضارب في هذا المأمور، لأن المضارب كل شيء يأخذه من رب المال فهو على المضاربة، فإذا كان في يديه على المضاربة فهو فيه أمين، لأن مال المضاربة لا يكون مضموناً، ولو كان مضموناً لم يكن مضاربة (¬1)، ولم يكن لرب المال فيه ربح. وكيف يكون لرب (¬2) المال فيه ربح والمضارب ضامن له. فأما المأمور الذي وصفت لك، فإنه إذا هلكت في يديه الألف التي كان الآمر أمره أن يشتري له بها البيع (¬3)، فإنها (¬4) ضاعت من يديه وهو فيها أمين، لأنه أخذها من الآمر قبل أن يجب البيع، وضاعت وهي في يديه على غير ضمان، فلما وجب البيع وجب للبائع على المأمور ثمن ما اشترى منه، ووجب للمأمور على الآمر ما اشترى له، فلما رجع المأمور على الآمر بألف درهم مكان الألف التي ضاعت، فقبضها من الآمر، كان قبضه للألف من الآمر استيفاء منه لماله على الآمر، لأن هذه الألف التي قبضت من الآمر هي له على الآمر، فلما قبضها من الآمر صارت قضاء من حقه، فإن ضاعت من يديه فإنما ضاعت من ماله، وعليه أن يؤدي مثلها إلى البائع من ماله، ويأخذ ما اشترى من البائع، فيدفعها إلى الآمر، ولا يرجع عليه بشيء. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف (¬5)، فاشترى بها جارية تساوي ألفاً، فضاعت الألف قبل أن ينقدها المضارب البائع، فإنه يرجع على رب المال بمثلها، فإذا رجع على رب المال بمثلها فنقدها البائع، وأخذ منه الجارية (¬6)، فأراد أن يبيعها مرابحة، فإنه يبيعها مرابحة ¬

_ (¬1) م + لم يكن مضاربة. (¬2) م: يكون صا رب. (¬3) ف: المبيع. والبيع بمعنى المبيع كما تقدم غير مرة. (¬4) ف - فإنها؛ صح هـ. (¬5) د م ف - بالنصف. والزيادة من هامش د. (¬6) اختلط ترتيب الأوراق في نسخة د اعتباراً من هنا.

على ألف درهم، لا يزيد على ذلك شيئاً. فإن باعها بثلاثة آلاف درهم، ثم أراد رب المال أخذ ماله، وأراد قسمة الربح، فإن رأس مال رب المال في هذه الثلاثة آلاف (¬1) درهم ألفا درهم، لأنه قد أعطى المضارب (¬2) ألفي (¬3) درهم، ولا ربح للمضارب حتى يستوفيها (¬4) رب المال، فيأخذ رب المال (¬5) من هذه الثلاثة آلاف درهم رأس ماله (¬6) ألفي درهم، وما بقي فهو بينهما نصفان، فيكون لرب المال من هذه الألف (¬7) درهم خمسمائة درهم، ويكون (¬8) للمضارب خمسمائة درهم. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى بها عبداً يساوي ألفين، فقبضه، فباعه بألفين، ثم اشترى بالألفين جارية، فلم ينقد الألفين حتى ضاعت، فإن المضارب يرجع على رب المال، فيأخذ منه ألفاً وخمسمائة، ألفاً مكان ألفه التي كانت رأس ماله، وخمسمائة حصته من الربح، ويغرم المضارب من ماله خمسمائة حصته من الربح، فيدفع (¬9) ذلك كله إلى البائع، وذلك ألفا درهم. فإذا قبض الجارية فباعها بخمسة آلاف درهم (¬10) فإن المضارب يأخذ ربع الخمسة آلاف، لأنه نقد ربع الثمن فصار له ربع جميع الجارية ما بيعت، ويبقى من الخمسة آلاف ثلاثة أرباعها، فهذه الثلاثة الأرباع هي المضاربة، فيأخذ منها رب المال رأس ماله الألف الأولى التي كان أعطاها المضارب [و] الألف (¬11) والخمسمائة التي كان غرم، فيأخذ رأس ماله ألفين وخمسمائة، وما بقي بعد ذلك فهو بينهما نصفان، لأن الذي بقي بعد ذلك هو الربح. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى بها ¬

_ (¬1) ف: الآلاف. (¬2) د: المضاربة. (¬3) م: بألفي. (¬4) د: حتى يستوفيهما. (¬5) د - فيأخذ رب المال. (¬6) د - رأس ماله؛ صح هـ. (¬7) دم: الثلاثة آلاف. (¬8) د: فيكون. (¬9) م + من. (¬10) د ف - درهم. (¬11) د: الأول.

جارية، فضاعت الألف قبل أن ينقدها، فقال رب المال: ضاع المال قبل أن تشتري الجارية، وإنما اشتريتها لنفسك، وقال المضارب: ضاع المال بعدما اشتريتها، فأنا أريد أن آخذك بالثمن، ولا يعلم متى ضاع المال، فالقول (¬1) قول رب المال مع يمينه، وعلى المضارب البينة أنه اشترى الجارية والمال عنده، وإنما ضاع بعد الشرى، فإن أقام بينة أنه اشترى الجارية والمال عنده أخذ (¬2) رب المال بألف درهم حتى يؤديها المضارب إلى البائع. فإن أقام رب المال البينة أنها ضاعت قبل أن يشتري، وأقام المضارب البينة أنه اشترى قبل أن يضيع، فالبينة بينة المضارب، لأنه هو المدعي للمال على رب المال. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى بها خادماً قيمتها ألف، فقبض الجارية، ولم ينقد الثمن حتى اشترى بالألف التي في يديه جارية أخرى على المضاربة، وقال: أبيع الجارية، وأنقد الثمن الأول، فإنما اشترى الجارية لنفسه، ولا تكون على المضاربة، لأنه ليس في يديه من المضاربة مثل ما اشترى به الجارية (¬3) الأخرى، إنما في يديه من المضاربة الجارية الأولى، والألف التي في يديه دين عليه، فليس له أن يشتري بها شيئاً، ولكنه لو اشترى بالجارية التي قبض جارية أخرى كان ذلك جائزاً، وكان ذلك من المضاربة. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى جارية بألف، ولم يقل: هذه الألف بعينها، وقال: إنما أردت بذلك المضاربة، ولكن لم أسمها، القول قوله، وهي على المضاربة. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى جارية بألف درهم نسيئة سنة، تساوي ألف درهم، يريد بها المضاربة، كان ذلك جائزاً، وكانت الجارية على المضاربة. فإن قبض الجارية فاشترى بها ¬

_ (¬1) م: والقول. (¬2) م ف: وأخذ. (¬3) د م + له الجارية.

عبداً أو غير ذلك فهو من المضاربة. ولو أنه لم يشتر بالجارية، ولكنه اشترى بالألف التي في يديه كان ما اشترى لنفسه، ولا يكون على المضاربة، لأنه اشترى بالألف، وقد خرجت من المضاربة وإن كانت الألف عليه نسيئة، لأني لو أجزت له أن يشتري بها لاستقام له أن يشتري بألف، وأخذ عشر جواري، فتكون المضاربة (¬1) بألف، وهو يشتري بعشرة آلاف، وهذا لا يستقيم. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة، فاشترى بها حنطة أو شعيراً أو شيئاً مما يكال أو يوزن أو غير ذلك، ثم اشترى على ما في يديه عبداً بألف، وهو يريد أن يبيع بعض ما في يديه وينقد الألف، وفي يديه وفاء بالألف وفضل، فالذي اشترى لنفسه، ولا يكون على المضاربة، لأن الذي في يديه غير (¬2) ما اشترى به. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة، فاشترى بها حنطة، ثم اشترى جارية بكر حنطة وسط نسيئة شهر، وهو يريد أن يكون على المحضاربة، وفي يديه حنطة مثل ما اشترى به أو أكثر، فهذا جائز، وهذا على المضاربة. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى عليها جارية بخمسين ديناراً، وقبض الجارية، وصرف الدراهم، فنقدها البائع، فإن القياس في هذا أن يكون المضارب اشترى الجارية لنفسه، ويكون ضامناً. ولكن (¬3) أبا يوسف ومحمداً استحسنا في هذا أن يجعلاه من المضاربة على حالها، وقالا: لا يشبه الدنانير [و] الدراهم في هذا سواهما من (¬4) البيع. وكذلك (¬5) لو كانت المضاربة دنانير فاشترى عليها بدراهم ¬

_ (¬1) د - المضاربة؛ صح هـ. (¬2) ف: عسر. (¬3) م ف: ويحكى أن. والخط مختلط في م. والتصحيح من الكافي، 2/ 296 و. وانظر: المبسوط، 22/ 171. (¬4) م ف: ثمن (الثاء مهملة). (¬5) د + أن يجعلاه من المضاربة على حالها وقا.

وصرفها فنقد الدراهم جاز ذلك. وقال أبو يوسف ومحمد: ألا ترى لو أن رجلاً دفع إلى رجل ألف درهم مضاربة بالنصف، والدراهم التي دفع إليه ثمينة (¬1) لها فضل في الصرف، فاشترى المضارب جارية بألف درهم غَلّة (¬2) البلد، وصرف الدراهم بدنانير، ثم صرفها بدراهم غلة البلد، فأعطى ذلك البائع كان جائزاً، وينبغي في القياس أن لا يكون على المضاربة، ولكن ندع القياس في هذا ونستحسن، إذا كانت دراهم فاشترى بدراهم دونها، أو كانت دراهم فاشترى بدنانير (¬3)، أو كانت دنانير فاشترى (¬4) بدراهم أو بدنانير (¬5) دونها، أن نجيزها. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد في رجل دفع إلى رجل مائة دينار مضاربة، فاشترى بخمسين ديناراً منها جارية وقبضها، ثم اشترى لها بدراهم طعاماً تأكله، أو اشترى (¬6) بعشرين فَلْساً طعاماً تأكله، أن ذلك من المضاربة. وقالا: لا يشبه الدراهم والدنانير والفلوس ما سواها من الأشياء إذا كانت المضاربة التي في يديه دراهم أو دنانير أو فلوساً، ولا بأس بأن يشتري عليها بأحد هذه الثلاثة الأصناف، إن كانت دراهم فاشترى عليها بدنانير أو فلوس فهو جائز. ولو كان الذي (¬7) في يديه حنطة أو شعيراً أو شيئاً مما يكال أو يوزن أو بزاً أو رقيقاً وغير ذلك كان اشتراه بالمضاربة فصار ذلك في يديه (¬8)، ثم اشترى على الذي في يديه من ذلك جارية أو عبداً أو بزاً أو غير ذلك بدراهم أو بدنانير أو بصنف غير ذلك الصنف الذي في يديه، فهو باطل لا يجوز، ولا يكون على المضاربة، وإنما اشترى ذلك لنفسه، فيلزمه ذلك خاصة، ولا يلزم رب المال، ولا يكون على المضاربة. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. ¬

_ (¬1) د: ثمة؛ ف - ثمينه. (¬2) نوع من الدراهم كما تقدم. (¬3) د م ف + دراهم. والتصحيح من ب. (¬4) ف - بدنانير دراهم أو كانت دنانير فاشترى. (¬5) م - أو بدنانير؛ صح هـ. (¬6) ف: واشترى. (¬7) د م: للذي. (¬8) د - أو شعيرا أو شيئاً مما يكال أو يوزن أو بزا أو رقيقا وغير ذلك كان اشتراه بالمضاربة فصار ذلك في يديه.

وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة، فاشترى بها جارية تساوي ألفين، فقبضها، ولم ينقد الثمن حتى باع الجارية بألفي درهم، وقبض الدراهم، ثم هلكت الدراهم قبل أن ينقدها وهلكت الجارية جميعاً معاً في يديه، صار على رب المال أن يؤدي إلى المضارب مكان الألف الأولى التي (¬1) كان اشترى بها الجارية ألف درهم، فيدفعه المضارب إلى الذي باعه الجارية، ويغرم رب المال أيضاً ألف درهم وخمسمائة درهم، فيدفعها إلى المضارب، فيؤديها المضارب إلى المشتري الذي اشترى الجارية، ويغرم المضارب من ماله خمسمائة، فيدفعها إلى المشتري الآخر، لأنه كان له في ثمن الجارية الأخيرة ربح خمسمائة. فإن هلكت الدراهم الأولى، ثم هلكت الجارية والدراهم الثانية بعد ذلك، فإن على رب المال ثلاثة آلاف درهم، يدفعها إلى المضارب، فيدفع إلى الذي باع الجارية منها ألف درهم، ويدفع إلى الذي اشترى (¬2) الجارية ألفي درهم، ولا ضمان على المضارب في هذا الوجه، ولا يشبه هلاك المال الأول والثاني والجارية جميعاً معاً (¬3) هلاك المال الأول قبل هلاك الآخر، لأن المال إذا هلك كان ذلك المال ديناً في المال الثاني، فإذا دفعت من المال الثاني الألف التي صار فيه ديناً بقي من المال الثاني ألفا (¬4) درهم، ورأس مال رب المال ألف درهم، فلا ربح للمضارب في هذا، فإذا هلك فعلى رب المال جميع ما لحق في ذلك من الضمان، لأنه لا ربح للمضارب حتى يستوفي الدين ورأس المال. وإذا هلك المالان جميعاً معاً فقد هلك المال قبل أن يجب في (¬5) شيء منه دين، فهلك المال وللمضارب فيه ربح خمسمائة درهم، فيغرم رب المال ألفين وخمسمائة درهم، ويغرم المضارب خمسمائة ربحه، فإذا هلكت الجارية أولاً، ثم هلك المال الأول والآخر بعد ذلك جميعاً معاً، فإن على رب المال ألفي درهم وخمسمائة درهم، وعلى المضارب خمسمائة، وهذا وهلاك الجارية والمال سواء. وكذلك إن هلك المال الآخر، ثم هلكت الجارية، ثم هلك المال الأول. ¬

_ (¬1) د م ف: الذي. (¬2) د م: اشتراه. (¬3) د م ف: مع. (¬4) د م: ألف. (¬5) د م: فيه.

وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى عليها جارية بخمسة أَكْرَار من حنطة وسط، فقبض الجارية، وهلكت الدراهم عند المضارب، فإن الجارية التي اشترى المضارب لنفسه، ولا يكون لرب المال على المضارب ثمنها، ولا يكون على رب المال من ثمنها قليل ولا كثير، ولا ضمان على المضارب في ألف المضاربة، لأنه لم يصرفها في شيء حتى ضاعت الدراهم. ولا يكون اشتراء (¬1) الجارية على المضاربة غصباً منه للمضاربة، لأنه لم يصرفها في شيء حتى ضاعت الدراهم. وكذلك لو اشترى الجارية بشيء مما يكال أو يوزن أو بشيء من العروض بعينه أو بشيء من الثياب بعينه أو بغير عينه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى جارية عليها بخمسين ديناراً، فقبض الجارية، ولم ينقد الدنانير حتى ضاعت الدراهم المضاربة، فإن المضارب يرجع على رب المال بخمسين ديناراً، فينقدها في ثمن الجارية، فإن باع الجارية بعد ذلك بثلاثة آلاف درهم أو أكثر أو أقل استوفى رب المال من ذلك رأس ماله ألف درهم وخمسين ديناراً، وما بقي فهو بينهما على ما اشترطا من الربح. ولا يشبه اشتراء المضارب الجارية بالدنانير على الألف الدراهم المضاربة اشتراءه الجارية بالحنطة ونحوها من الكيل والوزن، وهما في القياس سواء، غير أنا نستحسن ذلك في الدنانير والدراهم؛ ألا ترى أن المضاربة لا تكون إلا بالدنانير والدراهم (¬2)، ولا تكون بغير ذلك من الكيل والوزن، فلذلك اختلفا. وإذا دفع (¬3) الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة، والدراهم (¬4) نَقْد بيت المال لها فضل في الصرف على غَلّة (¬5) البلد، فاشترى المضارب جارية بألف درهم غَلّة على الألف من المضاربة، فلم ينقد الثمن حتى هلكت ¬

_ (¬1) د م: اشترى. (¬2) د + ولا تكون إلا بالدنانير والدراهم. (¬3) ف + وإذا دفع. (¬4) ف: والدنانير. (¬5) نوع من الدراهم كما تقدم.

المضاربة، فإن المضارب يرجع على رب المال بألف درهم غَلّة، فيدفعها إلى البائع في ثمن الجارية، ويأخذ الجارية، فتكون على المضاربة. فإذا باعها المضارب استوفى رب المال من ثمنها رأس ماله ألفي (¬1) درهم، ألف درهم نقد بيت المال، وألف غلة، وما بقي فهو بينهما على ما اشترطا من الربح، وهذا والدنانير سواء، ولا يشبه هذا والدنانير ما سواهما من الكيل والوزن والعدد والثياب بعينها كانت أو بغير أعيانها. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى بها جارية تساوي ألفاً، فقبض الجارية، ولم ينقد الدراهم حتى باع الجارية بألفي درهم، فقبض الألفين، ولم يدفع الجارية حتى اشترى بالألفين جارية تساوي ألفين، فقبضها، ولم يدفع الدراهم، فهلكت الدراهم كلها والجارية جميعاً معاً، فإن [على] المضارب (¬2) أن يؤدي إلى الذي باعه الجارية الأولى ألف درهم، وعليه للذي اشترى منه الجارية بألفين ونقده (¬3) الألفين أن يرد الألفين، لأنه لم يسلم له ما باعه، فيغرم له ألفي درهم، وعليه للذي باعه الجارية الآخرة ثمن الجارية الآخرة، لأنه قبضها ولم يؤد ثمنها، وذلك ألفا درهم، فيغرم له ألفي درهم، فيكون جميع ما يغرم المضارب لهم جميعاً خمسة آلاف درهم، ويرجع على رب المال من ذلك بأربعة آلاف درهم، ويغرم من ماله ألف درهم، لأن الألف الأولى التي اشترى بها الجارية الأولى لم يكن فيها ربح، فيغرم تلك الألف كلها على رب المال، وأما الألفين التي باع بها (¬4) الجارية وقبضها من المشتري فقد كان رأس مال رب المال فيها ألف درهم، وألف منها ربح بين رب المال والمضارب نصفين، فيغرم رب (¬5) المال منهما ألفاً وخمسمائة، ويغرم المضارب منهما خمسمائة درهم. وكذلك الألفان اللتان اشترى بهما المضارب الجارية الآخرة كان لرب ¬

_ (¬1) م ف: وبألفي. والتصحيح من ب. (¬2) ف: للمضارب. (¬3) م ف: وهذه. (¬4) د: بهما. (¬5) د - مال رب المال فيها ألف درهم وألف منها ربح بين رب المال والمضارب نصفين فيغرم رب.

المال منها ألف وخمسمائة، وللمضارب منها خمسمائة، فيغرم كل واحد منهما على قدر ما كان له فيها (¬1). وعلى هذا جميع ما وصفت لك من هذا الوجه. فإن كان هذا المال والجاريتان لم يهلك منهما شيء حتى هلكت الألف الأولى، ثم هلك ما بقي بعد ذلك جميعاً معاً، فإن المضارب يضمن لهما (¬2) خمسة آلاف درهم على ما وصفت لك، ويرجع بها كلها على رب المال، لأن الألف الأولى حين هلكت صارت (¬3) ديناً في المضاربة الأولى (¬4) والمضاربة الآخرة، وقيمتها (¬5) ألفان، فلما كان في المضاربة دين ألف درهم، ورأس المال في المضاربة ألف درهم، صارت المضاربة وهي الجارية الآخرة وقيمتها ألفان لا ربح فيها، فصار جميع ما لحق من ذلك على رب المال، لأنه لا ربح للمضارب حتى يقضي الدين الذي لحق، ويستوفي رب المال رأس ماله. فإن كانت الألف الأولى لم تهلك أولاً، ولكن هلكت الجارية الآخرة أولاً، ثم هلك ما بقي بعد ذلك جميعاً (¬6)، فإن على المضارب خمسة آلاف درهم على ما وصفت لك، ويرجع منها على رب المال بأربعة آلاف درهم، ألف (¬7) وخمسمائة من الألفين التي وجبت عليه من قبل الجارية الآخرة، وألف وخمسمائة من قبل الألفين التي وجبت عليه من قبل الجارية الأولى التي كان المضارب باع الجارية الأولى بها، وألف من قبل رأس مال الأول. وهذا لا يشبه هلاك رأس مال الأول أولاً، لأن الجارية الآخرة حين هلكت من هذا الوجه لم يلحق بهلاكها دين، وأما الألف الأولى فإذا هلكت أولاً لحق بهلاكها دين في المضاربة، وذلك (¬8) ألف درهم، فصار الدين ألفاً، ورأس المال ألفاً، فلا (¬9) فضل في المضاربة إذا هلكت الألف قبل هلاك ما بقي. فإن لم يهلك من ذلك قليل ولا كثير حتى هلكت الجارية الأولى (¬10) أولاً، ثم هلك ما ¬

_ (¬1) د: فيهما. (¬2) ف: لها. (¬3) د م ف: صار. (¬4) د م - الأولى. (¬5) م: وقيمتهما. (¬6) د - جميعاً. (¬7) ف - ألف. (¬8) د: وخلف؛ م: وذلف. (¬9) ف: بلا. (¬10) ف - الأولى.

بقي بعد ذلك جميعاً معاً، فهذا والأول سواء، يغرم المضارب خمسة آلاف على ما وصفت لك، يرجع من ذلك على رب المال بأربعة آلاف درهم. فإن لم يهلك من ذلك قليل ولا كثير حتى هلكت الألفان، ثم هلك ما بقي بعد ذلك جميعاً معاً، فإن هذا والأول سواء. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى المضارب بها جارية تساوي ألفاً، فقبضها، ولم ينقد الدراهم حتى اشترى بالجارية جارية (¬1) تساوي ألفين، فقبضها، ولم يدفع الجارية حى ماتت الجاريتان، وهلكت الدراهم جميعاً معاً، فإن على المضارب ثلاثة آلاف درهم، ألف للذي باع الجارية الأولى، وألفا درهم للذي باع الجارية الآخرة، لأن المضارب إنما يغرم للذي باع الجارية الآخرة قيمة الجارية الآخرة (¬2)، لأنه لم يسلم الجارية الأولى التي باع، فعليه أن يرد الجارية التي أخذ منه. فإذا هلك قبل أن يردها عليه ضمن له قيمتها، فيغرم المضارب ثلاثة آلاف درهم للذي باعه الجارية، والألفين للذي باع الآخرة، ويرجع المضارب على رب المال من ذلك بألفي درهم وخمسمائة درهم، ألف من ذلك رأس المال الأول الذي اشترى به الجارية الأولى، وألف (¬3) وخمسمائة حصة رب المال من الجارية الآخرة، لأن رب المال كان له من الجارية الآخرة ثلاثة أرباعها، ربعان (¬4) من ذلك حصة رأس المال، وربع حصة ربحه، وإنما وقع الغرم عليهما في قيمة الجارية، ولم يقع عليهما في الثمن، فإنما يحسب ما لهما من قيمة الجارية، فيضمنان على قدر ذلك، ولا يضمنان على الثمن، ولو كانا إنما يضمنان ثمن الجارية الآخرة لم يكن على المضارب في ذلك ضمان، إلا أن يكون في الثمن ربح، فيغرم المضارب قدر ربحه من الثمن، فإذا غرم المضارب للبائعين ثلاثة آلاف درهم، ألفاً للأول وألفين للآخر، رجع من ذلك على رب المال بألفي درهم وخمسمائة (¬5)، وعلى هذا جميع ما وصفت لك من هذا الوجه. ¬

_ (¬1) م - جارية؛ صح هـ. (¬2) د - الآخرة. (¬3) د - وألف. (¬4) ف: ربعها؛ ف: بقي (مهملة). (¬5) ف + درهم.

فإن لم يهلك من ذلك قليل ولا كثير حتى هلكت الألف الأولى أولاً، ثم هلكت الجاريتان جميعاً معاً، فإن على المضارب للبائعين ثلاثة آلاف درهم، ألف منها للبائع الأول، وألفا درهم للبائع الآخر، ويرجع المضارب بذلك كله على رب المال، لأن الألف الأولى حيث هلكت وجب في المضاربة دين ألف درهم، ورأس المال الأول ألف درهم، والجارية الآخرة التي هي المضاربة قيمتها ألفا درهم، فصارت قبل أن تهلك لا ربح للمضارب فيها، فلما أن هلكت الجاريتان جميعاً معاً ولا ربح في واحد منهما صار جميع ما لحق المضارب من ذلك كله على رب المال، لأن المضارب إنما يغرم على قدر ما يكون له من الربح. فإذا لم يكن له ربح ضمن رب المال جميع ما لحق المضارب من قبل البائعين جميعاً، وذلك ثلاثة آلاف درهم. فإن لم يهلك من ذلك قليل ولا كثير حتى هلكت الجارية الأخيرة أولاً، ثم هلكت الجارية الأولى والمال الأول جميعاً معاً، فإن على المضارب ثلاثة آلاف درهم، ألف منها للبائع الأول، وألفان منها للبائع الآخر قيمة جاريته، ويرجع المضارب على رب المال من ذلك بألفي درهم وخمسمائة درهم، لأن الجارية الأخيرة حين هلكت أولاً لم يجب عليه بهلاكها دين، فلما هلكت الجارية الأولى والمال جميعاً لحق الدين بهلاكها (¬1)، فصار هذا بمنزلة هلاك ذلك كله لو هلك كله جميعاً. فإن كانت الجارية الأخيرة لم تهلك أولاً، ولكن الجارية الأولى هلكت أولاً، ثم هلكت الجارية الأخيرة والمال جميعاً معاً، فإن هذا والأول سواء، لأن الجارية الأولى حين هلكت انتقض البيع في الجارية الأخيرة بهلاك الأولى، ولم يلحقهم بهلاكهم دين، ولكن يجب على المضارب أن يدفع المال إلى الذي اشترى منه الجارية الأولى، ويدفع الجارية الأخيرة إلى الذي اشتراها منه، فلما هلك المال الأول والجارية الأخيرة جميعاً معاً أوجب، (¬2) على رب المال ضمان تلك الألف الأولى كلها، لأنه لا ربح فيها، وقيمة ما كان له (¬3) ¬

_ (¬1) د + دين فلما هلكت الجارية الأولى والمال جميعاً لحق الدين بهلاكها. (¬2) الزيادة من ب. (¬3) م - له؛ صح هـ.

في الجارية الأخيرة، وذلك ألف وخمسمائة، ويكون على المضارب من ذلك خمسمائة قيمة ما كان له في الجارية الأخيرة، لأن الجارية الأخيرة كان فيها ربح ألف درهم، فهو (¬1) بينهما نصفان. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى بها جارية تساوي ألفاً، وقبضها، ولم ينقد الدراهم، ثم اشترى بالجارية عبداً يساوي ألفين، وقبضه، ولم يدفع (¬2) الجارية، ثم اشترى بالعبد جِرَابَ قُوهِي (¬3) يساوي ثلاثة آلاف درهم، وقبضه، ولم يدفع العبد، فهلكت هذه الأشياء كلها ورأس المال الأول في يدي المضارب جميعاً معاً، فإن على المضارب ستة آلاف درهم، ألف منها رأس المال الأول للذي باعه الجارية، وألفا درهم منها قيمة العبد الذي اشترى للذي باعه العبد، وثلاثة آلاف منها قيمة الجِرَاب القُوهِي للذي باعه الجراب القوهي، ويرجع المضارب على رب المال الذي غرم بأربعة آلاف درهم وخمسمائة، ألف منها رأس المال الأول، وألف وخمسمائة من قيمة العبد، لأن رب المال كان له من العبد ثلاثة أرباعه بقدر رأس ماله وحصته، وألفان منها من قيمة الجراب، لأن رب المال كان له من الجراب ثلثاه، ولأن رأس ماله في الجراب ألف درهم، والربح ألفا درهم بينهما نصفان، فصار لرب المال من الجراب ثلثاه، فإذا هلك غرم ثلثي قيمة ذلك، ألفا درهم، فيرجع المضارب على رب المال من الستة آلاف التي غرم بأربعة آلاف وخمسمائة، ويغرم المضارب من ماله ألف درهم وخمسمائة. فإن لم يهلك (¬4) شيء من ذلك حتى هلك رأس ماله الأول أولاً، ثم هلكت الأشياء الباقية بعد ذلك جميعاً، فإن على المضارب ستة آلاف درهم، يدفعها على ما وصفت لك، ويرجع على رب المال من ذلك بخمسة آلاف وخمسمائة درهم، ويكون عليه في ماله خاصة من ذلك خمسمائة درهم، لأن الألف الأولى حين هلكت لحق في المضاربة دين ألف درهم (¬5)، فصار رأس المال ¬

_ (¬1) د: هو. (¬2) د م ف: يدفعه. (¬3) نوع من الثياب، تقدم مراراً. (¬4) م: لم يملك. (¬5) د - درهم.

في المضاربة (¬1) ألفي درهم، ألف منها رأس المال الذي كان رب المال دفع إلى المضارب، والألف درهم دين لحق المضاربة وربَّ المال حين هلكت الألف الأولى، فلا ربح للمضارب في المضاربة إلا بعدما يدفع المضاربةَ ألفي درهم، ألف رأس ماله، وألف دين لحق المضاربة، فصار رأس المال في المضاربة ألفي درهم، ولا ربح في الألف الأولى التي كان المضارب اشترى بها جارية فيغرمها (¬2) رب المال كلها، ولا ربح في الغلام الذي كانت قيمته ألفي درهم، لأن رأس المال صار ألفي درهم حين هلكت الألف قبل هلاك ما بقي، فيغرم قيمة الغلام كلها رب المال، لأنه لا ربح فيه. وأما الجِرَاب القُوهِي فإنه كان فيه رأس مال المضاربة، وهو ألفا درهم، فيغرم هذه الألفين على رب المال، لأنه لا ربح فيها، وبقيت ألف درهم من قيمة الجراب ربح بين رب المال والمضارب، فلما هلك الجراب وجب ضمان هذه الألف بينهما نصفين، نصف من ذلك على رب المال، ونصف على المضارب، فيغرم رب المال خمسة آلاف وخمسمائة، ويغرم المضارب في ماله خمسمائة درهم. فإن لم تهلك الألف الأولى، ولكن هلك الجراب القوهي أولاً، ثم هلك ما بقي من بعد ذلك جميعاً معاً، فإن على المضارب ستة آلاف درهم، يغرمها على ما وصفت لك (¬3) للذي باعوه، ويرجع من ذلك على رب المال بأربعة (¬4) آلاف درهم وخمسمائة درهم، ويغرم في ماله خاصة ألفاً وخمسمائة، لأن الجراب حين هلك لم يلحق بهلاكه دين، فلما هلكت الأشياء الباقية بعد ذلك صار كله كأنه هلك جميعاً معاً، وليعس فيه رأس مال غير ألف درهم، فصار غرم الألف الأولى على رب المال، لأنه لا ربح فيها، وصار غرم قيمة العبد بينهما على أربعة أسهم، ثلاثة أرباع على رب المال، وربع على المضارب، فصار غرم قيمة الجراب القوهي على المضارب وعلى رب المال على ثلاثة أسهم، الثلثان من ذلك على رب المال، لأن رأس ماله في ذلك ألف درهم، وحصته من الربح ألف درهم، ¬

_ (¬1) م: في المضار. (¬2) د: فثنى بها؛ م ف: فبقي بها. والعبارة مهملة كلها أو معظمها في النسخ. (¬3) د - لك. (¬4) د م ف: أربعة.

وحصة المضارب من الربح ألف درهم. فيغرم المضارب من الربح الثلث من قيمة الجراب، لأن المضارب ورب المال لم يلحقهما دين حتى هلك المال كله، فلما لم يلحق دين حتى هلك المال كله كان رأس المال في كل مال يغرمونه ألف درهم، وما بقي فهو ربح بينهما نصفين، فيكون الغرم عليهما على قدر ذلك. ولو لم يهلك الجراب أولاً ولكن العبد هلك أولاً، ثم هلك ما بقي بعد ذلك جميعاً معاً، فإن هذا والأول سواء، يغرم المضارب للذي باعوه ستة آلاف درهم، ويرجع على رب المال بأربعة آلاف درهم وخمسمائة، ويكون على المضارب في ماله خاصة من ذلك ألف درهم وخمسمائة درهم، لأن العبد حين هلك لم يجب بهلاكه دين على رب المال، ولا في المضاربة، إنما وجب على المضارب أن يرد الجراب إلى صاحبه. ولو لم يهلك العبد، ولكن الجارية (¬1) هلكت أولاً، ثم هلكت الأشياء جميعاً معاً، فإن على المضارب ستة آلاف درهم للذي باعوه على ما وصفت لك، يرجع على رب المال من ذلك بأربعة آلاف وسبعمائة وخمسين، ويكون على المضارب في ماله خاصة ألف ومائتان وخمسون، لأن الجارية حين هلكت أولاً وجب على المضارب قيمة العبد، لأنه أتلفه حين باعه بالجراب، وقيمة العبد ألفا درهم، فلما وجب قيمة العبد على المضارب كان في القيمة فضل ألف درهم على رأس المال، وكان ذلك ربحاً بين المضارب وبين رب المال نصفين، فصار على رب المال من ضمان هذه الألفين ثلاثة أرباعها ألف وخمسمائة، وعلى المضارب في ماله خاصة خمسمائة، فلما وجبت على المضارب غرم خمسمائة من قيمة العبد صار له ربع الجراب، لأن الجراب اشتري بالعبد، فلما هلك بعد ذلك كلها هلك الجراب، وللمضارب ربعها، فغرم ربع قيمته، وذلك سبعمائة وخمسون، فصار عليه من الغرم في ماله خاصة ألف ومائتان وخمسون، وغرم رب المال الألف الأولى التي اشترى بها الجارية، وألف وخمسمائة ثلاثة أرباع قيمته، وصار رأس ماله في ثلاثة أرباع قيمة الجراب ألفين ¬

_ (¬1) د + ولكن.

وخمسمائة، فرأس ماله أكثر من ثلاثة أرباع قيمة الجراب كلها، لأنه لا ربح فيها، فجميع ما يغرم رب المال أربعة آلاف وسبعمائة وخمسون، وإنما صار للمضارب ربع الجراب لأن عليه ربع قيمة العبد الذي اشترى به الجراب؛ ألا ترى أنه لو لم يهلك شيء غير الجارية فضمن (¬1) الذي باع العبد المضارب قيمة عبده، فأداها إليه، وهي ألفا درهم، رجع على رب المال بألف درهم وخمسمائة، فإذا أخذ ذلك من رب المال كان ذلك له. فإن باع الجراب بعد ذلك بثلاثة آلاف درهم أخذ ربعها، لأنه حين أدى ربع قيمة العبد الذي اشترى به الجراب، فصار له ربع الجراب، فيكون له ربع ثمنه، فينظر في ثلاثة أرباع ثمن الجراب، فيستوفي منها رب المال رأس ماله الأول، والذي أدى، وذلك ألفان وخمسمائة، فيكون ثلاثة أرباع قيمة الجراب أقل من رأس ماله، فلا يكون للمضارب في ذلك ربح. وكذلك إذا هلك الجراب قبل أن يباع كان غرمه عليهما على قدر مالهما. وعلى هذا جميع ما وصفت لك من هذا الباب. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى بها جارية تساوي ألفاً، فقبضها، ثم اشترى بالجارية جاريتين (¬2)، تساوي كل واحدة منهما ألفاً، فقبضهما، ثم هلكت الجواري ورأس المال الأول في يد المضارب جميعاً، فإن على المضارب ثلاثة آلاف درهم، ألف منها للذي باعه الجارية الأولى، وألفان منها قيمة الجاريتين الأخريين للذي اشترى منه الجاريتين، ويرجع بذلك المضارب كله على رب المال، لأن الجاريتين قيمة كل واحدة منهما ألف درهم، فلا ربح في واحدة منهما، لأن المضارب لو أعتق واحدة منهما أو أعتقهما (¬3) جميعاً قبل أن يهلكا لم يجز عتقه في شيء منهما. وكذلك إن هلك من هذا شيء فهو وهلاكه سواء. ولو لم يكن المضارب اشترى بالجارية الأولى الجاريتين، ولكنه اشترى بها جارية واحدة تساوي ألفين، فقبضها، فهلكت الجاريتان، ورأس المال الأول في يدي ¬

_ (¬1) م ف: يضمن. (¬2) د م: الجاريتين. (¬3) د: وأعتقهما.

المضارب جميعاً معاً، فإن على المضارب ثلاثة آلاف درهم للذي باعه الجارية الأولى، وألفين قيمة الجارية الأخيرة للذي باعه الجارية الأخيرة، ويرجع على رب المال من ذلك بألفين وخمسمائة، ألف منها رأس المال، وألف وخمسمائة من قيمة الجارية الأخيرة، لأن الجارية الأخيرة فيها (¬1) ربح ألف درهم، يغرمها بينهما نصفين. ولا تشبه الجارية الواحدة في هذه الجاريتين. ألا ترى أن المضارب لو أعتق الجارية الأخيرة قبل أن تهلك جاز عتقه في ربعها، فلذلك كان عليه ربع قيمتها في ماله، فإن هلكت الجارية الأخيرة أو الجارية الأولى أولاً (¬2) ثم هلك ما بقي (¬3) جميعاً معاً كان هذا والباب الأول سواء. فإن هلكت الألف الأولى أولاً ثم هلك ما بقي بعد ذلك جميعاً معاً، كان على المضارب ثلاثة آلاف درهم، يرجع بها كلها على رب المال، لأن الألف الأولى حين هلكت لحق رب المال والمضاربة دين ألف درهم، فصارت (¬4) الأخيرة لا ربح فيها، فوجب غرم قيمتها كلها على رب المال. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى بها جارية تساوي ألفين (¬5)، وقبض الجارية، ولم يدفع الثمن (¬6)، ثم باعها بألفين، وقبضها، ثم (¬7) اشترى بالألفين والألف الأولى وهي في يديه جارية تساوي أربعة آلاف درهم، وقبضها، ثم دفع رأس المال الأول إلى صاحبه، ودفع الألفين إلى الذي اشترى منه الجارية الأخيرة، فإن عليه في ماله غرم ألف درهم للذي اشترى منه الجارية، لأنه اشتراها بثلاثة آلاف درهم، ألفان منها في المضاربة، وهما الألفان الأخريان، وأما الألف الأولى فإن ثلث الجارية التي اشتراها لنفسه خاصة، لأنه اشترى بها بعدما خرجت من المضاربة، فيكون له ثلث الجارية الأخيرة، لأنه اشتراها (¬8)، ويكون ثلثا ¬

_ (¬1) ف: منها. (¬2) د - أولا. (¬3) ف + بعد ذلك. (¬4) د م ف: فصار. (¬5) م: أربعة آلاف؛ صح هـ. (¬6) ف - وقبض الجارية ولم يدفع الثمن. (¬7) م - باعها بألفين وقبضها ثم؛ صح هـ. (¬8) د + بها بعدما خرجت من المضاربة فيكون له ثلث الجارية الأخيرة لأنه اشتراها.

الجارية الأخيرة على المضاربة. فإن لم ينقد الألف حتى هلكت وباع الجارية الأخيرة بستة آلاف درهم كان له من الثمن ألفا درهم، ويكون لرب المال أربعة آلاف درهم، وهي المضاربة، فيؤدي المضارب منها ألف درهم إلى الذي اشترى منه الجارية الأولى، لأنه دين لحق المضاربة، ثم يأخذ رب المال رأس ماله من الثلاثة آلاف الباقية، وهو ألف درهم، ويبقى ألفا درهم، فهو على ما اشترطا من الربح. فإن كان المضارب لم ينقد الألفين التي اشترى بهما الجارية الأخيرة حتى ضاعت، والمسألة على حالها (¬1)، فإن المضارب يأخذ من الستة آلاف ثمن الجارية ثلثها، وذلك ألفا درهم، فيكون له خاصة، وتبقى أربعة آلاف درهم، وهي المضاربة، يؤدي المضارب منها جميع ما لحق من الدين، وهو ثلاثة آلاف درهم، ويبقى ألف درهم، وهو رأس مال رب المال، ولا ربح للمضارب في هذا، لأن المضاربة لم يبق منها شيء بعد الذي لحق من الدين وبعد رأس مال رب المال، وإن كان بقي منها شيء كان بينهما نصفين على ما اشترطا من الربح. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى بها وباع حتى صارت (¬2) في يديه ألفي درهم، فاشترى بها جارية، وقبضها، ثم باعها بأربعة آلاف درهم نسيئة سنة، وقيمتها يوم باع ألف درهم أو أكثر من ذلك أو أقل، فدفعها إلى المشتري، ثم هلكت الألفان الأوليان قبل أن ينقد المضارب الذي باعه الجارية، فإن البائع يرجع على المضارب بثمن الجارية، وهو ألفا درهم، ويرجع المضارب على رب المال من هاتين الألفين بألف وخمسمائة، فإذا خرجت (¬3) الأربعة آلاف (¬4) كان للمضارب ربعها من غير المضاربة، لأن المضارب حين نقد ثمن الجارية صار له ربع ثمنها. ألا ترى أنها لو بيعت حتى نقد المضارب ربع ثمنها من ماله كان له ربعها، فكذلك يكون له وهو ألف درهم، وتبقى بعد ذلك ثلاثة ¬

_ (¬1) ف: بحالها. (¬2) دم ف: صار. (¬3) ولفظ ب: استوفى. (¬4) م + الذي؛ ف + درهم الذي. والتصحيح من الكافي، 2/ 298 ظ.

آلاف درهم، ويكون لرب المال رأس ماله ألفا درهم وخمسمائة درهم، لأنه أعطى المضارب الألف (¬1)، ثم أعطاه بعد ذلك ألفا وخمسمائة، فهذا كله رأس المال في المضاربة، فيستوفي ذلك رب المال قبل أن يقتسما الربح، فإذا استوفى رب المال ألفين وخمسمائة بقي بعد ذلك ألف وخمسمائة، فهو بينهما نصفان على ما اشترطا من الربح. وكذلك لو كان غرم الألفين قبل بيع الجارية ثم بيعت الجارية بعد ذلك كان هذا والباب الأول سواء. وهذا يبين لك ما قبله من هذه الوجوه كلها. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم، فاشترى بها جارية قيمتها أكثر من ألف درهم، ونقد الدراهم، ثم باعها بجارية تساوي ألف درهم، فقبضها ثم هلكت الجاريتان جميعاً، فإن على المضارب قيمة الجارية الأخيرة، يرجع بها كلها على رب المال، لأنه لا فضل في قيمتها. ولا ينظر في هذا إلى ما اشتريت به الجارية الأولى وإن كان للمضارب فيما اشترى به الجارية فضل، لأنه إنما تلزمه قيمة الجارية التي لا فضل فيها. ولو أن رجلاً دفع (¬2) إلى رجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى بها وباع حتى صارت ألفي درهم، ثم اشترى بها جارية قيمتها أقل من ألفين، فقبضها، فهلك ذلك كله عنده جميعاً معاً، لزم المضارب لرب الجارية ألفا درهم، يرجع المضارب على رب المال بثلاثة أرباعها. ولا ينظر في هذا إلى قيمة الجارية قلت أو كثرت، لأن المضارب إنما يلزمه الثمن، ولا تلزمه قيمة الجارية، وهذا يبين لك ما قبله من الوجوه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فاشترى بها وباع حتى صارت أربعة آلاف، ألفان منها دين وألفان منها عين، في يدي المضارب، فاشترى المضارب بهاتين الألفين جارية، فلم يقبضها حتى هلكت الألفان، فإن على المضارب للبائع ألفي درهم، يؤديها إليه، ويرجع على رب المال بثلاثة أرباعها، لأن رأس مال رب المال في هاتين الألفين ¬

_ (¬1) م: والألف. (¬2) م - دفع؛ صح هـ.

ألف درهم. ألا ترى أن الألفين الدين (¬1) لو تَوَتَا (¬2) كان رأس مال رب المال كله في الألفين العين، فلذلك رجع المضارب على رب المال بألف وخمسمائة، فإذا رجع المضارب على رب المال بألف وخمسمائة، فأدى إلى البائع ألفي درهم، وأخذ المضارب الجارية من البائع، كان له ربعها من غير المضاربة، لأنه أدى ربع ثمنها. فإن هلكت الجارية في يدي المضارب ثم خرجت الألفان الدين (¬3) بعد ذلك لم يكن للمضارب فيها قليل ولا كثير، وكانت كلها لرب المال، لأنهما من المضاربة، ورأس مال رب المال في المضاربة جميع ما أعطى المضارب، وهو ألفان وخمسمائة، فرأس ماله أكثر مما بقي، فلا ربح للمضارب، ولا يرجع المضارب في هاتين الألفين بما نقد في ثمن الجارية، لأن الذي نقد من ثمن الجارية صار له من الجارية بما نقد من ثمنها ربعها، وخرج ذلك الربع من المضاربة، فلما خرج ذلك خرج ما نقد فيه المضارب من المضاربة. ألا ترى أن الجارية لو لم تهلك، وخرج الدين، وباع المضارب الجارية بعشرة آلاف درهم، كان له ربع ثمن الجارية كله، لا يدخل في المضاربة، ثم يضم ما بقي من ثمن الجارية، والألفين (¬4) الدين (¬5) التي خرج كلها جميعاً، فيستوفي من ذلك رأس ماله ألفين وخمسمائة، وهو جميع ما أعطاه المضارب، وما بقي فهو بين المضارب وبين رب المال على ما اشترطا من الربح. أولا ترى أن الذي نقد المضارب (¬6) لا يكون في المضاربة، وأنه (¬7) يأخذه وربحه من غير المضاربة، فكذلك إذا هلك لم يدخل في المضاربة. وأما (¬8) مال رب المال الذي نقد فإنه يدخل في المضاربة، وكل ما (¬9) يدخل في المضاربة فإنه يحسب فيما بقي من المضاربة. وعلى هذا جميع ما وصفت لك. ¬

_ (¬1) د: اللذين؛ ف - الدين. (¬2) أي: هلكتا، كما تقدم. (¬3) د: اللذين؛ ف: اللذان. (¬4) د م: ولا الألفين. (¬5) د: اللدين. (¬6) د + وما بقي. (¬7) د: فإنه. (¬8) م ف: فأما. (¬9) ف: مال.

باب المضارب يأمر رب المال أن يستدين على المضاربة

باب المضارب يأمر رب المال أن يستدين على المضاربة وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة، على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، وأمره أن يستدين على رب المال، فهذا جائز، فإن اشترى المضارب وباع المال فربح فالربح على ما اشترطا، والوضيعة على المال، ليس على المضارب من ذلك قليل ولا كثير. فإن اشترى المضارب بالمضاربة غلاماً، ثم اشترى على المضاربة جارية بألف درهم ديناً، وقبضها، ثم باعها بألفي درهم، فقبض المال، ثم هلك ما قبض، ولم يدفع ما باع وما كان عنده من المضاربة، فإن المضارب يلحقه نصفه في الثمن الذي اشترى، ويكون على رب المال نصف ثمنها. ولو لم يهلك ثمن الجارية التي كانت بينهما نصفين يؤديان منه ثمن الجارية. وما بقي من الربح فهو بينهما نصفان. فإن لم يبع المضارب الجارية التي اشترى بالدين على المضاربة حتى أعتقها المضارب ولا فضل فيها عن رأس المال فعتقه جائز في نصفها، وهو ضامن إن كان موسراً لرب المال نصف قيمة الجارية. ولا يشبه ما اشترى المضارب بدين على المضاربة ما (¬1) اشترى بالمضاربة، لأن ما اشترى من المضاربة إنما هو لرب المال، إلا أن يكون فيه فضل، فيكون للمضارب الفضل في حصته من الربح، فأما إذا اشترى شيئاً على المضاربة فهو بينهما نصفين، وضمانه عليهما نصفين. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة، وأمره أن يستدين على المال، على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما، للمضارب ثلثاه، ولرب المال ثلثه، فاشترى المضارب بالألف المضاربة جارية تساوي ألفين، ثم اشترى على المضاربة غلاماً بألف درهم دين يساوي ألفين، فباعهما جميعاً بأربعة آلاف، فإن ثمن الجارية يستوفي منه رب المال رأس ماله، وما بقي فهو بينهما على ما اشترطا من الربح، وأما ثمن الغلام فإنه يؤدي منه الثمن الذي اشترى به المضارب إلى البائع، وما بقي من الربح فهو بينهما نصفان، ولا ¬

_ (¬1) د م ف: وما.

يكون الربح على ما اشترطا من الثلث والثلثين، لأن العبد حين اشتراه المضارب كان بين المضارب ورب المال نصفين، فكان ثمنه عليهما نصفين، ولا يكون لأحدهما فضل ربح في هذا على صاحبه وإن اشترطا ذلك، لأني لو أجزت ذلك جعلت لأحدهما ربح ما ضمن صاحبه، فهذا لا يستقيم. ألا ترى أن رجلين لو اشتركا بغير مال على أن يشتريا بالدين ويبيعا، فما رزقهما الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما لأحدهما ثلثه وللآخر ثلثاه، فاشتريا بالدين وباعا فربحا، كان الربح بينهما نصفين، ولا يكون لأحدهما من الربح فضل إلا حصة ما ضمن من الدين، فكذلك المضارب إذا أمره رب المال أن يستدين على المال فاستدان، فإن جميع ما استدان بينهما نصفين، وضمانه عليهما نصفين، فكذلك ربحه يكون بينهما نصفين. فإن كان رب المال أمر المضارب حين دفع إليه المال مضاربة أن يستدين على مال المضاربة، على أن ما اشترى بالدين من شيء فلرب المال ثلثه وللمضارب ثلثاه، وعلى أن ما رزق الله تعالى في مال المضاربة من شيء فهو بينهما نصفان، فاشترى المضارب بالألف المضاربة جارية تساوي ألفين، واشترى على المضاربة جارية بألف (¬1) ديناً (¬2) تساوي ألفين، فباعهما جميعاً بأربعة آلاف درهم، فإن ثمن الجارية التي اشترى بالمضاربة بينهما، يأخذ رب المال من ذلك رأس ماله، وما بقي فهو بينهما على ما اشترطا. وأما ثمن الجارية التي اشتريت بالدين على المضاربة فإنه يؤدي إلى الذي باعها بهذه الألف درهم (¬3)، وما بقي فهو بين المضارب وبين رب المال، للمضارب ثلثا الربح ولرب المال ثلثه، ولا يلتفت إلى ما اشترطا من الربح بينهما نصفين، لأن ضمان ما اشترى المضارب بالدين عليهما، على المضارب (¬4) ثلثاه وعلى رب المال ثلثه، فكذلك (¬5) يكون الربح بينهما على ما كان عليهما من الضمان، ولا يلتفت إلى ما اشترطا من الربح، إنما ينظر في هذا إلى ما يلزمهما من ضمان ما اشترى المضارب، فيكون الربح بينهما على قدر ما لزمهما من الضمان، وإن اشترطا الربح على ذلك فاشتراطهما باطل. ¬

_ (¬1) د - بألف، صح هـ. (¬2) د - دينا؛ م ف: دينار. وانظر تتمة العبارة. (¬3) د - درهم. (¬4) د م ف: المضاربة. (¬5) د: فلذلك.

وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة، على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فلرب المال ثلثاه وللمضارب ثلثه، فأمره رب المال أن يستدين على المال، فاشترى المضارب بألف المضاربة جارية تساوي ألفين، ثم اشترى على المضاربة جارية بألف درهم ديناً تساوي ألفين، فباعهما جميعاً بأربعة آلاف، [فإن] ثمن الجارية التي اشتريت بالمضاربة بينهما، يأخذ منها رب المال رأس ماله ألف درهم، وما بقي فهو بينهما للمضارب ثلثه ولرب المال ثلثاه، وأما (¬1) ثمن الجارية التي اشتريت بالدين فإن المضارب يؤدي من ثمنها إلى البائع (¬2) الأول الألف التي اشترى الجارية منه، وما بقي فهو بينهما نصفان. وإن كان المضارب لم يبع واحدة من الجاريتين حتى هلكتا جميعاً عنده، فإن ثمن الجارية التي اشتريت بالدين على رب المال وعلى المضارب نصفين، يؤديها المضارب إلى البائع، ولا ينظر في هذا إلى ما اشترط المضارب ورب المال في رأس مال المضاربة من الربح، إنما يكون ضمان ما استدان المضارب على المضاربة على رب المال وعلى المضارب نصفين، لأنهما شريكان فيما اشترى المضارب. وإذا اشترط المضارب ربع الربح أو خمسه أو سدسه أو ثلثه أو أقل من ذلك أو أكثر، وأمره رب المال أن يستدين على المال، فإن جميع ما استدان على المال بينهما نصفان، وربحه بينهما نصفان، ووضيعته عليهما نصفان. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة، على أن للمضارب ربع الربح، ولرب المال ثلاثة أرباعه، وأمره رب المال أن يستدين على المال، على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما، للمضارب ربعه، ولرب المال ثلاثة أرباعه (¬3)، فاشترى المضارب بالألف المضاربة جارية تساوي ألفين، واشترى على المال غلاماً يساوي ألفين، بألف (¬4) دين، وباعهما جميعاً بأربعة آلاف، فإن ثمن الجارية التي اشتريت بالمضاربة ¬

_ (¬1) د م: وإنما. (¬2) م ف: بائع. (¬3) د - وأمره رب المال أن يستدين على المال على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما للمضارب ربعه ولرب المال ثلاثة أرباعه. (¬4) د م ف: ألف.

بينهما، فيستوفي منها رب المال رأس ماله، وما بقي فهو بينهما، لرب المال ثلاثة أرباعه، وللمضارب ربعه. وأما ثمن الغلام الذي اشتري بالدين فإن المضارب يأخذ منه ألف درهم، فيؤديها إلى البائع، وما بقي فهو بينهما نصفان، لأن العبد كان بينهما نصفين، فكذلك (¬1) ربحه يكون بينهما نصفين، ولا ينظر إلى ما اشترطا من الربح. فإن لم يبع المضارب الجارية والغلام حتى ماتا في يديه جميعاً فهلك ثمنهما (¬2)، فإن ضمان ثمن الغلام عليهما نصفين، ولا ينظر في هذا إلى ما اشترطا من الربح. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، وأمره رب المال أن يستدين على رب المال، فاشترى المضارب جارية تساوي ألفين، واستدان (¬3) على رب المال، فاشترى عليه جارية بألف ديناً تساوي ألفين، فقبضهما جميعاً، فماتت الجاريتان جميعاً معاً عنده، فهلكت الألف المضاربة قبل أن يقبضها (¬4) البائع، فإن على المضارب ألفي درهم، يؤديها إلى اللذين باعاه الجاريتين، ويرجع على رب المال من ذلك بألف وخمسمائة، ألف منها رأس مال المضاربة، وخمسمائة منها نصف ثمن الجارية التي اشترى بالدين، فيكون على المضارب في ماله خاصة نصف ثمن الجارية التي اشترى بالدين، ويكون على المضارب في ماله. فإن لم يهلك شيء (¬5) من ذلك، ولكن المضارب باع الجاريتين بأربعة آلاف، فإن ثمن الجارية التي اشتريت من مال المضاربة يأخذ منه رب المال رأس ماله ألف درهم، وما بقي فهو بينهما نصفين على ما اشترطا من الربح. وأما ثمن الجارية التي اشتريت بالدين، فإن المضارب يدفع إلى البائع ثمنه ألف درهم، وما بقي فهو بين المضارب وبين رب المال نصفين. وقول رب المال للمضارب: استدن على مال المضاربة، وقوله: استدن علي، سواء، كل شيء استدانه فهو بينهما نصفين، وربحه لهما نصفين، ووضيعته عليهما ¬

_ (¬1) ف: وكذلك. (¬2) د م ف: ثمنها. (¬3) ف: فاستدان. (¬4) د م ف: أن يقبضهما. (¬5) د - شيء؛ صح هـ.

نصفين. ألا ترى أن رب المال إذا أمر المضارب أن يستدين على مال المضاربة فإنما أمره أن يستدين على ماله، ولا حق للمضارب في ذلك المال. وكذلك إذا أمره رب المال أن يستدين على رب المال فهو بمنزلة قوله: استدن على المال. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، وأمر رب المال المضارب أن يستدين (¬1) على نفسه، فاشترى المضارب بالألف المضاربة جارية تساوي ألفين، ثم اشترى بعد ذلك جارية تساوي ألفين، بألف (¬2) دين، وباع المضارب الجاريتين بأربعة آلاف، فإن ثمن الجارية الأخيرة التي اشتراها المضارب بدين المضاربة لا حق لرب المال فيه، لأنه إنما اشترى الجارية لنفسه. وأما ثمن الجارية التي (¬3) اشترى بالمضاربة فهو بينهما على ما اشترطا في المضاربة، يستوفي رب المال رأس ماله، وما بقي (¬4) يكون بينهما نصفين. ولا يشبه قول رب المال للمضارب: استدن على نفسك، قوله: استدن علي أو على المال، إذا أمره أن يستدين على نفسه فإنما (¬5) أمره أن يشتري لنفسه. فإذا اشترى المضارب شيئاً فهو له، وعليه وضيعته، وله ربحه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، وأمره أن يستدين على المال، أو أمره رب المال أن يستدين على رب المال، فاشترى المضارب بالألف المضاربة جارية تساوي ألفين، ثم استقرض المضارب ألف درهم على المضاربة، فاشترى بها جارية تساوي ألفين، فباع الجاريتين جميعاً بأربعة آلاف درهم، فإن ثمن الجارية التي اشتراها بالألف القرض للمضارب لا حق لرب المال فيه من ربح ولا غيره. وأما ثمن الجارية التي اشتراها بالألف المضاربة فهو على ما اشترطا من المضاربة، يستوفي رب ¬

_ (¬1) د + على رب المال فهو بمنزلة قوله استدن على المال وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف وأمر رب المال المضارب أن يستدين. (¬2) د م ف: ألف. (¬3) د - التي. (¬4) د - وما بقي. (¬5) د م ف: وإنما. والتصحيح يقتضيه السياق.

المال رأس ماله، وما بقي فهو بينهما نصفين، ولا يشبه الاستقراض في هذا الشراء. ألا ترى أن رجلاً لو أمر رجلاً أن يستقرض ألف درهم من رجل، فاستقرضها كما أمره، كانت للمستقرض، ولم تكن للآمر، [والأمر] (¬1) في هذا باطل. ولو أمره أن يشتري له هذه الجارية من فلان، فاشتراها له كما أمره، كانت للآمر، ولم تكن للمأمور، فلهذا اختلف القرض والشرى. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالثلث، وأمره أن يعمل في ذلك برأيه، وأمره أن يستدين على المال، فاشترى المضارب بالألف المضاربة ثياباً، فأسلمها إلى صباغ، فصبغها صُفْراً (¬2) بمائة درهم، ووصف له من ذلك أمراً معروفاً، فصبغها، ثم إن المضارب باع الثياب مرابحة بألفي درهم، فإن رب المال يأخذ رأس ماله ألف درهم، ويؤدي المضارب إلى الصباغ الأجر الذي استأجره [به]، وهو مائة درهم (¬3)، وما بقي من الربح قسمه على أحد عشر سهماً، فما أصاب عشرة أسهم من ذلك فللمضارب ثلثه، ولرب المال ثلثاه، لأنه (¬4) حصة الألف من الربح، وما أصاب سهماً من أحد عشر سهماً من ذلك فهو بين المضارب وبين رب المال نصفين، لأنه (¬5) حصة المائة الدين من الربح، وكانت المائة الدين عليهما نصفين، فصار ربحهما بينهما نصفين. ولو كان المضارب لم يبع الثياب مرابحة، ولكنه باع الثياب مساومة بألفي درهم، فإن الثمن يقسم على قيمة الثياب وعلى ما زاد الصبغ فيها، فما أصاب الثياب من ذلك فهو مال المضاربة، يستوفي من ذلك رب المال رأس ماله ألف درهم، وما بقي فهو بينهما أثلاثاً كما شرطا، وما (¬6) أصاب الصبغ فهو بينهما (¬7) نصفان، ولا ¬

_ (¬1) الزيادة من الكافي، 2/ 300 و. (¬2) ف - صفرا. (¬3) ف - ويؤدي المضارب إلى الصباغ الأجر الذي استأجره وهو مائة درهم. (¬4) د م ف: لأن. (¬5) د م ف: لأن. (¬6) ف: أو ما. (¬7) د - أثلاثاً كما شرطا وما أصاب الصبغ فهو بينهما؛ م - أثلاثاً كما شرطا وما أصاب الصبغ فهو بينهما؛ صح هـ.

تشبه المرابحة في هذا المساومة، لأنه إذا باع مرابحة على الألف المضاربة وعلى أجر الصباغ فعلى ذلك يقسم الثمن، فإذا باع مساومة فإنما يقسم الثمن على قيمة الثوب وما زاد الصبغ فيها. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالثلث، وأمره (¬1) أن يستدين على المال وأن يعمل فيه برأيه، فاشترى المضارب بالمال كله ثياباً، واستقرض على المال مائة درهم، فاشترى بها زعفراناً، فصبغ (¬2) به الثياب، ثم باعها مرابحة على جميع المال وعلى جميع ما استقرض بألفي درهم، فإن المال كله يقسم على أحد عشر سهماً، فما أصاب عشرة أسهم من ذلك فهو للمضاربة، يستوفي من ذلك رب المال رأس ماله، وما بقي فهو بينهما، للمضارب ثلثه، ولرب المال ثلثاه، وما أصاب سهماً من أحد عشر سهماً من ذلك فهو للمضارب كله، لا حق لرب المال فيه، يدفع المضارب من ذلك إلى المقرض ماله، وما بقي فهو له خاصة، ولا حق لرب المال فيه، لأن الذي استقرض المضارب كان له. ولو لم يكن المضارب (¬3) باع الثياب مرابحة، ولكنه باع الثياب مساومة بألفي درهم، قسم الثمن على قيمة الثياب وعلى ما زاد الصبغ فيه، فما أصاب الثياب من ذلك فهو مال (¬4) المضاربة، يستوفي رب المال من ذلك ألف درهم رأس ماله، وما بقي فهو بينهما، للمضارب ثلثه، ولرب المال ثلثاه، وما أصاب الصبغ من ذلك فهو للمضارب كله، لا حق لرب المال فيه، يوفي من ذلك المضارب المقرض حقه، وما بقي فهو للمضارب خاصة، فإن لم تف حصة الصبغ بالمائة القرض فعلى المضارب تمام ذلك للمقرض، ولا ضمان على رب المال في ذلك. ولو كان اشترى الزعفران بمائة درهم نسيئة فصبغ الثياب به كان هذا والذي استأجر الصباغ سواء في جميع ذلك من المرابحة والمساومة. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالثلث، وأمره أن يعمل في ذلك برأيه، وأمره أن يستدين على المال، فخرج المضارب ¬

_ (¬1) م: فأمره. (¬2) ف: صبغ. (¬3) د: للمضارب. (¬4) د م - مال.

بالمال (¬1)، فاشترى به كله ثياباً، ثم استكرى عليه بغلاً بمائة درهم، فحمله إلى مصر، فأراد أن يبيعه مرابحة، فإنه يبيعه مرابحة على ألف درهم ومائة درهم، وكذلك أجر السمسار، فإن باعه مرابحة بألفي درهم فإن الثمن يقسم على أحد عشر سهماً، فما أصاب عشرة أسهم فهو المضاربة، يستوفي منه رب المال رأس ماله، وما بقي فهو بينهما، للمضارب ثلث، وثلثان لرب المال، وما أصاب الكراء من ذلك فهو سهم من أحد عشر سهماً، دفع المضارب إلى الكَرِيّ مائة درهم، وما بقي فهو بين رب المال وبين المضارب نصفين. فإن باع المضارب الثياب مساومة بألفي درهم كان جميع الألفين هي المضاربة، يستوفي رب المال من ذلك رأس ماله، وما بقي فهو بين رب المال والمضارب، لرب المال ثلثاه، وللمضارب ثلثه، وعلى المضارب جميع الكراء، يرجع على صاحب المال بنصف ما أدى، لأن الكراء لا قيمة له في الثياب، ولا له حصة. وإذا باع المضارب الثياب مساومة فلا حصة للكَرِيّ (¬2) في ثمن الثياب. ولو كان المضارب لم يكتر (¬3) على الثياب، ولكنه استقرض مائة درهم، فاستكرى بها بأعيانها دواباً عليها، على كل دابة كذا (¬4) ثوباً، فحمل عليها، ثم قدم بها فباعها مرابحة، فإنه يبيعها على ألف درهم ومائة درهم. فإن باعها بألفين قسمتها على أحد عشر سهماً، فما أصاب عشرة أسهم من ذلك فهو المضاربة، يستوفي منه رأس ماله، وما بقي فهو بينهما على ما اشترطا في المضاربة، وما أصاب سهماً من أحد عشر سهماً من الألفين فهو للمضارب خاصة، يستوفي من ذلك صاحب الدواب أجره (¬5)، ولا حق لرب المال فيما بقي. وقال أبو يوسف: يبيع الثياب مرابحة على ألف درهم، ولا يدخل في ذلك حصة ¬

_ (¬1) د م ف: المال. (¬2) م: الكرى. الكَرِيّ هو المُكتري والمُكري. والكراء هو الأجرة، وهو في الأصل مصدر كارى. انظر: المغرب، "كرو". (¬3) ف: لم يكر. (¬4) م ف + كذا. (¬5) د م ف: أجرهم.

الكَرِيّ، لأنه متطوع فيه، وهو قول محمد. فإن باع الثياب مساومة بالألفين كانت الألفان مضاربة، يستوفي رب المال رأس ماله، وما بقي فهو بينهما على الشرط، وعلى المضارب كراء الدواب لصاحب الدواب في ماله خاصة. فإن قال المضارب لرب المال: إنما استكريت لك الدواب لحمل ثيابك فقال رب المال: (¬1) إنما استكريتها لحمل مالك، ثم حملت ثيابي عليها، فالقول قول رب المال، ولا يلتفت إلى قول المضارب، لأنه إنما استكرى بالمائة التي استقرض بعينها. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، ولم يأمره أن يعمل فيها برأيه، فاشترى بها ثياباً كلها تساوي ألف درهم (¬2)، ثم اشترى من عنده عُصْفُراً بمائة درهم، فصبغها، فهو ضامن للثياب، وصاحب المال بالخيار، إن شاء أخذ ثيابه وأعطاه ما زاد العصفر في ثيابه، وإن شاء ضمنه قيمة ثيابه ألف درهم فأخذها منه، وكانت الثياب للمضارب. فإن لم يضمنه رب المال ولم يختر شيئاً من ذلك حتى باع المضارب الثياب بألفي درهم فبيعه جائز على رب المال، وتُقسَم الألفان على قيمة الثياب وعلى ما زاد الصبغ فيها (¬3)، فما أصاب ما زاد الصبغ فيها فهو للمضارب، وما أصاب الثياب فهو المضاربة (¬4)، يستوفي منه رب المال رأس ماله، وما بقي فهو بينهما (¬5) على الشرط. فإن هلك الثمن من المضارب بعدما قبضه فلا ضمان عليه فيه، فإن كانت الثياب حين اشتراها المضارب تساوي ألفين، فصبغها بعصفر من عنده، فإن رب المال بالخيار، إن شاء ضمنه ثلاثة أرباع قيمة الثياب وسلم الثياب للمضارب، وإن شاء (¬6) أخذ ثلاثة أرباع الثياب، وضمن ¬

_ (¬1) م: رب الدواب. (¬2) د - مضاربة بالنصف ولم يأمره أن يعمل فيها برأيه فاشترى بها ثيابا كلها تساوي ألف درهم. (¬3) م - فيها. (¬4) ف: على المضاربة. (¬5) د - بينهما. (¬6) د - ضمنه ثلاثة أرباع قيمة الثياب وسلم الثياب للمضارب وإن شاء.

المضارب ما زاد الصبغ في ثلاثة أرباع الثياب. فإن لم يختر رب المال شيئاً من ذلك حتى باع المضارب الثياب كان بيعه جائزاً، وكان للمضارب حصة الصبغ من الثمن خاصة. وما بقي فهو (¬1) المضاربة يستوفي منه رب المال رأس ماله، وما بقي فهو بينهما على ما اشترطا. ولو أن المضارب لم يصبغ الثياب، ولكنه قَصَرَها، وذلك يزيد فيها أو ينقص منها، فقصرها بمائة من عنده، فلا ضمان على المضارب في ذلك إن زادت أو نقصت، لأنه لم يخلط فيها مالاً من ماله فيضمن ذلك، فإن باعها بربح أو وضيعة (¬2) فهو على المضاربة. وكذلك إن اكترى عليها المضارب بمال من عنده فهو متطوع فيما صنع. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، ولم يأمره أن يعمل في ذلك برأيه، فاشترى المضارب بها ثياباً تساوي ألفاً، فصبغها سوداء، فهذا والقصار سواء، لأنه ليس له فيه زيادة شيء، وإنما هو نقصان، فلا ضمان على المضارب في ذلك، لأنه لم يخلط بالمضاربة مالاً من عنده. ألا ترى أنه لا قيمة للسواد في الثياب، ولا يضمن النقصان الذي يدخل في الثياب، لأن الثياب في يده مضاربة. ألا ترى أنه لو كان (¬3) باع بعض الثياب، واشترى بثمنها سواداً، فصبغ به الثياب الباقية لم يضمن، فكذلك هاهنا لا يضمن وإن نقصها. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف، وأمره أن يعمل فيها برأيه، فاشترى بها كلها ثياباً، ثم صبغها بمائة درهم من عُصْفُر من عنده اشتراه بمائة درهم، فلا ضمان على المضارب في ذلك، وهو شريك رب المال في الثياب لما زاد العصفر في ثيابه، والثياب على المضاربة على حالها. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة، وأمره أن يستدين ¬

_ (¬1) د - فهو. (¬2) د: أو ضيعة. (¬3) ف - كان.

على رب المال، فاشترى بالمال جارية تساوي ألفاً، ثم إنه استدان على المال، فاشترى عليه جارية بثلاثة آلاف درهم تساوي ثلاثة آلاف درهم فهذا جائز. ولو استدان بأكثر من المضاربة، فإن باعهما جميعاً اقتسما (¬1) ربح المال الأول على الثلثين والثلث، واقتسما الربح الذي في الجارية التي اشترى بثلاثة آلاف درهم نصفين، وسواء إن استدان (¬2) بمثل مال المضاربة أو بأقل أو بأكثر، لأنهما شريكان فيما استدان. ألا ترى أن الوضيعة فيما استدان يكون نصفين. وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالثلث، وأمره أن يستدين على المال، فاشترى بها وبثلاثة آلاف درهم دين جارية تساوي خمسة آلاف درهم، فقبضها وباعها بخمسة آلاف، فقبض الدراهم، وهلكت المضاربة الأولى والجارية وثمنها في يد المضارب جميعاً معاً، فإن على المضارب تسعة آلاف درهم، يؤدي إلى الذي اشترى منه المضارب الجارية من ذلك أربعة آلاف درهم، ويؤدي إلى الذي باعه المضارب خمسة آلاف درهم، ويرجع المضارب على رب المال من المال الذي [أداه] بخمسة آلاف وخمسمائة درهم وواحد وأربعين وثلثين، فيكون على المضارب في ماله ثلاثة آلاف وأربعمائة وثمانية وخمسون وثلث، لأن المضارب حين اشترى الجارية بأربعة آلاف درهم، ألف درهم منها المضاربة، وثلاثة آلاف دين، كان عليه من الدين ألف وخمسمائة، ثم باع الجارية بخمسة آلاف، وكان له من هذه الخمسة آلاف ألف وخمسمائة وحصتها من الربح، وذلك ثلاثمائة وخمسة وسبعون، وكان حصته من ربح الألف ثلثها، وربح المضاربة من الألف التي ربحوا مائتان وخمسون، وكان لها ثلثها ثلاثة وثمانون وثلث، فجميع ما كان له من ذلك كله ثلاثة آلاف درهم وأربعمائة وثمانية وخمسون وثلث، فإذا هلك غرمه كلها في ماله خاصة. ¬

_ (¬1) م: فقسما. (¬2) د: استدان.

وأما رب المال فإنه يغرم ألفاً مكان ألفه المضاربة، ويغرم ألفاً وخمسمائة مكان الألف والخمسمائة الدين الذي لحقه من ثمن الجارية، فذلك ألفان وخمسمائة، فصار له من الخمسة آلاف التي بيعت بها الجارية ألفان وخمسمائة، وحصة الألف والخمسمائة من الربح، وذلك ثلاثمائة وخمسة وسبعون، وحصته من ربح الألف المضاربة، وذلك مائة وستة وستون وثلثان، فإذا جمعت ذلك كله كان خمسة آلاف وخمسمائة وواحداً وأربعين وثلثين، فإذا هلكت قبل أن يؤدوا غرم رب المال في ماله. فإن هلكت الألف، ثم هلكت الجارية والخمسة آلاف بعد ذلك جميعاً معاً، والمسألة على حالها، كان على المضارب تسعة آلاف درهم، يؤديها على ما وصفت لك، ويرجع على رب المال من ذلك بخمسة آلاف وستمائة وخمسة وعشرين، ويكون عليه في ماله خاصة ثلاثة آلاف وثلاثمائة وخمسة وسبعون، لأن الألف المضاربة حين هلكت قبل هلاك ما بقي لحق رب المال في المضاربة ألف درهم، فصارت المضاربة لا ربح فيها، فإنما هلكت المضاربة (¬1) بعد ذلك، ولا ربح فيها، كان غرمها على رب المال، ولا يلحق المضارب في شيء من هذا إلا رأس ماله الذي اشترى به الجارية وحصة ذلك من الربح، ويكون ما بقي على رب المال، فيغرم المضارب ألفاً وخمسمائة من الثلاثة آلاف التي باع بها الجارية، وحصتها من الألف الربح، وهو ثلاثة أثمان الربح، وذلك ثلاثمائة وخمسة وسبعون، فيغرم ثلاثة آلاف وثلاثمائة وخمسة وسبعين، ويكون ما بقي من الغرم على رب المال، فذلك خمسة آلاف وستمائة وخمسة وعشرون. وعلى هذا جميع ما وصفت (¬2) لك (¬3) من هذا الباب. ... ¬

_ (¬1) م ف: المضارب. (¬2) م ف - ما وصفت. (¬3) ف: ذلك.

باب الشهادة في المضاربة

باب الشهادة في المضاربة وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة، فعمل به المضارب، فربح، فاختلفا، فقال رب المال: شرطت لك سدس الربح، وقال المضارب: شرطت لي نصف الربح، فالقول قول رب المال مع يمينه، وعلى المضارب البينة، فإن جاء المضارب بشاهدين، فشهد أحدهما أنه شرط له ثلث الربح، وشهد الآخر أنه اشترط له نصف الربح، فإن قول أبي حنيفة في هذا: إن الشهادة في هذا باطل، وليس له من الربح إلا سدسه. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فالشهادة جائزة على ثلث الربح للمضارب، وقد بطل السدس مما شهد به صاحب النصف. ولو كان المضارب ادعى النصف، فشهد له شاهد على نصف الربح، وشهد له شاهد آخر أن رب المال شرط له ثلثي الربح، فإن شهادة الذي شهد له بثلثي الربح باطل في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، لأنه شهد له بما لا يدعي. فإن جاء المضارب بشاهد آخر، فشهد له بنصف الربح، وإلا لم يكن له إلا سدس الربح الذي أقر له به رب المال. ولو كان رب المال قال له: إنما دفعت المال إلى المضارب بضاعة، ولم أشترط له من الربح شيئاً، فإن القول قول رب المال مع يمينه، فإن أقام المضارب شاهدين، فشهد له أحدهما أنه دفعه إليه مضاربة على أن للمضارب من الربح مائتي درهم، وشهد له الآخر أنه شرط له من الربح مائة درهم، والمضارب يدعي مائتي درهم، فإن قياس قول أبي حنيفة في هذا أن الربح كله لرب المال، ولا شيء على رب المال للمضارب من الأجر ولا غيره. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فللمضارب أجر مثله فيما عمل. فإن ادعى المضارب أن رب المال شرط له ربح مائة درهم، وقد شهد الشاهدان بما وصفت لك، فإن الشهادة باطلة في قياس قولهم جميعاً، ولا أجر للمضارب في هذا. ولو ادعى المضارب أنه شرط له من الربح مائة وخمسين درهماً، فشهد له شاهد بها، وله شاهد آخر أنه شرط له من الربح مائة درهم، فإن هذا في قياس قول أبي حنيفة

وأبي (¬1) يوسف ومحمد جميعاً للمضارب على رب المال أجر مثله فيما عمل، ربح أو وضع، لأنهما قد أجمعا على ربح مائة درهم. وإذا دفع (¬2) الرجل إلى الرجلين ألف درهم مضاربة، فعملا بها وربحا، فادعى أحدهما أنه شرط لهما نصف الربح، وادعى الآخر أنه شرط لهما ثلث الربح، وادعى رب المال أنه شرط له مائة درهم من الربح، فإن القول في ذلك قول رب المال، والبينة عليهما. فإن أقاما شاهدين يشهدان، فشهد أحدهما بنصف الربح، وشهد الآخر بثلث الربح، فإن قياس قول أبي حنيفة في ذلك أن للمضاربين جميعاً أجر مثلهما فيما عملا، ولا تقبل الشهادة في شيء مما قالا المضاربان (¬3). وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإن الشهادة للمضارب الذي ادعى نصف الربح جائزة، ويكون له من الربح سدسه، وللمضارب الذىِ يدعي ثلث الربح أجر مثله فيما عمل. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه (¬4). ¬

_ (¬1) ف - حنيفة وأبي. (¬2) ف: فإذا دفع. (¬3) د: المضارب. (¬4) م + آخر كتاب المضاربة كتبه أبو بكر بن أحمد بن محمد الطلحي الأصفهاني في شعبان من سنة تسع وثلاثين وستمائة والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد النبي وآله وسلم تسليما كثيراً؛ ف + آخر كتاب المضاربة والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيراً.

كتاب الرضاع

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب الرضاع قال محمد بن الحسن: تفسير قوله - عليه السلام -: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" (¬2)، وتفسير لبن الفحل ما هو، واختلاف ما حرم الله تعالى من نكاح النساء، فمن ذلك ما حرم بالنسب (¬3)، ومن ذلك (¬4) ما حرم بالرضاع (¬5)، ومن ذلك ما حرم بالصهر، ومن ذلك ما حرم بالكفر. ... باب تحريم الكفر فأما ما حرم الله تعالى بالكفر فقوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} (¬6). فكان حكم هذه الآية أن كل مشركة حرام على أي ملل (¬7) الشرك كانت من أهل الكتاب أو من غيرهم. ثم إن الله تعالى أحل نساء أهل ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) صحيح البخاري؛ الشهادات، 7؛ وصحيح مسلم، الرضاع، 1، 5، 9. (¬3) ش - فمن ذلك ما حرم بالنسب؛ ز: النسب. (¬4) ش: فمن ذلك. (¬5) ز - ومن ذلك ما حرم بالرضاع. (¬6) سورة البقرة، 2/ 221. (¬7) ش ز: ملك.

الكتاب (¬1) فقال تبارك وتعالى: {أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} (¬2). فأحل نساء أهل الكتاب من جملة أهل الكفر على الأول من قوله: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ}. فهذه آيات تحرم ملك الكفر. وأما ما حرم الله بالنسب فهو ما ذكره في سورة النساء حين قال تبارك وتعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (23) وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} (¬3). وقال: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} (¬4). فهذه جملة في تحريم (¬5) ما نصه الله تعالى من الصهر والنسب؛ لأنه بلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب". وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها" (¬6). وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي قعيس لعائشة - رضي الله عنها -: "لِيَلِجْ عليكِ، فإنه عمك" (¬7). ... ¬

_ (¬1) ش - ثم إن الله تعالى أحل أهل الكتاب. (¬2) سورة المائدة، 5/ 5. (¬3) سورة النساء، 4/ 23، 24. (¬4) سورة النساء، 4/ 22. (¬5) م ش ز: في التحريم. (¬6) روي من حديث أبي هريرة وجابر - رضي الله عنهما - في الصحيحين. انظر: صحيح البخاري، النكاح، 27؛ وصحيح مسلم، النكاح، 37. وانظر للتفصيل. نصب الراية للزيلعي، 3/ 169؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 167. (¬7) صحيح البخاري، النكاح، 117؛ وصحيح مسلم، الرضاع، 3 - 10.

باب في تحريم النسب وتفسير ما نصه الله تعالى في كتابه وما حرمته السنة وأجمع عليه المسلمون

باب في تحريم النسب وتفسير ما نصه الله تعالى في كتابه وما حرمته السنة وأجمع عليه المسلمون فأما ما نص الله تعالى في كتابه من ذلك فتحريم الأم. وحرمت السنة والإجماع أم الأم وإن ارتفعت إلى أعلى الذرية مِن قِبَل أمها كانت أو مِن قِبَل أبيها. وكذلك أم الأب وإن بعدت من قبل أبيه كانت أو من قبل أمه. وحرم الله تعالى الابنة بالنسب. وحرمت السنة والإجماع ابنة الابنة وابنة الابن وإن سفلت إلى أسفل الذرية. وحرم الله تعالى الأخت (¬1) بالنسب. وحرمت السنة والإجماع ما أسفل من ذلك من ولد الأخت وولد الأخ من ولد الذكور منهم والإناث إلى أسفل الذرية. وحرم الله تعالى (¬2) العمة بالنسب. وحرمت السنة والإجماع أم العمة إن كانت أمها أم الأب أو (¬3) غير أم الأب. فإن كانت أم الأب فهي حرام بالسنة والإجماع. وإن كانت أمها غير أم الأب فهي امرأة الجدة لأن الله تعالى قال (¬4): {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ}. وأقامت السنة امرأة الجد مقام امرأة الأب. وعمة العمة إذا كانت العمة أخت (¬5) الأب لأبيه وأمه أو لأبيه. فأما إذا كانت العمة أخت الأب لأمه فهي وحدها حرام، وعمتها (¬6) ليس بحرام؛ لأن أباها رجل غريب ليس بذي رحم محرم. وأحل الله تعالى ابنة العمة وابنة العم لمعنيين. أما أحدهما فالنص (¬7) في قوله تعالى في سورة الأحزاب: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ} (¬8)، إلى آخر الآية. والمعنى الآخر في ¬

_ (¬1) م ز: للأخت. (¬2) ز + إلى. (¬3) م ز ش: أم. (¬4) ش - قال. (¬5) م ز: وأخت. (¬6) م ز ش: وعمة عمتها. (¬7) م ز: والنص. (¬8) سورة الأحزاب، 33/ 50.

باب ما حرم الله تعالى بالرضاع

سورة النساء حيث نص التحريم، ثم قال: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ}. وحرم بالنص الخالة. وحرمت السنة والإجماع أم الخالة التي كانت أمها (¬1) أم الأم أو لم تكن؛ (¬2) لأنها إن كانت الأم كانت أمها هي الجدة، وهي حرام بالسنة (¬3) والإجماع. وإن كانت أمها غير أم الأم فهي حرام بالسنة والإجماع؛ لأنها امرأة جد أبي الأم. وأقامت السنة الجد أب الأم مقام الجد أب (¬4) الأب مقاماً واحداً في التحريم. وحرمت السنة والإجماع خالة الخالة إذا كانت الخالة أخت الأم لأبيها وأمها. وأما خالة الخالة إذا كانت الخالة أخت الأم لأمها فإنها لا تحرم. وخالة الخالة إذا كانت الخالة لأب فخالتها أخت امرأة الجد أبي (¬5) الأم. وأحل الله بالنص ابنة الخالة وابنة الخال، فقال في سورة الأحزاب: {وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ}. فهي حلال لك. ... باب ما حرم الله تعالى بالرضاع قال الله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ}. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب". فحرم الله تعالى الأم بالرضاع، وحرمت السنة والإجماع أم الأم (¬6) من الرضاعة والخالة من الرضاعة (¬7) وخالة الخالة. وحرم الله تعالى الأخت من الرضاعة (¬8)، وحرمت السنة ابنة الأخت ¬

_ (¬1) م ش ز: أمها كانت. (¬2) ز: لم يكن. (¬3) م ش ز: بالنسب. (¬4) م ز: مقام جدات. (¬5) ز: أب. (¬6) ز - الأم. (¬7) ش - والخالة من الرضاعة. (¬8) م ز + وخالة الخالة وحرم الله تعالى الأخت من الرضاعة.

باب ما حرم الله تعالى بالصهر

من الرضاعة وإن سفلت (¬1) وولد الأخ وولد الأخت كما يحرم من النسب، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب". وحرم الله تعالى الابنة بالنسب وولد الابنة وإن سفل، وحرمت السنة الابنة من الرضاعة وولد الابنة وإن سفل. وحرم الله تعالى العمة وأحل ولد العمة من النسب، وحرمت السنة العمة من الرضاعة. وكل ما ذكرنا تحريمه بالنسب فمن كان بإزائه من الرضاعة فهو حرام على ما فسرنا. ... باب ما حرم الله تعالى بالصهر قوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ}. فإذا تزوج الأب امرأة ثم مات عنها أوطلقها دخل بها أو لم يدخل بها (¬2) فهي حرام على ابنه. وكذلك ابن ابنه وإن سفل، وكذلك ابن ابنته وإن سفل؛ لأن هؤلاء كلهم ولد. وكذلك لو وطئ أمة بملك يمين أو بنكاح فهي حرام أيضاً على ولده وولد ولده وإن بعدوا. وكذلك لو قبلها بشهوة أو لمسها بشهوة فهي حرام. وقوله (¬3) تعالى: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ}. فإذا (¬4) تزوج الرجل امرأة ثم مات عنها أوطلقها دخل بها أو لم يدخل بها لم يكن لأبيه (¬5) أن يتزوجها. وكذلك لو كان ابن ابنه وإن بعدوا، وابن ابنته وإن سفل، لم يكن له أن يتزوجها. وكذلك ليس لأبيه (¬6) ولا لجده وإن ارتفع أن ¬

_ (¬1) ز: سفل. (¬2) ش - بها. (¬3) م ش: لقوله؛ ز: كقوله. (¬4) م ش ز: وإذا. (¬5) ز: لابنه. (¬6) ز: لابنه.

يكون لواحد منهم أن يتزوج امرأة أبيه ولا امرأة جده مِن قِبَل أبيه أو من قِبَل أمه وإن بعد. وكذلك الرجل إذا وطئ الأمة بنكاح أو بملك يمين لم يكن لأبيه ولا لجده أن يتزوج بها (¬1) أو يطأها واحد منهم بملك يمين. وقوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ}. وإذا تزوج الرجل امرأة فدخل بها أو لم يدخل بها ثم ماتت أو طلقها فإنه لا تحل له أمها ولا أم أمها وإن بعدت، دخل بها أو لم يدخل بها. وأما الربيبة فهي أن يتزوج الرجل امرأة ولها ابنة من غيره ثم يدخل بالمرأة فلا تحل له ابنتها ولا ابنة ابنتها وإن سفلت. فإن لم يكن دخل بها حتى ماتت أوطلقها قبل الدخول فإنه تحل (¬2) له ابنتها وابنة ابنتها. وأما قوله: {اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ}، فإنه قد روي في بعض الحديث أن الرجل إذا تزوج امرأة لها ابنة من غيره ودخل بالمرأة فإن كانت ابنتها في حجرها حرمت عليه (¬3). ويعني في حجرها أن تكون (¬4) مع أمها. وإن كانت في ملك آخر فهي تحل له. ويتأول (¬5) قوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ}، فيقول: إذا لم تكن الربيبة في حجرها فلا تحرم (¬6) عليه. وليس هذا القول عندنا بشيء؛ لأن الله تعالى حيث قال: {فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ}، دل على أن الربيبة إنما تحرم (¬7) [بالدخول] بالأم لا بالكينونة في حجرها والتربية؛ (¬8) لأنا قد نجد الرجل والمرأة يكون لها ولد فيكونان في دار واحدة ومنزل واحد فينفق عليها الرجل ويربيها (¬9) حتى تكبر فله أن يتزوج الابنة دون الأم. فهذا إجماع ¬

_ (¬1) م ز: لها. (¬2) ز: يحل. (¬3) روي ذلك عن علي - رضي الله عنه -. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 6/ 277 - 278. (¬4) ز: أن يَكون. (¬5) ز: وتناول. (¬6) ز: يحرم. (¬7) م ش ز + لها. (¬8) م ش ز + بالدخول. (¬9) ز: وتربيها.

لا اختلاف فيه. وفي هذا حجة أن الربيبة لم تحرم (¬1) على زوج أمها بالتربية والحجر، وإنما حرمت بالدخول. وحجة أخرى قوله تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} (¬2). فلو أن رجلاً اعتكف في مسجد هل كان له أن يخرج من المسجد فيجامعها. فليس له واحد من هاتين. فلم يكن ذكره المسجد مما يحرم به الوطء بالاعتكاف. وكذلك الربيبة إنما حرمها الدخول بأمها ولم تحرم (¬3) بالحجر والتربية. وقوله تعالى: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ}. فقد فسرنا (¬4) ما يحرم من نكاح امرأة الابن. وكان بعض أهل العلم يقول: امرأة الابن من الرضاعة ليس بحرام؛ لأن الله تعالى قال: {الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ}. فسر منه: {الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ}، وقال: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب". فيقول: إن ابني من الرضاعة ليس بيني وبينه نسب، فلا تحرم (¬5) امرأته علي. وأما أكثر أهل العلم فيقولون: إنها حرام بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب". وكذلك امرأة الأب من الرضاعة تحرم كما تحرم امرأة الابن من الرضاعة. وأما الوطء الحرام فإن الرجل إذا وطئ المرأة وطءاً حراماً أو قبَّلها لشهوة (¬6) أو لامسها لشهوة (¬7) حراماً فإن بعض الفقهاء يقول: (¬8) لا يقوم الحرام مقام الحلال، فلا يحرم هذا أن يتزوج ابنتها أو أمها أو يتزوج ابنه هذه المرأة أو أبوه. وقال بعض الفقهاء: إن ذلك حرام، وهو يقوم مقام ¬

_ (¬1) ز: لم يحرم. (¬2) سورة البقرة، 2/ 187. (¬3) ز: يحرم. (¬4) ش: فسرا. (¬5) ز: يحرم. (¬6) ز: بشهوة. (¬7) ز: بشهوة. (¬8) ش - يقول؛ صح هـ.

باب ما يحرم على الرجل أن يجمع بينهن من النساء

الحلال والتحريم، ويحرم عليه إذا وطئها حراماً أن يتزوج ابنتها أو أمها كما قلنا في المسائل الأُوَل، ويحرم على أبيه أن يتزوج بها وعلى ابنه أيضاً. ويحتجون بالظهار؛ لأن الله تعالى ذِكْرُه سماه (¬1) {مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا} (¬2)، وحرم به، وأوجب فيه الكفارة قبل أن يطأها. وقال في المتلاعنين يتلاعنان: "فلا يشك إلا وأن أحدهما كاذب" (¬3). فهذا يحرمها ويفرق بينهما. والتنزه في هذا أفضل إن شاء الله تعالى. ... باب ما يحرم على الرجل أن يجمع بينهن من النساء قال الله تعالى ذكره: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ}. فالجمع بين الأختين في النكاح حرام، الحرتين والأمتين واليهوديتين والنصرانيتين، في ذلك كله لا يحل للرجل أن يجمع بينهما في نكاح، والأختين بملك يمين. ولا ينبغي أن يجمع بينهما في وطء ولا يطأهما جميعاً. وإن كانت عنده أمتان أختان (¬4) بملك يمين فله أن يطأ إحداهما ولا يطأ الأخرى ما دامت التي وطئها في ملكه حتى يبيعها أو يهبها أو يزوجها (¬5) أو يعتقها. فإذا فعل ذلك حل له أن يطأ أختها التي لم يطأ. فإن ردت عليه الأولى بعيب أو رجع في الهبة وقد كان وطئ أختها التي كانت في ملكه فليس له أن يطأ واحدة منهما لا الأولى ولا الثانية؛ لأنه قد ¬

_ (¬1) ز + سماه. (¬2) يقول تعالى: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2)} (سورة المجادلة، 2). (¬3) روي بلفظ: "إن الله يعلم أن أحدكما كاذب" في حديث اللعان المشهور. انظر: صحيح البخاري، الطلاق، 28. (¬4) ز: أمتين أختين. (¬5) ز: أو تزوجها.

وطئهما جميعاً حتى يعود إلى تحريم إحداهما أيهما شاء ببيع أو بهبة ثم يطأ الباقية منهما. وإن كان باع أو وهب (¬1) ولم يكن وطئ الباقية منهما حتى ردت عليه الأخرى بعيب أو رجع في الهبة فإن له أن يطأ التي ردت؛ لأنه لم يكن وطئ أختها. وليس له وطء أختها التي لم يكن وطئها. ولو كان زوج إحداهما وهي التي وطئ منهما ثم طلقها (¬2) زوجها ولم يدخل بها فليس له أن يطأ الباقية منهما التي لم يكن زوجها، وله أن يطأ التي كان زوجها، لأنها قد رجعت إلى الحال الأولى. فلو كان زوجها رجلاً ودخل بها ثم طلقها بعد الدخول كان لرب الجاريتين أن يطأ التي لم يزوجها حتى تنقضي عدة التي زوجها. فإذا انقضت عدتها فإن وطئ التي لم يكن زوج فليس له أن يطأ واحدة منهما حتى يحزم (¬3) إحداهما (¬4) ببعض ما ذكرنا. وإن كان لم يطأ التي لم يزوجها فله أن يطأ التي (¬5) كان زوجها إذا انقضت عدتها من زوجها؛ لأنها قد عادت إلى الحال الأولى. ولو أن أمة لرجل بملك يمين ثم تزوج (¬6) أختها كان النكاح جائزاً. وإن كان قد وطئ التي في ملك اليمين فليس له (¬7) وطء واحدة من هاتين لا ملك (¬8) اليمين ولا التي تزوج حتى يخرج إحداهما، إما الأمة (¬9) التي هي له ببيع أو بهبة، وإما التي تزوج بالطلاق؛ لأنه لا ينبغي له أن يجمع الأختين يطأهما بملك ولا نكاح. ولو أن رجلاً تحته أمة لغيره تزوجها ثم اشترى أختها فإن كان الذي اشتراها لم يكن وطئها فله أن يطأ امرأته ولا يضره شرى أختها. وإن كان وطئ الذي (¬10) اشترى قبل الشرى أو بعده فليس له أن يطأ واحدة منهما حتى يحرّم إحداهما. ¬

_ (¬1) م ش ز: أو وحب. (¬2) ز: ثم طلقهما. (¬3) م ش ز: حتى يخرج. (¬4) ز: أحدهما. (¬5) م ز: أن يطأها للتي. (¬6) ز: ثم يزوج. (¬7) ز + إن. (¬8) ز: لا يملك. (¬9) م ش ز: أو الأمة. (¬10) كذا في م ش ز. ولو قيل "التي" لكان أوضح.

باب تفسير لبن الفحل

ولو أن رجلاً تحته أمة تزوجها ثم تزوج عليها حرة كان النكاح جائزاً. وكذلك لو تزوج عليها يهودية أو نصرانية كان جائزاً. ولو تزوج (¬1) عليها الأمة كان النكاح باطلاً. وقد قال بعض أهل العلم: إذا رضيت الحرة جاز. وللرجل أن يجمع بين أربع نسوة حرائر أو إماء كلهن أو من أهل الكتاب يهوديات أو نصرانيات. فإن تزوج خامسة بعد الأربع كان نكاح الخامسة باطلاً. وللعبد أن يجمع بين امرأتين بإذن مولاه حرتين أو أمتين أو من أهل الكتاب، وليس له أن يتزوج أكثر من ذلك. وكذلك المكاتب والمدبر. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تنكح المرأة على عمتها أو على خالتها" (¬2). فإذا كان للرجل امرأة فليس له أن يتزوج عليها أختها ولا عمتها ولا خالتها ولا عمة عمتها ولا خالة خالتها ولا ابنة أخيها ولا ابنة أختها من الرضاعة ولا عمتها من الرضاعة. ولا يجمع بينها وبين كل ذي رحم محرم منها من نسب ولا رضاع ما دامت المرأة التي تزوج عنده. فإن طلقها فله أن يتزوج واحدة ممن ذكرنا ما خلا والداه أو ولده سفل أو ارتفع (¬3). وله أن يجمع بينها (¬4) وبين ابنة خالتها أو ابنة عمتها (¬5) أو ابنة عمها أو ابنة خالها أو ولد هؤلاء وإن سفلوا. ... باب تفسير لبن الفحل قال محمد: حدثنا أصحابنا عن مالك بن أنس عن الزهري عن عمرو بن الشريد عن ابن عباس في الرجل تكون (¬6) له المرأتان والأمتان قد ولدتا منه، فترضع إحداهما صبية والأخرى صبياً، هل يتزوج الغلام الجارية؟ ¬

_ (¬1) م ش ز: أو تزوج. (¬2) تقدم قريباً. (¬3) لعل المقصود بقوله: ما خلا والداه أو ولده، أنه لا يجوز لوالدي الزوج ولا لولده أن يتزوجوا من تزوجه أبداً. (¬4) ز: بينهما. (¬5) ز - أو ابنة عمتها. (¬6) ز: يكون.

قال ابن عباس: لا، اللقاح واحد (¬1). وتفسير هذا إذا كان للرجل امرأتان فأرضعت إحداهما صبياً والأخرى صبية فليس للصبي أن يتزوج الصبية؛ لأن اللبن من رجل واحد، فقد صار الصبيان (¬2) أخوين (¬3) لأب من الرضاعة لإجماعهما (¬4) في اللبن إذا كان أصله من رجل واحد. ومن ذلك أيضاً الأخوان يكون لكل واحد منهما امرأة قد ولدت منه فترضع (¬5) إحداهما صبياً والأخرى صبية. والصبي (¬6) والصبية في هذا الوجه لكل واحد منهما أن يتزوج بصاحبه؛ لأنها تكون ابنة عمه من الرضاعة، وابنة العم من النسب حلال، فكذلك هي من الرضاعة (¬7) ولو كانتا جاريتين جميعاً المرضعتين لم يكن لواحد من الأخوين أن يتزوج الصبية التي رضعتهما (¬8)؛ لأنها ابنة أخيه من الرضاعة. ولو أن رجلاً له ابن وابنة جاءت امرأة أخيه فأرضعت الابن والابنة جميعاً لم يكن للابن الذي (¬9) أرضعته المرأة أن يتزوج أحداً من ولد تلك المرأة، مما ولدته قبل الرضاعة أو بعده، من العم كان أو من غيره. ولم يكن له أن يتزوج من ولد عمه من ولد تلك المرأة ولا من غيرها ولا ولد المرأة ولا ولد ولدها من العم ولا من غيرها، ما كان قبل الرضاع أو بعده. ولم يكن لولد العم من تلك المرأة ولا من غيرها ولا ولد المرأة ولا ولد ولدها من العم كان أو من غيره أن يتزوجوا (¬10) ولد تلك المرأة ولا ولد ولدها ولا لولد (¬11) ولد العم أن يتزوجوا [ولد] (¬12) تلك المرأة، كان الولد ¬

_ (¬1) الموطأ، الرضاع، 5؛ وسنن الترمذي، الرضاع، 2. وقد رواه الإمام محمد عن الإمام مالك في موطئه بدون واسطة. انظر: التعليق الممجد، 2/ 593. فقد يكون تأليف كتاب الرضاع قبل رحلته إلى المدينة. (¬2) ز: الصبيين. (¬3) ز: أخوان. (¬4) ز: لاجتماعهما. (¬5) ز: فيرضع. (¬6) ش - والصبي. (¬7) م: من الرضا. (¬8) م ش ز: أرضعتهما. (¬9) م ش ز: التي. (¬10) ش: أن يتزوجها. (¬11) م ش ز: ولد. (¬12) الزيادة مستفادة من المبسوط، 30/ 294. ويدل عليها السياق أيضاً.

منها أو من غيرها. فإن ولد للجارية المرضع (¬1) ولد وللغلام المرضع ولد ولأولاد المرأة التي أرضعته ولأولادها أولاد ولأولاد العم أولاد غيرها كان لهم أن يتزوج بعضهم من بعض. ولو أن رجلاً له ابن صغير فأرضعت امرأةُ خَالِهِ ذلك الولد لم يكن لذلك الولد أن يتزوج أحدا من ولد تلك المرأة ولا من ولد خاله، ما كان قبل الرضاع أو بعده، إذا (¬2) كان اللبن من الخال. وإن كان من غير الخال حرم ولد المرأة، ولم يحرم ولد الخال من غيرها. ولو أن رجلاً له امرأتان فأرضعت إحداهما صبية والأخرى صبياً لم يكن لأخي (¬3) ذلك الرجل أن يتزوج تلك الصبية إن كان الأخ أخاه (¬4) من الأب والأم أو من الأب أو من الأم؛ لأنها ابنة أخيه (¬5) من الرضاعة. وكان يجوز لأبناء (¬6) أخيه أن يتزوجوا بها؛ لأنها ابنة عمهم من الرضاعة (¬7). ولا يجوز لأب ذلك الرجل ولا لعمه أن يتزوجوا تلك الصبية. ولا يجوز لابن ذلك الرجل ولا لابن ابنه (¬8) وإن سفلوا إن كان ولد من (¬9) تلك المرأة التي أرضعت الصبية أو من غيرها لم يحل لهم أن يتزوجوا تلك الصبية؛ لأنها قد صارت ولد أبيهم من الرضاعة. وكذلك لا يجوز لخال ذلك الرجل أن يتزوج بهذه الصبية؛ لأنها ابنة ابن أخيه ولا تحل (¬10) له. ولا يجوز لهذا الصبي المرضع أن يتزوج التي أرضعته ولا أختها ولا أمها ولا خالتها ولا عمتها. ولا يحل [له] ولدها من هذا الزوج كان أو من غيره ولا ولد ولدها من ذكر أو أنثى وإن سفل؛ لأنهم ولد أخيه من الرضاعة (¬11). ¬

_ (¬1) ز: المرضعة. (¬2) م ش ز: وإذا. (¬3) ز: لأخ. (¬4) م ش ز: أخوه. (¬5) ش: أخته. (¬6) ز: لابن. (¬7) ش - وكان يجوز لأبناء أخيه أن يتزوجوا بها لأنها ابنة عمهم من الرضاعة. (¬8) م ز: لابن ابنته. (¬9) ز - من. (¬10) ز: يحل. (¬11) ش - ولا ولد ولد منها من ذكر أو أنثى وإن سفل لأنهم ولد أخيه من الرضاعة.

وكذلك لا يجوز للصبي أن يتزوج ولد أبيه من الرضاعة إن كانوا من هذه المرأة أو من غيرها، ولا ولد ولده، ولا أخت هذا الأب من الرضاعة (¬1) إن كان لأب وأم أو لأب أو لأم، ولا خالته ولا عمته؟ لأنه قد صار أباه (¬2) من الرضاعة. وإذا أرضعت امرأة صبية لم يكن لابنها (¬3) ولا لابن ابنها من ذلك الرجل الذي كان اللبن منه أو من (¬4) غيره أن يتزوجوا تلك الصبية ولا ولدها ولا ولد ولدها. ولا لأخ هذه المرأة أن يتزوج الصبية ولا ولدها (¬5) ولا ولد ولدها (¬6)، إن كان أخاها (¬7) لأبيها وأمها أو لأبيها أو لأمها (¬8) فهو سواء. ولا لعم المرأة ولا لخالها (¬9) ولا لأبيها ولا لجدها مِن قِبَل أبيها كان أو أمها أن يتزوج أحد (¬10) منهم تلك الصبية ولا أحداً من ولدها. ولو أن رجلاً له امرأة أرضعت صبياً فقد صار ابن ذلك الرجل من الرضاعة. فإن تزوج ذلك الصبي بامرأة دخل بها أو لم يدخل بها أو مات عنها أوطلقها لم يكن لزوج تلك المرأة التي أرضعته أن يتزوج تلك المرأة التي كان الصبي تزوج بها. ولم يكن للصبي أن يتزوج امرأة ذلك الرجل التي أرضعته امرأته؛ لأنه (¬11) قد صار أباه (¬12) من الرضاعة. وقد جاء الحديث: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب". تحرم (¬13) امرأته على ابنه (¬14). أقاموا الأب من الرضاعة مقام ذلك. ¬

_ (¬1) م ز + إن كانوا من هذه المرأة أو من غيرها ولا ولد ولده ولا أخت هذا الأب من الرضاعة. (¬2) ز: أبوه. (¬3) ز: لأبيها. (¬4) ز - من. (¬5) م ش ز: ولا لولدها. (¬6) م ش ز + ولا لأخ هذه المرأة أن يتزوج الصبية ولا لولدها ولا ولد ولدها. (¬7) م ش ز: أخوها. (¬8) م ش ز: وأمها. (¬9) ش + وأمها أو لأبيها فهو سواء ولا لعم المرأة ولا لخالها. (¬10) م ش ز: أحدا. (¬11) م ش ز: لأنها. (¬12) ز: أبوه. (¬13) ز: يحرم. (¬14) ز: على أبيه.

وقال بعض أهل العلم: إن امرأة الابن من الرضاعة لا تحرم. واحتجوا بأن الحديث: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب". فقال: إن امرأة الابن ليس بينه وبينها نسب. وإنما حرمت بسبب النسب. ولم يجئ في الحديث: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ولسبب (¬1) النسب. وأكثر أهل العلم على القول (¬2) الأول أنها تحرم. والتنزه أفضل. ولو أن امرأة لم تتزوج (¬3) ولم توطأ نزل لها لبن فأرضعت به صبياً فإنها تكون (¬4) أمه من الرضاعة (¬5) وتقوم في ذلك مقام من لها زوج. غير أنها لا تحرم إلا من كان بنسبها (¬6) مِن قِبَل الرجال والنساء ممن كان ذا رحم منها. فإن ولدت بعد ذلك ولداً كان يكون ذلك الصبي الذي أرضعته محرماً منها ومن ولدها وولد ولدها وأخواتها وعماتها وخالاتها (¬7). ولو أن امرأة طلقها زوجها أو مات عنها فأرضعت صبياً بعد موت الرجل أو بعدما انقضت عدتها، فأسقت بذلك اللبن الذي كان من ذلك الرجل، فإنه يقوم في التحريم مقام لو لم يمت عنها ولا طلق حتى ينقطع ذلك اللبن. فإن تزوجت رجلاً آخر بعدما مات عنها الأول أوطلقها فأرضعت صبياً كان اللبن من الأول. فإن علقت من الثاني ونزل لها لبن فإن قول أبي حنيفة: اللبن من الأول والتحريم للأول حتى تضع (¬8) من الثاني، فإذا وضعت من الثاني (¬9) بطل (¬10) لبن الأول. وقال أبو يوسف: هو من الأول، وإن عرف هذا اللبن من الحبل الثاني فقد انقطع الأول. وقال محمد: أستحسن أن يكون إذا نزل من الثاني أن يكون منهما جميعاً، ويقومان في الحرمة مقاماً واحداً الأول والثاني. وهو أجود الأقاويل. فإذا وضعت كان من الثاني. ¬

_ (¬1) م ز: ونسب. (¬2) م ش ز: على العقد (ش مهملة). (¬3) ز: لم يتزوج. (¬4) ز: يكون. (¬5) ز: من الرضاع. (¬6) ز. ينسبها. (¬7) ش: وخالاتها وعماتها. (¬8) ز: حتى يضع. (¬9) ز - فإذا وضعت من الثاني. (¬10) م ش ز: وبطل.

ولو أن امرأة أُخذ لبنها في مِسْعَط (¬1) فلم يُسْقَ (¬2) حتى ماتت ثم أسقي بعد موتها، أو أخذ من لبنها وهي ميتة فأسقي به صبي، فإنه (¬3) يقوم في التحريم مقام السقي في الصحة والحياة. والسَّعُوط والوَجُور (¬4) يقومان مقاماً واحداً في التحريم. ولو أخذ مسعطاً من لبن امرأة وأسقي منه غلام أو سقيت منه جارية فإنه بمنزلة شربهما جميعاً من لبن واحد؛ لأنه يصل إلى الجوف. ولو كان صب في أذن صبية أو صبي فإنه لا يحرم. وكذلك لو حقن منه صبي لم يحرم. ولو جعل لبن امرأة في طعام أو دواء فكان الغالب الطعام أو الدواء لم يحرم، وإن كان اللبن هو الغالب فإنه يحرم، وهو بمنزلة الشرب. ولو شرب اللبن مع شراب أو دواء أو غيره فكان لا يوجد للبن (¬5) طعم ولا لون لم يحرم. وإن كان اللبن يوجد طعمه ويرى لونه فإنه يحرم. ولا يكون رضاع إلا في الحولين جميعاً. وقليله وكثيره في الحولين سواء. فإذا تم الحولان فلا رضاع بعد ذلك. فمن أرضعته المرأة بعد الحولين فإنه لا يحرم عليها ولا على زوجها، ولا تحرم (¬6) هي أيضاً عليه. ولو أن صبيين شربا من لبن شاة أو بقرة أو غير ذلك من البهائم لم يكن رضاعاً (¬7). ولا يكون رضاع إلا من لبن بنات آدم. والرضاع في دار الإسلام وفي دار الكفر سواء، يحرم عليهم كما يحرم على المسلمين. ولو أن رجلاً تزوج صبية فأرضعت الصبية أم الرجل (¬8) من النسب أو ¬

_ (¬1) المِسْعَط والمُسْعُط هو الإناء الذي يوضع فيه السَّعُوط وهو الدواء الذي يصب في الأنف. انظر: مختار الصحاح، "سعط"؛ والقاموس المحيط، "سعط". واستعمل هنا للبن. (¬2) ز: يسقا. (¬3) ز + فإنه. (¬4) هو ما يصب في الفم من الدواء. انظر: القاموس المحيط، "وجر". واستعمل هنا للبن. (¬5) م ز: اللبن. (¬6) ز: يحرم. (¬7) ز: رضاع. (¬8) م ش ز: أم رجل.

من الرضاعة أو جدته من نسب أو رضاع أو والدته من نسب أو رضاع أو أخته من نسب أو رضاع حرمت عليه الصبية بذلك كله، وتبين منه، ولا تحل له أبداً، ويغرم لها نصف الصداق، ويرجع (¬1) به على التي أفسدت عليه إن كان تعمدت الفساد. وإن لم تتعمد (¬2) الفساد فلا شيء عليها. ولو كانت أرضعت هذه الصبية خالة الرجل أو عمته من نسب أو رضاع لم تحرم (¬3) عليه. وإن كانت أرضعتهما امرأة أبيه، فإن كان اللبن (¬4) الذي كان للمرأة من لبن أبيه فهي حرام. وإن كان من غير أبيه فهي حلال، ولا تبين. وكذلك لو أرضعتهما امرأة أخيه، فإن كان اللبن من أخيه حرمت عليه أيضاً. وإن كانت من غير لبن أخيه لم تحرم عليه. فإن (¬5) أرضعتهما امرأة ابنه (¬6) فإن كان اللبن لابنه فهي حرام عليه، وإن كان من غير ابنه فهي حلال. وكذلك ابن ابنه. فإن أرضعتها امرأة عمه (¬7) أو امرأة خاله فإن كان اللبن من عمه أو خاله أو لم يكن فإنها لا تحرم عليه. فإن أرضعتها امرأة جده من قبل أبيه أو من قبل أمه فإن كان اللبن منه فإنها تحرم، وإن لم يكن اللبن (¬8) منه فإنها لا تحرم عليه. ولو أن رجلاً له امرأتان صغيرة وكبيرة فأرضعت أم الكبيرة (¬9) الصغيرة فإنهما تبينان جميعاً الكبيرة والصغيرة؛ لأنهما قد صارتا أختين من الرضاعة. ويكون للكبيرة الصداق إن كان دخل بها. وإن لم يكن دخل بها فلها نصف الصداق وللصغيرة نصف الصداق (¬10). ويرجع بما غرم للكبيرة والصغيرة على التي أرضعت إن كانت تعمدت الفساد. وإن لم تتعمد (¬11) لم يرجع عليها بشيء. وإن كان قد دخل بالكبيرة لم يرجع بما غرم لها على التي أرضعت، ¬

_ (¬1) ز: وترضع. (¬2) ز: يتعمد. (¬3) ز: لم يحرم. (¬4) ش: لبن. (¬5) ز: وإن. (¬6) م ز: أبيه. (¬7) ز - عمه. (¬8) ز - اللبن. (¬9) م ش ز: أم الكبير. (¬10) ز - وللصغيرة نصف الصداق. (¬11) ز: لم يتعمد.

تعمدت (¬1) الفساد أو لم تتعمد (¬2)، ولها الصداق كاملاً. فإن كان لم يدخل بالكبيرة فله أن يتزوج أيتهما شاء من ساعته، إن شاء الصغيرة، وإن شاء الكبيرة، ولا يجمع بينهما؛ لأنها أم امرأته. وليس له أن يتزوج أم الكبيرة التي أرضعت؛ لأنها أم امرأته. ولو كان دخل بالكبيرة ثم طلقهما (¬3) بائناً الصغيرة والكبيرة جميعاً فله أن يتزوج الكبيرة (¬4) قبل أن تنقضي (¬5) عدتها، وليس له أن يتزوج الصغيرة ما دامت الكبيرة في العدة. فإذا انقضت عدة الكبيرة كان له أيضاً أن يتزوج أيتهما شاء. غير أنه ليس له أن يتزوج أم الكبيرة على كل حال. وكذلك جدة الكبيرة هي بمنزلتها إذا كانت أرضعت الصغيرة. ولا نبالي أي الجدتين (¬6) كانت من قبل الأم أو من قبل الأب. فإن كانت من قبل الأم فقد صارت الصغيرة خالة للكبيرة. وإن كانت من قبل الأب فقد صارت الصغيرة عمة الكبيرة. فتحرمان (¬7) جميعاً؛ لأنه لا يجمع بين امرأة وعمتها ولا امرأة وخالتها في النكاح. وهما في التحريم مثل الأم. ولا يحل له أن يتزوج واحدة من الجدتين. فإن كانت ابنة الكبيرة أرضعت الصغيرة، فإن كان دخل بالكبيرة فقد حرمتا عليه جميعاً، ويكون للصغيرة نصف الصداق، ولا يحل له أن يتزوج واحدة منهن؛ لأن التي أرضعت صارت أم امرأته، فصارت لا تحل له. وأما الكبيرة فإنها لا تحل له؛ لأنها أم امرأته. وأما الصغيرة فلا تحل له؛ لأنها ابنة ابنة امرأته - وقد دخل بها - من الرضاعة. ولو لم يكن دخل بالكبيرة فإنها لا تحل له التي أرضعت؛ لأنها أم امرأته (¬8). ولا تحل له الكبيرة؛ لأنها أم [أم] (¬9) امرأته. وتحل له الصغيرة؛ لأنها ابنة ابنة امرأته لم يدخل بها. فإن كانت أرضعتهما أخت الكبيرة بانتا أيضاً؛ لأن الكبيرة قد صارت خالتها، فتبينان جميعاً. فإن ¬

_ (¬1) ز: تعمد. (¬2) ز: لم يتعمد. (¬3) م ش: ثم طلقها. (¬4) ز: للكبيرة. (¬5) ز: أن ينقضي. (¬6) ز: يبالي أي الحدثين. (¬7) ز: فيحرمان. (¬8) م ش ز: امرأتين. والتصحيح من المبسوط، 30/ 298. (¬9) الزيادة من المبسوط، الموضع السابق.

كان دخل بالكبيرة لم يكن له أن يتزوج الصغيرة حتى تنقضي عدة الكبيرة. فإذا انقضت عدتها كان له أن يتزوج أيتهما شاء. ولو كان أرضعتهما (¬1) خالة الكبيرة أو عمتها لم تحرم (¬2) واحدة منهما. ولو أن رجلاً له امرأتان صغيرتان فجاءت أم إحداهما فأرضعت الأخرى فإنهما تبينان جميعاً؛ لأنهما صارتا أختين من الرضاعة. فيكون لكل واحدة منهما نصف الصداق، ويرجع على التي أرضعت إن كانت تعمدت الفساد. وإن لم تتعمد (¬3) لم يرجع عليها بشيء. وكذلك لو جاءت امرأة أجنبية فأرضعت هاتين الصبيتين واحدة بعد الأخرى أو معاً فإنهما تبينان جميعاً، ويكون لكل واحدة منهما نصف صداق، ويرجع على التي أرضعت إن كانت تعمدت الفساد. وليس له أن يتزوج التي أرضعت هاتين الصبيتين ولا أمهما (¬4). وله أن يتزوج من الصغيرتين أيتهما شاء واحدة منهما، ولا يجمع بينهما. وكذلك لا يتزوج ابنة لهذه المرأة التي أرضعت الصبيتين ما دامت واحدة من هاتين عنده؛ لأنهما أختان من الرضاعة. ولو أن هاتين الصبيتين قامتا (¬5) إلى امرأة أجنبية فشربتا منها لبناً (¬6) وهي نائمة فإنهما تبينان جميعاً، ويكون لكل واحدة منهما نصف الصداق، ولا يرجع على المرأة؛ لأنها لم تجن (¬7) عليها. ولا يبطل حق الصبيتين؛ لأن جنايتهما ليست بجناية. ولو أن رجلاً له امرأتان صغيرة وكبيرة فأرضعت الكبيرة الصغيرة فقد بانتا جميعاً، ويكون للصغيرة نصف الصداق، ولا شيء للكبيرة إن لم يكن دخل بها تعمدت الفساد أو لم تتعمد (¬8). ويرجع بما غرم للصغيرة عليها إن كانت تعمدت الفساد. وإن لم تكن تعمدت فلا يرجع به (¬9) عليها. وله أن ¬

_ (¬1) ز: أرضعتها. (¬2) ز: لم يحرم. (¬3) ز: لم يتعمد. (¬4) م ش ز: أمها. (¬5) ز: قاما. (¬6) ز - لبنا. (¬7) ز: لأنهما لم تجني. (¬8) ز: لم يتعمد. (¬9) م ش ز: له.

يتزوج الصغيرة إذا لم يكن دخل بالكبيرة وكان اللبن من غيره. وليس له أن يتزوج الكبيرة؛ لأنها من أمهات النساء. وإن كان دخل بالكبيرة فللكبيرة (¬1) الصداق كاملاً؛ لأنه قد دخل بها. وكل امرأة مدخول بها فعلى أي معنى بانت فلها الصداق كاملاً. وللصغيرة نصف الصداق، يرجع (¬2) على الكبيرة إن كانت تعمدت الفساد. وليس له أن يتزوج واحدة منهما إذا كان دخل بالكبيرة إذا كان اللبن منه أو من غيره. ولو أن رجلاً له امرأتان صغيرتان وامرأة كبيرة فأرضعت الكبيرة الصغيرتين واحدة بعد الأخرى ولم يكن دخل بالكبيرة فإنها تبين الكبيرة (¬3) والصغيرة الأولى التي أرضعتها أولاً (¬4)، ولا تبين التي أرضعتها أخيراً؛ لأنه حيث أرضعت الأولى منهما بانتا لأنه اجتمع امرأة وابنتها في عُقدة. ثم أرضعت هي الأخرى وهي بائنة منه، فلم تبن الصغيرة الأخيرة؛ لأنها تكون ابنة (¬5) امرأته، ولم يدخل بها، فلا يضره ذلك. وكذلك لو أن رجلاً له امرأة صغيرة جاءت امرأة قد كان تزوج بها وطلقها قبل أن يدخل بها فأرضعتها لم يضره ذلك شيئاً. وإنما بانت الصغيرة الأولى والكبيرة لاجتماعهما في ملك الرجل. ولو أرضعتهما جميعاً معاً ولم يدخل بالكبيرة وقد كان اللبن من غيره فإنهن يَبِنَّ جميعاً ثلاثتهن، الكبيرة والصغيرتان (¬6)، ويغرم للصغيرتين لكل واحدة منهما نصف الصداق، يرجع به على الكبيرة إن كانت تعمدت الفساد. وإن لم تتعمد (¬7) فلا يرجع عليها بشيء. والقول قولها مع يمينها في ذلك. ولا شيء للكبيرة تعمدت الفساد أو لم تتعمد (¬8)، فلا يرجع عليها. وليس له أن يتزوج الكبيرة. وله أن يتزوج أيتهما شاء من الصغيرتين. ولو كان قد دخل (¬9) بالكبيرة وقد أرضعت واحدة بعد الأخرى أو معاً ¬

_ (¬1) م ز: فلكبيرة. (¬2) ز + به. (¬3) ش: بالكبيرة. (¬4) م ز: اولى. (¬5) ش - ابنة؛ صح هـ. (¬6) م ش ز: والصغيرة. (¬7) ز: لم يتعمد. (¬8) ز: لم يتعمد. (¬9) م ز: دخلت.

فإنه سواء، وقد بِنَّ ثلاثتهن والكبيرة منهن. وللصغيرتين لكل واحدة منهما نصف مهر، يرجع (¬1) به على الكبيرة إن (¬2) تعمدت. وليس له أن يتزوج واحدة من الثلاث لا الصغيرة ولا الكبيرة. وليس (¬3) له أن يتزوج أم الكبيرة ولا أم واحدة من الصغيرتين ولا ولد الكبيرة قبل التزويج أو بعد التزويج ولا ولداً للصغيرتين (¬4) إن وُلد لهما (¬5) [ولد] ولا أمَّا للصغيرتين (¬6) من رضاع أو نسب. وإنما يحرم عليه ولد الصغيرتين لأنهما قد صارتا ولد ولد امرأة قد دخل بها، ولا يحل له أن يتزوج بها. ولو أن رجلاً له ثلاث نسوة صغار وامرأة كبيرة لم يدخل بها فأرضعت الكبيرة امرأتين من الصغار واحدة بعد الأخرى فإن الكبيرة والصغيرة التي أرضعتها أولاً تبينان (¬7)، ولا تبين (¬8) الصغيرة الثانية التي أرضعتها بعد الأولى، ولا تبين الباقية التي لم ترضعها، وبغرم للصغيرة نصف الصداق، ويرجع على الكبيرة إن كانت تعمدت الفساد، ولا شيء للكبيرة تعمدت الفساد أو لم تتعمد (¬9). وإن أرضعتهما معاً فقد بانت (¬10) الكبيرة والصغيرتان (¬11) اللتان أرضعتهما، ولا تبين التي لم ترضع، وليس له أن يتزوج الكبيرة، وله أن يتزوج أيهما شاء من الصغيرتين اللتين أرضعتهما واحدة منهما، ويجمع بينها وبين التي لم ترضع. وإن كان دخل بالكبيرة بانت الكبيرة والصغيرتان التي أرضعتهما، وليس له أن يتزوج واحدة من الصغيرتين على حال ولا الكبيرة أيضاً، وللكبيرة مهر كامل، وللصغيرتين لكل واحدة (¬12) منهما نصف مهر، ويرجع على الكبيرة إن كانت تعمدت ¬

_ (¬1) ز: ترجع. (¬2) م ش ز: وإن. (¬3) م ش ز: فليس. (¬4) ز: ولد للصغيرين. (¬5) م ش ز: إن ولدهما. (¬6) ز: للصغيرين. (¬7) ز: تبين. (¬8) م ز + ولا تبين. (¬9) ز: لم يتعمد. (¬10) ش - تعمدت الفساد أو لم تتعمد وإن أرضعتهما معاً فقد بانت. (¬11) ش: للكبيرة وللصغيرتان. (¬12) ز: واحد.

الفساد. ولو كانت أرضعت الثلاثة واحدة بعد الأخرى ولم يدخل بالكبيرة فإنهن يبن أربعتهن؛ لأنه حيث أرضعت الأولى منهما بانت الكبيرة والصغيرة التي أرضعت أولاً. فلما أرضعت الثانية من الصغار كان نكاحاً ثانياً كالتي (¬1) لم ترضع، فلما أرضعت الثالثة صارتا أختين، فبانتا (¬2). ويفرض لكل واحدة من الثلاثة نصف الصداق، ويرجع به على الكبيرة إن تعمدت الفساد. وأما هي فلا شيء لها تعمدت الفساد أو لم تتعمد (¬3). وليس له أن يتزوج الكبيرة، وله أن يتزوج ما شاء من الثلاث واحدة فقط. ولو كانت أرضعت اثنتين معاً والثالثة على الانفراد كانت الكبيرة والصغيرتان اللتان أرضعتهما معاً يبن، ولا تبين الثالثة. وليس له أن يتزوج الكبيرة التي أرضعت ولا واحدة من هاتين الصغيرتين حتى تخرج الأخيرة من ملكه. فإذا خرجت من ملكه كان له أن يتزوج ما شاء من الصغيرتين. فإن ماتت (¬4) أوطلقها كان له أن يتزوج الأخرى، وليس له أن يتزوج الكبيرة على حال. ولو كانت الكبيرة أرضعت إحدى الصغار على الانفراد فأرضعت الصغيرتين الأخريين معاً فإنهن يبن كلهن. وله أن يتزوج ما شاء من الصغار واحدة. وليس له أن يتزوج الكبيرة على حال. ولا شيء للكبيرة. وللصغار لكل واحدة نصف الصداق، ويرجع به على الكبيرة إن كانت تعمدت الفساد. ولو دخل بالكبيرة (¬5) وأرضعت الثلاث واحدة بعد الأخرى أو اثنتين معاً وواحدة على الانفراد أو واحدة ثم اثنتين فإنهن يبن جميعاً كل من أرضعت. وليس له أن يتزوج واحدة من الصغار ولا من أولاد الصغار (¬6) ولا من أولاد أولادهن ولا من أمهاتهن ولا الكبيرة التي أرضعت على حال من الأحوال. ولو كانت بقيت واحدة لم ترضعها كان نكاحها صحيحاً. ¬

_ (¬1) م ش ز: والتي. (¬2) وعبارة السرخسي: ثم بإرضاع الثانية لا تقع الفرقة بينه وبينها، ولكن حين أرضعت الثالثة صارتا أختين فتقع الفرقة بينه وبينها أيضاً. انظرة المبسوط، 30/ 300. (¬3) ز: لم يتعمد. (¬4) ز: مات. (¬5) ش - ولو دخل بالكبيرة. (¬6) ش ز - ولا من أولاد الصغار.

ولو أن رجلاً له امرأة صغيرة وثلاث نسوة كبار ولم يدخل (¬1) بهن فأرضعت إحدى الكبار الصغيرة فإنهما تبينان جميعاً الصغيرة والكبيرة التي أرضعتها، والباقيتان الكبيرتان (¬2) على حالهما، وله أن يتزوج الصغيرة، وليس له أن يتزوج الكبيرة. فإن لم يتزوج الصغيرة حتى أرضعتهما إحدى الكبيرتين فإن الكبيرة تبين، وليس له أن يتزوج بها، وله أن يتزوج الصغيرة مع الكبيرة الثانية التي لم ترضعها. فإن أرضعت الكبيرة الثالثة (¬3) وقد تزوج بالصغيرة أو لم يتزوج فهو سواء، وليس له أن يتزوج واحدة من الكبار. ولو كُنّ الكبار دخل بهن ثم أرضعت واحدة منهن الصغيرة فإنهما تبينان الصغيرة والكبيرة، وليس له أن يتزوج واحدة منهما. وكذلك إذا أرضعت [واحدة] من الكبيرتين الصغيرة بعدما (¬4) بانتا (¬5) فإنها تحرم، وليس له أن يتزوج واحدة منهما. ولو أن رجلاً له امرأتان صغيرة وكبيرة فطلق الكبيرة ثم جاءت بعد الطلاق فأرضعت الصغيرة، فإن كان لم يدخل بها فنكاح الصغيرة ثابت، ولا يضرها رضاع الكبيرة. ولو كان دخل بالكبيرة فجاءت بعدما انقضت عدتها أو قبل أن تنقضي (¬6) فأرضعت الصغيرة فإنها تبين، ويغرم للصغيرة نصف الصداق، ويرجع به على الكبيرة إن كانت تعمدت الفساد. وكذلك لو أرضعتها وهي في العدة أو أرضعتها ولم يطلقها، إذا كان قد دخل بها فهو سواء، ولا تحل له واحدة منهما. ولو كان طلق الصغيرة ولم يطلق الكبيرة ثم إن الكبيرة ذهبت فأرضعت الصغيرة بانت الكبيرة إن كان دخل بها أو لم يدخل بهاث لأنها صارت من أمهات النساء. ولها المهر إن كان دخل بها. وإن لم يكن دخل بها فلا شيء لها تعمدت الفساد أو لم تتعمد (¬7). وليس له أن يتزوج الكبيرة على حال، وله أن يتزوج الصغيرة إن كان لم يدخل بالكبيرة. فإن كان دخل بالكبيرة فليس له أن يتزوج واحدة منهما. وإن كان ¬

_ (¬1) ز: ولم خل. (¬2) م ز: والباقيتين الكبيرتين. (¬3) ز - التي لم ترضعها فإن أرضعت الكبيرة الثالثة. (¬4) م ش ز: بعدها. (¬5) م ز: ثانيا. (¬6) ز: أن ينقضي. (¬7) ز: لم يتعمد.

طلقهما جميعاً ولم يكن دخل بالكبيرة ثم إن الكبيرة أرضعت الصغيرة بانتا جميعاً، [و] كان له أن يتزوج الصغيرة، وليس له أن يتزوج الكبيرة. وإن كان دخل بالكبيرة ثم طلقهما جميعاً ثم أرضعتهما بعد الطلاق لم يكن له أن يتزوج واحدة منهما. ولو أن امرأة جاءت إلى رجل وله ولد (¬1) صغير فأرضعت ولده كان للرجل أن يتزوج تلك المرأة. وكذلك لو جاءت امرأة إلى رجل وله أخ صغير أو أخت فأرضعتها كان له أن يتزوج تلك المرأة أو أمها أو ولداً (¬2) كان لها. ولو أن رجلاً له خالة صغيرة أو ابنة ابن صغيرة كان للرجل أن يتزوج بالمرأة التي أرضعتهن. ولو أن رجلاً أرضعت أمه جارية لها إخوة وأخوات كان له أن يتزوج أخوات تلك الجارية، وإنما تحرم عليه تلك الجارية بعينها؛ لأن أمه أرضعت تلك بعينها. وكذلك كل ولد لهذه المرأة التي أرضعت تلك الصبية ولدت قبل أن ترضع تلك الصبية. وكل ولد بعدما أرضعت فإنه حرام على تلك الصبية أن يتزوج تلك الصبية، ولا يحرم على أخواتها. ولو أن امرأتين لإحداهما بنون وللأخرى بنات فأرضعت التي لها البنات ابناً واحداً من بني (¬3) المرأة التي لها البنون لم يكن لذلك الابن بعينه أن يتزوج بشيء من بنات تلك المرأة أحداً، ولا من ولد ولده قبل الرضاع أو بعد الرضاع، وكان للباقي إلا ولد المرأة التي لها البنون أن يتزوجوا من شاؤوا من بنات المرأة التي أرضعت أخاهم، ولهم أيضاً أن يتزوجوا بالمرأة بعينها التي أرضعت أخاهم. ولو كانت المرأة التي لها البنون أرضعت من ولد تلك المرأة التي لها البنون لم يكن لواحد من بني المرأة أن يتزوج تلك الصبية وحدها التي ¬

_ (¬1) ز - ولد. (¬2) م ش ز: أو ولد. (¬3) ز: من بنين.

أرضعتها أمهم، وكان لهم أن يتزوجوا بالباقي من أخواتها. ولو كانت أم البنات أرضعت من البنين والتي لها البنون أرضعت واحدة من البنات لم يكن لذلك الابن أن يتزوج أحداً من ولد المرأة، وكان لإخوته أن يتزوجوا بنات تلك المرأة أم البنات إلا الابنة التي أرضعتها أمهم وحدها؛ لأنها أختهم من الرضاعة. ولو أن رجلاً اشترى ثلاث أخوات متفرقات كان له أن يطأ الأخت من الأب والأخت من الأم، ويجمع بينهما. وليس له إذا وطئ واحدة منهما أن يطأ الأخت من الأب والأم. ولو كان بدأ فوطئ الأخت من الأب والأم لم يكن له أن يطأ الأخت من الأب ولا الأخت من الأم حتى يحرّم (¬1) الأخت من الأب والأم ببيع أو هبة أو تزويج له. ولو كان لكل واحدة منهن ابنة فاشترى البنات وحدهن ولم يشتر (¬2) الأم (¬3) كان له أن يطأ ثلاثتهن جميعاً. ولو اشترى البنات والأمهات كلهن كان له أن يطأ إن شاء البنات ثلاثتهن، وإن شاء الأمهات الأخت من الأب والأخت من الأم، ويجمع بينهما. وإن أراد أن يطأ بعض الأولاد وبعض الأمهات (¬4) فله أن يطأ الأخت من الأب وابنة الأخت من الأم (¬5) وابنة الأخ من الأب. ولو وطئ الأخت من الأب والأم لم يكن له أن يطأ واحدة من الأخوات، لا الأخت (¬6) من الأب ولا الأخت (¬7) من الأم ولا واحدة من البنات على الجمع (¬8) حتى يخرج الأخت من الأب والأم من ملكه. فإذا أخرجها من ملكه ببيع أو نكاح أو هبة كان له أن يطأ الأخت (¬9) لأب مع الأخت (¬10) من الأم وأن يجمع بينهما إن شاء. ابنة الأخت من الأب وابنة ¬

_ (¬1) ز: تحرم. (¬2) ز: يشتري. (¬3) م ز: للأم. (¬4) م: للأمهات. (¬5) م ز + بين الأخت من الأم. (¬6) م ز: للأخت. (¬7) م ز: للأخت. (¬8) م ز: على الجماع. (¬9) ز - الأخت من الأب والأم من ملكه فإذا أخرجها من ملكه ببيع أو نكاح أو هبة كان له أن يطأ الأخت. (¬10) م - لأب مع الأخت؛ صح هـ.

مسألة من الرضاع

الأخت من الأم يجمع بينهما (¬1). وليس له أن يطأ ابنة الأخت من الأب والأم، لأنه قد وطع أمها. وإن كان وطئ من الستة ابنة (¬2) الأخت من الأب والأم لم يكن له أن يطأ واحدة من الأمهات [قبل أن يحرّم ابنة الأخت من الأب والأم] (¬3) على نفسه (¬4) وكان له [أن يطأ] (¬5) معها ابنة الأخت من الأب وابنة الأخت من الأم، وكان له أن يجمع بينهن. ... مسألة من الرضاع وإذا تزوج الرجل المرأة فشهدت امرأة أنه أرضعتهما فإنها لا تصدق عليها. وكذلك لو شهدت امرأة أخرى. وكذلك إن كانت أم الزوج أو أم المرأة فإنها لا تصدق على الرضاع لتفسد النكاح. وكذلك لو شهدت امرأة أخرى كان ذلك باطلاً لا يجوز حتى يشهد رجلان أو رجل وامرأتان. فإذا شهد هؤلاء (¬6) فليس (¬7) يسعهما أن يقيما على النكاح، ولا يحل ذلك لهما. وإن رفعهما إلى السلطان فرق بينهما. وما كان ولد بينهما فهو ثابت النسب. والصداق لها إن كان دخل بها إلا أن يكون صداق مثلها أقل من ذلك فيعطيها الأقل. وإن (¬8) لم يكن دخل بها فلا صداق لها. وهما في سعة من القيام على النكاح ما لم (¬9) يشهد رجلان عدلان أو رجل وامرأتان عدول. وكذلك المرأة تشهد (¬10) بذلك قبل عقدة النكاح فهو في سعة من تكذيبها ¬

_ (¬1) ز - إن شاء ابنة الأخت من الأب وابنة الأخت من الأم يجمع بينهما. (¬2) ز: أبيه. (¬3) الزيادة مستفادة من المبسوط، 30/ 302. (¬4) م ش ز: على بينهن. والتصحيح من المصدر السابق. (¬5) الزيادة من المصدر السابق. (¬6) ز: شهدها ولاى. (¬7) م ش ز: وليس. (¬8) ز: فإن. (¬9) م ز - لم. (¬10) ز: يشهد.

وإن كانت عدلة. وكذلك لو شهد معها رجل آخر كان في سعة من تكذيبهم. وهو الذي يلزمه في الحكم. فأما في (¬1) التنزه والاحتياط فينبغي إذا أخبرته (¬2) امرأة عدلة أو امرأتان وجاء من ذلك ما لا يشبه التواطؤ (¬3) فإن التنزه عن ذلك أفضل. ولو قالت امرأة: إني أرضعتكما، وصدقتها المرأة وكذبها الزوج فإنه لا يجب على الرجل تصديق المرأة بالتنزه، وهما على النكاح. ولو صدق الرجل وكذبت المرأة فإنها تبين؛ لأن الطلاق إلى الرجل. فإذا زعم أن المرأة حرام عليه صدق، ويلزمه المهر إن كان دخل بها الذي سمى لها، ونصف المهر إن لم يكن دخل بها. وإن كانا قد صدقاها جميعاً كانت المرأة تبين من الزوج ويكون لها ما سمى لها إن كان دخل بها إلا أن يكون مهر مثلها أقل، فإن لم يكن دخل بها فلا شيء لها. ولو أن رجلاً له امرأة كبيرة وامرأة صغيرة ولابنه امرأة كبيرة وامرأة صغيرة فأرضعت امرأة الأب امرأة الابن وأرضعت امرأة الابن (¬4) امرأة الأب واللبن (¬5) منهما فقد بانت امرأة الأب الصغيرة وامرأة الابن الصغيرة، ولا تحل واحدة من الصغيرتين للأب ولا للابن، وأما الكبيرتان (¬6) فنكاحهما ثابت (¬7)، والصغيرتان (¬8) لكل واحدة منهما نصف المهر على زوجها، وترجع كل واحدة منهما على التي أرضعتها إن كانت تعمدت الفساد. ولو كان مكان الابن أخوان (¬9) كان الجواب فيها كذلك. ولو كان رجل وعمه مكان الأخوين فإن امرأة ابن الأخ نكاحها ثابت على حاله (¬10)، وكانت امرأة العم الصغيرة تبين منه، ويغرم (¬11) لها نصف المهر، وترجع (¬12) ¬

_ (¬1) ز - في. (¬2) ز: إذا اخترته. (¬3) ز: التواطئ. (¬4) ش - الابن. (¬5) م ز: والكبر؛ ش: والكبيرة. والتصحيح من المبسوط، 30/ 303. (¬6) ز: الكبيرتين. (¬7) ز: بانت. (¬8) ز: والصغيرتين. (¬9) ز: أخوين. (¬10) م ش ز: على حالها. (¬11) م ز: ويقوم. (¬12) ز: ويرجع.

باب من نكاح الشبهة

بها على امرأة (¬1) ابن الأخ إن كانت تعمدت الفساد (¬2). [ولو كانا رجلين غريبين] (¬3) لم تبن كل واحدة منهما منه، [لأن كل واحدة منهما صارت ابنة الزوج الآخر من الرضاع، وليس بين الزوجين قرابة] (¬4). ولو كان اللبن الذي أرضع به (¬5) من النساء ليس من الأزواج لم يحرم شيئاً، وكان النكاح على حاله. ... باب من نكاح الشبهة قال: ولو أن أخوين تزوجا أختين فأدخلت امرأة كل واحد منهما على أخيه فوطئ كل واحد منهما امرأة أخيه فإن الحكم أن ترد كل واحدة منهما إلى زوجها، ويجعل (¬6) على الذي وطئها مهر مثلها، ولا يطأ واحد منهما امرأته التي ردت عليه حتى تحيض عنده ثلاث حيض. فإن حاضت إحداهما ولم تحض (¬7) الأخرى فليس لواحد منهما أن يطأ حتى تحيض كل واحدة منهما ثلاث حيض. فإذا حاضت كل واحدة منهما فله أن يطأ امرأته. وقد وجبت (¬8) لكل واحدة منهما مهر [مثلها] على زوجها، ومهر مثلها على أخ زوجها بالوطء. ولا حد على كل واحد من الرجلين والمرأتين (¬9) إذا ادعوا شبهة. ولو ولدت كل واحدة منهما ولداً فإن الولد يلزم الذي وطئ إذا جاءت به لأكثر من ستة أشهر أو لستة أشهر ما بينها وبين سنتين ما لم تقر بانقضاء العدة. ولو كانت جاءت بالولد لأقل من ستة أشهر منذ وطئها فإنها لا تلزمه (¬10). ¬

_ (¬1) م ش ز: على المرأة. (¬2) م ش ز: على تبين. (¬3) الزيادة من المبسوط، 30/ 303. (¬4) الزيادة من المصدر السابق. (¬5) م ش ز: أرضعت له. والتصحيح من المصدر السابق. (¬6) ز: ويحصل. (¬7) ز: تحيض. (¬8) م ز: وقد وفيت. (¬9) ز: وامرأتين. (¬10) ز: لا يلزمه.

ولو أن أحد الأخوين دخل بامرأة أخيه ووطئها والأخرى أدخلت ولم يطأ فإن الذي وطئ يغرم المهر للذي (¬1) وطئها وترد على زوجها، وترد الأخرى التي أدخلت على الأخ الآخر الذي لم يطأها على زوجها، ولا يغرم شيئاً. لا توجب (¬2) الخلوة مهراً إذا كان خلوة على شبهة أو خلوة لا تحل. وكذلك لو كان وطئها دون الفرج لم يجب عليه مهر. ولا يكون لواحد منهما أن يطأ امرأته حتى تحيض الموطوءة ثلاث حيض؛ لأن الذي وطئ لا يجوز له أن يطأ امرأته، لأنها في عدة من أخيه. هذا الحكم في هذه المسألة. وقد استحسن بعض الفقهاء إذا كان كل واحد منهما (¬3) وطئ المرأة التي أدخلت عليه أن يطلق امرأته التي لم يدخل (¬4) بها، ويغرم لها نصف المهر، ويزوج كل واحد منهما المرأة التي وطئها، ويغرم لها مهر مثلها بالدخول الأول الذي كان على شبهة ومهراً ثانياً (¬5) بالنكاح المستقبل، فيصير في يدي كل امرأة منهما مهران (¬6) ونصف لكل واحدة منهما؛ لأن كل واحدة منهما قد طلقها زوجها قبل أن يدخل بها، ولكل واحدة (¬7) منهما مهر على الذي دخل بها بنكاح الشبهة، ومهر بنكاح مستقبل، فصار لكل واحدة منهما مهران (¬8) ونصف. وهذا القول إن أحب كل واحد منهما أن يطلق امرأته [التي] ردت إليه على ما وصفت لك. ولو كان هؤلاء الأخوان (¬9) لم تكن (¬10) امرأتاهما (¬11) أختين وكانتا أجنبيتين (¬12) فأدخلت كل واحدة منهما على زوج صاحبتها فإنه يفرق بينهما، وترد كل واحدة منهما على زوجها، ولا يغرم كل واحدة منهما مهر التي ¬

_ (¬1) م ز: الذي. (¬2) ز: يوجب. (¬3) ز + قد. (¬4) م - يدخل؛ صح هـ. (¬5) م ش ز: ومهر ثاني. (¬6) ز: مهرين. (¬7) ز: واحد. (¬8) ز: مهرين. (¬9) ز: الأخوين. (¬10) ز: لم يكن. (¬11) ش: امرأتين؛ ز: امرأتيهما. (¬12) م ش ز: أختين. والتصحيح من المبسوط، 30/ 304.

وطئها، ولا يطأ واحد منهما امرأته التي ردت إليه حتى تحيض ثلاث حيض. فإن حاضت إحداهما ثلاثاً (¬1) ولم تحض الأخرى فإن للزوج التي حاضت امرأته أن يطأها. ولا يشبه هذا مسألة الأختين. الأختان (¬2) إذا انقضت عدة إحداهما كان لزوجها أن يطأها. وما سوى ذلك فعلى ما وصفنا في الأختين (¬3) من المهر والوطء (¬4). ولو أن رجلين أجنبيين تزوجا أختين فأدخلت كل واحدة على زوج أختها كان الجواب فيها مثل الجواب في الأختين. ولو أن أخوين تزوج أحدهما امرأة وتزوج الآخر أمها فأدخلت كل واحدة منهما على غير زوجها ودخل بها فإن الذي دخل بالابنة بانت امرأته منه وهي الأم، وكان عليه للابنة التي وطئها مهر بدخوله بها على شبهة، وقد بانت أمها منه، ويغرم لأمها نصف المهر؛ لأنها بانت قبل أن يدخل بها. وأما الذي وطئ الأم وكانت الابنة امرأته فإنه يغرم أيضاً المهر للأم التي وطئها مهراً بوطئها، ويغرم للابنة التي كانت امرأته نصف المهر، وليس لكل واحد منهما أن ترد إليه امرأته بنكاح أول (¬5) ولا بنكاح ثاني. وأما التي كانت الأم امرأته فوطئ الابنة فله (¬6) أن يتزوج الابنة، والذي كانت الابنة امرأته ليس له أن يتزوج الأم (¬7) التي وطئها. وأما الذي كانت الأم امرأته فله أن يتزوج الابنة التي دخل بها نكاحاً مستقبلاً؛ لأنها ابنة امرأة (¬8) كانت له فبانت منه قبل أن يدخل بها. وأما الذي دخل بالأم فكانت الابنة امرأته فليس له أن يتزوج الأم؛ لأنها أم امرأته. وليس له أن يتزوج الابنة، لأنها ابنة امرأة (¬9) قد وطئها. وكذلك هذه المسألة في الأجنبيين (¬10) الجواب فيها كالجواب في الأخوين فاعرف. ¬

_ (¬1) ز: ثلث. (¬2) ز: الأختين. (¬3) م ش ز: في الأخير. (¬4) م ش ز: والولد. (¬5) ش - أول. (¬6) م ز: فيه. (¬7) ش+ هو. (¬8) م ز: امرأته. (¬9) م ش ز: امرأته. (¬10) م ش ز: في الأختين. والتصحيح مستفاد من المبسوط، 30/ 304.

ولو أن رجلاً وابنه تزوجا امرأتين أجنبيتين فأدخلت كل واحدة منهما على زوج صاحبتها، فإن كان الأب (¬1) هو الذي دخل بامرأته فإن ابنه يغرم لها مهراً بدخوله بها، وتبين من الأب، ولا يغرم الأب شيئاً؛ لأن البينونة كانت من قبلها. ويغرم الأب لامرأة ابنه التي دخل بها مهراً بدخوله (¬2) بها، وتبين من الابن، ولا يغرم لامرأته شيئاً. ويغرم كل واحد منهما للمرأة التي وطئها مهراً، ولا يغرم لامرأته شيئاً؛ لأن الوطء كان بالمطاوعة. وليس لكل واحد منهما أن يتزوج واحدة من المرأتين على كل حال. وإن كان الابن دخل بامرأة أبيه ووطئها ولم يطأ الأب امرأة ابنه ولم يمسها فإن الابن يغرم لهذه المرأة التي دخل بها مهراً بالدخول، وترد إليه امرأته على النكاح الأول؛ لأن أباه لم يمسها ولم يحدث لها طلاقاً. وأما المرأة التي وطئها الابن فإنه يغرم لها مهراً، وليس للأب أن يتزوج بها؛ لأنها امرأة (¬3) قد وطئها ابنه. ولا يغرم الأب للتي وطئها ابنه شيئاً ولا للمرأة التي لم يدخل بها. وإن كان الأب هو الذي وطئ امرأة الابن ولم يطأ الابن فإن الذي وطئها يغرم لها مهراً بوطئه إياها، وتبين من الابن، ولا يغرم لها الابن شيئاً؛ لأنها قد بانت منه حين وطئها أبوه. ولا يكون لواحد منهما أن يتزوج التي وطئ الأب، وترد امرأة الأب إليه بالنكاح الأول. ولو أن رجلاً تزوج امرأة وتزوج ابنه بابنتها فأدخلت امرأة الأب على الابن وأدخلت امرأة الابن على الأب، فإن كان الابن الذي وطئ أولاً (¬4) فعليه للتي وطئها مهر، وتبين امرأته، ويكون لها عليه نصف المهر، ويكون على الأب للتي (¬5) وطئها مهر، ولا يغرم لامرأته شيئاً؛ لأنها هي أبانت نفسها. ولو كان الأب هو الذي كان دخل أولاً (¬6) غرم للتي وطئها مهراً (¬7)، ويغرم لامرأته نصف المهر، لأنها بانت من فعله. وكان الابن ¬

_ (¬1) ز: الابن. (¬2) ز: مدخولة. (¬3) ز: امرأته. (¬4) ز: أول. (¬5) م ز: التي. (¬6) ز: أول. (¬7) ز: مهر.

يغرم للتي وطئها مهراً، ولا يغرم لامرأته شيئاً. ولا يكون لكل واحد منهما أن يتزوج (¬1) واحدة من المرأتين؛ لأن الابن حين وطئ امرأة أبيه لم يكن له أن يتزوج هذه التي وطئها؛ لأنها كانت امرأة أبيه، ولأنها أم أم امرأته. ولم يكن له أيضاً أن يغرم على امرأته التي كان تزوجها؛ لأن أباه كان وطئها. ولا يحل له أن يتزوج امرأة وطئها أبوه؛ لأنها امرأة أبيه. ولم يكن له أن يقيم على امرأته التي كان تزوجها؛ لأن ابنه قد وطئها. ولو كان الوطء منهما جميعاً معاً لم يكن لواحدة (¬2) منهما على زوجها شيء، ولم يكن لكل واحد منهما أن يتزوج واحدة منهما. ولو أن رجلين بينهما جارية جاءت بولد فادعياه جميعاً معاً فإنه يحكم به لهما، يرثهما ويرثانه، ويكون ابنهما (¬3) جميعاً، ولا يكون لواحد منهما أن يطأ الجارية، ولا يغرم واحد (¬4) منهما لصاحبه شيئاً، ويكون ما وجب لكل واحد منهما على صاحبه قصاصاً (¬5). فإن مات أحدهما عتقت الجارية، وتسعى (¬6) للباقي في نصف قيمتها أم ولد. ولو كان ادعى أحدهما الولد دون صاحبه فإنه يثبت نسبه، وتكون (¬7) أم ولده، ويضمن شريكه نصف العقر (¬8) ونصف قيمة الجارية. ولو أن رجلاً وطئ جارية ابنه وأولدها فإن قول أصحابنا في ذلك: للأب (¬9) أن يضمن قيمة الجارية، وتكون (¬10) أم ولد له، ولا حد عليه في ذلك (¬11) ادعى (¬12) شبهة أو لم يدع (¬13). ولو أن رجلا وطئ جارية (¬14) أبيه فعليه الحد. فإن ادعى شبهة يدرأ (¬15) عنه الحد. ولو جاءت بولد لم يثبت نسبه ¬

_ (¬1) ز: أن يزوج. (¬2) ز: لواحد. (¬3) م ش: ابنها. (¬4) ز: واحدا. (¬5) م ش ز: قصاص. (¬6) ز: ويسعى. (¬7) ز: ويكون. (¬8) ش: المهر. (¬9) م ش ز: للابن. (¬10) ز: ويكون. (¬11) ز + إن. (¬12) ز + في ذلك. (¬13) ز: لم يدعي. (¬14) ز: الجارية. (¬15) ز: يدرى.

منه، وعليه العقر. وكذلك لو وطح جارية أخيه أو جارية أخته أو جارية ابن أخيه فإنه في ذلك يضرب الحد. وإن ادعى شبهة ضرب الحد أيضاً. وهم في ذلك بمنزلة الأجنبيين، ولا يثبت نمسب الولد من ذلك أيضاً. وأما الأمة فما أزلت فيه الحد عن الرجل أزلت فيه الحد عن الأمة، وما لزم الرجل لزم الأمة. ولو أن رجلاً له أم ولد زوجها من صبي ثم أعتقها فخيرت فاختارت نفسها ثم تزوجت زوجاً (¬1) آخر فأولدها فجاءت إلى الصبي الذي كان زوجها فأرضعته فإنها في قولهم تبين من زوجها؛ لأنها لما أرضعت الصبي (¬2) بلبنه (¬3) صار ابنها من الرضاعة وابن زوجها من الرضاعة، فبانت من زوجها؛ لأنها كانت امرأة ابنه من الرضاعة؛ لأن الرجل لا يحل له أن يتزوج امرأة ابنه من النسب، فشبهوا امرأة الابن من الرضاعة مثل امرأة الابن من النسب. ولا تحل للغلام؛ لأنها صارت أمه من الرضاعة. ولو أنها لم تلد من زوجها الثاني ولكن أرضعت من لبن (¬4) مولاها الذي أعتقها فإنها لا تحرم على زوجها، ولا تحل لمولاها الذي كان أعتقها أن يتزوج بها؛ لأن ذلك الصبي قد كان ابن ذلك المولى، ولا يحل له أن يتزوج امرأة ابنه (¬5) من الرضاعة. ولو أن رجلاً له امرأتان إحداهما كبيرة ولها لبن (¬6) من غيره ولم يدخل بها والأخرى صغيرة مرضعة فأرضعت الكبيرة الصغيرة إنهما (¬7) تبينان وتكون (¬8) فرقة بغير طلاق. فإن تزوج بعد ذلك الصغيرة كانت عنده على ثلاث تطليقات مستقبلات. وكذلك كل فرقة تجيء بسبب الرضاع من قبل الرجل (¬9) أو من قبل المرأة كانت فرقة بغير طلاق في قولهم جميعاً وبانت. ¬

_ (¬1) م: زواجا. (¬2) ز - الذي كان زوجها فأرضعته فإنها في قولهم تبين من زوجها لأنها لما أرضعت الصبي. (¬3) م ش ز: فبانت. والتصحيح مستفاد من السياق، والمبسوط، 30/ 307. (¬4) ز: من ابن. (¬5) م ز: أبيه. (¬6) م ش ز: ابن. والتصحيح من المبسوط، 30/ 307. (¬7) م ش ز: إنما. (¬8) ز: ويكون. (¬9) م ش ز: الرجال.

ولو أن امرأة كبيرة لرجل ولها لبن (¬1) من غيره وله امرأة صغيرة فأرضعت الكبيرة الصغيرة بانتا جميعاً منه، ولم يكن (¬2) للكبيرة عليه من الصداق شيء مِن قِبَل أن الفرقة جاءت مِن قِبَلها، ويقضى عليه للصغيرة بنصف الصداق. وكذلك لو أن الكبيرة أرضعت الصغيرة ولا تعلم (¬3) أنها امرأته بانتا أيضاً منه، وكان للصغيرة نصف الصداق، ولا شيء للكبيرة من الصداق. قال: وإن أقرت الكبيرة أنها علمت أنها امرأته وأقرت أنها تعمدت الفساد رجع الزوج على الكبيرة بنصف الصداق الذي غرم للصغيرة. وإن قالت: لم أتعمد (¬4) الفساد، كان القول قولها، ولا يرجع عليها بما غرم للصغيرة. وفيها قول آخر: إنه يرجع على الكبيرة بنصف الصداق الذي غرم للصغيرة، كانت تعمدت الفساد أو لم تتعمد (¬5)، ولا شيء لها من الصداق إن لم يدخل بها. ولو أن الكبيرة كانت مصابة فأرضعت الصغيرة في جنونها بانتا أيضاً منه، وكان للكبيرة نصف الصداق، وللصغيرة (¬6) نصف الصداق، ولا يرجع بما غرم للصغيرة على الكبيرة (¬7) في القولين جميعاً. وكذلك لو أن الصغيرة جاءت إلى الكبيرة وهي نائمة فأخذت ثديها فارتضعت (¬8) منه بانتا أيضاً منه، وكذلك [كان] لكل واحدة منهما نصف الصداق على الزوج، ولا يرجع على واحدة منهما. قال: ولو أن رجلاً أجنبياً جاء فأخذ من لبن الكبيرة في مِسْعَط فأَوْجَرَ به الصغيرة ولا تعلم الكبيرة أي شيء يريد فإنهما (¬9) تبينان جميعاً منه، وعلى الزوج لكل واحدة نصف الصداق. فإن (¬10) أقر (¬11) الرجل أنه أراد الفساد ¬

_ (¬1) م ش ز: ابن. والتصحيح من المصدر السابق. (¬2) ز: تكن. (¬3) ز: يعلم. (¬4) ز: قالت اتعمدت. (¬5) ز: لم يتعمد. (¬6) م: والصغيرة. (¬7) ز - نصف الصداق وللصغيرة نصف الصداق ولا يرجع بما غرم للصغيرة على الكبيرة. (¬8) م ش ز: فأرضعت. والتصحيح من المبسوط، 3/ 308. (¬9) م ش: إنهما؛ ز: أنها. (¬10) م ز: إن؛ ش: بان (غير منقوط). (¬11): إقرار.

غرم نصف صداقهما للزوج جميعاً. وإن قال: لم أتعمد (¬1) الفساد، كان القول قوله، ولا يرجع على الزوج بشيء في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وفي قول آخر: إنه يغرم نصف صداقهما (¬2) للزوج إن أراد الفساد أو لم يرد. قلت: وإن كان الزوج هو الذي أخذ من لبن (¬3) امرأته الكبيرة فأوجر الصغيرة بانتا منه، وكان عليه نصف الصداق لكل واحدة منهما، ولم يرجع به على أحد. ولو أن رجلاً تحته امرأة يعرض لها في الأيام فتجن (¬4) وتفيق، فدعت ابن زوجها إلى أن يفجر (¬5) بها في حال جنونها ففعل، بانت من زوجها، وكان عليه [نصف] (¬6) الصداق. قال: وكذلك لو تزوج امرأة لم تبلغ ومثلها يجامع فدعت ابن زوجها إلى أن يزني بها ففعل بانت منه، وكان لها عليه نصف الصداق. فإن أقر الابن الذي فجر بها أنه أراد الفساد رجع الزوج عليه بنصف الصداق الذي عوّض للصغيرة وللمصابة (¬7) في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وفي قول آخر: يرجع به عليه أراد الفساد أو لم يرد (¬8). ¬

_ (¬1) ز: لم أتعمدت. (¬2) م ش: صداقها. (¬3) م ز: من ابن. (¬4) ز: وتجن. (¬5) ز: أن تفجر. (¬6) الزيادة من المبسوط، 30/ 308. وانظر الفقرة التالية. (¬7) ز: وللمضاربة. (¬8) م ش ز + تم كتاب الرضاع والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله أجمعين.

كتاب الطلاق

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب الطلاق قال محمد بن الحسن: إن أحسن الطلاق أن يطلق الرجل امرأته إذا طهرت من حيضها قبل أن يجامعها. بلغنا ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬2). ثم يتركها حتى تنقضي عدتها. وبلغنا (¬3) عن إبراهيم النخعي عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذه الآية: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (¬4)، أنْ قال: إن هذه الآية نزلت [في] أن يطلق الرجل امرأته واحدة إذا طهرت قبل الجماع ثم يتركها حتى تنقضي العدة. وإن قول الله ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن عبد الله بن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض، فعيب ذلك عليه، فراجعها، ثم طلقها في طهرها. قال محمد: وبه نأخذ، ولا نرى أن يطلقها في طهرها من الحيضة التي طلقها فيها، ولكنها يطلقها إذا طهرت من حيضة أخرى. انظر: الآثار، 82. وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه طلق امرأة له وهي حائض تطليقة واحدة، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يراجعها، ثم يمسكها حتى تطهر، ثم تحيض عنده حيضة أخرى، ثم يمهلها حتى تطهر من حيضها، فإن أراد أن يطلقها فليطلقها حين تطهر من قبل أن يجامعها، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء. انظر: صحيح البخاري، الطلاق، 44؛ وصحيح مسلم، الطلاق، 1. (¬3) ز: بلغنا. (¬4) سورة الطلاق، 1.

تعالى: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1)} (¬1)، يقول: يبدو (¬2) [له] (¬3) أن يراجعها قبل أن تنقضي عدتها (¬4). محمد قال: حدثنا الحسن بن عمارة عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص (¬5) عن عبد الله بن مسعود أنه قال: إذا أراد الرجل أن يطلق امرأته للسنة طلقها تطليقة وهي طاهر من غير جماع. فإن أراد أن يطلقها ثلاثاً طلقها أخرى بعدما تحيض وتطهر، ثم يمهلها حتى إذا حاضت الثالثة ثم طهرت طلقها (¬6) أخرى، فكانت قد بانت منه بثلاث تطليقات وحيضتين، وبقي عليها من عدتها حيضة. وإن شاء طلقها واحدة ثم يمهلها حتى تحيض ثلاث حيض ثم قد بانت منه. فإن أراد أن يخطبها (¬7) [تركها] حتى تحيض ثلاث حيض. وذلك لقوله تبارك وتعالى: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1)} (¬8). وبلغنا عن إبراهيم عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهم كانوا يستحبون أن لا يزيدوا في الطلاق على واحدة حتى تنقضي العدة، وأن هذا أفضل عندهم من أن يطلق الرجل ثلاثاً عند كل طهر واحدة. وإذا أراد الرجل أن يطلقها ثلاثاً طلقها (¬9) واحدة إذا طهرت قبل أن ¬

_ (¬1) سورة الطلاق، 1. (¬2) م ش: يبدا. (¬3) الزيادة من الكافي، 1/ 61 ظ. (¬4) المصنف لعبد الرزاق، 6/ 302. وقال الإمام محمد: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم قال: إذا أراد الرجل أن يطلق امرأته للسنة تركها حتى تحيض وتطهر من حيضها ثم يطلقها تطليقة من غير جماع، ثم يتركها حتى تنقضي عدتها، وإن شاء طلقها ثلاثاً، عند كل طهر تطليقة، حتى يطلقها ثلاثاً. قال محمد: وبه نأخذ، وهو قول أبي حنيفة - رضي الله عنه -. انظر: الآثار، 82. (¬5) م: عن أبي الاحرص. (¬6) ش: ثم تطهر يطلقها؛ ز: ثم طهر تطلقها. (¬7) ز: أن تخطبها. (¬8) روي نحو ذلك. انظر: سنن النسائي، الطلاق، 2؛ وتفسير الطبري، 28/ 129. (¬9) ز - ثلاثاً طلقها.

يجامعها، فإذا حاضت الثانية وطهرت طلقها الثانية، واحتسبت بهذه الحيضة الثانية من عدتها، وإذا حاضت الثالثة وطهرت طلقها ثالثة، واحتسبت بهذه الحيضة مع الحيضة التي قبلها من عدتها، وقد وقع عليها من الطلاق ثلاث تطليقات، وبقي عليها من عدتها حيضة واحدة. ولا تحل له امرأته إذا وقع الثلاث تطليقات حتى تنكح زوجاً غيره ويدخل بها. وبلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه (¬1) إذا طلق الرجل امرأته ثلاثاً فتزوجت زوجاً غيره أنها لا تحل للأول حتى يدخل بها الثاني ثم يطلقها (¬2). قال: وإذا أراد الرجل أن يطلق امرأته وهي حامل فإن شاء أن يطلقها عند غرة الهلال وإن شاء ففي أي الشهر شاء، وإن شاء أن يتم ما بقي من الطلاق طلقها أخرى بعدما يمضي شهر من التطليقة الأولى، ثم يطلقها تطليقة أخرى بعدما يمضي (¬3) شهر آخر، فقد بانت بثلاث تطليقات، وأجلها أن تضع حملها. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وأما محمد فيقول: طلاق الحامل للسنة تطليقة واحدة، لا يقع عليها وهي حامل للسنة أكثر من واحدة، ثم يدعها حتى تضع حملها. وهو قول زفر. وبلغنا ذلك عن عبد الله بن مسعود والحسن البصري وجابر بن عبد الله (¬4). وإذا كانت المرأة لا تحيض من صغر أو كبر فأراد زوجها أن يطلقها للعدة طلقها واحدة عند غرة الهلال أو في أي الشهر شاء، ثم أمسكها حتى تنقضي العدة. والعدة هاهنا ثلاثة أشهر. وإن أراد أن يطلقها ثلاثاً طلقها أخرى بعد مضي الشهر من التطليقة الثانية، فقد بانت منه بثلاث تطليقات إذا فعل ذلك، وبقي عليها من عدتها شهر، فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره ويدخل بها. ¬

_ (¬1) م ش ز + قال. (¬2) معناه ثابت مشهور. انظر: صحيح البخاري، الطلاق، 37؛ وصحيح مسلم، النكاح، 111. (¬3) ز: مضى. (¬4) ذكره الإمام محمد عنهم بلاغاً أيضاً في الآثار، 82. وانظر: المصنف لعبد الرزاق، 6/ 304؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 57.

فإذا طلقها واحدة أو ثنتين في جميع ما ذكرنا فهو يملك الرجعة ما لم تنقض (¬1) العدة. والعدة هي الحيض كما قال الله تعالى في كتابه: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (¬2). والقرء هو الحيض. وعدة الحامل أن تضع حملها بعد الطلاق [ولو] بيوم (¬3) أو أقل من ذلك أو أكثر. وعدة التي قد يئست من المحيض والتي لم تبلغ المحيض كما قال الله تعالى في كتابه: {ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ} (¬4). وإذا كانت المرأة لا تحيض من صغر أو كبر فأراد زوجها أن يطلقها للعدة في بعض الشهر فلا بأس بذلك بعد أن تمضي (¬5) الأيام. [فإن طلقها في بعض الشهر تطليقة وأراد أن يطلقها ثلاثاً طلقها أخرى بعد ثلاثين يوماً، وثالثة بعد ثلاثين يوماً] (¬6)، فإذا مضى ثلاثون يوماً من يوم طلقها تطليقة أخرى فقد بانت منه الآن بثلاث تطليقات، وبقي عليها من العدة ثلاثون يوماً. وإذا أراد الرجل المسلم أن يطلق امرأته وهي من أهل الكتاب للعدة ¬

_ (¬1) ز: لم تنقضي. (¬2) يقول عز وجل: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [سورة البقرة: 228]. (¬3) م: قر؛ ش: مر؛ ز: فر. والتصحيح مستفاد من المبسوط، 6/ 15. (¬4) يقول -سبحانه وتعالى-: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} [الطلاق: 4]. (¬5) ز: أن يمضي. (¬6) الزيادة مستفادة من الكافي، 1/ 61 ظ؛ والمبسوط، 6/ 12.

فطلاقها (¬1) مثل طلاق الحرة المسلمة، وعدتها مثل عدة الحرة المسلمة (¬2). وإذا أراد الرجل أن يطلق امرأته وهي أمة طلقها إذا طهرت من الحيض قبل الجماع واحدة. فإذا حاضت حيضة أخرى وطهرت فأراد أن يطلقها [طلقها] إذا طهرت من الحيض قبل الجماع واحدة. فإذا حاضت حيضة أخرى فقد انقضت عدتها، وبانت منه حين يطلقها التطليقة الثانية، ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره ويدخل بها. وإن كانت لا تحيض من صغر أو كبر فأراد أن يطلقها اثنتين للعدة فإنه (¬3) يطلقها عند غرة الهلال. فإذا مضى شهر طلقها أخرى. فإذا مضى نصف شهر فقد انقضت عدتها، وبانت منه حين طلق تطليقتين. وإن شاء أَبَتَّ (¬4) الطلاق في أي الشهر (¬5) شاء. فإن مضى ثلاثون يوماً منذ طلقها طلقها أخرى، فإذا مضى خمسة عشر يوماً بعد ذلك فقد انقضت عدتها. فإذا كانت امرأة حامل وهي أمة فأراد أن يطلقها للعدة طلقها عند غرة الهلال إن أحب أو في أي الشهر شاء. فإذا مضى شهر طلقها أخرى إن أحب. فإذا وضعت ما في بطنها فقد انقضت عدتها في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وإذا كان الرجل غائباً عن امرأته فأراد أن يطلقها واحدة للعدة كتب إليها: إذا جاءك كتابي هذا ثم حضت ثم طهرت فأنت طالق. فإن أراد أن يطلقها ثلاثاً كتب إليها: ثم إذا حضت أخرى ثم طهرت فأنت طالق، ثم إذا حضت أخرى ثم طهرت فأنت طالق. فإذا كانت لا تحيض كتب إليها: إذا جاءك كتابي هذا ثم أَهَلَّ هلالُ شهر فأنت طالق. وكذلك إذا كانت حاملاً. وإذا أراد أن يتم ذلك ثلاثاً وهي ممن لا تحيض كتب إليها: إذا أهل هلال شهر كذا فأنت طالق، ثم إذا أهل هلال شهر آخر فأنت طالق، ثم إذا أهل هلال شهر آخر فأنت طالق. ¬

_ (¬1) م ش ز + وعدتها. والأولى حذفها. (¬2) ش - وعدتها مثل عدة الحرة المسلمة. (¬3) ز: فإنها. (¬4) ز: أنت. (¬5) م ش ز: أي شهر.

وإذا أراد الرجل أن يطلق امرأته قبل أن يدخل بها أو يخلو بها فليطلقها متى ما شاء، وليس عليها عدة لقوله تعالى: {ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} (¬1). وإذا كان قد خلا بها فأغلق باباً أو أرخى حجاباً فطلاقها مثل طلاق التي قد دخل بها، وعدتها مثل عدة التي دخل بها. ونساء (¬2) أهل الكتاب والأمة والصغيرة والكبيرة إذا لم يكن دخل (¬3) بها ولم يخل (¬4) بها في ذلك سواء، يطلقها متى ما شاء. وإذا طلق الرجل امرأته وهي حائض فقد أخطأ السنة، والطلاق واقع عليها، فينبغي له أن يراجعها، فإذا طهرت من حيضة أخرى طلقها واحدة قبل الجماع، فتصير تطليقتين. بلغنا أن (¬5) عبد الله بن عمر طلق امرأته وهي حائض، قال: سأل (¬6) عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فأمره أن يأمره أن يراجعها، فإذا طهرت من حيضة أخرى طلقها واحدة قبل الجماع (¬7). وإذا طلق الرجل امرأته بعد الطهر والجماع فقد أخطأ السنة، وهو كالذي يطلقها وهي حائض، والطلاق واقع عليها. وإذا طلق الرجل امرأته واحدة بائنة فقد أخطأ السنة، والطلاق واقع عليها. ... ¬

_ (¬1) يقول تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [سورة الأحزاب: 49]. (¬2) م ش ز: ومسائل. (¬3) ش: إذا لم يدخل. (¬4) ز: يخلوا. (¬5) ش: عن. (¬6) ز - سأل. (¬7) تقدم قريباً.

باب الرجعة

باب الرجعة وإذا طلق الرجل امرأته واحدة يملك الرجعة، للعدة أو هي في الحيض أو بعد الجماع، فالطلاق واقع عليها، وهو يملك الرجعة ما لم تنقض (¬1) عدتها، فإذا انقضت عدتها فهو خاطب من الخُطّاب. وإذا أراد الرجل أن يراجع (¬2) امرأته قبل انقضاء العدة فالأحسن في ذلك أن لا يغشاها حتى يُشهِد شاهدين على رجعتها. وليس في الرجعة مهر ولا عوض قليل ولا كثير. وإذا غشي الرجل امرأته وهي في العدة قبل أن يُشهِد على رجعتها فغشيانه إياها رجعة منه. وكذلك لو مسها لشهوة أو قبَّلها لشهوة أو باشرها لشهوة فهذا كله رجعة. ولو نظر إلى الفرج لشهوة كان ذلك أيضاً رجعة، وينبغي له (¬3) أن يُشهِد شاهدين، فإنه أحسن. ولا يكون النظر إلى شيء من الجسد رجعة ما خلا الفرج فإنه رجعة، ولا يشبه الفرج في هذا (¬4) غيره. ولو قال الرجل لامرأته وهي في عدة منه: إذا كان غداً فقد راجعتك، لم يكن هذا رجعة. ولو قال: قد كنت راجعتك أمس، كان مصدَّقاً وإن كذّبته المرأة بعد أن تكون (¬5) هذه المقالة وهي في عدة منه. وإذا قال الرجل لامرأته بعد انقضاء العدة: قد كنت راجعتك في العدة، وكذّبته فالقول قول المرأة، ولا يصدَّق الزوج على مقالته؛ لأنها قد بانت منه. ولوطهرت المرأة من الحيضة الثالثة وانقطع عنها الدم غير أنها لم تغتسل من الحيضة الثالثة كان زوجها يملك الرجعة. بلغنا ذلك عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعن عبد الله بن مسعود أنهم قالوا ذلك (¬6). لو ¬

_ (¬1) ز: لم تنقضي. (¬2) ش: أن يجامع. (¬3) ز - له. (¬4) م ش ز: من هذا. (¬5) ز: أن يكون. (¬6) المصنف لعبد الرزاق، 6/ 315؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 159.

أنها أخرت الغسل عمداً حتى يذهب وقت صلاة أدنى الصلاة إليها لم يكن لزوجها عليها رجعة. ولو كان زوجها يملك الرجعة بعد ذهاب وقت صلاة لكان يملك الرجعة بعد شهر ما لم تغتسل (¬1)، وهذا قبيح. وإذا انقضت عدة المرأة فجاء الزوج بشاهدين أنه قال في عدتها: إني قد راجعتها، فهي رجعة. وإن لم يكن له على ذلك شهود لم يصدَّق على ذلك إلا أن تصدِّقه المرأة. ولو كذّبته المرأة فأراد أن يستحلفها لم يكن له عليها يمين. ولا يكون اليمين في النكاح ولا في الرجعة في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: نرى أن يستحلف في النكاح وفي الرجعة. ولو أقام الزوج البينة أنه أغلق عليها باباً أو أرخى عليها حجاباً وهي في العدة لم يكن ذلك منه رجعة. ولو أقام بينة على إقراره بعد انقضاء العدة أنه قد جامعها قبل انقضاء العدة كانت هذه رجعة، وكان هذا مثل قوله: قد راجعتها. ولو أن رجلاً طلق امرأته فكتمها الطلاق، ثم راجعها وهي في العدة وكتمها الرجعة، كانت امرأته، غير أنه قد أساء فيما صنع؛ لأنه أحسن وأوثق له أن يشهد على الرجعة. بلغنا عن عبد الله بن عمر أنه كان إذا أراد أن يراجع امرأته لم يدخل عليها حتى يشهد (¬2). ولو أن رجلاً قال لامرأته وهي في العدة: قد راجعتك، فقالت مجيبة له: قد انقضت عدتي، كان قوله ذلك رجعة، ولم تصدَّق المرأة على قولها. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: إذا قال: راجعتك، فقالت هي: قد انقضت عدتي، مجيبة له، فإن القول قولها. والزوج والمرأة يتوارثان ما كانت في العدة إذا كان الطلاق غير بائن ¬

_ (¬1) ز: لم يغتسل. (¬2) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 59؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 7/ 373.

وكانا حرين مسلمين. والتطليقة الواحدة والثنتان (¬1) في ذلك سواء. وكذلك الرجعة في التطليقة والتطليقتين. وإذا طلق الرجل امرأته وهي من أهل الكتاب فهو يملك من مراجعتها مثل ما يملك من مراجعة الحرة المسلمة. وكذلك الرجل إذا طلق امرأته وهي أمة فهو يملك الرجعة ما لم تنقض العدة. والمكاتبة وأم الولد والمدبرة والأمة تسعى (¬2) في بعض قيمتها (¬3) إذا طَلَّقَ أحداً من هؤلاء زوجُها فهي بمنزلة الأمة في قول أبي حنيفة. ولو أن زوج الأمة قال بعد انقضاء عدتها: قد كنت راجعتها في العدة، وقال المولى: صدقت، وقالت الأمة: ما كان راجعني في العدة، كان القول في ذلك قول الأمة، ولا رجعة له عليها في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: القول قول المولى، وهي امرأة الزوج، وهو أحق بها. ألا ترى أن المولى لو زوجها رجلاً فأبت أن تقبل (¬4) النكاح كان النكاح عليها جائزاً، ولا ينظر إلى سخطها لذلك، وأنه أملك بها (¬5) من نفسها. وإذا كانت امرأة تعتد (¬6) من طلاق يملك الزوج فيه الرجعة فإنها تَشَوَّفُ (¬7) لزوجها وتتزين له. فإن كان من شأنه أن لا يراجعها فأحسن ذلك إذا أراد الدخول عليها أن يتنحنح فيُعْلِمها أو يُسْمِعها خَفْقَ نعليه كما يجيء لتتأهّب لدخوله. ولو لم يفعل لم يكن عليه في ذلك شيء. والفرج في ذلك كغيره إذا لم ينظر لشهوة لم يكن ذلك رجعة. وأحب ذلك إلي أن لا ينظر. وكان يقول في ذلك: إذا أراد الدخول عليها يتنحنح أو يسمعها خفق نعليه كي تتأهب لدخوله. ¬

_ (¬1) ز: والثنتين. (¬2) ز: يسعى. (¬3) م ش ز + والأمة قد تعتق. والتصحيح مستفاد من الكافي، 1/ 62 و؛ والمبسوط، 6/ 24. (¬4) ز: أن يقبل. (¬5) م ز: لها. (¬6) ز: يعتد. (¬7) م ز: تسعر (مهملة).

وإذا كان الطلاق تطليقة بائنة أو خلعاً (¬1) أو إيلاء أو لعاناً (¬2) أو وقع الطلاق خياراً أو قال: (¬3) أمرك بيدك، فاختارت نفسها أوطلقها بكلام مما يشبه الطلاق أو الفرقة وليس الطلاق بعينه فهذا كله سواء، لا يملك فيها الرجعة، دخل بها أو لم يدخل بها. وكل شيء لا يملك فيه الرجعة (¬4) من الحرة المسلمة فكذلك (¬5) نساء أهل الكتاب والأمة والمدبرة والحرة والصغيرة والكبيرة. وإذا كان الطلاق بعد الخلوة والزوج يقول: لم أدخل بها، فلا رجعة له عليها. وكذلك إن كانت حائضة أو صائمة (¬6) في شهر رمضان أو مُحْرِمَة ثم خلا بها ثم طلقها فلا رجعة له عليها. وكذلك الرَّتْقاء. وعليه في ذلك كله نصف المهر، وعليها العدة. ولو كان زوجها مجبوباً (¬7) أو عنيناً أو خصياً خلا بها ولم يدخل بها ثم طلقها لم يكن له عليها رجعة، وعليه المهر في قول أبي حنيفة، وعليها العدة. وفي قول أبي يوسف ومحمد مثل ذلك إلا في المجبوب، فإن عليها العدة، ولها عليه نصف المهر. وإن كان ادعى الزوج الدخول وقد خلا بها وأنكرت المرأة الدخول فالزوج يملك الرجعة. وإن كان لم يخل بها (¬8) وادعى (¬9) الزوج الدخول وكذّبته المرأة في الدخول فلا رجعة له عليها. وإذا أراد الرجل مراجعة امرأته فقالت: إن عدتي قد انقضت، وذلك في وقت لا تحيض ثلاث حيض، في شهر أو نحو ذلك، فإنها لا تصدَّق. ولا تحيض المرأة ثلاث حيض في أقل من شهرين. فإذا مضى شهران أو أكثر من ذلك فهي مصدَّقة، والقول في ذلك قولها، وزوجها يملك الرجعة ¬

_ (¬1) ز: أو خلع. (¬2) ز: أو لعان. (¬3) ز: وقال. (¬4) ش - دخل بها أو لم يدخل بها وكل شيء لا يملك فيه الرجعة. (¬5) م ز: وكذلك. (¬6) م ش: وصائمة. (¬7) ش: مجنونا. (¬8) ز - لم يخل بها. (¬9) ز: ادعى.

ما لم تتكلم (¬1) بانقضاء العدة. وهو قول أبي حنيفة. وأما في (¬2) قول أبي يوسف ومحمد فإن المرأة مصدَّقة في انقضاء العدة إذا مضت تسعة وثلاثون يوماً. لأن أقل الحيض ثلاثة أيام، وأقل الطهر خمسة عشر يوماً. وإن قالت: قد أسقطت سقطاً قد استبان خلقه، فقالت هذه المقالة بعد الطلاق بشهر أو أقل من ذلك، لم يكن للزوج عليها رجعة بعد أن تتكلم (¬3) بهذا، ولا تسأل على شيء من هذا بينة. وإن كذّبها الزوج في شيء من هذا فأراد أن يستحلفها فله أن يستحلفها بالله لقد كان ما قالت حقاً (¬4). وكل سقط (¬5) ما لم يستبن خلقه فليس ذلك بسقط، ولا تنقضي به العدة، ولا تبين (¬6) به المرأة من زوجها. ولو أنها قالت له: إنه قد انقضت عدتي وحضت ثلاثاً في شهر، فقال الزوج: أخبرتني أمس أنها لم تحض شيئاً، فصدقته المرأة، كان الزوج (¬7) يملك الرجعة. وإن كذّبته كان للزوج أن يستحلفها. فإن حلفت فقد برئت وبانت منه. وإن أبت أن تحلف كان للزوج عليها رجعة (¬8). ولو كانت امرأة قد يئست من حيضها أو صغيرة لا تحيض فاعتدت شهراً أو شهرين ثم حاضت انتقض ما مضى من عدتها من الشهور، وكان عليها ثلاث حيض، وكان زوجها يملك الرجعة. وكذلك لو حاضت حيضة ثم يئست من المحيض (¬9) اعتدت بالشهور الثلاثة (¬10) بعد الحيضة، وكان زوجها يملك الرجعة ما لم تنقض (¬11) عدتها. ولو أن رجلاً طلق امرأته واحدة ثم تركها حتى إذا حاضت الحيضة ¬

_ (¬1) ز: لم يتكلم. (¬2) ز - في. (¬3) ز: أن يتكلم. (¬4) ز: حق. (¬5) ز - سقط. (¬6) م ش ز: تحيض. (¬7) ش- الزوج، صح هـ. (¬8) ز: الرجعة. (¬9) ز: من الحيض. (¬10) ش: والثلاثة. (¬11) ز: لم تنقضي.

الثانية قبل الطهر راجعها ثم طلقها بعد الطهر الثالث كان في هذا مسيئاً، وهذا مما يصلح أن يطوّل عليها العدة، وعليها العدة بعد ذلك كله ثلاث حيض. بلغنا عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: إن هذه الآية نزلت في ذلك: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا} (¬1)، إلى آخر الآية. فكان الرجل يطلق ثم يصنع كما وصفت لك. فأنزل الله تعالى هذه الآية في هذا (¬2). وأما قوله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} (¬3)، فكانت المرأة يطلقها زوجها فإذا انقضت عدتها خطبها ليتزوجها فأبى (¬4) أهلها أن يتركوها في ذلك. فأنزل الله تعالى هذه الآية في ذلك. بلغنا ذلك عن عبد الله بن عباس (¬5). وبلغنا عنه فى هذه الآية: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (¬6)، يقول: إن شاء راجعها قبل انقضاء العدة، وإن شاء تركها حتى تنقضي العدة من بعد الثالثة (¬7) وهي في العدة، فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره (¬8). وبلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في الرجل يطلق امرأته ثلاثاً: "إنها لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، يدخل بها" (¬9). وبلغنا ذلك عن علي بن أبي طالب وعن عبد الله بن مسعود وعن ¬

_ (¬1) سورة البقرة، 2/ 231. (¬2) ز - في هذا. تفسير الطبري، 2/ 480. (¬3) سورة البقرة، 2/ 232. (¬4) م ز: مباينا (مهملة). (¬5) تفسير الطبري، 2/ 486. وروي ذلك مرفوعاً من حديث معقل بن يسار - رضي الله عنه - انظر: صحيح البخاري، التفسير، سورة 2 (40)؛ وسنن أبي داود، النكاح، 19 - 20؛ وسنن الترمذي، التفسير، سورة 2 (28). (¬6) سورة البقرة، 2/ 229. (¬7) م ش ز: الثانية. والتصحيح من الكافي، 1/ 62 ظ. (¬8) روي قريباً منه. انظر: تفسير الطبري، 2/ 457، 459 - 460. (¬9) روي بمعناه. انظر: صحيح البخاري، الطلاق، 37؛ وصحيح مسلم، النكاح، 111.

عبد الله بن عمر وعن عبد الله بن عمرو بن العاص وعن غيرهم من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬1). وإذا طهرت المرأة من الحيضة الثالثة واغتسلت غير أنه بقي منها عضو لم يصبه الماء يد (¬2) أو رجل أو رأس أو ما أشبه ذلك فزوجها يملك الرجعة ما لم تغسل (¬3) ذلك العضو (¬4) أو يذهب وقت صلاة. ولو بقي منها إصبع أو موضع شيء يسير من جسدها لم يصبه الماء لم يكن لزوجها عليهارجعة. وهذا والأول في القياس سواء. غير أني أستحسن إذا بقي عضو من الأعضاء أن يملك الرجعة. وإذا بقي شيء يسير مثل الإصبع ونحوها فتزوجت بزوج آخر لم يجز النكاح إلا أن تغسل (¬5) ذلك الموضع ثم تتزوج (¬6). آخذ في ذلك بالثقة أيضاً. وإذا لم تقدر (¬7) على الماء فتيممت بالصعيد وصلت صلاة مكتوبة أو تطوعاً فليس لزوجها عليها رجعة. فإن قدرت على الماء بعد ذلك اغتسلت ولا رجعة لزوجها عليها. ولو تيممت ولم تصل ولم يذهب وقت صلاة فإنه يملك زوجها (¬8) الرجعة ما لم يدخل وقت صلاة أخرى أو يذهب وقت صلاة. والقياس في هذا أنها إذا لم تجد الماء فتيممت فهو بمنزلة الغسل، صلت أو لم تصل. وهو قول محمد. والأول قول أبي حنيفة وأبي يوسف. ولو اغتسلت بماء قد شرب منه حمار ولم تتيمم (¬9) لم يكن لزوجها عليها رجعة، ولا ينبغي لها أن تصلي حتى تغتسل بغير ذلك الماء أو تتيمم بالصعيد إن لم تجد ماء. آخذ لها في ذلك بالثقة، فلا يملك الزوج (¬10) الرجعة. وآخذ بالثقة في الصلاة، فتصلي إذا هي تيممت. وليس لها أن ¬

_ (¬1) روي عن علي وابن مسعود وابن عمر وأبي هريرة وأنس وابن عباس وعائثة - رضي الله عنهم -. انظر: سنن أبي داود، الطلاق، 9 - 10؛ والمصنف لعبد الرزاق، 6/ 348؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 3/ 541 - 542. (¬2) ز - يد. (¬3) ز: لم يغتسل. (¬4) ز - ذلك العضو. (¬5) ز: أن يغتسل. (¬6) ز: ثم يتزوج. (¬7) ز: لم يقدر. (¬8) ز - زوجها. (¬9) ز: يتيمم. (¬10) ز - الزوج.

باب العدة وخروج المرأة من بيتها

تتزوج زوجاً آخر حتى تغتسل بماء آخر أو تتيمم وتصلي، آخذ في ذلك بالثقة أيضاً. ... باب العدة وخروج المرأة من بيتها وإذا طُلِّقَت المرأة ثلاثاً أو تطليقة يَمْلِكُ فيها الرجعةَ زوجُها فإن (¬1) عليها العدة كما قال الله تعالى في كتابه: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (¬2)، إن كانت تحيض. وإن كانت لا تحيض من صغر أو كبر فعدتها ثلاثة أشهر. فإن كانت حاملاً فعدتها أن تضع حملها. وإن كانت امرأة من أهل الكتاب وزوجها مسلم فعليها من العدة ما على الحرة المسلمة. وإن كانت أمة أو مكاتبة أو مدبرة أو أم ولد قد أعتق بعضها وهي تسعى في بعض قيمتها فطلقها زوجها فعدتها حيضتان إن كانت ممن تحيض. بلغنا عن عمر بن الخطاب وعن علي بن أبي طالب - رضي الله عنهما - أنهما قالا: عدة الأمة حيضتان (¬3). وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: لو استطعت لجعلتها حيضة ونصفاً (¬4). فإن كانت ممن لا تحيض من صغر أو كبر فعدتها شهر ونصف. والمتوفى عنها زوجها إن كانت حرة مسلمة أو من أهل الكتاب بعد أن يكون زوجها مسلماً (¬5) فعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام، إن كان دخل بها وإن (¬6) لم يكن دخل بها، صغيرة كانت أو كبيرة. وإن كانت أمة أو مكاتبة ¬

_ (¬1) ز + كان. (¬2) يقول -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (سورة البقرة، 228). (¬3) المصنف عبدالرزاق، 7/ 274؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 146؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 7/ 158. (¬4) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 146. (¬5) ز: مسلم. (¬6) ز: أو إن.

أو مدبرة أو أم ولد فعدتها شهران وعشرة أيام. وإن كانت امرأة من هؤلاء حاملاً (¬1) فعدتها أن تضع حملها. بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر سُبَيْعَة ابنة الحارث الأسلمية وكانت وضعت بعد وفاة زوجها بأيام أن تتزوج (¬2). وبلغنا عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال: لو وضعت ما في بطنها وزوجها على سريره (¬3) لانقضت (¬4) عدتها وحل لها أن تتزوج (¬5). وبلغنا عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أنه كان يقول: من شاء بَاهَلْتُه أن سورة النساء القُصْرَى (¬6): {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} (¬7)، نزلت بعد: {أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} (¬8) التي في سورة البقرة (¬9). وإذا أتى إلى المرأة وفاة زوجها أوطلاقه فالعدة عليها من يوم مات أو يوم (¬10) طلق. بلغنا ذلك عن عبد الله بن عباس وعن علي - رضي الله عنهم -. غير أن علياً قال: المتوفى عنها زوجها تعتد (¬11) من يوم يأتيها الخبر. وبلغنا عن إبراهيم النخعي مثل قول عبد الله (¬12). ¬

_ (¬1) ز: حاملة. (¬2) صحيح البخاري، الطلاق، 39؛ وصحيح مسلم، الطلاق، 56. (¬3) ز: على سريرة. (¬4) م ز: ولانقضت. (¬5) الموطأ، الطلاق، 84؛ والمصنف لعبد الرزاق، 6/ 472؛ والدراية لابن حجر, 2/ 75. (¬6) ز: القصوى. (¬7) سورة الطلاق، 65/ 4. (¬8) يقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} (سورة البقرة، 234). (¬9) صحيح البخاري، التفسير، سورة 2 (41)؛ وسنن أبي داود، الطلاق، 45 - 47؛ وسنن النسائي، الطلاق، 56؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 256. (¬10) م ش ز: ويوم. والتصحيح من الكافي، 1/ 63 و. (¬11) ز: يعتد. (¬12) المصنف لعبد الرزاق، 6/ 327 - 329؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 162؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 238.

ولا ينبغي للمطلقة ثلاثاً أو واحدة بائنة أو واحدة يملك الزوج فيها الرجعة أن تخرج (¬1) من منزلها ليلاً ولا نهاراً حتى تنقضي [عدتها لقوله تعالى: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا] (¬2) أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} (¬3). وقال إبراهيم النخعي: الفاحشة خروجها من بيتها (¬4). وبلغنا عن ابن عباس - رضي الله عنه - أنه قال: الفاحشة أن تزني فتخرج إلى الحد (¬5). والمتوفى عنها زوجها تخرج بالنهار لحاجتها، ولا تبيت بغير (¬6) منزلها ما دامت فى عدتها. بلغنا ذلك عن عبد الله بن مسعود أن نسوة شكين إليه الوحشة من توفي أزواجهن، فأمرهن أن يتزاورن بالنهار، ولا يبتن بالليل دون بيوتهن (¬7). فإذا كانت أمة فلتخرج في الطلاق كله وفي الوفاة. وكذلك المدبرة وأم الولد المطلقة والمكاتبة والتي تسعى في بعض قيمتها، وليس هؤلاء كالحرة المسلمة (¬8). وكذلك المرأة من أهل الكتاب يتوفى عنها زوجها وهو مسلم أو يطلقها طلاقاً بائناً أو يملك الرجعة. وكذلك الصبية. ليس على الصبية من هذا ما على الكبيرة. فأما الأمة فإنما وسعنا لها في ذلك لأن مولاها (¬9) أملك ¬

_ (¬1) ز: أن يخرج. (¬2) الزيادة مستفادة من الكافى، 1/ 63 و؛ والمبسوط، 6/ 32. (¬3) سورة الطلاق، 65/ 1. (¬4) روي عن ابن عمر. انظر: تفسير الطبري، 28/ 134؛ والدر المنثور للسيوطي، 8/ 193. (¬5) روي عن ابن عباس وابن عمر وعطاء ومجاهد والشعبي. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 6/ 322، والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 189؛ وتفسير الطبري، 28/ 133، والدر المنثور للسيوطى، 8/ 193. (¬6) م ش ز: عن. والتصحيح من الكافي، 1/ 63 و. (¬7) م: موتهن. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 7/ 32. وروي مرفوعا عن مجاهد. انظر: الأم للإمام الشافعي، 5/ 235؛ والمصنف لعبد الرزاق، 7/ 36؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 240. (¬8) ز: بحرة مسلمة. (¬9) ز: مولاه.

بذلك منها يستخدمها في حاجته. وأما الصبية (¬1) فلم يجب عليها بعد ما هو أعظم من هذه، الصلاة والحدود. وأما المرأة من أهل الكتاب فما (¬2) فيها من الشرك أعظم من أن تتقي (¬3) هذا. وعلى المطلق السكنى (¬4) والنفقة حتى تنقضي العدة ثلاثاً طلق أو واحدة. وكذلك المولى منها والمتلاعنة (¬5) والمختلعة والمباينة إذا كانت حرة مسلمقي وبلغنا نحو من ذلك عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - (¬6). وإن كانت من أهل الكتاب أو كانت امرأة صغيرة فعليه النفقة والسكنى. وأما الأمة فلا سكنى عليه ولا نفقة إذا ذهب بها مولاها ولم يتركها معه. وإذا كانت الأمة قد بوّأها مولاها بيتاً مع الزوج ثم طلقها الزوج وهي على حالها معه فعليه النفقة والسكنى. وكذلك المرأة من أهل الكتاب يطلقها المسلم عليه النفقة والسكنى لها، ولها أن تخرج ولا تقيم إن شاءت (¬7) معه. وأما الصغيرة التي قد دخل بها زوجها ولم تحض فإذا طلقها زوجها طلاقاً يملك الرجعة فلها السكنى والنفقة، وليست في الخروج كهذه (¬8) الكبيرة الحرة. الصغيرة لها أن تخرج وتبيت بغير (¬9) بيتها إذا أذن لها زوجها؛ لأنها لم تبلغ الحنث، ولم يجب (¬10) عليها الحدود. وإن كان طلاقاً بائناً (¬11) فإن لها (¬12) أن تخرج (¬13) أذن لها أو لم يأذن. ¬

_ (¬1) ز: الصبي. (¬2) ز: فيما. (¬3) ز: أن يبغي. (¬4) م ش ز: المسكن. (¬5) ز: والملاعنة. (¬6) صحيح مسلم، الطلاق، 46؛ وسنن الترمذي، الطلاق، 5. وانظر للتفصيل: نصب الراية للزيلعي، 3/ 273؛ والدراية لابن حجر، 2/ 83. (¬7) ز: إن شاء. (¬8) ز: بهذه. (¬9) م ش ز: عن. وقد تقدم قريبا التحريف نفسه. انظر: 3/ 18 ظ. (¬10) ز: تجب. (¬11) في نسخ م ش ز بياض قدر كلمتين أو ثلاث. (¬12) م ش ز: زوجها. (¬13) ز: أن يخرج.

وإذا كانت المرأة في المنزل بكراء مع زوجها فطلقها فيه فالكراء على زوجها حتى تنقضي العدة. فإن أخرجها أهل المنزل فهي في سعة من التحويل. وكذلك المتوفى عنها زوجها. ولو كان المنزل لزوجها فكان نصيبها منه لا يكفيها وأخرجها أهل المنزل فهي في سعة من الخروج. ولو كانت المطلقة في منزل زوجها الذي طلقها فيه وقد غاب عنها زوجها كان عليها أن تقيم (¬1) فيه حتى تنقضي العدة. والحامل وغير الحامل في السكنى والنفقة في الطلاق سواء. ولو أن مطلقة غاب عنها زوجها وهي في منزل ليس معها فيه رجل، وهو مخوف، تخاف على نفسها ومنامها، كانت في سعة من النُّقْلَة. ولو كانت بالسواد فطلقها زوجها هناك فدخل عليها خوف من السلطان أو غيره كانت في سعة من دخول المصر. ولو طلقها زوجها وهي في بيت أهلها أو في منزل غيرهم زائرة كان عليها أن تعود إلى منزل زوجها حتى تعتد فيه. ولو خرجت مع زوجها من منزله إلى منزل غيره من غير أن يتحولوا فيه أو ينتقلوا فطلقها فيه كان عليها أن تعود إلى منزلها فتقيم (¬2) فيه حتى تنقضي العدة. ولو سافر بها زوجها ثم طلقها وقد سافرت ثلاثة أيام كانت بالخيار. إن شاءت مضت على سفرها. وإن شاءت رجعت إلى منزلها مع زوجها لا تفارقه (¬3) إلا أن يكون الطلاق بائناً. فإن كان بائناً فرجوعها معه أو وحدها سواء؛ لأنه ليس معها ذو رحم محرم. ولوطلقها أو توفي عنها زوجها وهي على مسيرة يوم وأقل من ذلك وجب عليها أن ترجع (¬4) إلى منزلها حتى تعتد (¬5) فيه (¬6) وليس هذا كمسيرة (¬7) ¬

_ (¬1) ز: أن يقيم. (¬2) ز: فيقيم. (¬3) ز: لا يفارقه. (¬4) ز: أن يرجع. (¬5) ز: يعتد. (¬6) م ز: منه. (¬7) م ز: كسيراه (مهملة).

ثلاثة أيام؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا ومعها زوجها أو ذو رحم محرم منها (¬1). فجعلناها هناك بالخيار في الذهاب والمجيء؛ لأنه سفر قد نهيت عنه إن ذهبت وإن جاءت. وأمرتُها في مسيرة يوم أن ترجع إلى منزلها ولا تمضي (¬2) على السفر. وإذا طلقها زوجها طلاقاً بائناً أو توفي عنها زوجها، وقد سارت من منزلها ثلاثة أيام أو أكثر من ذلك المكان، والمكان الذي تريد إليه يوم أو أقل، مضت إلى ذلك المكان، فاعتدت فيه، ولم ترجع إلى منزلها؛ لأنه أقل المسيرتين. وإذا طلقها أو مات عنها وهي في مصر وبينها وبين منزلها مسيرة ثلاثة أيام، وبينها وبين المكان الذي أرادت كذلك، أقامت في ذلك المصر حتى تنقضي العدة، ثم تخرج (¬3) إلى أي الوجهين شاءت ومعها ذو محرم منها. وهو قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: وإن كان معها ذو رحم محرم ومات عنها زوجها وهي في مصر من الأمصار مسافرة، وبينها وبين منزلها مسيرة ثلاثة أيام، وبينها وبين المكان الذي أرادت مثل ذلك، ومعها ذو رحم محرم، فلها أن تخرج إلى أي الوجهين شاءت؛ لأنها ليست في منزلها، إنما هي مسافرة. والقول الأول قول أبي حنيفة (¬4). وللمطلقة أن تخرج من بيتها إلى الدار (¬5)، وأن تبيت في أي بيوت الدار شاءت. وكذلك المتوفى عنها زوجها. فإن كانت في منزل من الدار وفي الدار منازل أخرى لغير زوجها وفيها أهل المنازل فلا ينبغي ¬

_ (¬1) روي نحوه عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -. انظر: صحيح مسلم، الحج، 423. وله طرق وألفاظ مختلفة؛ وسنن أبي داود، المناسك، 2؛ وسنن الترمذي، الرضاع، 15. انظر: نصب الراية للزيلعي، 3/ 11؛ والدراية لابن حجر، 2/ 4 - 5. (¬2) ز: يمضي. (¬3) ز: ثم يخرج. (¬4) كانت العبارة "وقال أبو يوسف ومحمد ... قول أبي حنيفة" في آخر الفقرة التالية فنقلناها إلى هنا لمناسبتها. (¬5) م ش ز: إلى دار. والتصحيح من الكافي، 1/ 63 و؛ والمبسوط، 6/ 36.

لها أن تخرج من (¬1) منزلها إلى تلك المنازل في الطلاق ليلاً ولا نهاراً. وإذا كان في الوفاة خرجت في النهار ولا تبيت إلا في منزلها (¬2). وإذا طلقها زوجها طلاقاً بائناً وليس لها إلا بيت واحد فينبغي له أن يستر بينه وبين امرأته حجاباً (¬3). وإذا مات عنها زوجها وليس له إلا بيت واحد وله أولاد رجال من غيرها، فإن وسّعوا عليها وخرجوا عنها أو ستروا بينها وبينهم حجابا فلتُقِمْ (¬4) في منزله حتى تنقضي (¬5) عدتها. وإن أبوا أن يفعلوا (¬6) ذلك فلتنتقل عنهم (¬7). بلغنا عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه نقل أم كلثوم ابنة علي حين قتل عمر بن الخطاب وكان زوجها، وذلك أنها كانت في دار الإمارة (¬8). وبلغنا أن عائشة - رضي الله عنها - نقلت أم كلثوم ابنة أبي بكر حين قتل طلحة بن عبيد الله (¬9) وكانت امرأته (¬10). ولا ينبغي للمطلقة ثلاثاً ولا للمتوفى عنها زوجها أن تحج ولا تسافر مع ذي رحم محرم ولا غيره وإن كان زوجها الذي طلقها. وإن كان طلاقاً بائناً أو يملك الرجعة فهو سواء لقول الله تبارك وتعالى: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ} (¬11). ¬

_ (¬1) ش - من. (¬2) كانت هنا عبارة أليق بآخر الفقرة السابقة، فنقلناها إلى هناك. (¬3) ز: حجاب. (¬4) ز: فليقم. (¬5) ز: ينقضي. (¬6) ز: أن ينقلوا. (¬7) هذا إذا أخرجوها أو كان في البيت وارث غير محرم، وإلا فأولاد الرجل محارم لها. انظر: المبسوط، 6/ 36. (¬8) المصنف لعبد الرزاق، 7/ 30؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 156، 157. (¬9) م: بن عبد الله. (¬10) المصنف لعبد الرزاق، 7/ 29؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 156. (¬11) سورة الطلاق، 65/ 1.

وبلغنا عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه رد المتوفى عنهن أزواجهن من ذي الحليفة (¬1). وبلغنا عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أنه رد نسوة من العصب (¬2). وإذا انهار (¬3) منزل المطلقة أو المتوفى عنها زوجها فهي في سعة من التحويل (¬4) إلى حيث شاءت. ولزوج المطلقة طلاقاً بائناً أو بملك الرجعة إذا انهار (¬5) منزله وكان في منزل بكراء فأخرج منه أو دخلت حال عذر يسع المرأة فيه التحويل أن يحولها من ذلك المنزل إلى أين أحب (¬6) ويحصنها (¬7) وينفق عليها. ألا ترى (¬8) أن عليه النفقة. فإن المشيئة في ذلك إلى الزوج، وليس للمرأة من ذلك شيء. ينقلها حيث أحب ويحصنها وينفق عليها. ألا ترى (¬9) أن عليه النفقة والسكنى. فإنه يريد أن يحصنها كيلا يلحق به منها ما يكره (¬10) من الولد وغيره. فإن كان ذلك وقد مات الزوج فالمشيئة إلى المرأة في النُّقْلَة، وليس إلى أولياء الزوج من ذلك شيء. وبلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن امرأة أتت (¬11) وقد أصيب زوجها، فذكرت أنها في وحشة، واستأذنته في النُّقْلَة من منزلها إلى غيره، فقال لها: ¬

_ (¬1) المصنف لعبد الرزاق، 7/ 33؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 3/ 326، 4/ 154. (¬2) ش: من الغصب. ولم يرد هذا البلاغ في الكافي. وقال السرخسي: من قصر النجف. انظر: المبسوط، 6/ 36. ولفظ ابن أبي شيبة: أن ابن مسعود رد نسوة حاجات ومعتمرات خرجن في عدتهن. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 154. (¬3) م ش ز: وإذا انهر. وقال الحاكم والسرخسي: انهدم. انظر: الكافي، 1/ 63 ظ، والمبسوط، 6/ 36. (¬4) ز: من التحول. (¬5) م ش ز: إذا انهر. وانظر: المصدرين السابقين. (¬6) ش: إلى ابن أخت. (¬7) م ش ز: ويحنها. (¬8) ز: يرى. (¬9) ز: يرى. (¬10) ز: ما يكون. (¬11) ز: أبت.

"لا" حتى يبلغ الكتاب أجله" (¬1). وإذا طلق الرجل امرأته وهي أمة تطليقة يملك الرجعة ثم أعتقت في عدتها فإن عدتها ثلاث حيض عدة الحرة. بلغنا ذلك عن إبراهيم النخعي وعامر (¬2) الشعبي (¬3). وإن طلقها تطليقة بائنة أو تطليقتين بائنتين أو بانت منه بإيلاء أو فرقة وقعت بينهما مِن قِبَل الزوج كانت [أو] مِن قِبَل المرأة ثم أعتقت في عدتها فإن عدتها عدة الأمة؛ لأنها بانت منه ووجب عليها عدة الأمة مِن قَبْل العتق، ولا يُبْطِلُ ذلك العتقُ. وكذلك بلغنا عن إبراهيم وعامر الشعبي (¬4). وكذلك إذا مات الرجل عن امرأته وهي أمة ثم أعتقت فإن عدتها شهران (¬5) وخمسة أيام. وكذلك إذا مات الرجل عن امرأته المدبرة. والمكاتبة (¬6) في جميع ما ذكرنا مثل الأمة. وإذا تزوج أمَّ الولد ثم مات زوجها ومولاها وهي لا تعلم أيهما مات أولاً وبين (¬7) موتهما يوم فإن عليها أن تعتد (¬8) أربعة أشهر وعشرة أيام من آخرهما موتاً. آخذ لها في ذلك بالثقة؛ لأني لا أدري لعل المولى مات أولاً فعتقت فصارت عدتها عدة حرة. وكذلك لو كان بين موتهما (¬9) شهران أو شهران وأربعة أيام. فأما إذا كان بين موتهما شهران وخمسة أيام أو أكثر فإنها ¬

_ (¬1) صححه الترمذي من حديث الفُرَيْعَة بنت مالك - رضي الله عنها -. انظر: سنن الترمذي، الطلاق، 23. وانظر: سنن أبي داود، الطلاق، 42 - 44؛ وسنن النسائي، الطلاق، 60. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 3/ 263؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 239؛ والدراية لابن حجر، 2/ 80. (¬2) م ش: وإبراهيم. (¬3) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 147 - 148. (¬4) المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 472، 4/ 147 - 148. (¬5) ز: شهرين. (¬6) ز: أو المكاتبة. (¬7) م ش ز: ومن. والتصحيح من ع؛ ومن الكافي، 1/ 63 ظ، والمبسوط، 6/ 37. (¬8) ز: أن يعتد. (¬9) م ش ز: عن موتهما.

تعتد أربعة أشهر وعشراً، تستكمل (¬1) فيها من ذلك ثلاث حيض؛ لأنه إن كان السيد مات أولاً فعليها أربعة أشهر وعشراً، وإن كان مات آخرا فعليها ثلاث حيض، فلما وجب عليها هذا في وجه وهذا في وجه (¬2) أخذنا لها بالثقة، فأمرنا أن تعتد بذلك كله. وإن كان بين موتهما وقت مجهول لا يعرف فهو كذلك أيضاً في قول أبي يوسف ومحمد. وفي قول أبي حنيفة أربعة أشهر وعشراً لا حيض فيها. وإذا طلقها زوجها واحدة يملك الرجعة ثم مات الزوج والسيد قبل أن تنقضي (¬3) عدة الطلاق والمدة (¬4) التي بين موتهما معروف أو مجهول كانت العدة عليها كما وصفت لك في الوجهين جميعاً، ولا ينقص (¬5) الطلاق من ذلك شيئاً، ولا يزيد فيه. سقطت عدة الطلاق؛ لأن الزوج مات وهو يملك الرجعة. ولا ميراث لها؛ لأني لا أدري أكانت حرة يوم مات الزوج أو أمة، فلا نورثها حتى نعلم (¬6) أنها وارثة. وقد نوجب (¬7) العدة على غير علم إذا وقعت على الوجهين كما وصفت لك. أخذنا بالثقة في ذلك. وإذا طلق الرجل امرأته وهي حرة أو أمة طلاقاً يملك فيه الرجعة ثم مات قبل أن تنقضي (¬8) العدة فإن عدة الطلاق تسقط، ويجب عليها عدة المتوفى عنها زوجها إن كانت (¬9) حرة أو أمة. وإذا طلقها طلاقاً بائناً أو وقعت فرقة بينهما من قبل الزوج أو من قبل المرأة بعد أن تكون (¬10) فرقة بينهما ثم مات وهي في العدة فإنما عليها ثلاث حيض؛ لأنه مات (¬11) ولا سبيل له عليها. وكذلك لو كانت بانت منه باللعان أو بالإيلاء (¬12) أو بالخلع كان ذلك كله سواء والعدة عليها من يوم فارقها. وكذلك لو كان عنها غائباً فأشهد على طلاقها على طلاق بائن أو يملك الرجعة فإنما عليها العدة من ¬

_ (¬1) ز: يستكمل. (¬2) ز - وهذا في وجه. (¬3) ز: أن ينقضي. (¬4) ش: والمدبرة. (¬5) ز: ينقض. (¬6) ز: يعلم. (¬7) ز: يوجب. (¬8) ز: أن ينقضي. (¬9) ز: إن كان. (¬10) ز: أن يكون. (¬11) ز: بنات. (¬12) م ز: أو بايلاء.

يوم أشهد بذلك. غير أنه إن مات في الطلاق الذي يملك فيه الرجعة قبل أن تنقضي العدة كانت عدتها عدة المتوفى عنها زوجها، وسقطت عدة الطلاق. وإن كانت لا تحيض فثلاثة أشهر. وعدة الأمة حيضتان (¬1). فإن كانت لا تحيض فشهر ونصف (¬2)، حراً كان زوجها او عبداً. وإن كان الطلاق بائناً فعدتها عدة الطلاق من يوم يطلق، ولا تعتد عدة المتوفى عنها زوجها. ولو مات رجل عن امرأته وهو غائب فلم يبلغها ذلك إلا بعد أشهر كانت عليها العدة منذ يوم مات إذا أقامت على ذلك (¬3) البينة. بلغنا ذلك عن عبد الله بن مسعود وعن إبراهيم النخعي - رضي الله عنهما - (¬4). وإذا مات ولم تعلم اليوم الذي مات فيه وقد استيقنت (¬5) بموته فعليها أن تعتد من (¬6) يوم تستيقن (¬7) أنه قد مات فيه. وإذا مات العبد أو المكاتب أو المدبر عن امرأته وهي أمة فعدتها شهران وخمسة أيام. وإن كانت حرة فعدتها أربعة أشهر وعشراً. وإنما العدة في هذا مِن قِبَل النساء. على الحرة عدة الحرة، كان زوجها عبداً أو حراً. وعلى الأمة عدة الأمة، عبداً كان زوجها أو حراً. وكذلك الطلاق. فطلاق الحرة ثلاث (¬8) إن كان زوجها عبداً أو حراً. والصغيرة والكبيرة والمرأة من أهل الكتاب سواء في ذلك. وطلاق المرأة الأمة اثنتان (¬9)، كان زوجها حراً أو عبداً. والأمة وأم الولد والمكاتبة والمدبرة في ذلك سواء. وكذلك عدة الحرة في الطلاق ثلاث حيض، حراً كان زوجها أو عبداً. بلغنا عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وعن عبد الله بن مسعود أنهما قالا: السنة مِن قِبَل النساء في الطلاق وفي العدة (¬10). وتفسير ذلك كما ذكرت لك. ¬

_ (¬1) ز: حيضتين. (¬2) ز + شهر. (¬3) ز: على تلك. (¬4) تقدم قريباً. (¬5) م ش ز: وقد اسعرت. (¬6) م ش ز + امرنا (مهملة). (¬7) ز: يستيقن. (¬8) ز: ثلاثاً. (¬9) ز: اثنتين. (¬10) المصنف لعبد الرزاق، 7/ 237؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 100 - 101.

وإذا طلق الرجل امرأته وهي حائض فإنها لا تعتد بتلك الحيضة (¬1) من عدتها، وعليها ثلاث حيض بعدها. وإن طلقها أخرى بعد ذلك فإنما عدتها من التطليقة الأولى ثلاث حيض، ولا تعتد بالحيضة التي طلقها فيها. بلغنا ذلك عن شريح وابن عباس وإبراهيم (¬2). وإذا طلق الرجل امرأة وهي ممن لم تبلغ المحيض فاعتدت شهراً أو شهرين ثم حاضت اعتدت بالحيض وألغت الشهور. ولو كانت امرأة قد حاضت فاعتدت حيضة أو اثنتين ثم ارتفعٍ حيضها كانت هي على حالها حتى تيأس (¬3) من المحيض وإن مكثت أياماً وزماناً. وإياسها من المحيض أن تبلغ من السن ما لا تحيض مثلها من نسائها. فإذا أيست من المحيض اعتدت بالشهور وسقط ما كانت حاضت. فإن حاضت سقطت الشهور واعتدت بالحيض الأول والآخر (¬4). وإذا رأت المرأة المطلقة الصُّفْرَة أو الكُدْرَة أو الحُمْرَة أيام حيضتها فهو حيض تعتد به من عدتها. وإذا رأت المرأة المطلقة الدم يوماً أو يومين ثم انقطع عنها الدم فليس ذلك بحيض، ولا تعتد (¬5) بذلك. وإذا رأت الدم أكثر من أيام حيضها فهو حيض ما بينها وبين العشرة. فإن انقطع لتمام العشرة فهو حيض. وإن زاد على العشر فهي مستحاضة فيما زاد على وقت أيامها. وإذا رأت الدم ثلاثة أيام من أيام حيضها ثم انقطع عنها وطهرت فهذا حيض، تعتد به من عدتها. وأدنى ما يكون الحيض ثلاثة أيام، وأكثر ما يكون عشرة أيام. بلغنا ذلك عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنه قال: الحيض ثلاثة أيام إلى عشرة ¬

_ (¬1) ز: الحيض. (¬2) انظر لما روي عن شريح وإبراهيم: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 57، 58. (¬3) م: ياس (مهملة). ز: يئس. (¬4) ش - فإن حاضت سقطت الشهور واعتدت بالحيض الأول والآخر. (¬5) ز: يعتد.

أيام (¬1). ولا يكون أكثر من ذلك ولا أقل من ذلك. وإذا حاضت المرأة يومين في أيام حيضها ثم انقطع الدم عنها فهذا كله حيض، ما رأت الدم وما انقطع في ذلك، وتعتد (¬2) بهذه الحيضة من عدتها. وإذا استحيضت المرأة المطلقة وقد كانت تحيض قبل ذلك حيضاً مختلفاً فإنها تأخذ بالأقل من ذلك فيما بينها وبين زوجها وفي الصلاة، وتأخذ فيما بينها وبين الزوج بالأكثر من ذلك. وتفسير ذلك أن المرأة يكون حيضها من الشهر خمس أو ست، فإذا مضى خمس خمس حتى تستكمل (¬3) ثلاث حيض انقطعت الرجعة من قبل زوجها وصلت، ولا تحل للرجال إلا بست (¬4). وإذا أسقطت المرأة المطلقة [أو] المتوفى عنها زوجها سقطاً قد استبان خلقه أو بعض خلقه (¬5) فقد انقضت العدة. وإذا كان في بطنها آخر لمِ تنقض عدتها حتى تلد الآخرة لأن الله تعالى يقول: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} (¬6). فلا تنقضي عدتها ما بقي في بطنها من حملها شيء. بلغنا ذلك عن علي بن أبي طالب وعن ابن عباس والشعبي وعن إبراهيم (¬7). وإذا أسقطت المرأة سقطاً لم يستبن خلقه (¬8) فليس بسقط، ولا تنقضي به العدة. ¬

_ (¬1) روي عن أنس - رضي الله عنه - وعن غيره مرفوعاً وموقوفاً. انظر: سنن الدارمي، الطهارة، 89؛ وسنن الدارقطني، 1/ 209 - 210، 219؛ والكامل لابن عدي، 2/ 302؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 1/ 322؛ ونصب الراية للزيلعي، 1/ 191 - 192؛ ومجمع الزوائد للهيثمي، 1/ 280؛ وإعلاء السنن لظفر العثماني، 1/ 247. (¬2) ز: ولعتد. (¬3) ز: يستكمل. (¬4) م ز: بسبب. والمقصود ستة أيام كما هو ظاهر من السياق. (¬5) ش - أو بعض خلقه. (¬6) سورة الطلاق، 65/ 4. (¬7) روي ذلك عنهم في المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 151. (¬8) م ز: خلقته.

والطلاق الثاني وغير الثاني والخلع والإيلاء واللعان وكل فرقة وقعت بين الزوج وامرأته وموت الرجل عن امرأته في هذا كله سواء. وإذا تزوجت المرأة في عدتها من الطلاق ودخل بها الآخر ففرق بينهما فإن عليها عدة واحدة من الأول والآخر ثلاث حيض جميعاً. بلغنا نحو من ذلك عن معاذ بن جبل. ألا ترى أنها لو كانت حاملاً فوضعت حملها انقضت عدتها منهما جميعاً. وإن كانت حاضت من الأول حيضة فعليها ثلاث حيض من الآخر، حيضتان (¬1) من الثلاث كمال العدة الأولى، ويحتسب بهما من عدة الآخر، وحيضة أخرى من عدة الآخر. وللآخر أن يخطبها إذا انقضت عدتها من الأول، ولا يخطبها غيره حتى تنقضي عدتها منهما جميعاً. وإن كان الطلاق الأول طلاقاً بائناً فليس له أن يخطبها حتى تنقضي عدتها من الآخر. فإن كان طلاقاً يملك الرجعة فهي امرأته يراجعها إذا بدا له، ولا يقربها حتى تنقضي عدتها من الآخر، ولا يخطبها غيره حتى تنقضي عدتها. وإذا تزوجت امرأة المتوفى عنها زوجها في عدتها منه وقد دخل بها زوجها الآخر ثم فُرِّقَ بينهما فعليها بقية عدتها من الميت تمام الأربعة أشهر وعشراً، وعليها ثلاث حيض من الآخر، ويحتسب بما حاضت في الأربعة أشهر وعشراً من العدة الأخرى. وإذا تزوجت المرأة في عدة من الطلاق فدخل بها زوجها الآخر وقد أيست من الحيض فُرِّقَ بينها (¬2) وبين الآخر، وعليها ثلاثة أشهر منهما جميعاً. فإن كان قد مضى من الأشهر عشرة أيام قبل أن يفرق بينهما احتسبت بذلك من العدة (¬3) الأولى، فاعتدت شهرين وعشرين يوماً، تمام عدة الأول، واحتسبت بذلك من عدة الآخر وأكملت عشرة أيام، حتى تكون لكل واحد منهما ثلاثة أشهر. ¬

_ (¬1) م ش ز: حيضة. والتصحيح من الكافي، 1/ 63 ظ؛ والمبسوط، 6/ 43. (¬2) ز: بينهما. (¬3) م ز: من عدة.

وإذا طلق الرجل امرأته وقد يئست من المحيض فاعتدت شهراً ثم تزوجت زوجاً آخر فدخل بها وفرق بينهما اعتدت ثلاثة أشهر، شهرين معها تمام عدة الأول، ويحتسب عليها من الآخر شهراً آخر تكمل (¬1) به عدة الآخر. فإن حاضت بعد ذلك ألغت الشهور كلها، واستقبلت عدة الحيض ثلاث حيض منهما جميعاً. فإن حاضت حيضة ثم أيست استقبلت عدة الشهور منهما جميعاً ثلاثة أشهر. فإن حاضت بعد ذلك احتسبت بتلك الحيضة، واعتدت حيضتين أخراوين. وإذا مات الرجل وله امرأتان قد طلق إحداهما ثلاثاً أو طلاقاً بائناً ولا يعلم (¬2) من هي فعليهما جميعاً أن تعتدا أربعة أشهر وعشراً، تستكمل (¬3) كل واحدة منهما في ذلك ثلاث حيض. وذلك لأن الحيض على إحداهما، والأشهر الأربعة والعشر على الأخرى، فلم يُعلم صاحبة الأشهر من صاحبة الحيض، فألزمنا كل واحدة منهما ذلك كله، وأخذنا في ذلك بالثقة. وكذلك كل من مات عن امرأته أوطلق فوجبت الشهور من وجه (¬4) والحيض من وجه اعتدت بالعدتين جميعاً. وكذلك كل امرأة طلقها زوجها في مرضه ثلاثاً ومات قبل أن تنقضي (¬5) عدتها فإن عليها أربعة أشهر وعشراً تستكمل (¬6) في ذلك ثلاث حيض. وإنما جَعَلْتُ عليها الشهور لما أَخَذَتْ من الميراث، وأَلْزَمْتُ عدة الطلاق لما وقع عليها من الطلاق، وأخذنا بالثقة في ذلك كله. فالثلاث حيض عليها و [إن] لم تحض إلا في سنة. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وفيها قول آخر: إنه ليس عليها إلا ثلاث حيض لما وقع عليها من الطلاق، وإنما لها الميراث بالفرار. وهذا قول أبي يوسف. [و] إذا (¬7) ولدت المرأة في طلاق بائن لأكثر من سنتين (¬8) من يوم ¬

_ (¬1) ز: يكمل. (¬2) ز: تعلم. (¬3) ز: يستكمل. (¬4) م ش ز: في وجه. (¬5) ز: أن ينقضي. (¬6) ز: يستكمل. (¬7) الزيادة من الكافي، 1/ 64 و؛ والمبسوط، 6/ 44. (¬8) م: من سنين.

طلقها زوجها لم يكن الولد للزوج إذا أنكره؛ لأنها وضعته (¬1) لما لا تضع له النساء. وإن كانت أخذت النفقة حتى وضعت حملها فعليها أن ترجع من (¬2) ذلك نفقة ستة أشهر؛ مِن قِبَل أن الحمل لغير الزوج. فترفع (¬3) نفقة الحمل لأدنى (¬4) ما يكون الحمل. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وفيها قول آخر: إن النفقة كلها ما كانت في العدة حتى وضعت. وهذا قول أبي يوسف. ولو كان الطلاق طلاقاً بملك (¬5) الرجعة ثم جاءت بالولد لأكثر من سنتين غير أنها لم تقر في ذلك بانقضاء العدة كان الولد من الزوج، وكانت امرأته على حالها؛ لأنها قد علقت به بعد الطلاق، فهذا من الزوج رجعة. وإذا قال الزوج لامرأته: كلما ولدت ولداً (¬6) فأنت طالق، فولدت ولدين في بطن واحد كانت طالقاً بالولد (¬7) الأول، وانقضت العدة بالولد الآخر، ولا يقع به الطلاق. وإذا ولدت ثلاثة أولاد في بطن وقعت عليها به تطليقتان، وانقضت العدة بالولد الثالث، ولا يقع عليها الطلاق. ولو كان كل ذلك في بطن واحد وبين كل ولدين ستة (¬8) [أشهر] ولم تقر (¬9) فيها (¬10) فيما بين ذلك بانقضاء عدتها كان الأولاد كلهم أولاده، ويقع عليها ثلاث تطليقات، وعليها ثلاث حيض بعد الولد الثالث. ألا ترى (¬11) أنها حين ولدت الأول وقعت عليها تطليقة، فلما حملت بالثاني كان ذلك منه رجعة. وكذلك الثالث. ولو أن رجلاً مات عن امرأته وادعت حبلاً ثم جاءت بولد ما بينها ¬

_ (¬1) م ز: وصيه (مهملة). (¬2) م ش: أن ترجعن؛ ز: أن يرجعن. وعبارة الكافي، 1/ 64 و: وترد عليه. (¬3) ز: فيرفع. (¬4) ز: الأدنى. (¬5) ز: يملك. (¬6) ش - ولدا. (¬7) ش - لولد، صح هـ. (¬8) م ش ز: سنة. والتصحيح مع الزيادة من الكافي، 1/ 64 و؛ والمبسوط، 6/ 47. (¬9) ش ز: يقر. (¬10) ش: بها. (¬11) ز: يرى.

وبين سنتين يعرف أنها قد ولدت له من ذلك لزم (¬1) الولد (¬2) الزوج. وكذلك لو لم تدع (¬3) الحبل. فإذا أقرت بانقضاء العدة فقالت: قد مضت أربعة أشهر وعشراً وانقضت عدتي، ثم جاءت بولد لستة أشهر (¬4) بعد انقضاء العدة أو أكثر (¬5) فإنه لا يلزم الميت لقولها: (¬6) قد انقضت عدتي. فهذا مخالف للباب الأول. فإن جاءت (¬7) به لأقل من ستة أشهر (¬8) فإن الولد يلزم الميت. فإن (¬9) جحد الورثة أن يكون ولده ولم يكن (¬10) لها شاهد على ولادته غير امرأة ولم يكن من الزوج إقرار بالحبل ولم يكن حملاً ظاهراً فإن الولد لا يلزم الزوج؛ مِن قِبَل أنه يرث، ولا يأخذ الميراث بشهادة امرأة، ولا يثبت نسبه. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا كانت المرأة حرة مسلمة جازت شهادتها، وثبت النسب، وكان له الميراث (¬11). ولو أن الزوج أقر بالحبل ثم جاءت به لسنتين بعد موته وشهدت على ولادتها امرأة مسلمة حرة جازت شهادتها، وثبت نسب الولد، وورث. وذلك لأن الزوج قد أقر بالحبل. وكذلك لو كان حملاً ظاهراً قبلت شهادة امرأة على الولادة. ولو أن رجلاً طلق امرأته ثلاثاً أو طلاقاً بائناً فجاءت بولد بعد الطلاق بسنتين أو أقل، وجاءت بامرأة تشهد (¬12) على الولادة، والزوج ينكر الحبل والولد، يقول: لم تلده ولم تحبل (¬13)، لم يلزمه (¬14) النسب حتى يشهد رجلان أو رجل وامرأتان على الولادة، فيثبت النسب. وهذا قول أبي حنيفة. وأما قول أبي يوسف ومحمد فإنه يثبت النسب بشهادة امرأة حرة مسلمة، ¬

_ (¬1) م ز - لزم. (¬2) ش - لزم الولد. (¬3) ز: لم يدعي. (¬4) ز: اشتهر. (¬5) ز: أو أأكثر. (¬6) ز: يقولها. (¬7) م ش ز: فإن حملت. (¬8) ز: اشتهر. (¬9) ز: وإن. (¬10) م ش ز: وإن لم يكن. (¬11) ز: ميراث. (¬12) ز: يشهد. (¬13) ز: لم يلده ولم يحبل. (¬14) ز: بل لم يلزمه؛ ش: بل يلزمه.

والزوجة [مسلمة كانت أو] (¬1) من أهل الكتاب حرة كانت أو مملوكة أو مدبرة أو مكاتبة، فهي في هذا الولد في الطلاق والموت سواء. وإذا كانت المرأة عند رجل لم يطلقها (¬2) وجاءت بولد وشهدت امرأة على ولادتها والزوج منكر للحبل فإن شهادة المرأة الحرة (¬3) جائزة، ويثبت النسب، مِن قِبَل أن هذه امرأته بعد، لم تقع (¬4) بينهما فرقة، ولم تجب عليها عدة. وإذا طلقها طلاقاً بائناً فأقرت بأنها حاضت ثلاث حيض في قدر ما تحيض فيه النساء ثم جاءت بولد لأكثر من ستة أشهر (¬5) لم يلزم الزوج. وإن جاءت به لأقل من ستة أشهر فشهد على الولادة رجلان أو رجل وامرأتان فإنه يلزم الزوج، ولا يلزم بأقل من شهادة هؤلاء في هذا القول. وفي (¬6) القول الآخر يلزمه بشهادة امرأة حرة مسلمة. وإذا طلق الرجل امرأته ولم يدخل بها ولا خلا معها ولم يغلق عليها باباً ولم يرخ (¬7) عليها حجاباً، فإن جاءت بولد لأقل من ستة أشهر منذ طلقها لزمه. وإن جاءت به لأكثر (¬8) من ستة أشهر لم يلزمه. وإن كان قد أغلق باباً أو أرخى حجاباً أو خلا بها والطلاق بائن فالولد يلزمه ما بينه وبين سنتين، ولا يلزمه لأكثر من ذلك. وإذا كانت تطليقة بملك (¬9) الرجعة [واحدة] (¬10) أو اثنتين فالولد يلزمه وإن جاءت به لأكثر من سنتين. وما لم تقر بانقضاء العدة ثم جاءت به بعد العدة لأقل من ستة أشهر لزمه، وإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر لم يلزمه. ¬

_ (¬1) الزيادة مستفادة من الكافي، 1/ 64 و؛ والمبسوط، 6/ 49. (¬2) ش - أو مكاتبة فهي في هذا الولد في الطلاق والموت سواء وإذا كانت المرأة عند رجل لم يطلقها. (¬3) ع + المسلمة. (¬4) ز: بعدما لم يقع. (¬5) ز: اشتهر. (¬6) م ش ز: ومن. (¬7) ز: يرخي. (¬8) م ش ز: أكثر. (¬9) ز: يمللك. (¬10) الزيادة مستفادة من الكافي، 1/ 64 ظ.

وإذا طلق الرجل امرأته طلاقاً بائناً أو غير بائن وعدتها بالشهور من إياس، فاعتدت ثلاثة أشهر من غير أن تكون (¬1) أقرت أن عدتها قد (¬2) انقضست، فإن الولد يلزمه ما بينه وبين سنتين من يوم طلق. وكذلك لو ادعت الحبل إن أقرت بانقضاء العدة بالشهورة وذلك لأنها قد أيست من المحيض ثم جاءت بولد ما بينه وبين سنتين من يوم طلق. فإن الولد يلزم الزوج؛ لأن هذه لم تيأس (¬3) حين ولدت، وإنما عدتها أن تضع حملها، ولم تكن (¬4) تلك (¬5) العدة بشيء. وإن كانت صغيرة واعتدت بالشهور وأقرت بانقضاء العدة ثم جاءت بولد لأقل من ستة أشهر فإنه يلزم الزوج. وإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر لم يلزم الزوج. وإذا تزوجت المرأة في عدتها من طلاق بائن ودخل بها زوجها فجاءت بولد لأقل من سنتين من يوم طلقها الأول ولستة أشهر أو أكثر منذ (¬6) تزوجها الآخر فإن الولد للأول؛ لأن نكاح الآخر كان فاسداً، ولأنها قد جاءت بالولد لمثل ما تأتي به النساء منذ طلقها الأول. وإن جاءت به لأكثر من سنتين منذ طلق الأول ولأقل من ستة أشهر منذ تزوجها الآخر لم يكن للأول ولا للآخر؛ لأن النساء لا تلد لأكثر من سنتين، فقد (¬7) علمنا أنه ليس من الأول، ولا يلدن (¬8) لأقل من ستة أشهر، فقد علمنا أنه ليس من الآخر. وإن جاءت به لستة أشهر منذ تزوجها الآخر ودخل بها الآخر ولأكثر من سنتين منذ يوم طلقها الأول فهذا للآخر، ولا يكون للأول. بلغنا أن عثمان بن عفان أتي بامرأة قد ولدت لستة أشهر، فهم برجمها. فقال عبد الله بن عباس: أما إنها إن حاجَّتْك (¬9) بكتاب الله خصمتك؛ لأن الله يقول: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} (¬10)، وقال في مكان ¬

_ (¬1) ز: أن يكون. (¬2) ز - قد. (¬3) ز: لم يئس. (¬4) ز: يكن. (¬5) ز - تلك. (¬6) م ش: من؛ ز: من يوم. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق. (¬7) م ش ز: وقد. (¬8) ز: تلدن. (¬9) ز: إن جاءتك. (¬10) سورة الأحقاف، 46/ 15.

آخر: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} (¬1)، {[وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ] لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} (¬2)، فصار الحمل ستة أشهر. فدرأ عنها عثمان (¬3) الحد. وبلغنا عن علي بن أبي طالب مثل قول ابن عباس (¬4). وبلغنا عن عمر بن الخطاب أن رجلاً غاب عن امرأته سنتين، فقدم وهي حامل. فأمر عمر بها أن ترجم. فقال معاذ بن جبل: إن كان لك عليها سبيل فلا سبيل لك على ما في بطنها. فحبست حتى ولدت غلاماً قد خرجت ثنيتاه يشبه أباه. فقال الرجل: ابني ورب الكعبة. قال: فدرأ (¬5) عمر عنها الحد، وقال: لقد عجزت النساء أن يلدن مثل معاذ، ولولا معاذ لهلك عمر (¬6). وإذا مات الصبي عن امرأته قبل أن يدخل بها فظهر بها حبل بعد موته فإن عدتها أربعة أشهر وعشرة أيام، ولا ينظر إلى الحبل؛ لأنه ليس منه، وإنما حدث بعد موته. ولو كان الحبل قبل موته وهو صبي رضيع ثم مات عن امرأته وهي حامل من فجور فعدتها أن تضع حملها. وهذا والأول في القياس سواء. وإنا نستحسن (¬7) في هذا؛ لأنه مات وهي حامل، فأجلها أن تضع حملها. وإذا تزوج الخصي ثم مات أوطلق فهو والصحيح في العدة والولد سواء. وكذلك المجبوب إن كان ينزل (¬8). وطلاق المجبوب جائز إن كان كبيراً. ¬

_ (¬1) سورة لقمان، 31/ 14. (¬2) سورة البقرة، 2/ 233. (¬3) ز: عثمان عنها. (¬4) روي بمعناه. انظر: الموطأ، الحدود، 11؛ والمصنف لعبد الرزاق، 7/ 349 - 352؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 219. (¬5) م: قدا. (¬6) المصنف لعبد الرزاق، 7/ 354. (¬7) ز: يستحسن. (¬8) قال الحاكم: وفي رواية أبي حفص: وإن كان لا ينزل لم يلزمه الولد وكان بمنزلة الصبي في العدة والولد. انظر: الكافي، 1/ 64 ظ؛ والمبسوط، 6/ 53.

ولا يجوز طلاق الصبي حتى يحتلم أو يبلغ الصبي أدنى (¬1) ما يكون من وقت الاحتلام، وذلك عندنا تسع عشرة سنة (¬2). فإذا بلغ ذلك الوقت ولم يحتلم فهو بمنزلة الرجل. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا تمت له خمس عشرة (¬3) سنة وإن لم يحتلم؛ فأدنى وقته إذا لم يبلغ خمس عشرة (¬4) سنة، ويجوز طلاقه إذا بلغ خمس عشرة (¬5) سنة وإن لم يحتلم في قول أبي يوسف ومحمد. بلغنا عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وإبراهيم النخعي - رضي الله عنهم - أنهم قالوا: كل طلاق جائز إلا طلاق الصبي والمعتوه (¬6). وإذا زوج المعتوهَ المجنونَ وليُّه وهو لا يفيق (¬7) فطلاقه باطل. وإذا مات عن امرأته فامرأته في العدة وفي الولد بمنزلة امرأة الرجل الصحيح. وإذا توفي الرجل عن أم ولد فجاءت بولد بعد موته ما بينها وبين سنتين فإنه يلزمه. وكذلك إذا أعتقها. وإن جاءت بولد لأكثر من سنتين لم يلزمه. وإن لم تكن تدعي (¬8) حملاً ولم تقر (¬9) بانقضاء العدة حتى جاءت ¬

_ (¬1) م ش ز: وأدنى. والتصحيح من ع؛ ومن الكافي، 1/ 64 ظ. (¬2) ذكر الحاكم أن هذا هو المشهور من قول أبي حنيفة. وهو أن يطعن الغلام في تسع عشرة سنة. لكن ذكر في كتاب الوكالة من رواية أبي سليمان في موضع مثل هذا، وفي موضع آخر أن يكمل تسع عشرة سنة. وذكر الحاكم أن نسخة أبي حفص متفقة في الموضعين على أن يطعن في تسع عشرة سنة. انظر: كتاب الوكالة، 8/ 111 ظ، 114 و. وانظر: الكافي، 1/ 64 ظ - 65 و؛ والمبسوط، 6/ 53 - 54. ومن المعلوم أن النسخ التي بأيدينا من كتاب الوكالة من رواية أبي سليمان. وهي كما ذكر الحاكم. (¬3) ز: خمسة عشر. (¬4) ز: خمسة عشر. (¬5) ز: خمسة عشر. (¬6) انظر لما روي عنهم في هذا المعنى: صحيح البخاري، الطلاق، 11؛ والمصنف لعبد الرزاق، 6/ 409، 7/ 85؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 72، 74؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 221؛ وتغليق التعليق لابن حجر، 4/ 458. (¬7) م: لا يعتق. (¬8) ز: لم يكن يدعي. (¬9) ز: يقر.

بالولد لأكثر من سنتين فإنه لا يلزم المولى (¬1) إلا أن يدعيه. فإن ادعاه فهو له. وإذا توفي الرجل عن امرأته وهي أمة أو أم ولد أو مكاتبة أو مدبرة فعدتها شهران وخمسة أيام. وإن أقرت بانقضاء العدة ثم جاءت بولد لأكثر (¬2) من ستة أشهر منذ يوم انقضت العدة لم يلزم الزوج. وإن لم تقر (¬3) بانقضاء العدة ثم جاءت بالولد فإنه يلزم الزوج ما بينه وبين سنتين، ولا يلزم أكثر من ذلك. وإذا مات الرجل عن أم ولده أو أعتقها فإن عدتها ثلاث حيض. بلغنا ذلك عن علي (¬4) وإبراهيم أنهما قالا ذلك (¬5). فإذا كانت لا تحيض قد أيست فعدتها ثلاثة أشهر بعد موته أو بعدما أعتقها إذا لم تمت (¬6). وإذا كانت أم ولده قد حرمت عليه بوجه من الوجوه قبل موته ثم مات عنها بعد ذلك فعدتها ثلاث حيض. وكذلك لو عجل عتقها. ولا تبطل (¬7) عنها العدة للحرمة التي دخلت ولا غيرها. ليس يُبطِل عنها العدة إلا أن يموت ولها زوج أو في عدة من زوج أو يعتقها وهي كذلك، فهذا يبطل عنها عدة المولى. وإذا مات الرجل عن أم ولده وهي حامل أو أعتقها فإن عدتها أن تضع حملها. وإذا مات الرجل عن مدبرة (¬8) قد كان يطؤها غير أنها لم تلد فلا عدة عليها. ولا يشبه هذا أم الولد. ألا ترى أنه إذا باع الأمة وقد وطئها أنه لا عدة عليها ولكن على المشتري أن يستبرئها (¬9) بحيضة، وليس الاستبراء بعدة. ¬

_ (¬1) م: للأولى. (¬2) م ش ز: لأقل. والتصحيح من الكافي، 1/ 65 و؛ والمبسوط، 6/ 55. (¬3) ز: يقر. (¬4) ز + بن أبي طالب. (¬5) المصنف لابن أبى شيبة، 4/ 144، 146. (¬6) ز: لم يمت. (¬7) ز: يبطل. (¬8) ز: عن مديون. (¬9) ز: أن يشتريها.

وإذا دخل الرجل بامرأة على وجه شبهة أو نكاح فاسد حرة كانت أو أمة لغيره (¬1) فعليه الصداق وعليها العدف فإن كانت حرة فعليها ثلاث حيض، وإن كانت أمة فحيضتان، إن مات. وكذلك إذا فُرِّق بينهما وهو حي. وإن كانت لا تحيض من صغر أو كبر فعدة الحرة ثلاثة أشهر، وعدة الأمة شهر ونصف. وإذا تزوج الرجل المكاتب بنت مولاه بإذنه ثم مات المولى ثم مات المكاتب بعدما كان ترك وفاء فعدتها أربعة أشهر وعشراً، ولها عليه الصداق، وتؤدي ما بقي من مكاتبته، ولها الميراث فيما بقي؛ لأنه قد مات حراً ولم تكن تملك (¬2) من رقبته شيئاً. وإذا لم يترك وفاء ودخل بها فلها الصداق ديناً في عنقه، والنكاح فاسد، وعليها ثلاث حيض. وإن لم يكن دخل بها فلا صداق لها، ولا عدة عليها (¬3)؛ لأنه انتقض النكاح ومات عنها ولها فيه ميراث. وإذا اشترى المكاتب امرأته وقد ولدت له ثم مات وقد ترك وفاء فعدتها ثلاث حيض؛ لأنها قد صارت حرة، وهي بمنزلة أم الولد. وإن لم يترك وفاء فعدتها شهران وخمسة أيام، وهي بمنزلة أمة مات عنها زوجها. وإن لم تكن (¬4) ولدت وقد ترك (¬5) وفاء، فإن كان دخل بها فعدتها حيضتان. وإن كان (¬6) لم يترك وفاء ولم يدخل بها غير أنها لم تلد منه أو قد ولدت فإن عدتها شهران وخمسة أيام، وهي بمنزلة أمة مات عنها زوجها إذا لم يترك لها وفاء، والنكاح صحيح (¬7)، وعدتها عدة الأمة المتوفى عنها زوجها شهران وخمسة أيام. وإذا ترك (¬8) وفاء والنكاح (¬9) فاسد فإن كان دخل بها ¬

_ (¬1) م ش ز: لغيرها. (¬2) ز: يكن يملك. (¬3) ز - والنكاح فاسد وعليها ثلاث حيض وإن لم يكن دخل بها فلا صداق لها ولا عدة عليها. (¬4) ز: لم يكن. (¬5) ز: تركه. (¬6) ش: وإن كانت. (¬7) ز: فاسد. (¬8) ز: تركه. (¬9) م ش ز: فالنكاح.

باب الرد على من قال: إذا طلق ثلاثا في كلمة واحدة لا يقع

فإنما عدتها حيضتان (¬1)، وإن لم يكن دخل بها فليس عليها عدة. ... باب الرد على من قال: إذا طلق (¬2) ثلاثاً في كلمة واحدة لا يقع قال: ألا ترى (¬3) إلى قول الله تعالى في كتابه: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (¬4)، يعني طاهراً من غير جماع. أليس هذا نهيًا (¬5) عن الطلاق في غير العدة؟ وإذا قال لك: نعم، فقل: فإذا طلق لغير العدة لَمْ يقع طلاقه؟ فإن قال لك: نعم، لا يقع، فقل: أليس إنما نهى الله تعالى عن شيء لا يكون أو عن شيء يكون؟ ألا ترى (¬6) إلى قوله - عليه السلام - أنه نهى عن صيام يوم النحر ويوم الفطر وأيام التشريق (¬7)، فمن صامهن (¬8) كان صائماً وقد أساء. وإنما نهى عن صومهن لأنه صوم. كما نهى عن الطلاق في غير عدة لأنه طلاق لازم. ولو لم يكن طلاقاً لازماً لم ينه عنه. ألا ترى (¬9) أن الله تعالى قال في كتابه: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} (¬10). أفرأيت من باع في تلك الساعة أيجوز بيعه. ألا ترى (¬11) أن بيعه جائز في تلك الساعة وقد أساء في ذلك. ¬

_ (¬1) ز: حيضتين. (¬2) م ش ز - إذا طلق. والزيادة من ع. وعند الحاكم والسرخسي: باب الرد على من قال إذا طلق لغير السنة لا يقع. انظر: الكافي، 1/ 65 و؛ والمبسوط، 6/ 57. (¬3) ز: يرى. (¬4) سورة الطلاق، 65/ 1. (¬5) ز: نهي. (¬6) ز: يرى. (¬7) صحيح البخاري، الصوم، 66، 68؛ وصحيح مسلم، الصيام، 138 - 145. (¬8) م: فمن صيامهن. (¬9) ز: يرى. (¬10) سورة الجمعة، 62/ 9. (¬11) ز: يرى.

أولا (¬1) ترى إلى قول الله تعالى في كتابه: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} (¬2). فمن باع ولم يشهد أما يجوز بيعه. بل بيعه جائز، وقد أساء في ذلك. وإنما (¬3) هذا أدب لعباده. أرأيت من قال لامرأته وهي حائض: أنت طالق ثلاثاً، هل يجوز ذلك؟ فإن قال: لا. فقل له: فإن قال لها: إذا طهرت من حيضتك فأنت طالق واحدة، هل يقع طلاقه عليها؟ فإن قال: نعم، فقد رجع عن قوله؛ لا يلحقها (¬4) الطلاق في وقت وحال لا يقع فيه طلاقه عليها كما لا يقع على غير امرأته. أرأيت لو قال لامرأته: إذا دخلت الدار فأنت طالق، فدخلتها وهي حائض أيقع عليها شيء. أرأيت إن دخلتها وهي طاهرة يقع عليها شيء. أرأيت رجلاً من أهل الذمة طلق امرأته ثلاثاً وهو من أهل الذمة أيقع طلاقه عليها، وهل يؤجر إذا أصاب السنة. أرأيت [لو] خلع امرأته على عبد وهي حائض أيجوز ذلك ويقع الخلع، وهل يملك الرجل العبد. أرأيت إن أعتق الرجل العبد أيجوز عتقه. أرأيت إن كان مكان العبد أمة فوطئها الرجل فولدت هل تكون (¬5) أم ولد له، وهل يثبت نسب الولد منه. أرأيت إن تزوج المرأة التي خلع بهذا العبد هل يجوز ذلك، وهل يكون لها العبد بذلك مهراً بالنكاح. أرأيت رجلاً [جعل] أمر امرأته في ثلاث تطليقات في يد رجل ثم نهاه أن يطلقها هل يجوز نهيه، أم يكون الأمر على حاله في يده. أرأيت رجلاً قال لامرأته: أمرك بيدك في ثلاث تطليقات للسنة كلها، ثم أخرجها من ذلك هل يكون الأمر في يدها. أرأيت إن قال لها: أنت طالق ثلاثاً إذا شئت أو كلما شئت، هل له أن يرجع في هذا. فإن كان له أن يرجع في هذا فله أن يرجع في قوله: إذا دخلت الدار فأنت طالق ثلاثاً. ¬

_ (¬1) ز: وألا. (¬2) سورة البقرة، 282. (¬3) م + أدب. (¬4) م ش ز: لا يكلمها. (¬5) ز: هل يكون.

أرأيت رجلاً آلى من امرأته فمضت أربعة أشهر أليس يقع الطلاق بالإيلاء أم لا. فإن مضى وقت الأربعة الأشهر وهي حائض هل يقع الطلاق أم لا. فإن كان لا يقع عليها الطلاق فمتى يقع، وهل يوقّت في هذا الحال بقول علي بن أبي طالب حتى يُوقِع (¬1) طلاقاً أو يَفِيء (¬2)، فإن حَضَرَ الطلاقُ (¬3) وهي حائض هل يقع الطلاق. أرأيت رجلاً رُفِعَ إلى الإمام وهو عِنِّين فأَجَّلَه الإمام سنة فجاوز السنة ولم يصل إليها فخُيرت المرأة فاختارت نفسها وهي حائض هل يقع ذلك الطلاق الذي اختارت به نفسها. أرأيت أمة أعتقت وزوجها عبد وهي حائض فخُيرت [فاختارت] نفسها هل تقع (¬4) فرقة بينهما. أرأيت رجلاً قذف امرأته بالزنى فرافعته المرأة إلى الإمام وهي حائض فلاعن بينهما الإمام هل تقع (¬5) بينهما فرقة وهي حائض، أم تكون (¬6) امرأته (¬7) بعد اللعان ويخالف الدين ويخالف السنة. أرأيت رجلاً أسلمت امرأته وهو نصراني وهي حائض فرافعته إلى الإمام فأبى أن يسلم ففرق الإمام بينهما وهي حائض هل يكون ذلك فرقة. أرأيت رجلاً ارتد عن الإسلام وامرأته حائض هل تَبين منه أو يُتْرَك كافراً وهي مسلمة. أرأيت رجلاً جامع امرأته وبنتها وهي حائض تقع (¬8) الفرقة فيما بينهما وهي حائض. أرأيت صبية زوجها أخوها من رجل فكبرت الجارية فحاضت ثم علمت بالنكاح وهي حائض فلم ترض أتقع (¬9) بينهما فرقة. ¬

_ (¬1) م ز: حتى يعرى؛ ش: حتى يوى. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي، 7/ 377. (¬3) أي: انقضت أربعة أشهر. (¬4) ز: هل يقع. (¬5) ز: هل يقع. (¬6) ز: أم يكون. (¬7) م ز: امرأة. (¬8) ز: يقع. (¬9) ز: أيقع.

أرأيت نكاح المتعة إلى (¬1) أن ينقضي (¬2) الأجل - وهي في قول من يحل المتعة- أتقع (¬3) بينهما فرقة حيث انقضى الأجل وهي حائض أم لا. أرأيت رجلاً أسلم وامرأته مجوسية فرفعها إلى الإمام فأبت أن تسلم وهي حائض أيفرق الإمام بينهما أو يدع امرأته مجوسية (¬4) تحت رجل مسلم. أرأيت رجلاً أعتق أمة له في حال غضب لغير وجه الله تعالى ولا يطلب الأجر أيجوز عتقه أم لا. أرأيت لو قال لعبده: أعتقتك لمنزلة فلان مني، أو لكرامته علي، أو لأنه يشفع لك عندي، أو كلمني في عتقك، هل يجوز العتق إذا كان لغير وجه الله تعالى. فإن جاز ذلك فكيف لا يجوز الطلاق إذا طلق لغير السنة، ويكون عاصياً إذا طلق لغير السنة وهو لم يَصْنَعْ (¬5) شيئاً في قوله حيث وقع لغير السنة ولا يقع طلاقه؟ (¬6) فعن أي شيء نهى؟ عن شيء يكون طلاقاً ويكون فيه عاصياً أو نهى عن شيء لا يكون طلاقاً؟ فكيف يكون عاصياً إذا لا يكون فيه مطلقاً؟ ولا يشبه الزوجَ في طلاق امرأته رجلٌ قال لرجل: طلق امرأتي للسنة؛ لأن الزوج بيده طلاق السنة وطلاق المعصية. فإذا طلق للسنة جاز طلاقه ووقع. وإذا طلق لغير السنة أخطأ وأثم وجاز طلاقه ووقع لغير السنة. وليس الرجل المأمور بطلاق السنة مثل الزوج؛ لأن المأمور لم يؤمر ولم (¬7) يوكل إلا بطلاق السنة. فإذا فعل غير الذي أمره لم يقع طلاقه؛ لأنه قد خالف. والزوج إذا طلق للسنة أو لغير السنة جاز طلاقه. ألا ترى أن رجلاً لوطلق امرأته واحدة للسنة ثم راجعها بغير شهود ¬

_ (¬1) م ز: إذا. (¬2) ز: أن تنقضي. (¬3) ز: أيقع. (¬4) ز - فرفعها إلى الإمام فأبت أن تسلم وهي حائض أيفرق الإمام بينهما أو يدع امرأته مجوسية. (¬5) ز: لم يضيع. (¬6) أي: كيف يكون عاصياً وكلامه لا حكم له كأنه لم يصنع شيئاً. (¬7) ش- ولم.

كانت رجعة وكان قد أخطأ السنة؛ لأن السنة إذا أراد الرجل أن يراجع امرأته أن يشهد على رجعتها. فهل تكون (¬1) هذه منه رجعة إذا لم يشهد على رجعتها. أيكون هذا منه رجعة وتكون (¬2) امرأته ويلزم الولد أم لا. بل يقع ذلك كله ويكون رجعة وقد أخطأ. ألا ترى (¬3) أن من السنة في الحج أن لا يحرم حتى يغتسل أو يتوضأ ويلبس إزاراً ورداء ويصلي. ولو أحرم بحج أو عمرة وعليه جبة وقميص أو هو جنب أو أحرمت امرأة وهي حائض لزمه الإحرام في ذلك كله، وكان (¬4) قد أخطأ في ذلك كله السنة. ألا ترى (¬5) أنه لو افتتح صلاة التطوع بعد صلاة العصر فصلى كانت صلاة، وكان قد أخطأ في ذلك كله السنة. وإنما نهى عنها لأنها صلاة. ألا ترى (¬6) أنه لو توضأ فبدأ قبل برجليه قبل وجهه أو بذراعيه قبل وجهه أو غسل فبدأ برأسه (¬7) [و] وجهه قبل فرجه في غسل جنابة كان قد أخطأ السنة، وكان (¬8) ذلك يجزيه (¬9) من وضوئه ومن غسله، أو كانت امرأة حائض (¬10) فاغتسلت فبدأت بوجهها قبل فرجها أو يديها (¬11) قبل وجهها أو فعلت ذلك في وضوئها، أيكون هذا بَعْدُ جُنُبًا (¬12)، وتكون (¬13) المرأة حائضاً بعد وقد اغتسلت بعد انقطاع الدم. أرأيت جنباً وقع في الفرات فاغتسل فيه هل يجزيه ذلك وقد أصاب الماء رجليه قبل فرجه ولم يغتسل غسل السنة. هذا كله باب واحد. ¬

_ (¬1) ز: يكون. (¬2) ز: ويكون. (¬3) ز: يرى. (¬4) ز: ولو كان. (¬5) ز: يرى. (¬6) ز: يرى. (¬7) ش ز: فيه ارايت (مهملة). (¬8) ش + من. (¬9) ز: يجوز. (¬10) ز: حائضا. (¬11) ز: أو يداها. (¬12) م ش: فينا. والكلام راجع إلى الرجل الجنب الذي تكلم عليه قبل المرأة الحائض. (¬13) ز: ويكون.

أرأيت رجلاً أعتق (¬1) عبداً له عن أبيه وأبوه نصراني هل يجوز عتقه. فإن قال: نعم، عتقه جائز، قيل له: كيف يجوز عتقه وإنما أعتقه عن كافر لا يؤجر. أرأيت لو قال لامرأته وهي طاهر من غير جماع: قد كنت طلقتك وأنت حائض، هل يلزمه هذا وقد وصف الطلاق في الحال التي لا يقع. بل يلزمه الطلاق وهو واقع عليها. أرأيت لو قال لها وهي حائض: قد كنت (¬2) طلقتك وأنت طاهر من غير جماع، هل يقع؟ فإن قال: نعم، يقع، قيل: كيف يقع وإنما تكلم في حال لا يجوز فيه الطلاق. أرأيت رجلاً قال لامرأته: أنت طالق عن فلان (¬3)، فقال لها وهي طاهر هل يقع ذلك عليها. أرأيت لو قال لها: إذا أعطيتني ألف درهم فأنت طالق، فأعطته وهي حائض هل يقع الطلاق أم لا. بل (¬4) هو واقع حين يقبض الألف. أرأيت لو قال لها: أنت طالق بعد [ما] تغتسلين من حيضتك بيوم، ثم جامعها بعد الطهر قبل ذلك اليوم هل يقع عليها الطلاق، وهل يقدر على أن يبطل هذا الكلام. أرأيت لو قال لها وهي حائض: أنت أختي من الرضاعة، وثبت على تلك المقالة هل تقع (¬5) بينهما فرقة. أرأيت لو قال لها: قد كنت جامعتك وأمك أو كنت جامعتك (¬6) وابنتك، أو قال: أنت ابنتي، وصدقته المرأة ومثلها يولد لمثله وليس لها نسب معروف هل تقع (¬7) بينهما فرقة وإنما قال لها ذلك وهي حائض. أرأيت لو قال لها ولم يدخل بها: أنت طالق ثلاثاً، وهي حائض أكان يقع عليها الطلاق أم لا. بل يقع عليه في هذا كله حائضاً أو طاهراً. أرأيت لو قال لها وهي ممن لا تحيض وقد دخل بها: أنت طالق واحدة رأس الشهر، هل يقع عليها الطلاق أم لا. بل هي طالق واحدة رأس الشهر. أرأيت لو قال لها ¬

_ (¬1) م: عتق. (¬2) ش- كنت. (¬3) م: عن فلا. (¬4) م + بل. (¬5) ز: هل يقع. (¬6) ز - وأمك أو كنت جامعتك. (¬7) ز: هل يقع.

باب اللبس والطيب

بعدما طهرت من حيضها أو اغتسلت: أنت طالق واحدة بائن، هل يقع عليها الطلاق. بل الطلاق واقع عليها في جميع هذه الوجوه طاهراً طلق أو حائضاً، ولكن (¬1) إذا طلق وهي حائض أوطلق بعدما جامعها فقد أخطأ السنة وأثم به، والطلاق واقع عليها. ... باب اللبس والطيب قال: لا ينبغي للمرأة المتوفى عنها زوجها ولا للمطلقة طلاقاً (¬2) بائناً أن تَطَيَّب، ولا تلبس حليًا، ولا ثوباً مصبوغًا بعُصْفُر أو وَرْس أو زعفران ولا ثوب قَصَب (¬3) ولا خَزّ لتتزين به (¬4). ولا ينبغي لها أن تَدَّهِن بزيت ولا تكتحل لزينة. بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا يحل لامرأة تؤمن (¬5) بالله واليوم الآخر تُحِدّ على ميت فوق ثلاثة أيام إلا (¬6) على زوجها أربعة أشهر وعشراً" (¬7). فأما إذا اشتكت عينها فلا بأس بأن تكتحل بالكحل الأسود وغيره. وإن لم يكن لها ثوب إلا ثوب مصبوغ فلا بأس بأن تلبس ذلك من غير أن تريد بذلك الزينة. فإن اشتكت فلا بأس إن (¬8) وضعت على رأسها دهناً. ¬

_ (¬1) م ش ز: ولان. (¬2) ش: ثلاثاً. (¬3) م ش ز: معصفر. والتصحيح من الكافي، 1/ 65 ظ؛ والمبسوط، 6/ 59. والقَصَب ثياب من كتان ناعمة، واحدها قَصَبِي على النسبة. انظر: المصباح المنير، "قصب". (¬4) م ش ز: لكبر بثوبها (ز مهملة). والتصحيح من المصدرين السابقين. (¬5) ز: يؤمن. (¬6) م: وإلا. (¬7) صحيح البخاري، الطلاق، 46؛ وصحيح مسلم، الطلاق، 58 - 59. (¬8) م ش ز: بان.

وأما المطلقة طلاقاً يملك زوجها الرجعة فلا بأس بأن تتطيب وتتزين وتلبس ما أحبت من الثياب المصبوغة بالزعفران والعصفر وغير ذلك، لعل زوجها يراجعها. وأما المرأة من أهل الكتاب إذا طلقها زوجها وهو مسلم طلاقاً بائناً أو مات (¬1) فليس عليها أن تترك الطيب ولا الحلي، لأن الذي فيها من الشرك والذي تترك من فرائض الله تعالى أعظم من ذلك. وأما الأمة وأم الولد والمدبرة والأمة قد عتق بعضها وهي تسعى في بعض قيمتها إذا كُنَّ على الإسلام فمات عن إحداهن زوجها أوطلقها طلاقاً بائناً فإنه يجب عليها أن تتقي (¬2) في عدتها من الثياب والطيب والحلي ما تتقي (¬3) الحرة المسلمة. وأما الصبية يموت عنها زوجها أو يطلقها طلاقاً بائناً وقد دخل بها فليس عليها أن تتقي (¬4) ذلك كما تتقي (¬5) الكبيرة؛ لأنها لم تبلغ ولم يجب عليها من ذلك ما يجب على الكبار. وأما أم الولد إذا مات عنها سيدها أو أعتقها فإن عليها أن تعتد ثلاث حيض، وليس عليها أن تتقي (¬6) من الطيب واللبسى ما تتقي (¬7) المطلقة والمتوفى عنها زوجها؛ لأن هذه لا تعتد (¬8) من نكاح. وكذلك المرأة يُفَرَّق بينها وبين زوجها قد كان نكحها نكاحًا فاسداً أو يموت عنها زوجها وقد دخل بها فإن هذه عليها من العدة ثلاث حيض، وليس عليها أن تتقي (¬9) في عدتها من الطيب والثياب ما تتقي (¬10) المطلقة والمتوفى عنها زوجها. ولا ¬

_ (¬1) م ش ز: أو ماتت. (¬2) ز: أن تبقى. (¬3) ز: ما تبقى. (¬4) ز: أن تبقى. (¬5) ز: تبقى. (¬6) ز: أن تبقى. (¬7) ز: ماتبقى. (¬8) م ش ز: لا تقعد. وانظر: المبسوط، 6/ 60. (¬9) ز: أن تبقى. (¬10) ز: ما تبقى.

يضر (¬1) هذه وأم الولد والمعتقة والميت عنها سيدها أن يَبتْنَ في غير منزلهن؛ لأن هذه ليست بعدة نكاح صحيح. ألا ترى (¬2) أن امرأَة لو تزوجت ودخل بها زوجها ثم فرق بينهما وردت إلى زوجها الأول كان لها أن تَتَشَوَّف (¬3) لزوجها الأول وتتزين (¬4) وعليها من عدة (¬5) الآخر ثلاث حيض له. ولو أن رجلاً كانت امرأته أمة قد ولدت له فاشتراها فسد النكاح [و] كانت (¬6) حلالاً له، ولا بأس بأن تَتشوَّف (¬7) وتتزين لزوجها ولا تتقي (¬8) الطيب، وليس عليها عدة منه. ولو أراد أن يزوجها رجلاً لم يصلح له ذلك حتى تحيض حيضتين. وإذا أعتقها فعليها ثلاث حيض وتتقي (¬9) الطيب والحلي والثياب المصبوغة في الحيضتين اللتين كانتا عليها من قبل النكاح. وأما في القياس فلا ينبغي لها أن تتقي (¬10) شيئاً من ذلك؛ لأنه كان حلالاً قبل، فلا يحرم عليها بعده. وإذا تزوجت الأمة (¬11) بغير إذن مولاها فدخل بها فرق بينهما وعليها العدة، ولا تتقي (¬12) في عدتها ما تتقي (¬13) المطلقة والمتوفى عنها زوجها؛ لأنه كان نكاحاً فاسداً. وكذلك كل عدة في نكاح فاسد فإن لها أن تخرج فيه حيث شاءت وتبيت حيث شاءت وتلبس ما شاءت. وأما المختلعة والتي تبين من زوجها بالإيلاء والتي تبين باللعان فإنها تتقي (¬14) في عدتها من الطيب والثياب والزينة والخروج ما تتقي (¬15) المطلقة ¬

_ (¬1) ز: تضر. (¬2) ز: يرى. (¬3) م ش ز: أن تسوى. والتصحيح من الكافي، 1/ 65 ظ؛ والمبسوط، 6/ 60. (¬4) ز: ويتزين. (¬5) م ش ز: من العدة. (¬6) الزيادة من الكافي، الموضع السابق. (¬7) م ش ز: تشتري. وانظر: الجملة السابقة. (¬8) ز: يبقى. (¬9) ز: ويبقى. (¬10) ز: أن يبقى. (¬11) م ش ز: المرأة. (¬12) ز: يبقى. (¬13) ز: ما يبقى. (¬14) ز: تبقى. (¬15) ز: ما يبقى.

باب المتعة والمهر

طلاقاً بائناً. وكذلك كل فرقة بين الزوج وامرأته من قبل الزوج كانت أو من قبل المرأة. ... باب المتعة والمهر وإذا طلق الرجل امرأته وقد دخل بها وأوفاها المهر فليس عليه شيء غير ذلك يؤخذ لها. فإن متّعها من قبل نفسه فذلك أفضل الأمر (¬1). وإن ترك ذلك لم يكن عليه شيئاً واجباً. وكذلك بلغنا عن شريح أن رجلاً طلق امرأته، فأمره أن يمتعها، فقال الرجل: ليس عندي ما أمتعها به. فقال له شريح: إن كنت من المحسنين أو من المتقين فمتعها، ولم يجبر على المتعة (¬2). وبلغنا عن ابن عباس - رضي الله عنه - في هذه الآية: {[وَلِلْمُطَلَّقَاتِ] مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} (¬3). وليس للمرأة إذا دخل بها زوجها متعة واجبة يؤخذ بها الزوج إذا طلقها إذا كان سمى لها مهراً، وإنما لها المتعة ما لم يسم لها مهراً. وإن لم يكن سمى لها مهراً (¬4) فلها مهر نسائها. والصغيرة والكبيرة والحرة والأمة وأم الولد والمدبرة والمرأة من أهل الكتاب في ذلك كله سواء. إذا كانت مطلقة ثلاثاً في مرض أو غيره أو مطلقة واحدة بملك (¬5) الرجعة أو واحدة بائنة أو مختلعة أو مولي منها زوجها بانت بذلك أو ملاعنة فهي في ذلك سواء. ¬

_ (¬1) م ز: الاخر. (¬2) المصنف لعبد الرزاق، 7/ 70؛ وتفسير الطبري، 2/ 534. (¬3) سورة البقرة، 2/ 241. وانظر: تفسير الطبري، 2/ 530؛ والدر المنثور للسيوطي، 1/ 697، 739. (¬4) ز - وإن لم يكن سمى لها مهراً. (¬5) ز: يملك.

وكذلك كل فرقة وقعت (¬1) بين الزوج وامرأته من قبل الرجل كانت أو من قبل المرأة. وكذلك المتوفى عنها زوجها في جميع (¬2) ما ذكرت لك دخل بها أو لم يدخل بها فليس لها متعة. وإذا طلق الرجل امرأته وقد خلا بها أو أغلق عليها باباً أو أرخى عليها حجاباً قضي عليه بالمهر كاملا وليس لها متعة. وكذلك كل زوج قضي عليه بالمهر أو بنصف المهر فليس عليه متعة مع ذلك، ولا يجتمع المهر والمتعة واجبين (¬3) يؤخذ بهما جميعاً. وإذا طلق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها فلها نصف المهر إن كان سمى لها مهراً. والصغيرة والكبيرة والأمة والحرة والمدبرة وأم الولد والمكاتبة والمرأة من أهل الكتاب في ذلك كله سواء، لكل (¬4) واحدة منهن نصف المهر إن كان سمى لها مهراً. وإن لم يكن سمى لها مهراً وقد طلقها قبل أن يدخل بها فلها المتعة واجبة، يؤخذ بها الزوج (¬5)، وليس عليه من المهر شيء. وأدنى ما يكون (¬6) المتعة ثلاثة أثواب: درع وخمار وملحفة. وكل فرقة جاءت من قبل الزوج من لعان أو إيلاء أو طلاق أو فرقة غير (¬7) ذلك جاءت (¬8) من قبل الزوج قبل أن يدخل بها ولم يسم لها مهراً فلها في ذلك المتعة واجبة عليه يؤخذ بها. والصغيرة والكبيرة والأمة والمدبرة وأم الولد والمرأة من أهل الكتاب في ذلك كله سواء. وكذلك لو لاعن امرأته قبل أن يدخل بها. وإذا طلق الرجل امرأته قد خلا بها وأغلق باباً وأرخى حجاباً فلها المهر الذي سمى لها. وإن لم يكن سمى لها شيئاً فلها [مهر] مثل نسائها ¬

_ (¬1) ش- وقعت. (¬2) م ز: من جميع. (¬3) ز: واجبان. (¬4) م ز: سواء لها بكل. (¬5) م + لها. (¬6) ز + من. (¬7) م ش ز: عن. (¬8) ش- جاءت.

وإن لم يكن دخل بها؛ لأن العجز جاء من قبله. بلغنا (¬1) عن علي وعمر بن الخطاب ومعاذ بن جبل أنهم قالوا ذلك (¬2). فإن كانت حين خلا بها حائضاً أو صائماً في رمضان أو محرمة بالحج أو بعمرة أو مريضة لا يستطاع أن يجامع مثلها أو رتقاء فطلقها بعد الخلوة ثم قال: لم أدخل بها، فهو مصدَّق على ذلك، ولها المتعة إن كان لم يسم لها. وإن كان سمى لها مهراً فلها نصف ما سمى، والعدة لها لازمة؛ لأنهما تبينان بعد (¬3) العدة. بلغنا عن ابن عباس في هذه الآية: {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} (¬4)، فهذه المتعة واجبة يؤخذ بها (¬5). وبلغنا (¬6) عن ابن عباس في هذه الآية: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ و] النِّكَاحِ} (¬7)، وقال: لها نصف المهر إلا أن تعفو (¬8) عنه، فلا تأخذ منه شيئاً آخر. ثم يقول: لأنه لم يُمَتَّعْ (¬9) من ذلك ¬

_ (¬1) م ش ز + ذلك. (¬2) المصنف لعبد الرزاق، 6/ 285 - 288؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 3/ 519 - 520؛ وسنن الدارقطني، 3/ 306 - 307؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 193. (¬3) م ش ز: عن. (¬4) سورة الأحزاب، 33/ 49. (¬5) عن ابن عباس: قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا}، فهذا في الرجل يتزوج المرأة ثم يطلقها من قبل أن يمسها، فإذا طلقها واحدة بانت منه ولا عدة عليها، تتزوج من شاءت، ثم قرأ: {فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا}، يقول: إن كان سمى لها صداقاً فليس لها إلا النصف، فإن لم يكن سمى لها صداقاً متعها على قدر عسره ويسره، وهو السراح الجميل. انظر: تفسير الطبري، 22/ 19. (¬6) ز: بلغنا. (¬7) سورة البقرة، 2/ 237. (¬8) ز: أن يعفوا. (¬9) م ز: لم يمنع. ولعل المراد أنه لم يستمتع بزوجته.

قيل: دَعِي له ذلك. {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ}، والزوج يقول: أُسَلِّم لها المهر كله، فلا ينقصها منه شيئاً. يقول الله تعالى: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} (¬1)، معنى هذا (¬2) بلغنا عن ابن عباس - رضي الله عنه - (¬3). وبلغنا عن شريح أنه قال: الذي بيده عقدة النكاح هو الزوج (¬4). وكل نكاح فاسد يُفَرَّق فيه (¬5) بين (¬6) المرأة والزوج قبل أن يدخل بها فليس للمرأة على الزوج متعة ولا (¬7) مهر سمى لها مهراً أو لم يسم. وكذلك لو فُرَّقَ بينهما بعد الخلوة وهو يقول: لم أدخل بها، وقالت المرأة: قد دخل بها، لم يصدَّق؛ (¬8) لأن هذا ليس بنكاح صحيح، وليس المتعة إلا في نكاح صحيح. فإن فارق الزوج فيه المرأة قبل الدخول ولم يفرض لها مهراً فليس يجتمع مهر ومتعة، ولا نصف مهر ومتعة. وكل فرقة جاءت من قبل المرأة قبل أن يدخل بها الزوج أو بعدما دخل فليس للمرأة فيه متعة. وإن كان سمى لها مهراً فلها ما سمى لها إن كان دخل بها. وإن كان لم يسم لها مهراً فلها (¬9) مثل مهر نسائها إن كان قد دخل بها. وإن كان لم يدخل بها (¬10) فلا مهر لها ولا متعة لها ولا نصف مهر ولا شيء قليل ولا كثير. وتفسير ذلك: الأمة يتزوجها الرجل فتعتق فتختار (¬11) نفسها قبل أن يدخل بها فلا شيء لها من المتعة ولا غيرها. بلغنا ¬

_ (¬1) سورة البقرة، 237. (¬2) م ش ز: يعني بهذا. (¬3) روي بمعناه. انظر: تفسير الطبري، 2/ 540، 541، 546. (¬4) المصنف لعبد الرزاق، 6/ 284؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 3/ 545. (¬5) م ش ز: بينه. وانظر: الكافي، 1/ 66 و؛ والمبسوط، 6/ 64. (¬6) م ز: وبين. (¬7) م ش ز: بلا. (¬8) م ش ز: ولم يصدق (¬9) ش- فلها؛ صح هـ. (¬10) ز - وإن كان لم يسم لها مهرا فلها مثل مهر نسائها إن كان قد دخل بها وإن كان لم يدخل بها. (¬11) ز: فيعتق فيختار.

[ذلك] عن ابن عباس (¬1). والصبية يزوجها وليها فتدرك فتختار (¬2) نفسها قبل أن يدخل بها زوجها فليس لها شيء. والمرأة يتزوجها الرجل وهي أمة ثم يشتريها من سيدها قبل أن يدخل بها (¬3) فليس لها شيء؛ لأن الذي له المهر هو الذي باعها، فأفسد النكاح. والمرأة تفجر بابن زوجها أو بأبيه أو ترتد عن الإسلام قبل أن يدخل بها زوجها فلا مهر لها ولا متعة. وأشباه ذلك مما تجيء فيه (¬4) الفرقة من قبل النساء. وكل امرأة توفي عنها زوجها لم يطلقها دخل بها أو لم يدخل بها فليس لها (¬5) متعة، ولها المهر كاملًا. والمرأة إن كانت حرة مسلمة وإن لم يكن (¬6) سمى لها شيئاً فلها مهر مثل نسائها. صان كان نكاحها فاسداً ولم يدخل بها فلا مهر لها سمى لها أو لم يسم لها ولا متعة. وإن كان دخل بها فلها ما سمى لها، إلا أن يكون مهر مثلها أقل من ذلك، فيكون لها مهر مثلها، ولا (¬7) ميراث لها ولا متعة. وإذا طلق الرجل امرأته من غير أن يدخل بها وقبل أن يفرض لها مهراً فلها عليه المتعة، وكذلك المكاتب والمدبر، وهم في ذلك بمنزلة الحر المسلم. وإذا تزوج الرجل المرأة ولم يسم لها مهراً غير عقدة النكاح ثم فرض لها مهراً فرضيت (¬8) به ثم طلقها قبل الدخول فإن لها المتعة. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد، وتلك الفريضة باطلة. وفيها قول آخر: إن لها نصف تلك ¬

_ (¬1) عن ابن عباس أن أمة أعتقت فاختارت نفسها قبل أن يدخل بها، قال: لا شيء لها، لا يجتمع عليه أن تذهب بنفسها وماله. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 8. وانظر للآثار في ذلك: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 9؛ والآثار لأبي يوسف، 140. (¬2) ز: فيدرك فيختار. (¬3) ز: لها. (¬4) م ش: تجزيه؛ ز: يجربه والمؤلف يستعمل عبارة "جاءت الفرقة" كثيراً. انظر أول الفقرة. (¬5) ز: له. (¬6) م ز - يكن. (¬7) ز: فلا. (¬8) ز: فرضت.

الفريضة، والذي يفرض لها برضى منها بعد عقدة النكاح كالذي (¬1) يفرض لها عند عقدة النكاح، ولا متعة لها إن طلقها قبل الدخول بها، وإنما لها نصف ما فرض. وهذا قول أبي يوسف الأول، ثم رجع إلى قول أبي حنيفة. وإذا تزوج الرجل المرأة على حكمها أو على حكمه أو على مهر مثل نسائها فهذه بمنزلة من لم يسم لها مهراً، إذا طلقها قبل الدخول فلها المتعة. فإن هذا لها وإن سكت عن ذلك؛ لأنه إذا دخل بها فلها مهر مثل نسائها سمى لها مهراً أو سكت. وإذا طلق الرجل امرأته قبل الدخول فقال: قد كنت فرضت لها كذا وكذا، وادعت المرأة أكثر من ذلك فالقول في ذلك قول الزوج، وعليه نصف ما أقر به، وعلى المرأة البينة على الفضل الذي ادعت. فإن لم يكن لها شهود (¬2) استحلف الزوج على ذلك. فإن حلف كان عليه نصف ما أقر به. وإن نكل عن اليمين لزمه نصف ما أبى أن يحلف عليه. وإذا طلق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها وقد سمى لها من المهر أقل من عشرة دراهم فإنما لها خمسة دراهم؛ لأنه قد سمى لها مهراً. وليس هذا كمن لم يسم. غير أن المهر لا يكون أقل من عشرة دراهم. بلغنا نحو ذلك عن علي وعبد الله بن عمر وابراهيم النخعي والشعبي (¬3). ولو لم يسم شيئاً وكان نصف مهر مثلها أقل من المتعة كان لها عليه نصف مهر مثلها إذا طلقها قبل أن يدخل بها، فهذا متعتها. وإذا تزوج الرجل امرأتين فطلق إحداهما (¬4) وهو لا يعلم أيهما (¬5) هي ¬

_ (¬1) م ش+ من. (¬2) ز: شهودا. (¬3) روي عن علي - رضي الله عنه - وإبراهيم النخعي. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 6/ 179؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 199. وروي مرفوعاً، لكنه ضُعِّف. انظر: نصب الراية للزيلعي، الموضع السابق. (¬4) ز: أحدهما. (¬5) ز: أنها.

وقد فرض لإحداهما ولم يفرض للأخرى ثم مات ولم يعلم أيهما طلق ولا أيهما (¬1) فرض لها ومهر مثلهما سواء فلها مهر وربع مهر بينهما سواء؛ لأن أكثر ما يكون لهما مهر ونصف، وأقل ما يكون لهما مهر (¬2) ومتعة، فالمهر لهما لا شك فيه، والنصف فيه الشك، فلهما نصف ذلك، ولهما الميراث بينهما سواء، وعليهما العدة. وإذا تزوج الرجل المرأة وابنتيها (¬3) في عُقَد (¬4) متفرقة ثم طلق إحداهن ثم مات ولم يدخل بهن كان مهر بينهن للأم نصفه وكذلك الابنتين؛ (¬5) مِن قِبَل أن الطلاق لم يقع على شيء منهن. ألا ترى (¬6) لو أن رجلاً نظر إلى امرأته ومعها امرأة أخرى فقال: إحداكما طالق، ثم مات لم يقع عليها شيء، وعليها عدة المتوفى عنها زوجها. وإنما صارا (¬7) إلى النصف لأنه لا يثبت (¬8) إلا الأم أو إحدى الابنتين. وهذا قول أبي حنيفة. وأما في القياس فالمهر بينهن أثلاثاً حصة كل واحدة منهن مثل حصة صاحبتها، المهر لها أو لإحداهن (¬9). وهذا قول أبي يوسف ومحمد. وإذا وهبت المرأة مهرها لزوجها ثم طلقها قبل أن يدخل بها ولم تكن (¬10) المرأة قبضت منه المهر (¬11) فليس لواحد منهما على صاحبه شيء (¬12). وذلك من قبل أنها (¬13) لم تأخذ (¬14) منه شيئاً فيتبعها (¬15) به. ولو كانت قبضت منه المهر ثم وهبته ثم طلقها قبل الدخول بها فلها عليه (¬16) ¬

_ (¬1) م ش ز: لأيهما. (¬2) ز: مهرا. (¬3) م: وابنتها. (¬4) ز: في عقدة. (¬5) م ش ز: المرأة. والتصحيح مستفاد من المؤلف في كتاب النكاح. انظر: 7/ 168 ظ. (¬6) ز: يرى. (¬7) ز: صار. (¬8) م ش ز: لا يسم؛ ع: لم يسم. والتصحيح من المؤلف في الموضع السابق. (¬9) أي: من غير تعيين لإحدى الابنتين. وقد ذكر المؤلف المسألة بعبارة أوسع في الموضع السابق. (¬10) ز: يكن. (¬11) ز - المهر. (¬12) م ز: بشيء. (¬13) م + لما. (¬14) ز: لم يأخذ. (¬15) ز: فيبيعها. (¬16) ز: فله عليها.

نصف المهر من قبل أنها قد استهلكته. ولو كانت قبضت منه نصف المهر ثم وهبت له النصف الباقي الذي عليه ثم طلقها قبل أن يدخل بها فإنه لا شيء لها عليه، ولا شيء له عليها؛ (¬1) من قبل أنها قد أخذت منه الذي يكون لها قبل الطلاق، ووهبت له حقه الذي يكون له بعد الطلاق. ولو كان المهر ألفاً فقبضت منه تسعمائة ووهبت له أربعمائة ثم طلقها قبل أن يدخل بها كان في هذا القول يرجع عليها بثلاثمائة (¬2) درهم تمام نصف المهر (¬3). وكذلك لو قبضت منه أكثر من ذلك ثم وهبت له ما بقي ثم طلقها قبل أن يدخل بها فلا شيء لها عليه ولا شيء له عليها. وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر (¬4) قول أبي يوسف ومحمد: إن الزوج يرجع عليها بنصف ما أخذت قليلاً كان أو كثيراً، وما وهبت له فهو له. ولو وهبت المهر كله لرجل فقبضته من الزوج ثم طلقها الزوج قبل الدخول كان يرجع الزوج عليه بنصف المهر؛ لأنها قبضته واستهلكته. ولو تزوجها على أمة ثم دفعها إليها فنقصت عندها أو زادت ثم طلقها قبل الدخول كانت الأمة للمرأة خاصة، وهي ضامنة لنصف قيمتها يوم دفعها الزوج إليها إلا أن يرضى (¬5) الزوج أن يأخذ نصفها ناقصة في حال النقصان، ولا يرجع عليها بفضل النقصان. وذلك لأن الجارية كانت للمرأة يوم دفعها الزوج إليها. فإن زادت فهو لها من مالها، وما نقصت فكذلك (¬6). ولو ولدت (¬7) الخادم عندها كانت الخادم وولدها للمرأة (¬8)، وكان عليها نصف قيمة الخادم يوم دفعها إليها. بلغنا نحو من ذلك عن إبراهيم. وكذلك الإبل والبقر والغنم. ¬

_ (¬1) ز: عليهما. (¬2) لعله: بمائة. (¬3) كذا هذه المسألة في م ش ز. وعبارة الحاكم: ولو كانت قبضت منه ستمائة درهم ووهبت له أربعمائة درهم ثم طلقها رجع عليها بمائة درهم. انظر: الكافي، 1/ 66 و. وانظر للشرح: المبسوط، 6/ 65 - 66. (¬4) ز + قول آخر. (¬5) ز: أن يرضاه. (¬6) ز + وكذلك. (¬7) ز: لو ولدت. (¬8) ش- للمرأة.

وإذا تزوجها على نخل فأثمر (¬1) عندها ثم طلقها قبل أن يدخل بها فله نصف قيمته يوم دفعه إليها، وللمرأة الثمر والنخل. فإن لم يكن فيه ثمر فللزوج نصف النخل. فإن كان عبداً فأغل غلة عند المرأة ثم طلقها قبل الدخول فللزوج نصف العبد وللمرأة نصفه، والغلة كلها للمرأة، وليس يشبه الولد الغلة؛ لأن الولد من الخادم. وكذلك الثمر. وغلة العبد إنما هو كسب بمنزلة غلة الدار وغلة (¬2) الدابة. والكسب للمرأة؛ لأنه (¬3) كان لها يوم أغل. وإن كان العبد قد نقص أو زاد فهو للمرأة كله، وللزوج نصف قيمته يوم دفعه إليها. قال: وبلغنا عن إبراهيم نحو ذلك. وإذا كانت الجارية أو الإبل أو البقر أو الغنم أو الفيل (¬4) ولدت شيئاً من ذلك أو أثمر النخل عند الزوج ثم طلق المرأة قبل أن يدخل بها فإن للزوج نصف ذلك، نصف الأم (¬5) ونصف (¬6) الولد (¬7) ونصف النخيل ونصف الغلة، وللمرأة نصف ذلك كله. وإنما كان للزوج ذلك من قبل أنه كان في ضمانه. ولو كان عبداً فأغل غلة عند الزوج وقد أجرت (¬8) الزوج أو الدار كانت الغلة للزوج وكان العبد بينهما نصفين. وإذا زاد (¬9) العبد أو نقص في يد الزوج ثم طلقها قبل أن يدخل بها فالمرأة بالخيار في النقصان إذا كان فاحشاً. إن شاءت ضمنت الزوج نصف (¬10) قيمته. وإن شاءت أخذت نصف العبد ناقصاً، لم يكن لها شيء غير ذلك. وإذا كان قد زاد فللمرأة نصفه وهو زائد، وللزوج نصفه. فإن كان قد فقأ عين (¬11) العبد قبل أن يطلق المرأة أو جرحه ثم طلقها قبل الدخول فالمرأة بالخيار. إن شاءت أخذت نصفه ناقصاً ونصف (¬12) ¬

_ (¬1) م ز: فاثم. (¬2) م ز: وغلبة (مهملة). (¬3) م ش ز: ولأنه. (¬4) كذا في م ش ز. ولعله: الخيل. (¬5) م: للأم. (¬6) ز - الأم ونصف. (¬7) ش - ونصف الولد. (¬8) ز: أجزت. (¬9) ز: ازاد. (¬10) ش: ونصف. (¬11) م: غير. (¬12) ش: أو نصف.

الجناية. وإن شاءت أخذت نصف قيمته صحيحاً. وإذا نقص في يدي الزوج بجناية جناها عليه رجل غير الزوج ثم طلقها الزوج قبل الدخول فهي بالخيار. إن شاءت أخذت نصفه ناقصاً وأرش (¬1) الذي جنى عليه هي، و [إن شاءت ضمّنت] الزوج نصف قيمته يوم تزوجته عليه (¬2) وكانت الجناية كلها للزوج. وإذا جنى العبد جناية وهو في يدي الزوج ثم طلق الزوج المرأة قبل أن يدخل بها فالمرأة بالخيار. إن شاءت أخذت نصف العبد، ثم يدفع نصفه (¬3) بالجناية أو بغير شيء، ولا يرجع زوجها بشيء. وإن شاءت تركت العبد، وضمّنت الزوج نصف قيمة العبد يوم تزوجها عليه، ثم يقال للزوج: ادفع أو افد. وإذا جنى العبد وهو (¬4) في يدي المرأة ثم طلقها قبل أن يدخل بها فإنه يقال للمرأة: افديه أو ادفعيه. فإن دفعته كان عليها نصف قيمة للزوج إلا أن يشاء الزوج أن يأخذ نصفه ويؤدي نصف الجناية. فإن فدته وأمسكت العبد فعليها أن تدفع (¬5) نصف العبد إلى الزوج. وإذا مات العبد عند المرأة ثم طلقها قبل الدخول فللزوج نصف القيمة قيمة العبد. وكذلك إذا اعور أو مرض أو جنى على نفسه جناية وفعل ذلك قبل الطلاق بعد أن يفعل ذلك وهو في يدي المرأة قبل أن يقضى به للزوج. فإذا قضي للزوج بنصفه ثم مات أو جنى على نفسه أو مرض أو جنى عليه رجل أو صنع به شيئاً ينقصه أو أصابه شيء فذلك كله عليها جميعاً في رقبته، ولا تضمن (¬6) المرأة للزوج شيئاً (¬7). فإن قضي به للزوج ولم يقبضه من المرأة حتى مات أو اعور أو أصابه شيء فإن للزوج أن يضمن [المرأة] قيمته صحيحاً. وإن اعور أخذ نصفه وضمنها نصف العور، وإن كان نقصان ¬

_ (¬1) م ز: وارست. (¬2) ش- عليه. (¬3) ز: نصف. (¬4) ز: وهي. (¬5) ز: أن يدفع. (¬6) ز: يضمن. (¬7) ز: شيء.

غير العور أخذ نصف العبد وضمنها نصف ما بقي منه. وإذا كان العبد في يدي الزوج ثم طلق المرأة فلم يقبض نصف العبد من الزوج حتى مات أو نقص أو تعيّب (¬1) فهي بالخيار. إن شاءت أخذت نصفه ناقصاً. وإن شاءت ضمنت الزوج نصف قيمته صحيحاً وسلمته له. وإذا قضى القاضي بنصفه فقبضته فهو بينهما، وما أصابه من شيء فعليهما. وإذا كان العبد في يدي المرأة فطلقها قبل أن يدخل بها فقبضتها فعتقها وبيعها فيه جائز ما لم يقض (¬2) للزوج فيه بنصفه، ويضمن نصف قيمته. وإن كان في يدي الزوج فطلقها قبل أن يدخل بها ثم أعتق أو باع فبيعه في نصيب المرأة باطل لا يجوز، وعتقه جائز في نصيبه، والمرأة بالخيار. إن شاءت أعتقته. وإن شاءت استسعت العبد في نصف قيمته. وإن شاءت ضمنته إن كان موسراً. وهذا قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد إذا أعتق الزوج العبد صار حراً كله، ويضمن المرأة نصف القيمة إن كان موسراً. وإن كان معسرا فالمرأة بالخيار. إن شاءت استسعت العبد في نصف قيمته. وإن شاءت ضمنت الزوج نصف القيمة. إنما (¬3) اختلف أمر العبد إذا كان في يدي المرأة نصف قيمته مِن قِبَل أنه للمرأة إذا كان في يديها، فلا شيء للزوج فيه حتى يقضى له برده. وإذا كان في يدي الزوج فطلقها قبل أن يدخل بها فقد وجب لها نصفه. وإذا تزوج الرجل المرأة على ألف درهم وعلى أن يعطيها أباه ثم طلقها قبل أن يدخل بها فإن الألف تقسم (¬4) على قيمة الأب وعلى مهر مثلها، فما أصاب قيمة الأب فهو للمرأة ثمن عبدها، وما أصاب مهر مثلها فهو بينهما نصفين (¬5). وإذا تزوج المرأة على أبيها على أن زادته ألفاً ثم طلقها قبل أن يدخل ¬

_ (¬1) م ز: أو نفس (مهملة). (¬2) ز: لم يقضا. (¬3) م ش ز: إذا. (¬4) ز: يقسم. (¬5) ش: بنصفين؛ ز: نصفان.

بها فإن قيمة الأب تقسم على الألف وعلى مهر مثلها، فما أصاب الألف فهو لها، وما أصاب مهر مثلها فهو بينهما نصفان (¬1). فترد المرأة على الزوج حصته من ذلك النصف. وتفسير ذلك: إذا كان (¬2) مهر مثلها ألفاً (¬3) فنصف (¬4) الأب لها بالألف التي نقدت، ونصفه بمهر مثلها. فللزوج نصف ذلك النصف، ويرجع بقيمته عليها. ولو تزوجها على دار على (¬5) أن يرد عليها عبداً وقبضته وقبضت الدار ثم طلقها قبل أن يدخل بها فإن الدار تقسم (¬6) على قيمة العبد وعلى مهر مثلها، فما أصاب العبد فهو لها شِرَى (¬7) بعبدها، وما أصاب مهر مثلها فهو مردود على الزوج نصفه يقبضه (¬8). وليس لها أن ترجع في شيء من العبدة لأنه كان للزوج بالذي أصابه من الدار. وإذا تزوجها على ثياب تساوي مائتي درهم على أن زادته مائتي درهم (¬9) فالنكاح جائز. وإن طلقها قبل أن يدخل بها فإن الثياب تقسم (¬10) على مائتي درهم وعلى مهر مثلها، فما أصاب المائتي درهم من الثياب فهو للمرأة شرى بالمائتين، وما أصاب المهر فهو للمرأة (¬11)، ترد نصف ذلك على الزوج. فإن كانت الثياب قد (¬12) تغيرت عندها أو لبستها حتى نقصت [عن] ما كانت (¬13) تُزادُ قيمةُ (¬14) حصةِ الزوج من ذلك. ولو كانت الثياب عند الزوج ولم يدفعها إليها بعد حتى هلكت وقد قبضت المائتي درهم فطلقها قبل الدخول فإنه يرد على المرأة المائتي درهم؛ مِن قِبَل أنه باعها شيئاً لم يسلمه لها. وما يصيب [مهر] مثلها من قيمة الثياب إذا قسمت على ¬

_ (¬1) ز - وإذا تزوج المرأة على أبيها على أن زادته ألفا ثم طلقها قبل أن يدخل بها فإن قيمة الأب تقسم على الألف وعلى مهر مثلها فما أصاب الألف فهو لها وما أصاب مهر مثلها فهو بينهما نصفان. (¬2) ز: وتفسير ذلك النصف. (¬3) ز: ألف. (¬4) م ش ز: لنصف. (¬5) م ز - على. (¬6) ز: يقسم. (¬7) ش: استرى (مهملة). (¬8) ز: بصفة نقيضة. (¬9) ز + على أن زادته مائتي درهم. (¬10) ز: يقسم. (¬11) م ش ز: المهر. (¬12) م ز: وقد. (¬13) ز: ما كان. (¬14) ز: قيمته.

مائتي درهم وعلى مهر مثلها فإنه يضمن نصف ذلك الثوب، فيدفعه إلى المرأة. وإذا تزوج الرجل امرأتين ففرض لإحداهما مهراً ولم يفرض للأخرى ثم طلق إحداهما قبل أن يدخل بها ولا تعرف (¬1) بعينها ثم مات فإن للتي سمى لها مهراً ثلاثة أرباع مهرها، وللتي لم يسم (¬2) لها (¬3) مهراً نصف مهر مثلها. وكان ينبغي في القياس أن يكون لها أيضاً نصف المتعة، ولكن لا يجتمع مهر ومتعة. والميراث بينهما نصفين، وعليهما عدة المتوفى عنها زوجها. وإذا تزوج الرجل ثلاثاً في عقدة وثنتين في عقدة وواحدة في عقدة ولم يدخل بهن ثم طلق إحدى نسائه ثم مات ولم يعرف المطلقة منهن ولا التي تزوج أولاً فإن لهن ثلاث مهور، وللتي نكحها وحدها من ذلك سبعة أثمان إلا سدس ثمن مهر، وللثلاث (¬4) التي نكح في عقدة واحدة مهر واحد وثمنا (¬5) مهر ونصف (¬6) ثمن مهر بينهن سواء، وللثنتين اللتين نكح في عقدة واحدة خمسة (¬7) أسداس مهر بينهما سواء. وعدتهن عدة المتوفى عنها زوجها. وللتي (¬8) تزوج وحدها من الميراث الثمن كان أو الربع سبعة أسهم من أربعة وعشرين سهماً. وللثلاث نصف ما بقي. وللثنتين نصفه بينهما سواء. وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد: إن للثلاث (¬9) مما (¬10) بقي تسعة أسهم (¬11)، وللثنتين (¬12) ثمانية أسهم. وذلك لأن ¬

_ (¬1) ز: يعرف. (¬2) ز: لم تسم. (¬3) ز - لها. (¬4) م: والثلاث. (¬5) م: وثمن مهر ونصا؛ ش: وثمن ومصا؛ ز: وثمن مهر وقضا. والتصحيح من الكافي، 1/ 66 ظ؛ والمبسوط، 6/ 67. وانظر: آخر الفقرة. (¬6) م ش ز + مهر. والتصحيح من كلام المؤلف في دوام العبارة ومن المصدرين السابقين. (¬7) م ش ز: وخمسة وانظر الحاشية السابقة. (¬8) م ز: والتي. (¬9) ز + نصف. (¬10) ز: ما. (¬11) ز - تسعة أسهم. (¬12) ز. للثنتين.

الثنتين (¬1) أكثر ما يكون (¬2) لهما ستة عشر، والثلاث (¬3) أكثر ما يكون لهن ثمانية عشر سهماً، وذلك ثلاثة أرباع الميراث، وأقل ما يكون لهن أن يخرجن من الميراث بغير شيء، فلهن تسعة أسهم. وأما الواحدة فإنها على كل حال ترث، فلها مع الثلاث ستة أسهم من أربعة وعشرين سهماً، ولها مع الثنتين ثمانية أسهم من أربعة وعشرين سهماً. فلذلك جعلنا لها ستة أسهم. وإنما جعلنا المهر على ما وصفت لك؛ مِن قِبَل أن الواحدة (¬4) نكاحها صحيح. فإذا كانت مع الثلاث أصابها من النقصان ثمن مهر؛ لأن نصف مهر نقصان عليهن جميعاً، فعليها من ذلك ربعه، فذلك ثمن مهر (¬5). وإن كانت مع الثنتين أصابها من النقصان سدس (¬6) مهر؛ وذلك لأن نصفه وقع عليها وعلى الثنتين أثلاثاً، فأصابها من ذلك أو أصاب الثنتين ثلث مهر، على حال ينقص سدس، وفي حال ينقص ثمن، فنظرنا فضل ما بين السدس والثمن، فنقصناها نصف ذلك مع الثمن، لأن الثمن لا شك فيه، والسدس فيه شك، فألقينا عنها نصفه، وألزمناها نصفه، فصار لها سبعة أثمان مهر إلا سدس ثمن مهر. وأما الثنتين فإنهما إن كان نكاحهما صحيحاً فلهما مهر وثلثا مهر؛ لأنه قد أصابهما من الطلاق نقصان (¬7) ثلث مهر (¬8)، لا يثبت معهما إلا نكاح الواحدة. فنصف مهر يقسم على ثلاثة، لكل واحدة سدسه. فللثنتين من ذلك ثلثا النصف. فذلك ثلث الجميع. فلهن المهر وثلثا مهر إذا صح نكاحهن. فإن كان نكاحهن غير صحيح فلا شيء لهن. فلهن خمسة أسداس مهر بينهما سواء. وأما الثلاث فإن كان نكاحهن صحيحاً (¬9) فلهن ثلاث مهور إلا ثلاثة أثمان مهر نقصان أصابهن؛ لأن الثلاث والواحدة نقصن (¬10) نصف ¬

_ (¬1) ز: البنتين. (¬2) م ش: مما يكون. (¬3) ش: وللثلاث. (¬4) ز: أن الواحد. (¬5) ش- لأن نصف مهر نقصان عليهن جميعاً فعليها من ذلك ربعه فذلك ثمن مهر. (¬6) م ز: السدس. (¬7) م ش ز: نصفان. والتصحيح مستفاد من المبسوط، 6/ 67. (¬8) ز + لأنه. (¬9) ز: صحيح. (¬10) م ش ز: نقص.

مهر، وأصاب الثلاث من ذلك ثلاثة أرباعه، وذلك ثلاثة أثمان الجميع. وإن لم يكن نكاحهن صحيحاً (¬1) فلا شيء لهن. فلهن من (¬2) ذلك النصف، وذلك مهر وثمنا (¬3) مهر ونصف [ثمن] مهر (¬4). وإذا تزوج الرجل ثلاث نسوة في عقدة واحدة وثنتين في عقدة (¬5) وأربعًا (¬6) في عقدة ثم طلق إحدى نسائه ولم يدخل بشيء منهن ثم مات الزوج ولا يعلم أيتهن طلق ولا أيتهن تزوج أولاً، فإن كان تزوج الأربع أولاً فلهن ثلاث مهور ونصف. وإن كانت الثنتان (¬7) أولهن فلهما مهر ونصف. فإذا لم يُعْلَم فانْظُر المهر من التي يشك فيهما، فاجْعَلْ لهن أحدهما مع المهر والنصف، وأَبْطِل الآخر، فيكون لهن مهران ونصف. فأما مهر فليس تدعي الاثنتان فيه شيئاً، فهو بين الثلاث والأربع، لكل فريق منهن نصف. وأما مهر ونصف فللأربع (¬8) منه نصف مهر، وللثلاث منه نصف مهر، وللثنتين منه نصف مهر؛ لأن كل فريق يدّعيه كله، وكل فريق منهن ... (¬9). للأول (¬10)، وأصابهن ذلك، فهو بينهن سواء. وعلى كل واحدة منهن عدة المتوفى عنها زوجها. وهذا قول أبي يوسف. ولو كان دخل بامرأتين لا تُعْرَفان (¬11) بأعيانهما ثم طلق من نسائه (¬12) واحدة وطلق الأخرى منهن ثلاثاً ثم تزوج واحدة قبل انقضاء العدة ثم مات ¬

_ (¬1) ز: صحيح. (¬2) م ش ز: ثمن. (¬3) م ش ز: وثمن. (¬4) م ش ز + يقال هذا غلط. م هـ: صوابه مهر وربع مهر ونصف ثمن مهر؛ ش هـ: صوابه كذا في الأصل مهر وربع مهر ونصف ثمن مهر. وما ذكر في هامش النسختين صحيح. انظر: الكافي، 1/ 66 ظ؛ والمبسوط، 6/ 67. (¬5) ش- وثنتين في عقدة؛ ز + واحدة. (¬6) ز: بع. (¬7) م ش ز: اثنتين. (¬8) م ش ز: وللأربع. (¬9) في م ش ز بياض قدر كلمة. وقال الحاكم: ولكل فريق ثلث الميراث. انظر: الكافي، 1/ 66 ظ. ونحوه عند السرخسي. انظر: المبسوط، 6/ 68. (¬10) ش: للأولى. (¬11) ز: لا يعرفان. (¬12) ز: من نسائها.

ولا يُعْلَم أيهن كانت أول ولم (¬1) يكن فيهن أمة كان للمرأة الواحدة التي تزوجها آخراً (¬2) المهر كاملًا؛ لأن نكاح الواحدة صحيح ونكاح الأربع فاسد. وتزويج الواحدة هو الدليل على نكاح الأربع، ولا مهر للأربع، ولا ميراث، ولا عدة عليهن. وللواحدة من الميراث خمسة أسهم من اثني عشر سهماً. وللثلاث أربعة أسهم. وللثنتين ثلاثة أسهم. وللثلاث مهر ونصف. وللثنتين مهر ونصف. وعلى الثلاثة أربعة أشهر (¬3) وعشراً وثلاث حيض. وعلى الثنتين مثل ذلك. وعلى الواحدة أربعة أشهر وعشر ر ليس فيها ثلاث حيض (¬4). ولو لم يدخل بشيء منهن ولم يتزوج (¬5) شيئاً وكانت إحدى الثلاث أُمّ (¬6) إحدى الأربع والحال على ما وصفت لك فإن الأم والابنة لا تنقصان من مهر، ولا ميراث؛ مِن قِبَل أن الفريق الذي معها نكاحهن ونكاحها جائز أو فاسد (¬7). ولوطلق إحدى الثلاث كان ذلك منه إقراراً (¬8) بأن الثلاث هن الأول، [و] كان مهران ونصف بينهن إذا لم تعرف (¬9) المطلقة منهن بعينها، والميراث بينهن سواء، وعليهن عدة المتوفى عنها زوجها. ولا ميراث للأربع والاثنتين ولا مهر. وإن كان الزوج لم يطلق منهن شيئاً وظاهر من واحدة من ¬

_ (¬1) ز: أو لم. (¬2) ز: آخر. (¬3) ش- أشهر؛ صح هـ. (¬4) قال أبو الفضل: وهذا الجواب غير سديد. انظر: الكافي، 1/ 66 ظ. وقال السرخسي: وفي حق الثنتين جوابه في الميراث والمهر جميعاً غلط؛ لأنا نتيقن أنه لا ميراث لهما، فإنه إن صح نكاحهما فقد وقع الطلاق عليهما وانقضت عدتهما؛ وإن لم يصح نكاحهما فلا شيء لهما. وفي المهر إن صح نكاحهما فلهما مهران، وإن لم يصح فلا شيء، فينبغي أن يكون لهما مهر واحد لا مهر ونصف. فعرفنا أن جواب الكتاب سديد. نظر: المبسوط، 6/ 69. (¬5) م ش ز: وقد تزوج. والتصحيح من الكافي، 1/ 66 ظ؛ والمبسوط، 6/ 69. (¬6) م ش ز: أو. والتصحيح من المصدرين السابقين. (¬7) م ش ز: وفاسد. والتصحيح من المصدرين السابقين. (¬8) ز: إقرار. (¬9) ز: لم يعرف.

باب ما تقع به الفرقة مما يشبه الطلاق من الكلام

الأربع أو جامعها فهو إقرار بأنهن الأول، ولهن المهر والميراث، وعليهن عدة المتوفى عنها زوجها، ولا مهر للثلاث والثنتين ولا ميراث. ولو كانت إحدى الأربع أمة لم يكن لها من المهر شيء ولا من الميراث ولا عدة عليها. [قلت:] وإن كان الزوج لم يجامع ولم يظاهر ولم يقر بشيء منهن بعينها ولكن طلق إحدى نسائه لا يعرف أيتهن هي وفي الأربع منهن أمة ما حالهن في المهر وفي الميراث؟ قال: أكثر ما (¬1) يكون لهن من المهر مهران ونصف، وأقل ما يكون لهن من المهور مهر ونصف (¬2). فإذا لم يعلم (¬3) أي (¬4) ذلك كان لهن مهران. ونصفُ مهرٍ من ذلك بين الثلاث والأربع غير الأمة نصفين. والمهرُ ونصفٌ الباقي لكل فريق ثلثه (¬5). وهذا قول أبي يوسف. ... باب ما تقع (¬6) به الفرقة مما يشبه الطلاق من الكلام وإذا (¬7) قال الرجل لامرأته: أنت علي حرام، فإنه يسأل عن نيته. فإن نوى الطلاق فهي طالق. ويسأل: كم نويت من الطلاق. فإن نوى واحدة فواحدة بائن. وإن نوى ثنتين فهي واحدة بائنة؛ لأنها كلمة واحدة، فلا تكون (¬8) ثنتين. فإن نوى ثلاثاً فهي ثلاث؛ لأنها كلمة جامعة. ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره. فإن نوى الطلاق ولم ينو عدداً منه فهي واحدة بائنة. وإن لم ينو الطلاق فهو مولي، إن جامعها كفر عن يمينه. وإن لم يقربها ¬

_ (¬1) ش- أكثر ما؛ صح هـ. (¬2) ز + وأقل ما يكون لهن من المهور مهر ونصف. (¬3) ش+ إلى. (¬4) م: إلى. (¬5) ز: ثلاثة. (¬6) ز: ما يقع. (¬7) ز: إذا. (¬8) ز: يكون.

أربعة أشهر بانت بالإيلاء. وإن نوى يمينأ فهي كذلك أيضاً. وإن نوى الكذب فهو كذب لا يقع به الطلاق ولا الإيلاء (¬1) ولا غيره. بلغنا ذلك عن عبد الله بن مسعود أنه قال في الرجل يقول لامرأته: أنت علي حرام: إن نوى يميناً فهو يمين، وإن نوى طلاقاً فهو ما نوى منه (¬2). وإذا قال الرجل: كل حلال علي حرام، فإنه يسأل عن نيته. فإن نوى يميناً فهي يمين وكفرها. ولا تدخل (¬3) امرأته في ذلك إلا أن ينويها. فإن نواها هو في ذلك فإذا أكل أو شرب أو قرب (¬4) امرأته أي ذلك ما فعل فإنه يحنث ويكفر عن يمينه، ويسقط عنه الإيلاء إذا فعل ذلك في الأربعة الأشهر. فإن لم تكن (¬5) له نية فهي يمين يكفرها لا تدخل (¬6) امرأته فيها. فإن نوى بذلك الطلاق فإن القول فيه كالقول في الحرام. فإن لم ينو الطلاق واليمين ونوى الكذب فهو كذب لا يدخل فيه طلاق ولا إيلاء. وإذا قال الرجل لامرأته: قد حرمتك، أو قد حرمتك علي، أو أنت علي حرام، أو أنا عليك حرام، أو قال: قد حرمت نفسي عليك، أو قال: أنا عليك محرم، أو قال: أنت محرمة علي، فهذا كله باب واحد، القول فيه كالقول في الحرام. وإذا قال الرجل لامرأته: أنت علي كمتاع فلان، ينوي بذلك (¬7) الطلاق أو الإيلاء فليس هذا بشيءة مِن قِبَل أن ذلك المتاع قد يحل له بالشراء أو غيره. وإذا قال الرجل لامرأته: أنت علي كالدم أو كالميتة أو كلحم الخنزير أو كالخمر، فإنه يسأل عن نيته. فإن نوى الكذب فهو كذب لا يقع عليه شيء. وإن نوى التحريم بغير الطلاق فهو يمين، إن تركها أربعة أشهر لا ¬

_ (¬1) م ز: ولا إيلاء. (¬2) المصنف لعبد الرزاق، 6/ 401؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 216. (¬3) ز: يدخل. (¬4) ز: أو قربه. (¬5) ز: يكن. (¬6) ز: لا يدخل. (¬7) ش: ذلك.

يقربها بانت منه بالإيلاء. وإن قربها في الأربعة الأشهر كفر عن يمينه. وإن لم ينو (¬1) اليمين ونوى الطلاق فالقول في هذا كالقول في الحرام إذا نوى الطلاق. وإذا قال الرجل لامرأته: أنت مني بائن أو برية أو خلية، فإنه يسأل عن نيته. وإن لم ينو الطلاق لم يقع عليها الطلاق. وإن نوى الطلاق فهو ما نوى (¬2). بلغنا ذلك عن إبراهيم النخعي وشريح (¬3). فإن نوى واحدة فهي واحدة بائن، وإن نوى اثنتين فهي واحدة؛ بائن لأنها كلمة واحدة، فلا يقع عليها اثنتان (¬4). وإن نوى ثلاثاً (¬5) فهي ثلاث. وإن نوى الطلاق ولم ينو عددا فهي واحدة بائنة. وكذلك كل كلام يشبه الفرقة مما أراد به الطلاق فهو مثل هذا، كقوله: حبلك على غاربك، وقد خليت سبيلك، ولا ملك لي عليك، والحقي بأهلك، واخرجي، واستَتِري (¬6)، وتَقَنَّعِي، واغربي، وقد وهبتك لأهلك إن قبلوها وإن لم يقبلوها. وكذلك لو قال لها: أنت حرة، ينوي الطلاق. وكذلك إذا قال: قد أبنت نفسي منك، أو قد أبنت نفسك مني. فأما إذا قال: قد طلقتك فإن هذا لا يقع إلا واحدة بملك الرجعة وإن نوى ثلاثاً. وكذلك إذا قال لها: أنت طالق. إذا سمى الطلاق بعينه لم يقع منه إلا ¬

_ (¬1) ز: لم ينوي. (¬2) ز: ما نو. (¬3) رواه الإمام محمد عن إبراهيم وشريح بإسناده في الآثار، 87 - 88. وعن شريح في البتة والبرية والبائنة والخلية وخلوت مني، قال: يدين. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 6/ 358. وعن إبراهيم قال: كان أصحابنا يقولون: البتة والخلية والبرية والحرام نيته، إن نوى ثلاثاً فثلاث، و (ن نوى واحدة فواحدة، وهو أملك بنفسها، وإن شاء خطبها. انظر: المصدر السابق، 6/ 360. وعن إبراهيم قال: من طلق أو عنى فهو كما عنى مما يشبه الطلاق. انظر: المصدر السابق، 6/ 361. وروى عبد الرزاق عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم قال: كل حديث يشبه الطلاق إذا نوى صاحبه طلاقاً فهو طلاق، إن نوى واحدة فواحدة، وإن نوى ثلاثاً فثلاث، وإن لم ينو شيئاً فليس بشيء. انظر: المصدر السابق، 6/ 362. (¬4) ز: اثنتين. (¬5) ز: ثلث. (¬6) ز: واستبرئي. وكذلك عند الحاكم. انظر: الكافي، 1/ 67 و. وانظر: المبسوط، 6/ 73.

ما سمى منه ولا يقع شيء (¬1) منه بالنية. وإن كان قد دخل بها فهو أحق برجعتها. وإن كان لم يدخل بها (¬2) فهي بائن. وإذا قال لها: قد طلقتك طلاقاً، أو الطلاق، فإنه يسأل عن نيته. فإن لم يكن له نية فهي واحدة بملك الرجعة إن (¬3) كان قد دخل بها. وإن نوى ثلاثاً فهي ثلاث. ألا ترى أنه لو قال: أنت طالق الطلاق كله، كانت ثلاثاً. وكذلك إذا قال: أنت طالق الطلاق، ينوي ثلاثاً. وإذا قال: أنا منك طالق أو أنا (¬4) طالق، فهذا ليس بشيء؛ لأن الزوج لا يكون طالقاً (¬5) من امرأته. وإذا قال: أنت طالق البتة، فإنه يسأل عن نيته. فإن نواها تطليقة أخرى سوى قوله: أنت طالق، فهما تطليقتان بائنتان. وإن نوى بالبتة (¬6) التطليقة الأولى فهي واحدة بائنة، وإن نوى ثلاثاً فهي ثلاث. وإن لم تكن له نية فهي واحدة بائنة (¬7). وكذلك كل كلام يشبه الطلاق ضَمَّنْتُه (¬8) الطلاق إلا قوله: اعتدي. قال: بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لسودة بنت زمعة زوجته: "اعتدي"، ثم راجعها (¬9). وكذلك قوله: "استبرئي رحمك". ¬

_ (¬1) ز: شيئاً. (¬2) ز - بها. (¬3) ش: فإن. (¬4) م ش ز: وأنا. (¬5) ز: طالق. (¬6) ز: بالنية. (¬7) ز - وإن نوى ثلاثاً فهي ثلاث وإن لم تكن له نية فهي واحدة بائنة. (¬8) وعبارة الحاكم: ضمه مع الطلاق. انظر: الكافي، 1/ 67 و. (¬9) رواه المؤلف في كتاب النكاح هكذا: وبلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لسودة بنت زمعة: "اعتدي". فسألته بوجه الله أن يراجعها، وأن يجعل يومها لعائشة لأن تحشر يوم القيامة مع أزواجه. قال محمد: حدثنا أبو حنيفة عن الهيثم بذلك غير أنه لم يذكر عائشة. انظر: 7/ 184 ظ. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 146. وروي نحوه عن عروة بن الزبير مرسلاً. انظر: السنن الكبرى للبيهقي، 7/ 75. وروي عن عائشة أن سودة لما كبرت قالت: قد جعلت يومي منك يا رسول الله لعائشة. فكان رسول - صلى الله عليه وسلم - يقسم لعائشة يومين: يومها ويوم سودة. ولم تذكر طلاقاً. انظر: صحيح البخاري، النكاح، 98؛ وصحيح مسلم، الرضاع، 47. وانظر للتفصيل: نصب الراية للزيلعي، 3/ 216 - 217؛ والدراية لابن حجر، 2/ 67؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 203.

وإذا قال الرجل لامرأته: اعتدي، فإنه يسأل عن نيته. فإن لم ينو الطلاق فهي امرأته بعد أن يحلف على [ذلك]. أو، كل شيء من هذا مما ذكرت (¬1) ثم لم ينو فيه الطلاق فإن عليه فيه اليمين. وإن نوى بـ "اعتدي" الطلاق فهي واحدة بملك الرجعة. وإذا قال: اعتدي، [اعتدي، اعتدي] (¬2)، وهو ينوي تطليقة واحدة بهن جميعاً فهو كذلك فيما بينه وبين الله تعالى. وأما في القضاء فهي ثلاث، ولا يسع امرأته إذا سمعت منه ذلك أن تقيم (¬3) معه. فإن قال: نويت بالأولى الطلاق وبالاثنتين عدة، فإنه مصدق في القضاء وفيما بينه وبين الله تعالى. وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق فاعتدي، فهي طالق كما قال. فإن أراد بـ "اعتدي" العدة، فهو كما نوى في القضاء وفيما بينه وبين الله تعالى. وإن أرادب "اعتدي" تطليقة أخرى فهي أخرى. فإن أراد بـ "اعتدي" اثنتين فهي واحدة بملك (¬4) الرجعة. فكذلك قوله: أنت طالق اعتدي. وإذا قالت المرأة لزوجها: طلقني، فقال: اعتدي، ثم قال: لم أنو الطلاق، فإنه لا يصدق في القضاء، فهي طالق، لأن هذا جواب الكلام. وكذلك لو كان في غضب فيما بينهما وذكر الطلاق فإنها طالق في القضاء. وأما فيما بينه وبين الله تعالى فإنه يدين. وكذلك إذا كان بينهما غضب وذكر الطلاق (¬5) وقالت: طلقني، فقال لها: أنت حرام، أو أنت (¬6) خلية، أو أنت برية، أو أنت بائنة، فإنها في القضاء طالق بائن على ما ذكرت لك، ولا يدين في القضاء. وأما فيما بينه وبين الله تعالى فإن لم يكن عنى الطلاق فهي امرأته. وإذا قال الرجل لامرأته: اعتدي ثلاثاً، ثم قال: عنيت تطليقة واحدة ¬

_ (¬1) ز + لك. (¬2) الزيادة من الكافي، 1/ 67 و. (¬3) ز: أن يقيم. (¬4) ز: يملك. (¬5) ز - فإنها طالق في القضاء وأما فيما بينه وبين الله تعالى فإنه يدين وكذلك إذا كان بينهما غضب وذكر الطلاق. (¬6) م ش ز: وأنت.

تعتد لها (¬1) ثلاث حيض، فالقول قوله في القضاء وفيما بينه وبين الله تعالى. وإذا قال الرجل لامرأته: لست لي بامرأة، وهو ينوي الطلاق فهو كما وصفت لك في الخلية والبرية في قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد: إنها ليست بطلاق، وإن هذا ليس بشيء. أرأيت لو قال لها: والله ما أنت لي بامرأة، أو قال: علي حجة إن كانت لي (¬2) بامرأة، أكان طلاقاً. لا يكون طلاقاً في هذا. ألا ترى (¬3) لو سئل: ألك امرأة؟ فقال: لا، يعني الطلاق، فإنه لا يكون (¬4) طلاقاً. وكذلك لو أنه أخذ [في] الكلام فقال: ما لامرأة، فهذا كله باب واحد، يشبه بعضه بعضاً، لا يقع فيه الطلاق. وإذا قال الرجل لامرأته: لم أتزوجك، يعني الطلاق فليس هذا بشيء، وليس هذا كالأول، وإنما هو كذب. محمد عن أبي يوسف عن الحسن (¬5) بن عمارة عن الحسن البصري قال: بلغنا عن عمر بن الخطاب أنه قال: إذا سئل الرجل ألك امرأة فقال: لا، إنما هي كذبة (¬6). وإذا قال الرجل لامرأته: لا نكاح بيني وبينك، ولا ملك لي عليك، ولا سبيل لي عليك، أو قال لها كلاماً (¬7) يشبه الفرقة، يعني الطلاق، فهو بائن كما وصفت لك. وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق، ثم قال: عنيت: طالق من وثاق، أي: طالقاً من الإبل، فإنه لا يصدق على ذلك في القضاء، وهي طالق (¬8). وأما فيما بينه وبين الله تعالى فهو في سعة، وهي امرأته. وكل منزلة لا يديّنه القاضي فيها فكذلك امرأته لا يسعها أن تديّنه (¬9) فيها إذا كانت ¬

_ (¬1) ش: بها. (¬2) م ش: له. (¬3) ز: يرى. (¬4) م ز + له. (¬5) م ز: عن الحسين. (¬6) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 111. (¬7) ز: كلام. (¬8) ش - وهي طالق. (¬9) ز: أن يدينه.

قد سمعت ذلك الكلام منه أو شهد به عندها شاهدا (¬1) عدل. فلما كان هذا على هذه الحال [فإذا قال الرجل لامرأته بعد الخلع في العدة: أنت بائن، يريد به الطلاق، لم يقع عليها الطلاق]، فقد [كانت] (¬2) بالخلع امرأته بائناً. وقولك لها: بائن، لا يكون طلاقاً؛ لأن "بائن" هذه الكلمة نفسها لا تكون (¬3) طلاقاً إلا بنية الفرقة إن تنو (¬4) بها الفرقة. وإن لم تنو (¬5) لا أن تكون (¬6) امرأتك وتنوي (¬7) فيه فساد النكاح فكل ذلك كان قبل (¬8) قوله: أنت بائن. قد كان فساد النكاح والفرقة قبل قول الرجل: أنت بائن. وقوله: أنت بائن، لا يقع به عليها طلاق إلا بنية الفرقة بها. وقد كانت الفرقة قبلها. مُحالٌ أن ينوي فرقة قد كانت وفسادَ نكاح قد كان. وإذا قال لها: أنت طالق، فقوله لها: أنت طالق، يقع بالكلمًة بعينها الطلاق سواء البتة لا يحتاج فيها إلى نية. فلما وقع الطلاق بالكلمة سوى النية فقوله لها في العدة مثل الخلع سواء؛ لأنها بمنزلة امرأته ما دامت في العدة. وكذلك لو قال لها: اعتدي، يريد به الطلاق بعد (¬9) الخلع وقعت عليها تطليقة أخرى؛ لأن "اعتدي" لا يكون طلاقاً بائناً بإرادته الفرقة ولا فساد النكاح. ألا ترى أنه لو قال لها: اعتدي، قبل الخلع كانت تطليقة بملك الرجعة، فلا يفسد هذا النكاح، ولا يقع لها فرقة. فكذلك وقعت بعد الخلع كما يقع قوله: أنت طالق (¬10). وإذا قال الرجل لامرأته: أنت بائن، يريد الطلاق وقعت عليها تطليقة بائنة إذا لم يرد ثلاثاً. فإن أراد ثلاثاً وقعت عليها ثلاث تطليقات. وإن أراد ¬

_ (¬1) ز: شاهدي. (¬2) الزيادتان السابقتان مستفادتان من الكافي، 1/ 67 ظ. (¬3) ز: لا يكون. (¬4) ز: إن ينوي. (¬5) م: لم تنوا؛ ز: لم ينوا. (¬6) ز: أن يكون. (¬7) ز: وينوي. (¬8) م ش ز: مثل. والتصحيح من المصدر السابق. (¬9) ش - الطلاق بعد، صح هـ. (¬10) انظر ما يأتي قريباً: 3/ 35 و - 35 ظ.

ثنتين لم يقع عليها / [3/ 35 و] إلا واحدة؛ لأن قوله: أنت بائن، لا يقع إلا بنيته. وإنما أراد أن تبين (¬1) منه فلا تكون (¬2) امرأته. وإنما البينونة عندنا على أحد وجهين. أن تبين بينونة لا تحل له بعدها حتى تنكح زوجاً غيره، [أو تبين بينونة تحل له بعدها بنكاح مستقبل] (¬3). وإذا نوى البينونة التي لا تحلها (¬4) حتى تنكح زوجاً غيره جعلناها ثلاثاً. ولم نجعلها (¬5) ثلاثاً لأنه أراد العدد، وإنما جعلناها (¬6) ثلاثاً لأنه أراد البينونة [التي لا تحل له بعدها حتى تنكح زوجاً غيره. وإذا أراد البينونة] (¬7) التي تحل بنكاح مستقبل جعلناها (¬8) بائنة واحدة. وإذا قال: أردت اثنتين، قيل له: إن نية الاثنتين ونية الواحدة سواء؛ لأنها تحل له قبل أن تنكح زوجاً غيره. وأنت إنما أردت بالاثنتين العدد، فلا يجوز ذلك؛ لأنا إنما جوزنا البينونة (¬9) على أن لا تكون امرأتك أو لا تكون (¬10) غير امرأتك، فواحدة واثنتان (¬11) سواء. والاثنتان (¬12) بينونة على العدد، فلذلك لم يجز العدد. ولو جعلنا الثلاث على العدد جازت به الاثنتان. ألا ترى (¬13) أنه لو قال لأمة تحته: أنت بائن، ينوي اثنتين جعلناها اثنتين، ولم نجعلها اثنتين مكان العدد، ولكن جعلناها اثنتين لأنها من الحرمة والبينونة التي لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره. ولو أنه قال لحرة: أنت طالق، ثم قال لها: أنت بائن، ونوى اثنتين، كانت واحدة بائناً؛ لأنه لم يرد الحرمة التي لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره. ولو أراد ثلاثاً وقد طلقها قبل ذلك واحدة وقعت عليها اثنتان؛ (¬14) لأنه أراد الحرمة التي لا تحل (¬15) حتى تنكح زوجاً غيره. ¬

_ (¬1) م: أن تدين؛ ز: أن يدين. (¬2) ز: يكون. (¬3) الزيادة مستفادة من الكافي، 1/ 67 ظ. (¬4) ز: لا يحلها. (¬5) ش + ها. (¬6) م ز: جعلنا؛ ش: جعلناه. (¬7) الزيادة مستفادة من الكافى، 1/ 67 ظ. (¬8) ش: جعلنا. (¬9) م ش ز: البينة. (¬10) ز: لا يكون. (¬11) ز: واثنتين. (¬12) ز: والاثنتين. (¬13) ز: يرى. (¬14) ز: اثنتين. (¬15) ز: لا يحل؛ ز + له.

وإذا طلق الرجل امرأته تطليقة بائنة ثم قال لها في عدتها: أنت علي حرام أو خلية أو برية (¬1)، أو شبه ذلك مما يشبه الفرقة والطلاق وهو يريد بذلك الطلاق فإنه لا يقع عليها من ذلك شيء؛ لأنها قد بانت منه، وهو صادق فيما قال، هىِ عليه حرام، وهي منه بائن. ولو قال لها قبل أن يطلقها: إن دخلت الدار فأنت بائن، ثم طلقها واحدة بائنة ثم دخلت الدار في عدتها وقد عنى بذلك الفعل تطليقة بائنة وقع عليها تطليقة أخرى بائنة؛ لأنه قد قال هذا القول قبل أن يطلق، وهي امرأته يوم قال ذلك، يقع عليها طلاقه. ألا ترى (¬2) [أنه] لو آلى منها ثم طلقها واحدة بائنة ثم مضت مدة (¬3) [الإيلاء وهي في العدة] (¬4) بانت بالإيلاء. وكذلك بلغنا عن عامر الشعبي (¬5). وإذا قال الرجل لامرأته: أنا بائن، يعني منك، ولم يقل: منك (¬6)، فليس هذا بشيء وإن عنى به الطلاق؛ مِن قِبَل أنه لم يذكر المرأة، إنما ذكر نفسه، ولا يقع الطلاق عليها ولا البينونة إذا لم يذكر المرأة. وإذا قال الرجل لامرأته بعدما خلعها: أنت بائن، وهي في العدة، وهو يريد بذلك الفرقة، لم يقع عليها بذلك الطلاق. ولو قال لها بعد الخلع: أنت طالق، وهي في العدة وقع عليها تطليقة أخرى. والفرق فيما بينهما أن الرجل إذا قال لامرأته: أنت بائن، وهو لا ينوي شيئاً لم يكن ذلك طلاقاً، فإذا نوى به الفرقة كان طلاقاً (¬7). ¬

_ (¬1) ز: وبرية. (¬2) ز: يرى. (¬3) م ش ز: اخرى. والتصحيح مستفاد من الكافي، 1/ 67 ظ؛ والمبسوط، 6/ 83. (¬4) الزيادة من المصدرين السابقين. (¬5) محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن الشعبي قال: إذا آلى الرجل من امرأته ثم طلقها فهما كَفَرَسَيْ رِهَان، إن جاوزت الأربعة الأشهر وهي في شيء من عدتها وقعت تطليقة الإيلاء مع التطليقة التي طلق، وإن انقضت العدة قبل أن تجيء وقت الأربعة الأشهر سقط الإيلاء. قال محمد: فقلت لأبي حنيفة: بأي القولين تأخذ؟ قال: بقول عامر الشعبي. قال محمد: وبه نأخذ. انظر: الآثار، 95. (¬6) ز - منك. (¬7) انظر ما تقدم قريباً: 3/ 34 ظ.

باب طلاق أهل الحرب

باب طلاق أهل الحرب وإذا أسلم الرجل من أهل الحرب في دار الحرب وله امرأة من أهل الحرب فدخل بها أو لم يدخل بها وهما جميعاً في دار الحرب من غير أهل الكتاب فإنهما على نكاحهما ما لم تحض ثلاث حيض. فإذا حاضت ثلاث حيض قبل أن تسلم (¬1) فقد انقطعت الفرقة فيما بينهما. وكذلك لو كانت المرأة هي التي أسلمت ولم يسلم الرجل. فأما إذا أسلم واحد منهما أيهما ما كان وخرج (¬2) إلى دار الإسلام فقد انقطعت العصمة، وإذا أسلم الباقي وخرج إلى دار الإسلام فقد انقطعت العصمة (¬3) قبل (¬4) أن يسلم (¬5)، [وَ] لم يكن بينهما نكاح، من قبل. أن العصمة قد انقطعت حين خرج إلى دار الإسلام. وإذا خرج أحدهما إلى دار الإسلام ثم (¬6) أسلم فقد انقطعت العصمة فيما بينهما. ولو خرج الثاني مسلماً لم يكن بينهما نكاح ولا يقع طلاقه عليها؛ لأن العصمة قد انقطعت فيما بينهما. وهو خاطب، وليس على المرأة عدة (¬7). وكذلك كل امرأة خرجت من دار الحرب مسلمة وقعد زوجها كافراً، ولا عدة عليها، ولها أن تتزوج (¬8) إن كان ليس لها حمل (¬9)، وليس لها أن تتزوج (¬10) حتى تضع حملها، ولا يقع طلاق زوجها الأول عليها. ¬

_ (¬1) ز: أن يسلم. (¬2) ز: وخروج. (¬3) ز - وإذا أسلم الباقي وخرج إلى دار الإسلام فقد انقطعت العصمة. (¬4) ز: مثل. (¬5) م ش ز: أن يتعصم (مهملة). (¬6) م ز - ثم. (¬7) وهذا قول الإمام أبي حنيفة. أما قول الإمامين أبي يوسف ومحمد فسيأتي في آخر الباب. انظر: 3/ 36 ظ. (¬8) ز: أن يتزوج. (¬9) م ش ز: جعل. (¬10) ز: أن يتزوج.

بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى أن توطأ الحبالى حتى يضعن (¬1). ألا ترى أنها في بطنها ولد ثابت نسبه من زوجها وأنها مسلمة. وكذلك المرأة من أهل الحرب تسبى ولها زوج في دار الحرب، ولا عدة عليها، ولمولاها الذي سباها (¬2) أن يستبرئها بحيضة. فإن أسلمت (¬3) أو كانت من أهل الكتاب فله أن يطأها، ولا عدة عليها من زوجها، ولا يقع عليها طلاقه. فإن لم تسلم (¬4) ولم تكن (¬5) من أهل الكتاب فلا ينبغي له أن يطأها. ولو سبي زوجها بعدها كانت على حالها على ما وصفت لك. فقد انقطعت العصمة فيما بينهما بغير الطلاق. وكذلك لو سبي زوجها قبلها فأخرج إلى دار الإسلام أسلم أو لم يسلم ثم سبيت المرأة من بعده لا نكاح بينهما ولا عدة عليها. ولو أعتق الزوج وأسلم كان له أن يتزوج أربع نسوة وأختها منهن. ولو لم يعتق كان له أن يتزوج امرأتين إحداهما أختها إذا أذن له المولى، ولا يقع طلاقه عليها. وكل فرقة وصفت لك في هذا الباب فهي فرقة بغير طلاق، ولا يلزم الزوج شيء إن كان دخل بها أو لم يكن دخل بها إذا سبيا أو سبي أحدهما. وإذا أسلم الرجل وامرأته من غير أن سبيا أو أحدهما فخرج إلى دار الإسلام ثم أسلم الآخر بعده وخرج وللمرأة على الزوج مهر مسمى فإنما يأخذه به إن كان دخل بها. فإن لم يكن دخل بها وكان الزوج هو الذي أسلم أول مرة فلا مهر عليه؛ لأن الفرقة جاءت من قبل المرأة التي أبت الإسلام. وإذا كانت المرأة هي التي أسلمت أول مرة فعلى الزوج نصف المهر. ¬

_ (¬1) روي من حديث العرباض بن سارية وابن عباس. انظر: سنن الترمذي، السير، 15، وسنن النسائي، البيوع، 79. وله شاهد من حديث أبي الدرداء في صحيح مسلم، النكاح، 139؛ ومن حديث رويفع بن ثابت في سنن أبي داود، النكاح، 43 - 44؛ وسنن الترمذي، النكاح، 35. (¬2) م ز: اشتراها؛ صح م هـ. (¬3) م ش ز: وأسلمت. (¬4) ز: لم يسلم. (¬5) ز: يكن.

وإذا أسلما جميعاً ولم يخرج واحد (¬1) منهما إلى دار الإسلام فهما على نكاحهما. وكذلك إذا سبيا جميعاً قبل أن يسلما فهما على نكاحهما. وإذا أسلم الزوج وخرجت المرأة إلى دار الإسلام وخلفت الزوج في دار الحرب مسلماً فأسلمت المرأة فهما على نكاحهما. وكذلك إن صارت ذمية فهما على نكاحهما. فإن كانت من غير أهل الكتاب عرض عليها الإسلام. فإن أسلمت المرأة فهما على نكاحهما (¬2). وإن أبت فرق بينهما. ولا يكون ذلك إلا بمحضر من الزوج. وإن خرجت مستأمنة للتجارة أو لحاجة فهما على النكاح حتى تحيض ثلاث حيض. وكذلك لو خرجا جميعاً بأمان للتجارة ثم أسلم أحدهما أيهما ما كان فهما على النكاح حتى تحيض المرأة ثلاث حيض. فإذا حاضت ثلاثاً وقعت الفرقة بينهما بغير الطلاق، وانقطعت العصمة، لا يقع عليها طلاقه. وكذلك إذا صار أحدهما ذمياً وأبى الآخر فالحكم عليهما فيما وصفنا بين أهل الحرب في دار الإسلام وفي دار الحرب سواء؛ لأنهما من أهل الحرب. وإذا تزوج رجل مسلم امرأة من أهل الكتاب من أهل الحرب ثم صارت ذمية أو أسلمت فهما على النكاح. وإذا خرجت بأمان فهما على النكاح. فإن خرج الزوج وتركها في دار الحرب كافرة فقد انقطعت العصمة فيما بينهما وانتقض النكاح بغير طلاق، ولا يقع طلاقه عليها، وله أن يتزوج أختها. وإن شاء أربع نسوة في عقدة واحدة. وإذا تزوج الرجل المسلم امرأة من أهل الكتاب من أهل الحرب في دار الحرب أو من أهل الذمة في دار الإسلام، فإن ارتدت المرأة وتركت دين أهل الكتاب ودخلت في دين المجوس انتقض النكاح فيما بينهما، وطلاقه يقع عليها ما دامت في العدة. فإن خرج إلى دار الإسلام لم يقع طلاقه بعد الخروج على الذي في دار الحرب. ¬

_ (¬1) ز: واحدا. (¬2) ش: على نكاحها.

وإذا تزوج الرجل المسلم في دار الحرب امرأة من أهل الكتاب من أهل الذمة أو من أهل الحرب ثم ارتد المسلم عن الإسلام فقد انتقض النكاح فيما بينهما (¬1). ولو رجعت عن دينها (¬2) إلى الإسلام أو إلى المجوسية كان النكاح منتقضاً (¬3)؛ لأن الزوج قد ارتد (¬4). ونكاح المسلم امرأة من أهل الكتاب من أهل الحرب مكروه. بلغنا ذلك عن علي بن أبي طالب أنه كره ذلك (¬5). ولو أن رجلاً من أهل الذمة من أهل الكتاب وامرأته من أهل الكتاب دخلت امرأته في دين المجوس كانا على نكاحهما، لا يضره ذلك في نكاح. ألا ترى (¬6) أن يهودياً أو نصرانياً لو تزوج مجوسية كان ذلك جائزاً. ولو أسلم الزوج كانت امرأته (¬7) حتى يعرض (¬8) الإسلام عليها. ولو كانت امرأته على دين أهل الكتاب على حالها وقد أسلم الزوج ثم إن المرأة بعد ذلك دخلت في دين المجوس كان النكاح منتقضًا (¬9). وليس هذا كالباب الأول والزوج كافر، فلا يضره أن يبدل الكفر، [و] كانت امرأته. والزوج ها هنا مسلم، إذا لم تكن امرأته من أهل الكتاب فسد النكاح. والأمة والمدبرة والمكاتبة والأمة قد عتق بعضها وهي تسعى في بعض قيمتها في هذا بمنزلة الحرة. وكذلك العبد والمدبر والمكاتب (¬10) والعبد يسعى في بعض قيمته وقد عتق بعضه فهو في (¬11) هذا بمنزلة الحر. ¬

_ (¬1) م ز + وطلاقه يقع عليها ما دامت في العدة فإن خرج إلى دار الإسلام لم يقع طلاقه بعد الخروج على الذي في دار الحرب وإذا تزوج الرجل المسلم في دار الحرب امرأة من أهل الكتاب من أهل الذمة أو من أهل الحرب ثم ارتد المسلم عن الإسلام فقد انتقض النكاح فيما بينهما. (¬2) م ز: عن دينهما. (¬3) ز: منتقض. (¬4) م ش ز: لأن الزوجة قد ارتدت. وانظر: كتاب النكاح، 7/ 137 و. (¬5) المصنف لعبد الرزاق، 6/ 84. (¬6) ز: يرى. (¬7) م ش ز: امرأة. (¬8) ز: تعرض. (¬9) ز: منتقض. (¬10) ز: والمكاتبة. (¬11) م ش ز: حر.

باب ما لا يقع من طلاق أزواجهن وغيره

وقال أبو يوسف ومحمد: إذا خرجت المرأة من دار الحرب مسلمة وخلفت زوجها حربيًا كافراً فقد انقطعت العصمة، ووجب على الحرة المسلمة التي خرجت العدة ثلاث حيض. فإن تزوجت قبل أن تحيض ثلاث حيض كان النكاح فاسداً. والأول قول أبي حنيفة (¬1). ... باب ما لا يقع من طلاق أزواجهن وغيره وإذا اشترت (¬2) الحرة زوجها وهو عبد أو ملكته كله بميراث أو غيره فإن الطلاق لا يقع عليها. ولو ملكت (¬3) منه شقصاً قل أو كثر فقد (¬4) فسد النكاح حين ملكته أو ملكت بعضه. وكذلك الحر (¬5) يملك امرأته وهي أمة أو بعضها بشراء أو غيره فقد انتقض النكاح، وتحرم (¬6) على الزوج، ولا يقع طلاقه عليها. وكذلك لا يقع ظهاره ولا إيلاؤه عليها. وكذلك المرأة يجامعها أبو زوجها أو ابنه أو ينظر إلى فرجها بشهوة أو يلمسها (¬7) بشهوة (¬8) فإن ذلك ينتقض به النكاح، وتحرم على الزوج، ولا يقع طلاقه عليها ولا ظهاره ولا إيلاؤه (¬9). وكذلك المرأة يجامعها (¬10) زوج أمها أو ابنتها أو جدتها أو ابنة ابنها ¬

_ (¬1) تقدم قول أبي حنيفة في أول الباب. انظر: 3/ 35 ظ. (¬2) ز: اسيرت. (¬3) م ش ز: ولو ملك. (¬4) م ش ز: بعقد. (¬5) ز: الحرة. (¬6) ز: ويحرم. (¬7) ز: أو لمسها. (¬8) م ز: لشهوة. (¬9) ش + وكذلك المرأة يجامعها أبو زوجها أو ابنها أو ينظر إلى فرجها بشهوة أو يلمسها بشهوة فإن ذلك ينتقض به النكاح وتحرم على الزوج ولا يقع طلاقه عليها ولا ظهاره ولا إيلاؤه. (¬10) ش + أو.

أو يمس بعضهن أو يقبلها أو يباشرها أو ينظر إلى فرجها بعد أن يكون ذلك كله لشهوة، فإن ذلك ينقض النكاح، وتقع (¬1) به الفرقة، ولا يقع طلاقه عليها ولا ظهاره ولا إيلاؤه؛ مِن قِبَل أنها لا تحل له أبداً، وقد صارت من ذوات محرم. وعليها (¬2) العدة في جميع ما ذكرنا إذا كان الزوج قد دخل بامرأته. وكذلك الرجل من أهل الحرب يخرج مسلماً أو يصير (¬3) ذمياً ويخلّف امرأته في دار الحرب أو تخرج امرأته مسلمة أو ذمية وتُخَلِّف (¬4) الزوج في دار الحرب كافراً لا يقع عليها طلاقه، ولا عدة عليها دخل بها أو لم يدخل بها. وكذلك المسلم يتزوج المرأة من أهل الكتاب من أهل الحرب ثم يخرج ويتركها في دار الحرب. وكذلك الذمي إذا تزوج امرأة من أهل الحرب ثم خرج وتركها. والعبد والأمة وأم الولد والمدبرة والمكاتبة (¬5) والمكاتب والعبد يعتق (¬6) بعضه ويسعى في بعض قيمته [في] ما ذكرنا بمنزلة الحر والحرة إلا في الملك، فإن العبد لا يملك امرأته. وإن اشتراها فهما على النكاح. وكذلك الأمة، ولا تملك (¬7) زوجها على النكاح. وكذلك المكاتب. وأهل الذمة وأهل الإسلام فيما (¬8) ذكرنا من الحرمة والتفريق سواء، لا يقع طلاقهم إذا كان كذلك، إلا أن تكون (¬9) ملة من ملل أهل الكفر يستحلون ذلك في دينهم فيُخَلَّى عنهم (¬10) وما استحلوا من ذلك. وهو بمنزلة المجوسي يتزوج أمه. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وفيها قول آخر: إنهم لا يُتْرَكُون على شيء من الحرام في النكاح، وإن الحكم يجري عليهم في ذلك كما يجري على أهل الإسلام. وهذا قول أبي يوسف الآخر. والعبد الكافر ¬

_ (¬1) ز: ويقع. (¬2) ز: وعليه. (¬3) م ز: أو تغير؛ ش: أو يعير. (¬4) ز: ويخلف. (¬5) ز + والأمة. (¬6) م ز + أو. (¬7) ز: يملك. (¬8) م ز: مما. (¬9) ز: أن يكون. (¬10) م ش ز: محال عليهم. والتصحيح من الكافي، 1/ 68 و؛ والمبسوط، 6/ 88.

باب الطلاق لغير السنة

وامرأته إذا كانت كافرة في جميع ما ذكرنا من أهل الذمة إذا أسلم أحدهما وأبى الآخر أن يسلم ولم يعرض عليها فهو سواء كأهل الذمة الأحرار. وكذلك المكاتب والمكاتبة والمدبر والمدبرة وأم (¬1) الولد والعبد يعتق بعضه ويسعى في بعض قيمته والأمة إذا كانت كذلك. وإذا أسلم الرجل من أهل الذمة من غير أهل الكتاب وامرأته على حالها [فهو] كما وصفت لك. وكذلك لو كانت المرأة كبيرة وهي التي أسلمت وكان (¬2) الزوج صغيراً على حاله (¬3). وكذلك العبد يسلم وامرأته حرة صغيرة (¬4). بلغنا ذلك عن عمر بن الخطاب [أن] رجلاً من بني تغلب نصراني أسلمت امرأته، فعرض (¬5) عمر بن الخطاب عليه الإسلام، وأخبره أنه مفرق بينهما إن أبى ذلك، فقال الزوج: لا تحدث العرب أني أسلمت من أجل بضع امرأة، فأبى أن يسلم، ففرق عمر بينهما (¬6). ... باب الطلاق لغير السنة وإذا طلق الرجل امرأته ثلاثاً جميعاً فقد خالف السنة وأَثِمَ بِرَبِّه (¬7) وهي طالق ثلاثاً، لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره ويدخل بها. بلغنا ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬8)، وعن علي بن أبي طالب وعن عبد الله بن مسعود وعن ¬

_ (¬1) م ز: واما. (¬2) م ش ز: فكان. (¬3) م + فلذلك؛ ش ز + فكذلك. (¬4) م ش ز: حصره. (¬5) م ز: يعرض. (¬6) روي نحوه. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 6/ 83؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 105، 106. (¬7) كذا في م ش ز. وكذلك الكافي، 1/ 68 و. (¬8) روي بمعناه. انظر: صحيح البخاري، الطلاق، 37؛ وصحيح مسلم، النكاح، 111.

عبد الله بن عباس وعن غيرهم من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬1). فإن دخل بها أو لم يدخل فهما سواء. وكذلك إذا كان لم يدخل بها فطلقها ثلاثاً في كلمة واحدة. وبلغنا ذلك عن علي بن أبي طالب وعن عبد الله بن عباس وعن أبي هريرة (¬2). وإذا قال لها ولم يدخل بها: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، بانت بالأولى، وكانت الاثنتان (¬3) فيما لا يملك. بلغنا ذلك عن علي بن أبي طالب وعن عبد الله بن مسعود وعن زيد بن ثابت وعن إبراهيم (¬4). وإذا قال الرجل لامرأته: رأسك طالق، أو جسدك طالق، أو فرجك طالق، أو بدنك طالق، فهي طالق. ولو قال لها: بعضك طالق، كانت طالقاً. فإن قال لها: يداك أو رجلاك (¬5)، أو شبه ذلك من جسدها لم يقع به الطلاق. ولو قال لها: نصفك طالق، أو ثلثك طالق، أو عشرك طالق، أو جزء من ألف جزء منك طالق، كانت (¬6) طالقاً. وإن طلقها بعض واحدة نصفاً أو ثلثاً أو أقل من ذلك كانت طالقاً (¬7) واحدة كاملة. ولو نظر إلى امرأته وإلى امرأة أخرى فقال: إحداكما طالق، كان القول في ذلك قول الزوج. فإن حلف بالله ما عنى امرأته فالقول قوله. ¬

_ (¬1) روي عن علي وابن مسعود وابن عمر وأبي هريرة وأنس وابن عباس وعائشة - رضي الله عنهم -. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 6/ 348؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 3/ 541 - 542. (¬2) روي عنهم وعن غيرهم من الصحابة والتابعين بألفاظ قريبة. انظر: سنن أبي داود، الطلاق، 9 - 10؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 66 - 68. (¬3) م ش ز: بالاثنتين. (¬4) الآثار لأبي يوسف، 131؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 66 - 68. (¬5) ز: بدنك أو رجلك. (¬6) ز: كان. (¬7) م ز + وإن طلقها بعض واحدة نصفا أو ثلثا أو أقل من ذلك كانت طالقا.

وإذا كان له أربع نسوة فقال: عليكن تطليقة، فإن كل واحدة منهن طالق واحدة (¬1). وكذلك لو قال: بينكن اثنتين أو ثلاثاً أو أربع تطليقات، فهي واحدة لكل واحدة، إلا أن يكون نوى أن كل واحدة منهن جميعاً، فتقع على كل واحدة ثلاث تطليقات في جميع ما ذكرت لك ما خلا التطليقة والتطليقتين. وإذا قال: بينكن اثنتين، يعني أن كل واحدة بينهن فكل واحدة طالق اثنتين. وإذا قال: بينكن خمس تطليقات، ولا نية له فكل واحدة طالق اثنتين. وكذلك ما زاد إلى أن يبلغ ثمان تطليقات. فإذا زاد على الثمان فكل (¬2) واحدة طالق ثلاثاً (¬3). [وإذا قال] (¬4) الرجل لامرأته: أنت طالق ثلاثاً إلا واحدة، فهي طالق اثنتين. وإذا قال: أنت طالق ثلاثاً إلا اثنتين (¬5)، فهي واحدة. وإذا قال لها: أنت طالق ثلاثاً إلا ثلاثاً (¬6)، فهي ثلاث، لا يكون الاستثناء حتى يستثني أقل مما سمى (¬7)، فإذا استثنى مما سمى كله أو أكثر منه لم يكن ذلك استثناء. وإذا قال لها وقد دخل بها: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، إلا واحدة، فهي ثلاثة؛ (¬8) مِن قِبَل أنه فرق الكلام (¬9)، فلا يستطيع أن يستثني منه شيئاً. ألا ترى أنه لو قال: سالم حر ومَرْبَع حر إلا سالم، كان الاستثناء ها هنا باطلاً (¬10)، وكان العتق ماضياً (¬11) عليهما. ولو قال لها: أنت طالق واحدة بائنة، وأنت طالق غير بائن إلا تلك البائن، لم يكن هذا استثناء، لا يستقيم أن يستثني إذا فرق. ¬

_ (¬1) ز - واحدة. (¬2) م ش ز: لكل. والتصحيح مستفاد من الكافي، 1/ 68؛ والمبسوط، 6/ 91. (¬3) م ش ز: وزاد. والتصحيح من المصدرين السابقين. (¬4) الزيادة مستفادة من المصدرين السابقين. (¬5) ز: إلا ثنتين. (¬6) ز: إلا ثلث. (¬7) م: ما سمى. (¬8) ز: ثلث. (¬9) م ش ز: بالكلام. (¬10) ز: باطل. (¬11) ز: ماض.

وإذا طلق واحدة واستثنى نصفها فهي طالق واحدة؛ لأن ما بقي منها يكون تطليقة بائنة. وإذا طلق الرجل امرأته تطليقة واحدة بائنة ثم طلقها أخرى فإنه يقع عليها ما دامت في العدة. بلغنا ذلك عن إبراهيم (¬1). وكذلك لو قال لها: اعتدي، ينوي (¬2) الطلاق؛ لأنها تعتد منه بعد، فلذلك يقع عليها طلاقه. وقوله: اعتدي، وأنت طالق، سواء. ألا ترى (¬3) أنه لو قال: أنت طالق ثلاثاً كل يوم واحدة بائنة، كان ذلك كما قال. وكذلك إذا طلقها واحدة بملك (¬4) الرجعة فإن طلاقه يقع عليها ما دامت في العدة، ويقع عليها الظهار والإيلاء. ولو قذفها لاعنها إذا كانا حرين مسلمين؛ (¬5) لأنها امرأته. ألا ترى أنهما يتوارثان. وإذا (¬6) كانت تطليقة بائنة لم يقع عليها بعد ظهاره ولا إيلاؤه. ولو قذفها لم يلاعن، وكذلك عليه الحد؛ لأنها (¬7) منه بائنة. فكيف يكون مظاهراً من امرأته وهي عليه حرام. وإذا طلق الرجل امرأته ثلاثاً إن دخلت هذه الدار ثم قال لها: أنت طالق ثلاثاً، فبانت منه وتزوجت زوجاً غيره ودخل بها ثم مات عنها الزوج الآخر أوطلقها فتزوجها الأول بعد انقضاء العدة ثم دخلت الدار فإن الطلاق لا يقع عليها؛ مِن قِبَل أن طلاق (¬8) ذلك الملك كله قد مضى. ألا ترى أنه لو قال لامرأته: أنت طالق كل يوم ثلاثاً، ثم تزوجها بعد زوج آخر لم يقع عليها بعد الثلاث الأول شيء (¬9) من ذلك الطلاق. ولو قال لها: أنت طالق تسعاً كل سنة ثلاث تطليقات، ثم طلق ثلاثاً في السنة الأولى ثم تزوجها بعد زوج آخر (¬10) لم يقع عليها في السنة الثانية ولا في (¬11) الثالثة ¬

_ (¬1) روي عن إبراهيم وقوع الطلاق في العدة من الخلع. وهو طلاق بائن عند الحنفية. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 6/ 488، 489. (¬2) ز: ينو. (¬3) ز: يرى. (¬4) ز: يملك. (¬5) م ز: بكرتين (مهملة)؛ ش: بكرين (مهملة). والتصحيح من الكافي، 1/ 68 ظ. (¬6) م ز: إذا. (¬7) ش: لأنه. (¬8) م ش ز: أن الطلاق. (¬9) ز: شيئاً. (¬10) م ز - آخر. (¬11) ز: شيء.

شيء. ولو قال لها: أنت طالق كلما حضت حيضة، فبانت (¬1) بثلاث لم يقع عليها بعد من الطلاق بذلك القول شيء؛ لأن طلاق ذلك الملك الذي كان فيه القول قد وقع كله. فهو بمنزلة رجل قال لامرأته: أنت طالق أربعاً، لم يقع عليها من ذلك إلا ثلاث، وتبطل (¬2) واحدة. وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق ثلاثاً إن دخلت هذه الدار، ثم طلقها واحدة أو اثنتين ثم تزوجها زوج فدخل بها ثم عادت إلى الأول ثم دخلت الدار وقع عليها ذلك الطلاق كله؛ لأنه قد بقي من طلاق ذلك الملك شيء لم يقع عليها. وإذا آلى الرجل من امرأته أن لا يقربها أبداً فبانت منه بالإيلاء ثم تزوجها فبانت منه بالإيلاء حتى تبين منه ثلاث مرار لم يقع عليها إذا تزوجها بعد ذلك طلاق من قبل الإيلاءث مِن قِبَل أن ذلك في ملك قد مضى طلاقه كله. ولو جامعها كفر عن يمينه. وإذا طلق الرجل امرأته (¬3) واحدة ثم تزوجها بعد زوج آخر قد دخل بها فإنها عنده بملك ثلاث (¬4) تطليقات مستقبلات. هدم الزوج الآخر تلك التطليقة كما يهدم ثلاث تطليقات لو كن. بلغنا ذلك عن عبد الله بن عباس وعن عبد الله بن عمر وعن إبراهيم وعن ابن مسعود (¬5). وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وأما في قول محمد فهي على (¬6) ما بقي من طلاقها الأول. بلغنا ذلك عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وأبي بن كعب وأبي هريرة وعمران بن حصين وغيرهم (¬7). ولو كان الآخر لم يدخل بها أو كانت لم تتزوج (¬8) بعد زوجها الأول كانت عنده على ما بقي من الطلاق. ¬

_ (¬1) م ش ز: فانت. (¬2) ز: ويبطل. (¬3) م ش ز: امرأة. (¬4) ز - ثلاث. (¬5) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 113. (¬6) ز - على. (¬7) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 112. (¬8) ز: لم يتزوج.

وإذا طلق الرجل امرأته طلاقاً ثلاثاً يوم تدخل (¬1) الدار ثم طلقها واحدة فانقضت عدتها وتزوجت [ثم رجعت إلى الزوج] الأول [فإن الزوج] الآخر [لا يهدم] (¬2) التطليقة الأولى (¬3) الماضية (¬4) في قول (¬5) أبي حنيفة وأبي يوسف، ومتى ما دخلت الدار وقع ثلاث تطليقات؛ مِن قِبَل أن اليمين لم تنقض (¬6) بعد، ولا يهدم الزوج الآخر ما كان من يمين أو إيلاء مستقبل، ولكنه يهدم ما كان من طلاق قد وقع قبل تزويجه. وإذا قال الرجل لامرأة: كلما تزوجتك فأنت طالق ثلاثاً، فهو كما قال، يقع ذلك عليها كلما تزوجها أبداً. فإذا قال: متى ما تزوجتك فأنت طالق، وإذا ما تزوجتك فأنت طالق، فليس يقع إلا مرة واحدة، ولا يقع عليها إن تزوجها مرة أخرى. وكذلك إذا قال: إن تزوجتك، أو إذا تزوجتك (¬7)، أو متى تزوجتك، فهذا كله باب واحد، وليس شيء يشبه كلما تزوجتك. ألا ترى (¬8) أنه إذا قال: كلما تزوجتك، فقد سمى ملكاً بعد ملك، وأنه إذا قال: إذا تزوجتك، فإنما سمى ملكاً واحداً. وكذلك لو قال: إذا دخلت الدار فأنت طالق، ومتى ما دخلت الدار فأنت طالق، وإنما يقع عليها الطلاق إذا دخلت الدار مرة واحدة. وإذا (¬9) قال: كلما دخلت الدار فأنت طالق، فكلما دخلت الدار وهي ملكه فهي طالق. وإذا قال الرجل لامرأة لا يملكها: أنت طالق يوم أكلمك، أو يوم تدخلين الدار، أو يوم أطؤك، فهذا باطل لا يقع عليها منه شيء. وإن ¬

_ (¬1) ز: يدخل. (¬2) الزيادات السابقة مستفادة من الكافي، 1/ 68 ظ؛ والمبسوط، 6/ 96. (¬3) ش - الأولى؛ صح هـ. (¬4) فِى ش بياض قدر كلمة. (¬5) م ش ز: وقول. انظر: المبسوط، الموضع السابق. (¬6) ز: لم ينقض. (¬7) ش - أو إذا تزوجتك؛ صح هـ. (¬8) ز: يرى. (¬9) ز: ولو.

تزوجها ففعلت ذلك فليس يقع عليها شيء؛ مِن قِبَل أنه قال ذلك وهو لا يملكها، ولم يقل: إذا ملكتك. ألا ترى (¬1) أنه لو قال لمن لا يملكها: أنت طالق غداً، ثم تزوجها اليوم لم يقع عليها شيء. ولو قال لها أنت طالق اليوم كله ثم تزوجها في ذلك اليوم لم يقع عليها (¬2) الطلاق. وإذا قال الرجل لامرأته: (¬3) أنت طالق [أنت] (¬4) طالق (¬5)، وقد دخل بها وقال: عنيت الأول، فإنه يصدق فيما بينه وبين الله تعالى، وأما في القضاء فإنهما تطليقتان. وكذلك لو قال: قد طلقتك [قد طلقتك] (¬6). وكذلك لو قال: أنت طالق طالق. وكذلك إذا قال: أنت طالق وأنت طالق. وإذا قال: أنت طالق، ثم قال له رجل أو امرأة: ما قلت؟ (¬7) فقال: طلقتها، أو قال: قلت: هي طالق، فهي واحدة في القضاء وفيما بينه وبين الله تعالى؛ لأن هذا جواب كلامهم. وإذا قال الرجل لامرأة: إذا طلقتك فأنت طالق، فطلقها واحدة وقد دخل بها فهي طالق أخرى في القضاء. وأما فيما بينه وبين الله تعالى فإن كان ينوي: إذا طلقتك فأنت طالق تلك التطليقة (¬8)، فهي واحدة. وكذلك إن قال: متى طلقتك فأنت طالق، أو إن (¬9) طلقتك فأنت طالق، أو كلما طلقتك فأنت طالق، فإنه لا يقع عليها إلا تطليقتان. ولو قال: كلما وقع عليك طلقة فأنت طالق، ثم طلقها واحدة وقد دخل بها صارت طالقاً أخرى، ثم صارت طالقاً أخرى، فيقع ¬

_ (¬1) ز: يرى. (¬2) ز + شيء من. (¬3) ش - أنت طالق اليوم كله ثم تزوجها في ذلك اليوم لم يقع عليها الطلاق وإذا قال الرجل لامرأته. (¬4) الزيادة من الكافى، 1/ 68 ظ؛ والمبسوط، 6/ 99. (¬5) ز - طالق. (¬6) الزيادة من المصدرين السابقين. (¬7) ز - ما قلت. (¬8) م: الطليقة. (¬9) م ش ز: وإن.

عليها ثلاث تطليقات. وليس هذا مثل قوله: كلما طلقتك فأنت طالق. إنما (¬1) مثل ذلك أن يقول: كلما قلت أنت طالق فأنت طالق، أو قال: كلما تكلمت بطلاق يقع عليك فأنت طالق، فطلقها واحدة ثم طلق أخرى باليمين، فلا (¬2) يقع بالثانية طلاق؛ لأنها وقعت بيمين ولم تقع (¬3) بطلاق منه. وكذلك قوله: كلما طلقتك فأنت طالق. وإذا كانت له امرأتان عمرة وزينب، فبدأ بزينب (¬4)، فقال: يا زينب أنمت طالق إذا طلقتك يا عمرة، أو كلما طلقت عمرة، ثم قال لعمرة: يا عمرة أنت طالق إذا طلقت زينب، أو كلما طلقت زينب، ثم قال لزينب: أنمت طالق (¬5)، فإنه تقع (¬6) على عمرة تطليقة (¬7)، وتعود (¬8) على زينب. وعمرة (¬9) إنما طلقت باليمين ولم تطلق (¬10) بإيلاء مستقبل. ولو أنه لم يطلق (¬11) زينب ولكنه طلق عمرة كانت عمرة طالقاً (¬12) واحدة، التي طلقها، ثم تقع (¬13) على زينب أخرى باليمين، ثم تعود (¬14) على عمرة أخرى باليمين، فتكون (¬15) عمرة طالقاً (¬16) اثنتين (¬17)، ¬

_ (¬1) م: انها. (¬2) م ش ز: ولا. (¬3) ز: يقع. (¬4) ز - بزينب. (¬5) ز - لعمرة يا عمرة أنت طالق إذا طلقت زينب أو كلما طلقت زينب ثم قال لزينب أنت طالق. (¬6) ز: يقع. (¬7) م ش ز + أخرى. انظر: المبسوط، 6/ 100. (¬8) م ش: ولا تعود؛ ز: ولا يعود. انظر: المصدر السابق. (¬9) م ش ز: أو عمرة. انظر: المصدر السابق. (¬10) ز: يطلق. (¬11) م ش ز: قال تطليق. انظر: المصدر السابق. (¬12) ز: طالق. (¬13) ز: ثم يقع. (¬14) ز: ثم يعود. (¬15) ز: فيكونه (¬16) ز: طالق. (¬17) كذا ذكر هنا. وذكر السرخسي أن هذا غلط، وهو ما ذكر في نسخ أبي حفص، وأن الصواب هو أن لا يقع على عمرة طلاق باليمين كما ذكر في نسخ أبي سليمانه انظر: المبسوط، 6/ 100. وقد أشار الحاكم إلى ذلك مختصراً، وذكر أن الاستشهاد الآتي =

وتكون (¬1) زينب طالقاً واحدة. ألا ترى (¬2) أنه لو قال لزينب: إذا طلقت عمرة فأنت طالق، ثم قال لعمرة: إذا دخلت الدار فأنت طالق، ثم دخلت عمرة الدار فصارت (¬3) طالقاً، عادت زينب طالقاً؛ مِن قِبَل أنه قد طلق عمرة حين دخلت الدار. ولو كان قال لها: إن دخلت الدار فأنت طالق، ثم قال لزينب: إن طلقت عمرة فأنت طالق، ثم دخلت عمرة الدار فطلقت عمرة (¬4) لم يقع على زينب الطلاق؛ لأنه حلف على عمرة قبل زينب. وإنما يقع الطلاق على زينب إذا كانت (¬5) اليمين على عمرة بعدها؛ لأن اليمين إذا كانت بعدها ثم حنث فهو طلاق مستقبل منه يقع به الطلاق على الأخرى. وإذا حلف بطلاق عمرة أن لا يحلف بطلاق زينب أبداً ثم حلف بطلاق زينب أن (¬6) لا يحلف بطلاق عمرة أبداً كانت عمرة طالقاً؛ لأنه قد حلف بطلاق زينب. ألا ترى (¬7) أنه لو قال: زينب طالق إن دخلت الدار، كانت عمرة طالقاً، وقد كان حلف بطلاق زينب. وإذا قال لزينب: إن شئت فأنت طالق، فشاءت الطلاق، لم يقع على عمرة طلاق. وليس هذا بحلف في الطلاق. ألا ترى (¬8) أنها إن قامت من مجلسها قبل أن تشاء (¬9) الطلاق لم تكن (¬10) لها مشيئة بعد ذلك. وإنما في الطلاق المشيئة ها هنا بمنزلة الخيار. ألا ترى (¬11) أنه لو خيرها أو ملّكها أمرها فاختارت نفسها لم يقع على عمرة شيء، ولم يكن هذا حلفا منه بالطلاق. وكذلك كل طلاق يفوضه إليها لا يجب لها إلا ما دامت في ذلك المجلس. وكذلك إذا قال ¬

_ = من المؤلف يدل على أن الجواب وقع مقلوبًا. فجواب المسألة الأولى هي الثانية، والثانية هي الأولى. انظر: الكافي، 1/ 69 و. (¬1) ز: ويكون. (¬2) ز: يرى. (¬3) ز: فصار. (¬4) م ز - عمرة. (¬5) ز: إذا كان. (¬6) م ز - أن. (¬7) ز: يرى. (¬8) ز: يرى. (¬9) ز: أن يشاء. (¬10) ز: لم يكن. (¬11) ز: يرى.

لها: أنت طالق إذا حضت حيضة، لم يكن هذا حلفاً بالطلاق. ألا ترى (¬1) أنه لو قال لها: أنت طالق تطليقة للسنة، وقع الطلاق عليها إذا حاضت (¬2) حيضة. ولا يقع على عمرة طلاق؛ لأنه لم يحلف حين قال لها: أنت طالق للسنة. وكذلك إذا قال: أنت طالق إذا حضت حيضة. ولو قال: أنت طالق إذا حضت حيضتين، فهذا ليس بحلف منه في الطلاق (¬3)، ولا يقع على الأخرى الطلاق. هذا والأول سواء. وكذلك إذا قال لها: إذا حضت ثلاث حيض، ولم يقل للسنة، فإن (¬4) هذا ليس بحلف، ولا يقع به الطلاق على الأخرى. فإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق ثلاثاً للسنة، ولا نية له، فكلما حاضت حيضة ثم طهرت فهي طالق واحدة حتى تستكمل (¬5) ثلاث تطليقات، ولا يحتسب بالحيضة الأولى من عدتها، وليس هذا بحلف مستقبل يقع به الطلاق على عمرة. وإن نوى أن تكون (¬6) طالقاً مكانه فهي كما نوى. وإذا قال: أنت طالق للسنة، ولم يسم ثلاثاً ولم تكن (¬7) له نية، فهي طالق واحدة إذا طهرت من أول حيضة. وإن نوى ثلاثاً فهي ثلاث، كلما طهرت من حيضة طلقت واحدة. وهو يملك الرجعة في هذا كله ما لم تقع (¬8) التطليقة الثالثة. ويملك الرجعة في الواحدة التي لم يطلق (¬9) غيرها ما لم تنقض (¬10) العدة. وإن لم يكن دخل بها في جميع هذا لم يقع عليها من الطلاق إلا واحد (¬11) حين تكلم. وإن كانت لا تحيض من صغر أو كبر وقد دخل بها فقال: أنت طالق للسنة ثلاثاً، ولا نية له، فهي طالق واحدة ساعة تكلم، وإذا مضى شهر فهي طالق أخرى، فإذا مضى شهر آخر فهي طالق ¬

_ (¬1) ز: يرى. (¬2) ز: إذا حضت. (¬3) ز: بالطلاق. (¬4) م ش ز: قال. (¬5) ز: حتى يستكمل. (¬6) ز: أن يكون. (¬7) ز: يكن. (¬8) ز: لم يقع. (¬9) ز: لم تطلق. (¬10) ز: لم تنقضي. (¬11) ز: إلا واحدا.

أخرى. وإن نوى أن يقعن جميعاً في ذلك المجلس وظن أن السنة كذلك فهو كما نوى. والحامل بمنزلة التي لا تحيض في ذلك. وإذا قال الرجل لامرأته وهي حامل: أنت طالق واحدة للسنة، فهي طالق ساعة قال ذلك. وإذا قال لامرأته ذلك وهي لا تحيض من صغر أو كبير: أنت طالق واحدة للسنة، ولا نية له، فهي طالق ساعة قال ذلك. وإذا قال الرجل لامرأته وقد دخل بها: أنت طالق كلما حضت حيضتين، فهي كما قال، وإذا حاضت حيضتين فهي طالق، ولا يحتسب بهذا من العدة؛ مِن قِبَل أن الطلاق إنما وقع بعد الحيضتين. فإذا حاضت أخراوين فهي طالق أخرى، ويحتسب بهذا من العدة. فإذا حاضت أخرى بانت. ولا يقع عليها من الطلاق إلا اثنتان (¬1). وإذا قال لها: إذا حضت حيضة فأنت طالق، وقال لها أيضاً: كلما حضت فأنت طالق، فإذا حاضت فرأت الدم فهي طالق واحدة (¬2). وإذا طهرت فهي طالق أخرى ولا يحتسب بها من عدتها. فإذا حاضت الثانية فهي طالق حين رأت الدم، ويحتسب بها من العدة، وقد وقع عليها ثلاث تطليقات، وعليها حيضتان أخراوان (¬3). وإذا قال لها: (¬4) إذا حضت حيضة فأنت طالق، وإذا حضت (¬5) حيضتين فأنت طالق (¬6)، فحاضت واحدة فهي طالق ولا يحتسب بها من عدتها، وإذا ما حاضت أخرى فهي طالق أخرى؛ لأن الحيضة الثانية مع الأولى اثنتان (¬7). ويحتسب بالثانية من عدتها، وعليها حيضتان (¬8) بعد ذلك. وإذا قال لها: إذا حضت حيضة فأنت طالق واحدة- ولا نية له - ثم ¬

_ (¬1) ز: إلا اثنتين. (¬2) ش - واحدة. (¬3) ز: حيضتين أخراوين. (¬4) ز - لها. (¬5) ش: وإذا حاضت؛ ز: فحاضت. (¬6) م - وإذا حضت حيضتين فأنت طالق؛ صح هـ. (¬7) ز: اثنتين. (¬8) ز: حيضتين.

إذا حضت حيضتين فأنت طالق واحدة، فإذا حاضت (¬1) واحدة فهي طالق واحدة، وإذا حاضت حيضتين سوى تلك الواحدة فهي طالق أخرى، ويحتسب بالحيضتين من عدتها، ولا يحتمسب بالأولى. وهذا مخالف للباب الأول؛ لأنه وقع عليها التطليقة الثانية بعد ثلاث حيض، ووقع في الباب الأول بعد حيضتين؛ مِن قِبَل أنه قال لها في هذا الباب الآخر: ثم إذا حضت، فكان (¬2) قوله ذلك يقع على حيضتين مستقبلتين كأنه قال: إذا دخلت الدار دخلة (¬3) فأنت طالق ثم إذا دخلتها (¬4) دخلتين فأنت طالق. وكذلك قوله: إذا دخلت فأنت طالق ثم إذا دخلت فأنت طالق. ولو قال: إذا دخلت فأنت طالق، وإذا دخلت فأنت طالق، وقع عليها تطليقتان (¬5) إذا دخلت دخلة واحدة. وإذا قال لها: إذا حضت حيضة فأنت طالق، وإذا حضت حيضتين فأنت طالق، يعني تلك الحيضة وحيضة أخرى، وقع عليها إذا حاضت حيضتين تطليقتان (¬6)، إحداهما تقع (¬7) حين تحيض الحيضة الأولى، والأخرى تقع (¬8) حين تحيض الثانية. وإذا قال الرجل لامرأته: كلما حضت حيضة فأنت طالق، ثم حاضت أربع حيض فإنه يقع عليها حين حاضت الأولى تطليقة، ولا يحتسب بالأولى من عدتها، ووقع بالحيضة الثانية تطليقة أخرى، ويحتسب ما من عدتها، ووقع عليها بالحيضة الثالثة تطليقة أخرى، ويحتسب ما من عدتها، وتنقضي العدة بالحيضة الرابعة، ولا يقع ما طلاق؛ لأن الطلاق كله قد مضى، وانقضت به العدة. وإذا قال الرجل لامرأته: إذا حضت حيضة فأنت طالق، فإنما يقع ¬

_ (¬1) ز: حضت. (¬2) ش: لمكان. (¬3) ز - دخلة. (¬4) ز: إذا دخلتيها. (¬5) ز: تطليقتين. (¬6) ز: تطليقتين. (¬7) ز: يقع. (¬8) ز: يقع.

عليها الطلاق بعدما تحيض وينقطع عنها الدم وتغتسل (¬1)، إلا أن تؤخر (¬2) الغسل حتى يذهب (¬3) وقت الصلاة أدنى الصلوات إليها، فإذا أخرته إلى أن يذهب (¬4) وقت الصلاة وقع عليها الطلاق. وإذا قال الرجل لامرأته: إذا حضت حيضة فأنت طالق، فقالت: قد حضت، فإنه ينبغي في القياس أن لا تصدق (¬5) وأن لا يقع عليها بقولها، ولكنا ندع القياس في ذلك، ونأخذ بالاستحسان فيه. وقد يدخل في هذا الاستحسان بعض القياس فنصدقها ونوقع الطلاق (¬6). ألا ترى (¬7) لو أنه طلقها واحدة ثم قال لها: كلما حضت حيضة فأنت طالق، أنها مصدقة في الحيض حتى تنقضي العدة. وكذلك أيضاً يقع به الطلاق. وكيف يستقيم أن أصدقها في العدة ولا أصدقها في الطلاق. وكل شيء لا يعلمه غيرها مثل قوله: إن كنت تحبينني (¬8) فأنت طالق، وإن كنت تبغضينني (¬9) فأنت طالق، فالقول قولها ما دامت في ذلك المجلس، والطلاق واقع عليها إذا أخبرت عن نفسها بالذي يقع به الطلاق. وإنما هذا مثل قوله: أنت طالق إن شئت، فقالت: قد شئت، في ذلك المجلس، فالطلاق واقع عليها. وإذا قال الرجل لامرأته: إذا حضت فأنت طالق وفلانة معك، فقالت: (¬10) قد حضت، فإنه ينبغي في قياس (¬11) هذا القول أن يقع الطلاق عليهما جميعاً، ولكنا ندع القياس في ذلك، فنوقع (¬12) الطلاق على المرأة نفسها، ولا يقع على الأخرى شيء بقول هذه حتى يُعْلَم أنها قد حاضت. ¬

_ (¬1) ز: ويغتسل. (¬2) ز: أن يؤخر. (¬3) ز: تذهب. (¬4) ز: أن تذهب. (¬5) ز: لا يصدق. (¬6) انظر للشرح: المبسوط، 6/ 103 - 104. (¬7) ز: يرى. (¬8) ز: تحبيني. (¬9) و: تبغضيني. (¬10) ز - فقالت. (¬11) ز: في القياس. (¬12) ز: فيوقع.

وإذا قال الرجل لامرأته: كلما ولدت فأنت طالق، فولدت ثلاثة أولاد في بطن واحد فإنه يقع عليها تطليقتان (¬1)، وتنقضي العدة بالولد الثالث، ولا يقع به الطلاق (¬2). ولو ولدت ثلاثة أولاد في بطون مختلفة ولم تنقض (¬3) العدة فيما بين الأولاد وقع عليها ثلاث تطليقات، وكان عليها ثلاث حيض بعد الولد الثالث، ووقعت عليها بالولد الأول تطليقة بملك الرجعة، فلما حملت بالثاني قبل أن تقر (¬4) بانقضاء العدة كان هذا الحبل رجعة من الزوج (¬5)، ووقع عليها حين ولدته تطليقة أخرى. وكذلك الثالث. وإذا قال الرجل لامرأته: إذا ولدت غلاماً فأنت طالق واحدة، وإذا ولدت جارية فأنت طالق اثنتين، فولدت غلاماً وجارية لا يعلم أيهما أول فإنما يقع عليها في القضاء الأقل من ذلك تطليقة واحدة إذا تصادقا ولم يعلم أيهما ولد قبل. وينبغي لهما فيما بينهما وبين الله تعالى أن يأخذا (¬6) بالأكثر (¬7) من ذلك: تطليقتين، وقد انقضت العدة بالولد الآخر، ولا يقع به طلاق. ألا ترى أن رجلاً لوطلق امرأته ثم قال: إذا انقضت عدتك فأنت طالق، لم يقع عليها ذلك الطلاق. ولو ولدت هذه التي قال لها: إن ولدت غلاماً فأنت طالق واحدة، وإن ولدت جارية فأنت طالق اثنتين، فولدت ثلاثة في بطن واحد غلاماً وجاريتين غير أنه يعلم أن الغلام هو الأول وقع عليها ثلاث تطليقات، بالغلام واحدة، وبالجارية (¬8) الأولى تطليقتان (¬9)، فانقضت العدة بالجارية الثانية. ولو كانت إحدى الجاريتين أول ثم الغلام وقع عليها بالجارية الأولى تطليقتان (¬10) وبالغلام تطليقة، وانقضت العدة بالجارية الآخرة. وإن كان ¬

_ (¬1) ز: تطليقتين. (¬2) ز: طلاق. (¬3) ز: ولا تنقضي. (¬4) ز: أن يقر. (¬5) ش: للزوج. (¬6) ز: أن يأخذ. (¬7) بها ش ز: بأكثر. (¬8) ز: بالجارية. (¬9) ز: تطليقتين. (¬10) ز - فانقضت العدة بالجارية الثانية ولو كانت إحدى الجاريتين أول ثم الغلام وقع عليها بالجارية الأولى تطليقتان.

الغلام هو الآخر وقع عليها تطليقتان (¬1) بالجارية الأولى، ولا يقع بالجارية الثانية شيء، وانقضت العدة بالغلام، ولا يقع به الطلاق. فإن كان لايعلم أيتهن أول فإنه إنما يقع عليها في القياس اثنتان (¬2). وينبغي فيما بينه وبين الله تعالى أن يأخذ بالثقة فيوقع عليها ثلاث تطليقات. وقد انقضت العدة في جميع هذه الوجوه بالولد الآخر، ولا يقع به الطلاق؛ مِن قِبَل أن العدة قد انقضت به. فإن كان الغلام هو الأول أو الأوسط (¬3) وقع عليها ثلاث تطليقات. وإن كان الغلام هو الآخر وقع عليها تطليقتان (¬4). فلذلك لزمهما في القياس أقل من ذلك، وفي الثقة أكثر من ذلك. وإذا قال الرجل لامرأته: كلما (¬5) ولدت ولداً فأنت طالق، وقال لها: إذا ولدت غلاماً فأنت طالق، فولدت جارية فهي طالق واحدة، وعليها ثلاث حيض بعد الولادة. ولو ولدت جارية ثم غلاماً في بطن انقضت العدة بالغلام، ولا يقع به الطلاق، وتقع بالجارية تطليقة واحدة. ولو ولدت الغلام أول وقع به تطليقتان؛ (¬6) لأنه قد قال: كلما ولدت فأنت طالق، وقال: إذا ولدت غلاماً فأنت طالق. وتنقضي العدة بالجارية، ولا يقع ما الطلاق، وهو يملك الرجعة في هذا وفي جميع ما ذكرت من الولادة والحيض ما لم تنقض (¬7) العدة أو تقع (¬8) عليها ثلاث تطليقات. ولو قال لها: إذا ولدتِ غلاماً فأنت طالق، ثم قال لها: إن ولدتِ غلاماً أو متى ولدتِ غلاماً أو ولداً أو كلما ولدتِ غلاماً أو ولدتِ فأنت طالق، فولدتْ غلاماً وقع عليها تطليقتان (¬9). ألا ترى (¬10) لو أن رجلاً قال لامرأته: إذا كلمتِ إنساناً فأنت طالق، ثم قال: إن كلمت فلاناً فأنت طالق، فكلصت فلاناً كانت طالقاً اثنتين؛ مِن قِبَل أنه فلان وأنه ¬

_ (¬1) ز: تطليقتين. (¬2) ز: اثنتين. (¬3) ش: والأوسط. (¬4) ز: تطليقتين. (¬5) ز: كما. (¬6) ز: تطليقتين. (¬7) ز: لم تنقضي. (¬8) ز: أو يقع. (¬9) ز: تطليقتين. (¬10) ز: يرى.

إنسان. ولو قال لها: إن دخلت دار فلان فأنت طالق، ثم قال: متى ما دخلت هذه الدار فأنت طالق، وهي دار فلان فدخلت دار فلان وقع عليها تطليقتان (¬1). ولو قال رجل: إذا تزوجتُ فلانةَ فهي طالق، ثم قال: كل امرأة أتزوجها فهي طالق، ثم تزوج فلانة بعينها كانت طالقاً (¬2) اثنتين (¬3). وإذا قال الرجل لامرأته: كلما ولدت غلاماً فأنت طالق، فولدت غلاماً وجارية في بطن واحد ولا يعلم أيهما أول فإنه تقع (¬4) عليها تطليقة، وعليها ثلاث حيض بعد الولد (¬5) الآخر، ولا يملك الزوج الرجعة في هذا الباب، ولا يتوارثان؛ مِن قِبَل أني لا أدري لعل الغلام أول، فتكون (¬6) العدة قد انقضت حين ولدت الجارية. فأخذتُ في هذا بالثقة، وجعلت عليها ثلاث حيض للثقة في ذلك. ولو قال رجل لامرأته: إذا ولدتِ فأنت طالق، فأسقطت سقطاً قد استبان بعض خلقه أو تَمَّ خَلْقُه كان هذا ولداً (¬7)، وكان الطلاق واقعاً (¬8) به عليها. ألا ترى أنها لو ولدت بعد الطلاق انقضت به العدة لأنه ولد، وأن أمة لو ولدت هذا من سيدها كانت أم ولد. وإن لم يستبن خلقه لم يقع به الطلاق، ولم تنقض (¬9) به عدة، ولم تكن أمه (¬10) أم ولد له. وإذا قال الرجل (¬11) لامرأته: إذا ولدت فأنت طالق، فقالت: قد ولدت، وكذبها الزوج فإنها لا تصدق (¬12)، ولا يقع الطلاق عليها. آخذ في (¬13) هذا بالقياس، وأدع الاستحسان. ولو أقر (¬14) بالحبل فقالت: قد ولدت، كانت مصدقة فيها. ولو قالت بعد الطلاق: قد ولدت، كانت ¬

_ (¬1) ز: تطليقتين. (¬2) ز: طالق. (¬3) بها ش: اثنتين. (¬4) ز: يقع. (¬5) ز: الولاد. (¬6) ز: فيكون. (¬7) ز: ولد. (¬8) ز: واقع. (¬9) ز: تنقضي. (¬10) ز: يكن أمة. (¬11) ز - الرجل. (¬12) ز: لا يصدق. (¬13) ز - في. (¬14) ش: ولو أقرت.

مصدقة في انقضاء العدة، ولا تصدق (¬1) في وقوع الطلاق عليها إلا أن يكون الزوج أقر بالحبل. وإذا قال: إذا ولدت فأنت طالق، ولم يقر بالحبل فولدت وشهدت امرأة على الولادة فإن النسب يثبت، ولا يقع به الطلاق. وهو قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد: إنه ينبغي أن يقع (¬2) به الطلاق إذا (¬3) شهدت عليه امرأة مسلمة. ألا ترى (¬4) أن رجلاً لو قال: إن كان بأمتي هذه حبل فإنه مني، فولدت بعد هذا القول لأقل من ستة أشهر فأنكر أن تكون (¬5) ولدته وشهدت امرأة على الولادة ثبت (¬6) النسب، وكانت الأمة أم ولد له، وقد وقع العتق بشهادة امرأة. فكذلك لم ينبغي أن يقع الطلاق. ألا ترى (¬7) أن امرأة لو ولدت فقال الزوج: ليس مني ولا أدري أولدته أم لا، فشهدت امرأة على الولادة وقع اللعان بين الزوج وبين المرأة. وإن كان الزوج عبداً أو حراً محدوداً (¬8) في قذف والمرأة حرة مسلمة وقع الحد على الزوج، ويثبت النسب. وهذا كله بشهادة امرأة. فكذلك الطلاق ليس يخالف هذا في القياس. وإذا قال الرجل لامرأته: إذا ولدت ولدين فأنت طالق، فولدت ثلاثة أولاد في بطن واحد ثم ولدت بعد ذلك لسنة ولداً (¬9) آخر فقد وقع عليها تطليقة بالولدين (¬10) الأولين، وبانت بالولد الثالث، وانقضت به العدة، ولا يثبت نسب الرابع من الوالد. وإذا قال الرجل لامرأته: إن كان أول ولد تلدينه غلاماً (¬11) فأنت طالق، فولدت غلاماً وجارية في بطن واحد لا يعلم أيهما أول فإنه لا يقع عليها شيء، وهي امرأته حتى يعلم أن الأول الغلام. وأما في الثقة والتنزه ¬

_ (¬1) ز: يصدق. (¬2) بها ش ز: أن يوقع. والتصحيح من الكافي، 1/ 70 و. (¬3) بها ش ز: وإذا. (¬4) ز: يرى. (¬5) ز: أن يكون. (¬6) ش: وثبت. (¬7) ز: يرى. (¬8) ز: عبد أو حر محدود. (¬9) ز: ولد. (¬10) ز: بالوالدين. (¬11) ز: غلام.

فيكون قد وقع عليها تطليقة، وبانت منه، ولا يملك الرجعة وانقضت العدة منه، وهو خاطب من الخطاب، ولا تحل للأزواج إن لم يتزوجها هو حتى يوقِع عليها منه طلاقاً مستقبلاً (¬1)، وتستقبل (¬2) ثلاث حيض مستقبلة. وهذا في الثقة والتنزه. وإذا قال الرجل لامرأته: كلما ولدت ولدين فأنت طالق، فولدت ولدين في بطن واحد أو في بطنين متفرقين فهو سواء، يقع الطلاق عليها بالولد الآخر، وتكون (¬3) عليها العدة ثلاث حيض. ولو ولدت واحداً ثم طلقها فانقضت العدة وبانت منه ثم ولدت أخرى في ملك غيره ثم تزوجها هو فولدت عنده آخر لم يقع عليها الطلاق؛ من قبل أنها ولدت الثاني الذي يقع ما الطلاق في ملك غيره. ولو لم تلد الثاني إلا في ملكه وقع به الطلاق عليها. وكذلك رجل قال لامرأته ولم يدخل ما: كلما حضت حيضتين فأنت طالق، ثم طلقها فحلت للرجال ثم حاضت حيضة وهي في غير ملكه ثم تزوجها فحاضت أخرى في ملكه فإنه يقع الطلاق عليها. وكذلك لو كانت حاضت الأولى في ملكه. ولو حاضتهما جميعاً في غير ملكه أو حاضت الأخرى في غير ملكه فإنه لا يقع به الطلاق (¬4). ولو حاضت في ملكه بعد ذلك حيضتين لم يقع به الطلاق. إنما أنظر في هذا إلى آخر الحيضتين الأوليين. فإذا حاضت الأخيرة منهما في ملكه وقع ما الطلاق. فإذا حاضتهما في غير ملكه أو حاضت أخرى ثم تزوجها قبل أن تطهر منها فطهرت منها وهي في ملكه وقع الطلاق عليها؛ لأنها قد طهرت وهي في ملكه. وإذا طهرت وانقطع الدم عنها وهي في غير ملكه ثم تزوجها قبل أن تغتسل (¬5) وقبل أن يذهب (¬6) وقت صلاة فاغتسلت في ملكه ¬

_ (¬1) ز: طلاق مستقبل. (¬2) ز: ويستقبل. (¬3) ز: ويكون. (¬4) اعترض الحاكم على هذا، لأن "كلما" تقتضي التكرار. وذكر السرخسي أن في المسألة روايتين، رواية الأصل ورواية الجامع، وأن الأصح رواية الجامع، انظر: الكافي، 1/ 70 و - ظ؛ والمبسوط، 6/ 108 - 109. (¬5) ز: أن يغتسل. (¬6) ز: أن تذهب.

أو ذهب وقت صلاة في ملكه قبل أن تغتسل (¬1) وقع الطلاق عليها؛ لأن هذا هو الطهر. ألا ترى أنه لو قال لها: إن أكلت هذا الرغيف فأنت طالق، فأكلت في غير ملكه عامة الرغيف ثم أكلت ما بقي منه في ملكه وقع الطلاق عليها. إنما أنظر إلى الذي يكون به الحنث. فإذا كان في ملكه وقع به الطلاق. وإذا قال الرجل لامرأته: كلما حضت فأنت طالق، فولدت فإن الطلاق لا يقع عليها بالولادة، ولا يكون دم الولادة حيضاً، إنما هو نفاس، وهو بمنزلة الحيض في ترك الصلاة. وإذا قال الرجل لامرأته: إذا حبلت فأنت طالق ثلاثاً، فوطئها مرة فإن الأفضل له والأحسن به أن لا يقربها ثانية حتى يستبرئها بحيضة كي يعلم أنها حامل أم لا. فإذا حاضت وطهرت وقع عليها مرة أخرى وكان هذا حاله وحالها ما دامت عنده. وإذا ولدت بعد هذا القول لأقل من ستة أشهر لم يقع به الطلاق أيضاً (¬2)؛ لأن الحبل قد كان قبل الحلف. وإذا جاءت به لستة أشهر أو أكثر منذ حلف لم يقع به الطلاق أيضاً حتى تجيء به لأكثر من سنتين. فإن جاءت به لأكثر من سنتين وقع الطلاق، وانقضت العدة بالولادة. وإذا قال لها: إذا وضعت ما في بطنك فأنت طالق، فولدت ولدين في بطن واحد فإن الطلاق يقع بالآخر منهما، وعليها ثلاث حيض مستقبلة. وإذا قال الرجل لامرأته: إن كان حملك هذا جارية فأنت طالق واحدة، وإن كان غلاماً (¬3) فأنت طالق اثنتين، فولدت غلاماً وجارية فإنه لا يقع عليها طلاق؛ من قبل أن الحبل لم يكن بغلام كما قال ولا بجارية كما قال. ألا ترى أنه لو نظر إلى جُوَالِق فقال: إن كان ما فيه حنطة فامرأته طالق، وإن كان ما فيه دقيق فعبده حر، فكان في الجوالق دقيق وحنطة فإنه لا يقع بذلك طلاق ولا عتاق، لأنه لم يكن فيه كما قال، إنما كان بعضه. ¬

_ (¬1) ز: أن يغتسل. (¬2) بها ز - أيضاً. (¬3) ز: غلام.

ألا ترى (¬1) أنه لو قال: إن كان ما في بطنك كله غلاماً (¬2) فأنت طالق، وكان غلاماً (¬3) وجارية أنها لا تكون طالقاً بقوله إن كان ذلك. وهذا [والأول] سواء. وإذا قال الرجل لامرأته: كلما حبلت فأنت طالق، فحبلت بعد هذا القول فولدت فقد وقعت عليها تطليقة، وانقضت عدتها بالولادة. ولو كان جامعها بعد الحبل قبل أن تلد كان ذلك منه رجعة وكانت امرأته. فإن حبلت مرة أخرى وقعت عليها تطليقة أخرى، وانقضت العدة بالولادة، وهو يملك الرجعة ما لم تلد. ولو تزوجها بعد الولادة فحبلت عنده وقعت عليها تطليقة أخرى. فإذا استكملت ثلاث تطليقات لم يقع عليها بهذه اليمين شيء بعد ذلك. وإذا قال: أنت طالق ما لم تلدي (¬4)، فهي طالق حين سكت. وكذلك إذا قال: أنت طالق ما لم تحبلي (¬5). وكذلك إذا قال: أنت طالق ما لم تحيضي (¬6)، فهي طالق حين سكت. إلا أن يكون ذلك منها مع سكوته فلا يقع به الطلاق. وإذا قال لها: أنت طالق ما لم تحبلي، وهي حبلى، أو ما لم تحيضي، وهي حائض، فهي طالق حين سكت. وإن كان يعني ما هي فيه من الحيض فهي فيما بينه وبين الله تعالى كما نوى. وأما في الحبل فهي طالق حين سكت؛ لأن ما يزداد من الحيض حيض مستقبل، والحبل ليس كذلك. فهي في الحبل طالق في القضاء [و] فيما بينه وبين الله تعالى. وأما في الحيض فهي طالق في القضاء، وفيما بينه وبين الله تعالى يسعه (¬7) إن نوى ذلك. وإذا قال هذه المقالة ولا نية له فهي في الحبل طالق (¬8) وفي الحيض طالق. ¬

_ (¬1) ز: يرى. (¬2) ز: غلام. (¬3) ز: غلام. (¬4) ز: لم تلدين. (¬5) ز: لم تحبلين. (¬6) ز: لم تحيضين. (¬7) ز: تسعة. (¬8) ش - وفيما بينه وبين الله تعالى يسعه إن نوى به ذلك وإذا قال هذه المقالة ولا نية له فهي في الحبل طالق.

وإذا قال الرجل لامرأته: قد طلقتك قبل أن أتزوجك، أو أنت طالق قبل أن أتزوجك، فإن هذا ليس بشيء، ولا يقع به الطلاق. أرأيت لو قال: قد طلقتك قبل أن تولدي، أو قبل أن تخلقي، أليس كان هذا باطلاً لا يقع به طلاق (¬1). وكذلك لو قال: قد طلقتك أمس، إذا كان إنما تزوجها اليوم. فإن كان (¬2) تزوجها قبل أمس فهي طالق حين قال ذلك. وإذا قال الرجل لامرأته: قد طلقتك وأنا صغير، أو قد طلقتك وأنا نائم، فالقول في ذلك قوله، فلا يقع عليها طلاق. وإذا قال لها: (¬3) قد طلقتك وأنا مجنون، وهو لا يعرف بالجنون فهو مصدق، والقول قوله، ولا يقع عليها الطلاق. وكذلك لو قال: قد طلقتك قبل أن أولد، وقبل أن أخلق، فإن الطلاق لا يقع عليها بهذا الكلام. ولو قال لها: قد طلقتك إن كلمت فلاناً، أو إذا (¬4) كلمت فلاناً، وقالت هي: بل طلقني (¬5) ولم يذكر هذا، كان القول قول الزوج، ولا يقع بهذا الطلاق. وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق إن لم أطلقك، فهي امرأته، ولا يقع (¬6) عليها الطلاق حتى يموت أحدهما قبل أن يطلق. فإذا ماتت المرأة فقد وقع الطلاق عليها قبل موتها بقليل، وليس في هذا القليل حد معروف، غير أن الطلاق إن كان بائناً (¬7) لم يكن للزوج ميراث، وإن كان ¬

_ (¬1) ز: طلاقاً. (¬2) ش - هذا باطلاً لا يقع به طلاق وكذلك لو قال قد طلقتك أمس ... كان إنما تزوجها اليوم فإن كان. (¬3) ز: بهذا قال الرجل لامرأته. (¬4) بها ز: وإذا. (¬5) ز: بل طلقتني. (¬6) ز - بهذا الطلاق وإذا قال الرجل لامرأته أنت طالق إن لم أطلقك فهي امرأته ولا يقع. (¬7) ز: بائن.

غير بائن كان له الميراث. وإذا مات الزوج وبقيت المرأة وقع به الطلاق على المرأة قبل أن يموت الزوج بقليل، وذلك القليل أيضاً غير معروف عندنا ولا محدود، ولها الميراث من الزوج إن كان الطلاق بائناً (¬1) أو غير بائن، إلا أن يكون زوجاً لم يدخل ما. فإن كان لم يدخل الزوج ما فلا ميراث لها؛ لأنه لا عدة عليها منه. وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق ما لم أطلقك (¬2)، أو قال: متى لم أطلقك (¬3)، أو قال: متى ما لم أطلقك (¬4)، أو إذا (¬5) لم أطلقك، أو إذا (¬6) ما لم أطلقك، فإنه يقع عليها الطلاق حين يسكت (¬7) من هذا المنطق في ذلك كله. ما خلا "إذا لم أطلقك" و"إذا ما لم أطلقك"، فإن هذا كلام له وجهان. فإن عنى به "إن لم أطلقك" فهو كذلك، ولا يقع الطلاق حتى (¬8) يموت أحدهما. ولو عنى به "متى لم أطلقك" فهي طالق حين يسكت (¬9). وهو قول أبي حنيفة. وإن لم تكن (¬10) له نية فهو بمنزلة قوله: إن لم أطلقك. وفيها قول آخر، وهو قول أبي يوسف ومحمد: إن إذا وإذا ما مثل متى ومتى (¬11) ما، ولا يكون مثل قوله: إن لم أطلقك. ألا ترى أنه حين سكت فهو غير مطلق لها. أرأيت لو قال لها: إذا سكت عن طلاقك فأنت طالق، ألم تكن (¬12) طالقاً حين سكت. فكذلك قوله: إذا لم أطلقك. وإذا قال الرجل لامرأته: كلما لم أطلقك فأنت طالق، وقد دخل ما ثم سكت فهي طالق ثلاثاً يتبع بعضها بعضاً، ولا يقعن جميعاً، ولكنهن يقعن متتابعات في ساعة واحدة. ¬

_ (¬1) ز: بائن. (¬2) بها ش ز: لم أطلق. والتصحيح من الكافي، 70/ 1 ظ؛ والمبسوط، 6/ 111. (¬3) ز - أو قال متى لم أطلقك. (¬4) بها ش ز: لم أطلق. والتصحيح من المصدرين السابقين. (¬5) بها ش ز: وإذا. والتصحيح من المصدرين السابقين. (¬6) ز: وإذا. (¬7) بها ز: سكت. (¬8) ز: حين. (¬9) بها ز: سكت. (¬10) ز: لم يكن. (¬11) ش - متى. (¬12) ز: يكن.

وإذا قال الرجل لامرأته: متى لم أطلقك واحدة فأنت طالق ثلاثاً، ثم قال حين سكت: أنت طالق واحدة، موصولاً بكلامه فقد بَرَّ في يمينه، ولا يقع عليها الثلاث (¬1) تطليقات. وهذا استحسان. وكان (¬2) ينبغي في القياس أن يقع عليها ثلاث تطليقات حين سكت فيما بين فراغه من يمينه إلى قوله: أنت طالق. ألا ترى أنه لو قال: متى ما لم أقم من مقعدي هذا فأنت طالق، ثم قام حين سكت أنها لا تكون (¬3) طالقاً. وهذا ينبغي في القياس أن تكون (¬4) طالقاً فيما بين سكوته إلى قيامه. وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق حين لم أطلقك، ولا نية له فهي طالق حين سكت. وكذلك لو قال: أنت طالق حيث لم أطلقك. وكذلك لو قال: أنت طالق زمان لم أطلقك أو يوم لم أطلقك. وإذا قال: أنت طالق زمان لا أطلقك أو حين لا أطلقك، ولا نية له، فإن الطلاق لا يقع عليها حتى تمضي ستة أشهر؛ لأن هذا أدنى ما يكون من الحين والزمان إذا (¬5) لم ينو أقل من ذلك (¬6). فإذا مضى ذلك قبل أن يطلقها وقع الطلاق. وكذلك إذا قال: أنت طالق يوم لا أطلقك، فإذا مضى يوم لا يطلقها فيه وقعت عليها تطليقة واحدة. وإذا قال (¬7): يوم أدخل دار فلان فأنت طالق، ولا نية له فدخل دار فلان ليلاً أو نهاراً فهي طالق، وذلك لقوله تعالى: مَنْ {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ ¬

_ (¬1) ز: ثلث. (¬2) م ش: كان. (¬3) ز: لا يكون. (¬4) ز: أن يكون. (¬5) ز: وإذا. (¬6) انظر: الفقرة بعد التالية. وقد تقدم عند المؤلف في كتاب الأيمان قوله: بلغنا عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه سئل عن الحين، فقال: يقول الله تعالى في كتابه: ({تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} (سورة إبراهيم: 25)، فجعله ستة أشهر. انظر: كتاب الأيمان، 1/ 205 و. وعن ابن عباس أنه سئل عن رجل حلف أن لا يكلم أخاه حيناً، قال: الحين ستة أشهر، ثم ذكر النخلة ما بين حملها إلى صِرامها ستة أشهر. انظر: تفسير الطبري، 13/ 108. (¬7) ز + أنت طالق.

دُبُرَهُ} (¬1)، فمن ولاهم ليلاً أو نهاراً فهو سواء. وإن نوى النهار دون الليل كان القول قوله، وهو مصدق فيه في القضاء وفيما بينه وبين الله تعالى. ألا ترى أنه لو قال: ليلة أدخلها فأنت طالق، فدخلها نهاراً لم يقع الطلاق. فكذلك إذا قال: يوم أدخلها، وهو يعني النهار. وإذا لم تكن (¬2) له نية فالليل والنهار في قوله: يوم أدخلها، سواء. وإنما يقع اليمين في هذا إذا دخل. وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق إلى حين أو إلى (¬3) زمان أو إلى قريب منه (¬4)، فهو ما نوى من الأجل؛ لأن الدنيا كلها قليل قريب. وإذا لم تكن (¬5) له نية في ذلك فهي في الحين والزمان طالق إذا مضت ستة أشهر. بلغنا عن ابن عباس أنه قال: {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} (¬6)، أنه ستة أشهر (¬7). وأما القريب فهو من يوم قال القول إلى أن يمضي شهر إلا يوم. فإذا مضى ذلك فهي طالق. وإذا قال لها: أنت طالق إلى شهر، فهو كما قال، إذا مضى شهر فهي طالق. فإن نوى أن الطلاق واقع (¬8) عليها ساعة تكلم به إلى شهر فهي طالق ساعة تكلم بها (¬9). وإذا قال لها: أنت طالق في غد، ولا نية له (¬10) فهو كذلك أيضاً. وإن نوى في آخر النهار فهو كما نوى في القضاء وفيما بينه وبين الله تعالى. وكذلك إذا قال: أنت طالق في رمضان، ولم ينو شيئاً فهي طالق في أول ليلة من رمضان عند غيبوبة الشمس من آخر يوم من شعبان. فإن نوى آخره فهي طالق في آخره. ¬

_ (¬1) سورة الأنفال، 8/ 16. (¬2) ز: لم يكن. (¬3) ز: وإلى. (¬4) م ز: نيه. (¬5) ز: لم يكن. (¬6) سورة إبراهيم، 14/ 25. (¬7) انظر الفقرة قبل السابقة والحاشية السابقة هناك. (¬8) ش: وقع. (¬9) انظر ما يأتي قريباً: 3/ 47 ظ. وقارن: الكافي، 1/ 71 و؛ والمبسوط، 6/ 114. (¬10) ز - له.

وإذا قال لها: أنت طالق رمضان، فهى فى أوله أيضاً طالق حين تغيب الشمس. وإذا قال لها: أنت طالق اليوم غداً، فهي (¬1) طالق اليوم. وإذا قال لها: أنت طالق الساعة غداً، فهي طالق ساعة تكلم. ألا ترى أن قوله: غداً، حشو. وإن كان ينوي تلك الساعة من الغد فإنه لا يُدَيَّن في القضاء، وهو يسعه فيما بينه وبين الله تعالى. وإذا قال لها: أنت طالق اليوم إذا جاء غداً، فهي طالق غداً حين يطلع (¬2) الفجر. ألا ترى لو قال: [أنت طالق اليوم] (¬3) إذا كلمت فلاناً، لم يقع عليها الطلاق حتى تكلم فلاناً (¬4). وإذا قال لها: أنت طالق غداً اليوم، فهي طالق غداً، وقوله: اليوم، حشو. إنما يقع الطلاق في هذا على أول الوقتين الذي يتكلم به، والوقت الثاني حشو. وإذا قال: أنت طالق رمضان شوال، كانت طالقاً حين تغيب الشمس من آخر يوم من شعبان؛ لأن ذلك أول رمضان. وإذا قال لامرأته: أنت طالق في رمضان، فهو أول رمضان يجيء. فإن قال: عنيت الثاني، لم يصدق على ذلك في القضاء، وكان مصدقاً فيما بينه وبين الله تعالى. وكذلك إذا قال لها: أنت طالق يوم السبت، فهو أول سبت يدخل. وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق في مكة، وهو ينوي إذا أتيت مكة، فإنه لا يصدق في القضاء، وهي طالق ساعة (¬5) تكلم (¬6) بذلك، وهو يسعه فيما بينه وبين الله تعالى. وكذلك إذا قال: أنت طالق بمكة. ¬

_ (¬1) م ش ز: فهو. (¬2) ز: تطلع. (¬3) الزيادة من الكافي، 1/ 71 و؛ والمبسوط، 6/ 116. (¬4) ز: فلان. (¬5) م: ساعته. (¬6) ز: يكلم.

وكذلك إذا قال: أنت طالق في ثوب كذا وكذا (¬1)، وعليها ثوب غيره فهي طالق ساعة تكلم بالطلاق. وفيما بينه وبين الله تعالى إن كان يعني إذا لبست الثوب الآخر فإنه لا يقع عليها حتى تلبس (¬2) ذلك الثوب. وإذا قال لها: أنت طالق في الدار، وهي في غير الدار؛ أو قال لها: أنت طالق في البيت، وهي في الدار؛ أو قال لها: أنت طالق في الظل، وهي في الشمس، فهذا باب واحد، القول فيه كما وصفت لك. وإذا قال لها: أنت طالق في ذهابك إلى مكة، أو دخولك دار فلان، أو في لبسك ثوب كذا وكذا، فهي (¬3) لا تكون (¬4) طالقاً (¬5) حتى تفعل (¬6) ذلك. وليس هذا كالباب الأول؛ لأنه قد وصف هاهنا فعلاً لا يقع الطلاق إلا به، ولم يصف ثم شيئاً (¬7) من الفعل، فلذلك (¬8) كانت طالقاً. وإذا قال لها: أنت طالق وأنت تصلين، أو أنت طالق وأنت (¬9) مصلية تطوعاً، وهو ينوي "إذا صليتِ" فإنه لا يصدق في القضاء، وهي طالق ساعة سكت. وأما فيما بينه وبين الله تعالى فهو كما نوى. وكذلك إذا قال لها: أنت طالق مريضة أو وجيعة، فهو مثل ذلك. وإذا قال لها: في وجعك أو في مرضك أو في صلاتك؛ فإنها لا تكون طالقاً حتى تمرض أو تصلي. وإذا قال لها: أنت طالق قبل قدوم فلان بشهر، فقدم فلان بعد ذلك بيوم أو بأقل من شهر فإن الطلاق لا يقع عليها؛ لأن فلاناً (¬10) لم يقدم على ما قال. ألا ترى (¬11) أنه لو قال: أنت طالق بعد قدوم فلان بشهر، لم يقع عليها الطلاق إلا كما قال. وكذلك إذا قال: قبل قدوم فلان (¬12) بشهر. ولو مكث فلان شهراً ثم قدم كانت طالقاً كما قال. فإن كان قد ¬

_ (¬1) ز - وكذا. (¬2) ز: يلبس. (¬3) ش: فهو. (¬4) ش ز: لا يكون. (¬5) ش: طلاقاً. (¬6) ز: يفعل. (¬7) ز: ولم يوصف ثم شيء. (¬8) ز: فكذلك. (¬9) ز - طالق وأنت. (¬10) ز: فلان. (¬11) ز: يرى. (¬12) ز: فلا.

واقعها في ذلك الشهر قبل أن يقدم فلان فليس عليه في مواقعتها مهر، ولا يكون ذلك منه رجعة؛ لأن الطلاق لم يكن وقع (¬1) يومئذ، إنما وقع الطلاق بعدما قدم فلان. وهذا مثل قوله: إذا قدم فلان فأنت طالق قبل قدومه بشهر، ومثل قوله: أنت الساعة طالق إذا قدم فلان، فليس يقع الطلاق عليها إلا بقدوم فلان. ألا ترى (¬2) أنها إن ماتت قبل قدوم فلان أو مات الزوج فإنهما يتوارثان. وإذا قال لها: أنت طالق ثلاثاً قبل قدوم فلان بشهر، ثم خلعها (¬3) ولم يكن (¬4) دخل ما ثم قدم لتمام شهر بعد المقالة كان الخلع جائزاً، ولم يقع عليها ما (¬5) سمى من الثلاث تطليقات. وكذلك لو قال لعبد له: أنت حر قبل قدوم فلان بشهر، ثم باعه فأعتق العبد ثم قدم فلان لتمام الشهر منذ يوم قال لم ينتقض البيع ولم ينتقض عتق المشتري. إنما يقع الحنث على الحالف إذا قدم فلان لتمام شهر والعبد والمرأة في ملكه. وهذا يبين لك أن الطلاق والعتق لا يقع إلا بقدومه. ألا ترى (¬6) [أنه] لو قال لها: أنت طالق قبل أن تكلمي فلاناً (¬7) بشهر، ثم طلقها واحدة ولم يدخل ما وتزوجت زوجاً غيره ثم كلمت فلاناً (¬8) بعد هذه المقالة لتمام شهر كانت الثلاث تقع (¬9) عليها وهي عند الزوج الآخر. لا يقع عليها إلا ما دامت في ملك الأول. أرأيت لو قال لعبده: أنت مدبر قبل قدوم فلان بشهر، ثم باعه فادعى المشتري أنه ابنه وثَبَتَ نسبه منه ووَرِثَه وعَقَلَتْ عنه عاقلتُه، وشَهِدَ (¬10) فجازت شهادته في الحدود وغيرها، وجُلِدَ قاذفُه، وجاز له شراؤه وبيعه ونكاحه، واقْتُصَّ له ومنه (¬11) في الجراحات، ثم قدم (¬12) فلان لتمام شهر ¬

_ (¬1) م ش ز: يقع. (¬2) ز: يرى. (¬3) ش: ثم يخلعها. (¬4) م ش ز: ولو لم يكن. (¬5) م ش ز: بما. (¬6) ز: يرى. (¬7) ز: فلان. (¬8) ز: فلان. (¬9) ز: يقع. (¬10) ز: وشهدت. (¬11) ش: له منه. (¬12) ش: يوم قدم.

منذ كانت تلك المقالة، أكنتُ (¬1) أُبْطِلُ هذا كله، وأُبْطِلُ به النسب، وأَجْعَلُه مدبراً للأول عبداً. هذا جائز، ولا يرجع إلى الأول أبداً. ولو كان عبداً كما هو في يدي الآخر لم يرجع إلى الأول. وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق ثلاثاً قبل موتك بشهر، فعاشت أياماً ثم ماتت، فإن الطلاق لا يقع عليها، وله الميراث منها. وإن عاشت شهراً ثم ماتت فإن الطلاق (¬2) قد وقع عليها قبل موتها بشهر كما قال، ولا ميراث له منها. وإن كان قد (¬3) وقع عليها في ذلك الشهر كان لها منه مهر مستقبل سوى مهر النكاح. وليس هذا كقدوم فلان؛ لأن الموت حق وهو كائن، وقدوم فلان لا يُدْرَى (¬4) يكون أم لا، فليس ما قد استيقنا في هذا كما لم نستيقن. ألا ترى أنه لو قال لها: أنت طالق قبل رمضان بشهر، كانت طالقاً حين ينسلخ رجب؛ لأنا قد علمنا أن هذا قبل رمضان بشهر. ولو قال لها في شعبان: أنت طالق قبل رمضان بشهر، كانت طالقاً ساعة تكلم بذلك. وهذا مثل قوله: أنت طالق أمس. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا قال: أنت طالق قبل موتي بشهر أو قبل موتك بشهر، ثم عاش المحلوف على موته شهراً ثم مات لم يقع عليها الطلاق؛ لأنه إنما يقع بعد الموت. والموت في هذا وقدوم فلان سواء. فأما قدوم فلان فإنه يقع لأنهما حيان، وأما الموت فإنه لا يقع. وإذا قال لها: أنت طالق قبل الأضحى بتسعة أيام أو بتسع ليال، فهو سواء، وهي (¬5) طالق حين ينسلخ (¬6) ذو القعدة. وكذلك الموت الذي قد علمنا أنه كائن في قول أبي حنيفة. أرأيت لو قال: أنت طالق ثلاثاً قبل أن تكلمي فلاناً بشهر، ثم طلقها واحدة ولم يدخل ما وتزوجت زوجاً غيره ثم ¬

_ (¬1) ز: أكتب. (¬2) ز - لا يقع عليها وله الميراث منها وإن عاشت شهراً ثم ماتت فإن الطلاق. (¬3) ز - قد. (¬4) ز: لا ندري. سقطت اعتبارا من هنا عدة ورقات من نسخة ز. (¬5) ش: فهي. (¬6) م: يتسلم.

كلمت فلاناً بعد هذه المقالة لتمام الشهر أكانت الثلاث تقع عليها وهي عند الزوج الآخر. لا تقع عليها إلا ما دامت في ملك الأول. وإذا قال لها: أنت طالق ثلاثاً قبل موتك بشهر، فعاشت شهراً أو أكثر من ذلك ثم قُتِلَت أو غَرِقَت أو ماتت بوجه من وجوه القتل والموت كائناً ما كان فهو موقت، والطلاق واقع عليها قبل خروج نفسها بشهر، ولا ميراث له منها (¬1) في قول أبي حنيفة. وإذا قال لها: أنت طالق الساعة إن كان فيعلم الله (¬2) أن فلاناً يقدم إلى شهر، فقدم فلان قبل الشهر، فإنه لا يقع عليها الطلاق. وإن قدم لتمام الشهر فإنه يقع عليها الطلاق كما قال حين يقدم فلان، ولا يقع عليها قبل ذلك، وإنما يقع الطلاق عليها إذا قدم. وهذا مثل قوله: أنت طالق قبل قدوم فلان بشهر. ولو كانت له امرأتان فقال: أطولكما حياة طالق ثلاثاً الساعة، لم يقع الطلاق حتى تموت إحداهما. ألا ترى أني لا أدري لعلهما سيموتان جميعاً معاً. وإنما يقع هذا بعد العلم بأطولهما حياة. ولا مهر عليه فيما وطئ قبل العلم. وهما يرثانه إن مات قبلهما. وهو يرث أولهما موتاً. وإذا قال الرجل لامرأته: يا زينب، فأجابته امرأته عمرة فقال: أنت طالق ثلاثاً، فإنما يقع الطلاق على التي كلمته. فإن قال: نويت زينب، وقع عليهما جميعاً الطلاق. وإذا قال: يا زينب أنت طالق، ولم يجبه أحد فزينب طالق. وإذا قال: يا زينب - لامرأة ينظر إليها ويشير إليها- أنت طالق، فإذا هي غير زينب وإذا هي امرأته عمرة فإنما يقع الطلاق على عمرة. وإذا قال لامرأته: يا عمرة أنت طالق، وأشار بيده إلى امرأة قد رآها وإياها عنى فإذا هي غير عمرة وليست له بامرأة (¬3) فليس يقع الطلاق عليها ولا على امرأته. وإذا قال: يا عمرة أنت طالق، ولم يشير بيده إلى شيء غير ¬

_ (¬1) ش: لها منه. (¬2) م ش + ان في علم الله. (¬3) م ش: بامرأته.

أنه رأى شخصاً إياه عنى فظنه عمرة فإذا هي غير عمرة فإن الطلاق واقع على عمرة في القضاء. وفيما بينه وبين الله تعالى لا يقع عليها ولا على الأخرى شيء. وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق هكذا، وأشار بإصبعه فهي طالق واحدة. وإن أشار بإصبعين فهي طالق اثنتين. وإن أشار بثلاث أصابع فهي طالق ثلاثاً. وإن كان يعني بالثلاث أصابع أنها واحدة يقول: إنما أشرت بالكف، فهو كما قال فيما بينه وبين الله تعالى، ولا يدين في القضاء. وإن قال: عنيت اثنتين (¬1) بالإصبعين اللتين عقدت، فهو كذلك فيما بينه وبين الله تعالى، ولا يدين في القضاء. وإذا قال بأصابعه كلها أو بشيء منها وأشار بها وقال: أنت طالق، ولم يقل: هكذا، فهي واحدة. وإذا قال: أنت طالق، وهو يريد أن يقول: ثلاثاً، فأمسك رجل على فيه فلم يقل شيئاً بعد ذكر الطلاق فهي طالق واحدة. وكذلك لو قال: أنت طالق وأنت طالق، فماتت المرأة قبل أن يتكلم بالثانية كانت طالقاً واحدة. وإذا قال: أنت طالق وأنت طالق وأنت طالق إن دخلت الدار، فماتت عند الأولى أو الثانية (¬2) قبل أن يتكلم بتمام الكلام فإن الطلاق لا يقع عليها قبل الاستثناء الذي وقع في آخر كلامه بالطلاق. وكذلك إن قال لها: أنت طالق ثلاثاً إن دخلت الدار، فماتت بعد الكلام بالطلاق قبل أن يقع ذكر الدار. وإذا قال: أنت طالق، [فماتت المرأة] (¬3) بعدما تكلم بالطلاق، وقال الزوج: ثلاثاً، موصولاً بكلامه الأول وتكلم بالثلاث بعد موت المرأة فإنه لا يقع عليها شيء، وهذا كالباب الأول. وإذا قال الرجل: إحدى نسائي (¬4) طالق ثلاثاً، ولم تكن له نية فإن ذلك إليه يوقعه على أيهما شاء ويمسك الأخرى. فإن ماتت إحداهما قبل أن ¬

_ (¬1) ش - اثنتين؛ صح هـ. (¬2) م ش: والثانية. والتصحيح من الكافي، 1/ 72 و. (¬3) الزيادة من الكافي، 1/ 72 و. (¬4) م - نسائي؛ صح هـ.

يوقع الطلاق على الأخرى فإن الطلاق يقع على الحية منهما ويرث من الميتة. وإذا كان قد نوى يوم تكلم إحداهما بعينها ولم يسمها فالقول في ذلك قوله. فإن قال: هي هذه، فهو كما قال. وإن ماتت إحداهما قبل أن يبين فقال: إياها عنيت، فلا ميراث له منها، والباقية منهما طالق، لا يُصَدَّق على الحية بعد الميتة يُمْسِكُها (¬1). وإذا كان له أربع نسوة أو أقل من ذلك فاطّلعت إحداهن فقال الزوج: التي اطلعت طالق ثلاثاً، ثم لم يعلم أيتهن هي وقالت كل واحدة منهن: لست أنا هي، وقد علم الزوج أنها إحداهن فإنه ينبغي له فيما بينه وبين الله تعالى أن يطلق كل واحدة منهن واحدة. فإن علم قبل أن تنقضي العدة أيتهن صاحبة الثلاث أشهد على رجعة الأُخَر وترك الواحدة فبانت. وإن لم يعلم أيتهن كانت تركهن حتى يبن جميعاً. والأحسن أن لا يتزوج واحدة منهن (¬2) أبداً حتى يعلم أيتهن صاحبة الثلاث. ويتزوج الأُخَر بعد إن شاء. وإن لم يعلم وتزوجن أزواجاً غيره ودخل بهن أزواجهن ثم ماتوا عنهن أوطلقوهن نكح أيتهن شاء. وإذا ادعت كل واحدة منهن أنها المطلقة ولم تكن لها بينة وجحد الزوج فعليه اليمين لكل واحدة منهن ما هي. فإن أبى أن يحلف فرق بينه وبينهن بثلاث تطليقات. فإن حلف فهن نساؤه. وإذا أقر أنه قد طلق إحداهن ثلاثاً بعد اليمين ولم يعرفها وحلف لهن كلهن فلا بد من أن يبين أيتهن هي، ويفارقها، ولا يقربهن حتى يبين أيتهن هي. ولوطلق كل واحدة منهن واحدة ولم يبين أيتهن صاحبة الثلاث حتى بِنَّ (¬3) منه جميعاً وانقضت العدة، ثم تزوج إحداهن نكاحاً مستقبلاً فخاصمته وقالت: أنا صاحبة الثلاث، كانت عليه اليمين ما هي صاحبة الثلاث. فإن حلف أمسكها. وإن نكل عن اليمين فرق بينهما. وكذلك لو تزوج اثنتين (¬4) أو ثلاثاً. ¬

_ (¬1) وعبارة الحاكم: ولم يصدق على إبطال الطلاق عن الحية. انظر: الكافي، 1/ 72 و؛ والمبسوط، 6/ 123. (¬2) م ش: منهن واحدة. (¬3) م: حتى يبن. (¬4) ش - اثنتين؛ صح هـ.

وإذا قال الرجل لنسوة له: أيتكن أكلت من هذا الطعام شيئاً فهي طالق، ولا نية له فإن أكلن (¬1) منه جميعاً فإن الطلاق يقع عليهن كلهن جميعاً. وكذلك لو قال: أيكن دخل هذه الدار، فدخلنها جميعاً. وإذا قال: أيكن شاءت فهي طالق (¬2)، فشئن جميعاً الطلاق في ذلك المجلس فإنه يقع عليهن كلهن الطلاق. ولو قال: أيكن بشرتني بكذا فهي طالق، فبشرنه جميعاً وقع الطلاق عليهن. فإن بشرته إحداهن قبل الأخرى وقع الطلاق على الأولى؛ لأنها هي البشيرة. ولا يقع الطلاق على الأخرى. وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق ملء الدار، فإن هذا يسأل عن نيته ما نوى. فإن نوى ثلاثاً فهي ثلاث. وإن نوى واحدة فهي واحدة بائنة. وإن نوى اثنتين فهي واحدة بائنة؛ لأنها كلمة واحدة فلا تكون اثنتين. وإن لم تكن له نية فهي واحدة بائنة؛ لأنه قد وصف الطلاق بشيء شدّده. ولو قال: أنت طالق واحدة تملأ الدار، كانت واحدة بائنة. وكذلك إذا قال لها: أنت طالق واحدة عظيمة أو كبيرة أوطويلة أو عريضة أو شديدة، أو وصفها بشيء شدّدها به فهي بائن في القضاء وفيما بينه وبين الله تعالى. وإذا قال: أنت طالق إلى البصرة أو إلى واسط أو إلى الصين، فهي واحدة بملك الرجعة؛ لأنه (¬3) لم يصفها بعظم ولا كبير. وكذلك إذا قال لها: أنت طالق إلى الليل أو إلى سنة، فهي واحدة بملك الرجعة. فإن عنى بذلك أن يقع ساعتئذ وقعت ساعة تكلم بها. وإن عنى أن يقع بعد الأجل وقعت بعد الأجل. وإن لم تكن له نية فهي طالق بعد الأجل في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فهي طالق ساعة تكلم به. وإذا قال: أنت طالق إلى الشتاء، فهي طالق واحدة بملك الرجعة كما قال بعد الأجل. وكذلك إذا قال لها: أنت طالق إلى الصيف، فهي طالق في ذلك كله بعد الأجل. ¬

_ (¬1) م: فإن كان. (¬2) ش - فهي طالق. (¬3) م ش: لأنها.

وقال محمد: كان أبو يوسف روى عن أبي حنيفة [في] أنت طالق إلى شهر، أنها تطلق بعد شهر، ثم قال: ساعة تكلم بها. قال محمد: وسألت أبا يوسف عن ذلك فقال: تطلق إلى شهر، وزعم أن قول أبي حنيفة أنها تطلق ساعة تكلم به (¬1). وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق واحدة لا بل اثنتين، فهي طالق ثلاثاً إن كان قد دخل بها. وإن لم يكن دخل بها فهي طالق واحدة؛ وإن نوى بالاثنتين أنها واحدة وأخرى معها لم يدين في القضاء ولم يصدق، وكان مديناً فيما بينه وبين الله تعالى. وإذا قال الرجل لامرأته: قد كنت طلقتك أمس واحدة لا بل اثنتين، فهي اثنتان. وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق ملأ الجُبّ، فإنها واحدة بائنة إلا أن ينوي ثلاثاً. وإذا قال الرجل: فلانة طالق لا بل فلانة، فهما طالقان، ولا يكون "لا بل" استثناء على حال. وكذلك لو قال: [فلانة طالق بل فلانة. وإن قال:] (¬2) فلانة طالق أو فلانة، أو قال: أنت طالق واحدة أو اثنتين، فذلك (¬3) إليه، القول فيه قوله، يوقع على أيتهن شاء. بلغنا عن إبراهيم أنه قال: كل شيء في القرآن "أو أو" فصاحبه بالخيار (¬4)، مثل قوله في كفارة ¬

_ (¬1) انظر ما تقدم قريباً: 3/ 44 ظ. وقارن: الكافي، 1/ 71 و؛ والمبسوط، 6/ 114. (¬2) الزيادة من الكافي، 1/ 72 و. (¬3) م ش: فكذلك. (¬4) أخرجه الإمامان أبو يوسف ومحمد عن الإمام أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم. انظر: الآثار لأبي يوسف، 168؛ والآثار لمحمد، 124. وذكره البخاري قائلاً: ويذكر عن ابن عباس وعطاء وعكرمة: ما كان في القرآن أو ... أو فصاحبه بالخيار. انظر: صحيح البخاري، كفارات الأيمان، 1. وبين من وصله ابن حجر في تغليق التعليق، 5/ 205 - 206. وانظر: المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 98؛ وتفسير الطبري، 2/ 236 - 237، 7/ 53.

اليمين: {إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ ... أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} (¬1). وإذا قال الرجل لامرأته: كلما حبلت فأنت طالق، وكلما ولدت فأنت طالق، فحبلت بعد هذا المنطق أو ولدت لأكثر من سنتين بعد هذا المنطق فقد وقع الطلاق (¬2) عليها حين حبلت، وانقضت العدة بالولادة، ولا عدة عليها، ولا يقع عليها بالولد الطلاق. وإن كان الزوج قد وقع عليها وهي حبلى فذاك منه رجعة، ويقع الطلاق بالولد، وعليها ثلاث حيض مستقبلة بعد الولادة، وهو أملك برجعتها ما لم تحض ثلاث حيض. يمسكها على تطليقة باقية، وهي امرأته حتى تحبل مرة أخرى. فإذا حبلت وقع عليها الطلاق، وقد بانت منه، ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، وتنقضي العدة بالولادة. وإذا قال هذه المقالة وولدت لأقل من ستة أشهر ولم يكن وقع عليها حتى ولدت فإن الطلاق يقع بالولادة ولا يقع بالحبل؛ لأنها لم تحبل بعد اليمين. قد كانت حاملاً يوم حلف؛ لأن الولد لا يكون لأقل من ستة أشهر. ألا ترى أنها لو كانت في الدار داخلة فقال لها: إن دخلت فأنت طالق، لم يقع بهذا الدخول طلاق، وعليها ثلاث حيض بعد الولادة. وإذا قال لها: أنت طالق إذا حبلت، وكانت حبلى يوم قال هذه المقالة معروفٌ ذلك ثم ولدت لستة أشهر أو أكثر فإنه لا يقع بالحبل طلاق. فإن كان قال لها: إذا ولدت فأنت طالق، وقع الطلاق بالولد، وكان عليها ثلاث حيض مستقبلة. وإذا قال الرجل لامرأة: يوم أتزوجك فأنت طالق وأنت طالق وأنت طالق، ثم تزوجها فهي طالق واحدة لا يقع الاثنتان عليها؛ من قبل أنها بانت بالأولى (¬3)، وكانت الاثنتان فيما لا يملك. وهذا قول أبي حنيفة. وأما ¬

_ (¬1) يقول تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (سورة المائدة، 89). (¬2) ش - الطلاق. (¬3) ش: الأولى.

في قول أبي يوسف فهي طالق ثلاثاً حين يتزوجها. وهو قول محمد. وإذا قال: يوم (¬1) أتزوجك فأنت طالق، يوم أتزوجك فأنت طالق، يوم أتزوجك فأنت طالق، ثم تزوجها فهي طالق ثلاثاً. وكذلك إذا قال: إذا تزوجتك أو متى تزوجتك، أو قال: إن تزوجتك، ثم ردد الكلام حتى يتم ثلاثاً، أو قال: كلما تزوجتك، فهذا كله باب واحد، وهو سواء. وإذا قال لها: أنت طالق (¬2) وطالق وطالق يوم أتزوجك، ثم تزوجها فهي طالق ثلاثاً، لأنه قد بدأ بالطلاق قبل التزويج، فوقع الطلاق مع التزويج معاً. وإذا أخر الطلاق بعد التزويج وقعت الأولى قبل الاثنتين، وبانت بها، وبطلت الاثنتان في قول أبي حنيفة. وإذا قال: إذا تزوجتك فأنت طالق طالق طالق، ثم تزوجها وقعت واحدة عليها، وبطل ما سوى ذلك. وكذلك إذا قال: إذا تزوجتك فأنت طالق وأنت علي كظهر أمي ووالله لا أقربك، ثم تزوجها وقعت عليها تطليقة، وسقط الإيلاء والظهار؛ لأن ذلك وقع بعدما خرجت من ملكه في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فهو مطلِّق مظاهِر مُولٍ إن تزوجها. ولو قال لها: إذا تزوجتك فوالله لا أقربك وأنت علي كظهر أمي وأنت طالق، ثم تزوجها وقع هذا كله عليها، وبانت منه. فإن تزوجها ثانياً فتركها أربعة أشهر بانت بالإيلاء. فإن جامعها قبل أن تمضي أربعة أشهر كفر يمينه، ولم يقع عليها إيلاء، ولا ينبغي له أن يقربها حتى يكفر كفارة الظهار. وإذا قال الرجل لامرأته ولم يدخل بها: إن كلمت فلاناً فأنت طالق وطالق وطالق، فكلمته فهي طالق تطليقة واحدة، والاثنتان فيما لا يملك باطل في قول أبي حنيفة (¬3). ولو قال لها: أنت طالق وطالق وطالق إذا كلمت فلاناً، فكلمته وقع عليها ثلاث؛ لأنه بدأ بالطلاق قبل اليمين، فوقعت عليها جميعاً معاً. ¬

_ (¬1) م - يوم؛ صح هـ. .. (¬2) م + أنت طالق. (¬3) ع + وقالا تطلق ثلاثاً.

وإذا قال لامرأته وقد دخل بها: أنت طالق طالق إن دخلت الدار، فهي طالق ساعة تكلم واحدة بملك الرجعة. فإذا دخلت الدار وهي في العدة وقعت عليها تطليقة أخرى. ولو كان قال لها: إذا دخلت الدار فأنت طالق طالق طالق، فإن كان دخل بها فهي طالق اثنتين. وإن دخلت الدار وهي في العدة وقعت عليها الثالثة. فإن كان لم يدخل بها فهي طالق واحدة بائنة ساعة تكلم. وكذلك لو قدم الطلاق وأخر الدخول. وكذلك لو قال: أنت طالق، أنت طالق (¬1)، فهو مثل قوله: طالق طالق. وإذا قال الرجل: كل امرأة أتزوجها أبداً فهي طالق، فهو كما قال، وكل امرأة يتزوجها فهي طالق واحدة، وهو خاطب. فإن تزوجها ثانية لم يقع عليها طلاق. ألا ترى أنه لو قال لامرأتين: كل امرأة أتزوجها منكما فهي طالق، فتزوجهما جميعاً معاً أو متفرقين وقع الطلاق عليهما، وهو خاطب. فإذا تزوجهما أو إحداهما بعد النكاح (¬2) الأول لم يقع الطلاق عليها مرة أخرى؛ لأنه قد حنث فيهما مرة، فلا يقع الحنث ثانية. بلغنا عن علي أنه قال: لا طلاق إلا بعد ملك (¬3). فالذي قال: كل امرأة أتزوجها فهي طالق، فإنما تطلق بعد الملك. ألا ترى أنه لو كان له خادم فقال: كل ولد تلدينه فهو حر، فولدت بعد هذا القول أولاداً فهم أحرار، فكأن (¬4) هذا قد أعتق ما لم يُخْلَق (¬5) وما لم يملك، ولكنه إنما أعتق بعد ملكه إياه كما يطلق بعد ملكه. ¬

_ (¬1) ش - أنت طالق. (¬2) م + بعد النكاح. (¬3) روي مرفوعاً وموقوفاً عن علي - رضي الله عنه - وغيره من طرق كثيرة. ولفظ المرفوع: "لا طلاق قبل النكاح". انظر: سنن ابن ماجه، الطلاق، 17؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 230 - 233؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 210 - 212. وله شاهد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً بلفظ: "لا طلاق إلا فيما تملك". انظر: سنن أبي داود، الطلاق، 7؛ وسنن الترمذي، الطلاق، 6. (¬4) م: وكان. (¬5) م ش: لم يحلن. والتصحيح من الكافي، 1/ 72 ظ.

وإذا قال: كل امرأة أتزوجها من بني فلان أو من قرية كذا وكذا أو من مصر كذا وكذا أو من حي كذا وكذا فهي طالق، أو قال: كل امرأة أتزوجها إلى كذا كذا من الأجل فهي طالق، أو قال: إن تزوجت فلانة فهي طالق، ثم تزوج شيئاً من ذلك وقع عليها الطلاق تطليقة واحدة تبين بها منه، وكان (¬1) خاطباً. بلغنا ذلك عن عبد الله بن مسعود [و] عن إبراهيم وعامر وعن القاسم بن محمد وعن سالم بن عبد الله بن عمر وعن الزهري أنهم قالوا ذلك (¬2). وإذا قال: كل امرأة أتزوجها فهي طالق ثلاثاً، أو سمى امرأة بعينها أو سمى قبيلة أو مصراً أو سمى أجلاً أو قال: ما عاشت فلانة، أو قال: على فلانة، فهي طالق ثلاثاً كما قال إن تزوجها، لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره [و] يدخل بها. وإذا قال الرجل: أول امرأة أتزوجها فهي طالق ثلاثاً، ولا نية له، فتزوج امرأتين في عقدة ثم تزوج واحدة بعدهما فإن الطلاق لا يقع على واحدة منهن؛ من قبل أن الواحدة ليست بأول، والاثنتين ليست بواحدة. أرأيت لو قال: أول امرأة أتزوجها من همدان فهي طالق، فتزوج امرأتين من همدان في عقدة ثم تزوج (¬3) من همدان أخرى لم تكن هذه بأول، ألا ترى أنها ثالثة. ولو قال مع هذا القول: وآخر امرأة أتزوجها من همدان فهي طالق، لم يقع الطلاق على التي تزوج أخيراً؛ لأنه لا يعلم آخراً (¬4) تكون أم لا. ألا ترى أن له أن يتزوج غيرهن ولا تكون الثالثة آخراً. فإذا مات قبل أن يتزوج الرابعة فقد وقع الطلاق على الثالثة؛ لأنا قد علمنا أنها آخر، وقد علمنا أنها ليست بأول، وأن الطلاق لا يقع عليها بذلك القول، وكيف تكون آخراً وتكون أولاً. ¬

_ (¬1) ش: فكان. (¬2) الموطأ، الطلاق، 20، 21؛ والموطأ برواية محمد، 2/ 518. 520؛ والمصنف لعبد الرزاق، 6/ 421؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 65 - 66. (¬3) م + ثم تزوج. (¬4) م: أخيرا.

وإذا قال: آخر امرأة أتزوجها فهي طالق، ثم تزوج واحدة لم يتزوج قبلها ولا بعدها حتى مات فإن الطلاق لا يقع عليها؛ لأنها أول وليست بآخر، وكيف تكون آخراً (¬1) وليس قبلها شيء. وإذا قال: أول امرأة أتزوجها فهي طالق، فتزوج امرأتين في عقدة، إحداهما في عدة من زوج غيره، فإن الطلاق يقع على التي نكاحها صحيح؛ لأنها أول، وليس نكاح تلك بنكاح، التي في عدتها من زوج. وكذلك لو نكح امرأة نكاحاً فاسداً ثم تزوج امرأة نكاحاً صحيحاً بعدها وقع الطلاق على الصحيحة النكاح؛ لأنها هي أول، فليست الفاسدة النكاح امرأة له ولا زوجه. أرأيت لو كانت الأولى أمه أو أخته أو ابنته أو كان لها زوج قد عرف ذلك أكانت امرأته. وكذلك لو كانت له امرأة فقال: أنت طالق ثلاثاً إن لم أتزوج عليك اليوم، فتزوج عليها امرأة نكاحاً فاسداً ثم مضى ذلك اليوم من غير أن يتزوج غيرها فإن الطلاق واقع على امرأته؛ لأن هذا ليس بتزويج. أرأيت لو تزوج امرأة لها زوج أكان هذا نكاحاً، ليس هذا بنكاح. وإذا قال: آخر امرأة أتزوجها فهي طالق، فتزوج امرأة بنكاح فاسد ثم تزوج أخرى بنكاح صحيح ثم مات لم يقع الطلاق على التي نكاحها صحيح؛ لأنها أول، وليست بآخر. وإذا قال: آخر امرأة أتزوجها فهي طالق، فتزوج أربعة في عُقَد متفرقة فإن الطلاق لا يقع على الآخرة؛ لأني لا أدري لعله يتزوج (¬2) غيرها، ولا تعرف الآخرة أبداً حتى يموت. فإذا مات فللآخرة الميراث، وقد وقع الطلاق عليها عند موته، وكان عليها عدة المتوفى عنها زوجها، وعليها ثلاث حيض في تلك العدة. وهذا قول محمد. وقال أبو يوسف مثل ذلك إلا في العدة، فإن عليها ثلاث حيض ليس فيها شهور. وقال أبو حنيفة: إن لها مهراً ونصفاً، ولا ميراث لها، وعليها ثلاث حيض، ولا تعتد عدة ¬

_ (¬1) ش - وكيف تكون آخرا. (¬2) م ش: تزوج.

المتوفى عنها زوجها. يقول: إن الطلاق كان واقعاً عليها ساعة تزوجها، فلها نصف مهر آخر بالدخول. وإنما قياس هذا القول أن يقول الرجل لامرأته ولم يدخل بها: أنت طالق إن لم أتزوج شيئاً غيرك، وأنت طالق الساعة إن لم آت البصرة، ثم دخل بها فمات ولم يأت البصرة ولم يتزوج فإنما وقع الطلاق عند موته حين استبان لها أنه لا يأتي البصرة وأنه لا يتزوج. فلها مهر واحد، ولها الميراث، وعليها عدة المتوفى عنها زوجها، تستكمل في ذلك ثلاث حيض. وقال أبو يوسف: ليس عليها عدة المتوفى عنها زوجها (¬1). وإذا قال الرجل: أول امرأة أتزوجها فهي طالق، ثم تزوج امرأة واحدة ثم مات أو لم يمت فهي طالق حين يتزوجها، فإن كان دخل بها فلها مهر ونصف، ولا ميراث لها منه، وعليها ثلاث حيض بعد موته وقبل موته إذا فرق بينهما. وإذا قال الرجل: إذا تزوجت امرأة فهي طالق، فتزوج امرأتين في عقدة فإحداهما طالق، يطلق أيهما شاء، ويمسك الأخرى. ألا ترى أنه قد تزوج امرأة. وإن كان ينوي أول امرأة يتزوجها وحدها فليس ذلك كما نوى في القضاء، ولكنه يدين فيما بينه وبين الله تعالى. وإذا قال الرجل: إن تزوجت امرأة وحدها فهي طالق، فتزوج امرأتين جميعاً في عقدة لم يقع الطلاق على واحدة منهما. وإذا تزوج أخرى بعدهما فهي طالق؛ لأنها وحدها. وإذا قال: يوم أتزوج فلانة فهي طالق، فأمر رجلاً فزوجها إياه فهي طالق كما قال؛ لأنه قد تزوجها. ألا ترى أن الوكيل إنما يقول: زوجت فلاناً، ولا يستطيع أن يقول: تزوجت لفلان، والزوج هو المتزوج. فإن كان ينوي كل امرأة أتزوجها ينوي أن ألي أنا ذلك بنفسي فهي طالق إذا ولي ¬

_ (¬1) ش - تستكمل في ذلك ثلاث حيض وقال أبو يوسف ليس عليها عدة المتوفى عنها زوجها.

ذلك بنفسه. وإن ولي ذلك غيره فزوجه إياها فإنها لا تكون طالقاً فيما بينه وبين الله تعالى، ولكنها تطلق في القضاء. ولو قال: يوم أتزوج فلانة فأطلقها واحدة فهي طالق اثنتين، فتزوجها ثم أمر رجلاً فطلقها واحدة بعدما دخل بها فهي طالق اثنتين أخراوين. وإذا أمر رجلاً فطلق فهو الذي طلق بنفسه. ألا ترى أنه لو قال لها: أنت طالق إن شئت، فقالت: قد شئت، كان هو الذي طلق، فكذلك الباب الأول. وإن كان ينوي إن أُطلقها (¬1) أنا بلساني، لم تقع التطليقتان عليها فيما بينه وبين الله تعالى، ولكنهما يقعان عليها في القضاء. وإذا قال: إذا تزوجت فلانة فهي طالق، فتزوجها ودخل بها فإنه يفرق بينه وبينها بتطليقة بائنة، ولها نصف مهر بالطلاق قبل الدخول، ولها مهر تام بالدخول، وعليها ثلاث حيض. وإذا قال الرجل: إذا تزوجت امرأة فهي طالق، فتزوج ثلاث نسوة في عقدة: أما وابنتين، وإحدى الابنتين أمة، فإن نكاح الأمة جائز، والطلاق واقع عليها، ولها نصف المهر، ولا يقع على الأم والابنة الطلاق؛ لأن نكاحهما فاسد. وإنما فسد نكاح الحرتين لأنهما أم وابنة. ألا ترى أنه لو كانتا غير أم وابنة وكان لكل واحدة منهما زوج كان نكاحهما باطلاً، وكان نكاح الأمة [جائزاً] ووقع عليها الطلاق. وكذلك لو تزوج ست نسوة في عقدة وإحداهن أمة كان نكاح الخمس باطلاً، وجاز نكاح الأمة، ووقع عليها الطلاق؛ لأن نكاحها هو الحلال، ونكاح الأُخَر حرام. ولو تزوج أربع نسوة في عقدة إحداهن أمة جاز نكاح الثلاث حرائر؛ لأنه حلال. ويوقع الطلاق على إحداهن أيهن شاء، وبطل نكاح الأمة؛ لأنه لا يجوز نكاح الأمة مع الحرة ولا على الحرة، ولا يقع الطلاق عليها. وإن كانت مع خمس لم يثبت نكاح شيء من الحرائر، وثبت نكاحها. وكل نكاح نسوة اجتمعن فكان بعضه حلالاً وبعضه حراماً فإنما يقع ¬

_ (¬1) ش: ان طلقها.

الطلاق في هذا الباب على الحلال، ولا يقع على الحرام، مثل الرجل يتزوج خمس حرائر وأربع إماء في عقدة وإحدى الحرائر أم إحدى الإماء فإن نكاح الحرائر باطل لا يجوز، ونكاح الإماء جائز، والطلاق واحد على إحداهن أيتهن شاء، ويمسك الثلاث منهن. ألا ترى أن نكاح الخمس حرائر لا يجوز، ونكاح الإماء الأربع جائز (¬1)، ولا يفسد الأم الحرة نكاح الابنة الأمة؛ لأن نكاحها فاسد؛ لأنها من الأربع. ألا ترى أنها [لو] لم تكن مع الأربع وكانت الأم لها زوج فتزوج أربع إماء وأُمً إحداهن وهي الخامسة وهي حرة لها زوج جاز نكاح الإماء وفيهن ابنتها، وبطل نكاح الأم؛ لأن لها زوجاً. وكذلك لو تزوج حرةً وأمة إحداهما أم الأخرى غير أن الأم منهما لها زوج أو في عدة جاز نكاح الابنة، ووقع الطلاق عليها، ولا يُفسد نكاحها ما دخل معها من نكاح أمها الفاسد. ولو تزوج حرة وأمة في عقدة جاز نكاح الحرة، ووقع الطلاق عليها، ولا يجوز نكاح الأمة، ولا يقع الطلاق عليها؛ لأن الحرة هاهنا صحيحة النكاح، ليس لها زوج، وليست في عدة، وليس معها أربع، وليس معها أم ولا ابنة ولا أخت ولا عمة ولا خالة ولا ابنة أخ ولا ابنة أخت، لا [من] قبل (¬2) نسبها ولا من الرضاعة يفسد نكاحها. فنكاح الحرة صحيح، ونكاح الأمة فاسد؛ لأنه لا يجوز نكاحها مع حرة. قال: وبلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا تنكح الأمة على الحرة" (¬3). وبلغنا عن علي مثل ذلك (¬4)، ¬

_ (¬1) م ش: جائز الأربع. (¬2) م: ولا مثل؛ ش: ولا قبل (مهملة). (¬3) رواه المؤلف بإسناده عن الحسن مرسلاً في كتاب النكاح، 7/ 185 و. وروي بلفظ: "وتتزوج الحرة على الأمة ولاتتزوج الأمة على الحرة"؛ رواه الدارقطني من حديث عائشة مرفوعاً. وفيه مظاهر بن أسلم وهو ضعيف. وأخرجه عبدالرزاق وابن أبي شيبة مثله عن الحسن مرسلاً. وعن جابر: لا تنكح الأمة على الحرة، وتنكح الحرة على الأمة. أخرجه عبدالرزاق من طريقه بإسناد صحيح. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 7/ 265، 267، 268؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 3/ 467؛ وسنن الدارقطني، 4/ 39. وانظر للتفصيل والنقد: تلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 171، 202؛ والدراية لابن حجر، 2/ 57. (¬4) المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 467؛ وسنن الدارقطني، 3/ 284.

وقال: تنكح الحرة على الأمة، وللحرة الثلثان من القسم، وللأمة الثلث. وهذا في حديث علي (¬1). ولو كان مع هذه الحرة امرأة ممن ذكرنا من ذوات الرحم المحرم منها من النسب أو الرضاع فسد نكاح هذه الحرة، وجاز نكاح الأمة، ووقع الطلاق عليها. وإذا قال الرجل لامرأته ولم يدخل بها: أنت طالق أنت طالق أنت طالق، فإنها تبين بالأولى. وكذلك لو قال لها: أنت طالق وأنت طالق وأنت طالق. وكذلك لو قال لها: أنت طالق طالق طالق، فإنما يقع عليها في هذا كله واحدة، وما سوى ذلك باطل؛ لأنها قد بانت منه. وإذا قال لها: أنت طالق واحدة بعدها أخرى، فكذلك أيضاً. وإن قال لها: أنت طالق واحدة قبلها أخرى، أو قال: أنت طالق واحدة معها أخرى، كان يقع عليها تطليقتان. وليس هذا كالباب الأول. الباب الأول (¬2) لا يقع إلا متفرقين، وهذا يقعن جميعاً معاً. ألا ترى أنه لو قال: أنت طالق اثنتين مع واحدة، كانت هذه ثلاثاً؛ وأنت طالق اثنتين قبلها واحدة، كانت هذه ثلاثاً. ولو قال لها: أنت طالق واحدة ونصفاً، كانت هذه طالقاً اثنتين. ولو قال لها: أنت طالق إحدى وعشرين، كانت ثلاثاً؛ لأنه لا يستطيع أن يتكلم بإحدى وعشرين إلا هكذا، ولا يستطيع أن يتكلم بواحدة ونصف إلا هكذا، والاثنتان والثلاث قد يستطيع أن يتكلم بهن وأن يوقعهن في كلمة واحدة. وإذا قال لها: أنت طالق طالق طالق، فقد فرق، فإنما تقع الأولى، ولا تقع الثانية. وإذا قال لها: أنت طالق ثلاثاً، فهو كما قال. وإذا قال لها: أنت طالق البتة، أوطالق بائن، ينوي ثلاثاً فهو كما نوى، وهي طالق ثلاثاً. وإذا قال: أنت طالق طلاق الحرج أو طلاق حرام، وهو ينوي ثلاثاً فهو كما نوى، لأن هذه كلمة واحدة. ألا ترى أنه حيث قال: أنت طالق، فإنما يجيء بعدها من صفته تفسير لهذه الكلمة، فقال: أنت طالق ثلاثاً أوطالق بائن. ¬

_ (¬1) المصنف لعبد الرزاق، 7/ 265؛ وسنن الدارقطني، 3/ 284. (¬2) ش - الباب الأول.

وإذا قال الرجل لامرأته وقد دخل بها أو لم يدخل بها: أنت طالق الطلاق كله، فهي طالق ثلاثاً كانت له نية أو لم تكن. وإذا قال لها: أنت طالق الطلاق أوطالق طلاقاً، فهذا كلام له وجهان. فإن عنى ثلاثاً فهي ثلاث. وإن عنى واحدة فواحدة بملك الرجعة. وإن عنى بطلاق الأول تطليقة وبطلاق الثانية أخرى فهي اثنتان إذا كان قد دخل بها. وإن لم يدخل بها فهي واحدة. وإذا لم تكن له نية فهي واحدة بائن. وإذا قال الرجل: أنت طالق أخبث الطلاق أو أشد الطلاق أو أعظم الطلاق أو أكبر الطلاق، فهذا كله باب واحد. فإن نوى ثلاثاً فهي ثلاث. وإن نوى واحدة فواحدة بائن. وإن لم تكن له نية فواحدة بائنة. وكذلك لو قال لها: أنت طالق أسوأ الطلاق أو أشر الطلاق أو أفحش الطلاق. وإذا قال لها: أنت طالق أكثر (¬1) الطلاق، فهذا ثلاث (¬2) لا يدين فيها. وإذا قال لها: أنت طالق أكمل الطلاق، فهي واحدة بملك الرجعة. وكذلك لو قال لها: أنت طالق أتم الطلاق، فهي واحدة بملك الرجعة. وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق طولها كذا وكذا وعرضها كذا وكذا، فهي واحدة بائنة. وإن نوى ثلاثاً لم تكن إلا واحدة بائنة. وإذا قال: أنت طالق خير الطلاق وأعدل الطلاق وأفضل الطلاق وأحسن الطلاق، أو ما أشبه هذا من الطلاق وقد دخل بها فإن نوى واحدة فهي واحدة إذا طهرت (¬3) من أول حيضة. فإن لم تكن تحيض فساعة تكلم بالطلاق. وكذلك إن لم تكن له نية. وهو يملك الرجعة في هذا الباب ¬

_ (¬1) ش: أكبر. وكذلك هو في الكافي، 1/ 73 ظ؛ والمبسوط، 6/ 135. لكن تعليل السرخسي لذلك بقوله: لأن الكثرة والقلة في العدد، فقد صرح بإيقاع أكثر ما يملك عليها من الطلاق، ومع التصريح لا حاجة إلى النية. انظر: المبسوط، الموضع السابق. (¬2) م ش: فهذا كله باب. والتصحيح من الكافي، 1/ 73 ظ. (¬3) ش: فإن نوى واحدة فواحدة وإذا طهرت.

إن كان دخل بها. وإن كانت حاملاً فهي طالق ساعة تكلم بالطلاق. وإن نوى ثلاثاً فهي طالق ثلاثاً للسنة على ما وصفت لك من طلاق السنة. فإن نوى أن يقعن جميعاً معاً فهو كما نوى. وإذا قال الرجل لامرأته وهي راكبة دابة: إن ركبت هذه الدابة فأنت طالق ثلاثاً، فمكثت بعد اليمين على الدابة ساعة وقع الطلاق عليها. وكذلك إذا قال لها: إن لبست هذا الثوب، وهو عليها. وكذلك إذا قال: إن قعدت، وهي قاعدة. وكذلك إذا قال لها: إن قمت، وهي قائمة. وكذلك إذا قال لها: إن سكنت الدار، وهي ساكنة. وكذلك إذا قال: إن سكنت البيت، وهي ساكنة. وكذلك إذا قال لها: إن مشيت، وهي ماشية. وكذلك إذا قال: إن اتكأت، وهي متكئة. وكذلك كل شيء من هذا مكثت فيه بعد اليمين ساعة فإن الطلاق يقع عليها. وإن نزعت عنها ذلك أو تركت ذلك أو خرجت من ذلك أو نزلت من ذلك مع الفراغ من اليمين لم يقع الطلاق عليها. وإذا قال لها: إن دخلت الدار، وهي داخلة لم يقع الطلاق عليها حتى تخرج وتدخل دخولاً مستقبلاً. وليس هذا مثل الباب الأول. ألا ترى أنك لا تقول: دخلت بعد اليمين، وتقول: قعدت بعد اليمين، ولبست بعد اليمين، وركبت بعد اليمين. فهذا مخالف للباب الأول. وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق ما بين تطليقة إلى ثلاث، فهي في القياس طالق واحدة؛ لأن التي بين الأولى والثالثة واحدة. ولكنا ندع القياس في هذا، وأجعلها اثنتين. وهو قول أبي حنيفة. وإذا قال لها: أنت طالق ما بين واحدة إلى أخرى، فهي طالق واحدة. فإن كان ينوي في الباب الأول واحدة فهو كذلك فيما بينه وبين الله تعالى، ولكني لا أديّنه في القضاء. وإذا قال: أنت طالق من واحدة إلى ثلاث، فهي طالق اثنتين في القضاء، وأما فيما بينه وبين الله تعالى إن كان ينوي واحدة فواحدة. وهي في المدخول بها وغير المدخول بها سواء. وهو قول أبي حنيفة وقياسه. وأما في قول محمد وأبي يوسف فيقع في هذا كله أكثر الذي تكلم به من الطلاق. وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق واحدة أو لا شيء، فهي طالق

واحدة يملك الرجعة في قول محمد وفي قول أبي يوسف الأول. ثم رجع أبو يوسف وقال: لا يقع عليها شيء. وإذا قال: أنت طالق أو غير طالق، فهي غير طالق كما قال. وإذا قال: أنت طالق ثلاثاً [أو لا شيء] (¬1) فهي طالق واحدة يملك الرجعة في قول محمد وفي قول أبي يوسف الأول. وأما في قول أبي يوسف الآخر إذا قال: أنت طالق أو لا شيء، فهي غير طالق. وإذا قال: أنت طالق أو لا، فليست بطالق. ألا ترى أنه لو قال لعبده: أنت حر أو عبد، أو قال: أنت حر أو غير حر، أو قال: أنت حر أو لا، كان هذا كله باباً واحداً، لا يعتق فيه. وكذلك هذا في الطلاق. وإذا قال: أنت طالق واحدة في اثنتين، وقد دخل بها فهذا كلام له وجهان. فإن كان ينوي واحدة واثنتين فهي ثلاث. وإن كان ينوي واحدة في اثنتين على الحساب فهي واحدة. وإن قال: أنت طالق اثنتين في اثنتين، ينوي اثنتين واثنتين فهي أربع، يقع عليها من ذلك ثلاث. وإن كان ينوي اثنتين في اثنتين على وجه حساب الضرب فإنما هي اثنتان، ولا أوقع الطلاق على وجه حساب الضرب، ولكني أبطله. ولو أجزت ذلك كانت أربعاً. وإنما مثل هذا عندنا كمثل رجل قال (¬2): لفلان علي عشرة دراهم في عشرة دراهم. فإن كان نوى عشرة وعشرة فهي عشرون. وإن كان ينوي مائة على وجه حساب الضرب فإنما هي عشرة، ولا يلزمه مائة. وإن كان إنما ينوي عشرة فهي عشرة. وإن لم تكن له نية وجحد فإنما عليه عشرة دراهم. وكذلك الطلاق، وإذا جحد فهي اثنتان. وإن قال: نويت اثنتين في اثنتين على وجه حساب الضرب، لا يكون أبداً إلا اثنتين، إلا أن يقول: نويت اثنتين واثنتين، فتكون ثلاثاً. ألا ترى أن رجلاً لو قال لرجل: لك علي درهم في دينار، لم يكن عليه إلا درهم. ولو قال: لك علي كر حنطة في كر شعبر، لم يكن عليه إلا كر حنطة في كل وجه، جحد أو نوى، ما خلا خصلة واحدة. أن يقول: نويت كر حنطة وكر شعير، أو يقول: نويت ديناراً ¬

_ (¬1) الزيادة من الكافي، 1/ 73 ظ؛ والمبسوط، 6/ 136. (¬2) ش: قال رجل.

ودرهماً، أو يقول: نويت عشرة وعشرة، فيكون ذلك كله عليه. ولا بد للقاضي أن يحلفه بالله ما أراد الإقرار بذلك كله. فإن حلف لزمه الأول. وإن لم يحلف لزماه جميعاً. وإن قال ولم يدخل بها: أنت طالق اثنتين في اثنتين، وهو يريد أربعاً كقوله: اثنتين واثنتين، فقد بانت بالاثنتين الأوليين، والأخريان باطل. وإذا قال (¬1) الرجل لامرأته: أنت طالق ثلاثاً وفلانة أو فلانة (¬2)، فإن الأولى طالق، والتخيير في الاثنتين الأخراوين، ويوقع الطلاق على أيتهما شاء ثلاثاً، ويمسك الأخرى. ألا ترى أنه لو قال: أنت طالق ثلاثاً، وقد استقرضت من فلان ألف درهم أو من فلان، كان الطلاق واقعاً عليها، وكان في الألف مخيراً، يقر به لأيهما شاء، ويحلف للآخر ما استقرض منه شيئاً. وإذا قال: قتلت فلاناً أمس، واشتريت من فلان أمس ثوباً أو عبداً، كان القتل له لازماً قد أقر به، ليس فيه مَثْنَوِيّة (¬3)، فكذلك الطلاق. ولو قال: فلانة طالق ثلاثاً أو فلانة وفلانة، كانت الآخرة طالقا ثلاثاً، وكان التخيير في الأولى والثانية، يوقع الطلاق على أيتهما شاء، ويمسك الأخرى. وإذا قال: فلانة طالق ثلاثاً وفلانة معها، وقع على كل واحدة منهما ثلاث تطليقات. وإن قال: إنما نويت بقولي أن فلانة معها شاهدة ذلك، فإنه لا يصدق في القضاء، ولكنه يصدق (¬4) فيما بينه وبين الله تعالى. وإذا قال: فلانة طالق ثلاثاً، ثم قال: قد أشركت فلانة معها في الطلاق، فإنه يقع على الأخرى ثلاث أيضاً؛ لأنها قد شركتها في كل واحدة. ألا ترى أنه لو قال: أنت طالق واحدة، ثم أشرك هذه معها كانت هذه طالقاً واحدة معها، وليس هذا مثل قوله لامرأتين: بينكما ثلاث تطليقات، ينوي أن الثلاث بينهما، فتكون كل واحدة طالقاً اثنتين. والباب ¬

_ (¬1) م + وإذا قال. (¬2) ش - أو فلانة. (¬3) أي: ليس فيه رجوع. انظر: لسان العرب، "ثني". (¬4) م: مصدق.

الأول لا يستطيع أن ينقل عن الأولى الثلاث التي قد ألزمها. فقد أشرك هذه في كل واحدة منهن. وهو بمنزلة رجل قال لامرأتين له: بينكما ثلاث تطليقات، ينوي أن كل واحدة من الطلاق بينكما، فكل واحدة طالق ثلاثاً كما نوى. وإن لم تكن له نية كانت كل واحدة طالقاً اثنتين. وإذا قال الرجل لامرأتين له: أنتما طالقان ثلاثاً، وهو ينوي أن الثلاث بينهما لكل واحدة واحدة ونصف، فإنه لا يدين في القضاء، وكل واحدة في القضاء طالق ثلاثاً، ولكنه يدين فيما بينه وبين الله تعالى، فتكون كل واحدة طالقاً اثنتين. وإن لم تكن له نية فكل واحدة طالق ثلاثاً في القضاء وفيما بينه وبين الله تعالى. وكذلك لو قال لأربع نسوة: أنتن طوالق ثلاثاً، كانت كل واحدة منهن طالقاً ثلاثاً في القضاء. وإن نوى أن الثلاث بينهن كان ذلك فيما بينه وبين الله تعالى كما نوى، كل واحدة طالق واحدة. فإن لم تكن له نية فكل واحدة (¬1) طالق ثلاثاً فيما بينه وبين الله تعالى وفي القضاء. وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق نصف تطليقة، فهي واحدة كاملة. وكل شيء سماه من الطلاق من نصف أو ثلث أو ربع أو أقل من ذلك أو أكثر فإنها طالق واحدة كاملة. وإذا قال: أنت طالق نصفي تطليقة، فهي تطليقة واحدة كاملة (¬2). وإذا قال: أنت طالق نصف تطليقة وثلث تطليقة وربع تطليقة، وقد دخل بها فهي طالق ثلاثاً. ولو قال لها: أنت طالق واحدة إلا نصف واحدة، كانت طالقاً واحدة كاملة، والنصف في الاستثناء ليس بشيء. وإذا قال: أنت طالق نصف تطليقة وثلثها وسدسها، فهي طالق واحدة فيما بينه وبين الله تعالى وفي القضاء. وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق ثلاثاً إن لم تصنعي كذا (¬3) وكذا، لعمل (¬4) يعلم أنها لا تصنع أبداً فإن الطلاق واقع عليها ساعة تكلم، من ¬

_ (¬1) ينتهي هنا السقط الموجود في نسخة ز. (¬2) ش - وإذا قال أنت طالق نصفي تطليقة فهي تطليقة واحدة كاملة. (¬3) ز: كذلك. (¬4) ز: ولعمل.

نحو قوله: أنت طالق إن لم تمسي السماء بيدك، وأنت طالق إن لم تحولي هذا الحجر ذهباً، وأشباه ذلك من الكلام المحال الذي لا يكون ولا يستطاع، فهي في ذلك طالق ساعة تكلم بالطلاق. ولو وقّت لذلك وقتاً وضرب لذلك أجلاً فقال: أنت طالق إن لم تمسي السماء اليوم أو في هذا الشهر، كانت امرأته على حالها حتى يذهب ذلك اليوم وذلك الشهر، ثم (¬1) يقع الطلاق عليها مع ذهاب ذلك الوقت، ولا يكون هذا أشد من قوله: أنت طالق إذا ذهب هذا الشهر، وأنت طالق إذا ذهب هذا اليوم. وإذا قال الرجل (¬2) لامرأته: يا مطلقة، كانت طالقاً (¬3) واحدة في القضاء وفيما بينه وبين الله تعالى. فإن كان لها زوج قبله قد طلقها فإنه يدين في ذلك، فإن عنى ذلك وسعه ذلك فيما بينه وبين الله تعالى ودين في القضاء. ولو قال لها: قد طلقتك واحدة أمس، وهو كاذب، كانت في القضاء طالقاً (¬4)، وأما فيما بينه وبين الله تعالى فهي امرأته. ولو قال لها: يا بائن أو يا حرام، أو شبه ذلك من الكلام مما يشبه الطلاق وتقع (¬5) به الفرقة وهو يريد بذلك أن يسميها تسمية ولا ينوي الطلاق كانت امرأته، ولم يقع عليها شيء في القضاء ولا فيما بينه وبين الله تعالى. وإن نوى بهذا الكلام طلاقاً (¬6) فهو كما وصفت لك. وإن نوى واحدة فواحدة بائنة. وإن نوى ثلاثاً (¬7) فثلاث. وإن لم ينو الطلاق لم يقع عليها شيء من الطلاق. وإذا قال لها: يا مطلقة، يريد أن يسميها بذلك لا يريد الطلاق بذلك وسعه فيما بينه وبين الله تعالى. وأما في القضاء فهي طالق. فهذا مثل قول الرجل لعبده: يا حر، يريد أن يسميه (¬8) بذلك، فهو في القضاء حر، وأما فيما بينه وبين الله تعالى فليس بحر. ¬

_ (¬1) م ش ز: يوم. والتصحيح من الكافي، 1/ 74 و. (¬2) م ز - الرجل. (¬3) ز: طالق. (¬4) ز: طالق. (¬5) ز: ويقع. (¬6) ز: طلاق. (¬7) ز: ثلث. (¬8) ز: يريد تسمية.

وإذا قال الرجل لامرأته: هذه أختي، فهو صادق، وهي أخته في دينه، ولا يقع بهذا التحريم. وكذلك إذا قال لمملوكه: هذا أخي، فهو صادق، وهو أخوه، ولا يكون حراً. وإذا قال الرجل لامرأته: هذه أمي أو ابنتي من نسب أو رضاع، أو قال: هي عمتي أو خالتي أو ذو (¬1) رحم محرم مني من نسب أو رضاع، فإنه يسأل عن ذلك، فإن تَمَّ عليه فرق بينهما. وإن قال: إنما كذبت أو مزحت، فإنها امرأته. وكذلك إذا قال لها: يا أُمَّه (¬2) أو يا بنته أو يا عمة أو يا خالة أو يا أخته (¬3) أو يا جدة، كان هذا باطلاً، لا يقع عليها به فرقة. وإذا قال الرجل لامرأته: قد وهبت لك طلاقك، ولا نية له فإنها طالق في القضاء. وإن كان ينوي بذلك أن يكون الطلاق في يديها فإنه لا يصدق في القضاء وهي طالق. وأما فيما بينه وبين الله تعالى فهو كما نوى، إن طلقت نفسها في ذلك المجلس وقع عليها الطلاق، وإلا فهي امرأته. وإذا قال الرجل [الآخر] (¬4): أخبر امرأتي بطلاقها، أو احمل إليها طلاقها، أو بشرها بطلاقها (¬5)، فهذا كله باب واحد، وهي طالق ساعة تكلم بذلك الزوج، إن بلغها الرجل ذلك أو لم يبلغها. وكذلك لو قال: (¬6) أخبرها أنها طالق، أو قال: قل لها: إنها طالق. وكذلك العتق، لو قال الرجل لعبده: قد وهبت لك عتقك، أو قال: قد تصدقت عليك عتقك، كان حراً. وإذا أراد الرجل أن يطلق امرأته فقالت (¬7): لا تطلقني، هب لي طلاقي، تعني (¬8) بذلك أَنْ أَعْرِضْ عنه، فقال لها: قد وهبت لك طلاقك، يريد بذلك أن لا أطلقك، فهي امرأته، ولا يقع عليها الطلاق - لأن هذا ¬

_ (¬1) ز: أو ذا. (¬2) ز: يا أمة. (¬3) م ش: يا خته؛ ز: يا خية. (¬4) الزيادة من الكافي، 1/ 74 و؛ والمبسوط، 6/ 141. (¬5) ز - أو بشرها بطلاقها. (¬6) ز - قال. (¬7) ز: فقال. (¬8) ز: يعني.

جواب الكلام - في القضاء وفيما بينه وبين الله تعالى. وإذا قال الرجل لامرأته: قد أعرضت عن طلاقك، أو قد صفحت عن طلاقك، يريد بذلك الطلاق فإن الطلاق لا يقع. ولو قال: قد تركت طلاقك، أو قد خليت طلاقك، أو قد خليت سبيل طلاقك، وهو يريد بذلك الطلاق فهي طالق؛ لأن هذا يشبه الفرقة. وإن لم ينو الطلاق فليس بشيء. وإذا قال الرجل لامرأته وقد دخل بها: أنت طالق كل يوم، ينوي (¬1) بذلك ثلاثاً فهو كما نوى، ويقع عليها كل يوم واحدة. وإذا قال لها: أنت طالق اليوم وغداً وبعد غد، ينوي بذلك ثلاثاً فهو كما نوى، وهي كل يوم طالق واحدة حتى تستكمل (¬2) ثلاث تطليقات في اليوم الثالث، وهي طالق ثلاثاً لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره [و] يدخل بها. وإذا قال لها: أنت طالق ما لا يجوز عليك من الطلاق، أو ما لا يقع عليك من الطلاق، فهي طالق واحدة. وكذلك إذا قال لها: أنت طالق ثلاثاً لا يقعن عليك، أو ثلاثاً لا تجوز (¬3) عليك، فهي طالق ثلاثاً، وقوله هذا باطل لا يجوز. وكذلك إذا قال لها: أنت طالق ثلاثاً وأنا بالخيار ثلاثة أيام، فالطلاق واقع عليها، والشرط باطل. ألا ترى (¬4) أنه لو قال لأمته: أنت حرة على أني بالخيار، كانت حرة، وكان شرطه باطلاً. ولو قال لها: أنت حرة عتاقة لا تجوز (¬5) عليك، أو لا تقع (¬6) عليك، كانت حرة، وكان شرطه باطلاً. وإذا قال الرجل لامرأته: اذهبي فتزوجي، فإن ذلك ليس بشيء إلا أن يكون نوى طلاقاً. فإن نوى طلاقاً فهو طلاق. وإن نوى ثلاثاً فهي ثلاث. ¬

_ (¬1) ز - ينوي. (¬2) ز: يستكمل. (¬3) ز: لا يجوز. (¬4) ز: يرى. (¬5) ز: لا يجوز. (¬6) ز: لا يقع.

باب طلاق الأخرس

وإن نوى واحدة فواحدة بائنة. قال: بلغنا ذلك عن إبراهيم النخعي (¬1). قال: وبلغنا أيضاً عن إبراهيم أنه قال: من طلق نصف واحدة فهي واحدة كاملة، ومن طلق واحدة ونصفاً (¬2) فهي اثنتان (¬3)، ومن طلق اثنتين ونصفاً (¬4) فهي ثلاثة (¬5). قال: وبلغنا ذلك عن عامر الشعبي وعن عمر بن عبدالعزيز نحوه (¬6). وهو قول أبي حنيفة الذي يأخذ به (¬7). وهو قول أبي يوسف ومحمد. ... باب طلاق الأخرس وإذا طلق الأخرس امرأته في كتاب وهو يكتب فإنه يجوز عليه من ذلك ما يجوز على الصحيح في كتابه. وكذلك العتاق والنكاح. وإن كتب الصحيح ذلك في الأرض لم يجز عليه إلا أن ينوي به الطلاق. فإن نوى به الطلاق جاز عليه إذا كتب كتاباً يستبين. وإذا كتب كتاباً في الأرض ولا يستبين أو في غير الأرض أو في حائط ونوى بذلك الطلاق فإن ذلك باطل لا يجوز. وكذلك الأخرس. وإنما يعرف (¬8) ذلك من الأخرس إن سئل بكتاب فيجيبه (¬9) بكتاب (¬10). ولو كتب الصحيح إلى امرأته في صحيفة بطلاقها ثم جحد الكتاب ¬

_ (¬1) عن إبراهيم قال: إذا قال لامرأته: اذهبي فانكحي، ليس بشيء، إلا أن يكون نوى طلاقاً فهي واحدة، وهو أحق بها. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 6/ 366. (¬2) ز: ونصف. (¬3) ز: اثنتين. (¬4) ز: ونصف. (¬5) ش ز: ثلاثاً. (¬6) روي عن الشعبي أنه قال: إذا طلق الرجل بعض تطليقة، قال: ليس فيه كسور، هي تطليقة تامة. وقاله عمر بن عبدالعزيز. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 6/ 373. (¬7) ش - به. (¬8) ز: يعرفه. (¬9) ز: فيحسه (مهملة). (¬10) م ز: بكتابه.

باب الشهادة في الطلاق

وقامت عليه البينة أنه كتبه بيده فرق بينهما في القضاء. وفيما بينه وبين الله تعالى إن كان لم يكتبه أو كتبه ولم ينو به الطلاق فهي امرأته. وكذلك الأخرس. فإن كان الأخرس لا يكتب وكانت له إشارة تعرف في طلاقه ونكاحه وشرائه وبيعه وكان (¬1) ذلك منه معروفاً (¬2) فهو جائز عليه. وإن لم يعرف ذلك أو شك فيه فهو باطل. وهذا كله ليس بقياس. إنما هو استحسان. والقياس في هذا كله باطل (¬3)، لا يجوز طلاقه ولا نكاحه ولا شراؤه ولا بيعه؛ لأنه لا يتكلم. ... باب الشهادة في الطلاق وإذا كان لرجل امرأتان (¬4) فشهد عليه شاهدان أنه طلق إحداهما وسماها بعينها غير أنهما لا يعرفان أيتهما هي والاسم قد نسياه فشهادتهما باطل لا تجوز (¬5). ولو لم يشهدهما على هذا ولكنه أشهدهما على (¬6) أن إحدى امرأتيه طالق ثلاثاً ولم يسم لهما شيئاً فشهدا بذلك وهو يجحد كان هذا والباب الأول سواء، لا يجوز شيء منها حتى يبينا الشهادة على التي طلق بعينها في القياس. ولكنا نستحسن أن نجيزه، ويجبر (¬7) على أن يوقع ذلك الطلاق على إحداهما. ولو أقر الزوج عند القاضي أنه طلق إحداهما ثلاثاً ولم يسمها للقاضي (¬8) فإن القاضي ينبغي له أن لا يدعه (¬9) حتى يبين أيهما عنى بالطلاق، وليس الشهادة في هذا كعلم القاضي بنفسه. ألا ترى أن ¬

_ (¬1) م ز: فان. (¬2) ز: معروف. (¬3) ش - وهذا كله ليس بقياس إنما هو استحسان والقياس في هذا كله باطل. (¬4) ز: امرأتين. (¬5) ز: لا يجوز. (¬6) ش ز - على. (¬7) ز: ونجيز. (¬8) ش: القاضي. (¬9) ز: يدعة.

القاضي علم أن (¬1) إحداهما حرام عليه. وأما الشهود حين شهدوا لم يبينوا (¬2) الشهادة. ولو أخذ القاضي بشهادتهم وجعل ذلك كالإقرار عنده- استحسن ذلك وترك القياس فيه - كان حسناً، ولم يكن هذا بأقبح من إبطال الشهادة. وبالاستحسان كان يأخذ (¬3) محمد. وإذا شهد الرجل أن فلانة بنت فلان طالق ثلاثاً وسمى امرأته ونسبها فقيل له: من عنيت؟ فقال: إنما عنيت بذلك امرأة أخرى، لامرأة ليست له بامرأة واسمها (¬4) ونسبها على ذلك الاسم والنسب فإنه لا يصدق، ولا يقبل ذلك منه، والطلاق واقع على امرأته في القضاء. وأما فيما بينه وبين الله تعالى فإنه مصدق، ولا يسع امرأته أن تقيم (¬5) معه إذا سمعت هذه المقالة وعلمت به. وإذا قال: هذه المرأة التي نويتها امرأتي أيضاً واسمها واسم أبيها واحد، فإنه لا يصدق أنها امرأته إلا أن تقر (¬6) بذلك. فإن أقرت بذلك فإنها امرأته، والطلاق واقع عليها كما قال، ولا يصدق على الأخرى، وهي طالق إلا أن (¬7) يشهد الشهود أنه تزوج هذه قبل أن يطلق امرأته التي سماها ونسبها، أو تكون أقرت هذه الأخرى بالنكاح وصدقها قبل أن يطلق امرأته الأولى، فيقع الطلاق على الآخرة ولا يقع على الأولى. وإذا قال: فلانة طالق، وشهد على ذلك شهود وامرأته اسمها فلانة على اسمها والزوج يجحد الطلاق فإن الطلاق واقع عليها. وكذلك لو قال: فلانة حرة، فوافق ذلك اسم خادم له. وليس هذا كالذي قال: لفلان علي أل ف درهم، ولفلان علي مائة دينار، أو أقر بغير ذلك من الحقوق فجاء فلان يطلب فقال: أنا الذي أقر لي، لم يجز الإقرار عليه إذا لم يشهد عليه شهود بإقراره أنه عنى هذا. وكذلك لو قال: لفلان ابن فلان علي ألف درهم، فهو باطل حتى ينسبه إلى فخذه أو يراه الشهود فيقولون: هو هذا. ¬

_ (¬1) ز - أن. (¬2) م ز: لم يثبتوا. (¬3) م ش: ان يأخذ؛ ز: ان نأخذ. (¬4) ش - واسمها. (¬5) ز: أن يقيم. (¬6) ز: أن يقر. (¬7) ز - أن.

والعتاق والطلاق ليس مثل هذا. إذا وقع الطلاق على اسم فوافق اسم امرأته أو وقع العتق على اسم فوافق اسم مملوكه غير أنهم يقولون: قد طلق فلانة وأعتق فلاناً، فإن الطلاق واقع عليها (¬1)، والعتق واقع عليه إذا قامت البينة أنها فلانة أو عرفها القاضي أو أقر الزوج أن اسمها فلانة. وكذلك العبد في العتق. وإذا شهدوا أنه أعتق فلاناً (¬2) وطلق فلانة فقالت امرأته: ما طلقني، وقال الزوج: ليس اسمها (¬3) فلانة، فشهد الشهود أن اسمها فلانة والطلاق ثلاث، فإنه ينبغي للقاضي أن يفرق بينهما ولا يدعها معه على النكاح. وكذلك العتق. ألا ترى أنهم لو شهدوا أنها أمه أو أخته من الرضاعة أو من النسب والزوج والمرأة ينكران (¬4) ذلك فرق بينهما، ولم ننظر في ذلك إلى قول الزوج والمرأة. وإذا كان ذلك في العبد فقال: لست أنا فلاناً، أو قال: لم يعتقني، فإنه لا يعتق في قول أبي حنيفة، ويعتق في قول أبي يوسف ومحمد. ولو كانت أمة مكان العبد وشهدت الشهود أنه أعتقها وسموها باسمها فقالت: لم يعتقني، أعتقها ولم أدعها معه، وليس الفرج في هذا كغيره. وإذا شهد شاهدان أنه طلق امرأته ثلاثاً وجحد الزوج والمرأة فإنه يفرق بينهما، ولا ينظر في ذلك إلى قول الزوج والمرأة. وإذا كانت له امرأتان إحداهما نكاحها صحيح والأخرى نكاحها فاسد واسمهما واحد فقال: فلانة طالق، ثم قال: عنيت التي نكاحها فاسد، فإن القول قول الزوج فيما بينه وبين الله تعالى. وإذا نظر إلى امرأته وإلى امرأة أخرى فقال: إحداكما طالق، ثم قال: لم أعن (¬5) امرأتي، فالقول قوله في القضاء وفيما بينه وبين الله ¬

_ (¬1) ش: عليه. (¬2) ز: فلان. (¬3) ش: امها. (¬4) ز: ينكرون. (¬5) ز: أعني.

تعالى. وكذلك العتق. وكذلك لو كان له عبدان في يديه، أحدهما قد اشتراه شراء صحيحاً، والآخر شراء فاسداً، واسمهما واحد (¬1)، فقال: فلان حر، أو أحدكما حر، أو أحد عبدي حر، فأيهما ما قال: عنيت، فهو حر، والقول قوله، وهو مصدق في القضاء وفيما بينه وبين الله تعالى. وإذا قال: فلانة طالق، ثم جاء بامرأة على اسم امرأته فقال: هذه امرأتي تزوجتها قبل الطلاق، وصدقته امرأته هذه المعروفة، وصدقته هذه الأخرى، وشهدت الشهود بذلك أنه طلق هذه التي اسمها على اسم امرأته، فالقول قوله، ولا يقع الطلاق على امرأته المعروفة. [وإن قال: فلانة بنت فلان طالق، فسمى امرأته] (¬2) ونسبها إلى غير أبيها فأقر بذلك الزوج أو جحد وشهد الشهود فإن الطلاق لا يقع عليها. ألا ترى (¬3) أنه لو قال: فلانة الهمدانية، وامرأته على ذلك الاسم من بني تميم لم يقع عليها الطلاق. أرأيت لو قال: (¬4) فلانة العمياء طالق، وامرأته صحيحة العينين أكانت طالقاً. وإن نوى امرأته بهذا كله وقع عليها الطلاق. وإن كان اسم امرأته زينب فقال: فلانة طالق، يعني امرأته وإنما قال: فلانة، ولم يسمها فإن الطلاق واقع عليها. وإن لم يعنها لم يقع عليها الطلاق. وإذا شهد شاهد على تطليقتين وشهد الآخر على ثلاث والزوج يجحد ذلك فإنه لا يجوز عليه شيء من هذا؛ لأن الشهود قد اختلفوا في الطلاق. وهو قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر، قول أبي يوسف ومحمد: إنها تكون طالقاً (¬5) اثنتين؛ لأن الذي سمى ثلاثاً قد شهد على اثنتين، والذي شهد على اثنتين قد شهد على واحدة. وهو قول أبي يوسف ومحمد. ¬

_ (¬1) ز - واحد. (¬2) الزيادة من الكافي، 1/ 75 و؛ والمبسوط، 6/ 147. (¬3) ز: يرى. (¬4) ش - فلانة الهمدانية وامرأته على ذلك الاسم من بني تميم لم يقع عليها الطلاق أرأيت لو قال. (¬5) ز: يكون طالق.

وإذا شهد شاهد أنه قد طلقها إن دخلت الدار وأنها قد دخلت الدار، وشهد الآخر أنه قد طلقها إن كلمت فلاناً وأنها قد كلمته، فشهادتهما باطل؛ لأنهما قد اختلفا؛ لأن كل واحد منهما قد أوقع الطلاق بما (¬1) لم يوقعه به صاحبه. وإذا شهد أحدهما أنه طلقها ثلاثاً وشهد آخر أنه قال: أنت علي حرام، ينوي الطلاق، كانت شهادتهما باطلاً لا تجوز؛ (¬2) لأنهما قد اختلفا. وكذلك لو شهد أحدهما بخلية وشهد الآخر ببرية أو شهد الآخر ببائن (¬3) كان هذا باطلاً كله لا يجوز. ولو شهد أحدهما أنه قال: إن دخلت فلانة وفلانة الدار فهما طالقان، وشهد الآخر أنه قال: إن دخلت فلانة الدار فهي طالق، وقد دخلتا جميعاً كانت شهادتهما باطلاً لا تجوز (¬4)؛ لأنهما قد اختلفا. ألا ترى (¬5) أن كل واحد منهما أوقع الطلاق بغير ما أوقع به صاحبه. أرأيت لو شهد أحدهما أنه قال: إن دخل الزوج دار فلان ودار فلان ففلانة طالق، وشهد أنه قد دخل الدارين جميعاً، وشهد آخر أنه قال: إن دخلت دار فلان فأنت طالق، وأنه قد دخلها، أما كان هذا باطلاً. فهذا لا يجوز. وكذلك لو شهد أحدهما أنه طلقها إن دخلت دار فلان وأنها قد دخلت، وشهد الآخر أنه قد طلقها بغير شيء، كانت شهادتهما باطلاً (¬6). وإذا شهد شاهد أنه قال: إن دخلت فلانة الدار فهي طالق وفلانة طالق معها، وشهد آخر أنه قال: إن دخلت فلانة الدار فهي طالق وحدها، وقد دخلت، ففلانة طالق وحدها؛ لأنهما قد اتفقا فيما وقع به الطلاق على واحدة، وإنما زاد الآخر طلاق امرأة أخرى. وإذا شهد أحدهما أنه طلقها على ألف درهم، وشهد الآخر أنه طلقها على عبد، والزوج يجحد، فالشهادة باطل؛ لأنهما قد اختلفا في الشهادة. ¬

_ (¬1) م ش ز: ما. (¬2) ز: باطل لا يجوز. (¬3) م ز: الآخر به ابن؛ ش: الآخر اى، ش هـ: ط. أي يوجد سقط. (¬4) ز: لا يجوز. (¬5) ز: يرى. (¬6) ز: باطل.

وإذا شهد شاهد على شهادة شاهد بالطلاق، وشهد آخر على شهادة نفسه، فلا يجوز ذلك حتى يشهد شاهدان على شهادة شاهد فيجوز ذلك، وإلا فإنه لا يجوز. وإذا شهد رجل وامرأة على طلاق فإنه لا يجوز حتى يشهد رجل وامرأتان. بلغنا عن عمر بن الخطاب أنه أجاز شهادة رجل وامرأتين في نكاح (¬1). فالطلاق عندنا بمنزلة النكاح، تجوز (¬2) فيه شهادة رجل وامرأتين إذا كانوا عدولاً. ولا يجوز أقل من ذلك. وكذلك لو شهد أربع نسوة على طلاق ليس معهن رجل فإنه لا يجوز. ولا تجوز (¬3) شهادة الولد على طلاق أمه إن ادعت أمه (¬4) إذا طلقها أبوه أو غيره. وكذلك لا تجوز (¬5) شهادته على طلاق ابنته إذا ادعت ذلك. بلغنا عن شريح أنه قال: لا تجوز (¬6) شهادة الولد لوالده (¬7). وشهادة الأب على طلاق ابنه إذا كان آخر معه جائزة. وإنما جازت شهادة الأب على ابنه لأنها عليه. وكذلك شهادة الولد على الوالد (¬8) بالطلاق إذا لم تكن (¬9) لأمه أو لضرتها فإنها تجوز. ولا تجوز شهادة الأعمى في الطلاق ولا المحدود فى قذف ولا العبد ولا الصبي ولا المكاتب ولا المدبر ولا أم الولد ولا العبد يعتق بعضه وهو يسعى في بعض قيمته في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فشهادة الذي عتق بعضه جائزة؛ لأنه حر كله. ¬

_ (¬1) رواه المؤلف بإسناده في كتاب النكاح. انظر: 7/ 133 ظ. وانظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 331؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 516. (¬2) ز: يجوز. (¬3) ز - ولا تجوز. (¬4) ز - إن ادعت أمه. (¬5) ز: لا يجوز. (¬6) ز: لا يجوز. (¬7) م: لولده. ـ المصنف لعبد الرزاق، 8/ 344؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 531. (¬8) ش: على الولد. (¬9) ز: لم يكن.

والذمي لا تجوز (¬1) شهادته في الطلاق على المسلمين. وشهادة أهل الذمة بعضهم على بعض جائزة وإن اختلفت مللهم؛ لأن الكفر كله ملة واحدة، عابد الحجر وعابد الوثن وعابد النار سواء في الكفر. وإذا أسلمت المرأة وزوجها كافر فشهد شاهدان من أهل الكفر قبل أن يعرض الإسلام على الزوج أنه طلقها ثلاثاً فشهادتهما جائزة. فإذا كان الزوج مسلماً (¬2) والمرأة كافرة فشهد رجلان من أهل الكفر أنه طلقها فشهادتهما باطلة (¬3). ولا تجوز شهادة الأم والجدة والابنة في شيء من الطلاق إذا ادعت المرأة ذلك. وإذا زوج رجل أخته ثم شهد هو وآخر أن الزوج طلقها فإن شهادتهما (¬4) جائزة على أخته؛ من قبل أن الطلاق شيء حدث بعد النكاح. ولو شهد هو وآخر على أصل النكاح أن المرأة قد أجازت ذلك لم تجز شهادتهما؛ لأنه هو الذي زوج. وكذلك لو كانت غير أخته إذا كان هو الذي زوج. وإذا (¬5) شهد شاهدان على رجل بالطلاق قبل أن يدخل الزوج فغرم (¬6) الزوج نصف المهر، ثم رجع أحد الشاهدين فإن عليه ربع المهر، فإن رجعا جميعاً فعليهما (¬7) نصف المهر. وإذا شهد رجل وامرأتان على الطلاق قبل أن يدخل بها ثم رجعت امرأة فعليها ثمن المهر. فإن رجعوا جميعاً كان على المرأتين ربع المهر وعلى الرجل الربع. وإن كان رجلان وامرأتان فرجع رجل وامرأة فعليهما ثمن المهر، على الرجل من ذلك ثلثاه، وعلى المرأة ثلثه. فإن رجعوا جميعاً ¬

_ (¬1) ز: لا يجوز. (¬2) ز: مسلم. (¬3) ز: باطل. (¬4) ز: شهادتهم. (¬5) ز: فإذا. (¬6) م ش ز: يغرم (مهملة). (¬7) ش ز: فعليها.

كان على المرأتين السدس وعلى الرجلين السدسان. وإن شهد أربع نفر اثنان (¬1) بالدخول وشهد اثنان (¬2) بالطلاق وفرق القاضي بينهما وألزم الزوج المهر ثم رجع شاهدا (¬3) الطلاق فلا شيء عليهما؛ لأنه قد بقي شاهدان على جميع المهر. وإن رجع شاهدا (¬4) الدخول ولم يرجع شاهدا (¬5) الطلاق فعلى شاهدي الدخول نصف المهر؛ لأنه قد بقي شاهدان يشهدان بنصف المهر. وإن رجع أحد شاهدي الدخول وأحد شاهدي الطلاق لم يكن على شاهد الطلاق شيء، وكان على شاهد الدخول ربع المهر؛ من قبل أن شاهد الطلاق قد بقي شاهدان (¬6) لم يرجعا يشهدان على ما شهدا به؛ (¬7) [وَ] من قبل أن شاهد الدخول لم يبق له إلا شاهد واحد (¬8). فإذا رجعوا جميعاً فعلى شاهد الدخول ثلاثة أرباع المهر، وعلى شاهدي الطلاق ربع المهر. وإذا شهد شاهد على الطلاق فسألت (¬9) المرأة القاضي أن يضعها على يدي عدل حتى تأتي بشاهدها الآخر فليس (¬10) ينبغي للقاضي أن يفعل ذلك، ولكن يدفعها إلى زوجها حتى تقيم (¬11) بقية شهودها. وإذا كان الطلاق بائناً (¬12) وادعت أن بقية شهودها بالمصر وشاهدها هذا عدل رضا فإن (¬13) أجلها ثلاثة أيام وحال بينها وبين الزوج حتى ينظر ما يصنع في شاهدها الآخر فذلك حسن. وإن لم يفعل ذلك ودفعها إلى الزوج فلا بأس بذلك. وإذا شهد شاهد على تطليقة بائنة وشهد آخر على تطليقة يملك الرجعة فشهادتهما جائزة في الواحدة؛ لأنهما قد اجتمعا عليها، وزاد صاحب البائن ¬

_ (¬1) ز: اثنتين. (¬2) ز: اثنتين. (¬3) ز: شا هد. (¬4) ز: شاهدي. (¬5) ز: شاهدي. (¬6) ز: شاهدين. (¬7) ش - من قبل أن شاهد الطلاق قد بقي شاهدين لم يرجعا يشهدان على ما شهدا به. (¬8) انظر للشرح: المبسوط، 6/ 151. (¬9) ز: سألت. (¬10) م ش ز: وليس. (¬11) ز: يقيم. (¬12) ز: بائن. (¬13) م ش ز: كان.

ما لا يجوز. وكذلك لو شهد أحدهما على تطليقة وشهد الآخر أنه طلقها واحدة وواحدة فشهادتهما جائزة في الواحدة، وليس هذا كقوله: واحدة واثنتين، في قول أبي حنيفة. وإذا شهد أحدهما أنه طلقها واحدة وشهد الآخر أنه طلقها واحدة وعشرين أو واحدة ونصفاً (¬1) وقد اتفقا على واحدة فهي جائزة، وما زاد الآخر فهو باطل. ألا ترى (¬2) أنهما قد تكلما بالواحدة جميعاً. أرأيت لو قال أحدهما: طلق عمرة، وقال الآخر: طلق عمرة وزينب، لم يكونا قد اجتمعا على زينب (¬3)، وكانت شهادتهما جائزة على عمرة، ولا تطلق زينب. وإذا شهد أحدهما بواحدة والآخر باثنتين فهذا باطل؛ لأنهما قد اختلفا، ولم يتكلم الذي شهد بالاثنتين بالواحدة، فلذلك كان باطلاً. وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد: إنها طالق واحدة. وإذا شهد أحدهما أنه طلقها واحدة وشهد الآخر أنه طلقها نصف واحدة، أو شهد أحدهما على نصف واحدة والآخر على ثلث واحدة، فهذا كله باطل لا يجوز في قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد: إنهما قد اجتمعا على واحدة. وإذا شهد أحدهما أنه قال: فلانة طالق لا بل فلانة، وشهد الآخر أنه قال: فلانة طالق، فسمى (¬4) الأولى ولم يسم الأخرى، فإن الطلاق واقع عليها؛ لأن الأولى قد سمياها جميعاً، والذي اجتمعا عليها طالق، والأخرى غير طالق. وإذا شهد شاهد على أنه قال لها: أنت طالق الطلاق كله، وشهد الآخر أنه قال: أنت طالق بعض الطلاق، ولم يسم، فقد اختلفا، ولا تجوز ¬

_ (¬1) ز: ونصف. (¬2) ز: يرى. (¬3) م: على عمرة؛ صح هـ.؛ ز: على عمرة وزينب. (¬4) ز: فسم.

شهادتهما في قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد: إنها طالق واحدة. وإذا شهد شاهد أنه قال لها: أنت طالق، وشهد الآخر أنه أقر أنه طلقها، فقد اجتمعا، والطلاق واقع عليها؛ لأن الطلاق كلام مستقبل منه، والإقرار بشيء ماض، وهو كلام. وكذلك لو شهد أحدهما أنه طلقها يوم الخميس واحدة، وشهد الآخر أنه طلقها يوم الجمعة واحدة. وكذلك لو شهد أحدهما أنه طلقها في شهر رمضان واحدة، وشهد الآخر أنه طلقها في شوال واحدة. وكذلك لو شهد أحدهما أنه طلقها بمكة عام أول واحدة، وشهد الآخر أنه طلقها بالكوفة العام واحدة. وكذلك لو شهد أحدهما أنه طلقها في الدار، وشهد الآخر أنه طلقها في البيت. فهذا كله باب واحد جائز يقع به الطلاق. وإذا شهد أحدهما أنه طلقها بمكة يوم النحر، وشهد الآخر أنه طلقها في ذلك اليوم بالكوفة، كانت شهادتهما باطلاً (¬1)؛ لأن أحدهما كاذب. ألا ترى (¬2) أنه لا يكون في يوم واحد بالكوفة وبمكة. ولكن (¬3) لو شهدا على يومين متفرقين بينهما من الأيام قدر ما يسير الراكب من الكوفة إلى مكة فشهد هذا أنه طلقها في هذا اليوم بمكة، وشهد الآخر أنه طلقها في اليوم الآخر بالكوفة، فشهادتهما جائزة، والطلاق واقع عليها. وإذا شهد شاهدان أنه طلق عمرة يوم النحر بالكوفة، وشهد شاهدان أنه طلق زينب يوم النحر بمكة، وجاء الشهود معاً جميعاً، فإن شهادتهم باطل لا تجوز على واحدة منهما. ألا ترى (¬4) أن القاضي قد علم أن أحد الفريقين شهود زور. وإذا جاءت إحدى البينتين قبل صاحبتها فأجازها القاضي ثم جاءت البينة الأخرى فإن الآخرة منهما باطل لا تجوز (¬5). ألا ترى (¬6) أنه قد أجاز الأولى وجعل الرجل في يوم النحر في ذلك المكان الذي شهدت ¬

_ (¬1) ز: باطل. (¬2) ز: يرى. (¬3) ز - ولكن. (¬4) ز: يرى. (¬5) ز: لا يجوز. (¬6) ز: يرى.

به الشهود الأولون (¬1). فإذا صدق الأولى فالآخرة (¬2) كاذبة. وكذلك هذا الباب في الأشياء كلها. وإذا قال الرجل لامرأتين: أيتكما أكلت هذا الطعام فهي طالق، فجاءت كل واحدة منهما بالبينة أنها أكلته وجاؤوا جميعاً معاً فإن شهادتهم باطل لا تجوز؛ (¬3) لأن المرأتين لا تأكل (¬4) كل واحدة منهما الطعام كله. وإن جاءت إحدى البينتين قبل الأخرى فأجازها القاضي ثم جاءت (¬5) البينة الأخرى فإن القاضي لا يلتفت إلى البينة الآخرة؛ لأنه قد أوقع الطلاق بالبينة الأولى، وجعل الأولى التي أكلته. وإذا قال الرجل لنسائه: أي امرأة منكن أكلت هذا الطعام كله فهي طالق، فأكلنه (¬6) جميعاً وشهد (¬7) الشهود بذلك فإن الطلاق لا يقع على واحدة منهن؛ لأن كل واحدة منهن لم تأكله كله. وكذلك لو لم يشهد الشهود ولكن الزوج أقر به. أرأيت لو قال: أيتكن أكلت هذه الثمرة فهي طالق، فأكلت واحدة منهن بعضها أكان يقع عليها الطلاق. فهذا والطعام سواء، ولا يقع على واحدة منهن حتى تأكلها (¬8) هي كلها. وإذا شهد رجلان أن رجلاً قال لامرأته: أنت طالق إن كلمت فلاناً وفلاناً بأنفسهما، فشهدا أنها قد كلمتهما، أو شهدا أنه قال: يوم تكلمان فلانة أنتما فهي طالق، وأنهما قد كلماها، كانت شهادتهما في ذلك باطلاً (¬9)؛ من قبل أنهما شهدا على فعل أنفسهما. ولو أن رجلين شهدا على رجل أنه أمرهما أن يزوجاه فلانة وأنهما قد فعلا، أو شهدا أنه أمرهما أن يخلعا امرأته فلانة وأنهما قد فعلا ذلك، أو شهدا أنه أمرهما أن يبتاعا له عبداً وأنهما قد فعلا ذلك، أو شهدا أنه أمرهما أن يبتاعا متاعاً وأنهما قد ¬

_ (¬1) م ز: الأوليين. (¬2) م ش ز: والآخرة. (¬3) ز: لا يجوز. (¬4) ز: لا يأكل. (¬5) ش: ثم اجارت. (¬6) م ز: فأكلته. (¬7) ز: وشهدت. (¬8) ز: يأكلها. (¬9) ز: باطل.

باب طلاق المريض

فعلا، كان هذا كله باطلاً (¬1) لا يجوز، وليس لهم في هذا منفعة، وليس عليهم في بعض هذا ضرر. وكذلك لو شهدا أنه ولى ذلك أباهما أو ولدهما أو مملوكاً لهما إذا كان المشهود عليه الأمر يجحد ذلك وهما يدعيانه. فإن أقر بذلك وادعاه وجحد المشتري والبائع والمرأة المتزوجة والمختلعة لم تجز (¬2) شهادتهما أيضاً على ذلك. وأما الطلاق فإنه جائز عليه إذا كان الموكل يدعي ذلك. وإن جحد الوكيل ذلك مع المدعي قبله وادعاه الآمر جازت شهادتهم. ولو أقر الآمر أنه قد أمره وجحد الفعل لم تجز (¬3) شهادتهما أيضاً على ذلك في النكاح في قول أبي حنيفة. فأما الخلع والبيع والشراء ففعل الوكيل فيه جائز بغير شهود إذا كان قد أقر أنه أمره بهذا (¬4) بعينه. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فالنكاح أيضاً جائز مثل (¬5) الخلع والشراء والبيع. ... باب طلاق المريض وإذا طلق الرجل امرأته ثلاثاً وهو مريض وقد دخل بها ثم مات قبل أن تنقضي العدة فإن لها الميراث منه. بلغنا ذلك عن شريح وعن إبراهيم (¬6). وبلغنا عن عمر (¬7). وكذلك إذا طلقها واحدة بائنة. وإذا مات بعد انقضاء العدة فلا ميراث لها. ألا ترى (¬8) أنها قد حلت للرجال، وحل له أن ¬

_ (¬1) ز: باطل. (¬2) ز: لم يجز. (¬3) ز: لم يجز. (¬4) ز: هذا. (¬5) ز: ميل. (¬6) عن شريح قال: إذا انقضت العدة فلا ميراث بينهما (أي: المطلق في المرض وامرأته). انظر: المصنف لعبد الرزاق، 7/ 64. وقد روى ذلك الإمام محمد بإسناده عن إبراهيم النخعي. انظر: الآثار، 83 - 84. (¬7) عن إبراهيم أن عمر بن الخطاب قال: إذا طلقها مريضاً ورثته ما كانت في العدة، ولا يرثها. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 7/ 64. (¬8) ز: يرى.

يتزوج أختها وثلاث نسوة معها في عقدة واحدة. أوَلا ترى [أنها] لو تزوجت كانت في هذا القول ترث زوجين وأكثر من ذلك أيضاً لو طلقها الثاني في مرضه وتزوجت آخر. ويدخل في هذا أيضاً قول هو أقبح من هذا. الرجل يطلق امرأته في مرضه قبل أن يدخل بها وقد سمى لها مهراً فلها نصف المهر، ولا ميراث لها، ولا عدة عليها، ولا بد للذي يورثها أن يجعل لها المهر كاملاً ويوجب عليها العدة. وقد قال الله تعالى في كتابه: {[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ] ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} (¬1)، وقال في مكان آخر في الطلاق أيضاً قبل الدخول: {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} (¬2). وإذا طلق الرجل امرأته وهي أمة أو يهودية أو نصرانية وهو مريض فأبانها بالطلاق ثم عتقت الأمة (¬3) أو أسلمت الذمية ثم مات وهي في العدة فلا ميراث لها؛ من قبل أنه طلقها يوم طلقها وليس بفار من الميراث. وإذا طلق الرجل امرأته وهو مريض طلاقاً (¬4) يملك فيه الرجعة وانقضت عدتها قبل موته فلا ميراث لها. وإذا طلقها وهو مريض طلاقاً بائناً ثم صح من مرضه ذلك ثم مات من غير ذلك المرض ولم تنقض (¬5) العدة لم يكن لها ميراث؛ لأنه قد صح. وإذا ماتت المرأة بعد الدخول قبل الزوج في جميع ما ذكرنا فلا ميراث له منها إذا كان الطلاق بائناً. وإذا كان الطلاق غير بائن فهما يتوارثان، أيهما مات في العدة فإن صاحبه يرثه. وإذا آلى الرجل من امرأته وهو مريض ووقع الطلاق وهو مريض فإنها ترثه (¬6) إذا مات (¬7) وهي في العدة. وإذا آلى منها وهو صحيح ووقع ¬

_ (¬1) سورة الأحزاب، 33/ 49. (¬2) يقول عز وجل: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (سورة البقرة: 237]. (¬3) م ز: للامة. (¬4) ز: طلاق. (¬5) ز: ينقضي. (¬6) ز: يرثه. (¬7) ز: إذا ما.

الإيلاء وهو مريض فلا ميراث لها؛ لأنه آلى وهو صحيح. وكذلك إذا قال: إذا جاء غد فأنت طالق ثلاثاً، وهو صحيح فجاء غد وهو مريض فلا ميراث لها. وكذلك إذا قال: إذا قدم فلان فأنت طالق ثلاثاً، فقال هذه المقالة وهو صحيح وقدم فلان وهو مريض فلا ميراث لها؛ لأنه قد أوقع اليمين التي يقع بها الطلاق في صحته. وإذا قال الرجل لامرأته: إن كلمت (¬1) فلاناً فأنت طالق ثلاثاً، وهو صحيح ثم مرض فكلم فلاناً فإنها ترثه إذا مات وهي في العدة؛ من قبل أن الطلاق وقع هاهنا بعمله في مرضه. ووقع في الباب الأول بعمل غيره وبما لا يملك دفعه. وإذا قال لها: إن كلمت فلاناً فأنت طالق ثلاثاً، فقال هذه المقالة في مرض أو في صحة ثم كلمته في مرضه فإن الطلاق يقع عليها. فإن كان كلام ذلك الرجل مما لا بد لها منه، ولداً أو والداً (¬2) أو جداً أو عمًّا أو أخاً أو أختاً أو خالاً أو رجلاً (¬3) بينه وبينها خصومة أو حق لا بد لها أن تكلمه في ذلك، فلها الميراث في ذلك. ألا ترى (¬4) أنه لو قال لها: أنت طالق ثلاثاً إن طلبت حقك قِبَلَ فلان، أو إن أكلت طعاماً، أو إن شربت شراباً، أو إن صليت صلاة مكتوبة، فقال هذه المقالة وهو صحيح أو (¬5) مريض وفعلت ذلك وهو مريض فإن لها الميراث إن مات وهي في العدة. وكذلك إن قال لها: إن قمت أو قعدت فأنت طالق، فهذا وذاك سواء. وكل ما لا بد لها منه مما يشبه هذا فهو مثل هذا، لها الميراث إن مات وهي في العدة. وأما إذا كان شيء لها منه بُدّ (¬6) مثل قوله: إن دخلت دار فلان، ولا حاجة لها هناك؛ وإن كلمت فلاناً، لرجل لا حق لها قِبَلَه وليس ممن ذكرنا من ذوي المحرم، فكلمته في مرض زوجها ثم مات من ذلك المرض فلم تنقض (¬7) عدتها فلا ميراث لها؛ من قبل أن الطلاق ¬

_ (¬1) ز + أنا. (¬2) م ز: وولدا. (¬3) ز: أو أخ أو أخت أو خال أو رجل. (¬4) ز: يرى. (¬5) ش - أو. (¬6) ز - بد. (¬7) ز: ينقضي.

وقع عليها من قبلها وبعملها. وكذلك لو قال لها: إن شئت فأنت طالق ثلاثاً، فشاءت أو خيرها فاختارت نفسها لم يكن لها في هذا ميراث؛ لأن الفرقة جاءت من قبلها. وكذلك لو اختلعت منه في مرضه ذلك. وكذلك إن سألته أن يطلقها ثلاثاً (¬1) أو واحدة بائنة ففعل ذلك فلا ميراث لها وإن مات وهي في العدة. وقال محمد بهذا كله إلا في خصلة واحدة: إذا كانت يمينه في الطلاق على فعل تفعله (¬2) المرأة في صحة الزوج ففعلت ذلك في مرضه فلا ميراث لها وإن كان لا بد لها منه؛ لأن الزوج تكلم بذلك وهو غير فار من الميراث. وقال محمد: إذا قال لها وهو صحيح: إن فعلت كذا وكذا فأنت طالق، ففعلت ذلك وهو مريض وهو أمر ليس لها منه بد أو لها منه بد فهو سواء، وهي طالق ثلاثاً، ولا ميراث لها منه؛ لأنه قال ذلك وهو صحيح. وهذا لا يكون أشد من قوله وهو صحيح: أنت طالق ثلاثاً رأس الشهر، فجاء رأس الشهر وهو مريض فإنها طالق ثلاثاً، ولا ميراث لها، فكذلك فعلها وإن كان لا بد لها منه. وإذا قال لها وهو مريض: إذا جاء رأس الشهر فأنت طالق ثلاثاً، فجاء رأس الشهر وهو صحيح وقع الطلاق عليها، ولا ميراث لها. وكذلك لو آلى منها وهو مريض فمضى الإيلاء وهو صحيح ثم مات فلا ميراث لها؛ لأن الطلاق وقع في صحته. وإذا قال الرجل لامرأته وهو صحيح: إذا مرضتُ فأنت طالق ثلاثاً، ثم مرض، وقع (¬3) عليها الطلاق، وكان لها الميراث إذا مات وهي في العدة. وإذا مرض الرجل فقال: قد كنت طلقت امرأتي ثلاثاً في صحتي، فإن الطلاق يقع عليها ساعة تكلم به، ولها الميراث إن مات وهي في العدة. وإذا مرض وقال في مرضه: إنه قد جامع أم امرأته أو ابنتها في صحته أو في مرضه، أو قال: بيني وبين امرأتي رضاع، أو قال: تزوجتها وهي في ¬

_ (¬1) ز - ثلاثاً. (¬2) ز: يفعله. (¬3) م ش ز: ووقع.

العدة أو بغير شهود، فقال ذلك في مرضه وقد كان دخل بها، فإن الفرقة تقع (¬1) عليها ساعة تكلم به، ولها الميراث إن مات وهي في العدة. وإذا قال الرجل لامرأته وهو مريض: أنت طالق ثلاثاً إذا صححت من مرضي هذا، ثم صح من ذلك المرض فإن الطلاق واقع عليها. فإن مرض بعد ذلك فلا ميراث لها منه إن مات وهي في العدة أو في غير العدة. وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق ثلاثاً قبل أن أقتل (¬2) بشهر، أو قبل أن أموت (¬3) بشهر (¬4) من وجع كذا وكذا، أو قبل أن أموت من الحمى، أو سمى موتاً بمرض من الأمراض، فمات من غير ذلك المرض، لم يقع عليها الطلاق، وكان لها الميراث. وإن مات من ذلك الشيء الذي سمى قبل أن يمضي الشهر فإن الطلاق أيضاً لا يقع عليها، ولها الميراث. وإذا مضى شهر من يوم قال تلك المقالة ثم مات من ذلك الشيء الذي سمى فإن الطلاق أيضاً لا يقع عليها، ولها الميراث. وإذا قال: قبل موتي بشهر ونصف، أو قبل موتي بأقل من شهرين، ولم يسم الوجع الذي يموت فيه، فإن الطلاق قد (¬5) وقع عليها قبل موته كما قال، ولها الميراث. وإذا قال لها: أنت طالق قبل موتي بشهرين أو بثلاثة أشهر أو أقل من ذلك أو أكثر، ثم عاش أقل مما سمى ثم مات، فإن الطلاق لا يقع (¬6) عليها، ولها الميراث. وإن عاش مثل ما سمى أو أكثر ثم مات فإن الطلاق قد وقع عليها قبل موته بذلك الأجل الذي سمى (¬7)، ولا ميراث لها؛ من قبل أن العدة قد تنقضي في شهرين. وكذلك لو أوقع (¬8) الطلاق عليها وهو مريض إذا كان الكلام في الصحة ومات وهي في العدة. ولو كانت صغيرة لا تحيض أو كبيرة قد يئست من المحيض فعدتها ثلاثة أشهر، وكان لها الميراث إلا أن يسمي من الأجل ثلاثة أشهر أو أكثر من ذلك قدر ما تنقضي ¬

_ (¬1) ز: يقع. (¬2) ز: أن أقبل. (¬3) ش: أن موت. (¬4) ز: شهر. (¬5) ز: وقد. (¬6) ز + لا يقع. (¬7) ز: يسمي. (¬8) م ز: لو وقع.

به العدة. وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر قول محمد: إنه إذا ذكر الموت ثم قال: قبل ذلك لسنة، ثم مات وقد مضى ذلك الأجل، كان لها الميراث، ولا يقع الطلاق عليها. وإذا قال وهو صحيح: أنت طالق (¬1) قبل موتي بشهر ثلاثاً، ثم عاش شهراً ثم مات فجأة فإن لها الميراث، ولا يضره أمرض في هذا أو لم يمرض؛ من قبل أنه قد ذكر الموت وهذا فار من الميراث. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يقع عليها الطلاق، ولها الميراث. وإذا قال وهو مريض: أنت طالق قبل موتي بسنة، ثم عاش ثم مات وقد حاضت ثلاث حيض من يوم قال ذلك المقالة إلى أن مات فلا ميراث لها. وقال أبو يوسف ومحمد: لها الميراث، ولا يقع عليها الطلاق (¬2). وإذا طلق الرجل امرأته وهو مريض واحدة بائنة ثم خطبها فتزوجها في مرضه ثم طلقها قبل أن يدخل بها فإن عليها عدة مستقبلة، ولها الميراث كاملاً، وهي ترثه إن مات وهي في العدة. ألا ترى أنه يملك الرجعة في هذا الطلاق الثاني، وأنها لو ماتت قبله وهي في العدة كان له ميراث منها. وكذلك لو طلقها في صحته طلاقاً بائناً ثم تزوجها في عدتها ثم طلقها في مرضه فإنهما يتوارثان ما دامت في العدة. ولو كان طلقها ثلاثاً في مرضه (¬3) كان لها الميراث منه إذا مات وهي في العدة، ولا ميراث له منها (¬4) إذا ماتت هي. بلغنا ذلك عن إبراهيم النخعي أنه قال: إذا طلق الرجل امرأته تطليقة بائنة ثم تزوجها في عدتها ثم طلقها قبل أن يدخل بها كان لها ¬

_ (¬1) ش - أنت طالق. (¬2) ز + ولها الميراث وإذا قال وهو مريض أنت طالق قبل موتي بسنة ثم عاش ثم مات وقد حاضت ثلاث حيض من يوم قال ذلك المقالة إلى أن مات فلا ميراث لها وقال أبو يوسف ومحمد لها الميراث ولا يقع عليها الطلاق. (¬3) ش + فإنهما يتوارثان ما دامت في العدة ولو كان طلقها ثلاثاً في مرضه. (¬4) ش: ولا ميراث لها منه.

الميراث والمهر كاملاً، وهو أملك برجعتها (¬1). وهذا قول أبي حنيفة وأبي (¬2) يوسف. وقالا: تستقبل (¬3) العدة. وقال محمد: ليس له عليها رجعة، ولها نصف المهر، وتتم (¬4) ما بقي من عدتها من الطلاق الأول. وإذا قال الرجل (¬5) لامرأته وهي أمة: أنت طالق غداً ثلاثاً، وهو مريض، وقال المولى: أنت حرة غداً، [وَ] وقع عليها الطلاق والعتق جميعاً معاً، ثم مات الزوج وهي في العدة فلا ميراث لها؛ لأنه قد طلق وليس بفار. وكذلك إذا كانت امرأته (¬6) من أهل الكتاب فقال لها: أنت طالق غداً ثلاثاً، وهو مريض ثم أسلمت قبل أن يقع الطلاق أو بعده ثم مات فلا ميراث لها. وكذلك إذا قال السيد لأمته (¬7): أنت حرة غداً، ثم قال لها الزوج: أنت طالق غداً ثلاثاً، وهو مريض، أو اليوم، لم يكن هذا فارًّا (¬8)، ولم يكن لها منه ميراث. ألا ترى أنه تكلم بالطلاق وهي أمة وهي ذمية. وإذا أسلم زوج الكافرة ثم مرض فقال لها: أنت طالق ثلاثاً، ثم أسلمت ثم مات وهي في العدة فلا ميراث لها منه؛ من قبل أنه طلقها وليس بفار. ولو قال لها: أنت طالق غداً (¬9)، ثم أسلمت من الغد لم يكن لها ميراث. ولو قال: أنت طالق ثلاثاً إذا أسلمت، ثم أسلمت كان لها الميراث إن مات وهي في العدة. وكذلك زوج الأمة إذا قال لها: أنت طالق إذا أعتقت، فأعتقها المولى فإن لها الميراث إن مات وهي في العدة. ألا ترى (¬10) أنه قد تعمد بالطلاق (¬11) بعد أن وجب لها الميراث. ولو قال لها المولى (¬12): أنت حرة غداً، وقال الزوج: أنت طالق بعد غد ثلاثاً، وهو ¬

_ (¬1) رواه محمد بإسناده، لكنه ذكر المهر ولم يذكر الميراث انظر: الآثار، 73. وانظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 125. (¬2) ز: وأبو. (¬3) ش ز: يستقبل. (¬4) ز: ويتم. (¬5) م ز: رجل. (¬6) ز: المرأته. (¬7) ش: لابنته. (¬8) ز: فار. (¬9) م ز: أنت غدا طالق. (¬10) ز: يرى. (¬11) أي: تعمد بالطلاق إسقاط حقها. (¬12) ز - المولى.

يعلم مقالة المولى، فإنه فار، ولها الميراث إن مات وهي في العدة. وإن كان لا يعلم مقالة المولى فلا ميراث لها وليس بفار. وإذا أسلم زوج الكافرة ثم أسلمت هي ولا يعلم (¬1) أنها أسلمت ثم طلقها ثلاثاً وهو مريض بعد إسلامها كان لها الميراث إن مات وهي في العدة. وكذلك الأمة إذا أعتقت ثم طلقها الزوج ثلاثاً ولا يعلم أنها أعتقت فإن (¬2) لها الميراث إن مات وهو في عدتها. وإذا أسلمت امرأة (¬3) الكافر ثم طلقها ثلاثاً وهو مريض ثم أسلم ثم مات وهي في العدة فلا ميراث لها منه؛ لأنه طلقها وليس بفار. وإن أسلم قبل الطلاق ثم طلقها وهو يعلم بإسلامها أو لا يعلم فإن لها الميراث إذا مات وهي في العدة. وإذا طلق العبد امرأته وهي حرة ثلاثاً وهو مريض ثم أعتق وأصاب مالاً فلا ميراث لها منه. وكذلك إن قال لها: أنت طالق ثلاثاً غداً، ثم أعتق اليوم. ألا ترى (¬4) أنه تكلم بالطلاق وليس بفار. ولو قال لها: إذا أعتقت (¬5) فأنت طالق ثلاثاً، ثم أعتق (¬6) وقع الطلاق عليها، وكان لها الميراث إذا مات وهي في العدة. ولو كانت امرأته أمة فقال لها: إذا أعتقت أنا وأنت فأنت طالق ثلاثاً، ثم أعتقا جميعاً، فإن الطلاق واقع عليها، ولها الميراث إذا مات وهي في العدة؛ لأنه في هذه المنزلة فار. ألا ترى أنه قد تعمد بالطلاق (¬7) بعد العتق. ولو قال لها: أنت طالق غدا ثلاثاً، ثم أعتقا اليوم، لم يكن بينهما ميراث إذا مات أحدهما من الغد. ولو قال لهما مولاهما: (¬8) أنتما حران غداً، وقال الزوج: أنت طالق ثلاثاً غداً، لم يكن بينهما ميراث. ولو قال لها: أنت طالق ثلاثاً بعد غد، فإنه ينبغي في القياس أن لا يكون لها ميراث، ولكني أدع القياس. فإن كان علم بالعتق فلها الميراث إن مات ¬

_ (¬1) ش: ولا تعلم. (¬2) ز: قال. (¬3) ش: المرأة. (¬4) ز: يرى. (¬5) ش - إذا أعتقت؛ صح هـ. (¬6) ش - أعتق؛ صح هـ. (¬7) أي: تعمد بالطلاق إسقاط حقها. (¬8) ش - مولاهما.

وهي في العدة. وإن لم يكن علم بالعتق فلا ميراث لها ولا له منها إذا بقيا إلى بعد غد حتى يقع الطلاق. وإن ماتا بعد وقوع العتق (¬1) قبل أن يقع الطلاق فإنهما يتوارثان. وكذلك المدبرة وأم الولد. وإذا قال زوج أم الولد: أنت طالق ثلاثاً إذا مات مولاك، فعتقت، أو قال زوج المدبرة مثل ذلك وهو حر مريض، ثم مات المولى فعتقا جميعاً، كان لهما (¬2) الميراث إن مات الزوج وهما في العدة. ولو قال لهما: أنتما طالقان ثلاثاً إذا مضى شهر، ثم مات المولى قبل ذلك فعتقا ثم وقع الطلاق، لم يكن لهما ميراث؛ مِن قِبَل أنه تكلم بالطلاق وليس بفار. وإذا طلق المكاتب امرأته ثلاثاً وهي حرة في مرضه ثم مات قبل أن تنقضي العدة وقد ترك وفاء فإنه يؤدي مكاتبته، ولا ميراث لها مما بقي؛ مِن قِبَل أنه طلق وهو عبد وليس بفار. وكذلك إن لم يترك وفاء فلا ميراث لها. وإذا كانا مكاتبين مكاتبة واحدة إن أديا عتقا وإن عجزا رُدَّا رقيقاً، فطلقها المكاتب في مرضه ثم مات وترك وفاء لمكاتبته، استوفى المكاتبة من تركته، ولا ميراث لها منه إن كان مات وهي في العدة، ويرجعون عليها بما أدى المكاتب عنها (¬3)، وعليها حيضتان (¬4) منذ يوم طلقها؛ لأنه طلقها وهي أمة. وإذا كانا مكاتبين كل واحد منهما مكاتبة وحدها (¬5) لإنسان واحد أو لإنسانين، فطلقها ثلاثاً في مرضه ثم مات وقد ترك وفاء وهي في العدة، فلا ميراث لها؛ مِن قِبَل أنه طلقها وهي أمة. وعدتها حيضتان. ولو كان زوجها حراً فطلقها ثلاثاً في مرضه ثم عتقت قبل موته وهي في العدة لم يكن لها ميراث منه؛ لأنها بانت منه وليس بفار وهي أمة يوم بانت (¬6) منه. وإذا كانت المرأة حرة وزوجها مكاتب فطلقها ثلاثاً في مرضه ثم مات بعدما أعتق أو قبل (¬7) أن يعتق وقد ترك وفاء أو لم يترك وفاء فلا ميراث لها ¬

_ (¬1) ش: الطلاق. (¬2) ش: لها. (¬3) ش - عنها؛ صح هـ. (¬4) ز: حيضتين. (¬5) ز: وجدها. (¬6) ش: ثم بانت. (¬7) م ش ز: أم قبل.

منه؛ لأنه طلقها وليس بفار وهو عبد يوم طلقها. وإذا أسلمت وخرجت من دار الحرب إلى دار الإسلام ثم خرج زوجها مسلماً بعدها وهو مريض فطلقها ثلاثاً، أو خرج قبلها أو خرجت هي بعده فطلقها ثلاثاً، فإن الطلاق لا يقع عليها ولا يتوارثان؛ لأن عصمتها قد انقطعت. وإذا ارتد المسلم ثم قتل (¬1) أو مات أو لحق بأرض الحرب وله امرأة مسلمة لم تنقض (¬2) عدتها فإن عدتها ثلاث حيض، ولها الميراث منه يوم ارتد. فإن كان لم يدخل بها أو كانت عدتها قد انقضت ثم مات أو لحق بدار الحرب أو قتل فلا ميراث لها؛ لأنها قد حلت للأزواج. وإذا لم يرتد الزوج وارتدت المرأة ثم مات وهي في العدة أو لحقت بدار الحرب فلا ميراث للزوج منها وإن كانت في العدة يوم ماتت. ولو كانت ارتدت وهي مريضة ثم ماتت أو لحقت بدار الحرب قبل انقضاء العدة استحسنتُ هاهنا أن أجعل للزوج الميراث. وإذا طلق الرجل امرأته ثلاثاً وهو مريض ثم إنها ارتدت عن الإسلام ثم أسلمت فمات وهي في العدة فلا ميراث لها؛ حيث رجعت إلى حال من لا يرث. ولو كان الزوج هو المرتد بعد الطلاق كان لها الميراث إذا مات وهي في العدة. وإذا جامعها ابن زوجها أو أبوه بعد الطلاق أو جامع الزوج أمها أو ابنتها بعد الطلاق البائن فإن ذلك لا ينقض الميراث، ولها الميراث إن مات وهي في العدة. وإذا جاءت الفرقة من قبل المرأة والزوج مريض قبل أن يطلق فطاوعت أباه أو ابنه حتى جامعها أو قبلت أحدهما لشهوة وقعت الفرقة بينهما، ولا ميراث لها وإن مات وهي في العدة؛ من قبل أنه (¬3) عملها. وإن كانت اغتصبت هي نفسها اغتصاباً فليس لها الميراث إن مات وهي في العدة. ألا ترى (¬4) أن هذا التحريم وقع من غير الزوج. فإن كان الزوج هو الذي أمر بذلك فهو فار، ولها الميراث إن مات وهي في العدة. ¬

_ (¬1) ش: ثم مات قبل. (¬2) ز: لم تنقضي. (¬3) ش: أن. (¬4) ز: يرى.

وإذا أسلم الكافر وأبت المرأة أن تسلم (¬1) ففرق أو أسلمت المرأة وأبى الزوج أن يسلم وهو مريض فلا ميراث لواحد منهما من صاحبه؛ لأن المسلم لا يرث الكافر ولا يرث الكافر المسلم. وإذا قذف الرجل امرأته في مرض أو في صحة ثم لاعنها في ذلك المرض ثم مات وهي في العدة كان لها الميراث. ألا ترى أنه حق لها طلبته. وهذا قول أبي حنيفة كله وأبي يوسف. وقال محمد: إن كان القذف في صحة فلا ميراث لها. وإذا انقضى أجل امرأة العنين وأَجَلُه سنةٌ وهو مريض وخيرت فاختارت نفسها ثم وقعت الفرقة وهو مريض فلا ميراث لها وإن مات وهي في (¬2) العدة؛ لأنه جاءت الفرقة من قبلها. وإذا أعتقت امرأة الحر فاختارت نفسها في مرضه ومات وهى فى العدة فلا ميراث لها؛ لأن الفرقة جاءت من قبلها. وإذا ارتد المسلمان جميعاً وهما مريضان غير أن أحدهما قد سبق صاحبه في الارتداد ثم أسلما جميعاً فقد وقعت الفرقة بينهما. وإن مات الزوج وهي في العدة فلا ميراث بينهما. وإذا ارتدا جميعاً معاً فأيهما ما (¬3) أسلم ثم مات أو مات (¬4) قبل أن يسلم الآخر فلا ميراث للباقي (¬5) منهما؛ من قبل أنه مرتد. إلا أن تسلم المرأة ويبقى الرجل، فترثه إن كانت في العدة. ولو أسلما جميعاً ثم مات أحدهما كان للآخر الميراث؛ لأنه مات وهي امرأته. ولو كان طلقها وهو مريض بعد الإسلام ثلاثاً ثم مات وهي في العدة كان لها الميراث؛ لأنه فار يوم طلق. ولو كان طلقها في الردة قبل أن يسلما وهو مريض ثم أسلما ثم مات وهي في العدة لم يكن لها منه ميراث؛ من قبل أنه طلقها وهي كافرة لا ترث، ولم يكن بفار ¬

_ (¬1) ز: أن يسلم. (¬2) ز - في. (¬3) ز: مات. (¬4) ش - أو مات. (¬5) م: الباقي.

يوم طلق. وكذلك لو كانت له امرأة نصرانية أو يهودية أو أمة فطلقها ثلاثاً في مرضه ثم أسلمت أو أعتقت ثم مات وهي في العدة فإنه لا ميراث لها؛ من قبل أنه كان غير فار يوم طلق. وإذا طلق الرجل المسلم امرأته وهي مسلمة واحدة بائنة في مرضه ثم خطبها في عدتها فتزوجها ثم طلقها قبل الدخول ثم مات وهي في العدة كان لها الميراث، ولها مهر كامل بالنكاح الثاني في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وإذا طلق الرجل امرأته في مرضه ثلاثاً ثم أقر بدين لها أو أوصى لها بوصية ثم مات وهي في العدة فإني (¬1) أعطيها الميراث، وأبطل الوصية والدين؛ لأنها وارثة، لا يجوز لها الإقرار بدين ولا الوصية. وإذا قال الرجل لامرأته في مرضه: قد كنت طلقتك ثلاثاً في صحتي وقد انقضت عدتك، فصدقته المرأة على ذلك، فلا ميراث لها. فإن أقر لها بدين أو أوصى لها وصية فهو جائز. ألا ترى (¬2) أنها قد حلت للأزواج [وَ] حَلَّ (¬3) له أن يتزوج أختها وثلاث نسوة معها في عقدة واحدة. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة -رحمه الله-: أتهمها على هذا، وأجعل لها الأقل من الميراث وما أقر لها به أو أوصى به لها. وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق قبل موت فلان وفلان بشهر، فمكثا شهراً ثم مات أحدهما، ثم مكث الآخر شهراً ثم مات، فإنها تطلق (¬4) قبل موت الأول بشهر في قول أبي حنيفة، وفي قول أبي يوسف ومحمد لا يقع عليها إلا بعد موت الأول. ولو لم يمت الأول بعد شهر ولكنه مات قبل شهر فإن الطلاق لا يقع عليها في شيء. وإذا مات الرجل فقالت امرأته بعد موته: قد كان طلقني ثلاثاً في مرضه ومات وأنا في العدة، وقالت الورثة: كذبت بل طلقك في ¬

_ (¬1) م ش ز: فان. (¬2) ز: يرى. (¬3) ش: يحل. (¬4) م ز: طالق.

صحته ثلاثاً ولا ميراث لك، فإن القول في ذلك قول المرأة ولها الميراث. ألا ترى أنها أقرت بشيء لا يحرمها الميراث. أرأيت لو قالت (¬1): طلقني ثلاثاً وهو نائم، أكان يقع عليها شيء. فهذا وذاك سواء في الميراث. وإذا قالت امرأة الرجل - وهي أمة - (¬2) بعد موته: قد كنت أعتقت قبل أن يموت زوجي، وقالت الورثة: بل أعتقت بعد موته، وقال المولى: أعتقتها قبل أن يموت أو بعده، فإنه لا ينظر في ذلك إلى قولها ولا إلى قول المولى، والقول في ذلك قول ورثة الميت، ولا ميراث لها؛ لأنها قد أقرت أنها قد كانت أمة، فعليها البينة بأنها قد أعتقت قبل أن يموت زوجها. وإذا كانت يهودية أو نصرانية فقالت: أسلمت قبل موته ووجب (¬3) لي الميراث، وقالت الورثة: بل أسلمت بعد موته فلا ميراث لك، فالقول في ذلك قول الورثة، وعليها البينة أنها أسلمت قبل موته، فيكون لها الميراث. ولو لم يعرف منها كفر فقالت: لم أزل مسلمة، وقالت الورثة: بل كنت نصرانية ثم أسلمت بعد موته، كان القول في ذلك قول المرأة (¬4)، ولا يصدق الورثة (¬5) عليها أنها كانت نصرانية. وكذلك لو لم يعلم أنها كانت أمة وقالت: ما زلت حرة مسلمة، وقالت الورثة: بل أعتقت بعد موته، فإن القول في ذلك قولها، ولها الميراث. وإذا كان الرجل كافراً فجاءت امرأته بعد موته (¬6) تخاصم في ميراثه وهي مسلمة وقالت: إني أسلمت بعد موته وقد ورثته، وقالت الورثة: كذبت بل أسلمت قبل موته ولا ميراث لك، فإن القول قول الورثة، ولا ميراث لها؛ لأنها جاءت تطلب الميراث وليس هي ممن يرث (¬7)، فعليها ¬

_ (¬1) ز: لو قال. (¬2) م - وهي أمة؛ صح هـ. (¬3) ز: وجب. (¬4) ش: الورثة. (¬5) م + الورثة. (¬6) ش - فإن القول في ذلك قولها ولها الميراث وإذا كان الرجل كافرا فجاءت امرأته بعد موته. (¬7) ز: ترث.

البينة أنها قد ورثت، وهي بمنزلة الأمة التي قالت: أعتقت قبل موته، وكذبها الورثة. وإذا طلق الرجل امرأته ثلاثاً في مرضه ثم مكث شهرين ثم قال: قد أخبرتني أن عدتها قد انقضت، وتزوج أربعاً في عقدة واحدة، فإن الميراث للأولى، ولا يصدق على قوله: إنها قد انقضت عدتها، إذا كانت هي تكذبه وتجحد ذلك، ولا ميراث للأربع. وإن كن ثلاثاً (¬1) إحداهن أختها فلا ميراث لأختها، وللاثنتين الميراث معها. وإذا طلق الرجل امرأته ثلاثاً في مرضه ثم مات وهي تقول: لم تنقض (¬2) عدتي وقد تطاول ذلك قبل موته، فإن عليها اليمين إذا طلب ذلك الورثة منها بالله ما انقضت عدتها. فإن حلفت أخذت الميراث. وإن أبت أن تحلف (¬3) فلا ميراث لها. ولو لم تقر (¬4) بذلك ولكنها تزوجت قبل موته في قدر ما تنقضي في مثلها العدة ثم قالت: لم تنقض (¬5) عدتي من الأول، فإنها لا تصدق (¬6) على الآخر، وهي امرأته، ولا ميراث لها من الأول، وتزويجها إقرار بانقضاء العدة. ولو لم تتزوج وقالت: أيست من المحيض، ثم اعتدت ثلاثة أشهر ثم مات الأول وحرمت الميراث ثم ولدت بعد من زوج غيره كان هذا علماً (¬7) بأن عدتها لم تنقض (¬8) من الأول، وكان لها الميراث منه، ونكاح الآخر فاسد. وكذلك إذا حاضت عند الآخر غير أنها إن ادعت الحيض ولم يصدقها الورثة فلهم ذلك، ولزوجها الآخر أن لا يصدقها بالحيض. فإن صدقها (¬9) الآخر فرق بينهما، ولا نصدقها (¬10) على ورثة الأول. وإذا طلق الرجل امرأته ثلاثاً في مرضه فقالت في عشرين ليلة أو في ¬

_ (¬1) ز: ثلث. (¬2) ز: لم ينقضي. (¬3) ز: أن يحلف. (¬4) ز: لم يقر. (¬5) ز: لم تنقضي. (¬6) ز: لا يصدق. (¬7) ز: علم. (¬8) ز: لم تنقضي. (¬9) ز - بالحيض فإن صدقها؛ صح هـ. (¬10) ز: يصدقها.

شهر: قد انقضت عدتي بالحيض، فإنها (¬1) لا تصدق، ولها الميراث؛ لأن هذا لا يكون. وإن لم تقل ذلك وكانت مستحاضة وكان حيضها مختلفاً فإنها تعتد بأقل ذلك في الصلاة والميراث، وبأكثر من ذلك في الأزواج. فإن لم تكن (¬2) مستحاضة وكان حيضها خمساً خمساً فحاضت الحيضة الثالثة خمسة أيام ثم زادت عليها ثم مات الزوج، فإن انقطع عنها الدم لتمام العشرة فهي وارثة؛ لأن هذا حيض. وإن زادت على العشرة فليست بوارثة (¬3)؛ لأنها مستحاضة فيما زادت على أيامها المعروفة. وعليها قضاء الصلاة في تلك (¬4) الأيام. وإذا انقطع عنها الدم في الحيضة الثالثة ثم مات الزوج ولم تغتسل (¬5) قبل أن يذهب وقت الصلاة فإن لها الميراث. وإن مات وقد بقي عضو لم تغسله (¬6) وغسلت ما سوى ذلك ولم يذهب وقت الصلاة كان لها الميراث. فإن كان بقي مثل الدرهم أو أقل أو أكثر ثم مات فلا ميراث لها. وإن كانت تركت الغسل حتى ذهب وقت الصلاة ثم مات الزوج فلا ميراث لها. وكذلك إن كانت تيممت ولم تجد الماء وصلت ثم مات الزوج فلا ميراث لها. وإذا بقي الزوج (¬7) في مرضه بعدما طلقها أكثر من سنتين ثم مات ثم ولدت المرأة بعد موته بشهر فلا ميراث لها؛ لأن الحبل ليس منه. وهذا قياس قول أبي حنيفة ومحمد. وفيها قول آخر: إن لها الميراث؛ لأن عدتها لم تنقض (¬8) إلا بوضع الولد. وهذا قول أبي يوسف. ولا يلزم الولد الزوج في قولهم جميعاً. وإذا طلق الرجل امرأته ثلاثاً (¬9) وهو مريض ثم قتل أو مات من غير ذلك المرض غير أنه لم يصح وهي في العدة فإن لها الميراث. ¬

_ (¬1) م ز: فلها. (¬2) ز: يكن. (¬3) م ش ز: فليس بوارث. (¬4) م ش ز: في ذلك. (¬5) ز: يغتسل. (¬6) ز: لم يغسله. (¬7) ش - الزوج. (¬8) ز: لا تنقضي. (¬9) ش - ثلاثاً؛ صح هـ.

وإذا قُرِّبَ الرجلُ ليُقْتَل فهو بمنزلة المريض، ولامرأته الميراث إذا قتل في تلك الحال وهي في العدة إذا طلقها. وإذا حبس ليقتل ولم يقرب له، أو كان مواقفاً (¬1) للعدو، أو كان في سفينة يخاف الغرق (¬2)، أو كان في خوف من عدو أو سبع، فهو بمنزلة الصحيح. وإذا قتلته امرأته فلا ميراث لها وإن كان طلقها في مرضه. وإذا طلقها وهو مقعد أو مفلوج بفالج قديم فهو بمنزلة الصحيح. وكذلك إذا كان به جرح أو قرحة أو وجع لم يصبه على الفراش فهو بمنزلة الصحيح في الطلاق وغيره. بلغنا عن إبراهيم النخعي أنه قال في المفلوج والمَسْلُول: (¬3) إذا تطاول به ذلك ولم يُضنه فهو بمنزلة الصحيح في الطلاق وغيره. وإذا قرب للقتل فطلق (¬4) امرأته ثلاثاً ثم خلي سبيله أو حبس، ثم قتل بعد ذلك أو مات، وهي في العدة (¬5)، فلا ميراث لها؛ لأن هذا بمنزلة المريض الذي قد صح. وإذا طلق الرجل امرأته (¬6) وهو مريض فإن حد المرض الذي يكون فيه فارًّا أن يكون صاحب فراش قد أضناه المرض. فأما الذي يجيء ويذهب في حوائجه فلا. وإن كان يشتكي أو يُحَمّ (¬7) فليس هذا بفار إذا طلق في هذه الحال. وكل مطلقة في المرض جعلنا لها الميراث فإن عليها عدة المتوفى عنها زوجها إذا مات الزوج وهي في العدة. وعليها أن تستكمل (¬8) في ذلك ¬

_ (¬1) ز: موافقا. (¬2) م ز: كان الفراق. (¬3) م: والمسلوك. والمسلول من أصابه داء السل. انظر: لسان العرب، "سلل". والسل مرض معروف يصيب الرئة. (¬4) ز - فطلق؛ صح هـ. (¬5) ز: وهو مريض. (¬6) ش + ثلاثاً. (¬7) حُمَّ من الحُمَّى. انظر: المغرب، "حمم". (¬8) ز: أن يستكمل.

باب الولد عند من يكون في الطلاق والميراث والنفقة في ذلك والخلع

ثلاث حيض إن كان الطلاق ثلاثاً من يوم طلقها. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وفيها قول آخر: إن عليها ثلاث حيض، وليس عليها عدة المتوفى عنها زوجها؛ من قبل أن الطلاق بائن، وإنما ورثتها بالفرار، وهي في هذا بمنزلة امرأة المرتد. وهو قول أبي يوسف. ... باب الولد عند من يكون (¬1) في الطلاق والميراث والنفقة في ذلك والخلع وإذا اختلعت المرأة من زوجها على أن تترك (¬2) ولدها عند الزوج فالخلع جائز، وهذا الشرط باطل؛ لأن هذا حَقٌّ (¬3) للولد أن يكون عند أمه ما كان إليها محتاجاً. والغلام والجارية في ذلك مختلفان. أما الغلام فأمه (¬4) أحق به (¬5) حتى يأكل وحده ويلبس وحده، وأما الجارية فأمها أحق بها حتى تحيض؛ لأن الغلام إذا بلغ ما وصفت لك احتاج إلى أدب الأب واحتاج الرجل إلى معونته. وإذا بلغت الجارية المحيض استغنت عن أمها، وكان أبوها أحق بها في أن يحضنها. والجدة أم الأم في هذا بمنزلة الأم. وكذلك الجدة أم الأب. وكذلك الخالة والعمة والأخت. غير أن الجارية لا تترك (¬6) عند الخالة والعمة والأخت حتى تحيض، فأما إذا استغنت بأن تلبس (¬7) وحدها وتأكل (¬8) وحدها كان أبوها أحق بها. وكذلك كل امرأة ذات رحم محرم من الولد. غير أنه لا حق لواحدة من هؤلاء في الولد إذا كان لها زوج إلا الجدة. فإن ¬

_ (¬1) ز: من تكون. (¬2) ز: أن يترك. (¬3) م ش ز: ثم. والتصحيح من الكافي، 1/ 77 ظ. (¬4) ز: فإنه. (¬5) ش + حتى به. (¬6) ز: لا يترك. (¬7) ز: يلبس. (¬8) ز: ويأكل.

كان زوجها هو الجد فهي على حقها. وإن كان زوجها غير الجد فلا حق لها في واحد من ذلك. والأم أحق بها من هؤلاء كلهن إذا لم يكن لها زوج ولا لهن. ولو اجتمعن جميعاً فهي أحق منهن. وإن لم تكن (¬1) أم أو كان لها زوج واجتمع جميع من ذكرنا فأم الأم أحقهن. فإن كان لها زوج غير الجد أو كانت ميتة فأم الأب أحقهن. فإن كان لها زوج غير الجد أو كانت ميتة فالأخت من الأب والأم أحق من الأخت من الأم، ثم الخالة، ثم الأخت من الأب (¬2)، ثم العمة، ثم الأقرب فالأقرب منهن هي أحق ممن هو أبعد منها. وأم الولد إذا أعتقت فهي في حق الولد بمنزلة الحرة المطلقة والمتوفى عنها زوجها. وأهل الذمة في هذا بمنزلة أهل الإسلام. فأما الأمة المطلقة والمتوفى (¬3) عنها زوجها إذا كان ولدها حراً فلا حق لها في أخذه. وكذلك أم الولد والأمة والمدبرة والمكاتبة؛ من قبل أن هؤلاء رقيق. فإن كان لهذا الولد الذي أمه أمة نساء ذوات رحم محرم حرائر مما وصفت لك فهي أحق به على ما فسرت لك، الأقارب فالأقارب (¬4). وإذا كان أصل النكاح في مصر أو في مدينة فأرادت المرأة أن تخرج ولدها من ذلك المصر فأبوهم أحق بهم؛ من قبل أن أصل النكاح كان فيه. وإن كان أصل النكاح في غيره فأرادت المرأة أن تشخص بولدها إلى ذلك المصر الذي كان فيه أصل النكاح كانت أحق بهم إذا كان ذلك مصرها، ما كانوا إليها محتاجين، إذا كانت الفرقة قد وقعت، وانقضت العدة بموت أو طلاق، والمصر الذي تزوجها فيه مصرها. فإن كان تزوجها في غير مصرها فليس لها أن تخرج الولد إلى مصرها ولا (¬5) إلى ذلك المصر. والعم والأخ والجد أبو (¬6) الأب [حقهم] في الولد كحَقّ الوالد. فإذا ¬

_ (¬1) ز: لم يكن. (¬2) ش: ثم الأب. (¬3) ز: المتوفى. (¬4) ز: والأقارب. (¬5) ش: ولاء. (¬6) ز - أبو.

اجتمعوا (¬1) فالأب أحقهم. فإذا ذهب فالجد أبو (¬2) الأب أحقهم. فإذا ذهب الجد فالأخ أحق من العم، ثم العم أحق به من غيره. وإذا كان أصل نكاح المرأة في رُسْتَاق له قرى متفرقة فأرادت المرأة أن تخرج (¬3) به (¬4) من قرية إلى قرية فلها ذلك إذا كان بعض القرى قريبة من بعض، ما لم يكن ذلك يقطعه عن أبيه إذا أراد أبوه أن ينظر إليه في يومه ذلك. وإن أرادت أن تخرجه من مصر جامع إلى قرى فإن كانت قريبة منه فليس لها ذلك إلا أن يكون أصل النكاح كان في تلك القرى فتخرج إليها. وليس للمرأة أن تخرج (¬5) بولدها إلى دار الحرب، وإن كان أصل النكاح كان هناك، وإن كانت هي من أهل الحرب، بعد أن يكون زوجها مسلماً أو ذمياً (¬6). وليس للمرأة وإن كانت أحق بولدها أن تشتري (¬7) له ولا تبيع (¬8)، ولا يجوز ما صنعت عليه من ذلك إلا أن تكون (¬9) هي وصية أبيهم في ذلك. وإن تزوجت المرأة كان الوالد أحق بالولد. فإن مات زوج المرأة أو فارقها فهي أحق بهم حتى يبلغوا ما وصفت لك. ونفقته إذا كان له والد ولم يكن للولد مال على أبيه. فإن كان رضيعاً فعليه الرضاع. فإن أرادت المرأة أن تأخذه وتأخذ (¬10) أجر الرضاع كان لها ذلك. فإن وجد من المرضعات من تأخذه (¬11) بأرخص من ذلك خيرت (¬12) الأم. فإن أخذته فهي أحق به لقول الله تبارك وتعالى في كتابه: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ ¬

_ (¬1) م ز: فإذا اختصموا. (¬2) ز: أب. (¬3) ز: أن يخرج. (¬4) م ش ز: بهم. (¬5) ز: أن يخرج. (¬6) ز: مسلم أو ذمي. (¬7) ز: أن يشتري. (¬8) ز: يبيع. (¬9) ز: أن يكون. (¬10) ز: أن يأخذه ويأخذ. (¬11) م ش: من يأخذه. (¬12) ش: جبرت.

فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} (¬1). فإن أبت أتاها بالظِّئْر حتى ترضعه عند الأم. ونفقة الصغير على الوالد، على المعسر قدره على قدر غلاء السعر ورخصه، يَقُوتُه (¬2) بما يكفيه من الطعام والأدم والدهن، على كل شهر بالقيمة شيءٌ من ذلك معروفٌ لِقوته له، والكسوة في الشتاء والصيف. فإن كان الوالد معسراً (¬3) رجع على الولد بالنفقة. وكذلك الجارية الكبيرة. ونفقة الكبيرة في ذلك أكثر من نفقة الصغيرة على قدر ما يكفيها ولقوتها بالمعروف. وإذا أسلمت المرأة فعرض السلطان الإسلام على زوجها فأبى أن يسلم ففرق السلطان بينهما فهي أحق بالولد ما كان إليها محتاجاً على ما ذكرت لك. وكذلك لو أسلم الزوج والمرأة مجوسية كانت المرأة / [3/ 65 و] أحق بالولد. وكذلك كل فرقة وقعت بلعان أو غيره فالمرأة (¬4) أحق بالولد ما خلا خصلة واحدة: أن ترتد أو تلحق (¬5) بدار الحرب، فإنها لا حق لها في الولد هاهنا. فإن تابت وأسلمت فهي أحق به. فإن كانت على ردتها مقيمة في دار الإسلام فلا حق لها فيه؛ من قبل أني أحبسها وأجبرها (¬6) على الإسلام. ولو وقعت بينهما فرقة بجماع منْ ابن الزوج أو أبيه أو جامع (¬7) الزوج أمها أو ابنتها فهي أحق بولدها على ما وصفت لك. وإذا كانت المرأة قد أدركتْ وكانت بنتاً مأمونة على نفسها فأراد أبوها أن يضمها إليه فليس له ذلك. وإن كانت مخوفة (¬8) على نفسها ولا يوثق بها في ذلك فله أن يضمها إليه. والغلام إذا احتلم فلا سبيل لوالديه عليه إذا كان ¬

_ (¬1) يقول تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [سورة: الطلاق: 6]. (¬2) قَاتَه فاقتات، أي: رزقه فارتزق. انظر: المغرب، "قوت". (¬3) م ز: موسرا. (¬4) ش: فالولد. (¬5) ز: أن يرتد أو يلحق. (¬6) ز: وأخبرها. (¬7) ش: وجامع. (¬8) م ش ز: تخوف (مهملة).

قد عقل واجتمع له رأيه واستغنى عن الأب. فإن كان غير مأمون فللوالد أن يضمه إليه وأن يؤدبه، ولا نفقة على والده إلا أن يتطوع عليه. فإن كان الولد به زمانة فلا يستطيع العمل به فعلى والده نفقته وإن كان رجلاً. وكذلك المرأة ثيباً كانت أو بكراً إذا كانت معسرة فعلى والدها (¬1) نفقتها. وإن كانت موسرة فليس على (¬2) الوالد نفقتها. وعلى والد الصبي نفقته حتى يحتلم. وكذلك الوارث إذا كان ذا (¬3) رحم محرم لقوله تعالى في كتابه: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} (¬4)، [أي] إذا كان ذا رحم محرم. بلغنا عن عمر بن الخطاب أن امرأة أتت بعم صبي لها ففرض عليه نفقة الصبي (¬5). وإذا اجتمع ورثة في نفقة ولد فالنفقة عليهم بالحصص، على كل إنسان بقدر ميراثهم. وإذا كان له وارث (¬6) وليس بذي رحم محرم فلا نفقة عليه. إنما تكون (¬7) النفقة على الوارث إذا كان ذا (¬8) رحم محرم. ولا يجبر الرجل على نفقة ولده إذا كانوا رقيقاً أو مكاتبين أو مدبرين. وكذلك لو كانوا أحراراً والوالد عبد فإنه لا يجبر على نفقتهم، ولا يجبرون على نفقته. وكذلك لو كان الوالد مدبراً أو مكاتباً. فأما إذا كان الولد (¬9) وأبوه وأمه أحراراً فإنه يجبر على نفقة (¬10) والديه إذا كان غنياً وكانا فقيرين. ولو كان صغيراً قد مات أبوه وله مال وأمه فقيرة فرض عليه نفقتها في ماله. وكذلك الرجل يجبر على نفقة عمته وخالته وكل ذي رحم محرم ¬

_ (¬1) ز: والدتها. (¬2) ش: موسرة فعلى. (¬3) م - ذا. (¬4) يقول تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (سورة: البقرة: 233) (¬5) رواه المؤلف بإسناده في كتاب النكاح. انظر: 7/ 178 ظ. (¬6) ز: وارثا. (¬7) ز: يكون. (¬8) ز: ذو. (¬9) ش: الوالد. (¬10) ز: على نفقته.

باب الخلع

منه وإن كان لا يرثهم إذا لم يكن لهم وارث غني. [و] لو كانوا (¬1) أغنياء أو رجل يكون فيهم لا زمانة به (¬2) فإنه لا نفقة له. فإن كان فيهم رجل به زمانة وليس له مال جُبِرَ على نفقته. ... باب الخلع وإذا (¬3) اختلعت المرأة من زوجها فالخلع تطليقة بائنة. فإن نوى الزوج ثلاثاً فهو ثلاث. وإن نوى اثنتين فهي واحدة بائنة؛ لأنها كلمة واحدة، ولا تكون (¬4) اثنتين. فإن نوى الطلاق ولم تكن (¬5) له نية في عدد منه فهي واحدة بائنة، وهو خاطب من الخطاب. وكذلك كل تطليقة أو تطليقتين أخذ الزوج عليها جعلاً فذلك كله بائن، وهو خاطب من الخطاب. بلغنا عن إبراهيم أنه قال: كل طلاق يؤخذ عليه جعل فهو بائن (¬6). وإذا اختلعت المرأة من الزوج فقال الزوج: لم أعن بذلك الطلاق، وقد أخذ على ذلك جعلاً، فإنه لا يصدق على ذلك في القضاء، وهي (¬7) تطليقة بائنة يفرق بينها وبينه. وأما فيما بينه وبين الله تعالى فيسع الزوج أن يقيم معها، ولا يسع امرأته أن تقيم معه إلا بنكاح مستقبل. وكذلك المبارأة هي بمنزلة الخلع في جميع ما ذكرنا. ¬

_ (¬1) م ش ز: أو كانوا. (¬2) ز - به. (¬3) ز: إذا. (¬4) ز: يكون. (¬5) ز: يكن. (¬6) رواه الإمام محمد قائلاً: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم، فذكره انظر: الآثار، 87. (¬7) ش - الطلاق وقد أخذ على ذلك جعلاً فإنه لا يصدق على ذلك في القضاء وهي.

وللمختلِعة والمبارِئة النفقة والسكنى ما دامتا في العدة. بلغنا ذلك عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه قال ذلك (¬1). فإن كان الزوج اشترط على المرأة أنه بريء من النفقة والسكنى فهو بريء من النفقة. وأما السكنى فلا؛ لأنها معصية أن تسكن في غير بيت زوجها حتى تنقضي العدة من زوجها، لا يجوز ذلك وإن اشترطه. والخلع والمبارأة والطلاق بالجعل جائز عند السلطان وعند غيره، الأمر في ذلك واحد. وإذا قال الرجل لامرأته: قد خلعتك على ألف درهم، أو قال: بارأتك (¬2) على ألف، أو قال: طلقتك بألف درهم، فإن قبلت ذلك في المجلس فهو جائز، والمال لها لازم، وقد بانت منه. وإن قامت من ذلك المجلس قبل أن تقول (¬3) شيئاً فهي امرأته، ولا يقع عليها مما قال شيء. وكذلك إذا قالت المرأة للزوج: اخلعني على ألف درهم، أو بارئني (¬4) على ألف درهم، أو طلقني بألف درهم، فإن قبل ذلك في ذلك المجلس وطلقها كما اشترطت عليه فالمال لازم، وإن قام من ذلك المجلس قبل أن يقبل شيئاً من ذلك فهي امرأته. وإذا قالت المرأة لزوجها: طلقني ثلاثاً على ألف درهم، فطلقها ثلاثاً متفرقات في مجلس واحد، فالألف لها لازم. وإن لم يطلقها إلا واحدة فليس له من الألف شيء، وهو يملك الرجعة في ذلك. وكذلك لو طلقها اثنتين. وكذلك لو قالت: طلقني ثلاثاً بألف درهم، فإن طلقها واحدة فله ¬

_ (¬1) لم أجده عن علي - رضي الله عنه -. لكن محمداً قال: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم في المطلقة والمختلعة والمولى منها إن كانت حبلى أو غير ذلك كان لها النفقة والسكنى حتى تضع، إلا أن يشترط زوج المختلعة بعد الخلع أن لا نفقة لها. قال محمد: وبه نأخذ، وهو قول أبي حنيفة - رضي الله عنه -. انظر: الآثار، 82. ورواه غيره عن إبراهيم والشعبي وغيرهما. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 6/ 507 - 509؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 122. (¬2) ز: باريتك. (¬3) ز: أن يقول. (¬4) ز: أو بارني.

ثلث الألف، وإن (¬1) طلقها ثلاثاً متتابعات في مجلسه ذلك فله الألف كلها، وإن طلقها اثنتين فله ثلثا الألف. وهو قول أبي حنيفة. وقال: إن البابين الأولين وهذا سواء، إن طلقها واحدة كانت له ثلث الألف مثل (¬2) البابين الأولين، وكان طلاقها بائناً. ومثل ذلك امرأة قالت (¬3) لزوجها: طلقني أنا وفلانة وفلانة على أن لك علي (¬4) ألف درهم، فطلق إحداهن فهن (¬5) سواء، فله ثلث الألف. و"على ألف" و"بألف" [في] هذا سواء، فلذلك هو له. وقد كان (¬6) ينبغي في القياس إذا قالت: طلقني ثلاثاً بألف درهم، فطلقها ثلاثاً متفرقات في مجلس واحد أن يكون له ثلث الألف ولا يكون له غير ذلك، ولكنا ندع القياس ونأخذ [في] هذا بالاستحسان، ونجعل الألف كلها له. ولو أن رجلاً طلق امرأته واحدة على جعل أو خلعها أو بارأها بجعل ثم طلقها واحدة بائنة بغير جعل ثم أخذ منها مالاً على أن يطلقها واحدة أخرى في العدة كان الطلاق جائزاً، وكان ما اجتعل (¬7) منها باطلاً؛ من قبل أنها قد بانت منه وملكت (¬8) أمرها. فإذا كان هذا الخلع (¬9) بعد طلاق تلك الرجعة كان له ما أخذ منها، والطلاق جائز بائن إذا كان في العدة. وإذا طلق الرجل امرأته بعد الخلع فإنه يقع عليها الطلاق ما كانت في العدة (¬10). بلغنا عن إبراهيم النخعي والشعبي قالا: المختلعة يلحقها الطلاق ما كانت في العدة (¬11). ولو قال: خلعتك بائنة، ينوي بذلك الطلاق لم يقع عليها شيء؛ لأنها قد بانت قبل ذلك بالخلع الأول. ¬

_ (¬1) م ز: فإن. (¬2) م ش ز: من. (¬3) ز: قال. (¬4) ش - علي. (¬5) م ز + هي؛ ش + فهن. (¬6) ش: وكذلك. (¬7) م ش ز: او كان ما احتمل. (¬8) ش: وملك. (¬9) م ز: المختلع. (¬10) ش - وإذا طلق الرجل امرأته بعد الخلع فإنه يقع عليها الطلاق ما كانت في العدة. (¬11) المصنف لعبد الرزاق؛ 6/ 489؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 121.

وإذا خلع السكران امرأته أوطلقها فهو جائز. بلغنا عن علي بن أبي طالب وابن مسعود وابن عباس أنهم قالوا: كل طلاق جائز إلا طلاق المعتوه والصبي (¬1). وكذلك الرجل يستكره على أن يخلع (¬2) امرأته أو يطلقها فذلك عليه جائز. وقال في المكره على الخلع: هو كذلك. ألا ترى (¬3) أنه لو أكره حتى يجامع وجب عليه الغسل. ولو أكره وهو صائم حتى يأكل أو يشرب وجب عليه القضاء. ولو كان حيث جامع مكرهاً جامع أم امرأته حرمت عليه امرأته (¬4). وإن كان في صلاة فأكره حتى لا يصلي كان عليه أن يقضي صلاته التي كان فيها. وكما ينقض الإكراه هذه الأشياء فكذلك (¬5) ينقض النكاح، ويوقع الطلاق. ألا ترى (¬6) لو (¬7) أن رجلاً خوّفه رجل بضرب أو بغيره حتى يخلع (¬8) أو يعتق أو يطلق كان ذلك جائزاً عليه، وأنه لو خوّفه حتى يتزوج ثبت النكاح وثبت نسب ما كان بينهما من ولد (¬9). وإذا خلع الصبي امرأته وطلقها فذلك باطل لا يجوز. بلغنا ذلك عن ابن عباس وإبراهيم النخعي. وإذا اختلعت الصبية من زوجها الكبير فالخلع جائز، والطلاق واقع عليها، وما جعلت له من الجعل باطل. وكذلك لو طلقها على جعل اجتعله (¬10) منها. وكذلك الأمة يخلعها زوجها أو يطلقها على جعل فالطلاق والجعل من ذلك جائز، وما اجتعل منها في ذلك فهو باطل. فإن عتقت يوماً من الدهر ¬

_ (¬1) انظر لما روي عنهم في هذا المعنى: صحيح البخاري، الطلاق، 11؛ والمصنف لعبد الرزاق، 6/ 409، 7/ 85؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 72، 74؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 221؛ وتغليق التعليق لابن حجر، 4/ 458. (¬2) ش ز: أن يجامع. (¬3) ز: يرى. (¬4) م ش ز: الميراث. والتصحيح مستفاد من ب، والكافي، 1/ 78 و. (¬5) م ز: فلذلك. (¬6) ز. يرى. (¬7) م ز - لو. (¬8) ز: يجامع. (¬9) م ز: من ولده. (¬10) م ش ز: اختلعه.

اتبعها (¬1) بذلك الجعل الذي جعلت له عند الخلع. فإن كان مولاها أذن لها في ذلك اتبعها (¬2) بذلك، وهي أمة تباع في ذلك، أو يضمن المولى. وكذلك إن كان زوجها حراً أو عبداً. وكذلك المكاتبة والمدبرة وأم الولد إذا اختلعن من أزواجهن على مال فلا ضمان عليهن في شيء من ذلك، ولهن أن يرجعن فيما أعطين، والخلع والطلاق جائز عليهن. فإن كان المولى أذن لهن في ذلك فما جعل في ذلك من جعل فهو جائز، وهو لهن لازم ما خلا المكاتبة، فإنه لا يلزمها شيء من ذلك؛ من قبل أن مولاها لا يملك مالها، وهذا ليس بشراء ولا بيع، إنما هي بمنزلة المعتقة (¬3). وإن عتقت يوماً من الدهر لزمها ذلك. وإن كان الزوج في هذا كله عبداً أو حراً (¬4) فهو سواء. وإذا خلع المعتوه امرأته أو طلقها فذلك باطل لا يجوز، وهو بمنزلة الصبي في ذلك، وهي امرأته. وكذلك المجنون الذي يجن ويفيق (¬5) إذا فعل ذلك في حال جنونه. وإذا فعل ذلك في حال إفاقته فهو جائز عليه. وكذلك المغمى عليه من مرض أو ذهاب عقل من مرض أو غيره فإنه لا يجوز عليه خلع ولا طلاق. ولو خلع أبو (¬6) الزوج المعتوه أو وليه امرأته لم (¬7) يجز ذلك عليه. وكذلك أبو الصبي (¬8)، لا يجوز على الصبي أن يخلع الأب امرأته. ولو أن رجلاً وكّل صبياً بخلع امرأته أو بطلاقها ففعل ذلك كان ذلك جائزاً على الرجل. وكذلك لو ولى رجلاً معتوهاً ذلك ففعل جاز ذلك على الرجل. ولو وكلت امرأة صبياً أو معتوهاً أن يخلعها من زوجها ففعل ذلك جاز عليها. وإذا وكل كل واحد منهما امرأة بذلك أو مملوكاً أو مكاتباً أو مدبراً أو أم ولد ففعل ذلك جاز عليهما. وكذلك لو وكل كل واحد منهما ¬

_ (¬1) ز: أبيعها. (¬2) ز: أبيعها. (¬3) م ش ز: المعتوقة. (¬4) ز: عبد أو حر. (¬5) م: ويعتق. (¬6) ز: أب. (¬7) ز: ولم. (¬8) م ش ز: ان الصبي.

بذلك إنساناً من أهل الذمة كان جائزاً عليه. والخلع من أهل الذمة وأهل الإسلام سواء. وإذا خلع الرجل ابنته من زوجها على صداقها أو ضمنه الأب فالخلع جائز. فإن كانت الابنة صغيرة ولم يدخل بها الزوج فلها نصف الصداق، ولا يجوز عليها ما ترك (¬1) أبوها من ذلك، والطلاق والخلع جائز واقع عليها. وإن كان دخل بها فلها الصداق كله كاملاً، لا يجوز عليها ما ترك أبوها من ذلك، والصداق لازم للأب إذا كان دخل بها، ونصف الصداق إذا لم يدخل بها (¬2)، والطلاق جائز. وكل خلع كان بجعل فأبطلت ذلك الجعل وأمضيت (¬3) الخلع فإن الطلاق فيه بائن على ما وصفت لك. وكل تطليقة أو تطليقتين بجعل أبطلت الجعل وأمضيت (¬4) فيه الطلاق فإن الطلاق يملك فيه الرجعة إذا كان الزوج قد دخل بها قبل أن يطلقها. وإذا خلع الرجل ابنته على صداقها من زوجها وهي كبيرة وقد ضمن له ذلك وقد دخل بها الزوج فالخلع جائز، وما جعل أبوها من صداقها للزوج فهو مردود، إلا أن تكون (¬5) الابنة (¬6) قد (¬7) أذنت له في ذلك أو سلمت بعد (¬8) الخلع. وإن أبت أن تجيز ذلك فإن للابنة أن تتبع (¬9) مهرها فتأخذه (¬10) من الزوج، ويرجع الزوج على الأب بما ضمن له من ذلك. وكذلك لو خلعها بالنفقة فضمن (¬11) الأب ذلك له بغير أمرها كان لها أن تتبع الزوج بالنفقة لها، ويرجع الزوج على الأب بما ضمن له من ذلك. وكذلك لو كان الذي يخلعها على هذا أخاً أو ابناً أو رجلاً ذا (¬12) [أرحم] ¬

_ (¬1) ز: تركه. (¬2) ش - من ذلك والصداق لازم للأم إذا كان دخل بها ونصف الصداق إذا لم يدخل بها. (¬3) ز: وأمضت. (¬4) ز: وأمضت. (¬5) ز: أن يكون. (¬6) م ز: للابنة. (¬7) ز - قد. (¬8) ش: به (مهملة). (¬9) ز: أن يبيع. (¬10) ز: فيأخذه. (¬11) ش: ضمن. (¬12) ز: أخ أو ابن أو رجل ذو.

محرم منها أو غير ذي رحم محرم فهو بمنزلة الأب في ذلك كله. وإذا خلع الرجل امرأته ثم أوقع بها طلاقاً في الخلع وهي في العدة فإن الطلاق يقع عليها ما كانت في العدة. وكذلك لو قال لها: اعتدي، يريد بذلك الطلاق. ولو قال: خلعتك أو بارأتك (¬1)، أو ما أشبه الفرقة من الكلام، فإن ذلك لا يقع عليها؛ من قبل أنها قد بانت منه. وما أشبه الطلاق من الكلام لا يقع عليها، نحو: اختاري وأمرك بيدك أو خلية أو برية أو بتة أو بائن أو حرام، فإنه لا يقع عليها إلا أن يطلقها بقوله: (¬2) أنت طالق، فيقع ذلك عليها؛ لأنه صادق فيما قال؛ لأنها قد بانت منه وأنها عليه حرام إذا قال لها: أنت حرام أو أنت بائن وما أشبه ذلك. ولو قال الرجل الذي بانت منه امرأته: فلانة طالق، يسميها نفسها كانت طالقاً (¬3). ولو قال: كل امرأة له طالق، ولا نية له لم يقع عليها الطلاق، إلا أن يعنيها (¬4)، فإن عناها وقع عليها الطلاق، وإن لم تكن (¬5) له نية ولم يعنها فهو مصدق، ولا يقع عليها الطلاق. وإذا كانت العدة قد انقضت فليس يقع عليها (¬6) شيء من هذا وإن كان عنى بها؛ لأنها قد حلت للأزواج. وإذا اختلعت المرأة من زوجها بألف درهم ودفعتها إليه ثم أقامت البينة أنه كان طلقها ثلاثاً قبل (¬7) الخلع كان الطلاق جائزاً، وترجع عليه بالألف الذي أعطته. وكذلك لو أقامت البينة على أنها أخته من نسب أو رضاع، أو أقامت (¬8) البينة على حرمة من نسب أو رضاع يحرم به النكاح فإنها ترجع عليه بالمال، والخلع في هذا باطل، ولا يقع عليها طلاقه؛ لأنه طلقها ولا نكاح بينهما. وإذا قالت المرأة لزوجها: اخلعني ولك ألف درهم، أو طلقني ولك ألف درهم، ففعل ذلك فالخلع جائز، والطلاق جائز، وليس له من الألف ¬

_ (¬1) ز: أو باريتك. (¬2) م ز: بقول. (¬3) ز: طالق. (¬4) ز: أن يعينها. (¬5) ز: لم يكن. (¬6) ش: عليه. (¬7) ش: وقبل. (¬8) ز: أو قامت.

شيء، وهو يملك الرجعة في قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر: إن الطلاق ثابت، وإن المال لها لازم، وهو قولهما. بلغنا عن عمر - رضي الله عنه - ذلك (¬1). ألا ترى أنه لو قال لرجل: احمل لي هذا الطعام إلى مكان كذا وكذا ولك درهم، أو خط (¬2) هذا الثوب ولك درهم، كان ذلك جائزاً، وله الدرهم. وإذا قالت المرأة: بعني طلاقي كله بألف درهم، ففعل ذلك فطلقها ثلاثاً فله الألف. ولو قالت: طلقني ولك ألف، فقال لها: أنت طالق على هذه الألف التي سميت، فإن قبلت لزمها المال ووقع الطلاق عليها، وإن لم تقبل (¬3) فهي امرأته، ولا يقع الطلاق عليها. وكذلك الخلع. وهو قول أبي حنيفة. وأما القول الآخر قول أبي يوسف ومحمد فالطلاق واقع، والخلع والمال لها (¬4) لازم إن قبلت أو لم تقبل؛ لأن هذا جواب كلامها. وكذلك لو قالت: طلقني ولك ألف درهم، فقال: قد طلقتك بألف، كان هذا وذاك سواء. ولو أن امرأة قالت لزوجها: طلقني ثلاثاً على أن لك ألفاً، فطلقها ثلاثاً وقع الطلاق عليها، وكانت الألف لها لازمة. وكذلك لو كان طلقها اثنتين فقالت: طلقني ثلاثاً على أن لك ألفاً، فطلقها واحدة لزمها الألف؛ لأن ما سوى هذا من الطلاق وَصْل (¬5) لا يقع عليها ولا يحتسب. وإذا اختلف (¬6) الرجل وامرأته فقال: قد طلقتك أمس بألف درهم فلم تقبلي، أو قال: قد طلقتك أمس على ألف درهم فلم تقبلي، وقالت هي: قد كنت قبلت، كان القول في ذلك قول الزوج مع يمينه، وعليه (¬7) البينة أنها قد قبلت في ذلك المجلس. ¬

_ (¬1) روي عن علي - رضي الله عنه - أنه قال: إذا أخذ للطلاق ثمناً فهي واحدة. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 6/ 482. (¬2) م ز: أو حنطه؛ ش: أو خطه. (¬3) ز: لم يقبل. (¬4) ز - لها. (¬5) أي: وصل به الكلام وهو زائد لا معنى له. (¬6) ز - وإذا اختلف. (¬7) ز: وعليها.

وإذا قال لها: قد طلقتك واحدة بألف درهم وقبلت، وقالت هي: إنما سألتك أن تطلقني (¬1) ثلاثاً بألف درهم، فأما إذ طلقتني واحدة فإنما لك ثلث الألف، فالقول في ذلك قول المرأة مع يمينها، وللرجل ثلث الألف. ولو قالت هي: سألتك أن تطلقني ثلاثاً بمائة درهم فطلقتني واحدة، وقال الزوج: بل طلقتك واحدة بألف درهم، فإن التطليقة بائنة، وله ثلث المائة، والقول في ذلك قول المرأة مع يمينها، وعلى الزوج البينة. فإن أقاما جميعاً البينة على ذلك لزمت الألف المرأة كلها، وآخذ (¬2) في ذلك ببينة الزوج؛ لأنه المدعي للفضل. وإذا اتفقا على الخلع وأنها قد قبلت واختلفا في الجعل فادعى الزوج ألفاً وأقرت هي بخمسمائة، أو قالت هي: اختلعت منه بغير شيء، فالقول قول المرأة مع يمينها. وإذا أقاما جميعاً البينة أخذت ببينة الزوج المدعي للفضل. وإذا قالت المرأة: سألتك أن تطلقني (¬3) ثلاثاً بألف درهم، وصدقها الزوج على ذلك، فقالت هي: إنما طلقتني واحدة وإنما وجب لك ثلث الألف، وقال هو: طلقتك ثلاثاً، فإن كانا في ذلك المجلس الذي كان فيه الجعل والخلع فإن الزوج يصدق. ألا ترى (¬4) أنه لو (¬5) قال لها: أنت طالق، وقال لها أيضاً: أنت طالق، أنت طالق، جعلت له الألف كلها، ووقع عليها ثلاث تطليقات. وإذا كانا قد انتقلا من ذلك المجلس فإن الطلاق يلزمها إن كانت في العدة، ولا يكون للزوج إلا ثلث الألف، والقول في الجعل قول المرأة مع يمينها. فإن قامت للزوج البينة على ما قال أخذ الألف. وإن قالت المرأة: سألتك أن تطلقني (¬6) ثلاثاً على ألف فطلقتني واحدة (¬7) فلا شيء لك، وقال هو: بل سألتني واحدة على ألف درهم ¬

_ (¬1) ز: أن يطلقني. (¬2) ز: واحدة. (¬3) ز: أن يطلقني. (¬4) ز: يرى. (¬5) ز: قد. (¬6) ز: أن يطلقني. (¬7) م - واحدة؛ صح هـ.

فطلقتكها، فالقول في ذلك قول المرأة، ولا شيء للزوج عليها في قول أبي حنيفة. فإن قالت: بألف، أخذت ذلك، فكان عليها ثلث الألف، وعليها اليمين بالله لقد كان القول على ما قالت وما كان على ما قال الزوج. وإذا اختلف الزوج والمرأة في الطلاق، فقالت: سألتك أن تطلقني (¬1) ثلاثاً بألف، فلم تطلقني الثلاث جميعاً في ذلك المجلس، وإنما طلقتني واحدة وتطليقتين بعد قيامك من ذلك المجلس أمس، وقال الزوج: كذبت بل طلقتك ثلاثاً في ذلك المجلس، فالقول قول المرأة في ذلك مع يمينها، وللزوج ثلث الألف. فإن أقام الزوج البينة على ما قال أخذ الألف كلها. وإن قالت المرأة: سألتك أن تطلقني أنا وصاحبتي فلانة على ألف وطلقتني دونها وحدي، وقال الزوج: قد طلقتها معك وقد افترقا (¬2) من ذلك المجلس، فالقول في ذلك قول المرأة، وتلزمها (¬3) حصتها من الألف، ولا يلزمها للأول شيء، والأخرى طالق كما قال الزوج. ولو قالت: لم تطلقني (¬4) ولا صاحبتي شيئاً في ذلك المجلس حتى قمت معه، وقال الزوج: قد طلقتكما جميعاً، وقع الطلاق عليهما، ولا يلزمها من المال شيء، وعليها اليمين. فإن أقام الزوج البينة أنه قد طلقها في ذلك المجلس أخذ المال، ووقع الطلاق عليهما جميعاً. وإذا خلع الرجل امرأتيه على ألف درهم فإن الألف تقسم (¬5) عليهما على قدر ما تزوجهما عليه من المهر قِبَلَ كل واحدة ما أصابها من ذلك. ولو اختلعت المرأة بأكثر من مهر مثلها كان ذلك جائزاً في القضاء، وقد يكره للزوج أن يأخذ أكثر مما أعطى. ويكره له مع ذلك أن يخلعها بشيء قليل أو كثير حتى يأتي النشوز من قبلها. فإذا فعلت ذلك حل له كل ¬

_ (¬1) ز: أن يطلقني. (¬2) م ز: وقد أخذها؛ ش: وملاحدها. والتصحيح من الكافي، 1/ 78 ظ؛ والمبسوط، 6/ 182. (¬3) ز: ويلزمها. (¬4) ز: لم تطلقتني. (¬5) ز: يقسم.

شيء أن يخلعها عليه، وطاب له ذلك ما بينه وبينما (¬1) أعطاها، ولا يزداد على ذلك شيئاً؛ فإنه مكروه. والزيادة في القضاء جائزة. بلغنا عن ابن عمر أن مولاة له اختلعت بكل شيء لها فلم يعب ذلك عليها (¬2). وبلغنا عن ابن عباس أنه قال: لو اختلعت بكل شيء له لأجزته له (¬3). وإذا قالت المرأة لزوجها: إن تطلقني (¬4) ثلاثاً فلك علي ألف درهم، فقال: نعم، سأطلقك، فلا شيء له حتى يفعل. فإن فعل ذلك في المجلس فله الألف. وإن تفرقا من ذلك المجلس قبل أن يطلقها ثم طلقها بعد ذلك فلا جعل له، والطلاق واقع. ولو قال لها: أنت طالق ثلاثاً إذا أعطيتني ألفاً أو متى أعطيتني ألفاً (¬5)، كانت امرأته على حالها حتى تعطيه (¬6) ذلك. فمتى ما أعطته ألفاً وقع عليها الطلاق، وكانت الألف للزوج. وليس للزوج أن يمتنع من ذلك إذا أتت بألف، وليس للمرأة أن ترجع في الألف بعدما تدفعها (¬7) إليه. وإذا قال لها: إن جئتني بألف فأنت طالق، فإن جاءت بها في ذلك المجلس وقع الطلاق عليها، وكانت الألف له. فإن تفرقا (¬8) من ذلك المجلس قبل أن أتته بالمال لم يقع عليها الطلاق، ولم يجب له المال. وإذا قال: أنت طالق ثلاثاً على أن تعطيني ألف درهم، أو قال: على ألف درهم، ولم يقل: تعطيني، فإنهما سواء. فإن قبلت في ذلك المجلس وقع عليها الطلاق، وكان المال عليها دينا تؤخذ (¬9) به. وليس هذا مثل قوله: إذا أعطيتني ألفاً فأنت طالق؛ لأن هذا إنما أوجب الطلاق بعدما تعطيه المال، وذلك (¬10) قد أوجب الطلاق قبل أن تعطيه شيئاً. ولو قال لها: أنت طالق على أن تعطيني ألفاً، فأبت ذلك، كانت امرأته، ولا يلزمها من المال شيء، ولا يقع عليها من الطلاق شيء. وإن قبلت ذلك بعد ¬

_ (¬1) م ش ز: وبينها. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق. (¬2) المصنف لعبد الرزاق، 6/ 505. (¬3) المصدر السابق. (¬4) ش: إن طلقتني؛ ز: إن يطلقني. (¬5) ز - أو متى أعطيتني ألفا. (¬6) ز: يعطيه. (¬7) ز: يدفعها. (¬8) ز: يفرقا. (¬9) ز: يؤخذ. (¬10) م ش ز: وكذلك.

قيامها من ذلك المجلس فهو باطل ليس يلزمها فيه شيء، ولا يوقع عليها طلاق. فإذا قبلت ذلك في المجلس ثم قالت: احتسب لي ذلك من المال الذي لي عليك، ولها (¬1) عليه ألف قرض أو أكثر من ذلك، فإن الطلاق واقع عليها، ويحتسب لها الألف مما لها (¬2) عليه. ولو كان قال: إذا أعطيتني ألفاً أو إن (¬3) أعطيتني ألفاً فأنت طالق، فقبلت ذلك في ذلك المجلس وقالت: احتسب ذلك مما لي (¬4) عليك، لم يقع الطلاق بهذا؛ لأنها لم تعطه (¬5) إلا برضا الزوج. فإن رضي أن يوقع الطلاق مستقبلاً (¬6) بألف مما لها عليه وقع عليها الطلاق وكان ذلك جائزاً. وإذا كان للرجل امرأتان فسألتا أن يطلقهما بألف أو على ألف، فطلق إحداهما دون الأخرى (¬7)، فإنه يلزم المطلقة حصتها من الألف على قدر ما تزوجها عليه من المهر. ولو طلق الأخرى في ذلك المجلس أيضاً لزمها قدر حصتها من المال. وإن افترقوا في ذلك المجلس قبل أن يطلق واحدة منهما ثم طلق بعد ذلك وقع الطلاق عليهما، ولم يلزمهما من المال شيء. وإذا اختلفت المرأة والزوج في الخلع فقالت المرأة: خلعتني بألف، وأقامت شاهداً على ذلك، وأقامت شاهداً آخر بخمسمائة، وجحد الزوج ذلك، فهذا باطل لا يجوز لاختلافهما في الشهادة. وكذلك لو شهد أحدهما بألف والآخر بألف وخمسمائة. وكذلك لو شهد أحدهما بعبد والآخر بأمة، أو شهد أحدهما بعروض والآخر بدراهم، والزوج يجحد ذلك، فإن ذلك باطل لا يجوز، وهي امرأته. ألا ترى (¬8) أن كل واحد منهما قد أوقع الطلاق بما (¬9) [لم] يوقعه صاحبه، ولا يقع الطلاق على هذا الاختلاف، [و] لا يلزم المال. ¬

_ (¬1) م ش ز: ولا. (¬2) ز: من مالها. (¬3) م: وإن. (¬4) ز: من مالي. (¬5) ز: لم تعطيه. (¬6) ش: ومستقبلا. (¬7) ش - فإنه يلزم المطلقة حصتها من الألف على قدر ما تزوجها عليه من المهر ولو طلق الأخرى. (¬8) ز: يرى. (¬9) ز: فيما.

ولو كان الزوج مقراً بالخلع والمرأة تجحد (¬1)، فأقام شاهداً على ألف، وأقام آخر على ألف وخمسمائة، وهو يدعي ألفاً (¬2) وخمسمائة، وقع الطلاق عليها، ولزمها ألف درهم التي اجتمع عليها الشاهدان. بلغنا نحو من ذلك في المال عن شريح. وإن ادعى الزوج ألفاً بطلت شهادتهما، ولم نجعل له شيئاً، وألزمته الطلاق؛ مِن قِبَل أنه قد أكذب الذي شهد بألف وخمسمائة حيث ادعى أقل من ذلك. وكذلك إذا ادعى الزوج أنه خلعها على ألف درهم وشهد له بذلك شاهد، وشهد الآخر على مائة دينار أو عروض أو حيوان، فإن الطلاق واقع عليها بإقرار الزوج، ولا يلزمها شيء من الجعل لاختلاف الشاهدين فيه، ولأن الزوج قد أكذب الذي شهد له بقيمة ما يدعي. وإذا خلع الرجل امرأته على دار فلا شفعة فيها؛ لأن هذا ليسر ببيع. ولو خلعها على دار على أن يزيدها ألفاً كان هذا جائزاً، ولم يكن فيها شفعة في قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر: إن الدار تقسم (¬3) على مهرها الذي تزوجها به وعلى ألف، فما أصاب الألف فهو شراء، وفيه الشفعة، وما أصاب المهر فلا شفعة فيه. وهذا قولهما. ولو خلعها بعبد قد سمت (¬4) له أو بثوب قد سمته له كان الخلع جائزاً، وكان ذلك له، ولا خيار له فيه إن لم يكن رآه قبل ذلك، وليس هذا كالبيع. وإذا اختلعت بما في بيتها من شيء فهو جائز، وكل ما كان في بيتها ساعة خلعها فهو له. وكذلك إذا قالت: اخلعني على ما في يدي من شيء، فخلعها (¬5) كان له ما كان في يدها من شيء. وكذلك لو قالت: عليها ما كان من شيء [في يديها]. ولو قالت: اخلعني على ما في يدي من متاع، فإن كان فيه شيء قليل أوكثير فهو له، لا شيء له غيره. ولو لم يكن فيه شيء فإنه يرجع عليها في هذا الوجه الذي سمت له المتاع فيه بالمهر الذي ¬

_ (¬1) ز: يجحد. (¬2) ز: ألف. (¬3) ز - تقسم. (¬4) ش ز: قد سميت. (¬5) م ز: فجعلها.

أخذت منه، ولا يرجع عليها في الوجهين الآخرين بشيء، والذي يوقع عليها بذلك (¬1). وإذا قالت: اخلعني على ما في يدي من متاع أو على ما في بيتي من متاع فهو مثل الأول. وإذا قالت: اخلعني على ما في يدي، ولم تسم شيئاً، فإنها لم تقر بشيء، ولا يرجع عليها بشيء (¬2). وإذا قالت: اخلعني على ما في يدي من الدراهم، فإن كان في يدها شيء من الدراهم فهو له، وإن لم يكن في يدها شيء فله ثلاث دراهم. وكذلك الدنانير. وإن كان في يدها درهم أو درهمان (¬3) أتمت (¬4) له ثلاثة دراهم؛ لأني لا أجعل الدراهم أقل من ثلاثة. وكذلك الدنانير. وإذا اختلعت المرأة بما في نخلها من ثمر وليس فيه شيء فللزوج أن يأخذ منها المهر الذي أعطاها. ولو قالت: اخلعني على ما تثمر نخلي (¬5)، فخلعها على ذلك، فإن ذلك جائز. فإن أثمرت شيئاً فله ما أثمرت. وإن لم تثمر (¬6) شيئاً فلا شيء له؛ لأنها لم تقر (¬7) له بشيء. وهذا قول أبي يوسف أولاً. ثم رجع أبو يوسف عن هذا، وزعم أن الخلع واقع، وترد عليه المهر الذي أخذت، ولا يكون له من الثمرة شيء خرج أو لم يخرج. وهو قول محمد. وإذا قالت: اخلعني على ما في بطن بقري (¬8) أو غنمي، فخلعها على ذلك، كان (¬9) ذلك جائزاً، وكان له ما في (¬10) بطونها. فإن لم يكن في بطونها شيء فلا شيء له، وما حدث في بطونها بعد الخلع فهو للمرأة، ولا شيء للرجل فيه. ¬

_ (¬1) أي: الذي يقع عليها من الخلع هو مقابل "شيء" والشيء قد يطلق على ما لا قيمة له. انظر: المبسوط، 6/ 186. (¬2) ز - وإذا قالت اخلعني على ما في يدي ولم تسم شيئاً فإنها لم تقر بشيء ولا يرجع عليها بشيء. (¬3) ز: في يدها شيء من الدراهم فهو درهمين. (¬4) م ش ز: تمت. (¬5) م ز + ألفا. (¬6) ز: لم يثمر. (¬7) ز: لم يقر. (¬8) م ز: بعيري. (¬9) ز + على. (¬10) ش: في ما.

وإذا اختلعت بحكمه أو بحكمها فالخلع جائز. فإن اصطلحا على شيء من ذلك وتراضيا به كان ذلك جائزاً. وإذا خلعها كان للزوج عليها ما أعطاها من المهر، إلا أن يكون الزوج حكم عليها أقل من ذلك، أو تكون (¬1) هي حكمت له أكثر من ذلك وسلمته له. وإذا اختلعت المرأة من زوجها على خادم بغير عينها أو على وصيف فالخلع جائز، وله من ذلك خادم وصيف (¬2) أو وصيف وسط. والوسط من ذلك عندنا أن يُعْتَدّ (¬3) أربعين ديناراً في قول أبي حنيفة، وفي قول أبي يوسف ومحمد هو على قدر الغلاء والرخص. وإذا اختلعت المرأة من زوجها على ما تكتسب (¬4) العام (¬5) من مال أو على ما ترث (¬6) العام من مال أو على ما تزوج عليه المرأة، فالخلع جائز، وله عليها المهر الذي أخذت منه؛ لأنها قد سمت له شيئاً مجهولاً غير معروف، ولو أصابته آفة في عامها ذلك لم يكن للزوج منه شيء. وكذلك لو خلعها على ما تحمل (¬7) خادمها فيما يستقبل أو غنمها أو بقرها فهذا كله ... (¬8). النخل وله (¬9) ما في بطونها مما حملت؛ لأن ذلك قد كان وهذا لم يكن. وإذا اختلعت المرأة من زوجها على أن تزوجه امرأة أو، تُمْهِر عنه (¬10) فالخلع جائز، وهذا الشرط باطل، وله أن يأخذ منها ما أعطاها من المهر. وإذا اختلعت المرأة من زوجها على شيء مما يكال أو يوزن وسمت من ذلك الكيل والوزن أو اختلعت على صنف من الثياب فسمت عددها ¬

_ (¬1) ز: أو يكون. (¬2) م ز: وصف. (¬3) ز: أن يعيد. (¬4) ز: ما يكتسب. (¬5) ش ز: الغلام. (¬6) ز: ما يرث. (¬7) ز: ما يحمل. (¬8) يظهر أن هنا سقطاً، ولعل ذلك قد يستدرك معناه من الفقرة. (¬9) ز: ولها. (¬10) م ش ز: عليه. والتصحيح من الكافي، 1/ 79 و؛ والمبسوط، 6/ 189.

وذرعها فالخلع جائز على هذا، ويلزم المرأة من ذلك الوسط مما سمت له. وإذا اختلعت على ثوب غير مسمى بعينه ولا منسوب (¬1) إلى نوع من الثياب أو على دار كذلك فالخلع جائز، والشرط فيه باطل، وللزوج أن يأخذ منها ما أعطاها من المهر لاختلاف الثياب والدور. ألا ترى (¬2) أن الثياب مختلفة أنواعاً (¬3) كثيرة. وليس هذا كالرقيق، [لأن الرقيق] صنف واحد كصنف من الثياب. وإنما يشبه الثياب من ذلك أن تختلع (¬4) على دابة وأن تسمي (¬5) جنسها الذي هي منه برذون أو بغل أو فرس أو صنف منها، فهذا يلزمها فيه المهر الذي أعطاها. وإذا اختلعت المرأة على شيء مسمى معروف ولها عليه مهر وقد دخل بها أو لم يدخل بها فإن ما سمت من ذلك يلزمها، ويكون المهر للزوج. وكذلك لو كانت قد أخذت المهر من الزوج ثم خلعها قبل أن يدخل بها على شيء فإن ذلك جائز، والمهر كله للمرأة، وللرجل ما سمت له. ألا ترى (¬6) أنه لو بارأها على هذا كان الأمر فيه كما وصفت لك، ولا يتبع واحد منهما صاحبه (¬7) بعد المبارأة والخلع بشيء من المهر، إنما هذا صلح، متى اصطلحا (¬8) عليه وتراضيا به فلا يتبع واحد منهما صاحبه بعد ذلك. وإذا قبضت المرأة من زوجها نصف الصداق أو أقل أو أكثر ثم اختلعت منه بدراهم سماها أو بثوب أو غيره معروف قبل أن يدخل بها فالخلع جائز، وله ما سمت له، ولا سبيل لواحد منهما على صاحبه مما في يديه من المهر. وكذلك لو كان قد دخل بها. ولو كان المهر عليه كله ثم اختلعت منه قبل أن يدخل بها على مائة درهم (¬9) من مهرها كان الخلع ¬

_ (¬1) م ش: بمنسوب. (¬2) ز: يرى. (¬3) ز: أنواع. (¬4) ز: أن يخلع. (¬5) ز: يسمي. (¬6) ز: يرى. (¬7) ز + بعد ذلك أي. (¬8) ش: ما اصطلحا. (¬9) م: على تنقدهم؛ ز: على ما يتقدهم. والتصحيح من الكافي، 1/ 79 ظ.

جائزاً عليه، ولم يكن لها تمام النصف من مهرها (¬1)، ولا يتبع (¬2) واحد منهما صاحبه. ولو كان المهر كله في يدها ثم اختلعت منه على مائة درهم لم يكن للزوج إلا مائة درهم؛ لأن هذا صلح قد رضي به. ولو تزوجها على عبد بعينه فدفعه إليها ثم خلعها على مائة درهم قبل أن يدخل بها لم يكن له في العبد قليل ولا كثير، ولم يكن له إلا مائة درهم. وهذا قول أبي حنيفة. وقال يعقوب في المبارأة على ما قال أبو حنيفة وقال في الخلع: الخلع واقع على ما سمت (¬3)، وأيهما (¬4) كان له قبل صاحبه من المهر شيء يرده عليه. وأما في قول محمد (¬5) فالخلع والمبارأة سواء. وأيهما (¬6) كان له قبل صاحبه شيء من المهر أخذه (¬7) من صاحبه؛ لأنهما لم يشترطا من المهر شيئاً ولم يذكراه (¬8). ولو تزوجها على ألف درهم فوهبت له نصف المهر أو ثلثه أو أقل من ذلك وقبضت منه تمام ذلك ثم اختلعت منه بشيء مجهول لا يعرف كان الخلع جائزاً، والشرط باطل، غير أنه يرجع عليها بما دفع (¬9) إليها من المهر، ولا يرجع عليها بما وهبت له، كان ذلك قليلاً أو كثيراً (¬10)، فهذا ¬

_ (¬1) ش - منه قبل أن يدخل بها على ... من مهرها كان الخلع جائزاً عليه ولم يكن لها تمام النصف من مهرها. (¬2) ز: يبيع. (¬3) ش: ما سميت. (¬4) م ش ز: فإنما. والتصحيح من الكافي، 1/ 79 ظ. (¬5) م ش ز: آخر. والتصحيح من الكافي، 1/ 79 ظ. وانظر: المبسوط، 6/ 189. (¬6) م ش ز: وأما ما. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق. (¬7) ز: أخذها. (¬8) ش: ولم يذكر له. (¬9) ز + ثم اختلعت منه بثيء مجهول لا يعرف كان الخلع جائزاً والشرط باطل غير أنه يرجع عليها بما دفع. (¬10) ز: قليل أو كثير.

فيه سواء. وكذلك إن لم تكن (¬1) قبضت منه من مهرها شيئاً فليس لها أن تأخذ (¬2) منه بعد ذلك، وهو له. ولو اختلعت منه على عبد بعينه فمات العبد قبل أن تدفعه (¬3) إليه أو كان قد مات العبد قبل الخلع فإن القول في ذلك مختلف. أما إذا كان بعد الخلع فإن له قيمته. وأما إذا كان (¬4) ميتاً قبل الخلع فإن له مهرها الذي أخذت منه. وكذلك لو كان العبد قائماً بعينه عندها فاستحقه رجل كان للزوج قيمة العبد. ولو كان العبد حراً كان له مهرها الذي أعطاها. ولو اختلعت منه على شيء مما لا يحل مثل الخمر والخنازير والأحرار (¬5) كان الخلع جائزاً، ولم يكن للزوج عليها شيء؛ لأنها قد سمت له ما يحرم ولا يحل. ولو غرته منه فقالت: أختلع منك على هذا الخل، أو على هذا العبد، فإذا العبد حر وإذا الخل خمر؛ فعليها أن ترد المهر الذي أخذت منه؛ لأنها قد غرته من ذلك. وهو قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر، قول أبي يوسف: إن عليها قيمة الخمر خلاً، وقيمة الحر عبداً. وقال محمد في الحر: (¬6) ترد مهرها الذي تزوجها عليه، وأما في الخمر [فعليها مثل ذلك] الكيل من خل وسط (¬7). ولو كانا من أهل الذمة فاختلعت على خمر أو خنزير كان ذلك جائزاً، وكان له ما سمت له من ذلك. وإذا اختلعت المرأة على شيء مما لا يحل وما ليس له ثمن فقالت: أختلع منك بهذه الميتة أو بهذا الدم، أو ما يشبه ذلك فخلعها عليه فالخلع جائز، ولا شيء له عليها. ¬

_ (¬1) ز: لم يكن. (¬2) ز: أن يأخذ. (¬3) ز: أن يدفعه. (¬4) ش: وإذا كان. (¬5) ش: والاحران (مهملة). (¬6) ش: في الخمر. (¬7) م ش ز: كيل الخل من وسط. والتصحيح مستفاد من الكافي، 1/ 79 ظ؛ والمبسوط، 6/ 191.

وإذا اختلعت المرأة بألف درهم وقد كان مهرها ألفاً (¬1) وقد قبضها قبل الخلع ولم يدخل بها فالخلع جائز على الألف، ولا شيء عليها غير الألف. و [لو] كان المهر عبداً أو أمة أو عرضاً (¬2) كان ذلك لها، ولم يكن للزوج إلا ما اشترط؛ لأن هذا رضى (¬3) منه وتسليم للمهر. وكذلك لو خلعها على عشر المهر أو ربعه أو ثلثه لم يكن له من ذلك إلا ما اشترط، وما سوى ذلك للمرأة في قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر: إن نصف ما بقي من ذلك للزوج بعد الذي شرطت له. وكذلك لو اختلعت بعبد كان له نصف المهر مع العبد. وكذلك لو كان المهر مع الزوج وخلعها ببعض ما ذكرنا كان المهر بينهما نصفين، وهو قولهما، وكان له العبد إذا لم يدخل بها. وإن كان قد دخل بها كان له المهر كله، ليس الخلع في هذا كالمبارأة في قول أبي يوسف، لا يتبع (¬4) واحد (¬5) منهما صاحبه بشيء من المهر. وإذا اختلعت المرأة من زوجها على (¬6) جُعْل إلى أجل (¬7) مسمى فالخلع جائز، والجعل إلى ذلك الأجل. وإذا اختلعت المرأة من رجل إلى أجل مجهول إلى الميسرة أو إلى شبهها من الأجل فإن المال حال عليها. وإذا اختلعت إلى العطاء أو إلى الحصاد أو إلى الجزاز أو إلى النيروز أو إلى المهرجان فالخلع جائز، والمال إلى ذلك الأجل. فإن ذهبت الغلة حتى لا يكون حصاد ولا جزاز فإلى مثل ذلك الوقت في مثل ذلك البلد. وكذلك القطاف، إن ذهب لا يكون عليها إلى ذلك الأجل الذي (¬8) يكون فيه، وليس هذا كالميسرة. فيجوز له وقت الطعام (¬9) [و] الدِّيَاس والحصاد، وبعضه من بعض قريب قد عرفه الناس. ¬

_ (¬1) ز: ألف. (¬2) ز: أو عرض. (¬3) ز: رضا. (¬4) ز: يبيع. (¬5) ز: واحدا. (¬6) م ش - على. (¬7) ز + مجهول إلى أجل. (¬8) ز + كان. (¬9) كذا في م ش ز. ولعله: العطاء.

وإذا اختلعت المرأة من زوجها إلى موت فلان أو إلى قدوم فلان فالخلع جائز، والمال عليها حال؛ لأن هذا مجهول. وإذا أخذ الرجل رهناً أو كفيلاً فخلع امرأته عليه فهو جائز. وإن هلك (¬1) الرهن في يديه وقيمته (¬2) مثل الجعل أو أكثر فقد بطل الجعل، وهو في الفضل أمين. وإن خلعها على وصيف أو على شيء من الحيوان بغير عينه غير أنه قد سمى جنسه، ثم صالحها بعد ذلك بعد الخلع على دراهم أو دنانير أو شيء مما يكال أو يوزن، أو شيء من العروض مما لا يكال ولا يوزن، أو شيء من الحيوان غير ذلك المصنف الذي خلعها عليه، فهو جائز بعد أن يكون ذلك كله يداً بيد. ولو أتته امرأته بقيمة ذلك الحيوان زيوفاً أو دنانير فأبى أن يقبلها أجبرته على أن يقبلها، ولم يكن له إلا ذلك، فلذلك كان له أن يصالحها على ما ذكرنا. وليس هذا كالشيء مما يكال أو يوزن (¬3) يسلم (¬4) فيه الرجل، فلا يأخذ إلا (¬5) الذي أسلم منه بعينه (¬6) أو رأس ماله (¬7). وإذا كان الرجل قد دخل بامرأته وقد وجب لها المهر عليه فإن طلقها أو أمسكها كان لها أن تأخذه (¬8) بالمهر. وإذا خلعها على جعل كائن ما كان فإن الجُعْل (¬9) للزوج على المرأة. [و] المهر فيه قولان (¬10). أما أحدهما فلا يكون للمرأة على زوجها من المهر شيء؛ لأن الخلع هاهنا صلح، وتراضيا بأن لا يتبع (¬11) واحد منهما صاحبه إلا بما سمى في قول أبي حنيفة. والقول الآخر أنها تأخذه بالمهر. كل شيء كان لها واجباً (¬12) قبل الخلع فهو لها بعد الخلع، لا يبطله شيء إلا أن يشترط الزوج إبطاله مع الخلع. وللزوج ما ¬

_ (¬1) ز: ملك. (¬2) م ز: وقيمه. (¬3) ز: أو زن. (¬4) ش: فسلم. (¬5) م + بياض؛ ش - إلا. (¬6) م ش: بعيب؛ ز: يغيب. (¬7) ز: أو رأسها له. (¬8) ز: أن يأخذه. (¬9) م ش ز: الخلع. (¬10) ز: قولين. (¬11) ز: لا يبيع. (¬12) ز: واجب.

اشترط (¬1) من الجعل كان أكثر من المهر أو أقل في قول أبي يوسف ومحمد. وإذا كان لم يدخل بها ولم يعطها من المهر شيئاً (¬2) فلها نصف المهر إن كان طلقها قبل الدخول. فإذا اختلعت فالخلع جائز، وللزوج ما سمت له من الجعل. وأما المهر فإن فيه قولين. أما أحدهما فإنه لا شيء للمرأة من المهر؛ لأن الخلع صلح وتراض (¬3) منهما، لا يتبع واحد منهما صاحبه بشيء من بعد الخلع، وهو قول أبي حنيفة. وأما القول الآخر فإن للمرأة النصف كما كان يكون لها في الطلاق، لا يبطله الذي جعلت له من الجعل. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. وكذلك القولان (¬4) في الخلع قبل الدخول إذا كانت المرأة قد قبضت المهر. في القول الأول لا شيء (¬5) للزوج غير ما اجتعل، وفي القول الآخر له ما اجتعل ولها نصف (¬6) المهر كما كان يكون لو طلقها على غير جعل. والقول الأول في ذلك قول أبي حنيفة، والقول الآخر قول أبي يوسف ومحمد. وإذا اختلعت المرأة من زوجها في مرضها بالمهر الذي كان تزوجها عليه وليس لها مال غيره، ثم ماتت في العدة أو بعد انقضاء العدة، أو لم يكن دخل بها فلم يكن عليها عدة فماتت من ذلك المرض، ولها ولد، فإن ذلك كله سواء، إن ماتت وهي في العدة فإنما له من ذلك قدر ميراثه إلا أن يكون الثلث أقل من ذلك، فيكون له الأقل. وإن ماتت بعد انقضاء العدة فله ما سمت له من الثلث. وإن لم يكن دخل بها فلها نصف ذلك، وله نصف الباقي من الثلث. ألا ترى (¬7) أن الرجل يخلع ابنته وهي صغيرة من زوجها بمهرها ويضمن ذلك، فيجوز الخلع على الأب، ولا يكون للزوج من المهر شيء. ولو كان هذا كالبيع والشراء كان المهر للزوج. وإذا اختلعت المرأة من زوجها في مرضها بالمهر الذي تزوجها عليه ¬

_ (¬1) ز: ما اشترطه. (¬2) ز: شيء. (¬3) ز: وتراضي. (¬4) ز: القولين. (¬5) م ش ز: فلا شيئ. (¬6) م ز + نصف. (¬7) ز: يرى.

وقد دخل بها وماتت في العدة وذلك أقل من ميراثه فهو جائز، ليس له غيره، ويلزمه الضرر في هذا. وإذا اختلعت بأكثر من مهر مثلها في مرضها وماتت قبل انقضاء العدة فإن كان ذلك أقل من ميراثه منها فهو جائز. وإذا كان ذلك أكثر من ميراثه منها فذلك مردود إلى قدر ميراثه. وكذلك لو اختلعت بأقل مما تزوجها عليه إذا ماتت من ذلك المرض. وإذا برأت من ذلك المرض فجميع ما سمت له جائز (¬1). وإذا اختلعت المرأة من زوجها وهي صحيحة والزوج مريض فالخلع جائز على ما سمينا من الخلع، ولا ميراث بينهما إن مات وهي في العدة أو ماتت هي. وكذلك إذا بارأها في مرضه. وكذلك إذا بارأته المرأة في مرضها فهو مثل ما وصفت لك من الخلع في مرضها. وكذلك الطلاق على الجعل. وكذلك لو باعها طلاقها بيعاً فأخذ به منها جعلاً وتصدق عليها بطلاقها على جعل، فهذا كله باب واحد، والقول فيه سواء. ولو جعل له رجل جعلاً على أن يطلقها في مرضها وضمن له ذلك ففعل جاز الطلاق، ولم يكن للزوج ميراث، وكان [له] الجعل الذي اجتعل من الرجل. فإن كان الرجل الذي جعل له ذلك مريضاً فإن ذلك الجعل من ثلثه إذا مات من ذلك المرض؛ لأن هذا غرم دخل عليه لم يأخذ به عوضاً. وإن كان الزوج فعل هذا وهو مريض بغير رضا من المرأة ولا إذنها فلها الميراث منه إذا مات وهي في العدة. وإذا وكل رجل رجلاً بأن يخلع امرأته فقام من ذلك المجلس قبل أن يخلعها فله أن يخلعها بعد ذلك، وليس هذا كقوله: أمرها في يدك، إنما هذا بمنزلة البيع. وإذا وكل رجلين بأن يخلعاها فخلعها أحدهما دون صاحبه فذاك باطل؛ لأن هذا بمنزلة البيع. وإنما أراد أنهما يفعلان، وليس هذا كقوله: طلقاها، فإذا طلق أحدهما كان جائزاً. وإذا قالت المرأة لزوجها: اخلعني على ما في يدي من شيء، أو ¬

_ (¬1) ز: جائزاً.

على ما في يدك من شيء، فخلعها وليس في يدها ولا في يديه (¬1) شيء فإن الخلع جائز، ولا شيء عليها. وليس هذا بمنزلة قولها: اخلعني على ما في بيتي من متاع. إذا قالت هذا فقد غرمت (¬2) ذلك. فإن كان في يديها أو في بيتها شيء له ثمن فليس له إلا ذلك، ليس عليها غيره. وكذلك إذا كان في البيت شيء يساوي ثمناً فرضي الزوج (¬3)، وليس له غيره. وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق على عبدي هذا إن شئت، فقامت من مجلسها ذلك قبل أن تشاء فهي امرأته وإن لم يكن له في هذا منفعة؛ لأن الطلاق لا يقع عليها إلا بقبولها لذلك. ولو كانت قبلت ذلك قبل أن تقوم (¬4) من مجلسها وقع الطلاق، وكان العبد عبده (¬5) على حاله. وكذلك لو قال: أنت طالق إن شئت على عبدك الذي في يدي، فإن قبلت وقع الطلاق وكان لها العبد. وإن لم تقبل (¬6) لم يقع عليها شيء. وإن قبلت ذلك (¬7) ثم استحق العبد فإن للزوج قيمته. وإذا طلق الرجل امرأته على ما في يده فقبلت ذلك، فإذا في يده جوهر لها أو ثوب أو لم يكن في يده شيء، فإن الطلاق واقع عليها، وله ما كان في يده لها وإن لم تكن (¬8) علمت بذلك. فإن كان في يده شيء فالطلاق بائن. وإن لم يكن في يده شيء فهو يملك الرجعة؛ لأنه لم يأخذ جعلاً. وإذا اختلعت المرأة من زوجها بعبد فاستحق العبد فعليها أن ترد قيمته. فإن لم يستحق وكان (¬9) به عيب حقير كان ضامناً (¬10) عليه، وليس له أن يرده، وليس هذا كالشرى. ولو لم يكن به (¬11) عيب ولم يستحق وكان ¬

_ (¬1) ش: ولا يديه. (¬2) ز + من. (¬3) م ز: فرض للزوج. (¬4) ز: أن يقوم. (¬5) ش: عنده. (¬6) ز: لم يقبل. (¬7) ش - ذلك. (¬8) ز: لم يكن. (¬9) ز: فإن كان. (¬10) ز: ضامن. (¬11) م ز: له.

حراً كان عليها أن ترد المهر الذي أعطاها وقبضته (¬1) منه. ولو اختلعت منه بعبد حلال (¬2) الدم فقتل عبده بقصاص كان أصابه عندها رجع عليها بقيمته. وهذا كالاستحقاق. ولو اختلعت منه بعبد قد حل عليه القطع بالسرقة فقطع عند الزوج فله أن يرده، ويرجع عليها بقيمته. وقال أبو يوسف: يقوّم سارقاً قد قضي عليه بالقطع وغير سارق، فيرجع عليها بالنقصان، وليس له غير ذلك. [وقد كان في الكتاب: يرجع بنصف قيمته، فكلمت محمدا فيه] (¬3). وليس هذا كالعيب. ولو خلعها على عبد نصراني أو على أمة لها زوج أو على عبد له امرأة ولا تُعْلِمُه (¬4) ذلك كان ذلك عليه جائزاً، ولا يرجع عليها بشيء. وإذا اختلعت المرأة من زوجها ومهرها ألف على عبد إن زادها ألف درهم ثم استحق العبد رجع عليها بالألف درهم، وأخذ منها نصف قيمة العبد. وكذلك لو كان أعطاها مكان الألف خادماً قيمتها ألف درهم أخذ الخادم ونصف قيمة العبد. وإذا اختلعت المرأة من زوجها على خادم بغير عينها فأعطته خادماً وسطاً أو أربعين ديناراً كان ذلك جائزاً، ولم يكن له غير ذلك. وهذا قول أبي حنيفة. وإذا خلع (¬5) الرجل امرأته على أن تعطيه (¬6) درهماً قد نظر إليه في يدها فإذا هو زايف أو سَتُّوق فان له أن يأخذ منه (¬7) درهماً جيداً، وليس ¬

_ (¬1) ز: وقبضه. (¬2) م ش ز: حال. (¬3) ما بين المعقوفتين من كلام الراوي عن محمد بن الحسن، وهو إما أبو سليمان الجوزجاني أو أبو حفص. أي: يقول الراوي بأنه كان في الكتاب خطأ، فكلمت محمد بن الحسن في ذلك، وأصلحت الخطأ بموافقته. (¬4) ز: يعلمه. (¬5) م ش ز: وإذا اختلع. (¬6) ز: أن يعطيه. (¬7) ز: منها.

هذا بمنزلة العيب في العبد. وكذلك لو اختلعت على ثوب في يدها أصفر فقال: هذا هروي، فإذا هو مصبوغ كان له ثوب هروي وسط من ذلك، والخلع جائز، والطلاق واقع عليها. وهذا بمنزلة البيع. وإذا تزوج المريض في مرضه امرأة مريضة على ألف درهم ودفعها إليها (¬1) ولا مال له غيرها، ومهر مثلها مائة درهم، فاختلعت بها منه قبل أن يدخل بها، ثم ماتت من ذلك المرض ولا مال له غيرها، ثم مات الزوج بعدها من ذلك المرض، فإنه يكون لورثة المرأة من هذه الألف مائتا (¬2) درهم وخمسة وسبعون (¬3) درهماً، ولورثة الزوج سبعمائة وخمسة وعشرون (¬4) درهماً. وأصل ذلك أنه قد طلقها قبل أن يدخل بها، فلها خمسون (¬5) نصف مهر مثلها، ليس فيه محاباة. وللزوج من هذه الخمسين الثلث. فاضرب الثلث من ذلك إلى خمسين وقع مائة. فهذا مال الزوج. وقد حاباها فيه بخمسين وأربعمائة. فلا يجوز إلا الثلث. فالثلث من ذلك ثلاثة أثمان هذا المال للمرأة محاباة. ويرجع إلى الزوج من هذه الثلاثة الأثمان ثمن. وهو ثلث المحاباة الذي اختلعت به منه. فادفع ذلك إلى ورثة الزوج. فصار من الدراهم الثلثان. وصار في يدي الورثة للمرأة الثمنان الباقيان وثلثا الخمسين. فذلك على ما وصفت لك. وأصل هذا أن تأخذ (¬6) تسعة فتجعلها مال الزوج. فتجعل وصية المرأة فيها ثلاثة. وبقي في يدي الزوج منها ستة. فاطرح من هذه الستة واحدة؛ لأنه لا يرجع إلى هذا الواحد من الثلاثة الذي جعلت للمرأة. فيكون ذلك تمام الثلثين (¬7). فلذلك ألقيت الواحدة. وهذا أصل هذا الباب كله (¬8). ... ¬

_ (¬1) ز: إليه. (¬2) ز: مائتي. (¬3) ز: وسبعين. (¬4) ز: وعشرين. (¬5) ز: خمسين. (¬6) ز: أن يأخذ. (¬7) م ز: الثلاثين. (¬8) انظر للشرح: المبسوط، 6/ 195 - 196.

باب المشيئة في الطلاق

باب المشيئة في الطلاق وإذا قال الرجل لامرأته: إن شئت فأنت طالق، فذلك إليها ما دامت في ذلك المجلس الذي قال لها فيه القول. فإن شاءت أن تكون (¬1) طالقاً فهي طالق واحدة، يملك فيها الرجعة إن كان قد دخل بها. وإن كان لم يدخل بها فواحدة بائنة لا سبيل له عليها، ولا عدة عليها إلا أن يطلقها ثانية (¬2) إن شاء. فإن قامت من ذلك المجلس قبل أن تشاء فهي امرأته، ولا يقع عليها الطلاق. وكذلك إن أخذت في عمل آخر يعرف أنه قطع لما كان فيه من ذكر الطلاق. ولو قام الزوج وترك المرأة في ذلك المجلس كان لها أن تقبل (¬3) الطلاق ما لم تقم أو تقول (¬4) فيه ما شاءت وإن تطاول المجلس بها، إلا أن تأخذ (¬5) في عمل (¬6) يعرف أنه قطع لذلك. وكذلك إن قال: إن أحببت فأنت طالق، وإن هويت فأنت طالق، وإن رضيت فأنت طالق، أو قال: طلقي نفسك إن شئت أو أحببت أو هويت أو أردت أو رضيت، فهو مثل ذلك. وإذا قال لها: إن كنت تحبينني (¬7) فأنت طالق، وإن كنت تبغضينني (¬8) فأنت طالق، أو إن أحببتيني (¬9) فأنت طالق، أو إن أبغضتيني (¬10) فأنت طالق، فكل ما يشبه هذا من الكلام الذي لا يطلع على ما في قلبها منه غيرها، فإن ذلك إليها والقول قولها. فإن قالت في ذلك المجلس الذي يقع به عليها الطلاق فهي مصدقة، وهي طالق. وهذا استحسان. فأما في القياس فلا ينبغي له أن يصدقها. ولكنا نأخذ بالاستحسان في هذا. وإن قال لها: طلقي نفسك، ولم يذكر فيه مشيئة فذلك بمنزلة ¬

_ (¬1) ز: أن يكون. (¬2) ز: بائنة. (¬3) ز: أن يقبل. (¬4) ز: لم يقم أو يقول. (¬5) ز: أن يأخذ. (¬6) م ز: من عمل. (¬7) ز: تحبيني. (¬8) ز: تبغضيني. (¬9) ز: أحببتني. (¬10) ز: أبغضتني.

المشيئة، وذلك لها ما دامت في ذلك المجلس ما لم تقم (¬1) أو تأخذ في عمل يعرف أنه قطع لذلك. فإن طلقت نفسها ثلاثاً سئل الزوج عما كان أراد. فإن كان أراد ثلاثاً فهي ثلاث. وإن كان أراد واحدة لم يقع عليها شيء؛ لأنها قد خالفت. وأما في قولهما فإنها طالق واحدة؛ لأنها قد طلقت نفسها (¬2) ثلاثاً، فالواحدة من الثلاث. فإن كان (¬3) طلقت نفسها واحدة وقد كان الزوج أراد ثلاثاً فهي واحدة؛ لأنها قد كانت تقدر (¬4) في ذلك المجلس على أن تطلق نفسها أخراوين. وليس هذا كالباب الأول. ليس الثلاث من الواحدة، والواحدة (¬5) من الثلاث. وهذا قياس قول أبي حنيفة. وأما في قياس قولهما فإن طلقت نفسها ثلاثاً ولم يُرِدْ (¬6) فهي واحدة. وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق ثلاثاً إن شئت، فقالت: (¬7) قد شئت واحدة، فهذا باطل لا يقع عليها شيء؛ لأنها شاءت غير ما جعل إليها. وكذلك إن شاءت اثنتين. ولو قال: أنت طالق واحدة إن شئت، فقالت: قد شئت ثلاثاً، وقد شئت اثنتين، فهذا باطل لا يقع عليها شيء في قول أبي حنيفة. وأما في قولهما فهي طالق واحدة، لأنها قد شاءت واحدة كما قال وزادت. ولو قال: أنت طالق ثلاثاً (¬8) إن شئت، فقالت (¬9): قد شئت واحدة وواحدة وواحدة، فقد وقع عليها ثلاث تطليقات إن كان قد دخل بها. وإن كان لم يدخل بها وقعن عليها أيضاً؛ من قبل أن الأولى لم تقع (¬10) إلا مع الثانية والثالثة. ولو أوقعت الأولى وحدها كان قد أوقعت عليها من الطلاق غير ما جعل لها فيه المشيئة إليها. ألا ترى أنه لو قال لها: أنت طالق ثلاثاً إن أحببتيهن، فقالت: أنا أحب واحدة وواحدة وواحدة، وقع عليها كلهن. ¬

_ (¬1) ز: لم يقم. (¬2) ز - نفسها. (¬3) ز: كانت. (¬4) ز: يقدر. (¬5) ز: والواحدة. (¬6) م ش ز: ترد. (¬7) ز: فقال. (¬8) م - ثلاثاً؛ صح هـ. (¬9) ز: فقال. (¬10) ز: لم يقع.

وإذا قال لها: أنت طالق ثلاثاً إن شئت، فقالت: قد شئت واحدة، ثم سكتت (¬1) ثم قالت: قد شئت واحدة وواحدة، فلم يقع عليها الطلاق بشيء منهن؛ لأن مشيئتها الأولى أبطلت مشيئتها الآخرة حين قطعت الكلام وسكتت، وذلك بمنزلة قولها: لا أشاء الأخريين (¬2). ألا ترى (¬3) أنها لو قالت: قد شئت (¬4) ذلك إن شاء أبي أو إن شاء فلان، فقال فلان: قد شئت، كان هذا باطلاً لا يقع عليها شيء؛ لأن الزوج لم يجعل المشيئة إلى فلان ولم يوقع بمشيئته الطلاق، إنما أوقع الطلاق بمشيئتها، وقد خرجت من المشيئة حين ملّكت ذلك غيرها، وليس لها مشيئة بعد ذلك وإن (¬5) كانت في ذلك المجلس، وهذا منها بمنزلة الرد للطلاق. ولو قال لها: إذا شئت فأنت طالق، أو قال لها: متى ما شئت فأنت طالق، فقامت من ذلك المجلس كان لها بعد ذلك أن تشاء، وليس هذا مثل قوله: إن شئت. إنما "إن شئت" على ذلك المجلس. و"إذا شئت" و"متى شئت"، و"إذا ما شئت" و"متى ما شئت" لها المشيئة في ذلك أبداً مرة واحدة في ذلك [المجلس] وغير ذلك المجلس، وهما سواء. وإذا قال لها: أنت طالق كلما شئت، كان لها ذلك (¬6) أبداً كلما شاءت حتى يقع عليها ثلاث تطليقات. ولو شاءت مرة واحدة فصارت طالقاً (¬7) واحدة ثم انقضت العدة ثم خطبها فتزوجها كان لها المشيئة أيضاً. وإن شاءت ثلاث مرات وقع عليها بذلك ثلاث تطليقات ثم تزوجها بعد زوج غيره لم يكن لها مشيئة بعد الثلاث؛ لأن طلاق ذلك الملك قد ذهب كله. فإن تزوجها بعد تطليقة أو تطليقتين وقد نكحت زوجاً غيره ودخل بها كان لها المشيئة فيما بقي من الطلاق حتى تستكمل (¬8) ثلاث تطليقات ¬

_ (¬1) ز: ثم سكت. (¬2) ش: الاخراتين. (¬3) ش - ألا ترى. (¬4) ش: قتشئت (مهملة). (¬5) م ش ز: فإن. والتصحيح من الكافى, 1/ 80 و. (¬6) ز - ذلك. (¬7) ز: طالق. (¬8) ز: يستكمل.

مستقبلات؛ لأن طلاق ذلك الملك لم يذهب كله في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وكذلك لو لم تشأ في أول الأمر شيئاً ولكن الزوج طلقها ثلاثاً وتزوجت زوجاً غيره ثم رجعت إليه بعد زوج غيره وقد دخل بها كان لها المشيئة في ثلاث تطليقات مستقبلات. وإن كان الزوج لم يدخل بها فلها المشيئة فيما بقي من طلاق ذلك الملك الذي كانت فيه المشيئة. ولو لم يطلقها شيئاً وردت المشيئة إليه كان ردها ذلك باطلاً، ولها أن تشاء بعد ذلك. ألا ترى أنه لو قال لها: كلما دخلت الدار فأنت طالق، [و] ردت ذلك إليه، كان ردها إياه باطلاً، وكان الطلاق واقعاً عليها إذا دخلت الدار. فكذلك قوله: كلما شئت فأنت طالق. وإذا قال لها: كلما شئت فأنت طالق ثلاثاً، فشاءت واحدة فإن ذلك باطل، لأنها شاءت غير ما قال لها وغير ما جعل إليها. وإذا قال لها: كلما شئت فأنت طالق واحدة، فقالت: قد شئت ثلاثاً، كان هذا باطلاً لا يجوز؛ لأنها شاءت غير ما قال لها. وكذلك لو قال لها: كلما شئت فأنت طالق، ولم يسم شيئاً فشاءت أن تكون طالقاً (¬1) ثلاثاً فهو باطل. وهذا قول أبي حنيفة. وأما في قولهما فهي طالق في الوجهين (¬2) تطليقة؛ لأنها حين شاءت ثلاثاً فقد شاءت الواحدة؛ لأن الواحدة من الثلاث. ولو قالت: قد شئت أمس تطليقة، وكذبها الزوج كان القول في ذلك قول الزوج، ولا تصدق المرأة أنها قد شاءت أمس. ولو قالت: قد شئت أن أكون غداً طالقاً (¬3)، كان ذلك باطلاً, ليس لها أن توقع (¬4) الطلاق إلى أجل، ولا أن توقع (¬5) عليها طلاقاً ماضياً بقولها إلا أن يصدقها الزوج. وإذا قال الرجل لامرأتين له: إذا شئتما فأنتما طالقان، فشاءت ¬

_ (¬1) ز: أن يكون طالق. (¬2) م ش ز: من الوجهين. والتصحيح من الكافي، 1/ 80 ظ. (¬3) ز: طالق. (¬4) ز: باطلاً وإذا قالها أن يوقع. (¬5) ز: باطلاً وإذا قالها أن يوقع.

إحداهما (¬1) دون الأخرى فذلك باطل. وكذلك لو ماتت إحداهما ثم شاءت الأخرى الطلاق كان ذلك باطلاً. فإن شاءتا جميعاً أن توقعا الطلاق على إحداهما دون الأخرى فذلك باطل؛ لأنهما قد شاءتا غير ما جعل إليهما. ألا ترى أنه لو قال: إذا أحببتما أن أطلقكما جميعاً فأنتما طالقان، فقالتا: قد أحببنا أن تكون (¬2) فلانة طالقاً (¬3)، كان ذلك باطلاً، وكانتا قد أحبتا غير ما (¬4) يقع به الطلاق. وإذا شاءتا جميعاً أن تكونا (¬5) طالقين (¬6) فهما طالقان (¬7). وإذا قال الرجل لامرأته: طلقي نفسك، فلها ذلك ما دامت في ذلك المجلس ما لم تقم (¬8) أو تأخذ في عمل يعرف أنه قطع لذلك. فإن طلقت نفسها في ذلك المجلس ثلاثاً سئل الزوج عن نيته. فإن كان نوى ثلاثاً فهي ثلاث. وإن نوى واحدة لم يقع عليها شيء في قياس قول أبي حنيفة؛ لأنها قد خالفت ما جعل لها. وإن كانت قد طلقت نفسها واحدة فهي واحدة. وكذلك إن نوى الزوج ثلاثاً فطلقت (¬9) نفسها واحدة فهي واحدة، وهو يملك الرجعة وإن كان قد دخل بها؛ لأنها قدرت على أن تطلق نفسها اثنتين (¬10) في ذلك المجلس. وإذا قال الرجل لامرأته: شيئي الطلاق، فقالت: قد شئت، ينوي بذلك الطلاق فهي طالق. وهذا مثل قوله: اختاري الطلاق (¬11)، فقالت: قد اخترت الطلاق، فإن لم تكن (¬12) له نية فليس بطلاق. ولو قال: أحبي الطلاق، أو أريدي الطلاق، أو اهوي (¬13) الطلاق، فقالت في ذلك كله: قد ¬

(¬1) ز: أحدهما. (¬2) ز: أن يكون. (¬3) ز: طالق. (¬4) م ش ز: أحبتا عما. (¬5) ز: أن يكونا. (¬6) ش: طالقتين. (¬7) ش: طالقتان؛ ز: طالقين. (¬8) ز: لم يقم. (¬9) م ش ز: فطلقها. (¬10) ز: اثنين. (¬11) ش - وهذا مثل قوله اختاري الطلاق. (¬12) ز: لم يكن. (¬13) م ش ز: أو اهمي. والتصحيح مما يأتي في دوام العبارة؛ ومن الكافي، 1/ 80 ظ؛ والمبسوط، 6/ 202.

فعلت، كان ذلك باطلاً. وإن نوى به الطلاق لا يقع به الطلاق، وليس هذا كقوله: شيئي الطلاق؛ لأن "شيئي الطلاق" واجب، و"أحبي الطلاق واهويه (¬1) وأريديه" لم يملكها منه شيئاً (¬2)، وقد ملكها في المشيئة. وإذا قال لها: أنت طالق إن أحببت، فقالت: قد شئت الطلاق، فإنه يقع عليها؛ لأن المشيئة والمحبة سواء. ولو قال لها: أنت طالق إن شئت، فقالت: قد أحببت الطلاق، أو هويت الطلاق، أو أعجبني الطلاق، أو أنا أريد الطلاق، فهذا كله سواء لا يقع به؛ لأن هذا ليس عين المشيئة. وإذا قال (¬3): طلقي نفسك واحدة إن شئت، فقالت: قد طلقت نفسي واحدة، فهي طالق، وقد شاءت حيث طلقت نفسها. وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق ثلاثاً إن شئت، فقالت: قد شئت إن كان كذا وكذا، لشيء ماض قد كان، فهي طالق. وليس هذا كقوله: قد شئت إن كان كذا وكذا، لشيء يكون في المستقبل (¬4). ألا ترى (¬5) أنها لو قالت: قد شئت إن كنت زوجي، أو قد شئت إن كانت فلانة امرأتك، أو قد شئت إن كان فلان قد قدم، أو قد شئت إن كان هذا، يجوز كله، فهو جائز. وليس هذا كقوله: قد شئت إن شاء الزوج، فقال الزوج: قد شئت، فهذا باطل؛ لأن هذا لم يتكلم بالطلاق، وإنما شاء مشيئتها. ولو قال الزوج: قد شئت الطلاق، كانت طالقاً إذا أراد به الطلاق. وإذا قال الرجل للرجل: طلق امرأتي، فهو رسول إن كان غائباً عنها، فله أن يطلقها وإن قام من ذلك (¬6) المجلس؛ لأن هذا رسوله. وإن كانا حاضرين فهو كذلك أيضاً. وإذا قال: طلقها إن شئت، وقال: هي طالق إن شئت، فهو سواء، والمشيئة إليه ما دام في ذلك المجلس. وكذلك لو جعل ذلك إلى صبي أو معتوه أو عبد أو أمة أو ذمي أو غيره. وإذا قال: هي ¬

_ (¬1) ز: وأهوته (¬2) ز: شيء. (¬3) ز + لها. (¬4) م ش ز: لشيء ليس بمستقبل. والتصحيح من المبسوط، 6/ 202. (¬5) ز: يرى. (¬6) م ز: في ذلك.

طالق إذا شئت، فقال الآخر: قد شئت، فهي طالق. وإذا قال: طلقها إن شئت، فقال: قد شئت، كان (¬1) هذا باطلاً لا يجوز حتى يقول: هي طالق. وإذا قال: طلقها، فقال: قد فعلت، فهي طالق؛ لأن هذا جواب الكلام. ألا ترى (¬2) أنه لو قال: قد طلقتها (¬3) ما قلت، أو فعلت ما قلت، كان هذا سواء كله، ووقع عليها الطلاق بقوله: قد فعلت. وإذا قال الرجل لرجلين: طلقاها، فطلقها أحدهما فهو جائز. وإذا قال: طلقاها ثلاثاً، فطلق (¬4) أحدهما ثلاثاً (¬5) فهو جائز، لا يحتاج في هذا (¬6) إلى رأي آخر وإلى عقله. ولوطلقها أحدهما (¬7) واحدة وطلقها الآخر ثنتين كانت طالقاً ثلاثاً. وكذلك لو قال (¬8): طلقاها جميعاً. ألا ترى أنه لو قال لامرأته: طلقي نفسك وهذا معك، كان لها أن تطلق نفسها وحدها وإن لم تكن (¬9) تلك معها. وإذا قال لرجلين: (¬10) طلقا امرأتي جميعاً ولا يطلقها (¬11) منكم واحد دون صاحبه، فهو كما قال. وإن طلق أحدهما دون صاحبه فهو باطل. وإذا قال الرجل لرجل: طلق فلانة امرأتي، ثم نهاه عن ذلك قبل أن يفعل ثم طلق بعد النهي كان الطلاق باطلاً (¬12)؛ لأنه رسول إذا نهاه فليس له أن يطلق. وإذا نهاه والرسول ليس بحاضر فطلق بعد النهي ولا يعلم النهي كان الطلاق جائزاً؛ لأنه لا يعلم بالنهي فله أن يطلق ما لم يعلم. وليس هذا كالذي بعد العلم بالنهي. ولو قال لامرأته: طلقي نفسك، ثم نهاها عن ذلك ¬

_ (¬1) ش: قد كان. (¬2) ز: يرى. (¬3) م: قد طلقها. (¬4) ش: وطلق. (¬5) ز - فطلق أحدهما ثلاثاً. (¬6) ش ز: من هذا. (¬7) ش - أحدهما. (¬8) كذا في م ش ز. ولعله: كان. (¬9) ز: لم يكن. (¬10) م ز: للرجلين. (¬11) م ز: ولا يطلقهن. (¬12) م ش ز: بائناً. والتصحيح يقتضيه باقي الجملة. وانظر: الكافي, 1/ 81 و؛ والمبسوط، 6/ 203.

ثم طلقت نفسها بعد النهي قبل أن تقوم (¬1) من مجلسها ذلك أو تأخذ في عمل غيره فإن الطلاق جائز واقع عليها. وليست المرأة في هذا كالرسول؛ لأنها لا تكون (¬2) رسولاً إلى نفسها، وقد يكون غيرها رسولاً إليها. وإذا قال الرجل لامرأته: إن شئت فأنت طالق، فقالت: نعم، كان هذا باطلاً؛ لأن "نعم" ليست بمشيئة، ولا يجوز شيء (¬3) من ذلك إلا أن تقول (¬4): قد شئت. ولو قالت: قد رضيت، لم يقع الطلاق عليها أبداً؛ لأن هذا ليس بمشيئة. ولو قال لها: أنت طالق ثلاثاً إن أحببت، فقالت: قد قبلت، كان هذا باطلاً. وإذا قال الرجل لآخر: إذا شئت فامرأتي طالق أو متى شئت، فهو سواء، وله ذلك مرة واحدة متى ما شاء، وليس للزوج النهي عن ذلك، وليس هذا كالرسول الذي لم يجعل إليه المشيئة. وإذا قال: كلما شئت فهي طالق، فذلك (¬5) كله له حتى يطلقها ثلاثاً. وإذا قال لرجلين: إذا شئتما ففلانة طالق، فمات أحدهما، فليس للآخر مشيئة، ولا يقع عليها طلاقه. وكذلك إذا شاء أحدهما ولم يشأ الآخر فلا يقع الطلاق. وكذلك إن قال: إن شئتما فهي طالق ثلاثاً، فشاء أحدهما واحدة وشاء الآخر اثنتين لم يقع عليها شيء؛ لأنهما قد اختلفا ولم يجعلاها (¬6) على الثلاث. وإذا قال لها: أنت طالق إذا شئت وشاء فلان، فقالت هي: قد شئت إن شاء فلان، وقال فلان: قد شئت، كان هذا باطلاً لا يقع عليها شيء؛ لأنها قد أخرجت نفسها من المشيئة. وإذا قال لها: إن شئت فأنت طالق، ثم قال للأخرى: طلاقك مع ¬

_ (¬1) ز: أن يقوم. (¬2) ز: لا يكون. (¬3) ز: شيئاً. (¬4) ز: أن يقول. (¬5) م ش ز: فلذلك. (¬6) ز: قد اختلف ولم يجعلها.

طلاق هذه، ثم شاءت تلك الطلاق، فإن التي جعل لها المشيئة طالق (¬1)، وهذه طالق معها، ثلاثاً قال أو واحدة، إن كان أراد بقوله الطلاق. فإن لم يكن أراد الطلاق فإنه يدين فيما بينه وبين الله تعالى. وإذا قال الرجل لامرأته: إذا شئت فأنت طالق، ثم قال لامرأة له أخرى: أنت طالق إذا طلقتُ فلانة، فمتى شاءت فلانة الطلاق فإن فلانة طالق، ولا يقع على الأخرى الطلاق. ألا ترى (¬2) أنه [لم] يطلق فلانة منذ قال لها ما قال (¬3). ولكن لو قال: إن طلقت فلانة فأنت طالق، ثم قال لفلانة: أنت طالق إذا شئت، فشاءت الطلاق وقع عليهما جميعاً. وإذا قال الرجل: إن تزوجت فلانة فهي طالق إن شاءت، فتزوجها فلها المشيئة ما دامت في ذلك المجلس حتى تقوم منه أو تأخذ (¬4) في عمل غيره. فإن لم تكن تعلم (¬5) المشيئة فلها المشيئة إذا علمت. وإن قعدت بعد القيام لا يبطل الجلوس بعد القيام المشيئة. فإن قامت بعد الجلوس بطلت المشيئة. وإذا قال لها: إن تزوجتك فأنت طالق إن شئت، فشاءت الطلاق قبل أن يتزوجها ثم تزوجها فالمشيئة الأولى باطلة، ولها أن تشاء حين يتزوجها في المجلس. وإنما أبطلت المشيئة الأولى لأنها شاءت ما لم تملك (¬6). ألا ترى أن النكاح لم يقع عليها بعد. ولو قال لامرأته: أنت غداً طالق إن شئت، فقالت: قد شئت الساعة، كان ذلك باطلاً؛ لأنه إنما جعل ذلك إليها في الغد. ولو قال: إن شئت فأنت طالق غداً، ونوى ذلك ولم يقل: الساعة، فقالت: قد شئت أن أكون طالقاً غداً، وقع عليها الطلاق في غد ¬

_ (¬1) ز + ثم قال للأخرى طلاقك مع طلاق هذه ثم شاءت تلك الطلاق فإن التي جعل لها المشيئة طالق. (¬2) ز: يرى. (¬3) انظر للشرح: المبسوط، 6/ 204 - 205. (¬4) ز: يقوم منه أو يأخذ. (¬5) ز: لم يكن يعلم. (¬6) ز: لم يملك.

كما شاءت. وإن قالت: قد شئت أن يقع الطلاق اليوم، فإنه لا يقع عليها الطلاق في ذلك اليوم ولا في غد، وقولها ذلك (¬1) باطل؛ لأنها شاءت أن يقع فيما لم يجعل لها. وإذا قال لها: إن شئت فأنت طالق إذا شئت، فقالت: قد شئت أن أكون طالقاً إذا شئت، فلها المشيئة إذا شاءت. وإن قامت من ذلك المجلس فلها المشيئة. فإن كان قال: إن شئت الساعة فأنت طالق إذا شئت، فقامت من ذلك المجلس فلا مشيئة لها. وإن لم تتكلم (¬2) به الساعة ونواها فهو كما نوى؛ لأن هذا الكلام له وجهان في القضاء وفيما بينه وبين الله تعالى. فإن نوى ما دامت في ذلك المجلس فهو كما نوى. وإن نوى بعد فهو كما نوى. وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق كيف شئت، فقامت من ذلك المجلس قبل أن تشاء فهي طالق واحدة. وإنما لها المشيئة فيما زاد على واحدة أن يكون واحدة أو ثلاثاً. وإن شاءت في مجلسها ذلك ثلاثاً وقد نوى الزوج ثلاثاً فهي ثلاث. وإن شاءت واحدة بائنة وقد نوى الزوج ذلك فهو كذلك. وإن شاءت واحدة بائنة والزوج ينوي ثلاثاً فهي واحدة يملك الرجعة، فلا تكون (¬3) ثلاثة (¬4). وإن قالت: قد شئت ثلاثاً، والزوج ينوي واحدة بائنة، فلا تكون (¬5) ثلاثاً ولا واحدة بائنة. وهي واحدة يملك الرجعة لأنها لم تشأ ما قال، فلا يقع عليها شيء بالمشيئة، وإنما يقع عليها تطليقة رجعية. وهذا قول أبي حنيفة. وعندهما مثل ذلك إلا في خصلة واحدة: لا يقع عليها شيء من الطلاق حتى تشاء. فإن قامت من مجلسها قبل أن تشاء لم يقع عليها شيء من الطلاق. وإذا قال: أنت طالق كم شئت، فإن شاءت ثلاثاً في ذلك المجلس فهو كذلك. وإن لم تشأ شيئاً حتى تقوم لم يقع عليها شيء. وليس هذا مثل قوله: كيف شئت. ألا ترى أنه قد قال: أنت طالق كم شئت، فإن قامت من ¬

_ (¬1) م - ذلك؛ صح هـ. (¬2) ز: لم يتكلم. (¬3) ز: يكون. (¬4) م ز: بائنه. (¬5) ز: يكون.

ذلك المجلس قبل أن تشاء شيئاً لم يقع عليها شيء؛ لأنه لم يوقع الطلاق إلا بمشيئتها. ولو قال: أنت طالق حيث شئت أو أين شئت، لم يقع الطلاق إلا بمشيئتها قبل أن تقوم (¬1) من مجلسها. فإن شاءت قبل أن تقوم أن تكون (¬2) طالقاً بالكوفة أو بالبصرة أو في الدار أو في البيت أو في غير ذلك المكان الذي هي فيه فالطلاق واقع عليها في مكانها حين تكلمت. ألا ترى (¬3) أنها إذا طلقت في مكان فهي طالق فيما سواه. وإذا قال لها: أنت طالق زمان شئت أو حين شئت، فقامت من ذلك المجلس قبل أن تشاء فهي امرأته، ولها أن تشاء إذا شاءت، إنما هذا مثل قوله: إذا شئت، ومتى شئت. وإذا قال لها: أنت طالق أمس إن شئت، فلها المشيئة ما دامت في ذلك المجلس. فإن قامت من مجلسها ذلك قبل أن تشاء فهي امرأته. وإذا قال لها: أنت طالق على ألف درهم إذا شئت ومتى شئت (¬4) أو كلما شئت، فذلك لها على ما قال بعدما تقوم (¬5) من ذلك المجلس قبل أن تشاء، وهي امرأته ما لم تشاء. وإن قال: إن شئت، فقالت: قد شئت، وقع الطلاق عليها، ولزمها المال. وإن قامت من ذلك المجلس قبل أن تشاء فهي امرأته. وإذا قال الرجل لامرأته: إذا شاء فلان فأنت طالق، وفلان ميت أو كان حياً يوم قال ثم مات ساعتئذ والزوج يعلم بذلك أو لا (¬6) يعلم فذلك كله سواء، ولا يقع الطلاق عليها في شيء من ذلك. ألا ترى أن المشيئة جازت إلى من لا يقول فيها شيئاً ولا يوقع به طلاقاً. ألا ترى (¬7) أنه لو قال لها: أنت طالق إن شاء كذا كذا، لشيء لا يتكلم ولا ينطق، أن ذلك لا ¬

_ (¬1) ز: أن يقوم. (¬2) ز: أن يقوم أن يكون. (¬3) ز: يرى. (¬4) ش + ومتى شئت. (¬5) ز: يقوم. (¬6) م ش ز: ولا. والتصحيح من ب، والكافي، 1/ 81 ظ. (¬7) ز: يرى.

يقع عليها. وكذلك إن قال لها: أنت طالق ثلاثاً إن أحب ذلك فلان، أو إن تكلم بذلك فلان، أو إن قال ذلك فلان، وفلان ذلك ميت، فهذا باطل لا يقع به شيء؛ لأن الميت وما أشبهه مما لا ينطق لا يشاء ولا يحب ولا يقول ولا يتكلم. ولو قال لها: أنت طالق إذا شاء فلان، وفلان حي، كان ذلك لفلان المشيئة متى ما شاء. وكذلك قوله: متى ما شاء ومتى شاء وإذا ما شاء، وفلان غائب، فهي امرأته حتى يعلم أشاء فلان أم لا. وإن مات ولم يعلم أنه فعل ذلك لم يقع الطلاق عليها. ولو قال لها: أنت طالق إذا شاء فلان، لشيء من الخلق لا يرى ولا يظهر ولا تعلم (¬1) مشيئته، فهذا باطل لا يقع به الطلاق؛ لأن مشيئته هذا لم تقع (¬2). ألا ترى (¬3) أنها لا تعرف. أرأيت لو قال: أنت طالق إن تكلم هذا بالطلاق، فإن (¬4) قال هذا: أنت طالق، ثم لم يعرف أن ذلك قال تلك المقالة أليس هي امرأته ولا يقع به الطلاق. وإذا قال لها: أنت طالق إن كنت تحبين فلاناً, فقالت: أنا أحبه في ذلك المجلس، فالقول قولها وهي طالق. فإن قال لها (¬5): أنت طالق إن كنت تحبين كذا وكذا، لشيء يعرف أنها تحبه أو لا تحبه مثل الموت أو العذاب (¬6) أو جرح أو قطع، فقالت: فإني أحبه، فإنها مصدقة في ذلك، والطلاق واقع عليها. وكذلك إن قال: إن كنت تبغضين كذا وكذا فأنت طالق، لشيء من الخير يعرف أنها تحبه مثل الجنة (¬7) والحياة (¬8) والغنى (¬9)، فقالت: إني أبغضه، فهي مصدقة وهي طالق. ¬

_ (¬1) ز: يعلم. (¬2) ز: لم يقع. (¬3) ز: يرى. (¬4) م ش ز: وإن. (¬5) ز - لها. (¬6) م ش ز: الفرار. والتصحيح من الكافي، 1/ 81 ظ. (¬7) م ز: الحيده؛ ش: الميده. والتصحيح من المبسوط، 6/ 209. (¬8) م ش ز: والتفاح. والكلمة مهملة في ش. والتصحيح من الكافي، 1/ 81 ظ. (¬9) م ز: والقثا.

إذا قال: أنت طالق ثلاثاً إن كنت تحبين ذلك، فقالت: لست أحب ذلك، وهي كاذبة فإن الطلاق لا يقع عليها. وكذلك لو قال لها: أنت طالق ثلاثاً إن كنت أنا أحب ذلك، ثم قال لها: لست أحب ذلك، وهو كاذب في قوله فهي امرأته، ويسعه أن يطأها فيما بينه وبين الله تعالى ويسعها هي المقام معه. وكذلك لو قال لها: أنت طالق ثلاثاً إن كنت أبغض كذا كذا، لشيء من الخير كما وصفت لك من الباب الأول، ثم قال: أنا أبغضه، فهي امرأته ويسعه أن يقيم معها (¬1). وإن قال: إن كنت أحب طلاقك فأنت طالق ثلاثاً، ثم قال: لست أحب ذلك، أو لم (¬2) يقل شيئاً فهي امرأته. فإن كان يحب ذلك وقد أخبرها بالباطل (¬3) فإنها لا تطلق. وكذلك لو قال لها: إن كنت تحبين الطلاق فأنت طالق ثلاثاً، فقالت: لا أحبه، وهي كاذبة في هذا القول أو سكتت فلم تقل (¬4) شيئاً وهي تحب ذلك بقلبها فإنه يسعها أن تقيم معه، والزوج في سعة من المقام معها. ولو قالت ذلك بعد القيام من ذلك المجلس لم يصدق. وكذلك لو قال لها: إن كنت تحبين الطلاق بقلبك أو تهوينه أو تريدينه أو تشتهينه بقلبك دون لسانك فأنت طالق ثلاثاً، فقالت: لا أشاء ولا أحب ولا أهوى ولا أريد ولا أشتهي، فهي امرأته ولا يصدق في ذلك على قول خلاف هذا القول الأول. وقال محمد: لا يسعها أن تقيم (¬5) معه إذا كان ما في قلبها يخالف ما أظهرت فيما بينه وبين الله تعالى وكذبت الزوج. وإن كانت (¬6) في مجلسها ذلك أو سكتت فلم تقل (¬7) شيئاً حتى تقوم (¬8) فهي امرأته. وإن كان ما في قلبها خلاف ما أظهرت فإنه يسعها أن تقيم معه فيما بينه وبين الله تعالى. وهذا قول أبي ¬

_ (¬1) م ز: عليها. (¬2) م ش ز: ولم. والتصحيح من المبسوط, 6/ 209. (¬3) م ش ز: الباطل. والتصحيح من الكافي, 1/ 81 ظ. (¬4) ز: أو سكت فلم يقل. (¬5) ز: أن يقيم. (¬6) م ش ز: كان. والتصحيح من المصدر السابق. (¬7) ز: يقل. (¬8) ز: يقوم.

باب الخيار

حنيفة وأبي يوسف. وأما قول محمد فلا يسعها المقام معه إذا كان ما في قلبها خلاف ما أظهرت على لسانها. وإذا قال الرجل لامرأتيه: أيتكما شاءت فهي طالق ثلاثاً، فشاءتا جميعاً فهما طالقان، وأيتهما ما شاءت وسكتت (¬1) الأخرى فالتي شاءت طالق والأخرى امرأته. وإن قال الزوج: إنما نويت إحداكما، وقد شاءتا جميعاً فإنه لا يصدق في القضاء ويلزمه ذلك. وأما فيما بينه وبين الله تعالى فهو مصدق، ويمسك أيتهما شاء ويطلق الأخرى. فإن كان عنى واحدة بعينها فارق تلك التي عنى. ولا يسع امرأتيه أن تقيما (¬2) معه. وإذا قال: أشدكما حباً للطلاق، أو قال: أشدكما بغضا للطلاق فهي طالق، فقالت كل واحدة: أنا أشد حباً لذلك، أو أنا أشد بغضاً لذلك، وكذبهما الزوج، فإن الطلاق لا يقع على واحدة منهما. ألا ترى (¬3) أنهما (¬4) قد يكونان في ذلك جميعاً على حال واحد، لا يحبان ولا يبغضان، فلذك لا يصدقان، ولا يصدق كل واحدة (¬5) منهما على ما في قلب صاحبتها، فلذلك لا يقع الطلاق. ... باب الخيار بلغنا عن عمر وعن عثمان وعن علي وجابر بن عبد الله وجابر بن يزيد وابن مسعود وإبراهيم وعامر أنهم قالوا في الرجل يخير امرأته: إن لها الخيار ما دامت في مجلسها ذلك، فإن قامت من مجلسها فلا خيار لها (¬6). وإذا خير الرجل امرأته فإن لها الخيار ما دامت في ذلك المجلس. فإن ¬

_ (¬1) ز: وسكت. (¬2) ز: امرأتاه أن يقيمان. (¬3) ز: يرى. (¬4) ش - أنهما. (¬5) ز: واحد. (¬6) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 89 - 90؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 229 - 230.

قامت أو أخذت - مثل أن تشتغل - في عمل يعرف أنه قطع لما كانت فيه من ذلك المجلس فليس لها خيار. ولو خيرها وهي قائمة فقعدت كان لها الخيار كأنه خيرها وهي قاعدة. وإذا خير الرجل امرأته ولم يرد بذلك الطلاق فهو مصدق، والقول قوله. فإن اختارت نفسها بعد أن يحلف الزوج على ذلك فإنه لا يقع لها خيار ولا يقع عليها الطلاق. قد يكون الخيار من النفقة والكسوة والخروج. بلغنا ذلك عن عائشة أنها قالت: خيرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاخترناه، فلم يكن ذلك طلاقاً (¬1). وبلغنا عن عمر وابن مسعود أنهما قالا: إذا اختارت زوجها فلا شيء، وإن اختارت نفسها فواحدة يملك الرجعة. وبلغنا عن علي أنه قال: إن اختارت زوجها فواحدة يملك الرجعة، وإن اختارت نفسها فواحدة بائن. وبلغنا عن زيد بن ثابت أنه قال: إن اختارت نفسها فثلاث بوائن، وإن اختارت زوجها فلا شيء (¬2). قال أبو حنيفة: فأخذنا بالخيار إذا اختارت نفسها بقول علي. وإن اختارت زوجها بقول عائشة وعمر وابنه (¬3). وإذا خير الرجل امرأته وهو ينوي ثلاثاً فطلقت نفسها ثلاثاً أو قالت: قد اخترت نفسي، فإنه يقع عليها واحدة بائن، ولا يكون الخيار أكثر من واحدة بائنة؛ لأنها كلمة واحدة، ليست بجمع كلام. وإذا قال الرجل لامرأته: اختاري، وهي قائمة فقعدت فلها الخيار. وإن قامت بعد القعود فلا خيار لها. وإن كانت قاعدة فاتكأت أو متكئة (¬4) فقعدت فهي على خيارها. وإذا خيرها وهي في سفينة فهذا كخياره إياها وهما في البيت. وإذا خيرها وهي على دابة فسارت بعد الخيار قبل أن تختار (¬5) شيئاً ¬

_ (¬1) الآثار لمحمد، 93؛ وصحيح البخاري، الطلاق، 5؛ وصحيح مسلم، الطلاق، 24 - 28. (¬2) انظر للروايات السابقة: الآثار لأبى يوسف، 139؛ والآثار لمحمد، 93؛ والمصنف لعبد الرزاق، 7/ 9؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 88. (¬3) ز: وأبيه. (¬4) م ز + بعد القعود فلا خيار لها وإن كانت قاعدة فاتكأت أو متكئة. (¬5) ز: أن يختار.

فلا خيار لها. ولو اختارت حين خرج الكلام منه حتى يكون جواباً لذلك فاختارت نفسها بانت منه ولو كانت تسير، بعد أن يخرج ذلك منها مع سكوته. ولو كانا جميعاً في محمل أو على دابة واحدة كان مثل ما وصفت لك. وإذا كانت هي على دابة وحدها فهي كذلك أيضاً. وإذا خيرها وهي في صلاة مكتوبة فصلت ما بقي عليها من صلاتها بعد الخيار فانصرفت كان لها أن تختار (¬1) نفسها، وليس يكون قطعاً (¬2) للخيار أن تتم (¬3) الصلاة المكتوبة. ولو خيرها وهي في صلاة تطوع فصلت أربع ركعات ثم انصرفت فاختارت نفسها لم يكن لها خيارة؛ مِن قِبَل أنها قد كانت تقدر على أن تصلي ركعتين وتسلم (¬4) وتختار. فإذا صلت ركعتين واختارت نفسها وقع الطلاق عليها. والوتر في هذا بمنزلة المكتوبة. وإذا قال لامرأته: اختاري، وهي قاعدة فدعت بالطعام فطعصت فهذا قطع لأمر الخيار. وكذلك لو جامعها أو أخذ بيدها فأقامها من ذلك المجلس. وكذلك لو امتشطت أو اغتسلت أو اختضبت في ذلك المجلس كان هذا قطعاً (¬5) للخيار. وكذلك ما أشبه هذا من الأعمال. وكذلك هذا الأمر في "أمرك بيدك"، وفي قوله: أنت طالق إن شئت. وإذا شربت ماء ولبست ثيابها من غير أن تقوم (¬6) من ذلك المجلس، أو أمرت أن يدعى لها شهود (¬7)، أو أشباه ذلك مما يكون عملاً في الفرقة أو يكون عملاً يسيراً لأن يكون قطعاً للفرقة (¬8) مثل شرب الماء أو شبه ذلك، فإن لها أن تختار (¬9) نفسها إن شاءت ذلك. وكذلك "أمرك بيدك"، و"إن شئت فأنت طالق". وإذا خير الرجل امرأته فقالت: قد طلقتك، فإنه لا يقع عليها شيء. ¬

_ (¬1) ز: أن يختار. (¬2) ز: قطع. (¬3) ز: أن يتم. (¬4) ز: ويسلم. (¬5) ز: قطع. (¬6) ز: أن يقوم. (¬7) ز: شهودا. (¬8) م ش ز: قطعه الفرقة. (¬9) ز: أن يختار.

وكذلك المشيئة في الطلاق، و"أمرك بيدك"، وهي امرأته على حالها. بلغنا عن ابن عباس أنه قال في امرأة خيرها زوجها أو جعل أمرها بيدها فقالت: قد طلقتك، فقال ابن عباس: خَطَّأَ اللهُ نَوْءَها (¬1)، أفلا قالت قد طلقت نفسي، فتكون (¬2) طالقاً، ولم يزد (¬3) شيئاً (¬4). وإذا خير الرجل امرأته فقال: اختاري ثم اختاري ثم اختاري (¬5)، ينوي بهذا الطلاق كله فاختارت نفسها فهي ثلاث (¬6) تطليقات. بلغنا عن ابن مسعود أنه قال ذلك (¬7). ولو اختارت نفسها في المرة الأولى قبل أن يقول لها الثانية ثم اختارت نفسها في الثانية وفي الثالثة لم يقع عليها إلا واحدة؛ مِن قِبَل أنها بانت بالأولى، فإذا بانت المرأة لم يقع عليها (¬8) الخيار ولا "أمرك بيدك". ألا ترى أنه صادق وأنها قد ملكت أمرها. وإذا قال لها: اختاري اختاري اختاري، فاختارت نفسها فقال الزوج: نويت بالأولى الطلاق (¬9) وأردت (¬10) بالأخريين أن أفهمها، فإنه مصدق فيما ¬

_ (¬1) م ش ز: حط الله يدها. والتصحيح من الكافي، 1/ 82 و؛ ومن مصادر الأثر الآتية. قال المطرزي: في حديث ابن عباس: خَطَّأ اللهُ نَوْءَها، ألا طلّقت نفسها. أي: جعله مخطئاً لا يُصيبها مطرُه، وهو دعاء عليها إنكاراً لفعلها. ويقال لمن طلب حاجة فلم ينجح: أخطأ نوءك. ويروى خَطَّى بالألف اللينة من الخطيطة، وهي الأرض التي لم تمطر بين أرضين ممطورتين، وأصله خطط فقلبت الطاء الثالثة ياء كما في التظني وأمليت الكتاب. فأما خَطَّ فلم يصح. والنوء واحد الأنواء، وهي منازل القمر، وتسمى نجوم المطر. انظر: المغرب، "خطأ". (¬2) ز: فيكون. (¬3) ز: يرد. (¬4) روي نحوه. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 6/ 520 - 522؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 87. (¬5) ش ز - ثم اختاري. (¬6) ش: في ثلاث. (¬7) المصنف لعبد الرزاق، 7/ 12؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 91. (¬8) ش - إلا واحدة من قبل أنها بانت بالأولى فإذا بانت المرأة لم يقع عليها. (¬9) م: بالالى للطلاق. (¬10) م ز: وأرادت.

بينه وبين الله تعالى، ولا يصدق في القضاء، ولا يسع امرأته أن تقيم معه إلا بنكاح مستقبل بعد أن تنكح (¬1) زوجاً غيره. وإذا قال لها: اختاري، فقالت: اخترت، ولم تقل: (¬2) زوجي ولا نفسي، فلما قامت من ذلك المجلس فقالت: عنيت نفسي، فإنها لا تصدق (¬3)، وليس قولها: قد اخترت، بشيء (¬4)؛ لأنها لم تبين، فلعلها إنما نوت الزوج. ولا تصدق أيضاً على هذا، وقد خرج الخيار من يدها حين تكلمت بهذا. وإذا قال لها: اختاري نفسك، فقالت: قد اخترت، فهذا جواب المَنْطِق، وهي طالق واحدة بائن. وإذا قالت له: خيرني في الطلاق، أو تذاكرا أمر الطلاق فقال لها: اختاري، فاختارت نفسها فقال الزوج: لم أنو الطلاق، فإنه لا يصدق هاهنا في القضاء؛ لأن ما صنع جواب لما أرادت، فلا يسع المرأة أن تقيم معه إلا بنكاح مستقبل. وأما الزوج فهو في سعة فيما بينه وبين الله تعالى. وإذا قال لها: اختاري، ثم طلقها واحدة بائنة ثم اختارت نفسها فلا خيار لهاة لأنها قد بانت منه قبل أن تختار وملكت الذي جعل لها من الخيار قبل أن يتكلم. وكذلك لو اختلعت. وكذلك لو قال لها: أنت طالق واحدة بائنة إن شئت، فقالت: قد شئت، سقط الخيار. ولو كان طلاقاً يملك الرجعة فيه كان لها الخيار على حاله. وكذلك "أمرك بيدك" في هذا الحال في البائن وغير البائن. وإذا خير الرجل امرأته فلها الخيار ما دامت في ذلك المجلس وإن تطاول المجلس بها يوماً أو أكثر، ما لم تأخذ (¬5) في عمل غيره من نوم أو ¬

_ (¬1) ز: أن ينكح. (¬2) ز: يقل. (¬3) ز: لا يصدق. (¬4) ش: نفسي. (¬5) ز: لم يأخذ.

مثل ما وصفت لك (¬1) أو تقوم. فإنه في القياس ينبغي أن يكون الخيار لها أبداً، ولكنا تركنا القياس، وأخذنا بما جاء من السنة والأثر في الخيار. وإذا قال لها: اختاري الأزواج أو زوجك، أو اختاري زوجك أو أهلك، فقالت: قد اخترت الأزواج، أو قالت: قد اخترت أهلي، والزوج يعني الطلاق بذلك، فإن (¬2) هذا لا يقع عليها في القياس، ولكنا تركنا القياس (¬3) في هذا، وأوقعنا الطلاق عليها بالاستحسان. ولو قال لها: اختاري أختك أو اختاري أخاك أو أباك أو أمك أو ذا رحم محرم منك، يعني الطلاق، فاختارت في جميع ذلك ما قال ولم تختر الزوج، كان هذا كله باطلاً لا يقع عليها. ولو قالت: قد اخترت نفسي، أيضاً كان ذلك كله باطلاً لا يقع عليها منه شيء. غير أنا نستحسن من الأم والأب إذا اختارتهما أو نفسها أن نوقع عليها الطلاق. وإذا قال لها: اختاري، فقالت: أنا أختار نفسي، مثلَ قولها: أنا أفعل (¬4)، ولم تفعل (¬5)، لم تطلق (¬6) في القياس، ولكنا ندع القياس، ونوقع (¬7) عليها الطلاق. ولو قال لها اختاري: فقالت: قد فعلت، ولم تبين (¬8) كان هذا باطلاً. فإن قال: اختاري نفسك، فقالت: قد فعلت، فإن الطلاق يقع عليها. ولو قال لها: اختاري إن شئت، فقالت: قد اخترت نفسي، فإن الطلاق واقع عليها، واختيارها نفسها قبول لذلك كله. وإذا قال لها: اختاري بألف درهم، أو على ألف درهم، فقالت: قد اخترت زوجي، فهي امرأته، وليس عليها من المال شيء؛ لأن الاختيار لم يوجب المال للزوج بغير طلاق وقع عليها. ولو كانت اختارت نفسها وجب ¬

_ (¬1) ز: لكن. (¬2) م ش ز: وإن. (¬3) ز - ولكنا تركنا القياس. (¬4) أي: هذا الكلام على سبيل الوعد وليس الإيجاب. انظر: المبسوط، 6/ 216. (¬5) م: ولن تفعل؛ ز: ولن يفعل. (¬6) ز: لم يطلق. (¬7) ز: ويوقع. (¬8) ز: يبين.

له المال، وكان هذا بمنزلة الخلع. وكذلك "أمرك بيدك" في هذا الوجه، ودا أنت طالق إن شئت بألف درهم". وإذا قال لها: اختاري، فقالت: قد اخترت نفسي إن كان يجوز، أو إن كنت زوجي، أو إن كان كذا وكذا، لشيء ماض، فإن الطلاق يقع عليها. وإن لم تقل (¬1) هذا ولكنها قالت: قد اخترت نفسي إن شاء أبي وإن شاء [فلان]، لرجل (¬2) قد سمته غير أبيها (¬3)، فقال ذلك الرجل: قد شئت، فهذا باطل لا يقع الطلاق؛ لأنها قد أخرجته من يدها (¬4)، وليست تملك (¬5) أن تجعله إلى غيرها. فإن قالت: قد اخترت نفسي إن شاء زوجي، فقال الزوج: قد شئت، فإنه لا يقع عليها شيء. وإذا قال لها اختاري، فقالت: قد طلقت نفسي واحدة بائنة، فهي واحدة بائنة. ولو قال: طلقي نفسك، فقالت: قد اخترت نفسي، كان هذا باطلاً لا يقع عليها شيء. وهذا بابان مختلفان، إذا قال: اختاري، فالطلاق (¬6) جواب لذلك. وإذا قال لها: طلقي نفسك، لم يكن قولها: قد اخترت، جواباً لهذا. وإذا قال الرجل للرجل: خير امرأتي، يعني الطلاق، فإن خيرها فقد وقع لها الخيار. وإذا قال له قل لها: أمرها بيدها، فالأمر في يدها إن قال لها ذلك الرجل أو لم يقل. وإذا قال: قل لها: أنت طالق إن شئت، كان لها أن تطلق (¬7) نفسها أخبرها ذلك الرجل أو لم يخبرها في ذلك المجلس الذي علمت فيه. وإذا خير الرجل امرأته فلم تسمع أو لم تعلم حتى مضى لذلك أيام (¬8) ثم علمت فإن لها الخيار حين علمت ما دامت في ذلك المجلس. ولو قال لها: قد جعلت إليك الخيار اليوم كله، فلها ذلك اليوم كله أن تختار فيه ¬

_ (¬1) م ش: لم تقبل؛ ز: لم يقبل. (¬2) م ش ز: لشيء. (¬3) ش: غير اسمها. (¬4) ز: من بدنها. (¬5) ز: يملك. (¬6) م ز: بالطلاق. (¬7) ز: أن يطلق. (¬8) ز: أياما.

وإن قامت فيه من مجلسها. فإذا مضى ذلك اليوم قبل أن تختار (¬1) نفسها فلا خيار لها إن علمت بالخيار أو لم تعلم؛ لأن هذا وقّت يوماً (¬2) لها. وإذا قال الرجل لامرأة: يوم أتزوجك فاختاري، فهو كما قال. وكذلك إذا قال: متى تزوجتك (¬3)، أو إن تزوجتك، أو إذا تزوجتك (¬4)، أو كلما تزوجتك، أو متى (¬5) أتزوجك فاختاري، فلها ذلك الخيار في جميع ما ذكرت لك (¬6) مرة واحدة إلا في كلما (¬7)، فإن لها الخيار كلما تزوجها في ذلك المجلس الذي يتزوجها فيه. فإن قامت قبل (¬8) أن تختار (¬9) فلا خيار لها. وإذا قال الرجل لامرأته: اختاري إذا هَلّ الشهر، أو إذا كملت (¬10) السنة، أو إذا قدم فلان، فعلمت بذلك، فإن لها الخيار ما دامت في ذلك المجلس ساعة يقدم فلان، [و] ساعة يهل الهلال، وساعة تكمل (¬11) السنة. فإن قامت من ذلك المجلس قبل أن تختار (¬12) فلا خيار لها. وإن لم تعلم (¬13) بذلك فلها الخيار إذا علمت. وإذا قال لها: اختاري يوم كذا كذا، أو رأس الشهر، أو صلاة الأولى، أو يوم يقدم فلان، فلها الخيار ذلك اليوم كله، ووقت تلك الصلاة كلها، ورأس الشهر ليله ويومه (¬14) ذلك كله، تختار (¬15) في أي (¬16) ساعة من ذلك شاءت. وإذا قال لها: اختاري تطليقة، فقالت: قد اخترتها، فهي واحدة يملك ¬

_ (¬1) ز: أن يختار. (¬2) ز: يوم. (¬3) ش ز: متى أتزوجك. (¬4) ز - أو إذا تزوجتك. (¬5) م ز: أو حتى. (¬6) ز: ذكرت في ذلك. (¬7) ز + تزوجتك أو حتى أتزوجك فاختاري. (¬8) ش - قبل. (¬9) ز: أن يختار. (¬10) م ش: اذا اكملت. (¬11) ز: يكمل. (¬12) ز: أن يختار. (¬13) ز: لم يعلم. (¬14) م ز: ويوم. (¬15) ز: يختار. (¬16) ش + شيء.

الرجعة؛ لأنه قد سمى الطلاق، فإذا سمى الطلاق لم يكن بائناً. ولو قال لها: اختاري تطليقتين إن شئتيهما جميعاً، فقالت: قد اخترت واحدة، كان ذلك باطلاً لا يقع عليها منه شيء، لأنها اختارت غير ما جعل لها. ولو لم يقل فيها: إن شئت، فاختارت واحدة وقع عليها تطليقة فيما يملك الرجعة. ولو قال: اختاري اختاري اختاري (¬1)، فقالت: قد اخترت نفسي مرة واحدة أو اختيارة، كان هذا جواب المَنْطِق وكانت طالقاً ثلاثاً. وكذلك إذا قالت: قد اخترت نفسي، فسكتت. فإذا كانت قالت: قد اخترت الأولى أو الوسطى أو الآخرة، كان في هذا قولان (¬2). أما أحدهما فهي طالق ثلاثاً في قول أبي حنيفة. وأما القول الآخر فإنها طالق واحدة بائنة، وهو قولهما. وإذا قال لها: إذا قدم فلان فاختاري، فقدم فلان فقالت بعد ذلك: إني لم أعلم بقدومه إلا الساعة والخيار لي وقد اخترت نفسي، فالقول في ذلك قولها، وعلى الزوج البينة أنها قد علمت. فإن أقام الزوج على ذلك بينة أنها قد علمت قبل هذا المجلس فلا خيار لها. وإن لم تكن (¬3) للزوج بينة حلفت المرأة بالله ما علمت قبل الساعة، وتكون طالقاً (¬4). فإن لم تكن (¬5) اختارت في ذلك المجلس الذي تكلصت فيه حتى حاضت الزوجة وذهبت إلى القاضي فلا خيار لها بعد ذلك المجلس. وإذا خير الرجل امرأته فاختارت نفسها ثم تفرقا من ذلك المجلس فقالت: قد كنت اخترت نفسي، وكذبها الزوج، فإن القول في ذلك قول الزوج مع يمينه بالله على علمه. وإن أقامت المرأة البينة أنها قد اختارت (¬6) في ذلك (¬7) المجلس فرق بينهما. وإذا خيرها فقال: اختاري اليوم واختاري غداً، فلم تختر اليوم شيئاً وقالت: قد رددت عليك الخيار، أو قالت: قد اخترتك، فليس لها ذلك ¬

_ (¬1) م - اختاري، صح هـ. (¬2) ز: قولين. (¬3) ز: لم يكن. (¬4) ز: ويكون طالق. (¬5) ز: يكن. (¬6) ز: قد اخترت (¬7) م ش ز: من ذلك.

اليوم خيار، ولها الخيار من الغد. ولو كانت اختارت في اليوم الأول بانت، ولا يكون لها من الغد خيار؛ لأنها قد بانت. وإذا قال لها: اختاري غداً الطلاق، فقالت اليوم: قد اخترت غداً الطلاق، فاختيارها اليوم باطل؛ لأنها اختارت قبل أن يقع لها خيار. وكذلك لو اختارت الزوج كان ذلك باطلاً، ولها الخيار من الغد كما جعل لها (¬1). ولو قالت من الغد: قد اخترت زوجي لا بل نفسي، كانت امرأته ولم يكن لها خيار. فإن كانت قالت: قد اخترت نفسي لا بل زوجي (¬2)، فقد بانت. ولو قال لها: إن شئت فأنت طالق فاختاري، فقالت: قد اخترت نفسي وشئت الطلاق، كانت طالقاً ثنتين، وكان هذا منه مشيئة. وكذلك إن قال: إن هويت أو أحببت أو أردت فاختاري، فقالت: قد اخترت نفسي، كان هذا تطليقة بائنة. ولو قال لها: اختاري من ثلاث تطليقات ما شئت، فقالت: قد طلقت نفسي ثلاثاً، كان ذلك جائزاً. ألا ترى (¬3) أنه لو قال رجل لرجل: كل من هذا الطعام ما شئت، فأكله كله كان هذا جائزاً في قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: ليس لها أن تختار (¬4) إلا واحدة أو اثنتين، ولو لم تختر (¬5) كله واختارت تطليقة أو تطليقتين كان ذلك جائزاً، وكان يملك فيه الرجعة إن كان قد دخل بها. ولو لم تختر (¬6) شيئاً حتى يقول الزوج: لك ألف درهم على أن تختاري، فاختارته على هذا الشرط، كانت قد أبطلت الخيار، ولا يكون لها من الألف شيء (¬7). ولو قال: اختاري، فقالت: قد اخترت نفسي أو زوجي، كانت قد ¬

_ (¬1) م: دخل لها؛ ش ز: دخل بها. (¬2) ز: نفسي وشئت جي. (¬3) ز: يرى. (¬4) ز: أن يختار. (¬5) ز: يختر. (¬6) ز: لم يختار. (¬7) ز: شيئاً.

أبطلت الخيار وكانت امرأته، وليس لها خيار بعد ذلك. وكذلك لو كانت (¬1) قالت: قد اخترت نفسي إن دخلت الدار. ولو كانت قالت: قد اخترت نفسي (¬2) وزوجي، كانت طالقاً. ولو كانت قالت: قد اخترت زوجي ونفسي، كانت امرأته ولم يكن لها خيار. وكل شيء من هذا يقع به الاختيار على الزوج ولا يقع عليها فهو رد منها لما جعل لها من الخيار. ألا ترى (¬3) أني (¬4) أُخرجها من الخيار (¬5) بالقيام وبالعمل تأخذ فيه، ولو لم أُخرجها بهذا (¬6) وأشباه (¬7) ذلك لم نخرجها (¬8) [هنا أيضاً]. وإن قالت: قد اخترت زوجي، لم يكن هذا شيئاً (¬9). ¬

_ (¬1) ز: لو كان. (¬2) ز + إن دخلت الدار ولو كانت قالت قد اخترت نفسي. (¬3) ز: يرى. (¬4) م ش ز: أنه. (¬5) م ز: من ايثار. (¬6) م ش ز: هذا. (¬7) ز: أو أشباه. (¬8) ز: لم يخرجها. (¬9) ز: شيء.

الأَصْلُ للإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَنْ الشَّيْبَانِيِّ (189 هـ - 805 م) تحقيق وَدرَاسَة الدكتور محمَّد بوينوكالن الجزء الخامس إصَدارَات وَزَارَة الأَوقاف وَالشّؤون الإسْلاَمية إدارَة الشّؤون الإسْلاَمّية دَولة قَطَر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ طبعه خاصة بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية دولة قطر الطبعَة الأولى 1433 هـ - 2012 م دار ابن حزم بيروت - لبنان - ص - ب 6366/ 14 هاتف وفاكس: 701974 - 300227 (009611) البريد الإلكتروني: [email protected] الموقع الإلكتروني: www.daribnhazm.com

الأَصْلُ للإمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَن الشَّيْبَانِيِّ (5)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

باب أمرك بيدك

باب أمرك بيدك وإذا قال الرجل لامرأته: أمرك بيدك، وهو يعني الطلاق، فأمرها في يدها ما دامت في ذلك المجلس ما لم تقم (¬1) وإن تطاول بها المجلس، أو تأخذ (¬2) في عمل يعرف أنه قطع لما كان فيه من ذكر الطلاق. فأمرك بيدك والخيار سواء في هذا الباب. ولكنها تنوي فيما يقع به الطلاق. فأمرك بيدك كلمة جامعة تقع (¬3) على الطلاق كله وتقع (¬4) على بعضه. فإن نوى الزوج الطلاق كله فاختارت المرأة نفسها فهي ثلاث. وإن نوى واحدة أو اثنتين فاختارت نفسها فهي واحدة بائنة ولا تكون (¬5) اثنتين؛ لأنها كلمة واحدة. وإن نوى الزوج الطلاق ولم ينو عدداً منه فاختارت نفسها فهي واحدة بائنة. فإن لم ينو الزوج الطلاق في شيء من ذلك واختارت المرأة نفسها فالزوج مصدق فيما قال مع يمينه؛ لأن أمرك بيدك قد يقع في النفقة والخروج والكسوة. فإن كان قال لها: أمرك بيدك، ولم ينو الطلاق في غضبه أو في تذاكر الطلاق فإني لا أدين الزوج في القضاء ولا أصدقه إذا اختارت نفسها، ولا يسع المرأة (¬6) أن تقيم (¬7) معه على النكاح الأول. وأما هو فيسعه أن يمسكها إن لم ينو الطلاق. وإن قال لها: أمرك بيدك، ثم قال لها: أمرك بيدك بألف درهم، فقالت: قد اخترت نفسي، فهي بائن بتطليقتين، والألف لها لازمة؛ لأن هذا جواب لهذا المنطق كله. ألا ترى (¬8) أنه يقع عليها بالأول تطليقة وبالآخر تطليقة إلا أن يكون نوى الزوج أكثر من ذلك. ولو قال: أمرك بيدك، ينوي ثلاثاً ثم قال: أمرك بيدك على ألف درهم، فقبلت ذلك ثم قالت: قد اخترت نفسي بالخيار الأول، كان فيها قولان (¬9). أما أحدهما: فإن المال لها لازم؛ لأن اختيارها الأول والآخر ¬

_ (¬1) ز: لم يقم. (¬2) ز: أو يأخذ. (¬3) ز: يقع. (¬4) ز: ويقع. (¬5) ز: يكون. (¬6) م ز: للمرأة. (¬7) ز: أن يقيم. (¬8) ز: يرى. (¬9) ز: قولين.

سواء؛ لأن الأمر كله قد صار أمراً واحداً. وهذا قياس قول أبي حنيفة. وأما في قولهما فإنها طالق ثلاثاً، ولا يلزمها من المال شيء (¬1)، لأنها قد أفصحت وبينت. وإذا قال الرجل لامرأته: أمرك في يدك اليوم، فاختارت زوجها فلا خيار لها. وكذلك إن قالت: قد طلقت نفسي إن شاء فلان، أو إن دخلت الدار، كان هذا باطلاً. ولو قالت: قد طلقت نفسي إن كنت زوجي، كانت طالقاً بائناً. ولو قال لها: أمرك في يدك في تطليقة، فاختارت نفسها كانت واحدة يملك الرجعة؛ لأنه قد أفصح بالطلاق، فإذا أفصح بالطلاق (¬2) لم تكن بائناً. وإذا قال: أمرك بيدك، يعني واحدة، ثم قال: أمرك بيدك، يعني واحدة، ثم قال؛ أمرك بيدك، يعني واحدة (¬3)، فقالت: قد اخترت نفسي مرة أو اختيارة، أو قالت: قد اخترت نفسي، ولم تسم شيئاً، فإن هذا كله جواب المنطق، وهي ثلاث. وهذا قياس قول أبي حنيفة. ولو كانت قالت: قد اخترت الأولى أو الوسطى أو الأخيرة (¬4)، كان في هذا قولان (¬5). أما أحدهما: فإنها ثلاث تطليقات. وهذا جواب لذلك المنطق في قول أبي حنيفة. والقول الآخر: إنها طالق واحدة؛ لأنها قد أفصحت. وهو قولهما. وإذا اختلف الزوج والمرأة فقال الزوج: جعلت أمرك في يدك أمس فلم تختاري (¬6) شيئاً, وقالت هي: بلى قد اخترت نفسي، فإن القول في ذلك قول الزوج مع يمينه على علمه، وعلى المرأة البينة. وإذا جعل الرجل أمر امرأته بيد صبي أو مجنون أو عبد أو كافر فهو في يده، ليس له أن يخرجه منه ما دام في ذلك المجلس. فإذا قام من ذلك المجلس قبل أن يفرق أو يقول شيئاً فهي امرأته. ¬

_ (¬1) ز: شيئاً. (¬2) ش - فإذا أفصح بالطلاق. (¬3) م ز - ثم قال أمرك بيدك يعني واحدة. (¬4) ز: أو الآخرة. (¬5) ز: قولين. (¬6) ز: يختاري.

وإذا جعل الرجل أمر امرأته بيد أخرس أو بيد صبي لا يتكلم فقام من ذلك المجلس قبل أن يطلق فهي امرأته. وإذا جعل أمر امرأته بيد رجلين فطلق أحدهما وأبى الآخر أن يطلق فهي امرأته، لا يقع الطلاق عليها. وإن قاما من ذلك المجلس فقالا: قد طلقناها فيه، فقال الزوج: ما فعلتما (¬1)، فلا يجوز قولهما ولا شهادتهما. وإذا جعل أمرها بيدها ولم تعلم ذلك فلها (¬2) ذلك إذا علمت في ذلك المجلس ما لم تقم (¬3). وإذا قال الرجل للمرأة: إذا تزوجتك فأمرك بيدك، فهو (¬4) كما قال لها ذلك ما دامت في ذلك المجلس الذي تزوجها (¬5) فيه ما لم تقم (¬6). وإذا قال الرجل لامرأته: يوم يقدم فلان فيه فأمرك بيدك، فقدم فلان فلم تعلم بقدومه يوم قدم فلان فلا (¬7) خيار لها؛ لأن هذا وقّت لها يوماً. وإذا قال الرجل: إذا قدم فلان فأمرك بيدك، فقدم فلان ولم (¬8) تعلم بقدومه ثم علمت بقدومه كان لها الأمر ما دامت في ذلك المجلس. وإذا قال الرجل لامرأته وهي أمة: أمرك بيدك، يريد بذلك اثنتين، فاختارت نفسها، فهما تطليقتان؛ لأن هذا طلاقها كله. ولو قال ذلك لحرة وهو يريد تطليقتين لم يكن إلا تطليقة واحدة. وكذلك لو كانت هذه الحرة قد بقي من طلاقها اثنتان فقال لها: أمرك بيدك، ينوي تطليقتين، لم يكن إلا واحدة؛ لأن أصل طلاقها ثلاث (¬9). وإذا قال الرجل لامرأته: أمرك بيدك اليوم وغداً وبعد غد، فردت ¬

_ (¬1) ش: ما فعلتها. (¬2) ز: فلهما. (¬3) ز: لم يقم. (¬4) م ز: وهو. (¬5) ز. يزوجها. (¬6) ز: لم يقم. (¬7) م: فلان. (¬8) ز: فلم. (¬9) ز: ثلثا.

باب الظهار

اليوم الأمر ثم طلقت نفسها غداً أو بعد غد لم يقع؛ لأن هذا أمر واحد، فلما ردته انتقض. ولو قال لها: أمرك بيدك اليوم وبعد غد، فردت الأمر اليوم ثم طلقت (¬1) نفسها بعد غد وقع؛ لأن هذا أمران متفرقان (¬2). ألا ترى (¬3) أنها لو ردت الأمر غداً كانت قد ردت ما لم يقع في يدها من أمر بعد غد، فلذلك إذا ردت اليوم فإنما ردت ما كان في يدها اليوم، فلا يكون رداً لما جعل في يدها بعد غد. ... باب الظهار وإذا ظاهر الرجل من امرأته فعليه من الكفارة ما قال الله تعالى في كتابه: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ... فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} - إلى قوله - {سِتِّينَ مِسْكِينًا} (¬4). فإن جامع قبل أن يكفر استغفر ربه ولم يعد حتى يكفر ولم يكن (¬5) عليه فيما صنع كفارة. بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن رجلاً ظاهر من امرأته فوقع عليها قبل أن يكفر، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأمره أن يستغفر ربه ولا يعود حتى يكفر (¬6). ¬

_ (¬1) م ز: ثم طلقها. (¬2) ز: أمرين متفرقين. (¬3) ز: يرى. (¬4) يقول تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (سورة المجادلة, 3 - 4) (¬5) ش: وكان. (¬6) صححه الترمذي من حديث عكرمة عن ابن عباس - رضي الله عنه -. انظر: سنن الترمذي، الطلاق، 19. وانظر: سنن ابن ماجه، الطلاق، 26؛ وسنن أبي داود، الطلاق، 16 - 17؛ وسنن النسائي، الطلاق، 33؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 246.

وإذا جامع ليلاً امرأته التي ظاهر منها وهو يصوم انتقض صومه؛ مِن قِبَل قول الله تعالى: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا}. وعليه أن يستقبل الصوم. بلغنا ذلك عن إبراهيم (¬1). وهو قول أبي حنيفة ومحمد. وكذلك لو أعتق بعض رقبة (¬2) ثم جامع قبل أن يعتق ما بقي لم يجز في قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر: إن ذلك لا يفسد عليه، وإن عليه أن (¬3) يتم ما بقي من ذلك كله ولا يفسد ما مضى. ولو كان يفسد ما مضى ما أجزته كفارة تكون بعد الجماع. وهو قول أبي يوسف. وإذا أطعم بعض الطعام ثم جامع أطعم ما بقي (¬4) وأجزأه؛ لأنه ليس فيه (¬5) {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا}. وإذا ظاهر الرجل من (¬6) أربع نسوة فعليه أربع كفارات. بلغنا ذلك عن عمر وإبراهيم والحسن البصري (¬7). وإذا ظاهر من امرأته مرتين أو ثلاثاً في مجالس مختلفة فعليه لكل ظهار كفارة ذلك. بلغنا عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - (¬8). وإذا ظاهر منها في مجلس واحد ثلاث مرات أو أربع مرات (¬9) فعليه لكل ظهار كفارة إلا أن يكون نوى الظهار الأول. فإن كان نوى الظهار الأول فعليه كفارة واحدة (¬10). وإذا قال الرجل لامرأته: أنت علي كظهر أمي أو كبطنها، فهو مظاهر. ¬

_ (¬1) الآثار لمحمد، 95 - 96؛ والمصنف لابن أبى شيبة، 3/ 90. (¬2) م ز: رقبته. (¬3) ز - عليه أن. (¬4) م ش ز - ما بقي. والزيادة من ع. (¬5) ز: منه. (¬6) ش - من. (¬7) روي عن عمر أن عليه كفارة واحدة، وروي عن الحسن الوجهان. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 6/ 439؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 222. ورواه المؤلف عن إبراهيم كما ذكر. انظر: الآثار، 95. (¬8) المصنف لعبد الرزاق، 6/ 437. (¬9) ش ز - مرات. (¬10) م ش ز + وإذا أطعم بعض الطعام ثم جامع ثم أطعم ما بقي أجزأه لأنه ليس فيه من قبل أن يتماسا.

وكذلك إذا قال (¬1): أنت علي كظهر أختي أو عمتي أو ابنتي أو امرأة ذات رحم محرم أو ذات رحم محرم من الرضاع، فهذا ظهار عليه. بلغنا عن إبراهيم والشعبي (¬2). وكذلك لو قال: كفرجها أو كبدنها (¬3) أو كجسمها. هذا كله باب واحد. داذا قال: كيدها أو كرجلها، فليس بشيء. وإذا قال: كفخذها، فهو مظاهر. وكل شيء قال من هذا في امرأة غير ذات محرم أو في رجل محرم أو من غير محرم (¬4) فلا يكون مظاهراً. وكذلك المرأة لا تكون (¬5) مظاهرة من زوجها. ولو قالت ذلك لم يجب عليها فيه شيء. وإذا ظاهر الرجل من أم ولده أو آلى منها أو أمته أو مدبرته أو امرأة لا يملكها فليس ظهاره بشيء؛ لأنه ليس واحد من هؤلاء بزوجة. وإنما قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ}. وبلغنا عن ابن عباس أنه قال: من شاء باهلته عند الحجر الأسود أنه لا كفارة في الظهار (¬6) على الأمة (¬7). ولو قال لامرأته: بدنك علي كظهر أمي أو رأسك أو جسدك أو يدك (¬8) علي، كان مظاهراً منها. ولو قال لها: يدك (¬9) أو رجلك أو جنبك أو ظهرك أو شعرك علي كظهر أمي، كان هذا باطلاً لا يقع به ظهار. ولو قال: أنت علي كأمي، كان هذا كلاماً (¬10) له وجهان. فإن ¬

_ (¬1) ز + الرجل لامرأته. (¬2) رواه المؤلف عن إبراهيم. انظر: الآثار، 95. وروي عن الشعبي وعطاء وغيرهما. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 6/ 423. (¬3) ز: كيدها. (¬4) ش: رحم. (¬5) ز: لا يكون (¬6) ش - في الظهار؛ صح هـ. (¬7) الآثار لأبي يوسف، 152. (¬8) ز: أو بدنك. (¬9) ز: بدنك. (¬10) ز: كلام.

عنى (¬1) الظهار كان ظهاراً (¬2). وإن عنى المنزلة والكرامة (¬3) فليس بظهار. وإن لم تكن (¬4) له نية في تحريم ولا غيره فليس بشيء في قول أبي حنيفة. وقال محمد: إذا لم تكن (¬5) له نية (¬6) فهو مظاهر. وإذا قال: أنت علي حرام كأمي، فإن أراد الطلاق فهو طلاق. وإن أراد الظهار فهو ظهار. فإن لم يرد واحداً منهما فهو ظهار. فإن أراد التحريم ولم ينو الطلاق فهو ظهار (¬7). وكذلك الباب الأول إذا أراد التحريم (¬8) فهو ظهار. وإذا قال الرجل لامرأته: أنت علي حرام كظهر أمي، وهو يريد الطلاق أو التحريم أو الظهار فهو مظاهر منها في قول أبي حنيفة. غير أن فيها قولاً (¬9) آخر إذا (¬10) أراد بالتحريم الطلاق فهي طالق بائن في قول أبي يوسف ومحمد. وإذا قال الرجل لامرأته: أنا منك مظاهر، أو قال: ظاهرت منك، أو قال: أنت مني كظهر أمي، أو قال: أنت كظهر أمي، أو قال: أنت معي كظهر أمي، فهذا كله ظهار. وليس ينبغي للمرأة أن تدعه (¬11) أن يقربها إذا ظاهر منها حتى يكفر كفارة الظهار. ولا ينبغي له أن يباشرها ولا يلمسها ولا يقبلها حتى يكفر كفارة الظهار (¬12). ¬

_ (¬1) ش + عنا. (¬2) م ز - كان ظهارا. (¬3) م ز: والكرام. (¬4) ز: يكن. (¬5) ز: لم يكن. (¬6) ز + في تحريم. (¬7) ش - وإن لم يرد واحداً منهما فهو ظهار وإن أراد التحريم ولم ينو الطلاق فهو ظهار. (¬8) ز + ولم ينو. (¬9) ز: قول. (¬10) ز - إذا. (¬11) ز: أن يدعه. (¬12) ش - ولا ينبغي له أن يباشرها ولا يلمسها ولا يقبلها حتى يكفر كفارة الظهار.

وإذا جعل الرجل امرأته كظهر امرأة ذات (¬1) محرم منه فهو ظهار. بلغنا ذلك عن الشعبي وعن إبراهيم (¬2). وإذا قال الرجل لامرأة: يوم أتزوجك فأنت علي كظهر أمي، أو قال: كل إمرأة أتزوجها فهي كظهر أمي، فهو كما قال، إن تزوجها (¬3) وقع عليها الظهار، ولا يقربها حتى يكفر. وإذا قال: إن تزوجتك فأنت طالق وأنت علي كظهر أمي، ثم تزوجها فإنها تطلق ويبطل الظهارة؛ لأنه وقع بعدما بانت منه في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف فهو مطلق مظاهر. وهو قولنا. وإذا قال: إذا تزوجتك فأنت طالق، ثم قال: إذا تزوجتك فأنت علي كظهر أمي أو أنت طالق، ثم تزوجها فإنه يلزمه الطلاق والظهار جميعاً؛ لأنهما وقعا جميعاً معاً، ووقع الظهار عليها في المسألة الثانية. فإن تزوجها ثانية فلا يقربها حتى يكفر. وإذا قال الرجل لامرأة (¬4): إن تزوجتك فوالله لا أقربك وأنت علي كظهر أمي، ثم تزوجها، فإن الظهار والإيلاء يلزمانها جميعاً، ولا يقربها حتى يكفر كفارة الظهار. وإذا قال الرجل: إن تزوجت فلانة فهي علي كظهر أمي، ثم تزوجها فهو مظاهر منها. بلغنا ذلك عن عمر - رضي الله عنه - (¬5). وإذا ظاهر الرجل من امرأته بعد طلاق بائن أو خلع أو مبارأة أو لعان أو فرقة بائنة من قبل الزوج كانت أو من قبل المرأة فالظهار في هذا باطل، ولا يقع به شيء (¬6)؛ لأنه حرم (¬7) امرأة هي عليه حرام، لا يحل له ¬

_ (¬1) ز + رحم. (¬2) تقدم قريباً. (¬3) ز: إن يزوجها. (¬4) م ش ز: لامرأته. (¬5) المصنف لعبد الرزاق، 6/ 435. (¬6) ز - شيء. (¬7) ش: حرام.

جماعها، وإنما يقع الظهار على الزوجة التي يحل جماعها، هذه ليست بزوجة وقد بانت منه. وإذا قال الرجل لامرأته: إن دخلت الدار فأنت علي كظهر أمي، ثم طلقها فبانت منه، ثم دخلت الدار في عدة أو غير عدة، فإن الظهار لا يقع عليها؛ مِن قِبَل أنها بانت منه قبل أن يدخل الدار. وإذا ظاهر الرجل من امرأته بعد طلاق يملك فيه الرجعة وهي في العدة فإن الظهار لازم له؛ لأنها امرأته وهما يتوارثان. وإذا ظاهر الرجل من امرأته وهي أمة أو مدبرة أو مكاتبة أو أمة بقي من بعض قيمتها وقد عتق بعضها أو يهودية أو نصرانية فظهاره لازم لها واقع عليها. وكذلك إن كان الزوج عبداً مسلماً وامرأته إحدى من ذكرناها كان الظهار له لازماً واقعاً. وإذا ظاهر الرجل من امرأته وهي ذمية فظهاره باطل، ولا يكون فيه كفارة؛ لأن ما فيها (¬1) من الشرك أعظم من ذلك. وكذلك لو كانت امرأته قد أسلمت قبل الظهار. وإذا ظاهر الرجل المسلم من امرأته وهي مسلمة ثم ارتدا عن الإسلام جميعاً ثم أسلما جميعاً وكانا على نكاحهما فإن في هذا (¬2) قولين. أما أحدهما: فإنه مظاهر لا يقربها حتى يكفر. وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر (¬3) قول أبي يوسف: إن الظهار قد سقط عنه حيث دخل في الشرك، فما دخل فيه من الشرك أعظم من حرمة الظهار. وهو قولنا. وإذا ظاهر الرجل من امرأته ونكاحها فاسد فالظهار باطل؛ لأنها ليست بزوجة. ¬

_ (¬1) ز: ما فيه. (¬2) ش: هذا في. (¬3) ز - آخر.

وإذا ظاهر الرجل من امرأته قبل أن يدخل بها أو بعدما دخل بها فهو سواء، والظهار له لازم. ولو قال: إن دخلت الدار فأنت علي كظهر أمي، فدخلت الدار لزمه الظهار. ولو قال: إن شئت فأنت علي كظهر أمي، فشاءت ذلك في مجلسها قبل أن تقوم لزمه الظهار. وكذلك إذا قال: إن أحببت أو هويت أو أردت، فذلك كله سواء. ولو قال: أنت علي كظهر أمي اليوم، كان كما قال، لا يقربها ذلك اليوم حتى يكفر. فإذا مضى ذلك اليوم سقط الظهار، وكان له أن يقربها بغير كفارة. وكذلك لو قال: أنت علي كظهر أمي شهراً أو حتى يقدم فلان، كان الأمر على ما (¬1) قال، فلا يقربها في ذلك الوقت حتى يكفر. فإذا مضى ذلك الوقت سقط عنه الظهار، ولم يكن عليه كفارة، وكان له أن يقربها بغير كفارة. وإذا ظاهر الرجل من امرأته وهي صبية أو رتقاء أو حائض فهو سواء، وهو مظاهر. وكذلك لو كان مجوسياً فأسلم ولم تسلم امرأته ولم يعرض عليها الإسلام ثم ظاهر منها ثم أسلمت كان الظهار له لازماً. ولو أبت أن تسلم ففرق (¬2) بينهما ثم أسلمت (¬3) بعد ذلك فتزوجها كان على ظهاره (¬4) حتى يكفر. ولو ظاهر من امرأته ثم طلقها ثلاثاً أو ارتدت عن الإسلام فبانت منه ثم أسلمت فتزوجها بعد زوج آخر كان الظهار على حاله لا يقربها حتى يكفر. ولو ظاهر من امرأته وهي أمة ثم اشتراها لم يكن له أن يقربها حتى يكفر. ولو بانت منه وهي أمة ثم عتقت ثم تزوجها كان على ظهاره ولا يقربها حتى يكفر. ¬

_ (¬1) ز: الأمر كما. (¬2) م ز: فرق. (¬3) ش - كان الظهار له لازما ولو أبت أن تسلم ففرق بينهما ثم أسلمت. (¬4) ز: على طهارة.

وإذا ظاهر الصبي من امرأته أو المعتوه أو المجنون في حال جنونه (¬1) فظهاره باطل لا يقع عليها. وإذا ظاهر السكران من امرأته والمكره فالظهار لازم له. لو شاء الله لابتلى المكره بأشد من هذا. وكذلك لو أكره على الطلاق والعتاق ففعل ذلك كان ذلك لازماً. بلغنا عن إبراهيم (¬2). وإذا ظاهر الأخرس من امرأته في كتاب ونوى بذلك الظهار وذلك منه يعرف فهو مظاهر، لا يقربها حتى يكفر. وإذا ظاهر من امرأته وهي صغيرة فأدركت وقد علمت بذلك فليس يسعها أن تدعه أن يقربها حتى يكفر، والظهار (¬3) له لازم. وكذلك لو ظاهر منها وهو مسلم وهي يهودية أو نصرانية كان الظهار له لازماً. فإن تزوجها وجَهِلَتْ (¬4) ذلك فأسلمت هى بعد ذلك فلا يسعها أن تدعه (¬5) أن يقربها حتى يكفر؛ لأن الظهار كان له لازماً يوم ظاهر. ولا يدخل على المظاهر إيلاء وإن طال تركه لامرأته حتى تمضي (¬6) أربعة أشهر أو أكثر من ذلك. ولكنه إن قال: إن قربتك فأنت علي كظهر أمي، كان هذا مولياً (¬7)، إن تركها أربعة أشهر بانت بالإيلاء. وإن قربها قبل الأربعة الأشهر وقع عليها الظهار. وكذلك لو تزوجها بعد الأربعة الأشهر فقربها وقع عليها الظهار. ¬

_ (¬1) ش: حيوته. (¬2) تقدم في كتاب الإكراه بإسناده. انظر: 5/ 67 ظ. وعن إبراهيم قال: هو جائز، إنما هو شيء افتدى به نفسمى انظر: المصنف لعبد الرزاق، 6/ 410؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 83 ـ وعن إبراهيم قال: لو وضع السيف على مفرقه ثم طلق لأجزت طلاقه. وعن شريح قال: طلاق المكره جائز. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، الموضع السابق. (¬3) ز: فالظهار. (¬4) م ش ز: وجهل. (¬5) ز: أن يدعه. (¬6) ز: يمضي. (¬7) م ش ز: قولنا. والتصحيح من الكافي، 1/ 83 ظ؛ والمبسوط، 6/ 233.

وإذا ظاهر الرجل من امرأته ثم قال لامرأة له أخرى: أنت علي كمثل هذه، ينوي الظهار فهو مظاهر. وكذلك لو قال رجل آخر لامرأته: أنت علي مثل امرأة فلان، ينوي الظهار كان مظاهراً. وإن لم ينو فليس بشيء. وكذلك لو ظاهر رجل من امرأته ثم قال لامرأة له أخرى: قد أشركتك في ظهار فلانة، كان مظاهراً منها. وإذا قال الرجل لامرأته: أنت علي كظهر أمي إن شاء الله، فليس بشيء، ولا يقع به الظهار. وكذلك إن قال: إن شاء فلان (¬1)، فلا يقع عليها الظهار حتى تعلم (¬2) أن فلاناً قد شاء الظهار. وإذا قال لها: أنت علي كظهر أمي إن شئت، فإن شاءت في مجلسها ذلك قبل أن تقوم أو تأخذ (¬3) في عمل غير المشيئة فهو مظاهر، وإلا فلا. وإذا ظاهر العبد من امرأته حرة كانت أو أمة أو يهودية أو نصرانية أو مدبرة أو مكاتبة فهو (¬4) سواء، والظهار منهن كالظهار من الحرة، والظهار على العبد مثل الظهار على الحر (¬5). وكذلك المكاتب والمدبر والعبد يسعى في بعض قيمته قد أعتق بعضه. وكفارة العبد في الظهار والإيلاء الصيام، لا يجزئ عنه إلا ذلك. ولو أطعم عنه مولاه في رقه أو أعتق بأمره لم يجز ذلك عنه. ولو ظاهر ثم أعتق وأيسر كان كفارته العتق. فإن لم يجد فصيام. فإن لم يستطع فإطعام. وكذلك الرجل يظاهر وهو (¬6) موسر فعليه العتق. فإن احتاج قبل أن يكفر حتى لايجد ما يعتق ولا يطعم فعليه الصيام. ... ¬

_ (¬1) ز: إن شاء الله لان. (¬2) ز: يعلم. (¬3) ز: أن يقوم أو يأخذ. (¬4) ش: فهي. (¬5) م ش ز: على الحره. (¬6) م ز + معسر.

باب العتق في الظهار

باب العتق في الظهار وإذا أعتق الرجل عن ظهاره عبداً أعور (¬1) فهو جائز. وكذلك لو كانت أمة صغيرة أو كبيرة وهي عوراء فإنها تجوز. وكل شيء في القرآن ليس فيه "رقبة مؤمنة" فإنه يجزئ فيه اليهودي والنصراني والمجوسي من أهل الذمة. بلغنا ذلك عن إبراهيم (¬2). ويجزئ الأعور والأعرج والأقطع اليد أو الرجل والأشل اليد والأشل الرجل الواحدة. ولا يجزئ الأعمى ولا المقعد ولا مقطوع اليدين ولا الرجلين ولا أشل اليدين والرجلين (¬3) ولا الأخرس ولا المعتوه المغلوب. وأما الأصم والذي يجن ويفيق والأقطع اليد والرجل جميعاً إذا لم يكن ذلك من جانب واحد فإنه يجزئ. فإن كان من جانب واحد فإنه لا يجزئ. وإذا كان من كل يد ثلاث أصابع مقطوعة فإنه لا يجزئ. فإن كان من كل يد أصبع سوى الإبهام فإنه يجزئ. ولا يجزئ المفلوج اليابس الشق. ولا يجزئ أم الولد ولا المدبرة ولا المكاتب إذا كان قد أدى شيئاً. فإن لم يكن أدى شيئاً فإنه يجزئ. وكذلك العبد بين اثنين أعتق أحدهما نصيبه فإنه لا يجزئ في الظهار؛ مِن قِبَل أنه لا يملك نصيب شريكه. ألا ترى (¬4) أن لشريكه أن يعتق نصيبه. وكذلك إن كان موسراً فضمنه شريكه حصته (¬5) فأعتقها عن تمام ظهاره فإنه لا يجزئ في قول أبي حنيمة. وعندهما إن كان موسراً ضمن وأجزأه. وإذا كان العبد له خالصاً فأعتق نصفه عن ظهاره لم يجزه. فإن أعتق ¬

_ (¬1) ز: أعورا. (¬2) عن إبراهيم قال: كل شيء في القرآن "مؤمنة" فالذي قد صلى، وما لم يكن "مؤمنة" فيجزئ ما لم يصل. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 9/ 179. (¬3) ز: ولا الرجلين. (¬4) ز: يرى. (¬5) م ش ز: حصتهما. والتصحيح من الكافي، 1/ 84 و.

النصف الباقي عن تمام ظهاره بعد ذلك فإنه يجزئه في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: يجزيه إذا أعتق نصف عبده عن ظهاره (¬1)، وهو حر كله عن ظهاره. وكذلك قولنا. وإذا أعتق ما في بطن جاريته عن ظهاره ثم ولدت ولداً حياً قبل ستة أشهر أو بعدها فإنه لا يجزئ؛ مِن قِبَل أنه أعتقه ولا يدرى ما هو ولا كيف هو. وإذا اشترى الرجل أباه ينوي به العتق عن ظهاره أجزأه. وهذا استحسان وليس بقياس. وكذلك إن وُهب له أو أُوصي به له. وكذلك كل ذي رحم محرم. وإن ورثه ينوي به ذلك لم يجزه؛ لأن الميراث هو له إن شاء أو أبى. وأما ما سوى ذلك لا يلزمه إلا بقبول منه. وإذا قال الرجل: فلان حر يوم أشتريه (¬2)، ثم ظاهر ثم اشتراه ينوي به ذلك لم يجزه. وهذا مخالف لذوي الرحم المحرم. وهما في القياس سواء، ولكنا استحسنا ذلك، وأخذنا في هذا بالقياس. وإذا ظاهر الرجل ثم قال: إن اشتريت فلاناً فهو حر، يعني عن ظهاره ثم اشتراه عتق وأجزأ عنه. وإذا أعتق الرجل نصف عبد عن ظهاره وصام شهراً أو أطعم ثلاثين مسكيناً فإن ذلك لا يجزيه؛ مِن قِبَل أنه لم يعتق العبد كله ولم يصم الصوم كله ولم يطعم الطعام كله. وإذا أعتق عبداً عن ظهاره (¬3) [من امرأتين له لا ينوي عن إحداهما] (¬4) فله أن يجعله عن أيهما شاء، ويقرب تلك المرأة التي جعله عنها. ¬

_ (¬1) ش - لم يجزه فإن أعتق النصف الباقي عن تمام ظهاره بعد ذلك فإنه يجزئ في قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف يجزيه إذا أعتق نصف عبده عن ظهاره. (¬2) م ش: اشتريته. والتصحيح من المصدر السابق. (¬3) ز: عن ظهار به. (¬4) الزيادة مستفادة من قوله في الباب الآتي: وإذا صام شهرين عن ظهاره من امرأتين له لا ينوي عن إحداهما فله أن يجعل ذلك عن أيتهما شاء.

باب الصيام في الظهار

وإذا أعتق (¬1) الرجل نصف عبده ثم جامع امرأته التي ظاهر منها ثم أعتق ما بقي من العبد لم يجزه؛ لأن الله تعالى قال: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} (¬2). وكذلك بلغنا عن إبراهيم. وكذلك هذا القول في الصيام. وهو قول أبي حنيفة ومحمد في الصيام. وهو قول أبي حنيفة في العتق أيضاً. وفيها قول آخر: إن ذلك يجزيه، ولو لم يكن يجزيه ما أجزت (¬3) كفارة أبداً يكون الجماع قبلها. وهو قول أبي يوسف. وإذا أعتق عبداً مقطوع الأذنين أو المذاكير أو الخصي أجزأه ذلك عن ظهاره. وإذا أعتق عبداً مقطوع إبهامه من اليدين كلتاهما فإنه لا يجزيه؛ لأن هذا لا يستطيع أن يعمل. وإذا أعتق عنه رجل عبداً بغير أمره لم يجز ذلك عن ظهاره. ولو أعتق عنه بأمره فإن في هذا قولين. أما أحدهما: فإنه لا يجزئ. وهو قول أبي حنيفة ومحمد. والقول الآخر: أنه يجزيه، والولاء للذي أعتق عنه. وهو قول أبي يوسف. ولو أعتق عبداً على جعل قد سماه له أجزأه، وكان الولاء للمعتق عنه. ولو أعتق رجل عبد نفسه عن ظهاره على جعل لم يجزه ذلك؛ لأنه قد أخذ عليه جعلاً. ولو وهب له الجعل بعد ذلك لم يجز. ... باب الصيام في الظهار وإذا لم يجد الرجل ما يعتق عن ظهاره فعليه صوم شهرين متتابعين كما قال الله تعالى في كتابه (¬4). فإن أفطر فيهما يوماً من مرض أو غيره فإن عليه أن يستقبل الصوم لقول الله تعالى في كتابه: {مُتَتَابِعَيْنِ}. فإن أيسر قبل ¬

_ (¬1) ز - أعتق. (¬2) سورة المجادلة، 58/ 3. (¬3) ز: ما اخترت. (¬4) تقدمت الآية قريباً.

أن يفرغ من الشهرين انتقض صومه ولم يجزه من الكفارة وكان عليه العتق. ولو است كر (¬1) قبل أن يفرغ من صومه وهو معسر على حاله أجزأه أن يطعم إذا كان لا يطيق الصوم. ولو صام شهرين أحدهما رمضان لم يجزه، وكان عليه أن يستقبل بعد رمضان أو، يوم الفطر بشهرين متتابعين (¬2). وكذلك لو دخل في صومه (¬3) يوم الفطر أو يوم النحر أو أيام التشريق فإن عليه أن يستقبل الصوم، ولا يجزيه ما مضى منه؛ مِن قِبَل أن صوم هذه الأيام لا يجزيه. بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن هذه الخمسة الأيام الفطر والأضحى وثلاثة أيام التشريق (¬4). وكذلك لو أصبح في يوم مفطراً (¬5) ثم إنه صام قبل أن يأكل ويشرب وقبل أن ينتصف النهار لم يجز. وإذا صام شهرين عن ظهاره من امرأتين له لا ينوي عن إحداهما فله أن يجعل ذلك عن أيتهما شاء. ولا يجزئ (¬6) الصوم عمن عنده خادم. فأما من ليس له خادم (¬7) وله مسكن فإنه يجزيه. ولا يجزئ (¬8) الصوم عمن عنده دراهم أو دنانير يجد بها رقبة. وإذا ظاهر الرجل من أربع نسوة فأعتق خادماً عنده ليس له مال غيرها، ثم صام أربعة أشهر متتابعة عنهن، ثم مرض (¬9) فأطعم ستين مسكيناً عنهن، ولم ينو بشيء من هذا واحدة بعينها منهن، فإنه يجزئ ذلك عنهن كلهن. وهذا استحسان وليس بقياس. ¬

_ (¬1) كذا في م ش ز مهملة. ولعل الصواب: ولو مرض. أو ما في معناه. (¬2) م ش ز + الفطر. (¬3) م ش ز: في صوم. والتصحيح من الكافي، 1/ 84 و. (¬4) صحيح البخاري، الصوم، 66، 68؛ وصحيح مسلم، الصيام، 138 - 145. (¬5) ز: مفطر. (¬6) م ز: ولا يجزيه. (¬7) ز - فأما من ليس له خادم. (¬8) م ز: ولا يجزيه. (¬9) م ش ز: من مرض. والتصحيح من الكافي، 1/ 84 ظ.

وإذا صام شهرين متتابعين عن ظهاره بعدما بانت منه امرأته ثم تزوجها فإن تلك الكفارة تجزئ عنه. وكذلك لو أعتق أو صام بعدما بانت امرأته منه يريد بذلك كفارة الظهار فإنه يجزئ عنه. ولو كان هذا لا يجزئ عنه كان له أن يقربها إذا تزوجها بغير كفارة؛ لأن الظهار قد سقط إن كان كفارته عن الظهار عن شيء ليس عليه. فإذا كان الظهار عليه فقد كفر، والكفارة تجزئ عنه. وكذلك لو كفر عنها وهي تحت زوج غيره. وكذلك لو كفر وهي مرتدة عن الإسلام لاحقة بدار الحرب، أو بعدما سبيا فتصير أمة، فإن ذلك يجزئ عنه. ولو ارتد الزوج عن الإسلام ثم أعتق عبداً له عن ظهاره ثم أسلم أجزأ عنه. وإذا أكل الرجل وهو يصوم في ظهاره ناسياً فصومه تام يجزيه. وإذا استعط أو صب في أذنه دهناً أو دخل في جوفه طعام أو شراب أو دواء على أي وجه ما كان وهو ذاكر لصومه فقد أفسد صومه، وعليه أن يستقبل الصوم شهرين متتابعين. ولو جامع امرأته التي ظاهر منها ناسياً بالنهار كان عليه أن يستقبل الصوم، وليس ذلك من قبل أنه أفطر، ولكن ذلك من قبل أنه جامع قبل أن يتم الكفارة. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: جاز. ولو جامع غيرها ناسياً كان صومه تاماً وبنى عليه. ولو صام في السفر عن ظهاره أجزأه ذلك. ولو صام في السفر شهرين أحدهما رمضان أجزأه ذلك في قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر: هو [عن] رمضان لا يكون عن غيره، وعليه أن يستقبل الصيام شهرين. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. وإذا صام المظاهر تسعة وخمسين يوماً على غير الأهلة فإنه لا يجزيه. وإن كان أفطر يوماً من الستين فعليه الصوم مستقبلاً. وإن صام لغير الأهلة ستين يوماً أجزأه. وإذا صام الرجل شهراً بالأهلة فكان تسعة وعشرين يوماً وصام قبل

باب كفارة الطعام في الظهار

ذلك خمسة عشر يوماً وبعد ذلك خمسة عشر يوماً (¬1) متتابعات أجزأه ذلك. ... باب كفارة الطعام في الظهار وإذا كان الرجل مريضاً لا يستطيع الصوم عن ظهاره فأطعم ستين مسكيناً فغداهم وعشاهم فإن ذلك يجزيه. وكذلك إن غداهم وعشاهم بخبز ليس معه إدام بعد أن يشبعهم. وكذلك إن عشاهم وغداهم بسويق وتمر. ولو أطعم كل مسكين منهم نصف صاع من بر أو دقيق أو سويق أجزأه ذلك. والصاع مختوم بالحجازي ثمانية أرطال. ولو أطعم كل مسكين صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير أجزأه ذلك. ولو أعطى كل مسكين قيمة الطعام عروضاً فإن ذلك يجزيه وإن كانت ألفي درهم ما كانت من شيء. ولو أعطى كل مسكين مدًّا من حنطة وذلك يساوي صاعاً من تمر لم يجزه ذلك، وعليه أن يقدّر على كل مسكين منهم (¬2) مدًّا. فإن لم يجدهم (¬3) استقبل غيرهم مدين لكلٍ. ولو أطعم كل مسكين منهم نصف صاع من تمر وذلك يساوي نصف صاع من حنطة لم يجزه، وكان عليه أن يطعم كل مسكين منهم نصف صاع من تمر (¬4) أيضاً، تكملة (¬5) صاع صاع. فإن لم يجد استقبل غيرهم بالطعام. ولو أعطى كل مسكين نصف صاع من تمر ومدًّا [من] (¬6) حنطة أجزأه ذلك. والشعير بمنزلة التمر في جميع ما ذكرت لك. ¬

_ (¬1) ش + وبعد ذلك خمسة عشر يوماً. (¬2) م ش ز: منهن. (¬3) ز: لم يجزهم. (¬4) ز - وذلك يساوي نصف صاع من حنطة لم يجزه وكان عليه أن يطعم كل مسكين منهم نصف صاع من تمر. (¬5) ز: يكمله. (¬6) الزيادة من الكافي، 1/ 84 ظ.

ولو صام شهراً وأطعم (¬1) ثلاثين مسكيناً لمرض أصابه لم يجزه ذلك؛ لأن هذا لم يطعم الطعام كله ولم يصم الصيام كله. ولو أطعم ستين مسكيناً كل مسكين مدين من شعير ثم وجد منهم ثلاثين مسكيناً فأطعم [كلاًّ] منهم مدين مدين من شعير سوى المدين الأولين الذي أطعمهم كان عليه أن يطعم ثلاثين مسكيناً (¬2) سواهم أيضاً، لكل مسكين صاع من تمر أو شعير أو نصف صاع من حنطة. ولو أطعم الطعام كله مسكيناً واحداً لم يجز إذا كان ضربة واحدة. ولو أطعم كل يوم نصف صاع من حنطة حتى يستكمل ستين يوماً أجزأه. ولو كان عليه ظهاران (¬3) من امرأة واحدة أو امرأتين فأطعم ستين مسكيناً كل مسكين صاعاً من حنطة لم يجز إلا من واحدة؛ لأن هذا شيء واحد من امرأة واحدة في قول أبي حنيفة. وقال محمد: يجزيه. ولو كان ظاهر وقتل خطأ فأطعم ستين مسكيناً كل مسكين (¬4) نصف صاع من حنطة عن الظهار، ونصف صاع عن القتل، فإنه [لا] (¬5) يجزيه؛ لأن هذين شيئان (¬6) مختلفان، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: يجزيه ذلك كله، إذا كان عليه ظهاران (¬7) من امرأتين أو من امرأة واحدة فأطعم ستين مسكيناً كل مسكين صاعاً من حنطة لهما جميعاً أجزأه ذلك؛ لأنهما كفارتان. وإذا أطعم الرجل عن ظهارٍ ولداً (¬8) فإنه لا يجزيه. وكذلك الوالد (¬9) والوالدة والزوجة. وكذلك رقيقه وأمهات أولاده ومدبريه (¬10) ¬

_ (¬1) م ش ز: أو أطعم. والتصحيح يدل عليه التعليل الآتي. (¬2) ز - فأطعم منهم مدين مدين من شعير سوى المدين الأولين الذي أطعمهم كان عليه أن يطعم ثلاثين مسكيناً. (¬3) ز: ظهارين. (¬4) ع + صاعا من حنطة. (¬5) يدل على الزيادة تمام العبارة. (¬6) ز: شيئين. (¬7) ز: ظهارين. (¬8) ز: ولد. (¬9) م ش: الولد. (¬10) ز: ومدبرته.

ومكاتبيه (¬1) فإنه لا يجزيه أن يطعم أحداً من هؤلاء. وكذلك لا يجزيه أن يطعم فقراء أهل الحرب. ولا يجزيه (¬2) أن يطعم منها (¬3) غنياً (¬4) وهو يعلم. فإن أعطى أحداً من هؤلاء وهو لا يعلم فإنه يجزيه ما خلا رقيقه ومكاتبيه ومدبريه (¬5) وأمهات أولاده. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وفيها قول آخر: إنه لا يجزيه شيء من ذلك إذا علم، كما أنه لو توضأ بماء غير طاهر وهو لا يعلم أجزأه أن يصلي به، فإذا علم أعاد الوضوء والصلاة. وهو قول أبي يوسف. وإذا أعتق عبداً من أهل الحرب في دار الحرب لم يجزه. فإن أعتقه في دار الإسلام أجزأه؛ لأنه يصير إذا أعتقه ذميا أو مسلماً (¬6)، ولا يترك أن يرجع إلى دار الحرب. وإذا (¬7) أطعم فقراء أهل الذمة أجزأه، وفقراء أهل الإسلام (¬8) أحب إلي (¬9). وإذا (¬10) أطعم فقراء (¬11) أهل الحرب (¬12) وهم مستأمنين في دار الإسلام فإنه لا يجزيه إلا أن يكونوا ذمة. وإذا أطعم فقراء ذوي رحم محرم منه ما كانوا سوى (¬13) ما ذكرت من الولد والوالد فإنه يجزيه. وكذلك (¬14) كل محرم من قبل الرضاع فإنه يجوز. ولو تصدق عنه رجل عن ظهاره بأمره أجزأه. ولو تصدق بغير أمره لم ¬

_ (¬1) ز: ومكاتبه. (¬2) ش - أن يطعم أحدا من هؤلاء وكذلك لا يجزيه أن يطعم فقراء أهل الحرب ولا يجزيه. (¬3) ز: منه. (¬4) ش: شيئاً. (¬5) ز: ومدبرته. (¬6) ز: ذمي أو مسلم. (¬7) م ش ز: فإذا. (¬8) م ش ز: أجزأه في دار الإسلام. وانظر الحاشية التالية. (¬9) م ش + فإذا أطعم فقراه وفقراء أهل الإسلام أحب إلي. (¬10) م ش ز: فإذا. (¬11) ز + وفقراء أهل الإسلام أحب إلي فإذا أطعم فقراء. (¬12) م ش ز: الذمة؛ م ش ز + أجزأه. (¬13) ز: سوآ. (¬14) م ز: وكل لك.

باب الإيلاء

يجزه. ولو صام عنه بأمره أو بغير أمره لم يجز ذلك؛ لأنه لا يصوم أحد عن أحد. بلغنا عن ابن عمر أنه قال ذلك (¬1). ولو أطعم ثلاثين مسكيناً ثم جامع امرأته التي ظاهر منها ثم أطعم شيئاً (¬2) من المساكين أجزأه ذلك؛ لأنه لم يذكر في القرآن في الإطعام {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} (¬3). ... باب الإيلاء وإذا حلف الرجل لا يجامع امرأته أبداً أو لم يقل: أبداً (¬4)، فهو مُولي. وإن تركها أربعة أشهر لا يقربها فقد وقعت عليها تطليقة بائنة. بلغنا ذلك عن عبد الله بن مسعود وابن عباس (¬5) أنهما كانا يقولان ذلك: عزيمة الطلاق انقضاء الأربعة الأشهر، والفيء الجماع (¬6). وإذا حلف الرجل لا يقرب امرأته أبداً (¬7) فهو والباب الأول سواء. فإن قال الزوج: لم أعن (¬8) الجماع، في هذا الباب وفي الباب الأول فإنه لا يصدق في القضاء، ولكنه مصدق فيما بينه وبين الله تعالى موسع عليه. ¬

_ (¬1) الموطأ، الصيام، 43؛ والمصنف لعبد الرزاق، 9/ 61؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 463؛ والدراية لابن حجر، 1/ 283. (¬2) ز: ستا. (¬3) انظر: سورة المجادلة، 58/ 3 - 4. (¬4) م ش ز + أو يهبها؛ ش - أو لم يقل أبداً. والتصحيح من الكافي، 1/ 84 ظ؛ والمبسوط, 7/ 19. (¬5) ز: عن ابن عباس وابن مسعود. (¬6) رواه المؤلف عن ابن مسعود نحوه. انظر: الآثار، 94. وانظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 127، 130، 132. وروي عن ابن عباس من قوله. انظر: المصنف لابن أبى شيبة، 4/ 127، 131. (¬7) م ش ز + أو يهبها. والتصحيح من الكافي، 1/ 84 ظ. (¬8) ز: لم أعني.

وإذا حلف الرجل [لا يدخل] (¬1) عليها وقال: لم أعن (¬2) الجماع، فهو مصدق في القضاء وفيما بينه وبين الله تعالى مع يمينه. وكذلك لو حلف ليغيظنّها أو ليسوءنها (¬3). وكذلك لو حلف لا يجمع رأسه ورأسها شيء. وكذلك لا يأتيها أو لا يدخل عليها أو لا يلمسها (¬4) أو لا يأتي فراشها فهو مدين في القضاء، إن عنى الجماع فهو مولي وإلا ليس بمولي. وإذا حلف لا يباضعها فهو مولي، ولا يدين في القضاء. وإذا حلف لا يماسها فهو مدين في القضاء، إن عنى الجماع فهو مولي وإلا فليس بشيء. وإذا حلف لا يغتسل منها من جنابة فهو مولي، لا يدين في القضاء. وإذا حلف لا يقرب امرأته شهراً أو أقل من أربعة أشهر فإن هذا لا يكون مولياً. بلغنا ذلك عن ابن عباس (¬5). ألا ترى (¬6) أن له أن يقربها قبل أن تمضي (¬7) أربعة أشهر بغير حنث يمين يقع عليه. وبلغنا عن إبراهيم أنه قال: إنما الإيلاء بكل يمين يمنع الجماع (¬8). وإذا قال الرجل لامرأته: أحلف أن لا أقربك، أو أحلف على ذلك بالله، أو أشهد لا أقربك، أو أشهد بالله أن لا أقربك، أو أقسم أو أقسم ¬

_ (¬1) الزيادة من الكافي، الموضع السابق. لكنه تكرر فيما يأتي. والله أعلم. (¬2) ز: لم أعني. (¬3) م ش: ليغيظها أو يسوءها؛ ز: ليعطيها أو يسويها. والتصحيح من المصدر السابق. (¬4) وفي الكافي، 1/ 84 ظ: أو لا يلامسها. وفي الهامش: أو لا يمسها. وقال السرخسي: أو لا يمسها، وفي نسخ أبي سليمان: أو لا يلامسها. فهذه الألفاظ تطلق في الجماع وغير الجماع. انظر: المبسوط، 7/ 21. (¬5) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 130. (¬6) ز: يرى. (¬7) ز: أن يمضي. (¬8) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 134. وعن منصور عن إبراهيم قال: سألته عن رجل حلف أن لا يكلم امرأته، فقال: إنما كان الإيلاء في الجماع، وأنا أخشى أن يكون هذا إيلاء. وعن حماد عن إبراهيم قال: إذا حلف بالله ليغيظنها أو ليسوءنها أو ليحرمنها أو لا يجتمع رأسه ورأسها فهو إيلاء. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 6/ 448.

بالله لا أقربك، أو عَلَيَّ نذر أو نذر الله أن لا أقربك، أو عَلَيَّ ذمة الله أو عَلَيَّ عهد الله أن لا أقربك، أو أنا يهودي أو نصراني أو مجوسي أو بريء عن (¬1) الإسلام إن قربتك، فهو مولي في هذا كله. بلغنا ذلك عن إبراهيم أنه قال فيمن حلف بشيء من هذه الأشياء فحنث: عليه كفارة يمين (¬2). وكذلك إذا قال: أعزم أو أعزم بالله. وكذلك إذا قال: وعظمة الله وعزة الله لا أقربك، أو قال: وقدرة الله لا أقربك. وكذلك (¬3) أيضاً إذا (¬4) حلف على ذلك بعتق أو طلاق أو حج أو عمرة أو هدي أو مشي إلى البيت الحرام (¬5) أو صوم جعله لله (¬6) عليه إن قربها. وكل شيء يشبه هذا جعله على نفسه (¬7) إن قربها فلزمه فيه شيء يضيفه إليه فهو مولي. وإذا قال: والقرآن لا أقربك، أو الكعبة أو الصلاة أو الزكاة لا أقربك، أو بيت الله، أو حلف على ذلك بشيء من طاعة الله أو بشيء من فرائض الله تعالى، فهذا كله باطل لا يكون مولياً (¬8)، إنما يكون الحلف بالله. ولو حلف فقال: بالله لا أقربك، وأيم الله لا أقربك، أو قال: لعمر (¬9) الله لا أقربك، أو قال: الله لا أقربك، يريد بقوله: "الله" اليمين فيما بينه وبين الله تعالى فهو مولي في هذا كله. وإذا لم ينو بقوله: الله لا أقربك، اليمين فيما بينه وبين الله تعالى فهو مولي (¬10) في القضاء لا يدين فيه. وإن قال قولاً: لا يقربها، ولم يحلف، لم يكن مولياً؛ لأن الله تعالى قال في كتابه: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} (¬11)، فهذا الحلف. وبلغنا عن عائشة ¬

_ (¬1) ز: من. (¬2) الآثار لمحمد، 123؛ والمصنف لعبد الرزاق، 8/ 480. (¬3) م ش ز: فكذلك. (¬4) م ش ز: وإذا. (¬5) ز - الحرام. (¬6) م ش ز: الله. (¬7) ز: على نفسها. (¬8) ش + إنما يكون موليا. (¬9) ش: لعمرو. (¬10) ز - فهو مولي. (¬11) يقول تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 226، 227]

- رضي الله عنها - أن رجلاً ترك امرأته سنين لا يقربها من الغضب من غير يمين، فقالت: ليس هذا بشيء (¬1). وإذا حلف بالله لا يقربها في هذا البيت أو في هذه الدار أو في هذا المصر أو في هذه المدينة فليس هذا بمولي؛ لأنه يقدر على أن يقربها في غير ذلك المكان الذي حلف عليه بغير حنث ولا كفارة. وإذا حلف أن لا يقربها في أرض العراق فهو كذلك أيضاً؛ لأنه يقدر على أن يخرجها من أرض العراق قبل مضي الأربعة الأشهر فيقربها في غير أرض العراق. وإذا حلف أن لا يقربها وهي حائض فليس بمولي؛ لأن هذا قد حلف على أقل من أربعة أشهر. وإذا حلف الرجل لا يقربها حتى يقدم فلان أو حتى يفعل هو شيئاً يقدر على أن يفعله أو حتى يخرجها (¬2) من تلك البلاد أو يصنع كذا وكذا لشيء يقدر عليه فليس بمولي؛ لأنه يقدر على أن يجامع بعدما يصنع الذي يحلف عليه (¬3) قبل الأربعة الأشهر، لم يكن مولياً ويقدر فلان (¬4) على القدوم قبل الأربعة الأشهر. ولو أقام فلان حتى تمضي (¬5) الأربعة الأشهر لم يكن مولياً. ولو كان (¬6) حلف أن لا يقربها حتى يفعل شيئاً وهو يعلم أنه لا يقدر عليه فمضت الأربعة الأشهر فهو مولي. وإذا حلف الرجل لا يقربها سنة إلا يوماً فليس بمولي؛ لأنه يقدر أن يجامعها في تلك السنة بغير حنث ولا كفارة لإمكان (¬7) ذلك. فإن قربها ذلك [اليوم] (¬8) في أول السنة وقد بقي من السنة أربعة أشهر فإنه مولي؛ لأنه لا ¬

_ (¬1) لم أجده عن عائشة، لكن روي نحو ذلك عن ابن عباس والحسن وغيرهما. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 134. (¬2) ز: تخرجها. (¬3) م: عنه. (¬4) ش + اليوم. (¬5) ز: يمضي. (¬6) ز - كان. (¬7) م ش: لمكان؛ ز: بمكان. (¬8) الزيادة من الكافي، 1/ 85 و.

يقدر على أن يقربها فيما بقي إلا بكفارة. وإذا حلف لا يقربها في (¬1) السنة إلا مرة واحدة فهو كذلك. وإذا حلف لا يقربها وقال: إن شاء الله، فليس بمولي؛ لأنه قد استثنى. بلغنا عن ابن مسعود وابن عباس وابن عمر أنهم قالوا: من حلف على يمين فقال: إن شاء الله، فلا حنث عليه ولا كفارة. وكذلك بلغنا عن إبراهيم وعامر (¬2). وكذلك لو حلف لا يقربها إن شاء فلان أو إن شاءت هي، فلم يشأ فلان ولم تشأ هي فليس بمولي. وإن شاءت في ذلك المجلس الذي حلف فيه كان مولياً؛ لأنها قد شاءت ما جعل لها. فإن (¬3) مضت الأربعة الأشهر بعد ذلك بانت منه بتطليقة. وإذا قال الرجل لامرأته: أنا منك مولي، فإن هذا كلام له وجهان. إن كان يعني الخبر بالكذب فليس بمول فيما بينه وبين الله تعالى، ولكنه مول في القضاء ولا يدين. وإن كان يعني أن ذلك واجب (¬4) عليه أوجبه على نفسه فهو مول فيما بينه وبين الله تعالى وفي القضاء. وإذا حلف على أربع نسوة لا يقربهن فهو مول منهن إن تركهن جميعاً بالإيلاء. وإذا جامع واحدة قبل الأربعة الأشهر أو ثنتين أو ثلاثة نسوة سقط الإيلاء عمن جامع منهن، ولا كفارة عليه؛ لأنه لم يجامع كلهن، ولا يقع ¬

_ (¬1) م ش ز: باقي. والتصحيح من المصدر السابق. (¬2) رواه المؤلف بإسناده عن ابن مسعود وابن عمر وإبراهيم وغيره في أوائل كتاب الأيمان. انظر: 1/ 182 و. ورواه المؤلف أيضاً عن ابن مسعود وابن عمر وإبراهيم في الآثار له، 123؛ ورواه عن ابن عمر في الموطأ بروايته، 3/ 167. وانظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 516 - 519. وقد روي مرفوعاً عن أبي هريرة وابن عمر وابن عباس. انظر: سنن ابن ماجه، الكفارات، 6؛ وسنن أبي داود، الأيمان، 9؛ وسنن الترمذي، النذور، 7؛ وسنن النسائي، الأيمان، 18. وروي معناه في حديث آخر. انظر: صحيح البخاري، النكاح، 119؛ وصحيح مسلم، الأيمان، 22 - 25. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 3/ 301؛ والدراية لابن حجر، 2/ 92. (¬3) ز: فلان. (¬4) ز: واجبا.

الحنث إلا أن يجامعهن كلهن. وهو مولي من الباقية التي لم يجامع، إن مضت أربعة أشهر قبل أن يجامع بانت. ولو لم يجامع ثنتين منهن ولكنه طلق إحداهن ثلاثاً كان مولياً؛ لأنه لو (¬1) جامعهن كلهن حنث. ولو لم يطلق ولكن إحداهن ماتت لم يكن مولياً من شيء منهن. ولا يشبه الموت الطلاق؛ لأنه لو جامع من بقي منهن جامع بغير (¬2) كفارة ولا حنث. ولو حلف لا يقرب واحدة منهن فهو مول منهن. وإن تركهن جميعاً حتى تمضي (¬3) الأربعة الأشهر لم يقرب واحدة منهن بَرَّ منه بالإيلاء. فإن كان ينوي واحدة منهن بعينها لا ينوي غيرها فهو كما نوى، وهو مول منها، ولا يكون مولياً من الثلاث. وإذا آلى من واحدة لم يسمها ولم ينوها (¬4) فهو بالخيار، يوقعه على أيتهن شاء بعد مضي الأربعة الأشهر (¬5). فإن تركهن جميعاً بانت واحدة، ويوقع البينونة على أيتهن شاء، ولكن الثلاث نساؤه. وإذا آلى الرجل من امرأته وبينه وبينها مسيرة أربعة أشهر أو أكثر من ذلك فإنه يجزيه أن يفيء بلسانه وقلبه. وإذا كان بينهما أقل من أربعة أشهر لم يجزه إلا أن يجامعها، ولا يجزيه الفيء بلسانه وقلبه. وإذا آلى الرجل من امرأته وهو مريض فإن فيئه الرضا بلسانه وقلبه. فإن صح قبل الأربعة الأشهر فليس ذلك بفيء ولا فيء [له إلا] (¬6) الجماع. وإن تم (¬7) به المرض أربعة أشهر كان ذلك فيئاً. وإن كانت هي مريضة فهي بمنزلة هذا. وإن كانت صغيرة لا يجامع مثلها ففيئُه الرضا. وإذا آلى الصبي أو المعتوه من امرأته أو المجنون (¬8) في حال جنونه (¬9) فذاك باطل لا يقع. ¬

_ (¬1) ش - لو. (¬2) ز: لغير. (¬3) ز: يمضي. (¬4) ز: ينويها. (¬5) م ز: أشهر. (¬6) الزيادة مستفادة من الكافي، 1/ 85 و. (¬7) ز: تمر. (¬8) م ش: والمجنون. (¬9) ش: حيوته.

وإذا آلى الرجل من امرأته أن لا يقربها أبداً ثم طلقها ثلاثاً فقد بطل الإيلاء؛ لأن الإيلاء طلاق، وقد ذهب ذلك الملك الذي آلى فيه. ولو لم يطلقها حتى تبين بالإيلاء ثلاث مرات ثم تزوجها بعد زوج غيره لم يكن مولياً (¬1) منها، إن تركها أربعة أشهر لم تبن منه؛ لأن طلاق ذلك الملك الذي كان فيه الإيلاء قد ذهب كله. وعليه الكفارة إن قربها. أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه كان يقول: هو مول منها أبداً إن مضى ثلاث تطليقات أو لا (¬2). ولم يكن أبو حنيفة يأخذ به. وإذا آلى منها أن لا يقربها أبداً ثم طلقها تطليقة بائنة فإنه ينظر. فإن مضى أربعة أشهر قبل أن تنقضي عدة الطلاق وقعت تطليقة أخرى بائنة بالإيلاء، وعليها ثلاث حيض منذ طلقها التطليقة الأولى. وإن مضت ثلاث حيض قبل أن تمضي (¬3) أربعة أشهر سقط الإيلاء عنها؛ لأنها حلت للرجال. فإن خطبها وتزوجها فهي عنده على إيلاء (¬4) مستقبل، ولا يحتسب بما مضى من ذلك؛ لأنها قد حلت للرجال. ولو احتسب بشيء من ذلك يكون مولياً منها ويقع عليها إيلاء وهي تحت زوج غيره، فهذا قبيح، لا يكون مولياً منها. ولو كان خطبها في عدتها وتزوجها اعتدت بما مضى من شهور الإيلاء، فإذا مضى تمام الأربعة الأشهر بانت بالإيلاء؛ لأنها لم تحل للرجال ولا تنقضي عدتها. ولو كان طلقها تطليقة بائنة ثم آلى منها كان الإيلاء باطلاً؛ لأنها ليست له بزوجة. ألا ترى أنها عليه حرام. وكذلك لو آلى من امرأة لا يملكها من أمة له أو مدبرة أو أم ولد فإن هذا كله لا يقع فيه الإيلاء، لقوله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ}. ولكن إن قرب واحدة منهن فعليه الكفارة. ¬

_ (¬1) ز: مولي. (¬2) روي عن إبراهيم ما يخالفه أيضاً. محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم قال: إذا آلى الرجل من امرأته ثم طلقها فالطلاق يهدم الإيلاء. قال محمد: ولسنا نأخذ بهذا. انظر: الآثار، 95. وانظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 133. (¬3) ز: أن يمضي. (¬4) م ش ز: على الإيلاء.

وإذا قال لامرأة: إن تزوجتك فوالله (¬1) لا أقربك أبداً، ثم تزوجها كان مولياً منها. وليس هذا كالذي آلى منها ولم يقل: إن تزوجتك؛ لأن هذا آلى مما لا يملك، ولا يقع عليها الإيلاء إذا تزوج، والآخر لا يقع إلا بعد الملك. ولو قال: إذا تزوجتك فوالله لا أقربك أبداً وأنت طالق، ثم تزوجها لزمه الإيلاء، وصارت طالقاً بائناً. فإن تزوجها ثانية (¬2) فتركها أربعة [أشهر] بانت بالإيلاء. وإن جامعها كفر. وإن كان قال: إن تزوجتك فأنت طالق ووالله لا أقربك، ثم تزوجها كانت طالقاً ولا يلزمه الإيلاء؛ لأنها قد بانت منه قبل أن يقع الإيلاء. وهو قول أبي حنيفة. فإن خطبها فتزوجها ثانية (¬3) لم يقع الإيلاء. فإن قربها حنث وكفر يمينه في قول أبي حنيفة. وأما على قولهما فهو مول. ولو قال: إن تزوجتك فأنت طالق، إن تزوجتك فوالله لا أقربك، ثم تزوجها لزمه الإيلاء (¬4) ووقع الطلاق عليها وبانت منه. فإن تزوجها ثانية بعد عشر سنين فهو مول منها، إن تركها أربعة أشهر بانت بالإيلاء. وإذا (¬5) آلى من امرأته أن لا يقربها إلا في أرض كذا كذا وبينه وبين تلك الأرض مسيرة أربعة أشهر فإنه مول؛ لأنه لا يستطيع أن يقربها إلا بحنث. ولو آلى الرجل من امرأته وهو في سجن أو في حبس لم يكن له فيء إلا بالجماع. وإذا آلى من امرأته وهي عنده ثم أصاب منها ما دون الفرج لم يكن ذلك بفيء. فإن قال: قد فئت في الأربعة الأشهر قبل أن تمضي (¬6)، فالقول قوله وهو مصدق. وإن مضت الأربعة الأشهر قبل ذلك من مقالته ثم قال بعد ذلك: قد كنت جامعتها، لم يصدق إلا أن تصدقه (¬7) المرأة. ولو كان أغلق باباً أو أرخى حجاباً في الأربعة الأشهر غير أنه لم يقل: قد جامعت، ¬

_ (¬1) ز: قول الله. (¬2) ز: بائنة. (¬3) ز: بائنة. (¬4) ش: بالإيلاء. (¬5) ز: فإذا. (¬6) ز: أن يمضي. (¬7) ز: أن يصدقه.

حتى مضت الأربعة الأشهر ثم قال هذه المقالة فإنه لا يصدق. ولو أقام شاهدين على مقالته في الأربعة الأشهر (¬1) قبل أن تمضي (¬2) أنه قد جامعها فإنها امرأته. فإن كانت امرأته تعلم أنه كاذب فليس يسعها أن تقيم (¬3) معه، ولتهرب منه، أو تفتدي (¬4) بمالها إلى أن يستقبل فيتزوجها نكاحاً جديداً. وإذا حنث الرجل في الإيلاء سقط عنه الإيلاء، ووجبت (¬5) عليه الكفارة كفارة يمين كما وصفت لك. وإذا آلى الرجل من امرأته بعد طلاق يملك فيه الرجعة فهو مول؛ لأن جماعها له حلال. فإن انقضت عدتها قبل أن تمضي (¬6) أربعة أشهر سقط الإيلاء ولم يلزمه شيء. فإن تزوجها ثانية فمضت أربعة أشهر منذ يوم تزوجها ثانية بانت بالإيلاء. وإذا آلى الرجل من امرأته بعد لعان أو خلع أو مبارأة أو بعد طلاق بائن أو فرقة بائنة فالإيلاء باطل لا يلزمه. فإن قربها كفر يمينه، لأنها ليست له بامرأة ولا تحل له. وإن تزوجها نكاحاً مستقبلاً فليس بمول، وإن جامعها كفر. وإذا آلى الرجل من امرأته وهي صبية لا يجامع (¬7) مثلها ثم فاء (¬8) إليها بالقول فقد (¬9) سقط عنه الإيلاء. فإن أدركت بعد الأربعة فجامعها حنث ولو كفر عن يمينه. وإن تركها لم يقع عليها الإيلاء. وكذلك المريضة والمريض الذي لا يطيق الجماع إذا استمر المرض بهما أربعة أشهر. وإن (¬10) فاء بقلبه ولم يتكلم بذلك بلسانه فإنه ليس بفيء. وإن تكلم بذلك (¬11) بلسانه ولم يشهد عليه حتى مضت الأربعة الأشهر فإنه لا يصدق على ذلك إلا أن تقوم (¬12) له بينة بذلك أو تقر المرأة بذلك. ¬

_ (¬1) م ز: أشهر. (¬2) ز: أن يمضي. (¬3) ز: أن يقيم. (¬4) ز: أو يفتدي. (¬5) ش: ووجب. (¬6) ز: أن يمضي. (¬7) ز: لا يجامعها. (¬8) ز: ثم فال. (¬9) ز - فقد. (¬10) ز: فإن. (¬11) ش: ذلك. (¬12) ز: أن يقوم.

وإذا (¬1) آلى الرجل من امرأته ثلاث مرات في مجلس واحد وهو يريد بذلك التغليظ والتشديد (¬2) ثم تركها أربعة أشهر فإنها تبين بتطليقة واحدة. أدع القياس في هذا وأستحسن. وكان ينبغي أن تبين (¬3) بثلاث. وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف أخذا في ذلك بالاستحسان. وقال محمد وزفر بالقياس. وإذا جامع قبل أن تمضي الأربعة الأشهر كفر ثلاثة أيمان في قولهم جميعاً. ولو كان أراد بيمينه واحدة (¬4) حين حلف كانت عليه كفارة واحدة. فإذا حلف ثلاثة أيمان في مجالس مختلفة على امرأة واحدة قد دخل بها ثم تركها أربعة أشهر من المجلس الأخير وقع عليها ثلاث تطليقات. وهذا والأول في القياس سواء. ولو مضت أربعة أشهر من اليمين الأولى وقعت تطليقة بائنة. فإن مضى تمام أربعة أشهر من اليمين الأولى وقعت تطليقة بائنة. فإن مضى تمام أربعة أشهر من (¬5) اليمين الثانية وقعت أخرى. فإذا مضى تمام أربعة أشهر من اليمين الثالثة وقعت الأخرى. فإن لم يكن دخل بها لم يقع عليها إلا (¬6) الأولى، لأنها قد بانت قبل أن تقع الثانية والثالثة. وكذلك هذا في التي دخل بها إذا انقضت عدتها قبل أن تقع الثانية أو الثالثة، فليس يقع إيلاؤه بعد انقضاء العدة؛ لأنها قد بانت حين مضت أربعة أشهر بعد اليمين الأولى. وإذا قال الرجل لامرأته: إن قربتك فعلي يمين، فهو مول. وكذلك إن قال: علي كفارة يمين، فهو مول. وإذا كانت الحرة تحت العبد أو المكاتب أو المدبر فهو سواء، وإيلاؤه منها مثل إيلاء الحر من الحرة. وكذلك إذا كان زوجها عبداً (¬7) قد ¬

_ (¬1) ش: فإذا. (¬2) ز: والشديد. (¬3) ز: أن يبتن. (¬4) م ز: يمينه لواحدة؛ ش: يمينه بواحدة. (¬5) ز: عن. (¬6) ش - إلا؛ صح هـ. (¬7) ز: عبد.

عتق بعضه وهو يسعى في بعض قيمته. غير أن العبد والمكاتب والمدبر إذا حنث في إيلائه كان عليه الصوم ثلاثة أيام، ولا يكون عليه غير ذلك. فإذا آلى الصبي من امرأته أو المعتوه فهذا باطل، لا يقع عليه ولا يلزمه. وكذلك المغمى عليه. وكذلك الذي يصيبه المرض فيهذي أو النائم. فأما الأخرس فإذا آلى أو ظاهر بكتاب وذلك منه يعرف فإن ذلك يلزمه. فإذا حلف الرجل ثلاثة أيمان في مقام واحد أو مقعد واحد لا يقرب امرأته يريد بذلك التغليظ والتشديد فإنما يقع عليها تطليقة واحدة بهن كلهن. فإذا مضى أربعة أشهر من اليمين الأولى وقع عليها تطليقة بائنة باليمين الأولى، ولا يقع عليها بالثانية إن كان قد دخل بها أو لم يدخل بها؛ لأنهن كلهن في طلقة واحدة. ألا ترى (¬1) أنه لو قال: والله لا أقربك، أو قال: علي حجة (¬2) إن قربتك، كان هذا كله باباً واحداً (¬3)، إنما تقع (¬4) تطليقة واحدة. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وإذا آلى من امرأته فقال: إن قربتك فأنت علي كظهر أمي، فهو مولي، إن تركها أربعة أشهر بانت. وإن قربها قبل الأربعة أشهر وقع عليها الظهار. ولو قال لها: إن قربتك فأنت علي حرام، وهو ينوي الطلاق بذلك فهو مولي. وإن كان ينوي اليمين فإن فيها قولين. أما أحدهما: فهو مول في قول أبي حنيفة. وأما الآخر (¬5): فليس بمول. فإن قربها وقع عليها الإيلاء. وإن تركها بانت بواحدة. وإنما مثل هذا مثل رجل قال لامرأته: إن قربتك فوالله لا أقربك، فليس بمول حتى يقربها مرة. [فإن قربها مرة] (¬6) فهو مول. وإن تركها أربعة أشهر بانت بالإيلاء. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وهو قول أبي حنيفة في قوله: إن قربتك فوالله لا أقربك. وإذا قال الرجل لامرأته: أنت علي حرام، ينوي اليمين أو ينوي التحريم ولا ينوي الطلاق فهو مول، إن تركها أربعة أشهر بانت بذلك. ¬

_ (¬1) ز: يرى. (¬2) ش: حجة الله. (¬3) ز: باب واحد. (¬4) ش - تقع؛ ز: يقع. (¬5) ز: الأخرس. (¬6) الزيادة من الكافي، 1/ 85 ظ.

باب الإيلاء من الأمة

وكذلك لو قال لها: أنت علي كالميتة أو كالدم أو كلحم الخنزير أو كالخمر، يعني التحريم فهو مول. وإذا قال لها: أنت علي مثل امرأة فلان، وقد كان فلان آلى من امرأته ينوي الإيلاء كان مولياً. وإن لم ينو شيئاً مما ذكرت لك كله اليمين ولا التحريم فليس بمول. وإذا آلى الرجل من امرأته ثم قال لأخرى: قد أشركتك في إيلاء هذه، كان باطلاً. ألا ترى أن الحنث يقع عليه إذا جامع الأولى. ولو كانت هذه التي أشركها معها غير امرأته كان ينبغي أن يسقط الإيلاء عن الأولى؛ مِن قِبَل أنه إذا قربها لم يحنث حتى يقرب الأخرى. فهذا باطل لا يجوز، ولا يكون شريكتها في الإيلاء. وقوله في ذلك: قد أشركتك، ليس بشيء. ... باب الإيلاء من الأمة وإذا آلى الرجل من امرأته وهي أمة والزوج حر أو عبد أو مكاتب أو مدبر فهو سواء، فإذا مضى شهران بانت بالإيلاء. وكذلك أم الولد والمدبرة والمكاتبة والأمة قد عتق بعضها وهي تسعى في بعض قيمتها. وكل هؤلاء في الإيلاء سواء. إذا آلى في واحد منهن زوجها حراً كان أو عبداً فمضى شهران بانت بتطليقة. ولو أعتقت واحدة من هؤلاء بعدما آلى منها زوجها كان عليها مثل ما على الحرة، فلا تبين إلا بمضي أربعة أشهر من يوم آلى منها، إلا التي قد عتق بعضها، فإنما هي (¬1) بمنزلة الحرة في قول أبي يوسف وقولنا، ولا تبين إلا بأربعة أشهر من يوم آلى منها (¬2). فإن كانت عتقت بعدما مضى شهر فعليها أن تستكمل (¬3) ثلاثة أشهر بعد الشهر الأول. ¬

_ (¬1) ش: هن. (¬2) ش - آلى منها. (¬3) ز: أن يستكمل.

وأما إذا عتقت بعدما مضى شهران فإنها عتقت بعدما بانت، فلا يحتسب بشيء من هذا العتق. ولو عتقت قبل أن يمضي شهران فطلقها زوجها واحدة بائنة كان عليها تمام أربعة أشهر، إن مضى ذلك وهي في العدة بانت، وعدتها هاهنا عدة حرة، والإيلاء إيلاء حرة. وإذا مضت العدة قبل تمام الإيلاء وكان (¬1) طلاقها قبل أن تعتق (¬2) ثم أعتقت كان عليها عدة الأمة من الطلاق؛ مِن قِبَل أنها بانت. وعليها من الإيلاء عدة الحرة؛ مِن قبل أنها عتقت قبل أن تمضي عدة الإيلاء، فصار عليها تمام الأربعة الأشهر. ولو أعتقت وهي بائن فصار عليها حيضتان عدة الأمة، فإن مضى تمام أربعة أشهر قبل أن تحيض (¬3) حيضتين بانت بتطليقة أخرى، وكان زوجها خاطباً. فإن تزوجها ثانية كانت عنده على تطليقة بائنة. ولو مضت عدة الطلاق قبل تمام الأربعة أشهر بانت بالطلاق، وسقط الإيلاء. فإن تزوجها كانت على إيلاء (¬4) مستقبل، إن مضى أربعة أشهر من يوم تزوجها بانت منه. وإذا آلى منها وهي أمة، ثم طلقها واحدة بائنة، ثم عتقت، فخطبها في عدتها فتزوجها، كانت على الإيلاء على حالها، وإيلاؤها إيلاء حرة. فإن وقع عليها الإيلاء فبانت منه كان عليها عدة الحرة؛ لأن الطلاق وقع عليها وهي حرة، فقد هدم نكاحه عدة الأمة. وإذا حلف الرجل لا يقرب امرأته وامرأة أخرى معها حرة أو أمة فإن الإيلاء لا يقع عليها؛ مِن قِبَل أنه لا يحنث إن جامعها وحدها. وكذلك كل يمين حلف عليها في امرأة فكانت لا يحنث بجماعها (¬5) وحدها فإنه لا يكون مولياً. فإن حلف لا يقربها هي وأخرى غير امرأته ثم قرب الأخرى وقع الإيلاء على امرأته. فإن تركها أربعة أشهر من يوم وقع على تلك الأخرى بانت منه امرأته بالإيلاء إن كانت حرة. وإن كانت أمة شهران؛ مِن قِبَل أن الإيلاء إنما كان يلزم حيث كان يحنث بجماعها وحدها. ألا ترى أنه ¬

_ (¬1) م ش ز: ولو كان. (¬2) ز: أن يعتق. (¬3) ش - تحيض؛ صح هـ. (¬4) م ش ز: على الإيلاء. (¬5) م ش ز: فجامعها.

لو قال: والله لا أجامعك إذا أتيت مكان كذا وكذا، أنه لا يكون مولياً ما لم يأت ذلك المكان، فإذا أتى (¬1) ذلك المكان كان مولياً، إن تركها شهرين وهي أمة أو أربعة إن كانت حرة بانت. فإذا آلى الرجل من امرأته وهي حرة ثم ارتدت عن الإسلام ولحقت بدار الحرب، ثم سبيت فاشتراها رجل فأسلمت، ثم تزوجها زوجها الأول وهي أمة، فإن مضى شهران من يوم تزوجها النكاح الثاني، بانت بالإيلاء. ألا ترى (¬2) أنها أمة، وأن الإيلاء له لازم، ولا ينقضها لحاقها بدار الحرب مرتدة. ألا ترى أنه لو كان قال لها: إن دخلت دار فلان فأنت طالق ثلاثاً، ثم ارتدت ولحقت بدار الحرب ثم سبيت فتزوجها وهي أمة أو حرة بعد إسلامها، ثم دخلت تلك الدار، وقع عليها الطلاق، ولا ينقضها لحاقها بدار (¬3) الحرب. وكذلك لو ظاهر منها لم ينقض اللحاق بدار الحرب الظهار. ولو آلى من امرأته ثم اشتراها سقط الإيلاء. فإن باعها أو أعتقها ثم تزوجها (¬4) ثانية (¬5) فهو مول على حاله، تبين منه إذا مضى شهران من يوم تزوجها بالنكاح الثاني إن كانت أمة. وإن كانت حرة فأربعة أشهر. ولا يهدم الإيلاء ملكه كما لا يهدم اللحاق بدار الحرب مرتدة. وإذا آلى العبد من امرأته ثم ملكته امرأته يفسد النكاح وانتقض الإيلاء. فإن أعتقته أو باعته أو وهبته أو خرج من ملكها بوجه من الوجوه ثم تزوجها بعد ذلك [فهو] مول، يقع عليها الإيلاء إن مضت أربعة أشهر من يوم تزوجها. وإذا بانت الأمة أو المدبرة أو المكاتبة أو أم الولد بالإيلاء مرتين فليس يقع عليها بعد ذلك طلاق؛ لأن طلاق ذلك الملك الذي كان فيه الإيلاء قد ذهب كله. ¬

_ (¬1) ش: فإذا أراد. (¬2) ز: يرى. (¬3) م ش ز: دار. (¬4) ش: يوم تزوجها. (¬5) ش: غائبة.

باب ايلاء أهل الذمة وغيرهم

وإذا حلف العبد بالعتق لا يقرب امرأته فليس بمولي؛ لأن العتق لا يقع عليه ولا يملك ما يعتق. وكذلك الصدقة بشيء من مال قائم بعينه؛ لأنه لا يملكه. وإذا حلف بما سوى ذلك من طلاق أو حج أو عمرة أو صيام فهو مولي؛ لأن هذا يلزمه (¬1) إذا أعتق بعدما حلف، ما خلا الصيام أو الطلاق (¬2) فإنه يلزمه وهو مملوك له؛ لأن الطلاق بيده والصيام. ... باب ايلاء أهل الذمة وغيرهم وإذا حلف الرجل من أهل الذمة بالله لا يقرب امرأته فهو مولي، لقول الله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} (¬3). وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر: إنه لا يكون مولياً؛ مِن قِبَل أنه إذا جامع لم يحنث. وهو قول صاحبيه. وإذا آلى بعتق أو طلاق فهو مولي في قولهم جميعاً؛ مِن قِبَل أنه إذا جامع وقع العتق أو الطلاق (¬4) عليه. وكل شيء آلى به من صدقة أو حج أو عمرة فإنه باطل. لا يجب عليه شيء من طاعة الله لما هو فيه من الشرك. ولا يقع عليه الظهار من قبل أنه تحريم (¬5). وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإنما يقع عليه الإيلاء من قبل أنه طلاق. فإذا آلى الذمي بعتق أو طلاق فهو بمنزلة المسلم في ذلك. وإذا حلف الرجل بعتق عبد لا يقرب امرأته ثم باع العبد سقط عنه الإيلاء. فإن اشتراه وملكه الثانية لزمه الإيلاء من يوم اشتراه. فإن تركه أربعة أشهر من يوم اشتراه بانت بالإيلاء. فإن خطبها فتزوجها فهو مولي حتى تبين (¬6) بثلاث. ولو كان جامعها بعدما كان باعه ثم اشتراه لم يقع عليها الإيلاء. ولو جامعها ثانياً لم يعتق؛ لأن ذلك قد وقع عليه وهي في غير ¬

_ (¬1) م ش ز + إذا قربها. (¬2) ش - أو الطلاق. (¬3) سورة البقرة، 2/ 226. (¬4) ز: والطلاق. (¬5) ش ز: يحرم (مهملة). (¬6) ش: حين تبين.

ملكه. ولو مات العبد قبل أن يجامعها أو قبل أن يبيعه سقط عنه الإيلاء. وكذلك لو حلف على إيلاء امرأته بطلاق أخرى ثم ماتت التي حلف بطلاقها سقط الإيلاء. ولوطلقها ثلاثاً سقط الإيلاء. فإن تزوجها ثانية لم يكن مولياً؛ لأن طلاق ذلك الملك قد ذهب كله. وأيهما ما طلق ثلاثاً هذه أو التي حلف عليها فقد سقط الإيلاء. وإذا لم يطلق فوقع على امرأته فطَلُقَت (¬1) الأخرى وبانت ثم تزوجها فإنه لا يكون مولياً من امرأته؛ لأنه قد حنث لها (¬2) مرة. ولو لم يحنث ولكنه طلقها فبانت منه وانقضت عدتها سقط الإيلاء من الأخرى كما سقط إذا باع العبد. وإذا حلف الرجل لا يقربها حتى تموت هي أو يموت هو فهو (¬3) مولي. وإذا حلف لا يقربها حتى يموت فلان فإنه لا يكون مولياً. ألا ترى (¬4) أن فلاناَ لو مات وهما حيان كان له أن يقربها بغير كفارة. وإذا حلف الرجل لا يقربها حتى يخرج الدجال (¬5) أو حتى تطلع الشمس من مغربها فإنه لا يكون مولياً في القياس، ولكنا ندع القياس فنجعله مولياً في هذا الباب. فإذا حلف لا يقربها أبداً أو حتى القيامة فهو مولي. وإذا حلف الرجل لا يقرب امرأته حتى تفطم (¬6) صبيانها وبينها وبين الفطام أقل من أربعة أشهر فليس هذا بإيلاء. فإن كان بينه وبين الفطام أربعة أشهر أو أكثر من ذلك وهو ينوي ذلك الفطام لا ينوي دونه فهو مولي. ولو مات الصبي قبل أن تمضي (¬7) أربعة أشهر سقط عنه إيلاؤه. وكذلك لو حلف لا يقربها حتى يأذن له فلان، كان الإيلاء باطلاً إذا ¬

_ (¬1) م ش ز: طلقت. والتصحيح مستفاد من الكافي، 1/ 86 و. (¬2) ز: بها. (¬3) ز - فهو. (¬4) ز: يرى. (¬5) م: الرجال. (¬6) ز: يفطم. (¬7) ز: أن يمضي.

مات فلان قبل أن تمضي (¬1) أربعة أشهر. و [لو] (¬2) لم يتم فلان أربعة أشهر ولم يكن قربها فإنه ينبغي في القياس أن لا يكون مولياً؛ مِن قِبَل أنه قد (¬3) كان له أن يقربها إذا أذن له بغير كفارة. هذا قولهما. وإذا قال الرجل لامرأته: إن قربتك فكل مملوك أملكه فيما أستقبل فهو حر (¬4)، فهو مولي في قول أبي حنيفة ومحمد (¬5). وكذلك قولنا (¬6). وفي هذا قول آخر: لا يكون مولياً، مِن قِبَل أنه يقدر على أن لا يملك أبداً. وهو قول أبي يوسف. وإذا قال: إن قربتك فعلي حجة بعدما أقربك بسنة، فهو مولي؛ لأن الحجة تلزم بالجماع (¬7). وكذلك إن قال: إن قربتك فعلي حجة قبل أن أقربك (¬8) بيوم. ولو قال: إن قربتك فعلي صوم هذا الشهر، لم يكن مولياً؛ مِن قِبَل أن هذا الشهر إذا مضى ولم يقربها سقط عنه الإيلاء. ألا ترى (¬9) أنه لو قال: إن قربتك فعلي صوم أمس، كان هذا باطلاً؛ لأنه لا يستطيع أن يصوم أمس. وإذا قال: إن قربتك فعلي طعام مساكين أو صوم يوم، أو شيء مما يتقرب به إلى الله تعالى قليلاً كان أو كثيراً من صلاة أو صدقة أو حج أو عمرة أو هدي، فهو مولي في قول أبي يوسف الأول. وهو قول محمد. وقال أبو يوسف: لا يكون مولياً فيما جعل على نفسه من الصلاة. وإذا قال: إن قربتك فعبدي فلان (¬10) حر عن ظهاري، وقد ظاهر فهو ¬

_ (¬1) ز: أن يمضي. (¬2) الزيادة مستفادة من الكافي، 1/ 86 و. (¬3) ز - قد. (¬4) ز - فهو حر. (¬5) قوله: ومحمد، زيادة من الراوي في غالب ظننا. انظر الحاشية التالية. (¬6) يغلب على الظن أن هذا من كلام الإمام محمد. وقد تقدم مثل هذا الكلام منه في كتاب الطلاق. انظر مثلا: 3/ 83 و، 83 ظ، 85 و، 91 و. لكن الراوي عنه ذكر اسم محمد صراحة دفعاً للالتباس، ونسي أن يحذف "وكذلك قولنا". وقد يكون "وكذلك قولنا" من كلام الراوي، أي: أنه يرجح هذا القول. (¬7) ش: الجماع. (¬8) ز: قبل ما أقربك. (¬9) ز: يرى. (¬10) ز - فلان.

باب اللعان

مولي. ولو قال: إن قربتك فللَّه علي أن أعتق فلاناً عن ظهاري، وهو مظاهر فليس بمولي. وهذا مخالف للأول؛ لأن الأول قد أوجب العتق. ... باب اللعان بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا لعان بين أهل الكفر وأهل الإسلام، ولا بين العبد وامرأته، ولا لعان بين (¬1) المحدود في قذف وبين امرأته" (¬2). [و] بلغنا ذلك عن إبراهيم النخعي (¬3). فإذا كانت تحت المسلم امرأة من أهل الكتاب فقذفها فلا حد ولا لعان. وكذلك إن كانت تحته أمة أو مدبرة أو مكاتبة أو أمة قد عتق بعضها وهي تسعى في بعض قيمتها- في قول أبي حنيفة- أو أم ولد لرجل. يعزر لذلك أسواطاً ولا يبلغ به الحد. وفي التي قد أعتق بعضها قول آخر: إنها بمنزلة الحرة يلاعنها زوجها. وكذلك إذا كانت تحته امرأة محدودة في قذف فلا لعان بينه وبينها، ولا حد عليه. فإذا كان العبد تحته أمة أو مدبرة أو أم ولد أو مكاتبة أو أمة تسعى في بعض قيمتها فلا لعان بينهما، ولا حد عليه إذا قذف واحدة منهن إلا ¬

_ (¬1) ز - أهل الكفر وأهل الإسلام ولا بين العبد وامرأته ولا لعان بين. (¬2) ز + بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لا لعان بين أهل الكفر وأهل الإسلام ولا بين العبد وامرأته. وقد روي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أربعة من النساء لا ملاعنة بينهم، النصرانية تحت المسلم، واليهودية تحت المسلم، والمملوكة تحت الحر، والحرة تحت المملوك". وروي عن عتاب بن أسيد مرفوعاً نحوه. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 7/ 127؛ وسنن ابن ماجه، الطلاق، 27. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 3/ 248. وروي فى ذلك آثار عن الصحابة والتابعين. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 7/ 127 - 129. (¬3) عن إبراهيم أنه قال: لا لعان إلا بين الحرين المسلمين. انظر: الآثار لأبي يوسف، 153؛ والمصنف لعبد الرزاق، 7/ 128.

التي قد أعتق بعضها. فإن قذفها فعليه الحد في قولهما. وإذا كان العبد تحته حرة مسلمة فعلى العبد الحد، ولا لعان بينهما. وإذا كان تحت المحدود في القذف امرأة حرة مسلمة فقذفها فعليه الحد. ولو كانت المرأة هي المحدودة في القذف وكان هو غير محدود فقذفها لم يكن عليه حد ولا لعان؛ لأن الشهادة بطلت من قبلها؛ لأنها محدودة ولا شهادة لها لأنها كانت امرأته (¬1). وإذا لم تكن هي محدودة في القذف (¬2) وكان هو المحدود فمن قبله (¬3) بطلت الشهادة، فعليه الحد، وهي امرأته على حالها. ولو كانا جميعاً محدودين في قذف فقذفها ضرب الحد؛ لأنه بمنزلة العبد يقذف الحرة المحدودة في قذف. وإذا قذف الأعمى امرأته وهي عمياء أو قذف الفاسق امرأته فبينهما اللعان؛ مِن قِبَل أن شهادة هؤلاء جائزة في قول بعض الفقهاء. وليس هذا كالمحدودة في قذف. وإذا قذف الرجل امرأته وقد زنت أو وطئت وطءاً حراماً فلا حد عليه ولا لعان بينهما. وإذا قذف الرجل امرأته وهي صغيرة أو قذف الصبي امرأته وهي كبيرة فلا حد على واحد منهما، ولا لعان بينهما. وإذا قذف الحر المسلم امرأته بالزنى وهي حرة مسلمة فإن كفت عن ذلك ولم ترافعه فهي امرأته. بلغنا عن إبراهيم النخعي (¬4). وإن رافعته إلى السلطان بدأ الإمام بالرجل فأمره أن يلتعن. واللعان كما قال الله تعالى في كتابه (¬5) أن يشهد أربعَ شهادات بالله ¬

_ (¬1) م ش ز: أمة. وانظر: المبسوط، 7/ 41. (¬2) ز - في القذف. (¬3) ش: فمن قوله. (¬4) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 9. (¬5) يقول تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} (سورة النور، 6 - 9).

إنه لمن الصادقين فيما رماها به من الزنى، ثم تقوم (¬1) المرأة تشهد (¬2) أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، إلى أن قالا أربع مرات، فإذا فرغت فرق الإمام بينهما. بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه لاعن بين رجل وامرأته، فلما فرغا فرق بينهما (¬3). وبلغنا عن إبراهيم النخعي أنه قال: اللعان تطليقة بائنة (¬4). وبلغنا عن إبراهيم أنه قال: إذا أكذب الملاعن نفسه جلد الحد، وكان خاطباً من الخطاب، إن تزوجها كانت عنده على تطليقتين بائنتين (¬5). وإذا رفعت المرأة زوجها إلى السلطان في القذف فأيهما ما نكل عن اليمين في اللعان فإن الإمام ينبغي له أن يحبسه ويجبره على ذلك حتى يلتعن كما التعن صاحبه. وإن وقعت الفرقة وزوجها يطلب إلى السلطان القذف وهو يجحد القذف فقامت عليه بينة فإن بينهما اللعان (¬6) ولا حد عليه. وإذا نفى الرجل حبل امرأته وقال: هو من زنى، فلا لعان بينهما ولا حدة لأن نفي الولد في الحبل ليس بشيء، لا يدرى لعله ريح، في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: إن (¬7) جاءت بالولد لأقل من ستة أشهر فالقول كما قال أبو حنيفة. فإذا لاعنها بغير ولد فلها السكنى ¬

_ (¬1) ز: ثم يقوم. (¬2) ز: يشهد (¬3) صحيح البخاري، الطلاق، 35؛ وصحيح مسلم، اللعان، 1 - 9. (¬4) الآثار لمحمد، 91؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 112. (¬5) م: ثانيين. محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة قال: حدثنا حماد عن إبراهيم قال: إذا قذف الرجل امرأته ثم لم يلاعنها كانا على نكاحهما، فإذا لاعنها بانت بتطليقة بائن، وليس له أن ينكحها أبداً إلا أن يكذب نفسه، فإن أكذب نفسه تزوجها. انظر: الآثار، 92. وروي نحو هذا عن سعيد بن المسيب. وروي عن عن إبراهيم النخعي أنه قال: إذا أكذب نفسه جلد ولحق به الولد ولا يجتمعان. وروي عن إبراهيم قال: إذا أكذب نفسه ضرب الحد. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 7/ 113؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 20. (¬6) ز: بينهما ن. (¬7) م ش و: وإن.

والنفقة ما دامت في العدة. فإن جاءت بولد ما بينهما وبين سنتين لزمه الولد. وإن لم يكن عليها عدة لزمه الولد ما بينه وبين ستة أشهر. وإذا لاعنها بولد ثم جاءت بولد آخر بعد ذلك بستة أشهر أو أكثر ما بينها وبين سنتين فإنه يلزمه الولد الثاني. إنما هو بمنزلة تطليقة بائنة (¬1)، جاءت بالولد فيلزمه إذا جاءت به لأقل من سنتين. وإذا ولدت امرأة الرجل ولدين في بطن واحد فأقر بالأول ونفى الآخر فإنه يلاعن، ويُلزَم الولدين جميعاً. وإذا (¬2) نفى الأول وأقر بالآخر فإنه يحد ويلزمانه جميعاً؛ لأنه أكذب نفسه بعد الإقرار. والأول بمنزلة من قال لامرأته: عفيفة لم تزني (¬3) قط، ثم قال لها: يا زانية، فعليه اللعان. [و] إذا ولدت ولدين في بطن واحد فنفاهما جميعاً ثم مات أحدهما قبل اللعان فإنه يلاعن بالآخر، ويلزم الولدان (¬4) الأب مِن قِبَل الذي مات. ألا ترى (¬5) أنه قد ورثه لو كان له مال، وأنه لو قتل كان للوالد ميراث من الدية. وكذلك لو كانت ولدت أحدهما ميتاً والآخر حيّاً فنفاهما لاعن، ولزم الولدان الأب (¬6)، مِن قِبَل أن الميت لو كان إنسان ضرب بطنها فغرم الغرة كان للوالد منها الميراث، فقد وجب له الميراث من الميت، فلا يستطيع أن ينفي الحي الذي كان معه في بطن واحد. ولو ولدت ولداً فنفاه ولاعن به ثم ولدت بعد بيوم ولداً آخر لزماه جميعاً، واللعان ماض على حاله؛ مِن قِبَل أنه لا يستطيع أن ينفي الثاني نفي لعان. ولو قال: هما ابناي، كان صادقاً، ولا حد عليه. ولو قال: ليسا بابني، كانا ابنيه (¬7)، ولا حد عليه. ولو قال: كذبت في اللعان وفيما قذفتها (¬8) به، كان عليه الحد وكانا ابنيه (¬9). ¬

_ (¬1) م: ثانية. وعبارة الحاكم: المعتدة البائنة. انظر: الكافي، 1/ 86 ظ. (¬2) ز: فإذا. (¬3) ز: لم تزنين. (¬4) م ش ز: الولد من. والتصحيح مستفاد من الكافي، 1/ 86 ظ. (¬5) ز: يرى. (¬6) م ش ز: الولدين للأب. (¬7) ز: ابناه. (¬8) ز: قذفها. (¬9) ز: ابناه.

ولو نفى (¬1) ولد زوجة له محدودة أو امرأة (¬2) من أهل الكتاب أو أمة أو مكاتبة أو مدبرة أو أم ولد لرجل، والزوج حر أو عبد، كان نفيه باطلاً، ويلزم الولد أباه، ولا حد على الزوج. ولا يخرج الولد من نسبه إلا باللعان (¬3). وللملاعنة النفقة والسكنى ما دامت في العدة. وهو قول إبراهيم. ولا ميراث بينهما إذا لاعنها في صحته. وإن لاعنها في مرضه فلها الميراث إن مات وهي في العدة. فإن انقضت العدة قبل أن يموت فلا ميراث بينهما. وإذا لاعن الرجل امرأته والتعن ثلاث مرات والتعنت امرأته ثلاث مرات ففرق (¬4) بينهما فقد أخطأ القاضي السنة، والفرقة جائزة؛ لأن اللعان هاهنا خمس مرات في كتاب الله عز وجل، وما جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬5). فإن كان التعن الرجل مرتين (¬6) فالفرقة باطلة، وعلى القاضي أن يستقبل اللعان بينهما. إذا فرق (¬7) وقد بقي أكثر اللعان فالفرقة باطلة. وإذا فرق وقد مضى أكثر اللعان فالفرقة جائزة. فإن لم يعرف ما التعن الرجل والتعنت المرأة ثم ماتت وقد بقي من اللعان مرة واحدة أو مرتان (¬8) فهي امرأته يتوارثان. ولو تم اللعان ثم ماتت أو مات الرجل قبل أن يفرق القاضي بينهما كان الميراث بينهما؛ لأن القاضي لم يفرق بعد. ولو أخطأ القاضي فأمر المرأة فبدأت (¬9) باللعان ثم التعن الرجل كان عليه أن يأمر المرأة أن تستقبل (¬10) اللعان. فإن فرق بينهما ولم يأمرها أن تستقبل (¬11) اللعان فالفرقة جائزة. ¬

_ (¬1) م ش ز: نفاه. والتصحيح من المصدر السابق. (¬2) م ش ز: وامرأة. والتصحيح من المصدر السابق. (¬3) ز: اللعان. (¬4) م ش ز: فرق. (¬5) صحيح البخاري، التفسير، سورة 24 (3)؛ وصحيح مسلم، اللعان، 4، 10. (¬6) ش: امرأتين. (¬7) م ش ز: إذا قذف. (¬8) ز: أو مرتين. (¬9) ش ز: فبدت. (¬10) ز: أن يستقبل. (¬11) ز: أن يستقبل.

ولو قذف رجل امرأة ثم تزوج بها ثم قذفها فرافعته في الحدين جميعاً فرافعته إلى السلطان جلدته الحد، ودرأت عنها اللعان. إذا اجتمع حدان ما استطاع الإمام أن يدرأ أحدهما فعل. ولو أن المرأة أخذته بالحد الآخر وتركت الحد الأول لاعنها. فإن أخذته بالأول (¬1) بعد اللعان (¬2) ضرب الحد. فإن طلبت الأول ولم تترك (¬3) الآخر ضرب الحد. فإن أخذته بالآخر بعد ذلك (¬4) فلا لعان بينهما، ولا يحد (¬5) هذا الحد لما كان قبله من قذف. وكذلك لو قذفها وقذف أخرى معها. وإن قذفها مرتين وهي امرأته فأخذته بذلك فإنما عليه لعان واحد. وإذا قذف الرجل أربع نسوة له في كلمة واحدة أو كل واحدة في كلمة على حدة فرافعنه إلى الإمام جميعاً أو متفرقات فإن هذا سواء في اللعان كله، وعليه أن يلاعن كل واحدة (¬6) منهن على حدة، وليس هذا كالحد. ولو كان الرجل محدوداً في قذف جلد حدًّا لهن كلهن. وإن جئن متفرقات فإنما عليه حد واحد. ولو قذف رجل رجلاً فضرب بعض (¬7) الحد ثم قذف امرأة نفسه قبل أن يمضي الحد كله لم يكن عليه لعان، وكان عليه أن يتم الحد لذلك الرجل كله. وإذا قذف الرجل امرأته ثم بانت (¬8) منه بطلاق أو غيره فلا حد عليه، ولا لعان (¬9) بينهما؛ من قبل أن حده كان اللعان، فلما بانت منه لم يستقم ¬

_ (¬1) ز: بالأولى (¬2) ش: ييدرا للعان (مهملة). (¬3) ز: ترك. (¬4) م ش ز: بعدما. والتصحيح من الكافي، 1/ 87 و. (¬5) م ش ز: واحد. والتصحيح مستفاد من الكافي، 1/ 87 و؛ والمبسوط، 7/ 48 - 49. (¬6) ز: كل واحد. (¬7) م ش ز: بعد. والتصحيح من المصدرين السابقين. (¬8) ز: ثم ماتت. (¬9) م ش ز: كفارة. والتصحيح من المصدرين السابقين.

أن يلاعن غيره امرأته، ولا ينبغي أن (¬1) يحول ما كان عليه من اللعان إلى الحد. ولو أكذب نفسه لم يحد. ولو قال لها: أنت طالق يا زانية، كان عليه الحد؛ لأن القذف وقع بعدما بانت منه. ولو قال لها: يا زانية أنت طالق ثلاثاً، لم يكن عليه حد ولا لعان. وإذا ماتت المرأة بعد القذف قبل اللعان أو مات الرجل قبل اللعان أو بعده قبل أن يتم اللعان فإنهما يتوارثان. وإذا قذفها بالزنى بعد طلاق يملك فيه الرجعة فعليه اللعان، لأنها امرأته. ألا ترى أنهما يتوارثان وأن ظهاره وإيلاءه يقع عليها. وإذا قذفها بالزنى بعد طلاق بائن أو فرقة بائنة فعليه الحدث لأنها ليست بامرأته ولا يتوارثان ولا يقع عليها ظهاره ولا إيلاؤه. وإذا قال الرجل لامرأة: (¬2) إذا تزوجتك فأنت زانية، كان قوله هذا باطلاً، ليس يقع القذف عليها من هذا الوجه. وكذلك قوله: أنت زانية إن شاء فلان، أو أنت زانية إن دخلت الدار، لم يكن هذا قذفاً (¬3)، وليس فيه حد ولا لعان. وكذلك لو قال هذا لامرأته وقد دخل بها. وكل امرأة وطئت وطءاً حراماً فلا حد على قاذفها، ولا لعان بينها وبين زوجها إذا قذفها. وإذا قال الرجل لامرأته: قد زنيت قبل أن أتزوجك (¬4) فإن اللعان يقع عليها؛ لأن القذف إنما وقع يوم تكلم بذلك. وكذلك لو قال: رأيتك تزنين قبل أن أتزوجك. ولو قال: قد قذفتك بالزنى قبل أن أتزوجك، لم يكن في هذا لعان، وكان عليه الحد. وليس هذا كالأول. هذا أقر بقذف ماض، والأول قاذف. ولو قال رجل لامرأته: قد زنيت وأنت صبية صغيرة، لم يكن عليه حد ولا لعان؛ لأن الصبية لا تزني. ألا ترى (¬5) أنه لو قال لها: قد زنيت قبل أن تخلقي (¬6)، لم يكن عليه حد ولا لعان. ¬

_ (¬1) ش - ينبغي أن؛ صح هـ. (¬2) ز: لامرأته. (¬3) ز: قذف. (¬4) م ز: أن أزوجك. (¬5) ز: يرى. (¬6) ز: أن تخلقين.

ولو قال لها: فرجك زان، أو جسدك زان، أو بدنك زان، كان عليه اللعان. فإن قال لها: يداك أو رجلاك (¬1) زان أو شعرك أو عينك زان، فهذا كله باطل، لا حد عليه، ولا لعان بينهما. وليس هذا كالأول؛ لأن الأول قد وقع عليها القذف كلها. ولو أن رجلاً أعجمياً قذف امرأته بالفارسية أو بالنبطية أو بأي لسان ما كان بعد أن يرميها بالزنى كان عليه اللعان. وكذلك لو كان فصيحاً. ولو أن رجلاً قال لامرأته إنه (¬2) قد وجدتُ معها رجلاً، لم يكن في هذا حد ولا لعان؛ لأن هذا لم يفصح بالزنى. وكذلك لو قال: رأيت معها رجلاً يجامعها، لم يكن عليه حد ولا لعان؛ لأن الجماع قد يكون حلالاً وشبهة، فلا يقع هذا منه على الزنى دون ما سواه، ولا حد عليه في هذا ولا لعان. ولو أن رجلاً قال لامرأته: يا زان، كان عليه في هذا اللعان؛ لأن الله تعالى يقول: {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ} (¬3). و [لو] قال رجل لرجل: يا زانية (¬4)، لم يكن عليه حد، ولا يشبه الرجل المرأة هاهنا. قد سمى (¬5) الله المرأة هاهنا، قال: {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ}، وقال: {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ} (¬6)، فالمرأة هاهنا لا تشبه (¬7) الرجل. وهذا قول أبي حنيفة. وأما في قول (¬8) محمد فإذا قال الرجل: يا زانية، فعليه الحد. وإذا قذف الأخرس امرأته بكتاب أو بإشارة أو بإيماء وذلك منه يعرف فلا حد عليه ولا لعان؛ مِن قِبَل أن هذا حد، ولأنه لم يتكلم بالقذف نفسه، ولا يشبه الحد الطلاق وغيره من الأشياء. وكذلك لو قذفها في كتاب. ولو قذف الأصم امرأته فعليه اللعان. ¬

_ (¬1) ز: يديك أو رجليك. (¬2) أي: إن الأمر أو الشأن ... (¬3) سورة يوسف، 12/ 30. (¬4) م ش ز: يا زان. والتصحيح يدل عليه باقي الكلام. (¬5) ز: قد سماه. (¬6) سورة الممتحنة، 60/ 12. (¬7) ز: لا يشبه. (¬8) ز: على قول.

ولو قذف رجل امرأة رجل فقال الزوج: صدقت، لم يكن على الزوج حد ولا لعان. ولو قذف رجل امرأته فقال لها: يا زانية، فقالت: بل أنت، فإنها تحد، ويدرأ اللعان عنها. ولو لم أَحُدَّهما ولاعنت بينهما لم أجد بدّاً من أن أحدها بقذفها إياه. فإذا قال لها: يا زانية، فقالت له: بل زنيت بك، لم يكن بينهما لعان، ولا حد عليهما. وهذا استحسان. وكان ينبغي في القياس أن يلاعنها مِن قِبَل أن هذا ليس بتصديق؛ لأن المرأة لا تزني بزوجها. ولكنا ندع القياس ونأخذ بالاستحسان. وإذا قال لها: يا زانية، فقالت: أنت أزنى مني، فإن عليه اللعان. ليس قولها: أنت أزنى مني، بقذف. وكذلك لو كانت هي تبدأ بالمنطق فقالت: أنت أزنى من فلانة، لامرأة زانية أو غير زانية، لم يكن عليهما (¬1) حد ولا لعان. وكذلك لو قال لها: أنت أزنى الناس. ولو قال: يا زانية، فصدقته، أو نفى ولداً (¬2) قد ولدته فصدقته، لم يكن بينهما لعان؛ لأنها قد صدقته. فلا حد عليه، وهي امرأته على حالها، ولا يصدقان على الولد، والولد ابنهما. لا ينفى الولد إلا باللعان (¬3). وإذا قذف رجل امرأة رجل فقال الزوج: صَدقت، فليس الزوج بقاذف، ولا حد عليه، ولا لعان بينهما. ولو قال الزوج (¬4): صدقت هي كما قلت، كان بينهما لعان، لأنه هاهنا قاذف. ولو قذف رجل أربع نسوة له فصدقته إحداهن لم يكن بينه وبين الذي صدقته لعان، ويلاعن الأخريات (¬5). ¬

_ (¬1) ش: عليه. (¬2) ز: ولد. (¬3) ز: اللعان. (¬4) ش - صدقت فليس الزوج بقاذف ولا حد عليه ولا لعان بينهما ولو قال الزوج. (¬5) ز: الأخرى.

ولو قال رجل لامرأته: يا زانية ابنة الزانية، فرافعته هي وأمها إلى السلطان ضربناه الحد للأم، ودرأنا عنه اللعان. وكذلك لو كانت الأم ميتة فأخذت الابنة بحدها. ولو قال رجل لامرأته: قد زنيت مستكرهة، لم يكن عليها حد ولا لعان. وكذلك لو قال رجل لامرأته: قد زنى بك صبي، فلا حد عليه ولا لعان؛ لأن الصبي لا يزني. والمستكرهة غير زانية. وكذلك لو قال: قد اغتصب رجل نفسك فوقع عليك وأنت نائمة أو يقظانة، لم يكن عليه حد ولا لعان. وإذا قذف الرجل امرأته ثم وطئت وطءاً حراماً بعد القذف أو زنت بعد القذف فلا حد عليه ولا لعان بينهما؛ لأنه قد صارت كما قال. لا حد على قاذفها. أرأيت لو كان ضربها الإمام حدّاً من الزنى أكان يلاعن بينهما. ولو قذفها الزوج ثم ماتت كان له الميراث، ولا حد عليه، ولا لعان بينهما. ولو ولدت ولداً فقال الزوج: لم تلديه، لم (¬1) يثبت نسبه (¬2) من واحد منهما، ولا حد عليه، ولا لعان بينهما. ولو شهدت امرأة على الولادة ثبت نسبه منها. فإن نفاه حين تشهد المرأة فعليه اللعان، ويلزم الولد أمه. ولو قال الأب: ليس هذا مني ولا منك، لم يكن هذا قاذفاً، وهو منه، ولا حد عليه ولا لعان. ولو (¬3) ولدت امرأة الرجل ثم مكثت سنة أو سنتين (¬4) ثم نفى الولد لزمه الولد، ولاعن امرأته. ولا يستطيع أن ينفي الولد بعد سنة أو سنتين. ولوجعلت له أن ينفيه بعد سنه له أن ينفيه بعدما يصير شيخاً ويولد له أولاد. فإنما يُستحسَن أن ينفيه حين يولد وبعد (¬5) ذلك بيوم (¬6) أو يومين ¬

_ (¬1) ز: ولم. (¬2) ش: نصيبه. (¬3) م ز: فلو. (¬4) م: أو سنين. (¬5) ز: بعد. (¬6) ز: اليوم.

أو نحو ذلك في قول أبي حنيفة، ولم يكن يوقت وقتاً. وعندهما وقت النفاس أربعين يوماً. وكذلك قولنا (¬1). وإذا (¬2) لاعن الرجل امرأته بولد ولزم الولد أمه ومات الولد وترك مالاً فادعاه الأب فإنه يضرب الحد، ولا يثبت نسب الولد منه، فلا يرثه شيئاً من ميراثه. فإن كان (¬3) الولد قد ترك ولداً ذكرأ أو أنثى ثبت (¬4) نسبه من المدعي، ويضرب الحد، ويرث الأب [منه]؛ (¬5) لأنه قد بقي (¬6) ولداً (¬7) ثبت نسبه من المدعي (¬8). وإذا نفى الرجل ولداً ولم يقر أن امرأته ولدته فشهدت امرأة على الولادة كان بينهما اللعان، ويلزم الولد أمه. وإذا قذف الرجل امرأته ثم ارتدت عن الإسلام فلا حد عليه، ولا لعان بينهما. وكذلك لو رجعت إلى الإسلام فتزوجها لم يكن عليه حد ولا لعان؛ لأن القذف الأول قد بطل منه الحد واللعان برجوعها عن الإسلام، فلا يعود بعد إذا بطل. وكذلك لو كانت بانت منه بغير ارتداد بوجه من وجوه (¬9) الفرقة والطلاق ثم خطبها فتزوجها فلا حد عليه ولا لعان. وإذا لاعن الرجل امرأته بغير ولد ثم قذفها هو أو غيره ¬

_ (¬1) يغلب على الظن أن هذا من كلام الإمام محمد. وقد تقدم مثل هذا الكلام منه في كتاب الطلاق. انظر مثلا: 3/ 83 و، 83 ظ، 85 و، 91 و. لكن الراوي عنه قال: وعندهما ... قاصدا أبا يوسف ومحمداً. ثم ذكر قول محمد: وكذلك قولنا. وكان الأولى حذف ذلك. وهناك احتمال أن يكون ذلك من كلام الراوي عن محمد مثل أبي سليمان أو أبى حفص. (¬2) ز: إذا. (¬3) ز: وإن ترك مالا. (¬4) ز: ثبتت. (¬5) الزيادة من الكافي، 1/ 87 و؛ والمبسوط، 7/ 52. (¬6) م: قد نفا. (¬7) م.: وإذا؛ ش: وادا. (¬8) قال السرخسي: لأن الولد الباقي محتاج إلى النسب، فبقاؤه كبقاء الولد الأول. انظر: المبسوط، 7/ 52. (¬9) م ز: من الوجوه.

فعلى قاذفها الحد. فإن كان لاعنها بولد ولزم الولد أمه، فإن قذفها بعد ذلك هو أو غيره فلا حد عليه. ولو ادعى الولد بعد ذلك جلد الحد، ويلزمه الولد. فإن قذفها قاذف بعد لزوم الولد أباه فعليه الحد؛ لأن الولد قد ثبت نسبه منه. ولو كان قذفها رجل قبل أن يثبت نسب الولد لم يكن عليه حد، ولا يصدق الزوج على من قذف قبل أن يثبت النسب. ولو ادعى الزوج ثم مات قبل أن يحد ثبت (¬1) نسبه، وضربتُه الحد، وضربتُ من قذف أمه بعد ذلك الحد. وإذا قذف الرجل امرأته ثم رافعته إلى الإمام وأقامت عليه شاهدين أنه أكذب نفسه كان عليه الحد، ولا لعان بينهما. ولو قذف الرجل امرأته فصدقته لم يكن بينهما لعان، ولا حد عليه ولا عليها؛ لأنها لم تقر أربع مرات. ولا حد على قاذفها أبداً من أجل أنها أقرت مرة واحدة. ولو قذفها (¬2) زوجها فرافعَتْه (¬3)، وفَرَّقْتُ بينه وبين امرأته بلعان، ثم زنت أو وطئت وطءاً حراماً، أو قالت: صدق أنا زانية، حل له أن يتزوجها؛ مِن قِبَل أنها عادت إلى حال لا يكون بينهما لعان أبداً ولا حد على قاذفها. وإذا رجع المتلاعنان إلى حال لا يتلاعنان فيه أبداً فهو خاطب من الخطاب. وإذا لم يرجع إلى هذا لم يكن له أن يتزوجها بعد ملاعنته إياها أبداً. فإن تزوجها فرق بينهما. وهو قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: لا يجتمعان على حال أبداً، وإن أكذب نفسه وضرب (¬4) الحد أو لم يكذب نفسه. بلغنا عن عمر وعلي وابن مسعود أنهم قالوا: لا يجتمع المتلاعنان أبداً (¬5). ¬

_ (¬1) ز: يثبت. (¬2) م ش ز: ثم قال لها. (¬3) م ش ز: فصدقته. (¬4) م ز: ضرب. (¬5) المصنف لعبد الرزاق، 7/ 112؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 19. وروي مرفوعاً. فعن سعيد بن جبير قال: سألت ابن عمر عن المتلاعنين فقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للمتلاعنين: "حسابكما على الله، أحدكما كاذب، ولا سبيل لك عليها". انظر: سنن النسائي، الطلاق، 44. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 3/ 250 - 251.

وإذا قذفها ثم أكذب نفسه فإن عليه الحد، فإن زنت أو وطئت وطءاً حراماً قبل أن يحد الرجل درئ عنه الحد، ولا لعان بينهما. وإذا أسلمت امرأة الذمي ثم قذفها ثم أسلم فعليه الحد. وكذلك العبد إذا قذف امرأته وهي حرة ثم عتق فعليه حد العبد الذي قذف عليه يوم قذف (¬1). ولو كان الزوج حراً وامرأته أمة فقذفها فأعتقت، أو ذمية فقذفها فأسلمت، لم يكن عليه حد ولا لعان. وإذا كانت أمة قد أعتقت قبل أن يقربها ثم قذفها وهي حرة فعليه اللعان. فإن خيرها فاختارت نفسها قبل اللعان بطل عنه اللعان؛ مِن قِبَل أن الفرقة وقعت، ولا يلاعن (¬2) غير امرأته، ولا يتحول اللعان إلى غير ذلك، ولا مهر لها عليه إن لم يكن دخل بها. فإن لم تختر (¬3) نفسها حين تلاعن وقعت الفرقة باللعان، وكان (¬4) عليه نصف المهر؛ لأن اللعان تطليقة بائنة. وكذلك الرجل يقول لامرأته: اختاري متى ما شئت، أو أنت طالق البتة متى ما شئت، فإن لاعنها ثم اختارت الطلاق في العدة فإن الطلاق يقع عليها، ويجعل للملاعنة السكنى والنفقة ما دامت في العدة، بلغنا ذلك عن إبراهيم. فأما الخيار الذي وصفت لك فلا خيار لها؛ لأنها قد بانت منه، فلا يقع عليها بائن بعد بائن. وكذلك كل ملاعن طلق امرأته وهي في العدة فإن الطلاق يقع عليها ويلزمها. وإذا قال الرجل لامرأته: إني قد زنيت بك، فليس قوله هذا بشيء. ألا ترى (¬5) أنه لو قال: قد زنيت بزوج كان لك قبل، كان قوله هذا باطلاً؛ لأن الزوج لا يزني بامرأته. ولا حد عليه (¬6). وإذا قذف الرجل امرأته وهي معتوهة فلا حد عليه ولا لعان بينهما. ¬

_ (¬1) م ش ز: قرب. (¬2) ز: يداعن. (¬3) ز: لم تختار. (¬4) م ش ز: فكان. (¬5) ز: يرى. (¬6) ز: عليها.

باب الشهادة في اللعان

وكذلك لو كان هو أخرس أو معتوهاً (¬1) فقذفها لم يكن عليه حد ولا لعان. ... باب الشهادة في اللعان وإذا شهد الرجل هو (¬2) وثلاثة نفر معه على امرأته بالزنى جازت شهادتهم، وأمضي عليها الحد، ولا لعان بينهما؛ لأنه هاهنا ليس بقاذف، وهي امرأته على حالها. بلغنا عن إبراهيم أنه قال: إذا شهد أربعة أحدهم الزوج أقيم الحد عليها (¬3). وإذا شهد ثلاثة وقذف الزوج حد الثلاثة ولاعن الزوج. وإذا قذف الرجل امرأته فرافعته إلى الإمام ثم جاء ثلاثة يشهدون على ذلك فعلى الزوج اللعان، ويحد الثلاثة؛ لأنهم قذفة. فلا يبطل اللعان إلا أن يجيء بأربعة شهداء لقول الله عز وجل: {لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} (¬4). فإذا (¬5) قذفها رجل بالزنى فرافعته إلى الإمام فجاء ثلاثة أحدهم الزوج فإن الزوج يلاعن، ويحد بقيتهم. ولو قذفها الزوج فرافعته إلى الإمام ثم جاء بأربعة شهداء سواه بطل عنه اللعان، وأمضي (¬6) الحد على المرأة، وكانت امرأته يتوارثان. وإذا قذف الرجل امرأته ثم جاء بأربعة متفرقين فشهد كل واحد منهم على حدة كان على الزوج اللعان، ويضرب كل واحد منهم الحد. بلغنا عن عامر أنه قال ذلك. ¬

_ (¬1) ز: أو معتوه. (¬2) ز: وهو. (¬3) الآثار لمحمد، 106. وروي هذا عن الشعبي، وروي عن إبراهيم عكسه. انظر: المصنف لعبدالزراق، 7/ 331. (¬4) سورة النور، 24/ 13. (¬5) م ز: وإذا. (¬6) ز: وأمض.

وإذا شهد على المرأة بالزنى زوجها وابنها وشاهدان آخران فإن ذلك جائز، ويمضى عليها الحد. وإذا شهد رجلان على أبيهما أنه قذف أمهما وأبوهما يجحد ذلك فشهادتهما باطل. وكذلك لو شهدت المرأة وابن لها. وكذلك لو شهد رجل وامرأتان لم يجز هذا؛ لأن هذا حد، ولا تجوز (¬1) شهادة النساء في الحدود. بلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر (¬2). وبلغنا عن شريح أنه قال: لا تجوز (¬3) شهادة الولد لوالده، ولا شهادة الوالد لولده (¬4). والذي شهد لأمه ولابنته (¬5) على زوجها لا تجوز شهادته. وكذلك لو كان زَوْجُها غير أبيه (¬6) فشهد (¬7) لها ابناها كان ذلك باطلاً لا يجوز. وكذلك لو شهد لها أبوها. وإذا شهد شاهد أنه قذفها يوم الخميس بالزنى وشهد الآخر أن الزوج أقر بالقذف أنه قذف يوم الخميس فلا حد عليه ولا لعان. ولو شهد شاهد على (¬8) الأربعاء أنه قال: يا زانية، والآخر على الخميس أنه قال لها: يا زانية، كان عليه اللعان؛ لأن القذف كلام، متى ما كان فهو سواء في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: لا حد عليه (¬9) في ذلك ولا لعان؛ لأن الحد يدرأ بالشبهة، وقد شهد على مقالتين مختلفتين في يوم. ¬

_ (¬1) ز: يجوز. (¬2) روي من حديث الزهري: مضت السنة من لدن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والخليفتين من بعده أن لا شهادة للنساء في الحدود والقصاص. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 533. وأخرج عبدالرزاق أن علي بن أبي طالب قال: لا تجوز شهادة النساء في الحدود والدماء. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 329. وروي عن الشعبي والنخعي والحسن والضحاك قالوا: لا تجوز شهادة النساء في الحدود. وروي أن علي بن أبي طالب قال: لا تجوز شهادة النساء في الحدود والدماء. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 7/ 332 - 333، 8/ 329 - 330؛ والمصنف لابن أبى شيبة، 5/ 533. (¬3) ز: لا يجوز. (¬4) ز: لوالده. الآثار لمحمد، 112؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 531. (¬5) ز: ولأبيته. (¬6) م ز: ابنه. (¬7) م ش ز: شهد. (¬8) ز: شاهدان. (¬9) م ز - عليه.

وإذا شهد شاهد على الزوج بالقذف وشهد الآخر عليه بأن قال لولدها: هذا الولد من زنى، فلا لعان بينهما، ولا حد عليه. ولو شهد شاهد أنه قذفها بالفارسية، وشهد آخر أنه (¬1) قذفها بالعربية، كان هذا كله سواء، ولا لعان بينهما، ولا حد عليه، لأن هذا منطق عدل (¬2). ولو شهد شاهد أنه قال لها: قد زنى بك فلان، وشهد آخر أن فلاناً (¬3) قال لها: قد زنى بك فلان، لرجل آخر، كان ذاك سواء، وعليه اللعان؛ لأنهما قد اجتمعا على القذف. وإذا قذفها برجل (¬4) واحد فجاء ذلك الرجل يطلب حقه، وجاءت هي تطلب اللعان، جلد الحد للرجل، ودرئ عنه اللعان. وإن كان المقذوف عبداً أو ذميًّا أو مكاتباً أو مدبراً لم يكن على الزوج حد، وكان عليه اللعان. ولا تجوز (¬5) الشهادة على الشهادة في اللعان؛ لأنه من الحدود. بلغنا عن شريح أنه قال: لا تجوز الشهادة على الشهادة في الحدود (¬6). وإذا شهد رجلان على الزوج بالقذف فإن الزوج ينبغي له أن يحبس حتى يسأل الإمام عن الشاهدين، ولا يُكَفِّلُه (¬7). بلغنا عن شريح أنه قال: لا ¬

_ (¬1) م ش ز: بعد. (¬2) م ز: عدلت. ولعل العدل هنا بمعنى عدل عن الأمر أي مال عنه وتركه. انظر: لسان العرب، "عدل". وعلل السرخسي للمسألة بأن الشهادتين اختلفتا لفظا. انظر: المبسوط، 7/ 56. (¬3) ز: أن فلان. (¬4) م ش ز: ورجل. والتصحيح من الكافي، 1/ 87 ظ. (¬5) ز: يجوز. (¬6) روي عن شريح والشعبي ومسروق وإبراهيم وعطاء وطاوس أنه لا تجوز شهادة على شهادة في الحدود؛ انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 553. (¬7) كفّله القاضي، أي: أخذ منه كفيلاً. انظر: المغرب، "كفل".

كفالة في الحد (¬1). فإن زُكِّيَا الشاهدان (¬2) لاعن بينهما. وإن لم يزكيا لم يكن عليه (¬3) حد ولا لعان. وإذا شهد الشاهدان (¬4) فقالا: نشهد أنه قذف امرأته وأمنا في كلمة واحدة، فذلك كله باطل، لا تقبل (¬5) شهادتهما، ولا حد عليه ولا لعان؛ لأنهما شهدا لأنفسهما ولأمهما. وإن لم تكن (¬6) أمهما امرأة له فهو سواء، لا حد عليه ولا لعان. وإذا شهد على قذف الزوج امرأته ابنان له من غيرها، وأمهما عنده، فإنه لا تجوز شهادتهما؛ لأنهما لو شهدا على طلاق ضرة أمهما لم يجز. فهذه فرقة؛ لأنهما يجران إلى أمهما (¬7) أن لا تكون (¬8) لها شريكة مع أبيهما (¬9). إلا أن يكون عبداً أو محدوداً في قذف فتجوز شهادتهما عليه، ويضرب الحد؛ لأنه لا تقع (¬10) شهادتهما على لعان ولا فرقة. وإذا شهد على قذف الرجل امرأته (¬11) رجلان فاسقان أو محدودان في قذف أو أعميان وهو ينكر ذلك ويجحده فلا تجوز شهادتهما عليه، ولا حد عليه ولا لعان. وكذلك لو شهد رجل وامرأتان لم تجز شهادتهما، ولا حد أعليه، ولا لعان. ولو شهد عليه شاهدان فعُدِّلاَ ثم ماتا أو غابا قبل أن يقضي القاضي بشهادتهما أمضي عليه اللعان. ولو عميا أو ارتدا عن الإسلام أو دخلا في حال من الحالات التي لا تقبل فيها شهادة مثلهم درأنا عنه الحد، ولا حد ولا لعان عليه. ولو جاءت امرأته بكتاب من قاض إلى قاض بقذفه إياها لم يكن ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، 6/ 77. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 4/ 59. (¬2) ز: الشاهدين. (¬3) ز: يكن يزكيا. (¬4) م ز: للشاهدان. (¬5) ز: لا يقبل. (¬6) ز: لم يكن. (¬7) م: إلى مهما. (¬8) ز: لا يكون. (¬9) ز: مع ابنهما. (¬10) ز: لا يقع. (¬11) م ز: امراتى.

بينهما حد ولا لعان. ولا يقبل في الحدود ولا في القصاص كتاب القضاة إلى القضاة ولا الشهادة على الشهادة. ولا يقبل في اللعان وكالة لواحد منهما. ألا ترى أنه لا بد من أن يحضر حتى يلتعن. فإن وكلت المرأة من يثبت شهودها على القذف حتى إذا ثبت خرجت ولاعنت قبل ذلك منها، وجاز لها إذا كان لها عذر غيبة أو مرض في قول أبي حنيفة. فإذا بلغ اللعان فلا بد من أن تحضر (¬1). وإذا شهد على رجل شاهدان بالقذف كانا عبدين يوم سمعا ذلك أو كانا كافرين، فشهدا وهما حران مسلمان وشهد العبدان بعدما عتقا، فشهادتهما عليه جائزة، وعليه اللعان. وكذلك الصغيران (¬2) إذا شهدا. فإذا كبرا فشهادتهما جائزة. وإذا أقام الزوج القاذف رجلين (¬3) على إقرار امرأته بالزنى فلا حد عليه، ولا لعان بينهما، ولا حد (¬4) عليهما؛ لأنها أقرت مرة واحدة. بلغنا أن ماعز بن مالك أقر عند النبي - صلى الله عليه وسلم - أربع مرات، فأقام عليه الحد بعد ذلك (¬5). وبلغنا عن شراحة الهمدانية أقرت عند [علي] (¬6) أربع مرات ثم أقام الحد عليها بعد ذلك (¬7). ولو شهد عليها رجل وامرأتان درأت اللعان أيضاً. أستحسن هذا وأدع القياس فيه؛ لأنه درئ عنه الحد. ولو عفت امرأته عن القذف كان لها أن تعود في ذلك حتى يلاعن، والعفو عن هذا باطل. ولكن لو أقرت أنه لم يقذفها، أو أقرت أنها كما قال، أو أقرت أنها قد وطئت وطءاً حراماً، لم يكن لها أن تأخذه بشيء من ذلك القذف. ¬

_ (¬1) ز: أن يحضر. (¬2) ز: الصغيرين. (¬3) م ز: وجلس؛ ش: وحبس. (¬4) ز + عليه ولا لعان بينهما ولا حد. (¬5) صحيح البخاري، الحدود، 25؛ وصحيح مسلم، الحدود، 17. (¬6) م - علي، ش: بياض قدر كلمة. (¬7) شرح معاني الآثار للطحاوي، 3/ 140.

وإذا قذف الرجل امرأته ثم جاء بابنيه يشهدان عليها بإقرارها (¬1) بالزنى (¬2) كانت شهادتهما باطلة (¬3) لا تجوز؛ لأنهما يشهدان لأبيهما. وعلى أبيهما اللعان. وإذا شهد شاهدان على رجل أنه قذفهما، وأنه قذف امرأته بعد ذلك، أو وجد ذلك في كلام مفرَّق، أجزت شهادتهما لامرأته، وجعلت بينهما اللعان، ولم أجز شهادتهما لأنفسهما. وإذا قذف الرجل امرأته فارتفعا إلى الإمام فأقرت المرأة بالزنى وصدقته فلا لعان عليه، ولا حد على واحد منهما. وكذلك لو أقرت (¬4) أربع مرات في ذلك المقام كان هذا بمنزلة إقرارها مرة واحدة. وكذلك بلغنا عن ماعز أنه أقر أربع مرات في أمكنة متفرقة ليس في مقام واحد (¬5). ولكن لو أقرت بالزنى أربع مرات متفرقات عند الإمام أمضى عليها الحد. وإن أقرت عند غير الإمام (¬6) لم يكن عليها حد. والإقرار عند غير الإمام باطل (¬7)، لا يجب فيه حد، ولكن يدرأ به اللعان عن الزوج، ولا حد على من قذفها بعد ذلك. وإذا صدقت المرأة زوجها عند الإمام فقالت: صدق، ولم تقل (¬8): زنيت، وأقرت بذلك أربع مرات متفرقات لم يكن عليها حد؛ لأنها لم تفصح (¬9) بالزنى. ولا لعان بينها وبين زوجها، ولا يحرم قذفها بعد ذلك. وإذا شهد شاهدان على الزوج بالقذف، فأقام الزوج شاهدين أنها كانت أمة يوم قذفها وأنها أعتقت بعد ذلك، أجزت بينة الزوج، ودرأت عنه ¬

_ (¬1) ش: بإقرار. (¬2) م ز: باطل؛ ش: إنما. والتصحيح من الكافي، 1/ 87 ظ. (¬3) ز: باطل. (¬4) م ش ز: أقر. (¬5) رواه مسلم من حديث بريدة - رضي الله عنه -. انظر: صحيح مسلم، الحدود، 22 - 23. (¬6) ز + أمضى عليها الحد وإن أقرت عند غير الإمام. (¬7) ز: امطل. (¬8) ز: يقل. (¬9) ز: لم يفصح.

الحد واللعان. وكذلك لو أقام البينة أنها كانت ذمية يوم قذفها، وأقامت المرأة البينة أنه قذفها بعد الإسلام والعتق، أجزت شهادتهما؛ لأنها هي المدعية. وإذا شهد شاهدان عليه بالقذف، فقال الزوج: هي أمة لم تعتق (¬1) بعد، فإن القول قوله، ولا حد عليه، ولا لعان بينه وبينها. إلا أن تقيم المرأة البينة أنها حرة، فإن أقامت البينة أنها حرة في الأصل أو (¬2) قبل أن يقذفها فعليه اللعان. ولو قال: قذفتها وهي يهودية، وقالت المرأة: بل كنت مسلمة، فإن القول قول الزوج، ولا يمين عليه. فإن أقامت المرأة البينة أنها كانت مسلمة قبل القذف أو مسلمة في الأصل درأت عنها. وإن كانت معروفة الأصل في الإسلام والعتق يعرف ذلك القاضي، فقال الزوج: هي أمة، أو قال: هي كافرة، فكذبته، فعليها اللعان، ولا يصدق الزوج. وإذا قال الزوج: هي حرة مسلمة ولكنها زانية كما قلت، أو كانت (¬3) وطئت وطءاً حراماً، فعليه اللعان، إلا أن تقوم (¬4) بينة للزوج على ما ادعى. وليس تؤجَّل بينة الزوج إلا مقدار مقعد القاضي إلى أن يقوم وإلا لاعن. فإن أحضر بينة على ذلك وإلا لاعن. وإذا قال: قذفتها وهي صغيرة، وكذبته وادعت أنه قذفها بعدما أدركت فالقول قول الزوج. فإن أقام كل واحد منهما البينة آخذ ببينة المرأة؛ لأنها المدعية. وكان بينهما اللعان؛ لأنه قذفها مرتين في الصغر وفي الكبر (¬5). فإن اتفق الشهود على يوم واحد، شهد شهود المرأة أنها كانت فيه امرأته قد أدركت، وشهد شهود الرجل أنها كانت فيه صبية، أو شهد (¬6) شهود المرأة أنها كانت فيه حرة وأنها أسلمت قبله بأيام، وشهد شهود الزوج أنها كانت فيه كافرة وأنها إنما أسلمت بعد ذلك اليوم، أو شهد شهود المرأة أنها كانت ¬

_ (¬1) ز: لم يعتق. (¬2) م - أو؛ صح هـ. (¬3) م ز: أو كنت. (¬4) م ش: أن تقيم؛ ز: أن يقيم. (¬5) م ز: في الصغير وفي الكبير. (¬6) م ز: وشهد.

حرة أعتقت قبل ذلك اليوم، أخذت (¬1) بشهود المرأة في جميع ما ذكرت، وكان بينهما اللعان. ما خلا خصلة واحدة (¬2): أن يقول شهود الرجل: قد أسلمت كما ذكرتم قبل ذلك اليوم (¬3)، ثم ارتدت بعد ذلك اليوم، وهي مرتدة، فإني آخذ بقولهم، وأفرق بينهم، ولا حد عليه ولا لعان؛ لأن المرأة إذا ارتدت بانت من زوجها. وإذا ادعت المرأة على زوجها القذف ولم يكن لها شهود وطلبت اليمين من الزوج فلا يمين عليه؛ لأن هذا حد، ولا يمين في الحد. وكذلك لو أقامت عليه البينة بالقذف فادعى أنها قد صدقته لم يكن له عليها يمين في ذلك، وعليه اللعان. وإذا أقامت المرأة شاهدين أنه قذفها عام أول من رمضان أو قبل ذلك يلاعن، ولا يبطل اللعان طول المكث. ولو سكتت عنه ثم ادعت القذف فإن أقام الزوج البينة أنه طلقها طلاقاً بائناً بعد ذلك وخطبها فتزوجها فلا لعان بينهما، ولا حد عليه. أبطل اللعان الفرقة التي دخلت بينهما. وكذلك لو أقامت بينة على فرقة بغير طلاق. وإن أقامت البينة على إقرار الزوج بالولد وهو يجحد ذلك وقد نفاه فإن الولد يلزم أباه، ويلاعن أمه، ولا يستطيع الأب أن ينفي الولد بعد إقراره بلغنا عن علي وعمر والشعبي أنهم قالوا: إذا أقر الرجل بولده فليس له أن ينفيه، وما لم يقر فله أن ينفيه (¬4). والأمة والحرة في ذلك عندنا سواء. غير أن الحرة لا ينفي ولدها إلا اللعان. والأمة ينفي ولدها إن لم تكن (¬5) له زوجة وكانت (¬6) له أم ولد إلا أن يتطاول الأمر. فإن تطاول الأمر فليس له أن ينفيه. وقد فسرتُ (¬7) ذلك التطاول. فإن كان زوجه فليس ¬

_ (¬1) ز + شهود المرأة أنها كانت حرة أعتقت قبل ذلك اليوم أخذت. (¬2) ش - واحدة. (¬3) ش - اليوم. (¬4) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 39 - 40. (¬5) ز: لم يكن. (¬6) ز: فكان. (¬7) كذا في م ش ز. وقد تقدم قريباً تفسير ذلك التطاول. انظر: 3/ 95 ظ. وقد ورد في =

له أن ينفيه إن تطاول أو لم يتطاول. وعندهما (¬1) التطاول في ذلك النفاس في الزوجة. فإن نفى في أيام النفالس فهو نفي، ويلزم الولد نفيُه. فإن نفاه بعد أيام النفاس لزم الولد أباه، ولم يكن له أن ينفيه، إلا أنه في الوجهين (¬2) جميعاً يلاعن الحرة. وهو قول محمد (¬3). ¬

_ = كتاب الدعوى أن الإمام أبا حنيفة لم يفسر التطاول ولم يحدده بمدة معينة. ولكن الإمامين حددا ذلك بمدة النفاس كما يأتي. انظر: كتاب الدعوى، 5/ 203 و، 212 ظ. فالمفسر لمدة التطاول هو أبو يوسف ومحمد. (¬1) أي: عند أبىِ يوسف ومحمد. انظر الحاشية السابقة. (¬2) م ز: من الوجهين. (¬3) م + تم كتاب الطلاق والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد النبي وآله؛ ش + تم كتاب الطلاق والحمد لله رب العالمين وصلواته على محمد وآله أجمعين.

كتاب العتاق

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب العتاق أبو سليمان [عن] محمد عن أبي يوسف عن إسماعيل بن مسلم المكي عن الحسن بن أبي الحسن البصري عن أبي الدرداء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من لعب بطلاق أو عتاق فهو جائز عليه". ونزلت هذه الآية في ذلك: {وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا} (¬2). محمد عن أبي يوسف عن أشعث بن سوار عن الحسن بن أبي الحسن عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه مر بعبد، فساوم به ولم يشتره، فجاء (¬3) رجل فاشتراه ثم أعتقه، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني اشتريت هذا فأعتقته. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هو أخوك ومولاك، فإن شكرك فهو خير له ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) يقول تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (سورة البقرة، 2/ 231). والحديث روي نحوه عن الحسن مرسلا. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 115؛ وتفسير الطبري، 2/ 482. (¬3) م ش ز: فجاه.

وشر لك، وإن كفرك فهو شر له وخير لك، وإن مات ولم يترك وارثاً كنت أنت عصبته" (¬1). محمد عن أبي يوسف عن (¬2) الحجاج بن أرطأة عن سليمان بن سحيم عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب أنه قال: من تكلم بطلاق أو عتاق أو نكاح فهو جائز عليه. وإذا أعتق الرجل عبداً فأراد أن يكتب له كتاباً بالعتق كتب: "هذا كتاب من فلان بن فلان لمملوكه فلان الفلاني، إني أعتقتك (¬3) لوجه الله وطلب ثوابه، وأنا يومئذ صحيح لا علة بي من مرض ولا غيره، فأنت حر لوجه الله، لا سبيل لي ولا (¬4) لأحد عليك، ولي ولاؤك وولاء عقبك من بعدك، شهد". وإذا قال الرجل لعبده: أنت حر لوجه الله، أو قال: قد أعتقتك (¬5) لوجه الله تعالى، أو قال: قد حررتك لوجه الله تعالى، أو أنت عتيق، أو أنت حر، فإنه في هذا كله حر في القضاء، لا يدين المولى. وكذلك الأمة في هذا كله. وأما فيما بينه وبين الله تعالى فإن كان يريد الكذب والخبر بالباطل فإنه يسعه إمساكه. وإذا قال الرجل لعبده أو لأمته: هذا مولاي، أو هذه مولاتي، فإنه حر في القضاء. وأما فيما بينه وبين الله تعالى فإنه يسعه إمساكه إن كان يريد بذلك الولاية في الدين أو الكذب. وكذلك لو قال لعبده: يا عتيق، أو يا حر، أو يا مولى، فإن هذا كله والأول سواء. وإذا قال الرجل لعبده: لا سبيل لي عليك، أو لا (¬6) ملك لي عليك، ¬

_ (¬1) سنن الدارمي، الفرائض، 31؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 153. (¬2) ز - عن. (¬3) م ز: أعتقك. (¬4) ز - لا. (¬5) م ز: قد أعتقك. (¬6) م ز: ولا.

أو قد خرجت من ملكي، فإن هذا يدين في القضاء فإن كان نوى العتق فهو حر، وإن لم ينو العتق فهو رقيق. وإذا قال الرجل لعبده: قد بنت مني، أو قال لأمته: قد بنت مني، أو قال: قد حرمت علي، أو أنت خلية، أو برية، أو بائن، أو بتة، أو قال: اخرجي، أو اغربي، أو استتري، أو تقنعي، أو قال: اذهبي، أو قال: قومي، أو قال: اختاري، فاختارت نفسها، وهو يريد العتق بقوله ذلك، فإن هذا كله باطل، لا يقع به العتق. وإذا قال الرجل لعبده: لا سلطان لي عليك، وهو ينوي العتق، لم يعتق. وإذا قال الرجل لأمته: فرجك حر، أو قال لعبده: رأسك حر، أو بدنك حر، أو جسدك حر، أو نفسك حر، فإن هذا كله يقع به العتق عليه، ولا يدين في القضاء. وإن كان يريد بذلك الكذب فإنه يدين فيما بينه وبين الله تعالى. وإذا قال الرجل لعبده أو لأمته: ما أنت إلا حر، أو ما أنت إلا حرة، فإنهما يعتقان (¬1). وإذا قال الرجل لعبده: أنت حر اليوم من هذا العمل، فإنه يعتق في القضاء. وأما فيما بينه وبين الله تعالى فإن كان لا يريد العتق فهو عبده. وإذا قال الرجل لعبده: يدك حر، أو رجلك حر، أو أصبع من أصابعك حر، أو سن من أسنانك حر، أو عضو من أعضائك حر، أو ما أشبه هذا، فإن هذا كله لا يقع به العتق. ولو وقع العتق بهذا عليه لكان إذا قال: دمك حر، وما أشبه ذلك مما في جسده من البلغم والمرة وأشباه ذلك، عَتَقَ. فهذا باطل، لا يقع به العتق. وإذا قال الرجل لعبده: يا بني، أو لأمته: يا بنية، فهو سواء، لا يعتق بشيء من ذلك؛ لأن هذا دعاء ولطف منه. وهذا كلام الناس. ¬

_ (¬1) ش - وإذا قال الرجل لعبده أو لأمته ما أنت إلا حر أو ما أنت إلا حرة فإنهما يعتقان.

باب عتق ذوي الأرحام

وإذا قال الرجل لعبده: هذا ابني، ومثله يولد لمثله وليس له نسب معروف أو كانت له أمة فقال: هذه ابنتي، فإن هذا يعتق وتعتق (¬1) الأمة ويثبت نسبهما منه. وإن كان مثلهما لا يولد لمثله أو (¬2) هما أكبر منه فإنهما يعتقان ولا يثبت نسبهما منه في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فلا يعتقان (¬3)، ولا يثبت نسبهما منه. وقال أبو يوسف ومحمد: أرأيت لو قال لصبي صغير: هذا أبي أو هذا جدي، أو قال لصبية صغيرة: هذه أمي، أكنت (¬4) أعتقه. إذا قال شيئاً من هذا يعرف (¬5) أنه فيه كاذب فإنه لا يقع به العتق ولا يثبت به النسب. وإذا قال الرجل لعبد في يديه: هذا أبي، أو لأمة في يديه: هذه أمي، ومثلها تلد مثله فإنهما يعتقان. فإن لم تكن (¬6) له أم معروفة ولا أب معروف وصدقه هذان فإن نسبه يثبت منهما إذا أقر به الرجل والمرأة جميعاً. وإذا قال الرجل لعبده: هذا أخي، أو قال لأمته: هذه أختي (¬7)، فإنه لا يعتق واحد منهما؛ لأنهما أخواه في دينه. وكذلك لو دعاهما فقال: يا أخي أو يا أخيه. ... باب عتق ذوي الأرحام محمد عن أبي يوسف عن عطاء بن عجلان عن عبد الله بن أبي مليكة عن عائشة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من ملك ذا رحم محرم فهو حر" (¬8). ¬

_ (¬1) ز: ويعتق. (¬2) م ش ز - أو. والزيادة من ع. (¬3) م ش ز: يعتق. (¬4) ز: أكتب. (¬5) ز: تعرف. (¬6) ز: لم يكن. (¬7) ز: أخي. (¬8) روي من حديث سمرة وابن عمر. انظر: سنن أبي داود، العتق، 7؛ وسنن الترمذي، =

محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن عبد الله بن مسعود أنه قال: من ملك ذا رحم محرم فهو حر (¬1). محمد عن أبي يوسف عن محمد بن سالم عن عامر الشعبي عن عمر بن الخطاب أنه قال: من ملك ذا رحم محرم فهو حر (¬2). محمد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة ومسعر عن سلمة بن كهيل عن المستورد بن الأحنف قال: أتى رجل عبد الله بن مسعود فقال: إن عمي زوجني أمته، وإنها ولدت مني، وإنه يريد بيع ولدي، فقال عبد الله: ليس له ذلك (¬3). محمد قال: حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم قال: من اشترى ذا رحم محرم منه فهو حر (¬4). وإذا ملك الرجل أخاه لأبيه وأمه [أو لأبيه] أو لأمه أو ولده أو ولد ولده أو أباه أو أمه أو ابنه (¬5) أو جده أو جدته من قبل النساء أو الرجال أو عمَّا أو خالاً أو عمة أو خالة أو ابن أخ أو ابن أخت أو ابنة أخ أو ابنة أخت فهو حر، يعتق حين (¬6) يقع في ملكه. وإذا ملك الرجل أحداً من هؤلاء بشراء أو ميراث أو وصية أو هبة أو صدقة فهو سواء، وهو حر حين يقع في ملكه. وكذلك إذا ملك منه شقصاً ¬

_ = الأحكام، 28؛ وسنن ابن ماجه، العتق، 5. وانظر للتفصيل والنقد: نصب الراية للزيلعي، 3/ 278 - 279؛ والدراية لابن حجر، 2/ 85؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 4/ 212. (¬1) الآثار لمحمد، 77. (¬2) سنن أبي داود، العتق، 7؛ والمصنف لعبد الرزاق، 9/ 183؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 276. (¬3) الآثار لمحمد، 77؛ والمصنف لعبد الرزاق، 9/ 184؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 277. (¬4) نحوه في المصنف لعبد الرزاق، 9/ 184؛ والمصنف لابن أبى شيبة، 4/ 277. (¬5) كذا في م ش ز. وقد ذكر "ولده". (¬6) م ز: حتى.

عتق شقصه الذي يملك منه. وإن كان ملكه هو وشركاء له جميعاً في بعض ما ذكرنا من الوجوه عتق نصيبه، وقُوِّمَ قيمة عدل فسعى العبد لشركائه فيما بقي موسراً كان أو معسراً، في الشراء والميراث والهبة والصدقة والوصية في (¬1) كل وجه من وجوه الملك. ما خلا خصلة واحدة: أن يكون العبد بين اثنين فيشتري نصيب أحدهما دون الآخر فقد أفسد الآن على الذي لم يبعه. وكذلك الوصية في هذا والصدقة والهبة. والذي لم يبعه بالخيار. إن شاء أعتق العبد. وإن شاء استسعاه في نصف قيمته. وإن شاء ضَمَّنَ الذي أدخل عليه ما أدخل إذا كان موسراً. وهذا قول أبي حنيفة. وأما إذا ورث بعضه ميراثاً فلا ضمان عليه، مِن قِبَل أن الميراث يلزمه إن شاء وإن أبى. وأما الشراء والهبة والصدقة والوصية فإنه لا يلزمه إلا بقبول منه. فلذلك وقع عليه الضمان في نصيب الآخر الذي لم يبع ولم يهب ولم يتصدق. وكذلك الوصية. فأما إذا اشتراه هو وآخر كله أو وُهِبَ له ولآخر كله أو تُصُدِّقَ به عليهما كله فإنه لا ضمان عليه لشريكه، مِن قِبَل أن شراء شريكه معه، وقبوله الصدقة والهبة معه رضا منه بالملك الذي يكون به العتق، فلا يكون له أن يضمنه وقد رضي بذلك. وكذلك لو كان عبد لرجل (¬2) فوهب نصفه أو باع نصفه من أخي (¬3) العبد عتق وسعى للبائع أو للواهب في نصف قيمته، وليس له أن يضمن الأخ شيئاً. ألا ترى (¬4) لو أن عبداً كان لرجلين فأذن أحدهما لصاحبه أن يعتقه لم يكن له أن يضمنه. فكذلك هذا. وهذا كله على قياس قول أبي حنيفة. وفي قول أبي يوسف ومحمد إذا اشترى الرجلان عبداً أحدهما أخ للعبد فإن العبد يعتق. فإن كان الأخ موسراً ضمن. وإن كان معسراً سعى العبد في نصف قيمته لشريكه. وكذلك الصدقة والهبة وكل شيء ما خلا الميراث في قولهما. وإذا ملك الرجل ذا رحم محرم (¬5) من رضاع فإنه لا يعتق. وكذلك لو ملك ذا رحم غير محرم لم يعتق. ولو ملك ابن عمه أو ابن خاله لم يعتق ¬

_ (¬1) ش: ففي. (¬2) ش ز: الرجل. (¬3) ز: من أخ. (¬4) ز: يرى. (¬5) ز: ذا رحم م.

واحد (¬1) منهما؛ لأنه ليس بذي رحم محرم منه. ولو ملك رجل عم أمه أو عمتها أو خال أمه أو خالتها أو عم أبيه أو عمته أو خال أبيه أو خالته أو عم جده (¬2) أو عم جدته أو أم أمه عتق كل من يملك من هؤلاء. وكل من لا يحل له نكاحهم من ذوي الرحم المحرم فهو حر يعتق إذا ملكه (¬3). وعمة جده مثل عمته في هذا. ولو ملك أباه أو ابنه عتق. وإذا ملك الرجل أمة قد كانت تحت أبيه بتزوّج فإنها لا تعتق (¬4)، مِن قِبَل أنه محرم غير ذي رحم. ألا ترى أن أباه لو قبّل أمة حرمت على ابنه ولم تعتق (¬5). ولو أن أباه قال: إذا ملكتك فأنت حرة بعد موتي، ثم وطئها بنكاح ثم فارقها ثم اشتراها ابنه لم تعتق (¬6) وإن كان نكاحها لا يحل له. وإذا اشترى الرجل أمة قد تزوجها أبوه وقد علقت منه كان الشراء جائزاً، وما كان في بطنها حر؛ لأنه أخوه. ولا تعتق (¬7) الأمة، ولا يستطيع بيعها ما دامت حاملاً. فإذا وضعت باعها إن شاء. ألا ترى لو (¬8) أن رجلاً أعتق ما في بطن أمته لم يكن له أن يبيعها حتى تلد. أولا ترى أنه لو لم يعتقه ولكن باع الأمة واستثنى ما في بطنها كان البيع فاسداً. فإذا كان ما في بطنها حراً فهو أفسد للبيع. وإذا ملك الرجل خالة ابنه أو خالة ابنته لم يعتق واحد (¬9) منهما؛ لأنه ليس بمحرم من الأب، إنما هو محرم من الابن. وكذلك لو ملك أم امرأته أو ابنة امرأته لم يعتق واحد (¬10) منهما. وكذلك المرأة تملك (¬11) ابن زوجها ¬

_ (¬1) ز: واحدا. (¬2) ز + أو عم جد. (¬3) ز: إذا ما ملكه. (¬4) ز: لا يعتق. (¬5) ز: يعتق. (¬6) ز: لم يعتق. (¬7) ز: يعتق. (¬8) ز - لو. (¬9) ز: واحدا. (¬10) ز: واحدا. (¬11) ز: يملك.

باب العتق عند الموت وعليه دين والعتق والوصية وعتق المسلم النصراني وعتق ولد الزنى

أو أباه أو أمه أو عمه أو خاله أو جده فإنه لا يعتق واحد من هؤلاء وإن كان لها منه ولد. وكذلك لو ملكت المرأة زوجها لم يعتق إلا أن النكاح يفسد. وإن ملك الرجل امرأته لم تعتق (¬1) إلا أن تكون قد ولدت منه. فإن كانت قد ولدت منه (¬2) فهي أم ولد له. وإذا ملك الرجل أمة حاملاً فادعى ما في بطنها ألزمته، وعتق ما في البطن. وملك الرجل الكبير والمرأة والصبي لذي الرحم المحرم سواء، يعتق إذا وقع في ملكه. ولا يعتق المحرم من الرضاعة أباه (¬3) كان أو أمه أو أخاه (¬4) أو أخته. ... باب العتق عند الموت وعليه دين (¬5) والعتق والوصية وعتق المسلم النصراني وعتق ولد الزنى محمد عن أبي يوسف عن الحجاج بن أرطأة عن رجل عن أبي قلابة أن رجلاً أعتق عبداً له عند الموت ولا مال له غيره، فأجاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلثه، واستسعى في ثلثي قيمته (¬6). محمد عن يعقوب عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن بن أبي الحسن أن رجلاً أعتق ستة أعبد له عند موته، فأقرع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهم، فأعتق اثنين (¬7) ورد أربعة في الرق (¬8). والمعنى عندنا أنه كان عند الموت. ¬

_ (¬1) ز: لم يعتق. (¬2) ش - فإن كانت قد ولدت منه. (¬3) م ز: أبو؛ ش: أبوه. (¬4) م ش ز: أو أخوه. (¬5) ز: الدين. (¬6) المصنف لعبد الرزاق، 9/ 152. (¬7) ز: اثنتين. (¬8) عن الحسن عن عمران بن الحصين قال: أعتق رجل ستة مملوكين له عند موته، فأقرع النبي - صلى الله عليه وسلم - بينهم، فأعتق اثنين منهم. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 9/ 163؛ وشرح معاني الآثار للطحاوي، 4/ 381.

محمد عن يعقوب عن إسماعيل بن أبي خالد عن عامر الشعبي أنه قال في رجل أعتق عبداً له عند الموت ولا مال له غيره، قال عامر: فقال مسروق: هو (¬1) حر كله، شيء صلة لله لا أرده (¬2). قال: وقال شريح: يعتق ثلثه ويسعى في الثلثين. فقلت لعامر: أي القولين أحب إليك؟ فقال: فتيا مسروق وقضاء شريح (¬3). محمد عن يعقوب عن الحجاج بن أرطأة عن قتادة عن الحسن بن أبي الحسن عن علي بن أبي طالب أنه قال في رجل أعتق عبداً له عند الموت وعليه دين، قال: يسعى العبد في قيمته (¬4). محمد عن يعقوب عن الحجاج بن أرطأة (¬5) عن العلاء بن بدر عن أبي يحيى الأعرج أن رجلاً أعتق عبداً له عند الموت وعليه دين (¬6)، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يسعى العبد (¬7) في الدين" (¬8). قال محمد: وحدثنا عبد الرحمن بن عبد الله عن القاسم بن عبد الرحمن عن عبد الله بن مسعود أن رجلاً أعتق أمة له عند الموت وثمنها دين عليه، فقال عبد الله: تسعى في ثمنها (¬9). محمد قال: حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: إذا كان وصية وعتق بدأ بالعتق (¬10). ¬

_ (¬1) ش ز: وهو. (¬2) م ز: صلة الله لا أراده. (¬3) عن الشعبي في رجل أعتق ستة أعبد له مملوكين عند موته، قال: يقومون كلهم، فيعتق ثلثهم، ويستسعون في الثلثين. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 9/ 164 (¬4) المصنف لعبد الرزاق، 9/ 164. (¬5) ز - بن أرطأة. (¬6) ز - دين. (¬7) م ز - العبد. (¬8) المصنف لعبد الرزاق، 9/ 164؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 426؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 10/ 283. (¬9) المصنف لعبد الرزاق، 9/ 161. (¬10) الآثار لمحمد، 113، 114؛ والمصنف لعبد الرزاق، 9/ 157.

الأشعث (¬1) بن سوار عن الحكم أن شريحاً رفع إليه وصية فيها عِتق بَتَات ووصية (¬2) وأشياء غير ذلك، ولم يكن في المال وفاء. قال: فبدأ شريح بالعتق، وجعل النقصان على أهل الوصية (¬3). عن الحجاج بن أرطأة عن أبي بلال الطائي عن عمر بن الخطاب أنه أعتق عبداً له نصرانياً يدعى يحنس (¬4)، وقال: لو كنت على ديننا لاستعنا بك على بعض أعمالنا (¬5). يحيى بن سعيد عن إسماعيل بن أبي حكيم (¬6) عن عمر بن عبدالعزيز أنه أعتق عبداً له نصرانياً، فمات العبد، قال: فأمرني عمر فجعلت ميراثه في بيت مال المسلمين (¬7). يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر أن أمة له فجرت فولدت من الزنى، فأعتقها ابن عمر وأعتق ولدها (¬8). وروى عن عمرو بن دينار عن عمر بن الخطاب أنه أوصى بأولاد الزنى (¬9) وأوصى بهم أن يعتقوا. عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها كانت تتأول في ولد الزنى {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (¬10). وإذا ملك الرجل ذا رحم محرم من رضاع فإنه لا يعتق. وكذلك إذا ¬

_ (¬1) ز: الأشعب. (¬2) كذا في م ش ز. (¬3) روي مختصراً في المصنف لعبد الرزاق، 9/ 158. (¬4) ز: يحبس. (¬5) روي عن عمر - رضي الله عنه - أنه أعتق عبداً يهودياً أو نصرانياً. انظر: المصنف لابن أبى شيبة، 3/ 108. (¬6) م ز: صنم؛ ش: حنتم (مهملة). والتصحيح من المصدرين المذكورين في الحاشية التالية. (¬7) المصنف لعبد الرزاق، 6/ 18؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 6/ 285. (¬8) المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 107. (¬9) ش: الزناه. (¬10) سورة الأنعام، 6/ 164؛ وسورة الإسراء، 17/ 15؛ وسورة فاطر، 35/ 18؛ وسورة الزمر، 39/ 7. عن عائشة أنها سئلت عن ولد الزنى، فقالت: ليس عليه من خطيئة أبويه شيء، لا تزر وازرة وزر أخرى. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 108.

باب المشيئة في العتق

ملك ابن عمه أو ابن خاله لم يعتق واحد منهما؛ لأنه ليس بذي رحم محرم. ولو ملك عم أمه أو عمتها أو خال أمه أو خالتها أو عم أبيه أو عمته أو خال أبيه أو خالته (¬1) أو عم جده أو عم جدته أو أم أمه أو أم أم أمه أو أم أم أبيه عتق كل من يملك من هؤلاء. كل من لا يحل له نكاحه من ذوي رحم محرم فهو محرم، يعتق إذا ملكه. وعم جده مثل عمته في هذا. ... باب المشيئة في العتق وإذا قال الرجل لأمته: أمرك بيدك، يعني في العتق، فإن أعتقت نفسها في ذلك المجلس فهي حرة. وإن قامت من ذلك المجلس قبل أن تعتق نفسها فهي أمة. وكذلك إذا جعل أمرها في يد رجل يعني في العتق وكذلك إذا جعل أمرها في يد رجلين ينوي العتق. فإن أعتقاها في ذلك المجلس فهي حرة. وإن قاما قبل أن يعتقا أو أعتق أحدهما ولم يعتق الآخر حتى قاما فهي أمة. وإن قال المولى في ذلك كله: لم أنو (¬2) العتق، فهو مصدق، ولا يعتق، ويدين المولى في ذلك كله في القضاء. ولو قال رجل لأمته: أعتقي نفسك، فقالت: قد أعتقت نفسي، كانت حرة. ولو لم تقل (¬3): قد أعتقت نفسي، ولكنها قالت: قد اخترت نفسي، كان ذلك باطلاً، لا يقع به العتق. ولو قال لها: أنت حرة إن شئت، فقالت: قد (¬4) شئت، قبل أن تقوم (¬5) من (¬6) ذلك المجلس كانت حرة. ولو ¬

_ (¬1) ش - أو خالته. (¬2) ز: لم أنوي. (¬3) ز: يقل. (¬4) ز - قد. (¬5) ز: أن يقوم. (¬6) ز + أن يقوم من.

سكتت حتى تقوم (¬1) فهي أمة. وكذلك لو قال لها: أنت حرة إن أحببتني، أو أنت حرة إن أردتني، أو أنت حرة إن هويتني. وكذلك إذا قال لها: أنت حرة إذا حضت، كان القول في ذلك قولها (¬2) إذا قالت: قد حضت. ولو قال لها: أنت حرة إن كنت تبغضينني (¬3)، أو أنت حرة إن كنت تحبينني (¬4)، فإن القول في ذلك قولها، وما قالت في ذلك المجلس في هذا كله فهي مصدقة. وإن قامت من ذلك المجلس قبل أن تقول (¬5) شيئاً فهي أمة إلا في الحيض خاصة، فإن القول قولها متى ما قالت: قد حضت. وإن قالت: لست أحبك ولست أبغضك، فهي أمة. وإن قالت بعد ذلك: أنا أحبك أو أنا أبغضك، لم تعتق (¬6). وكذلك إذا قال لها: إن كنت تحبين العتق فأنت حرة، فهي مصدقة ما دامت في ذلك المجلس. فإن قالت: أنا أحب العتق، عتقت. وإن قامت من مجلسها قبل أن تقول (¬7) شيئاً فهي أمة. وإذا قال الرجل لأمته: أنت حرة وفلانة إن شئت، فقالت: قد شئت نفسي، فإنها لا تعتق؛ (¬8) لأنها لم تشأ ما قال لها. وكذلك لو قال لأمتين له: أنتما حرتان (¬9) إن شئتما، فشاءت (¬10) إحداهما (¬11) دون الأخرى فإن العتق لا يقع عليهما. ولو قال لأمتين له (¬12): أيتكما شاءت العتق فهي حرة، فشاءتا جميعاً عتقا. وإن شاءت إحداهما دون الأخرى وسكتت الأخرى عتقت التي شاءت. فإن شاءتا جميعاً فقال هو: إنما أردت واحدة، فإنه لا يصدق في القضاء، وهما حرتان. وأما فيما بينه وبين الله تعالى فهو مصدق، يعتق التي نوى، ويمسك الأخرى. فإن لم يكن نوى شيئاً كان له أن يختار أيتهما شاء (¬13) ¬

_ (¬1) ز: حتى يقوم. (¬2) ش - قولها. (¬3) ز: تبغضيني. (¬4) ز: تحبيني. (¬5) ز: أن يقول. (¬6) ز: لم يعتق. (¬7) ز: أن يقول. (¬8) ز: لا يعتق. (¬9) ز: حرتين. (¬10) ش: ففات (مهملة). (¬11) ز: أحدهما. (¬12) ز - له. (¬13) ز: شاءت.

فيعتقها، ويمسك الأخرى إذا كان إنما نوى واحدة بالعتق فيما بينه وبين الله تعالى. وإذا قال الرجل لأمته: بدنك حر، أو رأسك حر، أو جسدك حر، أو فرجك حر، أو وجهك حر، أو قال لها: نفسك حر (¬1)، أو روحك (¬2) حر، فإنها تعتق في هذا كله. ولو قال لها: يدك (¬3) حرة أو رجلك حرة، كان هذا باطلاً لا تعتق (¬4) به. فإذا قال الرجل: كل مملوك لي فهو حر، وله عبيد وإماء وأمهات أولاد ومدبرون (¬5) ومكاتبون فإنهم أحرار جميعاً إلا المكاتبين، فإنهم لا يعتقون. وإن نواهم عتقوا. فإن كان ينوي الرجال منهم دون النساء أو النساء دون الرجال فإنه لا يصدق في القضاء في شيء من ذلك، ولكنه يدين فيما بينه وبين الله تعالى. وكذلك لو قال: لم أنو المدبرين، فإنه لا يدين في القضاء. وإذا قال لعبيد له: أنتم أحرار إلا فلان، فإنهم أحرار إلا الذي استثناه. وإذا قال لعبدين له: أنتما حران إلا سالم، واسم واحد منهما سالم عتق الآخر، وكان سالم عبداً؛ لأنه قد استثناه. ولو قال: سالم حر ومرزوق حر إلا سالم، عتقا جميعاً، وكان الاستثناء هاهنا باطلاً؛ لأنه قد سمى سالماً (¬6) وحده وسمى مرزوقاً (¬7) وحده، فلا يستطيع أن يستثني ما قد سمى وحده. وإن سماهما جميعاً معاً فقال: سالم ومرزوق حران إلا سالم، كان كما قال، يعتق مرزوق، وسالم عبد. فإذا قال الرجل: كل مملوك أملكه أبداً فهو حر، فهو كما قال. يعتق ¬

_ (¬1) ش - أو جسدك حر أو فرجك حر أو وجهك حر أو قال لها نفسك حر. (¬2) ز: أو زوجك (¬3) ز: بدنك. (¬4) ز: لا يعتق. (¬5) ز: ومدبرين. (¬6) ز: سالم. (¬7) ز: مرزوق.

كل مملوك يملكه بشراء أو هبة أو صدقة أو ميراث أو غير ذلك. والوقت في هذا وغير (¬1) الوقت سواء؛ لأنه إنما أعتق بعد الملك. ألا ترى أن رجلاً لو قال لأمته: كل ولد تلدينه فهو حر، فولدت بعد ذلك بأربع سنين أو خمس عتق. فهذا قد أعتق ما لم يملك (¬2) ولم يخلق، فكان العتق فيه جائزاً؛ (¬3) لأنه وقع عليه بعد ملكه. فكذلك الأول. ولو قال: كل مملوك أملكه إلى ثلاثين سنة فهو حر، كان كما قال. وإذا قال الرجل: كل مملوك أشتريه فهو حر، فأمر غيره فاشترى له (¬4) مملوكاً لم يعتق، لأنه لم يشتره (¬5) هو. فإن كان نوى أن لا أشتريه أنا ولا غيري عتق. وإن ملك مملوكاً بميراث أو هبة أو صدقة لم يعتق؛ لأنه حلف على الشراء. ولو حلف فقال: كل مملوك لي حر يوم أكلم فلاناً، وليس له مملوك، ثم اشترى عبداً ثم كلم فلاناً لم يعتق؛ لأنه لم يكن في ملكه يوم حلف. ولو كان قال: يوم أكلم فلاناً فكل مملوك في يومئذ حر، عتقوا. وإذا قال: يوم أكلم فلاناً فكل مملوك أملكه أبداً فهو حر، وليس له مملوك، ثم اشترى عبداً ثم كلم فلاناً لم يعتق؛ لأنه إنما أعتق ما يملك بعد الكلام ولم يعتق ما يملك قبل الكلام (¬6). وكل شيء يشتري بعد الكلام فهو حر. ولو قال: كل (¬7) مملوك أملكه (¬8) حر يوم أكلم فلاناً، وهو يريد ما يملك فيما يستقبل، فاشترى مملوكاً ثم كلم فلاناً عتق، ويعتق ما كان في ملكه يوم حلف في القضاء. وأما فيما بينه وبين الله تعالى فإنه يدين. وإن لم ¬

_ (¬1) ش: أو غير. (¬2) ز: لم يملكه. (¬3) ز: جائز. (¬4) م ز: به. (¬5) ز: لم يشتريه. (¬6) ش: بعد الكلام. (¬7) ز: كل. (¬8) ز + أملكه.

تكن (¬1) له نية لم يكن (¬2) هذا إلا (¬3) على ما كان في ملكه يوم حلف، ولا يقع على ما يستقبل إذا لم تكن (¬4) له نية. ولو قال: كل مملوك لي حر، وليس له عبد خالص لنفسه ولكن له عبيد بينه وبين آخر لم يعتق أحد (¬5) منهم؛ لأنه ليس له مملوك لنفسه خالصاً. ولو قال: كل مملوك لي حر، ينوي عبداً بينه وبين آخر، عتق. وإن لم تكن (¬6) له نية لم يعتق؛ لأنه ليس بمملوك له. وإنما أعتقناه إذا عنى بالاستحسان. وإذا أعتق الرجل كل مملوك له وله عبد عليه دين، ولعبده رقيق، وهو عبد (¬7) تاجر، عتق العبد، ولا يعتق رقيقه؛ لأن عليه ديناً (¬8) وأنهم ليسوا برقيق المولى نفسه. ولو لم يكن عليه دين لم يعتقوا أيضاً إلا أن ينويهم. وإن كان (¬9) الدين قليلاً أو كثيراً (¬10) فهو سواء في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وأما في قول محمد فإنهم يعتقون وإنهم بمنزلة عبيده، إن كان على العبد دين أو لم يكن، إن نواهم أو لم ينوهم في القضاء. غير أنه إذا لم ينوهم دَيَّنْتُه فيما بينه وبين الله تعالى. ويضمن قيمة مملوكه للغرماء، وقيمة ما أعتق من رقيق مملوكه المأذون له في التجارة. وهذا قول محمد. وقال: رجع أبو يوسف إلى قول أبي حنيفة في هذا. وإذا دعا الرجل عبداً له يقال له (¬11): سالم، فأجابه عبد له آخر يقال له: مرزوق، فقال: أنت حر، وليس له نية، عتق الذي أجابه؛ لأن العتق كان فيه جواب الذي كلمه منهما، فإنما يعتق الذي كلمه منهما. ولو قال: يا ¬

_ (¬1) ز: لم يكن. (¬2) ز + لم يكن. (¬3) م ز: للا. (¬4) ز: لم يكن. (¬5) ز: أحدا. (¬6) ز: لم يكن. (¬7) ز: عند. (¬8) ز: دين. (¬9) ز - كان. (¬10) ز: قليل أو كثير. (¬11) ز - له.

سالم أنت حر، فإذا هو مربع (¬1)، عتق سالم، ولا يعتق مربع (¬2). وإنما يعتق الذي سمى إذا لم يكن جواباً. وكذلك لو قال: يا سالم أنت حر، فإذا هو عبد ليس له وله عبد يقال له: سالم، فإن سالماً يعتق (¬3). ولو قال: يا سالم، فأجابه مرزوق، فقال: أنت حر، وهو ينوي سالماً (¬4)، فقال: إياه عنيت، فإنهما يعتقان جميعاً في القضاء. وأما فيما بينه وبين الله تعالى فإنه يعتق الذي عنى (¬5). وإذا أعتق الرجل عبده فجحده ذلك حتى أصاب من غلته أو خدمته، أو كانت أمة فوطئها، ثم أقر بذلك العتق أو قامت به بينة، عَتَقَ، ورد (¬6) عليه ما كان من غلة أخذها منه بعد العتق، ورد على الجارية مهر مثلها، ولا يرد للخدمة (¬7) شيئاً؛ مِن قِبَل أنها ليست بغلة. ألا ترى لو أن رجلاً اغتصب حراً نفسه / [3/ 104 و] فاستخدمه لم يكن عليه شيء إلا الإثم. ولو أخذ منه غلة كان عليه أن يردها؛ لأن هذا مال أخذه من حر. ولو أعتق رجل عبداً فجحده ذلك ثم قطع يده خطأ أو جرحه جراحة خطأ ثم أقر بالعتق الذي كان قبل ذلك أو قامت للعبد (¬8) بينة به كان العتق جائزاً، وكان ضامناً لما جنى من ذلك كأنه حر. فإن كان أقر بذلك إقراراً فما كان جنى عليه فهو في ماله خاصة. فإن كانت قامت به بينة كان على العاقلة إذا (¬9) كان الأرش خمسمائة درهم أو أكثر. وإن كان أقل من ذلك كان في ماله. وإن كان جرحه غير المولى ثم أقر المولى أن العتق قد كان ¬

_ (¬1) م ز: يزبع (الياء والباء مهملتان). (¬2) م ز: بريع. (¬3) ز - وكذلك لو قال يا سالم أنت حر فإذا هو عبد ليس له وله عبد يقال له سالم فإن سالما يعتق. (¬4) ز: سالم. (¬5) ز + وكذلك لو قال يا سالم أنت حر فإذا هو عبد ليس له وله عبد يقال له سالم فإن سالما يعتق. (¬6) م: "ورد" غير واضح. (¬7) م ش ز: الخدمة. (¬8) م ز: العبد. (¬9) ز + كان على العاقلة إذا.

قبل الجراحة لم يصدق، وكان على الجارح (¬1) أرش الجراحة من قيمة العبد، يدفعها إلى العبد، ويصير العبد حراً. ولو قامت بينة على العتق الذي كان قبل الجراحة أو كان المولى قد أقر به قبل الجراحة كان على الجاني أرش ذلك مثل ما يكون للحر، فيسلم ذلك إلى العبد الذي أعتق. ولو قذف رجلاً أو قذفه رجل ثم أقر المولى بالعتق الذي كان قبل القذف لم يصدق. فإن لم يقر العبد بذلك لم يبلغ به -إذا كان هو القاذف - حد الحر، ولم يكن على الذي قذفه حد. وكذلك لو كان قذف امرأته وهي حرة جلد حد العبد، ولم يكن بينهما لعان. وإذا قامت له بينة بالعتق كان بمنزلة الحر في جميع ما ذكرت. ولا يجوز عتق الصبي، ولا عتق المجنون المغلوب، ولا عتق المجنون الذي يفيق (¬2) في حال جنونه، وعتقه جائز إذا أعتق في حال إفاقته. وإذا أقر الرجل فقال: قد أعتقت عبدي وأنا صبي، فالقول قوله، ولا يعتق العبد. ألا ترى (¬3) أنه لو قال: أعتقته وأنا نائم، كان القول قوله، ولا يعتق العبد؛ وكذلك لو قال: قد أعتقته قبل أن يخلق؛ وكذلك لو قال: أعتقته قبل أن أخلق، أَمَا كان باطلاً لا يقع به العتق. ولو قال: قد أعتقتك إن شاء فلان، لم يقع العتق حتى يشاء (¬4) فلان. وإذا قال الرجل لعبده: أنت حر متى ما شئت أو كلما شئت أو إذا شئت، فقال العبد: لا أشاء، ثم باعه ثمَّ اشتراه (¬5) ثمَّ شاء العبد العتق، فهو حر، وما كان قبل ذلك من رده المشيئة باطل. ألا ترى (¬6) أنَّه لو قال: أنت حر إذا دخلت الدار، ثمَّ باعه ثمَّ اشتراه ثمَّ دخل الدار عتق. وإذا قال الرجل لعبده: أنت حر حيث شئت، فقام من ذلك المجلس، بطل العتق، وكان عبداً على حاله. ¬

_ (¬1) ز: على الخارج. (¬2) م ز: يعتق. (¬3) ز: يرى. (¬4) ز: تشاء. (¬5) ز - ثم اشتراه. (¬6) ز: يرى.

وإذا قال: أنت حر كيف شئت، فلم يشأ شيئاً فهذا حر؛ لأن العتق قد وقع، وقوله: كيف شئت، ليس بشيء. وكذلك لو كان العبد شاء (¬1) التدبير، أو شاء (¬2) عتقا على مال، أو عتقا إلى أجل، أو إن دخل الدار، وما أشبه هذا، فهو حر، وهذا كله باطل. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا قال: أنت حر كيف شئت، فقام من ذلك المجلس قبل أن يشاء فإنه لا يعتق. وإذا قال: عبدي حر، وليس له إلا عبد واحد، عتق تلك الساعة ذلك العبد، ولم يدين في القضاء. وأما فيما بينه وبين الله تعالى فهو مدين. فإن كان ينوي غيره وسعه ذلك. ولو قال: لي (¬3) عبد آخر وإياه عنيت، لم يصدق على ذلك في القضاء إلا ببينة. وإذا باع الرجل عبداً ولم يسمه (¬4) ولم يره المشتري فقال: أبيعك عبداً لي بكذا كذا، فإن البيع في هذا باطل. فإن اتفق البائع والمشتري أنه هذا فالبيع جائز (¬5). ولو قال: أبيعك عبدي بكذا كذا درهماً، ولم يسمه كان المشتري بالخيار إذا رآه، وليس هذا كالعتق. ولو قال رجل: أحد عبيدي حر، ولا يعلم له إلا عبد واحد، فإنه يعتق ذلك العبد المعروف، ولا يصدق على غيره إلا ببينة. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: القول قوله، ولا يعتق. وكذلك لو قال: أحد عبديّ حر، ولا يعلم له إلا عبد واحد. وإذا كان لرجل عبدان فقال: أحدكما حر، ثم مات أحد العبدين، عتق الباقي منهما (¬6). وكذلك لو باع أحدهما أو وهب (¬7) أو أخرجه من ملكه بوجه من الوجوه فإنه يعتق الباقي منهما. وكذلك لو دبر (¬8) أحدهما. وكذلك لو قتل أحدهما عتق الباقي. وكذلك لو أعتق أحدهما بعينه عن ظهاره عتق الباقي في هذا كله. وكذلك لو كانت أمتين فوطئ إحداهما فعلقت عتقت ¬

_ (¬1) ز: يشاء. (¬2) ز: أو يشاء. (¬3) ش - لي. (¬4) ش - ولم يسمه. (¬5) ز: جائزة. (¬6) ز: منهم. (¬7) ز: أو وهبه. (¬8) ز: لو دين.

الأخرى، وكان هذا إقراراً منه بالعتق للأخرى. ولو لم تعلق منه كان أيضاً اختياراً، وتعتق (¬1) الأخرى في قول أبي يوسف ومحمد. ولا تعتق (¬2) في قول أبي حنيفة، والمولى على خياره. ولو أعتق إحداهما بعينها ثم قال: إياها كنت عنيت بذلك العتق الأول، كان (¬3) مصدقاً في القضاء، وليس هذا كالتدبير، ولا كالبيع، ولا كما وصفنا مما سواه. وإذا قال: إحداكما حرة، ففقأ رجل عين إحداهما أو قطع يدها فعليه في ذلك أرش أمة، ويقال للمولى: اختر أيتهما شئت فأوقع العتق عليها. ولو قال: قد كنت أوقعت العتق على هذه التي فقئت عينها، لم يصدق على الفاقئ، ولا يلزمه أكثر من أرش أمة، وتصير حرة، ويكون ذلك الأرش لها. ولو قتلهما رجل جميعاً معاً (¬4) كان عليه في كل واحدة منهما نصف قيمة أمة، وعليه دية حرة. فإن كانت (¬5) إحداهما قتلت (¬6) قبل الأخرى فالباقية منهما حرة، وعلى قاتلها على عاقلته دية حرة، وعلى قاتل الأولى قيمة أمة على العاقلة، فتكون (¬7) للمولى، ودية الأخرى لورثتهما. ولو قتلهما رجلان كل واحد منهما قتل (¬8) إحداهما جميعا معاً كان على كل واحد منهما قيمة أمة، وقد علمنا أن إحداهما حرة، ولكنا لا ندري أيتهما هي، ولا يلزم القاتل أكثر من قيمة الأمة؛ لأن كل واحد منهما يقول: أنا قتلت (¬9) أمة. ولو قتلهما رجل واحد جميعاً معاً كانت عليه دية حرة وقيمة أمة، وليس هذا كالرجلين المتفرقين. ولو قطع يديهما رجل واحد جميعاً معاً أو إحداهما قبل الأخرى كان (¬10) عليه في ذلك في كل واحدة أرش أمة. ولو قتلهما جميعاً إحداهما ¬

_ (¬1) ز: ويعتق. (¬2) ز: يعتق. (¬3) ش: وكان. (¬4) ش - معاً؛ صح هـ. (¬5) ز: كان. (¬6) ز: قبلت. (¬7) ز: فيكون. (¬8) ز: قبل. (¬9) ز: قبلت. (¬10) م ش ز: وكان.

قبل الأخرى كان عليه في الأولى قيمة أمة، وفي الآخرة دية حرة. وليس القتل كالجراحة. ألا ترى (¬1) أن المولى لا خيار له بعد القتل، وأن الباقية حرة إن شاء وإن أبى. وأما في الجراحة فإن له الخيار، يعتق أيتهما شاء، ويمسك الأخرى، فلذلك اختلفا. ولو لم يقتلهما أحد ولم يجرحهما (¬2) أحد حتى حضر المولى الموت، ولا مال له غيرهما، فمات قبل أن يبين وقبل أن يختار، وقيمتهما سواء، عتق من كل واحدة منهما نصفها، وسعت في نصف قيمتها. وإن اختار المولى عند الموت عتق (¬3) إحداهما عتقت كلها؛ مِن قِبَل أن العتق أوقعه في الصحة. ولو جنت إحداهما جناية قبل أن يختار المولى ثم اختار التي جنت بعد علمه بالجناية عتقت، وكان على المولى أرش الجناية كلها، ولا يصدق على أصل الجناية؛ مِن قِبَل أنه قد كان له أن يختار الأخرى فيوقع العتق عليها. ولو لم يختر (¬4) المولى [واحدة] منهما بعد الجناية حتى مات عتق من كل واحدة منهما نصفها، وكان على المولى قيمة التي جنت في ماله، وسعت (¬5) كل واحدة منهما في نصف قيمتها لورثة المولى. ولو باع إحداهما على أنه بالخيار وقع العتق على الأخرى؛ لأن هذا إقرار بالعتق حيث باع الأخرى. وكذلك لو باع إحداهما بيعاً فاسداً وقبضها المشتري وقع العتق على التي هي عنده؛ مِن قِبَل أن الأخرى قد ملكها غيره. وكذلك لو باع إحداهما على أن المشتري بالخيار عتقت الباقية. ألا ترى (¬6) أن (¬7) عتق المشتري جائز إن أعتقها. وكذلك لو كاتب إحداهما أو رهنها أو أجرها فإن العتق يقع على الباقية. فأما إذا ما استخدمها فإن العتق لا يقع على الباقية؛ لأن الرجل قد يستخدم الحرة. وكذلك الوطء ما لم ¬

_ (¬1) ز: يرى. (¬2) ز: يخرجهما. (¬3) م ش ز - عتق. والزيادة من ع. (¬4) ز: لم يختار. (¬5) ز: وسعى. (¬6) ز: يرى. (¬7) م ش ز: بأن.

باب الشهادة في العتق

تعلق منه. وفي الوطء قول آخر، قول أبي يوسف ومحمد: إنه اختيار لها، وإن الباقية تعتق (¬1). وإذا أعتق الصبي عبداً لم يجز عتقه. بلغنا ذلك عن عبد الله بن عباس أنه قال: لا يجوز عتق الصبي (¬2). وكذلك لو قال: كل مملوك أملكه إذا احتلمت فهو حر. وكذلك المجنون فى حال جنونه. وكذلك المعتوه لا يجوز عتق أحد من هؤلاء. ولو قال المجنون: إذا أفقت فكل مملوك أملكه فهو حر، لم يجز ذلك. وإذا قال الرجل: عبدي حر يوم (¬3) أفعل كذا وكذا، ففعل ذلك وهو معتوه عتق عبده؛ لأنه حلف عليه حين حلف وهو صحيح. وإذا أعتق الرجل عبده وهو من أهل الحرب في دار الحرب ثم أسلم أو صار ذمياً وعبده معه في يديه (¬4) فهو عبده، وعتقه في دار الحرب باطل. وكذلك التدبير؛ لأن الحكم لا يجري عليه في دار الحرب. وأهل الذمة في العتق بمنزلة المسلمين. ... باب الشهادة في العتق وإذا (¬5) أعتق الرجل أمته ثم جحدها وكان يطأها ويستغلها ويستخدمها ثم قامت البينة على عتقها قبل الوطء وقبل الغلة فعليه العقر، وهو ضامن لما أخذ من الغلة يردها عليه. وإذا أعتق الرجل أمته فشهد الشهود بذلك وجحد وأنكرت الأمة العتق ¬

_ (¬1) ز: يعتق. (¬2) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 339. (¬3) ز: قوم. (¬4) ز: في بدنه. (¬5) ش: فإذا.

فإني أعتقها؛ لأن هذا فرج، ولا أخلي بينها وبينه، ولا ألتفت إلى جحودها. فإن كان عبداً فجحد العتق جعلته عبداً على حاله، فمتى (¬1) ما جنى أو قذف فشهدت الشهود بذلك أعتقته، وألزمته من ذلك ما يلزم الحر في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: العبد والأمة سواء يعتقان، ولا ألتفت إلى جحودهما. وإذا شهد الشهود أنه أعتق عبده سالماً ولا يعرفون سالماً وله عبد اسمه سالم ليس له غيره فإني أعتقه، ولا أبالي أن لا تعرفه (¬2) الشهود. ولو شهدوا بهذا في البيع أبطلته. وليس العتق في هذا كالبيع. وإذا شهد شاهد أنه أعتق عبده هذا يوم الخميس وقد عرفه وشهد آخر أنه أعتقه (¬3) يوم الجمعة وقد عرفه فهو جائز. وكذلك إذا اختلفوا في البلدان أو في الشهور فهو جائز؛ لأنه كلام ولا يبطله اختلاف البلدان. وإذا شهد شاهد أنه أعتقه إن دخل الدار وشهد آخر أنه أعتقه إذا كلم فلاناً وقد دخل الدار وكلم فلاناً فليس يعتق؛ لأن الشهادة قد اختلفت. وإذا شهد شاهدان على رجل أنه قال: إن دخلت الدار فأنت حرة، وقال المولى: إنما قلت: إن كلمت فلاناً فأنت حر، فأيهما (¬4) ما فعل فهو حر، إن كلم فلاناً أو دخل الدار. أجيز (¬5) على المولى (¬6) إقراره، وألزمه ما شهدت به الشهود. وإذا شهد شاهد أنه أعتقه على مال وشهد آخر أنه أعتقه البتة فشهادتهما باطل (¬7). وإذا شهد شاهد أنه أعتقه على ألف وشهد آخر أنه أعتقه على ¬

_ (¬1) ز: فهي. (¬2) ز: يعرفه. (¬3) ز: عتقه. (¬4) ز: فإنهما. (¬5) ز: أخبر. (¬6) ش: المولى على. (¬7) ز - وإذا شهد شاهد أنه أعتقه على مال وشهد آخر أنه أعتقه البتة فشهادتهما باطل.

خمسمائة والمولى ينكر ذلك (¬1) فشهادتهما باطل. ولو شهد شاهد أنه أعتقه (¬2) على ألف وشهد آخر أنه أعتقه (¬3) على ألف وخمسمائة والمولى ينكر ذلك والعبد يدعي أنه أعتقه على ألف وخمسمائة فلا تجوز شهادتهما؛ لأنهما قد اختلفا في الذي (¬4) وقع به العتق. وكذلك لو ادعى العبد أن العتق كان بألف كان باطلاً؛ لأنه قد أكذب الذي شهد بألف وخمسمائة. فإن كان العبد ينكر العتق والمولى يقر بذلك ويدعيه ويقول: أعتقتك على ألف، فهو حر وليس عليه شيء؛ لأنه قد أكذب الذي شهد بألف وخمسمائة. وإذا ادعى المولى ألفاً (¬5) وخمسمائة قضيت له بألف، والعتق ماض جائز، وهو في هذه المنزلة بمنزلة رجل ادعى على رجل ألف درهم وخمسمائة درهم وأقام عليه شاهداً بها (¬6) وشهد آخر بألف فإنه يقضى له بالألف. وإذا شهد شاهدان أنه قال: أنت حر إن دخلت هذه الدار، وشهد شاهدان آخران أنه قال: أنت حر إن كلمت فلاناً، فشهدوا على ذلك من قوله فإن ذلك (¬7) جائز، فأي ذلك (¬8) ما فعل العبد فإنه يعتق به. وإذا ادعى عبد أن مولاه أعتقه على ألف درهم وأقام على ذلك شاهدين وادعى المولى أنه أعتقه على ألفين وأقام على ذلك شاهدين فهو حر وعليه ألفان؛ لأن المولى مدعي للفضل (¬9). ولو أقام العبد شاهدين أنه قال: إذا أديت إلي ألفاً فأنت حر، أو متى ما أديت إلي ألفاً فأنت حر، أو إن أديت إلي ألفاً فأنت حر، وأقام ¬

_ (¬1) ش - والمولى ينكر ذلك. (¬2) ز + على خمسمائة والمولى ينكر ذلك فشهادتهما باطل ولو شهد شاهد أنه أعتقه. (¬3) م + على خمسمائة والمولى ينكر ذلك فشهادتهما باطل ولو شهد شاهد أنه أعتقه على ألف وشهد آخر أنه أعتقه. (¬4) ز: في الذمة. (¬5) ز: ألف. (¬6) ش: شاهدها؛ ز: شاهد بها. (¬7) ز + من قوله فإن ذلك. (¬8) ش - ذلك. (¬9) ز: الفضل.

على ذلك بينة بأنه قد أدى، وأقام المولى البينة أنه إنما قال له: إذا أديت إلي ألفين فأنت حر (¬1)، أو إن أديت إلي ألفين فأنت حر، فإن العبد حر، ولا شيء عليه بعد الألف التي أدى؛ لأني أضع هذين القولين كليهما (¬2) على أنهما قد كانا من المولى. فأيهما (¬3) فعل العبد عتق به مثل قوله: إن دخلت الدار فأنت حر أو كلمت فلاناً فأنت حر، فأيهما (¬4) ما فعل فهو حر. وإذا شهد شاهدان أنه باعه نفسه بألف وشهد آخران أنه (¬5) باعه نفسه بألفين فهو حر وعليه ألفان؛ لأن المولى مدعي للفضل. وليس هذا كالباب الأول. ألا ترى (¬6) أن ذلك يمين وأن هذا بيع. ولو باعه نفسه بألف درهم فأداها من مال المولى كان حراً، وكان للمولى أن يرجع عليه بمثلها. وكذلك لو نقده ألفاً (¬7) اغتصبها أو سرقها فأخذت من المولى كان للمولى أن يرجع عليه بمثلها، وكان العبد حراً قد أعتق بالأداء. وكذلك (¬8) لو باعه نفسه بوصيف أو بعشر من البقر أو بعشر من الإبل (¬9) أو بعشر من الغنم، فقامت بذلك البينة على المولى وأنكر المولى فإن العبد حر، وعليه عشر مما سمى وسطًا، وعليه وصيف وسط. فإن دفع من ذلك شيئاً فاستحق كان حراً، وكان للمولى أن يرجع عليه بمثله. وإذا شهد للعبد ابنا المولى أن المولى قد أعتقه فشهادتهما جائزة. وإذا شهد ابنا العبد وهما حران أن المولى قد أعتقه فشهادتهما باطل. وكذلك لو شهد له أبوه ورجل آخر (¬10). وكذلك لو شهد له أمه أو ¬

_ (¬1) ز - وأقام على ذلك بينة بأنه قد أدى وأقام المولى البينة أنه إنما قال له إذا أديت إلي ألفين فأنت حر. (¬2) ز: كلاهما. (¬3) ز: فإنهما. (¬4) ز: فإنهما. (¬5) ز - أنه. (¬6) ز: يرى. (¬7) ز: ألفان. (¬8) ز: أو كذلك. (¬9) ش: من الغنم. (¬10) ز - وكذلك لو شهد له أبوه ورجل آخر.

امرأته (¬1) أو أبوه (¬2) أو أحد من ولد ولده أو أجداده فإنه لا تجوز شهادتهم له. وإذا شهد رجل وامرأتان على العتق فهو جائز. بلغنا ذلك عن شريح. وكذلك لو شهد شاهدان على شهادة شاهدين. وكذلك لو شهد أخوان (¬3) للعبد. ولا تجوز شهادة الأعمى في العتق. ولو شهد شاهدان (¬4) بعتق فأعتقه القاضي ثم رجعا عن شهادتهما فإن العتق ماض، والشاهدان ضامنان لقيمة العبد. ولو رجع أحدهما كان ضامناً لنصف القيمة. بلغنا ذلك عن إبراهيم. و [لو] لم يجز القاضي شهادتهما لتهمة اتهمهما بها (¬5) ثم اشتراه أحدهما أو ورثه أو وهب له فإنه حر من ماله؛ لأنه قد شهد أنه حر، فاشتراه حين اشتراه وورثه حين ورثه وقبضه حين وهب له وقد أقر على نفسه أنه حر. وإذا شهد رجلان وامرأتان على عتق عبد فأعتقه القاضي ثم رجع عن الشهادة رجل فإنه لا يضمن شيئاً؛ لأنه قد بقي من الشهود من يقطع بشهادته ويعتق العبد بها. فإن رجعت امرأة أيضاً ضمنت المرأة الراجعة والرجل الراجع قبلها ربع قيمة العبد، على الرجل من ذلك الثلثان وعلى المرأة الثلث؛ لأنه إنما انتقض ربع الشهادة. والعبد حر لا يرجع رقيقاً. فإن رجعت المرأة الأخرى لزمها وإياهما ربع قيمته أيضاً، على الرجل الأول والأخرى نصفه، يحاسب من ذلك بما ضمن، ويتم ما بقي. ويكون على المرأتين نصفه عليهما سواء، تحاسب (¬6) الأولى بما ضمنت، ويؤخذ منها تمام ما بقي، ويؤخذ من الأخرى ما عليها. فإن رجع الشاهد الباقي صار عليهم جميعاً قيمة العبد تامة، على كل رجل ثلثه وعلى كل امرأة سدسه، ¬

_ (¬1) م ش ز: وامرأته. (¬2) ش: وأبوه. (¬3) كذا في م ش ز. (¬4) م + ان؛ ز - على شهادة شاهدين وكذلك لو شهد أخوان للعبد ولا تجوز شهادة الأعمى في العتق ولو شهد شاهد. (¬5) ز: اتهمهمانها. (¬6) ز: يحاسب.

فمن كان منهم قد أدى شيئاً حسب له ذلك، وأخذ منه ما بقي، ومن كان منهم لم يؤد (¬1) شيئاً أخذ منه ما يصيبه من ذلك، وعتق العبد ماض جائز. ولو قامت بينة غيرهم بأن مولى العبد قد كان أعتقه بعد شهادة هؤلاء لم ينتفع (¬2) هؤلاء بذلك، ولم يرد عليهم مما ضمنوا (¬3) شيئاً. وإن جاء هؤلاء بشهود أنه أعتقه قبل شهادة هؤلاء فإنهما (¬4) لا يرجعان بشيء مما ضمنا في قياس قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر وهو قول أبي يوسف ومحمد: إنهم يرجعون بما ضمنوا كله على المولى. ولو قيد رجل عبده فحلف بعتقه أن في قيده عشرة أرطال، وحلف بعتقه إن حله أحد من الناس هو ولا غيره، فشهد شاهدان أن في القيد الذي في رجل العبد خمسة أرطال، فأعتقه القاضي بشهادتهما، ثم حله القاضي فإذا في قيده عشرة أرطال كما قال مولى العبد، فاستبان عند القاضي أنهما شهدا على باطل، فهما ضامنان للقيمة، والعبد حر لا سبيل عليه. وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر: إنهما لا يضمنان شيئاً؛ لأنَّ العبد عتق بالحل. ألا ترى (¬5) أنهما لو حلاه بأنفسهما عتق ولم (¬6) يضمنا شيئاً. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وإذا شهد شاهد على عتق وشهد آخر على إقرار المولى بعتقه فهو جائز؛ لأن العتق كلام، وقد اتفقا ولم يختلفا. وإذا شهد أحدهما أنه قال له: أنت حر، وشهد الآخر أنه قال: قد أعتقته، كان عتقه جائزاً أيضاً. وكذلك لو شهد أحدهما أنه أعتقه لوجه الله تعالى بالعربية وشهد الآخر أنه قال له بالفارسية: أنت حر، كان حرًّا. وإذا شهدا (¬7) أنه أعتق عبده سالماً، ولا يعرفون سالماً، فإن كان له ¬

_ (¬1) ز: لم يؤدي. (¬2) ز: لا ينتفع. (¬3) ش: ما ضمنوا. (¬4) ز: فإنما. (¬5) ز: يرى. (¬6) ز: ولا. (¬7) م ش ز: وإذا شهد.

عبد يقال له: سالم، فإنه يعتق. وإن كان له عبدان يقال لكل واحد منهما: سالم، والمولى يجحد، فإنه لا يعتق واحد منهما. ولو قالا: نشهد أنه أعتق عبده سالما ونحن نعرفهما جميعاً ولكن لا ندري أيهما عنى، كانت شهادتهما باطلاً إذا جحد المولى ذلك. وكذلك لو قالا: سمى لنا عبداً من عبيده ونسينا (¬1) اسمه، فإن الشهادة على هذا باطل. و [كذلك] إن شهدا أنه أعتقه على جعل أو على غير جعل. وكذلك إذا قالا: أعتق أحد عبيده ولم يسم لنا شيئاً، والمولى يجحد كان ذلك باطلاً. ولو قالا: كان هذا عند الموت فأعتق أحدهما ولم يسمه، استحسنت في هذا أن أعتق كل واحد منهم بحصته من ذلك من الثلث، وأستسعيهم في الفضل. أدع القياس في ذلك. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا شهد الشاهدان أنه قال: أحد عبيدي حر، أو قال: سالم حر (¬2)، فذلك جائز، وأجبره على أن (¬3) يبين. وإذا قالا: سمى لنا ونسيناه، والمولى يجحد فشهادتهما باطل. ولو شهدا على رجلين أن أحدهما أعتق عبده ولا ندري (¬4) أيهما هو، كانت شهادتهما باطلاً لا يجوز. وإذا ادعى العبد العتق أو الأمة ولم يكن لهما بينة حاضرة على ذلك فإنه يدفع إلى مولاه، ولا يحال بين المولى وبين عبده بدعواه. فإن أقام شاهداً واحداً فكذلك أيضاً. فإن أقام شاهدين حيل بين مولاه وبينه حتى ينظر في شهادتهما. فإن زُكَّيَا عتق العبد. وإن لم يُزَكَّيَا دفع إلى مولاه، وكان رقيقاً. وإذا شهد شاهد أنه أعتق عبداً له وشهد آخر أنه وهبه (¬5) لنفسه فهذا ¬

_ (¬1) ز: فنسيا. (¬2) أي: وله عبدان اسمهما سالم، كما تقدم. (¬3) ش - أن. (¬4) ز: يدرى. (¬5) م: وهب.

باطل؛ لأنهما قد اختلفا. ولو شهدا جميعاً أنه وهب عبده لنفسه فالعبد حر. وإن قال المولى: لم أنو العتق، فإنه لا يصدق في القضاء، ويعتق العبد، ولكنه يصدق فيما بينه وبين الله تعالى. ولو كانت أمة لم يسعها أن تقيم معه بعد أن تسمع هذا الكلام. أرأيت لو أوصى به (¬1) لنفسه أما كنت أعتقه. ولو شهدوا أنه قال: أنت حر من هذا العمل أو عتيق منه أو حر اليوم أو عتيق (¬2) اليوم، فهو حر أبداً، ولا يدين المولى في القضاء. وأما فيما بينه وبين الله تعالى فهو مدين، إن لم ينو عتقاً (¬3) لم يعتق. ولو شهدا عليه أنه قال: إنما أنت مثل الحر، كان هذا باطلاً لا يعتق به. ولو شهدا عليه أنه قال: بدنك بدنُ حرٍ أو رأسك رأس حر أو يدك يد حر، فإن هذا كله لا يعتق به في القضاء، ولا فيما بينه وبين الله تعالى، والعتق في هذا باطل. وإذا قال: بدنك (¬4) حر، فإنه يعتق. ولو شهدا عليه أنه قال: لا ملك لي عليك، أو لا رق لي عليك، فهو مدين في القضاء. فإن كان يعني العتق عتق. وإن كان لم ينو العتق لم يعتق. وإذا شهدوا أنه قال: اسم عبدي هذا حر، وهو اسمه، ثم دعاه فقال له: يا حر، لم يعتق. ولو لم يقل هذه المقالة ثم قال له: يا حر، فإنه يعتق في القضاء، وفيما بينه وبين الله تعالى فهو مدين. ولو قال له: إن فعلت كذا كذا فأنت حر، فقال العبد: قد فعلت ذلك، فإنه لا يصدق على ذلك. ¬

_ (¬1) ز: لو أصابه. (¬2) م ز: أو عتق. (¬3) ش + ان. (¬4) م ش + بدن. والتصحيح مستفاد مما تقدم في كتاب العتق. انظر: 3/ 102 ظ - 103 و.

ولو قال له: إن صمت أو إن صليت أو قعدت إلى فلان فأنت حر، فقال العبد: قد فعلت، فإنه لا يصدق على هذا إلا أن تقوم (¬1) بينة له أو يقر المولى؛ لأن هذا ظاهر يعرف، والعبد لا يصدق عليه. وما كان من ظاهر يعرف فإن العبد لا يصدق عليه بقوله. وكل شيء باطن لا يعرف مثل قوله: إن كنت تحبينني أو تبغضينني (¬2)، أو أشباه ذلك، فإن العبد في ذلك مصدق ما دام في مجلسه ذلك. وإذا قال الرجل للرجل: أعتق أي عبيدي شئت، فأعتقهم جميعاً، فإنه لا يجوز إلا عتق واحد منهم، وذلك إلى المولى، أيهم شاء أعتق، ويمسك البقية. وإذا قال: أيكم دخل هذه الدار فهو حر، فدخلوا جميعاً عتقوا. وكذلك لو قال: أيكم شاء فهو حر، فشاؤوا جميعاً. وكذلك لو قال: أيكم بشرني بكذا وكذا، فبشروه جميعاً معاً. فإن كان إنما يعني واحدا فإنه لا يدين في القضاء، وهو مدين فيما بينه وبين الله تعالى، يختار أيهم شاء فيمضي عتقه، ويمسك البقية. فإذا بشره واحد ثم آخر فالأول حر والثاني عبد؛ لأن البشير هو الأول. وإذا قال الرجل للرجل: أخبر عبدي هذا بعتقه، أو أخبر عبدي أنه حر، أو بشر عبدي بعتقه، أو أخبره أنه حر، فهو حر ساعة تكلم المولى بهذا المنطق، إذا أخبر بذلك العبد أو لم يخبر. وإذا قال الرجل لعبده: يا سالم أنت حر، وهو يعني إنساناً (¬3) بين يديه غير سالم فإن سالماً (¬4) حر. ¬

_ (¬1) ز: أن يقوم. (¬2) ز: تحبيني أو تبغضيني. أي كما مر في الطلاق لو قال: إن كنت تحبينني فأنت طالق ... انظر: 3/ 41 و. (¬3) ز: إنسان. (¬4) ز: سالم.

وإذا قال الرجل: أول عبد (¬1) يدخل علي (¬2) من عبيدي فهو حر، فأدخل عليه عبد ميت ثم أدخل عليه عبد آخر حي فإن العبد الثاني حر؛ لأنه هو الأول، ولا يحتسب بالميت، ولا يكون الميت أولاً ولا آخراً (¬3). فإن أدخل عبدان حيان جميعاً معاً لم يعتق واحد منهما؛ لأنهما ليسا بأول. وإن دخل (¬4) بعدهما عبد آخر لم يعتق؛ لأن الأول غيره. وإذا قال الرجل: أول عبد أملكه فهو حر، فملك عبدين جميعاً معاً لم يعتق واحد منهما. فإن ملك عبداً آخر بعدهما لم يعتق؛ لأنه ليس بأول. ألا ترى (¬5) أنه لو قال: آخر عبد أملكه فهو حر، ثم لم يملك غيره حتى مات المولى جعلناه آخراً وأعتقناه من جميع المال في قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد: إنه حر من الثلث؛ لأنه قد كان يقدر على أن يشتري غيره، فإنما حنث قبل الموت حيث (¬6) دخل من الموت في حال لا يستطيع أن يشتري. ولو قال: آخر عبد أملكه فهو حر، ثم اشترى عبداً ثم لم يشتر (¬7) غيره حتى مات لم يعتق؛ لأن هذا أول وليس بآخر. ولو ورث عبداً بعده أو أوصي به له أو ملكه بوجه من الوجوه ثم مات عتق هذا الآخر؛ لأنه آخر. وكذلك لو كان هذا الآخر ابنه أو ذا رحم محرم منه عتق، وكان هو الآخر إذا (¬8) لم يملك غيره حتى يموت. وإذا قال: آخر عبد أملكه فهو حر، فاشترى عبداً ثم اشترى عبدين بعده ثم مات فإنه لا يعتق واحد منهما؛ لأن الآخر ليس بعبد واحد. ولو قال: كل مملوك أشتريه أو أملكه أبداً فهو حر، فهو كما قال. وإنما يعتقون بعد الملك. ألا ترى (¬9) أنه لو قال لأمة له: كل ولد تلدينه أبداً فهو حر، فولدت أولادًا بعد سنين عتقوا جميعاً، وقد أعتق هذا ما لم يخلق ¬

_ (¬1) م ز: عبدى. (¬2) م - علي؛ صح هـ. (¬3) ز: آخر. (¬4) ز: أدخل. (¬5) ز: يرى. (¬6) ز - قبل الموت حيث. (¬7) ز: لم يشتري. (¬8) ز: وإذا. (¬9) ز: يرى.

ولم يملك بعد. فكذلك الأول. ولو قصد عبداً بعينه فقال: إن ملكت هذا فهو حر، فهو حر كما قال إذا ملكه. وكذلك لو قال: كل عبد أشتريه العام، أو كل (¬1) عبد أشتريه من فلان، أو كل عبد أشتريه من مصر كذا وكذا فهو حر، فهو كما قال إذا اشتراه. وإذا قال: كل عبد أشتريه فهو حر، فورث عبداً أو ملكه بغير شراء فإنه لا يعتق. وإذا قال لعبد لا يملكه أو لأمة لا يملكها: أنت حرة من مالي، فهذا باطل. وكذلك لو قال لها (¬2): إن جامعتك فأنت حرة، أو إن تسريتك فأنت حرة، أو إن كلمتك فأنت حرة، ثم اشتراها ثم فعل جميع ما حلف عليه فإن هذا كله باطل لا يقع؛ لأنه قال ذلك وهو لا يملكها، ولم يقل: إذا ملكتها. أرأيت لو قال لها: أنت حرة غداً، أو قال لها: أنت حرة اليوم، فاشتراها يومه ذلك أكانت تعتق (¬3). فهذا كله باطل لا يقع به العتق؛ لأنه لم يذكر في هذا الملك. وكذلك لو قال: كل أمة أتسراها فهي حرة، فإن تسرى أمة قد كانت في ملكه يوم حلف فإنها تعتق (¬4). وإن اشترى أمة فتسراها بعد هذه المقالة لم تعتق (¬5)؛ لأنه لم يقل: أتسراها بعد الملك. والتسري في قول أبي حنيفة ومحمد أن يبوئها (¬6) بيتاً ويحصنها وإن لم يطلب ولدها. وفيها قول آخر قول أبي يوسف: إن التسري لا يكون مع هذا إلا بطلب الولد. ولو لم يفعل بها شيئاً من هذا ولكنه وطئ خادماً له قد كانت عنده تخرج في حوائجه ثم علقت منه لم تعتق (¬7)؛ لأنه لم يتسرها (¬8)، وقد علقت منه من غير تسري. وإذا قال الرجل لعبدين له: أيكما أكل هذا الرغيف فهو حر، فأكلاه جميعاً فإنه (¬9) لا يعتق واحد منهما؛ لأنه لم يأكله كله. ولو أكله أحدهما ثم ¬

_ (¬1) م ش ز: وكل. (¬2) ز -لها. (¬3) ز: يعتق. (¬4) ز: يعتق. (¬5) ز: لم يعتق. (¬6) ز: أن ينوبها. (¬7) ز: لم يعتق. (¬8) ز: لم يتسراها. (¬9) ز - جميعاً فإنه.

إنه أقام (¬1) البينة أنه أكله أعتقه القاضي. فإن أقام الآخر البينة أنه هو الذي أكله لم يعتقه القاضي؛ مِن قِبَل أنه قد جعل الأول آكلاً، فما جاء بعده فهو باطل. ولو لم يأت أحدهما قبل صاحبه واجتمعا جميعاً كل واحد منهما يقيم البينة أنه أكل الرغيف كله لم يجز هذا، ولا تقبل (¬2) الشهادة، وهي باطل. ألا ترى أن القاضي قد علم أن أحدهما كاذب؛ لأن كل واحد من الفريقين ينقض على صاحبه. وإذا شهد شاهدان أنه أعتق مَرْبَعاً (¬3) يوم النحر بالكوفة فأجاز القاضي شهادتهما وأعتقه، ثم شهد شاهدان أنه أعتق سالماً يوم النحر بمكة، فإنه يبطل شهادتهما ولا يجيزه؛ لأنه قد أوجب عليه عتق الأول فإجازة الآخر باطل؛ لأنه لا يكون في يوم واحد بمكة والكوفة. ولو لم تشهد (¬4) إحدى البينتين قبل صاحبتها، واجتمعا جميعاً فشهدا بهذا، فإن ذلك باطل لا يجوز؛ لأن كل واحدة منهما تنقض شهادة الأخرى. فإذا رد القاضي الشهود جميعاً ثم ماتت إحدى البينتين ثم ادعى الآخر وأقام بينة (¬5) على القاضي ثم شهدت (¬6) به الشهود فشهدوا عنده بذلك فإن القاضي لا يقبل شهادتهم؛ لأنه قد ردها بالتهمة، فلا يقبلها أبداً. ولو لم تَمُتْ واحدة من البينتين حتى جاء أحد الغلامين بشاهدين آخرين يشهدان على ما شهدت به شهوده الذين ردت شهادتهم، وجاء الآخر بشهوده الذين شهدوا، فإن القاضي يجيز شهادة هذين الشاهدين الآخرين اللذين (¬7) لم يكونا شهدا عنده، وينفذ عتق الغلام الذي (¬8) شهدوا بعتقه، ولا يقبل شهادة الآخرين أبداً. وإذا شهد شاهدان على شهادة شاهدين في العتق فإنه جائز. وكذلك إذا شهد عنده رجل وامرأتان. ولو قذف عبدا فطلب أن يأخذه بحده فشهد له ¬

_ (¬1) ز: قام. (¬2) ز: يقبل. (¬3) م: يربعا (مهملة). (¬4) ز: لم يشهد. (¬5) ز: البينة. (¬6) م ز: ثم اشهدت. (¬7) ز: للذين. (¬8) م ش: الذين؛ ز: اللذين.

رجل وامرأتان على عتقه قبل أن يقذفه فأخذت ذلك وحددت قاذفه (¬1) إذا كان على قذفه شاهدان عدلان. ألا ترى (¬2) أن رجلاً وامرأتين لو شهدوا على رجل بالنكاح لامرأة قد عرفوها أو شهدوا أن هذا الولد منهما ثم زنى الرجل والمرأة فإني أرجمهما. ولو أن رجلاً وامرأتين (¬3) شهدوا على عتق فأمضيته ثم قذف بعد ذلك أو قذف نفسه أو جنى (¬4) أو جني عليه جناية يكون فيها قصاص (¬5) كان ذلك كله جائزاً (¬6) عليه، وآخذ له بحقه، وآخذ منه الحق الذي لزمه، وليس يستقيم أن يكون حراً في كل شيء فإذا وقعت الحدود والقصاص كان بمنزلة العبد. وإذا أعتق الرجل نصيبه من عبد بينه وبين آخر عن دبر منه، فأعتق الآخر نصيبه البتة وهو موسر، فإن لشريكه أن يضمنه نصف قيمته مدبرًا، ويرجع بذلك الشريك على العبد، ويكون (¬7) الولاء بينهما؛ لأنه جرى فيه عتق من الأول. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: حين دبره الأول فهو مدبر كله، وعتق الثاني باطل، ويغرم الأول للثاني نصف قيمته موسراً كان أو معسراً. وإذا كان العبد بين ثلاثة فأعتق أحدهم العبد عن دبر ثم أعتق الآخر البتة وهما موسران فللباقي الذي لم يعتق أن يضمن الأول للمدبر (¬8)، وللأول أن يضمن المعتق الثاني البتة ثلث قيمته، ويرجع بذلك على العبد، ويسعى العبد للمدبر الذي دبر في ثلث قيمته، وللمدبر ثلثا (¬9) الولاء، وللمعتق البتة ثلث الولاء في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: إذا دبر أحدهم صار مدبراً كله من ماله (¬10)، وصار ضامناً لشركائه حصصهم من قيمته إن كان معسراً أو موسراً، ¬

_ (¬1) ش - قاذفه. (¬2) ز: ير ى. (¬3) ز: وامرأتان. (¬4) ز: أو جنى. (¬5) ز: قصاصا. (¬6) ز: جائز. (¬7) ز: يكون. (¬8) م ز: المدبر. (¬9) ز: ثلثي. (¬10) ش - وقال أبو يوسف إذا دبر أحدهم صار مدبراً كله من ماله.

باب عتق الرقيق بين اثنين

ولا يجوز عتق من أعتق منهم بعد تدبيره. وهو قول محمد بن الحسن أيضاً. ... باب عتق الرقيق بين اثنين أبو يوسف عن الحجاج بن أرطأة عن نافع عن ابن عمر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في الرجل يعتق نصيبه في المملوك: "إن كان غنياً ضمن، وإن كان فقيراً سعى العبد في حصة الآخر" (¬1). عن الأشعث بن سوار عن الحسن عن علي (¬2) بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه قال: يعتق الرجل من عبده ما شاء (¬3). الحجاج بن أرطأة ورجل عن الحسن عن عمر بن الخطاب أنه قال: إذا أعتق الرجل شقصاً من عبد عتق كله، ليس لله شريك (¬4). الحسن بن عمارة عن القاسم بن عبدالرحمن عن أبيه عن عبد الله بن مسعود أن رجلين من جهينة كان بينهما عبد (¬5)، فأعتق ¬

_ (¬1) روي عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى لله عليه وسلم - قال: "من أعتق شِرْكاً له في عبد فكان له مال يَبْلُغُ ثمن العبد قُوِّمَ العبدُ عليه قيمةَ عَدْلٍ فأعطى شركاءه حصصهم وعتق عليه العبد، وإلا فقد عَتَقَ منه ما عَتَقَ". انظر: صحيح البخاري، العتق، 4؛ وصحيح مسلم، العتق، 1. وعن أبي هريرة رفعه: "من أعتق شِقْصاً له في عبد فخَلاَصُه في ماله إن كان له مال، فإن لم يكن له مال اسْتسْعِيَ العبدُ غيرَ مَشقوقٍ عليه". انظر: صحيح البخاري، العتق، 5؛ وصحيح مسلم، العتق، 3. (¬2) م: بن علي. (¬3) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 329. وروي مرفوعاً، لكن ضعفه البيهقي. انظر: السنن الكبرى للبيهقي، 10/ 274. (¬4) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 329. (¬5) ز: عبدا.

أحدهما، فرفع ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فضمنه نصيب صاحبه، وبيعت غُنَيْمَة (¬1) له في ذلك (¬2). إسماعيل بن مسلم عن الحسن بن أبي الحسن عن عمر بن الخطاب أنه كان يقول في العبد بين اثنين فيعتقه أحدهما: إنه يضمن لصاحبه إن كان غنياً، وإن كان فقيراً يسعى العبد في نصيب صاحبه (¬3). أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال في العبد بين اثنين فأعتقه أحدهما وهو غني: فإن الشريك بالخيار، إن شاء ضمن الذي أعتق، والولاء (¬4) للذي أعتق. وإن شاء أعتق هو. وإن شاء استسعى العبد. وإن كان المعتق معسراً (¬5) فالشريك بالخيار. إن شاء استسعى العبد. وإن شاء أعتق. فإن أعتق أو استسعى فالولاء بينهما (¬6). زكريا بن أبي زائدة عن عامر الشعبي أنه قال في الرجل يعتق عبداً بينه وبين آخر (¬7) وهو غني: إنه (¬8) ضامن، وإن كان فقيراً سعى لشريكه، والولاء كله للأول. أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: من أعتق من غلامه شيئاً عتق ما عتق وسعى فيما بقي (¬9). ¬

_ (¬1) أي: قطيع صغير من الغنم. انظر: لسان العرب، "غنم". (¬2) عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي مجلز أن أخوين من جهينة كان بينهما عبد، فأعتق أحدهما نصيبه، فضمنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى باع غنيمة له. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 9/ 151. (¬3) عن عمر بن الخطاب أنه قال لرجل له نصيب في عبد: لا تفسد على أصحابك فتضمن. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 9/ 155. (¬4) ز: وللولاء. (¬5) م ز: فقيرا. (¬6) الآثار لمحمد، 116. وعن إبراهيم قال: إذا كان بينهما عبد فأعتق أحدهما نصيبه ضمن إن كان له يسار، فإن لم يكن له يسار سعى العبد. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 9/ 152. (¬7) ز: آخره. (¬8) ز: عنه. (¬9) الآثار لمحمد، 116 - 117؛ والمصنف لعبد الرزاق، 9/ 157.

قال محمد: حدثنا أبو حنيفة عن يزيد بن عبد الرحمن عن إبراهيم (¬1) عن الأسود بن يزيد أنه أعتق عبداً له ولإخوة له صغار فيه نصيب، فذكر ذلك لعمر بن الخطاب، فأمره عمر أن يقومه، ثم يستأني (¬2) به حتى يدركوا، فإن شاؤوا أعتقوا (¬3) وإن شاؤوا أخذوا القيمة (¬4). وإذا كانت الأمة بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه فهو جائز. فإن أراد أن يكتب لها كتاباً بذلك كتب: "هذا كتاب (¬5) من فلان بن فلان لفلانة الفلانية أمته وأمة فلان، إني أعتقت نصيبي منك، وهو النصف لوجه الله تعالى وطلب ثوابه (¬6)، وأنا يومئذ صحيح لا علة بي من مرض ولا غيره، فنصيبي منك حر لوجه الله تعالى، لا سبيل لي ولا لأحد على نصيبي منك، ولي نصف ولائك ونصف ولاء عقبك من بعدك، شهد" (¬7). والشريك الذي لم يعتق بالخيار. إن شاء أعتق نصيبه. وإن شاء استسعى الخادم في نصف قيمتها، إن كان الشريك المعتق موسراً أو معسرًا، فهو لشريكه يختار أي ذلك شاء، وليس له أن يضمنه إن كان معسراً. وإن كان موسراً فله أن يضمنه. فإن ضمنه رجع الشريك الموسر بذلك الضمان على الخادم، وكان الولاء كله له. وإن لم يضمنه واستسعاه أو أعتق فالولاء بينهما في قول أبي حنيفة. فإن أعتق فأراد أن يكتب بذلك كتاباً كتب مثل نسخة صاحبه الأول. فإن (¬8) أراد (¬9) أن يستسعي الخادم فأراد أن يكتب بذلك كتاباً كتب: "هذا كتاب لفلان بن فلان من فلانة الفلانية أمته وأمة فلان، إني كنت أمة بينك وبين فلان، فأعتق فلان نصيبه مني، وهو النصف، واخترت أن ¬

_ (¬1) ش - عن إبراهيم. (¬2) ز: ثم يستأنا. (¬3) ش ز: عتقوا. (¬4) الآثار لمحمد، 116؛ والمصنف لعبد الرزاق، 9/ 155. (¬5) ز: كتابا. (¬6) ش - وطلب ثوابه. (¬7) م ش ز: سنه. (¬8) ز - فإن. (¬9) ز: فأراد.

تستسعيني في نصف قيمتي، فقَوَّمْتَني قيمة عدل برضاي وتسليمي، فبلغت قيمتي كذا وكذا درهماً، فكان الذي يصيبك (¬1) من ذلك خاصة النصف، فصالحتني عليه، فاستسعيتني فيه ونجَّمْتَه علي، وهو (¬2) كذا وكذا سنة، أولها شهر كذا من سنة كذا، أؤدي إليك كل سنة من ذلك كذا كذا، ومحل أول النجوم شهر كذا من سنة كذا، وعلي عهد الله وميثاقه أن أنصح وأجهد حتى أؤدي إليك جميع ما أستسعي فيه، وإذا أديت ذلك كله إليك فنصيبك من رقبتي وهو النصف حر لوجه الله تعالى، لا سبيل لك ولا لأحد علي، ولك نصف ولائي ونصف ولاء عقبي من بعدي". وتكتب الأمة كتاباً عندها على هذه النسخة: "هذا كتاب من فلان بن فلان لفلانة الفلانية أمته وأمة فلان، إنك كنت أمة بيني وبين فلان، فأعتق فلان نصيبه منك وهو النصف، فاخترت أن أستسعيك في نصف قيمتك، فقوّمتك قيمة عدل برضاك وتسليمك، فبلغت قيمتك كلها كذا وكذا، فكان الذي يصيبني من ذلك النصف وهو كذا وكذا، فنجّمته عليك نجومًا تؤدي إلي في كل سنة من ذلك كذا وكذا، ومحل أول هذه (¬3) النجوم شهر كذا من سنة كذا، وعليك عهد الله وميثاقه لتنصحن ولتجهدن حتى تؤدي إلي جميع ذلك عند محل كل نجم منه، فإذا أديت إلي جميع الذي لي عليك من (¬4) ذلك فنصيبي من رقبتك وهو النصف منها حر لوجه الله تعالى، لا سبيل لي ولا لأحد عليك، ولي نصف ولائك ونصف ولاء عقبك من بعدك". وإذا أعتق الشريك بإذن شريكه فلا ضمان عليه. وإذا أراد الذي أعتق أول مرة نصيبه أن يكتب تسليماً من شريكه ويبرأ من الضمان كتب: "هذا كتاب لفلان بن فلان من فلان بن فلان، إنه كان بيني وبينك أمة يقال لها: فلانة الفلانية، فسألتني أن آذن لك أن تعتق (¬5) ¬

_ (¬1) ز: نصيبك. (¬2) م: نو؛ ز: تو. (¬3) ش - هذه. (¬4) م: ثمن (الثاء مهملة). (¬5) ز: أن يعتق.

نصيبك منها، فأذنت لك في ذلك، فأعتقت نصيبك منها وهو النصف بإذني وتسليمي ورضائي، فلا ضمان لي عليك ولا سبيل، ولك نصف ولاء هذه الخادم ونصف ولاء عقبها من بعدها". وإذا أعتق الرجل أمة بينه وبين آخر فضمنه شريكه فأراد أن يكتب براءة مما أدى إليه من الضمان كتب: "هذا كتاب (¬1) لفلان بن فلان من فلان بن فلان، إنه كان بيني وبينك أمة يقال لها فلانة الفلانية، وإنك أعتقت نصيبك منها وهو النصف، واخترت أن أضمنك، وكنت موسراً يوم أعتقت نصيبك منها، فضمنتك نصيبي منها، فقوّمت أنا وأنت هذه الخادم قيمة عدل برضاي ورضاك وتسليمنا، فبلغت قيمتها كذا وكذا (¬2)، فكان الذي يصيبني (¬3) من ذلك النصف، وهو كذا كذا، فدفعت إلي الذي يصيبني من قيمة هذه الخادم المسماة في هذا الكتاب، فقبضت ذلك منك، وهو النصف من قيمتها، وهو كذا كذا، وبرئت إلي منه، فليس لي قبلك بعد هذه البراءة من قيمة هذه الخادم قليل ولا كثير (¬4)، وقد صار نصيبي من هذه الخادم وهو النصف لك بتضميني إياك. شهد". وإذا أراد (¬5) أن يكتب الذي ضمن على الخادم كتاب سعاية فيما ضمن كتب: "هذا كتاب لفلان بن فلان من فلانة الفلانية أمته وأمة فلان، إني كنت أمة بينك وبين فلان نصفين بينكما، وإنك أعتقت نصيبك مني، وهو النصف، لوجه الله تعالى وطلب ثوابه، وأنت يومئذ صحيح لا علة بك من مرض ولا غيره، وأنت موسر يومئذ، واختار فلان أن يضمنك، فقوّمتماني قيمة عدل برضا منكما ومني وتسليمي، فبلغت قيمتي كذا وكذا، فكان الذي يصيب فلاناً (¬6) من ذلك كذا وكذا (¬7)، فأديته إليه، وقبضه منك، وبرئت إليه منه، فصار ذلك علي، فنجّمته علي في كذا ¬

_ (¬1) م + هذا كتاب. (¬2) م ش: كذا كذا. (¬3) ز: نصيبني. (¬4) ز: قليلاً ولا كثيراً. (¬5) م: وإذ اراد. (¬6) ز: نصيب فلان. (¬7) ز + سنة أؤدي إليك.

كذا سنة، أؤدي إليك كل سنة من ذلك كذا كذا، ومحل أول النجوم شهر كذا من سنة كذا، ولك علي عهد الله وميثاقه أن أنصح وأجتهد حتى أؤدي إليك الذي لك علي من ذلك، فإذا أديت ذلك (¬1) فأنا حرة لوجه الله تعالى، لا سبيل لك ولا لأحد علي، ولك ولائي وولاء عقبي من بعدي، شهد". وتكتب (¬2) كتاباً آخر على هذه النسخة يكون عند الخادم، غير أنك تجعل الكتاب من المولى لها. وإذا كان العبد بين رجلين فشهد كل واحد منهما [على صاحبه أنه أعتقه وصاحبه] (¬3) يجحد أن يكون أعتق شيئاً من العبد فإنه يقوم قيمة عدل، ثم يسعى لهما جميعاً في قيمته، وهو عبد ما دام يسعى في شيء من ذلك، والولاء بينهما نصفين في قول أبي حنيفة. ولو أعتق أحدهما حصته فاختار الآخر أن يضمن (¬4) شريكه رجع الشريك على العبد بذلك، وكان عبداً في حدوده وشهادته وجراحته ما دام عليه من السعاية شيء، والولاء كله إذا أدى للشريك الضامن. ولو لم يضمنه ولكنه استسعى العبد كان في شهادته وجراحاته وحالاته كلها بمنزلة العبد ما دام عليه شيء من السعاية، وكان الولاء إذا أدى بينهما نصفين في قول أبي حنيفة. وإذا أعتق أحد الشريكين وهو معسر فليس للشريك الآخر أن يضمن المعتق، إنما له أن يستسعي أو يعتق. فإذا كان المعتق موسراً فالشريك بالخيار. إن شاء أعتق، وإن شاء استسعى، وإن شاء ضمن شريكه المعتق. فإن كان لشريكه من المال أو العروض قدر قيمة نصف العبد كان لشريكه أن يضمنه. وإذا كان له أقل من ذلك لم يكن لشريكه أن يضمنه. وإذا اختلفا في قيمة العبد فقال الشريك المعتق: كان قيمته يوم أعتقه مائة درهم، وقال الذي يريد أن يضمنه: أعتقته اليوم، فإن كان العبد قائماً ¬

_ (¬1) م ز: لك. (¬2) ز: ويكتب. (¬3) الزيادة من الكافي، 1/ 91 و. (¬4) م ش ز + من.

بعينه فإنه لا ينظر إلى قول واحد منهما، ولكنه يقوم يوم ظهر العتق على حاله. فإن قال المعتق: أعتقته وهو صغير وقيمته كذا وكذا (¬1)، وقال الآخر: أعتقته اليوم وهو كبير وقيمته كذا كذا، فإنما على المعتق القيمة يوم ظهر منه العتق. فإن قال الشريك: لا أضمنه ولكني أستسعي العبد، فقال العبد: أعتقني وأنا صغير، فإنه لا يكون على العبد قيمته صغيراً، ولا يصدق، [و] له أن يستسعيه في نصف القيمة يوم ظهر العتق. ألا ترى (¬2) أن له أن يعتق حصته الساعة، فعلى حالها يستسعيه. وكذلك الضمان إذا أراد أن يضمن الشريك فهو على حاله يضمنه. ولو أعتقه وهو صحيح ثم عمي كان للشريك أن يضمنه نصف قيمته صحيحاً. ولو أعتقه وهو قليل القيمة ثم زاد وبلغ وذلك معروف كان عليه نصف القيمة يوم أعتقه. وإذا مات الشريك الذي لم يعتق فلورثته ما كان له من العتق والسعاية، ويضمن الشريك إن كان موسراً، يختارون أي ذلك شاؤوا. غير أنهم إن استسعوا أو أعتقوا لم يكن للنساء ولاء، وكان الولاء للرجال بمنزلة المكاتب، فأخذوا (¬3) ما عليه وأعتقوه وأبرؤوه مما عليه. ولا يجوز لصاحبهم قبل موته أن يبيع حصته منه، ولا يهبها قبل أن يضمن الشريك شيئاً، ولا يتزوج عليها، ولا يوصي (¬4) بها؛ مِن قِبَل الذي دخل فيه من العتق في حصة الآخر. فإذا أعتق أحد الشريكين حصته من العبد فمات العبد قبل أن يضمن الشريك شريكه وقبل أن يعتق أو يستسعي فإنه ينظر في ذلك. فإن كان المعتق موسراً فإنه ضامن لنصف قيمته، ولا سعاية على العبد إذا مات. فإن كان العبد قد ترك مالاً قد اكتسب بعضه قبل العتق وبعضه بعد العتق فما كان منه من كسب قبل العتق فهو بين الموليين نصفين، وما اكتسب بعد العتق فإن الشريك يرجع في ذلك بنصف القيمة التي ضمن لشريكه، وما بقي بعد نصف القيمة فهو ميراث. وإن لم يكن له وارث فهو للمولى المعتق. وإن كان لا يعلم متى اكتسبه فهو بمنزلة ما اكتسب بعد العتق. وإن ¬

_ (¬1) ز: كذ. (¬2) ز: يرى. (¬3) م ز: يأخذوا. (¬4) ز: يرضى.

اختلفا في قيمة العبد والمعتق موسر فالقول قول المعتق؛ لأن العبد قد مات. وإن كان المعتق معسراً فإن للشريك نصف قيمة العبد فيما ترك، وما بقي فهو ميراث بينهما إن لم يكن له وارث غيرهما. وإن لم يكن للعبد مال فإن للذي (¬1) لم يعتق نصف قيمة العبد ديناً على العبد حتى يصاب له مال. وإذا كان العبد حيًّا فصالحه الذي لم يعتق على أقل من نصف القيمة فهو جائز. وإن صالحه على أكثر من نصف قيمته فالفضل باطل مردود على العبد؛ من قبل أنه لا يلزمه إلا نصف قيمته. وإن صالحه المعتق على أكثر فالفضل باطل مردود على المعتق. وإن صالحه على عروض أكثر من نصف قيمته فهو جائز. وكذلك إن صالح العبد على ذلك. والذهب والورق في ذلك سواء. لا يجوز أن يصالح على أكثر من نصف قيمته بذهب أو ورق إلا على ما يتغابن الناس في مثله. وإن صالحه على شيء من الحيوان إلى أجل فهو جائز بمنزلة المكاتبة. وإذا أعتق الرجل عبداً بينه وبين آخر وهو معسر ثم أيسر فلا ضمان عليه. فإن اختلفا فقال المعتق: أعتقته وأنا معسر، وقال الذي لم يعتق: بل أعتقت وأنت موسر، فإني أنظر (¬2) إلى حاله يوم ظهر العتق. فإن كان موسراً جعلت القول قول صاحبه وجعلته موسراً. وإن كان معسراً يوم ظهر العتق جعلت القول (¬3) قوله مع يمينه، وجعلت على صاحبه البينة. وإن كان موسراً يوم أعتق وتصادقا على ذلك فقال الشريك: قد اخترت أن أضمنك، ثم بدا له أن يستسعي العبد وأن يبرئ الشريك من الضمان، فليس له ذلك؛ مِن قِبَل أن نصيبه قد صار لشريكه. ويكون له ولاؤه. ولكن لو أحاله على العبد بالذي يرجع المعتق به عليه من السعاية ووكله بقبضها منه فاقتضى ذلك من حقه كان هذا جائزاً، وكان الولاء للمعتق كله. ولو لم يكن اختار الضمان ولكن (¬4) اختار السعاية على العبد ثم أراد ¬

_ (¬1) ش: الذي. (¬2) م ز: اظهر. (¬3) م + قول صاحبه وجعلته موسرا وإن كان معسرا يوم ظهر العتق جعلت القول. (¬4) ز: ولكنه.

أن يضمن الشريك ويبرئ العبد فإن ذلك لا يجوز، ولا يكون له؛ مِن قِبَل أن الضمان قد لزم العبد. وإذا أعتق أحدهما العبد فهو في شهادته وحدوده وجراحته وأمره كله ما دام يسعى في شيء من قيمته بمنزلة العبد. فإن جرحه المولى الذي لم يعتق فعليه أرش الجرح للعبد يستعين به في سعايته، ولا يكون هذا منه اختياراً لضمان العبد. ولو أنه جنى عليه جناية مثل نصف قيمته كان مثل ذلك. وكذلك لو غصب العبد مالاً يكون فيه وفاء بنصف قيمته كان فيه بمنزلة ذلك. وكذلك لو أقرضه العبد مالاً أو باعه بيعاً يكون فيه وفاء بنصف قيمته أو لا يكون فيه وفاء فإن ذلك له عليه، ولا يُحتسب من نصف قيمته شيء، ولا يكون ذلك منه اختياراً للسعاية. ولو أراد أن يضمن له الشريك بعد هذا كان له أن يضمنه نصف قيمته صحيحاً، ويؤدي إلى العبد ما أخذ منه من ذلك. وإذا أعتق الرجل نصف عبد له أو ثلثه أو ربعه فهو بالخيار فيما بقي. إن شاء أعتق ما بقي. وإن شاء استسعى في بقية قيمته. وإذا أعتق جزء من عبد أو سهماً منه أو بعضه فإن ذلك إليه، يمضي منه ما شاء، ويستسعي العبد فيما بقي. وينبغي في قياس قول أبي حنيفة في السهم أن يعتق منه السدس ويسعى فيما بقي. وإذا أعتق الرجل عبداً بينه وبين آخر فأعتق نصيب شريكه منه ولم يعتق نصيبه فإنه لا يجوز؛ لأنه أعتق ما لا يملك. ألا ترى (¬1) أنه لا يملك من نصيب شريكه شيئاً. وإذا أعتق الرجل أمة بينه وبين آخر وهو غني ثم ولدت ولدا ثم أراد الذي لم يعتق أن يضمن شريكه نصف قيمتها يوم أعتقه، فإنه يضمنه نصف قيمتها يوم أعتق، ولا يضمنه قيمة الولد؛ مِن قِبَل أنه حدث بعد العتق. وكذلك لو زادت خيراً بعد العتق لم يضمن ذلك. وكذلك لو نقصت قيمتها ¬

_ (¬1) ز: يرى.

باب العتق إذا كان المملوك بين اثنين أو ثلاثة

بعد العتق ضمن نصف قيمتها يوم أعتق (¬1). فإن اختلفا في ذلك أصدقه أنه أعتقها يومئذ؛ فالقول قول المعتق مع يمينه بالله، وعلى طالب الضمان البينة على ما يدعي من الفضل. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا كان العبد بين اثنين فأعتق (¬2) أحدهما حصته فهو حر كله، والولاء له، والعبد حر في شهادته وحده وجميع أمره. فإن كان المعتق موسراً ضمن نصف القيمة لشريكه، ولا خيار لشريكه في ذلك إذا أراد أن يستسعي العبد. وإذا كان المعتق معسراً استسعى شريكه العبد في نصف قيمته، ولا يرجع العبد على المعتق بشيء من سعايته. وقال أبو يوسف ومحمد أيضاً: إذا كان العبد لرجل فأعتق ثلثه أو نصفه (¬3) أو جزء منه أو سدسه فهو حر كله، ولا سعاية عليه. ... باب العتق إذا كان المملوك بين اثنين أو ثلاثة وإذا كان العبد بين ثلاثة رهط فأَعتق أحدُهم ودبّره الآخرُ وكاتب الآخرُ ولا يُعلَم أيهم الأول فإن الذي أعتقه عتقه جائز ماض، وتدبير الذي دبر جائز، ويستسعى العبد في سدس قيمته (¬4) للمدبر. ويضمن المعتق للمدبر سدس قيمته أيضاً مدبراً حتى يستكمل المدبر ثلث قيمته إن كان الذي أعتق بتة موسراً، ويرجع بما ضمن من ذلك على العبد. ويقال للعبد: اسع في مكاتبة الآخر، فإن عجزت عن ذلك فهو بالخيار، إن شاء أعتقك، وإن شاء استسعاك في ثلث قيمتك. وإن شاء ضمن المدبر والمعتق بَتَّةً ذلك نصفين إذا كانا موسرين، ويرجعان بذلك على العبد. فإن ضمنا كان الولاء بينهما نصفين. وإن استسعى (¬5) المكاتب العبد أو أعتقه كان الولاء بينهم أثلاثاً. ¬

_ (¬1) ز - ولا يضمنه قيمة الولد من قبل أنه حدث بعد العتق وكذلك لو زادت خيرا بعد العتق لم يضمن ذلك وكذلك لو نقصت قيمتها بعد العتق ضمن نصف قيمتها يوم أعتق. (¬2) ز + فأعتق. (¬3) م: أو نصف. (¬4) م: قيمه. (¬5) م ز: استسعاك.

ولو كان العبد بين خمسة رهط فأعتق أحدهم نصيبه البتة، ودبر الآخر نصيبه، وكاتب الآخر نصيبه، وباع الآخير نصيبه، وقبض الثمن، وتزوج الآخر على نصيبه، ولا يعلم أي ذلك أول، فإن العتق البتات جائز، والتدبير جائز، وصاحب التدبير بالخيار. فإن شاء استسعى العبد (¬1) في خمس قيمته مدبرًا. وإن شاء أعتق. وإن شاء ضمن المعتق البتة إن كان موسراً إن كان (¬2) يعلم أنه أول. فإذا لم يعلم أنه أول ضمن المعتق نصف الخمس، ويرجع المعتق بتة (¬3) بما ضمن من ذلك على العبد. فأما المشتري إذا أقر هو والبائع أنهما لا يدريان متى كان البيع فإنه يرد البيع. وكذلك إذا أنكر البائع والعبد في يديه فقال: كان قبل العتق، وقال الآخر: كان بعده. وإذا اختلفا في هذا لم يكن للمشتري في العبد شيء وأخذ الثمن الذي نقده. وإن تصادقا بأن البيع كان قبل العتق فالمشتري بالخيار. إن شاء قبل البيع وأعتق. وإن شاء استسعى ويكون الولاء له. وإن شاء ضمن المعتق والمدبر إن كانا موسرين، ويرجع المدبر والمعتق بذلك على العبد، ولا يكون للمشتري في الولاء شيء. وحال المرأة وحال المشتري سواء. فأما المكاتب فإنه يمضي له العبد على مكاتبته. فإن أدى عتق. وإن عجز فالمولى بالخيار. إن شاء أعتق. وإن شاء استسعى العبد في خمس قيمته ويكون له خمس الولاء. وإن شاء ضمن المدبر والمعتق بتة إن كانا موسرين، ولا يكون له في الولاء شيء، ويرجعان بما ضمنا من ذلك على العبد، ويكون ولاء ذلك الخمس لهما. ولو كان في العبد شريك سادس وهب نصيبه لابن له صغير ولا يعلم (¬4) قبل العتق أو بعده فإن القول قول الأب. فإن قال: بعد العتق، فالهبة باطل. وإن قال: قبل العتق، فالهبة جائزة، وله أن يستسعي العبد في سدس قيمته للابن، ويضمن المعتق والمدبر إن كانا موسرين، وليس له أن يعتق. وإذا كان العبد بين رجلين فأعتق أحدهما نصيبه فإن الآخر لا يستطيع أن يبيع نصيبه، ولا يهبه، ولا يمهره، ولا يجوز شيء من ذلك لو فعله به. ¬

_ (¬1) ش: للعبد. (¬2) ش - موسرا إن كان. (¬3) م ز: منه. (¬4) م ز: لا يعلم.

فإن كاتبه على أكثر من نصف قيمته فإن الفضل على ذلك يطرح عن العبد، ويسعى العبد في نصف قيمته. فإذا أدى عتق. وهذا وسعايته سواء. وإن كاتبه على أقل من نصف قيمته فهو جائز. وإن كاتبه على عروض أو شيء مما يكال أو يوزن (¬1) أو صنف من الثياب فسمى ذلك له وذلك أكثر من نصف قيمته فهو جائز؛ مِن قِبَل أن هذا لم يكاتبه على دراهم. وإن عجز عن مكاتبته أجبر على السعاية في نصف قيمته، ولا يكون للمولى أن يضمن الشريك بعد مكاتبته، ومكاتبته اختيار للسعاية. ولو لم يكن عجز وقال: قد اخترت السعاية كان ذلك بمنزلة المكاتبة، ولا ضمان له على الشريك بعد ذلك أبداً، والخيار في هذا عند السلطان وعند غيره سواء. وإذا لم يختر (¬2) السعاية واختار أن يضمن شريكه وشريكه موسر فذلك له. ولو لم يختر (¬3) واحد منهما حتى يموت الشريك المعتق كان للآخر منهما أن يرجع بالضمان في مال الميت. ولو مات الذي لم يعتق أو ماتا جميعاً كان لورثة الذي لم يعتق أن يرجعوا في مال الذي أعتق بنصف القيمة. فإن شاؤوا أعتقوا. وإن شاؤوا استسعوا لهم من ذلك ما كان لأبيهم. غير أنهم لا يكون للنساء منهم (¬4) إذا أعتقوا أو استسعوا في الولاء شيء؛ مِن قِبَل أنهم لم يرثوا رقبة، إنما ورثوا مالاً على العبد أو على الشريك. ولو كانت ابنة الميت الذي لم يعتق امرأة لهذا العبد لم يفسد (¬5) نكاحها؛ لأنها لم تملك من رقبته شيئاً. وإذا كان العبد بين رجلين فأعتق أحدهما نصيبه وهو موسر ثم إن الآخر باع نصيبه من الذي أعتق أو وهبه له على عوض أخذه منه فإن هذا واختياره الضمان (¬6) سواء في القياس، غير أن هذا أقبحهما (¬7)، فأبطله، ويكون الأمر على حاله. فإن سلم له نصيبه على أكثر من قيمته فهو جائز، غير أنه يبطل من ذلك الفضل عن نصف (¬8) قيمته. فإن سلمه له بعروض أو ¬

_ (¬1) م: ويوزن. (¬2) ز: لم يختار. (¬3) ز: لم يختار. (¬4) م ش ز: منهن. (¬5) ز: لم العبد. (¬6) م ش ز: والضمان. (¬7) ز: اقتحمها. (¬8) م ش ز: عن نصيب. والتصحيح مستفاد من دوام العبارة.

حيوان أو شيء مما يكال أو يوزن وذلك أكثر من نصف قيمته فهو جائز. وإذا كان العبد بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه وهو موسر ثم إن الآخر دبره فتدبيره إبطال لضمان (¬1) الشريك، واختيار لسعاية (¬2) العبد. يستسعي العبد في نصف قيمته مدبراً للذي دبره، ويكون الولاء بينهما. فإن كان التدبير قبل العتق ثم كان العتق بعده فإن المعتق إذا كان موسراً كان ضامناً لنصف قيمته مدبراً؛ لأنه قد أفسد الخدمة على صاحبه. ويرجع بذلك العبد، ويكون الولاء بينهما. فإن كان (¬3) ذلك منهما جميعاً أو لا يعلم أيهما الأول فإنه ينبغي في القياس أن لا يضمن المعتق شيئاً حتى يعلم أنه بعده. ولكنا ندع القياس ونجعل على المعتق ربع قيمته مدبرًا، وعلى العبد مثل ذلك كله للذي دبر، ويرجع المعتق بما ضمن من ذلك على العبد، ويكون الولاء بينهما. والعبد والأمة في جميع ذلك من العتق سواء. وأهل الذمة وأهل الإسلام في جميع ذلك سواء. وإذا كان العبد بين اثنين أحدهما صغير والآخر كبير فأعتقه الكبير وهو غني فليس للصغير قول في عتق، ولا ضمان، ولا سعاية، ولا يجوز ما صنع من ذلك من شيء. فإن كان له أب فأبوه بالخيار. إن شاء ضمن الشريك. وإن شاء استسعى، والولاء بين الشريكين إن استسعى. وإن ضمن فالولاء كله للمعتق. ولشريكه أن يرجع بذلك على العبد. وإن لم يكن له أب وكان له وصي فهو بمنزلة أبيه في ذلك. وليس للوالد ولا للوصي أن يعتقا عبد ولده، ولا عبد يتيم في حجره، ولا يبيعه من نفسه. ولو ضمن أبو الغلام المعتق فأراد المعتق أن يكتب البراءة لنفسه كتب: "هذا كتاب لفلان بن فلان من فلان بن فلان، كان بينك وبين ابني فلان مملوك يقال له: فلان الفلاني، فأعتقته وأنت موسر، فاخترت أن أضمنك، فقومته أنا وأنت قيمة عدل، فبلغت قيمته كلها كذا كذا، فكان الذي يصيب (¬4) ابني من ذلك النصف، وهو كذا كذا، وبرئت إلي منه، ¬

_ (¬1) م ز: الضمان. (¬2) م ز: السعاية. (¬3) ش - كان. (¬4) ز: نصيب.

وابني يومئذ صغير في عيالي، وسلمت لك نصيب ابني من هذا العبد"، فصار ذلك له كله. وإذا أراد المعتق أن يكتب على العبد بالسعاية التي ضمن كتب على نحو مما وصفت لك. وإن لم يكن للصبي أب وكان له وصي كتب على نحو من هذا. وإذا كان العبد بين اثنين فأعتق أحدهما والآخر عبد أو مكاتب أو مدبر أو أم ولد أو عبد يسعى (¬1) في بعض قيمته فإنه لا يجوز له العتق؛ مِن قِبَل أنه مملوك. ولا يجوز عتق المملوك، ولا عتق الصغير، ولا عتق المعتوه المغلوب، ولا عتق المجنون الذي يفيق إذا أعتق في حال جنونه. داذا أعتق في حال إفاقته فهو يجوز ويخير هذا الشريك في العبد. فإن شاء استسعى العبد في حصته. وإن شاء ضمن المعتق إن كان موسراً. فإن ضمن كان الولاء للشريك المعتق. وإن استسعى كان نصف الولاء للمعتق ونصف لمولى العبد الذي استسعى. وإذا كان على العبد دين وقد أعتق عبداً (¬2) بينه وبين شريك له فليس لمولاه خيار، والخيار للعبد أن يضمن أو يستسعي العبد. فإن استسعى كان الولاء لمولاه، وليس للعبد أن يعتق. وكذلك المكاتب وجميع من ذكرت من الرقيق، فإذا استسعوا كان الولاء لمواليهم. وإذا كان العبد بين اثنين أحدهما حر والآخر عبد فأعتق الحر نصيبه وليس على العبد دين، فإن مولى العبد بالخيار. إن شاء أعتق نصيب عبده. وإن شاء استسعاه. وإن شاء ضمن شريكه إن كان موسراً. وإذا كان العبد بين الرجلين الحرين فشهد كل واحد منهما على صاحبه أنه أعتقه فإنه يعتق ويسعى (¬3) لهما في قيمته؛ مِن قِبَل أن كل واحد منهما يدعي على صاحبه أنه أعتقه ويزعم أن نصيبه عليه إن كانا معسرين. وإن كانا ¬

_ (¬1) م ش ز: فسعى. (¬2) ز: عبد. (¬3) م: وسعى.

موسرين فإنه يكون لكل واحد منهما الخيار. فإن قال: أنا أضمن صاحبي لم يكن له على العبد شيء، وكان له أن يضمن صاحبه لو كان له بينة. ويرجع صاحبه على العبد بذلك. وكل واحد منهما نصيبه مثل نصيب (¬1) صاحبه، ولا يسلم العبد من السعاية إن كانا موسرين أو معسرين، فإنه يسعى لهما في قيمته. وإذا كان العبد بين اثنين فقال أحدهما: إن دخلت المسجد اليوم فأنت حر، وقال الآخر: إن لم تدخل (¬2) المسجد فأنت حر، ثم مضى ذلك اليوم فقال كل واحد منهما: قد حنث صاحبي ووقعت عتاقته، فإن العبد يعتق ويسعى لهما في نصف قيمته؛ مِن قِبَل أنه عتق من مال أحدهما لا يعلم أيهما هو. والولاء بينهما. وإذا كان العبد بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه وهو معسر فقوم العبد فسعى للآخر، وكان المعتق موسراً فضمن ثم رجع على العبد بذلك، أو كان العبد لرجل خاصة فأعتق نصفه وقوم، فهو يسعى له في نصف قيمته بمنزلة العبد ما دام يسعى في ذلك في جميع أمره، ولا يجوز عتقه لو أعتق مملوكاً له، ولا تجوز شهادته وجنايته إذا جنى أو جني عليه كجناية مملوك بمنزلة المكاتب، ولا يجوز نكاحه إلا أن يأذن له المولى؛ مِن قِبَل أن رقبته (¬3) رقيق حتى يؤدي السعاية. وكذلك الرجل يعتق عبده عند الموت ولا مال له غيره، فإن أمر هذا العبد موقوف في جنايته وشهادته. فإن برأ المولى من ذلك المرض فجنايته وشهادته وأموره كلها أمور حر. وإن مات المولى من ذلك المرض، وله مال يخرج من ثلثه فهو كذلك أيضاً. فإن مات المولى من ذلك المرض ولا مال له غيره أو له مال لا يخرج من ثلثه فإنه بمنزلة المملوك في كل شيء من ذلك ما دام عليه شيء من السعاية. وما حدث من ذلك بعد موت المولى فهو في سعايته، وهو بمنزلة المملوك فيه. ¬

_ (¬1) م ش ز: قصته مثل قصة. (¬2) ز: لم يدخل. (¬3) ز: رقته.

وإذا كان العبد بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه منه عند موت المولى في مرضه ثم مات وهو موسر فإنه لا يضمن من حصة شريكه شيئاً؛ مِن قِبَل أن الضمان يكون في مال الورثة. وشريكه بالخيار. إن شاء استسعى العبد في نصف قيمته. وإن شاء أعتق. وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد: إن لشريكه أن يضمن، وعتقه في المرض والصحة سواء. وإذا أعتق أحد الشريكين ثم اختلفا فقال المعتق: أعتقته وأنا معسر عام الأول ثم أصبت مالاً بعد ذلك، وقال الآخر: بل أعتقته وأنت موسر عام الأول، فإن القول قول المعتق مع يمينه. فإن أقاما جميعاً البينة على ذلك فإنه يؤخذ بالشهود (¬1) على اليسار، ويضمن الشريك المعتق. وإذا كان العبد قد مات واختلفا في قيمة العبد فإن القول فيه قول المعتق مع يمينه. وإذا أقاما (¬2) جميعاً البينة على ذلك أخذت بشهود المدعي للفضل. وإذا كان العبد قائماً لم يمت لم أنظر إلى قول واحد منهما، ولا إلى بينته، ويقوم العبد يوم يظهر العتق إذا لم يعلم العتق إلا يومئذ، فيلزم المعتق نصف القيمة يومئذ إن كان موسراً. ولو أعتقه قبل ذلك وأقام البينة ألزمته القيمة يوم أعتقه؛ لأني جعلته يومئذ مستهلكاً (¬3). ويرجع على العبد بمثل ذلك. وإن كان العبد زاد أو نقص (¬4) فإنه لا ينظر إلى زيادته ولا إلى نقصانه، وإنما ينظر إلى قيمته يوم أعتق. وكذلك لو اختار الشريك السعاية فإنما له أن يسعى العبد في نصف قيمته يوم أعتق، ولا ينظر إلى ما كان في قيمته قبل ذلك وبعد ذلك من فضل أو نقصان. وإذا كان العبد بين اثنين وأحدهما صغير ليس له أب ولا وصي أو معتوه فأعتق الكبير الصحيح فإنه يستأني بالعبد حتى يكبر الصغير. محمد عن أبي حنيفة عن يزيد بن عبد الرحمن عن إبراهيم أن الأسود بن يزيد أعتق عبداً كان بينه وبين أخ له صغير، فسأل ¬

_ (¬1) ز + بالشهود. (¬2) م ز: وإذا قاما. (¬3) م ش ز: مستهلكها. (¬4) ش: ونقص.

عمر بن الخطاب عن ذلك، فقال له عمر: تأن (¬1) به حتى يدرك، فإذا أدرك فإن شاء أعتق، وإن شاء ضمنك (¬2). وإذا كان العبد بين رجلين فقال أحدهما: إن لم أضربه اليوم قبل الليل فهو حر، وقال الآخر: إن ضربته سوطاً فهو حر، فضربه سوطين ثم إنه مات منهما جميعاً بعد ذلك فقد عتق العبد؛ مِن قِبَل (¬3) الذي قال: إن ضربته سوطاً فهو حر، وصار ضامناً لنصف قيمته مضروباً سوطاً (¬4) قبل العتق إن كان موسراً، ويضمن الضارب نصف ما نقصه السوط الأول لشريكه في ماله، ويضمن ما نقصه السوط الآخر كله، ويضمن نصف قيمته بعد السوطين، فيجمع نصف القيمة وما نقصه السوط الآخر جميعاً، فيكون على العاقلة، ويكون ميراثاً للعبد يرجع به الشريك الضامن حتى يستوفي ما ضمن عن العبد من [قِبَل] (¬5) العتق، وما بقي فهو ميراث للمعتق إن لم يكن للعبد ولد. فإن كان الشريك المعتق معسراً (¬6) كان للشريك الذي لم يعتق نصف قيمة العبد فيما جعلنا عليه مما نقصه السوط الآخر، ونصف قيمته مضروبًا سوطين. فما بقي بعد ذلك فهو بين الشريك المعتق وبين أقرب الناس من الضارب من العصبة إن لم يكن للعبد ولد حر. فإن كان للعبد ولد حر فهو له. وإذا كان العبد بين رجلين أحدهما حر والآخر عبد فقال العبد له: أنت حر، فإنه لا يجوز. وكذلك لو قال له: أنت حر بعدما أعتق، ثم أعتق لم يجز قوله ذلك؛ مِن قِبَل أنه أعتق ما لا يملك. ألا ترى أنه إذا أعتق كان ماله لمولاه. وإذا قال الرجل: كل مملوك أملكه فيما يستقبل فهو حر، فملك مملوكاً وحده فهو حر؛ لأنه إنما أعتقه بعد الملك. وإن وقت في ذلك أو ¬

_ (¬1) ز: تأنا. (¬2) تقدم هذا الأثر بنفس الإسناد وبلفظ قريب. انظر: 3/ 110 و. وانظر: الآثار لمحمد، 116؛ والمصنف لعبد الرزاق، 9/ 155. (¬3) م ش ز + أن. (¬4) م ش ز + من. (¬5) الزيادة من الكافي، 1/ 92 و. (¬6) ش: موسرا.

لم يوقت فهو سواء. ألا ترى (¬1) أنه لو قال لجاريته: أول ولد تلدينه فهو حر، فولدت ولداً بعد عشر سنين عتق ولدها، فقد أعتق هذا ما لا يملكه ولم يخلق ثم جاز (¬2). فكذلك الباب الأول. ولو ملك مملوكاً هو وآخر من شراء أو ميراث أو بوجه من الوجوه أو ملك غير ذلك لم يعتق؛ مِن قِبَل أنه لم يملك مملوكاً كاملًا. ولو اشترى نصيب شريكه فصار المملوك له كله عتق. ولو باع نصيبه قبل أن يشتري نصيب شريكه ثم اشترى نصيب شريكه لم يعتق؛ لأنه ليس في ملكه، وإنما قال: كل مملوك أملكه. ولو قصد (¬3) مملوكاً واحداً (¬4) بعينه فقال: إذا ملكت هذا فهو حر، فاشترى نصفه ثم باعه ثم اشترى النصف الباقي عتق نصف العبد الذي في ملكه؛ مِن قِبَل أنه قد ملكه كله. ألا ترى (¬5) أنه لو قال: إن ملكته فعلي حجة، كانت الحجة قد وجبت عليه. ولو قال: إذا اشتريت فلاناً فهو حر، فأمر غيره فاشتراه لم يعتق؛ مِن قِبَل أنه لم يشتره (¬6). فإن كان نوى أن لا يشترى له أيضاً فإنه يعتق حين اشتراه له. ولو قال: إذا اشتريت فلاناً فهو حر، ثم اشتراه بيعاً فاسداً لم يعتق؛ مِن قِبَل أنه حين وقع عقد البيع قبل أن يقبض وقع الحنث، فلا يعتق. ألا ترى (¬7) لو أن رجلاً اشترى عبداً بيعاً فاسداً فأعتقه قبل أن يقبضه كان عتقه باطلاً. ولو كان العبد في يديه فقال: إن اشتريته فهو حر، ثم اشتراه بيعاً فاسداً فإنه يعتق؛ مِن قِبَل أن الحنث وقع وهو في يديه. ألا ترى أنه لو اشترى أباه بيعاً فاسداً (¬8) ثم قبضه فإنه يعتق. ¬

_ (¬1) ز: يرى. (¬2) م: ثم جاء؛ م ز هـ: في نسخة لم يجز ذلك. (¬3) م ز + قصد. (¬4) م ش ز: مملوك واحد. (¬5) ز: يرى. (¬6) ز: لم يشتريه. (¬7) ز: يرى. (¬8) ز - فإنه يعتق من قبل أن الحنث وقع وهو في يديه ألا ترى أنه لو اشترى أباه بيعا فاسدا.

ولو اشترى عبداً بوصيفين إلى أجل أو بشيء (¬1) من العروض أو الحيوان مجهولاً أو بخمر أو خنزير أو اشتراه إلى الحصاد أو إلى العطاء أو بوجه من وجوه (¬2) البيع الفاسد ثم قبضه فأعتقه (¬3) فإن عتقه جائز. ألا ترى (¬4) أنه لو كانت أمة فوقع عليها فولدت منه كانت أم ولد، وأنه لو باعها قبل أن تلد أو زوجها (¬5) أو دبرها أو كاتبها أو وهبها كان ذلك كله جائزاً (¬6). وكذلك العتق. وكذلك لو اشترى عبداً بثوب فقبض العبد ثم استحق الثوب، فإن العتق جائز، وعليه قيمة العبد (¬7). وكذلك لو اشتراه بشيء مما يكال أو يوزن. ولو اشتراه بميتة أو بدم أو بشيء نحو هذا مما (¬8) ليس له ثمن فأعتقه بعدما قبضه كان عتقه باطلاً؛ مِن قِبَل أنه اشترى شيئاً ليس له ثمن ولا يبتاع به الناس. ولو أن رجلين ابتاعا عبداً بيعاً فاسداً وقبضا العبد فأعتقه أحدهما ضمنا جميعاً القيمة للبائع، وكان الشريك الذي لم يعتق الخيار. إن شاء أعتق. وإن شاء استسعى. وإن شاء ضمن شريكه إن كان غنياً، ويرجع الشريك بما ضمن من ذلك على العبد. وإن كان العبد بين رجلين فقال أحدهما: بدنك بدن (¬9) حر أو رأسك رأس (¬10) حر، فهذا يُشَبّهُه، لا يعتق به. وكذلك لو قال: نفسك نفس حر ورأسك رأس حر (¬11) وفرجك فرج حر، لم يعتق. ولو قال: بدنك بدن حر أو ثيابك ثياب حر أو دابتك دابة حر، فهذا باطل لا يقع به العتق؛ مِن قِبَل ¬

_ (¬1) م ش ز: أو شيئاً. (¬2) ز: الوجوه. (¬3) ش: فان عتقه. (¬4) ز: يرى. (¬5) م ز: أزوجها. (¬6) ز: جائز. (¬7) ز - وكذلك لو اشترى عبداً بثوب فقبض العبد ثم استحق الثوب فإن العتق جائز وعليه قيمة العبد. (¬8) ز - مما. (¬9) ز - بدن. (¬10) ز - رأس. (¬11) كذا في الأصول، وهو تكرار لما مر قريباً. وقد وقع التكرار عدة مرات في هذه الفقرة.

أنه مثل وتشبيه. أرأيت لو قال: كلامك كلام حر وفعلك فعل حر وعملك عمل حر، ألم يكن هذا باطلاً. ولو قال له: كأنك حر، لم يعتق. ولو قال له: اسمك اسم حر (¬1)، لم يعتق؛ لأنه لم يعتقه. ولو قال له: رأسك رأس حر، فإنه لا يعتق ويسعه أن يمسكه. وإذا قال له: بدنك بدن حر وشعرك شعر حر وفرجك فرج حر، فهذا كله لا يعتق به، كل هذا تمثيل وتشبيه، فإنه لا يقع به العتق. ولو قال: شعرك حر أو أصبعك حر، لم يعتق. وإذا كانت الجارية بين اثنين فأعتقها أحدهما وهو موسر فقُوَّمَ نصيب الآخر فسعت فيه ثم جنت جناية فإني أنظر إلى أرش الجناية وإلى قيمتها فيكون عليها الأقل من ذلك. وإن جنت أخرى بعد قضاء القاضي فهو عليها أيضاً كما كانت الأولى. وإن جنت جنايتين أو ثلاثة أو أربعة قبل أن يقضي القاضي فإنه يجمع ذلك كله فيكون (¬2) عليها الأقل من الجنايات ومن قيمتها، فهو بينهم بالحصص. وإن كان أقل من قيمتها كان عليها الأرش. ولو حفرت بئراً فوقع فيها إنسان فمات (¬3) والبئر في غير ملكها كان عليها أن تسعى في قيمتها. ولو وقع فيها آخر اشتركا في تلك القيمة. وكذلك ما وقع فيها بعد ذلك اشتركوا في تلك القيمة. ولو وجد قتيل في دارها كان عليها أن تسعى في قيمتها، وما أفسدت من متاع أو مال أو عقرت من دابة فهو عليها بالغاً (¬4) ما بلغ. وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد: إنها حرة في جنايتها وشهادتها والجناية عليها وأمرها كله. وإذا كانت الجارية بين اثنين فأعتقها أحدهما وهي حامل، ثم إن الآخر أعتق ما في بطنها، ثم أراد أن يضمن شريكه نصف قيمة الآخر، فليس له ذلك، وعتقه الولد اختيار (¬5) للسعاية. ولو أعتقا جميعاً ما في بطنها ثم إن أحدهما أعتق الأم وهو موسر فإن لصاحبه أن يضمنه إن شاء. ¬

_ (¬1) ش - ألم يكن هذا باطلاً ولو قال له كأنك حر لم يعتق ولو قال له اسمك اسم حر. (¬2) ش - ذلك كله فيكون. (¬3) ش - فمات. (¬4) ز: بالغ. (¬5) ز: اختيارا.

باب الشهادة في العبد بين اثنين إذا أعتقاه

وقال أبو يوسف ومحمد في هذه المسائل كلها: إذا أعتق بعض الجارية أو بعض الغلام فهي حرة كلها، فإن جنت جناية خطأ فذلك على العاقلة. وإن جني عليها فالجناية عليها كالجناية على الحرة. وإذا كان عبد (¬1) بين رجلين فأعتقه أحدهما وهو موسر فهو حر كله. وإن كان المعتق موسراً فعليه ضمان نصف القيمة، ولا خيار لشريكه في سعاية ولا عتق، والولاء كله للمعتق. فإن كان معسراً فالسعاية على العبد، وليس للمولى (¬2) شيء غير السعاية. ... باب الشهادة في العبد بين اثنين إذا أعتقاه (¬3) وإذا كان العبد بين (¬4) اثنين فشهد شاهدان (¬5) أن أحدهما أعتقه ولا يدرون أيهما (¬6) هو وجحد الموليان فإن شهادتهما باطل؛ مِن قِبَل أنهما لم يثبتا الشهادة. ولو شهد أحد الشريكين على الشريك الآخر أنه أعتق فإن شهادة الشريك لا تجوز لعبده، ويعتق العبد بما أقر به الشريك، فيسعى في قيمته للشريكين جميعاً في قول أبي حنيفة. ولو شهد أحد الشريكين وآخر معه على شريكه الآخر أنه قد استوفى السعاية كانت (¬7) شهادته على ذلك باطلاً؛ مِن قِبَل أنه شهد لعبده. وكذلك لو شهد له عليه بغصب شيء أو جرح أو (¬8) شيء يجب له به عليه مال كانت شهادته باطلاً. ولو أن عبداً بين ثلاثة شهد اثنان على آخر أنه أعتقه وأنكر ذلك ¬

_ (¬1) ز: عبدا. (¬2) م ز: المولى. (¬3) ز: إذا أعتقا. (¬4) ز: من. (¬5) ز: شاهدين. (¬6) ز: أنهما. (¬7) ز: كان. (¬8) ش - أو.

المشهود عليه قُوّمَ العبد قيمة فسعى لهم جميعاً في قيمته. فإن أدى إلى أحد منهم من ذلك شيئاً كان بينهم أثلاثاً. ولو شهد شاهدان منهم على الآخر أنه قد استوفى نصيبه كانت شهادتهما باطلاً؛ مِن قِبَل أنهما يشهدان لعبدهما، ومِن قِبَل أنهما يجران إلى أنفسهما حتى يأخذا ثلثي ما أخذ من العبد. ولو شهدا أنه قد استوفى (¬1) المال كله كان ذلك باطلاً. ولو شهدا أنه قد أعتق حصته منه كان ذلك باطلاً. ولو شهدا (¬2) أنه قد استوفى المال كله بوكالة منهما لم يجز ذلك عليه، وبرئ العبد من نصيبهما، ويسعى للمشهود عليه في حصته، ولا يشاركانه في شيء من ذلك فيما سعى العبد له فيه. ولو شهدوا بدين لهذا العبد وهو في سعايته على آخر كانت شهادتهما باطلاً. وإذا شهد شاهدان على أحد الشريكين وهو غائب أنه أعتق نصيبه من هذا العبد فإنه يحال بين هذا الشريك الشاهد وبين العبد أن يسترقّه، ويوقف على حاله حتى يقدم الغائب، فتعاد البينة إلى القاضي، فيعتق (¬3) نصيب الغائب. وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد: إنه تجوز البينة على هذا (¬4) الشاهد، ويعتق العبد، وهذا الشاهد خصم في ذلك. وإذا كان الشريكان (¬5) غائبين جميعاً فقامت البينة على أحدهما بعينه أنه أعتق العبد فإنه لا يقبل منه أولئك الشهود؛ لأن خصمه غائب. فإن خصمه مخاصم في جنايته أو قذفه أو خاصم العبد في شيء من ذلك أوطلب ميراثاً أو خوصم في نكاح أو خاصم فيه أو في بيع أو في شراء، أو شهد شهادة فقال (¬6) المشهود عليه: إنه عبد، فأقام شاهدين أن الموليين جميعاً أعتقاه، فإن ذلك جائز عليهما؛ لأن هذا خصم، وهذا حق قد لزمه. وكذلك لو أقام البينة أن أحدهما بعينه أعتقه وأن (¬7) الآخر استسعاه فأدى إليه السعاية، أو ضمن الشريك فأخذ منه نصف قيمته ورجع ¬

_ (¬1) ز - قد استوفى. (¬2) ش: ولو شهد. (¬3) م ش ز: يعتق. (¬4) م + هذا. (¬5) ز: الشريكين. (¬6) م ش ز: فقام. (¬7) ش: فان.

الشريك على العبد بذلك فأداه العبد إليه، فإن ذلك كله جائز مقبول منه البينة عليه. وكذلك لو أقام البينة أن أحد الموليين باعه أحدهما من الآخر فأعتقه الآخر. وكذلك لو أقام الآخر البينة أن فلاناً اشتراه من مولييه ونقدهما الثمن فقبضه وأعتقه كان العتق جائزاً، وكان البيع على مولاه جائزاً (¬1). وكذلك لو أقام البينة أن مولييه ماتا فورثهما فلان وفلان لا وارث لهما غيرهما وأن الورثة أعتقوه جاز ذلك، وأعتق العبد، واقتص (¬2) منه، وجازت شهادته، واقتص (¬3) له، وضرب قاذفه، وكانت جنايته والجناية عليه جناية حر، وجاز بيعه وشراؤه. وإذا شهد شاهد على أحد موليي (¬4) العبد أنه أعتقه وشهد آخر على مولاه الآخر أنه أعتقه فإن شهادتهما باطل؛ مِن قِبَل أنهما لم يجتمعا على واحد منهما بعينه، ولا تجوز شهادة واحد (¬5). وشهادة (¬6) النساء في العتق مع شهادة الرجال جائزة. والشهادة على الشهادة في العتق جائزة. ولو شهد رجلان على شهادة رجلين أن فلاناً أعتق عبده هذا كان هذا جائزاً. وكذلك لو شهد رجلان على شهادة رجل وامرأتين أو شهدت امرأتان ورجل على شهادة رجلين أن مولييه (¬7) أعتقاه كان هذا جائزاً. فإن شهد رجل واحد على شهادة واحد وشهد آخر على شهادة آخر فإن ذلك لا يجوز حتى يشهدا جميعاً على شهادة كل واحد منهما؛ مِن قِبَل أن الشهادة حق عند الشاهدين فلا يجوز إقامتها عليه إلا باثنين (¬8). ألا ترى أنه لا يجوز على قضاء القاضي إلا اثنان. وكذلك الشهادة على الشهادة. وكذلك العبد بين اثنين. فإن أقام واحد منهما على شريكه شاهدين أنه أعتقه يوم الخميس وشهد آخر أنه أعتقه يوم الجمعة أو أنه أقر بعتقه فذلك كله جائز؛ مِن قِبَل ¬

_ (¬1) ز: جائز. (¬2) ز: واقبض. (¬3) ز: واقبض. (¬4) ز: مولى. (¬5) م: واحده. (¬6) ز - واحد وشهادة. (¬7) ز: أو مولياه. (¬8) ز: اثنين.

أن العتق كلام وإقرار، ولا يفسد الشهادة فيه اختلاف الأيام واختلاف البلدان. ولو شهد شاهد أنه أعتقه بالكوفة وشهد آخر أنه أعتقه بمكة كان ذلك كله جائزاً (¬1). وإذا كان موليا العبد أحدهما مسلم والآخر نصراني وشهد شاهدان من النصارى أن المسلم أعتق العبد والموليان يجحدان فإن شهادتهما لا تجوز. ولو كانا شهدا على النصراني جازت شهادتهما عليه، وعتق نصيبه من العبد، وكان المسلم بالخيار؛ إن شاء أعتق، وإن شاء استسعى، وإن شاء ضمن النصراني إن كان موسراً. وإذا شهدا عليهما جميعاً معاً أنهما أعتقاه عتق نصيب النصراني، ولا تجوز شهادتهما على المسلم، وكان حال المسلم فيه كما وصفت لك. ولو شهد نصرانيان على شهادة مسلمين أن نصرانياً أعتقه كانت شهادتهما باطلاً (¬2)؛ مِن قِبَل أنهما شهدا على شهادة مسلمين، وليس تقبل شهادة النصراني على شهادة المسلمين. ألا ترى (¬3) أن الشهادة حق عند المسلم، فلا يقبل عليه إلا شاهدان مسلمان (¬4). ولو كنت أقبل عليه شاهدين من النصارى لقبلت عليه واحداً من المسلمين. ألا ترى (¬5) لو أن شاهدين (¬6) من النصارى شهدا على قاضي المسلمين أنه قضى لنصراني (¬7) على نصراني بمال أبطلت ذلك؛ لأن شهادتهما على قاضي المسلمين باطل. ولو شهدا على كتاب قاض (¬8) أبطلته. ولو شهد (¬9) مسلمان على شهادة نصرانيين أن النصراني أعتقه جاز ذلك. وإذا شهد ابنا العبد أن مولى العبد أعتقه فشهادتهما باطل؛ لأنهما ¬

_ (¬1) ز: جائز. (¬2) ز: باطل. (¬3) ز: يرى. (¬4) ز: شاهدين مسلمين. (¬5) ز: يرى. (¬6) ز: شاهدان. (¬7) ز: النصراني. (¬8) ز: قاضي. (¬9) ز: شهدا.

يشهدان لأبيهما. وكذلك لو شهد أبوه ورجل آخر. وكذلك لو شهدا له على مال أخذه منه. وكذلك لو شهدا أنه كاتبه بعد أن يكون المولى يجحد ذلك فإن ذلك كله لا يجوز. وإذا ادعى المولى أنه أعتقه على مال وجحده العبد فشهد ابنا العبد كانت شهادتهما جائزة. وإذا شهد ابنا العبد أن المولى قال: يوم يدخل أبوكما الدار فهو حر، وشهد شاهدان آخران أنه دخل الدار، فإن شهادة الابنين على الحالف بالعتق لا تجوز، ولا يقع بهذا (¬1) عتق. ولو شهد شاهدان أنه قال: يوم تدخل (¬2) الدار فأنت حر، ثم شهد ابناه أنه قد دخل، كانت شهادتهما على الدخول باطلاً، ولكن شهادة الأولين (¬3) على الحالف جائزة (¬4). فإن شهد غير الابنين عتق. ولا تجوز شهادة الزوج على عتق امرأته. ولا تجوز شهادة الابن ولا الزوج على شيء من أداء المكاتبة إذا جحد المولى قبضها. وكذلك لو أعتقها على ألف درهم وشهد زوجها وابنها أنها قد أدت من ذلك شيئاً كانت شهادتهما باطلاً. وشهادة الأخ والعم والخال والأخت وكل ذي رحم محرم من الرضاع والنسب جائزة في العتق، وفي أداء الكتابة، وفي أداء المال الذي وقع به العتق. فأما شهادة الولد وولد الولد والوالد والأم والجد والجدة مِن قِبَل النساء والرجال والزوج والمرأة فلا تجوز في العتق، ولا في أداء المكاتبة، ولا في أداء المال الذي وقع به العتق، ولا في المكاتبة (¬5). وإذا شهد ابنا المولى أو أبوه ورجل آخر أو امرأته وأمه ¬

_ (¬1) ش: فهذا. (¬2) ز: يدخل. (¬3) م: الاوليين. (¬4) ز: جائز. (¬5) كذا في م ش ز.

أنه أعتق عبده فلاناً فشهادتهما جائزة. وكذلك لو شهدوا أنه أعتقه على ألف درهم إذا كان العبد يدعي ذلك. وإذا ادعى المولى على عبده أنه أعتقه بألف درهم وقال العبد: أعتقتني بغير شيء، وشهد على ذلك ابنا المولى فشهادتهما باطل؛ لأنهما يجران إلى أبيهما المال. فإن شهد على ذلك ابنا العبد فشهادتهما جائزة. وإذا كان العبد بين ثلاثة فأعتق أحدهم (¬1) نصيبه على ألف درهم وادعى ذلك المولى وقال العبد: أعتقتني (¬2) بغير شيء، فشهد الشريكان أنه أعتقه على ألف درهم فشهادتهما جائزة؛ مِن قِبَل أنهما يشهدان على عبدهما بالمال، وإنما أبطل شهادتهما إذا شهدا له. وكذلك ابنا الشريكين وأبواهما فشهادتهما في ذلك كشهادة الشريكين. وإذا شهد ابنا أحد الشريكين أن أباهما أعتق العبد بغير جعل فشهادتهما على أبيهما جائزة. ولو أقام أبوهما شاهدين أنه إنما أعتقه على ألف فإنه يؤخذ له بالألف؛ لأنه هو المدعي للمال. ولو اكتسب العبد مالاً لا يعلم متى اكتسبه واختلف فيه الشركاء فقال العبد: اكتسبته بعد العتق، وقال الآخرون: اكتسبته (¬3) قبل العتق، فالقول قول العبد، يستوفي (¬4) منه الألف، ويضمن لشريكه إن كان موسراً، ويرجع بذلك العبد. وإذا كانت أمة بين رجلين فشهد ابنا أحدهما على الشريك أنه أعتق فشهادتهما باطل؛ مِن قِبَل أنهما يشهدان لأبيهما ويجران الضمان إليه. ولو كانا يشهدان على أبيهما أنه أعتقها جاز ذلك. فإن كان موسراً ثم ماتت الخادم وتركت مالاً وقد ولدت ولداً بعد العتق، فإن أراد الشريك أن يستسعي الولد فليس له ذلك، وله أن يضمن الشريك. ويرجع الشريك بذلك فيما تركت. وما بقي فهو ميراث للابن. وإن لم يدع مالاً رجع بذلك على الابن؛ لأن على الابن أن يسعى فيما على أمه. وإذا لم يمت واختار الشريك أن يستسعيها فهي بمنزلة المكاتب في تلك السعاية، وليس لها أن تتزوج (¬5). ¬

_ (¬1) م ش ز: أحدهما. والتصحيح من الكافي، 1/ 92 ظ. (¬2) ز: أعتقيني. (¬3) ز: اكتسبه. (¬4) ز: يستوفا. (¬5) ز: أن يتزوج.

فإن ولدت فولدها بمنزلتها. وإن اشترت أباها أو أمها أو ولدها فليس لها أن تبيعهم (¬1). وإن اشترت أخاها أو ذا رحم محرم منها فلها أن تبيعهم (¬2). وهذا والأول في القياس سواء، غير أني أستحسن ذلك. وهو قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يبيع المكاتب ذا رحم محرم منه، وإذا وقع في ملكه كان بمنزلته، فإن مات سعى فيما عليه، وما اشترى أو ولد في ملكه فهو سواء. فإن اشترت زوجها لم يفسد النكاح ولها أن تبيعه (¬3). وإن كان عبداً على هذه الصفة فاشترى امرأته كان له أن يبيعها. وإن لم تكن (¬4) ولدت منه فاشتراها وولدها معها فهي بمنزلته. وإن كفل عنه رجل بسعايته لمولاه فكفالته باطل؛ لأنه عبده، ولا يكفل بماله من (¬5) عبده. وإن مات العبد وترك مالاً أدى ما بقي من سعايته لمولاه، وكان ما بقي من ميراثه بين ولده. فإن كان منهم حر ومنهم من ولد في سعايته فهو سواء، والميراث بينهم، وتعتق (¬6) أمهات أولاده، ويجر ولاء ولده الأحرار. وإن لم يترك مالاً وترك أولاداً أحراراً وترك ديناً فلم يخاصم في شيء من أمره حتى خرج الدين فهو بمنزلة المال الحاضر، يؤدي ما (¬7) بقي من سعايته، ويكون ما بقي ميراثاً، ويجر الولاء. وهذا والمكاتب في هذه الحال سواء. ولو لم يخرج الدين حتى جنى الابن جناية كان على عاقلة أمه. ولو اختصم مولى الأم ومولى الأب في ولاء الابن قبل أن يخرج الدين فقضى به القاضي لموالي الأم، ثم خرج الدين بعد ذلك، كان الدين لموالي الأب كله، لا يكون للابن فيه شيء في القياس، ولكنا ندع القياس في ذلك، ونجعل السعاية للمولى، ونجعل ما بقي ميراثاً للابن. ولو كان الابن ولد في سعاية العبد من أمة له ثم مات العبد كان على الابن أن يسعى فيما على أبيه. ولو كان عبد وامرأته رقيقا (¬8) لرجل فأعتق نصف كل واحد منهما ¬

_ (¬1) ز: أن يبيعهم. (¬2) ز: أن يبيعهم. (¬3) ز: أن يبيعه. (¬4) ز: لم يكن. (¬5) ز: عن. (¬6) ز: ويعتق. (¬7) ز: يؤد اما. (¬8) ز: رقيق.

فقضي عليهما بالسعاية في نصف قيمتهما ثم ولدت المرأة ولداً وهي في السعاية فقتل (¬1) الولد وترك مالاً كانت ديته وماله لأمه؛ مِن قِبَل أنه منها وأنه لم يعتق بعد وهو بمنزلة العبد في أمره كله. ولو جنى جناية كان يسعى في الأقل من قيمته ومن الجناية. ولو مات أبواه (¬2) سعى فيما على أمه، ولا يسعى فيما على أبيه. ولو ماتت أمه وتركت مالاً وأبوه حي أدى ما بقي من سعايتها، وما بقي فهو ميراث للابن، ولا يكون للزوج فيه ميراث. ولو كان مات الأب وبقيت الأم وترك الأب مالاً فإنه يؤدي (¬3) ما بقي عليه من سعايته، ويكون ما بقي ميراثاً لمولاه الذي أعتقه، ولا يرث ابنه ولا امرأته شيئاً؛ مِن قِبَل أن الأم أمة ما دامت عليها من السعاية شيء، فلا ترث (¬4)، وابنها بمنزلتها. محمد قال (¬5): حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أن الرجل إذا أعتق نصف عبده قوم عبده (¬6) فسعى في نصف قيمته. فإن جنى جناية فنصف الجناية على العاقلة ونصفها عليه. فإذا جني عليه فإن نصف الجناية جناية عبد، وأرشها أرش عبد ونصفها أرش (¬7) جناية حر (¬8). وقال أبو حنيفة: بل هو عبد في جنايته والجناية عليه ما دام يسعى في شيء من قيمته. وكذلك جنايته وشهادته. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا أعتق منه شقصاً فهو حر كله، وجنايته جناية حر، وشهادته (¬9) وأمره كله أمر حر. ¬

_ (¬1) ز: فقبل. (¬2) ش: أبوه. (¬3) ز: يؤد. (¬4) ز: يرث. (¬5) ز: صل. (¬6) ش - قوم عبده. (¬7) ش - أرش. (¬8) محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم قال: إذا أعتق الرجل نصف عبده في صحته لم يعتق منه إلا ما أعتق منه، ويسعى فيما لم يعتق منه. قال محمد: وهذا قول أبي حنيفة، وأما في قولنا: فإذا أعتق منه جزء قل أو أكثر عتق كله، ولم يسع له في شيء. انظر: الآثار، 116 - 117. (¬9) ز - وقال أبو يوسف ومحمد إذا أعتق منه شقصاً فهو حر كله وجنايته جناية حر وشهادته.

وإذا كان العبد بين اثنين فشهد أحدهما على صاحبه أنه أعتقه ولم يشهد معه آخر وطلب الضمان فقال: حلفه ما أعتقه، فإنه يحلف. فإن حلف برئ من الضمان، وسعى لهم جميعاً في قيمته. وإن نكل عن اليمين لزمه الضمان، وعتق نصيبه، ويرجع على العبد بما ضمن. وإذا كان العبد بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه وهو موسر ثم مات الذي لم يعتق وترك ورثة رجالًا ونساءً، فاختار بعضهم أن يضمن المعتق، واختار بعضهم أن يسعى له العبد، كان ذلك لهم، وليس للنساء من الولاء شيء؛ لأنهن إنما ورثن مالاً على العبد أو على الشريك. وإذا كانت الأمة بين اثنين فشهد رجلان على أحدهما أنه أعتقها بعينها، وكذبتهما الأمة، وادعت على الآخر العتق، وجحد الآخر، وحلف عند القاضي ما أعتقها، فإنها تعتق (¬1) بشهادة الشهود، ولا ينظر إلى قولها؛ لأن هذا فرج، فتُتَّهَم عليه (¬2). أرأيت لو لم يكن لها إلا مولى واحد فشهد شاهدان أنه أعتقها وكذبتهما أما كنت أعتقها ولا أدعه يطؤها ويستحل فرجها. وإن كان له عبد فشهد شاهدان أنه أعتقه وأنكر العبد ذلك وكذبهما فإن شهادتهما لا تجوز، وليس العبد في هذا كالأمة التي يستحل فرجها. وإذا ادعى الرجل قبل العبد قذفاً أو جناية عمداً أو خطأ ثم جاء بذينك الشاهدين على العتق فإني أعتقه وأجيز شهادتهما. وإذا كان العبد بين اثنين فشهد الشهود على أحدهما أنه أقر أنه أعتقه وهو موسر فإن ذلك جائز، ولشريكه أن يضمنه وإن كان المعتق يجحد العتق، ويرجع المعتق بما ضمن على العبد، ويكون الولاء كله له وإن جحد ذلك. ألا ترى (¬3) أن العبد لو كان لرجل واحد فشهد عليه شاهدان أنه أعتقه أجزت شهادتهما ويلزمه الولاء وإن كان منكراً لذلك. ولو شهدا عليه أنه أقر أنه حر الأصل عتق ولا يكون له ولاء. ولو شهدا (¬4) عليه ¬

_ (¬1) ز: فإنه يعتق. (¬2) ز: فيتهم وعليه. (¬3) ز: يرى. (¬4) م ش ز: ولو شهدوا.

باب عتق ما في البطن

أنه (¬1) أقر أن الذي باعه كان أعتقه قبل أن يبيع عتق من مال المشهود عليه، ولا يكون لواحد منهما من الولاء شيء، ولكن ولاؤه موقوف (¬2). ولو أقر أن الذي باعه كان دبره، أو كانت (¬3) أمة فأقر أنها قد ولدت من الذي باعها منه قبل أن يبيعها، فإنه يخرج كل واحد منهما من ملكه، ولا يعتقان حتى يموت البائع، ولا يرجع المشتري بالثمن على البائع إن كان نقده. وإن لم يكن نقده فعليه أن ينقده. وجنايتهما جناية مملوكين، والجناية عليهما جناية مملوكين (¬4)، يوقف جنايتهما. وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد: إنهما يسعيان في جنايتهما إلا أن تكون (¬5) قيمتهما أقل من ذلك فيسعيان في ذلك. وكذلك أمة بين رجلين أقر أحدهما أنها ولدت من الآخر وأنكر الآخر فإنها موقوفة، تخدم (¬6) المنكر يوماً، ويرفع عنها يوماً، ولا سبيل للمقر عليها، وجنايتها موقوفة والجناية عليها. وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد: إنها تسعى في نصف قيمتها للمنكر، وهي في ذلك بمنزلة المكاتب يسعى (¬7) فيها، والجناية عليها تأخذها فتستعين (¬8) بها. أرأيت إذا كانت موقوفة من ينفق عليها، وهل يخلى عنها تكتسب وتشتري وتبيع (¬9). رجع أبو يوسف عن هذا وقال بقول أبي حنيفة. وقال محمد: قول أبي يوسف الأول أحب إلي. ... باب عتق ما في البطن وإذا قال الرجل لجاريته: كل ولد تلدينه فهو حر، فهو كما قال، فما ولدت في ملكه فهو حر، ولا يعتق الولد حتى تلد. ولو مات المولى وهي ¬

_ (¬1) ز + لو. (¬2) ز: موقوفا. (¬3) ش: أو كاتب. (¬4) ش - والجناية عليهما جناية مملوكين. (¬5) ز: أن يكون. (¬6) ز: يخدم. (¬7) ز: تسعا. (¬8) ز: فيستعين. (¬9) ز: يكتسب ويشتري ويبيع.

حامل ثم ولدته بعد موت المولى لم يعتق؛ لأنه خرج من ملك المولى قبل العتق. ولو باعها المولى وهي حامل ثم ولدت عند المشتري (¬1) لم يعتق ولدها؛ لأنه قد خرج من ملك البائع قبل أن تلده. ولو ضرب ضارب بطنها فألقت جنيناً ميتاً كان فيه ما في جنين الأمة؛ لأنه لم يعتق. ولو قال لها: كل ولد تحبلين به أو تحملين به فهو حر، كان هذا الجنين الذي وقع من الضرب حراً فيه ما في الجنين الحر. ولو باعها المولى فولدت عند المشتري لأقل من ستة أشهر كان الولد حراً، وكان البيع باطلاً. لا يجوز أن يبيع أمته وما في بطنها حر. وإذا ولدت لستة أشهر فصاعداً لم يعتق. وكذلك لو مات المولى وتركها. ولو كاتبها أو دبرها كان ذلك جائزاً، ولا يفسد ذلك عتق ما في بطنها. وإذا قال الرجل لأمته: إن كان أول ولد تلدينه غلاماً فهو حر، وإن كانت جارية فأنت حرة، فولدت غلامين وجاريتين لا يعلم أيهما أول، فإن كان الغلام أول ما ولدت فهو حر، وسائرهم رقيق، والأم معهم رقيق. وإن كانت الجارية أول ما ولدت فالمولودة أمة، والأم وما ولدت بعد الجارية أحرار. فالأم في حال أمة، وفي حال حرة يعتق نصفها وتسعى (¬2) في نصف قيمتها. والغلامان حران في حال وأحدهما عبد في حال، فيعتق من كل واحد (¬3) منهما ثلاثة أرباع قيمته ويسعى في ربع قيمته. والجاريتان في حال أمتان وفي حال إحداهما حرة والأخرى أمة، فيعتق من كل واحدة منهما ربع وتسعى في ثلاثة أرباع قيمتها. ولو قالت الأم: أول ما ولدت هذا الغلام، وصدقها المولى عتق الغلام، وكانت الأم وأولادها رقيقاً. وإذا اتفقت الأم والمولى فلم يختلفوا عتق ما اتفقا عليه. وإن اختلفوا أخذت بقول المولى فكان القول قوله مع يمينه. ولو قال المولى: أول ما ولدت هذا الغلام (¬4)، وقالت هي: بل ولدت (¬5) هذه الجارية، كان القول قول ¬

_ (¬1) ش - عند المشتري؛ صح هـ. (¬2) ز: ويسعا. (¬3) ز: واحدة. (¬4) م ش ز - هذا الغلام. والزيادة من ع. (¬5) ش: وقالت بل هي ولدت.

المولى مع يمينه. وإذا تصادقا أنهما لا يعرفان الأول من الآخر كان القول كما وصفت لك. وإذا قامت البينة على واحد أنه أول أخذت بشهادة الشهود وأمضي العتق على ذلك. وإذا قال الرجل لأمته: إن كان حملك غلاماً (¬1) فأنت حرة، وإن كان (¬2) جارية فهي حرة، فكان (¬3) حملها غلاماً (¬4) وجارية فإنه لا يعتق واحد منهما؛ مِن قِبَل أنه لم يكن حملها كما قال. ألا ترى أنه لو نظر إلى حمل دابة فقال: إن كان حمل هذه الدابة حنطة فعبدي حر، وإن كان تمراً فخادمي حر، فكان حنطة وتمراً (¬5) فإنه لا يعتق واحد منهما؛ لأنه ليس كما قال. وكذلك إذا قال: إن كان ما في بطنك غلاماً (¬6) أو جارية. فهذا باب واحد كله سواء. وإذا قال: إن كان في بطنك غلام فهو حر، وإن كان في بطنك جارية فهي حرة، فكان ما في بطنها غلاماً (¬7) وجارية ولدتهما بعد ذلك بيوم فإنه يعتق الغلام والجارية جميعاً. وإذا قال: إن كان أول ولد (¬8) تلدينه غلاماً فأنت حرة، وإن كان أول ولد تلدينه جارية فهي حرة، فولدت غلاماً وجارية، فإن علم أيهما أول فإن العتق يقع على ذلك الأول. فإن اتفق المولى والأمة على شيء من ذلك فالعتق يقع على ما اتفقا عليه. وإن اختلفا فالقول قول المولى مع يمينه. وإن اتفقا أنهما لا يدريان أيهما أول، فإن كان الغلام أول لم يعتق. وكذلك لو كان هو الثاني لم يعتق أيضاً. وإن كانت الجارية هي الأولى عتقت. وإن كانت الثانية عتقت. فالابنة على كل حال حرة. والأم يعتق نصفها وتسعى في نصف قيمتها. وأما الغلام فمملوك على حاله لا يعتق. وإذا قال الرجل لأمته: ما في بطنك حر، فإن ولدت لستة أشهر بعد ¬

_ (¬1) ز: غلام. (¬2) ز: كانت. (¬3) ز: وكان. (¬4) ز: غلام. (¬5) ز: وتمر. (¬6) ز: غلام. (¬7) ز: غلام. (¬8) م - ولد؛ صح هـ.

هذه المقالة فإنه لا يعتق؛ لأن الحمل كان بعد هذا القول. وإن ولدت لأقل من ستة أشهر عتق. وإن ولدت واحداً لأقل من ستة أشهر بيوم، وآخر بعد الستة الأشهر بيوم، عتقا جميعاً. إذا أعتق أحدهما عتق الآخر؛ لأنه معه. وإذا أعتق الرجل أمته ولها زوج حر فولدت ولداً لستة أشهر بعد العتق فنفاه الزوج فإنه يلاعن، ويلزم الولد أمه، ويكون ولاء الولد لمولى الأم؛ مِن قِبَل أنه ليس له أب. وكذلك إذا ولدت لأكثر من ستة أشهر فإنه يلاعن. فإن ولدت لأقل من ستة أشهر بعد العتق لزم الولد الأب، ولاعن، وفارق أمه، وكان الولاء لمولى الأم؛ لأن الحبل كان قبل أن تعتق (¬1). وكذلك لو لم ينف (¬2) كان الولاء لمولى الأم، وكان ابن الأب. وفي الباب الأول إن (¬3) لم ينفه كان ابن الأب، والولاء لمولى الأب؛ لأن الحبل كان بعد العتق. وإذا كانت الأمة لرجل فقال لها: إن كنت حبلى فأنت حرة، ثم ولدت لأقل من ستة أشهر فهي حرة، وما في بطنها حر. فإن ولدت لستة أشهر بعد هذه المقالة أو أكثر لم تعتق (¬4). وإذا قال الرجل لأمته: ما في بطنك حر، فضرب رجل بطنها فولدت بعد هذا القول لأقل من ستة أشهر فألقت جنينًا ميتاً ففيه ما في الجنين الحر؛ لأن العتق قد وقع عليه. وكذلك لو وقع حيا ثم مات كان فيه الدية كاملة. ولو كانت الجناية بعد هذا القول لستة أشهر كان فيه ما في جنين الأمة. وإذا قال الرجل لأمته: إن كان أول ولد تلدين غلاماً ثم جارية فأنت حرة، وإن كانت جارية ثم غلاماً فالغلام حر، فولدت غلامين وجاريتين ولا يعلم أيهما أول، وتصادقوا على ذلك أنهم لا يعلمون، فإنه يعتق من الأم النصف وتسعى في النصف؛ مِن قِبَل أنها حرة في حال وفي حال أمة. فأما ¬

_ (¬1) ز: أن يعتق. (¬2) ز: لم ينفي. (¬3) ش: انه. (¬4) ز: لم يعتق.

الابنتان (¬1) فإنهما أمتان في حال، وفي حال إحداهما حرة، فيعتق من كل واحدة منهما ربعها، وتسعى في ثلاثة أرباع قيمتها. وأما الغلامين فيعتق أحدهما في حال، وفي حال هما عبدان (¬2)، فيعتق من كل واحد منهما ربعه، ويسعى كل واحد منهما في ثلاثة أرباع قيمته. فإن ولدت غلاماً وجارية في بطن واحد (¬3) لا يعلم أيهما أول عتق نصف الأم، وسعت في نصف قيمتها. وكذلك الابن يعتق نصفه ويسعى في نصف قيمته. وأما الابنة فهي أمة. وإذا قال الرجل لأمته: أول ولد تلدينه فأنت (¬4) حرة، فولدت ولداً ميتاً وقع العتق عليها (¬5). ولو قال: أول ولد تلدينه فهو حر، فولدت ولداً ميتاً ثم ولدت ولداً آخر حياً فإن الباقي منهما يعتق؛ لأن العتاقة لا تقع (¬6) على الميت الأول. وهذا في الوجهين جميعاً في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: الولد الأول في الوجهين جميعاً الولد الميت الذي ولدته أول مرة، فإن كان حلف بعتقه لم يعتق، ولم يعتق الولد الذي ولدته بعده. ولو قال لها: أول ولد تلدينه فهو حر، فولدت ولداً فجاءت امرأة تشهد على الولادة وقال المولى؛ كذبت لم تلديه ولكن هذا عبد لي من غيرك، كان القول قول المولى، ولا يعتق بشهادة امرأة واحدة. وإذا قال: أول ولد تلدينه فأنت حرة، فجاءت بامرأة تشهد (¬7) على الولادة لم تصدق (¬8) إذا أنكر ذلك المولى، ولا تعتق (¬9) بشهادة المرأة. وهو قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد: إنها تعتق (¬10) ¬

_ (¬1) ز: الابنين. (¬2) ز: عندان. (¬3) ز - واحد. (¬4) ش: فهو؛ صح هـ. (¬5) م ش: عليهما. والتصحيح مستفاد من المبسوط، 7/ 134. (¬6) ز: لا يقع. (¬7) ز: يشهد (¬8) ز: لم يصدق. (¬9) ز: يعتق. (¬10) ز: يعتق.

بشهادة امرأة. وقال: أرأيت لو قال: إن كان بها حبل فهو مني، فجاءت امرأة تشهد (¬1) على الولادة بعد هذا القول بيوم أما كنت أثبت نسب الولد منه، وأجعل أمه أم ولد، فقد أعتقت وأثبت النسب بشهادة امرأة واحدة. فكذلك الباب الأول. ولو قال لها: أنت حبلى فإذا ولدتيه فأنت حرة، فشهدت امرأة على الولادة عتقت بشهادتهما؛ لأنه أقر بأصل الحبل. ولو قال: إذا حضت فأنت حرة، فقالت: قد حضت، كانت مصدقة وتعتق (¬2)؛ لأن الحيض لا يطلع عليه غيرها (¬3). وكذلك لو قال لها: إن كنت تحبينني أو تبغضينني أو إن (¬4) شئت أو إن هويت أو إن أردت فأنت حرة، فهي مصدقة في كل شيء من هذا ما دامت في ذلك المجلس وتعتق (¬5). فإذا قامت من ذلك المجلس قبل أن تقول (¬6) شيئاً لم تعتق (¬7). وإذا قال الرجل لأمته: ما في بطنك حر، ثم ضرب المولى بطنها فألقت جنينًا ميتاً وله أب حر، فإن كان ضربها بعد العتق لأقل من ستة أشهر فعلى عاقلة السيد خمسمائة لأبي (¬8) الجنين؛ لأنه حر. وإن كان الضرب بعد هذه المقالة لستة أشهر أو أكثر فالجنين عبد للمولى، لا يقع به العتق، ولا يكون له أرش. وإذا قال الرجل لأمته وهو يطؤها: إذا حبلت فأنت حرة، ثم وطئها فإنه ينبغي له في الورع والتنزه أن يعتزلها حتى يعلم أحامل هي أم لا. فإذا حاضت وطئها بعدما تطهر (¬9). فإن ولدت بعد هذه المقالة لأكثر من سنتين وقد وطئها في السنتين مِن قَبْل أن تلد لأقل من ستة أشهر فعليه العقر؛ لأنها عتقت. فإن ولدت لأقل من ستة أشهر أو ما بينها وبين سنتين فإنها لا تعتق (¬10)؛ لأن الحبل قد كان قبل القول. ¬

_ (¬1) ز: يشهد. (¬2) ز: ويعتق. (¬3) ش - غيرها. (¬4) ز: تحبيني أو تبغضيني أو أنت. (¬5) ز: ويعتق. (¬6) ز: أن يقوم. (¬7) ز: لم يعتق. (¬8) ز: لأب. (¬9) ز: تطهير. (¬10) ز: لا يعتق.

وإذا قال الرجل لأمتين له: ما في بطن إحداكما حر، فله أن يوقع على أيهما شاء فيمسكها. فإن ضرب إنسان بطن إحداهما قبل الخيار فألقت جنينًا ميتاً لأقل من ستة أشهر منذ يوم تكلم بالعتق فهو رقيق، ويكون فيه ما يكون في جنين الأمة، ويقع العتق على ما في بطن الأخرى. ولو ضرب رجلان كل واحد منهما بطن إحداهما معاً فألقت كل واحدة منهما جنيناً ميتاً لأقل من ستة أشهر منذ يوم تكلم بالعتق كان في كل واحد منهما مثل ما في جنين الأمة؛ لأني لا أدري أيهما الحر وأيهما أجعل الحر. وإذا قال الرجل لأمتين له: ما في بطن زينب حر وما في بطن عمرة حر أو سالم حر، فإن العتق يقع على ما في بطن زينب، و [له] الخيار فيما في بطن عمرة وسالم، يعتق أيهما شاء ويمسك الآخر. وإذا قال الرجل لأمتين له: ما في بطن إحداكما حر، ثم قامت إحداهما وجاءت أخرى فقال: ما في بطن إحداكما حر، ثم وضعن (¬1) كلهن لأقل من ستة أشهر، فإن القول في ذلك قول المولى. فإن قال: عنيت الوسطى، فالقول قوله. وإن قال: أنا أعينه وأختاره، فهو مصدق، ويعتق التي اختار، والأخريان (¬2) رقيق. وإن قال: أعني به الأولى الذاهبة، عتقت (¬3) الأولى، وقيل له: لا بد لك من أن تعتق (¬4) إحدى الباقيتين. فإن قال: أنا أختار به الأخرى، عتقت الأخرى (¬5)، وقيل له: لا بد لك من أن تعتق (¬6) إحدى الأوليين. فإن مات قبل أن يبين شيئاً من ذلك عتق ثلاثة أرباع ولد الوسطى، وتسعى (¬7) في ربع قيمتها؛ مِن قِبَل أن العتق قد وقع عليه مرتين. ويعتق نصف ولد الأخرى، وتسعى كل واحدة (¬8) منهما في نصف قيمتها. وإن كان هذا في مرض ومات أمهات الأولاد قبل المولى وبقي المولى ثم مات وليس له مال غير الأولاد فإن الثلث يقسم بينهم على حساب ما يعتق ¬

_ (¬1) م ز: ثم فرضعن. (¬2) ز: والأخريين. (¬3) م ش ز: عتق. (¬4) ز: أن يعتق. (¬5) ز: عتق الآخر. (¬6) ز: أن يعتق. (¬7) ز: ويسعى. (¬8) ز: ويسعى كل واحد.

منهم على ما وصفت لك قبل هذا. وهذا قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: يعتق ربع ما في بطن الآخرة إذا (¬1) مات المولى قبل أن يبين. وكذلك يضرب في الثلث إذا كان القول في المرض. وإذا شهد شاهدان على رجل أنه أعتق ما في بطن إحدى أمتيه وقالا: قد سماها لنا ونسينا، كان ذلك باطلاً. وكذلك لو قالا: لم يسم لنا إلا أنه أعتق إحداهما، كان ذلك باطلاً؛ مِن قِبَل أنهم لم يبينوا الشهادة. ولو كان هذا في وصية عند الموت أجزت (¬2) ذلك واستحسنته. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا شهدوا أنه أعتق إحدى أمتيه فالشهادة على ذلك جائزة، والوصية وغيرها في ذلك سواء. وإذا قال الرجل لأمته وهي حامل: قد أعتقت ما في بطنك على ألف درهم عليك، فقالت: قد قبلت ذلك، ثم وضعت غلاماً لأقل من ستة أشهر، فإن الغلام حر، والألف باطل، وقبول الأمة ذلك ليس بجائز، فقبولها (¬3) كقبولها في العتق. ألا ترى (¬4) أنها لو ولدت غلاماً فكاتبت على نفسها وعليه على ألف درهم أجزت ذلك وألزمت (¬5) ذلك الأم، ولم ألزم الغلام المكاتبة وعتق بأدائها، وألزمت الغلام المكاتبة (¬6) إن كبر فرضي أو عقل فرضي (¬7). وإذا قال الرجل لأمته: ما في بطنك حر متى ما أدى إلي ألف درهم، فوضعت لأقل من ستة أشهر فمتى ما أدى فهو حر. وإذا قال الرجل لثلاث [من] إمائه: ما في بطن هذه حر وما في بطن ¬

_ (¬1) ز: وإذا. (¬2) ز: أخرت. (¬3) م ز: فعتق لها. (¬4) ز: يرى. (¬5) م ز: وألزمته. (¬6) ز - وعتق بأدائها وألزمت الغلام المكاتبة. (¬7) اختلفت عبارة الحاكم والسرخسي عما هنا. ثم ذكرا أن الصواب ما في رواية أبي حفص: أن المكاتبة تجوز وتلزم الأم ولا يسعى الغلام ولكنه يعتق بأدائها. وهو الموجود هنا بعينه. وهذا يعني أن نسختنا صحيحة. وانظر للتفصيل: الكافي، 1/ 93 ظ؛ والمبسوط، 7/ 139.

باب عتق ما في البطن بين اثنين

هذه حر [وما في بطن هذه حر]، فإن ما في بطن الأولى يعتق، وهو بالخيار في الباقيتين، يعتق أيهما شاء ويمسك الأخرى. وإذا قال الرجل: إن كان في بطن خادمي غلام فأعتقوه، وإن كانت جارية فأعتقوها، أوصى بذلك وصية ثم مات فكان ما في بطنها غلام وجارية فإنهما يعتقان من ثلثه. وإذا قال الرجل لأمته: إن كان أول ولد تلدينه غلاماً (¬1) فأنت حرة، وإن كانت جارية ثم غلاماً (¬2) فهما حران، فولدت غلاماً وجاريتين لا يعلم أيهما أول، وتصادقوا على الأم، فإن الأم يعتق نصفها وتسعى في نصف قيمتها. وأما الغلام فيعتق نصفه ويسعى في نصف قيمته. وأما الجاريتان فيعتق من كل واحدة منهما ربعها وتسعى (¬3) في ثلاثة أرباع قيمتها. ... باب عتق ما في البطن بين اثنين وإذا كانت الأمة بين رجلين فأعتق أحدهما ما في بطنها وهو غني فولدت بعد ذلك بيوم غلاماً ميتاً فلا ضمان عليه. فإن كان رجل (¬4) ضرب بطنها فألقت جنيناً ميتاً فإن على الضارب ما في جنين الأمة نصف عشر قيمته إن كان غلاماً، وعشر قيمتها إن كانت جارية. فيضمن قيمتها، ثم يكون على المعتق نصف ذلك لشريكه، ثم يرجع بذلك فيما أدى الضارب، ويكون ما بقي ميراثاً للذي (¬5) أعتقه. فإن كان للجنين أخ حر فهو لأخيه دون الذي أعتقه. وإذا أعتق أحدهما وهو موسر ما في بطن الجارية فولدت بعد ذلك ¬

_ (¬1) ز: غلام. (¬2) ز: ثم غلام. (¬3) ز: ويسعى. (¬4) ز: رجلا. (¬5) م ز: الذي.

باب العتق بمال مما يعتق قبل أداء المال والشهادة في ذلك

بيوم ولداً حياً فمات فعلى المعتق نصف قيمة الولد. ولو لم تلد حتى أعتق الآخر الأم ثم ولدت بعد ذلك بيوم (¬1) [و] الذي (¬2) أعتق الأم غني فاختار شريكه أن يضمنه نصف قيمة الأم فإن ذلك له، ويرجع بذلك الضمان على الأمة، ويكون ولاء الأمة للذي أعتقها، وولاء ولدها بينهما نصفين؛ لأنهما أعتقا الولد جميعاً. وهذا قول أبي حنيفة - رضي الله عنه -. فإذا دبر أحدهما ما في البطن ثم أعتق الآخر الأم البتة وهو غني ثم ولدت بعده بيوم فإن الذي أعتق الأم يضمن نصف قيمة الأم، ويرجع بذلك عليها، ويكون ولاء الأمة للذي أعتقها، وولاء الولد لهما جميعاً. ... باب العتق بمال مما يعتق قبل أداء المال والشهادة في ذلك وإذا أعتق الرجل عبده على مال أو باعه نفسه أو وهب له نفسه على أن يعوضه من المال كذا وكذا فذلك كله جائز، والعبد حر، والولاء للمولى، والمال دين على العبد، وشهادة العبد وجنايته والجناية عليه بمنزلة الحر، يحد حد الحر، ويحد قاذفه، وتجوز شهادته. وكذلك لو أعتقه على وصيف كان جائزاً. وكذلك إذا أعتقه على شيء من العروض أو الحيوان بعد أن يسميا شيئاً من ذلك معلوماً. وكذلك إذا أعتقه على شيء مما يكال أو يوزن فهو جائز إذا اشترط من ذلك شيئاً معلوماً. وإذا اختلف العبد والمولى في ذلك فقال العبد: أعتقتني على ألف درهم، وقال المولى: بل أعتقتك على ألفين، فان القول قول العبد؛ مِن قِبَل أن المولى قد أقر بالعتق وادعى المال، فلا يصدق على الفضل إلا ببينة. فإن أقام كل واحد منهما البينة على ما قال أخذت ببينة المولى؛ لأنه مدعي. ¬

_ (¬1) ش: اليوم. (¬2) الزيادة مستفادة من الكافي، 1/ 94 و.

ولو قال المولى: أعتقتك على ألفين أمس فلم تقبل (¬1)، وقال العبد: قد قبلت، فالقول قول المولى مع يمينه. أرأيت لو قال: قلت لك أمس: أنت حر إن شئت فلم تشأ، وقال العبد: قد شئت، ألم يكن القول قول المولى وعليه اليمين. وإذا أعتق (¬2) عبده على شيء فقال العبد: أعتقتني على كر حنطة، وقال المولى: أعتقتك على وصيف، فالقول قول العبد مع يمينه، وعلى المولى البينة. فإن أقاما جميعاً البينة أخذت ببينة المولى. وكذلك كل ما اختلفا فيه ووقع به العتق فالقول فيه قول العبد، وعلى المولى (¬3) البينة. وليس هذا كالباب الأول. هذا قد أقر له بالعتاقة، وزعم أنه قَبِل ذلك على جُعْل ادعاه، وأقر أنه قد قبله، فقد أقر المولى أن العبد قد عتق. ألا ترى أنه لو قال: أعتقتك أمس على ألف درهم وقبلت ذلك، فقال العبد: قد أعتقتني (¬4) بغير مال، عتق العبد، ولا يرجع رقيقاً أبداً، ويحلف العبد على المال (¬5). فإذا حلف برئ. وإن نكل عن اليمين لزمه المال. وإن كان للمولى بينة أخذت ببينته. ولو كانت أمة فولدت بعدما اشترت (¬6) نفسها ثم ماتت ولم تترك (¬7) مالاً كانت ابنتها حرة، وليس عليها مما كان على أمها شيء؛ لأن أمها حرة وإنما المال عليها دين. فإن كانت تركت مالاً أخذ من ذلك المال. وكذلك لو أعتقها على ألف. وليس هذا كالذي قال: إذا أديت إلي ألفاً فأنت حرة، هذه لم تعتق (¬8) بعد حتى تؤدي المال، وتلك قد عتقت وصار المال ديناً عليها. ولو أعتقها على مال أو باعها نفسها به وجعل لذلك أجلاً عتقت، وكان المال عليها إلى ذلك الأجل. فإذا أراد أن يشتري بذلك المال منها عروضاً فلا بأس ¬

_ (¬1) ز: يقبل. (¬2) ز + الرجل. (¬3) ز - وعلى المولى. (¬4) ز: قد أعتقيني. (¬5) ش: على مال. (¬6) ز: اشتهرت. (¬7) ز: يترك. (¬8) ز: لم يعتق.

باب العتق بمال مما لا يعتق حتى يؤدي المال والشهادة في ذلك

بذلك يداً (¬1) بيد، ولا خير فيه نسيئة؛ مِن قِبَل أن المال عليها دين. ولو باعها نفسها بطعام بكيل معلوم لم يكن به بأس أن يبيعها ذلك بدراهم أو بعروض غير ذلك يداً (¬2) بيد أو شيئاً مما يكال أو يوزن سوى الطعام، ولا خير في أن يبيعها ذلك نسيئة؛ (¬3) مِن قِبَل أنه دين، فلا يبيعه بدين. ولو أعطاه كفيلاً بذلك لزم الكفيل المال؛ مِن قِبَل أن الأمة قد صارت حرة جائزة الشهادة. ... باب العتق بمال مما لا يعتق حتى يؤدي المال والشهادة في ذلك وإذا قال الرجل لعبده: إذا أديت إلي ألف درهم فأنت حر، أو قال: متى ما أديت إلي ألفاً فأنت حر، فهو حر كما قال، ولا يعتق حتى يؤدي، ومتى ما أدى عتق، وليس للمولى أن لا يقبل منه المال إذا جاء به. وكذلك إذا قال: إن أديت إلي ألفاً فأنت حر، إلا أن ذلك على المجلس. وإن اختلفا فقال العبد: قلت لي: إذا أديت إلي خمسمائة فأنت حر، وقال المولى: بل قلت لك: إذا أديت إلي ألفاً فأنت حر، فالقول قول المولى مع يمينه، وعلى العبد البينة. فإن أقام البينة أخذت ببينته. وإن أقاما جميعاً البينة أخذت ببينة العبد، وعتق إذا أدى خمسمائة. وإنما هذا كمثل رجل شهدت عليه الشهود أنه قال لعبده: إن دخلت الدار فأنت حر، وقال الرجل: إنما قلت لك: إن كلمت فلاناً فأنت حر، فأي هذين فعل العبد عتق به إذا قامت به البينة. وإذا قال له: متى ما أديت إلي ألفاً فأنت حر، فله أن يبيعه ما لم يؤد (¬4). فإن أداها كلها غير درهم فهو بمنزلة العبد في جميع حالاته في الجناية عليه وشهادته وجنايته، ولا يكون هذا بمنزلة المكاتب. ولو مات قبل ¬

_ (¬1) ز: يد. (¬2) ز: يد. (¬3) ش: بعبده (مهملة). (¬4) ز: لم يؤدي.

أن يؤدي تمام ألف كان ذلك كله لمولاه. ولو كانت (¬1) أمة فولدت أولادًا كان أولادها رقيقاً لمولاها. فإن أدت بعد ذلك (¬2) عتقت، ولا يعتق الولد؛ مِن قِبَل أنها ليست بمكاتبة. ولو أدت المال من كسب كسبته عتقت به. ولو أدته من مال أخذته من مال مولاها سراً عتقت به. وكذلك لو أدت إليه مالاً فعتقت به ثم استحق ذلك المال كان عليها أن تؤدي (¬3) مثله. وإذا قال لها: إذا أديت إلي ألفاً كل شهر مائة فأنت حرة، وقبلت ذلك فهذه مكاتبة، وليس له أن يبيعها ما لم تؤد (¬4). وإن أدت (¬5) كما قال عتقت. وإن كَسَرَتْ (¬6) شهراً واحداً ثم أدت ذلك إليه في ذلك الشهر كان ذلك جائزاً. ولو قال لها (¬7): إذا أديت إلي ألفاً في هذا الشهر فأنت حرة، فلم تؤدها (¬8) في ذلك الشهر وأدتها في غيره لم تعتق (¬9). ألا ترى (¬10) أنه لو قال لها: إذا أديت إلي ألفاً في هذا الشهر فأنت حرة، فلم تؤدها (¬11) في ذلك الشهر وأدتها في غيره لم تعتق (¬12)؛ لأنها (¬13) قد جاوزت الأجل (¬14) الذي وقّته (¬15). ¬

_ (¬1) ز: كاتب. (¬2) ز + كله لمولاه. (¬3) ز: أن يؤدي. (¬4) ز: لم يؤدي. (¬5) ز: أردت. (¬6) أي: لم تؤد القسط. (¬7) ش - لها. (¬8) ز: يؤدها. (¬9) ز: لم يعتق. (¬10) ز: يرى. (¬11) ز: يؤديها. (¬12) ز: لم يعتق. (¬13) ز: لأنه. (¬14) م ز: للأجل. (¬15) في العبارة تكرار كما هو ظاهر. وهو ناتج من خلط نسختي أبي سليمان وأبي حفص على ما يفيده الحاكم الشهيد عليه الرحمة. قال الحاكم: وإن قال لها: إن أديت إلي ألفاً كل شهر مائة فأنت حرة، وقبلت، فهذه مكاتبة، وليس له أن يبيعها. وإن كَسَرَتْ شهراً واحداً ثم أدت إليه ذلك الشهر كان جائزاً. ولو قال لها: إذا أديت إلي ألفاً في هذا الشهر فأنت حرة، فلم تؤد في ذلك الشهر وأدته في غيره لم تعتق. هكذا في رواية أبي سليمان هاتان المسألتان. وكذلك في كتاب أبي يوسف. ووجدت في رواية أبي هشام (والصواب: هشام) و [أبي] حفص غير ذلك السياق للجواب. ولو قال لها: إذا أديت إلي ألفاً كل شهر مائة فأنت حرة، وقبلت ذلك، فليس هذا بمكاتبة، وله أن=

وإذا قال الرجل لعبده أو لأمته: متى ما أديت إلي ألفاً فأنت حرة، ثم مات المولى قبل أن يؤدي (¬1) فإن قوله هذا باطل؛ لأنها قد خرجت من ملكه وصارت في ملك غيره. وإذا قال لها: إذا أديت إلي ألفاً بعد موتي (¬2) فأنت حرة، فهذه وصية وهو كما قال. فإن حط عنها شيئاً من القيمة كان ذلك من الثلث. وإذا قال الرجل لعبدين له: متى ما أديتما إلي ألفاً فأنتما حران، فهو كما قال. فإن أدى أحدهما حصته من الألف لم يعتق حتى يؤدي الباقي ما عليه؛ مِن قِبَل أنه إنما جعل عتقهما إذا أديا ألفاً. ولو أدى أحدهما ألفاً كلها من عنده فقال: خمسمائة منها من (¬3) عندي وخمسمائة بعث بها فلان ليؤديها إليك، فأديا هذه الألف عتقا؛ لأنهما قد أديا الألف جميعاً. ولو أدى (¬4) أحدهما الألف كلها من عنده لم يعتقا. وكذلك لو أداها رجل عنهما لم يعتقا، وكان للذي أداها أن يرجع فيها. فإن قال الذي أداها للمولى: أؤدي (¬5) إليك هذه على أن تعتقهما (¬6) أو على أنهما حران، فقبلها على ذلك فإنهما يعتقان ويرجع بالمال (¬7) الذي أداه. وإذا أداها إليه فقال: هما أمراني أن أؤديها عنهما فقبلها عتقا. وإذا قال الرجل لعبده: متى ما أديت إلي ألفاً فأنت حر، فإن هذا إذن منه له في التجارة للعبد وفي العمل. وكذلك إذا قال: إن أديت إلي ألفاً فأنت حر، كان هذا مأذوناً له في التجارة. ألا ترى (¬8) أنه إذا قال ¬

_ = يبيعها ما لم تؤد. وإن كَسَرَتْ شهراً واحدا ثم أدت إليه في غير ذلك الشهر لم تعتق. ألا ترى أنه لو قال لها: إذا أديت إلي ألفاً في هذا الشهر فأنت حرة، فلم تؤدها في ذلك الشهر وأدتها في غيره لم تعتق. انظر: الكافي، 1/ 94 و. وانظر للشرح: المبسوط، 7/ 145. (¬1) ز: أن تؤدي. (¬2) ش - بعد موتي؛ صح هـ. (¬3) ش - من. (¬4) ز: أد. (¬5) ز: أوادي. (¬6) ز: أن يعتقهما. (¬7) ز + إلى. (¬8) ز: يرى.

له (¬1): أدى إلي الغلة، فقد أذن له في التجارة. فهذا أشد من ذلك. وإذا قال الرجل لمملوكه: إذا أديت إلي ألف (¬2) درهم فأنت حر، فجاءه العبد بالمال فأبى أن يقبله فإنه يجبر على أخذه ويعتق. وإذا قال لعبده: إذا أديت إلي ألفاً فأنت حر، وكان للعبد مال قد اكتسبه قبل هذه المقالة فأدى إلى السيد من ذلك المال ألفاً (¬3) وعتق ثم اطلع السيد على ذلك كان للسيد أن يرجع بألف مثلها. فإن لم يكن له شيء يوم قال هذه المقالة (¬4) فاكتسب مالاً بعد هذه المقالة وأدى منه عتق، ولا يرجع السيد بشيء من ذلك؛ مِن قِبَل أن السيد قد أذن له في أن يكتسب ويؤدي إليه. والمال الأول قد كان وجب للسيد؛ لأنه قد كان له قبل هذه المقالة. وإن اكتسب بعد (¬5) هذه المقالة أربعة آلاف فأدى منها ألفاً (¬6) كان للمولى أن يأخذ (¬7) الثلاثة الآلاف الباقية؛ مِن قِبَل أن العبد اكتسبها وهو عبده. فكله للمولى غير أن ما أدى إليه منه عتق به؛ لأن المولى قد جعل له أن يعتق به. وإذا قال الرجل لعبده: إذا أديت إلي ألف درهم فأنت حر، فقال العبد للمولى: حط (¬8) عني منها شيئاً، أو قال: اقبل مني مكانها مائة دينار، فحط عنه المولى مائة درهم فأدى تسعمائة فإنه لا يعتق بها؛ مِن قِبَل أنه عبده، والذي أخذ منه إنما هو مال للسيد، وليس هذا كالبيع والشراء. ألا ترى أنه إذا قال: إذا خدمتني سنة فأنت حر، فخدمه أقل من سنة وتجاوز له المولى عما بقي فهو عبدة مِن قِبَل أنه لم يعتق حتى يكمل (¬9) خدمة سنة، إنما هذا بمنزلة اليمين. وكذلك إن صالحه من الخدمة على دراهم أو صالحه من الدراهم التي (¬10) جعل عليه على دنانير كان هذا باطلاً كله لا يجوز، ولا يعتق به إلا أن يقول المولى (¬11): أنت حر إن فعلت هذا. ¬

_ (¬1) ش - له. (¬2) م ش ز: ألفا. (¬3) ز: ألف. (¬4) ز: الملل له. (¬5) ز: بعده. (¬6) ز: ألف. (¬7) ز: أن يأخذه. (¬8) ز: قد حط. (¬9) ز: تكمل. (¬10) م ش ز: الذي. (¬11) ش - المولى.

باب عتق أمهات الأولاد

وإذا قال الرجل لعبده: إذا أديت إلي كذا كذا من العروض فأنت حر، فأداها (¬1) إليه فهو حر (¬2). وإذا قال الرجل لعبده أو لأمته: اخدم ولدي سنة ثم أنت حر، أو قال: إذا خدمتني وإياهم سنة فأنت حرة، فخدمتهم سنة فهي حرة. فإن مات المولى قبل أن تمضي السنة فهذا باطل لا يعتق به. وكذلك إذا مات الولد وبقي المولى فإنه لا يعتق به. وكذلك إذا مات الولد وبقي الوالد (¬3) فإنه لا يعتق. وإذا مات واحد منهم قبل السنة أو أكثر من واحد قبل السنة لم يعتق. وإذا قال الرجل لعبده: أنت حر على أن تخدمني سنة، فقبل ذلك، فهو حر حين قبل ذلك، والخدمة يؤخذ بها. فإن مات المولى والعبد فللورثة أن يأخذوا من تركة العبد بقدر ما بقي عليه من خدمة السيد من قيمته في قياس قول أبي يوسف. فإن مات العبد وترك مالاً قبل السنة ومات المولى فللورثة أن يأخذوا من تركة العبد بقدر ما بقي عليه من خدمة السيد في قول أبي يوسف. وما بقي فهو ميراث. والخدمة خدمة البيت المعروف بين الناس كما يخدم الناس. وأما في قول محمد فإنه يأخذ من تركته ما بقي من الخدمة. ... باب عتق أمهات الأولاد محمد عن أبي يوسف عن عبد الرحمن بن زياد بن أَنْعُم الأفريقي عن مسلم بن يسار عن سعيد بن المسيب قال: أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعتق أمهات الأولاد من غير الثلث، وقال: "لا يورثن ولا يبعن في دين" (¬4). ¬

_ (¬1) م ش ز: فأداهما. (¬2) ش - فهو حر. (¬3) ز: الولد. (¬4) روي عن سعيد بن المسيب أن عمر - رضي الله عنه - أعتق أمهات الأولاد، وقال عمر:=

محمد عن أبي يوسف عن محمد بن إسحاق عن الخطاب بن صالح عن أمه عن سَلَامة ابنة معقل قالت: اشتراني الحُبَاب بن عمرو السَّلَمي فولدت منه، ثم مات (¬1)، فجئت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته أني قد ولدت من الحُباب، فقال: "أين وارث حُباب؟ "، فقام أبو اليَسَر بن عمرو. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أعتقوا هذه، وإذا أتانا سبي (¬2) فائتونا حتى نعوضكم" (¬3). قال: وبلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أعتق أمهات الأولاد من جميع المال، وقال: "لا يورثن، ولا يبعن في دين" (¬4). قال: وبلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "أيما رجل وطئ أمته فولدت منه فهي له في حياته يستمتع بها، فإذا مات فهي حرة" (¬5). محمد عن يعقوب عن محمد بن عبد الرحمن عن عامر الشعبي عن عَبِيدة السَّلْماني عن علي بن أبي طالب أنه قال: استشارني عمر بن الخطاب في عتق أمهات الأولاد، فاجتمعت أنا وهو (¬6) على عتقهن، ثم رأيت أن أرقهن، فقال عبيدة السلماني: رأي ذوي عدل أحب إلي من رأي ذي عدل وحده (¬7). أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال في أم الولد: إذا أسقطت سقطاً قد استبان خلقه كانت به أم ولد، وانقضت به العدة (¬8). ¬

_ = أعتقهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. انظر: سنن الدارقطني، 4/ 136. وروي عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع أمهات الأولاد، وقال: "لا يبعن ولا يوهبن ولا يورثن، يستمتع بها سيدها ما دام حياً، فإذا مات فهي حرة". انظر: سنن الدارقطني، 4/ 134 - 135. وانظر لتفصيل الروايات في المسألة: نصب الراية للزيلعي، 3/ 288. (¬1) ز: ثم ماتت. (¬2) ز: بشئ. (¬3) ز: نعرضكم. مسند أحمد، 6/ 360؛ وسنن أبي داود، العتق، 8. (¬4) مر قبل حديث. (¬5) نحوه في مسند أحمد، 1/ 317؛ وسنن ابن ماجه، العتق، 2؛ والمستدرك للحاكم، 2/ 23. (¬6) م ز: هو. (¬7) المصنف لعبد الرزاق، 7/ 291. (¬8) الآثار لمحمد، 116.

محمد قال: حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: كان عمر بن الخطاب ينادي على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ألا إن بيع أمهات الأولاد حرام، ولا رق عليها بعد موت مولاها (¬1). أبو يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن إبراهيم أنه قال: إذا أسقطت مضغة أو علقة كانت به أم ولد (¬2). ولسنا نأخذ بهذا، ولكنا نأخذ بحديث أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم. محمد عن عمر بن ذر الهمداني عن محمد بن عبد الله بن قارب قال: اشترى أبي أمة من رجل قد أسقطت منه. قال: فبعث إليه عمر بن الخطاب، فقال: بعدما اختلطت لحومهن بلحومكم ودماؤهن بدمائكم؟ قال: فردها، وأخذ ثلاثة آلاف من الثمن، وكان الثمن أربعة آلاف (¬3). وإذا حبلت الأمة (¬4) من الرجل فأقر بأن حملها منه فإنها تكون (¬5) أم ولد له يستخدمها ويطؤها، وليس له أن يبيعها ولا يهبها ولا يُمْهِرها ولا يتصدق بها، ولا يجوز شيء من ذلك لو فعله. وإذا قال الرجل: إن كانت أمتي حبلى فهو مني، ثم ولدت ولداً أو أسقطت سقطاً قد استبان خلقه أو بعض خلقه فأقر به فإنها تكون (¬6) به أم ولد. وإذا أقر فقال: إن كان (¬7) بها حبل فهو مني، فولدت ولداً ما بينها وبين أقل من ستة أشهر فإنه منه. فإن أنكر الولد فشهدت عليه امرأة جاز ذلك، وثبت النسب منه؛ لأنه لا (¬8) ينظر إلى هذا الرجال. وإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر لم يلزمه. ¬

_ (¬1) الآثار لأبي يوسف، 192؛ والآثار لمحمد، 115. (¬2) المصنف لعبد الرزاق، 7/ 296. (¬3) المصنف لعبد الرزاق، 7/ 296. (¬4) م ش: المرأة. (¬5) ز: يكون. (¬6) ز: يكون. (¬7) ز: إن كانت. (¬8) م - لا؛ صح هـ.

وإذا أسقطت الأمة من الرجل سقطاً قد استبان بعض خلقه فإنها تكون (¬1) به أم ولد. ولو كانت مدبرة كانت بذلك أم ولد وبطل التدبير. فإذا مات سيدها لم تبع (¬2) في دين، وعتقت من غير أن يكون عليها شيء تسعى فيه. وكذلك الرجل يقول لأمته في صحته: قد ولدت أمتي هذه مني، أو هذه حبلى مني، فإنها تكون (¬3) بمنزلة أم الولد إن كان معها ولد. وإن لم يكن معها ولد وكان في مرضه الذي مات فيه فقال هذه المقالة، فإن ولدت ولداً أو أسقطت سقطاً قد استبان خلقه أو بعض خلقه أو كان معها ولد قبل ذلك فهي أم ولد له. وإن أسقطت سقطاً (¬4) لم يستبن خلقه ولم يكن معها ولد قبل ذلك فإنها تعتق (¬5) من الثلث؛ لأنه أقر فيها بالعتق، فإنما عتقها بمنزلة الوصية. وإذا زوج الرجل أم ولده فولدت ولداً فإن ولدها بمنزلتها، يعتقون إذا عتقت، ولا يسعون في شيء، ولا يباعون في دين. وجناية أم الولد دين على مولاها فيما بينها وبين قيمتها. بلغنا ذلك عن إبراهيم النخعي أنه قال: إذا زوج الرجل أم ولده فولدت ولداً من الزوج فإن ولدها بمنزلتها، يعتقون إذا عتقت، ولا يسعون في شيء، ولا يباعون في دين، وجناية أم الولد على مولاها (¬6). فإن كانت الجناية أكثر من قيمة أم الولد فالفضل على القيمة باطل لا يلزم المولى ولا أم الولد. وإن جنت جناية أخرى بعد الأولى فإنهم يشاركون أولئك فيما أخذ، ولا يغرم المولى أكثر من القيمة إن كانت جنت قبل قضاء القاضي أو بعد قضاء القاضي. ¬

_ (¬1) ز: يكون. (¬2) ز: تباع. (¬3) ز: يكون. (¬4) ز - قد استبان خلقه أو بعض خلقه أو كان معها ولد قبل ذلك فهي أم ولد له وإن أسقطت سقطا. (¬5) ز: يعتق. (¬6) الآثار لمحمد، 102، 115 - 116.

وإذا ولدت أم الولد لرجل ولداً فهو ولده ما لم ينفه (¬1). وله أن ينفيه ما لم يقض به القاضي أو يتطاول ذلك. ولا تشبه (¬2) أم الولد في هذا الأمة والمدبرة، وإن حصّنهما (¬3) وطلب ولدهما فأيهما ولدت فلا يلزمه (¬4) حتى يقر به. وإن كان الرجل يطأ أمته أو مدبرته ويحصّنها (¬5) ويطلب ولدها فولدت ولداً فنفى ولدها فله ذلك. وكذلك لا يلزمه ما لم يقر به. وإن كانت أم ولد له فله أن ينفي ولدها ما لم يقر أو يَمضي فيه قضاءٌ مِن قاض. فإن كان الأب غائباً وجنى الابن جناية قبل أن يقر به الأب فقضى (¬6) به القاضي على عاقلة أبيه فإن أباه لا يستطيع أن ينفيه. ولو لم يقض (¬7) القاضي على العاقلة بالجناية حتى قدم أبوه فنفى الولد وهو ابن أم ولد فله ذلك، ويكون على الأب قيمة الولد في ماله إلا أن تكون الجناية أقل من ذلك. وإذا أراد الرجل أن يزوج أم ولده فإنه لا ينبغي أن يزوجها حتى تحيض حيضة وحتى يعلم أحامل (¬8) هي أم لا. فإن زوجها فولدها بمنزلتها. فإن ادعاه عتق الولد، ولا يثبت نسبه إلا من الزوج. وإن جاءت به لأقل من ستة أشهر منذ يوم تزوجها فهو ابن المولى، والنكاح فاسد؛ لأنه زوجها حاملاً (¬9). وإذا استهلكت أم ولد لرجل متاعاً أو حيواناً غير بني آدم أو غصبت شيئاً فإنه دين عليها بالغاً ما بلغ، تسعى (¬10) فيه، ولا يشبه هذا الجناية في بني آدم. وإذا حَرُمَتْ أم الولد على مولاها بوجه من وجوه الحرمة، جامع ابنة لها أو أمها أو جامعها ابنه أو أبوه، فجاءت بولد بعد ستة أشهر ما بينها ¬

_ (¬1) ز: لم ينفيه. (¬2) ز: يشبه. (¬3) ز: حصنها. (¬4) م ز + على. (¬5) ش: ويحصنهما. (¬6) ز: قضا. (¬7) م ش ز + به. (¬8) ش: أحائض. (¬9) ز: حامل. (¬10) ز: يسعى.

وبين سنتين فادعاه، وقال: هذا الحبل كان قبل الحرمة، فإنه يلزم. وإن نفاه ولم يدّعه لم يلزمه. وما جاءت به من ولد بعد ذلك لم يلزمه واحد منهم؛ لأنها قد حرمت عليه. وإذا مات عنها أو أعتقها فعليها ثلاث حيض؛ مِن قِبَل أنها أم ولد وإن (¬1) كانت حراماً. بلغنا عن علي بن أبي طالب وعن عبد الله بن مسعود وعن إبراهيم النخعي وغيرهم أنهم قالوا: إذا مات الرجل عن أم ولده أو أعتقها فعليها ثلاث حيض (¬2). وإذا أعتق الرجل أم ولده ثم جاءت بولد ما بينها وبين سنتين منذ يوم أعتقها فنفاه المولى فإن نفيه باطل، ويلزمه الولد؛ مِن قِبَل أنها حرة قد خرجت من ملكه. وكذلك لو مات عنها المولى. فإن حاضت ثلاث حيض وأقرت بانقضاء العدة ثم جاءت بولد لأقل من ستة أشهر بعد انقضاء العدة فهو منه أيضاً. فإن جاءت به بعد انقضاء العدة لستة أشهر أو أكثر فإنه لا يلزمه. وإذا ولدت أم ولد الرجل ولداً فهو ولده ما لم ينفه. وله أن ينفيه ما لم يقض به قاض (¬3) أو يتطاول ذلك. ولا تشبه (¬4) أم الولد في هذا الأمة والمدبرة. وإن حصنها وطلب ولدها فأيهما ولدت فلا يلزمه حتى يقر به (¬5). وقال أبو يوسف ومحمد: التطاول فى ذلك إلى (¬6) النفاس فيها وفي الزوجة. فإن نفاه في أيام النفاس فهو نفي، ويلزم الولد أمه. وإن نفاه بعد أيام النفاس لزم الولد أباه. ولم يكن له أن ينفيه إلا أن يلاعن (¬7) في الحرة في الوجهين جميعاً. ... ¬

_ (¬1) ش: فإن. (¬2) روي عنهم ذلك في الموت. انظر: الآثار لمحمد، 90؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 144. وروي عن عمر وعمرو بن العاص وإبراهيم النخعي في العتق. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 145 - 146. (¬3) ز: قاضي. (¬4) ز: يشبه. (¬5) نفس العبارة السابقة وردت قبل قليل. (¬6) م ز - إلى. (¬7) ز: أن تلاعن.

باب أم الولد التي لم تلد من صاحبها في ملكه

باب أم الولد التي لم تلد من صاحبها في ملكه وإذا تزوج الرجل أمة فولدت له ولداً ثم فارقها ثم اشتراها يوماً من الدهر أو وهبت له أو ملكها بوجه من وجوه الملك فإنها تكون (¬1) أم ولد له بمنزلة أم الولد التي ولدت في الملك. وكذلك لو قال: تزوجتها وولدت مني، ولا يعلم ذلك فأنكر ذلك (¬2) المولى الذي هي له. فإذا ملكها الذي أقر بهذا فإنها تصير أم ولد له. ولو قال: فجرت بها وولدت مني، ثم ملكها لم تصر أم ولد له. أدع القياس في هذا. وإن ملك ابنها عتق عليه، ولا يثبت نسبه. وإن ملك ابن الأخرى التي وصفنا قبل هذه عتق وثبت (¬3) نسبه منه (¬4). وإذا زوج الرجل أمة له عبده أو عبد (¬5) غيره فولدت منه فادعى المولى الولد فإنه يعتق، ولا يثبت نسبه، وتكون (¬6) أمه بمنزلة أم الولد للمولى. وإذا اشترى الرجل أمة لها ثلاثة أولاد قد ولدتهم في بطن واحد أو في بطون مختلفة فادعى الأول أو الأخير أو الأوسط، فإن كانوا في بطن واحد فإنهم أولاده جميعاً، إقراره ببعضهم إقرار بكلهم. فإن كانوا في بطون متفرقة فالذي ادعى منهم ولده، وبقيتهم رقيق له، إن شاء باعهم؛ لأنهم ولدوا في غير ملكه. وكذلك لو اشترى ابن أم ولد له من غيره لم يعتق؛ لأنه لم يولد في ملكه. ... باب أم الولد بين اثنين وإذا كانت الأمة بين رجلين فولدت ولداً فادعاه أحدهما فإنه ابنه، وهي أم ولد له، وهو ضامن لنصف قيمة الأمة يوم وطئها فعلقت ونصف ¬

_ (¬1) ز: يكون. (¬2) ز - فأنكر ذلك. (¬3) ش: ويثبت. (¬4) ز + ويكون أمه. (¬5) ز: عنده أو عند. (¬6) ز: ويكون.

عقرها. وإذا ادعى الولد أحدهما (¬1) وأعتقها المولى الآخر فخرج الكلام منهما (¬2) جميعا كانت أم ولد لأبي الولد، وبطل عتق الآخر؛ مِن قِبَل أن الولد شاهد، وقد كان قبل المنطق منهما جميعاً. وعلى أبي الولد منهما نصف العقر ونصف القيمة. وإذا كانت الأمة بين أربعة أحدهم حر مسلم والآخر ذمي والآخر عبد والآخر مكاتب فولدت ولداً فادعوه جميعاً معاً فإنه ولد الحر المسلم، وهي أم ولد له، وعليه حصة هؤلاء من قيمتها وعقرها، وعلى الذمي حصة شركائه من العقر مِن قِبَل إقراره بالوطء، وعلى المكاتب مثل ذلك إذا أعتق. ولو كان مكان الحر المسلم عبد مدبر (¬3) فادعوه جميعاً كان الولد ولد الذمي الحر. فإن كانت أمة مسلمة فالولد مسلم على دينها، ويقوّم قيمته فيسعى لها في قيمتها، وعليه من الضمان مثل ما وصفنا من الحر المسلم. بلغنا نحو من ذلك عن إبراهيم النخعي. وإذا لم يكن فيهم ذمي والمسألة على حالها كان ابن المكاتب، وعليه من القيمة ومن العقر بحصة (¬4) أصحابه. ولو لم يكن فيهم مكاتب فادعوه جميعاً لم تجز دعوة العبد، ولا يلزمه النسب؛ مِن قِبَل أن المولى لم يزوجهم، ولم يلزم واحداً منهم مهر حتى يعتق. وإذا أعتق (¬5) لزم كل واحد منهم من المهر حصة أصحابه من العبيد لمواليهم، وحصة غيرهم من الأحرار لأنفسهم (¬6). ولو صدقهم الموالي بالولد وقالوا: كنا أذنا لهم، يثبت نسبه منهم وإن كان هذا ليس بنكاح ولا ملك يمين، وعلى كل واحد منهم حصة أصحابه من العقر. وإذا ولدت الأمة من الرجل ثم اشتراها هو وآخر فإنها أم ولد لأبي الولد، وهو ضامن لصاحبه نصف قيمتها معسراً كان أو موسراً؛ لأن أم الولد لا سعاية عليها. وكذلك لو ورثها هو وصاحبه أو وُهبت لهما أو تُصدق بها عليهما أو ملكاها بوجه من وجوه الملك فإنها تكون أم ولد لأبي الولد، ¬

_ (¬1) م ز: واحدهما. (¬2) ز: منها. (¬3) ز: عبداً مدبراً. (¬4) ش: بعصبه (مهملة). (¬5) م ز: وإذا عتق. (¬6) م ز: من الاخرا ولانفسهم.

ويضمن نصف القيمة لشريكه. فإن ورثا (¬1) معها فكان الشركاء ذوي الرحم المحرم من الولد عتق. وإن كان غير ذي رحم محرم عتق حصة أبيه، ويسعى (¬2) الابن لبقيتهم (¬3) في حصتهم من القيمة. وكذلك لو كانوا اشتروا أو وهب لهم فلا ضمان على أبيه فيه؛ مِن قِبَل أنهم ملكوه معاً، فكان ذلك إذنًا منهم له في ملكه. وهذا قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فيضمن الأب إن كان موسراً نصف القيمة في ذلك كله إذا كان شريكه أجنبياً إلا في الميراث خاصة، فإنه لا يضمن، ويسعى الابن في حصة شركائه. ولو كانت أمة بين رجلين قد ولدت من زوج لها حر فاشترى الزوج حصة أحدهما من الولد وأمه وهو معسر فإنه ضامن لنصف قيمة الأم لشريكه، وهي أم ولد له، ويسعى (¬4) الولد لشريكه في حصته. وإن كان المشتري موسراً كان شريكه بالخيار. إن شاء ضمن (¬5) قيمة الولد. وإن شاء استسعى؛ مِن قِبَل أن المشتري قد أفسد عليه وأدخل عليه الضرر، فلذلك كان عليه الضمان إن شاء. وإذا غرت امرأة رجلاً من نفسها وزعمت أنها حرة فتزوجها فولدت له ولداً ثم جاء المولى وأقام البينة أنها أمته (¬6) فإنه يقضى له بها، وعلى أبي الولد قيمة الولد والعقر. فإن أعتق الجارية مولاها رجع عليها أبو الولد بقيمة الولد. فإن اشترى أبو الولد نصفها من مولاها صارت أم ولد له، وصار ضامناً لنصف قيمتها لمولاها. وإذا كانت الأمة بين (¬7) اثنين فولدت ولداً فادعياه جميعاً فهو ابنهما، يرث منهما ميراث الولد، ويرثانه ميرأث الأب، وتخدم الأم كل واحد منهما ¬

_ (¬1) م ش ز: ورثوا. والتصحيح من الكافي، 1/ 95 و. (¬2) ش: ويسعها. (¬3) ز: لنقيتهم. (¬4) ش: ويسعها. (¬5) م: ضمنه. (¬6) ش - فتزوجها فولدت له ولدا ثم جاء المولى وأقام البينة أنها أمته. (¬7) ز: من.

يوماً. فإن جنى عليهما فلهما أرش ذلك. وإن جنت فعليها ما يكون على مولى أم الولد في الجناية. وإن مات أحدهما عتق نصيبه منها وعتق نصيب الآخر؛ لأن أم الولد لا سعاية عليها. وكذلك إذا أعتق أحدهما نصيبه. وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد: إنها تسعى في نصف قيمتها إن كان المعتق معسراً. وإن كان موسراً ضمن نصف قيمتها أم ولد. وأما في الموت فلا يضمن. بلغنا أن شريحاً كتب إلى عمر في رجلين غشيا أمة فجاءت بولد، فادعياه جميعاً، فكتب إليه عمر أنهما لَبَّسا فلُبِّسَ عليهما، ولو بَينا بُيِّنَ لهما، فهو ابنهما يرثهما ويرثانه، وهو للباقي منهما (¬1). وإذا كانت أم ولد خاصة لرجل فأعتق نصفها فإنه لا سعاية عليها في النصف الباقي وهي حرة. وإذا كانت الأمة بين اثنين فولدت ولدين في بطن واحد أو في بطنين مختلفين فادعى أحد الموليين الولد الأكبر وادعى الآخر الأصغر وكانت الدعوى منهما جميعاً معاً، فإن كانا في بطن واحد فإن الولدين من الموليين جميعاً. فإن كانا في بطنين مختلفين فإن الولد الأكبر للذي ادعاه، وهي أم ولد له، وهو (¬2) ضامن لنصف قيمتها ونصف العقر، وابنها الأصغر يَتْبَعُها فيكون بمنزلتها عند أبي الأكبر، ولا يثبت دعوى الآخر فيه؛ لأنها قد صارت أم ولد الأول. والآخر ضامن لنصف العقر كله. ولا يضمن الولد من قيمة الولد الأول شيئاً؛ مِن قِبَل أن النسب قد ثبت وهي حبلى بالأول، فصارت أم ولد. وهو القياس في هذا. ولكنا نستحسن إذا كانت دعوتهما جميعاً أن نجعل الأصغر ابن الذي ادعاه بالقيمة، ونجعله ابنه، ونجعل عليه قيمته لشريكه، وعليه العقر كاملاً (¬3). ¬

_ (¬1) رواه المؤلف بإسناده. انظر: 4/ 54 ظ؛ 5/ 184 و. وانظر: المصنف لعبد الرزاق، 7/ 360؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 10/ 264؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 291، والدراية لابن حجر، 2/ 88. (¬2) ز: وهي. (¬3) ز: كامل.

وإن كانت الأمة بين رجلين فولدت ولدين في بطن واحد أحدهما حي والآخر ميت فادعى أحدهما الميت وبقي الحي فإن الحي يلزمه، ويكون ابنه مِن قِبَل أنهما في بطن واحد، وتصير أم ولد له. ولو ادعى كل واحد منهما الميت دون الحي ثبت نسبهما منهما جميعاً. وإذا كانت الأمة بين اثنين فقال أحدهما: إن كان في بطنها جارية فهي (¬1) مني، وإن كان غلاماً فليس مني، فولدت للغد من يوم قالا هذه المقالة، فإن كان القول منهما جميعاً فما ولدت من ذلك البطن فهو لهما جميعاً. وإن كان أحدهما سبق الآخر بالقول فما ولدت فهو ولده إن كان غلاماً (¬2). وإن كانت جارية فهو ضامن لنصف قيمتها ونصف العقر، وهي أم ولد له. وإذا كانت الأمة بين اثنين فقال أحدهما: إن كان ما في بطنها غلاماً (¬3) فهو مني إلى سنتين، وقال الآخر بعد ذلك بيوم: إن كان ما في بطنها جارية فهو مني إلى سنتين، فولدت غلامين بعد قولهما جميعاً، فولدت أحدهما (¬4) قبل صاحبه بيوم، والآخر بعد ذلك بثلاثة أيام، أو ولدت أحدهما بعد القول الآخر لسنتين، ثم ولدت الآخر بعد ذلك بيوم، فإن كانت جاءت بهما جميعاً بعد قولهما لتمام ستة أشهر فإنَّه لا يثبت النسب بتلك الدعوة، وهما رقيق لهما. وإذا جاءت بأحدهما لأقل من ستة أشهر من القول وجاءت بالآخر بعد ذلك بثلاثة أيام فهما جميعاً ولد الأول؛ لأنها ولدت الأول لما تلد له النساء منذ أقر به الأول، فالآخر يتبع (¬5) الأول. وإن جاءت بالأول منهما لأقل من ستة أشهر من يوم أقر به الآخر ولأكثر من ستة أشهر منذ يوم أقر به الأول فهما (¬6) جميعاً ولد الآخر. فأيهما ما ألزمته الولد فعليه نصف (¬7) العقر ونصف القيمة. وما ولدت من ولد بعد ذلك فهو يلزم أبا الولد إلا أن ينفيه. وليس له أن ينفيه إذا مضى عليه [ستة] أشهر. ¬

_ (¬1) ز: فهو. (¬2) ز: غلام. (¬3) ز: غلام. (¬4) ز: إحداهما. (¬5) ز: يبيع. (¬6) ز: فيهما. (¬7) ز - نصف.

وإذا كانت الأمة بين اثنين فولدت من رجل سواهما فقال: زوجتمانيها (¬1)، وأقر أحدهما بذلك وقال الآخر: بل بعناك، فإنما يكون نصفها بمنزلة أم الولد، ونصفها رقيق للذي قال: زوجناك، ويعتق نصف الولد حصة الذي أقر بالبيع، ويسعى الولد في نصف قيمته للذي أنكر البيع، ويكون على الواطئ العقر لهما جميعاً. فأما حصة الذي أقر بالنكاح من المهر فهو من حصة النكاح. وأما حصة الذي ادعى البيع فهو له بما ادعى. وإذا مات أبو الولد سعت الجارية للذي أقر بالنكاح في نصف قيمتها. ولو ادعى الزوج الشراء فصدقه أحدهما وقال الآخر: زوجناك، فإنها أم ولد لأبي الولد، وهما ضامنان (¬2) لنصف الثمن للذي صدقه بالبيع، وهو ضامن لنصف القيمة ونصف المهر للذي كذبه. ولو كانت الخادم مجهولة لا تعرف لمن كانت فقال أبو الولد: زوجتماني، فقالا: بعناكها، فإنها أم ولد، وابنها حر مِن قِبَل إقرارهما، وعلى الواطئ قيمته (¬3) لهما. ولو كانت معروفة بأنها لهما كان عليه العقر لهما (¬4). فإن ادعى الواطئ الهبة وادعيا هما البيع والخادم مجهولة لا يدرى لمن كانت فهي أم ولد لأبي الولد، وهو ضامن نفسها؛ مِن قِبَل أنه استهلك خادمها. فإن كانت مجهولة ولا تعرف فقالا: غصبتها، فقال: صدقتما، فإنه لا يصدق على الخادم بعد الذي دخلها من العتق، وهو ضامن لقيمتها لهما. ولو أقرت هي بعد ذلك مع مولاها صُدقت وإن كان بعد العتق. ولو كانت لهما بينة عليها أخذاها، وأخذا ولدها رقيقاً لهما، وعلى الغاصب الجارية الحد إن لم يدع (¬5) شبهة. ¬

_ (¬1) ز: وزجتانيها. (¬2) م ز: ضامن. (¬3) م ز: قيمة. (¬4) بيَّن الحاكم أن هذا رواية أبي حفص وهشام وأنه أصوب، وذكر أن في رواية أبي سليمان أن عليه القيمة. انظر: الكافي، 1/ 95 ظ. (¬5) ز: لم يدعي.

باب مكاتبة أم الولد

ولو ادعى بيعاً أو هبة منهما كان مثل هذا أيضاً، غير أن عليه العقر، ويدرأ عنه الحد. وكذلك لو قال: زوجتماني، وأنكرا. ولا يثبت نسب الولد منه في شيء من هذا. فإن ملك ذلك الولد وملك الأمة كانت أم ولد له، وكان الولد ابناً له. ... باب مكاتبة أم الولد وإذا كاتب الرجل أم ولد له على خدمتها أو على رقبتها فذلك جائز. بلغنا عن إبراهيم النخعي أنه قال ذلك. وإن كاتبها على وصيف أو على شيء مما يكال أو يوزن أو على ضرب من الثياب، فهو جائز. فإن عجزت عن المكاتبة ردت إلى حالها الأولى. فإن أدت المكاتبة عتقت. وهي بمنزلة الأمة في جميع حالاتها وأمرها، ما دامت تسعى في المكاتبة هي بمنزلة الأمة. وإذا مات الرجل قبل أن تؤدي أم الولد مكاتبتها فإنها حرة لا سبيل عليها؛ مِن قِبَل أنها عتقت. ولو أعتقها في حياته (¬1) جاز عتقه وبطل ما عليها. فكذلك إذا مات. وإذا باعها نفسها بألف درهم أو أعتقها على ألف درهم فقبلت ذلك فهي حرة، والمال عليها دين؛ مِن قِبَل أنه لزمها في حياته (¬2). وإذا كاتب أمهات أولاده جميعاً معاً وجعل مكاتبتهن (¬3) إذا أدين عتقن وإذا عجزن رددن في الرق وكَفَّلَ بعضهن (¬4) بعضاً فذلك جائز. ويكتب مكاتبتهن (¬5) كما يكتب (¬6) مكاتبة الإماء والعبيد. ¬

_ (¬1) ش: في جناية. (¬2) ش: في جناية. (¬3) ز: مكاتبتهم. (¬4) م ش ز: وإذا كفل بعض. (¬5) ز: وتكتب مكاتبتهم. (¬6) ز: تكتب.

وإذا كاتب الرجل أم ولد فجاءت بولد في مكاتبتها ثم مات المولى قبل أن يقر به، فإن كانت (¬1) جاءت [به] لأكثر من ستة أشهر فليس بابنه. وإن كانت جاءت به لأقل من ستة أشهر فهو ابن المولى، والمكاتبة وابنها حران. ولو كان المولى حيًّا فوطئ أم ولده بعد المكاتبة فعليه العقر. فإن ادعى الولد فهو ابنه وإن جاءت به لأكثر من سنتين، فهو ابنه إذا ادعاه. وإذا جنت أم الولد جناية بعدما كاتبها فإنها تسعى في الجناية إلا أن تكون قيمتها أقل من ذلك فتسعى في الأقل، ولا يكون على المولى من جنايتها شيء بعد المكاتبة. وإذا جني عليها فإنها تأخذ أرش ذلك فتستعين (¬2) به في مكاتبتها. ولو ماتت وتركت ولداً قد ولدته في المكاتبة كان على ولدها أن يسعى فيما بقي على أمه إذا كان ولداً (¬3) لا يثبت نسبه من المولى. ولو أعتق المولى ولدها في حياتها جاز عتقه؛ مِن قِبَل أنه ليس لها أن تبيعه (¬4). ولو اشترت ابناً لها عبداً كان بمنزلة هذا ليس لها أن تبيعه (¬5)، وعتق المولى فيه جائز. ولو ماتت وتركت ابناً قد اشترته لم يكن له أن يسعى فيما عليها، وتباع (¬6) فيما بقي عليها، وليس هذا كالمولود يولد في المكاتبة. ولو اشترت أباها أو أمها كان بمنزلة ولدها. إلا أن أبا حنيفة قال: أستحسن ذلك في الودد خاصة أنه إن عجل المكاتبة حالة قبلت منه وعتق ولم يسع (¬7) في المكاتبة. ¬

_ (¬1) ز: كاتب. (¬2) ز: فيستعين. (¬3) ز: ولد. (¬4) ز: أن يبيعه. (¬5) ز: أن يبيعه. (¬6) ز: وبباع. (¬7) ز: يسعى.

ولو اشترت أخاها أو عمها أو أختها كان لها أن تبيعهم (¬1). وهذا والأب والأم سواء في القياس. ولكني أستحسن في الأب والأم أن لا تبيعهم (¬2). وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا اشترت ذا رحم محرم منها فهو بمنزلة ولد ولدته في المكاتبة، يسعى (¬3) فيما بقي عليها إذا ماتت، وليس للمكاتبة (¬4) أن تبيعهم. وإذا أسلمت أم ولد النصراني قُوّمت (¬5) قيمة عدل ثم سعت في قيمتها. بلغنا ذلك عن إبراهيم النخعي أنه قال ذلك (¬6). وهي بمنزلة أم ولد المكاتبة إذا كاتبها في جميع أمرها. فإذا مات النصراني وعليها شيء من سعايتها فإنها تعتق (¬7) ويبطل ما عليها. ولو ماتت هي والمولى حي وقد ولدت ولداً في المكاتبة لأكثر من ستة أشهر لم يثبت نسبه من المولى، وكان عليه أن يسعى فيما على أمه. وإذا اختلف الرجل وأم الولد في المكاتبة فالقول قول أم الولد مع يمينها، وتعتق (¬8) إذا أدت ذلك، وعلى المولى البينة على ما يدعي. وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد: إن القول قول المولى، ولا يعتق إلا بأداء ذلك، ويتحالفان ويترادان المكاتبة. وإذا أقاما البينة على ذلك جميعاً أخذت ببينة المولى. فإن أدت ما أقامت عليه البينة عتقت، وكان عليها الفضل؛ لأنه المدعي للفضل. وكذلك إذا كان شهودها يشهدون أنه قال: إذا أديت إلي (¬9) خمس مائة درهم فأنت حرة. وإذا ولدت أم الولد بعد المكاتبة فإنها لا تعتق (¬10)، ولكنها تجبر على السعاية. ¬

_ (¬1) ز: أن يبيعهم. (¬2) ز: يبيعهم. (¬3) ز: تسعى. (¬4) ز: للمكاتب. (¬5) م ش ز: فقومته. (¬6) روي عن الحسن. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 513. (¬7) ز: يعتق. (¬8) ز: ويعتق. (¬9) م ز - إلي. (¬10) ز: لا يعتق.

وإذا زوج الرجل أم ولده فولدت ولداً فكاتب ولدها فهو بمنزلتها لو كاتبها، وهو في جميع ما ذكرنا بمنزلة أمه (¬1). ولو زوجها عبداً له فكاتبهما جميعاً وجعل نجومهما واحدة - إن أديا عتقا وإن عجزا ردا رقيقاً - فهو جائز. فإن ولدت ولداً (¬2) في المكاتبة كان الولد وكسبه وما جني عليه للأم دون الأب؛ لأنه منها. فإن مات المولى عتقت أم الولد وولدها، وكان حصة الزوج من المكاتبة عليهما جميعاً. فإن أدتها أم الولد رجعت بها على الزوج. وإن أداها الزوج فعن نفسه، ولا يرجع على أم الولد بشيء، ويعتق ولد أم الولد مع عتقها. وإذا كاتب أم ولده على ألف درهم على أن يرد عليها وصيفاً فالمكاتبة باطل في قول أبي حنيفة ومحمد. وفيها قول آخر قول أبي يوسف: إن المكاتبة جائزة، وتقسم الألف على قيمة أم الولد وقيمة وصيف وسط، فيبطل ما أصاب الوصيف، وتؤخذ (¬3) أم الولد بما أصابها. ولو ضمن رجل لرجل عن أم ولده المكاتبة كان باطلاً لا يجوز؛ لأنها أمة للمولى، فلا يكفل له بماله. وكذلك بلغنا عن إبراهيم النخعي نحواً من ذلك (¬4). وإذا كاتب الرجل أم ولده فأراد أن يكتب في ذلك كتاباً كتب: "هذا ما كاتب عليه فلان بن فلان أم ولده فلانة الفلانية، كاتبها على كذا كذا درهماً، تؤديها إليه نجوماً في كذا كذا سنة، كل سنة من ذلك كذا كذا، ومحل أول النجوم شهر كذا من سنة كذا، وعلى فلانة (¬5) عهد الله وميثاقه لتنصحن ولتجتهدن حتى تؤدي إلى فلان جميع ما كاتبها عليه، فهي حرة ¬

_ (¬1) م ش ز: أمها. (¬2) ز: ولد. (¬3) ز: ويؤخذ. (¬4) يأتي قريباً بإسناده، لكن لم يبين لفظه. وروى أبو يوسف عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: الكفالة عن المكاتب ليست بشيء؛ لأنه كفل له بماله. انظر: الآثار لأبي يوسف، 196. (¬5) ز: فلان.

باب أمهات أولاد أهل الذمة

لوجه الله تعالى، لا سبيل لفلان ولا لأحد عليها، ولفلان ولاؤها وولاء عقبها من بعدها،. وإن أدت المكاتبة كتبت البراءة على نحو ما كتبت في المدبرة إلا أنك تسمي في ذلك أنها أم ولده. ... باب أمهات أولاد (¬1) أهل الذمة وإذا أسلمت أم ولد النصراني فإن أسلم هو أيضاً فهي على حالها أم ولد. وإن أبى أن يسلم قُوّمت قيمة عدل فسعت في قيمتها. قال: وكذلك بلغنا عن إبراهيم النخعي. وهي بمنزلة الأمة ما دامت تسعى في شيء من قيمتها. فإن أدت عتقت. وإن عجزت لم ترد (¬2) رقيقاً عليه، ولكنها تجبر على السعاية. وجنايتها والجناية عليها كالجناية على المكاتب. وأولادها إذا ولدت في المكاتبة بمنزلتها. وليس لها أن تتزوج (¬3) [إلا] بإذن المولى. ولو لم يقوّمها حتى كاتبها المولى على أكثر من قيمتها فهو جائز ما كاتبها عليه. فإن أدت عتقت. وإن عجزت فردت في الرق قُوّمت قيمة عدل فسعت في قيمتها. ولو أن رجلاً من المسلمين تزوج أم ولد من أهل الكتاب فولدت له ولداً قُوّم الولد قيمة عدل ثم سعى في قيمته؛ لأنه مسلم. وكذلك لو كان زوجها كافراً ثم أسلم. ولو أن مكاتباً من أهل الكتاب اشترى أمة مسلمة فوطئها فولدت له فكانت (¬4) على حالتها ثم عتق قُوّمت قيمة عدل فسعت في قيمتها. وإن عجزت فردت رقيقاً أجبر مولى المكاتب على بيعها. ¬

_ (¬1) م ش ز - أولاد. والزيادة من ع. (¬2) ز: لم يؤد. (¬3) م ز: أن تزوج. (¬4) ز: مكاتب.

باب أمهات أولاد [أهل] الحرب

وإذا قضي على أم ولد (¬1) الرجل من أهل الذمة بالسعاية فإنه يكتب: "هذا كتاب من فلان بن فلان لأم ولده فلانة الفلانية، إنك أسلمت، وإن فلان بن فلان الفلاني قَوَّمك قيمة عدل برضائي ورضائك وتسليمنا، وهو يومئذ قاضي أهل الكوفة، فبلغت قيمتك كذا كذا، فنجّمتها عليك نجوماً في كذا كذا سنة، تؤدي كل سنة من ذلك كذا كذا، ومحل أول النجوم شهر كذا من سنة كذا، وعليك عهد الله وميثاقه لتنصحن ولتجتهدن حتى تؤدي (¬2) جميع هذه القيمة، فإذا أديت إلي ذلك فأنت حرة لوجه الله تعالى، لا سبيل لي ولا لأحد عليك، ولي ولاؤك وولاء عقبك من بعدك". وإن لم تكتب (¬3) فيها: "إن القاضي قَوَّمَك" فلا يضرك ذلك (¬4)، غير أن هذا أوثق لها. وإن أدت إليه المال كله كتب البراءة: "هذا كتاب من فلان بن فلان لأم ولده فلانة الفلانية، إنك أسلمت، وإن فلان بن فلان قَوَّمَك قيمة عدل برضاي ورضاك جميعاً، فبلغت قيمتك كذا كذا، فجعلناها عليك نجوماً في كذا كذا سنة، تؤدين إلي كل سنة من ذلك كذا كذا، وهو يومئذ قاضي أهل الكوفة، ومحل أول هذه النجوم شهر كذا من سنة كذا، وإنك دفعت إلي هذا المال المسمى في كتابنا هذا، وقبضته منك كله، وهو كذا كذا، وبرئت (¬5) إلي منه، وعتقت، فأنت حرة لوجه الله تعالى، لا سبيل لي ولا لأحد عليك، ولي ولاؤك وولاء عقبك من بعدك". ... باب أمهات أولاد [أهل] الحرب وإذا استأمن الرجل من أهل الحرب للتجارة وخرج معه بأم ولد له فليس له أن يبيعها. ألا ترى أنه ليس له أن يبيع (¬6). وإن صار ذميًّا ¬

_ (¬1) ش: أم الولد. (¬2) ز: يؤدي. (¬3) ز: لم يكتب. (¬4) م ز: فلا يضر كذلك. (¬5) ز: وترتب. (¬6) كذا في م ش ز.

باب الغلام الصغير في يد الرجل لم يكن يملك والكبير الذي لم يقر ثم قامت البينة أنه أقر

أو أسلم كانت أم ولد له على حالها. ولو لم يسلم ولم يصر (¬1) ذميا ولكن أم ولده (¬2) أسلمت قُوّمت قيمة عدل فاستسعيت (¬3) في قيمتها، وتكون (¬4) بمنزلة أم ولد الذمي في جميع ما ذكرنا. ولو مات الحربي عتقت وبطل عنها المال. وكذلك لو أن الذمي مات وعليها شيء من السعاية عتقت وبطل عنها السعاية. ألا ترى أنه لو (¬5) قال لها: أنت حرة، أعتقتها وأبطلت عنها السعاية. فكذلك (¬6) موته. وإذا أسلمت أم ولد الحربي (¬7) المستأمن فقُوّمت كتب عليها الكتاب كما يكتب على أم ولد أهل الذمة. وإذا أدت المكاتبة أو السعاية يكتب لها البراءة كما يكتب في أم ولد الذمي. ... باب الغلام الصغير في يد الرجل لم يكن يملك والكبير الذي لم يقر ثم قامت البينة أنه أقر قال: وإذا كان في يد رجل غلام أو جارية صغيرة لا تنطق (¬8) فقال الرجل: هذه أمتي أو هذا عبدي، فهو كما قال بعد أن يكون الصغير لا ينطق (¬9) ولا يعبر عن نفسه، وبعد أن لا يكون له نسب معروف أو أمر يعرف أنه كاذب. ألا ترى (¬10) أنه لو كان في يديه بهيمة أو ثوب فقال: هذا ثوبي أو هذه دابتي كان كما قال. فإن أدرك الصغير فقال: أنا حر، فعليه البينة؛ مِن قِبَل أني جعلته عبداً. فإن كان حين ادعاه المولى يعبر عن نفسه أو ينطق فقال: كذبت بل أنا حر، فهو حر، وعلى المولى البينة (¬11) أنه ¬

_ (¬1) ز: يعد. (¬2) م ش + لو. (¬3) ز: فاستسعى. (¬4) ز: ويكون. (¬5) ز - لو. (¬6) ز: وكذلك. (¬7) ز: وإذا أسلم أم ولذمي. (¬8) ز: لا ينطق. (¬9) م ز: ولا ينطق. (¬10) ز: يرى. (¬11) ز + من قبل.

عبده. فإن أقام البينة أنه عبده وُلد عنده أو اشتراه من فلان وهو يملكه فهو عبده. فإن أقاما جميعاً البينة، أقام العبد (¬1) البينة أنه حر الأبوين معروف الأصل، وأقام المولى البينة أنه عبده ولد عنده من أمته هذه، فإنه يؤخذ ببينة العبد أنه حر فيعتق. أرأيت لو أقام البينة أنه رجل من العرب أو من قريش فأقام البينة على نسب من ذلك معروف أكنت (¬2) أجعله عبداً. لا يكون هذا عبداً أبداً بعد أن قامت البينة بذلك على ما ذكرت. وإذا كان عبد في يدي رجل أو أمة فقال: هذه أمتي أو هذا عبدي، وأنكر العبد ذلك وأنكرت الأمة ذلك، وقال العبد: أنا عبد لفلان، لرجل آخر، فالقول قول المولى الذي في يديه العبد. وإذا كان الصبي في يدي رجلين فادعى كل واحد منهما أنه عبده فهو عبدهما إذا كان لا ينطق ولا يعبر عن نفسه. وإن كان ينطق ويعبر عن نفسه فقال: أنا حر، فهو كما قال. ولو قال: أنا عبد هذا دون هذا، فإنه لا يصدَّق وهو عبد لهما. فإن كان لا ينطق فأقام كل واحد منهما البينة أنه عبده ولد عنده فإنه يقضى به لهما. فإن أقام أحدهما بينة أنه عبده ولد عنده وأقام الآخر البينة أنه ابنه ولد عنده من أم ولده فإنه يقضى (¬3) به للذي أقام البينة أنه ابنه للعتق الذي دخل فيه والنسب. ولو لم يقيما بينة على النسب وأقام كل واحد منهما (¬4) بينة أنه عبده ولد عنده غير أن إحدى البينتين وقّتت (¬5) قبل وقت الأخرى (¬6) فإنه يقضى به للأول (¬7) إذا كان لذلك (¬8) الميلاد (¬9). وإن كان الغلام يعرف على غير ذلك الميلاد (¬10) قضي به للآخر. وإن كان يشك فيه قضي به بينهما نصفان. وإن لم توقت (¬11) واحدة من البينتين وقتاً وشهدوا (¬12) على ¬

_ (¬1) م ش ز: المعتق. (¬2) ز: أكتب. (¬3) ز: ينقضي. (¬4) م ش ز - منهما. والزيادة من ع. (¬5) ز: وقيت. (¬6) ز: الآخر. (¬7) ز: الأول. (¬8) م ش ز: بذلك. والتصحيح من الكافي، 1/ 96 و. (¬9) ش: البلاد. (¬10) ش: بالبلاد (مهملة). (¬11) ز: لم يوقت. (¬12) م ز: ويشهدوا.

الولادة والملك، غير أن إحدى البينتين شهدوا أن المولى أعتق أم هذا الغلام قبل أن تلد (¬1) أو دبرها أو أعتق الغلام وأمه حامل أو دبره فإنه يقضى به لصاحب العتق؛ لأن العتق قبض (¬2) من المعتق، فهو في يديه دون الآخر. ألا ترى (¬3) أن العبد إذا كان في يدي غيرهما فأقام كل واحد منهما البينة أنه عبده غير أن إحدى البينتين شهدا أنه عبده وأنه قد دبره أو أعتقه (¬4) البتة فإنه يقضى به لصاحب العتق. وإذا كان الصبي في يدي رجلين فادعى أحدهما أنه ابنه، وادعى الآخر أنه عبده، ولم يقيما البينة، وهو في أيديهما على حاله (¬5) حتى مات من عملهما بعد هذه المقالة فإنه حر، وهو ابن الذي ادعاه أنه ابنه، وعليهما جميعا الدية على عاقلتهما لأقرب الناس له بعد الذي ادعاه أنه ابنه. وإذا كان الصبي في يدي رجلين كل واحد منهما يدعي أنه "ولد عندي من هذه الأمة" من أمة واحدة، والأمة في يدي أحدهما دون الآخر، وهو (¬6) مقر بالملك، فإن الأمة للذي هي (¬7) في يديه. وأما الابن فهو بينهما نصفان. أرأيت إن كان الصبي في يدي أحدهما والأمة في يدي الآخر وهي مقرة بالملك والذي في يديه الصبي يدعي الصبي والأمة جميعاً ألم يكن مصدقاً على ما في يديه، ولا يدفع الصبي إلى الذي في يديه الأمة، وقد تكون (¬8) الأمة لرجل وابنها لرجل آخر. أرأيت رجلاً في يديه صبي وجدته في يدي رجل آخر أيدفع الصبي إلى مولى جدته. ألا ترى أن الذي هو في يديه يدعيهما. ولو كان أيضاً لا يدعي الأم لم يخرج الصبي من يديه. وإذا كان الصبي في يد رجل فأعتقه وهو يدعي أنه عبده ثم جاء آخر فادعاه أنه عبده فأقام البينة فإن عتق الأول باطل، يدفع الصبي ¬

_ (¬1) ز: أن يلد. (¬2) م ش ز: يقضى. والتصحيح من الكافي، 1/ 96 و؛ والمبسوط، 7/ 173. (¬3) ز: يرى. (¬4) م ز + وأنه قد دبره أو أعتقه. (¬5) م ش ز: على حال. (¬6) ز: وهي. (¬7) ش - هي. (¬8) ز: يكون.

إلى الذي أقام البينة. [فإن أقام الأول البينة] أنه له وُلِدَ عنده قَبْلَ ذلك منه [و] من (¬1) أمته جاز العتق، ولا يكون للآخر فيه شيء. وإذا كان العبد في يدي رجل قد دبره أو أعتقه ثم ادعى رجل (¬2) فأقام البينة أنه له، وأقام الآخر الذي هو في يديه البينة أنه له أعتقه أو دبره وهو يملكه (¬3)، فإنه يقضى به للذي أعتق؛ مِن قِبَل أن هذا حجة للعبد (¬4) والولاء قد لزمه، فلا يبطله ما جاء به الآخر. إن الولاء يلزمه كالنسب. أرأيت إن أقام البينة أنه ابنه فأَعتقتُه (¬5) وأَثبتُ نسبه أكنت أقبل بينته على أنه عبده بعد ذلك. لا أقبل بينته. وإذا كان الصبي في يدي رجل فباعه من رجل فبيعه جائز وهو عبد. فإن ادعى البائع أنه كان أعتقه أو دبره قبل البيع فإنه لا يصدق على ذلك. ولو قال: هذا ابني، ولم يكن ولد عنده، فإنه لا يصدق على ذلك؛ مِن قِبَل البيع الذي جرى فيه. ولو كان ولد عنده ثم قال: هو ابني، كان مصدقاً في ذلك، وكان ابنه، ورد الثمن على المشتري. وإذا كان الصبي في يدي رجل فباعه من رجل وهو صغير (¬6) لا ينطق ثم كبر فأقام البينة أنه حر عتق ولا شيء [عليه] (¬7). فإن كان كبيراً مقراً بالملك وأمر المشتري أن يشتريه وأخبره أنه عبد البائع فاشتراه على ذلك ثم أقام العبد البينة بعد ذلك أنه حر (¬8) عتق. فإن لم يقدر على الذي باعه سعى العبد في الثمن؛ لأنه كان مقراً بالملك فقد غير الذي اشتراه. ثم يرجع بذلك العبد على البائع. ¬

_ (¬1) الزيادتان السابقتان مستفادتان من المبسوط، 7/ 174. (¬2) م ز + قد دبره أو أعتقه ثم ادعى رجل. (¬3) م ش: يملك. (¬4) م ش ز: العبد. والتصحيح من الكافي، 1/ 96 ظ؛ والمبسوط، 7/ 174. (¬5) م ش ز: أعتقته. والمعنى: فحكمتُ بعتقه. (¬6) ش + ثم. (¬7) الزيادة من المصدرين السابقين. (¬8) ش: البينة أنه حر بعد ذلك.

باب أم الولد فيما لا يثبت فيه النسب

وإذا اشترى الرجل من الرجل عبداً صغيراً أو كبيراً مقراً بالملك فأقر المشتري بأنه (¬1) حر وأن البائع قد كان أعتقه فإنه يعتق، ولا يرجع المشتري على البائع بشيء من الثمن، ولا يصدق عليه، وولاء العبد موقوف، وميراثه موقوف. ... باب أم الولد فيما (¬2) لا يثبت فيه النسب وإذا كانت أمة لرجل فزوجها عبداً له فولدت ولداً فادعاه (¬3) المولى فإنه يعتق، ولا يثبت نسبه من المولى، ويثبت من الزوج؛ لأن الولد للفراش. وتكون الأمة أم ولد، إذا مات المولى عتقت. وإذا وقع الرجل على جارية لا يملكها فولدت ولداً فادعى شبهة فقال: قد كنت اشتريتها من صاحبها، أو كان زوجها تزوجها بوجه من وجوه (¬4) الشبهات، وكذبه المولى، فإن النسب لا يثبت، وولدها عبد. فإن ملكها المدعي بعد ذلك [بوجه] من وجوه الملك فهي أم ولد. فإن لم يملك أم الولد وملك الولد فقد ثبت نسبه منه. فإن أعتق (¬5) مولى الذي يملك الولد [الولد] فهو مولاه، ولا يثبت نسبه من الآخر أبداً إلا أن يكون الابن مقراً بذلك. وإذا زنى الرجل بجارية فأقر أنه قد زنى بها وأنها قد ولدت منه فإنه لا يثبت نسب الولد منه. وإن ملك الولد بعد عتق بذلك القول، ولا يثبت نسبه منه؛ مِن قِبَل أنه زنى. وإن ملك الأمة بوجه من وجوه الملك فإنها أمة يبيعها إن شاء، ولا تكون أم ولد له؛ مِن قِبَل أن ولدها لِزِنْيَة (¬6). ¬

_ (¬1) ز: فإنه. (¬2) ز - فيما. (¬3) م ش ز: فادعى. والتصحيح من الكافي، 1/ 96 ظ؛ والمبسوط، 7/ 175. (¬4) ز: من الوجوه. (¬5) م: فااعتق؛ ش ز: فأعتق. والتصحيح من الكافي، 1/ 96 ظ. (¬6) يقال: هو ولد زنية، والزنية بفتح الزاي وكسرها. انظر: المغرب، "زنى".

وإذا وطئ الرجل جارية لبعض ولده صغيراً كان أو كبيراً فعلقت منه وادعى الولد فهي أم ولد له، وولدها منه ثبت (¬1) نسبه منه، وهو ضامن لقيمة الجارية. وإن كذبه لم ينظر إلى قوله ذلك. وإن تزوجها تزويجاً فولدت له ولداً فالولد ثابت النسب منه، والأمة أمة على حالها لمولاها. وإن ملكها الأب يوماً من الدهر صارت أم ولد له، والنكاح في هذا الباب والباب الأول سواء في القياس، غير أني أخذت في الباب الأول بالاستحسان. وإذا ولدت أمة الرجل ولدا فادعاه أبوه أنه منه فهو مصدق، وهو ابنه، وهو ضامن لقيمتها. فإن ادعياه جميعاً فإن نسبه يثبت من الابن لأنه هو المولى، ولا يثبت نسبه من الأب. قال: وإذا وطئ الرجل أمة لمكاتبه فولدت ولداً فادعاه وصدقه المكاتب فهو ولده، وهي له بالقيمة، وعليه العقر. فإن ملكها يوماً من الدهر كانت أم ولد له. وإن كذبه المكاتب لم تكن أم ولد. فإن ملكه يوماً من الدهر أو ملك أمه كانت أم ولد له، وثبت (¬2) نسبه منه. وإذا وطئ الرجل مكاتبة مكاتبه (¬3) فولدت ولداً فادعاه المولى الأول فإن صدقه المكاتب الآخر فهو ابنه، وعليه العقر، ولا قيمة عليه فيه، ويكون بمنزلة أمه يعتق بعتقها ويرق برقها، ويأخذه (¬4) أبوه إذا عجزت بالقيمة. وإن كذبته فإنه لا يكون ابنه. وإن عجزت فردت في الرق فملكها المولى يوماً من الدهر كانت أم ولد له. وإن ملك ولدها ثبت (¬5) نسبه منه. ومكاتبة المكاتبة في ذلك سواء. وكذلك إن كانت المكاتبة الأولى أم ولد أو مدبرة. وإذا وطئ الرجل جارية لامرأته أو جارية لابنه (¬6) فولدت منه ولداً فادعى الولد وقال: ظننت أنها تحل لي، فإنه يدرأ عنه الحد، ولا يثبت ¬

_ (¬1) ز: يثبت. (¬2) م ز: ويثبت. (¬3) ش: وإذا وطئ الرجل مكاتبته. (¬4) م ز: ويأخذ. (¬5) ز: يثبت. (¬6) ز: لأبيه.

النسب منه. فإن ملك الولد يوما من الدهر - وقَوْمٌ معه - عتق، وسعى في حصة شركائه، ولا يثبت نسبه من الواطئ؛ لأنه لم يدع (¬1) شبهة. وإن ملك أمه يوماً من الدهر لم تكن (¬2) أم ولد له. وإن ادعى شبهة في ملك الولد عتق وثبت نسبه منه. فإن ملك أمه يوماً من الدهر كانت أم ولد له، وضمن حصة شركائه، فتكون (¬3) أم ولد له (¬4)؛ مِن قِبَل أنه ليس بزنى. فكل أمة قد ولدت من رجل فدرئ (¬5) عنه الحد لشبهة ادعى التزويج ونحوه فمتى (¬6) ما ملكها فهي أم ولد له. فإن كان معه شريك ضمن حصة شريكه؛ لأن أم الولد لا تسعى في هذا الباب. وإذا وطئ الرجل جارية امرأته أو جارية أمه أو جارية أبيه أو جارية رجل غير هؤلاء ثم قال: أَحَلَّها لي وهذا الولد ولدي، وصدقه المولى بأنه قد أحلها له وكذبه (¬7) في الولد فإن نسب الولد لا يثبت؛ لأن الإحلال ليس بنكاح، ولا ملك يمين، فلا يحل له أن يطأها. فإن ملك الأمة يوماً من الدهر أو ملك ولدها ثبت نسب الولد منه في الإحلال، ولا يثبت نسبه منه في غير ذلك. فإن صدقه المولى بأن الولد ابنه فهو ابنه في الإحلال وإن لم يملكه، وكانت الأمة أمة لمولاها على حالها، والولد عبد المولى على حاله. وإذا كان مولى الأمة ذا رحم محرم من الولد عتق بقرابته منه. وإذا وطئ الرجل جارية أبيه فولدت منه ثم ادعى أن أباه أحلها له وأن الولد له وكذبه الوالد فإن نسبه لا يثبت. فإن مات الأب فورثها الابن والأخ له جميعاً فإنها أم ولد لأبي الولد، وهو ضامن لنصف قيمتها لأخيه، والابن ثابت النسب من الأب، ولا يسعى لعمه في نصف قيمته؛ مِن قِبَل أن نسبه قد ثبت. وكذلك لو وطئ جارية امرأته ثم ولدت فقال: أحلتها لي، وادعى ¬

_ (¬1) ز: لم يدعي. (¬2) ز: لم يكن. (¬3) ز: فيكون. (¬4) ز - له. (¬5) ز: يدرى. (¬6) ش: حتى. (¬7) ز: فكذبه.

باب عتق المدبر

الولد وكذبته المرأة، فإن الولد لا يثبت نسبه منه (¬1)، ولا تجوز دعوته. فإن ماتت كان حالها وحال ولدها كحال التي قبلها. وإذا ادعى الرجل ولد أمة لا يملكها، وادعى أنه قد كان ملكها بشراء أو هبة أو صدقة أو غير ذلك، وولدها ذلك من زوج معروف، فإنه لا يصدق على الولد وإن صدقه المولى، ومتى ما ملك الأمة فهي أم ولد له. فإن أقام البينة على الشراء أو الهبة أو الصدقة، ولا يدرى أكان (¬2) قبل النكاح أو بعده، فإن الولد للزوج؛ لأنه في يديه. ويقضى بالأمة لهذا الذي أقام البينة، وتكون (¬3) أم ولد له. فإن شهد الشهود أنه اشتراها من قبل أن تلد قضي بها له، وكان الولد حرا، وهو ابن الزوج على حاله؛ إلا أن يقيم هذا البينة أنه اشتراها قبل أن يزوجها المولى وأن الولد ولد قبل النكاح، فيكون الولد ابنه ثابت النسب منه. وإذا كانت الأمة في يدي رجل فادعاها رجلان، كل واحد منهما يقيم البينة أنه اشتراها منه ونقد الثمن وقبضها وأنها ولدت منه هذا الولد، فإن علم أيهما أول قضي للأول، وولدها ابنه، وهي أم ولد له، ويرد البائع الثمن على الآخر. فإن لم يعلم أيهما أول فهي أم ولد لهما، وولدها ابنهما، ويرد البائع على كل واحد منهما نصف الثمن. فإن كان في يد أحدهما فهي أم ولد له، وابنها ابنه، ويرد البائع الثمن على الآخر إلا أن يقيم البينة أنه أول. ... باب عتق المدبر محمد عن أبي يوسف عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن أبي جعفر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ألا إنما باع خدمة المدبر ولم يبع رقبته" (¬4). ¬

_ (¬1) ش - منه. (¬2) ز: كان. (¬3) ز: ويكون. (¬4) التمييز لمسلم بن الحجاج، 196؛ وكتاب السنن لسعيد بن منصور، 1/ 154؛ وسنن الدارقطني، 4/ 138؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 10/ 312؛ والدراية لابن حجر، 2/ 87.

محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن أبي جعفر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله. محمد عن أبي يوسف عن أشعث بن سوار عن عامر الشعبي عن علي بن أبي طالب وشريح أنهما قالا: المدبر من الثلث (¬1). وعن أبي يوسف عن أشعث بن سوار ومحمد بن سيرين عن شريح أنه قال: هو وصية (¬2). وعن أبي يوسف عن الأعمش عن إبراهيم أنه قال: المدبر من الثلث (¬3). محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: هو من جميع المال (¬4). وعن أبي يوسف وعن غالب بن عبيد الله عن الحسن أنه قال: المدبر من الثلث (¬5). وعن أبي يوسف عن الحجاج بن أرطأة عن الحكم عن شريح أنه قال: لا يباع المدبر، ولا يورث، ولا يمهر، وإن كانت أمة فولدها بمنزلتها (¬6). وعن أبي يوسف عن عبد الملك بن إسحاق عن عامر عن شريح أنه قال: المدبر من الثلث، وأن مسروقاً قال: لصاحبه الثلث بعد المدبر (¬7). ¬

_ (¬1) المصنف لعبد الرزاق، 9/ 137؛ وكتاب السنن لسعيد بن منصور، 1/ 157. (¬2) روي ذلك عن ابن سيرين وعمر بن عبد العزيز. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 9/ 138. (¬3) المصنف لعبد الرزاق، 9/ 137؛ وكتاب السنن لسعيد بن منصور، 1/ 158. (¬4) كتاب السنن لسعيد بن منصور، 1/ 158. (¬5) كتاب السنن لسعيد بن منصور، 1/ 158. (¬6) روي عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "المدبر لا يباع ولا يوهب، وهو حر من الثلث". لم يسنده غير عبيدة بن حسان، وهو ضعيف، وإنما هو عن ابن عمر موقوف من قوله. انظر: سنن الدارقطني، 4/ 138. ورويت الجملة الأخيرة عن شريح. انظر: كتاب السنن لسعيد بن منصور، 1/ 156. (¬7) المصنف لعبد الرزاق، 9/ 137؛ وكتاب السنن لسعيد بن منصور، 1/ 157.

أبو يوسف عن ابن أبي ليلى عن عطاء بن أبي رباح قال: دبر رجل عبده فاحتاج، فباعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بثمانمائة درهم (¬1). فلما اختلفوا في الرواية عنه أخذنا بما اجتمع عليه أهل الكوفة أنه لا يباع. محمد عن أبي حنيفة عن عطاء بن يسار عن ابن عمر أنه كانت له أمتان (¬2)، فأعتقهما عن دبر، وكان يطؤهما (¬3). محمد عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال: إذا أعتق الرجل أمته عن دبر فله أن يطأها، ولا يبيعها، ولا يهبها، فما ولدت فهو بمنزلتها، وهو لهما جميعاً (¬4). وعن أبي يوسف عن هشام بن عروة عن عائشة أنها حلفت أن لا تكلم عبد الله بن الزبير فتشفع (¬5) عليها حتى كلمته، فأعتق عنها ابن الزبير خمسين رقبة في كفارة يمينها. محمد عن أبي يوسف عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن عائشة أنها أعتقت عن عبد الرحمن بن أبي بكر بعد موته عبيداً من تِلاَده (¬6). وإذا قال الرجل لمملوكه: أنت حر بعد موتي، أو أنت حر إذا مت، أو أنت حر إن مت، أو أنت حر متى ما مت، أو أنت حر إن حدث بي حدث، فهذا كله باب واحد، وهو مدبر. وكذلك إذا قال: أنت حر يوم أموت. فإن نوى النهار دون الليل فإنه ليس بمدبر. وإذا أراد الرجل أن يكتب عتقاً عن دبر كتب: "هذا كتاب من ¬

_ (¬1) روي عن عطاء بن أبي رباح عن جابر - رضي الله عنه -. انظر: صحيح البخاري، البيوع، 59؛ وصحيح مسلم، الأيمان، 58 - 59. (¬2) ز: أمتين. (¬3) الموطأ، المدبر، 4؛ والآثار لأبي يوسف، 137؛ والمصنف لعبد الرزاق، 9/ 148؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 313؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 10/ 315. (¬4) الموطأ، المدبر، 5؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 10/ 315. وبعضه في المصنف لعبد الرزاق، 9/ 148؛ والمصنف لابن أبى شيبة، 4/ 313. (¬5) ز: فيشفع. (¬6) المصنف لعبد الرزاق، 9/ 61.

فلان بن فلان لمملوكه فلان الفلاني، إني أعتقتك عن دبر مني لوجه الله تعالى وطلب ثوابه، فإذا أنا مت فأنت حر لوجه الله تعالى، ولي ولاؤك وولاء عقبك من بعدك". فإن كتب في كتابه: "أعتقتك وأنا يومئذ صحيح لا علة بي من مرض ولا غيره" أو لم يكتب ذلك فهو سواء، إنما يعتق من الثلث. ولا يكتب في كتابه: "لا سبيل لأحد عليك"؛ لأنه لا يدري لعل الثلث لا يتم بعتقه، فيكون عليه السعاية للورثة. وقال محمد: يكتب: "لا سبيل لأحد عليك إلا سبيل السعاية". وإذا أعتق الرجل أمته عن دبر وهي حبلى أو غير حبلى فحبلت بعد التدبير فولدت فإن ولدها بمنزلتها، يعتق معها من الثلث. وإذا قال الرجل لعبده: إن حدث بي حدث من مرضي هذا أو من سفري هذا فأنت حر، فإن هذا لا يكون مدبراً. فإن مات في ذلك الوجه أو من ذلك المرض عتق العبد من ثلثه. وإن مات بعد رجوعه من ذلك السفر أو بعد البرء من ذلك المرض فإن العبد لا يعتق، وله أن يبيعه قبل أن يبرأ وقبل أن يقدم من سفره إن شاء. وكذلك لو قال: إن قتلت (¬1) فأنت حر. وكذلك إن قال: إن مت بوجع (¬2) كذا كذا فأنت حر، فإنه لا يكون مدبراً. كل شيء وصفه من الموت لا يعلم أنه يموت به فإنه لا يكون بذلك مدبراً، وله أن يبيعه إن شاء. وإن مات من تلك الصفة والعبد عبده (¬3) فهو حر من ثلثه. وكذلك إذا قال: إذا مت في بلاد كذا كذا فأنت حر، فهو بمنزلة هذا. وإذا قال الرجل لعبده أو لأمته: أنت حر بعد موت فلان، فإنه لا يكون مدبراً. ألا ترى (¬4) أن فلاناً لو مات والمولى حي عتق العبد، فكيف يكون مدبراً يعتق في حياة مولاه من غير الثلث؛ وأن مولاه لو مات قبل الرجل كان العبد لورثته يورث ويقسم، فكيف يكون مدبراً وسهام الورثة جرت (¬5) فيه. ¬

_ (¬1) ز: إن قبلت. (¬2) ز: برجع. (¬3) ز: عنده. (¬4) ز: يرى. (¬5) م ش ز: جرى.

وإذا قال له: أنت حر بعد موت فلان وموتي، أو بعد موتي وموت فلان، فهو سواء، ولا يكون مدبراً، وله أن يبيعه إن شاء. فإن مات المولى قبل فلان كان للورثة أن يبيعوه. وإن مات فلان قبل المولى كان مدبراً، ليس للمولى أن يبيعه. ألا ترى أنه لو قال: أنت حر بعد كلامك فلاناً (¬1) وبعد موتي، فكلم فلاناً كان مدبراً (¬2). وكذلك لو قال له: إذا كلمت فلاناً فأنت حر بعد موتي، فكلمه فإنه يكون مدبراً. وإذا قال لعبده: أنت حر بعد موتي إن شئت، فإن هذا لا يكون مدبراً. فإن كان المولى ينوي بالمشيئة "إن شئت الساعة" فشاء العبد ذلك ساعتئذ، فهو حر بعد موته من الثلث. وإن كان ينوي بالمشيئة بعد الموت فليس للعبد مشيئة حتى يموت المولى. فإن مات المولى فشاء ساعتئذ عند موته فهو حر من ثلثه بغير تدبير. وإذا قال لعبده: أنت حر بعد موتي بيوم أو بشهر أو بأكثر من ذلك، فإن هذا لا يكون مدبراً، وللمولى أن يبيعه. فإن اشتراه بعد بيعه أو لم يبعه حتى مات المولى فإنه يعتق من ثلثه بعدما يمضي الوقت الذي سمى بعد موته، ولا يعتق حتى تعتقه (¬3) الورثة. وإذا قال الرجل: كل مملوك لي حر بعد موتي، فما كان في ملكه يوم قال هذه المقالة فهو مدبر، وما دخل في ملكه بعد هذه المقالة من مملوك فإنه لا يكون مدبراً، وله أن يبيعه. ولكنه إن مات وهو ملكه عتق من ثلثه مع المدبرين. وكذلك إذا قال: كل مملوك لي إذا مت فهو حر، مثل ذلك أيضاً. فإن كان مملوكاً بينه وبين آخر في ملكه يوم قال هذه المقالة فإنه لا يعتق؛ من قبل أنه ليس بمملوك تام له. وكذلك لو قال: كل مملوك لي حر البتة، وله مملوك بينه وبين آخر، لم يعتق. ¬

_ (¬1) ز: فلان. (¬2) ش - ليس للمولى أن يبيعه ألا ترى أنه لو قال أنت حر بعد كلامك فلانا وبعد موتي فكلم فلانا كان مدبراً. (¬3) ز: يعتقه.

وإذا قال: كل مملوك لي حر يوم أموت أو حر الساعة، وله رقيق رجال ونساء وأمهات أولاد ومكاتبون (¬1)، فإن هذا العتق يجري عليهم كلهم، ما خلا المكاتبين فإنهم لا يدخلون فيهم. فإن قال: نويت الرجال منهم دون النساء، فإنه لا يصدق في القضاء، ويصدق فيما بينه وبين الله تعالى. وإن قال: نويت المكاتبين، فهم أحرار كلهم. وإذا أعتق الرجل مملوكه عن دبر منه فله أن يؤاجره وأن يستغله، وليس له أن يرهنه (¬2)، وله أن يزوجه (¬3). وإن كانت أمة زوجها إن شاء، ومهرها له (¬4). وجناية المدبر على مولاه فيما بينه وبين قيمته. فإن زاد أرش الجناية على القيمة لم يلحق المولى من ذلك إلا قدر القيمة. وإن جنى مرة أخرى اشتركوا في تلك القيمة. ولا يلحق المولى بعد القيمة الأولى من الجناية شيء. وما أفسد من متاع أو مال أو عروض فهو دين في رقبته، يسعى فيه بالغاً ما بلغ، وليس هذا كالجناية في بني آدم، الجناية يدفع بها لولا (¬5) التدبير. وهذا لا يدفع شيء منه. فلذلك اختلف. وكذلك هذا في أم الولد. وإذا جني على المدبر فجرح (¬6) جراحة فعلى جارحه في ذلك مثل ما عليه لو كان عبداً، وذلك كله لمولاه. ولا تجوز (¬7) شهادة المدبر؛ لأنه عبد. ولا يجوز نكاحه ولا بيعه ولا شراؤه ولا عتقه ولا هبته ولا صدقته -لأنه عبد - إلا أن يأذن له مولاه. وإذا قال الرجل لعبده: أنت مدبر، أو قال لأمته: أنت مدبرة، فإنهما مدبران جميعاً. أرأيت لو كان أعجمياً لا يفصح بالتدبير فقال هذه المقالة أما كان يكون مدبراً. ¬

_ (¬1) ز: ومكاتبين. (¬2) ز: أن يزوجه. (¬3) ز: أن يزوجنه. (¬4) ز - له. (¬5) م ش ز: الولا. (¬6) ز: فحرج. (¬7) ز: يجوز.

وإذا قال الرجل لعبدين له: أنتما حران بعد موتي إن دخلتما هذه الدار، فدخل أحدهما ومات الآخر فإنه لا يكون مدبراً؛ مِن قِبَل أنهما لم يدخلا جميعاً. وكذلك لو قال: إن شئتما فأنتما مدبران، فمات أحدهما قبل أن يشاء فإن الباقي لا يكون مدبراً. وإذا دبر الصبي عبده فإن تدبيره لا يجوز. وكذلك لو قال: إذا أدركت فأنت حر بعد موتي. وكذلك المجنون يعتق (¬1) في حال جنونه. وكذلك المعتوه المغلوب. فأما السكران فإن عتقه وتدبيره جائز. وكذلك المستكره عتقه وتدبيره جائز (¬2). فأما المكاتب فإن دبر أو أعتق فإنه لا يجوز. وكذلك العبد يعتق أو يدبر. وكذلك المدبر وأم الولد إذا دبرا أو أعتقا فإن تدبيرهما وعتقهما (¬3) باطل. ولو قال العبد: إذا أعتقت فكل مملوك أملكه بعدما أعتق فهو مدبر أو (¬4) حر، ثم عتق ثم ملك مملوكاً كان حراً كما قال. ولو لم يقل: إذا أعتقت، ولكنه قال: كل مملوك أملكه إلى خمسين سنة فهو مدبر، ثم أعتق قبل الأجل ثم ملك مملوكاً فإنه لا يكون مدبراً؛ مِن قِبَل أنه قال القول وهو عبد. وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر: إنه يكون مدبراً. وهو قول أبي يوسف ومحمد. ولو كان قال: حر البتة، كان هذا (¬5) مثل الباب الأول في قولهما؛ مِن قِبَل أنه قال: كل مملوك أملكه، فإنما عتق بعد الملك. وإذا قال الرجل لأمة: إذا ملكتك فأنت حرة أو مدبرة، فولدت ولداً ثم اشتراهما جميعاً فإن الأم تعتق (¬6) على ما قال، ولا يعتق الولد؛ لأنها ولدته وهو لا يملكها، وإنما وقع العتق عليها بعدما ملكها وبعد الولادة. ¬

_ (¬1) ش ز: يفيق. (¬2) ش - وكذلك المستكره عتقه وتدبيره جائز. (¬3) م ز: أو عتقهما. (¬4) ش - مدبر أو. (¬5) ز + قول آخر إنه يكون مدبراً وهو قول أبي يوسف ومحمد ولو كان قال حر البتة كان هذا. (¬6) ز: يعتق.

وإذا قال الرجل للرجل: دبر عبدي، فأعتقه البتة فإنه لا يجوز؛ لأنه خالف. وإذا جعل الرجل أمر عبده إلى صبي فقال: دبره إن شئت، فدبره الصبي فهو جائز. وإن قام من ذلك المجلس قبل أن يدبره فليس له تدبير بعد ذلك. وكذلك لو جعل أمره إلى مجنون مغلوب أو إلى صحيح فهو سواء. وإن جعل أمره إلى رجلين فدبره أحدهما ولم يدبره الآخر فإنه لا يجوز. وإذا قال الرجل للرجلين: دبرا عبدي، فدبره أحدهما، فإنه جائز؛ مِن قِبَل أنهما هاهنا رسولان (¬1). وله أن ينهاهما. وهما في الباب الأول الأمر (¬2) إليهما، ليس له أن ينهاهما. وإذا دبر الرجل عبده فقال: قد دبرتك، فهو مدبر، وقوله: "قد دبرتك" و"أعتقتك عن دبر مني" (¬3) سواء. وإذا أعتق الرجل أمته عن دبر فولدت ولداً فاختلفا في الولد فقال المولى: ولدتيه قبل التدبير، وقالت هي: ولدته بعد التدبير، فإن القول قول المولى مع يمينه، وعلى الخادم البينة. فإن أقاما جميعاً البينة فإن البينة بينة الخادم؛ لأنهم يشهدون على العتق. وإذا مات الرجل وترك مدبراً لا مال له غيره وعلى المولى دين مثل قيمة المدبر فإن المدبر يسعى في قيمته، ولا يباع المدبر. وإن كان الدين أقل من قيمته سعى في الدين وفي ثلثي ما بقي من قيمته بعد الدين للورثة. ولا تجوز شهادة المدبر ما دام يسعى في شيء من قيمته، [و] هو بمنزلة العبد في جنايته والجناية عليه في قول أبي حنيفة. وإن كانت أمة فولدت ولداً ثم ماتت الأمة فعلى ولدها أن يسعى فيما على أمه، وحال الولد مثل (¬4) العبد في شهادته وجنايته والجناية عليه. وإن كان المولى مات وهي حبلى أو حبلت بعد موته فهما سواء. ¬

_ (¬1) ز: رسولين. (¬2) م ش ز: للأمر. (¬3) م ز - مني. (¬4) ز + حال.

باب المدبر بين اثنين

وإذا دبر الرجل عبده أو أمته في مرضه أو في صحته فهو سواء، وهو من الثلث. فإن كان يوم أعتقه ليس له مال غيره ثم مات وله مال يخرج من ثلثه عتق، ولا سعاية عليه. وإن كان يوم أعتقه له مال ومات يوم مات وليس له مال غيره عتق ثلثه، وسعى في ثلثي قيمته. إنما ينظر إلى حاله يوم يموت، فيعتق من ثلثه يومئذ. وإذا دبر الرجل عبده ثم ذهب عقله بعد ذلك ثم مات فالتدبير جائز من الثلث. ولو قال: يوم أدخل الدار فعبدي هذا حر بعد موتي، ثم ذهب عقله ثم دخل الدار كان مدبراً من ثلثه؛ لأنه قال هذه المقالة وهو صحيح. ولو قال هذه المقالة وهو معتوه ثم صح فدخل الدار لم يعتق، ولا يكون مدبراً؛ لأنه حلف، ولا يجوز ذلك عليه. ... باب (¬1) المدبر بين اثنين وإذا كانت الأمة بين رجلين فدبرها أحدهما فإن الآخر بالخيار. إن شاء دبر. وإن شاء استسعى (¬2) الأمة في نصف قيمتها. وإن شاء ضمن صاحبه إن كان موسراً. وإن شاء تركها على حالها. فإن أعتق البتة وهو موسر فإنه يضمن لشريكه نصف الخدمة إن شاء ذلك الشريك. وإن شاء الشريك استسعى الخادم في ذلك، والولاء بينهما نصفان (¬3). ونصف قيمة الخدمة [هو] (¬4) نصف قيمة الأمة مدبرة. وإذا كانت الأمة بين رجلين فدبرها أحدهما فاختار الآخر أن يضمن ¬

_ (¬1) م ش ز: كتاب. وعند الحاكم والسرخسي: باب تدبير العبد بين اثنين. انظر: الكافي، 1/ 97 و؛ والمبسوط، 7/ 186. (¬2) ش - استسعى. (¬3) ز: نصفين. (¬4) الزيادة مستفادة من الكافي، 1/ 97 و.

صاحبه وهو موسر فله ذلك، والتي دبرها نصفها مدبر له ونصفها رقيق، إن شاء وطئها. وإن شاء أن يؤاجرها [فله ذلك]، وليس له أن يبيعها، ولا يمهرها. فإذا مات وله مال فإن نصفها يعتق بالتدبير، وتسعى (¬1) في نصف قيمتها. فإن لم يكن له مال غيرها عتق ثلثها وسعت في ثلثي قيمتها. وهذا كله قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا كانت الأمة بين رجلين فدبرها (¬2) أحدهما فهو ضامن لنصف قيمتها لشريكه موسراً كان أو معسراً، والجارية كلها للذي دبرها. بلغنا أن رجلاً على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - أعتق عبداً له في مرضه لم يكن له مال غيره، فأمره (¬3) النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يسعى في ثلثي قيمته، وأجاز له الثلث (¬4). وإذا كانت الأمة بين اثنين فدبرها أحدهما فاختار شريكه أن يستسعيها في نصف قيمتها فله ذلك. فإن استسعاها فعتقت كان شريكه بالخيار. إن شاء استسعى الأمة في نصف قيمتها مدبرة. وإن شاء أعتقها. وليس له أن يضمن شريكه إن كان موسراً. والولاء بينهما؛ مِن قِبَل أن كل واحد منهما قد أعتق. وهذا قول أبي حنيفة - رضي الله عنه -. وإذا كانت الأمة بين اثنين فقالا لها جميعاً: أنت حرة بعد موتنا، فإن هذه لا تكون (¬5) مدبرة؛ مِن قِبَل أنها لا تعتق (¬6) بموت أحدهما دون الآخر. ألا ترى أن أحدهما لو قال لنصيبه منها: هو حر بعد موتي وموت فلان، لم يكن ذلك تدبيراً لها، وكان له أن يبيع حصته إن شاء. وكذلك الآخر. ولكن إن قالا هذه المقالة فمات أحدهما (¬7) فإن نصيب الباقي مدبر، وورثة الميت بالخيار. إن شاءوا دبروا. وإن شاؤوا أعتقوا. وإن شاؤوا تركوها على حالها في قياس قول أبي حنيفة. وإن شاؤوا استسعوا. وإن شاؤوا ضمنوا الشريك إن كان موسراً. ¬

_ (¬1) ز: ويسعى. (¬2) ز: فدبر. (¬3) ز: فأمر. (¬4) تقدم في أول هذا الكتاب. (¬5) ز: لا يكون. (¬6) ز: لا يعتق. (¬7) ش - فمات أحدهما.

وإذا كانت الأمة بين اثنين فدبر كل واحد منهما نصيبه منها كانت مدبرة بينهما. فإذا مات أحدهما عتق نصيبه منها من ثلثه، وسعت للآخر في نصف قيمتها مدبرة. فإن مات الآخر قبل أن يفرغ من السعاية وله مال يخرج نصيبه من ثلثه عتق نصيبه منها، وبطلت عنها السعاية، وهي بمنزلة الأمة في سعايتها وجنايتها والجناية عليها ما دام عليها شيء من السعاية، وولدها بمنزلتها في قياس قول أبي حنيفة. وإذا كانت الأمة بين اثنين فأعتق كل واحد منهما نصيبه منها عن دبر منه ثم ولدت ولداً فهو مدبر بينهما على حال أمه. فإن ادعى أحدهما الولد فإنه ينبغي في القياس أن لا يثبت نسبه منه لما دخل من العتق فيه؛ مِن قِبَل الآخر. ولكني أدع القياس وأستحسن فأجعله ابن الذي ادعاه، وأجعل عليه نصف العقر ونصف قيمة الولد مدبراً يوم ولد. وكذلك لو ادعاه وهي حبلى فولدت كان القول فيه كذلك. فإن ولدته ميتاً فلا ضمان عليه فيه؛ مِن قِبَل أنها ولدته ميتاً. فإن ضرب إنسان بطنها فألقته ميتاً بعد الدعوة بشهر أو بأقل من ستة أشهر فعلى الجاني في قياس قول أبي حنيفة مما (¬1) في جنين الأمة عشر قيمتها إن كانت جارية. وإن كان غلاماً فنصف عشر قيمته لأبي الولد، وعلى الولد نصف عشر قيمتها إن كانت جارية لشريكه. وإن كان غلاماً (¬2) فربع عشر قيمته، وعليه نصف العقر، وإنما ضمّنتُه هاهنا ما ضَمّنتُه في الولد؛ لأنه أخذ له أرشاً. ولو لم يأخذ له أرشاً لم يضمن؛ لأنه وقع ميتاً. والمدبرة على حالها في خدمتها تخدم (¬3) كل واحد منهما يوماً. فإن ولدت آخر بعد ذلك فادعاه أبو الولد فإنه ابنه أيضاً، وهو حر، وعليه نصف قيمة الولد مدبراً للشريك، وعليه نصف العقر أيضاً؛ مِن قِبَل أن هذا الواطئ (¬4) ¬

_ (¬1) م ش ز: ما. (¬2) ز - فنصف عشر قيمته لأبي الولد وعلى الولد نصف عشر قيمتها إن كانت جارية لشريكه وإن كان غلاماً. (¬3) ز: يخدم. (¬4) ز: الوامل.

الثاني. ألا ترى أنه لا يحل له أن يطأها. ولو جنى هذا الولد جناية بعدما (¬1) أعتق كان على عاقلتها نصفين بعد أن يكون خطأ، وولاء الولد بينهما؛ مِن قِبَل الذي دخله من العتق منهما. ولو ولدت آخر بعد ذلك فادعاه الشريك الآخر كان ابنه، وهو ضامن لنصف العقر ونصف قيمته مدبراً، وهي أم ولد بينهما، فأيهما مات عتق نصيبه منها من جميع المال، وعتق نصيب الآخر الباقي أيضاً؛ مِن قِبَل أنها أم ولد. فلا سعاية عليها في قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر: إنها تسعى للباقي في نصف قيمتها. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وإذا كانت الأمة بين رجلين فدبراها جميعاً فولدت ولداً فادعاه أحدهما فهو ابنه، وعليه نصف العقر ونصف قيمة الولد مدبراً. فإن مات المدبر عتق نصيبه من ثلثه، وعتق نصيب أبي الولد بغير سعاية؛ مِن قِبَل أنها أم ولد. ولو لم يمت المدبر ومات أبو الولد عتق نصيبه من جميع ماله، وسعت للمدبر في نصف قيمتها مدبرة. وإذا كانت الأمة بين اثنين فدبراها جميعاً فولدت ولداً فشهد كل واحد منهما على الآخر أنه ادعى الولد وأنكرا ذلك فالغلام حر لا سبيل عليه، ويسعى في قيمته بينهما (¬2). وأما الأمة فتخدمهما (¬3) على حالها؛ لأنها كانت مدبرة. وجنايتها وما جني عليها مثل ما يجنى على أم الولد والمدبرة بين اثنين. فإذا مات أحدهما عتق نصيبه من ثلثه، وسعت للباقي [في] (¬4) نصف قيمتها مدبرة؛ مِن قِبَل التدبير الذي دخل فيها. وليس هذا كالتي لم يقع عليها تدبير (¬5). وإذا كانت الخادم بين اثنين فشهد أحدهما على صاحبه أنه دبرها وأنكر الآخر ذلك فإنه قد دخلها بشهادة شيء، لا تباع (¬6)، ولا توهب، ولا تمهر. فإن مات الذي شهد فهو بين ورثته وبين المشهود عليه على حالها ¬

_ (¬1) ش - بعدما؛ صح هـ. (¬2) ش: وبينهما. (¬3) ز: فيخدمهما. (¬4) الزيادة من الكافي، 1/ 97 ظ. (¬5) ز: التدبير. (¬6) ز: لا يباع.

نصفين. فإن مات المشهود عليه عتقت وسعت لورثته في نصف قيمتها وللآخر في نصف قيمتها. فإن شهد كل واحد منهما على صاحبه بالتدبير وأنكر كل واحد منهما أن يكون دبر فهي على حالها بينهما بمنزلة المدبرة، فأيهما مات سعت لورثته والباقي في قيمتها. وإذا كانت الأمة بين اثنين فدبراها جميعاً فلهما أن يزوجاها ويكون المهر بينهما، ولهما أن يستخدماها. وليس لواحد منهما أن يطأها؛ لأن فيها ملكاً (¬1) لغيره. ولا يصلح أن يتزوجها؛ مِن قِبَل ما يملك منها. وإذا كانت الخادم بين اثنين أو العبد فأعتق أحدهما نصيبه البتة ثم إن الآخر دبر بعد ذلك فليس له أن يضمنه، وتدبيره جائز، وهو منه اختيار للعبد، ويكون له أن يستسعي العبد في نصف قيمته مدبراً في قول أبي حنيفة. وإذا كان العبد بين اثنين فدبر أحدهما ثم أعتق الآخر بعد التدبير فذلك جائز، وقد أفسد على صاحبه الخدمة، ولصاحبه عليه نصف قيمته مدبراً إن كان موسراً إن شاء، ويرجع بذلك على العبد، والولاء بينهما نصفين. وإن لم يكن موسراً لم يضمن شيئاً وسعى العبد في ذلك. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا دبر أحدهما فهو مدبر كله، وهو ضامن لنصف قيمته غنياً كان أو فقيراً، ولا خيار للآخر. فإن أعتقه الآخر فعتقه باطل. وإن بدأ فأعتق البتة فليس للآخر أن يعتق ولا يدبر. فإن كان المعتق غنياً ضمن نصف قيمته، والولاء كله له. وإن كان فقيراً سعى العبد للشريك في نصف قيمته، والولاء للذي أعتق. وإذا كان العبد بين اثنين فدبر أحدهما وأعتق الآخر البتة ولا يعلم أيهما أول، والمعتق البتة غني، فالقياس أن لا يكون عليه شيء حتى يعلم أنه بعده. ولكنا ندع القياس، ونضمن (¬2) المعتق ربع القيمة، ويسعى العبد في ربع قيمته، ويرجع المعتق بما ضمن على العبد، والولاء بينهما. ¬

_ (¬1) ز: ملك. (¬2) ز: ويضمن.

وإذا كان العبد بين ثلاثة فأعتق أحدهم نصيبه عن دبر ثم إن الآخر أعتق نصف نصيبه (¬1) وهو غني فإنه قد أبرأ المدبر من الضمان، ويسعى له العبد في (¬2) نصف نصيبه، ويضمنه المدبر إن شاء ثلث قيمة العبد مدبراً. وإن شاء استسعاه في ذلك. وأما الثالث فإن شاء ضمن المدبر الأول إن (¬3) كان موسراً. وليس له أن يضمن الثاني؛ لأن الأول هو أفسد عليه. فإن ضمن الأول لم يكن للأول (¬4) أن يضمن الثاني من ذلك الضمان شيئاً؛ مِن قِبَل أنه شيء ملكه بعدما وجب له الضمان على المعتق. ولكن له أن يستسعي العبد في ذلك. ولو لم يكن الثاني أعتق حتى ضمن الثالث المدبر حصته فكان للمدبر ثلثا (¬5) العبد ثلث مدبر وثلث غير مدبر، ثم أعتق الثاني حصته كلها أو نصفها وهو موسر، كان للمدبر أن يضمنه ثلثي قيمة العبد ثلثاً مدبراً وثلثاً غير مدبر، ويرجع بذلك المعتق على العبد، ويرجع عليه بنصف قيمة نصيبه منه إن كان إنما أعتق نصف نصيبه. فإن كان لم يعتق نصفه وأعتقه كله لم يرجع عليه بشيء منه، وثلثا (¬6) الغلام للمدبر وثلثه للآخر. ألا ترى أن عبداً لو كان بين اثنين فدبر أحدهما ثلث نصيبه وأعتق الآخر نصيبه كله وهو موسر كان للمدبر أن يضمنه نصف قيمة العبد، ويرجع بذلك على العبد، والولاء بينهما نصفين؛ لأن حصة المدبر قد دخلها عتق، لا يرجع العبد عبداً، ولا يكون رقيقاً أبداً. وهذا كله قياس قول أبي حنيفة. وإذا قال الرجل: إذا ملكت فلاناً أو بعضه فهو حر بعد موتي، فملك ذلك المملوك هو وآخر بشراء أو ميراث أو هبة أو بوجه من الوجوه فإنه يعتق حصة الذي دبر عن دبر منه، ويكون الآخر بالخيار. إن شاء دبره، وإن شاء استسعى. وليس له أن يضمن شريكه؛ لأنهما ملكا جميعاً في قول أبي حنيفة. وإذا دبر الرجل عبداً بينه وبين آخر وهو غني فاختار أن يضمنه فله أن ¬

_ (¬1) ز: قيمته. (¬2) ش - في. (¬3) م ش ز: وإن. (¬4) ز: الأول. (¬5) ز: ثلثي. (¬6) ز: وثلثي.

باب تدبير ما في البطن

يضمنه نصف قيمته يوم أعتقه عن دبر. فإن اختلفا في ذلك وقد هلك العبد فالقول قول المدبر مع يمينه، والبينة على الذي يريد أن يضمنه. ... باب تدبير ما في البطن وإذا كانت الأمة بين اثنين فدبر أحدهما ما في بطنها فهو جائز. فإن ولدت ولداً بعد هذا القول لأقل من ستة أشهر فهو مدبر إن (¬1) كان حيًّا، والشريك الآخر بالخيار. إن شاء دبر، وإن شاء ضمن صاحبه إن كان موسراً، وإن شاء استسعى المدبر. ولو ولدت بعد هذه المقالة لأكثر من ستة أشهر لم يقع على الولد العتق؛ لأنه لا يدري (¬2) لعلها حملت به بعد العتق، فلا يعتقه حتى يستيقن أنها كانت حاملًا به قبل العتق وليس اليقين في ذلك إلا أن تضعه لأقل من ستة أشهر. وإذا كانت الأمة بين اثنين فقال أحدهما: ما في بطنك حر بعد موتي، وقال الآخر للأمة (¬3) نفسها: أنت حرة بعد موتي، فولدت بعد منطق الأول لأقل من ستة أشهر، فالولد مدبر بينهما؛ لأن كل واحد منهما قد دبره. وحصة الذي دبر الأول من الأمة (¬4) مدبرة والآخر بالخيار. إن شاء دبر الأم. وإن شاء استسعاها في نصف قيمتها. وإن شاء ضمن شريكه نصف قيمتها إن كان موسراً. وإن كانت ولدت بعد العتق لأكثر من ستة أشهر فالولد مدبر للذي دبر الأم هو، وأمه نصفها مدبر للذي دبر الأم، والشريك الآخر بالخيار. إن شاء ضمن شريكه نصف قيمة الأم إن كان موسراً. فإن ضمنه نصف قيمتها فالولد للمدبِّر بغير ضمان؛ مِن قِبَل أن الضمان وقع عليه يوم دبر الأم. ألا ترى أنها لو زادت في جسمها وبدنها لم يكن الضمان إلا يوم ¬

_ (¬1) ش: وإن. (¬2) ز: لا يدرا. (¬3) م ش ز: للأم. (¬4) م ش ز: الأم من الأم.

باب تدبير ما في البطن إذا كان لواحد

دبر. وإن لم يكن ضمن شريكه ولكنه اختار السعاية كان له أن يستسعي الأم في نصف قيمتها، ولا يسعى الابن في شيء. وإذا كانت الأمة بين اثنين فدبر أحدهما ما في بطنها ثم أعتق الآخر نصيبه من الولد البتة ثم ولدت بعد هذا القول بشهر (¬1) فإن العتق البتة قد أفسد التدبير. والذي دبر بالخيار. إن شاء أعتق حصته من الولد. وإن شاء استسعى الولد في نصف قيمته مدبراً. وإن شاء ضمن المعتق إن كان موسراً، ويرجع الذي ضمن على الولد بذلك. ... باب تدبير ما في البطن إذا كان لواحد وإذا كانت الأمة لرجل فدبر ما في بطنها فليس له أن يبيعها، ولا يهبها، ولا يمهرها؛ مِن قِبَل ما أحدث من التدبير. فإن ولدت لأقل من ستة أشهر فولدها مدبر. وأما الأم فيصنع بها ما شاء. فإن ولدت لأكثر من ستة أشهر فهما رقيقان جميعاً يصنع بهما ما شاء، ولا يقع التدبير على ما في البطن. فإن ولدت (¬2) ولدين أحدهما قبل ستة أشهر والآخر بعد ستة أشهر وبين الولدين يوم فإن التدبير يقع عليهما جميعاً؛ مِن قِبَل أني قد علمت أنها كانت بهما حاملاً جميعاً يوم دبر. ولو باعها قبل أن تلد فولدت عند المشتري لأكثر من ستة أشهر فإن البيع جائز؛ لأن التدبير لم يقع. ولو ولدت لأقل من ستة أشهر بعدما قال القول فإن البيع باطل؛ لأن التدبير قد وقع، فلا يستطيع أن يبيع أمة قد دبر ما في بطنها أو قد أعتقه البتة. وإذا دبر ما في بطن أمته ثم كاتبها فالمكاتبة جائزة. فإن وضعت بعد هذا القول لأقل من ستة أشهر، فإن أدت عتقا جميعاً. فإن مات المولى قبل ¬

_ (¬1) ز: بشهد. (¬2) م: فإن فولدت.

باب كتاب مكاتبة المدبر

أن يؤدي عتق الولد إذا كانت ولدته لأقل من ستة أشهر من ثلث مال الميت. وعلى الأم السعاية في المكاتبة. فإن لم يمت المولى (¬1) حتى ماتت الأم فإن على الولد أن يسعى عن أمه. فإن مات المولى فالولد بالخيار. إن شاء عتق بالتدبير إن كان ذلك خيراً له. وإن كانت السعاية أكثر مما عليه من المكاتبة مضى على المكاتبة. وإن كان خرج من ثلث مال الميت عتق، ولا سبيل عليه. وإذا قال الرجل لأمته: الولد الذي في بطنك مدبر (¬2) أو ولد حر، فإنها لا تعتق (¬3) إذا كان لا يريد بهذا عتقها. ... باب كتاب (¬4) مكاتبة المدبر وإذا أراد الرجل أن يكاتب مدبره كتب: "هذا (¬5) ما كاتب عليه فلان بن فلان مملوكه المدبر فلاناً (¬6) الفلاني، كاتبه على كذا كذا درهماً، يؤديها إليه نجومًا في كذا كذا سنة، كل (¬7) سنة منها كذا كذا، ومحل أول هذه النجوم شهر كذا من سنة كذا، وعلى فلان عهد الله وميثاقه لينصحن وليجتهدن حتى يؤدي جميع ما كاتبه عليه فلان، فإن عجز عن شيء من هذه النجوم أو أخره عن محله فهو مردود في التدبير والرق، وما أخذ فلان فهو له حلال، وإذا أدى جميع ما كاتبه عليه فهو حر لوجه الله تعالى، لا سبيل لفلان ولا لأحد عليه، ولفلان ولاؤه وولاء عقبه من بعده". وإن كتب ¬

_ (¬1) ش: الولد. (¬2) ز: مدبرة. (¬3) ز: لا يعتق. (¬4) كذا في م ش ز. ولعل المقصود هو كتابة عقد المكاتبة بين السيد وعبده. لكن سيذكر في الباب مسائل أخرى. وعند الحاكم والسرخسي: باب مكاتبة المدبر. انظر: الكافي، 1/ 98 و؛ والمبسوط، 7/ 194. (¬5) م + هذا. (¬6) ز: فلان. (¬7) ش - كل.

في المكاتبة "وليس له أن يتزوج إلا بإذنه"، فهو حسن؛ مِن قِبَل أن بعض الفقهاء يقول: له أن يتزوج (¬1) إن لم يشترط ذلك عليه، وأتوثق في المكاتبة من أجل هذا القول. فأما نحن فإنا لا نجيز نكاحه اشترط هذا أم لم يشترطه إلا أن (¬2) يأذن له المولى؛ لأنه عبد ما دام يسعى. ألا ترى أن شهادته وأن قاذفه لا يحد وأن جنايته والجناية عليه جناية عبد. فكذلك نكاحه نكاح العبد. وإذا كان العبد بين اثنين فدبره أحدهما فأراد الآخر أن يستسعي العبد فأراد أن يكتب عليه كتاباً بذلك كتب: "هذا كتاب لفلان بن فلان من فلان الفلاني مملوكه ومملوك فلان، إني كنت مملوكاً بينكما، فدبرني فلان، فاخترت أن تستسعيني (¬3)، فقوّمتني قيمة عدل، فبلغت قيمتي كذا كذا برضاي وتسليمي، فكان الذي يصيبك (¬4) من ذلك النصف، وهو كذا كذا، فنجّمتها علي نجوماً في كذا كذا سنة، كل سنة من ذلك كذا كذا، ومحل أول هذه النجوم شهر كذا من سنة كذا، فإن عجزت عن شيء من هذه النجوم أو أخرته عن محله فأنا مردود في الرق، وما أخذت مني فهو حلال لك، وإن أديت إليك جميع الذي قاطعتني عليه فنصيبك مني حر لوجه الله تعالى، لا سبيل لك ولا لأحد على نصيبك مني، ولك نصف ولائي ونصف ولاء عقبي من بعدي". ويكتب كتاباً مثل هذا يكون عند العبد يكتب فيه: "هذا كتاب من فلان بن فلان لفلان الفلاني مملوكه (¬5) ومملوك فلان، إنك كنت (¬6) مملوكاً لي ولفلان، وإن فلاناً دبر نصيبه منك، وإني قوّمتك قيمة عدل، فبلغت قيمتك كذا كذا برضاك وتسليمك، فكان نصيبي من ذلك النصف، وهو كذا ¬

_ (¬1) م ز + إلا بإذنه فهو حسن من قبل أن الفقهاء يقول له أن يتزوج. (¬2) م ش: لا أن. (¬3) ش: أن أسعى، صح هـ؛ ز: أن يستسعيني. (¬4) ز: نصيبك. (¬5) ز: ومملوكه. (¬6) ز: كتب.

كذا، فنجّمته عليك نجوماً في كذا كذا سنة، تؤدي كل سنة كذا كذا، ومحل أول هذه النجوم شهر كذا من سنة كذا (¬1)، فإن عجزت عن شيء من هذه النجوم أو أخرته عن محله فأنت مردود في الرق، وما أخذت منك فهو لي حلال، وإن أديت لي جميع ما صالحتك عليه فنصيبي منك حر لوجه الله تعالى، لا سبيل لي ولا لأحد على نصيبي منك، ولي نصف ولائك ونصف ولاء عقبك من بعدك". وإذا كان العبد بين اثنين فدبره أحدهما فضمنه الآخر وأعطاه المال فأراد أن يكتب براءة كتب: "هذا كتاب لفلان بن فلان من فلان بن فلان، إنه كان بيني وبينك مملوك يقال (¬2) له: فلان الفلاني، وإنك دبرت نصيبك منه وأنت موسر، فاخترت أن أضمّنك، فقوّمت أنا وأنت هذا العبد قيمة عدل، فبلغت قيمته كذا كذا، فكان الذي يصيبني من ذلك النصف، فدفعت إلي نصف قيمة هذا العبد المسمى في هذا الكتاب، وقبضته منك، وهو كذا كذا، وبرئت إلي منه، وسلّمت لك نصيبي من هذا العبد، وهو النصف منه، فصار هذا العبد كله لك خالصًا دوني، شهد". وإذا كان العبد لرجل فدبره ثم مات وليس له مال غيره فاستسعاه الورثة في قيمته كتبوا عليه: "هذا كتاب من فلان وفلان ابني فلان لفلان الفلاني، إن أبانا فلان بن فلان أعتقك عن دبر منه، ومات ولم يترك مالاً غيرك، فوجب لنا عليك ثلثا (¬3) قيمتك، فقوّمناك قيمة عدل برضاك وتسليمك، فبلغت قيمتك كذا وكذا (¬4)، فكان الذي يصيبنا (¬5) من ذلك الثلثان (¬6)، وهو كذا وكذا، نجّمنا ذلك عليك نجوماً فى كذا كذا سنة، تؤدي (¬7) كل سنة من ذلك كذا كذا (¬8)، ومحل أول هذه النجوم شهر كذا ¬

_ (¬1) ش - سنة تؤدي كل سنة كذا كذا ومحل أول هذه النجوم شهر كذا من سنة كذا. (¬2) ز: فقال. (¬3) ز: ثلثي. (¬4) ز: كذا. (¬5) ز: نصيبنا. (¬6) ز: الثلثين. (¬7) ز: يؤدي. (¬8) ش + كذا.

من سنة كذا، وعليك عهد الله وميثاقه لتنصحن (¬1) ولتجتهدن (¬2) حتى تؤدي جميع ما صالحتنا (¬3) عليه، فإذا أديت ذلك فأنت حر لوجه الله تعالى، لا سبيل لنا ولا لأحد عليك، ولفلان الميت ولاؤك وولاء عقبك من بعدك". وإن أحب الورثة أن يكتبوا عندهم كتاباً نسخة هذا يكون لهم من العبد فعلوا. وإن كان الورثة صغارًا كتب الوصي على العبد على نسخة هذا الكتاب غير أنه يكتب: "من فلان وصي فلان، فكان الذي يصيب (¬4) ورثة فلان من نصيبك (¬5) الثلثان" (¬6). ويكتب: "وهم يومئذ صغار في حجري". وإذا أدى العبد ما عليه من السعاية فأراد أن يكتب كتاباً بالبراءة كتب: "هذا كتاب من فلان بن فلان وصي فلان بن فلان الفلاني لفلان الفلاني، إنك كنت (¬7) مملوكاً لفلان بن فلان الفلاني، وإنه أعتقك عن دبر منه، ومات ولم (¬8) يترك مالاً غيرك، فقوّمتك قيمة عدل برضاك، فبلغت قيمتك كذا كذا، فكان الذي يصيب (¬9) ورثة فلان من هذه القيمة الثلثان (¬10) منها، فنجّمت ذلك نجوماً عليك في كذا كذا سنة، تؤدي (¬11) إلي كل سنة من ذلك كذا كذا، ومحل أول هذه النجوم شهر كذا من سنة كذا، وورثة فلان يومئذ صغار في حجري، وهم فلان وفلان، وإنك أديت إلي أول نجم حل عليك من هذا المال المسمى في هذا الكتاب، وقبضته منك كله، وهو كذا كذا، وبرئت إلي منه". وإن أدى المال كله كتب: "إنك أديت إلي هذا المسمى في كتابنا هذا، وقبضته كله، وهو كذا، وبرئت إلي منه، فلم يبق (¬12) لي ولا لورثة فلان من هذا المال قبلك قليل ولا كثير إلا قد استوفيته منك، وبرئت إلي منه، وعتقت، فأنت حر لوجه الله تعالى، ¬

_ (¬1) ز: لينصحن. (¬2) م: ولتجهدن. (¬3) ز: ما صالحينا. (¬4) ز: نصيب. (¬5) م ز: من قبضتك. (¬6) ز: الثلثين. (¬7) ز: كتبت. (¬8) م ش: لم. (¬9) ز: نصيب. (¬10) ز: الثلثين. (¬11) ز: يؤدي. (¬12) ز: يتو.

لا سبيل لي (¬1) ولا لورثة فلان ولا لأحد عليك، ولفلان ولاؤك وولاء عقبك من بعدك". وإذا كاتب (¬2) الرجل مدبره (¬3) على مكاتبة ثم مات الرجل وهو يخرج من ثلثه فإنه يعتق وتبطل (¬4) عنه السعاية، مِن قِبَل أن العتق قد وقع عليه. ألا ترى (¬5) لو أنه كاتبه ثم أعتقه أجزت عتقه وأبطلت المكاتبة. فكذلك إذا مات. وإن مات وليس له مال فكانت (¬6) المكاتبة أقل من ثلثي قيمته أو كان ثلثا قيمته أقل من المكاتبة خير، فسعى في أيهما شاء. وفيها قول آخر: إنه يسعى في الأقل من ثلثي القيمة ومن المكاتبة. وهو قول أبي يوسف ومحمد. فإن كانت أمة فولدها بمنزلتها ما دامت تسعى. وإن ماتت وتركت مالاً أدى ما بقي من سعايتها، وكان ما بقي ميراثاً. وإن كان مدبراً فكاتب (¬7) ثم اشترى أخاه أو ذا رحم محرم منه فله أن يبيعه كما يبيع المكاتب. وإذا اشترى أباه أو والدته لم يكن له أن يبيعه. وكذلك إذا اشترى أم ولده (¬8) وولدها وولد ولده أو جده أو جدته. فإن مات ولم يترك وفاء وترك أبًا وابنًا قد اشتراهما في مكاتبته فإنهما يباعان إن لم يترك وفاء إلا أن يؤدي الابن المال حالًا. وإن ترك ابناً قد ولد له في مكاتبته سعى فيما بقي على ابنه وعتق. وقال أبو يوسف: أما أنا فلا أرى أن يبيع المكاتب ذا رحم محرم منه. وإن مات وهو في ملكه سعى فيها على المكاتب، وجنايته جناية المكاتب، والجناية عليه وشهادته مثل شهادة العبد. وهو قول محمد. وإذا كاتب الرجل مدبره على مال ثم مات المولى وليس له مال غيره فإن العبد بالخيار، ينظر إلى ثلثي قيمته وإلى مكاتبته، فيسعى في الأقل من ذلك في قول أبي يوسف ومحمد. وإذا كاتب الرجل أمته وهي مدبرة فولدت ولداً ثم ماتت الأم فإن على ¬

_ (¬1) ز: إلى. (¬2) ز: كانت. (¬3) ز: مدبرة. (¬4) ز: ويبطل. (¬5) ز: يرى. (¬6) ز: فكاتب. (¬7) ز: وكاتب. (¬8) ز: أم ولدها.

باب الشهادة في التدبير

الولد أن يسعى فيما بقي على أمه بمنزلة المكاتب، فلا يعتق إلا بذلك. فإن كانا ولدين سعيا جميعاً. فإن أدى أحدهما المال كله لم يرجع على صاحبه بشيء؛ لأنهما جميعاً مال للأم. وإذا كاتب الرجل عبدين له مدبرين جميعاً، وكفل كل واحد منهما بما على الآخر- إن أديا عتقا وإن عجزا ردا رقيقاً- فماتا جميعاً وترك أحدهما ابناً ولد في مكاتبته من أمة له، فإن على الابن أن يسعى في جميع المكاتبة، ولا يعتق حتى يؤدي ذلك؛ لأن أباه كان لا يعتق إلا بذلك. ... باب الشهادة في التدبير وإذا شهد شاهدان على رجل فشهد أحدهما أنه دبر عبده هذا، وشهد الآخر أنه أعتقه البتة، فقد اختلفت شهادتهما، فلا تجوز (¬1). وكذلك لو شهد أحدهما أنه أعتقه بعد موت فلان وموت السيد وشهد آخر أنه أعتقه بعد موته خاصة. ألا ترى (¬2) أنه لو شهد أحدهما أنه أعتقه إن دخل الدار عن دبر وأنه قد دخل الدار، وشهد الآخر أنه أعتقه عن دبر ولم يذكر دخول الدار، كانت شهادتهما باطلاً؛ (¬3) لأن العتق وقع بخلاف ما قال صاحبه. وإذا شهد أحدهما أنه دبر أحد (¬4) عبيده وشهد الآخر (¬5) على واحد بعينه فشهادتهما باطل. وإذا شهدا (¬6) أنه دبر أحدهم وقالا: لم يسم لنا شيئاً، فشهادتهما باطل في قول أبي حنيفة. وإن مات المولى قبل أن يترافعوا إلى القاضي ثم شهدوا بعد موته استحسنت أن أجيز شهادتهم، وأعتق واحداً من عبيده أوزعه بين العبيد، ويسعون فيما بقي. وقال أبو يوسف ومحمد: سواء، وتجوز شهادتهما (¬7). ¬

_ (¬1) ز: يجوز. (¬2) ز: يرى. (¬3) ز: باطل. (¬4) ز: أحدهما. (¬5) م ز: آخر. (¬6) ز: شهد. (¬7) قارن: الكافي، 1/ 98 ظ؛ والمبسوط، 7/ 197.

وإذا شهد شاهدان أنه نظر إلى عبدين له فقال: أحدكما حر بعد موتي، ثم قام أحدهما فذهب فجاء عبد له آخر وشهدا أنه قال: أحدكما (¬1) حر بعد موتي، فإن رافعه العبد إلى القاضي في حياته أبطلت الشهادة في قول أبي حنيفة. فإذا أبطلت مرة فلا أقبلها (¬2) بعد ذلك. وإذا لم يترافعوا إلى القاضي حتى يموت الرجل ثم شهد الشهود بذلك وقالوا: كان ذلك في مرضه، فإني أستحسن أن أجيز ذلك. فإن كانوا يخرجون من الثلث عتق من الباقي الأوسط الذي قام (¬3) فلم يذهب ثلاثة أرباعه، ويسعى في ربع قيمته، وعتق من الأول الذي ذهب نصفه، ويسعى في نصف قيمته، ويعتق من الآخر نصفه ويسعى في نصف قيمته. وإن لم يكن له مال غيرهم قسم الثلث بينهم على قدر ما يعتق من واحد منهم، وإنما يعتق من الأول الذي قام فذهب نصفه، مِن قِبَل أن العتق وقع عليه وعلى آخر معه. فعتق نصفه ونصف الآخر، ثم وقع العتق الثاني على العبد الآخر والأوسط، فأعتق نصف الآخر ونصف نصف الأوسط. ولو كانت (¬4) هذه العتاقة منه في صحته فأقر بها الوارث كان العتق هكذا (¬5) بينهم من جميع المال. وقال محمد مثل ذلك إلا في العبد الآخر خاصة، فإنه لا يعتق منه إلا ربعه (¬6) إن كان ما أعتق من العبد يخرج من الثلث وقد قال ذلك في المرض. ولو كان الذي أعتق حيًّا فأقر بها كان له التخيير. وإن قال: عنيت الأوسط بهذا (¬7) كله، فهو مصدق مع يمينه بالله، والآخران (¬8) رقيق على حالهما. فإن قال: (¬9) عنيت الآخر، عتق الآخر، وقيل له: لا بد من أن تختار أحد هذين الباقيين؛ لأنك إذا اخترت الأوسط وقع عليه الكلامان (¬10) جميعاً، وإن اخترت الآخر لم يكن بد من أن توقع (¬11) الكلام الأول على أحد ذينك. ¬

_ (¬1) ز: إحداكما. (¬2) م ز: فلا قبلها. (¬3) م ش ز: اقام. (¬4) م ز: كاتب. (¬5) ز: حاكدى. (¬6) ز: الاربعة. (¬7) ش: هذا. (¬8) ز: والآخرين. (¬9) ز: كان. (¬10) ز: الكلامين. (¬11) ز: أن يوقع.

ولو شهد شاهدان عليه أنه قال: هذا حر بعد موتي لا بل هذا، أعتقا جميعاً من ثلثه. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا شهد شاهدان أنه دبر أحد عبديه وهو يجحد فشهادتهما جائزة، ونجبره (¬1) على أن يوقع على أحدهما. ولو شهدا أنه قال: هذا حر البتة لا بل هذا، أجزت شهادتهما عليهما جميعاً. ولو شهدا أنه قال: هذا حر البتة أو هذا مدبر، أبطلت شهادتهما. ألا ترى (¬2) أنهما لو قالا: إنه قال: هذا حر أو هذا، أبطلت شهادتهما. فإن أقر المولى بذلك جعلت له الخيار، يعتق أيهما شاء ويمسك الآخر. ولو شهدا أنه قال: هذا مدبر وهذا أو هذا، أجزت شهادتهما على الأول وأبطلت شهادتهما على الآخرين؛ مِن قِبَل أن الخيار في أحد الآخرين ولا خيار في الأول في قياس قول أبي حنيفة. فإن أقر المولى بذلك قلت له: أمض (¬3) عتق أي الآخرين شئت مع الأول. وإذا شهدا أنه قال: أحد هذين العبدين مدبر لا بل هذا، لأحدهما بعينه، فإنه يعتق الذي قال: لا بل هذا بعينه، بعد موته من الثلث، ولا يعتق الآخر. فإن أقر المولى بذلك عتق الذي قال هذا بعد موته كما قال، ولا يعتق الآخر (¬4) بعد أن يحلف بالله ما عنى الآخر، ويكون عبداً له على حاله. وإذا ولدت المدبرة فأقامت البينة أنها ولدت بعد التدبير وأقام السيد البينة أنها ولدت قبل التدبير فإنه يؤخذ ببينة (¬5) المدبرة؛ لأنهم يشهدون بالعتق. ولو لم يكن بينهما بينة كان القول قول السيد مع يمينه بالله؛ مِن قِبَل أنها في يديه وأنها أمة له. وإذا شهد شاهدان أنه دبر أحد عبديه ثم شهدا أنه أعتق أحدهما البتة ¬

_ (¬1) ز: جائز ونجيزه. (¬2) ز: يرى. (¬3) ز: أن يمضي. (¬4) ز - فإن أقر المولى بذلك عتق الذي قال هذا بعد موته كما قال ولا يعتق الآخر. (¬5) م: بينة.

في حياته وصحته ولا مال له غيرهما فإن شهادتهما باطل؛ مِن قِبَل أنهما لم يثبتا الشهادة، في قول أبي حنيفة. ولكني أستحسن أن أجيزها في التدبير؛ لأنها وصية، فيعتق من كل واحد منهما ثلثه، ويسعى في ثلثي قيمته. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا شهد شاهدان على رجل أنه قال: أحد عبدي هذين حر، وهو يجحد، فإن الشهادة جائزة، ويجبر المولى على أن يوقع العتق على أيهما شاء. وإذا شهدا أنه دبر هذا بعينه وأعتق أحدهما البتة في صحته كانت (¬1) شهادتهما في العتق في هذا الباب باطلاً (¬2) في قول أبي حنيفة. ولو أقر الورثة بذلك بعد موت الرجل وأقروا أنه كان أعتق أحدهما في صحته ولا مال له غيرهما عتق من كل واحد نصفه، ثم أعتق من المدبر ثلث ما بقي، فيسعى المدبر في سدس قيمته، ويعتق منه خمسة أسداس قيمته، ويعتق من الآخر نصفه، ويسعى في نصفه. ولو أقروا أن العتق البتات كان (¬3) في مرضه عتق (¬4) من المدبر أربعة أتساعه، وعتق من الآخر تسعاه إذا كانت قيمتهما سواء؛ مِن قِبَل أن المدبر يضرب بقيمته؛ لأن التدبير لا شك فيه قد وقع عليه، والآخر وقع عليه في حال وفي حال لم يقع عليه، فإنما يضرب بنصف قيمته، فصار الثلث بينهما على هذا. وإذا شهد رجل وامرأتان على العتق أو التدبير فإنه جائز. وكذلك لو شهد شاهدان على شهادة رجل وشهد آخر على شهادة نفسه وعلى تدبير أو عتق فإنه جائز. وكذلك لو شهد هؤلاء جميعاً على أمة أنها ولدت هذا الولد من مولاها هذا فهو جائز، وهو ابنه. ولا تجوز شهادة الأعمى والمحدود في قذف والفاسق في تدبير، ولا عتق، ولا غيره. وكذلك شهادة الصبي والعبد والأمة والعبد يسعى في بعض قيمته، لا تجوز شهادتهم في شيء من التدبير، ولا في غيره. ... ¬

_ (¬1) ز: كاتب. (¬2) ز: باطل. (¬3) ز - كان. (¬4) ش: وعتق.

باب المكاتب إذا دبره مولاه

باب المكاتب إذا دبره مولاه وإذا كاتب الرجل عبداً ثم دبره فإن المكاتب بالخيار. إن شاء نقض مكاتبته وصار مدبراً. وإن شاء ثبت على مكاتبته. وإذا مات المولى وله مال يخرج من ثلثه أعتقته من الثلث، وأبطلت المكاتبة لما دخل فيه من التدبير. ولو لم يكن له مال غيره نظرت إلى ثلثي قيمته وإلى ثلثي مكاتبته فاستسعيته (¬1) في الأقل من ذلك. وإذا كاتب الرجل عبده ثم دبره فلم يعلم العبد بذلك التدبير حتى أدى المكاتبة كلها فإن أداء (¬2) المكاتبة جائز (¬3)، إن علم أو لم يعلم فهو سواء. ألا ترى (¬4) أنه لو كان علم كان له أن يختار الأداء، وأنه لو أدى بعضاً وبقي بعض ثم عجز كان عبداً. وما أخذ مولاه فهو له حلال، وهو مدبر على حاله. ولو كاتبه بعد التدبير كان القول فيه (¬5) هكذا أيضاً. وإذا كاتب الرجل عبدين مكاتبة واحدة إذا أديا عتقا وإن عجزا ردا وكل واحد منهما كفيل بجميع المكاتبة ثم دبر أحدهما كانا على حالهما على المكاتبة؛ مِن قِبَل أن الرجل قد يكاتب (¬6) مدبره. ولو مات المولى وله مال كثير عتق المدبر من ثلثه، ورفع حصة المدبر من المكاتبة، وأخذ الآخر بحصته، يؤخذ بها المدبر أيضاً؛ مِن قِبَل أنه كفيل بها. فإن أدى المدبر يرجع بها عليه؛ مِن قِبَل أن المدبر أداها عنه. ولو لم يكن له مال غيرهما عتق المدبر بالتدبير من الثلث، وسعى فيما يجب عليه. فإن كانت قيمته ثلاثمائة وقيمة الآخر ثلاثمائة ومكاتبتهما ألف بطل حصة المدبر من المكاتبة، وأخذ الآخر بخمسمائة، وعتق من المدبر مائتان (¬7) وستة وستون وثلثان (¬8)، ويسعى ¬

_ (¬1) ز: فاستسعته. (¬2) م ش ز: أداه. (¬3) ز: جائزة. (¬4) ز: يرى. (¬5) ش: منه. (¬6) م ز: مكاتب؛ ش: كاتب. (¬7) ز: مائتي. (¬8) ز: وستين وثلثين.

باب الذي يدبر ما لا يملك

في ثلاثة وثلاثين (¬1) وثلث فيما على المدبر؛ مِن قِبَل أن المال ثمانمائة، فله من ذلك الثلث. ويؤخذ المدبر بما بقي على المكاتب؛ لأنه كفل له به. ولا يؤخذ المكاتب بما على المدبرة مِن قِبَل أنه قد خرج من المكاتبة. فوقعت عليه السعاية مِن قِبَل التدبير. فإن كان قيمة كل واحد منهما ألفاً (¬2) ومكاتبتهما جميعاً ألف فاختار المدبر أن يسعى في المكاتبة فإن ثلثي المكاتبة عليهما، يأخذ الورثة أيهما شاؤوا (¬3) بجميع (¬4) ثلثي المكاتبة؛ مِن قِبَل أنهما قد ثبتا عليها. ولو كان التدبير قبل المكاتبة كان الأمر على ما وصفت لك، إلا أن المكاتبة لا ينقص منها شيء، فيسعيان (¬5) في جميع المكاتبة، وإذاً كانت المكاتبة ألفاً، والقيمة ألفان، في قول أبي يوسف. وإذا كان المكاتب بين اثنين فدبره أحدهما فاختار المكاتب أن يسعى فهو على حاله وسعايته. فإن عجز ورفض المكاتبة فالذي لم يدبر بالخيار. إن شاء ضمن شريكه إن كان موسراً. وإن شاء دبره (¬6). وإن شاء استسعاه في نصف قيمته. وهذا قول أبي حنيفة. ... باب الذي يدبر ما لا يملك وإذا قال الرجل لأمة أو لعبد لا يملكه: أنت حر بعد موتي، فإن هذا باطل؛ لأنه أعتق ما لا يملك. ولو ملكه لم يعتق أيضاً؛ مِن قِبَل أنه لم يقل: إن ملكتك. ولو قال: إذا ملكتك فأنت حر بعد موتي، ثم ملكه بوجه من الوجوه شراء أو ميراثاً أو هبة أو صدقة أو غير ذلك فهو مدبر لا يستطيع بيعه. ولو كانت أمة فقال لها هذه المقالة ثم ولدت ولداً ثم ملكهما جميعاً كانت الأم مدبرة، ولا تكون (¬7) الابنة (¬8) مدبرة؛ مِن ¬

_ (¬1) ز: وثلثين. (¬2) ز: ألف. (¬3) ز: شاء. (¬4) م: لجميع؛ ز: والجميع. (¬5) ش: فيستعان. (¬6) ش - وإن شاء دبره. (¬7) ز: يكون. (¬8) م ز: للابنة.

قِبَل أنها ولدتها في غير ملكه. ولو ولدت في ملكه ولداً كان مدبراً بمنزلة أمه. وإذا قال الرجل لأمة: إذا ملكتك فأنت حرة بعد موتي، ثم ملكها هو وآخر لم يقع عليها التدبير؛ مِن قِبَل أنه لم يملكها كلها. ولو قال: كل مملوك أملكه أبداً فهو حر بعد موتي، ثم ملكها هو وآخر، لم يقع عليه التدبير؛ من قبل أنه لم يملكها كلها. ولو قال: كل مملوك أملكه أبداً فهو حر بعد موتي، ثم اشترى نصفه، ثم ملك النصف الآخر، كان مدبراً؛ لأنه ملكه كله. ولو قال: يوم أملكك فأنت حر بعد موتي، وهو يعني النهار دون الليل فملكه ليلًا لم يعتق في القضاء، ولا فيما بينه وبين الله تعالى. وإن لم يكن له نية فملكه ليلاً كان مدبراً. ولو قال لعبده: يوم أملكك ملكاً غير هذا الملك أو يوم أشتريك بعد هذا الملك (¬1) فأنت حر بعد موتي، فإن القول فيه كما قال (¬2). وإذا قال لأمتين: إذا ملكتكما (¬3) فأنتما حرتان بعد موتي، فاشترى إحداهما فملكها فولدت عنده ثم ملك الأخرى بعد فإنهما تكونان (¬4) مدبرتين حين ملك الأخرى (¬5). وولد الأولى هو (¬6) رقيق؛ لأنها ولدته قبل التدبير وقبل أن يملك الأخرى (¬7). وإذا ولدت المدبرة من مولاها فهي أم ولد وبطل التدبير. ولو كان قال لها وهو لا يملكها: إذا ملكتك فأنت حرة بعد موتي، ثم خطبها فتزوجها فولدت ثم اشتراها فإنها تكون (¬8) أم ولد له (¬9)، وتعتق (¬10) بالولد لا بالتدبير. ¬

_ (¬1) ش: هذا المال. (¬2) ز + إذا قال. (¬3) م ز: إذا ملكه كما. (¬4) ز: يكونان. (¬5) م ز: الاخره. (¬6) م ش ز: وهو. (¬7) م ش ز: الاخره. (¬8) ز: يكون. (¬9) ش - له. (¬10) ز: ويعتق.

باب تدبير أهل الذمة

وإذا دبر الرجل مملوكاً إذا ملك بعضه فملكه هو وآخر فإنه مدبر من مال الذي فى بره، والآخر بالخيار، إن شاء استسعاه، وإن شاء دبره. وليس له أن يضمن شريكه؛ لأنهما ملكاه جميعاً. فلم يفسد الذي دبره على الآخر شيئاً في قول أبي حنيفة. وأما أم الولد فإذا ملكاها فإنها أم ولد له. ... باب تدبير أهل الذمة وإذا (¬1) دبر الرجل من أهل الذمة عبداً أو أمة فهو جائز. فإن أسلم العبد قُوم قيمة (¬2) ثم سعى في قيمته. فإن مات المولى قبل أن يفرغ من السعاية وله مال كثير عتق العبد وبطلت عنه السعاية. ألا ترى أنه لو قال له (¬3): أنت حر، عتق وبطلت السعاية. فكذلك الموت. وإذا أراد العبد أن يكتب من مولاه كتاباً بالسعاية كتب: "هذا كتاب من فلان بن فلان لمملوكه فلان الفلاني، إني كنت أعتقتك (¬4) عن دبر مني، وإنك أسلمت، وإن فلان بن فلان وهو يومئذ قاضي الكوفة قضى لي عليك أن تسعى لي في قيمتك، فقوّمتك قيمة عدل برضاي وتسليمي، فبلغت قيمتك كذا كذا، فنجّمتها عليك نجوماً في كذا كذا سنة، كل سنة (¬5) من ذلك كذا كذا، ومحل أول النجوم شهر كذا من سنة كذا، ولي عليك عهد الله وميثاقه لتنصحن ولتجتهدن (¬6) حتى تؤدي جميع هذه السعاية، فماذا أديتها فأنت حر لوجه الله تعالى، لا سبيل لي ولا (¬7) لأحد (¬8) عليك، ولي ولاؤك وولاء عقبك من بعدك". ¬

_ (¬1) ش: فإذا. (¬2) ش - قيمة. (¬3) ش - له. (¬4) م ز: كتبت أعتقك. (¬5) ش - كل سنة. (¬6) ز: لينصحن وليجتهدن. (¬7) م ز - ولا. (¬8) م ز: ولأحد.

وإذا أراد المولى أن يكتب من عبده (¬1) كتاباً كتب نسخة هذا: "هذا كتاب لفلان المولى من فلان العبد" على نحو مما كتبت لك. وإذا أدى العبد السعاية كلها فأراد أن يكتب البراءة بها كتب: "هذا كتاب من فلان (¬2) بن فلان لمملوكه فلان الفلاني، إني كنت أعتقتك عن دبر مني، وإنك أسلمت، وإن فلان بن فلان (¬3) الفلاني وهو يومئذ قاضي الكوفة قضى لي عليك أن تسعى في قيمتك، وقوّمك قيمة عدل، فبلغت قيمتك كذا كذا، فنجّمتها عليك نجوماً في كذا كذا سنة، كل سنة (¬4) من ذلك كذا كذا، ومحل أول النجوم شهر كذا من سنة كذا برضاي وتسليمي، وإنك دفعت إلي جميع هذا المال المسمى في هذا الكتاب، وقبضته منك وهو كذا كذا، وبرئت إلي منه، فلم يبق لي (¬5) قبلك من هذا المال المسمى (¬6) قليل ولا كثير إلا قد قبضته منك واستوفيته وبرئت إلي منه (¬7)، فليس لي قبلك بعد هذه البراءة من هذه السعاية قليل ولا كثير، وقد عتقت فأنت حر لوجه الله تعالى، لا سبيل لي ولا لأحد عليك، ولي ولاؤك وولاء عقبك (¬8) من بعدك، شهد". وإذا كان قد أدى نجماً واحداً كتب صدر البراءة على هذه النسخة، ويكتب القبض "ودفعت إلي النجم الأول من هذا المال". وإن كان الثاني كتب: "وقبضته منك وبرئت إلي منه". ولو لم يستسعه (¬9) القاضي ولكن المولى صالحه على قيمته على أن يستسعيه كان ذلك جائزاً، وهو بمنزلة العبد في جنايته والجناية عليه ¬

_ (¬1) م ش ز: من عنده (¬2) ز + المولى من فلان العبد. (¬3) ز - بن فلان. (¬4) ز - كل سنة. (¬5) م ز: فلم يتولى. (¬6) م ز - المسمى. (¬7) ش - فلم يبق لي قبلك من هذا المال المسمي قليل ولا كثير إلا قد قبضته منك واستوفيته وبرئت إلي منه. (¬8) ز: عتقك. (¬9) ز: لم يستسعيه.

باب تدبير أهل الحرب

وشهادته (¬1) وحالاته، وليس له أن يتزوج إلا بإذن مولاه. فإن كانت مدبرة فولدها بمنزلتها، ولا يغرم مولاها من جنايتها شيئاً، ولا يكون له مما جنى عليها شيء، هي بمنزلة المكاتب في ذلك. وإذا ماتت ولها ولد قد ولدته في السعاية سعى فيما بقي عليها. وإن عجزت الأم عن السعاية فإن كان القاضي هو قوّمها واستسعاها لم ترد رقيقاً. وأجبرت (¬2) على السعاية. وإن كان المولى هو الذي صالحها على ذلك فرافعها إلى القاضي ليردها في الرق فإن القاضي ينظر في تلك السعاية. فإن كانت أقل أجبرها على أن تسعى (¬3) في قيمتها ولم يردها. وإن كان أكثر من قيمتها أبطل القاضي سعايتها في الفضل على القيمة. ولو أن مولاها ردها في الرق قبل أن يرافعها (¬4) ثم رافعته استسعاها القاضي في قيمتها. ولو اشترت أباها أو أمها أو ولدها أو ولد ولدها أو جدها أو جدتها لم تكن (¬5) لها أن تبيعهم (¬6). ولو اشترت غير هؤلاء من ذوي الرحم (¬7) المحرم كان لها أن تبيعهم (¬8) في قياس قول أبي حنيفة. وهي في جميع حالاتها بمنزلة المكاتبة. وكذلك أم ولد الذمي إذا أسلمت. وإذا استدان هذا الذي يسعى أو باع أو اشترى فهو جائز، وهو بمنزلة المكاتب في ذلك كله. ... باب تدبير أهل الحرب وإذا دبر الرجل من أهل الحرب عبده أو أمته في دار الحرب ثم أسلم ¬

_ (¬1) ش - وشهادته. (¬2) ز: وأخبرت. (¬3) ز: أن يسعى. (¬4) م ش ز: أن يرفعها. (¬5) ز: لم يكن. (¬6) ز: أن يبيعهم. (¬7) ز: الأرحام. (¬8) ز: أن يبيعهم.

الرجل أو خرج بعبده (¬1) أو صار ذميًّا فإن ذلك التدبير باطل؛ مِن قِبَل أنه كان في دار الحرب حيث لا يجري عليه حكم أهل الإسلام. وإذا خرج الرجل من أهل الحرب بأمان في تجارة وخرج معه بعبد له أو بأمة فدبره في دار الإسلام فالتدبير جائز؛ لأنه دبره في دار الإسلام حيث يجري عليه حكم أهل الإسلام. فإن أسلم هذا العبد المدبر استسعي في قيمته كما يستسعى عبد الذمي. فإن لحق مولاه بدار الحرب وهو يسعى وقد بقي عليه شيء من سعايته فإن قُتل المولى وظُهر على الدار أو أُسر عَتق (¬2) العبد وبطل ما عليه من السعاية. ولو أسلم العبد الذي كان مولاه دبره في دار الحرب بعد أن خرج مولاه بأمان فإنه يجبر على بيعه؛ لأن تدبيره باطل. ولو خرج بأم ولد له فأسلمت قُوّمت قيمة عدل فسعت في قيمتها. وليس أم الولد في هذا كالمدبر. أم الولد بمنزلة ولدها، عتقت مِن قِبَل السيد. والتدبير إنما هو كلام، فما كان منه في دار الحرب فهو باطل. وإذا خرج الحربي بأمان ثم دبر عبداً له في دار الإسلام ثم أسلم العبد فقضي عليه بالسعاية ثم أسلم المولى فإن أدى السعاية عتق، وإن عجز عن ذلك رد رقيقاً إلى مولاه فكان مدبراً. وكذلك أم الولد. وإن أسلم المولى قبل أن يستسعي العبد لم يسع (¬3) العبد في شيء. وإن استسعى العبد ثم مات المولى بعدما أسلم أو قبل أن يسلم وله مال عتق العبد من ثلثه، وبطلت السعاية. وحال (¬4) العبد ما دام يسعى كحال المكاتب في أمره (¬5) كله. وإذا أسلم العبد فباعه المولى من نفسه بأكثر من قيمته أو أقل بطعام أو بعروض معلومة كان ذلك جائزاً، وعتق العبد حين باعه نفسه، وصار ذلك للمولى ديناً عليه. فإن أسلم المولى ثم مات أو مات قبل أن ¬

_ (¬1) ز: بعده. (¬2) م ش ز: اعتق. (¬3) ز: لم يسعى. (¬4) ز: وقال. (¬5) ش: وأمره.

باب المرتد إذا دبر

يسلم فإن المال على العبد دين على حاله. وليس هذا كالسعاية. هذا قد عتق (¬1) حين ملك نفسه، فشأنه كله كشأن الحر. وإن قضي عليه بالسعاية فهو عبد ما دام يسعى بمنزلة المكاتب. ... باب (¬2) المرتد إذا دبر وإذا ارتد الرجل عن الإسلام ثم دبر عبداً له فإن تدبيره موقوف. فإن مات قبل أن يسلم أو لحق بدار الحرب أو قتل فتدبيره باطل، والعبد رقيق للورثة. فإن أسلم ورجع إلى دار الإسلام فوجد العبد بعينه في يدي الورثة فأخذه فهو مدبر على حاله. وإن كان القاضي قد قضى به للورثة وباعوه فبيعهم جائز. فإن اشتراه مولاه يوماً من الدهر فهو مدبر؛ مِن قِبَل أنه دبره يوم دبره وهو يملكه. وإن كان العبد في يديه ولم يلحق بدار الحرب حتى أسلم فتدبيره جائز. وكذلك العتق البتات في ذلك كله بمنزلة التدبير. فأما إذا كانت له أمة (¬3) فوطئها وهو مرتد فولدت ثم قتل أو لحق بدار الحرب أو مات على ردته فإنها تعتق (¬4). وليست تشبه (¬5) أم الولد المدبر؛ لأن عتقها مِن قِبَل النسب والولد. وهذا كله على قياس قول أبي حنيفة في المدبر وأم الولد. وقال أبو يوسف ومحمد: تدبير المرتد جائز وإن لحق بدار الحرب، ويعتقه القاضي من ثلثه كما يعتق مدبره الذي دبره في حال إسلامه. وإذا دبر المسلم عبده ثم ارتد عن الإسلام فتدبيره جائز؛ مِن قِبَل أنه دبره في حال الإسلام. وليس هذا كالذي دبر وهو مرتد. وإذا مات هذا المرتد أو قتل عتق عبده الذي دبره في حال الإسلام من ثلثه. وإذا لحق بدار الحرب فرفع إلى الحاكم أعتقه من ثلثه. ¬

_ (¬1) ش - قد عتق؛ صح هـ. (¬2) م ش ز: كتاب. (¬3) ش - أمة. (¬4) ز: يعتق. (¬5) ز: وليس يشبه.

باب الأمة الحامل إذا بيعت

وإذا دبر الرجل عبده ثم ارتد العبد ولحق بدار الحرب أو أسره أهل الحرب فأصابه المسلمون فإن أبى أن يسلم قتل، وإن أسلم رد إلى مولاه وكان على حاله، لا يبطل ما صنع عتقه. ... باب (¬1) الأمة الحامل إذا بيعت وإذا باع الرجل أمة من رجل وقبضها أو لم يقبضها حتى ولدت ولداً فادعياه جميعاً معاً فإنه ينظر (¬2)، فإن كانت جاءت بالولد لأقل من ستة أشهر من يوم وقع البيع فهو ابن البائع، وهي أم ولد له، ويرد الثمن إن كان انتقد من المشتري. وإن جاءت به لستة أشهر بعد عقدة البيع (¬3) أو أكثر فإنه ولد المشتري، وهي أم ولد له (¬4). فإن ولدت ولدين أحدهما لأقل من ستة أشهر والآخر لأكثر من ستة أشهر بيوم فادعياهما جميعاً رد البيع، وهي أم ولد للبائع. فإن لم يدعهما (¬5) المشتري ولا البائع حتى أعتق المشتري الأم ثم ادعى البائع الولد وقد جاءت (¬6) به لأكثر من ستة أشهر فإنه لا يصدق على ذلك. ولو لم يكن المشتري أعتق الأم لم يصدق أيضاً. فإن كانت جاءت به لأقل من ستة أشهر وقد أعتق المشتري الأم فإن نسب الولد يثبت، ويكون الولد ابن البائع، ولا يصدق على الأم؛ لأنها حرة. وقد وجب ولاؤها، وحرم فرجها إلا بنكاح، ولا أردها أمة رقيقاً توطأ بغير نكاح. فإن كان البائع انتقد الثمن قسم الثمن على قيمة الولد والأم، فيرد على المشتري ما أصاب الولد، ويمسك ما أصاب الأم. ¬

_ (¬1) م ش ز: كتاب. والتصحيح من الكافي، 1/ 99 و. (¬2) ز: نظر. (¬3) ش - وهي أم ولد له ويرد الثمن إن كان انتقد من المشتري وإن جاءت به لستة أشهر بعد عقدة البيع. (¬4) ش - له. (¬5) ز: لم يدعيهما. (¬6) ش: وجاءت.

وإذا باع الرجل أمة حاملاً فولدت عند المشتري بعد البيع بشهر فأعتق المشتري الولد أو أعتقهما جميعاً ثم ادعى البائع الولد فإن دعواه لا تجوز، ولا يصدق؛ مِن قِبَل الولاء الذي يثبت للمشتري في الولد. ولو كانت (¬1) الجارية أمة لم تعتق (¬2) بعد لم يرجع (¬3) إليه أيضاً؛ مِن قِبَل أن ولدها لم يثبت نسبه منه؛ لأنه أعتق. وكذلك لو لم يعتق واحداً منهما ولكن الولد مات ثم ادعاه البائع فإن دعواه باطل؛ مِن قِبَل أنه لا يثبت نسبه بعد الموت. ولو كان للولد ولد حي ثم ادعى البائع الولد لم أجز دعواه، ولم أجعل الجارية أم ولد له، ولم أردها عليه؛ مِن قِبَل أنه لا يثبت نسبه بعد الموت (¬4). ولا يشبه هذا ولد الملاعنة. وهو قول محمد. وإذا باع الرجل أمة فولدت بعد البيع لأكثر من ستة (¬5) أشهر فادعاه البائع وصدقه المشتري فإنه مصدق، وهو ابنه، وهي أم ولد له، ويرد الثمن إن كان قبض منه. ولو لم يصدقه المشتري لم يثبت النسب ولم يصدق. وإذا باع الرجل أمة حاملاً ثم باعها المشتري حتى تناسخها رجال (¬6) ثم ولدت لأقل من ستة أشهر (¬7) من البيع الأول (¬8) فادعوه جميعاً فهو ¬

_ (¬1) ز: كاتب. (¬2) ز: لم يعتق. (¬3) ز: لم ترجع. (¬4) م ش ز + ولولد. (¬5) ش: استة (مهملة). (¬6) ش + ولم يكن المشتري أعتق الأم لم يصدق أيضاً فإن كانت جاءت به لأقل من ستة أشهر وقد أعتق المشتري الأم فإن نسب الولد يثبت ويكون الولد ابن البائع ولا يصدق على الأم لأنها حرة وقد وجب ولاؤها وحرم فرجها إلا بنكاح لا أردها أمة رقيقاً توطأ بغير نكاح فإن كان البائع انتقد الثمن قسم الثمن على قيمة الولد والأم فيرد على المشتري ما أصاب الولد ويمسك ما أصاب الأم وإذا باع الرجل أمة حاملاً فولدت عند المشتري بعد البيع بشهر فأعتق المشتري الولد أو أعتقهما جميعاً ثم ادعى البائع الولد فإن دعواه لا تجوز ولا يصدق من قبل الولاء الذي يثبت للمشتري في الولد ولو كانت الجارية أمة لم تعتق بعد لم يرجع إليه أيضاً من قبل أن ولدها لم يثبت نسبه منه لأنه أعتق وكذلك لو لم يعتق واحداً منهما ولكن الولد مات ثم ادعاه البائع فإن دعواه باطل. (¬7) ش - ثم ولدت لأقل من ستة أشهر. (¬8) ش - الأول.

للأول، وهي أم ولد له، ويترادان البيع. وكذلك لو باع ولداً قد ولد عنده ثم ادعاه فإنه يصدق، وعليه أن يرد الثمن على المشتري. وإذا كان في يدي الرجل صبي لا ينطق ولد عنده فزعم أنه عبده فأعتقه ثم زعم أنه ابنه فإني أستحسن في هذا وأدع القياس وأجعله ابنه. ولو كان عبداً كبيراً فأعتقه ثم ادعاه (¬1) ومثله يولد لمثله وكذبه الغلام لم أجز دعواه. وهما في القياس سواء، غير أني أستحسن في الصغير كما أستحسن في المدبرة بين اثنين إذا جاءت بولد فادعاه أحدهما أن أثبت نسبه (¬2) منه، وأضمن المدعي نصف قيمة الولد إن كان غنياً، والولاء له ولشريكه. وإذا كان عبد كبير (¬3) دبره هو وشريكه ثم ادعاه أحدهما أعتقت حصته منه، وضمن لشريكه نصف قيمة خدمته، وأثبت نسبه إن كان مثله يولد لمثله بعد أن لا يكون له نسب معروف، والولاء بينهما على حاله، أستحسن هذا وأدع القياس فيه، وضمنتُه نصف الخدمة ونصف قيمة العبد مدبراً. وإذا ولدت الأمة ولدين في بطن واحد فباع المولى أحدهما وباع الأم ثم إن المشتري ادعى الذي اشترى فإن نسبه يثبت منه، وتكون (¬4) الأمة أم ولد له، ويثبت نسب الولد الذي عند البائع منه، وهو عبد البائع. وإن لم يدع (¬5) المشتري الولد ولكنه أعتق الولد الذي اشترى وأعتق أمه ثم إن البائع ادعى الذي (¬6) عنده فإن نسبه يثبت منه، ويثبت نسب الآخر أيضاً منه، ويرد حصة الابن من الثمن إن كان انتقد. فأما الأم فعتقها نافذ، لا ترجع أم ولد فتكون (¬7) رقيقاً يستحل فرجها بعد أن حرم. وإذا لم يدع البائع ولم يعتق المشتري ثم إنهما ادعيا جميعاً الولد فإنه يثبت نسبهما من البائع مِن قِبَل أنه الأول، والجارية أم ولد له، ويرد الثمن إن كان انتقده (¬8). وإذا باع الرجل أمة حاملاً فخاف المشتري أن يدعي البائع حملها فأراد أن ¬

_ (¬1) ش + أحدهما. (¬2) ش: النسب. (¬3) ز: عبداً كبيراً. (¬4) ز: ويكون. (¬5) ز: لم يدعي. (¬6) ش + الذي. (¬7) ز: فيكون. (¬8) ش: انقده.

يتحرز منه ويستوثق حتى لا تجوز دعواه فإنه يشهد عليه أن هذا الحبل من عبد له كان (¬1) زوجاً للأمة. فإذا أقر بهذا لم يستطع أن يدعيه أبداً. وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد: إنه يستطيع أن يدعيه إن أنكر ذلك العبد الولد. ألا ترى (¬2) أن قول المولى لا يجوز على العبد إذا أنكر، ولا يكون الولد ابن العبد، فالولد هاهنا لا يثبت نسبه من أحد. وإذا كانت الأمة بين اثنين فباعها أحدهما من صاحبه ثم إن البائع ادعى الولد وقد ولدت لأقل من ستة أشهر فإني أجيز دعواه، وأجعلها أم ولد له، ويرد ما أخذ من الثمن على المشتري، ويرد نصف العقر ونصف القيمة لشريكه. ولو أنهما ادعياه جميعاً معاً ثبت (¬3) نسبه منهما جميعاً، وكان ابنهما يرثهما ويرثانه، ويرد البائع ما أخذ من الثمن. فإن ادعى البائع وأعتق المشتري وخرج الكلام منهما جميعاً (¬4) صار حراً، وهو ابن البائع، ويرد الثمن على المشتري، وهو ضامن لنصف قيمة الأم ونصف العقر؛ [مِن] قِبَل أن الولد شاهد (¬5) وقد كان (¬6) قبل الكلام منهما فيه. وكذلك لو كانت الأمة بينهما على حالها لم يبعها أحدهما صاحبه. وإذا كانت الأمة بين اثنين فباعها أحدهما من رجل وهي حامل فادعى المشتري الحبل (¬7) وادعاه البائع والذي لم يبع ادعوه جميعاً معاً، فإن كانت وضعته لأقل من ستة أشهر بعد البيع ثبت نسبه من البائع ومن الذي لم يبع، ولا يثبت نسبه من المشتري، ويأخذ المشتري ما نقد من الثمن، ويرد عليهما العقر بإقراره بالوطء. وإذا كانت (¬8) جاءت به لأكثر من ستة أشهر بعد البيع ثبت (¬9) نسبه من المشتري ومن الذي لم يبع، وكان الولد ابنهما، وكانت الأمة أم ولد لهما، ولا يثبت نسبه من البائع. ¬

_ (¬1) ش: من عبد كان له. (¬2) ز: يري. (¬3) ز: يثبت. (¬4) ز + معا. (¬5) أي: موجود في بطن أمه. انظر للشرح: المبسوط، 7/ 205. (¬6) أي: كان موجوداً في بطن أمه. (¬7) ش - فادعى المشتري الحبل. (¬8) ز: كاتب. (¬9) ز: يثبت.

كتاب المكاتب

كتاب (¬1) المكاتب أبو يوسف قال: حدثنا الحجاج بن أرطأة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من كاتب عبده على مائة أوقية فأداها إليه إلا عشر أواق فهو رقيق" (¬2). أخبرنا محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن زيد بن ثابت أنه قال: المكاتب عبد ما بقي عليه درهم، وإن مات قبل أن يؤدي مكاتبته أخذ ماله كله (¬3). محمد عن أبي يوسف عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي بن أبي طالب أنه قال: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} (¬4)، قال: ¬

_ (¬1) كذا هنا. والأولى أن يقال: باب. فإن كتاب المكاتب كتاب مستقل ضمن كتاب الأصل. لكن قد يكون هذا كتاب المكاتب الصغير، وذاك كتاب المكاتب الكبير، كما هو الحال مثلا في كتاب المأذون الكبير، وكتاب المأذون الصغير. انظر: المقدمة. (¬2) حسنه الترمذي. انظر: سنن الترمذي، البيوع، 35؛ وسنن أبي داود، العتق، 1. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 4/ 142. (¬3) الآثار لمحمد، 117؛ والمصنف لعبد الرزاق، 8/ 405؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 317. ورويت الجملة الأولى مرفوعة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. انظر: سنن أبي داود، العتق، 1. (¬4) يقول تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (سورة النور، 33).

ربع المكاتبة (¬1). أخبرنا محمد عن شيخ عن عكرمة عن عمر بن الخطاب أنه حط عن مكاتب أول نجم حل عليه، وقرأ هذه الآية: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} (¬2). أبو يوسف قال: حدثنا محمد بن (¬3) إسحاق عن نافع عن ابن عمر أن مكاتباً له عجز فكَسَرَ مكاتبته ورده في الرق (¬4). أبو يوسف قال: حدثنا الحجاج بن أرطأة عن سماك بن حرب أن محمد بن أبي بكر كتب إلى علي بن أبي طالب يسأله عن مكاتب مات وترك مالاً، فكتب إليه (¬5) علي أنه يؤدي مكاتبته، وما بقي فهو ميراث لورثته (¬6). أبو يوسف عن الحجاج بن أرطأة عن حصين بن عبد الرحمن عن عامر الشعبي عن الحارث عن علي بن أبي طالب أنه كان يقول: إذا اجتمع على المكاتب نجمان قد حلا رد في الرق (¬7). أبو يوسف عن إسماعيل بن أبي خالد عن عامر الشعبي عن عبد الله بن مسعود أنه قال: إذا مات المكاتب فإنه يؤدى مكاتبته، وما بقي فهو ميراث (¬8). ¬

_ (¬1) تفسير الطبري؛ 129/ 18، 131. (¬2) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 388، 7/ 274. (¬3) م - بن. (¬4) روي نحوه مطولاً فى المصنف لعبد الرزاق، 8/ 407. (¬5) ش: إلى. (¬6) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 394؛ ونصب الراية للزيلعى، 4/ 146؛ والدراية لابن حجر، 2/ 192. (¬7) نصب الراية للزيلعي، 146/ 4؛ والدراية لابن حجر، 2/ 192؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 4/ 217. (¬8) السنن الكبرى للبيهقي، 10/ 331؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 146؛ والدراية لابن حجر، 2/ 192.

أبو يوسف عن أبي إسحاق الشيباني عن عامر عن شريح أنه قال: يَضْرِبُ مولى المكاتب بما حل عليه مع الغرماء (¬1). أخبرنا محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن علي وعن عبد الله وشريح قالوا: إذا مات المكاتب وترك مالاً أُدِّيَ (¬2) ما بقي من مكاتبته، وكان ما بقي ميراثاً لورثته (¬3). أبو يوسف عن بعض العلماء عن ابن عباس أنه قال: إذا كاتب العبد مولاه فهو غريم من الغرماء (¬4). أبو يوسف عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الله بن مسعود أنه قال: إذا أدى المكاتب قيمة رقبته فهو غريم (¬5). أبو يوسف عن الأعمش عن إبراهيم عن علي بن أبي طالب أنه قال: يعتق منه بقدر ما أدى (¬6). محمد عن أبي حنيفة عن الهيثم عن عائشة أن مكاتباً لها كان يدخل عليها، فلما أدى احتجبت منه (¬7). أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: قول زيد بن ثابت في ¬

_ (¬1) الآثار لأبي يوسف، 191؛ والمصنف لعبد الرزاق، 8/ 414. (¬2) ز: أدا. (¬3) الآثار لأبي يوسف، 190؛ والآثار لمحمد، 117. (¬4) عن يحيى بن أبي كثير أن ابن عباس قال: إذا بقي على المكاتب خمس أواق أو خمس ذود أو خمس أوسق فهو غريم. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 405. (¬5) ز - أبو يوسف عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الله بن مسعود أنه قال إذا أدى المكاتب قيمة رقبته فهو غريم. الآثار لأبي يوسف، 190؛ والآثار لمحمد، 117؛ والمصنف لعبد الرزاق، 8/ 411. (¬6) الآثار لأبي يوسف، 190؛ والآثار لمحمد، 117؛ والمصنف لعبد الرزاق، 8/ 410، 412؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 318. (¬7) الآثار لأبي يوسف، 191؛ وروي عن ميمون بن مهران أن عائشة قالت لمكاتب من أهل الجزيرة يقال له: حمران أن: ادخل علي وإن بقي عليك عشرة دراهم. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 408؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 317.

باب كتاب المكاتب

المكاتب ما دام حيًّا أحب إلي (¬1) من قول علي وعبد الله وشريح. وقول علي وعبد الله وشريح في الموت أحب إلي من قول زيد (¬2). محمد عن أبي يوسف عن الكلبي في هذه الآية: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} , قال: حَضّ (¬3) المولى وغيره على المكاتب (¬4). ... باب كتاب المكاتب وإذا كاتب الرجل عبده كتب: "هذا ما كاتب عليه فلان بن فلان مملوكه فلاناً (¬5) الفلاني، كاتبه على كذا كذا درهماً، وزن سبعة جياد، يؤديها إليه نجوماً في كذا كذا سنة، كل سنة من ذلك كذا كذا (¬6)، ومحل أول هذه النجوم شهر كذا من سنة كذا، وعلى فلان عهد الله وميثاقه لينصحن وليجتهدن حتى يؤدي جميع ما كاتبه عليه فلان مولاه (¬7)، وليس لفلان أن يتزوج إلا أن يأذن له مولاه فلان بن فلان، فإن عجز عن شيء من هذه النجوم أو أخّره عن محله فهو مردود في الرق، وما أخذ منه فلان (¬8) مولاه فهو له حلال، وإن أدى جميع ما كاتبه عليه فلان [فهو] حر لوجه الله تعالى، لا سبيل لفلان ولا لأحد عليه، ولفلان ولاؤه وولاء عقبه (¬9) من بعده، شهد" (¬10). وإذا أدى من مكاتبته نجماً فأراد أن يكتب منه البراءة كتب: "هذا ¬

_ (¬1) م ش ز: إلي أحب. (¬2) الآثار لأبي يوسف، 190 - 191؛ والآثار لمحمد، 117. (¬3) م ش ز: حصن. والحض هو الحث والترغيب. انظر: لسان العرب، "حضض". (¬4) أي: حث المولى وغيره على إعانة المكاتب. وروي نحوه عن إبراهيم النخعي والحسن. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 376؛ وتفسير الطبري، 18/ 131. (¬5) ز: فلان. (¬6) ش - كذا. (¬7) م: ومولاه. (¬8) ش - فلان. (¬9) ز: عتقه. (¬10) ش - من بعده شهد.

كتاب من فلان بن فلان لمملوكه فلان الفلاني، إني كنت كاتبتك على كذا كذا درهماً وزن سبعة جياد، تؤديها (¬1) إلي نجوماً في كذا كذا سنة، كل سنة من ذلك كذا كذا درهماً، ومحل أول نجم من النجوم شهر كذا من سنة كذا، وإنك أديت إلي النجم الأول من هذه المكاتبة، وقبضته منك، وهو كذا كذا درهماً، وبرئت إلي منه". وكذلك إذا أدى النجم الثاني. وإذا أدى المال كله كتب: "وإنك أديت إلي جميع هذه المكاتبة، وقبضتها منك، وهي كذا كذا درهماً، وبرئت إلي منها، فلم يبق لي (¬2) قبلك من هذه المكاتبة قليل ولا كثير إلا قد استوفيته منك وبرئت إلي منه، فأنت حر لوجه الله تعالى، لا سبيل لي ولا لأحد عليك، ولي ولاؤك وولاء عقبك (¬3) من بعدك". ولو اشترط عليه أن لا يخرج من الكوفة إلا بإذنه كان الشرط في هذا باطلاً لا يجوز؛ لأن هذا يمنعه من الطلب من فضل الله. وإذا كاتبه على شيء من الحيوان عدداً معلوماً (¬4) [ونوعاً معلوماً]، فهو جائز. وإن لم يسم ذلك فهو جائز. وإذا كاتبه على عدد من الثياب بعد أن يسمي صنفاً معلوماً، فإن سمى طولاً وعرضاً فهو جائز. وإن لم يسم ذلك، فهو جائز. وإذا كاتبه على شيء مما يكال أو يوزن بعد أن يسمي من ذلك كيلاً معلوماً أو وزناً معلوماً فهو جائز. وإذا أخذ الرجل من مكاتبه كفيلاً بالمكاتبة فذلك باطل لا تجوز ¬

_ (¬1) ز: يؤديها. (¬2) م ز: فلم يتولى. (¬3) ز: عتقك. (¬4) م ش ز + وصنفاً معلوماً فإن سمى طولاً وعرضاً. وهو خطأ، وقد انتقل نظر الناسخ سهوا إلى المسألة التالية. والتصحيح والزيادة مستفاد من كتاب المكاتب، باب المكاتبة على الحيوان. انظر: 4/ 115 ظ - 116 و.

الكفالة عليه. ألا ترى أن المكاتب عبد (¬1) له، فكيف يكفل له عن عبده بماله. أخبرنا بذلك أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم (¬2). وإذا كاتب الرجل عبدين له وجعل نجومهما واحداً كفل كل واحد منهما بما على صاحبه فهو جائز. وهذا والأول سواء في القياس، غير أني أستحسن في هذا أن أجيزه. أخبرنا محمد قال: حدثنا بذلك أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم (¬3). فإذا كتب (¬4) مكاتبتهما كتب: "هذا ما كاتب عليه فلان بن فلان مملوكيه فلاناً (¬5) الفلاني وفلانًا (¬6) الفلاني، كاتبهما على ألف درهم وزن سبعة جياد، يؤديانها (¬7) إليه نجوماً في خمس سنين، كل سنة من ذلك مائتي درهم، ومحل أول هذه النجوم هلال شهر رمضان من سنة كذا كذا، وكل واحد منهما كفيل ضامن لجميع هذه المكاتبة، وأيهما شاء فلان أخذ بجميع هذه المكاتبة، وإن شاء أخذهما بها (¬8) جميعاً، وإن شاء أخذهما بها شتى، فإن عجزا عن شيء من هذه النجوم أو أخراه عن محله فهما مردودان في الرق، وما أخذ فلان منهما فهو له حلال، وليس لهما أن يتزوجا إلا بإذن فلان مولاهما، وإن أديا جميع ما كاتبهما عليه فهما حران لوجه الله تعالى، لا سبيل لفلان ولا لأحد عليهما". وإنما يكتب أن لا يتزوج إلا بإذن مولاه لقول غيرنا. فأما قولنا فإنه إن كتب هذا أو لم يكتبه فإنه ليعس له أن يتزوج إلا بإذن المولى؛ لأنه عبد ما بقي عليه [شيء] (¬9). وجاءت به (¬10) الآثار والسنة أنه عبده ما بقي عليه شيء من مكاتبته (¬11). ¬

_ (¬1) ز: عبدا. (¬2) الآثار لأبي يوسف، 196؛ والآثار لمحمد، 118. (¬3) الآثار لأبي يوسف، 191؛ والآثار لمحمد، 117 - 118؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 314. (¬4) ش: كاتب. (¬5) ز: فلان. (¬6) ز: وفلان. (¬7) ز: جيادا يؤدياها. (¬8) ز: بهما. (¬9) في ش بياض. وانظر تتمة العبارة. (¬10) ز - به. (¬11) تقدمت هذه الآثار قريباً.

وإذا كاتب الرجل عبده على ألف درهم وعلى وصيف فهو جائز. فإن كاتبه على ألف درهم (¬1) على أن يرد المولى عليه وصيفًا (¬2) فلا خير في المكاتبة على هذا الشرط. وهو قول أبي حنيفة ومحمد. وفيها قول آخر: إن الألف تقسم (¬3) على قيمة العبد وعلى قيمة وصيف (¬4) وسط (¬5)، فيطرح منه ما أصاب قيمة الوصيف من ذلك، ويؤخذ بما أصاب قيمته. وهو قول أبي يوسف. وإذا كاتب الرجل عبده على مال واشترط خدمة أشهر معلومة أو سنين معلومة (¬6) فهو جائز. وإذا اشترط عليه خدمة مجهولة بغير وقت ولا أجل فالمكاتبة فاسدة. فإن اختصما فيها بعدما يؤدي المال عتق (¬7) وعليه فضل قيمته. فإن كان أدى قيمته فلا شيء عليه. وكذلك الرجل يكاتب خادمه على ألف درهم وخدمتها أبداً أو جماعها أبداً أو اشترط (¬8) عليها مع الألف شيئاً مجهولًا فهو مثل ذلك سواء. وإذا كاتب الرجل عبده ثم اشترى منه شيئاً أو باعه شيئاً (¬9) فهو جائز، وما استهلك كل واحد منهما لصاحبه فهو دين عليه. وإذا اشترى المكاتب ولداً أو والداً (¬10) أو زوجة قد ولدت منه وولدها فليس له أن يبيع شيئاً من ذلك. أدع القياس في ذلك وأستحسن. وما اشترى [غير ذلك] (¬11) من ذوي رحم محرم فله أن يبيعه (¬12). ¬

_ (¬1) ز - درهم. (¬2) ز: وصنفا. (¬3) ز: يقسم. (¬4) ز: وصنف. (¬5) ش - وسط. (¬6) ز - أو سنين معلومة. (¬7) ش: وعتق. (¬8) ز: واشترط. (¬9) ش - شيئاً؛ ز - أو باعه شيئاً. (¬10) م ش ز: ولدا أو ولد ولد. (¬11) الزيادة مستفادة من كتاب المكاتب، باب كتاب شراء المكاتب ولده وذوي الأرحام منه. انظر: 4/ 136 ظ. (¬12) وهذا قول أبي حنيفة. وأما في قول الصاحبين فليس له أن يبيع ذوي الرحم المحرم أيضاً. انظر: المصدر السابق.

وإذا مات المكاتب ولم يترك وفاء وترك أباه وأمه وولداً له كان قد اشتراهم في مكاتبته فإنهم يباعون، ولا يعتقون في قول أبي حنيفة. إلا أنه قال في الولد خاصة: إن جاء بالمكاتبة حالة قبلت منه وعتق. وقال أبو يوسف ومحمد (¬1): كل ذي رحم محرم اشتراه المكاتب (¬2) فإذا مات فإنهم يسعون في المكاتبة على نجومها، بمنزلة الولد يولد في المكاتبة. وكذلك أم الولد. فإن ترك وفاء أديت مكاتبته ويعتق هؤلاء. وإذا اشترى المكاتب امرأته فهما على النكاح، وله أن يبيعها ما لم تلد منه. وكذلك المكاتبة تشتري (¬3) زوجها فله أن يطأها بالنكاح. وإذا مات المكاتب وترك ولداً قد اشتراهم في المكاتبة فقال الولد: أنا أؤدي جميع ما على (¬4) أبي على نجومه، فليس له ذلك في قول أبي حنيفة؛ مِن قِبَل أنه اشتراه. وإن قال: أنا أؤديه جملة واحدة، استحسنت أن أقبل ذلك منه وأعتقه. وإذا ترك المكاتب ابناً قد ولد في مكاتبته من أمة له فله أن يسعى فيما بقي على أبيه على نجومه. وكذلك المكاتبة إذا ماتت وتركت ولداً ولدته في المكاتبة سعى فيما بقي عليها. وإن تركت ولدين فأدى أحدهما ما على الأم فإنه لا يرجع على صاحبه بشيء، لأنهما جميعاً مال للأم. وللمكاتب أن يستسعي ولده الذين ولدوا في مكاتبته وأن يأخذ كسبهم فيستعين به. وما يجنى عليهم أخذ أرشه. ولا تجوز شهادة المكاتب، ولا هبته، ولا صدقته، ولا عتقه. ولو باع عبداً له من نفسه لم يجز. ولو أعتق عبداً له على ألف لم يجز، هو في ذلك بمنزلة العبد. وإذا كاتب المكاتب عبداً له أجزت مكاتبته. أستحسن ذلك وأدع القياس فيه. ولا تجوز كفالة المكاتب؛ لأن الكفالة معروف (¬5). وليس ¬

_ (¬1) ز: محمد. (¬2) ش: بالمكاتب. (¬3) ز: يشتري. (¬4) م ش - على. (¬5) م ش ز: معروفة.

له أن يشارك مفاوضة. وبيعه وشراؤه وطلاقه جائز. ولا يجوز نكاحه، ولا وصيته. وإذا مات وترك وفاء وقد كان أوصى بوصية وعليه من مكاتبته شيء لم يجز. وإذا عجز المكاتب عن نجم واحد ولم يكن له ما يؤدي ولم يكن له شيء ينتظر فإن القاضي يرده رقيقاً. وإن عجز المكاتب عن المكاتبة وكسر المكاتبة دون القاضي فذلك جائز. بلغنا عن عبد الله بن عمر أنه كاتب عبداً له، فلما عجز كسر مكاتبته دون القاضي (¬1). وإذا سرق المكاتب أو سرق منه فعليه القطع إذا بلغت السرقة عشرة دراهم فصاعداً. وإذا باع المكاتب داراً فللشفيع فيها شفعة. وكذلك إذا اشتريت دار (¬2) إلى جنب داره كان له فيها شفعة. وليس للمكاتب أن يبيع ما اشترى من مولاه مرابحة؛ لأنه بمنزلة عبده إلا أن يبين بما قام على المكاتب للبائع، وعلى المولى إن كان هو البائع. ولو اشترى رجل من مكاتبه درهماً بدرهمين أفسدت ذلك، آخذ في هذا بالثقة. ولو كاتبه على شيء من العروض أو الحيوان (¬3) أو ما يكال أو يوزن ثم صالحه من ذلك على دراهم يداً (¬4) بيد أجزت ذلك. ولو أخذ منه (¬5) رهناً بالمكاتبة فيه وفاء فهلك الرهن عنده أجزت (¬6) ذلك، وأبطلت المكاتبة، وأعتقت العبد. ولو كاتبه على وصيف فأتاه المكاتب بأربعين ديناراً يؤديها إليه من ثمن الوصيف أجزت ذلك، وجَبَرْتُ المولى على أخذها بما له قيمة الوصيف. فإذا جاءه بالمكاتب أو بقيمته فهو بريء. ¬

_ (¬1) تقدم قريباً. (¬2) ز: دارا. (¬3) ش: أو بالحيوان. (¬4) م ش ز: ويدا. (¬5) م ز - منه؛ ش: ولو أخذه. (¬6) م ش ز: وأجزت. وانظر: الكافي، 1/ 99 ظ؛ والمبسوط، 7/ 214.

ولو كاتبه على شيء مما لا يحل من خمر أو خنزير أو شبه ذلك مما لا قيمة له أبطلت المكاتبة. فإن أدى هذا المكاتب قبل أن يرتفعا إلى القاضي فإن كان قال له: أنت حر إذا أديته، فإنه يعتق. وإن لم يكن قال له ذلك فإنه يعتق أيضاً. وعليه قيمته في الوجهين جميعاً. وإذا كاتبه على وصيف فصالحه من ذلك على شيء من الحيوان أو العروض يداً بيد فهو جائز. وكذلك لو كاتبه على حنطة فصالحه على شعير يداً بيد فلا بأس بذلك. وإن صالحه على شعير نسيئة فلا خير في ذلك. وكذلك لو صالحه على وصيف أو شيء من الحيوان نسيئة، فلا يجوز. وإذا كاتبه على دراهم فلا بأس بأن يصالحه (¬1) على دنانير وما سوى ذلك يداً بيد، ولا خير في أن يصالحه على شيء من ذلك نسيئة. وإذا كاتبه على دراهم إلى أجل نجوماً فعجّل له المكاتب (¬2) بعض المكاتبة على أن يحط عنه ما بقي قبل حل (¬3) الأجل فلا بأس بذلك، ولا يشبه هذا البيوع؛ لأن هذا عبده ومكاتبه. وإذا (¬4) جاء المكاتب بالمال قبل حل الأجل فأبى المولى أن يقبله فإني أجبره على أن يقبله. وإذا كاتب الرجل عبده على ألف درهم وعلى عبد مثله يعمل عمله وهو خياط أو صباغ أو شبه ذلك فذلك جائز. ألا ترى أنه لو كاتبه على عبد صباغ أو خياط ثم حلاه ووصفه أجزت ذلك. أستحسن ذلك وأدع القياس فيه. وإذا كاتب الرجل عبده على مكاتبة ثم اختلفا فقال العبد: ألف، وقال المولى: ألفين، فإن القول قول العبد مع يمينه أنها ألف (¬5) في قول أبي حنيفة الآخر. وأما في قوله الأول وهو قول أبي يوسف ومحمد فإنهما ¬

_ (¬1) ز: صالحه. (¬2) ش: للمكاتب. (¬3) ش - حل. (¬4) ز: فإذا. (¬5) م ز: بألف.

باب موت المكاتب

يتحالفان ويترادان المكاتبة. وإن أقاما جميعاً البينة أخذت ببينة المولى؛ لأنه المدعي للفضل (¬1). فإن شهد شهود العبد أنه كاتبه على ألف إذا أداها فهو حر، عتق العبد إذا أدى ألفا، وكانت الألف الأخرى عليه ديناً. وإذا أدى العبد مكاتبته وهي عروض أو حيوان فعتق بها ثم استحقت فعليه مثلها، والعتق ماض. وإذا كاتب الرجل عبده على قيمته ولم يسمها فإن المكاتبة فيه باطل؛ مِن قِبَل أنه لم يسم القيمة. وإذا كاتب الرجل عبده على عبد فلان أو دابة فلان هذه فإن هذا لا يجوز. وإذا كاتب الرجل عبده إلى الحصاد أو إلى الدِّيَاس أو إلى العطاء على ألف درهم فإن المكاتبة جائزة، والمالط يحل (¬2) عليه في ذلك الوقت. فإن تأخر العطاء فإنه يحل عليه إذا حل العطاء في مثل ذلك الوقت الذي كان يخرج فيه. وإذا كاتبه على وصيف أبيض فصالحه من ذلك على وصيفين حبشيين أو سنديين يداً بيد أجزت ذلك. ولو صالحه على وصيفين أبيضين أجزت (¬3) ذلك إذا كان يداً بيد. ولو صالحه على وصيفين (¬4) نسيئة لم يجز. ... باب موت المكاتب أبو يوسف قال: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن عامر الشعبي عن عبد الله بن مسعود أنه قال في المكاتب إذا مات وترك مالاً: إنه يؤدى ما بقي من مكاتبته، وما بقي فهو ميراث لورثته (¬5). ¬

_ (¬1) ز: الفضل. (¬2) ز: تحل. (¬3) ز: أخرت. (¬4) ز: على صنفين. (¬5) تقدم قريباً.

أبو يوسف قال: حدثنا الحجاج بن أرطأة عن سماك بن حرب عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - مثل ذلك (¬1). وقال: وحدثنا محمد قال: حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن عبد الله بن مسعود وعلي بن أبي طالب وشريح مثل ذلك (¬2). وإذا مات المكاتب وترك وفاءً وفضلًا وترك أولاداً أحراراً وترك (¬3) أولاداً ولدوا في المكاتبة من أمة له (¬4) وأولادًا اشتراهم في مكاتبته فإني أؤدي ما بقي من مكاتبته إلى مواليه، ويكون ما بقي ميراثاً بين جميع أولاده (¬5) هؤلاء، ولامرأته إن كانت امرأة حرة. وإن كان عليه دين بدئ بدينه قبل المكاتبة. وإن كانت عليه جناية (¬6) بدأ بها (¬7) قبل المكاتبة بعد الدين (¬8). وإن كان للمرأة عليه مهر وقد تزوجها بغير إذن مولاها فإنهم لا يأخذونه حتى يستوفي أصحاب الدين حقهم، ثم أصحاب الجناية بعد المكاتبة، ثم المرأة إن كان لها مهر (¬9). فإن لم يكن ترك وفاء إلا في أولاده الذين اشتراهم وليس له ولد ولدوا في المكاتبة فإنهم يباعون (¬10) فتؤدى مكاتبته. فإن بقي شيء كان ميراثاً. وإن كان له ولد ولدوا في المكاتبة لم يبع هؤلاء، وسعى الذين ولدوا في المكاتبة. فإذا أدوا عتقوا جميعاً. فإن كان له أب قد اشتراه أو أم فسبيلهم مثل سبيل ولده الذين اشتراهم. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: سبيل أولاده الذين اشتراهم سبيل أبيه وأمه وسبيل ولده (¬11) الذين ولدوا في المكاتبة، يسعون على النجوم كما يسعى ولده الذين ولدوا في المكاتبة. وكذلك كل ذي رحم محرم منه وأم ولده إذا اشتراها. فإن لم يكن (¬12) وفاء ولا رقيق يباعون استسعي ولده الذين ولدوا في المكاتبة. فإن حل عليهم أول نجم فلم يؤدوا أو لا يكون لهم مال ¬

_ (¬1) تقدم قريباً. (¬2) تقدم قريباً. (¬3) ش: أو ترك. (¬4) ش - له. (¬5) م ش ز: أولاد. (¬6) م ش ز: على جناية. (¬7) م ز: بدانها بها. (¬8) ز: الذين. (¬9) ز: مهرا. (¬10) ز - يباعون. (¬11) ش - وسبيل ولده. (¬12) ز + له.

حاضر ينتظر فإنهم يردون في الرق. ولو كان بعضهم غائباً وعجز الشاهد فإنه لا ينبغي أن يرد الشاهد حتى يحضر الغائب؛ لأن الغائب إذا أدى عتق هو والشاهد. وإذا ترك المكاتب مالاً ديناً وأولاداً أحراراً فإن ولاءهم لمولى الأم كما كان حيًا. يُنْظَرُ ما يَصْنَعُ الدين (¬1). فإن خرج الدين وفيه وفاء أديت المكاتبة، وكان ما بقي ميراثاً، ورجع ولاء (¬2) الولد إلى موالي (¬3) المكاتب، ولا يرجع موالي (¬4) الأم (¬5) بما كانوا عقلوا عنهم في حياة المكاتب؛ مِن قِبَل أنهم كانوا مواليهم. وإن (¬6) لم يخرج الدين حتى يجني بعض الولد جناية عقلتها عاقلة الأم ثم خرج الدين فأديت المكاتبة فإن المكاتب يعتق، ويجر الولاء، ويرجع موالي الأم بكل ما ضمنوا من العقل بعد موت المكاتب، ولا يرجعون بما ضمنوا قبل موته. فإن مات الولد فاختصم موالي الأب وموالي الأم في ميراثه قبل أن يخرج الدين فإنه يقضى به لموالي الأم. فإذا وقع القضاء من (¬7) القاضي في هذا فقد أبطل المكاتبة. فإن خرج الدين بعد ذلك فهو لموالي الأب ميراثاً من عنده وليس من المكاتبة. فإن كان للمكاتب ولد ولدوا في المكاتبة فمتى ما خرج دين المكاتب - يعني وله ولد - أديت المكاتبة وجر الولاء (¬8) ولاء الولد (¬9)، وكان ما بقي ميراثاً. وإذا مات المكاتب وترك ولداً أحراراً فجاء رجل بوديعة للمكاتب فإنه (¬10) يؤدي منها ما بقي من المكاتبة، ويكون ما بقي ميراثاً، ولا يصدق على الولاء كي يجره إلى موالي الأب بقوله. أرأيت لو قال المولى نفسه: ¬

_ (¬1) ش: بالدين. (¬2) م ش ز: ورجع الولد وولاء. والتصحيح من الكافي، 1/ 100 و. (¬3) ش - موالي. (¬4) ش: الموالي. (¬5) ش - الأم. (¬6) ز: فإن. (¬7) ز: عن. (¬8) ش - الولاء. (¬9) وعبارة الحاكم والسرخسي: وجر ولاء الولد وولد الولد. انظر: الكافي، 1/ 100 و، والمبسوط، 7/ 217. (¬10) م ش ز: فإن.

هذه وديعة للمكاتب عندي، أكان يصدق على الولاء؛ أو قال: قد كنت استوفيت المكاتبة قبل موته، أكان يصدق على ذلك؛ أو أقر له بدين أكان يصدق على ذلك. فكذلك غيره. وإذا ترك المكاتب أم ولد ليس معها ولد (¬1) ولم يترك وفاء فإنها تباع ولا تسعى. فإن كان معها ولد سعت فيما على المكاتب إن كان ابنها صغيراً أو كبيراً. فإن كان على المكاتب حالًا أخذت به حالًا. وإذا كان إلى أجل فهو إلى أجله (¬2). وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: حال أم الولد إذا لم يكن معها ولد كحالها إذا كان معها ولد في سعايتها وفي كل شيء من أمرها. وإن ترك وفاء فان المال حال يؤخذ به مما ترك، ولا يؤخر إلى أجله إذا مات فصار حالًا. ألا ترى (¬3) أن ما بقي يقسم على الميراث. وإذا ترك المكاتب ابنين ولدا (¬4) في المكاتبة وترك عليه ديناً ومكاتبة (¬5) فإنهما يسعيان في ذلك كله، فأيهما أدى لم يرجع على صاحبه بشيء، وأيهما أعتق (¬6) المولى فعتقه (¬7) جائز، وعلى الباقي أن يسعى في جميع المكاتبة التي بقيت على الأب. وللغرماء أن يأخذوا أيهما شاؤوا بجميع الدين؛ لأنهما جميعاً مال للميت (¬8). ولا يرجع الذي يؤدي ذلك منهما على صاحبه بشيء؛ لأنه مال الميت. وإذا مات المكاتب وله امرأة حرة وأب حر وابن مكاتب معه وترك وفاء فإنه يؤدي ما بقي عليه من مكاتبته، ويكون ما بقي ميراثاً لأبيه وابنه وامرأته. ولو ترك ابناً مكاتباً وحده وليس معه في المكاتبة لم يرث شيئاً؛ لأنه مكاتب. ولا يرث المكاتب، ولا العبد، ولا المدبر، ولا أم الولد، ولا ¬

_ (¬1) ز - ليس معها ولد. (¬2) ش - فهو إلى أجله. (¬3) ز: يرى. (¬4) ز: وكذا. (¬5) م ز: ومكاتبته. (¬6) م ش: عتق. (¬7) ز + فيه. (¬8) م ز: مال الميت.

باب جناية رقيق المكاتب

العبد يسعى في شيء من قيمته. فأما ابنه المكاتب معه الذي يعتق بعتقه فإنه يرث؛ لأنه قد عتق معه. ... باب جناية رقيق المكاتب وإذا جنى عبد المكاتب جناية فقتل (¬1) رجلاً خطأ فإنه يقال للمكاتب: ادفعه أو افده بالدية، فأي ذلك ما فعل فهو جائز؛ مِن قِبَل أن له أن يبيعه. وليس هذا كنفسه وولده الذين لا يستطيع بيعهم. وكذلك إذا قتل عمداً فله أن يصالح عنه. وحال المكاتب في هذا كحال الحر. وإذا جنى عبده جناية ثم باعه وهو يعلم أو رهنه أو أجّره (¬2) أو كانت (¬3) أمة فوطئها فولدت فهذا اختيار، وعليه الأرش. وإن باعه وهو لا يعلم فعليه القيمة. وإذا قتله عبد عمداً فلا قصاص عليه أيضاً؛ مِن قِبَل أني لا أدري للمولى القصاص (¬4) أم للوارث. وإن لم يكن له وارث غير المولى كان للمولى أن يقتله. وإذا استهلك عبد المكاتب مالاً أو عقر دابة أو استهلك شيئاً فإنه دين في عنقه يباع فيه. وإذا جنى عبد المكاتب فلم يدفعه مولاه ولم يفده حتى رجع رقيقاً فإن مولى المكاتب بالخيار في دفعه وفي فداه كما كان الخيار للمكاتب. وإذا جنى عبد المكاتب فأعتق المكاتب قبل أن يفديه أو يدفعه فهو على حاله، إن شاء فداه، وإن شاء دفع. ¬

_ (¬1) ز: فقبل. (¬2) ز + أو أجره. (¬3) ز: أو كاتب. (¬4) ش - القصاص.

باب ولد المكاتب في جنايته والجناية عليه

باب ولد المكاتب في جنايته والجناية عليه وإذا ولد للمكاتب (¬1) ولد (¬2) من أمة له فله أن (¬3) يستغله ويستخدمه، وما اكتسب من كسب أو أصاب من مال فأبوه أحق به منه؛ لأنه مال أبيه. وإن كان عبداً وأمة مكاتبتهما واحدة فولدت ولداً فاكتسب الولد كسبًا أو أصاب مالاً فهو للأم دون الأب؛ لأنه منها. ألا ترى أن الأم لو كانت لرجل والأب لرجل آخر كانت (¬4) الأم أحق بكسبه وماله؛ لأنه إنما يعتق بعتقها ويرق برقها. ولو جني عليه جناية كانت (¬5) الأم أحق بأرشها. وإذا جنى جناية فعليه أن يسعى في الأقل من قيمته أو الجناية. وإذا كان عبد وامرأته مكاتبين مكاتبة واحدة إن أديا عتقا وإن عجزا (¬6) ردا فولدت ولداً فقتله المولى وقيمته أكثر من المكاتبة كان ذلك على المولى في ثلاث سنين في كل سنة الثلث. فإن كانت المكاتبة قد حلت قاضهم بها، وأدى الفضل إلى أمه، ورجعت الأم بما أدت عنه من ذلك. وإن كانت المكاتبة (¬7) لم تحل أدى المولى ذلك إلى الأم كله، فاستعانت به في مكاتبتها. وإذا كان الابن مكاتباً معهم في المكاتبة يعتق بعتقهم إذا أدى ثم قتله (¬8) المولى وقيمته أكثر من المكاتبة فحلت القيمة فإن المكاتبة قصاص من قيمته، إن كانت حلت وإن لم تكن (¬9) حلت؛ مِن قِبَل أن هذا مكاتب (¬10) قد مات وترك وفاءً وفضلاً، لا بد من أن يقسم الفضل بين ¬

_ (¬1) م ش ز: المكاتب. (¬2) ز: ولدا. (¬3) م ز: من أمة له فإن؛ ش: من أمة له بأن. (¬4) ز: كاتب. (¬5) ز: كان. (¬6) ز + أو. (¬7) ز - قد حلت قاصهم بها وأدى الفضل إلى أمه ورجعت الأم بما أدت عنه من ذلك وإن كانت المكاتبة؛ صح هـ. (¬8) ز: ثم قبله. (¬9) ز: لم يكن. (¬10) ز: مكاتباً.

ورثته بسهامهم، والأول ليس بمكاتب، إنما هو بضعة من أمه. ويؤدي المولى الفضل عن المكاتبة، فيكون بين الورثة على سهامهم. ويؤدي الأم والأب حصتهما (¬1) من المكاتبة، وتقسم (¬2) تلك (¬3) الحصة بين ورثة الابن على كتاب الله تعالى، ويرث أبوه وأمه معهم إن كان له وارث غيرهم؛ لأنهم قد عتقوا مع عتقه. وإن لم يكن له وارث غيرهما فهما يحرزان ميراثه. وإذا أعتق المولى ابن المكاتب الذي ولد في مكاتبته فعتقه جائز، ولا يرفع عن المكاتب (¬4) من مكاتبته شيء؛ مِن قِبَل أن المكاتب لا يستطيع بيعه. وكذلك لو كان اشتراه. وكذلك لو كان أباه (¬5) وأمه. فأما أم (¬6) ولده فليس للمولى أن يعتقها؛ مِن قِبَل أنه لو عتق كانت أم ولده على حالها. وأما أمه وأبوه وابنه فإنهم يعتقون بعتقه. ولو أعتق ذا رحم محرم من المكاتب أو من رقيق المكاتب لم يجز عتقه، وليس له أن يتلف ماله. وإنما أجزت عتق ولده ووالده مِن قِبَل الاستحسان، كان ينبغي في القياس أن لا يجوز عتقه، فهو مِن قِبَل أن للمكاتب أن يستخدمهم وأن يستغلهم. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: أما نحن فنرى عتق المولى في كل ذي رحم محرم من المكاتب (¬7) بما اشتراه المكاتب جائزاً (¬8)؛ مِن قِبَل أنه ليس للمكاتب أن يبيعهم؛ لأنهم يعتقون بعتق المكاتب. ولو كاتب (¬9) المكاتب أبا مولاه أو ولداً (¬10) له لم يعتق؛ مِن قِبَل أن مولاه لو أعتق رقيقه لم يعتقوا. وكذلك ما ملك (¬11) من ذي رحم محرم من نسب (¬12) مولاه لا يعتقون؛ لأن مولاه لا يملكهم. ¬

_ (¬1) م ش ز: حصتهم. والتصحيح من الكافي، 1/ 100 ظ؛ والمبسوط، 7/ 221. (¬2) ز: ويقسم. (¬3) ش - تلك. (¬4) ز: عن المكاتبة. (¬5) ز: أبوه. (¬6) ش - أم. (¬7) ز: من المكاتبة. (¬8) ز: جائز. (¬9) م ش ز: ولو كتب. (¬10) ز: وولدا. (¬11) ز: ما أملك. (¬12) ز: من النسب.

وإذا جنى المكاتب جناية خطأ فإني أنظر إلى أرش الجناية وإلى قيمته فيسعى في الأقل (¬1) من ذلك. وإذا جنى جناية (¬2) ثانية كان عليه كذلك أيضاً. وإن جنى مرات قبل أن يحكم عليه فإن عليه قيمة واحدة بينهم بالحصص. ولو قتل (¬3) رجلاً عمداً هو وابن له في ملكه وأب له في ملكه ثم صالح من دمه على مال أجزت الصلح وألزمت (¬4) المال المكاتب وابنه إن كان صالح. فإن عتق فالمال له لازم. وإن عجز فرد رقيقاً لم يلزمه شيء من المال، وكان العفو ماضيًا (¬5). فإن عتق يوماً من الدهر ألزمته ذلك المال؛ مِن قِبَل أن المكاتب ليس بمسلَّط على نفسه إن صالح (¬6) عنها. وكذلك ابنه وأبوه. فأما عبده فله أن يصالح (¬7) عنه؛ لأن له أن يبيعه فعبده مخالف لنفسه؛ لأنه لا يستطيع بيع نفسه ولا ولده. وهذا قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فالصلح جائز، والمال لازم للذي صالح (¬8) إن عجز أو عتق أو كان مكاتباً على حاله (¬9). وإذا حفر المكاتب في طريق بئراً فوقع فيها إنسان فمات فعليه أن يسعى في قيمته. فإن وقع فيها آخر شركه في تلك القيمة. لا يلزمه في البئر أكثر من قيمته؛ (¬10) لأنها جناية واحدة. وإذا وُجد في دار مكاتب قتيل (¬11) فعليه أن يسعى في قيمته. وكذلك ما أحدث المكاتب في الطريق من حجر وضعه أو دكان أو ¬

_ (¬1) ش - وإذا جنى المكاتب جناية خطأ فإني أنظر إلى أرش الجناية وإلى قيمته فيسعى في الأقل. (¬2) م ش ز - جناية. والزيادة من ع. (¬3) ز: قبل. (¬4) م ز: وألزمته. (¬5) ز: ماض. (¬6) م ز: أن يصالح. (¬7) ش: ان صالح. (¬8) ش: الح. (¬9) ش - على حاله. (¬10) م: من قيمه. (¬11) ز: قيل.

غير ذلك فأصاب إنساناً فعطب به فهو مثل البئر. وكذلك الكنيف يشرعه من داره. وإذا مال حائط من داره فأشهد عليه فلم ينقضه حتى وقع فقتل إنساناً فعليه أن يسعى في قيمته. وإذا جنى المكاتب جناية ثم عجز فرد رقيقاً قبل أن يقضى عليه بالسعاية كلها فإن مولاه يخير. فإن شاء دفعه، وإن شاء فداه. وإن قضي عليه بالسعاية (¬1) فيها ثم عجز فهي دين في عنقه يباع في ذلك. وإذا أقر المكاتب [بعرض من العروض] (¬2) ثم استهلكه أو عقر دابة فعليه قيمة ذلك بالغاً ما بلغ ديناً يسعى فيه. وليس هذا كالجناية في بني آدم. إذا جنى على إنسان عبداً كان أو حراً فإنه ينظر إلى أرش الجناية وإلى قيمته فيكون عليه الأقل من ذلك؛ مِن قِبَل أن هذا لو كان عبداً دفع به، ولو كان عمداً قتل به. فهذا مخالف للحيوان والعروض؛ لأنه لا يدفع بذلك (¬3) لو كان عبداً. وإذا جني على (¬4) المكاتب جناية فعلى الجاني أرش تلك الجناية من قيمة (¬5) عبد يأخذها المكاتب فيستعين بها. وإذا قتل المكاتب رجلاً عمداً دفع المكاتب إلى أوليائه فقتلوه به. وحاله (¬6) إذا قتل كحال الميت. فإن كان المكاتب هو المقتول عمداً، وله ورثة سوى مواليه وترك وفاء، فلا قصاص فيه، وعلى قاتله (¬7) قيمته في ماله، يؤدى منها ما بقي من مكاتبته، وما بقي فلورثته. وإذا لم يكن له وارث غير المولى فللمولى أن يقتل به؛ لأنه إن كان حراً فهو وليه، وإن كان عبداً فهو وليه. وهذا قول أبي حنيفة أبي يوسف. وقال محمد: لا قصاص فيه إن كان ترك وفاء، وعلى القاتل قيمته في ماله. ¬

_ (¬1) ش + كلها. (¬2) الزيادة مستفادة من تتمة العبارة. (¬3) ش - بذلك. (¬4) ز: عليه. (¬5) ز: من قيمته. (¬6) ش: حاله. (¬7) ز: عاقله.

باب نكاح المكاتب

وإذا قتل ابن المكاتب وقد ولد له في مكاتبته عمداً فلا قصاص على قاتله، وعليه القيمة للمكاتب. وكذلك عبد المكاتب إذا قتل عبداً أو أمة (¬1) فليس فيه قصاص؛ لأني لا أدري القصاص للمولى أو للمكاتب. وإذا اجتمعا على ذلك لم أقتص. وإن عفوا عن الدم فعفوهما باطل، وعلى القاتل قيمته للمكاتب. وإذا قُتِل المكاتب عمداً وله ابن حر ومولى وليس في قيمته وفاء ولم يترك وفاء (¬2) فللمولى أن يَقْتُل به؛ مِن قِبَل أنه عبد له. وإن كان قد ترك وفاء فأجمع (¬3) الابن والمولى على أن يَقْتُلا أو اختلفا لم يكن فيه قصاص؛ لأني لا أدري أيهما أولى به. وهذا على قول زيد يكون للمولى القصاص. والقياس على قول علي وعبد الله بن مسعود يكون للابن القصاص. فلما وقع هذا (¬4) الاختلاف (¬5) درأت القصاص فيه بالشبهة. وإذا قتل المولى المكاتب عمداً أو خطأً وترك وفاءً فإن عليه قيمته، يؤدى ما بقي عليه من مكاتبته، وما بقي فهو ميراث لأقرب الناس منه بعد المولى (¬6). لا يرث المولى منه شيئاً؛ لأنه قاتل. وكذلك لو قتل ابنا للمكاتب كان معه في المكاتبة. ... باب نكاح المكاتب ولا يجوز للمكاتب أن يتزوج، ولا يزوج ولداً له ابناً ولا ابنة ولدوا في مكاتبته أو اشتراهم، مِن قِبَل أنه لا يستطيع بيعهم، ولا شراءهم، ولا نكاح أحدهم إلا بإذن المولى في ذلك. وكذلك لا يزوج أباه، ¬

_ (¬1) م ش ز: عمدا أو أمته. (¬2) ز + ولم يترك وفاء. (¬3) ش: جميع. (¬4) م ش ز: هذه. (¬5) ش: الاختلافات. (¬6) ز: الموت.

ولا أخاه، ولا عبداً له؛ مِن قِبَل أنه يغرم عليه. وإن أذن له المولى فله (¬1) أن يزوج أمته؛ لأنه يأخذ لها مهراً، فهي مخالفة للعبد والولد (¬2). وإذا تزوج المكاتب بغير إذن مولاه وقد دخل بامرأته وأصاب (¬3) منها ولداً فالولد ثابت النسب منه، ويفرق المولى بينه وبين امرأته، ولا مهر لها عليه حتى يعتق. وإن لم يختصما في النكاح ولم يفرق المولى بينهما (¬4) حتى يعتق المكاتب فإن النكاح جائز حتى يعتق العبد، كأن المولى أجاز الساعة. وكذلك المكاتبة، غير أن المكاتبة تأخذ المهر من زوجها إذا كان حراً وإن فرق المولى بينهما بعد أن يكون قد دخل بها. فإن لم يفرق المولى بينهما حتى يعتق فالنكاح جائز، ولا خيار لها. إنما وقع النكاح بعد العتق والمكاتبة في رقبتها. وولدها في النكاح بمنزلة المكاتب. وإذا اشترى المكاتب جارية فوطئها ثم استحقت فإن المهر يلزمه؛ لأن هذا مِن قِبَل الشراء والبيع. وليس هذا كالنكاح؛ لأن الشراء والبيع عليه جائز، والنكاح ليس عليه بجائز. ولو وقع المكاتب على امرأة فغصبها نفسها كان عليه الحد، ولم يكن عليه في ذلك مهر. فإن دخل [فيه] (¬5) وجه شبهة يدرأ به الحد ولم تطاوعه المرأة على ذلك صار عليه المهر. فإن قال: تزوجتها، فصدقته فإنما عليه المهر إذا عتق. وإذا قال: اشتريت أو وهبت لي، فالمهر دين عليه في مكاتبته. ولا بأس بأن يزوج المكاتب مكاتبته برضاها؛ لأنها بمنزلة الأمة له، فله أن يزوج أمته ولا يزوج عبده. فكذلك المكاتب. وإذا قتل المولى المكاتب عمداً أو خطأ وقد ترك وفاء فإن على مولاه ¬

_ (¬1) م ش ز: وله. (¬2) ش: والوالد. (¬3) م ش ز: أو أصاب. (¬4) ز: منهما. (¬5) الزيادة من الكافي، 1/ 101 و. وعند السرخسي: في ذلك. انظر: المبسوط، 7/ 226.

باب هبة المكاتب وبيعه وشرائه

قيمته، يؤدى ما بقي من مكاتبته، وما بقي فهو ميراث لأقرب الناس منه بعد المولى. ولا (¬1) يرث (¬2) المولى (¬3)؛ لأنه قاتل (¬4). ... باب هبة المكاتب وبيعه وشرائه ولا تجوز هبة المكاتب، ولا صدقته، ولا وصيته، ولا كفالته. وإن ترك وفاء فإن وصيته باطل أيضاً. وشراء المكاتب وبيعه جائز وإن حابى في ذلك أو حوبي؛ لأن البيع والشراء من التجارة. ولو باع بيعاً ثم حط عن صاحبه بشيء دخله أو عيب ادعي عليه أجزت (¬5) ذلك؛ لأن هذا من التجارة. وكل ما أقر به المكاتب من دين (¬6) فهو جائز (¬7). وما رهن أو ارتهن أو أجر أو استأجر فهو جائز. وليس له أن يقرض (¬8). وإن استقرض فهو جائز. وإن أعار دابة أو أهدى (¬9) هدية أو دعا إلى طعام (¬10) فلا بأس بذلك. وليس له أن يكسو ثوباً ولا يعطي درهماً. وإذا باع بيعاً فأقاله أوطعن بعيب فأقر فذلك جائز. وإن أبى أن يحلف رد عليه. ولا تجوز شهادته لمولاه، ولا شهادة مولاه له في قليل ولا كثير. وشراؤه من مولاه وبيعه منه جائز. وإن أذن لعبد له في التجارة فباع أو اشترى فذلك جائز. ولو أعتق عبداً له كان عتقه باطلاً. وكذلك لو أعتقه على مال أو باعه نفسه؛ لأنه عبد فليس له أن يعتق. ¬

_ (¬1) ز - ولا. (¬2) ز: ويرث. (¬3) ش - ولا يرث المولى. (¬4) كذا تكررت هذه الفقرة هنا، وقد مرت في آخر الباب السابق. وموضعها هناك. فلعل ذلك من سهو الناسخ. (¬5) ز: أخرت. (¬6) ز: ومن دبر. (¬7) ز + وإن أعار دابة أو أهدى. (¬8) م ش ز: أن يستقرض. (¬9) ش: أو هدى. (¬10) م: على طعام.

باب مكاتبة المكاتب

وشراء المكاتب من مكاتبه (¬1) وبيعه منه جائز. وكذلك مكاتب المكاتب يكاتب (¬2) ويشتري ويبيع ويأذن له في التجارة حاله كحال المكاتب الأول. ولا بأس بأن يعطي المكاتب مالاً مضاربة، ويأخذ هو مالاً (¬3) مضاربة، ويبضع ويستبضع، ويبضع معه غيره. وبيعه من مولاه وشراؤه وبيع مولاه منه وشراؤه (¬4) جائز. ولو باع ثم حط أو اشترى ثم زاد في الثمن كان هذا كله جائزاً؛ لأن هذا من التجارة. فإن وهب الثمن كله فلا يجوز؛ لأن هذا هبة، وليس هذا من التجارة. ... باب مكاتبة المكاتب وإذا كاتب المكاتب عبداً له فهو جائزة مِن قِبَل أنه مكاتب، وله أن يكاتب. أستحسن ذلك وأدع القياس (¬5). وإذا كتب مكاتبة (¬6) لمكاتبه (¬7) كتب: "هذا ما كاتب فلان الفلاني مكاتب فلان بن فلان مملوكه فلاناً (¬8) الفلاني، كاتبه على ألف درهم وزن سبعة جيادًا، يؤديها إليه نجوماً في خمس سنين، كل سنة من ذلك مائتا درهم، ومحل أول النجوم شهر كذا من سنة كذا، وعلى فلان عهد الله وميثاقه لينصحن وليجتهدن حتى يؤدي جميع ما كاتبه عليه فلان، فإن عجز عن شيء من ذلك أو أخره عن محله فهو مردود في الرق، وما أخذ فلان منه من شيء فهو (¬9) له حلال. وإن أدى جميع ما كاتبه عليه فهو حر لوجه الله تعالى، لا سبيل لفلان ولا لأحد عليه". ولا يكتبن في ذلك ¬

_ (¬1) م ش ز: من مكاتبته. (¬2) ز - يكاتب. (¬3) ز: مال. (¬4) ش - وبيع مولاه منه وشراؤه. (¬5) ز - أستحسن ذلك وأدع القياس. (¬6) ز: مكاتبته. (¬7) م ز: لمكاتبته. (¬8) ز: فلان. (¬9) ز + جائز.

الولاء؛ مِن قِبَل أنه إن أعتق والمكاتب الأول على حاله كان الولاء للمولى، وإن أعتق بعدما يعتق المكاتب الأول كان الولاء للمكاتب الأول (¬1). وإذا أدى مكاتب المكاتب نجماً من النجوم كتب على نحو ما كتبت لك. وإن أدى المكاتبة كلها كتب على نحو ما كتبت (¬2) لك، غير أنه يكتب فيه: "إن كان المكاتب الأول لم يؤد (¬3) فإن (¬4) ولاءك وولاء عقبك من بعدك لفلان المولي". فإن كان المكاتب قد عتق كتب: "إن ولاءك وولاء عقبك من بعدك لفلان"، يعني المكاتب. وإذا قَتَل المولى مكاتب مكاتبه (¬5) وقيمته ألف درهم والمكاتبة خمسمائة وقد بقي على الأول من مكاتبته مائة فإن على المولى ألفاً، يقبض من ذلك المائة التي بقيت من مكاتبة (¬6) مكاتبه إذا كانت قد حلت. وحل ما على المكاتب من القيمة. ويعطي (¬7) المكاتب الأول أربعمائة. فذلك تمام خمسمائة قد استوفاها المكاتب الأول. والخمسمائة الباقية ميراث. فإن كان للمكاتب الآخر (¬8) وارث حر فهي له. وإن لم يكن له وارث حر فهي لأقرب الناس من المولى من العصبة. ولا يرث المولى؛ لأنه قاتل. ولا يرث المكاتب الأول؛ لأنه كان (¬9) مكاتباً يوم قتل الآخر، فلا يرث المكاتب الأول. وقد مات الآخر حرًّا؛ أيما مكاتب مات وترك وفاءَ فإنه حر. وإذا أدى مكاتب المكاتب فعتق فصار الولاء للمولى ثم أدى المكاتب الأول فعتق فإن الولاء لا يرجع إليه؛ مِن قِبَل أنه قد لزم الأول، فلا يتحول. وإذا أدى المكاتب الأول فعتق البتة ثم أدى الآخر كان ولاء الآخر للمكاتب الأول؛ لأنه عتق والأول حر، فصار له الولاء. وعتق في الباب الأول ومولاه مكاتب، والمكاتب لا يكون له ولاء (¬10). ¬

_ (¬1) ز + كان الولاء للمكاتب الأول. (¬2) م ز: ما كتب. (¬3) ز: لم يؤدي. (¬4) م ش ز: ان. (¬5) ز: مكاتبته. (¬6) ز - مكاتبة. (¬7) ز: ويعطا. (¬8) ش - الآخر. (¬9) ش - كان. (¬10) ز: الولاء.

وإذا وقع المولى على مكاتبة مكاتبه فولدت له فادعى المولى الولد فإن صدقته (¬1) المكاتبة وكذبه (¬2) المكاتب ثبت النسب منه، وهو مكاتب على حاله مع أمه. فإن أدت عتقا جميعاً. وإن عجزت فصارت أمة للمكاتب أخذ المولى ابنه بالقيمة. وكذلك لو وقع على جارية المكاتب فولدت له فإنه يأخذ ولده بالقيمة، ويكون عليه (¬3) المهر في الوجهين جميعاً. وإذا مات المكاتب وترك ولداً ولدوا في المكاتبة فعليهم أن يسعوا فيما بقي على أبيهم، ويأخذوا مكاتبه بما عليه من المكاتبة، يؤدون (¬4) ذلك في تلك (¬5) السعاية. وإذا أدوا ذلك عتقوا. ثم إن أدى المكاتب بعد ذلك عتق وكان ولاؤه للذكور منهم دون الإناث. وإن لم يؤدوا فعجزوا فردوا رقيقاً والمكاتب الآخر على حاله فإنه يؤدي إلى المولى. فإذا أدى وعتق كان للمولى. وإذا قتل المولى (¬6) مكاتب (¬7) مكاتبه وقيمته ألف وعليه ألفان من مكاتبته ولم يحل على المكاتب الأول شيء من نجومه بعد فإن المولى يؤدي ذلك إلى المكاتب الأول في ثلاث سنين، وليس له أن يحبس منها شيئاً. ولو لم يقتله المولى ولكن قتله المكاتب الأول وقيمته أكثر من المكاتبة وقيمة المكاتب القاتل أكثر من ذلك كان على القاتل قيمة المقتول، يقبض منها الذي له، ويؤدي ما بقي إلى المولى إن لم يكن له وارث غيره. وكذلك لو مات مكاتب المكاتب وترك وفاءً وفضلاً فإنه يؤدي ما بقي من مكاتبته، وما بقي فهو ميراث للمولى إن لم يكن له ورثة. وإذا مات المكاتب الأول ولم يترك شيئاً إلا ما على المكاتب الآخر وللأول ابن حر ثم مات الابن (¬8) وترك ابناً قد ولد له في مكاتبته فإن عليه أن يسعى فيما بقي على أبيه، فيؤدي ذلك إلى المولى من مكاتبة الأول حتى ¬

_ (¬1) ز: صدقه. (¬2) ز: فصكذبته. (¬3) ش - عليه. (¬4) ز: يوذن. (¬5) ش: في ترك (مهملة). (¬6) ش: للمولى. (¬7) م ش ز - مكاتب؛ صح م هـ. (¬8) الكلمة في ش لا تمكن قراءتها.

يستوفي. فإن بقي شيء من مكاتبة الآخر بعدما يستوفي المولى فإن ذلك يرد إلى ابن المكاتب الأول، فيكون ميراثاً لابن (¬1) ابنه (¬2) وقد مات أبوه حراً، وجر ولاء أبيه (¬3). وصار ولاء ابن المكاتب الآخر لابن المكاتب الأول؛ مِن قِبَل أن الأول قد ترك وفاء. وكذلك لو مات الأول وترك وفاء من غير هذه المكاتبة. وإذا اشترى المكاتب امرأة له لم تكن ولدت منه ثم كاتبها فذلك جائز، وهما على النكاح، وما ولدت بعد المكاتبة فهو معها في المكاتبة. فإن مات الأول وترك وفاء عتقت هي ووالدها، وأخذ أولادها ما بقي من ميراثه بعد أداء مكاتبة الأول. فإن لم يترك الأول وفاء فإن المرأة وولدها بالخيار. إن شاؤوا سعوا فيما بقي على الأم. وإن شاؤوا (¬4) سعوا فيما بقي على الأب. يسعون في الأقل من ذلك. فإذا أدوا عتقوا. وليس للمكاتب أن يكاتب ولداً له، ولا والداً (¬5)، ولا ولد ولد، ولا جداً (¬6)؛ مِن قِبَل أنهم بمنزلته، ليس له أن يبيعهم. ولا يجوز له أن (¬7) يكاتب إلا من يجوز له أن يبيعه إلا أم ولده. ألا ترى (¬8) أنه إذا كاتب (¬9) ولداً له فأدى عتق قبل أن يعتق المكاتب، فهذا باطل لا يجوز. وإذا كاتب المكاتب امرأة له لم تلد منه ثم ولدت منه بعد المكاتبة ثم إن المرأة ماتت ولم تترك (¬10) وفاء فإن الابن بالخيار. إن شاء سعى فيما على أمه وعتق. وإن شاء رجع رقيقاً فصار بمنزلة أبيه. وكذلك المكاتب إذا وطئ مكاتبة له فولدت فادعى الولد. وإذا كاتب المكاتب عبداً له وقد ولد عنده في مكاتبته ثم ادعاه بعد ¬

_ (¬1) م: لامن. (¬2) ز: أبيه. (¬3) ز: ابنه. (¬4) ز: شاء. (¬5) ز: والد. (¬6) ز: جد. (¬7) ش - أن. (¬8) ز: يرى. (¬9) ز: إذا كانت. (¬10) ز: يترك.

باب موت المولى عن مكاتبه

المكاتبة فإن العبد يكون ابنه، وهو بالخيار. إن شاء سعى في ذلك حتى يعتق. وإن شاء عجز فكان بمنزلة أبيه. وإذا كاتب المكاتب عبداً له على نفسه وماله فهو جائز. وكذلك إن كاتب عبداً له على نفسه وعلى ابن له. ولمكاتب المكاتب أن يكاتب أيضاً، وأن يأذن لعبده في التجارة. وما ولد في مكاتبته فهو بمنزلته. وحاله في جميع أمره كحال المكاتب الأول. ... باب موت المولى عن مكاتبه وإذا مات المولى وترك ابناً وابنة وترك مكاتباً فإنه يؤدي إليهما ما عليه. قإن أعتقت (¬1) الابنة (¬2) فعتقها باطل. ألا ترى (¬3) لو أني أجزت عتقها جعلت لها نصيباً في الولاء. ولو أعتقاه جميعاً استحسنت أن أجيز ذلك. وهذا مثل قولهما: قد استوفينا المال. والولاء للابن دون الابنة. وإذا مات المولى وترك ابنة ومكاتباً وابنة المولى امرأته فهما على نكاحهما؛ لأنها (¬4) لا تملك من رقبته شيئاً، وإنما ورثت مالاً عليه. وإن عجز فرد رقيقاً فسد النكاح؛ لأنها قد ورثت بعض رقبته. وإذا مات الرجل وترك جارية مكاتبة وزوجها ابن المولى فهما على النكاح كالباب الأول. وإذا أعتق بعض الورثة المكاتب فإن العتق باطل، وله أن يأخذه بحصته من المال. فإن وهب له نصيبه من المال فذلك جائز، ولا يعتق. وإن ¬

_ (¬1) ز: أعتقته. (¬2) ش: الامة. (¬3) ز: يرى. (¬4) ش - لأنها.

عجز فرد رقيقاً فنصيبه في رقبته ثابت؛ لأن ما صنع من العتق والهبة لا يجوز ولا يغني عنه شيئاً. وليس هذا كالمكاتب يكاتبه (¬1) رجلان بأنفسهما. وإذا مات المولى مولى المكاتب قبل أن يحل النجم فإن المكاتب على حاله، عليه (¬2) النجوم إلى أجلها، ليس يحل النجم بموت المولى. وإذا مات المكاتب وله مكاتب وترك وفاء فأدى عنه فإن المكاتب الباقي على حاله، عليه النجوم كما كانت. وإذا أوصى مولى المكاتب وهو حر بما على المكاتب فهو جائز من ثلثه. وإذا مات مولى المكاتب وعليه دين وليس له مال غير المكاتبة فإن المكاتب على حاله، يؤدي النجوم لمحلها، ولا يُحِلُّها موت (¬3) المولى. ولو كان على المكاتب دين أو جناية فسعى فيها كان ذلك على حاله، يبدأ بأي ذلك شاء، ولا يبطل بعض هذا بعضاً. وإذا أدى المكاتب مكاتبته إلى الوارث وترك الوصي وعلى الميت دين يحيط بذلك أو لا يحيط فإنه لا يعتق؛ لأنه أداها إلى غير وصي. ولو أن الوارث أدى ذلك إلى الوصي عتق المكاتب. وكذلك لو كان المكاتب أداها إلى الوصي عتق وإن لم يصل إلى الغريم. ولو لم يكن (¬4) عليه دين وله ورثة فأدى ما عليه إلى بعض الورثة دون بعض لم يعتق؛ لأنه لم يؤد (¬5) ما عليه إلى أهله. ولو أدى ذلك إلى الوصي عتق وإن لم يصل ذلك من الوصي إلى الورثة. ولو أعطاها وارثًا فقسمها الوارث بين الورثة فأعطى كل ذي حق حقه بعد أن يكونوا كباراً كلهم عَتَقَ (¬6). فإن كان فيهم صغير فقبض الوصي نصيبه عتق المكاتب، وجاز ذلك. ولو أن المكاتب أعطى وارثًا ¬

_ (¬1) ز: بكتابه. (¬2) ز + عليه. (¬3) م ش ز: بعد. والمعنى: لا يصير الدين حالا بموت المولى. (¬4) م + عبده (فوق السطر). (¬5) ز: لم يؤدي. (¬6) أي: المكاتب.

المكاتبة كان بقية الورثة بالخيار. إن شاؤوا اتبعوا المكاتب. وإن شاؤوا اتبعوا الوارث. ولا يعتق المكاتب حتى يقع في يد كل إنسان حقه. وإذا أعطى المكاتب الورثة - وهم صغار - المكاتبة فذلك باطل لا يجوز، ولا يعتق به؛ مِن قِبَل أن قبض الصغير باطل. وإن كان على الميت دين يحيط بالمكاتب فعمد المكاتب (¬1) إلى المكاتبة فأعطاها الغرماء فإني أجيز ذلك إذا أخذ كل ذي حق حقه منها. ألا ترى (¬2) أنه لو لم يكن عليه دين فأعطاها الورثة وهم كبار فاقتسموها بينهم بالحصص كان ذلك جائزاً فكذلك الغرماء. وإذا أوصى رجل (¬3) لرجل بما على مكاتبه وهو يخرج من الثلث فأداها المكاتب إلى الموصى له فذلك جائز، يعتق إذا أداها إليه. وإذا أوصى الرجل بثلث ماله فأدى المكاتب إلى الوارث وهو كبير المكاتبة فإنه لا يعتق حتى يصل إلى الموصى له الثلث. ولو أداها إلى الوصي عتق إن وصل إليهم أو لم يصل إليهم. وإذا أخذ (¬4) الوصي من المكاتب رهناً فيه وفاء بمكاتبته (¬5) فهلك عنده عتق المكاتب، وكان هذا بمنزلة المستوفي. وإذا أدى رجل عن المكاتب مكاتيته إلى الوصي أو إلى المولى في حياته (¬6) فإن ذلك جائز، ويعتق المكاتب، إن كان أمره المكاتب بذلك أو لم يأمره فهو سواء، وإن كان الذي أدى عنه وارثًا أو غير (¬7) وارث فهو سواء. وإذا كاتب (¬8) الرجل عبده في مرضه على مكاتبة مثله وليس له مال غيره ثم مات المولى فإنه يقال للمكاتب: عجل ثلثي مكاتبتك، والثلث ¬

_ (¬1) ز - فعمد المكاتب. (¬2) ز: يرى. (¬3) ز - رجل. (¬4) ش: وإذا أدى. (¬5) ز + إلى الوصي. (¬6) ش: في جناية. (¬7) ش ز: وغير. (¬8) ز: كانت.

عليك إلى الأجل. فإن لم يفعل ذلك رد رقيقاً. وإن كان كاتبه على أكثر من قيمته أضعافًا فهو سواء في قياس قول أبي يوسف. وإن كانت قيمته ألفاً فكاتبه على خمسمائة فإنه يقال له: "عجل هذه الخمسمائة، وعجل مائة وستة وستين وثلثين تمام ثلثي قيمتك وأنت حر، فإن لم تفعل (¬1) ذلك رددت رقيقاً". وإذا كاتبه والمولى مريض على مكاتبة مثله ثم أقر المولى أنه قد استوفى المكاتبة ثم مات المولى ولا مال له غيره فإنه لا يصدق على الثلثين، ويقال له: اسع في الثلثين من المكاتبة. فإن كانت قيمته أقل أو أكثر سعى في ثلثي قيمته. وإن كان العبد يخرج من ثلث المال فالمولى فيه مصدق. وكذلك إن كان كاتبه في صحته فهو مصدق على أن يقول: استوفيت المكاتبة عند الموت؛ مِن قِبَل أنه كاتبه في صحته. ألا ترى (¬2) أنه إن كاتبه هاهنا على قليل أو كثير كان جائزاً؛ لأن مكاتبته ليس بوصية. ولو أقر المريض أنه كان كاتب عبده في صحته واستوفى المكاتبة ولا يعلم ذلك وليس له مال غيره ثم مات فإنه لا يصدق على ذلك، ويستسعي العبد في ثلثي قيمته، وهو عبد في شهادته. وجنايته والجناية عليه واحدة ما دام يسعى في ثلثي قيمته في قول أبي حنيفة. ولو أن مكاتباً أقر عند موته أنه كاتب عبده فلاناً واستوفى مكاتبته لم (¬3) يجز قوله إذا كان ذلك لا يعرف، وكان على المكاتب الآخر أن يسعى في المكاتبة كلها؛ لأن مكاتب الأول ليس له ثلث يصدق فيه. ولو كاتب المكاتب عبداً له عند موته بأقل من قيمته لم يجز ذلك وإن كان يخرج من ثلثه؛ لأن صنيعه (¬4) في ثلثه لا يجوز. ولو كاتبه على مكاتبة مثله وهو يخرج من ثلثه (¬5) أو لم يكن له مال غيره أمرت المكاتب الآخر ¬

_ (¬1) ز: لم يفعل. (¬2) ر: يرى. (¬3) ز: ولم. (¬4) ز: صنعه. (¬5) ش - لأن صنيعه في ثلثه لا يجوز ولو كاتبه على مكاتبة مثله وهو يخرج من ثلثه.

باب مكاتبة الرجل المرتد

أن يُحِلّ (¬1) مكاتبته كلها، وإلا رددته في الرق. ولو كاتب رجل عبداً له في مرضه على أقل من قيمته أو أكثر ثم برأ وصح أجزت ذلك، وصار هذا كالصحيح؛ لأنه قد برأ. ولو أوصى فقال: إن (¬2) حدث بي حدث الموت فكاتبوا (¬3) عبدي فلاناً على كذا كذا إلى كذا كذا من الأجل، وذلك مكاتبة مثله، أجزت ذلك إن كان يخرج من الثلث. وإن كان لا يخرج من الثلث عرضت عليه أن يعجل الثلثين ويؤخر عنه الثلث إن قبل المكاتبة. فإن أبى لم أكاتبه. وكذلك لو كان حط عنه شيئاً من قيمته يكون أكثر من الثلث عرضت عليه أن يعجل ثلثي قيمته. فإن لم يفعل لم أكاتبه. ولو كان مكاتباً أوصى (¬4) بهذا لغلامه (¬5) لم أجزه؛ لأن المكاتب ليس له وصية. ولا يجوز له (¬6) أن يوصي بشيء؛ لأنه عبد وإن ترك وفاء. ولو كاتب رجل عبده عند الموت ولس له مال غيره فأجازه الورثة (¬7) في حياة المولى ثم مات المولى فأبوا أن يجيزوا فإن ذلك لهم. وإن أجازوا بعد الموت فهو جائز. ... باب مكاتبة الرجل المرتد وإذا ارتد الرجل عن الإسلام ثم كاتب عبداً له فإن أسلم وتاب فإن المكاتبة جائزة. وإن قتل على ردته أو مات أو لحق بدار الحرب فالمكاتبة باطل، والعبد مردود رقيقاً بين الورثة في قول أبي حنيفة. وإذا ارتد الرجل ثم لحق بدار الحرب فقسم القاضي ميراثه فكاتب الورثة عبداً من عبيده ثم أسلم الرجل وتاب فوجد المكاتب على حاله فهو ¬

_ (¬1) أي: يدفعه حالاً. (¬2) ز: إني. (¬3) ز: وكاتبوا. (¬4) ز: أوصار. (¬5) م: الغلامه؛ ز: العلامة. (¬6) ش - له. (¬7) ش: الوارث.

مكاتب له، يؤدي إليه، ويعتق إذا أدى، ويكون الولاء له، ويكون بمنزلة مكاتب كاتبه قبل أن يرتد. وإذا ارتدت المرأة عن الإسلام فكاتبت عبداً لها أو أمة فمكاتبتها جائزة؛ مِن قِبَل أن المرأة لا تقتل، ولا يحال بينها وبين مالها. وكذلك لو أعتقت (¬1) أو باعت أو اشترت أجزت ذلك كله. ولو كاتب على خمر أو خنزير أو شيء لا يجوز بين المسلمين فإني أبطل ذلك، ولا أجيز عليها إلا ما أجيز (¬2) بين المسلمين. وإذا ارتد العبد عن الإسلام والمولى مسلم فكاتبه المولى فإن المكاتبة جائزة. فإن أدى العبد عتق. وإن قتل وترك مالاً أخذت المكاتبة من ماله، وما بقي فهو ميراث لورثة (¬3) المكاتب. وإذا ارتد المكاتب بعد الكتابة ثم لحق بدار الحرب واكتسب مالاً ثم أخذ أسيراً فأبى أن يسلم قتل (¬4)، وماله كله يصير لمولاه، يستوفي مكاتبته من ذلك، ويقسم ما بقي بين ورثته إن كانت له ورثة. أستحسن ذلك وأدع القياس فيه. وكان ينبغي في القياس أن يكون كله لمولاه إن كان عبداً، وإن كان (¬5) حراً فهو فيء، فتركت هذا واستحسنت ذلك. وإذا ارتد المكاتب ولحق بدار الحرب وله ابن قد ولد في مكاتبته فلا سبيل على أبيه حتى ينظر ما يصنع المكاتب. فإن مات أو قتل وترك مالاً أدى من ذلك المكاتبة، وكان ما بقي ميراثاً لابنه. فإن لم يترك مالاً وكان ابنه هذا ولد في مكاتبته سعى فيما بقي على أبيه. وكذلك المكاتبة إذا ارتدت ولحقت بدار الحرب. وإن كانت أم ولد مكاتبه أو مدبرة مكاتبه فهو كذلك أيضاً. ولو لم يترك المكاتب ولداً ولحق (¬6) بدار الحرب مرتداً وخلف مالاً ¬

_ (¬1) ز: لو أعتقته. (¬2) ز: ما أخير. (¬3) م ش ز: لورثته. (¬4) ز: قبل. (¬5) ز - عبداً وإن كان. (¬6) ز: أو لحق.

لم أقسم ماله حتى أنظر ما يصنع. ولو لم يلحق بهم ولكن أهل الحرب أسروه فباعوه من رجل فأعتقه أو أعتقوه هم فإن ذلك كله باطل لا يجوز بيعه ولا عتقه؛ لأنه مكاتب. فإن كان الرجل الذي اشتراه منهم اشتراه بإذنه وأمره (¬1) رجع عليه بالثمن، ويكون مكاتباً على حاله الأولى. وكذلك لو أصابه المسلمون من أهل الحرب في غنيمة فأصابه مولاه بعد قسمة الغنيمة أو قبلها أخذه بغير شيء، وكان مكاتباً (¬2) على حاله لا تجوز فيه قسمة. وكذلك أم الولد والمدبرة والعبد يسعى في بعض قيمته لما دخل فيهم مما حولهم عن حال الرق. ألا ترى أنه لا يجوز للمولى أن يبيع أحداً منهم، وأن المولى لو باع مكاتبه أبطلنا بيعه ورددناه مكاتباً على حاله. وإذا ارتد العبد ثم إن مولاه كاتبه بعد ذلك فإن مكاتبته جائزة. فإن اكتسب في ردته مالاً وأداه عتق به. وإن قتل قبل ذلك على الردة وترك وفاء أدى من ذلك المكاتبة، وكان ما بقي ميراثاً. وإن لم يترك وفاء وكان له ولد ولدوا في مكاتبته سعوا (¬3) فيما عليه (¬4). وإذا ارتد الرجل ثم كاتب عبده على خمر أو خنزير ثم أسلم فإن المكاتبة لا تجوز، لا أجيز عليه من ذلك شيئاً إلا ما أجيز على المسلمين. وإذا دخل الرجك من أهل الحرب دار الإسلام بأمان (¬5) للتجارة ثم كاتب عبداً له فيها فهو جائز إن كان العبد دخل معه. فإن كان اشتراه من دار الإسلام كافراً كان العبد أو مسلماً فإن أدى العبد عتق. وإن مات العبد وترك مالاً أدي (¬6) ما بقي من مكاتبته، وكان ما بقي لوارثه (¬7) إن كان له. وإن لم يكن له (¬8) وارث غير مولاه فهو لمولاه إن دخل (¬9) بالعبد من دار الحرب. وإن كان اشتراه من هاهنا مسلمأ كان أو كافراً فهو لبيت ¬

_ (¬1) ز: باد بنوا مرة. (¬2) ش: مكاتبه. (¬3) م ز: يسعوا. (¬4) م ز: حليه. (¬5) م: بان. (¬6) م ز: ادرى. (¬7) م ش ز: لوارث. (¬8) م ز - له. (¬9) ز: أدخل.

المال؛ مِن قِبَل أن الحربي لا يرث المسلم ولا يرث المعاهد. والعبد الكافر الذي اشتراه في دار الإسلام إذا عتق صار معاهدًا، والعبد الحربي إذا عتق فهو على حاله. وإن مات المكاتب ولم يترك وفاء وترك ابناً قد ولد (¬1) له في مكاتبته سعى فيما على أبيه. وإن كان كاتبه على خمر أو خنزير أجزت ذلك؛ مِن قِبَل أنه كافر. وإذا لحق بدار الحرب وترك المكاتب هاهنا فالمكاتب على حاله. فإن بعث بما عليه إليه عتق. وإن قتل الحربي أو ظهر المسلمون على الدار كلها قبل ذلك أو أسر عتق المكاتب ولم يكن عليه سبيل ولا سعاية؛ مِن قِبَل أن الرجل أسر وصار فيئاً. وكذلك إذا قتل وظهر المسلمون على تلك الدار فصارت لهم؛ لأن ماله قد صار فيئًا. ولو لم يظهر المسلمون على الدار فإن ما على المكاتب دين (¬2) عليه يؤديه إلى ورثة مولاه. ولو أن رجلاً من أهل الحرب كاتب عبداً له في دار الحرب ثم أسلموا جميعاً أو صاروا ذمة أجزت ذلك، وكان هذا بمنزلة الشراء منهم (¬3) والبيع. وإن خرجا مستأمنين والعبد في يديه على حاله فخاصمه في المكاتبة أبطلتها. وكذلك لو أعتقه فخرج بأمان والعبد في يديه. وكذلك لو دبره. ألا ترى (¬4) لو أن رجلاً منهم قهر رجلاً فأسره ثم خرج به إلينا وهو في يديه كان له أن يبيعه. فكذلك عبده. وإن كان قد أعتقه بعد أن يخرج به وهو في يديه. وكذلك لو قهره (¬5) وأخذه ثم أسلم جعلته عبداً له وأبطلت المكاتبة والعتق. وكذلك لو صار ذمة. ولكن لو كاتبه ثم خرج العبد مسلماً وترك مولاه أو صار ذميًّا عتق (¬6) وبطلت عنه المكاتبة. وكذلك لو خرج على هذه الحال وهو عبد أعتقته وأبطلت الرق. ولو أن رجلاً من المسلمين تاجراً في دار الحرب أو أسلم في دار الحرب كاتب عبداً له هناك مسلماً أو أعتقه أو دبره أجزت ذلك عليه. وقد ¬

_ (¬1) ز: قد ولدت. (¬2) ز: دينا. (¬3) م ز: بينهم. (¬4) ز: يرى. (¬5) ش - لو قهره. (¬6) ش - عتق.

[باب] كتاب المكاتبة إذا ولدت من مولاها

كان ينبغي في قياس هذا القول (¬1) أن لا أجيزه؛ لأنه فعل ذلك حيث لا يجري حكم المسلمين. ولكن تركنا القياس واستحسنا أن نجيزه؛ لأنه مسلم والعبد مسلم. وكذلك لو كان العبد كافراً قد اشتراه من دار المسلمين فدخل به إلى ثَمَّ (¬2). فإن كان المسلم اشترى عبداً من دار الحرب كافرا ثم كاتبه في دار الحرب فأدى وعتق ثم أسلموا جميعاً أجزت ذلك على المسلم. أستحسن ذلك وأدع القياس فيه. ... [باب] كتاب المكاتبة إذا ولدت من مولاها وإذا ولدت المكاتبة من مولاها فإنها تخير (¬3). فإن شاءت (¬4) أبطلت المكاتبة وكانت أم ولد. وإن شاءت أجازت المكاتبة وأخذت العقر. وأما الولد فهو حر ثابت النسب. فإن اختارت المكاتبة ثم مات السيد فإنها تعتق (¬5)، ويبطل عنها المال. هي بمنزلة أم الولد إذا كاتبها مولاها ثم مات عنها. فإن لم تخير ولم تسأل عن شيء حتى مات المولى فإنها تعتق (¬6) أيضاً وتبطل (¬7) المكاتبة، فلا يكون عليها مال بعد العتق. ولو اختارت السعاية ثم ماتت هي (¬8) وبقي المولى وتركت مالاً فإنه ينظر إلى ما تركت، فيؤدى ما بقي من مكاتبتها منه، وما بقي فهو ميراث لابنها. فإن لم يكن لها مال فليس على ابنها أن يسعى؛ مِن قِبَل أنه حر. وإن كانت ولدت ابناً آخر بعد الأول في مكاتبتها في بطن آخر فنفاه المولى ثم ماتت الأم بعد ذلك كان عليه أن (¬9) يسعى فيما على أمه بمنزلة المكاتبة. ¬

_ (¬1) ز: القولين. (¬2) أي: دار الحرب. انظر: المبسوط، 7/ 236 - 237. (¬3) ز: يخير. (¬4) ز: شاء. (¬5) ز: يعتق. (¬6) ز: يعتق. (¬7) ز: ويبطل. (¬8) م ش ز: وهي. (¬9) م ز - عليه أن.

فإن مات المولى عتق ذلك الولد، وبطلت عنه السعاية بمنزلة أمه. ولو كانت (¬1) أمتين له كاتبهما وكل واحدة منهما كفيلة بما على صاحبتها إذا أدتا (¬2) عتقا وإن عجزتا ردتا رقيقاً ثم إن إحداهما ولدت ولداً فأدعاه المولى فهو ابنه. فإن اختارت الأمة السعاية أخذت العقر فاستعانت به. وإن مات المولى عتقت أم الولد، وبطلت حصتها من الكتابة، وكان للورثة أن يأخذوا الآخرين بحصتها، ويأخذوا أم ولد المولى بكفالتها عنها. فإن أدت أم الولد ذلك رجعت عليها. وإن لم يمت المولى فالمكاتبة عليهما (¬3) جميعاً. وإن ماتت أم الولد وتركت ولداً آخر سوى ذلك قد ولدته في المكاتبة بعد الابن المدعى سعى الولد مع المكاتبة الباقية في جميع المكاتبة فأخذ المولى بذلك أيهما شاء. فإن عجزت ردت رقيقاً، وكان الولد بمنزلة أم الولد إذا مات المولى عتق به. وإذا كاتب الرجل أمة له فكاتبت أمته أمة لها (¬4) أخرى فوقع المولى على مكاتبة المكاتبة فولدت له ولداً فادعاه وصدقته المكاتبة (¬5) فهو ثابت النسب من المولى، وهو مكاتب على حاله مع أمه، وعلى المولى عقر لها. فإن أدت عتقت وعتق ولدها. وإن كانت أدت قبل أن تؤدي (¬6) مولاتها فإن الولاء للمولى. فإن أدت بعدما أدت مولاتها فإن الولاء للمكاتبة العليا. وإذا كاتب الرجل أمته ثم علقت منه فادعى الحبل فضرب إنسان بطنها بعد ذلك بيوم فألقت جنيناً ميتاً فإن في الولد غرة لأبيه، وعلى أبيه (¬7) العقر لها. فإن اختارت السعاية فهي على مكاتبتها. وإذا وطئ الرجل مكاتبته فجاءت بولد فنفاه فقال: ليس هو مني، فهو كما قال، وعليه العقر لها، وهي على مكاتبتها. فإن ولدت ولداً فادعاه فهو منه. وإن اختارت أن تسعى أخذت منه العقر ومضت على ¬

_ (¬1) ش: ولو كاتب. (¬2) ز: إذا أديا. (¬3) ز: عليها. (¬4) م ش: لهما. (¬5) م ز + السعل. ولعله: السفلى. أي مكاتبة المكاتبة. (¬6) ز: أن يؤدي. (¬7) ش - أبيه؛ صح هـ.

مكاتبتها (¬1). وإن ولدت ولداً آخر فادعاه ثبت نسبه أيضاً. وإن لم يدعه (¬2) فهو بمنزلتها، يعتق إذا عتقت. ولو أعتقه المولى جاز عتقه، وكانت الأم على حالها على مكاتبتها. ولو ولدت ابنة فلم ينفها ولم يدعها (¬3) فإنها لا تكون (¬4) ابنته، وهي على حال أمها. فإن ولدت الابنة ابنة فهما جميعاً على حال أمهما، وكسبهما جميعاً للأم. فإن (¬5) جني عليهما فالجناية للأم. فإن جنت واحدة منهما (¬6) سعت في الأقل من قيمتها ومن الجناية. وإن أعتق المولى الابنة عتقت الابنة وعتقت ابنتها. وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر: إن ابنة هذه لا تعتق، وتعتق (¬7) التي أعتق بعينها، وتكون (¬8) ابنة الابنة على حال الجدة (¬9) تعتق معها. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. ولو لم يُعتِق الابنة وتركهن كما هن حتى يموت السيد عتقوا جميعاً. ولو لم يمت هو وماتت الأم سعين فيما عليها، وعتقن إذا أدين. وأيهما (¬10) أدت فإنها لا ترجع على صاحبتها بشيء؛ لأنهما (¬11) جميعاً مال الأم. وكذلك لو كاتب ابنتيهما جميعاً. ولو اشترت الأم ولدها أو والدها لم يكن لها أن تبيعه (¬12). ولو اشترت أخاً أو أختاً كان لها أن تبيعهم (¬13) في قول أبي حنيفة. وكذلك لو اشترت زوجها أو ماتت ولم تترك (¬14) وفاء لم يسعوا ولكن يباعون. وإذا ولدت المكاتبة من المولى ثم أقر المولى أنها أمة لفلان فإنه لا يصدق. وكذلك لو رجعت عن المكاتبة لم يصدق المولى عليها بعد الذي دخلها من العتق. فإن قال المدعي: بعتك بألف درهم، ولم تنقد (¬15) الثمن، ¬

_ (¬1) ز: على مكاتبها. (¬2) ز: لم يدعيه. (¬3) ز: يدعيها. (¬4) ز: لا يكون. (¬5) ز: وإن. (¬6) ش - منهما. (¬7) ز: هذا لا يعتق ويعتق. (¬8) ز: ويكون. (¬9) م ش ز: الحرة. والتصحيح من الكافي، 1/ 102 و؛ والمبسوط، 7/ 238. (¬10) ز + ما. (¬11) م ش: لأنها. (¬12) ز: أن يبيعه. (¬13) ز: أن يبيعهم. (¬14) ز: يترك. (¬15) ز: ينقد.

وقال المولى: زوجتني، فعلى المولى المهر (¬1) قضاءً (¬2) من الثمن، وليس عليه قيمة في الأم، ولا في الولد إذا كانت معروفة أنها للبائع بعد أن يحلف بالله ما اشترى. وإن ادعى أنه زوّجه ولا يعلم أنها للمدعي وقال هو: بعتك، حلف بالله ما باعه وضمن له القيمة، ولا يصدق على الأمة واحد منهما إذا لم يكن عليهما بينة. وإذا كاتب النصراني أمته وهي مسلمة أو كافرة ثم وقع عليها فولدت منه فإن ادعاه (¬3) فهو جائز، وهو ابنه، وتخير (¬4) الأمة. فإن اختارت أن تكون (¬5) على السعاية أخذت العقر ومضت عليها. وإن اختارت أن تكون (¬6) أم ولد فلها ذلك، ولا عقر لها. غير أنها إن كانت مسلمة قُومت فسعت في قيمتها (¬7)، وحالها كحال مكاتبة المسلم إذا ولدت منه. وكذلك الحربي إذا خرج بأمان فكاتب أمة معه ثم ولدت منه سعت في بقية مكاتبتها حتى يؤديها. وقال في المكاتبة يطؤها سيدها، قال: لها العقر وتستعين (¬8) به في بقية مكاتبتها حتى تؤديها. ... ¬

_ (¬1) م ش ز: المقر. والتصحيح من المصدرين السابقين. (¬2) ز: مضا. وعند السرخسي: قصاصا. انظر: المبسوط، 7/ 238. (¬3) ش: ادعى. (¬4) ز: ويخير. (¬5) ز: أن يكون. (¬6) ز: أن يكون. (¬7) م ش ز: وقيمتها. (¬8) ز: ويستعين.

كتاب اللقيط

كتاب (¬1) اللقيط محمد بن الحسن عن يعقوب عن الأشعث بن سوار عن الحسن بن أبي الحسن أن رجلاً التقط لقيطاً فأتى به عليًّا، فقال علي: هو حر، ولأن أكون وليت منه مثل ما وليت أنت منه كان أحب إلي من كذا وكذا (¬2). أخبرنا محمد عن أبي يوسف عن علي بن عبد الله (¬3) قال: وجد رجل من الحي يقال له: مسلم بن مسيح لقيطاً، فأتى به عليًّا، ففرض له علي، فقال علي بن عبد الله: وقد رأيت أنا اللقيط ورأيت مسلماً (¬4). محمد عن أبي يوسف قال: حدثنا الحجاج بن أرطأة عن الزهري عن سُنَينِ أبي جميلة قال: وجدت منبوذًا على بابي (¬5)، فأتيت به عمر بن الخطاب. فقال عمر: عسى الغُوَيْر (¬6) أَبْؤُساً (¬7)، نفقته علينا، وهو ¬

_ (¬1) كذا في م ش ز. وهو كتاب مستقل في الكافي، 128/ 1 ظ؛ والمبسوط، 10/ 209. (¬2) روي أن رجلاً التقط لقيطاً فأتى به عليًّا فأعتقه وألحقه على مائة. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 7/ 450؛ 9/ 15؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 6/ 463؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 465؛ والدراية لابن حجر، 2/ 140. (¬3) م ز: بن عبيد الله. (¬4) ز: مسلم. المصنف لعبد الرزاق، 7/ 450؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 6/ 463. (¬5) ز: على فابي. (¬6) ز: العزيز. (¬7) هذا مَثَل. والغوير تصغير الغار، وقيل: هو ماء لكلب، يُضْرَب لكل ما يخاف أن يأتي منه شر. وأبؤس جمع بأس أو بؤس، وهما الشدة. وقد تمثّل به عمر - رضي الله عنه - حين أتاه سُنين أبو جميلة بمنبوذ، ومراده اتهامه إياه أن يكون صاحب المنبوذ، ويدل=

حر (¬1). محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن يحيى عن علي (¬2) قال: اللقيط حر، وولاؤه وعقله للمسلمين (¬3). محمد عن أبي يوسف عن الحسن عن الحكم عن شريح وإبراهيم مثله (¬4). وإذا التقط الرجل اللقيط الذي لا يعرف فإنه حر. وإذا التقط الرجل غلاماً أو جارية فهما حران. فإن أنفق عليهما شيئاً فهو متطوع في النفقة، لايرجع عليهما بشيء مما أنفق عليهما. محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم أن امرأة وجدت لقيطاً، فأنفقت عليه، فرفع ذلك إلى شريح، فلم يجعل لها شيئاً (¬5). وإذا وجد الرجل اللقيط فأتى به القاضي فأمره أن ينفق عليه على أن يكون ذلك ديناً عليه فهو جائز، وهو دين عليه. ¬

_ = عليه أنه لما قال ذلك قال عَرِيفه أي: الذي بينه وبينه معرفة: إنه وإنه، فأثنى عليه خيراً، أراد أنه أمين وأنه عفيف. انظر: المغرب، "بأس، غور". (¬1) عن الزهري أن رجلاً جاء إلى أهله وقد التقطوا منبوذاً، فذهب إلى عمر، فذكر له. فقال له عمر: عسى الغوير أبؤساً. فقال الرجل: ما التقطوه إلا وأنا غائب. وسأل عنه عمر، فأثني عليه خيراً. فقال عمر: فولاؤه لك، ونفقته علينا من بيت المال. انظر: الموطأ، الأقضية، 19؛ والمصنف لعبد الرزاق، 9/ 14؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 465؛ والدراية لابن حجر، 2/ 140. واللفظ لعبد الرزاق. وقد علقه البخاري. انظر: صحيح البخاري، الشهادات، 16. (¬2) ش - عن علي. (¬3) عن جعفر عن أبيه قال: قال علي: المنبوذ حر، فإن أحب أن يوالي الذي التقطه والاه، وإن أحب أن يوالي غيره والاه انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 6/ 295. وانظر: المصدر السابق، 4/ 369. (¬4) روي عن إبراهيم مختصراً. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 7/ 450. (¬5) المصنف لعبد الرزاق، 7/ 451، 9/ 16.

وشهادة اللقيط إذا أدرك جائزة بعد أن يكون عدلاً. وجنايته والجناية عليه كجناية الحر المسلم. وحده حد الحر المسلم (¬1). ولو أن رجلاً التقط لقيطاً فادعى رجل أنه ابنه فإنه ينبغي في القياس أن لا يصدق، ولكنا ندع القياس ونثبت نسبه. ألا ترى أن الذي التقطه لو ادعاه أثبت نسبه منه. وإذا التقط الرجل صبياً فرفعه إلى القاضي وأبى أن ينفق عليه، وسأل القاضي أن يقبله منه، وأقام البينة أنه لقيط، فقبضه القاضي منه، ووضعه القاضي على يدي رجل، وأمره أن ينفق عليه على أن يكون ذلك ديناً (¬2) على اللقيط، ثم إن (¬3) الذي التقطه سأل القاضي أن يرده عليه، فإن القاضي بالخيار. إن شاء رده إليه (¬4)، وإن شاء لم يرده. وكذلك حال القاضي في المنزلة الأولى إن شاء قبضه، وإن شاء لم يقبضه. ولو أن رجلاً التقط لقيطاً فجاء آخر فانتزعه منه فاختصما فيه فإنه يدفع إلى الأول. وإذا كبر اللقيط فادعاه رجل فذلك إلى اللقيط. فإن أقر بذلك ومثله يولد لمثله فهو جائز، وإن أنكر ذلك لم تجز عليه الدعوة. وإذا وجد اللقيط فرباه رجل حتى أدرك ثم إن اللقيط جنى جناية خطأ فإنه يكون ذلك في بيت المال. وكذلك ميراثه لبيت المال. والجارية والغلام في ذلك كله سواء. وإذا التقط الرجل لقيطاً فادعاه فهو ابنه. وإذا التقط الرجل لقيطاً فزوجه أو كانت جارية فزوجها فإن ذلك (¬5) لا يجوز عليها؛ لأنه ليس بوليها. وكذلك ما اشترى لهما أو باع. وإن ادعى أنه عبده أو أمته لم يصدق بعد أن يعرف أنه لقيط. ¬

_ (¬1) ش - وحده حد الحر المسلم. (¬2) ش: دينا ذلك. (¬3) ز - إن. (¬4) ز: عليه. (¬5) ز - فادعاه فهو ابنه وإذا التقط الرجل لقيطا فزوجه أو كانت جارية فزوجها فإن ذلك.

ولو أن رجلا وجد لقيطاً معه مال فوضعه القاضي على يديه وقال: أنفق عليه منه، فهو جائز، وهو مصدق في نفقة مثله، وما اشترى له من ذلك أو باع من الطعام والكسوة فهو جائز عليه، والمال للقيط. وإذا مات اللقيط وترك ميراثاً ولم (¬1) يترك وارثاً فادعى رجل أنه ابنه فإنه لا يصدق عليه؛ مِن قِبَل أن نسبه لا يثبت بعد الموت. وإذا وجد اللقيط بالكوفة أو في مصر من أمصار المسلمين فأدرك كافراً فإنه يحبس ويجبر على الإسلام؛ لأنه أخذ في مصر من أمصار المسلمين. أستحسن ذلك. وإذا وجد اللقيط في كنيسة أو في بيعة أو في قرية ليس فيها إلا مشرك، فإنه بمنزلة أهلها. فإن أدرك كافراً لم أجبره على الإسلام. وإن التقطه مسلم منها فكان (¬2) عند المسلم يربيه ثم ادعاه رجل من أهل تلك القرية من الكفار فإني أجيز ذلك من دعواه. وإن مات قبل أن يدعيه لم أصل عليه لمكانه الذي أصابه فيه. وإذا وجد الذمي لقيطاً في مصر من أمصار المسلمين أو وجد اللقيط في قرية منها فكان في يديه حتى مات يربيه فإنه ينبغي للمسلمين أن يصلوا عليه؛ لأنه وجد في مصر من أمصار المسلمين. وإذا وجد اللقيط على دابة فإن الدابة له، وهو حر. وإذا وجد اللقيط فأخذه (¬3) إنسان فرباه حتى أدرك وصار رجلاً ثم والى رجلاً وعاقده فهو مولاه، يعقل عنه ويرثه، وله أن يتحول بولايته (¬4) ما لم يعقل عنه. وذلك في قياس قول إبراهيم (¬5). وهو عندي بمنزلة الرجل من ¬

_ (¬1) م ش ز: أو لم. (¬2) م ز: مكان. (¬3) ش: فوجده. (¬4) م ز: بولايه. (¬5) روى الإمام محمد في كتاب الولاء، باب موالاة الرجل الرجل، بإسناده قائلاً: محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: إذا أسلم الرجل على يدي رجل ووالاه فإنه يرثه ويعقل عنه، وله أن يتحول عنه إلى غيره إذا لم يعقل عنه، فإذا عقل عنه لم يكن له أن يتحول عنه إلى غيره. انظر: 4/ 150 ظ.

أهل الذمة [يدعي] أنه ابنه، فإنه لا يصدق في القياس؛ لأنه حر مسلم. وإن ادعى (¬1) مسلم (¬2) أن اللقيط عبده فإنه لا يصدق؛ لأن اللقيط حر. فإن أقام البينة أنه عبده قضي به له. وإن أقام الذمي (¬3) البينة من أهل الذمة أنه ابنه فإن شهادتهم لا تجوز على المسلم في أن أجعله كافراً. فإن كان شهوده مسلمين قبلت شهادتهم فأقضي به له، ولا يؤخذ منه نفقة؛ لأن المنفق عليه متطوع. وإذا وجد اللقيط رجلان فتنازعا فيه عند أيهما يكون وأحدهما مسلم والآخر كافر فإنه يقضى به للمسلم أن يكون عنده. وإذا وجد اللقيط رجلان (¬4) فادعت امرأة أنه ابنها فإنها لا تصدق (¬5)، ولا دعوى للمرأة (¬6) ولا شهود. فإن أقامت امرأتين ورجلًا (¬7) على الولادة فإني أقبل شهادتهم وأجعله ابنها. وإن ادعته امرأتان جميعاً وأقامت كل واحدة منهما امرأة (¬8) أنه ابنها فإنه يلزم كل واحدة في قياس قول أبي حنيفه (¬9)، ولا يكون ابن واحدة منهما في قول أبي يوسف ومحمد؛ لأني أعلم أن واحدة منهما كاذبة. فإن أقامت إحداهما رجلين وأقامت الأخرى امرأتين فإني أجعله للذي شهد لها الرجلان. ولو لم تدعه المرأتان ولكن ادعاه رجلان فأقام كل واحد منهما البينة فإني أجعله ابنهما، ولا تلد المرأتان ولداً واحداً. وإذا وجد العبدُ اللقيطَ أو المكاتبُ أو المدبر أو أم الولد أو الذمي أو ¬

_ (¬1) م ز: ادعاه. (¬2) ز + وإن ادعاه مسلم. (¬3) ز: الذي. (¬4) م ز - رجلان. (¬5) ز: لا يصدق. (¬6) ز: للمرة. (¬7) ز: ورجل. (¬8) ش: بينة؛ صح هـ. وفي الكافي، 129/ 1 و: البينة. لكن ما عند السرخسي موافق لما في المتن، وتعليله للمسألة يؤكد صحته. انظر: المبسوط،. 10/ 217. (¬9) هذا رواية أبي حفص، أما في رواية أبي سليمان فلا يلزم واحدة منهما. انظر: المصدرين السابقين.

حربي مستأمن فأي هؤلاء وجد لقيطاً (¬1) في مصر من أمصار المسلمين فهو حر. وإذا وجد اللقيط الرجل فأخذه ثم وجد اللقيط بعد ذلك قتيلاً في مكان آخر فالدية والقسامة على أهل ذلك المكان وتلك المحلة لبيت المال. وإذا وجد العبد لقيطاً فلم يعرف ذلك إلا بقوله فقال له المولى: كذبت بل هو عبدي، فالقول في ذلك قول المولى. فإن كان العبد تاجراً فهو مصدق؛ مِن قِبَل أنه تاجر وهو بمنزلة المكاتب. وإذا كان العبد غير مأذون له في التجارة فاللقيط عبد لمولاه. وإذا وجد الرجل لقيطاً فأقر بذلك ثم ادعى أنه عبد فإنه لا يصدق عليه. وإذا وجد الرجل اللقيط ثم قتله خطأ فإن الدية على عاقلته لبيت المال. وإن قتله عمداً فذلك إلى السلطان إن شاء قتله به. وإن شاء صالحه على الدية. وهو قول أبي حنيفة ومحمد. وفيها قول آخر: إن عليه الدية في ماله ولا يقتل (¬2)؛ مِن قِبَل أني لا أعرف له ولياً. وهو قول أبي يوسف. وشهادة اللقيط جائزة إذا (¬3) أدرك بعد أن يكون عدلاً. ويحد قاذفه. ولا يحد قاذفه (¬4) في أمه. ولو قذف اللقيط إنساناً حراً مسلماً كان عليه حد الحر المسلم. وعليه القصاص. وله القصاص. وعتقه وبيعه وشراؤه جائز. وإن (¬5) أقر بعدما يدرك قبل أن (¬6) يقضى عليه بشيء من هذا أنه عبد ¬

_ (¬1) ز: لقيط. (¬2) ز: يقبل. (¬3) ز: وإذا. (¬4) ز - ولا يحد قاذفه. (¬5) م ز: فإن. (¬6) ز - أن.

فلان وادعى ذلك فلان أجزت إقراره على نفسه وجعلته عبداً له؛ مِن قِبَل أنه لا يعرف له نسب. ولو جنى بعد ذلك أو جني عليه كان بمنزلة (¬1) العبد. وإن أنكر المولى فقال: ليس هو عبدي، فهو حرة مِن قِبَل أن المولى زعم أنه ليس بعبده. وإذا كان اللقيط امرأة فأقرت بالملك لرجل وادعى ذلك الرجل أجزت ذلك عليها وهي أمة له؛ مِن قِبَل أنها مجهولة. وإن طلقها زوجها اثنتين قبل الإقرار فإنه يملك رجعتها؛ مِن قِبَل أنها لا تصدق أنها أمة. ولو قذفها زوجها لم يكن عليه حد ولا لعان. وعدتها فيما بينها وبين زوجها عدة الحرة المسلمة إذا أقرت بعدما تمضي (¬2) من عدتها حيضتان، لا تصدق (¬3) هي أن تبين نفسها منه بحيضتين. وكل شيء بينها وبين زوجها فهي بمنزلة الحرة المسلمة في كل باب يجب له عليها. فإن طلقها واحدة بائنه فعدتها حيضتان؛ مِن قِبَل أن الزوج لا يملك الرجعة. وكذلك إذا مات فعدتها شهران وخمسة أيام؛ مِن قِبَل أنه ليس في الميت (¬4) حق يأخذها به. ولو كانت (¬5) دبرت عبداً أو أمة مِن قَبْل أن تقر (¬6) بالملك لم تصدق (¬7) على إبطال حقه، وهو مدبر على حاله. فإذا مات عتق من ثلثها. وإن مات مولاها وهي حية فهو على حاله لا يعتق. وإذا ماتت هي عتق ثلثه، ويسعى في ثلثي قيمته لمولاها. ولو أن مولاها أعتقها كان المدبر على حاله غير أن خدمته للمولى وسعايته بعد موتها. ولو أن رجلاً وجد لقيطاً فجنى جناية أو قذف رجلاً بعد أن يدرك فقضى عليه القاضي في ذلك بما يقضي على الحر ثم إنه أقر بعد ذلك أنه عبد لم أصدقه ولم أقبل قوله؛ مِن قِبَل أني قد (¬8) جعلته حراً وقضيت عليه بذلك. ¬

_ (¬1) ز + وإن كان بمنزلة. (¬2) ز: يمضي. (¬3) ز: لا يصدق. (¬4) ز: في الموت. (¬5) ز: كاتب. (¬6) ز: أن يقر. (¬7) ز: لم يصدق. (¬8) ز - قد.

باب الأيمان في العتق

وإذا التقط الرجل لقيطاً فأدرك فتزوج امرأة ثم أقر أنه عبد لفلان ولامرأته عليه صداق فإن صداقها عليه لازم له، ولا يصدق في إبطال الصداق. وكذلك لو كان قد استدان ديناً أو باعه بيعاً أو اشترى متاعاً ثم أقر أنه عبد (¬1) فإنه لا يصدق على إبطاله، وهو لازم. وكذلك لو كان كفل بكفالة أو وهب هبة أو تصدق بصدقة أو نحلى وقبضها صاحبها أو كاتب (¬2) عبداً أو دبر عبداً أو أعتق عبداً فإنه لا يصدق على إبطال شيء من ذلك. ... باب الأيمان في العتق وإذا قال الرجل لعبده: إذا بعتك فأنت حر، فباعه لم يعتق؛ لأنه حنث (¬3) بعدما خرج من ملكه. ولو قال له: إذا دخلت الدار فأنت حر، فباعه ثم دخل الدار لم يعتق؛ لأنه قد حنث (¬4) حين حنث وهو في غير ملكه، فلا يحنث ثانية. وإذا قال الرجل لعبد لا يملكه: أنت حر من مالى، فإن هذا لا يجوز ولا يعتق وإن اشتراه أو ملكه بغير شراء. ولو قال له: أنت حر إن دخلت الدار، ثم اشتراه ثم دخل الدار لم يعتق؛ لأنه حلف حين حلف وهو في غير ملكه، وعتقه فيه لا يجوز. ولو قال رجل لأمة لا يملكها: إذا تسريتك فأنت حرة، أو إذا (¬5) وطئتك فأنت حرة، أو إذا ولدت مني فأنت حرة، فاشتراها فوطئها وتسراها وولدت منه لم تعتق؛ (¬6) لأنه قال ذلك قبل أن يملكها. ولكنها تعتق (¬7) بالولد إذا مات السيد. ¬

_ (¬1) م ز: عهد. (¬2) ز: أو كانت. (¬3) م + بعده. (¬4) ش - قد حنث؛ صح هـ. (¬5) ش: وإذا. (¬6) ز: لم يعتق. (¬7) ز: يعتق.

وإذا قال الرجل لأمة له: إذا ولدت مني فأنت حرة، أو إذا وطئتك فأنت حرة، ثم باعها ثم اشتراها فوطئها وولدت منه عتقت؛ لأن القول كان منه فيها وهو يملكها، ووقع الحنث حين وقع وهو يملكها. ولو باعها ثم وطئها بشبهة فولدت منه ثم اشتراها فوطئها لم يعتق؛ لأنه قد حنث وهو لا يملكها. وإذا قال الرجل لأمته: إن بعتك فأنت حرة، فباعها بيعاً فاسداً ولم يقبض المشتري الأمة عتقت؛ مِن قِبَل أنه حنث وهو يملكها. ولو كان المشتري قال: إن اشتريتك فأنت حرة، فاشتراها بيعاً فاسداً ولم يقبض المشتري لم يعتق؛ لأن البيع فاسدة لأنه حنث قبل أن يقبض، وعتقه لا يجوز فيها قبل القبض. ولو كان قبضها قبل الشراء ثم اشتراها وهي في يديه عتقت من مال (¬1) المشتري؛ لأنه حنث وعتقه فيها جائز، ولا يعتق من مال البائع. ولو كان قال: إذا بعتك فأنت حرة، فباعها بيعاً فاسداً لم يعتق؛ لأنه باعها وهي في قبض المشتري. وإذا قال الرجل لأمته: إذا دخلت هاتين الدارين (¬2) فأنت حرة، فباعها فدخلت إحداهما ثم اشتراها فدخلت الدار الأخرى عتقت؛ لأن الحنث وقع حين وقع وهي في ملكه. ولو دخلت الدخلة الأولى وهي في ملكه ودخلت الدخلة الثانية وهي في غير ملكه لم تعتق (¬3). ولو قال لها: إذا دخلت هذه الدار فأنت حرة إذا كلمت فلاناً، فباعها فدخلت الدار ثم اشتراها فكلمت الرجل فإنها لا تعتق (¬4)؛ لأن هذا يمين بعد يمين. ولا يشبه هذا قوله: إذا دخلت الدار وكلمت فلاناً فأنت حرة؛ لأن هذا يمين واحدة. ولو باعها فدخلت الدار ثم اشتراها فكلمت فلاناً عتقت، والأولى يمين بعد يمين. ولو ¬

_ (¬1) ز: في مال. (¬2) م ش ز: الدار. وانظر: المبسوط، 10/ 239. (¬3) ز: لم يعتق. (¬4) ز: لا يعتق.

قال لها: إذا دخلت الدار فأنت حرة بعد موتي، فباعها فدخلت الدار ثم اشتراها لم تعتق (¬1) إن مات ولم تكن (¬2) مدبرة، لأن ذلك وقع عليها وهي في ملك غيره. وهذا مثل قوله: إذا بعتك فأنت حرة بعد موتي، ثم باعها ثم اشتراها فإنها لا تعتق (¬3)، ولا تكون (¬4) مدبرة. ألا ترى (¬5) أنه لو قال لأمته: إذا بعتك فأنت حرة بعد موتي، ثم باعها لم تعتق (¬6)، وإن اشتراها لم تكن (¬7) مدبرة. فكذلك الباب الأول. وإذا قال الرجل لعبده: إن دخلت دار فلان فأنت حر، فشهد فلان (¬8) وآخر أنه قد دخل الدار فهو حر. ولو قال: إن كلمت فلاناً فأنت حر، فشهد فلان نفسه وآخر أنه قد كلمه لم يعتق. ولا يشبه شهادته على كلامه شهادته على داره، هما مختلفان. ولو قال: إن كلمت فلاناً فأنت حر، فشهد ابنا فلان أن العبد قد كلمه، فإن ادعى فلان الأب أنه قد كلمه (¬9) فشهادتهما باطل. وإن جحد ذلك فشهادتهما جائزة عليه في قول أبي يوسف. وأما في قول محمد فالشهادة جائزة إن أقر (¬10) الأب بذلك أو أنكر؛ لأن الأب ليس بخصم في ذلك، وليست له في شهادته منفعة وليس عليه في شهادتهما ضرر (¬11)، فلا ينبغي أن يحضر القاضي الأب لشيء من ذلك (¬12) فيسأله أن يقر أو ينكر (¬13)، ولا يلتفت إلى ذلك منه. وإذا حلف الرجل بعتق عبد بينه وبين آخر لا يدخل داراً ثم اشترى نصيب الآخر ثم دخل الدار عتق نصفه (¬14) الأول، ولم يعتق النصف (¬15) الآخر، ويسعى له في النصف الآخر في قول أبي حنيفة. وفي قول أبي ¬

_ (¬1) ز: لم يعتق. (¬2) ز: يكن. (¬3) ز: لا يعتق. (¬4) ز: يكون. (¬5) ز: يرى. (¬6) ز: لم يعتق. (¬7) ز: لم يكن. (¬8) ز + فأنت حر فشهد فلان. (¬9) ش - فإن ادعى فلان الأب أنه قد كلمه. (¬10) ز: إن أقرب. (¬11) م: ضرب. (¬12) م ز - ذلك. (¬13) ش ز: أو يذكر. (¬14) م ش ز: النصيب. (¬15) ش ز: النصيب.

باب الرجل يسلم على يدي رجل أو يواليه وسكتب بينهما كتابا كيف يكتب

يوسف ومحمد يعتق النصف الآخر أيضاً؛ لأنه إذا عتق شقص (¬1) في عبد عتق كله في قول أبي يوسف ومحمد. ولو باع النصف الأول ثم اشترى النصف شريكه ثم دخل الدار لم يعتق. ... باب الرجل يسلم على يدي رجل أو يواليه وسكتب بينهما (¬2) كتاباً كيف يكتب قال: يكتب: "هذا كتاب لفلان بن فلان، إني كنت رجلاً مِن مَن أنعم الله علي بالإسلام، وإني (¬3) أسلمت على يديك وواليتك وعاقدتك، فلك ولائي وولاء عقبي من بعدي، يجري لي عليك وعلى قومك ما يجري للمولى على مواليه من العقل وغيره، ويجري لك علي وعلى عقبي من بعدي من العقل والميراث ما يجري للمولى على مواليه". ويكتب كتاباً للمولى: "هذا كتاب من فلان بن فلان لفلان بن فلان، إنك كنت رجلاً من من أنعم الله عليه بالإسلام، وإنك أسلمت على يدي وواليتني وعاقدتني، فلي ولاؤك وولاء عقبك من بعدك، يجري لك ولعقبك علي وعلى قومي ما يجري للمولى على مواليه من العقل وغيره، وكتب في شهر كذا من سنة كذا، شهد فلان بن فلان". وإذا والى الرجل [الرجل] فإنه يرثه ويعقل عنه، وله أن يتحول بولائه (¬4) إلى غيره ما لم يعقل عنه. فإذا عقل (¬5) عنه لم يكن له أن يتحول بولائه (¬6) إلى غيره. وما ولد للمولى من ولد في ولايته فهو مولى للمولى الذي والاه أبوه. فإن أسلم ابن له كبير على يدي رجل آخر ووالاه فولاؤه له. وإن أسلم ولم يوال أحداً فولاؤه موقوف. وليس هذا كالذي ولد في ¬

_ (¬1) ز: شقصا. (¬2) ز - بينهما. (¬3) ش: إني. (¬4) ز: بولاية. (¬5) ز: جعل. (¬6) ز: بولاية.

ولاية الذي والاه. وإن كبر ابن له وقد ولد في الولاء فله أن يتحول بولائه (¬1) ما لم يعقل عنه مولاه. فإذا عقل المولى عنه أو عن أبيه فليس له أن يتحول عنه بولائه (¬2). والرجل إذا أسلم في دار (¬3) الحرب فله أن يوالي من أحب. فإن أسر أبوه فأعتق جر الولاء. ولو أسلم أبوه (¬4) ووالى رجلاً لم يجر الولاء. ولو أعتق جده لم يجر الولاء. أرأيت لو أعتق جد جده ثم أعتق جداً دون ذلك ثم أعتق أبوهم أيهم (¬5) كان يجر (¬6) الولاء. ألا ترى أن الأب أولاهم بذلك. فليس لأحد جر الولاء إذا كان غير والد. وإذا أسلمت المرأة على يدي رجل ووالته وأسلم زوجها على يدي آخر ووالاه ثم ولد لهما (¬7) أولاد فولاؤهم لموالي الأب، ولا يكون ولاؤهم (¬8) لموالي الأم. وإذا أسلم الرجل على يدي رجل ووالاه وله ابن صغير أو ابنة فولده بمنزلته إذا كانوا صغاراً، وأولاده (¬9) مسلمون. فإن كانوا كباراً فهم على حالهم. وإذا مات المولى ولا وارث له فميراثه للذي أسلم على يديه ووالاه. قال: وبلغنا نحو من ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن عمر وعن عبد الله بن مسعود (¬10). وبلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الولاء لحمة ¬

_ (¬1) ز: بولاية. (¬2) ز: بولاية. (¬3) م ز: من دار. (¬4) ز - ولو أسلم أبوه. (¬5) ز: أنهم. (¬6) م ز: ويجر. (¬7) ز: ثم ولدهما. (¬8) ز: ولاحم. (¬9) م ش ز: وأولادهم. (¬10) روى هذه الآثار الإمام محمد في كتاب الولاء، باب موالاة الرجل الرجل. انظر: 4/ 150 ظ -151 و. وعن تميم الداري قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما السنة في الرجل من أهل الشرك يسلم على يدي رجل من المسلمين؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هو أولى الناس بمحياه ومماته". انظر: سنن ابن ماجه، الفرائض، 18؛ وسنن أبي داود، الفرائض، 13؛ وسنن الترمذي، الفرائض، 20؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 6/ 295.

كلحمة النسب، لا يباع ولا يوهب" (¬1). وبلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "مولى القوم من أنفسهم" (¬2). وإذا أسلم الرجل على يدي رجلين ووالاهما (¬3) جميعاً فهو مولاهما جميعاً، إن مات كان لهما ميراثه. فإن كان له ذو قرابة مِن قِبَل النساء أو الرجال فالقرابة أولى بالميراث من الموليين؛ مِن قِبَل أن هذا ليس بمولى عتاقة. وإذا تزوج العبد الحرة فولدت أولاداً فأولادها موال (¬4) لمواليها إن كانوا أعتقوها (¬5)، أو كانت والتهم وأسلمت (¬6) على أيديهم، أو والتهم (¬7) وأسلمت (¬8) على يدي غيرهم، فمتى ما أعتق أبوهم فإنه يجر الولاء، وهم موالي لموالي أبيهم. وبلغنا ذلك عن عمر بن الخطاب وعن عثمان بن عفان في مولى (¬9) العتاقة خاصة (¬10). وإذا أعتقت الأمة ثم ولدت لأقل من ستة أشهر بعد العتق فإن ولاء أولادها لمواليها (¬11) لا يتحول أبداً؛ لأنهم قد أعتقوه. ¬

_ (¬1) رواه المؤلف بإسناده في كتاب الولاء، باب بيع الولاء. انظر: 4/ 152 ظ. ورواه الشافعي عن محمد بن الحسن عن أبي يوسف. انظر: مسند الشافعي، 338؛ وصحيح ابن حبان، 11/ 325 - 326؛ والمستدرك للحاكم، 4/ 379. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 4/ 151 - 152؛ والدراية لابن حجر، 2/ 194؛ 3/ 162، وتلخيص الحبير لابن حجر، 4/ 213. (¬2) روي من حديث أنس وأبي رافع - رضي الله عنهما -. انظر: مسند أحمد، 4/ 340، 6/ 8، 10، 390؛ وصحيح البخاري، الفرائض، 27؛ وسنن أبي داود، الزكاة، 29؛ وسنن الترمذي، الزكاة، 25؛ وسنن النسائي، الزكاة، 97. (¬3) م ز: وولاهما. (¬4) ز: موالي. (¬5) ز: عتقوها. (¬6) م ش ز: أو أسلمت. (¬7) م ش: أو ولتهم؛ ز - أو والتهم. (¬8) م ش ز: أو أسلمت. (¬9) ز: في موالي. (¬10) روى الإمام محمد الأثرين بإسناده في كتاب الولاء، باب جر الولاء وعتق الأمة الحامل. انظر: 4/ 149 و. وانظر: المصنف لعبد الرزاق، 9/ 40 - 42؛ والمصنف لابن أبى شيبة، 6/ 292. (¬11) م: الموليها.

وإذا أعتق الرجل عبداً أو أمة أو حبلاً في البطن فهو مولاه لا يتحول إلى غيره وإن أعتق أبا الولد غيره. وإذا أسلمت المرأة على يدي رجل ووالته وزوجها عبد فإن أولادها موال (¬1) لمواليها يرثونهم ويعقلون عنهم. فإن أعتق أبوهم يوماً جر الولاء. وإذا أسلم رجل على يدي رجل ولم يواله فإنه لا يكون مولاه؛ مِن قِبَل أنه لم يواله. وإذا والاه وعاقده وكان أسلم على يدي غيره فإنه مولاه. فإن مات مولاه فولاؤه لولده (¬2) الذكور منهم دون الإناث. بلغنا عن علي بن أبي طالب وعمر وعبد الله بن مسعود وشريح وإبراهيم أنهم قالوا: لا يرث النساء من الولاء شيئاً إلا ما كاتبن أو أعتقن (¬3). فان كان له ابنان فمات أحدهما وترك ابناً ثم مات المولى فإن ميراثه لابن الميت الأول؛ لأن الولاء للكبير (¬4). وكذلك هذا في العتق. بلغنا ذلك عن علي بن أبي طالب وعمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت وأبي بن كعب وأسامة بن زيد وأبي مسعود الأنصاري أنهم قالوا: الولاء للكبير (¬5). وإذا والى الرجل امرأة وأسلم على يديها ثم ماتت المرأة وتركت ابنها ¬

_ (¬1) ز: موالي. (¬2) ز: لوالده. (¬3) روى الإمام محمد هذه الآثار باسناده في كتاب الولاء، باب الولاء للنساء ما يكون لهن وما لا يكون لهن. انظر: 4/ 146 و. وانظر: المصنف لعبد الرزاق، 9/ 36 - 37؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 6/ 289 - 290؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 154؛ والدراية لابن حجر، 2/ 195. (¬4) م ز: الكبير. (¬5) م ز: الكبير. روى الإمام محمد هذه الآثار بإسناده في أول كتاب الولاء. انظر: 4/ 144 ظ. وانظر: المصنف لعبد الرزاق، 9/ 30؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 6/ 294؛ وسنن الدارمي، الفرائض، 33؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 10/ 306؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 154. وفي لفظ للدارمي عن الشعبي عن عمر وعلي وزيد قال: وأحسبه قد ذكر عبد الله أيضاً، وقالوا: الولاء للكُبْر، يعنون بالكبُرْ ما كان أقرب بأب أو أم.

وعصبة فإن الولاء والميراث لابن المرأة، والعقل على قومها. وكذلك لو أعتقت عبداً. محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: إن علي بن أبي طالب والزبير بن العوام اختصما إلى عمر بن الخطاب في مولى لصفية ابنة عبد المطلب مات، فقضى عمر بن الخطاب بالعقل على علي، وقضى بالميراث للزبير (¬1). أخبرنا محمد قال: أخبرنا أبو يوسف عن أبي إسحاق (¬2) عن عامر أنه قال: شهد جعدة بن هبيرة أنه ذهب بموالي أم هانئ ابنة أبي طالب، وشهدت على الزبير بن العوام أنه ذهب بموالي صفية ابنة عبد المطلب. وإذا (¬3) كانت المرأة حرةً مولاةَ عتاقةٍ فنكحها رجل حر مسلم فولدت ولداً فإن أبا حنيفة ومحمداً (¬4) قالا: [ولاء] الولد لموالي الأم. قال: هذا والعبد سواء. وقال أبو يوسف: هم موالي لموالي الأب. وقال أبو حنيفة ومحمد: إذا كان أبوهم رجلاً (¬5) من العرب أو مولى عتاقة فإنه ينسب إلى قوم أبيه. وإن كان أبوه ليس من العرب ولا مولى عتاقة فإنه ينسب إلى موالي أمه، وهم (¬6) يعقلون عنه، وهو مولاهم، فلا يخرجه منها إلا ولاء عتاقة أو نسب في العرب في قول أبي حنيفة (¬7). ¬

_ (¬1) م: الزبير. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 170؛ والآثار لمحمد، 120؛ والمصنف لعبد الرزاق، 9/ 35، 45؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 6/ 294. (¬2) ز - عن أبي إسحاق. (¬3) ش: فإذا. (¬4) ز: ومحمد. (¬5) ز: رجل. (¬6) ز: هم. (¬7) م + آخر كتاب العتق كتبه لنفسه المعترف بذنبه المستغفر لربه أبو بكر ابن أحمد بن محمد الطلحي الأصفهاني في منتصف شهر شعبان سنة ثمان وثلاثين وستمائة والحمد لله رب العالمين وصلواته على خير خلقه محمد وآله.

كتاب العتق في المرض

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب العتق في المرض محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم في الرجل يعتق عبده عند الموت وعليه دين، قال: يستسعى في قيمته (¬2). قال محمد: وبه نأخذ إذا كان الدين مثل القيمة أو أكثر ولم يكن له مال غيره. فإن كان الدين أقل من القيمة سعى في مقدار الدين من قيمته للغرماء (¬3)، وفي ثلثي ما بقي للورثة، وكان له الثلث وصية. وهذا قول أبي حنيفة. ... باب العتق في المرض وإذا أعتق الرجل عبده في مرضه الذي مات فيه ولا مال له غيره ثم مات الرجل ولم تجز الورثة العتق فإن العبد يعتق منه الثلث ويسعى في ثلثي ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) المصنف لعبد الرزاق، 9/ 164. (¬3) م ش ز: الغرماء.

قيمته. فإن كان قيمته (¬1) ثلاثمائة سعى في مائتين (¬2) وعتق منه مائة. وإذا أعتق الرجل عبداً في مرضه قيمته (¬3) ثلاثمائة فجعل العبد لمولاه من السعاية مائتي درهم وقبضها المولى فأنفقها على نفسه ثم مات المولى ولا مال له غيره (¬4) فإنه يعتق من العبد ثلث المائة الباقية التي عليه ويسعى في ثلثها؛ لأن المولى لم يترك إلا مائة درهم. ولو أن العبد عجل لمولاه قيمته كلها ثلاثمائة درهم ثم مات المولى وهي عنده ولا مال له غيره فإنه يرد على العبد منها مائة درهم (¬5)، ويكون للورثة مائتا (¬6) درهم. ولو أن المولى أنفق مائة درهم أو أكثر من ذلك ثم مات وترك بقيتها ولا مال له غيرها كان للعبد ثلث ما بقي يرد عليه، وما بقي فهو ميراث للورثة. ولو أن المولى أنفق الثلاثمائة كلها ثم مات ولم ياع مالاً لم يكن للعبد وصية؛ لأن مولاه لم يترك مالاً. ولا سعاية على العبد؛ لأنه قد أدى قيمته كلها. وهو حر كله لا سبيل عليه. ولو ورث المولى مالاً أو اكتسبه أو وهب له قبل موته ثم مات والمال عنده كان للعبد الثلث من ذلك، وما بقي فهو ميراث. فإن كان الثلث من ذلك أكثر من ثلاثمائة درهم لم يكن له إلا ثلاثمائة درهم قدر قيمة رقبته، وما بقي فهو ميراث. ولو كان على المولى دين كان الدين في ذلك المال يبدأ به. فإن بقي شيء بعد الدين كان للعبد ثلث ما بقي حتى يستكمل ثلاثمائة درهم. فإن زاد الثلث (¬7) على ثلاثمائة درهم لم يكن له الفضل، وكان الفضل للورثة مع الثلثين. وإن نقص الثلث من ثلاثمائة درهم كان الثلث كله للعبد، والثلثان (¬8) للورثة. وإذا أعتق الرجل عبداً في مرضه وقيمته ثلاثمائة درهم ولا مال له غيره، فاكتسب العبد ألف درهم، ثم مات العبد قبل السيد وترك ابنة له، ثم مات السيد ولا مال له إلا ما له قبل العبد من السعاية والميراث، فإن ¬

_ (¬1) ز - فإن كان قيمته. (¬2) ز: في مائتي. (¬3) م ز - قيمته. (¬4) م ش ز: ولا مال عليه. (¬5) ز: در. (¬6) ز: مائتي. (¬7) ش - الثلث. (¬8) ز: والثلثين.

للمولى من الألف درهم خمسمائة وعشرون (¬1) درهماً، سعاية العبد من ذلك أربعون درهماً، وميراثه أربعمائة وثمانون (¬2) درهماً، وللابنة أربعمائة وثمانون (¬3) درهماً، وصارت وصية العبد مائتي درهم وستين درهماً، وذلك الثلث من تركة المولى، والذي صار في يد الورثة ورثة المولى الثلثان (¬4). وإذا أعتق الرجل في مرضه عبداً قيمته ثلاثمائة درهم (¬5) ولا مال له غيره، فأداها إلى المولى وقبضها كلها فأنفقها على نفسه، ثم مات العبد وترك ألف درهم وترك ابنته ومولاه، ثم مات المولى من ذلك المرض ولم يدع مالاً، فإن للمولى من هذه الألف درهم (¬6) ستمائة درهم، وذلك النصف من الألف ومائتين، ثم يرد المولى من ذلك الثلث وصية للعبد، فتأخذ (¬7) الابنة من ذلك الثلث وهو مائتا (¬8) درهم، وتأخذ أيضاً أربعمائة، وذلك النصف من ألف ومائتين (¬9)، ووصية العبد الثلث مما ترك المولى. وإذا أعتق الرجل في مرضه عبداً وقيمته ثلاثمائة درهم ولا مال له غيره، ثم مات العبد وترك ثلاثمائة درهم ولا مال له غيره (¬10)، وترك ابنة وامرأة ومولاه، ثم مات المولى من ذلك المرض، فإن أصل هذا يؤخذ مما أصفه: فينقد فيه قيمة العبد ثلاثمائة درهم، فللمولى منها مائتان (¬11) سعاية، ومائة وصية للعبد، وللمولى من تلك المائة ثلاثة أثمانها، وللعبد من هذه الثلاثة الأثمان ثمن وصية العبد؛ لأن هذا (¬12) مال استفاده المولى بعد قيمة العبد. فأقسم الثلاثمائة فيهم على واحد (¬13) وعشرين سهماً. منه ثلاثة عشر ¬

_ (¬1) ز: وعشرين. (¬2) ز: وثمانين. (¬3) ز: وثمانين. (¬4) م ز: للثلثين؛ ش: الثلثين. (¬5) ز - درهم. (¬6) ز - وترك ابنته ومولاه ثم مات المولى من ذلك المرض ولم يدع مالا فإن للمولى من هذه الألف درهم. (¬7) ز: فيأخذ. (¬8) ز: مائتي. (¬9) ز: من الألف ومائتي. (¬10) ش - وترك ثلاثمائة درهم ولا مال له غيره. (¬11) ز: مائتي. (¬12) م ز: هنا. (¬13) م ش ز: إحدى.

سعاية العبد، وثمانية أسهم منها وصية العبد، وهي ميراثه، تقسم (¬1) بين ورثته، لابنته أربعة النصف، ولامرأته الثمن واحد، ولمولاه ثلاثة أثمان، وذلك ثلاثة أسهم، فأضفها إلى ثلاثة عشر سهماً التي أخذها من السعاية، فتكون ستة (¬2) عشر سهماً، فذلك الثلثان. والذي جعلنا للعبد وصية ثمانية أسهم، وهو الثلث. فيصير للمولى (¬3) من الدراهم مائتا (¬4) درهم وثمانية وعشرون (¬5) درهماً وأربعة أسباع درهم، سعاية العبد من ذلك مائة وخمس وثمانون (¬6) درهماً وأربعة أسباع، وميراث (¬7) المولى من العبد اثنان (¬8) وأربعون درهماً وستة أسباع درهم، وميراث الابنة سبعة وخمسون (¬9) درهماً وسبع درهم، وميراث المرأة أربعة عشر درهماً وسُبْعا (¬10) درهم. فجميع المال الذي (¬11) ترك العبد ثلاثمائة واثنان وأربعون (¬12) درهماً وستة أسباع درهم. وإذا أعتق الرجل عبداً في مرضه وقيمته ثلاثمائة درهم ولا مال له غيره، فاكتسب العبد ثلاثمائة درهم، ثم مات وترك ابنين وامرأة ومولاه (¬13)، ثم مات المولى من ذلك المرض، فإن الثلاثمائة من ذلك تقسم على سبعة وستين سهماً. للمولى من ذلك ثلاثة وأربعون (¬14) سهماً سعاية العبد، وبقي أربعة وعشرون (¬15) سهماً، فهذه وصية العبد، وهي بين الورثة على فرائض الله تعالى. للابنين من ذلك ستة عشر سهماً، وللمرأة الثمن ثلاثة أسهم، وللمولى خمسة أسهم ميراثه، تضيفها (¬16) إلى الثلاثة والأربعين سهماً، فتكون (¬17) ثمانية وأربعين سهماً، وذلك ¬

_ (¬1) ز: يقسم. (¬2): فيكون ست. (¬3) م ز: المولى. (¬4): مائتي. (¬5) ز: وعشرين. (¬6) ز: وخمسين وثمانين. (¬7) م ش ز: وهي ميراث. (¬8) ز: اثنين. (¬9) ز: وخمسين. (¬10) م ش ز: وسبعي. (¬11) م ز: للذي. (¬12): واثنين وأربعين. (¬13) ش: مولاه. (¬14): وأربعين. (¬15) ز: وعشرين. (¬16) م ش ز: نصفها. (¬17) ز: فيكون.

الثلثان (¬1)، ووصية العبد الثلث أربعة وعشرون سهماً. وإذا أعتق الرجل عبداً في مرضه وقيمته ثلاثمائة ولا مال له غيره، فأدى العبد إلى المولى مائة درهم فأكلها المولى، ثم مات العبد وترك ثلاثمائة درهم وترك ابنته ومولاه لا وارث له غيرهما، فإن الفريضة من ثلاثة أسهم، يقسم عليها الثلاثمائة، فيكون للمولى سهم السعاية، وذلك مائة درهم، وبقي من ميراث العبد للمولى نصفها، وللابنة النصف. فصار للمولى مائتا فى رهم، وللابنة مائة درهم، وصار وصية العبد من المولى مائة درهم، وذلك الثلث مما ترك المولى، ولا يحتسب المائة التي أكلها المولى في حياته. ولو كان العبد أدى إليه مائتي درهم فأكلها ثم مات العبد وترك ثلاثمائة درهم وترك (¬2) ابنة فإن المولى يأخذ من ذلك عشرين درهماً سعاية العبد، وهي مائتا (¬3) درهم وثمانون (¬4) درهماً، فللمولى نصفها ميراث مائة وأربعون (¬5) درهماً، وللابنة نصفها مائة وأربعون (¬6) درهماً. فصار للمولى مائة وستون (¬7) درهماً، وصارت وصية العبد ثمانين درهماً، فذلك الثلث. ولو كان العبد قد أدى ثلاثمائة درهم فأكلها المولى ثم مات العبد وترك ثلاثمائة درهم وترك ابنة فإنه ليس للمولى هاهنا سعاية على العبد؛ لأنه قد استوفى القيمة. ولا يحتسب (¬8) بما أكل المولى، ويقسم هذا المال على خمسة أسهم، فيكون للمولى ثلاثة أخماسه، وذلك مائة وثمانون (¬9) درهماً، ثم يرد منها وصية العبد ستين درهماً، فيكون الستون درهماً (¬10) للابنة مع العشرين والمائة، فيكون (¬11) لها مائة وثمانون (¬12) درهماً، وذلك ¬

_ (¬1) ز: الثلثين. (¬2) ز: ابنته ومولاه لا وارث له غيرهما فإن الفريضة من ثلاثة أسهم ... ولو كان العبد أدى إليه مائتي درهم فاكلها ثم مات العبد وترك ثلاثمائة درهم وترك. (¬3) مائتي. (¬4) ز: وثمانين. (¬5) وأربعين. (¬6) ز: وأربعين. (¬7) ز: وستين. (¬8) م ش ز: لا يحتسب. (¬9) ز: وثمانين. (¬10) ز: الستين الدراهم. (¬11) ش: ويكون. (¬12) ز: وثمانين.

النصف من ثلاثمائة درهم وستين درهماً، والذي قبض المولى مثل ذلك. فكان جميع تركة العبد ثلاثمائة وستين درهماً أصابته (¬1) من وصية المولى. ولو كان العبد أدى إلى المولى خمسمائة درهم فأكلها، ثم مات العبد وترك خمسمائة درهم، ثم مات المولى وليس للعبد وارث غير ابنته ومولاه، فإن على المولى مائتي درهم وستين درهماً، مائتان (¬2) منها الفضل الذي أخذ من القيمة، وستون (¬3) درهماً منها وصية العبد، فصار المال سبعمائة وستين درهماً، للمولى من ذلك النصف ثلاثمائة وثمانون (¬4)، عليه من ذلك مائتان وستون (¬5)، ويعطى مائة وعشرون (¬6)، وللابنة ثلاثمائة وثمانون (¬7)، فصارت وصية العبد ستين، الثلث مما صار في يد المولى بعد الذي كان عليه. وإذا أعتق الرجل عبداً في مرضه وقيمته ثلاثمائة ولا مال له غيره، ثم مات العبد وترك ابناً يحرز ميراثه وترك ألف درهم، ثم مات ابن العبد وترك ابنة، ثم مات المولى من ذلك المرض، فإن المولى يأخذ من سعاية العبد الأول أربعين درهماً، وصارت الوصية للعبد الأول مائتي درهم وستين، فصار جميع ما ترك العبد تسعمائة درهم وستين درهماً، للمولى منها أربعمائة وثمانون (¬8) النصف، للابنة من ذلك (¬9) النصف، فأضف إليها الأربعين التي أخذ من السعاية، فذلك خمسمائة وعشرون (¬10)، [و] وصية العبد مائتا (¬11) درهم وستون (¬12) درهماً، وذلك الثلث من مال المولى. ... ¬

_ (¬1) م ش ز: صابته. (¬2) ز: مائتي درهم. (¬3) ز: وستين. (¬4) ز: وثمانين. (¬5) ز: مائتين وستين. (¬6) ز: وعشرين. (¬7) ز: وثمانين. (¬8) ز: وثمانين. (¬9) م ش ز: مثل ذلك. (¬10) ز: وعشرين. (¬11) ز: مائتي. (¬12) ز: وستين.

باب عتق العبدين

باب عتق العبدين وإذا أعتق الرجل عبدين له في مرضه ولا مال له غيرهما وقيمة كل واحد منهما ثلاثمائة درهم، فمات أحد العبدين وترك ألف درهم اكتسبها بعد العتق والمولى وارثه لا وارث له غيره، ثم مات المولى وبقي العبد الآخر ولم يسع (¬1) في شيء، فإن وصيته مائتان وستون (¬2) درهماً، وعليه سعاية أربعين درهماً يأخذه بها المولى مع الألف، ووصية الميت مائتان وستون (¬3) درهماً، وسعايته أربعون (¬4) درهماً، وميراثه مائة وستون (¬5) درهماً. وذلك لأن الفريضة من ستة، فالثلث منها اثنان، والثلثان أربعة. فمات الأول وهو مستوف (¬6) للوصية فاطرح سهماً (¬7)، وبقي خمسة، للعبد الباقي منهما واحد، وللورثة أربعة، فصار المال (¬8) ألف (¬9) درهم، وقيمة العبد الباقي ثلاثمائة درهم، فاقسمها على خمسة، فللعبد منها واحد، وللورثة (¬10) أربعة، فصار جميع مال المولى ألفاً (¬11) وخمسمائة وستين درهماً، استوفاها الميت، وألف وثلاثمائة الباقية. وإذا أعتق الرجل عبدين له في مرضه ولا مال له غيرهما فمات أحدهما وترك مائة درهم وترك ابنة حرة وترك مولاه ثم مات المولى فإن هذه المائة كلها للمولى من سعاية عبده، ويرجع لهذا الحر وصية ثمانين درهماً، ويسعى في مائتين (¬12) وعشرين درهماً. وذلك لأن الفريضة كانت من ستة، فالثلث اثنان، والثلثان أربعة. فارفع نصيب الميت؛ لأنه مستوفي. وبقي خمسة. فاقسم ألفين على خمسة، للعبد الباقي الخمس من قيمته ومن هذه ¬

_ (¬1) ز: يسعى. (¬2) ز: مائتي وستين. (¬3) ز: مائتي وستين. (¬4) ز: أربعين. (¬5) ز: وستين. (¬6) ز: مستوفي. (¬7) ز: سهم. (¬8) م + ألفين. (¬9) ز: ألفين. (¬10) ش: والورثة. (¬11) ز: ألف. (¬12) ز: في مائتي.

المائة، وللورثة أربعة أخماس ذلك. ولو ترك العبد الميت مائتين (¬1) وخمسين درهماً وترك ابنته ومولاه ولم يؤد (¬2) الحي شيئاً فإن قيمة الحي والميت تقسم (¬3) على أحد عشر سهماً، فللمولى منها سبعة أسهم سعاية على الميت وعلى الحي، ووصيتهما أربعة ووصية الحي اثنان ووصية الميت اثنان (¬4)، فيرد على المولى ميراثه من ذلك سهم، وميراث الابنة سهم، فيرد السهم على المولى، وضع السبعة، فيكون ذلك ثمانية أسهم، فذلك الثلثان (¬5) من جميع المال. وإذا كان للرجل ثلاثة أعبد ولا مال له غيرهم، اثنان منهم مدبران، ثم أعتق واحداً منهما في صحته، ثم مات المولى، ولا يدرى أيهم أعتق البتة، ثم مات أحد المدبرين قبل السعاية، فإنه يعتق من المدبر ثلثه (¬6) وخمس ما بقي ويسعى في خمس قيمته، ويسعى الآخر في ثلثي قيمته. وذلك لأنه أعتق من كل واحد منهم الثلث بالعتق البتات، وكان للمدبرين الثلث مما بقي، وذلك أربعمائة، فمات أحدهما مستوفياً، فذهب سهمه، وبقي سهم للمدبر الحي، وأربعة للورثة، فصار له خمس أربعمائة وذلك ثمانون (¬7) درهماً، وهو خمسا ما بقي من قيمته. ولو كان العتق البتات في مرضه والمسألة على حالها سعى المدبر في ثلثي قيمته، وسعى الآخر في ثمانية أتساع قيمته. وذلك لأن الفريضة من واحد وعشرين، فالثلث من ذلك سبعة، لكل مدبر ثلثه، وللعبد الذي ليس بمدبر سهم، فمات أحد المدبرين، فاطرح وصيته ثلاثة، وبقي ثمانية عشر، وصية العبدين الباقيين من ذلك أربعة أسهم، للمدبر منها ثلاثة، وللآخر واحد، ولكل (¬8) عبد تسعة أسهم, فاطرح عن المدبر من تسعة ¬

_ (¬1) ز: مائتي. (¬2) ز: يؤدي. (¬3) ز: يقسم. (¬4) ش - ووصية الميت اثنان. (¬5) ز: الثلثين. (¬6) ش: ثلاثة. (¬7) ز: ثمانين. (¬8) م ش ز: وكل.

باب السلم في المرض

ثلاثة، ويسعى في ستة، فاطرح عن الآخر واحداً (¬1)، ويسعى في ثمانية. وإذا كان لرجل عبدان (¬2) فأعتق أحدهما عند الموت البتة ثم مات أحدهما قبل السيد ثم مات السيد فإن الباقي منهما يعتق من الثلث، ولا يقع على الميت عتق. ولو مات السيد ولا مال له غيرهما ثم مات العبد بعد السيد سعى العبد الباقي في (¬3) أربعة أخماس قيمته. وذلك لأن الثلث كان بينهما نصفين، فمات أحدهما مستوفياً لوصيته، فسقط نصف الثلث، وبقي نصف الثلث، وهو سهم، وبقي للورثة الثلثان (¬4)، وهو أربعة أسهم. ... باب السلم في المرض وإذا أسلم الرجل مائة درهم في عشرة أَكْرَار (¬5) حنطة إلى رجل بأجل معلوم وضرب معلوم وقبض الرجل الدراهم، ورب السلم مريض ولا مال له غيرها، ثم مات رب السلم قبل أن يحل الأجل، والطعام يساوي مائة درهم، فإن الذي عليه السلم بالخيار. إن شاء (¬6) عجل للورثة ثلثي الطعام، وكان الثلث عليه إلى أجله. وإن شاء رد عليهم رأس ماله إلا أن يشاء الورثة أن يؤخروا عنه الطعام إلى أجل. فإن مات رب السلم وقد حل الأجل فالطعام على الذي عليه السلم حالاً كله لا خيار له فيه. وإن مات الذي عليه السلم قبل أن يحل الأجل ثم مات رب السلم فهو كذلك أيضاً، والطعام عليه حالاً كله. وإن مات رب السلم قبل أن يحل السلم ثم مات المسلم إليه قبل أن يحل السلم فالسلم عليه حالاً كله ولا خيار له فيه. ولو كان السلم يساوي خمسين درهماً ورأس المال مائة درهم ولا مال لرب السلم غيرها ثم مات رب السلم قبل أن يحل الأجل فإن الذي عليه السلم بالخيار. إن شاء رد (¬7) على الورثة رأس المال كله وأبطل ¬

_ (¬1) ز: واحد. (¬2) ز: عبدين. (¬3) م ز - في. (¬4) ز: الثلثين. (¬5) جمع كُرّ، وهو مكيال يتكرر كثيراً في الكتاب. (¬6) ش - إن شاء. (¬7) م ش ز: رده.

السلم. وإن شاء رد عليهم سدس (¬1) رأس المال وهو ستة عشر وثلثان (¬2)، وأدى الطعام كله حالاً وهو عشرة أكرار وقيمتها خمسون درهماً، فيكون في يدي الورثة ستة وستون درهماً (¬3) وثلثا (¬4) درهم، ويبقى في يدي (¬5) الذي كان عليه السلم ثلاثة وثمانون (¬6) وثلث، [ثلاثة] وثلاثون (¬7) وثلث المحاباة، وخمسون (¬8) درهماً قيمة ما أعطى من الطعام. وإذا أسلم الرجل وهو مريض ثلاثين درهماً إلى رجل في كُرّ يساوي عشرة دراهم إلى أجل معلوم وضرب معلوم، وقبض المال، ثم مات رب (¬9) السلم [قبل] (¬10) حل الأجل، ولا مال له غيرها، فإن الذي عليه السلم بالخيار. إن شاء رد الدراهم كلها إلا أن تجيز (¬11) له الورثة السلم إلى الأجل. فإن أبوا أن يجيزوا وأبى أن يرد رأس المال فإنه يجبر على رد ثلث رأس المال إلى الورثة، وذلك عشرة دراهم. ويؤدي الكر حنطة كله، وهو يساوي عشرة دراهم (¬12). فيكون في يدي الورثة عشرون (¬13) درهماً، ويبقى عشرة منها ثمن الكر، وعشرة منها التي رد عليهم. ويبقى في يدي المسلم إليه عشرون درهماً، عشرة منها قيمة الكر الذي أدى، وعليه دراهم ثلث ما ترك الميت. ولو كان رأس المال أربعين درهماً والمسألة على حالها فإنه يرد من رأس المال ستة عشر درهماً وثلثي درهم، ويؤدي الكر كله وقيمته عشرة دراهم. فإن كان رأس المال خمسين درهماً والمسألة على حالها فإنه يرد من رأس المال ثلاثة وعشرين درهماً وثلثاً (¬14)، ويؤدى الكر كله وقيمته عشرة دراهم، فيصير في يدي الورثة ثلاثة وثلاثون (¬15) درهماً ¬

_ (¬1) ش - سدس. (¬2) ز: وثلثين. (¬3) ز: قيمة. (¬4) ز: ثلثا. (¬5) ز: من يدي. (¬6) ز: وثمانين. (¬7) م ش ز: وثلثين. (¬8) م ز: وخمسين؛ ش: وهو خمسين. (¬9) ز - رب. (¬10) الزيادة من الكافي، 3/ 270 و. (¬11) ز: أن يخير. (¬12) م ش ز: الدراهم. (¬13) ز: عشرين. (¬14) ز: وثلث. (¬15) ز: وثلثين.

باب المريض يهب لامرأته في مرضه أو يتزوج امرأة فيحابيها تموت المرأة قبله وهو وارثها والمرأة تهب لزوجها في مرضها ويموت الزوج قبلها وهي فارة وعليه أو عليها دين

وثلث، فذلك ثلثا (¬1) ما ترك الميت. وإن كان رأس مال (¬2) السلم (¬3) مائة درهم والمسألة على حالها فإنه يرد (¬4) من رأس (¬5) المال ستة وخمسين درهماً، ويؤدي الكر كله وقيمته عشرة دراهم، فذلك ثلثا ما ترك الميت. ... باب المريض يهب لامرأته في مرضه (¬6) أو يتزوج امرأة فيحابيها تموت المرأة قبله وهو وارثها والمرأة تهب لزوجها في مرضها ويموت الزوج قبلها وهي فارة (¬7) وعليه (¬8) أو عليها (¬9) دين وإذا وهب الرجل وهو مريض لامرأته مائة درهم ولا مال له غيرها ثم مات المريض فإن الهبة باطل؛ لأنها بمنزلة الوصية ولا وصية لوارث وهي وارثة. ولو ماتت المرأة قبله وهو وارثها وعصبتها ولا مال للمرأة ولا للرجل غير هذه المائة درهم التي وهبها الزوج لها جاز لها من المائة أربعون (¬10) درهماً، وترد (¬11) ستين درهماً إلى ورثة الزوج. ثم ترث (¬12) الزوج من هذه الأربعين النصف عشرين درهماً، وعصبتها عشرين درهماً، فيصير في يدي ورثة الزوج ثمانون (¬13) درهماً، وتصير الوصية الأربعين التي ورثت نصفها. ولو كان وهب لها مائتي درهم وهي جميع مال الزوج (¬14) ثم ماتت المرأة قبله وليس لها مال غير (¬15) هذه المائتي درهم كان يجوز ¬

_ (¬1) ز: ثلثي. (¬2) م ش ز: المال. (¬3) م - السلم؛ صح هـ. (¬4) ز: يؤد. (¬5) م ش ز: على رأس. (¬6) ز - باب المريض يهب لامرأته في مرضه. (¬7) م ش ز: وارثته. (¬8) م ش ز - وعليه. والزيادة من ع. (¬9) م ش ز: وعليها. (¬10) ز: أربعين. (¬11) ز: ويرد. (¬12) ز: ثم يرث. (¬13) ز: ثمانين. (¬14) م ش ز: ما للزوج. (¬15) ش + وليس لها مال غير.

لها ثمانون (¬1) درهماً، ولورثة الزوج مائة وعشرون (¬2) درهماً، ونصف ثلث الثمانين درهماً، وبقي (¬3) ميراث الزوج من امرأته وهي أربعون (¬4) درهماً. فجميع ما أخذ ورثة الزوج مائة درهم وستون (¬5) درهماً، وأخذ عصبة المرأة أربعين درهماً. ولو كان وهب لها ثلاثمائة درهم، وهي من جميع ماله، ثم ماتت قبله، والمسألة على حالها أخذ ورثة الزوجة ثمانين ومائة، وتصير وصيتها عشرين ومائة، يرث الزوج نصف هذه العشرين والمائة [و] ذلك ستون درهماً، فيصير في يدي ورثة الزوج مائتا (¬6) درهم وأربعون (¬7) درهماً، ولعصبة المرأة ستون (¬8) درهماً. ولو كان وهب لها خمسمائة درهم في مرضه وماتت قبله وليس لواحد منهما مال غيرها كان لورثة الزوج ثلاثمائة درهم، ووصيتها مائتا (¬9) فى رهم ميراث الزوج من ذلك. فصار لورثة الزوج أربعمائة درهم، وصار لعصبتها مائة درهم. ولو كان وهب لها ألف درهم والمسألة على حالها كان وصيتها أربعمائة، وصار لورثة الزوج ستمائة، وميراث الزوج من امرأته مائتا (¬10) درهم. فيصير في يدي ورثة الزوج ثمانمائة درهم، فصارت الوصية أربعمائة وهي الثلث معها، وورث الزوج من الوصية، وصار لعصبة المرأة مائتا (¬11) درهم، وهي نصف الوصية. وأصل ذلك أنا نأخذ جميع الهبة فنقسمها على ستة، نجعل نصيب الزوج أربعة أسهم، ونصيب المرأة سهمين، وهو ثلث ما للزوج، فيرث الزوج منها واحداً (¬12). فيصير في يدي ورثة الزوج أربعة أخماس المال، وفي يدي ورثة المرأة الخمس. ¬

_ (¬1) ز: ثمانين. (¬2) ز: وعشرين. (¬3) ش ز: وهي. (¬4) ز: أربعين. (¬5) ز: وستين. (¬6) ز: مائتي. (¬7) ز: وأربعين. (¬8) ز: ستين. (¬9) ز: مائتي. (¬10) ز: مائتي. (¬11) ز: مائتي. (¬12) ز: واحد.

وإذا وهب الرجل لامرأته مائة درهم وهو مريض وله مائة درهم أخرى سواها ولا مال للمرأة غيرها، ثم ماتت المرأة قبل الزوج وهو وارثها مع عصبتها، ثم مات الزوج، فإنه يجوز لها من المائة التي وهب لها ثمانون (¬1) درهماً، فيرد إلى الزوج عشرين درهماً، ويرث الزوج من الثمانين درهماً نصفها، وهو أربعون (¬2). فيصير في يدي ورثة الزوج ستون (¬3) درهماً مما وهب لها، والمائة درهم الأخرى كلها، فذلك ستون (¬4) ومائة درهم. وكانت الوصية ثمانين درهماً (¬5)؛ لأنها كانت خمس ما تركت المرأة. ولو ترك الزوج خمسين ومائة درهم سوى المائة التي وهبها للمرأة كانت المائة درهم لها جائزة؛ لأنها الثلث. ثم يرث الزوج نصفها خمسين درهماً. فيصير في يدي ورثته مائتا (¬6) درهم، هذه الخمسون (¬7) التي ورثها من امرأته، والخمسون (¬8) والمائة التي تركها الزوج (¬9) سوى هذه. وكذلك لو ترك أكثر من خمسين ومائة صارت المائة كلها للمرأة، ثم يرثها الزوج نصف ذلك؛ لأنا (¬10) ننظر إلى خمس ما ترك الميت مع ما (¬11) وهبه. فإن كانت الهبة تخرج (¬12) من خمس ذلك كله سلمت لها الهبة ثم يرثها الزوج نصف الهبة كلها. وإذا وهب الرجل لامرأته مائة درهم وهو مريض ولا مال له غيرها وللمرأة مائة درهم سوى هذه ثم ماتت المرأة قبله ومات الزوج، فإنه يجوز لها من المائة التي وهب لها الزوج ستون (¬13) درهماً، ويرد على ورثة الزوج أربعين درهماً، ويرث الزوج نصف الستين درهماً التي جعلها وصية لها، ونصف المائة التي كانت لها سوى الوصية، فيكون لها من الميراث ¬

_ (¬1) م ش ز: ثمانين. (¬2) ز: أربعين. (¬3) ز: ستين. (¬4) ز: ستين. (¬5) ز: درهم. (¬6) ز: مائتي. (¬7) ز: الخمسين. (¬8) ز: والخمسين. (¬9) ش: للزوج. (¬10) ز: لأنها. (¬11) م ش ز: معها. والتصحيح من الكافي، 3/ 270 ظ. (¬12) ز: يخرج. (¬13) ز: ستين.

ثمانون (¬1) درهماً. والذي ردوا على ورثة الزوج من المائة أربعون (¬2) درهماً. فيصير في أيديهم مائة وعشرون (¬3) درهماً؛ لأنك تنظر إلى ميراث الزوج منها سوى ما وهب لها، فتضيفه (¬4) إلى ما وهب لها، ثم تجعل الوصية الخمسين من ذلك. ولو كان لها مائتا (¬5) درهم سوى المائة التي وهب لها كان يجوز من المائة ثمانون (¬6) درهماً وصية، ويؤخذ منها خمسون (¬7) درهماً. ثم يرث الزوج نصف ثمانين ومائتي درهم، فيكون لها أربعون ومائة، وقد كان أخذ عشرين من المائة، فصار في يده ستون (¬8) ومائة درهم بين ورثته، فصار لعصبتها مائة وأربعون (¬9) درهماً. ولو كانت المرأة تركت ثلاثمائة درهم أو أكثر سلمت لها الوصية؛ لأنها يرثها نصف المائة ونصف الثلاثمائة التي تركت، فيصير له مائتا (¬10) درهم. وإذا وهب الرجل لامرأته مائة درهم في مرضه ولا مال له (¬11) غيرها وعليه دين خمسون (¬12) درهماً ولا مال للمرأة غيرها وماتت قبله ومات الزوج فإن (¬13) ورثة الزوج يأخذون منها خمسين درهماً، يقضون الغرماء، ويصير لها عشرون (¬14) درهماً من الخمسين الباقية، ويرث الزوج من هذه العشرين نصفها عشرة دراهم، فيصير في يدي ورثة الزوج بعد الدين أربعون (¬15) درهماً، ويصير في يدي عصبتها عشرة دراهم. ولو وهب لها ثمانين درهماً (¬16) ولا مال له غيرها ولا دين عليه وعلى المرأة دين عشرة دراهم (¬17) ولا مال له غير الثمانين درهماً وماتت ثم مات الزوج كان لها من ذلك ثلاثون (¬18) درهماً، ¬

_ (¬1) ز: ثمانين. (¬2) ز: أربعين (¬3) ز: وعشرين. (¬4) ز: فنصفه. (¬5) ز: مائتي. (¬6) ز: ثمانين. (¬7) م ز: عشرين. (¬8) ز: ستين. (¬9) ز: وأربعين. (¬10) ز: مائتي. (¬11) ز - له. (¬12) ز: خمسين. (¬13) ش: قال (مهملة). (¬14) ز: عشرين. (¬15) ز: أربعين. (¬16) ز: درهم. (¬17) م ز: الدراهم. (¬18) ز: ثلثين.

ويرد على ورثة الزوج خمسون درهماً، وتقضي (¬1) دينها عشرة دراهم (¬2) من الثلاثين (¬3) درهماً، ويبقى عشرون (¬4) درهماً، فيصير للزوج (¬5) ميراثه منها عشرة، ويصير لورثتها عشرة دراهم، فيصير في يدي ورثة الزوج ستون (¬6) درهماً. وإذا وهب الرجل لامرأته في مرضه مائة درهم ولا مال له غيرها وأوصى لرجل بثلث ماله ثم ماتت المرأة وقد قبضت المائة ومات الزوج فإن المائة تقسم (¬7) على أحد عشر سهماً، فيصير للمرأة من ذلك سهمان (¬8)، فيصير للموصى له (¬9) بالثلث سهمان (¬10) في قياس قول أبي حنيفة رحمة الله عليه، ويصير في يدي ورثته سبعة أسهم، ويرث الزوج سهماً من امرأته، فيصير في يد ورثة الزوج (¬11) ثمانية أسهم، وفي يدي ورثة المرأة سهم، وفي يدي الموصى له بالثلث سهمان (¬12). وأما في قول أبي يوسف ومحمد -رحمهما الله- فإن الفريضة تقسم (¬13) على واحد وعشرين سهماً، لورثة الزوج ثلاثة عشر سهماً، ووصية المرأة ستة أسهم، ووصية صاحب الثلث اثنان (¬14)، ويرجع إلى ورثته من وصية المرأة ثلث ميراثه من ذلك، فيصير في يدي ورثة الزوج ستة عشر سهماً، والوصية ثمانية أسهم. وإذا وهب الرجل لامرأته مائة درهم في مرضه ولا مال له غيرها ولا مال للمرأة (¬15) غير المائة فأوصت المرأة بثلث مالها لرجل ثم ماتت ومات الزوج بعدها فإن المائة درهم تقسم على ثمانية أسهم، فيصير لها من ذلك ثلاثة أسهم، ولورثة الزوج خمسة أسهم، ثم يعطى صاحب الوصية من ¬

_ (¬1) ز: وتقضا. (¬2) م ش ز: الدراهم. (¬3) ز: من الثلثين. (¬4) ز: عشرين. (¬5) ش: الزوج. (¬6) ز: ستين. (¬7) ز: يقسم. (¬8) ز: سهمين. (¬9) ش: ثلثه (مهملة). (¬10) ز: سهمين. (¬11) م ش + سبعة أسهم ويرث الزوج سهماً من امرأته فيصير في يدي ورثة الزوج. (¬12) ز: سهمين. (¬13) ز: يقسم. (¬14) ز: اثنين. (¬15) ز + غيرها ولا مال للمرأة.

ثلاثة أسهم التيي (¬1) صارت للمرأة سهماً (¬2)، ويرثها الزوج سهماً (¬3)، ويرثها عصبتها سهماً (¬4)، فيصير في يدي الزوج ستة أسهم. وإذا وهب الرجل لامرأته مائة درهم وهو مريض ولا مال له غيرها ولا مال للمرأة غير المائة ثم ماتت المرأة (¬5) وتركت ابناً وزوجها فإن المائة (¬6) تقسم (¬7) على أحد عشر سهماً. فيصير لها أربعة أسهم، وللزوج (¬8) سبعة أسهم. ثم يرث الزوج من الأربعة واحداً (¬9). فيصير في يدي ورثة الزوج ثمانية أسهم، ويصير في يدي ابن المرأة ثلاثة أسهم. ولو تركت زوجها وأختها وليس لها ولد والمسألة على حالها قسمت المائة على ثمانية عشر سهماً. فيصير للمرأة سبعة أسهم، وللزوج أحد عشر سهماً. فيرث الأجنبي من السبعة الأسهم أربعة أسهم، ويرث الزوج منها ثلاثة أسهم. فيصير في يدي ورثة الزوج أربعة عشر سهماً، وكانت الوصية سبعة. ولو كانت تركت أختها وأمها وزوجها والمسألة على حالها في الهبة والموت قسمت المائة على واحد وعشرين سهماً، للمرأة من ذلك ثمانية أسهم، وللزوج ثلاثة عشر سهماً، يرد عليه من المائة، ويكون للأختين من الثمانية الأسهم أربعة أسهم، وللأم سهم، وللزوج ثلاثة أسهم. فيصير في يدي ورثة الزوج ستة عشر سهماً، وفي يدي ورثة المرأة خمسة أسهم. ولو تركت أختين لأب وأم وأختين لأم وزوجاً (¬10) والمسألة على حالها قسمت المائة على أربعة وعشرين سهماً فيكون لها من ذلك تسعة أسهم، ويرد (¬11) على ورثة الزوج خمسة عشر سهماً، ثم يكون ميراث ¬

_ (¬1) ز: الذي. (¬2) ز: سهم. (¬3) ز - ويرثها الزوج سهماً. (¬4) ز: سهم. (¬5) ز + وتركت المرأة. (¬6) م ز: فإن المرأة. (¬7) ز: يقسم. (¬8) ز: ويصير للزوج. (¬9) ز: واحد. (¬10) ز: وزوج. (¬11) ش: يرد.

الأختين من الأب والأم من التسعة الأسهم أربعة أسهم، وميراث الأختين من الأم سهمين، وميراث الزوج ثلاثة أسهم. فيصير في يدي ورثة الزوج ثمانية عشر سهماً، وهي ثلثا (¬1) المائة التي كانت للزوج. ولو كانت تركت أختين لأب وأم وأختين لأم وزوجاً وأمَّا (¬2) والهبة والمسألة على حالها قسمت المائة على سبعة وعشرين سهماً، فيصير لورثة المرأة عشرة أسهم، ولورثة الزوج سبعة عشر سهماً، ثم يرث الزوج منها ثلاثة أسهم من امرأته، فيكون في يدي ورثة الزوج عشرون (¬3) سهماً. ولو تركت ابنتها (¬4) وأبويها وزوجاً والمسألة على حالها قسمت المائة على اثنين وأربعين سهماً، لها من ذلك خمسة عشر سهماً، وللزوج سبعة وعشرون (¬5) سهماً، ثم يرث الزوج ثلاثة أسهم، فيصير في يدي ورثته ثلاثون (¬6) سهماً. وأصل ذلك أنك تنظر إلى الثلث فتقسمه (¬7) بين ورثة المرأة وتصححه، فتنظر (¬8) من كم سهم تستقيم (¬9) فرائضهم منه، ثم تنظر إلى (¬10) الثلثين من ذلك، وتنظر إلى نصيب الزوج من الثلث، فتطرحه (¬11) من الثلثين، ثم تقسم (¬12) المال على الثلث وعلى ما بقي من الثلثين، فما أصاب الثلث فهو لورثة المرأة، وما أصاب ما بقي من الثلثين فهو لورثة (¬13) الزوج، ثم يرث الزوج نصيبه من الثلث، فتزيده (¬14) على ما بقي من الثلثين، فيكون الثلثان (¬15) سواء. وإذا وهبت المرأة لزوجها مائة درهم وهي مريضة ولا مال لها غيرها ¬

_ (¬1) ز: ثلثي. (¬2) ز: وزوج وأم. (¬3) ز: عشرين. (¬4) م: ز ابنتيها. (¬5) م ش ز: وعشرين. (¬6) ز: ثلثين. (¬7) ش: فتقسم؛ ز: فيقسم. (¬8) ز: وتصحيحه فينظر. (¬9): يستقيم. (¬10) م ز - إلى. (¬11): فيطرحه. (¬12) ز: ثم يقسم. (¬13) ز + المرأة وما أصاب ما بقي من الثلثين فهو لورثة. (¬14) ز: فيزيده. (¬15) ز - فيكون الثلثان.

ولا مال للزوج غيرها ثم مات قبلها وهي وارثته مع عصبته ثم ماتت فإنها تقسم المائة على أحد عشر سهماً، للزوج من ذلك أربعة أسهم، وللمرأة سبعة أسهم ترد (¬1) عليها من المائة، ثم ترث واحداً (¬2) من تلك الأربعة، فيصير في يدي ورثتها ثمانية أسهم، وفي يدي ورثة الزوج ثلاثة أسهم. ولو كان له ولد والمسألة على حالها قسمت المائة على ثلاثة وعشرين سهماً، للزوج من ذلك ثمانية، وترد (¬3) على ورثة المرأة خمسة عشر سهماً، ثم ترث المرأة من تلك الثمانية الأسهم سهماً واحداً (¬4). وكذلك جميع ما يترك من ورثته غير الولد فإنه يقسم الثلث مما وهبت بين ورثة الزوج، فإذا صحت فريضتهم جعلته ثلثاً، وجعلت ما بقي وهو الثلثين (¬5) للمرأة، فما أصابها من الثلث طرحت مثله من الثلثين الذي لها، ثم تقسم (¬6) المائة على الثلث الذي صار للزوج وعلى ما بقي من الثلثين الذي صار للمرأة كما قسمت قبله مائة للزوج الذي وهب لها وهو مريض. وإذا كان الرجل وامرأته مريضين ولكل واحد منهما مائة درهم فوهب كل واحد منهما جميع مائته لصاحبه ثم مات أحدهما قبل الآخر وليس لواحد منهما ولد، فإن كانت المرأة التي ماتت أولأ جعلت لها الوصية، ولم يجعل للزوج وصية؛ لأنه وارثها. فاجعل وصيتها من مائة وستين، وترد (¬7) على ورثته منها أربعين درهماً، وترد (¬8) عليها مائتها كلها، فيصير لورثتها ستون (¬9) ومائة درهم، ميراث الزوج من ذلك ثمانون (¬10) درهماً، فيصير في يد الزوج عشرون (¬11) ومائة درهم، وكانت الوصية ستين درهماً. ولو كان الزوج هو الذي مات أولأ قد (¬12) جازت له الوصية، وبطلت وصيته لامرأته، ¬

_ (¬1) ز: ويرد. (¬2) ز: ثم يرث واحد. (¬3) ز: ويرد. (¬4) ز: سهم واحد. (¬5) م ش ز: الثلثين وهو. (¬6) ز: ثم يقسم. (¬7) ز: ويرد. (¬8) ز: ويرد. (¬9) ز: ستين. (¬10) ز: ثمانين. (¬11) ز: عشرين. (¬12) ز: فقد.

باب تزويج المرأة ومحاباتها في ذلك

فيرد مائته على ورثته، ويكون له من مائة امرأته وصيته خمسة وأربعون (¬1) درهماً، وخمسة أجزاء من أحد عشر جزء من درهم، وترد (¬2) عليها من مائتها أربعة وخمسين درهماً، وستة أجزاء من أحد عشر جزء من درهم، ثم يرث ربع المائة الزوج خمسة وعشرون (¬3) درهماً، ويرث ربع هذه الخمسة والأربعين، والخمسة أجزاء من أحد عشر جزء من ذلك، وذلك الربع، يكون أحد عشر درهماً، وأربعة أجزاء من أحد عشر جزء من درهم. فجميع ما صار في يدها مما ورثت منه ومما رد عليها من مائتها تسعون درهماً وعشرة أجزاء من أحد عشر جزء من درهم. ولو ماتا جميعاً معاً جاز لها نصف مائته، وجاز له نصف مائة صاحبته. ... باب تزويج المرأة ومحاباتها في ذلك وإذا تزوج الرجل امرأة في مرضه على مائة درهم ولا مال له غيرها ومهر مثلها خمسون (¬4) درهماً، ثم ماتت المرأة والزوج مريض على حاله وهو وارثها مع عصبتها، ثم مات الزوج من مرضه ذلك، فإن لها من المائة مهر مثلها خمسون (¬5) درهماً، ووصيتها ثلاثون (¬6) درهماً، يرد (¬7) على ورثة الزوج من المائة عشرون (¬8) درهماً، ويكون من ميراثها من الثمانين درهماً أربعون (¬9) درهماً ميراث الزوج، وذلك من المهر والوصية. فصار في أيديهم ستون (¬10) درهماً. فصارت (¬11) الوصية ثلاثين درهماً. وأصل ذلك أن تنظر (¬12) ¬

_ (¬1) ز: وأربعين. (¬2) م ز: ورد. (¬3) ز: خمس وعشرين. (¬4) ز: خمسين. (¬5) ز: خمسين. (¬6) ز: ثلثين. (¬7) ز: ترد. (¬8) ز: عشرين. (¬9) ز: أربعين. (¬10) ز: ستين. (¬11) م ز: فصار؛ ش - أيديهم ستون درهماً فصارت. (¬12) ز: أن ينظر.

إلى نصف مهر مثلها، فتضمنه (¬1) من المحاباة، ثم تجعل لها خمسي ذلك وصية، ثم يرث الزوج منها نصف الوصية والمهر. وإذا وهب الرجل لامرأته وهو مريض مائة درهم ولا مال له غيرها وماتت المرأة وهو وارثها وعصبتها وعليها دين ثم مات الزوج بعدها، فإن (¬2) كان عليها من الدين مثل ثلث (¬3) المائة أو أكثر فلها من مائته من الثلث وصيته (¬4) لها تقضي (¬5) منها غرماءها. ولو كان عليها من الدين عشرة دراهم كان وصيتها ثمانية وثلاثين درهماً، ويرد (¬6) على ورثة الزوج اثنين وستين درهماً، ويقضي (¬7) غرماء المرأة من وصيتها عشرة دراهم، ويبقى ثمانية وعشرون (¬8) درهماً، لورثة الزوج من ذلك حصة الزوج من الميراث أربعة عشر درهماً، ولعصبتها أربعة عشر درهماً. فيصير في يدي الزوج من ذلك ستة وسبعون (¬9) درهماً وهي ثلثا (¬10) ما ترك. فإن كان عليها دين عشرون (¬11) درهماً كانت الوصية ستة وثلاثين درهماً، ويرد على ورثة الزوج أربعة وستين درهماً، ويقضي الغرماء من ذلك عشرين درهماً، ويبقى ستة عشر. فيرث الزوج منها ثمانية دراهم، وصار في يدي الزوج اثنان وسبعون (¬12) درهماً، وذلك ثلثا (¬13) ما ترك. وأصل ذلك أنك تنظر إلى الهبة، فتطرح (¬14) نصف ما عليها من الدين من ذلك (¬15)، ثم تجعل لها خمسي ما بقي. ... ¬

_ (¬1) ز: فيضمنه. (¬2) م ش ز: وإن. (¬3) ز - ثلث. (¬4) م ز: وصيه. (¬5) م ز: بعضا. (¬6) ز: وترد. (¬7) ز: ويقضا. (¬8) ز: وعشرين. (¬9) ز: وسبعين. (¬10) ز: ثلثي. (¬11) ز: عشرين. (¬12) ز: اثنين وسبعين. (¬13) ز: ثلثي. (¬14) ز: فيطرح. (¬15) ش - من ذلك.

باب الرجل يهب العبد في مرضه فيجني على سيده أو غيره

باب الرجل يهب العبد في مرضه فيجني على سيده أو غيره وإذا وهب الرجل للرجل عبداً في مرضه ولا مال له غير العبد والعبد يساوي ألف درهم، فقتل العبد رجلاً أجنبيًا، ثم إن المولى مات، فإنه يرد ثلثي العبد إلى ورثة المولى، ويكون ثلثه للموهوب له، ثم يقال لورثة المولى والموهوب له: ادفعاه أو افدياه. فإن دفعاه أو فدياه (¬1) رجع ورثة المولى على الموهوب له بثلثي قيمته؛ لأنه جنى في يد الموهوب له وكان في ضمانه. ولو أعتقه الموهوب (¬2) له وهو يعلم بالجناية قبل أن يرد على ورثة المولى ثلثيه كان الملك قد تم للموهوب له، وكان عليه عشرة آلاف لأولياء المقتول، وكان عليه ثلثا (¬3) قيمة العبد لورثة المولى. ولو كان أعتقه وهو لا يعلم بالجناية قبل أن يرد إلى ورثة المولى ثلثيه (¬4) كان الملك قد تم له أيضاً، وكان عليه قيمته لأولياء الجناية، وثلثا (¬5) قيمته لورثة المولى. ولو لم يقتل أجنبيًا (¬6) ولكنه قتل مولاه وقيمته ألف درهم بعدما قبضه الموهوب له قيل له: ادفعه إلى ورثة المولى أو افده (¬7) بعشرة آلاف درهم. فإن دفعه الموهوب له إلى الورثة فلا شيء له على الورثة عليه. وإن فداه بعشرة آلاف كان (¬8) العبد كله له مسلماً؛ لأنه يخرج من الثلث. ولو كان عِتقه بعدما قتل (¬9) المولى وهو يعلم بالجناية كان مثل الأول، يغرم عشرة آلاف، ويكون العبد له، لأنه يخرج من الثلث. ولو كان أعتقه وهو لا يعلم بالجناية على المولى وإنما جنى على مولاه خاصة كان قد تم له الملك، وعليه قيمته، وثلث قيمته للورثة، ويَسْلَم له ثلثا (¬10) قيمته؛ لأن ¬

_ (¬1) م ش ز: وافدياه. (¬2) م ش ز: ولو أعتقه المولى ضمنه. والتصحيح من الكافي، 3/ 271 ظ. (¬3) ز: ثلثي. (¬4) ز: ثلثه. (¬5) ز: وثلثي. (¬6) ز: أجنبي. (¬7) ز: أو افديه. (¬8) م ش ز: وكذلك. (¬9) ز: قبل. (¬10) م ش ز: ثلثي.

الملك تم له، فصار عليه قيمة باستهلاك (¬1) العبد وقيمة بالجناية (¬2)، ويكون له من ذلك وصيته ثلثي قيمته، وعليه قيمة وثلث قيمة للورثة. ولو كان العبد جنى على مولاه وقيمته ألفان (¬3) يوم وهبه المولى للأجنبي أو ثلاثة آلاف أو أربعة آلاف أو خمسة آلاف كان ذلك سواء، وقيل للموهوب له: ادفعه كله أو افده بعشرة آلاف درهم من قبل أنه إن فداه سلم له من الثلث إذا كانت قيمته خمسة آلاف أو أقل. ولو كانت قيمته ستة آلاف والمسألة على حالها ثم قتل مولاه بعدما وهبه الأجنبي رد إلى ورثة المولى ربعه [و] أمضيت (¬4) الهبة في ثلاثة أرباعه [وقيل للموهوب له: ادفع ثلاثة أرباعه] (¬5) أو افده بثلاثة أرباع الدية. فإن دفعه فلا شيء له. وإن فداه سلم له ثلاثة أرباعه، لأنه يفديه بثلاثة أرباع الدية، وهو تسعة (¬6) آلاف وخمسمائة، ورد عليهم الربع، وهو يساوي ألفاً (¬7) وخمسمائة، فيصير في يدي الورثة ما يساوي تسعة آلاف، ويكون (¬8) له ثلاثة أرباع العبد، وهو يساوي أربعة آلاف وخمسمائة، وهو الثلث. وإذا كانت [قيمته] ثمانية آلاف ثم قتل مولاه بعدما وهبه رد عليه ثلاثة (¬9) أسباعه إلى الورثة، وقيل للموهوب له (¬10): ادفع أربعة أسباعه أو افده بأربعة أسباع الدية. فإن فداه سلم له. وإن دفعه فلا شيء له. وإن كانت قيمته عشرة آلاف ثم قتل المولى العبد فيقال (¬11) للموهوب له: ادفع النصف الباقي أو افده بنصف الدية. فإن فداه بنصف الدية كان في يدي الورثة خمسة آلاف ونصف (¬12) العبد وهو يساوي خمسة آلاف، فيصير ¬

_ (¬1) م ش ز: قيمته استهلاك. (¬2) م ش ز: الجناية. (¬3) ز: ألفين. (¬4) ز: أمضت. وزيادة الواو من الكافي، 3/ 272 و. (¬5) الزيادة من المصدر السابق. (¬6) م: سبعة؛ ز: بسبعة. (¬7) ز: ألف. (¬8) م ش ز: ويحوز. (¬9) م ز - ثلاثة. (¬10) م ش ز - له. والزيادة من ع. (¬11) م ش ز: ويقال. (¬12) ز: نصف.

في أيديهم تمام عشرة آلاف، ويصير للموهوب (¬1) له نصف العبد وقيمته خمسة آلاف وهو الثلث. وإن دفعه فلا شيء له. وإذا كانت قيمته خمسة عشر ألفاً ثم قتل (¬2) المولى فإنه يرد أربعة أسباعه إلى الورثة ويقال للموهوب له: ادفع ثلاثة أسباعه أو افده بثلاثة أسباع الدية. فإن دفعه فلا شيء له. وإن فداه (¬3) بثلاثة أسباع الدية سلم له؛ لأنه يخرج من الثلث. ولو كانت قيمته عشرين ألفاً والمسألة على حالها رد ثلاثة أخماسه إلى الورثة [و] قيل له: ادفع خمسيه (¬4) أو افده بخمسي الدية. فإن دفع فلا شيء له. وإن فداه فداه بأربعة آلاف وهو خمسا (¬5) الدية، فصار في يدي الورثة ثلاثة أخماس العبد وهو يساوي اثني عشر ألفاً وخمسا الدية أربعة آلاف، فذلك ستة عضر ألفاً، وسلم للموهوب (¬6) له خمسا العبد وهو يساوي ثمانية آلاف وهو ثلث (¬7) ما ترك الميت؛ لأن ما فداه العبد (¬8) من ديته فهو بمنزلة مال تركه. وإن كانت قيمته ثلاثين ألفاً والمسألة على حالها (¬9) فإنه يرد خمسة أثمان العبد على ورثة المولى، وقيل له: ادفع ثلاثة أثمانه أو افده بثلاثة أثمان الدية. فإن دفعه فلا شيء له. وإن فداه سلم له ثلاثة أثمان العبد وهو الثلث مما ترك المولى من العبد والدية، ويصير للورثة (¬10) خمسة أثمان العبد وثلاثة أثمان الدية وهو ثلثا (¬11) ما ترك الميت. ولو كانت قيمته خمسين ألفاً والمسألة على حالها رد على الورثة أربعة أسباع العبد ونصف سبع، ويبقى في يدي الموهوب له سبعان ونصف، ويقال: ادفع سبعي (¬12) الدية ونصف سبع الدية أو افده. وهي مثل الأول سواء، وهو باب واحد. ¬

_ (¬1) ش: الموهوب؛ ز: للموحوب. (¬2) ز: ثم قبل. (¬3) م ش + فداه. (¬4) ز: خمسه. (¬5) ز: خمسي. (¬6) ش: الموهوب. (¬7) ش: ثلثا. (¬8) ش - العبد؛ صح هـ. (¬9) م ش ز + أو اختار الفداء. والتصحيح من الكافي، المصدر السابق. (¬10) ز: الورثة. (¬11) ز: ثلثى. (¬12) م ش ز: مثقال ادفعه لسبعى.

ولو كانت قيمته مائة ألف فإنه يرد على الورثة تسعة عشر جزء من تسعة وعشرين جزء من العبد، ويقال للموهوب له: ادفع هذه العشرة أجزاء أو افدها من تسعة وعشرين جزء من الدية. فإن دفعه فلا شيء له. وإن فداه سلمت له العشرة الأجزاء وهي الثلث. وأصل ذلك إذا اختار الفداء أنك تنظر إلى الدية في كل شيء مما (¬1) يسأل عنه فتجعلها ثلاثة أجزاء (¬2) وتنظر (¬3) إلى القيمة. فإن كانت مثل الدية جعلتها أيضاً ثلاثة أجزاء ثم ترفع (¬4) ثلث الدية من القيمة فيبقى سهمان من القيمة. وتنظر (¬5) إلى ثلث أصل القيمة كم هو فهو (¬6) واحد. فتنظر كم هو مما بقي من القيمة، وهو النصف مما بقي منها. فتجوز الهبة في نصفه (¬7). في نصفه. وإن كانت القيمة ضعف الدية جعلت القيمة ضعف الدية في الآخر، فجعلتها ستة أجزاء، وجعلت الدية ثلاثة أجزاء. وتجعله من شيء يكون له ثلث. ثم ارفع ثلث الدية من القيمة. فهي واحد من ستة، ويبقى من القيمة خمسة. ثم تنظر (¬8) إلى ثلث الأصل كم هو، فهو (¬9) سواء. وتنظر (¬10) كم هو مما بقي من القيمة، فهو خمساها. فيجوز خمسا العبد في الهبة، ويرد ثلاثة أخماسه على الورثة، ويقال للموهوب له: ادفع خمسي العبد إلى الورثة أو افده بخمسي الدية. وإن كانت القيمة مثل نصف الدية خمسة آلاف جعلت الدية ستة أسهم، وجعلت القيمة ثلاثة أسهم، فرفعت ثلث الدية من القيمة، وهو سهمان، ويبقى من القيمة سهم وثلث أصل القيمة واحد (¬11)، وهو مثل ما بقي منها، فيجوز العبد كله للموهوب له، ويقال: ادفعه بالجناية أو افده بالدية كلها. وإذا كانت قيمة العبد ستة آلاف والمسألة على حالها فقبضه الموهوب ¬

_ (¬1) م ش ز: ما. (¬2) م ز: اخر. (¬3) ز: وينظر. (¬4) ز: ثم يرفع. (¬5) ز: وينظر. (¬6) ش ز - فهو. (¬7) ز: ويبطل. (¬8) ز: ثم ينظر. (¬9) م ش: فهذا. (¬10) ز: وينظر. (¬11) م ز: واحده.

له وقتل (¬1) المولى ثم أعتقه الموهوب له وهو يعلم بالجناية أو لا يعلم، فإن كان لا يعلم فهو ضامن لقيمته، وثلث قيمته يدفعها إلى الورثة، ويسلم له ثلثا (¬2) القيمة؛ لأن الملك قد تم له، فصار (¬3) عليه قيمة بالجناية وقيمة (¬4) باستهلاك العبد، فله من ذلك الثلث من القيمتين وهو ثلثا (¬5) قيمته (¬6)، وللورثة قيمة وثلث. وإن كان أعتقه وهو يعلم بالجناية فهو (¬7) ضامن للدية عشرة آلاف درهم، وقيمة العبد ستة آلاف درهم، فله من جميع ذلك الثلث، وهو خمسة آلاف وثلاثمائة وثلاثة وثلاثون (¬8) وثلث، ويرد على الورثة عشرة آلاف وستمائة وستة وستين وثلثي درهم. ولو كانت (¬9) قيمة العبد تسعة آلاف درهم فأعتقه وهو يعلم أو لا يعلم، فإن كان يعلم غرم ثلثي الدية (¬10) وثلثي القيمة. وإن كان لا يعلم غرم قيمة العبد وثلث قيمته، وله الثلث، وهو ثلثا (¬11) قيمته. فإن كانت (¬12) القيمة عشرة آلاف أو أكثر من ذلك فأعتقه (¬13) وهو يعلم أو لا يعلم فهو سواء، وهو ضامن لثلثي الدية وثلثي القيمة. وإن كان لا يعلم رفعنا عنه ثلثي عشرة دراهم من ثلثي الدية. وإن علم لم نرفع (¬14) عنه شيئاً. فإذا وهب الرجل عبداً له في مرضه لرجل ولا مال له غيره وقيمة العبد عشرة آلاف (¬15) ثم إن العبد والموهوب له قتلا المولى فإن الهبة باطل، يرد العبد إلى ورثة المولى، ويغرم الموهوب له خمسة آلاف درهم؛ لأنه قاتل للنصف فلا وصية له. ¬

_ (¬1) ز: وقيل. (¬2) ز: ثلثي. (¬3) م ز + له. (¬4) ز: قيمته. (¬5) ز: ثلثي. (¬6) م: قيمه. (¬7) ش: وهو. (¬8) ز: وثلثين. (¬9) ز: كاتب. (¬10) ز: الدرية. (¬11) ز: ثلثي. (¬12) ز: كان. (¬13) ز: فاء, (¬14) ز: لم يرفع. (¬15) م ز: الالف.

باب السلم في المرض وبيع الكيل بمثله من الكيل والمحاباة فيه

وإذا وهب الرجل عبداً له في مرضه لرجل ولا مال له غيره وقيمة العبد عشرة آلاف درهم، ثم قام العبد ورجل أجنبي فقتلا (¬1) المولى، فإنه يكون على الأجنبي خمسه، ويرد خمسا العبد إلى الورثة، ويقال له: ادفع ثلاثة أخماس العبد أو افده بثلاثة أخماس نصف الدية. فإن دفعه فلا شيء له. وإن فداه صار في يديه ثلاثة أخماس العبد، وهو يساوي ستة آلاف، فيسلم له ذلك، وصار في يدي الورثة خمسا العبد وهو يساوي أربعة آلاف، وثلاثة أخماس نصف الدية التي أخذوها من الموهوب له وهو ثلاثة آلاف، وصار في أيديهم أيضاً الخمسة الآلاف التي أخذوها (¬2) من الأجنبي، فجميع ما في أيديهم (¬3) من العبد وما أخذوا من الأجنبي من الدية [اثنا] عشر ألفاً وهو ثلثا (¬4) ما ترك الميت. وإن قال: أدفع، دفع (¬5) ربعه نقضاً للهبة (¬6)، وثلاثة أرباعه دفعاً بالجناية، وخمسة آلاف أخذوها من الأجنبي، فذلك خمسة عشر ألفاً مثل ما (¬7) جازت فيه الهبة. ... باب السلم في المرض وبيع الكيل بمثله من الكيل والمحاباة فيه وإذا أسلم الرجل في مرضه في طعام معلوم وكيل معلوم وصنف معلوم (¬8) إلى أجل معلوم وقبض المسلم إليه رأس مال (¬9) السلم ثم مات رب السلم وقد حل الأجل، فإن كانت (¬10) قيمة الطعام مثل رأس المال ولم ¬

_ (¬1) م ز: قتلا. (¬2) ش - من الموهوب له وهو ثلاثة آلاف وصار في أيديهم أيضاً الخمسة الآلاف التي أخذوها. (¬3) ز + أيضاً. (¬4) ز: ثلثي. (¬5) م ش ز: دفعه. (¬6) ش: الهبة. (¬7) م ز: مثلا ما. (¬8) ز - وصنف معلوم. (¬9) م ش ز: المال. (¬10) ز: كان.

يحابه (¬1) فيه بشيء فالسلم جائز. وإن كان رأس المال أكثر من قيمة الطعام وكان قد حاباه فيه، فإن كان للميت مال تخرج (¬2) المحاباة فيه من الثلث فهو جائز. وإن لم يكن للميت مال (¬3) غيره فإن المحاباة في ذلك لا تجوز إلا من الثلث؛ لأن المحاباة في السلم والبيع في المرض والوصية لا تجوز في شيء من هذا إلا من الثلث. وإذا أسلم الرجل عشرة دراهم في مرضه في كُرّ يساوي عشرة دراهم من ضرب معلوم إلى أجل معلوم، وقبض المسلم إليه الدراهم، ثم مات رب السلم وله مال يخرج ذلك من الثلث، فالسلم جائز إلى أجله؛ لأنه يخرج من الثلث. وكذلك إن كان السلم أكثر من ذلك إذا كان يخرج من الثلث. وإذا أسلم الرجل عشرة دراهم في كُرّ يساوي عشرة دراهم، ولا مال له غيره، وحل السلم، ثم مات رب السلم، فإنه جائز أيضاً؛ لأنه لم يحابه بشيء. وكذلك لو مات المسلم إليه قبل موت رب السلم أو بعده قبل أن يختصموا، فهذا جائز أيضاً كله. وإن مات رب السلم قبل أن يحل الأجل، ولا مال له غيرها، فقد حاباه بالأجل، فالمسلم إليه بالخيار. إن شاء أدى ثلثي الكر، وكان عليه ثلث الكر إلى أجله. وإن شاء رد رأس المال كله، وينتقض السلم، إلا أن يشاء الورثة أن يسلموا الكر (¬4) إليه إلى أجله. فإن سلموا لم يكن له أن ينقضه. وإذا أسلم الرجل ثلاثين درهماً في كُرّ يساوي عشرة دراهم ثم مات رب السلم ولا مال له غيرها فقد حاباه بعشرين درهماً، فلا يجوز من ذلك إلا الثلث. والمسلم إليه بالخيار. إن شاء رد رأس المال كله، وينقض السلم كله؛ لأنه يقول: سلموا إلي السلم كله، وإلا فلا حاجة في فيه. وإن شاء رد الكر كله، ورد ثلث رأس المال، إلا أن يجيز الورثة السلم له كله. فإن ¬

_ (¬1) ز: يحابيه. (¬2) ز: ما لا يخرج. (¬3) م ز + تخرج المحاباة فيه من الثلث فهو جائز وإن لم يكن للميت مال. (¬4) ش: الكرى.

سلموه له لم يكن له أن ينقضه. وإن أبى الورثة أن يسلموا السلم وأبى هو أن يرد رأس المال فإن المسلم إليه يجبر على أن يرد ثلث رأس المال والكر كله. فيكون في يدي الورثة الكر، وهو يساوي عشرة دراهم، وثلث رأس المال، وهو عشرة دراهم (¬1). فذلك ثلثا (¬2) ما ترك الميت. يكون في يدي المسلم إليه عشرون (¬3) درهماً، عشرة منها قيمة الكر الذي أدى، وعشرة محاباة، وهي ثلث ما ترك الميت. وإذا أسلم الرجل خمسين درهماً في كُرّ يساوي عشرة دراهم، ثم مات رب السلم، وقد حل أو لم يحل، ولا مال له غيرها، فقد حاباه بأربعين درهماً. فالمسلم (¬4) إليه بالخيار. إن شاء أدى الكر كله، ورد من رأس المال ثلاثة وعشرين درهماً، وثلثاً (¬5) من رأس المال، فذلك ثلثا (¬6) ما ترك الميت. ويكون في يدي المسلم ستة وعشرون (¬7) درهماً (¬8) وثلثا (¬9) درهم، عشرة منها قيمة الكر الذي أدى، وستة عشر وثلثا (¬10) درهم المحاباة، وهي ثلث ما ترك الميت. وإن شاء نقض السلم ورد رأس المال كله، إلا أن يجيز الورثة له السلم إلى أجله إن لم يكن أجل. وإذا أسلم أالرجل، مائة درهم في مرضه في كُرّ طعام يساوي خمسين درهماً كيلاً معلوماً وضرباً معلوماً وأجلاً معلوماً (¬11)، فقبض المسلم إليه مائة (¬12) درهم، ثم مات رب السلم (¬13) ولا مال له غيرها، فقال المسلم إليه: لا أنقض السلم، وأبى الورثة أن يجيزوا السلم، فإنه يقال ¬

_ (¬1) م ز: الدراهم. (¬2) ز: ثلثي. (¬3) ز: عشرين. (¬4) ز: فالسلم. (¬5) ز: وثلث. (¬6) ز: ثلثي. (¬7) ز: وعشرين. (¬8) ش - وثلثا من رأس المال فذلك ثلثا ما ترك الميت ويكون في يدي المسلم ستة وعشرين درهماً. (¬9) ز: وثلثي. (¬10) ز: وثلثى. (¬11) ز: معلوم وضرب معلوم وأجل معلوم. (¬12) م ش ز: ألف. (¬13) م: المسلم.

للمسلم إليه: أد الطعام كله، ورد سدس رأس المال، وهو ستة عشر درهماً وثلثا درهم، فذلك ثلثا ما ترك الميت، وهو ستة وستون (¬1) درهماً وثلثا (¬2) درهم. ويكون في يد المسلم إليه ثلاثة وثمانون (¬3) درهماً وثلث، خمسون (¬4) منها قيمة طعامه، وثلاثة وثلاثون (¬5) أو ثلث، المحاباة، وهي ثلث ما ترك الميت. وكذلك إن مات المسلم إليه قبل رب السلم. وإن أجاز الورثة السلم كله فهو جائز. فإن ناقضوه فهو جائز. وأن أبوا جميعاً فهو على ما وصفت لك. وأصل ذلك أن تنظر (¬6) إلى رأس مال السلم كم هو وإلى قيمة الطعام كم هي (¬7)، فتعطي (¬8) المسلم إليه قيمة الطعام، وتعطيه (¬9) ثلث جميع ما ترك الميت، وترد (¬10) ما بقي من رأس المال إلا أن يكون الثلث خيراً (¬11) من المحاباة (¬12)، فتسلم (¬13) له المحاباة. وتفسير (¬14) ذلك: إذا كان رأس مال السلم ثلاثين درهماً والكُرّ يساوي عشرة دراهم حُسب للمسلم إليه رأس المال قيمة الكر عشرة دراهم، وثلث ما ترك الميت وهو عشرة دراهم. وتؤدي (¬15) إلى الورثة الكر، وهو يساوي عشرة دراهم، تردها من رأس المال، فذلك عشرون درهماً، وهي ثلثا ما ترك الميت. والسلم في المرض بمنزلة الصرف في المرض ينتقض بعضه رأس المال ويجوز الكر كله (¬16). ألا ترى أنه لو باع ألف درهم بدينار في مرضه ¬

_ (¬1) ز: وستين. (¬2) ز: وثلثي. (¬3) ز: وثمانين. (¬4) م ز: خمسين؛ ش: وخمسون. (¬5) ز: وثلثين. (¬6) ز: أن ينظر. (¬7) ز: هو. (¬8) ز: فيعطي. (¬9) ز: ويعطيه. (¬10) ز: ويرد. (¬11) ز: شرا. (¬12) م ش ز: من المهاياة. (¬13) ز: فيسلم. (¬14) م ز: وتقضيني؛ ش: وتقضي. (¬15) ز: ويؤدي (¬16) كذا في م ش ز. ولفظ الحاكم: وكذلك الصرف في جميع ذلك إلا في الجنس بجنسه. انظر: الكافي، 3/ 273 و؛ والمبسوط، 29/ 55.

باب السلم بالعروض إذا كان بعينه

قيمته عشرة دراهم كان له عشرة دراهم قيمته دينار وثلث الألف محاباة. فكذلك السلم. ... باب السلم بالعروض إذا كان بعينه وإذا أسلم الرجل في مرضه ثوباً يساوي عشرة دراهم في كُرّ يساوي عشرة دراهم إلى أجل معلوم وضرب معلوم، وقبض المسلم إليه الثوب، ثم مات رب السلم ولم يحل السلم بعد، فإن كان له مال يخرج من الثلث فهو جائز إلى أجله. وأن لم يكن له مال غيره فإن المسلم إليه بالخيار، إن شاء عجل له ثلثي الكر [و] كان الثلث إلى أجله. وإن [شاء] رد الثوب وينقض (¬1) السلم، إلا أن يشاء الورثة أن يجيزوه إلى أجله. وإن مات رب السلم وقد حل الأجل، فإن المسلم إليه يجبر على أداء الكر كله، ولا خيار له فيه. وكذلك لو مات المسلم إليه قبل رب السلم أو بعده قبل أن يختصموا، فإن الورثة يجبرون (¬2) على أداء الكر من مال الميت، ولا خيار لهم فيه. وإذا أسلم الرجل ثوباً يساوي عشرين درهماً في كُرّ يساوي عشرة دراهم وقبض المسلم إليه الثوب ثم مات رب السلم ولا مال له غيره فإن المسلم إليه بالخيار. إن شاء أدى الكر كله ورد سدس الثوب. وإن شاء نقض السلم إلا أن يجيزوا الورثة السلم إلى أجله. فإن أجازوا لم يكن له أن ينقض منه شيئاً. فإن أبوا أن يجيزوا وأبى هو أن ينقض السلم فإن المسلم إليه يجبر على أن يؤدي الكر وقيمته عشرة دراهم، ويرد سدس الثوب وهو ثلاثة وثلث، فذلك ثلاثة عشر وثلث، وهو ثلثا (¬3) ما ترك الميت. ويكون في يدي المسلم إليه خمسة أسداس الثوب، وهو يساوي ستة عشر درهماً ¬

_ (¬1) م ش ز: ويقبض. (¬2) ز: يجيزوا. (¬3) ز: ثلثي.

وثلثي درهم، عشرة منها قيمة الكر، وستة دراهم وثلثين محاباة، وهي ثلث ما ترك الميت. وإذا أسلم الرجل ثوباً في مرضه قيمته ثلاثون (¬1) درهماً في كُرّ يساوي عشرة دراهم فإنه يقال في المسلم إليه: أد (¬2) الكر كله ورد ثلث الثوب، فيكون في يدي الورثة ثلث (¬3) ما ترك الميت، ويكون في يدي المسلم إليه ثلثا (¬4) الثوب، وقيمته عشرون (¬5) درهماً، عشرة منها قيمة الكر، وعشرة منها محاباة، وهو ثلث ما ترك الميت. وإذا أسلم الرجل في مرضه عشرة دراهم وثوباً يساوي عشرة دراهم في كُرّ يساوي عشرة دراهم ثم مات ولا مال له غيره فإن المسلم إليه بالخيار. إن شاء نقض السلم ورد الثوب والعشرة إلا أن تجيز الورثة السلم. وإن شاء أدى الكر ورد سدس الثوب (¬6) وسدس العشرة. وذلك جميعاً قيمته ثلاثة دراهم وثلث درهم. فيكون في يدي الورثة الكر وقيمته عشرة دراهم وسدس الثوب وسدس العشرة وهو ثلاث وثلث. فذلك ثلاثة عشر وثلث، وهو ثلثا (¬7) ما ترك الميت. ويكون في يدي المسلم إليه خمسة أسداس الثوب وخمسة أسداس العشرة، فذلك ستة عشر وثلثان، عشرة منها قيمة الكر، وستة وثلاثون (¬8) محاباة، وهو ثلث ما ترك الميت. وإذا أسلم الرجل ثوباً يساوي عشرين درهماً وعشرة دراهم في كُرّ حنطة يساوي عشرة دراهم ولا مال له غيرها فإنه يقال للمسلم إليه: أد (¬9) الكر كله ورد ثلث الثوب وثلث العشرة. فيصير في يدي الورثة ثلثا (¬10) ما ترك الميت، ويصير في يدي المسلم إليه ثلثا (¬11) الثوب وثلثا (¬12) ¬

_ (¬1) ز: ثلثين. (¬2) ز: أدي. (¬3) م ز: ثلثي. (¬4) ز: ثلثي. (¬5) ز: عشرين. (¬6) ش + وسدس الثوب. (¬7) ز: ثلثي. (¬8) ز: وثلثين. (¬9) ز: أدى. (¬10) ز: ثلثي. (¬11) ز: ثلثي. (¬12) ز: وثلثي.

باب الإقالة في السلم والبيع في المرض

العشرة. فذلك قيمة (¬1) ما أدى من الطعام وثلث ما ترك الميت. وإذا أسلم ثوبين قيمة أحدهما ثلاثون (¬2) درهماً وقيمة الآخر خمسة عشر في كُرّ يساوي خمسة عشر فإنه يقال للمسلم إليه: أد الكر كله ورد ثلث الثوبين إلا أن تجيز الورثة ذلك إلى أجله. وأصل ذلك أنك تنظر إلى قيمة الثوبين كم هي، وإلى قيمة السلم كم هو، فتعطي (¬3) المسلم إليه قيمة السلم، وثلث ما ترك الميت محاباة، ويرد ما بقي من السلم. وكذلك إن أسلم شيئاً مما يكال أو مما يوزن فيما يكال. وكذلك الصرف فهو جائز كله على ما وصفت لك في السلم، ما خلا الكيل بمثله من الكيل أو شيئاً من الوزن بمثله من الوزن فإنه لا يشبه شيئاً من هذا. ... باب الإقالة في السلم والبيع في المرض وإذا أسلم الرجل عشرة دراهم في كُرّ يساوي عشرة دراهم إلى أجل معلوم وضرب معلوم وقبض المسلم إليه الدراهم قبل الفرقة ثم إن رب السلم أقاله السلم في مرضه وقبض منه الدراهم فالإقالة جائزة، وهذا لم يحابه (¬4) بشيء. وكذلك إذا كانت أكثر من قيمة الكر. وإذا أسلم عشرة دراهم في كُرّ يساوي ثلاثين درهماً ثم إن رب السلم أقاله السلم في مرضه الذي مات فيه وهذا قد حاباه في ذلك، فإن كان له مال يخرج ذلك من الثلث فهو جائز. وإن لم يكن له مال غيره فإنه لا يجوز له من ذلك إلا الثلث. فتجوز الإقالة في نصف الكر وينتقض فيها السلم ولا ¬

_ (¬1) ش: فيه. (¬2) ز: ثلثين. (¬3) ز: فيعطي. (¬4) ز: لم يحابيه.

يجوز في النصف الباقي. فيقال (¬1) للمسلم إليه: أد إلى الورثة نصف الكر وقيمته خمسة عشر سهماً ورد عليهم نصف العشرة. فيكون في أيديهم عشرون (¬2) درهماً وهي ثلثا (¬3) ما ترك الميت. ويكون في يدي المسلم إليه نصف ذلك الذي انتقض (¬4) فيه السلم، وقيمته خمسة عشر درهماً، خمسة منها قيمة ما رد على الورثة وعشرة محاباة. وهي ثلث ما ترك الميت. وإذا أسلم عشرين في كُرّ يساوي ثلاثين ثم أقاله في مرضه الذي مات فيه فالإقالة جائزة؛ لأنه حاباه بعشرة وهي تخرج من الثلث. فيقال للمسلم إليه: رد العشرين إلى الورثة، وهي ثلثا ما ترك الميت، ويسلم له الكر وقيمة (¬5) ثلثي عشرين درهماً منها التي أدى وعشرة محاباة وهي الثلث. وكذلك إن كان المسلم إليه قد مات قبل رب السلم أو بعده. وإذا أسلم عشرة في كُرّ يساوي عشرين وقبض الدراهم، ثم إن رب السلم أقاله السلم في مرضه الذي مات فيه (¬6) ولا مال له غيرها وقبل ذلك (¬7) المسلم إليه، فإن الإقالة تجوز في ثلثي الكر وينتقض فيها السلم، ولا يجوز في ثلث الكر (¬8). فيقال للمسلم إليه: أد (¬9) إلى الورثة ثلث الكر، وقيمتة ستة دراهم وثلثا (¬10) درهم، ورد عليهم ثلثي (¬11) رأس المال، وهو ستة دراهم وثلثا (¬12) درهم، فذلك ثلاثة عشر درهماً وثلث، وهو (¬13) ثلثا (¬14) ما ترك الميت؛ لأن مال الميت الذي تركه هو الكر الذي كان على المسلم إليه، وقيمته عشرون (¬15). ويصير في يدي المسلم إليه ثلثا (¬16) الكر، وقيمته ثلاثة عشر درهماً وثلث ¬

_ (¬1) ش: فقال. (¬2) ز: عشرين. (¬3) ز: ثلثي. (¬4) م ش ز: انقض. (¬5) ش: وقيمته. (¬6) ش - فيه. (¬7) ز - ذلك. (¬8) م: للكر. (¬9) ز: أدا. (¬10) ز: وثلثي. (¬11) م ش ز: ثلثين. (¬12) م ش ز: وثلثين. (¬13) ش - وثلث وهو؛ صح هـ. (¬14) ز: ثلثي. (¬15) ز: عشرين. (¬16) ز: ثلثي.

درهم. فستة دراهم وثلثا (¬1) درهم منها قيمة ما بقي عنده من رأس المال، وستة دراهم وثلثا (¬2) درهم محاباة، وهي ثلث ما ترك الميت. وإذا أسلم الرجل عشرة دراهم في كُرّ يساوي (¬3) ثلاثين درهماً، ثم أقاله في مرضه وقبض منه العشرة فاستهلكها في مرضه، ثم مات رب السلم ولا مال له غيرها، فإن الإقالة تجوز من ثلث الكر وينتقض فيها السلم، ولا تجوز في ثلثي الكر. فيقال للمسلم إليه: أد (¬4) إلى الورثة ثلثي الكر، وقيمته عشرون (¬5) درهماً، ويرجع عليهم بثلثي العشرة التي كان أعطاها. فيبقى في يدي الورثة ثلاثة عشر وثلث، وهي ثلث (¬6) ما ترك الميت، لأن الذي ترك الميت عشرون (¬7) درهماً، ولا يحتسب بالعشرة التي استهلك في مرضه فيما ترك. ويكون في يدي المسلم إليه ثلث الكر، وقيمته عشرة دراهم وستة دراهم وثلثا (¬8) درهم التي رجع بها على الورثة، فعشرة منها التي كان أدى إلى الميت في مرضه، وستة وثلاثون (¬9) محاباة، وهي ثلث ما ترك الميت. وإذا أسلم عشرين درهماً في كُرّ يساوي خمسين ثم أقاله السلم وهو مريض ثم مات رب السلم ولا مال له غيره فإن الإقالة تجوز في خمسة أتساع الكر، وينتقض فيها السلم، ولا تجوز فيما بقي. فيقال للمسلم إليه: أد (¬10) إلى الورثة أربعة أتساع الكر، وقيمته اثنان وعشرون (¬11) درهماً وتسعا (¬12) درهم، ويرد خمسة أتساع رأس المال الذي انتقض فيه السلم، وهو أحد عشر درهماً وتسع. فيكون في يدي الورثة ثلاثة وثلاثون (¬13) وثلث، وهو ثلثا ما ترك الميت، ويكون في يد المسلم إليه خمسة أتساع الكر أحد عشر درهماً وتسع (¬14) الذي أعطاه الورثة، فيبقى ستة ¬

_ (¬1) ز: وثلثي. (¬2) ز: وثلثي. (¬3) ز: تساوي. (¬4) ز: أدا. (¬5) ز: عشرين. (¬6) م ز: ثلثي. (¬7) ز: عشرين. (¬8) ز: وثلثي. (¬9) ز: وثلثين. (¬10) ز: أدى. (¬11) ز: اثنين وعشرين. (¬12) ز: وتسعى. (¬13) ز: وثلثين. (¬14) م ز: وسبع.

عشر وثلثان محاباة، وهو ثلث ما ترك الميت. وكذلك إن كان أقل من ذلك أو أكثر فهو سواء على النحو. وأصل ذلك أنك تنظر إلى المحاباة كم هي، وإلى ثلث ما ترك الميت كم هو فيه، فتنظر (¬1) كم الثلث من المحاباة، فيجوز بقدره من الكر. إن كان النصف صارت الإقالة في النصف. وإن كان الثلث جازت الإقالة في الثلث. وتفسير ذلك أنه إذا أسلم عشرة دراهم في كر يساوي ثلاثين درهماً ثم أقاله في مرضه فقد حاباه (¬2) بالعشرين، وإنما ثلث ماله عشرة، فهي نصف المحاباة، فتجوز الإقالة في نصف الكر. وإذا أسلم الرجل عشرة دراهم في كُرّ يساوي ثلاثين درهماً، ثم أقاله في مرضه وقبض منه العشرة فاستهلكها، ثم مات ولا مال له غيرها، فقد حاباه بعشرين، وثلث ماله ستة دراهم وثلثا (¬3) درهم؛ لأنه لا يحتسب بالعشرة التي استهلكها الميت فيما ترك. فالثلث من المحاباة وثلث مال الميت سواء، فتجوز الإقالة من ثلث الكر، ويؤدي ثلثي الكر إلى الورثة، فيباع من ذلك ثلثه، فيرد عليه ستة دراهم وثلثين (¬4). وإذا كان السلم عشرين درهماً في كُرّ يساوي خمسين درهماً ثم أقاله فقد حاباه بثلاثين درهماً، وثلث ماله ستة عشر وثلثان؛ (¬5) لأن مال الميت الكر الذي كان على المسلم إليه، وهو يساوي خمسين، فثلثها ستة عشر وثلثان (¬6)، فاجعلها أجزاء من قبل الكسر الذي وقع فيها، فاجعل كل عشرة ثلاثة أجزاء، فيكون الثلث خمسة أجزاء، واجعل المحاباة وهي ثلاثون (¬7) درهماً أجزاء، كل عشرة ثلاثة أجزاء (¬8)، فيكون تسعة أجزاء (¬9)، ثم انظر كم ¬

_ (¬1) ز: فينظر. (¬2) م ز: فقبضا؛ ش: فيقضى. (¬3) م ش ز: وثلثي. (¬4) ز: وثلثي. (¬5) ز: وثلثين. (¬6) ز: وثلثين؛ ش - لأن مال الميت الكر الذي كان على المسلم إليه وهو يساوي خمسين فثلثها ستة عشر وثلثان. (¬7) ز: ثلثين. (¬8) ز + الثلث خمسة أجزاء واجعل المحاباة وهي ثلاثون درهماً أجزاء كل عثرة ثلاثة أجزاء. (¬9) ز - فيكون تسعة أجزاء.

أخذ الثلث من أجزاء المحاباة، فتجدها خمسة أتساعها (¬1)، فذلك الذي يجوز من الإقالة في الكر. وكذلك فاصنع إذا وقع فيها كسر يشتبه عليك. وهذا كله على قياس قول أبي حنيفة؛ لأنه لما أقاله وحاباه لم يكن بد من أن يسلم له ثلث مال الميت بالمحاباة، فينبغي (¬2) أن يقوم ذلك على الثمن الأول حتى يصير في يدي الورثة ثلثا (¬3) مال الميت، ويصير في يدي المسلم إليه الثلث بالمحاباة، فهذا الذي فسرت لك. وكذلك إن أسلم في شيء مما يكال أو يوزن. وكذلك إن أسلم شيئاً مما يكال فيما يوزن أو ما يوزن فيما يكال. وكذلك إن أسلم شيئاً (¬4) من العروض بعينه في شيء مما يكال أو يوزن. وكذلك إن أسلم شيئاً (¬5) من الثياب ووصف طوله وعرضه (¬6) ورُقعته (¬7) ثم أقاله في شيء من ذلك في مرضه فهو كله في قياس قول أبي حنيفة على ما وصفت لك. وكذلك في قول أبي يوسف ومحمد. فإن كان رب السلم قبض من المسلم إليه ثم أقاله وناقضه فهو بمنزلة الأول الذي وصفت لك في قول أبي حنيفة ومحمد. وهو بمنزلة البيع المستقبل في قول أبي يوسف؛ لأن الإقالة في قول أبي يوسف بيع مستقبل إذا كان المشتري قد قبف. وكذلك السلم إذا قبضه رب السلم. وإذا أسلم عشرة في كُرّ يساوي ثلاثين ثم قبض الكر كله ثم أقاله إياه في مرضه وقبض منه الدراهم ودفع إليه الكر فإنه يقال للمسلم في قول أبي يوسف: أنت بالخيار إن شئت، فأد (¬8) إلى الورثة عشرة دراهم أخرى (¬9) حتى يكون في أيديهم ثلثا (¬10) ما ترك الميت. وإن شئت فرد الكر وخذ دراهمك. وإذا أسلم الرجل عشرة دراهم في كُرّ يساوي عشرين وقبضه ثم أقاله إياه في مرضه وقبض منه الدراهم فإن المسلم إليه بالخيار. إن شاء رد الكر ¬

_ (¬1) ش: تساعها. (¬2) م ش ز: فيبقى. (¬3) ز: ثلثي. (¬4) ز: شيء. (¬5) ز: شيء. (¬6) م ز: أو عرضه. (¬7) أي: غلظه وثخانته، كما تقدم. (¬8) ز: فأدى. (¬9) ز: آخر. (¬10) ز: ثلثي.

وأخذ دراهمه. وإن شاء أعطى (¬1) الورثة ثلاثة دراهم وثلثاً (¬2). فيكون في أيديهم ثلاثة عشر وثلثان (¬3)، وهو ثلثا (¬4) ما ترك (¬5). ويكون في يدي المسلم إليه الكر، وقيمته عشرون (¬6)، ثلاثة عشر وثلثان (¬7) قيمة الدراهم التي أدى، وستة وثلث (¬8) درهم محاباة، وهي ثلث مال الميت. وكذلك البيع في جميع ما ذكرت لك في المرض في قول أبي يوسف. وهو قياس قول أبي حنيفة ومحمد في البيع خاصة. وإن كان رب السلم لم يقبض حين أقاله إياه فقول أبي يوسف فيه مثل قول أبي حنيفة ومحمد على ما وصفت لك، ولا يكون هذا بيعاً مستقبلا (¬9)، لأنه لا يبيع ما لم يقبض. وإنما يقوم السلم في جميع ذلك إذا كان فيه محاباة يوم يختصمون، ولا ينظر إلى قيمته قبل ذلك. وفي قول أبي حنيفة ومحمد إن أقاله بعدما قبض السلم أو قبل أن يقبض فهو سواء على ما وصفت لك من الحساب. وإذا اشترى الرجل العبد بخمسين درهماً وقيمته مائة درهم، فلم ينقد الثمن ولم يقبض العبد وليس له مال غير خمسين، ثم مرض المشتري فأقاله البيع ثم مات من ذلك المرض، وأبى الورثة أن يجيزوا الإقالة، فإنه يخير البائع. فإن شاء سلم العبد وأخذ الخمسين. وإن شاء سلم لهم ثلث العبد، وأخذ منهم ستة عشر وأربعة دوانيق، فيكون في يدي الورثة ثلاثة وثلاثون (¬10) وثلث وثلث (¬11) العبد، وهي مثل ذلك، فذلك ستة وستون (¬12) درهماً وأربع دوانيق، وذلك ثلثا (¬13) مال الميت. ويكون في يدي البائع ثلثا (¬14) العبد، وقيمته ستة وستون (¬15) درهماً وأربع دوانيق، نصفها مما ¬

_ (¬1) ش - أعطى؛ صح هـ. (¬2) ز: وثلث. (¬3) ز: وثلثي. (¬4) ز: ثلثي. (¬5) ز + الميت. (¬6) ز: عشرين. (¬7) ز: وثلثين. (¬8) م ش ز: وثلثي. (¬9) ز: بيع مستقبل. (¬10) ز: وثلثين. (¬11) ش: ثلث. (¬12) ز: وستين. (¬13) ز: ثلثي. (¬14) ز: ثلثي. (¬15) ز: وستين.

باب السلم فى المرض ولرب السلم على الناس دين كثير

بقي في يدي ورثة الميت من رأس المال، ونصفها محاباة، وهي ثلث مال الميت. ... باب السلم فى المرض ولرب السلم على الناس دين كثير وإذا أسلم الرجل ثلاثين درهماً في مرضه في كُرّ يساوي عشرة دراهم وقبضه ولا مال له من العين غيرها، وله على الناس ديون كثيرة، ثم مات رب السلم، فأبى الورثة أن يجيزوا السلم وقالوا: لا ننتظر الدين، فإن المسلم إليه بالخيار. إن شاء رد الدراهم ونقض (¬1) السلم. وإن شاء أدى الكر كله ورد من رأس المال عشرة دراهم. فيكون في يدي الورثة عشرون (¬2) درهماً، عشرة منها قيمة الكر الذي أدى، وعشرة محاباة، وهو ثلث ما ترك الميت من العين. فإن اقتضوا الدين بعدما اختصموا أو قضى القاضي بينهم بهذا وفسخ السلم (¬3) لم يرد على المسلم إليه شيئاً؛ لأن القاضي قد أنقض، ما قبض من رأس مال السلم. فلا يعود أبداً إلى حاله، وجازت له المحاباة. وإذا أسلم الرجل عشرين درهماً في مرضه في كُرّ يساوي عشرة دراهم، وقبض المسلم إليه الدراهم، ثم مات رب السلم، وله على الناس دين كثير، فاقتضى الورثة بعد موته عشرة دراهم قبل أن يختصموا، وقد حل الكر، فإن السلم جائزة لأنه حاباه بعشرة، وهي تخرج (¬4) من الثلث. فيقال للمسلم إليه: أد (¬5) إلى الورثة الكر كله، وقيمته عشرة، فيكون في أيديهم عشرون (¬6) بالعشرة التي اقتضوا (¬7) من الدين، وهو ثلثا (¬8) ما ترك الميت من ¬

_ (¬1) ز: ويقبض. (¬2) ز: عشرين. (¬3) م ش ز: وفسخ رأس المال. والتصحيح من الكافي، 3/ 274 و. (¬4) ز. يخرج. (¬5) ز: أدى. (¬6) م ش ز: عشرين. (¬7) ز: اقبضوا. (¬8) ز: ثلثي.

العين. ويكون في يدي المسلم إليه عشرون (¬1) درهماً، عشرة قيمة الكر الذي أدى، وعشرة محاباة، وهي ثلث ما ترك الميت من العين. وإذا أسلم ثلاثين درهماً في كُرّ يساوي عشرة دراهم، ثم مات رب السلم ولا مال له من العين غيرها، وله على الناس دين كثير، فاقتضى الورثة عشرين درهماً بعد موته من الدين قبل أن يختصموا، فإن المسلم إليه بالخيار. إن شاء رد السلم بدراهمه، ونقض السلم. وإن شاء أدى الكر كله حالاً، وقيمته عشرة دراهم، ورد من رأس المال ثلاثة دراهم وثلث درهم. فيكون في يدي الورثة بالعشرين التي اقتضوا (¬2) ثلاثة وثلاثون (¬3) وثلث، وهو ثلثا ما ترك الميت من العين. ويكون في يدي المسلم إليه ست وعشرون وثلثا (¬4) درهم، عشرة منها قيمة ما أدى من الكر، وستة عشر وثلثان (¬5) محاباة، وهي ثلث ما ترك الميت من العين، إلا أن يشاء الورثة أن يجيزوا له السلم إلى أجله. فإن أجازوا لم يكن للمسلم إليه أن ينقضه. وإن أبوا جميعاً أجبروا على ما وصفت لك. وأصل ذلك أن تنظر إلى السلم كم (¬6) هو، فتعطي (¬7) المسلم إليه (¬8) قيمة كُرّه من السلم، وثلث ما ترك الميت من العين، وما اقتضوا (¬9) من الدين قبل أن يختصموا. فإن فضل من رأس مال السلم شيء بعد ذلك ردوه على الورثة. وتفسير ذلك إذا كان أسلم (¬10) ثلاثين في كُرّ يساوي عشرة واقتضوا (¬11) من الدين عشرين حُبس للمسلم إليه من رأس مال (¬12) السلم شيء، وهو ثلاثون (¬13) درهماً، قيمة كره عشرة، وثلث ما ترك الميت وهو ¬

_ (¬1) ز: عشرين. (¬2) ز: اقبضوا. (¬3) م ش ز: وثلاثين. (¬4) ز: وعشرين وثلثي. (¬5) ز: وثلثين. (¬6) ز: لم. (¬7) ز: فيعطي. (¬8) ز + كر. (¬9) ز: اقبضوا. (¬10) م ش ز: السلم. (¬11) ز: واقبضوا. (¬12) ش: المال. (¬13) ز: ثلثين.

باب بيع الكيل بمثله من الكيل في المرض

ستة عشر وثلثان (¬1)؛ لأن ما ترك الميت من العين خمسون، ثلاثون (¬2) التي أسلم، وعشرون التي اقتضوا (¬3) من الدين. وكل شيء اقتضوا (¬4) من الدين قبل أن يختصموا فهو بمنزلة عين تركها الميت. فإذا رفعت من السلم وهي ثلاثون (¬5) قيمة الكر وهي عشرة، وستة عشر وثلثان (¬6) الثلث، فضل ثلاثة وثلث، فيردها المسلم إليه إلى الورثة، ويؤدي إليهم الكر، وقيمته عشرة. فيكون في أيديهم بالعشرين التي اقتضوا (¬7) ثلاثة وثلاثون (¬8) وثلث، وهي ثلثا ما ترك الميت. ويكون في يدي المسلم إليه ستة وعشرون (¬9) وثلثان (¬10)، عشرة قيمة الكر الذي أدى، وستة عشر وثلثان (¬11) محاباة، وهي ثلث العين. وكذلك إذا أسلم في شيء مما يكال أو يوزن أو أسلم شيئاً (¬12) مما يكال فيما يوزن أو شيئاً (¬13) مما يوزن فيما يكال. وإنما يقوم السلم في ذلك كله يوم يختصمون إذا كانت فيه محاباة. ... باب بيع الكيل بمثله من الكيل في المرض وإذا باع الرجل في مرضه كُرّ تمر فارسي قيمته ثلاثون (¬14) درهماً بكُرّ من دَقَل قيمته عشرة دراهم ثم مات البائع، فإن كان له مال يخرج ذلك من الثلث فهو جائز. وإن لم يكن له مال غيره فأبى الورثة أن يجيزوا فالمشتري بالخيار. إن شاء أخذ كره ونقض البيع. وإن شاء أخذ نصف الكر الفارسي بنصف الدقل وجاز البيع في النصف. فيكون في يدي الورثة ¬

_ (¬1) ز: وثلثي. (¬2) ز: خمسين ثلثين. (¬3) ز: اقبضوا. (¬4) ز: اقبضوا. (¬5) ز: ثلثين. (¬6) ز: وثلثين. (¬7) ز: اقبضوا. (¬8) ز: وثلثين. (¬9) ز: وعشرين. (¬10) م ش ز: وثلثى. (¬11) م ش ز: وثلثى. (¬12) ز: شيء. (¬13) ز: أو شيء. (¬14) ز: ثلثين.

نصف الكر الفارسي (¬1) وقيمته خمسة عشر درهماً، ونصف الكر الدقل وقيمته خمسة دراهم، وذلك ثلثا (¬2) ما ترك الميت. ويكون في يدي هذا المشتري نصف الكر الفارسي وقيمته خمسة عشر درهماً. خمسة منها قيمة. (¬3) نصف الكر الذي أعطاه، وعشرة محاباة وهي ثلث ما ترك الميت. وإذا باع كُرّاً (¬4) قيمته ستون (¬5) درهماً في مرضه بكُرّ حَشَف قيمته عشرة دراهم ثم مات ولا مال له غيره فإن البيع يجوز في خمسي الكر، وينتقض في ثلاثة أخماسه. فيكون في يدي الورثة ثلاثة أخماس الفارسي وقيمته ستة وثلاثون (¬6) درهماً، وخمسا الحشف وقيمته أربع دراهم. فذلك ثلثا (¬7) ما ترك الميت. ويكون في يدي المشتري خمسا الكر الفارسي وقيمته أربعة وعشرون (¬8). أربعة منها قيمة ما أدى من الحشف، وعشرون (¬9) محاباة. وهو ثلث ما ترك الميت. وإذا باعه كُرّاً قيمته خمسون (¬10) بكُرّ قيمته عشرون (¬11) فإن البيع يجوز في خمسة أتساع الكر، وينتقض في أربعة أتساعه. وأصل ذلك أنك تنظر (¬12) إلى المحاباة (¬13) كم هي وإلى ثلث ما ترك الميت كم هو، فتنظر (¬14) كم الثلث من المحاباة. فذلك الذي يجوز من الكُرّ. إن كان النصف من المحاباة جاز البيع في نصف الكر. وإن كان الربع جاز في الربع. وتفسير ذلك إذا باع كُرًّا قيمته ثلاثون (¬15) بكُرّ قيمته عشرة دراهم فقد ¬

_ (¬1) م ز + بنصف الدقل وجاز البيع في النصف فيكون في يدي الورثة نصف الكر الفارسي. (¬2): ثلثي. (¬3) م ش ز: النصف. (¬4): كر. (¬5) ز: ستين. (¬6): وثلثين. (¬7) ز: ثلثي. (¬8): وعشرين. (¬9) ز: وعشرين. (¬10) ز: خمسين. (¬11) ز: عشرين. (¬12) ز: ينظر. (¬13) م ش ز: إلى المهاياة. (¬14) ز: فينظر. (¬15) ز: ثلثين.

حاباه بعشرين. وثلث ماله عشرة. فالثلث من المحاباة النصف. فيجوز البيع في نصف الكر. وإذا كانت (¬1) قيمة الذي باع خمسين ولا مال له غيره وقيمة الآخر عشرين فقد حاباه بثلاثين. وثلث ماله ستة عشر وثلثا (¬2) درهم. فاجعلها أجزاء (¬3) من قبل الكسر الذي وقع فيها. فاجعل كل عشرة ثلاثة أجزاء. فيكون الثلث خمسة أجزاء. واجعل المحاباة أيضاً أجزاء. واجعل كل عشرة. فتكون (¬4) المحاباة تسعة أجزاء. ثم انظر كم أجزاء الثلث من أجزاء المحاباة. فتجدها (¬5) خمسة أتساع. فهو الذي يجوز من البيع. وكذلك كل شيء باعه من الكيل في مرضه بمثله من الكيل أو شيء من الوزن بمثله من الوزن إذا كانت فيه محاباة. ولا يشبه هذا البيع بالدراهم؛ لأن البيع بالدراهم يقال للمشتري: أكمل للورثة الثلثين أو دع. والكيل بالكيل، لا يعطيهم كيلاً (¬6) مثل كيلهم وفضل دراهم؛ لأن هذا حرام. ولا بد من أن يسلم للمشتري الثلث بالمحاباة، فينبغي أن يقوم. وذلك من الكيل بالكيل والوزن بالوزن على مثل بمثل، حتى يصير في يدي الورثة ثلثا (¬7) ما ترك الميت، ويصير في يدي المشتري ثلث ما ترك الميت بالمحاباة. فهذا الذي فسرت لك أصل ذلك وبابه. وإنما يقوم جميع ذلك إذا كانت فيه المحاباة يوم يختصمون، ولا أنظر إلى قيمته قبل ذلك. وإن لم تكن (¬8) فيه محاباة فهو على قيمته يومئذ يوم وقع البيع. ... ¬

_ (¬1) ز: كان. (¬2) ز: وثلثي. (¬3) م ش ز: الاجزا. (¬4) ز: فيكون. (¬5) ز: فيجدها. (¬6) ز: كيل. (¬7) ز: ثلثي. (¬8) ز: لم يكن.

باب جراحة العبد الحر يعفو عنه ثم يموت فيدفعح مولاه أو يفديه

باب جراحة العبد الحر يعفو عنه ثم يموت فيدفعح مولاه أو يفديه فإذا جرح عبد رجلاً (¬1) حراً خطأ فمات الحر منها، وقد عفا عن العبد وعن هذا الدم في مرضه، وليس له مال وقيمة العبد ألف درهم، فإنه يقال لمولى العبد: ادفع (¬2) أو افد (¬3). فإن قال: أدفع، أمر أن يدفع ثلثي العبد، ويمسك الثلث، وجاز له العفو من هذا الثلث، ولا يجوز في أكثر من ذلك. وإن قال: أفدي، فإنه ينظر إلى قيمة العبد. فإن (¬4) كان ألف درهم فإنه يفدي سدسه بسدس الدية بألف درهم وستمائة وستة وستين وثلثين، فيقع هذا في يدي ورثة الميت (¬5). ويقع في يدي مولى العبد خمسة أسداس العبد بغير فداء. وهو الوصية. وذلك ثمانمائة وثلاثة وثلاثون وثلث، وهو ثلث المال. ولو كان العبد يساوي ألفين فقال: أنا أفديه، فإنه يفدي سبعيه بسبعي الدية. وذلك ألفان (¬6) وثمانمائة وسبعة وخمسون (¬7) وسبع، يقع في يدي ورثة الميت. ويبقى في يدي المولى خمسة أسباع العبد، وذلك قيمته ألف وأربعمائة وثمانية وعشرون (¬8) وأربعة أسباع، وذلك الثلث. وأصل ذلك أنك تأخذ الدية عشرة آلاف، فتأخذ (¬9) قيمة العبدين ألفين، فتزيد عليها مثلها، فيكون أربعة عشر ألفاً، فيفدي من ذلك السبعين، ويكون له خمسة أسباع. وإن كان قيمة العبد ألفاً والدية عشرة آلاف فزد عليها ألفاً قيمة العبد، ثم تزيد (¬10) ألفاً أخرى، فيكون ذلك اثنا عشر ألفاً، فيفدي سدس العبد، ويكون له خمسة أسداس العبد وصية. فان كان قيمة العبد ألفاً (¬11) وكان على المقتول دين ألف فإنك تأخذ ¬

_ (¬1) ز: رجل. (¬2) م ش ز - ادفع. والزيادة من ع. (¬3) م ش ز: أو يفدي. والتصحيح من ع. (¬4) ز: وإن. (¬5) م ز: للميت. (¬6) ز: ألفين. (¬7) ز: وخمسين. (¬8) ز: وعشرين. (¬9) ز: فيأخذ. (¬10) ز: ثم يزيد. (¬11) ز: ألف.

باب العبدين يوهبان فيقتلان أو يقتل أحدهما أجنبي أو يوهب أحدهما

اثني (¬1) عشر ألفاً الدية، وقيمة العبد، ومثلها وذلك اثنا عشر ألفاً. فارفع من ذلك قيمة العبد ومثلها، والدين على الميت. فيكون ذلك ثلاثة آلاف. فيفدي ربع العبد بربع الدية، وذلك (¬2) ألفان (¬3) وخمسمائة، يقضى من ذلك ألف درهم دين الميت، ويبقى ألف وخمسمائة. وصار لمولى العبد ثلاثة أرباع العبد بغير فداء، وذلك سبعمائة وخمسون (¬4). ولو لم يكن على الميت دين وكان له ألف درهم موضوعة فخذ عشرة آلاف فزد عليها قيمة العبد ومثله، ثم تفدي (¬5) من ذلك نصف سدس العبد بثمانمائة وثلاثة وثلاثين وثلث، فتضمه (¬6) إلى ألف درهم التي تركها الميت. ويكون خمسة أسداس ونصف من العبد وصية، وذلك تسعمائة وستة عشر وأربع دوانق. فذلك الثلث بغير فداء. ولا يشبه الدفع الفداء مِن قِبَل أنه إذا فدى كان ما في أيدي ورثة الميت من الدية أكثر مما يأخذون من العبد. فإذا كثير ما يأخذون كان أكثر للعفو (¬7)؛ لأن العفو وصية. وكلما كثير مال الميت كثرت الوصية حتى تستغرق (¬8) الثلث. ... باب العبدين يوهبان فيقتلان أو يقتل أحدهما أجنبي أو يوهب أحدهما وإذا كان لرجل عبدان (¬9) قيمة كل واحد منهما عشرة آلاف، فوهب أحدهما لرجل في مرضه وقبضه ولا مال له غيرهما، فقام العبد الموهوب له فقتل مولاه خطأ، فإن العبد القاتل يسلم كله للموهوب له، ويقال: ادفعه أو ¬

_ (¬1) ز: اثنا. (¬2) ش: ودين. (¬3) ز: ألفين. (¬4) ز: وخمسين. (¬5) ز: ثم يفدى. (¬6) ز: فيضمه. (¬7) ش: العفو. (¬8) ز: يستغرق. (¬9) ز: عبدين.

افده بعشرة آلاف درهم. فإن دفعه فلا حق له فيه. وإن فداه سلم له العبد وأخذ منه عشرة آلاف. فصار في أيدي الورثة عبد (¬1) يساوي عشرة آلاف، وعشرة آلاف أخذوها من الموهوب له العبد، فذلك تمام عشرين ألفاً (¬2). وإذا كان له عبدان فوهب أحدهما لرجل ووهب الآخر لآخر وذلك كله في مرضه الذي مات فيه وقبضا جميعاً، فقام أحد العبدين فقتل (¬3) المولى، فإنه يرد ثلاثة أخماس العبد القاتل إلى الورثة، ويرد عليهم أيضاً ثلاثة أخماس العبد الآخر، وذلك يساوي اثني عشر ألف درهم، ويقال لمولى العبد القاتل: ادفع خمسة (¬4) من العبد أو افده بخمسي الدية. فإن دفعه فلا شيء له، ويتمم الآخر تمام ثلثي عبده، وهو ثلث ما ترك المقتول. فإن فداه فداه بأربعة آلاف، فيصير في يدي الورثة أربعة آلاف، وثلاثة أخماس من كل عبد. وذلك يساوي اثني عشر ألف درهم، فذلك ستة عشر ألفاً (¬5)، وهو ثلثا (¬6) ما ترك المقتول. وصار الثلث أهبة، لهما (¬7) وهو ثمانية آلاف. ولو كان أحد العبدين وأجنبي قتلا المولى والمسألة على حالها غرم الأجنبي خمسة آلاف درهم للورثة، ويكون للموهوب لهما لكل واحد منهما خمسة أجزاء من أحد عشر جزء من العبد الذي في يديه. ويقال (¬8) لصاحب العبد الجاني (¬9) على المولى الواهب: ادفع هذه الخمسة الأخرى (¬10) التي في يديك أو افدها بخمسة أجزاء من أحد عشر جزء (¬11) من (¬12) ¬

_ (¬1) ز: عبدا. (¬2) ز: ألف. (¬3) ز: فقبل. (¬4) م ش ز: خمس. والتصحيح من الكافي، 3/ 275 و؛ والمبسوط، 29/ 63. (¬5) ز: ألف. (¬6) ز: ثلثي. (¬7) م ش ز: فيها. والتصحيح مع الزيادة مستفاد من المبسوط، 29/ 63. (¬8) ز + لها. (¬9) م - لصاحب العبد الجاني (غير واضح)؛ ز - لصاحب العبد الجاني (بياض). (¬10) ش ز: الآخر. (¬11) م - من أحد عشر جزء (غير واضح). (¬12) - أحد عشر جزء من (بياض).

نصف الدية. فإن دفعه فلا شيء له، وسلم الآخر تمام ثلث خمس وعشرين ألفاً (¬1) من العبد الذي في يديه. فذلك ثمانية آلاف وثلاثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث. وإن هو فداه سلمت له خمسة أجزاء من أحد عشر جزء من العبد. وإذا كان للرجل عبد قيمته عشرة آلاف وله خمسة آلاف سوى العبد ولا مال له غير ذلك، فوهب العبد في مرضه الذي مات فيه لرجل فقبضه، فقتل العبد الواهب المريض، فإنه يرد من العبد على ورثة المولى ربعه، ويقال للموهوب له: ادفع ثلاثة أرباع العبد إلى الورثة أو افده بثلاثة أرباع الدية. فإن فداه فداه بسبعة (¬2) آلاف وخمسمائة. فيصير في يدي الورثة هذه السبعة الآلاف والخمسمائة التي أخذوها من الموهوب له بالفداء، وربع العبد وهو يساوي ألفين وخمسمائة، والخمسة الآلاف (¬3) التي ترك للمقتول سوى العبد، فذلك خمسة عشر ألفاً. ويصير في يدي الموهوب له ثلاثة أرباع العبد، وذلك يساوي سبعة آلاف وخمسمائة، وهو الثلث. وأصل ذلك أنك تأخذ العبد وهو يساوي عشرة آلاف درهم فتجعله ستة أجزاء، وتجعل الخمسة الآلاف ثلاثة أجزاء، فذلك تسعة أجزاء، وهو تركة الميت. فللموهوب له من ذلك ثلاثة أجزاء الثلث من العبد. وتجعل الدية ستة، فتزيدها (¬4) على السبعة. فذلك خمسة عشر ألفاً (¬5). فترفع (¬6) ثلث الدية من قيمة العبد القاتل. فيبقى من قيمته أربعة أسهم. فيجوز في ثلث ما ترك الميت مما بقي من العبد، وهو ثلاثة أرباعه، فيرد ربعه على الورثة، ويقال له: ادفع هذه الثلاثة الأرباع التي جازت له أو افدها بثلاثة أرباع الدية. ... ¬

_ (¬1) ز: ألف. (¬2) ز: سبعة. (¬3) م + التي أخذوها من الموهوب له بالفداء وربع العبد وهو يساوي ألفين وخمسمائة والخمسة الآلاف. (¬4) ز: فيزيدها. (¬5) ز: ألف. (¬6) ز: فيرفع.

باب هبة العبد وعلى المريض دين كثير

باب هبة العبد وعلى المريض دين كثير وإذا كان للرجل عبد وهو يساوي عشرة آلاف ولا مال له غيره، فوهبه لرجل في مرضه وقبضه، أو، على (¬1) المريض دين عشرة آلاف أو أكثر، ثم إن العبد قتل (¬2) مولاه المريض، فإن الهبة تبطل، وتبطل (¬3) الجناية، ويباع العبد في الدين. ولو أن الموهوب له أعتق العبد قبل أن يرتفعوا إلى القاضي وهو لا يعلم بالجناية، فإن كان الدين عشرين ألفاً (¬4) أو أكثر غرم الموهوب له المعتق قيمتين عشرة آلاف إلا عشرة دراهم بالجناية، وعشرة آلاف درهم تامة باستهلاك العبد، فيعطي (¬5) الغرماء كل ذلك. ولو كانت قيمته عشرة آلاف والمسألة على حالها وقد أعتق العبد الذي وهب له كان على المعتق عشرة آلاف للغرماء، وثلثا (¬6) ما بقي من قيمة الجناية للورثة، ويجوز له الثلث إن كان لم يعلم بالجناية. ولو كانت قيمة العبد عشرة آلاف ولم يعتق الموهوب له العبد فقتل (¬7) العبد المريض رددت (¬8) على الورثة من العبد ثلاثة أرباعه، ويقال للموهوب له: ادفع الربع أو افده بربع الدية. فإن دفعه فلا شيء له، ويباع نصفه للغرماء، ويكون نصفه للورثة. فإن فداه بألفين وخمسمائة فإنه يصير في يدي الورثة ثلاثة أرباع العبد، وهو يساوي سبعة آلاف وخمسمائة، وربع الدية (¬9) الذي أخذوه من الموهوب له ألفين وخمسمائة، وذلك عشرة آلاف. يعطون الغرماء خمسة آلاف، ويبقى في يدي الورثة خمسة آلاف، ويصير للموهوب له ربع العبد، وهو يساوي ألفين وخمسمائة، وهو ثلث ما ترك المولى من الدية والعبد بعد الدية. ¬

_ (¬1) زيادة الواو من الكافي، 3/ 275 و. (¬2) ز: قبل. (¬3) ز: يبطل ويبطل. (¬4) ز: ألف. (¬5) ز: فيعطا. (¬6) ز: وثلثي. (¬7) ز: فقبل. (¬8) م ز: وردت. (¬9) ش - ثلاثة أرباع العبد وهو يساوي سبعة آلاف وخمسمائة وربع الدية.

باب الرجل يهب في مرضه عبدا فيقتل العبد السيد وأجنبيا معه

وإذا وهب له عبد في مرضه وهو يساوي عشرين ألفاً (¬1)، وعلى الواهب دين خمسة آلاف، فقتل (¬2) العبد المريض، فإنه يكون للموهوب له ثلاثة أعشار العمد، ويرد (¬3) سبعة أعشار العبد إلى الورثة، ويقال للموهوب له: ادفع (¬4) إليه ثلاثة أعشار من العبد أو افده بثلاثة أعشار الدية. فإن دفعه فلا شيء له، ويباع للغرماء منه ربعه أو كله بخمسة آلاف. وإن هو فداه أفداه، بثلاثة آلاف، وهو ثلاثة أعشار الدية. فيكون في يدي الورثة ثلاثة آلاف درهم أخذوها من الموهوب له، وهو ثلاثة أعشار الدية، وسبعة أعشار العبد (¬5)، وهو يساوي أربعة عشر ألفاً. فجميع ما صار في أيديهم من الدية والعبد ما يساوي سبعة عشر ألف درهم. فللغرماء من ذلك خمسة آلاف. ويبقى في أيديهم اثنا (¬6) عشر ألفاً. وصار للموهوب له (¬7) ثلاثة أعشار العبد، وهو يساوي ستة آلاف درهم، وهو الثلث مما بقي بعد الدين. وأصل ذلك أنك تنظر إلى الدية وإلى القيمة، فترفع ثلث الدية من القيمة، ثم تنظر إلى ثلث أصل القيمة كم هو مما بقي من القيمة بعدما دفعت ثلث الدية. فإن كان نصفها جاز له نصف ما ترك بعد الدين من العبد، ثم يقال للموهوب له: ادفع ذلك كله أو افده بما يصيبه (¬8) من الدية، لو، لو كان له ربعه قيل له مثل ذلك أيضاً. ... باب الرجل يهب في مرضه عبداً فيقتل العبد السيد وأجنبياً (¬9) معه وإذا كان للرجل عبد (¬10) ولا مال له (¬11) غيره ولا دين عليه وهو ¬

_ (¬1) ز: ألف. (¬2) ز: فقبل. (¬3) ز: وترد. (¬4) ش - له ادفع. (¬5) ش: الدية. (¬6) ز: اثني. (¬7) م ز - له. (¬8) ز: مما نصبه. (¬9) ز: وأجنبي. (¬10) ز: عبدا. (¬11) ز + في.

يساوي عشرة آلاف، فوهبه لرجل في مرضه وقبضه الموهوب له فقتل العبد (¬1) المريض الواهب وقتل أجنبياً (¬2) معه، ثم إن الموهوب له أعتقه وهو يعلم بالجنايتين جميعاً، فإن الموهوب له ضامن لعشرة آلاف درهم لورثة الأجنبي، ولثلثي الدية لورثة المولى الواهب، ولثلثي القيمة أيضاً لورثة الواهب. وإن أعتقه وهو لا يعلم ضمنه خمسة آلاف إلا خمسة دراهم لورثة الأجنبي، ولورثة الواهب ثلثا (¬3) خمسة آلاف إلا خمسة دراهم، وثلثا (¬4) قيمة (¬5) العبد أيضاً لورثة الواهب، وهو ستة آلاف وستمائة وستة وستون (¬6) درهماً وثلثا (¬7) درهم. ولو كان الموهوب له لم يعتق (¬8) العبد والمسألة على حالها فإنه يرد نصفه إلى ورثة الواهب، ويكون نصفه في يدي الموهوب له، فيقال له: ادفع نصفه (¬9) أو افده (¬10) بنصف الدية، وهو خمسة آلاف لورثة الأجنبي، ونصف الدية لورثة الواهب، ويسلم لك (¬11) نصف العبد (¬12)، وهو يساوي خمسة آلاف. ويقال لورثة الواهب: ادفعوا النصف الذي رد عليكم إلى ورثة الأجنبي أو افدوه بخمسة آلاف درهم ثم ارجعوا بنصف القيمة على الموهوب له. فيصير في يدي ورثة الأجنبي نصف الدية التي أخذوها من الموهوب له، ونصف الذي أخذوا من ورثة الواهب، ويصير في يدي ورثة الواهب نصف الدية الذي (¬13) أخذوه من الموهوب له، ويأخذون من الموهوب له أيضاً نصف القيمة مكان نصف العبد الذي أخذ منهم، وهي خمسة آلاف، وهو الثلث [مما ترك] الواهب المقتول من الدية والعبد. ولو قال الموهوب له: أنا أدفع العبد، قيل له: رد ثلاثة أخماس العبد ¬

_ (¬1) م ز + العبد. (¬2) ز: أجنبي. (¬3) ز: ثلثي؛ ش: وثلث. (¬4) م ز: وثلثي، ش: وثلث. (¬5) م ز + قيمة. (¬6) ز: وستين. (¬7) ز: وثلثي. (¬8) م ز: لم يعفوا. (¬9) م ش ز: نصفك. (¬10) ش: أو افد. (¬11) م ز: ذلك. (¬12) ش: ويسلم ذلك النصف. (¬13) ش - أخذوا من ورثة الواهب ويصير في يدي ورثة الواهب نصف الدية الذي.

إلى ورثة الواهب، وادفع الخمسين الباقيين، خمساً إلى ورثة الواهب أيضاً، وخمساً إلى ورثة الأجنبي. ثم يقال لورثة الواهب: ادفعوا ثلاثة أخماس الدية التي ردت عليكم إلى ورثة الأجنبي أو افدوه بثلاثة أخماس الدية. فإن دفعوا أو فدوا (¬1) رجعوا بقيمته على الموهوب له؛ لأنه كان في ضمانه، ورده عليهم وفي عنقه جناية. فيصير في يدي ورثة الواهب خمس العبد وثلاثة أخماس قيمته وذلك أربعة أخماس. فصار للموهوب له الخمسان اللذان (¬2) دفعهما إليهما. فصار في يدي (¬3) الأجنبي أربعة أخماس العبد. وإذا كان للرجل عبد (¬4) يساوي خمسة آلاف فوهبه لرجل وهو مريض ولا مال له غيره، ثم إن الموهوب له وهبه لأجنبي، ثم قام الغلام إلى الواهب الأول وهو مريض فقتله (¬5)، فإنه يقال للموهوب له الثاني الذي هو في يديه: ادفعه إلى ورثة الواهب المقتول الأول أو افده بالجناية. فإن دفع رجع ورثة الواهب المقتول في (¬6) قيمته وثلث قيمته (¬7)؛ ولأن الموهوب الأول كان مستهلكاً للقيمة. وسَلِمَ للموهوب له الأول ثلثا قيمته. وأن فداه الموهوب له التاني فداه بعشرة آلاف بالدية، فصار لورثة الواهب المقتول. ولا شيء على الموهوب له الأول؛ لأن العبد يساوي خمسه، وقد صار في أيديهم ما يساوي عشرة آلاف، فسلمت له القيمة لأنها خمسة آلاف. وإذا كان لرجل عبد (¬8) قيمته خمسة عشر ألفاً فوهبه في مرضه لرجل وقبضه ولا مال له غيره، ثم إن الموهوب له وهبه لآخر وقبضه وهو مريض أيضاً، ثم إن العبد قتل (¬9) الموهوب له الأول ومات الواهب الأول من مرضه، فإنه يسلم للموهوب له الآخر سبع العبد، ويرد ستة (¬10) أسباع العبد إلى ورثة الموهوب له، فيجيء ورثة الواهب الأول، فيأخذون من الموهوب ¬

_ (¬1) ز: أو افدوا. (¬2) ز: الخمسين اللذين. (¬3) م ز: في أيدي. (¬4) م ز + وهو. (¬5) ز: فقبله. (¬6) م ش ز - في. والزيادة من ع. (¬7) م: قيمه. (¬8) ز: عبدا. (¬9) ز: قبل. (¬10) ش - ستة.

له الأول ثلاثة من هذه الستة الأسباع التي في أيديهم، وذلك أربعة أسباع وثلثا (¬1) سبع، ويبقى في أيديهم سبع وثلث، ويقال للموهوب له الآخر: ادفع ذلك الذي بقي (¬2) في يديك أو افده بسبع الدية. فإن فداه بسبع الدية سلم له السبع، وإن دفعه فلا شيء له. ولو كان العبد قتل (¬3) الواهب الأول والمسألة على حالها، وقيمة العبد عشرة آلاف، ومات الموهوب له الأول من مرضه ذلك، قيل للموهوب له الآخر: رد خمسة أسداس العبد إلى الموهوب له الأول، ويجيء ورثة الواهب الأول المقتول فيأخذون من هذه الخمسة الأسداس ثلاثة أسداس (¬4)، وهو نصف العبد. ويبقى في يدي الواهب الآخر سدسان، وفي يدي الموهوب له الآخر سدس العبد. فيقال (¬5) للموهوب له الآخر وللموهوب له الأول: ادفعوا هذا النصف إلى ورثة الواهب الأول. فإن دفعوا فلا شيء لهم، وترجع (¬6) ورثة الواهب الآخر على الموهوب له الآخر بثلث قيمة العبد، وهو (¬7) يساوي ثلاثة آلاف وثلاثمائة وثلاثة وثلاثين وثلثاً (¬8)؛ لأنه كان في ضمان الآخر. وصار للآخر السدس الذي دفعه إلى ورثة الواهب، وهو يساوي ألفاً (¬9) وستمائة وستة وستين وثلثين، وهو ثلث ما ترك الواهب الآخر. وصار في يدي ورثة المقتول، وهو الواهب الأول، العبد كاملاً، وهو يساوي عشرة آلاف. وإن هم فدوه فدوه (¬10) بخمسة آلاف، فصار للواهب (¬11) الأول المقتول نصف العبد الذي رد عليهم، وخمسة آلاف أخذوها من الدية ومن الموهوب له الأول والآخر، فذلك عشرة آلاف. ويسلم النصف من العبد لهذين (¬12) الموهوب لهما، وهو ¬

_ (¬1) ز: وثلثي. (¬2) م ز - بقي. (¬3) ز: قبل. (¬4) ش - ثلاثة أسداس؛ صح هـ. (¬5) ز: فيقان. (¬6) ز: ويرجع. (¬7) م: العبد وهو (غير واضح)؛ ز - وهو (بياض). (¬8) ز: وثلث. (¬9) ز: ألف. (¬10) ش - فدوه. (¬11) أي: لورثة الواهب. (¬12) ز: لهادين.

يساوي خمسة آلاف، وهو الثلث. فيصير لورثة الواهب الآخر من ذلك سدسان، ولورثة الموهوب له الآخر سدس، ويرجع ورثة الواهب الآخر على الموهوب له الآخر بقيمة ثلث العبد. وأصل هذا أن تجعل العبد سبعة وعشرين سهماً، فتبطل (¬1) الهبة الأولى في الثلثين، وهو ثمانية عشر، ويجوز في سبعة، وتجوز الهبة الثانية في ثلاثة من هذه السبعة، وينتقض في ستة، ثم يعود سهمان (¬2). فإنه لو ترك المولى (¬3) ثلاثين ألفاً سوى العبد جازت الهبة في العبد كله، فهو ثلث قيمة العبد كله، فيُضَمُّ (¬4) ثلث قيمة العبد وهو ثمانية آلاف إلى ثلاثين ألفاً، يكون سبع العبد، وهو ثلاثة من واحد وعشرين. فيفدي هذه الثلاثة بسهمين؛ لأن القيمة كانت خمسة عشر، والدية عشرة آلاف، فيبقى في يدي ورثة الواهب الثاني أربعة أسباع ثلث الدية، وجازت الهبة في ثلاثة أسباع ثلث الدية، وهو سبع جميع العبد، فيفدي هذه الثلاثة بسهمين، فيضمه إلى الأربعة، فيكون ستة، فصار الثلث والثلثان. ولو قتل (¬5) العبد الواهب الأول والواهب الآخر جميعاً وهما مريضان على حالهما وقيمة العبد عشرة آلاف قيل لورثة الواهب الآخر ولورثة الموهوب له الآخر: ادفعا العبد إلى ورثة الواهب الأول أو افدياه (¬6). فإن قالا: نفدي (¬7)، قيل للموهوب له الآخر: رد ستة أثمان العبد على ورثة الواهب الآخر نقضاً (¬8) للهبة ويبقى في يديك ثمناه. ثم تجيء ورثة الواهب الأول إلى ورثة الموهوب له الأول وفي أيديهم ستة أثمان العبد، فيأخذون منهم أربعة أثمان العبد، ويبقى في ¬

_ (¬1) ز: فيبطل. (¬2) ز: سهمين. (¬3) م ش ز: للمولى. (¬4) م ش ز: فضمن. (¬5) ز: قبل. (¬6) ز: أو افدناه. (¬7) ز: يفدى. (¬8) م ش: نقضى (مهملة)؛ ز: يمضى.

أيديهم (¬1) ثمنان، ويأخذون منهم فداء الثمنين اللذين في أيديهم ربع الدية، وهو ألف (¬2) وخمسمائة؛ لأن ذلك ربع العبد. ويرجع ورثة الواهب الآخر أيضاً بقيمة الثمنين اللذين فدوا على الموهوب له الآخرة لأنه كان في ضمانه. ويقال للموهوب له الآخر: افد (¬3) ثمني (¬4) العبد الذي قتل (¬5) في يديك بنصف الدية وربعاً للأول وربعاً للآخر. فيصير في يدي ورثة الواهب الأول نصف القيمة ونصف الدية وهو عشرة آلاف. ويسلم نصف العبد للواهب (¬6) الآخر وللموهوب له الآخر. فصار في يدي ورثة (¬7) الواهب الآخر المقتول ربع الدية وربع العبد وهو ثمن خمسة آلاف، وبقي في يدي الموهوب له الآخر ربع العبد، وهو يساوي ألفين وخمسمائة، وهو ثلث ما ترك الواهب الآخر. ولو قالوا: نحن ندفع العبد ولا نفدي (¬8)، قيل للموهوب له الآخر: رد سبعة أجزاء من أحد عشر جزء من العبد على ورثة الواهب الآخر، ثم تجيء ورثة الواهب الأول إلى ورثة الواهب الآخر، فيأخذون منهم من هذه السبعة الأجزاء التي أخذوها من الموهوب له الآخر ستة أجزاء من أحد عشر جزء، ويبقى في يدي ورثة الواهب الآخر ثلاثة أجزاء. فيصير في يدي ورثة (¬9) الموهوب له الآخر جزآن، ويدفع ورثة الواهب الآخر (¬10) الثلث الآخر (¬11) الذي (¬12) في أيديهم بالجناية إلى ورثة الواهب الأول. فيصير في يدي ورثة الأول المقتول تسعة أجزاء. ويرجع ورثة الواهب الآخر بقيمة تلك الثلاثة الأجزاء التي دفعوها إلى ورثة الواهب الأول على ¬

_ (¬1) م ش ز + ستة أثمان العبد فيأخذون منهم أربعة أثمان العبد ويبقى في أيديهم. (¬2) ز: ألفان. (¬3) ز: افدي. (¬4) ش: بمثلي. (¬5) م ش ز: يقتل (مهملة). (¬6) م ز: الواهب. (¬7) ز: الورثة. (¬8) ز: يفدى. (¬9) م ز - ورثة. (¬10) ش - ثلاثة أجزاء فيصير في يدي ورثة الموهوب له الآخر جزءان ويدفع ورثة الواهب الآخر. (¬11) ز - الثلث الآخر. (¬12) م: للذي.

الموهوب له الآخر. ويقال للموهوب له الآخر: أد (¬1) الجزأين اللذين بقيا في يديك أحدهما (¬2) إلى ورثة الواهب الأول (¬3) [والآخر إلى ورثة الواهب الثاني. فيصير في يد ورثة الواهب الأول]، (¬4) عشرة أجزاء من أحد عشر جزء من العبد، ستة أجزاء من الذي رد عليهم أول مرة، وثلاثة أجزاء التي دفعها إليهم ورثة الواهب الآخر بالجناية، والجزء الذي دفعه إليهم الموهوب له الآخر. فذلك عشرة أجزاء. وتمت الهبة في خمسة أجزاء للواهب الآخر، وأحد الجزأين اللذين دفعوها بإقراره، ورجعوا بمثلها من القيمة على الموهوب له الآخر (¬5)، وأحد الجزأين اللذين دفع إليهم الآخر، والجزء الذي دفع إلى ورثة الواهب الآخر. وبقي في يدي ورثة الواهب الآخر قيمة ثلاثة (¬6) أجزاء، والجزء الذي دفع إليهم الموهوب له الآخر. وصار للآخر جزآن، وهما الجزآن اللذان دفعهما (¬7) إلى الأول وإلى الآخر بالجناية. وأصل ذلك أنك تنظر إلى ثلثي العبد فتجعله أجزاء أيضاً، ثم تنظر (¬8) إلى الثلث، فتجعله أجزاء أيضاً (¬9)، فإذا قالوا: نحن ندفعه، فانظر كم جزء يدفع من هذا الثلث، فاطرح (¬10) مثله من الثلث، فما بقي من الثلثين والثلث كامل فانظر كم هو جزء، فاقسم العبد على ذلك، والذي يبقى من الأول فهو الذي يصير للواهب الأول، والثلث الآخر على قدر ما يصيبهما (¬11). ... ¬

_ (¬1) ز: أدى. (¬2) م ش ز: اجرها. والتصحيح من الكافي، 3/ 277 و. (¬3) ش - الأول. (¬4) زيادة قوله: "والآخر إلى ورثة الواهب الثاني" من الكافي، 3/ 277 و. وما بعده مستفاد من السياق. (¬5) ز - الآخر. (¬6) ز: ثانية (مهملة). (¬7) ز: دفعها. (¬8) ز: ثم ينظر. (¬9) م ز: انصبا. (¬10) ز: فاح. (¬11) م ز: ما يصيبها.

باب العتق في المرض

باب العتق في المرض وإذا أعتق الرجل عبده في مرضه ولا مال له غيره وقيمة العبد ثلاثمائة درهم ثم مات المريض فإن العبد يسعى في ثلثي قيمته. ولو كان المريض تعجل منه قبل موته ثلثي القيمة فأكلها ثم مات كان على العبد أن يسعى في ثلثي المائة الباقية. ولو أن المولى كان أكل (¬1) من المائتي درهم التي تعجلها من العبد مائة درهم وبقي مائة درهم سعى العبد في ثلاثة وثلاثين درهماً وثلث حتى يتم للورثة ثلثا المائتين الباقيتين، وصار للعبد ثلث مائتي درهم؛ لأن الذي أكل المولى من السعاية فهو استهلاك من رقبته. فكأن المولى لم يترك إلا مائة درهم وثلث قيمة العبد. فللعبد من ذلك جميع الثلاثمائة قائمة عند المولى بعينها لم يأكلها. كان يرد على العبد منها مائة درهم. ولو بقي مائتا درهم (¬2) كان للعبد ثلث المائتي درهم، وللورثة ثلثاه. وكذلك إن كان أقل من مائتين (¬3) أو أكثر كان للورثة ثلثاه وللعبد ثلثه. فإذا أعتق الرجل عبدين له في مرضه ولا مال له غيرهما وقيمة كل واحد منهما ثلاثمائة فإنه يسعى كل واحد من العبدين في ثلثي قيمته. ولو مات أحد العبدين قبل أن يسعى في شيء بعد موت المولى فإن الآخر يسعى في أربعة أخماس قيمته. ولو كان العبد الميت ترك مائة درهم أضفت المائة التي قيمة رقبة الباقي بينهما، ثم جعل له الخمس من ذلك، ويسعى فيما بقي من قيمته. ولو لم يمت واحد من العبدين فاستسعى الورثة أحد العبدين من مائة درهم ثم مات فإنه يضاف هذه المائة إلى رقبة الباقي، ثم يجعل للباقي خمس (¬4) ذلك، ثم يسعى فيما بقي من قيمته. وكذلك لو سعى أحد العبدين ثم أبق ¬

_ (¬1) ش: لكل. (¬2) ش - ولو بقي مائتا درهم. (¬3) ز: من مائتي. (¬4) م ش ز: الباقي خمس خمسه.

أو عجز عن السعاية أضفت هذه المائة التي كان يسعى فيها العبد الآبق إلى رقبة الآخر، ثم يجعل للباقي (¬1) الخمس من ذلك، ثم استسعي فيما (¬2) بقي عليه من قيمته بعد الخمس. ولو كان الآبق سعى في أكثر من مائة أو أقل فذلك يضم ما سعى فيه إلى رقبة الباقي، ثم يجعل له الخمس من جميع ذلك، ويسعى فيما بقي من قيمته. ولو كان أحدهما قد عجل (¬3) للميت ثلثي قيمته فاستهلكها ثم مات المولى ولم يتعجل من الآخر شيئاً يُضَمّ إلى ما بقي من قيمته الذي عجل، وهي مائة، فأضيفت إلى رقبة الآخر، فيصير أربعمائة، وهو ما ترك الميت. فيُجْعل للعبدين من ذلك الثلث مائة وثلاثة وثلاثون وثلث بينهما نصفين، للذي عجل ثلثي قيمته من ذلك ستة وستون وثلثا (¬4) درهم، يسعى فيما بقي من قيمته وهو ثلاثة وثلاثون (¬5) درهماً وثلث، وتعجل للذي لم يسع ستة وستين وثلثي درهم (¬6) من رقبته، ويسعى فيما بقي من قيمته، وهو مائتا درهم وثلاثة وثلاثون (¬7) درهماً وثلث. ويصير في يدي الورثة مائتا درهم وستة وستون (¬8) درهماً وثلثا (¬9) درهم ثلثا ما ترك الميت. ولو عجل أحدهما جميع قيمته للمولى فاستهلكها ثم مات سعى العبد الذي لم يتعجل المولى منه شيئاً في ثلثي قيمته وفي سدس قيمته للعبد الذي عجل القيمة كلها للمولى وذلك خمسون درهماً. ولو كان أحدهما عجل للميت جميع قيمته وعجل له الآخر أيضاً نصف قيمته، فاستهلكها المولى، ثم مات، سعى للذي عجله في نصف قيمته من خمسة أسداس نصف قيمته. أربعة أسداس من ذلك للورثة، وسدس قيمته للعبد الذي عجل القيمة كلها. ¬

_ (¬1) م ش ز + في. (¬2) ز: مما. (¬3) ز: أخدهما وقد عجلا. (¬4) ز: وستين وثلثي. (¬5) ز: وثلثين. (¬6) ش + يسعى فيما بقي من قيمته وهو ثلاثة وثلاثون درهماً وثلث وتعجل للذي لم يسع ستة وستين وثلثي درهم. (¬7) ز: وثلثين. (¬8) ز: وستين. (¬9) و: وثلثي.

ولو كان أحد العبدين عجل للمولى خمسين درهماً، وعجل له العبد الآخر مائتي درهم وخمسين درهماً، فاستهلك المولى ذلك كله، ثم مات، سعى العبد الذي عجل للمولى خمسين درهماً من مائتي درهم للورثة، وصار له الخمسون درهم (¬1) التي بقيت عليه، وسلم الآخر الذي عجل المائتين والخمسين (¬2) التي بقيت عليه. وإذا أعتق الرجل عبداً له في مرضه ولا مال له غيره، والعبد يساوي ثلاثمائة درهم، ثم مات المولى ومات العبد بعده وله ورثة أحرار (¬3) وترك خمسمائة درهم، فإن لورثة المولى من تلك الخمسمائة درهم مائتي درهم، وثلاثمائة درهم لورثة العبد. وكذلك إن مات العبد قبل موت السيد وله ورثة يحرزون (¬4) الميراث دون السيد ولا مال للسيد غيره. ولو أن العبد مات قبل موت السيد وترك خمسمائة درهم ثم مات المولى بعده وله أولاد رجال ونساء فالخمسمائة (¬5) بين ورثة المولى الذكور (¬6) والإناث للذكر مثل حظ الأنثيين، والثلاثمائة الباقية للذكور دون الإناث؛ لأن الولاء للرجال (¬7) دون النساء، والنساء لا يرثن من الولاء شيئاً (¬8). ولو أن العبد مات بعد موت المولى وترك ابنته وورثة المولى رجالاً ونساءً، وترك خمسمائة درهم، كان (¬9) لورثة المولى من الخمسمائة درهم مائتا (¬10) درهم، وهي ثلثا قيمته (¬11)، يقسمها ورثة المولى بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، وكان لابنة العبد نصف الثلاثمائة الباقية، وكان لورثة المولى نصف الثلاثمائة، ميراثهم تركة للعبد. فكان هذا النصف للرجال من ورثة الميت دون الإناث؛ لأن الولاء للرجال. ¬

_ (¬1) م ش ز: الدرهم. (¬2) م ز: الخمسين. (¬3) م ش ز: احرله. والتصحيح من الكافي، 3/ 277 ظ. (¬4) ز: يحزون. (¬5) ش: فالخمسما. (¬6) م ش ز: للذكور. (¬7) م: للرجل. (¬8) ز - شيئاً. (¬9) م ش: وكان. (¬10) ز: مائتي. (¬11) م ز: قيمه.

ولو أن العبد قد مات قبل السيد وترك خمسمائة درهم وترك ابنة ومولاه ثم مات المولى بعد ذلك كانت وصية العبد مائة وستين درهماً، وبقي من سعاية العبد لورثة المولى مائة درهم وأربعون درهماً، فيأخذها (¬1) ورثة المولى من الخمسمائة، ويبقى من تركة عبد المعتق ثلاثمائة درهم وستون درهماً، ولورثة المولى منها النصف ثمانون ومائة درهم. فيصير في أيديهم من السعاية والميراث ثلاثمائة وعشرون. ويبقى من ميراث الابنة مائة درهم وثمانون درهماً. وإنما جعلنا الوصية ستين ومائة؛ لأن الثلث مما ترك الميت من الرقبة والميراث من العبد. وأصل ذلك أنك تنظر إلى ما ترك العبد المعتق، فترفع (¬2) منه ثلثي قيمته، ثم تنظر (¬3) إلى (¬4) ما بقي من قيمته، فهو وصيته (¬5)، ثم تضيف (¬6) إلى ما بقي من قيمته (¬7) خمس ما بقي من تركته بعدما رفعت من تركته ثلثي قيمته، فهو وصيته. وذلك أن الذي يبقى من تركته بعد السعاية يكون بين الابنة والمولى نصفين. فيكون للعبد المعتق مما ورث المولى أيضاً من العبد وصيته الثلث. فيجعل ما بقي من التركة بعد ثلثي القيمة على ستة أسهم. للمولى من ذلك ثلاثة أسهم (¬8)، وللابنة ثلاثة أسهم. فواحدة من الثلاثة (¬9) أسهم (¬10) التي (¬11) صارت للمولى هي (¬12) وصية. فيبقى منها ثلاثة (¬13) أسهم (¬14) للابنة. ¬

_ (¬1) ز: فيأخذوها. (¬2) ز: فيرفع. (¬3) ز: ثم ينظر. (¬4) ش - ما ترك العبد المعتق وترفع منه ثلثي قيمته ثم تنظر إلى. (¬5) ز: وصية. (¬6) ز: ثم يضيف. (¬7) م - قيمته؛ صح هـ. (¬8) ش + للمولى من ذلك ثلاثة أسهم. (¬9) م ش ز: فواحد من ثلاثة. (¬10) ز - قيمته خمس ما بقي من تركته بعدما رفعت من تركته ثلثي قيمته فهو وصيته ... فيجعل ما بقي من التركة بعد ثلثي القيمة على ستة أسهم للمولى من ذلك ثلاثة أسهم وللابنة ثلاثة أسهم فواحد من ثلاثة أسهم. (¬11) م ش ز: الذي. (¬12) ش: وهي. (¬13) م ش ز: فيلقى منه من ثلاثة. (¬14) م - الذي صارت للمولى هي وصية فيبقى منها ثلاثة أسهم؛ صح هـ.

يبقى (¬1) في يدي (¬2) الابنة سهمان (¬3). وللسيد ثلاثة أسهم. فالواحد الذي رددته على الابنة هو الوصية مع ثلث الرقبة، وهو الخمس، فتأخذ (¬4) خمس ما بقي بعد رفع ثلثي القيمة، فتضيفه (¬5) إلى ثلث الرقبة، فتجعله (¬6) الوصية، وما بقي من الرقبة فهو السعاية. ثم تنظر (¬7) إلى ما بقي من رقبة العبد من الوصية وما بقي من تركة العبد بعد قيمته فتقسمه (¬8) بين السيد [والابنة] نصفين، فتضيف نصيب السيد من الميراث إلى ما أخذ ورثة السيد من السعاية، فيكون الثلثان (¬9) سواء. وتفسير ذلك لو أن رجلاً أعتق عبداً له في مرضه وهو يساوي ثلاثمائة درهم ولا مال له غيره، ثم مات العبد قبل السيد، وترك سبعمائة درهم، وترك ابنة، ثم مات السيد بعده (¬10) فثلثا (¬11) القيمة مائتا درهم، وثلث القيمة مائة درهم، فإذا رفعت ثلثي قيمته من تركته كان للذي يبقى خمسمائة، فيضم (¬12) خمس الذي بقي من التركة وهو مائة درهم إلى ثلث القيمة الأولى، وثلث القيمة مائة، فيصير مائتا درهم، وهي وصية العبد. فيرفع وصيته من رقبته، وهي مائتان. وما بقي من رقبته فهي السعاية، وهي مائة درهم. فيؤخذ من تركته مائة. فيبقى بعد مائة السعاية ستمائة درهم، فيكون نصفها للابنة ثلاثمائة درهم، ونصفها للسيد ثلاثمائة درهم. ويصير لورثة السيد أربعمائة درهم، ثلاثمائة منها ميراث من العبد، ومائة منها سعاية. ويصير للعبد مائتان (¬13) من رقبته، وهو الثلث. وإذا أعتق الرجل عبده في مرضه ولا مال له غيره وقيمة العبد ثلاثمائة درهم، فمات العبد قبل المولى وترك ابنته وترك مائة درهم، ثم مات ¬

_ (¬1) ز: ويبقى. (¬2) م: من يدي. (¬3) ز: سهمين. (¬4) ز: فيأخذ. (¬5) ز: فيضيفه. (¬6) ز: فيجعله. (¬7) ز: ثم ينظر. (¬8) ز: فتقسيمه. (¬9) ز: الثلثين. (¬10) م ش: يبعده. (¬11) م ش ز: بثلثا. (¬12) م ش ز: فيضمن. (¬13) ز: مائتي.

المولى بعده، فإن المائة درهم كلها لورثة المولى، وليس للابنة فيه شيء؛ لأن على العبد سعاية مائتا درهم. ولو ترك مائة درهم أو أقل كان ذلك لورثة السيد. ولو ترك ثلاثمائة درهم جعلت الوصية عشرين ومائة، والسعاية ثمانين ومائة درهم. فإذا جعلت السعاية ثمانين ومائة درهم فخذها من تركة العبد. فيبقى من تركته عشرون (¬1) ومائة درهم. للابنة منها ستون درهماً. ولورثة المولى منها ستون درهماً. فتضم الستين دراهم بالتي ورثها المولى إلى السعاية. فيكون في يدي ورثة المولى أربعون ومائتا درهم. وصارت الوصية عشرين (¬2) ومائة. وهي الثلث. وذلك أنك تنظر إلى خمس ما بقي من التركة بعدما رجعت بثلثي (¬3) القيمة، فأضفته إلى ثلث الرقبة، فصار ذلك الوصية، وما بقي من الرقبة فهي السعاية، فأخذت السعاية من التركة، فدفعته إلى ورثة الميت، ثم جعلت أيضاً نصف ما بقي لهم من الميراث، ونصفه للابنة. وكذلك إن ترك العبد أربعمائة أو خمسمائة ما بينك وبين ألف ومائتي درهم إلا درهماً (¬4) فتقسمها (¬5) على قدر ذلك. فإذا كانت تركة العبد ألفاً (¬6) ومائتي درهم أو أكثر فليس لورثة المولى هاهنا على العبد سعاية، وكان الميراث بين ورثة المولى وللابنة نصفين؛ مِن قِبَل أنك إذا جعلت للمولى نصف الميراث صار العبد يخرج من ثلث الذي جعلت له، فلا يكون على العبد سعاية. ولو ترك العبد (¬7) ابنتين وترك ثلاثمائة درهم والمسألة (¬8) على حالها وورثه المولى الثلثين (¬9) أخذت ثمن الباقي (¬10) من تركة العبد بعدما ترفع (¬11) ¬

_ (¬1) ز: عشرين. (¬2) ز: عشرون. (¬3) م ش ز: ثلثي. (¬4) ز: إلا درهم. (¬5) م ش: فتعملها؛ ز: فيعملها. (¬6) ز: ألف. (¬7) م ز: المعتق. (¬8) ز - والمسألة. (¬9) كذا في م ش ز. وقوله: "وورثه المولى الثلثين" غير موجود في الكافي، 3/ 278 و؛ والمبسوط، 29/ 74. (¬10) م ش - ثمن الباقي؛ م صح هـ. (¬11) ز: يرفع.

ثلثي قيمته، فأضفته إلى ثلثي (¬1) رقبته، فجعلته الوصية. ثم تنظر (¬2) إلى ما بقي من الرقبة فهو السعاية (¬3). ثم (¬4) تنظر (¬5) إلى ما بقي من تركته بعدما رفعت السعاية، فاقسمه للابنتين (¬6) الثلثان وللمولى (¬7) ما بقي وهو الثلث. وذلك لأن القيمة ثلاثمائة، فادفع منها مائتي درهم، فيبقى مائة درهم، ثم تنظر (¬8) إلى ما بقي من تركته بعدما رفعت ثلثي قيمته وهو (¬9) مائة درهم، فتأخذ (¬10) ثمنها وهو اثنا (¬11) عشر ونصف، فتضمه (¬12) إلى ثلث رقبته وهي مائة درهم، فيصير ذلك وصيته (¬13) وهي مائة واثنا (¬14) عشر ونصف. وتصير السعاية ثلثين (¬15) من قيمته بعد رفعك (¬16) الوصية من رقبته مائة وسبعة وثمانين ونصفاً (¬17)، فتدفعها (¬18) إلى ورثة المولى. وتنظر (¬19) إلى ما بقي من تركة العبد وهي مائة واثنا (¬20) عشر ونصف، فتجعل من ذلك ثلثيه للابنتين وهو خمسة وسبعون، وتجعل لورثة المولى الثلث وهو سبعة وثلاثون ونصف، فتضمها (¬21) إلى السعاية التي صارت لورثة المولى، فيكون جميع ما في يدي ورثة المولى مائتا درهم وخمسة وعشرون درهماً. وأصل ذلك أنك تنظر، فإذا كان ولد الميت العبد ابنتين، والسيد هو العصبة، أخذت شيئاً يكون لثلثه (¬22) ثلث؛ لأن للابنتين الثلثان وللمولى ¬

_ (¬1) م - فأضفته إلى ثلثي (غير واضح)؛ ز - فأضفته إلى ثلثي (بياض). (¬2) ز: ثم ينظر. (¬3) م ش + ثم تنظر إلى ما بقي من الرقبة فهو السعاية. (¬4) ز + السعاية ثم. (¬5) ز: ينظر. (¬6) م ش ز: للابنة. (¬7) ش - تركته بعدما وقعت السعاية فاقسمه للابنة الثلثان وللمولى. (¬8) ز: ثم ينظر. (¬9) ز: وهي. (¬10) ز: فيأخذ. (¬11) ز: اثني. (¬12) ز: فيضمه. (¬13) ز: وصية. (¬14) ز: واثني. (¬15) ز: تلقي. (¬16) م ز: بقدر معد. (¬17) م ش ز: ونصف. (¬18) ز: فدفعها. (¬19) ز: وينظر. (¬20) ز: واثني. (¬21) ز: فيضمها. (¬22) ز: الثلثه.

ثلثها. فترد (¬1) ثلث ذلك على ورثة العبد، فيكون من تسعة. للابنتين الثلثان (¬2)، وللمولى ثلثها. فثلثها واحد، فاطرح من ميراث ورثة العبد واحداً (¬3)، فيبقى خمسة. وللمولى ثلاثة (¬4). وذلك الواحد هو لعصبته، وهو واحد من ثمانية، وهو الذي كان يأخذه من تركة العبد بعد رفعك (¬5) ثلثي قيمة رقبته. وتضيفه إلى ثلث قيمته فتجعله الوصية. وانظر إلى ما بقي من القيمة فهي السعاية. وما بقي من تركة العبد فللمولى ثلثه، وللابنتين (¬6) الثلثان. ولو أن العبد كان ترك ألف درهم وقيمته ثلاثمائة درهم والمسألة على حالها، نظرت إلى ثلثي القيمة وهو ثمانون (¬7)، فعزلتها (¬8) من تركته، ثم نظرت إبى الثمانية التي بقيت من تركته، فأخذت (¬9) ثمنها وهو مائة درهم، فأضفتها (¬10) إلى ثلث قيمته وثلث القيمة مائة، فذلك وصية العبد وهو مائتان، فيبقى (¬11) عليه من السعاية. إذا جعلت الوصية مائتان كانت السعاية مائة، فأعطيتها (¬12) ورثة المولى من تركة العبد. ونظرت إلى ما بقي من تركته بعد أن وقعت السعاية، وهي تسعمائة، فجعلت للابنتين الثلثين (¬13) ستمائة درهم، وما بقي لورثة المولى وهو ثلاثمائة. فصار في يد ورثة المولى ثلاثمائة ميراث المولى من العبد، ومائة سعايته، فذلك أربعمائة. وكانت الوصية مائتين (¬14)، فإذا أضفتها إلى أربعمائة (¬15) فهو ثلث ما ترك المولى. وكذلك لو ترك ألفاً (¬16) ومائتين أو ألفاً (¬17) وثلاثمائة ما بينك وبين ألف وثمانمائة درهم إلا درهماً، فهو على الحساب الذي (¬18) ¬

_ (¬1) ز: فيرد. (¬2) ز: الثلثين. (¬3) ز: واحد. (¬4) م ش: ثلثه. (¬5) م ز: رفعه. (¬6) ز: وللابنين. (¬7) ز: ثمانين. (¬8) م ز: فعولتها؛ ش: فعولها. (¬9) م ش ز: فأخذ. (¬10) ش: فأضفها. (¬11) ز: فبقي. (¬12) ش: فأعطها. (¬13) ز: الثلثان. (¬14) ز: مائتان. (¬15) م ش ز + وكانت الوصية مائتان. (¬16) ز: ألف. (¬17) ز: أو ألف. (¬18) ز - الذي.

وصفت لك. أضف أبداً ثمن تركة العبد بعد ثلثي القيمة إلى ثلث الرقبة. ثم اجعل ثمن التركة وثلث الرقبة الوصية، وانظر إلى ما بقي من التركة، فاجعله السعاية، فاجعل لابنتي العبد الثلثين منه، ولورثة المولى ثلثه. ثم انظر إلى ما صار لورثة المولى من الميراث والسعاية كم هو، وإلى ما جعلت الوصية من رقبته، فإنه يخرج قدر الثلث من ذلك. ولو كان العبد كان ترك ألفاً (¬1) وثمانمائة أو أكثر من ذلك [كان لابنتي العبد الثلثان] وذلك ألف ومائتان أو أكثر، وللمولى ما بقي، لأنه عصبة، وهو ستمائة أو أكثر. فيخرج العبد من الثلث؛ لأن قيمته ثلاثمائة. ولو أن العبد ترك ابنتين وأمة والسيد عصبة والمسألة على حالها في الموت والعتق نظرت إلى ما ترك العبد من شيء. فإن كان ثلثي قيمته أو أقل فهو لورثة المولى كله؛ لأنه هو السعاية. وإن كان ترك أكثر من مائتين (¬2) رفعت منها مائتين، ونظرت إلى ما بقي، فقسمته (¬3) على سبعة عشر سهماً، ثم نظرت إلى سهم من سبعة عشر سهماً، فأضفته إلى ثلث رقبة العبد، فذلك ما ترك المولى، وهو الوصية (¬4)، ثم نظرت إلى ما بقي من تركة العبد بعد السعاية، فجعلت للابنتين الثلثين (¬5) من ذلك، وللأم السدس، وما بقي فهو للسيد، فأضفته إلى السعاية، فنظرت كم هو وكم الوصية، فتجدها الثلث. وذلك أن أصل الفريضة كانت على ثمانية عشر سهماً، للابنتين الثلثان اثنا عشر، وللأم السدس ثلاثة. وما بقي فهو للسيد، فأضفته (¬6) إلى السعاية، فنظرت كم هو، وهو ثلاثة أسهم. فثلث هذه الثلاثة واحد. فرده على ورثة المولى؛ لأنه مال أفاده. وثلثه ميراث، وهو واحد. فاطرح مثله من الخمسة عشر الذي كان للأم وللابنتين، فيبقى لهم أربعة عشر. وهذه الثلاثة التي جعلتها لورثة المولى فذلك سبعة عشر، وصار ذلك الواحد جزء من سبعة عشر. ¬

_ (¬1) ز: ألف. (¬2) ز: من مائتي. (¬3) ز: فبقسمته. (¬4) ز - ثم نظرت إلى سهم من سبعة عشر سهماً فأضفته إلى ثلث رقبة العبد فذلك ما ترك المولى وهو الوصية. (¬5) ز: الثلثان. (¬6) م ش ز: فأضفه.

ولو ترك العبد ابنة وامرأة والمولى عصبتها نظرت إلى تركة العبد، فرفعت منها ثلثي القيمة، ثم نظرت إلى ما بقي، فأخذت سبعه، فأضفته إلى ثلث قيمة العبد، فجعلته الوصية. ولو ترك العبد ابنة وأمًّا وامرأة والمسألة على حالها قسمت ما بقي من التركة بعد رفع ثلثي القيمة على سبعة وستين سهماً، فنظرت إلى خمسة أسهم من هذه السبعة والستين، فأضفتها إلى ثلث قيمة العبد، فجعلته الوصية. وذلك أنك تنظر إلى ورثة العبد والورثة ابنته وأمه وامرأته والمولى (¬1) عصبة فصار تصحيحها من أربعة وعشرين سهماً. للابنة من ذلك النصف اثنا (¬2) عشر سهماً، وللأم أربعة، وللمرأة ثلاثة، ويبقى للمولى خمسة؛ لأنه هو العصبة. فصار هذه الخمسة ليس لها ثلث، فضربت أصل فريضتهم في ثلاثة فصار اثنتين (¬3) وسبعين، للابنة من ذلك ستة وثلاثون، وللأم اثنا (¬4) عشر، وللمرأة تسعة. فصار سبعة وخمسون. وبقي للمولى خمسة عشر، فثلثها خمسة، فاطرح [الخمسة من] السبعة والخمسين، ويبقى اثنان وخمسون (¬5)، وتضيف (¬6) إليها الخمسة عشر التي جعلتها للمولى، فتصير سبعة وستين (¬7) سهماً (¬8)، فصار الخمسة الأخرى من سبعة وستين، وهي التي أضفتها إلى رقبة العبد فجعلتها الوصية. ولو أن العبد كان ترك ابنتين وأمًّا وامرأة قسمت تركة العبد بعدما ترفع (¬9) ثلثي القيمة على أحد وسبعين سهماً. فما أصاب واحداً (¬10) من واحد وسبعين سهماً فأضفه (¬11) إلى ثلث رقبة العبد، ثم اجعلها الوصية، وما بقي من قيمته فهو السعاية، فادفعها إلى الورثة. ثم انظر إلى ما بقي من تركة ¬

_ (¬1) م ش ز: وللمولى. (¬2) ز: اثني. (¬3) ز: اثنين. (¬4) ز: اثني. (¬5) ز: وخمسين. (¬6) ز: ويضيف. (¬7) ز: وستون. (¬8) م ز: بينهما. (¬9) ز: يرفع. (¬10) ز: واحد. (¬11) م ش: فأضفته.

باب العتق في المرض وعلى المولى دين

العبد، فاجعل للابنتين (¬1) من ذلك الثلثين (¬2)، وللمرأة الثمن، وللأم السدس، وللمولى ما بقي. فتضيفه (¬3) إلى السعاية، ثم تنظر (¬4) إلى الوصية كم جعلتها، فتجدها (¬5) الثلث. ... باب العتق في المرض وعلى المولى دين وإذا أعتق الرجل عبده في مرضه ولا مال له غيره، وقيمة العبد ثلاثمائة درهم، وعلى المولى دين مائة درهم، فمات العبد قبل المولى، وترك ابنته، وترك ثلاثمائة درهم، فانظر إلى الدين الذي على المولى وإلى ثلثي ما بقي من قيمة العبد بعد الدين، فاعزل جميع (¬6) ذلك من تركة العبد. ثم انظر إلى خمس ما بقي بعد ذلك كله، فأضفه (¬7) إلى ثلث ما بقي من قيمة العبد بعد الدين، وهو ثلث المائتين ستة وستون (¬8) درهماً وثلثا (¬9) درهم. والذي أضفت إليه خمسها ثلاثة عشر وثلث. فأضف هذه الثلاتة عشر والثلث إلى الستة والستين والثلثين (¬10) التي جعلتها وصية، وتصير الوصية ثمانين. فانظر إلى ما بقي من رقبته بعد الوصية، فتجدها مائتين (¬11) وعشرين. فصار الدين مائة، والسعاية مائة وعشرين، فادفعه إلى ورثة المولى. ثم انظر إلى ما بقي من تركة العبد، وهو (¬12) ثمانون درهماً، فأعط للابنة من ذلك أربعين درهماً، وأعط ورثة المولى أربعين درهماً، فصار في يدي ورثة المولى مائة درهم وستون (¬13) درهماً ميراث لهم، ومائة درهم ¬

_ (¬1) ز: للابنين. (¬2) ز: الثلثان. (¬3) ز: فنصفه. (¬4) ز: ثم ينظر. (¬5) ز: فيجدها. (¬6) م ش - جميع؛ م صح هـ. (¬7) م ش ز: فأضف. (¬8) ز: وستين. (¬9) ز: وثلثي. (¬10) ز: والثلثان. (¬11) م ز: ثمانين. (¬12) م ش ز: اهو. (¬13) ز: وستين.

دين، وصارت الوصية من رقبة العبد ثمانين درهماً، وهو ثلث ما ترك (¬1) المولى بعد الدين. وكذلك إذا ترك المولى من الدين أقل من مائة أو أكثر فانظر إلى قيمة العبد، فادفع الدين منها، واجعل ثلث ما بقي وصية، ثم انظر إلى ما بقي بعد الدين والوصية، فاعزله كله مع الدين. فإن كان ترك ثلاثمائة درهم أو أكثر فادفع ثلث ذلك، ثم انظر إلى ما بقي بعد ذلك كله. فإن كان ترك العبد ابنة فخذ خمس ذلك، فأضفه إلى الوصية التي كنت جعلت له أول مرة. فإن كان ترك ابنة (¬2) فخذ ثمانية. وإن كان ترك ابنة وامرأة فخذ السبع من ذلك. وإن كان ترك ابنتين وأمه فخذ سبعة أجزاء من سبعة وستين جزء من ذلك. وإن كان ترك ابنتين وأمه وامرأة فخذ جزء من أحد وسبعين جزء من ذلك، فأضفه إلى الوصية التي كنت جعلت له أول مرة، فاجعلها وصية جميعاً من رقبته، ثم انظر إلى ما بقي من رقبته، فادفع منه الدين، وانظر إلى ما بقي من رقبته بعد أن دفعت (¬3) الدين والوصية، فهي السعابة. ثم انظر إلى تركة العبد فخذ منها الدين كله فادفعه إلى ورثة المولى أيضاً، وهي السعاية التي كانت على العبد. وانظر إلى ما بقي من ذلك كله فاقسمه بين ورثة العبد. وإن كان ورثته أابنة، وحدها فأعطها النصف وأعط المولى ما بقي وهو النصف. وإن كان ترك ابنتين فأعطهما (¬4) الثلثين وللمولى ما بقي وهو الثلث. فانظر إلى ما وصل إلى المولى من الميراث فأضفه إلى الدين والسعاية. ثم انظر (¬5) الدين من ذلك كم هو، فأعطه عشر ما للمولى. وانظر إلى ما بقي بعد الدين (¬6) في يدي ورثة المولى فإنه ثلثا (¬7) ما ترك المولى بعد الدين. وانظر إلى الذي جعلته للعبد من رقبته كم هو، فإنه (¬8) الثلث مما ترك المولى بعد الدين. ¬

_ (¬1) م + ما ترك. (¬2) ز: ابنته. (¬3) ز: أن رفعت. (¬4) ز: فأعطها. (¬5) ز + إلى. (¬6) ز + وانظر إلى ما بقي بعد الدين. (¬7) ز: ثلثي. (¬8) م ز: فامنا؛ ش: فاننا (مهملة).

باب الرجل يعتق عبده وله مال غير العبد

باب الرجل يعتق عبده وله مال غير العبد وإذا أعتق الرجل عبده في مرضه والعبد يساوي ثلاثمائة درهم، وللمولى ثلاثمائة درهم سوى العبد، ثم مات العبد وترك ثلاثمائة درهم (¬1)، وترك ابنة ومولاه ومات المولى، فاجعل الوصية في هذه المسألة مائتي درهم، وهي ثلثا (¬2) رقبة العبد؛ لأنه ترك ثلاثمائة، وهو مثل قيمة الوصية ثلثي قيمته. ثم ارفع ثلث (¬3) رقبته من تركة العبد، ثم انظر إلى ما بقي فخذ خمسه، فضمه إلى ثلثي رقبته، فاجعله الوصية، وانظر ثلث قيمة العبد، وهو مائة درهم، فارفعها من تركة العبد وتركته ثلاثمائة، فيبقى مائتا درهم، فخذ خمس المائتين أربعين درهماً، فضم الأربعين إلى ثلثي قيمته، وثلثا (¬4) القيمة مائة (¬5) درهم، فيصير أربعين ومائتي درهم، وذلك وصية العبد من رقبته. ويبقى (¬6) من سعايته ستون درهماً، وهو الذي بقي (¬7) من رقبته، فخذ الستين من تركة العبد الثلاثمائة، فيبقى من تركته أربعون ومائتا درهم، فأعط (¬8) ابنته من ذلك النصف عشرين ومائة، وأعط المولى النصف عشرين ومائة، فضم العشرين والمائة التي أعطيتها المولى (¬9) من الميراث إلى السعاية، فيصير ثمانين ومائة درهم؛ لأن السعاية كانت ستين درهماً (¬10). [فضم] هذه المائة (¬11) والثمانين إلى الثلاثمائة درهم التي تركها سوى العبد، فيكون أربعمائة وثمانين (¬12) درهماً، فهو لورثة المولى، وهي ثلثا ما ترك الميت، وصار للعبد (¬13) من رقبته أربعون ومائتا درهم، وهي ¬

_ (¬1) ش - درهم. (¬2) ز: ثلثي. (¬3) م - وهو مثل قيمة الوصية ثلثي قيمته ثم ارفع ثلث (غير واضح)؛ ز - وهو مثل قيمة الوصية ثلثي قيمته ثم ارفع ثلث (بياض). (¬4) م ش ز: وثلثي. (¬5) ز: مائتي. (¬6) ز: ويسعى. (¬7) م ش ز: بقيت. (¬8) ز: فأعطه. (¬9) م ش ز: للمولى. (¬10) ز: درهم. (¬11) ز + درهم لأن السعاية كانت ستين درهم هذه المائة. (¬12) ز: وثمانون. (¬13) م ش ز: العبد.

باب العتق في المرض

ثلث (¬1) ما ترك المولى. ولو كان المولى (¬2) ترك أكثر من ثلاثمائة أو أقل كان كذلك أيضاً. فأضف ما تركه إلى رقبة العبد، فارفعه (¬3) من تركة العبد إن كان ترك ثلاثمائة أو أكثر. ثم انظر إلى ما بقي من تركة العبد، فخذ الخمس منه إن كان ترك (¬4) ابنة ومولى. وإن كان ترك ابنتين ومولى فخذ منه الثمن. وإن كان ترك ابنة وامرأة (¬5) فخذ السبع من ذلك. وإن كان ترك ابنتين وامرأة فخذ على مثل ما (¬6) وصفت لك في الباب الأول. وإن كان ترك ابنتين وأما وامرأة فخذ على مثل ما وصفت لك في الباب الأول أيضاً. ثم انظر إلى هذا الذي تأخذ (¬7) منه، فضمه إلى ما جعلته وصية للعبد من رقبته، فاجعل جميع (¬8) ذلك وصية من رقبته. ثم انظر إلى ما بقي من رقبته، فاجعلها سعاية، فخذ من تركته، فادفعها إلى ورثة المولى. ثم انظر إلى ما بقي من تركته بعد السعاية، فاقسمه بين ورثة العبد. وانظر إلى ما يصيب المولى من ذلك الميراث، فضمه إلى السعاية، ثم ضمه إلى ما ترك المولى سوى رقبة العبد، فانظر كم هو، فإنه ثلثا (¬9) ما ترك من الرقبة وغيرها، وانظر إلى الذي جعلته وصية كم هو، فتجده الثلث من ذلك. ... باب العتق في المرض وإذا أعتق الرجل عبداً له في مرضه ولا مال له غيره، والعبد يساوي ثلاثمائة درهم، فتعجل (¬10) المولى (¬11) من (¬12) العبد جميع ¬

_ (¬1) ش: ثلثا. (¬2) ز - ولو كان المولى. (¬3) ش: فادفعه. (¬4) ز: تركة. (¬5) ش: وامه. (¬6) ش - ما. (¬7) ز: يأخذ. (¬8) ز + جميع. (¬9) ز: ثلثي. (¬10) م ش ز: فتجعل. (¬11) م ش: للمولى. (¬12) ز: ثمن.

القيمة فأكلها، ثم مات العبد وترك خمسمائة درهم ولا وارث له غير ابنة ومولاه، ثم مات المولى، فالوصية من ذلك مائة درهم مما على المولى. وتأخذ الابنة ثلاثمائة درهم من الخمسمائة التي تركها العبد (¬1). ويأخذ ورثة المولى مائتي درهم؛ لأن السيد قد استهلك فضل مائة. فإذا كانت الوصية مائة كانت السعاية مائتين (¬2). فوجدنا (¬3) السيد قد استهلك للعبد مائة درهم، وأخذ ورثة المولى مائتي درهم، فصار لهم (¬4) ثلاثمائة، وللابنة ثلاثمائة. ولو كان المولى قد تعجل (¬5) من العبد ثلثي قيمته فأكلها ثم مات العبد وترك خمسمائة ومات المولى بعده كانت الوصية هاهنا عشرين ومائة، والسعاية ثمانين ومائة. فقد استهلك السيد مائتين (¬6). فعليه فضل عشرين. وصار مال العبد عشرين وخمسمائة. للابنة من ذلك ستون ومائتا درهم. ويأخذ ورثة المولى أربعين ومائتين، وعشرون (¬7) على المولى. فذلك بما على المولى ستون ومائتان. ولو كان المولى تعجل مائة فاستهلكها كانت الوصية أربعين ومائة، والسعاية ستين ومائتى فقد استهلك السيد منها مائة، وبقي ستون درهماً (¬8). فيأخذها ورثة المولى من الخمسمائة (¬9)، ويبقى أربعمائة وأربعون، لهم من ذلك النصف عشرون ومائتان. وللابنة النصف. فصار في يدي ورثة المولى من الميراث مضافاً (¬10) للسعاية ثمانون ومائتا درهم، فثلثا (¬11) ذلك مما (¬12) ترك للمولى، وصارت الوصية أربعين ومائة. ولو أن المولى لم يكن تعجل من العبد شيئاً ومات العبد وترك خمسمائة ثم مات المولى كانت الوصية ستين ومائة، والسعاية أربعين ومائة ¬

_ (¬1) ز: للعبد. (¬2) ز: مائتان. (¬3) ز: فوجد جدنا. (¬4) ش: له. (¬5) ز: قد يعجل. (¬6) ز: مائتي. (¬7) م ش ز: وعشرين. (¬8) ز: درهم. (¬9) ش: من الخمس المائة. (¬10) م ش ز: ونصفه. (¬11) م ش ز: وثلثى؛ ش + درهم. (¬12) م ش ز: ما.

درهم، فيأخذها ورثة المولى من الخمسمائة. يأخذ ورثة المولى مائة درهم وأربعين درهماً، فتصير (¬1) السعاية، ويأخذون نصف ما بقي من الميراث، وذلك مائة وثمانون درهماً، فيصير في أيديهم ثلاثمائة وعشرون (¬2). ووصية العبد مائة وستون (¬3) الثلث. وصار في يدي ابنته مائة وثمانون (¬4) درهماً (¬5). وأصل (¬6) هذا الباب إذا تعجل المولى جميع قيمة العبد والمسألة على ما ذكرت لك في أول الباب فإن الوصية من ذلك مائة، وهو خمس الخمسمائة التي ترك العبد. فإذا جعلنا الوصية مائة صارت السعاية مائتين، وقد استهلك المولى ثلاثمائة، فمائتان من ذلك سعاية العبد، وبقي للعبد (¬7) عليه مائة (¬8)، فكأن (¬9) العبد ترك ستمائة، ثلاثمائة للمولى، وثلاثمائة للابنة. فيأخذ المولى مائتي درهم من الخمسمائة للعبد. ولو أنه تعجل مائتي درهم من العبد والمسألة على حالها فالوصية من ذلك مائة وعشرون (¬10) حياته (¬11) لأنه كان (¬12) ثلمث قيمة العبد عشرة وهو مائة. فصار جميع ذلك مع الخمسمائة التي تركها العبد ستمائة. فخمس ذلك مائة وعشرون. فصار ميراث المولى من العبد نصف الخمسمائة ونصف العشرين التي عليه. فذلك مائتان وستون. فقد استهلك المولى عشرين في حياته، وبقي على يدي ورثته مائتان وأربعون (¬13). ولو أنه تعجل مائة درهم من العبد والمسألة على حالها (¬14) فصار للمولى على العبد من القيمة مائتان، وصار كأنه غير (¬15) وترك العبد ¬

_ (¬1) ز: فيصير. (¬2) ز: وعشرين. (¬3) ز: وستين. (¬4) ز: وثمانين. (¬5) م ز - درهماً. (¬6) م ز: واهل. (¬7) م ز: العبد. (¬8) ز - مائة. (¬9) م ش ز: فلأن. (¬10) ز: وعشرين. (¬11) م: مباهه (مهملة)؛ ش - حياته. ش هـ: ط (أي يوجد سقط)؛ ز: ماهد. (¬12) ز: كانت. (¬13) هذه الفقرة فيها أخطاء وتحريفات ونقص. (¬14) ز: على لها. (¬15) كذا في م ش ز.

باب السلم في المرض

خمسمائة، فذلك سبعمائة. فخمس ذلك مائة وأربعون (¬1) درهماً، وهو الوصية. فإذا جعلنا الوصية مائة وأربعين جعلنا السعاية مائة وستين. فقد استهلك المولى مائة درهم، وبقي له من السعاية ستون، فيأخذها من تركة العبد من الخمسمائة. فيبقى أربعمائة وأربعون (¬2). فله نصف ذلك. فيصير كله مائتين (¬3) وثمانين درهماً. ... باب السلم في المرض وإذا (¬4) أسلم عشرة دراهم في مرضه في كُرّ يساوي عشرة دراهم إلى أجل معلوم وضرب معلوم، فقبض المسلم إليه الدراهم، ثم مات رب السلم وعليه دين يحيط بماله ولم يحل الكر، فإن المسلم إليه بالخيار. إن شاء رد الدراهم وقبض السلم. وإن شاء أدى (¬5) الكر كله حالاً؛ لأن الميت لا وصية له وعليه دين يحيط بماله. وإن كان الكر قد حل أجبر المسلم على أن يؤدي الكر ولا خيار له فيه. وكذلك لو كان المسلم إليه مات قبل رب السلم أو بعده قبل أن يختصموا، فإن ورثته يجبرون (¬6) على ذلك. وإذا أسلم الرجل عشرين درهماً في كُرّ يساوي عشرة دراهم وعليه دين عشرة دراهم فإن المسلم إليه بالخيار. إن شاء رد الدراهم ونقض السلم. وإن شاء أدى الكر كله، وقيمته عشرة دراهم، ورد من (¬7) رأس المال ستة وثلاثين. فيكون في يدي الورثة ستة عشر وثلثان (¬8)، ويقضون منها الدين عشرة دراهم. ويبقى في أيديهم ستة دراهم وثلثا (¬9) درهم، وهو ثلثا (¬10) ما ترك الميت بعد الدين. ¬

_ (¬1) ز: وأربعين. (¬2) ز: وأربعين. (¬3) ز: مائتي. (¬4) ش: فإذا. (¬5) ز: أد. (¬6) ش ز: يجبروا. (¬7) ش - من. (¬8) ز: وثلثين. (¬9) ز: وثلثي. (¬10) ز: ثلثي.

وإذا أسلم خمسين درهماً في كُرّ يساوي ثلاثين درهماً وعليه دين عشرين فإن المسلم إليه بالخيار. إن شاء رد الدراهم ونقص (¬1) الكر. وإن شاء أدى الكر كله، وقيمته ثلاثون (¬2) درهماً، ورد من رأس المال عشرة. فيكون في يدي الورثة أربعون (¬3) درهماً، فيقضون منها الدين عشرين. ويبقى في أيديهم عشرون، وهي ثلث ما ترك الميت بعد الدين. ويكون في يدي المسلم إليه أربعون (¬4) درهماً، فثلاثون (¬5) منها قيمة الكر الذي أدى، وعشرة محاباة، وهي ثلث ما ترك الميت بعد الدين. وإذا أسلم مائة في كُرّ يساوي خمسين وعليه دين أربعون (¬6) فإن المسلم إليه بالخيار. إن شاء نقض السلم. وإن شاء أدى الكر وقيمته خمسون (¬7)، ورد ثلاثين (¬8) من رأس المال. فيكون في يدي الورثة ثمانون، أربعون الدين (¬9)، وأربعون (¬10) ثلثا (¬11) ما ترك الميت بعد الدين. ويكون في يدي المسلم إليه سبعون، خمسون (¬12) قيمة كره الذي أدى، وعشرون محاباة، وهي ثلث ما ترك الميت بعد الدين. وأصل ذلك أنك تنظر إلى السلم كم هو، فتعطي (¬13) المسلم إليه قيمة كره، وثلث ما ترك الميت بعد الدين، وترد ما بقي من السلم على الورثة. وإذا كان السلم خمسين في (¬14) كُرّ يساوي ثلاثين، وعليه دين عشرين، فأعط (¬15) المسلم إليه من السلم وهو خمسون قيمة كره ثلاثين، وثلث ما ترك الميت بعد الدين فهو عشرة؛ لأن الميت ترك خمسين، وعليه دين عشرون، فلما رفعت من السلم ثلاثين درهماً قيمة الكر [و] عشرة ثلث ¬

_ (¬1) ز: ونقض. (¬2) ز: ثلثين. (¬3) ز: أربعين. (¬4) ز: أربعين. (¬5) ز: فثلثين. (¬6) ز: أربعين. (¬7) ز: خمسين. (¬8) ز: ثلثين. (¬9) ش - أربعون الدين. (¬10) ش: أربعون. (¬11) ز: ثلثي. (¬12) ش: وخمسون. (¬13) ز: فيعطى. (¬14) ش: في خمسين. (¬15) ز: فأعطى.

باب السلم في المرض إلى رجلين أو ثلاثة

ما ترك الميت بقي عشرة من السلم (¬1)، فيردها المسلم إليه على الورثة ويؤدي الكر. وإذا كان السلم (¬2) مائة (¬3) في كُرّ يساوي خمسين وعليه دين أربعون رفعت من السلم قيمة الكر خمسين، وثلث ما ترك بعد الدين، وهو عشرون؛ لأنه ترك مائة، وعليه منها دين أربعون، فلما رفعت قيمة الكر من السلم وثلث ما ترك الميت، بقي من السلم ثلاثون وهي الدين يردها المسلم إليه على الورثة. وكذلك إن أسلم في شيء مما يكال أو يوزن (¬4). وكذلك إن أسلم في شيء من الثياب ووصف عرضه وطوله ورُقعته (¬5) على رب السلم من ذلك كله فهو على ما وصفت لك. ... باب السلم في المرض إلى رجلين أو ثلاثة وإذا أسلم الرجل عشرة دراهم في مرضه إلى رجلين في كُرّ يساوي عشرة دراهم إلى أجل (¬6) معلوم (¬7) وضرب معلوم، وقبض المسلم إليه الدراهم، ثم مات رب السلم قبل أن يحل الكر، ولا مال له غيرها، فإن المسلم إليهما بالخيار. إن شاء أديا الكر كله حالاً. وإن شاء ردا الدراهم ونقضا السلم إلا أن يشاء (¬8) الورثة أن يجيزوا لهم السلم إلى أجله. وإن أجازاه لم يكن لهما أن ينقضا. وإن كان الكر قد حل أجبرا على أداء ذلك كله ولا خيار لهما فيه. وكذلك إن ماتا قبل رب السلم أو بعده قبل أن يختصموا. وإن مات أحدهما قبله ثم مات رب السلم قبل أن يحل الأجل فإنه يجبر ورثة المسلم إليه على أن يؤدوا حصة أبيهم من الكر وهو ¬

_ (¬1) م ش ز: من المسلم. (¬2) م ش ز: المسلم. (¬3) ز: بمائة. (¬4) ز: ويوزن. (¬5) أي: غلظه وثخانته، كما تقدم. (¬6) ز: بأجل. (¬7) م - إلى أجل معلوم (غير واضح). (¬8) ز: إن شاء.

النصف؛ لأنه قد حل نصيبه حيث مات. ويقال للحي منهما: أنت بالخيار. إن شئت فرد حصتك من الدراهم، وانقض السلم من حصتك، فأد (¬1) ثلث ما عليك من الكر، فهو سدس الدين، فيكون في يدي ورثة رب السلم ثلثا (¬2) الكر (¬3)، وهو ثلثا (¬4) ما ترك الميت. ويكون في يد (¬5) المسلم إليه ثلث الكر إلى أجله؛ لأنه إنما حاباهما بالأجل. فأما الذي مات فقد حل نصيبه. وأما الآخر فيسلم إليه ثلث الكر إلى أجله، وهو ثلث ما ترك الميت. وإذا أسلم عشرين درهماً في مرضه إلى رجلين في كُرّ يساوي عشرة، ثم مات رب السلم ولا مال له غيرها، وقد مات أحد المسلم إليهما قبله أو بعده قبل أن يختصموا، وهو موسر، فإن ورثة المسلم إليه والباقي بالخيار. إن شاؤوا أدوا كله وقيمة عشرة دراهم، وردوا ثلثه وثلثا (¬6) من رأس المال. فيكون في يدي ورثة رب (¬7) السلم ثلاثة عشر وثلث، وهو ثلثا ما ترك (¬8) الميت. وإن شاؤوا نقضوا السلم (¬9) وردوا الدراهم إلا أن تجيز (¬10) ورثة رب السلم السلم (¬11) إلى أجله. وإن كان المسلم إليه مات وهو معسر فإن الآخر بالخيار. إن شاء رد حصته من الدراهم ونقض السلم. وإن شاء أدى نصف الكر وقيمته خمسة، ورد ثلاثة دراهم من رأس المال. فيكون في يد ورثة رب السلم ثمانية دراهم، وهو أربعة أخماس ما ترك المسلم إليه؛ لأن الميت مات مستوفياً الوصية. ففريضتهم (¬12) على ستة. للمسلم إليهما الثلث، وقد حاباهما بأكثر من الثلث، فلا يجوز إلا الثلث سهمين. وللورثة أربعة. فأما الميت قد مات مستوفياً لسهمه، فبقي خمسة أسهم. فللورثة أربعة. وللحي واحد. فأربعة له مما (¬13) عليه الخمس، ويؤدي إلى الورثة أربعة ¬

_ (¬1) ز: فأدى. (¬2) ز: ثلثي. (¬3) م ز: للكر. (¬4) ز: ثلثي. (¬5) ز: في يدي. (¬6) ز: وثلث. (¬7) م - رب؛ صح هـ. (¬8) م ش ز + من. (¬9) م: للسلم. (¬10) ز: أن يجيز. (¬11) ز - السلم. (¬12) م ش ز: بفريضتهم. (¬13) ز - فأربعة له مما.

أخماس. فلما رفعنا له مما كان أسلمه إليه وهو عشرة (¬1)، الخمس وهو درهمان (¬2)، بقي ثمانية. فهو الذي يصير في يدي الورثة. ويصير في يدي المسلم إليه سبعة دراهم. خمسة منها قيمة نصف الكر الذي أدى، ودرهمان (¬3) محاباة، وهو خمس ما ترك الميت. وإذا أسلم ثلاثين في كر قيمته عشرين إلى رجلين في مرضه ثم مات ولا مال له غيرها، فغاب أحد الرجلين وأحد ورثة (¬4) الآخر، وباقي الورثة لا تجيز هذا السلم، فإن المسلم إليه بالخيار. إن شاء رد رأس المال ونقض السلم في حصته. وإن شاء أدى نصف الكر وقيمته خمسة دراهم ورد من رأس المال سبعة دراهم. ويكون في يدي الورثة اثنا عشر درهماً وهو أربعة أخماس ما ترك الميت من القيمة. ولا يحتسب بما على الغائب، لأنه بمنزلة الدين، أو، لا بحصته من المحاباة، لأنه مستوف (¬5) لها. وهو على ما فسرت لك أولاً. ويكون (¬6) في يدي المسلم إليه ثمانية دراهم، خمسة منها قيمة نصف الكر الذي أدى، وثلاثة محاباة، وهو خمسة ما ترك الميت مما عليه (¬7). فإذا ظفروا بالغائب بعدما قضى القاضي (¬8) بينهم بهذا وفسخ السلم فيما بينهم وبين الأول فإنه يكون بالخيار. إن شاء رد الدراهم على الورثة ونقض السلم. وإن شاء أدى نصف الكر وقيمته خمسة دراهم، ورد ثلاثة دراهم من رأس المال. فيكون في يدي الورثة بالاثني (¬9) عشر التي أخذوها من الأول عشرين درهماً، وهي ثلثا جميع ما ترك الميت. ويكون في يدي المسلم إليه الغائب اثنا عشر، خمسة منها قيمة نصف الكر الذي أدى، وسبعة محاباة. وتم تمام ثلث ما ترك الميت مع الثلاثة التي أخذ الأول. ولا ¬

_ (¬1) ز - أسلمه إليه وهو عشرة. (¬2) ش + فان. (¬3) ز: ودرهمين. (¬4) م ش ز: الورثة. (¬5) ز: مستوفي. (¬6) م ش ز: ولا يكون. (¬7) م ش ز: من الفه. والتصحيح مستفاد من المبسوط، 29/ 80. (¬8) م ش ز: قضى الف اخرى. والتصحيح من الكافي، 3/ 279 و؛ والمبسوط، 29/ 80. (¬9) ز: بالاثنا.

يرد على الأول منها شيء؛ لأن القاضي قد فسخ سلم الأول، فلا يعود أبداً، ويكون ما بقي كله للغائب. فإذا أسلم الرجل في مرضه ستين درهماً إلى ثلاثة رجال في كُرّ قيمته ثلاثون درهماً، وقبضوا الدراهم، ثم مات رب السلم ولا مال له غيرها، فأخذ الورثة واحداً منهم ولم يظفروا بالآخر، فقالوا: لا نجيز ذلك السلم، فإن المسلم إليه بالخيار. إن شاء رد حصته من الدراهم وهي عشرون على الورثة ونقص السلم من حصته. وإن شاء أدى حصته من الكر الثلث وقيمته عشرة دراهم، ورد رأس المال سبعة دراهم وسبع، فيكون في يدي الورثة سبعة (¬1) عشر درهماً وسبع، ما كان على المسلم إليه. ويكون في يدي المسلم إليه ثلاثة عشر درهماً إلا سبع، عشرة (¬2) منها قيمة ما أدى من الطعام، وثلاثة إلا سبع محاباة، وهو سبع ما كان عليه. فإن ظفروا بأحد (¬3) الغائبين بعدما قضى القاضي بينهم بهذا وفسخ السلم فيما بينهما وبين الأول فإنه يكون بالخيار. إن شاء (¬4) رد حصته من الدراهم ونقض السلم. وإن شاء أدى الكر وقيمته عشرة، ورد من رأس ماله ثلاثة دراهم إلا سبعاً (¬5). فيكون في يدي الورثة بالذي أخذوا من الأول ثلاثون (¬6) درهماً، وذلك ثلاثة أرباع ما كان أسلم إليهما. ويكون في يدي المسلم إليه الباقي سبعة عشر درهماً وسبع، عشرة (¬7) منها قيمة ما أدى من الطعام، وسبعة وسبع محاباة، وهو كمال ربع ما أسلم إليهما بالذي أخذ الأول من المحاباة. ولا يرد الثاني (¬8) على الأول شيئاً؛ لأن الأول قد فسخ القاضي حصته من رأس مال (¬9) السلم، فلا يعود (¬10) أبداً. ¬

_ (¬1) م ش ز: وسبعة. (¬2) ز: عشر. (¬3) ز: يأخذ. (¬4) م - فإنه يكون بالخيار إن شاء (غير واضح)؛ ز - فإنه يكون بالخيار إن شاء (بياض). (¬5) ز: إلا سبع. (¬6) ز: ثلثين. (¬7) ز: عشر. (¬8) ش - الثاني، صح هـ؛ ز: الباقي. (¬9) ش - مال. (¬10) ز: تعود.

ويكون ما بقي من الربع كله للثاني. وإن (¬1) ظفروا بالثالث بعد ذلك جاز له (¬2) السلم في حصته، وجازت حصته من المحاباة؛ لأنها كمال الثلث سواء. فيقال له: أد (¬3) إلى الورثة حصتك من الكر، وهو الثلث، وقيمته عشرة. فيكون في يدي ورثة رب السلم أربعون درهماً، وهو ثلثا (¬4) ما ترك الميت. ويكون في يدي المسلم إليه الثالث عشرون درهماً، عشرة منها قيمة ثلث الكر الذي أدى، وعشرة محاباة، وهو تمام ثلث ما ترك الميت بالذي أخذ الأولين. وأصل ذلك وتفسيره أنه إذا أسلم إلى ثلاثة في مرضه وحاباهم بالثلث أو أكثر جاز لهم الثلث بينهم أثلاثاً، فكانت سهامهم على سبعة أسهم. فللمسلم إليهم ثلاثة أسهم، لكل واحد منهم سهم، وللورثة ستة أسهم. فإذا غاب اثنان غابا مستوفيين (¬5) نصيبيهما، وهو سهمان. فبقي (¬6) سبعة أسهم، للشاهد سهم، وللورثة ستة أسهم. فيقال للشاهد: أد (¬7) إلى الورثة ستة أسباع ما عليك، وخذ سبعه محاباة. فإذا ظفروا بأحد (¬8) الغائبين وكان واحد غائباً وبقي اثنان فالغائب مستوفي لسهمه. فبقي ثمانية أسهم، للورثة ستة أسهم، وللمسلم إليهما اثنان بذلك الربع، ففسد ربع ما عليهما، إلا أنه كان للثاني قبل أن يفسخ القاضي سلم الأول، فالربع بين المسلم إليهما نصفان (¬9). وإن كان إنما ظفروا (¬10) بالثالث بعد ذلك كان تمام الربع كله للثاني، ولا يشركه (¬11) فيه الأول. وإن ظفروا (¬12) بالثالث بعد ذلك سلم له تمام ثلث مال الميت مع ما أخذ الأولان وهو عشرة؛ لأن الذي أخذ الأولان (¬13) ربع ما كان عليهما، وهو عشرة، وثلث مال الميت عشرين. فيكون في يدي المسلم ¬

_ (¬1) ز: فإن. (¬2) ش - له. (¬3) ز: أدي. (¬4) ز: ثلثي. (¬5) ز: مستوفين. (¬6) ز: فيبقى. (¬7) ز: أدى. (¬8) ز: يأخذ. (¬9) ز: نصفين. انظر للشرح: المبسوط، 29/ 81. (¬10) ز: ظفر. (¬11) ز: يشرله. (¬12) ز: ظفر. (¬13) ز: الأولين.

باب الرهن في السلم في المرض

إليه (¬1) الثالث عشرون درهماً، عشرة قيمة ما أدى من الطعام، وعشرة محاباة، وهو كمال ثلث مال الميت. وكذلك (¬2) إذا أسلم إليهم في شيء مما يكال أو يوزن أو أسلم ما يكال فيما يوزن أو ما يوزن فيما يكال، أو أسلم إليهم في شيء من الثياب فوصف عرضه ورُقعته (¬3) وطوله، فهو جائز كله، وهو على ما وصفت لك. تنظر (¬4) إلى سهامهم كم هو، فتنظر (¬5) إلى من غاب، فتجعله مستوفياً لسهمه، ويكون فيما بقي بينهم من السهام، فتؤدي (¬6) إلى الورثة حصتهم، وإنما يقوم السلم في ذلك كله يوم يختصمون إذا كانت قيمته محاباة. ... باب الرهن في السلم في المرض وإذا أسلم الرجل في مرضه في طعام معلوم وصنف معلوم (¬7) وكيل معلوم إلى أجل معلوم، وقبض المسلم إليه الدراهم، وأخذ رب السلم منه رهناً بالسلم، فهو جائز. وكذلك إن أخذ منه كفيلاً بالسلم. بلغنا عن إبراهيم النخعي أنه قال: لا بأس بالرهن والكفيل في السلم (¬8). وإذا أسلم الرجل عشرة دراهم في مرضه في كُرّ حنطة، وقيمته عشرة (¬9)، وقبض المسلم إليه الدراهم، وأخذ منه بذلك السلم رهناً (¬10) قيمته ¬

_ (¬1) ز - المسلم إليه. (¬2) ز - ثلث مال الميت وكذلك. (¬3) أي: غلظه، وقد تقدم. (¬4) ز: ينظر. (¬5) ز: فينظر. (¬6) ز: فيؤدي. (¬7) ز - وصنف معلوم. (¬8) الآثار لأبي يوسف، 188؛ والمصنف لعبد الرزاق، 8/ 10؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 271. (¬9) ز: عشر. (¬10) ز: رهن.

عشرة دراهم، ثم مات رب السلم وقد حل الكر، فهو جائز. ويقال للمسلم إليه: أد الكر وخذ رهنك. وكذلك إن مات المسلم إليه قبل رب السلم أو بعده قبل أن يختصموا. وإن مات رب السلم ولم يحل الكر بعد، فإن كان له مال يخرج ذلك من الثلث فهو جائز إلى أجله. وإن لم يكن له مال غيره وأبى الورثة أن يجيزوا السلم قيل للمسلم إليه: أنت بالخيار. إن شئت فرد الدراهم وانقض السلم وخذ رهنك. وإن شئت فأد ثلثي الكر حالاً، ويكون الثلث إلى أجله؛ لأنه حابى لأجل (¬1) الذي أخذ عنه، فيجوز له من ذلك الثلث، وهو ثلث ما ترك الميت، ولا يكون (¬2) للمسلم أن يأخذ الرهن حتى يؤدي ثلث الكر الباقي. وإذا أسلم الرجل في مرضه عشرة دراهم في كُرّ حنطة، وقيمته عشرة، وأخذوا منه رهناً قيمته عشرة، ثم مات رب السلم، وقد هلك الرهن في يديه أو بعد موته قبل أن يختصموا، فالرهن بما فيه، ولا سبيل لواحد منهما على صاحبه؛ لأنه حيث ضاع الرهن فكأن المسلم إليه الكر قد أدى الكر. وإذا أسلم الرجل في مرضه عشرين درهماً في كُرّ حنطة، وقيمته عشرون درهماً، وأخذ رهناً قيمته عشرة دراهم، فضاع الرهن، ثم مات رب السلم ولا مال له غيرها، فإن الرهن يذهب بمثل قيمته من الكر، وهو نصف الكرة لأن الرهن لا يكون (¬3) رهناً بأكثر من قيمته، فلما ضاع ذهب نصف الكر. ويقال للمسلم إليه: أنت بالخيار. فإن شئت فأد (¬4) ثلثي ما ترك الميت؛ لأن الميت لم يدع إلا نصف الكر الذي بقي على المسلم إليه سدس الكر إلى أجله، وهو ثلث ما ترك الميت. وإن شاء رد الدراهم وأخذ من الورثة نصف كر؛ لأن الرهن حيث ضاع في يدي رب السلم فكأن المسلم إليه أدى إليه نصف الكر، فيقول (¬5) للورثة: سلموا إلي ¬

_ (¬1) ز: جاء بالأجل. (¬2) م + يكون. (¬3) م - لا يكون (غير واضح)؛ ز: لأن الرهن لا يكون (بياض). (¬4) ز: فأدى. (¬5) ز: فيقولوا.

ما بقي من الكر إلى أجله، والآخر [يقول:] ردوا علي نصف الكر الذي أخذ أبوكم وخذوا دراهمكم (¬1)، فذلك له إلا أن يجيز الورثة ما بقي من الكر إلى أجله. وإذا أسلم الرجل في مرضه عشرين درهماً في كُرّ حنطة قيمته عشرة، وأخذ منه رهناً قيمته عشرة دراهم، فضاع الرهن، ثم مات رب السلم ولا مال له غيرها، وأبى الورثة أن يجيزوا، فإن المسلم إليه بالخيار. إن شاء رد الدراهم كلها وأخذ من الورثة كراً مثل كره، لأنه حيث ضاع الرهن فكأنه أدى الرهن إلى أبيهم. وإن شاء رد من رأس (¬2) المال ستة دراهم وثلثي درهم. فيكون في يدي الورثة ثلثا (¬3) ما ترك الميت، ويكون في يدي المسلم إليه ثلاثة عشر درهماً، عشرة (¬4) منها قيمة الكر الذي ضاع به الرهن، وثلاثة (¬5) محاباة، وهو ثلث ما ترك الميت. وإذا أسلم الرجل في مرضه خمسين درهماً في كُرّ حنطة قيمته عشرون درهماً، وأخذ منه رهناً قيمته ثلاثون (¬6)، ثم مات رب السلم ولا مال له غيرها، وقد ضاع الرهن، فالمسلم إليه بالخيار. إن شاء رد الدراهم وأخذ كراً مثل كره. وإن شاء رد من رأس المال عشرين درهماً إلى الوارث. فيكون في أيديهم، وهو ثلثا (¬7) ما ترك الميت بعد الذي ذهب من الرهن؛ لأن الرهن ذهب بالكر، وقيمته عشرون (¬8). فيبقى من رأس المال ثلاثون (¬9)، وهو مال الميت الذي تركه، ولا يحتسب بما ذهب من الرهن فيما ترك الميت. فيكون في يدي المسلم إليه ثلاثون (¬10) درهماً قيمة الكر الذي ضاع به الرهن، وعشرة محاباة، وهو ثلث ما ترك الميت. فإذا أسلم الرجل في مرضه عشرة دراهم في كُرّ حنطة قيمته عشرة ¬

_ (¬1) ز: دراهم كم. (¬2) ش - رأس. (¬3) ز: ثلثي. (¬4) م ش ز: وثلاثة عشر. (¬5) م ش ز + وثلث. (¬6) ز: ثلثين. (¬7) ز: ثلثي. (¬8) ز: عشرين. (¬9) ز: ثلثين. (¬10) ز: ثلثين.

دراهم يوم أسلم إليه، وأخذ منه رهناً، وقيمته عشرة (¬1)، وحل الكر، ثم مات رب السلم، وقيمة الكر يوم مات خمسة دراهم، فالسلم جائز، ويؤدي الكر، وأخذ رهنه؛ لأنه لم يحابه فيه (¬2) يوم أسلم إليه. وإذا أسلم الرجل ثلاثين درهماً في مرضه في كُرّ حنطة قيمته يوم أسلم إليه عشرون (¬3) درهماً، ثم مات رب السلم ولا مال له غيرها، وقيمة الكر يوم مات عشرة دراهم، وأبى الورثة أن يجيزوا السلم، فالمسلم إليه بالخيار. إن شاء رد الدراهم ونقض السلم. وإن شاء أدى الكر وقيمته عشرة دراهم، ورد من رأس المال عشرة. فيكون في يدي الورثة عشرون (¬4) - درهماً، وهي ثلثا ما ترك الميت. ويكون في يدي المسلم إليه عشرون (¬5) رأس المال، عشرة قيمة (¬6) الكر الذي أدى، وعشرة محاباة، وهي ثلث ما ترك الميت، مِن قِبَل أن هذا قد كانت فيه محاباة يوم أسلم إليه. فإذا كانت فيه محاباة يوم أسلم نظرت إلى قيمة الكر يوم يختصمون، ولا أنظر إلى قيمته قبل ذلك. وإن لم يكن فيه محاباة فهو على قيمته يوم أسلم؛ لأنه لم يحابه يومئذ بشيء. وكذلك إن زادت قيمة الكر. وإن كانت فيه محاباة يوم أسلم فزادت فهو على قيمته يوم يختصمون. وإذا أسلم الرجل في مرضه ثلاثين درهماً في كُرّ حنطة قيمته عشرون (¬7) درهماً، فزادت قيمة الكر، وزادت قيمة الرهن، أو نقصا جميعاً بعد ذلك، ثم مات رب السلم وله مال (¬8) غير السلم، فإنه يؤخذ بقيمة الرهن يوم (¬9) رهن زاد (¬10) بعد ذلك أو نقص، ويؤخذ بقيمة الكر فيما بينه ¬

_ (¬1) ز - دراهم يوم أسلم إليه وأخذ منه رهنا وقيمته عشرة. (¬2) م - لم يحابه فيه (غير واضح)، ز - لم يحابه فيه (بياض). (¬3) ز: عشرين. (¬4) ز: عشرين. (¬5) ز: عشرين. (¬6) م ش ز: وقيمة. (¬7) ز: عشرين. (¬8) م ز - مال. (¬9) م ش ز: بغير. والتصحيح مستفاد من المبسوط، 29/ 82. (¬10) م ش ز: وزاد.

وبين الرهن (¬1) يوم وقع السلم، وأخذ به الرهن، وأخذ بقيمة الكر [الذي فيه] المحاباة يوم يختصمون؛ لأني أريد أن أسلم للمسلم إليه ثلث ما ترك الميت بالمحاباة، ولا أستوفي (¬2) مال الميت إذا كانت فيه محاباة إلا يوم يختصمون، ولا آخذ بقيمته يوم الموت. وإنما يقوم بعد الموت حتى يصير في يدي الورثة ثلثا (¬3) ما ترك الميت وفي يدي المسلم إليه الثلث. وأما الرهن فإنه يؤخذ بقيمته يومئذ. وتفسير هذا إذا (¬4) أسلم ثلاثين درهماً في كر حنطة قيمته عشرون (¬5) درهماً، وأخذ منها (¬6) رهناً قيمته عشرة دراهم، ثم مات رب السلم ولا مال له غيره، وصار قيمة الكر عشرين درهماً وقد ضاع الرهن، فإن الرهن يذهب بالكر على قيمته يومئذ، ويكون المسلم إليه بالخيار. إن شاء رد الدراهم وأخذ كراً مثل كره؛ لأنه حيث ضاع الرهن فكأنه كان أدى الكر. وإن شاء رد من رأس المال إلى الورثة ستة دراهم وثلثي درهم، وهو ثلث ما ترك الميت بعد الذي ذهب من الرهن؛ لأن الرهن ذهب بالكر وقيمته عشرون؛ لأنه حيث ضاع الرهن فكأن (¬7) المسلم إليه أدى الكر يومئذ، فتلف (¬8) في يدي رب السلم، فإذا رفعت (¬9) قيمة الكر يوم وقع السلم وهي عشرون درهماً بقيت عشرة دراهم، فهي الذي (¬10) ترك الميت. ويكون في يدي المسلم إليه ثلاثة وعشرون وثلث. عشرون (¬11) منها قيمة الكر الذي ذهب به الرهن، وثلاثة وثلث محاباة، وهي ثلث ما ترك الميت بعد الذي ذهب من الرهن. وكذلك إن كان الرهن هو الذي نقصت قيمته. وإذا أسلم الرجل في مرضه خمسين درهماً في كُرّ حنطة قيمته يوم ¬

_ (¬1) م ش ز: الراهن. والتصحيح من الكافي، 3/ 280 و. (¬2) م ز: ولا أتوفي؛ ش بياض. (¬3) م ش ز: وثلثي. (¬4) ز - إذا. (¬5) ز: عشرين. (¬6) م ش ز: منا. (¬7) م ش ز: وكأن. (¬8) ز: فيلف. (¬9) ز: رافعت. (¬10) م ش ز: للذي. (¬11) ش: وعشرون.

باب السلم في مرض المسلم إليه

أسلم فيه عشرون (¬1) درهماً، وأخذ منه رهناً قيمته عشرون (¬2)، فزادت قيمة الكر فصارت ثلاثين درهماً، ثم مات رب السلم ولا مال له غيرها وقد ضاع الرهن، فإن الرهن يذهب بقيمة الكر يومئذ؛ لأن المسلم إليه كان قد أدى الكر يوم دفع الرهن مكان الكر. فيكون المسلم إليه (¬3) بالخيار. إن شاء رد الدراهم وأخذ كراً مثل كره. وإن شاء رد من رأس المال عشرين درهماً، وهو ثلثا ما ترك الميت بعد الذي ذهب به الرهن. فيكون في يدي المسلم إليه ثلاثون (¬4) من رأس المال، عشرون (¬5) منها قيمة الكر الذي ذهب به الرهن، وعشرة محاباة، وهو ثلث ما ترك الميت. وكذلك إن كان الرهن هو الذي زادت قيمته. وكذلك إن أسلم في شيء مما يكال أو يوزن. وكذلك إن أسلم ما يكال فيما يوزن أو أسلم ما يوزن فيما يكال أو أسلم شيئاً (¬6) من العروض بعينه. فإنما يقوم السلم والمسلم فيه إذا كانت فيه محاباة يوم يختصمون. وأما الرهن فإنه يؤخذ بقيمته وذلك كله يوم رهن. ... باب السلم في مرض المسلم إليه وإذا أسلم الرجل عشرة دراهم في كُرّ قيمته أربعون (¬7) إلى أجل معلوم والمسلم إليه مريض، وقبض الدراهم فاستهلكها، ثم مات المسلم إليه ولا مال له غير الكر، وأبى الورثة أن يجيزوا، فصاحب السلم بالخيار. إن شاء نقض السلم، ورجع على الورثة بدراهم. وإن شاء أخذ نصف الكر، وكان للورثة نصف الكر، فيكون في أيديهم نصف ذلك، وهو ثلثا (¬8) مال الميت. ويكون في يدي رب السلم نصف الكر، وقيمته عشرون (¬9) درهماً، عشرة ¬

_ (¬1) ز: عشرين. (¬2) ز: عشرين. (¬3) ش - إليه؛ صح هـ. (¬4) ز: ثلثين. (¬5) ز. عشرين. (¬6) ز: شيء. (¬7) ز: أربعين. (¬8) ز: ثلثي. (¬9) ز: عشرين.

منها بالعشرة التي كان أسلمها، وعشرة محاباة، وهي ثلث ما ترك الميت. وإن كان على المسلم دين يحيط بماله فإن رب السلم يحاصّ (¬1) الغرماء برأس ماله فيما ترك الميت، ولا تجوز المحاباة؛ لأن الميت لا وصية له وعليه دين يحيط بماله. وإن كان رب السلم قد كان أخذ منه رهناً بالسلم وعلى ذلك بينة (¬2)، ثم مات المسلم (¬3) إليه ولا مال له غير الرهن وعليه دين كثير، فإن رب السلم يستوفي رأس ماله من الرهن، ويرد ما بقي على الغرماء. وإذا أسلم الرجل عشرة دراهم إلى رجل في كُرّ قيمته مائة في موض المسلم إليه، وقبض الدراهم فاستهلكها، ثم مات المسلم إليه وقد أوصى بثلث ماله ولا مال له غير الكر، وأبى الورثة أن يجيزوا، فصاحب السلم بالخيار. إن شاء نقض السلم وأخذ دراهمه. وإن شاء أخذ خمسي الكر فأعطى الورثة منه قدر ستين درهماً، وهي ثلثا (¬4) ما ترك الميت. ولا شيء لصاحب الوصية؛ لأن المحاباة في قول أبي حنيفة أولى من الوصية. وإن اختار نقض السلم رجع على الورثة بدراهمه، وسلم لصاحب الوصية ثلث ما ترك الميت. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإن اختار رب السلم المحاباة حاصّه (¬5) صاحب الوصية من الثلث، فيقتسمان الثلث على أربعة أسهم. فيقال للمسلم: خذ من الكر اثنين وثلاثين ونصفاً (¬6)، ورد على الورثة قدر سبعة وستين سهماً. فيعطون صاحب الوصية منها سبعة ونصفاً (¬7)، وهو ربع ثلث ما ترك الميت. ويكون في يدي الورثة قيمته ستون (¬8)، وهو ثلثا (¬9) ما ترك الميت من الكر، قيمته اثنان وثلاثون (¬10) ونصف، عشرة منها التي كان أسلم، واثنان ¬

_ (¬1) م: يخاصم. (¬2) م ش ز: ثلثه. والتصحيح من المبسوط، 29/ 84. وعبارة الحاكم هكذا: رهنا بالسلم بدينه. انظر: الكافي، 3/ 280 ظ. (¬3) م: للمسلم. (¬4) م ش ز: ثلثي. (¬5) ز: خاصة. (¬6) ز: ونصف. (¬7) ز: ونصف. (¬8) ز: ستين. (¬9) ز: ثلثي. (¬10) ز: اثنين وثلثين.

باب هبة المريض العبد يقتله خطأ ويعفو عنه

وعشرون (¬1) درهماً ونصف محاباة، وهي ثلاثة أرباع ثلث ما ترك الميت. فإن كان له عبد فأعتقه في مرضه قال: إن كان بدأ بالعتق حاضه (¬2) صاحب المحاباة في قول أبي حنيفة، وإن كان بدأ بالمحاباة فالمحاباة أولى. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فالعتق في هذا كله أولى، ويرجع صاحب السلم برأس ماله، ولا شيء له غير ذلك ولا لصاحب الوصية. وكذلك إن أسلم في شيء مما يكال أو يوزن، أو أسلم ما يكال (¬3) فيما يوزن، أو أسلم (¬4) ما يوزن فيما يكال، أو أسلم في شيء من الثياب ووصف عرضه وطوله في مرض المسلم إليه (¬5) وأوصى المسلم إليه بوصايا (¬6) مختلفة وأعتق، فهو على ما وصفت لك في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإذا أسلم الرجل عشرة (¬7) دراهم في كُرّ حنطة قيمته ثلاثون (¬8) درهماً في مرض البائع، ثم مات البائع، ولا مال له غير الكر، وقد باعه أيضاً من إنسان آخر بعشرة، وحاباه فيه (¬9)، ثم مات ولا مال له غيرهما، فإنهما يتحاصّان من الثلث، فما أصاب صاحب الأول كان في الكر الذي اشترى، وما أصاب الآخر كان له من الكر الذي ابتاع، ويردون ما بقي من قيمة الكرين (¬10) دراهم على الورثة. ... باب هبة المريض العبد يقتله خطأ ويعفو عنه وإذا وهب الرجل في مرضه الذي مات فيه عبداً لرجل قيمته ألف درهم وقبضه ولا مال له غيره، ثم إن العبد قتل الواهب خطأ فعفا الواهب ¬

_ (¬1) ز: واثنين وعشرين. (¬2) ز: خاصة. (¬3) ش: مما يكال. (¬4) ش - أسلم؛ صح هـ. (¬5) ش -إليه. (¬6) ز: وصايا. (¬7) م ش ز: بعشرة. (¬8) ز: ثلثين. (¬9) ز - حاباه فيه (بياض). (¬10) م ش ز: الكر يرد. والتصحيح من المبسوط، 29/ 85.

عنه (¬1) قبل موته، فإنه يقال للموهوب له: ادفع أو افد (¬2). فإن قال: أدفع، دفع أربعة أخماسه، وكان له الخمس. وإن قال: أفدي، كان له ثلث العبد، وفدى ثلثه بثلث الدية، وذلك ثلاثة آلاف وثلاثمائة وثلاثة وثلاثون (¬3) وثلث يقع في يد ورثة الميت. ويجوز العفو والهبة في الثلثين. ويجوز (¬4) في الثلث بالذي فداه، ولا يجوز العفو. فيكون الثلث الذي فداه بالهبة الأولى مع الثلثين، فذلك ألف، والثلثان ستمائة وستة وستون وثلثان (¬5) بأنه أن يزيد على الدية ضعفي القيمة، ثم تنظر (¬6) كم صار، تجده اثني (¬7) عشر (¬8)، ثم تطرح (¬9) ضعفي القيمة من الدية، يبقى ثمانية، فهو الذي يجوز فيه العفو، ويبقى أربعة من اثني (¬10) عشر، لا يجوز العفو فيه، فإنه يفدي الأربعة الأسهم من اثني (¬11) عشر، وهو الثلث. ولو كانت قيمته ألفي (¬12) درهم زدت ضعفي القيمة على الدية، يصير أربعة عشر ألفاً، ثم طرحت ضعف القيمة أربعة من الدية، يبقى ستة، يجوز العفو فيها، وهو ثلاثة أسباع أربعة عشر. ويفدي ثمانية أسهم من أربعة عشر، وهو أربعة أسباع، فيفدى أربعة أسباع العبد بأربعة أسباع الدية. وكذلك لو كانت قيمته ثلاثة آلاف أو أربعة آلاف فهو على هذا القياس. وإذا كانت قيمته خمسة آلاف جاز العفو فيه، ويفدي جميع العبد بجميع الدية. ولو كان ترك المولى مع هذا ألفاً (¬13) زدت ضعف القيمة على الدية، ثم ترفع (¬14) ضعف القيمة من الدية، يبقى ثمانية آلاف، ثم أضيفت الألف إلى الثمانية الآلاف، فيكون (¬15) تسعة (¬16) آلاف، وهو ثلاثة ¬

_ (¬1) ش - عنه. (¬2) ز: أو افدى. (¬3) ز: وثلثين. (¬4) ز: وتجوز. (¬5) ز: وستين وثلثين. (¬6) ز: ثم ينظر. (¬7) ز: اثنا. (¬8) م: اثناع (مهملة)؛ ش: ابتاع. (¬9) ز: ثم يطرح. (¬10) ز: من اثنا. (¬11) ز: من اثنا. (¬12) ز: ألفا. (¬13) م ش ز: الذي؛ صح م هـ. (¬14) ز: ثم يرفع. (¬15) ز: ... ن. (¬16) ز: تسع.

أرباع اثني (¬1) عشر، فيجوز العفو في ثلاثة أرباعه، ويفدى ربعه (¬2). وكذلك إن كان (¬3) ترك ألفين أو ثلاثة (¬4) أو أربعة فقسّمه على [هذا] إلى خمسة آلاف. ولو كان على المولى دين ألف درهم فبابه أن تطرح (¬5) ضعف القيمة من الدية، وتطرح أيضاً (¬6) الألف التي على المولى، فيبقى من اثني (¬7) عشر سبعة، فهو الذي يجوز فيه العفو، ولا يجوز في خمسة (¬8) من اثني (¬9) عشر، فيفديه وهو سدسان ونصف سدس، يفديه بسدس ونصف سدس (¬10) الدية. ولو كان قيمة العبد ألفي درهم، فقال: أنا أدفع، دفع أربعة أخماسه. فإن قال: أنا أفدي، صار له ثلاثة أسباعه، لا يفديه. وفدى أربعة أتساعه بأربعة أتساع الدية. فيقع في يدي الورثة خمسة آلاف، وخمسة (¬11) أسباع ألف. ويجوز له العبد كله بالهبة، وقيمته ألف، وثلاثة أسباعه بالعفو، وذلك ستة أسباع العبد (¬12)، فذلك ثلث ما ترك الميت. ولو كانت قيمته ثلاثة آلاف جاز العفو من ربعه، وفدى ثلاثة أرباعه بسبعة آلاف وخمسمائة. ولو كانت قيمته أربعة آلاف جاز العفو فى تسعه (¬13)، وفدى ثمانية أتساعه (¬14) ولو كانت قيمته خمسة آلاف ففداه فداه كله بجميع الدية، وسلم له الهبة. ¬

_ (¬1) ز: اثنا. (¬2) ش: اربعه. (¬3) ز: لو كان. (¬4) ز - ترك ألفين أو ثلاثة. (¬5) ز: أن يطرح. (¬6) ش: لقصا (مهملة). (¬7) ز: من اثنا. (¬8) م ش ز: من خمسة. (¬9) ز: من اثنا. (¬10) م ز: بسدس. (¬11) م ش ز. وخمس. (¬12) م ش ز: ألف. (¬13) م ش ز: في سبعه. والتصحيح من الكافي، 3/ 281 و. (¬14) م ش ز: أسباعه. والتصحيح من المصدر السابق.

باب هبة المريض

وأصل الباب في هذا (¬1) أن تنظر (¬2) إلى قيمة العبد، فإذا هي ألف فلا بد من أن يقع في يدي الورثة ألفا درهم، حتى يكون العبد الثلث. فهذا العبد صار للموهوب له من وجهين. من الهبة الأولى، وثلثه من العفو، والثلث الباقي لا يجوز فيه العفو، وقد جاز فيه الهبة، فيفدي ثلثه بثلث الدية. فهذا أيضاً أصله. ... باب هبة المريض وإذا وهب المريض عبداً لرجل قيمته ألف ولا مال له غيره وقبضه، ثم وهب الموهوب له الآخر وقبضه، ثم جرح العبد المريض جراحة خطأ فمات منها وعفا عن الجناية، فإنه يخير (¬3) الموهوب له الباقي بين الدفع والفداء. فإن قال: أنا أدفع، دفع ثلثيه وأمسك الثلث، وضمن الموهوب له الأول ثلثي قيمة العبد لورثة المقتول. فإن كان معسراً (¬4) دفع الموهوب له الثاني أربعة أخماس العبد وأمسك الخمس. فإذا أخذ ما (¬5) على الموهوب له الأول رد على الموهوب له الثاني تمام ثلث العبد. فإن قال: أنا (¬6) أفدي العبد (¬7)، [فدى تسعيه وخمسي تسعه بتسعي الدية وخمسي تسعها] (¬8) ويؤخذ من الأول تسعا (¬9) قيمة العبد وخمسا (¬10) تسعه، ويبقى ستة أتساع (¬11) وثلاثة أخماس تسع. بابه (¬12) أن تأخذ (¬13) الدية وتنظر (¬14) إلى الوصية ¬

_ (¬1) م ش ز: من هذا. (¬2) زت أن ينظر. (¬3) ز: يجيز. (¬4) ز: معسر. (¬5) ش: أخذنا (مهملة). (¬6) م ش ز: الذي. (¬7) م ش ز + وثلاثة أخماس تسع. والتصحيح من الكافي، 3/ 282 ظ؛ والمبسوط، 29/ 87. (¬8) الزيادة من المصدرين السابقين. (¬9) م ش ز: تسعى، ش + في. (¬10) م ش ز: وخمس. والتصحيح من المبسوط، الموضع السابق. (¬11) م ش ز: أسباع. (¬12) م ش: مائة؛ ز: تسعمائة. (¬13) ز: أن يأخذ. (¬14) ز: وينظر.

باب الإقالة في السلم

فتجده ألفاً بالهبة للموهوب [له] الأول والقاتل يعفو للموهوب له الثاني. ولو ترك المولى الواهب أربعة آلاف جازت الوصيتان، ولا يفدى على أحد بنصف قيمته، وأخذه الذي على الموهوب له الأول وهو ألف درهم إلى الدية، فيصير أحداً (¬1) وعشرين. تضيف (¬2) أربعة (¬3) إلى أحد عشر، فيصير خمسة عشر، فيجوز العفو في أحد عشر من خمسة عشر، والهبة مثل (¬4) ذلك، ويفدي أربعة أجزاء من خمسة عشر جزء (¬5)، وهو تسعان (¬6) وخمس تسع. فإن أردت تصحيحه فاضرب خمسة عشر في ثلاثة (¬7). ولو كانت قيمة العبد ألفي (¬8) درهم والمسألة على حالها فلو ترك المولى ثمانية آلاف جازت الوصيتان، فأضف إلى الدية قيمة واحدة، وهو ألفا درهم، فيصير اثني (¬9) عشر، ثم تضيف (¬10) إليها ثمانية، فيصير عشرين ألفاً، فتجوز الهبة في اثني (¬11) عشر، وهو ثلاثة أخماس، ويفدي ثمانية وهو خمسا العبد بخمس الدية. فهذا بابه وحسابه عندي. والله أعلم. ... باب الإقالة في السلم وإذا كان للرجل المريض كُرّ حنطة على رجلين يساوي ثلاثين درهماً ورأس المال الكر عشرة دراهم، فأقالهم المريض السلم ولا مال له غيره، ثم مات من ذلك المرض وأحدهما غائب، فأبى ورثة صاحب السلم أن ¬

_ (¬1) ز: أحد. (¬2) ز: نصف. (¬3) م ش ز + آلاف. (¬4) م ش ز: ومثل. (¬5) ش - جزء. (¬6) ز: تسعين. (¬7) م ش: في ثلثه. وانظر للشرح: المبسوط، 29/ 87 - 88. (¬8) ز: ألفا. (¬9) ز: اثنا. (¬10) ز: ثم يضيف. (¬11) ز: في اثنا.

باب أصل هذا الحساب

يجيزوا ذلك، فإنه يقال للحاضر (¬1): رد ثلاثة أعشار [نصف] (¬2) رأس مال رب السلم، وذلك درهم ونصف، وأد (¬3) سبعة أعشار نصف الكر، وذلك يساوي عشرة دراهم (¬4) ونصفاً (¬5)، فذلك اثنا عشر درهماً يكون في يدي ورثة رب السلم. ويكون في يدي هذا ثلاثة أعشار نصف الكر، وذلك يساوي أربعة دراهم ونصفاً (¬6)، ثلاثة منها محاباة، ودرهم ونصف مثل الدرهم والنصف (¬7) الذي أدى. وذلك لأن الفريضة كانت من ستة، فالثلث اثنان، فصار الغائب مستوفياً لحصته بنصف (¬8) الثلث، ويبقى نصف الثلث لهذا الحاضر، والثلثان (¬9) للورثة. فذلك خمسة أسهم. فإذا قدم الغائب رد نصف رأس مال حصته ونصف الكر، وذلك يبلغ عشرة، ويرد الورثة ورثة رب السلم على الأول تمام (¬10) ثلث من عشر ونصف درهم، ويأخذون منهم درهماً (¬11) من رأس المال. وعلى هذا الوجه تكون (¬12) الإقالة بين الرجلين. ... باب أصل هذا الحساب وإذا أعتق الرجل عبداً في مرضه ولا مال له غيره، فمات العبد وترك مائتي درهم أو أقل وقيمته ثلاثمائة درهم وترك ابنة ومولاه، فمات المولى من ذلك المرض، فإن جميع ما ترك العبد للمولى من سعايته، ولا شيء ¬

_ (¬1) م ز: للخاص. (¬2) الزيادة من الكافي، 3/ 282 ظ؛ والمبسوط، 29/ 91. (¬3) ز: وأدا. (¬4) م ش ز: عشرين درهماً. والتصحيح من المصدرين السابقين. (¬5) ز: ونصف. (¬6) ز: ونصف. (¬7) م ش ز: للنصف. (¬8) ز: نصف. (¬9) ز: والثلثين. (¬10) م ش ز: طعام. (¬11) ز: درهم. (¬12) ز: يكون.

للعبد فيه. فاترك مائتي درهم وعشرين درهماً، فإن للابنة منها ستة دراهم، وللمولى مائتا درهم وأربعون (¬1) درهماً. وأصل ذلك أنك تأخذ مائتي درهم سعاية للعبد، ثم تنظر (¬2) إلى ما بقي فتجعله بين (¬3) المولى والابنة نصفين على ميراثهما من العبد. ثم تنظر (¬4) إلى ما صار للمولى من الميراث فتزيده (¬5) على المائة درهم التي هي وصية العبد الأول، فيكون ذلك مائة درهم ودرهماً، هذا وصية العبد. كأن المولى ورث من العبد ميراثاً فصار العبد من ذلك وصية. وصارت السعاية مائة درهم وثمانية وسبعين (¬6) درهماً، فيأخذها المولى. وبقي اثنا (¬7) عشر درهماً للابنة نصفها وللمولى نصفها. فصار للمولى مائتا درهم وأربعة دراهم، وصارت (¬8) الوصية مائة درهم ودرهمين (¬9). وكذلك لو ترك خمسين ومائتي درهم أو ستين ومائتي (¬10) درهم فهو على هذا الحساب. وكذلك لو ترك ألف درهم فاعزل منها مائتي درهم، ثم انظر إلى ما بقي، فاقسمه بين المولى والابنة. فيصيب المولى (¬11) أربعمائة، فانظر خمسيها وهو مائة وستون درهماً، فهذه وصية العبد، وسعايته أربعون، وما بقي بعد السعاية فهو ميراث. وإن ترك ابنتين فاعزل السعاية، واقسم ما بقي على الميراث، فذلك على تسعة (¬12) أسهم، للابنتين (¬13) ستة، وللمولى ثلاثة، فاطرح من ذلك واحداً (¬14) ¬

_ (¬1) ز: وأربعين. (¬2) ز: ثم ينظر. (¬3) م: ثمن (مهملة)؛ ز: من. (¬4) ز: ثم ينظر. (¬5) ز: فيزيده. (¬6) ز: وسبعون. (¬7) ز: اثني. (¬8) ز: وصار. (¬9) ز: ودرهمان. (¬10) ش: ومائة. (¬11) ز: الموالى. (¬12) ز: على سبعة. (¬13) ز: للابنين. (¬14) ز: واحد.

من نصيب الابنتين، فيكون من ثمانية، الوصية ثلاثة أثمان ما أصاب المولى، فصحح (¬1) ذلك إلى المائة الأولى، فذلك الوصية، وما بقي فهو سعاية (¬2). ¬

_ (¬1) م ش ز: فصح. (¬2) م + تم كتاب العتق في المرض والحمد لله رب العالمين كتبه لنفسه المعترف بذنبه المستغفر لربه أبو بكر ابن أحمد بن محمد الطلحي الأصفهاني في عشرين شعبان سنة ثمان وثلاثين وستمائة فمن قرأه فليعذرني فإن نسخة الأصل على غاية السقم وليس لي يد في الحساب؛ ش + تم كتاب العتق في المرض والحمد لله رب العالمين وصلاته على أشرف المرسلين محمد خاتم النبيين وآله الطاهرين وأصحابه الكرام المنتخبين؛ ز + تم كتاب العتق في المرض وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين الطيبين الطاهرين والحمد لله رب العالمين.

كتاب الصيد والذبائح

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب الصيد والذبائح أخبرنا أبو سهل (¬2) قال: أخبرنا أبو عبد الله (¬3) عن أبيه (¬4) عن محمد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: إذا خَزَق (¬5) المعراض (¬6) فكل، وإن لم يخزق (¬7) فلا تأكل (¬8). ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) م ف: أبو سهيل. (¬3) هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن حفص. (¬4) هو أبو حفص أحمد بن حفص. (¬5) ت: إذا خرق. (¬6) قال المطرزي: في حديث النخعي: إذا خزق المعراض فكل، أي: نَفَذَ، يقال: سهم خازق، أي: نافذ، والمعراض السهم الذي لا ريش عليه يمضي عَرْضا فيصيب بعَرْض العود لا بحده. انظر: المغرب، "خزق". (¬7) ت: لم يخرق. (¬8) الآثار لأبي يوسف، 241؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 246. وعن عدي بن حاتم - رضي الله عنه - قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المعراض، فقال: "إذا أصبتَ بحدِّه فكل، فإذا أصاب بعَرْضِه ققتل فإنه وَقِيذ، فلا تأكل". انظر: صحيح البخاري، الذبائح، 2؛ وصحيح مسلم، الصيد، 3.

محمد قال: أخبرنا أبو شهاب قال: كانت لبعض أهل (¬1) الحي نعامة، قال: فضربها إنسان فوقذها (¬2)، أو وقعت في الماء، فألقاها على كُنَاسَة (¬3) في الحي وهي حية، قال: فسأل (¬4) سعيد (¬5) بن جبير، فقال: ذَكُّوها وكلوها (¬6). محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه سئل عن الكلب يقتل الصيد، فقال: كل، وإن أكل الكلب منه فلا تأكل؛ لأنه أمسك على نفسه؛ لأنه يُضرَب حتى يترك الأكل (¬7). محمد أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس (¬8) أنه قال في البازي يقتل الصيد ويأكل منه، فقال: كل، وقال: تعليم البازي أن تدعوه فيجيبك (¬9)، ولا تستطيع أن تضربه حتى يترك الأكل (¬10). ¬

_ (¬1) م - أهل. (¬2) وَقَذَه وَقْذاً من باب وَعَدَ، ضربه حتى استرخى وأشرف على الموت، فهو وقيذ وموقوذ، وشاة موقوذة: قتلت بالخشب أو بغيره فماتت من غير ذكاة. انظر: المصباح المنير، "وقذ". وسوف يفسر المؤلف الموقوذة فيما يأتي. (¬3) ت: على كنانته. (¬4) م ف ت: فسار. (¬5) ت: سعد. (¬6) قال ابن أبي شيبة: حدثنا ابن نمير عن أبي شهاب موسى بن نافع عن النعمان بن علي قال: مر سعيد بن جبير على نعامة ملقاة على الكناسة تتحرك، فقال: ما هذه؟ فقالوا: نخاف أن تكون موقوذة. فقال: كدتم تدعوها للشيطان، إنما الوقيذ ما مات في وقيذة. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 257. (¬7) رواه البخاري معلقاً. انظر: صحيح البخاري، الذبائح، 7. ووصله غيره. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 4/ 473، 474؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 232، 233؛ وتفسير الطبري، 6/ 92؛ وتغليق التعليق لابن حجر، 4/ 503. وعن عدي بن حاتم قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قلت: إنا قوم نصيد بهذه الكلاب. فقال: "إذا أرسلت كلابك المعلمة وذكرت اسم الله فكل مما أمسكن عليكم وإن قَتَلْنَ، إلا أن يكل الكلب، فإني أخاف أن يكون إنما أمسكه على نفسه؛ وإن خالطها كلاب من غيرها فلا تأكل". انظر: صحيح البخاري، الذبائح، 7؛ وصحيح مسلم، الصيد، 2. (¬8) ت: عن غياث. (¬9) ز: فيجيك. (¬10) الآثار لأبي يوسف، 241؛ وتفسير الطبري، 6/ 93.

محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال في الكلب يقتل الصيد، فقال: كل، وإن أكل منه فلا تأكل، لأنه يُضرَب حتى يترك الأكل. محمد بن (¬1) عبيد الله (¬2) عن عطاء عن ابن عباس أنه قال في الكلب يشرب من دم الصيد ولا يأكل، قال: فلا بأس بأكل الصيد. أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال في كلب المجوسي أو بازيه يصيد به المسلم، قال: لا بأس به. أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال في الرجل يرسل كلبه، فيذهب معه كلب آخر غير معلَّم، فيرد عليه الصيد ويصطاده معه ويأخذه معه، أنه قال: لا يؤكل ذلك الصيد (¬3). أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: إذا شَرِكه (¬4) كلب غير معلَّم فلا تأكل (¬5). أبو يوسف عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله بن مسعود أنه قال: من رمى صيداً فتردَّى من جبل فلا تأكله (¬6)، فإني أخاف أن يكون التردي قتله، وإن رمى طيراً فوقع في الماء (¬7) فمات فلا تأكله (¬8)؛ فإني أخاف أن يكون الغرق قتله (¬9). ¬

_ (¬1) ف: عن. (¬2) م ف ت: عبد الله. لكن الصواب - والله أعلم - أنه محمد بن عبيد الله العرزمي الذي يروي عن عطاء بن أبي رباح. انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر، 9/ 286. (¬3) أخرجه ابن أبي شيبة من طريق جرير عن مغيرة عن إبراهيم قال: إذا رد الكلب الذي ليس بمعلم على الكلب المعلم صيداً فقد أفسد. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 235. (¬4) ز: إذا شاركه. (¬5) ت: يأكل. روي مرفوعا، وقد تقدم تخريجه من حديث عدي بن حاتم - رضي الله عنه - قريبا. (¬6) ت: يأكله. روي مرفوعا، وقد تقدم تخريجه من حديث عدي بن حاتم - رضي الله عنه - قريبا. (¬7) ت: في ما. (¬8) ت: يأكله. (¬9) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 243؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 9/ 248.

[محمد بن الحسن عن سفيان بن عيينة عن] (¬1) سهيل بن أبي صالح عن عبد الله بن يزيد قال: سألت سعيد بن المسيب عن شيء كان قومي يصنعونه بالبادية، ينصبون السِّنان، فتصبح فتقتل (¬2) الضبع، فقال لي: أوَ إنك لمن من (¬3) يأكل الضبع؟ قال: قلت: ما أكلتها قط، فقال رجل عند سعيد بن المسيب: حدثنا أبو الدرداء أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كل خَطْفَة ونَهْبَة والمجثَّمة (¬4) وعن كل ذي ناب من السباع، فقال سعيد بن المسيب: صدق (¬5). ¬

_ (¬1) م ف ت: أبو سهيل. والتصحيح مع الزيادة من الحجة على أهل المدينة للإمام محمد، 2/ 250. (¬2) ت: فيصبح فيقتل. (¬3) ت - من. (¬4) ت: ومحتمة. جُثُوم الطائر مثل الجلوس للإنسان، من باب ضرب، وفي الحديث: "نهى عن المجثَّمة". هي بالفتح ما يُجَثم ثم يُرمَى حتى يُقتَل. وعن عكرمة: هي الشاة تُرمَى بالنبل حتى تقتل. وعن شمر: بالحجارف وعن أبي عبيد: هي المصبورة، ولكنها لا تكون إلا من الطير والأرانب وأشباهها. والذي في الشروح أن المجثَّمة بالفتح ما يَجْثِم عليه الكلب فيقتله دَقّا لا جرحا، وبالكسر ما يَجْثِم على الصيد كالفهد والأسد، ليس بذاك، والحق هو الأول. وقولهم: الجَثْم اللَّبْث، خطأ لفظا ومعنى. انظر: المغرب، "جثم". (¬5) انظرت الحج؛ على أهل المدينة، 2/ 250. وروي بلفظ: عن أكل كلَ ذي خطفة ونهبة. انظر: مسند أحمد، 5/ 195، 6/ 445. وقال الهيثمي: رواه أحمد والبزار باختصار والطبراني في الكبير، وقال البزار: إسناده حسن. انظر: مجمع الزوائد للهيثمي، 4/ 39 - 40. وانظر: الدراية لابن حجر، 2/ 209. وفسر السرخسي ذا الخطفة بما يختطف بمخلبه من الهواء كالبازي والشاهين، وذا النهبة بما ينتهب بنابه من الأرض كالأسد والذئب. انظر: المبسوط، 11/ 225، وقال المطرزي: والحديث رُوي بلفظ: نهى عن كل خَطْفَة ونَهْبَة، هي المرة من خطف الشيء بمعنى اختطفه، إذا استلبه بسرعة، فسمي به المخطوف، والمراد النهي عن صيد كل جارح يختطف الصيد ويذهب به ولا يمسكه على صاحبه، وقيل: أراد ما يخطفه بمخلبه كالبازي، وأراد بذي النَّهْبَة ما يَنتهب بِنَابِه كالفهد ونحوه. وروي بلفظ: نهى عن الخَطْفَة، وهي ما اختطفه الذئب من أعضاء الشاة وهي حية، أو اختطفه الكلب من أعضاء الصيد من لحم أو غيره وهو حي، لأن ما أبِينَ من الحي فهو ميتة. ومَن رَوى الخَطَفَة والنَّهَبَة على فَعَلَة بالتحريك جَمْعَي خاطف وناهب فقد أخطأ في الرواية. انظر: المغرب، "خطف".

حدثنا حجاج بن أرطأة عن ميمون بن مهران عن ابن عباس أنه قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كل ذي مخلب من الطير، وعن كل ذي ناب من السباع (¬1). الأعمش عن إبراهيم أنه قال: كانوا يكرهون كل ذي مخلب من الطير وما أكل الجِيَف. أبو غالب بن عبد الله الجزري عن سعيد بن المسيب أنه قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تُنْخَعَ الشاة إذا ذُبِحَتْ (¬2). أبو يزيد (¬3) عن أبي زياد عن مجاهد قال: قال عمر بن الخطاب: لا تجروا العجماء إلى مذبحها برجلها، وأَحِدُّوا الشَّفْرة، وأسرعوا الممرّ على الأوداج، ولا تَنْخَعُوا (¬4). العلاء بن كثير عن مكحول أنه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ذبح لم يَنْخَعْ (¬5) ولم يسلخ حتى تبرد الشاة. ¬

_ (¬1) عن ابن عباس قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كل ذي ناب من السباع وعن كل ذي مِخْلَب من الطير. انظر: صحيح مسلم، الصيد، 16؛ وسنن ابن ماجه، الصيد، 13؛ وسننَ أبي داود، الأطعمة، 32؛ وسنن الترمذي، الصيد، 11؛ وسنن النسائي، الصيد، 33. (¬2) وبمعناه ما روي عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الذبيحة أن تفرس. انظر: مسند ابن الجعد، 492؛ والمعجم الكبير للطبراني، 12/ 248؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 9/ 280. قال إبراهيم الحربي في غريب الحديث: الفرس أن تذبح الشاة فتنخع. انظر: نصب الراية للزيلعي، 4/ 188. قال ابن منظور: نَخَعَ الشاةَ نَخْعاً: قطع نخاعها، والمَنْخَع موضع قطع النخاع، وفي الحديث: "ألا لا تَنْحعُوا الذبيحة حتى تجب"، أي: لا تقطعوا رقبتها وتفصلوها قبل أن تسكن حركتها، والنَّخْع للذبيحة أن يعجل الذابح فيبلغ القطع إلى النخاع. انظر: لسان العرب، "نخع". (¬3) ت: أبو زيد. (¬4) ت: تنجعوا. عن ابن سيرين قال: رأى عمر بن الخطاب رجلاً يسحب شاة برجلها ليذبحها، فقال له: ويلك، قُدْها إلى الموت قَوْدا جميلا. عن صفوان بن سليم قال: كان عمر بن الخطاب ينهى أن تُذْبحَ الشاة عند الشاة. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 4/ 493، 494. (¬5) ت: لم ينجع.

عاصم بن سليمان عن عكرمة أنه قال: نظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى رجل قد أضجع شاة وهو يُحِذُ الشَّفْرَة وهي تلاحظه، فقال: "لقد أردت أن تميتها (¬1) موتات" (¬2). محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر أنه كان يكره أن تُنْخَعَ (¬3) الشاة في الذبيحة (¬4). أبو حنيفة عن سعيد بن مسروق عن عباية (¬5) بن رافع بن خديج عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما أنهر الدم وفَرَى (¬6) الأوداج فكل، ما خلا السن والظفر والعظم، فإنها مُدَى الحبشة" (¬7). وقال أبو يوسف: قال أبو حنيفة: إذا ذبح الرجل بسن نفسه أو بظفر نفسه فإنه قاتل ليس بذابح. رجل عن عامر أنه قال: لا بأس بذبيحة الأخرس، إذا كان من أهل الإسلام أو من أهل الكتاب لا بأس به (¬8). بلغنا عن علي بن أبي طالب أنه قال في الرجل إذا ذبح الشاة أو الطير ¬

_ (¬1) ت: أن يميتها. (¬2) المصنف لعبد الرزاق، 4/ 493. وأخرجه الحاكم في المستدرك، 4/ 257، 260 موصولا عن عكرمة عن ابن عباس. (¬3) ت: أن تنجع. (¬4) المصنف لعبد الرزاق، 4/ 490. (¬5) م ف: عن عباس. (¬6) م ف: وأفرى؛ ت: وأفرا. (¬7) عن رافع بن خديج قلت: يا رسول الله، إنّا لاَقُو العدو غداً، وليست معنا مُدَى، قال - صلى الله عليه وسلم -: "ما أَنْهَرَ الدمَ وذُكر اسمُ الله فكُلْ، ليس السن والظفر، وسأحدّثك، أما السن فعظم، وأما الظفر فمُدَى الحبشة". صحيح البخاري، الذبائح، 23؛ وصحيح مسلم، الأضاحي، 20. وعن ابن عباس وأبي هريرة قالا: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن شريطة الشيطان، زاد ابن عيسى في حديثه: وهي التي تُذبَح فيُقطَع الجلد ولا تُفْرَى الأوداج ثم تُترَك حتى تموت. انظر: سنن أبي داود، الضحايا، 16 - 17. (¬8) عبدالرزاق عن الثوري عن جابر قال: سألت الشعبي عن ذبيحة الأخرس، فقال: يشير إلى السماء. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 4/ 485.

فقطع (¬1) رأسه: إنه لا بأس (¬2) بأكله (¬3). أبو المغيرة عن إبراهيم في رجل ذبح طيراً فقطع رأسه، قال: لا بأس بأكله. زكريا (¬4) بن أبي زائدة (¬5) عن عامر في رجل ذبح ديكاً فالتوى رأسه فقطعه أنه قال: لا بأس بأكله (¬6). الحسن بن عمارة عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي بن أبي طالب أنه قال: ذلك ذكاةٌ وَحِيَّة (¬7). الأشعث (¬8) بن سوار عن محمد بن سيرين عن عمران بن حصين أنه سئل عن رجل ضرب عنق بطة بالسيف (¬9) وسمى فأبانه (¬10)، أنه قال: (¬11) لا بأس بأكلها (¬12). أبو عبد الله بن علي الأسدي عن من حدثه عن سعيد بن المسيب أنه ¬

_ (¬1) م ف ت: فيقطع. (¬2) م ف ت + به. (¬3) ت: يأكله. عبدالرزاق عن معمر عن قتادة أن عليا قال: الدجاجة إذا انقطع رأسها ذكاة سريعة إني آكلها. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 4/ 491. (¬4) م ف ت: أبو زكريا. ويظهر أن "أبو" زائدة. لأن زكريا بن أبي زائدة راو معروف بروايته عن الشعبي وغيره. انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر، 3/ 284. أما أبو زكريا فلم أقف عليه. (¬5) ت: أبي زيادة (¬6) المصنف لعبد الرزاق، 4/ 490. (¬7) م ف ت: وذبيحة. والتصحيح من المبسوط، 11/ 227. ووَحِيّة أي سريعة، من الوَحَى بالمد والقصر، بمعنى السرعة، ومنه موت وَحِيّ وذكاة وَحِيّة أي سريعة، والقتل بالسيف أوحى، أي أسرع. انظر: المغرب، "وحي". وعن عوف قال: ضرب رجل عنق بعير بالسيف فأبانه، فسأل عنه علي بن أبي طالب، فقال: ذكاة وَحِيَّة. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 4/ 465. (¬8) م ف ت: أبو الأشعث. ويظهر أن "أبو" زائدة، فإن أشعث بن سوار راو معروف. انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر، 1/ 308. أما أبو الأشعث فلم أقف عليه. (¬9) ت - بالسيف. (¬10) ت: بأنه. (¬11) ت - أنه قال. (¬12) ت: بأكله. يأتي قريبا بلاغا.

قال: الذكاة ما بين اللَّبَّة واللحيين (¬1). محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: إذا ذبحت فلا تذكر مع اسم الله شيئاً غيره (¬2). محمد (¬3) قال: أخبرنا أبو حنيفة عن سعيد بن مسروق عن عباية (¬4) بن رافع عن أبيه أن بعيراً من إبل الصدقة نَدَّ (¬5)، فرماه رجل بسهم وسمى فقتله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن لها أَوَابِدَ (¬6) كأَوَابِدِ الوحش، فإذا فعلت (¬7) شيئاً من ذلك فافعلوا بها كما فعلتم بهذا ثم كلوه" (¬8). محمد أخبرنا أبو حنيفة عن سعيد بن مسروق عن عباية بن رافع أن بعيراً تردَّى في بئر بالمدينة، فوُجِئَ مِن قِبَل خاصرته، فأخذ منه ابن عمر عَشِيراً بدرهمين (¬9). ¬

_ (¬1) ت: والجبين. روي عن عمر - رضي الله عنه -: النحر في اللبة والحلق، وعن ابن عباس - رضي الله عنه -: الذكاة في الحلق واللبة. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 255. وروي مرفوعا من طريق سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، لكن إسناده واه. انظر: سنن الدراقطني، 4/ 283؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 185؛ والدراية لابن حجر، 2/ 207. والفئة: المنحر من الصدر. انظر: المغرب، "لبّ". (¬2) الآثار لأبي يوسف، 62. (¬3) ف - قال. (¬4) م ف: عن عباس. (¬5) نَدَّ البعير يَنِذ نُدُوداً إذا شَرَدَ انظر: لسان العرب، "ندّ". (¬6) قال المطرزي: أوابد الوحش: نُفَّرُها، الواحدة آبِدَة، من أَبَدَ أُبُوداً، إذا نَفَرَ، من بابَيْ ضرب وطلب، لنفورها من الإنس، أو لأنها تعيش طويلاً، وتَأَبَّد: تَوَحَّش. انظر: المغرب، "أبد". (¬7) ت: فعل. (¬8) رواه الإمام محمد بنفس الإسناد فىِ الآثار، 137. وروي بلفظ قريب منه في صحيح البخاري، الذبائح، 23؛ وصحيح مسلم، الأضاحي، 20. (¬9) رواه الإمام محمد بنفس الإسناد في الآثار، 137. وانظر: المصنف لعبد الرزاق، 4/ 466؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 256. قال المطرزي: ... فأخذ منه ابن عمر عَشِيراً بدرهمين، أي: نصيباً، والجمع أَعْشِرَاء كأنصباء، يعني: اشترى منه هذا القَدْر مع زهده، فدل على حِلّه. انظر: المغرب، "عشر".

أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: إذا تردى بعير في بئر فلم يقدروا على أن ينحروه فمن حيث نحر فهو له (¬1) ذكاة (¬2). وبلغنا عن علي بن أبي طالب أنه قال: ذكاة السمك والجراد أخذه (¬3). العَرْزَمِي (¬4) عن علقمة بن مرثد عن رجل عن علي أنه سئل عن الجراد يأخذه الرجل من الأرض وفيها الميت وغيره، فقال: كُلْه كُلَّه. محمد عن عمرو بن شوذب عن عمرة ابنة أبي الطبيخ قالت: خرجت مع أمة لنا أو مولاة لنا، فاشترينا جِرِّيثاً (¬5) بقفيز من حنطة، فوضعتها في زنبيل، فخرج رأسها من جانب وذنبها من جانب، فمر بنا علي، فقال: بكم أخذت؟ قالت: فأخبرته، فقال: ما أطيبه وأرخصه وأوسعه للعيال (¬6). شيخ عن عكرمة عن ابن عباس أنه سئل عن الجِرِّيث (¬7)، فقال: أما نحن فلا نرى به بأساً، وأما أهل الكتاب فيكرهونه (¬8). المغيرة عن فضيل بن عمرو الفُقَيْمِي (¬9) عن إبراهيم أنه قال: ما أطيب أذنابه (¬10). ¬

_ (¬1) ت - له. (¬2) رواه الإمام محمد في الآثار عن الإمام أبي حنيفة بإسناده. انظر: الآثار، 137. (¬3) أخرج ابن أبي شيبة عن علي - رضي الله عنه - قال: الجراد والحيتان ذَكِيّ كله إلا ما مات في البحر فإنه ميتة. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 248. (¬4) م ف ت: أبو العرزمي. ويظهر أن "أبو" زائدة. والعرزمي نسبة لعبدالملك بن أبي سليمان ومحمد بن عبيد الله. انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر، 6/ 352؛ 9/ 286. وأظنه الثاني. (¬5) م: جرشه؛ ف ت: حرسه. قال المطرزي: الجِرِّيث هو ضرب من السمك ... وقولهم الجِرِّيث من الممسوخات ليس بشيء، لأن ما مسخ لا نسل له ولا يبقى بعد ثلاثة أيام. انظر: المغرب، "جرث". (¬6) المصنف لعبد الرزاق، 4/ 537؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 146. (¬7) ف: عن الحوت. (¬8) المصنف لعبد الرزاق، 4/ 537؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 146. (¬9) ت: الثقفي. (¬10) المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 146.

بلغنا عن علي بن أبي طالب أنه قال: الجراد بمنزلة السمك (¬1). محمد أخبرنا عن أبي حنيفة عن حماد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: أتاه عبد أسود، فقال: إني في غنم (¬2) لأهلي وإني بسبيل من الطريق، أفأسقي من لبنها بغير إذنهم؟ قال: لا، قال: فإنني أرمي الصيد فأُصْمِي وأُنْمِي؟ قال ابن عباس: كل ما أَصمَيْتَ ودع ما أَنْمَيْتَ (¬3). وقال أبو يوسف ومحمد: الإصماء ما رأيته، والإنماء ما توارى عنك. بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير (¬4). وبلغنا عن إبراهيم أنه قال: لا بأس بأكل الغراب الزرعي، وكره أكل الغُدَاف (¬5) الذي يأكل الجيف (¬6). أبو حنيفة عن موسى بن طلحة أن أعرابياً أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرنباً، فقال لأصحابه: "كلوا"، فقال الأعرابي: إني رأيت دماً، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس بشيء"، وقال للأعرابي: "ادن فكل"، فقال: إني صائم، فقال (¬7): "صوم ماذا"؟ قال: صوم ثلاثة أيام من كل شهر، قال: "فهلا جعلتهن البيض؟ " (¬8). ¬

_ (¬1) المصنف لعبد الرزاق، 4/ 532؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 145. (¬2) م ف ت: وغنم. والتصحيح من الآثار لمحمد، 139؛ والمبسوط، 11/ 230. (¬3) الآثار لمحمد، 139؛ والمصنف لعبد الرزاق، 4/ 459 - 460؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 242. (¬4) تقدم تخريجه قريباً. (¬5) نوع من الغراب كبير الحجم. انظر: المغرب، "غدف". (¬6) ت: الميتة. عبدالرزاق عن معمر عن الأعمش عن إبراهيم أنه كره من الطير كل شيء يأكل الميتة. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 4/ 519. وعن إبراهيم أنه كان لا يرى بالطير كله بأساً إلا إن تقذر منه شيئاً. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 259. (¬7) ت: قال. (¬8) الآثار لأبي يوسف، 237؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 9/ 321؛ ومسند أبي يعلى، 3/ 186؛ ومجمع الزوائد للهيثمي، 4/ 36. وانظر للتفصيل والنقد: نصب الراية، 4/ 199؛ والدراية لابن حجر، 2/ 211.

أخبرنا محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن عائشة أنها قالت: أهدي لنا ضب، فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكله فكرهه، فجاءتنا سائلة، فأردت (¬1) أن أطعمها إياه، فقال رسول الله (¬2) - صلى الله عليه وسلم -: "أتطعمينها مما لا تأكلين؟ " (¬3). أبو إسحاق الشيباني عن محمد بن أبي المجالد (¬4) عن عبد الله بن أبي أوفى أنه قال: أصبنا يوم خيبر حمراً أهلية، قال: فذبحناها، وإن القدور لتغلي بها فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أكفوها بما فيها"، ونهى عن أكلها. فقلنا بيننا: إنما حرمها لأنها لم تخمَّس. قال: فلقيت سعيد بن جبير فذكرت ذلك له وقلت: لم حرمها؟ قال: البتة (¬5). أبان بن أبي عياش (¬6) عن أنس بن مالك أنه قال: أكلنا لحم فرس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر قالت: أكلنا لحم فرس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬7). حَنَش بن الحارث عن أبيه أنه قال: كنا إذا نتجت فرس أخذنا فِلْوَها (¬8) ذبحناه (¬9)، وقال: الأمر (¬10) قريب، قال: فبلغ ذلك عمر بن ¬

_ (¬1) ت: فأرادت. (¬2) ت: فقال النبي. (¬3) الآثار لأبي يوسف، 238؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 123؛ وشرح معاني الآثار، 4/ 201؛ والمعجم الأوسط، 5/ 213. ورجاله موثقون. انظر: مجمع الزوائد للهيثمي، 3/ 113. (¬4) م ف: محمد عن ابن المجالد؛ ت: محمد عن ابن المخالد. والصواب ما أثبتناه، فمحمد بن أبي المجالد ويعرف أيضاً باسم عبد الله بن أبي المجالد يروي عن مولاه عبد الله بن أبي أوفى، ويروي عنه أبو إسحاق الشيباني. انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر، 5/ 339. (¬5) صحيح البخاري، فرض الخمس، 20؛ وصحيح مسلم، الصيد، 26 - 28. (¬6) ت: عباس. (¬7) صحيح البخاري، الذبائح، 24؛ وصحيح مسلم، الصيد، 38. (¬8) الفِلْو بالكسر وكعَدُوّ وسُمُوّ: الجَحْش والمُهْر فُطِما أو بلغا السنة، وجمعه: أفلاء وفَلاوى. انظر: القاموس المحيط، "فلو". (¬9) ت: ذبحه. (¬10) ت: الأمن.

الخطاب فكتب إلينا أن لا تفعلوا، فإن في الأمر تراخياً (¬1). أبو حنيفة عن الهيثم عن عكرمة عن ابن عباس أنه كان يكره لحوم الخيل، ويتأول فيها: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} (¬2). أبان بن أبي عياش عن إبراهيم أنه قال: رخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثمن كلب الصيد (¬3). عن المغيرة عن إبراهيم (¬4) قال: لا بأس بثمن كلب الصيد (¬5). وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. عن أبان بن أبي عياش عن أبي نضرة عن جابر بن عبد الله أنه قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الكلب والسنور (¬6). وقال أبو يوسف: يَنْقُضُ (¬7) حديثَ أبان هذا في السنور حديثُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يصغي لها الإناء لتشرب (¬8) فيه. ¬

_ (¬1) ت: تراخي. رواه البخاري نحوه في الأدب المفرد، 168. (¬2) سورة النحل، 16/ 8. وللأثر انظر: الآثار لأبي يوسف، 237؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 120؛ وتفسير الطبري، 14/ 82. (¬3) رواه أبو حنيفة - رضي الله عنه - في مسنده عن الهيثم عن عكرمة عن ابن عباس قال. أرخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثمن كلب الصيد. وهذا سند جيد. انظر: نصب الراية للزيلعي، 4/ 53. وروي عن أبي هريرة وجابر. انظر: سنن الترمذي، البيوع، 4؛ والنسائي، الصيد، 16؛ البيوع، 92؛ وسنن الدارقطني، 3/ 73، والسنن الكبرى للبيهقي، 6/ 6. وانظر للنقد: نصب الراية للزيلعي، الموضع السابق. (¬4) ت + أنه. (¬5) م - عن المغيرة عن إبراهيم قال لا بأس بثمن كلب الصيد، صح هـ. وانظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 348. (¬6) صحيح مسلم، المساقاة، 42؛ وسنن أبي داود، البيوع، 62؛ وسنن الترمذي، البيوع، 49؛ وسنن النسائي، البيوع، 92؛ وصحيح ابن حبان، 11/ 315. (¬7) م ف ت: ببعض. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 11/ 235. (¬8) ت: ليشرب.

باب صيد الكلب المعلم

عبد الله (¬1) بن سعيد بن أبي سعيد (¬2) المقبري عن أبيه عن عروة عن عائشة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يصغي (¬3) الإناء للهر (¬4) فيشرب (¬5)، ثم يتوضأ منه (¬6). ... باب صيد الكلب المعلم قلت: أرأيت الكلب المعلَّم يرسله الرجل فيأخذ الصيد ويقتله أيؤكل؟ قال: نعم، لا بأس. وقد بلغنا ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬7). قلت: أرأيت الرجل يرسل كلبه على الصيد وينسى أن يسمي فيأخذه الكلب للصيد ويقتله أيأكله؟ قال: نعم، لا بأس به. قلت (¬8): ولم ولم (¬9) يسم؟ قال: لأنه لم يترك التسمية عمداً، وهذا بمنزلة رجل ذبح فنسي أن يسمي. قلت: أرأيت الرجل المسلم يرسل كلبه على الصيد ويسمي، فيصيح به بعد ذلك رجل مجوسي ويسمي، فينزجر الكلب لذلك فيأخذ الصيد فيقتله، أيؤكل؟ قال: نعم، لا بأس به. قلت: ولم (¬10) وقد انزجر لتسمية المجوسي؟ قال: لأن المسلم هو الذي أرسله وسمى عليه، فلا يضره بعد ذلك ما صنع المجوسي. قلت: أرأيت لو كان المجوسي هو الذي أرسله ¬

_ (¬1) م ت ت: أبو عبد الله. ويظهر أن "أبو" زائدة. ولعبد الله بن سعيد ترجمة في تهذيب التهذيب لابن حجر، 5/ 209. (¬2) ت: سعد. (¬3) ت: يضع. (¬4) ت + ليشرب. (¬5) ت + فيه. (¬6) سنن الدارقطني، 1/ 70. وانظر لتفصيل طرقه: نصب الراية للزيلعي، 1/ 133 - 134. وروي قريباً منه في سنن ابن ماجه، الطهارة، 32؛ وسنن أبي داود، الطهارة، 38. (¬7) تقدم تخريجه قريباً. (¬8) ت: كله. (¬9) ف: ولم لم. (¬10) ف: لم.

وسمى عليه، ثم صاح به بعد ذلك المسلم فانزجر لتسميته، فأخذ الصيد فقتله، أيؤكل؟ (¬1)، قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن المجوسي هو الذي أرسله (¬2)، فلا تحله تسمية (¬3) المسلم بعد ذلك (¬4). قلت: أرأيت الرجل يرسل كلبه على الصيد، فيطلبه، وقد توارى عنه الصيد والكلب، ثم يجده (¬5) وقد قتله، وهو في أثره يطلبه، أيأكله؟ قال: نعم، لا بأس به. قلت: ولم وقد توارى عنه؟ قال: لأنه في طلبه ولم ينصرف عنه. قلت: أرأيت الرجل يرسل كلبه على الصيد، ثم يأخذ في عمل غيره، حتى إذا كان قريباً من الليل ذهب يطلب صيده والكلب، فوجد الصيد ميتاً، والكلب عنده، وبه جراحة لا يدري الكلب جرحه أم غيره، أيأكله؟ قال: أكره ذلك. قلت: ولم؟ قال: لأنه قد أخذ في عمل غير ذلك (¬6). قلت: وكذلك إن لم يكن به جراحة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يرسل كلبه على الصيد وينسى التسمية فيأخذه فيقتله أيأكله؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن ترك التسمية عمداً أيأكله؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن هذا والذبح سواء، ألا ترى أنه لو ذبح فنسي أن يسمي أكل، ولو ترك التسمية عمداً لم يؤكل، فكذلك الكلب إذا أرسله. قلت: أرأيت الكلب إذا أكل من الصيد أيؤكل ذلك؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه إنما أمسك على نفسه، وقد بلغنا في ذلك أثر عن ابن عباس (¬7). قلت: أرأيت الكلب إذا قتل صيده فشرب من دمه أيؤكل؟ قال: نعم، ¬

_ (¬1) م ف: ليؤكل. (¬2) ت + وسمى عليه ثم صاح به بعد ذلك المسلم. (¬3) ت: فلا يحل تسميته. (¬4) م - بعد ذلك؛ ت - المسلم بعد ذلك. (¬5) ف ت: لم يجده. (¬6) ت: في عمل غيره. (¬7) تقدم تخريجه قريباً أول كتاب الصيد.

لا بأس به. قلت: ولم وقد قلتَ إذا أكل منه فلا يؤكل؟ قال: لأن الأكل لا يشبه هذا، ولأنه إذا أكل فقد أمسك على نفسه، وقد بلغنا في ذلك أثر عن ابن عباس أنه قال: إذا شرب من دمه فلا بأس بأكله (¬1). قلت: أرأيت الرجل يدرك صيد الكلب فيأخذه حيّاً فلا يذبحه حتى يموت أيؤكل؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه حيث أخذه حيّاً فقد وجب عليه الذبح. قلت: أرأيت إن مات حيث وقع في يده في قَدْر ما لا يَقدِر فيه على ذبحه لو أراد ذبحه؟ (¬2)، قال: لا يأكله. قلت: وكذلك لو ذهب يذبحه حين أخذه فمات قبل أن يذبحه؟ قال: نعم، لا يأكله (¬3). قلت: أرأيت الفهد هو بمنزلة الكلب في صيده؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يرسل كلبه على صيد فيأخذ الكلب (¬4) صيداً غيره في وجهه ذلك أيأكله؟ قال: نعم. قلت: ولم وإنما أرسله على غيره؟ قال: لأنه إذا أخذ الذي أرسله عليه أو غيره فهو سواء. قلت: وكذلك لو أرسله على صيد كثير ولم يسم على واحد منها (¬5) ولم ينو واحداً منها؟ (¬6)، قال: نعم، يأكله. قلت: وكذلك لو نوى واحداً منها (¬7) وأخذ غيره؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يعلم الكلب الكردي فيصيد به أترى بصيده بأساً؟ قال: لا بأس به. قلت: وهو في ذلك بمنزلة غيره إذا كان معلَّماً؟ قال: نعم. قلت: وإن كان كلباً أسود؟ قال: وإن كان. قلت: أرأيت إن علَّم شيئاً من السباع سوى الكلب حتى جعل يصيد مثل عَنَاق (¬8) الأرض وغيرها أترى بصيده بأساً؟ قال: لا بأس به. ¬

_ (¬1) تقدم في أول كتاب الصيد بإسناده. (¬2) ت - لو أراد ذبحه. (¬3) وخالف في ذلك الحسن بن زياد ومحمد بن مقاتل. انظر للشرح: المبسوط، 11/ 241. (¬4) ت - الكلب. (¬5) ت: منهما. (¬6) ت: منهما. (¬7) ت: منهما. (¬8) عَنَاق الأرض شيء من دواب الأرض كالفهد، وقيل: عَنَاق الأرض دويبّة أصغر من الفهد طويلة الظهر تصيد كل شيء حتى الطير، وقيل غيره. انظر: لسان العرب، "عنق".

باب ما لا يؤكل من صيد الكلب

قلت: أرأيت الرجل يرسل فهده على الصيد - والفهد إذا أُرسل كَمَن ولا يتبع الصيد حتى يستكمن (¬1) فيمكث ساعة ثم يأخذ الصيد فيقتله- هل يؤكل؟ قال: نعم (¬2). قلت: أرأيت الكلب يرسله الرجل فيصنع كما يصنع الفهد أيؤكل صيده؟ قال: نعم، لا بأس به. قلت: أرأيت الكلب يرسل على الصيد فيأخذه فيقتله، ثم يأخذ صيداً آخر فيقتله (¬3)، أيأكلهما جميعاً؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنه بمنزلة رجل يرمي (¬4) بالسهم فيصيب صيدين (¬5) فيقتلهما؛ لأنه في وجهه ذلك بعد. قلت: أرأيت إن أخذ الأول فقتله ثم جَثَمَ عليه طويلاً من النهار ثم مر به صيد آخر فاشتد عليه فأخذه أيأكله؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه قد مكث على ما وصفت، وإنما يؤكل إذا أخذ (¬6) الأول ثم اتبع (¬7) الآخر مكانه، فإذا مكث طويلاً كما ذكرت فهذا قد خرج من حال الإرسال الأول، ولا يؤكل ما أخذ بعد ذلك إلا بإرسال مستقبل. ... باب ما لا يؤكل من صيد الكلب قلت: أرأيت الكلب إذا كان غير معلم أيؤكل صيده؟ قال: لا. قلت: ولم؟ (¬8)، قال: لأنه ليس بمعلم (¬9). ألا ترى إلى قول الله تعالى في كتابه: {تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ} (¬10). ¬

_ (¬1) ت: يستمكن. (¬2) ف - هل يؤكل قال نعم. (¬3) ت - ثم يأخذ صيداً آخر فيقتله. (¬4) ت: رمى. (¬5) ت: صيدان. (¬6) م - أخذ؛ صح هـ. (¬7) ت: فأبيع. (¬8) ت: لم. (¬9) ت: غير معلم. (¬10) يقول تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} (سورة المائدة، 4).

قلت: أرأيت الرجل ينفلت منه كلبه وهو معلم فيأخذ صيداً فيقتله أيؤكل (¬1)؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه قد انفلت منه ولم يرسله. قلت: أرأيت إن كان صاحب الكلب سمى وصاح بالكلب بعدما انفلت، فأخذ الصيد فقتله، أيؤكل؟ قال: إن كان الكلب انزجر لتسميته فلا بأس بأكله، وإن كان لم ينزجر لتسميته فلا يؤكل؟ قلت: لم؟ قال: لأني استحسنت إذا انزجر أن يؤكل صيده. قلت: أرأيت الكلب يرسله المسلم ويسمي، فيصيح به مجوسي بعد ذلك ويسمي عليه، فينزجر الكلب لتسميته، فيأخذ الصيد فيقتله، أيؤكل؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن المسلم هو الذي أرسله، فلا يضره ما صنع المجوسي بعد ذلك. قلت: أرأيت إن كان المجوسي هو الذي أرسله ثم صاح به المسلم وسمى فانزجر لذلك فأخذ الصيد فقتله أيؤكل؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن المجوسي هو الذي أرسله فلا يحله تسمية (¬2) المسلم بعد ذلك وإن انزجر لذلك. قلت: أرأيت الرجل يرسل كلبه على الصيد فيطلبه ويتوارى عنه الصيد والكلب ثم يجده (¬3) وقد قتله (¬4) أيؤكل؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأنه في طلبه لم ينصرف عنه. قلت: أرأيت الرجل يرسل كلبه على الصيد فيتبع الصيد مع (¬5) كلب آخر غير معلم فيرده عليه ويطلبه معه فيأخذه أيؤكل؟ قال: لا. قلت: فإن لم يأخذه معه ولكنه قد رده عليه وأعانه عليه وكان الذي ولي أخذه الكلب المعلم؟ قال: أكره أكله. قلت: ولم؟ قال: لأنه أعانه عليه كلب غير معلم، بلغنا ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬6). قلت: أرأيت إن لم يرده عليه ولم يُهَيِّب الصيد ¬

_ (¬1) م: ليؤكل. (¬2) ت: تسميته. (¬3) ت: لم يجده. (¬4) ت - وقد قتله. (¬5) ت: معه. (¬6) تقدم تخريجه قريباً من حديث عدي بن حاتم - رضي الله عنه -.

ولكنه اشتد عليه وكان الذي أخذه الكلب المعلم فأخذه فقتله؟ قال (¬1): هذا لا بأس بأكله. قلت: ولم؟ قال: لأنه لم يعنه عليه ولم يأخذه معه. قلت: أرأيت إن رد الصيد إنسان مجوسي على الكلب فأخذ الكلب الصيد فقتله أيؤكل؟ قال: نعم. قلت: لم (¬2) وقد رد عليه مجوسي؟ قال: ليس رد المجوسي بشيء، ولا يشبه هذا رد الكلب الذي ليس بمعلم. قلت: أرأيت الرجل (¬3) يرسل الكلب على الصيد فيرد عليه سبع من السباع أو كلب غير معلم ويطلبه معه ويُهيبه معه فيأخذه الكلب المعلم أيؤكل؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه قد رده عليه سبع، والسبع بمنزلة الكلب الذي ليس بمعلم. قلت: أرأيت الرجل يرسل كلبه على صيد وهو معلم وأخذ صيداً فقتله فأكل منه ثم اتبع (¬4) آخر فأخذه فقتله ولم يأكل منه ما القول في ذلك؟ قال: لا يؤكل واحد منهما. قلت: ولم؟ قال: لأنه قد أكل من الأول فلا يأكل من واحد (¬5) منهما؛ لأنه جاهل فليس بمعلم حيث أكل. قلت: فما شأن الثاني لا يؤكل (¬6) منه؟ قال: لأنه إذا أكل من الأول فلا يأكل من صيده حتى يدع الأكل بعد ذلك ويرجع إلى حال تعليمه؛ لأنه إذا أكل فإنما أمسك على نفسه. قلت: أرأيت إن كان قد صاد قبل هذا صيداً وقد كان معلماً يصيد به صاحبه وعنده من صيده ما قد صاد به قبل ذلك بأيام أو بيوم أو نحوه هل يؤكل ما كان من صيده؟ قال: أكره أكله (¬7). وهذا (¬8) قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: لا نرى به بأساً. قلت: وكذلك أكل ما أخذ قبل ذلك بيوم أو اثنين؟ (¬9) قال: نعم. قلت: فمتى يحل صيده؟ قال: إذا هو تعلم بعد ذلك فأخذ ثلاثاً فلم يأكل منه ثم أخذ الرابع فكل (¬10) منه. ¬

_ (¬1) ت: فإن. (¬2) ت: ولم. (¬3) م: الذي. (¬4) ت: ثم أبيع. (¬5) ت: يأكل واحدا. (¬6) ت: لا يأكل. (¬7) م هـ + في رواية قال لا؛ ت + في رواية قال لا. (¬8) ف + كله. (¬9) ت: أو يومين. (¬10) م: فأكل.

قلت: أرأيت الرجل أرسل كلبه على صيد فأخذه فقتله فعمد صاحب الكلب (¬1) إلى صيد فأخذه من الكلب ثم قطع منه قطعة فألقاها إلى الكلب فأكلها الكلب أيكون هذا بمنزلة الكلب إذا أكل من صيده؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن هذا قد أخذه صاحبه ووصل إليه قبل أن يأكل منه الكلب. قلت: أرأيت إذا أدركه صاحبه مع الكلب وقد قتله فأخذه منه فلما أخذه وثب الكلب فأخذ الصيد من صاحبه فأكل منه هل يأكل (¬2) بقيته؟ (¬3) قال: إذا أحرزه صاحبه فلا بأس بأكله، وإن كان في موضعه ذلك لم يحرزه كرهت أكله. قلت: أرأيت إن أخذ صاحب الكلب الصيد فجعله قديداً فمكث عنده حيناً ثم تناول ذلك الكلب بعض ذلك القديد فأكل هل يؤكل ما بقي منه؟ قال: نعم، لا بأس به. قلت: أرأيت الرجل إذا أرسل كلبه على الصيد فاتبع الكلب الصيد فتناول الكلب الصيد فنَهَشَه فقطع من الصيد قطعة فأكلها ثم أدرك الصيد بعد ذلك فأخذه فقتله ولم يأكل منه شيئاً هل يؤكل؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: للذي صنع به، ولأنه قد أكل منه. قلت: أرأيت إن نَهَشَه فألقى منه بضعة والصيد حي ثم اتبع الصيد بعد ذلك فأخذه وقتله ولم يأكل منه شيئاً (¬4) هل يؤكل؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأنه لم يأكل منه شيئاً (¬5). قلت: أرأيت الرجل أرسل كلبه على صيد فاتبع الصيد فنهشه فأخذ منه بضعة فأكلها وهي حية فانفلت الصيد منه ثم أخذ الكلبُ آخَرَ في فوره ذلك فقتله ولم يأكل منه (¬6) هل يؤكل ذلك الصيد؟ قال: أكره أكله. قلت: ولم؟ قال: لأنه قد فعل بالأول ما ذكرت. قلت: أرأيت إن أخذ صاحب الكلب الصيد من الكلب بعدما قتله ثم رجع الكلب بعد ذلك فمر بتلك البضعة فأكلها هل يؤكل صيده؟ قال: نعم. ... ¬

_ (¬1) ف - الكلب. (¬2) ت. هل يؤكل. (¬3) م ت: بقية؛ ت + ما أكل. (¬4) ت: شيء. (¬5) ت: شيء. (¬6) ت - منه.

باب صيد المجوسي وغيره من أهل الذمة

باب صيد المجوسي وغيره من أهل الذمة قلت: أرأيت المجوسي هل يؤكل صيده؟ قال: لا. قلت: فإن كان (¬1) الكلب معلماً؟ قال: وإن كان. قلت: فإن سمى حيث أرسله؟ قال: وإن سمى (¬2)، فلا تحل التسمية صيده. قلت: ولم؟ قال: لأن صيده بمنزلة ذبحه؛ ألا ترى أنه إنما ذبحه (¬3) المجوسي، فلا يؤكل وإن سمى، لأنه مجوسي، وإنما حرمت ذبيحته من قبل دينه. قلت: أرأيت اليهودي أو النصراني إذا أرسل الكلب فأخذ صيداً فقتله هل يؤكل؟ قال: نعم. قلت: وهما عندك في ذلك بمنزلة المسلمين في جميع ما ذكرت من صيد المسلم؟ قال: نعم (¬4). قلت: ولم؟ قال: لأن ذبيحته حلال، وصيده بتلك المنزلة. قلت: أرأيت النصراني إذا أرسل كلبه وسمى باسم المسيح وأنت تسمع هل يؤكل صيده ذلك؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنك إذا سمعته يذكر على صيده غير اسم الله فلا تأكل؛ ألا ترى أنه لو ذبح فذكر اسم (¬5) المسيح وأنت تسمع لم (¬6) تأكل، وكذلك صيده، وأما إذا لم تسمع فأنت في سعة. قلت: أرأيت المسلم والمجوسي يرسلان كلبيهما على صيد فيأخذان ذلك الصيد جميعاً فيقتلانه هل يؤكل؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن كلب المجوسي أخذ معه. قلت: فإن كان الكلب الذي للمسلم هو الآخذ ولكن كلب المجوسي قد أعانه عليه وهيّبه معه؟ قال: لا يؤكل أيضاً. قلت: أرأيت المجوسي يأخذ بيضاً من بيض الصيد هل ترى بأكله بأساً؟ قال: لا بأس به. قلت: فإن حَضَنَه بعد ذلك حتى خرج منه فِرَاخ؟ قال: لا بأس به. ¬

_ (¬1) م - كان. (¬2) م ف ت: سماه. (¬3) م ت: ألا ترى أن ما ذبحه. (¬4) ت - قال نعم. (¬5) ف - اسم. (¬6) ف + لا.

باب صيد المرتد

قلت: أرأيت كلب المجوسي يصيد به المسلم هل يؤكل صيده؟ قال: نعم. قلت (¬1): وكذلك بازه؟ قال: نعم. قلت: وإن كان المجوسي هو الذي علمه؟ قال: وإن كان. قلت: ولم؟ قال: لأن المسلم هو الذي أرسله، وإنما يُحله بالإرسال، وهذا بمنزلة سكين المجوسي يذبح بها المسلم. قلت: أرأيت مجوسياً أرسل كلبه واتبع الصيد الكلب ثم إن المجوسي أسلم قبل أن يأخذ الصيد الكلب ثم أخذ الكلب الصيد فقتله أيؤكل؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه أرسله في حال لا يحل صيده. قلت: وكذلك لو صاح به بعدما أسلم فانزجر الكلب لذلك وقد سمى؟ قال: نعم، لا يؤكل. قلت: أرأيت مجوسياً تنصر أو تهود أيؤكل صيده؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنه إذا فعل ذلك كان بمنزلة اليهودي والنصراني. قلت: أرأيت غلاماً من أهل الذمة أحد أبويه نصراني والآخر مجوسي هل يؤكل صيده وذبيحته؟ قال: نعم، ويكون ذلك بمنزلة النصراني منهما. قلت: وكذلك (¬2) لو كان أبواه (¬3) مجوسيين فتهود أحدهما أو تنصر؟ (¬4) قال: نعم. ... باب صيد المرتد قلت: أرأيت مرتداً أرسل كلبه وهو مرتد فأخذ صيداً فأكله (¬5) هل يؤكل؟ قال: لا. قلت: وإن سمى؟ قال: وإن سمى. قلت: ولم؟ قال: لأن المرتد لا تحل ذبيحته ولا صيده (¬6). قلت: وإن تهود أو تنصر؟ قال: وإن ¬

_ (¬1) م ت - قلت. (¬2) ت: ولذلك. (¬3) ت: أبويه. (¬4) ت: أو ينصر. (¬5) ت: فقتله. (¬6) ت: فلا يحل صيده.

باب صيد السمك وما يحل مما في البحر وصيد الجراد

فعل. قلت: ولم؟ قال: لأنه لا يترك على دينه، ولم يدخل في دين تحل (¬1) به ذبيحته، سوى الإسلام. قلت: أرأيت إن رمى المرتد بسهم أو أرسل كلبه ثم أسلم قبل أن يأخذ الصيد ثم أخذ الصيد بعدما أسلم هل يؤكل؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه أرسله في حال لا تحل (¬2) ذبيحته. قلت: أرأيت مسلماً رمى بسهم أو أرسل كلبه ثم ارتد قبل أن يأخذ (¬3) الكلب الصيد ثم أخذ بعد ذلك فقتله هل يؤكل؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنه أرسله وهو مسلم فلا يحرمه ارتداده بعد ذلك. ... باب صيد السمك وما يحل مما في البحر وصيد الجراد قلت: أرأيت السمك يصيده المجوسي فيسمي أو لا يسمي (¬4) هل يؤكل؟ قال: نعم، لا بأس به (¬5). قلت: ولم؟ قال: لأن السمك ذكاته أخذه، والمجوسي وغيره في ذلك سواء؛ لأن السمك لا يذكى. قلت: أرأيت رجلاً ضرب سمكة فقطع بعضها وأخذه (¬6) أيأكل ما أخذ منها؟ قال: نعم (¬7)، لا بأس به. قلت: ولم؟ قال: لأن ذلك له ذكاة. قلت: أرأيت إن أخذ ما بقي من السمكة بعد ذلك أيأكل ما أخذ منها؟ قال: نعم، لا بأس به. قلت: أرأيت السمك ينحسر (¬8) عنه الماء فيوجد (¬9) ميتاً أيؤكل؟ قال: ¬

_ (¬1) ت: يحل. (¬2) ت: لا يحل. (¬3) م: أن يأخذه. (¬4) م ف: ولا يسمي. (¬5) ت: قال لا بأس بأكله. (¬6) ت: واحدة. (¬7) ت - قال نعم. (¬8) ت: يحسر. (¬9) ت: فيؤخذ.

نعم، لا بأس به. قلت: أرأيت السمك ينبذه الماء على الجُدّ (¬1) فيأخذه ميتاً أيأكله؟ (¬2) قال: نعم، لا بأس به. قلت: أرأيت ما كان (¬3) من السمك طافياً ميتأ أيؤكل؟ قال: لا يؤكل. قلت: ولم؟ قال: للأثر الذي جاء فيه أنه يكره أكل (¬4) ما طفا من السمك على الماء (¬5)، فأما ما سوى ذلك الطافى من السمك فكله (¬6) حيث وجدته. قلت: فإن وجد سمكاً ميتاً على الأرض أيأكله؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن أكل شيئاً (¬7) من السمك الجِرِّيث والماَرْمَاهِيج (¬8) وغيره وما أشبهه هل ترى بأكله بأساً؟ قال: لا بأس بجميع السمك أن يؤكل ما خلا الطافي. قلت: أرأيت الرجل يصيد السمكة فيجد فى بطنها سمكة أخرى أيأكلهما جميعاً؟ قال: نعم، لا بأس به. قلت: أرأيت طيراً من طير الماء يأخذه الرجل فيذبحه فيجد في بطنه سمكة أيأكلها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الطير حين يأخذ (¬9) السمكة حية؟ قال: نعم، لا بأس به. قلت: وإن أخذها وهي طافية على الماء أيأكلها؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنها قد كانت طافية، ولا في خير أكل الطافي للأثر الذي جاء فيه. ¬

_ (¬1) الجد، أي: الساحل. انظر: لسان العرب، "جدد". (¬2) ف: فيأكله. (¬3) م ف + منه. (¬4) م - أكل. (¬5) رويت كراهيته عن جابر بن عبد الله وعلي وابن عباس - رضي الله عنهم -، وكذا عن ابن المسيب وأبي الشعثاء والنخعي وطاوس والزهري. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 4/ 504 - 505؛ والمصنف لابن أبى شيبة، 4/ 248. (¬6) م: وكله. (¬7) ت: شيء. (¬8) م ف ت: والمرماهيج. والتصحيح من كلام المؤلف فيما يأتي. والجريث والمارماهيج نوعان من السمك، ويقال لهما: الجِرّي والمارَماهي، وقيل هما اسمان لمسمى واحد، وهو ثعبان الماء. انظر: المغرب، "جرث"؛ وحياة الحيوان للدميري، 1/ 274. (¬9) ت: أخذ.

قلت: أرأيت طيراً من طير الماء يأخذ السمكة فيأكل بعضها ثم يدرك ما بقي منها وأخذه (¬1) أيأكله؟ قال: نعم، لا بأس به (¬2). قلت: (¬3) وكذلك إن قتلها قبل أن يأكلها؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن كل شيء أخذ السمك من طير (¬4) أو غيره (¬5) فهو له ذكاة، ولا بأس بأكله؛ لأن ذكاة السمك أخذه. قلت: أرأيت الجراد أهو (¬6) عندك بمنزلة السمك ومن صاد منه شيئاً أكله سمى أو لم يسم؟ قال: نعم، لا بأس بأكل الجراد. قلت: وأينما (¬7) وجدت الجراد أكلته؟ قال: نعم. قلت: وإن وجدته ميتاً على الأرض أكلته؟ قال: نعم. قلت: وإن أصابه مطر فقتله؟ قال: نعم، لا يحرم الجراد على حال من الحال، ولا بأس بأكله أينما وجدته (¬8) وكيف أخذته (¬9)، ولا يضرك ميتاً وجدته أم حياً (¬10) أو ما قتلته (¬11)، فأينما وجدته فكله. قلت: أرأيت الرجل يصيد السمكة فيربطها في الماء فتموت أيؤكل؟ قال: نعم، لا بأس به. قلت: ولم وقد ماتت في الماء؟ قال: لأن هذا صيد، فلا يضره موتها (¬12) في الماء. قلت: وكذلك (¬13) لو أخذ سمكة حية فألقاها في جُبّ فيه ماء فماتت؟ قال: نعم، لا بأس بأكلها (¬14). قلت: فما حال الماء؟ قال: طاهر (¬15)، لا ينجسه شيء من ذلك (¬16). قلت: أرأيت الحظيرة تَحْظُر (¬17) السمك فيَدخل السمك فيها وفيها ماء فيموت بعض ذلك السمك (¬18) فيها هل يؤكل والسمك لا يستطيع أن يُجْمَع ¬

_ (¬1) ت: منه أو أخذ. (¬2) ت: بأكله. (¬3) م ف - قلت. (¬4) ت: من الطير. (¬5) ف: وغيره. (¬6) ت: هو. (¬7) م: وأن ما؛ ت: وإن. (¬8) م ف + قلت. (¬9) ت + قال. (¬10) ت: أو حيا. (¬11) م ف: ما قتله؛ ت - أو ما قتلته. (¬12) ت: موته. (¬13) ت: ولذلك. (¬14) م: كلها. (¬15) ت - طاهر. (¬16) ت + وهوطاهر. (¬17) ت: تحضر. (¬18) ف - السمك.

فيها؟ قال: إن كان الرجل يستطيع أن يأخذ ذلك منها بغير صيد فلا بأس بأكل ما مات فيها، وإن كان لا يؤخذ إلا بصيد فلا خير في أكله (¬1). قلت: أرأيت إن كان (¬2) يكون فيه (¬3) الماء وفيه السمك فيدخل ذلك الماء الصيادون بالزواريق فتجتمع (¬4) السمك في مكان فيه فتكمن (¬5) فيه حتى تركب (¬6) بعضه بعضاً فتموت (¬7) في الماء أترى بأكل ما طفا منه وما مات منها شيئاً؟ قال: إن كان ذلك السمك لا يستطيع أن يخرج من ذلك المكان وكانوا يأخذونه بغير صيد فلا بأس بأكله، وإن كان السمك يستطيع أن يخرج منه ولا يؤخذ إلا بصيد فلا خير في أكل ما طفا منه وما مات، إلا أن يكون السمك (¬8) قتل بعضه بعضاً فلا بأس بأكله إذا كان كذلك (¬9). قلت: ولم؟ قال: لأنه إذا قتل بعضه بعضاً فكأن غيره (¬10) قتله؛ ألا ترى لو أن سمكة قتلت سمكة في الماء لم يكن بأكلها بأس (¬11). قلت: أفتكره كل شيء في البحر أو في الماء سوى السمك؟ قال: نعم، أكره أكله. قلت: فالمجوسى يأخذ (¬12) بيضاً من بيض الصيد هل ترى [به] بأساً؟ قال: لا بأس به. قلت: أرأيت رجلاً مرتداً اصطاد سمكاً هل يؤكل؟ قال: نعم، لا بأس به. قلت: ولم؟ قال: لأن المرتد وغيره في هذا سواء. قلت: أرأيت سمكة رماها رجل بحجر فقتلها في الماء أيأكلها؟ قال: نعم، لا بأس به. قلت: وكذلك كل ما قتل من السمك في الماء؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) أي: في أكل ما مات منه وطفا. وانظر المسألة التالية. (¬2) م: ان اكان. (¬3) م: في. (¬4) ت: فيجتمعون. (¬5) م ت: فيمكثن. (¬6) ت: يركب. (¬7) ت: فيموت. (¬8) ف + قد. (¬9) ت: لذلك. (¬10) ت: غيرها. (¬11) ت: بأساً. (¬12) ف: أخذ.

باب صيد البازي والصقر

قلت: أرأيت حية من حيات الماء لدغت سمكة في الماء فقتلتها (¬1) هل تؤكل السمكة؟ قال: نعم، لا بأس به. قلت: أرأيت السمك إذا نضب عنه الماء وهن أحياء ثم متن بعد ذلك في المكان (¬2) هل يؤكل؟ قال: نعم، لا بأس به. قلت: وكذلك ما لفظه (¬3) الماء حياً ثم مات؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً صاد صيداً سمكة بشبكة فوقعت السمكة في الشبكة فماتت قبل أن يخرجها أتؤكل؟ قال: نعم إن كانت السمكة في الشبكة لا تقدر على أن تخرج منها. قلت: وكذلك كل شيء يصاد به السمك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن اضطربت في الشبكة حتى ماتت (¬4) أتؤكل؟ قال: نعم، لا بأس به. قلت: أرأيت إن (¬5) ألقى جَرِيدَة في الماء يصاد (¬6) بها فتعلقت الجريدة بالسمكة (¬7) فماتت السمكة في الماء من ذلك هل تؤكل؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً ألقى شيئاً في الماء فأكلته سمكة فماتت من ذلك هل تؤكل تلك السمكة وقد علم أنها ماتت من ذلك كذلك؟ قال: نعم، لا بأس بأكلها. ... باب صيد البازي والصقر قلت: أرأيت البازي إذا كان غير معلَّم أيؤكل من صيده؟ قال: لا. قلت: وإن لم يأكل منه؟ قال: وإن لم يأكل منه. قلت: وكذلك الصقر والباشَق وكل ما يصاد به من الطير؟ قال: نعم. قلت: وكذلك البازي الوحشي (¬8) ¬

_ (¬1) ت: فقتلها. (¬2) ت: في الما. (¬3) ف: ما لفظ. (¬4) ت + في الشيكة. (¬5) ت -إن. (¬6) ف: فصاد؛ ت: يصطاد. (¬7) م ف ت: بالسمك. (¬8) ت: الوحش.

والصقر الوحشي (¬1) لم يعلَّم شيئاً وأخذ صيداً؟ قال: نعم، لا يؤكل صيد البازي وغيره إلا أن يكون معلَّما. قلت: أرأيت بازيا معلَّماً أخذ صيداً فقتله ولا يدرى ما حال البازي أرسله إنسان أم لا أيؤكل ذلك الصيد؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه لا يؤكل صيد البازي المعلم حتى يرسل، وأما إذا لم يكن معلماً فلا تأكل (¬2) من صيده إلا أن تدرك (¬3) ذكاته. قلت: أرأيت المجوسى يصيد ببازه صيداً هل يؤكل؟ قال: لا. قلت: وهو في ذلك بمنزلة كلبه لو أرسله؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يرسل بازِيَّه على الصيد وينسى أن يسمي أيأكل صيده؟ قال: نعم. قلت: فإن ترك ذلك متعمداً لم يأكل؟ قال: نعم، لا يأكل ذلك. قلت: وهو عندك في ذلك بمنزلة الكلب؟ قال: نعم. قلت: أرأيت البازي إذا أكل من صيده هل يؤكل من ذلك الصيد؟ قال: نعم. قلت: وإن أكله كله إلا قليلاً؟ قال: وإن أكله. قلت: ولم؟ قال: لأنه قد جاء في ذلك أثر (¬4)، والبازي في ذلك (¬5) لا يشبه الكلب؛ لأن البازي لا (¬6) يقدر على أن يضربه حتى يدع الأكل. قلت: أرأيت (¬7) إن أدركت صيد البازي حياً فلم تذبحه حتى مات أيؤكل؟ قال: لا. قلت (¬8): وهو في ذلك على ما وصفت لك (¬9) من صيد الكلب؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يرسل بازيه على الصيد فيأخذ غيره في وجهه ¬

_ (¬1) ف - والصقر الوحشي. (¬2) ت: يأكل. (¬3) ت: أن يدرك. (¬4) رواه المؤلف بإسناده في أول كتاب الصيد. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 241؛ وتفسير الطبري، 6/ 93. (¬5) ف ت: في هذا. (¬6) ت - لا. (¬7) ف - أرأيت. (¬8) ف - قلت. (¬9) ف - لك.

باب تعليم الكلب والبازي

ذلك أيؤكل؟ قال: نعم. قلت: وهو في ذلك بمنزلة ما وصفت في شأن الكلب وصيده؟ قال: نعم. قلت: أرأيت البازي ينفلت من صاحبه على صيد ثم إن صاحبه صاح به وسمى فانزجر (¬1) البازي لذلك فازداد طلباً لصيده فأخذ الصيد فقتله هل يؤكل؟ قال: نعم. قلت: وهو عندك بمنزلة ما وصفت في (¬2) في شأن الكلب؟ قال: نعم. قلت: أرأيت بازي المجوسي المعلَّم إذا صاد به المسلم أيؤكل صيده؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يرسل بازه على الصيد فيتبعه بازٌ (¬3) آخر ليس بمعلَّم ولم (¬4) يرسله أحد فيأخذان الصيد جميعاً هل يؤكل (¬5)؟ قال: لا. قلت: وكذلك لو هَيَّبه الآخر ورَدَّ عليه ووَلِيَ أَخْذَه الذي أرسل؟ قال: نعم، لا يؤكل. قلت: وهو في هذا على ما وصفت لى (¬6) فى شأن الكلب وصيده؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يرسل بازه على صيد فيقع على شيء ثم يتبع الصيد فيأخذه فيقتله هل يؤكل؟ قال: نعم، لا بأس به. ... باب تعليم الكلب والبازي قلت: أرأيت الكلب كيف (¬7) تعرف (¬8) أنه قد تعلم حتى يؤكل صيده ومتى يحل صيده؟ قال: إذا علّمه صاحبه فكان يجيبه إذا دعاه، ويرسله على ¬

_ (¬1) ت: فازجر. (¬2) ف: لك. (¬3) ت: بازا. (¬4) ف: لو لم. (¬5) ت: أيؤكل. (¬6) ت: لك. (¬7) ف - كيف. (¬8) ت: يعلم.

باب رمي الصيد

الصيد فيأخذ الصيد فلم يأكل، وأخذ صيداً آخر فلم يأكل (¬1)، وفعل ذلك ثلاثاَ، فهذا قد تعلم. قلت: أرأيت إذا تعلم فصاد (¬2) زماناً ثم أكل بعد ذلك من صيده ما القول في ذلك؟ (¬3)، قال: هذا قد خرج من التعليم، فلا يؤكل صيده (¬4) حتى يرسل بعد ذلك (¬5) ثلاث مرات فلا يأكل مما يصيد، فإذا لم يأكل وصار عالماً حل لك صيده بعد ذلك إذا لم يأكل. قلت: أرأيت البازي كيف تَعْلَم (¬6) أنه قد تعلّم حتى يحل صيده؟ قال: البازي في هذا ليس بمنزلة الكلب، وتعليم البازي أن يدعوه (¬7) صاحبه فيجيبه ولا ينفر من صاحبه، فإذا أجاب صاحبه ولم ينفر منه وأَلِفَ فذلك قد تعلم. قلت: وكذلك الصقر وغيره من الطير؟ قال: نعم. قلت: أرأيت العُقَاب هل يؤكل صيده إذا كان عالماً؟ قال: نعم. قلت: وهو عندك بمنزلة الباز؟ قال: نعم. قلت (¬8): وإن أكل من ذلك الصيد؟ قال: نعم. قلت: وتعليمه على نحو مما ذكرت من الباز؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الصقر إذا فر من صاحبه وقد كان عالماً فمكث حيناً ثم صاد (¬9) هل يؤكل صيده؟ قال: لا حتى يعلّمه. ... باب رمي الصيد قلت: أرأيت رجلاً يرمي الصيد بسهم فيصيبه فذهب (¬10) في طلبه وقد توارى عنه الصيد فوجده ميتاً أياكله؟ قال: إذا كان في طلبه لم ¬

_ (¬1) ت + وأخذ صيداً آخر فلم يأكل. (¬2) ت: فصار. (¬3) ت: في هذا. (¬4) ت + بعد ذلك. (¬5) ت - بعد ذلك. (¬6) ت: يعلم. (¬7) م: أن يدعوا. (¬8) ت - قلت؛ صح هـ. (¬9) م ت: ثم صاده. (¬10) ت: فيذهب.

يأخذ في عمل غيره فلا بأس بأكله، فإن (¬1) كان أخذ في عمل غيره ثم طلبه بعد ذلك فلا يأكله. قلت: ولم؟ قال: لأني أكره أكله إذا (¬2) توارى عنه وقد كان أخذ (¬3) في (¬4) عمل غيره. قلت: ولم؟ قال: لأني أكرهه. قلت: ولو لى يتوار (¬5) عنه ولم يطلبه حتى رآه ميتاً أيؤكل؟ قال: نعم، لا بأس به (¬6). قلت: أرأيت الرجل يرمي الصيد بسهم فيتوارى عنه وقد كان أصابه ثم طلبه فوجده ميتاً وبه جرح آخر سوى الذي (¬7) جرح (¬8) الرمي (¬9) هل يؤكل؟ قال: أكره أكله. قلت: فإن كان في طلبه لم يأخذ في عمل غيره؟ قال: وإن كان. قلت: ولم؟ قال: لأنه قد (¬10) أصابه جرح سوى الرمي، فأكره أكله؛ لأنه لا يدري لعل ذلك الجرح قتله. قلت: أرأيت السهم إذا رمى به صاحبه فأصاب صيداً فتوارى الصيد عنه أهو عندك بمنزلة صيد الكلب إذا توارى عن صاحب الكلب والصيد على ما وصفت لك في الكلب في الباب الأول؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً رمى صيداً فأثخنه حتى لم يستطع أن يتحرك (¬11) وسقط ورماه آخر بسهم فقتله هل يؤكل؟ قال: لا. وقال أبو يوسف ومحمد: على الآخر قيمته مجروحاً للأول. قلت: وكذلك إن رماه هو؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ (¬12) قال: لأنه قد كان الأول أثخنه، فلا يكون رمية الآخر له ذكاته (¬13)؛ لأنه بمنزلة شيء رُمِيَ وهو مُثْخَن وهو يقدر على ذبحه. قلت: أرأيت إن مشى ساعة فمات قبل أن ينتهي إليه هل يؤكل؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن مات الصيد بعدما سقط قبل أن يدركه (¬14) صاحبه هل ¬

_ (¬1) ت: وإن. (¬2) ت: وقد. (¬3) ت - أخذ؛ صح هـ. (¬4) ت + طلب. (¬5) ت: قلت ولم يتوارى. (¬6) ت: بأكله. (¬7) ف - الذي. (¬8) ت: جرج. (¬9) ف ت: الرامي. (¬10) ت - قد. (¬11) ت: أن يتحرل. (¬12) م: لم. (¬13) ف ت: ذكاة. (¬14) ت: أن يدرله.

يؤكل؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن أخذه فذهب به ليذبحه فمات قبل أن يذبحه هل يؤكل؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه إذا أخذه فكان يقدر على ذبحه فتركه كذلك (¬1) حتى مات فلا يأكله، وإن كان مات في قدر ما لو ذهب يذبحه لم يقدر على ذبحه فلا يأكله (¬2) أيضاً. قلت: فإن انتهى إليه وهو حي فمات ساعة انتهى إليه هل يؤكل؟ قال: نعم ما لم يأخذه ومات مع وصوله إليه، وإذا أخذه حياً فلا ذكاة له إلا الذبح. قلت: أرأيت إن لم يكن معه شيء يذبح به فطلب سكيناً أو غير ذلك ليذبح به فكان ذلك في قدر ما لو كان معه ما يذبح به قدر على ذبحه؟ قال: هذا لا يؤكل. قلت: ولم؟ قال: لأنه قد كان (¬3) وقع في يديه حياً. قلت: أرأيت رجلين رميا صيداً جميعاً فقتلاه أيكون بينهما؟ قال: نعم. قلت: ولا تركتابأكل هذا بأساً؟ قال: لا بأس به. قلت: فإن رمى أحدهما قبل صاحبه ووقعتا الرميتان جميعاً؟ قال: وإن. قلت: أرأيت رجلاً رمى صيداً في السماء، فأهوى الصيد إلى الأرض، فبينما هو كذلك (¬4) وقد أثخنه إثخاناً لا يستطيع الذهاب منه فرماه (¬5) رمية أخرى قبل أن يسقط إلى الأرض، هل يؤكل وقد كان أصابه في الرمية الثانية؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه قد كان أثخنه بالرمية الأولى فلا تكون الرمية الآخرة له ذكاة. قلت: أرأيت إن (¬6) علم أنه قد كان مات من الرمية الأولى هل يؤكل؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان حيث رماه الرمية (¬7) الأولى فتحامل الصيد وقد أصابه فرماه (¬8) ثانية فأصابه وقد كان يقدر على الذهاب في (¬9) الرمية الأولى فقتل هل يؤكل؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن الرمية الأولى حيث تحامل بها وقد كان يقدر على ¬

_ (¬1) ت: لذلك. (¬2) م ف + لا. (¬3) م + قد. (¬4) ت: لذلك. (¬5) ت: إذ رماه. (¬6) ت + كان. (¬7) م ف: رمية. (¬8) م ف + وهو. (¬9) ت: من.

الذهاب (¬1) فهو بمنزلة من لم يرم. قلت: أرأيت رجلاً رمى صيداً فأصابه فتحامل الصيد وهو يقدر على الذهاب، فبينما هو يطير إذ رماه آخر فقتله، لمن يكون الصيد؟ قال: للثاني. قلت: ولم؟ قال: لأنه هو الذي قتله؛ لأن الرمية الأولى لم تثخنه. قلت: أرأيت رجلاً رمى صيداً فصرعه فاشتد رجل آخر فأخذه لمن يكون الصيد؟ قال: للذي رماه، ولا (¬2) يكون للآخر منه شيء. قلت: وكذلك لو كان الصيد وقع في دار رجل؟ قال: نعم، الذي رماه أحق به. قلت: ولم؟ قال: لأن الذي رماه هو أحق به. قلت: أرأيت صيداً أَلِفَ دارَ رجل فكان يأتي مكاناً (¬3) من تلك الدار فيبيت فيه حتى أفرخ في ذلك المكان (¬4) فرمى رجل ذلك الصيد فقتله لمن يكون؟ قال: للذي رماه إلا أن يكون رب الدار أغلق عليه باباً يحرزه ويقدر على أخذه بغير صيد قبل الرمية فيكون لرب الدار ذلك الصيد. قلت: وكذلك لو كان في أرض رجل أو في نخلة لرجل أو في شجرة؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو رمى رجل بعض فراخه؟ قال: نعم (¬5)، هو للذي رمى، وهو أحق به من صاحب الأرض والشجرة والنخلة. قلت: أرأيت إن أخذ رجل من تلك (¬6) الفراخ التي في الشجرة أو في أرض رجل أو في (¬7) نخله قبل أن تقدر الفراخ على الطيران وهن صغار من أحق بها، أصاحب الأرض أم الذي أخذها؟ قال: الذي أخذها. قلت: ولم؟ قال: لأن صاحب الأرض لم يملك ذلك الصيد قط ولا يقع في ملكه حتى يأخذه ويحرزه. قلت: وكذلك كل صيد كان في أرض رجل أو كان (¬8) في داره؟ ¬

_ (¬1) ف - في الرمية الأولى فقتل هل يؤكل قال نعم قلت ولم قال لأن الرمية الأولى حيث تحامل بها وقد كان يقدر على الذهاب. (¬2) ف: لا. (¬3) ف - مكانا. (¬4) ت: في تلك الدار. (¬5) م - نعم. (¬6) ت: من ذلك. (¬7) ف - في. (¬8) م ت - كان.

قال: نعم. قلت (¬1): وكذلك (¬2) لو أن صيداً رُمي ولا يُدرى من رماه فوقع في أرض رجل فأخذه رجل آخر؟ قال: نعم (¬3). قلت (¬4): وكذلك لو أن رجلاً أرسل كلباً له (¬5) على صيد فاتبعه الكلب حتى أخذه في أرض رجل أجنبي (¬6) أو في داره (¬7)؟ قال: فصاحب الكلب أحق به من صاحب الدار والأرض. قلت: وكذلك لو أن رجلاً اشتد على صيد فأخرجه حتى أدخله دار رجل أو أرضه؟ قال: نعم، كل هذا أجمع للذي أدخله يأخذه (¬8)، وهو أحق به؛ لأن صاحب الأرض والدار لم يملكه قط ولم يكن له في ذلك ملك. ألا ترى لو أن صياداً نصب شبكة في أرض رجل فصاد بها صيداً كان له دون صاحب الأرض والدار، فكذلك جميع ما ذكرت لك. قلت: أرأيت نهراً لرجل يكون فيه السمك أو طير من طيور الماء لا يؤخذ ذلك إلا بصيد فجاء رجل فصاد من ذلك النهر سمكة أو طيراً من أحق به؟ قال: الذي (¬9) أصابه (¬10). قلت: ولم؟ قال: لأن هذا نهر جار لا يقدر على ما فيه إلا بصيد. قلت: أرأيت إن كانت أَجَمَة (¬11) لا يقدر على (¬12) أن يخرج سمكها منها إلا إذا نَضَبَ الماء عنها، فجاء رجل فصاد من سمكها (¬13) شيئاً، لمن يكون؟ قال: هذا لمن صاده. قلت: أرأيت إن كانت أَجَمَة ضخمة إلى جنب نهر جار فيدخل السمك فيها من ذلك النهر ويخرج ما القول في ذلك إن أخذ رجل من صيدها؟ قال: هذا لمن أخذه إذا كان على ما وصفت، وهذا بمنزلة النهر الجاري. قلت: أرأيت إن كان ¬

_ (¬1) م - نعم - قلت. (¬2) م + وكذ لك، ت: ولذلك. (¬3) أي: هو للآخذ. انظر: المبسوط، 11/ 251. (¬4) م - قال نعم قلت (غير واضح). (¬5) ف - له. (¬6) ف ت - أجنبي. (¬7) م - أو في داره. (¬8) م ف: أخذه. (¬9) م: للذي. (¬10) ف: صاده. (¬11) الأجمة الشجر الملتف، وقولهم: "بيع السمك في الأجمة" يريدون المستنقع الذي هو منبت القصب. انظر: المغرب، "أجم". (¬12) ت - على. (¬13) ت: من سمكه.

صاحب الأجمة احتال لذلك حتى خرج الماء وبقي السمك؟ قال: فهو لصاحب الأجمة. قلت: أرأيت مجوسياً ومسلماً رميا صيداً جميعاً فقتلاه وسميا هل يؤكل؟ قال: لا. قلت: وهما عندك بمنزلة الذبح؟ قال: نعم. قلت: أرأيت مسلماً لم يَقْوَ على أن ينزع قوسه فيرمي بها فأعانه مجوسي فمَدَّ (¬1) معه المجوسي (¬2) فرمى فأصاب صيداً فقتله هل يؤكل صيده؟ قال: لا. قلت: وإن كان المسلم قد سمى؟ قال: وإن كان المسلم قد سمى. قلت: ولم؟ (¬3)، قال: لأن المجوسي قد رمى معه، وهذا بمنزلة مجوسي أخذ بيد مسلم فذبح والسكين بيد المسلم، فلا تحل تلك الذبيحة. قلت: أرأيت مسلماً رمى صيداً فلم يقع السهم في الصيد حتى ارتد عن الإسلام أيؤكل ذلك؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنه رمى وهو مسلم. قلت: أرأيت إن رمى وهو مرتد عن الإسلام ثم أسلم قبل أن يقع السهم ثم وقع فقتل الصيد هل يؤكل؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه رمى وهو مرتد. قلت: أرأيت نصرانياً أو يهودياً رمى صيداً (¬4) فقتله هل يؤكل صيده؟ قال: نعم. قلت: وهو عندك بمنزلة المسلم في جميع ما ذكرت؟ قال: نعم. قلت: فإن رماه وسمى باسم المسيح وأنت (¬5) تَسْمَعُ (¬6) فأصاب صيداً فقتله هل يؤكل؟ قال: لا. قلت: وكذلك (¬7) لو ذبح؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنه لا يكون في هذا أحسن حالاً من المسلمين؛ ألا ترى أن المسلم إذا ترك التسمية متعمداً لم تأكل (¬8) من ذبيحته، وكذلك النصراني. قلت: فإن تركها ناسياً أكلت؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) م ف ت: فمر. والتصحيح من الكافي، 1/ 143 و؛ والمبسوط، 11/ 251. (¬2) ف - المجوسي. (¬3) ت: لم. (¬4) م ف: نصرانياً رمى صيداً أو يهودياً. (¬5) م ف - وأنت. (¬6) م ف: وتسمع. (¬7) ت: ولذلك. (¬8) ت: لم يأكل.

باب المتردي والرمي

قلت: أرأيت الرجل يرمي الصيد في السماء فيقع على الأرض فيموت أيؤكل؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنه لم يصبه شيء دون الأرض. ... باب المتردي والرمي قلت: أرأيت رجلاً رمى صيداً فأصابه فوقع في الماء فمات هل يؤكل؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأني لا أدري لعل الماء قتله. وقد بلغنا في ذلك أثر عن عبد الله بن مسعود (¬1). قلت: أرأيت إن كان مات قبل أن يقع في الماء هل يؤكل؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يرمي الصيد في السماء فيصيبه فيقع على جبل فيتردى (¬2) من الجبل حتى يقع (¬3) على الأرض أيؤكل؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن هذا متردي، ولا أدري لعل الجبل قتله. قلت: وكذلك إن وقع على صخرة ثم وقع على الأرض؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن وقع على الجبل فمات مكانه أو وقع على صخرة فمات عليها ثم وقع (¬4) بعدما مات على الأرض هل يؤكل؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنه حيث مات في موقعه الذي وقع فكأنه وقع على الأرض، وإنما أكره أكله إذا وقع على شيء دون الأرض ثم وقع على الأرض بعد ذلك. قلت: أرأيت إن رماه وهو على جبل فأصابه فتردى من الجبل حتى وقع من موضع إلى موضع حتى وقع على الأرض هل يؤكل؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن وقع من الجبل على الأرض فمات ولم يصبه شيء دون الأرض من الجبل أيؤكل؟ قال: نعم، لا بأس به. قلت: ولم؟ أوَ ليس هذا متردياً؟ (¬5) قال: لا، ¬

_ (¬1) عن ابن مسعود قال: إذا رميت طيراً فوقع في ماء فلا تأكل، فإني أخاف أن الماء قتله. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 243. (¬2) ف: فيهوى. (¬3) م ف ت: حتى وقع. (¬4) م ف + بعد وقع. (¬5) ت: متردي.

إنما المتردي إذا أصابه شيء من الجبل (¬1) ثم وقع بعد ذلك على الأرض، فهذا متردي أكره أكله. قلت: أرأيت إن رماه (¬2) وهو على رأس جبل فوقع (¬3) على صخرة من الجبل فاستقر عليها فمات ولم يصبه شيء دون المكان حتى مات (¬4) هل يؤكل؟ قال: نعم، لا بأس به. قلت: ولم؟ قال: لأن هذا بمنزلة الأرض؛ ألا ترى أنه لو كان في السماء فوقع في ذلك المكان فمات عليه أكل منه، وإنما المتردي أن يقع فيصيبه شيء دون المكان الذي يموت فيه، فهذا مكروه أكله. قلت: وإن كان صيد (¬5) على حائط أو فوق بيت فرماه رجل فأصابه فوقع على الحائط حياً ثم وقع على الأرض فأصابه (¬6) شيء من الحائط دون الأرض هل يؤكل؟ قال: لا، وهذا متردي. قلت: وكذلك لو كان على نخلة أو شجرة فأصابه شيء من النخلة دون الأرض؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن وقع مِن على الحائط أو النخلة (¬7) ثم مات قبل أن يقع على الأرض هل يؤكل؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن وقع من (¬8) هذا الحائط والنخلة إلى الأرض هل تؤكل؟ (¬9) قال: نعم. قلت: وكذلك ما كان عليه الصيد فرمى في ذلك المكان فإن أصابه شيء دون الأرض لم يؤكل، وإن لم يصبه شيء أكل؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً رمى صيداً فوقع على ظهر البيت ثم وقع من ظهر البيت (¬10) على الأرض (¬11) فمات هل يؤكل؟ قال: لا، هذا متردي. قلت: أرأيت إن مات على ظهر البيت حيثما وقع عليه هل يؤكل؟ (¬12) قال: نعم، لا بأس به. قلت: ولم؟ قال: لأنه بمنزلة الأرض. ¬

_ (¬1) ت + دون الأرض. (¬2) م ف: إن رمى. (¬3) ت - فوقع. (¬4) ت - حتى مات. (¬5) ت: صيداً. (¬6) ت - فوقع على الحائط حيا ثم وقع على الأرض فأصابه. (¬7) ت: على النخلة أو الحائط. (¬8) م ت - من. (¬9) ت: هل يؤكل. (¬10) ف - ثم وقع من ظهر البيت. (¬11) ت - على الأرض. (¬12) ت - قال لا هذا متردي قلت أرأيت إن مات على ظهر البيت حيث وقع عليه هل يؤكل.

قلت: أرأيت رجلاً رمى صيداً فأصابه فوقع الصيد على رمح منصوب فمات عليه (¬1) وفي الرمح سنان أو ليس فيه سنان وطرفه حديد أو ليس بحديد هل يؤكل؟ قال: لا. قلت: ولمَ وقد زعمت (¬2) أنه إذا وقع فوق بيت فمات أكل؟ قال: ليس هذا بمنزلة ظهر البيت؛ لأن الرمح هاهنا يقتل، ولا أدري لعله هو الذي قتله. قلت: وكذلك لو وقع على قصبة قائمة فوقع على طرفها؟ قال: نعم. قلت: وكذلك كل شيء من هذا النحو؟ قال: نعم، لا يؤكل؛ لأني لا أدري لعل ذلك قتله. قلت: وكذلك لو وقع على آجُرَّة قائمة أو على لَبِنَة فوقع على حدها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كانت الآجرة موضوعة في الأرض أو اللبنة فوقع فمات عليها؟ قال: هذا بمنزلة الأرض. قلت: وكل شيء وقع عليه دون الأرض فمات عليه مما يَقْتُل فلا يأكله من نحو ما وصفت لك، وما كان نحو سطح البيت أو نحو ذلك يكون بمنزلة الأرض مما لا يَقْتُل فلا بأس به؟ قال: نعم. قلت: وكل (¬3) شيء متردي إذا أدركت ذكاته فذكيته فلا بأس بأكله؟ قال: نعم. قلت: وكذلك كل ما عقر السبع أو أكل منه فأدركت ذكاته فذكيته؟ قال: نعم، لا بأس بأكله. قلت: أرأيت رجلاً رمى صيداً فأصابه ثم نَفَذَ السهمُ (¬4) فأصاب صيداً آخر فقتلهما جميعاً هل يؤكلان جميعاً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً رمى صيداً وسمى عليه فأصاب غيره هل يؤكل؟ قال: نعم. قلت (¬5): وكذلك لو كان (¬6) أصاب صيداً منها ثم نفذ السهم فأصاب آخر غيرها فقتلها (¬7) هل يؤكل؟ قال: نعم. قلت: أرأيت لو كان صيداً كثيراً فرماها جميعاً ولم ينو واحداً بعينه فأصاب بعضها أو أصاب غيرها هل يؤكل؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً رمى صيداً وسمى فردّت الريح السهم إلى ناحية ¬

_ (¬1) ت - عليه. (¬2) م: قد زعمت. (¬3) ت: فكل. (¬4) م: المسهم. (¬5) ف - قلت. (¬6) ف - كان. (¬7) ت: فقتله.

أخرى يميناً أو شمالاً فأصاب صيداً آخر هل يؤكل الصيد؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن السهم قد انصرف عن وجهه ذلك وردته الريح إلى غيره. قلت: أرأيت إن لم ترده (¬1) الريح من وجهه ذلك هل يؤكل الصيد؟ قال: نعم إذا لم يرجع السهم يمنة ويسرة (¬2). قلت: أرأيت إن كانت الريح دفعت السهم وهي ريح شديدة فأصاب السهم صيداً ولم يتغير عن وجهه ذلك هل يؤكل؟ قال: نعم. قلت: أرأيمت رجلاً رمى صيداً بسهم فأصاب السهم حائطاً أو شجرة أو شيئاً غير ذلك ثم رجع فأصاب صيداً هل يؤكل؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن الحائط رده إلى وجه (¬3) آخر فلا يؤكل (¬4). قلت: أرأيت إن مر السهم بين الشجر فجعل يصيب الشجر في ذلك الوجه ومضى كما هو والسهم في سَنَنِه ذلك لم يتغير فأصاب صيداً فقتله هل يؤكل؟ قال: نعم، لا بأس به. قلت: فإن كان شيء (¬5) من الشجر قد رده حتى أصابه السهم فرجع يمنة أو يسرة؟ قال: لا يؤكل، وإن أصاب الشجرة فعَدَلَ عنها يميناً وشمالاً أو مستقيماً أكل ذلك. قلت: أرأيت إن مر بحائط فجَحَشَ (¬6) السهمُ الحائطَ فمَرَّ في سَنَنِه ذلك فأصاب صيداً فقتله هل يؤكل؟ قال: نعم إذا لم يرجع السهم عن سَنَنِه. قلت: أرأيت رجلاً رمى بسهم وسمى، ثم رمى رجل بسهم آخر، فأصاب ذلك السهمَ الأول قبل أن يصيب الصيد، فرده عن وجهه ذلك قبل أن يصيب الصيد، فأصاب في وجهه ذلك (¬7) صيداً فقتله، هل يؤكل؟ قال: لا. قلت: وكذلك لو استقبله رجل بقصبة فضربه أو ¬

_ (¬1) ت: لم يرده. (¬2) ت: ولا يسرة. (¬3) ت: إلى وجهه. (¬4) م ت: فلا يأكل. (¬5) ت: شيئاً. (¬6) قال المطرزي: جحش جِلْدَه: قَشَرَه، من باب منع، ومنه الحديث: "فجُحِشَ شِقُّه الأيسر"، وقوله في الصيد: أرأيت إن مر بحائط فجحش السهم الحائط في سننه، أي: أثر فيه. انظر: المغرب، "جحش". (¬7) ف ت - قبل أن يصيب الصيد فأصاب في وجهه ذلك.

باب ما لا يؤكل صيده من الرمي والمعاريض

رمى بحجر؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً رمى صيداً بسهم ورماه آخر بحجر فقتلاه جميعاً هل يؤكل؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن رمية الحجر لا تؤكل. ... باب ما لا يؤكل صيده من الرمي والمعاريض (¬1) قلت: أرأيت رجلاً رمى صيداً ببُنْدُقَة (¬2) وأصابه فقتله هل يؤكل؟ قال: لا. قلت: وإن سمى؟ قال: وإن سمى. قلت: لم؟ (¬3) قال: لأن (¬4) البندقة بمنزلة الحجر، وقد جاء في ذلك أثر أيضاً أن لا يؤكل ما قتلت البندقة (¬5). قلت: وكذلك لو أن رجلاً رمى صيداً بحجر فقتله؟ قال: نعم. قلت: وإن جرحه الحجر؟ قال: وإن. قلت: وإن كان مَرْوَة (¬6) حديدة؟ (¬7) قال: نعم إذا لم يَبْضَع (¬8). قلت: أرأيت رجلاً رمى صيداً بمَرْوَة حَدِيدَة وسمى فقطع رأسه هل يؤكل؟ قال: لا. قلت: فإن رمى فقطع أوداجه؟ قال: وإن. قلت: لمَ؟ (¬9)، قال: لأن الحجر ليس بمنزلة السهم ولا يَخْرِق، فلا يؤكل صيده وإن جرح ¬

_ (¬1) المعاريض جمع المعراض، وهو السهم الذي لا ريش عليه يمضي عَرْضاً فيصيب بعَرْض العود لا بحده. انظر: المغرب، "خزق". (¬2) البندقة طينة مدوّرة يرمى ابها. انظر: المغرب، "بندق". (¬3) ف ت: ولم. (¬4) ف - قال لأن. (¬5) روي ذلك عن ابن عمر وإبراهيم النخعي وسعيد بن المسيب وغيرهم من التابعين. وعلقه البخاري عن ابن عمر وغيره. انظر: صحيح البخاري، الذبائح، 2؛ والمصنف لعبد الرزاق، 4/ 474 - 478؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 246 - 247؛ وتغليق التعليق لابن حجر، 4/ 500 - 502. (¬6) المروة حجر أبيض رقيق، وهي كالسكاكين يذبح بها. انظر: المغرب، "مرو". (¬7) حديدة، أي: حادّة. انظر: لسان العرب، "حدد". (¬8) ت: لم يصنع. أي إذا لم يشق ويقطع. انظر: المغرب، "بضع". (¬9) ف ت: ولم.

حتى يذكّى (¬1). [قلت:]، وكذلك لو أن رجلاً رمى صيداً بعصا أو بعود؟ قال: نعم إلا أن يَبْضَعَه بَضْعاً (¬2). قلت: أرأيت إن رمى صيداً بالسكين فخرق الصيد أو جرحه (¬3) هل يؤكل؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو رماه بسيف؟ قال: نعم. قلت: وإن مات؟ قال: وإن مات. قلت: أرأيت إن أصابه بقَفَا السكين هل يؤكل؟ قال: لا. قلت: وكذلك إن (¬4) أصابه بمقبض السيف؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن أصابه بمقبض السيف وحَدّه جميعاً هل يؤكل؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن ما قتل بمقبض السيف لا يؤكل حتى يذكّى ولا يؤكل إذا قتله. قلت: أرأيت رجلاً أخذ عوداً فحدّده وجعله بمنزلة السهم ورمى به فأصاب صيداً فقتله هل يؤكل؟ قال: إن كان خرق بحلّى فلا بأس بأكله، وإن كان أصابه بعَرْضِه فلا تأكل (¬5) منه. قلت؛ وكذلك لو رماه بمعراض؟ قال: نعم، وقد بلغنا في الأثر أن المعراض إذا رمي به فخَزَقَ (¬6) أكل منه وإن لم يَخْزِقْ (¬7) لم يؤكل (¬8). قلت: أرأيت رجلاً أخذ مروة فحدّدها وجعلها بمنزلة السهم وأطالها حتى صارت بمنزلة السهم ثم رمى به وسمى وهذا مما يرمى به فخرق كما يخرق السهم فقتل هل يؤكل؟ قال: نعم، وإن أصابه بعَرْضه لم يؤكل /. قلت: ولم؟ قال: لأنه إذا كان على ما وصفت فهو بمنزلة السهم يرمى به. قلت: أرأيت النُّشَّابَة (¬9) والسهم وكل (¬10) ما رمى (¬11) به أهو عندك سواء يؤكل (¬12) ما خرق؟ قال: نعم. قلت: وسواء إذا (¬13) كانت ¬

_ (¬1) م: حتى يذكر. (¬2) ت: إلا نصفه نصفا. (¬3) ت: أو جرجه. (¬4) ت: لو. (¬5) ت: يأكل. (¬6) ت: فخرق. (¬7) ت: لم يخرق. (¬8) تقدم تخريجه قريباً في أول كتاب الصيد. (¬9) النُّشَّاب هو السهم التركي، واحده نشابة. والنبل هو السهم العربي. انظر: المغرب، "نبل". (¬10) م: لكل. (¬11) ت: يرمى. (¬12) ت: وكل. (¬13) ت - إذا.

باب ما يستوحش من غير الصيد

فيه حديدة أو لم تكن؟ قال: نعم. قلت: أرأيت النُّشَّابة والسهم إذا أصاب بعَرْضِه (¬1) هل يؤكل؟ قال: لا (¬2)، إلا أن يكون يدرك ذكاته فيذكّيه. قلت: ولم؟ قال: لأنه عندي بمنزلة المعراض إذا أصاب بعَرْضِه. قلت: أرأيت كل شيء ليس له حَدّ ولا طَرَف من نحو الحجر والبُنْدُقَة لا تأكل صيده وإن أدمى إلا أن تذكّيه؟ (¬3) قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً يَزْرِق بمِزْرَاقِه (¬4) فأصاب صيداً فخرق فقتله أيؤكل؟ (¬5) قال: نعم. قلت (¬6): وهو عندك بمنزلة النُّشَّابة والسهم؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن زَرَقَ برمح؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن لم يكن فيه سِنَان فخرق بطرفه؟ قال: نعم. قلت: وإن أصاب معترضاً لم يؤكل؟ قال: نعم، لا يؤكل. قلت: وكل شيء أصاب معترضاً لم يؤكل إلا أن تد رك (¬7) ذكاته؟ قال: نعم. ... باب ما يستوحش من غير الصيد بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إن لهذه الإبل أوابد كأوابد الوحش، فإذا أحسستم (¬8) بشيء من ذلك فاصنعوا به كما تصنعون بالصيد" (¬9). وبلغنا أن بعيراً تردّى في بئر على عهد ابن عمر، فلم يُقْدَرْ على منحره، فوُجِئَ مِن قِبَل خاصرته، فأخذ منه ابن عمر عَشِيراً بدرهمين (¬10). ¬

_ (¬1) م + بعرضه. (¬2) ت: نعم. (¬3) ت: أن يذكيه. (¬4) المزراق رمح صغير، وزَرَقَه رماه به أو طعنه. انظر: المغرب، "زرق". (¬5) ت: هل يؤكل. (¬6) م ف - قلت. (¬7) ت: إلا بدرك. (¬8) م ف ت: فإذا حسستم. (¬9) تقدم تخريجه قريباً في أول كتاب الصيد. (¬10) تقدم تخريجه قريباً في أول كتاب الصيد.

قلت: أرأيت بعيراً نَدَّ فلم يُقْدَرْ عليه (¬1) فخِيفَ أن يذهب فرماه رجل (¬2) وسمى (¬3) فقتله هل يؤكل؟ قال: نعم، وهو في ذلك بمنزلة الصيد. قلت: وكذلك (¬4) لو كان ثوراً ففعل مثل ذلك؟ قال: نعم (¬5)، فما (¬6) نَدّ من ذلك فخِفْتَ عليه الذهاب فارم، فذلك ذكاة، وهو في ذلك بمنزلة الصيد. قلت: أين ما أصبت منه فلا بأس بأكله؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن أصاب قرن البقرة أو قرن (¬7) الثور أو الظِّلْف فقتلها (¬8) هل يؤكل؟ قال: إن أدمى الظّلْف وخَلَصَت الرَّمْيَة إلى اللحم فأَدْمَتْ فلا بأس به، وإلا لم يؤكل. قلت: وكذلك لو أن رجلاً رمى صيداً أو ظبياً (¬9) فأصاب قرنه أو ظلفه وأدمى وخلصت الرمية إلى اللحم فمات أيؤكل؟ قال: نعم. قلت: وأي موضع منه إذا أدماه فهو له ذكاة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت بعيراً تردى في بئر فلم يُقدَر على منحره (¬10) فطعن برمح أو بسيف في ظهره أو في فخذه فأدماه (¬11) ذلك ومات منه (¬12) هل يؤكل؟ قال: نعم. قلت: وأين ما وجأ منه إذا أدماه فهو له ذكاة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان ثوراً فوجئ في ظلفه أو أصل قرنه؟ قال: إذا أدماه فلا بأس بأكله. قلت: وكذلك إن رماه بسهم أو نُشَّابَة فخرق؟ قال: نعم. قلت: أفرأيت إن رماه بحجر فقتله في البئر أيؤكل؟ قال: لا يؤكل ذلك ولا يكون ذلك ذكاة. قلت: أفرأيت ظبياً انفلت من صاحبه فذهب فلم يقدر عليه فرماه رجل بسهم فقتله أيؤكل؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان حمار وحش قد أَلِفَ؟ قال: نعم. قلت: وكل شيء من هذا النحو فهو على هذا؟ قال: نعم. ... ¬

_ (¬1) م ف - عليه. (¬2) ت + بسهم. (¬3) م ت: وسماه. (¬4) ت: ولذلك. (¬5) ف - وهو في ذلك بمنزلة الصيد قلت وكذلك لو كان ثورا ففعل مثل ذلك قال نعم. (¬6) م ف ت: لما. (¬7) ت - قرن. (¬8) ت - فقتلها. (¬9) ت: وضبيا. (¬10) ف: على شجره. (¬11) ف ت: فأدمى. (¬12) م ت - منه.

باب الرجل يضرب الصيد بسيف أو يرميه به فيقطع بعضه

باب الرجل يضرب الصيد بسيف أو يرميه به (¬1) فيقطع بعضه قلت: أرأيت رجلاً ضرب صيداً بسيف فقطع فخذه فأبانها فمات الصيد ما القول في ذلك؟ (¬2) قال: يأكل الصيد كله إلا الفخذ التي أبانها فلا يأكلها. قلت (¬3): وكذلك إن قطع العَجُز والرجل واليد (¬4) فأبانها منه؟ قال: نعم. قلت: أفرأيت إن ضرب (¬5) الصيد فقطع يداً أو رجلاً فلم يُبِنْه فمات هل يؤكل كله والرجل واليد؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأنه بمنزلة رجل ضرب صيداً فجرحه فمات فلا بأس بأكله كله، وإنما يكره أن يؤكل ما أبان منه. قلت: أرأيت إن ضرب رجله فتعلقت (¬6) بجلده فمات الصيد هل يؤكل؟ قال: إذا تعلق بجلده فإن كان بمنزلة ما قد بان منه فلا يأكله (¬7). قلت: أرأيت إن ضرب الصيد (¬8) ولم يسم ناسياً (¬9) فقتله هل يؤكل؟ قال: نعم. قلت: وإن ترك التسمية متعمداً لم يؤكل؟ قال: لا يؤكل. قلت: وهما عندك بمنزلة الرمي؟ (¬10) قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً ضرب صيداً وسمى فقطعه نصفين (¬11) فأبانه ما القول في ذلك؟ قال: يأكل (¬12) الصيد كله. قلت: أرأيت إن قطع الثلث منه مما يلي العَجُز فأبانه؟ قال: يأكل الثلثين الذي (¬13) مما يلي الرأس، ولا يأكل الثلث الذي يلي العجز (¬14). قلت: أرأيت إن قطع الثلث مما يلي ¬

_ (¬1) ف - به. (¬2) ت: فيه. (¬3) ف: قال. (¬4) ت: واليد والرجل. (¬5) ت: إن صدت. (¬6) ت: فتعلق. (¬7) قال السرخسي: ومراده من ذلك إذا كان بحيث لا يتوهم اتصاله بعلاج فهو والمبان سواء، وإن كان بحيث يتوهم ذلك فهذا جرح وليس بإبانة. انظر: المبسوط، 11/ 254. (¬8) ت: صيداً. (¬9) م: سيا؛ ف: شيئاً؛ ت - ناسيا. (¬10) ت: الذمي. (¬11) م ت ت: بنصفين. (¬12) ت: يأكله. (¬13) ت - الذي. (¬14) ت: الفخذ.

الرأس فأبانه هل يؤكل؟ قال: نعم، يؤكل كله. قلت: ولم صار هذا هكذا؟ قال: لأن ما بين النصف إلى العنق مذبح، فإذا أبانه نصفين (¬1) أكلها جميعاً، فإن كان الذي أبان من قبل العجز أقل من النصف فلا يؤكل الذي أبان منه، ويؤكل ما بقي، فإذا كان الذي أبان أقل من النصف مما يلي الرأس أكله كله. محمد عن أبي حنيفة عن حماد (¬2) عن إبراهيم نحو ذلك (¬3). قلت: أرأيت رجلاً ضرب صيداً وسمى فأبان طائفة من الرأس ما القول في ذلك؟ قال: إن كان (¬4) ما (¬5) أبان (¬6) أقل من نصف الرأس [لم يؤكل ما بان منه، لأن الرأس ليس بمذبح. وإن كان النصف أو أكثر] (¬7) أكله كله. قلت: ولم وقد زعمتَ أن النصف الذي يلي الرأس مذبح؟ قال: لأن المذبح في العنق نفسها إلى أسفل ذلك إلى النصف، فما فوق العنق من الرأس ليس بمذبح. قلت: أرأيت رجلاً ضرب ظَبْياً وسمى فقَطَعَ ظِلْفَه فأبانه أيؤكل؟ قال: إن كان أدماه فلا بأس به، وإن لم يكن أدماه فلا يؤكل. قلت: وكذلك القرن؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) م ف ت: بنصفين. (¬2) ف - عن حماد. (¬3) روى الإمام محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم في الرجل يرمي الصيد أو يضربه، قال: إذا قطعه نصفين فكُلْهما جميعاً، وإن كان مما يلي الرأس أقل فكلهما جميعاً، وإن كان مما يلي الرأس أكثر فكُلْ مما يلي الرأس وألق ما بقي منه مما يلي العَجُز، فإن قطعتَ منه قطعة أو عضواً فبانت فلا تأكلها إلا أن يكون معلَّقاً، فكان كان معلَّقاً فكل. قال محمد: وبه نأخذ، وهو قول أبي حنيفة - رضي الله عنه -. انظر: الآثار، 139. وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم في الرجل يضرب الصيد بالشيء فيَبِين منه الشيء ويتحامل ما كان فيه الرأس، قال: لا يأكل ما أبان منه، وإن وقعا جميعاً أكله. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 244. (¬4) م - كان؛ صح هـ. (¬5) ت - كان ما. (¬6) ت - أبان؛ صح هـ. (¬7) ما بين المعقوفتين من الكافي؛ 1/ 143 و. وانظر: المبسوط، 11/ 254.

باب ما يكره أكله من صيد البر والبحر وما لا يكره

قلت: أرأيت رجلاً ضرب عنق شاة بسيف وسمى فأبانه من قبل الأوداج هل يؤكل؟ قال: نعم، وقد أساء في صنيعه (¬1). وقد بلغنا أن رجلاً ضرب عنق بطة فأبانها فسئل عن ذلك عمران بن الحصين فأمر بأكلها (¬2). قلت: وكذلك البعير والبقرة (¬3) وأشباه ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن ضرب مما يلي القفا فأبان الرأس ما القول في ذلك؟ قال: إن كانت الشاة ماتت قبل أن يقطع الأوداج فهي ميتة لا خير في أكلها، وإن كان قطع الأوداج قبل أن تموت فلا بأس بأكلها. قلت: أرأيت إن ضرب منها غير العنق وسمى فأبانه أو لم يُبِنْه وأراد بذلك الذبح هل يؤكل؟ قال: لا، هذه ميتة لا خير في أكلها. قلت: ولم؟ قال: لأن هذا الذي وصفت لا يكون ذكاة؛ لأنه يقدر على ذبحها. قلت: أرأيت بعيرأ نَدَّ فلم يقدر عليه أو ثوراً فضربه صاحبه وسمى فأبان بعضه أو لم يُبِنْه أهو عندك بمنزلة ما ذكرت لي في الصيد أجمع؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن هذا لم يكن يقدر على ذبحه، والذي وصفت هو له ذكاة. قلت: أرأيت رجلاً رمى شاة وسمى يريد بذلك الذكاة أو بعيراً أو بقرة وهو يقدر على ذبحه فقتله هل يؤكل؟ قال: لا، هذه ميتة، ولا يؤكل شيء (¬4) من ذلك إلا أن يذبح أو يفعل ما ذكرت إذا لم يقدر على ذبحه. ... باب ما يكره أكله من صيد البر والبحر وما لا يكره بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن أكل (¬5) كل ذي ¬

_ (¬1) ف: في صنعه. (¬2) تقدم بإسناده قريباً في أول كتاب الصيد. (¬3) ت: والبقر. (¬4) ت: شيئاً. (¬5) م ت - أكل؛ صح هـ.

مخلب من الطير وكل (¬1) ذي ناب من السباع (¬2). قلت: أرأيت الأرنب هل ترى بأكلها بأساً؟ قال: لا بأس بأكلها، وقد بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر بأكلها (¬3). قلت: أرأيت الضب هل ترى بأكله بأساً؟ قال: أكرهه. قلت: ولم؟ قال: للأثر (¬4) الذي بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬5). قلت: أرأيت الثعلب والضبع وأشباه ذلك هل يؤكل؟ قال: لا خير في أكل شيء من هذا. قلت: ولم؟ قال: لأن هذا سبع. قلت: أرأيت اليَرْبُوع والقُنْفُذ وأشباه ذلك من هَوَامِّ الأرض هل تكره أكله؟ قال: نعم، أكره أكل جميع ما ذكرت وجميع هوام الأرض. قلت: أرأيت ما في البحر ما خلا السمك هل تكره أكله؟ قال: نعم، أكره أكل جميع ما في البحر ما خلا السمك. قلت: أرأيت إن باع إنسان شيئاً مما في البحر سوى السمك، السرطان وأشباه ذلك، هل تجيز بيع شيء من ذلك؟ قال: لا. قلت: وكذلك جَمَل الماء لو باعه رجل؟ قال: نعم، لا يجوز بيع شيء من ذلك إلا أن يكون من السمك. قلت: ولم؟ قال: لأن هذا ليس له ثمن. قلت: أرأيت ما كان له من ذلك (¬6) ثمن من نحو السَّفَن (¬7) وجلود الخز (¬8) ¬

_ (¬1) ت - كل. (¬2) تقدم تخريجه قريباً. (¬3) تقدم بإسناده قريباً في أول كتاب الصيد. وروي أكل النبي - صلى الله عليه وسلم - للأرنب في أحاديث أخرى. انظر على سبيل المثال: صحيح البخاري، الذبائح، 32؛ وصحيح مسلم، الصيد،53. (¬4) ت: ألا ترى. (¬5) تقدم هذا الأثر في أوائل كتاب الصيد. (¬6) ف + ما كان له. (¬7) السَّفَن بفتحتين جلد الأَطوم، وهي سمكة في البحر، وهو جلدٌ أَخْشَن يُحَكّ به السهام والسياط ويكون على قوائم السيوف. انظر: المغرب، "سفن". (¬8) الكلمة مهملة في م ف ب. والنقط من الكافي، 1/ 143 و. وكذلك وردت في البحر الرائق لابن نجيم، 6/ 187؛ وحاشية ابن عابدين، 5/ 51، وفي المبسوط، 11/ 255: الحمر. والله أعلم.

وأشباه (¬1) ذلك هل يجوز بيعه وهو مما يكون في البحر؟ قال؛ نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن هذا يباع وينتفع به الناس، وأما الضفدع والسرطان وأشباه ذلك مما في البحر فليس له ثمن ولا يجوز بيعه. قلت: أرأيت الغراب والنَّسْر والعُقَاب وأشباه ذلك من صيد البر هل يؤكل لحمه؟ قال: لا يحل أكل ما كان له مخلب من الطير ونحو ما (¬2) ذكرت، فلا خير في لحمه، وما لم يكن له مخلب فلا بأس به. قلت: أرأيت الباز أو الصقر (¬3) وأشباه ذلك مما له مخلب هل يؤكل؟ قال: لا. قلت: أرأيت العَقْعَق (¬4) والسُّودَانية (¬5) والصَّعْو (¬6) وأشباه ذلك مما ليس له مخلب هل تكره أكله؟ قال: لا بأس بأكل هذا وما أشبهه من صيد البر. قلت: أرأيت الغراب الأَبْقَع (¬7) الذي يأكل الجِيَف أتكره (¬8) أكله؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الغراب الزرعي (¬9) هل ترى بأكله بأساً؟ قال: لا بأس به (¬10). قلت: أرأيت الماَرْماهِيج (¬11) وما أشبهه من السمك والجِرِّي (¬12) هل ترى بأكله بأساً؟ قال: لا بأس بأكله. ¬

_ (¬1) ت: وشباه. (¬2) ت: مما. (¬3) م ف ت: أو السقر. (¬4) العقعق طائر نحو الحمامة طويل الذنب فيه بياض وسواد، وهو نوع من الغِرْبان، والعرب تتشاءم به. انظر: المصباح المنير، "عقعق". (¬5) السوادنية طويرة طويلة الذنب على قدر قبضة الكف، وقد تسمى العصفور الأسود، وهي تأكل العنب والجراد. انظر: المغرب، "سود". (¬6) الصَّعْو صغار العصافير، الواحدة صَعْوَة، وهو أحمر الرأس. انظر: المغرب، "صعو". (¬7) بَقِع الغراب وغيره بَقَعاً، من باب تعب، اختلف لونه، فهو أبقع. انظر: المصباح المنير، "بقع". (¬8) ت: أيكره. (¬9) م: الزرع. (¬10) م - به. (¬11) تقدم أنه ثعبان الماء. (¬12) تقدم قريباً باسم الجِرِّيث.

قلت: أرأيت لحوم الحمر الأهلية هل تكره أكلها؟ قال: نعم. قلت: وكذلك البغال؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كره لحوم الحمر الأهلية (¬1). قلت: أفتكره لحوم الخيل؟ قال: بعض الفقهاء يرخص فيه، وتركه أحب إلي، وقد ذكر فيه عن (¬2) ابن عباس أنه كان يكره ذلك (¬3). قلت: أرأيت ما نهيت (¬4) عنه وعن أكله من ذي ناب أتكره (¬5) للرجل (¬6) أن يبسط جلده فيصلي عليه ويلبس؟ قال: لا بأس بذلك كله. قلت: ولم؟ قال: لأنه قد رُخِّص (¬7) فيما هو أشد من هذا، جلود الميتة إذا دبغ، فهو أهون منه. قلت: أرأيت لحوم الإبل الجَلّالة (¬8) أتكره (¬9) أكل لحومها؟ قال: نعم. قلت: أفتكره أن يعمل عليها وذلك حالها؟ قال: نعم، وقد بلغنا أثر أنه نهي عن أكلها، ولا تؤكل (¬10) لحومها حتى تحبس أياماً وتعلف (¬11)، فإذا فعل ذلك فلا بأس بأكلها. قلت: أرأيت الدجاج هو أقذر منها وأنت (¬12) لا (¬13) ترى بأكلها بأساً؟ قال: لأن الإبل قد جاء فيها أثر ونهي عن أكلها، ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه قريبا في أول كتاب الصيد. (¬2) ف - عن. (¬3) تقدم تخريجه قريباً في أول كتاب الصيد. (¬4) م: ما هنت. (¬5) ت: أيكره. (¬6) ف: الرجل. (¬7) م ت: قد بعض؛ ف: قد نص. والتصحيح من ب. (¬8) الجلالة هي التي تأكل الجَلَّة وهي العَذِرة. انظر: المغرب، "جلل". (¬9) ت: أيكره. (¬10) ت: يؤكل. (¬11) انظر فى هذا المعنى: مسند أحمد، 1/ 241، 339؛ وسنن ابن ماجه، الذبائح، 11؛ وسنن أبي داود، الأطعمة، 24 وسنن الترمذي، الأطعمة، 24؛ وسنن النسائي، الضحايا، 43؛ وصحيح ابن حبان، 12/ 220، والمستدرك للحاكم، 1/ 612، 2/ 40، 112، والسنن الكبرى للبيهقى، 9/ 332، 333. وانظر للتفصيل: تلخيص الحبير لابن حجر، 4/ 156. (¬12) ت - وأنت. (¬13) ت: ولا.

باب الذبائح وما لا يؤكل من الذبيحة

لأن الإبل ليس لها علف غير ذلك، والدجاجة تخلط، وقد جاء في الإبل أثر. ... باب الذبائح وما لا يؤكل من الذبيحة قلت: أرأيت رجلاً ذبح شاة وترك التسمية متعمداً ما القول فيه؟ قال: لا خير في أكلها، وهذه ميتة. قلت: ولمَ؟ قال: من قبل قول الله تعالى في كتابه: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} (¬1)، وقد جاء في ذلك الآثار واجتمع عليه الفقهاء (¬2). قلت: أرأيت إن ترك التسمية ناسياً أيؤكل؟ قال: نعم، لا بأس به. قلت: ولم؟ قال: لأنه ترك التسمية ناسياً، وقد بلغنا في ذلك أثر عن غير واحد عن علي وغيره (¬3). قلت: أرأيت رجلاً ذبح بسنه أو بظفره هل يؤكل؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال. لأن هذا لا يذكى به. قال: وحدثنا محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن علقمة أنه قال: اذبح بكل ما أفرى الأوداج وأنهر الدم، ما خلا السن والظفر والعظم فإنها مُدَى الحبشة. وبلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن ذلك وقال: "إنها مُدَى الحبشة" (¬4). وهذا عندنا بمنزلة الميتة. قلت: أرأيت ما خلا (¬5) السن والظفر مما يذبح به من حديدة أو ¬

_ (¬1) سورة الأنعام، 6/ 121. (¬2) روي عن بعض الفقهاء جواز ترك التسمية عمداً. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 479 - 481. فلعل ذلك لم يبلغ الإمام أو لم يثبت عنده. (¬3) كذلك روي عن ابن عباس وعدد من التابعين. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 479 - 481؛ وأحكام القرآن للجصاص، 4/ 171؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 182 - 184. (¬4) تقدم بإسناد المؤلف أوائل كتاب الصيد. (¬5) م ف + غير؛ ت + من غير.

قصب أو حجر أو غير ذلك مما أفرى الأوداج وأنهر الدم هل ترى به بأساً؟ قال: لا بأس (¬1) أن يذبح بكل شيء مما أفرى الأوداج وأنهر الدم ما خلا السن والظفر من حديدة أو قصبة. وقد بلغنا أن رجلاً ذبح أرنباً بمروة فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأكلها (¬2). قلت: والحجر والقصبة (¬3) عندك بمنزلة السكين؟ قال: نعم. قلت: ولا ترى بأساً بأن يذبح به وهو يقدر على السكين؟ قال: لا بأس إذا كان يفري الأوداج وينهر الدم. قلت: أرأيت الرجل يذبح الشاة فيقطع الحلقوم والمريء وأكثر من نصف الأوداج ثم يدعها حتى تموت هل تؤكل؟ قال: نعم، لا بأس بأكلها. قلت: أفتكره ذلك الصنع؟ قال: نعم. قلت: أفرأيت إن قطع أقل من نصف الأوداج ثم تركها حتى تموت هل تؤكل؟ قال: لا خير في أكل هذا (¬4). قلت: ولم؟ قال: لأنه لم يقطع الأوداج، ولا (¬5) يؤكل حتى يقطع أكثر من نصف الأوداج. قلت: أفرأيت إن ذبح شاة مِن قِبَل قَفَاها هل تؤكل؟ قال: إن كانت الشاة لم تصت حتى وصل إلى الأوداج والحلقوم فقطعها فلا بأس بأكلها، وإن كانت ماتت قبل أن يصل (¬6) إلى الأوداج والحلقوم فهذه (¬7) ميتة لا خير في أكلها. قلت: أفتكره ذلك الصنع؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً ذبح شاة فقطع رأسها هل تؤكل؟ قال: نعم، لا بأس بأكلها. قلت: أفتكره هذا (¬8) الصنع؟ قال: نعم. قلت: أفيستحب (¬9) للرجل إذا ذبح أن يقطع الأوداج كلها ثم يكف؟ قال: نعم (¬10). قلت: أرأيتما الرجل يضرب حلق الشاة بالسيف من المذبح أو دون ¬

_ (¬1) م ت + به. (¬2) سنن ابن ماجه، الذبائح، 5؛ وسنن أبي داود، الضحايا، 14 - 15؛ وسنن الترمذي، الصيد، 8؛ وسنن النسائي، الضحايا، 18. (¬3) ت: والفضة. (¬4) ت: في أكلها. (¬5) ت: فلا. (¬6) ت: أن تصل. (¬7) ت: وهي. (¬8) ت: ذلك. (¬9) ف: أفتحبب. (¬10) ف - قال نعم.

ذلك بشيء وسمى هل تؤكل؟ (¬1) قال: نعم (¬2)، لا بأس بأكلها. قلت: أتكره ذلك (¬3) الصنع؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يذبح ويسمي ويوجه ذبيحته لغير (¬4) القبلة متعمداً أو غير (¬5) متعمد؟ (¬6) قال: لا بأس بأكلها. قلت: أتكره (¬7) هذا الصنيع؟ (¬8) قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل ينحر البقرة نحراً من منحرها ولا يذبحها مِن قِبَل حلقها؟ قال: لا بأس بأكلها. قلت: أتكره (¬9) هذا الصنيع؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يذبح الشاة فوق البيت فيقطع أوداجها ثم اضطربت حتى وقعت من فوق البيت فماتت هل تؤكل؟ قال: نعم، لا بأس بأكلها. قلت: ولم؟ قال: لأنها قد ذكّيت، فلا يضره ما أصابها بعد ذلك. قلت: أرأيت الرجل يذبح الشاتين أو الثلاث فيسمي على الأولى منها ويدع (¬10) التسمية على غير ذلك عمداً تجزيه تسمية الأولى؟ قال: لا (¬11)، ويأكل الشاة التي سمى عليها، ولا يأكل ما سوى ذلك مما ترك التسمية عليه عمداً. قلت: أرأيت رجلاً أضجع شاة ليذبحها فسمى ثم ألقى تلك السكين وأخذ أخرى فذبح بها هل تؤكل؟ قال: نعم، لا بأس به. قلت: أرأيت رجلاً أضجع شاة ليذبحها وسمى عليها فكلمه إنسان أو استسقى ماء فشرب أو أحدّ (¬12) السكين قليلاً ولم ¬

_ (¬1) ت: هل يؤكل. (¬2) ت - نعم. (¬3) ف: هذا. (¬4) ت - لغير. (¬5) م ف ت + ذلك. (¬6) م + أو غير ذلك متعمدا. (¬7) ت: أيكره. (¬8) ف: الصنع. (¬9) ت: أيكره. (¬10) ت: منهما وترك. (¬11) ت + قلت. (¬12) ت: أو أخذ.

باب ما يكره للرجل أن يصنع بالذبيحة ولا يحرم ذلك أكلها

يكثر (¬1) ثم ذبح على تلك التسمية هل تؤكل؟ (¬2) قال: نعم، لا بأس به. قلت: أرأيت إن تحدّث وأطال الحديث وأخذ في عملٍ سوى ذلك ثم ذبح هل تؤكل؟ (¬3) قال: لا، أما هذا فأكرهه. قلت: أرأيت إن ذبح فقال: الحمد لله، على ذبيحته ولم يزد على ذلك هل تؤكل؟ (¬4) قال: نعم. قلت: وكذلك لو قال: سبحان الله والله أكبر، يريد التسمية بذلك كله؟ قال: نعم، هذا كله سواء، وكل (¬5) شيء من هذا تسمية، ولا بأس بأكله. قلت: وكذلك كل شيء ذَكَرَ مِن اسم الله على ذبيحته يريد التسمية؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن قال: الحمد لله، يريد به أن يحمده ولا يريد به التسمية هل يؤكل ذلك؟ قال: لا. ... باب ما يكره للرجل أن يصنع بالذبيحة ولا يحرم ذلك أكلها (¬6) قلت: أرأيت إذا ذبح الرجل أتكره أن ينخع؟ (¬7) قال: نعم. قلت: ولا ترى بأكلها بأساً؟ قال: نعم، لا بأس به. وقد بلغنا عن عمر بن الخطاب أنه نهى عن النخع (¬8). قلت: وتكره للرجل إذا ذبح أن يجر الشاة إلى مذبحها؟ قال: نعم. قلت: ولا ترى بأكلها بأساً؟ قال: نعم، لا بأس به. وقد بلغنا عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -[أنه] نهى عن ذلك (¬9). قلت: فهل تكره له أن ¬

_ (¬1) ف: ولم يكبر؛ ت: ولم يكر. (¬2) ت: هل يؤكل. (¬3) ت: هل يؤكل. (¬4) ت: هل يؤكل. (¬5) ت: فكل. (¬6) م: كلها. (¬7) ت: أيكره أن ينجع. تقدم تفسيره في أوائل كتاب الصيد. (¬8) ت: عن النجع. وصله المؤلف بإسناده في أوائل كتاب الصيد. (¬9) وصله المؤلف بإسناده في أوائل كتاب الصيد.

باب ذبيحة المرأة والصبي وأهل الذمة

يضجع الشاة ثم يُحِدّ الشَّفْرة؟ قال: نعم، أكره هذا، ولا بأس بأكلها. وقد بلغنا أن عمر (¬1) نهى عن ذلك (¬2). قلت: وهل تكره للرجل إذا ذبح أن يسمي (¬3) مع اسم الله شيئاً سواه فيقول: اللهم تقبّل من فلان؟ قال: نعم، ولا بأس بأكله. قلت: أرأيت إن قال: اللهم تقبل من فلان (¬4)، قبل ذلك، ثم ذكر اسم الله تعالى ونحره ولم يذكر شيئاً من ذلك؟ قال (¬5): هذا لا بأس به. ... باب ذبيحة المرأة والصبي وأهل الذمة قلت: أرأيت المرأة تذبح هل يؤكل ذبيحتها؟ قال: نعم، لا بأس بها. قلت: وهي عندك بمنزلة الرجل؟ قلت: وإن كان يهودية أو نصرانية؟ قال: نعم، لا بأس به. قلت: أرأيت الصبي يذبح شيئاً (¬6) هل تؤكل ذبيحته؟ قال: إن كان يضبط الذبح ويعقل التسمية والذبيحة فلا بأس به، وإن كان لا (¬7) يعقل ذلك فلا خير فيه. بلغنا عن إبراهيم أنه قال: لا بأس بذبيحة الصبي (¬8). قلت: وكذا صبيان أهل الكتاب من أهل الذمة؟ قال: نعم، لا بأس بذبائحهم إذا كانوا يعقلون ذلك. ¬

_ (¬1) ت + بن الخطاب. (¬2) وصله المؤلف بإسناده في أوائل كتاب الصيد. (¬3) ت: أن يذكر. (¬4) م + قال: نعم ولا بأس بأكله قلت أرأيت إن قال اللهم تقبل من فلان. (¬5) ت: فإن. (¬6) ف ت: يذبح ويسمي. (¬7) م - لا. (¬8) أخرجه عبدالرزاق عن عدد من الصحابة والتابعين، ولم يروه عن إبراهيم. انظر: المصنف، 4/ 482.

قلت: أرأيت ذبيحة المجوسي؟ قال: لا خير فيها، ولا تؤكل ذبيحته. قلت: وإن سمى؟ قال: وإن سمى. قلت: ولمَ؟ قال: لأن تسميته لا تحل ذبيحته؛ لأنه مجوسي، وإنما تحرم ذبيحته من قبل دينه. قلت: أرأيت ذبائح أهل الحرب هل ترى به بأساً؟ قال: إن كانوا من أهل الكتاب فلا بأس به، وإن كانوا من (¬1) غير أهل الكتاب فلا خير فيه. وقد بلغنا عن علي بن أبي طالب أنه رخص في ذبائح أهل الحرب من أهل الكتاب. قلت: وكذلك صبيانهم ونساؤهم؟ (¬2) قال: نعم. قلت: أرأيت المرتد هل (¬3) تؤكل ذبيحته؟ قال: لا. قلت: وكذلك المرتدة؟ قال: نعم. قلت: وإن تهوّد (¬4) أو تنصّر فلا خير في ذبيحته؟ قال: نعم. قلت: ولم وقد (¬5) تهوّد؟ (¬6) قال: لأني لا أتركه على دينه حتى يدخل في دين الإسلام، ولا تحل ذبيحته إلا برجوعه إلى الإسلام. قلت: أرأيت المجوسي إذا تهوّد (¬7) أو تنصّر أتأكل (¬8) ذبيحته؟ قال: نعم، لا بأس بها. قلت: ولمَ وقد كان (¬9) مجوسياً؟ قال: لأنه إذا تهوّد (¬10) أو تنصّر فهو بمنزلتهم. قلت: وكذلك المجوسية؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الصبي من أهل الذمة إذا كان أحد أبويه مجوسياً والآخر من أهل الكتاب هل تأكل ذبيحته إذا ذبح وهو يعقل التسمية؟ قال: نعم، لا بأس به. قلت (¬11): ولمَ؟ قال: لأني ألحقه بأبيه الذي كان من أهل الكتاب، وأجعله بمنزلته في كل شيء. قلت: أرأيت نصرانياً تمجّس أو تهوّد (¬12) وتمجّس (¬13) هل تؤكل ¬

_ (¬1) م - من. (¬2) ت: ونسايهم. (¬3) م: كل. (¬4) ت: توهد. (¬5) ف - وقد. (¬6) ت: توهد. (¬7) ت: إذا توهد. (¬8) ت: أفنأكل. (¬9) م: قد كان. (¬10) ت: إذا توهد. (¬11) م + قلت. (¬12) ت: أو توهد. (¬13) كذا في م ف ت. ولعله: أو يهودياً تمجس.

باب المتردي من الذبائح

ذبيحته؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ (¬1) قال: لأنه إذا تمجّس فهو بمنزلة المجوسي. قلت: أرأيت نصارى بني تغلب هل تأكل ذبائحهم؟ قال: نعم، لا بأس به، ولا بأس بنكاح نسائهم. وقد بلغنا ذلك عن الحسن البصري (¬2). قلت: أرأيت الصبي والمرأة واليهودي والنصراني أهم في الصيد بمنزلة الرجل المسلم، يحل من صيدهم ما يحل من صيده ويحرم من صيدهم ما يحرم من صيده؟ قال: نعم. قلت: أرأيت اليهودي والنصراني والمرأة والصبي إذا تركوا التسمية ناسين هل تؤكل ذبيحتهم؟ (¬3) قال: نعم. قلت: (¬4) وهم في هذا بمنزلة الرجل المسلم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الأخرس إذا كان من أهل الإسلام يذبح (¬5) أو من أهل الكتاب (¬6) هل تؤكل ذبيحته؟ قال: نعم، لا بأس بها. قلت: ولمَ؟ قال: لأن (¬7) خرسته لا تحرم ذبيحته، ولأن ملته تحل الذبيحة. ألا ترى أن الرجل إذا ذبح فنسي أن يسمي أكلت ذبيحته. ... باب المتردي من الذبائح قلت: أرأيت الشاة إذا تَرَدَّتْ من فوق البيت أو من جبل أو البقرة أو غير ذلك فأدركها صاحبها فذبحها قبل أن تموت هل تؤكل؟ قال: نعم، ¬

_ (¬1) ف ت: ولم. (¬2) المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 477، 478. (¬3) م + أم لا. (¬4) م - قلت. (¬5) ت: فذبح. (¬6) ف - إذا كان من أهل الإسلام يذبح أو من أهل الكتاب؛ ز + فذبح. (¬7) ت: لا.

لا بأس به. قلت: ولمَ وهو متردي؟ قال: مِن قِبَل قول الله تعالى: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ}، وقال: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ} (¬1). وكل شيء من هذا إذا أدركت ذكاته قبل أن يموت فلا بأس بأكله، من قبل قول الله تعالى: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ}. قلت: أرأيت المُنْخَنِقَة ما هي؟ قال: شيء تصنعه المجوس، يعمد أحدهم إلى الشاة فيخنقها ثم يدعها حتى تموت، فهذه لا تؤكل إلا أن يدرك ذكاتها فيذكيها قبل أن تموت. قلت: أرأيت النَّطِيحَة ما هي؟ قال: الشاة تنطح الشاة أو الثور ينطح الثور فيموت، فهذا لا يؤكل، فإن أدركت ذكاته فذكيته فلا بأس بأكله. قلت: أرأيت المَوْقُوذَة ما هي؟ قال: شيء تصنعه المجوس، يعمدون (¬2) إلى الشاة فيضربونها بالخشب حتى إذا وَقَذُوها (¬3) تركوها حتى تموت، فإن أدركت ذكاتها فذكيتها فلا بأس بأكلها. وكذلك مَا أَكَلَ السَّبُع فإن أدركت الذكاة فذكيته قبل أن يموت فلا بأس بأكلها. قلت: أرأيت ما ذُبِحَ على النُّصُب ما هو؟ قال: شيء يصنعه قوم من المشركين، يذبحون ذبائحهم على أنصاب (¬4) لهم من حجارة ويسمون باسمها. قلت: أرأيت قوله: {وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ}؟ قال: كانوا إذا فعلوا ذلك استقسموا عليها بالقِدَاح (¬5). وكل (¬6) شيء أدركت ذكاته مما ذكرت من ذلك فذكيته قبل أن يموت فلا بأس بأكله. ... ¬

_ (¬1) سورة المائدة، 5/ 3. (¬2) ت: فيعمدون. (¬3) ت: إذا أوقذوها. وَقَذَه وَقْذا من باب وعد، ضربه حتى استرخى وأشرف على الموت، فهو وَقِيذ وموقوذ. انظر: المغرب، "وقذ". (¬4) النُّصُب حجر نُصِب وعُبد من دون الله، وجمعه أنصاب، وقيل: النُّصُب جمعٌ واحدها نصاب، قيل: هي الأصَنام، وقيل: غيرها، فإن الأصنام مصوّرة منقوشة، والأنصاب بخلافها، والنَّصْب وِزَان فَلْس لغة فيه. انظر: المصباح المنير، "نصب". (¬5) قِدْح السهم بالكسر عُوده المَبْرِيّ قبل أن يُراش ويُنَصَّل، والجمع قدَاح. انظر: المغرب، "قدح". (¬6) م: بكل؛ ت: فكل.

باب ما يجزئ من الأضحية

باب ما يجزئ من الأضحية قلت: أرأيت الثَّنِيّ (¬1) هل يجزئ في الأضحية؟ قال: نعم، يجزئ الثَّنِيّ فصاعداً من كل شيء من المعز والضأن والبقر والإبل. قلت: فهل يجزئ ما دون الثَنِي؟ قال: لا يجزئ مما (¬2) دون ذلك شيء مما ذكرت لك إلا من الضأن، فإن الجَذَع (¬3) من الضأن يجزئ إذا كان عظيماً. وقد بلغنا عن أبي هريرة ذلك (¬4). ولا يجزئ الجذع - إلا من الضأن - في شيء من الأشياء في الأضحية ولا في غيرها. قلت: فهل يجزئ الثني في جميع ما ذكرت من المعز وغيره في كل شيء؟ قال: نعم، وقد بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن رجلاً من الأنصار ذبح عنزاً (¬5) له جذعة، فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك، فقال: "تجزيك ولا تجزي (¬6) أحداً بعدك" (¬7). ¬

_ (¬1) الثَّنِيّ من الإبل الذي أثنى، أي: ألقى ثَنِيّته، وهو ما استكمل السنة الخامسة ودخل في السادسة؛ ومن البقرة والشاة ما استكمل الثانية ودخل في الثالثة. انظر: المغرب، "ثني". لكن أفاد السرخسي أن الثني من الشاة في اصطلاح الفقهاء ما استكمل سنة. انظر: المبسوط، 12/ 10. (¬2) ف: ما. (¬3) الجذع من البهائم قبل الثني إلا أن من الإبل في السنة الخامسة، ومن البقر والشاء في السنة الثانية. وقيل: الجذع من المعز لسنة، ومن الضأن لثمانية أشهر. وقيل: الإجذاع وقت وليس بسن، فالعَناق تُجْذِع لسنة، وربما أجذعت قبل تمامها للخِصْب فتسمن فيسرع إجذاعها فهي جذعة، ومن الضأن إذا كان ابن شابين أجذع لستة أشهر إلى سبعة، وإذا كان ابن هرمين أجذع لثمانية إلى عشرف انظر: المغرب، "جذع". وذكر السرخسي أن الجذع من الغنم في اصطلاح الفقهاء ما تم له سبعة أشهر. انظر: المبسوط، 12/ 10. (¬4) روي مرفوعاً وموقوفاً. فعن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "نعم - أو نعمت - الأضحية الجذع من الضأن". وحسنه الترمذي. انظر: سنن الترمذي، الأضاحي، 7. وله شاهد في سنن ابن ماجه، الأضاحي، 7. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 4/ 217. (¬5) وفي مصادر الحديث: عناقاً. (¬6) ت: يجزي. (¬7) صحيح البخاري، الأضاحي، 1؛ وصحيح مسلم، الأضاحي، 4 - 9.

قلت: أرأيت رجلاً يذبح أضحيته قبل أن يصلي الإمام هل يجزيه؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه بلغنا عن النبي - عليه السلام - أن رجلاً من أصحابه ذبح شاة قبل أن يصلي، فقال: "إنما هي شاة لحم" (¬1). قلت: أرأيت إن ذبحها (¬2) قبل أن ينصرف أهل الجَبَّانة (¬3) وبعدما انصرف أهل المسجد الأعظم هل يجزيه ذلك؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنا نستحسن في هذا أن يجزيه. قلت: أرأيت الكَبْش المكسور القَرْن (¬4) هل يجزئ؟ قال: نعم، لا بأس به، وهو (¬5) وغيره في ذلك سواء. وقد بلغنا عن عمار بن ياسر أنه سئل عن ذلك فقال: لا بأس به (¬6). ألا ترى أن الشاة قد تكون جَمّاء (¬7)، فلا يكون كسر القرن أشد من هذا. قلت: أرأيت الخصي هل ترى به بأساً أن يضحى به؟ قال: لا بأس به، وقد بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه ضحى بكبشين خصيين، فذبح أحدهما عن نفسه والآخر عن أمته (¬8). قلت: أرأيت الرجل يضحي بالشاة الجَرْباء والثَّوْلاء (¬9) هل يجزئ ذلك عنه؟ قال: نعم إذا كانت سمينة. ¬

_ (¬1) هو في نفس الحديث السابق. (¬2) م ف: من ذبحها. (¬3) الجبانة، أي: المصلى العام في الصحراء. انظر: المغرب، "جبن". (¬4) ف + كله. (¬5) ف: هو. (¬6) روى الطحاوي بإسناده عن علي - رضي الله عنه - أنه سئل عن ذلك فقال: لا يضرك. انظر: شرح معاني الآثار، 4/ 170. (¬7) كبش أَجَمّ، أي: لا قرنين له، والأنثى جماء. انظر: المغرب، "جمم". (¬8) رواه الإمام محمد عن أبي حنيفة بإسناده في الآثار، 135؛ لكن بدون ذكر "خصيين". ورواه الإمام أبو يوسف أيضاً كذلك. انظر: الآثار، 61. وروي بزيادة ذلك من طرق أخرى. انظر: مسند أحمد، 5/ 196، 6/ 8؛ وسنن ابن ماجه، الأضاحي، 1؛ ومجمع الزوائد للهيثمي، 4/ 21. (¬9) الثولاء من الشاء وغيرها المجنونة، وقولهم في تفسيرها التي بها ثؤلول غلط. انظر: المغرب، "ثول". والثؤلول خُرَاج يكون بجسد الإنسان له نُتوء وصلابة واستدارة. انظر: المغرب، "ثأل".

قلت: أرأيت القوم يشتركون في البقرة أو الناقة فيضحون بها عن سبعة أتجزيهم؟ قال: نعم. قلت: فإن كانوا من قبائل شتى؟ قال: وإن كانوا. وقد بلغنا ذلك عن عبد الله بن مسعود وعن حذيفة بن اليمان (¬1). قلت: أرأيت البقرة أو البعير إذا كان جذعاً هل يجزئ واحد منهما؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن ذبحت البقرة عن خمسة أو ستة أو ثلاثة هل تجزيهم؟ قال: نعم، يجزئ (¬2) أن يذبح (¬3) عن واحد إلى السبعة (¬4). قلت: أرأيت إن ذبحت عن ثمانية هل تجزيهم؟ قال: لا. قلت: وهل يجب عليهم أن يعيدوا؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا ضحوا (¬5) بالبقرة أو بالبعير عن سبعة هل يكتفون من ذلك بالنيات إذا ذبحوها ولا يسمون أسماءهم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا اشترى البقرة سبعة ثم مات بعضهم قبل أن تنحر فقال ورثته (¬6): انحروها عنكم وعن فلان الميت، هل يجزيهم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا كانوا ستة فضحوا بها ومعهم رجل كافر وهو السابع هل يجزيهم ذلك؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن كان معهم رجل مسلم لا يريد بنصيبه الأضحية وإنما يريد به اللحم هل يجزيهم؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ (¬7) قال: لأنهم إذا دخل معهم شيء مما ذكرت لم يجزهم. قلت: أرأيت إن كان معهم صبي قد ضحى عنه أبوه هل يجزئ الستة؟ قال: نعم. قلت: ولم وليس على الصبي أضحية؟ قال: نستحسن (¬8) في هذا وندع القياس. قلت: أرأيت إن كان معهم رجل معتوه وضحى عنه أبوه هل ¬

_ (¬1) عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن ابن مسعود - رضى الله عنه - أنه قال: البقرة تجزئ في الاضحى عن سبعة أناس. انظر: الآثار لأبي يوسف، 62. وروي معناه مرفوعاً. انظر: صحيح مسلم، الحج، 350 - 355؛ وسنن أبي داود، الضحايا، 6 - 7؛ وسنن الترمذي، الحج، 66. (¬2) ت: تجزئ. (¬3) ت: أن تذبح. (¬4) ت: إلى سبعة. (¬5) ت: إن ضحوا. (¬6) م: لورثته. (¬7) ف ت: ولم. (¬8) ت: يستحسن.

يجزيهم؟ قال: نعم. قلت: فإن كان معهم مرتد هل يجزيهم؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن كان معهم أم ولد لرجل فضحى عنها مولاها هل يجزيهم؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: أستحسن ذلك. قلت: أرأيت الرجل يشتري الأضحية ثم يبيعها فيشتري غيرها مثلها؟ قال: لا بأس به (¬1). وقد بلغنا ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬2). قلت: أرأيت إن كان اشترى شَرًّا من الأولى وقد كان (¬3) أوجب الأولى هل تجزيه الآخرة؟ قال: نعم، ولكنه يتصدق بفضل (¬4) ما بين قيمة الأولى والآخرة. قلت: لمَ؟ قال: لأنه قد كان أوجب الأولى على نفسه (¬5). قلت: أرأيت الرجل يضحي أحب إليك أم يتصدق بثمن أضحيته؟ قال: بل يضحي أفضل وأحب إلي. قلت: فهل على الرجل إذا كان موسراً أن يضحي عن نفسه وعن ولده وهم صغار؟ قال: هو أحب إلي وأفضل من تركه. قلت: أرأيت إن كانوا أولاده (¬6) كباراً؟ قال: يضحون عن أنفسهم ولا يضحي هو عنهم. قلت: فهل يجب على الرجل أن يضحي عن امرأته؟ قال: لا، ولكنها تضحي عن نفسها. قلت: أرأيت الرجل يشتري الأضحية فتلد عنده أيذبحها وأولادها جميعاً؟ قال: نعم. قلت: فهل ينبغي له أن لا (¬7) يذيح أولادها؟ قال: لا. قلت: أرأيت لو باع ولدها وذبحها أيتصدق بثمن أولادها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن أمسك ولدها حتى مضت أيام الأضحى؟ قال: يتصدق به. قلت: أرأيت الرجل يجز صوف أضحيته قبل أن يذبحها وينتفع (¬8) به؟ ¬

_ (¬1) م - به. (¬2) روي عن حكيم بن حزام أنه فعل ذلك وأقره النبي - صلى الله عليه وسلم -. انظر: سنن أبي داود، البيوع، 27، وسنن الترمذي، البيوع، 34. (¬3) ت - كان. (¬4) ت: بتفصل. (¬5) ت + الأولى. (¬6) ت: ولده. (¬7) ت - لا. (¬8) م ف: أو ينتفع.

باب ما لا يجزئ من الأضحية

قال: أكره ذلك له (¬1). قلت: أرأيت إن فعل ذلك بعدما ذبحها؟ قال: لا بأس بذلك إذا كان بعدما ذبحها (¬2). قلت: فهل (¬3) ينتفع بجلد أضحيته أو يشتري به متاعاً للبيت؟ قال: لا بأس به. وقد بلغنا ذلك عن إبراهيم (¬4). قلت: أرأيت إن باع جلد أضحيته؟ قال: يتصدق بثمنه، وإنما يرخص له أن يبتاع به شيئاً من متاع البيت، وأما أن يبيعه فلا. قلت: فهل تكره للرجل أن يحتلب أضحيته إذا كان لها لبن؟ قال: نعم. قلت: فكيف يصنع بضرعها إذا كان فيه لبن وهو يتخوف عليها إن لم تحلب؟ (¬5) قال: ينضح ضرعها بالماء البارد حتى ينقطع اللبن. قلت: أرأيت الرجل يشتري البقرة يريد أن يضحي بها عن نفسه ثم يشترك فيها ستة بعد ذلك لم يُشْرِكهم حين اشتراها، فأتاها إنسان بعد إنسان حتى استكمل ستة جميعاً، هل يجزيهم؟ قال: نعم، أستحسن ذلك، ولو فعل ذلك قبل أن يشتريها كان أحسن. ... باب ما لا يجزئ من الأضحية قال: بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "استشرفوا العين والأذن" (¬6). ¬

_ (¬1) م - له. (¬2) م + نتفها. (¬3) م - قلت فهل. (¬4) قال الإمام محمد: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم قال: لا بأس أن تشتري بجلد أضحيتك متاعاً ولا تبيعه بدراهم. قال إبراهيم: أما أنا فأتصدق بجلد أضحيتي. قال محمد: وبه نأخذ، وهو قول أبي حنيفة رضى الله عنه. انظر: الآثار، 136. (¬5) ت: لم يحلب. (¬6) سنن ابن ماجه، الأضاحي، 8؛ وسنن أبي داود، الضحايا، 5 - 6؛ وسنن الترمذي، الأضاحي، 6؛ وسنن النسائي، الضحايا، 8؛ والمعجم الأوسط للطبراني، 9/ 161؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 214؛ والدراية لابن حجر، 2/ 216. وهذا لفظ الطبراني. قال الهيثمي: وفيه محمد بن كثير القرشي الملائي، وثقه ابن معين، وضعفه جماعة. انظر: مجمع الزوائد للهيثمي، 4/ 19.

قلت: أرأيت الرجل يضحي بالشاة العوراء هل تجزيه؟ قال: لا. قلت: وكذلك إن كانت مقطوعة الأذن؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن كانت مقطوعة (¬1) الطرف كله؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان قد ذهب من العين أو الأذن والطرف أقل من الثلث هل يجزئ؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان ذهب (¬2) أكثر من الثلث هل يجزئ؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن كان ذهب الثلث سواء هل يجزئ؟ قال: نعم، إلا أن يكون أكثر من الثلث، فإن كان أكثر من الثلث لم يجز. [وقال أبو يوسف ومحمد: إن كان ذهب النصف أو أكثر من النصف لا يجزئ، وإن كان ذهب أقل من النصف فيجزئ] (¬3). وقال أبو يوسف: ذكرت قولي لأبي حنيفة فقال: قولي هو - وهو قول محمد - قولك (¬4). قلت: أرأيت الشَّقّ يكون في الأذن؟ قال: لا بأس به. قلت (¬5): وكذلك السِّمَة؟ (¬6)، قال: نعم، لا بأس به. قلت: أرأيت العَرْجاء هل تجزئ؟ قال: إذا كانت تمشي فلا بأس بها، وهي تجزئ. وإن كانت لا تقوم ولا تمشي فلا تجزئ. قلت: أرأيت العَجْفاء (¬7) التي لا تُنْقي (¬8) هل تجزئ؟ قال: لا. قلت: أرأيت إذا اشترى الرجل أضحية (¬9) وهي سمينة ثم عَجِفَت عنده بعد ذلك هل تجزيه؟ قال: لا إذا كان موسراً، وإذا كان معسراً أجزأه. بلغنا ¬

_ (¬1) ت - الأذن قال نعم قلت وكذلك إن كانت مقطوعة؛ صح هـ. (¬2) م - ذهب، صح هـ.؛ ف - ذهب. (¬3) انظر الحاشية التالية. (¬4) اختلفت الروايات في المسألة. انظر: الجامع الصغير لمحمد بن الحسن، 473؛ وشرح معاني الآثار للطحاوي، 4/ 170؛ وبدائع الصنائع للكاساني، 5/ 75. (¬5) ف - قلت. (¬6) السمة هي العلامة التي تُجْعَل في أذن الدابة بالكَيّ أو القطع حتى تعرف. انظر: لسان العرب، "وسم". (¬7) العَجَف هو ذهاب السَّمَن والهُزال، وقد عَجِف بالكسر وعَجُف بالضم، فهو أَعْجَف وعَجِف، والأنثى عجفاء. انظر: لسان العرب، "عجف". (¬8) لا تُنْقي، أي: ليس بها نِقْي، أي: مخ من شدة عَجَفها. انظر: المغرب، "نقي". (¬9) ت: أضحيته.

عن علي بن أبي طالب أنه قال: إذا اشترى الرجل الأضحية وهي سمينة ثم عَجِفت أضحيته عنده أجزأته، وإن اشتراها الرجل عجفاء لم تجزئ (¬1). قلت: أرأيت إن اشترى أضحية (¬2) وهي صحيحة ثم اعورت عنده وهو موسر أو قطعت أذنها كلها أو طرفها أو انكسرت رجلها فلم تستطع أن تمشي هل تجزئ عنه؟ قال: لا، وعليه مكانها. وهذه والعجفاء سواء. قلت: أرأيت الرجل إذا اشترى الأضحية فماتت عنده هل عليه مكانها؟ قال: نعم (¬3) إن كان يجده. قلت: وكذلك (¬4) إن كانت سرقة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً قدم أضحيته ليذبحها فاضطربت في المكان الذي يذبحها فيه وانكسرت (¬5) رجلها ثم ذبحها مكانه؟ قال: هذا يجزيه. قلت: وإن كان لا يستطيع أن يمشي مع ذلك؟ قال: وإن. قلت: أرأيت إن انفلتت (¬6) السكين فأصابت عينها فذهبت؟ قال: أستحسن في هذا أن تجزيه إذا كان ذلك في إرادتِه ذَبْحَها. قلت: أرأيت الرجل يشتري الشاة ليس لها أذنان خِلْقَةً (¬7) خُلِقَتْ كذلك هل تجزئ؟ قال: لا إن كان هذا يكون. قلت: وكذلك الطرف؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كانت عمياء أو ذاهبة العينين هل تجزئ؟ قال: لا. قلت: أرأيت المقطوعة الرجل ولا تستطيع أن تمشي هل تجزئ؟ قال: لا. قلت: أرأيت العرجاء التي لا تستطيع أن تمشي هل تجزئ؟ قال: لا (¬8). قلت: أرأيت الرجل يضحي بالبقرة من بقر الوحش أو بظبي وحش أو حمار وحش؟ قال: لا يجزئ شيء من هذا في الأضحية ولا في غيرها. ¬

_ (¬1) ت: لم يجزئ. (¬2) ت: أضحيته. (¬3) ت - قال نعم. (¬4) ت: ولذلك. (¬5) ت: فانكسرت. (¬6) م: إن انقلبت. (¬7) ت: خلقت. (¬8) ف ت - قلت أرأيت العرجاء التي لا تستطيع أن تمشي هل تجزئ قال لا.

باب من تجب عليه الأضحية

قلت: ولمَ؟ قال: لأن الوحش لا يضحى بها ولا تجزئ (¬1). قلت: أرأيت إن كان حمار وحش قد ألف أو ظبية هل تجزئ؟ قال: لا. قلت: أرأيت أتانا وحشية نُتِجَتْ وهي قد ألفت هل يجزئ ولدها في الأضحية؟ قال: لا. قلت: ولمَ؟ قال: لأن الأم وحشية، ولأن الأم لا تجزئ، فكذلك لا يجزئ الولد. قلت: وكذلك لو كانت عنز من الظباء فولدت؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا كان عند الرجل ثور وحش فأنزاه على بقرة أهلية فولدت هل يجزئ ولدها في الأضحية؟ قال: نعم يجزئ؛ لأن ولدها بمنزلة أمه. قلت: أرأيت رجلاً ذبح أضحية رجل بغير علمه هل يجزيه؟ قال: نعم، أستحسن ذلك، وأما في القياس فهو ضامن لقيمتها، ولا يجزئ. قلت: أرأيت رجلين غلطا بأضحيتهما فذبح كل واحد منهما أضحية صاحبه عن نفسه، ما القول في ذلك، وهل يجزيهما ذلك؟ قال: نعم، يجزئ كل واحد منهما أضحيته في الاستحسان، ويأخذ كل (¬2) منهما بدل (¬3) أضحيته. قلت: أرأيت إن أمر مجوسياً فذبحها له هل يجزيه؟ قال: لا، ولا يحل أكلها، لأن ذبيحة (¬4) المجوسي (¬5) حرام. قلت: أرأيت (¬6) رجلاً مسلماً أمر نصرانياً أو يهودياً فذبح له أضحيته هل يجزيه؟ قال: نعم، يجزيه، وهو مكروه. قلت: أرأيت الأضحية يذبحها صاحبها أحب إليك أم يأمر (¬7) غيره؟ قال: يذبحها هو أحب إلي، وإن أمر غيره لم يضره. ... باب من تجب عليه الأضحية أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: الأضحى واجب على أهل ¬

_ (¬1) ت: لا يصاحبها ولا يجزئ. (¬2) ف ت + واحد. (¬3) ت - بدل. (¬4) ت: ذبيحته. (¬5) ت - المجوسي. (¬6) ت + إن أمر. (¬7) ت: أو يأمر.

الأمصار ما خلا الحاج (¬1). قلت: وما تفسير هذا الحديث؟ قال: هو واجب على المقيمين من أهل الأمصار وغيرهم، ولا يجب على المسافرين من أهل الأمصار كانوا أو من غيرهم بعد أن يكونوا مسافرين. قلت: أرأيت أهل السواد هل عليهم أن يضحوا؟ قال: نعم، وعلى غيرهم، والأضحى واجب على كل مقيم من أهل الأمصار وغيرهم إذا كان موسراً. قلت: أرأيت أهل السواد من كان منهم في غير مدينة ولا مصر من ذبح منهم (¬2) يوم النحر حين ينشق الفجر هل يجزيهم؟ قال: نعم. قلت: وإن ذبح قبل أن ينشق الفجر؟ قال: لا يجزيه. قلت: (¬3) ولمَ؟ قال: لأنه لا يجزيه أن يذبح إلا بعدما ينشق الفجر؛ لأن ذلك لا يجب عليه حتى ينشق الفجر. قلت: ولم يجزيه أن يذبح إذا انشق الفجر ولا يجزئ أهل الأمصار والمدائن؟ قال: لأن أهل السواد من لم يكن في مصر ولا في مدينة ليس (¬4) عليهم خروج ولا صلاة، وإنما عليهم أن يذبحوا إذا انشق الفجر، وأهل الأمصار والمدائن (¬5) لا يجزيهم حتى يصلي الإمام. قلت: أرأيت إن ذبح الرجل أضحيته بعد النحر بيوم هل يجزيه؟ قال: نعم. قلت: ولمَ؟ قال: لأن النحر عندنا ثلاثة أيام أفضلها أولها. بلغنا ذلك عن علي بن أبي طالب وعن ابن عباس (¬6). قلت: وإن ذبح في لياليها (¬7) ¬

_ (¬1) رواه الإمام محمد عن الإمام أبي حنيفة بهذا. انظر: الآثار، 135. (¬2) ت + في. (¬3) ت - قلت. (¬4) ت: فليس. (¬5) ف - قال لأن أهل السواد من لم يكن في مصر ولا في مدينة ليس عليهم خروج ولا صلاة وإنما عليهم أن يذبحوا إذا انشق الفجر وأهل الأمصار والمدائن. (¬6) مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر قال: الأضحى يومان بعد يوم الأضحى. وعن مالك أنه بلغه عن علي بن أبي طالب مثل ذلك. انظر: الموطأ، الضحايا، 12. وذكر ابن حجر أنه لم يقف على رواية ابن عباس. انظر: الدراية لابن حجر، 2/ 215. (¬7) ت: في ليلها.

باب الرجل يصيد الصيد فينفلت منه فيأخذه غيره

أجزأه؟ قال: نعم. قلت: فإن ذبح في أول يوم النحر فهو أفضل؟ قال: نعم. قلت: أرأيت أهل السواد من لم يكن في مصر ولا مدينة هل عليهم الخروج يوم الفطر أو يوم النحر؟ قال: لا، ولا يجب ذلك إلا على أهل الأمصار والمدائن. قلت: ولمَ؟ قال: للأثر الذي بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع" (¬1). قلت: أرأيت أهل منى يوم النحر هل عليهم صلاة مثل صلاة أهل الأمصار ركعتين؟ قال: لا، إنما عليهم أن يصلوا الفجر ثم يقفوا. وقد بلغنا ذلك (¬2) عن الحسن البصري (¬3)، وبذلك جرت السنة. قلت: أرأيت الأضحية واجبة إذا كان صاحبها يجد؟ قال: نعم. ... باب الرجل يصيد الصيد فينفلت منه فيأخذه غيره قلت: أرأيت الرجل يصيد الطير فيمكث عنده ثم ينفلت منه فيصيده غيره بعد ذلك أيهم أحق به؟ قال: الأول أحق به. قلت: ولمَ؟ قال: لأن الأول قد كان ملكه، فهو أحق به أينما قدر عليه، وهو بمنزلة غيره في الصيد. قلت: أرأيت الظبي والحمار الوحشي أهما (¬4) عندك بهذه المنزلة؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) نقل أبو يوسف هذا البلاغ عن الإمام أبي حنيفة أيضاً. انظر: الآثار لأبي يوسف، 60. وروي موقوفاً من قول علي - رضي الله عنه -. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 3/ 167، 168، 301؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 1/ 439. (¬2) ت - ذلك. (¬3) روي ذلك عن مجاهد وطاوس وعطاء والقاسم وسالم. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 393. (¬4) ت: أهو.

قلت: أرأيت رجلاً نصب شبكة فوقع فيها صيد فجاء رجل فأخذه وقد كان الصيد لا يقدر على الذهاب لمن يكون الصيد؟ قال: لصاحب الشبكة. قلت: أرأيت الرجل يصيد الباز أو الصقر في أرض مصر أو سواب وفي رجليه سَيْر (¬1) وهو يعرف أنه أهلي وقد كان للناس أترى له أن يعرّفه؟ قال: نعم. قلت: ولا تعد هذا صيداً؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنك ترده على صاحبه إن قدرت عليه. قلت: وكذلك إن كان في رجليه جَلاجِل (¬2) ويعرف (¬3) أنه كان للناس؟ قال: نعم، هو بهذه المنزلة، ولا يكون هذا صيداً. قلت: وكذلك الرجل يصيد الظبي في عنقه قلادة؟ قال: نعم، ينبغي له أن يعرّفه، ولا يكون هذا صيداً. قلت: أرأيت الرجل يصيد الحمامة في مصر يعرف أن مثلها لا تكون (¬4) وحشية ويعلم أنها للناس أترى له أن يعرّفها؟ قال: نعم. قلت: ولا ترى هذا صيداً؟ قال: لا. قلت: أرأيت الرجل يصيد الظباء أو الطير أو حمار وحش ثم يُحْرِم فيرسله ثم يصيده بعد ذلك حلال فيجيء صاحبه بعد ذلك أترى له أن يأخذه ويكون أحق به؟ قال: نعم. قلت: لمَ وقد كان خلى سبيله؟ قال: لأنه وجب عليه أن يخلي سبيله من قبل إحرامه، وأما أن يكون يخرجه ذلك من ملكه فلا. قلت: أرأيت الرجل يقتل الباز لرجل وهو متعلم ما عليه؟ قال: عليه قيمته متعلماً بالغاً ما بلغ. قلت: وكذلك كلب الصيد؟ قال: نعم. قلت: أرأيت كلب (¬5) الماشية إذا قتله رجل هل يغرم قيمته؟ قال: ¬

_ (¬1) حبل يقطع من الجلد. انظر: القاموس المحيط، "سير". (¬2) م ف ت + أو سير. والتصحيح من ب. وجلاجل جمع جُلْجُل وهو جرس صغير يوضع في الدواب انظر: المغرب، "جلجل"؛ ولسان العرب، "جلجل". (¬3) ف: يعرف. (¬4) ت: لا يكون. (¬5) م ف: الكلب.

نعم. قلت: وكذلك الصيد؟ قال: نعم. قلت: ويغرم قيمته متعلماً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان الكلب (¬1) ليس بكلب صيد ولا ماشية فقتله رجل أيغرم قيمته؟ قال: لا. قلت: أرأيت من باع كلب صيد (¬2) أو كلب ماشية أتجيز (¬3) بيعه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت السباع كلها أهي بمنزلة هذا؟ قال: نعم. قلت: أرأيت كل ذي مخلب من الطير أهو بهذه المنزلة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت ما كرهت لحمه من كل ذي ناب ومخلب (¬4) أو لحوم الحمر الأهلية إن باع رجل شيئاً من لحم ذلك أتجيز بيعه؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأن هذا ليس له ثمن ولا يباع ولا ينتفع به. قلت: أرأيت ما كان (¬5) من جلود هذه الأشياء ذبحها رجل فباع جلودها أتجيز بيعها؟ قال: نعم. قلت: فإن كان غير مدبوغ؟ قال: وإن كان بعد أن يكون مذبوحاً. قلت: أفتكره ما كان في البحر من الصيد سوى السمك؟ قال: نعم. قلت: أفتجيز بيع ما باعه؟ قال: لا. قلت: ولم وقد أجزت بيع السباع؟ قال: لأن السباع لها ثمن، وما ذكر من (¬6) صيد البحر سوى السمك فليس له ثمن. قلت: أرأيت الرجل (¬7) يجد السمكة في الماء وهي مقطوعة لا يدري من قطعها أيأكلها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن أصاب في وسطها خيطاً مربوطاً أو في رأسها أو في أذنها أترى له أن يأكلها؟ قال: لا (¬8)، أما هذا فلا (¬9) يكون إلا في سمكة قد أُخذت ومُلكت، فليعرّفها الذي وجدها. قلت: أرأيت رجلاً سمع حساً ليلاً أو نهاراً فظن أنه صيد فرمى أو أرسل كلباً وسمى فمضى الكلب فمر به صيد فأخذه أو أصاب (¬10) السهم ¬

_ (¬1) ت: أرأيت الكلب إن كان. (¬2) م ف ت: الصيد. (¬3) ت: أيجوز. (¬4) ت: مخلب وناب. (¬5) ف: من كان. (¬6) ف ت + بيع. (¬7) ت: رجل. (¬8) م ف + قال. (¬9) ت: لا. (¬10) م ف ت: وأصاب.

باب الصيد في الحرم

أيأكله؟ قال: نعم إذا كان الذي سمع حسه صيداً (¬1). قلت: فإن كان لا يعلم ذلك الحس أحس صيد كان أو غيره أيأكله؟ قال: لا (¬2). قلت: ولمَ؟ قال: لأنه رمى وهو يظنه صيداً، فلا (¬3) يأكله إلا أن يعلم أنه حس صيد. قلت: أرأيت إن استيقن أنه رجل فرماه أو أرسل (¬4) كلباً أو رأى كلباً فرماه فأصاب صيداً أيأكله؟ قال: لا. قلت: ولمَ؟ قال: لأنه رمى غير صيد ورمى ما لا يحل له. قلت: أرأيت إن رأى ذئباً أو أسداً فرماه فأصاب صيداً أيأكله؟ قال: نعم. قلت: ولمَ؟ قال: لأن هذا مما يكون في البر، فإذا رماه فأصاب الصيد أكله، ولا يشبه هذا الإنسان. قلت: وكذلك (¬5) إن رمى خنزيراً برياً (¬6) فأصاب صيداً؟ قال: نعم. قلت: فإن رمى خنزيراً أهلياً فأصاب صيداً أيأكله؟ قال: لا. ... باب الصيد في الحرم بلغنا عن عطاء بن أبي رباح أنه قال: لا بأس بصيد الحرم أن يصاد إذا (¬7) خرج من الحرم (¬8). قلت: أرأيت رجلاً رمى صيداً في الحل (¬9) فأصابه فذهب الصيد حتى دخل الحرم فمات فيه هل ترى بأكله بأساً؟ قال: أما في القياس فلا بأس ¬

_ (¬1) ت: صيد. (¬2) أي: إن لم يتبين له بعد إصابة الصيد أن الصوت الذي سمعه كان صوت الصيد فإنه لا يأكله. انظر: المبسوط، 12/ 21. (¬3) ت: ولا. (¬4) م ف: أو رمى. (¬5) ت: ولذلك. (¬6) ت - بريا؛ صح هـ. (¬7) ت - إذا؛ صح هـ. (¬8) عن عطاء قال في حمام الحرام: إذا خرجن من الحرم فصدهن إن شئت. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 440. (¬9) م: في الجبل؛ ت - في الحل.

به، وكان أبو حنيفة يكره أكله. قلت: ولمَ كرهه وليس فيه الجزاء؟ قال: لأنه مات [في الحرم. قلت: فإن أصابه في الحرم ومات] (¬1) في الحل (¬2) هل (¬3) يؤكل؟ قال: لا خير في أكل هذا. قلت: ولمَ؟ قال: لأنه رماه في الحرم فلا (¬4) يحل له رميه، وهذا كأنه ذبحه في الحرم. قلت: أرأيت - يعني: الرامي في الحرم (¬5) - إن رمى صيداً في الحرم فأصابه في الحل هل ترى بأكله بأساً؟ قال: لا خير في أكل هذا. قلت: ولمَ وإنما أصابه في الحل ومات فيه؟ قال: لأنه رماه (¬6) من (¬7) الحرم من مكان لا يحل فيه الرمي، فمن ثم لم يكن في أكله خير؛ ألا ترى أن (¬8) على الرامي الجزاء، فكل من وجب عليه في صيده جزاء فلا خير في أكله. قلت: أرأيت إن رمى من الحل صيداً في الحرم فمات في الحرم هل تكره أكله؟ قال: لا خير في أكله. قلت: ولم؟ قال: لأنه أصابه في الحرم ومات فيه، ولأن عليه الجزاء. قلت: أرأيت رجلاً رمى صيداً والصيد في الحل ورماه (¬9) من الحل فمر السهم في الحرم حتى أصاب الصيد فمات هل ترى بأكله بأساً؟ قال: لا بأس بأكله. قلت: فإن تعمد ذلك؟ قال: وإن؛ لأنه رماه من الحل وأصابه في الحل. قلت: أرأيت نصرانياً رمى صيداً من الحرم والصيد في الحل فأصابه فمات هل ترى بأكله بأساً؟ قال: لا يأكله؛ لأن المسلم لا يؤكل صيده إذا فعل ذلك، فهذا أحرى أن لا يؤكل صيده. قلت: أرأيت مرتداً رمى صيداً في الحرم ثم أسلم قبل أن يقع السهم في الصيد فقتله في الحل هل يؤكل ذلك؟ قال: لا خير في أكل هذا. قلت: وكذلك لو أن نصرانياً رماه في الحرم فقتله في الحل؟ قال: نعم، لا ¬

_ (¬1) الزيادة مستفادة من ب؛ والكافي، 1/ 144 و، والمبسوط، 12/ 22. (¬2) ت: في الحرم؛ ت + قلت. (¬3) ت: فهل. (¬4) ت: ولا. (¬5) ت - يعني الرامي في الحرم. (¬6) ت - رماه. (¬7) ت: في. (¬8) م ف - أن. (¬9) ت: فرماه.

خير في أكله. [قلت:] وكذلك لو لم يسلم حتى أصابه السهم؟ قال: نعم. قلت: ولم وهو مسلم حيث أصابه؟ قال: لأن النصراني والمسلم في هذا سواء إذا رماه (¬1) من مكان لا يحل رميه. ألا ترى لو أن نصرانياً ذبح صيداً في الحرم لم يحل أكله (¬2). ولا يكون في (¬3) هذا خيراً حالاً (¬4) من المسلم؛ لأن ذبيحة الصيد في الحرم لا تحل من كافر ولا مسلم. قلت: وكذلك الصبي (¬5) لو ذبح (¬6) في الحرم وقد عقل لم يؤكل (¬7) ذلك الصيد؟ قال: نعم، لا يؤكل. قلت: أفرأيت رجلاً أخرج (¬8) صيداً من الحرم وهو حلال فذبحه في الحل (¬9) ترى بأكله بأساً؟ قال: التنزه عن هذا أولى (¬10)، وليس هذا (¬11) بمنزلة الذي يذبحه في الحرم. قلت: ولمَ؟ قال: لأنه أخرجه من الحرم؛ ألا ترى أن عليه أن يرسله وأن عليه فيه (¬12) الجزاء، فمن ثم قلت: هذا لم يحل أكله. قلت: أرأيت رجلاً أصاب صيداً في الحل وهو حلال فأدخله في الحرم ثم أخرجه وهو في يده وذبحه في الحل هل ترى بأكله بأساً؟ قال: لا خير في هذا، وهذا والباب الأول سواء. قلت: ولم؟ قال: لأنه حيث أدخله (¬13) الحرم وجب عليه أن يرسله، فصار كأنه صاده في الحرم. ألا ترى أن عليه جزاءه وأنه كان عليه أن يرسله حيث أدخله الحرم (¬14). قلت: وكذلك لو أن رجلاً حلالاً أحرم وفي يده صيد فمكث في يده حتى أحل ثم ¬

_ (¬1) ف ت: لأنه رمى. (¬2) م + قلت ولم قالا؛ ف + قلت ولم قال. (¬3) م - ولا يكون في. (¬4) ت: خير حال. (¬5) م: المسلم. (¬6) ف - لو ذبح. (¬7) ت: لم يأكل. (¬8) م - أخرج (غير واضح). (¬9) ت + هل. (¬10) ف ت: أفضل. (¬11) م ف - هذا. (¬12) ت - أن يرسله وأن عليه فيه. (¬13) ت + في. (¬14) ت - وجب عليه أن يرسله فصار كأنه صاده في الحرم ألا ترى أن عليه جزاءه وأنه كان عليه أن يرسله حيث أدخله الحرم.

ذبحه (¬1) هل ترى بأكله بأساً؟ قال: لا خير في أكل هذا، وهذا أصل (¬2) الباب الأول. قلت: ولمَ؟ قال: لأنه حيث أحرم فقد وجب عليه إرساله (¬3)، ووجب عليه الجزاء حيث أتلفه (¬4)، فمن ثم كرهت أكل هذا كله (¬5). قلت: أرأيت محرماً صاد صيداً فدفعه إلى رجل حلال فذبحه هل ترى بأكله بأساً؟ قال: هذا والأول سواء، إذا ذبحه الحلال في الحل لم يحرم أكله، إلا أنه لا يعجبني هذا الفعل. قلت: ولمَ؟ قال: لأنه قد وجب على المحرم جزاؤه وكان عليه أن يرسله. ألا ترى أن ذبيحته لم تكن تحل للمحرم، فمن ثم (¬6) كرهت أكل (¬7) هذا (¬8)، والذي يذبح وهو محرم ويذبح في الحرم أشد من هذا حالاً، وهو عندنا بمنزلة الميتة، وهذا يكره (¬9)، وليس بمنزلة ذلك، لأنه ذبحه في الحل. قلت: وكذلك لو حَلَّ هذا المحرم والصيد في يده فجاء رجل فذبحه (¬10) بأمره أو بغير أمره؟ قال: نعم، أكره أكل هذا أيضاً، هذا والباب الأول سواء. قلت: أرأيت (¬11) إن أرسله المحرم فصاده (¬12) حلالاً بعد ذلك فذبحه هل ترى بأكله بأساً؟ قال: لا بأس به. قلت: ولم؟ قال: لأن المحرم قد كان أرسله، وحل صيده الذي أخذه وعاد كأنه لم يصده قط. قلت: أرأيت رجلاً حلالاً أصاب صيداً في الحرم فأخرجه إلى الحل فأرسله في الحل فصاده رجل حلال في الحل فذبحه هل ترى بأكله بأساً؟ قال: لا بأس بأكل هذا، وعلى الذي أخرجه الجزاء. قلت: ولم رخصت في أكله وقد جعلت على صاحبه (¬13) الجزاء؟ قال: إنما جعلت الجزاء على ¬

_ (¬1) ت: فذبحه. (¬2) كذا في م ف ت. ولعل الصواب "مثل". (¬3) ف: ان ساله. (¬4) ت: أبلعه. (¬5) م: كرهت قلت هذا أكله؛ ت - أكل هذا كله. (¬6) ف - ثم. (¬7) م - كرهت أكل؛ صح هـ. (¬8) ف: أكله. (¬9) م ت: يكرهه. (¬10) ت: يذبحه. (¬11) م ت: أفرأيت. (¬12) م: فصاد؛ ف ت: فصار. (¬13) م: على صا (غير واضح).

صاحبه من أجل أنه أخرجه من الحرم، فلما تلف الصيد (¬1) قبل أن يرجع إلى الحرم وجب عليه الجزاء؛ لأنه قد خلى عنه في مكان يحل صيده فيه، فهذا إتلاف منه حتى يرجع إلى الحرم سليماً، وإنما حل أكله لأن الذي أصابه صاده في الحل. قلت: وكذلك لو كان الذي أخرجه من الحرم هو الذي صاده بعد ذلك فذبحه لم تر (¬2) بأكله بأساً؟ قال: نعم. وقال أبو يوسف ومحمد بن الحسن: إذا أخذه صاحبه فهو وغيره في ذلك سواء، إلا أن عليه الجزاء، وليس هذا بالقياس، وهذا والأول سواء في القياس. قلت: أرأيت محرماً أصاب صيداً فأدخله منزله في الحل فجاء بعض أهله فذبحه بأمره أو بغير أمره هل ترى بأكله بأساً؟ قال أبو يوسف ومحمد: إن كان غيره ذبحه فلا يحرم أكله، وعلى الذي أخرجه الجزاء حيث ذبحه، ولا يعجبنا هذا الفعل. قلت: وكذلك إن أرسل الصيد في منزله فخرج الصيد من منزله (¬3) فتبعه بعض أهله فذبحه ولم يكن المحرم أمره؟ قال: هذا والأول سواء، أكره أكله. وقال أبو يوسف ومحمد (¬4): لا بأس بأكله. قلت: أرأيت إن انفلت الصيد من المحرم في جوف المصر (¬5) أو أرسله فأخذه إنسان فذبحه هل ترى بأكله بأساً؟ قال: هذا كأنه في يده حتى يرسله. قلت: أرأيت إن انفلت منه في الصحراء أو في مكان لا يقدر على أخذه إلا بصيد فرماه حلال فأصابه هل ترى بأكله بأساً؟ قال: لا بأس به؛ لأن هذا قد صار كأنه لم يصد قط، وقد عاد إلى حاله الأولى. قلت: أرأيت حلالاً أرسل كلباً له على صيد في الحل فتبعه الكلب حتى أدخل الصيد إلى الحرم فأخذه (¬6) فقتله هل ترى بأكله بأساً؟ قال: أكرهه. قلت: ولمَ وإنما أرسله في الحل والصيد في الحل؟ قال: لأنه ¬

_ (¬1) م - الصيد (غير واضح). (¬2) ت: لم ترى. (¬3) ت - فخرج الصيد من منزله. (¬4) ت - ومحمد. (¬5) ف ت: الحرم. وكتب في نسخة م "الحرم" فوق "المصر". والصواب ما أثبتناه. وهو كذلك في ب؛ والكافي، 1/ 144 و؛ والمبسوط، 12/ 25. (¬6) م ف: فأخذ.

أخذه في الحرم وقتله فيه. قلت: وكذلك لو أن صاحبه أدركه حياً في الحرم فأخذه من الكلب فأخرجه إلى الحل فذبحه؟ قال: نعم، أكره هذا الفعل أيضاً، ولا يحرم أكله؛ لأن الذي ذبحه حلال في الحل. قلت: أرأيت إن أرسل كلبه في الحرم على صيد في الحل فأخذه في الحل هل ترى بأكله بأساً؟ قال: أكره أكله، وعليه الجزاء، وهذا والباب الأول سواء. قلت: أرأيت إن أرسل كلبه في الحل على صيد في الحرم فتبعه الكلب حتى أخرجه من الحرم إلى الحل (¬1) فأخذه فيه فقتله هل ترى بأكله بأساً؟ قال: أكره أكله (¬2). قلت: ولمَ؟ قال: لأنه أرسله عليه وهو في الحرم، ولم يكن يحل له ذلك. قلت: فإن أخذه من الكلب فذبحه في الحل؟ قال: لا بأس بأكله في القياس. قال: وأكره هذا الصنيع (¬3)، ولا يحرم أكله. قلت: أرأيت ظبياً بعض قوائمه في الحل وبعضها في الحرم رماه رجل بسهم والرجل (¬4) والسهم في الحل فقتله هل ترى بأكله بأساً؟ قال: أكره ذلك (¬5). قلت: ولمَ؟ قال: لأن عليه الجزاء، ولأنه رماه ولا يحل له رميه. قلت: وكذلك إن كانت قائمة من (¬6) قوائمه في الحرم وبقيته في الحل؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كانت قوائمه كلها في الحل وهو قائم ورأسه في الحرم فرماه رجل من الحل فقتله هل ترى بأكله بأساً؟ قال: لا بأس بأكله. قلت: أرأيت شجرة أصلها في الحرم (¬7) وغصنها في الحل فوقع على غصن من أغصانها الذي في الحل صيد فرماه رجل من الحل فقتله هل ترى بأكله بأساً؟ قال: لا بأس. قلت: ولمَ ولو (¬8) قطع رجل ذلك الغصن كانت عليه قيمته؟ قال: لأن الغصن من الشجرة (¬9) والصيد في الحل، ولا يشبه الغصن ما عليها. قلت: أرأيت إن كان أصلها في الحل وغصنها في الحرم ¬

_ (¬1) م ف - إلى الحل. (¬2) ف: كله. (¬3) ت: الصنع. (¬4) ف - والرجل. (¬5) م ت - ذلك. (¬6) ف - قائمة من. (¬7) م: في الحل. (¬8) ف: وقد. (¬9) م ف: من الشجر.

وعلى غصن من أغصانها صيد فرماه إنسان من الحل فقتله هل ترى بأكله بأساً؟ قال: لا خير في أكل هذا. قلت: ولمَ؟ قال: لأن الصيد في الحرم. قلت: وإنما ينظر إلى الصيد ولا ينظر إلى الشجرة؟ قال: نعم؛ لأن الصيد ليس من الشجر (¬1)، وإنما أنظر إلى موضعه الذي هو فيه، فإن كان الغصن الذي هو (¬2) عليه في الحرم كرهت (¬3) أكله، وإن كان في الحل لم أر به بأساً، وأما الشجرة نفسها في الحرم، فإذا قُطع غصن (¬4) من أغصانها نظرت، فإن كان أصلها في الحرم كان على الذي قطعه القيمة، وإن كان أصلها في الحل وغصنها في الحرم فقطع إنسان ذلك الغصن لم يكن عليه شيء؛ لأن أصل الشجرة في الحل وأغصانها تبع لأصلها، وإن كان بعض (¬5) الأصل في الحل وبعضه في الحرم فهذا كأن أصلها في الحرم. قلت: أرأيت رجلاً محرماً وحلالاً اصطادا (¬6) صيداً في الحل جميعاً فقتلاه هل ترى بأكله بأساً؟ قال: لا خير في أكل هذا (¬7). قلت: ولمَ؟ قال: لأن المحرم (¬8) قتله معه، فلذلك كرهت أكله. ألا ترى لو أن مجوسياً ومسلماً رميا صيداً فقتلاه أكان لك (¬9) في أكله خير. فكذلك هذا. قلت: أرأيت رجلاً أرسل بازاً له على صيد في الحرم فتبعه البازي (¬10) حتى أخرجه من الحرم فأدخله الحل فقتله هل ترى بأكله بأساً؟ قال: أكره أكله. قلت: أرأيت حلالاً أخذ ظبية من الحرم فأخرجها إلى الحل فولدت في يده أولاداً فذبحها وذبح أولادها هل ترى بأكلها وأكل أولادها بأساً؟ قال: لا، ليس أكل ذلك حراماً (¬11)؛ لأنه ذبحها حلال في الحل، ولا يعجبني هذا الفعل، وعليه الجزاء فيها وفي أولادها، وأكره هذا الصنيع (¬12). ¬

_ (¬1) ت: من الشجرة. (¬2) ف - هو. (¬3) م: كرهه. (¬4) ت: غصنا. (¬5) ت - بعض. (¬6) ف ت: رميا. (¬7) ت - هذا. (¬8) م: الحرام. (¬9) ف ت: لم يكن. (¬10) م: الذمي. (¬11) ت: حرام. (¬12) م ت: الصنع.

قلت: ولم كرهت هذا الفعل؟ قال: لأنه إذا أخرجها من الحرم فأكره له أن يذبحها (¬1)؛ ألا ترى أنه لا ينبغي أن يذبحها ويدع أولادها في الحرم، فمن ثم كرهت هذا الفعل. قلت: أرأيت إن أخرجها من الحرم فأدى الجزاء عنها ثم ذبحها هل ترى بأكلها بأساً؟ قال: هذا والأول سواء لا يحرم أكلها، وأكره هذا الفعل. قلت: فإن ولدت في يديه (¬2) فذبحها وذبح أولادها؟ قال: نعم، ليس عليه الجزاء في أولادها؛ لأنه قد أدى جزاء الأم قبل ذلك. قلت: وكذلك لو أن محرماً صاد ظبية من الظباء ثم حَلَّ (¬3) [فولدت] (¬4) وهي في يديه كان حالها (¬5) وحال أولادها كما ذكرت لك في الباب الأول. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا ذبح الرجل بقرن (¬6) أو بعظم أو بسن (¬7) أو بظفر ملقى غير ظفره فإن أبا حنيفة قال في ذلك: أكره أن يذبح به، ولا بأس بأكلها. وهذا (¬8) قول أبي يوسف ومحمد (¬9). وإن ذبح بسن نفسه أو بظفر ليس ملقى وهو ظفره أو ظفر غيره غير منزوع قال: هذه ميتة في قولهم جميعاً. وهو قول محمد (¬10). ¬

_ (¬1) ت: أن تذبحها. (¬2) ت: في يده. (¬3) م ف ت: في حل؛ ب: في الحل. والتصحيح من الكافي، 1/ 144 ظ؛ والمبسوط، 12/ 27. (¬4) الزيادة من ب. (¬5) م: حلالها. (¬6) م: بفرت. (¬7) ف - أو بسن. (¬8) ف + في. (¬9) لا يخفى أنه تكرار. ولعله ذكر تأكيداً. (¬10) م + تم كتاب الصيد والذبائح والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله كتبه أبو بكر ابن أحمد الطلحي الأصفهاني في شوال سنة ثمان وثلاثين وستمائة؛ ف + تم كتاب الصيد والذبائح والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً؛ ت + تم كتاب الصيد والذبائح ولله الحمد وصلواته على نبيه محمد وآله وصحبه.

كتاب الوصايا

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب الوصايا أخبرنا أبو سهل محمد بن عبد الله بن سهل بن حفص قال: أخبرنا أبو عبد الله قال: أخبرنا أبي عن محمد بن الحسن عن أبي يوسف عن عبد الله بن محرز عن قتادة عن أبي قلابة يرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا وصية لوارث" (¬2). محمد قال: حدثنا أبو حنيفة عن عطاء بن السائب عن أبيه عن سعد بن أبي وقاص أنه قال: يا رسول الله، أوصي بمالي كله؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا". قال: فبنصفه؟ (¬3)، قال: "لا". قال: فبثلثه؟ (¬4)، قال: ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها في بداية كل كتاب. (¬2) عن أبي أمامة الباهلي قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في خطبته عام حجة الوداع: "إن الله قد أعطى لكل ذي حق حقه فلا وصية لوارث". قال الترمذي: وفي الباب عن عمرو بن خارجة وأنس، وهو حديث حسن صحيح. انظر: سنن الترمذي، الوصايا، 5. وانظر: سنن ابن ماجه، الوصايا، 6؛ وسنن أبي داود، الوصايا، 6؛ وسنن النسائي، الوصايا، 5؛ والدراية لابن حجر، 2/ 290. وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 92. (¬3) ت: فنصفه. (¬4) ت: فثلثه.

"الثلث، والثلث كثير؛ إنك أن تدع عيالك أغنياء خير من أن تدعهم فقراء يتكففون الناس" (¬1). محمد عن أبي يوسف عن يحيى بن أبي أنيسة عن الزهري عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه نحو ذلك. محمد عن أبي يوسف عن أبان بن أبي عياش عن الحسن أن أبا بكر الصديق وعمر قالا: لأن يوصي بالخمس أحب إلينا من أن يوصي بالربع، ولأن يوصي بالربع أحب إلينا من أن يوصي بالثلث (¬2). محمد عن أبي يوسف [عن محمد] (¬3) بن إسحاق أن حمزة بن عبدالمطلب أوصى إلى زيد بن حارثة (¬4) يوم أحد (¬5). عبيد الله بن محمد بن عمر (¬6) عن أبيه عن جده أن علياً أوصى إلى الحسن بن علي. محمد عن العَرْزَمي عن عبد الرحمن بن ثروان (¬7) عن هُزَيْل (¬8) ¬

_ (¬1) صحيح البخاري، الوصايا، 2؛ وصحيح مسلم، الوصية، 5 - 8. (¬2) رواه عبدالرزاق وابن أبي شيبة من قول علي - رضي الله عنه -، انظر: المصنف لعبد الرزاق، 9/ 66؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 6/ 227. وروي أن أبا بكر - رضي الله عنه - أوصى بالخمس وأن عمر - رضي الله عنه - أوصى بالربع. انظر: المصدرين السابقين. (¬3) انظر الحاشية التالية. (¬4) ت: الحارثة. (¬5) السيرة النبوية لابن هشام، 3/ 36. ورواه ابن سعد عن محمد بن عمر الواقدي عن عبد الله بن محمد بن عمر. انظر: الطبقات الكبرى، 3/ 9. وفي المغازي لأبي الأسود عن عروة أن زيد بن حارثة كان وصي حمزة وأخاه. انظر: فتح الباري لابن حجر، 7/ 506. (¬6) م ف ت: عبيد الله بن محمد عن عمرو. وهو تحريف. وهو عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب. له ترجمة في تقريب التهذيب. وروى عنه أبو يوسف. انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر، 7/ 42. (¬7) ت: نوران. (¬8) م ف ت: عن هذيل. وانظر: تهذيب التهذيب لابن حجر، 11/ 30.

عن عبد الله بن مسعود أنه سئل عن إنسان أوصى بسهم، فقال: له السدس (¬1). محمد عن أبي قتيبة الهمداني عن يسار بن أبي كَرِب (¬2) عن شريح أنه سئل عن رجل أوصى بسهم من ماله، فقال: احسبوا له سهام الفريضة واجعلوا له سهماً كإحداها (¬3). محمد عن العَرْزَمي (¬4) عن عمرو (¬5) بن شعيب عن سعيد بن المسيب قال: قال عمر بن الخطاب: إذا أوصاك الرجل بوصيتين فالآخرة منهما أملك (¬6). محمد عن أبي [يوسف عن] (¬7) الحسن عن الحكم عن إبراهيم أنه قال في الرجل يموت ولم يحج: فإن أوصى أن يحج عنه فمن الثلث يحج، وإن لم يوص فلا شيء (¬8). محمد عن أبي [يوسف عن] الحسن عن الحكم عن إبراهيم أنه قال في الرجل يوصي بثلث ماله يحج به عنه أو يعتق (¬9) به رقبة فلم يتم لحج ولا لرقبة قال: يتصدق به عنه. ¬

_ (¬1) المصنف لابن أبي شيبة، 6/ 216. وروي عن ابن مسعود مرفوعاً من وجه ضعيف. انظر: نصب الراية للزيلعي، 4/ 407. (¬2) م ف ت: أبي حرب. والتصحيح من كتب الرجال. (¬3) ت: كأحدهما. عن شريح أنه قضى في رجل أوصى لرجل بسهم من ماله ولم يسم، قال: ترفع السهام فيكون للموصى له سهم. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 6/ 215. (¬4) ت: عن العزرمي. (¬5) ت: عن عمر. (¬6) المصنف لابن أبي شيبة، 6/ 210. (¬7) يروي محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة في هذا الكتاب أحاديث كثيرة. وقد روى الإمامان أبو يوسف ومحمد كلاهما عن الحسن بن عمارة. انظر: تهذيب الكمال للمزي، 6/ 267. (¬8) أخرجه ابن أبي شيبة بدون قوله: وإن لم يوص فلا شيء. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 6/ 218. (¬9) م: أو لعتق.

محمد عن الحسن عن الحكم عن إبراهيم أنه قال: لا بأس بالمسلم يوصي للنصراني والنصراني يوصي للمسلم فيما بينه وبين الثلث. محمد عن أبي [يوسف عن] الحسن عن الحكم عن شريح مثله (¬1). محمد عن الحسن (¬2) عن الحكم عن إبراهيم أنه قال في الرجل يستأذن ورثته في الوصية فيأذنون له ثم يرجعون فيه بعد موته قال: لهم ذلك، وإن شاؤوا (¬3) رجعوا (¬4). محمد عن أبي أيوسف عن، الحسن عن الحكم عن إبراهيم أنه قال في الرجل يوصي لغير وارث بدين أو أقر له قال: هذا جائز ولو أحاط بماله كله (¬5). محمد عن داود بن أبي هند عن الشعبي أنه سئل عن رجل له ثلاثة بنين فأوصى بمثل نصيب أحدهم قال: له الربع (¬6). محمد عن فِطْر بن خليفة عن فضيل (¬7) بن عمرو (¬8) عن إبراهيم النخعي وعامر الشعبي أنهما قالا في الرجل أوصى بالنصف والثلث فردوا إلى الثلث: قسم الثلث (¬9) بينهما على خمسة أسهم، لصاحب النصف ثلاثة ولصاحب الثلث اثنين. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: الثلث بينهما نصفين. ¬

_ (¬1) ف - محمد عن الحسن عن الحكم عن إبراهيم أنه قال لا بأس بالمسلم يوصي للنصراني والنصراني يوصي للمسلم فيما بينه وبين الثلث محمد عن أبي يوسف عن الحسن عن الحكم عن شريح مثله. (¬2) م ت - عن الحسن. (¬3) م ف ت: إن شاءوا. (¬4) أي: استأذنهم في الوصية بأكثر من الثلث. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 9/ 86؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 6/ 208 - 209. (¬5) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 332. (¬6) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 216. (¬7) م ف ت: عن فضل. وانظر: تهذيب الكمال للمزي، 23/ 278. (¬8) ت: بن عمر. (¬9) م ت - قسم الثلث؛ صح م هـ.

وقال محمد: حدثنا أبو عاصم الثقفي قال: سألني إبراهيم النخعي عن رجل أوصى بنصف ماله وثلثه وربعه، قلت: لا يجوز، قال: فأجازوا، فقلت: لا علم في بها، قال: خذ مالاً له ثلث ونصف وربع وذلك اثنا عشر، فخذ نصفها ستة وثلثها أربعة وربعها ثلاثة، فاقسم المال على ذلك (¬1). وهو قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة خلاف ذلك. محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: إذا أوصى الرجل بعتق بدئ بالعتق. محمد عن أبي يوسف عن الأشعث بن سوار عن نافع عن عبد الله بن عمر مثله. الحسن عن أبي إسحاق عن الحارث عن - علي بن أبي طالب أنه قال: لأن يوصي بالخمس أحب إلي من أن يوصي بالربع، ولأن يوصي بالربع أحب إلي من أن يوصي بالثلث، ومن أوصى بالثلث فلم يترك شيئاً (¬2). محمد عن أبي [يوسف عن] الحسن بن عمارة عن الحكم عن إبراهيم أنه قال في الرجل يوصي إلى رجل (¬3) فيموت الموصى إليه فيوصي إلى رجل آخر قال: الآخر وصيهما جميعاً. محمد عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن إبراهيم أنه قال في الرجل يوصي لأم ولد له في حياته وصحته فيموت قال: هو ميراث، وإن أوصى عند موته لها بوصية فهي (¬4) لها من الثلث. محمد عن أبي يوسف عن العَرْزَمي (¬5) عن نافع عن ابن عمر أنه قال: إذا أقر الرجل عند موته بدين لوارث (¬6) فإنه لا يجوز إلا ببينة، وإن أقر لغير وارث بدين جاز ذلك ولو أحاط بجميع ماله. ¬

_ (¬1) المصنف لابن أبي شيبة، 6/ 215. (¬2) تقدم عن أبي بكر وعمر نحوه قريباً. (¬3) ت: إلى الرجل. (¬4) ت: فهو. (¬5) ت: عن العزرمي. (¬6) ت: لوارثه.

محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال في المرأة يضربها الطَّلْق قال: هي بمنزلة المريض يعني في الوصية (¬1). قال (¬2) محمد: قال أبو حنيفة: من أوصى بالثلث فهو جائز، ومن أوصى بأكثر من الثلث فالفضل على الثلث لا يجوز إلا أن يجيز ذلك الورثة وهم كبار بعدما يموت الموصي، فإن أجازوا جاز (¬3) ذلك. وكذلك الوصية للوارث إن أجازوا شيئاً من ذلك في حياة الميت فلهم (¬4) أن يردوه بعد موته. بلغنا ذلك عن عبد الله بن مسعود (¬5). ألا ترى أنهم أجازوا ما لم يملكوا وما لم يقع لهم الميراث فيه بعد. أرأيت لو حدث له وارث فحجبهم أو ماتوا قبل موت الموصي أليس كان يكون الورثة غيرهم، فكانوا قد أجازوا ما لم يملكوا. وإذا أوصى الرجل بوصية تجاوز الثلث ناسياً لغير واحد أجزت الثلث، وتلك الوصايا تقسم بينهم بالحصص. ولو أن رجلاً أوصى بعبد (¬6) لرجل وبثوب لآخر وبدابة لآخر، والثلث يبلغ ألف درهم، والوصية تبلغ ألفاً وخمسمائة درهم، أصاب كل إنسان منهم ثلثا وصيته وبطل منها الثلث، من قبل أن الوصية ألف وخمسمائة والثلث ألف والثلث مثل ثلثي الوصية. وكذلك (¬7) لو أوصى لرجل بثلث ماله ولآخر بربعه ورد ذلك الورثة إلى الثلث، فالثلث بينهما على سبعة أسهم، لصاحب الثلث أربعة ¬

_ (¬1) لم أجده عن إبراهيم، لكن أخرجه ابن أبي شيبة عن عمر - رضي الله عنه - وغيره. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 6/ 230. (¬2) م: في قول. (¬3) م: بعد. (¬4) ت - فلهم. (¬5) روى ابن أبي شيبة عن ابن مسعود أنه لا يجوز. انظر: المصنف، 6/ 209. وقد تقدم عن إبراهيم النخعي قريباً أن لهم أن يردوا. (¬6) ت: بعد. (¬7) ت: ولذلك.

ولصاحب الربع ثلاثة. وأصل ذلك أن تأخذ مالاً له ثلث وربع، فتأخذ ثلثه أربعة فتضرب ذلك في ثلاثة، فيصير اثني عشر سهماً، تأخذ ثلثها أربعة وربعها ثلاثة فذلك سبعة، فتضربها في ثلاثة فتكون من إحدى وعشرين، والثلث من ذلك سبعة (¬1)، لصاحب الثلث أربعة، ولصاحب الربع ثلاثة. وإذا أوصى الرجل لذوي قرابته بالثلث فإن ذوي قرابته كل ذي رحم محرم منه، فإن كان (¬2) له عمان وخالان وله ولد يحجبون ميراثه فالثلث لعميه؛ لأنهما أقرب إليه من الخالين، وأدنى ما يكون من ذوي القرابة اثنان فصاعداً. ولو كان له عم واحد وخالان كان للعم النصف وللخالين النصف. وهذا قول أبي حنيفة. وقال: فيها قول (¬3) آخر (¬4)، قول أبي يوسف: إن الخالين والعم والعمين في الثلث سواء، وكذلك كل ذي رحم محرم منه، فالثلث بينهم سواء وإن كان بعضهم أقرب من بعض. وقال أبو يوسف بعد ذلك: ذوي القرابة كل من كان من (¬5) ولد الأب الذي من قبل الأب ومن قبل الأم أقصى الآباء الذين ينسبون إليه من قبل الأم والأب أقصى آبائهم في الإسلام مع كل ذي رحم محرم، ويدخل في ذلك أيضاً بنو الجد الأقصى الذين ينسبون إليه من قبل الآباء (¬6). وهذا قول أبي يوسف الآخر، وهو قول محمد. وقال محمد بن الحسن: إذا أوصى لبني فلان بوصية وله بنون وبنات كان الثلث لهما جميعاً وإن كان أباً (¬7) ليس بقبيلة ولا فخذ. وقال محمد: وإذا (¬8) أوصى الرجل بثلث ماله لإخوته وله ستة إخوة ¬

_ (¬1) م ف + فتضربها في ثلاثة فتكون من إحدى وعشرين والثلث من ذلك سبعة. (¬2) ف: فإن ذلك. (¬3) ت: قولا. (¬4) ت + وهو. (¬5) م ت - من. (¬6) ت: الأنام (مهملة)؛ م ف ت + والأب أقصى آبائهم في الإسلام مع كل ذي رحم محرم. (¬7) ت: أب. (¬8) ت: فإذا.

اثنان لأب وأم واثنان لأب واثنان لأم، فإن كان له ولد يحوزون (¬1) ميراثه فالثلث (¬2) بين إخوته سواء، فإن لم يكن له ولد كان لأخويه لأمه الثلث ميراثهما ولأخويه لأبيه وأمه الثلثان ميراثهما، وبطل حصة الورثة من الوصية، ويجوز للأخوين (¬3) من الأب ثلث الوصية. وإذا أوصى الرجل لقرابته (¬4) أو لذوي قرابته فهذا كله سواء. وإذا أوصى لجنسه (¬5) أو لأهل بيته بالثلث فهو سواء، وهو لأهل بيته لذوي الأرحام ممن يلقى إلى آخر أبي له في الإسلام من قبل الرجل، ليس لأخواله شيء، إنما له لمن كان من قبل الأب. وإذا أوصى لأنسبائه (¬6) فهو بمنزلة ذوي قرابته. وإذا أوصى الرجل بثلث ماله لبني فلان ولفلان (¬7) ذلك (¬8) ولد (¬9) ولد ذكور وإناث فالثلث ذلك للذكور من ولده دون البنات. وكذلك إذا كان فلان ذلك جداً وله ولد ذكور وإناث فالثلث من ذلك للذكور دون الإناث، وليس لولد الإناث (¬10) وإن كانوا ذكورًا وإناثاً (¬11) شيء. فإن لم يكن له ولد ذكور لصلبه ولا لابنه وله بنات أو بنات ابن فليس لهن شيء من قبل أنه قال في الوصية: لبني فلان، ولا يحسن أن يقال للمرأة هذه من بني فلان ينسبها في ذلك إلى أبيها وجدها، ولكن لو قال: لولد فلان الثلث، وله بنون وبنات كان الثلث بينهم سواء. وكذلك لو كانت له امرأة حامل دخل ما في بطنها في الوصية. فإن كان له بنات وبنو ابن فالوصية لبناته دون بني ابنه (¬12). وإنما يقع هذا على ولد الصلب، فإن لم يكن له ولد لصلبه ¬

_ (¬1) ت: يحرزون. (¬2) ت: فبالثلث. (¬3) م ف ت: لاخوين. (¬4) ف: لأقربائه. (¬5) ت: لحبسه. انظر: البحر الرائق لابن نجيم، 8/ 508. (¬6) ف: لأنسابه. وأنسباء جمع نسيب بمعنى قريب. انظر: لسان العرب، "نسب". (¬7) ت: وفلان. (¬8) ت + أب. (¬9) ت: وله. (¬10) ت: الولد. (¬11) ت: ذكور وإناث. (¬12) ف + دون بني أبيه.

فالوصية لولد الابن الذكور منهم والإناث فيها سواء. وإن لم يكن له إلا ولد ولد (¬1) واحد كان له الثلث كله؛ لأن الولد قد يجمع الواحد والجميع. ولا يكون لولد الابنة في ذلك شيء. وإذا أوصى الرجل لفخذ أو بطن يحصون ويعرفون فقال: ثلثي لبني فلان، فإن الثلث بينهم للذكور والإناث فيه سواء، قد يحسن هاهنا أن يقال: هذه المرأة من بني فلان، ينسبها إلى قبيلتها. وإذا أوصى لبني فلان وهي قبيلة لا تحصى فالوصية باطل من قبل أنه لا يعلم كم نصيب كل إنسان. وقال محمد: إذا أوصى لبني فلان لصلبه وله بنون وبنات كان الثلث (¬2) لهم جميعاً وإن كان أبًا (¬3) ليس بقبيلة ولا فخذ؛ لأن ذكورهم (¬4) إذا خالطوا الإناث (¬5) جعلوا بنين. وإذا أوصى الرجل (¬6) بثلث ماله لفلان وفلان، أو قال: بين فلان وفلان، ثم مات الموصي ثم مات أحد اللذين (¬7) أوصى لهما كان الثلث بين الحي وورثة الميت بينهما نصفين. فإن كان قد مات قبل موت الموصي وبعد الوصية فإن نصف الثلث الباقي منهما وحصة الميت الموصى له مردودة على ورثة الموصي. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإذا قال الرجل: ثلث مالي لفلان وفلان، وأحدهما ميت فالثلث كله لفلان الحي. ألا ترى أنه لو نوى فقال: ثلث مالي لفلان وللمولى (¬8)، أو ¬

_ (¬1) ف - ولد. (¬2) ف - نصيب كل إنسان وقال محمد إذا أوصى لبنى فلان لصلبه وله بنون وبنات كان الثلث. (¬3) ت: أب. (¬4) م ف ت: ذكوره. ولفظ ب؛ والحاكم: الذكور. انظر: الكافي، 3/ 196 و. (¬5) ت: البنات. (¬6) م: لرجل. (¬7) م + الذي. (¬8) م ت: وللموتى.

لفلان وعقبه، كان الثلث لفلان وكان قوله: للمولى (¬1) ولعقبه، باطلاً ليس لهم شيء، ولا ينقص هذا من الثلث لمكانهم شيئاً. وإذا قال: ثلث مالي لفلان وللحج، كان لفلان نصفه وللحج نصفه (¬2). وإذا قال: ثلث مالي لفلان وللمساكين، كان لفلان نصفه وللمساكين نصفه. وإذا قال: حجوا عني حجة وأعتقوا عني نسمة، فإن كان الثلث يبلغ هاتين أنفذ الثلث فيهما، فإن لم يبلغ بدئ بالحج؛ لأنه بدأ به. فإن كان بدأ بالنسمة وثنى بالحج فإنه يبدأ بالنسمة. فإن كانت الحجة حجة الإسلام بدئ بها؛ لأنها حجة الإسلام إلا أن تكون نسمة بعينها فيبدأ (¬3) بها، فإنهما يتحاصان في الثلث. وإذا أوصى (¬4) لبني فلان بالثلث وهم أربعة فمات منهم رجلان وولد له ولد ثم مات الموصي فإن الثلث للباقي وللمولود بينهما سواء، إنما تقع الوصية للولد ثم يموت (¬5) الموصي، ولا ينظر إلى من مات منهم قبل ذلك. وكذلك (¬6) لو (¬7) قال: ثلث مالي لموالي فلان، وفلان عربي (¬8)، يعني مواليه الذين أعتقهم، ثم مات منهم ميت وأعتق فلان عبداً ثم مات الموصي فإن الثلث لمواليه (¬9) ولهذا (¬10) المعتق. وإذا كان لفلان موالي أعتقهم وموالي أعتقوه ولم يبين لأي الفريقين هو فأوصى لموالي فلان بالثلث فالوصية باطل؛ لأني لا أدري لأي الفريقين ¬

_ (¬1) م ت: للموتى. (¬2) م + وإذا قال ثلث مالي لفلان وللحج كان لفلان نصفه وللحج نصفه. (¬3) ت: فبدأ. (¬4) م: وإذا وصى. (¬5) ت: ثم بموت. (¬6) ت - وكذلك. (¬7) ت: ولو. (¬8) ت: عري. (¬9) م: ملواليه. (¬10) م: وهذا.

هو للذين أعتقهم أو للذين أعتقوه. ألا ترى أن الموالي أيضاً بنو العم والورثة. ألا ترى إلى قول الله تعالى في كتابه: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي} (¬1). وإذا أوصى الرجل بثلث ماله لفلان وله مال فهلك ذلك المال واكتسب مالاً غيره فإن ثلث ماله الذي اكتسبه للذي أوصى له به؛ لأن الوصية إنما تقع بعد الموت. ألا ترى أنه لو كان له مال فربح فيه أما كنت تجعل لفلان ثلث الربح مع ثلث (¬2) المال. [وإذا] أوصى الرجل لرجل بثلث غنمه فهلكت الغنم أو قال: له شاة من غنمي، فهلكت الغنم قبل موته أو لم يكن له غنم من الأصل فالوصية باطل لا تجوز. وكذلك العروض كلها. ولو قال: له شاة من مالي، وليس له غنم فإنما (¬3) ينظر (¬4) إلى ذلك يوم يموت الموصي؛ لأنه إذا أوصى بشاة من غنمه فكأنما أوصى ببعض غنمه، فإذا هلكت الغنم فقد هلك (¬5) ما أوصى له به منه. وكذلك لعروض كلها إذا أوصى له ببعضها. وإذا أوصى فقال: له ثوب من ثيابي أو قفيز من حنطتي، ثم هلكت ثيابه عند موته أو هلكت حنطته فصار لا ثياب له ولا حنطة فلا (¬6) وصية له (¬7). وإذا قال: له قفيز حنطة من مالي أو شاة من مالي أو ثوب، فإن له قيمة ذلك من الثلث؛ لأنه جعله من المال من جملته، والأول إنما قال: من الغنم أو من الحنطة، ولم يقل: من المال، فإذا قال: شاة من غنمي أو قفيز من حنطتي، ثم مات وليس له ذلك بطلت الوصية. ألا ترى أنه يقول: شاة من مالي أو قفيز حنطة من مالي، فيضيف ذلك إلى المال. وإذا أوصى الرجل للرجل بثوب ثم قطعه وخاطه قميصاً أو قباء أو أوصى له بقطن فغزله أو بغزل فنسجه أو بحديدة ثم صاغ منها إناء أو سيفاً ¬

_ (¬1) سورة مريم، 19/ 5. (¬2) ف - ثلث. (¬3) م ف ت: وإنما. (¬4) ت: ننظر. (¬5) ت: أوصى. (¬6) ت: ولا. (¬7) ف ت - له.

أو أوصى بفضة تبر ثم صاغ منها خاتماً أو غير ذلك أو بسويق ثم لَتَّه أو بدار ليس فيها بناء ثم بنى فيها فهذا كله رجوع عن الوصية، من قبل أنه قد غير ذلك الشيء الذي أوصى له به عن حاله. وكذلك (¬1) كل ما أوصى به له ثم غيره عن هذه الصفة كله رجوع. ولو أوصى له بثوب ثم غسله أو بدار ثم جصصها أو هدمها فليس هذا برجوع في (¬2) الوصية، من قبل أنه لم يغير الدار عن حالها. وإذا أوصى له بقطن ثم حشى به أو ببطانة ثم بطّن بها قباء أو بظهارة ثم ظهّر بها ثوباً فهذا كله رجوع في الوصية؛ لأنه قد (¬3) غيره عن حاله. وإذا أوصى الرجل بثوب أو بعبد ثم باعه ثم اشتراه ثم مات والعبد عبده (¬4) فإن الوصية باطل، من قبل أن بيعه رجوع (¬5) في الوصية. ولو أنه أوصى له بثلث ماله وليس له مال يومئذ جعلت له ثلث ماله يوم يموت الذي اكتسبه وإن لم يكن المال في ملك الذي أوصى به يومئذ. وإذا أوصى الرجل للرجل بعبد لا يملكه أن يشترى له وصية منه ثم رجع إلى الموصي وهو حي ذلك العبد بهبة أو ميراث أو وصية فهو جائز، وله منه ثلثه. وإذا أوصى له بشاة ثم ذبحها فهذا رجوع في الوصية؛ لأنه قد غيره عن حاله. وإن أوصى له بقميص ثم نقضه فجعله قباء أو كانت جبة فجعلها قباء فإن هذا رجوع في الوصية. وإن أوصى (¬6) له بثلث غنمه أو إبله أوطعامه أو بشيء مما يكال أو يوزن أو بشيء صنف واحد أو أوصى له بثلثه فاستحق الثلثان من ذلك أو هلك وبقي الثلث وله مال كثير يخرج ذلك من ثلثه فإن الثلث الباقي من ذلك جائز في الوصية. ألا ترى لو أنه (¬7) أوصى له بثلث هذه الدار فاستحق ¬

_ (¬1) م: وكذا؛ ت: ولذلك. (¬2) ت: رجوع عن. (¬3) ت - قد. (¬4) ت: عنده. (¬5) م: رج. (¬6) م ت: إن أوصى. (¬7) ت: ألا ترى أنه لو.

الثلثان وبقي الثلث وهو يخرج من ثلثه كان ذلك جائزاً، وكذلك كل (¬1) ما وصفت لك. وإذا أوصى بثلث ثلاثة دور وثلاثة (¬2) من الرقيق أو بثلث ثلاثة من الدواب مختلفة أجناسها فهلك اثنان وبقي واحد وهذا الواحد يخرج من ثلثه فإنه لا يكون له إلا ثلث هذا الواحد، من قبل أن هذا لا يقسم، والأول يقسم. وإذا أوصى الرجل بعبد وهو يخرج من ثلثه ثم أوصى بالعبد الذي أوصى به لفلان آخر (¬3) فإن العبد بينهما نصفين (¬4). ولو قال: العبد الذي أوصيت به لفلان هو لفلان، كان هذا رجوعًا (¬5) منه في الوصية، والوصية للآخر منهما. وكذلك لو قال: قد أوصيت به لفلان، كان هذا رجوعاً (¬6) منه فيه، وهو للآخر منهما. ولو قال: العبد الذي أوصيت به لفلان وقد أوصيت به لفلان، [كان بينهما نصفين، ولم يكن رجوعًا، ولا يشبه هذا] (¬7) قوله: (¬8) قد أوصيت به لفلان (¬9)، وقوله: هو لفلان، لأن هذا رجوع. ولو كان أوصى به للأول ثم أوصى به للآخر ولم يقل: العبد الذي أوصيت به لفلان، فإن العبد بينهما نصفان. ولو لم يوص لأحد ولكنه جحد وصية الأول وقال: لم أوص له به، فهذا رجوع. وكذلك لو قيل له: أوصيت لفلان بعبدك؟ فقال: لا، فهذا رجوع. وكذلك لو قيل له: أوصيت لفلان بعبدك؟ فقال: لا (¬10)، ولكن أوصيت ¬

_ (¬1) ت - كل. (¬2) ت: وثلث. (¬3) م ف: لآخر. (¬4) ت: نصفان. (¬5) ت: رجوع. (¬6) ت: رجوع. (¬7) الزيادة مستفادة من المبسوط، 27/ 162. وقال السرخسي في تعليل المسألة: لأن الواو للعطف والجمع، فقد جمع بينهما في الوصية، ولم يستأنف الوصية للثاني. انظر: المصدر السابق. (¬8) م: بقوله. (¬9) ت - قوله قد أوصيت به لفلان؛ صح هـ. (¬10) م + فهذا رجوع وكذلك لو قيل له أوصيت لفلان بعبدك فقال لا.

له (¬1) بفلانة (¬2)، كان هذا رجوعاً عن العبد وموصى له بالأمة. وإذا أوصى الرجل لرجل بعبد ولآخر بسيف ولآخر بثوب والعبد قيمته خمسمائة والثوب قيمته مائة والسيف قيمته (¬3) مائتان وله سوى ذلك ألف درهم أو عروض تبلغ ألف درهم فأبى الورثة أن يجيزوا ذلك فإن نصيب صاحب العبد منه ثلاثمائة (¬4) وخمسة وسبعون، ونصيب صاحب الثوب خمسة وسبعون، ونصيب صاحب السيف مائة وخمسون، من قبل أن الوصية ثمانمائة درهم، وجميع المال ألف وثمانمائة، فالثلث منه ستمائة، ينقص من الوصية مائتان، فينقص من حصة كل إنسان ربعها. ولو أوصى لرجل بسيف وقيمته مائة وأوصى لآخر بسدس ماله وله خمسمائة سوى سيفه كان لصاحب سدس المال سدس الخمسمائة وكان لصاحب السيف خمسة أسداس السيف، وسدس السيف بين صاحب السيف (¬5) وبين صاحب السدس (¬6) نصفين، من قبل أن ذلك السدس وصية لكل واحد منهما، وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد مثل ذلك إلا أنهما قالا في السيف: يقسم بينهما على سبعة أسهم، فيكون لصاحب السيف ستة أسباع السيف (¬7)، ولصاحب السدس سبع السيف وسدس الخمسمائة. ولو كان أوصى مع هذا بالثلث كان الثلث بينهم يضرب فيه صاحب السدس بسدس خمسمائة وثلث سدس السيف، ويضرب فيه صاحب الثلث بثلث خمسمائة وخمسة أسداس سدس السيف، ويضرب فيه صاحب السيف بخمسة أسداس السيف إلا سدس (¬8) سدس السيف. فما أصاب صاحب السيف كان في السيف، وما أصاب صاحب الثلث كان في الدراهم وفيما بقي من السيف في القياس (¬9)، وما أصاب صاحب السدس فهو في الدراهم وفيما بقي من السيف في قياس قول أبي حنيفة. ¬

_ (¬1) ت - أوصيت له. (¬2) ت: لفلانة. (¬3) م ت - خمسمائة والثوب قيمته مائة والسيف قيمته؛ صح م هـ (¬4) ت + درهم. (¬5) ت: السدس. (¬6) ت: السيف. (¬7) ت - السيف. (¬8) ف - السيف إلا سدس. (¬9) م: بالقياس.

وإذا أوصى الرجل لرجل بالثلث ولآخر بعبد قيمته ألف وله ألفا درهم سوى ذلك فإن صاحب الثلث يضرب بثلث الألفين وسدس العبد، ويضرب صاحب العبد بخمسة أسداس العبد، من قبل أن لصاحب العبد وصية في ثلثي العبد، والثلث الباقي وصية لصاحب العبد ولصاحب الثلث، فيضرب صاحب العبد في الثلث بثلثي العبد وبنصف ثلثه، ويضرب صاحب العبد بنصف ثلث العبد وبثلث الألفين، فما أصاب صاحب العبد فهو في العبد وفي المال، يكون له خمس ما بقي في العبد وخمس المال، من قبل أن الوصية من ستة، فالثلث اثنان والثلثان أربعة، فلما استوفى صاحب العبد وصيته سقط من (¬1) وصيته سهم وبقي نصيب صاحب الثلث سهم، وللورثة أربعة، فصار ما بقي من المال على ذلك، لصاحب ثلث المال خمسه، وللورثة أربعة أخماس، وهذا قياس قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر: إنه يكون لصاحب الثلث ثلث ما بقي من العبد، وذلك سدس العبد، ويكون سدس الألفين نصيبه من العبد مثل ثلث ما أصاب صاحب العبد. فأي هذين القولين قلت فهو حسن، والأول: قياس قول أبي حنيفة، والآخر: قياس قول أبي يوسف ومحمد. وإذا أوصى الرجل لرجل بثلث ماله من ماله ولآخر بنصف ماله فرد ذلك إلى الثلث كان الثلث بينهما نصفين في قول أبي حنيفة، من قبل أن الوصية إنما هي الثلث، فلا يضرب صاحب النصف إلا بالثلث، ولا يضرب بحصة الورثة. وقال أبو يوسف ومحمد: الثلث بينهما على خمسة أسهم. وكذلك لو أوصى لرجل بثلث ماله ولآخر بجميع ماله فرد ذلك الورثة إلى الثلث فإن الثلث بينهما نصفان في قول أبي حنيفة، من قبل أن ما زاد على الثلث في الوصية فهو باطل، لا يضرب له صاحبه ولا ينتفع به؛ لأنه للورثة، فلا (¬2) يضرب بمال الورثة. وقال أبو يوسف ومحمد: الثلث بينهما على أربعة أسهم. ¬

_ (¬1) م - من. (¬2) م ت: ولا.

وكذلك لو أوصى بالثلثين كان الثلث بينهما نصفين، وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: يضرب صاحب كل وصية في الثلث بوصيته إن كانت أكثر من الثلث أو أقل. ولو أوصى بالثلث والسدس كان الثلث بينهما على ثلاثة أسهم. ولو أوصى بالثلث وبجميع ماله فأجاز ذلك الورثة كان الثلثان لصاحب الجميع، والثلث الباقي (¬1) بين صاحب الجميع وبين صاحب الثلث نصفان في قول أبي حنيفة. وقد كان ينبغي في قياس هذا القول إذا ردوا إلى الثلث أن يكون الثلث بينهما على هذا (¬2)، ولكنا تركنا القياس، وجعلناه بينهما نصفين. وإذا أوصى (¬3) الرجل لرجل بنصف ماله ولآخر بجميع ماله ولآخر بثلث ماله فأجاز ذلك الورثة فإن النصف لصاحب الجميع، والسدس بين صاحب الجميع وبين صاحب النصف (¬4) نصفان، والثلث بينهما أثلاثاً، وهذا قياس قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد: إن المال يقسم على أحد عشر سهماً، ولصاحب الجميع ما أصاب ستة، ولصاحب النصف ما أصاب ثلاثة، ولصاحب الثلث ما أصاب اثنين (¬5). بلغنا نحو من هذا عن إبراهيم النخعي (¬6). وهذا على قياس الفرائض (¬7)؛ ألا ترى أن الفريضة إذا جاوزت ستة وعالت قسمت على هذا، وكذلك جاءت به السنة، وقال فيها أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬8). وكذلك تقاس (¬9) الوصايا على ما جاء من الفرائض والسنة. وإذا كان لرجل عبدان وقيمتهما سواء فأوصى لرجل بأحدهما بعينه ولآخر بثلث ماله وليس له مال غيرهما فإن الثلث يقسم بينهما على سبعة أسهم، لصاحب الثلث ثلاثة من العبدين جميعاً، اثنان منهما في العبد الذي ¬

_ (¬1) ف: للباقي. (¬2) ت: على ذلك. (¬3) ت: وصى. (¬4) ت - النصف. (¬5) ت: اثنان. (¬6) تقدم بإسناده قريباً. (¬7) ت: الفريضة. (¬8) انظر: السنن الكبرى للبيهقي، 6/ 253؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 89 - 90. (¬9) م ف ت: تقامن.

لا وصية فيه، وواحد في العبد الذي فيه الوصية بعينه، ولصاحب العبد أربعة أسهم، وذلك لأن الذي أوصى له بالعبد له ثلث العبد وصية، والثلث قد أوصى به له، وأوصى به (¬1) لصاحبه، فله نصفه، ولصاحبه نصفه، ولصاحبه في العبد الآخر ثلثه، فضممنا نصيب صاحب (¬2) الثلث بعضه إلى بعض فكان سدساً من هذا وثلثاً من هذا، فكان ثلاثة أسهم، وكان للآخر خمسة أسهم، فألغينا ما زاد على الثلث، لا يضرب به لأنه نصيب الورثة، وذلك سهم، ويبقى له أربعة. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: الثلث بينهما على خمسة أسهم. وإذا أوصى الرجل لرجل بعبد وبثلث ماله لآخر وبسدس ماله لآخر وبعبده ذلك أيضاً لآخر وقيمة العبد ألف وله ألفان سوى ذلك فإن الثلث يقسم (¬3) بينهم على اثنين (¬4) وسبعين سهماً، يضرب فيه صاحب العبد بأحد وثلاثين، ويضرب فيه صاحب السدس بثلاثة عشر سهماً ونصف، فما أصاب صاحبي العبد كان بينهما نصفين في العبد، وما أصاب صاحب السدس والثلث كان في المال وفيما (¬5) بقي من العبد. وهذا قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإن الثلث بينهما على أحد وعشرين سهماً. وإذا أوصى الرجل لرجل بعبد ولآخر بنصفه وأوصى بثلث ماله لآخر والعبد يساوي ألفاً والمال ألفان ولا مال له غير ذلك ورد الورثة ذلك إلى الثلث فإن الثلث يقسم بينهم على ثلاثين سهماً، فيضرب الذي أوصى له بالعبد في ذلك باثني عشر سهماً ونصف، ويضرب الذي أوصى له بنصف العبد بثلاثة ونصف، ويضرب الذي أوصى له بثلث المال بأربعة عشر، فما أصاب صاحب العبد وصاحب نصف العبد فهو في العبد، وما أصاب صاحب الثلث فهو فيما بقي من العبد والمال سدس سدس ذلك في العبد، وما بقي ففي المال. ¬

_ (¬1) ت: وأصابه. (¬2) ت - نصيب صاحب. (¬3) ف: ينقسم. (¬4) ت: على اثني. (¬5) ت: فيما.

باب الوصية في الحج

وإذا أوصى الرجل لرجل بعبد ولآخر بعبد آخر قيمة أحدهما أكثر من الثلث وقيمة الآخر أقل من الثلث فإنه يضرب الذي قيمة عبده أقل من الثلث بقيمة عبده ويضرب الذي قيمة عبده أكثر من الثلث بعبده كله ما بينه وبين ثلث المال، ولا يضرب بالفضل على الثلث؛ لأن نصيب الورثة الثلثان، فيقسم الثلث بينهما على هذا. وهذا قياس قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: يضرب كل واحد منهما بقيمة عبده في الثلث قلت أو كثرت، فما أصابه كان له في العبد الذي أوصى به له. وإذا أوصى بمائة درهم بعينها لرجل ثم وهبها لرجل وقبضها الموهوب له ثم رجع فيها ثم مات الموصي وهي في يديه فإن الوصية باطلة، وهبته (¬1) رجوع في الوصية. ولو أوصى بمائة درهم بعينها لرجل فغصبها إياه غاصب ثم رجعت إليه بعينها فالوصية جائزة. ولو استهلكها فقضي عليه بمثلها بطلت الوصية. ولو اشترى بها عبداً فاستحق العبد ورجعت إليه المائة درهم بعينها بطلت الوصية حين ملكها غيره. ... باب الوصية في الحج وإذا أوصى الرجل أن يحج عنه بمائة درهم وثلثه أقل من مائة درهم فإنه يحج عنه بالثلث من حيث بلغ. وإذا أوصى أن يحج عنه بثلثه ولم يقل: حجة (¬2) واحدة، والثلث [يبلغ] (¬3) حججاً فإنه يحج بالثلث ما بلغ من الحجج (¬4). فإذا أوصى أن يحج عنه حجة بمائتي درهم وهي ثلثه فحج بها فبقي من نفقته وكسوته وطعامه شيء فإن ذلك يرد على ورثة (¬5) الميت فيكون لهم. ¬

_ (¬1) م: وهب (غير واضح). (¬2) ت: بحجة. (¬3) الزيادة من ب. (¬4) ف ت: من الحج. (¬5) ت: على ورثته.

كان جامع في حجته فأفسدها فإن الكفارة عليه، ويرد ما بقي من النفقة والكسوة عليهم، ويضمن ما أنفق. وكذلك إن اعتمر قبل الحج أو قرن (¬1) أو اعتمر عن آخر فهو ضامن في قول أبي حنيفة لجميع النفقة. وقال أبو يوسف ومحمد مثل ذلك إلا في خصله (¬2): إذا قرن عن الميت لا يضمن؛ لأنه زاد خيراً، ودم المتعة عليه، ليس في النفقة. وإذا أوصى الرجل أن يحج عنه رجلاً فاستأجروا رجلاً يحج عنه فإن ذلك لا يجوز، من أجل أن ما يفضل في يديه من النفقة مردود على الورثة، وإن عجزت عنه النفقة كان عليهم أن يكملوا له نفقة مثله وما لا بد له منه، ويجزئ الحج عن الميت. وإذا أوصى الرجل أن يحجوا عنه حجة فإن أحجوا عنه رجلاً قد حج فهو أفضل، وإن أحجوا عنه صَرُورَة (¬3) أجزأه عنه، وإن أحجوا امرأة فإنه يجزئ وقد أساؤوا. وكذلك لو أحجوا (¬4) عنه عبداً بإذن مولاه أو بغير أمر مولاه يكون تاجراً أو غير تاجر أو أمة فإنه يجزئ، وقد أساؤوا في ذلك. ولو كانت المرأة هي التي أوصت فأحجوا عنها رجلاً أجزأ عنها. وإذا أوصى الرجل أن يحج عنه حجة فإنه يحج عنه من بلده. فإن كان قدم من بلده يريد الحج فمات فأوصى أن يحج عنه حجة فإنه يحج عنه (¬5) من حيث أوصى ومات في قول أبي يوسف ومحمد. فإذا أحجوا من بلاد أقرب إلى مكة من تلك البلاد فهم ضامنون، وعليهم أن يحجوا ¬

_ (¬1) م: أو أقرن. (¬2) ف + واحدة. (¬3) رجل صرور وصرورة، أي: لم يحج قط. وأصله من الصر، أي: الحبس والمنع. انظر: لسان العرب، "صرر". (¬4) م ف: لو حجوا. (¬5) ت - من بلده فإن كان قدم من بلده يريد الحج فمات فأوصى أن يحج عنه حجة فإنه يحج عنه.

رجلاً من حيث مات. وإذا كان له أوطان شتى فمات وهو مسافر وأوصى (¬1) أن يحج عنه فإنه يحج عنه من أقرب الأوطان إلى مكة، فإن لم يكن له وطن فمن حيث مات. وإذا أوصى الرجل أن يحج عنه حجة فأحجوا رجلاً فسرقت نفقته من بعض الطريق فرجع فعليهم أن يحجوا عنه آخر من ثلث ما بقي في أيديهم من حيث ما (¬2) أوصى الميت في قول أبي حنيفة، من قبل أن الأول لم يتمم. ألا ترى أنه لو قال: أعتقوا عني نسمة، فاشتروها بمائة درهم، فماتت قبل أن تعتق (¬3) كان عليهم أن يعتقوا من ثلث ما في أيديهم. وهذا قول أبي حنيفة. وقال محمد: إذا قاسم (¬4) الوصي الورثة ودفع إليهم حقوقهم وأخذ الوصية ودفعها (¬5) فسرقت أو هلكت لم يرجع في شيء من مال الميت، والمقاسمة جائزة إذا كانت الوصايا لله تعالى، وإذا كانت (¬6) لإنسان بعينه فليس يجوز للوصي القسمة على الموصى له. وإذا أوصى الرجل أن يحجوا عنه وارثاً فإن ذلك لا يجوز إلا أن تجيزه الورثة. وإذا أوصى الرجل أن يحجوا عنه بمائة درهم وأوصى بما بقي من ثلثه لفلان وأوصى بالثلث من ماله لآخر والثلث (¬7) مائة درهم فإن الثلث يقسم بينهم نصفين (¬8)، نصف لصاحب الثلث، ونصف لصاحب الحجة، وليس للذي أوصى له بما بقي من ثلثه شيء، من قبل أنه لم يبق له شيئاً (¬9). فإن مات الموصى له بالثلث قبل الموصي فإن ما بقي من الثلث للموصى له مما بقي من الثلث. وإذا أوصى الرجل أن يعتق عنه نسمة وأن يحج عنه حجة الإسلام ¬

_ (¬1) م ف ت: أوصى. (¬2) ت - ما. (¬3) ت: أن يعتق. (¬4) ت: إذا قسم. (¬5) ت: فدفعها. (¬6) ف ت + الوصية. (¬7) م: لآخره الثلث. (¬8) ت - نصفين. (¬9) ت: شيء.

باب الوصية للوارث والأجنبي

والثلث لا يبلغ ذلك فإنه يبدأ بالحجة لأنها حجة الإسلام، فإن بقي من الثلث شيء يعتق به نسمة أعتق، وإلا لم يعتق. ولو لم تكن حجة الإسلام والثلث لا يبلغ ذلك بدئ بالنسمة، لأنه بدأ بها، ولو كان بدأ بالحج بدأنا به. وكل وصية تكون لله لا يسع لها كلها وليس فيمن أوصى لواحد بعينه فإنه يبدأ بالأول فالأول منها؛ لأنها كلها لله مثل الحجة والنسمة والبدنة (¬1) وأشباه ذلك ما خلا حجة الإسلام والزكاة أو بشيء واجب عليه، فإنه يبدأ (¬2) بذلك وإن (¬3) كان الميت (¬4) أخره (¬5)، أستحسن ذلك وأدع القياس فيه. ... باب الوصية للوارث والأجنبي بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا وصية لوارث" (¬6). وإذا أوصى (¬7) الرجل بعبده لبعض ورثته ولأجنبي فإنه لا يجوز حصة الورثة (¬8) من ذلك، وتجوز حصة الأجنبي من الثلث. ولو أقر لهما بدين أو بشيء لم يجز لواحد منهما شيء؛ لأنه لا يصل إلى الآخر منه شيء إلا كان للوارث نصفه، فهذا مخالف للوصية. وإذا أوصى الرجل للرجل وهو أخوه أو أحد ورثته ثم ولد للموصي ابن يحجبه عن الميراث فالوصية جائزة لأخيه من ثلثه؛ لأنه ولد يوم مات وهو غير وارث. وإذا أوصى له وليس بوارث والوارث غيره ثم هلك (¬9) الوارث فصار الموصى له هو الوارث (¬10) فلا وصية له. وإنما أنظر إلى ¬

_ (¬1) ت: واليدنة. (¬2) م ف ت: ابدأ. (¬3) ت: وإذا. (¬4) ت - الميت. (¬5) ف ت: أخذه. (¬6) تقدم تخريجه في أول كتاب الوصايا. انظر: 3/ 213 ظ. (¬7) م: وإذا وصى. (¬8) ت: الوارث. (¬9) ت: فهلك. (¬10) ت: فصار الوارث هو الموصى له.

الوصية يوم تقع ويموت الموصي (¬1)، فإن كان (¬2) وارثاً أبطلت الوصية، وإن كان غير وارث أجزتها. وإذا أوصى الرجل لامرأة بوصية ثم تزوجها ومات (¬3) وهي امرأته فلا وصية لها. وإذا أقر لها بدين ثم تزوجها فالدين له لازم من قبل أنه أقر يوم أقر لها وليست بوارثة، فيومئذ لزمه الدين، والوصية إنما وقعت بعد الموت. وإذا أوصى الرجل لابنه (¬4) وهو عبد أو نصراني ثم أعتق أو أسلم فمات الأب يوم مات وهو وارث فالوصية باطل؛ لأنها وقعت يوم وقعت وهما وارثان (¬5). وإذا أقر لابنه بدين وهو نصراني ثم أسلم الابن، فمات الأب وابنه وارث، فإقراره باطل، من قبل أنه أوصى وارثاً يوم مات. وليس هذا كالمرأة لم يكن بينهما نسب يوم أقر لها، وهذا هو اينه لا يجوز إقراره له في مرضه. ألا ترى أنه لو أقر لبعض إخوته بدين في مرضه وله ولد ثم مات ولده فصار أخوه الوارث أبطلت الدين. وإذا وهب الرجل (¬6) لامرأة هبة فقبضها ثم تزوجها وذلك كله في مرضه ثم مات فإن الهبة مردودة لا تجوز، من قبل أنها قد صارت وارثة، وصارت الهبة بمنزلة الوصية. وكذلك إذا وهب لابنه وابنه نصراني ثم أسلم ابنه فهما سواء في هذا. وإذا وهب المريض لأخ له هبة وقبضها أخوه وله ابن يحجب ميراثه ثم مات الابن ثم مات الواهب وذلك كله في مرضه فصار الأخ وارثاً فإن الهبة باطل لا تجوز. وكذلك إذا أقر له بدين أو لابنه (¬7). فأما إذا أقر لامرأة بدين ثم تزوجها لزمه ذلك. وهذا يخالف (¬8) النسب. وإذا وهب لأخيه هبة وأقر له بدين وهو مريض وقبض أخوه الهبة ثم ولد (¬9) للمقر أو للواهب ابن ثم مات فإن الهبة جائزة من ¬

_ (¬1) ت - الموصي. (¬2) م ف ت: وإن كان (¬3) م ف ت - ومات. والزيادة من ع. (¬4) ف: لأبيه. (¬5) م: ورثان. (¬6) م: رجل. (¬7) ف: أو لأبيه. (¬8) ف ت: مخالف. (¬9) ت: ثم ولدا.

باب وصية القاتل

الثلث، والإقرار جائز، وإنما أنظر إلى حاله يوم يموت. فإذا كان الذي أقر له غير وارث أجزت الإقرار، وإن كان وارثاً أبطلت الإقرار ولم أنظر إلى قوله يوم يوصي ولا يوم يهب. وإذا كفل الرجل في مرضه عن وارث بحق عليه لغير وارث فإنه لا يجوز؛ لأن فيه منفعة للوارث. وإذا كفل للوارث من (¬1) غير وارث فلا يجوز من قبل أنه كفل لوارث. وكذلك لو كان له على وارث دين قد كفل به له غير وارث فقال: قد استوفيت، فإنه لا يصدق. وكذلك إذا كان الأصل على غير وارث والكفيل وارث فأقر الطالب في مرضه الذي مات فيه أنه قد استوفى كان إقراره ذلك باطلاً، من قبل أنه منفعة للوارث. وكذلك إذا أقر بدين لوارث ولآخر في مرضه فإنه لا يجوز لواحد منهما، من قبل أنه لا يأخذ شيئاً إلا يشركه (¬2) الوارث فيه، فأبطلت الإقرار كله (¬3). وإذا أوصى لمكاتب وارثه أو لعبد وارثه فهو باطل من قبل أن ذلك ينتفع به الوارث. وإذا أوصى الميت لمكاتب كاتبه في صحته بوصية فهو جائز من قبل أنه ليس في هذا منفعة لبعض الورثة دون بعض. ... باب وصية القاتل بلغنا عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه لم يجعل لقاتل ميراثاً. وبلغنا عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - مثل ذلك (¬4). وبلغنا عن عَبِيدة ¬

_ (¬1) ت: عن. (¬2) ت: بشركة. (¬3) ف - لذلك؛ ت + كذلك. (¬4) ورد ذلك عن عمر - رضي الله عنه - وغيره في حديث مرفوع. انظر: الموطأ، العقول؛ 10؛ وسنن أبي داود، الديات، 18؛ وسنن الترمذي، الفرائض، 17؛ وسنن ابن ماجه، الديات، 14، الفرائض، 8. وروي عن عمر وعن علي موقوفاً. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 9/ 403، 405، والمصنف لابن أبي شيبة، 6/ 280. وانظر لتفصيل الطرق والنقد: نصب الراية للزيلعي، 4/ 328 - 329؛ والدراية لابن حجر، 2/ 260.

السلماني أنه قال: لا يورث قاتل بعد صاحب البقرة (¬1). والوصية عندنا بمنزلة ذلك، ولا وصية لقاتل (¬2). فإذا أوصى الرجل لرجل قبل أن يقتله ثم قتله فلا وصية له. وكذلك لو أوصى له بعد الجناية. ولو كان القاتل وارثاً فأوصى له لم تجز الوصية. ولو كان عبداً أو مكاتباً بعد أن يكون قاتلاً لم تجز (¬3) الوصية. ولو كان المولى هو القاتل لم تجز الوصية، من قبل أن الوصية تقع لمولاه، فإذا كانت لمولاه أو لعبده أبطلتها. وإذا أوصى الرجل لمكاتب القاتل فلا يجوز؛ لأنه عبد القاتل بعد. وكذلك لو أوصى لأم ولد القاتل أو المدبرة فهو باطل. وإذا أوصى الرجل لابن القاتل وهو غير وارث أو لأبيه أو لأمه أو ¬

_ (¬1) ت: النقرة. والقصة مذكورة في تفسير الآيات الكريمة من سورة البقرة، 2/ 67 - 73. يقول الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (67) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ (68) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (69) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ (70) قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ (71) وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (72) فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}. رواه الطبري بإسناده عن عبيدة قال: كان في إسرائيل رجل عقيم أو عاقر. قال: فقتله وليه ثم احتمله فألقاه في سبط غير سبطه. قال: فوقع بينهم فيه الشر حتى أخذوا السلاح. قال: فقال أولو النهى: أتقتتلون وفيكم رسول الله؟ قال: فأتوا نبي الله. فقال: اذبحوا بقرة. . . قال: فضرب فأخبرهم بقاتله. قال: ولم تؤخذ البقرة إلا بوزنها ذهبا. قال: ولو أنهم أخذوا أدنى بقرة لأجزأت عنهم، فلم يورث قاتل بعد ذلك. انظر: تفسير الطبري، 1/ 336. وعن عبيدة قال: أول ما قضي أن لا يرث القاتل في صاحب بني إسرائيل. وعن عبيدة قال في حديثه: فلم يورث منه، ولا نعلم قاتلا ورث بعده. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 9/ 405. (¬2) ورد ذلك في حديث مرفوع، لكنه ضعيف جداً. انظر: سنن الدارقطني، 4/ 236. (¬3) ت: لم يجز.

لامرأته أو لجده أو لجدته أو لعبد (¬1) بعض (¬2) هؤلاء أو لمكاتبهم أو لمدبر لهم أو أمهات أولادهم فالوصية جائزة. وإذا أقر القاتل (¬3) بدين فإن كان مريضاً صاحب فراش حتى مات فإنه لا يجوز، وإن كان يذهب ويجيء فإن ذلك جائز. وكذا الهبة إذا قبضها القاتل وهو مريض، فإن ذلك باطل (¬4) لا يجوز، فإن كان (¬5) يذهب ويجيء فإن ذلك جائز. وإذا ضربت المرأة الرجل بحديدة أو بغير حديدة فأوصى لها ثم تزوجها فلا ميراث لها ولا وصية، ويكون لها الصداق، فإن كان تزوجها على أكثر من صداق مثلها أبطلت الفضل. وإذا أقر الرجل لرجل بدين أو وهب له هبة فقبضها الموهوب له ثم قتله المقر له فإن ذلك جائز. وكذلك لو كان القاتل هو الوارث كان ذلك جائزاً. وإذا اشترك عشرة رجال في قتل رجل أحدهم عبده (¬6) فأوصى لبعضهم وأعتق عبده ذلك كانت وصيته باطلاً، ويسعى العبد في قيمته، لا يستطيع أن يرد العتق، ولا يكون هذا بمنزلة الوصية من قبل أن هذا عتق. وإذا قتل الرجل رجلاً عمداً فعفا المقتول في مرضه من ذلك الضرب عن القصاص فهو جائز؛ لأنه لم يوص له بمال. ولو كان خطأ فعفا عنه كان إنما وهب المال لعاقلته، والعفو في الخطأ من الثلث؛ لأن الدية مال. وإذا كان عمداً فهو جائزة لأنه ليس بمال. وإذا عفا عن قاتله وهو عبد والقتل خطأ أو عمداً فعفوه جائز (¬7). إن كان (¬8) عمداً فهو جائز كله (¬9)، وإن كان ¬

_ (¬1) ت - لعبد. (¬2) ت: لبعض. (¬3) م ف: لقاتل. (¬4) ت: باطلاً. (¬5) م - كان. (¬6) ت: عنده. (¬7) ت - كله. (¬8) م: وإن كان؛ ف: وإذا كان. (¬9) ت - إن كان عمدا فهو جائز كله.

خطأ فهو جائز من الثلث، ينظر إلى قيمة العبد وإلى جميع ماله، فإن كانت قيمته الثلث جاز العفو، وإن كانت أقل من الثلث جاز أيضاً. وإن كانت أكثر من الثلث جاز من ذلك الثلث، ثم يقال للمولى: افد ما بقي من العبد بحصته من الدية أو ادفعه. وإذا قتل المدبر مولاه عمداً أو خطأ فعليه أن يسعى في قيمته، من قبل أنه لا وصية له، وعليه في العمد القصاص، فإن كان للمقتول وليان فعفا أحدهما عن العبد فعلى المدبر أن يسعى في نصف قيمته للآخر، من قبل أنها صارت مالاً بعدما عتق، فأما في الخطأ فليس عليه من الجناية شيء، من قبل أنه لزمه المال وهو عبد للمولى فبطل عنه، ولا يلزمه دين لمولاه، وإنما وجب عليه السعاية في قيمته، من قبل أنه لا وصية له، فصار عليه قيمة ونصف قيمة بينهما ونصف القيمة بالجناية للذي لم يعف. وإذا قتلت أم الولد سيدها خطأ فليس عليها سعاية ولا شيء، من قبل أن عتقها ليس بوصية، ولا يلزمها دين لمولاها، فإن قتلت مولاها عمداً وليس لها منه ولد فإن عليها القصاص، ولا سعاية عليها، فإن عفا أحد الوارثين سعت للآخر في نصف قيمتها، وإن (¬1) كان لها من المولى ولد بطل عنها القصاص من قبل ولدها، وعليها أن تسعى في قيمتها من قبل أن المال لزمها بعد موت المولى. وإذا أوصى الرجل لقاتله ولآخر بالثلث فإن وصيته للقاتل تبطل ولا تجوز (¬2)، وتجوز حصة الآخر كأنه أوصى لوارث ولآخر. ولو أقر لوارث ولآخر في مرضه بدين فإن إقراره باطل. وكذلك لو أقر لقاتله ولآخر بدين فإن إقراره باطل، من قبل أنه لا يصل إلى الآخر شيء إلا وصل إلى القاتل نصفه، فكذلك الوارث. وإذا أوصى الرجل لعبده بالثلث ثم إن عبده قتله فإن وصيته باطل غير ¬

_ (¬1) ف: وإذا. (¬2) م: فلا تجوز؛ ف: لا تجوز.

أنه يعتق ويسعى في قيمته. وكذلك لو لم يقتله ولكن المولى ادعاه فثبت نسبه منه بطلت وصيته؛ لأنه صار وارثاً. وإذا أوصى الرجل لقاتله وهو معتوه أو صبي فإن الوصية جائزة. وكذلك لو كان وارثاً وهو صبي أو معتوه ثم قتله لم أبطل ميراثه (¬1). وإذا أوصى الرجل لقاتله بالثلث فأجاز ذلك الورثة قبل موت الموصي فإجازتهم باطل، وإن أجازوا بعد موت الموصي كان ذلك جائزاً. ألا ترى أنه لو أوصى لوارث فأجازت الورثة بعد موت الموصي أن ذلك جائز (¬2). وإذا أوصى الرجل لرجل بوصية فقامت عليه بينة أنه قاتل فصدقهم بعض الورثة وكذّب (¬3) بعضهم فإنه يبرأ من حصة الذين كذبوا من الدية، وتجوز وصيته في حصصهم من الثلث بالحساب، وتبطل وصيته في حصة الذين صدقوا، وتلزمهم (¬4) حصتهم من الدية. وإذا قامت عليه (¬5) بينة بالقتل وأبرأه الميت فإن إبراء الميت إياه عفو من الثلث إن كان القتل خطأ، ولا وصية له بعد ذلك. وإن كان القتل عمداً فلا وصية له ولا دية عليه. وإن كذب الورثة أو المقتول الشهود وأبرؤوه من القتل جازت الوصية له. وإذا أوصى الرجل لرجل بوصية ثم ضربه الموصى له فجرحه أو كانت الضربة قبل الوصية فأوصى له بعدها ثم قتله رجل آخر غير الموصى له فإن الوصية جائزة للموصى له؛ لأن القاتل غيره. وإذا أوصى القاتل لآخر (¬6) لم تجز الوصية؛ لأنه هو القاتل. وإذا أوصى لرجلين بوصية وأقام كل واحد من ورثته البينة على أن أحد الموصى لهما أنه قتل صاحبهما خطأ فإن على كل واحد منهما خمسة آلاف للذي أقام عليه البينة، ولا وصية له في حصة الذي ادعى عليه القتل، وتجوز له (¬7) الوصية في حصة الآخر بحساب. ¬

_ (¬1) م ت - ميراثه. (¬2) ت: حب جائزاً. (¬3) ت: وكذلك. (¬4) ت: ويلزمهم. (¬5) ت - عليه. (¬6) م ف: الآخر. (¬7) ف: عليه.

باب الوصية في الغلة والخدم

وإذا أوصى الرجل لرجل بوصية فقتله هو وخمسة نفر معه فلا وصية له، والقاتل في هذا وحده وعشرة معه سواء. وإذا أوصى رجل لرجلين بوصية فأوصى لكل واحد منهم بالثلث وأوصى لآخر بعبد فشهد هذا أن الموصى لهما بالثلث على الذي أوصى له بالعبد أنه قتله فشهادتهما باطل لا تجوز؛ لأنهما يجران الثلث إلى أنفسهما. وكذلك لو شهدا على وارث أو على أجنبي أنه قتله خطأ كانت شهادتهما باطلاً؛ لأنهما يجران إلى أنفسهما. ... باب الوصية في الغلة والخدم وإذا أوصى الرجل لرجل بخدمة (¬1) عبده سنة وليس له مال غيره فإن العبد يخدم الورثة يومين والموصى له يوماً (¬2) حتى يستكمل الموصى له سنة. وإذا أوصى رجل لرجل بسكنى داره سنة وليس له مال غيرها فإنه يسكن ثلثها سنة، ويسكن (¬3) الورثة الثلثين، وليس الدار كالعبد؛ لأن الدار تقسم وتبعّض، والعبد لا يقسم منه إلا الخدمة. وإذا أوصى رجل (¬4) لرجل بغلة عبده سنة وليس له مال غيره فإن له ثلث غلة تلك السنة. وكذلك إذا أوصى له بغلة داره فهي وغلة العبد هاهنا سواء. وإذا أوصى رجل لرجل بسكنى داره أو بخدمة عبده فليس له أن يؤاجر الدار ولا العبد من قبل أن الإجارة توجب (¬5) فيها حقاً، ولم يوص له بغلة، إنما أوصى له بسكنى. ¬

_ (¬1) م: لخدمة. (¬2) ت: يوم. (¬3) ت: وتسكن. (¬4) ت: الرجل. (¬5) ت: يوجب.

وليس (¬1) له أن يخرج العبد من الكوفة إلا أن يكون الموصى [له و] أهله (¬2) في غير الكوفة فيخرجه إلى أهله فيخدمه هناك إذا كان العبد هو الثلث. وإذا أوصى الرجل لرجل بخدمة عبده ولآخر برقبته والعبد يخرج من الثلث فإن الوصية جائزة، ورقبة العبد لصاحب الرقبة، وخدمته كلها لصاحب الخدمة. ألا ترى أنه لو أوصى بأمة لرجل ولآخر بما في بطنها وهي تخرج من الثلث كان له كما أوصى، ولا شيء لصاحب الأمة في الولد. وإذا أوصى رجل لرجل بخاتم وأوصى (¬3) لآخر (¬4) بفصه كان ذلك جائزاً كما (¬5) أوصى، ولا شيء لصاحب الخاتم في (¬6) الفص. ألا ترى أنه لو قال: هذه القَوْصَرَة (¬7) لفلان، وما كان فيها من التمر (¬8) فأعطوه لفلان، أن ذلك كما قال إذا كان يخرج من الثلث. وإذا جنى العبد الذي أوصى بخدمته ورقبته جناية فالفداء على صاحب الخدمة، فإن فداه كان على حاله يخدمه، فإذا (¬9) مات صاحب الخدمة انقضت الوصية وقيل لصاحب الرقبة: أد إلى ورثة صاحب الخدمة الأرش الذي فدى به صاحبهم العبد، فإذا أبى ذلك بيع العبد في ذلك وكان بمنزلة الدين في عنقه، وإن أبى صاحب الخدمة في أول مرة أن يفديه فإنه يقال لصاحب الرقبة: افده أو ادفعه، فأي ذلك ما (¬10) صنع فهو جائز، وقد بطلت الوصية في الخدمة لما حدث من الجناية والغرم. ولو لم يجن (¬11) العبد ولكن جني عليه فقتل خطأ فعلى عاقلة القاتل القيمة، يشتري بها عبداً يخدم صاحب الخدمة والرقبة، فإن كان القتل عمداً فلا قصاص فيه إلا أن يجتمع على ذلك ¬

_ (¬1) م ف ت: فليس. والتصحيح من ب؛ والكافي، 3/ 202 و. (¬2) الزيادة من الكافي، 3/ 202 و. (¬3) ف ت - وأوصى. (¬4) ف ت: ولآخر. (¬5) ف + لو. (¬6) م - في. (¬7) نوع من الأوعية، ويجوز في الراء التشديد والتخفيف. وقد تقدم. (¬8) ت: من الثمر. (¬9) ت: وإن. (¬10) ت - ما. (¬11) ت: لم يجني.

صاحب الخدمة والرقبة، وإن اختلفا في ذلك فقيمة العبد في مال القاتل يشترى بها عبد (¬1) فيخدم مكانه صاحب الخدمة. وإن فقأ رجل عينيه أو قطع يديه دفع العبد إليه وأخذت قيمته صحيحاً فاشترى (¬2) بها عبداً مكانه. وإذا قطعت يده أو رجله أو فقئت إحدى (¬3) عينيه (¬4) أو شج مُوضِحَة أو جرح جراحة غير ذلك فإن على الفاعل له ذلك الأرش، فإن كانت الجراحة تنقص الخدمة فإنه يشتري بأرشها عبداً (¬5) آخر يخدم صاحب الخدمة مع العبد أو يباع العبد فيضم ثمنه إلى ذلك (¬6) الأرش فيشترى بها عبد، وإن اختلفا في ذلك لم يبع العبد واشتُري (¬7) بالأرش عبدٌ يخدم صاحب الخدمة، فإن لم يؤخذ بذلك العبد أوقف الأرش حتى يصطلحا عليه، فإذا اصطلحا على أن يقتسماه نصفين أجزت ذلك، وإن كانت الجناية لا تنقص الخدمة فإن الأرش كله لصاحب الرقبة. وكذلك كل ما وهب (¬8) للعبد أو تصدق به عليه أو اكتسبه فهو لصاحب الرقبة. ولو كان مكان العبد أمة كان ما ولدت من ولد لصاحب الرقبة، ولا حق لصاحب الخدمة فيهم، ونفقة الأمة إن كانت الأمة والعبد وكسوتهما على صاحب الخدمة. فإن كان أوصى بخدمة عبد صغير لرجل وبرقبته لآخر وهو يخرج من الثلث فإن نفقته على صاحب الرقبة حتى يدرك الخدمة (¬9)، فإذا خدم كانت نفقته على صاحب الخدمة، فإذا مات صاحب الخدمة دفع (¬10) إلى صاحب الرقبة. وكذلك لو أوصى بدابة لرجل (¬11) وبظهرها ومنفعتها لآخر كان مثل العبد سواء. وإذا كان لرجل ثلاثة أعبد فأوصى برقبة أحدهم لرجل وبخدمة الآخر لرجل آخر ولا مال له غيرهم وقيمة صاحب الخدمة خمسمائة وقيمة الذي ¬

_ (¬1) ت: عبدا. (¬2) ف: يشترى. (¬3) ت - إحدى. (¬4) ت: عينه. (¬5) ت: عبد. (¬6) م ف ت: فيضمن ثمنه وذلك. والتصحيح من الكافي، 3/ 202 ظ. (¬7) م ف ت: اشترى. (¬8) م ف: ما اوهب. (¬9) م ت: للخدمة. (¬10) م ت - دفع. (¬11) ت - لرجل.

أوصى برقبته ثلاثمائة وقيمة الباقي ألف درهم فالثلث بينهم على ثمانية أسهم، فما أصاب خمسة أسهم فأصاب الخدمة بخدمة العبد الذي أوصي له بخدمته، فيكون له من خدمته ثلاثة أيام، وللورثة يوم، ويكون لصاحب العبد الآخر من رقبته مائتان وخمس وعشرون، فإذا مات صاحب الخدمة استكمل صاحب الرقبة رقبة العبد الذي أوصي له بها كلها، فإذا مات العبد الذي يخدم كان العبد الذي أوصي برقبته لصاحب الرقبة كله. ولو كان العبيد قيمتهم سواء وقد أوصى بالذي ذكرنا كان لصاحب الخدمة نصف خدمة العبد الذي أوصي له به، ولصاحب الرقبة نصف رقبة العبد الذي أوصي له به. ولو كان أوصى بالعبيد كلهم لصاحب الرقبة وبخدمة أحدهم لصاحب الخدمة كان الذي أوصي له برقابهم لا يضرب إلا بقيمة واحدة منهم؛ لأنه لا يضرب (¬1) بأكثر من الثلث، ويضرب الآخر بخدمة ذلك الآخر (¬2)، فيكون هذا كالباب الذي قبله. ولو كان هؤلاء العبيد يخرجون من الثلث كان لصاحب الرقبة ما أوصي له به، ولصاحب الخدمة ما أوصي له به، فإذا مات صاحب الخدمة رجع ذلك إلى صاحب الرقبة. وإن لم يكن له مال غيرهم فأوصى بثلث كل عبد منهم لفلان وأوصى بخدمة أحدهم بعينه لفلان فإنه يقسم الثلث بينهم على خمسة أسهم، لصاحب الخدمة ثلاثة أخماس الثلث في خدمة العبد الذي أوصي له بخدمته يخدم ثلاثة أيام وللورثة يومين، ويكون للآخر خمسا الثلث في العبدين في كل واحد منهما خمس رقبته، من قبل أنه ضرب بثلث كل واحد منهما فأصابه الخمس وضرب صاحب الخدمة بالعبد الذي أوصي له بخدمته كله. ولو أوصى بثلث ماله لصاحب الرقاب وبخدمة أحدهم بعينه لصاحب الخدمة وليس له مال غيرهم قسم الثلث بينهم نصفين، فما أصاب صاحب الخدمة فهو في العبد الذي أوصي له به وذلك نصفه، وما أصاب صاحب ¬

_ (¬1) م ف + إلا بقيمة واحدة منهم لأنه لا يضرب. (¬2) ف - الآخر.

الثلث كان له فيما بقي منهم والذي نصيبه نصف عبد يكون له في كل عبد ئلث ذلك النصف في قول أبي يوسف ومحمد، وإن شئت قلت: له في العبيد (¬1) في كل واحد خمسه، وله في نصف عبد خمس ذلك النصف في قياس قول أبي حنيفة، من قبل أنه إذا أوصى له بثلث ماله فقد أوصى له بالخدمة؛ لأن الخدمة من ماله. وإذا أوصى الرجل بخدمة عبده لرجل وبغلة عبده ذلك لآخر والعبد يخرج من الثلث فإنه يخدم صاحب الخدمة شهراً، ويغل (¬2) على صاحب الغلة شهراً، وطعامه على صاحب الخدمة في الشهر (¬3) الذي يخدمه فيه، وعلى صاحب الغلة في الشهر الذي يغل فيه، وكسوته عليهما نصفان، فإن جنى العبد جناية فإنه يقال لهما: افدياه، فإن فدياه كان على حاله (¬4) لهما، وإن أبيا أن يفديا ففداه (¬5) الورثة أبطلت الوصية لهذين. وإذا أوصى الرجل من غلة عبده كل شهر بدرهم لرجل (¬6) وأوصى بالثلث من ماله لآخر وليس له مال غيره فإن ثلث (¬7) ذلك العبد يقسم بينهما نصفين في قياس قول أبي حنيفة، فما أصاب صاحب الثلث فهو له، وما أصاب صاحب الغلة فإنه يستغل ثم يحبس فينفق عليه كل شهر درهم (¬8)، فإن مات وقد بقي منها شيء رده على صاحب الثلث، ويرجع ما حبس من رقبة العبد إلى صاحب الثلث. وإذا أوصى رجل بسكنى داره لرجل وليس له مال غيرها فإنه يسكن (¬9) الثلث منها ويسكن الورثة الثلثين (¬10). ¬

_ (¬1) م ت: في العبد. (¬2) م ف ت: أو يغل. (¬3) م ف - في الشهر. (¬4) ت: على حالة. (¬5) ت: هداه. (¬6) م ت - لرجل. (¬7) ت: الثلث؛ ت + من. (¬8) ف: بدرهم. (¬9) ف + له. (¬10) ت - وإذا أوصى رجل بسكنى داره لرجل وليس له مال غيرها فإنه يسكن الثلث منها ويسكن الورثة الثلثين.

وإذا أوصى الرجل لرجل بغلة داره كان له ثلث الغلة، فإن احتاج الورثة إلى أن يسكنوا فيها قسمت الدار أثلاثاً، فيكون للورثة ثلثاها، وأعزل ثلثها لصاحب الغلة إذا لم يكن له مال غيرها. وإذا أوصى بدرهم من غلة داره كل شهر لإنسان فإنه (¬1) يحبس عليه ثلث الغلة ثم ينفق عليه درهماً (¬2) في (¬3) كل شهر، فإن انكسرت الغلة أنفق عليه مما حبس عليه من الثلث حتى يموت. وإذا أوصى الرجل لرجل بغلة داره ولآخر بعبده (¬4) ولآخر بثوب فإن الثلث يقسم بينهم، فيضرب كل إنسان منهم فيه بما يسمى له (¬5)، فما أصاب صاحب الدار كان له غلة ذلك، فإذا مات صاحب الغلة بطلت وصيته وقسم الثلث بين من بقي من أهل الوصية (¬6) لكل إنسان ما أوصى به فيما سمي له، ولا يضرب أحد منهم بأكثر من الثلث. وإذا أوصى الرجل بغلة داره أو بغلة عبده في المساكين جاز ذلك من الثلث (¬7)، والسكنى والخدمة لا (¬8) تجوز إلا لإنسان معروف معلوم. وكذلك لو أوصى بظهر دابته في المساكين كان ذلك باطلاً. وإن أوصى بظهرها لإنسان معلوم يركبها (¬9) في حاجته ما عاش، أو أوصى (¬10) بظهرها لإنسان بعينه في سبيل الله تعالى فإن ذلك جائز. وكذلك لو أوصى بغلة داره وأرضه (¬11) في المساكين فهو جائز. قال محمد: يجوز أيضاً إذا أوصى بظهر دابته في سبيل الله تعالى وإن لم يوص بذلك (¬12) لإنسان بعينه. ¬

_ (¬1) م: فهو. (¬2) ت: درهم. (¬3) ف - في. (¬4) ت: بعبد. (¬5) ف: يساله. (¬6) ت: الوصيية. (¬7) ف - وإذا أوصى الرجل بغلة داره أو بغلة عبده في المساكين جاز ذلك من الثلث. (¬8) ت: ولا. (¬9) ت: تركها. (¬10) ت: ما عاشوا وأوصى. (¬11) ف: أو أرضه. (¬12) م: ذلك.

وإذا جعل الرجل داره أو أرضه صدقة في المساكين (¬1) في صحته (¬2) ثم [لم ينفذها] في حياته وصحته فهو ميراث إن مات. ألا ترى أنه لو أهدى هدياً أو بدنة أو أخرج صدقة من ماله أو زكاة ماله ثم مات قبل أن ينفذها جعلناها ميراثاً. ولو جعل ذلك في مرضه عند الوصية للمساكين صدقة (¬3) فإن ردت بعد موته بيعت وتصدق على المساكين أجزت ذلك وإن (¬4) لم يُقبض؛ لأنه أوصى به (¬5). ولو قال في صحته: غلة أرضي هذه أو داري هذه أو عبدي هذا صدقة في المساكين، فإن ردت بعد موتي فهي وصية من ثلثي تباع فيتصدق (¬6) بثمنها، أجزت ذلك ما أجازه الورثة، فإن طعن فيها طاعن منهم جعلناها وصية من ثلثه كما قال. وإذا أوصى الرجل بداره (¬7) أو بأرضه فجعلها حبيساً على الآخِر فالآخِر من ورثته لا تباع أبطلت ذلك وجعلتها ميراثاً على فرائض الله تعالى. بلغنا ذلك عن شريح (¬8). وإذا أوصى الرجل بغلة داره لرجل وسكناها لآخر ورقبتها لآخر وهي من (¬9) الثلث فهدمها رجل (¬10) بعد موت الموصي غرم قيمة ما هدم، وتبنى (¬11) مساكن كما كانت فيؤاجر فيأخذ غلتها (¬12) صاحب الغلة، ويسكنها الآخر. وكذلك البستان إذا أوصى بغلته فقطع رجل نخله أو شجره. ¬

_ (¬1) ت: للمساكين. (¬2) ت - في صحته. (¬3) ت - للمساكين صدقة. (¬4) م ف ت: فإن. (¬5) م ف: له. (¬6) ت: يباع ويتصدق. (¬7) ت: بثلث داره. (¬8) لعله يقصد قول شريح: لا حبس في الإسلام عن فرائض الله. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 9/ 196. وقد تقدم عند المؤلف أيضاً. (¬9) م ف ت - من. والزيادة من ع. (¬10) ت: يزجل. (¬11) ت: ويبني. (¬12) ت: عليها.

وإذا أوصى رجل لرجل بثلث ماله وأوصى (¬1) لآخر بغلة داره وقيمة الدار ألف درهم وله سوى ذلك ألفا درهم فإن لصاحب الغلة نصف غلة الدار، ولصاحب الثلث نصف الثلث فيما بقي من المال والدار، خمس ذلك في الدار وأربعة أخماسه في المال في قياس قول أبي حنيفة، وإن شاء ثلثا ذلك في المال وثلثه في الدار، فإذا مات صاحب الغلة فلصاحب الثلث ثلث الدار والمال، فإن استحقت الدار (¬2) بطلت وصية صاحب الغلة وأخذ صاحب الثلث ثلث المال، فإن لم تستحق (¬3) الدار (¬4) ولكنها انهدمت وسقطت فإنه يقال لصاحب الغلة: ابن (¬5) نصيبك منها كما كانت، وتبني الورثة نصيبهم، ويبني صاحب الثلث نصيبه، فتكون الغلة بينهم كما كانت، وإن هم أبوا أن يبنوا لم يمنع صاحبه من أن يبني ما يصيبه (¬6) من ذلك، وبؤاجره ويسكنه. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. وإذا أوصى رجل لرجل بسكنى دار أو بغلتها (¬7) فادعاها رجل وأقام بينة أنها له فشهد الموصى له بالغلة أو بالسكنى أنه أقر أنها للميت فإنه لا تجوز (¬8) شهادته، لأنه (¬9) يجر إلى نفسه بذلك. وكذلك لو شهد للميت بدين أو بمال أو بقتل خطأ فشهادته باطلة (¬10) من قبل أنه (¬11) له فى مال الميت نصيب. ألا ترى أن الميت لو لحقه دين كان هذا فى الدين فيشهد حتى تجوز له الوصية. أوَلا ترى أن مال الميت كلما كثر كان خيراً له (¬12) في وصيته (¬13). ... ¬

_ (¬1) م: فأوصى. (¬2) ف - الدار. (¬3) ت: لم يستحق. (¬4) ت - الدار. (¬5) ف: ان؛ ت: أين. (¬6) ت: ما نصيبه. (¬7) ت: وبغلتها. (¬8) ت: لا يجوز. (¬9) ت: فإنه. (¬10) ت: باطل. (¬11) ف ت: أن. (¬12) م ف ت - له. والزيادة من ع. (¬13) م: في صيته.

باب الوصية في الأرض والبستان

باب الوصية في الأرض والبستان وإذا أوصى رجل لرجل بغلة بستانه وبرقبته لآخر وهو ثلث ماله فالوصية جائزة، ورقبته لصاحب الرقبة، وغلته لصاحب الغلة أبداً ما بقي. وكذلك إذا قال: ثمرته لفلان أبداً، فهذا والغلة سواء. والسقي والخراج ومعالجة البستان فيما يصلحه على صاحب الغلة. وإنما أجزت الوصية بالغلة؛ لأنها من مال الميت. ألا ترى أنها تباع في دينه. وإذا أوصى رجل لرجل بصوف غنمه وألبانها وسمنها أبداً فإن ذلك لا يجوز إلا ما كان على ظهورها من الصوف يوم مات، ومن اللبن ما في ضروعها (¬1)، ومن السمن الذي في اللبن الذي في الضروع. والولد الذي في البطن وما حدث له (¬2) بعد ذلك فلا وصية له فيه. وهذا والغلة في القياس سواء، ولكني أدع القياس فيه وأستحسن ذلك. وكذلك (¬3) إذا أوصى بولد جاريته أبداً، فإن ولدت لأقل من ستة أشهر بعد موته فإن الولد (¬4) جائز في وصيته من الثلث. ولو (¬5) ولدته لأكثر من ستة أشهر لم يكن للموصى له (¬6) فيه شيء، ولا حق له فيما تلد (¬7) بعد الولد الأول. وإذا أوصى رجل لرجل بثمرة بستانه وفيه ثمرة ثم يموت فإنما له تلك الثمرة من الثلث إلا أن يقول: أبداً، فإن لم يكن له فيه ثمرة فإني أستحسن أن أجعلها له حتى يموت، فإذا مات صاحب الغلة التي أوصي له بها أبطلت وصيته فلا يورث، فإن كان البستان قد أثمر ثم مات الذي له الغلة فتلك الثمرة لورثته. ولو كان باعه في حياته وأخذ ثمنه ثم مات كان بيعه جائزاً وكانت الثمرة له. وإذا أوصى لرجل بغلة نخله أبداً ولآخر برقبتها ولم تدرك ولم تحمل ¬

_ (¬1) ت: في ضرعها. (¬2) ف ت - له. (¬3) ت: ولذلك. (¬4) ت: للولد. (¬5) م ف: ولد. (¬6) ت - له. (¬7) ف + من.

فإن النفقة في سقيها والقيام عليها على صاحب الرقبة، فإذا أدركت فإن النفقة على صاحب الغلة إذا أدركت منفعته على الذي يكون له المنفعة، فإذا حمل عامًا واحداً ثم أحال فلم يحمل فإن النفقة على صاحب الغلة، فإن لم يفعل وأنفق صاحب الرقبة عليه حتى يحمل فإنه يستوفي نفقته من ذلك الحمل، وما بقي من (¬1) الحمل (¬2) فهو لصاحب الغلة. وإذا أوصى رجل لرجل (¬3) بثلث غلة بستانه أبداً ولا مال له غيره فهو جائز، وإن قاسمهم البستان فأغل (¬4) الذي له ولم يغل الذي لهم أو أغل (¬5) الذي لهم ولم يغل الذي له فإنه يشاركهم ويشاركونه؛ لأن القسمة في ذلك باطلة، إنما يقسمون الغلة، وللورثة أن يبيعوا ثلثي البستان فيكون المشتري شريك صاحب الغلة. وإذا أوصى رجل بغلة بستانه التي فيه لرجل وأوصى بغلته أبداً له أيضاً ثم مات الموصي وفي البستان غلة تساوي مائة درهم والبستان يساوي ثلاثمائة درهم فإن للموصى له ثلث الغلة التي فيه، وله ثلث ما يخرج من الغلة فيما يستقبل أبداً. ولو أوصى بعشرين درهماً من غلته كل سنة لرجل فأغل سنة قليلاً وأغل سنة كثيراً فله ثلث الغلة كل سنة، يحبس فينفق عليه كل سنة (¬6) عشرين درهماً. وإذا أوصى أن ينفق عليه أربعة (¬7) كل شهر من عرض ماله وأوصى لآخر أن ينفق عليه خمسة كل شهر من غلة البستان وليس له مال غير البستان فإن ثلث البستان بينهما نصفين، يباع حصة الذي أوصى له أن ينفق عليه كل شهر أربعة ثم يوقف الثمن على يدي وصي إن كان له ¬

_ (¬1) ت - بقي من. (¬2) م - وما بقي من الحمل، صح هـ.؛ ت: فضل. (¬3) ت - لرجل. (¬4) ت: فماعل. (¬5) م ف ت: أو غل. (¬6) ف + من ذلك. (¬7) ف + أشهر.

وصي، فإن لم يكن له وصي فعلى يدي ثقة، فينفق عليه كل شهر أربعة، ويحبس سدس غلة البستان على صاحب الخمسة، فينفق عليه حتى ينفذ ذلك، فإن ماتا جميعاً وقد بقي من ذلك شيء فهو مردود على ورثة الموصي. وإذا أوصى رجل لرجل بغلة بستانه وبنصف غلة ذلك البستان لآخر (¬1) وهو جميع ماله (¬2) فالثلث بينهما نصفين، ثلث الغلة كل سنة في قول أبي حنيفة. ولو كان البستان هو الثلث كانت غلة البستان كله (¬3) كل سنة بينهما على أربعة أسهم، لصاحب الجميع ثلاثة أسهم، ولصاحب النصف واحد من قبل أن النصف بينهما، والنصف الآخر (¬4) لصاحب الجميع خاصة دون صاحبه في قياس قول أبي حنيفة. وأما في قياس قول أبي يوسف ومحمد فإنهما يقسمان ذلك أثلاثاً، ثلث لصاحب النصف، وثلثاه لصاحب الجميع؛ لأن كل واحد منهما يضرب بما أوصى له في غلة البستان. وإذا أوصى رجل لرجل بغلة بستانه وأوصى لآخر بغلة عبده وقيمة البستان ألف درهم وقيمة العبد خمسمائة وله سوى ذلك ثلاثمائة ولا مال له غير ذلك فإن الثلث بينهما على أحد عشر سهماً في قياس قول أبي حنيفة، لصاحب العبد من ذلك خمسة أسهم في العبد، ولصاحب البستان من ذلك ستة أسهم في غلة البستان، فيضرب صاحب العبد بقيمة العبد، ويضرب صاحب الغلة بثلث المال في غلة البستان. وإذا أوصى رجل لرجل بغلة بستانه ثم قال: البستان الذي أوصيت بغلته لفلان قد أوصيت بغلته لفلان آخر، فهذا رجوع في (¬5) الوصية الأولى. وكذلك لو قال: البستان الذي أوصيت بغلته لفلان غلته لفلان، فهو لفلان. ¬

_ (¬1) ت + وليس له مال غيره. (¬2) ت - وهو جميع ماله. (¬3) ت: كلها. (¬4) ف - لصاحب الجميع ثلاثة أسهم ولصاحب النصف واحد من قبل أن النصف بينهما والنصف الآخر. (¬5) ت: عن.

وكذلك لو قال: قد أوصيت بغلته لفلان لآخر، فهذا رجوع كله في الوصية الأولى، والوصية للآخر (¬1) منهما. ولو قال: البستان الذي أوصيت بغلته لفلان وقد أوصيت بغلته لفلان (¬2) الآخر (¬3)، كانت الغلة بينهما نصفين (¬4). وإذا أوصى رجل لرجل بغلة داره وبسكناها لآخر وهي جميع ماله فإن الثلث بينهما نصفين، فما أصاب صاحب السكنى سكنه، وما أصاب صاحب الغلة أجّره، وليس لصاحب السكنى أن يؤاجرها، إنما له أن يسكن أو (¬5) يدفع؛ لأن الإجارة قد وجب فيها حق. وإذا أوصى رجل لرجل بغلة أرضه وليس له فيها نخل ولا شجر وليس له مال غيرها فإنها تؤاجر، فيعطي صاحب الغلة ثلث الغلة، فإن كان (¬6) فيها نخل وشجر أعطي ثلث ما يخرج من النخل والشجر (¬7). وإذا أوصى رجل لرجل بغلة بستانه وبثلث ماله لآخر فاستحق البستان بعد موته فقد بطلت وصية صاحب البستان، ولصاحب الثلث ثلث ما بقي من المال. وإذا أوصى رجل لرجل أن يؤاجر أرضه منه سنين مسماة كل سنة بكذا (¬8) وكذا وهي جميع ماله فإنه ينظر إلى أجرها (¬9)، فإن كان أجر مثلها جازت له، وكذلك إن حط عنه شيئاً (¬10) منه فإنه يحسب له ذلك من الثلث، وإن كان حط عنه أكثر من الثلث (¬11) لم يجز إلا أن يسلم ذلك الورثة وهم كبار. وإذا أوصى رجل لرجل بغلة أرضه ولآخر برقبتها وهي الثلث فذلك ¬

_ (¬1) ف: الآخر. (¬2) ف - وقد أوصيت بغلته لفلان. (¬3) ف ت: لآخر. (¬4) وقد تقدم نظير هذه المسألة قريباً. انظر: 3/ 217 و. (¬5) ت - أن يسكن أو. (¬6) م ت - كان؛ صح م هـ_ (¬7) ت: من الشجر والنخل. (¬8) ت: كذا. (¬9) ت: إلى آخرها. (¬10) ت: شيء. (¬11) ت - وإن كان حط عنه أكثر من الثلث.

باب الوصية في العتق

جائز لصاحب الغلة، ولا شيء لصاحب الرقبة في الغلة، فإن باعها صاحب الرقبة وسلم صاحب الغلة جاز البيع، وبطلت وصية صاحب الغلة؛ لأنه أجاز البيع، ولا حق له في الثمن. وإذا أوصى رجل لرجل بغلة بستانه هذا أو داره هذه ثم باعه ثم اشتراه فإن الوصية باطل، من قبل (¬1) أن بيعه رجوع في الوصية. وإذا أوصى رجل لرجل بغلة كل بستان له يوم يموت وليس له بستان يوم أوصى ثم اشترى بستاناً ثم مات فإن الوصية جائزة من الثلث. وإذا أوصى رجل لرجل بغلة بستانه فأغل البستان سنة أو سنتين أو أكئر من ذلك قبل موته ثم مات الموصي فليس للموصى له من تلك الغلة شيء، إنما تكون له الغلة التي تحدث بعد الموت؛ لأن الوصية لم تجب حتى مات. وإذا أوصى رجل لرجل بغلة بستانه ثم إن الموصى له بالغلة اشترى البستان من ورثة الميت فإن ذلك جائز، وقد بطلت وصيته. وكذلك لو لم يبعه الورثة ولكنهم تراضوا على شيء دفعوه إليه على أن يسلم لهم الغلة ويبرأ (¬2) منها فإن ذلك جائز. وكذلك سكنى الدار وخدمة العبد إذا صالحوه منه على شيء معلوم فهو جائز. وقد بطلت وصيته في جميع هذا، والصلح جائز على ذلك. ... باب الوصية في العتق وإذا أوصى بعتق عبده بعد موته فقال: أعتقوه، أو قال: هو حر بعد موتي بيوم أو بشهر (¬3) أو بأكثر من ذلك أو بأقل، وأوصى لإنسان بألف ¬

_ (¬1) ت - قبل. (¬2) ت: ويبرى. (¬3) ف: أو شهر.

درهم فالثلث بينهما بالحصص، وليس هذا من العتق الذي يبدأ به. فأما العتق الذي يبدأ به قبل الوصية فإذا قال: هو حر بعد موتي، مبهمة، أو أعتقه في مرضه البتة أو قال: إن حدث في حدث من مرضي هذا فهو حر، فإنه يبدأ به قبل الوصية. وكذلك التدبير. وكذلك كل عتق يقع (¬1) بعد (¬2) الموت بغير (¬3) وقت فإنه يبدأ به قبل الوصية. بلغنا نحو من ذلك عن عبد الله بن عمر وعن إبراهيم النخعي أنهما قالا: إذا كانت الوصية والعتق فإنه يبدأ بالعتق (¬4). وإذا أعتق الرجل أمته عند موته وأوصى بوصايا فإنه يبدأ بالعتق (¬5)، فإن بقي شيء من الثلث بعد العتق كان لأهل الوصية، وإن (¬6) لم يبق شيء فلا شيء لهم. ولو ولدت الأمة بعد العتق قبل أن يموت الرجل أو بعدما مات لم يدخل (¬7) ولدها في الوصية؛ لأنها ولدته وهي حرة. فإن عجز الثلث عن قيمتها كان عليها السعاية، فإن ماتت قبل أن تؤديها (¬8) كان على ولدها أن يسعى فيما (¬9) بقي على أمه في قياس قول أبي حنيفة. وأما في قياس قول أبي يوسف ومحمد فلا سعاية على الولد في شيء من ذلك. وإذا دبر الرجل عبده وقال لآخر: إن حدث بي حدث من مرضي هذا فأنت حر، ثم مات من مرضه فإنهما يتحاصان في الثلث من قبل أن عتقهما وقع جميعاً وليس له أجل بعد الموت. وإذا أوصى رجل لرجل بثلث ماله وأوصى بعتق عبده والعبد هو الثلث ¬

_ (¬1) ف: مع. (¬2) م ف ت: هذا. والتصحيح من الكافي، 3/ 207 و؛ والمبسوط، 27/ 6. (¬3) ت: يغير. (¬4) المصنف لابن أبي شيبة، 9/ 157 - 158. (¬5) ت - وإذا أعتق الرجل أمته عند موته وأوصى بوصايا فإنه يبدأ بالعتق. (¬6) ت: فإن. (¬7) م هـ: في نسخة يدخل. (¬8) ت: أن يؤديها. (¬9) م: فيها.

فإن الثلث يقسم بينهما نصفان، للعبد نصف الثلث، يعتق نصفه ويسعى في نصف قيمته، وللموصى له بالثلث نصف الثلث (¬1) في سعاية العبد، وفيما بقي من المال. وإذا أوصى الرجل لعبده بدراهم مسماة أو بشيء من ماله مسمى فإنه لا يجوز، من قبل أنه عبد الورثة وماله لهم، فلا يجوز أن يوصي له بشيء إلا أن يوصي له بشيء من رقبته، فإن أوصى له بشيء من رقبته بنصف أو ثلث أو نحو ذلك عتق ذلك المسمى من رقبته، ويسعى في الفضل في قول أبي حنيفة. وكذلك لو أوصى برقبته كلها عتق من الثلث. وكذلك لو وهب له رقبته في مرضه كلها عتق (¬2) من الثلث. وكذلك لو تصدق برقبته عليه عتق من الثلث. ولو أوصى له بثلث ماله كان ذلك جائزاً؛ لأنه قد أوصى له من رقبته بشيء فيعتق ثلثه. فإن استكمل الثلث فلا شيء له غير ذلك. وإن بقي له من الثلث شيء أكمل له الثلث. فإن استكمل الثلث وفضل عليه فضل سعى فيه للورثة، يقاصّونه بما يصيبه (¬3) من الثلث من رقبته. وإذا أعتق الرجل عبده في مرضه وله مال أو ليس له مال فجنى العبد جناية فإن جنايته والجناية عليه موقوفة، فإن برأ (¬4) الرجل فالجناية جناية حر، وإن مات الرجل والعبد يخرج من ثلثه فهو كذلك أيضاً، وإن كان عليه شيء من سعاية قليل أوكثير فإنه عبد ما دام يسعى في شيء من رقبته، والجناية عليه مثل جناية العبد في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فجنايته جناية حر، وذلك على العاقلة، ولا يوقف في شيء من ذلك. وإن كانت عليه سعاية أو لم تكن فجنايته جناية حر تجب على العاقلة؛ لأنه إذا أعتق بعضه عتق كله. وإذا أوصى الرجل بعبده لرجل وهو الثلث ثم أوصى بذلك العبد أن ¬

_ (¬1) م + يعتق نصفه ويسعى في نصف قيمته وللموصى له بالثلث نصف الثلث. (¬2) ف ت: أعتق. (¬3) ت: نصيبه. (¬4) ت: برى.

يعتق أو يدبر فإن هذا رجوع في الوصية، ولا يكون للآخر في رقبته وصية بعد العتق. وكذلك لو قال: قد أوصيت بعتقه، فإن هذا رجوع في الوصية الأولى، ولا يكون له في رقبته شيء وقد أعتق عن الميت، وكيف يستقيم أن تكون وصيته في هذا، يضمن الميت أو يستسعيه أو يكون شريكاً في الغلام أم لا (¬1)؟ وإذا أوصى الرجل بعبده لرجل وأوصى بعد ذلك بالعبد أن يباع من رجل آخر وسمى له ثمناً حط عنه قيمة الثلث ولا مال له غير العبد فإن الذي أوصى له بذلك بالخيار، إن شاء أخذ خمسة أسداس العبد بثلثي القيمة، ويكون السدس الباقي للذي أوصى له برقبته، فإن ترك الذي أوصى له بالشراء الشراء أو لم يكن له في ذلك حاجة كان الثلث للذي (¬2) أوصي له برقبة العبد. ولو أوصى (¬3) بعتقه ثم أوصى له أن يباع فإني آخذ بالآخر من ذلك؛ لأن الآخر رجوع عن الأول؛ لأن هاتين الوصيتين لا تجتمعان (¬4) أبداً. وإذا أوصى الرجل بعبده أن يباع نَسَمَة (¬5) فإنه يباع نسمة كما أوصى، وحط من ثمنه مقدار الثلث إن لم يجدوا من يزيدهم على ذلك. ولو أوصى أن يباع ولم يقل نسمة ولا للعتق (¬6) فهذا باطل لا يجوز. وإذا أوصى أن يباع من رجل مسلم بعينه ولم يسم مالاً فإنه يباع منه بقيمته، ولا ينقص من ذلك شيء، فإن شاء أخذه وإن شاء ترك. وإذا أوصى الرجل بعتق عبده فلان وأبى العبد أن يقبل ذلك فإنه يعتق من الثلث وإن أبى ذلك، من أجل أن عتقه شيء تقرب به الميت إلى الله تعالى فلا يرده (¬7). ¬

_ (¬1) انظر للشرح: المبسوط، 28/ 8. (¬2) ف: الذي. (¬3) ت + له. (¬4) ت: لا يجتمعان. (¬5) أي: يباع ليعتقه من يشتريه. والنسمة في الأصل هي الروح، لكن لكثرة استعمالها مع العتق صارت تستعمل في هذا المعنى. انظر: المغرب، "نسم". (¬6) ف ت: العتق. (¬7) ف + عليه

باب عتاقة الوارث

وإذا أوصى بعتق عبد وأوصى أن يباع عبد له آخر من (¬1) فلان بكذا وكذا وحط عنه من قيمته مقدار الثلث من جميع ماله والعبد الذي أوصى بعتقه هو (¬2) الثلث فإنه يعتق نصف ذلك العبد الذي أوصى بعتقه، ويباع الآخر من الموصى له، ويحط عنه من ثمنه نصف الثلث. وإن كان الميت أعتق العبد فأَبَتَّ (¬3) عتقه وباع العبد الآخر وحط عنه الثلث من جميع المال قيل للمشتري: نحط (¬4) عنك نصف الثلث وانْقُدْ (¬5) ما بقي، إن قبل ذلك، وليس له إلا ذلك، ويستسعى المعتق في نصف قيمته. فإن (¬6) بدأ بالبيع فباع ثم أعتق بعد البيع أبطلنا العتق، غير أنه لا يرد رقيقاً ولكن العبد المعتق يسعى في قيمته كلها إذا بدأ بالبيع بدأ به. وإذا بدأ بالعتق تحاصّا. وإذا بدأ بالبيع فحابى في الثلث ثم جاء بيع آخر فحابى فيه بالثلث تحاصّا في الثلث فيقسم (¬7) بينهما نصفين. فإن لم يقبل الرجلان البيع على ذلك فلا بيع لهما ولا وصية. وإذا بدأ بالبيع وحابي بالثلث ثم أعتق وهو الثلث ثم باع وحابي بالثلث فللمبتاع الأول نصف الثلث، ونصف الثلث بين المعتق وبين المشتري الآخر نصفان (¬8)، إذا كان ما حط من الأول مثل ما حط من الآخر ومثل العتق الآخر. وهذا كله قياس قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: يبدأ بالعتق في هذا كله من الثلث، ولا يحط في البيع شيئاً إلا أن يفضل من الثلث شيء. وهو قول محمد (¬9). ... باب عتاقة الوارث وإذا اشترى الرجل ابنه في موضعه بألف درهم وذلك قيمته وله ألفا درهم سوى ذلك فإن ابنه يعتق، ويرث من قبل أنه يخرج من الثلث. ¬

_ (¬1) م ف ت - من. والزيادة من ع. (¬2) ت: من. (¬3) ت: فأثبت. (¬4) ت: يحط. (¬5) ولفظ السرخسي: وأد. انظر: المبسوط، 28/ 9. (¬6) ت: كان. (¬7) ت: يقسم. (¬8) ت - نصفان. (¬9) كذا في النسخ. وهو تكرار.

ولو أعتق معه عبداً آخر يساوي ألفاً وليس له مال غير ما ذكرنا فإن الثلث يقسم بين ابنه وبين العبد المعتق نصفين، فيسعى كل واحد منهما في ثلاثمائة وثلاثة (¬1) وثلاثين وثلث، ولا يرث ابنه شيئاً (¬2) إذا كان عليه السعاية؛ لأنه عبد ما دام يسعى، وفي الباب الأول لم يكن عليه سعاية. وقال أبو يوسف ومحمد: يرث الابن في ذلك كله، وتجب عليه السعاية، ويحاسب بقيمته من ميراثه، ويؤدي فضلاً إن كان عليه، ولا تكون (¬3) له وصية. ولو اشترى ابنه بألف درهم وهو يساوي خمسمائة، وأعتق عبداً قيمته خمسمائة، وليس له (¬4) مال غيرها، أجزت الوصية والشراء والمحاباة فيه قبل العتق؛ لأنه من الثلث. ويسعى الابن في قيمته، ويسعى المعتق في قيمته، ولا يرث الابن شيئاً من قبل السعاية التي عليه في قول أبي حنيفة. وإذا أعتق الرجل أمته ثم تزوجها وهو مريض ثم دخل بها وقيمتها ألف درهم ومهر مثلها مائة فإن كان قيمتها ومهر مثلها (¬5) يخرج من الثلث جعلت لها الميراث والمهر، وأجزت النكاح. وإن كانت قيمتها ومهر مثلها لا يخرجان من الثلث دفع لها مهر مثلها، والثلث مما بقي بعد المهر، ثم سعت فيما بقي من قيمتها. وتفسير ذلك أن يكون المال ألفين، وقيمتها إلى المال كان أكثر من الثلث، فإذا كانت كذلك كان عليه السعاية، وبطل الميراث، من قبل أنها قد استوفت الثلث وزادت عليه. ألا ترى أن مهر مثلها لو كان ألفاً كان لها مهر مثلها وثلث ما بقي. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: النكاح جائز، ولها مهر مثلها من جميع المال، وترث وتسعى في قيمتها وتحاسب بذلك من مهرها وميراثها، فإن بقي شيء أدته إلى الورثة، فإن كان زادها شيئاً على مهر مثلها أبطلنا الفضل؛ لأنها وارثة. ¬

_ (¬1) ت: ثلثة. (¬2) ت: شيء. (¬3) ت: يكون. (¬4) ت - له؛ صح هـ. (¬5) ت: مهر مثلها وقيمتها.

باب الوصية بمثل نصيب أحدهم

وإذا أعتق الرجل أمته وقيمتها ألف درهم ثم استدان (¬1) منها مائة درهم ثم تزوجها ثم مات ولم يدخل بها وترك ألفي درهم سوى ذلك وذلك كله في مرضه ثم مات فإن النكاح باطل لا يجوز، ولها مائة درهم دين، وثلث ما بقي، من قبل أن عتقها ومهر مثلها يزيد على الثلث في قول أبي حنيفة. وإذا أعتق الرجل أمته وليس له مال غيرها ثم تزوجها فاستدان منها مائتي درهم فأنفقها على نفسه وذلك في مرضه ثم مات فإن النكاح باطل، ولا ميراث لها ولا مهر إذا كان لم يدخل بها، وعليها أن تسعى في ثلثي ما بقي بعد الدين في قول أبي حنيفة. وإذا أعتق الرجل أمته في مرضه ثم تزوجها وليس له مال غيرها ثم برأ وصح أو اكتسب (¬2) مالاً وهو مريض تخرج هي ومهرها من الثلث ثم مات فإن النكاح جائز، وهي حرة، ولها المهر والميراث، فقد اجتمع في هذا القول وصية لها (¬3) وميراث. ألا ترى أنها قد ذهبت بقيمتها مع الميراث. وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد أنه إذا أعتقها في مرضه ثم تزوجها على مهر ثم مات من ذلك المرض فإن النكاح جائز، وعليها أن تسعى في قيمتها كلها، من قبل أن لها الميراث ولا وصية لها، ولها الميراث والمهر إلا أن يكون ما سمى أكثر من مهر مثلها، فترد إلى مهر مثلها، وعليها عدة المتوفى عنها زوجها، وهي بمنزلة الحرة في أمرها كله. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. ... باب الوصية بمثل نصيب أحدهم (¬4) وإذا ترك الرجل خمسة بنين فأوصى بمثل نصيب أحدهم وبثلث ما ¬

_ (¬1) ت: ثم استأذنه (¬2) ت: واكتسب. (¬3) ت - لها؛ صح هـ. (¬4) مسائل هذا الباب مبنية على الحساب. انظر لشرح هذه المسائل: المبسوط، 28/ 50 وما بعده.

يبقى (¬1) من الثلث بعد النصيب لآخر فإن الفريضة من أحد وخمسين سهماً، الثلث من ذلك سبعة عشر سهماً، لصاحب (¬2) النصيب من ذلك ثمانية أسهم، ولصاحب الثلث مما بقي من الثلث ثلاثة أسهم، وبقي ستة، ردها على الثلثين، فيكون أربعين سهماً بين (¬3) خمسة لكل ابن ثمانية. وإذا أوصى بمثل نصيب أحدهم وبربع ما بقي من الثلث بعد النصيب فإن الفريضة من تسعة وستين، الثلث من ذلك ثلاثة (¬4) وعشرون سهماً، والنصيب من ذلك أحد عشر، وربع ما بقي ثلاثة، وبقي تسعة، ردها على الثلثين فيكون خمسة وخمسين سهماً، لكل ابن أحد عشر سهماً. وإذا أوصى بمثل نصيب أحدهم وبخمس ما بقي من الثلث، فإن الفريضة من سبعة وثمانين، الثلث من ذلك تسعة وعشرون، والنصيب من ذلك أربعة عشر سهماً، وبقي خمسة عشر سهماً، فاطرح خمسها ثلاثة، ورد اثني (¬5) عشر على الثلثين، فيكون سبعين سهماً، لكل ابن أربعة عشر سهماً. وإذا أوصى بمثل نصيب أحدهم إلا ثلث ما بقي من الثلث بعد النصيب فإن الفريضة من سبعة وخمسين سهماً، الثلث من ذلك تسعة عشر، والنصيب من ذلك عشرة، ثم انقص منها ثلاثة، لأنه قال: إلا ثلث ما بقي من الثلث بعد النصيب، فردها على التسعة، فيكون اثني عشر سهماً، ثم يرد ذلك على الثلثين فيكون خمسين، لكل ابن عشرة. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو يوسف بعد ذلك: هي من تسعة وثلاثين، الثلث من ذلك ثلاثة عشر، النصيب من ذلك سبعة، ثم انقص منها (¬6) ثلاثة، فردها على (¬7) ما بقي من الثلث، فيكون تسعة، ثم ردها على الثلثين، فيكون خمسة وثلاثين (¬8)، لكل ابن سبعة، وهو قول محمد، لأنهما ¬

_ (¬1) ف: وثلث ما بقي. (¬2) م ف:- ولصاحب. (¬3) ت: من. (¬4) ت: ستة. (¬5) ت: اثنا. (¬6) ت: منه. (¬7) م ف - على. (¬8) ت - خمسة وثلاثين.

يجعلان (¬1) ذلك ثلث ما يبقى (¬2) من الثلث بعد الوصية. وإذا أوصى بمثل نصيب أحدهم إلا ربع ما بقي من الثلث بعد النصيب كانت الفريضة من خمسة وسبعين، فالثلث (¬3) من ذلك خمسة وعشرون، والنصيب ثلاثة عشر، فاطرح من ذلك ربع (¬4) ما بقي من الثلث ثلاثة، فردها على ما بقي، ثم أضفها إلى الثلثين، فيكون خمسة وستين، لكل ابن ثلاثة عشر، وفي (¬5) القول الآخر الفريضة من سبعة وخمسين، الثلث من ذلك تسعة عشر، والنصيب عشرة، فانقص منه ثلاثة، فردها على ما بقي من الثلث، ثم رد ذلك على الثلثين، فيكون خمسين سهماً، لكل ابن عشرة (¬6). وإذا مات الرجل وترك ابنتين وأمًّا وامرأة وأوصى بمثل نصيب إحدى ابنتيه وبثلث ما يبقى (¬7) من الثلث فإن الفريضة من ستة وستين، فالثلث اثنان وعشرون، ومثل نصيب إحدى الابنتين (¬8) ستة عشر، وثلث ما بقي اثنان، وبقي أربعة، فردها على الثلثين، فذلك ثمانية وأربعون، فللابنتين (¬9) اثنان وثلاثون، وللأم ثمانية، وللمرأة ستة، وللعصبة سهمان، والوصية ثمانية عشر. ولو أوصى بمثل نصيب إحدى الابنتين إلا ثلث (¬10) ما يبقى من الثلث فإن الفريضة من ستمائة وأربعة وعشرين (¬11)، فالثلث من ذلك مائتان وثمانية، ومثل نصيب إحدى الابنتين (¬12) مائة وستون، وبقي ثمانية وأربعون، فثلثها ستة عشر، فاطرح من مائة (¬13) وستين الستة عشر منها، ثم رد ما بقي ¬

_ (¬1) م ف ت: يحلان. والتصحيح من هامش نسخة م. (¬2) ت: ما بقي. (¬3) ت: والثلث. (¬4) ت: الربع. (¬5) م ت: ولا في. (¬6) م ف + إلى. (¬7) ت: ما بقي. (¬8) ت: الابنين. (¬9) ت: فلابنين. (¬10) ف ت: إلا بثلث. (¬11) ت: وعشرون. (¬12) م ف ت: ابنتين. (¬13) ت: من ثمانية.

على الثلثين، فيكون أربعمائة وثمانين، فاقسمه بين الورثة على سهام الله تعالى، فللابنتين ثلاثمائة وعشرون، وللأم ثمانون، وللمرأة ستون، وللعصبة عشرون، هذا في القول الأول. وأما في القول الثاني فإن الفريضة من مائتين وستة عشر، الثلث من ذلك اثنان وسبعون، ومثل نصيب أحدهما ستة وخمسون، بقي ستة عشر، فانقص من النصيب ثمانية، فردها على ما بقي من الثلث، وهو ستة عشر، فيصير أربعة وعشرين، فرد أربعة وعشرين على الثلثين، فيكون مائة وثمانية وستين، الثلثان من ذلك مائة واثنا عشر، للابنتين لكل واحدة ستة وخمسون، وللأم السدس ثمانية وعشرون، وللمرأة الثمن إحدى (¬1) وعشرون، وللعصبة (¬2) ستة أسهم. ولو كان أوصى بمثل نصيب المرأة وبثلث ما بقي من الثلث فإن الفريضة من مائتين وأربعة وثلاثين، الثلث من ذلك ثمانية وسبعون، ومثل نصيب المرأة أربعة وعشرون، بقي أربعة وخمسون، فاطرح ثلثها ثمانية عشر، وبقي ستة وثلاثون، فردها على الثلثين، فذلك اثنان وتسعون ومائة، للابنتين من ذلك مائة وثمانية وعشرون، وللأم السدس من ذلك اثنان وثلاثون، وللمرأة الثمن من ذلك أربعة وعشرون، وبقي ثمانية أسهم للعصبة. وإذا كان البنون خمسة وأوصى بمثل نصيب أحدهم وبثلث ما بقي من الثلث فإن أصلها أن تأخذ خمسة فتزيد عليها واحداً ثم اضربها في ثلاثة ثم تنقص الواحد الذي زدت ثم تضربها في ثلاثة فذلك جميع المال. فإذا أردت أن تعلم النصيب فخذ واحداً فاضربه في ثلاثة ثم في ثلاثة (¬3) فذلك تسعة، ثم اطرح واحداً فذلك النصيب. وإذا قال: بمثل نصيب أحدهم إلا ثلث ما بقي من الثلث بعد النصيب، فخذ خمسة فزد عليها واحداً ثم اضربها في ثلاثة (¬4) فهذا جميع ¬

_ (¬1) ت: أحد. (¬2) ت: وللعصب. (¬3) م - ثم في ثلاثة. (¬4) ت + ثم اطرح عدد البنين فذلك خمسة ثم اضربها في ثلاثة.

باب العين والدين

المال. وأما النصيب فخذ واحداً فتضربه في ثلاثة ثم تضربها في ثلاثة ثم تزيد (¬1) عليها واحداً فذاك النصيب. هذا تفسير القول الأول. وأما تفسير حساب هذا الآخر فخذ خمسة ثم زد عليها واحداً ثم اضربها في ثلاثة فهذا جميع المال (¬2). فإذا أردت أن تعلم كم النصيب فخذ واحداً، فاضربه في ثلاثة ثم في ثلاثة (¬3) ثم اطرح عدد البنين خمساً، فذلك مثل نصيب أحدهم إلا ثلث ما بقي من الثلث. وإذا كان للرجل خمسة بنين وأوصى لأحدهم بكمال الربع بنصيبه وبثلث ما بقي من الثلث الآخر فأجازوا ذلك فإن الفريضة من اثني عشر، النصيب اثنان، وتكملة (¬4) الربع واحد، وثلث ما بقي من الثلث واحد، وبقي بين أربعة إخوة (¬5) اثنان اثنان لكل واحد. ... باب العين والدين وإذا مات الرجل وترك ابنين وترك على أحدهما عشرة دراهم ديناً وترك عشرة عينا ولم يترك مالاً غير ذلك ولا وارث له غيرهما وأوصى بالثلث فإن الفريضة من ثلاثة، الثلث واحد، ولكل واحد من الابنين واحد، فاطرح نصيب الذي عليه الدين، واقسم العين على اثنين، فأعطى الموصى له خمسة، وأعطى (¬6) الآخر خمسة، ويحسب لصاحب الدين نصيبه ¬

_ (¬1) ف: ثم ترد. (¬2) ت - وأما النصيب فخذ واحداً فتضربه في ثلاثة ثم تضربها في ثلاثة ثم تزيد عليها واحداً فذك النصيب هذا تفسير القول الأول وأما تفسير حساب هذا الآخر فخذ خمسة ثم زد عليها واحداً ثم اضربها في ثلاثة فهذا جميع المال. (¬3) ف - فهذا جميع المال فإذا أردت أن تعلم كم النصيب فخذ واحداً فاضربه في ثلاثة ثم في ثلاثة. (¬4) ت: ويكمله. (¬5) ت: احره. (¬6) ت: وأعط.

مما عليه ستة وثلاثون (¬1)، ويؤدي (¬2) ثلاثة وثلثاً (¬3)، فما خرج منها من (¬4) شيء اقتسماه نصفين. ولو (¬5) لم (¬6) يوص بالثلث، لكنه أوصى بالربع، فإن الفريضة من ثمانية، الوصية اثنان، ولكل واحد من الابنين (¬7) ثلاثة، فاطرح نصيب الذي عليه الدين، واقسم العين على خمسة، وأُعطي الموصى له اثنين، والابن ثلاثة، وُيحسَب للذي عليه الدين نصيبه من الدين الذي عليه سبعة ونصف، ويؤدي اثنين ونصفاً (¬8)، وما خرج من ذلك من شيء فهو بينهما على خمسة، تأخذ أصلها من أربعة، فكان له الربع، وكان ما بقي لا يستقيم بين اثنين فضربنا هذا في اثنين فكانت ثمانية. ولو لم يوص بالربع ولكنه أوصى بالخمس كانت الفريضة من خمسة، فالخمس واحد، فارفع نصيب الذي عليه الدين اثنين، ولأخيه اثنين، ثم اقسم العين على ثلاثة، فيكون للموصى له واحد، وللوارث اثنان، فارفع نصيب الذي عليه الدين مما عليه ثمانية، ويؤدي (¬9) اثنين، فيكون ما خرج من ذلك بينهما على ذلك. وإذا لم يوص بهذا ولكنه أوصى بدرهم أو باثنين أو بثلاثة أو بأربعة أو بخمسة فإنه يأخذ هذه الوصية كلها من العين مِن قِبَل أن صاحب الوصية يضرب بالثلث حتى يستوفي فيكون للابن ما بقي، ويرفع نصيب الابن الذي عليه الدين مما عليه، ويؤدي إلى أخيه ما بقي عليه. ولو أوصى بالثلث والربع أخذ أهل (¬10) الوصية نصف العين، من قبل أنهم يضربون بالثلث، ويكون للابن الذي ليس عليه دين نصف العين، ¬

_ (¬1) ت: وثلاثين. (¬2) ت: وتؤدي. (¬3) ت: وثلث. (¬4) ت: في. (¬5) ت - ولو. (¬6) ت: ولم. (¬7) ت: من الاثنين. (¬8) ت: ونصف. (¬9) ت: وتؤدي. (¬10) ف: فلأهل.

ويقسم أهل الوصية ما أصابهم فيما بينهم على سبعة، لصاحب الثلث أربعة، ولصاحب الربع ثلاثة. ولو أوصى الرجل بثلث العين لرجل (¬1) وللآخر بربع (¬2) العين والدين كان لأهل الوصية من العين خمسة من قبل أنهم يضربون بربع العين والدين جميعاً، وذلك خير لهم من أن يضربوا بثلث العين، فيصيبهم خمسة، وللابن خمسة، فما أصاب أصحاب الوصية فهو بينهما على ثمانية وثلث، ولصاحب ثلث العين من ذلك ما أصاب ثلاثة وثلثاً (¬3)، ولصاحب ربع العين والدين ما أصاب خمسة، ويقتسمون هذه الخمسة، يضرب (¬4) فيها صاحب ربع العين والدين بخمسة، ويضرب فيها صاحب ثلث العين بثلاثة وثلث، فيقتسمون الثلث على خمسة، فما أصاب ثلاثة (¬5) فلصاحب ربع العين والدين، وما أصاب اثنين فلصاحب ثلث العين، ويؤدي الابن الذي عليه الدين ثلاثة وثلثاً (¬6)، فيأخذ نصفها الابن الذي لا دين عليه، ويأخذ الآخران النصف فيقتسمانه (¬7) على خمسة. ولو أوصى بربع العين لرجل وبثلث العين والدين لآخر فإن لأهل الوصية نصف العين، يضرب فيها صاحب ربع العين باثنين ونصف، ويضرب فيها صاحب ثلث العين والدين بستة وثلاثين في قول أبي يوسف ومحمد، ويقتسمان الخمسة التي صارت لهما على ذلك، ويؤدي الابن الذي عليه الدين ما زاد على نصيبه، فيأخذ الابن الذي لا دين عليه نصفه، ويأخذ هذان نصفه، فيقتسمانه على الذي اقتسما عليه الخمسة الأولى. ولو لم يوص بهذا ولكنه أوصى بالنصف فأجاز الذي عليه الدين ولم يجز الآخر فإنهما يقتسمان العين نصفين، فيأخذ الابن خمسة، والموصى له خمسة على حاله لو لم يجز، ويرفع للذي (¬8) عليه الدين نصيبه مما عليه ¬

_ (¬1) م ف - لرجل. والزيادة من ع. (¬2) م: برفع. (¬3) ت: وثلث. (¬4) ت: ويضرب. (¬5) ت - فلصاحب ثلثه. (¬6) م ف ت: وثلث. (¬7) ت: فيقسمانه. (¬8) ف: الذي.

خمسة، ويؤدي خمسة (¬1)، فما أدى فهو بينهما نصفان حتى يستوفي الابن ستة وثلاثين، ويستوفي الموصى له مثل ذلك، فما خرج بعد ذلك فهو للموصى له حتى يستكمل ثمانية ودانقين. وإذا مات الرجل وترك ابناً وامرأة، وترك عشرين درهماً عشرة على امرأته وعشرة عينًا ولا مال له ولا وارث له (¬2) غير ذلك، وأوصى بدرهمين لرجل وما بقي من الثلث لآخر وبالربع لآخر، فأبى الورثة أن يجيزوا ذلك، ورد ذلك إلى الثلث، فإن الفريضة من اثني عشر سهماً، فالثلث أربعة، وللمرأة الثمن بعد الثلث، فارفع (¬3) نصيبها مما عليها، وبقي سبعة للابن، فاقسم العين على أحد عشر سهماً، أربعة لأهل الوصية، وسبعة للابن، فما أصاب أربعة فاقسمه بين أهل الوصية، يضرب فيها صاحب الدرهمين بالدرهمين، فما أصابها من شيء كان له، ويضرب صاحب الربع بثلاثة، فما أصاب من شيء كان له، ويضرب صاحب الثلث بأربعة (¬4)، فما أصاب من شيء كان له، وتُرفع (¬5) المرأةُ نصيبُها (¬6) مما عليها، وهو درهم وخمسة أثمان درهم وثلث ثمن درهم، ويؤدي ما بقي، فيكون للابن من ذلك سبعة من أحد عشر، ويكون لأهل الوصية أربعة من أحد عشر، والضرب فيها على ما وصفت لك. وإذا مات الرجل وترك ابنين، وترك عشرين درهماً عشرة عينًا وعشرة على أحد ابنيه ديناً ولا مال له غيرهما ولا وارث له غيرهما (¬7)، وأوصى لإنسان بثلث العين ولآخر بربع الدين، فإن العين يقسم نصفين، فيأخذ صاحب الوصيتين خمسة، يضرب فيها صاحب ربع (¬8) الدين باثنين ونصف (¬9)؛ لأن وصيته قد خرجت كلها، ويضرب صاحب ثلث العين بثلاثة ودانقين، فيقتسمان (¬10) الخمسة على ذلك، ويحسب للابن الذي عليه الدين ¬

_ (¬1) ف - ويؤدي خمسة. (¬2) م ت - له. (¬3) م ف ت: فادفع. (¬4) ت: بربعه. (¬5) ف: وبربع. (¬6) "نصيبها" بدل بعض من كل من "المرأة". (¬7) ت - ولا وارث له غيرهما. (¬8) ت - ربع. (¬9) م + ونصف. (¬10) ت: فيقسمان.

نصيبه (¬1) مما عليه سبعة وقيراط، ويؤدي ما بقي، فكل شيء أداه فلأصحاب الوصية نصفه حتى يستكملوا خمسة أسداس درهم مع الخمسة دراهم التي (¬2) أخذوا، ثم يأخذ ما بقي بعد ذلك الابن الذي لا دين عليه. وإذا مات الرجل وترك ابنين وترك على أحدهما ديناً (¬3) عشرة دراهم وترك عشرة عينًا وترك على رجلين غريبين على كل واحد منهما عشرة، فأوصى لكل واحد من الغريبين بما على صاحبه وأوصى لآخر بثلث العين، ثم جاء أحد الغريبين بعشرته فأداها والآخر مفلس معدم (¬4) لا شيء له، فإن هذه العشرين العين والعشرة التي على الابن عين كلها، تقسم على ستين سهماً، فيأخذ صاحبا (¬5) الوصية ما أصاب ثلاثة عشر وثلثاً (¬6)، ويحسب للابن الذي عليه الدين، ويأخذ الاثنان ما أصاب ستة وأربعين وثلثين، لكل ابن ثلاثة وعشرون وثلث، ويحسب للابن الذي عليه الدين نصيبه مما عليه، ويأخذون ما كان عليه من فضل، وما أصاب أهل الوصية فللموصى له بثلث العين منه ثلاثة (¬7) أسهم وثلث، وللذي أدى عشرة أسهم، ويرفع للموصى له الآخر نصيبه مما عليه، وهو عشرة أسهم من ثلاثة وعشرين وثلث، وقسم ثلاثة عشر درهماً ودانقين على ثلاثة وعشرين سهماً وثلث، فيكون له ما أصاب العشرة أسهم، ويؤدي الفضل فيقتسمه أهل الوصية والورثة على ما اقتسموا قبل ذلك. وإذا هلك الرجل وترك ابنين وترك على أحدهما عشرة دراهم ديناً وترك عشرة عينًا، وأوصى لرجل (¬8) بثلثي الدين ولم يوص في العين بشيء، فإنه يقسم العين نصفين، فيأخذ الابن الذي ليس عليه دين نصفه، والنصف الآخر هو نصيب (¬9) الذي عليه الدين، فكأنه خرج مما عليه، ¬

_ (¬1) م ف: بنصيبه. (¬2) م ف: الذي. (¬3) ت: دين. (¬4) م ف: معرم. (¬5) ف: صاحبها. (¬6) ت: وثلث. (¬7) ت: بثلثه. (¬8) م ف: الرجل. (¬9) م ف ت: النصيب.

فابدأ بصاحب الوصية في ذلك، فيأخذ الخمسة كلها، ويحسب للذي عليه الدين نصيبه مما عليه ستة وأربعة دوانيق، فيؤدي الفضل، فيقتسمانه (¬1) نصفين حتى يستوفي الوصية ستة وأربعة دوانيق. ولو أوصى مع هذا بثلث العين لآخر فإن العين تقسم بينهم نصفين، فيأخذ الابن الذي ليس عليه دين نصفه ويأخذ صاحب الوصية في العين وصاحب الوصية بثلثي (¬2) الدين نصيبهما (¬3) خمسة دراهم، يضرب فيها صاحب ثلث العين بثلاثة وثلث، ويضرب فيها صاحب ثلثي الدين بثلاثة وثلث، فيقتسمان نصفين، ويحسب للذي (¬4) عليه الدين نصيبه مما عليه ستة وأربعة (¬5) دوانيق، فيؤدي ثلاثة وثلثاً (¬6)، فيأخذ الابن نصفها، وصاحب الوصية نصفها. ولو ترك مع هذا ثوباً قيمته خمسة دراهم فأوصى لرجل (¬7) بثلث ماله وأوصى لآخر بالثوب فإنه يصيب صاحب الثوب من الثوب (¬8) أربعة غير ربع، ونصيب صاحب الثلث أربعة غير ربع، فيكون ثلث ذلك في الثوب وثلثاه في العشرة، ويأخذ الابن الذي ليس عليه دين سبعة ونصفاً، ويأخذ ما بقي من الثوب تمام سبعة ونصف مما بقي من العشرة، ويحسب للذي عليه الدين نصيبه من الدين الذي عليه ثمانية ودانقان (¬9)، ويؤدي درهماً وأربعة دوانيق، فإذا أدى درهماً وأربعة دوانيق (¬10) استقبلت (¬11) القسمة (¬12)، فيصير لأهل الوصية ثمانية وثلث، ويصير (¬13) للابن ثمانية وثلث، فيقسم أهل الوصية الوصية فيما بينهم، فيضرب فيها صاحب الثوب بأربعة ¬

_ (¬1) ت: فيقسمانه. (¬2) م ف: بثلث. (¬3) م ف ت: نصيبه. (¬4) م ف ت: الذي. (¬5) ت: وأربع. (¬6) ت: وثلث. (¬7) م ت: الرجل. (¬8) م ت - من الثوب. (¬9) ت: وأربعين. (¬10) ت - فإذا أدى درهماً وأربعة دوانيق. (¬11) ت: استقلت. (¬12) ف: الخمسة. (¬13) ت - لأهل الوصية ثمانية وثلث ويصير.

ودانقين (¬1)، ويضرب فيه الآخر بسبعة ونصف سدس الثوب وثلث العشرين، فما أصاب صاحب (¬2) الثوب كمل (¬3) له في الثوب، وما أصاب الآخر كان له في الثوب خمس ما بقي منه، ويكون بقية نصيبه في الدراهم. وإن شئت قلت: يأخذ من الثوب مثل ثلث ما أصاب صاحب الثوب، ويأخذ (¬4) ما بقي من الدراهم. كلا هذين القولين حسن. وإذا مات الرجل وترك ابنين وترك خمسمائة درهم مائتين عيناً وثلاثمائة على أحد ابنيه ديناً وسيفاً قيمته مائة درهم، فأوصى لرجل بالسيف وأوصى لآخر بثلث العين، وليس له وارث غير ابنيه فإن لأهل الوصية نصف العين، يضرب في ذلك صاحب السيف بخمسة أسداس السيف، ويضرب صاحب الثلث بسدس السيف وبثلث المائتين، فيضرب صاحب السيف بخمسة وسبعين، وذلك ثلاثة أرباع السيف، ونصيب الآخر خمسة وسبعون (¬5)، خمسة وعشرون منها في السيف، وخمسون في المائتين، ونصيب الابن الذي ليس عليه دين خمسون (¬6) ومائة من المائتين من السيف، ويحسب للابن (¬7) الذي عليه الدين نصيبه مما عليه مائتا درهم، وبقي (¬8) مائة درهم، فإذا أدى مائة درهم اقتسموا الثلث بينهم، يضرب فيه (¬9) صاحب السيف بخمسة أسداس السيف، وهو ثلاثة وثمانون وثلث، ويضرب فيه صاحب الثلث بسدس السيف وبثلث الخمسين ومائة (¬10) فذلك مائة وثلاثة وثمانون وثلث، فما أصاب صاحب السيف كان في السيف، وما أصاب صاحب الثلث كان في السيف والمال. وإذا مات الرجل وترك ابنين وامرأة، وترك على امرأته عشرة دراهم، وعلى أحد ابنيه عشرة دراهم، وترك ثوباً يساوي خمسة دراهم، وأوصى ¬

_ (¬1) م هـ: في نسخة ودانق؛ ف: ودانق. (¬2) م - صاحب. (¬3) ت: كل. (¬4) ت: وتأخذ. (¬5) ت: وسبعين. (¬6) ت: خمسين (¬7) م ف ت: الابن. (¬8) ت + مائتا درهم وبقي. (¬9) ت: فيها. (¬10) ت: مائة.

لرجل بالثوب، فإن الثوب يقسم بينهما على خمسة عشر سهماً، فلصاحب الوصية ثمانية، وللابن سبعة، ويحسب للمرأة نصيبها مما عليها اثنان (¬1) ونصف وتؤدي (¬2) سبعة ونصفاً (¬3)، ويحسب للابن الآخر نصيبه مما عليه تسعة غير ربع، فيؤدي مما عليه درهماً وربعاً ويكون الأداء (¬4) كله تسعة غير ربع، فإذا أدى هذا كله أخذ الابن حقه كله، فأخذ صاحب الثوب ثوبه (¬5). وإذا مات الرجل وترك امرأتين وابنين، وترك على إحدى (¬6) امرأتيه مائة درهم، وعلى (¬7) أحد ابنيه مائة درهم، وترك خادماً يساوي مائة درهم، فأعتقها عند الموت، فإن الخادم تسعى في نصف قيمتها بين المرأة والابن الذي لا دين عليهما، للمرأة من ذلك ثمنه، وللابن سبعة أثمانه، ويحسب للمرأة (¬8) مما (¬9) عليها والابن، فيحسب للمرأة نصيبها مما عليها اثنا عشر ونصفاً (¬10) ويؤدي ما بقي، ويحسب للابن نصيبه مما عليه سبعة وثمانون وتؤدي (¬11) ما بقي، فإذا أداها كلها عتقت الخادم كلها وردوا عليها ما أخذوا من السعاية، فيكون للمرأة اثنا (¬12) عشر ونصف وللابن سبعة وثمانون ونصف. وإذا مات الرجل وترك ابنين (¬13) على كل واحد منهما عشرة، وترك على رجلين على (¬14) كل واحد منهما عشرة (¬15)، فأوصى لكل واحد من الرجلين بما على صاحبه، وأوصى لآخر بالثلث، ثم أدى أحد الرجلين ما (¬16) عليه، فإن هذه العشرة والعشرين (¬17) التي على الابنين ¬

_ (¬1) ن: اثنين. (¬2) ت: ويؤدي. (¬3) ت: ونصف. (¬4) م ف: للأداء. (¬5) ت - فإذا أدى هذا كله أخذ الابن حقه كله فأخذ صاحب الثوب ثوبه. (¬6) ت: على أحد. (¬7) م: على. (¬8) م ف: المرأة. (¬9) ت: بما. (¬10) ت: ونصف. (¬11) ت: ويؤدي. (¬12) ت: اثني. (¬13) ف + وترك. (¬14) ت - على. (¬15) ف - وترك على رجلين على كل واحد منهما عشرة. (¬16) ت: بما. (¬17) م ت: والعشرة من.

يجمع (¬1) ذلك كله، فيقسم بين الورثة وبين صاحب الثلث وبين الذي أدى العشرة على ثلاثة وأربعين سهماً، فلأهل الوصية أحد عشر سهماً، ولصاحب الثلث ستة، ولصاحب العشرة خمسة، وللورثة اثنان وثلاثون، ويحسب للآخر نصيبه مما عليه خمسة أسهم من ستة عشر، ويؤدي (¬2) الفضل فيقسم كما وصفت لك، فيستوفي (¬3) كل واحد منهم حصته. وإذا مات الرجل وترك ابنين (¬4) وامرأة، وترك خادماً يساوي مائة درهم، وترك على رجل مائة درهم، فأوصى (¬5) للرجل بما عليه، وأوصى بأن تُعتَق (¬6) الخادم، فإن الخادم يعتق منها خمسها وتسعى (¬7) في أربعة أخماسها للورثة، ويحسب للرجل الثلث مما عليه من نصيبه، ويؤدي الثلثين، فيدفع إلى الخادم من ذلك تمام الثلث من قيمتها، ويأخذ الورثة الفضل. وإذا مات الرجل وترك ابنين وألفين عيناً وألفًا ديناً على رجل، فأوصى لصاحب الدين بما عليه، وأوصى لآخر بألف من الألفين بعينها، فإنه يأخذ الموصى له بألف (¬8) أربعمائة من قبل أن صاحب الدين مستوف مما (¬9) عليه، وما خرج من الدين فهو بين الورثة وبين الموصى له بألف (¬10) على خمسة، لصاحب الوصية خمسها واحد، وللورثة أربعة. ولو كانت أحد الألفين العين ديناً على أحد ابنيه (¬11) كان لصاحب الوصية في الألفين ثلث العين، من قبل أن الفريضة من ستة، فالثلث اثنان، وقد استوفى أحدهما نصف الوصية مما عليه، وقد استوفى أحد الابنين نصيبه مما عليه، فبقي (¬12) ثلاثة، واحد للموصى له، واثنان للابن الذي لا دين عليه، ويحسب للابن الذي عليه الدين نصيبه مما عليه من الألف، وهو ¬

_ (¬1) م ف ت: بجميع. (¬2) ت: ويؤد. (¬3) ف + منها. (¬4) م ت: ابنتين. (¬5) ت: وأوصى. (¬6) ت: يعتق. (¬7) ت: ويسعى. (¬8) ت: بألفين. (¬9) ت: مستوفى بما. (¬10) ت: بألفين. (¬11) ت: ابنه. (¬12) ف ت: فيبقى.

باب الشهادة في عتاقة الوصية

ثمانمائة (¬1) درهم، ويؤدي مائتين، فيكون بينهما على ثلاثة، ويؤخذ الموصى له الآخر بخمسمائة، فيكون بينهما على خمسة (¬2)، للابنين أربعة وللموصى له واحد. ... باب الشهادة في عتاقة الوصية وإذا أشهد (¬3) الرجل على وصية شهوداً في كتاب ولم يقرأها عليهم ولم يكتبها بين أيديهم وفيها عتاقة وإقرار بدين ووصايا فإن ذلك لا يجوز، مختومة كانت أو منشورة، من أجل أنه لم يقرأها عليهم ولم يعرفوا ما فيها. وإن قرؤوها (¬4) عليه (¬5) وقالوا (¬6): أنشهد (¬7) عليك؛ فحرك رأسه بنعم ولم ينطق فهذا باطل لا يجوز، من أجل أنه لم ينطق. وإذا كتبها بين أيديهم وقال (¬8): اشهدوا أنها وصيتي، أجزت ذلك. ولو قرأها عليهم أو قرؤوها عليه فقال: اشهدوا أن هذه وصيتي، أو قالوا: أنشهد (¬9) أن هذه وصيتك؟ فقال: نعم، فهو جائز، وهذا وصية. وإذا شهدت الشهود أنه قد أعتق أحد عبديه في وصيته وقالوا: سماه لنا فنسينا، فشهادتهم باطل؛ لأنهم لم يثبتوا الشهادة. وإذا قالوا: أعتق أحدهما ولم يسمه، فهذا وذاك (¬10) سواء في القياس، ولكني أستحسن في هذا وأجيزه، فإن كانوا ثلاثة أعتق من كل واحد ثلثه ويسعى في ثلثي قيمته، وإن كانوا أربعة عتق من كل واحد ربعه ويسعى في ثلاثة أرباع قيمته إن كانت قيمتهم سواء، فإن كانت مختلفة أخذنا أقلهم قيمة وأكثرهم قيمة ¬

_ (¬1) ف: ثمانون. (¬2) ت: على خمس. (¬3) م ت: وإذا شهد. (¬4) ت: قرأها. (¬5) ف ت: عليهم. (¬6) ت: قالوا. (¬7) م ت: اشهد. (¬8) ت: فقال. (¬9) م: اشهدوا؛ ت: نشهد. (¬10) ف: وذلك.

فجمعنا قيمتهما، ثم أخذتُ نصف ذلك فقسمتُه بينهم على قدر قيمتهم. وإن كان له عبدان (¬1) فشهدت الشهود أنه قال: هذا حر وهذا، فإن شهادتهم جائزة، ويعتق من كل واحد منهما ثلثه إن لم يكن له مال غيرهما. فإن كان له مال غيرهما (¬2) يخرج أحدهما من ثلثه، عتق من كل واحد منهما نصفه، وليس للورثة أن يعتقوا أحدهما ويمسكوا الآخر. ولو شهدت الشهود أنه قال: لفلان عبدي هذا أو عبدي هذا (¬3) الآخر وصية، وهما (¬4) يخرجان من الثلث، كان للورثة أن يعطوا أيهما شاؤوا (¬5)، وليس هذا كالعتق، العتق يقع فيهما جميعاً. وإذا شهد شاهدان أنه أعتق عبده هذا وهو يخرج من ثلثه فهو جائز وهو حر. وإن شهد آخران من الورثة أنه أعتق عبداً آخر سوى هذا فشهادتهما جائزة، ويعتق العبد الذي شهدوا له، ويسعى في نصف قيمته، ويسعى الآخر أيضاً في نصف قيمته، من قبل أنه قد شركه (¬6) هذا الآخر في الوصية. وكذلك لو شهد الأولان أنه أوصى لفلان بالثلث، وأجازه القاضي له، ثم شهد الوارثان أنه أعتق عبده هذا في مرضه، وهو الثلث، جاز عتاقه من الثلث، وأبطلت وصيته الأولى. وإذا (¬7) شهد شاهدان أنه أوصى أن يعتق عبده سالماً وهو يخرج من الثلث وشهد وارثان أنه رجع عن عتق عبده سالم وأوصى بعتق عبده صالح وهو الثلث أجزت شهادة الوارثين (¬8)، وأعتقت الذي شهدوا له وأبطلت عتق الآخر، من قبل أن شهادتهما للآخر (¬9) على الأول. ألا ترى أنه لو أوصى ¬

_ (¬1) ت - وإن كان له عبدان. (¬2) ت - فإن كان له مال غيرهما. (¬3) ت - أو عبدي هذا؛ صح هـ. (¬4) م ف: فهما؛ ت: فمهما. والتصحيح من ب. (¬5) ت: شاء. (¬6) ت: شاركه. (¬7) ف: إذا. (¬8) ت: الوارثان. (¬9) ت - للآخر.

لرجل بالثلث فشهد وارثان أنه (¬1) رجع عنه وجعله لهذا الآخر وأنه أشركه معه فيه أجزت شهادتهما. وإذا شهد شاهدان أنه أوصى بعتق عبده سالم وقيمته (¬2) ألف درهم وهو الثلث وشهد الورثة أنه رجع عن ذلك وأوصى بعتق عبد آخر وقيمة ذلك خمسمائة فإني أجيز الأول وأعتقه، ولا أصدقهما على الفضل الذي في سالم الذي يجرانه إلى أنفسهما، فأعتق العبدين جميعاً من الثلث بالحصص. وإذا شهد شاهدان أن الميت أعتق عبديه هذين في مرضه وقيمة أحدهما ألف درهم وقيمة الآخر خمسمائة درهم وليس له مال غيرهما فالثلث يقسم بينهما على ثلاثة أسهم، ويعتق من صاحب الألف ثلثه، ويسعى في الثلثين، ويعتق من صاحب الخمسمائة ثلثه، ويسعى في الثلثين. ولو لم يعتقهما ولكنه أوصى لرجل بأحدهما ولآخر بالآخر كان الثلث بينهما نصفين، لكل واحد منهما نصف الثلث في عبده الذي أوصي له به، ولا يضرب صاحب العبد الذي (¬3) قيمته ألف درهم بأكثر من الثلث، ويضرب (¬4) في العتق بقيمته (¬5) كلها، فهذا والعتق مختلف في الجواب، وهو في القياس سواء، وهذا قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإنه كله سواء، ويضرب صاحب الوصية بالعبدين في الثلث كل واحد منهما بقيمة عبده قلت القيمة أو كثرت كما يضرب العبد إذا أعتقهما (¬6) أو أوصى بعتقهما (¬7) بجميع قيمتهما، وكذلك الموصى لهما بالعبدين. وإذا كان لرجل عبدان فدبر أحدهما في صحته وأشهد بذلك الشهود ¬

_ (¬1) ف + قد. (¬2) م: أو قيمته. (¬3) م ف - الذي. (¬4) ف: وهو يضرب؛ ت + وهو يضرب. (¬5) ت: بقيمتها. (¬6) ت: إذا أعتقها. (¬7) ت: بعتقها.

ثم قال عند موته: أحدهما: حر، ولا مال له غيرهما وقيمتهما سواء، فإن الثلث يكون بينهما على ثلاثة أسهم، للمدبر فيه سهمان وللآخر فيه سهم، من قبل أن المدبر يضرب بقيمته، لأن التدبير وقع عليه بغير شك، والآخر (¬1): وقع عليه العتق في حال، وفي حال لم يقع عليه، فإنما يضرب بنصف قيمته ويسعيان في الفضل. ولو أعتق أحدهما في صحته مع التدبير وأقر بذلك الوارث فإن المدبر يعتق منه خمسة أسداسه ويسعى في سدس قيمته، وأما الآخر فيعتق منه نصفه ويسعى في نصف قيمته، من أجل أن العتق في هذا الباب قد وقع عليهما جميعاً، فيعتق لكل واحد منهما نصفه، وللمدبر ثلث ما بقي. وإذا شهد شاهدان أنه قد دبر فلاناً بعينه إن قتل (¬2) وأنه قد قتل (¬3)، وشهد شاهدان أنه قد مات موتًا فإني أجيز العتق من ثلثه. وكذلك لو شهدوا أنه قد (¬4) أعتق فلاناً (¬5) إن حدث به حدث (¬6) في مرضه هذا أو في سفره هذا، وشهدوا أنه مات في ذلك السفر وفي ذلك المرض، وشهد آخران أنه رجع من (¬7) ذلك السفر فمات في أهله، فإني أجيز شهود العتق. وإذا شهد الشاهدان الآخران أنه قال: إن رجعت من سفري هذا فمت (¬8) في أهلي ففلان حر، وأنه رجع فمات في أهله، فشهد الأولان على شهادتهما الأولى وجاؤوا جميعاً إلى القاضي، فإني لا أجيز شهادة الذين شهدوا على الرجوع، وأجيز (¬9) شهادة الذين شهدوا (¬10) أنه مات في سفره ذلك، ويعتق الذي شهدوا له من الثلث، لأن الفريقين جميعاً شهدوا على موت الرجل، فأبدأ بالموت الأول الذي (¬11) شهدوا عليه، لأن الرجل لو قال: إن مت في ¬

_ (¬1) م: الآخر. (¬2) ت: إن قبل. (¬3) ت: قد قبل. (¬4) ف - قد. (¬5) ت: فله. (¬6) ت - به حدث. (¬7) ت - من. (¬8) ت: قمت. (¬9) م ف: أجيز. (¬10) ت - على الرجوع وأجيز شهادة الذين شهدوا، صح هـ. (¬11) ت: الذين.

[باب] كتاب نسمة يعتقها

جمادى الآخرة ففلان حر، وإن مت في رجب ففلان حر، لعبد آخر، فشهد شاهدان أنه قد مات في جمادى الآخرة وشهد آخرأن أنه مات في رجب، أخذنا بقول الشاهدين اللذين شهدا (¬1) على الموت الأول، ولا ألتفت إلى شهادة الآخرين. وإذا قال الرجل لعبده: إن مت في مرضي هذا فأنت حر، فشهد على هذا شاهدان وقالا: لا ندري أمات من ذلك المرض أم لا، فقال العبد: مات من ذلك المرض، وقالت الورثة: بل صح وبرأ (¬2) ثم مات، فإن القول قول الورثة مع أيمانهم بالله. وإن قامت لهما جميعاً البينة آخذ ببينة (¬3) العبد، لأنه هو المدعي. وإذا قال: إن مت من مرضي هذا ففلان حر، وإن برأت منه ففلان حر، لآخر، فقال العبد: قد مات فيه، وقالت الورثة: قد برأ (¬4)، فإن القول في ذلك قول الورثة مع أيمانهم، فإن أقام العبد الآخر البينة على ما يدعي أعتقته (¬5) أيضاً، لأنه مدع. فإن قامت البينتان على ذلك جميعاً أخذت ببينة (¬6) الذين شهدوا على الوقت الأول، الذين (¬7) شهدوا أنه مات في مرضه ذلك، وأبطلت شهادة الذين شهدوا على الموت (¬8) الآخر، لأنه لا يموت مرتين، فإذا أَمَتُّه (¬9) في الأول أبطلت الآخر. [باب] كتاب (¬10) نَسَمة (¬11) يعتقها وإذا اشترى الرجل وهو الوصي (¬12) نسمة ليعتقها عن الميت كتب: ¬

_ (¬1) ت: شهدوا. (¬2) ت: وبري. (¬3) ت: بينة. (¬4) ت: قد بري. (¬5) ت: أعتقه. (¬6) ت: بينة. (¬7) ت - الذين. (¬8) م ف ت: على موت. (¬9) ت: فإذا حكمت بموته. (¬10) المقصود كتابة الوثيقة المتعلقة بذلك. (¬11) تقدم تفسيرها قريباً. (¬12) ت: الموصي.

"هذا ما اشترى فلان بن فلان وصي فلان بن فلان من فلان بن فلان، اشترى منه مملوكاً يقال له: فلان الفلاني، وهو رجل قد اجتمع (¬1) بكذا كذا درهماً نسمة، كان فلان بن فلان أوصى فلاناً (¬2) أن يشتريها له ويعتقها عنه، وقد نقد فلان فلاناً الثمن كله من مال فلان، وبرئ إليه منه، وقبض فلان هذا المملوك من فلان وبرئ إليه منه، ولفلان بيع المسلم المسلم (¬3) لا داء ولا غائلة (¬4)، فما أدرك فلاناً في هذا المملوك من درك فعلى فلان خلاصه (¬5) حتى يسلم له"، ويُشْهِد (¬6). وإذا أراد البائع أن يبرأ (¬7) من العيوب كتب في هذه العهدة: "وقد برئ فلان بن فلان إلى فلان (¬8) من كذا وكذا"، ويسمي العيوب. وإذا أراد الوصي أن يكتب له عتقه كتب: "هذا كتاب من (¬9) فلان بن فلان وصي فلان بن فلان لفلان مملوك (¬10) فلان أن فلان بن فلان أوصى إلي أن أشتري نسمة بكذا وكذا فأعتقها عنه، وإني اشتريتك لفلان بن فلان من فلان بن فلان بكذا كذا درهماً، ونقدت له الثمن من مال فلان بن فلان، وإني أعتقتك عن فلان بن فلان، لا سبيل لي ولا لأحد عليك، ولفلان (¬11) ولاؤك وولاء عقبك (¬12) من بعدك، شهد". فإذا أوصى الرجل أن يعتق عنه نسمة بمائة درهم فكان ثلثه خمسين ¬

_ (¬1) ف: قد أجمع. ويقال رجل مجتمع أي بلغ أشده لأنه وقت اجتماع القوى. انظر: المغرب، "جمع". (¬2) ت: فلان بن فلان. (¬3) ت: للمسلم. (¬4) الداء معروف. والغائلة في العبد هي الإباق والفجور. انظر: المغرب، "عدو". (¬5) ت: صلاحه. (¬6) ت: شهد. (¬7) ت: أن يبري. (¬8) ف + إلى فلان؛ ت + بن فلان. (¬9) م ت - من. (¬10) ت: بن. (¬11) ت: وفلان. (¬12) ت: عتقك.

درهماً فإنه لا يعتق عنه شيء، لأن الثلث لم يبلغ ما أوصى به، وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر وهو قول أبي يوسف ومحمد أنه يعتق بالثلث نسمة بالغة ما بلغت. ألا ترى لو أوصى أن يحج عنه بمائة درهم فلم يبلغ الثلث إلا خمسين درهماً أحج عنه من حيث ما بلغت. ولو أن رجلاً صحيحاً أمر رجلاً أن يحج عنه رجلاً بمائة درهم في الصحة فأحج عنه رجلاً (¬1) بخمسين كان ضامناً، والحي هاهنا لا يشبه الميت، وكذلك العتق. وإذا أوصى الرجل أن يعتق عنه نسمة وأوصى لآخر بالثلث فإن الثلث يقسم على صاحب الثلث وعلى أدنى ما يكون من النسمة، فما أصاب صاحب الثلث فهو له، وما أصاب صاحب النسمة أعتق به نسمة. وإذا أوصى الرجل أن يشتري عبد فلان فيعتق عنه نسمة فإنه يشترى من ثلثه. وإن امتنع صاحبه من البيع بالثلث (¬2) وقفت (¬3) الثلث حتى يموت العبد أو يشترى، فإن سمى شيئاً يشترى به وذلك الثلث أو أقل اشتري به، فإن أبى صاحبه أن يبيعه وقفته (¬4) حتى يبيعه صاحبه أو يموت العبد، فإذا مات العبد رجع الثلث إلى الورثة. وإذا أوصى رجل إلى رجل أن يشتري له بهذه المائة درهم بعينها نسمة فيعتقها من (¬5) الثلث عنه، فاشترى بها نسمة فأعتقها عنه، ثم استحق رجل تلك المائة أو بعضها أو لحقه دين تكون المائة أكثر من ثلثه، فإن الوصي يضمن تلك المائة، ويكون العتق عن نفسه، من قبل أنه اشتراها بأكثر من الثلث. وكذلك لو لحق الميت دين كان الوصي ضامناً لما اشترى (¬6)، والعتق عن نفسه. فإن خرج للميت دين أو مال لم يعلم به ¬

_ (¬1) ت - رجلا. (¬2) ت - بالثلث. (¬3) ت: وفقت. (¬4) ت: وفقته. (¬5) م: فيعتقاهن. (¬6) ت: اشتروا.

يكون ثمن النسمة الثلث من ذلك، فالعتق (¬1) عن الميت، ولا ضمان على الوصي. وإذا أوصى رجل إلى رجل أن يشتري بتلك المائة نسمة و [قال:] أعتقها عني، فاشتراها وأعتقها عنه ولحق الميت دين فالوصي ضامن لما اشترى، والعتق عن نفسه. فإن خرج للميت دين أو مال لم يعلم به يكون ثمن النسمة الثلث من ذلك فالعتق (¬2) عن الميت، ولا ضمان عليه. وإذا أوصى الرجل أن يباع عبده وأن يشترى بثمنه نسمة فيعتق عنه فباع الوصي العبد واشترى بثمنه نسمة فأعتقها وهو الثلث فهو جائز، وإن رد العبد من عيب بعد ذلك ضمن الوصي الثمن، ويقال له: بع العبد، فإن بلغ ذلك الثمن فالعتق جائز عن الميت كما كان، وإن نقص من ذلك الثمن أو زاد عليه فالعتق عن الموصي (¬3)، ويشتري بثمن العبد إن كان هو الثلث نسمة أخرى فيعتقها عن الميت. ولو لم يجد به عيباً (¬4) ولكنه استحق رجع المشتري على الوصي وكان العتق عن الوصي، ولا يرجع على الورثة في نصيبهم بشيء، من قبل أنه لم يوص الميت (¬5) فيه بشيء. أرأيت لو اشترى لليتيم من الورثة شيئاً أو باع شيئاً فلحقه من ذلك غرم وليس لليتيم مال أكان يرجع في حصة غيره من الورثة، ليس له أن يرجع في حصة غيره (¬6)، فكذلك النسمة. وإذا أوصى الرجل أن يشتري بثلث ماله نسمة فيعتق عنه، وماله ثلاثمائة، فاشترى الوصي بمائة نسمة فأعتقها، وأعطى الورثة مائتين، فاستحقت النسمة ورجعت في الرق، وقبض الوصي المائة ليشتري بها نسمة أخرى فيعتقها فهلكت منه، فإن الوصي يرجع على الورثة بثلث ما أخذه، ¬

_ (¬1) ت: فإن العتق. (¬2) م ف ت: والعتق. (¬3) ت: عن الوصي. (¬4) ت: عيب. (¬5) ت: للميت. (¬6) ف - ليس له أن يرجع في حصة غيره.

فيشتري بذلك الثلث نسمة فيعتقها (¬1) في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فمقاسمة (¬2) الوصي للورثة جائزة، ولا يرجع فيما أصاب الورثة بشيء، وقد بطلت وصية الميت حين هلكت المائة التي أخذها الوصي. فإذا أوصى الرجل أن يعتق عنه نسمة بجميع ماله فلم يجز ذلك الورثة فإنه لا يشترى له شيء والوصية باطل، وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر وهو قول أبي يوسف ومحمد (¬3) أنه يشترى له بالثلث نسمة فتعتق عنه. أرأيت لو أوصى أن يعتق عنه نسمة بمائتي درهم مائة من ماله ومائة من مال فلان رجل أجنبي أكنت (¬4) أبطل وصيته في ماله من أجل أنه سمى مال فلان الأجنبي. أرأيت لو أوصى أن يشترى له نسمة بمائة درهم أو بخمر أو بخنزير أو بإنسان حر أو زاد مع هذه المائة درهم شيئاً لا يصلح من ماله أو شيئاً من مال غيره لا يملكه أكنت أبطل الوصية؟ لا أبطلها، والوصية جائزة من ثلثه. ولو أوصى أن يعتق عنه نسمة (¬5) بمائة درهم بعينها فإذا فيها درهم سَتُّوق (¬6) لا ينفق أو أكثر من درهم فاشترى بها نسمة وتجاوز البائع (¬7) بذلك وقبلها منه أما كنت آمره أن يشتريها، أو قال: لا أقبله منك، أما كنت آمره أن يشتري بما بقي. أرأيت لو استحق منها درهم أو هلك (¬8) منها درهم أكنت أبطل الوصية. وإذا أوصى الرجل أن يشترى له نسمة بعينها فتعتق (¬9) عنه فاشتراها الوصي ثم ماتت فقد بطلت الوصية. وكذلك لو جنت النسمة ¬

_ (¬1) ت: ليعتقها. (¬2) ت: فقسامة. (¬3) ف - ومحمد. (¬4) ف: كنت. (¬5) م ف ت ب + بعينها. والتصحيح من الكافي، 3/ 210 ظ؛ والمبسوط، 28/ 17. (¬6) هو المغشوش المطلي بالفضة. وقد تقدم. (¬7) م ف ت: البيع. (¬8) ت: أو هلكت. (¬9) ف ت: فعتق.

جناية قبل أن يعتق (¬1) دفعت بالجناية وبطلت الوصية، ولو فداها الورثة كانوا متطوعين في الفداء وكان عليهم أن يعتقوها (¬2) عن الميت كما أوصى. وكذلك لو أوصى بعتق عبد له أو أمة وهي تخرج من ثلثه كان حاله كحال هذه، فإن ولدت النسمة أو الأمة التي أوصى بعتقها قبل أن تعتق فالولد رقيق للورثة، وإن كانت النسمة أو الأمة التي أوصى بعتقها ذات رحم محرم من (¬3) الورثة أو من بعضهم فإنها لا تعتق بذلك حتى تعتق عن الميت. وإذا أعتقها بعض الورثة عن نفسه فهو حر عن الميت (¬4). وكذلك إذا قال: أنت حر إن دخلت هذه الدار أو بعد موتي، فإنها لا تكون مدبرة، ولكنها تعتق عن الميت إن دخلت الدار أو مات القائل (¬5). وكذلك (¬6) إذا قال: أنت حرة على ألف درهم إن فعلتِ كذا وكذا، ففعلت فهي حرة، وليس عليها شيء من الألف. وإذا أوصى الرجل بعتق نسمة عن ظهاره أو من شيء واجب كان عليه ولم يسم لها ثمناً فإنها تعتق من ثلثه، والواجب في هذا وغير الواجب سواء. وكذلك لو أوصى بشيء من زكاته أو بحجة الإسلام فإن هذا كله سواء، وهي من الثلث. وإذا أوصى الرجل بعتق نسمة فاشتريت له، أو بعتق أمة له تخرج من الثلث فجني عليها جناية قبل العتق، فإن أرش ذلك (¬7) للورثة (¬8)، وكذلك ما اكتسبت من مال فهو لهم (¬9)، ولو زوجوها لم يجز ذلك (¬10)، لأنهم ¬

_ (¬1) ت: أن تعتق. (¬2) ف: أن يعتقوا. (¬3) ت - من. (¬4) ت - وإذا أعتقها بعض الورثة عن نفسه فهو حر عن الميت. (¬5) ف: ومات القاتل. (¬6) ت: ولذلك. (¬7) ت + يلزم. (¬8) م ت: الورثة. (¬9) ت: للورثة. (¬10) ت - ذلك.

باب كتاب الوصي والوصية

لا يملكون ذلك منها. فإن دخل بها زوج كان المهر للورثة، وإن ولدت ولداً قبل العتق كان الولد مملوكاً للورثة (¬1). وقال محمد (¬2): إذا أوصى الرجل ببيع عبده هذا ويتصدق بثمنه على المساكين فباعه الوصي وقبض الثمن فهلك في يد الوصي ثم استحق العبد فإن أبا حنيفة كان يقول: آمره بتضمين الوصي ولا يرجع على أحد بشيء. ... باب كتاب (¬3) الوصي والوصية وإذا حضر الرجل الموت فأراد أن يوصي وأن يكتب وصيته (¬4) كتب: "هذا ما أوصى به فلان بن فلان، أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، {وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ} (¬5)، {إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} إلى آخر الآية (¬6)، وأوصى أنه (¬7) ترك من المال كذا وكذا، ومن الرقيق كذا وكذا، ومن الدور كذا وكذا"، فسمى ذلك كله على حقه ومواضعه. فإن كان عليه دين كتب: "وأن عليه دين كذا وكذا لفلان بن فلان الفلاني"، حتى يفرغ مما عليه من الدين كله. ¬

_ (¬1) ت: مملوك الورثة. (¬2) ت + بن الحسن. (¬3) المقصود كتابة الوصية. (¬4) ت: وصية. (¬5) سورة الحج، 22/ 7. (¬6) يقول تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (سورة الأنعام، 6/ 162 - 163). (¬7) م + ان.

وإذا (¬1) أراد أن يوصي لأحد بوصية فإن شاء كتب: "وإن (¬2) حدث به حدث الموت في مرضه هذا أو في سفره هذا- وإن شاء جعلها مبهمة فلم يذكر مرضًا ولا سفراً - أن لفلان بن فلان من ثلثي كذا وكذا - حتى يفرغ من جميع ما يريد أن يوصي به من الوصية والعتق - وأنه (¬3) أوصى بكل قليل أو كثير تركه وقضاء دينه وإنفاذ (¬4) وصيته إلى فلان بن فلان الفلاني". ويُشهد (¬5) على ذلك، ويختمها في أسفلها كما يختم الصك. وإذا أوصى فذكر مرضه أو سفره فرجع من ذلك السفر أو برأ من ذلك المرض بطلت الوصية، وإن جعلها مبهمة فمتى ما مات فإنها جائزة من ثلثه. وإذا أراد أن يوصي بغلة دار أو بستان له أو عبد فخاف أن يبطل القاضي الوصية في الغلة والخدمة (¬6) كتب في كتابه: "فإن ردها وارث أو سلطان فقد أوصيت برقبته أن تباع من ثلثه ثم يتصدق بثمنها على المساكين". وإذا أوصى الرجل (¬7) إلى الرجلين فمات أحدهما فإنه ينبغي للقاضي أن يجعل مكان الميت وصيًا آخر، ولا يجوز بيع أحد الوصيين وحده ولا شراؤه ولا ما اقتضاه إلا أن يأذن له صاحبه في ذلك إلا ما لا بد له منه، فإني أستحسن أن لو غاب أحدهما أن يشتري الآخر لليتامى الطعام والكسوة وما (¬8) لا بد لهم منه، وإن اقتضى مالاً وقبضه فإنه لا يجوز، والغريم ضامن لما نقده، وكذلك لو قبض وديعة لم يجز وكان المستوح ضامناً لها (¬9). وكذلك المضاربة، ويرجع بذلك إذا ضمن على الوصي الذي اقتضاه منه. ألا ترى أنه إنما له أن يدفع إليهما جميعاً، فإذا دفعه (¬10) إلى أحدهما فهو ¬

_ (¬1) ت: فإذا. (¬2) ت: فإن. (¬3) ف ت + قد. (¬4) ت: وإنقاذ. (¬5) ت: وشهد. (¬6) م: ثم الخدمة. (¬7) ف - الرجل. (¬8) ت: ما. (¬9) ف ت + كلها. (¬10) م: فادفعه.

مخالف إلا أن يوكله (¬1) صاحبه بذلك فلا يكون عليه ضمان، وهو قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: فعل أحد الوصيين جائز في الأشياء كلها كالوصيين جميعاً، ولكل واحد منهما أن يقبض الثمن ويقبض ويبيع ويشتري، ما جاز لهما أن يفعلاه جاز لأحدهما، وإذا مات الوصي فأوصى إلى آخر فهو وصيه في جميع تركته وتركة الأول. وإذا أوصى رجل إلى رجل فقبل الوصية وهو حي ثم أراد الخروج منها بعد موته فليس له ذلك، والوصية له لازمة. وكذلك إذا قبلها بعد موته. فإن لم يقبلها في حياته حتى يموت فهو بالخيار، إن شاء قبل وكان وصيًا، وإن شاء رد ذلك. فإن لم يقبل ولكنه باع بعض تركة الميت أو اشترى للورثة بعدما صالحهم أو اقتضى مالاً وقضاه فهو قبول للوصية، وقد قبل الوصية ولزمته. وإذا شكا الورثة أو بعضهم الوصي إلى القاضي فإنه لا ينبغي له أن يعزله عن الوصية حتى يبدو له منه خيانة (¬2)، فإن علم منه خيانة (¬3) عزله عن الوصية وجعل عليها غيره. ووصي القاضي الذي جعله مكانه بمنزلة وصي الميت في كل شيء. وإذا أوصى الرجل إلى عبد غيره فالوصية إليه باطل، وذلك لا يجوز ولو أجازه مولى العبد، من قبل أن (¬4) له أن (¬5) يبيعه فيخرج من الوصية. وكذلك إذا أوصى إلى عبده وفي الورثة كبير فالوصية باطل، من قبل أن للكبير أن يبيع حصته من العبد، فلا يستطيع أن يبيع للورثة ولا يشتري لهم. وإذا أوصى إلى عبده والورثة صغار فإن الوصية إليه جائزة في قول ¬

_ (¬1) م: أن يوكل. (¬2) ت: جناية. (¬3) ت - فإن علم منه خيانة؛ صح هـ. (¬4) ت: أنه. (¬5) ت - له أن.

أبي حنيفة، وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد أنه لا يجوز إلى عبده. أرأيت لو كبر الصغار أما كان لهم أن يبيعوه. وإذا أوصى الرجل إلى مكاتبه أو إلى مكاتب غيره فهو جائز، فإن عجز فالقول فيه كالقول في العبد. وإذا أوصى المسلم إلى ذمي فالوصية إليه باطل لا يجوز. وكذلك لو أوصى إلى رجل من أهل الحرب مستأمن أو غير مستأمن فهو باطل لا تجوز الوصية إليه. وكذلك الذمي إذا أوصى إلى الحربي فإنها لا تجوز (¬1). وإذا أوصى الذمي إلى الذمي فهو جائز، من قبل أنه على ملته وأن الحكم جائز عليهما. وإذا أوصى الذمي إلى المسلم فهو جائز. وإذا دخل الحربي من دار الحرب بأمان فأوصى إلى مسلم فهو (¬2) جائز (¬3). وإذا أوصى الرجل إلى امرأة أو أعمى فهو جائز. وإذا أوصى الرجل (¬4) إلى محدود في قذف فهو جائز. وإذا أوصى الرجل إلى الفاسق المتهم المخوف على ماله فالوصية إليه باطل، ويجعل القاضي مكانه وصياً. وإذا مات وصي الميت ولم يوص جعل القاضي له وصياً. وإذا أوصى رجل إلى رجل بماله فهو وصي في ماله وولده، بعض هذا من بعض. ألا ترى أنه ينفق على الولد. وإذا أوصى رجل إلى رجل فقال: فلان وصيي (¬5) حتى يقدم فلان ثم الوصية إلى فلان، فهو كما (¬6) أوصى. ¬

_ (¬1) ت + الوصية إليه. (¬2) ف - فهو. (¬3) ف: جاز. (¬4) م ت - الرجل. (¬5) م: وصيتي. (¬6) ف + لو.

وإذا أوصى بالمال العين إلى رجل وأوصى بتقاضي الدين إلى آخر فهما جميعاً وصيان في العين والدين في قول أبي حنيفة وأبي يوسف، وأما في قول محمد فإن الوصي في العين وصي فيما أوصي إليه به، والوصي في الدين وصي (¬1) فيما أوصي إليه به، لا يدخل واحد منهما على صاحبه. وإذا أوصى ببعض ولده وميراثهم إلى رجل، ونفقة ولده ومالهم إلى آخر، فهما جميعًت وصيان في جميع المال والولد (¬2)، أستحسن ذلك، وهذا (¬3) قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: كل وصي منهما وصي فيما أوصي إليه به دون صاحبه، وإذا اختلف الوصيان في المال (¬4) عند من يكون (¬5) فإنه يكون عند كل واحد منهما نصفه، وإن اختارا استودعاه رجلاً، وإن اختارا كان عند أحدهما. وللوصي أن يتجر في مال اليتيم إن بدا له في ذلك وأن يدفعه مضاربة وأن يعمل فيه لليتيم وأن يُبضعه لهم وأن يشارك به لهم (¬6). وقال محمد:- إذا لم يشهد الوصي على نفسه أنه (¬7) يعمل بالمال مضاربة (¬8) [يكون] كل ما (¬9) اشترى للورثة. محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: ينظر الوصي لليتيم، فإن رأى أن يتجر له بماله خيراً له فعل، وإن رأى أن (¬10) يعمل به مضاربة فعل، وإن رأى أن يدفعه إلى غيره مضاربة فعل، ينظر في ذلك كله (¬11) نظره (¬12) لنفسه (¬13). ¬

_ (¬1) ت - في الدين وصى. (¬2) ت: والد. (¬3) ت + في. (¬4) م ت - في المال. (¬5) ت - المال. (¬6) ت - وأن يشارك به لهم. (¬7) ت: أن. (¬8) ت - بالمال مضاربة. (¬9) ف - كل ما. (¬10) ت - أن. (¬11) م ت - كله. (¬12) ت: ما ينظر. (¬13) أخرج ابن أبي شيبة من طريق منصور عن إبراهيم قال: لا بأس أن يعمل الوصي بمال اليتيم. قلت لإبراهيم: إن توى يضمن؟ قال: لا. انظر: المصنف، 4/ 390.

محمد عن أبي يوسف عن حميد بن عبد الله عن أبيه عن جده أن عمر بن الخطاب دفع إليه مال يتيم مضاربة (¬1). محمد عن أبي يوسف عن يحيى بن سعيد عن القاسم عن عائشة أنها كانت تُبضع أموالهم في البحر وهم يتامى في حجرها (¬2). ألا ترى أن الوصي لو احتاج اليتيم إلى خادم أو طعام أو كسوة فاشترى لهم كان جائزاً. ولو فسدت عليهم خادم أو منزل فباع ذلك كان جائزاً. وإذا (¬3) أوصى رجل إلى رجل وأوصى بالثلث وترك ورثة صغاراً فقاسم الوصي أهل الوصية فأعطى (¬4) أهل الوصية (¬5) الثلث وأمسك الثلثين للورثة فهو جائز، فإن هلك حصة الورثة من يديه لم يرجعوا (¬6) على أهل الوصية، لأن قسمة الوصي جائزة عليهم. وإن كان الوارث كبيراً وصاحب (¬7) الوصية كبير غائب فأعطى الوصي الوارث الثلثين وأمسك الثلث لصاحب الوصية، ثم هلك الثلث من الوصي فإن لصاحب الوصية أن يرجع على الوارث بثلث ما بقي في يديه. ولو كان الوارث هو الغائب فأعطى الوصي صاحب الوصية الثلث وأمسك الثلثين فهلك الثلثان اللذان في يديه فإن القسمة جائزة، وقسمته على الوصي (¬8) لا تجوز (¬9). ¬

_ (¬1) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 390. ومعناه في المصنف لعبد الرزاق، 4/ 67 - 68. (¬2) المصنف لعبد الرزاق، 4/ 66؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 379. (¬3) ف: ولو. (¬4) ت: فأعطاهم. (¬5) ت - أهل الوصية. (¬6) ف: لم يرجعها. (¬7) م ف ت: أو صاحب. والتصحيح من الكافي، 3/ 212 ظ. (¬8) ف: على الموصى له؛ ت: على الموصي. (¬9) ت - لا تجوز.

وإذا كان الورثة صغاراً فكبروا فقال الوصي: أنفقت عليكم كذا وكذا درهماً، فإنه ينظر فيما أنفق في تلك المدة، فإن كانت نفقة مثلهم أو زيادة [شيء] (¬1) قليل فهو مصدق فيه، وعليه اليمين إن اتهموه فيه. وإذا كان في الورثة صغير وكبير فقاسم الوصي الكبير وأعطاه حصته وأمسك حصة الصغير فهو جائز. فإن قال: أنفقت عليه، صدق في نفقة مثله في تلك المدة. وللكبير (¬2) النصف من جميع المال إذا كان لم يقسم بعد. وإذا كان الورثة كباراً وصغاراً وكانا اثنين فقال الوصي: أنفقت على هذا كذا وأنفقت على هذا كذا، فكانت نفقة أحدهما أكثر من الآخر (¬3) لأنه كان أكبرهما سناً فهو مصدق فيما يعرف من ذلك. وإذا قال الوصي للوارثين وهما كبيران: قد أعطيتكما ألف درهم، وهي الميراث، فقال أحدهما: صدقت، وقال الآخر: كذبت، فإن الذي صدقه صار ضامناً للخمسين والمائتين حتى يؤديها إلى شريكه، لأنه قد أقر أنه قد وصل إليه من مال الميت ما لم يصل إلى ذلك، وعلى شريكه اليمين بالله ما قبض خمسمائة، فإن لم يحلف لم يأخذ شيئاً، فإن حلف أخذ خمسين ومائتين. وإذا قسم الوصي بين الورثة وهم صغار الميراث وعزل لكل إنسان منهم حصته أو هم صغار وكبار فقسم ذلك بغير محضر من الكبار فإن ذلك لا يجوز، وما هلك من ذلك فهو بينهم (¬4). ولو كان وصيان لليتامى فقاسم أحدهما فضاعت حصة الصغير فإن ذلك لا يجوز على الصغير حتى يقاسم الوصيان جميعاً. وكذلك لو قاسم داراً وأخذ نصيب الصغير في موضع منها لم يجز ذلك عليه إلا أن يكون ¬

_ (¬1) الزيادة من الكافي، 3/ 212 ظ. (¬2) ت: والكبير. (¬3) ت - من الآخر. (¬4) ت: بينم.

الآخر وكله بذلك أو أجاز ذلك بعد القسمة في قول أبي حنيفة ومحمد. وهو جائز في قول أبي يوسف. وإذا كانا وصيين فمات أحدهما وأوصى بوصية الميت إلى صاحبه فهو جائز، وهذا بمنزلة لو كان الآخر معه حياً. وإذا أوصى رجل إلى رجل وعليه دين فقضاه الوصي مالاً كان على الميت بشهود فلا ضمان على الوصي وإن قضى ذلك بغير أمر قاض. وإن لحق الميت دين بعد ذلك فهو ضامن بحصة (¬1) ما (¬2) لحق من قبل أنه أعطى بغير أمر القاضي. وإن كان أعطى ذلك بأمر قاض فلا ضمان عليه، ولكن الغريم يتبع الذين قبضوا بحصته. ولو كان أوصى إلى رجلين فدفعا إلى رجل ديناً وشهدا أنه له على الميت ثم لحق (¬3) الميت دين بعد ذلك بشهادة غيرهما فإنهما ضامنان لجميع ما دفعا، ولا تكون شهادتهما جائزة، لأنهما يدفعان عن أنفسهما الضمان. ولو لم يكونا دفعا حتى شهدا عند القاضي فقضى القاضي (¬4) بشهادتهما فأمرهما بالدفع ثم قامت شهود على الدين (¬5) بعد ذلك لم يكن عليهما ضمان، لأنهما لم يدفعا إلا بأمر القاضي، وكان للغريم أن يتبع المقتضي حتى يأخذ منه بحصته. ولو شهد اثنان من الورثة على دين على الميت فإن شهادتهما جائزة وهي كشهادة غيرهما. والوصي مصدق (¬6) في كفن الميت فيما يكفن به مثله. وإذا اشترى الوصي الكفن من ماله ونقد (¬7) الثمن من ماله كان له أن يرجع به في مال الميت، وكذلك إن اشتراه وارث. وكذلك لو قضى الوصي والوارث ديناً كان ¬

_ (¬1) ف: لحصة. (¬2) ف ت: من. (¬3) م: ثم الحق. (¬4) ف ت + بالدين. (¬5) ت: على الدفع. (¬6) ف: يصدق. (¬7) م: وأنفذ؛ ف ت: وانقد.

على الميت من ماله عليه بشهادة شهود كان له أن يرجع به في مال الميت من قبل أنه هو المأخوذ المخاصم في دين الميت. وكذلك الوصي يشتري لليتيم الطعام والكسوة (¬1)، فنقد من ماله بشهادة الشهود حتى يرجع به في مالهم أو يشتري لهم ذلك (¬2) بنسيئة أو يؤدي عنهم في خراجهم (¬3) فأشهد على ذلك فله أن يرجع في هذا كله في مال الميت ما أداه، ولا يصدق على أداء خراج ولا شراء شيء حتى (¬4) ينقده من ماله حتى يشهد على ذلك. وإن كان للميت عنده مال فقال: قد أديت منه وأنفقت منه، فهو مصدق في ذلك بالمعروف. فإذا دفع الوصي ديناً على الميت وكتب له منه براءة كتب: "هذا كتاب لفلان بن فلان وصي فلان بن فلان من فلان بن فلان أنه كان لي على فلان بن فلان كذا كذا درهماً وزن سبعة، وهو جميع ما كان لي عليه من قليل أو كثير، وأنك دفعت إلي هذا المال المسمى في هذا الكتاب وقبضته منك كله، وهو كذا وكذا، وبرئت إلي منه، ولم يبق لي (¬5) قبلك ولا قبل فلان بن فلان قليل ولا كثير إلا وقد استوفيته منك وبرئت إلي منه وبرئ فلان وجميع ورثته منه، وليس لي قبل فلان ولا في شيء من تركته بعد هذه البراءة حق ولا دعوى ولا طِلْبَة ولا قليل ولا كثير، وقد دفعت إليك الصك الذي كان لي على فلان بهذا المال، فمن قام وطلب بما فيه فهو مبطل، وقد ضمنت لك جميع ما قبضت (¬6) منك إن أدركك في هذا درك حتى أرده عليك فهو كذا وكذا (¬7) أو أخلصك من جميع ما أدركك في ذلك من درك". ... ¬

_ (¬1) ت: والكسوة. (¬2) م ف: بذلك. (¬3) ت: في جراحهم. (¬4) ف ت - حتى. (¬5) م: ولم يتولى. (¬6) ت: ما اقتضيت. (¬7) ف - وكذا.

باب ما إذا دفع غريم الميت مالا

باب ما إذا دفع غريم الميت مالاً وإذا دفع غريم الميت مالاً إلى الوصي واكتتب به براءة من الوصي كتب: "هذا كتاب لفلان بن فلان من فلان بن فلان وصي فلان بن فلان أنه كان لفلان بن فلان عليك كذا كذا درهماً وزن سبعة، وأنك دفعت إلي هذا المال المسمى في هذا الكتاب بعد موت فلان وقبضته منه، وهو كذا كذا درهماً، وقد برئت إلي منه، وقد ضمنت (¬1) لك (¬2) هذا المال إن أدركك فيه درك من أحد من الناس حتى أرده عليك، وهو كذا كذا درهماً، أو أخلصك مما أدركك فيه من درك (¬3)، وقد دفعت إليك الذَّكْر حَقّ (¬4) الذي كان عليك بهذا المال (¬5)، فمن قام به أوطلبك بما فيه فهو مبطل". وليس ينبغي للوصي (¬6) أن يكتب البراءة من كل قليل أو كثير، لأنه لا يدري لعل للميت (¬7) عليه مالاً (¬8) سوى ذلك. ولو أقر الوصي أن هذا جميع ما لفلان عندك لم يصدق على الورثة. وكذلك إذا أبرأ الوصي الغريم فإن ذلك لا يجوز على الورثة إلا أن يقول: برئت إلي من هذا المال الذي كان عليك، فيكون بمنزلة القبض. وإذا أخر الوصي مال الورثة إلى أجل فإن تأخيره لا يجوز عليهم إن كانوا كباراً أو صغاراً. وكذلك (¬9) إن حط شيئاً من مالهم عن غريمهم. وأما إذا احتال لهم بمال عن غريمهم (¬10) كان جائزاً بعد أن يكون الذي (¬11) احتال ¬

_ (¬1) ف: وضمنت. (¬2) ت: إليك. (¬3) ت - من درك. (¬4) ذكر الحق هو الصك. وقد تقدم. (¬5) ت - بهذا المال. (¬6) م ت: للموصي. (¬7) ت: الميت. (¬8) ت: مال. (¬9) ف + إذا؛ ت: ولذك. (¬10) ت - وأما إذا احتال لهم بمال عن غريمهم. (¬11) ف - إن حط شيئاً من مالهم عن غريمهم وأما إذا احتال لهم بمال عن غريمهم كان جائزاً بعد أن يكون الذي.

باب ما إذا دفع الوصي إلى الوارث مالا

عليه أملاً من الأول. فإن كان الذي احتال عليه مفلسًا والآخر مليئاً فاحتياله باطل والمال على (¬1) الأول على هيئته. وكذلك إذا صالح الوصي عن حق ليتيم. فإن كان الصلح يوم صالح خيراً له فهو جائز (¬2)، وإن كان شرًا لهم فلا (¬3) يجوز عليهم. وكذلك إن ابتاع لنفسه شيئاً من متاعهم فإن كان ذلك خيراً لهم أجزته عليهم (¬4)، وإن كان ذلك شرًا لهم وكان يجيء مثل ذلك الثمن أبطلت البيع. وهذا قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف الأول ومحمد: لا يجوز بيع الوصي من نفسه ولا يشتري لنفسه شيئاً إن كان خيراً لليتيم أو شرأ له، لا يجوز أن يشتري الوصي (¬5) من مال الميت شيئاً (¬6) على حال خيراً كان أو غيره، ثم رجع أبو يوسف إلى قول أبي حنيفة. وإذا أقر أنه لا حق للميت على فلان فإقرار الوصي باطل لا يجوز على الورثة. وإذا ادعى رجل في دار اليتيم حقاً فصالحه وصي اليتيم فالصلح باطل إلا أن يكون للمدعي على دعواه بينة فيكون جائزاً. ... باب ما إذا دفع الوصي إلى الوارث مالاً وإذا أراد الوصي أن يكتب براءة من الوارث من كل قليل أو كثير وكان عليه دين وأوصى بوصايا فأراد أن يبرأ من ذلك كله كتب: "هذا كتاب لفلان بن فلان وصي فلان بن فلان من فلان بن فلان أن فلان بن ¬

_ (¬1) ف - على. (¬2) ف: فهو خير لهم أجيزه عليهم. (¬3) ت: فهو لا. (¬4) ت: أجزته من متاعهم. (¬5) ت: اليتيم. (¬6) ت: شيئاً من مال الميت.

فلان توفي وأوصى إليك، وكان عليه من الدين لفلان كذا وكذا، ولفلان كذا وكذا، وأوصى لفلان بكذا ولفلان بكذا ولفلان بكذا (¬1)، فدفعت هذا الدين وهذه الوصية إلى أهلها، وقبضوه منك (¬2) برضائي وتسليمي وإجازتي، ثم أعلمتني بكل قليل أو كثير تركه فلان بن فلان من عقار ورقيق وثياب وعروض وآنية من متاع وكل مال تركه عيناً أو ديناً على صدقه وعدله، فعرفت ذلك كله ورأيته وعرفت أنه لم يترك شيئاً غيره، ثم دفعت إلي كل قليل وكثير سميناه في كتابنا هذا، فقبضت ذلك كله منك، وقبضت منك جميع ما تقاضيت (¬3) من دين على الناس، وبرئت إلي منه، وهو كذا وكذا، فلم يبق لي (¬4) قبلك من ميراث والدي (¬5) قليل ولا كثير إلا قد استوفيته منك وبرئت إلي منه، فليس لي قبلك بعد هذا الكتاب حق ولا دعوى ولا طِلْبَة ولا قليل ولا كثير، فما ادعيت قبلك من دعوى بعد هذا الكتاب فأنت منه بريء، وأنا (¬6) فيما ادعيت من ذلك كله مبطل، وقد ضمنت لك جميع ما قبضت منك، وهو كذا وكذا إن أدركك فيه درك من أحد من الناس حتى أرد (¬7) عليك ما قبضت منك، وهو كذا وكذا (¬8)، أو أخلصك (¬9) منه. شُهِد". وإذا قال الوارث: لا أكتب للوصي براءة من كل قليل أو كثير، ولكن أكتب له مما أقبض (¬10)، فله ذلك، وهو (¬11) العدل فيما بينهما أن لا يكتب له البراءة إلا مما أخذ منه بعينه. وإذا أعطى الوصي أحد الوارثين وهو كبير نصيبه فأوصل إليه من الميراث وهو ألف درهم ثم جحد فقال: لم يكن عندي ¬

_ (¬1) ف ت - ولفلان بكذا. (¬2) ف: وقبضوه مثل ذلك. (¬3) ت: ما تقاصت. (¬4) م: فلم يتولى؛ ت: فلم يتول. (¬5) ت: والذي. (¬6) ف: وإنما. (¬7) م ف ت: حتى أرده. (¬8) ت - وكذا. (¬9) ت: إذا خلصك. (¬10) ت: فيما مضى. (¬11) ف: هو.

غيرها (¬1)، فهو ضامن لألف أخرى (¬2) حصة الصغير، لأن قوله: هذا حصة الكبير مما عندي، إقرار بأن للصغير (¬3) عنده مثل ذلك. وإذا دفع الوصي إلى رجل قد أوصى له الميت بوصية وأراد أن يكتب منه البراءة له كتب: "هذا الكتاب لفلان بن فلان وصي فلان بن فلان من فلان بن فلان أن فلان بن فلان توفي وأوصى إليك (¬4)، وأوصى لي بكذا وكذا، وأنك دفعت إلي هذه (¬5) الوصية المسماة في هذا الكتاب، فقبضتها منك، وهو كذا كذا، وبرئت إلي منه، فلم يبق لي من وصية فلان قليل ولا كثير إلا قد استوفيته منك وبرئت إلي منه، وضمنت لك ما أدركك فيه من درك حتى أرده عليك، وهو كذا وكذا، أو أخلصك مما أدركك فيه من درك". وإذا أراد الوصي أن يدفع ديناً على الميت كتب: "هذا كتاب لفلان بن فلان وصي فلان بن فلان من فلان بن فلان أنه كان على فلان كذا وكذا وهو جميع ما كان عليه، وأنك دفعت إلي هذا الدين المسمى في هذا الكتاب وقبضته منك كله وبرئت إلي منه، فلم يبق لي (¬6) قبل فلان قليل ولا كثير إلا قد استوفيته منك وبرئت إلي منه، وضمنت لك هذا المال إن أدركك فيه درك حتى أرده عليك أو أخلصك مما أدركك فيه من درك". وإذا كان في الورثة صغير كان للوصي أن يبيع الرقيق والعقار والميراث وما سوى ذلك. وكذلك (¬7) إذا كان على الميت دين. وكذلك إذا كان الميت أوصى بوصية وليس له مال غيرها. وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد، قالا: إذا لم يكن عليه دين ولم يوص بوصية فليس للولي ¬

_ (¬1) ت: غيرهما. (¬2) ف ت: للألف الأخرى. (¬3) ت: الصغيرة. (¬4) ت - وأوصى إليك. (¬5) م ف: هذا. (¬6) م: فلم يتولى؛ ت: فلم يتول. (¬7) ت: ولذلك.

أن يبيع حصة الكبار من العقار (¬1)، وله أن (¬2) يبيع (¬3) حصة الصغار. - وإذا أوصى بالثلث وهم كبار كلهم وأوصى بالثلث في أشياء يشتريها ويتصدق بها فإن للوصي أن يبيع العقار كله، وهو قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر أنه ليس له أن يبيع من (¬4) العقار إلا الثلث- وهو قول أبي يوسف ومحمد - وحصة الصغير دون حصة الكبير (¬5). وكل شيء للوصي (¬6) أن يبيع فيه العقار فله أن يبيع ما سوى ذلك من العروض والحيوان. وإن كانت الورثة كباراً كلهم وليس (¬7) عليه دين (¬8) وليس له عقار ولم يوص بشيء، فإن كان الكبار غُيَّباً أو بعضهم كان للوصي أن يبيع الحيوان والعروض، وإن كانوا حضوراً لم يكن للوصي أن يبيع العروض والحيوان. وقال أبو يوسف ومحمد [في ذلك قولاً آخر]؛ إذا كانوا صغاراً أو كباراً ولم يوص الميت بوصية ولم يكن عليه دين فإن أبا يوسف قال: لا أجيز بيع الوصي في نصيب الكبار من العقار، وهو قول محمد. وإذا قسم (¬9) الوصي بين الورثة وهم صغار فلا تجوز (¬10) قسمته، والمال كما هو بينهم. وإذا قسم بينهم (¬11) وهم كبار، فأعطى نصيب بعضهم (¬12) وأمسك نصيب بعضهم، ومن أمسك نصيبه (¬13) غائب، فهو ¬

_ (¬1) ف: من الصغار. (¬2) ت - وله أن. (¬3) ت: ويبيع. (¬4) ف - من. (¬5) ت: وحصة الكبير دون حصة الصغير. (¬6) ف: للموصي. (¬7) ت: فليس. (¬8) ت - دين. (¬9) م: فإذا قسم. (¬10) ت: يجوز. (¬11) ت - وإذا قسم يينهم. (¬12) م: بعض. (¬13) م ف ت: ونصيب من أمسك والتصحيح مستفاد من ب؛ والكافي، 3/ 214 و.

جائز. وإن كانوا غُيَّباً وهم كبار كلهم فأجر الوصي داراً أو عبداً أو دابة فإجارته جائزة. وم"شترى الوصي للرقيق من الكسوة والطعام فهو جائز. وما هلك من المال والرقيق فلا ضمان على الوصي في ذلك، وهو مؤتمن. وإذا كانوا وصيين (¬1) فأجر أحدهما عبداً أو دابة بغير إذن صاحبه فلا يجوز، وهو ضامن لذلك (¬2) كله في قول أبي حنيفة ومحمد. وكذلك إن باع. فإن وكل أحدهما صاحبه فبيعه جائز، وإجارته (¬3) إذا كان قد وكله بذلك فهو جائز (¬4). وإذا قسم الوصيان مال الورثة فأخذ كل واحد منهما طائفة فقال أحدهما: هذا الذي عندي (¬5) لفلان خاصة، والذي عندك لفلان، فإن قسمتهما باطل، والمال بينهما على حاله، ولا تجوز قسمة الوصيين فيما بينهما على الورثة صغاراً كانوا أو كباراً. وكذلك لو غاب أحدهما وشهد الآخر فقاسم الورثة، فأعطى الكبار أنصباءهم (¬6) وأمسك حصة الصغير فضاعت حصة الصغير فإن ذلك لا يجوز في قول أبي حنيفة ومحمد، ويجوز في قول أبي يوسف. وإذا كان للميت وديعة عند رجل فأمر الوصي أن يقرضها أو يهبها أو يسلفها فإن الضمان على الذي فعل ذلك، من قبل أنه استهلكها، ألا ترى أن الوصي أمره بما لا يجوز له فيها، وإن أمره أن يدفعها إلى رجل فدفعها إليه كان وكيلاً في هذا، وكان هذا جائزاً وبرئ منها، ولو أمره الوصي أن يعمل (¬7) بها مضاربة أو يشتري بها متاعاً كان هذا (¬8) جائزاً. ... ¬

_ (¬1) ت: وصيين. (¬2) ت: في ذلك. (¬3) ت + جائزة. (¬4) ت - فهو جائز. (¬5) ف - عندي. (¬6) ت - أنصباءهم. (¬7) م ف ت: أن يفعل. (¬8) م + هذا.

باب إقرار الوارث بالوصية وإذا شهدت الشهود في العين والدين

باب (¬1) إقرار الوارث بالوصية وإذا شهدت الشهود في العين (¬2) والدين (¬3) وإذا أقر الوارث أن أباه أوصى بالثلث لفلان وشهدت الشهود أنه أوصى بالثلث لآخر فإنه يؤخذ بشهادة الشهود، ولا يكون للذي أقر له الوارث شيء (¬4)، لأن (¬5) الوصية لا تجوز في أكثر من الثلث، فإذا أقر له الوارث على حصة صاحب الشهود فلا يصدق عليه. وإذا أقر الوارث أن أباه أوصى بالثلث لفلان ثم قال بعد ذلك: بل أوصى به لفلان، أو قال: أوصى به لفلان لا بل لفلان (¬6)، فإنه يكون للأول في الوجهين جميعاً، ولا يكون للآخر شيء، ولا يصدق الوارث على الأول، لأن الثلث قد وجب له. ولو أقر إقراراً متصلاً فقال: أوصى بالثلث لفلان وأوصى به لفلان، جعلت الثلث بينهما، وليس المتصل في هذا كالكلام المنقطع. وإذا أقر أنه أوصى به (¬7) لفلان ودفعه إليه ثم قال بعدما (¬8) دفعه إليه: لا بل لفلان، فإنه ضامن له، لأنه قد استهلكه، حتى يدفع إلى الثاني مثله، ولا يصدق على الأول. ولو لم يدفعه فدفعه (¬9) ولم يجعل (¬10) للثاني شيئاً فلا ضمان على الوارث، وهذا إنما هو شاهد (¬11). ¬

_ (¬1) م + كتاب. (¬2) ت: بالعين. (¬3) وقد كتبت عبارة "وإذا شهدت الشهود في العين (بالعين) والدين" في النسخ كلها تحت العنوان وكأنها ابتداء لمسائل الباب، وليست هذه العبارة موجودة في ب؛ والكافي، 3/ 214 ظ. (¬4) م ف ت: بشيء. (¬5) م ف ت: ولأن. (¬6) ف - لا بل لفلان. (¬7) ت - به. (¬8) ت: بعد ذلك ما. (¬9) أي: دفعه إلى الأول. ويأتي قريباً نظير هذه المسألة ويقول فيها المؤلف: ولو لم يدفع كانت للأول ولا ضمان عليه للآخر، لأنه إنما هو شاهد على الميت. انظر: 3/ 242 و. (¬10) ت: يدفع. (¬11) وذكر الحاكم في محل الجملة الأخيرة ما يلي: ولو كان دفع إلى الأول بقضاء قاض لم يضمن للثاني شيئاً. انظر: الكافي، 3/ 214 ظ - 215 و.

وإذا أقر الرجل بوصية ألف درهم بعينها وهي الثلث ثم أقر الآخر بعد ذلك بالثلث ثم رفع ذلك إلى القاضي فإنه ينقد الألف للأول، ولا يجعل للثاني شيئاً، ألا ترى أنه لا يجوز على الوارث إلا الثلث، وأن هذا الآخر إنما كان داخلاً على الأول دون الوارث، فإنما الوارث له شاهد (¬1)، والوصية بعينها والثلث في هذا سواء. ولو شهد شاهدان من الورثة كانت شهادتهما جائزة على الوصية كما تجوز شهادة غير الوارث. وإذا شهدا (¬2) أن أباهما أو أخاهما أوصى لفلان بالثلث فدفعا ذلك إليه ثم شهدا أن أباهما إنما (¬3) كان أوصى به لآخر وقالا: قد أخطأنا، فإنهما لا يصدقان على الأول، وهما ضامنان بالثلث يدفعانه إلى الآخر، من قبل أنهما استهلكا وصيته، فلا تجوز شهادتهما على الأول للضمان الذي دخل. ولو لم يدفعا شيئاً أجزت شهادتهما للآخر وأبطلت حصة الأول، لأنهما إنما يشهدان للآخر على الأول. وإذا كانت الورثة ثلاثة والمال ثلاثة آلاف فأخذ كل إنسان ألفاً ثم أقر أحدهم بأن أباه أوصى بالثلث لفلان كان لفلان أن يأخذ ثلث (¬4) ما في يديه. ولو كان المال ألفاً عيناً وألفًا على أحدهما ديناً فأقر الذي ليس عليه دين أن أباهما أوصى هذا بالثلث أخذ هذا من الألف ثلثها (¬5)، وأخذ منها الوارث ثلثيها (¬6)، من قبل أن هذا الوارث يقول: أقررت لك بالثلث من جميع هذا المال، وإنما لك في نصيبي الثلث، لأن أخي قد جحدك. وكان ينبغي في القياس أن يكون نصف ما في يديه، لأنه زعم أن نصيبهما في المال سواء. وإذا كان المال ألفين في يد كل واحد ألف فاقتسماها وهي جميع المال فأقر كل واحد منهما على حياله لرجل آخر غير الذي أقر له صاحبه أن أباه أوصى هذا بالثلث فإن كل واحد منهما يأخذ ثلث ما في يدي الذي ¬

_ (¬1) ت: شاهد له. (¬2) م ف: شهد. (¬3) ف - إنما. (¬4) م ف: بثلث. (¬5) ت: ثلثه. (¬6) ت: ثلثاها.

أقر له به. فهذا يدلك على أن ترك القياس أحسن من القياس، لأنه كان ينبغي في القياس أن يأخذ كل واحد منهما نصف ما في يدي صاحبه، فالقياس في هذا فاحش قبيح. ألا ترى أن الميت لو ترك امرأة وابناً فأخذت المرأة بالثمن والابن بسبعة أثمانه ثم أقرت المرأة أن الميت أوصى لفلان بالثلث لم يأخذ إلا ثلث ما في يديها. ولو أخذنا بالقياس في هذا قسمنا (¬1) ما في يديها على خمسة، على الثلث وعلى ثمن ما بقي، فأخذ الموصى له أربعة وأخذت المرأة واحداً، فهذا فاحش قبيح. وإذا مات الرجل وترك ابنين وترك عشرين درهماً ولم يترك (¬2) غيرهما فاقتسماها فغاب أحدهما وبقي الآخر فجاء رجل فادعى وصية بالثلث وأقام بينة فإنه يأخذ من الشاهد نصف ما في يديه. وإذا كانت العشرون عشرة منها عيناً وعشرة على الآخر ديناً وأقام هذا بينة على الوصية أخذ نصف هذه العشرة. وهذا والباب الأول سواء في القياس غير أني أستحسن ذلك، وليس الإقرار في هذا كالبينة، ألا ترى أنه إذا أقر لم يجز على أخيه، وإذا قامت البينة جاز ذلك عليه وعلى أخيه. وإذا أقر الوارث بوصية لرجل تخرج من الثلث أو بعتق ثم أقر بين بعد ذلك لم يصدق على الوصية ولا على العتق وجاز الدين عليه في نصيبه. وإذا أقر الوارث بين بعد ذلك (¬3) فإنه يبدأ بالدين الأول، فإن قال: لفلان كذا ولفلان كذا، في كلام متصل فإن ذلك سواء، وهو بالحصص. وإذا أقر الوارث بين فقال: لفلان من الدين كذا ولفلان كذا (¬4) من الوديعة، والوديعة بعينها، وهي (¬5) جميع ما ترك الميت، فإنهما يتحاصان. ¬

_ (¬1) ف: ضممنا. (¬2) م: ولو يترك؛ ف: ولو ترك. (¬3) ت - لم يصدق على الوصية ولا على العتق وجاز الدين عليه في نصيبه وإذا أقر الوارث بين بعد ذلك. (¬4) ت + في كلام متصل فإن ذلك سواء وهو بالحصص وإذا أقر الوارث بين فقال لفلان من الدين كذا ولفلان كذا. (¬5) ت: هي.

وإذا بدأ بالوديعة ثم بالدين بدأت بالوديعة وأبطلت الدين. ألا ترى أنه لو (¬1) قال: هذا العبد وديعة لفلان ولفلان دين، بدأت بالعبد فدفعته إلى صاحبه. وإذا أقر بوديعة (¬2) بعينها ثم بوديعة أخرى في كلام متصل فإن ذلك سواء، يبدأ بالأول فالأول، والمضاربة والوديعة والبضاعة في ذلك كله سواء. وإذا بدأ بشيء من ذلك بعينه فأقر له بشيء بعينه (¬3) فإني أبدأ به، وإن لم يقر له بشيء بعينه فذلك كله سواء بالحصص إذا (¬4) أقر له في كلام متصل. وإذا أقر أحد الورثة بشيء وأنكر ذلك بقيتهم وفي ميراثه وفاء بذلك فإني أستوفي الدين كله من نصيبه، وليس الإقرار بالدين في هذا كالإقرار بالوصية. ألا ترى أنه لا ميراث له حتى يقضي الدين. وإذا أقر وليس له وارث غيره فقال: هذه وديعة لفلان لا بل لفلان، أو قال: هذه وديعة لفلان، ثم قال بعدما سكت: ولفلان معه، فإنها للأول ولا يصدق للثاني. ولو قال: هذه وديعة لفلان، ودفعها إليه ثم أقر بعدها أنها كانت لفلان وأنه أخطأ فهو (¬5) ضامن لفلان مثل ذلك المال، لأنه دفع فاستهلك. ولو لم يدفع كانت للأول ولا ضمان عليه للآخر، لأنه إنما هو (¬6) شاهد على الميت. وإذا قال: أوصى والدي (¬7) لفلان بالثلث ولفلان بين ألف درهم، في كلام متصل والدين يستهلك المال كله أجزت الدين وأبطلت الوصية. ألا ترى أنه لو قال: أوصى أبي لفلان بالثلث وأعتق هذا العبد، وهو الثلث صدّقته في العتق وأبطلت الوصية؛ وإذا أقر بالوصية (¬8) وهي الثلث ثم سكت ثم أقر (¬9) لفلان بعتق أجزت الثلث للأول ولم أصدقه عليه، وكان على ¬

_ (¬1) م - لو. (¬2) ت: بالوديعة. (¬3) م ت: وبعينه. (¬4) ت: وإذا. (¬5) ت: فإنه. (¬6) ت - إنما هو. (¬7) ت: والذي. (¬8) م ت: بوصية. (¬9) ت + بوصية وهي الثلث ثم سكت ثم أقر.

العبد (¬1) أن يسعى في قيمته كلها إذا كان العبد جميع المال كله (¬2)، فالثلثان من ذلك للوارث والثلث للموصى له (¬3). ألا ترى أنه لو قال: أوصى أبي بالثلث هذا، ثم سكت ثم قال: أوصى (¬4) بالثلث هذا، أجزت للأول وأبطلت إقراره للآخر. ولو قال في كلام متصل: هذا ولهذا الآخر، كان لهما (¬5) يتحاصّان في الثلث. وإذا أقر الوارث أن أباه أوصى لفلان بأكثر من الثلث وأنه قد أجاز ذلك بعد موت أبيه ثم مات قبل أن يقبض الموصى له وعليه دين فإن الوصية يبدأ بها من مال أبيه قبل دين الوارث، لأن الوارث قد أقر بذلك. وإذا أقر الوارث بوصية لرجل ثم هلك قبل أن ينفذها وقد استهلك المال وأكله فهو دين فيما ترك الوارث، فإن كان على الوارث دين تحاضوا جميعاً، وإن كان للميت مال قائم بعينه كانت هذه الوصية في ذلك المال، يبدأ بها قبل دين الوارث. وإذا شهد وارثان بوصية فشهادتهما جميعاً جائزة عليهما وعلى بقية الورثة (¬6)، [فإن أقرا ولم يشهدا] (¬7) فإن ذلك في نصيبهما خاصة، ولم يلزم (¬8) بقية الورثة شيء (¬9) من قبل أنهما لم يشهدا. فإن كان الوارثان غير عدلين فشهادتهما باطلة، ويلزمهما من ذلك ما يلزمهما لو أقرا بحصة تلك الوصية في نصيبهما. وإذا شهد الوارثان بوصية وشهدا على بقية الورثة أنهم سلموا وأجازوا ¬

_ (¬1) م: عليه؛ ت - العبد. (¬2) ت - كله. (¬3) ف - له. (¬4) ف ت: وأوصى. (¬5) ت + أن. (¬6) م ف ت + بشيء من قبل أنهما لم يشهدا. والتصحيح مستفاد من ب؛ والكافي، 3/ 216 و. (¬7) الزيادة مستفادة من المصدرين السابقين. (¬8) ف: ولا يلزم. (¬9) ف ت: بشيء.

باب إقرار الورثة بالعتق

بعد الموت فشهادتهما جائزة، لأنهما يضران أنفسهما (¬1) ولا يجران إليهما شيئاً. ولو شهد شاهدان أن أباهما أوصى بالثلث لرجل وشهد الوارثان أنه رجع عن هذا الثلث وجعله لفلان جازت شهادتهما بعد أن يكونا عدلين. ولو لم يشهدا على الرجوع ولكنهما شهدا بالثلث لاخر تحاصّا في الثلث. ولو شهدا أنه أوصى لوارث بالثلث وأجازت الورثة وشهد شاهدان غير وارثين أنه أوصى لفلان بالثلث كان ذلك الثلث هذا، لا يشركه (¬2) الوارث فيه ولو أجاز (¬3) الورثة. ألا ترى أنه لا حق للورثة في الثلث. ولو شهد وارثان أنه رجع عن وصيته هذا بالثلث وجعلها لهذا الوارث وأنهم وجميع الورثة قد سلموا ذلك بعد كان ذلك جائزاً، لأنهم قد أخرجوها عن أنفسهم. ولو شهدوا على الرجوع ولم يشهدوا أنه أوصى لهذا الآخر أبطلت شهادتهم. رجع أبو يوسف عن هذا وقال: شهادة الوارثين على الرجوع عن وصيته للأجنبي (¬4) ووصيته للوارث وإجازة الورثة باطلة والوصية للأول. وهو قول محمد. ... باب إقرار الورثة بالعتق وإذا مات الرجل وترك وارثاً لا وارث له غيره وترك ثلاثة أعبد وقيمتهم سواء لا مال له غيرهم فأقر الوارث أن أباه أعتق هذا في مرضه بعينه لأحدهم ثم قال: لا، بل هذا، ثم قال بعد: لا، بل هذا، فإنهم يعتقون جميعاً من قبل أن عتقه استهلاك، وهو بمنزلة ما أقر له ودفعه، لأن العتق إنما هو كلام لا يحتاج فيه إلى الدفع، فإذا خرج منه فهو بمنزلة ¬

_ (¬1) ت: بأنفسهما. (¬2) ت: لا يشاركه. (¬3) ت: أجازه. (¬4) ف: عن وصية الأجنبي.

الدفع. ولو قال: أعتق أبي هذا في مرضه وهذا وهذا، في كلام واحد، عتق من كل واحد ثلثه ويسعى في ثلثي قيمته، لأن هذا كلام متصل متتابع. ولو قال: أعتق أبي هذا، ثم سكت ثم قال: هذا، ثم سكت ثم قال: وهذا، عتق الأول كله، وعتق نصف الثاني، من قبل أنه أقر أن الثلث بين الثاني والأول، وعتق ثلث الثالث (¬1)، لأنه أقر أن الثلث بينهما جميعاً، ويسعى الثاني في نصف قيمته، ويسعى الثالث في ثلثي قيمته. وإذا أقر الوارث أن أباه أعتق هذا العبد بعينه في مرضه وهو الثلث وقامت بينة (¬2) أنه أعتق هذا الآخر وهو الثلث فإن الذي قامت له بينة (¬3) حر، ويسعى الذي أقر له الوارث في قيمته، لأنه لم يعتق أكثر من الثلث، وقد شهدت الشهود أن الثلث لصاحبهم الذي شهدوا له. وإذا شهد الوارث (¬4) أن أباه دبر هذا العبد في مرضه ثم سكت ثم قال: وأعتق هذا العبد الآخر في مرضه، فإن المدبر يعتق من الثلث لإقراره أول مرة، ويعتق الآخر من نصف الثلث، لأنه زعم أنه مع ذلك، فإقراره عليه جائز، ولا يصدق على (¬5) الأول. ولو أقر الوارث في حياة أبيه أن أباه أعتق عبده هذا في مرضه ثم إن أباه مات فجحد تلك المقالة وشهد عليه بها شهود فإنها جائزة بمنزلة لو لم يجحد، يعتق من الثلث. وكذلك لو شهدت الشهود أنه أقر بذلك بعد موت أبيه فإن ذلك كله سواء. وإذا شهد شاهدان يشهد أحدهما أنه أقر بذلك قبل موت أبيه وشهد الآخر أنه أقر بعد موت أبيه فإن ذلك جائز عليه، لأن هذا إقرار (¬6) كله، وليس اختلاف الأيام يبطل الشهادة في الإقرار. ... ¬

_ (¬1) ت: المال. (¬2) ت: البينة. (¬3) ف + أنه. (¬4) ت: الوارثان. (¬5) ت - على. (¬6) ت: أقر له.

باب الوصية في العتق على مال أو خدمة

باب (¬1) الوصية في العتق على مال أو خدمة وإذا أوصى الرجل لعبده بأن يؤدي كذا كذا ويعتق فإنه ينظر إلى قيمته وإلى ما اشترط عليه من الأداء، فإن كان الأداء أكثر من قيمته أو مثل قيمته فهو جائز، وإن كان أقل من قيمته نظر إلى ما حط عنه، فإن كان ذلك الثلث أو أقل فهو جائز، وإن كان أكثر من ثلث جميع المال حط عنه الثلث من جميع المال أو يسعى فيما بقي، فإن أعتق عبداً مع هذا على غير جُعْل بدؤوا بالعبد المعتق بغير جُعْل ثم أعتق هذا المعتق بالمال مما بقي من الثلث على ما وصفت لك في الباب الأول. وإذا أوصى الرجل أن يخدم عبده بعض ورثته سنة ثم يعتق فإن ذلك لا يجوز، من قبل أنها وصية لوارث، فإن أجاز الورثة ذلك وهم كبار بعد الموت فهو جائز، يخدم العبد سنة ثم يعتق من الثلث. وإذا أوصى أن يخدم جميع الورثة سنة ثم هو حر فإن هذا جائز من قبل أن ذلك ليس بوصية لبعضهم دون بعض. وإذا رد ذلك بعضهم أو كرهه أجبر على ذلك، ثم يعتق العبد من (¬2) الثلث. وإذا أوصى أن يخدم فلاناً سنة ثم هو حر وفلان غير وارث فهو جائز من الثلث، وإن أبى أن يقبل الخدمة لم يجبر على ذلك، وليس هذا كالورثة، هذا لا يجبر على قبول الوصية، ويبطل عتق العبد. وكذا (¬3) لو قبل ثم مات قبل سنة. وكذلك إذا قال: إذا خدم فلاناً سنة فهو حر. وكذلك إذا قال: إن خدم فلاناً سنة فهو حر. فإن كان فلان (¬4) غائباً فقدم بعد موت المولى بسنة فإن الخدمة تكون من يوم قدم فلان. فإن قال: يخدم فلاناً هذه السنة ثم هو حر، فغاب فلان تلك السنة كلها ولم يقدم ثم قدم بطلت تلك الوصية في الخدمة، وبطل العتق. وإذا قال في وصيته: يخدم فلاناً سنة ثم هو حر، ولا مال له غيره فإنه يخدم فلاناً يوماً والورثة يومين، فإذا مضى ثلاث سنين عتق. وإذا أوصى أن يخدم العبد ¬

_ (¬1) م ت + وكتاب؛ ف: كتاب. (¬2) ت: ثم. (¬3) ت: وكذلك. (¬4) ت: فلانا.

ورثته سنة ثم هو حر فصالحوه من الخدمة على دراهم وعجلوا عتقه فهو جائز. وإذا أوصى أن يعتق عنه هذه الخادم بعد موته بسنة وهي ثلثه فهو جائز، فإن ولدت وأَغَلَّت غلّة قبل السنة أو بعدها فذلك للورثة، وتعتق هي من الثلث، فإن جنت جناية قبل العتق فذلك إلى الورثة، إن شاؤوا دفعوها بالجناية وبطل العتق، وإن شاؤوا أعطوا أرش الجناية وأعتقوها عن الميت. فإذا أعتقها أحد الورثة عن نفسه فهو عن الميت، فإن أعتقها قبل مضي السنة فهي من الثلث وعليه حصة من بقي من الورثة من قيمة الخدمة. وإن دبرها وارث عن نفسه ثم مات فهي حرة عن الميت ولا تكون مدبرة للوارث، ولو لم يمت (¬1) فتدبيره باطل. وإذا قال الوارث بعد الأجل: إذا دخلت الدار فأنت حرة، فدخلت الدار فهي حرة عن الميت. وكذلك لو قال الوصي الذي أوصى (¬2) إليه بعتقها لإنسان بعد (¬3) مضي السنة: أعتقها عن الميت، فأعتقها عن الميت فهو جائز. وكذلك لو حضر الوصي الموت فأوصى إلى آخر أن يعتقها عن الميت أجزت ذلك، وليس هذا كالرجل يأمر رجلاً أن يعتق عنه أمة في حياته، هذا إذا أمر غيره لم يجز، والوصي يوصي إلى غيره بذلك ويأمره فيجوز. وإذا أوصى أن يعتق ما في بطن خادمته بعد موته بشهر فهو جائز. وإذا أعتق الأمة بعض الورثة فهي حرة عنه، وما في بطنها حر عن الميت، وشركاؤه بالخيار في الأمة (¬4)، إن شاؤوا أعتقوا أنصباءهم، وإن شاؤوا ضمنوا المعتق إن كان موسراً في قول أبي حنيفة، وإن (¬5) دبرها قبل أن تلد فتدبيره جائز وتبطل وصية الميت. وإذا أوصى الرجل أن يعتق عنه خادمه فلانة بعد موته بسنة وهي ¬

_ (¬1) ت: لم تمت. (¬2) م: أو، صح هـ. (¬3) ت + ما. (¬4) ت - في الأمة. (¬5) ت: وإذا. .

باب الوصية إذا لم يقبلها الموصى له

الثلث فباعها الورثة فبيعهم باطل، فإن ولدت من المشتري ولداً فله الولد وهي حرة بغير قسمة (¬1)، من قبل أن الورثة هم غروه، وعليه العقر لهم، ويردون عليه الثمن، وتؤخذ الجارية فتعتق عن الميت بعد سنة كما أوصى. ولو أوصى بعتق جارية وقيمتها ألف وله ألفان فهلكت الألفان قبل أن يقبضها الوصي فإن الجارية تعتق (¬2) ثلثها، وتسعى في ثلثي قيمتها. ... باب الوصية إذا لم يقبلها الموصى له وإذا أوصى الرجل لرجل بابنه أو بأبيه أو بمملوك ذي رحم محرم منه فقال الموصى له: لا أقبل، فقال ذلك في حياة الموصي أو بعد موته فالقول قوله، ولا يجبر على قبول ذلك. أرأيت لو أوصى له بعبد أعمى وأبى أن يقبله أكنت أجبره على قبوله. أرأيت لو حلف لا يملك ابنه فأوصى به له فأبى أن يقبله وقد حلف بالعتق والطلاق أيقع العتق والطلاق (¬3) عليه ويبقى ابنه في ملكه إن شاء أو أبى، هذا لا يكون، ولا يستطيع أن يدخل في ملك رجل عبداً (¬4) ولا غيره بغير قبول منه على وجه من الوجوه، ما خلا خصلة الميراث فإنه يلزمه إن شاء أو أبى. أرأيت لو أوصى له بطين كثير في داره أكنت أجبره على أن ينقله إن شاء أو أبى (¬5). أرأيت لو أوصى بعبد أعمى أكنت أجبره على أن يقبله أو ينفق عليه. وإذا أوصى الرجل لرجل بامرأته وقد ولدت من الموصى له فلم يعلم بالوصية حتى مات بعد موت الموصي فإنه ينبغي أن يكون ورثته بمنزلته، ولا نجبرهم على القبول، ولكنا ندع القياس في هذا ونجبرهم على القبول، ¬

_ (¬1) ف ت: قيمة. (¬2) ت: يعتق. (¬3) ف - أيقع العتق والطلاق. (¬4) ت: غيرا. (¬5) ف - أرأيت لو أوصى له بطين كثير في داره أكنت أجبره على أن ينقله إن شاء أو أبى.

ونجعلها من مال الموصى له الميت الآخر. ولو كان الموصى له حيًا لم يعلم بالوصية غير أنه جامعها بالنكاح حتى ولدت له أولاداً ثم علم بالوصية فإنه بالخيار، إن شاء قبل وإن شاء لم يقبل، فإن قبل فهي أم ولد له وأولادها أحرار إن كانوا يخرجون من ثلث مال الميت. وإذا أوصى الرجل لرجل بوصية فقبلها في حياته ثم مات الموصي فإن الموصى له بالخيار، إن شاء قبل وإن شاء رد، لأن قبوله ذلك لم يكن قبولاً، ألا ترى أن الوصية لم تقع بعد حتى مات. وإذا وهب الرجل عبداً لرجل (¬1) في مرضه فقبضه ولا مال له غيره ثم أعتقه الموهوب له في مرضه ثم ماتا جميعاً ولا مال لهما غيره وعليهما دين فإن العبد (¬2) يسعى في قيمته بين الغرماء غرماء الميت، فما أصاب صاحبه يضرب فيها غرماء الميت (¬3) الموهوب له بدينهم، ويضرب فيها وارث واهب العبد بقيمة العبد، فما أصابه أخذه غرماء الواهب. ولو كان الموهوب أعتق العبد في صحته ثم مات وليس له مال جاز عتق العبد ولا سعاية عليه. وإذا أوصى الرجل بوصية ثم مات فأبى الموصى له أن يقبل في حياة الموصي ثم قبل بعد موته فإن ذلك جائز من الثلث. وإذا أوصى الرجل لرجلين بالثلث فرد أحدهما الوصية بعد الموت فهو جائز، وللآخر حصته من الوصية. وإذا أوصى الرجل لرجل بوصية فقبلها بعد موته ثم ردها على الورثة فرده جائز وإن لم يقسم الوصية، ولا يشبه هذا الصدقة والهبة، ألا ترى أن الوصية تجوز (¬4) غير مقسومة وإن ردها على بعض الورثة دون بعض، وهي لهم كلهم على فرائض الله تعالى، ورده على بعضهم كرده على كلهم (¬5)، ¬

_ (¬1) ت - لرجل. (¬2) ت: فالعبد. (¬3) ف - فما أصاب صاحبه يضرب فيها غرماء الميت. (¬4) ف + عليه. (¬5) ف - على فرائض الله تعالى ورده على بعضهم كرده على كلهم.

باب إقرار الورثة في الدين

أستحسن ذلك وأدع القياس فيه، وإن رده عليهم فلم يقبلوها لم يجبرهم على أن يقبلوه. وكذلك لو كان له على الميت دين فوهبه للورثة أو لبعضهم فهي هبة لهم كلهم، كأنه وهبه للميت. وإذا أوصى الرجل لرجل بوصية خادم أو عبد فلم يقبل ولم يرد حتى مات الموصي فوهب إنسان للخادم ألف درهم والخادم تخرج (¬1) من الثلث فقبل الوصية فالخادم له، وله ثلث الألف. ولو ولدت أولاداً كان له ثلث أولادها، فإن هلك الثلثان قبل أن يقسم أو يقبض فإن له الخادم من الثلث، فإن بقي من الثلث شيء فهو في ولدها، هذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: نرى فيها أن له الخادم (¬2) وثلث (¬3) أولادها، وثلثين للورثة، فإن خرجت الخادم وولدها من الثلث كان له ذلك. ولو كانت الخادم أقل من الثلث كان له تمام الثلث من أولادها وما وهب لها، والثلثين للورثة في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإن له الثلث من جميع المال في الجارية وأولادها وما وهب لها بالحصص. ... باب إقرار الورثة في الدين وإذا أقر أحد (¬4) الورثة بين على الميت وهما اثنان فإن الغريم يستوفي دينه من نصيب المقر، لأنه لا ميراث للمقر حتى يستوفي الغريم الدين. وكذلك إذا أقر بوديعة بعينها أو مجهولة (¬5). وإذا أقر بشركة كانت بينه وبين ابنه أخذ الغريم من حصة الذي أقر (¬6)، فإن كان أقر بشركة النصف أخذ من حصة الثلثين، فإن كان أقر بالثلث أخذ النصف (¬7). ¬

_ (¬1) ت: يخرج. (¬2) ف: له أولادها. (¬3) ت: والثلث؛ ت - من. (¬4) ف - أحد. (¬5) ت: أو بمجهولة. (¬6) ت + له. (¬7) ت - النصف.

باب الدعوى من بعض الورثة والإقرار بالوارث

وإذا كان للميت ابنان وعبدان لا مال له غيرهما وقيمة كل واحد منهما ثلاثمائة فأقر أحدهما أنه أعتق هذا العبد بعينه في مرضه وشهد الآخر أنه أعتق أحدهما لا يدري أيهما هو فإن الذي أقر له بعينه يعتق منه ثلثا نصيبه، ويسعى في الثلث، ويسعى له الآخر في نصف قيمته، ويعتق من نصيب الآخر الثلث منهما جميعاً، ويسعى كل واحد منهما له في ثلثي نصيبه منه. وإذا أقر أحدهما أنه أعتق هذا بعينه وأقر الآخر أنه أعتق هذا بعينه سعى كل واحد منهما للذي أقر (¬1) له في ثلث نصيبه منه، ويسعى للذي لم يقر له في نصيبه منه. ولو قال أحدهما: أعتق أحدهما في مرضه، ولا يدري أيهما هو وأنكر الآخر عتق من نصيب المقر (¬2) من كل واحد منهما ثلث نصيبه، ويسعى كل واحد منهما للآخر في نصيبه (¬3) كاملاً (¬4). ولو شهدا جميعاً أنه أعتق هذا بعينه وقال أحدهما: أعتق (¬5) هذا أيضاً، عتق ثلثا الذي شهدا (¬6) له وسعى في الثلث بينهما، وعتق الآخر وسعى في جميع قيمته لهما، والذي شهدوا له أولى بالثلث من الآخر. ولو شهد أحدهما أنه أعتق هذا بعينه في صحته، وشهد الآخر أنه أعتق هذا الآخر في مرضه، عتق نصيب الشاهد الذي شهد له في الصحة، ويسعى للآخر في نصف قيمته، ويعتق ثلثا نصيب الذي شهد له في المرض من العبد الذي شهد له، ويسعى له في الثلث، ويسعى لأخيه في نصيبه (¬7). ... باب الدعوى من بعض الورثة والإقرار بالوارث وإذا مات الرجل وترك ابنين فادعى أحدهما أختاً وكذبه الآخر فإن ¬

_ (¬1) ف - أحدهما أنه أعتق هذا بعينه وأقر الآخر أنه أعتق هذا بعينه سعى كل واحد منهما للذي أقر. (¬2) م ف ت: المقرين. (¬3) ت - ويسعى كل واحد منهما للآخر في نصيبه. (¬4) م ف: كملا. (¬5) ت: عتق. (¬6) ت: شهدوا. (¬7) م ت: في نصفه.

الأخت تأخذ من المقر لها ثلث ما في يديه، من قبل أن لها واحداً وله اثنين (¬1). ولو لم يقر بأخت وأقر بزوجة لأبيه (¬2) وأنكر الآخر فإن ما في يديه يقسم بينه وبينها على تسعة أسهم، فتأخذ المرأة سهمين والابن سبعة. ولو كانت له امرأة معروفة غير هذه فأقر أحد الابنين بامرأة وزعم أنها امرأة أبيه مع المعروفة وجحدت المرأة المعروفة ذلك وجحد الابن ذلك. فإنها تقاسمه ما في يديه على ثمانية أسهم، فتأخذ الثمن وهو سبعة أثمان، من قبل أن لها نصف الثمن، وليس هذا كالتي لها الثمن كله. وإذا مات الرجل وترك ابناً وابنة وزوجة، فادعت الابنة أختاً أخرى أو أخاً آخر وأنكر الآخرون (¬3)، فإنها تقاسم التي أقرت له ما في يديها. فإن (¬4) كانت ادعت أختاً أعطتها نصف ما في يديها. وإن كانت أقرت بأخ أعطته ثلثي ما في يديها. وإن ماتت المرأة (¬5) وتركت زوجاً وأماً (¬6) وأختاً (¬7) فادعت الأخت أخاً وأقر بذلك الزوج وجحدت الأم فالفريضة من (¬8) عشرين، للأم من ذلك خمسة التي يكون لها بغير دعوى، ويبقى خمسة عشر، فاقسمها على خمسة أسهم، ثلثه للزوج وهو النصف من ستة، واثنان للأخت والأخ، فنصيب الزوج تسعة، ونصيب الأخ والأخت ستة، فيأخذ الأخ أربعة والأخت اثنين. وإذا ماتت المرأة (¬9) وتركت زوجاً وأختاً وأقر الزوج أن لها أخاً وجحدت الأخت فإنه يقسم ما في يدي الزوج على خمسة، فيأخذ الزوج ثلاثة، ويأخذ الأخ اثنين، من قبل أن للزوج النصف، وللأخت (¬10) الثلث. وإذا ماتت المرأة وتركت زوجاً وأختاً لأب وأم فأقر الزوج بأخت ¬

_ (¬1) ت: اثنان. (¬2) ف: لابنه. (¬3) ت: والآخرون أنكروا. (¬4) ت: كان. (¬5) ت: الزوجة. (¬6) ت: أما وزوجا. (¬7) ت: وأخا. (¬8) ت: في. (¬9) ت: الا مرأة. (¬10) ف ت: وللأخ.

أخرى لأب وأم وأنكرت الأخت المعروفة ذلك فإن ما في يدي الزوج يقسم على خمسة، له ثلثه، لأن له (¬1) ثلاثة من سبعة، ولها اثنان من سبعة. وإذا ماتت المرأة وتركت زوجاً وأختاً لأب وأم فأقر الزوج بأخت لأب وأنكرت الأخت فإن ما في يدي الزوج يقسم على أربعة، للزوج ثلاثة، وللأخت لأب (¬2) واحد، من قبل أن للزوج ثلاثة من سبعة، وللأخت واحد من سبعة. وكذلك لو كان أقر بأخت لأم أو أخ. فإن كان أقر بأخ (¬3) وأخت (¬4) جميعاً لأم (¬5) فإنه يعطيهما خمسي ما في يديه، من قبل أن لها اثنين من ثمانية، وله ثلاثة من ثمانية. وإذا ماتت المرأة وتركت زوجاً وأختاً لأب فأقر الزوج بأم وأنكرت الأخت فإنه يقاسمها ما في يديه على خمسة، للأم اثنان، وللزوج ثلاثة، لأنه أقر أن لها اثنين من ثمانية، وله ثلاثة من ثمانية. وإذا ماتت المرأة وتركت زوجاً وأختاً لأب فأقر الزوج بأخت لأب وأم فإنه يقاسمها ما في يديه نصفين، لأنه أقر أن لها ثلاثة من سبعة، وله مثل ذلك. وإذا مات الرجل وترك ابنين وامرأة فادعى أحد الابنين امرأتين وأقر بهما فإنه يقاسمهما ما في يديه على خمسة وعشرين سهماً، أحد وعشرون للابن، ولكل امرأة سهمان، من قبل أن الفريضة في قوله من ثمانية وأربعين، والثمن ستة، لكل امرأة اثنان، ولكل ابن واحد وعشرون. وإذا مات الرجل وترك ابنتين (¬6) وأبوين فأقرت إحدى الابنتين بامرأة وصدقتها الأخرى (¬7) فإن الفريضة من تسعين، للابنتين (¬8) ستون، وللأبوين ثلاثون، فخذ نصيب الأم خمسة عشر، ونصيب إحدى الابنتين ثلاثون، فذلك ¬

_ (¬1) ف - ثلثه لأن له. (¬2) ف ت: للأب. (¬3) ت - فإن كان أقر بأخ. (¬4) ت: أو أخت. (¬5) م ف: للأم. (¬6) م: ابنين. (¬7) ف: الأخت؛ ت: الأم. (¬8) ت: للابنين.

باب إقرار المريض في الدين وغيره لوارث وغيره

خمسة وأربعون، فأعط المرأة تسعة، وأعط الابنة أربعة وعشرين (¬1)، وللأم اثني عشر. ولو جحدت الأم ولم تقر قسمت ما في يدي الابنة على ثلاثة وثلاثين، للابنة أربعة وعشرون، وللمرأة تسعة. ولو لم تقر الابنة وأقرت الأم قسمت ما في يديها على أحد وعشرين، اثنا عشر للأم، وتسعة للمرأة. ولو مات رجل وترك امرأة وابنتين وأبوين فأقرت المرأة بامرأة أخرى أعطتها نصف ما في يديها. فإن أقرت بها (¬2) إحدى الابنتين جمعت ما في يدي إحدى (¬3) الابنتين (¬4) وما في يدي (¬5) المرأة فقسمته بين المرأتين والابنة على أحد عشر سهماً، للابنة ثمانية من سبعة وعشرين لا تنقص (¬6) من نصيبها شيئاً، وتدخل المرأة المقر بها في نصيب المرأة الأخرى. وإذا ماتت المرأة وتركت زوجاً وأبوين فادعى الزوج ابنة لها من غيره قاسمها ما في يديه على أربعة ونصف، للزوج واحد ونصف، وللابنة ثلاثة أسهم. وإذا مات الرجل وترك ابنة وأبوين وامرأة فادعت الابنة أخاً لها فإنها تقاسمه ما في يديها على ثلاثة أسهم، للأخ سهمان، وللابنة سهم. وإذا ادعت الأم ابنة للميت وجحد بقية الورثة فإنها تقاسمها ما في يديها على اثني عشر سهماً، فتضرب فيه الأم بأربعة والابنة بثمانية. ... باب إقرار المريض في الدين وغيره لوارث وغيره (¬7) وإذا أقر الرجل المريض بدين لرجل ثم أقر بعد ذلك بدين لرجل آخر فهو جائز إذا لم يكن عليه دين في الصحة. وإذا كان عليه دين في الصحة بإقرار منه في الصحة أو بشهادة الشهود فهذا أولى من الإقرار في المرض. ¬

_ (¬1) ت: وعشرون. (¬2) ت: لها. (¬3) ف: الأخرى؛ ت - إحدى. (¬4) ف: للابنتين. (¬5) ت: في يد. (¬6) ت: لا ينقص. (¬7) ف ت: أو غيره. .

فإذا استوفى هؤلاء فأصحاب الإقرار في المرض يتحاصّون. وإن كان الإقرار متصلاً أو منقطعًا فهو سواء في الدين والوديعة والمضاربة والبضاعة، إذا كان ذلك بإقرار وليس هو شيئاً معلوماً (¬1) بعينه فإنهم جميعاً يتحاصون فيما ترك الميت. بلغنا ذلك عن إبراهيم النخعي وعن عطاء بن أبي رباح نحواً (¬2) من ذلك (¬3). وإذا أقر المريض بوديعة بغير عينها ثم أقر بدين فهما (¬4) سواء، وهما يتحاصّان. وكذلك إذا بدأ بالدين قبل الوديعة. فإن بدأ بالوديعة بعينها ثم أقر بدين فإن الوديعة بعينها أولى من الدين. وكذلك المضاربة والبضاعة. وإذا أقر الرجل لرجل بدين يحيط بماله كله في مرضه فهو جائز، ولا يجوز له أن يقر لوارث في مرضه الذي يموت فيه بدين ولا وديعة ولا مضاربة ولا بضاعة ولا غير ذلك. وإذا أقر الرجل في مرضه لوارث ولآخر بدين ألف درهم فإن إقراره لا يجوز لواحد منهما، لأن ما يأخذه الآخر يشركه فيه الوارث، وكذلك الوديعة والمضاربة والبضاعة. وإذا أوصى لوارث ولآخر بوصية جاز حصة الآخر من الثلث، ولا تجوز حصة الوارث. وليست الوصية كالدين الذي أصله شركة بينهما، والوصية ليس أصلها شركة. وإذا أقر بدين لهما جميعاً فقال الابن: أما أنا فلم يكن لي عليه شيء قط، فصدقه الآخر فإني لا أجيز حصة الآخر من قبل (¬5) الشركة التي أقر بها الميت للوارث فيها، وهذا قول أبي حنيفة. وأما في قول محمد فالإقرار للشريك في النصف جائز، ويبطل حصة الابن فيها. ¬

_ (¬1) ف: بشيء معلوم؛ ت: شيء معلوم. (¬2) ت: نحو. (¬3) وصله المؤلف بإسناده عن إبراهيم في أول كتاب الوصايا. انظر: 3/ 214 و. وعن إبراهيم قال: إذا أقر في مرض لوارث بدين لم يجز إلا ببينة فإذا أقر لغير وارث جاز. وعن عطاء في رجل أقر لوارث بدين قال: جائز. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 332 - 333. (¬4) ت: فيهما. (¬5) م ف ت + أن.

وإذا كان لوارث (¬1) على وارث دين وكان له كفيل أجنبي أو كان له دين على أجنبي وكان له وارث كفيل فأقر في مرضه الذي مات فيه أنه قد استوفى منهما أو من أحدهما أيهما كان فإن إقراره باطل لا يجوز، من قبل أن فيه براءة للوارث. وكذلك المرأة إذا أبرأت زوجها من صداقها في مرضها. وإذا كان على الرجل دين بإقرار منه في صحته فاشترى في مرضه الذي مات فيه متاعاً من رجل ونقده الثمن واستقرض من رجل قرضًا ثم قضاه فإن ذلك جائز، لأنه قد أخذ منه مثله في مرضه. ولو قضى بعض غرمائه الدين في الصحة في المرض لم يجز ذلك، وكان ما أخذه بينه وبين أصحابه بالحصص، من قبل أنه لم يأخذ منهم في مرضه ذلك عوضًا. وإذا غصب في مرضه غصباً فقضاه فهو جائز. وكذلك ما أنفق على نفسه في كسوته وطعامه ودوابه إذا اشتراه شراء. وإذا استأجر أجيراً أو تزوج امرأة فعجل لها المهر وعجل للأجير الأجر فإن ذلك لا يجوز لهما، وذلك كله بينهما وبين الغرماء بالحصص، لأنه لم يأخذ في مرضه شيئاً منهما. وإذا أقر المريض في مرضه بدين لوارث أو لغير (¬2) وارث (¬3) وعليه دين بإقرار في الصحة ثم برأ من ذلك المرض فإقراره فيه لازم جائز. وإذا أقر المريض أنه قد استوفى من غريم له غير وارث ما كان عليه، وقد كان الدين في الصحة (¬4)، ثم مات من ذلك المرض وعليه دين يحيط بماله في الصحة معروف (¬5) فهو جائز، لأنه مسلط على أخذ دينه، وليس بمسلط على الإقرار إذا كان عليه دين معروف. وإذا أقر أن دينه الذي على ¬

_ (¬1) في هامش م ت: في نسخة له. (¬2) ت: أو غيره. (¬3) ت - وارث. (¬4) ت - ثم برأ من ذلك المرض فإقراره فيه لازم جائز وإذا أقر المريض أنه قد استوفى من غريم له غير وارث ما كان عليه وقد كان الدين في الصحة. (¬5) ت: معروفا.

باب الرجل يوصي إلى الرجل بأن يضع الثلث حيث أحب

هذا الرجل لفلان فإن ذلك لا يجوز حتى يستوفي الغرماء دينهم المعروف، ثم يجوز بعد ذلك لفلان. وإذا كفل المريض بكفالة عن وارث أو لوارث ثم مات من ذلك المرض فإن كفالته باطل لا تجوز (¬1)، وإن كفل لغير وارث فذلك جائز من ثلثه. وإذا كان عليه دين يحيط بماله فكفالته باطل. والمسلم والذمي في جميع ما ذكرنا سواء. والعبد التاجر والمكاتب في مرضهما في الإقرار بمنزلة الحر لا يجوز إقرارهما إذا كان عليهما دين معروف. وإذا باع الرجل في مرضه بيعاً فحابى (¬2) فيه فتلك المحاباة من ثلثه بعد الدين، فإن رضي بذلك البائع والمشتري وإلا تناقضا البيع. وإن كانت داراً فللشفيع (¬3) أن يأخذها بذلك الثمن، فإن كان الشفيع وارثاً فلا شفعة له، وإن كان أصل البيع من وارث والشفيع آخر فلا شفعة له، لأن أصل البيع كان فاسداً، فلا يجوز للمريض أن يبيع من ورثته في مرضه الذي يموت فيه شيئاً قليلاً ولا كثيراً بأكثر من الثمن ولا بأقل، وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر أنه إذا (¬4) باع بالقيمة أو (¬5) بأكثر من ذلك أجزنا ذلك، وهو قول أبي يوسف ومحمد. وإذا باع من غير وارث أو حابى بالثلث فللورثة الشفعة تأخذها (¬6) بجميع القيمة، ويكون فضل الثمن للورثة. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. ... باب الرجل يوصي إلى الرجل بأن يضع الثلث حيث أحب وإذا أوصى الرجل إلى الرجل (¬7) بالثلث أن يضعه حيث أحب وأن يجعله حيث أحب فهو سواء، وله أن يجعله لنفسه ولمن أحب من ولده، ¬

_ (¬1) ت: لا تجوز وهي باطل. (¬2) ف: فحاباه. (¬3) ت: فلشفيع الدار. (¬4) ف - إذا. (¬5) ف - أو. (¬6) من باب تأنيث الجمع. (¬7) ت: للرجل.

وليس له أن يجعله لأحد من ورثة الميت، فإن جعله لبعض ورثة الميت فهو باطل مردود على جميع ورثته، وليس له أن يعود فيجعله لأحد ثانية بعد أن يخرج منه. وإذا أوصى بثلثه إلى فلان (¬1) أن يعطيه من أحب فليس له أن يعطيه نفسه، وليس هذا كالباب الأول، لأنه لا يكون معطيًا لنفسه وقد (¬2) يكون (¬3) جاعلاً لها وواضعاً عندها. وإذا أوصى الرجل إلى الرجل (¬4) وقال: قد جعلت ثلثي لرجل قد سميته له فصدقوه فيه، فقال فلان الوصي: هو هذا الرجل (¬5)، وخالفه الورثة فإن (¬6) الوصي لا يصدق على هذا ولا يلتفت إليه وحده (¬7)، إنما هو هاهنا شاهد، وليس هذا كقوله: يضعه حيث يشاء (¬8)، هو في هذا ليس بشاهد. أرأيت لو قال: يعتق أي عبيدي شاء، أما كان له أن يعتق أيها شاء. ولو قال: قد أعتقت عبدي وسميته للوصي فصدقوه (¬9) فيه، لم يصدق، لأنه شاهد وحده. وإذا أوصى الرجل إلى الرجلين أن يضعا ثلثه حيث شاءا أو يعطيانه من شاءا فاختلفا في ذلك فقال هذا: أعطيه فلاناً، وقال هذا: أعطيه فلاناً، لم يكن لواحد من الرجلين قليل ولا كثير، لأن الوصيين لم يجتمعا على واحد منهما. ولو قال: قد أوصيت بثلثي لإنسان وقد سميته للوصيين، فصدقوهما، فقالا: هو هذا، وشهدا له بذلك فإني أجيز شهادتهما، فإن اختلفا في ذلك أبطلت قولهما ولم أصدقهما. ... ¬

_ (¬1) م ت: لفلان. (¬2) ت - وقد. (¬3) ت: ولكون. (¬4) ت: لرجل. (¬5) ف + وقال قد جعلت ثلثي لرجل. (¬6) ف - وخالفه الورثة فإن. (¬7) ت - وحده. (¬8) ف: شاء. (¬9) ت: وصدقوه.

باب الرجوع في الوصية

باب الرجوع في الوصية وإذا أوصى بعبده أن يعتق ثم أوصى به أن يباع فإن هذا رجوع عن العتق. وكذلك إذا بدأ بالبيع ثم العتق فإنه رجوع عن البيع. فإن أوصى أن يباع من رجل ثم أوصى أن يعتق نصفه فإنه رجوع في البيع ويعتق نصفه. وكذلك إذا بدأ بالعتق ثم قال: بيعوا نصفه، فهو رجوع منه ولا يعتق نصفه (¬1) الباقي. وإن هو أوصى به لرجل ثم أوصى به أن يباع لرجل آخر فإنهما يتحاصّان فيه. وكذلك إذا بدأ بالبيع ثم بالوصية. وإذا شهدت الشهود على رجل أنه أعتق أحد عبديه فقال: أحدكما حر، أو قالوا (¬2): أعتق أحدهما وسماه (¬3) لنا ونسيناه، فإن شهادتهما باطل لا تجوز، ولا يجبر الرجل على أن يعتق أحدهما إذا جحد ذلك. وهو قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإذا شهدوا أنه قال: أحدكما حر، جازت الشهادة، وأجبر (¬4) على أن يعتق أحدهما (¬5). وإن أقر الرجل نفسه (¬6) أنه قال لعبدين له: أحدكما حر، فإنه يجبر على أن يختار أحدهما فيعتقه. فإن شهدوا هذه الشهادة بعد موته فإن شهادتهما إذا قال: أحدكما حر، جائزة (¬7) ويعتق نصف كل واحد منهما، وشهادتهما أنه أعتق أحدهما وسمى ثم نسيناه، باطل لا تجوز في قول أبي حنيفة. وفي قول أبي يوسف ومحمد ذلك كله جائز في الحياة والموت إلا قولهما: أعتق أحدهما وسماه لنا (¬8) ونسيناه، فإنه باطل لا يجوز. ¬

_ (¬1) ت - فإنه رجوع في البيع ويعتق نصفه وكذلك إذا بدأ بالعتق ثم قال بيعوا نصفه فهو رجوع منه ولا يعتق نصفه. (¬2) ت: أو قال. (¬3) م: وسمى؛ ت: وسما. (¬4) ف + الرجل. (¬5) ت - إذا جحد ذلك وهو قول أبي حنيفة وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإذا شهدوا أنه قال أحدكما حر جازت الشهادة وأجبر على أن يعتق أحدهما. (¬6) ت - نفسه. (¬7) ت: جائز. (¬8) ت - لنا.

باب شهادة الوصيين في الوصية

باب شهادة الوصيين في الوصية وإذا أوصى الرجل إلى رجلين (¬1) فشهدا أنه أوصى إلى فلان معهما فشهادتهما جائزة، فإن كذبهما (¬2) فلان فشهادتهما باطلة (¬3). وإن كذبهما أدخلت معهما آخر، لأنهما قد أقرا أن معهما وصياً آخر للميت، ألا ترى أنه لو صدقهما وقال: لا أقبل الوصية، أدخلت معهما وصيا آخر ثالثًا، وكان له أن يأبى. وإذا شهدا أن أباهما أوصى إلى فلان وقبل ذلك فلان وفلان يدعي ذلك فإني أجيز ذلك، وقد كان ينبغي في القياس أن لا يجوز، ولكني أدع القياس (¬4) وأستحسن أن أجيزه، ألا ترى أن رجلين لو شهدا أن أباهما وكل هذا الوكيل وهو حي أبطلت ذلك، كذلك الشهادة في الوصية في القياس. فإذا شهد رجلان لهما على الميت دين أو للميت عليهما دين أن الميت أوصى إلى هذا أجزت ذلك إذا ادعاه الوصي وتركت القياس فيه، ولست أجيز شهادة رجلين على رجل أنه وكل باقتضاء الدين عليهما وعلى غيرهما ولو صدقهما الوكيل، فإني أبطل ذلك. وقد أجيز في الوصية ما لا أجيز في الوكالة. وإذا شهد ابنا (¬5) الوصي أو أبوه ورجل آخر أن الميت أوصى إليه أبطلته، ولا أجيز في هذا شهادة (¬6) ولد الوصي ولا والده ولا زوجته ولا رجل لو شهد لامرأته. فأما شهادة الأخ في هذا وذوي القرابة من غير هؤلاء فهو جائز. وشهادة الوصيين المشتركين في هذا متفاوضين أو غير متفاوضين جائزة، من قبل أنهما لا يجران إلى أنفسهما شيئاً. ¬

_ (¬1) ف: إلى الرجلين. (¬2) ت: صدقهما. (¬3) ت: جائزة. (¬4) م ف ت - القياس. والزيادة من ع. (¬5) ت: أبناء. (¬6) ت: شهاة.

وإذا أوصى رجل إلى رجلين فشهد ابنا أحد الوصيين أن الميت أوصى إلى أبيهما وإلى (¬1) هذا الآخر فشهادتهما باطل، لأنهما يشهدان لأبيهما. وإذا شهد شاهدان أنه أوصى إلى هذا وأنه رجع عن ذلك أجزت شهادتهما. فإن شهد شاهدان (¬2) للأول (¬3) ثم شهد ابنا الأول أنه عزل أباهما عن الوصية وأوصى إلى فلان آخر أجزت شهادتهما، لأنهما يشهدان على أبيهما. ولو شهدا أنه أوصى إلى أبيهما ثم عزله عن الوصية وأوصى إلى هذا أجزت ذلك. وكذلك لو شهد على ذلك ابنا الميت أو شهد عليه غريمان للميت لهما عليه دين أو له عليهما دين أجزت ذلك. وإذا شهد شاهدان فشهد أحدهما أنه أوصى إلى فلان يوم الخميس وشهد الآخر أنه أوصى إليه يوم الجمعة فهو جائز، لأن الوصية كلام وليس بفعل ولا عمل. ولو شهد شاهد أنه أوصى إليه بالكوفة وشهد شاهد أنه أوصى إليه بمكة أجزت ذلك. ولو شهد شاهدان لرجل أنه قال: قد جعلته وصياً، أو قال: قد أوصيت إليه، أجزت له (¬4) ذلك. ولو شهدا أنه قال: هو (¬5) وكيلي (¬6) في جميع ما تركت بعد موتي، جعلته وصياً بعد موته، والوكالة (¬7) هاهنا والوصية سواء. ولو شهد رجل وامرأتان على الوصية أجزت ذلك. وكذلك لو شهد رجلان على شهادة رجلين. وإذا (¬8) شهد الوصي للميت بدين أو غير ذلك فشهادته باطلة، ولو شهد عليه كانت شهادته جائزة. ولو شهد الوصي للميت بشهادة بعدما تدرك ¬

_ (¬1) م + وإلى. (¬2) ت: شاهد أن. (¬3) ف ت: الأول. (¬4) ف - له. (¬5) ت - هو؛ صح هـ. (¬6) ت: وكيل. (¬7) ف ت: الوكالة. (¬8) ت: ولو.

باب الشهادة في الدين والوصية

الورثة ويقبضون مالهم لم تجز (¬1) شهادته أيضاً، من قبل أنه لو قبض ذلك جاز عليهم، وكان هو الخصم في ذلك، فلا تجوز شهادته في جميع ما يكون فيه خصماً. وكذلك لو شهد لبعض الورثة على الميت بشهادة والوارث صغير لم تجز (¬2) شهادته، لأنه يقبض له المال. وكذلك إذا كان الوارث كبيراً في قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد أنه إذا كان الوارث كبيراً فإن شهادة الوصي جائزة على الميت من أجل أنه لا يقبض له، وهو قول أبي يوسف ومحمد. ولا تجوز شهادة الوصي في شيء من الميراث إذا كان في يد غير الميت، لأنه هو الخصم فيه. وكذلك لا تجوز شهادة الوصي للميت ولا لورثته ولا لامرأته (¬3) ولا لأحد منهم صغير ولا كبير بشيء من الميراث. فأما الصغار فلا تجوز (¬4) شهادته لهم في شيء من الميراث ولا غيره، لأنه هو القابض لهم، وتجوز شهادته للكبير فيما كان من غير الميراث. ... باب الشهادة في الدين والوصية وإذا شهد أربعة نفر فشهد اثنان لاثنين على الميت بدين وشهد الاثنان الاَخران (¬5) لهما أيضاً بدين على الميت فإن ذلك جائز، من قبل أنه لا شركة بينهم في أصل الدين، وهو قول أبي حنيفة ومحمد. وأما في قول أبي يوسف فإن شهادتهم باطل، من قبل أنهم يشتركون في قسمة المال. وكذلك لو شهد ابنا هذين لهذين وابنا هذين لهذين أو أبوا (¬6) هذين لهذين وأبوا (¬7) هذين لهذين أو رجل وامرأتا هذين لهذين ورجل (¬8) وامرأتا ¬

_ (¬1) ت: لم يجز. (¬2) ت: لم يجز. (¬3) ت: لمرأته. (¬4) ت: يجوز. (¬5) ت: اثنان للآخرين. (¬6) ت: أو أبوي. (¬7) ت: أو أبوي. (¬8) م ف: أو رجل.

هذين لهذين (¬1)، فهذا كله باب واحد، وهو باطل لا يجوز. وإذا شهد ابنا الميت أو غيرهما على دين لرجلين على الميت ثم شهد هذان (¬2) الرجلان بدين لرجلين آخرين فهو جائز، من قبل أنهما يضران أنفسهما وقد ثبت حقهما. وإذا شهد رجلان لرجلين بوصية الثلث وشهد الآخران (¬3) لهما بوصية الثلث أو السدس أو بعبد (¬4) بعينه أو بدراهم بأعيانها أو بثوب أو بمتاع أو غير ذلك فإن شهادتهم جميعاً لا تجوز، من قبل أن بعضهم شريك لبعض فيما شهدوا به. وكذلك لو شهد ابنا هذين لهذين وابنا هذين لهذين، أو امرأتا هذين ورجل لهذين وامرأتا هذين (¬5) ورجل لهذين، أو أبوا هذين لهذين [وأبوا هذين لهذين] (¬6)، أو جدا (¬7) هذين لهذين [وجدا هذه لهذين] بدين، فهذا كله باطل لا يجوز. وكذلك إذا شهد الزوج في هذا. وإذا شهد (¬8) شاهدان لهذين بهذا العبد وشهد صاحب العبد أنه أوصى بشهادتهما بهذه (¬9) الأمة فشهادتهم جائزة، من قبل أنهم لا شركة بينهم في ذلك. وكذلك لو شهد ابنا هذين لهذين (¬10)، أو أبوا هذين لهذين، أو جدا (¬11) هذين لهذين، أو نسوتهم مع رجل فهذا كله جائز، من قبل أنه لا شركة بينهم في هذا. وإذا شهد الوصيان على دين على الميت أو على وصيه فإن شهادتهما جائزة، فإن دفعا ذلك قبل أن يشهدا به ثم شهدا به بعد الدفع فشهادتهما ¬

_ (¬1) ت - ورجل وامرأتا هذين لهذين. (¬2) م: شاهدان. (¬3) ت: آخران. (¬4) م ف: أو عبد. (¬5) م ف ت: وامرأتان لهذين. (¬6) ت + وابنا هذين لهذين أو امرأتا هذين ورجل لهذين وامرأتان لهذين ورجل لهذين أو أبوا هذين لهذين. (¬7) ت: أو إحدى. (¬8) ت - الزوج في هذا وإذا شهد. (¬9) ف: هذه. (¬10) م ت + وابنا هذين لهذين. (¬11) ت: وجداً.

باطل، لأنهما يدفعان الضمان عن أنفسهما. وكذلك لو شهد ابنا الوصيين أو أبواهما أو امرأتا الوصيين ورجل أو جداهما فإن (¬1) شهادتهم باطل في هذا كله إذا كان بعد الدفع، فإن شهدوا قبل الدفع فشهادتهم جائزة. وإذا أوصى رجل لرجل (¬2) بدينار إلا درهماً (¬3) فهو جائز، ويعطى من ثلثه ديناراً إلا درهماً (¬4). وكذلك لو قال: كُرّ (¬5) حنطة إلا درهماً (¬6)، أو قال: له كُرّ شعير إلا مختوم (¬7) حنطة، نقصت من الشعير قيمة ذلك وأجزتها ميأ الثلث. وكذلك لو قال: داري هذه له أو عبدي هذا إلا مائة درهم، أجزت ذلك من الثلث وأبطلت من ذلك مائة درهم، وهذا قول أبي يوسف. وأما في قول محمد فالوصية جائزة، والاستثناء باطل. وإذا قال: قد (¬8) أوصيت له بما بين العشرة إلى العشرين أو بما (¬9) بين العشرة والعشرين أو من العشرة إلى العشرين فهذا كله باب واحد، وإنما أوصى له بتسعة عشر درهماً. وكذلك لو قال: قد أوصيت له بما بين المائة إلى المائتين، فإنما أوصى له بمائة وتسعة وتسعين درهماً، الدرهم الآخر غاية، وهذا قياس قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإني أجيز المائتين جميعاً من الثلث، أستحسن وأدع القياس. وكذلك العشرين. وروى زفر عن أبي حنيفة أنه قال: ما بين العشرة إلى العشرين ثمانية عشر. وإذا أوصى له بعشرة في عشرة، أو بخمسة في خمسة، فإنما له عشرة ¬

_ (¬1) ف: كان. (¬2) ت: إلى رجل. (¬3) ت: إلا درهم. (¬4) ت: إلا درهم. (¬5) الكر مكيال مقداره أربعون قفيزاً. وقيل غير ذلك. وقد تكرر كثيراً قبل هذا. (¬6) ت: إلا درهم. (¬7) المختوم هو الصاع، وقد تقدم. (¬8) ت - قد. (¬9) ت: أو ما.

دراهم إذا قال: عشرة في عشرة. وإذا قال: خمسة في خمسة، فإنما له خمسة دراهم. وإذا أوصى له بعشرة أذرع في عشرة أذرع من داره جعلت له مائة ذراع مكسّرة (¬1). وكذلك لو أوصى بثوب سبع في أربع جعلت ذلك (¬2) كما قال، لأن هذا إنما يراد منه هذا، ولا يشبه هذا ما قبله. وإذا أوصى له بحنطة من جُوَالَق (¬3) أجزت له (¬4) الحنطة ولم أعطه الجوالق. وإذا أوصى له بهذا الجِرَاب الهَرَوي (¬5) أعطيته الجراب وما فيه. وإذا أوصى له بهذا الدنّ الخل أعطيته وإن خل وما فيه. وكذلك لو أوصى له بالقَوْصَرَة (¬6) التمر أعطيته القوصرة وما فيها. وكذلك لو أوصى له بسيف أعطيته السيف بجفنه وحليته من الثلث. وكذلك لو أوصى (¬7) بسرج أعطيته السرج وما حمل من متاعه. ولو أوصى له بقبة أعطيته عيدان القبة بغير كسوتها. ولو أوصى له بقبة تركية أعطيته القبة باللُّبُود (¬8). وإذا (¬9) أوصى له بحَجَلَة (¬10) فله الكسوة دون العيدان. ولو أوصى له بسلة زعفران أعطيته الزعفران دون السلة. وكذلك لو أوصى بهذا الزّقّ العسل وهو في زِقّ أعطيته العسل دون الزق. وكذلك السمن والزيت وما أشبه (¬11) ذلك (¬12). ... ¬

_ (¬1) أي: على حساب المساحة، كما يقال اليوم: متر مربع. فالمقصود: مائة ذراع مربع. انظر: المبسوط، 28/ 84. (¬2) ت: له. (¬3) ما توضع فيه الحنطة، كما تقدم. (¬4) ت - له. (¬5) الجراب وعاء، والهروي نوع من الثياب، كما تقدم. (¬6) وعاء يوضع فيه التمر، كما تقدم. (¬7) ت + له. (¬8) اللبود جمع لِبْد ولِبْدة، وهو كل شعر وصوف متلبد، أو نوع من البُسُط. انظر: القاموس المحيط، "لبد". (¬9) ت: ولو. (¬10) الحجلة بيت يزين بالثياب والأسرة للعروس. انظر: المغرب، "حجل". (¬11) ت: وشبهه. (¬12) ت - ذلك.

باب الوصية بما في البطن

باب الوصية بما في البطن وإذا أوصى رجل لرجل بما في بطن هذه الجارية ثم ولدت الجارية بعد موت الرجل بستة أشهر أو أكثر فإنه لا يكون له من الوصية شيء، لأن الحبل عندنا كان بعد الموت، وإن جاءت به لأقل من ستة أشهر وجبت الوصية من الثلث. وإذا أوصى فقال: إن كان في بطن فلانة ابنة فلها وصية ألف درهم وإن كان في بطنها غلام فله وصية ألفان، فولدت جارية لستة أشهر إلا يوماً وولدت غلاماً بعد ذلك بيومين أو ثلاثة أو نحو ذلك فالوصية لهما جميعاً من الثلث، من قبل أنهما في بطن واحد، وأن الوصية قد وقعت لهما جميعاً من حيث ولدت الأول. ولو أوصى بهذه الوصية فولدت غلامين وجاريتين لأقل من ستة أشهر فذلك إلى الورثة، يعطون أي الغلامين شاؤوا وأي الجاريتين شاؤوا. وإذا قال: إن كان الذي في بطنك غلاماً فله ألفان وإن كانت جارية فلها ألف، فولدت غلاماً وجارية أو غلامين وجاريتين فليس لواحد منهما شيء، لأن ما في بطنها غير ما قال. وإذا مات الرجل وترك امرأة حبلى وأوصى رجل لما في بطنها بوصية ثم وضعت الولد لستة أشهر ثبت نسبه ووجبت له الوصية. وكذلك لو وضعته ما بينها وبين سنتين، لأني قد أثبت نسبه. وإذا أوصى الرجل لما في بطن امرأة بوصية ثم وضعت بعد موته وبعد الوصية بشهر ولدا ميتا فلا وصية له، من قبل أني لا أدري أحياً (¬1) كان أم ميتاً (¬2)، فإن ولدته حياً ثم مات فالوصية جائزة له من الثلث، وهو ميراث لورثته. فإن ولدت اثنين أحدهما: حي، والآخر: ميت فالوصية للحي (¬3) منهما. فإن ولدتهما حيين جميعاً ثم مات أحدهما فإن الوصية لهما نصفين، وحصة الذي مات منهما لورثته. ... ¬

_ (¬1) ت: أحي. (¬2) ت: أم ميت. (¬3) م: الحي.

باب ما إذا أوصى الرجل بجزء من ماله أو نصيب أو سهم

باب ما إذا أوصى الرجل بجزء من ماله أو نصيب أو سهم وإذا أوصى الرجل لرجل بسهم من ماله فإنه ينظر في سهام الفريضة، فإن كانت ثلاثة أو أربعة أو خمسة أو ستة فله السدس، فإن (¬1) كانت الفريضة إذا صحت (¬2) سهامها تكون أكثر من ستة كان له مثل سهم واحد منهم يزيد (¬3) على جميع السهام مثل أخس (¬4) سهام الفريضة (¬5)، فيكون له ذلك من جميع السهام (¬6)، ويقسم ما بقي بين الورثة. وهذا قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإن له كسهم أحدهم إن قلوا أو كثروا على ما وصفت لك من قول أبي حنيفة إذا زادت سهام الفريضة على ستة، فإن كان ذلك أكثر من الثلث رد إلى الثلث إن لم تجزه الورثة. وإذا أوصى بجزء من ماله أو بنصيب من ماله أو بطائفة من ماله أو ببعض من ماله (¬7) أو بشقص من ماله فذلك كله سواء، وذلك إلى الورثة يعطونه ما شاؤوا من ذلك. وإذا (¬8) أوصى له بالثلث إلا شيئاً أو إلا قليلاً أو إلا يسيرًا أو بِزُهَاء ألف أو بجُلّ (¬9) هذه الألف أو بعامة هذه الألف أو بمعظم هذه الألف وذلك يخرج من الثلث فإن له النصف منها، وما زاد على النصف فهو إلى الورثة يعطونه النصف (¬10) منها ويزيدونه ما شاؤوا بعد من النصف الآخر. ¬

_ (¬1) ف: فإذا. (¬2) م هـ: في نسخة ضمت؛ ت هـ: صمت (مهملة). (¬3) ولفظ الحاكم: يزاد. انظر: الكافي، 3/ 226 و. (¬4) م ف ت: أحسن. وفي هامش م: في نسخة أخس. وهو كذلك في ب؛ والكافي، الموضع السابق. (¬5) م - الفريضة؛ صح هـ. (¬6) ف - مثل أحسن سهام الفريضة فيكون له ذلك من جميع السهام. (¬7) ف - أو بنصيب من ماله أو بطائفة من ماله أو ببعض من ماله. (¬8) م ف - وإذا. (¬9) ت: أو تحل. (¬10) ت: بالنصف.

باب كتاب الوصية على أن لا تتزوج

وإذا أوصى رجل لرجل بسهم من ماله وله ابنتان وامرأة وأبوان فله ثلاثة أسهم من ثلاثين سهماً. وإذا أوصى له بسهم من ماله وله عشرة بنين وعشر (¬1) بنات فله سهم من احد وثلاثين سهماً. ولو كانت امرأة لها ابنتان وأبوان وزوج فأوصت بسهم من مالها جعلت للموصى له بسهم سهماً من ثمانية أسهم ونصف، لأن أصل الفريضة هاهنا من سبعة أسهم ونصف، للابنتين الثلثان أربعة، وللأبوين السدسان، وللزوج الربع سهم (¬2) ونصف، فذلك سبعة أسهم ونصف كالباب الأول في هذا، لكل إنسان فريضة مسماة. ولو تركت أختين لأب وأم وأختين لأم وزوجاً وأمًّا والمسألة على حالها جعلت للموصى له بسهم سهماً من أحد عشر سهماً، لأن لكل إنسان (¬3) من هؤلاء فريضة مسماة معلومة. ولو تركت زوجاً وأخوين وأوصت (¬4) بسهم من مالها جعلت له الخمس في قول أبي يوسف ومحمد، وفي قول أبي حنيفة له السدس، وذلك لأنه ليس لأخويها (¬5) فريضة معلومة، إنما الفريضة هاهنا من ستة. ولو مات رجل وترك امرأة وأمًّا وأختين لأب وأم وأختين لأم وأوصى بسهم من ماله جعلت لصاحب الوصية سهماً (¬6) من تسعة أسهم ونصف، وأصل الفريضة من ثمانية ونصف. ... باب كتاب الوصية على أن لا تتزوج (¬7) وإذا أوصى رجل لأمته أن تعتق على أن لا تتزوج ثم مات فقالت: لا أتزوج، فإنها تعتق من ثلثه، فإن تزوجت بعد ذلك لم يبطل ذلك ¬

_ (¬1) ت: وعشرة. (¬2) ت + سهم. (¬3) ت: واحد. (¬4) م ف: فأوصت. (¬5) ت: لإخوتها. (¬6) ت: منهما. (¬7) ت: لا يتزوج.

وصيتها، من قبل أن عتقها قد ثبت. وكذلك لو قال: هي حرة على أن تثبت على الإسلام أو هي حرة على أن لا ترجع عن الإسلام، فإن أقامت على الإسلام ساعة فهي حرة من ثلثه، فإذا ارتدت بعد ذلك لم يبطل ذلك عتقها ولا وصيتها. وإذا أوصى الرجل لأم ولده بألف درهم على أن لا تتزوج وعلى أن لا تثبت (¬1) مع ولدي، فقبلت وفعلت ما شرط عليها بعد ذلك يوماً أو أقل أو أكثر فإن الوصية لها من ثلثه، فإن تزوجت بعد ذلك لم تبطل وصيتها. وإذا أوصى الرجل بخادمه (¬2) أن تقيم (¬3) مع ابنيه (¬4) أو مع ابنتيه (¬5) حتى يستغنيا ثم هي حرة ولا وارث له غيرهما وهي تخرج من ثلثه فإن كانا كبيرين فإنه يخدمهما (¬6) حتى تتزوج الجارية ويصيب الغلام خادماً أو مالاً يبلغ خادماً (¬7) يستغني (¬8) بها عن خدمتها، وإن كانا صغيرين فإنها تخدمهما حتى يدركا، فإذا أدركا عتقت (¬9)، وإن لم يكن له مال غيرها عتقت بعد الخدمة وسعت في ثلثي قيمتها للوارثين، وإن ماتا جميعاً أو أحدهما قبل أن يستغنيا (¬10) فإن الجارية لا تعتق وتبطل الوصية. وإذا أوصى النصراني بخادم (¬11) له أن تعتق (¬12) إن ثبتت (¬13) على النصرانية بعد موته (¬14)، فثبتت (¬15) على ذلك بعد موته بساعة أو يوماً فإنها تعتق من ثلثه، فإن أسلمت بعد ذلك النصرانية لم يضرها الإسلام شيئاً ووصيتها جائزة (¬16) وعتقها ماض، وإن أسلمت قبل موته ولم تثبت على ¬

_ (¬1) لعل الصواب: أن تثبت. (¬2) م ت: لخادمه. (¬3) ت: أن يقيم. (¬4) ف: ابنه. (¬5) ف ت: ابنته. (¬6) ت: يخدمها. (¬7) م + ما. (¬8) م ف: يستعين. (¬9) ف - حتى يدركا فإذا أدركا عتقت. (¬10) ت: أن يستعينا. (¬11) م ت: لخادم. (¬12) ت: أن يعتق. (¬13) ت: إن ثبت. (¬14) م ف ت + أو على الإسلام. (¬15) ت: فثبت. (¬16) ت: ثابتة.

النصرانية كما قال فإنها لا تعتق، والثبات هاهنا عندنا أن تثبت ساعة بعد موته على ما يقول. وإذا أوصى الرجل لأم ولده بوصية ألف درهم إن لم تتزوج أبداً أو وقت شهراً أو سنة أو يوماً فهو كما قال، وإن تزوجت قبل ذلك الوقت فوصيتها باطل. وكذلك إذا قال لأمته: أعتقوها إن لم (¬1) تخرج من عند ولده إلى شهر أو إلى سنة أو أقل من ذلك أو أكثر، أو قال: هي حرة إن لم تتزوج شهراً، فإن تزوجت قبل الشهر أو خرجت من عند ولده قبل الوقت فإن وصيتها باطل. وإذا أوصى الرجل لأمته بالعتق على أن لا (¬2) تتزوج فلاناً بعينه ففعلت ذلك عتقت من ثلثه، فإن تزوجت بعد ذلك فلاناً لم يضرها ذلك. وإذا أوصى لها بالعتق على أن [لا] (¬3) تتزوج فلاناً بعينه أبداً فقبلت ذلك فإنها تعتق من ثلثه، فإن تزوجت فلاناً بعد ذلك أو لم تتزوجه فليس عليها (¬4) شيء. وإن كان فلان (¬5) وارثه لا وارث له غيره ينبغي أن يقول (¬6): وقد أعتقها على أن يتزوجها (¬7) وقد أجمعا على أن يتزوجها، [فإن رجعت عن ذلك] فأبت أن تتزوجه (¬8) فإنها تسعى في قيمتها. وكذلك لو أعتقها الرجل في مرضه على أن تتزوجه فقبلت ذلك ثم أبت أن تتزوجه ثم مات فإنها تسعى في قيمتها لما اشترط هاهنا من المنفعة. ولو أوصى بعتق عبد له على أن يفارق ولده أبداً وعليه دين يحيط به أبطلت وصيته وبعته في الدين، فإن أعتقه (¬9) الورثة لم يجز عتقهم، فإن كان فيه فضل على الدين جاز عتق الورثة وضمنوا الدين للغرماء (¬10). ... ¬

_ (¬1) ت: ألم. (¬2) ت - لا. (¬3) الزيادة من الكافي، 3/ 227 و. (¬4) ت: لم يضرها. (¬5) ت: فلانا. (¬6) أي: يقول هذا في الوصية. (¬7) ت: أن تتزوجها. (¬8) م ف: أن تزوجه. (¬9) ت: أعتقته. (¬10) ف: الغرماء.

باب وصية الصبي والعبد والمكاتب

باب وصية الصبي والعبد (¬1) والمكاتب وإذا أوصى الصبي بوصية فوصيته باطل. فإن أدرك بعد ذلك (¬2) ثم مات فهو باطل. وكذلك المجنون المغلوب. وكذلك المجنون إذا أوصى في حال جنونه (¬3). وكذلك المكاتب وصيته باطل. كذلك العبد وصيته باطل. وإذا أوصى العبد أو المكاتب (¬4) فقال: إذا أنا مت فلفلان ثلثي، ثم عتق بعد ذلك ثم أصاب مالاً ثم مات فلا تجوز وصيته، وهذا قياس قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد أن وصيته جائزة. وإذا قال الصبي: إذا أدركت ثم مت فثلثي لفلان، كان ذلك باطلاً، من قبل أنه قال ذلك وقوله لا يجوز. وإذا أوصى المكاتب فقال: إذا عتقت ثم مت فثلثي لفلان، فعتق ثم مات فإن وصيته جائزة، والمكاتب هاهنا مخالف للصبي (¬5)، ألا ترى أن المكاتب رجل قد أدرك. ... باب وصية أهل الحرب وإذا دخل رجل من أهل الحرب بأمان فأوصى بماله كله لرجل مسلم أو ذمي فهو جائز، وأدفعه إليه كله، من قبل أن حكمنا لا يجري على ورثته. وإن أوصى بأقل من ذلك أنفذت وصيته، وجعلت ما بقي رداً على ورثته. وإن أعتق عبداً له عند الموت ولا مال له غيره أجزت عتقه. وكذلك إذا كان له مدبر قد دبره في دار الإسلام. وإن أشهدوا على وصيته أهل الذمة أجزت ذلك وإن كانوا على ملة من الكفر غير ملته، لأن الكفر ملة واحدة كله. ¬

_ (¬1) ت: العبد والصبي. (¬2) ت: ذاك. (¬3) ت: حياته. (¬4) ف: والمكاتب. (¬5) م ف ت: الصبي.

باب وصية أهل الذمة

وإذا أوصى لرجل (¬1) من أهل العهد أو من المسلمين بوصية أجزت ذلك من الثلث. ولو وهبت له هبة أو تصدق عليه بصدقة وقبض أجزت ذلك من الثلث. ولو أوصى في دار (¬2) الحرب وهو فيها حيث لا يجري عليه حكم ثم أسلم أهل الدار أو صاروا ذمة ثم اختصموا إليّ في تلك الوصية فإن كانت قائمة بعينها أجزتُها، وإن كانت قد استهلكت قبل الإسلام أبطلتها، من قبل أني لا آخذ أهل الحرب بما اغتصب بعضهم من بعض. ولا أجيز من وصية المسلم ولا من وصية الذمي إلا الثلث، وأما وصية الحربي فإنه لو أوصى بماله في دار الإسلام ولا وارث معه في دار الإسلام فجائز وإن أوصى بماله كله. ... باب وصية أهل الذمة وإذا أوصى الرجل من أهل الذمة فزاد على الثلث أو أوصى لوارث فإني لا أجيز من ذلك إلا ما أجيز بين المسلمين، ولا أجيز الوصية فيما فضل على الثلث (¬3)، ولا أجيز الوصية لوارث إلا أن يجيزوه (¬4) الورثة بعد أن يكونوا كباراً. وإذا أوصى لغير ملته من أهل الكفر فهو جائز. وإذا أوصى لأهل الحرب وهم في دار الحرب فوصيته باطل، لا تجوز لأهل الحرب وصية (¬5)، ولا يتوارث أهل الذمة وأهل الحرب. وإذا أوصى الذمي بأرض له أن تبنى كنيسة أو بيعة أو ¬

_ (¬1) م ت: رجل. (¬2) ت: ولو أوصى رجل من أهل دار. (¬3) ف - ولا أجيز الوصية فيما فضل على الثلث. (¬4) ت: أن تجيزه. (¬5) ت: وصيته.

بيت نار أجزت ذلك في قول أبي حنيفة، ولا يجوز في قول أبي يوسف ومحمد شيء من وصيته للبيعة ولا للكنيسة ولا بيت نار في بقعة (¬1) ولا غيره، لأنها معصية. وإن جعل ذلك في حياته فبنى بيعة أو كنيسة أو بيت نار (¬2) ثم مات كان ميراثاً بين ورثته، ولا يشبه هذا الوصية في قول أبي حنيفة. وإذا أوصى الذمي بخمر أو خنزير لذمي أجزت ذلك من قبل أني أجيز ذلك بينهم في المبايعة، وأقسمه بينهم في المواريث (¬3). وإذا أوصى الذمي إلى مسلم فإني أجيز الوصية إليه (¬4)، فإن كان له خمر أو خنزير نزهت المسلم عن بيع ذلك، وينبغي للمسلم (¬5) أن يوكل به من أهل الذمة من يثق بأمانته فيبيعه له. وإذا ادعى الذمي ديناً على الذمي ووصيه مسلم وشهد على ذلك أهل الذمة أجزت ذلك، لأن الدعوى على الذمي وأن الوصي مسلم. وإن ادعى على الوصي بيع (¬6) شيء من متاع الذمي ثم أقام عليه بينة من أهل الذمة لم أجز شهادتهم، من قبل أن المسلم هو ولي البيع. وإذا أوصى الذمي للمسلم بوصية فهي (¬7) جائزة. وكذلك إذا أوصى المسلم للذمي فهي جائزة. وإذا أوصى بغلة أرض لمَرَمَّة البيعة وإصلاحها فهو جائز عن ثلثه. وكذلك إذا أوصى بشاة أن تذبح عند عيدهم أو لبيعة أو بيت نارهم (¬8) فهو جائز في قياس قول أبي حنيفة، ولا يجوز (¬9) شيء من ذلك (¬10) ¬

_ (¬1) لعل المقصود بقعة معينة. وانظر للشرح: المبسوط، 28/ 94 - 95. (¬2) ت - في بقعة ولا غيره لأنها معصية وإن جعل ذلك في حياته فبنى بيعة أو كنيسة أو بيت نار. (¬3) م: في الموارث. (¬4) ف - إليه. (¬5) ت - للمسلم. (¬6) ت: ببيع. (¬7) ت: وهي. (¬8) ت: نار لهم. (¬9) ت + في. (¬10) م + في قياس قول.

باب وصية المسلم والذمي في المسجد وغيره

عند (¬1) أبي يوسف ومحمد. ... باب وصية المسلم والذمي في المسجد وغيره وإذا أوصى رجل من المسلمين ببيت له أن يبنى مسجداً من ثلثه فذلك جائز. وكذلك إذا أوصى أن يشترى من دار بيت (¬2) فيبنى مسجداً من ثلثه أجزت ذلك. وكذلك إذا أوصى لمسجد بُني أن يُرَمّ وأن يصلح وأن يلقى فيه حصى أو يجصص (¬3) أو يغلق عليه أبواب فذلك جائز من ثلثه. وإذا جعل مسجداً في حياته وصحته وبناه فهو جائز، وليس له أن يرجع فيه ولا للورثة. وإن بنى مسجداً وأعلاه مسكن أو بنى مسجداً وأسفله مسكن أو بنى مسجداً في داره فهو كله ميراث يباع، وليس هذا كالمسجد يخرجه فيبنيه وليس فوقه ولا تحته مسكن، هذا لله لا يباع، وليس لصاحبه أن يرجع فيه. وإذا بنى مسجداً وعزله وأخرجه في حياته وصحته ثم استحق رجل شقصًا منه فالذي استحق شقصه للذي استحق، وما بقي فهو مردود إن طلب ذلك الذي بنى المسجد، من قبل أن هذا غير محوز (¬4) ولا مقسوم. ولو بنى ذمي بيعة أو كنيسة في حياته وصحته ثم مات كان ذلك ميراثاً، وليس هذا كالمسجد، هذا للشيطان (¬5). وإذا أوصى المسلم لبيعة أو كنيسة فوصيته باطل. وإذا أوصى الرجل بغلة جاريته تكون في نفقة المسجد ومؤنته فهو ¬

_ (¬1) م - عند؛ ت: في قول. (¬2) ت: بيتا. (¬3) ت: ويجصص. (¬4) ت: مجبور. (¬5) ت: كالشيطان.

باب الرجل يقول: لفلان من داري السدس

جائز من ثلثه، ولو انهدم المسجد وقد اجتمع من غلة الجارية شيء أنفق ذلك في بنائه (¬1)، وتكون الغلة فيما يستقبل في مؤنته وإصلاحه، وإذا انهدم المسجد وليس بيده غلة مجتمعة فإني أبني المسجد ثانية، أنفق عليه (¬2) من غلتها، فإن شاؤوا جمعوا على بناء المسجد من غير ذلك. ... باب الرجل يقول: لفلان من داري السدس وإذا قال الرجل في مرضه: ثلثي لفلان أو سدسي لفلان أو ربعي لفلان، ثم مات قبل أن يقبض فإن هذا [ينبغي] في القياس أن يكون باطلاً، لأن هذا مجهول غير معروف، ولكني أدع القياس وأستحسن أن أجعل ذلك وصية في جميع تركته كما سمى، وأجيز ذلك في كل شيء تركه. وإذا قال في وصيته: سدس داري لفلان، فإني أجيز ذلك وليس هذا بإقرار منه، وإذا قال: لفلان سدس في داري أو ربع في داري، كان هذا منه إقراراً وليس بوصية. وكذلك إذا قال: له ألف درهم في مالي، فهو إقرار، وإذا قال: له ألف درهم من مالي، لم يكن هذا إقراراً وكان وصية إن كان في ذكر وصية. وإذا قال: عبدي هذا لفلان أو داري هذه لفلان، فإن هذا مثل قوله: سدس داري لفلان، في القياس، ولكن هذا إن لم يسم وصية لم يكن وصية وكانت هبة، فإذا قبضها في حياته فهي له وإن لم يقبضها فهو باطل. وإذا قال: هذه الدار لفلان وهذا العبد لفلان، فهذا إقرار منه. وإذا قال: درهم من دراهمي لفلان، فليس هذا منه إقراراً (¬3). وإذا قال: بيت من داري (¬4) لفلان (¬5)، فليس هذا بإقرار. وإذا قال: بيت في داري لفلان، كان هذا إقراراً منه. ¬

_ (¬1) ت: في بنيانه. (¬2) م: غلة. (¬3) ت: إقرار. (¬4) ت: من دار. (¬5) ت - لفلان.

باب الوصية بالكمال

وإذا قال: له سدس داري، ولم يقل ذلك في وصية (¬1) ولم يقل عند موته فإن هذا هبة لا تجوز، لأن هذا غير مقبوض ولا مقسوم. وإذا قال: أوصيت بأن يوهب لفلان سدس داري بعد موتي وصية أو يتصدق عليه وصية، أجزت وصيته بذلك، لأنه قال: بعد موتي. وكذلك لو قال: سدس داري لفلان هبة وصية بعد موتي أو صدقة، أجزت ذلك. ... باب الوصية بالكمال رجل مات وترك خمس بنين وابنة وأوصى لأحد بنيه بكمال الربع قال: إن رد الورثة فلا وصية له، والمال بينهم على الميراث، وإن أجازوا الوصية وهم كبار حضور فهي جائزة، وهي من ستة وثلاثين سهماً، للموصى له الربع من ذلك تسعة أسهم، ميراثه من ذلك ستة، وكمال الربع من ذلك ثلاثة، وبقي سبعة وعشرون سهماً، لكل غلام ستة، وللجارية ثلاثة أسهم (¬2). وأصل ذلك أن تأخذ أحد عشر سهماً، لكل غلام اثنين وللجارية سهماً (¬3)، فاطرح سهم الغلام الموصى له، ثم اضربها في أربعة، لأنه أوصى بكمال الربع، والنصيب اثنان في أربعة، ثم اطرح منها اثنين (¬4) كما طرحت من الأصل، فيكون النصيب ستة. رجل مات وترك ثلاثة بنين وابنة وأوصى للابنة بالربع بنصيبها وبثلثي (¬5) ما بقي من الثلث فأجاز ذلك الورثة فإن الفريضة من ثمانية وأربعين سهماً، نصيب الابنة من ذلك خمسة أسهم، وتمام الربع من ذلك سبعة أسهم، وثلثا (¬6) ما بقي من الثلث ستة أسهم، ولكل ابن ¬

_ (¬1) ت: في وصيته. (¬2) م: سهم. (¬3) م ف ت: سهم. (¬4) ت: اثنان. (¬5) ت: وثلثي. (¬6) ت: وثلثي.

عشرة. وأصل ذلك أن تصحح الفريضة بغير وصية ثم تطرح نصيب الابنة منها، فيبقى ستة، فاضربه في ثلاثة فيصير ثمانية عشر، ثم تزيد عليها اثنين مثلي (¬1) ثلثي الثلاثة التي ضربت فيها فتكون عشرين (¬2)، ثم تضرب هذه العشرين في شيء وله ربع فيصير ثمانين، وهو ثلث المال، ثم تأخذ نصيب الابنة وهو واحد فاضربه في أربعة، ثم اطرح ربع الأربعة فيبقى ثلاثة، ثم اضرب الثلاثة في ثلاثة (¬3) ثم في ثلاثة ثم اطرح ثلثي الثلاثة التي ضربتها (¬4) أولاً فيبقى خمسة وعشرون، فهو النصيب، يفضل (¬5) ما بين النصيب وبين الربع خمسة وثلاثون، فهو كمال الربع، فارفع الكمال من الثلث والثلث ثمانون، يبقى خمسة وأربعون، فثلثا ما بقي من الثلث هو ثلاثون، يبقى من الثلث بعد الكمال، وبعد ثلثي ما بقي بعد الكمال خمسة عشر، فردّه على ثلث المال وهي مائة وستون فيصير ذلك مائة وخمسة وسبعين بين ثلاث بنين وابنة، لكل ابن خمسون، وللابنة (¬6) خمسة وعشرون، وتكملة الربع خمسة وثلاثون، فصار لها الربع مع نصيبها وثلث ما بقي من الثلث ثلاثون، فصار لها جميع ما أصابها ستون سهماً. ومختصرها من ثمانية وأربعين سهماً، نصيب الابنة من ذلك خمسة، والكمال من ذلك سبعة، وثلثا (¬7) ما بقي من الثلث ستة، ولكل ابن عشر (¬8) أسهم. رجل أوصى بداره أن تباع لرجل بألف درهم وأوصى لرجل بقرض ألف درهم سنة فاستهلك الوارث المال بعد (¬9) أبيه وترك أبوه ألفي درهم وداراً قيمتها ألف درهم قال: تباع (¬10) الدار من الذي أوصى له ببيع الدار بألف درهم، وينتقد منه الألف، فيقرضها الذي أوصى له بالقرض سنة، فتؤخذ منه فتكون للوارث. ¬

_ (¬1) ف: مثل. (¬2) ت: عشرون. (¬3) م ف ت + ثم اضرب الثلاثة في ثلاثة. (¬4) ت: ضربته. (¬5) ت: ففضل. (¬6) ت: ولابنة. (¬7) ت: وثلثي. (¬8) ت: عشرة. (¬9) ت + موت. (¬10) ت: يباع.

رجل مات وترك أربعة بنين وأوصى لأحدهم بالثلث بنصيبه وبربع ما بقي من الثلث (¬1) فأجازوا قال: هي تسعة وثلاثون سهماً، فالنصيب من ذلك ثمانية أسهم، وتمام الثلث خمسة أسهم (¬2)، وربع ما بقي من الثلث سهمان، ولكل ابن ثمانية أسهم. رجل مات وترك أباه وأمه وامرأته وثلاث بنات وأوصى لإحداهن بالثلث من جميع المال بنصيبها وللأخرى بالخمس بنصيبها فأجازوا ذلك قال: هي من مائة سهم وخمسة أسهم، الوصية من ذلك كلها أربعة وعشرون سهماً، وبقي واحد وثمانون سهماً، للمرأة من ذلك الثمن تسعة أسهم، وللأبوين الثلث أربعة وعشرون، وللبنات الثلثان لكل واحدة ستة عشر سهماً، فأعطي صاحبة الثلث مع نصيبها تسعة عشر فيكون لها خمسة وثلاثون سهماً، فذلك الثلث، وأعطي صاحبة الخمس مع نصيبها خمسة (¬3)، فيكون لها واحد (¬4) وعشرون، فذلك الخمس. رجل مات وترك ثلاثة بنين وامرأة وأوصى لأحد بنيه بثلاثة (¬5) أرباع الثلث بنصيبه ولرجل آخر أجنبي بربع الثلث قال: هي من مائتين (¬6) وثمانية وثمانين سهماً، للأجنبي من ذلك أربعة وعشرون سهماً، وما بقي فهو بينهم على الميراث، من ذلك ثلاثة وثلاثون [للزوجة، وهو ثمن الباقي] (¬7)، ولكل ابن سبعة وسبعون سهماً، وليس للابن وصية، لأن ميراثه أكثر من الثلث. رجل مات وترك امرأة وثلاث أخوات وجداً (¬8) وأوصى لإحدى أخواته بالثلث بنصيبها ولأخرى بخمسة أسداس الوصية فأجازوا ذلك قال: هي من ¬

_ (¬1) ت: من ثلثه. (¬2) ت - وتمام الثلث خمسة أسهم. (¬3) ف + فيكون لها خمسة وثلاثون سهماً فذلك الثلث وأعطي صاحبة الخمس مع نصيبها خمسة. (¬4) ت: واحدة. (¬5) م: ثلاثة. (¬6) م ف ت: من مائة. والتصحيح من ب؛ والكافي، 3/ 229 ظ. (¬7) الزيادة مستفادة من ب. (¬8) ت: وجد.

مائتي سهم وواحد وستين سهماً، فالوصية من ذلك مائة وواحد (¬1) وعشرون، وللأخرى الموصى لها من ذلك خمسة وخمسون (¬2)، وللأخت وصيتها ستة وستون، بقي بعد ذلك مائة وأربعون سهماً بين الورثة، للمرأة الربع من ذلك خمس وثلاثون سهماً، وبقي مائة سهم وخمسة أسهم، فللجد في قول زيد اثنان وأربعون سهماً، ولكل أخت واحد وعشرون (¬3)، فيضم نصيب الموصى لها مع وصيتها فيكون سبعة وثمانين، وذلك الثلث من مائتين (¬4) وواحد وستين سهماً. رجل مات وترك ابناً وخمس بنات وأوصى لابنه بخمسة أسداس الثلث من جميع المال بنصيبه وأوصى لإحدى بناته بالخمس بنصيبها من جيمع المال فأجازوا ذلك قال: هي من ثلاثمائة وستين سهماً، والوصية (¬5) منها أحد وثلاثون سهماً، للابن من ذلك ستة أسهم، وللابنة خمسة وعشرون سهماً، بقي ثلاثمائة سهم وتسعة وعشرون، للابن منها أربعة وتسعون ميراثه، ولكل ابنة سبعة وأربعون سهماً، فضم وصية الابن إلى نصيبه فيكون مائة، وذلك خمسة أسداس الثلث، وضم وصية الابنة إلى نصيبها، فذلك اثنان وسبعون، وهو الخمس من جميع المال. رجل مات وترك امرأتيه وأبويه وثلاث بنات وأوصى لإحدى المرأتين بالخمس بنصيبها، وللأخرى بسدس (¬6) نصيبها وبربع ما بقي من الثلث، فأجازوا ذلك، قال: هي من خمسمائة سهم وأربعين (¬7) سهماً، الوصية منها مائة سهم واثنان وستون سهماً، وبقي ثلاثمائة وثمانية وسبعون سهماً، للمرأتين من ذلك الثمن اثنان وأربعون سهماً، وللأبوين مائة سهم واثنا عشر سهماً، لكل واحد ستة وخمسون، وللبنات مائتان وأربعة، لكل ابنة أربعة وسبعون وثلث درهم، ووصية المرأتين مائة وخمسون، ¬

_ (¬1) م ف ت: واحد. (¬2) ت: وخمسين. (¬3) ف + سهماً. (¬4) ت: من ثمانين. (¬5) ف ت: الوصية. (¬6) م ف ت: سدس. (¬7) م: وأربعمائة، صح هـ.؛ ت: وأربعون.

لصاحبة الخمس من ذلك سبعة وثمانون، وميراثها واحد وعشرون، وذلك مائة وثمانية وهو الخمس من جميع المال، ولصاحبتها السدس من الوصية تسعة وستون ضم إليها ميراثها وهو واحد وعشرون (¬1) فذلك تسعون وهو السدس من جميع المال، ولصاحب ربع ما بقي ستة أسهم. رجل مات وترك خمس بنات وأبوين وأوصى لإحدى بناته بالثلث بنصيبها وبثلاثة أرباع الوصية لأخرى وأقر الأب بابن وأنكرت البنات فأجازوا كلهم الوصية وأنكروا الابن وأجاز الابن الوصية فإن الفريضة من ثمانمائة وثمانية وعشرين سهماً، الوصية من ذلك كلها ثلاثمائة وثمانية وسبعون، وبقي أربعمائة وخمسون، نصيب البنات من ذلك ثلاثمائة لكل ابنة ستون، ثم يعطي الموصى لها مائتين (¬2) وستة عشر فتكون لها مائتان وستة وسبعون وذلك تمام ثلث المال، ويكون للآخر مائة واثنان وستون وذلك ثلاثة أرباع وصية الميت، وللأبوين السدسان لكل واحد منهما خمسة وسبعون، ويدخل الابن مع الأب خاصة فيكون له مما في يديه أربعون سهماً، وذلك لأن الابن ضرب بسبعي ثلثي المال بعد الوصية وضرب الأب بسدس (¬3) المال بعد الوصية. وإذا مات الرجل وترك ابنين (¬4) وترك عشرة دراهم عيناً وترك عشرة (¬5) دراهم ديناً على أحدهما وأوصى بخمس ماله إلا درهماً (¬6) فإنك ترفع من العين درهمين وذلك الخمس فترد درهماً منها على الابنين، فيصير العين في أيديهما تسعة دراهم، فنصف ذلك للابن الذي عليه الدين، وللموصى له بالخمس من ذلك الثلث. ولو كان أوصى بالخمس إلا درهمين أعطاه درهمين ثم رد ذلك على الوارثين، فنصيب كل واحد منهما خمسة، ¬

_ (¬1) ت - وذلك مائة وثمانية وهو الخمس من جميع المال ولصاحبتها السدس من الوصية تسعة وستون ضم إليها ميراثها وهو واحد وعشرون. (¬2) ت: مائتان. (¬3) م ت: سدس. (¬4) ف - وترك ابنين. (¬5) ف: وعشرة. (¬6) ت: إلا درهم.

باب الأوصياء

[فنصيب] (¬1) الذي عليه الدين خمسة، فهو بينهما على ثلاثة، وترد منها درهماً عليهما، فيصير للابن الذي عليه الدين نصفه، ثم يرجع إلى الموصى [له] ثلث ذلك وهو دانق. ولو أوصى بخمس ماله لرجل إلا درهماً منه لآخر فإنك تأخذ ثلث (¬2) العشرة فتعطي صاحب (¬3) الدرهم درهماً، ويبقى في يدي (¬4) الموصى له بالخمس إلا (¬5) درهماً درهمان (¬6) وثلث. وقال في رجل ترك ثلاث بنين وأوصى بمثل نصيب أحدهم لرجل وأوصى (¬7) بثلث ماله لآخر: فإن أجازت الورثة فالفريضة من ستة، لصاحب الثلث اثنان، وللموصى له بمثل نصيب واحد، ولكل واحد من الثلثين سهم، فإن لم يجيزوا فالفريضة من تسعة، الثلث من ذلك بين الموصى له بالثلث وصاحب النصيب، سهمان لصاحب الثلث، وسهم للموصى له بالنصيب، وذلك لأن الورثة إذا أجازوا كان لصاحب الثلث اثنان من ستة، ولصاحب النصيب سهم، وإن لم يجيزوا قسمنا الثلث بينهم على أنصبائهم لو أجازوا، وهذا قول أبي يوسف. وقال محمد: الثلث يقسم بينهما على خمسة أسهم، للموصى له بالثلث ثلاثة، ولصاحب النصيب سهمان، وهذا إذا لم يجيزوا. ... باب الأوصياء قال محمد بن الحسن: في وصي الأم فيما تركت من الميراث ووصي الأخ والعم وابن الأخ وجميع ما يرثه الصغار والكبار والغائب من الورثة ¬

_ (¬1) الزيادة من الكافي، 3/ 230 و. (¬2) م ف ت ب + ثلث. والتصحيح من الكافي، 3/ 230 ظ؛ والمبسوط، 28/ 108. (¬3) م: لصاحب. (¬4) ت: في ثلث. (¬5) ت + درهم. (¬6) م ف ت ب: درهم. والتصحيح من المصدرين السابقين. (¬7) م: أوصى.

بمنزلة وصي الأب ووصي الجد أبي (¬1) الأب إذا لم يكن (¬2) أب ولا وصي أب في الكبير (¬3) الغائب من الورثة (¬4). فكل شيء كان (¬5) جائزاً (¬6) لوصي الأب ولوصي (¬7) الجد أبي (¬8) الأب على الولد الكبير الغائب (¬9) فهو جائز لوصي الأم ووصي جميع ما ذكرنا. وكل شيء لا يجوز لوصي الأب ولا لوصي الجد أبي (¬10) الأب أن يفعله على الكبير (¬11) الغائب فليس يجوز للوصي لأحد ممن ذكرنا أن يفعله على الصغير ولا على الكبير الغائب (¬12). ولو أن وصي الأب باع رقيقاً أو ثياباً أو شيئاً من الأشياء من الميراث على الكبير الغائب جاز بيعه. ولو باع عليه عقاراً لم يجز بيعه. فكذلك جميع ما ذكرنا سواء (¬13) وصي الأب والجد أبي الأب على الصغير والكبير الغائب يجوز (¬14) ما صنع الأوصياء عليهم من البيع ما عدا بيع العقار. وكذلك لوصي الأب ووصي (¬15) الجد أبي (¬16) الأب أن يتجر للكبير (¬17) الغائب من الولد في ماله. وكذلك لا يجوز ذلك لأحد من الأوصياء الذي ذكرت لك. وكذلك كل شي ورثه الولد الكبير الغائب من غير أبيه فليس لوصي أبيه عليه سبيل. وكذلك وصي الأم والأخ وجميع ما ذكرنا. فأما وصي الأب على الصغير من الولد فأمره عليه جائز فيما باع واشترى من عقار أو غيره ¬

_ (¬1) ت: أب. (¬2) ف + له. (¬3) ت: في الكسر. (¬4) ت - من الورثة. (¬5) م هـ: في نسخة جائز. (¬6) م ت - جائزاً؛ صح ت هـ. (¬7) م ت: وأوصى. (¬8) ت: أبو. (¬9) ف - من الورثة فكل شيء كان جائزاً لوصي الأب ولوصي الجد أبي الأب على الولد الكبير الغائب. (¬10) ت: أب. (¬11) ت: على الكسر. (¬12) ت - فليس يجوز للوصي لأحد ممن ذكرنا أن يفعله على الصغير ولا على الكبير الغائب. (¬13) ت: سوى. (¬14) ت: ويجوز. (¬15) ت: وصي. (¬16) ت: أب. (¬17) ت: أن يتخير الكبير.

وفيما يتجر (¬1) فيه من ماله. وفيما (¬2) ورث الابن من غير أبيه فهو بمنزلة ما ورث من أبيه. وكذلك وصي الجد أبي (¬3) الأب إذا لم يكن أب ولا وصي أب (¬4). ¬

_ (¬1) ت: ينجز. (¬2) ت: ومما. (¬3) ت: أب. (¬4) م + تم كتاب الوصايا والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد وآله كتبه أبو بكر بن أحمد بن محمد الطلحي الأصفهاني في ذي قعدة (كذا) من سنة ثمان وثلاثين وستمائة؛ ف + تم كتاب الوصايا والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين؛ ت + تم كتاب الوصايا ولله الحمد وصلواته على نبيه محمد وآله.

كتاب الوصايا في الدين والعين وغير ذلك

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب الوصايا في الدين والعين وغير ذلك باب الوصية بالثلث من جميع المال وبالثلث من المال بعينه وإذا أوصى الرجل بثلث ماله لرجل وله ثلاثون ديناراً قيمتها ثلاثمائة درهم (¬2) وليس له مال غير ذلك ثم مات فإن للذي أوصى له بثلث المال الثلث من جميع الدنانير ومن جميع الدراهم، لا يكون الثلث في بعض ذلك دون بعض. فإن هلك من الدنانير عشرون ديناراً بعد موت الموصي أو قبله فهو سواء، وللذي أوصى له بالثلث ثلث الدنانير العشرة والباقية وثلث الثلاثمائة درهم. وكذلك إن كان أوصى له بسدس ماله (¬3) ثم هلك من الدنانير عشرون ديناراً وبقيت عشرة دراهم تبر (¬4) فإن له سدس الدنانير العشرة والسدس من الدراهم، إذا أوصى له بثلث ماله مرسلاً فإنما له (¬5) ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) ت + وثلاثمائة درهم. (¬3) ت + بالسدس من ماله. (¬4) ت - دراهم تبر. (¬5) ت - له؛ صح هـ.

الثلث من ماله يوم تقع (¬1) القسمة. وكذلك إن كان أوصى له بسدس ماله فإنما له سدس المال يوم تقع القسمة (¬2)، لا ينظر إلى ما هلك من المال قبل ذلك في حياة الموصي وبعد موته. ولو كان أوصى بثلث الدنانير وثلث الدراهم ثم مات ولم يترك شيئاً غيرها كان للذي أوصى له بالثلث ثلث ذلك كله في الدنانير والدراهم. وكذلك لو أوصى له بسدس الدنانير وسدس الدراهم كان له سدس الدنانير وسدس الدراهم، فإن هلك من الدنانير قبل موت الموصي أو بعد موته عشرون ديناراً وقد أوصى له بثلث الدنانير وبثلث الدراهم فإن الموصى له يأخذ ثلث ما بقي، نصفه فيما بقي من الدنانير ونصفه في الدراهم، ولا يشبه هذا الوصية بثلث المال مرسلاً، لأن الذي أوصى له بثلث المال مرسلاً (¬3) إنما له الثلث من المال يوم يقتسمون (¬4) زاد المال أو نقص. وإذا كانت الوصية بثلث شيء بعينه أعطى ثلث ذلك الشيء من بين (¬5) المال. وكذلك الذي أوصى له بثلث الدنانير وثلث الدراهم فقد أوصى له بثلث شيء بعينه، فإذا هلك من الدنانير عشرون ديناراً وبقيت عشرة دنانير جعلنا الوصية (¬6) كلها من الدنانير في هذه العشرة دنانير، فأعطيناه العشرة دنانير وثلث الدراهم. إن كان ذلك يخرج من ثلث مال الميت أعطيناه نصف الثلث (¬7) من الدنانير ونصف الثلث من الدراهم، فأخذ من الدنانير ستة دنانير وثلثي دينار، وأخذ (¬8) من الدراهم ستة وستين درهماً وثلثي درهم. وكذلك لو أوصى له (¬9) بسدس الدنانير وسدس الدراهم ثم هلك من الدنانير عشرون ديناراً بعد موت الموصي أو قبل موته فإن صاحب ¬

_ (¬1) ت: يقع. (¬2) ت - وكذلك إن كان أوصى له بسدس ماله فإنما له سدس المال يوم تقع القسمة. (¬3) ت - لأن الذي أوصى له بثلث المال مرسلا. (¬4) ت: يقسمون. (¬5) ت: من بيت. (¬6) م ف: وصيه. (¬7) ت - دنانير وثلث الدراهم إن كان ذلك يخرج من ثلث مال الميت أعطيناه نصف الثلث. (¬8) ت - من الدنانير ستة دنانير وثلثي دينار وأخذ. (¬9) ت - له.

الوصية يأخذ السدس كله لا ينقص منه شيئاً لمكان ما ذهب من الدنانير، لأن وصيته خمسة دنانير وخمسون درهماً، فلما ذهب من الدنانير عشرون ديناراً بقي للميت من المال ما يخرج سدس الدنانير وسدس الدراهم من ثلثه، ولا يشبه هذا وصيته بسدس المال مرسلاً، لأنه إذا أوصى بسدس ماله فإنما يعطى الموصى له سدس المال يوم تقع (¬1) القسمة إن زاد المال أو نقص، ولا ينظر فيما كان قبل ذلك من زيادة أو نقصان. وإذا أوصى بسدس الدنانير بعينها وسدس الدراهم بعينها فضاع من الدنانير عشرون ديناراً وبقيت عشرة (¬2) دنانير فوصيته في الدنانير تامة، كلها في الدنانير الباقية، وذلك خمسة دنانير، فوصيته في الدراهم خمسون درهماً، فذلك أقل من ثلث مال الميت، فالوصية له كلها تامة. ولو كان هلك من الدراهم مائتا (¬3) درهم مع الدنانير التي ضاعت وقد أوصى له الميت بسدس ماله فإنه يأخذ من المائة درهم الباقية سدسها، ومن الدنانير الباقية سدسها. فإن كان أوصى له بسدس الدنانير وسدس الدراهم ثم هلك من الدنانير عشرون دينارا أو هلك من الدراهم مائتا درهم كان له من الدنانير الباقية ثلثها، ومن الدراهم الباقية ثلثها. ولا يشبه هذا الوصية بسدس المال مرسلاً، وتفسيره على (¬4) ما وصفت لك في المسألة الأولى. ولو أن رجلاً ترك مائة شاة قيمتها ألف درهم وألف درهم وأوصى لرجل (¬5) بثلث ماله ثم مات ولم يترك مالاً غير ذلك واستحق رجل نصف الغنم وبقي نصفها فإن الذي أوصي له بثلث المال يأخذ الثلث مما بقي، فيأخذ ثلث الغنم وثلث الألف ليس له غير ذلك. وكذلك لو أن رجلاً آخر (¬6) استحق نصف الألف كان لصاحب الوصية ثلث النصف الباقي ليس له غير ذلك من الدراهم مع ما أخذ من الغنم (¬7). وكذلك لو كان مكان الوصية بالثلث وصية (¬8) بسدس المال كان مثل هذا أيضاً، إلا أنه يأخذ ¬

_ (¬1) ت: يقع. (¬2) م + عشرة. (¬3) ت: مائتي. (¬4) ت - على. (¬5) م ت: الرجل؛ ف - لرجل. (¬6) م ف ت: حرا. (¬7) ت - من الدراهم مع ما أخذ من الغنم. (¬8) ت: وصيته.

سدس ما بقي بعد الاستحقاق. ولو أنه أوصى له بسدس الغنم وسدس الدراهم ثم استحق نصف الغنم ونصف الدراهم أخذ ثلث ما بقي كله، نصفه في الغنم ونصفه في الدراهم. وكذلك لو كان مكان (¬1) الغنم إبل أو بقر أو ثياب من صنف (¬2) واحد أو شيء مما يكال أو يوزن. ولو كان ترك ثلاثة أعبد وألف درهم فأوصى لرجل بسدس ماله أو سدس الأعبد أو سدس الدراهم ثم هلك من العبيد عبدان كان له في الوجهين جميعاً سدس الأعبد (¬3) الباقي وسدس الدراهم. وكذلك لو كان العبدان استحقا (¬4) ولم يموتا. ولو كان مكان العبيد دار (¬5) فاستحق نصفها وبقي نصفها والذي استحق نصف من جميعها مقسوم أو غير مقسوم فهو سواء. فإن كان أوصى له بسدس ماله فإنما له سدس ما بقي من الدار وسدس الدراهم. وإن كان أوصى له بسدس الدار وسدس الدراهم أخذ ثلث ما بقي وسدس الدراهم. فإن (¬6) كان مكان الدار ثلاث دور متفرقة أو مجتمعة إلا أن كل دار منها عليها حائط على حدة فأوصى له بسدس ماله أو بسدس (¬7) الدور والدراهم فاستحق داران من الدور وبقيت دار فإن له سدس الدار الباقية وسدس الدراهم في الوجهين جميعاً، ولا يشبه العبيد (¬8) والدور الإبل (¬9) والغنم والدار الواحدة والكيل والوزن والثياب إذا كانت من صنف واحد، لأن الدور والعبيد إذا كانت بين قوم لا يقسمون في الشركة فنجعل نصيب الرجل من الشركاء من العبيد كلهم في عبد واحد، ولا يجعل نصيبه من الدور والثلث في دار واحدة في قول أبي حنيفة. وكذلك نصيب صاحب الوصية في الدور والثلث وفي العبيد الثلاثة ولا يجعل في دار واحدة ولا في عبد واحد. وأما ما سوى ذلك مما وصفت لك من الإبل والبقر والغنم والثياب إذا كانت من صنف واحد فإنها تقسم، فيجعل نصيب ¬

_ (¬1) ف - مكان. (¬2) ت: من نصف. (¬3) م ف: العبد؛ ت: العبيد. (¬4) ت: يستحقا. (¬5) ت: دارا. (¬6) ت: وإن. (¬7) ت - ماله أو بسدس. (¬8) ت: العبد. (¬9) ف ت: والإبل.

الشريك منها في ثياب على حدة وفي غنم على حدة. وكذلك يجعل نصيب صاحب الوصية إذا استحق بعضها أو هلك يجعل فيما بقي. وهذا قول أبي حنيفة [وقول يعقوب الأول. ثم] رجع يعقوب - ومحمد [معه]- قال: يُقسَم الدور الثلاثة كما يُقسَم الدار الواحدة وأعزل نصيب كل واحد في دار. ولو كان أوصى لرجل بسدس ماله وقد ترك ألف درهم وثلاثة أثواب أحدهما (¬1) مروي والآخر قُوهِي والآخر هَرَوِي (¬2) فهلك ثوبان منها وبقي ثوب فإن الذي أوصي له بسدس المال له سدس الثوب الباقي وسدس الدراهم. وكذلك لو كان أوصى له بسدس الثياب وسدس الدراهم كان له سدس ما بقي من الثياب وسدس الدراهم (¬3). وهذان جميعاً في هذا الوجه سواء. ولو كان (¬4) هلك من الدراهم نصفها والثوبين هالكين فإن كان (¬5) أوصى له بسدس (¬6) ماله فإن للموصى له سدس ما بقي من الدراهم وسدس من الثوب الباقي. فإن كانت الوصية سدس الثياب وسدس الدراهم (¬7) فإن للموصى له سدس الثوب وثلث الدراهم، لأن الدراهم مما تقسم، فتجعل وصيته (¬8) كلها فيما بقي من الدراهم، والثياب التي وصفت لك مختلفة أجناسها لا تقسم، فليس له من الثوب الباقي إلا سدسه، لأني لا أجعل سدس الثياب كلها في هذا الثوب الباقي. وإذا ترك الرجل ثلاثمائة درهم وعِدْل زُطِّي (¬9) يساوي ثلاثمائة درهم ¬

_ (¬1) ت: أحدها. (¬2) المروي والقوهي والهروي أنول من الثياب، وقد تقدمت. (¬3) ت - كان له سدس ما بقي من الثياب وسدس الدراهم. (¬4) ف - كان. (¬5) ف + له. (¬6) ف + المال له سدس الثوب الباقي وسدس الدراهم وكذلك لو كان أوصى له بسدس الثياب وسدس الدراهم. (¬7) ف - ماله فإن للموصى له سدس ما بقي من الدراهم وسدس من الثوب الباقي فإن كانت الوصية سدس الثياب وسدس الدراهم. (¬8) م ف ت: وصية. (¬9) العدل وعاء، والزطي نوع من الثياب، وقد تقدما.

فأوصى (¬1) لرجل بثلث ماله وأوصى لآخر بثلث العدل (¬2) وثلث الدراهم ولا مال له غير ذلك فإن الموصى لهما يقتسمان الثلمث بينهما نصفين في الدراهم وفي العدل، فإن ضاع نصف الدراهم قبل موت الموصي أو بعد موته اختلفت وصيتهما واقتسما ثلث ما بقي، فيضرب فيه صاحب ثلث المال بثلاثة أسهم، ويضرب فيه الذي أوصي له بثلث الدراهم وثلث العدل بأربعة أسهم، فيقتسمون في الثلث على سبعة أسهم، فما أصاب الذي أوصي له بثلث الدراهم وثلث العدل فهو له في العدل والدراهم، وذلك أربعة أسباع الثلث، فيكون نصف ذلك في العدل ونصفه في الدراهم، فيكون له سبعا الثلث في العدل وسبعا الثلث في الدراهم، ثم يقسم الورثة والموصى له بثلث المال ما بقي من العدل والدراهم على سبعة عشر سهماً، يكون لصاحب ثلث المال من ذلك ثلاثة أسهم من سبعة عشر سهماً في العدل والدراهم، ويكون ما بقي للورثة على حساب ما أخذ صاحب ثلث المال، وهذا قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: الثلث يقسم بين الموصى لهما نصفين، لأن الموصى له بثلث العدل وثلث الدراهم لا يضرب في قول أبي حنيفة بأكثر من ثلث ما بقي، فيكون الثلث بينهما نصفين (¬3)، فيأخذ الموصى له ثلث الدراهم وثلث العدل، نصيبه نصف في العدل ونصفه في الدراهم، وما بقي اقتسمه الورثة والموصى له بثلث المال على خمسة أسهم، خمس ذلك للموصى له، وأربعة أخماسه للورثة. وإذا ترك الرجل ثلاثمائة درهم وجِرَاب هَرَوي (¬4) يساوي الثوب مائة درهم فأوصى لرجل (¬5) بثلث ماله وأوصى لآخر بسدس الجراب وثلث الدراهم فإن صاحبي الوصية يقتسمان (¬6) الثلث بينهما، يضرب فيه صاحب ثلث المال بثلاثة ¬

_ (¬1) م ف ت: فقد أوصى. والتصحيح مستفاد من الكافي، 3/ 232 و. (¬2) م ف ت: العبد. والتصحيح من المصدر السابق. (¬3) ت - لأن الموصى له بثلث العدل وثلث الدراهم لا يضرب في قول أبي حنيفة بأكثر من ثلث ما بقي فيكون الثلث بينهما نصفين. (¬4) ت: وجرابا هرويا. الجراب وعاء، والهروي نوع من الثياب، وقد تقدما. (¬5) م ت: الرجل. (¬6) ت: يقسمان.

أسهم (¬1)، ويضرب فيه صاحب سدس الجراب وثلث الدراهم بسهمين، فيقتسمون الثلث على خمسة أسهم، فما أصاب صاحب سدس الجراب وثلث الدراهم من الثلث وهو خمسا الثلث فهو له في الجراب والدراهم، نصف ذلك في الجراب ونصفه في الدراهم، ويقتسم الورثة والموصى له بثلث المال ما بقي على ثلاثة عشر سهماً، فما أصاب ثلاثة أسهم فهو لصاحب ثلث المال فيما بقي من الجراب والدراهم، وما بقي فهو للورثة، وهو عشرة أسهم من ثلاثة عشر سهماً مما بقي، فإن لم يقسم الميراث والوصية حتى هلك نصف الجراب أو استحق فإن الموصى لهما يقتسمان ثلث الدراهم وثلث ما بقي من الجراب نصفين، للذي أوصي له بسدس الجراب وثلث الدراهم نصف الثلث، نصف ذلك فيما بقي من الجراب ونصفه في الدراهم، وكذلك الذي أوصي له بثلث المال، وما بقي بعد ذلك فهو للورثة، فإن لم يقتسموا حتى ضاع نصف الدراهم ولم يضع (¬2) من الجراب شيء فإن الثلث لصاحب (¬3) ثلث المال وصاحب (¬4) ثلث الدراهم، وسدس الجراب يضرب فيه صاحب ثلث المال بخمسة أسهم، والآخر بأربعة أسهم، فيقتسمون الثلث على تسعة أسهم، فما أصاب أربعة أسهم وهو أربعة أتساع الثلث فهو للذي أوصي له بثلث الدراهم وسدس الجراب، نصف ذلك في الدراهم ونصفه في الجراب، وما بقي من الدراهم والجراب اقتسمه الورثة والذي أوصي له بثلث المال بينهم على ثلاثة وعشرين سهماً، للذي أوصي له بثلث المال من ذلك خمسة أسهم من ثلاثة وعشرين سهماً فيما (¬5) بقي من الدراهم والجراب، وما بقي بعد ذلك فهو للورثة. وإذا ترك الرجل ثلاثمائة درهم وسيفًا يساوي مائة درهم فأوصى لرجل (¬6) بربع ماله وأوصى لآخر بسدس السيف وسدس الدراهم فإن الموصى لهما يقتسمان الثلث بينهما على خمسة أسهم، يضرب فيها الموصى له بربع ماله بثلاثة أسهم، ويضرب فيه الموصى له بالسدس بسهمين، فما ¬

_ (¬1) م ف ت: ثلثه بسهم. والتصحيح من ب؛ والكافي، 3/ 232 ظ. (¬2) ت: يضيع. (¬3) م ف ت: صاحب. (¬4) م ت: أو صاحب. (¬5) ت: فما. (¬6) م ف: الرجل.

أصاب الذي أوصي له بسدس السيف وسدس الدراهم وهو خمسا الثلث فهو له في السيف والدراهم، ربع ذلك في السيف (¬1) وثلاثة أرباعه في الدراهم، وما بقي فإن الورثة والموصى له بربع المال يقتسمونه على ثلاثة عشر سهماً، يكون للموصى له بربع المال (¬2) من ذلك ثلاثة أسهم في السيف والدراهم، وما بقي فهو للورثة، فإن لم يقتسموا حتى ضاع من الدراهم مائة درهم فإن الثلث مما بقي بين صاحب ربع المال وبين الموصى له (¬3) بسدس السيف وسدس الدراهم على سبعة عشر سهماً، للموصى له بسدس السيف وسدس الدراهم من ذلك ثمانية أسهم من سبعة عشر سهماً، ربع ذلك في السيف وثلاثة أرباعه فيما بقي من الدراهم، وما بقي من الدراهم والسيف فهو بين الورثة وبين الموصى له بربع المال على ثلاثة وأربعين سهماً، فما أصاب تسعة أسهم من لك فهو للموصى له بربع المال، وما بقي فهو للورثة. فإن هلك من الدراهم مائة درهم أخرى قبل القسمة فلم يبق من الدراهم إلا مائة درهم وبقي السيف وقيمته مائة درهم فإن الثلث من ذلك بين الموصى له بربع المال والموصى له بسدس السيف وسدس الدراهم على سبعة أسهم، أربعة أسهم من ذلك للموصى له بسدس السيف وسدس الدراهم، ربع ذلك في السيف وثلاثة أرباعه في الدراهم، وما بقي من الدراهم والسيف فهو بين الورثة وبين الموصى له بربع المال على سبعة عشر سهماً، فما أصاب ثلاثة أسهم فهو للذي أوصي له بربع المال، وما أصاب أربعة عشر سهماً فهو للورثة، وصارت وصيته (¬4) للذي (¬5) أوصى له بسدس السيف وسدس الدراهم في هذا أكثر من وصية صاحب ربع المال. وإذا ترك الرجل عبداً يساوي ألف درهم وترك ألفي درهم سوى ذاك وأوصى بالعبد لرجل وأوصى بثلث ماله لآخر فإن الثلث يقسم بينهما ¬

_ (¬1) ف - والدراهم ربع ذلك في السيف. (¬2) ف - يقتسمونه على ثلاثة عشر سهماً يكون للموصى له بربع المال. (¬3) ت - له. (¬4) ف: وصية. (¬5) م ف: الذي

نصفين، فيكون نصف الثلث في رقبة العبد وذلك نصف العبد، فيكون ذلك النصف للموصى له بالعبد، ويقسم ما بقي بين الورثة وبين الموصى له بالثلث على خمسة أسهم، فما أصاب سهماً (¬1) من العبد ومن الألفين وذلك الخمس فهو للموصى له بالثلث، وما بقي فهو للورثة. فإن لم يقتسموا حتى هلك من الألفين ألف درهم فإن الثلث يقسم بين صاحب العبد وبين صاحب الثلث في قول أبي حنيفة على سبعة أسهم، لصاحب العبد من ذلك أربعة أسهم وذلك أربعة أسباع الثلث، فيكون له من العبد أربعة أسباع الثلث من جميع المال، وما بقي من العبد بعد ذلك فإنه يضم إلى الألف الدراهم الباقية فيقسم بين الورثة وبين صاحب الثلث على سبعة عشر سهماً، فما أصاب ثلاثة أسهم من ذلك فهو لصاحب الثلث، وما أصاب أربعة عشر سهماً من ذلك فهو للورثة (¬2). وذلك أن الموصى له بالعبد يدعي العبد كله وصاحب الثلث يدعي ثلثه، فالثلثان للموصى له بالعبد (¬3) خالصًا والثلث بينهما نصفان، فله خمسة ولصاحب الثلث سهم، وله من الألف الأخرى سهمان (¬4) من ستة، وله ثلاثة أسهم من سهام الموصى له بالعبد، السهم الزائدة على الثلث، بقي أربعة أسهم، فالثلث بينهما على سبعة (¬5) أسهم. وأما في قول أبي يوسف فإن الثلث بين صاحب العبد وبين صاحب الثلث على خمسة أسهم، لصاحب العبد من ذلك ثلاثة أسهم وذلك ثلاثة أخماس الثلث فيكون له ذلك من العبد، وينظر إلى ما بقي من العبد فيضم إلى الألف الدرهم (¬6) الباقية فيقسم بين صاحب الثلث وبين الورثة على ستة أسهم، فما أصاب سهماً فهو للموصى له وذلك السدس مما بقي، وما أصاب خمسة أسهم فهو للورثة. وإذا ترك الرجل عبداً يساوي ألف درهم وترك ألفي درهم سوى ذلك فأوصى بعتق العبد وأوصى لرجل بثلث الألفين ولم يترك مالاً ¬

_ (¬1) ت: سهم. (¬2) م ف ت: سهماً فهو من ذلك للورثة. (¬3) م ف ت: للموصى للعبد. (¬4) ت: سهمين. (¬5) ت: على خمسة. (¬6) ت: الدراهم

غير ذلك فإن الثلث يقسم بين العبد وبين صاحب الوصية، يضرب العبد في ذلك بجميع قيمته، ويضرب صاحب ثلث الألفين بثلث الألفين، فيقتسمون الثلث على خمسة أسهم، فما أصاب ثلاثة أسهم من ذلك وهو ثلاثة أخماس الثلث فهو للعبد يعتق (¬1) ذلك منه ويسعى فيما بقي، فإن أدى العبد السعاية التي عليه وجاء بها حاضرة أخذها الورثة فصارت لهم خاصة، واقتسموا الألفين لهم والموصى له بثلث الألفين، فيأخذ صاحب ثلث الألفين من ذلك خمس ثلثي (¬2) جميع المال وذلك أربعمائة درهم، فيصير (¬3) في أيدي الورثة أربعمائة درهم التي يسعى فيها العبد وألف وستمائة من الألفين وذلك ثلثا ما ترك الميت. فإن أعتق من العبد ثلاثة أخماس الثلث الذي صار له من الوصية وتَوَى (¬4) ما عليه فصار مفلساً لا يقدر على أداء ما عليه، فإن الألفين تقسم بين الورثة وبين الموصى له بثلث الألفين على ستة أسهم، فما أصاب سهماً (¬5) منها وهو السدس أخذه الموصى له، وأخذ الورثة ما أصاب خمسة أسهم من الألفين وذلك خمسة أسداس الألفين، وما خرج بعد ذلك من سعاية العبد التي عليه فإن الموصى له بثلث الألفين يأخذ من الورثة سدس ما وصل إلى الورثة من سعاية العبد من وصيته التي أوصي له بها في الألفين حتى يخرج من جميع ما على العبد من السعاية، وهو أربعمائة درهم أو قيمتها من الدنانير إن أدى العبد السعاية التي عليه دنانير، فإذا وصلت إلى الورثة أخذ الموصى له بثلث الألفين تمام أربعمائة من الألفين اللتين أوصي (¬6) له بثلثهما (¬7). وإذا ترك الرجل عبداً يساوي ألفاً وترك ألف درهم وأوصى بعتق عبده وأوصى لآخر بثلث ماله وأوصى لآخر بسدس الألف بعينها ولم يترك مالاً غير ذلك فإن الوصية تقسم على أحد عشر سهماً، يضرب فيها العبد بستة أسهم، ويضرب فيها صاحب الثلث بأربعة أسهم، ويضرب فيها صاحب ¬

_ (¬1) ت: بعتق. (¬2) ت: ثلثا. (¬3) م ف ت: قرضين. (¬4) أي: هلك، كما تقدم. (¬5) ت: سهم. (¬6) ت: وصى. (¬7) ت: بثلثيهما.

السدس بسهم، فيقسمون الثلث على أحد عشر سهماً، فما أصاب ستة أسهم من ذلك وهو ستة أجزاء من أحد عشر جزء من الثلث فهو للعبد يعتق منه ويسعى فيما بقي، فيضم إلى الألف درهم الباقية، فيأخذ صاحب السدس من الألف الباقية جزء من أحد عشر جزء من الثلث، وما بقي من الألف بعد ذلك ضم إلى سعاية العبد دراهم (¬1) كانت أو دنانير، فاقسم ذلك كله بين الورثة وصاحب الثلث على ستة وعشرين سهماً، فما أصاب أربعة أسهم فهو لصاحب الثلث، وما أصاب (¬2) اثنين وعشرين سهماً من ذلك فهو للورثة. فإن لم يقتسموا حتى استحق نصف العبد وضاع نصف الدراهم فإن الثلث يقسم بين العبد وبين الموصى له بثلث المال وبين الموصى له بسدس الألف على ستة أسهم، للعبد من ذلك ثلاثة أسهم وهو نصف (¬3) الثلث، فيعتق من العبد نصف الثلث وذلك سدس العبد، ويسعى فيما بقي فيضم إلى الخمسمائة الباقية (¬4) من الألف، فيأخذ صاحب سدس (¬5) الألف من الخمسمائة الباقية (¬6) ثلث نصف (¬7) العبد وسدس ثلث جميع ما بقي من المال، ثم يضم ما بقي من الخمسمائة الباقية وسعاية العبد دراهم كانت أو دنانير فيقتسمها (¬8) الورثة وصاحب ثلث المال على سبعة أسهم، سبع ذلك للموصى له بالثلث، وستة أسباعه للورثة، لأن وصية العبد ووصية (¬9) الموصى له بثلث المال نقصت حين استحق نصف العبد ونصف الدراهم، وأما وصية الموصى له بسدس الدراهم بعينها فإن له جميع ما أوصي له، ثم يضرب به كله في ثلث ما بقي من العبد والدراهم، لأن ¬

_ (¬1) ت: دراهما. (¬2) ت - أصاب. (¬3) ت: ثلث. (¬4) ف + من الألف فيأخذ صاحب السدس من الخمسمائة الباقية. (¬5) م ف ت: السدس؛ ت + من. (¬6) م + من الألف فيأخذ صاحب السدس الألف من الخمسمائة الباقية؛ ف هـ + سدس؛ ت + سدس. (¬7) م ف: النصف. (¬8) م ت: فيقسمها. (¬9) م ت: وصية.

باب الوصية إذا كانت أكثر من الثلث فأجازها الورثة

وصيته فيما بقي من الدراهم، ولا يجعل منها شيء فيما تَوَى من الدراهم. وقال محمد في جميع هذه المسائل: إذا أوصى لرجل (¬1) بشيء بعينه وأوصى لآخر بثلث ماله مرسلاً فقسم (¬2) الثلث بينهما على وصاياهما، أخذ الموصى بالشيء بعينه حصته من الثلث مما أوصي له به، ثم نظر إلى ما بقي، فأعطى صاحب الثلث ما بقي من الذي أوصي به لرجل مثل ثلث ما أخذ ذلك الرجل، وما بقي من حصة صاحب الثلث جعل فيما بقي من المال، وأخذ الورثة ما بقي، وهو قياس قول (¬3) أبي حنيفة وأبي يوسف. ... باب الوصية إذا كانت أكثر من الثلث فأجازها الورثة وإذا أوصى الرجل لرجل بثلث ماله ولآخر بجميع ماله فأجاز ذلك الورثة فإن قول أبي حنيفة في ذلك أن الثلثين من المال للموصى له بجميع المال خالصًا، والثلث بين الموصى له بالثلمث وبين الموصى له (¬4) بالثلثين (¬5) نصفين (¬6)، لأن الذي أوصي له بالثلث لا يدعي في الثلثين شيئاً، فهو للذي أوصي له بالجميع (¬7)، والثلث يدعيه الموصى له بجميع المال والآخر، فهو بينهما نصفين. فإن لم يجز الورثة ذلك فإن أبا حنيفة قال: الثلث بينهما نصفان، لا يضرب صاحب الجميع بأكثر من الثلمث إذا لم يجز الورثة. وقال أبو يوسف في ذلك: إن أجاز (¬8) الورثة اقتسما جميع المال على أربعة أسهم، يضرب فيه الموصى له بالجميع بجميع المال، وذلك ثلاثة أسهم، ويضرب فيها الآخر بثلث المال، وذلك سهمان، فيقسمان ¬

_ (¬1) م ت: الرجل. (¬2) ت: فيقسم. (¬3) م - قول. (¬4) م - وبين الموصى له. (¬5) م: والثلثين. (¬6) م - نصفين؛ ف - وبين الموصى له بالثلثين نصفين. (¬7) ت - فهو للذي أوصي له بالجميع. (¬8) ت: إن أجازوا.

المال على أربعة أسهم، وإن لم يجز الورثة اقتسما الثلث على أربعة أسهم أيضاً، يضربان في الثلث بمثل ما يضربان به في الجميع إذا أجازت الورثة. ولو أن رجلاً أوصى بثلث ماله لرجل وبثلثيه لآخر وبجميعه لآخر فأجازت الورثة فإن المال يقسم بينهما في قياس قول أبي حنيفة، يأخذ صاحب جميع المال منه الثلث كاملاً ماله خاصة، وثلث بين (¬1) صاحب الجميع وصاحب الثلثين نصفين، والثلث الباقي بينهم أثلاثاً، فإن لم تجز الورثة اقتسموا جميعاً الثلث أثلاثاً. وهو في قياس قول أبي يوسف كما وصفت لك في الباب الأول. وإذا أوصى الرجل بثلث ماله لرجل وبنصفه لآخر وبنصفه لآخر، فأجازت الورثة، فإن صاحبي النصفين يأخذ كل واحد منهما سدسًا (¬2) من المال (¬3)، فيبقى من المال الثلثان (¬4). فصارت حجة صاحب الثلث وصاحبي النصف في هذين الثلثين سواء، كل واحد منهم يدعي منه الثلث، فيقتسمون الثلث (¬5) على ثلاثة أسهم، فيكون لصاحبي (¬6) النصف لكل واحد منهما سدسان وثلث سدس، ويكون لصاحب الثلث سدس وثلث سدس. وهذا قياس قول أبي حنيفة. فإن لم تجز الورثة فالثلث بينهم أثلاثاً. وأما في قياس قول أبي يوسف ومحمد أجازت الورثة أو لم تجز فإن الموصى لهم يقتسمون ما صار لهم من ذلك على ثمانية أسهم. [قال أبو عبد الله: في جميع هذا الباب الشافعي ومالك وابن أبي ليلى وجميع أصحاب الحديث مع أبي يوسف ومحمد] (¬7). وإذا أوصى الرجل بثلث ماله لرجل وبنصف ماله لآخر وبثلثي ماله ¬

_ (¬1) م ف ت: من. والتصحيح من ب؛ والكافي، 3/ 234 و. (¬2) ت: سدس. (¬3) ف: سدس المال. (¬4) ف: ثلثان. (¬5) ت: الثلثين. (¬6) م ف ت: لصاحب. (¬7) هذه الجملة من كلام أبي عبد الله محمد بن أحمد بن حفص، وهو راوي كتاب الوصايا الذي قبل هذا الكتاب، رواه عن أبيه أبي حفص تلميذ الإمام محمد.

لآخر وبخمسة أسداس ماله لآخر فأجاز ذلك الورثة فإن الذي أوصي له بخمسة أسداس المال يفضلهم جميعاً بسدس، ويأخذ من المال السدس خالصأ، ثم يفضل هو وصاحب الثلثين صاحب النصف بسدس سدس، فيأخذ كل واحد منهما السدس خالصًا، فيكون لصاحب الثلثين سدس، ويكون لصاحب الخمسة الأسداس سدسان، ويَفْضل هذان والموصى (¬1) له بالنصف الموصى (¬2) له بالثلث بسدس (¬3)، فيكون هذا السدس بين صاحب النصف (¬4) وبين صاحب الثلثين وصاحب الخمسة الأسداس أثلاثاً، والثلث الباقي من المال وحجتهم فيه واحدة كلهم يربّعونه (¬5) بينهم أرباعًا. فإن كان أوصى (¬6) مع هذا أيضاً بجميع المال فإن صاحب الجميع يفضل صاحب الخمسة الأسداس وصاحب الثلثين بسدس، فهذا السدس الذي زاد على الثلثين بينهما نصفين (¬7)، ويفضلان هما وصاحب الثلثين صاحب النصف بسدس آخر، فهو بينهم أثلاثا، ويفضلون هم وصاحب النصف صاحب الثلث (¬8) بسدس (¬9)، فهو بينهم أرباعاً، فاستوت حجتهم بعد ذلك في الثلث الباقي من المال، فهو بينهم وبين صاحب الثلث أخماساً، وهذا كله قياس قول أبي حنيفة. فإن لم تجز الورثة فالثلث بينهم على خمسة أسهم، لأن كل واحد منهم لا يضرب بأكثر من الثلث في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد: فإن أجازت الورثة أو لم تجز فما صار لهم من ذلك اقتسموه بينهم على عشرين سهماً، يضرب فيه صاحب الجميع بستة أسهم، وصاحب الخمسة الأسداس بخمسة أسهم، وصاحب الثلثين بأربعة ¬

_ (¬1) ت: وللموصى. (¬2) م ف ت: للموصى. (¬3) م ف ت: سدس. (¬4) م ف ت: السدس. وهو كذلك في الكافي، 3/ 234. والتصحيح من ب. (¬5) م ت: يرعبونه. (¬6) ت: الموصى. (¬7) وعبارة الحاكم هكذا: فإن كان أوصى مع هذا بجميعِ ماله أخذ صاحب الجميع السدس وأخذ هو مع صاحب الخمسة الأسداس سدسًا آخر بينهما نصفين. انظر: الكافي، 3/ 234 ظ. (¬8) م ف: وصاحب الثلث وصاحب النصف. والتصحيح مستفاد من الكافي، 3/ 234 ظ. (¬9) ت - آخر فهو بينهم أثلاثاً ويفضلون هم وصاحب الثلث وصاحب النصف بسدس.

أسهم، وصاحب النصف بثلاثة أسهم، وصاحب الثلث بسهمين. وإذا أوصى الرجل بثلث ماله لرجل وبربع ماله [لآخر] (¬1) وبسدس ماله لآخر فأجازت الورثة فإن كل واحد منهم يأخذ وصيته من المال كاملاً، لأن المال أكثر من وصاياهم، فإن لم تجز الورثة اقتسموا الثلث بينهم، يضرب فيه كل واحد منهم بوصيته. وهذا قول أبي حنيفة وقول أبي يوسف ومحمد اجتمعوا (¬2) عليه. فإن كان أوصى مع هذا بجميع ماله وبنصف ماله فأجازت الورثة فإن أبا يوسف ذكر أن قياس قول أبي حنيفة في ذلك أن لصاحب الجميع النصف كاملاً، لأنه يفضل به على صاحب النصف ومن دونه من أصحاب الوصايا، وسدس يدعيه صاحب النصف وصاحب الجميع، لا يدعيه غيرهما من أصحاب الوصايا، فهو بينهما نصفين، ونصف سدس من الثلث يدعيه صاحب الثلث وصاحب النصف وصاحب الجميع، لا يدعيه صاحب الربع ولا صاحب السدس، فهو بينهما أثلاثاً، ونصف سدس يدعيه صاحب الربع وصاحب الثلث وصاحب النصف وصاحب الجميع، لا يدعيه صاحب السدس، فهو بينهم أرباعاً، والسدس الباقي يدعونه جميعاً، حجتهم فيه سواء، فهو بينهم أخماساً. وهذا عندنا ليس بقياس في قول أبي حنيفة، لأن أبا حنيفة كان يقول: إذا لم تبلغ (¬3) الوصايا الثلث اقتسموا الثلث على وصاياهم، ولم يجعل لبعضهم من الثلث شيء دون من بقي، كان يقول: لو أوصى بالثلث والربع والسدس ضرب كل واحد منهم في الثلث بوصيته، فيضرب صاحب الثلث في الثلث، ويضرب صاحب السدس بالسدس في الثلث، ويضرب صاحب الربع بالربع في الثلث، ولو كان الأول قياس قول أبي حنيفة لكان ينبغي في هذا أن يكون لصاحب الثلث نصف سدس لا يدعيه صاحب الربع، فيكون له خالصًا، ويكون نصف سدس بين صاحب الربع وصاحب الثلث نصفين، ويكون السدس الباقي (¬4) بينهم أثلاثاً، وليس هذا بقول أبي حنيفة في هذا، فإن كان ¬

_ (¬1) الزيادة من ب؛ والكافي، 3/ 234 ظ. (¬2) م ف ت: اجتمعا. (¬3) ت: لم يبلغ. (¬4) م ت: للباقي.

قال الأول فقد ترك هذا، ولكن قياس قول أبي حنيفة عندنا إن كان شيء زاد على الثلث الذي إلى الورثة إجازته أو رده فإنه يقسم على ما وصف (¬1) أبو يوسف، وأما الثلث الذي ليس إلى الورثة إجازته ولا رده فإنه يقسم على الوجه الذي كان يقسم عليه لو لم يجز الورثة، فيكون القول في هذه المسألة أن للموصى له بجميع مال (¬2) الميت [النصف] (¬3) خالصاً، لأنه لا يدعيه منهم أحد، ويكون السدس الذي يزيد على الثلث بعد النصف بين صاحب النصف وصاحب (¬4) الجميع نصفين (¬5)، فقد ذهب إجازة الورثة التي أجازوا لهذين، وبقي الثلث الذي لا إجازة فيه (¬6) للورثة، فهو بين أصحاب الوصايا كلهم كأن الورثة (¬7) لم تجز، لأن إجازتهم في هذا الثلث وردهم سواء، فيقسم أصحاب الوصايا هذا الثلث على ما كانوا يقسمونه لو لم تجز الورثة، يضرب فيه صاحب الجميع وصاحب النصف وصاحب الثلث كل واحد منهم بثلث المال، ويضرب فيه صاحب الربع بربع المال في جميع الثلث، ويضرب فيه صاحب السدس بسدس المال، فيقتسمون الثلث على ذلك، فهذا عندنا قياس قول أبي حنيفة. [ولو كان قول أبي حنيفة] (¬8) على التفسير الأول لكان الذي أوصى لهم إذا أجازت الورثة لهم جميع الوصايا أخذ بعضهم أقل مما يأخذون إذا لم تجز الورثة، فصارت الورثة يُدخِلون عليهم الضرر إذا أجازوا (¬9)، وهم لا يقدرون إذا لم يجيزوا (¬10) على أن ينقصوهم شيئاً من وصيتهم، فكيف ينقصونهم إذا أجازوا (¬11). وتفسير ذلك رجل أوصى لرجل بجميع ماله ولآخر بثلث ماله ولآخر بسدس ماله فأجازت الورثة، فإن الثلثين في قياس القول الأول لصاحب الجميع، والسدس بين صاحب الجميع وبين صاحب الثلث نصفين، ¬

_ (¬1) م ت: ما وصفت. (¬2) م ت: المال. (¬3) الزيادة مستفادة من الكافي، 3/ 235 و. (¬4) ت: وبين صاحب. (¬5) ت: نصفان. (¬6) م - فيه. (¬7) ت: للورثة. (¬8) الزيادة من الكافي، 3/ 235 و. (¬9) م ف: إذ أجازوا؛ ت: الضر وإذا أجازوا. (¬10) ت: لم يجبروا. (¬11) م ف: إذ أجازوا.

والسدس الباقي بين هذين وبين صاحب السدس أثلاثاً، فأصاب صاحب السدس في هذا (¬1) الوجه ثلث السدس، وهو واحد من ثمانية عشر سهماً. وإذا لم تجز الورثة اقتسموا الثلث على خمسة، يضرب فيه صاحب الجميع بالثلث وهو سهمان (¬2)، ويضرب فيه صاحب الثلث بمثل ذلك، ويضرب فيه صاحب السدس بسهم، فيكون له خمس الثلث وهو سهم وخمس سهم من ثمانية عشر سهماً، فصارت وصيته إذا لم تجز الورثة أكثر منها إذا أجازت (¬3)، فهذا لا يستقيم، وقياس قول أبي حنيفة في هذا وما أشبهه على ما وصفت لك في التفسير الآخر. وكل ما كان مثل هذا من الوصايا فأجازت فيه الورثة فانظر كل من يفضل صاحبه بشيء، فما زاد على الثلث فأعطه ذلك الفضل حتى تستوي (¬4) حجته وحجة صاحبه، ثم اقسم ما بقي بينهم مما زاد على الثلث بالسوية، فإذا بلغوا الثلث ضربوا جميعاً بما كانوا يضربون به فيه لو لم تجز الورثة، إلا أن يكون رجل منهم قد أخذ من حصته أكثر مما كان يضرب به لو لم تجز الورثة (¬5)، فلا يضرب إلا بما بقي له. وتفسير ذلك لو أن رجلاً أوصى لرجل بنصف ماله ولآخر بنصف ماله ولآخر بسدس ماله وأجازت (¬6) الورثة فإن صاحبي النصفين حجتهما (¬7) واحدة، فيأخذان ما زاد طى الثلث من المال (¬8) وذلك الثلثان، فيكون لكل واحد منهم الثلث، ويبقى لكل رجل منهم (¬9) من وصيته سدس المال، فيقتسمون الثلث ¬

_ (¬1) م ف ت: فهذا. (¬2) ت: سهمين. (¬3) ف: إذ أجازت. (¬4) ت: يستوي. (¬5) م + إلا أن يكون رجل منهم قد أخذ من حصته أكثر مما كان يضرب به لو لم تجز الورثة إلا أن يكون رجل منهم قد أخذ من حصته أكثر مما كان يضرب به لو لم تجز الورثة إلا أن يكون رجل منهم قد أخذ من حصته أكثر مما كان يضرب به لو لم تجز الورثة؛ ف + إلا أن يكون رجل منهم قد أخذ من حصته أكثر مما كان يضرب به لو لم تجز الورثة؛ ت + إلا أن يكون رجل منهم قد أخذ من حصته أكثر مما كان يضرب به. (¬6) ت: فأجازت. (¬7) ت: حجتها. (¬8) ف - من المال. (¬9) م ت - منهم.

باب الوصية بالعتق والمال يفضل فيها أحد الوارثين صاحبه

بينهم على ثلاثة أسهم، يضرب فيه كل واحد منهم بسدس المال، لأن صاحبي النصفين لم يبق لهما من وصيتهما إلا سدس سدس، فلا يضربان بأكثر مما بقي لهما. ولو لم تجز الورثة ضرب كل إنسان أوصي له بنصف المال بالثلث في الثلث، ويضرب صاحب السدس بالسدس في الثلث، فيقتسمون الثلث على خمسة أسهم، لأنهم في هذا الوجه لم يأخذوا من وصيتهم شيئاً، فلا (¬1) بد من أن يضرب كل واحد من صاحبي النصفين بثلث (¬2) كامل. ... باب الوصية بالعتق والمال يفضل فيها أحد الوارثين صاحبه وإذا أعتق الرجل عبداً في مرضه وقيمته ألف درهم ولا مال له غيره ثم قتل رجل المولى عمداً (¬3) وله ابنان فعفا أحد الابنين فإن حصة الذي لم يعف على القاتل خمسة آلاف درهم، وإذا أداها عتق العبد كله وصار حراً لا سبيل عليه، لأن الخمسة الآلاف (¬4) من تركة الميت يقضى منها دينه، وتنفذ (¬5) فيها وصيته، فصار العبد سدس مال الميت، فيعتق (¬6) كله، ويقسم الابنان الخمسة الآلاف (¬7) الباقية على اثني عشر سهماً، سهم من ذلك للذي عفا (¬8)، لأن الخمسة الآلاف (¬9) لو لم يعتق العبد الميت كان للابن الذي لم يعف خاصة، والعبد بينهما نصفين (¬10)، فصار للذي (¬11) لم يعف خمسة آلاف ونصف العبد، وقيمته خمسمائة، فصارت قسمة المال مال الميت بين الابنين على اثني عشر سهماً، سهم للذي عفا، وأحد عشر (¬12) سهماً (¬13) ¬

_ (¬1) ت: ولا. (¬2) م ف ت: ثلث. (¬3) م: عبدا. (¬4) ف: آلاف. (¬5) ت: وينفذ. (¬6) ت: فعتق. (¬7) ف: آلاف. (¬8) ت: لم يعف. (¬9) ف: آلاف. (¬10) ت: نصفان. (¬11) ت: الذي. (¬12) ف - وأحد عشر. (¬13) ف: وسهم.

للذي لم يعف، فلما أعتق الميت العبد أخرجنا وصيته من مالهم على قدر ما كان لهم في الأصل، فجعلنا (¬1) العبد حراً من ثلث مال الرجل، خمسة أسداسه ونصف سدس من حصة الذي لم يعف، ونصف سدسه (¬2) من حصة الذي عفا على قدر ما كان لهم في أصل المال. ولو كان العبد قيمته ثلاثة آلاف درهم فأعتقه المولى والأمر كما وصفت لك كان للعبد من رقبته ألفا درهم وستمائة درهم وستة وستون درهماً وثلثا درهم، وذلك ثلث ما ترك الميت، لأنه ترك عبداً يساوي ثلاثة آلاف درهم، وخمسة آلاف درهم حصة الذي لم يعف من الدية، فجميع ذلك ثمانية آلاف، فللعبد من ذلك الثلث وهو ألفا درهم وستمائة درهم وستة وستون درهماً وثلثا درهم، ويسعى العبد فيما بقي من قيمته (¬3) وهو ثلاثمائة فى رهم وثلاثة وثلاثون (¬4) وثلث (¬5)، فيضم (¬6) ذلك إلى الخمسة آلاف (¬7) درهم، فيقسم ذلك كله الابنان على ستة عشر سهماً، فما أصاب ثلاثة أسهم فهو للذي لم يعف، وذلك ستة أثمان ونصف، وتفسير هذا كما وصفت لك في المسألة الأولى. فإن كان العبد مات قبل أن يؤدي ما عليه من السعاية فإن الابنين يقتسمان (¬8) هذه الخمسة آلاف (¬9) درهم على ستة أسهم فيكون للذي عفا من ذلك السدس وهو سهم، ويكون للذي لم يعف خمسة أسداس الخمسة آلاف فى رهم الباقية، لأن العبد حين هلك قبل أن يؤدي ما عليه نظرنا كم بقي من المال، فإذا هو خمسة آلاف درهم، فعلمنا أن وصية العبد (¬10) بما عليه (¬11) ¬

_ (¬1) م - في الأصل فجعلنا (غير واضح). (¬2) ت: سدس. (¬3) م ف ت - فيما بقي من قيمته. (¬4) م ف: وثلثين؛ ف + درهماً. (¬5) م ف ت + فيما بقي من قيمته. (¬6) م ف ت: فيضرب. ولفظ الحاكم: فجمع. انظر: الكافي، 3/ 235 ظ. (¬7) ت: الألف. (¬8) ت: يقسمان. (¬9) ت: الألف. (¬10) ف: أن وصيته للعبد. (¬11) ت - نظرنا كم بقي من المال فإذا هو خمسة آلاف درهم فعلمنا أن وصية العبد بما عليه.

مثل نصف الخمسة آلاف (¬1) الباقية، لأن ذلك هو الثلث إذا ضمه إلى الخمسة الآلاف (¬2)، وما بقي فهو دين على العبد يؤدي ما عليه، فكأن الميت (¬3) لم يترك شيئاً غير خمسة آلاف درهم وألفين وخمسمائة مما على العبد، لأن ما تَوَى (¬4) على العبد لا يحتسب به. فإذا كان الميت لم يترك إلا هذه الخمسة الآلاف (¬5) درهماً (¬6) وألفين وخمسمائة مما على العبد الميت فإن الألفين والخمسمائة (¬7) التي على العبد لولا الوصية كانت بين الوارثين نصفين، وكانت هذه الخمسة الآلاف (¬8) للابن الذي لم يعف خاصة، فلما جعلنا للعبد وصية الألفين والخمسمائة التي عليه اقتسم الابنان هذه الخمسة الآلاف (¬9) الباقية (¬10) على ما كان لهم في الأصل لو لم تكن (¬11) وصية، وكان للابن الذي عفا في الأصل (¬12) سدس مال الميت، وهو نصف ألفين (¬13) وخمسمائة، وللابن الذي لم يعف ما بقي من المال (¬14)، وهو خمسة أسداس المال، فلما أعتق العبد من الثلث دخلت عليهم الوصية (¬15) على حساب ما كان لهم في الأصل على خمسة أسداس وسدس، فاقتسموا الخمسة آلاف (¬16) الباقية بينهم على ستة أسهم، للذي لم يعف خمسة، وللذي عفا واحد. ولو كان على الميت مع ذلك دين ألف درهم أخذت الألف من هذه الخمسة آلاف (¬17) الباقية، فاقتسموا ما بقي منها على سبعة أسهم، للذي لم يعف من هذه الأربعة الآلاف (¬18) الباقية ستة أسباعها، وسبع للابن الذي ¬

_ (¬1) ت + درهم. (¬2) ف: آلاف. (¬3) ت: ثلث. (¬4) أي: هلك، كما تقدم. (¬5) ف: آلاف. (¬6) ت: درهم. (¬7) ت + مما على العبد الميت فإن الألفين والخمسمائة. (¬8) ف: آلاف. (¬9) ف: آلاف. (¬10) م - الخمسة الآلاف الباقية (غير واضح). (¬11) ف + لهم. (¬12) م - عفا في الأصل (غير واضح). (¬13) ت: الألفين. (¬14) م - ما بقي من المال (غير واضح). (¬15) م - الوصية (غير واضح). (¬16) ت: الألف. (¬17) ت: الألف. (¬18) ف: آلاف.

عفا، لأن الميت ترك من المال في هذه الحال على هذه الخمسة الآلاف (¬1)، وما صار للعبد من الوصية وما بقي من قيمة العبد فهو دين تَاوِي (¬2) لا يحتسب به في مال الميت، فوصية العبد من قيمته مع هذه الخمسة الآلاف (¬3) ألفا (¬4) درهم، لأن الدين إذا دفع (¬5) من الخمسة الآلاف (¬6) بقي أربعة آلاف درهم، فإذا بقيت أربعة آلاف علمنا أن وصية العبد مما عليه ألفان، وهو الذي لم يَتْوَ من مال الرجل (¬7)، وهذه الألفان بين الاثنين نصفين (¬8)، فصار للابن الذي لم يعف الخمسة الآلاف (¬9) وألف من هذين الألفين، وصار ألف من هذين الألفين للابن الذي عفا، فصار الدين وهو ألف درهم يرفع من مالهم على سبعة أسهم، سبعه من مال الذي عفا، وستة أسباعه من مال الذي لم يعف. فما (¬10) بقي من مالهم بعد الدين الذي رفع على سبعة، ستة آلاف درهم، فارفع منها أيضاً وصية العبد ألفي درهم من هذه الستة الآلاف (¬11) الباقية على سبعة أسهم، سبعها في نصيب الذي عفا وستة أسباعها في نصيب الذي (¬12) لم يعف، وما بقي من المال وهو أربعة آلاف درهم اقتسمه الابنان بينهما على سبعة أسهم، ستة أسباعه للذي لم يعف وسبعه للذي عفا. وإذا كان للرجل عبدان يساوي كل واحد منهما ألفي درهم فأعتقهما جميعاً في مرضه ثم قتل عمداً وله ابنان فعفا أحدهما فغرم القاتل خمسة آلاف درهم (¬13) فإن للعبدين (¬14) مما عليهما ثلث ما ترك (¬15)، وهو ثلاثة آلاف درهم بينهما نصفان، ويسعى كل واحد منهما في خمسمائة (¬16) ¬

_ (¬1) ف: آلاف. (¬2) أى: هالك، كما تقدم. (¬3) ف: آلاف. (¬4) ت: ألفي. (¬5) ت: إذا رفع. (¬6) ف: آلاف. (¬7) ف: الرجلين. (¬8) ت: نصفان. (¬9) ف: آلاف. (¬10) ت: مما. (¬11) ف: آلاف. (¬12) ت - عفا وستة أسباعها في نصيب الذي. (¬13) ت - درهم. (¬14) م: للعبد. (¬15) ف - الميت. (¬16) ف: في خمسة آلاف.

درهم، فيضم ذلك إلى الخمسة آلاف (¬1)، فيقسمه ذلك كله الابنان على تسعة أسهم (¬2)، سبعة أتساع للابن الذي لم يعف، وتسعان للابن الذي عفا. فإن مات أحد العبدين قبل أن يؤدي شيئاً فإن للعبد (¬3) الباقي مما عليه ألف وأربعمائة، ويسعى في ستمائة، فيضم إلى الخمسة آلاف (¬4)، فيقتسمها (¬5) الابنان على اثنين وأربعين سهماً، فما أصاب ثلاثة وثلاثين ونصفاً (¬6) فهو للابن الذي لم يعف، وما أصاب ثمانية ونصفاً (¬7) فهو للابن الذي عفا، لأن الميت كان ماله سوى هذه الخمسة الآلاف (¬8) أربعة آلاف درهم، فتَوَى منها (¬9) ألفا درهم قيمة العبد الميت إلا قدر وصية العبد الميت من هذا (¬10)، فوصيته من ذلك ألف وأربعمائة فتضمها (¬11) إلى قيمة العبد الباقي، فيكون ذلك ثلاثة آلاف وأربعمائة، فذلك لولا الوصية بين الابنين نصفين، والخمسة الآلاف الباقية للابن الذي لم يعف خاصة، فأخرجت الوصية من جميع هذا المال على حساب ما كان لكل ابن سهماً، فدخل عليه الوصية على قدر نصيبه من المال، فتكون الوصية للعبدين جميعاً ألفان وثمانمائة، للميت من ذلك ألف وأربعمائة مما (¬12) عليه، وألف وأربعمائة للحي مما عليه، ويبقى على الحي ستمائة، فيضم ذلك إذا سعى فيه إلى الخمسة الآلاف (¬13) الباقية، فيكون ذلك كله بينهم على قدر ما كان لهم قبل الوصية، لأن الوصية (¬14) دخلت عليهم على حساب ما كان لهم. فإن كان للميت ألف درهم سوى العبد قائمة بعينها وقد مات أحد العبدين فإن العبدين من الوصية، لكل واحد منهما ألف وستمائة، للميت ¬

_ (¬1) ت: الألف. (¬2) م - تسعة أسهم (غير واضح). (¬3) ت: العبد. (¬4) ت: الألف. (¬5) ت: فيقسمها. (¬6) ت: ونصف. (¬7) ت: ونصف. (¬8) ف: آلاف. (¬9) ت: بينهما. (¬10) ف - من هذا؛ ت: من ذلك. (¬11) ت: فيضمها. (¬12) ت: فيما. (¬13) ف: آلاف. (¬14) ف - لأن الوصية.

مما عليه ألف وستمائة، وقد تَوَى ما بقي عليه، ويسعى العبد الحي (¬1) في أربعمائة، فيضم إلى هذه الستة الآلاف (¬2)، فيقتسمها الابنان على ثمانية وأربعين سهماً، فما أصاب ستة وثلاثين ونصفاً (¬3) فهو للابن الذي لم يعف، وما أصاب أحد عشر ونصفاً (¬4) فهو للابن الذي عفا، تفسير هذا على ما وصفت لك في الباب الأول. وإذا ترك الرجل عبدين يساوي كل واحد منهما ألفي درهم وقد أعتقهما في مرضه ولا مال له غيرهما (¬5) وقد قتل عمداً وله ثلاثة بنين فعفا أحدهم عن الجناية فعلى القاتل ثلثا (¬6) الدية يؤديها، ويعتق من العبدين ثلاثة عشر ألف وستمائة وستة وستون وثلثان (¬7) بينهما نصفين، ويسعيان فيما بقي عليهما من قيمة رقابهما، فيضم ذلك إلى الستة الآلاف (¬8) والستمائة والستة والستين، فيقسم ذلك كله البنون الثلاثة على اثنين وثلاثين سهماً، فما أصاب أربعة أسهم فهو للابن الذي عفا، وما أصاب ثمانية وعشرين سهماً فهو للابنين اللذين لم يعفوا بينهما نصفين. فإن مات أحد العبدين قبل أن يؤدي شيئاً فإن للذي بقي من العبدين من رقبته خمس ثمانية (¬9) آلاف وستمائة وستة وستون وثلثان (¬10)، ويسعى فيما بقي من قيمته، ويكون للميت من قيمته مثل ما أصاب الحي من قيمته، ويقسم البنون الثلاثة ما سعى فيه العبد الحي وثلثي الدية التي أدى القاتل على اثنين وخمسين سهماً، فما أصاب ستة أسهم وتسعي (¬11) سهم من ذلك فهو للابن الذي عفا، وما بقي بعد ذلك فهو بين الابنين اللذين (¬12) لم يعفوا نصفين. ¬

_ (¬1) ت - الحي. (¬2) ف: آلاف. (¬3) ت: ونصف. (¬4) ت: ونصف. (¬5) م - في مرضه ولا مال له غيرهما (غير واضح). (¬6) م - فعلى القاتل ثلثا (غير واضح)؛ ت: ثلثي. (¬7) م - وستون وثلثان (غير واضح)؛ ت: وستين وثلثين. (¬8) م - الستة الآلاف (غير واضح)؛ ف: آلاف. (¬9) ت: ثمنه. (¬10) ت: وستين وثلثين. (¬11) ت: ويسعى. (¬12) ت: فهو للابنين.

وإذا أوصى الرجل للرجل بعبد بعينه يساوي أربعة آلاف درهم ولا مال له غير العبد ثم قتل رجل الموصي (¬1) عمداً وله ابنان فعفا أحدهما فإن الذي أوصي له بالعبد يأخذ من العبد ثلث تسعة آلاف درهم، وذلك ثلاثة آلاف درهم، لأن جميع مال الميت تسعة آلاف درهم، خمسة آلاف نصف الدية، وأربعة آلاف قيمة العبد، فيكون للموصى له بالعبد ثلاثة أرباع العبد، ويرد ربع العبد، فيضم إلى الخمسة الآلاف (¬2) الباقية، فيقسم ذلك كله الابنان بينهما على أربعة وخمسين سهماً، فما أصاب اثني عشر سهماً من ذلك فهو للابن الذي عفا، يأخذ من هذه الاثني عشر سهماً نصف ما بقي من العبد، وهو من هذه الاثني عشر سهماً (¬3) أربعة أسهم ونصف، ويكون له ما بقي من هذه الاثني عشر سهماً (¬4)، وذلك سبعة أسهم ونصف في الخمسة آلاف (¬5) درهم الباقية، يكون (¬6) للابن الذي لم يعف من ذلك كله اثنان وأربعون (¬7) سهماً من أربعة وخمسين سهماً، له من ذلك نصف ما بقي من العبد، وهو أربعة أسهم ونصف، ويكون له ما بقي من المال بعد ذلك، لأن العبد كان بينهما نصفين (¬8) قبل الوصية، فدخلت الوصية بينهما على قدر ما كان لهما، فبدأنا بالوصية، فأعطيناها (¬9) صاحبها من العبد، ونظرنا ما بقي من العبد، فجعلناه بينهما نصفين، لأن العبد كان بينهما (¬10) قبل الوصية نصفين، فجعلنا ما بقي منه بعد الوصية نصفين بينهما، فأعطينا الابن الذي عفا ما بقي من حصته بعد نصيب العبد نصف ما بقي من العبد الذي أخذ من الخمسة الآلاف، وأعطينا الابن الذي لم يعف نصف ما بقي من العبد وأعطيناه ما بقي من (¬11) حصته من الخمسة الآلاف (¬12) كله، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف. ¬

_ (¬1) ف: الموصى له. (¬2) ف: آلاف. (¬3) ت - نصف ما بقي من العبد وهو من هذه الاثني عشر سهماً؛ صح هـ. (¬4) ف + أربعة أسهم ونصف ويكون له ما بقي من هذه الاثني عشر سهماً. (¬5) ت: الألف. (¬6) ت: ويكون. (¬7) ت: اثنين وأربعين. (¬8) م - كان بينهما نصفين (غير واضح). (¬9) ف: فأعطيها؛ ت: فأعطيتها. (¬10) م - بينهما (غير واضح). (¬11) ت - من. (¬12) ف: آلاف.

باب قول أبي حنيفة وأبي يوسف بالعتق والمحاباة إذا بدأ بأحدهما قبل صاحبه

باب (¬1) قول أبي حنيفة وأبي يوسف بالعتق والمحاباة إذا بدأ بأحدهما قبل صاحبه وإذا باع الرجل في مرضه عبداً له بألف درهم وقيمته ألفان ثم أعتق عبداً له آخر يساوي ألف درهم ولا مال له غير العبدين فإن المحاباة في البيع في قول أبي حنيفة أولى من العتق، إلا أن العتق لا يرد، ولكن العبد المعتق يسعى في جميع قيمته، فيكون في يدي ورثة الميت ألفان، ألف أعطاها المشتري، وألف قيمة العبد المعتق. فإن كانت قيمة العبد المعتق ألفاً (¬2) وخمسمائة فإن المحاباة في قول أبي حنيفة أولى، يبدأ بها من الثلث، ثم ينظر ما بقي من الثلث، فيعطاه (¬3) العبد المعتق من قيمته والذي بقي من الثلث بعد المحاباة وهو مائة وستة وستون وثلثان، لأن مال الميت ثلاثة آلاف وخمسمائة، فبدأنا بصاحب المحاباة فأعطيناه ألفاً، وما بقي من الثلث فهو للعبد، ويسعى العبد فيما بقي من قيمته. فإن مات العبد قبل أن يؤدي شيئاً فإن المشتري بالخيار، إن شاء أخذ العبد بألف وثلاثمائة وثلاثة وثلاثين وثلث، ويكون (¬4) له العبد بذلك، وإن شاء نقض البيع وأخذ ماله، لأن العبد حيث مات قبل أن يؤدي شيئاً فكأن الميت لم يدع شيئاً غير العبد الذي حوبي فيه ولا تجوز (¬5) له المحاباة فيه إلا بثلثه، ويسعى (¬6) ما بقي. وقال أبو يوسف ومحمد في جميع هذه المسائل: يبدأ بالعتق. وإن كان الموصي جعل المحاباة قبل العتق فإن بقي شيء (¬7) من الثلث بعد (¬8) قيمة العبد المعتق فالمشتري بالخيار، إن شاء أخذ العبد بجميع قيمته إلا ما بقي من الثلث بعد عتق المعتق، وإن شاء نقض البيع وأخذ دراهمه. ¬

_ (¬1) ف - باب. (¬2) ت: ألف. (¬3) ت: فيعطى. (¬4) ف ت: يكون. (¬5) ت: يجوز. (¬6) م ف ت: وتفسير. (¬7) ف - شيء. (¬8) م ف ت + البيع. والتصحيح من ب.

وإذا أعتق الرجل عبداً له في مرضه قيمته ألف درهم ثم باع عبداً آخر يساوي ألفين بألف درهم ثم مات ولا مال له غير العبدين فإن الثلث في قول أبي حنيفة بين العبد المعتق وبين المشتري نصفين، وعلى العبد المعتق أن يسعى في نصف قيمته، والمشتري بالخيار، إن شاء أخذ العبد الذي اشترى بألف وخمسمائة، وإن شاء ترك، فإن رضي أن يأخذه بألف وخمسمائة فعلى العبد المعتق أن يؤدي الخمسمائة التي وجبت عليه من السعاية إلى الورثة، وإن اختار المشتري نقض (¬1) البيع (¬2) أخذ (¬3) دراهمه ورد العبد على ورثة الميت وعتق العبد المعتق كله وتبطل السعاية عنه. ¬

_ (¬1) ت - نقض. (¬2) م: العبد؛ صح هـ. (¬3) م ف ت: وأخذ.

كتاب الفرائض

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب الفرائض فرائض الصلب فيما اجتمع عليه أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - وما اختلفوا فيه: حدثنا محمد بن الحسن قال: حدثنا السري بن إسماعيل قال: حدثني الشعبي في رجل مات وترك أباه قال: المال كله لأبيه. قال: فإن كان أبوان فلأمه الثلث ولأبيه ما بقي. قال: فإن كان مع الأم ولد الصلب أو ولد ولد ذكر أو أنثى واحداً (¬2) أو أكثر من ذلك فلأمه السدس، وقد حجبها الولد من الثلث. وإن كان مع الأم إخوة ذكوراً أو إناثاً من أب وأم أو من أب أو أم اثنين أو أكثر من ذلك فقد (¬3) حجبوها من الثلث، ولها معهم السدس (¬4). ولابنة الصلب النصف، وللابنتين (¬5) فما (¬6) فوق ذلك الثلثان. وإن كانت ابنة الصلب وابنة ابن أو أكثر من ذلك من بنات الابن فلابنة الصلب ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) ت: واحد. (¬3) ت: وقد. (¬4) ت: الثلث. (¬5) ف: للابنتين. (¬6) ت: ما.

النصف ولبنات الابن السدس تكملة الثلثين (¬1) بعد أن تكون (¬2) قرابتهن من الميت سواء. وإن كان مع ابنة الصلب بنات ابن وبنات ابن (¬3) ابن أسفل من ذلك فإن لابنة الصلب النصف، وللتي تليها من بنات الابن سهم تكملة الثلثين. وليس للتي أسفل منهن شيء إلا أن يكون ابن ابن معهن قرابته إلى الميت كقرابتهن أو أسفل منهن، فإنه يرد عليهن الفضل ويكون للذكر مثل حظ الأنثيين. ولا يرث بنات ابن مع ابن شيئاً إذا كن أسفل منه. وإن كانت ابنة ابن ليس معها ابنة الصلب فإن لابنة الابن النصف. وإن كان معها ابنة ابن أسفل منها أو أكثر من ذلك بعد أن تكون (¬4) قرابتهن إلى الميت سواء، فإن لابنة الابن العليا النصف وللتي تليها من بنات الابن سهم تكملة الثلثين. وميراث بنات الابن كميراث بنات الصلب إذا لم يكن بنات الصلب (¬5) يرثن ما يرثن ويحجبن ما يحجبن. ولا ترث (¬6) بنات الابن مع بنات الصلب إذا كن بنات الصلب اثنتين أو أكثر من ذلك إلا أن يكون مع بنات الابن ابن ابن قرابته كقرابتهن أو أسفل منهن، فإنه يرد عليهن الفضل للذكر (¬7) مثل حظ الأنثيين. وإن (¬8) كان ابن الابن فوقهن في النسب فهو أحق بالفضل منهن. ولا يرث ابن ابن ذكر ولا أنثى (¬9) مع ابن الصلب شيئاً. والأخوات للأب والأم مع بنات الصلب ومع بنات الابن عصبة، فإن لم يكن أخوات لأب وأم وكن أخوات لأب فهن أيضاً عصبة. ولا ترث الإخوة للأم ذكرًا (¬10) ولا أنثى مع ولد شيئاً ولا مع والد. وللأب مع ولد السدس لا ينقص منه، وإن فضل شيء من الولد فهو للأب. وللأخت من الأب والأم النصف، فإن كانتا أختين لأب وأم أو أكثر من ذلك فلهن الثلثان، فإن كان مع الأخت للأب والأم أخت لأب أو أكثر من ذلك (¬11) ¬

_ (¬1) م: للثلثين. (¬2) ت: أن يكون. (¬3) ت: وبنات بنات. (¬4) ت: أن يكون. (¬5) ت - إذا لم يكن بنات الصلب. (¬6) ت: يرث. (¬7) م ت: الذكر. (¬8) ف: وإذا. (¬9) أي: بنت الابن. (¬10) ت: ذكر. (¬11) ف + فلهن الثلثان فإن كان مع الأخت للأب والأم أخت لأب أو أكثر من ذلك.

فإن للأخت من الأب والأم النصف، وللأخوات من الأب سهم تكملة الثلثين. وإن كان مع الأخت للأب والأم إخوة لأب (¬1) ذكوراً وإناثاً (¬2) فإن للأخت من الأب والأم النصف، وللإخوة من الأب ما فضل للذكر مثل حظ الأنثيين. ولا ترث (¬3) الأخوات لأب مع الأخوات لأب وأم شيئاً إذا كانت أخوات من الأب والأم اثنين أو أكثر من ذلك إلا أن يكون مع الأخوات لأب إخوة ذكور، فيردون عليهن الفضل بعدما يعطى الأخوات من الأب والأم الثلثان (¬4)، فيكون سهم الذكر مثل حظ الأنثيين. والأخوات من الأب بمنزلة الأخوات من الأب والأم إذا لم يكن أخوات لأب وأم، يحجبن ما يحجبن ويرثن ما يرثن. وللأخ من الأم (¬5) السدس ذكراً (¬6) كان أو أنثى، ولا يزاد عليه. فإن كانا أخوين لأم أو أكثر من ذلك ذكوراً كانوا أو إناثاً فلهم الثلث لا ينقصون منه شيئاً ولا يزادون عليه، فهو بينهم سواء ذكورهم (¬7) وإناثهم (¬8). ولا يرث إخوة لأب وأم ولا أخوات لأب ولا إخوة لأم ذكورهم وإناثهم (¬9) مع الأب شيئاً. وللجدة أو الجدتين أو ما كان أكثر من ذلك من الجدات السدس، ولا ينقص منه شيء ولا يزاد (¬10) عليه، فهو بينهن سواء إذا كانت قرابتهن إلى الميت واحدة، وإلا فهو لأقربهن إلى الميت. لا يحجبهن أحد أن يأخذن (¬11) السدس غير الأم، فإنها لا ترث معها جدة. ولا ترث جدة أم أبي الأم شيئاً ولا جد أبو (¬12) الأم شيئاً. والجدات ست، اثنتان لنفسك، واثنتان ¬

_ (¬1) م ف ت: للأب. (¬2) ت: ذكور أو إناث. (¬3) ت: يرث. (¬4) ت: الثلثين. (¬5) ت: من الأب. (¬6) ت: ذكر. (¬7) ت: ذكرهم. (¬8) ف: سواء ذكرهم وأنثاهم سواء. (¬9) ت: ذكرهم وأنثاهم. (¬10) م ف: ولا يزدن. (¬11) م ف ت: أن يزدن. (¬12) ت: أبي.

لأبيك (¬1)، واثنتان لأمك، وكلهن وارثات غير واحدة، أم أبي الأم (¬2)، فإنها لا ترث أبداً، وبعضهن يرثن دون بعض. فإن كان جدتاك (¬3) حيتين (¬4) فالسهم (¬5) لهما، وإن كانت إحداهما (¬6) حية فالسهم لها، وإن كانتا ماتتا (¬7) فالثلث يرثن جميعاً جدتا أبيك (¬8) وجدة أمك أم أمها فالسهم لهما، وإن كانت إحداهما (¬9) حية فالسهم لها في قول زيد وعلي وعمر، وفي قول عبد الله بن مسعود السهم لجدتي نفسك، فإن كانت إحداهما (¬10) قد ماتت أشرك معها الجدات إلا أم أبي الأم (¬11)، وكان يورث الجدة مع ابنها (¬12) ولم يورثها غيره. وللزوج النصف إذا لم يكن ولد، فإن كان ولد فله الربع. وللزوجة الربع إذا لم يكن ولد، فإن كان ولد فللمرأة الثمن. ولا يرث من النساء إلا ست نسوة: الأم والبنات وبنات الابن والأخت والجدة والمرأة، لا يرث من النساء غيرهن، ولا ميراث لما سواهن. والابن أدنى العصبة ثم ابن الابن ثم الأب ثم الأخ من الأب والأم ثم الأخ من الأب ثم بنو الأخ من الأب والأم ثم بنو الأخ من الأب. ولا يرث بنو الأخ من الأم شيئاً. ثم العم للأب والأم ثم العم للأب. ولا يرث عم لأم شيئاً. ثم بنو العم لأب وأم، ثم بنو العم لأب. ولا يرث ابن عم لأم شيئاً (¬13). فما كان فوق ذلك من العصبة فهو بهذه المنزلة. ¬

_ (¬1) ت: لابنتك. (¬2) ف: الأب. (¬3) ت: جدتيك. (¬4) ت - حيتين. (¬5) م - فإن كان جدتاك حيتين فالسهم (غير واضح). (¬6) ت: إحداهن. (¬7) ف: ميتتين. (¬8) م - جميعاً جدتا أبيك (غير واضح). (¬9) ت: إحداهن. (¬10) ت: إحداهن. (¬11) ف: الجدات الأم أبي الأب. (¬12) ت: أبيها. (¬13) ت - ثم بنو العم لأب وأم ثم بنو العم لأب ولا يرث ابن عم لأم شيئاً.

باب المشركة

والكلالة من الورثة ما كان سوى الولد والأب من العصبة، الإخوة (¬1) وغيرهم من العصبة. ويزعمون أن ناساً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - اختلفوا في شيء من فرائض الصلب، وسأبينها لك: ... باب المُشَرَّكَة (¬2) أم وزوج (¬3) وإخوة لأم وإخوة لأب وأم قضى فيها عمر وعبد الله بن عمر أن الإخوة من الأب والأم شركاء للإخوة للأم في ثلثهم. وذلك أنهما (¬4) قالا: هم بنو أم كلهم ولم يزدهم أبوهم إلا قربًا، هم شركاء في الثلث. وقضى فيها علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت أنه ليس للإخوة من الأب والأم شيء، إنما هم عصبة يرثون إن كان فضل. أختان لأب وأم وإخوة لأب ذكوراً وإناثًا (¬5) كان عبد الله بن مسعود يعطي الأختين للأب والأم الثلثين، ويعطي ما بقي الإخوة للأب ذكورهم دون الإناث، ولا يعطي الإناث منه شيئاً. يقول: إذا استكمل الأخوات للأب والأم الثلثين فليس للأخوات من الأب ميراث بعد ذلك. كان يكره أن يزيد الأخوات (¬6) على الثلثين. وبنات الصلب وبنات الابن بهذه المنزلة. وقال علي وزيد بن ثابت: للأختين (¬7) للأب والأم الثلثان، وما ¬

_ (¬1) م ف ت: إخوة. (¬2) المسألة المشرّكة بفتح الراء وكسرها، فعلى الفتح بمعنى التي هي محل التشريك، وعلى الكسر بمعنى التي شركت بين الإخوة. وهي مسألة معروفة في الفرائض يأتي بيانها في الباب. انظر: المصباح المنير، "شرك"؛ والقاموس المحيط، "شرك"؛ وتاج العروس، "شرك". (¬3) ت: زوج. (¬4) ت: أيهما. (¬5) ت: ذكور وإناث. (¬6) م - الأخوات (غير واضح). (¬7) م - للأختين (غير واضح).

فضل بين الإخوة والأخوات من الأب للذكر مثل حظ الأنثيين. وبنات (¬1) الصلب وبنات الابن بهذه المنزلة. أخت (¬2) لأب (¬3) وأم وإخوة لأب ذكوراً وإناثًا (¬4) قال فيها عبد الله بن مسعود: للأخت من الأب والأم النصف وما بقي فبين الإخوة من الأب للذكر مثل حظ الأنثيين ما بلغ (¬5). جميع حظ الأخوات للأب السدس فما دونه. فإن كان حظ الأخوات إذا أشركن مع الإخوة أكثر من السدس أعطى الأخوات (¬6) من الأب السدس ولا يزدن عليه، وأعطى ما بقي ذكور الإخوة من الأب دون الأخوات، وكَره أن يزيد الأخوات على الثلثين شيئاً. وبنو الابن مع ابنة (¬7) الصلب وبنات الصلب بهذه المنزلة. وقال علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت: للأخت من الأب والأم النصف، وما بقي فللإخوة والأخوات من الأب (¬8) للذكر مثل حظ الأنثيين. وبنو (¬9) الابن مع ابنة (¬10) الصلب بهذه المنزلة. وأبوين وزوج قضى فيها عبد الله بن عباس أن للزوج النصف وللأم ثلث المال كاملاً، وللأب ما بقي وهو السدس، جعل الأب عصبة. وقضى فيها من سواه كلهم علي وعبد الله وزيد بن ثابت وغيرهم أن للزوج النصف وللأم ثلث ما بقي بعد النصف وللأب ما بقي. يقولون: نكره (¬11) أن تفضل الأم على الأب. وقضى (¬12) ابن عباس في امرأة وأبوين أن للمرأة الربع وللأم ثلث ما بقي كاملاً وما بقي فللأب. وقضى فيها من سواه أن للمرأة الربع وللأم ثك ما بقي بعد الربع وما بقي فللأب. ¬

_ (¬1) ف: بنات. (¬2) م ف ت: وأخت. (¬3) ت: لأم. (¬4) ت: ذكور وإناث. (¬5) ت: ما بع. (¬6) م ف ت: للأخوات. (¬7) ت: أبيه. (¬8) م ف ت + والأم. (¬9) ت: وسوا. (¬10) ت: أبيه. (¬11) ت: يكره. (¬12) م ف ت + فيها.

قال: وأخبرني الشعبي عن مسروق عن عبد الله بن مسعود في الميت يموت ثم لا يترك وارثاً سميت له فريضة، وله ذو رحم من العمة أو الخالة أو ابنة الأخ (¬1) أو نحوهم من ذوات الأرحام ممن لم يسم لهم فريضة في كتاب الله تعالى، أن عبد الله بن مسعود جعل لمن لم يسم لهم (¬2) فريضة من ذوي رحم على منزلة من سميت له فريضة ممن هو نحوه، جعل الخالة بمنزلة الأم والعمة بمنزلة الأب وابنة الأخ بمنزلة الأخ. وكل ذي رحم محرم لم يسم له فريضة فهو (¬3) على هذا النحو، غير أنه إذا كان في الفريضة وارث قد سميت له فريضة فهو أحق بالمال إذا لم يكن عصبة ذو رحم، فهو أحق بالفضل بعد أن يعطي الورثة فرائضهم التي سميت لهم. والعصبة أولى بالميراث كله. والرحم أحق ممن لم يسم له فريضة. وكان (¬4) لا يعطي مولى نعمة شيئاً مع وارث سميت له فريضة، ولا مع ذي رحم محرم (¬5) لم يسم لهِ فريضة من الميراث. وأعطاها أولي الأرحام لقول الله تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (¬6). ولم يكن يزيد الزوج والمرأة على الذي سمي لهما شيئاً إلا أن تكون (¬7) لهما قرابة، فإنه يعطيهما كما يعطي ذوي الأرحام. قال: وحدثني الشعبي عن علي وزيد قال: كان علي وزيد لا يزيدان وارثاً على الذي سمي له في كتاب الله شيئاً، ويعطيان الفضل العصبة من ذوي الأرحام أو موالي النعمة إذا لم يكن لهم عصبة ذو رحم (¬8). قال: وأخبرني الشعبي في امرأة تركت بني عمها أحدهم أخوها لأمها، فقضى فيها علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت أن لأخيها من أمها السدس، وهو شريكهم فيما بقي بعد ذلك كأحدهم. وقضى فيها عبد الله بن مسعود أن المال كله للأخ من الأم دون بني عمها (¬9) لقرابته. ¬

_ (¬1) م: أخ. (¬2) ف: ولهم. (¬3) م - محرم لم يسم له فريضة فهو (غير واضح). (¬4) ت: فكان. (¬5) ف ت - محرم. (¬6) سورة الأنفال، 8/ 75. (¬7) ت: أن يكون. (¬8) ت: عصبة ورحم. (¬9) ت: عمه.

قول زيد بن ثابت في فرائض الجد

قال: وأخبرني الشعبي في امرأة مسلمة تركت زوجها مسلماً وأخوين من أمها مسلمين وابنًا نصرانياً أو يهودياً أو مشركًا (¬1)، قضى فيها علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت أن للزوج النصف ولأخويها من أمها الثلث سهمان وبقي سدس المال سهم فهو للعصبة، يقولون: لا يرث يهودي ولا نصراني ولا مشرك ولا يحجب، وقضى فيها عبد الله بن مسعود أن للزوج الربع، وليس للأخوين للأم ميراث وما بقي للعصبة، يقول: لها ولد كافر يحجب بالكفر ولا يورثهم. قال: وحدثني الشعبي في امرأة مسلمة تركت أمها مسلمة وإخوتها كفارًا قضى فيها عبد الله بن مسعود أن للأم السدس وقد حجبها الإخوة من الثلث وما بقي للعصبة. وقضى أن ذوي الأرحام من الكفار والمملوكين يحجبون ولا يرثون. وقضى فيها من سواه من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - للأم الثلث وما بقي للعصبة وأن (¬2) ذوي الأرحام من الكفار والمملوكين (¬3) لا يحجبون ولا يرثون. فهذه فرائض الصلب. ... قول زيد بن ثابت في فرائض الجد عن الشعبي عن زيد بن ثابت في الجد: هذا ما قضى زيد بن ثابت في فرائض الجد، قضى فيها أنه لا ينقص الجد مع الإخوة والأخوات إذا لم يكن معهم فريضة من الثلث شيئاً، وهو شريكهم كأحد الذكور من الإخوة ما دام يبلغ الثلث فما فوقه، وإن كان إذا شاركهم كان حظه أقل من الثلث ¬

_ (¬1) ت: وابن نصراني أو يهودي أو مشرك. (¬2) ت: وقال. (¬3) م: والمشركين.

أعطي الجد ثلث المال كاملاً لا ينقص منه شيئاً، وقسم ما بقي بين الإخوة والأخوات للذكر مثل حظ الأنثيين. والجد مع الأخوات بمنزلة الأخ، وهو مع الإخوة الذكور أيضاً بمنزلة الأخ ما أصابه الثلث (¬1) فما فوقه، وإلا فإن له (¬2) الثلث كاملاً لا ينقص منه شيئاً (¬3). وإن كان مع الجد فرائض مسماة من سوى الإخوة والأخوات فإنه يعطى أهل الفرائض فرائضهم ويعطى ما بقي للجد. وإن كان مع الجد إخوة وأخوات وفرائض أعطي أهل الفرائض فرائضهم التي سميت لهم، ثم أشرك بين الجد والإخوة، والجد كأحد الإخوة من الذكور، إلا أن يكون ثلث ما يبقى من المال بعدما يستوفي أهل الفرائض فرائضهم أفضل من القسمة. فإذا بلغ أن يكون ثلث ما بقي من المال أفضل من القسمة أعطي الجد ثلث ما بقي ما دام ثلث ما بقي خيراً له من السدس من جميع المال، فإذا بلغ أن يكون ثلث ما بقي أقل من سدس المال أعطي الجد سدس المال مع الإخوة، لأنه خير له من المقاسمة ومن ثلث ما يبقى بعد الفرائض، فإذا زادت الفرائض على ستة أسهم فيها جد أعطي الجد السدس وإن تحول سدسه سبعاً أو ثمناً (¬4) أو واحداً من سبعة ونصف. ولا يرث مع الجد إخوة لأم ذكورهم ولا إناثهم ولا بنو أخ في قول الناس جميعاً. ولا يرث الجد مع الابن ولا مع ابن الابن إلا السدس في قولهم جميعاً. وسأقسم لك هذا حتى تعرفه إن شاء الله تعالى: رجل (¬5) ترك أخته لأبيه وأمه وجده يقسم (¬6) على ثلاثة أسهم، للجد سهمان وللأخت من الأب والأم (¬7) سهم. ¬

_ (¬1) م ف ت + فما أصابه الثلث. (¬2) ف - له. (¬3) ت: شيء. (¬4) م ف: أم ثمناً. (¬5) م - رجل (غير واضح). (¬6) ت: تقسم. (¬7) م - وللأخت من الأب والأم (غير واضح).

أختان (¬1) لأب وأم وأخت لأب وجد يقسم على أربعة أسهم، للجد سهمان وللأختين (¬2) من الأب والأم سهمان. وذلك بأنه جعل الأختين بحساب الأخ، والجد بحساب الأخ (¬3)، فصار النصف للجد، والنصف للأختين (¬4)، وأعطي الأختين (¬5) للأب والأم دون الأخت (¬6) للأب، من أجل أن الله تعالى سمى للأخت النصف (¬7). ولا يرث مع الأخت للأب والأم أخت لأب حتى تستوفي الأخت للأب والأم نصف المال كاملاً، فإن فضل بعد النصف شيء كان للأخت من الأب. أختان لأب وأم وأخت لأب وجد يقسم على خمسة أسهم، للجد خمس (¬8) المال سهمين، وللأختين من الأب (¬9) والأم ثلاثة أخماس المال، ولا ترث الأخت للأب شيئاً من أجل أن للأختين من الأب (¬10) والأم الثلثان. أختان لأب وأم وأختان لأب وجد يقسم على ستة (¬11) أسهم، للجد سهمان وللأختين من الأب والأم أربعة، وليس للأختين من الأب شيء. أخت لأب وأم وأختان لأب وجد يقسم على عشرين سهماً، للجد ثمانية أسهم وهو الخمسان وللأخت من الأب والأم عشرة أسهم وهو النصف وللأختين من الأب ما بقي وهو سهمان، لكل واحدة سهم (¬12). ¬

_ (¬1) م ف ت: أخت. (¬2) م - سهمان وللأختين (غير واضح)؛ ف ت: وللأخت. (¬3) م - الأخ (غير واضح)؛ ف - الأخ. (¬4) ت - للأختين. (¬5) ت: الأخت. (¬6) م - الأخت (غير واضح)؛ ت: اللأخت. (¬7) يقول تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (سورة النساء، 176). (¬8) ف ت: خمسا. (¬9) ت: للأب. (¬10) ت - والأم ثلاثة أخماس المال ولا ترث الأخت للأب شيئاً من أجل أن للأختين من الأب. (¬11) ف: على خمسة. (¬12) ت: منهم.

أخت لأب وأم وزوج وأم وجد يقسم على سبعة وعشرين سهماً، للزوج تسعة أسهم وللأم ستة أسهم وللأخت أربعة أسهم وللجد ثمانية أسهم، وهذه الأكْدَرِية (¬1)، وبابها أن تأخذ من ستة أسهم تمسك للأخت النصف ثلاثة وللزوج النصف ثلاثة وللأم الثلث سهمان وللجد السدس سهم، فتجمعه فيكون تسعة أسهم، فاضربها في ثلاثة فتجمعها فتكون سبعة وعشرين سهماً، للزوج تسعة من أجل أنه كان له ثلاثة (¬2) فضربتها في ثلاثة فصارت تسعة، تعطى الأم ستة أسهم من أجل أنه كان لها سهمان فضربتها في ثلاثة فصارت ستة، وبقي اثنا عشر سهماً بين الجد والأخت من أجل أنك أمسكت للأخت ثلاثة (¬3)، وللجد سهم فضربتها في ثلاثة فصارت اثني (¬4) عشر، فتجعل (¬5) الجد بمنزلة الأخ مع الأخت للذكر مثل حظ الأنثيين. وهذا قضاء زيد بن ثابت من بين فرائض الجد في هذه الفريضة. أم وامرأة وأخوان وجد يقسم على ستة وثلاثين سهماً، للأم السدس ستة أسهم وللمرأة تسعة وللجد ثلث ما بقي وهو سبعة من أجل أنه أكثر من السدس، ولو كان ثلث ما بقي أقل من السدس من جميع المال أعطي الجد بعد الأم والمرأة سدس المال كاملاً وأعطي الإخوة ما بقي. أخت لأب وأم وامرأة وأم وأختان لأب وجد يقسم على اثني عشر سهماً، للمرأة الربع وللأم السدس وخمسا ما بقي للجد وثلاثة أخماس ما بقي للأخت للأب والأم، فلا تتفق (¬6)، فاضرب اثني (¬7) عشر في خمسة فتصير ستين سهماً، للأم السدس وللمرأة الربع وللجد خمسا ما بقي من أجل أنه أكثر من سدس المال كاملاً وأكثر من ثلث ما بقي بعد حظ الأم ¬

_ (¬1) أي: المسألة المعروفة بهذا الاسم. سميت بذلك لأنه تكدر فيها مذهب زيد رضي الله عنه أو لأن عبدالملك ألقاها على فقيه اسمه أو لقبه أكدر أو كان اسم الميت أكدر. انظر: المغرب، "كدر". (¬2) ف - فتجمعها فتكون سبعة وعشرين سهماً للزوج تسعة من أجل أنه كان له ثلاثة. (¬3) م - أمسكت للأخت ثلاثة (غير واضح). (¬4) ت: اثنا. (¬5) م - فتجعل (غير واضح). (¬6) ت: يتفق. (¬7) ت: اثنا عشر.

والمرأة. ولو كان خمسا ما بقي أقل من ثلث ما بقي أو من سدس المال كاملاً أعطي الجد أكثر من ذلك، وصار ما بقي للأخت للأب والأم فكان لها دون الأختين. وإن كان ما بقي أكثر من أحد وعشرين سهماً كان لها نصف المال حتى تستوفي نصف المال كاملاً، وإن زاد شيئاً على النصف (¬1) كان للأختين للأب ما زاد. رجل ترك امرأته وأمه وأخته لأبيه وجده يقسم على ستة أسهم، للمرأة الربع وللأم الثلث وما بقي بين الجد والأخت للذكر مثل حظ الأنثيين، فخذها من اثني عشر سهماً من أجل أن فيها ثلثاً وربعاً، فاضربها في ثلاثة أسهم فتصير ستة وثلاثين، للمرأة الربع تسعة وللأم اثنا (¬2) عشر وبقي خمسة عشر، عشرة للجد وخمسة للأخت. رجل ترك امرأته وأمه وأختاً لأبيه وأمه وأخاه لأبيه وجداً يقسم على ستة أسهم، للأم السدس وللمرأة الربع وما بقي بين الجد والأخ والأخت للذكر مثل حظ الأنثيين، فخذها من اثني عشر، فاضربها في خمسة أسهم، من أجل أنهم خمسة، للجد اثنان وللأخت واحد وللأخ اثنان فذلك خمسة فتصير ستين، للأم السدس (¬3) وللمرأة الربع وللجد خمسا ما بقي أربعة عشر وللأخ أربعة عشر وللأخت من الأب والأم سبعة، ثم يرد الأخ من الأب على الأخت من الأب والأم (¬4) ما أخذ فصار لها أحد وعشرون سهماً، وليس للأخ من الأب شيء، لأنه لم يفضل من النصف شيء. رجل ترك امرأته وأمه (¬5) وأخته لأبيه وأمه (¬6) وأخته لأبيه وجداً، للمرأة الربع وللأم السدس وما بقي بين الجد (¬7) والأختين للذكر (¬8) مثل حظ ¬

_ (¬1) م ف: على النصفين. (¬2) ت: اثني. (¬3) م - خمسة فتصير ستين للأم السدس (غير واضح). (¬4) ف + سبعة ثم يرد الأخ من الأب على الأخت من الأب والأم. (¬5) م - وأمه (غير واضح). (¬6) م ت - وأخته لأبيه وأمه. (¬7) م - الجد (غير واضح). (¬8) م: الذكر.

الأنثيين، فخذها من اثني عشر فاضربها في عددهم وهم أربعة (¬1) فتصير ثمانية وأربعين، للمرأة الربع وللأم السدس وللجد أربعة عشر سهماً وللأخت من الأب والأم أربعة عشر سهماً، وليس للأخت من الأب شيء. رجل ترك امرأته وأمه وأخاه لأمه وأبيه (¬2) وأخويه لأبيه وجداً على ستة وثلاثين سهماً، للمرأة الربع وللأم السدس وللجد ثلث ما بقي وللأخ من الأب والأم أربعة عشر سهماً، وليس للأخوين للأب (¬3) شيء، أقاسم بهما (¬4) الأخ من الأب والأم والجد ولم يرثا معه. رجل ترك أمه وأخويه لأبيه وأمه وجده على ثمانية عشر سهماً، للأم السدس وللجد ثلث ما بقي وللأخوين عشرة أسهم لكل واحد خمسة. رجل ترك أختيه لأبيه وأمه وأختيه وأخاه لأبيه وجداً على ثمانية عشر سهماً، للجد الثلث وللأختين للأب والأم أربعة أسهم وللأخ للأب أربعة وللأختين للأب أربعة ثم يرد (¬5) الأخ والأختان للأب ما في أيديهم على الأختين للأب والأم فصار لهما الثلثان، وليس للأختين والأخ لأب (¬6) شيء. رجل ترك ابنته وأختيه وجداً على ثمانية أسهم، للابنة النصف وللجد سهمان وللأختين سهمان لكل واحدة سهم (¬7) سهم. رجل ترك ابنته وثلاث أخوات وجداً على عشرة أسهم، للابنة النصف وللجد خمسا ما بقي وللأخوات ثلاثة أسهم (¬8). رجل ترك ابنته (¬9) وأمه وأخته (¬10) وجداً، للابنة النصف تسعة أسهم ¬

_ (¬1) م - أربعة (غير واضح). (¬2) ت - وأبيه. (¬3) ف ت: من الأب. (¬4) ت: بها. (¬5) ت: ثم ترد. (¬6) ت: للأب. (¬7) ت: منهن. (¬8) ت - رجل ترك ابنته وثلاث أخوات وجداً على عشرة أسهم للابنة النصف وللجد خمساً ما بقي وللأخوات ثلاثة أسهم؛ صح هـ. (¬9) م - ابنته (غير واضح). (¬10) ت: وأخته وأمه.

وللأم السدس ثلاثة أسهم وللجد أربعة وللأخت سهمان وهو ثمانية عشر سهماً. رجل ترك ابنته وابنة ابنه وأمه وأخته وجداً على ستة أسهم (¬1)، للابنة النصف (¬2) ولابنة (¬3) الابن سهم وللأم سدس (¬4) وللجد سدس، وليس للأخت في قول الناس كلهم شيء. رجل ترك ابنته وامرأته وأخته وجده على ثمانية (¬5) أسهم، للابنة النصف وللمرأة الثمن وللجد سهمان وللأخت سهم. امرأة تركت ابنيها (¬6) وزوجها وجدها وأخاها، للابنين (¬7) الثلثان، وللزوج الربع، وللجد السدس، وهي على ثلاثة عشر للابنين (¬8) الثلثان ثمانية وللزوج ثلاثة وللجد سهمان، وليس للأخ شيء من أجل أنهم ليست لهم فريضة. امرأة تركت ابنتيها (¬9) وزوجها وأمها وأختها لأبيها وأمها (¬10) وجدها، للزوج الربع سهم ونصف وللابنتين الثلثان أربعة وللأم السدس سهم وللجد السدس (¬11)، وليس لأختها (¬12) لأبيها وأمها شيء، وهي صحاح على اثني (¬13) عشر. امرأة تركت زوجها وابنتها وأختيها لأبيها وجدها، للابنة النصف ثلاثة وللزوج الربع سهم ونصف وللجد السدس وما بقي فللأختين وهو نصف سهم، فإذا أردتها صحاحاً فخذ أصل الفريضة وهي ستة، فاضربها في أربعة فتصير أربعة وعشرين. ¬

_ (¬1) م - وأمه وأخته وجداً على ستة أسهم (غير واضح). (¬2) ت - للابنة النصف. (¬3) م ف: وللابنة. (¬4) ت - سدس. (¬5) م - ثمانية (غير واضح). (¬6) م - ابنيها (غير واضح)؛ ت: ابنتها. (¬7) ت: للابنتين. (¬8) ت: للابنتين. (¬9) ت: ابنتها. (¬10) ف: وأختها لأبويها. (¬11) ت - سهم وللجد السدس. (¬12) ت: لأخيها. (¬13) ت: على خمسة.

امرأة تركت ابنتها وأختها وجدها للابنة ثلاثة أسهم وهو النصف وللجد سهمان وللأخت سهم. امرأة تركت ثلاث بنات وجدها على ثمانية عشر سهماً، للبنات الثلثان اثنا عشر لكل واحدة أربعة وللجد ستة (¬1). امرأة تركت ابنيها (¬2) وجدها للجد السدس (¬3) وما بقي فللابنين (¬4). امرأة تركت أختيها (¬5) لأبيها وأمها وأمها وزوجها وجدها (¬6) للزوج النصف ثلاثة وللأم السدس وللجد السدس وللأختين سهم فلا تتفق، فأضعفها فتصير اثني عشر. امرأة تركت زوجها وأمها وأخاها لأبيها وأمها وجدها للزوج النصف ثلاثة أسهم وللأم الثلث وللجد السدس، وليس للأخ شيء. امرأة تركت زوجها وجدها وجدتيها (¬7) على اثني عشر سهماً، للزوج النصف ستة وللجد أربعة وللجدتين سهمان. امرأة تركت زوجها وأختها لأبيها وأمها وأختها لأبيها وجدها على ثمانية أسهم، للزوج النصف أربعة وللجد سهمان وللأختين سهمان، ثم ترد الأخت من الأب على الأخت من الأب والأم، فصار للأخت من الأب والأم سهمان، وليس للأخت من الأب شيء. امرأة تركت زوجها وأخاها لأبيها وأمها وأخاها لأبيها وجدها للزوج النصف ثلاثة وللجد (¬8) سهم وللأخوين سهمان، ثم يرد الأخ من الأب على الأخ من الأب (¬9) والأم، فصار للأخ من الأب والأم سهمان، وليس للأخ من الأب (¬10) شيء، ولكنه قاسم به. ¬

_ (¬1) ف + ستة. (¬2) ت: ابنتها. (¬3) م: سدس. (¬4) ت: فللابنتين. (¬5) ت: أختها. (¬6) ت - وجدها؛ صح هـ. (¬7) ت: وجدتها. (¬8) م - ثلاثة وللجد (غير واضح). (¬9) ت - على الأخ من الأب؛ صح هـ. (¬10) ف + والأم فصار للاخ من الأب والأم سهمان وليس للأخ من الأب.

قول علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في الجد

قول علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في الجد (¬1) عن الشعبي عن علي بن أبي طالب في فرائض الجد قضى فيه أنه جعله أخاً إلى ستة أسهم (¬2)، يقاسم ما كانت المقاسمة خيراً له من السدس، فإن نقص حظه من السدس شيئاً إذا شاركهم أعطاه سدس المال كاملاً لا ينقصه شيئاً مع الإخوة والأخوات إذا كانوا أكثر من خمسة إخوة ذكوراً أو إناثاً وجد. فإن كانت فريضة من البنات أو الأم أو المرأة أو الزوج وما سوى ذلك من الورثة فإن أهل الفرائض يعطون فرائضهم ويقسم ما بقي بين الجد والإخوة، الجد كأحد الذكور من الإخوة ما بلغ حظه السدس فما فوقه، فإن نقص حظه من السدس شيئاً أكمل (¬3) له سدس المال كاملاً، وما بقي للإخوة والأخوات للذكر مثل حظ الأنثيين. وإن استوفى أهل الفرائض فرائضهم ولم يبق إلا السدس فهو للجد من أجل أن الجد لا ينقص من السدس شيئاً. وإن كان جداً وأخاً فهما فيه سواء للجد النصف وللأخ النصف. ولا يرث (¬4) الإخوة من الأم ولا بنو الأخ مع الجد شيئاً. ولا يعتد بأخ لأب مع أخ لأب وأم. فإذا كان أخاً لأب وأم وأخاً لأب (¬5) وجداً (¬6) أعطي (¬7) الجد النصف والأخ من الأب والأم النصف، وليس لأخيه لأبيه شيء، ولا يعتد به. ولا يعطى الجد مع الولد إلا السدس ذكراً كان أو أنثى إلا أن يكون هو العصبة، ويعطى ما بقي الإخوة. ¬

_ (¬1) م - الجد (غير واضح). (¬2) م - ستة أسهم (غير واضح). (¬3) ت: احمل. (¬4) ت: ترث. (¬5) ت: أخا لأب وأخا لأب وأم. (¬6) ت: وجد. (¬7) ت: أعطا.

فإن كانت ابنة لصلب أو ابنة ابن أو أكثر من ذلك من بنات الابن ومعهن أخت وأكثر من الأخوات وجد (¬1) فإن للبنات فرائضهن وللجد سدس المال كاملاً وللأخوات ما بقي. وبنات الابن بمنزلة البنات إذا لم يكن بنات الصلب، والأخوات من الأب بمنزلة الأخوات من الأب والأم إذا لم يكن أخوات لأب وأم. وسأبين لك ذلك إن شاء الله تعالى (¬2): رجل ترك أخته وجده المال بينهما نصفان، وذلك أن للأخت من الأب والأم النصف (¬3). وإن كانتا (¬4) أختين أو أكثر من ذلك وجداً (¬5) ولم (¬6) يكن معهن أخ ذكر فإن (¬7) للأخوات الثلثان وما بقي فللجد. وإن كانت أخت لأب وأم وإخوة لأب ذكوراً داناثاً (¬8) وجداً فإن للأخت من الأب والأم النصف وما بقي فبين الجد والإخوة والأخوات، الجد (¬9) كأحد الذكور من الإخوة ما لم ينقص حظه من السدس، فإن نقص حظه من السدس شيئاً (¬10)، أكمل (¬11) له السدس ولم ينقص منه شيء، ويقسم ما بقي بين الإخوة والأخوات للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن كانت أختان (¬12) لأب وأم وزوج وأم (¬13) وجد فإن للأختين من الأب والأم الثلثان أربعة أسهم وللزوج النصف ثلاثة أسهم وللأم السدس سهم وللجد السدس، وإنما نقص الجد من سدس كامل في هذه الفريضة لأن السهام زادت على ستة أسهم، فأعطاه سهماً بحساب السدس. وكذلك كان يقسم للجد إذا بلغت الفريضة ستة أسهم أو زادت عليها أن يعطى الجد سهماً. ¬

_ (¬1) ف - وجد. (¬2) م - إن شاء الله تعالى (غير واضح). (¬3) م - الأب والأم النصف (غير واضح). (¬4) ت: فإن كانت. (¬5) ت: وجد. (¬6) م: لم. (¬7) م - فإن (غير واضح). (¬8) م - وإناثا (غير واضح)؛ ف: أو إناثا. (¬9) م - الجد (غير واضح). (¬10) م - شيئاً (غير واضح). (¬11) ت: احمل. (¬12) م ف ت: أختين. (¬13) ف - وأم.

وإن كانت أختاً لأب وأم وأختاً لأب أو أكثر من ذلك من الأخوات من الأب (¬1) وجد فإن للأخت من الأب والأم النصف ثلاثة أسهم وللأخوات من الأب سهم تكملة الثلثين وما بقي للجد. رجل ترك أخته لأبيه وأمه وأختاً لأبيه (¬2) وجده على ستة أسهم، للأخت من الأب والأم النصف ثلاثة أسهم وللأخت من الأب سهم وللجد سهمان. أختان لأب وأم وأختان لأب وجد على ثلاثة أسهم، للأختين من الأب والأم سهمان وللجد سهم (¬3)، وليس للأختين للأب شيء. أخت لأب وأم وثلاث أخوات لأب وجد على ستة أسهم، للأخت من الأب والأم النصف ثلاثة أسهم وللأخوات للأب سهم وللجد سهمان، فلا يتفق، فاضرب ستة في ثلاثة (¬4) فيكون ثمانية عشر، للأخت من الأب والأم تسعة وللأخوات من الأب ثلاثة أسهم لكل واحدة سهم (¬5) وللجد ستة أسهم. أختان لأب وأم وأختان وأخ لأب وجد على ستة أسهم، للأختين من الأب والأم أربعة أسهم وللجد سهم وللأخ والأختين من الأب سهم، فاضرب ستة في أربعة فيكون أربعة وعشرين، فللأختين من الأب والأم ستة عشر سهماً وهو الثلثان وللجد أربعة أسهم وهو السدس كاملاً وللأخ من الأب سهمان وللأختين من الأب (¬6) سهمان. أخت لأب وأم وزوج وأم وجد على تسعة أسهم، للزوج النصف ثلاثة أسهم وللأخت النصف وللأم الثلث وللجد سهم. ¬

_ (¬1) ف - من الأب. (¬2) م ت: لأمه. (¬3) ف: سدس. (¬4) ت: في ثلث. (¬5) ت: منهم. (¬6) ت + سهم فاضرب ستة في أربعة وعشرين فللأختين من الأب والأم ستة عشر سهماً وهو الثلثان وللجد أربعة أسهم وهو السدس كاملا وللأخ من الأب سهمان وللأختين من الأب.

أخت لأب وأم وامرأة وأم وأختان لأب وجد على سبعة أسهم ونصف، للأخت من الأب والأم النصف ثلاثة أسهم وللأختين سهم وللأم السدس سهم وللمرأة الربع سهم ونصف وللجد السدس فلا يتفق فأضعفها فتصير على خمسة عشر. رجل ترك امرأته وأمه وأخته لأبيه وأمه وجداً على سبعة أسهم ونصف، للأخت من الأب والأم النصف ثلاثة أسهم وللمرأة الربع سهم ونصف وللأم الثلث وللجد سهم فأضعفها فتصير على خمسة عشر. امرأة وأخت لأب وأم وجد للمرأة الربع وللأخت من الأب والأم النصف وللجد ما بقي سهم ونصف، فأضعف ستة فتصير اثني عشر. رجل ترك امرأته وأختيه لأبيه أوأمه، وجداً على ستة أسهم ونصف (¬1)، للمرأة الربع سهم ونصف وللأختين من الأب والأم الثلثان وللجد سهم فلا يتفق (¬2) فاجعلها ثلاثة عشر سهماً. رجل ترك امرأته وأمه وأخاه لأبيه وأمه وجده للمرأة الربع ستة أسهم وللأم ثمانية أسهم وللأخ خمسة أسهم وللجد خمسة أسهم. رجل ترك امرأته وأمه وأخته (¬3) لأبيه وأمه وأخاه لأبيه وجداً على ثلاثة عشر سهماً، للمرأة ثلاثة أسهم وللأخت من الأب والأم ستة أسهم وللأم سهمان وللجد سهمان، وليس للأخ شيء. رجل ترك امرأته وأمه وأخته لأبيه وأمه (¬4) وأخته لأبيه وجداً على خمسة عشر سهماً، للأخت للأب والأم ستة أسهم وللأخت للأب سهمان وللمرأة ثلاثة أسهم وللجد سهمان وللأم سهمان. رجل ترك امرأته وأمه وأخاه لأبيه وأمه وأخويه لأبيه وجداً (¬5) على ¬

_ (¬1) ت - فأضعف ستة فتصير اثني عشر رجل ترك امرأته وأختيه لأبيه وجداً على ستة أسهم ونصف. (¬2) ت: تتفق. (¬3) م ف: وأخت؛ ت: وأختا. (¬4) ت - وأخته لأبيه وأمه. (¬5) م ف: وجد.

أربعة وعشرين سهماً، للمرأة الربع ستة أسهم وللأم السدس أربعة أسهم وللجد سبعة (¬1) أسهم وللأخ من الأب والأم سبعة أسهم، وليس للأخوين من الأب شيء. رجل ترك أمه وأخويه لأبيه (¬2) وجداً يقسم على ثمانية عشر سهماً، للأم السدس ثلاثة أسهم وللجد خمسة أسهم وللأخوين عشرة أسهم (¬3) لكل واحد منهما خمسة. رجل ترك أخاه لأبيه وأمه وأخاه لأبيه وجداً المال بين الأخ للأب والأم والجد نصفان، وليس للأخ من الأب شيء. رجل ترك ابنته وابنة ابنه وجداً للابنة ثلاثة أسهم النصف ولابنة الابن سهم وللجد سهمان. رجل ترك ابنته وابنة ابنه وأخته وجداً للابنة النصف ثلاثة أسهم ولابنة الابن سهم وللجد (¬4) سهم وللأخت سهم. رجل ترك ابنتيه وأختيه (¬5) وجداً للابنتين الثلثان ثمانية أسهم وللجد سهمان وللأختين سهمان. رجل ترك ابنته وأختيه وجداً للابنة النصف ثلاثة أسهم وللجد السدس وللأختين سهمان لكل واحدة منهما سهم. رجل ترك ابنته وثلاث أخوات وجداً للابنة النصف وللجد السدس وللأخوات سهمان، فلا يتفق (¬6) فاضرب ستة في ثلاثة فتصير (¬7) ثمانية عشر سهماً. ¬

_ (¬1) م - وللجد سبعة (غير واضح). (¬2) ف - لأبيه. (¬3) ف - أسهم. (¬4) ت - سهمان رجل ترك ابنته وابنة ابنه وأخته وجداً للابنة النصف ثلاثة أسهم ولابنة الابن سهم وللجد. (¬5) ت: وأخته. (¬6) ف - فلا يتفق. (¬7) ت: فيصير.

رجل ترك ابنته وأخته وأمه وجداً للابنة النصف ثلاثة أسهم وللأم السدس سهم وللجد السدس سهم (¬1) وللأخت سهم. رجل ترك ابنته. وابنة ابنه وأخته وأمه وجداً لابنته (¬2) النصف ثلاثة أسهم ولابنة الابن سهم وللأم السدس وللجد السدس، وليس للأخت شيء. رجل ترك امرأته وابنته وأخته وجداً وأمه للابنة النصف اثنا (¬3) عشر سهماً وللأم السدس أربعة أسهم وللمرأة الثمن ثلاثة أسهم وللجد السدس أربعة أسهم وللأخت سهم. رجل ترك ابن ابنه وجداً للجد السدس وما بقي فلابن الابن. امرأة تركت زوجها وابنتها وأخاها وجدها للابنة النصف ستة (¬4) أسهم وللزوج الربع ثلاثة أسهم وللجد سهمان وللأخ ما بقي وهو سهم. امرأة تركت زوجها وابنتيها وأختها وجدها، للابنتين الثلثان، وللزوج الربع، وللجد السدس، وليس للأخت شيء، وهو على ثلاثة عشر سهماً (¬5). امرأة تركت زوجها وأمها وثلاث أخوات وابنتها وجدها يقسم على ثلاثة عشر سهماً، للابنة النصف ستة أسهم وللزوج الربع ثلاثة أسهم وللأم السدس سهمان وللجد سهمان وهو السدس، وليس للأخوات (¬6) شيء. وأصل هذه المسألة من ستة أسهم فأضعفها. امرأة تركت زوجها وابنتها وأختيها وجط ها للابنة النصف ثلاثة أسهم وللزوج الربع سهم ونصف وللجد (¬7) سهم وللأختين ما بقي، فخذ ستة فاضربها في أربعة فتصير أربعة وعشرين سهماً من أجل (¬8) الأختين. للابنة (¬9) ¬

_ (¬1) ت - وللجد السدس سهم؛ صح هـ. (¬2) م ت: لابنه. (¬3) ت: اثني. (¬4) ت: سثلثة. (¬5) ف + امرأة تركت زوجها وابنتيها وأختها وجدها للابنتين الثلثان وللزوج الربع وللجد السدس وليس للأخت شيء وهو على ثلاثة عشر سهماً. (¬6) م - للأخوات (غير واضح). (¬7) ت - وللجد. (¬8) م - من أجل (غير واضح). (¬9) م ف ت: للأب.

منها اثنا (¬1) عشر (¬2) وللزوج (¬3) ستة أسهم وللجد أربعة أسهم وللأختين سهمان. امرأة تركت ابنتها وأختها وجدها للابنة النصف ثلاثة أسهم وللجد السدس وللأخت ما بقي. امرأة تركت ابنتها وثلاث بنات ابن وأختها وجدها للابنة النصف ثلاثة أسهم ولبنات الابن سهم وللجد السدس وللأخت سهم فلا يتفق فاضرب ستة في ثلاثة فتصير ثمانية عشر سهماً. امرأة تركت زوجها وأخاها لأبيها وأمها وجدها وأمها (¬4) للزوج (¬5) النصف ثلاثة أسهم وللأم الثلث سهمان وللجد سهم وليس لأخيها لأبيها وأمها شيء من أجل أنه عصبة فلا يفضل له شيء (¬6) من السهام. امرأة تركت زوجها وأختيها لأبيها وأمها وتركت أمها وجدها للزوج النصف ثلاثة أسهم وللأختين الثلثان أربعة أسهم وللأم السدس سهم وللجد السدس سهم. امرأة تركت زوجها وثلاث أخوات وجداً للزوج النصف ثلاثة أسهم وللأخوات الثلثان أربعة أسهم وللجد سهم، فلا يتفق فاضرب ثمانية في ثلاثة فتصير (¬7) أربعة وعشرين سهماً. امرأة تركت زوجها وابنها وجدتيها وجدها للزوج الربع سهم ونصف وللجدتين سهم وللجد سهم وما بقي فلابنها، فلا يتفق فأضعف الستة فتصير اثني (¬8) عشر. امرأة تركت زوجها وأخاها وجدها (¬9) للزوج النصف سهمان وللجد ¬

_ (¬1) ت: اثني. (¬2) م ت + وللابنة. (¬3) ف: والزوج. (¬4) ت + وجدها. (¬5) ت: وللزوج. (¬6) ف - شيء. (¬7) ت: فيصير. (¬8) ت: اثنا. (¬9) ت: وجدتها.

سهم وللأخ سهم (¬1). امرأة تركت زوجها وأخاها لأبيها وأمها وتركت أمها وجدها وأختها لأبيها للزوج النصف ثلاثة أسهم وللأم السدس (¬2) سهم وللجد سهم وللأخ من الأب والأم سهم. امرأة (¬3) تركت زوجها وأختها لأبيها وأمها وجدها وأختيها لأبيها للزوج النصف ثلاثة (¬4) أسهم ولأختها لأبيها وأمها (¬5) النصف ثلاثة وللأختين من الأب سهم وللجد السدس سهم، فلا يتفق فأضعفها فتصير على ستة عشر سهماً. امرأة تركت زوجها وأمها وأخاها لأبيها وأمها وأخاها لأبيها وجدها للزوج النصف ثلاثة أسهم وللأم السدس سهم وللجد سهم وللأخ للأب والأم سهم، وليس للاخ للأب شيء. رجل ترك أخاه لأبيه وأمه (¬6) وأخاه لأبيه وجداً المال بين الجد والأخ من الأب والأم نصفان، وليس للأخ للأب شيء. رجل ترك أخته لأبيه وأمه (¬7) وأخاه لأبيه وجداً للأخت النصف وما بقي بين الأخ والجد نصفان، وهذه الفريضة على أربعة أسهم. رجل ترك أخته لأبيه وجداً وأمه للأخت النصف ثلاثة وللأم الثلث سهمان وللجد سهم. ... ¬

_ (¬1) ف - امرأة تركت زوجها وأخاها وجدها للزوج النصف سهمان وللجد سهم وللأخ سهم. (¬2) ت: الثلثان. (¬3) م - سهم امرأة (غير واضح). (¬4) م - ثلاثة (غير واضح). (¬5) ت: ولأمها. (¬6) ت: ولأمه. (¬7) ت: ولأمه.

قول عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - في الجد

قول عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - في الجد عن الشعبي عن عبد الله بن مسعود في فرائض الجد أنه إذا كان له إخوة ذكوراً وإناثاً (¬1) وجد أن الجد كأحد الذكور من الإخوة ما أصاب الثلث، فإن نقص حظه من الثلث إذا جعل كأحد الذكور أعطي الجد الثلث كاملاً وقسم ما بقي بين الإخوة والأخوات للذكر مثل حظ الأنثيين. وافق زيد بن ثابت في الإخوة، جعله أخاَ إلى الثلث (¬2)، من أجل ذلك جعل له الثلث مع الإخوة، وخالفه في الفرائض، يقاسم الإخوة ما دامت المقاسمة خيراً له من الثلث، فإذا نقصت المقاسمة من الثلث أعطي الجد ثلث المال كاملاً ما لم يكن معه فرائض. فإن كانت معه فرائض أعطي أهل الفرائض فرائضهم وقسم ما بقي بين الجد والإخوة، الجد كأحد الإخوة إلا أن ينقص حظه من السدس، فإن نقص أكمل له سدس المال كاملاً وقسم ما بقي بين الإخوة والأخوات للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن كان جد (¬3) وأخوات ليس معهن أخ ذكر فإن للأخوات الثلثين وللجد ما بقي. وإن كانت أختاً واحدة فالمال بينهما نصفان، للجد النصف وللأخت النصف. فإن كان جد (¬4) وأخوات ومعهن فرائض سوى البنات أعطي أهل الفرائض فرائضهم وأعطي الأخوات الثلثين أو النصف إن كانت واحدة وأعطي الجد ما بقي. فإن كان الذي بقي أقل من السدس من جميع المال أُلْحِقَ له سهم بحساب السدس (¬5). وإن كانت الفريضة ابنة واحدة أو أكثر من ذلك من البنات وأختاً (¬6) واحدة وجداً (¬7) وكانت فرائض سوى ذلك أو لم تكن فإن للبنات الثلثين (¬8)، وإن كانت واحدة فلها النصف، ولكل وارث الذي سمي له، ويقسم ما بقي بين الجد والأخت نصفين سواء. وإن كانت الأخوات أكثر من واحدة فالجد (¬9) معهن ¬

_ (¬1) م: أو إناث. (¬2) م ف ت: إلى ثلث. (¬3) ت: جداً. (¬4) ت: جداً. (¬5) أي: أعطي السدس. (¬6) ت: وأخت. (¬7) ت: وجد. (¬8) ت: الثلثان. (¬9) م ف ت: والجد.

بمنزلة الأخ مع الأخوات، فأي ذلك أصابه فيه أقل من السدس أكمل (¬1) له سدس المال كاملاً وأعطي ما بقي (¬2) الأخوات. وإن كانت أمًّا وجداً ومعها فرائض فإن الأم لا تعطى ثلث المال كاملاً حتى يصيب الجد الثلثان أو أكثر من ذلك، يكره أن تفضل الأم على الجد في شيء من الفرائض. فإن كان أخاً لأب وأم وجداً مع إخوة لأب ذكور وإناث (¬3) فإن للجد النصف وللأخ من الأب والأم النصف، ولا يرث الإخوة من الأب شيئاً ولا يحجبون ذكورهم وإناثهم إذا كان معهم أخ لأب وأم. وإن كانت أخت لأب وأم وإخوة لأب وجد (¬4) فإن للأخت من الأب والأم النصف وللجد النصف، ولا ترث الإخوة من الأب شيئاً ولا يحجبون، إلا أن يكون مع الأخت من الأب والأم أخت لأب أو أكثر (¬5) من ذلك من الأخوات للأب إذا (¬6) لا يكون معهن أخ (¬7) ذكر (¬8) فإن للأخت من الأب والأم النصف وللأخوات من الأب سهم تكملة الثلثين وللجد ما بقي. ولا يرث الإخوة من الأم مع الجد شيئأ ذكورهم ولا إناثهم ولا بنو أخ مع الجد شيئاً. ولا يعتد بأخ من أب مع أخ لأب وأم (¬9)، ولا يزيد الأخوات على الثلثين، ولا تفضل (¬10) أم على جد. وتورث (¬11) أم الجد معه إذا لم يكن دونها من يحجبها، ولا يحجبها إلا الجدتان (¬12)، جدتا المتوفى أم أمه وأم أبيه. فإن ماتت إحداهما تشترك في السدس جدة المتوفى أم أمه وجدة أبيه. والأخوات للأب بمنزلة الأخوات للأب (¬13) والأم إذا لم يكن أخوات لأب وأم ذكورهم وإناثهم بمنزلة ذكورهم وإناثهم (¬14) مع الجدة (¬15). ولا يورث الجد مع الابن ¬

_ (¬1) ت: أحمل. (¬2) ف + من. (¬3) ت: ذكوراً وإناثًا. (¬4) ت: وجداً. (¬5) ت: وأكره. (¬6) م ف ت: هذا. (¬7) م ف ت: أخا. (¬8) ت: ذكرا. (¬9) م ف ت: للأب والأم. (¬10) ت: يفضل. (¬11) ت: ويورث. (¬12) ت: الجدبان. (¬13) م - الأخوات للأب (غير واضح). (¬14) ت - بمنزلة ذكورهم وإناثهم. (¬15) ف ت: مع الجد.

أو ابن (¬1) الابن إذا لم يكن ابن صلب إلا السدس. فهذا قضاء عبد الله بن مسعود في الجد. وسأفسر لك ذلك: رجل ترك أختيه لأبيه وأمه وجداً على ثلاثة أسهم، للأختين سهمان وللجد سهم. رجل ترك أخته لأبيه وجده وأمه فللأخت النصف وللأم السدس وما بقي فللجد وهو سهمان. رجل ترك أخته لأبيه وأمه وجداً المال بينهما نصفان. رجل ترك أخته لأبيه وأمه وأختيه (¬2) لأبيه وجداً على ستة أسهم، للأخت للأب والأم النصف ثلاثة أسهم وللأخت للأب سهم وللجد سهمان (¬3). أختان لأب وأم وأختان لأب وجد على ثلاثة أسهم، للأختين للأب والأم سهمان وللجد سهم، وليس للأختين. من الأب (¬4) شيء. رجل ترك أخته لأبيه وأمه وأختيه لأبيه وجداً وأمًّا على اثني عشر سهماً، للأخت للأب والأم النصف ستة أسهم وللأختين للأب سهمان وللأم السدس سهمان وللجد السدس سهمان. رجل ترك أختيه (¬5) لأبيه وأمه وأخته (¬6) وأخاه لأبيه وجداً وأمه على ستة أسهم، للأختين من الأب والأم الثلثان وللأم السدس سهم وللجد السدس سهم، وليس للأخ والأخت (¬7) من الأب شيء. رجل ترك أختيه لأبيه وأمه وأختيه وأخاه لأبيه وجده للأختين للأب ¬

_ (¬1) م ت: وابن. (¬2) ت: وأخته. (¬3) ف: نصفان. (¬4) ت: للأختين للأب. (¬5) ت: أخته. (¬6) م ف: وأخت؛ ت: وأختا. (¬7) ف: وللأخت.

والأم الثلثان أربعة وللجد سهمان، وليس للأختين والأخ من الأب شيء. أخت لأب وأم وأم وزوج وجد على ثمانية أسهم، للزوج النصف ثلاثة وللأخت النصف ثلاثة وللأم سهم وللجد سهم، فهذه الأَكْدَرِيّة (¬1). امرأة تركت زوجها وأمها وأخاها (¬2) وجدها على ستة أسهم، للزوج النصف وللأم سهم وللأخ سهم وللجد سهم. امرأة تركت زوجها وأمها وجدها للزوج النصف ثلاثة أسهم وللأم سهم وللجد سهمان. رجل ترك امرأته وأمه وأخويه وجداً على ستة وثلاثين سهماً، للمرأة الربع تسعة وللأم السدس ستة وبقي أحد وعشرون سهماً، للجد من ذلك سبعة وللأخوين أربعة عشر سهماً. أخت لأب وأم وأخت لأب وامرأة وجد وأم على سبعة أسهم ونصف، للأخت من الأب والأم النصف ثلاثة وللأخت من الأب السدس وللأم السدس وللمرأة الربع سهم ونصف وللجد السدس سهم، فلا يتفق فأضعفها فتكون خمسة عشر سهماً. رجل ترك أخته (¬3) لأبيه وأمه وأُمَّهُ وامرأته وجداً للأخت للأب والأم النصف ثلاثة وللمرأة الربع سهم ونصف وللأم سهم وللجد سهم، فلا يتفق فأضعفها فتصير على ثلاثة عشر. رجل ترك امرأته وأخاه لأبيه وجده وأمه على أربعة وعشرين سهماً، للمرأة الربع ستة أسهم وللأم أربعة وللجد سبعة وللأخ سبعة. رجل ترك امرأته وأمه وأخته لأبيه وأمه وأخاه لأبيه وجده على ثلاثة عشر، للأخت من الأب والأم النصف ستة وللأم السدس سهمان وللمرأة الربع ثلاثة وللجد سهمان، وليس للأخ للأب شيء. ¬

_ (¬1) تقدم تفسيرها قريباً. (¬2) ف - وأمها وأخاها. (¬3) ت: أختيه.

رجل ترك ثلاثة إخوة لأبيه وأمه وأخوين لأبيه وجده على تسعة، للجد الثلث ثلاثة وللإخوة للأب والأم ستة (¬1)، وليس للأخوين للأب شيء. رجل ترك ابنته وابنة ابنه وجده للابنة النصف ثلاثة ولابنة الابن سهم وللجد سهمان. رجل ترك ابنته وجده وأخته على أربعة أسهم، للابنة النصف وللجد سهم وللأخت سهم. رجل ترك ابنته وأختيه لأبيه وأمه وجده للابنة النصف أربعة وللجد سهمان وللأختين سهمان. رجل ترك ابنته وأختيه (¬2) لأبيه وجده للابنة النصف أربعة وللجد سهمان وللأختين سهمان. رجل ترك ابنته وثلاث أخوات وجداً على عشرة، للابنة النصف خمسة وللجد خمسا ما بقي وهو سهمان وللأخوات ثلاثة أخماس. رجل ترك ابنه وجده للجد السدس وما بقي فللابن. رجل ترك ابنته وأمه وجده وأخته لأبيه للابنة النصف ثلاثة وللأم السدس سهم وللجد سهم وللأخت سهم. رجل ترك ابنته وابنة ابنه وأخته وأمه (¬3) وجده للابنة النصف ولابنة الابن سهم وللأم سهم وللجد السدس سهم، وليس للأخت شيء. رجل ترك امرأته وأمه وأخاه وجده على أربعة وعشرين سهماً، للمرأة الربع ستة وللأم أربعة وللجد سبعة وللأخ سبعة. رجل ترك امرأته وأخته وابنته وجده على ستة عشر سهماً، للمرأة الثمن سهمان وللابنة النصف ثمانية أسهم وللجد ثلاثة وللأخت ثلاثة. ¬

_ (¬1) ت - ستة. (¬2) ت: وأخته. (¬3) ف - وأمه.

رجل ترك امرأته وأمه وأخته وابنته وجده على أربعة وعشرين سهماً، للابنة النصف اثنا عشر سهماً وللأم السدس أربعة وللمرأة الثمن ثلاثة وللجد السدس أربعة وللأخت سهم. رجل ترك ابنتيه (¬1) وامرأته وأختيه وجده للابنتين الثلثان وللمرأة الثمن وللجد السدس وللأختين ما بقي، خذها من أربعة وعشرين سهماً (¬2) لأن فيها ثمن وسدس، فلا تتفق فأضعفها فتصير ثمانية وأربعين. رجل ترك ابن ابنه وجده للجد السدس وما بقي فلابن (¬3) الابن. امرأة تركت زوجها وابنتها وأختها وجدها للابنة النصف ستة وللزوج الربع ثلاثة وللجد السدس سهمان وللأخت سهم. امرأة تركت زوجها وابنتيها وأختيها وجدها للابنتين الثلثان ثمانية وللزوج الربع ثلاثة وللجد سهمان، وليس للأختين شيء. امرأة تركت ابنتها وثلاث بنات ابن وأختها وجدها للابنة النصف تسعة ولبنات الابن ثلاثة تكملة الثلثين وللجد ثلاثة وللأخت ثلاثة. امرأة تركت زوجها وأخاها وأمها (¬4) وجدها للزوج النصف ثلاثة وللأم سهم وللجد سهم وللأخ سهم. امرأة تركت زوجها وأمها وأختيها لأبيها وأمها وجدها للأختين للأب والأم الثلثان أربعة وللزوج النصف ثلاثة وللأم السدس سهم وللجد السدس سهم. امرأة تركت ثلاث أخوات وزوجها وجدها للأخوات الثلثان وللزوج النصف ثلاثة وللجد سهم، فلا يتفق فاضرب ثمانية في ثلاثة فتصير أربعة وعشرين. ¬

_ (¬1) ت: ابنته. (¬2) ف - سهماً. (¬3) م: فللابن. (¬4) ف - وأمها.

امرأة تركت زوجها وابنتها (¬1) وجدها وجدتيها للزوج الربع ثلاثة وللابنة النصف ستة أسهم ولجدتيها سهم (¬2) ولجدها سهمان. امرأة تركت زوجها وأخاها لأبيها وأمها وجدها على أربعة للزوج النصف وللجد سهم وللأخ سهم. امرأة تركت زوجها وأختها لأبيها وأمها (¬3) وجدها وأختيها لأبيها على ثمانية أسهم، للزوج النصف ثلاثة وللأخت النصف ثلاثة وللأختين من الأب سهم وللجد سهم، فلا يتفق من أجل (¬4) الأختين فأضعفها فتصير على ستة عشر سهماً. امرأة تركت زوجها وأمها وأخاها (¬5) لأبيها وأمها (¬6) وأخاها لأبيها وجدها على ستة أسهم، للزوج النصف ثلاثة وللأم السدس سهم وللأخ للأب والأم سهم وللجد سهم، وليس للأخ من الأب شيء. امرأة تركت زوجها وأخاها لأبيها وأمها (¬7) وأخاها لأبيها (¬8) وجدها على أربعة، للزوج النصف سهمان وللجد سهم وللأخ من الأب والأم سهم، وليس للأخ من الأب شيء. رجل ترك أخته لأبيه وأمه (¬9) وجده وأمه في قول عثمان على ثلاثة، للأم الثلث وللأخت الثلث وللجد الثلث. وزعموا أن ابن عباس أنزل الجد بمنزلة الأب يرث ما يرث الأب ويحجب ما يحجبه الأب. واعلم أن فرائض الجد لم يختلف فيها أحد من القضاة إلا أن يكون ¬

_ (¬1) ت: وابنتيها. (¬2) م ف ت: سهمان. (¬3) ت: ولأمها. (¬4) م - فلا يتفق من أجل (غير واضح). (¬5) م - وأخاها (غير واضح). (¬6) م ت: ولأمها. (¬7) م ت: ولأمها. (¬8) ت - وأخاها لأبيها. (¬9) ت: ولأمه.

معه إخوة وأخوات، فإنهم أنزلوه إذا لم يكن معه إخوة (¬1) ولا أخوات مع كل وارث سواهم بمنزلة الأب، فذا قضاء القضاة في (¬2) الجد كلهم فيما بلغنا. والله أعلم. ¬

_ (¬1) ف - وأخوات فإنهم أنزلوه إذا لم يكن معه إخوة. (¬2) م ف - في.

الأَصْلُ للإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَنْ الشَّيْبَانِيِّ (189 هـ - 805 م) تحقيق وَدرَاسَة الدكتور محمَّد بوينوكالن الجزء السادس إصَدارَات وَزَارَة الأَوقاف وَالشّؤون الإسْلاَمية إدارَة الشّؤون الإسْلاَمّية دَولة قَطَر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ طبعه خاصة بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية دولة قطر الطبعَة الأولى 1433 هـ - 2012 م دار ابن حزم بيروت - لبنان - ص - ب 6366/ 14 هاتف وفاكس: 701974 - 300227 (009611) البريد الإلكتروني: [email protected] الموقع الإلكتروني: www.daribnhazm.com

الأَصْلُ للإمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَن الشَّيْبَانِيِّ (6)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قول علي بن أبي طالب في فرائض الرد

قول علي بن أبي طالب في فرائض الرد قال محمد: ... (¬1) حدثني الشعبي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في فرائض الرد، وهو أن الميت ترك من الورثة من (¬2) لا يستكمل ميراثه، فلا (¬3) يترك عصبة، فيرد فضل ميراثه على ورثته بحساب ما ورثوا، قضى في ذلك أنه لا يرد فضلاً على امرأة ولا على زوج شيئاً من الميراث، ويرد على من سواهم من الفضل بحساب ما ورثوا. ... قول عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - في فرائض الرد حدثني الشعبي عن عبد الله بن مسعود في فرائض الرد، قضى في ذلك أن يرد على كل وارث بقية ميراثه غير الزوج والمرأة، غير أنه لم يكن يرد (¬4) على أخوات لأب إذا كان معهن أخوات لأب وأم شيئاً، ولا يرد على إخوة لأم مع أم إذا كانت معهم، ولا يرد على جدة إذا كان معها وارث غيرها، ولا يرد على بنات ابن (¬5) إذا كان معهن بنات صلب. ... ¬

_ (¬1) ليس من الممكن أن يروي الإمام محمد بن الحسن عن الشعبي مباشرة، لأن الشعبي توفي بعد المائة بقليل، أما محمد فولد في 132 هـ وقد روى محمد بن الحسن في أول كتاب الفرائض عن السري بن إسماعيل عن الشعبي. انظر: 4/ 5 ظ. فإما أن يكون سقط من هنا. أو يكون المقصود بمحمد هنا محمد بن سالم الذي روى عنه محمد بن الحسن بواسطة أبي يوسف فيما يأتي. انظر: 4/ 38 ظ. ومحمد بن سالم هذا ممن يروي الفرائض عن الشعبي. انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر، 9/ 177. (¬2) ف: ما. (¬3) ت: ولا. (¬4) ت: ليرد. (¬5) م ت - ابن؛ صح م هـ.

قول زيد بن ثابت - رضي الله عنه - في فرائض الرد

قول زيد بن ثابت - رضي الله عنه - في فرائض الرد حدثني الشعبي عن خارجة بن زيد عن زيد بن ثابت في فرائض الرد أنه قضى في ذلك أنه لم يكن يرد (¬1) على وارث شيئاً سوى الذي له، ويجعل ما بقي في بيت المال. ... قول زيد بن ثابت - رضي الله عنه - في ورثة الولاء حدثني الشعبي عن زيد بن ثابت في ورثة الولاء، وهو أن يموت الميت ويترك بنين ذكوراً وعصبة ويترك موالي نعمة، قضى في ذلك أن ولاء الموالي بين بنيه وعصبته (¬2) إذا كان نسبهم واحداً (¬3)، وإلا فهو لأقرب العصبة إلى الميت، فإن كان مات بعض من ورث ولاء المولى (¬4) من البنين أو العصبة وترك بنين (¬5) وترك مولى (¬6) حياً قضى في ذلك أن حظ الميت الآخر من ولاء الموالي للذكر من الإخوة أو العمومة، وليس لبني الميت الآخرين ولاء الموالي. ولم يورث علي بن أبي طالب النساء من الولاء، وإنما الولاء للذكور (¬7)، فاجتمعت على هذه القضاة كلهم. ... من يرث من الدية ممن لا يرث حدثنا عامر الشعبي عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وعبد الله بن ¬

_ (¬1) ت: ليرد. (¬2) م ت: بين سوا وعصبة؛ ف: بين بنوا وعصبة. (¬3) ت: واحد. (¬4) ف ت: الموالي. (¬5) م ت: ابنين. (¬6) ف: الموالي؛ ت: المولى. (¬7) ت: من الذكور.

قول عبد الله بن مسعود في ولد الملاعنة

مسعود وزيد بن ثابت في دية المقتول، قضوا فيه أنه يرث كل وارث من الدية غير القاتل، فإنه لا يرث منها شيئاً، وأن الدية تورث كما يورث سواها من الأموال لا يحجب منها غير القاتل. حدثنا عن عبد الله عن (¬1) علي بن أبي طالب في ولد الملاعنة قال: إنه بمنزلة العصبة، قضى فيه أن ميراثه لأمه إذا لم يكن معها وارث سميت له فريضة (¬2)، فإن كان معها فريضة ولد (¬3) أو إخوة لأم أو زوج أو امرأة أعطي كل وارث الذي سمي له من الميراث، وأعطيت (¬4) الأم الذي فرض لها، فإن فضل من الميراث شيء رده على أمه وعلى الورثة بقدر ما (¬5) ورث كل إنسان منهم، غير أنه كان لا يزيد الزوج والمرأة على الذي سمي لهما (¬6)، ولا (¬7) يرثه أبو أمه شيئاً ما عاشت أمه، فإن ماتت أمه قبله فإن ولدها يرث منها ما يرث الولد ويحجب ما يحجب، وإن مات وليس له أم فإن عصبته عصبة أمه، وإن كانت لها جدة فلها ما للجدة، فإن ماتت جدته أو أحد (¬8) من عصبة أمه فهو بمنزلة ابن الابنة لا ميراث له. ... قول عبد الله بن مسعود في ولد الملاعنة حدثني (¬9) الشعبي عن عبد الله بن مسعود في ولد الملاعنة، قضى فيه أن ميراثه لأمه إذا لم يكن معها وارث سميت له فريضة، فإن كان معها وارث ولد أو إخوة لأم أو زوج أو امرأة أعطي كل وارث الذي سمي له من الميراث، وأعطيت الأم فريضتها، فإن فضل من الميراث شيء فهو يحجب ¬

_ (¬1) لعله: وعن. أي حدثنا الشعبي عن عبد الله بن مسعود وعن علي بن أبي طالب. (¬2) م - فريضة (غير واضح). (¬3) م - فإن كان معها فريضة ولد (غير واضح). (¬4) م - الميراث وأعطيت (غير واضح). (¬5) م - بقدر ما (غير واضح). (¬6) ت: لها. (¬7) م - ولا (غير واضح)؛ ت: فلا. (¬8) ت: أو أحدا. (¬9) ف: حدثنا.

قول زيد بن ثابت في ولد الملاعنة

ما يحجب العصبة، وإن هو (¬1) مات وليست له أم فإن عصبته عصبة أمه (¬2)، فإن كانت له جدة فلها ما للجدة (¬3)، فإن ماتت جدته أو أحد (¬4) من عصبة أمه فهو بمنزلة ابن الابنة لا ميراث له، ولا يرثه أبو أمه شيئاً ما عاشت أمه، فإن ماتت أمه قبل فإنه يرث منها ما يرث الولد ويحجب ما يحجب الولد. ... قول زيد بن ثابت في ولد الملاعنة حدثنا الشعبي عن زيد بن ثابت في ولد الملاعنة، قضى فيه أنه إذا مات وترك أمه ومن قد سميت له فريضة امرأة أو زوج أو أخت لأم فإن لكل وارث ما سمي له، وما فضل فلبيت المال. إلى هاهنا روى محمد (¬5) عن الشعبي (¬6). ... فرائض الصلب في قول علي وزيد في الولد وولد (¬7) الولد قالا (¬8): لا يرث مع الابن إذا لم يكن ولد غيره، ولا مع ابن الولد ¬

_ (¬1) ت - هو. (¬2) ف + فإن كان مات وليست له أم فإن عصبته عصبة أمه. (¬3) ف - فإن كانت له جدة فلها ما للجدة. (¬4) ت: أو جد. (¬5) ت + عن الشافعي. (¬6) م ف: عن الشافعي. وهو خطأ فاحش. فالشافعي في طبقة من يروي عن الإمام محمد، وقد استفاد منه كما هو معروف. وقد تقدم في أول كتاب الفرائض أن الإمام محمد بن الحسن روى عن السري بن إسماعيل عن الشعبي. انظر: 4/ 5 ظ. فمن أول كتاب الفرائض إلى هنا تنتهي رواية محمد عن الشعبي في الفرائض. (¬7) ف: وفي ولد. (¬8) ت: قال.

إذا لم يكن ولد ولا ولد ولد غيره أحد إلا الأبوان والجد والجدة والزوج والمرأة. ولا يرث ابن الابن مع الابن شيئاً، واحداً كان أو أكثر من ذلك. ولا يرث ولد البنات شيئاً ذكوراً كانوا أو إناثاً مع العصبة وإن لم يكن غيرهم. ولا يرث بنات الابن مع بنات الصلب إذا كن اثنتين (¬1) أو أكثر من ذلك. وإن كانت واحدة فلها النصف، وكان لهن السدس تكملة الثلثين. والبنون عصبة مع الأب كثيراً كانوا أو واحداً. والأب عصبة مع البنات كثيراً كن أو واحدة. وابن الابن بمنزلة الابن إذا لم يكن ابن الصلب. وابنة الابن بمنزلة الابنة إذا لم يكن ابنة لصلبه. وتفسير ذلك: رجل مات وترك ابنه فله المال. وكذلك إن ترك بنين كثيراً كانوا أو قليلاً فالمال بينهم بالسوية. فإن ترك بنين وبنات فالمال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن ترك ابنة وعصبة فللابنة النصف، وما بقي فللعصبة. فإن ترك ابنتين أو ثلاثاً أو أربعاً أو أكثر من ذلك وعصبة فلهن الثلثان، وما بقي فللعصبة. ولا يزدن البنات مع العصبة على الثلثين وإن كثرن. فإن ترك ابناً وابن ابن فالمال للابن. فإن ترك ابناً وابنة ابن فالمال للابن (¬2). فإن ترك ابنة وابنة ابن (¬3) فللابنة النصف، ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللعصبة (¬4). ¬

_ (¬1) ت: ابنتين. (¬2) ت - فإن ترك ابنا وابنة ابن فالمال للابن. (¬3) ت: اين. (¬4) ت + فإن ترك ابنة وابنة ابن فللابنة النصف ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين وما بقي فللعصبة.

فإن ترك ابنة وابنتي ابن أو ثلاث بنات ابن أو أكثر من ذلك فهن سواء، للابنة النصف، ولبنات الابن السدس بينهن بالسوية تكملة الثلثين، وما بقي فللعصبة. فإن كانت ابنة وابن (¬1) ابن فللابنة النصف، وما بقي فلابن الابن. فإن ترك ابنتين أو ثلاث بنات أو أكثر من ذلك وابن ابن وابنة ابن (¬2) فللبنات الثلثان، وما بقي فلابن الابن وابنة الابن للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن ترك ابنة وابن ابن (¬3) وابنة ابن (¬4) فللابنة النصف، وما بقي فلابن الابن (¬5) وابنة الابن بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن ترك ابنة وابن ابن وابنتي ابن أو ثلاث بنات ابن أو أكثر من ذلك فللابنة النصف، وما بقي فلابن الابن وبنات الابن بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، ولد ابن واحد كانوا أو من ولد بنين (¬6) شتى فهو سواء، وما بقي بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن ترك ابنة (¬7) وابنة ابن (¬8) وابنتي (¬9) ابن له آخر (¬10) إحداهما أسفل من الأخرى فللابنة النصف، ولابنة ابنه ولابنتي (¬11) ابنه الآخر العليا منهما السدس تكملة الثلثين بينهما، وسقطت السفلى منهما، وما بقي فللعصبة. فإن ترك ثلاث بنات ابن بعضهن أسفل من بعض فللابنة (¬12) العليا منهن النصف، وللتي بينهما السدس تكملة الثلثين، وسقطت السفلى، وما بقي فللعصبة. فإن ترك ثلاث بنات ابن بعضهن أسفل من بعض وثلاث بنات ابن ¬

_ (¬1) م ف: وابنة. (¬2) ف - ابن. (¬3) ف - وابن ابن. (¬4) م ت - وابنه ابن. (¬5) م ف + وابنه. (¬6) م ف ت: بني. (¬7) م ت: ابنته. (¬8) ت: ابنا. (¬9) م ف ت: أو ابنتي. (¬10) ت: أخرى. (¬11) م ف ت: ابنتي. (¬12) ت: وللابنة.

آخر بعضهن أسفل من بعض (¬1) فللابنة العليا من هؤلاء وللابنة العليا من هؤلاء (¬2) الثلثان، وما بقي فللعصبة، وسقط ما كان أسفل منهن. فإن ترك ثلاث بنات ابن بعضهن أسفل من بعض وثلاث بنات ابن ابن آخر بعضهن أسفل من بعض فللابنة العليا من بنات الابن (¬3) الأعلى النصف، وللتي تليها منهن وللعليا من بنات ابن الابن السدس تكملة الثلثين بينهما نصفين، وسقط ما كان أسفل منهن، وما بقي فللعصبة. فإن ترك ثلاث بنات ابن بعضهن أسفل من بعض وثلاث بنات ابن ابن (¬4) آخر بعضهن أسفل من بعض وثلاث بنات ابن ابن ابن آخر بعضهن أسفل من بعض فللعليا من بنات الابن الأعلى النصف، وللتي (¬5) تليها منهن أيضاً وللعليا من بنات ابن الابن التي تكون الأعلى السدس تكملة الثلثين بينهما نصفان، وما بقي فللعصبة، وسقط ثلاث بنات ابن ابن ابن الأسفل وما سوى ذلك من بنات الابن وابن الابن. فإن ترك ثلاث بنات ابن بعضهن أسفل من بعض وأسفل منهن غلام فللعليا النصف، وللتي تليها السدس تكملة الثلثين، وما بقي فبين الغلام وبين السفلى للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن ترك ابنة وابنة ابن وثلاث بنات ابن آخر بعضهن أسفل من بعض وأسفل منهن غلام فللابنة النصف، ولابنة الابن العليا (¬6) التي تلي من بنات الابن السدس تكملة الثلثين بينهما نصفين، وما بقي فبين الغلام وبين ابنتي ¬

_ (¬1) ت - وثلاث بنات ابن آخر بعضهن أسفل من بعض. (¬2) ت - وللابنة العليا من هؤلاء. (¬3) م ف ت + عصبة مع الأب كثيراً كانوا أو واحداً والأب عصبة مع البنات كثيراً كن أو واحدة وابن الابن بمنزلة الابن إذا لم يكن ابن الصلب وابنة الابن بمنزلة الابنة ... فإن ترك ثلاث بنات ابن بعضهن أسفل من بعض وثلاث بنات ابن ابن آخر بعضهن أسفل من بعض وثلاث بنات ابن ابن آخر بعضهن أسفل من بعض فللعليا من بنات الإبن. (¬4) ف - ابن. (¬5) ف: والتي. (¬6) م: والعليا؛ ف ت: وللعليا.

الابن السفليين (¬1) للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن ترك ثلاث بنات ابن بعضهن أسفل من بعض وأسفل منهن غلام وثلاث بنات ابن ابن آخر وأسفل منهن غلام (¬2) فللعليا من بنات الابن الأعلى النصف، وللتي تليها منهن ولإحدى (¬3) بنات ابن الابن الأعلى (¬4) منهن السدس تكملة الثلثين بينهما نصفين، وما بقي فللغلام الذي هو أسفل من بنات الابن الأعلى يرد على ثلاث، على واحدة فوقه، وعلى أخرى بحياله (¬5)، هذه من بنات ابن الابن الآخر، وعلى السفلى التي من بنات الابن الآخر وهي بحياله (¬6)، فيقاسمهن ما في يده للذكر مثل حظ الأنثيين، وسقط ابن الابن الذي هو أسفل من بنات الابن الأسفل. فإن ترك ثلاث بنات ابن بعضهن أسفل من بعض وأسفل منهن غلام وثلاث بنات ابن ابن آخر بعضهن أسفل من بعض وأسفل منهن غلام وثلاث بنات ابن ابن ابن بعضهن أسفل من بعض وأسفل منهن غلام فلإحدى (¬7) بنات الابن العليا منهن النصف، وللتي تليها منهن وللعليا من بنات ابن الابن الذي يكون الأعلى السدس تكملة الثلثين، وما بقي فلابن (¬8) الابن الذي هو أسفل من بنات الابن، يرد على خمسة، واحدة فوقه، واثنتين من بنات الابن التي تكون (¬9) الأعلى الوسطى منهن والسفلى، واثنتين من بنات الابن (¬10) السفلى العليا منهن والوسطى، فيرد عليهن فيقاسمهن ما في يده للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن كان أسفل من بنات الابن الأعلى غلامان (¬11) ¬

_ (¬1) م: السفلى وابن؛ ف: السفلى أو ابن؛ ت: السفلاوين. والتصحيح من ب. (¬2) م ت - وثلاث بنات ابن ابن آخر وأسفل منهن غلام. (¬3) ت: وللإحدى. (¬4) ف - النصف وللتي تليها منهن ولإحدى بنات ابن الابن الأعلى. (¬5) ت: تحياله. (¬6) ت: تحياله. (¬7) ت: فللأخرى. (¬8) ت: فللابن. (¬9) م ف ت: الذي يكون. (¬10) ت - الذي يكون الأعلى الوسطى منهن والسفلى واثنتين من بنات الابن. (¬11) ت: غلام.

باب آخر من الصلب في الأبوين فيمن يرث معهما وفيمن يرثان معه في قول علي وزيد

فللعليا من بنات الابن النصف، وللتي (¬1) تليها (¬2) وللعليا من بنات ابن الابن الثاني (¬3) تكملة الثلثين، وما بقي فللغلامين (¬4) يردان على الخمس التي سمينا، فيقاسمون ما في أيديهم للذكر مثل حظ الأنثيين. وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن. ... باب آخر من الصلب في الأبوين فيمن يرث معهما وفيمن يرثان معه في قول علي وزيد (¬5) قالا: لا يرث مع الأب إلا الولد أو ولد الولد أو الأم أو الجدة من قبل الأم إذا لم يكن أم أو الزوج (¬6) أو المرأة. ولا يرث مع الأب أخ ولا أخت لأب وأم ولا لأب ولا لأم (¬7) ولا جد ولا جدة من قبل الأب ولا عم. ولا تنقص الأم على كل حال من السدس، ولا تسقط (¬8) على كل حال. ولا تزاد الأم على كل حال على الثلث مع العصبة. ولا ترث شيء (¬9) من الجدات مع الأم من قبل الأم ولا من قبل الأب. ولا يحجب الأم من الثلث إلا الولد أو ولد الولد ممن يرث ذكوراً كانوا أو إناثاً واحداً كان أو أكثر، والأخوات والإخوة إذا كانوا اثنين أو أكثر، لأب وأم كانوا أو لأب أو لأم (¬10) ذكوراً (¬11) أو إناثاً. ولا يحجبها الأخ الواحد ولا الأخت الواحدة من الثلث. ولا يحجبها من الثلث غير من سمينا. وتفسير ذلك: ¬

_ (¬1) ف: والتي. (¬2) ت: بينهما. (¬3) م: للثاني. (¬4) ت: فللعليا منهن. (¬5) ت + بن ثابت. (¬6) م - يكن أم أو الزوج (غير واضح). (¬7) ف: ولا لأب وأم. (¬8) ت: يسقط. (¬9) ت: شيئا. (¬10) ف: أو لأب وأم. (¬11) ف + كانوا.

رجل مات وترك أباه فله المال كله. فإن ترك أبويه فلأمه الثلث، وما بقي فللأب. فإن ترك ابناً وأبوين (¬1) فللأبوين السدسان، للأم (¬2) السدس وللأب السدس (¬3)، وما بقي فللابن. فإن ترك ابنين أو ثلاثة أو أكثر من ذلك وأبوين فللأبوين السدسان، وما بقي فللابنين. فإن ترك (¬4) ابناً وابنة (¬5) وأبوين فللأبوين السدسان، وما بقي فللابن والابنة للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن ترك بنين وبنات وأبوين فللأبوين السدسان، وما بقي فبين البنين والبنات للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن ترك ابنة وأبوين فللابنة النصف، وللأم السدس، وما بقي فللأب. فإن ترك ابنتين أو ثلاث بنات أو أكثر من ذلك وأبوين فللبنات الثلثان، وللأبوين السدسان. فإن ترك ابنة وابنة ابن وأبوين فللابنة النصف، ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين، وللأبوين السدسان. فإن ترك ابنة وابن ابن وابنة ابن وأبوين فللابنة (¬6) النصف، وللأبوين السدسان، وما بقي فبين ابن الابن وابنة الابن للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن ترك ابناً وأماً فللأم السدس، وما بقي فللابن. وإن ترك ابنة وأباً فللابنة النصف، وما بقي فللأب. فإن ترك ابنةً وأماً فللابنة النصف، وللأم السدس، وما بقي فللعصبة. ¬

_ (¬1) م ت: وأبويه. (¬2) م ف: وللأم. (¬3) ف - وللأب السدس. (¬4) ت + ابنين أو ثلاثة أو أكثر من ذلك. (¬5) ت - ابنا وابنة. (¬6) م: فلابنه.

باب الزوج والمرأة في قول زيد وعلي - رضي الله عنهما -

فإن ترك أخاً لأب وأم وأبوين فللأم الثلث، وما بقي فللأب، وسقط الأخ. فإن ترك أخوين وأبوين فللأم السدس، وما بقي فللأب، وسقط الأخوان. فإن ترك أختاً وأبوين فللأم (¬1) الثلث وما بقي فللأب، وسقطت الأخت. فإن ترك أختين وأبوين فللأم السدس، وما بقي فللأب، وسقطت الأختان. فإن ترك أخاً وأختاً وأبوين فللأم السدس، وما بقي فللأب، وسقط الأخ والأخت. فإن كان الأخ والأخت لأب وأم أو لأب أو لأم وأبوان فهو سواء، وهما يحجبان الأم من الثلث إن كانا لأب وأم أو لأب أو لأم أو أحدهما لأب والآخر لأم. وإن كانا جميعاً لأم فهو سواء، يكون للأم السدس، وما بقي فللأب، وسقط الإخوة والأخوات. وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقول محمد بن الحسن. ... باب الزوج والمرأة في قول زيد وعلي - رضي الله عنهما - قالا: لا ينقص الزوج على كل حال من الربع، ولا يزاد على كل حال على النصف مع العصبة ولا مع غيرهم. ولا يحجب الزوج من النصف إلا الولد أو ولد الولد ممن يرث ذكوراً كانوا أو إناثاً، واحداً كان أو أكثر من ذلك. فإن كان واحد (¬2) من هؤلاء كان له الربع، ولا يحجبه من النصف غير من سمينا (¬3). ولا ينقص المرأة من الثمن على كل حال، ولا تزاد على ¬

_ (¬1) م: فللأخت؛ ت - فللأم. (¬2) ت: واحداً. (¬3) ت: سميناه.

الربع على كل حال. ولا يحجب المرأة من الربع إلا الولد أو ولد الولد ممن يرث ذكوراً كانوا أو إناثاً، واحداً كان أو أكثر من ذلك. فإن كان واحد (¬1) من هؤلاء كان لها الثمن، ولا يحجبها من الربع غير من سمينا (¬2). والمرأة الواحدة والمرأتان (¬3) والثلاث والأربع سواء في جميع الفرائض فيما سمينا أو غيره، لا يزدن على الربع، ولا ينقصن من الثمن. ولا يسقط الزوج والمرأة على كل حال. وتفسير ذلك: رجل مات وترك امرأته وأبوين فلامرأته (¬4) الربع، وللأم ثلث ما بقي، وما بقي فللأب. فإن ترك امرأةً وابناً وأبوين فللمرأة الثمن، وللأبوين السدسان، وما بقي فللابن. امرأة ماتت وتركت زوجها وعصبتها فللزوج النصف، وما بقي فللعصبة. فإن تركت زوجاً وابنا فللزوج الربع، وما بقي فللابن. فإن تركت زوجاً وأبوين فللزوج النصف، وللأم ثلث ما بقي، وما بقي (¬5) فللأب. فإن تركت ابناً وأبوين وزوجاً فللأبوين السدسان (¬6)، وللزوج الربع، وما بقي فللابن (¬7). فإن تركت ابنةً وزوجاً وأبوين فللبنت النصف، وللزوج الربع، وللأبوين السدسان. ¬

_ (¬1) ت: واحداً. (¬2) ت: سميناه. (¬3) ت: والمرأتين. (¬4) ت: فللامرأة. (¬5) ت - وما بقي. (¬6) م - السدسان (غير واضح). (¬7) ف - فإن تركت ابنا وأبوين وزوجاً فللأبوين السدسان وللزوج الربع وما بقي فللابن.

باب الإخوة والأخوات في قول علي وزيد - رضي الله عنهما -

رجل مات وترك امرأته وأمه وعصبته فللمرأة الربع، وللأم الثلث، وهو ثلث جميع المال، وما بقي فللعصبة. فإن ترك ابنة وأبوين وامرأة فللابنة النصف، وللمرأة الثمن، وللأم السدس، وما بقي فللأب. امرأة ماتت وتركت زوجها وابنتها فللابنة النصف، وللزوج الربع، وما بقي فللعصبة. فإن تركت ابنتين أو ثلاث بنات أو أكثر من ذلك وزوجاً فللبنات الثلثان بينهن بالسوية، وللزوج الربع، وما بقي فللعصبة. فإن تركت زوجاً وأما فللزوج النصف، وللأم ثلث المال كاملاً، وما بقي فللعصبة. فإن تركت ابنةً وزوجاً وأماً فللابنة النصف، وللزوج الربع، وللأم السدس، وما بقي فللعصبة. وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد (¬1). ... باب الإخوة والأخوات في قول علي وزيد - رضي الله عنهما - قالا: لا يرث أخ وأخت مع أب شيئاً ولا مع ولد ذكر (¬2) ولا مع ولد الولد الذكر. وهو مع البنات عصبة. ولا يرث أخ لأب مع أخ لأب وأم شيئاً. ولا ترث الإخوة والأخوات من الأم مع الولد ولا مع ولد الولد ممن يرث ذكوراً كانوا أو إناثاً، ولا مع الأب ولا مع الجد. ولا ينقص الأخ الواحد من الأم أو الأخت الواحدة من الأم (¬3) من السدس. وإن اجتمع أخ وأخت لأم أو أكثر من ذلك فلهم الثلث، لا يزادون عليه وإن كثروا. والذكر ¬

_ (¬1) ت: ومحمد وأبي يوسف. (¬2) م ف ت: الذكر. (¬3) ت - أو الأخت الواحدة من الأم.

والأنثى فيه سواء لقول الله تعالى في كتابه: {فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} (¬1). والأخت من الأب والأم (¬2) إذا لم يكن معها من يحجبها فلها النصف لا تزاد عليه ولا تنقص منه. وإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان لا يزادان (¬3) عليه ولا ينقصان منه. وكذلك إن كن ثلاثاً أو أربعاً (¬4) أو أكثر من ذلك لم يزدن (¬5) على الثلثين إلا أن يكون معهن ذكر. فإن كانوا إخوة وأخوات جميعاً لأب وأم فالمال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين. والأخت من (¬6) الأب بمنزلة الأخت من الأب والأم (¬7) إذا لم تكن أخت لأب وأم. والأخ من الأب بمنزلة الأخ من الأب والأم (¬8) إذا لم يكن أخ لأب وأم. ولا ترث (¬9) الأخوات من الأب مع الأختين لأب وأم شيئاً. ولا يزدن الأخوات من الأب مع الأخت الواحدة لأب وأم على السدس تكملة الثلثين. ولا يرث عم ولا ابن عم ولا عم أب ولا ابن أخ لأب وأم ولا ابن (¬10) أخ لأب، لا يرث أحد من هؤلاء مع الأخ للأب والأم ولا مع أخ لأب. وتفسير ذلك: رجل مات وترك أخاه فله المال كله. فإن ترك أخاه لأبيه وأمه وأخاه لأبيه فالمال للأخ من الأب والأم، وسقط الأخ من الأب. فإن ترك أخاً لأم وأخاً لأب وأم فللأخ من الأم السدس، وما بقي فللأخ من الأب والأم. فإن ترك ثلاثة إخوة متفرقين أخاً لأب وأم وأخاً لأب وأخاً لأم فللأخ من الأم السدس، وما بقي فللأخ من الأب والأم، وسقط الأخ من الأب. ¬

_ (¬1) سورة النساء، 4/ 12. (¬2) ف - والأم. (¬3) ت: لا تزدن. (¬4) ت: أو أربع. (¬5) ت: لم تزدن. (¬6) م - والأخت من (غير واضح). (¬7) م ف: من الأم والأب. (¬8) ت - إذا لم تكن أخت لأب وأم والأخ من الأب بمنزلة الأخ من الأب والأم. (¬9) ت: يرث. (¬10) ت: أب.

فإن ترك أخوين لأم وأخوين لأب وأم فللأخوين من الأم الثلث، وما بقي فللأخوين من الأب والأم. فإن ترك أخوين وأختين لأم وترك أخوين وأختين لأب وأم فالثلث بين الأخوين والأختين من الأم بالسوية، لا يفضل فيه الذكر على الأنثى، وما بقي فبين الأخوين والأختين من الأب والأم للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن ترك أختاً لأب وأختاً لأم فللأخت من الأب النصف، وللأخت من الأم السدس، وما بقي فللعصبة. فإن ترك أختين لأب وأختاً لأم فللأختين من الأب الثلثان، وللأخت من الأم السدس، وما بقي فللعصبة. فإن ترك أختين لأب وأختين لأم (¬1) فللأختين من الأب الثلثان، وللأختين من الأم الثلث. فإن ترك أختاً لأب وأم وأختاً لأب (¬2) فللأخت من الأب والأم الخصف، وللأخت من الأب السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللعصبة. فإن (¬3) ترك أختا (¬4) لأب وأم وأختين لأب أو ثلاثاً أو أكثر من ذلك فللأخت من الأب والأم النصف، وللأخوات من الأب السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللعصبة (¬5). فإن ترك أخوات لأب وأم اثنتين أو أكثر من ذلك دإخوة وأخوات لأب فللأخوات (¬6) من الأب والأم الثلثان، وما بقي فبين الإخوة والأخوات من الأب للذكر مثل حظ الأنثيين، لأنهم عصبة. فإن ترك أختاً لأب وأم وأختاً وأخاً لأب فللأخت من الأب والأم النصف، وما بقي فبين الأخ والأخت من الأب للذكر مثل حظ الأنثيين. ¬

_ (¬1) ت: للأم. (¬2) ت - وأم وأختا لأب. (¬3) ت: وإن. (¬4) ف: أخا. (¬5) م - وما بقي فللعصبة (غير واضح). (¬6) م - لأب فللأخوات (غير واضح).

فإن ترك أختاً لأب وأم [وأخاً لأب] (¬1) وأختين لأب فللأخت من الأب والأم النصف، وما بقي فبين الأخ من الأب والأخوات للذكر مثل حظ الأنثيين كثيراً كانوا (¬2) أو قليلاً. وكذلك لو كان أخوان لأب أو أكثر من ذلك فهو سواء. فإن ترك أختين لأب وأم وأختين لأب أو أكثر من ذلك فللأختين من الأب والأم الثلثان، وما بقي فللعصبة، وسقط الأخوات من الأب (¬3). فإن ترك أختين لأب وأم وأختين لأب (¬4) وأختين لأم (¬5) فللأختين من الأب والأم الثلثان، وللأختين من الأم الثلث، وسقط الأخوات من الأب. فإن ترك ثلاث (¬6) أخوات متفرقات أختاً لأب وأم وأختاً لأب وأختاً لأم فللأخت من الأب والأم النصف، وللأخت من الأب السدس تكملة الثلثين، وللأخت من الأم السدس، وما بقي فللعصبة. فإن ترك ابنة وأختاً فللابنة (¬7) النصف، وما بقي فللأخت. فإن ترك ابنتين وأختاً فللابنتين الثلثان، وما بقي فللأخت. فإن ترك ابنة (¬8) وأختين فللابنة النصف، وما بقي فللأختين. فإن ترك ابنةً (¬9) وئلاث أخوات أو أكثر من ذلك فللابنة النصف، وما بقي فللأخوات. فإن ترك ابنة وأختاً لأم فللابنة النصف، وما بقي فللعصبة، وسقطت الأخت من الأم. فإن ترك ابنة وأخاً لأم فللابنة النصف، وما بقي فللعصبة، وسقط الأخ ¬

_ (¬1) لابد من هذه الزيادة حتى يصح جواب المسألة. (¬2) ت: كان. (¬3) ت - فإن ترك أخين لأب وأم وأختين لأب أو أكثر من ذلك فللأختين من الأب والأم الثلثان وما بقي فللعصبة وسقط الأخوات من الأب. (¬4) ت + أو أكثر من ذلك. (¬5) ت - وأختين لأم؛ صح هـ. (¬6) ت: ثلثة. (¬7) م: فلابنه. (¬8) م ت: ابنته. (¬9) م ت: ابنته.

من الأم (¬1). فإن ترك ابنةً وأختاً لأب فللابنة النصف، وللأخت من الأب ما بقي وهو النصف. فإن ترك ابنة (¬2) وابنة ابن وثلاث أخوات متفرقات فللابنة النصف، ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت من الأب والأم، وسقط ما سوى ذلك، ولا ترث الأخت من الأب، لأنها أسفل وهي بمنزلة عصبة، والبقية للأخت من الأب والأم، لأنها أقرب. فإن ترك ابنة وابنة (¬3) ابن وأختاً (¬4) لأب وأم وأختاً لأب فللابنة النصف، ولابنة الابن (¬5) السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت من الأب والأم، وسقطت الأخت من الأب. فإن ترك ابنة وابنة ابن وأختاً لأب فللابنة النصف، ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين، وللأخت من الأب (¬6) ما بقي. فإن ترك ابنة وابنة ابن (¬7) وأختاً لأم فللابنة النصف، ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللعصبة. فإن ترك ثلاث إخوة متفرقين وابناً فالمال للابن، وسقط الإخوة. فإن ترك ابنة وامرأة وأخاً لأم وأختاً لأب، فللابنة النصف، وللمرأة الثمن، وما بقي فللأخت من الأب، وسقط الأخ من الأم. ¬

_ (¬1) م ت - وسقط الأخ من الأم. (¬2) م ت: ابنته. (¬3) ت - وابنة؛ صح هـ. (¬4) ت: وأخت. (¬5) م - فللابنة النصف ولابنة الابن (غير واضح). (¬6) ف - من الأب. (¬7) ت + وأختا لأب وأم وأختا لأب فللابنة النصف ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين وما بقي فللأخت من الأب والأم وسقطت الأخت من الأب فإن ترك ابنة وابنة ابن وأختا لأب فللابنة النصف ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين وللأخت من الأب ما بقي فإن ترك ابنة وابنة ابن.

فإن ترك امرأة وأختاً لأب وأم فللأخت من الأب والأم النصف، وللمرأة الربع، وما بقي فللعصبة. فإن ترك ثلاث أخوات (¬1) متفرقات وأماً فللأخت من الأب والأم النصف، وللأخت من الأب السدس تكملة الثلثين، وللأخت من الأم السدس، وللأم السدس. فإن ترك أختين لأب وأم وامرأة فللأختين من الأب والأم الثلثان، وللمرأة الربع، وما بقي فللعصبة. امرأة ماتت وتركت زوجها وأختها لأبيها وأمها فللزوج النصف، وللأخت من الأب والأم النصف. فإن تركت زوجها وأختها لأبيها فللزوج النصف، وللأخت من الأب النصف. فإن تركت ابنتها وزوجها وأختها لأبيها وأمها فللابنة النصف، وللزوج الربع، وما بقي فللأخت. فإن تركت زوجها وأختها لأبيها وابنتها فلابنتها النصف، وللزوج الربع، وما بقي فللأخت من الأب. فإن تركت زوجها وأمها وإخوتها وأخواتها لأمها [وإخوتها] (¬2) وأخواتها لأبيها وأمها للزوج النصف، وللأم السدس، وللإخوة والأخوات من الأم الثلث بينهم بالسوية الذكور والإناث فيه سواء، وسقط الإخوة والأخوات من الأب والأم (¬3)، وهذه المشرَّكة (¬4). وقد قال بعضهم: إن زيد بن ثابت قد شرّكهم (¬5) في هذه المسألة، فأدخل الإخوة والأخوات من الأب والأم مع الإخوة والأخوات للأم، فجعل الثلث بينهم جميعاً بالسوية الذكر والأنثى (¬6) سواء. ¬

_ (¬1) م ف: إخوة. (¬2) انظر جواب المسألة. (¬3) ت: من الأم والأب. (¬4) ف: الشركة؛ ت: المشتركة. وقد تقدم تفسيرها. (¬5) م ت: قد أشركهم؛ ف: أشركهم. (¬6) ت + فيه.

فإن تركت زوجها (¬1) وأمها وإخوتها وأخواتها لأبيها (¬2) واخوتها وأخواتها (¬3) لأمها (¬4) فللزوج النصف، وللأم السدس، وللإخوة [والأخوات] من الأم الثلث، وسقط الإخوة والأخوات من الأب. فإن تركت زوجها وأمها وأخاها لأمها أو أختها لأمها وإخوتها وأخواتها لأبيها وأمها فللزوج النصف، وللأم السدس، وللأخ أو الأخت (¬5) من الأم أيهما كان السدس، وما بقي فللإخوة والأخوات من الأب والأم فللذكر مثل حظ الأنثيين. فإن تركت زوجها وأمها وأخاها لأمها أو أختها (¬6) لأمها وأختها وأخاها (¬7) لأبيها وأمها وأختها (¬8) وأخاها لأبيها (¬9) فللزوج النصف، وللأم السدس، وللأخ من الأم أو الأخت من الأم أيهما كان بعد أن يكون واحداً فله السدس، وما بقي فللأخ والأخت من الأب والأم والأخت (¬10) والأخ من الأب بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن تركت زوجها وأمها وأختين وأخوين لأم (¬11) وأخوين لأب أو أكثر من ذلك فللزوج النصف، وللأم السدس، وللإخوة والأخوات من الأم الثلث بينهم بالسوية، لا يفضل فيه الذكر على الأنثى، وسقط ما سوى ذلك من الإخوة والأخوات من الأب. وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن (¬12). ... ¬

_ (¬1) ف + وابنتها. (¬2) م - وإخوتها وأخواتها لأبيها. (¬3) ت - لأبيها وأخوتها وأخواتها. (¬4) م - وإخوتها وأخواتها لأمها (غير واضح)؛ ف - وإخوتها وأخواتها لأمها. (¬5) ت: والأخت. (¬6) ف: وأختها؛ ت: أو أختيها. (¬7) ت: أو أختها أو أخاها. (¬8) ف: أو أختها. (¬9) ت - لأبيها وأمها وأختها وأخاها لأبيها. (¬10) م ف ت: أو الأخت. (¬11) ت - وأخوين لأم. (¬12) ف - بن الحسن.

باب ما يعول من الفرائض في قول علي وزيد

باب ما يعول من الفرائض في قول علي وزيد قال (¬1): أصل ما تقسم (¬2) عليه الفرائض على ستة أسهم، فالنصف ثلاثة أسهم، والثلثان أربعة أسهم، والثلث سهمان، والربع سهم ونصف، والسدس سهم، والثمن ثلاثة أرباع سهم. ولا يسمى لأحد من أهل الفرائض إلا ما سمينا. يسمى (¬3) للابنة النصف، وللابنتين الثلثان، وللأم إذا لم يكن من يحجبها الثلث، وإذا كان من يحجبها سميت لها السدس. وللزوج إذا كان للميت ولد سميت لها الثمن، وإذا لم يكن له ولد سميت لها الربع. وأصل ما يكون الفرائض من ستة أسهم. فتعول فتكون من ستة (¬4) ونصف، وتكون أيضاً من ستة أسهم وثلاثة أرباع سهم، وتكون أيضاً من سبعة ومن سبعة أسهم ونصف، وتكون أيضاً من ثمانية أسهم، وتكون أيضاً من ثمانية أسهم ونصف، وتكون أيضاً من تسعة أسهم، وتكون أيضاً من عشرة أسهم. وهذا أكثر ما تعول (¬5) الفرائض أن تكون (¬6) من عشرة أسهم. وتفسير ذلك: رجل مات وترك ابنتين (¬7) وأبوين وامرأة فللابنتين الثلثان أربعة أسهم، وللأبوين السدسان سهمان (¬8)، وللمرأة الثمن ثلاثة أرباع سهم، فهي من ستة أسهم وثلاثة أرباع سهم. فإن ترك أختاً لأب وأم وأختاً لأب وأختاً لأم وامرأة فهي من ستة أسهم ونصف، للأخت من الأب والأم النصف ثلاثة أسهم، وللأخت من الأب السدس سهم، وللأخت من الأم السدس، وللمرأة الربع سهم ونصف، فذلك من ستة أسهم ونصف. امرأة ماتت وتركت ابنتين وأماً وزوجاً فهي من ستة أسهم ونصف، ¬

_ (¬1) ت: فإن. (¬2) ت: ما يقسم. (¬3) ت: فسمي. (¬4) ف + أسهم. (¬5) ت: فما يعول؛ ف ت + به. (¬6) ت: أن يكون. (¬7) ت: ابنين. (¬8) ف - سهمان.

للابنتين الثلثان أربعة أسهم، وللأم سهم وهو السدس، وللزوج الربع سهم ونصف، فذلك من ستة أسهم ونصف. فإن تركت ابنة وأبوين وزوجاً (¬1) فهي من ستة أسهم ونصف، للابنة النصف ثلاثة أسهم، وللأبوين السدسان سهمان، وللزوج الربع سهم ونصف، فذلك من ستة أسهم ونصف (¬2). فإن تركت ابنة وابنة ابن وأماً وزوجاً فهي من ستة أسهم ونصف، للابنة النصف ثلاثة أسهم، ولابنة (¬3) الابن سهم تكملة الثلثين، وللأم السدس سهم، وللزوج الربع سهم ونصف، فذلك من ستة أسهم ونصف. رجل مات وترك أختين لأب وأم وترك أمًا وامرأة فهي من ستة أسهم ونصف، للأختين الثلثان أربعة أسهم، وللأم السدس سهم، وللمرأة الربع سهم ونصف، فذلك من ستة أسهم ونصف. فإن ترك أختاً لأب وأم وأختاً لأب وامرأة وأماً فهي من ستة أسهم ونصف، للأخت من الأب والأم النصف ثلاثة أسهم، وللأخت من الأب السدس سهم تكملة الثلثين، وللأم السدس سهم، وللمرأة الربع سهم ونصف، فذلك من ستة أسهم ونصف. فإن ترك أختاً لأب وأم وأختاً لأم (¬4) وامرأة وأما فهي من ستة أسهم ونصف، للأخت من الأب والأم النصف ثلاثة أسهم، وللأخت من الأم السدس سهم، وللأم السدس سهم (¬5)، وللمرأة الربع سهم ونصف، فذلك من (¬6) ستة أسهم ونصف. فإن ترك أختاً لأب وأختاً لأم وامرأة وأما فهي من ستة أسهم ونصف، للأخت من الأب النصف ثلاثة أسهم، وللأخت من الأم السدس سهم (¬7)، ¬

_ (¬1) ف - سهم ونصف فذلك من ستة أسهم ونصف فإن تركت ابنة وأبوين وزوجا. (¬2) ت - فذلك من ستة أسهم ونصف. (¬3) م ف: وللابنة. (¬4) ف: لأب. (¬5) م - سهم (غير واضح). (¬6) ف - من. (¬7) ف - سهم.

باب ما يخرج من الفرائض من سبعة أسهم فيعول بواحد

وللأم السدس سهم، وللمرأة الربع سهم ونصف، فذلك من (¬1) ستة أسهم ونصف. فيقسم (¬2) مال الميت على ستة أسهم ونصف، فمن كان له النصف كان له (¬3) ثلاثة أسهم من ستة أسهم (¬4) ونصف، ومن كان له الربع كان له (¬5) سهم (¬6) ونصف، ومن كان له الثلث كان له سهمان من ستة أسهم ونصف. وكذلك كل فريضة تجمع من ستة أسهم ونصف قسمت على ما سمينا. وهذ كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن. ... باب ما يخرج من الفرائض من سبعة أسهم فيعول بواحد امرأة ماتت وتركت أختين لأب وأم وزوجاً فهي من سبعة، للأختين من الأب والأم الثلثان أربعة أسهم، وللزوج النصف ثلاثة أسهم. فإن تركت أختاً لأب وأم وأختاً لأب وزوجاً فهي من سبعة أسهم، للأخت من الأب والأم النصف ثلاثة أسهم، وللأخت من الأب السدس سهم، وللزوج النصف ثلاثة أسهم (¬7). فإن تركت أختاً لأب وأم وأختاً لأم (¬8) وزوجاً فهي من سبعة أسهم، للأخت من الأب والأم النصف ثلاثة أسهم، وللأخت من الأم السدس سهم، وللزوج النصف. فإن تركت أختاً لأب وأم وأختاً لأم (¬9) وزوجاً فهي من سبعة أسهم، للأخت من الأب والأم النصف ثلاثة، وللأخت من الأم السدس سهم، ¬

_ (¬1) ت - من. (¬2) ف: يقسم. (¬3) م ت - له. (¬4) ف - من ستة أسهم. (¬5) ت - له. (¬6) ت: سهماً. (¬7) ت - وللأخت من الأب السدس سهم وللزوج النصف ثلاثة أسهم. (¬8) ت: لأب. (¬9) م ف ت: لأب.

باب ما يخرج من الفرائض من سبعة أسهم ونصف

وللزوج النصف (¬1) ثلاثة أسهم، فذلك سبعة أسهم، فيقسم (¬2) مال الميت (¬3) على سبعة أسهم، فمن سمي له النصف كان له ثلاثة أسهم من سبعة أسهم، ومن سمي له السدس كان له واحد من سبعة أسهم، ومن سمي له الثلث كان له سهمان من سبعة أسهم، ومن سمي له الثلثان كان له أربعة من سبعة أسهم. وكذلك كل فريضة تخرج من سبعة أسهم. ... باب ما يخرج من الفرائض من سبعة أسهم ونصف امرأة ماتت وتركت ابنتيها وأبويها وزوجها فهي من سبعة أسهم ونصف، للابنتين الثلثان (¬4) أربعة أسهم، وللأبوين (¬5) الثلث سهمان، وللزوج الربع سهم ونصف. فإن تركت ابنة وابنة ابن وأبوين وزوجاً فهي من سبعة أسهم ونصف، للابنة النصف ثلاثة أسهم، ولابنة الابن السدس سهم، وللأبوين السدسان سهمان، وللزوج الربع سهم ونصف، فذلك من (¬6) سبعة أسهم ونصف. رجل مات وترك أختين لأب وأم وأختين لأم وامرأة فهي من سبعة أسهم ونصف، للأختين من الأب والأم أربعة أسهم، وللأختين من الأم الثلث سهمان، وللمرأة الربع سهم ونصف. فإن ترك أختاً لأب وأم وأختين لأم وامرأة وأما فهي من سبعة أسهم ونصف، للأخت من الأب والأم النصف ثلاثة أسهم، وللأختين من الأم الثلث سهمان، وللأم السدس سهم، وللمرأة الربع سهم ونصف. ¬

_ (¬1) ت - فإن تركت أختا لأب وأم وأختا لأم وزوجاً فهي من سبعة أسهم للأخت من الأب والأم النصف ثلاثة وللأخت من الأم السدس سهم وللزوج النصف. (¬2) ت: فتقسم. (¬3) ت - مال الميت. (¬4) ت - الثلثان. (¬5) ت + من. (¬6) ف - من.

باب ما يخرج من الفرائض من ثمانية أسهم

فإن ترك أختين لأب وأختين لأم وامرأة فهي من سبعة أسهم ونصف، للأختين من الأب الثلثان أربعة أسهم، وللأختين من الأم الثلث سهمان، وللمرأة الربع سهم ونصف. فإن ترك أختين لأب وأختاً لأم وامرأة وأما فهي من سبعة أسهم ونصف، للأختين من الأب الثلثان أربعة أسهم، وللأخت من الأم السدس سهم، وللأم السدس سهم، وللمرأة الربع سهم ونصف. فإن ترك أختين لأم وأختاً لأب وامرأة وأما فهي من سبعة أسهم ونصف، للأخت من الأب النصف ثلاثة أسهم، وللأختين من الأم الثلث سهمان، وللأم السدس سهم (¬1)، وللمرأة الربع سهم ونصف، فذلك (¬2) سبعة أسهم ونصف، فيقسم (¬3) مال الميت على سبعة أسهم ونصف (¬4)، لأن الفريضة عالت بسهم ونصف. وكذلك كل فريضة تخرج من سبعة أسهم ونصف قسمت على ما وصفت لك. ... باب ما يخرج من الفرائض من ثمانية أسهم امرأة ماتت وتركت أختين لأب وأم (¬5) وأماً وزوجاً فهي من ثمانية أسهم، للأختين من الأب والأم الثلثان (¬6) أربعة أسهم، وللزوج النصف ثلاثة أسهم، وللأم السدس سهم، فذلك من ثمانية أسهم. فإن تركت أختين لأب وزوجاً وأماً (¬7) فهي من ثمانية أسهم، للأختين من الأب الثلثان أربعة أسهم، وللزوج النصف ثلاثة أسهم، وللأم السدس سهم. ¬

_ (¬1) ف - سهم. (¬2) ف + من. (¬3) ت: فتقسم. (¬4) م - ونصف، صح هـ. (¬5) م - امرأة ماتت وتركت أختين لأب وأم (غير واضح). (¬6) م - الأب والأم الثلثان (غير واضح). (¬7) ف - وأما.

فإن تركت أختاً لأب وأم وأختاً لأب وزوجاً وأما فهي من ثمانية أسهم (¬1)، للأخت من الأب والأم النصف ثلاثة أسهم، وللأخت من الأب السدس سهم تكملة الثلثين، وللزوج النصف ثلاثة أسهم، وللأم السدس سهم. فإن تركت أختاً لأب وأم وأختاً لأم وزوجاً وأما فهي من ثمانية أسهم، للأخت (¬2) من الأب والأم النصف ثلاثة أسهم، وللأخت من الأم السدس سهم، وللزوج النصف ثلاثة أسهم، وللأم السدس سهم. فإن تركت أختاً لأب وأختاً لأم وزوجاً وأما فهي من ثمانية أسهم، للأخت من الأب النصف ثلاثة أسهم، وللأخت من الأم السدس سهم، وللزوج النصف ثلاثة أسهم، وللأم السدس سهم (¬3). فإن تركت أختاً لأب وأم وأختين لأم وزوجاً فهي من ثمانية أسهم، للأخت من الأب والأم النصف ثلاثة أسهم، وللأختين من الأم الثلث سهمان، وللزوج النصف ثلاثة أسهم. فإن تركت ثلاث أخوات متفرقات وزوجاً فهي من ثمانية أسهم، للأخت من الأب والأم النصف ثلاثة أسهم، وللأخت من الأب السدس تكملة الثلثين، وللأخت من الأم السدس سهم، وللزوج النصف ثلاثة. فإن تركت أختاً لأب وأم وزوجاً وأما فهي من ثمانية أسهم، للأخت من الأب والأم النصف ثلاثة أسهم، وللزوج النصف ثلاثة أسهم، وللأم الثلث سهمان. ¬

_ (¬1) ت - للأختين من الأب الثلثان أربعة أسهم وللزوج النصف ثلاثة أسهم وللأم السدس سهم فإن تركت أختا لأب وأم وأختا لأب وزوجاً وأما فهي من ثمانية أسهم. (¬2) ف: فللأخت. (¬3) ت - فإن تركت أختا لأب وأختا لأم وزوجاً وأما فهي من ثمانية أسهم للأخت من الأب النصف ثلاثة أسهم وللأخت من الأم السدس سهم وللزوج النصف ثلاثة أسهم وللأم السدس سهم.

باب ما يخرج من الفرائض من ثمانية أسهم ونصف

فإن تركت أختاً لأب وزوجاً وأما فهي من ثمانية أسهم، للأخت من الأب النصف ثلاثة أسهم، وللزوج النصف ثلاثة، وللأم الثلث سهمان، فذلك ثمانية أسهم فهي عائلة سهمين، فيقسم مال الميت على ثمانية أسهم. ... باب ما يخرج من الفرائض من ثمانية أسهم ونصف رجل مات وترك أختين لأب وأم وأختين لأم وامرأة وأما (¬1) فهي من ثمانية أسهم ونصف (¬2)، للأختين من الأب والأم الثلثان أربعة أسهم، وللأختين من الأم الثلث سهمان، وللأم السدس سهم، وللمرأة الربع سهم ونصف. فإن ترك أختين لأب وأختين لأم وامرأة (¬3) وأما فهي من ثمانية أسهم ونصف، للأختين من الأب الثلثان أربعة أسهم، وللأختين من الأم سهمان، وللمرأة الربع سهم ونصف، وللأم السدس. فإن ترك أختاً لأب وأم وأختاً لأب وأختين لأم وامرأة وأما فهي من ثمانية أسهم ونصف، للأخت (¬4) من الأب والأم النصف ثلاثة أسهم، وللأختين من الأم الثلث سهمان، وللأخت من الأب السدس تكملة الثلثين، وللأم السدس سهم، وللمرأة الربع سهم ونصف، فذلك ثمانية أسهم ونصف. وكذلك كل فريضة تخرج من ثمانية أسهم ونصف قسمت على ما وصفت لك. ... ¬

_ (¬1) ف - وأ ما. (¬2) م - ثمانية أسهم ونصف (غير واضح). (¬3) م - وامرأة (غير واضح). (¬4) ت: فللأخت.

باب ما يخرج من الفرائض من تسعة أسهم

باب ما يخرج من الفرائض من تسعة أسهم امرأة ماتت وتركت أختين لأب وأم وأختين لأم وزوجاً فهي من تسعة أسهم، للأختين من الأب والأم الثلثان أربعة أسهم، وللأختين من الأم الثلث سهمان، وللزوج النصف ثلاثة أسهم. فإن تركت أختين لأب وأختين لأم وزوجاً فهي من تسعة أسهم، للأختين من الأب الثلثان أربعة أسهم، وللأختين من الأم الثلث سهمان، وللزوج النصف ثلاثة أسهم. فإن تركت أختاً لأب وأم وأختاً لأب وأختين من الأم وزوجاً فهي من تسعة أسهم، للأخت من الأب والأم النصف ثلاثة أسهم، وللأختين من الأم الثلث سهمان، وللأخت من الأب السدس سهم (¬1)، وللزوج النصف ثلاثة أسهم. فإن تركت أختاً لأب وأم وأختاً لأب وأختاً لأم وزوجاً وأما فهي من تسعة أسهم، للأخت من الأب والأم النصف ثلاثة (¬2) أسهم، وللأخت من الأب السدس تكملة الثلثين، وللأخت من الأم السدس سهم، وللزوج النصف ثلاثة أسهم، وللأم السدس سهم، فذلك تسعة أسهم، فيقسم مال الميت على تسعة أسهم، فمن كان له النصف كان له ثلاثة أتساع المال، وهو الثلث، ومن كان له الثلث كان له تسعا المال، ومن كان له السدس كان له تسع المال، لأن الفريضة عائلة بثلاثة (¬3) أسهم. ... باب ما يخرج من الفرائض (¬4) من عشرة أسهم امرأة ماتت وتركت أختين لأب وأم وأختين لأم وزوجاً وأما فهي من ¬

_ (¬1) ف - سهم. (¬2) م - النصف ثلاثة (غير واضح). (¬3) ف: ثلاثة. (¬4) م ت: من الفريضة.

باب حساب فرائض الصلب

عشرة أسهم، للأختين من الأب والأم الثلثان أربعة أسهم، وللأختين من الأم الثلث سهمان، وللزوج النصف ثلاثة أسهم، وللأم السدس سهم. فإن تركت أختين لأب وأختين لأم وزوجاً وأما فهي من عشرة أسهم، للأختين من الأب الثلثان أربعة أسهم، وللأختين من الأم الثلث سهمان، وللزوج النصف ثلاثة أسهم، وللأم السدس سهم. فإن تركت أختاً لأب وأم وأختاً لأب وأختين لأم وزوجاً وأما فهي من عشرة أسهم، للأخت من الأب والأم النصف ثلاثة أسهم، وللأخت من الأب السدس تكملة الثلثين، وللأختين من الأم الثلث سهمان، وللزوج النصف ثلاثة أسهم، وللأم السدس سهم. فذلك عشرة أسهم. فهي عائلة بأربعة أسهم. وهو (¬1) أكثر ما يعول به أصل الفرائض، فيقسم مال الميت على عشرة أسهم، فمن سمي له النصف كان له ثلاثة أسهم من عشرة أسهم، ومن سمي له الثلثان كان له أربعة أسهم من عشرة، ومن سمي له الثلث كان له من عشرة أسهم سهمان، ومن سمي له السدس كان له سهم من عشرة أسهم. وهذا كله قول علي وزيد. وبه كان يأخذ أبو حنيفة. وبه يأخذ أبو يوسف ومحمد. ... باب حساب فرائض الصلب أصل ما يقسم عليه الفرائض على ستة أسهم، النصف ثلاثة أسهم، والثلثان أربعة أسهم (¬2)، والثلث سهمان (¬3)، والربع سهم ونصف، والسدس سهم واحد، والثمن ثلاثة أرباع سهم. وإذا كانت فريضة فيها سدس أخذتها من ستة، وإذا كانت فريضة فيها سدس وربع أخذتها من ¬

_ (¬1) ف: وذلك. (¬2) م - أسهم والثلثان أربعة أسهم (غير واضح). (¬3) ت - سهمان.

اثني عشر، وإذا كانت فريضة فيها ثلثان وثمن أخذتها من أربعة وعشرين، وإذا كانت فيها ثمن وسدس أخذتها من أربعة وعشرين، وإذا كانت فريضة فيها نصف وثلث أخذتها من ستة، وإذا كانت فريضة فيها نصف وحده أخذتها من سهمين، وإذا كانت فريضة فيها ثلث وحده أخذتها من ثلاثة، وإذا (¬1) كان فيها ربع واحد أخذتها من أربعة أسهم، وإذا كانت فريضة فيها ثلثان أخذتها من ثلاثة. وتفسير ذلك: رجل مات وترك ابنة وعصبة فهي من سهمين، للابنة النصف واحد، وما بقي فللعصبة. فإن ترك ابنتين وعصبة فهي من ثلاثة أسهم، للابنتين الثلثان سهمان، وما بقي فللعصبة (¬2). فإن ترك أما وعصبة فهي من ثلاثة أسهم، للأم الثلث واحد، وما بقي فللعصبة. فإن ترك امرأة وعصبة فهي من أربعة أسهم، للمرأة الربع واحد، وما (¬3) بقي فللعصبة. فإن ترك ابنة وامرأة وعصبة فهي من ثمانية أسهم، للمرأة الثمن واحد، وللابنة النصف أربعة، وما بقي فللعصبة. فإن ترك أماً وابناً فهي من ستة أسهم، للأم واحد، وما بقي فللابن. فإن ترك أما وابنين (¬4) فأصلها من ستة أسهم، للأم واحد، وللابنين خمسة، فلا يستقيم من اثنين، فتضرب (¬5) ستة في اثنين فيصير اثني عشر، للأم السدس اثنان، ويبقى عشرة لكل ابن خمسة. وإن كثر البنون مع الأم ¬

_ (¬1) م ت: وإن. (¬2) م ف ت + قلت. (¬3) ت: فما. (¬4) ت: وابنتين. (¬5) ت: من اثنتين فيضرب.

أخذت أصلها من ستة، فتعطى الأم السدس، ثم تنظر (¬1) إلى ما بقي، فإن استقام قسمته بينهم، وإن لم يستقم ضربت أصل الفريضة وهي ستة في عدد من انكسر من عدد البنين. فإن ترك أخوين وامرأة فهي من ثمانية أسهم، للمرأة الربع اثنان، وما بقي وهو ستة بين الأخوين لكل واحد ثلاثة أسهم، وكان (¬2) أصلها من أربعة أسهم، الربع واحد، وبقي ثلاثة، فلم يقسم بين الأخوين، فضربت أصل الفريضة وهي أربعة في اثنين فصارت ثمانية (¬3). فإن كثر الإخوة أخذت الأصل من أربعة أسهم، فتعطي المرأة واحداً (¬4)، وتنظر (¬5) إلى ما بقي، فإن استقام بين الإخوة قسمته بينهم، وإن انكسر ضربته في عدد من انكسر من الإخوة. فإن ترك خمسة إخوة وأماً وامرأة فهذه من ستين سهماً، تأخذ أصلها من اثني عشر من قبل أن فيها سدساً وربعاً، فتجعل للأم السدس سهمين، وتجعل للمرأة الربع ثلاثة أسهم، ويبقى سبعة أسهم، فلا يستقيم بين خمسة، فضربنا الاثني عشر في عدد الخمسة الذي انكسر فيهم فصارت ستين سهماً، للأم من ذلك السدس عشرة أسهم، وللمرأة الربع خمسة عشر سهماً، ويبقى خمسة وثلاثون سهماً بين خمسة إخوة، لكل أخ سبعة أسهم. فإن ترك خمس بنين وامرأة فهذه من أربعين سهماً، تأخذ أصلها من ثمانية من قبل أن فيها ثمناً (¬6)، فتعطي المرأة الثمن واحداً، ويبقى سبعة، فلا يستقيم بين خمس بنين، فتضرب أصل الفريضة وهي ثمانية في خمسة فتصير أربعين، للمرأة الثمن خمسة أسهم، ويبقى خمسة وثلاثون سهماً، لكل ابن سبعة أسهم. فإن ترك خمس بنات وأربع نسوة فهي من ثمانين وأربعمائة سهم، تأخذ أصلها من أربعة وعشرين من قبل أن فيها ثلثين وفيها ثمن، للبنات ¬

_ (¬1) ت: ثم ينظر. (¬2) ت: فكان. (¬3) م - في اثنين فصارت ثمانية (غير واضح). (¬4) ت: واحد. (¬5) م - المرأة واحداً وتنظر (غير واضح). (¬6) ت: ثمن.

الثلثان (¬1) ستة عشر، فلم يستقم (¬2) بين خمس بنات، فضربنا الأربعة وعشرين سهماً في عدد البنات وهن (¬3) خمسة فصارت عشرين (¬4) ومائة، الثلثان ثمانون بين البنات مستقيم، والثمن خمسة عشر سهماً بين أربع نسوة منكسر، فضربنا العشرين والمائة في عدد النسوة في أربعة فصارت ثمانين وأربعمائة، الثلثان من ذلك عشرون وثلاثمائة بين البنات وهم خمسة، لكل واحدة من ذلك أربعة وستون سهماً، للنسوة الثمن ستون سهماً (¬5)، لكل واحدة منهن (¬6) خمسة عشر سهماً، ويبقى مائة سهم للعصبة. فإن ترك سبعة بنات وخمس أخوات فهي من مائة وخمسة أسهم، تأخذ أصلها من ثلاثة أسهم، للبنات من ذلك الثلثان سهمان، فلا يستقيم من سبعة، فتضرب ثلاثة في سبعة (¬7) فيصير واحداً وعشرين، للبنات من ذلك الثلثان أربعة عشر، لكل واحدة سهمان، وللأخوات سبعة، فلا يستقيم (¬8) بين خمسة فتضرب الواحد والعشرين (¬9) في خمسة فتصير مائة وخمسة، الثلثان من ذلك سبعون بين البنات، لكل ابنة عشرة (¬10)، وما بقي فللأخوات، وهو خمس وثلاثون بين خمس أخوات، لكل واحدة سبعة. فإن ترك (¬11) خمس بنات وسبع أخوات وثلاث جدات فهي من ستمائة وثلاثين، تأخذ أصلها من ستة من قبل أن فيها ثلثين (¬12) وسدسًا (¬13)، الثلثان أربعة، فلا يستقيم بين خمس بنات، فتضرب (¬14) أصل الفريضة وهي ستة في خمسة فتصير ثلاثين، للبنات الثلثان (¬15) عشرون (¬16) مستقيم بينهم، لكل واحدة أربعة، وللجدات السدس خمسة أسهم، وهي ثلاثة، فلا تستقيم ¬

_ (¬1) م ف ت: الثلثين. (¬2) ت: يستقيم. (¬3) ت: وهم. (¬4) ت: عشرون. (¬5) ت: بينهما. (¬6) ت: منهم. (¬7) ت: من سبعة. (¬8) ت: تستقيم. (¬9) م - الواحد والعشرين (غير واضح). (¬10) م - لكل ابنة عشرة (غير واضح). (¬11) م - فإن ترك (غير واضح). (¬12) ت: ثلثان. (¬13) م ف ت: وسدس. (¬14) م ف ت: فضربت. (¬15) ت - الثلثان؛ صح هـ. (¬16) ف: عشرة.

خمسة بين ثلاثة، فتضرب الثلاثين في ثلاثة فتصير تسعين، الثلثان من ذلك ستون مستقيم بين خمس بنات، والسدس خمسة عشر مستقيم بين ثلاث جدات، ويبقى خمسة عشر للأخوات وهن سبع، فلا يستقيم بينهن، فتضرب التسعين (¬1) في عدد الأخوات في سبعة فتصير ستمائة وثلاثين، الثلثان من ذلك أربعمائة وعشرون بين خمس بنات، لكل ابنة من ذلك أربعة وثمانون، وللجدات السدس مائة وخمسة أسهم، لكل جدة خمسة وثلاثون، ويبقى مائة سهم وخمسة أسهم للأخوات، لكل أخت خمسة عشر سهماً. فإن ترك سبع بنات وخمس أخوات وأربع نسوة وثلاث جدات فهذه من عشرة اَلاف وثمانين، تأخذ أصلها من أربعة وعشرين من قبل أن فيها سدسًا وثمنًا وثلثين (¬2)، الثلثان من ذلك ستة عشر فلا (¬3) يستقيم بين سبع بنات، فتضرب الأربعة والعشرين في سبعة فتصير ثمانية وستين ومائة، الثلثان من ذلك مائة واثنا عشر بين سبع بنات مستقيم، لكل واحدة ستة عشر، والسدس من ذلك ثمانية وعشرون فلا يستقيم بين ثلاث جدات، فتضرب الثمانية والستين والمائة في عدد الجدات في ثلاثة فتصير خمسمائة وأربعة أسهم، الثلثان من ذلك ثلاثمائة (¬4) وستة وثلاثون مستقيم بين البنات، والسدس أربعة وثمانون مستقيم بين الجدات، لكل جدة (¬5) ثمانية وعشرون، والثمن من ذلك ثلاثة وستون فلا يستقيم بين أربع نسوة، فتضرب خمسمائة وأربعة في أربعة (¬6) فتصير ألفين وستة (¬7) عشر، للبنات من ذلك ألف وثلاثمائة وأربعة وأربعون مستقيم بين (¬8) البنات، والسدس ثلاثمائة وستة وثلاثون مستقيم بين الجدات، والثمن (¬9) من ذلك مائتان واثنان وخمسون بين أربع نسوة مستقيم، لكل واحدة منهن ثلاثة (¬10) وستون، وبقي أربعة ¬

_ (¬1) ف ت: السبعين. (¬2) ف - وثلثين؛ ت: سدس وثمن وثلثان. (¬3) ت: ولا. (¬4) م ف - ثلاثمائة. (¬5) ف ت: واحدة. (¬6) ت - في أربعة؛ صح هـ. (¬7) م - فتصير ألفين وستة (غير واضح). (¬8) م - وأربعون مستقيم بين (غير واضح). (¬9) م - والثمن (غير واضح). (¬10) م - ثلاثة (غير واضح).

باب حساب ما يعول من الفرائض

وثمانون سهماً بين الأخوات، وهن خمس فلا يستقيم بينهن، فتضرب (¬1) ألفين وستة عشر في خمسة فتصير عشرة آلاف وثمانين، الثلثان من ذلك ستة آلاف وسبعمائة وعشرون بين سبع بنات، لكل واحدة منهن تسعمائة وستون، والسدس من ذلك ألف وستمائة وثمانون بين ثلاث جدات، لكل واحدة منهن خمسمائة وستون سهماً، وللنسوة من ذلك الثمن ألف ومائتان وستون بين أربع نسوة، لكل واحدة منهن ثلاثمائة وخمسة عشر، وبقي أربعمائة وعشرون بين خمس أخوات، لكل واحدة أربعة وثمانون. ... باب حساب ما يعول من الفرائض رجل مات وترك ابنتين وأبوين وامرأة، قال: هي من سبعة وعشرين سهماً، تأخذ أصلها من ستة أسهم وثلاثة أرباع سهم، للابنتين الثلثان أربعة مستقيم بينهما، وللأبوين (¬2) السدسان مستقيم بينهما، وللمرأة الثمن (¬3) ثلاثة أرباع سهم منكسر، فتضرب ستة وثلاثة أرباع في أربعة من قبل الثلاثة الأرباع، فتصير سبعة وعشرين سهماً، ستة في أربعة أربعة وعشرون، وثلاثة أرباع في أربعة فيكون ثلاثة أسهم، فصارت سبعة وعشرين سهماً، للابنتين من ذلك ستة عشر. كان لهما من ستة أسهم وثلاثة أرباع سهم أربعة أسهم، فضربته في أربعة فصار (¬4) ستة عشر، لكل واحدة ثمانية، وكان للأبوين سهمان من ستة أسهم وثلاثة أرباع سهم، فضربته (¬5) في أربعة فصار لهما ثمانية (¬6) أسهم، لكل واحد أربعة، وكان للمرأة ثلاثة أرباع سهم فضربته في أربعة (¬7)، فصار لها ثلاثة أسهم من سبعة وعشرين سهماً. وهي ¬

_ (¬1) ت: فضربت. (¬2) ف: وللابن. (¬3) ت - الثمن؛ صح هـ. (¬4) ت: فصارت. (¬5) ت: ضربته. (¬6) ت: ستة. (¬7) ف - فصار لهما ثمانية أسهم لكل واحد أربعة وكان للمرأة ثلاثة أرباع سهم فضربته في أربعة.

التي قال فيها علي بن أبي طالب (¬1): صار ثمنها تسعاً (¬2). فإن تركت امرأة وأماً وخمس أخوات لأب وأم فخذه من خمسة وستين (¬3) سهماً، أصلها من ستة أسهم ونصف، فأضعفناها من قبل النصف الذي فيها فصار ثلاثة عشر، فصار للأخوات من ذلك ثمانية أسهم، فلم يستقم بين خمسة، فضربت ثلاثة (¬4) عشر في خمسة فصارت خمسة وستين، كان للأخوات ثمانية من ثلاثة عشر، فضربتها في خمسة فصار لهن أربعون، لكل واحدة ثمانية، وكان للأم اثنان من ثلاثة عشر، فضربتها في خمسة فصار (¬5) لها عشرة، وكان للمرأة الثلاثة من ثلاثة عشر، فضربتها في خمسة فصار لها (¬6) خمسة (¬7) عشرة. امرأة ماتت وتركت زوجاً وأختين لأب (¬8) وأم فهذه من سبعة أسهم، للأختين أربعة، وللزوج ثلاثة. فإن تركت زوجاً وأماً وخمس أخوات لأب وأم فهذه من أربعين سهماً، كان أصلها من ثمانية، للزوج ثلاثة، وللأم واحد، وللأخوات أربعة، فلم يستقم (¬9) بين خمس، فضربت ثمانية في خمس فصارت أربعين، كان للزوج ثلاثة من ثمانية (¬10)، فضربتها في خمسة فصار له (¬11) خمسة عشر، وكان للأم واحد من ثمانية، فضربتها في خمسة فصار لها خمسة أسهم، ¬

_ (¬1) م - وهي التي قال فيها علي بن أبي طالب (غير واضح). (¬2) المصنف لابن أبي شيبة، 6/ 258؛ وسنن الدارقطني، 4/ 68؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 6/ 253؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 90. (¬3) م - فخذه من خمسة وستين (غير واضح). (¬4) م - فضربت ثلاثة (غير واضح). (¬5) ت - لهن أربعون لكل واحدة ثمانية وكان للأم اثنان من ثلاثة عشر فضربتها في خمسة فصار. (¬6) م + عشرة وكان للمرأة الثلاثة من ثلاثة عشر فضربتها في خمسة فصار لها. (¬7) ت - خمسة. (¬8) م - وأختين لأب (غير واضح). (¬9) ت: يستقيم. (¬10) م ف: في ثمانية. (¬11) ت: لها.

وكان للأخوات أربعة من ثمانية، فضربتها في خمسة فصارت عشرين، لكل واحدة أربعة. فإن ترك خمس أخوات لأب وأم وثلاث أخوات لأم وزوجاً وأماً فهذه من خمسين ومائة سهم، كان أصلها من عشرة أسهم، للزوج ثلاثة، وللأم واحد، وللأخوات من الأب والأم أربعة، وللأخوات من الأم اثنتان (¬1)، فلم يستقم (¬2) بينهن، فضربنا العشرة في خمسة فصارت خمسين سهماً، كان للزوج ثلاثة أسهم من عشرة أسهم، فضربناها في خمسة فصار له خمسة عشر، وكان للأم واحد من عشرة، فضربناه في خمسة فصار لها خمسة، وكان للأخوات من الأب والأم أربعة من عشرة فضربناها في خمسة فصار لهن عشرون، لكل واحد أربعة، وكان للأخوات من الأم سهمان من عشرة أسهم (¬3)، فضربناها في خمسة فصار لهن عشرة أسهم، فلم يستقم بين ثلاثه، فضربت الخمسين في ثلاثة فصارت خمسين ومائة، وكان للأخوات من الأب والأم عشرون (¬4) من خمسين، فضربناها في ثلاثة فصارت ستين سهماً، لكل واحدة اثنا (¬5) عشر سهماً، وكان للأخوات من الأم من خمسين عشرة، فلم يستقم بين ثلاثة، فضربناها في ثلاثة فصارت ثلاثين، لكل واحدة عشرة أسهم، وكان للزوج خمسة عشر من خمسين فضربناها في ثلاثة فصارت (¬6) خمسة (¬7) وأربعين، وكان للأم خمسة من خمسين فضربناها في ثلاثة فصار لها خمسة عشر. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن. ... ¬

_ (¬1) ت: اثنتين. (¬2) ت: يستقيم. (¬3) ف - أسهم. (¬4) ت: عشرين. (¬5) ت: اثني. (¬6) ت - ثلاثين لكل واحدة عشرة أسهم وكان للزوج خمسة عشر من خمسين فضربناها في ثلاثة فصارت. (¬7) ت: خمسين.

باب بني الأخ والعمومة وبني العم في قول علي وزيد

باب بني الأخ والعمومة وبني العم في قول علي وزيد قالا: لا يرث بنو الأخ من الأب والأم مع الأخ من الأب شيئاً. ولا يرث بنو الأخ من الأب مع بني الأخ من الأب والأم شيئاً. ولا يرث ابن ابن أخ لأب وأم (¬1) مع ابن (¬2) أخ لأب (¬3) شيئاً. ولا يرث ابن ابن أخ لأب مع ابن ابن أخ لأب وأم شيئاً. ولا يرث ابن ابن ابن (¬4) أخ لأب وأم مع ابن ابن أخ لأب شيئاً (¬5). ولا يرث عم لأب وأم ولا عم لأب (¬6) مع (¬7) ابن أخ لأب وأم ولا بن أخ (¬8) لأب شيئاً، ولا مع ابن ابن أخ لأب وأم، ولا مع ابن ابن أخ لأب، ولا مع ابن ابن ابن أخ لأب وأم، ولا مع ابن ابن ابن أخ لأب شيئاً. ولا يرث عم لأب مع عم لأب وأم شيئاً. ولا يرث ابن عم لأب وأم مع عم لأب شيئاً. ولا يرث ابن عم لأب مع ابن عم لأب وأم شيئاً. ولا يرث ابن ابن عم لأب وأم مع ابن عم لأب شيئاً. ولا يرث ابن ابن ابن عم لأب وأم مع ابن ابن عم لأب شيئاً. ولا يرث (¬9) ابن ابن عم لأب مع ابن ابن عم لأب وأم شيئاً. ولا يرث عم الأب لأب وأم مع عم لأب وأم شيئاً، ولا مع عم لأب، ولا مع ابن عم لأب وأم، ولا مع ابن عم لأب، ولا مع ابن ابن ابن عم لأب وإن سفل. ¬

_ (¬1) ف - وأم. (¬2) ف + ابن. (¬3) ف + وأم. (¬4) ت - ابن. (¬5) ف - ولا يرث ابن ابن ابن أخ لأب وأم مع ابن ابن أخ لأب شيئا. (¬6) ت - ولا عم لأب. (¬7) ت: من. (¬8) ف: الأخ. (¬9) ت - يرث.

ولا يرث ابن عم أب لأب (¬1) مع ابن عم أب لأب وأم. وتفسير ذلك: رجل مات وترك ابن أخيه لأبيه وأمه وترك أخاً لأبيه فالمال للأخ من الأب، وسقط ابن الأخ من الأب والأم. فإن ترك ابن أخ لأب وأم وابن أخ لأب فالمال لابن أخيه لأبيه وأمه، وسقط ابن الأخ من الأب. فإن ترك ابن ابن أخ لأب وأم وابن أخ لأب فالمال لابن الأخ من الأب. فإن ترك ابن ابن أخ لأب وأم وابن ابن أخ لأب فالمال لابن ابن (¬2) الأخ من الأب (¬3) والأم. فإن ترك ابن ابن ابن أخ لأب وأم وابن ابن (¬4) أخ لأب فالمال لابن ابن الأخ من الأب. فإن ترك ابن أخ لأم وابن ابن أخ لأب فالمال لابن ابن الأخ من الأب، وسقط ابن الأخ من الأم. فإن ترك ابن ابن ابن أخ لأب وابن أخ لأم فالمال لابن ابن ابن الأخ للأب (¬5)، وسقط ابن الأخ من الأم. فإن ترك ابن أخ لأب وأم وعماً لأب وأم فالمال لابن (¬6) الأخ. فإن ترك ابن ابن أخ لأب وأم وعماً لأب وأم (¬7) فالمال لابن ابن الأخ من الأب والأم. ¬

_ (¬1) م ف ت + وأم. (¬2) ف - ابن. (¬3) ت + فإن ترك ابن ابن أخ لأب وأم وابن ابن أخ لأب فالمال لابن ابن الأخ من الأب. (¬4) ف + ابن. (¬5) ت: من الأب. (¬6) ت: للابن. (¬7) ف - فالمال لابن الأخ فإن ترك ابن ابن أخ لأب وأم وعما لأب وأم.

فإن ترك ابن ابن ابن أخ لأب وأم وعماً لأب وأم فالمال لابن ابن ابن الأخ للأب والأم. فإن ترك ابن أخ لأب وعما لأب وأم فالمال لابن الأخ من الأب. فإن ترك ابن ابن أخ لأب وعما لأب وأم فالمال لابن ابن الأخ من الأب، وسقط العم. فإن ترك ابن ابن ابن أخ لأب وعماً لأب وأم فالمال لابن ابن ابن الأخ من الأب وإن سفل، وسقط العم (¬1). فإن ترك عماً لأب وأم وعماً لأب فالمال للعم من الأب والأم. فإن ترك ابن عم لأب وأم وعماً لأب فالمال للعم من الأب، وسقط ابن العم لأب وأم (¬2). فإن ترك ابن عم لأب وأم وابن عم لأب (¬3) فالمال لابن (¬4) العم لأب وأم (¬5). فإن ترك ابن ابن عم لأب وأم وابن عم لأب فالمال لابن العم للأب. فإن ترك ابن ابن عم لأب وأم وابن ابن عم لأب فالمال لابن ابن العم للأب والأم. فإن ترك ابن ابن ابن (¬6) عم لأب وأم وابن ابن عم لأب فالمال لابن ابن العم للأب. فإن ترك عماً لأب وأم وعم أب لأب وأم فالمال للعم للأب والأم، ¬

_ (¬1) م ف ت - وسقط العم. والزيادة من ع. (¬2) ت: للأب والأم. (¬3) ت - وأم وابن عم لأب؛ صح هـ. (¬4) ت: للابن. (¬5) ت: للأب والأم. (¬6) م ف ت - ابن. والزيادة من ع.

وسقط عم الأب لأب وأم (¬1). فإن ترك عماً لأب وعم أب لأب وأم فالمال (¬2) للعم من الأب. فإن ترك ابن عم لأب وعم أب لأب وأم فالمال لابن العم للأب، وسقط عم الأب لأب وأم. فإن ترك عم أب لأب وأم وعم أب لأب فالمال لعم الأب لأب وأم، وسقط عم الأب لأب. وعمومة الأب بمنزلة عمومة الميت إذا لم يكن للميت عمومة فيما ذكرنا. وبنو عمومة الأب بمنزلة بني عمومة الميت إذا لم يكن للميت بنو عمومة في جميع ما ذكرنا. وتفسير العم للأم أنه أخو أبي الميت لأمه خاصة دون أبيه، والعم للأب والأم أخو أبي الميت لأبيه وأمه. امرأة ماتت (¬3) وتركت ابني عمها أحدهما أخوها لأمها فلابن العم الذي هو أخ للأم السدس، وما بقي فبينهما (¬4) نصفان. فإن تركت ثلاثة بني عم أحدهم أخ لأم وأحدهم زوج فللزوج النصف، ولابن العم الذي هو أخ لأم السدس، وما بقي فبينهم أثلاثاً، لأنهم عصبة. فإن تركت أخوين لأم أحدهما ابن عم فالثلث بينهما نصفان، وما بقي فللأخ من الأم الذي هو ابن عم خاصة. فإن تركت ابن عم لأب وهو أخ لأم وابن عم لأب وأم فلابن العم للأب الذي هو أخ لأم (¬5) السدس، وما بقي فلابن العم للأب والأم، ولا يشارك الآخر في شيء. ¬

_ (¬1) م + وعم أب لأب وأم فالمال للعم للأب والأم وسقط عم الأب لأب وأم. (¬2) م - أب لأب وأم فالمال (غير واضح). (¬3) م ف ت - وأمه امرأة ماتت؛ صح ت هـ (¬4) ف: بينهما. (¬5) م ف ت: لأمه.

باب من لا يرث من ذوي القرابة على حال مع العصبة في قول علي وزيد

فإن تركت ابنتها وابني عمها أحدهما أخوها لأمها (¬1) فلابنتها النصف، وما بقي فلابني عمها بينهما نصفان. فإن تركت ابني عمها لأبيها أحدهما أخوها لأمها وابن ابن عمها لأبيها وأمها فلأحد ابني (¬2) عمها لأبيها الذي هو أخوها لأمها السدس، لأنه أخ لأم، وما بقي فهو بين ابني العم للأب الذي هو أحدهما أخ لأم نصفان، وسقط ابن ابن العم للأب والأم. وهذا كله قول علي وزيد. وبه كان يأخذ أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد. ... باب من لا يرث من ذوي القرابة على حال مع العصبة في قول علي وزيد (¬3) قالا: لا يرث ولد البنات على حال ذكوراً كانوا أو إناثاً مع العصبة. ولا يرث جد أبو أم على حال مع العصبة. ولا يرث ابن أخ لأم ولا عم لأم ولا ابن عم لأم مع العصبة. ولا يرث ولد الأخوات على حال مع العصبة ذكوراً (¬4) كانوا أو إناثاً. ولا يرث (¬5) بنات الأخ من الأب والأم ولا بنات الأخ من الأب ولا بنات الأخ من الأم (¬6) مع العصبة. ولا يرث خال ولا خالة ولا عمة ولا ابن خال ولا ابن خالة مع العصبة. ¬

_ (¬1) ت - أخوها لأمها. (¬2) ت: فللإحدى بني. (¬3) ت: زيد وعلي. (¬4) ت: ذكورة. (¬5) ت: يرثن. (¬6) ت - من الأب ولا بنات الأخ من الأم.

ولا يرث ولد العمات ذكورةً (¬1) كانوا أو إناثاً، ولد عمة لأب وأم أو ولد عمة لأب أو ولد عمة لأم مع العصبة. ولا يرث بنات العم مع العصبة. ولا يرث ولد الخالات ولا ولد الأخوال ذكورةً (¬2) كانوا أو إناثاً مع العصبة. وتفسير ذلك: رجل مات وترك ابن ابنته وابنة ابنته وامرأته وعصبة (¬3) فللمرأة الربع، وما بقي فللعصبة، وسقط هذان. فإن ترك جداً أب (¬4) الأم وابن أخ لأم وعصبة فالمال للعصبة، وسقط هذان. فإن ترك ابنة أخ لأم وابنة أخ لأب وامرأة وعصبة فللمرأة الربع، وما بقي فللعصبة، وسقط بنات (¬5) الأخ من الأب وبنات الأخ من الأم. فإن ترك بنات أخ لأب وأم (¬6) وبني أخ لأب وأم فالمال لبني الأخ لأب وأم، وسقطن بنات أخيه، لأنهن لم يكن عصبة. فإن ترك عماته وعمومته فالمال لعمومته وسقطن العمات، لأنهن لم يكن عصبة. فإن ترك بنات عم (¬7) وبني عم فالمال لبني العم دون بنات العم، لأنهن لم يكن عصبة. فإن ترك خالته وعمته وامرأته وعصبته فللمرأة الربع، وما بقي فللعصبة، وسقطت الخالة والعمة. ¬

_ (¬1) ت: ذكورا. (¬2) ت: ذكورا. (¬3) ف ت: وعصبته. (¬4) ت: جدات. (¬5) كذا ورد بلفظ الجمع في الأصول. والمعنى مفهوم. (¬6) ت - لأب وأم. (¬7) م ف ت: عمه.

باب الجد مع الولد وولد الولد والزوج والمرأة في قول زيد وعلي

فإن ترك بنات عمه وبني عمته وعصبته فالمال للعصبة، وسقط (¬1) بنات عمه وبنو (¬2) عمته. فإن ترك بنات خاله وبني خالته (¬3) وامرأته وعصبته فللمرأة الربع، وما بقي فللعصبة، وسقط بنات الخال وبنو الخالة. فإن ترك خالاته وأخواله وابن عمه فالمال لابن العم، وسقطت الخالات والأخوال. فإن ترك جداً أبا أم وعماً لأم وابن أخ لأم وعصبة فالمال للعصبة، وسقط هؤلاء. امرأة ماتت وتركت زوجها وابن ابنتها وأخاها (¬4) لأمها وابن عمها فللزوج النصف، وللأخ من الأم السدس، وما بقي فلابن العم، وسقط ابن الابنة. وهذا كله قول علي وزيد. وبه كان يأخذ أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد. ... باب (¬5) الجد مع الولد وولد الولد والزوج والمرأة في قول زيد وعلي (¬6) قالا: لا يرث الجد مع الأب شيئاً. ولا يرث العم مع الجد شيئاً (¬7). ولا ينقص الجد من السدس على كل حال إن لم يكن من يحجبه عن الميراث. والجد عصبة مع البنات. والبنون عصبة مع الأب والجد. وتفسير ذلك: ¬

_ (¬1) ت: وسقطت. (¬2) ت: وبني. (¬3) ت: خاله. (¬4) ت: وأخا لها. (¬5) م ف ت - باب. والزيادة من ع. (¬6) ت: علي وزيد. (¬7) م ت - شيئا.

رجل مات وترك أباه وجده فالمال للأب، وسقط الجد. فإن ترك عماً وجداً فالمال للجد، وسقط العم. فإن ترك ابناً وجداً فللجد السدس، وما بقي فللابن. فإن ترك بنات اثنتين أو ثلاثة أو أربعة (¬1) أو أكثر وجداً فللبنات الثلثان، وما بقي فللجد، ولا يزدن البنات على الثلثين وإن كثرن. وإن ترك ابنة وجداً فللابنة النصف، وما بقي فللجد. فإن ترك امرأة وجداً فللمرأة الربع، وما بقي فللجد. فإن ترك امرأة وأماً وجداً فللأم الثلث، وللمرأة الربع، وما بقي فللجد. فإن ترك ابنة وامرأة وأماً وجداً فللابنة النصف، وللمرأة الثمن، وللأم السدس، وما بقي فللجد. فإن ترك ابنتين أو ثلاثاً أو أكثر من ذلك وأماً وامرأة وجداً فللبنات الثلثان، وللأم السدس، وللجد السدس (¬2) وللمرأة الثمن. فإن ترك ابنة وابن ابن وامرأة وجداً فللابنة النصف، وللمرأة الثمن، وللجد السدس، وما بقي فلابن الابن. فإن ترك امرأة وأماً وابن ابن وجداً فللأم السدس وللجد السدس وللمرأة الثمن وما بقي فلابن الابن. فإن ترك أما وامرأة وجداً فللأم ثلث المال كاملاً، وللمرأة الربع، وما بقي فللجد. فإن تركت زوجاً وأماً وجداً فللزوج النصف، وللأم ثلث المال كاملاً، وما بقي فللجد. ¬

_ (¬1) ت: ابنتين أو ثلث أو أربع. (¬2) ت - وللجد السدس.

فإن تركت ابنة وزوجاً وجداً فللابنة النصف، وللزوج الربع، وما بقي فللجد (¬1). فإن تركت ابنتين أو ثلاثاً (¬2) أو أكثر من ذلك وزوجاً وأماً وجداً فللابنتين الثلثان، وللزوج الربع، وللأم السدس، وللجد السدس. فإن تركت ابنة وابنة ابن وزوجاً وجداً فللابنة النصف (¬3)، ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين، وللجد السدس، وللزوج الربع، وللجد السدس. فإن تركت ابناً وزوجاً وجداً فللزوج الربع، وللجد السدس، وما بقي فللابن. فإن تركت ابنة وابن ابن وجداً وزوجاً فللابنة النصف، وللزوج الربع، وللجد السدس، وما بقي فلابن الابن. فإن تركت ابنة وابنة ابن وابن ابن وأماً وجداً فللابنة النصف، وللأم السدس، وللجد السدس (¬4)، وما بقي فبين ابن الابن وابنة الابن للذكر مثل حظ الأنثيين. رجل مات وترك أربع نسوة وأماً وجداً فللأم الثلث، وللنسوة الربع، وما بقي فللجد والأربع نسوة. والمرأة (¬5) الواحدة والثنتان (¬6) والثلاث في جميع الفرائض سواء، ميراثهم واحد، لا يزادون على الربع، ولا ينقصون من الثمن. وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ... ¬

_ (¬1) ف - فإن تركت ابنة وزوجاً وجداً فللابنة النصف وللزوج الربع وما بقي فللجد. (¬2) ت: أو ثلث. (¬3) م - وجداً فللابنة النصف (غير واضح). (¬4) ت - وللجد السدس؛ صح هـ. (¬5) ت: والامرأة. (¬6) ت: والثنتين.

باب الفرائض في قول زيد إذا كان معه إخوة وأخوات

باب الفرائض في قول زيد إذا كان معه إخوة وأخوات قال: كان زيد يقول: إذا كان مع الجد إخوة وأخوات فهو بمنزلة أخ معهم، يقاسمهم حتى يكون الثلث خيراً له من المقاسمة، فإذا كان الثلث خيراً له (¬1) من المقاسمة أعطاه الثلث، وكان للإخوة والأخوات ما بقي. وإن كان الإخوة والأخوات لأب وأم وبعضهم لأب قاسمهم الجد إلا أن (¬2) يكون الثلث خيراً له، ثم يرد (¬3) الإخوة والأخوات من الأب ما بقي في أيديهم على الإخوة والأخوات من الأب والأم. فإن كانت أخت (¬4) واحدة لأب وأم وأخوات لأب مع الجد قاسمت الأخت من الأب والأم بأخواتها من أبيها الجد، فما أصابهن (¬5) رد الأخوات من الأب على الأخت من الأب والأم حتى تستكمل النصف، وما بقي فللأخوات من الأب. ولا يرث (¬6) الإخوة والأخوات من الأم مع الجد على كل حال. ولا يرث بنو الإخوة من الأب والأم ولا من الأب ولا من الأم مع الجد (¬7) شيئاً على كل حال. وتفسير ذلك: رجل مات وترك أخاه وجده فالمال بين الجد (¬8) والأخ نصفين. فإن ترك أخاً وأختاً وجداً فالمال بين الأخ والأخت والجد للذكر (¬9) مثل حظ الأنثيين. ¬

_ (¬1) م - له. (¬2) م ف: إلى أن. (¬3) ت: ثم ترد. (¬4) ت: أختا. (¬5) م ف ت: أصابهم. (¬6) ت: ترث. (¬7) ف - على كل حال ولا يرث بنو الإخوة من الأب والأم ولا من الأب ولا من الأم مع الجد. (¬8) م - بين الجد (غير واضح). (¬9) م - للذكر (غير واضح).

فإن ترك أخوين وجداً فالثلث والمقاسمة سواء. وإن شئت قلت: للجد الثلث، وإن شئت قلت: المقاسمة. فإن ترك أخوين وأختاً وجداً فللجد الثلث، وما بقي فبين الأخوين والأخت للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن ترك ثلاثة إخوة أو أكثر [وأخوات] وجداً فللجد الثلث، وما بقي فللإخوة والأخوات. فإن ترك أخاً لأب وأم وأختاً لأب وجداً فالمال بين الجد والأخ والأخت للذكر مثل حظ الأنثيين، ثم ترد الأخت من الأب على الأخ من الأب والأم ما في يديها، وتخرج بغير شيء. فتقسم (¬1) فريضتهم على خمسة، للجد سهمان، وللأخ سهمان، وللأخت سهم، ثم ترد الأخت ذلك السهم على الأخ من الأب والأم، وتخرج بغير شيء، ويكون للأخ ثلاثة أخماس المال، وللجد الخمسان. فإن ترك أخاً لأب وأم وأخاً لأب وجداً فالمقاسمة والثلث سواء، إن شئت قلت: للجد الثلث، وما بقي فللأخ من الأب والأم، وإن شئت قلت: يقاسم، ويرد الأخ من الأب ما في يديه، ويخرج بغير شيء، فيصير للأخ من الأب والأم الثلثان، وللجد الثلث. فإن ترك أختاً لأب وأم وأختاً لأب وجداً قاسمهم الجد للذكر مثل حظ الأنثيين، فيصير للجد النصف، وللأختين النصف، ثم ترد الأخت من الأب على الأخت من الأب والأم ما في يديها (¬2)، وتخرج بغير شيء، فيصير للأخت من الأب والأم النصف، وللجد النصف. فإن ترك أختاً لأب وأم وأخاً لأب وجداً قاسمهم الجد (¬3) للذكر مثل حظ الأنثيين، ثم يرد الأخ من الأب على الأخت من الأب والأم حتى تستكمل النصف، وما بقي فللأخ من الأب. وأصل فريضتهم من عشرة ¬

_ (¬1) ت: فيقسم. (¬2) ت + ويخرج مت في يديها. (¬3) م - الجد.

أسهم، للجد أربعة أسهم، وللأخ أربعة أسهم، وللأخت سهمان، ثم يرد (¬1) الأخ من الأب على الأخت من الأب والأم مما في يديه ثلاثة أسهم، فيصير للأخت من الأب والأم (¬2) النصف خمسة أسهم، ويصير للأخ من الأب سهم، وللجد أربعة أسهم. فإن ترك (¬3) أختاً لأب وأم وأختين لأب وجداً قاسمهم الجد (¬4) للذكر مثل حظ الأنثيين، ثم ترد الأختان من الأب مما في يديهما (¬5) على الأخت من الأب والأم حتى تستكمل النصف، وما بقي فبين (¬6) الأختين من الأب نصفان، فتقسم فريضتهم على عشرين سهماً، للجد ثمانية أسهم، ولكل أخت أربعة أسهم، ثم ترد الأختان من الأب مما في أيديهما ستة أسهم على الأخت من الأب والأم. فيصير للأخت من الأب والأم (¬7) النصف عشرة أسهم وللجد ثمانية أسهم، وللأختين من الأب سهمان، لكل واحدة سهم (¬8) سهم. فإن ترك أختاً لأب وأم وأخاً وأختاً لأب وجداً فالمقاسمة والثلث سواء للجد، ثم يرد الأخ والأخت من الأب على الأخت من الأب والأم حتى تستكمل النصف، وما بقي فبين الأخ والأخت للأب (¬9) للذكر مثل حظ الأنثيين. فتقسم الفريضة على ثمانية عشر سهماً، للجد ستة أسهم، وللأخ ستة أسهم، ولكل أخت ثلاثة أسهم، ثم يرد الأخ والأخت من الأب مما في أيديهما ستة أسهم على الأخت من الأب والأم، فيصير في يديها (¬10) النصف تسعة أسهم، ويصير (¬11) للجد ستة أسهم، وتبقى (¬12) ثلاثة أسهم، ¬

_ (¬1) ت: ثم ترد. (¬2) م ف + مما في يديه ثلاثة أسهم فيصير للأخت من الأب والأم. (¬3) ت: تركت. (¬4) م - قاسمهم الجد (غير واضح). (¬5) ت: في أيديهما. (¬6) ف: بين. (¬7) ت - فيصير للأخت من الأب والأم. (¬8) ت: منهم. (¬9) ت - للأب. (¬10) ف: يديهما. (¬11) ت: وتصير. (¬12) ت: ويبقى.

فهي (¬1) بين الأخ والأخت من الأب للذكر مثل حظ الأنثيين، فيصير للأخ سهمان، وللأخت سهم. فإن ترك أختاً لأب وأم وأخوين لأب وجداً فللجد الثلث، وللأخت من الأب والأم النصف، وما بقي فبينهما نصفين. فتقسم فريضتهم [على] اثني عشر سهماً، للجد أربعة أسهم، وللأخت النصف ستة أسهم، وللأخوين للأب (¬2) سهمان، لكل واحد منهما سهم. فإن ترك أختاً لأب وأم وأخوين وأختاً لأب أو أخوين (¬3) وأخوات لأب أو إخوة لأب مع الأختين من الأب والأم وجداً فهو سواء، للجد الثلث، وللأخت من الأب والأم النصف، وما بقي فبينهم للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن ترك أختين لأب وأم وأختاً لأب وجداً قاسمهم الجد للذكر مثل حظ الأنثيين، ثم ترد الأخت من الأب ما في يديها (¬4) على الأختين من الأب والأم، وتخرج (¬5) بغير شيء. فتقسم فريضتهم على عشرة أسهم، للجد أربعة، ولكل أخت سهمان، وترد الأخت من الأب على الأختين من الأب والأم السهمين اللذين في يديها، فيصير للأختين (¬6) من الأب والأم ستة أسهم، لكل واحدة ثلاثة أسهم، وللجد أربعة أسهم. فإن ترك أختين لأب وأم وأختين لأب وجداً فالمقاسمة للجد والثلث سواء، يعطى الجد الثلث، وما بقي فللأخوات، ثم ترد الأختان من الأب ما في أيديهما على الأختين من الأب والأم، وتخرجان بغير شيء. فتقسم فريضتهم على ستة أسهم، للجد سهمان، ولكل أخت سهم، ثم ترد الأختان من الأب السهمين اللذين في أيديهما على الأختين من الأب والأم، فيصير للأختين من الأب والأم أربعة أسهم، وللجد سهمان. ¬

_ (¬1) ت: فهو. (¬2) م - للأب (غير واضح)؛ ف ت - للأب. (¬3) ت - وأختا لأب أو أخوين؛ صح هـ. (¬4) ت: في أيديهما. (¬5) ت: ويخرج. (¬6) م: الأختين.

فإن ترك أختين لأب وأم وأخاً لأب وجداً فالثلث والمقاسمة للجد سواء، ثم يرد الأخ من الأب ما في يديه على الأختين من الأب والأم، ويخرج بغير شيء. فتقسم فريضتهم على ستة أسهم، للجد الثلث سهمان، وللأخ الثلث سهمان (¬1)، ولكل أخت سهم، ثم يرد الأخ السهمين اللذين في يديه على الأختين من الأب والأم، فيصير لهما أربعة أسهم، وهو ثلثا (¬2) المال، لكل واحدة سهمان. فإن ترك أختين لأب وأم وأخاً وأختاً لأب وجداً أو أخوين وأختين لأب (¬3) أو أخوين لأب أو أكثر من ذلك وأختين لأب وأم وجداً فهو سواء، والثلث في هذا كله خير للجد من المقاسمة، ويرد الإخوة والأخوات من الأب ما بقي في أيديهم على الأختين من الأب والأم، ويخرجون بغير شيء، فيصير للجد الثلث، ويصير للأختين من الأب والأم الثلثان، لكل واحدة الثلث. فإن ترك ابن أخ لأب وأم وابن أخ لأب وابن أخ لأم وأخاً لأم وجداً فالمال في هذا كله للجد، وسقط الأخ من الأم (¬4) وبنو الاخ كلهم، ولا يرثون مع الجد شيئاً. فإن ترك ابن عم لأب وأم أو لأب أو لأم وجداً فالمال كله للجد (¬5). ولا يرث العم مع الجد شيئاً على حال. وليس يأخذ أبو حنيفة بهذا كله، ويأخذ أبو يوسف ومحمد بهذا (¬6) كله. ... ¬

_ (¬1) م + وللأخ الثلث سهمان. (¬2) ف: ثلث. (¬3) م ف ت: للأب. (¬4) ت: من الأب. (¬5) م - فالمال كله للجد (غير واضح). (¬6) م - بهذا (غير واضح).

الجد في قول زيد في المرأة والزوج والأم والولد والإخوة والأخوات مع الجد

الجد في قول زيد في المرأة والزوج والأم والولد والإخوة والأخوات مع الجد قال: كان يقول: إذا كان مع الإخوة والجد أحد له فريضة امرأة أو زوج أو ابنة أو ابنة ابن أعطي أصحاب الفرائض فرائضهم، ثم ينظر إلى ما بقي، فإن كان ثلث ما بقي خيرأ للجد من المقاسمة ومن السدس من جميع المال أعطاه ثلث ما بقي، وإن كان السدس خيراً له من المقاسمة ومن ثلث ما بقي أعطاه السدس، وإن كانت المقاسمة خيراً له من ثلث (¬1) ما بقي ومن السدس قاسم. ولا ينقص الجد من السدس شيئاً على حال إلا أن يكون للميت أب. وتفسير ذلك: رجل مات وترك ابنه وأمه وأخاه وجده فللأم السدس، وللجد (¬2) السدس، وما بقي فللابن، وسقط الأخ. فإن ترك ابنتين وأماً وأختاً وجداً فللابنتين التلثان، وللجد السدس، وللأم السدس، وسقطت الأخت (¬3). فإن ترك ابنة وأماً وامرأة وأختاً وجداً فللابنة النصف، وللأم السدس، وللجد السدس، وللمرأة الثمن، وما بقي فللأخت، وهو ربع السدس. فإن ترك ابنة وامرأة وأختاً وجداً فللابنة النصف، وللمرأة الثمن، وما بقي فبين الجد والأخت للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن ترك ابنة وأمرأة وأخاً وأختاً وجداً فللابنة النصف، وللمرأة الثمن، وللجد السدس، وما بقي فبين الأخ والأخت للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن ترك امرأة وأخاً وأختاً وجداً فللمرأة الربع، وما بقي فبين الجد ¬

_ (¬1) ت - ثلث. (¬2) ف: والجد. (¬3) ف: الأخ.

والأخ والأخت للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن ترك أختاً لأب وأم وأخاً لأب وامرأة وأماً وجداً فللمرأة الربع، وللأم السدس، وما بقي فبين الجد والأخت من الأب والأم والأخ من الأب للذكر مثل حظ الأنثيين، ثم يرد الأخ من الأب على الأخت من الأب والأم كل شيء في يديه، ويخرج بغير شيء. فإن ترك ابنة ابن وامرأة وأماً وأخاً (¬1) لأب وأم وأختاً لأب وجداً فلابنة (¬2) الابن (¬3) النصف، وللأم السدس، وللجد السدس (¬4)، وللمرأة الثمن، وما بقي فللأخ من الأب والأم، وهو ربع السدس، وسقطت الأخت من الأب. فإن ترك ابنة وأخاً لأب وأم وأختاً (¬5) لأب وجداً فللابنة النصف، وما بقي فيقسمه بين الجد والأخ من الأب والأم والأخت من الأب للذكر مثل حظ الأنثيين، ثم ترد الأخت من الأب ما في يديها على الأخ من الأب والأم، وتخرج بغير شيء. فإن ترك امرأة (¬6) وأخاً لأب وأم وأخاً وأختاً لأب وجداً فللمرأة الربع، وللجد ثلث ما (¬7) بقي، وما بقي فللأخ من الأب والأم. فإن ترك امرأة وأماً وأخاً لأب وأم وأخوين لأب وجداً فللمرأة الربع وللأم السدس وللجد ثلث ما بقي، وما بقي فللأخ من الأب والأم. فإن ترك أختاً لأب وأم وأخاً وأختاً لأب وجداً وأما فللأم السدس، والمقاسمة وثلث ما بقي للجد سواء، فيقاسم الجد الأخت من الأب والأم والأخ والأخت [من الأب] للذكر مثل حظ الأنثيين، ثم يرد الأخ والأخت من الأب على الأخت من الأب والأم حتى تستكمل النصف، وما بقي فبين الأخ والأخت من الأب للذكر مثل حظ الأنثيين؛ فتقسم فريضتهم على أربعة ¬

_ (¬1) ف: وأختا. (¬2) ف: فللابنة. (¬3) ف - الابن. (¬4) ف - وللجد السدس. (¬5) م ف ت: وأخاً. (¬6) ف: أما. (¬7) ت: الثلث مما.

وخمسين سهماً، للأم السدس (¬1) تسعة أسهم، ويبقى خمسة وأربعون سهماً، للجد خمسة (¬2) عشر سهماً، وللأخ خمسة عشر سهماً، وللأختين خمسة عشر سهماً، ثم يرد (¬3) الأخ والأخت من الأب ما في أيديهما على الأخت من الأب والأم حتى تستكمل النصف سبعة وعشرين (¬4) سهماً، ويبقى في أيديهما ثلاثة أسهم، للأخ سهمان، وللأخت سهم. فإن ترك أما وأخاً لأب وأختاً لأب وأم وجداً فللأم السدس، وما بقي فبين الجد والأخ والأخت للذكر مثل حظ الأنثيين، ثم يرد الأخ من الأب جميع ما في يديه على الأخت من الأب والأم، ويخرج (¬5) بغير شيء، فيصير لها النصف ثلاثة أسهم، ويصير للجد الثلث سهمان، ويصير للأم السدس سهم. فإن ترك ابنة ابن وامرأة وأختاً لأب وأم وجداً فلابنة (¬6) الابن النصف، وللمرأة الثمن، وما بقي فبين الجد والأخت من الأب والأم للذكر مثل حظ الأنثيين. وكذلك لو كان مكان الأخت من الأب والأم أخت (¬7) لأب كان ما بقي بين الجد وبينها للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن ترك ابنة وامرأة (¬8) وأختاً لأب وأم وأختاً لأب وجداً فللابنة النصف، وللمرأة الثمن، وما بقي فبين الجد والأخت من الأب والأم والأخت من الأب للذكر مثل حظ الأنثيين، ثم ترد الأخت من الأب على الأخت من الأب والأم ما في يديها، وتخرج بغير شيء. فإن تركت ابنة وامرأة وثلاث أخوات وأماً (¬9) وجداً فللابنة النصف، ¬

_ (¬1) ت - السدس. (¬2) ت - وأربعون سهماً للجد خمسة. (¬3) ت + إلى. (¬4) ت: وعشرون. (¬5) ت: وتخرج. (¬6) م: فللابنة. (¬7) ت: أختا. (¬8) م - وامرأة (غير واضح). (¬9) ت: وأم.

وللمرأة الثمن، وللجد السدس، وما بقي فللأخوات. فإن ترك ابنة وامرأة وأخاً لأب وأم وأختاً لأب وأم وجداً فللابنة النصف، وللمرأة الثمن، وللجد السدس، وما بقي فللأخ والأخت من الأب والأم للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن ترك أختاً وجداً وأماً فللأم الثلث كاملاً، وما بقي فبين الجد والأخت للذكر مثل حظ الأنثيين. امرأة تركت زوجها وأمها وأخاها وجدها فللزوج النصف، وللأم ثلث المال كاملاً، وللجد السدس، وسقط الأخ. فإن تركت زوجاً ختًا وجداً فللزوج النصف، وما بقي فبين الجد والأخت للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن تركت زوجها (¬1) وأخوين لأب وأم وجداً فللزوج النصف، والمقاسمة للجد والسدس سواء، وللأخوين ما بقي. فإن تركت ثلاثة إخوة وجداً وزوجاً فللزوج النصف، وللجد السدس، وما بقي فللإخوة. فإن تركت ابنة وزوجاً وأختاً لأب وأم وأخاً لأب وجداً فللابنة النصف، وللزوج الربع، وللجد السدس، وما بقي فللأخت من الأب والأم. فإن تركت زوجاً وأماً وأختاً لأب وأم (¬2) وجداً فهذه الأَكْدَرِيّة (¬3)، للزوج النصف، وللأم الثلث، وللجد السدس، وللأخت النصف، ثم تأخذ ما في يدي الأخت وما في يدي الجد فتقسمه بين الجد والأخت للذكر مثل حظ الأنثيين، للجد من ذلك الثلثان، وللأخت الثلث؛ وأصل ما يقسم عليه الفرائض من تسعة أسهم، للزوج النصف ثلاثة أسهم، وللأم سهمان، وللجد سهمان، وللأخت ثلاثة أسهم، فتضرب (¬4) هذه التسعة الأسهم (¬5) في ثلاثة ¬

_ (¬1) ف ت: زوجا. (¬2) ف - وأم. (¬3) تقدم تفسيرها. (¬4) ف: تضرب. (¬5) ت: أسهم.

الجد إذا كان معه إخوة وأخوات في قول أبي بكر وابن عباس وعائشة وعبد الله بن الزبير وعثمان بن عفان والحسن البصري

فيصير سبعة وعشرين سهماً، من قبل أن الأربعة التي كانت بين الجد والأخت لم تستقم (¬1) على ثلاثة أسهم، فتضرب (¬2) تسعة في ثلاثة فصارت سبعة وعشرين سهماً (¬3)، فيصير للأم من سبعة وعشرين سهماً ستة أسهم، لأنه كان لها سهمان من تسعة أسهم، فضربتها في ثلاثة فصار لها ستة، وكان للزوج ثلاثة من تسعة، فضربتها في ثلاثة فصار له تسعة أسهم، وكان للجد والأخت أربعة فضربتها في ثلاثة فصار لهما اثنا (¬4) عشر سهماً (¬5)، للجد من ذلك الثلثان ثمانية أسهم، وصار للأخت من ذلك أربعة أسهم. وليس يأخذ أبو حنيفة بشيء من هذا. وبه يأخذ أبو يوسف ومحمد. ... الجد إذا كان معه إخوة وأخوات في قول أبي بكر وابن عباس وعائشة (¬6) وعبد الله بن الزبير وعثمان بن عفان والحسن البصري قال: إذا كان مع الجد إخوة وأخوات فإن أبا بكر كان يقول: الميراث للجد. وكان يقول: الجد أب إذا لم يكن أب دونه كما أن ابن الابن ابن إذا لم يكن ابن دونه. وتفسير ذلك: رجل مات وترك أخاه لأبيه وأمه وجده فالمال للجد، وسقط الأخ. فإن ترك أخاً وأختاً لأب وأم وجداً فالمال للجد، وسقط الأخ والأخت. فإن ترك أخوين وجداً فالمال للجد، وسقط الأخوان (¬7). ¬

_ (¬1) ت: لم ينقسم. (¬2) ف: فضربت. (¬3) ف - سهماً. (¬4) ت: اثني. (¬5) ف - سهماً. (¬6) ت - وعائشة؛ صح هـ. (¬7) م ت + والأخت.

فإن ترك أخوين وأختين وجداً فالمال للجد وسقط الأخوان والأختان. فإن ترك ثلاثة إخوة وجداً فالمال للجد وسقط الإخوة. فإن ترك إخوة وأخوات وجداً فالمال للجد، وسقط الإخوة والأخوات. فإن ترك أخاً لأب وجداً فالمال للجد، وسقط الأخ. فإن ترك أخوين لأب أو ثلاثة إخوة أو أكثر من ذلك وجداً فالمال للجد، وسقط الإخوة. فإن ترك أختاً لأب وجداً فالمال للجد وسقطت الأخت. فإن ترك أختين لأب وأخاً لأب (¬1) وجداً فالمال للجد (¬2)، [وسقطت الأختان والأخ. فإن ترك إخوة لأب وأخوات لأب وجدأ فالمال للجد] وسقطت الإخوة والأخوات. فإن ترك أختاً لأب وأم وجداً فالمال للجد وسقطت الأخت. فإن ترك أختين لأب وأم وجدا فالمال للجد وسقطت الأختان. فإن ترك أخوات واخوة لأب وأم وجدا (¬3) فالمال للجد وسقط الإخوة والأخوات. فإن ترك أخاً لأم وجداً فالمال للجد، وسقط الأخ (¬4) من الأم (¬5). فإن ترك إخوة وأخوات لأم وجداً فالمال للجد، وسقط الإخوة والأخوات للأم، ولا يرثون مع الجد إذا كان على (¬6) حال. وهذا كله قول أبي حنيفة، وليس يأخذ به أبو يوسف ومحمد (¬7). ¬

_ (¬1) ف - وأخا لأب. (¬2) ت - وسقطت الأخت فإن ترك أختين لأب وأخا لأب وجداً فالمال للجد. (¬3) ت - وجدا. (¬4) ت: الإخوة. (¬5) م - من الأم (غير واضح). (¬6) م + كل. (¬7) م: أبو يوسف ومحمد (غير واضح).

باب الجد إذا كان معه امرأة أو زوج وأم أو ولد وإخوة وأخوات في قول أبي بكر وقولهم جميعا

باب الجد إذا كان معه امرأة أو زوج وأم (¬1) أو ولد (¬2) وإخوة وأخوات في قول أبي بكر وقولهم جميعاً قال: إذا كان مع الإخوة والأخوات والجد أحد له فريضة امرأة أو زوج أو ابنة أو ابنة ابن أو أم أعطي أصحاب (¬3) الفرائض فرائضهم، ثم جعل ما بقي للجد. ولا يورث الإخوة والأخوات مع الجد شيئاً. ولا ينقص الجد من السدس على كل حال إلا أن يكون للميت أب فلا يرث معه شيئاً (¬4). وتفسير ذلك: رجل مات وترك ابنه وأمه وأخاه لأبيه وأمه وجداً فللأم السدس، وللجد السدس، وما بقي فللابن، وسقط الأخ. فإن ترك ابنين أو ثلاثة أو أكثر من ذلك وأماً وأخاً وجداً فللأم السدس وللجد السدس وما بقي فللابنين. فإن ترك أختاً وابنة وأخاً لأب وأم وجداً وأماً فللأم السدس، [وللبنت النصف] وللجد السدس، وما بقي (¬5) [يأخذه الجد بالتعصيب]. فإن ترك ابنتين وأماً وأخاً وجداً فللابنتين الثلثان، وللجد السدس، وللأم السدس، وسقط الأخ. فإن ترك ابنتين وأماً وأختاً لأب وأم وجداً فللابنتين الثلثان وللأم السدس وللجد السدس وسقطت الأخت. ¬

_ (¬1) ت: أو أم. (¬2) م - أو ولد (غير واضح). (¬3) م ف + أهل. (¬4) ت: شيء. (¬5) م ف ت + فبين ابن الابن والابنة للذكر مثل حظ الأنثيين؛ م هـ: هذا غلط في الأصل. والزيادتان مستفادتان من ب.

فإن ترك ابنة وأماً وامرأة (¬1) وأختاً لأب وأم وجداً فللابنة النصف وللأم السدس وللمرأة الثمن وما بقي فللجد وسقطت الأخت. فإن ترك ابنة وامرأة وأختاً لأب وجداً فللابنة النصف وللمرأة الثمن وما بقي فللجد وسقطت الأخت. فإن ترك ابنة [وأماً] وامرأة وأختاً وجداً فللابنة النصف وللأم السدس وللمرأة الثمن وما بقي فللجد (¬2). فإن ترك ابنة وامرأة (¬3) وأختين (¬4) وجداً فللابنة النصف وللمرأة الثمن وما بقي فللجد وسقطت الأختان. فإن ترك أختين وجداً وأماً فللأم السدس وما بقي فللجد. فإن ترك أماً وأختاً وجداً فللأم ثلث المال كاملاً وما بقي فللجد. فإن ترك أخوين لأب أو أختين لأب وجداً وأختاً لأب وأم أو لأم أو أخاً لأم وترك أماً فللأم السدس وما بقي فللجد. فإن ترك إخوة وأخوات لأب وأم أو لأب أو لأم أو بعضهم لأب وبعضهم لأم وامرأة وجداً وأما فللأم السدس وللمرأة الربع وما بقي فللجد. فإن ترك ابن ابن وأماً وجداً فللأم السدس وللجد السدس (¬5) وما بقي فلابن (¬6) الابن. فإن ترك ابني ابن وابنة ابن وأماً وجداً فللأم السدس [وللجد السدس] ¬

_ (¬1) ت - وامرأة؛ صح هـ. (¬2) ت - فإن ترك ابنة وامرأة وأختا وجداً فللابنة النصف وللأم السدس وللمرأة الثمن وما بقي فللجد. (¬3) م - ابنة وامرأة (غير واضح). (¬4) ف ت + وإخوة؛ م ف ت: وأخوات. (¬5) م ت - وللجد السدس؛ صح م هـ. (¬6) ت: فللابن.

وما بقي فبين ابني الابن وابنة الابن للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن ترك ابنة ابن وامرأة وأماً وجداً وأخاً وأختاً لأب وأم فلابنة (¬1) [الابن] النصف وللأم السدس وللمرأة الثمن وما بقي فللجد. فإن ترك ابنة ابن وجداً فلابنة الابن النصف وما بقي فللجد. فإن ترك ابنتي ابن وجداً فلابنتي الابن الثلثان وما بقي فللجد. فإن ترك ابنتي ابن وامرأة وأماً وجداً وأخاً لأب وأم فلابنتي الابن الثلثان وللمرأة الثمن وللأم السدس وللجد السدس. فإن ترك ابنة وأماً وجداً فللابنة النصف وللأم السدس وما بقي فللجد. فإن ترك ابنة ابن وإخوة وأخوات لأب وأم وجداً فلابنة الابن النصف وما بقي فللجد. فإن ترك ابنتين أو ثلاث بنات أو أكثر وجداً وأما فللبنات الثلثان وللأم السدس وللجد السدس. فإن ترك ابنتين وأماً وجداً وامرأة فللابنتين الثلثان وللأم السدس وللجد السدس وللمرأة الثمن من سبعة وعشرين. فإن ترك ابنة وامرأة وأماً وجداً وأختين لأب وأم فللابنة النصف وللمرأة الثمن وللأم السدس وما بقي فللجد. امرأة ماتت وتركت زوجاً وأماً وجداً فللزوج النصف وللأم ثلث المال كاملاً وما بقي فللجد. فإن تركت زوجاً وأخاً لأب وأم وجداً فللزوج النصف وما بقي فللجد. فإن تركت إخوة وأخوات وزوجاً وجداً فللزوج النصف وما بقي فللجد. فإن تركت إخوة وأخوات وأماً وجداً وزوجاً فللزوج ¬

_ (¬1) م ف ت: فللابنة.

الجدة في قول علي وزيد

النصف وللأم السدس وما بقي فللجد. فإن تركت أخاً لأب وأم أو أختاً لأب وأم وزوجاً وأماً وجداً فللزوج النصف وللأم ثلث المال كاملاً وما بقي فللجد. فإن تركت ثلاثة إخوة متفرقين وزوجاً وأماً وجداً (¬1) فللزوج النصف وللأم السدس وما بقي فللجد. فإن تركت زوجاً وأماً وأختاً لأب وأم وجداً فهذه الأَكْدَرِيّة (¬2)، للزوج النصف وللأم ثلث المال كاملاً وما بقي فللجد وسقطت الأخت. وهذا كله قول أبي حنيفة، وليس يأخذ به أبو يوسف ولا محمد (¬3). ... الجدة (¬4) في قول علي وزيد قال: كان علي وزيد لا يورثان شيئاً من الجدات مع الأم، ولا يورثان جدة مع ابنتها ولا مع ابنها، ولا يزيدان الجدات على السدس وإن كثرن. فإذا استوت الجدات من قبل الأم ومن قبل الأب أشركن في السدس وإن كثرن. ولا ترث الجدة أم أب الأم (¬5) ولا أم (¬6) [أب الأب] مع (¬7) الجد على حال. ولا يرث شيء من الجدات من قبل الأم (¬8) إلا واحدة من قبل أم الأم وإن سفلت. ولا يرث من قبل أم الأب [إلا] واحدة من قبل أمها وإن سفلت. ولا يرث شيء من قبل أم الجد من الجدات إلا واحدة من قبل أمها وإن سفلت. ولا يرث شيء من (¬9) جدات أبي أم الجد [إلا واحدة من قبل ¬

_ (¬1) ت: وجداً وأما. (¬2) تقدم تفسيرها. (¬3) ف ت: ومحمد. (¬4) ف: الجد. (¬5) ف: الأب. (¬6) ف - أم. (¬7) م ت - مع. (¬8) م ف ت: الأخ. (¬9) ت - قبل أم الجد من الجدات إلا واحدة من قبل أمها وإن سفلت ولا يرث شيء من؛ صح هـ.

الأم وإن سفلت]. ولا يرث شيء من الجدات مع الأب إلا واحدة من قبل أم الميت وإن سفلت. ولا يرث من الجدات مع الجد إلا جدتان أم أم الميت وإن سفلت وأم أبيه (¬1) وهي امرأة الجد. وتفسير ذلك: رجل مات وترك أمه وجدتيه أم أمه وأم أبيه [وعصبة] فلأمه الثلث وما بقي فللعصبة وسقطت الجدتان. وإن ترك أمه وجدته من قبل أمه (¬2) وجدته من قبل أبيه وجدته أم جده وجدف أم أبي جده [وعصبة] فلأمه الثلث وما بقي فللعصبة وسقطن الجدات كلهن، ولا يرثن مع الأم على حال. وإن ترك جدتيه أم أبيه وأم أمه وعصبته (¬3) فللجدتين السدس بينهما نصفان وما بقي فللعصبة. وإن ترك جدتي أمه أم أمها وأم أبيها وجدتي أبيه أم أمه وأم أبيه فللجدات الثلاث (¬4) السدس لجدتي أبيه ولإحدى جدتي أمه من قبل أمها وسقطت إحدى جدتي أمه من قبل أمها (¬5). وإن ترك جدتي أم أمه إحداهما من قبل أبيها والأخرى من قبل أمها وترك (¬6) جدتي (¬7) أم أبيه إحداهما من قبل أبيه والأخرى من قبل أمه وترك جدتين إحداهما من قبل أبيه والأخرى من قبل أمه (¬8) فلأربع جدات السدس بينهن بالسوية: جدتي جده وإحدى جدتي أم أبيه من قبل أمها، وإحدى جدتي أم أمه من قبل أمها (¬9)، وسقطت إحدى جدتي أم أمه من قبل ¬

_ (¬1) ف ت: ابنه. (¬2) ت: أبيه. (¬3) ف: وعصبة. (¬4) م: فلثلث الجدات؛ ف ت: فللثلث الجدات. (¬5) ف ت: أبيها. (¬6) ف + وترك. (¬7) ف ت: جدتين. (¬8) ت - وترك جدتين إحداهما من قبل أبيه والأخرى من قبل أمه. (¬9) ت - وإحدى جدتي أم أمه من قبل أمها.

أبيها (¬1)، وإحدى جدتي أم أبيه من قبل أبيها. وإن ترك جدتي جده أم أمه (¬2) من قبل أمها ومن قبل أبيها وترك جدتي جدة أبيه من قبل أمه إحداهما من قبل أمها والأخرى من قبل أبيها وترك جدتي أم جده من قبل أمها ومن قبل أبيها (¬3) وترك جدتي أبي جده من قبل أبيه ومن قبل أمه فللخمس جدات (¬4) السدس بينهن بالسوية، لجدتي أبي جده ولإحدى جدتي أم جده من قبل أمها ولإحدى جدتي (¬5) جدة أبيه من قبل أمها، وسقطن الثلاث البواقي. وإن ترك جدتي جد (¬6) جده وجدتي جده أم أبيه وجدتي جدة جده وجدتي أم أبي جده وجدتي جدة جدته من قبل أمه فإنه يرث منهن ست جدات السدس بينهن بالسوية، إحدى جدتي جدة جدته (¬7) من قبل أمها وإحدى جدتي جدة أم أبيه من قبل أمها وإحدى جدتي (¬8) جدة جده من قبل أمها وإحدى جدتي أم أبي جده من قبل أمها وجدتي جدة جده كلتاهما، وسقطن الأربع البواقي. وإن ترك جدتي أمه وجدتي أبيه وجدتيه فلجدتيه السدس بينهما نصفان، لأنهما أقرب، وسقط ما بقي. فإن ترك جدتي أمه وجدتي أم أبيه فلإحدى جدتي أمه (¬9) من قبل أمها السدس وسقطن البواقي. فإن ترك جدتيه أم أمه وأم أبيه وترك جده فلجدتيه جميعاً السدس بينهما نصفان، وما بقي فللجد. ¬

_ (¬1) ت: أمها؛ ت + وسقطت إحدى جدتي أم أمه من قبل أبيها. (¬2) م - جدتي جده أم أمه (غير واضح). (¬3) ف - وترك جدتي أم جده من قبل أمها ومن قبل أبيها. (¬4) ف ت: الجدات. (¬5) ف: جده. (¬6) ف: جده. (¬7) ف: جده. (¬8) ت: وأحد جدي. (¬9) ت - وجدتي أم أبيه فلإحدى جدتي أمه.

باب الرد على ذوي السهام والموالي في قول علي وحده

فإن ترك جدتي أبيه وترك جده فلإحدى جدتي أبيه من قبل أمه السدس، وما بقي فللجد، وسقطت إحدى جدتي أبيه من قبل أبيه (¬1)، لأنها أم الجد، ولا ترث (¬2) مع أبيها (¬3) شيئاً. فإن ترك جدتي أمه وجدتي أبيه وجده فلإحدى جدتي أمه من قبل أمها وإحدى جدتي أبيه من قبل أمه السدس بينهما نصفان، وما بقي فللجد. فإن ترك جدتي أم أبيه وجدتي جده وجدتي أم أمه وترك أبا جده [وعصبة] فلإحدى جدتي أم أمه (¬4) من قبل أمها السدس وإحدى جدتي أم أبيه من قبل أبيها وإحدى جدتي جده من قبل أمه السدس بينهم، وما بقي فلأبي جده، وسقط ما بقي. فإن لم يكن معها أبو الجد وكان معهن الجد فلإحدى جدتي أم أمه من قبل أمها وإحدى جدتي أم أبيه من قبل أمها السدس بينهما، وما بقي فللجد، وسقط ما بقي. فإن لم يكن معهن الجد ولا أبو الجد ولكن معهن (¬5) الأم فللأم الثلث، وما بقي فللعصبة، وسقطن الجدات. وهذا كله قياس قول علي وزيد. وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن. ... باب الرد على ذوي السهام والموالي في قول علي وحده كان علي بن أبي طالب كرم الله وجهه يقول: إذا كان للميت وارث ذو سهم وبنو عم وموالي كان للوارث ذي السهم سهمه، وما بقي فلبني العم دون الموالي. وإذا لم يكن للميت بنو عم وكان له وارث ذو سهم أعطى ذا السهم سهمه، وما بقي فللموالي. وإن لم يكن للميت بنو عم ولا ¬

_ (¬1) ف - من قبل أبيه. (¬2) ت: يرث؛ م - لأنها أم الجد ولا ترث (غير واضح). (¬3) ت: مع ابنها. (¬4) ف: أبيه. (¬5) ت: معهم.

موالي وكان له ورثة لا يحوزون الميراث رد عليهم ما بقي بعد سهامهم إلا الزوج والمرأة، فإنه لم يكن يرد عليهما شيئاً. وتفسير ذلك: رجل مات وترك ابنته وأمه وبني (¬1) عمه ومواليه فلابنته النصف، ولأمه السدس وما بقي فلبني عمه، وسقط الموالي. فإن لم يكن له بنو عم وترك ابنته وامرأته ومواليه فلامرأته الثمن، ولابنته النصف، وما بقي فلمواليه. فإن لم يكن له بنو عم ولا موالي وترك ابنته وأمه فلابنته النصف، ولأمه السدس، وما بقي فبين الابنة والأم على أربعة أسهم، للابنة ثلاثة أسهم (¬2) مما بقي، وللأم سهم على قدر ما ورثا في الأصل. فإن ترك أخته لأمه وامرأته وأمه فلأمه الثلث ولامرأته الربع ولأخته (¬3) لأمه السدس، وما بقي فبين الأم والأخت على ثلاثة أسهم، للأم سهمان، وللأخت سهم على قدر ما ورثا في الأصل، ولا يرد على امرأته شيئاً. فإن ترك أختاً لأب وأختاً لأم وجدته فللأخت من الأب النصف، وللأخت من الأم السدس، ولجدته السدس، وما بقي يرد عليهن على خمسة للأخت من الأب ثلاثة وللأخت من الأم سهم وللجدة سهم، فيقسم جميع المال على خمسة أسهم، للأخت من الأب ثلاثة، وللأخت (¬4) من الأم واحد، وللجد (¬5) واحد. فإن ترك أختاً لأب وأم وأختاً لأم وجدة فللأخت من الأب والأم ثلاثة أخماس المال، وللأخت من الأم الخمس، وللجدة الخمس، وهذا والأول سواء. فإن ترك أختاً لأب وأم وأختاً لأم وامرأة فللأخت من الأب والأم ¬

_ (¬1) م ف ت: وابن. (¬2) ت - للابنة ثلاثة أسهم. (¬3) ت: ولأخيه. (¬4) ف - من الأب ثلاثة وللأخت. (¬5) ت: واحدة وللجدة.

النصف، وللأخت من الأم السدس تكملة الثلثين، وللمرأة الربع، وما بقي يرد على الأخت من الأب والأم [و] على الأخت من الأب (¬1) على أربعة أسهم، [للأخت] من الأب والأم من ذلك ثلاثة أسهم وللأخت من الأب سهم، ولا يرد على المرأة شيئاً (¬2). وأصل فريضتهم من ستة عشر سهماً، للمرأة الربع أربعة ويبقى اثنا عشر للأخت من الأب والأم ثلاثة أرباع اثني (¬3) عشر وهو تسعة أسهم، وللأخت من الأب ربع اثني (¬4) عشر وهو ثلاثة أسهم. فإن ترك ابنة وابنة ابن وامرأة وأماً فللابنة النصف، ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين، وللأم السدس، وللمرأة الثمن، وما بقي رد (¬5) على الابنة وابنة الابن والأم على خمسة أسهم، للابنة من ذلك ثلاثة أسهم، ولابنة الابن سهم، وللأم سهم؛ فتقسم الفريضة على أربعين سهماً، للمرأة من ذلك الثمن خمسة أسهم، وبقي خمسة وثلاثون سهماً، ثلاثة أخماس من ذلك للابنة وهو واحد وعشرون سهماً، ولابنة (¬6) الابن (¬7) الخمس وهو سبعة أسهم، وللأم الخمس أربعة أسهم، فذلك أربعون سهماً. امرأة ماتت وتركت زوجها وأمها فللزوج النصف، وللأم الثلث، وما بقي رد على الأم خاصة، فيصير (¬8) للزوج النصف وللأم النصف. فإن تركت زوجها وابنتها وجدتها فللابنة النصف، وللجدة السدس، وللزوج الربع، وما بقي رد على الابنة والجدة على أربعة أسهم، للابنة ثلاثة أسهم، وللجدة سهم. ¬

_ (¬1) ف - والأم على الأخت من الأب. (¬2) ت - على الأخت من الأب على أربعة أسهم من الأب والأم من ذلك ثلاثة أسهم وللأخت من الأب سهم ولا يرد على المرأة شيئاً. (¬3) ت: الاثني. (¬4) ت: اثنا. (¬5) ت: يرد. (¬6) م ف ت: وللابنة. (¬7) ف - الابن. (¬8) م - خاصة فيصير (غير واضح).

باب ذوي الأرحام ممن لا فريضة له إذا لم تكن عصبة ولا موالي في قول أبي حنيفة وأبي يوسف على قياس قول علي وهو قول محمد بن الحسن أيضا

فإن تركت زوجها وجدتها وأخاها (¬1) لأمها فللزوج النصف وللأخ من الأم السدس وللجدة السدس، وما بقي رد على الجدة والأخ من الأم نصفين. وهذا كله قياس قول علي، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ... باب ذوي الأرحام ممن لا فريضة له إذا لم تكن (¬2) عصبة ولا موالي في قول أبي حنيفة وأبي يوسف على قياس قول علي وهو قول محمد بن الحسن أيضاً قال: كان أبو حنيفة ينزل ذوي الأرحام بمنزلة (¬3) الرحم التي يدلي بها وينظر إلى الأقرب فالأقرب فيعطيه المال (¬4). وما كان من رحم من قبل الأب نظر إلى أقربهم إلى الأب فأعطاه المال. وإن كانت رحم (¬5) من قبل الأم نظر إلى أقربهم من الأم فأعطاه المال. وإن كان له ذو (¬6) قرابة من ولد أخويه وذو قرابة من قبل أبيه أعطى (¬7) ذا (¬8) قرابته من ولد (¬9) إخوته. فإن كان له ذو (¬10) قرابة من أبيه وذو (¬11) قرابة من أمه نظر إلى أقربهم من أبيه وأقربهم من أمه فورثهم المال، وترك ما سوى ذلك. وتفسير ذلك: رجل مات وترك جده (¬12) أبا أمه وترك ابنة أخ لأم فالمال للجد، وسقطت ابنة الأخ للأم في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد ¬

_ (¬1) م: وأخا. (¬2) ت: لم يكن. (¬3) ت + ذوي. (¬4) ف: الميراث. (¬5) ت: رحما. (¬6) ت - ذو. (¬7) ت: أعطاه. (¬8) م ت: فإذا؛ ف - ذا. (¬9) ت: من قبل. (¬10) ت - ذو. (¬11) ت: وذوا. (¬12) ت: جداً.

فإن المال لابنة (¬1) الأخ من الأم، لأنها من ولد الأم. فإن ترك ابنة أخ لأب وأم ولأب (¬2) وجداً أبا أم فهو سواء في القولين على ما وصفت لك. فإن ترك عمته وابنة أخ فالمال لابنة الأخ وسقطت العمة. فإن ترك ابنة ابنة وجداً أبا (¬3) الأم فالمال لابنة الابنة، وسقط الجد أبو الأم. فإن ترك ابنة ابنة وابنة ابنة ابن فالمال لابنة الابنة، وسقطت ابنة ابنة (¬4) الابن. فإن ترك ثلاث خالات متفرقات وثلاث عمات متفرقات فللخالة من الأب [والأم] (¬5) الثلث، وما بقي فللعمة من الأب والأم، وهو الثلثان، وسقط ما سوى ذلك. فإن ترك (¬6) ابن ابنة وابنة ابنة أخرى أو هما ولد ابنة واحدة فالمال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن ترك ثلاث بنات إخوة متفرقين (¬7) وثلاث خالات وثلاث عمات فلابنة الأخ من الأم السدس، وما بقي فلابنة الأخ من الأب والأم، وسقط ما سوى ذلك. وهذا قول محمد. وقال أبو يوسف بعد ذلك: المال لابنة الأخ من الأب والأم، وسقط ما سوى ذلك. فإن ترك ثلاث بنات إخوة متفرقين وامرأة فللمرأة الربع، وما بقي فلابنة (¬8) الأخ من الأب والأم ولابنة الأخ من الأم على ستة أسهم، لابنة الأخ من الأم سهم، وما بقي فلابنة الأخ من الأب والأم، وهو خمسة ¬

_ (¬1) م: للابنة. (¬2) ف - وأم ولأب. (¬3) ت: وجد أبو. (¬4) ف - ابنة. (¬5) تأتي هذه المسألة قريباً مروية عن علي - رضي الله عنه -. انظر: 4/ 38 ظ. (¬6) ت - فإن ترك؛ صح هـ. (¬7) ف ت: متفرقات. (¬8) ت: فللابنة.

أسداس. وهذا قول محمد. وفي قول أبي يوسف الآخر ما بقي لابنة الأخ من الأب والأم. فإن ترك ثلاث أخوال متفرقين وعماً لأم فللخال من الأب والأم الثلث، وما بقي فللعم من الأم، وهو الثلثان. فإن ترك ابنة أخ لأم وعمة لأبي وأم وخالة لأبي فالمال لابنة الأخ من الأم، وسقط ما سوى ذلك. فإن ترك ثلاث بنات خالات متفرقات فالمال لابنة الخالة من الأب والأم، وسقط ما سوى ذلك. فإن ترك ابنة أخ لأبي وأم وابنة أخ لأبي فالمال لابنة الأخ من الأب والأم. فإن ترك ابنة ابن أخ لأبي وأم وابنة أخ لأبي فالمال لابنة الأخ من الأب، وسقطت ابنة ابن الأخ (¬1) من الأب والأم. فإن ترك ابنة ابن ابنة ابن وأم وابنة ابن أخ لأم فالمال لابنة ابن الأخ، من الأب كان أو لأب وأم، وسقطت ابنة الأخ من الأم. فإن ترك ابنة ابن أخ لأب وترك عمته أخت أبيه لأبيه وأمه فالمال لابنة ابن الأخ للأب، وسقطت العمة. فإن ترك ابن (¬2) عمته وعمة أبيه فالمال لابن عمته، وسقطت عمة أبيه. فإن ترك ابنة ابن عمه لأبيه وعمة أبيه لأبيه وأمه فالمال لابنة ابن عمه لأبيه وسقطت عمة أبيه. فإن ترك خالة أمه وابنة خاله فالمال لابنة خاله، وسقطت خالة أمه. ¬

_ (¬1) م: أخ. (¬2) ف - ابن.

فإن ترك ابن ابن خاله وخالة (¬1) أمه (¬2) وعم أمه فالمال لابن ابن خاله، وسقط ما سوى ذلك. فإن ترك ثلاث بنات (¬3) أخوات متفرقات فلابنة الأخت (¬4) من الأب والأم النصف ثلاثة أسهم، ولابنة الأخت (¬5) من الأب (¬6) السدس تكملة الثلثين، ولابنة الأخت من الأم السدس، وما بقي يرد عليهم على قدر (¬7) أنصبائهم، فتكون الفريضة على خمسة أسهم، لابنة الأخت من الأب والأم ثلاثة أخماس المال، ولابنة الأخت من الأب خمس المال، ولابنة الأخت من الأم خمس المال، وهو قول محمد. وقال أَبو يوسف بعد ذلك: المال لابنة الأخت من الأب والأم، وسقط ما سوى ذلك. فإن ترك ثلاث بنات إخوة متفرقين فلابنة الأخ من الأم السدس، وما بقي فلابنة الأخ من الأب والأم، وسقطت ابنة الأخ من الأب، وهذا قول محمد. وقال أَبو يوسف بعد ذلك: المال لابنة الأخ من الأب والأم. فإن ترك (¬8) ثلاث بني أخوات متفرقات فلابن الأخت من الأب والأم ثلاثة أخماس المال، ولابن الأخت من الأب خمس المال، ولابن الأخت من الأم خمس المال في قول أبي يوسف الأول. وهو (¬9) قول محمد. وهذا وبنات الأخوات المتفرقات سواء. وقال أَبو يوسف بعد ذلك: المال لابن الأخت من الأب والأم، لأنه عصبة، وسقط ما سوى ذلك. فإن ترك ثلاث عمات متفرقات لم يدع وارثاً غيرهن فالمال للعمة من الأب والأم، وسقط ما سوى ذلك. فإن ترك ثلاث خالات متفرقات لم يدع وارثاً غيرهن فالمال للخالة من الأب والأم، وسقط ما سوى ذلك. ¬

_ (¬1) ت - وخالة. (¬2) م - ابن ابن خاله وخالة أمه (غير واضح). (¬3) م - ثلاث بنات (غير واضح). (¬4) م ف: الأخ. (¬5) ف: الأخ. (¬6) م - من الأب (غير واضح). (¬7) م - قدر (غير واضح). (¬8) م: فإن تر. (¬9) ت: وهذا.

محمد بن الحسن عن يعقوب عن محمد بن سالم عن الشعبي عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه قال في ثلاث خالات متفرقات وثلاث عمات متفرقات لم يدع وارثاً غيرهن، فإن للخالة من الأب والأم الثلث، وما بقي فللعمة من الأب والأم، وسقط ما سوى ذلك. فإن ترك ثلاث بنات عمات متفرقات وثلاث بنات خالات متفرقات فلابنة الخالة من الأب والأم الثلث، ولابنة العمة من الأب والأم ما بقي، وهو الثلثان، وسقط ما سوى ذلك. فإن ترك ثلاثة أخوال (¬1) متفرقين كان المال للخال من الأب والأم. فإن ترك ثلاثة أعمام متفرقين كان المال للعم (¬2) أمن، الأب والأم. فإن ترك ثلاثة أخوال متفرقين وثلاثة أعمام متفرقين كان المال للعم من الأب والأم، وسقط ما سوى ذلك من الأعمام والأخوال. فإن ترك خالاً وخالة لم يدع وارثاً غيرهم فالمال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن ترك عما وعمة فالمال للعم، وسقطت العمة، لأن العم ذو سهم، وهو عصبة. فإن ترك ابن خال وابن خالة فإن لابن الخال الثلثين، ولابن الخالة الثلث.- وهو قول محمد. وقال أَبو يوسف بعد ذلك: المال بينهما نصفان -. فإن ترك ابنة خال وابن خالة (¬3) فلابنة الخال الثلثان ولابن الخالة الثلث.- وهو قول محمد بن الحسن. قال أَبو يوسف بعد ذلك: لابن الخالة الثلثان، ولابنة الخال (¬4) الثلث-. فإن ترك ابنة خال وابن خال ولد (¬5) خال واحد أو خالين متفرقين فالمال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن ترك ابنة خالة وابن خالة وهما ولد خالة واحدة أو خالتين متفرقتين فهو سواء، والمال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن ترك ابن عمته وابنة عم فالمال لابنة العم، وسقط ابن العمة. فإن ترك ابن عمته وابنة (¬6) عمته وهما ولد عمة واحدة أو عمتين متفرقتين (¬7) فهو سواء، والمال بينهما (¬8) للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن ترك ابن عمته لأبي وأم وابن عم لأم فالمال لابن (¬9) ¬

_ (¬1) ت: أخوات. (¬2) ف ت: لعم. (¬3) ف: خال. (¬4) ف: الخالة. (¬5) م ت: وله. (¬6) م: وابن. (¬7) ت: متفرقين. (¬8) ت - والمال بينهما. (¬9) م ف ت: لابنة.

العمة، وسقط ابن العم لأم. فإن ترك ابن عمته لأم وابن عمته لأبي فالمال لابن (¬1) العمة للأب (¬2)، وسقط ابن العمة للأم. فإن ترك عماً لأم وعمة لأبي فالمال للعمة للأب، وسقط العم للأم (¬3). فإن ترك ابنة أخ لأبي وعمة فالمال لابنة الأخ دون العمة، لأنها من ولد الأب، والعمة من ولد الجد. وحدثنا أَبو يوسف عن أبي إسحاق الشيباني عن الشعبي أنه قال في ابنة أخ وعمة: إن المال لابنة الأخ. فإن ترك ابن أخت لأبي وعمة فالمال لابن الأخت من الأب، وسقطت العمة. فإن ترك ابنة ابنة أخ لأبي وعمة (¬4) فالمال لابنة ابنة الأخ دون العمة، لأنها من ولد الأب. فإن ترك ابن أخ لأم وعمة فالمال لابن الأخ من الأم، وسقطت العمة. وقال أَبو يوسف في بنت أخ لأبي وأم (¬5) وابن أخت لأبي وأم: المال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين، لابن الأخت الثلثان، ولابنة الأخ الثلث في القول الآخر، وهو قول محمد. وقال محمد: لابن الأخت الثلث، ولابنة الأخ الثلثان. قال: وبنو الأب والأم وإن بعدوا أقرب من بني الجد وإن قربوا. وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف على ما فسرت لك على قياس قول علي بن أبي طالب. وقول محمد مثل قول أبي يوسف الأول. وإذا هلك الرجل وترك جداً أبا (¬6) أمِّ (¬7) وابن أخ لأم فإن أبا حنيفة قال في ذلك على قياس قول علي بن أبي طالب: المال للجد أبي الأم (¬8). وقال أَبو يوسف ومحمد: المال لابن الأخ من الأم، وهو أولى من الجد، لأنه من ولد الأم. [وقول محمد هذا أحب القولين إلينا] (¬9). ¬

_ (¬1) ف: لابنة. (¬2) ف - للأب. (¬3) م ت: لأم. (¬4) ت: واعمة. (¬5) م ف ت، وابنة أخ. (¬6) ت: جد أب. (¬7) ف: وأم. (¬8) ت - وابن أخ لأم فإن أبا حنيفة قال في ذلك على قياس قول علي بن أبي طالب المال للجد أبي الأم. (¬9) يظهر أن هذا الكلام من الراوي عن محمد بن الحسن.

وكذلك ابنة أخ (¬1) لأم وجد أَبو أم في قولهم جميعاً على ما وصفت لك. وإن (¬2) هلك الرجل وترك ابنة ابنة وابن ابنة أخرى أو هما جميعاً ولد بنت واحدة فذلك سواء، والمال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين، بمنزلة ابن ابن وابنة ابن كانا ابني (¬3) ابن واحد أو ابني (¬4) ابنين (¬5) متفرقين. وإذا ترك الرجل ابنة ابنة وابنة ابنة ابن فالمال لابنة الابنة دون ابنة ابنة الابن، لأن هذه بمنزلة ابن ابن (¬6) وابن ابن ابن، فالمال لأقربهما. وكذلك لو ترك ابنة ابنة وابنة أخ لأب وأم كان المال لابنة الابنة دون ابنة الأخ. فإن ترك ابنة ابنة وابن ابنة ابنة كان المال لابنة الابنة دون الباقي. فإن ترك ابنة ابنة وابنة أخ لأب وأم كان المال لابنة الابنة دون ابنة الأخ (¬7). فإن ترك ابنة ابنة ابنة وابنة أخ كان المال لابنة ابنة الابنة دون ابنة الأخ. ولد الصلب وإن بعدوا أقرب من ولد الأب وإن قربوا، ما لم يأت ذو سهم فيكون أحق ممن لا سهم له. فإن ترك جده أباً أمه وخالاً لأب وأم فالمال للجد دون الخال. فإن ترك خالاً لأب وأم وابن أخ لأم كان المال لابن الأخ من الأم. فإن ترك ابنة أخ لأم وخالاً لأب وأم كان المال لابنة الأخ من الأم. فإن ترك ابنة أخت لأب وخالاً أو خالة فالمال لابنة الأخت دون الخال والخالة. ¬

_ (¬1) ت: الأخ. (¬2) ف ت: وإذا. (¬3) لعل الصواب: ولدي. (¬4) لعل الصواب: ولدي. (¬5) ت: وجداً وابنتي ابنتين. (¬6) ف - ابن. (¬7) هذه المسألة تكررت قبل المسألة السابقة.

فإن ترك ابنة (¬1) ابنة أخت لأم وخالة أو خالاً لأب وأم فالمال لابنة ابنة الأخت من الأم وإن بعدت، لأن ولد الأم وإن بعدوا أقرب من ولد الجد وإن قربوا. فإن ترك عمة لأب وأم (¬2) وجداً أبا أم أبيه (¬3) فالمال لعمته دون الجد، لأنهما من ولد جده، فولد جده أحق من الجد أبي أم الأب. فإن ترك جده أبا أمه وعمته لأبيه وأمه فللجد المال، وسقطت العمة من الأب والأم؛ ألا ترى أنه أحق بالمال من الخال، فكذلك هو أحق بالمال من العمة. وإن ترك ابن أخته لأمه وعمته كان المال لابن أخته، لأنه من ولد الأم. فإن ترك ابنة ابنة (¬4) أخت لأم وعمه فالمال لابنة ابنة الأخت من الأم. فإن ترك ابنة ابنة وجداً أبَا أمِّ فإن في قياس قول أبي حنيفة في هذا الذي قاسه على قول علي بن أبي طالب أن المال للجد أبي الأم. وأما أبو يوسف فإنه يرى (¬5) المال لابنة الابنة، لأنها من ولد الصلب، فهي أحق بالمال من الجد. وبه نأخذ. وكذلك ابن الابنة وابنة الابنة. فإن ترك عمه لأمه وابنة عمه لأبيه وأمه فالمال للعم من الأم. فإن ترك ابنة عمه لأمه وابنة عمه لأبيه وابنة ابنة عمه لأبيه وأمه فالمال لابنة عمه لأبيه. فإن ترك ابنة عمته لأبيه وأمه وابنة خاله لأبيه أو ابنة خاله لأمه أو ابنة خاله لأبيه وأمه فلابنة الخال الثلث، ولابنة العمة الثلثان. فإن ترك خالة (¬6) لأمه وعمته لأبيه وأمه فللخالة لأمه الثلث، وللعمة ¬

_ (¬1) م - ابنة (غير واضح). (¬2) ف: عمة لأم. (¬3) ت: ابنة. (¬4) ف - ابنة. (¬5) ف + من؛ ت: رأى. (¬6) ف: خالا.

لأبيه وأمه الثلثان، لأنهما من قرابتين متفرقتين (¬1). فإن ترك ابن خاله لأبيه وأمه (¬2) وعمته لأمه كان الميراث لعمته لأمه، وسقط (¬3) ابن خاله لأبيه وأمه. فإن ترك خالته لأمه وابن عمته لأبيه وأمه كان المال لخالته لأمه، وسقط ابن عمته لأبيه وأمه. فإن ترك خاله لأمه (¬4) أو لأبيه وأمه أو لأبيه (¬5) وابن عمته لأبيه وأمه فالمال للخال دون ابنة العمة، لأنه أقرب (¬6). فإن ترك جد أمه أبا أمها وجد أبيه أبا أمه (¬7) فللجد أبي الأم الثلث وللجد أبي الأب الثلثان. فإن ترك خالة لأبيه وأمه وعمته لأمه (¬8) أو عمه لأمه (¬9) كان للخالة الثلث، وللعم أو العمة الثلثان. فإن ترك عماً وعمة لأم كان المال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن ترك ابن عم لأم وابنة عم لأم (¬10) وأبوهما واحد أو اثنان فالمال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن ترك ابنة أخ وابن أخ لأم وأبوهما واحد أو اثنان فالمال بينهما نصفان. ¬

_ (¬1) م + فإن ترك ابن خالة لأبيه وعمته لأمه كان الميراث لعمته لأمه وسقط من قرابتين متفرقتين. (¬2) ف - وأمه. (¬3) ف + من قرابتين متفرقتين فإن ترك ابن خاله لأبيه وأمه وعمته لأمه كان الميراث لعمته لأمه وسقط. (¬4) ت: لأبيه. (¬5) ت: أو لأمه. (¬6) ف - لأنه أقرب. (¬7) ت: وجد أمه أبي أممه. (¬8) ف: لأبيه. (¬9) ت: أو عمته لأبيه. (¬10) م ف: لأب.

فإن ترك ابن أخ لأم وابنة أخت لأم فالمال بينهما نصفان. فإن (¬1) ترك ابنة أخ لأب وأم وابن أخت (¬2) لأب وأم فلابنة الأخ الثلثان، ولابن (¬3) الأخت في قول محمد الثلث. وقال أَبو يوسف بعد ذلك: للذكر الثلثان، وهو ابن الأخت، وللأنثى الثلث، وهي ابنة الأخ. ولا يشبه هذا بني الإخوة من الأم، لأن هؤلاء يرثون على مواريث آبائهم في القول الأول. فإن ترك ابنة ابن خال وابن ابنة خال ولم يدع وارثاً غيرهما فالمال بينهما على ثلاثة أسهم، لابنة ابن الخال الثلثان، ولابن ابنة الخال الثلث، وهو قول محمد. وقال أَبو يوسف بعد ذلك: المال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن ترك ابنة ابنة خال وابن ابن خالة فالمال بينهما على ثلاثة أسهم، لابنة ابنة الخال الثلثان، ولابن ابن الخالة الثلث، وهو قول محمد بن الحسن. وقال أَبو يوسف بعد ذلك: المال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن ترك ابن ابن خال وابن ابن خالة فالمال بينهما على ثلاثة أسهم، لابن ابن الخال الثلثان، ولابن ابن الخالة الثلث، وهو قول محمد بن الحسن. وقال أَبو يوسف بعد ذلك: المال بينهما نصفان. فإن ترك ابن ابن خال وابن ابن خال آخر فالمال بينهما نصفان. فإن ترك ابن ابن خال وابنة ابن خال آخر فالمال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين، لابن الخال الثلثان ولابنة الخالة الثلث. فإن ترك ابن ابن خالة وابنة ابن خالة أخرى وأمهما (¬4) واحدة فالمال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين. ¬

_ (¬1) ت: إن. (¬2) م ف ت + لأم فالمال بينهما نصفان فإن ترك ابنة أخ لأب وأم وابن أخت. (¬3) ف: ولابنة. (¬4) م ف: أو أمهما.

فإن ترك ابن خال وابنة خالة فالمال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين، لابن الخال الثلثان، ولابنة الخالة (¬1) الثلث (¬2). فإن ترك ابن (¬3) ابنة خالة وابن ابن خالة (¬4) فالمال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين، لابن ابنة الخالة الثلث، ولابن ابن الخالة (¬5) الثلثان (¬6). فإن ترك ابن ابنة خالة وابنة ابن خالة فالمال بينهما على ثلاثة أسهم، لابنة ابن الخالة الثلثان، ولابن ابنة الخالة الثلث في قول [أبي يوسف] الأول، وهو قول محمد. ثم قال (¬7) أَبو يوسف بعد ذلك: للذكر الثلثان، وللأنثى الثلث. وإذا هلك الرجل وترك جده أبا أمه وترك ابن ابنة أخ لأبيه وأمه فالمال للجد في قياس قول أبي حنيفة. وفي قول أبي يوسف ومحمد: المال لابن ابنة الأخ. وكذلك ابن ابنة ابنة (¬8) أخ لأب وأم أو لأب وجد أبو (¬9) أم في قولهم على ما وصفت لك. قال محمد بن الحسن: فإن ترك ابنة أخت لأب وأم وابنة أخت أخرى لأب وأم فالمال بينهما نصفان. فإن ترك ابن أخت لأب وأم وابنة أخت لأب وأم فالمال بينهما، ¬

_ (¬1) م: الخال. (¬2) ت - لابن الخال الثلثان ولابنة الخالة الثلث. (¬3) ف: ابنة. (¬4) م - ابن خالة (غير واضح). (¬5) م - ولابن ابن الخالة. (¬6) ت - لابن ابنة الخالة الثلث ولابن ابن الخالة الثلثان. (¬7) م - ثم قال (غير واضح). (¬8) ت + ابنة. (¬9) ت: وجداً أبا.

للذكر مثل حظ الأنثيين، لابن الأخت الثلثان، ولابنة الأخت الثلث، إذا كانا ولد أخت واحدة أو أختين فهو سواء في قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقولنا. فإن ترك ابن أخت لأب وأم وابنة أخت أخرى لأب وأم وابنة أخت أخرى لأب وأم فالمال بينهم على أربعة أسهم، لابن الأخت سهمان، ولكل ابنة أخت سهم، فيكون المال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن ترك ابن أخت لأب وأم وابن أخت أخرى لأب وأم وابنة أخت أخرى لأب وأم (¬1) فالمال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، تقسم الفريضة على خمسة أسهم، لكل ابن أخت سهمان، ولابنة (¬2) الأخت سهم، وسواء إن كانت الأخت واحدة أو أختين أو ثلاثاً (¬3) فهو سواء على ما فسرت لك. فإن ترك ابن ابنة أخت لأب وأم وابن ابن أخت لأب وأم فالمال بينهما على ثلاثة أسهم، لابن ابن الأخت الثلثان، ولابن ابنة الأخت الثلث في قوله الأول، وهو قول محمد. وقال أَبو يوسف بعد ذلك: المال بينهما نصفان. فإن ترك ابنة ابنة أخت لأب وأم وابن ابن أخت لأب وأم (¬4) فالمال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين، لابن ابن الأخت الثلثان، ولابنة ابنة الأخت الثلث، وسواء إن كانت أمهما (¬5) واحدة أو اثنتين. فإن ترك ابنة ابن أخت وابن ابن أخت أخرى فالمال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين، لابن ابن الأخت الثلثان، ولابنة ابن (¬6) الأخت الثلث، سواء إن كانت أمهما واحدة أو اثنتين. فإن ترك ابنة ابن أخت لأب وأم وابنة ابن أخت أخرى لأب وأم وابن ابن أخت أخرى لأب وأم فالمال بينهم على أربعة أسهم، لابن ابن الأخت ¬

_ (¬1) ت - وابنة أخت أخرى لأب وأم. (¬2) ت: ولابن. (¬3) ت: وأختين أو ثلث. (¬4) ت - وابن ابن أخت لأب وأم. (¬5) ت: أمها. (¬6) ت: ابنة.

سهمان، ولكل واحدة منهما سهم، سواء (¬1) إن كانوا ولد أخت واحدة أو اثنتين أو ثلاث (¬2). فإن ترك ابن ابن أخ لأم وابنة ابن أخت لأم فالمال بينهما نصفان. وكذلك لو كان أبوهما واحداً (¬3) كان المال بينهما نصفين (¬4). فإن ترك ابن ابن أخ لأم وابن ابن أخت لأم فالمال بينهما نصفان. فإن ترك ابن ابنة أخ لأم وابنة ابن أخ لأم فالمال بينهما نصفان. فإن ترك ابن ابنة أخت لأم وابنة ابنة أخ لأم فالمال بينهما نصفان. وكذلك لو كانا ولد أخت واحدة أو ولد ابن أخ واحد (¬5). وهذا كله (¬6) قياس قول أبي حنيفة وقول أبي يوسف وقولنا. وإذا مات الرجل وترك خالة لأم وترك عمة لأب وأم فللعمة الثلثان، وللخالة الثلث. فإن ترك عمة لأم وخالة لأب وأم فللعمة الثلثان، وللخالة الثلث، والخالة من الأب والأم أو من الأب أو من الأم في هذا كله سواء. وكذلك العمة إن كانت لأب وأم أو لأب أو لأم فهو سواء في هذا كله. فإن ترك عماً لأم وابنة عم لأب وأم فالمال للعم لأم (¬7)، وسقطت بنت (¬8) العم لأب وأم. فإن ترك ابن عم لأم وابن ابنة عم لأب وأم فالمال لابن العم للأم، وسقط ابن ابنة العم (¬9) لأب وأم. فإن ترك ابنة عم لأم وابن ابنة (¬10) عم لأب وأم فالمال لابنة العم ¬

_ (¬1) ت: وسواء. (¬2) ت: أو ثلث أو اثنين. (¬3) ت: واحدة. (¬4) ت: نصفان. (¬5) ت: واحدة. (¬6) ف + على. (¬7) ف ت: للأم. (¬8) ت: وسقط ابن. (¬9) م ف ت: العمة. (¬10) ف: ابن.

لأم (¬1)، لأنها أقرب إلى الميت، وسقط ابن ابنة العم لأب وأم. فإن ترك ابنة عمة لأب وأم وابنة خالة لأب وأم فلابنة العمة الثلثان، ولابنة (¬2) الخالة الثلث. فإن ترك ابنة عمة لأب وأم وابنة خالة لأب فلابنة العمة الثلثان، ولابنة الخالة الثلث. فإن ترك ابنة عمة لأب وأم وابنة خالة لأم فلابنة العمة الثلثان، ولابنة الخالة الثلث (¬3). وكذلك إن كانت ابنة العمة لأب وأم أو كانت لأب أو كانت لأم فهو سواء على ما وصفت لك. فإن ترك ابنة عمة لأب وأم وابنة أخ لأم فالمال لابنة الأخ لأم (¬4)، وسقطت ابنة العمة لأب وأم. فإن ترك ابنة عمة لأب وأم وابنة أخت لأم فالمال لابنة الأخت من الأم، وسقطت ابنة العمة لأب وأم. فإن ترك ابنة ابنة أخت لأم أو ابن ابنة أخت لأم أو ابنة ابن أخ لأم وابنة (¬5) عمة لأب وأم فالمال في هذا كله لولد الأخ. وكذلك لو كان ابن ابن أخ لأم أو ابنة ابنة أخ لأم كان أحق بالميراث، لأنه أقرب إلى الميت. فإن ترك ابنة أخ (¬6) لأم وابن عم لأم فهو سواء في هذا كله، والمال في هذ كله لولد الأخ أو ولد ولد الأخ أو الأخت أيهما كان، لأنه (¬7) أقرب وإن سفل. ¬

_ (¬1) ت: للأم. (¬2) ف: ولابن. (¬3) ف + فإن ترك ابنة عمة لأب وأم وابنة خالة لأب فلابنة العمة الثلثان ولابنة الخالة الثلث فإن ترك ابنة عمة لأب وأم وابنة خالة لأم فلابنة العمة الثلثان ولابنة الخالة الثلث؛ ت - فإن ترك ابنة عمة لأب وأم وابنة خالة لأم فلابنة العمة الثلثان ولابنة الخالة الثلث. (¬4) ف ت: للأم. (¬5) م: أو ابنة. (¬6) م ف: لأخ. (¬7) ت: لأنهما له.

فإن ترك ابنة (¬1) ابنة أخ لأب وأم وابنة ابن أخ لأب وأم ولم يدع وارثاً غيرهما فإن المال لابنة ابن الأخ لأب وأم. فإن ترك ابن ابنة أخ لأب وأم وابنة ابن أخ لأب فالمال لابنة ابن الأخ لأب. فإن ترك ابن ابنة أخ لأب وأم وابنة ابنة أخ لأب وأم فالمال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين، لابن ابنة الأخ الثلثان، ولابنة ابنة الأخ الثلث. فإن ترك ابن (¬2) ابنة أخ لأب وأم وابنة ابنة أخ لأب وأم وأمهما واحدة فهو سواء إن كانت أمهما واحدة أو اثنتين، فالمال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن ترك ابن ابنة أخ لأب وأم وابنة أخ لأم أو ابن أخ لأم فالمال لابن الأخ أو لابنة الأخ لأم، لأن ابن الأخ أقرب من ابن (¬3) ابنة الأخ لأب وأم. فإن ترك ابن ابنة أخ لأب وأم وابن ابنة أخ لأم فالمال بينهم على ستة أسهم، لابن ابنة الأخ من الأب والأم خمسة أسهم، ولابن ابنة الأخ من الأم سهم، وهو قول محمد. وقال أَبو يوسف بعد ذلك: المال لابن ابنة الأخ للأب والأم. فإن ترك ابن ابنة أخ لأب وابن ابنة أخ لأم فالمال بينهما على ستة أسهم في قوله الأول، وهو قول محمد بن الحسن؛ وفي قوله الآخر على ما وصفت لك المال لابن ابنة الأخ لأب. فإن ترك ابنة ابنة أخ لأب وأم (¬4) أو ابنة ابنة أخ لأب وابنة (¬5) ابنة أخ لأم (¬6) أو ابنة ابن أخ لأم كان سواء (¬7)، المال بينهما (¬8) على ستة أسهم في قوله الأول، وهو قول محمد؛ وقال أبو يوسف بعد ذلك: لا ¬

_ (¬1) م ت: ابن. (¬2) ت - ابن. (¬3) ت - ابن. (¬4) م ف ت + أو ابنة ابنة أخ لأب وأم. (¬5) م: أو ابنة. (¬6) ت - وابنة ابنة أخ لأم؛ صح هـ. (¬7) ف - سواء. (¬8) م ف ت: بينهم.

يرث الذي (¬1) من قبل الأم شيئاً. ألا ترى أن رجلاً لو هلك وترك أخاه لأبيه وأمه وأخاه لأمه أن (¬2) للأخ من الأم السدس، وما بقي فللأخ من الأب والأم، فكذلك أولادهما يرثون ما يرث (¬3) الآباء من قبل أنهما يدليان بقرابة جدهما في قول محمد. فإن ترك خالاً لأب أو خالاً (¬4) لأم (¬5) وخالة لأب وأم ولم يدع وارثاً غيرهما فالمال كله للخالة من الأب والأم (¬6). فإن ترك خالاً لأم وخالة لأب وأم فالمال للخالة من الأب والأم (¬7). فإن ترك خالاً لأب وأم (¬8) وخالة لأب أو خالة لأم فالمال للخال. ولو هلك الرجل وترك ابنة عم لأب وأم وعمة لأب وأم فالمال للعمة من الأب والأم، لأنها (¬9) أقرب. فإن ترك عمة لأب وابنة عم لأب وأم فالمال للعمة. فإن ترك ابنة عم لأب وأم وابنة عمة لأب وأم وعمة لأب وأم (¬10) فالمال للعمة من الأب الأم. فإن ترك عمة لأب وابنة عم لأب وأم فالمال للعمة لأب (¬11). ¬

_ (¬1) م - لا يرث الذي (غير واضح). (¬2) م - لأمه أن (غير واضح). (¬3) م - ما يرث (غير واضح). (¬4) ف ت: وخالا. والتصحيح مستفاد من المسائل الآتية. وكذلك من ب. (¬5) م - أو خالاً لأم (غير واضح). (¬6) ف - والأم. (¬7) ت - فإن ترك خالاً لأم وخالة لأب وأم فالمال للخالة من الأب والأم. (¬8) م - خالاً لأب وأم (غير واضح). (¬9) ت: انها. (¬10) ت - وعمة لأب وأم؛ صح هـ. (¬11) ت: للأب.

فإن ترك ابنة عم لأب وأم وابنة عمة لأب وأم (¬1) أو ابن عمة لأب وأم (¬2) فالمال لابنة العم لأب وأم. فإن ترك ابنة عمة لأب وأم (¬3) وابن عم لأم فالمال لابنة العمة (¬4) للأب والأم (¬5). فإن ترك عما لأم وخالاً لأب وأم فللعم الثلثان، وللخال الثلث (¬6). فإن ترك عماً لأم وخالاً لأب فللعم الثلثان، وللخال الثلث. فإن ترك عماً لأم وخالة لأب وأم فللعم الثلثان (¬7)، وللخالة الثلث. فإن ترك ابنة عم لأب وخالاً لأم أو لأب (¬8) أو لأب وأم فالمال للخال. فإن ترك ابنة عم لأب وأم أو لأب أو لأم فهو سواء، والمال للخال. فإن ترك جده أبا أمه وترك ابنة عم لأب وأم أو لأب أو لأم فالمال للجد أَبو الأم. فإن ترك عماً لأم وجداً أبا أم الأم فالمال للجد. فإن ترك ابنة عم لأب وأم وابن عمة لأب وأم فالمال لابنة العم (¬9). وكذلك لو كانت ابنة عم لأب (¬10) وابن عمة لأب وأم أو لأب فهو ¬

_ (¬1) ف - وأم. (¬2) ت + أو ابن عمة لأب وأم. (¬3) م ف + فالمال لابنة العم لأب وأم فإن ترك ابنة عمة لأب وأم. (¬4) م ف: العم. (¬5) م ف ت - والأم. والزيادة من ع. (¬6) ت: وخالاً لأم وأبي فللخال الثلث وللعم الثلئان. (¬7) ت - وللخال الثلث فإن ترك عما لأم وخالة لأب وأم فللعم الثلثان. (¬8) ف - أو لأب؛ ت: لأب أو لأم. (¬9) م ف ت: العمة. والتصحيح مستفاد من ب. (¬10) م ف ت + وأم. والتصحيح مستفاد من المبسوط، 30/ 22.

باب الغرقى في قول أبي بكر الصديق حين أمر زيد بن ثابت أن يقسم بين أهل اليمامة وقول عمر بن الخطاب وقول علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت وعمر بن عبدالعزيز

سواء على ما وصفت لك وفسرت لك في قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقولنا. باب الغرقى في قول (¬1) أبي بكر الصديق حين أمر زيد بن ثابت أن يقسم بين أهل اليمامة وقول عمر بن الخطاب وقول علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت وعمر بن عبدالعزيز كانوا يقولون في القوم يغرقون جميعاً لا يعلم أيهم مات أول أو الحائط يقع على القوم جميعاً فيقتلهم ولا يعلم أيهم مات أول، وفي القوم يقتلون جميعاً لا يعلم أيهم مات أول، قال: كانوا لا يورثون الموتى بعضهم من بعض، ويورثون الأحياء من الأموات. وتفسير ذلك: أخوان غرقا جميعاً، لأحدهما ابن وللآخر ابنة، وقد ترك كل واحد منهما ألف درهم، يورث ابن أحدهما جميع ما ترك، ويورث ابنة (¬2) الآخر نصف ما ترك، وما بقي فللعصبة، فإن لم تكن عصبة أقرب إليهم من ابن أخيه كان ما بقي له. أخوان غرقا جميعاً لا يعلم أيهما مات أول، وتركا أماً وترك كل واحد منهما ألف درهم فلأمهما ثلث ما ترك كل واحد منهما، وما بقي فللعصبة، ولا يرث واحد منهما من أخيه شيئاً. وكذلك لو قتلا جميعاً. وكذلك لو وقع عليهما حائط فقتلهما (¬3) جميعاً. وكذلك لو ماتا جميعاً ولا يعلم أيهما مات أول. رجل وامرأته وقع عليهما حائط فماتا جميعاً ولا يعلم أيهما مات أول (¬4) وترك كل واحد منهما ألف درهم ولكل واحد منهما عصبة فإنه يصير ¬

_ (¬1) ت - في قول؛ صح هـ. (¬2) ت: وتورث ابن. (¬3) ت: فقتلا. (¬4) ت - رجل وامرأته وقع عليهما حائط فماتا جميعاً ولا يعلم أيهما مات أول.

باب ميراث ابن الملاعنة في قول علي وحده

ما ترك الزوج لعصبته، ويصير ما تركت المرأة لعصبتها، ولا يرث واحد منهما من صاحبه شيئاً. أخوان ماتا جميعاً وتركا أختاً لهما وترك كل واحد منهما ألف درهم فللأخت النصف، وما بقي فللعصبة، فيصير للأخت ألف درهم. أخوان مات أحدهما قبل الآخر ولا يعلم أيهما مات أولاً ولا أيهما مات آخراً فإنهما يورثان كما يورث الغرقى، ولا يرث واحد منهما من صاحبه شيئاً. وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن، وافقوا أبا بكر وعمر وزيداً فيما أمروا به وعمر بن عبدالعزيز. ... باب ميراث ابن الملاعنة في قول علي وحده قال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: يجعل ميراث ابن الملاعنة بمنزلة ميراث غيره، يعطى كل ذي سهم سهمه، فإن فضل شيء رد على كل ذي سهم بقدر سهمه، إلا الزوج والمرأة، فإن لم يكن له وارث ذو سهم وله قرابة جعل كل ذي قرابة بمنزلة الرحم التي يدلي (¬1) بها، ثم يورثهم المال، ولا يجعل في بيت المال شيئاً، إلا أن لا (¬2) يكون له وارث ذو سهم ولا قرابة، فيجعل (¬3) ماله في بيت المال. وتفسير ذلك: ابن ملاعنة مات وترك ابنته وأمه فلابنته النصف، ولأمه السدس، وما بقي رد عليهم على أربعة، للابنة من ذلك ثلاثة أسهم، وللأم سهم. ¬

_ (¬1) ف: تدلي. (¬2) ت - لا. (¬3) م ف ت: جعل.

فإن ترك أمه وأخاه فلأمه الثلث، ولأخيه السدس، لأنه أخ لأم، وما بقي يرد عليهما على ثلاثة أسهم، للأم من ذلك سهمان، وللأخ من الأم سهم. فإن ترك أمه وأخاه وأخته فلأمه السدس، ولأخيه وأخته (¬1) الثلث، لكل واحد السدس، وما بقي يرد عليهم على ثلاثة أسهم، للأم من ذلك سهم، وللأخ من الأم سهم، وللأخت سهم، فيقسم المال بينهم (¬2) أثلاثاً. وإن ترك جدة من قبل أمه وجدته وامرأته فلامرأته الربع، ولجدتيه (¬3) السدس، وما بقي يرد على جدته من قبل أمه خاصة، لأنها ذو سهم، وذو السهم أحق ممن لا سهم له (¬4). فإن ترك ابنته وجده أبا أمه وجدته من قبل أمه وأخاه وأخته وامرأته فلابنته النصف، ولامرأته الثمن، ولجدته السدس، وما بقي يرد على ابنته وعلى جدته على أربعة أسهم، للابنة من ذلك ثلاثة أسهم، وللجدة سهم، وسقط الأخ والأخت، لأنهما لأم، ولا يرث واحد منهما مع الولد (¬5) شيئاً، وكذلك (¬6) سقط الجد (¬7). فإن ترك جده وجدته من قبل أمه وجده أبا أمه وابن (¬8) أخيه (¬9) وابنة أخيه وامرأته [وأمه] (¬10) وخاله وخالته فلامرأته الربع، ولأمه الثلث، وما بقي يرد على الأم خاصة، وسقط ما سوى ذلك. فإن ترك ابنته وابنة ابنه وامرأته وأمه وأخاه وأخته (¬11) وجده أبا أمه وجدته فلابنته النصف، ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين، وللأم السدس، وللمرأة الثمن، وما بقي يرد على الأم والابنة وابنة الابن على خمسة أسهم، ¬

_ (¬1) ت: ولأخته. (¬2) ت: بينهما. (¬3) م ف ت: ولجدته. (¬4) م ف: لا يسهم؛ ت - له؛ صح هـ. (¬5) ت - هع الولد. (¬6) ت: فكذلك. (¬7) ت - الجد. (¬8) ت: وابنة. (¬9) م ت: أخته. (¬10) والتصحيح مستفاد من ب. وهو ظاهر من تمام العبارة. (¬11) ت - وأخاه وأخته؛ صح هـ.

على قدر ما ورثوا في الأصل، للابنة من ذلك ثلاثة أسهم، ولابنة الابن سهم، وللأم سهم، وسقط الجد والإخوة. ابنة ملاعنة ماتت وتركت زوجها وأمها فللزوج النصف، وللأم الثلث، وما بقي يرد على الأم خاصة، فيصير المال بين الزوج والأم نصفين. فإن تركت زوجها وأمها وأخاها وجداً أبا أمها وبنتاً وبنت ابن (¬1) فللابنة النصف، ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين، وللأم السدس، وللزوج الربع، وسقط ما سوى ذلك. وهذه الفريضة عائلة بنصف سهم، فهي من ستة أسهم ونصف. فإن تركت ابنتين (¬2) وزوجاً وابن أخ وابنة أخت وخالاً وجداً أبا أم وجدة فللابنتين (¬3) الثلثان، وللزوج الربع وللجدة السدس، وسقط ما سوى ذلك. فإن تركت ابناً وأما فللأم السدس، وما بقي فللابن. فإن تركت ابنة وابن ابن وابنة ابن وأماً وزوجاً فللابنة النصف، وللأم السدس، وللزوج الربع، وما بقي فبين ابن الابن وابنة الابن للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن تركت زوجاً وأماً وأخاً فللزوج النصف، وللأم ثلث المال كاملاً، وللأخ السدس. ابن ابن ملاعنة مات وترك ابنة وعماً فللابنة النصف، وما بقي يرد على الابنة، وسقط العم، لأنه عم لأم. فإن ترك أمه وجدته من قبل أبيه وهي الملاعنة فللأم الثلث، وما بقي يرد عليها، وسقطت (¬4) الجدة. فإن ترك ثلاث أخوات متفرقات وعماً وأماً فللأخت من الأب والأم ¬

_ (¬1) م ت - وبنتا وبنت ابن؛ صح م هـ. (¬2) م ف ت: ابنين. (¬3) م: فلابنتين؛ ف: فللابنين. (¬4) ف: وسقط.

باب ميراث ابن الملاعنة في ذوي الأرحام ممن لا فريضة له والزوج والمرأة في قول علي بن أبي طالب

النصف، وللأخت من الأب السدس، وللأخت من الأم السدس، وللأم السدس (¬1)، وسقط العم. فإن ترك جدتيه أم أمه وأم أبيه وهي الملاعنة وترك أخاً لأب وأم وأخاً لأب وأخاً لأم (¬2) فلجدتيه السدس، ولأخيه من (¬3) الأم السدس، وما بقي فللأخ من الأب والأم، وسقط الأخ من الأب. فإن ترك جدته من (¬4) قبل أبيه وهي الملاعنة وجدته من قبل أمه فلجدتيه السدس، وما بقي يرد عليهما نصفين (¬5)، فيصير المال بينهما نصفين. ابنة ابن ملاعنة ماتت وتركت زوجاً وأباً وجدتيها من قبل أبيها ومن قبل أمها فللزوج النصف، وللجدة من قبل الأم السدس، وما بقي فللأب. ابن ابنة ملاعنة (¬6) أو ابنة ابنة ملاعنة مات وله مال فإنه يقسم ميراثه كما يقسم ميراث غير ذي الملاعنة في جميعه. وولد الزنى بمنزلة ابن الملاعنة في جميع ما ذكرنا. وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ... باب ميراث ابن الملاعنة في ذوي الأرحام ممن لا فريضة له والزوج والمرأة في قول علي بن أبي طالب كان (¬7) علي بن أبي طالب يقول (¬8): إذا ترك ابن الملاعنة وارثاً ذا سهم وذا قرابة ممن لا سهم له وامرأة أو ابنة ملاعنة تركت هؤلاء، وتركت ¬

_ (¬1) ت - وللأم السدس. (¬2) ت: وأخا لأم وأخا لأب. (¬3) م - ولأخيه من (غير واضح). (¬4) م - جدته من (غير واضح). (¬5) م - نصفين (غير واضح). (¬6) م: الملاعنة. (¬7) ت: قال. (¬8) ت - يقول.

زوجها، أعطى ذا السهم سهمه، ويرد ما بقي على ذي السهم (¬1) بقدر سهمه، إلا الزوج والمرأة، ولم يعط ذا القرابة الذي لا سهم له شيئاً. وكان يقول: ذو السهم أحق ممن لا سهم له، فإن لم يكن له وارث ذو سهم وكان له ذو (¬2) قرابة أنزل كل ذي رحم بمنزلة الرحم التي يدلي بها ممن لا سهم له، ثم يورثهم (¬3) على قدر ذلك. وتفسير ذلك: ابن ملاعنة مات وترك جده أبا أمه وجدته وابن أخيه وابنة أخته وامرأته (¬4) فللمرأة الربع، ولجدته السدس، وما بقي يرد على جدته، لأنها ذو السهم، وسقط الجد وولد الأخ، وذو السهم أحق ممن لا سهم له. فإن ترك أختاً لأم وجداً أبا أم وخالة فللأخت من الأم السدس، وما بقي يرد عليها (¬5)، لأنها ذو سهم، وسقط ما سوى ذلك. فإن ترك جداً أبا أم وخالاً وامرأة فللمرأة الربع، وللجد الثلث، لأنه بمنزلة الأم، لأنه يدلي بقرابتها، وما بقي يرد على الجد خاصة، وسقط الخال، لأن الخال يدلي بقرابة الأم، وأبو الأم أقرب إليها من الخال. فإن ترك ابن أخ وجداً أبا أم (¬6) فالمال للجد في قياس قول أبي حنيفة، قاسه على قول علي بن أبي طالب. وقال أَبو يوسف ومحمد: المال لابن الأخ للأم في قياس قول علي. فإن ترك خالاً وخالة وابن أخت وابنة أخ فلابن الأخت وابنة الأخ الثلث بينهما نصفان، وما بقي رد (¬7) عليهما على قدر أنصبائهما، وسقط الخال والخالة. فإن ترك جداً أبا أم وابنة أخ وابن أخ (¬8) وأبوهما واحد أو ¬

_ (¬1) ت - سهمه ويرد ما بقي على ذي السهم. (¬2) ت: ذا. (¬3) ت: لم يورثهم. (¬4) ت: وامرأة. (¬5) م ف ت: عليهما. (¬6) م - أبا أم (غير واضح). (¬7) ت: يرد. (¬8) ت - وابن أخ.

متفرقان (¬1) فالمال للجد في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فالمال لابن الأخ وابنة الأخ بينهما نصفان، وسقط الجد. فإن ترك ابنة وابن أخ فللابنة النصف، وما بقي يرد على (¬2) الابنة خاصة، وسقط ابن الأخ. فإن ترك ثلاث خالات متفرقات وابن أخ وامرأة فللمرأة (¬3) الربع، وما بقي فلابن الأخ، وسقط ما سوى ذلك. ابنة ملاعنة ماتت وتركت زوجاً وجداً أبا أم وابن أخ فللزوج النصف، وما بقي فللجد في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فللزوج النصف، وما بقي فلابن الأخ، وسقط الجد. فإن تركت زوجاً وابنة ابنة وخالاً وابنة أخ فللزوج النصف، وما بقي فلابنة الابنة، لأنها بمنزلة الابنة، وسقط ما سوى ذلك. فإن تركت ابن ابنة وابن ابنة ابن وزوجاً وجداً أبا أم وخالاً وابن أخ وابنة أخ فللزوج النصف، وما بقي فلابن الابنة، وسقط ما سوى ذلك (¬4). ابن ابن ملاعنة مات وترك عماً وخالاً فللخال الثلث، لأنه بمنزلة الأم، وللعم الثلثان، لأنه بمنزلة الأب. فإن ترك جدته من قبل أبيه وهي الملاعنة وترك أماً فللأم الثلث، وما بقي رد على الأم خاصة، لأنها ذو سهم، ولا ترث الجدة (¬5) مع الأم على كل حال. فإن ترك جدتيه إحداهما من قبل أبيه والأخرى من قبل أمه وترك أخاً لأب وأختاً لأم فللجدتين السدس بينهما نصفين، وللأخت من الأم السدس، ¬

_ (¬1) ت: أو متفرقين. (¬2) م - يرد على (غير واضح). (¬3) م ت - فللمرأة. (¬4) ت - فإن تركت ابن ابنة وابن ابنة ابن وزوجاً وجداً أبا أم وخالاً وابن أخ وابنة أخ فللزوج النصف وما بقي فلابن الابنة وسقط ما سوى ذلك. (¬5) ت: يرث الجد.

وما بقي فللأخ من الأب. فإن ترك امرأة وعماً وعمة وثلاث خالات متفرقات فللمرأة الربع، وما بقي فثلثه للخالة من الأب والأم، وما بقي بين العم والعمة للذكر مثل حظ (¬1) الأنثيين، وسقط ما سوى ذلك. امرأة ولدت ولدين في بطن واحد أو ثلاثة أولاد أو أكثر (¬2) من ذلك فنفاهم (¬3) الزوج ولاعن أمهم فصاروا أولاد ملاعنة، ومات أحدهم (¬4)، فإنه يورث (¬5) الذي ولد في بطن (¬6) واحد بمنزلة الإخوة من الأم، لأنه ليس لواحد منهم أب. وكذلك ولد الزنى. وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف الذي قاسا على قول علي بن أبي طالب، وهو قول محمد. وكان أَبو حنيفة يورث كل ذي سهم بقدر سهمه من ورثة ابن الملاعنة، فإن فضل شيء رد عليهم على قدر أنصبائهم، إلا الزوج والمرأة، فإنه كان يقول: ليسا بقرابتين، فإن لم يكن له وارث ذو سهم وكان له ذو قرابة نظر (¬7) إلى أقربهم إلى الميت، فأعطاه (¬8) المال، وأنزل كل ذي رحم بمنزلة الرحم التي يدلي (¬9) بها، إلا أنه يعطي الأقرب فالأقرب. وتفسير ذلك: ابن ملاعنة مات وترك ابنة وأما فللابنة النصف، وللأم السدس، وما بقي رد على الابنة والأم على أربعة أسهم، للابنة من ذلك ثلاثة أسهم، وللأم سهم. فإن ترك امرأته وجدته وجده أبا أمه فلامرأته (¬10) الربع، ولجدته ¬

_ (¬1) م - بين العم والعمة للذكر مثل حظ (غير واضح). (¬2) م - أو ثلاثة أولاد أو أكثر (غير واضح). (¬3) ت: نفاهم. (¬4) ت: أخوهم. (¬5) م - فإنه يورث (غير واضح). (¬6) ت: وبطنه. (¬7) م: ينظر. (¬8) ت: وأعطاه. (¬9) م ف ت: نزل. (¬10) ت: ولامرأته.

السدس، وما بقي رد على الجدة خاصة، وسقط الجد. فإن ترك امرأة وخالاً وخالة وابن أخ وترك أخته فللمرأة الربع، وللأخت السدس، وما بقي رد على الأخت خاصة، لأنها ذو سهم. فإن ترك ثلاث (¬1) خالات متفرقات وامرأة فللمرأة الربع، وما بقي فللخالة من الأب والأم، وسقط ما سوى ذلك. فإن ترك ابن أخ وابنة أخ وثلاثة أخوال متفرقين فالمال بين ابن الأخ وابنة الأخ نصفين، وسقط الأخوال. فإن ترك ابنة ابنة وامرأة وجداً أبا أم وخالاً وخالة وابن أخ وابنة أخ فللمرأة الربع، وما بقي فلابنة البنت، وسقط ما سوى ذلك. ابنة ملاعنة ماتت وتركت زوجاً وابن ابنة وابنة ابنة وخالاً وخالة وابنة أخ وابن أخ (¬2) وجداً أبا أم فللزوج النصف، وما بقي فلابنة الابنة وابن الابنة للذكر مثل حظ الأنثيين، وسقط ما سوى ذلك. فإن تركت جداً أبا أم وابن أخت وزوجاً فللزوج النصف، وما بقي فللجد في قول أبي حنيفة. ابن ابن ملاعنة مات وترك امرأته (¬3) وخالاً وعمة فللمرأة الربع، وللخال الثلث، وللعمة (¬4) الثلثان. فإن ترك امرأته وجدتيه (¬5) من قبل أمه ومن قبل أبيه فلامرأته الربع، ولجدتيه السدس بينهما نصفين، وما بقي رد على جدتيه بينهما نصفين. فإن ترك عماً وعمة وخالاً وخالة وجداً أبا أم وامرأة وابن أخت لأم وابنة أخت لأم فللمرأة الربع، وما بقي فللجد في قول أبي حنيفة؛ وأما في قول أبي يوسف ومحمد فللمرأة الربع، وما بقي فبين ابن الأخت وابنة ¬

_ (¬1) ف: ثلثة. (¬2) ت - وابن أخ. (¬3) م - ملاعنة مات وترك امرأته (غير واضح). (¬4) م: للعمة. (¬5) م - وجدتيه (غير واضح).

باب مواريث أهل الذمة والمملوكين واليهود والنصارى والمجوس وعبدة الأوثان إذا مات لهم ذو قرابة من المسلمين أو مات أحدهم ولة قرابة من المسلمين في قول علي وزيد - رضي الله عنهما -

الأخت بينهما نصفين، وسقط ما سوى ذلك. ابنة ابن (¬1) ملاعنة ماتت وتركت زوجاً وثلاث خالات متفرقات وثلاث بنات إخوة متفرقين فللزوج النصف، ولابنة الأخ من الأم السدس، وما بقي فلابنة الأخ من الأب والأم، وسقط ما سوى ذلك في قول أبي يوسف. فإن تركت ابني عم أحدهما زوج فللزوج النصف، وما بقي فبينهما نصفين (¬2). ابن ملاعنة مات وليس له ذو قرابة من قبل أمه وله امرأة ولأمه موالي (¬3) فللمرأة الربع، وما بقي فلموالي أمه، لأنهم يعقلون عنه، وهو بمنزلة موالي أبيه لو كان له أب. وكذلك ولد الزنى في جميع ما ذكرنا بمنزلة ولد الملاعنة. وهذا كله قول أبى حنيفة وأبى يوسف ومحمد، قاسوه على قول علي بن أبي طالب. وابنة ولد الزنى وابن ولد الزنى في جميع الفرائض بمنزلة ولد ابن الملاعنة وابنة (¬4) الملاعنة. ... باب مواريث أهل الذمة والمملوكين واليهود والنصارى والمجوس وعبدة الأوثان إذا مات لهم ذو قرابة من المسلمين أو مات أحدهم ولة قرابة من المسلمين في قول علي وزيد (¬5) - رضي الله عنهما - قالا: لا يرث أهل الشرك من أهل الذمة ولا من غيرهم أحداً من ¬

_ (¬1) ت - ابن. (¬2) ت: نصفان. (¬3) ت - ولأمه موالي. (¬4) ف: وابن. (¬5) ت: فزيد.

المسلمين، ولا يحجب لهم أحد، ولا يرث المسلمون أحداً منهم، ولا يحجب بأحد من المسلمين في مواريثهم. وتفسير ذلك: مسلم مات وترك ابناً نصرانياً وترك أما مسلمة وامرأة مسلمة (¬1) وأخوين (¬2) نصرانيين وعماً مسلما فللمرأة الربع لا يحجبها الابن النصراني، وللأم الثلث لا يحجبها الابن النصراني ولا الأخوان النصرانيان، وما بقي فللعم المسلم. فإن ترك امرأة مسلمة وأختا لأب وأم نصرانية وأختاً لأب يهودية وأختاً لأم مجوسية وترك أماً مسلمة وأبأ مسلماً فللمرأة الربع، وللأم ثلث ما بقي، وما بقي (¬3) فللأب. فإن ترك ثلاث بنات ابن بعضهن أسفل من بعض الأولى منهن نصرانية والوسطى مسلمة والسفلى مجوسية، وترك أبوين: الأم مسلمة والأب نصراني، وترك امرأتين إحداهما مسلمة والأخرى يهودية، وترك ثلاث أخوات متفرقات: الأخت من الأب والأم نصرانية، والأخت من الأب من عبدة الأوثان، والأخت من الأم مسلمة، فلابنة الابن الوسطى المسلمة النصف، وللأم السدس، وللمرأة المسلمة الثمن، وما بقي فللعصبة. امرأة مسلمة ماتت وتركت زوجاً مسلماً وابناً مجوسياً وأماً مسلمة فللزوج النصف، وللأم الثلث، وما بقي فللعصبة (¬4). وكذلك القاتل والمرتد والحربي يموت في دار الحرب، أو دخل بأمان في دار الإسلام في الميراث بمنزلة أهل الكتاب وعبدة الأوثان في جميع ما وصفنا، لا يرثون أحداً من المسلمين، ولا يحجبون مسلماً عن فريضته (¬5)، ولا يعتد بهم في شيء من الفرائض، وهم بمنزلة الموتى. ¬

_ (¬1) م ت - وامرأة مسلمة؛ صح م هـ؛ ت + وترك. (¬2) ت: أخوين. (¬3) م - وما بقي (غير واضح). (¬4) م - وما بقي فللعصبة (غير واضح). (¬5) م: عن فريضة.

باب مواريث أهل الذمة بعضهم من بعض فى أن يموت بعضهم ويترك ذا قرابة من أهل ملته ومن غيرهم فى قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن

وكذلك العبيد والمكاتبون، ولا يرثون ولا يحجبون أحداً عن فريضته (¬1) في جميع ما وصفنا. وكذلك قول أبي حنيفة وأبي يوسف في جميع ذلك. وكذلك العبد الذي قد (¬2) عتق بعضه وهو يسعى في بعض قيمته في قول أبي حنيفة؛ وأما في قول أبي يوسف ومحمد فالذي عتق بعضه بمنزلة الحر في جميع أمره. ... باب مواريث أهل الذمة بعضهم من بعض فى أن يموت بعضهم ويترك ذا (¬3) قرابة من أهل ملته ومن غيرهم فى قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن قال: كان أَبو حنيفة يقول: أهل الشرك كلهم ملة واحدة لا يرثون المسلمين، ولا يرثهم المسلمون، ويرث بعضهم بعضاً، يرث النصراني اليهودي، واليهودي النصراني، ويرث اليهودي المجوسي، ويرث المجوسي (¬4) النصراني، وكذلك الصابئ وعبدة الأوثان يرث هؤلاء كلهم بعضهم من بعض إذا كانوا أهل ذمة. ولا يرث أهلُ الحرب من كان في دار الحرب ومن دخل منهم دار الإسلام بأمان ولا المرتدون ولا المملوكون ولا المكاتبون من المسلمين ولا من أهل الذمة من اليهود والنصارى والصابئين والمجوس وعبدة الأوثان. وكذلك لا يرث أحد من هؤلاء أهل الحرب ولا المرتدين (¬5) ولا المملوكين (¬6)، كان الحربي في دار الحرب أو في دار الإسلام دخل (¬7) بأمان، فهو سواء. وكذلك المرتد إن كان في دار الإسلام ¬

_ (¬1) م: عن فريضتهم. (¬2) ت - قد. (¬3) ت: ذو. (¬4) م - المجوسي (غير واضح). (¬5) م ف ت: المرتدون. والتصحيح من ب؛ والكافي، 3/ 296 و. (¬6) م ف ت: المملوكون. والتصحيح من ب؛ والكافي، 3/ 296 و. (¬7) م ف: داخل.

أو لحق بدار الحرب فهو سواء. لا يرث أحد ممن وصفنا بعضهم من بعض. وتفسير ذلك: نصراني مات وترك ابناً مسلماً وابناً نصرانياً وابناً يهودياً وابناً مجوسياً فالمال بين النصراني واليهودي والمجوسي (¬1) أثلاثاً، وسقط الابن المسلم. فإن ترك أخاً صابئاً وأخاً (¬2) من عبدة الأوثان وأخاً عبداً أو مكاتباً فالمال بين الصابئ والذي (¬3) من عبدة الأوثان نصفين، وسقط العبد والمكاتب أيهما كان. فإن ترك ابناً مرتداً أو ابناً حربياً وامرأة نصرانية وامرأة من أهل الحرب وعماً يهودياً فللمرأة النصرانية إن كانت من أهل الذمة الربع، وما بقي فللعم اليهودي، وسقط ما سوى ذلك. وكان أَبو حنيفة لا يورث امرأة الذمي إذا كانت ذا رحم (¬4) محرم من نسب أو رضاع وإن كانوا يستحلون ذلك في دينهم، فلا يورثهم. وكان يقول: إذا تزوجها وهي حبلى أو طلقها ثلاثاً ثم تزوجها قبل أن تتزوج زوجاً غيره ثم مات لم ترث في جميع هذه الوجوه. وقال أَبو يوسف: كان أَبو حنيفة يقول في المرتدين: لا يتوارثون وإن كانوا أهل دار واحدة. وكان يقول في القاتل: لا يرث أحداً من جميع هذه الأصناف التي سمينا (¬5). وكان يقول: كل من لا يرث فليس يحجب - وهو قول أبي يوسف ومحمد وبه نأخذ (¬6) - بعضهم بعضاً. وكان يقول في أهل الحرب: يرث بعضهم بعضاً. ¬

_ (¬1) ت: والمجوسي واليهودي. (¬2) م ف: أو أخا. (¬3) ت: والذمي. (¬4) م - رحم. (¬5) ت - التي سمينا. (¬6) قوله "وبه نأخذ" إما أن يكون من قول الإمام محمد، تكرر على سبيل التأكيد. وقد يكون من قول الراوي عنه. لكنه ليس من عادة الراوي في هذا الكتاب أن يقول: وبه نأخذ. فالأرجح هو الاحتمال الأول.

باب مواريث المجوس بعضهم من بعض في قول علي وعمر - رضي الله عنهما -

باب مواريث المجوس بعضهم من بعض في قول علي وعمر - رضي الله عنهما - قال: كانا يقولان: يرث المجوس بعضهم من بعض من وجهين. إذا ماتت المرأة وتركت ابنتها وهي أختها ورثتها ميراث الابنة وميراث الأخت. وإذا كانت أم وأخت ورثتها ميراث الأم وميراث الأخت. وإذا كانت ابنة وابنة ابن ورثتها ميراث الابنة وابنة الابن. ولا ترث امرأة المجوسي إذا كانت ذا رحم محرم منه، لأن النكاح فاسد حرام لا يجوز. وتفسير ذلك: رجل (¬1) مجوسي تزوج ابنته ثم مات للابنة النصف، وما بقي فللعصبة، ولا ترث ميراث المرأة، لأن النكاح حرام لا يصلح. مجوسي تزوج ابنته (¬2) فولدت له ابنة ثم مات فلابنتيه الثلثان، وما بقي فللعصبة، فإن ماتت الأولى التي كان تزوجها بعده فلابنتها النصف، وما بقي فلابنتها أيضاً، لأنها أخت لأب. فإن كانت ابنة الابنة هي التي ماتت بعد موت الأب والابنة الأولى التي كان تزوجها الأب حية فلأمها الثلث، ولأمها أيضاً النصف، لأنها (¬3) أخت لأب، فيصير لها خمسة أسداس المال، وما بقي فللعصبة. مجوسي تزوج ابنته فولدت له ابنة وابناً ثم مات المجوسي فالمال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن مات الابن بعد موت أبيه فلأخيه لأبيه وأمه النصف، ولأخته لأبيه وهي أمه السدس تكملة الثلثين، لأنها أخت لأب، ولها أيضاً السدس لأنها أم، وما بقي فللعصبة. فإن لم يمت الابن ولكن ماتت التي تزوجها المجوسي فالمال بين الابن والابنة للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن لم تمت التي تزوجها ولكن ماتت ابنتها وتركت أخاها وأمها ¬

_ (¬1) م ت - رجل. (¬2) ت: امرأته. (¬3) م - ولأمها أيضا النصف لأنها (غير واضح).

فللأم السدس، وما بقي فللأخ، لأنه أخ لأب وأم. مجوسي تزوج ابنته فولدت له ابنتين (¬1) ثم مات المجوسي فلهن جميعاً الثلثان بالنسب، وما بقي فللعصبة. فإن ماتت الابنة التي تزوجها بعد موت المجوسي فلابنتيها الثلثان بالنسب، وما بقي (¬2) فلهما أيضاً، لأنهما أختان لأب، وهما عصبتها. فإن لم تمت التي تزوجها ولكن ماتت إحدى الأختين فلأختها (¬3) لأبيها وأمها النصف، ولأختها لأبيها السدس تكملة الثلثين، وهي الأم لها أيضاً سدس آخر لأنها أم، وما بقي فللعصبة، فيصير للأم التي كان تزوجها ثلث المال، وللأخت من الأب والأم نصف المال. مجوسي تزوج ابنته فولدت له ابنة ثم تزوج ابنة ابنته فولدت له ابنة ثم مات المجوسي فلهن جميعاً الثلثان بالنسب (¬4)، وما بقي فللعصبة. فإن ماتت الأولى بعد المجوسي وهي التي كان (¬5) تزوجها أولاً فلابنتها النصف، وما بقي فبين ابنتها وابنة ابنتها نصفين، لأنهما أختاها لأبيها (¬6). فإن لم تمت الأولى وماتت الوسطى أو ماتت (¬7) السفلى فلأمها السدس، وهي الوسطى، ولأمها وجدتها الثلثان، لأنهما أختاها لأبيها، وما بقي فللعصبة. فإن ماتت الأولى التي كان تزوجها أولاً بعد موت السفلى فلابنتها النصف بالنسب، ولها أيضاً النصف الباقي، لأنها أختها لأبيها. مجوسي تزوج ابنته فولدت له ابنتين ثم تزوج إحداهما فولدت له ابنة ثم مات المجوسي فللبنات (¬8) الأربع الثلثان بينهن بالنسب، وما بقي فللعصبة. فإن ماتت ابنته التي تزوجها أخيراً بعد موت المجوسي فلابنتها النصف، ولأمها السدس، وما بقي فلأختها لأبيها وأمها. فإن لم تمت التي ¬

_ (¬1) ت: ابنين. (¬2) ت - فللعصبة فكان ماتت الابنة التي تزوجها بعد موت المجوسي فلابنتيها الثلثان بالنسب وما بقى. (¬3) ت: فلأخيها. (¬4) ت - بالنسب. (¬5) م - كان (غير واضح)؛ ت: كانت. (¬6) ت: لأمها. (¬7) ت: وماتت. (¬8) م ف: فلبنات.

تزوجها أخيراً وماتت التي تزوجها أولاً فللابنتين الثلثان بالنسب، وما بقي فبين الأخوات الثلاث، لأنهن أخواتها لأبيها. فإن لم تمت الأولى وماتت الابنة السفلى فلأمها السدس، وللأخوات الثلثان، وما بقي فللعصبة. فإن لم تمت السفلى وماتت الابنة التي لم يكن تزوجها فلأمها السدس، وهي التي كان تزوجها أولاً، وللأخت التي كان تزوجها أخيراً النصف، لأنها أختها لأبيها وأمها، وللسفلى والأولى التي كان تزوجها أولاً السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللعصبة. مجوسي تزوج أمه فولدت له ابنة ثم مات المجوسي فللأم السدس، وللابنة النصف، وما بقي فللعصبة. فإن ماتت الأم بعد موت (¬1) المجوسي (¬2) فلابنتها (¬3) النصف، ولابنتها أيضاً السدس تكملة الثلثين، لأنها ابنة ابنتها (¬4)، وما بقي فللعصبة. فإن لم تمت الأم بعد موت المجوسي وماتت الابنة فللأم الثلث، وما بقي فللعصبة (¬5). مجوسي تزوج أمه فولدت له ابنتين ثم تزوج إحدى البنتين فولدت له ابناً وابنة ثم مات المجوسي فلأمه السدس، وما بقي فبين بناته وابنه للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن ماتت أمه بعد موت المجوسي فلابنتيها (¬6) الثلثان بالنسب، وما بقي فلابن ابنها وابنة ابنها وابنتيها للذكر مثل حظ الأنثيين، لأنهم ولد الابن كلهم. فإن لم تمت الأم بعده ومات الغلام فلأمه السدس، ولأخيه لأبيه (¬7) وأمه النصف، وللابنة وللأخت الأخرى السدس بينهما نصفين، لأنهما أختاه لأبيه، وما بقي فللعصبة. فإن لم يمت الغلام وماتت الابنة التي كان تزوجها فلأمها السدس، وما بقي فبين ابنها وابنتها ¬

_ (¬1) ت: موته. (¬2) ف - فللأم السدس وللابنة النصف وما بقي فللعصبة فإن ماتت الأم بعد موت المجوسي. (¬3) ت: ولابنتها. (¬4) ت: أبيها. (¬5) م + فإن لم تمت الأم بعد موت المجوسي وماتت الابنة فللأم الثلث وما بقي فللعصبة. (¬6) ت: فلابنتها. (¬7) ف: ولأبيه.

للذكر مثل حظ الأنثيين، وسقطت الأخت. فإن لم تمت الابنة التي كان تزوجها وماتت التي لم يكن تزوجها فلأمها السدس، ولأختها لأبيها وأمها النصف، وما بقي فللغلام والأخت (¬1) بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين. مجوسي تزوج أمه فولدت له ابنة ثم تزوج ابنته فولدت له ابناً ثم مات المجوسي فلأمه السدس، وما بقي فلابنته وابنه للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن ماتت الأم بعد موت المجوسي فلابنتها النصف، وما بقي فلابن ابنها وابنتها للذكر مثل حظ الأنثيين، لأنها ابنتها وهي ابنة ابنها والغلام ابن ابنها، فما بقي يكون بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن ماتت الأم بعد موت المجوسي وماتت الابنة فلأمها السدس، وما بقي فلابنها خاصة. فإن لم تمت الابنة ومات الابن بعد موت أبيه فلأمه الثلث، ولها أيضاً النصف، لأنها أخت لأب (¬2)، وسقطت الجدة، فلا ترث مع الأم، وما بقي فللعصبة، فيصير لأم الغلام خمسة أسداس المال، وسدس للعصبة. مجوسي تزوج أمه فولدت له ابنة وابناً ثم إنه تزوج ابنة جدته وهي أم المجوسي فولدت له ابنة (¬3) ثم مات المجوسي فلأمه السدس، وما بقي فلابنته وابنه للذكر مثل حظ الأنثيين، وسقطت ابنة ابنته (¬4). فإن ماتت الأم بعد موت المجوسي فالمال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن لم تمت الأم ومات الغلام الذي كان تزوج جدته أم أبيه وهي أمه فلابنته النصف، ولأمه السدس وهي الجدة، وما بقي فلأخته لأبيه وأمه. فإن لم يمت الغلام وماتت ابنة المجوسي الأولى وهي أخت الغلام فلأمها السدس وهي الجدة، ولابنة ابن (¬5) المجوسي الثاني السدس، لأنها أخت لأم، وما بقي فللغلام. وإن لم تمت أخت الغلام ولكن ماتت ابنة الغلام فللأم الثلث، وهي الجدة، وما بقي فللغلام، لأنه أب، وسقطت أخت الغلام، لأنها أخت لأم، فلا (¬6) ترث مع الأب شيئاً. ¬

_ (¬1) م ف ت: ولأخته. (¬2) ف: الأب. (¬3) ف - وابنا ثم إنه تزوج ابنة جدته وهي أم المجوسي فولدت له ابنة. (¬4) م ف ت: ابنه. (¬5) ت - ابن. (¬6) ف: ولا.

مجوسي تزوج أمه فولدت له ابنة ثم إنه تزوج ابنته فولدت ابناً ثم إن ابنه تزوج أم نفسه وهي ابنة المجوسي الأول ومات (¬1) فلأمه السدس، وما بقي فبين ابنه وابنته للذكر مثل حظ الأنثيين، وسقط ابن ابن المجوسي الأول. فإن ماتت أم المجوسي الأول بعد موت المجوسي فلابنتها النصف خاصة، ولها أيضاً ولابن الابن النصف الباقي بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين، لأنها ابنتها وهي ابنة ابنها (¬2) والغلام ابن ابنها، فيكون ما بقي بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين (¬3)، وسقط ابن ابنتها (¬4). فإن ماتت الأم ومات ابن المجوسي الأول وترك ابنه وجدته فلأمه السدس، وما بقي فلابنه، وسقطت (¬5) الجدة. فإن لم يمت ابن المجوسي الأول ومات المجوسي الثاني وترك أباه وترك أمه وترك جدته وهي أم المجوسي الأول فلأمه الثلث، وما بقي فلابنه، وسقطت الجدة. فإن لم يمت ابن الابن وماتت ابنة المجوسي الأول وهي أم المجوسي الثاني وتركت ابنها وهو ابن ابن المجوسي الأول وتركت أمها وهي أم المجوسي الأول وتركت المجوسي الثاني وهو زوجها وابنها فلأمها السدس، وهي أم المجوسي الأول، وما بقي فلابن ابن (¬6) المجوسي الأول والمجوسي الذي هو زوجها نصفين. مجوسي تزوج أمه فولدت له ابناً وابنة ثم إن الابن تزوج أخت نفسه فولدت له ابناً وابنة ثم مات المجوسي الأول فلأمه السدس، وما بقي فلابنه ولابنته للذكر مثل حظ الأنثيين، وسقط ما سوى ذلك. فإن مات المجوسي الأول بعده فالمال بين ابنها وابنتها للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن مات ابنها بعد موت المجوسي الأول وبعد أم المجوسي الأول فالمال بين ابنه وابنته للذكر مثل حظ الأنثيين، وسقط ما سوى ذلك. مجوسي تزوج أمه فولدت له ابناً وابنة ثم مات المجوسي الأول فلأمه ¬

_ (¬1) م ف ت: مات. (¬2) ت: أمها. (¬3) م + لأنها ابنتها وهي ابنة ابنها والغلام ابن ابنها فيكون ما بقي بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين. (¬4) ت: ابنها. (¬5) ت: وسقط. (¬6) ف - ابن.

السدس، وما بقي فبين ابنه وابنته للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن مات ابن المجوسي الأول بعد ذلك فلأمه السدس، وهي أم المجوسي الأول، وما بقي فبين ابنه وابنته للذكر (¬1) مثل حظ الأنثيين. فإن ماتت أخته بعد ذلك وهي امرأته فلأمها السدس، وهي أم المجوسي الأول، وما بقي (¬2) فلابنها وابنتها، للذكر مثل حظ الأنثيين (¬3). فإن ماتت أم المجوسي الأول بعد ذلك وهي التي كان تزوجها أولاً فالمال بين ابن ابنها وابنة ابنها للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن لم تمت أم المجوسي الأول ومات الغلام الثاني وترك أم المجوسي الأول وهي جدته وترك أخته لأبيه وأمه فلأم المجوسي الأول السدس، وهي الجدة، ولأخته لأبيه وأمه النصف، وما بقي فللعصبة. فإن ماتت الأم ثم مات الابن الثاني (¬4) وترك ابنة فلها أيضاً النصف، وما بقي فللعصبة. مجوسي تزوج أمه فولدت له ابنة ثم تزوج ابنته فولدت له ابناً ثم إن الابن تزوج بجدة (¬5) المجوسي الأول فولدت له ابناً ثم مات المجوسي الأول فلأمه السدس، وما بقي فبين ابنه وابنته للذكر مثل حظ الأنثيين، وسقط ابن ابنه. فإن ماتت الجدة بعده (¬6) فالمال بين ابن المجوسي الثاني (¬7) وبين ابنة المجوسي الأول للذكر مثل حظ الأنثيين، وسقط ابن المجوسي الأول، لأنه ابن ابنها وابن ابنتها، فلا (¬8) يرث مع ابنها وابنتها. فإن لم تمت الجدة وماتت الابنة فلأمها السدس، وهي الجدة، وما بقي فلابنها (¬9) خاصة، وسقط ما سوى ذلك. فإن لم تمت الابنة ومات الغلام ابن (¬10) المجوسي الأول (¬11) فلأمه السدس، وما بقي فلابنه. فإن لم يمت الغلام ومات ابنه فلأمه السدس، وهي الجدة، وما بقي فلابنه، وسقطت ابنة المجوسي الأول. ¬

_ (¬1) م - ابنه وابنته للذكر (غير واضح). (¬2) ت - وما بقي. (¬3) ت: حظا لأنثيين. (¬4) م ف ت: الباقي. (¬5) ت: جدة. (¬6) ت: بعد. (¬7) ف - الثاني. (¬8) ت: ولا. (¬9) ف: فلأمها. (¬10) م: بن. (¬11) ت: لأول.

مجوسي تزوج أخته فولدت له ابنة ثم تزوج الابنة فولدت له ابنا ثم إن الابن تزوج الجدة فولدت له ابناً ثم مات المجوسي الأول فالمال بين ابنه وابنته للذكر مثل حظ الأنثيين، وسقطت امرأته وابن (¬1) الابن. فإن ماتت الجدة بعده وهي أخت المجوسي الأول فالمال بين ابنها وابنتها للذكر مثل حظ الأنثيين، وسقط ابن ابنتها، وهو زوجها. فإن لم تمت الجدة وماتت الابنة فلأمه السدس، وما بقي فلابنتها، وسقط ابن الابن. فإن لم تمت الابنة ومات ابن المجوسي الأول فلأمه السدس، وما بقي فلابنه، وسقطت الجدة. فإن لم يمت ابن المجوسي الأول ومات ابنه فلأمه السدس، وما بقي فلأبيه (¬2)، وسقطت الجدة. مجوسي تزوج ابنته فولدت له ابنة ثم تزوج ابنته فولدت له ابنة ثم مات المجوسي فلبناته الثلثان، وما بقي فلعصبته (¬3). وإن ماتت مرأته الأولى بعده فلابنتها النصف، وما بقي فللعصبة. فإن لم تمت امرأة المجوسي الأولى (¬4) وماتت امرأته الثانية وهي أمه وابنته وابنة ابنه فلابنتها النصف، ولأمها السدس، وما بقي فللعصبة. فإن لم تمت امرأته الثانية وماتت ابنة ابنه فلأمها الثلث، ولها أيضاً النصف، لأنها أخت لأب، وما بقي فللعصبة. مجوسي تزوج ابنة ابنه فولدت له ابنة ثم مات المجوسي فلابنته النصف، ولابنة ابنه السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللعصبة. فإن ماتت امرأته بعد المجوسي فلابنتها النصف، وما بقي فللعصبة. فإن لم تمت امرأة (¬5) المجوسي ولكن ماتت الابنة فللأم الثلث، وما بقي فللعصبة. مجوسي تزوج ابنة ابنته فولدت له ابنة ثم تزوج الابنة فولدت له ابناً ثم إن الابن تزوج الجدة فولدت له ابناً ثم مات المجوسي الأول فالمال بين ابنه وابنته للذكر مثل حظ الأنثيين، وسقط ابن الابن وابنة الابنة. فإن ماتت الابنة بعده فالمال بين ابنتها وابنها (¬6) للذكر مثل حظ الأنثيين، وسقط ابن ¬

_ (¬1) ت: وابنة. (¬2) م ف ت: فلابنه. (¬3) ت: فللعصبة. (¬4) ت: الأول. (¬5) ت - امرأة. (¬6) ت: وابنتها.

باب الولاء في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد

المجوسي الأول، وهو زوجها. فإن ماتت الابنة بعدها فالمال لابنها خاصة، وسقط ابن الابن. فإن لم تمت الابنة ولكن مات ابن المجوسي الأول فلأمه السدس، وما بقي فلابنه. فإن لم يمت ابن المجوسي الأول ولكن مات ابن ابن المجوسي فالمال لابنه خاصة. وهذا كله إن أسلموا جميعاً أو ثبتوا (¬1) جميعاً على دينهم فهو سواء، يرثون على ما وصفت لك. ولا (¬2) ترث امرأة المجوسي على حال إذا كانت ذات (¬3) محرم في جميع ما وصفنا. وهذا كله (¬4) قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد قاسوه على قول علي بن أبي طالب وعمر بن الخطاب. ... باب الولاء في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد وإذا أعتق الرجل عبداً ثم مات المعتِق وترك أباه وابنه وترك مولاه المعتَق ثم مات المولى (¬5) المعتَق فإن الولاء والميراث للابن، وليس للأب مع الابن من الولاء ولا من الميراث شيء. رجع أَبو يوسف (¬6) عن هذا وقال: للأب السدس، وما بقي فللابن. ولو كان الميت لم يترك أباه ولكنه ترك ابنين (¬7) وترك العبد المعتق فإن الولاء والميراث بينهما ¬

_ (¬1) م ف ت: وثبتوا. (¬2) ت: فلا. (¬3) م ف ت: ذا. (¬4) ت + في. (¬5) م - مولاه المعتق ثم مات المولى (غير واضح)؛ ف ت: مولى. والتصحيح من ب. (¬6) م - الميراث شيء رجع أبو يوسف (غير واضح). (¬7) م - ابنين (غير واضح).

نصفين. فإن مات أحدهما وترك ابناً فإن الولاء (¬1) والميراث كله للباقي. فإن مات الابن الباقي وترك ابناً فإن الولاء والميراث بين ابن هذا الميت وبين ابن الميت الأول نصفين (¬2). ولو كان الأول حين مات وترك ابنين ثم مات الباقي وترك ابناً واحداً فالولاء والميراث بين ابن هذا وابن الأول أثلاثاً. فإن مات هذا الابن الواحد وترك خمس بنين ومات الابنان (¬3) وترك كل واحد منهما ابناً (¬4) فالولاء والميراث بينهم على سبعة أسهم. فإن مات الخمس بنين وترك كل واحد منهم (¬5) ابنا (¬6) فالولاء والميراث للابنين الباقيين، لأنهما الكُبْر (¬7). وإذا أعتق الرجل عبداً هو وابنه ثم مات الرجل وترك ابنين أحدهما شريكه في الولاء فإن نصف الولاء والميراث لابنه الذي هو شريك أبيه (¬8) خاصة، والنصف الباقي بينهما نصفين، فيصير الولاء والميراث بينهم على أربعة أسهم، ثلاثة أرباع ذلك للابن الذي كان شريك أبيه (¬9)، والربع للآخر. فإن مات الشريك الذي هو الابن وترك (¬10) ابناً فلابنه نصف (¬11) الولاء والميراث الذي كان لابنه خاصة، وللآخر النصف الذي كان للجد، لأنه هو الكُبْر، فيصير الولاء والميراث بينهما نصفين (¬12)، للعم نصفه، ولابن الابن نصفه. فإن مات العم وترك ابنين فنصف الولاء والميراث لابن شريك أبيه خاصة، والنصف الآخر بينه وبين ابني عمه أثلاثاً، لكل واحد الثلث، فيصير لابن شريك أبيه الثلثان، ويصير لابني عمه الثلث، لكل واحد السدس. ¬

_ (¬1) م - فإن الولاء (غير واضح). (¬2) م ف ت + فإن مات ابن الباقي وترك ابنا فإن الولاء والميراث بين ابن هذا الميت وبين الميت الأول نصفين. (¬3) ت: الاثنان. (¬4) م ت - ابنا؛ صح م هـ. (¬5) م ف: منهما. (¬6) ت: ابناه. (¬7) الولاء للكُبْر، أي لأكبر أولاد المعتق، والمراد أقربهم نسبا لا أكبرهم سنا. انظر: المغرب، "كبر". (¬8) ت: ابنه. (¬9) ف: ابنه. (¬10) ت: أو ترك. (¬11) ت: النصف. (¬12) ت: نصفان.

وإذا مات الرجل وترك ابناً وابنتين (¬1) وترك مولى قد أعتقه فإن الولاء للابن، وليس للبنات من الولاء شيء إلا ما أعتقن أو أعتق من أعتقن أو كاتبن أو كاتب من كاتبن، وجر ولاء معتق معتقهن (¬2). وإذا مات الرجل وترك أباه وترك ثلاث إخوة متفرقين أخاً لأب وأم وأخاً لأب وأخاً لأم فإن الولاء والميراث للأب (¬3) خاصة دون الإخوة. فإن مات الأب فإن الولاء للأخ من الأب والأم. فإن مات الأخ من الأب والأم (¬4) وترك ابناً فإن الولاء يرجع إلى الأخ من الأب (¬5)، لأنه هو الكُبْر (¬6). فإن مات (¬7) الأخ من الأب وترك ابناً فإن الولاء يرجع إلى ابن الأخ من الأب والأم. فإن مات ابن الأخ من الأب والأم وترك ابناً فإن الولاء يرجع إلى ابن الأخ من الأب، لأنه أقرب. فإن مات ابن الأخ من الأب وترك ابناً فإن الولاء يرجع إلى ابن ابن (¬8) الأخ من الأب والأم (¬9)، لأنه أقرب. ولا يرث الأخ من الأم شيئاً على كل حال، ولا الخال، ولا جد أب أم، ولا ابن أخ لأم، ولا ابن خال لأب وأم، ولا لأب ولا لأم. ولا يرث النساء إلا ما أعتقن أو كاتبن أو أعتق من أعتقن أو كاتب من كاتبن. وإذا مات الرجل وترك أخاه وترك جده وترك مولى له فإن الولاء للجد. وكذلك لو ترك إخوة وأخوات وجداً فهو سواء، والولاء للجد في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد وقولنا (¬10) فهو بين الجد والأخ نصفين. ¬

_ (¬1) ت: وابنتان. (¬2) ت: معتقهم. (¬3) ت - للأب. (¬4) ت - فإن مات الأخ من الأب والأم. (¬5) ت: من الكبر. (¬6) ت: لأنه أقرب. (¬7) ت + ابن. (¬8) م - ابن، صح هـ. (¬9) ت - فإن مات ابن الأخ من الأب والأم وترك ابنا فكان الولاء يرجع إلى ابن الأخ من الأب لأنه أقرب فإن مات ابن الأخ من الأب وترك ابنا فكان الولاء يرجع إلى ابن ابن الأخ من الأب والأم. (¬10) قوله "وقولنا" هو من كلام الراوي عن الإمام محمد. أو أن قوله "ومحمد" مزيد خطأ، وقوله "وقولنا" من كلام محمد بن الحسن. وقد مرت أمثلة على ذلك قريبا. انظر: 4/ 41 و، 41 ظ، 43 و.

وإذا ماتت المرأة وتركت مولى لها أعتقته وتركت ابناً وهو من غير قومها وتركت ابن عم لها فإن الولاء للابن. وإذا ماتت المرأة وتركت ابن ابنها وعمها ومولى لها فإن الولاء والميراث لابن الابن دون العم. وإذا ماتت المرأة وتركت ابناً وزوجاً وتركت مولى لها فإن الولاء للابن. فإن مات الابن وترك أباه فليس للأب من الولاء شيء، والولاء يرجع إلى الميتة. فإن كانت الميتة تركت عمها وتركت مواليها الذين أعتقوا رقبتها وتركت ابنها ومولى هذا المعتق فإن الولاء والميراث للابن. فإن مات الابن وترك أخاً لأب وترك عماً أو ترك أباه أو ترك (¬1) جداً من قبل أبيه أو ترك بني عم أو ترك مولى أبيه فهذا كله سواء، والولاء يرجع إلى عصبة الأم، إن كان لها بنو عم رجع إليهم، فإن لم يكن لها بنو عم وكان لها موالي أعتقوها رجع الولاء إليهم. وإذا ماتت المرأة وتركت مولى لها وتركت ابناً وعصبة من قبل الأب فإن الولاء والميراث للابن. فإن مات الابن وترك خاله (¬2) وترك عمه فالولاء للخال، لأن الخال أخو الميتة، وهو عصبتها، فالولاء يرجع إليه. فإن ترك أباه أو جده أو أخاه (¬3) لأبيه وترك خاله أخا الميتة فإن الولاء يرجع في هذا كله إلى الخال، لأنه عصبة الأم. وكذلك لو كان مكان الخال ابن (¬4) خال أو ابن ابن خال (¬5) فهو سواء في جميع ما وصفنا. ¬

_ (¬1) ت: وترك. (¬2) ف: خالا. (¬3) ت: وجده وأخاه. (¬4) م: بن. (¬5) م ف ت: الخال.

باب الولاء في الرجل يشتري ذا رحم محرم منه فيعتق فيصير ولاؤه له في قول علي وزيد

وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن (¬1). ... باب الولاء في الرجل يشتري ذا رحم محرم منه فيعتق فيصير ولاؤه له في قول علي وزيد وإذا اشترت المرأة عبداً فأعتقته ثم مات المعتَق وترك ابنته فلابنته النصف (¬2)، وما بقي فلمولاته، لأنها عصبة. وإذا اشترت المرأة أباها فعتق ثم مات لأب وليس له عصبة فلابنته النصف، وما بقي فلابنته أيضاً، لأنها عصبة الأب. فإن كان الأب أعتق عبداً قبل أن يموت ثم مات الأب ثم مات المعتق ولم يترك عصبة فإنها ترثه، لأنه مولى مولاها من قبل أنه أعتقه من أعتقت، فلها ولاؤه. وإذا اشترت المرأتان أباهما ثم مات الأب فإن للابنتين الثلثان بالنسب، وما بقي فلهما أيضاً، لأنهما عصبة. أختان لأب وأم اشترت إحداهما أباها ثم مات الأب وترك ابنتيه فلابنتيه (¬3) الثلثان بالنسب، وللتي اشترت الأب الثلث الباقي خاصة، لأنها عصبة. فإن كانتا جميعاً اشترتا أباهما ثم مات الأب فلهما الثلثان بالنسب، والثلث الباقي بالولاء بينهما نصفين. فإن اشترتا جميعاً أباهما ثم إن إحداهما والأب اشتريا أخاهما ثم مات الأب فإن المال بين الابنتين والابن للذكر مثل حظ الأنثيين. ¬

_ (¬1) ت - بن الحسن. (¬2) م - فلابنته النصف (غير واضح). (¬3) ت: فلابنته.

فإن مات الابن بعد ذلك فلأختيه الثلثان بالنسب، والثلث الباقي نصفه للذي اشترته مع الأب خاصة، لأن لها نصف ولاء الأخ، وما بقي فبينهما نصفين، لأنهما مشتركتان (¬1) في ولاء الأب، فصارت حصة الأب بينهما نصفين، وهو سدس جميع المال. فإن اشترت إحداهما الأب واشترت الأخرى والأب أخاً لهما ثم مات الأب فالمال بين الابن وبين الابنتين (¬2) للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن مات الأخ بعد ذلك فلهما الثلثان بالنسب، ونصف الثلث الباقي للتي اشترت الأخ مع الأب خاصة (¬3)، وما بقي فهو للتي اشترت (¬4) الأب خاصة، فيصير المال بينهما نصفين. وإذا كن ثلاث أخوات لأب وأم اشترت ابنتان (¬5) منهن أباهما، ثم إن إحداهما والأخرى والأب اشتروا أخاً لهما (¬6)، ثم إنهن (¬7) جميعاً والأب والأخ اشتروا أمهم، وهي امرأة الأب، ثم إن الأب مات، فالمال بين بناته الثلاث وابنه للذكر مثل حظ الأنثيين، ولا ترث المرأة منه شيئاً، لأنه حيث ملك منها شقصاً فسد النكاح، ولا ميراث لها، لأنها ليست له بامرأة. فإن مات الأخ بعد الأب فلأخواته الثلثان بالنسب، ولأمه السدس (¬8)، والسدس الباقي ثلثاه لأختيه اللتين شاركتا (¬9) أباه في رقبته، لأن ثلثي ولائه لهما، وما بقي فهو بين أختيه اللتين اشترتا (¬10) الأب خاصة نصفان. فإن ماتت الأم بعد ذلك فلبناتها الثلثان بالنسب، والثلث الباقي ثلاثة أخماس بين بناتها أثلاثاً، لأن للبنات جميعاً ثلاثة أخماس الولاء، والخمسان (¬11) للتين اشترتا (¬12) الأب خاصة، لأنهما مواليه، والخمس الباقي هو حصة الابن، فثلثاه للابنتين اللتين ¬

_ (¬1) ت: مشتركان. (¬2) م - فالمال بين الابن وبين الابنتين (غير واضح). (¬3) ف - خاصة. (¬4) ت - الأخ مع الأب خاصة وما بقي فهو للتي اشترت. (¬5) ت: اثنتان. (¬6) ت: لهم. (¬7) ت: إنهم. (¬8) م - ولأمه السدس (غير واضح). (¬9) ت: شاركا. (¬10) ت: اشتريا. (¬11) م ف ت: والخمسين. (¬12) ت: التي اشتريا.

اشترتا (¬1) الأخ مع أبيهما، والثلث الباقي بين اللتين اشترتا الأب خاصة بينهما نصفان. وحسابه أنه يقسم ميراث الأب على خمسة أسهم بين بناته وهن ثلاث وابنه للذكر مثل حظ الأنثيين، للبنات سهم سهم (¬2) وللابن سهمان، ويقسم ميراث الأخ على ثمانية عشر سهماً، فللأخوات من ذلك الثلثان اثنا (¬3) عشر سهماً، لكل واحدة أربعة أسهم، ويبقى الثلث وهو ستة أسهم، فثلثاه بين اللتين اشترتا الأخ مع الأب، وهو أربعة أسهم لكل واحدة سهمان، ويبقى سهمان، وهما حصة الأب فيما بين اللتين اشترتا الأب نصفين (¬4)، لكل واحدة سهم، فصار للتي اشترت الأب مع أختها ولم تشتر الأخ خمسة أسهم من ثمانية عشر سهماً، وصار للتي اشترت مع أختها ثم اشترت الأخ مع أبيها وأختها الأخرى سبعة أسهم، أربعة أسهم منها في النسب، وسهمان منها من قبل ثلث ولاء الأخ (¬5)، وسهم منها من قبل حصتها من الأب، وصار للتي اشترت الأخ مع أختها وأبيها (¬6) ستة أسهم من ثمانية عشر سهماً. ويقسم ميراث الأم على تسعين سهماً، الثلثان من ذلك ستون سهماً بين البنات، لكل واحدة (¬7) عشرون سهماً من تسعين سهماً، والثلث الباقي (¬8) ثلاثة أخماسه (¬9) لهن أيضاً، لأن لهن ثلاثة أخماس ولاء الأم، وهو ثمانية عشر سهماً، لكل واحدة منهن ستة أسهم، والخمسان الباقيان وهو اثنا (¬10) عشر سهماً، فيصير ستة أسهم وهو نصيب الأخ، فثلثاه للأختين اللتين اشترتا الأخ مع أبيهما (¬11)، لكل واحدة سهمان، والسهمان اللذان بقيا من حصة الأخ هما حصة الأب فيما بين اللتين اشترتا أباهما خاصة، لكل واحدة منهما سهم، وتبقى (¬12) ستة (¬13) أسهم وهي (¬14) ¬

_ (¬1) ت: اشتريا. (¬2) ف - سهم. (¬3) ت: اثني. (¬4) ت: نصفان. (¬5) م: للأخ. (¬6) ف: وابنها. (¬7) م - واحدة (غير واضح). (¬8) ت + في. (¬9) م: أخماس. (¬10) ت: اثني. (¬11) ت: مع أبيها. (¬12) ت: ويبقا. (¬13) ت - ستة. (¬14) ت: سهم ويبقى.

باب في الرجل يسلم على يدي رجل ويواليه ويعاقده

حصة الأب، فهي بين الأختين (¬1) اللتين أعتقتا الأب خاصة، لكل واحدة ثلاثة أسهم، فصار لإحدى البنات التي اشترت أباها (¬2) مع أختها ولم تشتر الأخ ثلاثون سهماً من تسعين سهماً، عشرون منها (¬3) نصيبها من أمها، لأنها ابنة (¬4)، وستة أسهم منها من قبل خمس ولاء أمها، وثلاثة أسهم منها (¬5) نصف نصيب أبيها (¬6)، وسهم منها من قبل نصيب أبيها (¬7) من ثلث ولاء أختها (¬8)، وصار للتي اشترت الأب مع أختها وأبيها ثم اشترت الأم مع أختها وأبيها اثنان وثلاثون سهماً من تسعين سهماً، عشرون منها من قبل أمها، لأنها ابنة، وستة أسهم من قبل ولاء أمها، وثلاثة أسهم من قبل حصة أبيها، وثلاثة من قبل حصة أخيها (¬9)، وصار للابنة الباقية التي اشترت الأخ مع أختها وأبيها (¬10) ولم تشتر الأب ثمانية وعشرون سهماً من تسعين سهماً، عشرون (¬11) منها من قبل ميراثها من أمها، لأنها ابنة، وستة أسهم من قبل حصتها من خمس ولاء أمها، وسهمان من قبل ثلث ولاء أخيها (¬12). وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، قاسوه على قول علي بن أبي طالب (¬13) وزيد. ... باب في الرجل يسلم على يدي رجل ويواليه ويعاقده وإذا أسلم الرجل على يدي الرجل ووالاه وعاقده ثم عقل عنه ثم مات الذي أسلم ولا وارث له غير مولاه الذي أسلم على يديه ¬

_ (¬1) ت: الابنتين. (¬2) ت: أباهما. (¬3) ف: سهماً. (¬4) ت: ابنته. (¬5) م - منها. (¬6) ف: ابنها. (¬7) ف: ابنها. (¬8) م: أخيها. (¬9) ت: أختها. (¬10) ف: وابنها. (¬11) ت + سهماً. (¬12) ف ت: أختها. (¬13) ت - بن أبي طالب.

فهو أولى الناس بميراثه، إن لم يكن له ذو قرابة ممن له فريضة أو ممن (¬1) لا فريضة له مثل العمة والخالة وابنة العم وابنة الأخ للأم. فإن كان له أحد ممن ذكرنا فإن ميراثه لذوي قرابته، ولا يرث المولى مع ذي القرابة شيئاً. فإن لم يكن له ذو قرابة فماله لمولاه. ولو كان أسلم على يديه ووالاه وعاقده كان له أن يتحول (¬2) بولائه إلى غيره ما لم يعقل. فإذا عقل عنه لم يكن له أن يتحول إلى غيره. فإن لم يكن عقل عنه ولم يتحول إلى غيره حتى مات ولم يدع ذا قرابة فماله لمولاه. وكذا لو كان أسلم على يديه ووالاه (¬3) ولم يعاقده ثم مات. ولو كان أسلم على يديه ولم يواله ولم يعاقده حتى مات ولا وارث له ولا قرابة فميراثه لبيت المال، وليس للذي أسلم على يديه شيء، لأنه لم يواله، ولا يكون مولاه حتى يواليه. ألا ترى أنه لو أسلم على يديه ولم يواله لم يعقل عنه، فإذا لم يعقل عنه لم يرثه وكان ماله لبيت المال. وإذا أسلم الرجل على يدي رجل ثم والى رجلاً آخر ثم مات وترك (¬4) مالاً ولم يترك قرابة فإن ماله للذي والاه، ولا يكون للذي أسلم على يديه من ماله شيء (¬5). وكذلك لو كان أسلم على يدي الأول ووالاه وعاقده فلم يعقل عنه حتى والى رجلاً آخر ثم مات ولم يترك قرابة فهو سواء، وماله للأخير، ولا يرث الأول منه شيئاً، لأنه حيث والى الآخر فقد تحول بولائه إليه، وخرج من أن يكون مولى الذي أسلم على يديه. ولو أن رجلاً نصرانيًّا والى رجلاً نصرانيًّا أو مجوسيًّا أو يهوديًّا أو صابئاً أو من عبدة الأوثان ثم أسلما جميعاً فهو مولاه على حاله، وهو يرثه ويعقل عنه. فإن كان قبل أن يسلم والى رجلاً آخر أو بعد (¬6) أن يسلم فقد تحول بولائه إلى الآخر. فإن مات ولم يترك قرابة فماله للذي والى أخيراً. ¬

_ (¬1) ت: وممن. (¬2) ت: أن يقول. (¬3) ف + وعاقده. (¬4) ف: ولم يترك. (¬5) ت: شيئا. (¬6) ت: وبعد.

باب العتاقة في قياس قول زيد في المكاتب

ولو أن رجلاً أسلم ولم يوال أحداً حتى جنى جناية فعقل عنه بيت المال ثم والى رجلاً بعد ذلك ثم مات وترك مالاً فإن ميراثه لبيت المال، ولم تجز موالاته، لأنه حين عقل عنه بيت المال كان ولاؤه لجماعة المسلمين، فلا يقدر على أن يحول ولاءه (¬1) إلى إنسان بعينه، فيرثه دون جماعة المسلمين. وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد على قياس قول علي (¬2). ... باب العتاقة في قياس قول زيد في المكاتب وإذا مات الرجل وترك عبداً وقد عتق نصفه فإن أبا حنيفة قال: هو بمنزلة المكاتب (¬3)، يعطى مواليه ما بقي من قيمة رقبته، وما بقي قسم بين الورثة على فرائض الله تعالى. ولو أن رجلاً مات وترك ابناً قد عتق نصفه وترك عصبة فإن أبا حنيفة قال: ماله للعصبة، ولا يرث الابن من ذلك شيئاً، لأنه بمنزلة المكاتب ما دام عليه سعاية من رقبته، والمكاتب (¬4) بمنزلة العبد ما بقي عليه درهم واحد. وكان أَبو حنيفة يقول: المعتق بعضه أو ثلثاه (¬5) أو خمسة أسداسه لا يعتد به في الميراث، لا يرث ولا يحجب أحدا عن ميراثه، وهو بمنزلة المملوك ما بقي عليه سعاية (¬6) درهم. ¬

_ (¬1) ت: أن يتحول ولاؤه. (¬2) ت + بن أبي طالب. (¬3) م - المكاتب (غير واضح). (¬4) م - المكاتب ما دام عليه سعاية من رقبته والمكاتب (غير واضح). (¬5) م - يقول المعتق بعضه أو ثلثاه (غير واضح). (¬6) ت - سعاية.

وتفسير ما وصفنا: رجل مات وترك أماً حرة وامرأة حرة وأخاً حرًّا وابناً (¬1) نصفه حر فللمرأة الربع كاملاً، وللأم ثلث المال كاملاً، وللأخ ما بقي، وسقط الابن. وكذلك المكاتب في جميع ما وصفنا. وكان أَبو حنيفة يقول: المعتق بعضه والمكاتب إذا ماتا ورث مالهما ورثتهما، يبدأ بما بقي على المكاتب من مكاتبته، وما بقي على المعتق بعضه من سعايته، فيؤدى ذلك إلى مواليه، وما بقي قسم بين ورثتهما على فرائض الله تعالى. ولو أن زوجاً لامرأة أو امرأة لرجل أعتق بعضهما فلم يسعيا في شيء حتى مات زوج المرأة أو امرأة الزوج فمانه لا يرث واحد منهما من صاحبه شيئاً، لأنهما بمنزلة المملوكين ما دام عليهما شيء من سعايتهما، فلا يرث واحد (¬2) من صاحبه وإن كانت زوجة [له، أو كان زوجها]، لأنهما بمنزلة المملوكين. ولو أن عبداً بين رجلين أعتق أحدهما نصيبه وهو موسر فالآخر بالخيار، إن شاء أعتق (¬3)، وإن شاء استسعى، وإن شاء ضمن. فإن أعتق كما أعتق شريكه فقد صار حراً، فهو يرث كما يرث الحر. فإن لم يعتقه ولكن اختار أن يستسعيه فمات أخ للعبد (¬4) قبل أن يؤدي ما عليه من السعاية فلا ميراث له من أخيه، لأنه بمنزلة (¬5) المكاتب. فإن أدى السعاية ثم مات الأخ ورثه. ولو كان الشريك اختار أن يضمن (¬6) شريكه نصف القيمة فضمنه فإن الشريك يرجع بما يضمن على العبد المعتق. فإن رجع بما عليه واستسعاه ثم مات أخ العبد لم يرثه ما دام عليه من السعاية شيء. فإذا أدى عتق. فإن مات أخ له بعد ذلك ورثه. ولو كان العبد حين أعتقه أحدهما ¬

_ (¬1) ت: وابن. (¬2) ت + منهما. (¬3) ت: عتق. (¬4) ت: العبد. (¬5) م - ميراث له من أخيه لأنه بمنزلة (غير واضح). (¬6) م - اختار أن يضمن (غير واضح).

باب ميراث الولد يدعيه الرجلان

مات أخ له قبل أن يختار الشريك العتق أو الضمان (¬1) أو الاستسعاء ثم اختار أن يعتقه أو اختار أن يضمن شريكه أو اختار أن يستسعي العبد فأي ذلك ما فعل فلا ميراث للعبد من أخيه في جميع ما وصفت لك. وكذلك المكاتب في جميع (¬2) ما وصفنا. وهذا كله قول أبي حنيفة، قاسه على قول زيد. وقال أَبو يوسف ومحمد في العبد إذا أعتق بعضه: فهو بمنزلة الحر في جميع أمره (¬3)، ويرث كما يرث الحر، ويحجب كما يحجب الحر (¬4). ولا يشبه المعتق بعضه المكاتب في شيء من ذلك. المكاتب القول فيه كما قال أَبو حنيفة. وهو قول أبي يوسف ومحمد. ... باب ميراث الولد يدعيه الرجلان وإذا اشترى الرجلان الجارية فجاءت بولد فادعياه جميعاً معاً فإنه ابنهما ثابت النسب منهما، وأمه أم ولدهما، والغلام يرثانه ويرثهما، وهو للباقي. الحسن بن عمارة عن الحكم عن شريح أنه ارتفع إليه رجلان غشيا جارية في طهر واحد، فجاءت بولد، فادعياه جميعاً، فكتب في ذلك إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، فكتب إليه عمر أنهما لَبِّسَا فلُبِّسَ (¬5) عليهما، ولو بَينا لبُين لهما، وهو ابنهما (¬6) يرثانه ويرثهما (¬7)، وهو للباقي منهما (¬8). ¬

_ (¬1) ت - أو الضمان. (¬2) ت - ما وصفت لك وكذلك المكاتب في جميع. (¬3) ف: أموره. (¬4) ت - الحر. (¬5) ت: ليسا فليس. (¬6) ت: ابنيهما. (¬7) ت - يرثانه ويرثهما. (¬8) انظر: 5/ 184 و. وانظر: المصنف لعبد الرزاق، 7/ 360؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 10/ 264؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 291، والدراية لابن حجر، 2/ 88.

ولو كان أحدهما ادعاه قبل صاحبه فهو ابنه ثابت النسب منه وهو ضامن لنصف (¬1) قيمة الأم لشريكه ونصف العقر. فإن ادعاه الآخر بعد ذلك لم يجز دعواه، وهو ابن الأول، والآخر ضامن للأول نصف العقر، فيكون ذلك قصاصاً. ولو أن رجلين اشتريا جارية فجاءت بولد فادعياه جميعاً معاً فهو ابنهما. فإن مات أحد الأبوين بعد ذلك وترك ابناً سوى هذا فإن ماله بين ابنه وبين هذا نصفين. فإن مات شريكه بعد ذلك وترك ابنة فإن ماله بين ابنته وبين هذا (¬2) المدعي للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن لم يمت واحد من المدعيين (¬3) ولكن الغلام مات وترك أما حرة وترك هذين الأبوين اللذين ادعياه وترك مالاً فإن لأمه الثلث، وما بقي فبينهما نصفين. ولو كانت الأم أم ولد على حالها كان المال كله بين الأبوين نصفين. فإن لم يمت الغلام حتى مات أحد المدعيين (¬4) ثم مات الغلام وترك أما حرة وترك أباه الباقي فللأم الثلث، وما بقي فللأب الباقي (¬5). ولو أن أخوين اشتريا جارية فولدت ابنة فادعياها جميعاً معاً فهي ابنتهما. فإن مات أحدهما بعد ذلك وترك أباه وترك هذه المدعاة وابنة له أخرى وترك أخاه (¬6) فلابنتيه (¬7) الثلثان بينهما نصفين (¬8)، وما بقي فللأب. فإن كان للابن الميمت ابنة ثالثة ومات الأب بعد ذلك (¬9) وترك هذه المدعاة ¬

_ (¬1) ت: النصف. (¬2) م ت + نصفين فإن مات شريكه بعد ذلك وترك ابنة فإن ماله بين ابنته وبين هذا. (¬3) ت: من المدعين. (¬4) ت: المدعين. (¬5) ف - فإن لم يمت الغلام حتى مات أحد المدعيين ثم مات الغلام وترك أما حرة وترك أباه الباقي فللأم الثلث وما بقي فللأب الباقي. (¬6) م ت: أباه؛ ف - وترك أخاه. (¬7) ت: فلابنته. (¬8) ت: نصفان. (¬9) م ف: فإن كان مات بعد هذه له أخرى بعدهما؛ ت: فإن مات بعد هذه له أخرى بعدهما. والتصحيح مستفاد من ب؛ ومن السياق.

والأخريين فلهن الثلثان بينهن أثلاثاً، لأنهن بنات ابنه. ولو كان المدعيان ماتا وليس لهما ولد غير هذه المدعاة وتركا أباهما فإنها ترث من كل واحد منهما النصف، وما بقي فللأب. فإن مات الأب بعدهما وترك هذه المدعاة وترك عصبة فإن لهذه المدعاة النصف، وما بقي فللعصبة. ولو أن رجلاً وعمه اشتريا جارية فجاءت بابنة فادعياها جميعاً فهي ابنتهما. فإن مات العم وترك هذه المدعاة وترك أباه فللمدعاة النصف، وما بقي فلأبيه (¬1). فإن مات ابن الأخ وترك هذه المدعاة وترك الجد فهذه المدعاة ترثه النصف، والجد النصف. فإن مات الجد بعدهما وترك هذه المدعاة فلها النصف، وما بقي فللعصبة. ولو أن رجلاً وابنه اشتريا جارية فجاءت بولد فادعياه جميعاً معاً فإن الدعوة دعوة الأب، وهو أولى من الابن، وهو ضامن لنصف (¬2) قيمة الجارية. ولو أن مسلماً ونصرانياً اشتريا جارية فجاءت بولد فادعياه جميعاً معاً فدعوة المسلم أولى، وهو ضامن لنصف قيمة الجارية ونصف عقرها للنصراني، والنصراني ضامن لنصف عقر الجارية للمسلم، فيكون ذلك قصاصأ. فإن ادعاه النصراني أولا فدعوته جائزة. فإن ادعاه المسلم بعد ذلك لم يجز دعواه، والنصراني ضامن للمسلم نصف قيمة الجارية ونصف عقرها، والمسلم ضامن للنصراني نصف (¬3) العقر. ولو كانت الجارية بين عبد مأذون له في التجارة وبين نصراني فجاءت بولد فادعياه جميعاً معاً فإن الدعوة دعوة النصراني، وهو ضامن لنصف قيمة الجارية للعبد. وكذلك لو كانت بين (¬4) مكاتب مسلم ونصراني فهو سواء. ولو كانت بين مكاتب مسلم وعبد مسلم مأذون له في التجارة أو بين نصراني وبين (¬5) مسلم حر فجاءت بولد فادعوه جميعاً معاً فالدعوة دعوة الرجل المسلم الحر. ¬

_ (¬1) ت: فلابنه. (¬2) ت: نصف. (¬3) م: لنصف. (¬4) م ت: من. (¬5) ف ت + رجل.

باب ميراث القاتل

ولو كانت بين عبد قد عتق بعضه وهو يسعى في بعض قيمته وبين النصراني فجاءت بولد فادعياه جميعاً فإن الدعوة دعوة النصراني، وهو ضامن لنصف القيمة في قول أبي حنيفة. فإن كانت الأم مسلمة فالولد مسلم. وإن كانت نصرانية فالولد على دين أمه. وأما في قول يعقوب ومحمد فالدعوة دعوة العبد. ولو كان مكان النصراني رجل يهودي أو مجوسي أو صابئ أو من عبدة الأوثان (¬1) كان ذلك سواء في جميع ما وصفنا. وهذا كله قول أبي حنيفة ويعقوب ومحمد. ... باب ميراث القاتل لا يرث القاتل من دية من قتل ولا مما ترك (¬2) المقتول شيئاً. ولا يحجب القاتل أحداً عن ميراثه، ولا نورثه (¬3) في شيء من الميراث. وتفسير ذلك: رجل قتل أباه خطأ ولأبيه امرأة وأم فعلى عاقلة القاتل الدية، وترث أم المقتول من ذلك الثلث، وترث المرأة الربع، وما بقي فللعصبة، وسقط الابن. ولو أن رجلاً قتل أمه خطأ وللمقتولة زوج وأخ فكان على عاقلة القاتل الدية، ولزوج المقتولة نصف ما تركت من الدية وغيرها، وما بقي فلأخيها (¬4). ولو أن رجلاً قتل أخاه خطأ وللمقتول أم وأخ غير القاتل فإن على عاقلة القاتل الدية، وللأم ثلث ما ترك المقتول من الدية وغيرها، وما بقي فلأخيه الذي لم يقتل. ¬

_ (¬1) م ف ت + في جميع ما وصفنا. (¬2) ف: تراك. (¬3) ت: يورثه. (¬4) م ت: فلأختها.

ولم أن رجلاً قتل أخاه بعصاً لم يرثه (¬1). وكذلك لو رماه بحجر أو ببُنْدُقَة (¬2) وهو لا يريده فأصاب أخاه فقتله لم يرثه. وكذلك لو رمى بسهم أو بنُشَّابَة (¬3) أو ما أشبه هذا فأصاب أباه أو أخاه أو أحدا (¬4) ممن يرثه كان قاتلاً، ولا ميراث له. ولو أن رجلاً ضرب ابنه وهو يريد (¬5) بذلك أدبه فمات الابن من ذلك الضرب لم يرثه الأب في قول أبي حنيفة؛ ويرثه في قول أبي يوسف ومحمد. ولو أن رجلاً داوى ابناً له من جرح أو خَتَنَه (¬6) فمات من ذلك ورثه، لأنه إنما أراد بذلك الإصلاح والخير. ولو أن رجلاً كان يسير على دابة فأوطأ أخاً له فمات فإن على عاقلته الدية في الوجهين جميعاً، ويرث. وكذلك لو وضع حجراً في الطريق أو توضأ في الطريق أو أوقف (¬7) دابة في الطريق (¬8) أو أخرج كَنيفاً (¬9) أو ميزاباً أو ظُلَّة إلى الطريق أو اغتسل في الطريق أو صب ماء أو أوقف دابة في الطريق فبالت أو راثت أو عرقت أو وقع لعابها في الطريق في الأرض فأصاب شيء منها من جميع ما وصفنا أخاه أو وارثه فمات فإن على عاقلة الذي أحدث هذا كله الدية، ولا كفارة ¬

_ (¬1) ف: لم يورثه. (¬2) البندقة طينة مدوّرة يرمى بها. انظر: المغرب، "بندق". (¬3) النُشَّاب هو السهم التركي، واحده نشابة. والنبل هو السهم العربي. انظر: المغرب، "نبل". (¬4) ت: أخاه أو أباه أو واحداً. (¬5) م - ابنه وهو يريد (غير واضح). (¬6) م: أو أخته. (¬7) م: أو إذا وقف. (¬8) ت: أو أوقف دابة في الطريق. (¬9) أي السترة. انظر: القاموس المحيط، "كنف".

عليه، ويرث في جميع هذه الوجوه كلها. وكذلك لو أخرج صَلاَيَة (¬1) من الحائط (¬2). وكل من جعلنا له الميراث فلا كفارة عليه، وكل من لم يرث فعليه الكفارة، إلا العمد بالسلاح، فإنه لا كفارة عليه. ولو أن رجلاً مجنوناً مغلوباً أو (¬3) معتوهاً أو موسوساً أو مُبَرْسَماً (¬4) يهذي لا يعقل أو صبيا قتل أحداً من هؤلاء أخاه أو أباه فإن على عاقلته الدية، ويرث في جميع ما وصفنا، ولا كفارة عليه. ولو أن رجلاً قائماً أو نائماً انقلب على وارث له فقتله لم يرثه، وعليه الكفارة. ولو أن ثلاثة إخوة قتل أحدهم أباه عمداً فإن للباقيين (¬5) أن يقتلاه، فإن لم يقتلاه حتى مات أحدهما فليس للباقي أن يقتله، لأن القاتل قد ورث من أخيه الميت من دم نفسه، فلا قصاص عليه، وعليه ثلاثة أرباع الدية في ماله لهذا الباقي في ثلاث سنين. ولو أن أخوين وأختاً لأب وأم قتل أحد الأخوين الأم عمداً والزوج وارث معهم وهو أبوهم فإن للاخ الباقي والأخت والزوج أن يقتلوا القاتل، فإن (¬6) لم يقتلوه حتى مات الاخ وبقيت الأخت فإن للزوج والأخت أن يقتلوا القاتل، لأن القاتل لم يرث من الأخ شيئاً، لأن دمه إنما هو (¬7) للأب، فكذلك ميراثه، ولا يرث مع الأب شيئاً. وكذلك لو أن الأخت ماتت كان للأب أن يقتل القاتل. فإن لم تمت (¬8) الأخت ومات الأخ ¬

_ (¬1) هي الحجر الذي يسحق عليه الطيب وغيره. انظر: المغرب، "صلي". (¬2) ف: من حائط. (¬3) ف - مغلوبا أو. (¬4) أي المصاب بالبِرْسَام، وهو مرض ذات الجنب، والمقصود ذهاب العقل به. وقد تقدم. (¬5) ت: للباقين. (¬6) ت: وإن. (¬7) م - شيئا لأن دمه إنما هو (غير واضح). (¬8) ت: لم يمت.

قبل أن يقتل القاتل ومات الأب فليس للأخت أن تقتل القاتل، لأنه ورث من أبيه بعض الدم، وعليه (¬1) نصف الدية في ماله للأخت في ثلاث سنين، لأن الأب ورث من امرأته ربع دمها وهو ثلاثة أسهم من اثني عشر سهماً، وورث الأخ الميت والأخت من الأم ما بقي وهو تسعة أسهم من اثني عشر سهماً، وهو ثلاثة أرباع جميع المال، ثم مات الأخ وترك هذه الستة الأسهم التي ورث من دم أمه فصارت تلك الستة الأسهم للزوج، فصار للزوج ثلاثة أرباع جميع المال، النصف من ذلك مما ورث من أبيه وربع ما ورث (¬2) من امرأته، وصار للأخت ثلاثة أسهم، فكان لهما أن يقتلا (¬3) القاتل، فلما مات الأب قبل أن يقتل ورث الابن من حصته ستة (¬4) أسهم وهو النصف، فبطل القصاص، وورثت (¬5) الأخت من الأب ثلاثة أسهم من تسعة أسهم، فصار للأخت النصف ستة أسهم، فعلى القاتل أن يؤدي إليها نصف الدية في ثلاث سنين. ولو أن أخوين وأختاً قتل أحد الأخوين أباه عمداً ثم قتل الآخر الأم عمداً فإن قاتل الأم يقتله قاتل الأب والأخت، وأما قاتل الأب فلا يقتل، لأنه ورث بعض دمه من أمه وبعضه من قاتل أمه، لأن ثمن دمه لأمه، لأنها امرأة المقتول، وما بقي فبين أخيه وأخته، لأنهما ولد الميت للذكر مثل حظ الأنثيين. وأصل ما يقسم عليه دم الأب على أربعة وعشرين سهماً، للمرأة من ذلك الثمن ثلاثة أسهم، وبقي (¬6) واحد وعشرون سهماً، فهو بين الابن والابنة للذكر مثل حظ الأنثيين، للابن أربعة عشر سهماً، وللابنة سبعة أسهم، فلما قتل الأم صارت تلك الثلاثة الأسهم بينهما على ثلاثة، فيضرب أربعة وعشرين في ثلاثة فصارت اثنين وسبعين سهماً، للأم من ذلك تسعة، وللابن والابنة ثلاثة وستون سهماً، للابن من ذلك اثنان وأربعون سهماً، وللابنة إحدى وعشرون سهماً، ثم قتلت الأم فتركت تسعة أسهم، لقاتل ¬

_ (¬1) ف + ان. (¬2) م ف ت: مما ورث. (¬3) ت: أن يقتلان. (¬4) ف - ستة. (¬5) ت: وورث. (¬6) ف: بقي.

باب ميراث ابن الميت المولود إذا ولد بعد موت أبيه وقد استهل أو لم يستهل في قولا أبا حنيفة وأبا يوسف ومحمد

الأب منها ستة (¬1) أسهم، وللابنة منها ثلاثة أسهم، ثم قتل قاتل الأم وترك اثنتين (¬2) وأربعين سهماً التي ورثها من أبيه، فصار لأخته أربعة عشر سهماً (¬3)، ولأخيه ثمانية وعشرون سهماً، فصار لقاتل الأب من دمه مما ورث من أمه ومما ورث من أخيه أربعة وثلاثون سهماً من اثنين وسبعين سهماً، منها ستة مما ورث من أمه، وثمانية وعشرون سهماً مما ورث من أخيه، وصار للأخت أحد وعشرون سهماً مما ورثت (¬4) من أبيها من دمه، وثلاثة أسهم مما ورثت (¬5) من أمها، وأربعة عشر سهماً مما ورثت من الأخ، فذلك ثمانية وثلاثون سهماً من اثنين وسبعين سهماً، فيغرم قاتل الأب لها ذلك، ويبطل عنه ما بقي من الدية. وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن. ... باب ميراث ابن الميت المولود إذا ولد بعد موت أبيه وقد استهل أو لم يستهل في قولا أبا حنيفة وأبا يوسف ومحمد قال: كان أَبو حنيفة يقول: إذا جاءت المرأة بولد لأقل من ستة أشهر بعد موت الزوج ولم تكن أقرت بانقضاء العدة ولكن جاءت بابنة وللميت ولد ذكر فإن الميراث بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين. ولو كانت ولدتها ميتة فلا ميراث لها، والميراث للابن. فإن ولدتها حية ثم ماتت من ساعتها ورثت مع أخيها. وكذلك لو كان غلاماً أو غلامين في بطن فهو سواء. فإن كانت حين ولدت تحرك الولد أو صاح أو حرك ¬

_ (¬1) ف: تسعة. (¬2) ت: اثنين. (¬3) م ت + التي ورثها من أبيه فصار لأخته أربعة عشر سهماً. (¬4) ت: ورث. (¬5) ت: ورث.

يديه أو رجليه أو شيئاً من جسده بعد أن (¬1) يعلم أنه حي فتحرك أو لم يتحرك ورث. وهذا (¬2) هو الاستهلال. والاستهلال أن يعلم أنه حي حين يحرك يده أو رجله أو حرك شيئاً من جسده أو صاح فإنه يرث. ولو أن امرأة حرة تزوجها عبد فولدت له ولداً ثم مات ولدها وترك مالاً وهي حية وله عصبة من قبل أبيه ولأمه موالي عتاقة فإن لأمه الثلث، وما بقي فلعصبة (¬3) أبيه. فإن لم يكن له (¬4) عصبة من قبل أبيه وكان له موالي من قبل أبيه قد أعتقوا أباه قبل موته (¬5) كان (¬6) ما بقي لموالي أبيه. فإن لم يكن لأبيه موالي أعتقوه ولا عصبة كان ما بقي لموالي أمه، لأنهم عصبة. ولو كان الولد لم يمت حتى أعتق الأب ثم مات الأب ثم مات الغلام فقد جر الأب الولاء، فللأم الثلث، وما بقي فلموالي الأب إذا لم يكن له عصبة (¬7) من قبل أبيه. وإن كان أبوه مات عبداً أو له (¬8) أب فأعتق الجد ثم مات الجد حراً فليس يجر الجد الولاء على حال، إنما يجر الولاء الأب. فإن مات الغلام فلأمه الثلث، وما بقي (¬9) فلموالي (¬10) أمه، لأنهم عصبة. وإذا تزوج الحر أمة فجاءت بولد بعد ما أعتقت لأقل من ستة أشهر فإن ولاءه لموالي الأم، وكذلك إن جاءت به بعد (¬11) العتق لستة أشهر. وإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر منذ يوم أعتقت فولاؤه لموالي الأب. فإن مات الأبوان وبقي المولود ثم مات الولد بعدهما وترك مالاً وليس له عصبة من قبل أبيه وترك موالي أبيه وموالي أمه (¬12) وقد جاءت الأمة بولد لأقل من ستة أشهر منذ يوم أعتقت أو مع ستة أشهر منذ يوم أعتقت فميراث الولد ¬

_ (¬1) ت - أن. (¬2) ت: هذا. (¬3) ت: فللعصبة. (¬4) م - فلعصبة أبيه فإن لم يكن له (غير واضح)؛ ف - له. (¬5) م - قبل موته (غير واضح). (¬6) ف: وكان. (¬7) م ف ت + به. (¬8) ت: وله. (¬9) ت - وما بقي. (¬10) ت: ولموالي. (¬11) م ف ت: مع. (¬12) ت - وموالي أمه؛ صح هـ.

لموالي الأم. وإن كانت جاءت به لأكثر من ستة أشهر منذ يوم أعتقت فميراثه لموالي أبيه. ولو أن رجلاً حراً تزوج أمة فطلقها تطليقتين ثم أعتقها سيدها فجاءت بولد لأقل من سنتين فولاؤه لموالي أمه (¬1). وإن كانت جاءت به لأكثر من سنتين فولاؤه لموالي أبيه إن ادعاه. ولو كانت الأمة أقرت بانقضاء العدة بعدما طلقها زوجها وقد أعتقت فجاءت بولد لأكثر من ستة أشهر فولاؤه لموالي الأب إن ادعاه. ولو أن عبداً تحته حرة وله منها ابن وله ابن آخر حر من غيرها فمات ابن العبد ولا يدرى أحبلى هي أم لا فإن جاءت بولد لأقل من ستة أشهر من يوم مات ابن العبد ورث أخاه، وإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر لم ترث من أخيه شيئاً. ولو أن امرأة وزوجها ارتدا عن الإسلام جميعاً معاً ولهما ابن صغير ثم مات الأب أو قتل على ردته فإن ميراثه للابن الصغير. فإن جاءت امرأته بولد لأكثر من ستة أشهر لم يرث (¬2)، والميراث للأول الذي ولدته وهما مسلمان. ولو جاءت بالولد لأقل من ستة أشهر ورث مع الابن. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولو جاءت بالولد لأكثر من سنتين منذ يوم ارتدت ثم مات الابن (¬3) كان الميراث للأول، ولم يرث هذا الذي ولد (¬4) في حال الردة شيئاً. ولو لم يمت (¬5) الأبوان (¬6) ولكن مات الذي ولد في حال الردة فإن ميراثه للابن (¬7)، ولا يرثه الأبوان. ولو لم يمت الذي ¬

_ (¬1) ت: أبيه. (¬2) ت: لم ترث. (¬3) ف: الأب. (¬4) ت: ورث. (¬5) ت: لم تمت. (¬6) م + كان الميراث للأول ولم يرث هذا الذي ولد في حال الردة شيئا ولو لم يمت الأبوان. (¬7) م ف ب: للأب.

باب الرجل يوالي الرجل ويسلم على يديه ولة ذو قرابة معروفة ممن لهم سهم وممن لا سهم لهم في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد

ولد في حال الردة (¬1) ولكن مات الذي ولد في حال الإسلام فإن ميراثه لأقرب الناس منه من المسلمين، ولا يرثه الأبوان ولا الذي ولد في حال الردة. فإن مات الآخر بعده لم يرثه الأبوان (¬2)، وورثه أقرب الناس من أبيه ومن عصبته، فإن كان له عصبة من قبل أبيه وعصبة (¬3) من قبل أمه ورثوا دون قرابة من العصبة، وإن لم يكن له ذو قرابة ولا عصبة من قبل أمه ولا أبيه ورثه أقرب الناس إليه من المسلمين. ... باب الرجل يوالي الرجل ويسلم على يديه ولة ذو قرابة معروفة ممن لهم (¬4) سهم وممن لا سهم لهم في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد كان أبو حنيفة يقول: إذا كان للرجل ذو قرابة معروفة ممن لهم سهم وممن لا سهم لهم فوالى رجلاً ثم مات فإن ماله لذي (¬5) قرابته دون مولاه، فإن لم يكن له (¬6) قرابة كان ماله لمولاه. وكذلك لو كان له قرابة فماتوا ثم مات الرجل ولم يترك قرابة فإن ماله لمولاه. ولو أن رجلاً أسلم على يدي رجل ووالاه وعاقده ثم مات وترك أختاً لأم معروفة وترك عمه وخاله فالمال للأخت للأم (¬7)، وسقط ما سوى ذلك. ولو كان ترك امرأته وخالته والذي والى كان (¬8) للمرأة الربع، وما بقي فللخالة. وكذلك لو كان مكان الخالة ابن خالة أو ابنة (¬9) خالة أو ¬

_ (¬1) ت - فإن ميراثه للابن ولا يرثه الأبوان ولو لم يمت الذي ولد في حال الردة. (¬2) ت - ولا الذي ولد في حال الردة فإن مات الآخر بعده لم يرثه الأبوان. (¬3) ف - من قبل أبيه وعصبة. (¬4) ت: له. (¬5) ت: الذي. (¬6) م ت - له. (¬7) ف: وللأم. (¬8) ت: فإن. (¬9) ف: وابنة.

ابن ابن خالة أو ابنة ابنة خالة ومولاه (¬1) كان المال لابنة ابنة الخالة. وكذلك لو كان مكان الخالة (¬2) عمة أو ابنة عمة أو ابن عمة أو ابن ابن (¬3) عمة كان المال لذوي القرابة. ولا يرث المولى مع ذوي القرابة شيئاً وإن بعدوا، ولا يشبه مولى (¬4) الموالاة مولى العتاقة. ولو كان ترك امرأته ومولاه كان للمرأة الربع، وما بقي فللمولى. ولو كانت امرأته ابنة عمه أو ابنة عمته أو ابنة خاله أو ابنة خالته أو بعض من وصفت من القرابات كان للمرأة الربع، وما بقي فلها أيضاً، ولا شيء للمولى. ولو كان الزوج مات وترك امرأته وقد كان أقر بابنة ابن أو بأخت أو بأخ أو بابن أخ أو بابن أخت (¬5) أو بابنة أخت أو ببعض القرابات ممن لا يثبت نسبه كان لامرأته الربع، وما بقي فللمولى، وسقط ما سوى ذلك. ولو كان ترك مع من وصفنا خالة معروفة أو عمة معروفة أو ابنة خالة معروفة أو بعض (¬6) من وصفنا كان للمرأة الربع، وما بقي فلذي (¬7) القرابة المعروفة، وسقط الموالي وسوى ذلك. وكذلك لو كان مكان الرجل امرأة كانت بمنزلة الرجل في جميع ما وصفنا. ولو أن امرأة ماتت وتركت زوجاً ومولى كانت والته (¬8) فإن للزوج النصف، وما بقي فللمولى. ولو كانت تركت ابنة عم معروفة أو ابنة خال معروفة وقد كانت أقرت بأم وتركت زوجاً ومولاها فإن للزوج النصف، وما بقي فلابنة العم المعروفة، وسقطت الأم المقر بها والمولى. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ¬

_ (¬1) ف: بنو موالاه (مهملة)؛ ت: وموالاه. (¬2) م ف ت: الخال. والتصحيح مستفاد من ب. (¬3) ف: أو ابنة ابنة. (¬4) م: موالي. (¬5) ت - أو بابن أخت؛ صح هـ. (¬6) ت: أو ببعض. (¬7) ت: فلذوي. (¬8) ت - والته.

باب حساب المناسخة

باب حساب المناسخة وهو الرجل يموت (¬1) أو المرأة تموت وتترك داراً أو عبداً أو مالاً قائماً بعينه فلا يقسم حتى يموت بعض الورثة، فيرثونه مما ورث من الأول. وإذا مات الرجل وترك داراً (¬2) وله ورثة ثم مات بعض والباقون يرثونه مع غيرهم نظرت من كم تخرج الفريضة الأولى، ثم نظرت إلى نصيب الذي مات بعده كم هو، فإن استقام بين ورثته (¬3) وإلا صححت فريضة الآخر، ثم ضربت أصل الفريضة الأولى (¬4) فيما صححت فيه فريضة الآخر. وتفسير ذلك: رجل مات وترك داراً وترك (¬5) ابنين ثم إن أحدهما مات وترك ابنة فلابن الحي ثلاثة أرباع الدار، وللابنة ربعها. وإن ماتت الابنة بعد ذلك وتركت زوجاً وابنة فإن هذه من ستة عشر سهماً، كان للابنين (¬6) من ذلك لكل واحد ثمانية أسهم، وترك ابنة، فصار للابنة أربعة (¬7)، وصار للأخ الباقي أربعة مع الثمانية الأولى، ثم ماتت الابنة وتركت هذه الأربعة الأسهم، فصار لابنتها النصف سهمان، ولزوجها الربع سهم، وما بقي فللعم، وهو سهم، فصار لابن (¬8) الميت الأول الباقي ثلاثة عشر سهماً من ستة عشر سهماً من الدار وصار لابنة ابنة (¬9) الميت سهمان من ستة عشر سهماً، وصار لزوج ابنة ابنة الابن سهم من ستة عشر سهماً (¬10). ¬

_ (¬1) م ف - يموت. (¬2) ت: وله دار تركها. (¬3) ت: فريضته. (¬4) م ف: الأول. (¬5) م: أو ترك. (¬6) ت: للابنتين. (¬7) ف: الأربعة. (¬8) م ف ت: للابن. (¬9) ت + ابن. (¬10) ت - وصار لزوج ابنة ابنة الابن سهم من ستة عشر سهماً.

ولو أن رجلاً مات وترك داراً وترك ابنين وأبوين فإن الدار تقسم على ستة أسهم، للأبوين سهمان، وللابنين أربعة أسهم. فإن لم يقسموا (¬1) حتى مات أحد الابنين وترك ابنة فللابنة النصف سهم (¬2) واحد، وللجدة السدس، وما بقي فبين الجد والأخ نصفين في قول زيدة وتقسم (¬3) الدار على ثمانية عشر سهماً، للأبوين من الميت الأول السدسان ثلاثة ثلاثة، وللابنين لكل واحد ستة، ثم مات أحد الابنين وترك هذه الستة وترك ابنته وأخاه وجده وجدته فصار لابنته ثلاثة، وصار للجدة واحد، وصار ما بقي بين الجد والأخ نصفين، لكل واحد منهما واحد، فصار للجد أربعة أسهم، ورث (¬4) ثلاثة من ابنه (¬5) وواحداً من ابن ابنه (¬6)، وصار للأخ سبعة، ورث ستة من أبيه وواحداً (¬7) من أخيه، وصار لابنة الابن ثلاثة. وأصل حسابها من ستة من قبل أن فيها سدساً (¬8)، ثم صار لكل واحد (¬9) سهمان، فنظرنا إلى ذلك (¬10) السهمين، فلم يستقم (¬11) بين الابنة والأخ والجد والجدة، فنظرنا من كم تخرج الفريضة، فوجدناها تخرج من ستة، فضربنا الستة (¬12) في ثلاثة، فصارت ثمانية عشر. ولو أن رجلاً مات وترك ابنتين وأبوين وامرأة والمرأة أم الابنتين ثم ماتت إحدى الابنتين وتركت زوجها فإن هذه الفريضة قد صارت الأَكْدَرِيّة (¬13)، فتقسم هذه الدارُ نصيبُ (¬14) الابنة الميتة من هذه الدار على سبعة وعشرين سهماً في قول زيد، للزوج من ذلك تسعة، وللأم ستة (¬15)، وللجد ثمانية، وللأخت أربعة. ¬

_ (¬1) ت: لم يقتسموا. (¬2) م: أسهم. (¬3) ت: ويقسم. (¬4) ف ت: ورثت. (¬5) م ف: من ابنها؛ ت: من أبيها. (¬6) م ف ت: ابنها. (¬7) ت: وواحد. (¬8) ت: سدس. (¬9) م ف ت: ذى. (¬10) ت: إلى تلك. (¬11) ت: تستقيم. (¬12) ت - فضربنا الستة. (¬13) تقدم تفسيرها. (¬14) "نصيب" بدل بعض من كل. (¬15) م ف ت: سهم. والتصحيح من ب؛ وهو مستفاد أيضا من المبسوط، 30/ 58 - 59.

ولو أن امرأة ماتت وتركت ابنتين وأبوين ثم ماتت إحدى الابنتين بعدها وتركت زوجاً وهؤلاء الورثة فقد تركت هذه الأخيرة زوجها وأختها وجدها أبا (¬1) أمها وجدتها أم أمها، فلا يرث (¬2) جد أَبو (¬3) الأم شيئاً، فيقسم ميراث الأخيرة، فيكون للزوج النصف، وللأخت النصف، وللجدة السدس، وسقط الجد (¬4) أب (¬5) الأم. ولو أن رجلاً مات وترك ثلاث أخوات متفرقات وأبوين وامرأة فإن الفريضة تقسم على اثني عشر سهماً، للمرأة الربع ثلاثة، وللأم السدس اثنان، وما بقي فهو للأب، وهو سبعة أسهم. فإن ماتت الأم بعده فإن أخت الميت لأبيه وأمه وأخته (¬6) لأمه هما ابنتا هذه الميتة، فلهما الثلثان، وللزوج الربع، وهو أَبو (¬7) الميت الأول. فإن مات أَبو الميت الأول بعد ذلك فلابنته الثلثان، إحداهما أخت الميت الأول لأبيه وأمه، والأخرى أخته لأبيه، وما بقي فللعصبة. فإن ماتت أخت الميت لأبيه وأمه وتركت زوجها وهؤلاء فإنه يقسم ما تركت على سبعة أسهم، للزوج النصف ثلاثة أسهم، وللأخت للأب وهي أخت الميت الأول لأبيه النصف، وللأخت للأم السدس، وهي أخت الميت الأول (¬8) لأمه. فإن ماتت الأخت من الأم بعد ذلك وتركت ثلاث بنات وأباً وزوجاً فإنه يقسم ميرائها على خمسة عشر سهماً، للبنات الثلثان ثمانية أسهم، وللأبوين السدسان أربعة أسهم، وللزوج الربع ثلاثة أسهم. فإن ماتت الأخت من الأب وتركت ابنتين (¬9) وزوجاً فللبنتين الثلثان وللزوج الربع والفضل للعصبة (¬10). ¬

_ (¬1) ت: أنا. (¬2) ت: ترث. (¬3) ت: أب. (¬4) م: جد. (¬5) ف ت: وسقط جدات. (¬6) م ت: وأخاه. (¬7) ت: ابن. (¬8) ف + لأبيه النصف وللأخت للأم السدس وهي أخت الميت الأول. (¬9) ت: أختين. (¬10) كان جواب المسألة في م ف ت: الفضل للأخت والبقية للعصبة. والتصحيح من ب. وفي آخر م ف: وبالله التوفيق.

باب ما يسأل عنه الرجل من مشتبه الفرائض مما يكون من غير ولاء ولا مجوس

باب ما يسأل عنه الرجل من مشتبه الفرائض مما يكون من غير ولاء ولا مجوس ولو أن رجلاً سئل عن رجل مات وترك خال ابن عمته ولم يكن له خال غيره وترك عمة ابن خاله ولم يكن له عمة غيرها فإن هذين أبوا (¬1) الميت، لأن خال ابن عمته أبوه، وعمة ابن (¬2) خاله أمه. فإن سئل عن رجل مات وترك خاله وعمه فورثه الخال دون العم فإن الخال ابن (¬3) أخ، وإنما كان ابن أخ لأن (¬4) هذين (¬5) أخوان (¬6) لأب تزوج أحدهما جدة أخته من قبل أمه، فولدت له ابناً فهو ابن أخي (¬7) الآخر وخاله، لأنه أخو أمه من قبل أنه ابن جدته. فإن سئل عن رجل ورثه سبعة إخوة وأخت لهم المال بالسوية بينهم ثمنا ثمنا (¬8)، فإن هذا رجل تزوج أم امرأة (¬9) أبيه، فولدت منه سبعة بنين، فصاروا بنوه إخوة امرأة أبيه (¬10)، ثم مات الرجل وبقي أبوه حيّاً، ثم مات أبوه فورثته امرأته (¬11) الثمن، وما بقي فلبني ابنه ثمنا ثمنا (¬12)، فللمرأة الثمن (¬13)، ولكل واحد منهم ثمن ثمن (¬14)، وهم إخوتها لأمها. فإن سئل عن أخوين لأب وأم ورث (¬15) أحدهما (¬16) المال من رجل دون الآخر فإن هذا الميت ابن أحدهما، فلا يرث الآخر معه شيئاً. ¬

_ (¬1) م ف ت: أبي. والتصحيح من ب؛ والكافي، 3/ 297 ظ. (¬2) م: بن. (¬3) م: بن. (¬4) ف - لأن. (¬5) ف: لهذين. (¬6) ت: أخوين. (¬7) ف: الأخ؛ ت: أخ. (¬8) ت: ثمن ثمن. (¬9) ت: امرأته. (¬10) ف: ابنه. (¬11) ف: امرأة. (¬12) ت: ثمن ثمن. (¬13) م - فلبني ابنه ثمنا ثمنا فللمرأة الثمن (غير واضح). (¬14) ت - ثمن. (¬15) ف: وورث. (¬16) م - ورث أحدهما (غير واضح).

فإن سئل عن أخوين لأب وأم ورث أحدهما ثلاثة أرباع المال وورث الآخر الربع فإن هذه امرأة لها ابنا عم، وهما أخوان لأب وأم، فتزوجها أحدهما، ثم ماتت فصار لزوجها النصف، والنصف الآخر نصفان، فصار للزوج ثلاثة أرباع المال، وللآخر الربع. فإن سئل عن أخوين ورث أحدهما الثلثين والآخر الثلث فإن هذه امرأة لها ابنا عم أحدهما أخوها لأمها والآخر زوجها فماتت فصار للزوج النصف، وللأخ من الأم السدس، وما بقي يرد عليهما نصفين. فإن سئل عن ثلاثة إخوة ورث أحدهم الثلثين وورث اثنان سدساً سدساً (¬1) فإن هذه امرأة لها ثلاثة بني عم، وهم إخوة، فتزوجها أحدهم، ثم ماتت، فصار للزوج النصف، وما بقي فبينه وبين إخوته (¬2) أثلاثاً، فصار له الثلثان، ولكل واحد منهما السدس. فإن سئل عن رجل وأخوين له ورثوا المال، للرجل الثلث ولأحد الأخوين النصف وللآخر السدس، فإن هذه امرأة لها ابنا عم أحدهما أخوها (¬3) لأمها، والآخر الذي ليس هو أخوها لأمها له أخ لأم (¬4)، وليس بابن عم لها، وهو زوجها، فماتت، فصار لزوجها النصف، ولابن عمها الذي هو أخوها لأمها السدس، وما بقي فبين ابني عمها (¬5) نصفين، اللذين أحدهما أخوها لأمها (¬6)، فصار لأخيها (¬7) لأمها الثلث، وصار لابن عمها الآخر السدس، وهو أخو هذا لأمه (¬8)، فصار لزوجها النصف، وهو أخو هذا لأمه (¬9). فإن سئل عن رجل وأخته ورثا المال فصار للرجل سبعة أثمان المال ¬

_ (¬1) ت - سدسا؛ صح هـ. (¬2) ت: وما بقي فبين إخوته وبنيه. (¬3) ف - أخوها. (¬4) م ف ت: الأم. (¬5) ت: عمتها. (¬6) م + السدس وما بقي فبين ابني عمها نصفين اللذين أحدهما أخوها لأمها. (¬7) ت: لأختها. (¬8) م ت: هذه الامه. (¬9) م ت: هذه الامه؛ ف: هذه لامه.

ولأخته الثمن فإن هذا رجل تزوج أم امرأة أبيه فولدت منه غلاماً، ثم مات الرجل، ثم مات أبوه، فصار لامرأته الثمن، وما بقي فللغلام، لأنه ابن ابن، وهو أخو المرأة لأمها. فإن سئل عن رجل وابنه ورثا المال نصفين فإن هذه امرأة تزوجها ابن عمها وعمها حي، ثم ماتت فصار لزوجها النصف، وما بقي فللعم. فإن سئل عن رجل وابنته ورثا المال نصفين فإن هذه امرأة تزوجت ابن عمها فولدت منه ابنة ثم ماتت المرأة، فصار لابنتها (¬1) النصف ولزوجها الربم، وما بقي فله أيضاً، لأنه ابن عمها، وهو عصبتها. فإن سئل عن رجل وابنتيه (¬2) ورثوا المال أثلاثاً فإن هذه امرأة تزوجت ابن عمها فولدت له ابنتين، ثم (¬3) ماتت فصار لابنتيها الثلثان، ولزوجها الربم، وما بقي فله أيضاً، لأنه ابن عمها وعصبتها، فصار المال بينهم أثلاثاً. فإن سئل عن رجل وأمه ورثا المال نصفين فإن هذا رجل زوج ابن أخيه ابنته فولدت له ابناً (¬4)، ثم مات ابن الأخ ثم مات الرجل، فصار لابنته النصف، وما بقي فلابن ابنتها، وهو ابن ابن أخيه. فإن سئل عن رجل وامرأتيه ورثوا المال أثلاثاً فإن هذا رجل زوج ابنتي ابنتيه (¬5) ابن أخيه ثم مات ولا وارث له غيرهما وغير ابن أخيه، فصار لابنتي الابنتين الثلثان، وما بقي فلابن أخيه. فإن سئل عن رجل ورثه ثلاثة نسوة المال أثلاثاً (¬6) إحداهن أم الأخرى فإن هذا رجل زوج ابنة [ابن] (¬7) ابنه من ابن ابن له آخر، فولدت له ابنة، ثم مات ابن ابنه، وبقيت ابنتا (¬8) ابني ابنيه (¬9) إحداهما أم الأخرى، ثم مات ¬

_ (¬1) ت: لابنها. (¬2) ت: بنته؛ صح هـ. (¬3) م ت - ثم. (¬4) ت: ابنه. (¬5) م ف ت: ابنيه. (¬6) ت: أثلاث. (¬7) الزيادة من الكافي، 3/ 298 و. (¬8) ت: ابنتي. (¬9) ت: ابنته.

باب الرجل يترك النسوة يرثن الرجل أو الرجل يرث المرأة

الرجل وله أخت، فصار لهاتين (¬1) الثلثان (¬2)، ولأخته (¬3) الثلث. فإن سئل عن امرأة وابنتها وابن ابنتها ورثوا المال أثلاثاً فإن هذا رجل زوج ابن ابنه ابنة ابن ابن له آخر، فولدت له ابنة، ثم مات ابن الابن (¬4)، فهاتان الابنتان إحداهما أم الأخرى، ثم تزوج ابن أخ له ابنة الابن الميت فولدت له (¬5) ابناً، ثم مات ابن أخيه، ثم مات الرجل وترك ابنتي ابني ابنيه، فلهما الثلثان، وإحداهما أم الأخرى، وصار ما بقي لابن ابنة الابن، لأنه (¬6) ابن ابن أخيه وهو عصبته. ... باب الرجل يترك النسوة يرثن الرجل أو الرجل يرث المرأة فإن سئل عن رجل (¬7) ورثة سبعة عشر امرأة ماله بالسوية فإن هذا رجل مات وترك ثمان أخوات لأب وأم، وأربع أخوات لأم (¬8)، وثلاث نسوة، وجدتين، فللأخوات من الأب والأم الثلثان أربعة، وللأخوات من الأب الثلث سهمان، وللنسوة الربع سهم ونصف، وللجدتين السدس سهم، فأضعفها فتصير سبعة عشر، لكل واحدة منهن سهم سهم (¬9). فإن سئل عن رجل مات وترك عشرين ديناراً فورثت امرأته من ذلك ديناراً فإن هذا رجل مات وترك أختين لأب وأم، وأختين لأم، وأربع نسوة، فللأختين من الأب والأم الثلثان أربعة أسهم، وللأختين من الأم الثلث ¬

_ (¬1) م: لهاهن. (¬2) ت: الثلثين. (¬3) م ت: ولأمه. (¬4) م - ابنة ثم مات ابن الابن (غير واضح). (¬5) م - الميت فولدت له (غير واضح). (¬6) ت - لأنه. (¬7) ت - عن رجل. (¬8) ف - وأربع أخوات لأم. (¬9) ت - سهم.

سهمان، وللنسوة الربع سهم ونصف، فأصلها من سبعة أسهم ونصف، فأضعفها من قبل النصف فيصير خمسة عشر، للنسوة من ذلك ثلاثة، فلم يستقم بين أربع نسوة، فضربت الخمسة عشر في أربعة فتصير (¬1) ستين سهماً، للنسوة من ذلك اثنا (¬2) عشر، لكل واحدة منهن ثلاثة من ستين سهماً، لأن كل دينار صار على ثلاثة، لأنه صار عشرين في ثلاثة، فلما ورثت ثلاثة صار كأنها ورثت ديناراً، وهو واحد من عشرين، فصار لها دينار (¬3). فإن سئل عن امرأة ورثت أربعة أزواج واحداً بعد الآخر فصار لها نصف أموالهم جميعاً وللعصبة النصف فإن هذه امرأة تزوجها أربعة إخوة واحد بعد واحد، وبعضهم (¬4) ورثة بعض معها، فكان جميع مالهم ثمانية عشر ديناراً، لواحد (¬5) منهم ثمانية دنانير (¬6)، وللآخر ستة، وللآخر ثلاثة، وللآخر دينار، فتزوجها الذي له الثمانية الدنانير (¬7) ثم مات عنها وترك الثمانية (¬8) دنانير (¬9)، فصار لها الربع مما ترك، وهو ديناران، وصار ما بقي بين إخوته وهم ثلاثة، لكل واحد منهم ديناران، فصار لصاحب الستة ثمانية، ولصاحب الثلاثة خمسة، ولصاحب الدينار ثلاثة، ثم تزوجها الذي صار له ثمانية دنانير، ثم مات عنها فورثته الربع مما ترك، وهو ديناران، وصار ما بقي وهو ستة بين إخوته، لكل واحد ثلاثة، فصار للذي كان له خمسة ثمانية، وصار للذي كان له ثلاثة ستة، ثم تزوجها الذي صار له ثمانية، فمات عنها وترك ثمانية دنانير، فورثته الربع دينارين، وصار ما بقي لأخيه، وهي ستة، فصار لأخيه هذه الستة مع الستة الأولى فهي اثنا عشر، ثم تزوجها هذا الباقي وله اثنا عشر ديناراً، ثم مات عنها وترك اثني عشر ديناراً، فورثته الربع ثلاثة دنانير، فصار جميع ما ورثت منهم تسعة دنانير، ¬

_ (¬1) ت: فيصير. (¬2) ت: اثني. (¬3) م ف: ديناراً. (¬4) ت: وبعضهن. (¬5) ت: للولحد (¬6) ت - دنانير. (¬7) ت: دنانير. (¬8) ف: ثمانية. (¬9) ت - ثم مات عنها وترك الثمانية دنانير؛ صح هـ.

باب الميراث يقسم فيجيء الرجل أو المرأة فيقول لا تعجلوا بقسمة هذا الميراث

ورثت من الأول دينارين ومن الثاني (¬1) دينارين ومن الثالث دينارين ومن الرابع ثلاثة دنانير، وصار للعصبة تسعة دنانير، فصار لها النصف وللعصبة النصف. ... باب الميراث يقسم فيجيء الرجل أو المرأة فيقول لا تعجلوا بقسمة هذا الميراث ولو أن رجلاً أتى قوماً يقسمون (¬2) ميراثاً فقال لهم: لا تعجلوا بقسمة هذا الميراث فإن في امرأة غائبة، فإن كانت حية ورثت ولم أرث، وإن كانت ميتة ورثت ولم ترث، فإن هذه امرأة ماتت (¬3) وتركت (¬4) أماً وأختين لأب وأم، وتركت أخاً لأب وهو متزوج أختاً لها لأمها، فصار للأختين الثلثان، وللأم السدس، فإن كانت الأخت من (¬5) الأم حية فلها السدس الباقي، وإن كانت ميتة فهو للأخ، لأنه عصبة، وهو الذي جاء إليهم. فإن قال: لا تعجلوا بقسمة هذا الميراث، فإن كانت امرأتي حية ورثت ولم ترث، وإن كانت ميتة لم أرث أنا ولا هي شيئاً، فإن هذه امرأة ماتت وتركت جدها وزوجها وأمها وأخاها لأبيها، وهو متزوج أختها لأمها، فصار للزوج النصف، فإن كانت الأخت من الأم (¬6) حية كان للأم السدس، وصار الثلث الباقي بين الجد والأخ نصفين، فترث في هذه الحال، وإن كانت الأخت من الأم ميتة (¬7) كان للزوج النصف، وللأم الثلث، وللجد السدس، وسقطت الأخت (¬8) للأم (¬9) فلا ترث في هذه الحال شيئاً. ¬

_ (¬1) م ف: ومن الباقي. (¬2) ت: يقتسمون. (¬3) ت - ماتت. (¬4) ت: تركت. (¬5) ت + من. (¬6) ف: مع الأم. (¬7) م - ميتة (غير واضح). (¬8) م ف ت - الأخت. والزيادة من ع. (¬9) ف ت: الأم.

فإن جاءت امرأة فقالت: لا تعجلوا بقسمة هذا الميراث، فإني حبلى، فإن ولدت ولداً حياً غلاماً كان أو جارية ورث (¬1) معكم، فإن هذا رجل مات أبوه قبله ولأبيه سُرِّيَّة (¬2)، فمات الرجل بعد أبيه وله امرأة وعم وابنة، فأرادوا أن يقسموا الميراث، فقالت سرية أبيه: لا تعجلوا فإني حبلى، فهي إن ولدت غلاماً كان أخا الميت، وكان عصبة فيما بقي دون العم، وإن كانت جارية كان لها ما بقي. فإن جاءت إلى قوم يقسمون (¬3) ميراثاً فقالت: لا تعجلوا فإني حبلى، فإن ولدت غلاماً ورث، وإن ولدت جارية لم ترث، فإن هذا رجل مات أخوه وله سُرِّيَّة حبلى، ثم مات هو وترك ابنتين وعماً، فأرادوا أن يقسموا الميراث فقالت السرية: لا تعجلوا فإني حبلى، فهي إن ولدت غلاماً كان ابن أخ الميت، فكان أولى بما (¬4) بقي من العم، وإن هي ولدت جارية كانت ابنة أخ فلا ترث شيئاً، والميراث للعم لأنه عصبة. وإن جاءت فقالت: لا تعجلوا فإني حبلى، فإن ولدت غلاماً لم يرث، وإن ولدت جارية ورثت، فإن هذه امرأة مات أبوها وله سُرِّيَّة حبلى، ثم ماتت هي وتركت زوجها وأمها وأختها وأخاها لأمها، فجاءت سرية أبيها فقالت: لا تعجلوا، فهي إن ولدت جارية كانت أختاً، فيكون لها النصف، وإن ولدت غلاماً لم يرث (¬5) منه شيئاً (¬6)، لأنه عصبة، وقد كملت الفريضة، فلا شيء له. فإن جاءت فقالت: لا تعجلوا فإني حبلى فإن ولدت غلاماً لم يرث شيئاً وإن ولدت جارية لم يرث شيئاً وإن ولدتهما جميعاً ورثا، فإن هذا رجل مات أبوه وله (¬7) سرية حبلى، ثم مات الرجل وترك أمه وأخته لأبيه وأمه (¬8) وجده، فجاءت سرية أبيه وهم يقسمون، فهي إن ولدت غلاماً كان أخاً لأب، فكان للأم السدس، وكان ما بقي بين الجد والأخ ¬

_ (¬1) ت: ورثت. (¬2) هي جارية الرجل التي يطؤها. وقد تقدم. (¬3) ت: يقتسمون. (¬4) م ف ت: مما. (¬5) ت: لم ترث. (¬6) ت: شيء. (¬7) م ت: وليس له. (¬8) م - وأخته لأبيه وأمه (غير واضح).

والأخت للذكر مثل حظ الأنثيين، ثم يرد الأخ من الأب على الأخت من الأب (¬1) والأم ما في يديه حتى تستكمل (¬2) النصف، فلا يبقى له شيء، وكانت الفريضة من ستة، للأم السدس، وللجد سهمان، وللأخ من الأب سهمان، وللأخت من الأب والأم واحد، ثم يرد الأخ الذي في يديه على الأخت، فصار في يديها ثلاثة، وخرج الأخ بغير شيء. وإن هي ولدت جارية كان للأم السدس، وما بقي فبين الجد والأخت من الأب والأم للذكر مثل حظ الأنثيين، ثم ردت الأخت من الأب على الأخت من الأب والأم ما في يديها، ولم ترث شيئاً. وإن هي ولدت غلاماً وجارية كانت من ثمانية عشر سهماً، فكان للأم السدس ثلاثة، وكان للجد ثلث ما يبقى (¬3) خمسة، وبقي عشرة، للأخت من الأب والأم منها تكملة النصف تسعة، وللأخ والأخت من الأب واحد بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين، للأخت ثلث ذلك وللأخ ثلثاه، وهو قول زيد. فإن جاءت فقالت: لا تعجلوا فإني حبلى، فإن ولدت غلاماً ورث وورثت، وإن ولدت جارية لم أرث ولم ترث (¬4)، فإن هذا رجل زوج ابن ابنه ابنة ابن ابن له (¬5)، ثم مات ابن ابنه وابنة (¬6) ابن ابنه حبلى من إبن ابنه، ثم مات الرجل وترك ابنتيه وعصبة، فجاءت ابنة ابن ابنه (¬7) هذه (¬8) فقالت: لا تعجلوا، فهي إن ولدت جارية لم يكن لها ولا للجارية شيء، من قبل أن ابنتي الميت قد أحرزتا الثلثين، فلا شيء لهما، وما بقي فللعصبة، وإن ولدت غلاماً ورثت هي وهو، لأنها (¬9) ابنة (¬10) ابن ابن (¬11) الميت، وابنها ابن ابن ابنه، وما بقي بينهما (¬12) للذكر مثل حظ الأنثيين. ¬

_ (¬1) ت - على الأخت من الأب. (¬2) ت: يستكمل. (¬3) ت: ما بقي. (¬4) ت: يرث. (¬5) ف ت + آخر. (¬6) ت: ابنة. (¬7) ف - حبلى من ابن ابنه ثم مات الرجل وترك ابنتيه وعصبة فجاءت ابنة ابن ابنه. (¬8) ت: هذا. (¬9) ف + أحرزتا. (¬10) ف - ابنة. (¬11) ت - ابن؛ صح هـ. (¬12) ت: منهما.

باب الرجل أو المرأة يترك ثلاث بنات ابن بعضهن أسفل من بعض مع كل واحدة منهن عمتها وغير عمتها

فإن جاءت وقالت: لا تعجلوا فإني حبلى، فإن ولدت جارية ورثت أنا وهي، وإن ولدت غلاماً لم أرث أنا ولا هو، فإن هذه امرأة زوجت ابن ابنها ابنة ابن ابنها، ثم مات ابن ابنها وابنة ابن ابنها حبلى منه، ثم ماتت المرأة وتركت ابنتها وأبويها وزوجها، فجاءت ابنة ابن ابنها فقالت: لا تعجلوا فإني حبلى، فإن ولدت غلاماً كنت أنا وهو عصبة، فلم نرث شيئاً، لأن ابنة الميتة لها النصف، ولأبويها السدسان، وللزوج الربع، فقد عالت الفريضة ولم يبق لها شيء. وإن ولدت جارية كان لابنة الميتة (¬1) النصف، ولي ولها (¬2) تكملة الثلثين، وكان للأبوين السدسان، وللزوج الربع، فكانت الفريضة من تسعة أسهم ونصف، فكان (¬3) لي ولها واحد من سبعة ونصف. وإن جاءت إلى قوم فقالت: لا تعجلوا فإني حبلى، فإن ولدت غلاماً حياً وجارية ميتة ورثت أنا والغلام ولم ترث الجارية شيئاً، وإن ولدت جارية حية وغلاماً ميتاً لم يرث واحد منا، فإن هذا رجل له ابنتان وابنة ابن، فزوج ابنة ابنه (¬4) ابن ابن له آخر، ثم مات ابن ابنه وابنة ابنه حبلى من ابن ابنه، ثم مات الرجل وترك ابنتيه (¬5) وابنة ابنه وهي حبلى من ابن ابنه، فهي إن ولدت غلاماً حياً وجارية ميتة صار الغلام عصبة، فورث الغلام وهي ما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين، وإن هي ولدت جارية حية وغلاماً ميتاً لم يرث واحد (¬6) منهما شيئاً. ... باب الرجل أو المرأة (¬7) يترك ثلاث بنات ابن بعضهن أسفل من بعض مع كل واحدة منهن عمتها وغير عمتها ولو أن رجلاً مات وترك ثلاث بنات ابن بعضهن أسفل من بعض مع كل واحدة منهن عمتها فإن للعمة العليا النصف، وللعمة (¬8) الوسطى ولابنة ¬

_ (¬1) ت: الميت. (¬2) ت: ولهما. (¬3) ت - فكان. (¬4) ف + له؛ ت - ابنه. (¬5) ت: ابنته. (¬6) ت: واحداً. (¬7) ف: والمرأة. (¬8) م ف: ولعمة.

الابن (¬1) العليا السدس (¬2) تكملة الثلثين، وما بقي فللعصبة، وسقط ما سوى ذلك. فإن كان مع كل واحدة منهن عمتها وعمة عمتها فللعمة العليا ولعمة عمة الوسطى الثلثان، لأنهما ابنتا الميت، ولعمة عمة العليا ما بقي، لأنها أخت الميت. فإن كان مع كل واحدة منهن عمتها وعمها فلعمة العليا ولعمها المال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين، لأنهما ولد الميت، وسقط ما سوى ذلك. فإن كان مع كل واحدة منهن عمتها وابن أخيها فلعمة العليا النصف، ولعمة الوسطى ولابنة الابن (¬3) العليا السدس (¬4) تكملة الثلثين، وما بقي فللوسطى ولعمة السفلى ولابن أخ العليا للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن كان مع كل واحدة منهن عمتها وعمة عمتها وابن أخيها فلعمة العليا ولعمة عمة الوسطى الثلثان، وما بقي فللعليا (¬5) وللوسطى (¬6) ولعمة الوسطى ولعمة السفلى وعمة (¬7) عمة السفلى ولابن أخ العليا بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن كان مع كل واحدة منهن عمتها وعمة عمتها وأختها وابنة أخيها (¬8) وابن أخيها (¬9) وجدتها وأمها (¬10) فلعمة العليا ولعمة عمة الوسطى الثلثان، لأنهما ابنتا الميت، ولجدة العليا الثمن، لأنها امرأة الميت، وما بقي فلابنة الابن (¬11) العليا ولأختها ولابن أخيها ولابنة أخيها وللوسطى ولأختها ولعمتها ولعمة السفلى وعمة عمتها بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين. ولو أن رجلاً مات وترك ابن ابنته وابنة ابنه مع كل واحد منهما عم ¬

_ (¬1) م ف: ابن. (¬2) ف ت - السدس. (¬3) م ف ت: ابن. (¬4) م ف ت - السدس. والزيادة من ع. (¬5) ت - فللعليا. (¬6) ت: فللوسطى. (¬7) ف - السفلى وعمة. (¬8) ت: أختها. (¬9) ت: أختها. (¬10) كذا في الأصول. لكن لم يذكر نصيب الأم في جواب المسألة. ولعل الصواب حذفها. (¬11) م ف ت: ابن.

باب الرجل يترك ثلاث أخوات متفرقات مع كل واحدة ثلاث أخوات متفرقات

وخال فلخال ابن الابنة ولعمه ولعم (¬1) ابنة (¬2) الابن المال بينهما نصفان، وسقط ما سوى ذلك. فإن كان مع كل واحد منهما خالة وعمة (¬3) فلعمة ابنة الابن ولخالة ابن الابنة الثلثان، وما بقي فللعصبة. ... باب الرجل يترك ثلاث أخوات متفرقات مع كل واحدة ثلاث أخوات متفرقات ولو أن رجلاً مات وترك ثلاث إخوة متفرقين مع كل واحد منهم ثلاثة إخوة متفرقين فإن هؤلاء أربعة إخوة لأم، فلهم الثلث، وأخوان لأب وأم، فلهما ما بقي، وأربعة إخوة لأب سقطوا فلا شيء لهم. وأما الإخوة من الأم فهو الأخ من الأم وأخوه لأبيه وأمه وأخوه لأمه وأخو (¬4) الأخ من الأب والأم (¬5)، فهؤلاء أربعة، فلهم الثلث. وأما الأخوان لأب وأم فهو الأخ من الأب والأم وأخوه لأبيه وأمه، فهو بمنزلته، فلهما ما بقي وأما الأربعة الإخوة لأب الذين سقطوا فهو الأخ من الأب وأخوه لأبيه وأخوه لأبيه (¬6) وأمه وأخ الأخ من الأب والأم لأبيه، فهؤلاء أربعة إخوة لأب. فإن كان مع كل واحد منهم ثلاث أخوات متفرقات ولم يكن معهم إخوة متفرقون (¬7) فإن هذا رجل ترك أخاً لأم وثلاث أخوات لأم فلهم الثلث بالسوية، وترك أخاً لأب وأم وأختاً لأب وأم فما بقي بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين، وسقط ما سوى ذلك. ¬

_ (¬1) م - ولعم؛ ف ت: ولعمة. (¬2) ت: ابن. (¬3) م ف: خالته وعمته. (¬4) ت: وأخ. (¬5) ت: من الأم والأب. (¬6) ت - وأخوه لأبيه؛ صح هـ. (¬7) ت: متفرقين.

فإن ترك ثلاث أخوات متفرقات مع كل واحدة منهن ثلاث أخوات متفرقات فإن الميت ترك أربع أخوات لأم فلهن الثلث، وأختين لأب وأم فلهما الثلثان، وأربع أخوات لأب قد سقطن. فإن كان مع كل واحدة منهن ثلاثة إخوة متفرقين فإن الميت قد ترك أختاً لأم وثلاث (¬1) إخوة لأم فلهم الثلث، وترك أختاً لأب وأم وأخاً لأب وأم فما (¬2) بقي بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين، وسقط ما سوى ذلك. فإن كان مع كل واحدة منهن ثلاث بني إخوة متفرقين فللأخت من الأب والأم النصف، وللأخت من الأب السدس تكملة الثلثين، وللأخت من الأم السدس، وما بقي فلابن الأخ من الأب والأم. فإن كان مع كل واحدة منهن ثلاثة عمومة متفرقين فللأخت من الأب والأم النصف، وللأخت من الأب السدس تكملة الثلثين، وللأخت من الأم السدس، وما بقي فهو لعم الأخت من الأب والأم لأبيه وأمه ولعم الأخت من الأب (¬3) أيضاً لأبيه وأمه وهما عما الميت لأبيه وأمه فهو بينهما نصفين، وسقط ما سوى ذلك. فإن كان مع كل واحدة منهن ثلاثة بني عم متفرقين فما بقي فلابن عم الأخت من الأب والأم لأبيه وأمه ولابن عم الأخت من الأب لأبيه وأمه نصفين، وسقط ما سوى ذلك. فإن كان مع كل واحدة منهن أبوها وأخوها فالمال لأب الأخت من الأب والأم وأبي الأخت من الأب، لأنه أب الميت، وسقط الإخوة والأخوات. فإن كان مع كل واحدة منهن جدها وأخوها لأبيها فجد الأخت من الأب والأم (¬4) هو (¬5) جد الميت، فقد ترك الميت جده وأخته لأبيه وأمه ¬

_ (¬1) م - أختا لأم وثلاث (غير واضح). (¬2) م ف ت: ومما. (¬3) ت + والأم. (¬4) م ف ت + وجد الأخت من الأب. والتصحيح مستفاد من السياق. وانظر: المبسوط، 30/ 67. (¬5) م ف ت: فهو.

باب المتشابه من النسب من وجهين

وأخته لأبيه وأخا أخته من أبيه وأمه لأبيها فهو أخ الميت لأبيه، وأخ الأخت للأب وهو أخ (¬1) الميت أيضاً لأبيه، فقد ترك الميت جداً وأختاً لأب وأم وأخوين وأختاً لأب، فللجد الثلث في قول زيد، وما بقي فبين الأخت من الأب والأم (¬2) والأخوين والأخت من الأب للذكر مثل حظ الأنثيين، ثم يردون على الأخت من الأب والأم. ولو أن رجلاً مات وترك ثلاث بني إخوة متفرقين مع كل واحدة (¬3) ثلاثة عمومة متفرقين فالمال لعم ابن الأخ من الأب والأم لأبيه وأمه خاصة، وسقط ما سوى ذلك. فإن كان مع كل واحد منهم ثلاث عمات متفرقات فلعمة ابن الأخ من الأب والأم لأبيه وأمه النصف (¬4)، ولعمة ابن الأخ لأب وأم لأبيه ولعمة ابن الأخ من الأب لأبيه وأمه ولعمته لأبيه فلهؤلاء الثلاثة تكملة الثلثين، لأنهن أخوات الميت لأبيه، ولعمة ابن الأخ من الأب لأب وأم (¬5) ولعمة ابن الأخ من الأم لأبيه وأمه ولعمته لأمه الثلث. ولو أن رجلاً مات وترك ثلاث عمات (¬6) متفرقات مع كل واحدة منهن ثلاثة بني إخوة متفرقين وثلاثة عمومة متفرقين فالمال لابن أخ العمة لأب وأم لأبيها وأمها، لأنه ابن (¬7) عم الميت لأبيه وأمه، وسقط ما سوى ذلك. ... باب المتشابه من النسب من وجهين ولو أن رجلاً مات وترك أخوين لأب أحدهما لأم فإن الذي لأم هو لأب وأم، فله المال، وسقط الآخر. ¬

_ (¬1) ت: أخو. (¬2) ت: من الأم والأب. (¬3) ت: واحد. (¬4) م - النصف (غير واضح). (¬5) م ف ت + لأمه. (¬6) ت - عمات. (¬7) ت: ابني.

فإن ترك أخوين لأم أحدهما لأب فإن للأخ الذي هو أخ لأم وليس بأخ لأب السدس، وما بقي فللذي هو أخ لأب وأم. فإن ترك أخوين لأم أحدهما لأب وأخوين لأب أحدهما لأم فإن الميت قد ترك أخاً لأب وأخاً لأم وأخوين لأب وأم، فللأخ من الأم السدس، وما بقي فللأخوين من الأب والأم، وسقط (¬1) الأخ من الأب. فإن ترك أخوين لأب أحدهما لأم وأختين لأم إحداهما (¬2) لأب فإن الميت قد ترك أختاً لأم وأخاً لأب وأخاً وأختاً لأب وأم فللأخت من الأم السدس، وما بقي فللأخ والأخت من (¬3) الأب والأم للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن ترك أختين لأب إحداهما لأم وأخوين (¬4) لأم إحداهما لأب فقد ترك أخاً لأم وأختاً لأب وأخاً وأختاً لأب وأم (¬5)، فللأخ من الأم السدس، وما بقي فللأخ والأخت من الأب والأم للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن ترك أختين (¬6) لأم إحداهما لأب وأختين لأب إحداهما لأم فقد ترك الميت أختاً لأب وأختاً لأم وأختاً لأب وأم، فللأخت من الأم السدس، وللأختين من الأب (¬7) والأم (¬8) الثلثان، وما بقي فللعصبة. فإن ترك ثلاث أخوات لأب إحداهن لأم (¬9) وثلاث أخوات لأم إحداهن لأب فقد ترك الميت أختين لأب وأم وأختين (¬10) لأب (¬11) وأختين لأم، فللأختين من الأب والأم الثلثان، وللأختين من الأم الثلث. فإن ترك أخاً (¬12) وأختاً لأب الأخت من الأم وأخاً وأختاً لأم الأخت ¬

_ (¬1) م: سقط. (¬2) م ف: أحدهما. (¬3) م - وما بقي فللأخ والأخت من (غير واضح). (¬4) م - إحداهما لأم وأخوين (غير واضح). (¬5) ف - وأخا وأختا لأب وأم. (¬6) م - أختين (غير واضح). (¬7) ت - الأب. (¬8) ت: الأم. (¬9) ت: لأ. (¬10) م: أختين. (¬11) ت - وأم وأختين لأب. (¬12) ت - أخا.

من الأب فقد ترك الميت أختين لأب وأم وأخاً لأب وأخاً لأم، فللأختين من الأب والأم الثلثان وللأخ من الأم السدس وما بقي فللأخ من الأب. ولو أن امرأة ماتت وتركت ابني عمها أحدهما أخوها لأمها وتركت أخوين لأم أحدهما ابن عمها فقد تركت ثلاثة إخوة لأم، اثنان كان ابن (¬1) عم، فلهم الثلث بينهم أثلاثاً، وما بقي فللأخوين للأم اللذين هما ابنا عم ولابن العم الآخر الذي ليس هو أخاً (¬2) لأم بينهم أثلاثاً في قول علي وزيد. فإن تركت أختين لأم إحداهما ابنة عم وابني عم أحدهما أخ لأم فقد ترك الميت أختين وأخاً لأم، فلهم الثلث بينهم بالسوية، وما بقي فلابني العم الذي أحدهما أخ لأم بينهما نصفين في قول علي وزيد. فإن تركت (¬3) ثلاثة بني عم أحدهم زوج والآخر أخ لأم وثلاثة إخوة أحدهم ابن عم فقد ترك أربعة إخوة لأم، فلهم الثلث بينهم بالسوية، وللزوج النصف، وما بقي فللثلاثة بني عم الذين (¬4) أحدهم زوج وأحدهم أخ لأم ولأحد الإخوة من الأم الذي هو ابن عم، فصار ما بقي بين أربعة، يرث منهم اثنان لأنهما أخوان لأم ويرثان لأنهما ابنا عم في قول علي وزيد. فإن تركت ابنتي عمها إحداهما (¬5) أختها (¬6) لأمها وأختين لأم إحداهما ابنة عم فقد ترك ثلاث أخوات لأم (¬7)، فللثلاث الأخوات للأم الثلث، وما بقي فللعصبة، وسقط ما سوى ذلك. ولو أن رجلاً مات وترك ابنتي عمه إحداهما امرأته والأخرى أخته لأمه وترك ثلاث أخوات لأم أحدهم ابن عم فقد ترك الميمت ثلاثة إخوة لأم وأختاً لأم، فلهم الثلث بينهم بالسوية، وترك امرأته فلها الربع، وترك ابن عمه وهو أخوه لأمه فله ما بقي. ¬

_ (¬1) ت: ابنا. (¬2) ت: أخ. (¬3) ت: ترك. (¬4) ت: اللذين. (¬5) م - ابنتي عمها إحداهما (غير واضح). (¬6) ت: أخيها. (¬7) م - أخوات لأم (غير واضح).

باب المتشابه من النسب

فإن ترك ابن أخ لأم وهو ابن أخت لأب وخالة وابنة (¬1) عم فإن المال لابن الأخ من الأم الذي هو ابن أخت لأب في قول يعقوب ومحمد، قاساه على قول علي بن أبي طالب. ولو أن امرأة زوجت ابنة ابنتها ابن ابنها فولدت منه ابناً فإن قرابتها منه أنها جدة أمه من قبل أمها وجدة أبيه من قبل أبيه، فإن كانت لأبيه جدة أخرى من قبل أمه ثم مات هذا المولود وترك هاتين الجدتين فإن السدس بينهما، للجدة الأولى ثلثاه وللجدة الأخرى ثلثه في قول محمد. وقال أبو يوسف: السدس بينهما نصفان. ولو أن رجلاً له ابنان جاءت جارية لهما بولد فادعياه جميعاً فهو ابنهما (¬2)، يرثهما ويرثانه. فإن ماتا وبقي الجد ثم إن الجد مات وترك ابن ابنيه هذا وابن ابن أختين فإنهما يرثان ماله نصفين، ولا يرث هذا من قبل وجهين، إنما يرث من (¬3) وجه واحد، ولا (¬4) يشبه هذا الجدة، لأن الجدة لها نسبان معروفان، وهذا إنما الولد واحد إلا أنا لا نعرفه، فنسبه نسب واحد. ... باب المتشابه من النسب ولو أن رجلين ليس بينهما قرابة تزوج كل واحد منهما أم الآخر فولد لكل واحد منهما غلام فإن القرابة ما بين الغلامين أن كل واحد عم الآخر لأمه، ولا يرث واحد منهما من صاحبه إن مات، وماله للعصبة. فإن تزوج كل واحد منهما ابنة الآخر فولد لكل واحد منهما ابن فإن القرابة ما بين الغلامين أن كل واحد منهما (¬5) ابن خال الآخر، ولا يرث واحد منهما صاحبه. ¬

_ (¬1) ت: وابن. (¬2) ت: ابنيهما. (¬3) ت + قبل. (¬4) ف: لا. (¬5) م + أخت الآخر فولد لكل واحد منهم غلام فإن القرابة ما بين الغلامين أن كل واحد منهما.

باب ما يسأل عن الرجل من الفرائض المحال

فإن تزوج أحدهما أم الآخر وتزوج الآخر (¬1) ابنة الآخر فولد لكل واحد منهما غلام فإن قرابة (¬2) ما بين الغلامين أن ابن الذي تزوج (¬3) الأم خال ابن الذي تزوج الابنة وعمه، وابن الذي تزوج الابنة ابن أخت الذي تزوج الأم وابن أخيه لأمه، فلا يرث واحد منهما صاحبه إن مات، لأنه ليس واحد منهما عصبة صاحبه (¬4). ولو أن رجلاً وابنه تزوجا (¬5) امرأة وابنتها، تزوج الأب الأم وتزوج الابن الابنة فولد لكل واحد منهما غلام فإن قرابة ما بين الغلامين أن ابن الذي تزوج الأم عم ابن الابن الذي تزوج الابنة وخاله، وابن الابن أخ ابن (¬6) الأب وابن أخيه، فأيهما مات (¬7) ورث صاحبه، من قبل أن العم عم لأب، والآخر ابن أخيه لأبيه. فإن تزوج الأب الابنة وتزوج الابن الأم فولد لكل واحد منهما غلام فإن قرابة ما. بين الولدين (¬8) أن ابن (¬9) الأب عم ابن الابن وابن أخته، وابن الابن خال (¬10) ابن (¬11) الأب وابن أخيه، فأيهما مات ورثه الآخر، لأن أحدهما عم الآخر لأبيه، والآخر ابن أخيه لأبيه. ... باب ما يسأل عن الرجل (¬12) من الفرائض المحال ولو أن رجلاً سأل (¬13) عن رجل مات وترك والديه وما ولد فإن هذا ¬

_ (¬1) م - وتزوج الآخر (غير واضح)؛ ت: والآخر. (¬2) ت: القرابة. (¬3) م - الذي تزوج (غير واضح). (¬4) م ف ت: خاصة. (¬5) م ف ت: تزوج. (¬6) م: بن. (¬7) م - أخيه فأيهما مات (غير واضح). (¬8) ت: الغلامين. (¬9) م: بن. (¬10) ت: الخال. (¬11) م: بن. (¬12) ت: من الرجل. (¬13) ت: يسأل.

باب إقرار الرجل بالورثة ممن يثبت نسبة ويرث مع الورثة المعروفين في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد

لا يكون، من قبل أن الميت مما ولد، إلا أن يقول: وما ولدا سواه، فهو مستقيم. فإن سئل عن أم وأبوين فإن هذا لا يكون، لأن الميت إما رجل وإما امرأة. فإن سئل عن ابني عم أحدهما أخ لأب أو أحدهما ابن أخ لأب وأم فإن هذا لا يكون، لأنه لا يكون ابن عم أخ (¬1) لأب ولا ابن (¬2) أخ لأب وأم. فإن سئل عن رجل مات وترك ابنته وأبوي ابنته فإن هذا لا يكون، لأن الميت أحد أبوي ابنته. فإن سئل عن عم وهو أخ لأم فإن هذا لا يكون، لأن أبي (¬3) العم هو جد الميت، فليس له أن يتزوج امرأة ابنه (¬4). فإن سئل عن رجل مات وترك عم ابن أخيه ولم يكن لابن أخيه عم غيره فإن هذا لا يكون. فإن سئل عن رجل مات وترك ابن أخي عمه ولم يكن لعمه (¬5) أخ غيره ولم يكن لأخي (¬6) عمه ولد غير هذا فإن هذا لا يكون، لأنه ابن أخي عمه. ... باب إقرار الرجل بالورثة ممن يثبت نسبة ويرث مع الورثة المعروفين في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد وإذا أقر الرجل بالولد ذكراً أو أنثى فإنه يثبت نسبه منه، ويرث مع ولده. ¬

_ (¬1) ت: أخا. (¬2) م: ولابن. (¬3) ت: أبا. (¬4) ت: أبيه. (¬5) م - ولم يكن لعمه (غير واضح). (¬6) ت: لأخ.

وكذلك إذا أقر بأب وصدقه (¬1) الأب فإنه يرثه (¬2)، ويثبت نسبه منه. وكذلك إذا أقر بمولى عتاقة فقال: فلان أعتقني، ثبت ولاؤه منه وورثه. وكذلك إن أقر بامرأة فقال: فلانة امرأتي، ثبت النكاح وورثته. وكان أَبو حنيفة يقول: لا يجوز إقرار الرجل بوارث إذا كان له وارث معروف أو ذو قرابة معروفة إلا بهؤلاء (¬3) الأربعة الذين سمينا بالأب والولد والمولى مولى عتاقة والمرأة. وكان أَبو حنيفة يقول: إذا أقرت المرأة بأب وصدقها الأب ثبت نسبها منه وورثها. وإن أقرت بمولى عتاقة ثبت ولاؤه (¬4) وورث. وإن أقرت بزوج ثبت النكاح (¬5) وورث. وكان لا يجيز إقرارها مع الوارث المعروف ولا مع ذي قرابة معروفة إلا بهؤلاء الثلاثة الذين سمينا الأب والمولى والزوج إذا صدقوها، ولا يجوز إقرارها فيما سوى ذلك. وتفسير ما وصفنا (¬6): رجل أقر فقال: فلان ابني، وله ابن معروف، فإنه يثبت نسبه ويكون ابنه، ويرثه مع ابنه. فإن أقر بأب فقال: فلان أبي، وصدقه الأب، فإن إقراره جائز ويثبت نسبه منه، ويرثه مع الولد ولد الرجل المعروفين. فإن أقر بمولى عتاقة ثبت ولاؤه، فإن مات ولم يدع وارثاً كان عصبة. وإن أقر بامرأة وله ابن معروف فإن النكاح يثبت وترثه. وإن (¬7) أقرت امرأة بأب وصدقها ولها ابن معروف فإن نسبها يثبت منه ¬

_ (¬1) م - بأب وصدقه (غير واضح). (¬2) ت: يرث. (¬3) ف: هؤلاء. (¬4) ف - ثبت ولاؤه. (¬5) ت: نكاحه. (¬6) ت: وتفسير ذلك. (¬7) ت: فإن.

باب إقرار الرجل والمرأة بالورثة المعروفين لا ذوي قرابة معروفة فى قول أبي حنيفة وأبي يوسف

ويرثها ميراث الأب، وإن أنكر ذلك الابن لم ينظر إلى قوله. وإن أقرت بمولى عتاقة ولها ابنة معروفة فأنكرت ذلك الابنة (¬1) لم ينظر إلى قولها، وثبت (¬2) ولاؤها. وإن أقرت بزوج ولها ابن معروف فأنكر ذلك الابن لم ينظر إلى قوله، والنكاح ثابت. وكان أَبو حنيفة لا يجيز إقرار المرأة إلا فيما سمينا مع الوارث المعروف أو مع ذوي (¬3) القرابة المعروفة (¬4). وإن أقر الرجل والمرأة في الصحة والمرض فيما سمينا [فهو] سواء (¬5). [و] هذا كله قول أبي يوسف ومحمد. ... باب إقرار الرجل والمرأة بالورثة المعروفين لا ذوي قرابة معروفة فى قول أبي حنيفة وأبي يوسف وإذا أقر بابن ابن فإنه لا يجوز إقراره ولا يثبت نسبه. وكذلك لو أقر بابنة ابن أو ابنة ابنة. وكذلك لا يجوز إقراره بشيء من ولد الولد الذكورة ولا من الإناث مع وارث معروف، ولا مع ذي قرابة معروفة. وكذلك لا يجوز إقراره بجد من قبل أبيه ولا من قبل أمه. وكذلك لا يجوز إقراره بأخ لأب وأم ولا لأب ولا لأم (¬6). ¬

_ (¬1) ت: الابنة ذلك. (¬2) م ت: ويثبت. (¬3) ت: ذي. (¬4) ت - المعروفة. (¬5) ت: سوى. (¬6) ف - وكذلك لا يجوز إقراره بأخ لأب وأم ولا لأب ولا لأم؛ ت: ولأم.

وكذلك لا يجوز إقراره بخالة ولا عمة ولا بني عم ولا بني خال ولا بني خالة ولا بني عمة. ولا يجوز إقراره بأحد ممن سمينا مع الوارث المعروف ولا ذي القرابة المعروفة. فإن كان المقر به معروف (¬1) النسب لم يجز إقراره به فيما أجزنا (¬2) إقراره من الولد والوالد. وإن كان المقر معروف النسب لم يجز إقراره بأب. وإن كان له مولى عتاقة معروف لم يجز إقراره بمولى (¬3) غيره. وإن أقر بامرأة لها زوج معروف لم يثبت النكاح ولم يرث منه شيئاً. والمرأة والرجل في جميع ذلك سواء إلا في الولد، فإن المرأة لا يجوز إقرارها بولد ذكر ولا أنثى. وتفسير ما وصفنا: رجل أقر بابن ابن وله أخ معروف فإقراره باطل، ولا يرثه، والمال للأخ المعروف. فإن أقر (¬4) بجد أبي (¬5) أب وله ابنة معروفة وعم معروف فإقراره باطل، لا يرث الجد منه شيئاً، ويكون للابنة النصف، وما بقي فللعم. وإن أقر بابنة ابن وله ابنة معروفة فإقراره باطل وللابنة النصف، وما بقي فلها أيضاً، ولا ترث ابنة الابن منه شيئاً. فإن أقر بأخ لأب وأم وله أخ معروف فإنه لا يثبت نسبه، ولا يرث مع الأخ المعروف. ¬

_ (¬1) ت: المعروف. (¬2) م ف ت: أخذنا. (¬3) ف ت: لمولى. (¬4) ت: أقرت. (¬5) ت: أبي.

باب إقرار الرجل والمرأة بالورثة ممن يرثه وممن لا يرثه في قولا أبي حنيفة

فإن أقر بابن أخ لأب وأم أو بابن (¬1) أخ لأب أو بابن أخ لأم أو أقر بإخوة وله ابن عم معروف فإنه لا يثبت نسب أحد من هؤلاء، ولا يرث، والميراث لابن العم المعروف. وإن أقر بخالة أو بعمة أو بخال أو بعم أو بابن خالة أو بابن خال (¬2) أو بابن عم أو بابنة عم وله ابنة عم معروفة فإقراره في جميع ما وصفنا باطل، والمال لابنة العم (¬3) المعروفة. فإن أقر بأم أو بجدة من قبل أبيه (¬4) أو (¬5) من قبل أمه وله ذو قرابة معروفة (¬6) خال أو عم أو ابن عم أو ابنة عم معروفة فإقراره باطل، والميراث لذوي القرابة المعروفة. وإقرار الرجل والمرأة في جميع ما وصفنا سواء. ... باب إقرار الرجل والمرأة بالورثة ممن يرثه وممن لا يرثه في قولا أبي حنيفة وإذا أقر الرجل بابنة وابنة ابن وليس له وارث معروف ولا ذو قرابة معروفة وكل واحدة (¬7) منهما تنكر صاحبتها فللابنة النصف، وما بقي فلها أيضاً، لأن نسبها قد ثبت، ولا ترث ابنة الابن شيئاً. فإن أقر بابنة ابن وامرأة وأم بعضهن ينكر بعضاً فللمرأة الربع، وما بقي فهو بين ابنة الابن والأم على أربعة أسهم، لابنة الابن ثلاثة أرباعه وللأم ربعه. ¬

_ (¬1) ف: أو ابن. (¬2) م - أو بابن خال (غير واضح)؛ ف ت - أو بابن خال. (¬3) م - وصفنا باطل والمال لابنة العم (غير واضح). (¬4) م ت - من قبل أبيه. (¬5) ف - من قبل أبيه أو. (¬6) ت: معروف. (¬7) ت: واحد.

فإن أقر بابنتي (¬1) ابن وأم وامرأة وبعضهن ينكر بعضاً فللمرأة الربع، وما بقي فهو بين ابنتي (¬2) الابن والأم على خمسة أسهم (¬3)، لابنتي (¬4) الابن من ذلك أربعة أخماسه بينهما نصفين، وللأم خمسه، مِن قِبَل أنه أقر لابنتي (¬5) الابن (¬6) بالثلثين أربعة أسهم، وللأم بالسدس سهم، وللمرأة بالثمن، فجحدت المرأة فأخذت الربع كاملاً، وصار ما بقي بينهن (¬7) على قدر سهامهن (¬8). فإن أقر بأخت لأب وأم أو بامرأة وبأب فللمرأة الربع، وما بقي فللأخت، لأن نسبه قد ثبت من الأب. فإن أقر بمولى عتاقة وأقر بابنة وابنة ابن وأخت لأب (¬9) وأم وبأخ لأب وبامرأة فللابنة النصف، وللمرأة الثمن، وما بقي فللمولى. فإن أقر بابنة ابن وبامرأة وبأخت (¬10) لأب وأم وله أخت لأم معروفة ثم مات وبعضهن ينكر بعضاً فللمرأة الربع كاملاً، وما بقي فللأخت من الأم. فإن أقر بامرأة وبابنة ابن وبأخت لأب وأم ثم مات وبعضهن ينكر بعضاً فللمرأة الربع كاملاً، وما بقي فبين ابنة الابن والأخت على سبعة أسهم، لابنة الابن أربعة أسهم، وللأخت ثلاثة أسهم، وللمرأة الثمن واحد، فلم تصدقهن المرأة، فأخذت الربع كاملاً، فصار ما بقي بين ابنة الابن وبين الأخت على سبعة أسهم. فإن أقر بابنتي ابن وبأخت لأب وأم وبامرأة ثم مات وبعضهن ينكر ¬

_ (¬1) ت: بابنين. (¬2) ت: ابنين. (¬3) ت - أسهم. (¬4) ت: لابنى. (¬5) ت: لابنى. (¬6) ف - من ذلك أربعة أخماسه بينهما نصفين وللأم خمسه من قبل أنه أقر لابنتي الابن. (¬7) ت: بينهم. (¬8) ت: سهامهم. (¬9) ف: لابن. (¬10) ت: أو بامرأة وأخت.

بعضاً فللمرأة الربع كاملاً، وما بقي فبين (¬1) ابنتي الابن والأخت على أحد وعشرين سهماً، لابنتي الابن ستة عشر سهماً، وللأخت خمسة أسهم. فإن أقر بأخت لأم وأخ لأب وبامرأة وبأم وبابنة ابن ثم مات وبعضهن ينكر بعضاً فللمرأة الربع كاملاً، وما بقي فهو بين ابنة الابن والأم والأخ من الأب على واحد وعشرين سهماً، لابنة الابن من ذلك اثنا (¬2) عشر سهماً، وللأم أربعة أسهم، وللأخ من الأب خمسة أسهم، وسقطت الأخت من الأم. فإن أقر بثلاث أخوات متفرقات وابنة ابن ثم مات وبعضهن ينكر بعضاً فلابنة الابن النصف، وما بقي فللأخت من الأب والأم، وسقطت الأخت من الأب والأخت من الأم. فإن تصادقن الأخوات فيما بينهن أنهن أخوات متفرقات وجحدن أن تكون (¬3) التي أقر بها (¬4) ابنة ابنه فلابنة الابن النصف، والنصف الآخر تقسمه الأخوات على خمسة أسهم، للأخت من الأب والأم ثلاثة أخماسه، وللأخت من الأب خمسه، وللأخت من الأم خمسه. وإن لم يكن الإقرار على ما وصفنا ولكن الأخت من الأب والأم أقرت بالأخت من الأب وأنكرت الأخت من الأم وأنكرت ابنة الابن فإن الأخت من الأب والأم تقاسم الأخت من الأب ما في يديها على أربعة أسهم، للأخت من الأب والأم ثلاثة، وللأخت من الأب سهم. فإن أنكرت الأخت من الأب وابنة الابن وأقرت بالأخت من الأم فإنها تقاسمها أيضاً ما في يديها على أربعة أسهم، للأخت من الأب والأم ثلاثة وللأخت من الأم سهم (¬5). فإن أقرت ابنة الابن بالأخت من الأب وأنكرت الأخت من الأب والأم والأخت من الأم فإنها تعطيها نصف ما بقي في يديها من قبل أنها ¬

_ (¬1) ف ت: فهو بين. (¬2) ت: اثني. (¬3) ت: أن يكون. (¬4) ف: أنها. (¬5) ت - فإن أنكرت الأخت من الأب وابنة الابن وأقرت بالأخت من الأم فإنها تقاسمها أيضا ما في يديها على أربعة أسهم للأخت من الأب والأم ثلاثة وللأخت من الأم سهم.

باب المرأة تقر ببعض الورثة ثم تموت وبعضهم ينكر بعضا في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد

زعمت أن المال كان بينهما نصفين. فإن أقرت بالأخت من الأم خاصة وأنكرت الأخت من الأب والأم والأخت من الأب فلا شيء للأخت من الأم، لأن ابنة الابن زعمت أن الأخت من الأم لا ترث معها شيئاً. ... باب المرأة تقر ببعض الورثة ثم تموت وبعضهم ينكر بعضاً في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد وإذا أقرت المرأة بابنة وأخت ثم ماتت وكل واحدة منهما تنكر الأخرى فللابنة النصف، وما بقي فللأخت. فإن أقرت بابنة وابنة ابن وأخت ثم ماتت وبعضهن ينكر بعضاً فللابنة النصف، ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت. فإن أقرت بابنة وابنة ابن وزوج وأخت ثم ماتت وبعضهن ينكر بعضاً فللزوج النصف، لأن النكاح قد ثبت، وما بقي فبين الابنة وابنة الابن والأخت على تسعة (¬1) أسهم، للابنة ستة أسهم، ولابنة الابن سهمان، وللأخت سهم. فإن أقرت بابنة وابنة ابن وزوج وأخت ومولى عتاقة ثم ماتت وبعضهن ينكر بعضاً فللزوج النصف، وما بقي فللمولى، وسقط ما سوى ذلك. فإن أقرت بابنة وزوج وأخت ثم ماتت وبعضهم ينكر بعضاً فللزوج النصف، وما بقي فبين الابنة والأخت على ثلاثة أسهم، للابنة من ذلك سهمان، وللأخت سهم. فإن أقرت بزوج وأم وأخت وابنة ابن ولها أخت لأم معروفة ثم ماتت وبعضهم ينكر بعضاً فللزوج النصف، وما بقي فللأخت من الأم، ¬

_ (¬1) م ف ت: سبعة.

وسقط ما سوى ذلك. وكذلك لو كان مكان الأخت من الأم أخ لأم (¬1). فإن أقرت بخالة وعمة وزوج وأم فللزوج النصف، وللأم الثلث، وما بقي رد على الأم خاصة، وسقط ما سوى ذلك. فإن أقرت بثلاث أخوات متفرقات وبابن وابنة ولها ابنة عم معروفة فالمال لابنة العم المعروفة، وسقط ما سوى ذلك (¬2). فإن أقرت بابنة وابنة ابن وزوج فللزوج النصف، وما بقي فبين الابنة وابنة الابن على أربعة أسهم، للابنة ثلاثة أسهم، ولابنة الابن سهم. فإن أقرت بأم وابن وزوج ثم ماتت وبعضهم ينكر بعضاً فللزوج النصف، وما بقي فبين الأم والابن على تسعة أسهم، للأم من ذلك سهمان، وللابن سبعة أسهم (¬3). فإن أقرت بذي قرابة مجهولين لا يعرفون ولها ذو رحم معروف فالمال لذي الرحم المعروف، ولا شيء للمقر به. فإن أقرت بذوي قرابة مجهولين ممن لا سهم لهم وليس لها ذو قرابة معروف ولا مولى عتاقة فإنه ينزل كل ذي قرابة منزلة (¬4) الرحم التي يدلي بها، ثم يورثون (¬5) المال على قدر ذلك بما يورث (¬6) المعروفون (¬7). وإذا أقر الرجل والمرأة بذوي قرابة أو بمولى عتاقة أو أقر الرجل بامرأة أو أقرت المرأة بزوج ثم أنكر الرجل أو المرأة بعض قوي قرابته وبعض ما أقر به والقرابة من القرابة التي يلزم الإقرار بها فليس لواحد منهما ¬

_ (¬1) ف - لأم. (¬2) ت + فإن أقرت بثلاث أخوات متفرقات وبابن وابنة ولها ابنة عم معروفة فالمال لابنة العم المعروفة وسقط ما سوى ذلك. (¬3) م - وللابن سبعة أسهم (غير واضح). (¬4) ت: بمنزلة. (¬5) ت: ثم يرثون. (¬6) م ت: بما يوث (مهملة)؛ ف: بما يثوب (مهملة). (¬7) م ف ت: المعروفين.

باب إقرار الورثة بعضهم ببعض في الولد وينكر بعضهم بعد موت الرجل في قول أبا حنيفة وأبا يوسف ومحمد بن الحسن

أن يتبرأ من أحد ممن ذكرت بعد إقراره، وإن أنكره (¬1) ورث على قدر ما يرث لو لم ينكره. وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ... باب إقرار الورثة بعضهم ببعض في الولد وينكر بعضهم بعد موت الرجل في قول أبا حنيفة وأبا يوسف ومحمد بن الحسن وإذا مات الرجل وترك ورثة فأقر بعضهم بوارث وأنكره سائر الورثة والمقر به مجهول لا يعرف فإنه يدخل معه في حصته على قدر ما كان لهما في الأصل مما في يديه خاصة. وتفسير ما وصفنا: رجل مات وترك ابناً لا وارث له غيره فأقر الابن بأخ له فإنه لا يثبت نسبه، ولكن يأخذ نصف ما في يدي المقر. ولو لم يقر بأخ ولكنه أقر (¬2) بأخت (¬3) فإنها تأخذ منه ثلث ما في يديه. ولو أن رجلاً هلك وترك ابنين فأقر أحدهما بأخ فإنه يعطيه نصف ما في يديه (¬4)، من قبل أنه أقر أن له في مال أبيه مثل ما له، فما (¬5) وصل إليه من شيء أعطاه نصفه. فإن لم يقر بأخ (¬6) ولكنه أقر بأخت فإنه يعطيها ثلث ما في يديه. ¬

_ (¬1) ف: أنكرت. (¬2) ف - أقر. (¬3) م ت: بالأخت. (¬4) ت - ولو أن رجلا هلك وترك ابنين فأقر أحدهما بأخ فإنه يعطيه نصف ما في يديه. (¬5) ت: مما. (¬6) ف: بأخت.

فإن لم يقر بأخ ولا بأخت ولكنه أقر بامرأة لأبيه وأنكر الآخر (¬1) فإنه يقاسمها ما في يديه على تسعة أسهم، له من ذلك سبعة أسهم، ولها سهمان، من قبل أنه زعم أن أصل فريضتهم من ستة عشر سهماً، للمرأة من ذلك الثمن سهمان، وله سبعة أسهم، فأنكر ذلك أخوه، فأخذ نصف المال، فيقاسمها (¬2) هو ما في يديه على تسعة أسهم، له من ذلك سبعة أسهم، ولها (¬3) سهمان. ولو لم يقر بامرأة ولكنه أقر بأم وأنكر الآخر ذلك فإنه يقاسمها ما في يديه على تسعة أسهم، للأم سهمان، وله من ذلك خمسة أسهم، من قبل أنه زعم أن أصل الفريضة من اثني عشر، للأم السدس سهمان، وله خمسة أسهم، وللآخر خمسة أسهم، فأنكر ذلك الآخر، فاستوفى نصف المال، فيقتسم (¬4) هو والأم ما في يديه على سبعة أسهم، من ذلك خمسة أسهم له، وللأم سهمان. وكذلك لو أقر بأب للميت وأنكر ذلك الآخر قاسمه على سبعة أسهم. وكذلك لو أقر بجدة للميت من قبل أبيه أو من قبل أمه قاسمها أيضاً على سبعة أسهم. وكذلك لو أقر بجد للميت من قبل أبيه قاسمه أيضاً على سبعة أسهم، والمرأة بمنزلة الرجل في جميع ما وصفنا من هذا الباب. ولو أن امرأة ماتت وتركت ابنين فأقر أحدهما أن لأمه زوجاً وأنكر (¬5) الآخر فإن المقر يقاسم الزوج ما في يديه على خمسة أسهم، للزوج سهمان، وله ثلاثة أسهم، من قبل أنه زعم أن أصل فريضتهم من ثمانية، ¬

_ (¬1) ف: الأخ. (¬2) ت: فيقاسمهما. (¬3) ت: ولهما. (¬4) ت: فيقسم. (¬5) ت: ونكر.

باب إقرار بعض الورثة ببعض في الولد الإناث في قول علمائنا الثلاثة

للزوج الربع سهمان، وله ثلاثة أسهم، وللأخ الآخر ثلاثة أسهم، فأنكر ذلك أخوه، فأخذ نصف المال، فقاسم المقر الزوج ما وصل إليه على خمسة أسهم، للزوج سهمان، وللمقر ثلاثة أسهم. ولو كانوا ثلاثة إخوة فأقر أحدهم بزوج وأنكر الآخران قاسمه ما في يديه نصفين، فيصير للزوج النصف، وللمقر النصف. ولو كانوا أربعة إخوة فأقر أحدهم بزوج وأنكر ذلك بقيتهم قاسمه ما في يديه على سبعة أسهم، للزوج أربعة أسهم، وللمقر ثلاثة (¬1) أسهم. وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ... باب إقرار بعض الورثة ببعض في الولد الإناث في قول علمائنا الثلاثة (¬2) وإذا هلك الرجل وترك ابنة فأقرت الابنة بأخت لها فإنها تأخذ نصف ما في يديها، من قبل أنها زعمت أن التي (¬3) أقرت لها ثلث المال، وأن لها الثلث. فإن لم تقر بأخت ولكنها أقرت بأخ (¬4) قاسمها ما في يديها على ثلاثة أسهم، له سهمان، ولها سهم. ولو أن امرأة ماتت وتركت ابنتين (¬5) فأقرت إحداهما بأخت لها فإنها تقاسمها (¬6) ما في يديها (¬7) نصفين. ¬

_ (¬1) م + ثلثه. (¬2) ت: الثلاث. (¬3) ف - التي. (¬4) م ت: بأم. (¬5) ت: ابنتين. (¬6) ت: فإنه يقاسمها. (¬7) ف - على ثلاثة أسهم له سهمان ولها سهم ولو أن امرأة ماتت وتركت ابنتين فأقرت إحداهما بأخت لها فإنها تقاسمها ما في يديها.

فإن لم تقر بأخت ولكنها أقرت بأخ فإنه يقاسمها (¬1) ما في يديها على ثلاثة أسهم، له سهمان، ولها سهم (¬2). ولو أن امرأة ماتت وتركت ابنة (¬3) فأقرت الابنة بابنة ابن فإنها تقاسمها ما في يديها على أربعة أسهم، للابنة ثلاثة أسهم، ولابنة الابن (¬4) سهم (¬5). ولو لم تقر بابنة ابن ولكنها أقرت بابن ابن فإنه يقاسمها ما في يديها نصفين. ولو أن امرأة ماتت وتركت ثلاث بنات ابن بعضهن أسفل من بعض فأقرت العليا بأخت لها فإنها تعطيها نصف ما في يديها. فإن لم تقر العليا بأخت لها ولكنها أقرت بأخت للوسطى فإنها تقاسمها ما في يديها على سبعة أسهم، للعليا من ذلك ستة أسهم، وللأخت الوسطى سهم، من قبل أنها زعمت أن لها النصف، وأن للتي أقرت بها نصف السدس. فإن لم تقر بأخت للسفلى ولكنها أقرت بأخ (¬6) للسفلى فإنها تقاسم السفلى وأخاها (¬7) ما في يديها على خمسة أسهم، للعليا من ذلك ثلاثة أسهم، وللسفلى ولأخيها سهمان، فيقاسمها (¬8) ذلك السهمين للذكر مثل حظ الأنثيين، من قبل أنها زعمت أن لها النصف وأن للوسطى السدس وأن لهما الثلث. فإن لم تقر العليا ولكن الوسطى أقرت بأخت لها فإنها تقاسمها ما في يديها نصفين. فإن لم تقر بأخت لها ولكنها أقرت بأخت للعليا (¬9) فإنها تعطيها ¬

_ (¬1) ت: فإنها تقاسمها. (¬2) ت - ولها سهم. (¬3) م - ابنة. (¬4) م ف ت + أربعة. (¬5) م ف ت: أسهم. (¬6) م: أخ. (¬7) م: وجاها. (¬8) ت: فيقاسمهما. (¬9) ت: العليا.

باب إقرار الورثة بعضهم ببعض في الإخوة والأخوات والزوج والمرأة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد

جميع (¬1) ما في يديها، من قبل أنها زعمت أن لها الثلث ولأختها (¬2) الثلث (¬3). فإن لم تقر بأخا للعليا (¬4) ولكنها أقرت بأخت للسفلى فلا شيء لها. فإن لم تقر بأخت للسفلى ولكنها أقرت بأخ للسفلى فإنها تقاسم السفلى وأخاها ما في يديها على ثلاثة أسهم، لها من ذلك الثلث، ولهما الثلثان بينهما (¬5) للذكر مثل حظ الأنثيين، من قبل أنها زعمت أن لها السدس وأن لهما الثلث، فتقاسمهما (¬6) ما في يديها على ثلاثة أسهم، لهما سهمان ولها سهم. ... باب إقرار الورثة بعضهم ببعض في الإخوة والأخوات والزوج والمرأة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد وإذا هلك الرجل وترك ثلاث أخوات متفرقات فأقرت الأخت من الأب والأم بأخا لها من أبيها وأمها فإنها تقاسمها ما في يديها نصفين. فإن لم تقر بأخت لها من أبيها وأمها ولكنها أقرت بأخت لها من أمها فإنها تقاسمها (¬7) ما في يديها على أربعة أسهم، لها من ذلك ثلاثة أسهم، وللتي أقرت بها سهم، من قبل أنها زعمت أن لها النصف وأن للتي أقرت (¬8) بها السدس. فإن لم تقر بأخت لأم ولكنها أقرت بأخت لأب (¬9) فإنها تقاسمها ما ¬

_ (¬1) ت - جميع. (¬2) ت: ولأخيها. (¬3) م ف ت + ولأخويها. والتصحيح من ب. (¬4) م - بأخت للعليا (غير واضح)؛ ت: العليا. (¬5) ت: منهما. (¬6) م ف ت: فتقاسمها. (¬7) م ت: فإنه يقاسم. (¬8) ت: أقرب. (¬9) م - لأب، صح هـ.

في يديها على سبعة أسهم، لها من ذلك ستة أسهم وللتي أقرت بها سهم، من قبل أنها زعمت أن لها النصف وأن للتي أقرت بها نصف (¬1) السدس. فإن لم تقر بأخت لأب ولكنها أقرت بأخ لأب (¬2) وأم (¬3) فإنه يقاسمها ما في يديها على ثلاثة أسهم، له (¬4) سهمان ولها (¬5) سهم. فإن لم تقر بأخ لأب وأم (¬6) ولكنها أقرت بأخ لأم فإنها تقاسمه (¬7) ما في يديها على أربعة أسهم، له سهم ولها (¬8) ثلاثة أسهم. فإن لم تقر بأخ لأم ولكنها أقرت بأخ لأب فإنها تقاسمه ما (¬9) في يديها على ثلاثة عشر سهماً، لها من ذلك سبعة أسهم، وله أربعة أسهم، وله أيضاً ما بقي (¬10)، من قبل أنها زعمت أن لها النصف، وأن له ثلثي الثلث. ولو أن رجلاً هلك وترك أختين لأب وأم فأقرت إحداهما بابنة للميت فإنها تقاسمها (¬11) ما في يديها على ثلاثة أسهم، للابنة من ذلك سهمان ولها سهم. فإن لم تقر بابنة ولكنها أقرت بامرأة للميت فإنها تقاسمها ما في يديها على سبعة أسهم، لها من ذلك أربعة أسهم، وللمرأة ثلاثة أسهم، من قبل أنها زعمت أن لها الثلث، وأن للمرأة الربع. ولو أن رجلاً هلك وترك أخوات متفرقات فأقرت الأخت من الأب ¬

_ (¬1) م ت + من قبل أنها زعمت أن لها النصف وأن للتي أقرت بها نصف. (¬2) ت - ولكنها أقرت بأخ لأب. (¬3) م - بأخ لأب وأم (غير واضح). (¬4) م ت: لها. (¬5) م: وله. (¬6) م - بأخ لأب وأم (غير واضح). (¬7) م ف ت: تقاسمها. (¬8) ت: ولا. (¬9) م: بما. (¬10) م ف ت - وله أيضا ما بقي. والزيادة من ع. (¬11) ت: فإنه يقاسمها.

والأم بامرأة للميت فإنها تقاسمها ما في يديها على ثلاثة أسهم، للمرأة من ذلك سهم ولها (¬1) سهمان. ولو أن رجلاً هلك وترك أختين وامرأة وأماً وأقرت إحدى الأختين بأخ فإنه يقاسمها ما في يديها للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن لم تقر الأخت ولكن الأم أقرت بأخ للميت فإنها تقاسمها ما في يديها على أحد وعشرين سهماً، للأم أربعة أسهم من أربعة وعشرين سهماً. وإن لم تقر الأم بأخ للميت ولكن المرأة أقرت بأخ للميت فإنها تقاسمه ما في يديها على ثلاثة عشر سهماً، للمرأة من ذلك ستة أسهم وله سبعة أسهم، من قبل أنها زعمت أن لها ستة من أربعة وعشرين وأن للأخ سبعة من أربعة وعشرين سهماً. ولو أن امرأة ماتت وتركت زوجها وأختين فأقرت إحدى الأختين بأخ فإنها تقاسمه ما في يديها على ثلاثة أسهم، له سهمان ولها سهم. ولو أن امرأة ماتت وتركت زوجها وأمها وأختها فأقرت الأخت بأخ وكذبتها الأم وصدقها الزوج فإن الفريضة تقسم على عشرين سهماً، للأم الربع خمسة أسهم، فتبقى (¬2) خمسة عشر سهماً تقسم (¬3) على خمسة أسهم، للزوج (¬4) ثلاثة من خمسة فتكون (¬5) له من (¬6) خمسة عشر تسعة، وما بقي فللأخ والأخت (¬7)، للأخ أربعة أسهم وللأخت سهمان. فإن صدقتها الأم فإن الفريضة تقسم (¬8) على ثمانية عشر سهماً، للزوج النصف تسعة (¬9) أسهم، وللأم السدس ثلاثة أسهم، وللأخ ثلثا ما بقي أربعة أسهم، وللأخت ثلث ما بقي سهمان. هذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ¬

_ (¬1) ت: ولهما. (¬2) ف ت: وبقي. (¬3) ت: يقسم. (¬4) م ت: الزوج. (¬5) ت: فيكون. (¬6) ت - من. (¬7) م: الأخت. (¬8) ف: تقاسم. (¬9) ف ت: سبعة.

باب إقرار الوارثين أو الثلاثة بالوارث الواحد في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد

باب إقرار الوارثين أو الثلاثة (¬1) بالوارث الواحد في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد وإذا أقر (¬2) الوارثان أو الثلاثة بالوارث الواحد (¬3) فإن أبا حنيفة قال: تصحح الفريضة لو كان المقر به ثابتاً من الأصل، فيجمع جميع ما في أيديهم فيقتسمونه (¬4) هم والمقر به على جميع ما يصيبهم (¬5) في الأصل. وتفسير ما وصفنا: رجل مات وترك ابنتين وابنين (¬6) فأقر أحد الابنين وإحدى الابنتين بأخ فإنهما يقاسمانه جميع ما في أيديهما على خمسة أسهم، للأخ المقر به سهمان وللأخت المقرة سهم، من قبل أنهما زعما أن أصل فريضتهم لو كان المقر به (¬7) ثابتاً من خمسة أسهم، لكل أخ سهمان، ولكل أخت سهم، فما وصل إليهما اقتسموه على خمسة أسهم، لكل أخ سهمان، وللأخت سهم. فإن لم يكن الإقرار على هذا ولكن أحد الابنين (¬8) أقر بأخ فإنه يقاسمه ما في يديه نصفين. فإن قاسمه ما في يديه نصفين (¬9) ثم صدقته إحدى الأختين بعد ذلك فإنه يجمع ما في يدي الأخت وما في أيديهما يقتسمونه على خمسة أسهم، لكل أخ سهمان، وللأخت سهم. ولو أن رجلاً هلك وترك ثلاث أخوات متفرقات وامرأة وأماً فأقرت الأخت من الأب والأم بأخ فصدقتها المرأة والأم والأخت من الأم فإنهم يقتسمون ما في يدي المرأة وما في يدي الأخت من الأب والأم ¬

_ (¬1) ت: أو الثلاث. (¬2) ت: ولو أقر. (¬3) ت: الواحدة. (¬4) م ت: فيقسمونه. (¬5) ت: نصيبهم. (¬6) ف ت: أو ابنين. (¬7) ت - به. (¬8) ت: ابنين. (¬9) ت - فإن قاسمه ما في يديه نصفين.

وما في يدي الأم وما في يدي (¬1) الأخت من الأم على ستة وثلاثين سهماً، للأخ عشرة أسهم، وللأخت خمسة أسهم، وللمرأة تسعة أسهم، وللأم ستة أسهم، وللأخت من الأم ستة أسهم، من قبل أنهم زعموا أن للأخت خمسة أسهم من ستة وثلاثين سهماً، وأن للأخ عشرة من ستة وثلاثين سهماً (¬2)، [وأن للمرأة تسعة أسهم، وأن] للأم ستة أسهم، وأن للأخت [من الأم] ستة أسهم، فيقتسمون ما في أيديهم على قدر ذلك. فإن صدقتهم الأخت من الأب بعد ذلك فإنما تدفع (¬3) جميع ما في يديها إليهم وتخرج بغير شيء، فيقسمونه على ما أصابهم. ولو أن امرأة ماتت وتركت أختها وزوجها (¬4) وأمها فأقرت الأخت بأخ (¬5) وصدقها الزوج وكذبتها الأم فإنه يجمع ما في يدي الزوج وما في يدي الأخت، فيقتسمانه (¬6) هما والأخ على خمسة عشر سهماً، للأخت من ذلك سهمان، وللاخ أربعة أسهم، وللزوج تسعة أسهم، من قبل أن أصل فريضتهم لو كان الأخ ثابتاً من ثمانية عشر سهماً، للزوج تسعة أسهم من ثمانية عشر سهماً، وللأم ثلاثة أسهم، وللأخت سهمان، وللأخ أربعة أسهم، فلما أنكرت ذلك الأم اقتسم هؤلاء ما في أيديهم على قدر ذلك. ولو صدقتها الأم وكذبها الزوج فإن للأم السدس مما في يديها، ويوقف الفضل الذي (¬7) أقروا به للزوج، وهو ثُمن جميع المال، فيقسم الأخ والأخت ما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين. ولو أن امرأة ماتت وتركت أختيها وزوجها وأمها فأقرت إحدى الأختين بأخ وصدقها الزوج والأم فإنه يقسم ما في يدي الأم والزوج ¬

_ (¬1) م ف: في يدي. (¬2) ف - وأن للأخ عشرة من ستة وثلاثين سهماً. (¬3) ت: يدفع. (¬4) م - أختها وزوجها (غير واضح). (¬5) ف: بأخت. (¬6) ف: فيقسمانه. (¬7) ت: للذي.

باب إقرار الورثة بوارث بعد وارث وقد دفع إلى الأول بغير قضاء قاض في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد

والأخت على أحد عشر سهماً، للزوج ستة أسهم، وللأم سهمان، وللأخت المقرة سهم، وللأخ المقر به سهمان، من قبل أن أصل فريضتهم لو تصادقوا جميعاً اثنا (¬1) عشر، للزوج من ذلك ستة من اثني عشر، وللأخ سهمان من اثني عشر (¬2)، ولكل أخت سهم، فلما أنكرت ذلك إحدى الأختين اقتسم هؤلاء ما في أيديهم على أحد عشر سهماً. ... باب إقرار الورثة بوارث بعد وارث وقد دفع (¬3) إلى الأول بغير قضاء قاض في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد وإذا أقر بعض الورثة بوارث كان شريكه في حصته بقدر ما كان نصيبهما في الأصل. فإن دفع ذلك إليه بغير قضاء قاض (¬4) ثم أقر بوارث آخر ضمن له جميع نصيبه من الأصل من حصته دون حصة (¬5) من بقي من الورثة، من قبل أنه دفع بعض حصة الآخر إلى الأول بغير قضاء قاض، فيضمن له ذلك. وتفسير ما وصفنا: رجل مات وترك ابناً فأقر الابن بأخ فإنه يعطيه نصف ما في يديه. فإن أعطاه نصف ما في يديه بغير قضاء قاض ثم أقر بأخ آخر فإنه يعطيه ثلثي ما في يديه، وهو ثلث جميع المال. فإن دفع بغير قضاء قاض ثم أقر بأخ آخر فإنه يعطيه ربع جميع المال، يعطيه السدس الذي (¬6) في يديه، ويغرم له ¬

_ (¬1) ت: اثني. (¬2) م + وللأخ سهمان من اثني عشر. (¬3) ت: دفعا. (¬4) ت: قاضي. (¬5) ف + جميع. (¬6) م ت + بقي.

نصف السدس. فإن دفع ذلك إليه بغير قضاء قاض ثم أقر بأخ آخر (¬1) فإنه يغرم له خمس جميع المال. ولو أن رجلاً هلك وترك ابنين فأقر أحدهما بأخ فإنه يعطيه نصف ما في يديه. فإن دفع ذلك إليه بغير قضاء قاض ثم أقر بأخ آخر فإنه يعطيه ثلث ما كان في يديه. فإن دفع ذلك إليه بغير قضاء قاض ثم أقر بأخ آخر (¬2) فإنه يعطيه ربع ما كان في يديه، وهو ثمن جميع المال. ولو أن رجلاً هلك وترك أخاه فأقر الأخ بابن ابن (¬3) للميت فإنه يعطيه جميع ما في يديه. فإن أعطاه جميع ما في يديه بغير قضاء قاض ثم أقر بابن للميت لصلبه فإنه يغرم له مثل جميع المال، لأنه زعم أنه أعطى الأول ما ليس له. فإن دفع إليه بغير قضاء قاض ثم أقر بابن آخر للميت لصلبه فإنه يغرم للمقر له الثاني مثل نصف جميع المال. فإن دفع إليه بغير قضاء قاض ثم أقر بأب للميت فإنه يعطيه سدس جميع المال. فإن دفع إليه بغير قضاء قاض ثم أقر بامرأة للميت فإنه يغرم لها مثل ثمن جميع المال فإن دفع إليها بغير قضاء قاض ثم أقر بأم للميت فإنه يعطيها مثل سدس جميع المال. ولو أن رجلاً هلك وترك أخاه فأقر الأخ بابنة ابن ابن للميت فإنه يعطيها نصف المال. فإن أعطاها نصف جميع المال بغير قضاء قاض (¬4) ثم أقر بابنة ابن أرفع منها بدرجة فإنه يعطيها نصف جميع المال الذي بقي في يديه كله ويخرج بغير شيء. فإن دفع إليها نصف جميع المال بغير قضاء قاض ثم أقر بابنة للميت لصلبه فإنه يغرم لها مثل نصف جميع المال. فإن أعطاها نصف جميع المال بغير قضاء قاض ثم أقر بابنة أخرى للميت لصلبه فإنه يعطيها مثل ثلث جميع المال. فإن دفع إليها بغير قضاء قاض ثم أقر ¬

_ (¬1) ف - آخر. (¬2) م ت - آخر. (¬3) ف - ابن. (¬4) ت - قاض.

بأخ (¬1) للميت (¬2) فإنه يعطيه (¬3) مثل ثلث جميع المال. فإن دفع إليه بغير قضاء قاض ثم أقر بأم للميت فإنه يعطيها مثل سدس جميع المال. ولو أن رجلاً هلك وترك عماً فأقر العم بأخ للميت فإنه يعطيه جميع ما في يديه. فإن دفع إليه بغير قضاء قاض ثم أقر بابن ابن (¬4) للميت فإنه يغرم له مثل جميع المال. فإن دفع إليه بغير قضاء قاض ثم أقر بابن ابن ابن للميت (¬5) فإنه لا غرم عليه، ولا شيء لهذا المقر به الآخر. ولو أن رجلاً هلك وترك أخاه فأقر الأخ بأخ آخر فأعطاه نصف ما في يديه بغير قضاء قاض ثم أقر بأخ آخر فأعطاه ثلث جميع المال بقضاء قاض ثم أقر بأخ فإنه يعطيه السدس من جميع المال، ويغرم له ثلث سدس جميع المال، من قبل أنه حيث دفع إلى الأول بغير قضاء قاض صار ضامناً للثاني، ثم دفع إلى الثاني بقضاء قاض، ثم أقر بثالث، فلا ضمان عليه للثالث فيما دفع إلى الثاني من نصيبه، لأنه دفع (¬6) ذلك بقضاء قاض. فإن دفع إلى الثالث بقضاء قاض ثم أقر بابن للميت فإنه يغرم له نصف جميع المال، من قبل أنه دفع إلى الأول النصف بغير قضاء قاض، فهو يقر أنه دفع إلى الأول ما ليس له. ولو أن رجلاً هلك وترك أخاه فأقر الأخ بأخ آخر فدفع إليه نصف جميع المال بقضاء قاض ثم أقر بأخ آخر فإنه يعطيه نصف ما في يديه. فإن أعطاه نصف ما في يديه بغير قضاء قاض ثم أقر بأخ آخر فإنه يعطيه سدس جميع المال، من قبل أنه قد برئ من ضمان النصف الذي دفع إلى الأول بقضاء قاض، وصار ضامناً لثلث النصف الآخر، فيغرم لهذا المقر به (¬7) الآخر سدس جميع المال. فإن دفع إليه بغير قضاء قاض ثم أقر بأخ ¬

_ (¬1) ت: بابنة؛ ت + أخرى. (¬2) ت + لصلبه. (¬3) ت: يعطيها. (¬4) ت + ابن. (¬5) ت - فإنه يغرم له مثل جميع المال فإن دفع إليه بغير قضاء قاض ثم أقر بابن ابن ابن للميت. (¬6) ت - دفع. (¬7) ت - به.

باب إقرار بعض الورثة بوارثين فيصدقه آخر من الورثة في بعضهم دون بعض في قول أبي يوسف

آخر فإنه يعطيه ثمن جميع المال. فإن دفع إليه بغير قضاء قاض ثم أقر (¬1) بابن للميت لصلبه فإنه يغرم له مثل نصف جميع المال، لأنه برئ من ضمان النصف الذي دفع بقضاء قاض. على هذا جميع هذا الوجه وقياسه. ... باب إقرار بعض الورثة بوارثين فيصدقه آخر من الورثة في بعضهم دون بعض في قول أبي يوسف وإذا أقر بعض الورثة بوارثين فصدقه آخر من الورثة في أحدهما فإن أبا حنيفة قال: ينظر في نصيب الذي أجمعا عليه من حصة الذي (¬2) أقر بهما جميعاً لو كانا أقوا بهما جميعاً، فيعطى حصته مما في يدي الذي أقر بهما جميعاً، فيضمه (¬3) إلى ما في يدي (¬4) الذي صدق به، فيقسمانه بينهما على قدر ما يصيبهما (¬5) في الأصل، وينظر إلى ما بقي في يدي الذي أقر بهما جميعاً، فيقاسمه الذي لم يقر به الآخر على قدر ما يصيبهما في الأصل كله نصفين لو كانا جميعاً معروفين. وتفسير ما وصفنا: رجل مات وترك ابنين فأقر أحدهما بأخوين معاً وصدقه الآخر في أحدهما خاصة فإن الذي صدقاه يأخذ من الذي أقر بهما جميعاً ربع ما في يديه، فيضمه (¬6) إلى ما في يدي الذي صدقه، فيقتسمانه (¬7) نصفين، وما بقي ¬

_ (¬1) م ف + بأخ آخر فإنه يعطيه ثمن جميع المال فإن دفع إليه بغير قضاء قاض ثم أقر. (¬2) ت: التي. (¬3) ت: فيضمنه. (¬4) ت: في يديه. (¬5) ت: نصيبهما. (¬6) م: فيضمنه. (¬7) م ف: فيقتسمان؛ ت: فيقسمانه.

في يدي الذي أقر لهما قاسمه الآخر نصفين. هذا قول أبي يوسف. وأما في قول محمد فإن الأخ الذي أقرا به جميعاً يأخذ من الأخ الذي أقر بالأخوين (¬1) خمس ما في يديه، فيضمه (¬2) إلى ما في يدي الذي أقر بأحدهما، فيقتسمان (¬3) ذلك كله نصفين، وما بقي في يدي الذي أقر بالأخوين قاسمه الأخ الثاني نصفين، لأن الأخ الذي أقرا به جميعاً قد زعم الذي أقر بالأخوين أن نصيبه الربع، نصفه مما (¬4) في يده ونصفه مما (¬5) في يد أخيه الذي أقر به في يده الثمن، وللأخ الآخر الذي أنكره الأخ الآخر المعروف الربع، وللأخ الذي أقر (¬6) بهما جميعاً الربع، فيكون ما في يد الأخ الذي أقر بهما جميعاً على خمسة أسهم، الربع والربع والثمن، فذلك خمسة أسهم، كل ربع سهمين، والثمن سهم، فيأخذ الأخ الذي أقرا به جميعاً الخمس، ثم يضيفه إلى نصيب (¬7) الذي أقر به خاصة، فيقتسمان (¬8) ذلك كله نصفين. ولو أن رجلاً هلك وترك ابنين فأقر أحدهما بأخ وأخت معاً وصدقه الآخر في الأخت وكذبه في الأخ فإن الأخت تأخذ من الأخ الذي أقر بهما سبع ما في يديه، فيضمه (¬9) إلى ما في يدي الذي أقر بهما فيقتسمانه (¬10) للذكر مثل حظ الأنثيين، وما بقي في يدي الذي أقر بهما (¬11) قاسمه الأخ نصفين، لأنه حيث أقر بأخ وأخت معاً فقد زعم أنهم ثلاثة إخوة وأخت، فإن الفريضة من سبعة، لكل أخ سهمان وللأخت سهم، فأخذت الأخت السهم فأضافته إلى ما في يدي الأخ الآخر (¬12)، وأقر الأخ الآخر أن للأخت سهماً من خمسة أسهم وله سهمان، فيقسمان ما في أيديهما للذكر مثل حظ ¬

_ (¬1) ت: بالاخرين. (¬2) م: فيضمنه. (¬3) ت: فيقسمان. (¬4) م: فيما؛ ت: ما. (¬5) م: فيما. (¬6) ف: يقر. (¬7) ت: إلى نصيبه. (¬8) ت: فيقسمان. (¬9) م: فيضمنه. (¬10) ت: فيقاسمانه. (¬11) ت + فيقسمانه للذكر مثل حظ الأنثيين وما بقي في يدي الذي أقر بهما. (¬12) م: للآخر.

الأنثيين. وأما الأخ الأول فقد زعم أن للأخ الآخر مثل ما له، فيقاسمه ما في يديه نصفين، وهذا قول أبي يوسف. وأما في قول محمد فإن الأخت تأخذ تسع ما في يدي الذي أقر بهما جميعاً. ولو أن أحدهما أقر بأخ ثم أقر بعده بأخ آخر ولم يدفع إليهما شيئاً حتى صدقه الأخ المعروف بالآخر منهما فإن المقر به (¬1) الأول يأخذ نصف ما في يد المقر، ويأخذ الآخر خمس ما بقي في يديه، فيضمه (¬2) إلى ما في يدي الآخر، فيقتسمانه (¬3) نصفين. وإن كان الأخ صدقه في المقر به (¬4) وما بقي في يدي الذي أقر بهما قاسمه الآخر نصفين. ولو أن رجلاً هلك وترك ابنين فأقر أحدهما بأخ فأعطاه نصف (¬5) ما في يده بقضاء قاض ثم أقرا جميعاً بعد ذلك بأخت فإن الأخت تأخذ ربع ما بقي (¬6) في يدي الذي أقر بالأول وأقر بها، فيضمه (¬7) إلى ما في يدي الذي صدق بها، فيقتسمانه (¬8) للذكر مثل حظ الأنثيين. ولو أن رجلاً هلك وترك ابنين فأقر أحدهما بامرأتين لأبيه معاً وصدقه الآخر في إحداهما وكذبه (¬9) في الأخرى فإن المرأة التي صدقا (¬10) بها جميعاً تأخذ نصف ثمن ما في يدي الذي أقر بهما جميعاً، فتضمه (¬11) إلى ما في يدي الآخر، فيقتسمانه (¬12) على تسعة أسهم، للمرأة سهمان وله سبعة أسهم، ويقاسم الأخ (¬13) الذي أقر بهما جميعاً المرأة (¬14) الباقية ما في يديه على ثمانية أسهم، للمرأة سهم وله سبعة أسهم، لأن الأول زعم أن لكل واحدة منهما سهماً من ستة عشر سهماً، له سبعة أسهم ¬

_ (¬1) ت: المعرفة. (¬2) م: فيضمنه. (¬3) ت: فيقسمانه. (¬4) ت: في المعرفة. (¬5) ت - نصف. (¬6) ف - بقي. (¬7) م: فيضمنه. (¬8) ت: فيقاسمانه. (¬9) ف + الآخر. (¬10) ت: صدقها. (¬11) م: فتضمنه؛ ت: فيضمنه. (¬12) ت: فيقسمانه. (¬13) ت: الآخر. (¬14) ت: للمرأة.

وللمرأة الثمن سهمان، فيقتسمان (¬1) ما في يديهما على تسعة أسهم، له سبعة أسهم ولها سهمان. ولو أن رجلاً هلك وترك ابنين فأقر أحدهما بامرأة للميت فدفع إليها تسعي ما في يديه بقضاء قاض ثم أقر بامرأتين أخراوين معاً وصدقه الآخر في إحدى الأخراوين وكذبه فيما سوى ذلك فإن المرأة التي صدقا (¬2) بها تأخذ من الذي أقر بهن جزء من عشرين (¬3) جزء وخمس (¬4) جزء وثلاثة أخماس خمس الجزء مما بقي في يديه، فتضمه (¬5) إلى ما في يدي الذي صدقا بها، فيقتسمانه على تسعة أسهم، لها من ذلك سهمان وله سبعة أسهم، لأنه زعم أن له سهمين من ستة عشر سهماً وأن له سبعة أسهم (¬6). وأما الأخ الآخر الذي أقر بهن جميعاً فإنه أعطى التي أقر بها أولاً تسعي ما في يديه، لأنه أقر أن لها سهمين من ستة عشر (¬7)، وله سبعة أسهم، ثم أقر بامرأتين، فلا يصدق على الأولى، وتقاسم (¬8) الأخرى التي لم يقر بها الابن الآخر ما (¬9) في يديه على ثلاثة عشر (¬10) سهماً (¬11)، لها من ذلك سهمان وله أحد عشر (¬12) سهماً، لأنه زعم أن لها ثلث الثمن وأن له ثلاثة أثمان ونصف ثمن. ولو أن رجلاً هلك وترك أخوين فأقر أحدهما بابنتين (¬13) لصلبه وصدقه الآخر في إحداهما فإن التي صدق بها الآخر (¬14) تأخذ من الذي أقر بهما جميعاً ثلث ما في يديه، فتضمه (¬15) إلى ما في يدي الآخر، ¬

_ (¬1) ت: فيقسمان. (¬2) م: صدقه، ت: صدقها. (¬3) ت - عشرين. (¬4) ت: وخمسين. (¬5) م: فتضمنه؛ ت: فيضمنه. (¬6) ت - لأنه زعم أن له سهمين من ستة عثر سهماً وأن له سبعة أسهم؛ صح هـ. (¬7) ف + سهماً. (¬8) ت: ويقاسم. (¬9) ت + بقي. (¬10) ت: وعشرين. (¬11) م + سهماً. (¬12) ت: واحد وعشرون. (¬13) ت: بابنين. (¬14) م ف ت: الأخت. (¬15) ت: فيضمه.

فيقتسمان (¬1) ما في أيديهما على ثلاثة أسهم، لها سهمان وله سهم، لأنه زعم أن لها النصف وله الربع (¬2)، وتقاسم (¬3) الأخرى الذي أقر (¬4) بهما جميعاً ما بقي في يديه على ثلاثة أسهم، لها سهمان وله سهم، لأنه زعم أن لها الثلث وله السدس. ولو كان أحدهما أقر بثلاث بنات للميت معاً وصدقه الآخر في واحدة منهن فإن التي صدقا بها تأخذ من الذي أقر بهن جميعاً تسعي ما في يديه، فتضمه (¬5) إلى ما في يدي الذي صدق بها، فيقتسمان (¬6) ما في أيديهما على ثلاثة أسهم، لها سهمان وله سهم، لأنه زعم أن لها النصف وله الربع، ويقاسم الأخ الآخر الباقيين (¬7) ما بقي في يديه على أحد عشر سهماً، لها من ذلك ثمانية أسهم، لكل واحدة أربعة أسهم، وله ثلاثة أسهم، لأنه زعم أن لها أربعة أتساع المال، وله السدس. وهذا كله إذا كان قد دفع إلى الأولى بقضاء قاض، أو لم يدفع حتى اختصموا ثم دفع بقضاء قاض إذا كان أُقر له من الورثة ولم تكن (¬8) له (¬9) شهادة، لأنه إذا شهد (¬10) شاهدان من الورثة لوارث أنه وارث ثبت نسبه وصار وارثاً ودخل على القوم جميعاً (¬11) إذا لم يكونا دفعا إليه شيئاً حتى يشهدا (¬12). فإن كانا دفعا إليه (¬13) من حصتهما نصيب الوارث (¬14) ثم جاء الشاهدان (¬15) لم تقبل شهادتهما. وإقرار الواحد وشهادته في جميع ما وصفنا سواء. وإذا هلك الرجل وترك ابنين وامرأة فاقتسموا المال ثم أقر أحد الابنين ¬

_ (¬1) ت: فيقسمان. (¬2) ت - الربع. (¬3) ت: ويقاسم. (¬4) ت: الذي لم قر. (¬5) ت: فيضمه. (¬6) ت: فيقسمان. (¬7) ت: الباقين. (¬8) ت: يكن. (¬9) ف ت - له. (¬10) م - ولم يكن له شهادة لأنه إذا شهد (غير واضح). (¬11) م - وارثا ودخل على القوم جميعاً (غير واضح). (¬12) ت: يشهدان. (¬13) م - كانا دفعا إليه (غير واضح). (¬14) م - الوارث (غير واضح). (¬15) م ت + أن.

بامرأة للميت وكذبه الآخر (¬1) فيها والمرأة المعروفة فإنه يقاسمها ما في يديه على ثمانية أسهم، للمرأة الثمن، وللابن سبعة أثمان. فإن دفع ذلك إليها بقضاء قاض أو بغير قضاء قاض ثم أقر بامرأة أخرى وصدقته المرأة المعروفة فى ذلك وكذبا جميعاً بالأولى (¬2) وكذبتهما فإن المرأة المقر بها أخيراً تأخذ نصف ما في يدي المرأة المعروفة ولا تدخل في نصيب الابن، لأن الابن المعروف إنما أقر أن حصتها في يدي المرأة المعروفة وقد صدقته المرأة المعروفة في ذلك، فإذا صدقته لم تأخذ من حصة الابن قليلاً ولا كثيراً. وإذا هلك الرجل وترك ابناً وامرأة ثم إن الابن أقر بامرأة للميت وصدقته المرأة المعروفة في ذلك فإن المقر بها تأخذ مما في يدي المرأة المعروفة نصف ما في يديها ويكون (¬3) للمرأة المعروفة نصفه، ولا تدخل المقر بها في نصيب الابن. وإذا هلك الرجل وترك ابنين وامرأة فأقر أحد الابنين بامرأتين للميت معاً وصدقته المرأة المعروفة في إحداهما وكذبته في الأخرى فإنه يقسم ما في يدي المرأة المعروفة (¬4) نصفين، نصف للمقر بها ونصف للمرأة المعروفة، ويقاسم الابن المرأة الباقية ما في يديه على ثلاثة وعشرين سهماً، للمرأة من ذلك سهمان، وللابن واحد وعشرون (¬5) سهماً. وإذا هلك الرجل وترك ابناً وامرأة فأقرت المرأة بابن للميت وصدقها في ذلك الابن المعروف فإن المقر بها تقاسم الابن المعروف ما في يديه نصفين، ولا يدخل في نصيب المرأة. وكذلك لو كانت المرأة أقرت بابنين (¬6) للميت معاً أو بابن وابنة وصدقها الابن المعروف في أحدهما فإن الذي صدق به الابن المعروف يدخل في نصيب الابن المعروف، ولا يدخل في ¬

_ (¬1) م ف ت: الأخ. (¬2) ف: الأولى. (¬3) ت: وتكون. (¬4) م + في إحداهما وكذبته في الأخرى فإنه يقسم ما في يدي المرأة المعروفة. (¬5) ت: أحد وعشرين. (¬6) ف: بابنتين.

نصيب (¬1) المرأة. فإن كانت أقرت بابنين فصدقها في أحدهما وكذبها في الآخر فإنه يقاسم (¬2) ما في يدي المرأة على عشرة أسهم، للابن من ذلك سبعة أسهم، وللمرأة ثلاثة أسهم. وأما الأخ الذي صدق به الابن المعروف فإنه يقاسمه ما في يديه نصفين. وإذا هلك الرجل وترك أخوين وامرأة فأقر أحد الأخوين بامرأة للميت فصدقته المرأة المعروفة في ذلك فإنه يقاسم (¬3) ما في يدي المرأة (¬4) المعروفة نصفين، نصف للمقر بها ونصف للمرأة المعروفة، ولا يدخل في نصيب الأخ. وكذلك لو أقر الأخ بامرأتين للميت معاً وصدقته المرأة (¬5) المعروفة في إحداهما وكذبته بالأخرى وكذب المقر بهما فيما بينهما فإن التي صدقتها المرأة المعروفة تأخذ نصف ما في يدي المرأة المعروفة ولا يدخل في نصيب الأخ، ويقسم ما في يدي الأخ على أحد عشر سهماً، للمرأة الأخرى من ذلك سهمان (¬6)، وللأخ تسعة أسهم. وإذا هلك الرجل وترك أباه وامرأته فأقر الأب بامرأة للميت وصدقته المرأة المعروفة في ذلك فإن المقر بها تقاسم المرأة المعروفة ما في يديها نصفين، ولا يدخل في نصيب الأب، فتقسم فريضتهم على ستة أسهم، للمرأتين الربع سهمان، لكل واحدة منهما (¬7) سهم (¬8)، وللأب ستة أسهم. وإذا هلك الرجل وترك ابناً وامرأة فأقر الابن بثلاث نسوة للميت معاً وصدقته المرأة المعروفة في اثنين منهن وكذبته في واحدة وكذب النسوة فيما بينهن فإن المرأتين اللتين أقرت بهما المرأة المعروفة يدخلان في نصيب المرأة المعروفة (¬9)، فيقسم ما في يديها على ثلاثة أسهم، سهمان ¬

_ (¬1) ت + الابن المعروف ولا يدخل في نصيب. (¬2) م ف: يقسم. (¬3) م ف: يقسم. (¬4) ف - المرأة. (¬5) ت - المرأة. (¬6) ت: سهم. (¬7) ف - منهما؛ ت: منهم. (¬8) ت - سهم، (¬9) م - في نصيب المرأة المعروفة (غير واضح).

باب إقرار الورثة بالوارث بعد الوارث وقد دفع إلى الأول المال بقضاء قاض في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد

للمقر بهما، وسهم للمرأة المعروفة، ولا تدخلان (¬1) في نصيب الابن، ويقسم ما في يدي الابن على سبعة وثمانين سهماً، للمرأة من ذلك ثلاثة أسهم، وللابن أربعة وثمانون سهماً. فإن تصادقن النسوة بينهن فإن النسوة كلهن يدخلن في نصيب المرأة المعروفة، فيقسم ما في يديها على أربعة أسهم، لكل امرأة سهم وللمرأة المعروفة سهم. وإذا هلك الرجل وترك ابناً وامرأة فأقرت المرأة بثلاث بنين للميت معاً فصدقها الابن في أحدهم وكذبها في الباقين فإن الابن (¬2) الذي أقر به الابن المعروف يقاسم الابن المعروف ما في يديه نصفين، ولا يدخل في نصيب المرأة، ويقسم ما في يدي المرأة على ثمانية عشر سهماً، للمرأة أربعة أسهم، ولكل ابن سبعة أسهم. ولو كان الابن المقر صدقها فيهم جميعاً قسم ما في يدي الابن المقر المعروف على أربعة أسهم، لكل ابن سهم، فلا يدخل واحد منهم في نصيب المرأة. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه في (¬3) قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، إلا ما وصفت لك في أول الباب، فإن قولهما فيه على ما وصفت لك وما أشبهه من المسائل بعده. ... باب إقرار الورثة بالوارث بعد الوارث وقد دفع إلى الأول المال (¬4) بقضاء قاض في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد وإذا أقر (¬5) الوارث بوارث فإنه يشركه في حصته بقضاء قاض، ثم أقر بآخر شركه فيما بقي في يديه، ولا يصدق على الأول، فيقسم الوارث ¬

_ (¬1) ت: يدخلان. (¬2) ف - الابن. (¬3) م ت + قياس. (¬4) ف - المال. (¬5) ت + الرجل.

والمقر به الآخر ما بقي في يديه على ما كان نصيبهم في الأصل. فإن دفع ذلك بقضاء قاض ثم أقر بآخر شركه فيما بقي في يديه، ولا يصدق على الأول (¬1) والثاني في أن يدخل هذا معهما في (¬2) الميراث. وتفسير ما وصفنا: رجل مات وترك ابنين، فأقر أحدهما بأخ، فإنه يعطيه نصف ما في يديه، فإن (¬3) أعطاه نصف ما في يديه بقضاء قاض ثم أقر بأخ آخر فإنه يعطيه نصف ما بقي في يديه، فإن لم يكن الإقرار على ما وصفنا ولكنه (¬4) أقر بهما جميعاً معاً فإنه يعطيهما (¬5) ثلثي ما في يديه. وكذلك لو أقر بهما (¬6) واحداً بعد واحد في كلام متصل فقال: فلان أخي وفلان أخي، فهو سواء، ويأخذان ثلثي ما في يديه. فإن أعطاهما ثلثي ما في يديه بقضاء قاض ثم أقر بأخ آخر فإنه يعطيه نصف ما بقي في يديه. ولو أن رجلاً هلك وترك ابنين فأقر أحدهما بامرأة للميت فإنه يعطيها تسعي ما في يديه، ويكون له سبعة أتساع ما في يديه. فإن دفع ذلك إليها بقضاء قاض ثم أقر بأخ فإنه يعطيه نصف ما بقي في يديه. ولو كان بدأ (¬7) فأقر بأخ فأعطاه نصف ما في يديه ثم أقر بامرأة (¬8) وقد دفع إلى الأول بقضاء قاض فإنه يعطي هذه ثلاثة أعشار ما (¬9) في يديه. ولو أن رجلاً هلك وترك ابنة وعصبة فأقرت الابنة بأخت لها فإنها ¬

_ (¬1) ف - فيقسم الوارث والمقر به الآخر ما بقي في يديه على ما كان نصيبهم في الأصل فإن دفع ذلك بقضاء قاض ثم أقر بآخر شركه فيما بقي في يديه ولا يصدق على الأول. (¬2) ت - في. (¬3) ت: فإنه. (¬4) ت - ولكنه. (¬5) ت: يعطيها. (¬6) ف - جميعاً معا فإنه يعطيهما ثلثي ما في يديه وكذلك لو أقر بهما. (¬7) ت: برأ. (¬8) م ت: لامرأة. (¬9) ف + بقي.

تأخذ نصف ما في يديها. فإن أعطاها ذلك بقضاء قاض ثم أقرت بعد ذلك بأخ لها فإنها تعطيه ثلثي ما بقي في يديها. ولو لم تقر بأخ ولا أخت ولكنها أقرت بامرأة للميت (¬1) فإن المرأة تأخذ خمس ما في يديها، من قبل أنها زعمت أن لها أربعة من ثمانية، وأن للميت واحداً (¬2) من ثمانية، فتقاسمها (¬3) ما في يديها على خمسة أسهم، فإن دفعت ذلك إليها بقضاء قاض ثم أقرت بأخ فإنها تعطيه ثلثي ما بقي في يديها. ولو أن رجلاً هلك وترك ابنة وعصبة فأقرت الابنة بامرأة (¬4) فإن المرأة تأخذ خمس ما في يديها. فإن دفعت ذلك بقضاء قاض ثم أقرت بامرأة أخرى فإن المرأة الأخرى تأخذ تسع ما بقي (¬5) في يديها، ولها ثمانية أتساعه، من قبل أنها زعمت أن للأولى (¬6) الثمن، ولها النصف، ثم زعمت أن لهذه الثانية نصف الثمن وأن لها نصف المال، فتقاسمها ما في يديها على قدر ذلك. فإن دفعت ذلك بقضاء قاض ثم أقرت بامرأة أخرى فإنها تقاسمها ما في يديها على ثلاثة عشر سهماً، للمرأة من ذلك سهم، وللابنة اثنا عشر سهماً، من قبل أنها زعمت أن الفريضة من أربعة وعشرين سهماً، لها من ذلك اثنا عشر سهماً، وللمرأة (¬7) الأخيرة سهم من أربع وعشرين سهماً، وهو ثلث الثمن، فتقاسمها (¬8) ما في يديها على قدر ذلك. فإن دفعت ذلك بقضاء قاض ثم أقرت (¬9) بامرأة أخرى فإنها تقاسمها ما بقي في يديها على سبعة عشر سهماً، لها من ذلك ستة عشر سهماً، [وللمرأة سهم، من قبل أنها زعمت أن الفريضة من اثنين وثلاثين سهماً، وأن لها من ذلك سهماً] من اثنين وثلاثين سهماً، وأن للمرأة سهماً من اثنين وثلاثين سهماً، وهو ربع الثمن. ¬

_ (¬1) ت: الميت. (¬2) ت: الميت واحد. (¬3) ت: فبقي سهمها. (¬4) ف - بامرأة. (¬5) ت - بقي. (¬6) ت: الأولى. (¬7) ت: وللامرأة. (¬8) ت: فبقي سهمها. (¬9) ت: فأقرت.

ولو أن رجلاً هلك وترك أخاه فأقر الأخ بابنة للميت فإنها تأخذ نصف ما في يديه. فإن دفع إليها نصف ما في يديه بقضاء قاض ثم أقر بابنة أخرى فإنه يقاسمها أيضاً (¬1) ما في يديه نصفين، من قبل أنه زعم أن لها الثلث، وله الثلث. فإن دفع إليها بقضاء قاض ثم أقر بابنة أخرى فإنه يقاسمها ما في يديه على خمسة أسهم، له من ذلك ثلاثة أسهم، ولها سهمان، لأنه زعم أن لها سهمين من تسعة أسهم، وله ثلاثة أسهم. فإن دفع ذلك إليها بقضاء قاض ثم أقر بابنة أخرى فإنه (¬2) يقاسمها ما في يديه على ثلاثة أسهم، له من ذلك سهمان، ولها سهم، من قبل أنه زعم أن الفريضة من ستة، فله الثلث، وللبنات الثلثان، لكل واحدة سهم، فتضرب الابنة الرابعة بسهم، ويضرب هو بسهمين، فيكون ما بقي بينهما على ثلاثة أسهم. ولو أن رجلاً مات وترك أخاه فأقر الأخ بابنة للميت فإنه يعطيها نصف ما في يديه. فإن دفع ذلك إليها (¬3) بقضاء قاض ثم أقر بابنة ابن فإنه يعطيها ثلث ما بقي في يديه، من قبل أنه زعم أن لها السدس، وأن له الثلث، فيكون ما بقي بينهما على ثلاثة أسهم، له سهمان، ولها سهم. فإن دفع ذلك بقضاء قاض ثم أقر بابنة ابن أسفل منها فلا شيء لها. ولو لم يقر (¬4) بشيء من هذا ولكنه أقر بابنة ابن ابن فإنها تأخذ نصف ما في يديه. فإن دفع ذلك بقضاء قاض ثم أقر بابنة ابن أرفع منها بدرجة فإنها تأخذ ثلاثة أخماس ما بقي في يديه، لأنه زعم أن لها النصف وله الثلث. فإن دفع ذلك بقضاء قاض ثم أقر بابنة للميت لصلبه فإنها تأخذ منه أيضاً ثلاثة أخماس ما بقي في يديه، لأنه زعم أن لها النصف وأن له الثلث. ولو لم يقر بشيء مما ذكرنا ولكنه أقر بابن ابن فإنه يعطيه جميع ما في يديه ويخرج بغير شيء. فإن أعطاه ذلك بقضاء قاض ثم أقر بابن للميت (¬5) لصلبه فلا شيء له، ولا ضمان على الأخ، ولا يدخل (¬6) في شيء مما في يدي ¬

_ (¬1) ت: أيضا يقاسمها. (¬2) م - بابنة أخرى فإنه (غير واضح). (¬3) ت: إليها ذلك. (¬4) ت: لم تقر. (¬5) ت: الميت. (¬6) ت - ولا يدخل.

ابن الابن (¬1). ولو أن رجلاً هلك وترك أخاه فأقر الأخ بامرأة للميت (¬2) فإنها تأخذ ربع ما في يديه. فإن دفع إليها بقضاء قاض ثم أقر بامرأة أخرى فإنها تأخذ سبع ما بقي (¬3) في يديه، فإن دفع إليها بقضاء قاض ثم أقر بامرأة أخرى فإنها تأخذ عشر (¬4) ما بقي في يديه، من قبل أنه زعم أن لها واحداً (¬5) من اثني عشر، وهو ثلث الربع، وأن له تسعة من اثني (¬6) عشر سهماً. وإن دفع ذلك إليها بقضاء قاض ثم أقر بامرأة أخرى فإنها تأخذ منه سهماً من ثلاثة عشر سهماً مما بقي في يديه، لأنه زعم أن الفريضة من ستة عشر، للنسوة الربع أربعة، لكل واحدة سهم، وله اثنا عشر، فتضرب المرأة الرابعة فيما بقي في يديه بسهم، ويضرب (¬7) هو (¬8) باثني عشر سهماً. ولو أن رجلاً هلك وترك ابنين فأقر أحدهما بامرأة لأبيه فإنها تأخذ تسعي ما في يديه. فإن دفع ذلك إليها بقضاء قاض ثم أقر بامرأة أخرى فإنها تأخذ ثمن ما في يديه. فإن دفع إليها بقضاء قاض ثم أقر بامرأة أخرى فإنها تأخذ منه سهمين من ثلاثة وعشرين سهماً مما بقي في يديه. فإن دفع إليها بقضاء قاض ثم أقر بامرأة أخرى فإنها تأخذ منه جزء من خمسة عشر جزء مما بقي في يديه، لأنه زعم أن الفريضة من اثنين وثلاثين سهماً، للنسوة الثمن أربعة أسهم، لكل واحدة سهم، وله أربعة عشر سهماً، ولأخيه (¬9) أربعة عشر سهماً، فأنكر ذلك أخوه، فأخذ (¬10) نصف المال، فيقسم ما في يديه والمقر بها على قدر ما أقر به. وعلى هذا (¬11) جميع هذا الوجه وقياسه في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ¬

_ (¬1) ت: الابن. (¬2) ت: الميت. (¬3) ت - بقي. (¬4) ف ت - عشر. (¬5) ت: واحد. (¬6) ت: من اثنا. (¬7) ت: وتضربه. (¬8) ت - هو. (¬9) م: ولأختيه. (¬10) ت: يأخذ. (¬11) ت - هذا.

باب إقرار بعض الورثة بوارث ثم يجحده ثم يقر بآخر في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد

باب إقرار بعض (¬1) الورثة بوارث ثم يجحده ثم يقر بآخر في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد وإذا هلك الرجل وترك ورثة فأقر بعضهم بوارث ثم أنكره ثم أقر بآخر فإنه لا يصدق على الذي أقر به (¬2) أولاً أن يخرجه من الميراث، والآخر على حقه فيما بقي في يديه على نحو ما كان يحاصّ (¬3) لو لم ينكره. وتفسير ما وصفنا (¬4): رجل مات وترك ابنين فأقر أحدهما بأخ ثم أنكر ثم أقر بآخر (¬5) فإن الأول يأخذ نصف ما في يديه، ويأخذ الآخر نصف ما بقي في يديه، فيصير للأول النصف، وللآخر الربع، وللمقر الربع. ولو أن رجلاً هلك وترك أخاه لأبيه وأمه فأقر الأخ بابن للميت ثم أنكره فقال: لا بل (¬6) فلان أبوه، فإن الأول يأخذ جميع ما في يديه، ولا شيء للمقر الآخر. وكذلك لو أقر بابن ثم أقر بآخر وأنكر الأول ثم أقر بآخر وأنكر الثاني. ولو كان الإقرار منه بعد الدفع (¬7) بغير قضاء قاض كان ضامناً في (¬8) جميع ما وصفنا. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ... ¬

_ (¬1) م ت - بعض. (¬2) ت: أنه. (¬3) ت: لحاص. (¬4) ت: وصفناه. (¬5) م ف ت: بأخت. (¬6) ت: فقال لابن. (¬7) ت: الرفع. (¬8) ت - ضامنا في.

باب إقرار بعض الورثة بعدما مات بعضهم والمقر وارث والذي ترك الميت قائم بعينه أو مستهلك في قول أبا حنيفة وأبا يوسف ومحمد

باب إقرار بعض الورثة بعدما مات بعضهم والمقر وارث والذي ترك الميت قائم (¬1) بعينه أو مستهلك (¬2) في قول أبا حنيفة وأبا يوسف ومحمد وإذا هلك الرجل وترك داراً أو عبداً أو مالاً بعينه فلم يحرز (¬3) ولم يقسم حتى مات بعض الورثة (¬4)، ثم إن بعض الورثة ممن ورث الميت أقر بوارث، فإنه ينظر إلى المقر كم كان نصيبه (¬5) مما ترك الميت الأول ومن الميت الآخر، وإلى المقر به كم كان نصيبه مما ترك الميت الأول (¬6) ومما ترك الميت الآخر، فيقتسمان ما (¬7) في يدي المقر مما ورث من الأول والآخر على قدر ما كان نصيبهما (¬8) في الأصل. وتفسير ما وصفنا: رجل مات وترك داراً (¬9) وترك ابناً لا يعلم له (¬10) وارث (¬11) غيره ثم إن الابن مات وترك ابنين فأقر أحد الابنين بعم له وهو ابن الميت الأول فإنه يقاسممه ما في يديه على ثلاثة أسهم، للعم سهمان، وله سهم، لأنه زعم أن للعم نصف الدار وله الربع. ولو كان الميت الآخر (¬12) حيث مات وترك ابنتين (¬13) وعصبة فأقرت إحدى الابنتين بعم وهو ابن الميت لصلبه وأنكرت الأخرى والعصبة فإنه يقاسمها ما في يديها (¬14) على خمسة أسهم، للعم أربعة أسهم، ولها سهم، لأنها زعمت أن للعم النصف من ¬

_ (¬1) ت: قائما. (¬2) ت: أو مستهلكا. (¬3) م ف: يحرك؛ ت: يحرل. (¬4) ت - حتى مات بعض الورثة. (¬5) ت: لصلبه. (¬6) م + ومن الميت الآخر وإلى المقر به كم كان نصيبه مما ترك الميت الأول. (¬7) م ت: مما. (¬8) ت: نصيبها. (¬9) ت: وترك دارا. (¬10) ت - له. (¬11) ت: وارثا. (¬12) ف: الأول. (¬13) ت: ابنين. (¬14) ت: في يديه.

قبل أبيه، وله السدس من قبل أبيها (¬1)، وأن لها السدس. ولو أن رجلاً هلك وترك ابنين وترك داراً ثم إن أحد الابنين هلك وترك ابناً ثم إن ابن الباقي أقر بأخ لأب وأم فإنه يقاسمه ما في يديه نصفين. فإن لم يقر بأخ لأب وأم ولكنه أقر بأخ لأب والميت أخوه أيضاً لأبيه فإنه يقاسمه ما في يديه نصفين. فإن كان الميت أخاه لأبيه وأمه وأقر الباقي بأخ لأب قاسمه أيضاً ما في يديه نصفين. ولو لم يقر الابن الباقي بشيء مما ذكرنا ولكن ابن أخي (¬2) الميت أقر بعم (¬3) وأنكر ذلك ابن الميت الأول فإنه يقاسمه ما في يديه نصفين. ولو أن رجلاً هلك وترك ابنين من أم ولد له وهما أخوان لأب وأم وترك داراً ثم إن أحدهما مات وترك ابنين وترك عبداً سوى نصيبه من الدار ثم إن عم الجارية أقر بأخ لأب فإنه يقاسمه ما وصل إليه من الدار خاصة نصفين، ولا يقاسمه ما ورث من العبد. ولو أقر بأخ لأب وأم قاسمه ما وصل إليه من الدار والعبد نصفين. ولو أن امرأة ماتت وتركت زوجاً وابنين لها من زوجها وتركت داراً ثم إن أحدهما مات فأقر الباقي بأخ فإنه يقاسمه ما وصل إليه من الدار نصفين. ولو أن رجلاً هلك وترك ابنين ثم إن أحدهما مات وترك ابنة (¬4) فأقر الباقي بامرأة للميت وزعم أنها أمها وأنكرت ذلك ابنة الميت الآخر (¬5) فإنه يقاسمها (¬6) ما في يديه على خمسة وسبعين سهماً، له من ذلك ستة وخمسون سهماً، ولها تسعة عشر سهماً، لأنه زعم أن لها من زوجها وهو الميت الأول الثمن، اثنا عشر سهماً من ستة وتسعين سهماً، وأن له اثنين وأربعين سهماً، فصار لابنته أحد وعشرون سهماً، وصار لهذه التي أقر بها أنها أم السدس سبعة أسهم، فصار لها تسعة عشر، وصار له ما (¬7) بقي مما ¬

_ (¬1) ت: ابنها. (¬2) ت: أخ. (¬3) ت: نعم. (¬4) ت: ابنا. (¬5) ت: الأخرى. (¬6) ت: يقاسمه. (¬7) ف: مما.

ترك أخوه، وهو أربعة عشر سهماً، فصار له مع (¬1) نصيبه من أبيه ستة وخمسون (¬2) سهماً، فيقاسمها على خمسة وسبعين سهماً، لها من ذلك تسعة عشر سهماً، وله ستة وخمسون (¬3). ولو أن رجلاً هلك وترك ابنين وترك ألفي درهم، فأخذ كل واحد منهما ألف درهم، ثم إن أحدهما (¬4) مات وترك مائة درهم، والآخر وارثه، وهما أخوان لأب وأم، ثم إن الباقي أقر (¬5) بأخ لأب، فإنه يقاسمه هذه الألف والمائة درهم نصفين. [فإن] ثلث تلك الألف التي أخذ الميت دين لهذا المدعي، فأخذ المدعي هذه المائة التي تركها الميت الباقي مما ورث من الميت الأول، فيضمه إلى ما في يدي الذي أقر به، فيقسمها نصفين. وكذلك لو ترك مائتي درهم أخذها المقر به (¬6)، فيضمه إلى ما في يدي المقر، فاقتسما ما في أيديهما نصفين. وكذلك لو ترك ما بينه وبين ثلث (¬7) الألف. فإن كان الميت ترك أكثر من ثلث (¬8) الألف، ترك أربعمائة درهم أو خمسمائة (¬9) درهم أو أكثر من ذلك، فإن المقر به (¬10) يأخذ ثلث جميع الألف التي كانت وصلت إليه، ويأخذ من هذا المقر أيضاً ثلث الألف التي كانت في يديه (¬11)، ولا حق له فيما بقي، لأن المقر أخ لأب وأم، فهو أحق من الأخ لأب. وكذلك ما ترك من تلك الألف بعينها أو غيرها فهو سواء. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. ... ¬

_ (¬1) ت: ربع. (¬2) ت: وستة وخمسين. (¬3) ت + سهماً. (¬4) ت: إن واحداً منهما. (¬5) ت - أقر. (¬6) م: للقرابة. (¬7) ت: ثلثه. (¬8) ت: من ثلثه. (¬9) ت: أو ثلثمائة. (¬10) ت - به. (¬11) ت: في يده.

باب الإقرار في قياس قول أبي حنيفة ومحمد

باب الإقرار في قياس قول أبي حنيفة ومحمد ولو أن رجلاً في يديه ألف درهم وهو مجهول النسب (¬1)، وقد ورث الألف درهم من أبيه، فأقر بأخ، فقال المقر به: قد أقررت أن (¬2) هذه الألف درهم تركها أبي، وأنت تزعم أنك ابنه، ولست (¬3) بابنه، فادفعها إلي، فإن القول قول الذي في يديه (¬4) الألف درهم، وللمقر به النصف إلا أن يقيم (¬5) البينة فيأخذ المال من صاحبه. وكذلك لو أقر بأخت أو بأم للميت أو بأخ أو بأب فهو سواء. وكذلك كل وارث مجهول النسب في يديه مال ورثه فأقر (¬6) بوارث فالقول قول المقر، ويعطيه مما في يديه بقدر ما أقر له. وكذلك لو كان مكان الابن ابنة مجهولة النسب وفي يديها ألف درهم فأقرت بمولى عتاقة فالقول قولها إلا الزوج والمرأة. فإن الزوج إذا أقر أنه ورث من امرأته مالاً وأقر بأخ لهما (¬7) أو بابن أو بعصبة أو بوارث فالقول قول الوارث المقر به، ويأخذ جميع ما في يدي الذي يزعم (¬8) أنه زوج، إلا أن يقيم البينة أنه زوج. فإن أقام البينة قاسم على قدر ما أقر له. وكذلك المرأة إذا أقرت أنها ورثت من زوجها. وعلى (¬9) هذا جميع هذا الوجه في قياس قول أبي حنيفة ومحمد (¬10). ... ¬

_ (¬1) ت - وهو مجهول النسب. (¬2) ت: بالا. (¬3) ت: وليس. (¬4) ت: في يده. (¬5) ت: إن لم تقم. (¬6) ت: أقر. (¬7) ت: لها. (¬8) ت: زعم. (¬9) ت: على. (¬10) ت - ومحمد.

باب الإقرار يصدقه فيه صاحبه أو يكذبه في قياس قول أبا حنيفة وفي قول محمد

باب الإقرار يصدقه فيه صاحبه أو يكذبه في قياس قول أبا حنيفة وفي قول محمد وإذا هلك الرجل وترك أخاه لأبيه وأخاه لأمه، فاقتسما المال، فأخذ الأخ من الأم السدس، وأخذ الأخ من الأب خمسة أسداس المال، فادعى رجل أنه أخو (¬1) الميت لأبيه وأمه، فقال الأخ من الأب: أنت أخي لأب وأمي، وقال الأخ من الأم: أنت أخي لأب وأمي، فإن المقر به يقاسم الأخ من الأب ما بقي في يديه نصفين، ولا يدخل في نصيب الأخ من الأم. ولو قال الأخ من الأم: أنت أخي لأب وأمي، وكذبه الأخ من الأب، فإنه يقاسم ما في يدي الأخ من الأم نصفين، نصف للمقر به، ونصف للأخ المعروف. ولو أنكر الأخ من الأم وقال الأخ من الأب: أنت أخي لأبي وأمي، قاسمه ما في يديه نصفين. ولو قال الأخ من الأم: أنت أخ الميت لأبيه وأمه كما قلت، وقال الأخ من الأب: أنت أخي لأبي وأمي، فإن المقر به يقاسم الأخ من الأب ما في يديه نصفين، ثم يضم ذلك النصف إلى ما في يدي (¬2) الأخ من الأم (¬3)، فيقتسمان ذلك على ستة أسهم، للأخ من الأم سهم، وللمقر به خمسة أسهم. ولو قال الأخ من الأم: أنت أخو (¬4) الميت لأبيه وأمه، وصدقه الأخ من الأب في ذلك، فإن المقر يأخذ جميع ما في يدي (¬5) الأخ من الأب، ولا يدخل في نصيب الأخ من الأم. ¬

_ (¬1) ت: أخ. (¬2) ت: في يد. (¬3) ف + ما في يديه نصفين ثم يضم ذلك النصف إلى ما في يدي الأخ من الأم. (¬4) ت: أخ. (¬5) ت: في يد.

ولو قال الأخ من الأم: أنت أخو (¬1) الميت لأبيه وأمه، وكذبه الأخ من الأب، فإنه يقسم ما في يدي (¬2) الأخ من الأم على سبعة أسهم، سهمان للأخ من الأم، وخمسة أسهم للمقر به. وإذا هلك الرجل وترك أخاه لأمه، فادعاه رجلان أنهما أخوا (¬3) الميت لأبيه وأمه، فقال الأخ من الأب لأحدهما: أنت أخي لأبي وأمي، وكذبه الآخر، وقال الأخ من الأم للآخر (¬4): أنت أخي لأبي وأمي، وكذب بالذي (¬5) أقر به الأخ من الأب، وكذب المقر بهما فيما بينهما، فإن الذي أقر به (¬6) الأخ من الأب يأخذ نصف ما في يدي (¬7) الأخ من الأب، ويأخذ الذي أقر به الأخ من الأم نصف ما في يدي الأخ (¬8) من الأم (¬9)، ولا يدخل نصيبهما بعضه في بعض. فإن تصادق المقر بهما (¬10) بعضهما ببعض والمسألة على حالها اقتسما ما أخذا بينهما نصفين. ولو قال الأخ من الأب لأحدهما: أنت أخ الميت لأبيه وأمه كما قلت، وكذب بالآخر، وقال الأخ من الأم الذي كذبه (¬11) الأخ من الأب: أنت أخو (¬12) الميت لأبيه وأمه كما قلت، وكذب بالذي أقر به الأخ من الأب، وكذب المقر (¬13) بهما بعضهما ببعض (¬14)، فإن الذي أقر (¬15) به الأخ من الأب يأخذ جميع ما في يديه، ويخرج الآخر (¬16) بغير شيء، ويقاسم ¬

_ (¬1) ت: أخ. (¬2) ت: في يد. (¬3) ت: أخو. (¬4) ت: الأخرى. (¬5) ت: الذي. (¬6) م: له. (¬7) ت؛ في يد. (¬8) ف - من الأب ويأخذ الذي أقر به الأخ من الأم نصف ما في يدي الأخ. (¬9) ت - نصف ما في يدي الأخ من الأم. (¬10) ت: لهما. (¬11) ت: كذب به. (¬12) ت: أخ. (¬13) ت: وكذب الذي أقر. (¬14) ت: لبعض. (¬15) م ف ت: أخذ. (¬16) م ت: الأخ.

الذي أقر به الأخ من الأم ما في يدي الأخ من الأم على ستة أسهم، للأخ من الأم سهم، وللمقر به خمسة أسهم. فإن تصادق المقر [بهما] بعضهما (¬1) ببعض، والمسألة على حالها، فإن الذي أقر به الأخ من الأب يأخذ جميع ما في يدي (¬2) الأخ من الأب، فيقاسم أخاه نصفين، ولا يدخل الذي أقر به الأخ من الأم في نصيب الأخ من الأم، لأنه قد استوفى جميع حصته من الميراث. ألا ترى أنه لو قامت لهما بينة أنهما أخوا الميت لأبيه وأمه (¬3) أخذ جميع ما في يدي الأخ من الأب، ولم (¬4) يأخذ من الأخ من الأم شيئاً. وكذلك الإقرار إذا تصادقا. ولو قال الأخ من الأب الذي أقر به: أنت أخي لأبي وأمي، ولست بأخ الميت لأبيه وأمه، وقال للأخ (¬5) الذي صدقه الأخ من الأم (¬6): صدق (¬7) أخوك حين أقر بك أنك أخ لأم، وخرج (¬8) الكلام معا، فإن الذي أقر به الأخ من الأم يأخذ من الأخ من الأب سدس جميع المال، ولا يدخل في نصيب الأخ من الأم. فيقسم ما بقي في يدي الأخ من الأب نصفين، نصف للمقر به، ونصف للأخ (¬9) المعروف. ولو كان الأخ من الأب أقر بأخ من أبيه فدفع إليه (¬10) نصف ما في يديه بقضاء قاض أو بغير قضاء قاض، ثم أقر بأخ من أم، وصدقه فيه الأخ من الأم، فإن كان دفع النصف إلى الأول بقضاء قاض فإن المقر به الآخر يأخذ ثلث ما بقي في يديه، فيضمه إلى ما في يدي الأخ من الأم، فيقتسمان ذلك نصفين. وإن كان دفع إلى الأول بغير قضاء قاض أخذ منه خمس ما كان في يديه، وهو سدس جميع المال، فيسلم له، ولا ¬

_ (¬1) ت: بعضها. (¬2) ت: في يد. (¬3) ف: ولأمه. (¬4) ت: ولا. (¬5) ت: الأخ. (¬6) م ف ت + يأخذ من الأخ من للأب سدس جميع المال ولا يدخل في. (¬7) م ف ت: اصدق. (¬8) ت: الأم وخروج. (¬9) ت: للآخر. (¬10) ت: إليها.

يدخل في نصيب الأخ من الأم، لأنه قد استوفى جميع نصيبه. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه في قياس (¬1) قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإذا هلك الرجل وترك أخته (¬2) لأبيه وأمه وأخته (¬3) لأمه وترك عمه فاقتسموا المال، فأخذت الأخت من الأم السدس وأخذت الأخت من الأب والأم النصف وأخذ العم ما بقي، فادعت امرأة أنها أخت الميت لأبيه وأمه، فقالت الأخت من الأم: أنت أختي (¬4) لأبي وأمي، وقالت الأخت من الأب: أنت أختي (¬5) لأبي وأمي، وكذبها العم في ذلك، فإن المقر بها تأخذ نصف ما في يدي الأخت (¬6) من الأب، ولا تدخل في نصيب الأخت من الأم. [ولو كذبتها الأخت من الأب] (¬7) مع العم وقالت (¬8) الأخت من الأم: أنت أختي لأبي وأمي، قسم ما في يديها بينهما نصفين. ولو قالت الأخت من الأم: أنت أخت الميت لأبيه وأمه كما قلت، وكذبها العم، وكذبتها الأخت من الأب، قسم ما في يدي الأخت من الأم على أربعة أسهم، ثلاثة أسهم للمقر بها، وسهم للأخت من الأم. فإن صدقت الأخت من الأب ثم قالت الأخت من الأم: صدقت، قسم ما في يدي (¬9) الأخت من الأب وما في يدي الأخت من الأم على خمسة أسهم، ثلاثة أسهم للمقر بها، وسهم للأخت من الأب، وسهم للأخت من الأم. ولو لم تقر واحدة منهما ولكن العم أقر بأخت للميت لأبيه وأمه، ¬

_ (¬1) ف - قياس. (¬2) ت: أخيه. (¬3) ف: ولأخته. (¬4) م ف ت: أخي. (¬5) ت: أخي. (¬6) م ف ت: الأخ. (¬7) الزيادة من المبسوط, 30/ 85 - 86. (¬8) م ف: ولو قالت. والتصحيح مستفاد من المصدر السابق. (¬9) ت: في يد.

وكذبته (¬1) الأخت من (¬2) الأب والأخت من الأم، قسم ما في يدي العم على أربعة أسهم، للمقر بها ثلاثة أسهم، وللعم سهم. وإذا هلك الرجل وترك أباه وأمه، فأقرت الأم بأخوين للميت معاً، وكذبها الأب في ذلك، فإن الفريضة تقسم على ستة أسهم، للأم السدس، وللأب الثلثان، ويوقف السدس الباقي في يدي الأم (¬3) حتى يصدقها الأب، ولا شيء للأخوين. فإن صدقها الأب في أحدهما لم يأخذ (¬4) السدس الباقي حتى يصدقها فيهما جميعاً. فإن صدقها أخذ السدس الباقي. وإذا هلك الرجل وترك ابنيه (¬5) وأخاه لأبيه وأمه، وترك امرأته، فأقرت الابنة بامرأة للميت، وصدقتها (¬6) المرأة المعروفة في ذلك، فإن المقر بها تقاسم المرأة المعروفة ما في يديها نصفين، ولا تدخل (¬7) في نصيب الابنة. ولو كذبتها المرأة المعروفة قسم ما في يدي الابنة على سبعة وعشرين سهماً، للمرأة من ذلك ثلاثة أسهم، وللابنة أربعة وعشرون سهماً. ولو لم تقر الابنة بالمرأة، ولكن المرأة المعروفة أقرت بابنة للميت، وصدقتها الابنة المعروفة (¬8) جُمِع (¬9) ما في يدي الابنة وما في يدي المرأة المعروفة، فيقسم ذلك على تسعة عشر سهماً، للابنتين ستة عشر سهماً بينهما نصفين، وللمرأة ثلاثة أسهم. ولو كذبتها الابنة المعروفة قسم ما في يدي المرأة على أحد عشر سهماً، للابنة المقر بها ثمانية أسهم، وللمرأة ثلاثة أسهم. فإن صدقها الأخ في ذلك جُمِع (¬10) ما في يدي الأخ وما في يدي ¬

_ (¬1) ت: وكذبها. (¬2) ف + الأخت من. (¬3) م: للأم. (¬4) ت: لم تأخذ. (¬5) ت: ابنته. (¬6) ت: وصدقها. (¬7) ت: يدخل. (¬8) ت + في. (¬9) م ت: جميع. (¬10) م: جميع.

المرأة، فيقتسمون ذلك على ستة عشر سهماً، للمقر لها (¬1) ثمانية أسهم، وللأخ خمسة أسهم، وللمرأة ثلاثة أسهم. ولو لم تقر المرأة بها ولكن الأخ (¬2) أقر بها، فكذبته الابنة المعروفة والمرأة، فإنه يقسم ما في يدي الأخ على ثلاثة عشر سهماً، للأخ من ذلك خمسة أسهم، وللمقر بها ثمانية أسهم. وإذا هلك الرجل وترك ابناً وترك مالاً، فأقر الابن بأخ له من أبيه وأمه، فدفع إليه نصف ما في يديه، ثم إن المقر به أقر بأخ له من أبيه وأمه، وكذبه الابن المعروف في ذلك، فإن المقر به الثاني يأخذ نصف ما في يدي الابن المقر به (¬3) الأول. فإن دفع ذلك إليه بقضاء قاض أو بغير قضاء قاض ثم أقر بأخ له آخر، وصدقه فيه الابن المعروف، وكذبه في الأول، وكذب المقر بهما بعضهما ببعض، فإن كان الأخ المقر دفع ما في يديه إلى الأول بقضاء قاض أخذ المقر به (¬4) الآخر خمس ما في يديه (¬5)، فيضمه إلى ما في يدي الابن المعروف، فيقتسمان (¬6) ذلك نصفين. وإن كان دفع بغير قضاء قاض أخذ منه المقر به الآخر ربع ما كان في يديه، فيضمه إلى ما في يدي الابن المعروف، فيقتسمان (¬7) ذلك نصفين. فإن تصادق المقر بهما فيما بينهما والمسألة على حالها فإن المقر به الآخر يأخذ ثلث ما في يدي الابن المعروف، فيضمه إلى ما في يدي المقر وإلى ما في يدي المقر به الأول، فيقتسمون ذلك على ثلاثة أسهم، لكل واحد منهم سهم. وإذا هلك الرجل وترك أخاه لأبيه وأمه وامرأته، فأقر الأخ بابنة للميت لصلبه، وصدقته المرأة فيها، فإنه (¬8) يجمع ما في يدي الأخ وما في يدي ¬

_ (¬1) ت: بها. (¬2) ت: ولكنها لأخ. (¬3) ت: المقروف. (¬4) ف: أخذ به المقر. (¬5) م + فيضمه إلى ما في يديه. (¬6) ت: فيقسمان. (¬7) ت: فيقسمان. (¬8) ت: فإن.

باب الإقرار بعد قسمة الميراث

المرأة، فيقتسمون ذلك على أربعة وعشرين سهماً، للابنة النصف اثنا (¬1) عشر سهماً، وللمرأة الثمن ثلاثة أسهم، وللأخ ما بقي تسعة أسهم. وكذلك لو كان الأخ أقر بابنة ابن للميت. وكذلك لو كانت المرأة هي التي أقرت فصدقها الأخ كان هذا سواء كله. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. ... باب الإقرار بعد قسمة الميراث (¬2) وإذا هلك الرجل وترك ابنين وعبدين (¬3) أو دارين، فاقتسما فأخذ أحدهما عبداً وأخذ الآخر عبداً، ثم إن أحد الابنين أقر بأخ له من أبيه وكذبه الآخر، فإن المقر به يأخذ من المقر ثلث العبد الذي في يديه، ويضمن قيمة ربع العبد الذي صار لأخيه. وإذا هلك الرجل وترك ابنين (¬4) وترك دارين فاقتسماها فأخذ أحدهما داراً وأخذ (¬5) الآخر (¬6) داراً ثم أقر أحدهما بأخت له من أبيه وأمه وكذبه الآخر (¬7) فإن المقر بها تأخذ من المقر خمس الدار التي صارت في يديه، ويغرم لها سدساً من قيمة الدار التي صارت في يدي أخيه. ولو لم يكن أقر بأخت ولكنه أقر بأخ وأخت معاً وكذبته الأخت وكذب كل واحد منهما صاحبه فإن الأخت المقر بها تأخذ من المقر سبع الدار التي صارت في يديه، ويضمنه عشر قيمة الدار التي صارت في يدي أخيه، ويأخذ الأخ المقر به من المقر (¬8) سدس الدار التي صارت في يديه، ويضمن كل واحد منهما ثمن قيمة الدار التي صارت في يدي أخيه. ¬

_ (¬1) ت: اثني. (¬2) م + والتركة. (¬3) م ت: وترك عبدين. (¬4) ت: أختين. (¬5) ف - وأخذ. (¬6) ف: والآخر. (¬7) م ت: الأخ. (¬8) ت - من المقر.

ولو (¬1) لم يكن أقر بأخ ولكن أقر بأخوين معاً فإن كل واحد منهما يأخذ ربع الدار التي صارت في يديه، ويضمنه كل واحد منهما سدس قيمة الدار التي صارت لأخيه. وإذا هلك الرجل وترك ابنين وابنة وترك عبدين وداراً فاقتسموا فأخذت الابنة عبداً وأخذ أحدهما الدار وأخذ الآخر عبداً فأقرت الابنة بأخ لها من أبيها وكذبها أخواها (¬2) فإن الأخ المقر به يأخذ من العبد الذي صار في يدي الابنة (¬3) السبعين (¬4) ويضمنها جزءين من خمسة عشر جزء من قيمة العبد الذي في يدي الأخ [و] من (¬5) قيمة الدار التي في يدي الأخ الآخر. ولو لم تكن أقرت بأخ لها ولكنها أقرت بأخت وكذبها أخواها (¬6) فإن المقر بها تأخذ منه سدس العبد الذي صار في يديها، ويضمنها عشر قيمة الدار والعبد الذي صار في يدي أخويها. ولو لم تكن أقرت بأخت ولكنها أقرت بأخ وأخت معاً وكذبها أخواها فإن الأخ المقر به يأخذ مما صار في يديها من العبد الربع، ويضمنها عشر قيمة العبد والدار التي في يدي أخويها، وتأخذ الابنة المقر بها ثمن ما صار في يديها من العبد، ويضمنها جزء من عشرين (¬7) جزء من الدار والعبد الذي في يدي أخويها. ولو لم تكن أقرت بأخ وأخت (¬8) ولكنها أقرت بأخوين معاً فكذبها أخواها فإن لكل واحد من المقر بهما أن يأخذ مما صار في يديها التسعين، ¬

_ (¬1) ت: لو. (¬2) ف ت: أخوها. (¬3) م: للابنة. (¬4) م ف ت: التسعين. والتصحيح من الكافي، 3/ 305 و؛ والمبسوط، 30/ 89. (¬5) الزيادة مستفادة من المصدرين السابقين. (¬6) ت: أخوها. (¬7) م + من عشرين. (¬8) ت: بأخت وأخ.

ويضمنها كل واحد منهما جزءين من خمس (¬1) وعشرين جزء مما صار في يدي أخويها من العبد والدار. ولو لم تكن أقرت بأخوين ولكنها أقرت بأختين معاً وكذبها أخواها فإن لكل واحد منهما أن يأخذ مما صار في يدي المقر السبع، ويضمنها جزء من خمسة عشر (¬2) جزء مما صار في يدي أخويها من الدار والعبد. ولو لم تقر الابنة بشيء مما ذكرنا ولكن أحد الابنين أقر بأخ وأخت معاً وكذب بذلك الأخ والأخت (¬3) فإن كل واحد من المقر بهما يأخذ (¬4) مما صار في يدي المقر من الدار والعبد (¬5)، تأخذ الأخت منه ثمن الدار، وتضمنه جزء (¬6) من خمسة وعشرين جزء من قيمة العبد (¬7) والدار التي في يدي الأخ والأخت، ويأخذ منه الأخ (¬8) المقر به مما صار في يديه من الدار الربع، ويضمنه أربعة أجزاء من خمسة وعشرين جزء من قيمة العبد (¬9) والدار التي في يدي الأخ والأخت. ولو لم يكن أقر بأخ وأخت ولكنه أقر بأخوين معاً وكذبت بذلك الأخت والأخ المعروف فإن كل واحد من الأخوين المقر بهما يأخذ مما صار في يديه من الدار (¬10) التسعين وكل واحد منهما جزءين من خمسة عشر جزء مما صار في يدي الأخ والأخت من العبد والدار. ولو لم يكن أقر بأخوين معاً ولكنه أقر بأختين معاً وكذبه الأخ والأخت المعروفة فإن كل واحد منهما يأخذ سبع الدار، ويضمنه كل واحد منهما عشر قيمة ما في يدي الأخ والأخت من العبد والدار. وإذا هلك الرجل وترك ابناً وابنتين وترك عبدين وترك أمة ¬

_ (¬1) ت: من خمسة. (¬2) ف ت: من خمسة وعشرين. (¬3) م + الأخت. (¬4) ت: تأخذ. (¬5) م ف ت - والعبد. والزيادة من ع. (¬6) ت: جزوين. (¬7) م هـ: صوابه العبد ين؛ ف: العبد ين. (¬8) ت + والأخت ويأخذ منه الأخ. (¬9) م هـ: صوابه العبد ين. ف: العبد ين. (¬10) ف - من الدار.

فاقتسموا فأخذ الابن الأمة وأخذت كل واحدة منهما عبداً ثم إن إحدى الابنتين (¬1) أقرت بأختين لها من أبيها وأمها وكذبها الأخ المعروف والأخت المعروفة فإن كل واحدة (¬2) من المقر بهما (¬3) تأخذ سدس العبد الذي صار في يديها ويضمنها (¬4) جزء من اثني عشر جزء من قيمة ما في يدي الأخ والأخت من العبد والأمة. فلو لم تكن أقرت بأختين معاً ولكنها أقرت بأخوين وأخت معاً وكذبها الأخ والأخت المعروفة فإن الأخت (¬5) المقر بها تأخذ مما صار في يدي المقرة من العبد التسع ويضمنها (¬6) جزء من أربعة وعشرين جزء من قيمة ما صار في يدي الأخ (¬7) والأخت (¬8)، ويأخذ كل واحد من الأخوين المقر بهما منهما من العبد التسعين، ويضمنهما (¬9) كل واحد منهما جزءين (¬10) من أربعة وعشرين جزء من قيمة ما صار في يدي الأخت والأخ. ولو لم تكن أقرت الابنة بشيء مما ذكرنا ولكن الابن أقر بثلاث أخوات له معاً وكذب بذلك الأختان المعروفتان فإن كل واحدة من المقر بهن تأخذ مما في يدي الابن السبع، ويضمنه كل واحدة (¬11) منهن جزءين من عشرين جزء مما صار للأختين. ولو لم يقر بثلاث أخوات ولكنه أقر بأختين وأخوين معاً وكذب بذلك الأختان المعروفتان فإن كل واحدة من الأختين المقر بهما تأخذ مما صار في يديه العشر، ويضمنه (¬12) كل واحد (¬13) من الأخوين المقر بهما خمس الأمة، ويضمنه (¬14) كل واحدة منهما جزء من ستة عشر جزء من قيمة ما صار في ¬

_ (¬1) ت: أحد الابنين. (¬2) ت: واحد. (¬3) ت: بها. (¬4) ت: وتضمنها. (¬5) ت + المعروفة فإن الأخت. (¬6) ت: وتضمنها. (¬7) ت - الأخ. (¬8) ت: الأخت. (¬9) ف: ويضمنها. (¬10) ت: جز. (¬11) ت: واحد. (¬12) ت: وتضمنه. (¬13) ت: واحدة. (¬14) ت: وتضمنه.

يدي الأختين، ويأخذ كل واحد من الأخوين المقر بهما خمس الأمة، ويضمنه كل واحد منهما الثمن من قيمة ما صار في يدي الأختين من العبدين. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه في قول أبي حنيفة ويعقوب ومحمد بن الحسن (¬1). ¬

_ (¬1) م + والحمد لله رب العالمين وصلواته على محمد النبي وآله كتبه أَبو بكر بن أحمد بن محمد الطلحي الأصفهاني في يوم الخميس غرة شهر ذي الحجة سنة ثمان وثلاثين وستمائة الهلالية؛ ف + والحمد لله رب العالمين وصلواته على محمد النبي وآله أجمعين تم كتاب الأصل لمحمد بن الحسن الشيباني -رحمه الله تعالى- في سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة بدمشق المحروسة ولله الحمد؛ ت + نجز الجزء الرابع بحمد الله وعونه وحسن توفيقه وصلواته على نبيه محمد وآله الطاهرين وصحبه أجمعين وهو حسبنا ونعم الوكيل.

كتاب المكاتب

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب المكاتب (¬2) أَبو سليمان، قال محمد بن الحسن: قلت: أرأيت الرجل يكاتب عبداً له على ألف درهم، وينجمها عليه نجوماً يؤديها في كذا كذا سنة، في كل سنة كذا كذا، أو لكل (¬3) شهر كذا كذا، هل يجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن لم يكتب في مكاتبته: إنك حر إذا أديت إلي جميع المكاتبة، هل يعتق إذا أدى إليه جميع المكاتبة؟ قال: نعم، وهو بمنزلة قوله: إذا أديت إلي فأنت حر. قلت: أرأيت إن لم يكن ضرب للمكاتبة أجلاً، وإنما قال: قد كاتبتك على مائة درهم، هل يجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: فمتى تحل (¬4) عليه المكاتبة؟ ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) نقل الأفغاني -رحمه الله- في الحاشية هنا آثاراً من باب كتاب المكاتب في آخر كتاب العتاق، كما ذكر آثاراً أخرى وادعى أنها لا توجد في غير نسخة عاطف أفندي، لكن الأمر ليس كذلك، فجميع الآثار التي ذكرها موجودة في كتاب العتاق في باب كتاب المكاتب وباب موت المكاتب، وأثر منها مذكور في باب ميراث المكاتب من كتاب المكاتب. انظر: 3/ 146 و، 148 و؛ 4/ 11 و. (¬3) ز: أول كل. (¬4) ز: يحل.

قال: المكاتبة حالة، فإن أداها إذا طلبه بها السيد وإلا رُدَّ في الرق. قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً له ونجمها عليه نجوماً ولم يكتب في مكاتبته: إذا عجز عن النجم فهو مردود في الرق؟ قال: فإذا عجز عن أول نجم اشترط ذلك السيد أو لم يشترطه فهو مردود في الرق. قلت: أرأيت المكاتب أله أن يتزوج (¬1) بغير إذن مولاه؟ قال: لا. قلت: وكذلك المكاتبة؟ قال: نعم. قلت: فهل للمكاتب أن يخرج من المصر بغير إذن مولاه؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال (¬2): لأن المكاتب له أن يطلب ويسعى فيما يؤدي به مكاتبته، وليس للسيد أن يمنعه من ذلك. قلت: وكذلك المكاتبة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن اشترط عليه أن لا يخرج من المصر إلا بإذنه هل يجوز ذلك؟ قال: لا، والشرط باطل. قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً له أو أمة كاتبها (¬3) على كُرّ (¬4) حنطة أو كُرّ شعير أو سمى طعاماً (¬5) جيداً أو رديئاً أو وسطاً هل يجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كاتبه على زيت أو سمن (¬6) أو شيء مما يكال أو يوزن؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً له أو أمة على ألف درهم أو على مائة دينار ونجمها (¬7) عليه نجوماً، فإن عجز عن نجم منها فمكاتبته (¬8) ألفا (¬9) درهم، هل تجوز (¬10) هذه المكاتبة؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه اشترط ما ذكرت لك. ¬

_ (¬1) م ز: أن يزوج. (¬2) ز - قال. (¬3) ز: كاتب. (¬4) الكُرّ مكيال لأهل العراق، وجمعه أَكْرَار، فقيل: إنه اثنا عشر وَسْقاً كل وَسْق ستون صاعاً، وفي تقديره أقوال أخرى ذكرها المطرزي. انظر: المغرب، "كرر". (¬5) ز - طعاما. (¬6) ز - أو سمن. (¬7) ز: أو يحملها. (¬8) ف: فكاتبه؛ ز: فمكاتبه. (¬9) ز: ألف. (¬10) ز: هل يجوز.

قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً له على نفسه وماله (¬1) على ألف درهم وللعبد ألف درهم أو أكثر من ذلك هل يجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كاتب على ألف دينار وللعبد أكثر من ذلك؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنه لا يدخل بينه وبين عبده رباً. قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً له على نفسه وماله وفي يدي العبد رقيق لسيده أو مال لسيده أيدخل ذلك في ماله؟ قال: لا. قلت: وما الذي يدخل في ماله من ذلك؟ قال: ما كان اكتسبه وكان له قبل ذلك. قلت: أرأيت إن كان له رقيق هل يدخل ذلك الرقيق في ماله؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كانت عنده (¬2) أَعْدال (¬3) بَزّ مما كان أعطاه سيده يتجر فيه هل يدخل ذلك في - ماله؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن كان عبداً مأذوناً في التجارة وكان في يده مال رقيق ومما كان اشترى فكاتبه (¬4) السيد على نفسه وماله هل يكون جميع ما في يده من ذلك في المكاتبة؟ قال: نعم إذا كان كما ذكرت. قلت: ولم؟ قال: لأنه في يده ومما اشترى. فأما إذا كان في يده لعبده (¬5) مال فلا يدخل ذلك في مكاتبته إذا كاتبه على نفسه وماله. قلت: وكذلك كل ما كان وهب له بعلم سيده؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان وهب له مال بغير علم سيده فكاتب (¬6) على نفسه وماله أيدخل ذلك في مكاتبته؟ قال: نعم. قلت: ويجوز جميع ما ذكرت لك من المكاتبة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً له على أن يخدمه شهراً هل تجوز هذه المكاتبة؟ قال: نعم. قلت: لم والخدمة غير معلومة؟ قال: أستحسن ذلك. ألا ترى أنا نجيز (¬7) المكاتبة على مال ليس بمعلوم. قلت: وكذلك لو كاتبه ¬

_ (¬1) ز: أو ماله. (¬2) ف - عنده. (¬3) م ف ز: أعدل. وعبارة ب جار: ولا يدخل ما أعطاه مولاه ليتجر فيه كعدل بز. والأعدال جمع العِدْل، وهو نصف الحِمْل يكون على أحد جنبي البعير. انظر: لسان العرب، "عدل". (¬4) ز: وكاتبه. (¬5) م ز: لعبيده. (¬6) ز: وكاتب. (¬7) ف: لا نجيز.

على أن يبني له داراً قد أراه آجُرَّها وجصّها وما يبني بها، وكذلك على أن يحفر له بئراً قد وَقَّتَها (¬1) وسمى (¬2) طولها وقدرها وأراه (¬3) المكان؟ قال: نعم، هذا أيضاً في الاستحسان جائز (¬4). قلت: أرأيت إن كاتبه على أن يخدم (¬5) رجلاً شهراً ففعل فخدم الرجل شهراً هل (¬6) يعتق؟ قال: نعم. قلت: وتجوز المكاتبة على هذا في القياس؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المكاتب إذا كاتبه (¬7) سيده على ألف يؤديها (¬8) إلى غير سيده (¬9) أيجوز (¬10) ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كانت على ألف درهم يضمنها لرجل على سيده أتجوز المكاتبة على هذا؟ قال: نعم، المكاتبة جائزة (¬11) والضمان جائز. قلت: لم أجزت المكاتبة؟ قال: لأن (¬12) المكاتبة جائزة، ولأنه ليس فيها شرط (¬13) لسيده، فهو بمنزلة قوله: قد كاتبتك على ألف درهم. قلت: أرأيت إذا ضمن لرجل مالاً بدون إذن (¬14) سيده سوى المكاتبة أيجوز ذلك؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن ضمان المكاتب لا يجوز إلا أن يأذن له سيده، ولم (¬15) يأذن له. قلت: أرأيت إن ضمن سيده لغير سيده عن سيده أو أحال (¬16) سيده (¬17) عليه بمال من المكاتبة هل يجوز الضمان على هذا الوجه؟ قال: نعم. قلت: لم؟ (¬18) قال: لأنه أحاله من المكاتبة. قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً له على مال أو نجمها عليه نجوماً ثم ¬

_ (¬1) ف ط: قد وقها. والتصحيح من ب جار. (¬2) م - بئرا قد وقتها وسمى (غير واضح)؛ ز - قد وقتها وسمى. (¬3) ز - وأراه. (¬4) ز: أيضا هذا في الاستوا فانه جائز. (¬5) ز - أن يخدم. (¬6) ز: فهل. (¬7) ز: لمكاتبه. (¬8) ز: درهم. (¬9) ز: السيد. (¬10) ز - أيجوز. (¬11) ز - سيده أتجوز المكاتبة على هذا قال نعم المكاتبة جائزة. (¬12) ز: قال إن كانت. (¬13) م: بشرط؛ ز - شرط. (¬14) م ز - إذن. (¬15) ف ز: أو لم. (¬16) ز: أو حال. (¬17) ف + أو أحال سيده. (¬18) ف: ولم.

صالحه السيد على أن يعجل له بعض المكاتبة وحط عنه ما بقي هل يجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: ولم وأنت تكرهه في الدين؟ قال: لأن المكاتب بمنزلة عبده، فلذلك لم أكرهه، ولا يكون هذا بمنزلة الحق. قلت: أرأيت إن صالحه من المكاتبة على عبد بعينه هل يجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو صالحه على غير ذلك من العروض بعينه على دار أو أرض أو طعام أو غير ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن افترقا قبل أن يقبض ذلك السيد هل يفسد ذلك الصلح؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن الصلح قد وقع على شيء بعينه. ألا ترى أنه لو اشترى ذلك الشيء بعينه بما عليه من المكاتبة جاز ذلك، ولا تكون (¬1) الفرقة فساداً للبيع. قلت: أرأيت إن صالحه على عبد إلى أجل أو ثوب إلى أجل أو طعام إلى أجل أيجوز ذلك؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن هذا فاسد. قلت: ولم؟ قال: لأنه صالحه بدين فلا يجوز. قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً له واشترط عليه خدمته شهراً مع المكاتبة أيجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً له على ألف درهم ونجمها عليه نجوماً كل شهر على أن يؤدي مع كل نجم ثوباً قد سماه وسمى جنسه أيجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو قال: على أن تؤدي إلي مع مكاتبتك (¬2) ألف درهم؟ قال: نعم. قلت: ولم أجزت هذا وقد اشترط شرطاً غيرها فوقعت عليه المكاتبة؟ قال: لأن المكاتبة وقعت على جميع ما سمى (¬3)، وهو بمنزلة قوله: قد كاتبتك على كذا وكذا. قلت: أرأيت إن عجز عن شيء مما اشترط عليه مع نجومه وقد أدى نجمه وقد عجز عما كان اشترط عليه من الزيادة مع النجم أيرد في الرق؟ قال: نعم، إذا عجز عما كان اشترط عليه من الرق. قلت: وكذلك لو كاتبه على مائة مثقال تبر من فضة أو ذهب هل يجوز؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) ز: يكون. (¬2) ز: مع مكاتبك. (¬3) ز: ما أسمي.

باب ما لا يجوز من المكاتبة

قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً له أو أمة (¬1) على ألف درهم على أن يؤدي إليه كل شهر مائة درهم ولم يسم منتهى المكاتبة أيجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنه كاتبه على شيء معلوم. قلت: أرأيت المكاتبة التي تجوز ما هي؟ قال: كل (¬2) مكاتبة على دنانير أو دراهم أو شيء مما يكال أو يوزن بعد أن يسميه أو على ثياب بعد أن يسمي جنسها أو على خادم جائز. قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً له على ألف درهم فأداها إلى السيد ثم جاء رجل فاستحق تلك الألف ما حال المكاتبة؟ قال: المكاتب حر، يرجع عليه السيد بألف مكانها. قلت: لم عتق؟ قال: لأنه قد كان أدى إليه المكاتبة، ولأن المكاتبة لم تقع على هذه الألف بعينها. ... باب ما لا يجوز من المكاتبة قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً له على قيمته أيجوز ذلك؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن أدى إليه قيمته هل يعتق؟ قال: نعم. قلت: ولم وأنت لا تجيز المكاتبة؟ قال: إنما أفسدت المكاتبة لأنه كاتبه على شيء غير (¬3) مسمى، فإذا أدى إليه قيمته عتق. قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً له على ثوب ولم يسم الثوب أيجوز ذلك؟ قال: لا. قلت: وكذلك لو كاتبه على دار أو غير ذلك من العروض مما ليس بمسمى ولا معلوم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن أدى إليه ثوباً (¬4) هل يعتق؟ قال: لا. قلت: لم وأنت قد أجزته (¬5) في الباب الأول؟ ¬

_ (¬1) ز - أمة. (¬2) ف ز - كل. (¬3) م - غير. (¬4) ف: يوما؛ ز: شيء. (¬5) ف ز: أجزت عتقه.

قال: ليسا سواء، ولم يؤد في هذا الباب ما كاتبه عليه. ألا ترى إنما كاتبه على ثوب ولم يسمه. قلت: وكذلك لو كاتب (¬1) أمة له على هذا؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً كاتب أمة له على ألف درهم على أن يطأها ما دامت مكاتبته هل تجوز (¬2) هذه المكاتبة؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن كانت المكاتبة فاسدة فأدتها هل تعتق؟ قال: نعم. قلت: ولم وأنت لا تجيز المكاتبة؟ قال: لأن المكاتبة (¬3) معروفة، وإنما أفسدتها من قبل الشرط، فإذا أدتها قبل أن ترد عتقت. قلت: أرأيت إن كانت (¬4) مكاتبة مثلها أكثر من ذلك هل يرجع السيد على شيء مِن فَضْل (¬5) ذلك؟ قال (¬6): كان قوله الأول: يرجع بفضل مكاتبة مثلها، ثم رجع بعد ذلك فقال: تؤدي فضل القيمة بعد ذلك. وهو قول محمد. قلت: أرأيت إن وطئها السيد لمكاتبته التي كاتبها عليه أو كانت قيمتها أكثر من هذه المكاتبة فأدت بعد ذلك المكاتبة هل يكون لها على سيدها صداق؟ قال: نعم. قلت: ولم والمكاتبة كان أصلها فاسداً (¬7) ولم تكن مكاتبة صحيحة؟ قال: لأنها أدت فعتقت، فلذلك كان على سيدها العقر. قلت: وقياس هذا غير البيع؟ قال: لا، ألا ترى أن رجلاً [لو] (¬8) باع شيئاً بيعا فاسداً: خادماً فوطئها البائع ثم دفعها إلى المشتري فقبضها المشتري فأعتقها (¬9) لم يكن على البائع فيما وطئ شيء؛ لأنه قد وطيء ما يملك. قلت: وكذلك كل مكاتبة فاسدة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً له أو أمة له (¬10) مكاتبة (¬11) فاسدة ثم ¬

_ (¬1) ز: لو كانت. (¬2) ز: هل يجوز. (¬3) ز + فاسدة فأدتها هل تعتق قال نعم قلت ولم وأنت لا تجيز المكاتبة قال لأن المكاتبة. (¬4) م ز: إن كاتب. (¬5) وفي ط "على شيء فضل من ذلك" ولم يشر إلى ما في النسخ. (¬6) ز + إن. (¬7) ز: فاسد. (¬8) من ط. (¬9) م ف زط: فعتقها. (¬10) ف له. (¬11) ز: مكاتبته.

مات السيد قبل أن تؤدي ما حالها؟ قال: هي مملوكة للورثة وتبطل المكاتبة. قلت: أرأيت إن أدت إلى الورثة المكاتبة بعد (¬1) موت السيد؟ قال: تعتق (¬2) في الاستحسان. قلت: فهل تعتق في القياس؟ قال: لا. قلت: بالقياس تأخذ أم بالاستحسان؟ قال: لا بل بالاستحسان. قلت: أرأيت إن كاتب الرجل أمة له مكاتبة فاسدة ثم ولدت ولداً ثم ماتت المكاتبة قبل أن تؤدي ما حال الولد، وهل عليه أن يسعى فيما على أمه؟ قال: الولد رقيق، وليس عليه سعاية (¬3) في شيء. قلت: أرأيت إن استسعاه فيما على أمه فأداه هل يعتق؟ قال: نعم. قلت: ولم وأصل المكاتبة كانت فاسدة والمكاتبة إنما وقعت على الأم؟ قال: أستحسن ذلك، وأدع القياس فيه. قلت: أرأيت إن كانت الأمة (¬4) المكاتبة حية فولدت المكاتبة فأدت المكاتبة هل يعتق ولدها معها؟ قال: نعم. قلت: ولم يعتق الولد والمكاتبة فاسدة؟ قال: لأن الولد بمنزلة الأمة فإذا عتقت عتق. قلت: أرأيت رجلاً كاتب أمة له على أن تخدمه حياتها أو حياته هل تجوز (¬5) المكاتبة؟ قال: لا. قلت: وكذلك إن كان عبداً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كاتبها على ألف درهم على أن كل ولد (¬6) تلده (¬7) فهو للسيد هل تجوز (¬8) المكاتبة وهذا الشرط يفسدها؟ قال: لا. قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً له على ألف درهم على أن يخدمه بعد العتق وبعد أن يؤدي المكاتبة أيجوز هذا؟ (¬9) قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه اشترط في المكاتبة ما لا يعرف. قلت: أرأيت إن أدى مكاتبته هل يعتق؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا كاتبه على ألف درهم وعلى وصيف مع ¬

_ (¬1) م ف ز: بغير. والتصحيح من ط. (¬2) ز: يعتق. (¬3) ز - سعاية. (¬4) م: لامه. (¬5) ز: هل يجوز. (¬6) ف: ولده. (¬7) ف - تلده. (¬8) ز: هل يجوز. (¬9) م ف زط: المكاتبة قال هذا. ولعل الصواب ما أثبتناه. وقد ذكر نحوه الأفغاني في هامش ط.

أداء مكاتبته هل تجوز هذه المكاتبة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً له على ألف وجعل أجلها إلى العطاء هل تجوز (¬1) المكاتبة؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان إلى الحصاد أو إلى الدِّيَاس (¬2) أو إلى نحو ذلك مما يعرف من الأجل؟ قال: نعم، أستحسن ذلك. قلت: أرأيت إن قال المكاتب: إنما أعجل المكاتبة فأؤديها، هل يعتق؟ قال: نعم، يعتق. قلت: أرأيت الرجل يكاتب أمة له مكاتبة فاسدة على ميتة فولدت المكاتبة ولداً ثم أعتق السيد المكاتبة قبل أن تؤدي هل تعتق؟ قال: نعم، ولا يعتق ولدها. قلت: ولم لا يعتق ولدها؟ قال: لأن المكاتبة فاسدة. قلت: ولو كاتبها على ألف درهم مكاتبة فاسدة فولدت ولداً ثم أعتق السيد الأم؟ قال: يعتق ولدها معها. قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً له على ألف درهم وهي قيمته على أنه إذا أدى يعتق أو، عليه (¬3) ألف أخرى هل تجوز هذه المكاتبة؟ قال: نعم، إذا أدى الألف درهم عتق وكانت عليه ألف أخرى. قلت: وتجوز هذه المكاتبة عندك؟ قال: نعم، ولكن إذا أدى الألف الأولى عتق. قلت: أرأيت رجلاً كاتب أمة (¬4) له على حكمه أو على حكمها هل تجوز هذه المكاتبة؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن أدت قيمتها هل تعتق؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه كاتبها على غير شيء مسمى. قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً له على عبدِ غيره هل تجوز المكاتبة؟ ¬

_ (¬1) ز: هل يجوز. (¬2) قال المطرزي: الدِّيَاسة في الطعام أن يوطأ بقوائم الدواب أو يكرر عليه المِدْوَس يعني الجَرْجَر حتى يصير تبناً، والدِّيَاس صَقْل السيف، واستعمال الفقهاء إياه في موضع الدِّيَاسة تسامح أو وهم، وأصل الدَّوْس شدة وطء الشيء بالقدم. انظر: المغرب، "دوس". (¬3) الواو من ب جار ط. (¬4) ف - أمة؛ ز: أم.

قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه كاتبه على عرض لغيره، فلا تجوز المكاتبة على أموال الناس من العروض؛ ألا ترى أنه كاتبه على ما لا يملك. قلت: وكذلك لو قال: كاتبتك على دار فلان أو ثوب فلان أو على غير ذلك من العروض؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو قال: على كُرّ فلان لعينه أو طعام فلان بعينه؟ قال: نعم، هذا كله فاسد. قلت: ولو قال: كاتبتك (¬1) على ألف فلان هذه، أكانت (¬2) تجوز هذه المكاتبة؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأنه كاتبه على دراهم، فهو جائز. قلت: أرأيت إن أدى العبد ألف درهم غيرها هل يعتق؟ قال: نعم. قلت: والدراهم لا تشبه العروض؟ قال: لا (¬3)، لأن عليه دراهم مثلها. قلت: أرأيت إن قال: كاتبتني (¬4) على أن أعطيكها من مال فلان، هل تجوز (¬5) هذه المكاتبة؟ قال: نعم، المكاتبة جائزة، ويؤديها من حيث شاء. قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً له على ألف درهم على أن العبد بالخيار يوماً هل تجوز المكاتبة؟ قال: المكاتبة جائزة، والخيار جائز. قلت: وكذلك إن كان السيد بالخيار؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كاتب أمة فولدت ولداً قبل أن يمضي الخيار هل يكون ولدها مكاتباً معها وقد رضي المولى المكاتبة بعد ذلك؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن كانت (¬6) هي بالخيار فرضيت؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن مات المولى قبل أن يمضي الخيار؟ قال: موته بمنزلة رضاه. قلت: وكذلك إن ماتت المكاتبة بعده وبقي ولدها أيسعى (¬7) الولد فيما على أمه وتجوز (¬8) المكاتبة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا كاتبها على أنه بالخيار ثلاثة أيام فأعتق السيد نصفها قبل مضي الثلاثة الأيام؟ قال: هذا العتق جائز، وهو رجوع في المكاتبة واختيار لردها، ويستسعيها (¬9) في نصف قيمتها في قول أبي حنيفة. قلت: أرأيت إن كانت ¬

_ (¬1) ف: كاتبك. (¬2) ز: أكاتب. (¬3) ز - لا. (¬4) ف: كاتبني. (¬5) ز: هل يجوز. (¬6) ز: إن كاتب. (¬7) ز: أيعتق. (¬8) ز: ويجوز. (¬9) ز: أو يستسعيها.

باب المكتبتين جميعا والرجل يكاتب عبده على نفسه وعلى عبد له آخر غائب

ولدت ولداً في الأيام الثلاثة فأعتق السيد الولد وقد كان السيد (¬1) بالخيار هل يكون هذا اختياراً لرد المكاتب؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كانت (¬2) الأمة بالخيار؟ قال: يعتق ولدها، ولا يرفع عنها بحساب قيمة الولد من المكاتبة. قلت: أرأيت إن مات الولد هل يرفع عنها شيء من مكاتبتها؟ قال: لا. قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً له على ألف درهم يؤديها إليه نجوماً وشرط إن هو عجز عن نجم منها فعليه مائة درهم سوى النجم هل تجوز هذه المكاتبة؟ قال: المكاتبة (¬3) باطلة لا تجوز، وهو قول محمد. ... باب المكتبتين (¬4) جميعاً والرجل يكاتب عبده على نفسه وعلى عبد له آخر غائب قال محمد: حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: إذا كاتب الرجل عبدين له مكاتبة واحدة وجعل نجومهما واحدة (¬5) فإن أديا عتقا (¬6) وإن عجزا ردا رقيقاً فهو جائز، ولا يعتقان إلا جميعاً ولا يردان إلا جميعاً (¬7). قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبدين له مكاتبة واحدة وجعل النجوم واحدة وكفل كل واحد منهما عن صاحبه وكتب: إن أديا عتقا (¬8) وإن عجزا ¬

_ (¬1) م - في الأيام الثلاثة فأعتق السيد الولد وقد كان السيد (غير واضح). (¬2) ز: إن كاتب. (¬3) ف - قال المكاتبة. (¬4) ز: المكاتبين. (¬5) ز: نجومها واحد. (¬6) ز: عتق. (¬7) رواه الإمام محمد بنفس الإسناد. انظر: الآثار لمحمد، 117 - 118. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 191؛ والمصنف لعبد الرزاق، 8/ 389. (¬8) ز: عتق.

ردا والمكاتبة ألف درهم، وكاتبهما (¬1) سواء، فأدى أحدهما جميع المكاتبة، هل يعتقان؟ قال: نعم. قلت: فهل يرجع الذي أدى على الآخر بشيء؟ قال: نعم، يرجع عليه بنصف المكاتبة. قلت: ولم؟ قال: لأنه أدى النصف عن نفسه والنصف الآخر عن صاحبه، ولأن المكاتبة كانت عليهما جميعاً. قلت: فهل للسيد أن يأخذ أيهما شاء بجميع المكاتبة إذا كانت المكاتبة على ما ذكرت لك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا أدى أحدهما نصف المكاتبة هل يرجع على الآخر بشيء؟ قال: نعم، بنصف ما أدى. قلت: ولم؟ قال: لأن المكاتبة عليهما، ولأن الأداء عليهما جميعاً؛ ألا ترى أنهما لا يعتقان إلا بأداء جميع المال. قلت: أرأيت إن أدى حصته من المكاتبة هل يعتق؟ قال: لا يعتق حتى يؤدي جميع المكاتبة. قلت: فإن مات أحدهما أيرفع (¬2) عن الحي قيمة الميت من المكاتبة؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنهما لو كانا حيين (¬3) لم يعتقا إلا بأداء جميعها؛ ألا ترى أن أحدهما إذا أدى حصته لم يعتق، فكذلك إذا مات أحدهما لم يرفع عن الباقي شيئاً من المكاتبة، ولم يعتق (¬4) حتى يؤدي جميعاً. قلت: أرأيت إن كانت قيمة المكاتبتين (¬5) مختلفة فأدى أحدهما جميع المكاتبة هل يرجع على صاحبه بشيء؟ قال: نعم، تقوم قيمته من المكاتبة. قلت: أرأيت إن كان السيد قد أعتق أحدهما هل يرجع على الباقي بشيء من المكاتبة؟ قال: نعم، ويرفع عنه بقدر قيمة المعتق من ذلك. قلت: ولم وقد قلت: إذا مات أحدهما لم يرفع عن الباقي من المكاتبة؟ قال: لأن العتق لا يشبه الموت؛ لأن العتق بمنزلة ما قد قبض. قلت: أرأيت إن كاتب أمتين جميعاً وكانت (¬6) المكاتبة (¬7) على نحو ما ذكرت لك فولدت إحداهما ولداً فأعتق السيد الولد هل يجوز ¬

_ (¬1) ز: وكاتبها. (¬2) ز: أترفع. (¬3) ز: حين. (¬4) م - الباقي شيئا من المكاتبة ولم يعتق (غير واضح)؛ ز - عن الباقي شيئا من المكاتبة ولم يعتق. (¬5) ز: المكاتبين. (¬6) ز + الأمة. (¬7) ز: مكاتبة.

عنه؟ قال: نعم. قلت: فهل يرفع عنهما شيء من المكاتبة؟ قال: لا يرفع عنهما شيء. قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً له على نفسه وعلى عبد آخر غائب بألف درهم هل يجوز ذلك؟ قال: نعم في الاستحسان. قلت: أفرأيت إذا أدى هذا جميع المكاتبة هل يعتقان جميعاً؟ قال: نعم. قلت: فكيف يعتق الغائب وليس بمكاتب؟ قال: لأن السيد قد قبض جميع المكاتبة، فهو بمنزلة قوله: إذا أديت إلى ألفاً فأنت حر وفلان، ففعل، ولأن المكاتبة عليهما جميعاً. قلت: أرأيت إن لم يقل في المكاتبة: إذا أديت إلي فأنتما حران، هل يعتقان إذا أدى؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن أدى هذا المكاتب جميع المكاتبة هل يرجع على الغائب بشيء من المكاتبة؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن الغائب لم يكن في المكاتبة معه. قلت: أرأيت إن مات الغائب هل يرفع عن هذا شيء (¬1) من المكاتبة؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن أدى حصة قيمته من المكاتبة هل يعتق؟ قال: لا حتى يؤدي جميعها. قلت: وكيف القياس في هذا؟ قال: يصير هذا المكاتب مكاتباً بقدر قيمته من المكاتبة، ولا يلزمه غير ذلك؛ ولكني أدع القياس في هذا، وأجعلهما حرين إذا أديا جميعاً المكاتبة. قلت: أرأيت إذا مات المكاتب منهما ما القول في الغائب وقد قدم فقال: لا أؤدي شيئاً؟ قال: هو مملوك، ولا يلحقه شيء من المكاتبة. قلت: أرأيت إن رضي وقال: أنا أؤدي، وجاء بجميع المكاتبة فدفعها إلى المولى وقال المولى: لا أقبلها، ولم يترك الميت (¬2) شيئاً ما القول في ذلك؟ قال: أما في القياس فهو مملوك؛ لكني أدع القياس وأُعْتِقُه، فأُعتق الميت إذا أدى جميع المكاتبة هذا الحي (¬3) منهما حالاً. قلت: أرأيت إن كانا حيين جميعاً وأراد (¬4) السيد (¬5) أن يبيع الغائب ¬

_ (¬1) ف: بشيء. (¬2) ز - الميت. (¬3) ز: هذا أي لا. (¬4) م - حيين جميعاً وأراد (غير واضح)؛ ز - حيين جميعاً وأراد. (¬5) ز: للسيد.

منهما هل له ذلك؟ قال: أما في القياس فنعم، وأما في الاستحسان فحتى (¬1) يعجز (¬2) الآخر أو يؤدي. قلت: أرأيت رجلاً قال لعبد له: قد كاتبت فلاناً- لعبد غائب - على كذا كذا على أن تؤديها عنه، فرضى بذلك الشاهد أيجوز ذلك؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن الشاهد منهما مملوك، ولم يكاتب على نفسه. قلت: أرأيت إن أداها إلى المولى هل يعتق المكاتب؟ قال: نعم، يعتق. قلت: ولم (¬3) كان هذا مكاتبا؟ قال: لأني استحسنت (¬4) ذلك. قلت: أرأيت رجلاً حراً كاتب على عبد لرجل على أن يضمن عنه المكاتبة يؤديها إلى سيد العبد أيجوز ذلك؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن المكاتب لم يكاتبه على نفسه، وضمان الرجل للمكاتبة للرجل لا يجوز على عبده. قلت: أرأيت رجلاً حراً كاتب على ابن له عبد (¬5) لرجل (¬6) أيجوز ذلك؟ قال: لا، وهذا بمنزلة الباب الأول. قلت: وإن كان الابن صغيراً؟ قال: وإن كان. قلت: أرأيت عبداً له ابن صغير وهما لرجل واحد كاتب على ولده هل يجوز ذلك؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه لم يكاتب على نفسه، وإنما كاتب على ولده، ولو أدى في هذين الوجهين جميعاً عتق المكاتب. قلت: أرأيت رجلين لهما عبدان (¬7) لكل واحد منهما عبد على حدة كاتباهما جميعاً مكاتبة واحدة بألف درهم، وجعلا النجوم واحدة، إن أديا عتقا وإن عجزا ردا، هل يكون للسيد أن يأخذ كل واحد منهما أيهما شاء بجميع المكاتبة على ما ذكرت لك؟ قال: لا. قلت: فما القول في ذلك؟ ¬

_ (¬1) ز - الاستحسان فحتى. (¬2) ز: فعجز. (¬3) ف + قال. (¬4) م ف ز ط + من. (¬5) ز: عبدا. (¬6) ف: الرجل. (¬7) ز: عبدين.

قال: يكون كل واحد منهما مكاتباً بحصته بقدر قيمتهما (¬1)، فإن كانا سواء كل واحد منهما بخمسمائة، وإن كانت القيمة (¬2) مختلفة قسمت المكاتبة على قيمتهما، فكان كل واحد منهما مكاتباً لما يصيبه من المكاتبة. قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً له صغيراً هل يجوز ذلك؟ قال: نعم إن كان يعقل ويعبر عن نفسه (¬3). قلت: أرأيت إن كان صغيراً لا يتكلم ولا يعقل هل تجوز (¬4) المكاتبة؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنها ليست بمكاتبة، وإنما تكون المكاتبة (¬5) إذا عقل العبد ذلك. قلت: أفرأيت إن كاتب عن الصبي أبوه وهو حر هل يجوز ذلك؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لا يجوز أن يضمن له ماله عن عبده، ولا يكاتب عبده. قلت: وكذلك لو كان حراً كاتب على عبد رجل؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن أدى إليه جميع المكاتبة هل يعتق؟ قال: نعم. قلت (¬6): فهل يسلم المال لسيد (¬7) العبد؟ قال: نعم. قلت: أَوَلاَ يكون (¬8) للذي كاتب أن يرجع بشيء من ماله على السيد؟ قال: لا. قلت: فكيف القياس في هذا؟ قال: أما في القياس فيرجع فيأخذ ماله ويعتق العبد. قلت: ولم وهذا بمنزلة رجل قال لرجل: أعتق عبدك بألف درهم، فأعطاها إياه فأعتقه ثم بدا له أن لا يعطيه شيئاً هل يكون له ذلك؟ قال: نعم. قلت: فهل يرجع فيما أدى إلى المعتق (¬9) إن أراد ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان المولى قد استهلكه؟ (¬10) قال: أما في المكاتبة فنستحسن (¬11) أن لا يرجع، وأما في العتق فيرجع فيكون ذلك ديناً على المولى. قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبدين له مكاتبة واحدة وجعل نجومهما ¬

_ (¬1) ز: قيمتها. (¬2) ز + قلت أرأيت. (¬3) ز: عن نجومه. (¬4) ز: هل يجوز. (¬5) ز: يكون المكاتب. (¬6) ز - قلت. (¬7) م ف ز: للسيد. والتصحيح من ط. وهو ظاهر. وعبارة ب جار: ويسلم المال للمولى استحسانا. (¬8) ف: ولا يكون. (¬9) ف: على المعتق. (¬10) م ز: قد استهله. (¬11) ز: فيستحسن.

واحدة إن أديا عتقا وإن عجزا ردا، ثم إن أحدهما عجز ورده المولى أو قدمه إلى القاضي فرده ولا يعلم القاضي بمكاتبة الآخر، ثم إن الآخر أدى جميع المكاتبة هل يعتقان جميعاً؟ قال: نعم. قلت: فلم يعتق الذي كان رد في الرق؟ قال: لأن عجزه (¬1) ذلك باطل، ولا يكون عجزهما إلا جميعاً؛ لأن المكاتبة واحدة. قلت: أرأيت إن كان المولى قد استسعى الذي لم يعجز بعد ذلك في نجم أو نجمين ثم عجز ورد في الرق أيضاً والآخر غائب هل يكون رده رداً؟ قال: لا. قلت: فإن كان القاضي قد رده؟ قال: وإن. قلت: أرأيت (¬2) الرجلين إذا كاتبا عبداً واحداً مكاتبة واحدة غاب أحدهما وقدم الشاهد العبد المكاتب إلى القاضي وقد عجز هل يرده في الرق؟ قال: لا يرده حتى يجتمع الموليان جميعاً. قلت: ولو كان رجل واحد كاتب عبداً واحداً فمات المولى وترك ورثة هل يستطيع بعضهم أن يرد المكاتبة قبل أن يجتمعوا جميعاً؟ قال: بلى (¬3)، له ذلك، ولا (¬4) يَرُدّ إلا بقضاء قاض، ولا يشبه هذا الأول، أي الوارثين حضر (¬5) معه فهو خصم. قلت: فكذلك لو كان المكاتب هو الميت وترك ولدين ولدا في المكاتبة لم يستطع المولى أن يرد واحداً منهم والآخر غائب حتى يجتمعوا جميعاً؟ قال: نعم. قلت: وإن كان الباقي لم يسع في شيء بعد (¬6) رد الأول؟ قال: وإن كان. قلت: ولم؟ قال: لأنه لا يكون ردهما إلا جميعاً؛ لأنه إذا رد أحدهما ثم أدى الآخر عتقا جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبدين له مكاتبة واحدة وجعل نجومهما واحدة إن أديا عتقا وإن عجزا ردا، ثم إن أحدهما ارتد عن الإسلام فرفع إلى الإمام فعرض عليه السلطان الإسلام فأبى فقتله، ما حال الباقي؟ قال: ¬

_ (¬1) ز: عجز. (¬2) ز: أفرأيت. (¬3) م ف: بل؛ ز - بلى. والتصحيح من ط، ولم يشر إلى ما في النسخ. (¬4) ز: لا. (¬5) ز: حصل. (¬6) ف - بعد.

لا يعتق حتى يؤدي جميع المكاتبة. قلت: أفرأيت إذا أدى جميع المكاتبة هل يعتق هو والمقتول؟ قال: نعم. قلت: فإن كان للمقتول ولد أحرار من امرأة حرة هل تجر ولاء ولده إلى مواليه؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنه عتق حين أدى صاحبه المكاتبة. قلت: أرأيت إذا كان المرتد منهما قد اكتسب مالاً بقدر ردته ثم قتل ما القول في ذلك؟ قال: أخذ المولى ذلك من جميع ذلك المال جميع المكاتبة، ويعتقان جميعاً. قلت: أرأيت إذا كان للمدبر ولد أحرار هل يرجعون على الباقي بحصته من المكاتبة إذا كان (¬1) الوارث مولاه؟ قال: نعم. قلت: فما حال مال المكاتب الذي بقي مما كان اكتسب في ردته بعد أداء المكاتبة أيكون لورثته؟ قال: نعم (¬2). قلت: أرأيت إن ارتد أحدهما ولحق بدار الشرك (¬3) هل يؤخذ هذا الباقي بجميع المكاتبة؟ قال: نعم، ولا يعتق إلا بأداء جميعها. قلت: أرأيت إذا أداها هل يعتق هو والمرتد الذي في دار الشرك؟ قال: نعم. قلت: أفرأيت إن رجع المرتد مسلماً هل يرجع الذي أدى بجميع حصته من المكاتبة عليه؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنه كاتب المكاتبة عليهما جميعاً. قلت: أفرأيت المرتد بعد ذلك إن مات في دار الشرك وترك مالاً (¬4)، فظهر (¬5) المسلمون على ذلك فأخذوه (¬6) في دار الشرك (¬7)، هل يرجع هذا الذي أدى بحصة المرتد في ماله ذلك ولم يقسم بعد؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه قد صار فيئاً، ولا يكون عليه دين وهي فيء للمسلمين (¬8). قلت: وكذلك إن كان قد قسم؟ (¬9) قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: ألا ترى أن رجلاً لو استدان من رجل ديناً ثم ارتد (¬10) ولحق بدار الحرب ولم يترك مالاً في دار الإسلام ثم ¬

_ (¬1) م: إذ كان. (¬2) ز - قلت فما حال مال المكاتب الذي بقي مما كان اكتسب في ردته بعد أداء المكاتبة أيكون لورثته قال نعم. (¬3) ف: المشركين. (¬4) ز: لو ترك لا. (¬5) م زط: يظهر. (¬6) م ط: فيأخذوه، ز: فيأخذه. (¬7) ف - وترك مالا فظهر المسلمون على ذلك فأخذوه في دار الشرك. (¬8) م ز: المسلمين. (¬9) ز: قد أقسم. (¬10) ز: ثم ارتده.

ظهر المسلمون عليه فقتلوه وأخذوا ماله لم يكن لغرمائه عليه سبيل، وكذلك الباب الأول. قلت: أفرأيت إن كان هذا المرتد في دار الشرك بَعْدُ فعجز عن هذا المقيم في دار الإسلام أيرده القاضي في الرق؟ قال: لا. قلت: أفرأيت إذا رد القاضي هذا أيكون رده رداً للآخر؟ قال: لا. قلت: فإن رجع الآخر مسلماً أيرده إلى مولاه رقيقاً؟ قال: لا. قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً له وامرأته جميعاً مكاتبة واحدة وجعل نجومهما واحدة وكفل كل واحد منهما (¬1) عن صاحبه إن أديا عتقا وإن عجزا ردا ثم إن المكاتبة ولدت ولداً فقتل الولد لمن قيمته؟ قال: للأم كلها. قلت: ولا يكون للأب منه شيء؟ قال: لا. قلت: وكذلك لو جرح جراحة أو اكتسب مالاً؟ قال: نعم، ذلك كله للأم دون الأب. قلت: ولم؟ قال: لأنه منها. قلت: أرأيت إن كان المولى نفسه هو الذي قتل الولد، وقيمته والمكاتبة سواء، له أن يأخذ هذا مكان المكاتبة، ويقاصّ الأم بذلك ولم يحل شيء من ذلك؟ قال: لا إلا أن تشاء الأم (¬2). قلت: لم؟ قال: لأن قيمة الولد بمنزلة مال أخذه، فيرده عليها إذا لم يحل عليها شيء من مكاتبتها؛ لأن الولد إنما هو شيء لها. قلت: أرأيت (¬3) إن قاصّها بذلك ورضيت هل تعتق هي وزوجها؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن هذا بمنزلة أدائها جميع المال. قلت: فهل ترجع على الزوج بشيء؟ قال: نعم، ترجع (¬4) عليه بحصته من المكاتبة إذا حلت، وتكون (¬5) قيمة الولد كأنها أدته هي بنفسها؛ لأنه مال لها. قلت: أفرأيت إن كان الولد قيمته أكثر من المكاتبة وكان قد ترك مالاً سوى ذلك لمن يكون ذلك الفضل وما ترك من مال؟ قال: للأم دون الأب. قلت: ولم؟ قال: لأنه مالها. قلت: أفرأيت إن كان الولد جارية فولدت ولداً ثم قتل ولد الولد لمن تكون (¬6) قيمته؟ قال: للجدة دون الأم. قلت: ولم؟ قال: لأن الأم (¬7) لو قتلت كانت قيمتها ¬

_ (¬1) ز - منهما. (¬2) م ز: للأم، ط: أن يشاء للأم. (¬3) ز: أفرأيت. (¬4) ز: يرجع. (¬5) ز: إذا حصلت ويكون. (¬6) ز: يكون. (¬7) ز: للأم.

للجدة، فكذلك ولدها بمنزلتها. قلت: وكذلك كل ما (¬1) كسبته؟ (¬2) قال: نعم. قلت (¬3): أفرأيت إذا ماتت المكاتبة وبقي ولدها وولد ولدها والزوج هل للمولى [على] ابنيها (¬4) سبيل في شيء من السعاية؟ قال: نعم، عليهما (¬5) من المكاتبة ما على أمهما. قلت: لم يكون على ولد الولد وأمهما حية؟ قال: لأنهما بمنزلة أمهما؛ ألا ترى أن كسبها وقيمتها إنما هو للجدة، فكذلك يلزمهما جميعاً السعاية. قلت: ويكونان في ذلك بمنزلة الميتة؟ قال: نعم. قلت: وأيهما إذا أدى (¬6) المكاتبة عتقوا جميعاً؟ قال: نعم. قلت: فترجع الأم على الولد بشيء أو (¬7) الولد على أمه بشيء؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنهما إذا أديا عن أمهما (¬8). [قلت]: أفيرجعان (¬9) على الزوج بشيء؟ قال (¬10): أيهما ما أدى جميع المكاتبة رجع على الزوج بحصته من ذلك فيكون له خاصة دون الأم (¬11). قلت: ولا يكون ذلك بمنزلة ميراث تركته (¬12) الميتة؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن الذي أدى ¬

_ (¬1) ف: كل مال. (¬2) ز: كسبه. (¬3) م ف - قلت. (¬4) م ف ز: بينهما؛ ط: ببنيها. (¬5) ز: عليها. (¬6) م ف ز: إذا أديا؛ ط: وإنهما إذا أديا. والتصحيح من ب جار حيث يقول: وأيهما أدى البدل عتقوا جميعاً. (¬7) ز - أو. (¬8) ويقول السرخسي -رحمه الله-: وإن ماتت الجدة وبقي الولدان والزوج كان على الولدين من السعاية ما كان على الجدة، لأنهما في حكم جزء منها، فيسعيان فيما كان عليها. وإن أدى أحد الولدين لم يرجع على صاحبه بشيء، لأنه مؤد عن الجدة، وكسبه في حكم أداء بدل الكتابة بمنزلة كسب الجدة، فلا يرجع على صاحبه بشيء لهذا. ولكنه يرجع على الزوج بحصته. كما لو أدت الجدة في حياتها جميع البدل رجعت على الزوج بحصته، ثم يسلم له ذلك دون الآخر، لأنه كسبه. وإنما يسلم للجدة من كسبه قدر ما يحتاج إليه لأداء بدل الكتابة وتحصيل الحرية لنفسها. فما فضل من ذلك يسلم للمكتسب. وهذا هو الذي رجع به فاضل عن حاجتها، فيكون للمكتسب خاصة. انظر: المبسوط، 8/ 19. (¬9) ز: أفترجعان. (¬10) ف - قال (¬11) م ف ز + قال نعم. (¬12) ز: يركبه.

باب مكاتبة المكاتب

أحق به. قلت: أفرأيت إن كانت الميتة (¬1) حية لم تمت (¬2) فولد للزوج ولد من جارية اشتراها أتكون (¬3) قيمة ولده وجميع كسبه على نحو ما وصفت لك في شأن الأم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل إذا كاتب عبدين له مكاتبة واحدة، وجعل نجومهما واحدة بألف درهم إن أديا عتقا وإن عجزا ردا، وقيمتهما سواء، ثم إن أحدهما أدى مائتي درهم، ثم أعتقه المولى بعد ذلك وقيمته خمسمائة درهم وقيمة الآخر خمسمائة، هل يرجع هذا المعتق على الآخر بشيء، أو هل يرجع الباقي على المعتق بشيء، وما حال الباقي والمكاتبة؟ قال: يرجع هذا المعتق بنصف ما أدى على هذا الباقي، ويرفع عن الباقي نصف ما بقي بعد أداء المعتق، ويسعى فيما بقي. قلت: ولم صار هذا هكذا؟ قال: لأن المكاتبة كان أصلها واحداً (¬4)، وكل شيء أدى أحدهما قل أو كثر رجع على صاحبه بنصف ذلك. قلت: أرأيت إن كان أعتق الذي لم يرد شيئاً؟ قال: يرفع عن الباقي نصف ما بقي من مكاتبته، ويرجع الذي أدى بنصف ما أدى على المعتق، وأيهما أعتق فإنه يؤخذ على حاله بمكاتبة (¬5) صاحبه ويكون في ذلك بمنزلة الكفيل عنه؛ لأن المكاتبة قد صحت قبل عتق هذا على غير وجه الكفالة، وكذلك العتق. ... باب مكاتبة (¬6) المكاتب قلت: أرأيت المكاتب هل تجوز (¬7) مكاتبته؟ (¬8) قال: نعم. قلت: وإن كان لم يؤد شيئاً من مكاتبته؟ قال: وإن. قلت: أفرأيت مكاتباً (¬9) ¬

_ (¬1) ز - قال لا قلت ولم قال لأن الذي أدى أحق به قلت أفرأيت إن كانت الميتة. (¬2) ز: لم يمت. (¬3) ز: أيكون. (¬4) ز: واحد. (¬5) م ف ز: مكاتبة. (¬6) ط: كتابة. (¬7) ز: هل يجوز. (¬8) ف: كتابته. (¬9) ز: مكاتب.

كاتب عبداً له ثم إن المكاتب الثاني أدى مكاتبته (¬1) هل يعتق؟ قال: نعم. قلت: ولم (¬2) والذي كاتبه لم يعتق وأنت تزعم أن عتق المكاقب لا يجوز؟ قال: ليس هذا بمنزلة العتق (¬3)، هذا بمنزلة البيع، استحسنا (¬4) ذلك فأجزناه. قلت: أفرأيت إن عجز الأول بعد ذلك هل يمضي (¬5) عتق الثاني؟ قال (¬6): نعم، عجز الأول أو لم يعجز. قلت: والثاني حر إذا أدى؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان الأول لم يعجز لمن يكون ولاء الثاني؟ قال: لمولى المكاتب الأول. قلت: أرأيت إن أدى المكاتب الأول بعد ذلك هل يرجع إليه ولاء (¬7) مكاتبه؟ (¬8) قال؛ لا. قلت: ولم؟ قال: لأن الآخر حيث عتق صار مولى (¬9) مولاه. قلت: أرأيت إن عجز الأول فرد في الرق هل يرجع الثاني معه ولم يعجز؟ قال: لا، ولكنه على مكاتبته يسعى فيها للمولى على نجومه. قلت: أرأيت إذا مات المكاتب الأول وقد ترك مالاً كثيراً وورثته أحرار أو لم يدع (¬10) وارثاً غير مولاه ما القول (¬11) في ذلك وفي مكاتبته؟ قال: يأخذ المولى ما بقي من مكاتبته من تركته، وما بقي فلورثته، ويسعى المكاتب لورثته في مكاتبته. قلت: ويصير مولاهم دون السيد إذا أدى إليهم المكاتبة؟ قال: نعم. قلت: فإن عجز صار رقيقاً لهم دون المولى؟ قال: نعم. قلت: أفرأيت (¬12) إن كان المكاتب لم يدع شيئاً هل يرد الباقي في الرق ولم يعجز؟ قال: لا، ولكنه يسعى في مكاتبته حتى يؤديها، وإن كانت مكاتبة الثاني فيها وفاء بمكاتبة الأول أدى، فإن بقي شيء صار لورثة المكاتب الأول إن كان له وارث آخر غير المولى، وإلا كان للمولى، ويعتق هذا والميت جميعاً، ويكون ولاء الميت للمولى، ويجر (¬13) ولاء ولده إن ¬

_ (¬1) ز: إذا كاتبه. (¬2) ز - ولم. (¬3) ز: البيع. (¬4) ز: استحسانا. (¬5) ز: هل تمضي. (¬6) ز - قال. (¬7) ز - ولاء. (¬8) ز: مكاتبته. (¬9) ف - مولى. (¬10) ف ز: ولم يدع. (¬11) ز: لقول. (¬12) ف: أرأيت. (¬13) م ف ز: ويجب. والتصحيح من ب جار ط.

كان له أولاد أحرار من امرأة حرة، ويكون ولاء الثاني للمولى الأول (¬1) أيضاً؛ لأنه أدى فعتق (¬2) قبل أن يعتق الميت. قلت: أرأيت إن لم يكن في مكاتبة الثاني وفاء بمكاتبة الأول فأخذ المولى ما أدى الثاني (¬3) هل يعتق الأول؟ قال: لا، ولكن يعتق الثاني ولا يعتق الأول. قلت: فلمن يكون ولاء الثاني؟ (¬4) قال: للمولى دون ورثة الأول. قلت: لم؟ قال: لأن المكاتب مات عاجزاً مملوكاً (¬5)؛ فأما إذا كان (¬6) في مكاتبة الثاني وفاء فهذا مال تركه الميت الأول، فإذا قبضه العبد عتق الأول والثاني جميعاً. قلت: أفرأيت إن أعتق السيد مكاتب (¬7) مكاتبه هل يجوز عتقه؟ قال: لا. قلت: ولم ولو أعتق المولى مكاتبه جاز؟ قال: لأن الثاني ليس للمولى فيه ملك؛ ألا ترى لو أن المولى أعتق شيئاً من رقيق مكاتبه لم يجز عنه، وكذلك مكاتب المكاتبة. قلت: أرأيت إن أعتق المولى مكاتبه الأول هل يعتق الثاني بعتقه؟ قال: لا، ولكنه مكاتب على حاله للمعتق (¬8)، ويسعى له (¬9) في نجومه. قلت: ولا يكون للمولى عليه سبيل؟ قال: لا. قلت: أرأيت إذا مات المكاتب الثاني وقد ترك مالاً فيه وفاء بمكاتبته أو ليس فيه وفاء؟ قال: إن كان ترك مالاً فيه وفاء (¬10) بمكاتبته (¬11) أخذ المكاتب الأول في ذلك مكاتبته، وينظر إلى ما بقي؛ فإن كان للميت ولد أحرار أو ورثة دون المولى فهو لهم، وإن لم يكن له وارث إلا مولى المكاتب الأول فهو له ولاؤه، ويجر ولاء ولده إن كان له ولد أحرار من امرأة حرة. قلت: ولا يكون للمكاتب من ماله ولا من ميراثه شيء سوى ¬

_ (¬1) ز - الأول. (¬2) ف: فيعتق. (¬3) ز: الباقي. (¬4) ز: الباقي. (¬5) ف - مملوكا. (¬6) ز: إذا كانت. (¬7) م ف ط: إن عتق السيد فكاتب؛ ز: إن ضمن السيد المكاتب. والتصحيح مستفاد من ب جار حيث يقول: ولا ينفذ إعتاق المولى مكاتب مكاتبه. (¬8) م ف ز: المعتق. والتصحيح من ط. وهو ظاهر. (¬9) ف: لي. (¬10) ف - قال إن كان ترك مالا فيه وفاء. (¬11) م ز: لمكاتبته.

مكاتبته؟ قال: لا. قلت: ولم لا يرثه وهو مكاتبه؟ (¬1) قال: لأن المكاتب (¬2) لا يرث، وإنما هو بمنزلة العبد. قلت: أرأيت المكاتب إذا كاتب عبداً له ثم أعتقه بعد المكاتبة هل يجوز عتقه؟ قال: لا. قلت: أفرأيت إن وهب له نصف المكاتبة وأخذ ما بقي منها هل يعتق؟ قال: لا. قلت: أفرأيت إن وهب له جميع المكاتبة هل يعتق؟ قال: لا (¬3). قلت: أرأيت المكاتب إذا قال لعبده: إذا أديت إلي ألف درهم فأنت حر، أو إذا (¬4) أعطيتني ألف درهم فأنت حر، أو إذا (¬5) جئتني بألف درهم فأنت حر، هل يعتق في شيء من هذه الوجوه؟ قال: لا. قلت: أرأيت مكاتباً كاتب جارية ثم إن المكاتب وطئها فعَلِقَت ما حال الجارية؟ قال: إن شاءت مضت على مكاتبتها، وإن شاءت عجزت فتصير أم ولده، لا يقدر على بيعها. قلت: أرأيت إن اختارت العجز فأعتق المولى ولدها هل يجوز عتقه؟ قال: نعم. قلت: ولم ولو أعتقها في نفسها لم يجز عتقه؟ قال: لأنها ليست بمنزلة ولدها، وولدها بمنزلة المكاتب؛ ألا ترى أن المكاتب لا يقدر على بيع ولده على حال من الحالات أبداً ما تبقى أمة للمكاتب. قلت: أرأيت إن اختارت العجز أيكون للمكاتب أن يبيعها أو يبيع ولدها؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن أعتق السيد الولد بعد ذلك هل يجوز عتقه؟ قال: لا. قلت: لم وقد أجزت عتقه في ولدها؟ قال: لأنها ليست بمنزلة ولدها؛ ألا ترى أن مولاها (¬6) إذا أدى المكاتبة صارت أم ولده، ويستخدمها ويطؤها، وأما ولدها معتق. قلت: أرأيت إن مات الولد ¬

_ (¬1) ف: مكاتبته. (¬2) م ف ز ط: لا والمكاتب. والسؤال السابق يناسبه الجواب بِ "لأن". (¬3) ف - قلت أفرأيت إن وهب له جميع المكاتبة هل يعتق قال لا. (¬4) م: وإذا. (¬5) م: وإذا. (¬6) ف - قال لأنها ليست بمنزلة ولدها ألا ترى أن مولاها.

هل للمكاتب أن يبيع الأم بعد ذلك؟ قال: ليس له أن يبيعها مات الولد أو لم يمت. قلت: أرأيت المكاتب إذا كاتب جارية له فعمد السيد فوطئ مكاتبته فولدت منه أو لم تلد؟ قال: إن لم تلد فعليه العقر لها، وإن ولدت منه فعليه العقر وتمضي (¬1) على مكاتبتها، وليس عليه (¬2) في الولد قيمة (¬3)، والولد بمنزلة أمه يعتق بعتقها، فإن أدت عتقت وعتق ولدها. قلت: فيثبت نسب الولد منه؟ قال: نعم. قلت: لم لا يلزمه الولد بالقيمة في هذه الحال؟ قال: لأنه لا يكون عليه قيمة الولد ما دامت على مكاتبتها؛ لأن القيمة لا تكون لها ولا (¬4) للمكاتب ما دامت مكاتبة (¬5)؛ لأن ولدها بمنزلتها. ألا ترى أنها لو حبلت من غيره لم يكن للمكاتب على الولد سبيل وكان بمنزلة أمه. قلت: أرأيت إن عجزت ما القول في ذلك وما حال الولد؟ قال: يكون الولد للمولى بالقيمة، وتكون للمكاتب. قلت: ولم؟ قال: لأني استحسنت (¬6) ذلك، فأكره أن أجعل (¬7) ولده رقيقاً. قلت: أرأيت الأم هل تصير أم ولد للسيد؟ قال: لا، ولكنها مملوكة للمكاتب. قلت: أفرأيت المكاتب إذا كاتب جارية له ثم إن المكاتب عجز فرد في الرق ثم وطئ السيد الجارية التي كاتبها فعَلِقَت ما القول في ذلك؟ قال: هي في هذا الوجه بمنزلة ما كانت، ويكون الولد ولده، وتخير الجارية؛ فإن (¬8) شاءت العجز عجزت وتصير أم ولده، وإن شاءت أن تمضي على مكاتبتها وتأخذ عقرها منه فعلت (¬9). قلت: أفرأيت إن لم يعجز المكاتب ولكنه مات بعد ما (¬10) وطئ السيد مكاتبته فعَلِقَت ولم يترك شيئاً؟ قال: هذه بمنزلة الأولى ¬

_ (¬1) ز: ويمضي. (¬2) م - عليه. (¬3) ز + قيمة. (¬4) ف: ولاء. (¬5) ز - مكاتبة. (¬6) ز - حال الولد قال يكون الولد للمولى بالقيمة وتكون للمكاتب قلت ولم قال لأني استحسنت. (¬7) م ف زط: أن أجعله. (¬8) ز: إن. (¬9) ز: فعلب. (¬10) ز - مات بعد ما.

أيضاً. قلت: فإن كان للمكاتب ورثة أحرار وفي المكاتبة فضل؟ قال: هذه تمضي على مكاتبتها، فإن أدت عتقت، ويكون ما بقي من المكاتبة سوى ما (¬1) أخذ السيد لورثة (¬2) المكاتب. قلت: فإن كان الذي وطئها المكاتب ثم مات ولم يترك مالاً هل تخيرها (¬3) في هذا الباب؟ قال: إن كانت لم تلد لم تخير، وإن كانت ولدت خيرت؛ فإن شاءت سعت هي وولدها في مكاتبته الأولى ورفضت مكاتبتها (¬4)، وإن شاءت مضت (¬5) على مكاتبتها. قلت: ولم؟ قال: لأنه لم يترك مالاً. قلت: فلو ترك مالاً فيه وفاء بمكاتبته أدى مكاتبته وعتق وبطل عنها المكاتبة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن عجزت في الباب الأول والمدعي للولد المولى ومكاتب الأول ميت ما حالها وحال ولدها؟ قال: أما ولدها فحر وعلى أبيه (¬6) قيمته، فإن كان في قيمته وفاء للمكاتبة عتق المكاتب وكانت الأم (¬7) مملوكة لورثته إن كان له ولد أحرار. قلت: ولم؟ قال: لأن المكاتب وولدها بمنزلة مال التركة استحسنت أن أجعل الولد له بالقيمة ولا يباع، وأما الأم مملوكة لورثة (¬8) المكاتب، فإن لم تكن (¬9) له ورثة سوى المولى فهي أم ولد للمولى. قلت: أرأيت إن مات المكاتب وترك مالاً كثيراً ما القول في ذلك؟ قال: يردون ما بقي من المكاتبة إلى السيد، والمكاتبة على مكاتبتها، فإن عجزت ردت في الرق، ويكون الولد للسيد بالقيمة، وتكون القيمة لورثة المكاتب. قلت: فما حال الأم؟ قال: هي مملوكة لورثة المكاتب إذا كان له ورثة سوى المولى. قلت: ولم جعلت عليه قيمة الولد في هذا الوجه؟ قال: لأن المكاتب مات وترك وفاء، وقد قبض المولى مكاتبته من تركته فصار حراً، فكأنه قد كان عتق قبل أن يموت. ألا ترى (¬10) أنه لو أدى المكاتبة عتق ثم إن مكاتبته ¬

_ (¬1) ز: إنما. (¬2) ز: فورثه. (¬3) ز: هل يخيرها. (¬4) ز: لمكاتبتها. (¬5) م ف زط: قبضت. وهو تحريف. والتصحيح مستفاد من ب جار. وانظر المسائل السابقة. (¬6) ز: ابنه. (¬7) ز: أم. (¬8) ز: لورثته. (¬9) ز: لم يكن. (¬10) ز - ترى.

عجزت وقد كان السيد وطئها فولدت منه جعلت لها الولد بالقيمة واستحسنت (¬1) أن يسترقه المكاتب، وأما الأم (¬2) فمملوكة له. قلت: وكذلك إن مات وترك وفاء وقبض السيد ما بقي من مكاتبته ثم عجز بعد ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المكاتب يكاتب (¬3) عبداً له ثم كاتب مكاتبه عبداً له أيضاً أيجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كانت أمة له؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كاتب الثاني أمة له ثم إن المكاتب الأول وطئ مكاتبة الثاني فولدت منه ما القول في ذلك؟ قال: يأخذ (¬4) عقرها منه وتمضي (¬5) على مكاتبتها، وولدها (¬6) بمنزلتها، فإن أدت عتقت وعتق ولدها معها. قلت: أرأيت إن عجزت فردت (¬7) في الرق ما حالها وحال ولدها؟ قال: هي مملوكة لمولاها، ويكون الولد للمكاتب الأول بقيمته. قلت: لم؟ قال: لأني (¬8) استحسنت ذلك وتركت القياس فيه، وجعلته بمنزلة المولى إذا وطئ مكاتبة مكاتبه. قلت: أفرأيت إذا أخذه بالقيمة أيكون بمنزلته يعتق بعتقه ويرق برقه ولا يكون له أن يبيعه؟ قال: نعم. قلت: فإن أعتق المولى ولده بعد ذلك هل يجوز عتقه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كاتب المكاتب عبداً له ثم إن المكاتب الثاني كاتب أيضاً عبداً له ثم إن المكاتب الأوسط عجز ما حال مكاتبه؟ قال: هو مكاتب للمكاتب الأول، ويسعى له في مكاتبته، فإن أداها عتق، وإن عجز رد في الرق وكان عبداً له. قلت: ولا يكون عجز الأوسط عجزاً للثالث؟ قال: لا. قلت: أرأيت رجلاً كاتب أمة له فولدت ولداً جارية ثم إن الولد ولد ولدا (¬9) آخر فأعتق المولى المكاتبة هل يعتقون جميعاً؟ قال: نعم. قلت: ¬

_ (¬1) ف ز: واستحقت. (¬2) ز: للأم. (¬3) ز: كاتب. (¬4) ز: نأخذ. (¬5) ز: ويمضي. (¬6) ف + منه. (¬7) ز: ردت. (¬8) م: إني. (¬9) ف - ولدا.

أرأيت إن أعتق المولى الوسطى هل يعتق ولدها معها؟ قال: لا في قول أبي يوسف ومحمد، وأما في قول أبي حنيفة فيعتق الأسفل معه. قلت: ولم؟ قال: لأنها بمنزلة ولد المكاتبة ولا يعتق إلا بعتقها، فإذا أعتقت الجدة عتقوا جميعاً، وإن أعتق الوسطى لم يعتق غيرها، ولا يعتق ولدها بعتقها؛ لأنها ليست بمكاتبة نفسها. وإنما يعتق ولدها بعتق جدتها في قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: يعتق ولدها إذا عتق. وقال أبو يوسف ومحمد: ألا ترى أن كسبهما جميعاً وقيمتهما للجدة، ولا يكون للوسطى من كسب ولدها شيء (¬1). قلت: أفرأيت الرجل إذا كاتب عبداً له (¬2) فكاتب المكاتب عبدين له جميعاً وجعل مكاتبتهما جميعاً واحدة وجعل نجومهما واحدة إن عجزا ردا وإن أديا عتقا هل يجوز ذلك كما يجوز لو كاتبهما المولى؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كاتب المكاتب عبداً له وجارية له جميعاً مكاتبة واحدة وجعل نجومهما واحدة إن أديا عتقا وإن عجزا ردا وكفل كل واحد منهما لصاحبه ثم إن المكاتب الأول وطئ الجارية فعَلِقَت منه فولدت ولداً ما حالها وحال ولدها؟ قال (¬3): ولدها بمنزلتها، وهي على مكاتبتها، وتأخذ عقرها من المكاتب. قلت: ولا تخيرها؟ (¬4) قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنها لا تكون عاجزة دون المكاتب الآخر الذي معها. ألا ترى أنها لو عجزت لم ترد ولم تصر بمنزلة (¬5) أم ولد المكاتب؛ لأن شريكها إذا أدى عنها (¬6) عتق وعتقت معه؛ لأن المكاتبة واحدة، لا يعجزان إلا جميعاً ولا يعتقان إلا جميعاً، ولا يكونان بمنزلتها لو كاتبها وحدها. قلت: أرأيت إن أدى المكاتب مكاتبته هل يعتق ولدها بعتقه؟ قال: نعم. قلت: وتكون هي على مكاتبتها ولا يكون لها الخيار؟ قال: نعم. قلت: ولم وقد عتق سيدها؟ قال: هو سواء عتق أو لم يعتق، ولا تكون عاجزة (¬7) دون ¬

_ (¬1) ز: شيئا. (¬2) ز - له. (¬3) م - ولدا ما حالها وحال ولدها قال (غير واضح). (¬4) ز: يجيزها. (¬5) م ز: ولم تصر له. (¬6) ف ز - عنها. (¬7) ز: يكون عاجز.

صاحبها (¬1) ولا تعجزان (¬2) إلا جميعاً، ولو عجزت لم ترد؛ لأن صاحبها لو أدى عتقا جميعاً، فكذلك الباب الأول. قلت: فما لك أعتقت ولده حيث أعتق؟ قال: لأنه حيث صار حراً عتق ولده بعتقه. ألا ترى لو أن حراً كاتب عبداً له وأمة على ما وصفت لك فوطئ الجارية فعَلِقَت عتق الولد، ولا تستطيع (¬3) الجارية (¬4) أن تعجز دون صاحبها، وكذلك المكاتب إذا أدى فعتق (¬5). قلت: أرأيت هذا المكاتب الذي كاتب عبداً وأمة (¬6) له على مكاتبة واحدة على ما وصفت لك ثم عمد السيد الأول إلى الأمة فوطئها فولدت منه أيكون (¬7) ولده حراً؟ قال: هو بمنزلة أمه يعتق بعتقها (¬8)، فإن عجزت هي وصاحبها (¬9) فردا جميعاً كان له ولده بالقيمة، وأما ما لم يعجز فليس عليه في الولد قيمة (¬10) وهي بمنزلة أمه. قلت: أفرأيت هذا المكاتب إذا كاتب عبداً له وامرأته جميعاً مكاتبة واحدة فولدت امرأته ولداً أيكون الولد وكسبه لها دون الأب كما يكون إذا كاتبها (¬11) المولى؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا كاتب السيد مكاتبتين له مكاتبة واحدة وجعل (¬12) نجومهما واحدة ثم إن إحدى المكاتبتين ولدت ولداً فوطئ السيد ولد المكاتبة فعلقت هل تصير أم ولد له؟ قال: لا، والولد حر. قلت: فهل (¬13) يثبت نسب الولد؟ قال: نعم. قلت: فهل عليه في الولد قيمة؟ قال: ليس عليه في الولد قيمة، وهو حر. قلت (¬14): ولم؟ قال: لأن الأم الأولى إذا عتقت عتق ولدها معها، وإن عجزت هي وصاحبها (¬15) جميعاً صار الولد ¬

_ (¬1) ز: صاحبتها. (¬2) ز: يعجزان. (¬3) ز: يستطيع. (¬4) ز + فعلقت عتق الولد ولا يستطيع الجارية (¬5) ف: يعتق. (¬6) م ف: أو أمة. والتصحيح من ب جار ط. وهو ظاهر من تتمة العبارة. (¬7) ف: يكون. (¬8) ز: يعتقها. (¬9) ز: وصاحبتها. (¬10) ز: قيمته. (¬11) ف: إذا كاتب. (¬12) ف: جعل. (¬13) ز: هل. (¬14) ز - قلت. (¬15) ز: وصاحبتها.

ولده بغير قيمة. قلت: أفرأيت ابنتها التي وطئ السيد إن قالت: أنا أريد أن أصير أم ولد للسيد، أيكون ذلك لها؟ قال: لا. قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً له فكاتب المكاتب أمة له ثم إن مكاتبة المكاتب ولدت ولداً ثم ماتت وبقي ولدها ثم مات المكاتب بعد ذلك ما حال الولد؟ قال: يسعى فيما كان على أمه على نجومها، فإن أدى عتق وعتقت أمه معه، وينظر إلى ما أداه؛ فإن كان فيه وفاء لمكاتبته (¬1) الأولى عتق أيضاً؛ لأن ما أدى الولد فإنما يصير للمكاتب الأول. قلت: ولم صار هذا هكذا؟ قال: لأن المكاتب الأول حيث مات صار (¬2) ما على (¬3) مكاتبته ديناً له من تركته، فمن ثم عتق المكاتب الأول. قلت: أرأيت رجلاً كاتب جاريتين له مكاتبة واحدة فأعتق إحداهما ووطئ الأخرى فعلقت (¬4) منه؟ قال: تعتق التي أعتق وترفع حصتها من المكاتبة عن الأخرى، وتخير (¬5) الأخرى التي علقت منه؛ فإن شاءت سعت فيما بقي من المكاتبة، فإن أدت عتقت، وإن شاءت عجزت وكانت أم ولد، وتبطل (¬6) المكاتبة عنهما جميعاً. قلت: أرأيت مكاتبة كاتبت عبداً لها (¬7) على ألف درهم فولدت في مكاتبتها ولداً ثم ماتت ولم تدع شيئاً؟ قال: يسعى الولد فيما على أمه، ومكاتبُها على مكاتبته يسعى في مكاتبته، فما أدى من شيء أخذه المولى حتى يستوفي المكاتبة، فإن أدى قبل الولد عتق وولاؤه للمولى، ثم يؤدي ذلك إلى المولى من مكاتبته ويعتق ولدها. فإن كان مكاتبته أكثر من مكاتبة مولاته فأدى (¬8) مكاتبه مكاتبة مولاته إلى المولى عتق الولد، ويقبض الولد منه ما بقي عليه، ويعتق هو إذا أدى ذلك، ويكون ولاؤه للولد. وإن كان ¬

_ (¬1) ز: المكاتبة. (¬2) ف + هذا هكذا قال لأن المكاتب الأول حيث مات صار. (¬3) ز - على. (¬4) ف: علقت. (¬5) ز: ويجيز. (¬6) ت: ويبطل. (¬7) ز: لهما. (¬8) ز: فإذا.

أدى مكاتبته قبل مكاتبة مولاته وأدى ذلك فإنه يعتق، ويكون ولاؤه للمولى، ثم يؤدي ذلك إلى المولى عن مكاتبته، فتعتق (¬1) هي وولدها الباقي، ويكون ولاؤهم للمولى أيضاً. وذلك لأن الأولى (¬2) عتقت بعد عتق الباقي، ولا يكون لابنها ولاء حتى يعتق ابنها قبل عتق الأخرى. ألا ترى أنها لو تركت مالاً سوى المكاتبة أخذ المولى مكاتبتها من ذلك وأعتق الولد، وكان ولاء المكاتب للولد. قلت: أرأيت إن أدى الأول قبل العتق هل يعتق؟ قال: نعم، ويؤدي المكاتب إليه ما عليه من المكاتبة. قلت: أرأيت الابن هل تستسعيه (¬3) في شيء أو تقضي (¬4) عليه بالسعاية ما دام مكاتباً؟ قال: نعم، أقضي عليه بما على أمه من المكاتبة يسعى فيه نجوماً، أو يكون في ذلك بمنزلة أمه. قلت: ولم وقد تركت مالاً؟ قال: لأن ما على المكاتب إنما هو دين. ألا ترى أنه لو كان على رجل دين إلى أجل قضيت على الولد بالسعاية، فإذا خرج الدين أخذه المولى، فكذلك المكاتب. قلت: أرأيت إن كان نَجْمُ المكاتب حِلُّه إلى سنة والولد يَحِل عليه نَجْمُه إلى شهر فقضيت عليه بالسعاية فحل عليه نجمه فعجز عنه فلم يؤده (¬5) هل يرد في الرق؟ قال: نعم، يرد في الرق. قلت: ولم؟ قال: لأن ما على المكاتب لا يقدر عليه إلا بعد حله. ألا ترى لو أن المكاتبة تركمت مالاً على رجل إلى سنة ثم حل نجمه فلم يؤده (¬6) رد في الرق، وكذلك ما على المكاتب. قلت: أفرأيت إذا رد في الرق ثم أدى المكاتب بعد ذلك وخرج الدين ما القول في ذلك؟ قال: ذلك كله للمولى، وولده الأول رقيق. قلت: ولم؟ قال: لأنه إذا رد في الرق كان عبداً، وكان ما ترك بعد ذلك من دين للمولى، وكان هو رقيقاً. ... ¬

_ (¬1) ز: فيعتق. (¬2) م ز: للأولى. (¬3) ز: هل يستسعيه. (¬4) ز: أو يقضي. (¬5) ز: يرده. (¬6) م ف ز: يرده. والتصحيح من ب جار ط.

باب مكاتبة الأب على نفسه وولده الصغار

باب مكاتبة الأب على نفسه وولده الصغار قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً له على نفسه وولده الصغار بألف درهم مكاتبة واحدة وجعل النجوم واحدة إذا أداها عتقوا وإذا عجز ردوا هل يجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: ولم أجزت هذا وقد دخل ولده الصغار معه في المكاتبة من غير أن يرضوا بها ولا يعقلوها؟ قال: لأنه كاتب عليهم. قلت: أفرأيت إن أدى من المكاتبة قيمة نفسه هل يعتق؟ قال: لا يعتق هو ولا أحد من ولده حتى يؤدي جميع المكاتبة. قلت: ولم؟ قال: لأن المكاتبة واحدة، ولا يعتقون إلا جميعاً. قلت: أفرأيت إن عجز الأب فرد في الرق هل يرد معه ولده؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن أدرك ولده فقالوا: نحن نسعى في المكاتبة؟ قال: لا يلتفت إليهم؛ لأن الأب حيث عجز فرد فهو رد لهم. قلت: وكذلك إن أدركوا فعجز الأب بعد ما أدركوا فرد في الرق أيكون هذا رداً لهم جميعاً؟ قال: نعم. قلت: أفرأيت إن قالوا بعد ذلك: نحن نسعى في المكاتبة، هل يلتفت إليهم؟ قال: لا. قلت: أفرأيت إن مات الأب ولم يدع شيئاً ما حال ولده؟ قال: يسعون في المكاتبة، فإن أدوا عتقوا، وإن عجزوا ردوا رقيقاً. قلت: أفرأيت إن كانوا صغاراً لا يقدرون على أن يسعوا (¬1) هل يردون في الرق؟ قال: نعم. قلت: أفرأيت إن كانوا صغاراً يقدرون على الأداء فسعى بعضهم في جميع المكاتبة فأداها إلى المولى هل يرجع على إخوته بشيء؟ قال: لا. قلت: فهل يعتقون جميعاً؟ قال: نعم. قلت: فلم لا يرجع عليهم؟ قال: لأنه إنما أدى عن أبيه ولم يؤد (¬2) عنهم. قلت: أفرأيت إن أدى من المكاتبة قدر قيمته هل يعتق؟ قال: لا حتى يؤدي جميع المكاتبة. قلت: أفرأيت إن مات بعضهم هل يرفع عن نفسهم شيء من المكاتبة؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن المكاتبة على الأب، ولأنهم لا يعتقون إلا بأدائها جميعاً. قلت: وكذلك إن ماتوا جميعاً وبقي واحد كان عليه جميع المكاتبة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن ¬

_ (¬1) غ: على الأداء. (¬2) غ: يرد.

كانوا أحياء وقد مات الأب هل يكون للسيد أن يأخذ أيهما شاء بجميع المكاتبة؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأنه كاتب عليهم. ألا ترى أنه لا يعتق حتى يؤدي جميعاً، وهو في هذه الحال بمنزلة أبيه. قلت: أفرأيت أن أحدهم إذا أدى جميع المكاتبة فأعتقوا جميعاً ثم أصيب للمكاتب مال كثير ما القول في ذلك، وهل يرجع هذا الذي أدى المكاتبة في مال أبيه؟ قال: لا، ويكون ذلك بينهم ميراثاً جميعاً. قلت: ولم لا يرجع به في مال أبيه؟ قال: لأنه بمنزلته في المكاتبة. [قلت] (¬1): أفرأيت إن أعتق المولى بعضهم ما القول في ذلك؟ قال: عتقه جائز. قلت: فهل يرفع عن الباقين شيء من المكاتبة؟ قال: نعم، يرفع عنهم بحصة قيمة هذا المعتق من المكاتبة. قلت: ولم؟ قال: لأن السيد قد أعتقه، ولا يشبه العتق في هذا الموت، [لأن العتق، بمنزلة ما قد قبض (¬2). قلت: أرأيت إن كانت فيهم جارية فوطئها السيد فعَلِقَت ما القول في ذلك؟ قال: يأخذ عقرها من السيد، والولد ولده، وهي مكاتبة على حالها. قلت: أرأيت إن قالت: أنا أعجز وأصير أم ولد، أيكون ذلك لها؟ قال: لا. قلت: ولم وقد ولدت من سيدها؟ قال: لأنها لا تكون عاجزة (¬3) ما دام شركاؤها يسعون. ألا ترى أن بعضهم إذا أدوا عتقوا جميعاً وعتقت معهم. فلذلك لم يكن لها الخيار. وهذا بمنزلة مكاتبتين (¬4) كاتبهما رجل مكاتبة واحدة ثم وطئ إحداهما (¬5) فعَلِقَت، فلا يكون لها الخيار. فكذلك الباب الأول. قلت: أرأيت إذا عجزوا جميعاً هل تصير التي كانت ولدت أم ولد؟ قال: نعم. قلت: أفرأيت إن كان الأب حياً فأدى جميع المكاتبة هل يرجع على ولده بشيء؟ قال: لا. قلت: أفرأيت إن أدى بعض الولد جميع المكاتبة في حياة أبيه هل يرجع على أبيه بشيء؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه شيء تطوع به على أبيه، ولم يكن عليه شيء من المكاتبة مع أبيه، وإنما كاتب الأب عنه. قلت: أفرأيت إن ¬

_ (¬1) من ط. (¬2) وفي ب جار: لأن العتق كالقبض بخلاف الموت. (¬3) غ: عا جزا. (¬4) غ: مكاتبين. (¬5) غ: أحدهما.

كان ولده كباراً فكاتب على نفسه وولده بغير رضاهم ولا علمهم فأدى جميع المكاتبة هل يعتقون جميعاً؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن السيد قد كاتبه (¬1) عليهم جميعاً. قلت: أرأيت إذا أدى الأب المكاتبة هل يرجع على ولده بشيء؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن الولد لم يرضوا بالمكاتبة ولم يكاتبوا على أنفسهم ولم يدخلوا مع الأب فيها. قلت: أفرأيت رجلاً كاتب مملوكاً وامرأته مكاتبة واحدة على أنفسهما وأولادهما وهم صغار وجعلا نجومهما واحدة إن أديا عتقا وإن عجزا ردا ثم إن بعض الولد قتله إنسان خطأ لمن تكون (¬2) قيمته؟ قال: قيمته لهما جميعاً يستعينان به (¬3) في مكاتبتهما، ويكون للسيد أن يأخذها ويحسبها (¬4) من المكاتبة. قلت: ولم؟ قال: لأن المولى ليس له على الولد سبيل. ألا ترى أنه ليس له أن يستسعيه في شيء من المكاتبة، وأن حقه على الأب والأم. قلت: فإن كان الولد قد غاب فأراد المولى أن يستسعيه بعد ذلك أله ذلك؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه كاتب أباه وأمه وهو صغير، وإنما الحق على الأب والأم ما داما حيين؛ لأنهما اللذان كاتبا. قلت: أرأيت إذا كبر الولد فاكتسب مالاً هل للأب على ماله سبيل؟ قال: لا. قلت: أفرأيت إذا مات بعض الولد فاكتسب مالاً يكون ذلك المال للأبوين جميعاً يؤدي فيه المكاتبة وليس للسيد منه شيء؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن المكاتبة على الأبوين، وليس على الولد منه شيء. قلت: أفرأيت إن أعتق السيد الولد هل يرفع عن الأبوين شيء من المكاتبة؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن الولد قد دخلوا معها في المكاتبة. قلت: وكم (¬5) يرفع عنهما؟ قال: قدر حصة قيمة (¬6) الولد من المكاتبة. قلت: أفرأيت إذا اكتسب الولد مالاً هل للأبوين أن يأخذا (¬7) المال منه؟ قال: لا. قلت: ولم وقد (¬8) ¬

_ (¬1) غ: كاتبهم. (¬2) غ: تكن. (¬3) ف: يستسعانها؛ غ: يستعينانها. (¬4) غ: ويحبسها. (¬5) غ: ولا. (¬6) ط - قيمة. ولم يبين ما في النسخ. (¬7) غ: أن يأخذ. (¬8) غ: قد.

باب مكاتبة الوصي رقيق اليتامى

زعمت أن كسب ولد المكاتبة لها؟ قال: ليسا بسواء؛ لأن الولد إذا ولد في المكاتبة فهو بمنزلة أمه. وإذا كان معها في المكاتبة فليس لها على كسبه سبيل؛ لأنه مكاتب معها. قلت: أفرأيت إن مات الأب أو الأم هل يكون للمولى على الولد سبيل في شيء من المكاتبة؟ قال: لا ما دام أحدهما حياً إلا أن يموتا جميعاً، فأما إذا ماتا جميعاً كان على الولد أن يؤدي جميع مال المكاتبة حالّة، وإلا رد في الرق. قلت: ولم؟ قال: لأن جميع المكاتبة على الباقي منهما، وذلك إذا كان المولى كاتب الأبوين على الأولاد وهم يومئذ كبار، فأما إذا كان كاتبهما على أولادهما وهم صغار فهو بمنزلة ما ولد في مكاتبتهما في السعاية فيما عليهما من المكاتبة على النجوم إذا مات الأبوان. ... باب مكاتبة الوصي رقيق اليتامى قلت: أرأيت وصياً كاتب عبداً ليتامى هل يجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: أفرأيت إذا كاتبه الوصي ثم وهب له المال بعد ذلك هل يجوز ذلك؟ قال: لا. قلت: ولم وقد أجزت المكاتبة؟ قال: لأن الوصي لم يملك هذا المال الذي وهب، ولا يهب ما لا يملك، وإنما أجزت المكاتبة لأنها عندي بمنزلة البيع. قلت: أرأيت إذا أقر الوصي أنه قد (¬1) قبض المال من المكاتبة هل يجوز ذلك؟ قال: نعم، ويعتق العبد. قلت: أرأيت إن قال الوصي: قد كنت كاتبته وأدى إلي، هل يصدق ويعتق بقوله ذلك؟ قال: لا. قلت: ولم (¬2) وقد أجزته في الباب الأول؟ قال: لأن الباب الأول (¬3) كاتبه ببينة، فأما إذا قال (¬4): قد كنت كاتبته وأدى إلي، ولم يقم بينة فليس قوله ذلك بشيء ولا يصدق. قلت: أفرأيت الوصي إذا كاتب عبداً وأمة لليتامى أهو سواء؟ قال: نعم. قلت: ويجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: أفرأيت الوصي إذا ¬

_ (¬1) غ - قد. (¬2) ف: لم. (¬3) غ + قد. (¬4) م - فأما إذا قال (غير واضح).

كاتب عبداً أو أمة [وَ] وكّل الوصي رجلاً يقبض ذلك من المكاتبة (¬1) أيجوز ذلك إن قبض الوكيل؟ قال: نعم (¬2). قلت: أفرأيت إن أدرك اليتيم بعد ما كاتبه الوصي فأبى اليتيم أن يجيز المكاتبة والمكاتب على حاله لم يؤد شيئاً هل له أن يرده؟ قال: لا، ولكن المكاتبة جائزة، ويستسعيه الولد. قلت: أرأيت إن أدى المكاتب المكاتبة إلى الوصي بعد ما أدرك اليتيم هل يجوز ذلك؟ قال: لا. قلت: فإن نهاه اليتيم أن يدفعه إلى الوصي؟ قال: وإن، فلا يجوز أن يدفع إلى الوصي بمنزلة المديون، فإن كاتب العبد فأدى مكاتبته (¬3) ثم أدرك الصبي فليس له أن يقبض. قلت: أرأيت إن قبضه اليتيم بعد ما يبلغ من المكاتب هل يجوز؟ قال: نعم يجوز، وهو بمنزلة رجل أمر رجلاً أن يكاتب عبده فكاتبه. قلت: أرأيت إن أدرك اليتيم فعمد الوصي فدفع إلى اليتيم ماله وبرئ إليه من الوصية ثم قبض الوصي بعد ذلك من المكاتب مكاتبته هل يجوز ذلك؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن كان القاضي قد أخرجه من الوصية إلى غيره هل للوصي الأول الذي كاتب المكاتب أن يأخذ شيئاً؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن أدى إليه شيئاً هل يبرأ منه؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه ليس بوصي، ولأن الوصي غيره. قلت: وكذلك إن قبض ديناً لميت لم يجز ذلك؟ قال: نعم، وهو في ذلك بمنزلة غيره. قلت: أرأيت الوصي إذا كاتب عبداً أو أمة ثم عجز المكاتب فرده الوصي ورضي بذلك المكاتب هل يكون رده رداً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الوصي إن كاتب (¬4) عبدين لليتامى مكاتبة واحدة وجعل ¬

_ (¬1) م - المكاتبة. (¬2) ف - قلت أفرأيت الوصي إذا كاتب عبداً أو أمة ووكل الوصي رجلا يقبض ذلك من المكاتبة أيجوز ذلك إن قبض الوكيل قال نعم. (¬3) م ف غ ط: كاتبه ولعل الصواب ما أثبتناه. (¬4) غ: إذا كاتب.

نجومهما واحدة هل يجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: وتجوز مكاتبة الوصي في جميع رقيق اليتامى فيما يجوز مكاتبة الرجل في رقيقه؟ قال: نعم. قلت: أفرأيت الميت إذا كان له وصيان فكاتب أحدهما دون الآخر بغير إذن صاحبه هل يجوز ذلك؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه لو باع أحدهما مملوكاً لليتامى أو غير ذلك لم يجز، فكذلك المكاتبة لا تجوز. قلت: أرأيت إن كاتبه بإذن صاحبه أيجوز ذلك؟ قال: نعم، وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وفي قياس قول أبي يوسف مكاتبة أحدهما بغير إذن صاحبه جائزة كما يجوز بيع أحدهما دون صاحبه. قلت: أرأيت إذا كاتب أحدهما مملوكاً دون صاحبه بغير أمره فأدى إليه المملوك المكاتبة هل يعتق؟ قال: لا في قول أبي حنيفة ومحمد. قلت: لم؟ قال: لأن المكاتبة كانت باطلاً. قلت: أرأيت الوصي إذا أعتق عبداً لليتامى هل يجوز عتقه؟ قال: لا. قلت: فكيف أجزت مكاتبته ولم تجز عتقه؟ قال: لأن المكاتبة بمنزلة البيع، فلا يجوز أن يعتق ما لا يملك. قلت: أرأيت إن باعه نفسه بألف هل يجوز ذلك؟ قال: لا. قلت: فكيف لا يجوز هذا وتجوز المكاتبة وهذا بيع؟ قال: لأن هذا ليس بمكاتبة ولا بيع. هذا عتق ولا يجوز. هذا بمنزلة قوله: أنت حر على ألف درهم. ألا ترى أنه لو قال له ذلك لم يجز، فكذلك الباب الأول. قلت: أرأيت الرجل إذا أوصى إلى رجل وورثته كبار ليس فيهم صغار فكاتب الوصي رقيقهم هل تجوز مكاتبته؟ قال: لا. قلت: فلم أجزته إذا كانوا صغاراً؟ قال: لأنهم إذا كانوا صغاراً كان له أن يكاتب رقيقهم، وإنما استحسنا إذا كانوا صغاراً. قلت: فإن كان الورثة كباراً غيبا أهو سواء؟ قال: نعم، ليس للوصي أن يكاتب إذا كان (¬1) الورثة كبارا، غيبا كان الورثة أم شهوداً (¬2). قلت (¬3): وكذلك إن كانوا صغاراً فكاتب بعد ما أدركوا؟ قال: نعم. قلت: ولم استحسنت ذلك؟ قال: لأن الورثة إذا كاتبوه جاز ذلك، ¬

_ (¬1) غ: إذا كانت. (¬2) غ: أم شهود. (¬3) غ - قلت.

فأما إذا كانوا صغاراً فمكاتبة الوصي جائزة. قلت: أفرأيت إن كان بعض الورثة صغاراً (¬1) وبقيتهم كباراً (¬2) فكاتب الوصي رقيقاً من رقيقهم فأبى الكبار أن يجيزوا ألهم (¬3) ذلك؟ قال: نعم، ولا تجوز المكاتبة. قلت: أفرأيت إن كان عليه دين وله وصي فكاتب الوصي بعض الرقيق هل يجوز ذلك؟ قال: لا. قلت: وإن كان الدين لا يحيط بماله؟ قال: وإن. قلت: أرأيت إن كان للميت مال كثير وله عبد وعليه دين وماله أكثر من دينه وهو في يد الوصي فكاتب الوصي العبد ثم جاء الغرماء فأرادوا رد المكاتبة ما القول في ذلك؟ قال: يأخذ دينهم من المال، وتجوز المكاتبة في هذا الوجه. قلت: ولم أجزتها؟ قال: لأن في المال وفاء، وليس على العبد سبيل للغرماء. قلت: أرأيت إن هلك المال في يد الوصي قبل أن يقبضه الغرماء؟ قال: المكاتبة مردودة، ويباع العبد للغرماء. قلت: لم؟ قال: لأنه ليس للوصي أن يتلف مال الغرماء، وإنما العبد في هذا الوجه للغرماء. قلت: أرأيت الوصي إذا كاتب عبداً للورثة وهم غيب وهم كبار كلهم وقد كان أوصى إليه والورثة كلهم كبار فقدموا فأبوا أن يجيزوا المكاتبة ألهم أن يردوها؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنه ليس للوصي أن يكاتب إذا كان الورثة كباراً ولا إذا كان على الميت دين ولا إذا كان الميت أوصى بثلث ماله؛ لأنه قد (¬4) وقع للموصى (¬5) له (¬6) بعض الرقيق. قلت: أرأيت الوصي في أي شيء تجوز مكاتبته وفي أي شيء لا تجوز؟ قال: إذا كان الورثة صغاراً ولم يوص بشيء من الرقيق ولم يكن عليه دين فمكاتبة الوصي جائزة، وأما إذا كانوا كباراً وكان (¬7) عليه دين أو أوصى بثلث (¬8) ماله فلا تجوز مكاتبته. ¬

_ (¬1) غ: صغار. (¬2) غ: كبار. (¬3) ف غ: لهم. (¬4) ف - قد. (¬5) م ف غ: الموصى. والتصحيح من ط. (¬6) ف - له. (¬7) غ: فكان. (¬8) غ: ثلث.

قلت: أرأيت الوصي إذا كاتب عبداً لليتامى أو جارية فمكاتبته جائزة بمنزلة الرجل إذا كاتب عبد نفسه في جميع ما يجوز على المكاتب وله؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا عجز المكاتب الذي قد كاتبه الوصي ورده الوصي في حياته هل يجوز (¬1) رده؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا كاتب العبد ثم إن الوصي مات وأوصى إلى غيره أيكون وصي الميت بمنزلة الوصي (¬2) الأول؟ قال: نعم. قلت: فهل لوصي الوصي أن يكاتب كما يكاتب وصي الميت؟ قال: نعم. قلت: أفرأيت (¬3) إن كاتب (¬4) عبداً لليتيم (¬5) أو جارية ثم كبر اليتيم فعجز عن (¬6) المكاتبة فرده اليتيم في الرق وليس له وارث غيره برضى المكاتب؟ قال: رده جائز. قلت: أرأيت رجلاً حضره الموت فأوصى بثلث (¬7) ماله وترك عبيداً لم يترك غيرهم وترك يتامى صغاراً لا مال لهم غير العبيد فكاتب الوصي بعض الرقيق فأدى إليه جميع المكاتبة هل يعتق حصة الورثة من العبيد؟ قال: نعم. قلت: فما حال العبد وما حال الوصي؟ قال: يأخذ الموصى له من المكاتبة حصته، ويستسعي العبد في حصته منه. قلت: أرأيت لو قال الموصى [له] (¬8): إنما أضمن الورثة حصتي من العبد في أموالهم، أيكون ذلك له؟ قال: لا، إلا أن يكون للورثة من المال ما يضمنهم فيه الموصى له، فإن كانوا مياسير كان له أن يضمنهم إن شاء، وليس له أن يضمن الوصي. قلت: ويسعى العبد؟ قال: نعم. ... ¬

_ (¬1) م ف غ: هل يكونه والتصحيح من ب جار ط. (¬2) ف غ: وصي. (¬3) ف + للوصي؛ غ + الوصي. (¬4) م ف غ ط: إن يكاتب. والماضي أنسب لما بعده. (¬5) ف غ: ليتيم. (¬6) م غ - عن. (¬7) غ: ثلث. (¬8) م ف - له. والزيادة من ب جار ط.

باب مكاتبة المأذون له في التجارة

باب مكاتبة المأذون له في التجارة قلت: أرأيت العبد المأذون له في التجارة إذا كان كاتب عبداً من عبيده أو أمة من إمائه هل تجوز مكاتبته؟ قال: لا. قلت: ولم وقد قلت: إن للمكاتب أن يكاتب؟ قال: ليس المكاتب بمنزلة المأذون له في التجارة. ألا ترى أن المكاتب ليس لأحد على ماله سبيل. وإنما استحسنا في المكاتب استحساناً. ألا ترى أنا نجيز مكاتبة الوصي وهو لا يملك ما يكاتب، ونجيز مكاتبة الرجل على ابنه إذا كان صغيراً. قلت: وكذلك لو قال المأذون له في التجارة لعبده: أنت حر على ألف درهم؟ قال: نعم، هذا أيضاً لا يجوز. قلت: أرأيت المأذون له في التجارة إذا كان عليه دين أو لم يكن أسواء هو؟ قال: نعم، هو سواء لا تجوز مكاتبته. قلت: وإن كاتبه فأدى إليه المكاتبة هل يعتق؟ قال: لا يعتق، ولا تجوز مكاتبته. ... باب مكاتبة الأمة الحامل قلت: أرأيت رجلاً كاتب أمة له حاملاً هل تجوز المكاتبة؟ قال: نعم. قلت: ويكون ولدها بمنزلتها؟ قال: نعم. قلت: أفرأيت إذا ولدت أيكون للمولى على الولد سبيل في شيء من المكاتبة وله أن يأخذه بها؟ قال: لا، ولهما المكاتبة على الأم. قلت: أرأيت الرجل إذا كاتب أمة له حاملاً على نفسها وعلى ما في بطنها من الولد ما القول في ذلك؟ قال: المكاتبة جائزة. قلت: أفرأيت إن أدت جميع المكاتبة هل تعتق؟ قال: نعم. قلت: أفرأيت (¬1) إذا ولدت بعد ذلك ثم أدت بعد ما ولدت هل تعتق هي وولدها؟ (¬2) قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن ولدها منها. قلت: أفرأيت رجلاً كاتب أمة له حاملاً ¬

_ (¬1) ف: أرأيت. (¬2) ف - وولدها.

واستثنى ما في بطنها أتجوز المكاتبة؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه كاتب ما في بطنها، فلا يجوز. قلت: أرأيت الرجل إذا كاتب أمة وهي حامل فولدت ثم إن الأم ماتت ما حال ولدها؟ قال: يسعى الولد في جميع المكاتبة، ولا يعتق حتى يؤدي جميع المكاتبة. قلت: ويسعى على نجوم أمه؟ قال: نعم، فإن أدى عتق، وإن عجز رد. قلت: أفرأيت إذا ولدت المكاتبة ولداً ثم هلكت وعليها دين وعليها بقية من مكاتبتها ما القول في ذلك؟ قال: يلزم الولد الدين والمكاتبة، فيسعى فيهما جميعاً، وهو في ذلك بمنزلة أمه. قلت: ولم؟ قال: لأنه مال لها ومنها، ولا تعتق حتى يؤدي (¬1) ما عليها. قلت: أفرأيت إن أدى الولد المكاتبة (¬2) قبل أن يؤدي الدين هل يعتق؟ قال: نعم، ويرجع الغرماء على الولد بالدين يسعى فيه، وهذا استحسان. قلت: أرأيت إن كان قد أدى المكاتبة ثم جاء الغرماء هل يأخذون من المولى ما أخذ منه؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن عجز عن المكاتبة أيرده القاضي في الرق؟ قال: نعم. قلت: وإذا رد في الرق أيباع للغرماء؟ (¬3) قال: نعم. قلت: ولا يتبعون المولى بما أخذ ويسلم ذلك كله للمولى؛ لأنه إنما كان بمنزلة غريم من الغرماء. ألا ترى أن المكاتب يقضي غرماعه بعضهم دون بعض، عجز بعد ذلك أو لم يعجز، ويتم ما صنع من ذلك، فكذلك المولى. قلت: أرأيت إن قتل الولد بعد موت الأم قبل أن يعجز وعلى أمه دين من مكاتبتها ما القول في ذلك؟ قال: يؤخذ من القاتل قيمته إذا كان القاتل خاطئاً، وذلك على العاقلة، فيقضى منه الدين الذي كان على أمه، فإن فضل منه شيء أدي منه (¬4) جميع المكاتبة (¬5) وعتق (¬6) الولد وأمه، فإن بقي شيء بعد ذلك كان لورثة الابن، فإن لم يكن له وارث غير المولى فهو للمولى. قلت: أرأيت إن كان له أخ من أبيه هل يرثه من ذلك المال شيئاً أو ¬

_ (¬1) غ: تؤدي. (¬2) م + المكاتبة. (¬3) ف: الغرماء. (¬4) ط - منه. (¬5) ف: الكتابة. (¬6) م ف غ: وأعتق. والتصحيح من ط. وفي ب جار: فعتق.

يكون لورثة أمه؟ قال: يكون ما بقي لورثة الابن. قلت: أرأيت إذا كاتب الرجل أمته فولدت ولداَ في مكاتبتها أو كاتبها وهي حامل فولدت أهو سواء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن أعتق المولى ولدها هل يعتق؟ قال: نعم. قلت: فهل يرفع عنها من المكاتبة شيء؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن المكاتبة على الأم دون الابن، ولأن الولد لم يكن مع الأم في المكاتبة. قلت: أفرأيت الرجل إذا كاتب أمته وهي حامل فولدت ابناً ثم إن الأم ماتت وعليها دين كثير وقد تركت مالاً وفاء بالدين سواء وليس فيه فضل عن الدين فقبض (¬1) المولى ذلك المال من المكاتبة هل يعتق الولد والأم (¬2) جميعاً؟ قال: نعم إذا أدى إليه الولد، ويرجع بذلك المال الغرماء على المولى، وهم أحق به من المولى. قلت: ويرجع المولى بمثل ذلك على الابن؟ قال: نعم. قلت: وإن كان الابن لم يؤده؟ قال: لم يعتق؛ لأنه مال للغرماء. قلت: فما القول في ذلك؟ قال: يجيء الغرماء فيأخذون ذلك المال، فيسعى الولد في المكاتبة. قلت: أفرأيت إن كان القاضي دفع ذلك المال إلى المولى ولا يعلم أن عليه ديناً يطلب من الولد أهو بمنزلة الباب (¬3) الأول؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن ماتت المكاتبة وبقي ولدها وعليها (¬4) دين كثير ولم تدع شيئاً والدين يحيط بقيمة الولد فعمد المولى فأعتق الولد أيجزي عتقه؟ قال: نعم، ويسعى الولد في الدين لأصحاب الدين. قلت: فكيف أجزت عتقه وعلى أمه دين وإنما هو مال الغرماء؟ قال: لأن الغرماء في هذه الحال إنما لهم أن يستسعوه، ولا يباع ما لم يعجز. قلت: ولم يفسد عليهم شيئاً؟ قال: لا. ألا ترى لو أن رجلاً كاتب عبداً له فاستدان قبل عتقه جاز عتقه وكان ذلك الدين على العبد. قلت: أفرأيت إذا كاتب الرجل أمته فولدت ولداً في مكاتبتها أو كانت ¬

_ (¬1) م ف غ ط: قبضه. والتصحيح من ب جار. (¬2) غ: الأم والولد. (¬3) م ف غ ط: باب. (¬4) غ: أو عليها.

حبلى حيث كاتبها ثم ولدت وكان السيد أعتق نصف المكاتبة قبل أن تلد هل (¬1) يعتق من الولد شيء؟ قال: نعم، يعتق منه (¬2) مثل ما يعتق من أمه (¬3). قلت: فما حال الأم إذا أعتق نصفها؟ قال: إن شاءت سعت في نصف مكاتبتها ومضت عليها، وإن شاءت عجزت وسعت في نصف قيمتها في قياس قول أبي حنيفة. قلت: أفرأيت إن قالت: أنا أسعى في نصف قيمتي وأعجز عن المكاتبة، أيكون ذلك لها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن ماتت الأم بعد ذلك ما حال الولد؟ قال: يسعى الولد فيما على أمه. قلت: أفرأيت إن كان نصف قيمة الولد أكثر من نصف قيمة الأم في كم يسعى الولد؟ قال: يسعى في نصف قيمة الأم، ولا يسعى في شيء من قيمته. قلت: ولم؟ قال: لأنه إنما يسعى فيما على أمه. قلت: أرأيت إن ماتت الأم وعليها دين ما القول في ذلك؟ قال: يسعى الولد في جميع ما كان على أمه من الدين ونصف قيمتها. قلت: ولم؟ قال: لأن الابن لا يعتق حتى يسعى فيما على أمه من نصف قيمتها. قلت: أرأيت إن أدى إلى (¬4) المولى دون الغرماء هل يعتق؟ قال: نعم، ويكون ما أدى للمولى، ثم يؤدي بعد إلى الغرماء. قلت: أرأيت إن أعتق المولى الولد (¬5) هل يجوز عتقه؟ قال: نعم، ويكون الدين عليه ولا يبطل الدين. قلت: أرأيت إن كان الولد جارية فوطئها المولى فعلقت ثم مات المولى هل تسعى لورثته في شيء؟ قال: لا، ولكن تعتق ويكون الدين الذي كان على أمها عليها. قلت: ولم لا تسعى فيما كان على أمها (¬6) قبل ذلك من المكاتبة؟ قال: لأنها قد ولدت من سيدها. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا أعتق نصف مكاتبته فهي حرة كلها، فإن كان لها ولد ولدته في مكاتبتها فهو حر معها ولا شيء عليهما من المكاتبة. قلت: أفرأيت الرجل إذا كاتب أمته وهي حبلى فولدت في كتابتها فعجزت الأم فردت في الرق هل يرد ولدها؟ قال: نعم. قلت: ¬

_ (¬1) ف: هي. (¬2) غ: منها. (¬3) غ: من أمها. (¬4) ف غ - إلى. (¬5) ف - الولد. (¬6) غ: على أمهما.

أرأيت إن قال الولد: أنا أسعى في المكاتبة، هل له ذلك؟ قال: لا يلتفت إليه، وعجز أمه عجزه. قلت: أفرأيت إذا كاتب الرجل أمته ثم ولدت في كتابتها فعمد رجل فقطع يد الولد لمن يكون (¬1) الأرش؟ (¬2) قال: لأمه. قلت: كبيراً كان الولد أو صغيراً؟ قال: نعم. قلت: وكذلك ما اكتسب الولد كان للأم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الولد إن أبى أن يدفعه إليها هل يقضي القاضي به للأم؟ قال: نعم. قلت: كبيراً كان الولد أو صغيراً؟ (¬3) قال: نعم. قلت: أرأيت إن عتقت الأم وفي يد الولد مال قد اكتسبه في المكاتبة لمن يكون ذلك المال؟ قال: للأم دون الولد. قلت: ولم؟ قال: لأن كل شيء كان في يديه قبل العتق فهو للأم؛ لأنه مالها. ألا ترى أنه كان لها أن تأخذه قبل العتق. قلت: وكذلك لو كان جرح جراحة فلم يأخذ أرشها حتى أدت المكاتبة كان أرش ذلك الجرح للأم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن مات الولد من تلك الجراحة بعد أداء المكاتبة وبعد عتقه ما القول في ذلك والجراحة خطأ؟ قال: على الجارح قيمته للأم. قلت: ولم؟ قال: لأن الجراحة كانت وهو مكاتب، فما كان من ذلك فهو للأم. قلت: أرأيت إن مات الولد وترك مالاً كثيراً وله ورثة أحرار ثم ماتت الأم قبل أن تأخذ من ذلك المال شيئاً ولم تترك شيئاً؟ قال: ذلك المال مالها، ويأخذ السيد منه بقية المكاتبة، وما بقي لورثتها دون ورثة الابن. قلت: ولم؟ قال: لأن المال كان مالها قبل أن تموت؛ لأنه قد اكتسبه قبل العتق. قلت: أرأيت إن كاتب الرجل أمة فولدت ولداً في مكاتبتها ثم اشترى الولد وباع هل يجوز شيء من ذلك عليه؟ قال: نعم. قلت: لم (¬4) وقد زعمت أن ماله لأمه؟ قال: لأنه بمنزلة أمه، وليس بمملوك لها. قلت: أرأيت إن استدان الولد ثم ماتت الأم هل يسعى الولد فيما على أمه من المكاتبة وعليه دين يحيط برقبته؟ قال: نعم، يسعى في المكاتبة، فإن أداها ¬

_ (¬1) م غ + له. (¬2) م غ: أرش. (¬3) ف: أم صغيرا. (¬4) ف: ولم.

فهو حر، وإن عجز فهو رقيق. قلت: أرأيت إذا أداها (¬1) لغرمائه على شيء من ذلك سبيل؟ قال: لا، لكن الدين عليه على حاله. قلت: ولم؟ قال: لأنه إذا أدى عتق. قلت: أرأيت إن عجز عن المكاتبة أيرد في الرق؟ قال: نعم. قلت: ويباع لغرمائه ويؤدي عنه مولاه؟ قال: نعم. قلت: أفرأيت إن ماتت المكاتبة وعليها دين كثير وتركت ولدها وعلى الولد دين فاكتسب الولد مالاً من أحق به؟ قال: يؤدي الدين الذي عليه وعلى أمه، وعليه أن يسعى في المكاتبة. قلت: أفرأيت إن مات الولد بعد موت أمه وعليه دين وقد كان على أمه دين وترك (¬2) مالاً بأيهما يبدأ؟ قال: يبدأ بدينه فيؤدي، فإن فضل شيء كان في دين أمه. قلت: ولم وقد زعمت أن كسبه لأمه؟ قال: ألا ترى أنه لو كان للمكاتبة عبد فأذنت له في التجارة فاستدان ديناً ثم ماتت وعليها دين كان غرماء نفسه أحق برقبته حتى يستوفوا دينهم، فكذلك (¬3) الولد. قلت: أفرأيت إذا كاتب الرجل أمته وهي حبلى فولدت في مكاتبتها ثم وطئ السيد المكاتبة فولدت منه ما القول في ذلك؟ قال: هي بالخيار؛ إن شاءت أن (¬4) تمضي على مكاتبتها مضت، وتأخذ عقرها من سيدها، وإذا أدت عتقت وعتق ولدها. وإن عجزت ردت ورد ولدها وتصير أم ولده. قلت: فما حال ولدها الذي كان ولدته قبل ذلك؟ قال: رقيق للسيد. قلت: فلم؟ قال: لأنها علقت من سيدها بعد ما ولدت ذلك الولد. قلت: فإن كاتب ولدها بعد ذلك الذي من غير سيدها ثم عجز أيكون عبداً؟ قال: نعم. قلت: أفرأيت إن كان السيد إنما وطئ الولد وهي جارية فولدت منه ولداً ما القول في ذلك؟ قال: هي على حالها، والولد ولد السيد، وتأخذ الجدة العقر من السيد فيكون العقر لها دون الأم. قلت: ولم؟ قال: لأنه بمنزلة ما اكتسب الولد. قلت: وكذلك لو ولد لولدها ولد كان ما اكتسب ولد ولدها ¬

_ (¬1) ف: إذا أدى. (¬2) غ: وقد ترك. (¬3) م ف غ: في ذلك. والتصحيح من ب جار ط. (¬4) ف - أن.

لها؟ قال: نعم. قلت: وكذلك ما جني على ولد ولدها أو قتل كان أرش ذلك لها؟ قال: نعم. قلت: وولد ولدها بمنزلة ولدها في جميع ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا كاتب الرجل أمته وهي حامل فولدت أو حبلت في مكاتبتها وولدت ثم إن السيد دبر الأم ثم عجزت ما حال الولد؟ قال: الولد مملوك غير مدبر. قلت: ولم وقد دبر أمه وقد زعمت أن الأم إذا أعتقها السيد عتق ولدها؟ قال: لأن التدبير لا يشبه العتق؛ لأن العتق بمنزلة أداء المكاتبة والتدبير بعد الولادة، فإن عجزت فقد انتقضت الكتابة فكأن الأم لم تكاتب وكأنها دبرت بعد ما ولدت بغير كتابة. قلت: أرأيت الرجل إذا كاتب أمة له فولدت ولداً في مكاتبتها ثم إنها ماتت (¬1) ثم استدان الولد دينا بعد موت أمه ثم عجز الولد عن المكاتبة فرد في الرق هل يكون ذلك الدين في رقبته؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا كاتب الرجل أمته فولدت ابنة فاستدانت الابنة ديناً ثم إن الابنة ولدت (¬2) ولداً فاستدان ولدها دينا أيضاً ثم ماتت المكاتبة وعليها دين ما القول في ذلك ولم تترك شيئاً؟ قال: يستسعى الولدان جميعاً في دين المكاتبة وفي المكاتبة، ويكون دين كل واحد منهما عليه خاصة. قلت: أرأيت إن عجزا وردا في الرق ما القول في ذلك؟ قال: يباعان في دين أنفسهما دون دين (¬3) أمهما حتى يستوفي الغرماء، فإن فضل شيء كان لغرماء المكاتبة. قلت: ولم؟ قال: لأن ما في رقابهما أحق (¬4) أن يبدأ به مما في رقبة أمهما. قلت: أرأيت إن كان ليس عليهما دين وقد ماتت المكاتبة واستسعي الوسطى في المكاتبة كلها هل يرجع (¬5) على ولدها بشيء؟ قال: لا. قلت: وكذلك لو استسعي الولد الأسفل لم يرجع على أمه بشيء؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنهما إنما أديا عن المكاتبة ولم يؤديا عن أنفسهما، ¬

_ (¬1) غ: ولدت. (¬2) م - ولدت، صح هـ. (¬3) م - دين. (¬4) ف: حق. (¬5) غ: هل ترجع.

فليس لواحد منهما على صاحبه شيء. قلت: أرأيت إن عجز أحدهما هل يرد في الرق؟ قال: لا حتى يعجزا جميعاً. قلت: لم؟ قال: لأنهما بمنزلة ولد المكاتبة الذي ولدته. ألا ترى أنه إذا كان ولدان لصلبها لم يعجز أحدهما دون الآخر. قلت: أرأيت إذا مات أحدهما بعد موت الأم أيكون جميع المكاتبة على الباقية؟ قال: نعم، ولا يعتق إلا بأداء جميعها. قلت: ولا يرفع عنها شيء من المكاتبة بموت الذي مات؟ قال: لا. قلت: أرأيت رجلاً كاتب أمة له فولدت ولداً وكانت حاملاً فولدت فكبر ولدها وارتد ولحق بدار الشرك ثم أدت المكاتبة مكاتبتها هل يعتق ولد المكاتبة الذي كان في دار الشرك معها؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنه بمنزلة أمه. قلت: أرأيت إن سبي قبل أن يعتق فاستتيب فتاب هل يرد إلى مواليه؟ قال: نعم، ولا يكون فيئاً. قلت: ولم؟ قال: لأنه مكاتب. قلت: أرأيت الرجل إن كان ولدها ابنة فاستتيبت (¬1) فأبت (¬2) هل تصير فيئاً؟ قال: لا. قلت: فما حالها؟ قال: تحبس (¬3) حتى تتوب (¬4) أو تموت. قلت: أرأيت إن ماتت المكاتبة ولم تدع شيئاً ما حالها وهل لولدها أن يستسعيها في المكاتبة؟ قال: نعم (¬5). قلت: ويخرجها القاضي حتى تسعى لسيدها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل إذا كاتب الأمة فولدت ولداً فكبر ولدها ثم ارتد عن الإسلام فاكتسب الولد مالاً ثم أخذه (¬6) السلطان فعرض عليه الإسلام فأبى فقتله ما حال المال؟ قال (¬7): المال للمكاتبة. قلت: ولم لا يكون لبيت المال؟ قال: لأنه مال المكاتب. ألا ترى لو أن عبداً لرجل ارتد عن الإسلام فاكتسب مالاً كان ذلك المال للمولى، وكذلك ولد المكاتبة. قلت: أرأيت ¬

_ (¬1) ف - فاستتيبت. (¬2) ف: فتاب. (¬3) غ: تحلس. (¬4) م ف غ: حتى يموت. والتصحيح من ب جار ط. (¬5) ف - قال نعم. (¬6) غ: فأخذه. (¬7) ف: فإن.

باب مكاتبة الرجلين جميعا

إذا قتل الولد الأم (¬1) ما تقول في ذلك؟ قال: قتله إياها بمنزلة موتها، ويسعى في المكاتبة، ولا يكون عليه شيء من جنايته. قلت: ولم؟ قال: لأن الولد منها فهو بمنزلتها. قلت: وكذلك إن قتلت الأم الابن؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل إذا كاتب أمته وهي حامل فولدت ثم إن الولد جنى جناية ما القول في ذلك؟ قال: الجناية عليه وفي رقبته، فإن كانت الجناية أقل من رقبته سعى في الجناية، وإن كانت القيمة أقل سعى في القيمة. قلت: أرأيت إن ماتت الأم بعد ذلك ولم تترك شيئاً ما القول في ذلك؟ قال: يسعى الولد في المكاتبة التي على أمه، والجناية عليه في رقبته. قلت: أرأيت إذا جنت الأم جناية ثم ماتت قبل أن يقضى عليها بشيء وبقي ولدها ما القول في ذلك؟ قال: ينظر إلى قيمة الأم والى الجناية، فيكون على الولد الأقل من ذلك يسعى فيه ويسعى في المكاتبة، فإن عجز الولد قبل قضاء القاضي بطلت جناية الأم عن الولد. ... باب مكاتبة الرجلين جميعاً قلت: أرأيت عبداً بين رجلين كاتباه جميعاً مكاتبة واحدة وجعلا النجوم واحدة هل تجوز هذه المكاتبة؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن كانا عبدين بينهما؟ قال: لا يكون كل واحد منهما مكاتباً (¬2) بينهما على حدة بحصته بقدر قيمته من المكاتبة. [قلت:] فإن أدى أحدهما حصته من المكاتبة إليهما جميعاً عتق، ولا يكون ضامناً عن الآخر؛ لأن الآخر نصفه لهذا ونصفه لهذا، وهذا العبد نصفين بينهما، ولا يضمن أحدهما عن عبد صاحبه ولا يجوز، ولكن كل واحد منهما مكاتب على حدة بينهما، فلا ¬

_ (¬1) م ف غ: للأم. والتصحيح من ط. وفي ب جار: الولد أمه. (¬2) غ: مكاتب.

يعتق (¬1) إلا بأداء حصته إليهما جميعاً؟ قال: نعم (¬2). قلت: أرأيت إن كاتب الرجلان عبداً بينهما مكاتبة واحدة وجعلا نجومه واحدة إن أدى عتق وإن عجز رد رقيقاً فأدى جميع المكاتبة إليهما هل يعتق ويكون الولاء بينهما؟ قال: نعم. قلت: أفرأيت إن أدى إلى أحدهما حصته من المكاتبة هل يعتق نصيبه منه؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن المكاتبة واحدة، ولا يعتق إلا بأدائه جميعاً (¬3) إليهما. قلت: أرأيت إن أعتقه أحدهما بعد المكاتبة هل يجوز عتقه؟ قال: نعم. قلت: من أين اختلف هذا والذي أدى حصته من المكاتبة؟ قال: لأن هذا عتق، وقَبْضُ نصيبِه من المكاتبة ليس بعتق. ألا ترى أنه لا يعتق حتى يقبضا جميعاً المكاتبة. قلت: أفرأيت إن وهب له أحدهما جميع نصيبه (¬4) من المكاتبة وأبرأه وتركها له هل يعتق؟ قال: نعم. قلت: ويكون في ذلك بمنزلة قوله: أنت حر؟ قال: نعم. قلت: ولا يكون بمنزلة أدائه إليه نصيبه من المكاتبة؟ قال: لا. قلت: أفرأيت إن أدى إلى أحدهما نصيبه من المكاتبة (¬5) بإذن شريكه هل يعتق؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن إذنه وغير إذنه هاهنا سواء. قلت: أفرأيت إذا عجز بعد ما أخذ أحدهما نصيبه بإذن شريكه أيكون ما أخذ بينهما نصفان؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كاتباه جميعاً مكاتبة واحدة ثم إن أحدهما أعتقه أو وهب له حصته من المكاتبة ما القول في ذلك؟ قال: إن شاء المكاتب عجز. فإن عجز نظر؛ فإن كان المعتق منهما موسراً (¬6) يوم أعتق فشريكه بالخيارة إن شاء ضمنه، وإن شاء استسعى العبد في نصف قيمته، وإن شاء أعتق. وإن شاء العبد مضى على مكاتبته، فإن ¬

_ (¬1) م غ: لايعتق. (¬2) قال الأفغاني في هامش ط: قوله "نعم" هذا جواب سؤاله "وكذلك إن كانا عبدين ... ". ولكنه بعيد. ولعل الأولى زيادة "قلت" كما فعلنا. (¬3) م غ: جميعها. (¬4) م غ: قصته؛ ب جار ط: حصته. وولفظ السرخسي: نصيبه انظر: المبسوط، 8/ 33. (¬5) ف - قال لا قلت أفرأيت إن أدى إلى أحدهما نصيبه من المكاتبة. (¬6) غ: موسر.

عجز فأعتقه السيد أو استسعى فالولاء بينهما، وإن ضمن شريكه فالولاء لشريكه، ويرجع (¬1) الشريك بالضمان على العبد بما ضمن لشريكه. قال: فإن كان المعتق معسراً (¬2) فإن شاء الشريك أعتق وإن شاء استسعى. وهذا قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف فإن كان المعتق موسراً فهو ضامن لشريكه نصف قيمة العبد، والعبد حر لا سبيل عليه. وأما في قول محمد فالعبد حر لا سبيل عليه، ويضمن المولى المعتق إن كان موسراً الأقل من نصف القيمة ومن نصف ما بقي من المكاتبة، وهو حر في جميع أمره. قلت: أرأيت العبد إذا كان بين الرجلين فكاتباه جميعاً مكاتبة واحدة ثم إن أحدهما أعتق نصيبه ثم إن العبد مات وترك مالاً كثيراً ما القول في ذلك؟ قال: يأخذ المولى الذي لم يعتق مما ترك نصف المكاتبة، وما بقي فلورثته إن كان له ورثة أحرار، وإن لم يكن له ورثة كان ما بقي لهما. قلت: أرأيت عبداً بين رجلين كاتب أحدهما حصته بغير إذن شريكه أيكون للشريك أن يرد المكاتبة؟ قال: نعم، ولا تجوز مكاتبته إلا بإذن (¬3) شريكه (¬4). قلت: ولم؟ قال: لأنه ليس له أن يكاتب إلا بإذن شريكه؛ لأنه يمنع شريكه من البيع. قلت: أرأيت إن كاتب أحدهما نصيبه بإذن شريكه أيجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: فهل يكون للشريك أن يبيع نصيبه؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن نصيما شريكه مكاتب. قلت: فهل له أن يكاتب بعد ذلك؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يأذن له الشريك في ذلك أيكون ذلك له ويكون له أن يكاتب إن شاء شريكه وإن أبى؟ قال: نعم. قلت: لم وقد زعمت أنه ليس للواحد منهما أن يكاتب إلا بإذن شريكه؟ قال: لأن الأول ¬

_ (¬1) م ف غ: ويعتق. والتصحيح من ب جار ط. ولم يبين الأفغاني في هامش ط ما في النسخ. (¬2) ط: موسرا. ولم يبين الأفغاني ما في النسخ مع أن جميع النسخ والمبسوط متفقة على "معسرا". وهو صحيح من حيث المعنى أيضا. وانظر: المبسوط، 8/ 33. (¬3) ف: بإذنه. (¬4) ف - شريكه.

قد كاتبه، فلذلك (¬1) يكون للآخر أن يكاتب، وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا كاتب أحدهما نصيبه بإذن شريكه فهو مكاتب كله لهما جميعاً بينهما نصفين بما كاتبه عليه حتى يؤدي إليهما جميعاً ويعتق كأنهما كاتباه جميعاً (¬2) على ذلك. قلت: أفرأيت إذا كاتب أحدهما بدون شريكه وأخذ ما كاتبه عليه ما القول في ذلك في قول أبي حنيفة؟ قال: يأخذ شريكه نصف ما أخذ ويعتق، ويرجع المكاتب على العبد بما أخذ شريكه منه. قلت: ولم؟ قال: لأنه كاتب على نصيبه وقد أخذ شريكه (¬3) نصف ما كاتبه عليه. قلت: فهل للشريك أن يضمن (¬4) المكاتب إن كان موسراً؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه أذن له في المكاتبة. قلت: أرأيت إن أذن له أن يأخذ نصيبه من المكاتب ففعل وأخذ ما كاتبه عليه هل يكون للشريك منه شيء؟ قال: لا. قلت: ولم وقد زعمت في الباب الأول أن له أن يأخذ نصف ما كاتبه عليه؟ قال: لأن المكاتبة الأولى لم يأذن له شريكه في الأخذ فمن ثم اختلفا، ولأن ما اكتسب المكاتب من شيء فهو بينهما نصفان، فكأنه قال: بين الموليين والمكاتب، فإذا أذن للمكاتب في دفعه من دين عليه ففعل ذلك لم يكن له أن يشاركه، وله أن يرجع فيما بقي من نجوم العبد على الأداء، ويشاركه فيما أخذ فيما يستقبل إذا نهاه عن القبض. قلت: أرأيت إذا كان العبد بين الرجلين فكاتب أحدهما نصيبه بغير إذن شريكه وقبض المكاتبة هل يعتق؟ قال: نعم. قلت: ولم وقد زعمت أنه ليس له أن يكاتب؟ قال: ليس له أن يكاتب، ولشريكه أن يرد المكاتبة ما لم يؤد، فإذا أدى فهو حر، لأنه بمنزلة قوله: إذا أديت إلي ألف درهم فأنت حر. ألا ترى أنه إذا قال ذلك عتق، فكان ما أخذ بينهما نصفين، ¬

_ (¬1) ط: فكذلك. (¬2) م + بينهما نصفين بما كاتبه عليه حتى يؤدي إليهما جميعاً ويعتق كأنهما كاتباه جميعاً. (¬3) م - وقد أخذ شريكه (غير واضح). (¬4) م - يضمن (غير واضح).

ويرجع المعتق منهما (¬1) على العبد بما أخذ شريكه منه، فكذلك إذا كاتبه بغير إذنه. قلت: أرأيت إذا كاتب أحدهما نصفه بغير إذن شريكه وشريكه لا يعلم ثم إن المكاتب منهما أذن للآخر في كتابة نصيبه فكاتبه ثم علم الثاني بمكاتبة الأول فأراد أن يردها؟ قال: لا. قلت: ولم وقد كان له أن يردها (¬2) قبل ذلك؟ قال: لأنه قد كاتب نصيبه، فلا يكون له أن يرد بعد ذلك. قلت: أرأيت ما أخذ الأول من العبد أيكون للآخر فيه شيء؟ قال: لا، ولا يكون للأول أيضاً فيما أخذ الثاني شيء (¬3) إلا أن يكون الأول أخذ شيئاً قبل مكاتبة الثاني، فيرجع بنصف ذلك عليه فيأخذه منه. قلت: فلم؟ قال: لأن كل واحد منهما قد كاتب نصيبه. قلت: أرأيت إذا أذن أحدهما لصاحبه في الكتابة لنصيبه ولم يأذن له في القبض فقبض هل يكون لواحد منهما فيما قبض صاحبه شيء؟ (¬4) قال: لا. قلت: ولم وقد زعمت أنه إذا كاتب أحدهما بإذن شريكه ولم يأذن له شريكه في القبض كان ما أخذ بينهما نصفين؟ قال: لأن إذن كل واحد منهما لصاحبه في المكاتبة إذن (¬5) له (¬6) في القبض. ألا ترى أن كل واحد منهما يأخذ نصيبه من المكاتبة. فكيف يرجع على صاحبه بنصيبه. قلت: أفرأيت إذا كاتب أحدهما نصيبه بإذن شريكه وقد أذن له في القبض فقبض البعض فعجز فرد في الرق هل يكون لشريكه فيما أخذ من المكاتبة شيء؟ قال: لا. قلت: وإن كان بعينه؟ قال: وإن. قلت: ولم؟ قال: لأنه قد كان أذن له في قبضه وجعله له. قلت: فكيف القياس في هذا؟ قال: القياس أن يشاركه فيما أخذ، ولكنا ندع القياس ونستحسن. قلت: أرأيت إذا كان العبد بين الرجلين فكاتبه أحدهما بغير إذن شريكه فكاتب نصيبه منه فأدى إليه ثم علم الشريك الآخر ما القول فيه؟ قال: يأخذ الذي لم يكاتب نصف المكاتبة، ويرجع الذي كاتب بما أخذ منه ¬

_ (¬1) م ف غ: بينهما. والتصحيح من ط. وهو ظاهر. وانظر: المبسوط، 8/ 35. (¬2) غ: أن يردهما. (¬3) غ: شيئا. (¬4) غ: شيئا. (¬5) غ: إذنا. (¬6) غ - له.

شريكه على العبد، وينظر؛ فإن كان الذي كاتبه موسراً فشريكه بالخيار؛ إن شاء ضمنه، وإن شاء أعتق، وإن شاء استسعى العبد. فإن أعتق أو استسعى فالولاء بينهما نصفان. فإن ضمن شريكه فالولاء كله للذي كاتب، ويرجع الذي كاتب على العبد بنصف القيمة الذي ضمن لشريكه. قلت: ولم يرجع؟ قال: لأن السعاية إنما كانت على العبد، والنصف الذي (¬1) كان لشريكه قد كان له، فصار كأنه عبد (¬2) له فأعتق نصفه، ويستسعى في النصف الباقي. قلت: أفرأيت الذي كاتب العبد هل يرجع على العبد بما أخذ منه شريكه من المكاتبة؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنه إنما كاتب حصته فلم يسلم له، وإذا أخذ شريكه نصف ذلك رجع به على العبد. قلت: أفرأيت إن كان إنما كاتب العبد كله بغير إذن شريكه فاستسعاه في نصف المكاتبة وأخذها منه هل يعتق؟ قال: لا. قلت: ولم وقد قبض منه جميع حصته؟ قال: لأنه لا يعتق إلا بأداء جميع ما كاتبه عليه. قلت: وكذلك لو كان وهب له نصف المكاتبة بعد ما كاتبه؟ قال: نعم. قلت: فإن قال: قد وهبت (¬3) له جميع حصتي من هذه المكاتبة، هل يعتق؟ قال: نعم. [قلت:] (¬4) وهذا بمنزلة قوله: قد وهبت لك المكاتبة كلها؟ قال: نعم. قلت: ولا يعتق حتى يؤدي جميع المكاتبة إذا لم يهب (¬5) له؟ قال: نعم. قلت: أفرأيت إذا قدم شريكه أو علم بذلك بعد ما قبض جميع المكاتبة ما القول في ذلك؟ قال: يأخذ الشريك من الذي كاتبه نصف المكاتبة ثم هو بالخيار إن كان شريكه موسراً؛ فإن شاء ضمنه، وإن شاء أعتق، وإن شاء استسعى، والحال فيه (¬6) كما وصفت لك في الباب الأول، إلا أن الذي كاتب لا يرجع على المكاتب بشيء مما أخذ منه شريكه من المكاتبة؛ لأن الذي كاتب إنما كاتب على نصيبه ونصيب شريكه فأخذ حصته، فإنما يأخذ حصته (¬7) وحصة شريكه، وليس هذا بمنزلة ما إذا كاتب حصته خاصة بغير إذن شريكه. ¬

_ (¬1) غ + قد. (¬2) غ: عبدا. (¬3) غ: قد وهب. (¬4) من ط. (¬5) ف: لم يجب. (¬6) غ: فيه والحال. (¬7) ف - فإنما يأخذ حصته.

قلت: أرأيت الجارية تكون بين الرجلين فكاتباها جميعاً فيطؤها أحدهما بعد ذلك فتَعْلَق منه ما القول في ذلك؟ قال: هي بالخيار؛ إن شاءت أن تعجز فتصير أم ولده ويضمن لشريكه نصف عقرها ونصف قيمتها، وإن (¬1) شاءت أن تمضي على مكاتبتها مضت وأخذت (¬2) عقرها من الواطئ. قلت: أرأيت إن مضت على (¬3) كتابتها فوطئها الشريك الآخر بعد ذلك فعلقت أيضاً منه ثم إنها عجزت بعد ذلك ما القول في ذلك، وما حال الولد، وهل تصير أم ولد لواحد دون صاحبه؟ قال: إذا عجزت بعد ذلك فولد الأول للأول وولد الآخر للثاني، وتصير أم ولد للأول؛ لأنها ولدت منه قبل أن تلد للآخر. وعليه نصف قيمتها، وعلى الثاني قيمة الولد، ويثبت نسب كل واحد من الولدين من أبيه. قلت: أرأيت جارية تكون بين الرجلين فكاتباها جميعاً مكاتبة واحدة ثم إن المكاتبة ولدت ثم إن أحد الرجلين وطئ ابنتها فولدت منه هل يثبت نسبه؟ قال: نعم. قلت: فما حال الأم؟ قال: هي على حالها. قلت: أرأيت إن قالت: أنا أصير أم ولد الذي وطئني أيكون ذلك لها؟ قال: لا. قلت: فهل على الذي وطئها عقر؟ قال: نعم، ويكون عقرها لأمها. قلت: أرأيت إن عجزت الأم بعد ذلك ما حال الابنة؟ قال: تصير أم ولد للذي كانت ولدت منه، وضمن نصف قيمتها لشريكه يوم علقت منه. قلت: ولم؟ قال: لأنها حيث عجزت أمها صارت هي عاجزة أيضاً معها، فلما وقعت في ملكها صارت أم ولد للذي كانت ولدت منه. قلت: أفرأيت إن كانت الأم لم تعجز والمسألة على حالها ثم إن الشريك الذي لم يطأ أعتق الابنة بعد ما علقت من شريكه وولدت هل يجوز عتقه؟ قال: نعم. قلت: فهل تسعى الابنة أو تكون على حالها؟ قال: هي حرة ولا سبيل عليها، وولدها حر. فإن أدت أمها عتقت، وإن عجزت الأم ردت في الرق. وأما ¬

_ (¬1) غ: فإن. (¬2) ف - عقرها ونصف قيمتها وإن شاءت أن تمضي على مكاتبتها مضت وأخذت. (¬3) ف - على.

الابنة وولدها فلا تُرَدَّان (¬1) في الرق، ويعتق النصف (¬2) الذي أعتق منها، ولا تسعى للذي (¬3) وطئها في شيء، وتصير حرة. قلت: ولم؟ قال: لأن الأم عجزت فردت في الرق، وكانت الابنة قد أعتق نصفها قبل ذلك وقد ولدت للآخر (¬4)، ولا تسعى أم الولد (¬5) الذي ولدت منه. وهذا بمنزلة جارية بين رجلين وطئاها جميعاً فادعيا ولدها ثم إن أحدهما أعتقها. فإذا أعتقها أحدهما عتق نصيب الآخر أيضاً؛ لأنها أم ولد له، وأم الولد لا تسعى. وكذلك هذا في الباب الأول في المكاتبة في قول أبي حنيفة. قلت: أرأيت المكاتبة في قول أبي حنيفة إذا كانت بين الرجلين كاتباها جميعاً فولدت ثم إن أحد الشريكين أعتق ولدها هل يجوز عتقه؟ قال: نعم. قلت: فهل يعتق الولد كله؟ قال: لا، بل يعتق نصفه، وهو على حاله حتى تعجز الأم أو تعتق (¬6) فيعتق معها. قلت: أرأيت ان عجزت الأم بعد ذلك ما حال الولد؟ قال: نصيب الذي كان أعتقه منه حر، ويسعى للآخر في نصف قيمته. قلت: فهل على المعتق ضمان إن كان موسراً يوم كان أعتق؟ قال: نعم. قلت: وهو بالخيارة إن شاء أعتق، وإن شاء استسعى، وإن شاء ضمن؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنه قد أفسد على شريكه. قلت: أرأيت إذا كانت المكاتبة بين رجلين فولدت ولداً ثم إنهما وطئا الابنة فعلقت فولدت منهما ثم إن الواطئين ماتا جميعاً ما حال الولد، وهل يكون موتهما بمنزلة إعتاقهما (¬7) إياها؟ قال: نعم. قلت: فما حال الأم؟ قال: هي على مكاتبتها لورثتها (¬8). قلت: ولم عتق الولد ولم تعتق الأم؟ قال: لأنهما لو كانا أعتقا الولد في حال حياتهما عتق وكانت الأم على مكاتبتها، فكذلك موتهما إذا كانت ولدت منهما؛ لأن موتهما إعتاق (¬9) منهما. ألا ترى لو كانت الأم التي ولدت منهما ثم ماتا عتقت، ¬

_ (¬1) م ف غ ط: فلا ترد. (¬2) م ف غ ط: نصف. (¬3) ف: الذي. (¬4) م غ: الآخر. (¬5) م غ: أم ولد. (¬6) غ: وتعتق. (¬7) م ف غ ط: عتقهما. (¬8) م: لو رثتهما. (¬9) م ف غ ط: عتق.

فكذلك ولدها بمنزلتها في هذه الحال. قلت: أرأيت إذا كانا وطئا جميعاً الأم فولدت منهما ولداً ثم ماتا هل تعتق؟ قال: نعم، تعتق هي وولدها جميعاً. قلت: وكيف عتق ولدها وإنما عتقت بغير المكاتبة؟ قال: لأن ولدها بمنزلتها، وإذا عتقت (¬1) عتق ولدها معها. وإنما عتقت بالموت فكان العتق أكسبها لما عليها من المكاتبة، فيعتق الولد لمكان ذلك. ألا ترى أن الأم لو أدت (¬2) فاستوفيا عتق الولد، فكذلك هذه. قلت: أرأيت إن عجزت ثم ولدت منهما جميعاً ما حال ولدها الأول؟ قال: رقيق لهما. قلت: ولم وقد صارت أم ولد لهما؟ قال: لأن الولد كان قبل أن تصير أم ولد لهما ومن قبل أن تعلق منهما. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا كاتب بغير إذن شريكه ثم علقت منه فهي أم ولده، وهي مكاتبة على حالها، ويضمن نصف قيمتها ونصف عقرها، وهذا إجازة للمكاتبة، وهذا بمنزلة رجل له أمة ولدت منه ولداً ثم كاتبها بعد ذلك. قلت: أرأيت الجارية تكون بين الرجلين كاتبها أحدهما بغير إذن شريكه ثم وطئها الذي كاتبها قبل أن يعلم شريكه بالمكاتبة وقبل أن تؤدي شيئاً فولدت منه ولداً ما حالها؟ قال: هي أم ولد له، والمكاتبة جائزة، ويضمن الواطئ نصف قيمتها ونصف عقرها لشريكه ونصف العقر لها. قلت: ولا تجعل للمكاتبة خياراً؟ قال: بلى، لها الخيارة فإن اختارت الكتابة كان لها نصف العقر سالماً تستعين به، وإن اختارت أن تكون أم ولد له لم يكن لها نصف العقر. قلت: أرأيت إذا أجاز شريكه المكاتبة بعد ما علقت ولم يكن طم بالمكاتبة بعد؟ قال: إجازته باطلة، وهي مكاتبة. قلت: أرأيت إن وطئها الذي (¬3) لم يكاتب فعلقت منه وقد كان كاتبها الآخر بغير إذنه قبل ذلك ما القول في ذلك؟ قال: هي أم ولد الذي (¬4) علقت منه، والمكاتبة على حالها حتى يردها الواطئ. قلت: أرأيت إن كان كاتبها أحدهما بإذن شريكه ثم إن الآخر وطئها فولدت منه ما القول في ذلك؟ ¬

_ (¬1) م غ: أعتقت. (¬2) غ: لو أن الأم أدت. (¬3) م غ: للذي. (¬4) غ: للذي.

قال: المكاتبة بالخيار؛ إن شاءت أن تعجز عن نصرة الذي كاتبها وتصير أم ولد للذي ولدت منه، وإن شاءت أن تمضي على مكاتبتها فإذا أدت عتقت ولم تسع للآخر في شيء من قيمتها؛ لأنها أم ولد له يوم عتقه. قلت: أرأيت إن اختارت أن تمضي على المكاتبة هل على الذي وطئها عقر؟ قال: عليه نصف عقرها. قلت: ولم يكون عليه نصف العقر؟ قال: لأن نصيبه منها ليس بمكاتب، وإنما يكون عليه نصف العقر لأن النصف الآخر مكاتب، فلا يكون عليه في نصيبه منها عقر، لأن نصيبه رقيق له على حاله. قلت: أرأيت إن كاتبها أحدهما بغير إذن شريكه وكاتب (¬1) نصيبه منها فاكتسبت بعد ما كاتبها مالاً كثيراً فأدت مكاتبتها ما القول في ذلك، وما حال ما في يديها من المال؟ قال: ينظر إلى نصف ما في يديها وما أخذ مولاها من مكاتبتها أجمع مما اكتسبته (¬2) قبل أن تؤدي مكاتبتها، فيكون للذي لم يكاتب النصف والنصف لها. قلت: ولم صار هذا هكذا؟ قال: لأن نصيبه منها رقيق على حاله، فنصف ما كان في يديها من مال فهو له، والنصف الآخر لها. قلت: أرأيت إن اكتسبت مالاً بعد أداء المكاتبة ما القول في ذلك؟ قال: كل شيء اكتسبته بعد أداء المكاتبة فهو لها، ليس للشريك الذي لم يكاتب عليها سبيل. قلت: ولم اختلف هذا والباب الأول؟ قال: لأنها إذا أدت مكاتبتها فقد عتق نصفها، وللآخر عليها نصف قيمتها تسعى (¬3) فيه، ولا يصير له مما اكتسب بعد أداء المكاتبة شيء. قلت: أرأيت إن ماتت قبل أن تؤدي شيئاً من المكاتبة إلى الذي كان كاتبها وقد تركت مالاً كثيراً ما القول في ذلك؟ قال: ينظر إلى نصف جميع ما تركت فيكون للذي لم يكاتبها، ويأخذ الذي كاتبها المكاتبة من النصف الثاني، ثم يأخذ الذي (¬4) لم يكاتب نصف قيمتها مما بقي إن كان شريكه معسراً، فإن كان لها ورثة أحرار كان ما بقي لهم ميراثاً، وإن لم يكن لها وارث غيرهما كان ما بقي بينهما نصفين، وإن شاء ضمن الذي لم يكاتب الذي كاتب ¬

_ (¬1) غ: فكاتب. (¬2) غ: اكتسبه. (¬3) غ: يسعى. (¬4) ف - لم يكاتبها ويأخذ الذي كاتبها المكاتبة من النصف الثاني ثم يأخذ الذي.

نصف قيمتها لأنه موسر كان له ذلك، ويرجع به الذي كاتب في مالها، ويكون ولاؤها له وميراثها إن لم يكن لها وارث غيره، وإن كان المولى الذي كاتب معسرا لم يكن للمولى الذي لم يكاتب إلا ضمان نصف قيمتها عليه، ولكنه يأخذ ذلك من مالها سوى نصف الكسب الذي يأخذه (¬1). [قلت:] (¬2) أرأيت إن كانت ماتت بعد ما أدت المكاتبة وقد تركت مالاً لا يدرى متى اكتسبته (¬3) قبل الأداء أو بعد الأداء؟ قال: إذا لم يُعْلَمْ (¬4) فالمال لها، ويأخذ الذي لم يكاتب نصف قيمتها مما تركت، فإن كان لها ورثة أحرار كان ما بقي لهم، فإن لم يكن ورثة كان بينهما نصفين، وإن عُلِمَ متى اكتسبت المال فما كان من ذلك قبل أداء المكاتبة فنصف ذلك للذي لم يكاتب، ونصفه للباقي (¬5)، وما اكتسبت (¬6) بعد الأداء فهو للمكاتب. قلت: أرأيت جارية بين رجلين كاتب أحدهما نصيبه بغير إذن شريكه فأدت إليه المكاتبة ثم إن الآخر وطئها فعلقت منه ما القول في ذلك؟ قال: تسعى له في نصيبه، ولا تصير أم ولده. قلت: أرأيت الجارية إذا كانت بين رجلين فكاتباها جميعاً مكاتبة واحدة ثم إن أحدهما مات وترك ابنين فأعتق أحد الابنين المكاتبة هل يجوز عتقه؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه ورث مالاً ولم يرث شيئاً من الرقبة، وإنما عتقه بمنزلة ترك المال إذا لم يكن وارث غيره. قلت: فما حال المكاتبة؟ قال: مكاتبتها على حالها. قلت: أرأيت إن عجزت هل ترد في الرق؟ قال: نعم ما (¬7) لم يعتقها الابن الآخر، فإن عجزت بعد عتق الابن الآخر لم ترد في الرق. قلت: أفرأيت إن وهب أحد ابني الميت جميع حصته للمكاتبة من المكاتبة هل يجوز ذلك؟ قال: نعم، ولا تعتق، وتسعى للآخر (¬8) في حصته من المكاتبة، فإن أدت عتقت. قلت: أفرأيت إن ¬

_ (¬1) غ: تأخذه. (¬2) من ط. (¬3) غ: اكتسبه. (¬4) ط + ذلك. (¬5) ف: الباقي. (¬6) غ: اكتسب. (¬7) ف - ما. (¬8) ف غ: الآخر.

وهب (¬1) لها المال جميعاً الوارثان (¬2) والشريك هل تعتق؟ قال: نعم. قلت: فلم؟ قال: أستحسن في هذا الوجه؛ لأنهما إذا اجتمعا على ذلك أخذت نصيب الوارث معه. قلت: أرأيت إن كان الوارث وطئها بعد موت أبيه (¬3) فولدت منه ما القول في ذلك؟ قال: هي بالخيار؛ إن شاءت أن تعجز وتصير أم ولد له ويضمن نصف قيمتها ونصف عقرها للآخر، وإن شاءت أن تمضي على مكاتبتها مضت وتأخذ عقرها منه. قلت: أفرأيت الجارية إذا كانت بين رجلين فكاتباها جميعاً مكاتبة واحدة ثم إن أحدهما ارتد عن الإسلام فأدت المكاتبة إليهما جميعاً وهو مرتد ثم قتل مرتدًّا ما القول في ذلك وهل تعتق؟ قال (¬4): لا تعتق، وليس أداؤها إليه بشيء. قلت: فما حالها؟ قال: ينظر (¬5) إلى ما أخذ الشريك فيؤخذ نصفه ويستسعونها في النصف الباقي. قلت: أرأيت إن عجزت هل ترد في الرق؟ قال: نعم. قلت: ولم صار هذا هكذا، وكيف لا يعتق نصيب الذي لم يرتد؟ قال (¬6): لأن أداءها إلى المرتد ليس بشيء. ألا ترى أنه لو لم يكن فأدت إلى أحدهما جميع نصيبه لم تعتق حتى تؤدي إليهما جميع المكاتبة؛ لأن المكاتبة واحدة فلا تعتق إلا بأدائها (¬7) جميعاً (¬8)، وأداؤها إلى المرتد ليس بشيء. ألا ترى لو أن رجلاً كاتب أمة له ثم ارتد ثم قبض مكاتبتها ثم قتل مرتداً كان قبضه باطلاً، وكانت مكاتبته على حالها في قياس قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فقبض المرتد في ذلك كله جائز بمنزلة قبض المسلم. قال أبو يوسف: قبض المرتد للمكاتبة جائز، وهو بمنزلة المسلم في ذلك. قلت: أرأيت المكاتبة إذا كانت بين رجلين فكاتباها مكاتبة واحدة ثم ارتد أحدهما ثم قبضا جميعاً المكاتبة وهو مرتد ثم أسلم هل يجوز ذلك ¬

_ (¬1) غ: إن وهبا. (¬2) غ: الوارثين. (¬3) غ: ابنه. (¬4) غ: ل. (¬5) غ: تنظر. (¬6) غ + لا. (¬7) ف غ: بأدائهما. (¬8) ط - جميعاً.

وتعتق المكاتبة؟ قال: نعم؛ لأنه قد أسلم. قلت: أرأيت إن كان حيث ارتد لحق أرض الحرب فاستسعاها الآخر (¬1) في جميع المكاتبة فأدتها (¬2) إليه هل تعتق؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن أداءها إليه جميع المكاتبة لا يجوز. قلت: أرأيت إن أدت المكاتبة إلى هذا الشريك الثاني وإلى ورثة المرتد هل تعتق؟ قال: نعم إذا كان قد قضي بردته وبالميراث (¬3) بين ورثته. قلت: أفرأيت إن ارتد أحدهما ثم إن المكاتب عجز فرداه جميعاً في الرق ثم قتل المرتد على ردته هل يجوز ردهما ذلك؟ قال: لا، وهو على مكاتبته. قلت: ولم؟ قال: لأن المرتد لا يجوز شيء مما صنع إذا قتل أو لحق بدار الحرب. قلت: أرأيت عبداً بين رجلين كاتباه جميعاً مكاتبة واحدة ثم إن أحد الموليين غاب فعجز عن مكاتبته فقدمه الشاهد إلى القاضي هل يرده القاضي في الرق؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن المولى الآخر غائب، فلا يرد في الرق أبداً حتى يحضرا جميعاً؛ لأن المكاتبة واحدة. قلت: أفرأيت إن رده الشاهد ورضي بذلك العبد هل يكون رده ردًّا؟ قال: لا، وهو مكاتب على حاله. قلت: أفرأيت العبد يكون بين الرجلين فكاتب أحدهما العبد كله بإذن شريكه أيجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: أفرأيت إن أدى المكاتب جميع المكاتبة إلى الذي كاتبه هل يعتق؟ قال: لا، إلا أن يكون كتب الكتابة باسمه ووكله (¬4) بقبضها. قلت: ولم؟ قال: لأنه ليس بوكيل لشريكه في قبضه (¬5) المكاتبة. ألا ترى لو أن رجلاً وكل رجلاً أن يكاتب عبداً له فكاتبه وقبض المكاتبة لم يعتق العبد، فإن وكله بقبضها عتق وجاز قبضه، وكذلك إذا وكل أحدهما صاحبه بالمكاتبة. ¬

_ (¬1) م ف غ ط: فاستسعاها هذا العبد. والتصحيح من ب جار. وقال السرخسي: ولو لحق المرتد منهما بدار الحرب فأدت جميع الكتابة إلى الشريك الآخر لم تعتق. انظر: المبسوط، 8/ 42. (¬2) غ: فأداها. (¬3) ف: والميراث. (¬4) ف: ووكيله. (¬5) ف غ: في قبض.

قلت: أرأيت الأمة تكون بين الرجلين كاتباها جميعاً مكاتبة واحدة ثم إن أحد السيدين أعتق المكاتبة ما القول في ذلك؟ قال: المكاتبة بالخيار؛ إن شاءت أن تعجز عجزت، فإن عجزت نظر؛ فإن كان الذي أعتق موسراً كان الشريك الآخر بالخيار؛ إن شاء أعتق، وإن شاء ضمن، وإن شاء استسعى. قلت: أرأيت المكاتبة كانت بين (¬1) الرجلين فكاتباها جميعاً مكاتبة واحدة فولدت المكاتبة ابنة ثم إن المكاتبة ماتت فهل تسعى الابنة في شيء من المكاتبة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن ولدت الابنة ابنة (¬2) ما القول في ذلك وقد بلغت السعاية هل عليها شيء من السعاية؟ قال: نعم، تسعيان جميعاً في المكاتبة. قلت: ولم يسعى ولد الولد؟ قال: لأنهما جميعاً ولد للمكاتبة (¬3)، ولأنهما لا يعتقان إلا بأداء المكاتبة، ولأنهما يسعيان فيما على أمهما. قلت: أرأيت إن أدى ولد الولد جميع مال المكاتبة هل ترجع على أمها بشيء؟ قال: لا. قلت: وكذلك إن أدت الأم لم ترجع على ابنتها بشيء؟ (¬4) قال: نعم، هما (¬5) سواء، ولا ترجع واحدة منهما على صاحبتها بشيء. قلت: أفرأيت إن أعتقا الأم الباقية هل تعتق ابنتها؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن ابنتها لا تعتق إلا بعتق جدتها. قلت: فهل تسعى في المكاتبة بعد ذلك؟ قال: نعم، تسعى في جميع مكاتبة جدتها. قلت: ولا يرفع عنها شيء من المكاتبة بعتق أمها؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنها إنما تؤدي عن جدتها. ألا ترى أن الجدة لو كانت حية ثم أعتقا ولدها لم يرفع عنها شيء من المكاتبة. قلت: أفرأيت إن كان أحد السيدين وطئ ابنة الابنة فعلقت منه ما القول في ذلك؟ قال: عليه عقرها، وهي على حالها مكاتبة، ولا تصير أم ولد. قلت: ولم؟ قال: لأن أمها معها، فإن أدت عتقتا (¬6) جميعاً، ولا تصير إحداهما عاجزة دون الأخرى. ¬

_ (¬1) غ: من. (¬2) ف - ابنة. (¬3) ف: المكاتبة. (¬4) م غ - بشيء. (¬5) غ: هو. (¬6) غ: عتقا.

باب مكاتبة الرجل نصف عبده أو ثلثه أو ربعه

ألا ترى لو أن إحداهما عجزت ولم تعجز الأخرى كانتا على مكاتبتهما؛ لأن الأخرى إذا أدت عتقتا جميعاً. قلت: وكذلك لو وطئ الأم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان وطئ أحد الموليين الابنة فعلقت ووطئ الآخر الأم فعلقت فقالتا: نحن نعجز، أيكون ذلك لهما؟ قال: نعم، إن شاءتا عجزتا، وكانت كل واحدة منهما أم ولد للذي وطئها، وإن شاءتا مضتا على مكاتبتهما. فإن مضتا على المكاتبة كان لكل واحد منهما عقرها. وإن عجزتا كانت كل واحدة منهما أم ولد للذي وطئها، ويضمن كل واحد منهما لصاحبه نصف قيمة الجارية ونصف عقرها. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا كاتب الرجل نصيبه من عبد (¬1) بغير إذن شريكه فلشريكه أن يرد ذلك، ولا يرده إلا بقضاء القاضي إلا أن يرضى العبد ومولاه الذي كاتبه أن يقضي المكاتبة. قال أبو حنيفة: إذا أعتق ابنة المكاتب عتق ابنة ابنتها. وقال أبو يوسف ومحمد: لا تعتق ابنة ابنتها كما في الكتاب. ... باب مكاتبة الرجل نصف عبده أو ثلثه أو ربعه قلت: أرأيت الرجل يكاتب نصف عبده هل يجوز ذلك؟ قال: نعم. [قلت:] (¬2) وكذلك إذ كاتب ثلثه أو ربعه أو أقل من ذلك أو أكثر؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل إذا كاتب نصف عبده فأدى المكاتبة ما حاله؟ قال: يعتق نصفه، ويسعى بعد ذلك في نصف قيمته. قلت: ولم؟ قال: لأنه بمنزلة رجل أعتق نصف عبده. فإذا أعتق (¬3) نصف عبده سعى في نصف قيمته. وكذلك إذا كاتب نصفه فأدى المكاتبة. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا كاتب نصفه فهو مكاتب كله بالذي كاتب به نصفه كما ¬

_ (¬1) غ: من عبده. (¬2) من ط. (¬3) ف غ: عتق.

أنه لو أعتق نصفه بخمسمائة عتق كله. وكذلك لو طلق نصفها بخمسمائة طلقت كلها (¬1). قلت (¬2): أفرأيت الرجل إذا كاتب نصف عبده - في قول أبي حنيفة - فاكتسب العبد مالاً لمن يكون ذلك المال؟ قال: نصف كل شيء اكتسب العبد للمولى، ونصفه للعبد. قلت: ولم؟ قال: لأن نصفه مكاتب، ونصفه رقيق للسيد. قلت: أرأيت إن أدى المكاتبة وفي يده مال قد كان اكتسبه في المكاتبة قبل الأداء هل يكون للمولى من ذلك شيء؟ (¬3) قال: يكون له نصف جميع (¬4) ما كان في يده قبل الأداء. قلت: أرأيت ما اكتسب العبد بعد الأداء هل يكون للمولى منه شيء؟ قال: لا، ويكون جميع ما اكتسب له. قلت: ولم ونصفه رقيق للسيد؟ قال: لأنه إذا أدى إليه المكاتبة فقد صار نصفه حراً، وصار للسيد عليه نصف قيمته يستسعيه فيها، ولا يكون له على ماله سبيل. قلت: أرأيت إن اكتسب مالاً كثيراً بعد الأداء فقال العبد: أسعى في نصف قيمتي نجوماً، وقال السيد: بل آخذها (¬5) جميعاً لأنها عندك، أيقضي القاضي عليه أن يؤديها جميعاً وعنده مثل نصف قيمته أو أكثر؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن نصف (¬6) القيمة دين عليه، فإن كان عنده مال أخذه به، فإنما يقضي عليه بأن يسعى على قدر ما يطيق إذا لم يكن عنده شيء. قلت: أرأيت الرجل إذا كاتب نصف عبد له أله أن يحول بينه وبين العمل والطلب والكسب والسعاية في مكاتبته؟ قال: لا. قلت: ولم ونصفه رقيق له؟ قال: لأنه كاتب نصفه، فليس له أن يمنعه من الطلب. قلت: إن أراد أن يخرج من المصر أله أن يحول بينه وبين ذلك؟ قال: أما في القياس فنعم، ولكنا ندع القياس، ونستحسن أن لا يحول بينه وبين الخروج وطلب الكسب. ¬

_ (¬1) غ + بألف. (¬2) غ - قلت. (¬3) غ: شيئا. (¬4) ف - جميع. (¬5) م ف غ: آخذهما. (¬6) م غ: تصرف (التاء مهملة).

قلت: أرأيت إن كاتب الرجل نصف عبده فأراد أن يستخدمه يوماً ويخلي عن العبد يوماً يسعى أله ذلك؟ قال: هكذا ينبغي في القياس، ولكنا ندع القياس، ونستحسن فنقول: لا يعرض له في شيء حتى يؤدي أو يعجز، فإذا أدى استسعاه بعد ذلك في نصف قيمته، ويكون نصف ما كان (¬1) في يده قبل الأداء للمولى. قلت: أرأيت إن أراد المولى أن يستسعيه يوماً ويخلي (¬2) عن العبد يوماً يكتسب أيكون (¬3) له ذلك؟ قال: هذا والخدمة سواء، ويكون ذلك له في القياس، وأما في الاستحسان فلا، والاستحسان في هذا (¬4) أحب إلينا. قلت: أرأيت رجلاً كاتب نصف أمة له فولدت (¬5) ولداً في مكاتبتها ما حال ولدها؟ قال: ولدها بمنزلتها. قلت: أرأيت إن أدت المكاتبة ما حال ولدها؟ قال: يعتق نصفها ونصف ولدها (¬6). قلت (¬7): فهل للسيد على الولد سبيل؟ قال: نعم، يسعى الولد في نصف قيمته، وتسعى الأم في نصف قيمتها. قلت: أرأيت ما اكتسب الولد في حال سعاية أمه قبل أن تؤدي لمن يكون ذلك الكسب؟ قال: نصف جميع ذلك للسيد، ونصفه للأم. قلت: ولم؟ قال: لأن الولد بمنزلة أمه، وكسبه بمنزلة كسب أمه. ألا ترى أن السيد يأخذ نصف كسب أمه، وكذلك الولد. قلت: أرأيت ما اكتسب الولد بعد ما تؤدي الأم المكاتبة لمن يكون؟ قال: هو كله للولد، ولا يكون للأم ولا للمولى منه شيء. قلت: ولم؟ قال: لأن الولد قد عتق نصفه، فما كسب بعد ذلك فهو له. قلت: أرأيت ما كان في يده من مال اكتسبه قبل أداء المكاتبة لمن يكون؟ قال: تأخذ الأم نصفه، والمولى نصفه. قلت: ولم تأخذ الأم نصف الكسب؟ قال: لأن ولدها من كسبها. ألا ترى ¬

_ (¬1) ف - كان. (¬2) م ف غ: وبخل. (¬3) غ: أله. (¬4) غ - في هذا. (¬5) ط + له. ولم يبين اختلاف النسخ. (¬6) م - بمنزلتها قلت أرأيت إن أدت المكاتبة ما حال ولدها قال يعتق نصفها ونصف ولدها (غير واضح). (¬7) غ: فقلت.

لو أن مكاتبة ولدت ولداً كان كل ما اكتسب (¬1) الولد من شيء فهو لها، فكذلك الباب الأول. قلت: أرأيت إن ماتت الأم قبل أن تؤدي شيئاً من كتابتها ما حال الولد؟ قال: يسعى الولد فيما كان على أمه من المكاتبة، فإذا أدى عتق نصفها ونصفه، ويسعى بعد ذلك في نصف قيمته. قلت: ولم لا يسعى في نصف قيمة أمه؟ قال: لأنه إذا أدى المكاتبة عتق نصف أمه ونصفه، وكان قد أدى جميع ما كان على الأم، فيبقى نصفه رقيقاً، فيسعى المولى في نصف قيمته. ألا ترى لو أن الأم أدت المكاتبة في حياتها عتق نصفها ونصف ولدها، ويسعى كل وأحد منهما في نصف قيمته. ولو ماتت الأم بعد ما أدت لم يسع الولد في شيء مما على أمه، ولكن يسعى في نصف قيمته؛ لأن الولد إنما يعتق منه ما يعتق (¬2) من أمه. وهذا بمنزلة رجل أعتق نصف أمته ونصف ولدها. ولو أن هذا أعتق نصف أمته وهي حبلى فولدت بعد ذلك أو حبلت بعد ما عتق بعضها فهنا يسعى الولد (¬3) فيما على أمه إذا ماتت، وفي الباب الأول يسعى في نصف قيمة الأم؛ لأنها ولدت في [هذا] الباب قبل أن يعتق منها شيء. قلت: أفرأيت (¬4) إذا كاتب (¬5) الرجل نصف أمته فولدت ولداً في مكاتبتها ثم ماتت الأم (¬6) وقد استدانت (¬7) ديناً وقد تركت مالاً كثيراً ما القول في ذلك؟ قال: يؤدي (¬8) إلى الغرماء جميع دينهم من جميع ما تركت، ونصف ما بقي للمولى (¬9)، ويأخذ المولى منه المكاتبة مما بقي من النصف الآخر. فإن بقي شيء بعد ذلك أخذ المولى نصف قيمتها منه وأعتقت الأم. وكان ما بقي بعد ذلك لورثة الأم إن كان لها ورثة أحرار. ¬

_ (¬1) غ. اكتسبه. (¬2) غ: ما أعتق. (¬3) م ف غ ط: فهذا يسعى للولد. والتصحيح من ب جار. وعبارة السرخسي: فهذا الولد يسعى. انظر: المبسوط، 8/ 45. (¬4) غ + الرجل. (¬5) ف: إذا كان. (¬6) ف - الأم. (¬7) م - وقد استدانت (غير واضح). (¬8) غ: تؤدي. (¬9) م - ما تركت ونصف ما بقي للمولى (غير واضح).

ولا يكون للمولى منه (¬1) ولا لولدها الذي ولدته في المكاتبة شيء؛ لأن ولدها بمنزلة المملوك. ألا ترى أنه يسعى في نصف قيمته، فما دام يسعى فلا يرث. قلت: أرأيت إن لم تدع الأم شيئاً هل يسعى ولدها في الدين الذي على أمه؟ قال: نعم، ويسعى للمولى في المكاتبة وفي نصف قيمة الولد. قلت: أرأيت إن أدى إلى المولى المكاتبة قبل أن يؤدي إلى الغرماء هل يعتق نصف أمه ونصفه؟ قال: نعم. قلت: فهل ترجع الغرماء على المولى بما أخذ منه؟ قال: لا، ويبيع الغرماء بالدين الولد. قلت: فهل يلزم الولد جميع ما كان على أمه من دين؟ قال: نعم. قلت: أرأيت ما اكتسب الولد قبل أن يؤدي المكاتبة لمن يكون؟ قال: يكون نصفه للمولى، ونصفه له بعد الدين، فإنه يبدأ به أولاً، وما بقي على ما وصفت لك. قلت: أرأيت رجلاً كاتب نصف أمة له فاستدانت دينا ثم إنها عجزت وردت في الرق ما حال الدين؟ قال: يكون جميع الدين في جميع رقبتها، إن أدى عنها المولى وإلا بيعت للغرماء (¬2). قلت: ولم يكون الدين في جميع الرقبة وإنما كان (¬3) كاتب نصفها؟ قال: لأن شراءها وبيعها كان جائزاً عليها، فلذلك لزمها جميع الدين. قلت: أفرأيت إن كانت (¬4) أمة بين رجلين فكاتبها أحدهما على نصيبه بإذن شريكه فاستدانت ديناً هل يلزم نصف الذي لم يكاتب من الدين شيئاً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن عجزت بعد ذلك ما حال الدين؟ قال: يكون جميع الدين في رقبتها كلها، فإن قضى الدين عنها وإلا بيعت كلها (¬5) للغرماء. ¬

_ (¬1) ف + ولد. (¬2) م ف غ: الغرماء. والتصحيح من ط. وهو ظاهر. (¬3) ف: إذا كان. (¬4) غ: إن كاتب. (¬5) م ف غ: فإن ادين عنها وإلا بيع كله؛ ط: فإن أدى عنها وإلا بيع كله. والتصحيح من ب جار.

قلت: أرأيت عبداً بين رجلين أذن له أحدهما في التجارة [فاستدان ديناً فهو في نصيب الذي أذن له] (¬1) دون نصيب الآخر؟ قال: نعم. قلت: وكذلك المكاتب إذا كاتب أحدهما بغير إذن شريكه؟ قال: نعم. قلت: فإن ابتاع الذي أذن له في التجارة نصف الآخر منه بعد ما لزم العبد الدين أيكون الدين في جميع رقبته أم في نصيب الأول؟ قال (¬2): بل في نصيب (¬3) الأول. قلت: أرأيت (¬4) إن استدان العبد ديناً بعد ذلك والسيد لا يعلم أيكون الدين في جميع رقبته؟ قال: لا، ولكنه في النصف الأول. قلت: ولم؟ قال: لأنه على إذنه الأول. قلت: أرأيت إن علم به السيد أنه يشتري ويبيع بعد ذلك فلم ينكر أيلزمه جميع الدين في رقبته؟ قال: أما في القياس فلا، لأنه على حاله الأولى بعد، ولكني أستحسن وألزمه الدين في جميع الرقبة. قلت: وكذلك العبد إذا كان بين الرجلين فكاتبه أحدهما لا بإذن شريكه ثم عجز ثم اشترى المولى المكاتِب (¬5) نصيب الآخر؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً كاتب نصف (¬6) عبد له أله أن يبيع نصفه الآخر؟ قال: لا. قلت: ولم وذلك النصف رقيق؟ قال: لأن نصفه مكاتب. قلت: أرأيت إن باع ذلك النصف من المكاتب هل يجوز ذلك؟ قال: نعم، ويعتق ذلك النصف الذي باع منه. قلت: فما حاله بعد ذلك؟ قال: المكاتب بالخيار؛ إن شاء أن يعجز عجز، وإن شاء (¬7) سعى في نصف قيمته، وإن شاء مضى على مكاتبته. قلت: أرأيت إن مضى على مكاتبته فأدى بعضها ثم عجز عنها ما القول في ذلك؟ قال: ينظر إلى ما أدى وإلى نصف قيمته، فيحسب له من نصف قيمته ما أدى، ويسعى فيما بقي. قلت: ولم؟ قال (¬8): ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من الكافي، 1/ 106 ظ. وانظر: المبسوط، 8/ 46. (¬2) ف غ + لا. (¬3) غ: في النصيب. (¬4) ف - أرأيت. (¬5) م ف غ + الذي كاتب أبا في؛ ط + الذي كاتب أما في. والصحيح إسقاطها كما في ب جار. (¬6) ف + كاتب. (¬7) م غ + العجز. (¬8) م + قال.

باب الرجل يكاتب عبده وهو مأذون له في التجارة

لأنه حيث عجز عن المكاتبة كان عليه أن يسعى في نصف قيمته. قلت: أرأيت ما كان كسب قبل أن يبتاع نفسه وهو مكاتب لمن يكون؟ قال: نصفه للمولى، ونصفه للمكاتب. قلت: أرأيت إن كان أدى إلى المولى شيئاً قبل أن يشتري نفسه فقال المولى: اطرح نصف ذلك الأداء لأن لي نصف الكسب، هل له ذلك؟ قال: نعم، له ذلك إن كان أدى ذلك من كسب اكتسبه، فإن كان أدى ذلك من دين استدانه فلا شيء للمولى من ذلك. قلت: أرأيت إن قال المولى: أنا أحاسبه بما أخذت منه قبل أن أبيعه نصفه فيكون لي نصف ذلك لأنه كان لي كسبه، أيكون له ذلك؟ قال: نعم إن كان ذلك من كسب اكتسبه. قلت: أرأيت رجلاً كاتب نصف عبد له فاكتسب العبد مالاً واشترى رقيقاً أيكون نصف ما في يده من مال أو رقيق أو متاع للسيد؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا كاتب (¬1) نصف عبده ثم إن السيد اشترى (¬2) من المكاتب عبداً أو ثوباً أيجوز ذلك؟ قال: نعم، يجوز نصفه، ونصفه للسيد. قلت: وكذلك ما كان اشترى المكاتب منه من شيء؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن ما كان في يده للسيد. قلت: أرأيت إن اشترى المكاتب من سيده عبداً هل يجوز؟ قال: أما في الاستحسان فهو جائز؛ لأن شراءه وبيعه من غيره جائز. وأما في القياس فلا يجوز إلا نصفه. قلت: ولم؟ قال: لأن نصفه مكاتب، ونصفه رقيق، وبالقياس نأخذ إلا أن يكون على العبد دين. ... باب الرجل يكاتب عبده وهو مأذون له في التجارة قلت: أرأيت رجلاً أذن لعبده في التجارة ثم كاتبه وليس عليه دين هل تجوز المكاتبة؟ (¬3) قال: نعم. قلت: والمأذون له في التجارة وغير المأذون ¬

_ (¬1) م - أرأيت إذا كاتب (غير واضح). (¬2) م - اشترى (غير واضح). (¬3) م + المكاتبة.

له إذا لم يكن عليه دين سواء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان عليه فى ين يحيط برقبته فكاتبه السيد والغرماء غُيَّب لا يعلمون شيئاً من ذلك ثم علموا بعد ما كاتبه ما القول في ذلك؟ قال: لهم أن يردوا المكاتبة. قلت: ولم؟ قال: لأن على العبد ديناً (¬1)، ولأن هذا يتلف الرقبة، ولا يباع في دينهم. قلت: أرأيت إن رضي الغرماء بذلك وقالوا: لا نريد أن نبيعه حتى يستسعى، ورضي المكاتب بذلك أيجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن أخذ السيد شيئاً من مكاتبته لمن يكون؟ قال: هو للغرماء إلا أن يسلمه (¬2) الغرماء للسيد. قلت: أرأيت إن كاتبه السيد والغرماء لا يعلمون فأدى إليه العبد مكاتبته كلها ثم علم الغرماء بذلك لمن يكون ما قبض السيد؟ قال: يرجع الغرماء على السيد بجميع ما أخذ من المكاتبة. فإن فضل شيء من دينهم فهم (¬3) بالخيار؛ إن شاءوا ضمنوا السيد قيمة العبد واتبعوا العبد بما بقي من الدين، ولا يرجع المولى على العبد بالمكاتبة. وإن شاء الغرماء اتبعوا العبد بما بقي عليه (¬4) من دينهم وتركوا السيد. قلت: أرأيت الرجل إذا كاتب عبده وهو مأذون له في التجارة وعليه دين لا يحيط برقبته هل تجوز مكاتبته وقد أبى الغرماء أن يجيزوا (¬5) وقد طلبوا دينهم؟ قال: يرد القاضي المكاتبة، ويباع لهذا العبد إلا أن يؤدي عنه مولاه. قلت: وإن قل الدين؟ قال: وإن قل. قلت: أرأيت إن أدى السيد إلى الغرماء ما عليه من دين هل تجوز المكاتبة؟ قال: نعم. قلت: فهل يرجع السيد على المكاتب بما أدى عنه من الدين؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه أصلح مكاتبته. قلت: أرأيت إن أبى السيد أن يؤدي عنه فقال العبد (¬6): أنا أعجل جميع الدين الذي علي، أيجيز القاضى المكاتبة؟ قال: نعم. قلت: ولم وقد كان السيد كاتبه وعليه دين؟ قال: لأن المكتب إذا أدى الدين جازت المكاتبة، وكان كأنه كاتبه وليس عليه دين. ¬

_ (¬1) غ: دين. (¬2) غ: إن سلمه. (¬3) غ: فهو. (¬4) غ - عليه. (¬5) م - أن يجيزوا (غير واضح). (¬6) ط: المكاتب.

قلت: أرأيت إن كاتبه وعليه دين يحيط برقبته فقال العبد حيث جاء الغرماء: أنا أؤدى إليكم جميع الدين تعجيلاً، هل تجوز المكاتبة إذا فعل ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً كاتب أمة له مأذوناً لها في التجارة وعليها دين يحيط برقبتها فولدت ولداً في مكاتبتها ثم جاء الغرماء فأبوا أن يجيزوا المكاتبة فردها القاضي في الرق هل يباع ولدها معها في الدين إن لم يؤد (¬1) المولى الدين؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان في الأم وفاء بالدين هل للغرماء على الولد (¬2) سبيل؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن كاتب الرجل أمة له مأذوناً لها في التجارة وعليها دين فولدت ولداً في مكاتبتها ثم ماتت الأم ثم جاء الغرماء ما حال الولد؟ قال: يرد الولد في الرق، ويباع للغرماء (¬3) إلا أن يؤدي المولى ما كان من دين على أمه. قلت: أرأيت إن قال الولد: أنا أعجل الدين، هل تجوز المكاتبة إن فعل؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن الولد بمنزلة أمه. قلت: أرأيت إذا كاتب الرجل أمة مأذوناً لها في التجارة وعليها دين فولدت في مكاتبتها ولداً فأدت المكاتبة قبل أن يعلم الغرماء بشيء من ولدها هل تعتق ويعتق ولدها؟ قال: نعم. قلت: فهل يلزمها الدين؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الولد هل يلحقه شيء من الدين؟ قال: نعم، وإن شاؤوا اتبعوا بالدين الأم، ويأخذ الغرماء من السيد ما أخذ من المكاتبة. فإن فضل من دينهم كانوا فيه بالخيار؛ إن شاؤوا ضمنوا للسيد قيمة الأم فيما بقي، وإن شاؤوا اتبعوا الأم بجميع ذلك، وإن شاؤوا (¬4) الولد، ولكن لا يأخذون الولد بأكثر من قيمته. قلت: أرأيت إن ماتت الأم بعد أداء المكاتبة هل يلحق الولد من ذلك شيء؟ قال: نعم، يلحقه الأقل من قيمته والدين؛ لأنه ولدها (¬5) وهي أمة بعد. قلت: ولم؟ قال: لأن الدين إنما كان على ¬

_ (¬1) غ: لم يؤدي. (¬2) م: على السيد. (¬3) م غ: الغرماء. (¬4) ف - ضمنوا للسيد قيمة الأم فيما بقي وإن شاءوا اتبعوا الأم بجميع ذلك وإن شاءوا. (¬5) ف: ولد؛ غ: ولده.

الأم، فلا يلحق الولد شيء منه بعد عتقها إلا قيمته. قلت: أرأيت الأمة تكون بين رجلين فيأذن لها أحدهما في التجارة فاستدانت ديناً ثم إن الذي لم يأذن لها كاتب نصفه منها هل يجوز ذلك وقد كاتب بإذن شريكه وقد جاء الغرماء فقالوا: لا نجيز المكاتبة بمال؟ [قال:] (¬1) لا يجوز. قلت: لم؟ قال: لأن للغرماء (¬2) أن يبيعوا نصف الأمة، وليس له أن يكاتب نصفها وإن أذن له الشريك؛ لأن النصف الذي للشريك للغرماء. قلت: أرأيت إن رضي الغرماء بذلك هل يجوز وقالوا: نحن نرضى أن تستسعيها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كاتب الذي لم يأذن لها في التجارة وأخذ (¬3) المكاتبة هل يعتق نصيبه منها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن جاء الغرماء بعد ذلك هل يكون لهم على الذي كاتب شيء؟ قال: نعم، يرجعون عليه بنصف ما أخذ، ويرجع به الذي كاتب على المكاتبة ثانية. قلت: لم؟ قال: لأن ما أخذ من الأمة إنما هو للغرماء. ألا ترى أن المكاتبة لو اكتسبت مالاً قبل المكاتبة وعليها دين كان نصف ذلك الكسب في دينها، ولو لم يكن عليها دين كان نصف ما أخذ لشريكه. قلت: أرأيت إن كاتب بإذن شريكه وأمره أن يقبض هل يكون للغرماء فيه شيء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت عبداً بين رجلين أذن له أحدهما في التجارة فاستدان ديناً هل للآخر أن يستغل نصيبه منه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كانت الأمة بين رجلين فأذن لها أحدهما في التجارة فاستدانت ديناً ثم ولدت ولداً (¬4) ثم جاء الغرماء هل لهم على ولدها سبيل؟ قال: نعم إن أدى مولاها ما عليها من الدين، وإلا بيع نصيبه منها ومن ولدها حتى يستوفي (¬5) الغرماء دينهم. قلت: أرأيت رجلاً له عبد مأذون له في التجارة وعليه دين وأذن المأذون لعبده في التجارة فاستدان ديناً ثم إن السيد كاتب العبد الأول فأدى ¬

_ (¬1) من ط. (¬2) م غ: الغرماء. (¬3) غ: ويأخذ. (¬4) ف + آخر. (¬5) م ف غ ط: حتى توفي.

إليه المكاتبة هل لغرماء المأذون له الأول على العبد المأذون له الآخر شيء؟ قال: لا. قلت (¬1): ولم؟ قال: لأن غرماءه أحق به حتى يستوفوا دينهم، فإن فضل شيء كان لغرماء (¬2) الأول. قلت: أرأيت أمة مأذوناً لها في التجارة ولدت ولداً وعليها دين ثم إن السيد كاتب ولدها ثم جاء الغرماء هل لهم أن يردوا (¬3) المكاتبة؟ قال: إن أدى السيد الدين أو كان في الأم وفاء بالدين جازت المكاتبة، فإن لم يؤد السيد أو لم يكن في الأم وفاء (¬4) بطلت المكاتبة. قلت: ولم؟ قال: لأن الغرماء إذا ما بقي من مالهم شيء كانت الابنة تباع فيه، فلا يجوز للسيد أن يكاتبها. قلت: وكذلك لو أعتقها السيد ضمن قيمتها إذا لم يكن في أمها وفاء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا كان السيد معسراً هل لهم أن يستسعوا الابنة فيما بقي من الدين؟ قال: نعم. قلت (¬5): ولم وإنما الدين على أمها؟ قال: لأنه في رقبة أمها وفي رقبتها جميعاً. ألا ترى أنها تباع هي وأمها في الدين جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً أذن لأمة له في التجارة فاستدانت ديناً بمكاتبتها فولدت ولداً في كتابتها ثم إن السيد أعتق ولدها هل يجوز عتقه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن جاء (¬6) الغرماء فردوا المكاتبة وبيعت الأم لهم فلم يكن لهم فيها وفاء بالدين أيضمن المولى قيمة الولد؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن الدين كان في رقابهم جميعاً. ألا ترى أنه لو لم يعتق الولد بعتقها بيعت مع أمها في الدين. قلت: أرأيت إذا كاتب الرجل أمة له مأذوناً لها في التجارة فاستدانت ديناً في مكاتبتها وقد كان عليها دين قبل المكاتبة ثم جاء الغرماء الأولون فردوا المكاتبة هل يشتركون جميعاً في الثمن؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) غ: وقلت. (¬2) م ف غ: للغرماء. والتصحيح من ب جار ط. (¬3) غ: أن يردون. (¬4) ف - وفاء. (¬5) ف - قلت. (¬6) غ: إن جاءوا.

قلت: أرأيت إن أذن الرجل لأمته في التجارة فاستدانت ديناً ثم كاتبها فولدت ولداً في المكاتبة فشَبَّ الولد فاشترى وباع ولزمه دين ثم جاء الغرماء الأولون فردوا الأم في الرق ما حال الولد؟ قال: تباع الأم للغرماء غرماءِ نفسِها، ويباع الابن لغرمائه خاصة دون غرماء أمه. قلت: ولم لا يكون للأولين شيء والولد بمنزلة أمه وما كان من دين على الأم فهو في رقبتهما جميعاً؟ قال: لأن دين نفسه أحق من دين أمه. قلت: أرأيت رجلاً أذن لأمته في التجارة فاستدانت ديناً ثم ولدت ولداً فأذن له المولى في التجارة ثم إن ولدها اشترى وباع ولزمه دين هل يلزمه ذلك الدين؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنه بمنزلة أمه. قلت: أرأيت إن بِيعت الأم فلم يَفِ ثمنُها بالدين فبِيع الولد لمن يكون ثمنه، لغرمائه أو لغرماء أمه؟ قال: لغرمائه دون غرماء أمه. قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبدين له مأذوناً لهما في التجارة وعليهما دين فكاتبهما مكاتبة واحدة وجعل نجومهما واحدة وعليهما دين يحيط برقبتهما فغاب أحدهما فجاء الغرماء فأخذوا الشاهد منهما هل لهم أن يردوه (¬1) في الرق؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن الآخر غائب والمكاتبة واحدة، ولأنهما يعتقان جميعاً ويعجزان جميعاً. ألا ترى إن جاء الغائب فأدى عتق وعتق الآخر معه. قلت: فكيف يصنع الغرماء بهذا الشاهد؟ قال: يستسعونه فيما عليه من الدين، وما أدى من المكاتبة فالغرماء أحق به. قلت: فهل للغرماء أن يضمنوا المولى قيمة العبدين؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه لم يجر (¬2) فيهما (¬3) عتاقة بعد، ولأنهما إذا اجتمعا ردا في الرق، ولكنهم إن شاؤوا ضمنوه (¬4) قيمة العبد الشاهد؛ لأنه منعهم (¬5) من بيعه. ¬

_ (¬1) غ: أن يرده. (¬2) م: لم يجز. (¬3) غ: فيها. (¬4) م ف غ: ضمنوا. والتصحيح من ط؛ والمبسوط، 8/ 50. وعبارة ب جار: ولهم تضمين المولى قيمة العبد الحاضر. (¬5) غ: لأن منعه.

باب ميراث المكاتب

فليس لهم أن يضمنوه قيمة الغائب. قلت: أرأيت إن اجتمعا جميعاً فأجاز الغرماء مكاتبة أحدهما ولم يجيزوا مكاتبة الآخر هل لهم أن يردوا هذا الآخر في الرق دون الذي أجازوا؟ قال: ليس لهم أن يردوا هذا الآخر في الرق. قلت: ولم؟ قال: لأن مكاتبتهما واحدة، فلا يردان إلا جميعاً ولا يعتقان إلا جميعاً. ... باب ميراث المكاتب قال: أخبرنا محمد بن الحسن عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن علي (¬1) وعبد الله وشريح أن المكاتب إذا مات وترك مالاً وورثة أنه يؤدى إلى المولى ما بقى من المكاتبة، ويكون ما بقي لورثته (¬2). قلت: أرأيت المكاتب إذا مات وله ورثة أحرار وقد ترك وفاء وعليه من مكاتبته بقية ما القول في ذلك؟ قال: يأخذ السيد ما بقي من مكاتبته مما ترك، وما فضل فلورثته. قلت: فهل يعتق المكاتب؟ قال: نعم. قلت: فهل يجر ولاء ولده وله ولد أحرار من امرأة حرة وقد كان تزوجها وهي حرة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المكاتب إذا مات وترك ولداً ولد في المكاتبة من أمة له وله ولد سوى ذلك أحرار وترك مالاً من يرثه؟ قال: يأخذ المولى ما بقي من مكاتبته (¬3)، ويكون ميراثه بين ولده الأحرار (¬4) وبين ¬

_ (¬1) ف - عن علي. (¬2) رواه الإمامان أبو يوسف ومحمد أيضا عن الإمام أبي حنيفة بنفس الإسناد. انظر: الآثار لأبي يوسف، 190؛ والآثار لمحمد، 117. وقد روي الأثر عن ابن مسعود وعلي وشريح وعن غيرهم - رضي الله عنهم -. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 391 - 394؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 146. (¬3) م: من المكاتبة. (¬4) ف - الأحرار.

ولده (¬1) الذين ولدوا له في المكاتبة. قلت: ولم والذين ولدوا في المكاتبة عبيد؟ [قال:] (¬2) لأنه عتق فعتق ابنه الذي ولد في المكاتبة بعتقه. ألا ترى أن المولى حيث قبض المكاتبة عتق المكاتب (¬3) وعتق ولده معه، فصاروا ورثته. قلت: أرأيت إن ترك المكاتب ديناً فيه وفاء لمكاتبته ما حال الولد والدين لا يقدر؟ قال: يسعى هذا الولد الذي ولد في المكاتبة فيما على أبيه (¬4) من المكاتبة. قلت: أرأيت إن سعى فيها فأداها هل يعتق؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن خرج دين أبيه (¬5) بعد ذلك ما القول في ذلك ومعه إخوة له أحرار؟ قال: لا يرجع ولده الذي يسعى في المكاتبة فيما سعى على والده، ويكون ما ترك أبوه ميراثاً بينه وبين إخوته. قلت: ولم لا يرجع فيما يسعى؟ [قال:] (¬6) لأنه هو نفسه مال أبيه، وما اكتسب أيضاً وما أدى فهو من (¬7) مال أبيه. قلت: أرأيت مكاتباً مات وعليه دين وترك ولداً أحراراً وترك وفاء وقد كان أوصى بوصية لرجل ودبر عبداً له ما القول في ذلك؟ قال: وصيته باطل، وتدبيره باطل، ويأخذ المولى ما بقي من المكاتبة، وما بقي فللورثة. قلت: ولم أبطلت وصية المكاتب؟ قال: لأنه بمنزلة العبد. قلت: أرأيت مكاتباً مات وعليه دين وقد ترك وفاء ما القول في ذلك؟ قال: يبدأ بالدين فيقضي، ثم يأخذ المولى ما بقي من المكاتبة بعد ذلك، وما بقي فهو ميراث لورثته. قلت: أرأيت إن كان السيد قد أدانه ديناً في مكاتبته ما القول في ذلك؟ قال: يبدأ بدين الأجنبيين فيؤدي إليهم، ثم يؤدي إلى المولى، ثم يأخذ المولى بعد ذلك ما بقي من المكاتبة، وما بقي فلورثته، وذلك إذا ترك وفاء بذلك كله، فإن لم يترك بعد دين الأجنبيين إلا مقدار المكاتبة أو الدين دينِ المولى فانه يبدأ بالمكاتبة قبل دين المولى؛ لأنا ¬

_ (¬1) م غ - ولده. (¬2) من ط. (¬3) غ: الولد. (¬4) غ: ابنه. (¬5) غ: ابنه. (¬6) من ط. (¬7) ف + ثمن.

إن بدأنا بالدين مات المكاتب عاجزاً وبطل (¬1) دين المولى. قلت: أرأيت إن لم يدع شيئأ إلا قدر الدين هل للمولى منه شيء؟ قال: لا، ولكنه للغرماء. قلت: ولم لا يضرب المولى مع الغرماء بدينه فيما ترك المكاتب؟ قال: لأنه عبده (¬2)، فلا يضرب بدينه مع الغرماء. قلت: فهل يرث المكاتب إذا مات أخ لى أو أب له حر؟ قال: لا يرث المكاتب؛ لأنه بمنزلة العبد. قلت: فهل يورث إذا مات؟ قال: نعم، يأخذ (¬3) مولاه ما بقي من مكاتبته، وما بقي فلأقرب الناس ممن يرثه. قلت: أرأيت المكاتب إذا مات وقد كاتب عبداً له أيكون مكاتبة عبده ذلك ميراثاً لورثته؟ قال: نعم، ينظر إلى جميع ما ترك من مال وما كان له من دين على أحد وما كان له من مكاتبة، فهو ميراث لورثته بعد ما يقبض المولى ما (¬4) بقي من مكاتبته، وهو في ذلك بمنزلته. قلت: أرأيت المكاتبة إذا ولدت ابنة ووُلِد لولدها جارية ووُلِد لولدها ابن ثم إن المكاتبة ماتت وتركت وفاء ما القول في ذلك وليس لها وارث إلا ولدها؟ قال: يأخذ المولى ما بقي من المكاتبة، ولابنتها النصف بعد ذلك من جميع ما بقي، وما بقي فهو للمولى. قلت: أرأيت إن كانت ولدت غلاماً ووُلِد لابنها ولد ذكر من جارية ثم ماتت المكاتبة؟ قال: يأخذ المولى ما بقي من المكاتبة، وما بقي فلابنها دون ابن ابنها. قلت: أرأيت المكاتبة إذا ماتت وتركت مالاً ديناً ولها ولد قد (¬5) ولدته في المكاتبة فاستسعاها القاضي فيما (¬6) على الأم فعجزت هل ترد في الرق وقد أيس من الدين أن يخرج؟ قال: نعم، إذا كان الأمر على ما ذكرت ردت في الرق. قلت: أرأيت إن خرج المال بعد ذلك؟ قال: هو كله للمولى. ¬

_ (¬1) ف: ويبطل. (¬2) ف غ: عبد. (¬3) م ف غ: يأخذهـ والتصحيح من ط. وهو ظاهر. (¬4) غ: مما. (¬5) ف: وقد. (¬6) ف: مما؛ غ: فما.

قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً له وامرأته مكاتبة واحدة وجعل نجومهما واحدة إن أديا عتقا وإن عجزا ردا فولدت المكاتبة في مكاتبتها ولداً ثم إن الولد اكتسب مالاً ثم مات لمن يكون المال؟ قال: هو للأم دون الأب. قلت: لم؟ (¬1) قال: لأن هذا ليس بميراث، ولأن الولد عضو من أعضاء الأم، وكسب الولد وماله أجمع للأم دون الأب. قلت: أرأيت إن ماتت الأم وتركت مالاً وفيه وفاء بمكاتبتها وفضل ولها (¬2) ولد أحرار قد أعتقوا قبل المكاتبة ما القول في ذلك؟ قال: يأخذ المولى مما تركت (¬3) جميع ما بقي من المكاتبة، والميراث بين (¬4) ولدها الأحرار وبين زوجها، ويرجع الولد على الزوج بما أدت عنه الأم؛ لأن المكاتبة كانت عليهما جميعاً. ألا ترى أنها لو كانت حية فأدت رجعت عليه بما أدت عنه من المكاتبة، فكذلك (¬5) ورثتها. قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً له وابناً للعبد وهما رجلان جميعاً مكاتبة واحدة وجعل نجومهما واحدة إن أديا عتقا وإن عجزا ردا فمات الأب وترك مالاً كثيراً ما القول في ذلك وليس له وارث غير ابنه؟ قال: يأخذ المولى ما بقي من المكاتبة مما ترك الأب، وما بقي فهو ميراث لابن المكاتب. قلت: ولم وهو مكاتب؟ قال: لأنه عتق الابن بعتق الأب، وورثه من ذلك. ولو كانت (¬6) مكاتبتهما ليست بواحدة وكانت مكاتبتين متفرقتين فمات الأب وترك وفاء فأدى الابن إلى المولى بعد موت أبيه وعتق لم يرثه؛ لأن أباه مات وهو مكاتب، وإنما عتق بعد موته وبعد ما صار الميراث لغيره، والذي ولد له في المكاتبة إنما عتق مع الأب، فلذلك اختلفا. قلت: وكذلك الابن لو مات؟ قال: نعم؛ لأنها إذا كانت مكاتبة ولدته فإنما يعتق الابن بعتق الأب. ألا ترى أن الأب لا يصير حراً إلا ¬

_ (¬1) ف - قلت لم. (¬2) غ: لها. (¬3) ف: ما تركت. (¬4) م - والميراث بين (غير واضح). (¬5) م ف غ: فلذلك. والتصحيح من ط. (¬6) ف - قال لأنه عتق الابن بعتق الأب وورثه من ذلك ولو كانت.

والابن (¬1) حر معه، وإذا كان في غير مكاتبة لم يكن كذلك. قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً له ثم مات وترك رجالاً ونساءً ثم مات المكاتب بعد ذلك وترك مالاً كثيراً وليس له وارث إلا مواليه؟ قال: ينظر إلى مكاتبته مما ترك، فيكون لجميع (¬2) الورثة من الرجال والنساء (¬3)، وما بقي من مال المكاتب للرجال دون النساء. قلت: لم؟ قال: لأن المكاتبة ميراث من الميت تركه، فهو لجميع الورثة من الرجال والنساء، فاذا قبض الورثة المكاتبة عتق المكاتب وكان ما بقى ميراثاً (¬4) للذكور من ولد المولى دون الإناث؛ لأن هذا ولاء، ولا ترث (¬5) النساء شيئاً منه. قلت: وكذلك لو أن المكاتب أدى إلى الورثة جميع المكاتبة ثم مات بعد ذلك؟ قال: نعم. قلت: فلمن يكون ما أدى من المكاتبة؟ قال: لجميع ولد المولى من الرجال والنساء؛ لأنه ميراث كله (¬6). قلت: أرأيت رجلاً مات وترك ولداً رجالا ونساء فوهبوا له ما عليه من المكاتبة هل يعتق؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن مات وترك بعد ذلك مالاً من يرثه؟ قال: الذكور دون الإناث. قلت: وكذلك لو أعتقوه جميعاً ورثه الرجال دون النساء؟ قال: نعم (¬7). قلت: ولم صار هذا هكذا؟ قال: لأن ولاءه (¬8) للميت الذي كان كاتبه، ولا يرث النساء من الولاء شيئاً إلا ما أعتقن أو كاتبن، وليس هذا بمنزلة ما كاتبن ولا ما أعتقن. قلت: أرأيت امرأة كاتبت عبداً لها ثم إن المكاتب كاتب عبداً له فأديا جميعاً المكاتبة ثم مات المكاتب الأول وليس له وارث إلا مولاته هل ترثه؟ (¬9) قال: نعم. قلت: أرأيت إن مات مكاتب المكاتب بعد ذلك وليس له وارث يخرها هل ترثه؟ قال: نعم. قلت. لم وقد زعمت أن النساء لا ¬

_ (¬1) م ف غ ط: حرا والأول الابن. والتصحيح من ب جار. (¬2) ف: جميع. (¬3) ف - والنساء. (¬4) ف - ميراثا. (¬5) غ: يرث. (¬6) ف - كله. (¬7) ف - قال نعم. (¬8) غ: ولاؤه. (¬9) غ: هل يرثه.

باب مكاتبة المملوك الصغير

يرثن إلا ما أعتقن أو كاتبن؟ قال: هذا بمنزلة ما أعتقت هي؛ لأن عتق ما أعتقته وكتابة ما كاتبته (¬1) في ذلك بمنزلة ما أعتقت أو كاتبت، ومولى مولاها بمنزلة مولاها. قلت: وكذلك لو أعتقت عبداً فأعتق مولاها ذلك (¬2) عبداً ثم مات مولاها الأول ثم مات الآخر بعد ذلك وليس له وارث غيرها هل ترثه؟ قال: نعم؛ لأن ما أعتق مولاها هو بمنزلة ما أعتقت. قلت: وكذلك ما أعتق مولى مولاها؟ قال: نعم. قلت: وكذلك ما كاتبت مكاتبتها أو أعتق المكاتب بعد ما أدى أو كاتب المكاتب بعد ما أدى؟ قال: نعم، وهذا كله سواء، ويرثه إذا مات. قلت: أرأيت المكاتب إذا مات قبل أن يؤدي شيئاً أو قد أدى بعض مكاتبته؟ قال: يؤدي ما بقي من مكاتبته، وما بقي فهو ميراث. وقول عبد الله وعلي بن أبي طالب في هذا أحب إلينا، وبه نأخذ في الموت (¬3). فأما إذا كان حيّا فبقول زيد - رضي الله عنه - نأخذ (¬4): إن عجز عن درهم من مكاتبته رد في الرق، وذلك أيضأ قول عائشة وقول ابن عمر (¬5). وبالله التوفيق. ... باب مكاتبة (¬6) المملوك الصغير قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً صغيراً هل تجوز المكاتبة؟ قال: نعم، إن كان يعقل جازت المكاتبة، وإن كان لا يعقل لم تجز. ¬

_ (¬1) م غ: ما كاتب. (¬2) ف - ذلك. (¬3) تقدم تخريجه قريبا. (¬4) م ف غ + به. وصحح العبارة في ط هكذا: فقول زيد - رضي الله عنه - نأخذ به. (¬5) ذكر الإمام محمد هذه الآثار بأسانيدها في باب كتاب المكاتب من كتاب العتاق. وكذلك رواها في الآثار له، 117. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 190 - 191؛ والمصنف لعبد الرزاق، 8/ 405 - 408؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 316 - 317. (¬6) م ف: مكاتب. والتصحيح من ط؛ والمبسوط، 8/ 52. وفي ب جار: باب كتابة المملوك الصغير.

قلت: أرأيت الرجل إذا كاتب عبداً له وهو صغير لم يحتلم ولكنه قد راهق وعرف ذلك هل يجوز؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن أَجَزْتَ المكاتبة هل يكون في ذلك بمنزلة العبد الكبير؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن استدان ديناً هل يلزمه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن اشترى وباع هل يجوز؟ قال: نعم (¬1)، وهو في ذلك بمنزلة الكبير. قلت: أرأيت إن كاتب المملوك عبداً له هل يجوز؟ قال: نعم. قلت: وهو في ذلك بمنزلة الكبير؟ قال: نعم (¬2). قلت: أرأيت إن عجز هل يرد في الرق قبل أن يدرك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كاتب الرجل عبداً له صغيراً لا يعقل ولا يعرف ذلك ولا يقدر على أن يسعى، فجاء رجل فأدى عنه تلك المكاتبة، فقبلها المولى، هل يعتق الصبي ما لم يتكلم؟ قال: لا يعتق، وليس هذه بمكاتبة. قلت: لم وأنت تزعم لو أن رجلاً كاتب عبداً له مكاتبة فاسدة فأداها عتق؟ قال: لأني لو أجزت هذا لأجزت لو أن رجلاً كاتب ما في بطن جاريته فجاء رجل بعد ذلك فأدى عنه (¬3) عتق، وليس هذا بشيء، وهذا بمنزلة من لم يكاتب، وُيرَدّ المال إلى صاحبه، وإنما يجوز إذا كان يعقل ويتكلم ويعرف ذلك. قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبدين له صغيرين وقد راهقا ولم يحتلما (¬4) مكاتبة واحدة وجعل نجومهما واحدة إن أديا عتقا وإن عجزا ردا هل يكونان في ذلك بمنزلة الكبيرين؟ قال: نعم. قلت: ولا يعتقان إلا بأداء جميع المكاتبة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن أدى أحدهما قيمته من المكاتبة هل يعتق؟ قال: لا يعتقان حتى يؤديا جميع المكاتبة كلها. قلت: أرأيت إن عجز أحدهما ولم يعجز الآخر هل يردان في الرق؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن الآخر إذا أدى جميع المكاتبة عتقا جميعاً، ولا يكون عجزهما إلا جميعاً ولا عِتْقُهما إلا بالأداء جميعاً. ¬

_ (¬1) ف - قال نعم. (¬2) ف - قال نعم. (¬3) ف - فأدى عنه. (¬4) غ: يحتلم.

باب الرجل يكاتب عن نفسه وعن عبد له آخر

قلت: أرأيت الرجل (¬1) كاتب على عبد لرجل رَضِيع فرضي المولى بذلك هل يجوز ذلك؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن الرجل لا تجوز كتابته لرجل عن عبده، وكذلك المكاتب. قلت: أرأيت إن أدى إليه المكاتبة هل يعتق الصبي؟ قال: نعم (¬2). قلت: ولم وقد زعصت أن المكاتبة ليست بجائزة؟ قال: لأني استحسنت ذلك وجعلته بمنزلة قوله: إذا أديت إلي كذا وكذا (¬3) فعبدي حر. ألا ترى أن الرجل لو لم يؤد شيئاً ثم بلغ العبد وهو غائب يوم وقعت الكتابة (¬4) فأجازها كان جائزاً، وكان الأداء على العبد يؤخذ بذلك. وإن أداه الرجل عنه إلا درهماً (¬5) كان أداؤه عنه جائزاً ولا يؤخذ العبد إلا بذلك الدرهم ويتم ما صنع في (¬6) ذلك. فكذلك أداء الجميع أيضاً جائز، ولا يؤخذ به العبد، ويَعْتِق (¬7). والصغير بمنزلة العبد الغائب. قلت: أفرأيت الرجل إذا كاتب عبداً له صغيراً قد راهق ثم إن المكاتب كاتب عبداً له آخر (¬8) ثم عجز المكاتب الأول ما حال المكاتب الثاني؟ قال: هو مكاتب على حاله، إن أدى عتق، وإن عجز رد في الرق. ... باب (¬9) الرجل يكاتب عن نفسه وعن عبد له آخر قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً له على نفسه وعبد له آخر غائب على ألف درهم مكاتبة واحدة وضمن المكاتبة هل يجوز هذا؟ قال: أما المكاتب ¬

_ (¬1) ف + إذا. (¬2) ف - قال نعم. (¬3) ف - وكذا. (¬4) ف: المكاتبة. (¬5) غ: إلا درهم. (¬6) م غ ط - في. (¬7) م ف غ: ولا يؤخذ ويقتص به العبد. وفي ط: ولا يؤخذ ويقبض به العبد. وكلمة "ويقتص" مهملة في ف غ. ولعل الصواب ما أثبتناه. (¬8) ف: حر. (¬9) ف غ + مكاتبة.

فمكاتبته على نفسه جائزة، ولا تجوز على الآخر الغائب. قلت: أرأيت إن أدى جميع المكاتبة هل يعتقان جميعاً؟ قال: نعم. قلت: فهل يرجع هذا المكاتب على الغائب بشيء؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنهما لم يكاتبا جميعاً، ولأنه كاتب عنه بغير أمره. قلت: أفرأيت إن عجز هذا المكاتب هل يرد في الرق؟ قال: نعم (¬1). قلت: ولم والآخر غائب؟ قال: لأن الآخر لم يدخل في المكاتبة؛ لأنهما لم يكاتبا جميعاً. قلت: أرأيت (¬2) إن رد (¬3) في الرق ثم جاء الآخر بعد ذلك فقال: أنا أسعى في المكاتبة، هل يلتفت إليه؟ قال: لا، وهو عبد. قلت: أرأيت إن قدم قبل أن يؤدي فرضي بالمكاتبة فعجز المكاتب بعد ذلك هل يردان جميعاً في الرق؟ قال: نعم. قلت: لم (¬4) وقد كان الآخر رضي بالمكاتبة؟ قال: لأن الآخر ليس من هذا في شيء، ولا يلتفت إليه، ولم يكاتب هو لنفسه. قلت: أرأيت إن أدى هذا المكاتب حصة قيمته من المكاتبة هل يعتق؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لا يعتق حتى يؤدي جميع المكاتبة. قال: لأن المكاتبة قد لزمته جميعاً يوم كاتب، فلا يعتق إلا بأدائها (¬5) جميعاً. قلت: أرأيت إن مات المكاتب ولم يدع شيئاً ما حال الآخر؟ قال: الآخر مملوك إلا أن يعجل جميع المكاتبة حالة، فاني أستحسن أن أعتقهما جميعاً، وإن لم يؤده حالاً رد في الرق. قلت: أرأيت إن قال الآخر: أنا أسعى، هل يلتفت إلى قوله؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن قدم الغائب منهما فرضي بالمكاتبة ورضي السيد بعد ذلك أن يكون عليه وعلى المكاتبة يأخذ أيهما شاء فهل يجوز ذلك؟ قال: لا. قلت (¬6): ولا يكون للمولى عليه سبيل؟ قال: لا (¬7). قلت: لم وقد رضي المولى؟ قال: لأن الغائب لم يكن دخل في المكاتبة، فليس يلزمه شيء من المكاتبة بعد ذلك رضي أو لم يرض. قلت: فكيف القياس في هذا الذي ذكرت لك؟ قال: إذا أدى المكاتب الذي كاتب قدر حصة قيمته من المكاتبة ¬

_ (¬1) ف - قال نعم. (¬2) ف - أرأيت. (¬3) ف: إن أدى. (¬4) غ: ولم. (¬5) غ: بأدائهما. (¬6) ف - قلت. (¬7) ف - قال لا.

عتق، ولكن أستحسن أن لا يعتق إلا بأداء جميع المكاتبة؛ لأنهما مكاتبة واحدة، والنجوم واحدة، والمال كله على المكاتب، فلا يعتق إلا بأدائه. قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً له وعبداً له آخر وهما حاضران جميعاً (¬1) ورضي الآخر بذلك (¬2) بعد وقوع المكاتبة وجعل المال على هذا الذي كاتب دون الآخر هل يجوز ذلك؟ قال: هذا والباب الأول سواء، إذا لم تقع المكاتبة عليهما والنجوم والأداء عليهما جميعاً لم تجز مكاتبة المكاتب على الآخر وضمانه على المال، إلا أني أستحسن إذا وقع الأمر على ما ذكرت لك فأدى المال أن يعتقا (¬3) جميعاً، ولا يعتق المكاتب إلا بأداء جميع المال، ندع القياس في ذلك. قلت: أرأيت المولى إن أعتق الآخر الذي لم يدخل مع هذا في المكاتبة هل يرفع عن المكاتب ما بقي؟ قال: نعم. قلت: ولم وليس يلزمه شيء من مال (¬4) المكاتبة؟ قال: لأنه قد أعتق (¬5)، فهو بمنزلة ما قد قبض هذا المال؛ لأن المال إنما لزم المكاتب عنهما جميعاً. قلت: أرأيت إن مات الذي لم يدخل في المكاتبة هل يرفع عن هذا شيء؟ قال: لا. قلت: أرأيت إذا كان أحدهما غائباً فكاتب الشاهد على نفسه وعلى الغائب ولا يدري ما قيمة الغائب كيف القياس في هذا؟ (¬6) قال: المكاتبة فاسدة. قلت: ولم؟ قال: لأني لا أدري ما يلزم هذا المكاتب من المكاتبة؛ لأن في القياس إنما يلزمه قدر قيمته من المكاتبة، فاذا لم يعلم ما قيمة الآخر فالمكاتبة فاسدة، ولكن أدع القياس وأجيز ذلك. قلت: أرأيت إن أدى جميع المكاتبة وهي فاسدة هل يعتق ويعتق الآخر معه؟ قال: نعم. قلت: لم وأنت قد أفسدت المكاتبة؟ قال: لأنه إذا أدى عتق (¬7)؛ لأن الرجل إذا كاتب عبده مكاتبة فاسدة فأدى المكاتبة قبل أن يرد في الرق عتق. ¬

_ (¬1) ف - جميعاً. (¬2) ف: بعد ذلك. (¬3) غ: أن يعتقان. (¬4) ف - مال. (¬5) غ: قد أعتقت. (¬6) ف - في هذا. (¬7) ف - قال لأنه إذا أدى عتق.

قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً له على نفسه وولد له صغار هل يجوز له ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كبر الولد وغاب الأب هل للمولى أن يستسعي الولد في شيء من المكاتبة؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن المكاتبة على الأب. قلت: أرأيت إن أدى الأب المكاتبة هل يعتقون جميعاً؟ قال: نعم. قلت: فهل يرجع الأب على ولده بشيء؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه كاتب على ولده وهم صغار، ولأن الولد لم يكن عليهم شيء من المكاتبة. قلت: أرأيت إن أدى الولد إلى المولى المكاتبة هل يرجعون على أبيهم بشيء؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن هذا شيء تطوعوا به على أبيهم. قلت: أرأيت إن مات الأب ما حال الولد؟ قال: يسعون في المكاتبة على النجوم، فإن أدوا عتقوا، وإن عجزوا ردوا. قلت: أرأيت رجلاً (¬1) كاتب عبداً له على نفسه وعلى عبد له آخر برضى ذلك العبد ثم إن السيد باع العبد الذي لم يدخل في المكاتبة هل يجوز بيعه؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن المكاتب لو أدى المكاتبة عتقا جميعاً. قلت: أرأيت الرجل إذا كاتب جاربة له على نفسها وجارية له أخرى ثم إن السيد وطئ المكاتبة فعلقت فاختارت أن تعجز هل تكون الأخرى رقيقاً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان أيضاً وطئ السيد التي لم تدخل في المكاتبة فعلقت هل تصير أم ولده؟ قال: أما من أجاز المكاتبة عليهما جميعاً وأخذ بالاستحسان فيه لم يصيرها (¬2) أم ولد، لأن المكاتبة إذا أدت المكاتبة عتقا جميعاً. وأما في القياس فتصير أم ولد وتسعى المكاتبة في قدر قيمتها من المكاتب وتعتق. ولكن أدع القياس فلا تصير أم ولد، وتكون على حالها. قلت: أرأيت إن دبر السيد التي لم تدخل في المكاتبة هل يرفع عن المكاتبة شيء؟ قال: لا. قلت: ولم وقد زعمت أنها إذا عتقت رفع عن هذه حصة قيمتها من المكاتبة؟ قال: لأن المدبرة مملوكة على حالها، ألا ترى أن المكاتبة إذا أدت عتقا جميعاً. ¬

_ (¬1) ف - رجلا. (¬2) م ف غ: ولم يصيرها. والتصحيح من ب جار ط.

باب المكاتبة على الحيوان وغير ذلك من العروض

قلت: أرأيت الرجل إذا كاتب أمة له على نفسها وعلى أمة له أخرى ثم إن الأخرى ولدت ولداً هل للمولى أن يبيع ولدها؟ قال: لا، وهي بمنزلة أمها؛ لأن المكاتبة إذا أدت عتقا جميعاً. [قلت:] (¬1) فهل للمولى أن يطأها؟ قال: أكره له ذلك. قلت: أرأيت السيد أله أن يزوجها برضاها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن ماتت الأخرى التي (¬2) ضمنت (¬3) شيئاً من المكاتبة فأخذ المولى (¬4) قيمتها وفي قيمتها وفاء بالمكاتبة هل تعتق المكاتبة؟ قال: نعم. قلت: فهل يرجع السيد (¬5) على المكاتبة الأخرى بشيء؟ قال: لا (¬6)؛ لأنها لو كانت حية فأدت المكاتبة لم ترجع بشيء، فكذلك قيمتها. ... باب المكاتبة على الحيوان وغير ذلك من العروض قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً له على عبد إلى أجل هل يجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كاتب أمة له على عبد؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كاتبها على وصيف؟ قال: نعم، وقيمة ذلك عندنا أربعون ديناراً في قياس قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فعلى قدر الغلاء والرخص. قلت: وكذلك المكاتب يكون عليه وصيف وسط فجاء به هل يجبر المولى على أن يقبله؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن أتى بقيمة الوصيف أربعين ديناراً (¬7) هل يجبر المولى على أخذ ذلك؟ قال: نعم (¬8). قلت: ¬

_ (¬1) من ط. (¬2) م غ + لم. (¬3) ف: لم تضمن. (¬4) ف + من. (¬5) م غ: للسيد. (¬6) ف - لا. (¬7) ف - دينارا. (¬8) ف - قال نعم؛ غ - قلت أرأيت إن أتى بقيمة الوصيف أربعين دينارا هل يجبر المولى على أخذ ذلك قال نعم.

وتعتق المكاتبة؟ قال: نعم. قلت (¬1): وتجيز المكاتبة على عبد وعلى خادم وعلى وصيف؟ قال: نعم. قلت: وتُعتِق المكاتب إذا أداه؟ قال: نعم. قلت: ولم أجزت هذا؟ قال: استحسنت ذلك وتركت القياس فيه، وهو في القياس سواء لا يجوز. قلت: أرأيت رجلاَ كاتب عبداً له على عبد بعينه لرجل هل تجوز المكاتبة على هذا؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه كاتبه على عبد رجل، فلا يجوز. قلت: أرأيت إذا كاتبه على دابة هل تجوز المكاتبة؟ قال: لا. قلت: ولم وقد أجزته في الوصيف والعبد؟ قال: لأن الدواب مختلفة من البَرَاذِين (¬2) والحُمُر والبغال وغير ذلك، فمن ثم لم نجز؛ (¬3) لأنه لم يسم نوعاً منها بعينه، فمن ثم لم نجز. قلت: أرأيت إن كاتبه على ثوب هل تجوز المكاتبة؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن الثياب مختلفة، فلم يسم نوعاً، فمن ثم لم نجز. قلت: أرأيت إن سمى نوعاً من الثياب فقال له: كاتبتك على كذا كذا ثوبا يهودياً (¬4) أو كذا كذا ثوباً هَرَوِياً (¬5)، أو غير ذلك من الثياب هل تجوز المكاتبة؟ قال: نعم. قلت: فما الذي يلزمه من ذلك؟ قال: وسط من الثياب التي سمى. قلت: وكذلك الدواب؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً له على وصيف ولم يسم للمكاتبة أجلاً هل تجوز هذه المكاتبة؟ قال: نعم، ويكون الوصيف حالاً، فاذا أدى عتق حين يأخذ المولى، وإلا رد في الرق. قلت: لم أجزت هذا ولم تسم له أجلاً؟ قال: لأن هذا بمنزلة الدراهم؛ ألا ترى أنه لو كاتبه على ألف درهم ولم يجعل لها أجلاً كانت المكاتبة جائزة وكانت حالة، فإن أداها (¬6) حين ¬

_ (¬1) ف - قلت. (¬2) م ف: من البراذن؛ غ: من البرذان. البراذين جمع البرذون، وهو التركي من الخيل. انظر: المغرب، "برذن"؛ والقاموس المحيط، "برذن". (¬3) غ: لم يجز. (¬4) م ف غ: ثوب يهودي. (¬5) م ف غ: ثوب هروي. (¬6) م: فإن أدها.

يأخذه فيها المولى وإلا رد في الرق، وكذلك إذا كاتبه على وصيف أو على عبد. قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً له على وصيف ثم صالحه من الوصيف على ثوب فدفعه المكاتب إليه وقبضه المولى هل يجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن صالحه على دنانير؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن صالحه على دابة أو على غير ذلك من العروض؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن صالحه على ثوب زُطِّي (¬1) نسيئة أو هَرَوِي هل يجوز ذلك؟ قال: لا. قلت: ولم وقد أجزته إذا كان يداً بيد؟ قال: لأنه إذا كان يداً بيد فهو جائز، وإن (¬2) كان نسيئة فلا يجوز دين بدين. قلت: وكذلك لو صالحه على كُرّ من طعام بعينه؟ قال: لا يجوز. ولا يجوز أن يصالحه إلا يداً بيد. ألا ترى لو أن رجلاً تزوج امرأة على خادم فصالحه من ذلك على ثوب نسيئة أو على طعام نسيئة لم يجز؛ لأنه لا يجوز أن يبيع ديناً بدين. ألا ترى أنه لو كان لرجل على رجل دين فصالحه من ذلك على ثوب نسيئة لم يجز، فكذلك الثياب في الباب الأول في المكاتبة. قلت: أرأيت رجلاً كاتب أمة له على وصيف إلى أجل فولدت المكاتبة ولداً في مكاتبتها ثم إن المكاتبة ماتت ما حال الولد؟ قال: عليه ما كان على أمه من الوصيف. قلت: وهو عندك بمنزلة المكاتبة على دنانير أو دراهم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت لو كاتب مكاتبين له على وصيف مكاتبة واحدة ثم إن السيد أعتق أحدهما ما القول في ذلك؟ قال: يرفع عن الباقي من قيمة الوصيف بحصة الذي أعتق، وينظر؛ فإن كان (¬3) قيمتهما (¬4) سواء رفع (¬5) عنه نصف الوصيف. قلت: ولم؟ قال: لأن هذا بمنزلة رجل كاتب عبدين له على ألف درهم وأعتق أحدهما وقيمتهما سواء، فيرفع عن الباقي نصف المكاتبة. قلت: وكذلك إذا كاتبهما على وصيف. ¬

_ (¬1) الزُّطّ جِيل من الهند إليهم تُنسَب الثياب الزُّطِّيّة. انظر: المغرب، "زطّ". (¬2) غ: وإذا. (¬3) م + كان. (¬4) غ: قيمتها. (¬5) غ: دفع.

قلت: أرأيت رجلاً كاتب أمة له على وصيف ثم إن الأمة أدت إليه الوصيف أو قيمته فعتقت ثم استحق (¬1) ذلك من يد السيد (¬2) ما القول في ذلك؟ قال: يرجع السيد على المكاتبة بما أعطته (¬3) من ذلك، والمكاتبة حرة، ويكون الوصيف ديناً (¬4) عليها. قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً له على جارية فدفع إليه الجارية وقبضها ثم إن السيد وطئ الجارية فولدت منه ولداً ثم جاء رجل فاستحق الجارية ما القول في ذلك؟ قال: يأخذ المستحق الجارية وعقرها وقيمة أولادها من السيد، ويرجع السيد على المكاتب بالجارية التي كاتبه عليها وبقيمة أولادها، ولا يرجع السيد على المكاتب بالعقر. قلت: ولم يرجع عليه بقيمة الأولاد؟ قال: لأنه غره وأعطاه جارية لا يملكها. ألا ترى لو أن رجلاً ابتاع من مكاتب له جارية فولدت من السيد أولاداً ثم جاء رجل فاستحق الجارية أخذها وعقرها وأخذ قيمة ولدها من السيد، ويرجع السيد بقيمة الولد على المكاتب؛ لأنه قد غره وباعه ما لم يملك. والمكاتب وغيره سواء. قلت: أرأيت المكاتبة على الوصيف والثوب إذا سمي جنسه بمنزلة المكاتبة على الدراهم والدنانير؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كاتبه على دار قد سماها ووصفها هل تجوز المكاتبة؟ قال: لا. قلت: وكذلك لو كاتبه على أرض؟ قال: نعم. قلت: وكذلك كل شيء من العروض إلا على ما سميت لك من الوصيف والثوب إذا سمي جنسه، وأما (¬5) على الأرض (¬6) والدار وغير ذلك فلا يجوز؟ قال: نعم. قلت: فإن سمى داراً بعينها؟ قال: ذلك أفسد للمكاتبة. قلت: ولم؟ قال (¬7): لأن الدار إذا (¬8) لم تسم بعينها فقد ¬

_ (¬1) غ: ثم استحقت. (¬2) م - ثم استحق ذلك من يد السيد (غير واضح). (¬3) م - بما أعطته (غير واضح). (¬4) غ: دين. (¬5) غ: فأما. (¬6) م غ ط: على الأرضين. (¬7) ف - قال. (¬8) ط - إذا. ولم يشر إلى اختلاف النسخ.

كاتبه على شيء لا يعرف، فإن سماها فقد كاتبه (¬1) على ما (¬2) لم يملك. قلت: وكذلك لو كاتبه على ياقوتة ولؤلؤة أو غير ذلك من العروض؟ قال: نعم، أيضاً لا يجوز. قلت: أرأيت لو كاتبه على كُرّ حنطة أو كُرّ شعير أو سمسم أو كذا كذا من الزيت أو كذا كذا من السمن أو غير ذلك مما يكال أو يوزن هل تجوز المكاتبة على ذلك؟ قال: نعم. قلت: لم أجزت هذا في هذا (¬3) الباب وقد أفسدته في العروض؟ قال: لأن هذا يكال ويوزن ويعرف، وهذا عندنا بمنزلة الدراهم والدنانير. قلت: وكذلك إذا كاتبه على شيء مما يكال أو يوزن فهو جائز عندك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كاتبه على كُرّ حنطة ولم يسم جيداً ولا رديئاً ولا وسطاً هل تجوز المكاتبة؟ قال: نعم، وله (¬4) كُرّ وسط. قلت: ولم أجزته في هذا الباب وأنت لا تجيزه في السلم؟ قال: لأن المكاتبة لا تشبه السلم؛ ألا ترى أني أجيز المكاتبة على الوصيف، والسلم في الوصيف غير جائز، ولا يجوز السلم في شيء من الحيوان، والمكاتبة في الحيوان جائزة. قلت: أرأيت إذا كاتبه على وصيف فدفع إليه المكاتب وصيفا له به عيب فاحش ما القول في ذلك؟ قال: إذا قبض السيد وصيف الوصيف عتق المكاتب، فإن أصاب به السيد عيباً فاحشاً بعد ذلك رده (¬5) على المكاتب ورجع (¬6) عليه بمثله، ويصير المكاتب حراً. قلت: أرأيت إن استحق بعض العبد من السيد ما القول في ذلك؟ قال: السيد بالخيارث إن شاء رد ما بقي من الجبد وأخذ القيمة، وإن شاء أمسكه وأخذ من المكاتبة (¬7) بقدر (¬8) ما استحق، وإن شاء رد ما بقي وأخذه (¬9) عبداً كاملاً. ... ¬

_ (¬1) م: كاتبها. (¬2) م غ: عليها. (¬3) ف غ - هذا. (¬4) غ: ولو. (¬5) م ف ط: فرده. والتصحيح من المبسوط، 8/ 55. (¬6) ط: رجع. ولم يشر إلى ما في النسخ. (¬7) م غ: من المكاتب. (¬8) م ف غ ط: بعد. والتصحيح من ب جار. (¬9) ف غ: وأخذ.

باب مكاتبة الذمي

باب مكاتبة الذمي قلت: أرأيت رجلاً من أهل الذمة كاتب عبداً له هل تجوز مكاتبته؟ قال: نعم. قلت: وهو في ذلك بمنزلة الرجل المسلم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت ذميًّا كاتب عبداً له والعبد ذمي ثم إن العبد أسلم وهو مكاتب ما القول في ذلك؟ قال: هو على مكاتبته، فإن أدى عتق، وإن عجز أجبر المولى على بيعه. قلت: ويسعى له في المكاتبة وهو مسلم؟ قال: نعم. قلت: من يرثه إن مات وقد أدى وليس له وارث من المسلمين؟ قال (¬1): ورثه بيت المال. قلت: أرأيت نصرانياً ابتاع عبداً مسلماً فكاتبه هل تجوز مكاتبته؟ قال: نعم. قلت: ولا يرد المكاتبة؟ قال: لا. قلت: ولم (¬2) وأنت تجبر النصراني (¬3) على بيعه؟ قال: لأني أجبره على بيعه ما دام عبدا، فأما إذا كاتبه فاني أجيز المكاتبة. قلت: أرأيت ذمياً كاتب جارية له ثم أسلمت المكاتبة فولدت ولداً في مكاتبتها ثم إن المكاتبة ماتت أيكون ولدها بمنزلتها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الذمي إذا كاتب عبدين له مكاتبة واحدة وجعل نجومهما واحدة ثم إن أحد المكاتبين أسلم ما حالهما؟ قال: هما على مكاتبتهما، وإسلامهما وإسلام أحدهما في ذلك سواء، وهما على مكاتبتهما. قلت: أرأيت إذا أسلصت مكاتبة الذمي وهي من أهل الذمة لم لا تخيّرها كما تخيّر (¬4) المكاتبة إذا علقت من سيدها؟ قال: لأن إسلامها وغير إسلامها ¬

_ (¬1) م - قال. (¬2) غ: لم. (¬3) غ: النصرانية. (¬4) م غ: لا تجيزها كما تجيز. وفي ط: لا تجبرها كما تجبر. وهي مهملة في ف. والتصحيح من ب جار والسرخسي. وعبارة السرخسي: ذمي وطئ مكاتبته فولدت منه فهي بالخيار، إن شاءت مضت على الكتابة، وإن شاءت عجزت، وكذلك إن أسلمت فهي على خيارها. انظر: المبسوط، 8/ 57.

في المكاتبة سواء؛ لأن الذمي إنما يجبر على بيع الأمة المسلمة لمكان الخدمة والوطء. فإذا لم يكن عليها ذلك من أجل كتابة كاتبها (¬1) عليه لم تخيّر (¬2) المكاتبة لذلك؛ لأنه لا سبيل له عليها في خدمة ولا وطء. قلت: أرأيت ذمياً كاتب عبداً له ذمياً على دَنِّ (¬3) من خمر هل تجوز المكاتبة على ذلك؟ قال: نعم. قلت: ولم أجزته؟ قال: لأن أهل الذمة لو تبايعوا الخمر فيما بينهم لأجزتها، وكذلك المكاتبة. قلت: أرأيت إن كان العبد مسلماً فكاتبه مولاه وهو ذمي على خمر هل يجوز؟ قال: لا، والمكاتبة (¬4) باطل. قلت: ولم أبطلتها والمولى نصراني؟ قال: لأن العبد مسلم، فلا أقضي على المسلم بالخمر، فأرد المكاتبة وأجبره على بيع العبد. قلت (¬5): أرأيت إن أدى إليه الخمر قبل أن يرد القاضي المكاتبة ما القول في ذلك؟ قال: يعتق العبد. قلت: ولم يعتق وأنت لا تجيز المكاتبة؟ قال: لأنه بمنزلة قوله: إذا أديت إلي كذا وكذا فأنت حر. قلت: أرأيت إذا أعتق العبد وقد كان كاتبه على ما ذكرت لك هل للسيد على العبد شيء؟ قال: نعم، له عليه قيمته ديناً عليه. قلت: لم وقد أدى إليه المكاتبة؟ قال: لأنه أدى إليه ما لا يحل له ولا تجوز المكاتبة عليه. قلت: أرأيت إن كان السيد مسلماً والعبد ذمياً فكاتبه على خمر فهو بمنزلة الباب الأول لا يجوز؟ قال: نعم، لا يجوز. قلت: أرأيت ذمياً كاتب عبداً له من أهل الذمة على خمر ثم إن العبد أسلم ما القول في ذلك؟ قال: المكاتبة جائزة. قلت: فما يكون على العبد؟ قال: عليه قيمة الخمر. قلت: لم وأنت لا تجيز المكاتبة على الخمر؟ قال: ¬

_ (¬1) م: كتابتها. (¬2) م ف غ: لم تجز. وفي ط: لم تجبر. والتصحيح من ب جار والسرخسي كما مر. (¬3) غ: على ذن. الدن هو إناء كبير لا يستقر حتى يحفر له في الأرض. انظر: لسان العرب، "دنّ"؛ والقاموس المحيط، "دنّ". (¬4) م ف غ: قال لان المكاتبة. والتصحيح مستفاد من ط، لكنه لم يثبت الواو، والأولى إثباتها، فقوله "لأن" تحريف "لا و". (¬5) ف: قيل.

لأنه كاتبه يوم كاتبه والمكاتبة جائزة، فلا يفسدها إسلامه ولا يزيدها إلا شدة، ويكون عليه قيمة الخمر يسعى فيها. قلت: أرأيت إن كان نجومه كل شهر أن يؤدي كذا كذا رطلاً من خمر كيف يؤدي النجوم بعد إسلامه؟ قال: يؤدي قيمة كل نجم عند محل كل نجم، فإن عجز عن شيء من ذلك رد في الرق، وإن عجز ورد في الرق أجبر مولاه على بيعه. قلت: وكذلك السيد هو الذي أسلم؟ قال: نعم، إلا أنه لا (¬1) يجبر على بيعه. قلت: أرأيت إن كان كاتبه على ميتة هل تجوز المكاتبة على ذلك؟ قال: لا، والمكاتبة فاسدة. قلت: ولم وقد أجزت المكاتبة الفاسدة في الخمر؟ قال: لأن الميتة لا تشبه الخمر. قلت: وكذلك لو كاتبه على دم؟ قال: نعم، لاْ يجوز؛ لأن الخمر مال، وليس هذا بمال. قلت: أرأيت إن أدى إليه ما كاتبه عليه من هذا هل يعتق؟ قال: لا. قلت: ولم وقد أجزت في المكاتبة الفاسدة أن يعتق فأعتقته في الخمر؟ قال: لأن الميتة والدم لا تباع وليس لها ثمن، ولو تبايعوا به لم أجزه. ألا ترى لو أن رجلاً باع عبداً بميتة ثم أعتقه المشتري بعد ما قبضه لم يجز عتقه، فكذلك المكاتب. قلت: أرأيت إن كان السيد قال في المكاتبة حيث كاتبه على الميتة: إذا أديتها (¬2) فأنت حر أو دفعتها (¬3) إلي فأنت حر، فدفعها إليه وقبلها السيد هل يعتق؟ قال: نعم في هذا الوجه. قلت: لم؟ قال: لأنه قال له: إن دفعتها إلي فأنت حر، فإنما يعتق بقوله: أنت حر، ولا يعتق بالأداء. قلت: فهل يرجع السيد عليه بعد ذلك بشيء؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن العبد إنما يعتق بعتقه إياه، ليس بالأداء. قلت: أرأيت ذمياً كاتب عبداً له ذمياً على عبد أو على (¬4) ثوب وقد سماه هل يجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنه كاتبه على شيء معلوم. قلت: وهو في ذلك عندك بمنزلة الرجل الحر المسلم إذا كاتب عبداً له في جميع العروض؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) ف - لا. (¬2) غ: إذا أدتها. (¬3) غ: أو دفعها. (¬4) غ - على.

قلت: أرأيت ذمياً كاتب أم ولد له ذمية ثم إنها أسلمت في مكاتبتها ما القول في ذلك؟ قال: تمضي على مكاتبتها، فإن أدت عتقت، وإن عجزت قضى القاضي عليها بقيمتها تسعى فيها، ولا يكون للسيد عليها سبيل، ولا ترد إليه. قلت: أرأيت إن قضى القاضي عليها بالسعاية في القيمة فعجزت هل ترد إلى مولاها وهو ذمي؟ قال: لا، ولكنها تسعى، ولا يلتفت إلى عجزها ما دام مولاها ذمياً. قلت: أرأيت إن أسلم مولاها فعجزت هل ترد إليه فتصير أم ولده على حالها؟ قال: نعم. قلت: ولم (¬1) وقد قضى القاضي عليها بالقيمة؟ قال: لأن مولاها مسلم، ولأن ذلك ليس بعتق، وإنما قضى القاضي عليها بالقيمة. قال: لأن مولاها كان نصرانياً، ولم يكن يقدر على بيعها، فلا يكون قضاء القاضي عليها بالقيمة عتقاً (¬2) لها، ولا تعتق إلا بالأداء. قلت: أرأيت إن أعتقها السيد بعد ما قضى القاضي عليها بالقيمة (¬3) هل تبراً من القيمة ويجوز عتقه؟ قال: نعم. قلت: وسواء إن أسلمت أو لم تسلم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن مات السيد بعد ما قضى القاضي عليها بالقيمة وقد مات نصرانياً ما القول في ذلك؟ قال: تعتق من جميع ماله، ولا تسعى في شيء، ويبطل ما كان عليها من القيمة. قلت: لم وقد كنت أخرجتها من يده وقضيت عليها بالسعاية؟ قال: لأن الرقبة في ملك السيد بَعْدُ حتى تؤدي، فاذا مات عتقت؛ لأنها بمنزلة أم ولد مات عنها سيدها. قلت: أرأيت إن ولدت ولداً بعد ما قضى القاضي عليها بالسعاية وأعتق السيد ولدها هل يجوز عتقه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا مات السيد ولم يعتق الولد هل يعتق ولدها معها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن ماتت الأم وبقي الولد أيسعى فيما كان على أمه فيما كان قضي (¬4) عليها من القيمة؟ قال: نعم. قلت: وإن كان ذلك أكثر من قيمته أو أقل؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن عجز عن ذلك وقد أسلم السيد هل يرد إليه؟ قال: ¬

_ (¬1) غ: لم. (¬2) غ: عتق. (¬3) ف - أرأيت إن أعتقها السيد بعد ما قضى القاضي عليها بالقيمة. (¬4) غ: قضا.

نعم، ويكون بمنزلة أمه؛ لأن أمه كانت تكون حرة من جميع المال، وكذلك ولدها. قلت: أرأيت النصراني إذا كاتب (¬1) أم ولده فأدت بعض المكاتبة ثم أسلمت ثم عجزت بعد ذلك فردها القاضي وقضى عليها بالقيمة لمن يكون ما أخذ السيد؟ قال: له. قلت: فلا تحتسب لها بما قبض منها مما أدت من قيمتها؟ قال: لا. قلت: فإن أدت ذلك بعد إسلامها؟ قال: وإن أدت. قلت: ولم؟ قال: لأنها قد عجزت وردت في الرق وصارت (¬2) مملوكة، وإنما قضي عليها بالسعاية بعد ما صار المال للسيد. قلت: أرأيت ذمياً كاتب أمة له ذمية ثم وطئها فولدت ما القول في ذلك؟ قال: هي بالخيار؛ إن شاءت أن تمضي على مكاتبتها وتأخذ عقرها من سيدها فعلت، فإن أدت عتقت، وإن شاءت أن تعجز عجزت وهي أم ولد له. قلت: أرأيت إن أسلمت بعد ما علقت منه فاختارت العجز ما القول في ذلك؟ قال: يقضي (¬3) عليها القاضي أن تسعى في قيمتها وتعتق، فإن أدت عتقت ولا سبيل للسيد عليها. قلت: أرأيت النصراني كاتب أم ولده (¬4) ثم إنه مات هل تعتق؟ قال: نعم، هي حرة. قلت: أرأيت النصراني إذا كاتب أمتين له من أهل الذمة مكاتبة واحدة وجعل نجومهما واحدة ثم إن النصراني وطئ إحداهما (¬5) فعلقت ما القول في ذلك؟ قال: هما على مكاتبتهما، والولد ولده، وتأخذ عقرها منه. قلت: ولا تجيزها؟ (¬6) قال: لا؛ لأن الأخرى مكاتبة معها، فلا تعتقان إلا جميعاً، ولا تعجزان إلا جميعاً، ولا تعجز إحداهما (¬7) دون الأخرى. ¬

_ (¬1) غ: إذا كانت. (¬2) غ: فصارت. (¬3) غ: يعتق. (¬4) م غ: كاتب له أم ولد؛ ف: كاتب أمة له. (¬5) غ: أحدهما. (¬6) م: ولا تجبرها. (¬7) غ: أحدهما.

قلت: أرأيت الذمي (¬1) إذا كاتب مدبرة له هل يجوز؟ (¬2) قال: نعم. قلت: أرأيت إن مات السيد قبل أدائها (¬3) هل تعتق؟ قال: نعم، هي حرة من الثلث، وتبطل المكاتبة. قلت: أرأيت رجلاً من أهل الذمة كاتب نصيباً له من عبد بينه وبين آخر بغير إذن شريكه والعبد ذمي والشريك مسلم فكاتبه على خمر فأداها إلى الذمي ما القول في ذلك؟ قال: يعتق نصيبه من العبد، فإن كان موسراً فشريكه بالخيار؛ إن شاء ضمن، وإن شاء أعتق، وإن شاء استسعى. قلت: فهل يكون له على شريكه مما قبض من المكاتبة سبيل؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه مسلم، ولا يحل له الخمر ولا قيمتها، فمن ثم لم أقض له على شريكه بشيء مما أخذ إذا استهلكه. قلت: أرأيت إذا كان العبد بين رجلين ذمي ومسلم والعبد ذمي فكاتب الذمي نصيبه بإذن شريكه على خمر هل تجوز المكاتبة؟ قال: نعم. قلت: لم وشريكه مسلم؟ قال: لأن المسلم لم يكاتب نصيبه، وإنما كاتب الذمي نصيبه، فمكاتبة نصيبه على الخمر جائزة لأنه ذمي والعبد ذمي في قول أبي حنيفة. قلت: فهل يكون للمسلم فيما أخذ النصراني من المكاتبة شيء وقد استهلكه؟ قال: لا. قلت: لم وقد كاتبه باذنه؟ قال: لأنه كاتبه على ما لا يحل للمسلم، فمن ثم لم يكن له فيه (¬4) شيء. قلت: أرأيت إن كاتباه جميعاً على خمر مكاتبة واحدة والنجوم واحدة هل تجوز المكاتبة؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنها مكاتبة واحدة، ولا يحل للمسلم أن يكاتب على خمر، فإذا أفسدت نصيب المسلم أفسدت نصيب (¬5) الآخر. قلت: ولم أفسدت نصيب الذمي؟ قال: لأن المكاتبة واحدة، ولا يعتق إلا بأدائهما جميعاً. ألا ترى لو أنهما كاتباه على دراهم مكاتبة واحدة ثم إن أحدهما قبض نصيبه من المكاتبة لم يعتق نصيبه، ولا يعتق إلا بأداء جميع ¬

_ (¬1) م غ: الذي. (¬2) ط + ذلك. (¬3) غ: أدائهما. (¬4) م غ: في. (¬5) غ - نصيب.

المكاتبة إليهما، فلذلك أفسدت مكاتبة الذمي. قلت: أرأيت إن أدى إليهما ما كاتباه عليها من الخمر هل يعتق العبد؟ قال: نعم. قلت: فما حال العبد؟ قال: العبد حر، ويكون عليه نصف قيمته للمسلم، ويكون للنصراني نصف الخمر؛ لأنه لا يحل له ما أخذ منه، فلذلك كان للمسلم أن يرجع عليه بنصف قيمته. قلت: أرأيت عبداً نصرانياً بين نصراني ومسلم كاتبه المسلم بإذن شريكه على نصيبه منه فقبض المكاتبة هل يوجع النصراني عليه بشيء؟ قال: نعم إن لم يكن أذن له في قبض المكاتبة، وهما في ذلك بمنزلة المسلمين. قلت: أرأيت عبداً ذمياً بين رجلين من أهل الذمة كاتباه جميعاً على خمر مكاتبة واحدة ثم إن أحدهما أسلم ما القول في ذلك؟ قال: يكون لهما جميعاً قيمة الخمر دراهم على المكاتب. قلت: أرأيت إن أدى إلى المسلم حصته من المكاتبة دراهم هل يشاركه الذمي في ذلك؟ قال: نعم، ويرجع هو على العبد بما أخذ منه شريكه. قلت: أرأيت إن أدى إلى الذمي الخمر هل يكون للمسلم فيما أدى إليه من شيء؟ قال: لا، ولا يعتق بأدائها؛ لأن (¬1) المكاتبة قد تحولت دراهم. قلت: ولم؟ قال: لأني لا (¬2) أدفع إلى المسلم الخمر. قلت: فهل يعتق نصيب النصراني منه؟ قال: لا. قلت: لم (¬3) وقد قبض حصته التي له عليه؟ قال: لأن المكاتبة واحدة، فلا يعتق حتى يستوفيا (¬4) جميعاً، ولا أبطل حصة المسلم مما أخذ النصراني مِن قِبَل أنه له خاصة، ولكن أكره أن أدفع إلى المسلم خمراً وأقضي له بها. قلت: أرأيت إن كاتب الذمي أمة له على خمر فولدت له ولداً في مكاتبتها ثم ماتت الأم ما حال الولد؟ قال: يسعى فيما على أمه (¬5) من ذلك. قلت: فإن أسلم ما يكون عليه؟ قال: عليه قيمة الخمر، فيسعى (¬6) فيها على نجوم أمه. قلت: متى تلزمه القيمة يوم كاتب الأم أو يوم يسلم؟ قال: يوم ¬

_ (¬1) غ: بأدائهما الأن. (¬2) ف - لا. (¬3) ف - لم. (¬4) ف: حتى يستوفا. (¬5) م - فيما على أمه (غير واضح). (¬6) ف غ: يسعى.

يسلم. قلت: لم؟ قال: لأنه أسلم والخمر عليه. ألا ترى أن الأم لو أسلمت كان عليها قيمة ذلك يوم أسلمت، فكذلك الولد. قلت: أرأيت إن كانت ولدت ولدين ثم ماتت فأسلم أحدهما وبقي الآخر ما القول في ذلك؟ قال: عليهما (¬1) قيمة الخمر يسعيان فيها. قلت: فهل له أن يستسعي المسلم منهما بجميع قيمة الخمر ويدع الآخر؟ قال: نعم إن شاء، وإن شاء استسعى الآخر في قيمة الخمر وترك المسلم. قلت: ولم؟ قال: لأن له أن يستسعي أيهما شاء في جميع المكاتبة. قلت: أرأيت إن عجز أحدهما هل له أن يرده في الرق؟ أقال: لا، (¬2) حتى يعجزا جميعاً. قلت: أرأيت ذمياً (¬3) كاتب عبداً له ذمياً على خمر فاشترى المكاتب جارية فوطئها فولدت منه (¬4)، ثم إن المكاتب مات وترك ولداً صغيراً لا يستطيع أن يسعى ما القول في ذلك؟ قال: تسعى الأم في المكاتبة على نجوم المكاتبة، فإن أدت عتقت وعتق ولدها، وإن عجزت ردا في الرق جميعاً. قلت: أرأيت ذمياً كاتب عبداً له ذمياً ثم إن المكاتب سباه أهل الحرب وأسلم في أيديهم ثم ظهر المسلمون على الدار ما حال المكاتب؟ قال: يرد إلى مولاه وهو على مكاتبته ولا يصير فيئاً؛ لأن المكاتب لا يقع عليه السبي لذمي كان أو لمسلم (¬5). وكذلك المدبر لا يقع (¬6) عليه السبي. قلت (¬7): أفرأيت إن أدى اليه فأعتق ورجع إلى دار الحرب مرتداً ناقضاً أيكون حربياً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كاتبه ذميان على خمر فأسلم أحدهما وأعطى (¬8) النصراني نصف الخمر والمسلم نصف قيمتها هل يعتق؟ قال: لا. قلت: ¬

_ (¬1) غ: عليها. (¬2) من ط. (¬3) م غ + جميعاً. (¬4) م ط - منه. (¬5) م ف غ: بذمي كان أو بمسلم. والتصحيح من ط. وهو ظاهر. (¬6) ف: ولا يقع. (¬7) ف + أرأيت. (¬8) م ف غ: وأعطاه. والتصحيح من ط. وانظر: المبسوط، 8/ 57.

باب مكاتبة الحربي إذا دخل دار الإسلام بأمان

وكذلك لو كاتب الذمي عبداً له على خمر فولد للمكاتب ابنان ثم مات وأسلم أحدهما فأدى الذمي الخمر والمسلم نصف قيمتها؟ قال: نعم. قلت: أفرأيت عبد المكاتب إذا مات من يصلي عليه: سيده أم المكاتب؟ قال: ينبغي للمكاتب أن يقدم السيد، فإن أبى فالمكاتب أحق به. قلت: أرأيت مكاتباً قال: إذا أنا مت وأنا حر فثلث مالي لفلان، أيجوز ذلك؟ قال: نعم إذا أدى قبل أن يموت، فإن ترك وفاء ولم يؤد حتى مات لم تجز الوصية. ... باب مكاتبة الحربي إذا دخل دار الإسلام بأمان قلت: أرأيت حربيًّا دخل دار الإسلام بأمان ومعه عبد له فكاتبه هل تجوز مكاتبته؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنه عبده أخرجه من دار الحرب معه. ألا ترى أنه لو أعتقه حين أخرجه جاز عتقه، فإن شاء العبد أقام، وإن شاء رجع. قلت: أرأيت حربياً دخل دار الإسلام بأمان فابتاع عبداً مسلماً هل يجوز شراؤه؟ قال: نعم. قلت: وتجبره على بيعه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن لم يعلم به حتى كاتبه هل تجوز مكاتبته؟ قال: نعم (¬1)، لأنه عبده؛ ألا ترى [أنه] (¬2) لو أعتقه جاز عتقه، فكذلك إذا كاتبه. قلت: أرأيت إن دبره هل يجوز تدبيره؟ قال: نعم، يقضى عليه بقيمته، يسعى فيها للحربي ويعتق. قلت: أرأيت إذا كاتبه ثم أراد أن يرجع إلى دار الحرب فيدخل به (¬3) معه أيكون ذلك له؟ قال: لا، وليس له أن يدخله دار الحرب. قلت: أرأيت إن ذهب به معه ما حال المكاتب؟ قال: إذا أدخله (¬4) دار الحرب فهو حر ساعة ¬

_ (¬1) م ط + قال. (¬2) من ط. (¬3) غ - به. (¬4) م: إذا دخله.

أدخله في قياس قول أبي حنيفة. قلت: لم؟ قال: لأنه لو أدخله وهو عبد له عتق؛ لأن الحربي لا يملك المسلم في دار الحرب إذا اشتراه في دار الإسلام، فكذلك المكاتب. لأن الحربي لو أعتقه جاز عتقه، فادخاله إياه دار الحرب بمنزلة إعتاقه (¬1). قلت: وكذلك إذا دبره ثم أدخله دار الحرب؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان القاضي قد قضى على المدبر بقيمته؟ قال: نعم. قلت: أرأيت حربياً دخل دار الإسلام بأمان فاشترى جارية فوطئها فعلقت منه ما القول في ذلك؟ قال: يقضي عليها القاضي بالسعاية وتعتق. قلت: أرأيت إن أدخلها الحربي دار الحرب بعد ما ولدت منه ما القول في ذلك؟ قال: هي حرة ساعة أدخلها دار الحرب. قلت: لم وهي أم ولد له؟ قال: لأن إدخاله إياها دار الحرب بمنزلة موته. قلت: أرأيت إن كان إنما أدخلها بعد قضاء (¬2) القاضي عليها بالسعاية أو قبل أن يقضي عليها بالسعاية هو سواء؟ قال: نعم، وهي حرة. قلت: أرأيت حربياً دخل دار الإسلام بأمان فاشترى أمة ذمية ما القول في ذلك وهل يجوز شراؤه؟ قال: [نعم] (¬3)، شراؤه جائز، وأجبره على بيعها. قلت: لم وهي ذمية؟ قال: لأنه ليس للحربي (¬4) أن يملك الذمية، وهي في ذلك عندنا بمنزلة الأمة المسلمة. قلت: أرأيت إن اشتراها وكاتبها هل تجوز مكاتبتها؟ قال: نعم، مكاتبتها جائزة. قلت: أرأيت إن أدخلها دار الحرب بعد ذلك ما القول في ذلك؟ قال: هي حرة ساعة أدخلها دار الحرب. قلت: وهي في ذلك بمنزلة المسلمة؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن الحربي لا يملك الذمية في دار الحرب؛ ألا ترى لو أنه أدخلها دار الحرب قبل أن يكاتبها عتقت. فكذلك المكاتبة؛ لأنها أمته بعد. قلت: أرأيت حربياً دخل دار الإسلام بأمان فاشترى عبدين فكاتبهما جميعاً مكاتبة واحدة وجعل نجومهما واحدة إن أديا عتقا وإن عجزا ردا هل ¬

_ (¬1) م ف غ ط: عتقه. (¬2) غ - قضاء. (¬3) من ط. (¬4) م ط: لحربي.

يجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن رجع الحربي إلى دار الحرب فذهب بأحدهما معه ما القول (¬1) في ذلك؟ قال: أما الذي أدخله معه فهو حر، وأما الآخر فعلى مكاتبته، وسقط عن الباقي من المكاتبة حصة الذي أدخله من قيمته من المكاتبة. قلت: ولم لا يعتق الباقي وقد عتق الذي أدخله معه دار الحرب؟ قال: لأن ذلك قد عتق بادخاله بغير أداء. ألا ترى أنه لو كان أعتق أحدهما في دار الإسلام جاز عتقه، وكان على الآخر مكاتبته، فكذلك إذا أدخل (¬2) أحدهما دار الحرب. قلت: أرأيت إذا دخل الحربي بأمان بعد ذلك فأدى هذا المكاتب الباقي إلى الحربي ما عليه من المكاتبة هل يعتق؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن لم يرجع إلى دار الإسلام ما حال المكاتب، إلى من يؤدي المكاتبة؟ قال: إذا أداها إلى القاضي عتق، ويصير ذلك المال للحربي. قلت: أرأيت إن جاء الحربي بعد ذلك مسلماً إلى دار الإسلام أيكون له ولاء هذا المكاتب؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنه بمنزلة حربي أعتق عبداً له مسلماً في دار الإسلام ثم رجع الحربي (¬3) إلى دار الحرب ثم جاء الحربي بعد ذلك مسلماً (¬4)، فولاؤه للحربي (¬5). قلت: وكذلك لو أن حربيا دخل دار الإسلام بأمان فابتاع عبداً مسلماً فأدخله دار الحرب عتق؟ قال: نعم، وهو حر ساعة أدخله، ولا يكون له ولاؤه. قلت: وإن أسلم الحربي قبل أن يرجع إلينا؟ قال: وإن. قلت: ولم؟ قال: لأنه خرج من دار الإسلام إلى دار الشرك، فصار بمنزلة من أعتق في دار الشرك ثم خرج إلينا مسلماً، وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يعتق العبد المسلم إذا أدخله الحربي دار الحرب حتى يظهر عليه المسلمون أو يهرب منه إلينا. قلت: وكذلك لو كان ابتاع عبداً حربياً في دار الحرب فأعتقه لم يكن له من ولائه شيء؟ قال: نعم. قلت: ¬

_ (¬1) ط: ما تقول. (¬2) م ف غ: إذا دخل. والتصحيح من ط. (¬3) ف - الحربي. (¬4) غ - في دار الإسلام ثم رجع الحربي إلى دار الحرب ثم جاء الحربي بعد ذلك مسلما. (¬5) م ف غ: فولاؤه للعبد الحربي. والتصحيح من ط. وانظر: المبسوط، 8/ 59.

أرأيت إذا دخل إلى (¬1) دار الإسلام بأمان فابتاع عبداً مسلماً فأعتقه أو كاتبه فأدى إليه أو ذمياً فأعتقه أو كاتبه فأدى إليه ثم لحق الحربي ثم رجع بعد ذلك مسلماً هل يكون له الولاء؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنه بمنزلة لو أعتقه (¬2) في دار الحرب والعبد مسلم. قلت: أرأيت لو أسلم هاهنا أو صار ذمياً هل يكون له ولاؤهم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن مات الحربي في دار الإسلام بعد ما عتق العبد وصار (¬3) الحربي ذمياً وله ورثة في دار الحرب ثم جاء ورثته بعد ذلك مسلمين هل يكون لهم ولاء هذا العبد؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنه ليس من أهل الحرب. ألا ترى لو أن ذمياً أعتق عبداً له وله وارث من أهل الحرب، ثم أسلم العبد وهلك الذمي، ثم جاء وارثه وهو حربي بعد ذلك مسلماً، كان له الولاء. قلت: أرأيت رجلاً من أهل الحرب كاتب عبداً له في دار الحرب ودبر عبداً له في دار الحرب، ثم أخرج المدبر معه والمكاتب وأمة قد ولدت منه فخرج بهم (¬4) إلى دار الإسلام بامان وهم معه فأراد ان يبيعهم أله ذلك؟ قال: أما أم ولده فلا ينبغي للمسلمين أن يشتروها منه، وأما المكاتب والمدبر فلا بأس به، وله أن يبيعهما. قلت: ولم وقد أجزت المكاتبة إذا كان في دار الإسلام؟ قال: لأن مكاتبته وتدبيره في دار الحرب باطل. ألا ترى لو أنه أعتق عبداً له في دار الحرب ثم غصبه نفسه فأخرجه معه كان عبداً له، وكان له أن يبيعه، فلا يكون ذلك أشد من هذا. وإذا دخل المكاتب دار الحرب بأمان فاشترى بينهم وباع فصار عليه مال لهم وله عليهم مال ثم خرجوا بأمان فإنهم لا يؤخذون بدينه ولا يؤخذ بدينهم؛ لأن بعضهم لا يؤخذ بذلك (¬5) لبعض (¬6). فكذلك المكاتب الذمي أو المسلم. وإن أسلموا أخذوا بذلك من بعضهم لبعض (¬7). ¬

_ (¬1) ط - إلى. (¬2) ط: بمنزلة عبد أعتقه. (¬3) ط: أو صار. (¬4) م ف غ: لهم. والتصحيح من ط. (¬5) م ف غ: ذلك. ولعل الصواب ما أثبتناه. (¬6) ط: لا يؤخذ البعض بذلك. ولم يشر إلى ما في النسخ. (¬7) م + فكذلك المكاتب الذمي أو المسلم وإن أسلموا أخذوا بذلك من بعضهم لبعض.

باب ضمان المكاتب وكفالته

وقال أبو حنيفة ويعقوب ومحمد جميعاً: إذا أعتق الحربي في دار الحرب عبداً مسلماً فالعتق جائز، وله ولاؤه. وقال أبو حنيفة: يوالي من شاء. وكل معتق يجري عليه السبي بعد العتق والمولى حربي أو مسلم في قول أبي حنيفة ومحمد، وللمعتق أن يوالي من شاء بعد ما أعتق في قولهما. وقال يعقوب: أستحسن ما وصفت لك في المسلم يُعتق الحربي أن له ولاءه (¬1) بمنزلة الحربيين يعتق أحدهما صاحبه ثم أسلما؛ لأن الحكم على المولى إذا كان مسلماً حكم من أهل الإسلام. وبالله التوفيق. ... باب ضمان المكاتب وكفالته قلت: أرأيت مكاتباً كفل بكفالة لرجل (¬2) على رجل هل تجوز كفالته؟ قال: لا. قلت: وإن كفل عنه بأمره؟ قال: وإن. قلت: وكذلك لو ضمن المكاتب حقاً لرجل عن رجل؟ قال: نعم، لا يجوز. قلت: وكذلك لو أحاله على المكاتب؟ قال: نعم، لا يجوز شيء من هذا. لا يجوز للمكاتب أن يضمن ولا يكفل، وإن فعل لم يلزمه (¬3) شيء. قلت: ولم؟ قال: لأنه ليس بشري ولا ببيع (¬4)، ولا شيء أخذه، وإنما هو غرم يدخل عليه، فليس يجوز ذلك ولا يلزمه. قلت: أرأيت المكاتب إذا ضمن رجلاً بنفسه لرجل هل يجوز؟ قال: لا. قلت: لم ولم يضمن مالاً؟ قال: لأن ضمانه لا يجوز وإن ضمن الرجل بنفسه. ألا ترى أني لو أجزته كان للذي ضمنه أن يحبسه إن شاء حتى يجيء بصاحبه، فلذلك أبطلته. قلت: أرأيت المكاتب إذا كفل له رجل بكفالة أو ضمن له ضماناً هل ¬

_ (¬1) غ: ولاؤه. (¬2) ف: رجل. (¬3) ف: لا يلزمه. (¬4) م غ ط: ليس يشتري ولا يبيع.

يجوز؟ قال: نعم، يجوز الضمان له، ولا يجوز عنه ضماناً لغيره. قلت: أرأيت المكاتب إذا كفل لرجل بكفالة بإذن سيده أو ضمن له أو أحيل عليه هل يجوز؟ قال: لا يجوز. قلت: لم وقد أذن له سيده في ذلك؟ قال: إذن السيد وغير إذنه في هذا سواء. قلت: ولم؟ قال: لأنه ليس للسيد على ماله سبيل، ولا يملك أن يلزم رقبته شيئاً، فمن ثم لم يجز. قلت: أرأيت إن عجز المكاتب بعد ذلك وقد كان كفل بكفالة بإذن سيده هل تلزمه تلك الكفالة؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن ضمانه كان باطلاً، ولأن الكفالة لم تكن يومئذ بشيء ولم تلزمه، فلذلك لم تلزمه بعدما عجز. قلت: أرأيت مكاتباً كفل بكفالة بإذن سيده ثم أدى المكاتبة هل يلزم ذلك الكفالة؟ قال: نعم. قلت: ولم يلزمه بعد العتق؟ قال: لأنه كفل وهو بمنزلة العبد، فأبطلنا كفالته ما دام على تلك الحال، فإذا عتق لزمته الكفالة. ولو أن عبداً محجوراً عليه كفل ثم عتق لزمته الكفالة بعد العتق. ألا ترى لو أن عبداً كفل بكفالة بغير إذن سيده لم يلزمه شيء من الكفالة حتى يعتق. قلت: أرأيت المكاتب إذا كفل لسيده بمال عن رجل هل يجوز؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: السيد وغير السيد في هذا سواء. قلت: أرأيت إن كفل له سيده بدين له على رجل هل يجوز ذلك ويكون للمكاتب أن يأخذ سيده بذلك الدين؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن ضمان سيده له جائز. ألا ترى أنه لو اشترى منه شيئاً جاز ولزمه الثمن. قلت: أرأيت ضمانه لسيده لم لا يجوز ولو اشترى من سيده شيئاً لأجزته؟ قال: لأن الكفالة لغيره لا تجوز، فكذلك لا تجوز لسيده. قلت: أرأيت إن كان للمكاتب دين على رجل فكفل به السيد بأمره ثم إن المكاتب عجز قبل أن يدفع السيد إلى المكاتب ما ضمن له ما القول في ذلك؟ قال: يرجع السيد فيأخذ (¬1) ذلك الحق من الذي هو عليه، ويبطل ¬

_ (¬1) ف: فأخذ.

ضمانه إن كان كفل بأمره. وإن كان كفل عنه بغير أمره بطل المال عنهما جميعاً، ولم يكن على الذي عليه الأصل شيء (¬1). قلت: ولم يرجع به عليه وقد كان ضمنه؟ قال: لأنه حق المكاتب على ذلك الرجل، فحيث عجز رد في الرق، فقد صار لسيده، ولم يبرأ ذلك الرجل منه؛ لأنه لم يصل إليه، ولم يؤده السيد، وهو مال العبد يأخذه سيده إذا عجز (¬2). قلت: أرأيت إن أداه السيد إلى المكاتب هل يرجع به على الذي ضمنه به عنه؟ قال: نعم إذا ضمنه بأمره. قلت: ولم وإنما دفعه إلى مكاتبه؟ قال: لأنه قد غرم عنه بأمره، فلا بد من أن يرجع به عليه. قلت: أرأيت إن عجز المكاتب بعد ذلك هل يكون للسيد على ذلك الرجل شيء؟ قال: نعم، يرجع به عليه بما ضمن عنه. قلت: ولم وقد صار المكاتب عبداً له ورجع إليه ماله؟ قال: لأنه قد كان غرمه، فصار دينأ له عليه. قلت: أرأيت إن كان ذلك في يد المكاتب بعينه بعدما رد في الرق وعجز أيرجع السيد على الذي كان عليه بما كان أدى إلى المكاتب من ذلك؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنه قد صار ديناً له عليه حيث أداه المكاتب، فصار بمنزلة غيره من مال المكاتب. قلت: أرأيت المكاتب إذا كان له دين على رجل فاحال سيده على ذلك الرجل بذلك الحق وهو لا يبلغ المكاتبة هل يجوز؟ قال: نعم. قلت: فهل يكون للمكاتب أن يأخذ بذلك الرجل؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن عجز المكاتب بعد ذلك فرد في الرق ما القول في ذلك؟ قال: يرجع السيد بالمال على ذلك الرجل. قلت: فلم يرجع عليه؟ قال: لأنه دين للمكاتب عليه أبدا حتى يعطيه. قلت: أرأيت السيد إذا ضمن لمكاتبه مالاً عن رجل فحلت النجوم على المكاتب وفيما ضمن للمكاتب وفاء بالنجوم هل يصير ذلك قصاصاً ويعتق العبد؟ قال: نعم، ويرجع به (¬3) السيد على الذي ضمنه عنه إن كان ¬

_ (¬1) غ: شيئا. (¬2) ف غ: فإذا عجز. (¬3) غ + على.

ضمنه بأمره. قلت: وكذلك لو أقرضه المكاتب مالاً أو باعه شيئاً وقد حلت جميع نجومه عليه وفي ذلك العرض (¬1) وفاء لنجومه؟ قال: نعم، هو قصاص، والعبد حر. قلت: ولم؟ قال: لأنه بمنزلة ما أدى إليه، وهو في ذلك بمنزلة الحر. ألا ترى أن رجلاً حراً لو أقرض رجلاً مالاً ولذلك (¬2) الرجل عليه مال (¬3) مثله كان قصاصاً، فكذلك المكاتب. قلت: أرأيت إن لم يكن له فيما باعه أو ضمن له وفاء بالمكاتبة أيأخذه فيما بقي؟ قال: نعم، ولا يعتق حتى يؤدي ما بقي. قلت: أرأيت إن كان فيه فضل أيكون الفضل ديناً (¬4) على السيد للمكاتب؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المكاتب إذا كاتب عبداً له ثم إن المكاتب كفل بكفالة وضمن ضماناً هل يجوز؟ قال: لا. قلت: وكذلك إن ضمن له مولاه الذي كاتبه؟ قال: نعم، هذا كله باطل لا يجوز. قلت: أرأيت إن أدان المكاتب مكاتبه ديناً من بيع باعه إياه أو من قرض أقرضه إياه هل يلزمه؟ قال: نعم. قلت: وكذلك ما أدان المكاتب الثاني الأول ديناً ثم إن الأول عجز هل يكون ذلك الدين لمكاتب (¬5) المكاتب في رقبة المكاتب؟ قال: نعم، فإن أداه المولى وإلا بيع فيه له. قلت: ولم وهو الذي كاتبه؟ قال: لأن الدين في رقبته، وقد كان له أن يأخذ قبل العجز. قلت: أرأيت إن أدان المكاتب مكاتبه ديناً من قرض أو بيع ثم عجز الثاني وعليه دين كثير غير ذلك ما القول في ذلك؟ قال: إن أدى عنه المكاتب دينه وإلا بيع. قلت: فدين المكاتب ما حاله؟ قال: يبطل. قلت: ولم؟ قال: لأنه لمولاه، ولا يكون لمولاه في رقبة عبده شيء (¬6). قلت: أفرأيت إن عجز الأول وبقي الثاني ما حال دين المكاتب الذي عليه؟ قال: هو عليه على حاله يأخذه المولى؛ لأنه بمنزلة دين له على الأجنبي. قلت: أرأيت إن عجزا جميعاً وعليهما دين كثير يحيط برقبتهما وقد ¬

_ (¬1) غ: العروض. (¬2) ف: وكذلك. (¬3) غ: ماا. (¬4) غ: دين. (¬5) م غ: للمكاتب. (¬6) غ: شيئا.

باب مكاتبة ما في بطن الخادم

كان المكاتب أدان مكاتبه ديناً ما القول في ذلك؟ قال: دين كل واحد منهما في رقبته، يباع فيه إن لم يؤد (¬1) عنهما المولى. قلت: أفرأيت دين المكاتب الذي كان على مكاتبته ما حاله، وهل يبطل عنه دين المكاتب الذي له عليه؟ قال: نعم، يبطل. قلت: ولم يبطل وعلى المكاتب الأول دين؟ قال: لأن ذلك الدين سقط عنه حيث عجز. ألا ترى لو أن عبداً مأذوناً له [أَذِنَ لعبده] في التجارة وعلى الأول دين وعلى الآخر دين بيع كل واحد منهما في دين نفسه، ولا يكون لغرماء الأول في رقبة الثاني من ذلك الدين الذي أدانه الأول شيء (¬2)؛ لأنه لم يكن يلزمه يوم أدانه. فكذلك الأول. ... باب مكاتبة ما في بطن الخادم قلت: أرأيت رجلاً له أمة حبلى فكاتب الأمة على ما في بطنها هل تجوز المكاتبة؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن المكاتبة في هذا باطل؛ لأنه لا يعلم أشيء (¬3) هو أم لا، وأنه ليس بشيء يكاتب عن نفسه، ومكاتبتها (¬4) على ما في بطنها لا تجوز. قلت: أرأيت إن قال السيد: قد كاتبت ما في بطن جاريتي هذه على كذا كذا، هل يجوز؟ قال: لا، وهذا باطل. قلت: ولم وإنك تجيز العتق لو أعتقه أو دبره؟ قال: لأن العتق والتدبير لا يشبه المكاتبة، لأن المكاتبة لا تجوز إلا أن يكاتب العبد نفسه أو الأمة، والمكاتبة هاهنا على غير شيء، وهو لو كاتب صبياً لا يعقل ولا يتكلم لم يجز، فهذا أشد حالاً وأحرى أن لا يجوز. قلت: أفرأيت إن كاتبه على ما في بطنها رجل حر وضمن المكاتبة وقال: إذا أديت إلي فهو حر، هل يجوز؟ قال: لا. قلت: أفرأيت إن أدى اليه المكاتبة هل يعتق ما في بطنها؟ قال: نعم إن كان في بطنها ولد. قلت: وكيف ¬

_ (¬1) غ: لم يؤدي. (¬2) غ: شيئا. (¬3) ف: شيء. (¬4) غ: ومكاتبتهما.

باب شراء المكاتب وبيعه وصدقته وهبته وما يلزمه من الدين

تعلم ذلك؟ قال: إذا وضعت لأقل من ستة أشهر، [فإن وضعته لأكثر من ستة أشهر] (¬1) فلا يعتق، ويرجع صاحب المال على صاحبه فيأخذ ماله أعتق هو أو لم يعتق على كل حال. قلت: أفرأيت إن كان ما في بطنها ولد فأعتقه فأراد صاحب المال أن يرجع في ماله فيأخذه أيكون ذلك له؟ قال: نعم. ... باب شراء المكاتب وبيعه (¬2) وصدقته (¬3) وهبته وما يلزمه من الدين قلت: أرأيت المكاتب إذا وهب هبة أتجوز هبته؟ قال: لا. قلت: وكذلك صدقته؟ قال: نعم. قلت: ولم لا تجيزها؟ قال: لأن هذا ليس بشِرى ولا بيع، وليس له أن يهب شيئاً من ماله ولا يتصدق به ولا يعتق رقبة. قلت: أرأيت إن تصدق على مولاه بصدقة أو وهب له هبة أهو بهذه المنزلة؟ قال: نعم. قلت: فيرد ذلك القاضي؟ قال: نعم إن اختصما إليه (¬4). قلت: أرأيت المكاتب إذا تصدق بصدقة أو وهب (¬5) هبة ثم إن المكاتب عتق ما حال الهبة، هل تردها إليه؟ قال: نعم، أعتق أو لم يعتق فإنها مردودة. قلت: أرأيت إن [كان] (¬6) الموهوب له مات والهبة في يد ¬

_ (¬1) الزيادة من ب جار. وقد قال في هامش ب: هنا في أصله ترك وهو فإن وضعته لأكثر من ستة أشهر أو نحوه والله أعلم. وبهذه الزيادة يصح المعنى ويستقيم. وقد بين المحقق الأفغاني في هامش ط الصواب، وأيد ذلك بنقول من المبسوط، 8/ 60 - 61. لكنه أبقى المتن على ما هو عليه. وهو صحيح مع الزيادة التي أثبتناها. (¬2) غ - وبيعه. (¬3) غ: وخدمته. (¬4) ف - قلت فيرد ذلك القاضي قال نعم إن اختصما إليه. (¬5) ط + له. (¬6) من ط.

ورثته هل يردها إلى المكاتب إن طلبها أو خاصم فيها؟ قال: نعم. قلت: ولم (¬1) وقد خرجت منه إلى غيره؟ قال: لأن هبته ليس بشيء. قلت: فأينما (¬2) وجدها المكاتب أخذها؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الصدقة؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الثحْلَى والعُمْرَى؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا وهب المكاتب هبة أو تصدق بصدقة فاستهلكها الموهوب له ثم خاصمه المكاتب فيها هل يقضي بها القاضي للمكاتب؟ قال: نعم، يقضي بقيمتها. قلت: أرأيت إن عجز وقد استهلك الموهوب له الهبة هل يرجع السيد على الموهوب له بقيمة الهبة؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن كان الموهوب له قد باع الهبة؟ قال: نعم. قلت: وهبة المكاتب عندك وصدقته باطل؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المكاتب إذا اشترى وباع هل يجوز شراؤه وبيعه من سيده؟ قال: نعم (¬3). قلت: وهو في ذلك بمنزلة غيره من الناس؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن اشترى من مولاه عبداً ثم أصاب به عيباً هل يرد ذلك؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن ابتاع السيد من مكاتبه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت مكاتباً اشترى عبداً من رجل ثم عجز والعبد في يديه ثم أصاب السيد بالعبد عيباً هل يرد العبد على البائع؟ قال: نعم. قلت: ولم والمكاتب هو الذي اشترى وقد خرج من ملكه إلى مولاه؟ قال: لأن العبد قد صار للسيد. قلت: أرأيت إن اشترى عبداً ثم باعه من سيده ثم إن المكاتب عجز والعبد عنده ثم إن السيد وجد بالعبد عيباً هل يرد السيد على البائع؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن السيد إنما اشتراه من مكاتبه ولم يشتره من البائع، فليس له أن يرده على البائع؛ لأنه ليس له بخصم ولا ببائع، ولا يقدر أن يرده على عبده، فمن ثم ليس له أن يرده، وهو في ¬

_ (¬1) ف غ: لم. (¬2) ط: فأيهما. (¬3) م + قلت أرأيت المكاتب إذا اشترى وباع هل يجوز شراؤه وبيعه من سيده قال نعم.

الباب الأول إنما يرد (¬1) ذلك على ملك المكاتب. قلت: أرأيت إن مات المكاتب في يد السيد بعدما عجز ثم أصاب السيد بالعبد عيباً هل يرده على البائع؟ قال: لا، ليس له أن يرده؛ لأنه ليس له بخصم ولا بائع. قلت: أرأيت المكاتب إذا اشترى شيئاً فلزمه دين من ذلك ثم إنه عجز ما القول في ذلك؟ قال: الدين في رقبته، إن أدى عنه مولاه والا بيع للغرماء. قلت: ولم؟ قال: لأن الدين في رقبته للغرماء، لابد من أن يؤدي عنه مولاه، وإلا بيع. قلت: أرأيت المكاتب إذا استقرض مالاً في مكاتبته أو استدان ديناً من شراء اشتراه ثم عجز؟ قال: يلزمه جميع ذلك في رقبته، فإن أدى عنه مولاه وإلا بيع فيه. قلت: أرأيت المكاتب إن استدان من مولاه ثم إنه عجز ما القول في ذلك؟ قال: أما دين مولاه فباطل، ويباع في دين الأجنبي. قلت: ولم أبطلت دين مولاه وقد كان لازما له قبل ذلك؟ قال: لأنه قد رجع في الرق، ولا يكون له في عنق عبده دين. قلت: وكذلك لو مات ولم يدع إلا قدر دين الأجنبي؟ قال: نعم، يبطل دين المولى، ويكون ما ترك لهم. قلت: أرأيت إن ترك مالاً كثيراً ما القول في ذلك؟ قال: يبدأ بدين الأجنبي فيؤدي، ثم يؤدي دين المولى ومكاتبته، ويكون ما بقي بعد ذلك لورثته إن كان له ورثة أحرار. قلت: أرأيت المكاتب إن استدان (¬2) ديناً في مكاتبته ثم إن المكاتب عجز فرد في الرق وذلك الدين في رقبته ثم جاء رجل بعبد (¬3) يرده عليه بعيب به وقد اشتراه منه وهو مكاتب هل يرد (¬4) عليه؟ قال: نعم. قلت: فما حال الثمن؟ قال: هو في رقبة العبد، يباع العبد المردود فيقسم ¬

_ (¬1) م ف غ ط: يرده. ولعل الصواب ما أثبتناه. (¬2) ف غ: إذا استدان. (¬3) ف: بعبده. (¬4) ف: هل يرده.

بين غرمائه جميعاً، فإن فضل شيء بيع فيه المكاتب إلا أن يؤدي عنه مولاه (¬1). قلت: أرأيت إن قال المشتري: لا أرده حتى آخذ ثمنه، ما القول في ذلك؟ قال: له أن لا يرده ويمسكه حتى يباع له خاصة دون الغرماء. قلت: أفرأيت إن كان الغرماء قد خاصموا المولى إلى القاضي فأمر القاضي أن يباع العبد للغرماء وقد أبى المولى أن يؤدي عنه فجاء المشتري بالعبد ليرده بعيب على المكاتب هل يرده؟ قال: نعم، ويكون ثمنه ديناً في رقبته. قلت: أرأيت إن قال المشتري: أنا أرد العبد وأكون أحق بثمنه حتى أستوفي لأنه في يدي، أيكون ذلك له؟ قال: نعم، له أن يمسكه حتى يأخذ ثمنه الذي يؤديه، ويكون أحق بذلك من الغرماء حتى يستوفي الثمن الذي رد به. قلت: أرأيت مكاتباً اشترى عبداً ثم إنه عجز ورد في الرق ثم أصاب المولى بالعبد عيباً هل يرده؟ قال: نعم، ولكن يلي (¬2) رده المكاتب. قلت: أرأيت إن مات المكاتب بعدما عجز هل يرده المولى على البائع؟ قال: نعم، وهو في هذه الحالة بمنزلة الوارث. قلت: أرأيت مكاتباً أسره العدو فاستدان في أرض العدو ديناً من شراء اشتراه أو قرض استقرضه ثم إن أهل الدار أسلموا فرد المكاتب إلى مولاه هل يلزمه ذلك الدين في رقبته؟ قال: نعم. قلت: ولم وقد أسره وقد كان ذلك الدين في حال أسره؟ قال: لأنه على مكاتبته على حالها، وهو بمنزلة ما لو دخل أرض العدو بأمان. ألا ترى أنه لا يصير فيئاً ولا يقع عليه السبي. قلت: وكذلك لو أن المكاتب هرب من أيديهم فخرج إلى دار الإسلام وخرج صاحب الدين بأمان ذمياً أو مسلماً فأقام عليه بينة مسلمين (¬3) أو أقر المكاتب؟ قال: نعم، الدين له لازم إذا كان مسلماً أو كان ذمياً. قلت: فإن استدان بعد ذلك ديناً أيكون الدين في رقبته؟ قال: نعم. [قلت:] وهو بمنزلة ما استدان في أرض الإسلام؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) م ف ط: المكاتب ويؤدي عنه ماله. والتصحيح مستفاد من ب جار. (¬2) ف: يل. (¬3) أي شاهدين مسلمين.

قلت: أرأيت مكاتباً ارتد عن الإسلام وقد كان عليه دين قبل أن يرتد فاستدان ديناً في حال ردته بشراء (¬1) أو بيع أو قرض ولا يعلم إلا بقوله ثم استتيب فأبى أن يتوب فقتل ما القول في ذلك؟ قال: أما ما استدان في ردته فهو جائز، وهو بمنزلة ما استدان في مرضه، فإن ترك شيئاً أدى إلى غرمائه الذين كانوا أدانوه في حال الإسلام، ثم كان ما بقي للذين أدانوه في حال ردته، وهذا قول محمد. وقال أبو يوسف: الحر ما أقر به من دين في ردته إذا قتل فهو بمنزلة الصحيح، وكذلك المكاتب. قلت: أرأيت إن كان ترك مالاً كثيراً يكون (¬2) فيه وفاء بالدينين جميعاً ما القول (¬3) في ذلك؟ قال: يؤدى (¬4) عنه ما كان (¬5) من دينه في حال إسلامه، فإن فضل شيء أعطي الذين أدانوه في حال ردته، فإن فضل شيء بعد ذلك أدي إلى مولاه بقية مكاتبته، وكان ما بقي لورثته من المسلمين. قلت: أرأيت ما كان اكتسب في حال ردته أيقضى به دينه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن لم يترك مالاً ولا شيئاً إلا شيئاً اكتسبه في حال ردته أي الدينين (¬6) يبدأ به؟ قال: يبدأ بما كان استدان في الإسلام يؤدى ذلك، فإن فضل شيء كان للآخرين في قياس قول أبي حنيفة، وهو قول محمد. وقال أبو يوسف: ما أقر به في حال ردته وما أقر به قبل ذلك جائز عليه، يتحاصّون في ذلك وإن قتل على ردته. قلت: أرأيت إن لم يكن استدان إلا في ردته ثم قتل وترك مالاً كثيراً ما القول في ذلك؟ قال: يؤدى ما كان عليه من دين، ويأخذ (¬7) مولاه بقية المكاتبة بعد ذلك، وما بقي فلورثته المسلمين. قلت: ولم لا يكون لبيت المال وقد اكتسبه في حال ردته؟ قال: لأنه اكتسبه وهو عبد. قلت: أرأيت المكاتب إذا ارتد عن الإسلام فاشترى وباع فاستدان ديناً ¬

_ (¬1) ف غ: من شرى. (¬2) م: أيكون. (¬3) م: أما القول. (¬4) م ف غ: يردا. والتصحيح من ط. وهو ظاهر. (¬5) غ: ما كان عنه. (¬6) غ: أي المدينين. (¬7) م: ويأخذه.

كثيراً في ردته ثم أسلم أيلزمه جميع ذلك؟ قال: نعم، ويصير كأنه استدان ذلك في حال إسلامه. قلت: أرأيت المأذون له في التجارة إذا ارتد عن الإسلام فاشترى وباع بعد ذلك فاستدان ديناً كثيراً في ردته ثم أسلم أيلزمه جميع ذلك وقد أسلم بعد ذلك؟ (¬1) قال: نعم، إذا أسلم فجميع ذلك في رقبته، ويصير كأنه استدان ذلك في حال إسلامه. قلت: أرأيت إن قتل مرتداً (¬2) وقد ترك مالاً أيكون غرماؤه أحق به من المولى؟ قال: نعم. قلت: وإن كان اكتسبه في حال ردته؟ قال: وإن. قلت: أرأيت المكاتب إذا ولد له في مكاتبته ولد من جارية له ثم إن المكاتب مات وعليه دين (¬3) وعليه من مكاتبته؟ [قال:] يسعى (¬4) [الولد] فيما على أبيه (¬5) من المكاتبة، [فإذا أداه إلى مولاه عتق استحساناً كما لو أداه أبوه] (¬6). قلت: أرأيت إن جاء الغرماء بعد ذلك هل يرجع الغرماء فيأخذون من المولى ما أخذ من ذلك ويعتق الابن ويرجع السيد على الابن بما أخذ منه الغرماء؟ قال: لا، ولكن يتبعون الابن بدينهم. قلت: ولم يعتق ولم يؤد الدين بعد؟ قال: لأنه عندي في ذلك بمنزلة أبيه. ألا ترى أن أباه لو أدى المكاتبة عتق، فأستحسن أن أجعل الابن بمنزلته، وأترك القياس فيه. قلت: أرأيت المكاتبة إذا ولدت ولداً في مكاتبتها ثم استدانت ديناً ثم ماتت أهي بهذه المنزلة؟ قال: نعم. قلت: فإن كان المكاتب أو المكاتبة تركا مالاً فأداه الابن إلى السيد؟ قال: أما في هذا فيرجعون بذلك المال على السيد، ويعود الابن مكاتباً كما كان، ألا ترى أن هذا الابن لو لم يكن كان الغرماء أحق ¬

_ (¬1) غ - فاستدان دينا كثيراً في ردته ثم أسلم أيلزمه جميع ذلك وقد أسلم بعد ذلك. (¬2) ف: ردا. (¬3) ف هـ: ط. أي يوجد سقط. (¬4) م ف غ ط: ويسعى. (¬5) غ: على أمه. (¬6) التصحيح والزيادة مستفاد من ب جار. وذكر السرخسي في المسألة تفصيلا واختلافا. انظر: المبسوط، 8/ 63.

باب وصية المكاتب

بذلك المال (¬1)، فكذلك (¬2) إذا ماتت وتركت وفاء. وإنما (¬3) يجوز للابن أن يقضي بعض الغرماء دون بعض أو يبتدئ (¬4) بالمكاتبة إذا أدى ذلك من كسب نفسه (¬5). ألا ترى أن القاضي قد جعله بمنزلة أمه. ... باب (¬6) وصية المكاتب (¬7) قلت: أرأيت مكاتباً حضره الموت فأوصى بثلث ماله وقد ترك مالاً كثيراً هل تجوز وصيته؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه عبد، فلا تجوز وصيته. قلت: أرأيت إن أوصى بعبد له فقال: بيعوه بعد موتي نَسَمَةَ (¬8) أو أعتقوه، هل يجوز شيء من ذلك؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه لا يجوز شيء من وصية المكاتب في شيء مما ذكرت ولا في غيره. ألا ترى أن الرجل الحر إذا أوصى بأن يباع عبده نَسَمَة أنه يحط من ثلثه مقدار ما يشتري العبد نَسَمَة إذا كان يخرج ذلك من الثلث؛ لأن ذلك وصية للعبد، والمكاتب لا تجوز وصيته، فمِن قِبَل ذلك كان على ما وصفت لك. قلت: ¬

_ (¬1) ف - كما كان ألا ترى أن هذا الابن لو لم يكن كان الغرماء أحق بذلك المال. (¬2) م ف غ ط: وكذلك. (¬3) م ف غ ط: فإنما. (¬4) غ: أم يبتدئ. (¬5) م ف غ ط + فهو جائز. والتصحيحات الثلاث السابقة مستفاد من ب جار. (¬6) م ف غ ط + كاب. والتصحيح من ب جار. (¬7) م ف: المكاتبة. والتصحيح من ب جار. (¬8) قال المطرزي: النسمة النفس، من نسيم الريح، ثم سميت بها النفس. ومنها أعتق النسمة، والله بارئ النسم. وأما قوله: "ولو أوصى أن يباع عبده نسمة صحت الوصية"، فالمراد أن يباع للعتق، أي لمن يريد أن يعتقه. وانتصابها على الحال، على معنى معرَّضاً للعتق. وإنما صح هذا لأنه لما كثر ذكرها في باب العتق وخصوصاً في قوله - عليه السلام -: "فك الرقبة وأعتق النسمة"، صارت كأنها اسم لما هو بعرض العتق، فعوملت معاملة الأسماء المتضمنة لمعاني الأفعال. انظر: المغرب، "نسم".

وكذلك لو أوصى في صحته؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن ترك مالاً كثيراً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن أوصى لرجل بدين له عليه تركه له (¬1) هل يجوز؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن كانت (¬2) له أم ولد فولدت منه فأوصى لها بوصية؟ قال: وصية المكاتب باطل في كل شيء من ذلك. قلت: أرأيت إن كان له مكاتب فلما حضره الموت أوصى له بما عليه من المكاتبة هل يجوز؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن وصيته باطل له ولغيره. قلت: أرأيت المكاتب إذا أوصى بوصية في صحته ثم أدى المكاتبة فعتق (¬3) ثم مات هل تجوز تلك الوصية؟ قال: لا. قلت: وإن لم يكن رجع فيها؟ قال: وإن. قلت: ولم وقد صار حراً؟ قال: لأنه قد أوصى بها في حال لا تجوز فيها وصيته، فكان (¬4) كلامه فيها باطلاً. قلت: أرأيت إذا حضره الموت فأوصى بوصية ثم إن السيد أعتقه بعد ذلك ولم يحدث (¬5) وصية سوى الأولى حتى مات ما القول في ذلك؟ قال: الوصية باطل. قلت: ولم وقد صار حراً قبل أن يموت؟ قال: لأنه أوصى يوم أوصى وهو مكاتب، ووصية المكاتب لا تجوز. قلت: أرأيت إن أوصى لمولاه بوصية؟ قال: لا تجوز لمولاه ولا لغيره، ولا تجوز وصيته في شيء من الأشياء- وإن عتق (¬6) بعد ذلك - بعد أن يتكلم بالوصية وهو مكاتب في قياس قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: إن أعتق قبل أن يموت جازت وصيته. قلت: وإن كان قال: إذا أعتقت فقد أوصيت لفلان بعد موتي بكذا وكذا؟ قال: هذا يجوز. قلت: فإن لم يعتق ولكنه مات وترك وفاء؟ قال: لا تجوز وصيته أبداً؛ لأنها إنما تجب بالأداء، ويعتق المكاتب يومئذ وهو ميت، فلا تجوز الوصية بعد الموت. ألا ترى أنه قد مات وصار في حال بطلت فيها وصيته حيث تؤدى عنه، فلا يجوز بعد ذلك. ألا ترى أنه لو قال: أعتقت عبدي هذا إذا أعتقت، أو قال: قد دبرته، كان ذلك باطلاً، فكذلك وصيته. ¬

_ (¬1) ف - له. (¬2) م - إن كانت (غير واضح). (¬3) ف: يعتق. (¬4) غ: وكان. (¬5) غ: تحدث. (¬6) ط: وإن أعتق.

باب ما يحل لسيد المكاتب من كسبه إذا عجز

قلت: أرأيت إن أجازوا (¬1) بعد الموت ثم أرادوا أن يرجعوا في ذلك قبل أن يدفعوا إلى صاحبه أيكون ذلك [لهم]؟ (¬2) قال: نعم. قلت: ولم ولو كان حراً فأوصى وزاد على الثلث فأجازوا ذلك بعد الموت لم يكن لهم أن يردوها بعد ذلك؟ قال: ليس الحر في هذا بمنزلة المكاتب (¬3)؛ لأن المكاتب لا تجوز وصيته في ثلث ولا غيره، وإنما استحسنت إذا أجازوا ذلك الورثة ودفعوه إلى صاحبه أن أجيزه، وأما في القياس فهو باطل. ... باب ما يحل لسيد المكاتب من كسبه إذا عجز قلت: أرأيمت المكاتمب إذا أدى إلى مولاه بعض مكاتبته ثم إنه عجز فرد في الرق ما حال ما أخذ السيد؟ قال: هو له حلال (¬4). قلت: أرأيت إن كان ذلك من زكاة تصدق بها عليه أو من صدقة تصدق بها عليه وقد استهلك ذلك المولى قبل العجز ما القول في ذلك؟ قال (¬5): هو للمولى، وليس عليه شيء. قلت: وكذلك لو كان ذلك في يده لم يستهلكه أو استهلكه؟ قال: نعم. قلت: ولم لا يكون للمولى أن يتصدق بغير ذلك من ماله؟ قال: لأنه أخذ ذلك من المكاتبة قبل العجز، فهو حلال له عجز بعد ذلك أو لم يعجز. قلت: أرأيت المكاتب إذا عجز وفي يده مال قد اكتسبه من شراء أو بيع أيكون للمولى؟ قال: نعم، هو حلال له. قلت: أرأيت إن كان في يده مال قد تصدق به عليه من زكاة أو صدقة ما القول في ذلك؟ قال: هو لمولاه أيضاً، وله أن يأكله، وما كان في يديه من مال من (¬6) غير الصدقة فهو للمولى حلال. قلت: ولا يتصدق بما كان في يديه من مال مما تصدق ¬

_ (¬1) أي ورثته. (¬2) من ط. (¬3) م غ: المكاتبة. (¬4) م غ: حال. (¬5) م غ - قال. (¬6) ف - من.

به عليه؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن كان مولاه غنياً أترى له أن يأكله؟ قال: لا بأس بذلك. قلت: أرأيت إن أنفقها وهو إليها (¬1) محتاج ثم أيسر بعد ذلك أعليه أن يتصدق مكانها؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن أكلها وهو غني عنها أيستحب له أن يتصدق مكانها؟ (¬2) قال: لا. قلت: أرأيت إذا مات المكاتب وترك مالاً كثيراً قد اكتسبه من الصدقة ما القول في ذلك؟ قال: يؤدي إلى المولى ما بقي من مكاتبته، وما بقي فلورثته. قلت: فإن كان من الصدقة؟ قال: وإن كان من الصدقة فهو حلال لهم؛ لأنه تصدق به عليه وهو له حلال. قلت: ولا ترى بأساً بأكله؟ قال: لا بأس بأكله. قلت: أرأيت المكاتب إذا اكتسب مالاً من الصدقة ثم أدى مكاتبته وفي يده من ذلك المال بقية هل يحل له أكله؟ قال: نعم، لا بأس به. قلت: ولا تكره له ذلك؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه أصاب في حال مكاتبته، وذلك حلال. قلت: أرأيت المكاتب أصاب مالاً من الصدقة واشترى به رقيقاً أو اتجر به ثم أصاب (¬3) به مالاً ثم إنه عجز وذلك في يده هل يحل ذلك للمولى؟ قال: نعم، لا بأس به. قلت: ولم؟ قال: لأنه كان له حلالاً يومئذ. قلت: أرأيت المكاتب إذا عجز وفي يده مال لا يدرى ما هو من صدقة أو من غير ذلك أترى بأكله بأسا؟ قال: لا بأس به. قلت: ولم؟ قال: لأنه لا يتصدق بشيء مما في يده. قلت: أرأيت المكاتب إذا كاتب عبداً له فتصدق (¬4) على الثاني بصدقة ثم عجز وهو في يده ثم عجز الأول وهي على حالها هل يستحب للمولى أن يتصدق بها؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه بمنزلة ما تصدق به على ¬

_ (¬1) ف - إليها. (¬2) م غ ط: بمكانها. (¬3) ف غ: فأصاب. (¬4) ف: يتصدق.

باب اختلاف المكاتب والسيد والمكاتبة والشهادة في ذلك

مكاتبه الأول فصار له. قلت: أرأيت إذا عجز الثاني والصدقة في يده هل تحل للمكاتب الأول؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن الصدقة تحل له. قلت: أرأيت المكاتب إذا ولد له في مكاتبته ولد ثم جاء بولد أو كاتب مكاتبة فولد لها ولد في مكاتبتها فتصدق على الولد بصدقة ثم عجز المكاتب فرد في الرق هل يستحب له أن يتصدق تلك الصدقة؟ قال: لا؛ لأنها كانت حلالاً يوم تصدق بها عليه. قلت: أرأيت إن أدى المكاتب (¬1) وتلك الصدقة في يد ولده هل تكون للمكاتب ولا يتصدق بها؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنها بمنزلة ما كان تصدق به عليه. قلت: أرأيت إذا كان (¬2) للمكاتب عبد وأَمَرَهُ أن يُتَصَدَّق أعليه، (¬3) هل تكره لأحد أن يتصدق على العبد بشيء؟ قال: لا بأس به. قلت: ولم؟ قال: لأن الصدقة على مولاه جائزة، فلا بأس به. ألا ترى لو أن رجلاً (¬4) مولاه محتاج لو تصدق عليه بصدقة لم نر (¬5) بالصدقة على العبد بأساً، فكذلك هذا (¬6). وبالله التوفيق. ... باب اختلاف المكاتب والسيد والمكاتبة (¬7) والشهادة في ذلك قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً له فاختلفا في المكاتبة فقال السيد: كاتبتك على ألفين، وقال العبد: كاتبتني على ألف، ما القول في ذلك؟ قال: القول قول المكاتب، والبينة على السيد. قلت: فإن كان المكاتب لم يؤد شيئاً حتى اختلفا؟ قال: وإن. قلت: ولم؟ قال: لأن السيد قد أقر بالمكاتبة وبإخراجه إياه من ملكه، وأقر بما قد لزمه من المكاتبة، فلا يصدق ¬

_ (¬1) غ ط: المكاتبة. (¬2) ف: إن كان. (¬3) أي أمره أن يطلب الصدقة أو أن يقبلها. (¬4) م غ + لرجل. (¬5) غ: لم تر. (¬6) أي أن ذلك مثل الصدقة على عبد حر محتاج. (¬7) ف: في المكاتبة.

على أن يرد في الرق لقوله في قول أبي حنيفة الآخر (¬1). وكان يقول قبل ذلك: يتحالفان ويترادان المكاتبة، وهو قول أبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت إن جعل القاضي القول قول المكاتب بعد ما اختصما إليه وألزمه الألف ثم أقام السيد البينة على أنه كاتبه على ألفين ما القول في ذلك؟ قال: يلزمه القاضي، ويسعى فيهما. قلت: وهل يعتق إذا أدى ألفا؟ قال: لا. قلت: ولم وقد قضى عليه القاضي بألف؟ قال: لأنه إنما قضى عليه لقوله، فلما جاءت البينة بطل قوله ولزمه ما شهدت عليه الشهود، فلا يعتق إلا بأداء ذلك. قلت: أرأيت إن لم يقم السيد بينة حتى أدى ألفاً وأمضى القاضي عتقه ثم أقام السيد البينة (¬2) بعد ذلك أنه كاتبه على ألفين ما القول في ذلك؟ قال: المكاتب حر، وعليه ألف درهم في الاستحسان. قلت: ولم أعتقته (¬3) وقد قامت البينة أنه إنما كاتبه (¬4) على ألفين؟ قال: استحسنت ذلك وتركت القياس فيه، لأن القاضي قد أمضى عتقه. قلت: أرأيت إن لم يخاصمه إلى القاضي بعد أداء الألف حتى أقام السيد البينة أن المكاتبة ألفان؟ قال: لا يعتق حتى يؤدي الألف الباقية. قلت: ولم؟ قال: لأنه لا يعتق حتى يؤدي جميع المكاتبة؛ لأن البينة قد قامت على ألفين. قلت: أرأيت إذا اختلفا في المكاتبة فقال السيد: كاتبتك على ألفين، وقال العبد: كاتبتني على ألف إذا أديتها فأنا حر، فأقاما جميعاً البينة ما القول في ذلك؟ قال: يقضي القاضي عليه بألفين، ويأخذ ببينة (¬5) المولى على المال، ويأخذ ببينة (¬6) العبد على العتق، فإذا أدى ألفاً (¬7) عتق ولزمته الألف الأخرى. قلت: ولم يعتق وقد جعلت المكاتبة ألفين؟ قال: لأنه قد أقام البينة على ألف، فقد شهدت شهوده أنه قد أدى ألفاً، فهو حر. وهو بمنزلة رجل أعتق عبده على مال فأقام السيد البينة أنه أعتقه على ألف، فالعتق جائز. ويلزمه الألفان؛ لأن شهود المولى شهدوا على فضل مال. قلت: وكذلك ¬

_ (¬1) غ - الآخر. (¬2) ف: ثم إن السيد أقام البينة. (¬3) م ف: ولم أعتقه. والتصحيح من ط. (¬4) ف: أعتقه. (¬5) م: بينة. (¬6) م: بينة؛ غ: بينته. (¬7) غ - ألفا.

المكاتبة (¬1) إذا أدى ألفاً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن لم تكن شهدت الشهود أن المولى قال له: إذا أديت ألفاً فأنت حر، ولكن شهدوا أنه كاتبه على ألف ونجمها عليه نجوماً؟ قال: ليسا سواء، ولا يعتق حتى يؤدي ألفاً أخرى، ويؤخذ ببينة السيد، ولا يعتق. ألا ترى لو أن رجلاً كاتب عبداً له ولم يقل في مكاتبته: إذا أديت مكاتبتك فأنت حر، كان حراً إذا أدى المكاتبة. قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً له فادعى المولى أنه كاتبه على ألف درهم وقال العبد: كاتبتني على خمسين ديناراً؟ أقال:، فالقول قول العبد، والبينة على المولى في قول أبي حنيفة الآخر. قلت: أرأيت إن قال للمولى: كاتبتني على وصيفة، وقال السيد: بل كاتبتك على ألف؟ أقال:، فالقول قول العبد، والبينة على المولى في قول أبي حنيفة الآخر. قلت: وكذلك لو قال: كاتبتني على ثوب زُطِّي، أو ثوب يهودي أو ثوب هَرَوِي؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو قال: كاتبتني على كذا كذا رطلاً من زيت أو سمن؟ قال: نعم. قلت: وكذلك كل شيء ادعى أنه كاتبه عليه مما تجوز عليه المكاتبة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن قال للقاضي: استحلفه على ما قال، هل يستحلفه؟ قال: نعم. قلت: فهل يؤخذ بما قال السيد إن أبى أن يحلف؟ قال: نعم. قلت: وكذلك العتاقة على جُعْل؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً له فاختلفا في المكاتبة، فقال المكاتب: كاتبتني على نفسي ومالي على ألف درهم، وقال السيد: بل كاتبتك على نفسك دون مالك، ما القول في ذلك؟ قال: القول قول السيد، ولا يكون للمكاتب مما في يديه من (¬2) ماله شيء إلا أن يقيم البينة على ما ادعى. قلت: ويلزمه جميع المكاتبة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن أقاما جميعاً البينة؟ قال: آخذ ببينة (¬3) العبد، وأجعله مكاتباً على نفسه وماله. قلت: ولم وقد أقام السيد البينة؟ قال: لأن البينة على العبد، وهو المدعي، ولا أقبل بينة السيد على هذا. ¬

_ (¬1) ط: المكاتب. (¬2) غ: شيء. (¬3) غ: بينة.

قلت: أرأيت إن اختلف السيد والمكاتب فقال المكاتب: كاتبتني على نفسي وولدي على ألف درهم، وقال السيد: بل كاتبتك وحدك؟ [قال:] فالقول قول السيد، والبينة على المكاتب. قلت: أرأيت إذا اختلف السيد والمكاتب فقال السيد: كاتبتك يوم كاتبتك وهذا المال في يدك وهو مالي، وقال العبد: بل أصبته بعد ما كاتبتني، ولا يعلم متى كاتبه؟ قال: القول قول المكاتب، وما في يده من مال فهو له إلا أن يقيم السيد البينة أنه كان في يده قبل المكاتبة. قلت: ولم؟ قال: لأن السيد أقر بأنه مكاتب، ولا يصدق على ما في يديه من مال إلا ببينة. قلت: أرأيت إن أقاما جميعاً البينة وشهدت شهود المولى أن هذا المال كان في يده وهو عبد قبل أن يكاتبه وشهدت شهود العبد أنه اكتسبه بعد ذلك؟ قال: لا أقبل بينة المكاتب (¬1) على هذا. قلت: وكذلك لو كان في يد المكاتب عبد فأقام السيد على العبد البينة أنه عبده وأنه كان في يد المكاتب قبل أن يكاتبه وأقام المكاتب البينة أنه اشتراه بعد المكاتبة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل إذا كاتب عبده فادعى عليه أنه كاتبه على مال مكاتبة فاسدة وقال المولى: ما شرطت لك شيئاً من ذلك، ما القول في ذلك؟ قال: القول قول المولى، ويلزمه (¬2) المكاتبة. قلت: أرأيت إن أقام العبد البينة على ما ادعاه من ذلك هل تفسد المكاتبة؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو ادعى المولى مكاتبة فاسدة وأنكر العبد؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل إذا كاتب عبده فاختلفا، فقال السيد: كاتبتك على ألف إلى سنة، وقال العبد: بل كاتبتني إلى سنتين؟ (¬3) قال: القول قول المولى (¬4)، والبينة على العبد. قلت: أرأيت (¬5) إن أقاما جميعاً البينة؟ قال: آخذ ببينة العبد، وأجعل الأجل سنتين. قلت: أرأيت إن ادعى المولى أنها ¬

_ (¬1) م: المكاتبة. (¬2) غ: وتلزمه. (¬3) غ: على سنتين. (¬4) غ: السيد. (¬5) ف - أرأيت؛ غ + إن ادعى المكاتب.

حالة، وقال المكاتب: إلى أجل كذا وكذا؟ قال: هذا وذاك سواء. قلت: أرأيت إن ادعى المكاتب أنه كاتبه على ألف درهم ونجم عليه كل شهر مائة، وقال السيد: إنما نجومك مائتان في كل شهر، واختلفا في ذلك، ما القول في ذلك؟ قال: القول قول السيد، والبينة بينة العبد. قلت: ولم؟ قال: لأن السيد لو ادعى أنها حالة كان القول (¬1) قوله. قلت: أرأيت إن أقاما جميعاً البينة، فأقام السيد البينة أن نجومه كانت كل شهر مائتين (¬2)، وأقام العبد البينة (¬3) أنها كل شهر مائة، ما القول في ذلك؟ قال: آخذ ببينة العبد. قلت: ولم؟ قال: لأن العبد قد ادعى فضل الأجل وأقام عليه البينة. قلت: أرأيت الرجل إذا كاتب عبده فاختلفا في المكاتبة فقال العبد: كاتبتني على مائة دينار، وأقام البينة، وقال السيد: كاتبتك على ألف درهم، وأقام بينة ببينة من تأخذ؟ قال: ببينة السيد. قلت: ولم؟ قال: لأنه هو المدعي، ولأن الحق حقه. قلت: أرأيت إن جاء لم المكاتب بالمائة دينار هل يعتقه (¬4) القاضي ويجبر مولاه على أخذها ويرجع عليه بفضل الألف؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن البينة بينة السيد. قلت: وكذلك لو ادعى أنه كاتبه على وصيف أو على ثوب يهودي أو ثوب زُطِّي أو على شيء من العروض مما تجوز عليه المكاتبة فأقام بينة؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو زعم شهود المولى أن هذا المال كان في يده وهو عبد قبل أن يكاتبه وشهدت شهود المكاتب أنه أصابه بعد المكاتبة؟ كال: آخذ ببينة المولى، وأجعله له. قلت: ولم؟ قال: لأن المولى مدع (¬5) له. قلت: أرأيت إن اختلف المكاتب والسيد فقال العبد: كاتبتني على ألف وجعلتني حراً إن أديتها وقد أديتها إليك، وأقام السيد البينة أنه كاتبه على ألفين؟ قال: العبد حر إذا أدى ألفاً، والألف الباقية دين عليه. ¬

_ (¬1) م ط + قول السيد والبينة بينة العبد قلت ولم قال لأن السيد لو ادعى أنها حالة كان القول. (¬2) غ: مائتان. (¬3) غ - البينة. (¬4) م - بالمائة دينار هل يعتقه (غير واضح). (¬5) غ: مدعي.

قلت: أرأيت الرجل إذا كاتب أمة له واختلف السيد والمكاتبة في ولدها فقال السيد: ولدتيه قبل أن أكاتبك، وقالت المكاتبة: ولدته في المكاتبة، ما القول في ذلك؟ قال: إن كان الولد في يد السيد فالقول قوله، وإن كان الولد في يد المكاتبة فالقول قولها إذا لم يعلم متى ولدته. قلت: أرأيت إن كان الولد في يد السيد وأقاما جميعاً البينة على ما ادعيا؟ قال: آخذ ببينة المكاتبة، وأجعل الولد ولدها مكاتباً معها بمنزلتها. قلت: أرأيت إن كان الولد في يدها فأقاما جميعاً البينة على ما ادعيا؟ أقال، (¬1): فإني آخذ أيضاً ببينة المكاتبة. قلت: ولم والسيد هو المدعي هاهنا؟ قال: لأن المكاتبة قد أقامت البينة أنها قد ولدته بعد المكاتبة، فقد جرى فيه ما جرى في أمه، ولا أقبل بينة السيد على الرق. قلت: وهذا القياس؟ قال: نعم. ألا ترى لو أن رجلاً أعتق أمة له ولها ولد وولدها في يدها كان حراً معها، فإن ادعى السيد بأنها (¬2) ولدته قبل العتق وأقام البينة وأقامت هي البينة (¬3) أنها ولدته بعد العتق كانت البينة بينتها، وكان حراً. وكذلك المكاتبة. قلت: أرأيت الرجل إذا كاتب أمة له فولدت له ولداً في مكاتبتها ثم إن الأمة ماتت واختلف السيد والولد في المكاتبة (¬4) فقال السيد: كانت المكاتبة ألفاً، وقال الولد: خمسمائة؟ قال: القول قول الولد، والبينة على السيد، والولد في ذلك بمنزلة أمه في قول أبي حنيفة الآخر. قلت: أرأيت إن ادعى الولد أنه أدى المكاتبة إلى السيد هل يصدق؟ قال: لا، إلا أن يقيم بينة. قلت: القول قول ولد المكاتبة في جميع ما جعلت فيه القول قول الأم؟ قال: نعم. قلت: وكذلك ولد المكاتب إذا ولد له في مكاتبته؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا كاتب أمة له وللمولى ابن صغير، فكبر الابن ومات الأب، فاختلف الابن والمكاتب في المكاتبة، فادعى الابن ألفاً (¬5)، وادعى المكاتب خمسمائة، ما القول في ذلك؟ قال: القول قول ¬

_ (¬1) من ط. (¬2) ف: أنها. (¬3) غ - بأنها ولدته قبل العتق وأقام البينة وأقامت هي البينة. (¬4) ف: في مكاتبتها. (¬5) غ: ألف.

باب كتاب مكاتبة المريض

المكاتب. قلت: وكذلك إذا كان المولى حربياً فدخل إلى دار الإسلام بأمان والعبد مسلم أو ذمي؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الذمي إذا كاتب عبداً له مسلماً (¬1) فاختلفا في المكاتبة، فادعى المولى ألفاً، وقال العبد: خمسمائة، وأقام المولى بينة من النصارى على ما يدعي، هل تقبل بينته؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن العبد مسلم، فلا تجوز عليه شهادة أهل الذمة. قلت: وكذلك لو كان المولى مسلماً والعبد ذمياً فجحد المولى المكاتبة فأقام العبد البينة من النصارى أنه كاتبه؟ قال: نعم، لا يجوز أيضاً. قلت: أرأيت إن كالظ المولى حربياً ومعه قوم من أهل الحرب فدخل بأمان فاشترى رجل منهم عبداً من أهل الذمة وكاتبه، فادعى المولى أنه كاتبه على ألف درهم (¬2) فأقام بينة من أهل الحرب ممن كان دخل معه بأمان، وقال العبد: بل كاتبتني على خمسمائة، هل تجوز شهادة الذين معه من أهل الحرب؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن العبد ذمي، ولا تجوز شهادة أهل الحرب على أهل الذمة. ... باب كتاب مكاتبة المريض قلت: أرأيت رجلاً له ألفا درهم كاتب عبداً له في مرضه على ألف درهم وقيمة العبد ألف درهم ونجم عليه المكاتبة نجوماً هل تجوز المكاتبة؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن العبد (¬3) ثلث ماله. قلت: أرأيت إن كان العبد قيمته تكون أكثر من الثلث وقد كاتبه على قيمته سواء، ما القول في ذلك؟ قال: يخير العبدة فإن شاء عجل ما زاد من قيمته على الثلث وأدى ما بقي على نجومه، وإن أبي رد في الرق. قلت: أرأيت إن أدى فعجل ما عليه من الفضل هل يحسب من شيء من نجومه التي عليه؟ ¬

_ (¬1) غ: مسلم. (¬2) م غ - درهم. (¬3) م ف غ: للعبد. والتصحيح من ب جار ط.

قال: نعم، كل نجم بحصته من ذلك. قلت: ولم؟ قال: لأنه كان عليه أن يعجله، وإنما عليه النجوم فيما بقي عليه من قيمته. قلت: أرأيت رجلاً مريضاً كاتب عبداً له على ألفي درهم وقيمته ألف درهم وقد ترك ألفاً سوى العبد ما القول في ذلك؟ قال: يخير العبد؛ فإن شاء عجل ألفاً وأدى ما بقي عليه على نجومه، وإن أبى رد في الرق. قلت: ولم؟ قال: لأنه ليس للميت أن يستهلك أكثر من ثلثه ولا يوصي به. وفيها قول آخر: إنه يجمع (¬1) قيمة العبد وما ترك الميت من مال سوى العبد وسوى مكاتبته ثم يقال للعبد: لك ثلث ذلك من نجومك وأَدِّ ما بقي وإلا رددناك (¬2) في الرق، وإذا لم يترك مالاً سوى العبد فإنه يقال له: أَدِّ ثلثي قيمتك حالة، وما بقي فهو لك وصية على النجوم، وإلا رددناك في الرق. قلت: أرأيت إن لم يكن للميت مال غير العبد فكاتبه (¬3) على ثلاثة آلاف درهم وهي قيمته وقد كاتبه في مرضه ما القول في ذلك؟ قال: يقال للعبد: عجل ثلثي قيمتك ألفي درهم وأَدِّ ما بقي على النجوم، فإن أبى رد في الرق. قلت: أرأيت إن كانت قيمة العبد ثلاثة آلاف وكاتبه (¬4) في مرضه على ألفي درهم ونجمها عليه نجوماً ما القول في ذلك؟ قال: يقال للمكاتب: أَدِّ جميع ما كاتبك عليه حالاً، فإن أدى فهو حر، وإن أبى رد في الرق. قلت: ولم؟ قال: لأنه قد أوصى له بثلث قيمته، فإن لم يفعل رد في الرق. قلت: أرأيت إن كان كاتبه على ألفي درهم في مرضه وقيمته ثلاثة آلاف درهم ثم مات المولى ما القول في ذلك؟ قال: يقال للمكاتب: أَدِّ (¬5) ثلثي قيمتك ألفين وعَجِّلْها، فإن أدى عتق، وإن أبى رد في الرق، ولا يجوز أن يوصى له بأكثر من ثلثه. قلت: أرأيت رجلاً حضره الموت وله عبد قيمته ثلاثة آلاف درهم وليس له مال غيره فكاتبه على ألف درهم وقبضها منه في مرضه ثم مات ما القول في ذلك؟ قال: يعتق العبد، وعليه أن يسعى في ألف ¬

_ (¬1) م ف غ ط: يجتمع. وفي ب جار: ينظر إلى. (¬2) غ: رددت. (¬3) م غ ط: مكاتبة. (¬4) غ: فكاتبه. (¬5) غ: أدني.

أخرى تمام ثلثي قيمته، ولا يجوز في قيمته إلا الثلث. قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً له في صحته فلما حضره الموت قال: قد قبضت منك جميع المكاتبة، ولا يعلم ذلك إلا بقوله، وذلك في مرضه، ما القول في ذلك؟ قال: السيد مصدق، ويبرأ من المكاتبة، ويعتق. قلت: ولم؟ قال: لأنه كاتبه في صحته. قلت: ولو كاتبه على ألف (¬1) درهم في صحته وقيمته خمسمائة فلما حضره الموت أعتقه ثم مات من ذلك المرض ولم يكن قبض منه شيئاً من مكاتبته قبل ذلك؟ قال: يعتق ويسعى في ثلثي قيمته، وتبطل المكاتبة. قلت: ولم والمكاتبة أكثر من القيمة وقد رضي بها في الصحة؟ قال: لأنه أعتقه في مرضه، فكأنه لم يكاتبه قبل ذلك. قلت: أرأيت إن كان وهب [له] (¬2) جميع ما له عليه من المكاتبة حين حضره الموت؟ قال: هو حر، ويسعى في ثلثي قيمته. قلت: وهذا بمنزلة الباب الأول؟ قال: نعم؛ لأن ذلك خير له من المكاتبة. ويسعى في ثلثي قيمته؛ لأنه متى ما أدى ثلثي قيمته عتق وإن كان على المكاتبة، في قول يعقوب. قلت: أرأيت إن كان أدى إلى المولى قبل ذلك من المكاتبة خمسمائة ثم أعتقه في مرضه؟ قال: يعتق ويسعى في ثلثي قيمته، ولا يحسب له بشيء (¬3) مما أدى إليه قبل ذلك. قلت: ولم؟ قال: لأنه قد بقي عليه مثل قيمته. قلت: أرأيت إن كان أدى إليه جميع مكاتبته إلا مائة درهم ثم أعتقه في مرضه أو وهب المائة ولا مال له غيره ما القول في ذلك؟ قال: يسعى في ثلثي المائة، ولا يسعى في ثلثي قيمته في هذا الوجه. قلت: ولم؟ قال: لأن ما بقي عليه من المكاتبة أقل من قيمته، وإنما يسعى في الأصل، إذا كانت قيمته أقل مما بقي سعى (¬4) في ثلثي قيمته، وإذا كان ما بقي أقل سعى في ثلثي ذلك. ¬

_ (¬1) ف: على ألفي. (¬2) من ط. (¬3) وعبارة ب جار: ولا يحتسب له يشيء. وعبارة السرخسي: ولا يحتسب له شيء. انظر: المبسوط، 8/ 66. (¬4) غ ط: يسعى.

قلت: أرأيت رجلاً حضره الموت فكاتب عبداً له على ألف درهم وهي قيمته وليس له مال غيره فأقر المولى أنه قد قبضها ثم مات في ذلك المرض ما القول في ذلك؟ قال: يعتق العبد ويسعى في ثلثي قيمته، ولا يصدق المولى على ذلك. وقال أبو حنيفة: إذا أعتقه في المرض وقد كان كاتبه في الصحة فإن العبد يخير؛ فإن شاء سعى في ثلثي قيمته، وإن شاء سعى في ثلثي ما عليه من المكاتبة. وقال أبو يوسف ومحمد: يسعى في الأقل من ذلك. قلت: أرأيت إن كان العبد ثلث ماله هل يصدق ويعتق ولا يكون عليه شيء؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن العبد الثلث، فكأنه أعتقه في هذا الوجه. قلت: أرأيت إذا كاتبه في مرضه وقيمته ألف بألف درهم قبضها منه ببينة ثم مات (¬1) هل يجوز ذلك ويعتق العبد؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن استهلك المولى المال ما القول في ذلك؟ قال: العبد حر. قلت: فهل يسعى في شيء بعد ذلك؟ قال: لا. قلت: أرأيت رجلاً حضره الموت فكاتب جارية على ألف والجارية حبلى فولدت ولداً ثم مات السيد من ذلك المرض ما القول في ذلك وليس له مال غيرها؟ قال: الأمة بالخيار؛ إن شاءت عجلت ثلثي قيمتها وأدت ما بقي على نجومها، فإن فعلت فإنها تعتق ويعتق ولدها؛ وإن أبت ردت ورد ولدها في الرق. قلت: أرأيت الولد عليه سبيل؟ قال: لا (¬2) إذا أدت ما عليها. قلت: أرأيت رجلاً حضره الموت فكاتب عبدين له في مرضه مكاتبة واحدة وجعل نجومهما واحدة وقيمتهما ألف درهم وكاتبهما على ألف ما القول في ذلك؟ قال: أخيرهما؛ فإن أديا ثلثي قيمتهما مضيا على سعايتهما فيما بقي، وإن أبيا ردا في الرق. قلت: أرأيت رجلاً كاتب أمة (¬3) في مرضه (¬4) بألف درهم وقيمتها ثلاثة آلاف ثم إنه صح وبرأ ثم إنه مرض بعد ذلك فمات قبل أن تؤدي المكاتبة ¬

_ (¬1) غ - ثم مات. (¬2) م - لا، صح هـ. (¬3) ف + له. (¬4) ف - في مرضه.

ما القول في ذلك؟ قال: مكاتبتها جائزة، وتسعى على نجومها. قلت: ولا تكلفها أن تعجل شيئاً؟ قال: لا. قلت: فكيف أجزت هذا وقد كان مريضاً وقيمتها أكثر مما كاتبها عليه؟ قال: لأنه حيث صح وبرأ (¬1) فكأنه كاتبها وهو صحيح. ألا ترى لو أن رجلاً كاتب عبداً له في صحته بأقل من قيمته جاز ذلك إذا مات قبل أن يؤدي المكاتبة. فكذلك الباب الأول. قلت: أرأيت إن كانت المكاتبة ولدت ولداً في مكاتبتها واشترت ولداً لها آخر في مكاتبتها هل لها أن تبيع الذي اشترت؟ قال: لا، وليس لها أن تبيع واحداً منهما. قلت: أرأيت إن ماتت المكاتبة ولم تدع شيئاً ما القول في ذلك؟ قال: يسعى الذي (¬2) ولدته في المكاتبة والذي اشترت فيما على أمهما على نجومها، والذي يلي الأداء المولود في المكاتبة، فإن أديا عتقا، وإن عجزا ردا في الرق. قلت: ولا يجب على الآخر (¬3) شيء من السعاية؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه لم يولد (¬4) في المكاتبة. ألا ترى أنها لو لم (¬5) تدع ولداً غيره بيع إلا أن يؤدي ما على أمه كله حالاً، وكان بمنزلة عبدها، والآخر لا يباع إذا سعى فيه. قلت: أرأيت إن سعى في ذلك فأدى المكاتبة هل يرجع على أخيه بشيء؟ قال: لا. قلت: ولم؟ (¬6) قال: لأنه أدى عن أمه. قلت: أرأيت إن ظهر للأم بعد ذلك مال كثير وقد أدى الابن جميع المكاتبة هل يرجع بما (¬7) يسعى في مال أمه فيأخذه؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن كسبه من تركتها، وما بقي فهو ميراث بينهما نصفان. قلت: أرأيت إن اكتسب هذا الولد الذي اشترى في المكاتبة مالاً والآخر على سعايته لمن يكون ما اكتسب؟ قال: يأخذه أخوه فيستعين به في مكاتبته. قلت: ولم؟ (¬8) قال: لأنه بمنزلة أمه. ألا ترى أن الأم لو كانت حية كان كسبه لها. قلت: (¬9) أرأيت إن أراد أن يسلمه في عمل فيأخذ كسبه فيؤدي ¬

_ (¬1) غ: وبرى. (¬2) م غ: للذي. (¬3) غ: على الأخرى. (¬4) غ: لم تولد. (¬5) ف - لم. (¬6) ف: لم. (¬7) ف: ما. (¬8) ف - قلت ولم. (¬9) م ط - قلت.

المكاتبة فإن أمره القاضي أو أمر أخاه (¬1) أن يؤاجره ويؤدي المكاتبة من إجارته؟ [قال]،: فهو جائز. وقال أبو يوسف ومحمد: نرى ما اكتسب الولد الذي اشترت الأم له، لا يأخذه أخوه. ولو لم يكن لها ولد غير الذي اشترت كان له أن يسعى فيما على أمه على النجوم. وكذلك كل ذي رحم محرم. وقال أبو حنيفة: إذا كاتب الرجل أمته فولدت في مكاتبتها ولداً فاشترت ولداً آخر ثم ماتت إنهما يسعيان في المكاتبة، وما اكتسب المولود في المكاتبة قبل الأداء بغير موت المكاتبة فهو له خاصة، وما اكتسب قبل موت المكاتبة فهو للمكاتبة، وما اكتسب أخوه المشتري (¬2) قبل موت المكاتبة وبعد موتها قبل الأداء فإن المكاتبة تؤخذ من ذلك، وما بقي فهو بينهما نصفان. قلت: أرأيت إن اكتسب المشتري مالاً كثيراً والآخر يسعى فأدى الآخر فعتقا ما حال المال الذي في يدي الذي اكتسب؟ قال: يكون بينه وبين أخيه نصفين في قول أبي حنيفة. قلت: ولم؟ قال: لأن (¬3) كسب هذه الأمة كأنه مال تركته الأم في قياس قول أبي حنيفة (¬4). قلت: وكذلك ما كان في يد الأخ الذي كان يسعى مما (¬5) اكتسب قبل العتق إذا وقع العتق (¬6) أيكون له ولأخيه؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه بمنزلة أمه. قلت: أرأيت رجلاً حضره الموت وله عبد بينه وبين شريك له فكاتبه شريكه الصحيح فكاتب نصيبه منه بأمر المريض ثم إن المريض مات فأبى الورثة أن يجيزوا المكاتبة أيكون ذلك لهم؟ قال: لا، والمكاتبة جائزة. قلت: ولم؟ قال: لأن المريض كان أجاز المكاتبة. قلت: أرأيت ما أخذ الذي كاتب من المكاتبة أيكون للورثة فيه نصيب؟ قال: ¬

_ (¬1) م ف غ: أمره القاضي أخذه. والتصحيح مستفاد من ط؛ والمبسوط، 8/ 70. (¬2) غ: المشترا. (¬3) م ط: لأنه. (¬4) غ - قلت ولم قال لأن كسب هذه الأمة كأنه مال تركته الأم في قياس قول أبي حنيفة. (¬5) ف: فيما. (¬6) غ: العيق.

نعم (¬1). قلت: ولم؟ قال: لأن المريض لم يأذن له في شيء من ذلك. قلت: أرأيت إن كان المريض قد كان (¬2) أذن (¬3) له في المكاتبة والقبض فقبض فأدى العبد المكاتبة إلى الآخر هل ترجع (¬4) الورثة عليه بشيء؟ قال: لا. قلت: ولم لا تأخذ الورثة شيئاً؟ قال: لأنه قد أذن لشريكه في القبض. قلت: أرأيت رجلاً حضره الموت وله عبد قيمته ألف (¬5) وليس له مال غيره فكاتبه في مرضه على ألف درهم ثم أقر أنه قد قبضها منه ثم مات ما القول في ذلك؟ قال: يسعى في ثلثي قيمته للورثة، وهو حر. قلت: ولم؟ قال: لأن السيد قد أقر بأنه حر قبل أن يموت فكأنه أعتقه. وقال أبو حنيفة: إذا أعتقه في المرض وقد كاتبه في الصحة فإن العبد يخير؛ فإن شاء سعى في ثلثي قيمته، وإن شاء سعى في ثلثي ما عليه من المكاتبة. وقال أبو يوسف ومحمد: نرى ما اكتسب الولد الذي اشترى في المكاتبة بعد موتها له؛ لأنه يأخذه أخوه. ولو لم يكن لها ولد غير الذي اشترت كان له أن يسعى فيما على أمه. وكذلك كل ذي رحم محرم. قلت: أرأيت المريض إذا حضره الموت وله عبدان قيمة كل واحد منهما ألف فكاتب العبدين على ألفين مكاتبة واحدة وجعل نجومهما واحدة إن أديا عتقا وإن عجزا ردا ثم إن أحدهما مات قبل موت السيد ثم مات السيد من ذلك المرض ما القول في ذلك؟ قال: يخير الباقي؛ فإن شاء عجل ثلثي المكاتبة وكان ما بقي عليه من مكاتبتة يؤديها على نجومه، فإن أبى رد في الرق. قلت: أرأيت إن عجل ثلثي المكاتبة كم يلزمه من ثلث المكاتبة أكلها أم قدر قيمته؟ قال: يسعى في ثلث جميع المكاتبة على ما ¬

_ (¬1) حكم الأفغاني بوجود سقط هنا ونقل عن المبسوط ما يؤيد ذلك. لكن ما حكم به ليس بسديد. لأن باقي العبارة عند المؤلف هو نفسه ما نقله الأفغاني من المبسوط. انظر: المبسوط، 8/ 70. (¬2) غ - كان. (¬3) ف - أذن. (¬4) غ: هل يرجع. (¬5) ف + درهم.

بقي من نجومه. قلت: أرأيت إن كان أحدهما مات بعد موت السيد ولم يؤد شيئاً أهو بهذه المنزلة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كانا خُيِّرَا فاختارا ثلثي قيمتهما فأديا ذلك وعجلا ثم إن أحدهما مات بعد ذلك ما القول في ذلك؟ قال: لا يسعى الثاني (¬1) في شيء. قلت: أرأيت إن مات أحدهما بعد موت السيد قبل أن يؤديا شيئاً أيخير وقد ترك مالاً كثيراً اكتسبه في المكاتبة؟ قال: يؤخذ جميع المكاتبة مما ترك، ويعتقان جميعاً، وترجع ورثة المكاتب بحصته من المكاتبة، إن كانت قيمتهما سواء (¬2) رجعوا عليه بنصف ذلك. قلت: فيؤخذ ذلك منه عاجلاً يؤديه أم تكون ديناً عليه (¬3) على ما كان عليهما من النجوم يؤديها؟ قال: هي عليه على ما كان عليهما من النجوم. قلت: ولم؟ قال: لأنه إنما كان ضمن عنه (¬4) حصته من المكاتبة نجوماً. ألا ترى لو أن أحدهما عجل المكاتبة عتقا جميعاً، ولا يرجع على شريكه بحصته من المكاتبة إلا على نجومه التي كانت عليهما. وهذا بمنزلة رجلين ضمنا ضماناً إلى أجل فكفل كل واحد منهما بما على صاحبه- قال - فعجل أحدهما المال قبل الأجل، فلا يرجع على صاحبه حتى يحل الأجل، فكذلك المكاتبان (¬5). قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً له على ألف درهم في مرضه وقيمته مائة ولا مال له غيره؟ قال: يقال (¬6) له: عجل ثلثي ألف درهم، وثلث عليك على النجوم، وإلا رددت في الرق. وهذا (¬7) قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: يقال له: عجل ثلثي قيمتك، وما بقي فهو على النجوم، فإن أبى رد في الرق. ¬

_ (¬1) غ: الباقي. (¬2) م - ويعتقان جميعاً وترجع ورثة المكاتب بحصته من المكاتبة إن كانت قيمتهما سواء (غير واضح). (¬3) م - منه عاجلا يؤديه أم تكون دينا عليه (غير واضح). (¬4) م غ ط + حصة. (¬5) ف: المكاتبتين؛ غ: المكاتبين. (¬6) ف: فقال. (¬7) ف + في.

باب نكاح المكاتب والمكاتبة

قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً له فلما مرض قال: استوفيت ما عليه؟ قال: يصدق ويعتق؛ لأنه كاتبه في الصحة. ... باب نكاح المكاتب والمكاتبة قلت: أرأيت مكاتباً بغير إذن مولاه تزوج هل تجيز نكاحه؟ قال: لا إلا أن يجيزه المولى. قلت: وكذلك المكاتبة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن أجاز ذلك السيد هل تجيز النكاح؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن لم يعلم ذلك حتى أدى المكاتب المكاتبة وعتق هل يجوز نكاحه؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنه قد كان حرا. ألا ترى لو أن عبداً تزوج بغير إذن مولاه فأعتقه مولاه ولا يعلم كان نكاحه ذلك جائزا. قلت: وكذلك المكاتب؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المكاتب إذا اشترى امرأته ما حالها وهل يفسد النكاح؟ قال: هي امرأته على حالها، وله أن يجامعها بالنكاح. قلت: فهل له أن يبيعها؟ قال: نعم إن لم يكن له منها ولد عنده. قلت: أرأيت إن كانت قد ولدت منه قبل أن يملكها وليس عنده منها ولد أيبيعها؟ قال: نعم، وإنما أستحسن أن يبيعها (¬1) إذا لم يكن عنده منها ولد له، وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يبيعها، والمكاتب على حاله. قلت: أرأيت إذا أدى المكاتبة هل يفسد النكاح؟ قال: نعم، النكاح فاسد. قلت: أرأيت المكاتب إذا زوج أمة له هل يجوز تزويجه؟ قال: نعم. قلت: أفرأيت إن زوج عبداً له هل يجوز نكاحه؟ قال: لا. قلت: ولم لا يجوز أن يزوج عبده؟ قال: لأن المهر يلزمه والنفقة، وليس له في هذا منفعة. قلت: أرأيت إن زوج عبده أمته هل يجوز ذلك؟ قال: لا؛ لأنه لا ¬

_ (¬1) م - قال: نعم وإنما أستحسن أن يبيعها (غير واضح).

باب إذن المكاتب وإذن المكاتبة في التجارة

يقع للمكاتب في هذا منفعة، وفي ذلك ضرر. ألا ترى أنه لو باع الأمة لزم العبد نفقتها (¬1) إذا جاز نكاحه، فلا يجوز ذلك. قلت: أرأيت المكاتب إذا أدى بعض المكاتبة أله أن يتزوج؟ قال: لا، حتى يعتق ويؤدي جميع ما عليه. قلت: أرأيت إن تزوج بغير إذن سيده ودخل بامرأته ثم فرق السيد بينهما هل يلزمه المهر؟ قال: لا حتى يعتق. قلت: ولم لا يلزمه حتى يعتق؟ قال: لأن هذا ليس بشيء يلزمه من قِبَل شراء ولا بيع. قلت: أرأيت إن أعتقه السيد بعد ذلك هل يلزمه المهر؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن أذن له المولى في النكاح فتزوج أيلزمه المهر؟ قال: نعم. قلت: ويجوز النكاح؟ قال: نعم. قلت: أفرأيت المكاتب إذا زوجه مولاه أمة له هل يجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: فهل يلزمه المهر لمولاه؟ قال: نعم. وبالله التوفيق. ... باب إذن المكاتب وإذن المكاتبة في التجارة قلت: أرأيت مكاتباً أذن لعبده في التجارة هل يجوز؟ قال: نعم. قلت: وكذلك المكاتبة؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو أذن لأمة له في التجارة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت العبد إن استدان ديناً هل يلزمه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا جاء الغرماء يطلبون العبد بالدين ما القول في ذلك؟ قال: الدين في رقبته، فإن أدى عنه المكاتب وإلا بيع لهم العبد في دينهم. قلت: ويجوز للمكاتب أن يؤدي عنه الدين؟ قال: نعم. قلت: وإن كان الدين أكثر من قيمته؟ قال: وإن. قلت: وإن عجز بعد ذلك جاز ما صنع من ذلك؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن للمكاتب أن يأذن لعبده في التجارة يشتري ويبع؛ لأنه مسلط (¬2) على ذلك. قلت: أفرأيت إن ¬

_ (¬1) غ: نفقها. (¬2) م - لأنه مسلط (غير واضح).

عجز المكاتب والدين في عنق العبد هل يلزم العبد الدين بعد العجز؟ قال: نعم. قلت: فإن أدى عنه مولى العبد وإلا بيع لهم في دينهم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن عجز المكاتب وعليه دين كثير وفي رقبة (¬1) عبده هذا دين ما القول في ذلك وليس في يد المكاتب مال؟ قال: يكون دين المكاتب في رقبة المكاتب يباع فيه أو يؤدي عنه مولاه، ويكون دين العبد في عنقه لغرمائه، فإن أدى عنه مولاه وإلا بيع لهم. قلت: أفرأيت إذا بيع المكاتب ولم يكن فيه وفاء بدينه وفي ثمن العبد فضل (¬2) على الدين الذي كان في رقبته لمن يكون ذلك الفضل؟ قال: لغرماء المكاتب. قلت: ولم؟ قال: لأنه مال المكاتب، فغرماؤه أحق بماله من مولاه. قلت: أرأيت إن أدى مولى العبد ما على العبد من دين من ماله وليس في رقبة المكاتب وفاء بما عليه من الدين هل يكون لغرمائه أن يبيعوا العبد بعد ذلك لفضل دينهم؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن العبد مال المكاتب. قلت: أرأيت إن أدى مولى العبد دين العبد إلى غرمائه بغير إذن القاضي (¬3) أيكون كأن أدى بإذن القاضي؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان على العبد دين كثير، فأدى المولى إلى بعضهم، وقد جاء بعضهم يطلب، والآخرون غُيَّب، فقضى القاضي بينهم، فأدى المولى عنه، ثم جاء الباقون بعد ذلك، فخاصموا المولى، فلم يكن عنده ما يؤدي ما على العبد، فبيع العبد، هل يكون للمولى من ثمنه بقدر ما أدى يحاصّ بذلك في الثمن؟ قال: لا، ولا يحاصّ من لم يقبض منهم من المولى من اقتضى منه، لأن دينهم مختلف. لأن كل واحد منهم حقه على حدة. ولو كان أصل دينهم هم فيه شركاء كانوا يحاصّونه (¬4) فيما قبضواة لأن دينهم واحد، فلا (¬5) يأخذ بعضهم منه شيئاً إلا يشركه فيه الباقون (¬6). قلت: وكذلك لو أن رجلاً أذن لعبده في التجارة فاستدان ديناً فجاء بعض الغرماء يخاصم فأدى المولى إليهم دينهم بقضاء القاضي ولم يكن عنده ما يؤدي إلى الباقين أهو بهذه المنزلة؟ قال: ¬

_ (¬1) ف: رقبته. (¬2) م - فضل (غير واضح). (¬3) ف غ: قاضي. (¬4) م: يخاصمونه (¬5) غ: ولا. (¬6) ف: الباقي.

نعم. قلت: أرأيت إن أدى (¬1) المولى إلى بعض الغرماء الدين ثم جاء الباقون بعد ذلك وليس عند المولى ما يؤدي عنه أيباع جميع العبد أو قدر حصته من ذلك؟ قال: يباع جميع العبد، فيكون للغرماء. قلت: أرأيت المكاتب إذا أذن لعبده في التجارة فاستدان العبد أو لم يستدن ثم إن المكاتب عجز ورد في الرق فاشترى العبد بعد ذلك وباع (¬2) هل يكون على إذنه ما لم يحجر عليه المولى؟ قال: لا يكون على إذنه ما لم يحجر عليه المولى (¬3)، ولا يلزمه ما اشترى (¬4) وباع. قلت: ولم؟ قال: لأنه إذا عجز المكاتب فهو حجر عليه. قلت: أرأيت إن أدى المكاتب أو عتق هل يكون العبد على إذنه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المكاتب (¬5) إذا أذن لعبده في التزويج هل يجوز ذلك؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن هذا ضرر على العبد. ألا ترى أن المهر يلزمه والنفقة، فيكون ذلك في عنق العبد، فلا يجوز أن يأذن لعبده في التزويج. قلت: أرأيت إن أذن لأمته أو زوجها هل يجوز ذلك؟ قال: نعم، أستحسن في هذا أن أجيزه. قلت: ولم؟ قال: لأنه يأخذ لها مهراً، والعبد إنما يغرم عنه. قلت: وينبغي في القياس أن لا يجوز؟ قال: نعم، ولكنا نستحسن ونجيزه في الأمة. قلت: أرأيت المكاتب إذا أذن لعبده في التجارة فأدانه مولى العبد المكاتب ديناً أو أدانه العبد ديناً هل يلزم كل واحد منهما الدين لصاحبه؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنه ليس له بعبد، وإنما هو عبد للمكاتب. ألا ترى أنه لو أدان للمكاتب ديناً لزمه ذلك. فكذلك العبد. قلت: أرأيت إن عجز المكاتب بعد ذلك وعليه دين كثير هل يكون دين المولى في رقبة العبد وليس في رقبة المكاتب وفاء بالدين الذي عليه؟ قال: إذا عجز ¬

_ (¬1) ف غ: إذا أدى. (¬2) م + هل يلزمه. (¬3) م + قال لا يكون على إذنه. (¬4) م ف غ: مما اشترى. والتصحيح من ط. (¬5) ف - أو عتق هل يكون العبد على إذنه قال نعم قلت أرأيت المكاتب.

باب كتاب الخيار في المكاتبة

المكاتب بطل دين المولى (¬1) الذي كان على العبد، فصار العبد لغرماء المكاتب. قلت: ولم وقد كان الدين لازماً له قبل ذلك؟ قال: لأنه قد صار عبداً فبطل دينه. قلت: أرأيت المكاتب إذا أذن لعبده في التجارة فاستدان العبد ديناً ثم إن المكاتب مات وترك ولداً كان ولد له في المكاتبة وعلى العبد دين ما القول في ذلك؟ قال: غرماء العبد أحق به (¬2) من المولى، يباع لهم في دينهم، فإن فضل شيء كان للمولى من المكاتبة. قلت: أفرأيت العبد إن اشترى بعد ذلك وباع هل يلزمه شيء من (¬3) ذلك؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه حيث مات المكاتب فذلك بمنزلة الحجرة لأنه قد صار لغيره. قلت: أرأيت إن أذن له الابن بعد ذلك في الشراء والبيع هل يجوز ذلك؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن العبد قد صار للغرماء. قلت: أرأيت المكاتب إن أذن لعبده في التجارة فاستدان العبد ديناً فدفعه المولى إلى الغرماء بدينهم هل يجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: ويكون ذلك بمنزلة حر أذن لعبده في التجارة؟ قال: نعم. قلت: ويجوز للمكاتب من هذا ما يجوز للحر؟ قال: نعم. ... باب كتاب الخيار في المكاتبة قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً له على أنه بالخيار يوماً هل يجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان بالخيار يومين؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان بالخيار ثلاثة أيام؟ [قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان الخيار ¬

_ (¬1) م ف غ + على. والتصحيح من ب جار ط. (¬2) ف - به. (¬3) م - إن اشترى بعد ذلك وباع هل يلزمه شيء من (غير واضح).

أكثر من ثلاثة أيام] (¬1) هل تجوز المكاتبة؟ قال: لا في قول أبي حنيفة. قلت: لم؟ (¬2) قال: لأن الخيار لا يكون أكثر من ثلاثة أيام. قلت: أفرأيت إن رضي المولى المكاتبة قبل أن تمضي الثلاثة الأيام وقد اشترط خياراً أكثر من ثلاثة أيام هل تجوز المكاتبة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن لم يُجِزْ حتى مضت الأيام الثلاثة؟ قال: المكاتبة فاسدة مردودة. قلت: أفرأيت إن كاتب الرجل عبده والعبد بالخيار يوماً هل تجوز المكاتبة؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن كان المولى بالخيار يومين أو ثلاثة؟ قال: نعم. قلت (¬3): فله أن يترك المكاتبة في الثلاثة الأيام أو يقبل؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن كان العبد بالخيار إن شاء رد وإن شاء أجاز؟ قال: نعم. قلت: أفرأيت إن لم يقبل ولم يرد حتى مضى الخيار هل تلزمه المكاتبة؟ قال: نعم. قلت: وسواء إن كان المولى بالخيار أو المكاتب؟ قال: نعم. قلت: فإن كاتبه على أن العبد بالخيار أكثر من ثلاثة أيام هل تفسد المكاتبة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن أجاز (¬4) المكاتب المكاتبة في الثلاث هل تجيزها؟ قال: نعم. قلت: وإن مضت ثلاثة أيام قبل أن يختار بطلت المكاتبة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا كاتب الرجل عبده على أنه بالخيار يوماً أو يومين أو ثلاثة أيام ثم إن السيد مات قبل أن يمضي الخيار أو قبل أن يرد أو يجيز (¬5) ما القول في ذلك؟ قال: المكاتبة جائزة، وموته بمنزلة إجازته المكاتبة. قلت: أرأيت إذا كاتب الرجل عبده على أنه بالخيار ثلاثة أيام فاكتسب المكاتب مالاً في الثلاثة الأيام ثم أجاز المولى المكاتبة لمن يكون ذلك ¬

_ (¬1) من ط. وقد زاده الأفغاني استنادا إلى ما ورد في الكافي حيث يقول: ويجوز من اشتراط الخيار في الكتابة ما يجوز في البغ، فإن اشترط أكثر من ثلاثة أيام لم يجز في قول أبي حنيفة انظر: 1/ 110 و. (¬2) ف: ولم. (¬3) ف - قلت. (¬4) م غ: إن أجال؛ ف: إن أحال. (¬5) ف: أو أن يجيز؛ ط: أو يخير.

المال؟ قال: للعبد. قلت: ولم؟ قال: لأن المكاتبة إنما وقعت يوم كاتبه. قلت: وكذلك لو كان وهب له مال في الأيام الثلاثة؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كاتب مكاتبة فوطئها السيد لشبهة في الأيام الثلاثة كان المهر لها؟ قال: نعم. قلت: أفرأيت إذا كانت المكاتبة بالخيار فاكتسبت مالاً أو وهب لها مال في هذه الأيام ثم اختارت المكاتبة لمن يكون ذلك المال الذي في يديها؟ قال: لها. قلت: أرأيت رجلاً كاتب أمة له على أنه بالخيار ثلاثة أيام فولدت الأمة في الأيام الثلاثة ثم أجاز السيد المكاتبة بعد ذلك ما القول في ذلك؟ قال: المكاتبة جائزة، وولدها مكاتب. قلت: ولم؟ قال: لأن ولد المكاتبة (¬1) منها، فإذا جازت المكاتبة فإن (¬2) قيمة الولد للأم. قلت: ولم؟ قال: لأنه منها. قلت: أفرأيت الرجل إذا كاتب أمته على أنه بالخيار ثلاثة أيام فولدت ولداً في الأيام الثلاثة ثم باع السيد الولد في الأيام الثلاثة أو وهبه أو تصدق به على إنسان وقبضه أو أعتقه ما القول فيه؟ قال: بيعه جائز، وما صنع فيه من شيء فهو جائز، وهذا رد للمكاتبة. قلت: ولم؟ قال: لأن هذا عندي بمنزلة البيع. ألا ترى لو أن رجلاً باع جاريته وهو بالخيار ثلاثة أيام فولدت ولداً فأعتق المولى الولد كان ذلك رداً للبيع. فكذلك المكاتبة. قلت: أرأيت إن مات الولد في الثلاثة الأيام ثم أجاز المكاتبة هل يجوز؟ قال: نعم. قلت: فهل يرفع عن الأم شيء من المكاتبة؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن الولد لم يكن مكاتباً (¬3) معها. قلت: أرأيت الرجل إذا كاتب أمته على أنه بالخيار ثلاثة أيام فولدت ولداً ثم إن السيد مات في الثلاثة الأيام؟ قال: المكاتبة جائزة، وهو بمنزلة إجازته المكاتبة. قلت: أرأيت إذا كاتب عبده على نفسه وولد له صغار على أنه بالخيار ثلاثة أيام فمات بعض ولده ثم أجاز المكاتبة ما القول في ذلك؟ ¬

_ (¬1) م ف غ ط: المكاتب. ويقول السرخسي: لأن ولدها في حكم جزء منها. انظر: المبسوط، 8/ 72. (¬2) م ف غ ط: قال. (¬3) غ: مكاتب.

قال: المكاتبة جائزة، ولا يرفع عن الأب بحصة الذي مات من المكاتبة. قلت: وكذلك لو أن رجلاً كاتب عبدين له مكاتبة واحدة وجعل نجومهما واحدة على أنه بالخيار ثلاثة أيام ثم إن أحدهما مات في الأيام الثلاثة قبل أن يختار ثم أجاز المكاتبة؟ قال: نعم، هما سواء، ويلزم الثاني جميع المكاتبة، فإن أدى عتق، وإن عجز رد في الرق. قلت: ولم؟ قال: لأنه لو كاتبهما مكاتبة واحدة بغير شرط ثم مات أحدهما لم يرفع عن الباقي شيء، فكذلك الباب الأول. قلت: أفرأيت إن كاتبهما جميعاً مكاتبة واحدة وجعل نجومهما واحدة على أنه بالخيار ثلاثة أيام ثم أعتق (¬1) أحدهما ما القول في ذلك؟ قال: عتقه جائز، وهذا رد للمكاتبة، والآخر عبده. قلت: أرأيت إن باع أحدهما أو وهبه أو تصدق به على رجل وقبضه؟ قال: هذا كله رد للمكاتبة. قلت: فهل يجوز البيع؟ قال: نعم. قلت: لم وقد باعه قبل أن يرد؟ قال: لأني قد جعلت البيع رداً. قلت: أرأيت الرجل إذا كاتب أمته على أنها بالخيار ثلاثة أيام ثم إنها ولدت ولداً في الأيام الثلاثة ثم إن السيد أعتق الولد هل تجيز عتقه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا اختارت المكاتبة هل يرفع عنها شيء من المكاتبة؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن الولد لم يكاتب معها، وأنها ولدت بعد المكاتبة. قلت: أرأيت إذا كاتب الرجل أمته وهو بالخيار ثلاثة أيام فولدت ولداً في الأيام الثلاثة ثم إن السيد أعتق الأم قبل أن تمضي الأيام وقبل أن يجيز المكاتبة أو يردها ما القول في ذلك؟ قال: تعتق الأم، ولا يعتق ولدها معها، وهذا رد للمكاتبة. قلت: ولو كانت هي بالخيار ثلاثة أيام ثم أعتقها عتق ولدها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا كاتب الرجل أمته وهو بالخيار ثلاثة أيام فولدت ولداً ¬

_ (¬1) م ف غ: ثم عتق. والتصحيح من ب جار ط.

ثم إن الأمة ماتت في تلك الأيام الثلاثة قبل أن يرد (¬1) المكاتبة أو يجيز (¬2) ما القول في ذلك؟ قال: إن شاء المولى أجاز المكاتبة للولد، وإن شاء ردها. فإن أجازها كان الولد بمنزلة أمه. وهذا استحسان. فأما في القياس فالمكاتبة باطلة؛ لأن الأمة (¬3) قد ماتت قبل جواز المكاتبة، فلا تجوز المكاتبة بعد ذلك. وهو قول محمد. قلت: أرأيت إن كانت الأم بالخيار ثلاثة أيام فماتت الأم في الثلاثة الأيام قبل أن تختار رد المكاتبة أو إجازتها (¬4) ما القول في ذلك؟ قال: موتها بمنزلة قبولها المكاتبة، ويسعى الولد (¬5) فيما على أمه، فإن أدى عتق، وإن عجز رد. قلت: أرأيت الرجل إذا كاتب أمته على أنه (¬6) بالخيار ثلاثة أيام فاشترت وباعت في هذه الأيام الثلاثة ثم إن المولى اختار رد المكاتبة أيجوز شراؤها وبيعها في الأيام الثلاثة فيما اشترت وباعت؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن المكاتبة لم تجز، ولا يكون هذا إذناً (¬7) لها في التجارة، وهذا عندي بمنزلة البيع، إلا أن يكون المولى رآها تشتري وتبيع في الثلاثة الأيام فلم يعترض عليها، فيكون هذا منه (¬8) إجازة للمكاتبة. ألا ترى لو أن رجلاً باع رجلاً عبداً على أن البائع بالخيار ثلاثة أيام وقبضه المشتري ثم إن المشتري أذن له في التجارة في هذه الأيام الثلاثة فاستدان ديناً ثم رد البائع البيع لم يلزمه شيء من ذلك؛ لأن البيع لم يقع. قلت: أرأيت إذا كان كاتبه على أن المكاتب بالخيار ثلاثة أيام ثم إن المكاتب اشترى في هذه الثلاثة الأيام وباع أيكون ذلك (¬9) رضى بالمكاتبة؟ قال: نعم، ويلزمه ما اشترى وباع. قلت: ولم جعلته رضى بالمكاتبة؟ قال: لأن هذا بمنزلة البيع. ألا ¬

_ (¬1) غ: أن ترد. (¬2) غ: أو تجيز. (¬3) غ: الأ. (¬4) ف غ: وإجازتها. (¬5) م: للولد. (¬6) غ: أنها. (¬7) غ: إذن. (¬8) م ف: فيه. والتصحيح من ط. وانظر: المبسوط، 8/ 73 - 74. (¬9) م + أيكون ذلك.

باب كتاب شراء المكاتب ولده وذوي الأرحام منه

ترى لو أن رجلاً باع عبداً على أن المشتري بالخيار ثلاثة أيام ثم أذن له المشتري في التجارة كان ذلك رضى بالبيع. فكذلك المكاتب. ... باب كتاب (¬1) شراء المكاتب ولده وذوي الأرحام منه قلت: أرأيت إذا اشترى المكاتب أباه هل له أن يبيعه؟ قال: لا. قلت: وكذلك إذا اشترى جده أو ولد ولده؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو ابتاع (¬2) جد أبيه أو جد أمه؟ قال: نعم، ليس له أن يبيع أحداً من هؤلاء. قلت: أرأيت إن ابتاع أخاه أو عمه أو خاله أو خالته أو ابتاع ابن أخيه أو ابن أخته هل له أن يبيع أحدا من هؤلاء؟ قال: نعم، له أن يبيع كل ما اشترى من ذي رحم محرم من كسبه (¬3) ما خلا والداً أو ولداً أو أما أو جدة أو ولد ولد. وأما الأخ أو العم أو ابن الاخ أو ما سوى ذلك فله أن يبيعهم. قلت: ولم وهما سواء في القياس؟ قال: هما (¬4) سواء في القياس، ولكنا نستحسن في الوالد والولد ومن سمينا في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يبيع ذا رحم محرم ولا أم الولد إذا اشتراهم، وكل من لم يكن للحر أن يبيعه فليس للمكاتب أن يبيعه. قلت: أرأيت المكاتب إذا ابتاع أباه أو ابنه أو أمه فأعتقه المولى هل يجوز عتقه؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو أعتق جداً أو ولد ولد؟ قال: نعم. قلت: ولم أجزت عتق المولى منهم ولا يملكهم وأنت لا تجيز عتقه لو أعتق رقيقاً للمكاتب؟ قال: لأن المكاتب ليس له أن يبيع أحداً من هؤلاء. قلت: أرأيت إذا ابتاع المكاتب جدة مولاه أو ذا رحم محرم من ¬

_ (¬1) غ + كتاب. (¬2) ف - جده أو ولد ولده قال نعم قلت وكذلك لو ابتاع. (¬3) م ف ط: من كسب. (¬4) ف غ: أحدهما.

نسب منه فأعتقه المولى هل يجوز عتقه؟ قال: لا في قول أبي حنيفة. قلت: لم؟ قال: لأنه بمنزلة رقيقه. ألا ترى أن للمكاتب أن يبيعهم. قلت: أرأيت المكاتب إذا ابتاع ابنه فاكتسب ابنه مالاً لمن يكون ذلك المال؟ قال: للمكاتب. قلت: أرأيت إن أدى المكاتب وعتق وفي يدي ابنه مال اكتسبه في المكاتبة لمن يكون ذلك المال؟ قال: للمكاتب. قلت: ولم؟ قال: لأن كسبه له، فما كان من شيء في يديه فهو له. قلت: أرأيت إذا ابتاع (¬1) المكاتب ابنه فاشترى ابن المكاتب وباع واستدان ديناً هل يجوز شراؤه ويلزمه الدين؟ قال: نعم. قلت: لم ولم يأذن له المكاتب في الشراء والبيع؟ قال: لأنه بمنزلة المكاتب. ألا ترى أنه ليس له أن يبيعه. قلت: أرأيت إن عجز المكاتب بعد ذلك أيكون ذلك الدين في رقبته؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن أدى المكاتب فعتق كان الدين عليه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المكاتب إذا اشترى ابنه ثم إنه مات ولم يدع (¬2) شيئاً هل يسعى الابن في المكاتبة؟ قال: لا، ولكنه يباع. قلت: ولم؟ قال: لأن هذا لا يكون بمنزلة ما ولد في المكاتبة. قلت: وكذلك لو كان ابتاع أباه؟ قال: نعم، إلا أن أبا حنيفة كان يستحسن في الابن خاصة إذا جاء بالمكاتبة حالة أن تقبل منه، ويعتق هو وأبوه. قلت: أرأيت إذا بيع أيأخذ المولى المكاتبة من الثمن؟ قال: نعم، يكون ثمنه بمنزلة مال تركه المكاتب، فيؤدي إلى المولى، فيأخذ المولى منه المكاتبة، ويعتق المكاتب، ويكون ما بقي لورثته إن كان له ورثة سوى المولى، وإلا فهو للمولى. قلت: أرأيت المكاتب إذا اشترى ابنته ثم إن السيد وطئها فعلقت منه فولدت ولداً هل يثبت النسب؟ قال: نعم. قلت: والولد ولده ويغرم عقرها ويكون العقر للمكاتب؟ قال: نعم. قلت: فهل تكون أم ولد له؟ قال: لا، وهي على حالها كما كانت. قلت: فهل على المولى قيمة الولد؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن الولد ولده بغير قيمة؛ لأن البنت ¬

_ (¬1) ف: إذا باع. (¬2) م: لم يدع.

التي وطئت لا تكون في هذه الحال بمنزلة خادم المكاتب. ألا ترى أنها تعتق بعتق (¬1) أبيها وترق برقه وليس للأب أن يبيعها. ألا ترى أن الأب إذا عجز صارت الابنة أم ولده. فإن أدى المكاتب عتق ولده معه، ولا تكون على السيد قيمته على تلك الحال، فكذلك لا يلزمه القيمة. قلت: أرأيت إذا استدان ولد المكاتب ديناً في شراء أو بيع ثم إن المولى وطئ الابنة فعلقت منه أو ولدت ثم إن الأم عجزت فردت في الرق ما القول في ذلك؟ قال: ترد، والولد حر، وتصير الابنة أم ولد للسيد. قلت: فما حال الدين الذي في رقبتها؟ قال: هو في رقبتها على حاله، وتسعى فيه للغرماء. قلت: ويضمن المولى الدين إذا كان وطئها بعدما لزمها الدين؟ قال: نعم، إن شاء الغرماء ضمنوه الأقل من قيمتها ومن الدين، وإن شاؤوا سعت لهم في الدين. قلت: أرأيت هل يكون على المولى قيمته للغرماء؟ قال: لا. قلت: أرأيت المكاتبة إذا ولدت ولداً في مكاتبتها فاشترى وباع واستدان دينا هل يلزمه ذلك ويجوز بيعه وشراؤه؟ (¬2) قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأنه بمنزلة أمه. قلت: أرأيت إن أدان (¬3) أمه ديناً أو أدانته (¬4) ديناً ثم أدت الأم فعتقمت (¬5) هل يلزم واحداً منهما من ذلك الدين شيء لصاحبه؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن مالها للمكاتبة قبل أداء المكاتبة، وما كان في يدها فهو للمكاتبة، فمن ثم لم يلزم واحداً منهما شيء (¬6) لصاحبه. قلت: أرأيت المكاتب إذا اشترى ابنه أو أباه فاشترى أبوه وابنه وباع هل يلزمه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن اشترى الابن ابناً له (¬7) هل يجوز؟ قال: نعم. قلت: فهل للمكاتب أن يبيعه؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه بمنزلة ابنه. قلت: أرأيت المكاتب إذا ابتاع أباه لمن يكون كسبه والجناية عليه؟ ¬

_ (¬1) غ - بعتق. (¬2) غ: شراؤه وبيعه. (¬3) م: إن أذن. (¬4) م: أو دانته؛ ف: أو داينه. (¬5) م ف غ: عتقت. (¬6) غ: شيئا. (¬7) م غ: لها؛ ف: ابنتا لها. والتصحيح من ط.

باب كتاب مكاتبة أم الولد والمدبرة

قال: للمكاتب. قلت: ولم؟ قال: لأنه في ذلك بمنزلة الابن. قلت: وكذلك كسب ولد المكاتب إذا ولد (¬1) في المكاتبة؟ (¬2) قال: نعم، جميع كسب ولد المكاتب (¬3) والمكاتبة إذا كان قد ولد في المكاتبة واشتراه وما يحتاج إليه (¬4) فهو للمكاتب. ... باب كتاب (¬5) مكاتبة أم الولد والمدبرة قلت: أرأيت الرجل (¬6) إذا كاتب أم ولد (¬7) هل يجوز؟ قال: نعم. قلت: وكذلك المدبرة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل إذا كاتب أم ولد له فأدت بعض المكاتبة ثم إنها عجزت هل ترد في الرق؟ قال: نعم، وترجع إلى حالها كما كانت أم ولده. قلت: وكذلك المدبرة؟ (¬8) قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل إذا كاتب أم ولد له (¬9) ثم أعتق نصفها بعد ذلك ما حالها؟ قال: هي حرة كلها. قلت: ولم؟ قال: لأنها أم ولد عتق نصفها، فإذا عتق نصفها عتق كلهاة لأن أم الولد لا تسعى في شيء. ألا ترى أن رجلاً لو (¬10) أعتق نصف أم ولده كانت حرة كلها. قلت: فما حال المدبر إذا كاتبه ثم أعتق نصفه؟ قال: المدبر بالخيار؛ إن شاء مضى على مكاتبته (¬11) وأدى نصف المكاتبة وسقط عنه النصف، وإن شاء عجز وسعى في نصف قيمته في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فهو حر كله، ولا شيء عليه. ¬

_ (¬1) م غ ط: ولدت. (¬2) ف - إذا ولد في المكاتبة. (¬3) م غ ط: المكاتبة. (¬4) م ف غ: عليه. والتصحيح من ط. (¬5) غ - كتاب. (¬6) ط: المكاتب. (¬7) م - ولد، صح هـ. (¬8) ف غ: المدبر. (¬9) ط: أم ولده. (¬10) م غ - لو. (¬11) ف غ: على كتابته.

قلت: أرأيت الرجل إذا كاتب أم ولده ثم إنه مات ما القول في ذلك؟ قال: تعتق، ويبطل عنها المكاتبة. قلت: ولم؟ قال: لأنها أم ولده، تعتق (¬1) بموته. قلت: وكذلك لو كان (¬2) كاتبها وهي أمة ثم وطئها فولدت منه ثم مات قبل أن يجيز؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل إذا كاتب مدبره (¬3) ثم إنه مات فما القول في ذلك؟ قال: يعتق، وينظر؛ فإن كان قيمته الثلث عتق وبطلت المكاتبة، وإن كانت قيمته أكثر سعى في فضل القيمة، إلا أن تكون المكاتبة أقل من ذلك الفضل فتسعى في المكاتبة. قلت: أرأيت إذا باع أم ولد له خدمتها من نفسها هل يجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: وكذلك المدبر؟ قال: نعم. قلت: فما حالهما؟ قال: هما حران، والثمن دين عليهما، ولا يشبه هذا المكاتبة؛ لأن هذا بيع. قلت: أرأيت الرجل إذا كاتب أم ولده فقبض منها بعض المكاتبة أو لم يقبض فولدت ولداَ في المكاتبة فأعتق السيد الولد هل يجوز عتقه؟ قال: نعم. قلت: أفرأيت (¬4) إن مات السيد وقد ولدت ولداً في المكاتبة فأعتق السيد الولد هل يجوز عتقه؟ قال: نعم. قلت: أفرأيت إن مات السيد وقد ولدت أولاداً في المكاتبة ما حالها وحال ولدها؟ قال: تعتق، ويعتق جميع ولدها، وتبطل المكاتبة، ولا يكون عليها ولا على أولادها شيء (¬5) من السعاية. قلت: ولم لا يسعى الولد في شيء؟ قال: لأن الولد بمنزلة الأم. ولو أن أم ولد لرجل زوجها فولدت أولاداً ثم مات عتقت وعتق ولدها معها. وكذلك الباب الأول. قلت: أرأيت أمة بين رجلين جاءت بولد فادعيا الولد جميعاً ما حالهما وحال ولدها؟ قال: يثبت النسب منهما جميعاً، وهو ولدهما يرثهما ويرثانه. قلت: فما حال الأمة؟ قال: هي بمنزلة أم ولد لهما. قلت: أرأيت إن كاتب ¬

_ (¬1) ط: وتعتق. (¬2) ف - كان. (¬3) م ف غ: مدبرته. (¬4) ف غ: أرأيت. (¬5) غ: شيئا.

أحدهما نصيبه بغير إذن شريكه هل يجوز ذلك؟ قال: لا. قلت: ولم وليس لهما أن يبيعاها؟ قال (¬1): من قبل أن لهما أن يستخدماها وأن يؤاجراها. ولأنه لو جاز كتابة أحدهما بغير إذن شريكه ثم أدت وعتقت فليس له أن يكاتب إلا بإذن شريكه؛ لأنهما في ذلك بمنزلة الأمة. قلت: أفرأيت إن كاتب أحدهما نصيبه بإذن شريكه هل يجوز؟ قال: نعم. قلت: فلمن يكون ما أخذ؟ قال: بينهما، ويرجع الذي كاتب عليهما بما يعطي شريكه حتى يستوفي المكاتبة. قلت: أرأيت إن أدت إليه المكاتبة فأعتق نصيبه ما حال نصيب الآخر؟ قال: يعتق أيضاً، ولا تسعى في شيء. قلت: ولم؟ قال: لأنها أم ولد، فليس عليها سعاية في شيء، وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر: إنها تسعى في نصف قيمتها، وهو قول أبي يوسف ومحمد. قلت: أفرأيت أم الولد إذا كاتبها مولاها على رقبتها على ألف درهم أو المدبرة هل يجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً كاتب أم ولد له على ألف درهم أو على وصيف أو على ثوب زُطِّي أو يهودي أو على شعير أو حنطة أو شيء مما يكال أو يوزن وسمى كيله ووزنه هل يجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: وهي في ذلك بمنزلة الأمة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً كاتب (¬2) أم ولده وأمة له مكاتبة واحدة وجعل نجومهما واحدة إن أدتا عتقتا (¬3) وإن عجزتا ردتا في الرق هل يجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن أعتق السيد أم الولد وقيمتهما (¬4) سواء ما القول في ذلك؟ قال: يرفع عن الباقية نصف المكاتبة، وتسعى في النصف (¬5) الباقي. قلت: أرأيت إن مات السيد ولم يعتقها ما القول في ذلك؟ قال: تعتق أم الولد، وتبطل حصتها من المكاتبة، وتسعى الباقية في نصف المكاتبة، فإن أدت عتقت، وإن عجزت ردت. قلت: ولم ¬

_ (¬1) ف - قال. (¬2) غ: كانت. (¬3) غ: إن أديا عتقا. (¬4) غ: وقيمتها. (¬5) ف غ: في نصف.

باب الأمة تكون بين الرجلين أحدهما مكاتب فيطؤها أحدهما

ترفع عنها؟ قال: لأن أم الولد قد صارت حرة، وهي بمنزلة عتقه إياها في حياتها. قلت: أرأيت إذا كاتب مدبرة له وعبداً مكاتبة واحدة بألف درهم (¬1) قيمتهما مائتا درهم ثم مات السيد وثلث ماله مائة درهم قيمة المدبرة ما القول في ذلك؟ قال: يعتق المدبر منهما، وتبطل حصته من المكاتبة، ويسعى الباقي في حصته من المكاتبة، فإن أدى عتق، وإن عجز رد في الرق. قلت: أرأيت إن كان المدبر يزيد على الثلث ما القول في ذلك؟ قال: يعتق، وإن كانت الزيادة أكثر من المكاتبة سعى في المكاتبة، وإن كانت أقل سعى في الزيادة. قلت: ففي كم يسعى الآخر؟ قال: في حصته من المكاتبة، ويأخذ بها أيهما شاء. قلت: أرأيت إذا كاتب الرجل أم ولده ثم إنها ولدت أولاداً في المكاتبة فاستدانت ديناً واستدان ولدها ديناً ثم إنها عجزت وردت في الرق ورد ولدها ما حال الدين؟ قال: الدين عليها تسعى (¬2) فيه، ودين الولد عليهم يسعون فيه. قلت: ويلحق المولى شيء من ذلك؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن هذا بمنزلة رجل أذن لأم ولده في التجارة، فلا يلحقه شيء من دينها. قلت: وكذلك المدبر لو كاتبه؟ قال: نعم. ... باب الأمة تكون بين الرجلين أحدهما مكاتب فيطؤها أحدهما قلت: أرأيت الأمة بين المكاتب والحر تلد ولداً فيدعيانه جميعاً ما القول في ذلك؟ قال: هو ولد الحر، وهي أم ولد له، ويضمن للمكاتب (¬3) نصف قيمتها ونصف عقرها، ولا يضمن من قيمة الولد شيئاً. قلت: أرأيت ¬

_ (¬1) غ ط: بألف درهم مكاتبة واحدة (¬2) غ: وتسعى. (¬3) م ف غ: المكاتب. والتصحيح من ب جار ط.

إن كانت بين المكاتب وبين عبد مأذون له في التجارة ورجل حر فولدت ولداً فادعوه جميعاً؟ قال: هذا والباب الأول سواء، ويكون الولد للحر، ويضمن لهما حصتهما من القيمة. قلت: أرأيت الأمة تكون بين الحر والمكاتب فيطؤها المكاتب فتلد منه ولداً ما القول في ذلك؟ قال: هي أم ولد له، ويضمن نصف عقرها ونصف قيمتها، ولا يضمن شيئاً من قيمة الولدة لأن الأمة حيث علقت صارت أم ولد، وصار ضامناً لنصف قيمتها حيث علقت. قلت: أرأيت إذا ضمنه الحر نصف قيمتها ونصف العقر ثم إن المكاتب عجز ورد في الرق ما القول في ذلك والولد والأم قائمان بأعيانهما؟ قال: يكون الولد والأمة لمولى المكاتب، ولا يكون للحر من الأم ولا من الولد شيء (¬1). قلت: ولم؟ قال: لأن المكاتب [لما] (¬2) ضمن له نصف قيمة الأم حيث علقت وقضى القاضي عليه صارت (¬3) للمكاتب. ألا ترى لو أن أمة كانت بين رجلين وهي حبلى فاشترى أحدهما نصف صاحبه كان ما في بطنها أيضاً للمشتري. قلت: أفرأيت إن لم يخاصم الحر المكاتب ولم يعلم بذلك حين ولدت ثم اختصموا إلى القاضي ما القول في ذلك؟ قال: يضمن المكاتب نصف عقرها ونصف قيمتها يوم علقت، وتصير أم ولد له. قلت: فهل يضمن من الولد شيئاً؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن عجز المكاتب بعد ذلك فرد في الرق هل يكون للحر من ذلك شيء (¬4) وقد صار الولد عبداً؟ قال: ليس له منه شيء. قلت: ولم لا تضمنه قيمة الولد وإنما ادعاه بعد ما ولدت؟ قال: لأن القيمة إنما وجبت عليه يوم علقت. قلت: أرأيت إن لم يَدَّعِه ولم يخاصمه حتى عجز فرد في الرق ما القول في ذلك؟ قال: يكون نصف الأمة ونصف الولد للحر. قلت: أفرأيت الأمة تكون بين المكاتب والحر فتلد ولداً فادعاه المكاتب وأنكره الحر ما القول في ذلك؟ قال: يضمن نصف قيمتها ونصف عقرها، ولا يضمن قيمة الولد، وتصير أم ولد للمكاتب. قلت: وهذا ¬

_ (¬1) غ: شيئا. (¬2) من ب جار. (¬3) غ: وصارت. (¬4) غ: شيئا.

مخالف للباب (¬1) الأول؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن صدقه الحر أهو بمنزلة الباب الأول الذي قد علم أنه قد ولد في جميع ما ذكرت؟ (¬2) قال: نعم. قلت: أرأيت الأمة تكون بين المكاتب والحر وكاتباها جميعاً ثم إن الحر وطئها فعلقت ما القول في ذلك؟ قال: هي بالخيار؛ فإن شاءت (¬3) أن تعجز فتصير أم ولد للحر فعلت (¬4)، وإن شاءت أن تمضي على مكاتبتها مضت وتأخذ عقرها من السيد. فإن اختارت العجز صارت أم ولد للحر. قلت (¬5): ويضمن نصف قيمتها ونصف عقرها للمكاتب؟ قال: نعم. قلت: ولا يضمن من قيمة الولد شيئاً؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن كان المكاتب هو الذي وطئها فولدت هل تكون بالخيار؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنها تصير أم ولده ولا يستطيعٍ بيعها. قلت: أفرأيت المكاتبة تكون بين المكاتب والحر قد كاتباها جميعاً فولدت ولدا (¬6) فادعياه جميعاً؟ قال: هو ولد الحر، ودعوة المكاتب باطل. قلت: أرأيت إن اختارت أن تمضي في السعاية فمضت ثم مات الحر ما القول في ذلك؟ قال: تعتق، وتسقط حصة الحر من المكاتبة عنها، وتسعى في الأقل من حصة المكاتب من المكاتبة ومن نصف قيمتها. قلت: ولم؟ قال: لأن نصيب الميت قد أعتق منها. ألا ترى أن الحر لو أعتقها في حياته صار نصيبه حراً وصارت بالخيار؛ إن شاءت مضت على المكاتبة في نصف الآخر، وإن شاءت عجزت وسعت في نصف قيمتها إن كان السيد معسراً، وإن كان موسراً ضمن نصف القيمة للمكاتبة (¬7). قلت: أرأيت إذا كانت المكاتبة بين المكاتب والحر فكاتباها جميعاً ثم إن الحر وطئها فعلقت ثم أعتق نصفه منها قبل أن تختار شيئاً ما القول في ذلك؟ قال: إن شاءت مضت في كتابتها في نصف الآخر، وإن شاءت عجزت. قلت: أرأيت إن عجزت والحر موسر هل يضمن حصة المكاقب من القيمة؟ قال: نعم. قلت: ويصير ولاؤها كله ¬

_ (¬1) م ف غ: الباب. والتصحيح من ب جار ط. (¬2) ط + لك. (¬3) م ط: إن شاءت. (¬4) م غ: فعلقت. (¬5) م - قلت. (¬6) ف: وكذا. (¬7) ف: للمكاتب.

للحر؟ قال: نعم. قلت: فهل عليها شيء مما يضمن؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنها ولدت منه فليست عليها سعاية، ولأنها بمنزلة أم ولد له أعتق نصفها. ألا ترى لو أن رجلاً كاتب أمة له ثم وطئها فولدت منه ثم أعتق نصفها (¬1) كانت حرة كلها وتبطل عنها المكاتبة ولم تسع في شيء. فكذلك (¬2) الباب الأول. قلت: أرأيت الأمة تكون بين الحر والمكاتب فكاتباها جميعاً ثم إن المكاتب وطئها فولدت منه ثم وطئها الحر بعد ذلك فولدت منه ولداً فادعيا ذلك جميعاً ولا يعلم ذلك إلا بقولهما ما القول في ذلك؟ قال: ولد كل واحد منهما له بغير قيمة، ويغرم كل واحد منهما لها الصداق، وهي بالخيار؛ فإن شاءت أن تعجز عجزت. وإن شاءت أن تمضي على مكاتبتها؛ فإن أدت عتقت، وإن عجزت كانت أم ولد للحر خاصة لا يقدر على أن يبيعها، ويضمن الحر نصف قيمتها للمكاتمب. وأما ابن المكاتب فهو ثابت النسب من أبيه، وعلى أبيه نصف قيمته للحر. قلت: أرأيت إن عجزت هي ولم يعجز المكاتب؟ قال: هي أم ولد للحر، وعليه نصف قيمتها، وولد المكاتب ثابت النسب، وعليه نصف قيمته للحر (¬3). قلت: أرأيت إن عجزت وعجز المكاتب جميعاً؟ قال: هي أم ولد للحر، وعليه نصف قيمتها لمولى المكاتب، وولد المكاتب عبد بين الحر ومولى المكاتب. قلت: فإن كان وطء المكاتب في هذه الأبواب كلها بعد وطء الحر ثم عجزا جميعاً؟ قال: فهي أم ولد للحر، وعليه نصف قيمتها، وهي ولد المكاتب للحر. وولد المكاتب بمنزلة أمه، ولا يثبت نسبه. وقال محمد: أستحسن أن أثبت نسبه من المكاتب. ... ¬

_ (¬1) غ - ألا ترى لو أن رجلا كاتب أمة له ثم وطئها فولدت منه ثم أعتق نصفها. (¬2) م: فلذلك. (¬3) م ف: قيمة الحر. والتصحيح من ب جار ط.

باب كتاب مكتابة المرتد

باب كتاب مكتابة المرتد قلت: أرأيت رجلاً ارتد عن الإسلام فكاتب عبداً له في ردته ثم أسلم هل تجوز مكاتبته؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنه قد أسلم. قلت: أرأيت إن لم يسلم حتى قتل؟ قال: المكاتبة باطلة، وهو عبد للورثة في قول أبي حنيفة. قلت: وكذلك إن كان لحق بدار الشرك مرتداً بعد ما كاتب العبد؟ قال: نعم، المكاتبة باطل أيضاً. قلت: أرأيت إن رجع إلى دار الإسلام مسلماً ما حال المكاتبة؟ قال: إن كان رفع المكاتب إلى القاضي ورده القاضي في الرق فالمكاتبة باطلة، وإن لم يكن رفع [إلى] (¬1) القاضي حتى رجع مسلماً فهو على مكاتبته. قلت: أرأيت مسلماً كاتب عبداً له ثم ارتد المولى عن الإسلام ما حال المكاتب؟ قال: هو على مكاتبته. قلت: أرأيت إن قتل المولى مرتداً أو لحق بدار الشرك؟ قال: هو على مكاتبته أيضاً، وشمعى للورثة في المكاتبة. قلت: أرأيت إن كان السيد قد أخذ منه المكاتبة وهو مرتد ثم أسلم ما القول في ذلك؟ قال: العبد حر، وأخذه جائز. قلت: أرأيت إن كان قتل مرتداً أو لحق بدار الشرك ما القول في ذلك؟ قال: هو مكاتب على حاله، ولا يعتق، ولا يحسب له شيء مما أخذ المولى في حال ردته إذا كان لا يعلم إلا بقول المرتد. فإن كان ذلك يعلم فالمرتد يجوز أخذه الدين بشهادة الشهود في كل ما ولي، ولا يجوز أن يخرج شيئاً من ماله بثمن ولا غير ذلك في قول أبي حنيفة. قلت: ولم؟ قال: لأن المرتد لا يجوز له شيء مما صنع إذا لحق بدار الشرك أو قتل مرتداَ. لا يجوز له عتق ولا شراء ولا بيع ولا تقاضي دين بإقرار (¬2) ولا غير ذلك. وإذا فعل شيئاً (¬3) من ذلك مرتداً (¬4) ثم أسلم فجميع ما صنع من ذلك فهو جائز. ¬

_ (¬1) من ط. (¬2) م ف غ: دينا كإقرار. قال الأفغاني في هامش ط: والصواب: ولا إقرار. ولعل الصواب ما أثبتناه. وانظر: المبسوط، 8/ 77. (¬3) غ: شيء. (¬4) غ: مرتد.

قلت: أرأيت إذا كاتب الرجل عبده وهو مسلم ثم ارتد عن الإسلام ولحق بدار الشرك وهو مرتد فقسم القاضي ميراثه وقضى للورثة بالمكاتبة ثم إن الورثة أخذوا منه بعض المكاتبة ثم رجع مسلماً ما القول في ذلك؟ قال: المكاتب مكاتب للمولى، ويحسب للمكاتب ما أخذ الورثة، ويؤدي ما بقي للمولى. قلت: ولم؟ قال: لأنه كاتبه وهو ماله، وكل شيء أصابه من ماله بعينه إذا رجع مسلماً فهو له من دين تقاضوه (¬1) أو غير ذلك، وإن كان مستهلكاً لم يكن لهم عليه (¬2) شيء. قلت: أرأيت ما أخذ الورثة من المكاتبة وهو قائم بعينه لمن يكون وقد رجع المرتد إلى دار الإسلام؟ قال ت هو له. قلت: أرأيت إن كان الورثة قد أخذوا منه جميع المكاتبة ثم رجع المرتد مسلماً لمن يكون ولاء العبد؟ قال: للمولى. قلت: ولم؟ قال: لأنه هو الذي كاتبه. ألا ترى أنه لو كان عبداً له فدبره وهو مسلم ثم ارتد ولحق بدار الحرب ثم رجع مسلماً بعد ما أعتق القاضي العبد وأمضى عتقه كان حراً، وكان ولاؤه له دون الورثة. وكذلك المكاتب. قلت: أرأيت المرتد إذا كاتب عبداً له ثم إن العبد جنى جناية ثم قتل السيد مرتدا ما حال العبد؟ قال: يُدفَع بالجناية أو يُفدَى، والمكاتبة باطل. قلت: أرأيت المرتدة إذا كاتبت عبداً لها هل يجوز في حال ردتها؟ قال: نعم. قلت: فإن كانت مرتدة ولحقت بدار الشرك؟ قال: نعم. قلت: ولم وقد زعمت أن مكاتبة المرتد باطل إذا لحق بدار الشرك أو قتل (¬3) مرتداً؟ قال: ليسا سواء، المرتدة لا تقتل، ولا يحال (¬4) بينها وبين مالها، فمن ثم اختلف. ألا ترى أنها لو اشترت شيئاً أو باعت جاز لها وعليها، وهي في ذلك بمنزلة من لم يرتد. قلت: أرأيت إذا ماتت وقد كاتبت عبداً لها أيسعى للورثة في المكاتبة؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو أعتقت عبداً لها جاز؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن أدى المكاتب إليها المكاتبة هل يعتق ¬

_ (¬1) قال الأفغاني في هامش ط: والصواب بالصاد المهملة. وهو غير سديد. (¬2) غ: عليهم. (¬3) غ: وقتل. (¬4) م غ ط: ولأنه لا يحال.

باب شركة المكاتب وشفعتة

ويصير (¬1) الولاء لها؟ قال: نعم (¬2). قلت: أرأيت إن رجعت مسلمة بعدما قسم مالها بين الورثة هل تأخذ ما قدرت (¬3) عليه من مالها بعينه إن لم يستهلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن سُبِيَتْ ما القول في ذلك؟ قال: هي (¬4) قِنّ. قلت (¬5): فهل يكون لها شيء من مالها؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنها قد صارت أمة. قلت: أرأيت المرتد إذا كاتب أمة له فولدت ولداً في كتابتها ثم إنه أسلم (¬6) هل يكون ولدها بمنزلتها؟ قال: نعم. وقال أبو يوسف ومحمد: كتابة المرتد (¬7) جائزة، وعتقه جائز إن قتل على ردته أو لحق بدار الحرب. ... باب شركة المكاتب وشفعتة قلت: أرأيت المكاتب أله أن يشارك حراً شركة مفاوضة؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن شركة المفاوضة يدخل فيها الضمان والكفالة وغير ذلك. ألا ترى أن المتفاوضين (¬8) إذا كفل أحدهما بكفالة لزم الآخر، وإن أقر بشيء لزم الآخر، والمكاتب لا يلزمه شيء من هذا، ولا يدخل في هذا غير ذلك. قلت: أرأيت إذا شارك المكاتب حراً شركة في مال أخرجاه يشتريان به ويبيعان هل يجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: ولم (¬9) أجزت هذا؟ قال: لأن ¬

_ (¬1) م ف غ: فيصير. والتصحيح من ط. (¬2) م + قلت أرأيت إن أدى المكاتب إليها المكاتبة هل يعتق فيصير الولاء لها قال نعم. (¬3) م غ ط: ما قد رد. (¬4) ف - هي. (¬5) م ف غ: له. والتصحيح من ط. (¬6) ف - ثم إنه أسلم. (¬7) غ: المرتدة. (¬8) غ: المفاوضين. (¬9) ف + قد.

هذا ليس بمنزلة المفاوضة؛ لأن هذا لا يلزمه شيء من أمر شريكه إلا ما أمره به من بيع أو شراء في مال اشتركا فيه. قال يعقوب ومحمد في المفاوضة في المكاتب مثل قول أبي حنيفة؛ لأن المتفاوضين يؤخذ كل واحد (¬1) منهما باقرار صاحبه، ولا يجوز للمكاتب أن يؤخذ باقرار غيره عليه. وقال يعقوب: لا يجوز على المفاوض كفالة صاحبه، وكان يجيزه عليه أبو حنيفة. قلت: أرأيت المكاتب إذا اشترى داراً والمولى شفيع تلك الدار هل للمولى أن يأخذها بالشفعة من المكاتب؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنه في ذلك بمنزلة الحر. قلت: وكذلك لو أن المولى ابتاع دارأ والعبد شفيعها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المكاتب إذا شارك رجلاً شركة عِنَان مالاً أخرجاه ثم إن المكاتب عجز ورد ما القول في ذلك؟ قال: قد انقطعت الشركة حيث عجز (¬2) ورد. قلت: أرأيت إن اشترى شريكه بشيء من ذلك المال أو باع بعد ما رد المكاتب في الرق بغير إذن المولى هل يجوز ذلك؟ قال: لا. قلت: لم؟ (¬3) قال: لأن الشركة قد انقطعت حيث عجز ورد. قلت: أرأيت المكاتب إذا شارك رجلاً شركة عنان في مال أخرجاه ثم إن المكاتب عتق هل يكونان على شركتهما؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان (¬4) شارك شركة مفاوضة ثم أعتق السيد المكاتب هل تجوز تلك الشركة؟ قال: لا. قلت: أرأيت المكاتب إذا اشترى داراً هو فيها بالخيار ثلاثة أيام ثم إن المكاتب عجز ورد في الرق (¬5) قبل أن تمضي الأيام الثلاثة؟ قال: الخيار منقطع حيث عجز، والبيع لازم له. قلت: ولم؟ قال: لأنه قد انقطع الخيار حيث عجز؛ لأن الدار قد خرجت منه إلى غيره. وليس للمولى فيها خيار؛ ¬

_ (¬1) غ - واحد. (¬2) ف - حيث عجز. (¬3) ف: ولم. (¬4) ف - كان. (¬5) غ: في الرد.

باب سرقة المكاتب

لأنه (¬1) ليس هو المشترى. قلت: أرأيت أن كان البائع فيها بالخيار فعجز المكاتب ورد في الرق ما حال البائع؟ قال: البائع على خياره؛ إن شاء ألزمه البيع، وإن شاء رده. قلت: ولم وقد عجز العبد؟ قال: لأن شراءه كان جائزاً. قلت: أرأيت المكاتب إذا اشترى داراً وهو بالخيار ثلاثة أيام وفيها شفعة ثم إن المكاتب عجز في الأيام الثلاثة ورد في الرق ثم جاء الشفيع هل له أن يأخذها بالشفعة؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن الشفعة قد وقعت عليه حيث وقع الشراء. قلت: وإن كان العبد لم يعجز فللشفيع فيها شفعة أيضاً؟ قال: نعم. قلت: فالمكاتب في الشفعة بمنزلة الحر في جميع أمره؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا اشترى المكاتب أو الحر (¬2) داراً وهو بالخيار ثلاثة أيام ثم بيع دار أخرى إلى جنبها وهو شفيعها بهذه الدار التي اشتراها هل له أن يأخذ ذلك بالشفعة؟ قال: نعم، ويكون هذا رضى منه بالبيع الذي كان فيه الخيار (¬3). قلت: أرأيت إن لم يكن أخذها بالشفعة حتى ردها على الذي اشتراها منه هل للآخر البائع في هذا شفعة؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن رده وقع بعد شرائها وقبل أن تقع الدار في ملك هذا، وإنما وقعت الشفعة لصاحب الخيار، ليس للبائع. قلت: ويجوز شركة المكاتب في العنان؟ قال: نعم. قلت: ويلزمه في ذلك ما يلزم الحر؟ قال: نعم. ... باب سرقة المكاتب قلت: أرأيت المكاتب إذا سرق سرقة من مولاه هل يقطع؟ قال: لا. قلت: وكذلك إن سرق من ابن مولاه؟ قال: نعم. قلت: ¬

_ (¬1) ف: ولأنه. (¬2) ف: والحر. (¬3) ط + بالخيار.

وكذلك إن سرق من امرأة مولاه؟ قال: نعم (¬1). قلت: وكذلك إن سرق من جد مولاه أو جدته؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن سرق من أخيه أو من أخته أو عم مولاه أو خاله؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأني (¬2) لا أقطعه فيما سرق من مولاه، ولا فيما ذكرت مما سرق من أحد من هؤلاء لم أقطعه؛ لأنه لو سرق من مولاه لم أقطعه. وكذلك مكاتب المكاتب. قلت: وكذلك العبد؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن سرق واحد من هؤلاء من المكاتب؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المكاتب إذا سرق (¬3) من رجل ولذلك الرجل عليه دين كثير هل يقطع؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنه بمنزلة غيره ممن ليس عليه دين. قلت: أرأيت إن عجز المكاتب بعدما سرق ورد في الرق فجاء المسروق (¬4) منه يطلب دينه فقضى القاضي (¬5) بالعبد أن يباع وقد أبى المولى أن يفديه هل يقطع في تلك السرقة؟ قال: نعم، يقطع في القياس. قلت: وكذلك المأذون له في التجارة إذا سرق من رجل ولذلك (¬6) الرجل عليه دين؟ قال: نعم. قلت: أفرأيت المكاتب إذا سرق مالاً وذلك المال بين مولاه وبين رجل آخر هل يقطع؟ قال: لا. قلت: فإذا سرق المكاتب سرقة هل يقطع؟ قال: نعم. قلت: وهو في السرقة بمنزلة غيره من الناس؟ قال: نعم. قلت: أرأيت مكاتباً سرق من مكاتب لمولاه أو عبد قد عتق بعضه هل يقطع؟ قال: لا. قلت: وكذلك إذا سرق من عبد بين (¬7) مولاه وبين رجل آخر وقد أعتق المولى نصيبه (¬8) منه أو لم يعتقه؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن سرق من عبد بين رجل وبين مولى (¬9) وقد أعتق المولى نصيبه؟ ¬

_ (¬1) ف - قال نعم. (¬2) ف غ: لأن. (¬3) ف: إن سرق. (¬4) ف: المشترى. (¬5) م غ ط + له. (¬6) غ. وكذلك. (¬7) ف + رجل وبين. (¬8) غ: نفسه. (¬9) ط: مولاه.

قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن الشريك الآخر بالخيار؛ إن شاء ضمن المولى إن كان موسراً حيث أعتق، فإذا ضمن المولى صار المولى يرجع عليه وصار بمنزلة عبده. قلت: أرأيت المكاتب إذا سرق من رجل مالاً وذلك مضاربة مع الرجل [من] (¬1) مولى المكاتب هل يقطع؟ قال: ل؛ لأنه مال مولاه. قلت: أرأيت إن سرق المكاتب من رجل مالاً وللمولى على ذلك الرجل دين هل يقطع؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه بمنزلة المولى. ألا ترى أن المولى لو سرق من ذلك الرجل (¬2) لم يقطع إذا كانت السرقة دراهم مثل الدين، فأما إذا كانت السرقة عروضاً قطعا جميعاً. قلت: أرأيت مولى الجارية (¬3) إذا كاتبها على أنه بالخيار ثلاثة أيام فولدت فأعتق ولدها؟ قال: هذا فسخ للمكاتبة. قلت: فإن أعتقها (¬4) هي؟ قال: هو فسخ للمكاتبة، والعتق ماض، والولد رقيق. أقلت،: فإن أعتقها والخيار (¬5) لها هل يعتقان جميعاً؟ قال: نعم. قلت: فإن كان (¬6) أعتق الولد؟ قال: هو حر بغير قيمة. قلت: فإن اشترت وباعت؟ قال: هذا إجازة منها للمكاتبة. وقال يعقوب ومحمد: إذا أدى ابن المكاتب من تركة المكاتب (¬7) مالاً ثم لحقه دين كان على المكاتب، والعتق ماض، ويؤخذ من المولى ما أخذ، ويرجع على الابن. وكذلك لو دفع إليه عبداً بذلك فاستحق عتق، ويرجع عليه بماله. وبالله التوفيق (¬8). ¬

_ (¬1) من ط. (¬2) ط - الرجل. (¬3) ف: الجار. (¬4) م غ: فإن عتقها. (¬5) م ف غ ط: فالخيار. وفي ب جار: وكان الخيار. (¬6) ف + قد. (¬7) ف: المكاتبة. (¬8) م + انتهى كتاب المكاتب والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله كتبه أبو بكر بن أحمد بن محمد الطلحي الأصبهاني في سلخ شهر ذي الحجة سنة ثمان وثلاثين وستمائة؛ ف + انتهى كتاب المكاتب والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله؛ غ + انتهى كتاب المكاتب والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً.

كتاب الولاء

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب الولاء (¬2) قال: أخبرنا أبو سليمان عن محمد عن أبي يوسف عن الأعمش عن إبراهيم النخعي عن عبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت - رضي الله عنهما - أنهما قالا: الولاء للكُبْر (¬3). محمد عن يعقوب عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وأبي مسعود الأنصاري وأسامة بن زيد - رضي الله عنهم - أنهم قالوا: الولاء للكُبْر (¬4). ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) م + للنساء ما يكون لهن وما لا يكون؛ غ - كتاب الولاء. (¬3) المصنف لعبد الرزاق، 9/ 30؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 6/ 294؛ وسنن الدارمي، الفرائض، 33؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 10/ 306؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 154. وفي لفظ للدارمي عن الشعبي عن عمر وعلي وزيد قال: وأحسبه قد ذكر عبد الله أيضاً، وقالو: الولاء للكُبْر، يعنون بالكُبْر ما كان أقرب بأب أو أم. انظر: سنن الدارمي، الفرائض، 33. وقال المطرزي: وقولهم: الولاء للكُبْر، أي لأكبر أولاد المعتق، والمراد أقربهم نسباً لا أكبرهم سناً. انظر: المغرب، "كبر". (¬4) انظر: المصادر السابقة.

محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: الولاء للكُبْر (¬1). وهو قول أبي حنيفة الذي يأخذ به، وقول أبي يوسف ومحمد. محمد عن يعقوب عن الأعمش عن إبراهيم عن شريح أنه قال: الولاء بمنزلة المال (¬2). وليس يأخذ بهذا أبو حنيفة ولا أبو يوسف ولا محمد (¬3). وإذا أعتق الرجل عبداً ثم مات الرجل وترك ابنين ثم مات أحد الابنين وترك ابناً ثم مات العبد المعتق فإن أبا حنيفة قال في هذا: ميراثه لابن الرجل المعتق لصلبه، وليس لابن ابنه ميراث. وهذا تفسير قولهم: الولاء للكبر؛ لأنه أقرب إلى المعتق من ابن ابنه. ولو كان للعبد ابنة وزوجة كان للابنة النصف وللزوجة الثمن وما بقي فلابن المعتق. ولو كان له ابنتان وأم وزوجة كان للابنتين (¬4) الثلثان، وللأم السدس، وللزوجة الثمن، ولابن المعتق ما بقي، وهو ربع السدس. فإن ماتت إحدى ابنتي العبد (¬5) المعتق كان لإحداهما النصف. فإن كان لها أم كان لها الثلث. فإن لم يكن لها أم فكانت أم العبد حية فلها السدس، وما بقي فلابن الميت الأول. فإن مات ابن الميت الأول بعد ذلك ثم ماتت الابنة الباقية فإن كانت لها أم فلها الثلث. وإن لم تكن لها أم وكانت جدة فلها السدس. والأم تحجب الجدة. وما بقي فهو ميراث لبني ابن الميت الأول المعتق، وهم في ميراث هذه الآخرة سواء. ولو كان لهذه الآخرة ولد ذكر أحرز ميراثها كله. ولو كان لها ابنتان أو ثلاث أو أكثر (¬6) كان لهن الثلثان. فإن لم يكن لها وارث غيرهم كان لبني ابن الميت المعتق (¬7) ما بقي؛ لأنهم عصبة. فإن ماتت إحدى ابنتيها لم يكن لبني ابن الميت المعتق فيهما (¬8) ميراث؛ لأنهم ليسوا مواليها، إنما هم موالي أمها. ولو كان المولى (¬9) المعتق حياً لم يكن ¬

_ (¬1) انظر: المصادر السابقة. (¬2) المصنف لعبد الرزاق، 9/ 34؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 6/ 291. (¬3) م غ ط: ومحمد. (¬4) غ: للابنتان. (¬5) ف - العبد. (¬6) غ: ابنان أو ثلاثاً وأكثر. (¬7) غ - المعتق. (¬8) ف: فيها؛ غ: فهما. (¬9) م غ: الولى.

له (¬1) ميراث منها؛ لأنه ليس مولاها، إنما هو مولى أمها. وإذا أعتقت امرأة رجلاً، ثم ماتت المرأة، وتركت أخاً لأب وأم وأخاً لأب، ثم مات أخوها لأبيها وأمها، وترك ابناً، ثم مات العبد المعتق ولا وارث له غير مواليه، فإن ميراثه لأخي المرأة لأبيها؛ لأنه الكُبْر. وليس لبني أخيها (¬2) من أبيها وأمها ميراث. ولو مات الأخ من الأب قبل المعتق وترك ابنا، ثم مات المعتق، فإن ميراثه لبني الأخ من الأب والأم أيهما أقرب إلى المعتق. ولو كان مات بنو الأخ من الأب والأم وتركوا ولداً ذكوراً ثم مات العبد المعتق فإن ميراثه لبني الأخ من الأب؛ لأنهم الكُبْر، وهو أقرب إلى المعتقة من بني الأخ من الأب والأم. ولو كان مكان المرأة التي أعتقت رجل أعتق كان على ما وصفت لك. ولو كان (¬3) رجلاً أعتق أمة، ثم مات الرجل، وترك ابن عم لأبيه وأمه، ثم ماتت الأمة، وتركت ابنة، وعصبتها مواليها، كان لابنتها النصف، ولابن ابن العم للأب والأم ما بقي؛ لأنه العصبة، وهو الكُبْر، وهو أقرب إلى المعتق. فإن ماتت ابنة الأمة وتركت موالي أبيها فإن ميراثها لموالي أبيها، وليس لموالي أمها ميراث. فإن كانت أمها أعتقت بعتق أمها وهي حامل بها فميراثها للذي ورث أمها. وإن ولدتها بعد العتق لأكثر من ستة أشهر وأبوها مولى عتاقة فميراثها لموالي (¬4) الأب. وإذا أعتق الرجل عبداً، ثم إن عبده المعتق أعتق أمة، ثم مات العبد، ثم مات المعتق، وترك ابنين، ثم مات أحدهما، وترك ابناً، ثم ماتت الأمة، فإن ميراث الأمة لابن الميت معتق العبد لصلبه، وليس لبني ابنه ميراث. ولو كانت الأمة بينه وبين آخر، فأعتق نصيبه منها، وضمنه الآخر، فأدى إليه الضمان، واستسعاها فيما بقي وأدت إليه، ثم مات العبد، ثم ماتت الأمة، كان الميراث على ما وصفت لك. ولو أن رجلاً كاتب أمة ثم مات وترك (¬5) ابنين وبنات (¬6)، ¬

_ (¬1) م ط: لهم. (¬2) غ: أختها. (¬3) غ: أن. (¬4) ف: لمولى. (¬5) غ: ثم ماتت وتركت. (¬6) ط: بنتين. ولم يشر إلى ما في النسخ. وهو صحيح من حيث المعنى، لكن يخالف ما في النسخ.

وأدت إليهم المكاتبة، وقسموها فيما بينهم على المواريث، ثم ماتت ابنته (¬1) وتركت ابناً، ومات ابن له وترك ابناً، وبقي ابن الميت وابنته وزوجته وأمه (¬2)، ثم ماتت الأمة المكاتبة، كان ميراثها لابن الميت لصلبه دونهم جميعاً. وإن لم يكن له ابن لصلبه كان ميراثها (¬3) لابن ابنه دون ابن الابنة ودون الابنة. ولو كان له ابنة وابن ابنة أخرى وابن ابن ثم ماتت الأمة كان ميراثها لابن الابن دونهم جميعاً؛ لأنهم هم العصبة. ولو أن مولى مات وترك ابن ابن الذي أعتقه وأخا (¬4) الذي أعتقه لأبيه وأمه كان ميراثه لابن ابنه دون أخيه. ولو لم يكن له ابن ابن كان ميراثه لأخي الميت. ولو مات الابن وترك ابنة وأخاً من أمه، ثم ماتت المعتقة، كان ميراثها لأخي الذي أعتقها، وليس لولد الأبن ولأخيه من أمه ميراث؛ لأن ولده بنات. وإذا أعتق الرجل أمة، ثم مات الرجل وترك ابنين، ثم مات الابنان وترك أحدهما ابناً (¬5) وترك الآخر ابنين، ثم ماتت المرأة المعتقة، فإن ميراثها بينهم أثلاثاً، لكل واحد ثلث. ولو كان لأحدهم خمسة (¬6) بنين (¬7) وللآخر ابن واحد فإن ميراثها بينهم على ستة أسهم، لكل واحد سهم. ولو مات هؤلاء الخمسة بنون (¬8) وترك كل واحد منهم [ابناً] (¬9)، ومات الابن المنفرد وترك خمسة (¬10) بنين، ثم ماتت الأمة، كان ميراثها بينهم على عشرة أسهم، لكل واحد منهم سهم. ولو أن امرأة أعتقت رجلاً ثم ماتت وتركت ابنين، ثم مات أحدهما وترك ابناً، ثم مات المولى المعتق، فإن ميراثه لابن المرأة. ولو أن رجلاً كاتب عبداً له، فكاتب المكاتب أمة، فأدت الأمة فأعتقت، ثم ¬

_ (¬1) م ف غ ط: الميتة. والتصحيح من ب جار. (¬2) ف غ: وأم. (¬3) ف - لابن الميت لصلبه دونهم جميعاً وإن لم يكن له ابن لصلبه كان ميراثها. (¬4) غ: وأخ. (¬5) غ: ابن. (¬6) ف غ: خمس. (¬7) ف: ابنين. (¬8) غ: بنين. (¬9) الزيادة من ب جار ط. ولم يشر في ط إلى ما في النسخ. (¬10) غ: خمس.

باب الولاء للنساء ما يكون لهن وما لا يكون لهن

مات المكاتب عاجزاً أو أدى فعتق، ثم مات المولى وترك ابنين، ثم مات أحد (¬1) ابنيه وترك أخاً من أمه، ثم ماتت الأمة، فإن ميراثها لابن الميت، وليس لأخي (¬2) الابن منها ميراث. وكذلك لو مات المكاتب بعد ما عتق فإن ميراثه لابن الميت. وكذلك المدبر. وكذلك الرجل يوصي بعتق عبده فيعتق بعد موته، أو يوصي بأن تشترى نسمة فتعتق عنه، ففعلوا ذلك. ولو ترك الميت ابنين، ثم مات أحدهما وترك ابناً (¬3)، ثم مات المعتق النسمة، أو المعتق الذي أوصى بعتقه، أو المدبر، فإن ميراثه لابن الميت لصلبه، وليس لزوجته ولا لأمه ولا لبناته ولا لولد ولده ميراث في شيء من ذلك. وبالله التوفيق. ... باب الولاء للنساء ما يكون لهن وما لا يكون لهن (¬4) محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وأبي (¬5) مسعود الأنصاري وأسامة بن زيد - رضي الله عنهم - أنهم قالوا: ليس للنساء من الولاء شيء إلا ما أعتقن (¬6). محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: ليس للنساء من الولاء شيء (¬7) إلا ما أعتقن أو كاتبن أو أعتق من أعتقن (¬8). ¬

_ (¬1) غ: إحدى. (¬2) غ: لأخ. (¬3) غ: ابنة. (¬4) ف غ - لهن. (¬5) غ: وأبو. (¬6) المصنف لعبد الرزاق، 9/ 36 - 37؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 6/ 289 - 290؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 10/ 306؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 154؛ والدراية لابن حجر،2/ 195. (¬7) م غ ط - شيء. (¬8) انظر المصادر السابقة.

وحدثنا محمد عن السري بن إسماعيل عن الشعبي عن شريح أنه قال: ليس للنساء من الولاء إلا ما أعتقن أو كاتبن (¬1). وهذا الحديث مخالف لحديث الأعمش عن شريح. محمد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة عن الحكم بن عتيبة (¬2) عن عبد الله بن شداد بن الهاد أن ابنة حمزة أعتقت مملوكاً فمات وترك ابنة وابنة حمزة، فأعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابنة حمزة النصف وابنته النصف (¬3). وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد -رحمهم الله-. محمد عن أبي يوسف عن عبدالملك بن أبي سليمان عن عطاء بن أبي رباح أنه قال: ليس للنساء من الولاء إلا ما أعتقن (¬4). محمد عن أبي يوسف عن أبي إسحاق الشيباني عن عبيد (¬5) بن أبي الجعد أن ابنة لحمزة أعتقت مملوكاً فتوفي وترك ابنة فأُعْطِيَت ابنتُه النصفَ وأعطيت (¬6) ابنةُ (¬7) حمزة النصفَ على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬8). وقال أبو حنيفة: إذا أعتقت امرأة عبداً أو أمة ثم ماتت الأمة أو العبد ولا وارث له غيرها فإن الميراث كله للمرأة التي أعتقته. فإن كان له (¬9) ابنة فلابنته النصف ولمولاته النصف. وإن كانت له ابنتان (¬10) فلهما الثلثان ولمولاته الثلث. وإن كان له مع ذلك زوجة وأم فلزوجته الثمن، ولأمه السدس، وما بقي فلمولاته، وهي العصبة في جميع ذلك. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. وإذا أعتقت امرأة عبداً، ثم ماتت المرأة وتركت ابناً وابنة، ثم مات ¬

_ (¬1) انظر المصادر السابقة (¬2) غ: عيينة. (¬3) رواه الإمام أبو يوسف بنفس الإسناد. انظر: الآثار لأبي يوسف، 169 - 170. وانظر: سنن ابن ماجة، الفرائض، 7؛ والمراسيل لأبي داود، 266؛ والمستدرك للحاكم، 4/ 74. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 4/ 150؛ والدراية لابن حجر، 2/ 193. (¬4) نصب الراية للزيلعي، 4/ 154. (¬5) م: عن عبيد الله؛ ف غ: عن عبد الله. (¬6) م غ ط - وأعطيت. (¬7) م غ ط: وابنة. (¬8) تقدم تخريجه آنفا. (¬9) م غ - له. (¬10) م ف غ: ابنتين.

العبد، فإن ميراث العبد لابن المرأة دون ابنتها؛ لأنه العصب. وليس للابنة ميراث ولا ولاء. وقال أبو حنيفة: إذا أعتق الرجل، ثم مات الرجل وترك بنين وبنات وزوجة وأماً (¬1)، ثم مات العبد المعتق، فإن ميراثه لبني الرجل دون جميع الورثة، ولا يرث النساء من الولاء شيئاً. وكذلك امرأة أعتقت عبداً ثم ماتت وتركت زوجاً وأماً (¬2) وبنين وبنات ثم مات العبد المعتق فإن أبا حنيفة قال: ميراثه للبنين دون جميع الورثة. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد في هذا كله. ولو لم يكن لها بنون وكان لها (¬3) ابن ابن ولها بنات وزوج وأم ثم مات العبد المعتق فإن ميراثه لابن الابن دون جميع الورثة. وإذا أعتقت المرأة عبداً على مال أو على غير مال، أو كاتبته فأدى إليها، ثم أعتق العبد أمة، أو كاتبها فأدت فعتقت، ثم مات العبد المعتق، فإن أبا حنيفة قال (¬4): ميراثه للتي أعتقته. وإن ماتت الأمة فإن ميراثها للمرأة (¬5) التي أعتقت العبد. ولو أن امرأة كاتبت عبدا، فكاتب العبد أمة، فأدت الأمة فعتقت، ثم ماتت، كان ميراثها للمرأة، ولا يكون للمكاتب. ولو ماتت الأمة قبل أن تؤدي وتركت وفاء بالمكاتبة وفضلاً فإنه يؤدى إلى المكاتب بقية مكاتبته، ويكون ما بقي ميراثاً للمرأة. ولو أدت الأمة فعتقت، ثم أدى المكاتب بعدها فعتق، ثم ماتت الأمة، فإن ميراثها للمرأة دون المكاتب؛ لأنها عتقت قبله. ولو مات المكاتب بعدها ورثته المرأة. وهذا كله إذا لم يكن (¬6) وارث غيرها. ولو أن رجلاً أعتق عبداً، ثم مات الرجل وترك بنات وأخاً لأبيه وأمه أو ابن عم له، ثم مات المولى، فإن ميراثه للأخ كان ¬

_ (¬1) غ: وأم. (¬2) غ: وأم. (¬3) غ - بنون وكان لها. (¬4) ف - ميراثه للبنين دون جميع الورثة وكذلك قال أبو يوسف ومحمد في هذا كله ولو لم يكن لها بنون وكان لها ابن ابن ولها بنات وزوج وأم ثم مات العبد المعتق فإن ميراثه لابن الابن دون جميع الورثة وإذا أعتقت المرأة عبداً على مال أو على غير مال أو كاتبته فأدى إليها ثم أعتق العبد أمة أو كاتبها فأدت فعتقت ثم مات العبد المعتق فإن أبا حنيفة قال. (¬5) غ: للأمة. (¬6) غ ط + له.

أو ابن العم. وكذلك لو كان ابن العم مولى ولي نعمة كان هو الوارث دون البنات. وكذلك لو كان ولي النعمة امرأة كان لها الميراث دون البنات. ولو أن رجلاً أعتق أمة، ثم مات وترك بنين وبنات (¬1) وأخاً أو ابن عم (¬2) ومولى نعمة، ثم مات البنون، ثم مات العبد المعتق، لم يكن للبنات من الميراث شيء، وكان ميراثه لأخيه إن كان، أو ابن عمه (¬3) إن كان، أو مولاه إن لم يكن أخ ولا ابن عم بعد أن يكون المولى هو الذي أعتق المعتق الأول. وإذا اشترت امرأتان أباهما فأعتقتاه، ثم اشترت إحداهما والأب أخاً (¬4) لهما من الأب فأعتقاه (¬5)، ثم مات الأب، ثم مات الأخ، ولا وارث (¬6) لهما غيرهم، فإن ميراث الأب لهم جميعاً، للذكر مثل حظ الأنثيين بالنسب جميعاً، ولهما الثلثان من ميراث الأخ بالنسب، وللتي (¬7) اشترته مع الأب نصف الثلث الباقي بالولاء، ولهما جميعاً نصف الثلث الباقي بولاء الأب. ولو أن امرأة اشترت أباها فأعتقته، ثم اشترت هي وأبوها أخاً لها لأبيها فأعتقاه، ثم مات الأب، ولا وارث له غيرهما، فإن ميراثه بينهما للذكر مثل حظ الانثيين. فإن مات الأخ بعد ذلك كان لأخته النصف بالنسب، وكان لها النصف الآخر بالولاء. ولو كان لأبيها ابن معها كان ميراث الأخ بينهما بالنسب، للذكر مثل حظ الأنثيين. ولو كان مكان الأخ أخت (¬8) لأب فإن لهما الثلثين (¬9)، وما بقي للمعتقة بولائها وولاء أبيها. وإذا أوصى الرجل بعتق عبد بعينه، أو نسمة تُشترَى فتُعتَق، فأُعتِق ذلك عنه بعد الموت، وله ابنة وأخت قد أحرزوا ميراثه، ثم مات العبد المعتق، فإن ميراثه لعصبة المعتق من الرجال، وليس لابنته وأخته من ذلك ¬

_ (¬1) غ: وبناتا. (¬2) م ف: وابن عم. والتصحيح من ط. وتتمة العبارة تقتضيه. (¬3) ف غ ط: أو ابن عم. (¬4) غ: أخ. (¬5) غ: فأعتقتاه. (¬6) غ: ولا رث. (¬7) م ف غ: ولكني. والتصحيح من ب جار ط. (¬8) غ: أختا. (¬9) غ: الثلثان.

باب المرأة إذا أعتقت عبدا يكون مير، له لعصبتها ولولدها

ميراث. وكذلك مكاتب له أدى بعد موته فعتق. وكذلك زوجة وأم (¬1) الأخت، فإنهن لا يرثن من الولاء شيئاً. ... باب المرأة إذا أعتقت عبداً يكون مير، له لعصبتها ولولدها وإذا أعتقت المرأة عبداً، ثم ماتت وتركت ابنها وأخاها، ثم مات العبد، ولا وارث له غيرهم، فإن ميراثه للابن. وإن جنى جناية فعقله على عاقلة الأم؛ لأنه منهم. ويرثه الابن كما ترثه الأم لو كانت حية. محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أن علي بن أبي طالب والزبير بن العوام - رضي الله عنهما - اختصما إلى عمر - رضي الله عنه - في مولى لصفية بنت عبد المطلب، فقال علي: عمتي، وأنا وارث مولاها، وأعقل عنها. وقال الزبير: أمي، وأنا وارث مولاها. فقضى عمر بن الخطاب بالميراث للزبير، وبالعقل على علي بن أبي طالب (¬2). وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. محمد عن يعقوب عن أبي إسحاق الشيباني عن عامر الشعبي أنه قال: شهدت على الزبير أنه ذهب بموالي صفية، وشهدت على جعدة بن هبيرة أنه ذهب بموالي أم هانئ (¬3). ولو كان للمرأة أخ لأب وأم وأخ لأب أو عم أو ابن عم ولها ابن كان الابن أولاهم بميراث المولى في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك بلغنا عن زيد بن ثابت وسعيد بن المسيب (¬4). ¬

_ (¬1) غ: وأما. (¬2) رواه الإمامان أبو يوسف ومحمد بنفس الإسناد. انظر: الآثار لأبي يوسف، 170؛ والآثار لمحمد، 120. وانظر: المصنف لعبد الرزاق، 9/ 35، 45؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 6/ 294، وجامع المسانيد للخوارزمي، 2/ 175. (¬3) رواه أيضا في كتاب العتاق. انظر: 3/ 160 ظ. (¬4) انظر لروايات في هذا المعنى: المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 403، 6/ 290.

محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أن امرأة أعتقت عبداً ثم ماتت وتركت ابنها وأباها ثم مات العبد، فقال إبراهيم: لأبيها السدس، وما بقي فلابنها (¬1). وكذلك قول أبي يوسف. وقال أبو حنيفة: هو لابنها كله. وهو قول محمد. وكذلك الجد أبو الأب. وكذلك ابن الابن. فأما البنات أو بني البنات (¬2) أو بنات الابن فلا ميراث لهن في شيء من ذلك. والميراث في هذا لعصبة (¬3) المرأة إن كان أخ لأب أو لأب وأم أو ابن عم أو مولى أعتق المرأة، أو امرأة أعتقت المرأة، فهي أولى بالميراث ممن ذكرنا من البنات. وكذلك زوج المرأة وأمها وجدتها لا يرثون من مولاها شيئاً. ولو أن امرأة أعتقت أمة، ثم ماتت المرأة وتركت زوجاً وأماً وأختين (¬4) لأب وأم وأختين (¬5) لأم وأختين (¬6) لأب، أحرزوا ميراثها. فإن ماتت الأمة المعتقة لم يكن لأحد من هؤلاء من ميراثها شيء، ولكن ميراثها لعصبة المرأة المعتقة إن كان لها أخ لأب أو لأب وأم أو ابن عم أو أب أو ابن أو ابن ابن أو مولى أعتقها أو جد أبو أب. وأي هؤلاء كان فله الميراث. فإن اجتمعوا جميعاً فابن الابن (¬7) أولى بالميراث. وكذلك لو أعتقت المعتقة السفلى عبداً، ثم ماتت بعد العليا، ثم مات العبد، كان ميراثها على ما وصفت لك. فإن كان للوسطى أخ لأب وأم أو أخ لأب حر أو عم حر (¬8) فهو أولى بميراث عبدها المعتق. وإن كان من قوم آخرين فولاؤه لهم، أو كان من أنفسهم فهو أولى بميراث مولاها من مولاة مولاتها العليا. وإذا أعتقت المرأة عبداً، ثم ماتت وتركت ابنها وأخاها، ثم مات ابنها وترك أخاه لأبيه، ثم مات العبد المعتق، فإن ميراثه لأخي المرأة، ولا يكون لأخي ابنها من ميراثه شيء. وكذلك لو كان لابنها ابنة لم ترث من ميراث المولى شيئاً. ¬

_ (¬1) الآثار لأبي يوسف، 171؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 6/ 291. (¬2) م + أو بني البنات. (¬3) ف: العصبة. (¬4) غ: وأختان. (¬5) غ: وأختان. (¬6) ح: وأختان. (¬7) كذا في الأصول، والصواب: فالابن ثم ابن الابن. وأشار إلى ذلك في هامش ب. (¬8) م ف غ: أخ لأب أو عم أو أخ لأب وأم أو لأب حر. والتصحيح من ب.

باب الرجل يعتق الرجل

وإذا أعتقت المرأة عبداً، ثم ماتت وتركت أخاً وابناً من بني أسد وابناً من بني تميم، ثم مات المولى، فإنه يرثه ابناها. أفلو مات ابناها، (¬1) جميعاً قبل المولى وترك أحدهما ابنين، وترك الآخر ثلاثة بنين، ثم مات المولى، فإن ميراثه بين البنين الخمسة جميعاً. ولو مات البنون الخمسة وتركوا عصبة ولم يتركوا ولداً ذكراً، ثم مات المولى، فإن ميراثه لعصبة المرأة، أخاها كان أو غيره. ... باب الرجل يعتق الرجل محمد عن أبي يوسف عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن البصري عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه مر على عبد فساومه، ثم مضى ولم يشتره، فجاء رجل فاشترأه ثم أعتقه، ثم أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره ذلك (¬2). فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هو أخوك ومولاك، فإن شكرك فهو خير له وشر لك، وإن كفرك فهو خير لك وشر له، وإن مات ولم يترك وارثاً كنت عصبته" (¬3). محمد عن أبي يوسف عن محمد بن سالم عن عامر الشعبي عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه كان يورّث مولى النعمة إذا لم يكن له عمة ولا خالة ولا ذو قرابة (¬4). ومولى النعمة عندنا المعتق. وقال أبو حنيفة رحمة الله عليه: المعتق أولى بالميراث من العمة والخالة ومن كل (¬5) ذي رحم محرم لا يرث، وكان يأخذ بالحديث الذي ¬

_ (¬1) الزيادة من ب جار. وقال الأفغاني: سقط من الأصول ابتداء المسألة ولم نجدها في المختصر. وقد وجدناها في غيره والحمد لله. (¬2) غ - فأخبره ذلك. (¬3) سنن الدارمي، الفرائض، 31؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 6/ 240؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 153. (¬4) السنن الكبرى للبيهقي، 6/ 241. (¬5) ط: من كل.

حدثنا في ابنة حمزة. وهو قول أبي يوسف ومحمد. حدثنا محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أن أمة (¬1) سافحت فولدت غلاماً، فاشترى أخوها الغلام فأعتقه، فمات الغلام وترك ستةَ ذَوْدِ (¬2)، فأمر بها عمر - رضي الله عنه - إلى إبل الصدقة. فدخل عليه ابن مسعود فقال: إن لم توزثه من قبل القرابة فورّثه من قبل النعمة. قال: وترى ذلك؟ قال: نعم. فورّثه عمر (¬3). وإذا أعتق الرجل عبداً، أو كاتبه فأدى فعتق، أو أعتقه على مال مسمى أو على خدمة مسماة، أو في يمين حنث فيها، فعتق، ثم مات العبد ولا وارث له غير المعتق، فإن ميراثه له. فإن كان للعبد ابنة فلها النصف، وما بقي فللمولى. وإن كان له ابنتان فلهما الثلثان، وما بقي فللمولى. وإن كان له مع ذلك زوجة وأم فللزوجة الثمن، وللأم السدس، وللابنتين الثلثان، وما بقي فللمولى. وإن كان (¬4) له من البنات أكثر من بنتين فهو سواء. وإن كان له من النساء أربع فهو سواء. وإن كانت له أخت (¬5) لأب وأم فإن ما بقي لها دون المولى. وكذلك لو كانت أختاً (¬6) لأب. وكذلك لو كانت أختين في لأب وأم كان ما بقي لهما دون المولى. وكذلك لو كان له أخ لأب أو لأب وأم فإن ما بقي يكون له دون المولى. وكذلك لو كان له ابن أخ لأب أو ابن أخ لأب وأم أو ابن عم لأب أو ابن عم لأب وأم فإن ما بقي من الميراث له دون المولى. وكذلك العم للأب أو لأب وأم. وكذلك الجد أبو (¬7) الأب. وكذلك الأب والابن. فكل هؤلاء يحجب المولى. وكذلك ابن الابن فإنه جب المولى. فأما ابن الابنة فلا يحجب المولى. ¬

_ (¬1) ف: أن امرأة. (¬2) الذَّوْد من الإبل من الثلاث إلى العشر، وقيل: من الثنتين إلى التسع، من الإناث دون الذكور، وقوله: في خمس ذود شاة بالإضافة كما في {تِسْعَةُ رَهْطٍ} (سورة النمل، 48).انظر: المغرب، "ذود". (¬3) الآثار لأبي يوسف، 170. (¬4) ف: ولو كان. (¬5) غ: أختا. (¬6) غ: لو كان له. (¬7) غ: أب.

وكذلك ابنة الابنة. وكذلك الابنة. وكذلك الأخت وحدها؛ فإنها لا تحجب المولى. فإن لم يكن له إلا عمة أو خالة أو ابنة أخ أو ابنة أخت أو ابنة ابنة فإن المولى أولى بالميراث منهم. فإن كانت جدة ومولى فللجدة السدس، وما بقي فللمولى. والجدة من قبل الأم ومن قبل الأب سواء. وإذا أعتق الرجل عبداً، ثم مات العبد وترك ابناً، ثم مات المعتق وترك ابناً، ثم مات ابن العبد، فإنه يرثه ابن مولاه إن لم يكن له وارث غيره. وكذلك لو لم يكن لمولاه ابن وكان لمولاه أب فإنه يرثه أبو المولى. وكذلك لو لم يكن له أب وكان للمولى جد مِن قِبَل الأب فإنه يرثه. وكذلك لو لم يكن له جد وكان له أخ لأب وأم أو أخ لأب فإنه يرثه. وكذلك لو كان له عم لأب وأم أو لأب لا وارث له غيره فإنه يرثه. وكذلك لو لم يكن له (¬1) إلا ابن العم لأب وأم أو من الأب. وكذلك لو لم يكن له قرابة من هؤلاء وكان للمولى مولى هو أعتقه فإنه يرثه إذا لم يكن له وارث غيره. ولو كان رجل أعتق عبداً ثم مات المعتق ولا وارث له لم يرث (¬2) العبد المعتق منه شيئاً. ولو أن رجلاً أعتق أمة، ثم مات الرجل وترك أختاً، ثم ماتت الأمة ولا وارث لها، لم ترث الأخت منها شيئاً، وكان ميراثها لبيت المال إذا لم يكن له عصبة معروفة. ولو أن رجلاً أعتق أمة، ثم مات الرجل والأمة ولا يُعرَف أيهما مات أول، أو غَرِقا جميعاً، أو سقط عليهما بيت فماتا جميعاً، أو ماتا ولا يُعلَم أيهما أول، لم يرث المولى من الأمة شيئاً، وكان ميراث الأمة لعصبة المولى إذا لم يكن لها (¬3) وارث. وإذا أعتق الرجل أمة، ثم إن الرجل مات وترك ابناً، ثم مات الابن وترك أخاً من أمه، ثم ماتت الأمة ولا (¬4) وارث (¬5) لها إلا العصبة، فإن ميراث الأمة لعصبة المعتق، وليس لأخي (¬6) الابن من الأم شيء. وكذلك لو ¬

_ (¬1) م - لو لم يكن له، صح هـ. (¬2) م ف: لم يرثه. والتصحيح من ب جار ط. (¬3) غ: له. (¬4) م: ولها؛ غ - ولا. (¬5) م: واراث؛ غ: ووارث. (¬6) غ: لأخ.

كان أخ للمعتق من أمه لم يرث شيئاً. وكذلك جد المعتق من أمه. وإذا أعتق الرجل أمة، ثم مات الرجل وترك ابنين، فتزوج أحدهما الأمة، ثم ماتت الأمة ولا وارث لها غيرهما، فإن لزوجها النصف، وللابنين جميعاً ابنا المولى النصف الباقي. وإذا أعتق الرجل عبداً، ثم مات، فتزوج العبد ابنة المعتق، ثم مات العبد ولا وارث له غير امرأته وابن المعتق، فإن لامرأته الربع، وما بقي فلابن المعتق. ولو أن رجلاً من العرب تزوج أمة، فولدت له ابناً، فأعتقه مولاها، ثم مات الابن، كان أبوه أولى بميراثه من المولى. ولو لم يكن له أب وكان لأبيه (¬1) عصبة من قومه كان أولى بالميراث من المولى. وإذا أعتق الرجل عبداً، ثم أعتق الرجل والعبد أمة، ثم ماتوا جميعاً، وترك العبد أخاً لأبيه، وترك المولى ابناً، ثم ماتت الأمة، فإن ميراثها لابن الأول نصفه، ولأخي العبد نصفه. وكذلك لو كان مكان أخي العبد ابن عم للعبد أو عم للعبد أو أخ للعبد لأبيه أو جد للعبد مِن قِبَل أبيه (¬2). وكذلك لو كان للعبد ابن. فإن لم يكن له أحد من هؤلاء وكان الوارث ابن الأول كان الميراث كله له. ... باب جر الولاء وعتق الأمة الحامل حدثنا محمد عن أبي يوسف عن الأعمش عن إبراهيم النخعي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال: إذا كانت الحرة تحت المملوك فولدت عتق الولد بعتقها (¬3)، فإذا أعتق أبوهم جَرَّ الولاء (¬4). ¬

_ (¬1) ف: لابنه. (¬2) غ: أمه. (¬3) م ف غ: لعتقها. والتصحيح من ط؛ والسرخسي. انظر: المبسوط، 8/ 87. (¬4) المصنف لعبد الرزاق، 9/ 40؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 6/ 292؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 10/ 306.

محمدعن يعقوب عن محمد بن عمرو بن علقمة عن يحيى بن عبدالرحمن بن حاطب (¬1) [أنه] أبصر الزبير بن العوام بخيبر فتية لُعْساً (¬2) أعجبه ظَرْفُهم (¬3)، وأمهم مولاة لرافع بن خديج، وأبوهم عبد لبعض الحُرَقَة (¬4) من جُهَيْنَة أو لبعض أَشْجَع، فاشترى الزبير أباهم فأعتقه، ثم قال: انتسبوا إلي. وقال رافع بن خديج: بل هم مواليّ. فاختصموا إلى عثمان - رضي الله عنه -، فقضى عثمان بالولاء للزبير بن العوام - رضي الله عنه - (¬5). وكذلك قال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد. محمد عن أبي يوسف عن أشعث بن سوار عن عامر الشعبي أنه قال: إذا أعتق الجد جر الولاء (¬6). وقال أبو حنيفة: لا يجر الجد الولاء. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. وقال أبو يوسف ومحمد (¬7): أرأيت لو أعتق أباهم بعد ذلك أكان أبوهم يجر الولاء أو لا. أرأيت لو أسلم جدهم وأبوهم كافر وهم صغار في حجر أبيهم أيكونون مسلمين بإسلام جدهم، فإن الأب يحجبهم من ذلك، فالجد من الولاء أبعد. ولو كان إسلام (¬8) الجد يكون إسلاماَ لولد ولده كان بنو (¬9) آدم مسلمين كلهم جميعاً ولا يسبى صغير أبداً؛ لأنه على دين آدم. فهذا كله باطل، لا يجر الجد الولاء حياً كان أبوهم أو ميتاً، وكذلك لا يكونون مسلمين بإسلام جدهم حياً كان أبوهم أو ميتاً. وكذلك جد الجد يعتق فإنه ¬

_ (¬1) م ف غ: عن حاطب. والتصحيح من مصادر الرواية ومن ط. (¬2) رجل ألعس: في شفتيه سمرة، ومنه حديث الزبير: أبصر بخيبر فتية لعسا. انظر: المغرب، "لعس". (¬3) الظَّرْف والظَّرَافة: الكَيْس والذكاء. انظر: المغرب، "ظرف". (¬4) الحُرَقَة بفتح الراء لقب لبطن من جهينة. انظر: المغرب، "حرق". (¬5) المصنف لعبد الرزاق، 9/ 41 - 42؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 6/ 292؛ والسنن الكبرى للبيهقي،. 10/ 307. (¬6) المصنف لعبد الرزاق، 9/ 42؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 6/ 293؛ والسنن الكبرى للبيهقي،10/ 307. (¬7) غ - وقال أبو يوسف ومحمد. (¬8) غ: اسلم. (¬9) غ: بني.

لا يجر الولاء. وقال أبو حنيفة: إذا أسلم رجل على يدي رجل ووالاه فهو مولاه. فإن أسر أبوه من أرض (¬1) الحرب فأعتق جر الولاء، وكان الابن مولى (¬2) لموالي الأب الذين أعتقوه. وقال أبو حنيفة: إذا أعتق رجل أمة، فتزوجها رجل مسلم من أهل الأرض ليس بمولى عتاقة، فولدت المرأة منه ولداً، فإن الولد مولى لموالي الأمة، لا تتحول عنهم. وإن كان أبوهم قد والى رجلاً، وأسلم على يديه قبل أن يولد هذا، ثم ولد الولد بعد ذلك، فإنه مولى لموالي الأم؛ لأنها مولاة عتاقة، والعتاقة أولى من الموالاة، وهم يعقلون عنه ويرثونه إن لم يكن له وارث. أرأيت إن مات أبوه ثم مات الولد وترك أمه فإن لها من ميراثه الثلث. من كان يرث ما بقي - في قول أبي حنيفة- يرثه موالي الأم دون موالي الأب. وقال أبو حنيفة: لو أن هذه الأمة المعتقة تزوجت رجلاً من العرب فولدت (¬3) له ابناً كان هذا الولد من العرب، ولا يكون مولى لموالي الأم. ولا يشبه العرب في هذا العجم في قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: العجم والعرب في هذا سواء، وينسب إلى قوم أبيه إن كان من العرب، وينسب إلى موالي أبيه إن كان أسلم على يدي قوم ووالاهم (¬4)، [وَ] موالي أبيه يعقلون عنه ويرثونه إن لم يكن له وارث. وكيف ينسب إلى قوم أمه وأبوه حر له عشيرة وموال (¬5). أرأيت امرأة عربية تزوجها رجل من الموالي فولدت له ابناً أيكون ابنه من العرب أو من الموالي، أينسب إلى قوم أمه أو إلى قوم أبيه، ينسب إلى عشيرة أبيه. إن كان أبوه مولى عتاقة أو أسلم على يدي رجل ووالاه فإنه ينسب إلى قومه وإلى مواليه. وإن كان موالي الأم قد عقلوا عنه فلا يرجعون على موالي الأب. وكذلك لو كان أبوه ¬

_ (¬1) ط: من دار. (¬2) ف - مولى. (¬3) ف: ولدت. (¬4) غ: والاهم. (¬5) غ: وموالي.

نبطياً ينسب إلى أبيه وكان نبطياً مثله في قول أبي يوسف عربية كانت أمه أو مولاة عتاقة. وفي قول أبي حنيفة ومحمد ينسب (¬1) في الموالاة إلى قوم أمه، وأما في العربية فينسب إلى قوم أبيه (¬2)؛ لأن العربية لم يجر عليها نعمة عتاقة. وإذا أعتق الرجل أمة، ثم تزوجها عبد بإذن مولاه أو بغير إذنه، نكاحاً فاسداً أو جائزاً (¬3)، فولدت له ابناً، ثم إن امرأة اشترت العبد فأعتقته، فإنه يكون مولاها، ويكون ولده موالي لها، ويجر ولاءهم. وكذلك لو كان أعتقه رجل. ولو أن أمة تزوجت عبداً، فولدت له ابناً، ثم إن مولاها أعتق الأم وابنها، ثم إن مولى الأب أعتق الأب، لم يجر ولاء ابنه؛ لأن ابنه عتق، فلا يتحول ولاؤه. وكذلك لو كان مولى الأم أعتق الأم وهي حامل بالغلام ثم ولدته، قال: ولاؤه لا يتحول، ولا يجره عتق العبد الأب. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: لو أعتق رجل أمة، ثم جاءت بولد بعد العتق لأقل من ستة أشهر، ثم إن رجلاً أعتق أبا هذا الولد، لم يجر الولاء، وكان الولد مولى للذي أعتق أمه؛ لأنها أعتقت وهي حبلى به. ولو كانت جاءت به لستة أشهر بعد العتق فصاعدأ كان الولاء لموالي الأب؛ لأنها لم تعتق وهي حامل، والحبل حادث بعد العتق. ولو ولدت ولدين في بطن واحد، أحدهما قبل ستة أشهر بيوم، والآخر بعد ستة أشهر بيوم، كان الولدان موليين (¬4) لموالي الأم. ولو أن أمة طلقها زوجها ثنتين، أو مات عنها، ثم أعتقها مولاها وهي تدعي الحبل، ثم ولدت لتمام سنتين منذ يوم مات أو طلق، والأب مولى عتاقة، فإن ولاء الولد لموالي الأم؛ لأنها (¬5) قد بانت ¬

_ (¬1) م ف غ: ينتسب. والتصحيح من ب جار ط. (¬2) م ف غ: أمه. والتصحيع من ط. وانظر: المبسوط، 8/ 89. (¬3) غ: فاسد أو جائز. (¬4) م ف غ: مولى. والتصحيح من ط، ولم يشر إلى ما في النسخ. (¬5) م ف غ: أنها. والتصحيح من ب جار ط.

وهي حامل، ومات الزوج وهي حامل، ووقعت (¬1) العتاقة عليها وهي حامل. وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولو أن أمة طلقها زوجها وهو عبد تطليقة يملك الرجعة، ثم أعتقها مولاها بعد الطلاق بيوم، ثم جاءت بولد لتمام سنتين من يوم طلق، ثم إن مولى الأب أعتقه، فإن ولاء الولد لمولى الأم؛ لأن عدتها قد انقضت به. ولو كان الحبل حدث بعد الطلاق كان هذا رجعة. ولو جاءت به لأكثر من سنتين كان الولاء لموالي الأب، وكان هذا رجعة من الزوج؛ لأن الحبل حدث بعد الطلاق. ولو كان أقرت بانقضاء العدة، ثم جاءت بولد لأقل من ستة أشهر بعد العدة، أو لتمام سنتين منذ يوم طلق، فإن ولاء الولد لموالي الأم. ولو كانت جاءت به لأكثر من سنتين منذ (¬2) طلق، ولأقل من ستة أشهر بعد العدة، كان هذا منه رجعة، وكان ولاء الولد لموالي الأب. ولو أن رجلاً مولى عتاقة تزوج أمة، وأعتقها مولاها، ثم ولدت بعد العتق لستة أشهر، كان ولاء الولد لموالي الأب. وكذلك لو كانت أعتقت بكتابة أو تدبير أو بيمين (¬3) أو على مال فهو كله سواء. ولو أن مكاتباً كاتب امرأته مكاتبة لغير مولاه، ثم أديا جميعاً فعتقا (¬4)، ثم ولدت منه ولداً بعد سنة، فإن هذا ولاؤه لموالي الأب. وكذلك كل ولد يثبت نسبه من رجل مولى عتاقة، ومن أمة مولاة عتاقة، بنكاح جائز أو فاسد، فإن ولاءه (¬5) لموالي الأب إذا جاءت به لستة أشهر فصاعداً بعد العتق. فإن جاءت به لأقل من ذلك فهو لموالي الأم. وإذا أعتق الرجل أمة، وزوجها عبد، فحبلت بعد العتق وولدت، فإن ولاء الولد لموالي الأم، إن جنى الولد جناية عقلوا عنه، فإن مات ولا وارث له غير أمه ومواليه فإن لأمه الثلث، ولموالي الأم ما بقي. وإذا أعتق الولد أمه فولاؤه لموالي الأم. وإن أسلم على يديه رجل من أهل الذمة ووالاه فهو مولاه، وهو مولى لموالي الأم، يعقلون عنه، ويرثونه إن لم ¬

_ (¬1) ف: وقعت. (¬2) ف + يوم. (¬3) م - أو بيمين (غير واضح). (¬4) م - جميعاً فعتقا (غير واضح). (¬5) غ: ولاؤه.

باب موالاة الرجل الرجل

يكن له وارث. وإن أعتق العبد بعد ذلك جر ولاء هؤلاء كلهم حتى يكونوا موالي لموالي الأب، إن كان ابن المعتقة حياً أو ميتاً له ولد أو ليس له ولد فهو سواء. ويجر الأب إذا أعتق ولاءهم جميعاً. ولا ترجع عاقلة الأم على عاقلة الأب بما غرموا من الدية. ولو لم يعتق الأب، فأراد المولى الذي أسلم على يديه (¬1) ابنه أن يتحول بولائه إلى موالي (¬2) الأب، وقد عقل عنه موالي الأم، لم يكن له ذلك. وإذا أعتق الأب جر ولاءه، ويتحول إلى مواليه وإن كان موالي الأم قد عقلوا عنه، ولا يرجعون على موالي الأب. ... باب موالاة الرجل الرجل محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: إذا أسلم الرجل على يدي رجل ووالاه فإنه يرثه ويعقل عنه، وله أن يتحول عنه إلى غيره إذا لم يعقل عنه، فإذا عقل عنه لم يكن له أن يتحول عنه إلى غيره (¬3). وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: إذا أسلم على يديه ولم يواله لم يعقل عنه ولم يرثه. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. حدثنا محمد عن أبي يوسف عن مطرف بن طريف عن عامر الشعبي أنه قال: لا ولاء إلا لذي نعمة، يعني العتاق (¬4). ولسنا نأخذ بهذا. حدثنا محمد عن أبي حنيفة عن إبراهيم بن محمد (¬5) بن المنتشر عن ¬

_ (¬1) ف غ: على يدي. (¬2) ف: إلى مولى. (¬3) الآثار لأبي يوسف، 169؛ والمصنف لعبد الرزاق، 9/ 7؛ وسنن الدارمي، الفرائض، 34. (¬4) المصنف لابن أبي شيبة، 6/ 297. (¬5) ف غ: ومحمد.

أبيه عن مسروق بن الأجدع أن رجلاً من أهل الأرض والى (¬1) ابن عم له وأسلم على يديه، فمات وترك مالاً، فسأل ابن مسعود عن ميراثه، فقال: هو لمولاه (¬2). محمد عن يعقوب عن ليث بن أبي سليم عن حدير عن أشعث بن سوار أنه سأل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عن رجل أسلم على يديه ووالاه فمات وترك مالاً، فقال عمر: ميراثه لك، فإن أبيت فلبيت المال (¬3). محمد عن أبي يوسف عن الرَّبيع بن أبي صالح قال: حدثنا زياد عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أن رجلاً من أهل الأرض أتاه يواليه، فأبى علي ذلك، فأتى ابن عباس - رضي الله عنهما - فوالاه (¬4). محمد عن أبي يوسف عن عبد العزيز بن عمر عن عبد الله بن وهب عن تميم الداري أنه قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يسلم على يدي الرجل ما السنة فيه؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هو أولى الناس بمحياه ومماته" (¬5). وإذا أسلم الرجل على يدي الرجل ثم والى آخر (¬6) فهو مولاه، إن مات ولا وارث له ورثه المولى الآخر (¬7)، وإن جنى عقل عنه قومه. وإن كان الآخر مثله والى رجلاً (¬8) من العرب فهو سواء. وعَقْلُ جناية الأول على القبيلة وميراثه للذي والاه دون العربي. ¬

_ (¬1) غ: ولا. (¬2) الآثار لأبي يوسف، 170؛ والآثار لمحمد، 120. (¬3) المصنف لابن أبي شيبة، 6/ 296؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 158. (¬4) المصنف لعبد الرزاق، 9/ 7؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 6/ 296. (¬5) سنن ابن ماجة، الفرائض، 18؛ وسنن أبي داود، الفرائض، 13؛ وسنن الترمذي، الفرائض، 20؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 155. (¬6) غ: الآخر. (¬7) م ف غ: الموالى الاخير. والتصحيح من ب جار ط. ـ (¬8) غ: رجـ.

وقال أبو حنيفة: إذا والى الرجل رجلاً وأسلم على يديه، ثم مات وترك جدة أو ابنة أو أماً أو أختاً لأم أو أختاً لأبي وأم أو عمة أو خالة أو ذوي قرابة محرم أو غير محرم مِن قِبَل النساء والرجال، امرأة كان أو رجلاً، صغيراً كان أو كبيراً (¬1)، فإنه يحرم ميراثه كله دون مولاه. فإن لم يكن له أحد من هؤلاء كان ميراثه لمولاه. وإن كان له زوجة مع مواليه كان لها الربع، وما بقي لمولاه. وإن كانت امرأة فماتت ولها زوج فإن لزوجها النصف، وما بقي لمولاها. وليس الزوج والمرأة في هذا بمنزلة ذوي القرابة. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإذا أسلم رجل على يدي رجل وعاقده ووالاه، ثم ولد له ابن من امرأة أسلمت على يدي آخر ووالته، فإن ولاء ابنه لموالي الأب (¬2). وكذلك لو كانت المرأة أسلمت ووالت ذلك الرجل وهي حبلى ثم ولدت فإن ولاء ولدها لموالي الأب. وهذا لا يشبه العتاقة؛ لأن أمه (¬3) حرة لم تملك. وكذلك لو كان لهما أولاد صغار ولدوا قبل الإسلام، فأسلم الرجل على يدي رجل ووالاه، وأسلمت المرأة على يدي آخر ووالته، أو فعلت ذلك قبل الأب، فإن ولاء الولد لموالي الأب. فإن جنى الأب جناية فعقل عنه الذي والاه فليس له ولا لولده أن يتحولوا عنه. وإن كبر بعض الولد فأراد التحول إلى غيره فإن كان المولى قد عقل عن أبيه لم يكن له أن يتحول، وإن كان لم يعقل عن أبيه كان له أن يتحول. وكذلك لو عقل عن بعض إخوته كان مثل ذلك. وإذا أسلمت امرأة من أهل الذمة على يدي رجل، ولها ولد صغير من رجل ذمي، ووالت الذي أسلمت على يديه، فإن ولاءها له، ولا يكون ولاء ولدها له في قول أبي يوسف ومحمد، ولا يشبه الأم الأب في هذا الوجه. وهو بمنزلة العتاقة في قياس قول أبي حنيفة، وولاء (¬4) الولد له. وإذا دخل رجل من أهل الحرب بأمان، فأسلم على يدي رجل آخر ¬

_ (¬1) غ: أو رجل صغير كان أو كبير. (¬2) م: للاب. (¬3) ط - أمه. (¬4) غ: ولا.

ووالاه، ثم دخل ابن الأول، فأسلم على يدي رجل ووالاه، فإن ولاء كل واحد منهم للذي والاه، وعقله عليه، ولا يجر بعضهم ولاء بعض، وليس هذا كالعتاقة. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك لو كان هؤلاء من أهل الذمة على هذه الصفة كان القضاء فيهم هكذا. وإذا أسلم رجل من أهل الحرب في دار الحرب على يدي رجل مسلم ووالاه هناك فهو مولاه. وكذلك لو أسلم في دار الحرب ووالاه في دار الإسلام. وكذلك لو أسلم في دار الإسلام ووالاه فيها فهو سواء كله. فإن سبي ابنه فأعتق فإنه مولى للذي أعتقه، ولا يجر ولاء الأب. فإن سبي أبوه فأعتقه رجل فهو مولاه، ويجر ولاء ابنه الذي أسلم ووالاه. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولو كان ابن ابن المعتق لم يعتق ولم يُسْبَ ولكنه أسلم على يدي رجل (¬1) ووالاه لم يجر جده ولاء؛ لأن الجد لا يجر الولاء. ولو أن رجلاً من أهل الذمة أسلم على يدي امرأة من المسلمين ووالاها (¬2) فإنه مولاها، يعقل عنه قومها، وترثه، والمرأة في هذا كالرجل. ولو والى صبياً وأسلم على يديه ثم والاه لم يكن مولاه، وليس للصبي الموالاة. وكذلك الصبية. ولو أسلم على يدي عبد ووالاه لم يكن مولاه ولا مولى مولاه. ولو أسلم على يدي المكاتب ووالاه كان جائزاً وكان مولى مولاه. ولو أسلم على يدي صبي ووالاه بأمر أبيه كان جائزاً وكان مولاه. ولو أسلم على يدي عبد ووالاه بإذن مولاه كان جائزاً وكان مولى لمولاه. ولو أن رجلاً من أهل الذمة والى رجلاً من أهل الإسلام قبل أن يسلم (¬3)، ثم أسلم بعد الموالاة (¬4) على يدي (¬5) آخر، كان مولى للأول حتى يتحول بولائه. ولو أن رجلاً من نصارى العرب أسلم على يدي رجل من غير قبيلته (¬6) ووالاه (¬7) فإنه لا يكون مولاه، ولكنه ينسب إلى ¬

_ (¬1) غ + آخر. (¬2) غ: وولاها. (¬3) م - من أهل الإسلام قبل أن يسلم (غير واضح). (¬4) م - بعد الموالاة (غير واضح). (¬5) ف + رجل. (¬6) م - من غير قبيلته (غير واضح). (¬7) غ: والاه.

عشيرته وإلى أهله، وهم يعقلون عنه ويرثونه. وكذلك المرأة من العرب نصرانية تسلم على يدي رجل وتواليه، أو تسلم على يدي امرأة وتواليها، فإنه لا يكون مولى لها. وإذا أسلم رجل من أهل الذمة على يدي رجل من أهل الذمة (¬1) ووالاه فهو مولاه. فإن أسلم الآخر فهما على الولاء. وله أن يتحول ما لم يعقل عنه. وإذا أسلم رجل من أهل الذمة ولم يوال (¬2) أحداً ثم أسلم آخر على يديه ووالاه فهو مولاه. وإذا أسلم رجل من أهل الذمة على يدي رجل من أهل الحرب فإنه لا يكون مولاه. فإن أسلم الحربي بعد ذلك لم يكن مولاه. وكذلك الحربي يسلم على يدي الحربي الكافر. وإذا أسلم الصبي المراهق وأبواه كافران (¬3) فأسلم على يدي رجل ووالاه (¬4) فهو مسلم، ولا يكون مولاه حتى يجدد ذلك بعد ما يحتلم. وإذا (¬5) والى اللقيط وهو رجل رجلاً فهو جائز وهو مولاه. وكذلك المرأة اللقيطة. وإذا أسلم رجل وابنه على يدي رجل فإنه لا يكون واحد منهما مولاه. فإن والاه الأب فهو مولاه. ولا يكون الابن مولاه إذا كان كبيراً حتى يواليه. وكذلك لو كان مكان الابن ابنة. وكذلك الأخوان وهما رجلان يسلمان (¬6) على يدي رجل فلكل واحد منهما أن يوالي من شاء. وإذا أسلم رجل (¬7) على يدي رجل ووالاه، وله ابن صغير وآخر كبير، فإن ولاء الصغير لموالي الأب، ولا يكون ولاء الكبير له، [وله] (¬8) أن يوالي من شاء. ¬

_ (¬1) أي عرض الذمي الإسلام على ذمي آخر ولم يسلم هو. انظر: المبسوط، 8/ 96. (¬2) غ: يوالي. (¬3) ط: وأبوه كافر. (¬4) غ + فإنه. (¬5) ف - وإذا. (¬6) م غ: مسلمان. (¬7) ف: الرجل. (¬8) من ط.

وإذا أسلم الرجل على يدي الرجل ووالاه، ثم إن الرجل العربي تبرأ من ولائه قبل أن يعقل عنه، فذلك له، كما إن للمولى أن يتبرأ (¬1) من الولاء، فكذلك العربي. وإذا أعتق هذا المولى عبداً قبل أن يتبرأ العربي من ولائه فإن عقل العبد على عاقلة موالي مولاه. وكذلك من أسلم على [يدي] (¬2) العبد ووالاه فإن عقله على عاقلة الأول. وكذلك لو ولد للمولى الأول ولد (¬3) فكبر فأسلم على يدي رجل ووالاه بعد ما عقل عن أبيه فإن عقله يكون على عاقلة العربي الأول، وإن لم يكن له وارث غيره ورثه. ولو أن رجلاً من أهل الذمة أسلم على يدي رجل قرشي ووالاه، ثم مات القرشي وترك بنين وبنات (¬4)، ثم مات المولى ولا وارث له، فإن ميراثه لابن القرشي لصلبه دون بناته. وكذلك ابن المولى. وكذلك لو لم يكن للقرشي (¬5) ولد ذكر لصلبه وكان له بنو بنين (¬6) بعضهم أقرب في الكبْر إلى الجد من بعض فإن الميراث للكُبْر في هذا. وكذلك المرأة يسلم على يديها رجل، والمرأة تسلم على يديها المرأة، فهو سواء في ذلك. وإذا أسلم رجل على يدي رجل من قريش ووالاه، ثم نقض المولى الولاء بمحضر من القرشي، أو نقضه القرشي بمحضر من المولى، فهو نقض لذلك. ولو كان النقض من أحدهما بغير محضر من الآخر لم يجز ذلك إلا في خصلة واحدة: إن والى المولى رجلاً وعاقده فهو نقض وإن لم يحضر (¬7) القرشي؛ لأن هذا قد وجب ولاؤه لهذا الآخر. وإذا أسلمت المرأة من أهل الذمة [وهي] حامل على يدي رجل ووالته، ثم ولدت ولداً فهو مسلم، ويكون مولى لمواليها في قياس قول أبي حنيفة. وكذلك لو كانت ولدته قبل الإسلام عبداً كان أبوهم أو حراً (¬8). فإن أسلم أبوهم ووالى رجلاً أو أعتق فإن كان عبداً فأعتق فإنه يجر ولاء الولد ¬

_ (¬1) غ: أن يبرأ. (¬2) من ب ط. (¬3) غ: ولدا. (¬4) غ: بنينا وبناتا. (¬5) م غ: القرشي. (¬6) م غ: بنو ابنين. (¬7) م - يحضر (غير واضح). (¬8) غ: أو حر.

باب بيع الولاء

إليه. وفي قول أبى يوسف ومحمد لا يكون ولاء الولد لموالي الأم، ولا تعقل الأم عنهم (¬1) ذلك. ... باب بيع الولاء محمد عن أبي يوسف عن عبيد الله بن عمر عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الولاء لُحْمَةٌ كلُحْمَةِ النسب، لا يباع ولا يوهب" (¬2). وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وقال أبو يوسف: حدثني محدث عن سليمان بن يسار أنه كان مولى لميمونة ابنة الحارث فوهبت ولاءه لابن عباس - رضي الله عنهما - (¬3). وقال أبو يوسف: لسنا نأخذ بهذا الحديث. وإذا أعتق الرجل عبداً ثم باع ولاءه فإن البيع باطل لا يجوز، والولاء لمن أعتق، ويرد الثمن إن كان قبض. وكذلك الهبة في ذلك والصدقة والنِّحْلَة (¬4) والعطية والوصية، فإنه لا يجوز شيء من ذلك. وكذلك لو مات المعتق فباع ورثته الولاء، أو باع ذلك وصيه في دين عليه، فإن ذلك باطل لا يجوز. وكذلك لو كان المعتق امرأة فباعت ذلك لم يجز. ولو باع الرجل من الورثة الولاء من النساء منهم (¬5) كان ¬

_ (¬1) م ف غ ط: عليهم. (¬2) رواه الشافعي عن محمد بن الحسن عن أبي يوسف. انظر: مسند الشافعي، 338؛ وصحيح ابن حبان، 11/ 325 - 326، والمستدرك للحاكم، 4/ 379. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 4/ 151 - 152؛ والدراية لابن حجر، 2/ 194؛ 3/ 162، وتلخيص الحبير لابن حجر، 4/ 213. (¬3) رواه ابن أبي شيبة قال: أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو قال: وهبت ميمونة ولاء سليمان بن يسار لابن عباس. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 308. (¬4) النُّحْلَى والنُّحْل والنِّحْلة: العَطِيّة. انظر: المغرب، "نحل". (¬5) م - منهم (غير واضح).

باب الرجل يشتري العبد على أن يعتقه على أن الولاء للبائع أو يشتريه بيعا فاسدا فيعتقه

ذلك باطلاً لا يجوز. ولو أن رجلاً أسلم على يدي رجل ووالاه فباع ولاءه (¬1) من رجل لم يجز ذلك، ويرد الثمن إن كان قبض. وكذلك الهبة في هذا والصدقة والنُّحْلَى والعطية، ولا يكون هذا نقضا (¬2) للولاء. ولو أن المولى الذي أسلم باع ولاء نفسه من رجل ووالاه كان البيع باطلاً، وكان هذا نقضاً للولاء الأول، وولاءً (¬3) للآخر (¬4). وكذلك لو وهب ولاءه للآخر كان هذا نقضا. وهذا من المولى نقض، ولا يكون من العربي نقضاً (¬5)؛ لأن العربي ليس له أن يصرف ولاء المولى (¬6) إلى أحد إلا بمحضر من المولى، وللمولى أن يصرف ولاءه إلى من شاء بغير محضر من العربي. وإذا باع الرجل ولاء عتاق أو موالاة لعبده بعبد وقبضه، ثم أعتقه أو باعه، فإن بيعه وعتقه باطل لا يجوز، ويرد العبد على مولاه، ويكون الولاء على حاله. ... باب الرجل يشتري العبد على أن يعتقه على أن الولاء للبائع أو يشتريه بيعاً فاسداً فيعتقه محمد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أن عائشة (¬7) - رضي الله عنها - ساومت [أهل] بريرة فقالت: إني أريد أن أشتريها فأعتقها، فقالوا لها: اشترطي أن الولاء لنا. فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ¬

_ (¬1) غ: ولاؤه. (¬2) م - والصدقة والنحلى والعطية ولا يكون هذا نقضا (غير واضح). (¬3) ط: وولاؤه. ولم يشر إلى ما في النسخ. (¬4) غ: الآخر. (¬5) غ: نقض. (¬6) غ: الموالي. (¬7) م ط: عن عائشة.

باب اشتراط الولاء

فقال: "الولاء لمن أعتق". فاشترتها فأعتقتها (¬1). وحدثنا محمد عن أبي يوسف عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة - رضي الله عنها - أن بريرة أتتها تسألها في مكاتبتها، فقالت لها: أشتريك فأعتقك وأوفي ثمنك أهلك. فذكرت ذلك لهم، فقالوا: لا، إلا أن تشترطي (¬2) أن الولاء لنا. فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال لها: "اشتريها فأعتقيها، فان الولاء لمن أعتق". فاشترتها فأعتقتها. فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطيباً (¬3) فقال: "ما بال أقوام يشترطون شروطاً (¬4) ليست في كتاب الله، كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، كتاب الله هو أحق وشرط الله أوثق. ما بال أقوام يقول (¬5) أحدهم (¬6): أعتق يا فلان والولاء لي، إنما الولاء لمن أعتق" (¬7). وإذا اشترى الرجل عبداً على أن يعتقه فإن أبا حنيفة قال: هذا بيع فاسد. وكذلك لو شرط فيه الولاء للبائع فإن هذا فاسد. فإن قبضه المشتري فأعتقه فإن الولاء له، وعليه القيمة في اشتراط الولاء. ... باب اشتراط الولاء محمد عن يعقوب عن محدث عن الزهري أن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - اشترى من امرأته الثقفية جارية وشرط لها أنها لها ¬

_ (¬1) رواه الإمام أبو يوسف بنفس الإسناد. انظر: الآثار لأبي يوسف، 141. ورواه الإمام محمد عن مالك عن نافع عن ابن عمر. انظر: الموطأ برواية محمد، 3/ 260. وانظر: صحيح البخاري، المكاتب، 2؛ وصحيح مسلم، العتق، 5 - 15؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 2/ 174. (¬2) ف غ: أن تشترط. (¬3) م - خطيبا، صح هـ. (¬4) م غ: شرطا. (¬5) غ: يقولون. (¬6) غ - أحدهم. (¬7) انظر المصادر السابقة. وسيأتي نقد هذا الحديث في المتن.

باب الرجل يعتق عن الرجل عبدا

بالثمن الذي اشتراها إذا استغنى عنها. فسأل عمر - رضي الله عنه - عن ذلك. فقال: أكره أن تطأها ولأحد فيها شرط (¬1). وكان حديث عمر أوثق عندنا، وكان عمر أعلم بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عائشة - رضي الله عنها -. ونرى أن حديث هشام هذا وهم من هشام؛ لأنه لا يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بباطل ولا يُغَرِّر. ولا يُعرَف حديث هشام، وهو عندنا شاذ من الحديث. وإذا اشترى الرجل عبداً بيعاً فاسداً بخمر أو خنزير، أو إلى العطاء، أو شرط فيه شرطاً يفسده، ثم قبضه وأعتقه، فإن عتقه جائز، وعليه القيمة. فإن اشتراه بدم أو ميتة فقبضه فأعتقه فعتقه باطل؛ لأن هذا ليس بثمن. وإن اشترى بخنزير فأعتقه قبل أن يقبضه فإن عتقه باطل. ... باب الرجل يعتق عن الرجل عبداً (¬2) قال أبو حنيفة: إذا أعتق الرجل عن الرجل (¬3) عبداً بإذنه أو بغير إذنه فالعتق جائز، والولاء لمن أعتق، ولا يكون للمعتق عنه ولاء. والوالد والولد والأخ والأخت والعم والخال في ذلك سواء. وكذلك كل ذي رحم محرم وغيره سواء. وكذلك الرجل يعتق عبداً عن أبيه وهو ميت أو عن أمه وهي ميتة، فإن الولاء لمن أعتق، ولا يكون للمعتق عنه ولاء. أرأيت امرأة حرة وزوجها عبد سألت مولاه أن يعتقه عنها فأعتقه عنها هل يفسد النكاح. فإن كانت ملكت من رقبته شيئاً فقد فسد النكاح. وإن كانت (¬4) لم تملك من ¬

_ (¬1) رواه الإمام محمد أيضاً عن مالك عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن مسعود. انظر: الموطأ برواية محمد، 3/ 249. وانظر: الموطأ، البيوع، 5، والآثار لأبي يوسف، 186؛ والمصنف لعبد الرزاق، 8/ 56؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 5/ 336. (¬2) غ - عبدا. (¬3) م غ ط: رجل عن رجل. (¬4) م غ: وإن كان؛ ف - كانت.

رقبته شيئاً فما وهب (¬1) لها العبد أو الولاء فهذا كله باطل، ولا يكون الولاء لها، ولا يفسد النكاح. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو حنيفة: لو أن رجلاً قال لرجل: أعتق عبدك على ألف درهم أضمنها لك، ففعل ذلك فإن الولاء لمن أعتق، ولا يكون على الرجل مال، فإن كان أدى المال رجع به. وقال أبو حنيفة: لو أن امرأة تزوجت رجلاً على أن يعتق أباها ففعل فإن ولاء الأب للزوج، وللمرأة مهر (¬2) مثلها. وكذلك الخلع. وقال أبو حنيفة: إذا قال رجل (¬3) لرجل: أعتق عني عبدك بألف، ففعل، فهو حر، والمال له لازم، والولاء للذي أعتق (¬4) عنه. وإن كان الذي أعتق عنه امرأة العبد فإن النكاح فاسد لأنها قد ملكت الرقبة، والولاء لها. وإن مات الزوج ولا وارث له غيرها كان لها الميراث بالولاء. وكذلك المرأة تزوج الرجل على أن يعتق أباها عنها فإن الولاء لها، ولها ميراثه إن لم يكن له وارث غيرها نصفين: نصف من قبل أنه أبوها، ونصف بالولاء. محمد عن أبي يوسف عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة - رضي الله عنها - أنها حلفت لا تكلم عبد الله بن الزبير، فتشفّع عليها حتى كلمته، فأعتق عنها ابن الزبير خمسين رقبة في كفارة يمينها. محمد عن أبي يوسف عن يحيى بن سعيد عن القاسم عن عائشة - رضي الله عنها - أنها أعتقت عن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق - رضي الله ¬

_ (¬1) غ - وهب. (¬2) م - مهر (غير واضح). (¬3) ف: الرجل. (¬4) م - والمال له والولاء للذي أعتق (غير واضح).

باب الشهادة في الولاء

عنهما عبيداً من تِلاَدِه (¬1) بعد موته (¬2). ... باب الشهادة في الولاء وإذا مات الرجل وترك مالاً ولا وارث له، فادعى رجل أنه وارثه بالولاء، فشهد له شاهدان أن الميت مولاه، وأنه لا وارث للميت غير هذا، ولم يفسرا (¬3) الولاء، فإن هذه الشهادة لا تجوز، مِن قِبَل أنهما لم يسميا أيهما أعتق صاحبه ولا أيهما والاه. وكذلك لو شهدا أن الميت مولى هذا مولى عتاقة فإن هذا لا يجوز. فإن شهدا أن هذا الحي أعتق هذا الميت وهو يملكه، وهو وارثه لا يعلمون له وارثاً غيره، فهذا جائز، أقضي له بالمال والميراث. وكذلك لو شهد على هذا رجلان على شهادة رجلين. وكذلك لو شهد على هذا رجل ورجلان على شهادة آخر. وكذلك لو شهد على هذا امرأتان ورجلان على شهادة رجل. وكذلك لو شهد على هذا رجل ورجلان على شهادة امرأتين، فهذا كله جائز. وكذلك لو شهد رجلان أن هذا الميت كان مقراً لهذا بالملك وأن هذا أعتقه وأنهم لا يعلمون له وارثاً غيره. وكذلك لو أعتقه على مال وقبضه منه. وكذلك لو قالا: كاتبه على مال مسمى (¬4) وقبض منه المكاتبة، فهذا كله جائز. وإن لم يشهدوا أنه وارثه لم يرث (¬5) منه شيئاً. ولو مات رجل فادعى رجل ولاءه، فأقام شاهدين، فشهدا أن أبا هذا المدعي أعتق (¬6) أبا هذا الميت وهو يملكه، أو هو مقر له ¬

_ (¬1) التَّلاَد والتالد كل مال قديم ولد عندك من عبد أو دابة. انظر: المغرب، "تلد"؛ ولسان العرب، " تلد". (¬2) ورواه الإمام محمد عن مالك عن يحيى بن سعيد. انظر: الموطأ برواية محمد، 3/ 327. وانظر: المصنف لعبد الرزاق، 9/ 61. (¬3) غ: يفسر. (¬4) ف - وقبضه منه وكذلك لو قالا كاتبه على مال مسمى. (¬5) م - أنه وارثه لم يرث (غير واضح). (¬6) م - فشهدا أن أبا هذا المدعي أعتق (غير واضح).

بالعبودية، ثم مات المعتق ولا يُعلَم له وارث (¬1) غير أبيه (¬2) هذا، ثم مات المعتق وترك ابنه هذا، وقد ولده من امرأة حرة حملت به وهي حرة، ثم مات ابن المعتق ولا يعلم (¬3) له وارثاً غير ابن هذا، فإن هذا جائز يُقضَى له بميراثه. ولو شهدوا على هذه الشهادة ثانية، وقالوا: لم ندرك أبا هذا المعتق، ولكنا قد علمنا هذا، لم تجز شهادتهما على هذا حتى يشهدوا (¬4) أنهم قد أدركوا الرجل وشهدوا عتقه على ما وصفت لك. ولو مات رجل وادعى رجل ميراثه، وأقام شاهدين أنه أعتق أمه، وأنها ولدته بعد ذلك بعشر سنين من فلانٍ عبد فلان، وأن أباه مات عبداً، وماتت (¬5) أمه، ومات هو ولا يعلم له وارثاً غير معتق أمه، فإن هذا جائز، له ميراثه. فإن جاء مولى الأب وأقام البينة أنه أعتق الأب قبل أن يموت وهو يملكه، وأنهم لا يعلمون لهذا الغلام وارثاً (¬6) غير هذا، فإنه يُقضَى بميراثه لمولى (¬7) الأب؛ لأنه هو المولى، وعتق الأب يجر الولاء. وإذا مات رجل وترك مالاً، وادعت امرأة أنه والاها وأسلم على يديها، وجاءت على ذلك برجل وامرأتين، فشهدوا أنهم لا يعلمون أن له وارثاً غيرها، فهو جائز، وهي وارثة. وإن ادعى أخوها أنه أسلم على يدي أبيهما ووالاه، وأن أباهما (¬8) قد عقل عنه قبل موته، ووقّتوا في الموالاة وقتاً قبل وقت المرأة، فإن ميراثه لأخيها دونها لأنه مولى أبيها، ولا ترث النساء من الولاء شيئاً. ولو لم يكن الأب عقل عنه، وشهد شهوده أنه والاه في سنة خمسين ومائة، وشهد شهودها أنه والاها في سنة ستين ومائة، فإن ولاءه (¬9) لها دون الأخ؛ لأن المولى قد تحول مولاه عن الأب إليها. وإذا مات الرجل فاختصم في ميراثه رجلان، فأقام كل واحد منهما ¬

_ (¬1) م - ولا يعلم له وارث (غير واضح). (¬2) غ: ابنه. (¬3) غ: نعلم. (¬4) غ: حتى يشهدون. (¬5) ف: أو ماتت. (¬6) غ: وارث. (¬7) ف غ: لموالي. (¬8) ط: وأن أباه. (¬9) غ: ولاؤه.

البينة أنه أعتقه وهو يملكه، ولا وارث له غيره، ولم توقّت البينتان (¬1) وقتاً، فإنه يُقضَى بميراثه بينهما نصفين. وإن وقّت كل واحدة من البينتين وقتاً، فكان أحد الوقتين قبل الآخر، فإنه يُقضَى به للأول منهما؛ لأن ملك الآخر (¬2) باطل بعد عتق الأول. ولو كان هذا في الموالاة بغير عتاق جعلتُه للآخر؛ لأن موالاة (¬3) الآخر تنقض موالاة الأول. فإن كان الأول قد عقل عنه فإنه يُقضَى به للأول، ولا يكون للآخر. وإذا مات رجل فادعى رجل ميراثه، فأقام البينة أنه أعتقه وهو يملكه، وأنهم لا يعلمون (¬4) له وارثاً [غيره] (¬5)، فقضى له القاضي بميراثه وولائه، ثم جاء آخر فادعى أنه هو الذي أعتقه، فإنه لا يقضي للآخر بشيء، ولا تسمع (¬6) منه (¬7) بينته. وإن شهد شهوده أنه أعتقه وهو يملكه لم يقبل ذلك منه؛ لأن القاضي قد قضى فيه. ولو شهد له شاهدان أنه اشتراه من الأول قبل أن يعتقه ثم أعتقه وهو يملكه، أبطلت القضاء للأول (¬8)، وقضيت بالولاء والميراث لهذا الآخر. وإذا مات رجل فاختصم في ميراثه رجل وأخوه لأبيه وبنو أخيه لأبيه، فشهد شاهدان أن جد هذا الرجل أعتق جد هذا الميت وهو يملكه، وأن جد هذا الميت المعتق مات وترك أبا هذا الميت وابناً له آخر، ثم مات الابنان جميعاً وتركا هذا الميت، ثم مات هذا الميت ومات الجد المعتق وترك ابناً وزوجة وابنة، ثم مات ابنه وترك هذا الابن وهذه الابنة وأبا هؤلاء الآخرين بني أخيه، ثم مات أبو هؤلاء (¬9) وترك ابنته، لا يعلمون له وارثاً غيرهم، فإن الميراث لابن الابن دون ابنة الابن ودون بني الأخ ودون عمته إن كانت حية ودون امرأة جده إن كانت حية. وإن لم يدركوا ذلك فشهدوا ¬

_ (¬1) غ: البينتين. (¬2) م: للاخر. (¬3) غ: مولاه. (¬4) م - وأنهم لا يعلمون (غير واضح). (¬5) الزيادة من ب جار ط. (¬6) غ: يسمع. (¬7) م ف غ ط: من. (¬8) ف: الأول. (¬9) م غ: أبوهما ولا؛ ف: أبوهما أولا.

على شهادة شاهدين أدركا ذلك فشهدا به فهو جائز. وهكذا الموالاة إذا كانت بغير عتاق (¬1). وعلى هذا المواريث المناسخة فهو مثل ذلك. وإذا مات رجل وادعى ابن ابن رجل وعمته وبنو أخيه ميراثه، فشهد شاهدان على شهادة شاهدين أن أبا هذه العمة أعتق فلاناً (¬2) وهو يملكه، وأن فلاناً أعتق هذا الميت وهو يملكه، فمات فلان ولا يعلمون له وارثاً غير ابن الابن وابن أخيه والعمة ابنة المعتق الأول، فإن ميراثه لابن الابن دون عمته ودون بني أخيه. وإذا مات رجل فادعى رجل أن أباه أعتقه وهو (¬3) يملكه، وأنه لا وارث لأبيه ولا لهذا الميت غيره، وجاء بابني أخيه، فشهدا على ذلك، فإن شهادتهما لا تجوز؛ لأنهما يشهدان لجدهما. وكذلك بنات المعتق إن شهدن (¬4) لم تجز شهادتهن؛ لأنهن يشهدن لأبيهن. وكذلك نساء المعتق وأمه. وكذلك امرأة أبيه وبنو (¬5) ابنه وبنات ابنه. وكذلك هذه الشهادة في الموالاة دون العتاقة. ولو كان العبد حياً يدعي العتاق من الميت، فشهد ابنا الميت أو بنو (¬6) ابنه أو ابن ابن أو ابنتا (¬7) ابن ابن على عتاق الميت جاز ذلك. وإن مات المعتق بعد ذلك ورثه الرجال من ولد الميت. وإذا كان الرجل حراً وهو مولى، فادعى رجلان (¬8) كل واحد منهما يقيم البينة أنه أعتقه وهو يملكه، ولم تقم البينة على الأول منهما، ولم يوقّتوا وقتاً يُعرَف الأول من الآخر (¬9)، والمولى ينكرهما جميعاً أو يقر لهما جميعاً، فهو سواء، وُيقضَى بالولاء بينهما نصفين (¬10). ولو أقام البينة أحدهما ¬

_ (¬1) م ف غ ط: والموالاة بغير عتاق إذا كانت هكذا. والأصح أن ترتب الجملة هكذا. وهو مستفاد من ب جار. (¬2) غ: فلان. (¬3) غ + أنه. (¬4) م: لم شهدن، صح هـ. (¬5) غ: وبني. (¬6) م - ابنا الميت أو بنو (غير واضح). (¬7) غ: أو بنتي. (¬8) غ - رجلان. (¬9) م ف غ: من الأخير. (¬10) غ: نصفان.

أن أباه هو الذي أعتقه وأنه لا وارث لأبيه غيره فهو سواء مثل الأول. ولو أقام أحدهما البينة على ما ذكرنا من العتاق، وأقام الآخر البينة أن هذا العبد حر الأصل من أهل الذمة أسلم على يديه ووالاه، والعبد يدعي أنه حر الأصل، فإنه يُقضَى به للذي والاه دون الذي أعتقه. ولو كان العبد ميتاً له ميراث [فهو] (¬1) للذي (¬2) أقام البينة أنه حر الأصل إذا شهدوا أنهم لا يعلمون له وارثا غيره، ولا أجعله مملوكاً وقد شهدوا أنه حر الأصل. ولو كان العبد حياً (¬3) فادعى أنه مولى عتاقة للذي أعتقه (¬4) أخذت ببينة العتاقة، وأبطلت البينة الأخرى، وكان هذا من العبد نقضاً (¬5) للموالاة لو كان والاه، إلا أن يكون عقل عنه صاحبه ببينة حرية الأصل، فإن كان عقل فهو أولى. وإذا مات رجل من الموالي وترك بنين وبنات، فادعى رجل من العرب أن أباه أعتقه وهو يملكه، وشهد ابنا الميت على ذلك، وادعى رجل من العرب آخر أن أباه أعتقه، فأقرت ابنة الميت بذلك، فإن الإقرار باطل، والشهادة جائزة، ويكون مولى لصاحب الشهادة. ولو شهد للآخر ابن له وابنتان (¬6) ولم يوقّتوا وقتاً، فإن الولاء يكون بينهما نصفين؛ لأن كل واحد منهما قد قامت له بينة. وشهادة ولد المولى في هذا جائزة. ولو لم تكن المسألة على هذا الوجه، وجاء رجل من الموالي يدعي على رجل من العرب أنه مولاه، وأن أباه أعتق أباه، وجاء بأخويه لأبيه يشهدان بذلك، والعربي ينكر ذلك، فإن شهادة الابنين لا تجوز؛ لأنهما يشهدان لأبيهما بالولاء إذا أنكر ذلك العربي. وإن ادعى (¬7) ذلك العربي جازت الشهادة. وإذا كان رجل من الموالي معه ابن له قد أدرك، فادعى رجل من العرب أنه مولى الأب، وأنه أعتقه وهو يملكه، والأب ينكر ذلك، وادعى رجل آخر من العرب أنه أعتق الابن وهو يملكه، والابن ينكر ذلك، ¬

_ (¬1) من ب جار. (¬2) ف: للذمي. (¬3) ف: حراً. (¬4) ف: عتقه. (¬5) ف: يقضى. (¬6) غ: وابنتين. (¬7) غ - ادعى.

شاهدان من أهل الكفر على مولاه أنه أعتقه، ومولاه كافر؛ كان ذلك جائزاً. ولو كانت أمة في يدي رجل مسلم أو كافر؛ قد ولدت منه أو دبّرها، فادعاها رجل، وأقام بينة مسلمين أنها له، والمدعي مسلم، وأقام الذي في يديه بينة أنها له ولدت منه، أو أنها له دبّرها وهو يملكها، فإن كان شهوده من أهل الكفر لم أقبلهم على مسلم، وقضيت بالأمة وبولدها للمدعي. وإن كان شهوده من أهل الإسلام جعلتها أم ولد للذي (¬1) هي في يديه إن كانوا شهدوا بذلك، ولا أردها في الرق بعد الذي دخلها من العتق؛ لأنها هي الخصم في هذا. ولو كان شهودها على هذا من أهل الكفر؛ ومولاها كافر؛ وهي مسلمة، وشهود المدعي من أهل الكفر (¬2)، والمدعي مسلم أو كافر؛ قضيت بها أم ولد أو مدبرة للذمي الذي هي في يديه كما شهد شهودها (¬3). ولا أجيز شهادة شهود المدعي عليها؛ لأنها مسلمة وهم كفار. وإذا كانت أمة ادعت عتقاً، فادعى رجل أنها أمته، وأقامت هي بينة أن فلان بن فلان الفلاني أعتقها وهو يملكها، قضيت بأنها حرة، ولا أردها رقيقاً توطأ (¬4) بعد العتق. أرأيت لو أقامت (¬5) بينة أنها حرة الأصل أكنت أردها في الرق. فكذلك إذا شهدوا أنه قد أعتقها من يملكها. أرأيت لو شهدوا أن فلان بن فلان الفلاني أعتق أم هذه، وهي فلانة، ثم ولدتها أمها وهي حرة، ثم أقام المدعي البينة على (¬6) أنها أمته، أكنت أقضي بأنها أمة، وأردها في الرق، وقد قامت البينة أنها حرة الأصل. أرأيت لو قامت البينة أن لها ثلاثة آباء أحرار، وثلاث أمهات بعضهن فوق بعض أحرار، وأن فلان بن فلان (¬7) الفلاني أعتق أبويها الأولين، وهو يملكها، أكنت أردها رقيقاً. وأهل الذمة وأهل الإسلام في ذلك سواء. ولو كانت في يدي رجل من أهل الأرض أمة قد ولدت له أولاداً، فادعى رجل أنها أمته، ¬

_ (¬1) ف: للمدعي. (¬2) غ - ومولاها كافر وهي مسلمة وشهود المدعي من أهل الكفر. (¬3) ط: شهد هؤلاء. (¬4) غ: توطى. (¬5) ف: لو قامت. (¬6) م غ: على البينة. (¬7) ف - بن فلان.

باب ولاء المكاتب

وأن هذا الذمي قد غصبها إياه، وأقام على ذلك بينة، وأقام الذمي الذي (¬1) في يديه البينة أنها أمته وَلَدَتْ هؤلاء منه وفي ملكه، فإني أقضي بها وبولدها للمدعي، ولا أجعلها أم ولد. وكذلك لو لم يُقِمْ بينة على الغصب، ولكن أقام البينة أنها أمته وُلِدَتْ في ملكه، وأقام الذي هي في يديه البينة أنها أمته وَلَدَتْ هؤلاء الأولاد منه، فإني أقضي بها لصاحب الولادة (¬2) التي ولدت أولادها عنده. وكذلك الرجل يعتق عبداً، فادعى آخر أنه عبده وُلِد في ملكه من أمته فلانة، وأقام المعتق البينة أنه أعتقه وهو يملكه، فإنه يُقضَى به لصاحب العتق. ولو لم يشهدوا على الولادة، ولكن شهدوا أنه عبده، استودعه هذا المعتق، أو رَهَنَه إياه، أو أعاره إياه، أو غصبه المعتق، فإني أقضي به عبداً للمدعي في ذلك، وأبطل العتق. ولو شهد شهود المعتق أنه عبد للمعتق، وُلِد في ملكه، وأعتقه وهو يملكه، وشهد شهود المدعي أنه عبده، وُلِد في ملكه، فإني أقضي بالعتاق وأُنْفِذُه؛ لأن الدعوى قد استوت، والعتاق فَضْل، والعبد هو الخصم هاهنا. وكذلك لو كان مكان الولادة إجارة أو عارية أو غصب، فشهد هؤلاء على الملك والعتق، وأن هذا الآخر غاصب، وشهد هؤلاء على الملك وأن هذا غاصب، فإني أجيز العتق على هذا وأقضي به. وأهل الإسلام وأهل الذمة في هذا سواء. ... باب ولاء المكاتب وإذا أعتق المكاتب عبداً فإن أبا حنيفة قال: عتقه باطل لا يجوز. وكذلك لو أعتقه على مال فكان عتقه باطل لا يجوز. وإن كاتب المكاتب عبداً فهو جائز. فإن أدى عَتَقَ وكان ولاؤه لمولاه؛ لأنه مكاتب يجوز مكاتبته، ولا يجوز عتاقه. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإن ¬

_ (¬1) ف - الذي. (¬2) ط: الأولاد. ولم يشر إلى ما في النسخ. وفي ب جار: لذي الولادة.

أدى المكاتب الأول المكاتبة فعتق، ثم أدى الآخر، فإن ولاء الآخر للمكاتب الأول؛ لأن الأول عتق قبله. وكذلك لو كان المكاتب الأول امرأة، أو صبياً (¬1) بعد أن يكون يتكلم (¬2) ويعقل. فإن مات المكاتب الأول وترك بنين وبنات ولدوا في مكاتبته من أمة له سعوا فيما على أبيهم (¬3). فإن أدى المكاتب إليهم المكاتبة فعتق قبل أن يعتقوا فإن ولاءه لمولاه. فإن عتقوا هم قبله ثم أدى هو فعتق فإن ولاءه لبني المكاتب دون البنات. ولو لم يؤد (¬4) واحد منهم، ولكنهم أحالوا المولى على المكاتب الآخر بالمكاتبة التي له عليهم على أن أبرأهم منها فقد عتقوا. فإن أدى إليه المكاتب الآخر فعتق فإن ولاءه للذكور من بني المكاتب دون الإناث. ولو لم يحيلوا (¬5) عليه، ولكن ضمن المكاتب الآخر المكاتبة للمولى برضا ورثة المكاتب الأول، ثم أدى إليه المكاتبة، ومكاتبة الأول (¬6) مثل مكاتبة الآخر، فإنهما قد عتقا جميعاً، وولاء الآخر للمولى؛ لأن الأول لم يعتق قبل الآخر، فلا يكون الولاء له حتى يعتق قبل الآخر. ولو أن مكاتباً كاتب عبداً له على ألف درهم، ومكاتبة (¬7) الأول خمسمائة، ثم إن المولى قتل (¬8) الآخر، وقيمته ألف، وقد حلت نجوم الآخر والأول، فإن على المولى قيمة الآخر، يُرفَع عنه من ذلك خمسمائة مكاتبةُ الأول، وخمسمائة ميراث لأقرب الناس من المولى إن لم يكن وارث غيره، ولا يكون للمكاتب الأول من ميراثه شيء. وولاء الآخر للمولى؛ لأن الأول لم يعتق قبل الآخر. وإنما حَرَمْنا المولى الميراث لأنه قاتل. وإذا كاتب المكاتب أمة، ثم مات المولى الأول وترك بنين وبنات، ثم أدت الأمة المكاتبة فعتقت، فإن ولاءها لبني المولى دون بناته. فإن أدى المكاتب الأول أيضاً فعتق فإن ولاءه لبني الأول دون بناته. ولو أن الأول ¬

_ (¬1) غ: أو صبي. (¬2) غ: تكلم. (¬3) غ: على أمهم. (¬4) غ: لم يرد. (¬5) غ: لم يحلوا. (¬6) غ: ومكاتبته الأولى. (¬7) غ: ومكاتبته. (¬8) غ: قبل.

كان أدى قَبْلُ، ثم مات (¬1) وترك بنين وبنات، ثم أدت الأمة (¬2) المكاتبة فعتقت (¬3)، فإن ولاءها لبني المكاتب دون بناته. وإذا أسلم الرجل على يدي مكاتب (¬4) ووالاه فإن ولاءه لمولى المكاتب؛ لأن المكاتب لا يكون له [ولاء] (¬5) وهو عبد. وإذا كاتب الرجل أمة، وكان زوجها مكاتب الآخر، فأدى زوجها فعتق، ثم أدت هي فعتقت، ثم ولدت ولداً بعد عتقه لأقل من ستة أشهر، فإن ولاء ولدها لمولاها. فإن جاءت به لستة أشهر فصاعداً فإن ولاءه لمولى الأب. وإذا كاتب المسلم عبداً كافراً، ثم إن المكاتب كاتب أمة مسلمة، ثم أدى الأول فعتق، فإن ولاءه (¬6) لمولاه وإن كان كافراً، ولا يرثه ولا يعقل عنه. فإن أدت فعتقت فإن ولاءها للمكاتب الكافر، ويعقل عنها عاقلة المولى، ويرثها المولى إن ماتت ولا وارث لها، ولا يرثها المكاتب الكافر؛ لأنها مسلمة. ويوضع على الكافر الخراج وإن كان المولى مسلماً. وكذلك لو أن مسلماً أعتق عبداً كافراً فإنه يوضع عليه الخراج في قول أبي حنيفة. لا يُترَك كافر (¬7) في دار الإسلام بغير خراج. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. أخبرنا محمد عن أبي يوسف عن إسماعيل بن أبي خالد عن عامر الشعبي أنه قال في ذلك: ذمته ذمة مواليه، ولا يوضع عليه الخراج (¬8). ولسنا نأخذ به. ¬

_ (¬1) م ف غ ط: ثم أدى. وزاد في ط "الآخر" لتصحيح العبارة. وقد صححنا المتن من ب جار. (¬2) ف غ ط - الأمة. (¬3) غ: فانعتقت. (¬4) ف + الأمة. (¬5) من ط. وعبارة ب جار: لأنه لا ولاء للمكاتب وهو عبد. (¬6) غ: ولاؤه. (¬7) غ: كافرا. (¬8) الخراج لأبي يوسف، 142، والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 418.

شاهدان من أهل الكفر على مولاه أنه أعتقه، ومولاه كافر؛ كان ذلك جائزاً. ولو كانت أمة في يدي رجل مسلم أو كافر؛ قد ولدت منه أو دبّرها، فادعاها رجل، وأقام بينة مسلمين أنها له، والمدعي مسلم، وأقام الذي في يديه بينة أنها له ولدت منه، أو أنها له دبّرها وهو يملكها، فإن كان شهوده من أهل الكفر لم أقبلهم على مسلم، وقضيت بالأمة وبولدها للمدعي. وإن كان شهوده من أهل الإسلام جعلتها أم ولد للذي (¬1) هي في يديه إن كانوا شهدوا بذلك، ولا أردها في الرق بعد الذي دخلها من العتق؛ لأنها هي الخصم في هذا. ولو كان شهودها على هذا من أهل الكفر؛ ومولاها كافر؛ وهي مسلمة، وشهود المدعي من أهل الكفر (¬2)، والمدعي مسلم أو كافر؛ قضيت بها أم ولد أو مدبرة للذمي الذي هي في يديه كما شهد شهودها (¬3). ولا أجيز شهادة شهود المدعي عليها؛ لأنها مسلمة وهم كفار. وإذا كانت أمة ادعت عتقاً، فادعى رجل أنها أمته، وأقامت هي بينة أن فلان بن فلان الفلاني أعتقها وهو يملكها، قضيت بأنها حرة، ولا أردها رقيقاً توطأ (¬4) بعد العتق. أرأيت لو أقامت (¬5) بينة أنها حرة الأصل أكنت أردها في الرق. فكذلك إذا شهدوا أنه قد أعتقها من يملكها. أرأيت لو شهدوا أن فلان بن فلان الفلاني أعتق أم هذه، وهي فلانة، ثم ولدتها أمها وهي حرة، ثم أقام المدعي البينة على (¬6) أنها أمته، أكنت أقضي بأنها أمة، وأردها في الرق، وقد قامت البينة أنها حرة الأصل. أرأيت لو قامت البينة أن لها ثلاثة آباء أحرار، وثلاث أمهات بعضهن فوق بعض أحرار، وأن فلان بن فلان (¬7) الفلاني أعتق أبويها الأولين، وهو يملكها، أكنت أردها رقيقاً. وأهل الذمة وأهل الإسلام في ذلك سواء. ولو كانت في يدي رجل من أهل الأرض أمة قد ولدت له أولاداً، فادعى رجل أنها أمته، ¬

_ (¬1) ف: للمدعي. (¬2) غ - ومولاها كافر وهي مسلمة وشهود المدعي من أهل الكفر. (¬3) ط: شهد هؤلاء. (¬4) غ: توطى. (¬5) ف: لو قامت. (¬6) م غ: على البينة. (¬7) ف - بن فلان.

باب ولاء المكاتب

وأن هذا الذمي قد غصبها إياه، وأقام على ذلك بينة، وأقام الذمي الذي (¬1) في يديه البينة أنها أمته وَلَدَتْ هؤلاء منه وفي ملكه، فإني أقضي بها وبولدها للمدعي، ولا أجعلها أم ولد. وكذلك لو لم يُقِمْ بينة على الغصب، ولكن أقام البينة أنها أمته وُلِدَتْ في ملكه، وأقام الذي هي في يديه البينة أنها أمته وَلَدَتْ هؤلاء الأولاد منه، فإني أقضي بها لصاحب الولادة (¬2) التي ولدت أولادها عنده. وكذلك الرجل يعتق عبداً، فادعى آخر أنه عبده وُلِد في ملكه من أمته فلانة، وأقام المعتق البينة أنه أعتقه وهو يملكه، فإنه يُقضَى به لصاحب العتق. ولو لم يشهدوا على الولادة، ولكن شهدوا أنه عبده، استودعه هذا المعتق، أو رَهَنَه إياه، أو أعاره إياه، أو غصبه المعتق، فإني أقضي به عبداً للمدعي في ذلك، وأبطل العتق. ولو شهد شهود المعتق أنه عبد للمعتق، وُلِد في ملكه، وأعتقه وهو يملكه، وشهد شهود المدعي أنه عبده، وُلِد في ملكه، فإني أقضي بالعتاق وأُنْفِذُه؛ لأن الدعوى قد استوت، والعتاق فَضْل، والعبد هو الخصم هاهنا. وكذلك لو كان مكان الولادة إجارة أو عارية أو غصب، فشهد هؤلاء على الملك والعتق، وأن هذا الآخر غاصب، وشهد هؤلاء على الملك وأن هذا غاصب، فإني أجيز العتق على هذا وأقضي به. وأهل الإسلام وأهل الذمة في هذا سواء. ... باب ولاء المكاتب وإذا أعتق المكاتب عبداً فإن أبا حنيفة قال: عتقه باطل لا يجوز. وكذلك لو أعتقه على مال فإن عتقه باطل لا يجوز. وإن كاتب المكاتب عبداً فهو جائز. فإن أدى عَتَقَ وكان ولاؤه لمولاه؛ لأنه مكاتب يجوز مكاتبته، ولا يجوز عتاقه. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإن ¬

_ (¬1) ف - الذي. (¬2) ط: الأولاد. ولم يشر إلى ما في النسخ. وفي ب جار: لذي الولادة.

أدى المكاتب الأول المكاتبة فعتق، ثم أدى الآخر، فإن ولاء الآخر للمكاتب الأول؛ لأن الأول عتق قبله. وكذلك لو كان المكاتب الأول امرأة، أو صبياً (¬1) بعد أن يكون يتكلم (¬2) ويعقل. فإن مات المكاتب الأول وترك بنين وبنات ولدوا في مكاتبته من أمة له سعوا فيما على أبيهم (¬3). فإن أدى المكاتب إليهم المكاتبة فعتق قبل أن يعتقوا فإن ولاءه لمولاه. فإن عتقوا هم قبله ثم أدى هو فعتق فإن ولاءه لبني المكاتب دون البنات. ولو لم يؤد (¬4) واحد منهم، ولكنهم أحالوا المولى على المكاتب الآخر بالمكاتبة التي له عليهم على أن أبرأهم منها فقد عتقوا. فإن أدى إليه المكاتب الآخر فعتق فإن ولاءه للذكور من بني المكاتب دون الإناث. ولو لم يحيلوا (¬5) عليه، ولكن ضمن المكاتب الآخر المكاتبة للمولى برضا ورثة المكاتب الأول، ثم أدى إليه المكاتبة، ومكاتبة الأول (¬6) مثل مكاتبة الآخر، فإنهما قد عتقا جميعاً، وولاء الآخر للمولى؛ لأن الأول لم يعتق قبل الآخر، فلا يكون الولاء له حتى يعتق قبل الآخر. ولو أن مكاتباً كاتب عبداً له على ألف درهم، ومكاتبة (¬7) الأول خمسمائة، ثم إن المولى قتل (¬8) الآخر، وقيمته ألف، وقد حلت نجوم الآخر والأول، فإن على المولى قيمة الآخر، يُرفَع عنه من ذلك خمسمائة مكاتبةُ الأول، وخمسمائة ميراثٌ لأقرب الناس من المولى إن لم يكن وارث غيره، ولا يكون للمكاتب الأول من ميراثه شيء. وولاء الآخر للمولى؛ لأن الأول لم يعتق قبل الآخر. وإنما حَرَمْنا المولى الميراث لأنه قاتل. وإذا كاتب المكاتب أمة، ثم مات المولى الأول وترك بنين وبنات، ثم أدت الأمة المكاتبة فعتقت، فإن ولاءها لبني المولى دون بناته. فإن أدى المكاتب الأول أيضاً فعتق فإن ولاءه لبني الأول دون بناته. ولو أن الأول ¬

_ (¬1) غ: أو صبي. (¬2) غ: تكلم. (¬3) غ: على أمهم. (¬4) غ: لم يرد. (¬5) غ: لم يحلوا. (¬6) غ: ومكاتبته الأولى. (¬7) غ: ومكاتبته. (¬8) غ: قبل.

كان أدى قَبْلُ، ثم مات (¬1) وترك بنين وبنات، ثم أدت الأمة (¬2) المكاتبة فعتقت (¬3)، فإن ولاءها لبني المكاتب دون بناته. وإذا أسلم الرجل على يدي مكاتب (¬4) ووالاه فإن ولاءه لمولى المكاتب؛ لأن المكاتب لا يكون له [ولاء] (¬5) وهو عبد. وإذا كاتب الرجل أمة، وكان زوجها مكاتب الآخر، فأدى زوجها فعتق، ثم أدت هي فعتقت، ثم ولدت ولداً بعد عتقه لأقل من ستة أشهر، فإن ولاء ولدها لمولاها. فإن جاءت به لستة أشهر فصاعداً فإن ولاءه لمولى الأب. وإذا كاتب المسلم عبداً كافراً، ثم إن المكاتب كاتب أمة مسلمة، ثم أدى الأول فعتق، فإن ولاءه (¬6) لمولاه وإن كان كافراً، ولا يرثه ولا يعقل عنه. فإن أدت فعتقت فإن ولاءها للمكاتب الكافر؛ ويعقل عنها عاقلة المولى، ويرثها المولى إن ماتت ولا وارث لها، ولا يرثها المكاتب الكافر؛ لأنها مسلمة. ويوضع على الكافر الخراج وإن كان المولى مسلماً. وكذلك لو أن مسلماً أعتق عبداً كافراً فإنه يوضع عليه الخراج في قول أبي حنيفة. لا يُترَك كافر (¬7) في دار الإسلام بغير خراج. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. أخبرنا محمد عن أبي يوسف عن إسماعيل بن أبي خالد عن عامر الشعبي أنه قال في ذلك: ذمته ذمة مواليه، ولا يوضع عليه الخراج (¬8). ولسنا نأخذ به. ¬

_ (¬1) م ف غ ط: ثم أدى. وزاد في ط "الآخر" لتصحيح العبارة. وقد صححنا المتن من ب جار. (¬2) ف غ ط - الأمة. (¬3) غ: فانعتقت. (¬4) ف + الأمة. (¬5) من ط. وعبارة ب جار: لأنه لا ولاء للمكاتب وهو عبد. (¬6) غ: ولاؤه. (¬7) غ: كافرا. (¬8) الخراج لأبي يوسف، 142؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 418.

باب العبد التاجر يكاتب أو يعتق

وإذا باع رجل مكاتباً فأعتقه المشتري فإن عتقه باطل وبيعه باطل، وهو مكاتب على حاله الأولى. فإن لم يَرُدّ ذلك حتى كاتب المكاتب عبداً فأدى فعتق (¬1) فهو جائز، وولاء هذا لمولاه الأول. ولو مات المكاتب الأول (¬2) وترك مالاً كثيراً أدى إلى مولاه ما بقي من المكاتبة، وكان ما بقي ميراثاً (¬3) لورثة المكاتب، ويرد المولى ما كان قبض من الثمن إلى المشتري. وقال أبو حنيفة: لا يجوز بيع المكاتب، وعتق المشتري فيه باطل. وقال أبو حنيفة: إن قال المكاتب: قد (¬4) عجزتُ وكَسَرْتُ المكاتبة، فباعه المولى فبيعه جائز. أخبرنا محمد عن أبي يوسف قال: أخبرنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه رد مكاتباً له أقر (¬5) بأنه عجز، فرد في الرقّ دون السلطان (¬6). وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل كاتب عبداً له على ألف درهم حالة، فكاتب العبد أمة على ألفين، ثم وكل العبد مولاه بقبض الألفين منها على أن ألفاً منها قضاء له، فإن ولاء الأمة للمولى؛ لأن المكاتب لم يعتق قبلها. ولو أعتق قبلها كان ولاء الأمة له. ... باب العبد التاجر يكاتب أو يعتق قال أبو حنيفة رحمة الله عليه: لا يجوز مكاتبة العبد التاجر، لو كاتب عبداً له أو أمة لم يجز ذلك. وقال: لو أعتق عبداً له على مال أو على غير مال كان العتق باطلاً لا يجوز. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. وإن كاتب ¬

_ (¬1) ف: يعتق. (¬2) ف - الأول. (¬3) غ: ميراث. (¬4) ف - قد. (¬5) غ + أقر. (¬6) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 407.

باب ولاء الصبي

العبد التاجر عبداً بإذن مولاه وليس عليه دين فهو جائز. فإن أدى فعتق فولاؤه للمولى. وكذلك إن أعتق عبداً على مال أو على غير مال بإذن مولاه فهو جائز، والولاء للمولى. وإذا كان عليه دين يحيط برقبته وبما في يديه لم يجز شيء من ذلك مكاتبةً ولا عتقاً (¬1)، أذن له المولى أو لم يأذن له. وإن لم يكن عليه دين فأذن له المولى فكاتب عبداً، ثم إن مكاتبه ذلك كاتب أمة بغير إذن مولاه، فهو جائز؛ لأنه مكاتب، فهو مسلط على الكتابة. فإن أدى فعتق، ثم أدت الأمة (¬2) فعتقت، فولاء الأمة للمكاتب، وميراثها إن لم يكن لها وارث، وولاء المكاتب للمولى. ولو أن العبد التاجر أعتقه مولاه قبل أن يؤدي المكاتب المكاتبة، ثم إن المكاتب أدى المكاتبة، فإن ولاءه للمولى، ولا يكون للعبد؛ لأن المكاتب إنما هو مال المولى، وليس بمال العبد. ولا يشبه مكاتب العبد مكاتب المكاتب؛ لأن مكاتب المكاتب من مال المكاتب، ومكاتب العبد من مال المولى. وإذا أسلم رجل من أهل الأرض (¬3) على يدي عبد ووالاه فإنه لا يكون مولى، ولا يكون للعبد ولاء. فإن أذن له المولى في ذلك فهو مولى المولى. والأمة المدبرة وأم الولد في جميع ما ذكرنا مثل العبد. والعبد المحجور عليه في ذلك بمنزلة العبد التاجر. والعبد الصغير إذا كان يعقل ويتكلم في ذلك بمنزلة الكبير. والعبد الكافر كافراً كان مولاه أو مسلماً في ذلك بمنزلة العبد المسلم. ... باب ولاء الصبي وإذا كان الصبي تاجراً أذن له في ذلك أبوه أو وصيه، فكاتب عبداً ¬

_ (¬1) غ: عتق. (¬2) ف: للأمة. (¬3) أي الذين أُقِرُّوا بأرضهم، وهم أهل الذمة. انظر: لسان العرب، "أرض".

بإذنهما، فإنه جائز. وإذا أدى (¬1) المكاتبة عتق وكان مولاه. وإن أعتق عبداً على مال أو على غير مال فعتقه باطل. وكذلك الصبي إذا لم يكن تاجراً فكاتب أبوه عبداً له فهو جائز في قول أبي حنيفة. وكذلك لو كاتب وصيه. ولو أعتق أبوه عبده على مال أو على غير مال لم يجز في قول أبي حنيفة. وكذلك وصيه. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. ولو أسلم رجل على يدي الصبي ووالاه لم يكن مولاه. فإن كان والاه بأمر أبيه وأبوه كافر فهو سواء. وكذلك المجنون المغلوب يسلم على يديه رجل فيواليه فإنه لا يكون مولاه. وكذلك صبي من أهل الذمة أسلم وهو يعقل ثم أسلم رجل على يديه ووالاه فإنه لا يكون مولاه. ولو أن رجلاً من أهل الذمة أسلم على يدي (¬2) رجل على أن يكون مولى ابنه وابنه صغير كان مولى له كما شرط. وكذلك الوصي. ولو كان الابن لم يولد، وكانت المرأة حاملاً به، فأسلم رجل على يدي الأب على أن يكون مولى لحَبَلِ (¬3) امرأته، فإنه لا يكون مولى للحَبَل (¬4) ولا مولى للرجل. وكذلك لو اشترط أن يكون ولاؤه لأول ولد يولد له كان هذا باطلاً (¬5). ولو أن رجلاً أعطى رجلاً ألف درهم على أن يعتق عبده عن (¬6) المعطي وهو صغير يعقل، فإن العتق عن المولى الذي أعتق، والولاء له، ولا يكون للصبي - وكذلك المجنون المغلوب - لأن الصبي لم يكن له أن يعتق عبداً على مال. وإذا كان للصبي عبد، فقال رجل (¬7) لأبيه: أعتق عبد ابنك هذا على ألف درهم، فأعتقه الأب عنه، فهو جائز، وهو حر عنه، وعليه ألف درهم للصبي يقبضها له الأب. وكذلك لو كان [مكان] (¬8) الصبي ¬

_ (¬1) ط: فإن أدى. (¬2) ط: على يديه. (¬3) م غ: الحبل. (¬4) م ف غ: للحبلى. وفي ب جار: للحمل. وأثبتنا ما في ط لموافقته لما قبله. (¬5) غ: باطل. (¬6) ف غ + ابن. (¬7) م ف غ: الرجل. والتصحيح من ب جار ط. (¬8) من ط. وفي ب جار: وكذا لو كان الابن رجلا مغلوبا.

باب العبد يعتق بعضه

رجل مغلوب (¬1). وكذلك لو كان عبد المكاتب، فقال (¬2) له رجل: أعتقه عني على ألف درهم لك، ففعل، فهو جائز، وولاؤه للمعتق عنه، وعليه المال، وهذا بيع. ولو أن مكاتباً قال لرجل حر: أعتق عبدك عني بألف درهم، فأعتقه الحر، جاز العتق، وكان العتق عن الحر، ولا يكون عن المكاتب، ولا يلزم المكاتب المال (¬3)، والولاء للمولى (¬4) الحر. وكذلك عبد تاجر قال لرجل حر: أعتق عبدك عني بألف درهم، ففعل، فهو حر عن المعتق، والولاء له، ولا يكون حراً عن العبد، ولا يلزم العبد المال. ولو أن مكاتباً قال لمكاتب: أعتق عبدك هذا عني بألف درهم، ففعل، لم يجز ذلك، ولم يعتق العبد، ولا يلزم الآمر من المال شيء (¬5). وكذلك عبد تاجر قال مثل ذلك لعبد تاجر. وكذلك مكاتب قال مثل ذلك لمكاتب، أو لعبد تاجر، أو عبدٌ قال ذلك لمكاتب، فهو سواء. وأم الولد والمدبرة في ذلك سواء. ... باب العبد يعتق بعضه قال أبو حنيفة: إذا أعتق الرجل نصف عبده عَتَقَ نصفُه، واستسعاه في نصف قيمته، وهو بمنزلة المكاتب ما دام يسعى في كل شيء من أمره، فإذا أدى السعاية عتق، وكان ولاؤه لمولاه. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا أعتق نصف عبده عتق كله، وهو حر كله، وولاؤه لمولاه، ولا يجتمع في نفس واحدة عتق ورق، والأمة والعبد في ذلك سواء. محمد عن يعقوب عن أشعث بن سوار عن الحسن بن أبي الحسن عن علي (¬6) - رضي الله عنه - أنه قال: يعتق الرجل من عبده ما ¬

_ (¬1) غ: رجلا مغلوبا. (¬2) م: يقال. (¬3) ف - المال. (¬4) ف: للولى. (¬5) غ: شيئاً. (¬6) ف + بن أبي طالب.

شاء (¬1). ولو أن هذا العبد الذي يسعى اشترى عبدا، فأعتقه على مال أو على غير مال، لم يجز ذلك في قول أبي حنيفة، وجاز في قول أبي يوسف. ولو كاتب عبداً جاز ذلك في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. فإن أدى (¬2) المكاتبة فعتق قبل أن يؤدي الأول السعاية فإن ولاء مكاتبه في قول أبي حنيفة لمولاه، وفي قول أبي يوسف ومحمد له. ولو قال هذا الذي يسعى لرجل: أعتق عبدك عني على ألف درهم، ففعل، كان العتق عن المعتق، والولاء له، ولا يلزم الذي يسعى عتق (¬3) ولا ولاء ولا مال في قول أبي حنيفة، ويلزمه في قول أبي يوسف ومحمد. ولو مات ابن لهذا الذي يسعى حُر، وترك مالاً، لم يرث (¬4) شيئاً (¬5) منه في قول أبي حنيفة. وفي قول أبي يوسف ومحمد إن لم يكن له وارث أقرب منه ورثه كله. وفي قياس قول علي - رضي الله عنه - (¬6) يرث منه النصف بقدر ما عتق منه، ونحرمه من الميراث بقدر ما رق منه. أخبرنا محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: إذا جنى جناية عقلت عنه العاقلة بقدر ما أعتق، ويسعى بقدر ما رق منه (¬7). وليس هذا القول بشيء. ولو أن رجلاً مات وترك ابناً نصفه حر، وابنَ ابنٍ نصفُه حر، ولا وارث له غيرهما، فإن ميراثه في قول أبي يوسف ومحمد للابن كله، وإذا أعتق بعضه عتق كله. وفي قول أبي حنيفة لا يرث واحد منهما شيئاً ما دام عليهما شيء من السعاية. وفي قياس قول علي - رضي الله عنه - للابن لصلبه النصف ولابن الابن النصف. ولو كان له مع هؤلاء أبي حر كان ¬

_ (¬1) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 329. (¬2) غ - أدى. (¬3) غ: عتقا. (¬4) م ف غ ط: لم يرثه. وصححه في هامش ط. (¬5) غ: شيء. (¬6) أي المار آنفا من قوله: يعتق الرجل من عبده ما شاء. (¬7) الآثار لأبي يوسف، 222.

له السدس، وما بقي بين هذين (¬1) في قياس قول علي - رضي الله عنه -. ولو كان [له أب] (¬2) حر كله، وابن نصفه حر، كان للأب السدس، وللابن نصف ما بقي، ونصفه للأب. ولو كان الأب نصفه حراً (¬3)، ونصفه عبداً (¬4)، كان للابن نصف المال، وللأب نصفه. ولو كان جدٌّ أبو الأب نصفه حر، وأخٌ نصفه حر، كان المال بينهما نصفين؛ لأن كل واحد منهما لو كان حراً وحده كله أحرز الميراث. ولو كان ابنة نصفها حرة، وأخت لأب نصفها حرة، كان للابنة الربع، وللأخت الربع، وما بقي فللعصبة. ولو كان أختان (¬5) لأب وأم نصفهما حر، وأخت لأب كلها حرة، فإنه يكون للأختين للأب والأم النصف، وللأخت من الأب السدس، وما بقي فللعصبة في قياس قول علي. ولو كان ثلث الأختين للأب والأم (¬6) حراً (¬7)، وثلث الأخت للأب حراً (¬8)، كان لهم جميعاً نصف المال؛ لأن ما عتق منهن واحدة كاملة، لكل واحدة منهن الثلث. ولو كان معهن أم نصفها حرة كان لها السدس. ولو كان ثلثاها (¬9) حرة كان لها سدس وثلث سدس. ولو كانت كلها حرة كان لها الثلث. ولو كان ابن نصفه حر، وابنة كلها حرة، كان للابنة نصف المال، وللابن نصف المال. ولو كان نصف الابنة حرة كان لهما جميعاً ثلاثة أرباع المال: للابن نصف المال، وللابنة ربع المال. ولو كانت ابنة نصفها حرة، وابنة ابن نصفها حر، كان لهما نصف المال بينهما نصفين. ولو كانت ابنتان (¬10) نصفهما حر وابن نصفه حر كان نصف المال للابنتين ونصفه للابن. ولو كان ابن نصفه حر، وأم نصفها حرة، كان للأم ثلاثة أرباع السدس، وللابن نصف المال. ولو كان زوج نصفه حر كان له الثمن إن كان لها ولد، وإن لم يكن لها ولد فله الربع. وإن كانت امرأة ¬

_ (¬1) م: من هذين. (¬2) من ط. ويدل عليه تتمة العبارة كما بينه المحقق الأفغاني. (¬3) غ: حر. (¬4) غ: عبد. (¬5) غ: أختين. (¬6) م ف غ: وأم. والتصحيح من ط. (¬7) غ: حر. (¬8) غ: حر. (¬9) غ: ثلثيها. (¬10) م ف غ: كان ابنتين.

باب العبد بين اثنين

نصفها حر كان لها نصف الثمن إن كان له ولد، والثمن إذا لم يكن له ولد. وعلى هذا الحساب يؤخذ هذا الباب على قول علي - رضي الله عنه -. ولسنا نأخذ بهذا، ولكن إذا عتق بعضه فقد عتق كله، وهو يرث ويورث كما يرث الحر. ... باب العبد بين اثنين وإذا كان العبد بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه وهو غني فإن أبا حنيفة -رحمه الله- كان يقول: شريكه بالخيار. إن شاء أعتق كما أعتق صاحبه، والولاء بينهما نصفين. وإن شاء استسعى العبد في نصف قيمته، والولاء بينهما نصفين. وإن شاء ضمن شريكه نصف قيمته، ويرجع شريكه بما ضمن على العبد، ويكون الولاء للمعتق الأول. ولو كان المعتق الأول فقيراً كان شريكه بالخيار. إن شاء أعتق كما أعتق. وإن شاء استسعى، والولاء بينهما نصفان. وقال أبو يوسف ومحمد: الولاء كله للأول معسراً كان أو موسراً. فإن كان موسراً (¬1) ضمن نصف قيمته لشريكه، ولا يخير الشريك. فإن كان (¬2) فقيراً سعى العبد لشريكه وكان الولاء للأول. وكذلك لو كان عِتْقُ الأول بجُعْل أو بغير جُعْل أو بكفارة أو بيمين. وكذلك لو كانت أمة فهي في ذلك بمنزلة العبد. وكذلك لو كان الموليان امرأة ورجلاً أو امرأتين (¬3). وقال أبو حنيفة: إذا كانت أمة بين اثنين فدبرها أحدهما فإن الآخر بالخيار. إن شاء دبر كما دبر صاحبه، والولاء بينهما إذا ماتا. وإن شاء استسعاها في نصف قيمتها، ويسعى الآخر في نصف قيمتها، والولاء بينهما. وإن شاء ضمن الشريك إن كان غنياً، فإذا مات الشريك عتق نصفها من ¬

_ (¬1) ف - فإن كان موسرا. (¬2) غ - كان. (¬3) غ: وامرأتين.

الثلث، وسعت (¬1) في نصف فيمتها، والولاء له. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا أعتقها أحدهما عن دبر فهي مدبرة كلها، وعتق الثاني فيها باطل، والمدبر ضامن لنصف قيمتها غنياً كان أو فقيراً، وإذا مات عتق من ثلثه، والولاء كله له. وإذا كانت أمة بين رجلين فولدت فادعى أحدهما الولد فهو ابنه، وهو ضامن لنصف قيمتها ونصف العقر، فقيراً كان أو غنياً، في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، وولاؤها إذا أعتقت لمولاها أبي (¬2) الولد. فأما الولد فلا يكون له ولاء، وهو بمنزلة أبيه في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولو كانت مدبرة بين رجلين ولدت (¬3)، فادعى أحدهما الولد، فهو ابنه، وهو ضامن لنصف عقرها ونصفِ قيمتها لشريكه، ونصفُ ولاء الولد لشريكه، والنصف الآخر بمنزلة الأب. وللشريك في قول أبى حنيفة أن يستسعي الولد في نصف قيمته. وكذلك أم ولد بين رجلين ولدت ولداً فادعياه جميعاً، ثم ولدت آخر فادعاه أحدهما، فهو ابنه، وهو ضامن لنصف قيمته إن كان غنياً ونصفِ العقر، ونصفُ ولائه لشريكه في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وإذا أعتق رجلان عبداً بينهما البتة، ثم مات أحدهما وترك ابناً، ومات الآخر وترك ابنين، ثم مات المولى، فإن نصف ولائه للباقي، ونصفه للابنين. ولو لم يكن لأحدهما ولد وكان له أخ كان ميراث نصيبه لأخيه. ولو كان لأحدهما جد أبو أب كان ميراث نصيبه له. وكذلك لو كان له مولى يحرز ميراثه لا وارث له غيره، وكان ولاء نصيبه له، يرث نصيب كل واحد منهما عصبته من الرجال، ولا يرث النساء من ذلك شيئاً. وكذلك لو كان عبد بين ورثة نساء ورجال (¬4) فأعتقوا جميعاً كان الولاء بينهم على قدر سهامهم فيه. فإن مات أحدهم فإنه يرث (¬5) نصيبه من ¬

_ (¬1) ف - إن كان غنيا فاذا مات الشريك عتق نصفها من الثلث وسعت. (¬2) غ: أبي. (¬3) ف - ولدت. (¬4) غ: رجال ونساء. (¬5) ف: يورث.

باب الولاء الموقوف

الولاء ورثته الرجال دون النساء. وكذلك لو كان العتق وقع بمكاتبة أو بيمين. وكذلك رجلان عربي ومولى أعتقا جميعاً عبداً بينهما، فإن نصف ولائه لكل واحد منهما. وكذلك امرأة ورجل. وكذلك لو كان أحدهما ذمياً والآخر مسلماً فأعتقاه جميعاً، فإن الولاء بينهما. فإن كان المعتق مسلماً ثم مات المولى بعد مواليه فإن ميراث (¬1) حصة المسلم لعصبة المسلم، وحصة الكافر منهما إن لم يكن له عصبة مسلمون (¬2) لبيت المال. وإذا كان العبد بين اثنين أحدهما صغير والآخر كبير، فأعتق الكبير وضمن للصغير حصته، فإن الولاء كله للكبير. وإذا كان العبد ذمياً وهو بين اثنين مسلم وكافر فأعتقاه جميعاً ثم ماتا، ثم مات المولى، فإن ميراث الذمي منهما لأوليائه من أهل الذمة، وحصة المسلم من الميراث لبيت المال. ... باب الولاء الموقوف وإذا اشترى الرجل عبداً وقبضه ونقد الثمن، ثم شهد أن مولاه الذي باعه قد كان أعتقه قبل أن يبيعه، فإنه حر، وولاؤه موقوف إذا جحد البائع ذلك، ولا يرثه واحد منهما، ولا يعقل عنه. وكذلك لو كان المولى الذي اشتراه ذمياً اشتراه من مسلم، أو مسلماً (¬3) اشتراه من ذمي. وكذلك لو كان اشتراه من امرأة، أو امرأة اشترته من رجل، أو حر اشتراه من مكاتب فزعم أنه كاتبه قبل أن يبيعه وقبض مكاتبته فأعتقه فإنه حر، ولا سبيل لواحد منهما عليه، وولاؤه موقوف. وإذا (¬4) كان عبد بين اثنين، فشهد كل واحد منهما على صاحبه أنه ¬

_ (¬1) ط: ميراثه. ولم يشير إلى ما في النسخ. (¬2) غ: مسلمين. (¬3) غ: أو مسلم. (¬4) غ: فإذا.

أعتقه، فإن أبا حنيفة قال: يسعى لكل واحد منهما في نصف قيمته، فقيرين كانا أو غنيين، والولاء (¬1) بينهما. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا كانا غنيين فلا سعاية لواحد منهما عليه، والولاء موقوف. وإن كانا فقيرين سعى لكل واحد منهما في نصف قيمته. وإن كان غني وفقير سعى للغني في نصف قيمته، ولا يسعى للفقير في شيء، والولاء موقوف في جميع ذلك، لا يرثونه ولا يعقلون عنه. وإذا كانت أمة، فشهد كل واحد منهما أنها ولدت من صاحبه، وصاحبه ينكر، فإن أبا حنيفة قال: توقف (¬2)، وإذا مات أحدهما عتقت، وولاؤها موقوف لا يكون لواحد منهما. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. وإذا كانت أمة لرجل معروفة أنها له، فولدت من آخر، فقال رب الأمة: بعتكها بألف، وقال الآخر: بل زوجتنيها بمائة، فإن الولد حر، وولاؤه موقوف، والجارية بمنزلة أم الولد، لا يطؤها واحد منهما ولا يستخدمها ولا يستغلها. فإذا مات أبو الولد عتقت، وولاؤها موقوف، ويأخذ البائع العقر قضاء من الثمن. وإذا أقر الرجل أن أباه أعتق (¬3) عبده هذا في مرضه أو في صحته ولا وارث له غيره، فإن ولاء هذا موقوف في القياس، ولا يصدق الابن على الأب، ولكني أدع القياس، [وألزم] الأب (¬4) ولاءه، أستحسن ذلك إذا كان عصبتهما واحداً وقومهما (¬5) من حي واحدة. فإن كان الأب أعتقه قوم، والابن أعتقه قوم آخرون، فالولاء موقوف. ولو كان معه وارث غيره فكذّبه، فاستسعى العبد في حصته، فإن ولاء حصته للذي استسعاه في قول أبي ¬

_ (¬1) غ: بالولاء. (¬2) غ: يوقف. (¬3) ف: عتق. (¬4) الزيادة من الكافي، 1/ 113 ظ. وانظر: المبسوط، 8/ 111 - 112. وغير الكلمة في ط إلى "للأب" للتصحيح. لكن ما أثبتناه أولى. (¬5) غ: عصبتها واحد وقومها.

حنيفة، وولاء حصة الآخر للميت. وأما في قول أبي يوسف فولاء الذي استسعاه موقوف، وهو قول محمد. وإذا ورث رجلان عبداً عن أبيهما، فقال أحدهما: أعتقه في صحته، وكذبه الآخر، فإن العبد يسعى للذي كذبه في نصف قيمته، ويكون ولاؤه نصفه للميت في قول أبي حنيفة، وللذي استسعاه نصفه. وفي (¬1) قول أبي يوسف ومحمد للميت نصفه، ونصفه موقوف. وإذا كان العبد بين ورثة رجال ونساء (¬2)، فأقرت امرأة منهم أن الميت أعتقه، وكذبها الآخرون، فهو مثل الباب (¬3) الأول. وإذا كان العبد بين رجلين، فقال أحدهما: إن لم يكن دخل المسجد أمس فهو حر، وقال الآخر: إن كان دخل (¬4) أمس فهو حر، وهما معسران، فإنه يعتق، ويسعى في نصف قيمته بينهما، والولاء بينهما في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف فإن الولاء موقوف. وقال محمد: يسعى في قيمته كاملة بينهما نصفين، والولاء موقوف؛ لأن كل واحد منهما يزعم أن صاحبه هو الذي حنث، فلا يلزم واحداً منهما الحنث حتى يعلم. وإذا اشترى الرجل العبد من رجل وقبضه ونقد المال، ثم أقر المشتري أن البائع أعتقه قبل أن يبيعه، وكذبه البائع، فإنه يعتق، ويوقف ولاؤه. فإن صدقه البائع بعد ذلك رد الثمن، ولزمه الولاء. وكذلك إن صدقه ورثته بعد موته. وكذلك لو أقر المشتري أن البائع كان دبره، أو أنها كانت أمة فولدت منه، فلا سبيل للمشتري عليها. وإن جحد البائع ذلك فولاؤها موقوف. فإن مات البائع عتقت، وولاؤها موقوف. وإن صدق ورثة البائع المشتري لزم الولاء للبائع، ورد الثمن. أستحسن ذلك وأدع القياس فيه. ولو أن رجلاً في يديه عبد زعم أنه قد باعه من فلان، وأن فلاناً قد أعتقه، وكذبه فلان، فإنه حر، والولاء موقوف. وإن صدقه فلان على الشرى (¬5) ¬

_ (¬1) م ف غ: في. والتصحيح من ط. وانظر: المبسوط، 8/ 112. (¬2) غ: نساء ورجال. (¬3) م غ: باب. (¬4) غ + المسجد. (¬5) غ: على المشترى.

باب ولاء اللقيط

والعتق لزمه الثمن والولاء. ولو أن رجلاً مات وترك عبداً، فأقر الورثة وهم كبار أن الميت أعتقه، أجزت ذلك، وألزمت الميت الولاء. وكل ولاء موقوف فإن ميراثه يوقف في بيت المال، وجنايته عليه، ولا يعقل عنه بيت المال. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ... باب ولاء اللقيط وإذا كان الرجل لقيطاً، أو المرأة، أو الصبي، التقطه رجل أو امرأة، فهو حر، وولاؤه لبيت المال، وهو يعقل عنه، ويرثه. ولا يشبه هذا الولاء الموقوف الذي سمينا قبله؛ لأن هذا لا يعرف له مولى نعمة، وذلك قد ينسب إلى معتق. وكذلك الرجل من أهل الذمة يسلم ولا يوالي أحداً فإن ولاءه (¬1) لبيت المال، وميراثه له، وعقله عليه. وكذلك لو أعتق هذا المسلم عبداً أو أمة. وكذلك اللقيط يعتق عبداً أو أمة فإن جناية هؤلاء على بيت المال، وميراثهم للذي أعتقهم. فإن كان قد مات ولا وارث له فميراثه (¬2) لبيت المال. وكذلك مكاتبه إذا أدى فعتق (¬3). وكذلك رجل يسلم على يدي اللقيط ويواليه. وكذلك الرجل من أهل الذمة يسلم على يدي هذا الرجل المسلم قبله، فإن جنايته على بيت المال، وميراثه له إن كان مولاه قد مات قبله ولم يترك وارثاً غيره. وكذلك عبد بين اللقيط وبين الرجل المعروف أعتقاه جميعاً، فإن نصف ولائه للقيط، ونصفه للرجل، ونصف عقله على بيت المال، ونصفه على عاقلة الرجل. وكذلك هذا المسلم (¬4) من أهل الذمة يعتق هو ورجل من العرب عبداً، فللقيط أن يوالي من شاء، فيعقل عنه ويرثه، وهو في ذلك بمنزلة المسلم، ولا يكون (¬5) ولاء اللقيط ¬

_ (¬1) غ: ولاؤه. (¬2) غ: فميراثهم. (¬3) م: فأعتق. (¬4) أي الذي أسلم كما ورد في ب جار. (¬5) ف: ويكون.

باب الرجل من أهل الذمة يعتق مسلما أو ذميا

للذي التقطه إلا أن يواليه. ولو أن امرأة لقيطة تزوجت رجلاً لقيطاً، قد والى الرجل رجلاً، ولم توال المرأة أحداً، ثم ولدت، فإن ولاء ولدها لموالي أبيه. وكذلك لو كان أبوه من أهل الذمة فأسلم على يدي رجل ووالاه. ولو أن رجلين أحدهما لقيط والآخر من العرب تنازعا صبياً، فأقام كل واحد منهما البينة أنه ابنه، قضيت به لهما جميعاً، وجعلته عربياً لقيطاً. فإن جنى جناية فعلى بيت المال نصفها، ونصفها على عاقلة العربي. ولو أن رجلاً من أهل الذمة أسلم على يدي رجل ولم يواله كان ولاؤه لبيت المال، وعقله عليه، وميراثه له في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، ولا يكون مولى للذي أسلم على يديه ولم يواله. ولو أن لقيطاً من أهل الذمة أسلم كان ولاؤه لبيت المال، وعقله عليه، وميراثه له. ... باب الرجل من أهل الذمة يعتق مسلماً أو ذمياً وإذا أعتق الرجل من أهل الذمة عبداً أو أمة فإن ولاءه (¬1) له. فإن مات المعتق ولا وارث له غير المعتق فهو (¬2) الوارث، وهو في ذلك بمنزلة أهل الإسلام. ولو كان المعتِق يهودياً والمعتَق نصرانياً أو كان المعتَق مجوسياً كان وارثه، لأن الكفر كله ملة واحدة، يتوارثون، ولا يرثون المسلمين ولا يورّثونهم (¬3). ولو أن هذا المعتق أسلم كان ميراثه لبيت المال، وعقله على نفسه إلا أن يكون له أو لمواليه وارث مسلم. ولو كان لمواليه أخ مسلم كان هو وارثه، وعقله على نفسه. وكذلك لو كان لمواليه ابن عم مسلم (¬4) قد والى رجلاً وأسلم على يديه كان هو وارثه، وعقله على نفسه. ولو أن هذا المعتق والى رجلاً وأسلم على يديه لم يكن مولاه، ولا يعقل عنه، ولا يرثه. ولو أن مولى هذا ¬

_ (¬1) غ: ولاؤه. (¬2) م ط: هذا؛ ف غ: هو. (¬3) غ: يرثونهم. (¬4) ف - مسلم.

الذمي المعتق أسلم بعد ذلك أو قبل ذلك كان (¬1) سواء، وكان هذا المعتق هو وارثه ومولاه. وأهل الذمة في هذا مثل العرب. ألا ترى أن المعتق لو والى رجلاً لم يكن مولاه. ولو أسلم المعتق بعد ثم والى آخر كان مولاه. ولو أن نصرانياً من نصارى العرب أعتق عبداً له كان مولاه. وإن كان العبد نصرانياً فأسلم على يدي رجل ووالاه فإنه لا يكون مولاه، ولكنه مولى قبيلة مولاه الذي أعتقه. وإن كان الذي أعتقه من بني تَغْلِب فهو تَغْلَبِي. وكذلك نصراني من بني تغلب أعتق عبداً مسلماً فالمعتق من بني تغلب ينسب إليهم، وهم مواليه، ويعقلون عنه، ويرثه المسلمون منهم أقرب الناس منهم إلى مواليه، وإن والى غيرهم لم يجز ذلك له. ولو أن رجلاً من أهل الذمة أعتق عبداً من أهل الذمة، ثم أسلم عبده على يدي رجل ووالاه، فهو مولى للذي أعتق هذا المعتق (¬2). ولو كان المعتق أمة فهي مولاته. فإن (¬3) تحولت (¬4) بولائها إلى رجل آخر فليس لها ذلك، ولا تجوز الموالاة في هذا، وليس له أن يتحول إلى غيرهم. ولو كان أعتقها قبل أن تسلم لم يكن لها أن تتحول إلى غيره. ولو أن رجلاً من أهل الذمة أعتق أمة كافرة، ثم أسلما جميعاً، ووالى كل واحد منهما رجلاً (¬5)، ثم إن الأمة ماتت ولا وارث لها، فإن ميراثها للذي أعتقها، ولا يكون للذي والاها. ولو كان لمولاها الذي أعتقها أب مسلم حر، أو ابن مسلم حر، أو كافر حر، كان هو الوارث، وأيهما أسلم قبل فهو سواء. ولو أن (¬6) نصرانياً من بني تغلب أعتق أمة نصرانية، ثم أسلما جميعاً (¬7)، ووالت الأمة رجلاً ثم ماتت، فإن ميراثها لمولاها التغلبي، والعرب والعجم في هذا سواء، وليس لهذه الأمة أن توالي غير ¬

_ (¬1) ف: أو قبل كان ذلك. (¬2) م غ: العتق. (¬3) ف: فإنه. (¬4) غ: تحول. (¬5) ط: ثم أسلما جميعاً ووالت الأمة رجلا. ولم يشر إلى ما في النسخ. وهو خطأ مخالف لما في الأصول، ومخالف لما في ب جار. (¬6) م ف غ ط: ولو لم يكن. والتصحيح مستفاد من ب جار. (¬7) غ - جميعاً.

باب المسلم يعتق الذمي

بني تغلب. وكذلك مولاها لو والى أحداً من العرب لم يجز ذلك، ولا يكون مولى لها (¬1) وهو عربي. وكذلك الذي يعتق (¬2) رجلاً ذمياً أو مسلماً فليس للمعتق أن يوالي أحداً أبداً؛ لأنه قد جرى فيه عتق، ولا يشبه العتق في هذا غيره. ... باب المسلم يعتق الذمي محمد عن أبي يوسف عن الحجاج بن أرطأة عن أبي هلال (¬3) الطائي أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أعتق عبداً له نصرانياً يدعى يُحَنَّس (¬4)، وقال: لو كنت على ديننا لاستعنا بك على عملنا (¬5). محمد عن أبي يوسف عن يحيى بن سعيد عن إسماعيل بن أبي حكيم عن عمر بن عبد العزيز أنه أعتق عبداً له نصرانياً، فمات العبد وترك مالاً، قال: فأمرني عمر بن عبدالعزيز فأدخلت ماله في بيت المال (¬6). وكذلك قال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد. وأخبرنا محمد عن أبي يوسف عن إسماعيل بن أبي خالد عن عامر ¬

_ (¬1) ف: مولاها. (¬2) ط: أعتق. (¬3) م ف غ: أبي بلال. والتصحيح من ط. وهو كذلك في المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 108. (¬4) يحنَّس بضم الياء وفتح النون المشددة عَتِيقُ عمر - رضي الله عنه -. انظر: المغرب، "حنس". (¬5) الطبقات الكبرى لابن سعد، 6/ 158؛ والتاريخ الكبير للبخاري، 8/ 268؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 3/ 108. (¬6) المصنف لعبد الرزاق، 6/ 18؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 6/ 285؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 10/ 299.

الشعبي أنه قال في الرجل يعتق الرجل (¬1) الكافر: ذمته ذمة مواليه، لا يؤخذ منه الخراج (¬2). وقال أبو حنيفة: يوضع عليه الخراج، ولا نترك رجلاً من أهل الذمة مقيماً في دار الإسلام ليس به زمانة لا يؤخذ منه الخراج. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. ولو أن مسلماً أعتق كافراً، ثم إن الكافر أسلم على يدي رجل ووالاه، كانت موالاته باطلة، وهو مولى للذي أعتقه لا يزول أبداً وإن كان الذي أعتقه رجلاً من أهل الأرض (¬3) أسلم. والمسلم والذمي في هذا سواء. إذا أعتقه في حكم الإسلام لم يتحول ولاؤه عنه أبداً. وإن والى المعتق رجلاً فهو مولاه ومولى مولاه، وله أن يتحول (¬4) بولائه ما لم يعقل عنه، وليس لمولاه أن يتحول. ولو أن مولاه المعتِق رجع عن الإسلام ولحق بالدار كافراً كان مولاه المعتَق مولى لمواليه الذين كان والاهم (¬5)، ولا يزول أبداً، ولا يتحول. ولو أن عبداً كافرا بين مسلم وكافر أعتقاه جميعاً، فأسلم على يد رجل ووالاه، فإن نصف ولائه للكافر لا يتحول، وحصة المسلم للمسلم. ولو أن مسلماً أعتق أمة مسلمة، ثم رجعت عن الإسلام ولحقت بالدار فسُبِيَت، فاشتراها رجل فأعتقها، كانت مولاة له، وانتقض الولاء الأول للرق الذي حدث فيها. وإذا أسلم الرجل الذمي، ثم أعتق عبداً مسلماً أو ذمياً، أو أعتقه قبل إسلامه، ثم أسلم العبد ووالى رجلاً، فإن موالاته باطل، لا يجوز أن يوالي سوى الذي أعتقه، ذمياً كان أو مسلماً، عربياً كان أو أعجمياً. فإن جنى جناية قبل إسلام مولاه فإنها عليه في ماله. وإن مات كان ميراثه للمولى ¬

_ (¬1) ف - الرجل. (¬2) تقدم تخريجه قريبا. (¬3) أي من أهل الذمة. انظر: لسان العرب، "أرض". (¬4) غ - ولاؤه عنه أبدا وإن والى المعتق رجلا فهو مولاه ومولى مولاه وله أن يتحول. (¬5) غ: ولاؤهم.

باب العتق في دار الحرب

الذي أعتقه إن (¬1) كانا مسلمين جميعاً. ولو كان (¬2) [المعتَق مسلماً و] مولاه كافراً (¬3) وله (¬4) ابن مسلم أو أخ مسلم (¬5) فإنه يرثه، ولا يرثه الذي والاه. وكل عتق في دار الإسلام وحُكْمِ الإسلام فليس للمعتق أن يتحول بولائه إلى أحد. وأهل الذمة في ذلك والعربي والعجمي سواء. ولا يجوز بيع ولاء أهل الذمة ولا شراؤه ولا هبته، مِن عتقٍ كان أو مِن موالاة. ... باب العتق في دار الحرب وإذا أعتق الرجل من أهل الحرب من أهل الكفر عبداً في دار الحرب، ثم إن عبده أسر فاشتراه رجل في دار الإسلام فأعتقه، فإن ولاءه (¬6) للذي أعتقه في دار الإسلام، وميراثه له إذا أسلم ولم يكن له وارث، وعقله عليه. والعتق الأول في دار الحرب باطل لا يلزمه به ولاء؛ لأنه قد سبي وجرى عليه الرق بعد ذلك وقد بطل الأول. وكذلك لو كانت امرأة. وكذلك لو كان الذي أعتقه رجل من العرب من قبيلة من قبائل العرب. والعرب والعجم في هذا سواء: إذا وقع الرق والسبي بطل العتق الأول. وكذلك لو كانت امرأة أعتقته. وكذلك لو كان المعتق امرأة أو صبياً (¬7) فهو سواء كله. وكذلك لو كان دبره في دار الحرب، أو كانت أمة وقد ولدت لرجل من أهل الحرب. ألا ترى أني أَسْبِي أهل الحرب وأجعلهم رقيقاً، فكيف أجيز عتاقهم. ¬

_ (¬1) م ف غ ط: فإن. والتصحيح من ب جار. (¬2) غ: وكذلك لو كان. (¬3) م ف ط: وكذلك لو كان مولاه كافرا. (¬4) أي للمعتَق. (¬5) ط - مسلم. (¬6) غ: ولاؤه. (¬7) غ: أو صبي.

وإذا أعتق الرجل من أهل الحرب عبداً، ثم خرجا مسلمين، فإن للعبد أن يوالي من شاء، ولا يكون للذي أعتقه موالاة؛ لأنه أعتقه في دار الحرب. ألا ترى أنه لو (¬1) سُبِيَ كان عبداً. فالعتق في دار الحرب باطل. ولو أن المعتق والى رجلاً كان مولاه، ولكل واحد منهما أن يتحول بولائه ما لم يعقل عنه. ولو أن عبداً أسلم في دار الحرب ثم خرج مسلماً في دار الإسلام فهو حر، وله أن يوالي من شاء. هو بمنزلة حر من أهل الحرب جاء مسلماً، فله أن يوالي من شاء. ولو أن رجلاً من أهل الحرب خرج إلى دار الإسلام بأمان، واشترى عبداً في دار الإسلام وأعتقه، ثم رجع المولى إلى دار الحرب وأُسِر وجرى عليه الرق، فإنه يكون عبداً، وأما المعتق فهو مولى للمعتق أبداً، لا يتحول إلى غيره. فإذا سبي مولاه ثم مات المعتق فإن ميراثه لبيت المال، وعقله على نفسه، ولا يعقل عنه بيت المال، لأن المعتق يعرف الذي أعتقه، ولو جاء الذي أعتقه مسلماً، لأن العتق في دار الحرب باطل. ألا ترى أن العبد لو قهر مولاه وخرج به كان عبداً له، فكيف يكون الآخر مولاه. والعرب والعجم والنساء في هذا سواء. ألا ترى أنه لو دبر عبداً في دار الحرب ثم مات المولى كان تدبيره باطلاً. فإن خرج العبد إلينا مسلماً كان حراً بالإسلام والخروج. ألا ترى أن المعتق لو سبي وأسلم كان عبداً وأن عتق المولى لا ينفعه. وكذلك أم ولد رجل من أهل الحرب مات مولاها ثم سبيت أو جاءتنا مسلمة. وإذا دخل رجل من أهل الحرب بأمان معه عبد فأعتقه في دار الإسلام، واشترى عبداً في دار الإسلام وأعتقه، فإن هذا جائز، وهو مولاه لا يتحول أبداً إلى غيره، وليس للمعتق أن يوالي غيره، وهذا بمنزلة أهل الذمة. فإن رجع المولى إلى دار الحرب فإن هذا المولى على حاله ليس له أن يوالي أحدا. ولو كان لهذا الحربي عشيرة مسلمون (¬2) كانوا هم يرثون مولاه ويعقلون عنه. وإذا جاء الحربي مسلماً فإن ولاءه له وهو يرثه. وإن سُبِيَ الحربي فجرى عليه الرق، ثم أعتقه مولاه الذي وقع في ملكه، فإن ¬

_ (¬1) ط + كان. (¬2) غ: مسلمين.

ولاء المعتق الأول له (¬1) على حاله. ولو كان رجل من (¬2) الروم لا عشيرة له دخل بأمان فاشترى عبداً، ثم رجع إلى دار الحرب فأُسِرَ ثم أُعْتِقَ، فإنه مولى للذي أعتقه، ومولاه مولى له على حاله. ولو لم يعتق لم يكن لمولاه أن يوالي أحداً. ولو أن رجلاً مسلماً دخل دار الحرب بأمان، أو حربي فأسلم في دار الحرب، ثم أعتق عبداً اشتراه في دار الحرب، ثم أسلم عبده (¬3)، فإنه في القياس لا يكون مولاه، وله أن يوالي من شاء. وقال أبو حنيفة: لا يكون مولاه. وهو قول محمد. وقال أبو يوسف: أجعله مولاه، أستحسن ذلك وأدع القياس فيه. ولو أن العبد المعتق لم يأت مسلماً ولكنه سُبِيَ فأُعْتِقَ في دار الإسلام كان عتقه الآخر ينقض عتقه الأول، وكان مولى للمعتق الآخر يرثه ويعقل عنه. وحدثنا محمد عن أبي يوسف عن هشام بن عروة عن أبيه أن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - أعتق سبعة ممن كان يُعَذَّبُ في الله: صهيب وبلال، وسماهم لنا (¬4). فهذا جائز، وولاؤهم لأبي بكر رضوان الله عليه. قال أبو حنيفة: ولاؤهم لأبي بكر - رضي الله عنه - لأنه أعتقهم قبل أن يؤمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقتال وقبل أن تكون مكة دار حرب. وبلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أعتق زيد بن حارثة - رضي الله عنه - فصار مولاه (¬5). وهذا قبل الهجرة وقبل فريضة الله تعالى القتال. فهذا جائز. وكذلك كل عتق كان في الجاهلية قبل الإسلام وكان بمكة قبل الهجرة وقبل أن يؤمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالقتال، وإنه جائز. وإنما افترق أمر دار الحرب ودار (¬6) الإسلام حيت هاجر ¬

_ (¬1) ط - له. (¬2) ط + أهل. (¬3) غ: عنده. (¬4) رواه أيضاً ابن عيينة في تفسيره من طريق هشام. انظر: تغليق التعليق لابن حجر، 3/ 267؛ والإصابة لابن حجر، 4/ 171. وإعتاق أبي بكر لبلال - رضي الله عنهما - مروي في صحيح البخاري، المناقب، 23. (¬5) السيرة النبوية لابن هشام، 2/ 87؛ والطبقات الكبرى لابن سعد، 1/ 497؛ والإصابة لابن حجر، 2/ 598. (¬6) م ف غ ط: في دار. والتصحيح من ب جار.

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأُمِرَ بالقتال وجرى حكم الإسلام في دار الإسلام، فصار عتق أهل الشرك وتدبيرهم باطلاً (¬1) لا يجوز. وإذا دخل رجل من دار الحرب بأمان إلى دار الإسلام فاشترى عبداً فأعتقه، ثم رجع الحربي إلى دار الإسلام فسُبِيَ، فاشتراه العبد فأعتقه، فإن ولاء المعتق الأول للمعتق الآخر وولاء (¬2) الآخر (¬3) للأول؛ مِن قِبَل أنه ليس له هاهنا عشيرة يرجع ولاء مولاه (¬4) إليهم، حتى لحق بالدار فصار ولاء مولاه له، فلما عتق كان له على حاله. وإذا أسر (¬5) أهل الحرب عبداً مسلماً فدخلوا به دار الحرب فاشتراه رجل منهم فأعتقه فإن أبا حنيفة قال: عتقه جائز، وهو حر. فإن خرج العبد إلى دار الإسلام فهو مولى لذلك الحربي. وإن أُسِرَ الحربي فاشتراه العبد فأعتقه فهو جائز، والولاء لصاحبه، والأول مولى للآخر على حاله، والآخر مولى للأول، وأيهما مات ولا وارث له ورثه صاحبه. وقال أبو حنيفة (¬6): إذا أبق إليهم العبد فأحرزوه فباعوه، واشتراه رجل فأعتقه، فإن عتقه باطل، ولا يكون الآبق كالأسير. وقال أبو يوسف ومحمد: هما عندنا سواء. وإذا دخل الحربي إلينا بأمان فاشترى عبداً مسلماً فأدخله دار الحرب فإن أبا حنيفة قال: هو حر، ولا يكون ولاؤه للذي أدخله. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يكون حراً، فإن أعتقه الذي أدخله فهو حر، وولاؤه له، وإن باعه من رجل من أهل الإسلام فهو عبده. وقال أبو حنيفة: لا يجوز بيعه مِن قِبَل أن العبد قد حل له قتل مولاه وأخذ ماله، وصار حراً بذلك (¬7). ولو أصابه المسلمون في غنيمة فإن أبا ¬

_ (¬1) غ: باطل. (¬2) غ - والآخر. (¬3) غ: والآخر. (¬4) غ: موالاه. (¬5) م غ: وإذا أمر. (¬6) ف - على حاله والآخر مولى للأول وأيهما مات ولا وارث له ورثه صاحبه وقال أبو حنيفة. (¬7) ط: صار حراً لذلك.

حنيفة قال: هو حر، ولا تجري عليه السهام. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: إذا أسلم عبد رجل من أهل الحرب فإن باعه من مسلم عتق، وإن أصابه المسلمون في غنيمة عتق. وفي قياس قوله: إن باعه من حربي مثله عتق. وفي قياس قوله: لا يكون له ولاؤه، ويوالي (¬1) من شاء. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يعتق في شيء من ذلك، إلا أن يصيبه المسلمون في غنيمة فيعتق، ويوالي من شاء، أو يخرج إلى دار الإسلام مُرَاغِماً لمولاه. وقال أبو حنيفة: إن أسلم مولاه قبل أن يبيعه فهو عبده على حاله، وإن أعتقه وهما مسلمان جميعاً في دار الحرب فإن عتقه جائز؛ لأنهما مسلمان لا يجري على واحد منهما السبي. وليس هذان (¬2) كمن وصفنا قبلهما. وإذا خرج عبد من أهل الحرب مسلماً إلى دار الإسلام فإنه يعتق ويوالي من شاء. حدثنا محمد عن أبي يوسف عن الحجاج بن أرطاة عن الحكم عن مقسم (¬3) عن ابن عباس أن عبدين خرجا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يحاصر أهل الطائف، فأعتقهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬4). حدثنا محمد عن أبي يوسف عن محمد بن إسحاق عن عبد الله بن مُكْرِم (¬5) أن عبيداً من أهل الطائف خرجوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعتقهم. فلما ¬

_ (¬1) م ف غ ط: ولا يوالي. وقال في هامش ط: والصواب: ويوالي. وهو كذلك. (¬2) غ: هذين. (¬3) م ف: بن مقسم. والتصحيح من مصادر الرواية ومن ط. (¬4) المصنف لابن أبي شيبة، 7/ 411؛ ومسند أحمد، 1/ 243؛ والمعجم الكبير للطبراني، 11/ 390، 398؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 9/ 229؛ ومجمع الزوائد للهيثمي، 4/ 245. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 3/ 281، والدراية لابن حجر، 2/ 85. (¬5) م ف غ ط: عبد الله بن أبي بكر. والتصحيح من المصادر المذكورة في الحاشية التالية. وقد بين الأفغاني ذلك في الهامش أيضاً.

باب ولاء المرتد

أسلم أهل الطائف (¬1) كلموا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيهم. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أولئك عتقاء الله" (¬2). ولو أن عبداً من أهل الحرب خرج بأمان في تجارة لمولاه، فأسلم في دار المسلمين، فإن (¬3) الإمام يبيعه، ويمسك الثمن على مولاه. ولو كان أسلم في دار الحرب ثم خرج في تجارة لمولاه وهو مسلم فهو مثل الأول. فإن خرج مراغماً لمولاه فهو حر، ويوالي من شاء. فإن جنى قبل أن يوالي عقل عنه بيت المال، وميراثه لبيت المال. وإن عقل عنه بيت المال ثم أراد أن يوالي أحداً بعد العقل فليس له ذلك، ولكن له أن يتحول ما لم يُعْقَلْ عنه. ولو أن رجلاً من أهل الذمة أعتق عبداً فأسلم عبده (¬4)، ثم إن الذمي نقض العهد ولحق بدار الحرب وأُخِذَ أسيراً، فصار عبداً لرجل، وأراد مولاه أن يوالي رجلاً، لم يكن له ذلك؛ لأنه مولى عتاقة في دار الإسلام، فليس له أن يتحول عنها. وإن جنى جناية فهو يعقل عن نفسه. وإن مات ولا وارث له ورثه بيت المال. فإن عتق مولاه يوما فإنه يرثه إن مات وهو مسلم، لأنه مولاه. وإن جنى جناية بعد ذلك فإنه يعقل عنه مولاه، وهو وارثه إن مات. ... باب ولاء المرتد إذا ارتد الرجل عن الإسلام ثم أعتق عبداً فإن أبا حنيفة قال: إذا أسلم فعتقه جائز، والولاء له. وقال: إن قتل على ردته أو لحق بدار الحرب ¬

_ (¬1) غ - خرجوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعتقهم فلما أسلم أهل الطائف. (¬2) السيرة النبوية لابن هشام، 5/ 158؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 9/ 229، 10/ 308؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 282. وروي من حديث علي قال: خرج عبدان يوم الحديبية إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل الصلح ... وأبى أن يردهم وقال: "هم عتقاء الله". انظر: سنن أبي داود، الجهاد، 126. (¬3) م ف غ: وإن. والتصحيح من ط. (¬4) م غ ط: عنده.

على ردته فعتقه باطل، ويُقْسَمُ العبد بين الورثة مع ميراثه. وقال أبو يوسف ومحمد: عتقه جائز على كل حال، والولاء له، فإن قتل أو مات أو لحق بدار الحرب فإن الولاء للرجال من ورثته. وقال أبو حنيفة: إذا ارتدت المرأة عن الإسلام ثم أعتقت عبداً (¬1) فإن عتقها جائز، والولاء لها؛ لأن المرأة لا تقتل. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا لحق المرتد وقُسم ميراثه بين الورثة، ثم مات مولى له قد كان المرتد أعتقه قبل ردته، فورثه الرجال من ورثته دون النساء، ثم جاء المرتد تائباً، فإنه يأخذ ما وجد من ميراثه في يدي ورثته قائماً (¬2) بعينه في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، ولا يأخذ ما وجد من ميراث مولاه. وإذا دبر المرتد عبداً ثم مات أو قتل أو لحق بدار الحرب (¬3) فإن أبا حنيفة قال: تدبيره باطل لا يجوز. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا قتل أو مات فالعبد (¬4) حر، والولاء للرجال من ورثته، وإذا لحق بالدار وقضي بلحاقه فالعبد (¬5) حر إذا أعتقه القاضي، والولاء للرجال من ورثته. وهذا قول أبي حنيفة إذا (¬6) دبره قبل الردة. وقال أبو حنيفة: إذا ولدت أمة المرتد فهي أم ولده، فإن مات أو قتل أو لحق بالدار فرفعت إلى السلطان أعتقها، وولاؤها للرجال من ورثته، أستحسن في أم الولد. وقال أبو حنيفة: إذا لحق المرتد بدار الحرب فرفع ميراثه إلى الحاكم وله أمهات أولاد ومدبرون، فإن الحاكم يُعتِق أمهات أولاده الذين كن في الردة وقبلها، ويعتق مدبريه الذين كانوا قبل الردة، ولا يعتق مدبريه الذين ¬

_ (¬1) م - عبدا. (¬2) غ: قائم. (¬3) م غ: لحق بالدار. (¬4) ف غ: والعبد. (¬5) ف: والعبد. (¬6) ف: وإذا.

دبرهم في الردة، وولاء أولئك المعتقين للرجال من ورثته. فإن كان له مكاتب كاتبه قبل الردة فإنه يقضي (¬1) بمكاتبته بين الورثة، فإذا أداها عتق وكان ولاؤه للرجال دون النساء. وقال أبو حنيفة: إن كان مكاتباً كاتبه في الردة رددته رقيقاً بين الورثة. وقال أبو حنيفة: إن رجع المرتد بعد قسمة الميراث أو بعد عتاق من ذكرنا فإن ذلك كله ماض عليه إلا ما وجد من الميراث قائماً بعينه فإنه يأخذه، وولاء المعتقين له، وميراثهم له إن ماتوا بعد خروجه. وقال أبو حنيفة: إن رجع المرتد تائباً قبل قسمة ميراثه وقبل عتق أمهات أولاده ومدبريه فإنه لا يعتق واحد منهم، وهم رقيق على حالهم، ولا يقسم ميراثه، ويدفع ذلك كله إليه. وإذا مات المولى وقد كان المرتد أعتقه قبل الردة، والمرتد مقيم على حاله في الدار، فإنه يرثه الرجال من عصبة المرتد دون النساء، ولا يرثه المرتد؛ لأنه لا يرث كافر من مسلم. وإن أسلم المرتد بعد ذلك لم يأخذ من ميراثه شيئاً. فإن كان للمولى ابنة قد ورثت أباها مع العصبة، ثم ماتت الابنة بعد إسلام المرتد، كان المرتد يرثها دون الرجال من ورثته، وهو مولاها دونهم. وإذا أعتقت امرأة عبداً ثم إن المرأة ارتدت عن الإسلام، أو أعتقته (¬2) في ردتها ثم لحقت (¬3) بدار الحرب مرتدة على حالها فسُبيَتْ فاشتراها العبد، فإنها أمة له، وتُجْبَر على الإسلام، وولاء العبد لقومها علَى حاله. فإن أعتقها العبد كانت مولاة له، يرثها إن ماتت ولا وارث لها. وإن مات العبد ولا وارث له فإن المرأة ترثه؛ لأنها أعتقته. ويعقل عنه قومها الأولون. ولو كان اشتراها غير العبد فأعتقها، وكان قومها بني أسد، فأعتقها رجل من همدان، فإنه يعقل عن العبد بنو أسد لا يتحول أبداً، وترثه المرأة إن لم يكن له ¬

_ (¬1) م ف غ ط: فانقضى. والتصحيح مستفاد من ب جار. (¬2) غ: أو أعتقه. (¬3) م غ: ثم لحقه.

وارث. رجع يعقوب عن هذا وقال: تعقل عنه همدان، ويتحول إليها ولاؤه حيث ما تحولت. وهذا قول محمد. وإن كانت المرأة من العجم أسلمت ولا أهل لها ولا قرابة، فأعتقت عبداً بعدما ارتدت عن الإسلام، ثم لحقت بالدار فسُبِيَتْ، فاشتراها رجل فأعتقها، ثم مات المولى فإنها ترثه. فإن جنى المولى جناية فإنه يعقل عنه قومها الذين صارت مولاة لهم. ألا ترى أنها لو لم ترتد عن الإسلام وكانت على حالها فسُبِيَ أبوها فاشتراه رجل فأعتقه أن ولاء المرأة وولاء (¬1) مولاها يكون للذي أعتق الأب، يعقل قومه عنهم، ويرث مولاها إن لم يكن له وارث غيره. ولو أن امرأة سبيت فاشتراها رجل فأعتقها، ثم اشترت عبداً فأعتقته، ثم رجعت عن الإسلام ولحقت بالدار، فسُبِيَتْ فاشتراها رجل فأعتقها، فإن ولاءها له، وقد انتقض الولاء الأول، وصارت مولاة لهذا الآخر. ولو كان مولاها مات في ردتها ورثه مولاها الأول إن لم يكن له وارث غيره. فإن مات بعدما (¬2) يعتق أو يسلم فإنها ترثه، ويتحول ولاؤه عن مولاها الأول وقومها الأولين، يعقلون عنه، وهي ترثه دونهم؛ لأنها هي المعتقة. ألا ترى أنه لو كان لها ابن وهي ميتة كانت ترث مولاها هذا وإن كان ابنها من قوم آخرين وعقل مولاها على قوم (¬3) آخرين، وكذلك ترثه بولائه. ثم رجع يعقوب عن هذا وقال: يتحول العقل إلى قومها الآخرين. وهذا قول محمد. ولو أن رجلاً من أهل الذمة أعتق عبداً، فأسلم العبد، ثم نقض الذمي العهد ولحق بدار الحرب، فأراد العبد أن يوالي رجلاً، فليس (¬4) له ذلك؛ لأنه معتق، ولا يتحول ولاؤه. فإن جنى جناية لم يعقل عنه بيت المال، وكانت الجناية عليه في ماله. فإن مات وترك مالاً ورثه بيت المال؛ لأنه لا وارث له. فإن سبي مولاه فاشتراه رجل فأسلم عنده ثم أعتقه، فإن ولاءه للذي أعتقه، وولاء العبد الأول للذمي (¬5) الذي (¬6) أعتقه، إن مات ورثه، وإن جنى جناية عقل ¬

_ (¬1) ف: ولاء. (¬2) غ: بعدها. (¬3) ف: عن قوم. (¬4) م ف: وليس. والتصحيح من ب جار ط. (¬5) ف: للذي. (¬6) ف - الذي.

عنه قوم مولاه. يتحول إليهم عن بيت المال؛ لأنه لم يكن لبيت المال ولاء، وإنما يرث بيت المال عمن لا ولاء له، ويعقل عمر، لا عشيرة له من المسلمين، وليس من قبل أنه مولى له، ولكن من قبل أنه لا عشيرة له. ولا يرثه. فإذا أعتق الذي أعتقه جر الولاء. وإذا أسلمت امرأة (¬1) من أهل الذمة ثم أعتقت عبداً، ثم رجعت عن الإسلام ولحقت بدار الحرب، ثم سبي أبوها من دار الحرب كافراً، فاشتراه رجل فأعتقه، فإنه مولاه، ولا يجر ولاء مولاها. فإن كان مولاها الذي أعتقته مسلماً فجنى جناية فعقله على بيت المال. وإن مات ولا وارث له ورثه أبوها. وإن كان لها ابن مسلم ورثه ابنها. وإن سبيت هي فاشتراها رجل فأعتقها وأسلمت، ثم مات العبد المعتق، فإنها ترثه، ويرجع ولاؤه إليها، ويعقل عنه قومها الذين أعتقوه إن جنى جناية. وإن ماتت هي، ثم مات المولى ولها ابن حر وأب حر ومولاها الذي أعتقها، فإنه يرثه ابنها، ولا يرثه مولاها. وإذا أعتق رجل من أهل الذمة عبداً مسلماً، ثم لحق الذمي بالدار ناقضاً (¬2) للعهد، وترك في دار الإسلام بني عم له من أهل الذمة، ثم مات المولى، فإنه يرثه بيت المال، ويعقل عن نفسه إن جنى جناية. ولو أسلم ابن عم لمولاه (¬3) قبل أن يموت العبد كان هو وارث العبد دون بيت المال. ولو سبي الذي (¬4) أعتقه، فاشتراه رجل فأعتقه وأسلم، فإنه يرجع ولاء العبد إليه، ويعقل عنه قومه الذين أعتقوه. ألا ترى أنه لو جاء مسلماً فوالى رجلاً كان مولاه (¬5)، وكان قومه يعقلون عن العبد إن جنى جناية، فكذلك إذا أعتق، فهو أجود في جر الولاء. ولو أن رجلاً أسلم في دار الحرب وكان من أهل الحرب، أو كان مرتداً فأسلم، ثم أعتق عبداً مسلما، ثم رجعوا عن الإسلام جميعاً، فأسروا (¬6)، ثم أسلم العبد وأبى المولى أن يسلم فقتل، ¬

_ (¬1) ف: المرأة. (¬2) غ: ناقض. (¬3) غ: لمولاها. (¬4) غ: الذين. (¬5) م: مولا؛ ف: مولى. (¬6) غ: فأسرا.

باب الإقرار بالولاء

فإن ولاء العبد للمولى، ولا يتحول أبداً. وإن كانت له عشيرة كان عقله عليهم، وميراثه لعصبة المولى منهم. وإن لم يكن له عشيرة فميراثه لبيت المال، وعقله عليه. ... باب الإقرار بالولاء وإذا كان الرجل مولى، فأقر أنه مولى لفلان مولى عتاقة، وجاء آخر يدعيه أنه مولاه مولى عتاقه، ولا بينة لواحد منهما، فإنه يكون مولى للذي أقوله في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، ويرثه إن أقر المولى بذلك، ويعقل عنه قومه. وكذلك لو أقر أنه مولاه مولى موالاة والعربي يقر بذلك. فإن كان للمولى ولد كبار فجحدوا ذلك، وقالوا: أبونا مولى لفلان مولى عتاقة، فإن أباهم يصدَّق على نفسه، ويكون مولى للآخر إذا ادعى ذلك العربي المقر له. وكذلك البنت هي في هذه بمنزلة الابن. والعتاقة في هذا والموالاة سواء. ولو كان الولد صغاراً كان أبوهم مصدَّقاً (¬1) عليهم، وكانوا موالي (¬2) لمواليه. فإن كان لهم أم فقالت: أنا مولاة فلان عتاقة، وقال الأب: لست مولى لذلك، وقال الأب: أنا مولى فلان مولى عتاقة، ومولى الأم يصدقها ومولى الأب يصدقه، فإن الولد مولى لموالي الأب، ولا تصدق الأم. وكذلك لو قالت الأم: أنت عبد فلان، وقال الأب: بل كنت عبد فلان فأعتقني، وصدقه فلان، فإن القول في ذلك قول الأب، والولد مولى لمولاه. ولو قالت المرأة: الولد (¬3) ولدي من زوج غيرك، وكان زوجي مولى لمولاي (¬4)، وقال الزوج: بل هو ولدي منك، فإن القول قول الزوج، وهو مولى لموالي الزوج، ولا تصدق المرأة. ولو أن امرأة مولاة عتاقة معروفة، لها زوج مولى عتاقة، ولدت المرأة ولداً، فقالت: ولدته بعد عتقي ¬

_ (¬1) غ: مصدق. (¬2) غ: موال. (¬3) غ - الولد. (¬4) غ: لمولى.

بخمسة أشهر، فهو مولى لمواليَّ، وقال الزوج: ولدتيه بعد عتقك بسنة، فهو مولى لمواليَّ، فإن القول في هذا قول الزوج، مِن قِبَل أن المرأة قد أقرت بأنها ولدته وهي حرة، فلا تصدَّق على جر الولاء. وإذا كان الرجل من العرب وله زوجة لا تُعرَف ولدت منه أولاداً، ثم أقرت أنها مولاة لرجل، وادعى ذلك الرجل، فهي مصدَّقة على نفسها، فأما الولد فيلحق نسبهم بالأب. وإن قالت المرأة: أعتقني هذا الرجل، وكذبها، وقال: هي أمة لي (¬1)، فهي أمة له، وهذا منها إقرار بالرق. دعواها للرق (¬2) مِن قِبَله إقرار له بالرق، ولا يصدَّق على ولدها. فإن كان في بطنها ولد فهو حر، وما حملت به بعد ذلك فهو رقيق في قول أبي يوسف، ولا يصدقها على إفساد النكاح ولو أقرت الأمة بعد أن يكذبها الزوج. وإن كانت المرأة في يديها ولد ولا يُعرَف أبوه، فأقرت أنها مولاة رجل مولى عتاقة وصدَّقها، فإنها لا تصدَّق على الابن في قول أبي يوسف ومحمد. وإن قالت: إن زوجي كان عبداً، أو كان رجلاً من أهل الأرض أسلم، فإنها مصدَّقة على الولد في قول أبي حنيفة، ويتبع الولد أمه، ولا تصدَّق في قول أبي يوسف. وإذا أقر الرجل عند موته أنه مولى لفلان ووالاه وأسلم على يديه (¬3)، وصدَّقه فلان، فإنه يرثه إن لم يكن له وارث. وكذلك لو قال: كنت عبداً له فأعتقني، أو لأخيه فلان فأعتقني، أو لابن عمه فلان فأعتقني، أو أسلمت على يدي ابن عمه وواليته، وهذا وارثه لا وارث (¬4) له غيره، وصدَّقه الرجل وادعى ذلك، فإنه يرثه. وإن برأ من ذلك المرض فجنى جناية عقل عنه قومه. وإذا أعتق رجل (¬5) عبداً ثم مات العبد، فأقر رجل أن ذلك العبد أعتقه، وصدَّقه المولى، فإنه وارثه، ومولاه يعقل عنه. وكذلك لو قال: ¬

_ (¬1) ف - لي. (¬2) ف: للعتق؛ غ: بالعتق. (¬3) غ - ووالاه وأسلم على يديه. (¬4) ط: ولا وارث. (¬5) غ: الرجل.

أسلمت على يديه وواليته، فهو سواء. وإذا أقر الرجل أن فلاناً مولى لي، فقال فلان: أنا أعتقتك، وقال الآخر: بل أنا أعتقتك، فإنه لا يلزم واحداً منهما شيء، ولا يصدَّق واحدٌ منهما على صاحبه، ولا يمين على واحد منهما؛ لأن هذا بمنزلة النسب في قياس قول أبي حنيفة. وإذا أقر الرجل فقال: أنا مولى لفلان وفلان، أعتَقاني جميعاً، وأقر أحدهما بذلك وأنكر الآخر، فإن هذا المولى المنكر (¬1) بالخيار؛ إن شاء استسعى العبد في نصف قيمته، وإن شاء أعتقه وكان الولاء بينهما نصفين، فإن شاء ضمن صاحبه إن كان غنياً وكان الولاء كله لصاحبه. وإذا أقر الرجل أن فلاناً مولاه أعتقه، ثم قال: لا، بل فلان أعتقني، وادعياه جميعاً، فهو مولى للأول منهما. وإذا قال: أعتقني فلان أو فلان، وادعى كل واحد منهما أنه هو (¬2) المعتق، فإن هذا الإقرار باطل لا يلزم العبد منه شيء، ولكن يقر لأيهما شاء أو لغيرهما بأنه مولاه، فيجوز ذلك إذا صدّقه ذلك المولى. وكذلك لو أقر بذلك في موالاة بغير عتاق. وإذا أقر الرجل أنه مولى لامرأة أعتقته فهو جائز إذا صدقته. وإذا قالت: لم أعتقك ولكنك أسلمت على يدي وواليتني، فهو مولى لها (¬3). فإن أراد التحول إلى غيرها لم يكن له ذلك، لأنه أقر أنه مولى عتاقة في قول أبي حنيفة. وله أن يتحول في قول أبي يوسف ومحمد. وإذا أقر الرجل أنه أسلم على يديها ووالاها (¬4)، وقالت هي: بل أعتقتك، فهو مولاها، وله أن يتحول عنها ما لم يعقل عنه قومها، وهي وارثته إن لم يكن له وارث. وإذا أقر الرجل أن فلاناً أعتقه، وقال فلان: ما أعتقتك، ولا أعرفك، ولا أنت مولى لي، فأقر لآخر أنه مولاه، فلا يجوز ذلك في قياس قول أبي ¬

_ (¬1) م ف غ ط: فإن هذا المنكر المولى. (¬2) غ - هو. (¬3) ف: مولاها. (¬4) غ: وولاها.

باب عتق الحمل

حنيفة؛ لأن الولاء بمنزلة النسب. أرأيت لو قال: أنا ابن فلان، ثم أراد بعد ذلك أن يَنْتَسِب (¬1) إلى آخر أكنت أقبل منه ذلك. أرأيت لو شهد شاهدان أن فلاناً أعتقه فأعتقه القاضي بشهادتهما ثم ادعى أحدهما أنه أعتقه وأنه مولاه، وأقوله العبد بذلك، ألم يكن هذا باطلاً لا يجوز. أرأيت لو قال العبد: أنت مولاي الذي أعتقتني، وجاء بشاهدين على ذلك، وقال الرجل: ما أنت مولاي، ولا أعرفك، وما كنت عبداً لي قط، فلم يزكّ الشاهدين، ثم ادعى أن آخر أعتقه وصدَّقه الآخر، أكنت أقبل ذلك منه. وإن لم يصدقه الآخر وأقام على ذلك شهوداً أكنت أقبل شهوده. لست أقبل شيئاً من هذا بعد الدعوى الأولى في قول أبي حنيفة. وفي قول أبي يوسف ومحمد يتحول إلى غيره إذا صدقه بالدعوى الذي تحول إليه وقد أنكر ذلك الأول. وإذا مات رجل من الموالي وترك ابناً وابنة، فادعى رجل من العرب أن أباه أعتق الميت وهو يملكه، وصدقه الابن، وادعى رجل آخر من العرب أن أباه أعتقه وهو يملكه، وصدقته الابنة، فكل واحد منهما مولى للذي أقر أنه مولاه. ولو كان ابنان أقرا بذلك كان سواء. ولو كُنَّ بناتٍ، فأقررن جميعاً بمثل ما أقرت به الابنتان (¬2)، إلا واحدة أقرت لهذا الآخر، فكل فريق منهم موالي للذي أقروا له، يعقل عنهم ويرثهم إن لم يكن له وارث (¬3). ... باب عتق الحمل وإذا أعتق الرجل ما في بطن أمته فإن أبا حنيفة قال: إن ولدت ولداً بعد قوله بخمسة أشهر أو ستة أشهر إلا يوماً (¬4) فإنه حر، ¬

_ (¬1) م ف غ ط: أن ينسب. والتصحيح من ب جار. (¬2) غ: الابنتين. (¬3) الضمائر مذكرة تغليبا. (¬4) غ: إلا يوم.

والولاء له. فإن ولدت بعد القول لستة أشهر فصاعداً فإنه لا يعتق، وهو رقيق. وإذا قال الرجل لأمته: ما حملت به من حَبَل (¬1) فهو حر، فولدت بعد هذا القول لأقل من ستة أشهر فإنها لا تعتق؛ لأنها كانت حاملاً (¬2) له يوم تكلم بالعتق. وإنما يعتق ما حملت به بعد الكلام. وإن ولدت بعد الكلام بسنة أو بسنتين إلا يوماً (¬3) فإنه لا يعتق؛ لأن الحبل لا يعلم أنه كان بعد الكلام أو لم يكن. ولو قال: ما في بطنك حر، ثم قال: إن حبلت فسالم غلامي حر، فولدت بعد القول لسنة، كان القول قوله. فإن أقر أنها كانت حبلى عتق ما في بطنها. وإذا أقر أنه حبل مستقبل عتق سالم. ولو جاءت به لأكثر من سنتين منذ (¬4) يوم قال هذا القول عتق سالم؛ لأنه حبل مستقبل. وإذا أوصى الرجل بما في بطن أمته فلانة فأعتقه الموصى له بعد موته فإن عتقه جائز، وهو مولاه. وإن ضرب إنسان بطنها فألقته ميتاً فإن فيه ما في جنين الحر، وهو ميراث لمولاه الذي أعتقه. وإذا أوصى رجل عند موته بما في بطن أمته فلانة لفلان، فأعتقه الموصى له به، وأعتق الوارث الخادم، وأعتق مولى الزوج زوج هذه الأمة، فإن ولاء الزوج للذي أعتقه، ولا يجر ولاءَ الخادم ولا ولاءَ ولدِها، وولاءُ الخادم للذي أعتقها، وولاءُ ولدها للذي أعتقه. فإن ضرب إنسان بطنها فألقته ميتا فإن فيه ما في جنين الحرة، وذلك ميراث لأبيه (¬5) وأمه؛ لأنهما حران. فإن كان عتقهما بعد الضربة وقبل أن تسقط فإن الغُرَّة (¬6) لمولاه الذي أعتقه. فإن كانا أعتقا بعد ما سقط فهو كذلك أيضاً؛ لأن الغرة قد وجبت للمولى قبل أن يعتقها. ولو أن رجلاً أعتق أمة له، وزوجها مولى عتاقة، فولدت بعد العتق لأقل من ستة أشهر، فإن ولاء الولد لموالي الأم؛ لأن الحبل قد كان ¬

_ (¬1) ف: من رجل. (¬2) غ: حامل. (¬3) غ: إلا يوم. (¬4) ت: منه. (¬5) غ: لأمه. (¬6) أي دية الجنين، وهو عبد أو أمة. انظر: المغرب، "غرر".

باب اليمين في الولاء

في الرق. ولو ولدت بعد الرق لستة أشهر فصاعداً فإن الولاء لموالي الأب؛ لأن الحبل قد كان بعد العتق. ولو أن الزوج مات عنها أو طلقها اثنتين، ثم أعتقها المولى بعد ذلك، ثم جاءت بولد لتمام سنتين، والآخر بعد ذلك بيوم، كان كذلك أيضاً. ولوطلقها واحدة يملك الرجعة، ثم أعتقها مولاه، ثم جاءت بولد لتمام سنتين منذ يوم طلقها الزوج، انقضت به العدة، وكان الولاء لموالي الأم؛ لأن العتق وقع عليها وهي حامل. ولو جاءت به لأكثر من سنتين بيوم كانت هذه رجعة من الزوج، وكان الولاء لموالي الأب؛ لأن العتق عليها كان (¬1) وكان هذا الحبل حادثاً (¬2) بعد العتق والطلاق. وإذا أعتق الرجل ما في بطن أمته، فولدت لتسعة أشهر، فقالت للمولى: قد أقررت أني حامل بقولك: ما في بطنك، فقال المولى: هذا حبل حادث، فالقول قول المولى، ولا يعتق. ولو قال المولى لأمته: ما في بطنك حر، ثم باعها، فولدت لأقل من ستة أشهر بعد هذا القول، فإن البيع فاسد لا يجوز، وعتق ما في البطن ماض جائز. ولو ولدته لأكثر من ستة أشهر جاز البيع ولم يعتق. وإذا أوصى رجل بما في بطن أمته (¬3) لرجل، فأعتق الوارث الأمة وهي حامل، فإنه جائز، وولاؤها وولاء ما في بطنها له، وهو ضامن لقيمة ما في بطنها يوم تلد. ... باب اليمين في الولاء وإذا ادعى رجل على رجل فقال: كنت عبداً لك فأعتقتني فأنا مولاك، ¬

_ (¬1) ف - كان. (¬2) غ: حادث. (¬3) ف: امرأته.

فأنكر المولى ذلك وقال: أنت عبدي على حالك، فإنه يحلف. فإن حلف فهو عبد، وإن نكل عن اليمين فهو حر، والولاء له. وكذلك لو ادعى عتقاً (¬1) على مال فهو مثل ذلك، غير أن المال يلزمه. وكذلك لو ادعى مكاتبة فهو مثل ذلك. وإذا نكل عن اليمين ثم أدى المكاتبة عتق وكان الولاء له. وإن (¬2) ادعى حرٌّ ولاء على رجل من العرب، فقال: أنت مولاي (¬3)، كنتُ عبداً لك فأعتقتني، فقال العربي: ما كنت عبداً لي ولا أعتقتك، فقال: احلف، فإنه لا يحلف في قياس قول أبي حنيفة؛ لأن الولاء بمنزلة النسب. وكان أبو حنيفة يقول: لا يحلف على نسب. وقال أبو يوسف ومحمد: يحلف في ذلك كله. وإذا ادعى العربي أنه هو الذي أعتقه، وجحد المولى الولاء، فأراد العربي أن يستحلف المولى، فهو مثل ذلك، ولا يمين عليه ني قياس قول أبي حنيفة. وإذا ادعى رجل من الموالي على رجل من العرب أنه أسلم على يديه ووالاه وجحد العربي (¬4) ذلك فأراد (¬5) أن يستحلفه لم يكن له ذلك. وكذلك لو ادعى المولى وجحد العربي فهو مثل ذلك، ولا يمين في ذلك. والمرأة والرجل في ذلك سواء. وكذلك لو ادعى على ورثة ميت قد مات وترك ابنة وترك مالاً، فقال العربي: أنا مولى أبيك الذي أعتقته، ولي نصف ميراثه معك، فأراد يمينها، فليس عليها يمين في الولاء ولا في العتق، ولكنها تحلف ما تعلم له في ميراث أبيها حقاً ولا ميراثاً (¬6). فإن حلفت برئت من ذلك. وإن نكلت عن اليمين لزمها ذلك في نصيبها، وكان له نصف (¬7) نصيبها. فإن لم يعلم له وارثاً غيرها كان المال بينهما نصفين. وإذا ادعى رجل من الموالي على رجل من العرب أنه مولاه (¬8) الذي ¬

_ (¬1) غ: عتق. (¬2) غ: وإذا. (¬3) غ: مولا. (¬4) غ ط + فهو مثل. (¬5) غ ط: فإن أراد. (¬6) غ: حق ولا ميراث. (¬7) ف: نصيب. (¬8) ف: مولى.

أعتقه، والعربي غائب، ثم بدا للمولى وادعى ذلك على رجل آخر، وأراد استحلافه، فإنه (¬1) لا يُستحلَف له في قياس قول أبي حنيفة مِن قِبَل وجهين: أنه في الولاء، وأنه قد ادعى ذلك على (¬2) غيره. وإذا أقر العربي الآخر بذلك وقال: أنت مولاي، فإنه لا يكون مولاه في قياس قول أبي حنيفة مِن قِبَل أنه قد (¬3) أقر بذلك للغائب فقال: أنت (¬4) مولاي، أليس هو أولاهما. وقال أبو يوسف ومحمد: إن قدم الغائب فأنكر الولاء فهو للآخر، وإن ادعى الولاء (¬5) فهو أحق به. وإذا ادعى رجل من العرب على رجل مسلم من أهل الأرض أنه والاه، وجحد المسلم، فأراد استحلافه، فليس (¬6) له ذلك في قياس قول أبي حنيفة. فإن أقر المسلم بعد ذلك أنه قد كان (¬7) والاه فهو مولاه، ولا يكون جحوده ذلك نقضاً للولاء ولا رجوعاً (¬8) عنه. وكذلك لو كان المولى هو الذي ادعى وجحد العربي ثم أقر. وكذلك المرأة في هذا. ولو أن رجلاً مولى قتل رجلاً خطأ، فجاء ورثة المقتول فادعوا على قتيله أنهم مواليه، وادعوا على رجل منهم أنه أعتقه قبل القتل، فجحد ذلك، فأرادوا استحلافه، فليس لهم ذلك، ولا ضمان على المولى (¬9) ولا على العاقلة. وإن أقر المعتق بذلك لم يصدق على العاقلة إذا جحدوا، وكانت الدية على القاتل في ماله. وإذا قتل رجل رجلاً خطأ، فجاء رجل (¬10) فادعى (¬11) أنه ولي المقتول، وأنه أعتقه قبل القتل، وأنه لا وارث له غيره، وأراد استحلاف القاتل على ذلك، والقاتل مقر بالقتل، وهو ينكر أن يكون هذا ¬

_ (¬1) م ف: وانه. والتصحيح من ط. (¬2) ف غ - ىلى. (¬3) ط - قد. (¬4) الأولى أن يقال "هو مولاي"، لأنه أقر بذلك لغائب. (¬5) م ف + فهو للآخر وإن ادعى الولاء. والتصحيح من ط. ومعناه في ب جار. (¬6) م ف غ: وليس. والتصحيح من ط. ومعناه في ب جار. (¬7) غ - كان. (¬8) غ: رجوع. (¬9) ف: على الموالي. (¬10) غ - فجاء رجل. (¬11) م غ ط: فادعاه.

باب اللعان في الولاء

مولاه ووارثه، فإنه لا يستحلف على الولاء، ولكنه يستحلفه ما يعلم لهذا في دية فلان التي عليك حقاً. فإن حلف برئ من ذلك، وإن نكل عن اليمين لزمه ذلك. ... باب اللعان في الولاء وإذا لاعن الرجل بولد فقضى القاضي باللعان وألزم الولد أمه وكبر الولد، فإن كان من العرب فعقله على عاقلة أمه. وإن كان من الموالي فعقله على موالي أمه (¬1)، وولاؤه لهم، وهم يرثون إن لم يكن له وارث. فإن أعتق ابن الملاعنة عبداً أو أمة فإن عقل هذا العبد أو الأمة (¬2) إن جنى جناية على عاقلة الأم. وإن مات العبد ولا وارث له ورثه (¬3) أقرب الناس من الأم إذا كان الذي أعتقه قد مات وأمه قد ماتت. وإن كان للأم ابن ثم مات المولى ولا وارث له غير ابن الأم وهو أخو المعتق لأمه فإنه يرثه المولى كأنه أخو المعتق لأبيه (¬4) وأمه. وإن كان له أخ وأخت كان ميراث المولى للأخ دون الأخت. لا يرث النساء من ذلك شيئاً. وإن لم يكن له وارث غير أمه الملاعنة لم يكن لها من الميراث شيء، [وكان الميراث] (¬5) لأقرب الناس منها من الذكور؛ لأنها امرأة، ولا ترث من الولاء إلا ما أعتقت. فإن كان لها (¬6) مولى هو الذي أعتقها فإنه يرثه. ولو أن أبا (¬7) الملاعن ادعى الولد بعد اللعان وهو حي فثبت نسبه منه رجع ولاء المولى إلى عاقلة الأب. فإن كان عاقلة الأم عقلوا عنه رجعوا بذلك على عاقلة الأب. وإن كان للابن ¬

_ (¬1) م - أمه، صح هـ. (¬2) م ف غ: والأمة. والتصحيح من ط. (¬3) م غ - ورثه. (¬4) غ: لابنه (¬5) من المبسوط، 8/ 124. (¬6) م ف غ: له. والتصحيح من ب جار ط. (¬7) غ: أب.

مولى أسلم على يديه ووالاه رجع ولاؤه إلى عاقلة الأب. وإن كان عاقلة الأم قد عقلوا عنه (¬1) رجعوا بذلك على عاقلة الأب، ويتحول إلى عاقلة الأب إذا كان الابن حياً يوم يدعيه الأب. ويضرب الأب مع ذلك الحد. فإن لم يكن الابن حياً لم يجز دعوة الأب، ولا يجر شيء من هذا الولاء. فإن كان الولد ابن حي فإن الولاء يرجع إلى موالي الأب في ذلك كله؛ لأن هاهنا ولداً يثبت نسبه. ولو كان الولد الذي لاعن به ابنة فادعاها وهي حية ثبت نسبها منه ورجع ولاء مواليها إليه. وإن كان قوم أمها قد عقلوا عنها رجعوا بذلك على عاقلة الأب. فإن كانت قد ماتت وتركت ابناً فهو مثل ذلك أيضاً؛ لأن هاهنا ولداً (¬2) منها يكون الملاعن جده في قول يعقوب ومحمد. وأما في قول أبي حنيفة فلا يثبت النسب، وهو بمنزلة ابن الملاعنة إذا مات ولا ولد له. وإذا أعتق ولد الملاعنة عبداً ثم مات، ثم ادعاه (¬3) الأب الذي لاعن به، فإنه لا يصدق، ولا يكون ابنه، ولا يتحول ولاء العبد إلى موالي الأب؛ لأنه ليس هاهنا ولد يثبت (¬4) نسبه من الأب. وإذا لاعن بولدين توأم (¬5) وألزم الولدان الأم، فأعتق أحدهما عبداً، ثم مات، ثم ادعى الأب الولدين جميعاً وأحدهما (¬6) حي، فإن نسبهما جميعاً ثابت منه؛ لأن أحدهما حي (¬7). ويتحول ولاء العبد إلى عاقلة الأب. وإن ¬

_ (¬1) م ف غ: عقلوا أخته. وقال في هامش ب: كذا في أصله ولعله "مولاه". والتصحيح من ط. ـ وتدل عليه المسائل السابقة. (¬2) غ: ولد. (¬3) غ + العبد. (¬4) غ: ثبت. (¬5) م ف غ ط: يوما. والتصحيح من ب جار والمبسوط، 8/ 124. (¬6) م غ + عبد. (¬7) م ف: حر. والتصحيح من ب جار ط. وقد وردت المسألة عند السرخسي هكذا: وإذا لاعن بولدي توأم ثم أعتق أحدهما عبداً ومات فادعى الأب الحي منهما ثبت نسبهما، لأنهما خلقا من ماء واحد، فبقاء أحدهما محتاجا إلى النسبة كبقائهما. انظر: المبسوط، الموضع السابق.

كتاب القوم من العرب على قوم من الدهاقين يواليهم عن أنفسهم وعن غيرهم ويوالي العرب الدهاقين لأنفسهم ولغيرهم بوكالة منهم

كان موالي الأم عقلوا عنه رجعوا بذلك على عاقلة الأب. ولو كانت أمهم مولاة عتاقة، وأبوهم رجل (¬1) أسلم من أهل الأرض، فلاعنها ثم ادعاهم بعد اللعان، فإن (¬2) في قول أبي حنيفة ومحمد لا يتحول ولاؤهم إلى موالي الأب؛ لأن الأم مولاة عتاقة. وما أعتق الولد من عبد أو أمة فإنهم موالي موالي الأم، وهم يعقلون عنه ويرثونهم إذا لم يكن لهم وارث غيرهم. وإن كان الأب حياً كان هو وارث المولى إذا لم يكن لهم وارث غيرهم فإن كان ابنه الذي أعتقهم قد مات قبل ذلك؛ لأنه أقرب إلى الابن من عصبة الأم. ويعقل عنه قوم الأم (¬3) في قول أبي حنيفة ومحمد. وأما في قول أبي يوسف فهم مَوالٍ (¬4) لموالي (¬5) الأب إن كان والى أحداً. ... كتاب القوم من العرب على قوم من الدهاقين (¬6) يواليهم عن أنفسهم وعن غيرهم ويوالي العرب الدهاقين لأنفسهم ولغيرهم بوكالة منهم هذا كتاب لفلان وفلان، من فلان وفلان وفلان من الدهاقين، أنا وفلان. وكلوا أن نوالي (¬7) قوماً من العرب، ونعاقدهم، ونعاهدهم (¬8) على الولاء لأنفسهم ولنا (¬9). وإن فلاناً وفلاناً (¬10) وكلوكم بأن توالو لأنفسكم ولهم من أراد الموالاة من أهل الإسلام ممن لا عشيرة له ولا ولاء، ¬

_ (¬1) ف + من. (¬2) م ف غ ط + هذا. (¬3) ف - الأم. (¬4) ف غ: موالي. (¬5) ف: موالي. (¬6) الدهاقين جمع الدُهْقان، وهو عند العرب: الكبير من كفار العجم، وقد غلب على أهل الرساتيق (أي السواد والقُرَى) منهم، ثم قيل لكل من له عقار كثير دهقان. انظر: المغرب، "دهقن". (¬7) غ: انى نولى. (¬8) غ - ونعاهدهم. (¬9) ف: لنا. (¬10) غ: فلان وفلان.

فصدقناكم بهذه (¬1) الوكالة، وصدقتمونا بما ذكرنا من وكالة فلان وفلان وفلان. وإنا واليناكم وعاقدناكم وعاهدناكم، وجعلتم لنا عهد الله وميثاقه بالوفاء بذلك، فنحن وفلان وفلان مواليكم وموالي فلان وفلان، يجري لكم علينا ما يجري للمولى (¬2) على مولاه من النصرة والحياطة والمعونة والعقل والعرض (¬3) في الديوان والعِدَاد (¬4) والحَرَم الذي يجري بينهم وبين مواليهم، ويجري لكم علينا ما يجري للموالي على مواليهم مما سمينا في كتابنا هذا من المواريث، وجَعَلَ كل فريق منا لأصحابه الوفاء بذلك. وشهد فلان وفلان وفلان، وكتبوا شهادتهم جميعاً، وختموا في شهر كذا من سنة كذا (¬5). ¬

_ (¬1) غ: هذه. (¬2) ف غ: للموالي. (¬3) العَرْض بمعنى المفاخرة. ولعله هو المقصود هنا. والعَرَض بالتحريك متاع الدنيا وحطامها، والعَرْض بسكون الراء أيضاً ما خالف الثمنين الدراهم والدنانير من متاع الدنيا وأثاثها، وجمعه عروض، فكل عَرْض داخل في العَرَض وليس كل عَرَض عَرْضأ. والعَرْض أيضاً: الجيش. انظر: لسان العرب، "عرض، عدد". (¬4) ف: والحداد. يقال: عِدَاد فلان في بني فلان، أي أنه يُعَدّ معهم في ديوانهم ويعد منهم في الديوان. ويستعمل العِدَاد أيضاً بمعنى الحِصَص، وبمعنى العطاء. ويوم العِداد يوم العَرْض، أي يوم المفاخرة. انظر: لسان العرب، "عدد". (¬5) م + آخر كتاب الولاء كتبه أبو بكر بن أحمد بن محمد الطلحي الأصفهاني في شهر الله المحرم سنة تسع وثلاثين وستمائة والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد النبي وآله أجمعين؛ ف + آخر كتاب الولاء والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد النبي وآله أجمعين؛ غ + آخر كتاب الولاء الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

كتاب الجنايات

بِسْمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيْمِ (¬1) كتاب الجنايات باب جناية المدبر محمد بن الحسن قال: حدثنا ابن أبي ذئب عن موسى بن محمد بن (¬2) إبراهيم التيمي عن أبيه عن السلولي عن معاذ بن جبل أن أبا عبيدة بن الجراح جعل جناية المدبر على سيده (¬3). محمد عن ابن أبي ذئب (¬4) عن بشير معلم الكتاب أن عمر بن عبد العزيز جعل جناية المدبر على سيده (¬5). قال: وبلغنا عن إبراهيم وعامر أنهما قالا: جناية المدبر على مولاه (¬6). ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) ز + أبي. (¬3) ف: على نفسه. وللأثر انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 396؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 389. (¬4) ز: ذؤيب. (¬5) المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 396. (¬6) محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أن جناية المكاتب والمدبر وأم الولد على المولى. انظر: الآثار لمحمد، 102. وانظر: المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 396، 397.

قلت: أرأيت المدبر إذا جنى جناية فقتل رجلاً خطأ ما القول في ذلك؟ قال: يكون على المولى قيمة العبد إلا أن تكون قيمته أكثر من عشرة آلاف. فإن كان أكثر من عشرة آلاف ضمن المولى عشرة آلاف إلا عشرة دراهم. قلت: لم لا يضمن جميع قيمته؟ قال: لأن المولى يضمن الأقل من الجناية والقيمة. يعني إن كانت القيمة يوم جنى أقل من الجناية قُضي بالقيمة، وإن كانت الجناية أقل من القيمة قُضي بالجناية. قلت: فلم ضمنته عشرة آلاف إلا عشرة دراهم؟ قال: لأن المدبر لو قتل لم يضمن قاتله إلا (¬1) إذا كانت قيمته أكثر من عشرة آلاف درهم، فكذلك إذا قتل هو لم يضمن مولاه أكثر من ذلك. قلت: وإنما يضمن المولى ما كان يضمن قاتله؟ قال: نعم. قلت: أرأيت هذا الذي ضمنت المولى في ماله أم على عاقلته؟ قال: بل في ماله (¬2). قلت: لم؟ قال: لأنه عبد، فلا تضمن العاقلة جناية العبد. قلت: فلم لا يكون جناية المدبر في عنقه؟ (¬3) قال: لأن العبد لا يلزمه جنايته في عنقه إذا دبره مولاه بعد الجناية أو أعتقه وهو لا يعلم بالجناية، فكذلك إذا جنى وهو مدبر، لأن المولى حال بينه وبين الدفع (¬4). قلت: وكذلك المدبر لو جنى جناية خطأ دون النفس منقطع يداً أو نحو (¬5) ذلك أو جراحة؟ قال: نعم. قلت: وإنما يضمن السيد الأقل من الجناية والقيمة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت مدبراً جنى جناية فقتل رجلاً خطأ وقيمته ألف، ثم زادت قيمته حتى صارت ألفين، ثم جاء ولي المجني عليه يخاصم، ما القول في ذلك؟ قال: يضمن السيد قيمته يوم جنى. قلت: وكذلك إن كانت قيمته نقصت بعد الجناية؟ قال: نعم. قلت: ولا يلتفت إلى الزيادة في قيمته والنقصان، ويُقضَى بالقيمة يوم جنى، ويُنظَر، فإن كانت القيمة يوم جنى أقل من الجناية قضيتَ بها، وإن كانت الجناية أقل قضيتَ بالجناية؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) ف + ذلك. (¬2) ز - ماله. (¬3) ز: في عتقه. (¬4) ز: الرفع. (¬5) ز: ونحو.

قلت: أرأيت المدبر إذا جنى جناية خطأ ثم مات المدبر؟ قال: الجناية على السيد كما ذكرت لك، ولا ألتفت إلى موت المدبر (¬1) ولا حياته. قلت: ولم ذلك؟ قال: لأن ذلك ليس في عنقه (¬2)، وإنما هو دين على المولى. قلت: أرأيت إن اختلف المولى وصاحب الجناية في العبد، فقال المولى: كانت قيمته مائة درهم، وقال صاحب الجناية: كانت قيمته ألفاً؟ قال: القول قوله إلا أن يدعي المولى الأقل من قيمته يوم يظهر أمرهما في الجناية. وقال أبو حنيفة ويعقوب ومحمد: إذا قتل العبد خطأ وقيمته عشرة آلاف أو أكثر ففيه خمسة آلاف إلا عشرة ما يقطع فيه السارق، وينقص (¬3) ذلك من دية الرجل والمرأة، ويقضى بهما جميعاً، وبطل من كل قيمته عشرة دراهم في النفس. وقال يعقوب: لو قطعت يد العبد فصالح على عشرة آلاف درهم فإني أرد من الصلح أحد عشر درهماً. وقال في الأمة إذا قطعت يدها خطأ فصالح المولى على خمسة آلاف: جاز من ذلك خمسة آلاف إلا أحد عشر درهماً. وقال محمد في العبد: أعطي مولاه بالجناية في يد العبد خمسة آلاف إلا خمسة دراهم، وأعطيه في [الأمة] ألفين (¬4) وخمسمائة إلا خمسة دراهم، لا أجعل دية العبد أكثر من دية الحر يَدِ (¬5) الحر، والأمة كذلك، إلا أني أنقص (¬6) درهماً في الألف من دية العبد، وأنقص (¬7) درهماً في الألف من أرش دية الأمة. ¬

_ (¬1) ز + قال الجناية على السيد كما ذكرت لك ولا ألتفت إلى موت المدبر. (¬2) ز: في عتقه. (¬3) ز: وينقض. (¬4) م ف ز ط: الألفين. والتصحيح والزيادة من ب جار. (¬5) ف: الحريه. يَدِ الحر بَدَل مِن الحر. ولم يتنبه لذلك الأفغاني -رحمه الله- في كلامه في هامش ط. (¬6) ز: أنقض. (¬7) ز: بالعبد أو نقض.

قلت: أرأيت إن اختلف المولى وصاحب الجناية في العبد، فقال المولى: كانت قيمته مائة درهم، وقال صاحب الجناية: كانت قيمته ألفاً؟ قال: القول قول المولى، والبينة على صاحب الجناية. قلت: ولم؟ قال: لأن الجناية على السيد، وصاحب الجناية هو المدعي، فالقول قول المولى. قلت: وكذلك إن كان المدبر جنى وقد كان أقر صاحب الجناية أنه جنى عليه منذ سنة، وادعى أن قيمته يوم جنى كانت ألفين وقيمته اليوم ألف؟ قال: نعم، ولا يصدق (¬1) صاحب الجناية، والقول قول المولى إذا كان الأمر على ما ذكرت. قلت: أرأيت إن قال صاحب الجناية: لم تزل قيمته ألفاً حتى الساعة، وقال السيد: كانت قيمته يوم جنى أقل، ولا يعلم متى كانت الجناية؟ قال: لا يصدق السيد، ويلزمه القيمة على ما قال اليوم. قلت: ولم؟ قال: لأن القيمة قد لزمت المولى، فلا يصدق إلا أن يقيم البينة. قلت: فإن أقام البينة أخذت ببينته؟ (¬2) قال: نعم. وفيها قول آخر، قول محمد: إن المجني عليه إذا أقر أن الجناية كانت قبل اليوم (¬3) في وقت لا يدري كم كانت قيمته يومئذ فالقول قول السيد؛ لأن الجناية إنما تلحق (¬4) السيد فيها قيمة المدبر يوم جنى، وليس يلزمه قيمته (¬5) يوم يختصمون. فالقول قول المولى في قيمته في اليوم الذي كانت فيه الجناية؛ لأن المدبر قد تزيد (¬6) قيمته (¬7) وقد تنقص (¬8). وهذا قول أبي يوسف الآخر، رجع إليه وترك قوله الأول. قلت: أرأيت مدبراً جنى جناية، فقتل رجلاً خطأ، فأدى مولاه قيمته بقضاء قاض (¬9)، ثم جنى جناية أخرى بعد ذلك، وهي مثل الجناية الأولى، ما القول في ذلك؟ قال: ليس على المولى شيء، ويتبع (¬10) صاحب الجناية ¬

_ (¬1) ف + على. (¬2) ز: بينته. (¬3) م هـ: في نسخة قبل الموت. (¬4) ز: يلحق. (¬5) ز: قيمه. (¬6) ز: قد يزيد. (¬7) ف - في اليوم الذي كانت فيه الجناية لأن المدبر قد تزيد قيمته. (¬8) ز: ينقص. (¬9) ز: قاضي. (¬10) ز: ويبيع.

الآخرة الأول الذي أخذ القيمة، فيشركه فيها فيما أخذ منها، فتكون (¬1) بينهما نصفين (¬2). قلت: ولم لا يكون على المولى شيء؟ قال: لأنه لا يلزمه لعد القيمة الأولى شيء إذا أداها؛ لأن دفعه القيمة بمنزلة دفعه العبد لو كان يقدر على دفعه. قلت: أرأيت إن لم يقدر على الذي أخذ القيمة منه أيكون على المولى شيء؟ قال: لا. قلت: فمتى قدر على الذي أخذ القيمة شَرِكه فيما أخذ منه؟ قال: نعم. قلت: فإن مات وترك مالاً أيكون نصف القيمة ديناً عليه في ماله؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن جنى المدبر بعد ذلك جناية أخرى أيكون على السيد شيء؟ قال: لا، ولكن يتبع اللذَين أخذا القيمة فيَشْرَكهما فيما في (¬3) أيديهما، فتكون (¬4) القيمة بينهم على قدر الجنايات. قلت: وكذلك ما جنى المدبر بعد ذلك فإنما يتبع الذين (¬5) أخذوا القيمة وإن كثير ذلك؟ قال: نعم. قلت: وإنما تقسم (¬6) القيمة بينهم على قدر الجناية فيعطى كل إنسان بحصته؟ قال: نعم. قلت: فإن جنى على إنسان واحد (¬7) جنايتين أو جنايات وجنى على آخر أيضرب (¬8) صاحب الجنايات في القيمة بجميع الجنايات؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كانت قيمة المدبر عشرة آلاف أو أكثر فغرم المولى عشرة آلاف إلا عشرة دراهم بكم يضرب ولي القتيل وصاحب الجراحة فيها؟ قال: يضرب صاحب الدية بجميع الدية، ويضرب صاحب الجراحة بالجراحة. قلت: وكذلك لو كانت لواحد جراحات أو ديات ضرب بجميعها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت مدبراً قتل رجلاً خطأ، وقيمته ألف درهم، فزادت قيمته حتى صارت ألفين، ثم قتل آخر بعد ذلك خطأ، ما القول في ذلك؟ قال (¬9): يغرم المولى ألفين، فيكون ألف (¬10) منها لولي القتيل الآخر خاصة، ¬

_ (¬1) ز: فيكون. (¬2) ز: نصفان. (¬3) م - في. (¬4) ز: فيكون. (¬5) ز: اللذين. (¬6) ز: يقسم. (¬7) ط: وأخذ. (¬8) ز: يضرب. (¬9) ف - قال. (¬10) ز: ألفا.

وتكون الألف الأخرى يضرب فيها الأول بعشرة (¬1) آلاف، ويضرب فيها الآخر بتسعة آلاف. قلت: ولم صار هذا هكذا؟ قال: لأنه جنى على الأول وقيمته ألف، وجنى على الآخر وقيمته ألفان، فالفضل للآخر، وصارت القيمة الأولى بينهما على ما ذكرت لك. قلت: أرأيت إن نقصت قيمته حتى صارت خمسمائة ثم جنى الثاني ما القول في ذلك؟ قال: يضمن المولى ألفاً، فيكون خمسمائة منها للأول، ويكون (¬2) الخمسمائة الباقية بينهما، يضرب فيها الأول بعشرة آلاف إلا خمسمائة، ويضرب فيها الآخر بعشرة آلاف كلها. قلت: ويكون فضل القيمة إذا زادت للآخر، وإذا نقصت (¬3) كان الفضل للأول، وقسمت ما بقي على ما ذكرت لك؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إذا زادت القيمة أو نقصت ثم جنى أخرى كان الأمر على هذا النحو؟ قال: نعم. قلت: أرأيت مدبراً قتل رجلاً خطأ فأدى مولاه قيمته (¬4) وهي ألف فى رهم ثم زادت قيمته ألفاً ثم قتل آخر ما القول في ذلك؟ قال: يغرم المولى ألفاً للآخر، ويتبع الآخر الأول، فيكون ما في يديه بينهما على ما ذكرت لك في الباب الأول. قلت: أرأيت إن كانت قيمته نقصت ثم قتل الثاني؟ قال: لا شيء على المولى في هذا الوجه، ويتبع الآخر الأول، فينظر (¬5) إلى فضل القيمة يوم جنى على الأول والقيمة اليوم، فيكون ذلك للأول خاصة، ولهما ما بقي بينهما، يضرب فيها الآخر بعشرة آلاف، والأول بعشرة آلاف إلا فضل ما أخذ من القيمة. قلت: وكذلك إن قتل آخر فهو على هذا النحو؟ (¬6) قال: نعم. قلت: أرأيت مدبراً قتل رجلاً خطأ وقيمته ألف، فأعطى المولى ألفاً بغير أمر القاضي، ثم قتل المدبر آخر بعد ذلك، ما القول فيه؟ قال: يغرم السيد خمسمائة، ويرجع السيد بذلك على الأول. قلت: ولم؟ قال: ¬

_ (¬1) ز: لعشرة. (¬2) ز: وتكون. (¬3) ز: انقضت. (¬4) ف: وقيمته. (¬5) ز: منتظر. (¬6) م: النجوم.

لأن السيد قد دفع القيمة بغير أمر قاض (¬1)، وقد كان وجب فيها لهذا حق. قلت: فهل للآخر أن يتبع (¬2) الأول ويدع السيد؟ قال: نعم، يتبع (¬3) أيهما شاء. قلت: أرأيت إذا فعلوا ذلك بغير قضاء قاض (¬4) ثم قتل آخر بعد ذلك؟ (¬5) قال: يغرم السيد ثلث قيمته لهذا الآخر، ويرجع بها على الأولين. قلت: وكذلك إن جنى على آخر ضمن حصته من القيمة ثم يرجع بها عليهم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا دفع السيد القيمة إلى الأول بغير أمر القاضي، ثم جاء الثاني فغرم نصف القيمة بأمر القاضي، ثم قتل آخر بعد ذلك، ما القول فيه؟ قال: تكون القيمة بينهم أثلاثاً، ويتبع (¬6) الآخر الأولين بثلث القيمة، كل واحد بنصف ذلك، وهو بالخيار في ذلك الذي يتبع (¬7) به الأول من ذلك؛ إن شاء أخذ منه، فإن شاء أخذ من المولى. فإن أخذ من المولى رجع به المولى على الأول. قلت: ولم؟ قال: لأنه كان دفع ذلك إلى الأول بغير أمر القاضي. قلت: وكذلك إن جنى بعد ذلك كان على هذا النحو؟ (¬8) قال: نعم. قلت: أرأيت إن قتل رابعاً يضمن المولى ثلث ربع القيمة ويرجع بذلك على الأول؟ قال: نعم. قلت: ولا يضمن حصة الآخرين؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن القاضي قد قضى بذلك عليه. وأما الأول فإنه يضمن حصته مما يصيب الآخر؛ لأنه كان دفع إليه بغير أمر القاضي. وكل شيء جنى بعد ذلك فهو على هذا النحو. قلت: أرأيت مدبراً قتل رجلاً خطأ وقيمته ألف، فأعتق السيد العبد وهو يعلم بالجناية، هل يضمن الدية؟ قال: لا، والعتق وغيره في هذا سواء، والأمر كما ذكرت لك. ¬

_ (¬1) ز: قاضي. (¬2) ز: أن يبيع. (¬3) ز: يبيع. (¬4) ز: قاضي. (¬5) ط + اليوم. (¬6) ز: ويبيع. (¬7) ز: يبيع. (¬8) ز + قال لأنه كان دفع ذلك إلى الأول بغير أمر القاضي قلت وكذلك إن جنى بعد ذلك كان على هذا النحو.

باب ما يحدث المدبر في الطريق

قلت: أرأيت مدبراً قتل رجلاً خطأ وفقأ عين آخر، فضمن (¬1) المولى القيمة، كيف القيمة بينهما؟ قال: على ثلاثة أسهم؛ الثلثان من ذلك لصاحب النفس، والثلث لصاحب العين. وهذا قول أبي حنيفة في الدفع بغير قضاء قاض (¬2) أنه يخير صاحب الجناية؛ فإن شاء ضمّن المولى، وإن شاء ضمّن القابض. وقال أبو يوسف (¬3): إذا دفع المولى القيمة بأمر القاضي أو بغير أمره فهو سواء، ولا ضمان عليه في شيء من ذلك؛ لأنه إنما دفع حقاً لازماً قد وجب يوم دفعه، ولم يجب للثاني يومئذ فيه حق. وكذلك قول محمد بن الحسن. ... باب ما يحدث المدبر في الطريق قلت: أرأيت مدبراً حفر بئراً في الطريق، فوقع في البئر رجل فمات، ما القول في ذلك؟ قال: يضمن مولاه قيمته. قلت: ولم؟ قال: لأن هذا بمنزلة ما جنى بيده. قلت: والأمر في هذا مثل ما ذكرت في القتل إذا قتل خطأ؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا أدى المولى قيمته ثم وقع فيها آخر بعد ذلك ما القول فيه؟ قال: تكون القيمة التي أخذ الأول بينه وبين الآخر نصفين، وإن (¬4) شاء دفع غيره؛ (¬5) لأنه قد هلكت القيمة التي أخذ. وإن شاء دفع مما في يده أو من غيره (¬6). قلت: ولم؟ قال: لأن المولى لا يغرم أكثر من قيمته. قلت: فإن وقع فيها آخر بعد ذلك؟ قال: ¬

_ (¬1) ز: يضمن. (¬2) ز: قاضي. (¬3) ز + ومحمد. (¬4) ز: وإذا. (¬5) م ط: لغيره. (¬6) م ف غ ط + والنصف الذي وهب للمولى كأنه وهب له فمن مال ليس من القيمة. وهذه العبارة لا علاقة لها بالمسألة المذكورة، وإنما تتعلق بالمسألة الآتية حيث يهب فيها الولي الأول نصف ما أخذه للمولى. وهذا من خطأ الناسخين، ولم يتنبه له المحقق الأفغاني -رحمه الله-. وقد نقلنا هذه العبارة إلى المسألة الآتية.

يَشْرَك الأولين في القيمة، فتكون بينهم أثلاثاً. قلت: وكل من وقع فيها بعد ذلك اشتركوا في تلك القيمة؟ قال: نعم. قلت: والأمر مثل ما ذكرت لي في باب القتل في جميع ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا وقع في البئر رجل فمات، فدفع المولى القيمة إلى وليه بقضاء قاض (¬1)، فوهب ولي الميت نصف قيمة العبد للمولى، ثم وقع فيها آخر فمات؟ قال: يدفع النصف الذي في يديه إلى شريكه كله. قلت: ولم؟ قال: لأنه إنما وجب له نصف القيمة وكان هذان شريكين جميعاً، فوهب له أحدهما نصيبه. والنصف الذي وهب للمولى كأنه وهب له من ماله، وليس (¬2) من القيمة (¬3). ألا ترى أن الجنايتين جميعاً في عنقه (¬4) والقيمة بينهما. قلت: أرأيت إن وقع فيها ثالث وقد غرم الواهب نصف القيمة للثاني بأمر القاضي؟ قال: على الواهب للمولى سدس القيمة، ويتبع الذي أخذ نصف القيمة فيأخذ منه ثلث ما في يده. قلت: ولم؟ قال: لأن القيمة بينهم أثلاثاً، وقد وهب له الأول نصيبه، وقد أدى المولى إلى الثاني نصيبه وفضل نصيب الآخر. قلت: وكذلك إن وقع فيها رابع بعد ذلك كان على هذا النحو؟ قال: نعم. قلت: أرأيت مدبراً حفر بئراً في الطريق فوقع (¬5) فيها رجل فمات، ثم كاتب المولى المدبر، ثم جاء ولي الميت وأخذ من المولى قيمته بأمر القاضي، ثم وقع فيها آخر بعد ذلك، ما القول فيه؟ قال: يتبع الأول في القيمة فتكون القيمة بينهما نصفين. قلت: ولم وإنما وقع الثاني وهو مكاتب؟ قال: لأن الجناية إنما وقعت يوم احتفر البئر. قلت: وكذلك كل من وقع فيها بعد ذلك اشتركوا في القيمة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا أدى فعتق أو أعتقه المولى أهو بهذه المنزلة؟ قال: نعم. قلت: وإن وقع فيها إنسان بعد ذلك أيكون على عاقلة المولى؟ قال: لا، ولكن يكون في القيمة التي أخذها الأول. ¬

_ (¬1) ز: قاضي. (¬2) م ف ط: فمن مال ليس. (¬3) انظر الحاشية التي قبل الحاشية السابقة. (¬4) ز. في عتقه. (¬5) م ف ط: وقع.

قلت: أرأيت مدبراً احتفر بئراً ثم أعتقه مولاه (¬1) فوقع في البئر رجل فمات؟ قال: يضمن المولى القيمة. قلت: وكذلك إن مات المدبر ووقع فيها رجل فمات كانت القيمة على المولى؟ قال: نعم. قلت: وموت العبد وحياته وعتقه في هذا كله سواء؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن الجناية وقعت يوم احتفر البئر. قلت: أرأيت مدبراً احتفر بئراً وقيمته ألف درهم، ثم وقع فيها رجل وقيمته ألفان، ما القول في ذلك؟ قال: على المولى قيمته ألف درهم يوم احتُفرت (¬2). قلت: ولم وقد قلت: إذا قتل فعليه قيمته يوم قتل؟ قال: إنما تقع الجناية يوم حفر البئر، وذلك كأنه قتل (¬3) يوم حفر. ألا ترى أن كل من وقع فيها أُشْرِك (¬4) في القيمة، وإن وقع بعد العتق والموت وقبل ذلك فهو سواء. ولو كانت الجناية لا تقع يوم حفر البئر لكان إذا وقع فيها إنسان بعد الموت لم يكن عليه شيء. وليس هذا بشيء. وإنما تقع الجناية يوم يحفر. قلت: أرأيت مدبراً حفر بئراً ثم أعتقه مولاه ثم وقع مولاه في البئر؟ قال: دمه هدر. قلت: ولم؟ قال: لأن عبده حفرها. ألا ترى أن كل من وقع فيها كان ذلك على المولى. قلت: وكذلك لو وقع عبد لمولاه أو مكاتب والمولى وارثه، أو ابنه والأب وارثه، أو غير هؤلاء ممن لا يرثه إلا المولى؟ قال: نعم إلا المكاتب، فإن على المولى قيمته إن كانت قيمته أقل من قيمة المدبر، يؤدي مكاتبته من ذلك، وما بقي فهو ميراث. قلت: أرأيت إن كان للمكاتب (¬5) ولد أحرار ما القول في ذلك وقد حفر المدبر البئر بعدما كاتب المولى المكاتب؟ قال: ينظر إلى الأقل من قيمة (¬6) المكاتب ومن قيمة العبد المدبر يوم حفر البئر، فيكون على المولى الأقل من ذلك. قلت: أرأيت إن كانت قيمة المكاتب يوم حفر العبد البئر أقل من قيمة العبد يوم حفر أيكون على المولى الأقل؟ قال: ينظر إلى قيمة ¬

_ (¬1) ز: مولا. (¬2) ط: احتفر. (¬3) ز: قبل. (¬4) ط: أشركه. (¬5) م هـ: في نسخة للمدبر. (¬6) ز: من قيمته.

المكاتب يوم وقع وإلى قيمة العبد يوم حفر، فإن كانت قيمة العبد أقل كان ذلك على المولى. قلت: وكذلك لو وقع فيها عبد غيره، أو مكاتب غيره، أو مدبر غيره (¬1)، أو عبد قد أعتق بعضه (¬2) وهو يسعى في بعض (¬3) قيمته، فهو سواء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان المدبر قد حفر البئر قبل أن يكاتب (¬4) السيد العبد، ثم كاتبه بعد ذلك، ثم وقع في البئر فمات، وله ورثة سوى المولى، هل على المولى شيء؟ قال: نعم، هذا والأول سواء، وعلى المولى الأقل من قيمة المدبر والمكاتب، يؤدي من ذلك مكاتبته (¬5)، وما بقي فهو ميراث. قلت: أرأيت إن وقع فيها ابن المولى أو غيره ممن يرثه المولى وغيره؟ قال: يضمن المولى حصة من يرث معه من قيمة العبد، وتسقط حصته من ذلك. قلت: ولم؟ قال: لأن على المولى قيمة العبد، فما كان له من ذلك فهو باطل، وما كان لغيره فهو عليه. قلت: أرأيت مدبراً وضع حجراً في الطريق فعَطِبَ به إنسان فمات ما القول في ذلك؟ قال: يضمن المولى قيمته. قلت: وكذلك لو صب ماء فعطب به إنسان فمات؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان يسوق دابة فأصاب إنسانا أو كان يقودها أو كان راكباً؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو أشرع كَنِيفاً أو ميزابا فأصاب إنساناً؟ قال: نعم. قلت: وكذلك ما وضع الحر من هذا النحو فضمّنته (¬6) فيه ضمّنت مولى المدبر الأقل من الجناية ومن القيمة إذا فعل ذلك المدبر؟ قال: نعم. قلت: وكل هذا عندك بمنزلة ما جنى بيده؟ قال: نعم. قلت: أرأيت مدبراً حفر بئراً فأعتقه مولاه، ثم مات المولى بعد ذلك، ثم وقع في البئر إنسان فمات، ما القول في ذلك؟ قال: تكون قيمة المدبر يوم حفر البئر ديناً في مال المولى. قلت: لم؟ قال: لأن الجناية قد لزمت ¬

_ (¬1) ط - أو مدبر غيره. (¬2) ز: نصفه. وكذلك في هامش نسخة م. (¬3) م ف ز: نصف. (¬4) ز: أن كاتب. (¬5) م ف ز ط: بمكاتبته. (¬6) ز: ضمنته.

باب غصب المدبر

المولى قبل موته يوم حفر العبد البئر (¬1). ألا ترى أني إنما ضمّنته قيمته يوم حفر البئر. قلت: أرأيت إن لم يكن المولى ترك (¬2) شيئاً هل يضمن ورثته شيئاً؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن ذلك إنما هو على المولى (¬3). قلت: أرأيت إن كان المولى ترك مالاً وعليه دين يحيط بماله أيضرب فيه (¬4) صاحب الجناية بقيمة العبد مع الغرماء؟ قال: نعم. قلت: فإن وقع فيها آخر بعد ذلك دخل في القيمة فيضرب فيها بنصفها مع الغرماء والأول؟ قال: نعم. قلت: وكذلك كل من وقع فيها بعد ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن لم يقدر على الغرماء وقدر على الأول الذي ضرب مع الغرماء بالقيمة؟ قال: يكون بما في يديه بينهما جميعاً؛ لأن حقهما في القيمة واحد. ... باب غصب المدبر قلت: أرأيت مدبراً غصب من رجل دابة (¬5) فقتلها ما القول في ذلك؟ قال: تكون قيمة الدابة في عنق (¬6) المدبر يسعى فيها. قلت: وكذلك إن ماتت في يديه؟ قال: نعم. قلت: فهل على المولى من ذلك شيء؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن ذلك دين في عنق العبد؛ ولأن هذا ليس بجناية العبد، ولا يشبه هذا الجناية في الناس. قلت: لم، ومن أين اختلفا؟ قال: الجناية يُدفَع بها العبد إذا جنى. وأما ما كان من غير الجناية فإن ذلك دين عليه في عنقه (¬7)، يباع فيه أو يؤدي عنه مولاه. ولو اغتصب متاعاً فأهلكه ¬

_ (¬1) ز + دينا في مال المولى قلت لم قال لأن الجناية قد لزمت المولى قبل موته يوم حفر العبد البئر. (¬2) ف - ترك. (¬3) ز + قلت أرأيت إن لم يكن المولى ترك شيئاً هل يضمن ورثته شيئاً قال لا قلت ولم قال لأن ذلك إنما هو على المولى. (¬4) ز: بينه. (¬5) ف: دابته. (¬6) ز: الداية في عتق. (¬7) ز: في عتقه.

كان ذلك ديناً في عنقه (¬1)، فكذلك المدبر تكون الجناية ديناً على المولى؛ لأنه لا يقدر على دفعه، ويكون ما سوى تلك الجناية دينا في عنقه (¬2). قلت: وكذلك لو أن مدبراً اغتصب رجلاً متاعاً أو عَرَضاً غير ذلك، أو هدم داراً لرجل، أو خرق له ثوباً، أو فعل نحو هذا، كان ذلك ديناً في عنقه؟ (¬3) قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان الذي اغتصب من ذلك أكثر من قيمة رقبته ما القول في ذلك؟ قال: يلزمه جميع قيمة ما أصاب بالغاً ما بلغ وإن كان ذلك أكثر من قيمته أضعافاً. قلت: أرأيت إن اغتصب دابة لرجل أو خرق ثوبا لآخر (¬4) كيف يكون ذلك في رقبته؟ قال. يكون ذلك كله ديناً في عنقه (¬5)، يسعى فيه، فما سعى فيه من شيء فهو بينهما (¬6) على قدر قيمة الثوب والدابة. قلت: وكل ما أصاب فهو على هذا النحو؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن سعى لأحدهما دون الآخر وقد قضى القاضي لهما جميعاً أيرجع الذي لم يأخذ على صاحبه بحصته من ذلك؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأن ما سعى فيه من شيء فهو لهما. ألا ترى لو أن عبداً محجوراً عليه كان عليه دين لقوم فأخذ بعضهم من ماله شيئاً شاركه الآخرون فيه، فكذلك هذا. قلت: أرأيت مدبراً اغتصب شيئاً مما ذكرت لك، ثم مات المدبر ولم يدع مالاً، أيكون على المولى شيء من ذلك؟ قال: لا؛ لأن ملكه ذلك دين في عنق العبد، فلما مات بطل. قلت: فإن أعتق المولى المدبر بعدما أصاب ما ذكرت لك هل عليه شيء؟ قال: لا، ولكن ذلك على المدبر لم، على حاله. قلت: وسواء إن كان المولى يعلم بذلك أو لا يعلم؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن المولى لم يفسد عليهم شيئاً، وإنما كان لهم في عنقه (¬7) السعاية. قلت: أرأيت إن اشترى المدبر وباع بعدما أصاب الذي أصاب (¬8) هل يجوز بيعه وشراؤه؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن المدبر ليس بمأذون له في التجارة. قلت: أرأيت إن اكتسب مالاً أيكون لأصحاب ¬

_ (¬1) ز: في عتقه. (¬2) ز: في عتقه. (¬3) ز: في عتقه. (¬4) ز - ثوبا. (¬5) ز: في عتقه. (¬6) ف: فيهما. (¬7) ز: في عتقه. (¬8) ز - الذي أصاب.

باب جناية المدبر على مولاه

الغصب؟ قال: نعم (¬1). قلت: أرأيت إن وُهِبَ له مالٌ أو تُصُدِّقَ به عليه لمن يكون؟ قال: لأصحاب الغصب حتى يستوفوا حقهم؛ لأن ذلك دين في عنقه (¬2). قلت: ولا يلحق المولى من ذلك شيء؟ قال: نعم. ... باب جناية المدبر على مولاه قلت: أرأيت مدبراً قتل سيده خطأ ولا مال له غيره ما القول في ذلك؟ قال: يسعى المدبر في قيمته كلها لورثة الميت. قلت: ولم وأنت تزعم أن المدبر من الثلث؟ قال: لأنه قتل مولاه فلا وصية له؛ لأنه قاتل. ألا ترى أني لا أجيز وصية لقاتل، فقد أوصى له الميت بقيمته حيث دبره، فلا أجيز له من ذلك شيئاً. قلت: أرأيت إن كان للميت مال كثير يخرج المدبر من ثلثه؟ قال: يسعى أيضاً في جميع قيمته، وسواء إن ترك (¬3) الميت مالاً أو لم يترك؛ لأنه لا وصية له. قلت: وكذلك لو أن رجلاً حضره الموت فأعتق عبداً له في مرضه ولا مال له غيره، أو له مال يخرج العبد من الثلث، ثم إن العبد قتل سيده خطأ؟ قال: نعم، هذا والمدبر سواء في الوصية، وهو على ما ذكرت لك، إلا أن هذا يكون عليه قيمة أخرى مِن قِبَل الجناية. قلت: أرأيت إن رمى المدبر رجلاً أو شيئاً فأصاب مولاه فقتله أهو على نحو ما ذكرت لك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت مدبراً احتفر بئراً، أو وضع حجراً في الطريق، أو صب ماء، أو أخرج شيئاً إلى الطريق، فأصاب ذلك سيده، أو زلق (¬4) بالماء فمات، ما القول في ذلك؟ قال: يعتق المدبر في جميع هذه الوجوه من الثلث، ويكون كأنه مات موتاً. قلت: ولم؟ قال: لأن هذا لا يشبه الباب ¬

_ (¬1) ف - قلت أرأيت إن اكتسب مالا أيكون لأصحاب الغصب قال نعم. (¬2) ز: في عتقه. (¬3) ط: وسواء أكان ترك. (¬4) ز: وزلق.

الأول، ولأن هذا ليس بقاتل بيده. ألا ترى لو أن حراً فعل شيئاً من هذا فأصاب رجلاً وهو وارثه فمات وَرِثَه (¬1)؛ لأن هذا ليس بقتلٍ (¬2) بيده. وكذلك المدبر، ولا تبطل وصيته. قلت: وكذلك ما أصاب الحر من ذلك فلم نُوَرِّثْه في ذلك (¬3) من الذي قتله فإنا نُبْطِل (¬4) فيه وصية المدبر؟ قال: نعم. قلت: وكل ما لا تُبطِل (¬5) فيه وصية المدبر فإنك تُوَرِّث الحر فيه؟ قال: نعم. قلت: وتفسير هذين الوجهين على ما ذكرت لي في الباب الأول؟ قال: نعم. قلت: أرأيت مدبراً قتل سيده عمداً ما القول في ذلك؟ قال: ذلك إلى الورثة، إن شاؤوا قتلوا، وإن شاؤوا عفوا، ولهم أن يستسعوه في قيمته قبل أن يقتلوه. قلت: أرأيت إن استسعوه في قيمته هل لهم أن يقتلوه بعد ذلك؟ قال: نعم. قلت: ولا يكون هذا عفواً منهم؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن هذا حق لازم للعبد يسعى فيه. قلت: ولم يكون لهم أن يستسعوه ثم يقتلوه؟ قال: لأنه لا وصية له؛ لأنه قاتل (¬6). ولهم أن يقتلوه؛ لأنه قتله عمداً. قلت: أرأيت إن كان للميت ابنان فعفا أحدهما ما القول في ذلك؟ قال: يسعى في قيمته لهما جميعاً، ويسعى (¬7) أيضاً في نصف قيمته خاصة للذي لم يعف (¬8). قلت: لم؟ قال: لأنه لا وصية له، فعليه أن يسعى في قيمته. فلما عفا أحدهما لزمه نصف قيمة أخرى للذي لم يعف (¬9) على ما ذكرت لك؛ لأن الدم والقصاص قد وجب عليه بعد موت المولى. قلت: أرأيت عبداً جرح مولاه، فأعتقه البتة، ثم إن مولاه مات من تلك الجراحة، ما القول في ذلك؟ قال: إن كان المولى صاحب فراش مريضاً سعى (¬10) العبد في قيمته لورثته، وإن كان يخرج ويذهب ويجيء ¬

_ (¬1) ز: ورثنه. (¬2) ف: بقاتل. (¬3) ز: تورثه من ذلك. (¬4) ز: تبطل. (¬5) ز: لا يبطل. (¬6) ز: قايل. (¬7) ز + لهما جميعاً ويسعى. (¬8) ز: لم يعفوا. (¬9) ز: لم يعفوا. (¬10) ف: فسعى.

فالعبد حر، ولا سبيل عليه. قلت: وكذلك لو أن عبداً جرح مولاه جراحة ثم أعتقه مولاه؟ قال: نعم، إن أعتقه مولاه وهو صاحب فراش سعى في قيمته، وإن كان يخرج فلا شيء عليه. قلت: لم؟ قال: لأنه قاتل، فإذا أعتقه في حال مرضه وهو فيه صاحب فراش فلا وصية له. وأما إذا أعتقه وهو صحيح يخرج فهو جائز. ألا ترى لو أن رجلاً جرح رجلاً جراحة فأقر له بدين وهو يخرج ويذهب ويجيء جاز ذلك عليه، وإن كان صاحب فراش لم يجز إقراره. وكذلك الأول. قلت: أرأيت مدبرة قتلت مولاها خطأ وهي حبلى، ثم ولدت بعد موته، هل على ولدها سعاية في شيء من رقبته؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن جرحت سيدها جراحة، ثم ولدت ولداً، ثم مات سيدها من ذلك الجرح، ما حالها وحال ولدها؟ قال: أما المدبرة نفسها فإنها تسعى في قيمتها، وأما الولد فإنه يعتق من الثلث. قلت: ولم لا يكون الولد بمنزلة الأم؟ قال: لأن الأم هي التي قتلت، فلا وصية لها. قلت: أرأيت مدبراً قتل مولاه هو ورجل آخر ما القول في ذلك؟ قال: يسعى المدبر في جميع قيمته كأنه قتله وحده. قلت: ولم؟ قال: لأنه قاتل، فلا وصية له. قلت: أرأيت مدبراً قتل سيده خطأ وعلى المولى دين يحيط برقبته ما القول في ذلك؟ قال: يسعى المدبر في قيمة واحدة لأصحاب الدين. قلت: أرأيت إن كان المدبر (¬1) مأذوناً له في التجارة فصار عليه دين ثم قتل مولاه خطأ ما القول فيه؟ قال: يسعى لغرمائه في قيمته. قلت: ولم؟ قال: لأن الدين عليه دون مولاه. ألا ترى أن مولاه لو أعتقه في حياته لم يكن (¬2) عليه ضمان؛ لأنه لم يفسد عليهم شيئاً. والقيمة التي يسعى فيها العبد قيمة رقبته، فغرماؤه أولى بها. ألا ترى أن المدبر لو قتل في حياة مولاه كانت قيمته لغرمائه، فكذلك إذا سعى في قيمة رقبته بعد الموت. ¬

_ (¬1) ط: أرأيت المدبر إن كان. (¬2) ز - يكن.

قلت: أرأيت إن كان عبداً مأذوناً له في التجارة، فاستدان ديناً، ثم جرح مولاه جرحاً، ثم أعتقه مولاه وهو صاحب فراش، ثم مات المولى من ذلك الجرح ولا مال له غيره؟ قال: يسعى لأصحاب دينه، ولا يسعى لورثة الميت في شيء. وإن كان الدين مثل القيمة أو أكثر سعى (¬1) فيه. وإن كان أقل سعى في الدين وفيما بقي من قيمته لورثته. قلت: أرأيت إن كان المولى أعتقه وهو يخرج ويذهب ويجيء ثم مات بعد ذلك من تلك الجراحة؟ قال: إن كان المولى ترك شيئاً فأصحاب الدين بالخيار. إن شاؤوا ضمنوه قيمة العبد، فكان ذلك فيما ترك، وأخذوا ما بقي من العبد. وإن شاؤوا اتبعوا العبد بالدين كله. ولا سعاية على العبد لورثة مولاه. قلت: أرأيت رجلاً حضره الموت وله عبد لا مال له غيره، فأعتقه، ثم إن العبد قتل المولى خطأ، ما القول في ذلك؟ قال: يسعى العبد في قيمتين لورثة الميت، قيمة لأنه لا وصية له لأنه قاتل، وقيمة أخرى بالقتل، لأنه قتله بعد ما أعتقه. ألا ترى أنه لو قتل غير المولى سعى في ثلثي قيمته للورثة، ويسعى في قيمته للأول (¬2). هذا (¬3) قول أبي حنيفة في الجناية، أن العبد تكون جنايته في عنقه يسعى فيها ما دامت عليه سعاية من رقبته، لأنه بمنزلة المكاتب. وقال أبو يوسف ومحمد: ذلك على عاقلة المولى، لأنهم عاقلة المعتق، ولا يكون على المعتق سعاية لأنه حر وإن كان يسعى في شيء من قيمته. قلت: أرأيت إن كان مالاً كثيراً (¬4) يخرج من الثلث؟ قال: فإن كان كذلك فإن كان قتل مولاه فالأمر كما وصفت لك. وإن قتل غيره خطأ فالدية على عاقلة مولاه. قلت: ولم؟ قال: لأنه إذا قتل مولاه (¬5) فلا وصية له، وإذا قتل غيره وهو يخرج من الثلث وهو رجل حر فالدية على العاقلة. قلت: أرايت مدبراً قتل مولاه ورجلاً (¬6) آخر، بدأ المدبر فضرب مولاه، ثم ضرب الآخر، وكل ذلك خطأ، ثم ماتا جميعاً، ما القول في ¬

_ (¬1) ط: يسعى. (¬2) ف ز: للمقتول. (¬3) ف: وهذا. (¬4) ز: مال كثير. (¬5) ز - مولاه. (¬6) ز: ورجل.

باب جناية المدبرين أحدهما على صاحبه

ذلك وقد مات الرجل قبل المولى؟ قال: تكون (¬1) في مال المولى قيمته، ويسعى المدبر في قيمته للورثة. قلت: وكذلك إن كان بدأ فضرب مولاه قَبْلُ ثم مات الرجل قبل المولى؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن مات السيد قَبْلُ ثم مات الآخر ما القول في ذلك؟ قال: تكون القيمة ديناً (¬2) في مال المولى، ويسعى المدبر في قيمته للورثة. قلت: وكذلك إن كان بدأ فضرب الرجل؟ قال: نعم. قلت: ولم تكون القيمة على السيد وقد مات الرجل؟ قال: لأن المدبر ضرب الرجل والمولى حي. ألا ترى لو أن مدبراً ضرب رجلاً فجرحه جراحة، ثم مات المولى، ثم مات الرجل بعد ذلك، كانت القيمة في مال المولى. قلت: أرأيت إن لم يكن للمولى في الباب الأول مال ما القول فيه؟ قال: يسعى المدبر في قيمة رقبته لأصحاب الجناية، ولا يسعى للورثة في شيء. قلت: ولم؟ قال: لأن القيمة دين على مولاه. ألا ترى أنه لو كان على المولى دين سعى فيه. فكذلك الباب الأول. قلت: أرأيت مدبراً ضرب رجلاً فجرحه، وضرب مولاه فجرحه، ثم ماتا جميعاً لا يُدرَى أيهما مات أول، ما القول في ذلك؟ قال: هذا على نحو ما ذكرت لك في الباب الأول. قلت: ولم؟ قال: لأنه ضرب الرجل والسيد حي. ألا ترى أنه إن كان السيد مات بَعْدُ فالقيمة عليه، وإن مات قَبْلُ فالقيمة عليه أيضاً؛ لأنه ضرب الرجل والسيد حي. فإذا مات من تلك الضربة فالقيمة على السيد على كل حال. ... باب جناية المدبرين أحدهما على صاحبه قلت: أرأيت رجلين لكل واحد منهما مدبر، منقطع كل واحد منهما يد صاحبه، فبرآ (¬3) جميعاً؟ قال: يضمن سيد كل واحد منهما ¬

_ (¬1) ز: يكون. (¬2) ز - دينا. (¬3) ز: فبريا.

باب جناية المدبر بين اثنين

نصف قيمة مدبر صاحبه مدبراً، إلا أن يكون قيمة مدبره أقل من ذلك، فيكون عليه الأقل. قلت: وكذلك [كل] (¬1) ما جنى أحدهما على صاحبه؟ قال: نعم، يكون على سيد كل واحد منهما الأقل من الجناية ومن القيمة. قلت: ولا ينظر في أيهما بدأ بالجناية؟ قال: لا؛ لأن المولى إنما يغرم الأقل من الجناية ومن القيمة يوم جنى إن كان صحيحاً أو مقطوع اليد. قلت: أرأيت إن ماتا جميعاً؟ قال: يضمن كل واحد منهما قيمة مدبره، إلا أن يكون قيمة المدبر الآخر أقل، فيكون ذلك عليه. قلت: وسواء إن كان أحدهما بدأ بالضربة أو ضربا جميعاً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن مات أحدهما وبقي الآخر ما القول في ذلك؟ قال: يكون (¬2) على مولى العبد الباقي قيمة مدبره، إلا أن تكون (¬3) قيمة الميت أقل، فيكون عليه الأقل، ويضمن مولى الميت الأقل من جناية الحي ومن قيمة الميت. قلت: وكذلك إن أعتقهما مولياهما جميعاً بعد الجناية كان (¬4) جناية كل واحد منهما على صاحبه على نحو ما ذكرت؟ قال: نعم، على كل واحد منهما الأقل من قيمة عبده وأرش جنايته على صاحبه إلى يوم أعتق الآخر سيده، ولا يضمن الفضل الذي حدث في الجناية بعد العتق. قلت: وجناية كل واحد منهما على صاحبه مثل جنايتهما على غيرهما، والحكم فيه على ما ذكرت (¬5) لي (¬6) في هذا الباب؟ قال: نعم. ... باب جناية المدبر بين اثنين قلت: أرأيت مدبراً بين رجلين جنى جناية ما القول فيه؟ قال: على ¬

_ (¬1) من ب جار ط. (¬2) ز + أحدهما وبقي الآخر ما القول في ذلك قال يكون. (¬3) ز: أن يكون. (¬4) ف: وكان. (¬5) ز: ما ذكر. (¬6) ط - لي.

الرجلين الأقل من قيمته ومن أرش الجناية، وهو سواء إن كان لواحد أو اثنين. قلت: أرأيت إن كان لأحدهما ثلثه وللآخر ثلثاه (¬1) فكيف تكون (¬2) الجناية عليهما؟ قال: يكون ثلثاها على صاحب الثلثين، وثلثها على صاحب الثلث، على قدر ما لهما في العبد. قلت: أرأيت إن كان أحدهما قد دبر نصيبه من العبد ولم يدبر الآخر، ورضي الآخر أن لا يضمّنه، وترك العبد على حاله، ثم جنى العبد جناية، ما القول فيه؟ قال: الأمر فيه كما ذكرت لك في الباب الأول. قلت: ولم لا يدفع (¬3) الذي لم يدبر نصيبه؟ قال: لأن نصيب شريكه مدبر، فلا يقدر على دفعه. ألا ترى أنه لا يقدر على بيعه. قلت: أرأيت إن جنى (¬4) جناية فغرما قيمته (¬5)، ثم جنى أخرى بعد ذلك، وقد دفعا القيمة بقضاء قاض (¬6)، هل عليهما شيء بعد ذلك؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنهما غرما قيمته، فلا يكون عليهما شيء بعدها. قلت: فهل يتبع (¬7) صاحب الجناية الآخر الأول (¬8) فيشاركه (¬9) فيما أخذ؟ قال: نعم، وهذا قول أبي حنيفة في الذي دبر نصفه ولم يدبر الآخر. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا كان العبد بين رجلين فدبره أحدهما فهو مدبر كله له (¬10)، فإن جنى بعد ذلك جناية فهي كلها على الذي دبره، ويغرم الذي دبره نصف قيمته عبداً لشريكه موسراً كان أو معسراً. قلت: أرأيت مدبراً بين اثنين جنى (¬11) على أحدهما ما القول في ذلك وقيمة المدبر مائة درهم وأرش الجناية ألف درهم؟ قال: يكون على الآخر نصف قيمة المدبر وتبطل (¬12) نصفها؛ لأن ذلك في حصته. قلت: أرأيت إن أدى ذلك إليه الآخر بأمر القاضي، ثم جنى جناية أخرى على رجل، وأرشها ألف درهم، ما القول في ذلك؟ قال: نصف قيمة المدبر على ¬

_ (¬1) م ف ز: ثلثا؛ ط: ثلثان. (¬2) ز: يكون. (¬3) ز: ولم ولم يدفع. (¬4) ف: إذا جنى. (¬5) م ف ز: قيمة. والتصحيح من ط. (¬6) ز: قاضي. (¬7) ز: يبيع. (¬8) ف - الأول. (¬9) ز: فتشاركه. (¬10) ط - له. (¬11) ز: حتى. (¬12) ز: ويبطل.

المولى الذي كان جنى المدبر عليه (¬1)، ويكون النصف الباقي فيما أخذ المولى، فيقتسمانه على قدر أنصاف جنايتهما، ولا يضمن المولى الذي لم يجن (¬2) عليه شيئاً بعد ذلك غير النصف الأول. قلت: ولم؟ قال: لأنه قد غرم نصف قيمته مرة، فلا يغرم أكثر من ذلك. قلت: أرأيت إن جنى جناية أخرى بعد ذلك وهي ألف؟ قال: لا يكون عليهما من هذه الجناية شيء، ولكن يتبع (¬3) الآخر الأول والمولى بذلك، فيكون ما أخذ المولى والمجني عليه الأول بينهما وبين الآخر، يضرب فيه المولى بنصف حقه، ويضرب فيه الآخر بنصف حقه، ويضرب فيه الأول بنصف حقه، ويكون ما أخذ المجني عليه الأول بينه وبين هذا الآخر، يضرب فيه الآخر بنصف الجناية، ويضرب فيه الأول بنصف الجناية. قلت: ولم؟ قال: لأن نصف جناية كل واحد منهما في نصف قيمة العبد. قلت: أرأيت إن جنى المدبر جناية أخرى بعد ذلك وهي مثل جناية الأول بعد ذلك؟ قال: لا يكون عليهما من هاتين الجنايتين شيء، ولكن الآخر يتبع (¬4) الأول والمولى والثالث بذلك، فيكون ما أخذ المولى المجني عليه وما أخذ الآخران بينهم، فيضرب فيه المولى بنصف حقه، ويضرب فيه الآخر بنصف حقه، ويضرب فيه الأول بنصف حقه، ويضرب فيه الثالث بنصف حقه، ويكون ما أخذ المجني عليه الأول والثالث بينهما وبين هذا الآخر، يضرب فيها الآخر بنصف الجناية، ويضرب فيه الأول بنصف الجناية، ويضرب فيه الأول ويضرب فيه الثالث بنصف الجناية. قلت: ولم؟ قال: لأن نصف جناية كل واحد منهما في نصف قيمة العبد. قلت: أرأيت مدبراً بين رجلين جنى على أحدهما جناية، فكانت أكثر من قيمته، فغرم المولى الآخر نصف قيمته بأمر القاضي، ثم جنى على مولاه الآخر جناية تبلغ قيمته، فغرم مولاه الآخر نصف القيمة (¬5) بأمر ¬

_ (¬1) م - عليه، صح هـ. (¬2) ز: لم يجني. (¬3) ز: يبيع. (¬4) ز: يبيع. (¬5) ف: قيمته.

باب جناية المدبر بعد موت سيده

القاضي، ثم إن المدبر جنى جناية على رجل تبلغ قيمته، ما القول في ذلك؟ قال: يشرك (¬1) المجني عليه السيد فيما أخذ كل واحد منهما من صاحبه من نصف القيمة، فيضرب مع كل واحد منهما في نصف القيمة التي أخذ من شريكه بنصف الجناية، ويضرب كل واحد منهما (¬2) معه في ذلك بنصف جنايته. قلت: ولم؟ قال: لأن كل واحد من السيدين قد غرم نصف قيمة العبد لصاحبه، فلا يكون عليه شيء سوى ذلك، وحق صاحب الجناية عليهما، لو لم يكن جنى العبد عليهما كان على كل واحد منهما نصف القيمة، فقد غرما ذلك، فلا يغرمان (¬3) أكثر منه، وصاحب الجناية يكون حقه في ذلك. ألا ترى أن المدبر لو جنى جناية فغرما قيمته ثم جنى جناية أخرى لم يكن عليهما شيء واتبع الثاني الأول فشركه، فكذلك (¬4) إذا غرم كل واحد منهما لصاحبه نصف القيمة. ... باب جناية المدبر بعد موت سيده قلت: أرأيت رجلاً مات وترك مدبرا (¬5) ليس له مال غيره، فجنى المدبر بعد موت سيده، ما القول في ذلك؟ قال: يسعى المدبر في الأقل من الجناية ومن قيمته، ويسعى للورثة في ثلثي قيمته. قلت: ولم وقد صار حراً حيث مات مولاه؟ قال (¬6): لأنه بمنزلة العبد ما دام يسعى في شيء من رقبته. قلت: وكذلك إن كان عليه دين يحيط بماله فإنه (¬7) يسعى في قيمته للغرماء، ويسعى في الأقل من قيمته ومن الجناية؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان أعتقه في مرضه ولا مال له غيره؟ قال: نعم. قلت: ¬

_ (¬1) ف: يشترك. (¬2) ز + في نصف القيمة التي أخذ من شريكه بنصف الجناية ويضرب كل واحد منهما. (¬3) ز. يغرما. (¬4) ز - فكذلك. (¬5) ز: مدبر. (¬6) ز: وقال. (¬7) م ف ز: قال. والتصحيح من ط.

فما دام المدبر يسعى في شيء من قيمته فهو بمنزلة المملوك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا جنى (¬1) المدبر جناية بعد موت مولاه، ولم يدع المولى مالاً يوم مات غيره، فقضى القاضي عليه بالقيمة، ثم جنى جناية أخرى، أيقضي عليه أيضاً بالقيمة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان القاضي لم يقض (¬2) عليه بالجناية الأولى حتى جنى (¬3) الثانية ما القول في ذلك؟ قال: يسعى في قيمته بينهما إذا كانت الجنايتان سواء. قلت: ولم؟ قال: لأنه إذا قضى عليه ثم جنى فلا بد من قيمة أخرى بمنزلة المكاتب، وإذا لم يقض عليه فإنما عليه قيمة واحدة. قلت: وهذا عندك بمنزلة المكاتب؟ قال: نعم. قلت: وكل شيء جنى بعد القضاء فعليه ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت هذا المدبر إذا جنى جناية بعد موت مولاه، فلم يقض بها عليه حتى مات وقد ترك مالاً، ولم يَسْعَ فيما عليه، ما القول في ذلك؟ قال: يكون عليه الأقل من الجناية ومن القيمة يوم جنى ديناً فيما ترك، فيُدفَع ذلك إلى أصحاب الجناية قبل أن تعطَى (¬4) الورثة من السعاية، فإن فضل شيء أخذ منه الورثة ثلثي القيمة، وكان ما بقي ميراثاً. قلت: أرأيت إن لم يدع إلا قدر الجناية ما القول في ذلك؟ قال: يكون ذلك لأصحاب الجناية. قلت: ولم؟ قال: لأنه دين عليه، فلا يكون للورثة شيء حتى يأخذ أصحاب الدين دينهم. ألا ترى أنه لو كان عليه دين كان كذلك. قلت: وكذلك إن مات بعدما قضى القاضي عليه بالسعاية؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان عليه دين وجنى ما القول في ذلك؟ قال: يكون ما ترك بين أصحاب الدين والجناية بالحصص. قلت: ولا يُبدَأ بالدين؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن الجناية دين عليه (¬5). قلت: ولا يشبه هذا المكاتب في هذا الوجه؟ قال: لا. قلت: وسواء إن كان القاضي قد قضى بالجناية أو لم يقض (¬6) بها؟ قال: ¬

_ (¬1) ز: إن جنى. (¬2) ز: لم يقضي. (¬3) ط + الجناية. (¬4) ز: أن يعطى. (¬5) ف - قلت ولا يبدأ بالدين قال لا قلت ولم قال لأن الجناية دين عليه. (¬6) ز: لم يقضي.

باب العبد يوصى بعتقه ثم يجني جناية

نعم. قلت: فإن كان قد ترك هذا المدبر ولداً قد وُلد له من أمة له (¬1)، ولم يدع شيئاً غيره (¬2)، ولم يكن سعى في شيء مما عليه من السعاية؟ قال: يكون على الولد من ذلك ما كان على أبيه، يسعى فيه من ثلثي (¬3) قيمة الأب والأقل من القيمة والجناية. قلت: ولم؟ قال: لأنه بمنزلة أبيه. ألا ترى (¬4) لو كان على أبيه دين كان عليه أن يسعى فيه. قلت: أرأيت الأب إن كان قد سعى فيما عليه من السعاية للورثة، ولم يُقضَ على الأب بشيء من الجناية حتى مات، هل يسعى الابن في شيء من جناية أبيه التي كان جنى قبل أن يؤدي السعاية؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه قد عتق أبوه قبل أن يموت، وعتق الابن أيضاً مع أبيه، فلا يتبعه شيء من دين أبيه بعد العتق. قلت: وكذلك المكاتب في جميع ما ذكرت؟ قال: نعم، وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: جناية المدبر بعد موت سيده - كانت عليه سعاية أو لم تكن - بمنزلة جناية الحر، ما كان منها خطأ فهو على العاقلة عاقلة (¬5) المولى، وما كان عمداً ففيه القصاص، فإن لم يكن يستطاع فيه القصاص فأرش ذلك في ماله. ... باب العبد يوصى بعتقه ثم يجني (¬6) جناية قلت: أرأيت رجلاً أوصى بعتق عبد له وهو يخرج من الثلث، ثم إن العبد جنى جناية بعد موت المولى وقبل العتق، ما القول في ذلك؟ قال: ذلك إلى الورثة، فإن شاءوا دفعوا، وإن شاءوا فَدَوْا. فإن دفعوه بطلت وصيته في العتق وصار للمجني عليه. وإن فَدَوْه فالفداء منهم تطوع، ويعتقونه عن الميت. قلت: أرأيت إن أوصى بعتقه وليس له مال غيره هل ¬

_ (¬1) ز - له. (¬2) ز: غيرها. (¬3) ز: يسعى في ثلثي. (¬4) ز + أنه. (¬5) ز - عاقلة. (¬6) ز: ثم جنى.

هو بهذه المنزلة إذا جنى جناية فدُفِع؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن فُدِي؟ قال: يعتق ويسعى في ثلثي قيمته. قلت: أرأيت إن كانت أمة أوصى بعتقها أهي بهذه المنزلة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان الميت عجّل عتقها في مرضه، وليس له مال غيرها، فجنت جناية قبل الموت أو بعد الموت، وقد مات المولى في ذلك المرض، أهو سواء؟ قال: نعم. قلت: فما يلزمها (¬1) من الجناية؟ قال: الأقل من القيمة والجناية تسعى (¬2) فيه. قلت: وتسعى (¬3) مع ذلك في ثلثي القيمة للورثة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان للميت مال كثير يخرج العبد من الثلث ما القول في ذلك؟ قال: تكون (¬4) الجناية على عاقلة السيد إذا كانت خطأ. قلت: ولم؟ قال: لأنه حر حيث جنى. ألا ترى أنه لا يتبعه (¬5) شيء من السعاية، وجنايته جناية حر. قلت: أرأيت إن أعتقه وليس له مال غيره، فجنى العبد في مرض سيده، ثم برأ السيد من ذلك المرض، ما القول في ذلك؟ قال: الجناية على عاقلة السيد. قلت: ولم؟ قال: لأنه إذا برأ فقد صار حراً ولا سعاية عليه؛ لأنه جنى حيث جنى وهو حر. قلت: فإذا مات كان ذلك على العبد يسعى فيه وفي ثلثي قيمته؟ قال: نعم. قلت: وإذا كان يخرج من الثلث كان ذلك أيضاً على العاقلة؟ قال: نعم، إذا كان يجب عليه سعاية (¬6) فجنايته (¬7) جناية مملوك في رقبته، وإذا صار لا يجب عليه سعاية فالجناية على العاقلة، وجنايته موقوفة حتى أنظر إلى ما يصير إليه أمره. فإن صار يجب عليه السعاية فالأمر على ما ذكرت لك، وإن صار لا يجب عليه السعاية فذلك (¬8) على العاقلة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فجنايته جناية حر، وذلك على العاقلة كانت عليه سعاية أو لم تكن. ... ¬

_ (¬1) ز: يلزمهما. (¬2) ز: يسعى. (¬3) ز: ويسعى. (¬4) ز: يكون. (¬5) ز: لا يبيعه. (¬6) ف: لسعاية؛ ز: بسعاية. (¬7) ز: بجنايته. (¬8) ط: فتلك.

باب جناية مدبر الذمي

باب جناية مدبر الذمي قلت: أرأيت مدبراً لرجل من أهل الذمة جنى جناية ما القول في ذلك؟ قال: على السيد الأقل من جنايته ومن القيمة. قلت: وهو في ذلك بمنزلة المسلم يكون له المدبر في جميع ما ذكرت لي من أمر مدبر المسلم وجنايته؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان المدبر ذمياً فأسلم بعدما جنى الجناية أهو سواء ويكون ذلك على السيد؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن جنى جناية أخرى بعدما أسلم قبل أن يُقضَى على المولى بشيء، والجنايتان سواء، ما القول في ذلك؟ قال: على المولى الأقل من الجنايتين جميعاً ومن قيمة المدبر، فيكون ذلك بينهما. قلت: أرأيت إن كانت أحدى الجنايتين أكثر من الأخرى وهما يأتيان (¬1) على القيمة؟ قال: على المولى قيمة العبد لهما، يقتسمانها على جنايتهما. قلت: وكذلك كل ما جنى بعدما أسلم قبل أن يُقضَى على المولى بشيء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان قد قُضِيَ على المولى بالجناية الأولى وقد كانت أتت على جميع قيمته؟ قال: يتبع أصحاب الجناية الأخيرة أصحاب الجناية الأولى، فيشتركون (¬2) فيها في القيمة (¬3) على قدر جنايتهم. قلت: أرأيت إن أعتقه المولى بعدما جنى ومات قبل أن يُقضَى عليه بشيء؟ [قال:] (¬4) هو (¬5) سواء أعتقه أو لم يعتقه، أو مات وعليه ما ذكرت لك، فإذا مات المولى كان ذلك ديناً في ماله. قلت: أرأيت مدبراً لذمي أسلم ما حال المدبر؟ قال: يُقضَى عليه بالسعاية في قيمته، ويعتق إذا أداها. قلت: أرأيت إذا جنى جناية بعدما أسلم قبل أن يُرفَع إلى القاضي وقبل أن يُقضَى عليه بشيء أهو على ما ذكرت لي ¬

_ (¬1) ز: يأتان. (¬2) م ط: فيشركون. (¬3) ز - قال يتبع أصحاب الجناية الأخيرة أصحاب الجناية الأولى فيشتركون فيها في القيمة. (¬4) الزيادة من ط. (¬5) م ف ز ط: وهو.

باب جناية [مدبر] الحربي إذا دخل دار الإسلام بأمان

في الباب الأول أنه على السيد؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا رُفِعَ إلى القاضي فقضى عليه أن يسعى في قيمته أيصير حراً وتصير جنايته جناية حر؟ قال: لا، ولكنه بمنزلة العبد يؤدي ما عليه، ولكن ليس للسيد عليه سبيل إلا في السعاية. قلت: أرأيت إن مات السيد بعدما قضى القاضي عليه بالسعاية هل يصير حراً؟ قال: إن كان يخرج من الثلث فهو حر وتبطل (¬1) عنه السعاية، وإن كان لا مال له غيره سعى في ثلثي قيمته التي قضي بها عليه. قلت: أرأيت إن قضى القاضي عليه بالسعاية بعدما أسلم ثم جنى جناية ما القول في ذلك؟ قال: الجناية عليه دون مولاه، يسعى في الأقل منها ومن قيمته. [قلت:] (¬2) وهو في ذلك بمنزلة المكاتب في جميع ما ذكرت لي من أمر جناية المكاتب إذا جنى ثم قُضِيَ عليه ثم جنى بعد ذلك، أو جنى جناية قبل أن يُقضَى عليه؟ قال: نعم، هو بمنزلة المكاتب في جميع ذلك ما لم يؤد (¬3). ... باب جناية [مدبر] الحربي إذا دخل دار الإسلام بأمان قلت: أرأيت حربيا دخل دار الإسلام بأمان (¬4) ومعه عبد له فدبره في دار الإسلام ثم إن العبد جنى جناية ما القول في ذلك؟ قال: يُقضَى على الحربي بالأقل من الجناية ومن قيمة العبد. قلت: وهو في جميع جنايته (¬5) ما دام في دار الإسلام بمنزلة مدبر الذمي؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كانت معه أم ولد له؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن أسلم المدبر بعدما دبره الحربي أهو بمنزلة ما ذكرت لي من أمر مدبر الذمي أنه يقضى عليه بقيمته ويعتق إذا أداها؟ (¬6) قال: نعم. قلت: أرأيت إذا لحق الحربي بدار الحرب ¬

_ (¬1) ز: ويبطل. (¬2) من ط. (¬3) ز: لم يؤدي. (¬4) ز - بأمان. (¬5) ط: حياته. (¬6) ز: إذا أدى.

باب المدبر والمدبرة والجناية عليهما

بعدما دبره والعبد (¬1) عندنا في دار الإسلام فجنى جناية هل على المدبر شيء من تلك الجناية؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن ذلك إنما هو على الحربي. قلت: أرأيت إن رجع الحربي إلى دار الإسلام بأمان هل يقضى عليه بتلك الجناية؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن أسلم أهل الدار وأتى مسلماً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن سُبِيَ الحربي ما حال المدبر وحال جنايته؟ قال: الحربي فيء، والمدبر حر، والجناية باطل لا يلزمه منها شيء. قلت: ولم تبطل (¬2) الجناية عنه؟ قال: لأن مولاه صار فيئاً، فلا يلزمه شيء من تلك الجناية وهو فيء. قلت: أرأيت المدبر ما حاله؟ قال: هو حر. قلت: أرأيت إذا قُتِل المولى ولم يُسْبَ (¬3) هل يعتق المدبر؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن الحربي قد قُتِل. قلت: أرأيت إذا مات (¬4) الحربي هل يسعى المدبر في شيء للمسلمين؟ قال: لا، وهو حر كله. قلت: أرأيت حربياً دخل دار الإسلام بأمان ومعه مملوك له قد كان دبره في دار الحرب فجنى المدبر جناية ما القول في ذلك؟ قال: يدفع أو يفدي. قلت: ولا يشبه هذا ما دبر في دار الاسلام؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن تدبيره في دار الحرب باطل. ألا ترى أنه لو باعه جاز بيعه. ... باب (¬5) المدبر والمدبرة والجناية عليهما قلت: أرأيت رجلاً جنى على مدبر فقتله خطأ ما القول فيه؟ قال: على عاقلة الرجل قيمة المدبر. قلت: وكذلك المدبرة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن قطع يده خطأ أو عمداً أتراه سواء؟ قال: نعم. قلت: وما يجب عليه في ذلك؟ قال: نصف قيمة المدبر في ماله. قلت: وكذلك إن فقأ عينه ¬

_ (¬1) ز: والعهد. (¬2) ز: يبطل. (¬3) ز: يسبى. (¬4) ز: إن مات. (¬5) ز ط + جناية.

أو قطع رجله؟ قال: نعم. قلت: وما له لا يكون على عاقلته إذا كان خطأ؟ قال: لأن المدبر بمنزلة العبد، ولا تعقل (¬1) العاقلة من المدبر ولا من العبد ما دون النفس. قلت: أرأيت إذا قطع رَجُلٌ يَدَي المدبر أو فقأ عينيه (¬2) ما القول في ذلك؟ قال: على الفاعل ما نقصه من قيمته. قلت: وكذلك لو قطع رجليه أو قطع أذنيه؟ قال: نعم. قلت: ولم لا يكون عليه جميع قيمته (¬3) وقد قطع يديه؟ قال: لأنه مدبر، ولا يستطاع دفعه. ألا ترى أنه لو فعل هذا بعبد خُيِّرَ مولاه؛ فإن شاء دفعه وأخذ القيمة، وإن شاء أمسكه ولا شيء له على القاطع، ولا يكون في المدبر إلا ما ينقصه. قلت: وكذلك المدبر وأم الولد والمكاتب؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الذي قد عتق نصفه وهو يسعى في نصف قيمته؟ قال: نعم (¬4). قلت: أرأيت المدبر إذا جنى عليه رجل جناية، فجرحه في جسده جراحة ليس فيها أرش معلوم، ما القول فيه؟ قال: على الفاعل به ذلك ما نقصه من قيمته مدبراً. وقال أبو يوسف ومحمد في العبد يعتق بعضه وهو يسعى في بعض قيمته والجناية عليه: إنه حر كله، والجناية عليه كالجناية (¬5) على الحر من (¬6) ديته (¬7). وقال أبو يوسف ومحمد في العبد يُفقأ عينه (¬8) أو يُقطع يده (¬9) وهو غير مدبر: إن مولاه بالخيار؛ إن شاء أخذ ما نقصه وأمسكه، وإن شاء دفعه وأخذ قيمته. ... ¬

_ (¬1) ز: يعقل. (¬2) ف: عينه؛ ز: عيبنه. (¬3) ز - قلت وكذلك لو قطع رجليه أو قطع أذنيه قال نعم قلت ولم لا يكون عليه جميع قيمته. (¬4) ف - قال نعم. (¬5) ز - كالجناية. (¬6) ف: ومن. (¬7) ز ط: من دينه. (¬8) م ز ط: عينيه. (¬9) م ز ط: يديه.

باب جناية المدبر إذا اغتصبه رجل من سيده

باب جناية المدبر إذا اغتصبه رجل من سيده قلت: أرأيت مدبراً اغتصبه رجل فجنى المدبر عند الغاصب فقتل رجلاً خطأ ما القول فيه؟ قال: على المولى قيمته، ويرجع بذلك المولى على الغاصب. قلت: ولم؟ قال: لأن ذلك كان عند الغاصب. ألا ترى لو أن رجلاً اغتصب رجلاً عبداً (¬1) فجنى عند الغاصب جناية كانت في عنق العبد، فإن فداه مولاه أو دفعه رجع على الغاصب بالأقل من جنايته ومن القيمة، فكذلك المدبر. قلت: فإذا قتل رجلاً عمداً عند الغاصب فقُتِل هل يرجع المولى على الغاصب بقيمته؟ قال: نعم؛ لأنه أتلفه. قلت: أرأيت إن جنى جناية أخرى بعد الجناية الأولى (¬2) الخطأ عند الغاصب وقد قضي على المولى بالجناية الأولى هل يتبع الغاصب بشيء من ذلك أو المولى؟ قال: لا، ولكن يتبع (¬3) المجني عليه الثاني الأول فيشتركان في القيمة، ويرجع المولى بالقيمة على الغاصب، فيدفع إلى الأول نصفها، ثم يرجع به على الغاصب. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: وكذلك كل ما جنى المدبر بعد ذلك؟ قال: نعم؛ لأن المولى قد أدى قيمته مرة. قلت: فإن كان غصبه إنسان بعد الأول فجنى عنده جناية ولم يكن جنى عند الغاصب (¬4) الأول (¬5) إلا جناية واحدة؟ قال: ليس (¬6) على المولى ولا على الغاصب الذي غرم أول مرة قيمة، ويرجع المولى على الغاصب الآخر بنصف القيمة من الجناية الآخرة، فيدفعه إلى المجني عليه الأول، والأمر كما ذكرت. قلت: أرأيت رجلاً اغتصب رجلاً مدبراً (¬7) فقتل عنده رجلاً خطأ، ثم رده على المولى بعد ذلك فقتل عند المولى آخر، ما القول فيه، وذلك كله قبل أن يُقضَى على المولى بقيمته؟ قال: على المولى قيمته، ¬

_ (¬1) ط - عبدا. (¬2) ط + في. (¬3) ز: يبيع. (¬4) ز: الغائب. (¬5) ف: للأول. (¬6) م ز ط: وليس. (¬7) ز: مدبر.

ويرجع المولى على الغاصب بنصف القيمة، فيدفعها إلى الأول، ثم يرجع على الغاصب بمثلها. قلت: ولم؟ قال: لأن إحدى الجنايتين (¬1) كانت عند الغاصب، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: إنه يدفع المولى قيمته (¬2) من عنده إلى الجنايتين (¬3)، ثم يرجع بنصف قيمته فيسلم للمولى ولا يدفعها إلى أحد، ولا يرجع على أحد بشيء غير ذلك؛ لأن الأول قد أخذها، فلا يأخذها أيضاً، فيصير قد أخذ نصفاً واحداً من وجهين، وقد استوفى جنايته كلها بحيث أخذ نصف القيمة. قلت: أرأيت إن كان جنى عند المولى جناية (¬4) ثم غصبه رجل فجنى عنده جناية أخرى أهو بهذه المنزلة؟ قال: يدفع المولى قيمته، ويرجع على الغاصب بنصف قيمته، فيدفعها إلى الأول، ولا يرجع على الغاصب بشيء. قلت: أرأيت رجلاً اغتصب من رجل مدبراً (¬5) فجنى المدبر على الغاصب جناية وهو في يديه ما القول فيه؟ قال: ليس على السيد شيء، وجنايته باطل. قلت: ولم؟ قال: لأن الجناية كانت عنده. ألا ترى أنه إذا أخذها من السيد رجع بها السيد عليه. قلت: وكذلك إن جنى على عبد الغاصب أو قتل رجلاً والغاصب وارثه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً اغتصب مدبراً من رجل فجنى المدبر على مولاه جناية وهو عند الغاصب هل على الغاصب شيء؟ قال: لا. قلت: وكذلك لو جنى على عبد للمولى؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنه عبده ولا يكون للمولى على عبده شيء كأنه جنى وهو في يديه في قول يعقوب ومحمد. وأما في قياس قول أبي حنيفة فجنايته على مولاه لازمة للغاصب؛ ¬

_ (¬1) ز: الجانبين. (¬2) م ف ز: قيمة. والتصحيح من ط. (¬3) ز: إلى الجانبين؛ ز + كانت عند الغاصب وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد إنه يدفع المولى قيمة من عنده إلى الجنايتين. (¬4) ز: جنايته. (¬5) ز: مدبر.

باب جناية أم الولد والجناية عليها

لأنه بمنزلة إذا اغتصبه، فهو ضامن للأقل (¬1) مما جنى عليه مما استهلك ومن قيمة العبد (¬2). ... باب جناية أم الولد والجناية عليها (¬3) قلت: أرأيت أم ولد جنت جناية فقتلت رجلاً خطأ (¬4) ما القول في ذلك؟ قال: على المولى قيمتها. قلت: وهي في ذلك بمنزلة المدبر والمدبرة؟ قال: نعم. قلت: وهو على نحو ما وصفت لي في جميع جناية المدبر؟ قال: نعم. قلت: أرأيت أم ولد جنت جناية في مرض سيدها ثم مات السيد (¬5) في ذلك المرض؟ قال: على السيد الأقل من قيمتها ومن الجناية دين في ماله. قلت: أرأيت إن هي جنت بعد موت سيدها؟ قال: جنايتها بمنزلة جناية الحرة. قلت: فإن كان سيدها لم يدع مالاً غيرها؟ قال: وإن كان. قلت: أرأيت أم الولد إذا جنى عليها رجل جناية منقطع يدها أو فقأ عينها ما القول فيه؟ قال: على الفاعل بها ذلك نصف قيمتها. قلت: أرأيت إن كان فقأ عينيها (¬6) أو قطع يديها؟ قال: عليه ما نقصها. قلت: وهي في جميع جنايتها والجناية عليها بمنزلة الجناية على المدبر؟ قال: نعم. قلت: أرأيت أمة بين رجلين ولدت ولداً فادعياه جميعاً أيثبت (¬7) نسبه منهما؟ قال: نعم. قلت: وتكون الأمة أم ولد لهما جميعاً؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) م ف ز ط: للأولى. والتصحيح من ب جار. (¬2) وانظر للتفصيل: المبسوط، 27/ 55. (¬3) ز: عليهما. (¬4) ز: حظا. (¬5) ط: سيدها. (¬6) ز: عينها. (¬7) ز: أثبتت.

قلت: أرأيت (¬1) إذا مات أحدهما قبل الآخر أو ماتا جميعاً وقد تركا مالاً كثيراً أو لم يتركا؟ قال: هي حرة في جميع ما ذكرت (¬2). قلت: ولم؟ قال: لأنها بمنزلة أم الولد، وأم الولد لا سعاية عليها، وهذا قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإذا ماتا جميعاً فهو كما قال أبو حنيفة، وأما إذا مات أحدهما قبل صاحبه سعت للباقي في نصف قيمتها. قلت: أرأيت إن جنت جناية ما حالها؟ قال: الجناية على السيدين جميعاً نصفين. قلت: وجنايتها في هذا الحال بمنزلة جناية المدبر يكون بين رجلين في جميع ما ذكرت؟ قال: نعم. قلت: أرأيت أمة بين رجلين دبرها (¬3) أحدهما ثم وطئها الآخر فجاءت بولد فادعاه الواطئ هل يثبت نسبه منه؟ قال: نعم، وعليه نصف قيمته ونصف عقر الأم. قلت: ولم كان عليه نصف قيمة الولد؟ قال: لأن ولاء الأم قد كان ثبت (¬4) للآخر. ألا ترى أنها لا تصير أم ولد له. قلت: أرأيت إن جنت جناية ما القول في ذلك؟ قال: هو على السيدين (¬5) جميعاً. قلت: وجنايتهما بمنزلة جناية المدبر بين اثنين؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن مات الواطئ منهما وليس له مال غيرها؟ قال: نصيبه منها حر، وتسعى (¬6) للآخر في نصف قيمتها مدبرة. قلت: أرأيت إن جنت جناية وهي في هذه الحال؟ قال: عليها الأقل من جنايتها ومن القيمة. قلت: ولا يكون على السيد من ذلك شيء؟ قال: لا. قلت: إن كان الذي مات منهما المدبر (¬7) ما القول في ذلك؟ قال: إن كان ترك مالاً يخرج نصيبه من الثلث عتقت كلها ولا سعاية عليها. وإن لم تكن (¬8) تخرج من الثلث عتق نصيب الآخر، وسعت للورثة ورثة الميت فيما زاد على الثلث، وهذا قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإذا دبرها الأول فقد صارت مدبرة كلها له، ¬

_ (¬1) ز - أرأيت. (¬2) ز + لك. (¬3) ف: دبر. (¬4) ط: يثبت. (¬5) ط: على السيد. (¬6) ز: ويسعى. (¬7) ف - المدبر. (¬8) ز: لم يكن.

باب جناية أم ولد الذمي

فإن وطئها الآخر بعد ذلك لم يثبت نسب ولدها منه، وكانت هي وولدها مدبرين للذي دبرها (¬1)، ويغرم نصف قيمتها للذي وطئها (¬2)، ويغرم الذي وطئها جميع عقرها للذي دبرها. ... باب جناية أم ولد (¬3) الذمي قلت: أرأيت أم ولد الذمي إذا جنت جناية ما القول في ذلك؟ قال: على سيدها الأقل من الجناية ومن قيمتها. قلت: فهي في جنايتها والجناية عليها بمنزلة جناية [أم ولد المسلم؟ قال: نعم. قلت: فلو جنت] أم ولد (¬4) الذمي [ثم أسلمت] (¬5) ثم جنت جناية ما القول في ذلك؟ قال: هو على المولى على ما ذكرت لك. قلت: وهي في ذلك بمنزلة جناية مدبر الذمي إذا أسلم قبل أن يقضى عليه بالسعاية في جميع ما ذكرت لي؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان القاضي قضى عليها بالسعاية في قيمتها ما القول فيها؟ قال: إذا جنت جناية بعدما قضى القاضي (¬6) عليها بالسعاية - قال - عليها أن تسعى في الأقل من قيمتها ومن الجناية. قلت: وهي في ذلك بمنزلة مدبر الذمي (¬7) قد قضي عليه بالسعاية في جميع ما ذكرت لي؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا جنت جناية بعدما قضى القاضي عليها بالسعاية في قيمتها، ثم مات السيد قبل أن يقضي عليها بالجناية أو بعدما قضى عليها، ما القول في ذلك؟ قال: هي حرة، وتسعى في الأقل من الجناية ومن القيمة يوم جنت. قلت: وكذلك لو أن سيدها عجل عتقها قبل أن يموت؟ قال: نعم. قلت: ¬

_ (¬1) ز + نصف قيمتها للذي وطئها ويغرم الذي وطئها جميع عقرها للذي دبرها. (¬2) ط - للذي وطئها. (¬3) ف: الولد. (¬4) ف: الولد. (¬5) الزيادتان السابقتان استفدناهما من ب جار. والعبارة ناقصة في م ف ز ط. وأشار إلى ذلك المحقق الأفغاني في الهامش. (¬6) ف + قضى. (¬7) ز + الذي.

باب جناية العبد يعتق بعضه أو الأمة وهي تسعى في بقية قيمتها

ولم؟ قال: لأن ذلك قد كان لزمها قبل العتق. قلت: أرأيت ما أفسدت أم ولد الذمي أو أم ولد المسلم من ثوب استهلكته، أو دابة قتلتها، أو دار هدمتها لرجل، ما القول في ذلك؟ قال: كل ذلك لازم لها في عنقها (¬1)، تسعى فيه بالغاً ما بلغ. قلت: ولا يكون على السيد من ذلك شيء؟ قال: لا. قلت: ولا يشبه (¬2) هذا الجنايات في الناس؟ (¬3) قال: لا؛ لأن هذا بمنزلة الدين في عنقها (¬4). ... باب جناية العبد يعتق بعضه أو الأمة وهي تسعى في بقية قيمتها قلت: أرأيت رجلاً أعتق نصف عبده ثم جنى جناية بعد ذلك خطأ قبل أن يقضي القاضي عليه بالسعاية أهو سواء؟ قال: نعم. قلت: فماذا يلزمه من جنايته؟ قال: الأقل من الجناية والقيمة يسعى فيها. قلت: وهو (¬5) عندك في ذلك (¬6) بمنزلة المكاتب في جنايته؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الجناية عليه ما القول فيها؟ قال: بمنزلة الجناية على المكاتب، في عينه نصف قيمته، وفي يده نصف قيمته. قلت: أرأيت إن قطعت يداه أو فقئت عيناه ما على فاعل ذلك؟ قال: ما نقص من قيمته. قلت: وهو عندك بمنزلة العبد ما لم يؤد (¬7) ما عليه من السعاية؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن جنى (¬8) جناية فلم يقض عليه بشيء حتى جنى جناية أخرى أو جنى جنايات ما القول في ذلك؟ قال: يقضي القاضي عليه أن يسعى في قيمته لأصحاب الجنايات، فيقضي عليه بذلك، فيكون بينهم على قدر ¬

_ (¬1) ز: في عتقها. (¬2) ز: قلت ويشبه. (¬3) ز: في القياس. (¬4) ز: في عتقها. (¬5) ز: وهي. (¬6) ف ز - في ذلك. (¬7) ز: لم يؤدي. (¬8) ف ز: إذا جنى.

باب جناية المكاتب إذا جنى وهو مكاتب ثم عجز قبل أن يقضى عليه

جناياتهم (¬1). قلت: أرأيت إن جنى جناية فقضى القاضي عليه بقيمته ثم جنى (¬2) أخرى بعد ذلك ما القول فيه؟ قال: يقضي عليه بقيمة أخرى. قلت: وحاله في هذا كحال (¬3) المكاتب؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن وُلد له في سعايته ولدٌ من أم ولد له ثم مات هل على ولده أن يسعى فيما على أبيه من السعاية؟ قال: نعم. قلت: ويسعى أيضاً في الأقل من الجناية ومن قيمة أبيه؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كانت مملوكة؟ قال: نعم. قلت: وحالها في هذا كحال ولد المكاتب؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن جنى على مولاه جناية أو جنى المولى عليه أيكون المولى في ذلك بمنزلة غيره؟ قال: نعم. قلت: وحاله في جميع أمره كحال المكاتب إلا أنه (¬4) لا يرد في الرق أبداً؟ قال: نعم (¬5)، وهذا كله قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد في ذلك كله: إذا أعتق المولى بعضه (¬6) عتق كله وصار حراً، وجنايته كجناية (¬7) الحر، والجناية عليه كالجناية على الحر (¬8). ... باب جناية المكاتب إذا جنى وهو مكاتب ثم عجز قبل أن يقضى عليه قلت: أرأيت مكاتباً قتل رجلاً خطأ ثم عجز قبل أن يقضى عليه ما القول في ذلك؟ قال: يخير المولى؛ فإن شاء دفعه، وإن شاء فداه. قلت: ولم وقد جنى وهو مكاتب؟ قال: لأنه قد عجز فرد في الرق قبل أن يقضى عليه، فرد في الرق وهي جناية في عنقه، وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: أما أنا فأراه إذا جنى وهو مكاتب فقضي عليه أو ¬

_ (¬1) ز: جنايتهم. (¬2) ط + جناية. (¬3) ز: الحال. (¬4) م ط: إلا أن. (¬5) ز + قلت. (¬6) ز: بغضه. (¬7) ز: كجانية. (¬8) ز: على الحرة.

لم يقض عليه فهو دين عليه الأقل من الجناية ومن قيمته؛ لأنه قد وجب عليه ذلك وهو مكاتب، فلا أبالي أخوصم فيه إلى القاضي أو لم يخاصم. ألا ترى أنه لو خاصمه المجني عليه وهو مكاتب لم يقض عليه إلا بما ذكرت لك: بالأقل من الجناية ومن القيمة. ثم رجع أبو يوسف بعد ذلك إلى قول أبي حنيفة، وهو قول محمد؛ لأنه دخل عليه فيه. ألا ترى لو أن رجلاً جنى عبده (¬1) جناية فكاتبه وهو لا يعلم ثم عجز ثم جاء ولي المجني عليه دفع إليه (¬2). ألا ترى أن هذا لم يمنع عبده (¬3) قط من أن يدفعه إليه؛ لأنه جنى وهو عبد، وطلبت (¬4) الجناية قبله وهو كذلك، فيدفعه إليه. ولا يستقيم أن يكون عليه قيمة عبده وهو عبده على حاله يقدر على دفعه بجنايته ولم يخرج من ملكه. ألا ترى أنه لو خاصمه المجني عليه وهو مكاتب لم يقض عليه إلا بما ذكرت لك من الجناية أو من القيمة. قلت: أرأيت المكاتب إذا قتل رجلاً خطأ أو رجلين أو ثلاثة أو جنى جنايات كثيرة وهو مكاتب، ثم عجز قبل أن يقضى عليه بشيء من تلك الجنايات، ما القول في ذلك؟ قال: مولاه بالخيار؛ إن شاء دفع المكاتب، وإن شاء فداه في ذلك كله كأنه جنى وهو عبد. فإن دفعه كان العبد بينهم على قدر جناياتهم، وإن فداه أدى كل رجل منهم أرش جنايته. قلت: أرأيت مكاتباً جنى جناية أو جنايات كثيرة فأعتقه سيده قبل أن يعجز ما القول في ذلك؟ قال: عتقه جائز، وينظر إلى الجنايات يوم جنى وإلى قيمته يومئذ، فيكون على المكاتب من ذلك ديناً عليه. قلت: ولم؟ قال: لأنه قد وجب عليه ذلك يوم جنى. ألا ترى أنه لو خاصمه إلى القاضي على تلك الحال قضى عليه بالأقل من الجنايات ومن قيمته. قلت: أرأيت إن كانت قيمته أقل من الجنايات يقضي القاضي عليه بالقيمة بعدما أعتقه المولى كيف تكون (¬5) القيمة بينهم؟ قال: تقسم القيمة بينهم على ¬

_ (¬1) م ف ز ط: عنده. (¬2) م ز ط: عليه. (¬3) م ز ط: عنده. (¬4) ز: فطلبت. (¬5) ز: يكون.

جميع أرش جناياتهم (¬1)، فيكون لكل إنسان بقدر حصته من ذلك، فما أصاب كل إنسان بحصته (¬2) من تلك القيمة كان ديناً على المكاتب يؤديه إليه. قلت: لو أدى إلى بعضهم هل يشركه الآخرون؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه بمنزلة مكاتب عتق وعليه دين لقوم شتى، فإذا أدى إلى بعضهم شيئاً سلم دون الآخرين، فكذلك الجناية؛ لأنها قد صارت ديناً عليه حيث قضي عليه بها. قلت: وكذلك لو كان قضي عليه وهو مكاتب؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إذا قضي عليه وهو مكاتب فلم يعتق ولكنه على مكاتبته بعد؟ قال: نعم، هذا كله (¬3) سواء، وهو بمنزلة الدين يكون عليه. قلت: أرأيت المكاتب إذا جنى جناية ثم عجز فأعتقه المولى وهو (¬4) يعلم بالجناية أو لا يعلم بها؟ قال: إن أعتقه وهو يعلم بالجناية فهو ضامن لجميع أرش الجناية بالغاً ما بلغ وإن كان أكثر من القيمة، وإن كان لا يعلم ضمن القيمة إلا أن تكون الجناية أقل. قلت: ولم وقد جنى وهو مكاتب؟ قال: لأنه إذا عجز قبل أن يقضى عليه فكأنه (¬5) عبد جنى فأعتقه مولاه، فإن كان يعلم فعليه جميع الجناية وإن كان أكثر من القيمة، وإذا لم يعلم فعليه الأقل من الجناية ومن القيمة. قلت: أرأيت المكاتب إذا عجز قبل أن يقضى عليه، وقد جنى جناية في المكاتبة (¬6)، ثم جنى جناية أخرى بعدما رد في الرق، ما القول في ذلك؟ قال: المولى بالخيار؛ إن شاء دفع العبد إليهما جميعاً، وإن شاء فداه. فإن دفعه إليهما فهو بينهما على قدر جنايتهما، وإن فداه أعطى كل إنسان أرش جنايته. قلت: ولم وقد جنى على أحدهما وهو مكاتب؟ قال: لأنه قد عجز قبل أن يقضى عليه، فكأنه جناهما جميعاً بعدما عجز. ¬

_ (¬1) ز: جنايتهم. (¬2) ز - من ذلك فما أصاب كل إنسان بحصته. (¬3) ز - كله. (¬4) ف + لا. (¬5) ف: فكان. (¬6) ف: في المكاتب.

قلت: أرأيت مكاتبة جنت جناية وهي مكاتبة، ثم إنها ولدت ولداً في مكاتبتها بعد الجناية، ثم عجزت قبل أن يقضى عليها بالجناية، ما القول في ذلك؟ قال: الجناية في عنقها، والولد للمولى، فإن شاء المولى فداها، وإن شاء دفعها. قلت: ولم لا يكون الولد معها؟ قال: لأن الولد ليس من الجناية في شيء. ألا ترى لو أن أمة جنت جناية، ثم ولدت ولداً، ثم جاء (¬1) المجني عليه يخاصم بعد ذلك، كانت الجناية في رقبة الأم، وكان الولد للمولى، فكذلك المكاتبة إذا عجزت. قلت: أرأيت مكاتبة جنت جناية، ثم جني عليها بعد ذلك، ثم عجزت قبل أن يُقضَى لها وعليها، ما القول في ذلك؟ قال: المولى بالخيار؛ إن شاء دفعها بالجناية، وإن شاء فداها، اتبع المولى الذي جنى عليها فأخذ منه أرشها إن كان ذلك لم يأت (¬2) على جميع قيمتها. فإن أتى على جميع قيمتها من نحو فقء العين أو قطع اليدين أو جدع (¬3) الأنف وقد برأت من ذلك فإن المولى بالخيار؛ إن شاء دفعها إلى الذي جنى عليها وأخذ قيمتها منه، وإن شاء أمسكها. فإن أمسكها (¬4) فلا شيء له، وإن دفعها إلى المجني عليه كان أرش الجناية التي جنت عليها للمجني عليه، ويكون في ذلك بمنزلة المولى، فيرجع عليه بالجناية، فيأخذها منه. فإن كانت الجناية أتت على جميع القيمة فإن شاء دفعها إليه وأخذ قيمتها، وإن شاء أمسكها ولا شيء له. قلت: ولم كان هذا هكذا؟ قال: ألا ترى لو أن عبداً جنى على رجل جناية ثم جُني عليه بعد ذلك ثم خوصم المولى فيه (¬5) كان بالخيار؛ إن شاء دفعه، وإن شاء فداه. فإن فداه كانت الجناية له، وإن دفعه كانت الجناية للمدفوع إليه العبد. ... ¬

_ (¬1) ز: ثم جنى. (¬2) ز: لم يأتي. (¬3) ز: أو جذع. (¬4) ف - فإن أمسكها. (¬5) - ف: منه.

باب المكاتب يجني فيقضى عليه بذلك ثم يعجز

باب المكاتب يجني (¬1) فيقضى عليه بذلك ثم يعجز قلت: أرأيت مكاتباً جنى جناية فقضي (¬2) عليه بذلك ثم عجز؟ قال: يكون ما قضي به عليه ديناً، فإن أدى عنه مولاه ذلك وإلا بيع فيه. قلت: وبأي (¬3) شيء يقضى عليه؟ قال: بالأقل من الجناية ومن قيمته: إن كانت قيمته أقل قضي عليه بقيمته، وإن كانت قيمته أكثر قضي عليه بالجناية (¬4)، وكان ذلك ديناً عليه. فإذا عجز بعدما قضي بذلك عليه بيع (¬5) فيه إلا أن يؤدي عنه مولاه. قلت: أرأيت إن قتل رجلاً خطأ وهو مكاتب وقيمته أكثر من عشرة آلاف درهم ما الذي يلزمه من ذلك؟ قال: عليه عشرة آلاف (¬6) إلا عشرة دراهم (¬7). قلت: ولم لا تكون (¬8) عليه قيمته وقيمته أكثر من عشرة آلاف؟ (¬9) قال: لأنه إن قتله رجل (¬10) خطأ لم يكن على عاقلته إلا عشرة آلاف، وينقص من ذلك عشرة دراهم، وإنما أجعل (¬11) عليه مثل ما أجعل له في ذلك. قلت: وكذلك لو جنى جنايات كثيرة تبلغ عشرة آلاف درهم أو أكثر وقيمته عشرة آلاف درهم أو أكثر؟ (¬12) قال: نعم، عليه عشرة آلاف [درهم] (¬13) إلا عشرة دراهم لأصحاب الجنايات على قدر جناياتهم، لكل إنسان منهم بقدر حصته. قلت: أرأيت المكاتب إذا جنى جناية فقضي عليه بها ثم جنى جناية أخرى بعد ذلك ما القول فيه؟ قال: يقضى عليه أيضاً في الجناية الثانية بالأقل من قيمته ومن الجناية. قلت: فإن جنى بعد ذلك جناية أخرى؟ ¬

_ (¬1) ف + عليه. (¬2) ف: ويقضى. (¬3) م ط: وأي. (¬4) ف - فإن أمسكها. (¬5) ز: يبيع. (¬6) ف + درهم. (¬7) ف - إلا عشرة دراهم. (¬8) ز: لا يكون. (¬9) ف: أكثر من ألف. (¬10) ط: إن قتل رجلا. (¬11) ز: جعل. (¬12) ف: وأكثر. (¬13) من ط.

قال: يقضى عليه أيضاً في الثالثة بالأقل من قيمته ومن الجناية. قلت: فإن جنى جناية أخرى بعد ذلك؟ قال: يقضى عليه أيضاً (¬1) في الجناية الرابعة بالأقل من الجناية ومن قيمته (¬2). قلت: وكذلك إن جنى بعد ذلك أخرى؟ قال: نعم. قلت: فإن كانت الجناية قتل خطأ أو جراحة، فلم يقض عليه بشيء حتى جنى جناية أخرى أو جنايات كثيرة قبل أن يقضى عليه بشيء، ثم خاصمه أصحاب الجنايات جميعاً، ما القول في ذلك؟ قال: يقضى عليه (¬3) بالأقل من قيمته ومن الجنايات، وينظر؛ فإن كانت الجنايات أقل قضي عليه بها، فيكون عليه لكل إنسان (¬4) أرش (¬5) جنايته. وإن كانت القيمة أقل قضي عليه بها، فيكون عليه لكل إنسان منهم بقدر حصته من ذلك؛ لأن القيمة تقسم على الجنايات. قلت: أرأيت إن كانت الجنايات كلها أكثر من قيمته وقيمته أكثر من عشرة آلاف أو عشرة آلاف؟ قال: يقضى عليه بعشرة آلاف إلا عشرة دراهم. قلت: ولم؟ قال: لأنه لو قتل لم يكن على عاقلته إلا ذلك، فكذلك جنايته. قلت: أرأيت مكاتباً جنى جناية فقتل رجلاً خطأ، وقيمته ألف درهم يوم قتله، فلم يقض عليه بشيء حتى قتل آخر خطأ، وقيمته يوم قتل الثاني ألفان، ثم رفعاه (¬6) جميعاً إلى القاضي، ما القول في ذلك؟ قال: يقضي القاضي على المكاتب أن يسعى في ألفين في قيمته يوم جنى الجناية الآخرة، فيكون إحدى الألفين للثاني، وأما الألف الأخرى فهي بينهما، ¬

_ (¬1) ز - في الثالثة بالأقل من قيمته ومن الجناية قلت فإن جنى جناية أخرى بعد ذلك قال يقضى عليه أيضا. (¬2) م ف ز + قلت فإن جنى جناية أخرى بعد ذلك قال يقضى عليه أيضا في الجناية بالأقل من من قيمته ومن الجناية قلت فإن جنى جناية أخرى بعد ذلك قال يقضى عليه أيضا بالأقل من الجناية ومن قيمته. (¬3) ف - بشيء ثم خاصمه أصحاب الجنايات جميعاً ما القول في ذلك قال يقضى عليه. (¬4) ف ز + عليه. (¬5) ز + الجنايات وينظر فإن كانت الجنايات أقل قضي عليه بها فيكون عليه لكل إنسان أرش. (¬6) م ف: ثم دفعاه؛ ز: ثم ادعاه. والتصحيح من ط.

يضرب فيها الآخر بتسعة آلاف، ويضرب فيها الأول بعشرة آلاف، فما خرج من السعاية قبل أن يستكمل الأداء فهو بينهما على هذا. قلت: ولم؟ قال: لأنه قتل الأول وقيمته ألف، فإنما يجب عليه قيمته يوم قتل؛ وقتل الثاني وقيمته ألفان، فصارت القيمة الأولى بين الثاني وبين الأول؛ لأنه لم يقض عليه حتى جنى الجناية الثانية، وصار الفضل من قيمته للثاني (¬1) خاصة. ألا ترى أنه لو كان على حاله يوم جنى على الثاني كانت القيمة بينهما نصفين، فلذلك صار الفضل للثاني. قلت: أرأيت ما خرج من سعايته كيف يقسم بينهما؟ قال: للآخر نصفها، ونصفها بينهما على تسعة آلاف وعلى عشرة آلاف حتى يستكملا. قلت: ولم؟ قال: لأن إحدى الألفين للأول، والأخرى بينهما على ذلك. قلت: أرأيت مكاتباً قتل قتيلاً خطأ، ثم اعْوَرَّ المكاتب بعد ذلك، أو عمي، أو أصابه عيب ينقصه من قيمته، ثم إن المجني عليه خاصمه، ما القول في ذلك؟ قال: ينظر إلى قيمته يوم جنى، ولا ينظر إلى ما نقصه بعد ذلك، فإن كانت الجناية أقل قضي عليه بالقيمة. قلت: أرأيت إن زادت قيمته بعدما جنى ثم خاصمه ما القول في ذلك؟ قال: لا ألتفت إلى الزيادة في قيمته ولا إلى النقصان، وإنما أنظر إلى قيمته يوم جنى، فيقضى عليه بالأقل من قيمته يوم جنى والجناية (¬2). قلت: وإنما تلزمه (¬3) الجناية يوم جنى ولا يلتفت إلى زيادته ولا نقصانه؟ قال: لا. قلت: أرأيت مكاتباً جنى جناية فقضي عليه بها، ثم إنه عجز وعليه دين، ما القول في ذلك؟ قال: يؤدي عنه مولاه ما عليه مما كان قضي به عليه لأصحاب الجناية والدين، فإن لم يفعل بيع العبد فيه لهما جميعاً، فكان الثمن بين أصحاب الدين وأصحاب (¬4) الجناية بالحصص. قلت: ولم؟ قال: لأنه إذا قضي على المكاتب بالجناية فقد صار ذلك ديناً عليه، وصار مالاً في عنقه بمنزلة ما استدان، فإذا عجز صار ذلك ديناً يباع فيه، فيكون ¬

_ (¬1) ز: من قيمة الثاني. (¬2) ف ز: أو الجناية. (¬3) ز: يلزمه. (¬4) ف: وبين أصحاب.

الثمن بينهم بالحصص. فإن فضل شيء عن دينهم كان للمولى، وإن نقص لم يكن على المولى شيء. قلت: أرأيت المكاتب إذا جنى جناية فلم يقض عليه بها حتى عجز فرد في الرق [وَ] عليه (¬1) دين ما القول في ذلك؟ قال: المولى بالخيار؛ إن شاء دفعه بالجناية، وإن شاء فداه. فإن (¬2) فداه كان الدين في عنقه. فإن أدى الدين إلى أصحاب الدين وإلا بيع لهم. وإن دفعه إلى أصحاب الجناية اتبعه أصحاب الدين، وكان الدين في عنقه. فإن أدى المدفوع إليه العبد الدين إلى الغرماء وإلا بيع لهم في دينهم. فإن كان فيه فضل عن الدين كان له، وإن نقص لم يكن عليه شيء. قلت: أرأيت مكاتباً جنى جناية فقضي عليه بها (¬3)، ثم جنى جناية أخرى فلم يقض (¬4) بها عليه حتى عجز فرد في الرق، ما القول فيه؟ قال: أما الجناية التي قضي عليه بها فذلك دين في عنقه. وأما الجناية التي لم يقض بها عليه فهي جناية في عنقه، ويخير المولى؛ فإن شاء دفعه بالجناية، وإن شاء فداه. وهذا بمنزلة الباب الأول الذي ذكرت لك: الذي عجز وقد جنى جناية ولم يقض بها عليه حتى عجز وعليه دين. قلت: وكذلك لو جنى جناية فقضي عليه بها ثم عجز ثم جنى (¬5) جناية أخرى قبل أن يخاصم في العبد؟ قال: نعم، هذا أيضاً بمنزلة الباب الأول. قلت: أرأيت المكاتب إذا جنى جناية فقضي عليه بها (¬6)، ثم جنى جناية أخرى فقضي (¬7) بها عليه أيضاً، ثم عجز، ما القول في ذلك؟ قال: ذلك دين عليه، يباع فيه أو يؤدي عنه مولاه. قلت: أرأيت إذا جنى جناية أو جنايات، فقضي عليه بها (¬8)، ثم عجز، كان ذلك بمنزلة الدين عليه؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يقض بها عليه حتى عجز كان ذلك جناية في ¬

_ (¬1) الواو من ط. (¬2) ز: وإن. (¬3) ز - بها. (¬4) ز: يقضي. (¬5) ز - جنى. (¬6) ز - بها. (¬7) ز: فقضا. (¬8) ز - بها.

باب المكاتب يجني جناية ثم يموت قبل أن يقضى عليه أو بعدما قضي عليه

عنقه، وكان كأنه جنى وهو عبد، فإن شاء مولاه فداه، وإن شاء دفعه؟ قال: نعم. ... باب المكاتب يجني جناية ثم يموت قبل أن يقضى عليه أو بعدما (¬1) قضي عليه قلت: أرأيت مكاتباً جنى جناية فلم يقض عليه بها (¬2) حتى مات ولم يدع شيئاً ما القول في ذلك؟ قال: الجناية باطل. قلت: وكذلك إن قضي عليه؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن ذلك كان في رقبته وفيما يترك، فإذا مات ولم يدع شيئاً بطل ذلك. قلت: فإن كان قد ترك مالاً؟ قال: ينظر إلى قيمته يوم جنى دالى الجناية، فيقضى عليه بالأقل من ذلك، فيؤخذ ذلك من ماله، ثم يؤدى إلى المولى ما بقي من المكاتبة (¬3)، فإن فضل شيء فكان له ورثة أحرار سوى المولى كان لهم، وإلا كان للمولى، ويعتق المكاتب. قلت: أرأيت إن كان قضي عليه بالجناية وقد مات وترك مالاً؟ قال: يؤخذ ذلك من ماله، ثم يؤدَّى إلى المولى ما بقي من المكاتبة، وما بقي فهو ميراث لورثته. قلت: فهل يصل المولى إلى شيء من ماله أو يعطى ما بقي من المكاتبة حتى يؤدي إلى أصحاب الجناية حقهم؟ قال: لا. قلت: وسواء إن كان قُضي عليه بها أو لم يُقضَ؟ (¬4) قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن ذلك دين في عنقه على المكاتب، فيُبدَأ بالدين قبل المكاتبة. قلت: أرأيت المكاتب إذا جنى جناية، ثم مات قبل (¬5) أن يقضى عليه بذلك، وعليه دين، وقد ترك مالاً كثيراً، ما القول في ذلك؟ قال: يُبدَأ ¬

_ (¬1) م ف: أو بغير ما. والتصحيح من ط. وفي ب جار: باب المكاتب يجني ثم يموت قبل القضاء عليه أو بعد القضاء. (¬2) ط: فلم يقض بها عليه. (¬3) ف: من الكتابة. (¬4) ز: لم يقضى. (¬5) ز: قيل.

بالدين فيؤدَّى إلى أصحاب الدين، فإن فضل شيء نُظر إلى قيمة العبد يوم جنى وإلى (¬1) الجناية، فيؤخذ مما بقي (¬2) الأقل من ذلك، ثم يؤدَّى إلى المولى ما بقي من المكاتبة، ويكون ما بقي (¬3) ميراثاً (¬4) بين ورثته. قلت: أرأيت إن لم يكن فبما بقي وفاء ما القول في ذلك؟ قال: يُبدَأ فيؤدَّى الدين قبل الجناية، فإن فضل شيء كان لصاحب الجناية، وإن لم يفضل شيء فلا شيء له. قلت: ولا يحاصّ صاحب الجناية صاحب الدين؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن المكاتب قد مات قبل أن يُقضَى عليه بالجناية وقبل أن تصير الجناية ديناً عليه. قلت: أرأيت إن كان قُضي عليه بالأقل من الجناية أو من القيمة قبل أن يموت، ثم مات وعليه دين وقد ترك مالاً، ما القول في ذلك؟ قال: يكون ما ترك بين أصحاب الدين وأصحاب الجناية بالحصص. قلت: ومن أين اختلف هذا والأول؟ قال: لأنه قد قضي عليه بالجناية فقد صار ديناً عليه، وهو أسوة الغرماء (¬5) فيما ترك. قلت: أرأيت المكاتب إذا جنى جناية، ثم مات قبل أن يقضى عليه بذلك أو بعدما قضي عليه، وقد ترك مالا، وللمولى (¬6) عليه دين، ما القول في ذلك؟ قال: يُبدَأ بالجناية فيُعطَى أهلُ الجناية، فإن فضل شيء أخذ المولى دينه، ثم أخذ بعد ذلك ما بقي من المكاتبة، ويعتق العبد. قلت: وسواء إن كان قُضي عليه بالجناية أو لم يُقضَ عليه؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن دين غير المولى أحق من دين المولى، فلا يكون للمولى شيء حتى يؤدَّى ما عليه من الجناية أو دين. قلت: أرأيت مكاتباً جنى جناية ثم مات ولم يدع مالاً إلا مائة درهم، ولم يُقضَ (¬7) عليه بالجناية، والمكاتبة أكثر مما ترك، ما القول في ذلك؟ قال: يكون ما ترك للمولى. قلت: ولم؟ قال: لأنه قد مات عبداً ¬

_ (¬1) ط - وإلى. (¬2) ط: مابقي. (¬3) ز + من المكاتبة ويكون ما بقي. (¬4) ز: ميراث. (¬5) ط: للغرماء. (¬6) ف: للمولى. (¬7) ز: يقضى.

ولم يترك وفاء. ألا ترى أنه لو كان جنى فعجز قيل (¬1) للمولى: افده أو ادفعه. قلت: أرأيت إن ترك وفاء بالجناية والمكاتبة ما القول فيه؟ قال: الأمر فيه كما ذكرت لك في الباب الأول. قلت: أرأيت إن ترك وفاء (¬2) بالمكاتبة ولم يترك وفاء بالجناية، وقد مات قبل أن يقضى عليه بشيء، ما القول في ذلك؟ قال: يبدأ بالجناية قبل المكاتبة. قلت (¬3): ولم؟ قال: لأن المولى إذا قبض المكاتبة فقد صار حراً كله، فأكره أن أدفع ذلك إلى المولى وعليه الجناية. قلت: فإن لم يكن فيما ترك وفاء بالمكاتبة (¬4) كان جميع ما ترك للمولى وبطلت (¬5) الجناية؟ (¬6) قال: نعم؛ لأنه قد مات عبداً. قلت: أرأيت مكاتباً مات وترك ابناً وُلد له في المكاتبة من أمة له، وعليه دين وجناية، وقد كان قُضي عليه بها أو لم يُقضَ عليه بها، ما القول في ذلك؟ قال: يسعى في الدين، ويسعى في الأقل من قيمة المكاتب يوم جنى وأرش الجناية، ويسعى في المكاتبة، ولا يجبر على أن يبدأ بشيء من ذلك (¬7) قبل شيء، غير أنه إن عجز عن شيء من النجوم أو أخره عن محله ولم (¬8) يكن عنده وفاء بذلك حاضر رد في الرق. فإن رد في الرق بعدما قضي عليه بالجناية فإنه يباع، ويكون الثمن بين الغرماء وأصحاب الجنايات بالحصص. وإن لم يقض (¬9) عليه بالجناية حتى عجز فإن الجناية باطل لا تلزمه (¬10)؛ مِن قِبَل أن المكاتب الأول مات عاجزًا والجناية كانت في عنقه دون عنق الابن، وصارت الجناية جناية عبد، فلما مات عبداً بطل. فلا يلزم الابن منها شيء؛ لأن عجز الابن هو عجز الأب. ألا ترى لو أن الابن أدى ¬

_ (¬1) ف: فقيل. (¬2) ز - بالجناية والمكاتبة ما القول فيه قال الاْمر فيه كما ذكرت لك في الباب الأول قلت أرأيت إن ترك وفاء. (¬3) ف: قيل. (¬4) ز: المكاتبة. (¬5) ز: فبطلت. (¬6) ز - الجناية. (¬7) م ز ط: أن يبدأ من ذلك بشيء. (¬8) م ف ز: أو لم. والتصحيح من ط. (¬9) ز: لم يقضى. (¬10) ز: لا يلزمه.

عتق أبوه. أولا ترى لو أن المكاتب كان جنى فعجز فرد في الرق ثم مات لم يكن في عنق الابن شيء من جنايته. قلت: أرأيت مكاتباً مات وقد جنى جناية، وترك ابناً قد ولد في مكاتبته من أمة له، وهي حية مع ابنها، ما القول في ذلك؟ قال: يُقضَى عليهما أن يسعيا في المكاتبة وفي الأقل من قيمة المكاتب يوم جنى وأرش الجناية. قلت: أرأيت إن كان قد قضي بها على المكاتب؟ قال: هي لازمة لهما يسعيان فيها. وإن لم يكن قضي بها عليه حتى مات فرفعهما الأولياء إلى القاضي فقضى بها عليهما سعيا فيها أيضاً. قلت: أرأيت إن قضى القاضي عليهما بذلك فقتلت الأم قتيلاً (¬1) خطأ ما القول في ذلك؟ قال: يقضي عليها بالسعاية أن تسعى في قيمتها لأولياء القتيل (¬2)، ويسعيان فيما كان من جناية الأول (¬3). قلت: فإن جنى الابن جناية أخرى فقتل قتيلأ خطأ؟ قال: يقضي عليه أن يسعى في قيمته لأولياء القتيل، ويسعيان فيما كان من جناية الأول. قلت: أرأيت إن كانت جنايتهما قبل أن يقضى عليهما بالجناية الأولى؟ [قال: قضي عليهما بالجناية الأولى] (¬4) مع ذلك. قلت: ولم؟ قال: لأنه دين لحقهما من قبل الأب. قلت: أرأيت إن عجزا فردا في الرق ما القول في ذلك؟ قال: يباع الابن في جنايته خاصة، وتباع (¬5) الأم في جنايتها خاصة، إلا أن يؤدي عنهما المولى ما عليهما (¬6) من ذلك. فإن فضل شيء من أثمانهما كان في جناية الأب، وإن لم يفضل شيء من أثمانهما فلا شيء لصاحب جناية الأب. قلت: ولم؟ قال: لأن دينهما أحق أن يقضى من دين الأب. ألا ترى [أنه] لو مات الأب وعليه دين واستدان الابن ديناً بعد ذلك ثم عجز بيع في دينه دون دين أبيه، فكذلك الأول. ¬

_ (¬1) ف - قتيلا. (¬2) ف: المقتول. (¬3) م ف + قلت فإن جنى الابن جناية أخرى فقتل قتيلاً خطأ قال يقضي عليه أن يسعى في قيمته لأولياء القتيل وفيما كان من جناية الأول. (¬4) الزيادة مستفادة من ب جار. وقد أشار الأفغاني إلى وجود سقط في النسخ. (¬5) ز: ويباع. (¬6) ز: ما عليها.

قلت: أرأيت المكاتبة إذا ماتت وتركت مائة درهم، وتركت ابناً قد ولدته في مكاتبتها، وعليها دين، وقد قتلت قتيلاً خطأ فقضي عليها أو لم يقض عليها، ما القول في ذلك؟ قال: يقضى على الابن أن يسعى في المكاتبة وأن يسعى في الدين وفي الأقل من الجناية ومن قيمة الأم، ويسعى فيها (¬1) على ما (¬2) وصفت لك، والمائة بين أهل الجناية وأهل الدين بالحصص. قلت: أرأيت إن كان قضي عليها بالجناية أو لم يقض فهو سواء؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن المكاتبة تركت ابناً يسعى في مكاتبتها فكأنها حية تسعى. ألا ترى أنها لم تعجز حين كان بعدها من يسعى في المكاتبة. قلت: أرأيت لو أن الابن استدان ديناً، وجنى جناية، فقضي عليه بذلك مع ما قضي عليه من دين أمه ومن جنايتها، كان عليه (¬3) أن يسعى في ذلك كله، فإن عجز فرد في الرق بيع في دينه وجنايته خاصة دون دين أمه وجنايتها، فإن فضل (¬4) شيء من ثمنه كان في دين أمه وجنايتها بالحصص، وإن لم يفضل شيء فلا شيء لهم؟ قال: نعم. قلت: فإن كان إنما عجز قبل أن يقضى عليه بالجناية؟ قال: يخير مولاه؛ فإن شاء فداه، وإن شاء دفعه، ويتبعه (¬5) دينه (¬6) عند أهل الجناية فيباع في دينه خاصة دون دين أمه وجنايتها، فإن فضل شيء بعد دينه لم يكن ذلك في دين أمه وجنايتها. قلت: ولم وقد كان ذلك (¬7) ديناً في عنقه قبل أن يدفع إلى أصحاب (¬8) الجناية؟ قال: لأن جنايته أولى من جناية أمه ودينها. ألا ترى لو أن رجلاً مات وترك عبداً وترك ديناً كثيراً بيع العبد في دينه حتى يقضى. فإن جنى العبد جناية قيل للورثة وللغرماء: ادفعوا أو افدوا. فإن فدوه كانوا متطوعين وبيع في دين مولاه الميت، وإن دفعوه لم يتبعوه (¬9) دين مولاه؛ لأن جنايته ¬

_ (¬1) م ف ز ط: فيما. (¬2) م ط - ما. (¬3) ز: عليها. (¬4) ز: فضى. (¬5) ز: ويبيعه. (¬6) وفي ب جار: وإن شاء دفعه فإن دفعه تبعه دينه. وهي أوضح. (¬7) ط - ذلك. (¬8) ز: إلى صاحب. (¬9) ز: لم يبيعوه.

أحق به من دين مولاه. فكذلك ولد المكاتبة (¬1) جنايته إذا دُفِع بها أحمق من دين المكاتبة؛ لأنه دين كان (¬2) على غيره، وهذه الجناية عليه (¬3) خاصة، فهي أحق بالعبد من دين المكاتبة. قلت: أرأيت إن أمسكه المولى بعدما قضي عليه بالجناية، فأدى جنايته ودينه الذي كان في عنقه، ما حال ما كان قضي به عليه من جناية أمه؟ قال: يباع في ذلك أو يؤدي عنه مولاه. قلت: ولم؟ قال: لأنه من الأم، فديتها في رقبته. قلت: أرأيت المكاتب إذا جنى جناية، ثم مات قبل أن يقضى عليه بشيء، وترك رقيقاً، وعليه دين، ما القول في ذلك؟ قال: يباع رقيقه في دينه، ويبدأ به قبل الجناية. قلت: ولم؟ قال: لأنه مات قبل أن يقضى عليه. قلت: أرأيت إن كان بقي عليه شيء هل يكون لصاحب الجناية؟ قال: نعم، إن بقي شيء من تركته كان لهم حتى يستوفوا الأقل من قيمته ومن (¬4) أرش الجناية، وإن لم يبق شيء لم يكن (¬5) لهم شيء. فإن بقي شيء (¬6) بعد ذلك أديت المكاتبة، وما بقي فهو ميراث. وإن كان الذي بقي بعد الدين أقل من المكاتبة التي بقيت بطلت الجناية، وكان ذلك المال للمولى. قلت: أرأيت إن كان هذا المكاتب الذي ترك رقيقاً منهم من قد أذن له في التجارة فاستدان ديناً، وقد مات المكاتب وعليه دين وعلى مملوكه هذا دين، ما القول في ذلك؟ قال: يباع مملوكه هذا في دينه خاصة دون دين المكاتب، فإن بقي شيء من ثمنه كان في دين المكاتب. قلت: ولم؟ قال: لأن فى ينه أحق من دين سيده. قلت: أرأيت عبد المكاتب قتل رجلاً خطأ، ثم مات المكاتب وعليه دين، وبقي العبد وليس للمكاتب مال غيره، ما القول في ذلك؟ قال: يخير المولى؛ فإن شاء دفعه هو والغرماء بالجناية ولا حق للغرماء فيه، وإن (¬7) ¬

_ (¬1) ف: المكاتب. (¬2) ز: كمال. (¬3) ز - عليه. (¬4) ط: من. (¬5) ف - شيء لم يكن. (¬6) ز - شيء. (¬7) ز: فإن.

شاء فداه بالدية ويباع في دين الغرماء. قلت: أرأيت إن كان على العبد دين أيضاً مع جنايته ودين المكاتب؟ قال: يخير مولاه؛ فإن شاء دفعه ويتبعه دين نفسه أين ما كان ولا شيء لغرماء المكاتب فيه، وإن شاء فداه ويتبعه غرماء العبد خاصة. فإن فضل شيء كان بين غرماء المكاتب. قلت: ولم؟ قال: مِن قِبَل أن المولى أمسكه وصار متطوعاً في (¬1) الفداء، فصار الغرماء أحق به. قلت: أرأيت مكاتبة (¬2) ولدت في مكاتبتها ولداً، فجنت الأم جناية، وجنى (¬3) الولد جناية، ثم مات الولد قبل أن يقضى بذلك أو بعدما قضي عليه به، هل يلزم الأم (¬4) من جنايته شيء؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن الجناية كانت في عنق الولد، فلا يلزم الأم (¬5) من ذلك شيء. قلت: أرأيت إن ماتت الأم وبقي الولد (¬6)، وقد كان قضي عليها بالجناية أو لم يقض (¬7) عليها، أيقضى على الولد أن يسعى فيما على أمه من المكاتبة وفيما كان قضي به على الأم من الجناية ويسعى في جنايته أيضاً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن لم يكن قضي عليها؟ (¬8) قال: يقضى على الولد أن يسعى في الأقل من جناية أمه ومن قيمتها يوم جنت، وكذلك جنايته يقضى عليه بها أيضاً. قلت: أرأيت إذا عجز الولد فرد في الرق، ولم يكن قضي (¬9) على أمه بالسعاية ولا عليه، ما القول في ذلك؟ قال: تبطل (¬10) جناية الأم، ويخير السيد؛ فإن شاء دفعه بجنايته، وإن شاء فداه. قلت: ولم أبطلت جناية الأم؟ قال: لأن الابن حيث عجز فقد ماتت الأم عاجزة، فقط بطلت جنايتها، وصارت جناية الولد في رقبته. قلت: أرأيت إن كان قضي على الأم بالجناية وعلى الابن جميعاً، ثم عجز الولد، ما القول فيه؟ قال: يباع ¬

_ (¬1) م - في (غير واضح). (¬2) ز: لمكاتبة. (¬3) ز: جنى به وبمعنى. (¬4) ف: الابن. (¬5) ز - الأم. (¬6) م ز + فلا يلزم الأم من ذلك شيء قلت أرأيت إن ماتت الأم وبقي الولد. (¬7) ز: لم يقضي. (¬8) ز: عليهما. (¬9) ز + قضي. (¬10) ز: يبطل.

باب جناية المكاتب على مولاه وجناية مولاه عليه

الولد في جنايته إن لم يؤد (¬1) عنه مولاه، فإن فضل شيء من الثمن كان في جناية أمه، وإن لم يفضل شيء فلا شيء لهم. قلت: وكذلك إن كان قضي على الولد بالجنايتين جميعاً؟ (¬2) قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنه حيث قضي على الأم والولد بالجناية فقد صار ذلك ديناً عليهما، يباع الولد في دينه، فيبدأ بدينه قبل دين أمه. قلت: أرأيت مكاتبة ولدت في مكاتبتها، ثم جنت جناية، فقضي عليها بالجناية، ثم إنها عجزت فردت في الرق، ما القول في ذلك؟ قال: إن أدى المولى ما كان قضي عليها به في الجناية، وإلا بيعت في الجناية؛ لأنه قد صار ديناً في رقبتها. فإن كان في ثمنها وفاء لذلك، وإلا بيع ولدها حتى يوفَّى ما كان في عنقها من ذلك، فإن فضل شيء (¬3) من ثمن الولد كان للمولى. قلت: ولم يباع الولد في ذلك؟ قال: لأن ذلك قد صار ديناً على الأم، وولدها منها. قلت: أرأيت إن كان على الولد دين حيث عجزت الأم فردت في الرق ما القول في ذلك؟ قال: تباع الأم في دينها، ويباع الولد (¬4) في دين نفسه، فإن فضل شيء من ثمن الولد كان في دين الأم إن لم يكن في ثمنها وفاء. ... باب جناية المكاتب على مولاه وجناية مولاه عليه قلت: أرأيت مكاتباً جنى جناية على مولاه ما القول في ذلك؟ قال: جنايته على مولاه وعلى غيره سواء، ينظر إلى جنايته (¬5) على مولاه وإلى قيمته يوم جنى، فيقضى عليه بالأقل من ذلك. قلت: أرأيت إذا قضي عليه بما ذكرت ثم جنى جناية أخرى ما القول فيه؟ قال: يقضى عليه ¬

_ (¬1) ز: لم يؤدي. (¬2) ز - جميعاً. (¬3) ف - شيء. (¬4) ط: الابن. (¬5) ز - إلى جنايته.

بها أيضاً، ويسعى في الجنايتين جميعاً، فتكونان (¬1) عليه جميعاً. قلت: أرأيت إن لم يقض (¬2) بجنايته على مولاه حتى جنى جناية أخرى ما القول في ذلك؟ قال: ينظر إلى قيمته وإلى الجنايتين جميعاً، فيقضى عليه بالأقل ذلك، فإن كانت قيمته أقل من الجنايتين جميعاً فقضي عليه بالقيمة فيكون ذلك للمولى، وللآخر على قدر جنايتهما، يسعى في ذلك لهما. قلت: أرأيت إذا قضي عليه بذلك ثم عجز بعد ذلك ما القول فيه؟ قال: تبطل جناية المولى، ويكون نصف جميع قيمة العبد للأجنبي بحصته، إلا أن تكون (¬3) جنايته أقل من ذلك، فيباع له نصف العبد بذلك، أو يؤدي عنه المولى ذلك. قلت: فلم جعلت نصف جميع قيمة العبد للأجنبي وإنما كنت قضيت عليه بنصف القيمة قبل العجز؟ قال: لأني قضيت عليه بجميع الجناية ديناً في عنقه، فصار ذلك ديناً في نصف قيمته، فلما عجز كان جميع ما قضي به عليه ديناً في عنقه، فبطل نصفه بنصف المولى. قلت: أرأيت مكاتباً جنى جناية على مولاه، وجنى جناية أخرى على أجنبي، فقضي عليه بالجنايتين جميعاً، ثم إن المكاتب مات وترك ولداً ولد (¬4) له في المكاتبة، ما القول في ذلك؟ قال: يسعى فيما كان على المكاتب من ذلك، ويسعى في المكاتبة. قلت: ولم يسعى في حصة المولى من ذلك؟ قال: لأن ذلك دين على المكاتب (¬5)، فولده بمنزلته. قلت: أرأيت مكاتباً جنى جناية على مولاه فقضي عليه بها، ثم جنى جناية أخرى على أجنبي فقضي عليه بها أيضاً، ثم إن المكاتب عجز، ما القول في ذلك؟ قال: تبطل (¬6) جناية المولى، ويكون حق الأجنبي في عنقه، يباع فيه كله، أو يؤدي مولاه عنه. قلت: أرأيت رجلاً جنى على مكاتبه جناية فقَطَعَ يَدَه فقضي عليه بذلك، والمكاتبة إلى أجل، ثم إن المكاتب جنى على رجل جناية فقضي ¬

_ (¬1) ز: فيكونان. (¬2) ز: لم يقضى. (¬3) ز: أن يكون. (¬4) ز - ولد. (¬5) ف: على المكاتبة. (¬6) ز: يبطل.

عليه بها، ثم إنه عجز، ما القول في ذلك؟ قال: لا تبطل (¬1) جناية المولى على المكاتب، ويباع المكاتب في جناية الأجنبي، أو يؤدي مولاه عنه. قلت: أرأيت إن بيع في ذلك فلم يَفِ (¬2) ثمنُه أَقْطَعَ (¬3) هل يكون على المولى شيء؟ قال: نعم. قلت: ولم وقد قطع يد المكاتب قبل جنايته على الأجنبي؟ قال: لأن أرش اليد كان ديناً على المولى قبل أن يعجز المكاتب، فلما جنى وهو مكاتب وقضي بالجناية عليه كان ذلك ديناً له على مولاه، فلحقه الدين وأرش اليد على المولى لم يبطل عنه، فلما عجز كان ما لحقه من دين فيما له من مال. ألا ترى لو أن مكاتباً استهلك له مولاه ألف درهم ومكاتبته إلى أجل كان الألف ديناً على مولاه، فإن استدان المكاتب بعد ذلك ديناً في بيع أو شِرى ثم عجز أو مات اتبع المولى بذلك المال حتى يدفعه إلى غرماء المكاتب؛ لأنه كان ديناً للمكاتب على مولاه حين عجز، فغرماؤه أحق بها من مولاه. أولا ترى أن المكاتب لو كان عليه دين ألف درهم، ثم استهلك له مولاه ألف درهم، ومكاتبته إلى أجل، ثم استدان المكاتب (¬4) ألف درهم، ثم مات ولم يترك غير الدين الذي على مولاه، أن الغرماء يتبعون المولى جميعاً الأولون والآخرون بالألف التي عليه فيقتسمونها. ولو كان الدين يبطل في الباب الأول عن المولى لم يكن الدين الذي على المولى في هذا الباب للغرماء الأولين. قلت: أرأيت لو أن المكاتب جنى على الأجنبي، فقضي عليه بقيمته، ثم جنى عليه مولاه جناية بعد ذلك، فقضي عليه بذلك، ثم إن المكاتب عجز، ما القول فيه؟ (¬5) قال: يباع العبد في دين الأجنبي، فإن وفى وإلا نظر إلى ما نقص من قيمة (¬6) العبد يوم جنى المكاتب، فيضمن المولى ما نقص من القيمة للأجنبي من أرش الجناية التي جناها على المكاتب. فإن كان ما نقص أكثر أو أقل ضمن الأقل من ذلك. وهذا والباب (¬7) الأول سواء. قلت: ولم ¬

_ (¬1) ط: قال تبطل. وهو غير سديد. والمسائل الآتية تبين ذلك. (¬2) ز: يفي. (¬3) ز: قطع. أقطع أي مقطوع اليد. (¬4) ط: ثم استبان أن المكاتبة. (¬5) ف: في ذلك. (¬6) م: من قيمته. (¬7) ز: الباب.

صار هذا هكذا؟ قال: لأن الأجنبي قد وجب له قيمة المكاتب يوم جنى عليه، فنقصت بعد ذلك من جناية السيد، فهو عليه. ألا ترى لو أن عبداً جنى جناية على رجل، ثم جنى المولى على العبد جناية وهو لا يعلم بجنايته، فاختار دفع العبد، ضمن ما جنى عليه. فكذلك الباب الأول. قلت: ولم لا تضمنه (¬1) قيمته يوم جنى عليه السيد؟ قال: لأن القيمة قد كانت وجبت للمجني عليه يوم جنى عليه. قلت: أرأيت رجلاً جنى على مكاتب له جناية، ثم إن المكاتب مات وترك ولداً قد ولد له في المكاتبة ولم يدع شيئاً، ما القول في ذلك؟ قال: يسعى الولد فيما على المكاتب من المكاتبة، وينظر إلى جناية المولى على المكاتب، فيرفع عن الابن من المكاتبة بقدر ذلك، فإن كان في ذلك وفاء بالمكاتبة فالمكاتب والولد حران، وإن كان فيه نقصان سعى الولد في الفضل على النجوم. قلت: أرأيت إن كان على المكاتب دين ما القول في ذلك؟ قال: يقضى على المولى بأرش ما كان جنى، فيؤخذ ذلك منه فيؤدى إلى غرماء المكاتب، فإن وفى بالدين اتبع المولى ولد المكاتب بالسعاية في المكاتبة، فإن كان فيه فضل رفع الفضل من المكاتبة عن الولد، فإن لم يف (¬2) بالدين سعى الولد في فضل الدين والمكاتبة. قلت: أرأيت مكاتبة جنت على مولاها جناية، ثم ولدت ولداً في مكاتبتها، ثم ماتت المكاتبة قبل أن يقضى عليها وبقي ولدها، ما القول في ذلك؟ قال: يقضى على الولد بالأقل من الجناية ومن قيمتها يوم جنت، والمكاتبة تسعى أيضاً (¬3) في ذلك. قلت: أرأيت المكاتب إذا جنى على ابن مولاه جناية ما القول في ذلك؟ قال: جنايته على ابن مولاه وعلى الأجنبي سواء. قلت: وكذلك لو جنى على أبيه؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو جنى على كل ذي رحم محرم؟ (¬4) قال: نعم. ¬

_ (¬1) ز: لا يضمنه. (¬2) ز: لم يفي. (¬3) ط: والمكاتبة أيضا تسعى. (¬4) ط + منه.

باب العبد يجني ثم يكاتب

قلت: أرأيت مكاتباً جنى على مولاه جناية، فقضي عليه بقيمته، والجناية أكثر من القيمة، ثم إن المولى أعتق نصف المكاتب، ما القول في ذلك؟ قال: ما كان قضي (¬1) به عليه فهو عليه (¬2) على حاله كما كان، ويسعى مع ذلك في الأقل من نصف قيمته ومن نصف المكاتبة. قلت: ولم؟ قال: لأن ذلك دين عليه. قلت: أرأيت مكاتباً جنى جناية على عبد لمولاه هل يلزمه؟ قال: نعم، عبد مولاه وعبد الأجنبي سواء. قلت: أرأيت مكاتباً جنى على مولاه، ثم إن المكاتب ولد له ولد في المكاتبة، فقضي على المكاتب بذلك، ثم إن السيد أعتق المكاتب، ما القول في ذلك؟ قال: يصير ذلك ديناً على المكاتب. قلت: ولا يبطله العتق عنه؟ قال: لا، ولكن العتق يزيد ذلك شدة. قلت: أرأيت رجلاً قطع يد مكاتبه، فقضي عليه بنصف قيمته، ثم إن المكاتب قطع يد السيد بعد ذلك، ما القول فيه؟ قال: يقضى على المكاتب بالأقل من قيمته يوم جنى ومن الجناية. ... باب العبد يجني ثم يكاتب قلت: أرأيت عبداً جنى جناية فقتل رجلاً خطأ، ثم إن سيده كاتبه وهو يعلم بالجناية أو لا يعلم، هل تجوز (¬3) المكاتبة؟ قال: نعم، المكاتبة جائزة. وإن كان كاتبه وهو يعلم بالجناية ضمن جميع الجناية وإن كانت أكثر من القيمة. قلت: ولم؟ قال: لأنه قد اختار العبد حيث ¬

_ (¬1) ز + عليه بقيمته والجناية أكثر من القيمة ثم إن المولى أعتق نصف المكاتب ما القول في ذلك قال ما كان قضي. (¬2) ط + فهو. (¬3) ز: هل تجوز.

كاتبه، فإن كان لا يعلم ضمن القيمة. قلت: وهل لأصحاب الجناية أن يردوا المكاتبة؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن ما صنع المولى فيه فهو جائز من مكاتبة وغيرها. ألا ترى أنه لو باعه جاز بيعه، فكذلك إذا كاتبه. قلت: أرأيت إن (¬1) كاتبه بعدما قضي به لأصحاب الجناية قبل أن يقبضوه؟ قال: مكاتبته باطل. قلت: ولم؟ قال: لأنه كاتب ما لا يملك. ألا ترى أنه لو أعتقه لم يجز عتقه، ولو باعه لم يجز بيعه. قلت: أرأيت عبداً جنى جناية فكاتبه السيد وهو لا يعلم بالجناية، ثم إن العبد عجز فرد في الرق قبل أن يجيء أصحاب الجناية، ما القول في ذلك؟ قال: يخير المولى؛ فإن شاء دفعه، وإن شاء فداه. قلت: ولا يلزمه القيمة ويصير العبد عبده؟ قال: لا. قلت: ولم وقد أخذت المكاتبة، ولو جاء أصحاب الجناية والمكاتب لم يعجز قضيت على المولى بالقيمة؟ قال: لأن العبد عجز قبل أن يجيء أصحاب الجناية، فكانت الجناية في عنقه كأنه لم يكاتب. قلت: إن علم السيد بالجناية بعدما كاتبه أهو بهذه المنزلة؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن علمه بعد ذلك ليس بشيء. ألا ترى أنه لا يقدر أن يرده بعد ذلك في الرق حتى يعجز. قلت: أرأيت إن مات المكاتب بعدما عجز هل يضمن السيد لأصحاب الجناية شيئاً؟ (¬2) قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن الجناية كانت في عنقه، وقد بطلت حيث مات. قلت: أرأيت إن مات المكاتب (¬3) قبل أن يعجز ولم يدع شيئاً أهو بهذه المنزلة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن مات وقد ترك وفاء بالمكاتبة أهو بهذه المنزلة؟ قال: لا، ويضمن السيد هاهنا القيمة؛ لأنه قد مات وترك وفاء، فصارت الجناية على السيد. قلت: أرأيت إن مات وترك ولداً ولد في المكاتبة ما القول في ذلك؟ قال: يسعى الولد فيما على المكاتب من المكاتبة، ويضمن السيد القيمة. قلت: ولم؟ قال: لأن ولد المكاتب بمنزلته؛ ألا ترى أنه إذا أدى عتق وعتق المكاتب معه. قلت: أرأيت إن عجز الولد فرد في الرق ما القول في ¬

_ (¬1) ز + كان. (¬2) ز: شي. (¬3) ط: أرأيت المكاتب إن مات.

ذلك؟ قال: لا تبطل (¬1) القيمة عن السيد؛ لأني ألزمتها إياه (¬2). ولا يكون في عنق الولد منها شيء. قلت: أرأيت إن عجز الابن قبل القضاء بالقيمة؟ قال: قد مات الأب عبداً وبطلت الجناية. قلت: أرأيت إن كان المولى قد أدى القيمة إليهم هل يرجع فيها فيأخذها؟ قال: لا؛ لأني قد قضيت بها عليه. قلت: أرأيت عبداً بين رجلين جنى جناية، فكاتبه أحدهما بغير إذن شريكه، فأدى إليه المكاتبة، ثم جاء أصحاب الجناية، ما القول في ذلك؟ قال: إن كان الذي كاتب علم بالجناية فهو ضامن لنصف الجناية بالغة ما بلغت. وإن كان لم يعلم (¬3) فهو ضامن لنصف قيمة العبد إلا أن يكون نصف الجناية أقل. وأما الذي لم يكاتب فلا شيء عليه، وينظر إلى نصف الجناية وإلى نصف قيمة العبد، فيكون في حصته من العبد الأقل من نصف الجناية ومن نصف القيمة. فإن كان الذي كاتب موسراً فالآخر بالخيار؛ إن شاء ضمنه، وإن شاء أعتق، وإن شاء استسعى. فإن هو ضمنه أعطى ما أخذ منه من نصف القيمة لأصحاب الجناية. وكذلك إن استسعى. وإن هو أعتقه ضمن لأصحاب الجناية نصف القيمة. قلت: ولم لا يضمن جميع نصف الجناية وهو يعلم وقد أعتقه؟ قال: مِن قِبَل أنه لم يفسد عليهم شيئاً، وإنما أفسد عليهم الأول. قلت: أرأيت الذي لم يكاتب هل يرجع بنصف ما أخذ الذي كاتب من المكاتبة؟ (¬4) قال: نعم. قلت: فهل يكون لأصحاب الجناية شيء من ذلك؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه بمنزلة الغلة، فليس لأصحاب الجناية منه شيء. ألا ترى لو أن عبداً جنى جناية فاستغله سيده لم يكن لأصحاب الجناية في الغلة شيء (¬5)، فكذلك الباب الأول. قلت: أرأيت إن كاتب أحدهما نصيبه بإذن شريكه (¬6) وهما يعلمان بالجناية أهو بهذه المنزلة أيضاً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كاتب كل واحد منهما نصيبه بإذن ¬

_ (¬1) ز: لا يبطل. (¬2) ز: أباه. (¬3) ز: لا يعلم. (¬4) م ز: من المكاتب. (¬5) ز - شيء. (¬6) ط + معه.

باب المكاتب يجني جنايات فيقضى عليه ببعضها ولا يقضى عليه ببعض حتى يعجز

شريكه معه وهما يعلمان بالجناية هل يكون هذا اختياراً منهما جميعاً للجناية؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنهما قد حالا بين أصحاب الجناية وبين قبض العبد، فكذلك (¬1) كان هذا منهما اختياراً. قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبده وقد جنى جناية، ثم إن العبد جنى جناية أخرى وهو مكاتب، وقد كاتبه المولى وهو لا يعلم بالجناية الأولى، فقضي عليه بالجناية الثانية، ثم عجز العبد، ثم جاء أصحاب الجناية الأولى يخاصمون، ما القول في ذلك؟ قال: المولى بالخيار؛ فإن شاء دفعه إليهم، وإن شاء فداه. فإن دفعه تبعه المقضي له بالجناية وهو مكاتب، فيكون ذلك ديناً في رقبته. فإن أدى عنه المقضي له بذلك وإلا بيع في دينه. قلت: أرأيت إن عجز العبد قبل أن يقضى عليه بالجناية الثانية ما القول في ذلك؟ قال: المولى بالخيار؛ إن شاء فداه بجميع الجنايتين، وإن شاء دفعه إليهم. ... باب المكاتب يجني جنايات فيقضى عليه ببعضها ولا يقضى عليه ببعض حتى يعجز قلت: أرأيت المكاتب يجني جناية فيقتل رجلاً خطأ، ثم يقتل بعد ذلك رجلاً خطأ قبل أن يقضى عليه بالجناية الأولى، ثم جاء ولي أحدهما فقضي له بقيمة العبد ولا يعلم بالجناية الأخرى، ثم عجز المكاتب بعد ذلك، ما القول فيه وقد جاء الآخر بعد ذلك فخاصم؟ قال: يكون نصف قيمة العبد للمقضي له ديناً في نصف العبد، وتكون جناية الآخر في نصف العبد الباقي. فإن شاء مولاه فداه، وإن شاء دفع نصفه. فإن أدى إلى المقضي له نصف قيمة العبد وإلا بيع نصف العبد له. قلت: ولم صار هذا هكذا؟ قال: لأنه قد (¬2) صار للمقضي له في عنق العبد دين، وأما الذي لم ¬

_ (¬1) ز: فلذلك. (¬2) ز - قد.

يقض (¬1) له فجنايته على حالها في نصف رقبة العبد. قلت: ولم لا تكون (¬2) جنايته في جميع رقبة العبد؟ قال: لأنه قد كان جنى قبل أن يقضى عليه للأول، فكانت (¬3) القيمة بينهما نصفين. ألا ترى أنهما لو خاصما جميعاً في مكاتبته قضي لهما عليه بالقيمة، وجناية كل واحد منهما في نصف قيمته. قلت: ويصير جميع جنايته (¬4) الذي لم يقض (¬5) له في نصف العبد؟ قال: نعم. قلت: ويصير للآخر الدين في نصف العبد؟ قال: نعم. قلت: وسواء إن كان قضي بالعبد لولي الأول أو لولي الآخر؟ قال: نعم. قلت: أرأيت مكاتباً قتل ثلاثة نفر خطأ فقضي عليه لأحدهم ثم إن العبد عجز ما القول في ذلك؟ قال: يكون للمقضي له في ثلث رقبة العبد ثلث قيمته ديناً عليه، وتكون (¬6) جناية الآخرين في ثلثي رقبة العبد. فإن شاء المولى فدى ثلثه بجميع الجنايتين، وإن شاء دفعه. قلت: أرأيت مكاتباً قتل رجلين خطأ فقضي لأحدهما بقيمته ولا يعلم بجناية الآخر ثم جاء الآخر ما القول في ذلك؟ قال: يقضى للآخر على المكاتب بنصف القيمة فيكون له، ويرجع المكاتب على الأول بنصف القيمة. قلت: أرأيت إن خاصمه ولي أحدهما وقد علم بالجناية الأخرى بكم يقضي لهذا، بنصف القيمة أو بجميعها؟ قال: بل بنصف القيمة. قلت: ولم؟ قال: لأن الجنايتين جميعاً في عنقه (¬7)، وإنما حق هذا في نصف القيمة. قلت: أرأيت مكاتباً قتل رجلاً خطأ، ثم قتل بعد ذلك آخر خطأ، فقضي عليه بإحدى الجنايتين، ثم فتل آخر خطأ، ثم جاء الآخران يطلبان بعد ذلك، ما القول في ذلك؟ قال: يكون للمقضي له الأول نصف القيمة، قيمة العبد التي كان قضي له بها، ويقضى للمجني عليه الثالث بنصف قيمة ¬

_ (¬1) ز: لم يقضى. (¬2) ز: لا يكون. (¬3) ز: فكاتب. (¬4) ز: جناية. (¬5) ز: لم يقضى. (¬6) ز: ويكون. (¬7) ز: في عتقه.

العبد أيضاً خاصة، ويقضى له أيضاً وللآخر الذي كان مع الأول بنصف القيمة، فيكون بينهما على ثلاثة، يضرب فيها الثالث بخمسة آلاف، ويضرب فيها الآخر بعشرة آلاف. قلت: ولم؟ قال: لأن الأول قد كان قضي له بنصف القيمة، فصار حقه ديناً في عنق (¬1) العبد، وبقي جناية الآخر في نصف العبد، فلما جنى الجناية الثالثة صار في النصف الذي كان قضي به للأول، فقضي عليه أيضاً بنصف القيمة ثانية، وصار النصف في النصف الباقي، فصار نصف جناية الثالث والجناية الأولى جناية كلها في نصف العبد. ألا ترى لو أن مكاتباً جنى جناية فقضي عليه بها، ثم جنى جناية أخرى بعد ذلك فقضي عليه بها أيضاً، كان يسعى في الجنايتين جميعاً. ولو لم يقض (¬2) عليه (¬3) قضي لهما بقيمة واحدة. فمن ثم قضي للثالث (¬4) بنصف جنايته أيضاً خاصة في نصف العبد؛ لأن نصف العبد قد قضي به للأول، فصار حقه ديناً عليه، وبقي للآخر (¬5) حق جنايته، فمن ثم صار هذا هكذا. قلت: أرأيت إن كان العبد قد عجز بعدما جنى على الثالث، وقد قضي لأحد الأولين بجنايته ولم يقض (¬6) للآخر، ما القول في ذلك؟ قال: يكون للمقضي له (¬7) نصف (¬8) قيمة العبد ديناً في نصف رقبته، ويصير (¬9) نصف جناية الثالث في ذلك النصف، ويصير (¬10) نصف جنايته وجناية الآخر الذي لم يقض (¬11) له (¬12) في النصف الباقي. فإن دفع المولى العبد إليهم صار نصف العبد بين الأول والثالث الذي لم يقض (¬13) له على ثلاثة، فيضرب فيه الثالث بخمسة آلاف، والأول بعشرة آلاف، ويصير النصف الباقي لولي المجني عليه الثالث خاصة، ويصير حق المقضي له في هذا ¬

_ (¬1) ز: في عتق. (¬2) ز: لم يقضى. (¬3) ف + بها أيضا كان يسعى في الجنايتين جميعاً ولو لم يقض عليه. (¬4) م ف ز ط: الثالث. (¬5) م ف ز: الآخر. والتصحيح من ط. (¬6) ز: يقضى. (¬7) ط: للمقضي عليه. (¬8) ف + القيمة. (¬9) ز: وتصير. (¬10) ز: وتصير. (¬11) ز: لم يقضى. (¬12) ط: عليه. (¬13) ز: لم يقضى.

النصف ديناً، فإن أدى إليه نصف القيمة وإلا بيع له بدينه. قلت: أرأيت مكاتباً جنى جناية فقتل رجلاً خطأ، ثم قتل آخر خطأ بعد ذلك قبل أن يقضى عليه بالجناية الأولى، ثم إن أحدهما خاصم في حقه، فقضي له بنصف قيمة العبد، فأداها إليه، ثم جاء الآخر بعد ذلك يطلب (¬1)، ما القول فيه؟ قال: يقضى له على العبد بنصف قيمته يسعى فيها. قلت: فهل يتبع (¬2) الذي أخذ من العبد نصف قيمته فيأخذ منه نصف ما أخذ؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن حقه إنما كانت جناية في عنق المكاتب حتى قضي له بها، فصار نصف قيمته ديناً عليه. ألا ترى لو أن العبد عجز قبل أن يقضى له صارت جنايته في نصف عنق (¬3) العبد، فإن شاء مولاه دفعه، وإن شاء فداه. قلت: أرأيت إن مات المكاتب بعدما استوفى المقضي له نصف قيمته قبل أن يقضى للآخر بشيء، ولم يدع المكاتب شيئاً، هل يتبع (¬4) الذي أخذ نصف القيمة بشيء؟ قال: لا. قلت: وكذلك لو أن المكاتب عجز فمات بعدما عجز؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن حقه إنما كان جناية في عنق العبد، فلما مات بطلت. قلت: أرأيت مكاتباً جنى جناية فقتل رجلاً خطأ، ثم قتل رجلاً آخر بعد ذلك خطأ، فقضي لأحدهما بنصف القيمة، ثم إن العبد عجز، فقَتل بعدما عجز رجلاً آخر خطأ، ما القول في ذلك؟ قال: أما المقضي له فحقه دين في نصف العبد؛ لأنه قد كان قضي له به على المكاتب قبل أن يعجز، فصار نصف قيمة رقبته ديناً في نصف العبد. ويخير المولى، فإن شاء دفع العبد إلى ولي الثاني والثالث، أو يفديه بجميع الجنايتين. فإن هو فداه بيع العبد للمقضي له بحقه، أو يؤدي عنه المولى نصف القيمة. فإن دفع إليهما العبد كان نصف العبد لولي المجني عليه الثالث، والنصف الآخر بين الثالث والثاني الذي لم يقض (¬5) له على ثلاثة أسهم، ويباع النصف الذي أخذ ¬

_ (¬1) ف: فطلب. (¬2) ز: يبيع. (¬3) ز: عتق. (¬4) ز: هل يبيع. (¬5) ز: لم يقضى.

الثالث خاصة في دين صاحب الجناية التي قضي (¬1) بها. قلت: أرأيت مكاتباً جنى جناية فقتل رجلاً خطأ، ثم جنى جناية أخرى بعد ذلك ففقأ عين رجل خطأ، ثم جاء المفقوءة عينه يخاصم المكاتب، ما القول في ذلك؟ قال: يقضى له عليه بثلث قيمته يسعى فيه. قلت: ولم؟ قال: لأن المكاتب قد قتل وفقأ عيناً، فتصير (¬2) قيمته بينهم على ثلاثة أسهم، فيصير لولي المقتول ثلثا قيمته، وللمفقوءة عينه ثلث قيمته. ألا ترى أنهما لو خاصما المكاتب جميعاً قضي لهما بقيمته جميعاً عليه، فيسعى فيها، فيصير ثلثاها لولي المقتول، وثلثها للمفقوءة عينه، فكذلك إذا خاصم أحدهما. قلت: أرأيت إن عجز بعدما قضي للمفقوءة عينه (¬3) بثلث قيمته ما القول في ذلك؟ قال: تصير (¬4) دية المقتول في ثلثي رقبة العبد، فيخير المولى؛ فإن شاء فدى ذلك بجميع الجناية بالدية، وإن شاء دفعه، ويباع الثلث الباقي في دين المقضي له، أو يؤدي عنه مولاه. قلت: أرأيت المكاتب (¬5) إن جنى جناية بعدما قضي بفقء العين وهو مكاتب ثم عجز بعد ذلك ما القول فيه؟ قال: أما المقضي له فله (¬6) ثلث قيمة العبد ديناً في ثلث العبد، ويصير لولي المجني عليه الثلث (¬7) ثلث دية المقتول في ثلث العبد الذي فيه هذا الدين، ويصير الثلثان من هذه الدية ودية الأول في هذين الثلثين الباقيين أيضاً، فيخير المولى مولى العبد. فإن شاء دفع العبد إليهما، وإن شاء فداه بجميع الجنايتين. فإن فداه بيع ثلث العبد في دين المقضي له أو يؤدي عنه مولاه. وإن دفعه كان ثلث العبد لولي المجني عليه الثالث خاصة، ويصير حق المقضي له في ذلك الثلث: إما أن يؤديه إليه، وإما أن يباع في دينه. ويصير الثلثان بينهما، يضرب فيه ¬

_ (¬1) ز: قضا. (¬2) ز: فيصير. (¬3) ف - فكذلك إذا خاصم أحدهما قلت أرأيت إن عجز بعدما قضي للمفقوءة عينه. (¬4) ز: يصير. (¬5) ف: المكاتب. (¬6) ف - فله. (¬7) ف ز: الثالث.

ولي المجني عليه الآخر بثلثي الدية (¬1) والذي لم يقض (¬2) له بجميع الدية. قلت: ولم؟ قال: لأنه قد أخذ ثلث العبد بثلث الدية، وإنما كان حق الأول الذي لم يقض (¬3) له في ثلثي (¬4) العبد لأن رقبته قد كانت وجبت له وللمفقوءة عينه، فكان (¬5) حقه في ثلثي رقبة العبد. قلت: أرأيت مكاتبة جنت جناية فقتلت رجلاً خطأ، ثم فقأت عين آخر بعد ذلك، ثم ولدت ولدا، ثم إن المفقوءة عينه (¬6) خاصم المكاتبة، فقضي له بثلث قيمتها، هل يقضى له في الولد بشيء؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن عجزت المكاتبة بعد ذلك، ثم جاء ولي المقتول يخاصم وقد ردت في الرق، ما القول في ذلك؟ قال: تكون (¬7) دية المقتول في ثلثي رقبة الأم، فإن شاء المولى فدى ذلك بجميع الدية، وإن شاء دفعه. فإن فداه بيع (¬8) ثلث (¬9) المكاتبة (¬10) في دين المقضي له، أو يؤدي عنها مولاها. وكذلك إن دفع الثلثين. قلت: أرأيت إن بيع ثلث المكاتبة فلم يف (¬11) بما كان قضي للمقضي عليه هل له في الولد شيء والولد حي؟ قال: نعم، يباع ثلث الولد فيما بقي من حقه، أو يؤدي ذلك المولى. قلت: ولم؟ قال: لأن حقه دين في ثلث رقبة الأم، فولدها منها. ألا ترى لو أن مكاتبة عجزت وعليها دين، وقد كانت ولدت ولداً في مكاتبتها، فبيعت في الدين فلم يف (¬12) ثمنها بالدين، بيع معها ولدها فيما بقي من الدين. وكذلك الباب الأول، يكون ذلك في ثلث رقبة الأم والولد إذا لم يف (¬13). قلت: أرأيت إن كان إنما قضي لولى المقتول على المكاتبة، فقضي عليها أن تسعى في ثلثي قيمتها، ولم يقض (¬14) للمفقوءة ¬

_ (¬1) ف: القيمة. (¬2) ز: لم يقضي. (¬3) ز: لم يقضى. (¬4) ز: في ثلث. (¬5) ز: وكان. (¬6) ز: عنه. (¬7) ز: يكون. (¬8) ز - بيع. (¬9) ز: بثلث. (¬10) ف: المكاتب. (¬11) ز: يفي. (¬12) ز: يفي. (¬13) ز: لم يفي. (¬14) ز: يقضي.

عينه (¬1) بشيء حتى عجزت، وقد ولدت ولداً في كتابتها (¬2)، ما القول في ذلك؟ قال: تصير دية عين المفقوءة (¬3) عينه في ثلث رقبتها، فإن شاء المولى فدى، وإن شاء دفع. ويباع ثلثاها للمقضي له، فإن وفى وإلا بيع ثلثا الولد، أو يؤدي المولى الدين. قلت: أرأيت مكاتباً جنى جناية فقتل رجلاً خطأ، ثم قتل رجلين بعد ذلك خطأ، فقضي لأحدهما بثلث القيمة، ثم إن المكاتب عجز فقتل رجلاً آخر بعدما عجز خطأ، ما القول في ذلك؟ قال: يكون للمقضي له ثلث قيمته ديناً في ثلث رقبته، ويخير المولى؛ فإن شاء دفع العبد إلى أولياء أصحاب الجناية، وإن شاء فداه. فإن دفعه إليهم كان ثلث العبد لولي المقتول خاصة، ويصير للمقضي له في ذلك الثلث ثلث القيمة ديناً في رقبة العبد، ويصير الثلثان بينهم، يضرب فيه الأولان بجميع الدية، ويضرب فيه الآخر بثلثي الدية. قلت: أرأيت مكاتباً جنى جناية فقضي عليه بتلك الجناية، ثم جنى جنايتين بعد ذلك فقضي عليه بأحدهما، وقد قضي عليه في الجناية الأولى بجميع قيمته، ثم عجز فرد في الرق، ما القول في ذلك؟ قال: أما المقضي له الأول فجميع ما كان قضي له من قيمة العبد في رقبة العبد، وينظر إلى الجنايتين الأخراوين. فإن كانتا سواء كان نصف قيمة العبد ديناً للمقضي له في نصف رقبة العبد (¬4)، وتصير (¬5) جناية الباقي في نصف العبد. فإن شاء مولاه فداه، وإن شاء دفعه. فإن فداه بيع العبد، وكان (¬6) نصف ثمنه خاصة للمقضي له الأول، وكان النصف الباقي بينهما، يضرب فيه الأول بما بقي من دينه، ويضرب فيه الباقي بجميع دينه (¬7). قلت: ولم؟ قال: لأن الأول ¬

_ (¬1) ز: عنه. (¬2) ز: فى مكاتبتها. (¬3) ز: الفقوءة. (¬4) ز - وينظر إلى الجنايتين الأخراوين فإن كانتا سواء كان نصف قيمة العبد دينا للمقضي له في نصف رقبة العبد. (¬5) ز: ويصير. (¬6) ز: فكان. (¬7) ز: ديته.

جميع دينه في جميع رقبة العبد، ودين الباقي نصف العبد. قلت: أرأيت إن كان السيد دفع نصف العبد بالجناية ما القول في ذلك؟ قال: يباع النصف الباقي لهما في دينهما، فيقتسمانه نصفين، ويكون ما بقي من دين الأول وهو نصف الدين في النصف الذي دفع (¬1) إلى صاحب الجناية، وإن أدى عنه مولاه صالا بيع له في دينه. قلت: ولم صار هذا هكذا؟ قال: لأن دين الأول كان في جميع رقبة العبد، ودين الثاني كان في نصف رقبة العبد، فصار هذا النصف الذي صار للمقضي له الثاني بينه وبين الأول، وصار النصف الذي صار لصاحب الجناية الأول خاصة، يباع (¬2) له في دينه. قلت: أرأيت إن كان (¬3) قضي للآخرين جميعاً بقيمة العبد بعد ما كان جنى على الأول وقضي له، وقد كانت جنايتهما بعدما قضي للأول بجنايته، ما القول في ذلك وقد عجز العبد فرد في الرق؟ قال: يصير حقهم ديناً في رقبة العبد، فإن أدى المولى جميع دينهم وإلا بيع العبد لهم، فكان الثمن نصفه للأول ونصفه للآخرين. قلت: ولم صار هذا هكذا؟ قال: لأن الأول يضرب في الثمن بجميع القيمة؛ لأن جميع القيمة دين في رقبته. ويضرب الآخران بقيمة رقبته أيضاً، فيصير لهما النصف، ويصير للأول النصف. قلت: أرأيت مكاتباً جنى ثلاث جنايات، فأتى على رقبته، والجنايات سواء، فقضي لواحد منهن بثلث رقبة العبد، ثم إن أحد الباقيين وهب جنايته للمكاتب، ثم إن المكاتب عجز فرد في الرق، ما القول في ذلك؟ قال: يصير حق المقضي له في ثلث العبد، إما أن يؤدي عنه مولاه (¬4) ثلث قيمته، أو يباع ذلك الثلث له. ويخير المولى؛ فإن شاء دفع إلى الباقي ثلث العبد، وإن شاء فداه بالدية، ويصير الثلث الباقي من العبد لمولاه، لا حق لهما فيه. قلت: ولم؟ قال: لأن رقبته قد كانت وجبت لهم جميعاً، فلما عفا أحدهم رجعت حصته من ذلك إلى السيد. ألا ترى لو أن عبداً جنى جنايتين ¬

_ (¬1) ط: وقع. (¬2) ز: تباع. (¬3) ط - كان. (¬4) ز - مولاه.

فعفا أحدهما عن جنايته كان (¬1) نصفه للسيد، وجناية الآخر في النصف الباقي، فكذلك الأول. قلت: أرأيت مكاتباً جنى جنايتين، فعفا أحدهما عنه، وقضي للآخر بحقه، ثم عجز فرد في الرق، كم يباع للآخر من العبد؟ قال: نصفه، أو يؤدي عنه مولاه، ويصير النصف الباقي للمولى. قلت: أرأيت مكاتباً جنى جنايتين خطأ تأتيان (¬2) على رقبته، فقضي لأحدهما بنصف رقبة المكاتب يسعى فيها، ثم إن المكاتب عجز فرد في الرق، وفي يده مال كثير لا يفي بمكاتبته، ما القول في ذلك؟ قال: يؤدي إلى المقضي له نصف قيمة العبد من ذلك، ويخير المولى؛ فإن شاء دفع نصف العبد إلى الباقي، وإن شاء فداه بالدية. قلت: أرأيت إن كان ما في يد المكاتب من المال حيث عجز قدر نصف قيمته أيؤدي (¬3) ذلك كله إلى المقضي له؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن ذلك دين في نصفه. قلت: أرأيت إن كان المال أقل من نصف القيمة أيباع نصف العبد (¬4) فيما بقي أو يؤدي عنه المولى؟ قال: نعم. قلت: ولم لا يكون للمقضي له نصف ذلك المال وإنما دينه في نصف رقبة العبد؟ قال: لأن المولى لا يصل إليه من ماله شيء حتى يؤدي ما عليه من دين وإن كان في نصف رقبته. قلت: أرأيت إن كان على العبد دين سوى ذلك قدر قيمة رقبته ما القول في ذلك؟ قال: يضرب فيه المقضي له بنصف القيمة، ويضرب فيه الآخر بالدين، فيقتسمانه على ذلك، وينظر إلى ما بقي من دين صاحب الدين، فيكون نصفه في حصة المجني عليه، يباع فيها، أو يؤدي عنه مولاه (¬5) المجني عليه إن دفع العبد (¬6)، ويكون ما بقي من دينه ودين الآخر في النصف الباقي، يباع لهما، أو يؤدي إليهما المولى دينهما. قلت: ولم لا ¬

_ (¬1) ط: قال. (¬2) ط: جنايتين خطأتين؛ ز: يأتيان. (¬3) ف: أو يؤدي. (¬4) ز - العبد. (¬5) ط + إلى. (¬6) وعبارة ب جار: أو يؤدي عنه المجني عليه إن دفع إليه.

باب جناية ولد المكاتب والجناية عليه

يصير ما في يدي المكاتب من المال لصاحب الدين خاصة؟ قال: لأن ما في يديه [من] (¬1) مال فهو بينهما بالحصص؛ لأن مالهم دين عليه كله. ... باب جناية ولد المكاتب والجناية عليه قلت: أرأيت مكاتباً ولد له ولد في مكاتبته من أمة له فقتله رجل (¬2) خطأ لمن تكون قيمته؟ قال: للمكاتب (¬3). قلت: وكذلك إن جرح جراحة كان أرش ذلك للمكاتب؟ (¬4) قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان اشترى ابنه في مكاتبته؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو اشترى أباه؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان اشترى ابن ابنه؟ قال: نعم. قلت: وكذلك المكاتبة إذا ولدت ولداً في مكاتبتها أو اشترته؟ (¬5) قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن ولدها منها بمنزلة كسبها. قلت: وكذلك لو أن مكاتبة ولدت ولداً في كتابتها، ووُلِد لولدها ولد، فالولد (¬6) هاهنا (¬7) من كسبها؟ قال: نعم. قلت: فإن جُني على ولدها وولد ولدها (¬8) فهو لها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت (¬9) كسب ولدها وولد ولدها لمن يكون؟ قال: لها. قلت: وكذلك كسب ولد المكاتب إذا ولد (¬10) له (¬11) في مكاتبته أو اشتراه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن جُني على ولد (¬12) المكاتبة جناية فلم تخاصم (¬13) في الجناية حتى أدت وعتقت لمن يكون أرش تلك (¬14) الجناية؟ قال: للأم. قلت: ولم لا يكون ¬

_ (¬1) من ط. (¬2) ز: رجلا. (¬3) ف: المكاتب. (¬4) ف: المكاتب. (¬5) ز: أو اشتريه. (¬6) ز - فالولد. (¬7) ف - هاهنا. (¬8) م - ولدها (غير واضح)؛ ز - وولد ولدها. (¬9) ز + إن. (¬10) ز: إذا ولدها. (¬11) ز + ولد. (¬12) ز: على هذا. (¬13) ز: يخاصم. (¬14) م - تلك، صح هـ.

للولد؟ قال: لأن ذلك بمنزلة كسبه، وقد كان وجب للأم قبل أن تعتق (¬1). ألا ترى أنه لو كان في يديه مال قد اكتسبه قبل أداء المكاتبة كان (¬2) للأم وللأب دونه، وكذلك الجناية عليه. قلت: أرأيت ولد المكاتبة إذا قتل رجلاً خطأ أو جنى جناية ما القول في ذلك؟ قال: يقضى عليه بالأقل من الجناية ومن قيمة رقبته، وشمعى في الأقل من ذلك. قلت: فهل يلحق الأم من جناية الولد شيء؟ قال: لا. قلت: وإن مات الولد قبل أن يقضى عليه أو بعدما قضي عليه؟ قال: وإن. قلت: أرأيت إن عجزت الأم قبل أن يقضى على الولد بشيء من الجناية ما القول في ذلك؟ قال: المولى بالخيار، إن شاء دفع الولد، وإن شاء فداه بالجناية. قلت: أرأيت إن كان قضي عليه بالجناية ثم عجزت الأم فردت في الرق ما القول في ذلك؟ قال: ذلك دين في عنقه (¬3)، يباع فيه أو يؤدي عنه مولاه. قلت: أرأيت إن لم يكن في ثمنه (¬4) وفاء هل يكون في عنق (¬5) الأم من ذلك شيء؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن كان قد قضي على الابن بالجناية ثم إن الأم عجزت فردت في الرق وعليها دين كثير ما القول في ذلك؟ قال: تباع (¬6) الأم في دينها، ويباع الولد فيما كان قضي به عليه من ذلك. قلت: أرأيت إن لم يبق (¬7) شيء من ثمن الأم عن دينها هل يَشْرَك غرماء الأم ببقية دينهم غرماءَ الولد في ثمنه؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن دين الابن أحق أن يقضى من ثمنه من دين الأم. قلت: أرأيت إن فضل من ثمنه شيء عن دينه هل يكون في بقية دين الأم؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن الولد بمنزلة الأم. ألا ترى أنه لو لم يكن على الولد دين بيع في دين أمه، فكذلك إذا فضل من ثمنه شيء عن دينه. قلت: أرأيت رجلاً قَتَلَ وَلَدَ مكاتبةٍ له ما القول في ذلك؟ قال: قيمته ¬

_ (¬1) ز: أن يعتق. (¬2) ط: فإنه. (¬3) ز: في عتقه. (¬4) ط: في قيمته. (¬5) ز: في عتق. (¬6) ز: يباع. (¬7) ز: لم يبقى.

للأم. قلت: ولم؟ قال: لأنه منها. ألا ترى أنه لو قتله غير المولى كان عليه قيمته لها، فكذلك المولى. قلت: أرأيت مكاتبة ولدت ولداً (¬1) في (¬2) مكاتبتها (¬3)، فجنى الولد جناية، فقضي عليه بالأقل من قيمته ومن الجناية، ثم إن الأم ضمنت ذلك عن ولدها لصاحب الجناية، هل يجوز ذلك؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه ليس عليها في هذه الجناية شيء، وإنما هي على الولد (¬4). قلت: أرأيت إن أدت الأم فعتقت هل يجوز ذلك الضمان؟ قال: نعم. قلت: فإن عجزت فردت في الرق؟ قال: لا يجوز، ويكون ما كان من ذلك على الولد، ولا يكون على الأم من ذلك الضمان شيء، والضمان باطل. قلت: وكذلك لو كان على الولد دين ضمنته (¬5) الأم؟ (¬6) قال: نعم. قلت: ولم صار هذا هكذا؟ قال: لأن ما كان من ذلك على الولد (¬7) فهو عليه، وليس بمنزلة المملوك لها. ألا ترى أنها إذا أدت فعتقت كان ذلك الدين على الولد دونها، وإن عجزت فردت في الرق كان ذلك على الولد في عنقه (¬8) دونها. قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبداً له (¬9) وامرأته مكاتبة (¬10) واحدة، وجعل نجومهما واحدة، ثم إن المكاتبة ولدت ولداً في كتابتها (¬11)، ثم جنى على الولد جناية أو قتل خطأ، لمن يكون أرش جنايته وقيمته؟ قال: يكون ذلك كله للأم دون الأب. قلت: ولم؟ قال: لأنه من الأم، وهو بمنزلة كسبها. ألا ترى أن ما اكتسب الابن كان للأم دون الأب، فكذلك الجناية عليه. قلت (¬12): أرأيت إن أديا فعتقا لمن يكون ما كان (¬13) جُني على الولد؟ قال: ¬

_ (¬1) ز + له آخر. (¬2) ز - في. (¬3) ز: كاتبتها. (¬4) ف - قلت ولم قال لأنه ليس عليها في هذه الجناية شيء وإنما هي على الولد. (¬5) م زط: فضمنته. (¬6) ز: فالأم. (¬7) م ف ز: لأن الولد ما كان من ذلك؛ ط: لأن على الولد ما كان من ذلك. (¬8) ز: في عتقه. (¬9) ز - له. (¬10) ف: كاتبه. (¬11) ف: في مكاتبتها. (¬12) ف: قال. (¬13) ف + من.

للأم دون الأب. قلت: ولم؟ قال: لأن هذا قد كان لها قبل أن يعتقا. قلت: أرأيت إن قتل الأب (¬1) ابنه خطأ أيلزمه من ذلك شيء؟ قال: نعم، يسعى في الأقل من قيمته [وقيمة الولد] (¬2)، والولد للأم، إلا أن تكون (¬3) قيمة الأب أقل من قيمة الأم، فيسعى في الأقل. قلت: أرأيت إن أديا بعد ذلك فعتقا هل تكون (¬4) تلك القيمة ديناً للأم عليه؟ قال: نعم. قلت: والأب في الجناية على الولد بمنزلة الأجنبي؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن قتل الولد الأم هل يلزمه شيء؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه منها. قلت: وكذلك لو قتلت هي ولدها؟ قال: (¬5) نعم، لا يكون [من] (¬6) جناية واحدة (¬7) منهما على صاحبه شيء؛ لأنه كأنه (¬8) جنى على نفسه. قلت: أرأيت إن جنى الولد على الأب هل تلزمه (¬9) تلك الجناية؟ قال: نعم، يلزمه الأقل من قيمته ومن الجناية، وإن أديا فعتقا كان ذلك ديناً عليه. قلت: أرأيت إن قتل الولد الأب أيلزمه من ذلك شيء؟ قال: نعم، يلزمه الأقل من قيمته ومن قيمة أبيه، يسعى فيها. قلت: فهل يلزمه من المكاتبة شيء؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن أمه حية تسعى (¬10) في المكاتبة. قلت: وكذلك إن كان الولد قتل الأم وبقي الأب لم يلزمه شيء من المكاتبة ما دام الأب حياً؟ قال: لا، أما هذا فيلزمه؛ لأنه بمنزلة أمه. قلت: أرأيت إذا قتل (¬11) أباه خطأ ثم أدت الأم جميع المكاتبة فعتقت هل يعتق معها ولدها؟ قال: نعم، هما حران جميعاً. قلت: فلمن (¬12) تكون السعاية التي سعى فيها الولد من قيمة الأب؟ قال: تأخذ الأم حصته مما أدت عنه، فتأخذ (¬13) ذلك من الولد، وما بقي من ذلك كان لورثة الأب، ولا يرث القاتل إلا أن يكون صغيراً؛ ¬

_ (¬1) ز: الابن. (¬2) ط: وقيمة ابنه. والزيادة من ب جار. (¬3) ز: أن يكون. (¬4) ز: هل يكون. (¬5) ف: فقال. (¬6) من ط. (¬7) ز؛ واحد. (¬8) ط: كان. (¬9) ز: هل يلزمه. (¬10) ز: يسعى. (¬11) ز ط: إن قتل. (¬12) م ف ز: فلم. والتصحيح من ط. (¬13) ز: فيأخذ.

باب إقرار المكاتب بالجناية

لأن قيمته على الابن، كأنه مال تركه، فتأخذ الأم من ذلك نصيبها الذي أدت عنهما، وما بقي فهو (¬1) على ما وصفت لك. قلت: فلمن يكون ما بقي من ذلك؟ قال: لورثة المكاتب إن كان له ورثة أحرار، وإلا فهو للمولى. قلت: ولا ترث (¬2) المرأة من ذلك شيئاً؟ (¬3) قال: بلى (¬4). قلت: ولم؟ قال: لأنه قد مات (¬5) وهو مكاتب، فعتقا جميعاً حيث أدت. قلت: فهل يرث الولد من ذلك شيئاً؟ (¬6) قال: لا، إلا أن يكون قتله وهو صغير. قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبدين له مكاتبة واحدة، وجعل نجومهما واحدة، فولد لأحدهما ولد في مكاتبته من أمة له، ثم إن الأب جنى علي الولد، أو الولد جنى على الأب، هل يلزم أحدهما من جناية صاحبه شيء؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن جناية ولده عليه وجنايته على ولده كأنه جناها على نفسه. قلت: أفرأيت إن قتل المكاتب الآخر الولد ما عليه من ذلك؟ قال: عليه الأقل من قيمته ومن قيمة الولد. قلت: ولمن يكون ذلك؟ قال: للأب. قلت: وكذلك إن أديا فعتقا كان ذلك ديناً عليه للأب؟ [قال: نعم] (¬7). قلت: وكذلك كل جناية جُنيت على الولد كان ذلك للأب؟ قال: نعم. ... باب إقرار المكاتب بالجناية قلت: أرأيت مكاتباً أقر أنه قتل رجلاً خطأ أو قطع يده هل يجوز إقراره؟ قال: نعم، ويقضى عليه بالأقل من قيمته ومن الجناية، يسعى فيها، ¬

_ (¬1) ز + ميراث. (¬2) ز: يرث. (¬3) ز: شي. (¬4) ط: قال لا. وحكم الأفغاني بصحته. وهو خطأ. لأن المرأة ترث من ذلك. (¬5) ف: لأنه مكاتب. (¬6) ز: شي. (¬7) من ط.

ويلزمه ذلك ما دام مكاتباً. قلت: أرأيت إذا أدى فعتق هل يلزمه ذلك؟ قال: نعم، وذلك دين عليه. قلت: أرأيت إن لم يقض عليه حتى عتق هل يلزمه ذلك الإقرار؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان عجز وقد كان أقر بالجناية ولم يقض عليه بها حتى عجز هل يلزمه شيء من ذلك؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه قد صار عبداً، فلا يلزمه إقراره بالجناية؛ لأن ذلك ليس بدين عليه. وإنما يقضى عليه (¬1) إذا كان مكاتباً، فأما إذا عجز ولم يقض عليه بذلك فإن إقراره باطل. قلت: أرأيت إن كان قد قضي عليه بالجناية ثم عجز هل يلزمه شيء من ذلك؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه إذا عجز فرد في الرق بطل إقراره؛ لأن أصل ذلك جناية بإقراره، فلا يؤخذ به إذا عجز. قلت: أرأيت إن كان هذا قد أدى إليه ما كان قضي له به ثم عجز هل يرجع المولى فيأخذ (¬2) منه ذلك؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن كان قد أدى إليه نصفه وبقي نصفه ثم عجز هل يبطل عن المكاتب ما كان بقي عليه من ذلك؟ قال: نعم. قلت: فهل يرجع السيد بشيء مما كان أدى إليه من ذلك؟ قال: لا، وهذا كله قول أبي حنيفة. وهو قول أبي يوسف ومحمد إلا في خصلة واحدة: إذا قضي عليه بالجناية فلم يؤدها (¬3) حتى عجز صارت ديناً عليه في عنقه يباع فيها إلا أن يفديه مولاه؛ لأنها حين قضي بها صارت ديناً، وتحولت عن حال الجناية قبل العجز ولو لم يؤخذ بها في حال المكاتبة. قلت: أرأيت مكاتباً أقر بأنه قتل رجلاً عمداً، ثم صالح ولي المقتول من دمه على مال، هل يجوز ذلك ويقضى عليه به؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن عجز المكاتب بعد ذلك فرد في الرق هل يلزمه ذلك بعد العجز ويكون ذلك في رقبته؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه قد صار عبداً وبطل عنه القصاص حيث صالحه، فصار كأنه أقر بقتل خطأ، فلا يجوز ذلك ¬

_ (¬1) ز + وإنما يقضى عليه. (¬2) ز - به إذا عجز قلت أرأيت إن كان هذا قد أدى إليه ما كان قضي له به ثم عجز هل يرجع المولى فيأخذ. (¬3) ز: يؤديها.

حيث عجز. قلت: أرأيت إن كان قد أدى إليه ما كان صالحه هل يرجع بذلك عليه فيأخذه (¬1) منه؟ قال: لا، وهذا قول أبي حنيفة رحمة الله عليه. وقال أبو يوسف ومحمد: المال الذي صالح عليه لازم له وإن عجز (¬2) قبل أن يدفعه إليه؛ لأنه دين عليه، وهو بمنزلة ما قضي به عليه من الإقرار بالجناية. قلت: أرأيت مكاتبة ولدت ولداً في مكاتبتها ثم أقرت المكاتبة أن ولدها قد جنى جناية على رجل هل يجوز إقرارها عليه؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن ذلك إنما يلزم الولد، فلا يجوز إقرارها عليه (¬3). قلت: وإن أدت بعد ذلك فعتقت؟ قال: وإن. قلت: أرأيت إن مات الولد وترك مالاً هل يأخذ المقَرّ له بالجناية من ذلك المال شيئاً لأن المكاتبة قد أقرت له بالجناية؟ قال: نعم، له الأقل من قيمة الولد ومن أرش الجناية. قلت: ولم؟ قال: لأن ذلك المال لها، وإقرارها (¬4) على الولد بالجناية جائز فيما ترك. قلت: أرأيت إن أقرت بدين على الولد هل يلزمه والولد يجحد ذلك؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن كان الولد مات وترك مالاً فأقرت بذلك هل يجوز ذلك في ذلك المال؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنها قد أقرت بأن عليه ديناً (¬5)، فلا تأخذ (¬6) من ذلك المال شيئاً حتى يؤدَّى ما عليه من الدين بإقرارها. ألا ترى أنه لو كان على الدين ثَبَتٌ (¬7) كان ما بقي في يديه مما اكتسب للغرماء (¬8). قلت: لم وأنت تجعل ما اكتسب الولد لها؟ (¬9) قال: لأنه في هذا بمنزلة عبدها. ألا ترى أنها لو أذنت لعبدها في التجارة فاستدان ديناً كان ما اكتسب العبد للغرماء، وما بيده من شِرى أو بيع أو مال للغرماء، فكذلك ولدها. قلت: أرأيت إن أقر الولد بأن الأم قد جنت جناية هل يلزمه من ذلك شيء؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه لا يلزمه ما أقر ¬

_ (¬1) ط: فيأخذ. (¬2) ز: عجزت. (¬3) ف + قال لا قلت ولم قال لأن ذلك إنما يلزم الولد فلا يجوز إقرارها عليه. (¬4) ز: وإقراها. (¬5) ز: دين. (¬6) ز: يأخذ. (¬7) الثبت هو الحجة. انظر: المغرب، "ثبت". (¬8) ف: الغرماء. (¬9) ط: ما اكتسب لولدها.

على أمه (¬1) من جناية؛ لأن ذلك لو جاز كان على الأم دونه. قلت: فإن ماتت الأم وقد تركت مالاً كثيراً ما القول في ذلك؟ قال: يؤدَّى إلى المولى ما بقي من المكاتبة، وما بقي فهو ميراث للولد، ويقضى في ذلك المال الذي بقي بعد المكاتبة على الولد بالأقل من الجناية ومن قيمة الأم. قلت: ولم؟ قال: لأن الولد أقر بجناية الأم، فقد أقر بأنه (¬2) لزمها الأقل من قيمتها ومن الجناية. ألا ترى أنه لو أقر بدين على الأم في هذه الحال لزمه ذلك فيما ورث من الأم؛ لأنه ليس له ميراث حتى يقضي الدين، والجناية عليها دين، فهي في هذا الوجه بمنزلة الدين. قلت: أرأيت إن كان على الأم دين ببينة هل يجوز إقراره بالجناية على الأم أو بالدين؟ قال: لا حتى يقضي الدين الذي ببينة، فإن بقي شيء في يديه بعد ذلك قضى به الذي (¬3) أقر له به. قلت: أرأيت إن كانت الأم لم تدع شيئاً فقضى القاضي أن يسعى فيما على الأم هل يجوز إقراره الذي كان أقر به من جناية الأم وهو مقر به اليوم؟ قال: نعم، يقضي عليه القاضي أن يسعى في الأقل من الجناية ومن القيمة قيمة الأم. قلت: أرأيت إن عجز بعد ذلك هل يلزمه ذلك في رقبته؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن كان قد أدى ثم عجز فرد في الرق هل يؤخذ ذلك من الذي أداه إليه؟ قال: لا. قلت: أرأيت مكاتبة ولدت ولداً في مكاتبتها ثم أقرت الأم بدين على الولد وعلى الولد (¬4) دين (¬5) ببينة وفي يديه مال قد كسبه هل يجوز إقرارها عليه؟ (¬6) قال: لا، ويكون ذلك المال الذي في يدي الولد للغرماء الذين لهم البينة، فإن فضل شيء كان للذي أقرت له الأم، وإن لم يفضل شيء فلا شيء لهم إلا أن يكتسب الولد مالاً بعد ذلك، فيكون ذلك المال في ذلك. قلت: ولم والولد يجحد ذلك؟ (¬7) قال: لأن ما اكتسبه الولد فإنما هو للأم، فالأم تقول: لا حق لي في هذا حتى يقضي الدين؛ لأن ولدها بمنزلة ¬

_ (¬1) ف: على أبيه (مهملة). (¬2) ف ز + قد. (¬3) م ف ز: للذي. والتصحيح من ط. (¬4) م ز - وعلى الولد. (¬5) ط - وعلى الولد دين. (¬6) م ز ط - عليه. (¬7) م ط - ذلك.

عبدها، وكسبه لها، وإقرارها (¬1) فيما في يديه جائز. فإن أدت عتقت وعتق [وَ] بطل (¬2) إقرارها ذلك. وكذلك إن عجزت فردت في الرق لم يكن في رقبة الولد من ذلك شيء. وإنما يقضى بذلك ما دامت مكاتبة (¬3) فيما في يدي الولد لأنه مالها. قلت: أرأيت مكاتبة ولدت في مكاتبتها ولداً، ثم أقرت الأم بأن الولد قد جنى جناية، والولد يجحد ذلك، ثم إن الولد قتل خطأ، لمن تكون (¬4) قيمته؟ قال: للأم. قلت: فهل يكون للمقر له شيء من أرش الجناية في تلك القيمة التي أقرت بها الأم؟ قال: نعم، يقضى عليها في ذلك بالأقل من الجناية ومن القيمة. قلت: ولم؟ قال: لأن القيمة قد صارت مالاً لها، وقد أقرت بالجناية، فكأنها أقرت بدين على الولد. ألا ترى أنها لو كانت أقرت بدين كان في هذه القيمة، فكذلك الجناية. قلت: أرأيت إن كانت قد عجزت فردت في الرق بعدما قتل الولد هل تكون تلك القيمة للذي أقرت له الأم بالجناية؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن ذلك قد صار مالاً للمولى، وقد بطل إقرارها حيث عجزت. قلت: وكذلك لو كانت أقرت على الابن بدين؟ قال: نعم. قلت: أرأيت لو كان قد قضي عليها بتلك القيمة قبل أن تعجز (¬5) ودفع ذلك إلى المقضي له، ثم إنها عجزت بعد ذلك، هل يرجع المولى في تلك القيمة فيأخذها من المقر له؟ قال: لا. قلت: أرأيت مكاتبة ولدت في مكاتبتها ولداً، ثم إنها أقرت بدين على الولد، ثم إنها عجزت فردت في الرق، أما يلزم الولد ذلك الدين في عنقه؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن الولد قد صار عبداً للسيد، فلا يجوز إقرارها في ذلك. قلت: فإن كانت قد أقرت بأن الولد قد جنى جناية ثم عجزت فردت في الرق هل يجوز ذلك الإقرار ويلزم الولد؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن إقرارها فيما ذكرت على الولد باطل. ¬

_ (¬1) ز: فإقرارها. (¬2) الواو من ط. (¬3) ز - مكاتبة. (¬4) ز: يكون. (¬5) ز: أن يعجز.

باب المكاتب يوجد في داره قتيل أو أشرع شيئا من داره فيصيب إنسانا أو يضع حجرا فى الطريق أو يحفر بئرا أو يحدث شيئا في غير ملكه

باب المكاتب يوجد في داره قتيل أو أشرع شيئاً من داره فيصيب إنساناً أو يضع حجراً فى الطريق أو يحفر بئراً أو يحدث شيئاً في غير ملكه قلت: أرأيت مكاتباً وُجد في داره قتيل ما القول في ذلك؟ قال: يقضى على المكاتب بقيمته يسعى فيها. قلت: أرأيت إن كانت قيمته عشرة آلاف أو أكثر ما القول في ذلك؟ قال: يقضى عليه بعشرة آلاف إلا عشرة دراهم. قلت: ولم قضيت عليه بما وجدت في داره؟ قال (¬1): لأن ذلك بمنزلة جنايته. ألا ترى أنه لو وجد قتيل في دار حر كان على عاقلته. قلت: أرأيت مكاتباً وُجد نفسُه قتيلاً في داره ما القول في ذلك؟ قال: ليس على أحد شيء. قلت: ولم؟ قال: لأنه وُجد قتيلاً (¬2) في دار نفسه، فلا يقضى عليه بقيمته فيما ترك، ولا يكون في ذلك بمنزلة الحر. قلت: والحر إذا وُجد قتيلاً في داره هل تكون (¬3) ديته على عاقلته؟ قال: نعم، وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا نرى في الحر أيضاً دية ولا قسامة إذا أصيب (¬4) قتيلاً في دار نفسه. قلت: أرأيت مكاتباً وُجد قتيلاً في دار مولاه ما القول في ذلك؟ قال: على المولى قيمة المكاتب في ماله. قلت: ولم؟ قال: لأن دار المولى وغير المولى سواء، وهذا عندي كالمولى لو قتله. قلت: أرأيت إن كان المكاتب لم يَدَعْ شيئاً سوى قيمته وليس في قيمة المكاتب وفاء بالمكاتبة هل على المولى شيء؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه قتل عبده (¬5). قلت: فمتى ¬

_ (¬1) ف ز + لا. (¬2) ف - في داره ما القول في ذلك قال ليس على أحد شيء قلت ولم قال لأنه وجد قتيلا. (¬3) ز: هل يكونه (¬4) ز: إذا أصبت. (¬5) ز ط: عنده. وانظر للتفصيل: المبسوط، 26/ 25.

يجعل عليه القيمة؟ قال: إذا ترك المكاتب وفاء وكان في قيمته وفاء؛ لأنه يقضى عليه بالقيمة، ويكون للمولى (¬1)، يأخذ مكاتبته من ذلك، ويكون ما بقي ميراثاً لورثة المكاتب إن كان له ورثة أحرار. قلت: أرأيت إن لم يكن له وارث غير المولى وقد قتله هل يرثه؟ قال: لا، ويكون ميراثه لأقرب الناس من المولى. قلت: ولم لا يرثه؟ قال: لأنه قاتل. قلت: أرأيت إذا وُجد قتيلاً في دار مولاه فقضي عليه بالقيمة، وقد ترك مالاً كثيراً وليس له وارث (¬2) غير المولى، هل يرثه المولى بعدما يستوفي المكاتبة؟ قال: نعم. قلت: ولم وقد قضيت عليه بالقيمة؟ قال: لأن هذا ليس بمنزلة جنايته بيده. ألا ترى لو أن رجلاً وُجد قتيلاً في دار أبيه ورثه الأب، وكانت الدية على عاقلته، فكذلك المكاتب، وإنما يُحرَم القاتلُ الميراثَ إذا كان قاتلاً بيده. قلت: أرأيت مكاتباً وُجد في داره قتيلٌ (¬3) فقُضي عليه بالقيمة ثم عجز ما القول في ذلك؟ قال: يكون ذلك ديناً في عنقه (¬4)، فإن أدى عنه مولاه وإلا بيع. قلت: ولم؟ قال: لأنه إذا قضي عليه بالجناية فقد صار ذلك ديناً، وإن لم يقض عليه فهي جناية على حالها في عنقه (¬5) يُدفَع بها أو يُفدَى. قلت: أرأيت مكاتباً حفر بئراً في طريق فوقع فيها إنسان فمات ما القول في ذلك؟ قال: يقضى عليه بقيمته يسعى فيها. قلت: وكذلك إن وضع (¬6) حجراً في طريق فعثر به إنسان فمات؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن صب ماء في الطريق فزلق به إنسان فمات؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن أشرع (¬7) كَنِيفاً أو ميزاباً أو حجراً من داره فأصاب إنساناً فقتله؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن كان سائقًا أو قائدًا فأوطأ (¬8) إنساناً فقتله؟ قال: نعم، يكون جميع ذلك جناية في عنقه، فيقضى عليه بالأقل من قيمته ومن الجناية. ¬

_ (¬1) ط: المولى. (¬2) م ز: وليس ولدت. (¬3) ز: قتل. (¬4) ز: في عتقه. (¬5) ز: في عتقه. (¬6) ط: إذا وضع. (¬7) ط: إذا شرع. (¬8) ز: فأوطى.

قلت: أرأيت مكاتباً احتفر بئراً في طريق ثم أدى المكاتب فعتق، ثم سقط في البئر إنسان حر فمات، ما القول في ذلك؟ قال: يقضى عليه بقيمته يوم احتفر البئر. قلت: أرأيت إن كانت قيمته عشرة آلاف درهم أو أكثر؟ قال: يقضى عليه بعشرة آلاف درهم إلا عشرة دراهم. قلت: أرأيت إن وقع فيها عبد فمات، أو حر فانكسرت يده أو جرحته (¬1) جراحة، ما القول في ذلك؟ قال: يقضى عليه بالأقل من قيمته ومن قيمة العبد الواقع في البئر ومن أرش الجناية. قلت: وبأي القيمتين يقضى على المكاتب، بقيمته يوم وقع فيها أو بقيمته (¬2) يوم احتفر البئر؟ قال: ينظر إلى قيمته يوم احتفر البئر وإلى الجناية، فيقضى عليه بالأقل من ذلك. قلت: وكذلك لو وقع فيها إنسان وهو مكاتب؟ قال: نعم. قلت: أرأيت مكاتباً احتفر بئراً في طريق وقيمته ألف درهم، فزادت القيمة حتى صارت ألفين، ثم وقع في البئر رجل فمات، ما القول في ذلك؟ قال: يقضى على المكاتب بألف درهم يسعى فيها، ويقضى عليه بالجناية بقيمته يوم احتفر البئر. قلت: ولم قضيت عليه بالقيمة يوم احتفر البئر وإنما وقعت الجناية بعد ذلك؟ قال: لأن الجناية كانت وقعت يوم احتفر البئر. ألا ترى لو أن عبداً احتفر بئراً ثم أعتقه مولاه ثم سقط فيها رجل كان على المولى قيمته، ولو لم يكن هذا هكذا كانت الدية على عاقلة المولى، ومَن جَعَلَ الجناية يوم وقع فيها الرجل فينبغي له أن يقضي بذلك على العاقلة. قلت: وكذلك لو كان مكاتب وضع حجراً في طريق وقيمته ألف درهم فزادت قيمته حتى صارت ألفين ثم عثر بالحجر رجل فمات؟ قال: نعم، يقضى عليه بقيمته يوم وضع الحجر. قلت: وكذلك لو صب ماء فزلق به إنسان فقتله؟ قال: نعم، يقضى عليه في جميع هذا بقيمته يوم فعل ذلك الشيء، ولا ينظر إلى قيمته يوم وقعت الجناية؛ لأنه بمنزلة الجناية عندنا يوم فعل ذلك. ولو لم يكن هذا هكذا كان إذا أصاب شيئاً ¬

_ (¬1) ز: أو جرجته. (¬2) ف: وبقيمته.

بعدما يعتق المكاتب كان على عاقلة سيده، فهذا خطأ، وينظر إلى قيمته يوم احتفر البئر ووضع الحجر. قلت: أرأيت مكاتباً وُجد في داره قتيلٌ فعُلِمَ بالقتيل يوم عُلِمَ وقيمة المكاتب ألف درهم بأي شيء يقضى عليه؟ قال: بقيمته يوم وجد القتيل في داره. قلت: أرأيت إن أقام المكاتب البينة أنه كان في داره هذه منذ (¬1) سنة، وقيمته يومئذ ألف درهم، أو عُلِمَ بذلك؟ قال: يقضى عليه بقيمته بما قامت عليه البينة ألف درهم. قلت: ولم؟ قال: لأن ذلك بمنزلة جنايته، وبمنزلة ما ذكرت لك من حفر البئر ووضع الحجر وغيره. قلت: أرأيت المكاتب إذا احتفر بئراً في طريق، ثم إن المكاتب جنى جناية بعد ذلك فقتل رجلاً خطأ، فجاء ولي المقتول يخاصمه، فقضي على المكاتب بقيمته فأداها إليه، ثم وقع إنسان في البئر فمات، ما القول في ذلك؟ قال: يَشْرَك (¬2) الواقع في البئر الذي أخذ القيمة، فتكون (¬3) بينهما نصفين إن كانت قيمته يوم احتفر البئر ويوم جنى على الثاني سواء. قلت: ولم يشاركه؟ قال: لأن المكاتب قد كان جنى يوم احتفر البئر (¬4)، وهو عندي بمنزلة مكاتب قتل قتيلين. قلت: أرأيت إن كانت قيمته يوم احتفر البئر ألف درهم، وقيمته يوم قتل ألفان، ما القول في ذلك وقد أخذ ولي المقتول ألفين؟ قال: يسلَّم له ألفٌ منها خاصة، والألف الباقية يَضرب فيها ولي المقتول بتسعة آلاف، ويضرب فيها ولي الواقع بعشرة آلاف. قلت: ولم صار هذا هكذا؟ قال: لأنه بمنزلة مكاتب قتل قتيلاً وقيمته ألف، فلم يقض عليه بشيء حتى قتل آخر وقيمته ألفان، فيكون الألف لولي الثاني خاصة، والألف الباقية بينهما على ما وصفت لك. قلت: أرأيت المكاتب إذا احتفر بئراً وقيمته ألف، ثم زادت قيمته ¬

_ (¬1) م ز ط: منه. (¬2) ف: يشترك. (¬3) ز: فيكون. (¬4) ز - ويوم جنى على الثاني سواء قلت ولم يشاركه قال لأن المكاتب قد كان جنى يوم احتفر البئر.

حتى صارت ألفين، ثم وقع في البئر رجل فمات، ما يلزم المكاتب؟ قال: قيمته يوم احتفر البئر. قلت: أرأيت إن وقع فيها إنسان بعد ذلك وقد غرم القيمة للأول؟ قال: يشتركان في تلك القيمة، فيقتسمانها نصفين، وليس على المكاتب شيء بعد القيمة الأولى. قلت: وكذلك إن وقع فيها إنسان بعد ذلك آخر؟ قال: نعم، يشتركون في القيمة الأولى ولا يلزم المكاتب شيء بعد ذلك أبداً ممن (¬1) وقع في البئر سوى القيمة الأولى. قلت: ولم لا يلزم المكاتب قيمة بعد القيمة الأولى وأنت تقول: لو أن مكاتباً قتل قتيلاً فقضي عليه بالقيمة ثم قتل آخر بعد ذلك قضي عليه بقيمة أخرى؟ قال: لأنه جانٍ (¬2) يوم احتفر البئر، فصار كل من وقع فيها بعد ذلك كأنه جنى عليهم (¬3) يومئذ. ألا ترى أني أقضي عليه في البئر بقيمته يوم احتفر البئر (¬4)، وأجعل ذلك كأنه جنى عليهم (¬5) جميعاً. ولو لم يكن هذا هكذا لم أقض (¬6) عليه بقيمته يوم احتفر البئر، وقضيت عليه بقيمته يوم وقع فيها، فلا ينبغي أن يُجعَل عليه شيء في قول من لا يجعل الجناية يوم احتفر البئر جناية، فلا يكون جناية بعد ذلك. قلت: أرأيت مكاتباً مَالَ (¬7) حائطٌ له، فتُقُدِّمَ إليه فيه، فسقط الحائط على إنسان قبل أن يهدمه فقَتَلَه، ما القول في ذلك؟ قال: يلزم ذلك المكاتب في عنقه (¬8)، يقضى عليه بأن (¬9) يسعى فيه. قلت: وهذا بمنزلة البئر يحفرها أو الحجر يضعه في الطريق؟ قال: نعم. قلت: أرأيت مكاتباً أشرع كَنِيفاً إلى الطريق فوقع الكَنِيف على إنسان ¬

_ (¬1) ف: بمن. (¬2) ز: جاني. (¬3) ز: عليه. (¬4) م ط + فصار كل من وقع فيها بعد ذلك كأنه جنى عليهم يومئذ؛ م + ألا ترى أني أقضي عليه في البئر قيمته يوم احتفر البئر. (¬5) ز + يومئذ؛ م + يومئذ ألا ترى أني أقضي عليه في البئر بقيمته يوم احتفر البئر فصار كل من وقع فيها بعد ذلك كأنه جنى عليه يومئذ وأجعل ذلك كأنه جنى عليهم. (¬6) ف: ألم أقض؛ ز: لم أقضي. (¬7) ز: ما حال. (¬8) ز: في عتقه. (¬9) ف: أن.

باب ما يغصب المكاتب أو يفسد أو يستهلك من الأموال

فقتله ما القول في ذلك؟ قال: يضمن المكاتب قيمته. قلت: ولم؟ قال: لأن هذا مما أحدث المكاتب، فإذا أصاب إنساناً فقتله (¬1) فعليه الضمان. ... باب ما يغصب المكاتب أو يفسد أو يستهلك من الأموال قلت: أرأيت مكاتباً اغتصب (¬2) رجلاً عبداً فمات العبد في يديه وقيمة العبد أكثر من قيمة المكاتب ما القول في ذلك؟ قال: المكاتب ضامن لقيمة العبد بالغة ما بلغت، ويكون ذلك ديناً في عنقه (¬3). قلت: ولم؟ قال: لأن هذا ليس بجناية، وإنما هذا غصب. قلت: وكذلك لو استهلك مالاً لرجل أو دابة أو ثوباً أو غير ذلك؟ قال: نعم، هو ضامن لجميع ما استهلك من هذا بالغاً ما بلغ. قلت: أرأيت (¬4) مكاتباً اغتصب دابة فقتلها ما القول في ذلك؟ قال: على المكاتب قيمتها بالغة ما بلغت. قلت: ولم؟ قال: لأن هذا ليس بمنزلة الجناية، وإنما هذا بمنزلة ما استهلك من الأموال. قلت: أرأيت مكاتباً اغتصب رجلاً عبداً وقيمته ألف درهم، ثم زادت قيمته حتى صارت تساوي ألفين، والمكاتب يساوي ألفين، ثم إن المكاتب قتل العبد، ما القول في ذلك؟ قال: مولى العبد بالخيار؛ إن شاء أن يضمّنه قيمته يوم اغتصبه ضمّنه، وإن شاء أن يضمّنه قيمته يوم قتله ضمّنه. قلت: ولم؟ قال: لأنه هو جنى عليه في هذا الوجه وقتله، فهو ضامن لقيمته يوم قتله، إلا أن تكون (¬5) قيمته أقل من ذلك، فيكون عليه الأقل. قلت: أرأيت إن مات وقيمته ألفان أهو بهذه المنزلة؟ قال: أما هذا (¬6) فيضمن قيمته يوم اغتصبه، وليس هذا كالجناية إذا جنى هو عليه. ¬

_ (¬1) م ز ط - فقتله. (¬2) م - مكاتبا اغتصب، صح هـ. (¬3) ز: في عتقه. (¬4) ز + إن. (¬5) ز: أن يكون. (¬6) م ز: ما هذا.

قلت: أرأيت إذا اغتصب المكاتب عبداً وقيمته ألف، فزادت قيمة العبد حتى صارت ألفين، ثم إن المكاتب قتل العبد، ثم قتل رجلاً آخر بعد ذلك خطأ قبل أن يقضى عليه بقيمة العبد، ما القول في ذلك؟ قال: مولى العبد بالخيار؛ إن شاء ضمنه قيمة العبد يوم قتله، فيقضى على المكاتب بقيمته، يسعى فيها لولي المقتول ولمولى (¬1) العبد، يقتسمانها على دية المقتول وعلى قيمة العبد. قلت: ولم؟ قال: لأن المكاتب قد جنى جنايتين تزيدان على قيمته، فقسمت قيمته بينهما على قدر الجناية. قلت: أرأيت إن اختار المولى أن يضمنه قيمته يوم اغتصبه وكانت أكثر (¬2) القيمتين ما القول في ذلك؟ قال: إذا اختار المولى أن يضمنه قيمته يوم اغتصبه قضي على المكاتب بقيمة العبد يوم اغتصبه بالغة ما بلغت، فيكون ذلك ديناً في عنقه، يقضى لولي المقتول على المكاتب بقيمة رقبته فيسعى فيها. قلت: ولم وقد قلت في الباب الأول: يشتركان فيها على قيمة العبد وعلى الدية؟ قال: لأن السيد (¬3) إذا ضمنه قيمة العبد يوم قتله فقد صار ذلك جناية، فلا يضمن في الجناية إلا قدر قيمته. ألا ترى لو أن مكاتباً جنى جنايتين تزيدان (¬4) على قيمته لم يقض عليه إلا بقيمته. فأما إذا ضمنه قيمته يوم اغتصبه فذلك بمنزلة مال اغتصبه، فصار ذلك ديناً عليه، فلا يَشْرَك صاجما الجناية في قيمته. ألا ترى لو أن مكاتباً قتل قتيلاً خطأ وعليه دين، أو اغتصبه مالاً (¬5) ثم جنى جناية، كان يقضى على المكاتب لصاحب الجناية بقيمته، ويكون الدين في عنقه (¬6) يسعى فيه. قلت: أرأيت رجلاً كاتب نصف عبد له فاستهلك العبد مالاً لرجل، أو اغتصبه (¬7) شيئاً فاستهلكه، ما القول في ذلك؟ قال: يكون ذلك ديناً في عنقه (¬8) يسعى فيه. قلت: ولم لا يباع النصف الذي لم يكاتب ¬

_ (¬1) ز: والمولى. (¬2) ز: أكبر. (¬3) م ز: العبد؛ صح م هـ. (¬4) ز: يزيدان. (¬5) ز: أو مالا اغتصبه. (¬6) ز: في عتقه. (¬7) ز: أو غتصبه. (¬8) ز: في عتقه.

باب الجناية على المكاتب

في نصف الدين؟ قال: لأن نصفه مكاتب، ولا يجوز بيع النصف الذي لم يكاتب. قلت: ولم؟ قال: لأنه قد جرى فيه عتق غيره. قلت: أرأيت مكاتبة ولدت في مكاتبتها، ثم إن المكاتبة اغتصبت مالاً أو دابة فاستهلكتها، ثم إنها ماتت، ما القول في ذلك؟ قال: يلزم ولدها ما كانت الأم اغتصبت، فيقضى على الولد أن يسعى في مكاتبته وفي ذلك الدين. فلت: ولم؟ قال: لأن ذلك دين على الأم. ألا ترى أنه لو كان على الأم دين لقضي (¬1) على الولد أن يسعى فيه. قلت: أرأيت (¬2) جميع ما استهلك المكاتب من الأموال والدواب (¬3) والعروض أيكون ذلك بمنزلة الدين في عنقه؟ قال: نعم، بالغاً ما بلغ، ولا يشبه هذا الجناية في الأنفس والجراحات. قلت: أرأيت مكاتباً قطع يد عبد، ونصفُ قيمة المقطوعة يده أكثر من قيمة المكاتب، بأي شيء يقضى عليه؟ قال: بقيمته. قلت: ولم؟ قال: لأن هذا جناية، وما جنى العبد من جناية خطأ في نفس أو غيرها، حراً كان أو مملوكاً، فإنه يًقضَى على المكاتب بالأقل من الجناية ومن قيمته. قلت: أرأيت مكاتباً استودعه رجل عبداً له فقتل المكاتب العبد خطأ ما القول في ذلك؟ قال: يقضى عليه بالأقل من قيمته ومن قيمة العبد. قلت: أرأيت إن استودعه رجل مالاً فاستهلكه؟ قال: يضمن جميع ذلك ويكون ديناً في عنقه (¬4). ... باب الجناية على المكاتب قلت: أرأيت مكاتباً قُتِل عمداً وله ورثة أحرار، أو ليس (¬5) له وارث غير المولى، ولم يترك وفاء، وفي قيمته وفاء بالمكاتبة؟ قال: لا يكون في ¬

_ (¬1) ط: يقضي. (¬2) ز + إن. (¬3) ف - والدواب. (¬4) ف - في عنقه. (¬5) م ف: وليس. والتصحيح من ط.

هذا قصاص، وعلى القاتل القيمة يؤديها، فيستوفي منها المولى بقية مكاتبته، وما بقي فهو ميراث لورثته إذا كان له ورثة سوى المولى، فإن لم يكن له وارث غير المولى ففيه القصاص. قلت: أرأيت رجلاً قتل مكاتباً عمداً، وقد ترك المكاتب وفاء وولداً أحراراً (¬1)، ما القول في ذلك؟ قال: يضمن القاتل قيمته في ماله، ولا قصاص عليه. قلت: ولم وقد قتله عمداً؟ قال: لأني لا أدري لمن أجعل القصاص. ألا ترى أن المولى يأخذ من تركته مكاتبته، وما بقي فهو ميراث لورثته، وإنما لحقه العتق بعد الموت، فلا أجعل فيه القصاص للمولى ولا لورثته. قلت: أرأيت إن اجتمعوا جميعاً على قَتْلِه الورثةُ والمولى هل يُقتَل (¬2) ذلك؟ قال: لا، ولكن عليه قيمته في ماله. قلت: أرأيت إن لم يَدَع المكاتب شيئاً ما القول في ذلك؟ قال: القصاص في هذا الوجه للمولى. قلت: ولم؟ قال: لأنه قد (¬3) قتل عمداً. قلت: أرأيت إن كان قد ترك وفاء ولا وارث له غير المولى ما القول في ذلك؟ قال: القصاص في هذا الوجه للمولى. قلت: ولم؟ قال: لأنه قد قتل عمداً. قلت: ولم وقد زعمت أنه إذا كان له (¬4) ولد أحرار فليس على قاتله قصاص؟ قال: لأن المولى هو وارثه في هذا الوجه عبداً كان أو حراً، وهو ولي الدم، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: لا قود فيه ولا قصاص على قاتله؛ لأن الحق إنما ورثه المولى من المكاتب، والمكاتب لم يكن له قصاص، فلذلك لا يكون لوارثه قصاص. قلت: أرأيت مكاتباً قُتِل عمداً وله ورثة أحرار، أو ليس (¬5) له وارث غير المولى، ولم يبق له وفاء، وفي قيمته وفاء بالمكاتبة؟ قال: لا يجوز في هذا قصاص، وعلى العاقلة القيمة (¬6) يستوفي منها بقية مكاتبته، وما بقي فهو ميراث لورثته. ¬

_ (¬1) ز: وولد أحرار. (¬2) ز: هل يقبل. (¬3) ف - قد. (¬4) م ز - له. (¬5) م ف ز: وليس. والتصحيح من ط. (¬6) ز - القيمة.

قلت: أرأيت رجلاً قتل مكاتبا خطأ أيكون ذلك على عاقلته؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن قطع يده، أو فقأ عينه، أو جرحه جرحاً، ما على الجاني؟ قال: يضمن الجاني نصف قيمته إذا قطع يده أو فقأ عينه، وكذلك (¬1) جميع ما جنى عليه في جوارحه. قلت: أرأيت إن كان ذلك خطأ أيكون ذلك على عاقلة الجاني؟ قال: لا، ولكن يكون عليه في ماله. قلت: ولم؟ قال: لأن المكاتب بمنزلة العبد، ولأن العاقلة لا تضمن من العبد والمكاتب ما دون النفس. قلت: أرأيت عبداً قطع يد مكاتب، أو جرحه جرحاً، ما القول في ذلك؟ قال: يكون أرش جنايته في عنق (¬2) العبد، فإن شاء مولاه فداه، وإن شاء دفعه. قلت: أرأيت إن اختار المولى دفع العبد، وقضى القاضي بذلك عليه، ثم إن المكاتب عجز فرد في الرق قبل أن يقبض (¬3) العبد، ما القول في ذلك؟ قال: العبد لمولى المكاتب. قلت: أرأيت رجلاً قطع يد مكاتب خطأ، أو فقأ عينه، ما القول في ذلك؟ قال: على القاطع ما نقص من قيمته. قلت: ولم وقد قطعت يده؟ (¬4) قال: لأن المكاتب ليس بمنزلة العبد، ولا يقدر على دفعه، فلا يضمن القاطع إلا ما نقصه، وهو في ذلك بمنزلة المدبر وأم الولد. ألا ترى لو أن رجلاً قطع يد (¬5) مدبر أو فقأ عينه كان عليه ما نقصه، فكذلك المكاتب. قلت: أرأيت رجلاً جنى على مكاتب جناية: قطع يده أو فقأ عينه، تم إن المكاتب جنى على ذلك الرجل جناية، ثم إن المكاتب عجز قبل أن يقضى عليه، ما القول في ذلك؟ قال: يضمن الرجل أرش ما جنى على المكاتب للمولى، ويخير المولى، فإن شاء دفع العبد بما (¬6) كان جنى على ¬

_ (¬1) ز: فكذلك. (¬2) ز: في عتق. (¬3) ط: أن يقتص من. (¬4) م ز: يديه. (¬5) ف + رجل. (¬6) ف: ما.

باب عبد المكاتب يجني

الحر، وإن (¬1) شاء فداه. قلت: ولم جعلت على الحر أرش الجناية وقد جنى العبد عليه؟ قال: لأن ذلك قد كان وجب عليه قبل أن يجني المكاتب عليه. قلت: أرأيت إن كان جنى المكاتب على الحر، ثم جنى الحر عليه، ثم عجز قبل أن يقضى عليه، ما القول في ذلك؟ قال: يخير المولى؛ فإن شاء دفعه، وإن شاء فداه. فإن دفعه (¬2) بطلت جناية الحر عليه، وإن فداه رجع المولى على الحر، فأخذ منه أرش الجناية. قلت: ولم؟ قال: لأن المكاتب كان بدأ بالجناية، فلما دفع إلى الحر صار ما كان جنى الحر عليه كأنما جنى على عبده، وإذا فداه صار الأرش للمولى على الجاني. قلت: أرأيت رجلاً (¬3) كاتب نصف عبده، ثم إن رجلاً جنى على المكاتب جناية، ما القول في ذلك؟ قال: يضمن أرش الجناية، فيكون نصف المال للمكاتب، ونصفه للمولى. قلت: أرأيت إن قطع رجل يد المكاتب ما القول في ذلك؟ قال: يضمن (¬4) ما نقصه، فيكون نصف ذلك للمكاتب، ونصفه للمولى. قلت: ولم؟ قال: لأن نصفه عبد له لم يكاتبه، ولا يكون هذا بمنزلة لو كان مكاتباً كله، وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا كاتب نصف عبده فهو مكاتب كله، وما جُني عليه فهو له. ... باب عبد المكاتب يجني قلت: أرأيت عبد المكاتب جنى جناية فقتل رجلاً خطأ، أو جرحه (¬5) ¬

_ (¬1) ز: فإن. (¬2) ز + وإن شاء فداه فإن دفعه. (¬3) ف - رجلا. (¬4) ز - للمكاتب ونصفه للمولى قلت أراْيت إن قطع رجل يد المكاتب ما القول في ذلك قال يضمن. (¬5) ز: أو جرجه.

جرحاً، ما القول في ذلك؟ قال: ذلك في عنقه (¬1)، إن شاء المكاتب دفعه، وإن شاء فداه. قلت: فإن فداه بجميع الدية هل يجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن قضى القاضي على المكاتب بالدية، واختار المكاتب إمساك عبده، هل تكون (¬2) الدية ديناً عليه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن عجز المكاتب بعد ذلك فرد في الرق ما القول في ذلك؟ قال: يكون ذلك ديناً في عنقه، فإن أدى عنه المولى وإلا بيع. قلت: أرأيت عبد المكاتب جنى جناية على مولى المكاتب ما القول في ذلك؟ قال: جنايته على مولى (¬3) المكاتب وعلى غيره سواء، ويخير المكاتب، فإن شاء دفعه، وإن شاء فداه. قلت: أرأيت مكاتباً أقر على عبد له أنه جنى جناية فقتل رجلاً خطأ أو جرحه جرحاً هل يجوز ذلك؟ قال: نعم، ويقضي به القاضي، ويخير المكاتب، فإن شاء فداه، وإن شاء دفعه. قلت: ولم جاز هذا؟ قال: لأنه عبده، فإقراره عليه جائز. قلت: أرأيت عبد المكاتب إذا قتل رجلاً عمداً، فصالح المكاتب ولي المقتول من ذلك على صلح، هل يجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: ويصير ذلك ديناً على المكاتب؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنه حق قد لزم عبده، فصلحه عنه جائز (¬4). قلت: أرأيت إن عجز المكاتب بعد ذلك هل يكون ذلك الصلح ديناً في عنق المكاتب؟ قال: نعم. قلت: أرأيت عبد المكاتب جنى جناية، ثم إن المكاتب باعه وهو يعلم أو لا يعلم، ما القول في ذلك؟ قال: بيعه جائز علم أو لم يعلم، ويضمن المكاتب قيمة العبد إن كان باعه وهو لا يعلم بالجناية. وإن كان (¬5) يعلم (¬6) بالجناية فهو ضامن لجميع الجناية. قلت: ولم ضمنته جميع الجناية؟ ¬

_ (¬1) ز: في عتقه. (¬2) ز: هل يكون. (¬3) ف - مولى. (¬4) ف + قلت ولم قال لأنه حق قد لزم عبده فصلحه عنه جائز. (¬5) ط - لا يعلم بالجناية وإن كان. (¬6) ف ز: وإن باعه وهو يعلم.

باب الرجل يكاتب نصف عبد له ثم يجنيى جناية

قال: لأنه قد اختار العبد حيث باعه. ألا ترى أنه لو خاصمه المجني عليه قبل أن يبيعه كان بالخيار، إن شاء فداه، وإن شاء دفعه. قلت: أرأيت عبد المكاتب جنى جناية، ثم كاتب المكاتب بعد ذلك العبد (¬1)، هل تجوز (¬2) مكاتبته؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنه لو باعه جاز بيعه، فكذلك مكاتبته. قلت: أرأيت عبد المكاتب جنى جناية (¬3) فقتل رجلاً خطأ، ثم إن العبد مات، هل لصاحب الجناية على المكاتب شيء؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن الجناية كانت في عنق (¬4) العبد. قلت: أرأيت عبد المكاتب لو فقأ (¬5) عينيه، أو قطع يديه، أو جدع (¬6) أنفه، فبرأ (¬7)، ما القول في ذلك؟ قال: يخير المكاتب، فإن شاء دفع العبد وأخذ قيمته، وإن أبى أن يدفع فلا شيء له، والمكاتب في ذلك بمنزلة الحر. قلت: أرأيت إن باع المكاتب العبد بعد ذلك أو كاتبه، وقد برأ (¬8) العبد من ذلك، هل له على الجاني شيء؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن هذا اختيار منه، وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: له على الجاني ما نقصه. ... باب الرجل يكاتب نصف عبد له ثم يجنيى جناية قلت: أرأيت رجلاً كاتب نصف عبد له هل تجوز (¬9) المكاتبة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن جنى المكاتب جناية فقتل رجلاً خطأ ما القول في ¬

_ (¬1) ف - العبد. (¬2) ز: هل يجوز. (¬3) ف - جناية؛ ز: جنى. (¬4) ز: في عتق. (¬5) ف ز + رجل. (¬6) ز: أو جذع. (¬7) ز: فيرى. (¬8) ز: بري. (¬9) ز: هل يجوز.

ذلك؟ قال: يسعى المكاتب في نصف قيمته لولي المقتول، ويضمن له المولى (¬1) نصف قيمته. قلت: ولم؟ قال: لأن نصفه مكاتب ونصفه رقيق، فما كان في عنقه من ذلك فنصفه على السيد، ونصفه (¬2) على المكاتب يسعى فيه. قلت: ولم لا يدفع السيد النصف الذي لم يكاتب إلى مولى المقتول؟ قال: لأن نصفه مكاتب، فلا يقدر على دفع النصف الباقي (¬3). ألا ترى أنه لو باعه لم يجز بيعه، فكذلك لا يقدر على دفعه. قلت: أرأيت إن جنى جناية دون النفس أو قتل خطأ؟ قال: ينظر إلى جنايته وإلى قيمته فيلزمه الأقل من ذلك، فيكون نصف ذلك على السيد ونصفه على المكاتب يسعى فيه. قلت: أرأيت إن جنى هذا المكاتب جناية فقتل رجلاً خطأ، فقضي على السيد بنصف القيمة والنصف على العبد، ثم إن المكاتب عجز فرد في الرق، ما القول في ذلك؟ قال: يصير نصف القيمة في نصف العبد الذي كان قضي بها على المكاتب دينا، فإن أدى عنه مولاه وإلا بيع فيه نصف العبد، والنصف الباقي دين على المولى. قلت: ولم؟ قال: لأن القاضي قد قضى بذلك قبل أن يعجز، فصار ذلك ديناً له على السيد في نصف العبد، فلا يتحول ذلك عن حاله. قلت: أرأيت رجلاً كاتب نصف عبده، ثم إن العبد جنى جناية فقتل رجلاً خطأ، فقضى القاضي عليه بما ذكرت لي وعلى المولى، ثم إنه قتل آخر خطأ، ما القول في ذلك؟ قال: يقضي أيضاً بما ذكرت في رقبة المكاتب، وعلى المولى ما وصفت لك، إلا أن الآخر يتبع (¬4) الأول في حصة المولى، ولا يضمن المولى إلا نصف (¬5) قيمته. قلت: أرأيت إن عجز بعدما قضي عليه بالجناية للأول قبل أن يقضى عليه للآخر ما القول في ذلك؟ قال: للمقضي له نصف (¬6) القيمة في نصف العبد دين، ونصفه (¬7) على السيد، ويخير السيد، فإن شاء دفع العبد إلى المجني عليه الثاني، وإن ¬

_ (¬1) ف - المولى. (¬2) م: ونصف. (¬3) ز: الثاني. (¬4) م ز ط: يبيع. (¬5) ز: إلا نضف. (¬6) ز + له نصف. (¬7) ز: ونصف.

شاء فداه. فإن دفعه كان للأول نصف قيمته ديناً في نصف العبد، يباع له ذلك النصف، أو يؤديه إليه المدفوع إليه العبد، ونصف القيمة على المولى. قلت: أرأيت رجلاً كاتب نصف أمة له ثم إنها ولدت ولداً ما حال ولدها؟ قال: ولدها بمنزلتها. قلت: أرأيت إن جنى ولدها جناية ما القول في ذلك؟ قال: ينظر إلى الجناية وإلى القيمة، فيقضى على الولد بالأقل من ذلك، فيكون نصف ذلك عليه يسعى فيه، ونصفه على المولى. قلت: ولم يلزم ذلك النصف المولى؟ قال: لأن الولد بمنزلة أمه، ونصفها للمولى. قلت: أرأيت إن أعتق السيد الأم بعدما جنى الولد جناية ما القول في ذلك؟ قال: الأم كلها حرة، ويعتق نصف الولد، ويسعى الولد في نصف قيمته للمولى (¬1). قلت: ولم؟ قال: لأن الولد يعتق منه بمقدار ما كان كوتب من الأم لو كانت أدت المكاتبة، فعتق نصفها ونصف ولدها، فكذلك عِتْقُ السيدِ الأمَّ. قلت: أرأيت الجناية التي جناها الولد ما حالها؟ قال: نصف (¬2) على الولد يسعى فيه، ونصف (¬3) على المولى. قلت: ولم؟ قال: لأن نصف ذلك قد لزم المولى يوم جنى الولد، ويستسعي العبد المولى في نصف قيمته. قلت: أرأيت إن كان المولى إنما أعتق (¬4) الولد وقد جنى جناية ولم يعتق الأم ما القول في ذلك؟ قال: الولد حر، وينظر إلى الجناية وإلى قيمة الولد فيقضى عليه بالأقل من ذلك، ويكون نصفه ديناً على الولد يسعى فيه، ونصفه على المولى في ماله. قلت: ولم؟ قال: لأن الجناية يوم جنى الولد كان وجب نصف (¬5) عليه ونصف (¬6) على المولى. ¬

_ (¬1) ز - للمولى. (¬2) ط + الجناية. وقال: كذا في المختصر. ولا حاجة إلى الزيادة. والمقصود بالمختصر هو الكافي. انظر: الكافي، 3/ 184 و. (¬3) م ط: ونصفها. (¬4) ف: عتق. (¬5) ط + تلك وذكر أنه زادها من الكافي. وليس ذلك في نسخة الكافي لدينا. انظر: الكافي، الموضع السابق. (¬6) ط: ونصفه. وذكر أنه زاد الهاء من الكافي. وليس ذلك في نسخة الكافي لدينا. انظر: الكافي، الموضع السابق.

قلت: أرأيت رجلاً كاتب نصف أمة له فولدت ولداً بعد ذلك، ثم إن الولد جنى على أمه جناية، أو جنت الأم على ولدها جناية، هل يلزم واحداً منهما من جناية الآخر شيء؟ قال: نعم، يلزم كل واحد منهما من جنايته على صاحبه الأقل من جميع قيمته ومن نصف الجناية، فيكون نصف ذلك على المولى ونصف (¬1) للجاني على المولى. قلت: أرأيت إن جنت الأم جناية، ثم إن الأم ماتت قبل أن يقضى عليها ولم تَدَعْ (¬2) شيئاً، ما القول في ذلك؟ قال: ولدها بمنزلتها، وينظر إلى الجناية وإلى قيمة الأم، فيكون نصف الأقل من ذلك على الولد، ونصف (¬3) على المولى، يسعى الولد فيما عليه من ذلك، ويسعى فيما على أمه من مكاتبتها. قلت: وكذلك إن كان قضي على الأم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن جنى الولد بعد ذلك جناية ثم إنه عجز فرد في الرق وقد كان قضي عليه بجناية أمه؟ قال: يصير ما كان قضي عليه من جناية أمه دينأ في نصفه، ويخير المولى، فإن شاء فداه، وإن شاء دفعه إلى صاحب جنايته، ولا يتبع (¬4) المقضي له بنصفه نصف القيمة؛ لأن الدين دين أمه، فإذا دفع بجناية نفسه فهو أحق من دين أمه. ألا ترى أن دينه أحق من دين أمه، فكذلك جنايته أحق من دين أمه. قلت: أرأيت الرجل إذا كاتب نصف عبد له، ثم إن العبد جنى جناية، فأعتق السيد العبد، ما القول في ذلك؟ قال: ينظر إلى الجناية وإلى قيمة العبد، فيكون نصف الأقل من ذلك على المولى، ونصف (¬5) على العبد يسعى فيه؛ لأنه قد كان لزمه ذلك قبل أن يعتقه. قلت: أرأيت إذا كاتب الرجل نصف عبده، فجنى جناية، ثم كاتب النصف الباقي بعد ذلك، فجنى جناية أخرى، ما القول في ذلك ولم يكن قضي للأول بشيء؟ قال: ينظر إلى الجناية الأولى وإلى قيمة العبد، فيكون نصف الأقل من ذلك على السيد. وينظر إلى نصف جناية الأول وجناية ¬

_ (¬1) ط: ونصفه. (¬2) ز: يدع. (¬3) ط + ذلك. (¬4) ط: ولا يبيع. (¬5) ط: ونصفه.

الآخر وإلى قيمة العبد، فيقضى عليه بالأقل (¬1) من ذلك، فيكون ذلك بينهما على نصف جناية الآخر في نصف القيمة خاصة، والنصف الباقي على قدر جنايتهما بينهما. قلت: ولم؟ قال: لأن المجني عليه الأول قد كان وجب له نصف ذلك على المولى، ونصف (¬2) على المكاتب، فما كان على المولى فهو دين عليه، ونصف الجناية في نصفه، فيقسم نصف قيمته على نصف الجناية الأولى وعلى نصف الجناية الآخرة، فتصير بينهما على ذلك. قلت: أرأيت إذا كاتب الرجل نصف عبد له، فجنى جناية، فلم يقض بها عليه حتى كاتب السيد النصف الباقي، ثم إنه جنى جناية أخرى، ثم إنه عجز فرد في الرق، ما القول في ذلك؟ قال: السيد بالخيار، إن شاء (¬3) دفع العبد إليهم، وإن شاء فداه. قلت: ولم؟ قال: لأن العبد قد عجز قبل أن يقضى عليه بشيء، فكأن الجنايتين كانتا بعد العجز. قلت: أرأيت إن كان قضي عليه بالجناية قبل أن يجني الثانية، ولم يقض عليه بالثانية، ثم عجز فرد في الرق، ما القول في ذلك؟ قال: يكون للمقضي له نصف ما كان قضي به على السيد، ونصفٌ (¬4) دين في نصف العبد. ويخير السيد، فإن شاء دفع العبد إلى الثاني، وإن شاء فداه. فإن دفعه إليه تبعه الأول بنصف ما كان قضي به عليه في نصفه، فإن أدى عنه المدفوع إليه وإلا بيع نصفه في ذلك. قلت: أرأيت رجلاً كاتب نصف عبده فجنى جناية، ثم كاتب السيد الباقي بعد ذلك، فجنى جناية أخرى، ثم عجز عن المكاتبة الأولى، هل يرد ذلك النصف الأول في الرق ويكون النصف الباقي على المكاتبة؟ قال: نعم. قلت: فما حال الجناية؟ قال: ينظر (¬5) إلى الجنايتين وإلى قيمة العبد، فيقضى على المولى بالأقل من قيمته ومن جميع جناية الأول ونصف جناية الآخر، فيكون نصف جناية الأول في نصف قيمة العبد على المولى خاصة، ¬

_ (¬1) ف - بالأقل. (¬2) ط: ونصفه. (¬3) ز + إن شا. (¬4) ط: ونصفه. (¬5) ز: تنظر.

باب الرجل يكاتب عبدين له مكاتبة واحدة فيجني أحدهما على صاحبه أو على غيره

ونصف جناية الأول ونصف جناية الآخر في نصف قيمة العبد، فيقتسمانه (¬1) على قدر جنايتهما. وعلى المكاتب لصاحب الجناية الأخرى الأقل من النصفِ نصفِ جنايته ومن نصف قيمته. قلت: ولم؟ قال: لأنه لم يقض (¬2) عليه بشيء من الجنايتين حتى عجز، فكأنه جناهما في الحال التي خوصم فيها. قلت: وكذلك إن عجز عن المكاتبة الثانية ولم يعجز عن الأولى؟ قال: نعم، إلا أن المولى لا يغرم هاهنا إلا الأقل من نصف قيمته ومن نصف جناية الأول ونصف جناية الآخر، فيقتسمان ذلك على قدر نصف (¬3) جنايتهما، ويقضى على المكاتب في النصف الذي كوتب أولاً للآخر والأول بالأقل من نصف جنايتهما ومن نصف قيمته. وهذا كله قياس قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإذا كاتب الرجل نصف عبده فهو مكاتب كله، والحكم فيه كالحكم في المكاتب. ... باب الرجل يكاتب عبدين له مكاتبة واحدة فيجني أحدهما على صاحبه أو على غيره قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبدين له مكاتبة واحدة، وجعل نجومهما واحدة، إن أديا عتقا وإن عجزا ردا، ثم إن أحد المكاتبين جنى جناية، هل يلزم صاحبه من ذلك شيء؟ قال: لا. قلت: وكذلك ما استدان أحدهما؟ قال: نعم، لا يلزم واحداً منهما من جناية صاحبه شيء ولا من دينه. قلت: أرأيت إذا جنى أحدهما جناية ما القول في ذلك؟ قال: ينظر إلى الجناية وإلي القيمة، فيقضى عليه بالأقل من ذلك يسعى فيه. قلت: أرأيت إن مات. الجاني قبل أن يقضى عليه أو بعدما قضي عليه هل يلزم المكاتب الباقي شيء من جنايته؟ قال: لا. قلت: ولا شيء من دينه الذي كان عليه؟ قال: ¬

_ (¬1) ز: فيقسمانه. (¬2) ز: لم يقضى. (¬3) ف - نصف.

لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه ليس يلزمه من دين الآخر شيء (¬1) ولا من جنايته، وإنما ذلك على الميت، وإنما تلزمه (¬2) المكاتبة خاصة. قلت: أرأيت رجلاً كاتب عبدين له مكاتبة واحدة وجعل نجومهما واحدة، ثم إن أحدهما قتل صاحبه خطأ، وقيمتهما سواء، ما القول في ذلك؟ قال: يلزم الجاني قيمة المقتول منهما يسعى فيها، ويسعى في جميع المكاتبة مع ذلك. قلت: أرأيت إن أدى جميع المكاتبة إلى المولى وللمقتول ولد أحرار هل يعتقان جميعاً؟ قال: نعم. قلت: فما حال ما أدى؟ قال: ينظر إلى قيمة المقتول وإلى نصف المكاتبة، فإن كانتا سواء فهو قصاص بما عليه. قلت: ولم؟ قال: لأن المكاتب الحي حين أدى جميع المكاتبة فإنه يرجع على المقتول بنصف ما أدى؛ لأنه أدى عنه، وقد لزمه قيمة المقتول، فصارت قصاصًا. قلت: أرأيت إن كانت قيمته أكثر من نصف المكاتبة ما القول في ذلك؟ قال: يكون نصف المكاتبة التي أداها عليه من نصف القيمة قصاصًا (¬3)، ويكون الفضل لورثة المقتول، فإن لم يكن له ورثة سوى المولى كان ذلك للمولى. قلت: أرأيت رجلاً كاتب أمتين له مكاتبة واحدة وجعل نجومهما واحدة، إن أدتا (¬4) عتقتا وإن عجزتا ردتا في الرق، ثم ولدت إحداهما ولداً، ثم جنى الولد جناية على الأخرى، فقطع (¬5) يدها أو فقأ عينها، ما القول في ذلك؟ قال: ينظر إلى قيمة الولد وإلى الجناية، فيقضى على الولد بالأقل من ذلك يسعى فيه. قلت: أرأيت إذا جنى الولد جناية على الأخرى فقطع يدها، ثم إن أم الولد أدت جميع المكاتبة فعتقتا جميعاً، ما حال الجناية؟ قال: ينظر إلى الجناية وإلى قيمة الولد يوم جنى، فيكون على الولد الأقل من ذلك ديناً عليه (¬6) يسعى فيه، وترجع التي أدت عليها بحصتها من المكاتبة. قلت: أرأيت إذا جنى الولد جناية على الأخرى، فقضي عليه ¬

_ (¬1) ز: بشيء. (¬2) ز: يلزمه. (¬3) ز: قصاص. (¬4) ز: فإن أديا. (¬5) م ز ط: قطع. (¬6) ز - عليه.

بالأقل من الجناية ومن قيمته، ثم أدتا (¬1) فعتقتا، هل يلزم الولد ما كان قضي به عليه؟ قال: نعم. قلت: ولا يكون على الأم شيء من ذلك؟ قال: لا. قلت: أرأيت إذا جنى الولد جناية فقضي عليه بها، أو لم يقض عليه حتى أدتا (¬2) فعتقتا، وفي يدي الولد مال، ما القول في ذلك؟ قال: إن كان قضي على الولد بالجناية قبل أن تعتقا فقد صار ذلك ديناً عليه يومئذ، فما كان في يديه من مال قد أصابه فإنه يقضي منه ذلك، فإن فضل شيء فهو للأم دون الولد، وإن لم يفضل فإن الفضل على الولد يسعى فيه. قلت: ولم يكون على الولد ما قضى في ذلك المال؟ قال: لأن ذلك دين على الولد، ولا (¬3) يكون للأم شيء من ذلك حتى يقضي الدين. قلت: وكذلك لو (¬4) أن الولد استدان ديناً ثم عتقتا وفي يديه مال؟ قال: يكون ذلك المال للغرماء حتى يستوفوا (¬5)، فإن فضل شيء فهو للأم. قلت: أرأيت إن لم يقض (¬6) على الولد بالجناية حتى أدت الأم فعتقت وعتق ولدها معها ما القول في ذلك؟ قال: ينظر إلى الجناية دالى قيمة الولد يوم جنى، فيكون الأقل من ذلك ديناً على الولد. قلت: أرأيت ما كان في يدي الولد من مال لمن يكون؟ قال: للأم. قلت: ولا يكون لأصحاب الجناية شيء؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن ذلك المال كان للأم، ولم تصر (¬7) الجناية ديناً على الولد حتى قضي بها عليه، وقد عتق وهي جناية في عنقه. ألا ترى لو أن الأم عجزت فردت في الرق قبل أن يقضى على الولد كان ما في يديه من مال للمولى، وتكون الجناية في عنقه (¬8)، ولو كان قضي عليه قبل العجز كان ما في يده من مال للغرماء لأنه قد صار ديناً عليه. فكذلك الباب الأول. قلت: أرأيت رجلاً كاتب (¬9) أمتين له مكاتبة واحدة وجعل نجومهما واحدة، ثم إن إحداهما ولدت ولداً، ثم إن الأخرى جنت على الولد ¬

_ (¬1) ز: ثم أديا. (¬2) ز: أديا. (¬3) م ز - ولا. (¬4) ز - لو. (¬5) م ط: حتى تستوفيه. (¬6) ز: لم يقضي. (¬7) ز: تصير. (¬8) ز: في عتقه. (¬9) ز + عبد.

باب جناية المكاتب بين اثنين

جناية، ما القول في ذلك؟ قال: يقضى عليها بالأقل من قيمتها ومن الجناية، فيكون ذلك للأم دون الولد. قلت: أرأيت إن لم يقض (¬1) عليها بشيء حتى أدتا (¬2) وعتق الولد لمن تكون (¬3) الجناية؟ قال: للأم دون الولد؛ لأنه وجب لها قبل أن يعتق. قلت: أرأيت إن أدت الأخرى جميع (¬4) المكاتبة دون أم الولد، وقد جنت الأخرى على الولد جناية تبلغ قدر حصتها من المكاتبة، أيكون ذلك قصاصًا بما يرجع عليها به مما أدت عنها؟ قال: نعم. قلت: ولم ذلك؟ قال: لأن ذلك دين للأم عليها، فصار قصاصًا. قلت: أرأيت إذا كاتب الرجل عبدين له مكاتبة واحدة وجعل نجومهما واحدة، ثم إن أحدهما قتل صاحبه خطأ، وقد ترك المقتول وفاء بالمكاتبة، ما القول في ذلك؟ قال: يأخذ المولى من مال المقتول جميع المكاتبة، ويكون ما بقي ميراثاً لورثة المقتول إن كان له ورثة سوى المولى، وإلا كان ذلك للمولى. ويرجع (¬5) الورثة على القاتل بحصته من المكاتبة التي أداها الميت بالأقل من قيمته ومن قيمة المقتول يوم قتله. قلت: ولم؟ قال: لأن المقتول قد أدى عنه المكاتبة، فلا بد من أن ترجع عليه بذلك وبقيمة المقتول. ... باب جناية المكاتب بين اثنين قلت: أرأيت عبداً بين رجلين كاتب أحدهما نصيبه بغير أمر صاحبه، ثم جنى جناية، ثم أدى المكاتبة، ثم خاصمهم صاحب الجناية بعد ذلك، ما القول فيه؟ قال: يقضى على المكاتب بالأقل من نصف قيمته ونصف أرش الجناية. وأما الشريك الذي لم يكاتب فإنه يأخذ من شريكه ¬

_ (¬1) ز: لم يقضى. (¬2) ز: أديا. (¬3) ز: يكون. (¬4) ز + القيمة. (¬5) ز: فيرجع.

نصف ما أخذ من المكاتبة، ويرجع به الشريك على المكاتب. والشريك الذي لم يكاتب بالخيار، إن شاء أعتق، وإن شاء استسعى، وإن شاء ضمن إن كان غنياً. فإن أعتق أو استسعى فالولاء بينهما نصفان. فإن فعل الشريك ذلك وقبض فهو ضامن للأقل من نصف قيمة المكاتب ومن أرش الجناية. قلت: وكذلك إن كاتبه الشريك بإذن صاحبه؟ قال: نعم، إلا أنه لا ضمان فيه. قلت: أرأيت إن عجز المكاتب فرد رقيقاً وقد كان قضي (¬1) عليه بما ذكرت ما القول فيه؟ قال: يباع نصف العبد بما قضي عليه به، وهو نصف الذي كاتب بنصف الأرش، ويقال للذي لم يكاتب: ادفع نصيبك بنصف الجناية أو افده بنصف الأرش. قلت: أرأيت إن كان العبد بين رجلين فكاتب أحدهما نصيبه بغير إذن شريكه، ثم اشترى المكاتب عبداً، فجنى العبد جناية عنده، ثم إن المكاتب أدى، ما القول في ذلك؟ قال: يخير المكاتب والذي لم يكاتب، فإن شاءا دفعاه، وإن شاءا فدياه بالدية. قلت: ولم؟ قال: لأن نصف العبد للذي لم يكاتب ونصفه للمكاتب. قلت: أرأيت عبداً بين رجلين كاتب أحدهما نصيبه بغير إذن شريكه، ثم إن العبد وُلد له من أمة له ولدٌ في المكاتبة، فجنى الولد جناية على الأب، وجنى الأب على الولد بعد ذلك، ما القول في ذلك وقد أدى الأب فعتق؟ قال: يكون في عنق (¬2) الابن نصف قيمة نفسه، ويسعى فيها للمولى الذي لم يكاتب؛ لأنه عتق بأداء المكاتب. والذي لم يكاتب (¬3) بالخيار في المكاتب على ما وصفت لك. وأما أم ولد المكاتب فإن المكاتب ضامن لنصف قيمتها للذي لم يكاتب. قلت: ولم؟ قال: لأنها أم ولد، ولا سعاية على أم الولد في حال. وأما جناية الابن على الأب فقد جنى ونصفه مكاتب مع أبيه ونصفه رقيق والأب على تلك الحال، فما كان في الابن (¬4) من حصة الذي لم يكاتب فهو في عنق الابن، يبطل من ذلك نصفه، ويثبت ¬

_ (¬1) ف: وكان قد قضي. (¬2) ز: في عتق. (¬3) ف + لأنه. (¬4) ف ز: في الأب.

نصفه في النصف، وهو ربع قيمته، ويثبت للابن مثل ذلك في نصف الأب في حصة المولى الذي لم يكاتب، فيكون قصاصاً، ولا يكون لأحد على أحد شيء. قلت: أرأيت إذا كاتب أمة بينه وبين رجل آخر، فكاتب حصته منها، ثم إنها ولدت ولدا، فازدادت خيراً، أو نقصت من غير عيب، ثم أدت فعتقت، فاختار الشريك أن يضمن الذي كاتب وهو موسر وقد كان كاتبها بغير إذن شريكه؟ [قال:] فإنه يضمنه نصف قيمتها يوم عتقت، ولا يلتفت إلى زيادتها ولا إلى نقصانها. ألا ترى أني أجعل له نصف كسبها ونصف ولدها ونصف ما جنى عليها. ولو كان الضمان إنما يجب له يوم كاتب لم يكن للشريك من ذلك [شيء] (¬1). قلت: أرأيت أمة بين رجلين كاتب (¬2) أحدهما نصيبه منها، ثم إنها ولدت (¬3) ولداً، فكاتب الآخر نصيبه من الولد، ثم إن الولد جنى على أمه، وجنت الأم عليه جناية لا تبلغ النفس، ثم أديا فعتقا، والموليان موسران، ما القول في ذلك؟ قال: الذي كاتب الأم لا ضمان له على شريكه في الولد، مِن قِبَل أن مكاتبة الأم مكاتبة للولد، لأنها ولدت وهي مكاتبة. وللذي كاتب الولد أن يضمن الذي كاتب الأم نصف قيمة الأم إن كان موسراً. فإن شاء استسعاها، وإن شاء أعتقها. فإن أعتقها أو استسعاها كان ولاؤها وولاء ولدها (¬4) بينهما. فإن (¬5) ضمّن مولى الأم الذي كان كاتبها فولاء الولد بينهما، وولاء الأم للذي ضمن، وجناية الولد على أمه، وجناية أمه (¬6) عليه على ما وصفت لك في العبد وابنه (¬7)، إلا أن الذي يلحق كل واحد منهما لصاحبه في هذا الوجه ثلاثة أرباع قيمته، فيكون قصاصاً. قلت: أرأيت العبد يكون بين الرجلين فيفقأ عين أحدهما، ثم إن الذي ¬

_ (¬1) من ب جار ط. (¬2) م ز: كان؛ صح م هـ. (¬3) م + ولدت. (¬4) ز: ولد. (¬5) ز: وإن. (¬6) ط: الأم. (¬7) ز: وأبيه.

فقأ عينه كاتبه، ثم إنه جرحه جرحا، ثم أدى فعتق، وقد مات المولى من الجنايتين جميعاً، ما القول في ذلك؟ قال: الذي لم يكاتب بالخيار، إن شاء أعتق، وإن شاء ضمّن الذي كاتب إن كان موسراً، وإن شاء استسعى إذا كان معسرأ. فإذا فعل أحد هذه الخصال دفع نصف قيمة العبد إلى ورثة الميت بجنايته، ويقال للعبد: عليك أن تسعى في الأقل من قيمتك ومن ربع الجناية بين ورثة الميت. قلت: أرأيت عبداً بين رجلين جنى على أحدهما جناية، فقأ عينه أو قطع يده، ثم إن الآخر باع نصف نصيبه من شريكه وهو يعلم بالجناية، ثم إن العبد أيضاً جنى عليه جناية أخرى، ثم إن المولى الذي باع ربعه (¬1) اشترى ذلك الربع من صاحب الجناية، ثم كاتبه الذي جنى عليه على نصيبه، ثم جنى عليه جناية أخرى، ثم أدى فعتق، ثم مات المولى من الجنايات كلها، ما القول في ذلك؟ قال: يكون على المكاتب نصف قيمته بجنايته وهو مكاتب، إلا أن يكون ربع الدية أقل من ذلك، ويكون على الشريك الذي لم يكاتب سدس دية وربع سدس دية صاحبه (¬2) ونصف قيمة العبد، ولا يؤدي نصف القيمة حتى يعتق أو يستسعى أو يضمن. قلت: أرأيت إن كان العبد بين رجلين، فقطع يد رجل، ثم باعه أحدهما من صاحبه وهو يعلم بالجناية، ثم اشتراه فقطع يد آخر وفقأ عين الأول، ثم ماتا جميعاً من ذلك، ما القول فيه؟ قال: يقال للشريك الأول الذي كان اشتراه: ادفع نصيبك الذي كان في يديك إلى أولياء القتيلين (¬3)، فيكون بينهم نصفين، أو افده بعشرة آلاف لكل واحد خمسة آلاف، ويقال للشريك البائع الأول: ادفع إلى الأول ألفين وخمسمائة واجبة عليك أو افده (¬4) بألفين وخمسمائة، فادفعها إلى ولي القتيل الأول، وافده بخمسة آلاف من الآخر، وادفع النصف الذي في يديك إليهما، فيقتسمانه أثلاثاً: ¬

_ (¬1) ز: اربعه. (¬2) ف - صاحبه. (¬3) ز: القبيلتين. (¬4) م ف ز: وافده والتصحيح من ط.

[ثلث] (¬1) لصاحب الجناية الأولى، وثلثان لصاحب الجناية الآخرة. قلت: أرأيت إذا كان العبد بين رجلين قيمته ألف درهم، فجنى (¬2) جناية على رجل، فكاتب أحدهما نصيبه وهو يعلم، ثم جنى على ذلك الرجل جناية أخرى، ثم كاتبه الآخر وهو لا يعلم، ثم جنى عليه الثالثة، ثم مات المجني عليه من ذلك وهو مكاتب لهما جميعاً، ما القول فيه؟ قال: على المولى الأول ربع الدية، وعلى المولى الثاني الأقل من ربع الدية ومن نصف قيمته، وعلى المكاتب أن يسعى في الأقل من جميع قيمته ومن نصف الدية. قلت: أرأيت عبداً بين رجلين، كاتب أحدهما نصيبه بإذن شريكه، ثم إن العبد (¬3) جنى جناية فقتل رجلاً خطأ، ثم إن المكاتب اشترى جارية فولدت له ولداً في مكاتبته، ثم إن العبد مات ولم يقض عليه بالجناية وقد ترك مالاً كثيراً، ما القول في ذلك؟ قال: يكون نصف ما ترك للسيد (¬4) الذي لم يكاتب، ويأخذ الذي كاتب المكاتبة مما بقي من مال العبد، ويأخذ الذي لم يكاتب (¬5) نصف (¬6) قيمة العبد مما بقي من مال العبد إن كان (¬7) الذي كاتب موسراً أو معسراً، والولاء بينهما نصفان، ولا ضمان على الذي كاتب، وينظر إلى الجناية والى القيمة، فيقضى بنصف الأقل من ذلك فيما ترك والنصف على الذي لم يكاتب، وما بقي فهو ميراث إلا أنك تبدأ بالجناية فتقضي (¬8) بها. قلت: ولم؟ قال: لأن نصيب الذي كاتب من (¬9) الجناية (¬10) على العبد، والنصف الباقي على الذي لم يكاتب. ألا ترى أن العبد لو كان حياً فأدى (¬11) المكاتبة لم يكن على المكاتب ¬

_ (¬1) الزيادة من ط. (¬2) ز: يجني. (¬3) ز: إن العيد. (¬4) ز: السيد. (¬5) ف - ويأخذ الذي كاتب المكاتبة مما بقي من مال العبد ويأخذ الذي لم يكاتب. (¬6) ف: بنصف. (¬7) ز: إن كاتب. (¬8) ز: فيقضي. (¬9) ز ط - من. (¬10) م: أن الجناية. (¬11) ز: فأدت.

ضمان لأنه كاتب بإذن شريكه، والآخر بالخيار، إن شاء أعتق، وإن شاء استسعى، ويقضى في الجناية بنصف الأقل منها ومن نصف القيمة على الذي لم يكاتب في ماله قبل أن يؤدي السعاية لأنه أذن في المكاتبة. فكذلك إذا مات وولده حي (¬1) يسعى فيما عليه. فإن كان الولد مات قبله ثم مات المكاتب بعد ذلك، فقبض المولى نصف السعاية من ماله، ضمن المولى نصف الأقل من الأرش، ونصف القيمة لصاحب الجناية. قلت: أرأيت إن لم يدع المكاتب شيئاً، وترك ولده الذي ولد له في المكاتبة، وقد ماتت (¬2) الأم، ما القول في ذلك؟ قال: الولد بمنزلة أبيه يسعى فيما على أبيه من المكاتبة، ويقضى عليه بالأقل من نصف الجناية ومن نصف قيمة أبيه. فإذا أدى ما على أبيه من المكاتبة عتق، ويصير نصف ما اكتسب الولد للذي لم يكاتب إلى يوم عتق، ويرجع السيد على الذي كاتب بنصف ما أخذ من الولد من المكاتبة (¬3)، ويرجع الذي كاتب بذلك على الولد. والشريك الذي لم يكاتب بالخيار، إن شاء أعتق نصيبه من الولد، وإن شاء استسعى. فإن استسعى أو قبض أو أعتقه ضمن نصف الأقل من الجناية ومن نصف قيمة الأب؛ لأنه كان ذلك في عنق (¬4) الأب، فولده بمنزلته. ولو لم يقبض (¬5) من الولد شيئاً ضمن أيضاً الأقل من نصف الجناية ونصف قيمة الأب في الوجهين جميعاً. وهذا الباب كله على قياس قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا كان العبد بين رجلين فكاتب أحدهما نصيبه بإذن شريكه فهو مكاتب كله بالمال الذي كاتبه عليه، وأما إذا كان بينهما نصفين فإذا أدى جميع المكاتبة إليهما عتق، وجنايته وهو مكاتب بمنزلة جناية الذي كوتب جميعه. ... ¬

_ (¬1) ف + حتى. (¬2) ز: مات. (¬3) ز - من المكاتبة. (¬4) ز: في عتق. (¬5) ز: يقيض.

باب جناية العبد على الحر وأحدهما على صاحبه

باب جناية العبد على الحر وأحدهما على صاحبه قلت: أرأيت عبداً جنى على حر جناية، فقطع يده أو فقأ عينه وذلك كله خطأ، فبرأ (¬1) الحر، ثم إن العبد قَطَعَ رَجُلٌ رِجْلَه (¬2) أو (¬3) يَدَه أو فقأ عينه خطأ، فبرأ (¬4) العبد، ولا يُعلَم أي الجنايتين كان (¬5) قَبْلُ: جناية الحر على العبد أو جناية العبد على الحر، ثم جاء الحر المجني عليه يخاصم مولى العبد، وجاء مولى العبد يخاصم الجاني على العبد، فقال المولى للمجني عليه: إنما جنى على عبدي قبل أن يجني عليك، وقال المجني عليه: إنما جنى علي قبل أن يجني عليه، ما القول في ذلك؟ قال: القول قول المولى إذا حلف إلا أن يكون للمجني عليه بينة على ما ادعى. فإن لم تكن (¬6) له بينة كان للمولى على الجاني على العبد نصف قيمة العبد، ويخير المولى، فإن شاء دفع العبد إلى المجني عليه، وإن شاء فداه بجميع الجناية، ولا يكون للمجني عليه من نصف قيمة العبد الذي أخذ المولى شيء؛ لأن ذلك للمولى حتى يُعلَم أن جناية العبد جملى الحر قَبْلُ. قلت: وكذلك إن جنى عبد على حر فقطع يده أو فقأ عينه خطأ، ثم جنى ذلك الحر على العبد فقطع يده أو فقأ عينه، ثم برآ (¬7) جميعاً؟ قال: نعم، هذا والأول سواء إذا كان لم يُعلَم أي الجنايتين كانت قَبْلُ. قلت: فلم صار هذا هكذا؟ قال: لأن أرش الجناية على العبد للمولى حتى يُعلَم أن جناية العبد على الحر قَبْلُ. ألا ترى لو أن عبداً فقأ عين حر أو قطع يده، ثم إن المولى جرح عبده جراحة، ولا يُعلَم أي ذلك قَبْلُ، فقال المولى: فعلت (¬8) ذلك بعبدي قبل أن يجني عليك، كان القول قول السيد، والسيد بالخيار، ¬

_ (¬1) ز: فبرى. (¬2) م ف ز: رجل. (¬3) م - أو. وانظر: المبسوط، 27/ 118. وقد صحح العبارة في ط بتغيير وزيادة بالاستفادة من معنى ما ورد عند السرخسي، لكن لا حاجة إلى ذلك. (¬4) ز: فبرى. (¬5) ز: إلا. (¬6) ز: لم يكن. (¬7) ز: ثم بريا. (¬8) ف: فعل.

إن (¬1) شاء دفع العبد، وإن شاء فداه. قلت: أرأيت عبداً وحرا (¬2) التقيا (¬3) ومع كل واحد منهما عصا، فاضطربا، فشجّ كل واحد منهما صاحبه مُوضِحَة، فبرآ (¬4) جميعاً، ولا يُدرَى أيهما بدأ بالضربة، فقال المولى للحر: أنت بدأت بالضربة، وقال الحر: بل العبد بدأ بها، ما القول في ذلك؟ قال: القول (¬5) قول المولى، وعلى الحر نصف عشر قيمة العبد للمولى، والمولى بالخيار، إن شاء دفع العبد إليه، وإن شاء فداه بأرش الموضحة بخمسمائة. قلت: ولم؟ قال: لأن أرش موضحة العبد قد وجب للسيد على الحر. قلت: أرأيت إن كان مع العبد سيف ومع الحر عصا، فالتقيا فاضطربا، فجرح كل واحد منهما صاحبه جراحة، فمات العبد، وبرأ (¬6) الحر، فقال المولى للحر: أنت بدأت بالضربة، وقال الحر: بل العبد بدأني (¬7)، ما القول في ذلك؟ قال: القول قول السيد، ويكون جميع قيمة العبد على عاقلة الحر، وينظر إلى قيمة العبد مجروحًا يوم جرحه الحر وإلى قيمته صحيحاً، فيكون ما نقص العبد من ضربة الحر إلى يوم ضرب العبد الحر للسيد (¬8)، وينظر إلى ما بقي، فيكون أرش جناية جراحة الحر فيه، فإن كان في ذلك فضل كان للسيد، وإن كان فيه نقصان لم يكن على السيد شيء. قلت: ولم صار هذا هكذا؟ قال: لأن الحر حيث ضرب العبد وجب أرش ذلك عليه للمولى، فلما ضرب العبد الحر كان أرش جراحة الحر في عنق (¬9) العبد مجروحًا، وإنما تصير (¬10) له قيمته في الحال التي ضربه فيها العبد. قلت: وسواء إن كان مع العبد في هذا الوجه سيف أو عصا إذا برأ (¬11) الحر؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنه إذا برأ (¬12) فليس بينهما قصاص، والسيف والعصا في ¬

_ (¬1) ز: وإن. (¬2) ز - وحرا. (¬3) ز: التقا. (¬4) ز: فبريا. (¬5) ز: المولى. (¬6) ز: وبري. (¬7) م ط: بدأ بي. (¬8) ف: السيد. (¬9) ز: في عتق. (¬10) ز: يصير. (¬11) ز: إذا برى. (¬12) ز: إذا بري.

ذلك سواء بمنزلة (¬1). ألا ترى أن عبداً لو جرح حراً جراحة بسيف أو عصا فبرأ (¬2) لم يكن بينهما قصاص. قلت: أرأيت إن التقى حر وعبد، ومع الحر سيف ومع العبد عصا، فاضطربا، فجرح كل واحد منهما صاحبه، ولا يُدرَى أيهما بدأ، وقد مات العبد وبرأ (¬3) الحر، وأرش جراحة الحر أكثر من قيمة العبد، فقال المولى للحر: أنت بدأت فضربت عبدي، وقال الحر: بل العبد بدأ فضربني، ما القول في ذلك؟ قال: القول قول السيد، إن (¬4) شاء السيد قتل الحر، وإن شاء عفا عنه؛ لأن القصاص قد وجب على الحر، إلا أن يقيم بينة على ما ادعى ويبطل حق الحر. قلت: ولم؟ قال: لأن الحر ضرب العبد بالسيف فمات من ضربته، وقد وجب عليه القصاص، فكان حق الحر في عنق العبد، وقد بطل لأن العبد مات. قلت: فإن أقام الحر البينة على [أن] (¬5) العبد بدأ بالضربة ما القول في ذلك؟ قال: هذا مثل الأول. قلت: أرأيت إن كانت قيمة العبد عشرة آلاف أو أكثر وإنما شج الحر العبد موضحة (¬6) ما القول في ذلك؟ قال: هذا والأول سواء. قلت: أرأيت عبداً وحراً التقيا، ومع كل واحد منهما عصا، فاضطربا، فشج كل واحد منهما صاحبه موضحة، فبرآ (¬7) جميعاً، ولا يعلم أيهما بدأ، وقال السيد للحر: لا أدري أيكما بدأ، وأقر بذلك الحر أيضاً، ما القول في ذلك؟ قال: يخير السيد، فإن شاء فدى العبد، وإن شاء دفعه. فإن دفعه إليه رجع السيد على الحر بنصف أرش جناية الحر على العبد. قلت: ولم يرجع السيد على الحر بنصف أرش (¬8) الجناية؟ قال: لأن الحر إن كان بدأ بالضربة ¬

_ (¬1) ف - بمنزلة. (¬2) ز: فبرى. (¬3) ز: وبرى. (¬4) ف: وإن. (¬5) من ط. (¬6) ز: موصجة. (¬7) ز: موصجة فبريا. (¬8) ز - جناية الحر على العبد قلت ولم يرجع السيد على الحر بنصف أرش.

فقد وجب أرشها على [الحر] للسيد (¬1)، وإن كان العبد هو الذي بدأ فلا شيء (¬2) للسيد على الحر حين دفعه اليه، فإذا لم يُعلَم كان نصف ذلك على الحر للسيد، لأنه لا يجب عليه في حال ويجب (¬3) عليه في حال (¬4). قلت: أرأيت إن قال السيد: أنا أفديه، بكم يفديه؟ قال: يفديه (¬5) بجميع أرش الجناية كلها. ألا ترى لو عُلِمَ أيهما بدأ فاختار السيد إمساك العبد في الوجهين جميعاً كان عليه أن يفديه، وكذلك إذا لم يُعلَم إذا اختار فِداءه. قلت: أرأيت إذا فداه هل يرجع على السيد الحر بشيء؟ قال: نعم، بجميع أرش الجناية. قلت: ولم؟ قال: لأنه لو علم أيهما بدأ فكان الحر الذي بدأ قبل ثم فداه السيد رجع على الحر بأرش جراحة العبد، [وَ] لو (¬6) كان العبد الذي بدأ (¬7) واختار أن يفديه رجع على الحر بأرش جراحته كلها، فكذلك إذا لم يُعلَم. قلت: أرأيت عبدين التقيا ومع (¬8) كل واحد منهما عصا، فاضطربا، فشج كل واحد منهما صاحبه موضحة، والسيدان مقران بالجراحتين جميعاً، وقد برآ جميعاً (¬9)، ما القول في ذلك؟ قال: يخير كل واحد منهما، فإن شاءا دفعاه وإن شاءا فدياه، فإن اختارا جميعاً الدفع صار عبد هذا لهذا وعبد هذا لهذا، ولا يرجع واحد منهما (¬10) على صاحبه بشيء سوى ذلك. قلت: أرأيت إن اختارا جميعاً الفداء ما القول فيه؟ قال: يفدي كل واحد منهما عبده بأرش جنايته عند صاحبه تاماً، ويصير عبد (¬11) كل واحد منهما له. ¬

_ (¬1) م ف ز: على السيد؛ ط: على الحر السيد. والتصحيح والزيادة مستفاد من ب جار؛ والمبسوط، 27/ 119. (¬2) ط: فلا يقضي. (¬3) م ف: ولا يجب. والتصحيح من ط. (¬4) ز - ويجب عليه في حال. (¬5) ف + قال يفديه. (¬6) الواو من ط. (¬7) ز: فدا. (¬8) ف: مع. (¬9) ز - وقد برآ جميعاً. (¬10) ز - فإن شاءا دفعاه وإن شاءا فدياه فإن اختارا جميعاً الدفع صار عبد هذا لهذا وعبد هذا لهذا ولا يرجع واحد منهما. (¬11) ز: عند.

قلت: ولم؟ قال: لأن كل واحد منهما إذا فدى عبده رجع على صاحبه بما جنى على عبده، فإذا دفع كل واحد منهما عبده لم يكن عليه شيء بعد ذلك؛ لأن جناية كل واحد منهما في عنق صاحبه. قلت: أرأيت إن عُلِمَ أيهما بدأ بالضربة وقد شج كل واحد منهما صاحبه موضحة ما القول في ذلك؟ قال: يخير مولى العبد الضارب الذي كان بدأ بالضربة، فإن شاء فداه، وإن شاء دفعه. فإن دفعه صار العبدان جميعاً للمدفوع إليه، ولا يرجع الدافع عليه؛ لأن عبده هو الذي بدأ بالضربة، فوجبت الجنابة في عنق عبده. فلما جنى عليه فدفعه لم يكن له (¬1) على الآخر شيء؛ لأن العبد قد كان وجب لمولى المضروب يومئذ. فإن فداه رجع على الآخر بأرش جراحة عبده، فيخير الآخر، فإن شاء دفع عبده، وإن شاء فداه قلت: أرأيت إن مات الذي بدأ بالضربة وبرأ (¬2) الآخر، وقيمة الميت خمسة آلاف، وقيمة الباقي خمسة آلاف، وقد شج الميت الباقي موضحة، ما القول في ذلك؟ قال: تكون (¬3) قيمة الميت منهما في عنق (¬4) هذا الباقي، فإن شاء مولى الباقي فداه، وإن شاء دفعه. فإن فداه بقيمة الميت رجع في القيمة، فأخذ منهما أرش جراحة عبده، ويكون الفضل للمولى. وإن دفعه رجع بأرش الشجة في عنق (¬5) عبده الذي دفع، ويخير المدفوع إليه، فإن شاء فداه بأرش الجراحة، وإن شاء دفعه إليه أيضاً. قلت: ولم؟ قال: لأن أرش هذه الجراحة كانت في عنق العبد الأول، فلما دفع إلى مولى الأول العبد (¬6) وقيمته صار أرش جراحة الباقي في ذلك. ألا ترى لو أن عبداً شج عبداً موضحة ثم إن عبداً آخر قتل العبد الشاج خطأ خير مولاه، فإن شاء فداه، وإن شاء دفعه إلى مولى العبد الميت. فإن فداه كان أرش جراحة المشجوج في ذلك. فإن كان في الأرش فضل كان للمولى، وإن كان نقصان ¬

_ (¬1) ف ز - له. (¬2) ز: وبرى. (¬3) ز. يكون. (¬4) ز: في عتق. (¬5) ز: في عتق. (¬6) م ف ز ط: والعبد. والتصحيح من ب جار.

لم يكن عليه شيء. وإن دفع العبد إلى مولى الميت خير مولى (¬1) العبد الميت، فإن شاء دفع هذا العبد إلى مولى العبد الذي جرحه الميت. وكذلك الباب الأول لأن قيمته بمنزلته. وإن شاء فداه بأرش الجراحة. قلت: أرأيت عبدين التقيا مع كل واحد منهما عصا (¬2)، فاضطربا فشج كل واحد منهما صاحبه موضحة، فبرأ (¬3) كل واحد منهما، والذي بدأ بالضربة معروف، ثم إن عبداً لرجل قتل العبد الذي بدأ بالضربة خطأ، ما القول في ذلك؟ قال: تكون قيمته في عنق العبد القاتل، ويخير مولاه، فإن شاء فداه وإن شاء دفعه. فإن فداه نظر إلى قيمته وإلى أرش جراحة العبد الباقي. فإن كان في قيمته فضل كان الفضل للمولى، ويكون ما بقي لمولى العبد الباقي. قلت: ولم؟ قال: لأن أرش جراحة عبده في هذه القيمة، ثم يرجع مولى العبد المقتول بأرش جناية عبده، فيكون في عنق (¬4) العبد الباقي، فإن شاء مولاه فداه (¬5)، وإن شاء دفعه. قلت: ولم؟ قال: لأن أرش تلك الجراحة كانت في عنق هذا الباقي. ألا ترى لو أن ذلك العبد قتل، فخير المولى مولى القاتل، فاختار الفداء، رجع مولى الآخر الباقي بأرش جناية عبده في ذلك الفداء. فكذلك الباب الأول؛ لأنه قد أخذ أرش جناية عبده (¬6) من قيمة العبد المقتول. قلت: أرأيت إن كان مولى العبد القاتل اختار دفع العبد (¬7) إلى مولى المقتول، فدفعه إليه، ما القول في ذلك؟ قال: يكون بمنزلة المقتول، فيخير مولى المقتول (¬8)، فإن شاء دفع بهذا العبد، وإن شاء فداه، فإن دفعه صارا (¬9) جميعاً (¬10) للمدفوع إليه، ولا يكون له على المدفوع إليه شيء من أرش جناية عبده. قلت: ولم؟ قال: لأن الأول لو كان حياً فدفعه لم يكن له شيء؛ لأن عبده الذي كان ¬

_ (¬1) ز: يخير لمولى. (¬2) م - عصا، صح هـ.؛ ز: عصبا. (¬3) ز: فنرى. (¬4) ز: في عتق. (¬5) م - فداه، صح هـ. (¬6) ز - في ذلك الفداء فكذلك الباب الأول لأنه قد أخذ أرش جناية عبده. (¬7) ف: الفدا. (¬8) ز - فيخير مولى المقتول. (¬9) ز: صار. (¬10) ز - جميعاً.

بدأ. فكذلك هذا العبد القاتل؛ لأن هذا بمنزلة الأول. ألا ترى أنه دفع مكانه فصار بمنزلته. قلت: أرأيت إن فداه هل يرجع بأرش جناية المقتول في عنق (¬1) العبد الباقي؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا التقى العبدان ومع كل واحد منهما عصا، فضرب كل واحد منهما صاحبه فشجه (¬2) موضحة، والأول منهما يُعلَم، فبرآ (¬3) جميعاً، ثم إن عبداً لرجل آخر قتل الآخر منهما، ما القول في ذلك؟ قال: يخير مولى القاتل، فإن شاء فداه وإن شاء دفعه، فإن دفعه (¬4) كان بمنزلة المقتول. ويخير مولى العبد الضارب الأول، فإن شاء دفع عبده، وإن شاء فداه، ويكون الأمر في هذا بمنزلة ما ذكرت لك من الباب الأول. قلت: أرأيت إن فدى مولى القاتل بقيمة المقتول ما القول في ذلك؟ قال: يخير مولى العبد الأول، فإن شاء دفع عبده إلى مولى المقتول، وإن شاء فداه. فإن دفعه إلى مولى المقتول فلا شيء له على مولى المقتول ولا في قيمة المقتول. فإن فداه رجع في قيمة المقتول بأرش جراحة عبده، فيأخذ أرش ذلك من قيمة المقتول. فإن كان في قيمة المقتول فضل كان لمولاه، وإن كان نقصان لم يكن على مولى المقتول شيء. قلت: أرأيت إن مات العبد القاتل ما القول في ذلك؟ قال: يخير مولى العبد الباقي، فإن شاء دفع أرش شجة المقتول وأمسك عبده، وإن شاء دفع عبده. فإن دفعه أو فداه بطل حقه. قلت: ولم؟ قال: لأن عبده الذي بدأ، فقد وجب في عنق (¬5) عبده أرش جراحة ذلك العبد، فكان أرش جراحة عبده في عنق الآخر مجروحًا، وقد قتل العبد، وإنما حقه في قيمته، فقد بطلت قيمته حين مات العبد الذي قتله. قلت: ولم أبطلت حقه إذا فداه؟ قال: لأن حقه إنما وجب في عنق (¬6) العبد الميت بعدما صار أرش جراحة الميت للمولى. ألا ترى أن ذلك العبد إنما ضرب عبده بعدما ضربه الأول. ولو كان حيا لم يمت ففداه كان أرش ¬

_ (¬1) ز: في عتق. (¬2) ف - فشجه. (¬3) ز: فبريا. (¬4) ز - فإن دفعه. (¬5) ز: في عتق. (¬6) ز: في عتق.

جراحة عبده في عنق (¬1) العبد. ويكون الأرش الذي أخذ صاحب العبد الباقي له خاصة. وإنما يكون حق مولى العبد الأول في عنق (¬2) الباقي مجروحا. قلت: أرأيت إن مات الضارب الأول من غير ذلك وبقي الآخر بعدما برآ (¬3) جميعاً ما القول في ذلك؟ قال: مولى الأول بالخيار، فإن شاء دفع إلى مولى العبد الحي أرش جناية العبد. فإن دفع الأرش إليه اتبع مولى العبد الميت مولى العبد الحي بأرش جناية عبده، فيخير مولى الآخر. فإن شاء دفعه بذلك، وإن شاء فداه. فإن أبى أن يدفع الأرش فلا شيء له في عنق (¬4) ذلك العبد الحي. قلت: ولم؟ قال: لأن العبد الميت بدأ فشج الحي ثم شج الحي الميت، فكانت جناية الحي في عنق (¬5) الميت قبل أن يجب أرش جناية الميت في عنق الحي. ألا ترى أن الأول لو كان حياً كان مولاه بالخيار، إن شاء دفعه، وإن شاء فداه، فإن فداه اتبع (¬6) جناية عبده الآخر. فإما أن يفديه مولاه، واما أن يدفعه. فإن دفعه فلا شيء له، ويصيران جميعاً للمدفوع إليه الذي فدى العبد الأول. قلت: أرأيت إن كان العبد الأول الضارب قتله عبد لرجل خطأ بعدما برآ (¬7) جميعاً ما القول في ذلك؟ قال: يخير مولى القاتل، فإن شاء فداه، وإن شاء دفعه. فإن فداه كان آرش جناية العبد الحي في قيمة (¬8) هذا المقتول، فيأخذ مولى الحي أرش ذلك من هذه القيمة. فإن فضل شيء من القيمة كان للمولى، وإن لم يفضل لم يكن عليه شيء. ويتبع (¬9) المولى بعد ذلك العبد الحي بأرش جناية عبده، فيخير مولاه، فإن شاء فداه، وإن شاء دفعه. فإن كان مولى العبد القاتل اختار دفع عبده فدفعه خير (¬10) مولى العبد الضارب الأول، فإن شاء دفع هذا العبد، وإن شاء فداه. فإن دفعه فلا شيء له في عنق (¬11) الآخر من أرش جناية ¬

_ (¬1) ز: في عتق. (¬2) ز: في عتق. (¬3) ز: بريا. (¬4) ز: في عتق. (¬5) ز: في عتق. (¬6) ز: ابيع. (¬7) ز: بريا. (¬8) ز: في قيمته. (¬9) ط: ويبيع. (¬10) ز: يخير. (¬11) ز: في عتق.

عبده. وإن فداه اتبعه بأرش جناية عبده، فإن شاء مولى العبد الحي فداه بأرش الجناية، وإن شاء دفعه. قلت: أرأيت عبدين التقيا مع كل واحد منهما عصا، فضرب كل واحد منهما صاحبه فشجه موضحة، فمات الضارب الأول منهما من الضربة، وبرأ (¬1) الآخر، ما القول في ذلك؟ قال: مولى العبد الميت بالخيار، فإن شاء دفع أرش جناية العبد الحي (¬2)، وكانت قيمة عبده في عنق (¬3) الباقي. ويخير مولاه، فإن شاء فداه وإن شاء دفعه. وإن أبى أن يدفع أرش جناية الحي فلا شيء له في عنق (¬4) الحي. قلت: ولم صار هذا هكذا؟ قال: لأن العبد الميت هو الذي كان بدأ بالضربة، فلا يكون له شيء في عنق (¬5) الحي حتى يؤدي أرش جناية الحي (¬6). ألا ترى لو أن العبد كان حياً في يدي (¬7) مولاه فقيل (¬8) له: ادفع عبدك أو افده، فلا يكون له شيء حتى يدفع أو يفدي. فإن فداه كان له العبد الآخر إلا أن يفديه مولاه. قلت: أرأيت إن برأ (¬9) الضارب الأول منهما ومات الآخر من الجناية ما القول في ذلك؟ قال: يخير مولى العبد الأول، فإن شاء دفع عبده إلى مولى الميت، وإن شاء فداه بقيمة الآخر. فإن فداه كان أرش جراحة عبده في الفداء بعدما يرفع منه أرش موضحة العبد الآخر، فيأخذ الأرش من ذلك، وما بقي فهو لمولى المقتول. وإن لم يكن فيه وفاء فلا شيء له سوى ذلك. وإن دفع عبده فلا شيء له. قلت: أرأيت إن برآ (¬10) جميعاً ثم إن عبداً لرجل قتل الآخر منهما خطأ ما القول في ذلك؟ قال: يخير مولى العبد القاتل، فإن شاء فداه، وإن شاء دفعه. فإن دفعه (¬11) كان هذا مكان العبد المقتول. ويخير مولى (¬12) الباقي، فإن شاء دفع عبده وإن شاء فداه. فإن فداه ¬

_ (¬1) ف: برى؛ ز: وبري. (¬2) ف: الحر. (¬3) ز: في عتق. (¬4) ز: في عتق. (¬5) ز: في عتق. (¬6) ف - حتى يؤدي أرش جناية الحي. (¬7) ز: في يد. (¬8) ز: قيل. (¬9) ز: إن يفدي. (¬10) ز: إن بريا. (¬11) ز - فإن دفعه. (¬12) م ف ز: المولى. والتصحيح من ب جار ط.

اتبع بذلك العبد القاتل، فكان أرش جراحة (¬1) عبده في عنق (¬2) ذلك العبد. فإن شاء مولاه فداه، وإن شاء دفعه. قلت: وكذلك إن كان قتل الأول وبقي الآخر؟ قال: نعم. قلت: أرأيت عبدين اضطربا، فضرب (¬3) كل واحد منهما صاحبه، ومع كل واحد منهما (¬4) عصا، فشج كل واحد منهما صاحبه موضحة، فبرآ (¬5) جميعاً، ثم إن الضارب منهما الأول قتل الآخر منهما (¬6) بعد ذلك خطأ، ما القول في ذلك؟ قال: صار في عنق (¬7) هذا العبد أرش هذه الشجة وقيمة العبد، فيخير مولى العبد الباقي. فإن شاء دفعه، وإن شاء فداه بأرش الشجة والقيمة. فإن دفعه فلا شيء له؛ لأن عبده هو الأول. وإن فداه كان أرش شجة (¬8) المقتول لمولاه خاصة، وكان أرش شجة هذا الباقي قيمة المقتول الذي قبض مولاه، فيأخذ مولى هذا الحي أرش شجة عبده من تلك القيمة. قلت: ولم؟ قال: لأن هذا العبد الأول قد صار في عنقه (¬9) أرش شجة المقتول وقيمته؛ لأنه هو الذي بدأ بالضربة. قلت: أرأيت إن كان هذا الجاني الآخر هو الذي (¬10) قتل الأول خطأ ما القول في ذلك؟ قال: يخير مولى هذ! العبد المقتول، فإن شاء أبطل جنايته، ولا يكون لواحد منهما على صاحبه شيء. وإن شاء فداه بموضحة العبد الحي. فإن فداه بموضحة العبد الحي خير مولى الباقي. فإن شاء دفع هذا العبد، وإن شاء فداه بقيمة المقتول. فإن فداه (¬11) بقيمته سلمت تلك القيمة لمولى العبد المقتول. وكذلك إن دفعه سلم له. قلت: ولم؟ قال: لأن مولى المقتول حين دفع أرش شجة الآخر سلصت له قيمة عبده، وكأن عبده كان (¬12) حياً فدفع ذلك ¬

_ (¬1) ف: جناية. (¬2) ز: في عتق. (¬3) ف: يضرب. (¬4) ز - صاحبه ومع كل واحد منهما. (¬5) ز: فبريا. (¬6) ز - الأول قتل الآخر منهما. (¬7) ز: في عتق. (¬8) ط: الشجة. (¬9) ز: في عتقه. (¬10) ز + بدأ بالضربة قلت أرأيت إن كان هذا الجاني الآخر هو الذي. (¬11) ز - فداه. (¬12) ف - كان.

إليه. قلت: أرأيت إن كان اختار مولى العبد الآخر دفع عبده فدفعه ما القول في ذلك؟ قال: يصير أرش شجة الذي كان شجه الأول في عنقه (¬1). فإن شاء المدفوع إليه فداه، وإن شاء دفعه. فإن دفعه (¬2) لم يكن للأول شيء. وكذلك إن فداه. قلت: أرأيت عبدين التقيا مع كل واحد منهما عصا، فاضطربا فشج كل واحد منهما صاحبه موضحة، ولا يُعلَم الضارب الأول منهما، فبرآ (¬3) جميعاً، ثم إن أحدهما قتل صاحبه بعد ذلك خطأ، ما القول في ذلك؟ قال: يخير مولى هذا القاتل، فإن شاء دفع عبده، وإن شاء فداه بقيمة المقتول المشجوج صحيحاً. فإن دفعه كان له نصف أرش شجته في عنقه (¬4). إن (¬5) شاء المدفوع إليه فداه بذلك، وإن شاء دفع منه حصة النفس، يقسم العبد المدفوع على نصف أرش شجة المقتول وعلى قيمته مشجوجاً، فيأخذ الذي دفعه منه حصة قيمة العبد المقتول مشجوجاً من العبد الذي دفع به. وإن فداه بالقيمة رجع عليه بأرش الشجة في الفداء بعدما يرفع (¬6) المولى نصف أرش شجته. قلت: أرأيت عبدين التقيا فاضطربا، فقطع كل واحد منهما يدي (¬7) صاحبه (¬8) معاً جميعاً، فبرآ (¬9) جميعاً، ما القول في ذلك؟ قال: يخير مولى كل واحد منهما، فإن شاء دفع عبده وأخذ عبد صاحبه، وإن أبيا فلا شيء لهما في قول أبي حنيفة. قلت: ولم؟ قال: لأن كل واحد منهما قد قُطعت يداه، فلا يكون لمولاه شيء إن أبى أن يدفعه. قلت: أرأيت أمة قطعت يد رجل خطأ، ثم إنها ولدت ولداً، ثم إن ولدها قتلها خطأ، ما القول في ذلك؟ قال: يخير المولى، فإن شاء دفع ¬

_ (¬1) ز: في عتقه. (¬2) ز - فإن دفعه. (¬3) ز: فبريا. (¬4) ز: في عتقه. (¬5) ز: فإن. (¬6) ز: يرقع. (¬7) ز: يد. (¬8) ز: صا. (¬9) ز: فبريا.

الولد إلى المقطوعة يده، وإن شاء فداه بالأقل من دية اليد ومن قيمة المقتول. قلت: ولم؟ قال: لأن دية يده كانت في رقبة الأم، فلما قتل الولد الأم كان في رقبته. قلت: أرأيت عبداً قتل رجلاً خطأ، ثم إن عبداً لرجل قطع يد ذلك العبد خطأ، فبرأ (¬1) من قطع يده، ما القول في ذلك؟ قال: يخير مولى القاطع، فإن شاء دفع عبده، وإن شاء فداه. فإن دفع عبده إلى ورثة الحر دفع ما أخذ من أرش جنايته معه. قلت: أرأيت إن دفع مولى العبد القاطع عبده إلى صاحب العبد المقطوعة يده أيكون العبدان جميعاً لورثة الحر إن اختار مولى العبد الدفع؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن الآخر بمنزلته؛ لأنه أرش يده. قلت: أرأيت إن أعتق (¬2) مولى العبد الذي قتل الحر العبد المدفوع إليه ما القول في ذلك؟ قال: يكون عتقه إياه اختياراً للعبد الجاني الأول، ويضمن جميع دية الحر. قلت: ولم صار هذا اختياراً؟ قال: لأنه لو أعتق الآخر كان اختياراً، فهذا بمنزلته. ألا ترى أنه أرش يده. قلت: ولو أن عبدين لرجل (¬3) قتلا رجلاً خطأ، فأعتق أحدهما وهو يعلم بالجناية، كان اختياراً للآخر؟ قال: لا، ولا يشبه هذا الأول؛ لأنهما في الأول بمنزلة عبد واحد. قلت: أرأيت إن أعتق المولى القاتل الذي قتل الحر أيكون اختيارأ لهما جميعاً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً قطع يدي عبد جميعاً، فأعتق السيد عبده قبل أن يبرأ (¬4)، وهو يعلم بقطع يدي عبده أو لا يعلم، ما القول في ذلك؟ قال: لا شيء له في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: يضمن الحر ما نقص العبد. قلت: أرأيت إن كان إنما أعتقه بعد البرء هل للمولى على القاطع شيء؟ قال: لا شيء له في قول أبي حنيفة. قلت: ولم؟ قال: لأنه أعتقه بعد البرء، فهذا (¬5) اختيار منه. ¬

_ (¬1) ز: فبرى. (¬2) م ز ط + المولى. (¬3) م ط: لرجلين. (¬4) ز: أن يبرى. (¬5) ز: وهذا.

وقال أبو يوسف ومحمد: إذا كانت أم الولد بين الرجلين فكاتباها (¬1) جميعاً فقتلت أحد الموليين كان (¬2) عليها الأقل من القيمة ومن الدية، فإن قتلت الآخر بعد ذلك كان على عاقلتها الدية وعليها الكفارة، فإن قتلتهما جميعاً معاً فعليها قيمة واحدة. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا قطع الرجل يد عبد وقيمته ألف درهم، فلم يبرأ (¬3) حتى صارت قيمته ألفين، فقطع آخر رجله من خلاف، ثم مات منهما جميعاً، فإنه (¬4) يصير على الأول ستمائة وخمسة وعشرون (¬5) درهماً، ويضمن الآخر سبعمائة وخمسين درهماً (¬6). ¬

_ (¬1) م ز: مكاتباها. (¬2) م ف ز ط: قال. (¬3) ز: يبرى. (¬4) م ف ز ط: قال. (¬5) ز: وعشرين. (¬6) م + آخر كتاب الجنايات والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله أجمعين كتبه أبو بكر بن أحمد بن محمد الطلحي الأصفهاني في محرم سنة تسع وثلاثين وستمائة؛ ف + آخر كتاب الجنايات والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله أجميعن حسبنا الله ونعم الوكيل؛ ز + والله أعلم. وقد ورد هنا في نسخ م ف ز ب جار: وجدت على الأصل نوادر منسوخة من كتاب جعفر بن محمد بن حمدان الفقيه ... فذكر فيها مسائل من كفارة اليمين والزكاة والطلاق، ووقد نقلها الأفغاني -رحمه الله- في هامش ط، 4/ 391 - 393. وهي ليست من الأصل كما هو ظاهر. ولم أجد لجعفر المذكور ترجمة، لكن في الجواهر المضية، 1/ 308: القاضي أبو الفضل محمد بن أحمد بن عيسى السعدي قال: سمعت أبا جعفر أحمد بن أحمد بن حمدان الفقيه يقول: سمعت علي بن موسى القمي يقول: سمعت محمد بن شجاع يقول: بعث معروف الكرخي وكان موصوفًا بالعبادة رجلاً من اْصحابه إلى دار أبي يوسف المْاضي وكان عليلا فقال له أظنه قد مات ... كما أن القدوري في نسبه جعفر بن حمدان. والله أعلم.

كتاب الديات

بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب الديات قال محمد بن الحسن: القتل على ثلاثة أوجه: عمد، وخطأ، وشبه العمد. فأما العمد فهو ما تَعمّدتَ ضربه بالسلاح، ففيه القصاص، إلا أن يعفو (¬2) الأولياء أو يصالحوا. وأما شبه العمد فهو ما تَعمّدتَ ضربه بالعصا أو السوط أو الحجر أو البُنْدُقَة (¬3)، ففيه الدية مغلظة على عاقلة (¬4) القاتل، وعلى القاتل الكفارة. وأما الخطأ فهو ما أصبتَ مما كنت تَعمّدتَ غيره فأخطأت به، فعلى القاتل الكفارة، وعلى عاقلته الدية. بلغنا ذلك عن إبراهيم النخعي (¬5). ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) ز: أن يعفوا. (¬3) البندقة طِينة مدوّرة يرمى بها. انظر: المغرب، "بندق". (¬4) عَقَلَ البعيرَ عَقْلًا، شدّه بالعِقَال، ومنه العَقل والمَعْقُلة: الدية، وعَقَلْتُ القتيل: أعطيت ديته، وعَقَلْتُ عن القاتل: لزمته دية فأديتها عنه، ومنه الدية على العاقلة، وهي الجماعة التي تغرم الدية، وهم عشيرة الرجل أو أهل ديوانه، أي الذين يرتزقون من ديوان على حدة. انظر: المغرب، "عقل". (¬5) رواه الإمام محمد عن الإمام أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم. انظر: الآثار لمحمد، 99. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 218. وانظر للأحاديث المتعلقة بذلك: نصب الراية للزيلعي، 4/ 327، والدراية لابن حجر، 2/ 260.

والكفارة ما قال الله تعالى في كتابه: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ ... فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} (¬1). وفي النفس الدية. وفي الأنف الدية، وفي المارِن الدية، والمارنُ كل ما دون قصبة الأنف. وفي اللسان كله الدية، وفي بعضه إذا منع الكلام الدية. وفي الذكر الدية كاملة، وفي الحشفة الدية كاملة. وفي الصُّلْب الدية كاملة إذا منع الجماع أو حَدِبَ (¬2)، فإن عاد إلى حاله ولم ينقصه ذلك شيئاً (¬3) إلا أن فيه أثر الضربة ففيه حكم عدل. بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قضى في اللسان الدية، وفي الأنف الدية، وفي الرَّجُل إذا ضرب على رأسه فذهب عقله الدية كاملة، وفي الرِّجْل إذا قُطِعَت نصف الدية، وفي اليد (¬4) إذا قطعت نصف الدية، وفي الأصابع عشر من الإبل، وأصابع اليدين والرجلين سواء، وفي العين إذا فقئت نصف الدية، وفي الأذن نصف الدية، وفي الذكر إذا قطع ففيه الدية، وفي المَأْمُومَة (¬5) ثلث (¬6) الدية، وفي الجائفة (¬7) ثلث الدية، وفي ¬

_ (¬1) يقول الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} (النساء: 92). (¬2) حَدِبَ أي صار أحدب. انظر: المغرب، "حدب". (¬3) ز: شيء. (¬4) ز: الذراع. (¬5) يأتي تفسيرها خلال رواية عن علي - رضي الله عنه - بعد قليل. والمأمومة مِنْ أَمَّه أي شَجَّه، والاسم آمّة ومأمومة، وهي التي تصل إلى أم الدماغ، وهي أشد الشِّجَاج، وصاحبها مأموم وأَمِيم، وأم الدماغ: الجلدة التي تجمعه. انظر: المصباح المنير، "أمم". (¬6) ف: ثلثا. (¬7) يأتي تفسيرها خلال رواية عن علي - رضي الله عنه - بعد قليل. وقال المطرزي: الجائفة الطعنة التي بلغت الجوف أو نَفَذَتْه، وفي الأكمل: الجائفة ما يكون في اللَّبَّة والعانة ولا تكون في العنق والحلق ولا في الفخذ والرجلين، وطَعَنَه فأَجَافَه وجَافَه أيضاً. انظر: المغرب، "جوف".

المُنَقِّلَة (¬1) خمسة عشر من الإبل، وفي المُوضِحَة (¬2) خمس من الإبل، وفي الأسنان في كل سن خمس من الإبل، والأسنان كلها سواء، وفي الأليتين إذا قطعتا الدية، وفي إحداهما نصف الدية (¬3). بلغنا عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه قال: في الرأس إذا حلق فلم ينبت ففيه الدية كاملة (¬4). وبلغنا أيضاً عن علي أنه قال: في اللحية إذا حلقت فلم تنبت (¬5) ففيه الدية كاملة (¬6). وفي العينين الدية كاملة، وفي إحداهما نصف الدية إن ¬

_ (¬1) يأتي تفسيرها خلال رواية عن علي - رضي الله عنه - بعد قليل. المنقّلة من الشُجَاج التي يَنتقل منها فَرَاش العظام وهو رِقاقها في الرأس. انظر: المغرب، "نقل". وقال الفيومي: نقّلته بالتثديد مبالغة وتكثير، ومنه المنقّلة، وهي الشّجّة التي تخرج منها العظام، والأولى أن تكون على صيغة اسم المفعول لأنها محل الإخراج، وهكذا ضبطه ابن السّكّيت، ويؤيده قول الأزهري: قال الشافعي وأبو عبيد: المنقّلة التي تنقل منها فَراش العظام وهو ما رق منها، فصرّح بأنها محل التنقيل، وهذا لفظ ابن فارس أيضاً، ويجوز أن يكون على صيغة اسم الفاعل، نص عليه الفارابي وتبعه الجوهري على إرادة نفس الضربة، لأنها تكسر العظم وتنقله انظر: المصباح المنير، "نقل". (¬2) يأتي تفسيرها خلال رواية عن علي - رضي الله عنه - بعد قليل. والمُوضِحَة من الشّجَاج هي التي توضح العظم، ويقال: أوْضَحَتِ الشجّةُ في رأسه، وأَوْضَحَ فلان في رأس فلان إذا شجّ هذه الشجّة. انظر: المغرب، "وضح". (¬3) روي نحو ذلك إلا قوله: وفي الرَّجُل إذا ضرب على رأسه فذهب عقله الدية كاملة، وفي الأذن نصف الدية، وفي الأليتين إذا قطعتا الدية، وفي إحداهما نصف الدية. انظر: الموطأ، العقول، 1؛ وسنن الدارمي، الديات، 12، 17؛ وسنن ابن ماجة، الديات، 17؛ وسنن أبي داود، الديات، 18؛ وسنن النسائي، القسامة، 47، وعقل الأسنان؛ وصحيح ابن حبان، 14/ 507؛ والمستدرك للحاكم، 1/ 553. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 369/ 4؛ والدراية لابن حجر، 2/ 276. (¬4) المصنف لعبد الرزاق، 9/ 319. (¬5) ز: ينبت. (¬6) محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة عن الهيثم بن أبي الهيثم عن علي بن أبي طالب، فذكره. انظر: الآثار لمحمد، 97. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 218.

انخسفت (¬1) أو ذهب بصرها (¬2) وهي قائمة أو ابيضت (¬3) حتى ذهب البصر فهو سواء، وفي اليدين الدية كاملة، وفي إحداهما نصف الدية، وفي إحدى الأصابع عشر الدية، والأصابع كلها سواء، وإذا شلت اليد حتى لا ينتفع بها أو قطعت فهو سواء، وفيها أَرْشُها (¬4) كاملاً، وفي الأنثيين الدية، وفي إحداهما نصف الدية، وهما سواء، وفي الحاجبين الدية كاملة إذا لم تنبتا (¬5)، وفي إحداهما نصف الدية، وهما سواء، وفي أشفار العينين الدية كاملة إذا لم تنبت (¬6)، وفي كل شُفْر ربع الدية، والأشفار كلها سواء، وكذلك إذا قطعت الجُفُون (¬7) بالأشفار، وفي الشفتين الدية، وفي إحداهما نصف الدية كاملة (¬8)، وفي ثدي المرأة دية المرأة كاملة، وفي إحداهما نصف الدية، والثديان (¬9) سواء، وفي حَلَمَتَيْ ثدي المرأة الدية كاملة، وفي إحداهما نصف الدية، والصغيرة والكبيرة في ذلك سواء، وفي المُوضِحَة نصف عشر الدية، وهي التي توضح العظم حتى يبدو (¬10)، وفي المُنَقِّلَة عشر ونصف عشر الدية، والمُنَقِّلَة هي التي تخرج منها العظام، وفي الهاشمة عشر ¬

_ (¬1) خسفت العين وانخسفت غابت حَدَقَتها في الرأس، وهي خاسفة وخسيفة. انظر: المغرب، "خسف". (¬2) ف: نظرها. (¬3) م ز ط: أو أمضت. (¬4) الأرش دية الجراحات، والجمع أُرُوش وإِرَاش بوزن فِرَاس. انظر: المغرب، "أرش". (¬5) ز: لم ينبتا. (¬6) قال المطرزي: شُفْر العين بالضم مَنْبِت الأهداب، ومنه قول الناصحي: وفي أشفار العين الدية إذا ذهب الشعر ولم ينبت، وهذا ظاهر. وأما لفظ رواية المبسوط: "وفي أشفار العينين الدية كاملة إذا لم تنبت" فالصواب فيه ضم حرف المضارعة من الإنبات، أي إذا لم تُنبِت الأهدابَ أو الشعرَ، وإن صح الفتح فعلى معنى إذا لم تَنْبُت أهدابُها، ثم حذف المضاف وأسند الفعل إلى ضمير المضاف إليه. وإنما بسطت الكلام فيه ليعلم أن أحداً من الثقات لم يذكر أن الأشفار الأهداب. انظر: المغرب، "شفر". (¬7) الجُفُون جمع جَفْن العين. انظر: المصباح المنير، "جفن". (¬8) أظن أن "كاملة" هنا زيدت من قبل الناسخين خطأ. (¬9) ز: والثديين. (¬10) ز: يبدوا.

الدية وهي التي تَهْشِم (¬1) العظم، وفي الآمّة ثلث الدية، وهي التي تصل إلى الدماغ، فإن ذهب العقل ففيه الدية (¬2) كاملة، وفي الجائفة ثلث الدية، وهي التي تصل إلى الجوف، فإن نَفَذَتْ ففيها (¬3) ثلثا الدية، وفي كل مفصل من الأصابع ثلث دية الإصبع إذا كان فيها ثلاث مفاصل، وإذا كان فيها مفصلان ففي كل مفصل نصف دية الإصبع. وبلغنا عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه قال: في النفس الدية، وفي اللسان الدية (¬4). وفي الحشفة الدية كاملة، وفي الأنف الدية كاملة إذا اصْطُلِم (¬5)، وفي العينين الدية، وفي إحداهما نصف الدية، وفي اليدين الدية، وفي إحداهما (¬6) نصف الدية، وفي الآمّة ثلث الدية، وفي الجائفة ثلث الدية، وفي المنقّلة خمس عشرة (¬7) من الإبل، وفي الأنثيين الدية، وفي إحداهما نصف الدية، وفي الأصابع في كل إصبع عشر الدية، وفي الأسنان في كل سن خمس من الإبل، وفي المُوضِحة خمس من الإبل، وفيما دون المُوضِحة حكومة عدل. بلغنا عن ابن مسعود أنه قال: في دية الخطأ أخماساً: عشرون جذعة، وعشرون حقة، وعشرون بنت لبون، وعشرون بنت مخاض، وعشرون ¬

_ (¬1) هَشَمَ يَهْشِم من باب ضرب، والمصدر الهَشْم، أي كسر الشيء اليابس والأجوف، ومنه الهاشمة، وهي الشخة التي تهشم العظم، وباسم الفاعل سمي هاشم بن عبد مناف، واسمه عمرو، لأنه أول من هشم الثريد لأهل الحرم، والهَشِيم من النبات اليابس المتكسر، ولا يقال له هَشِيم وهو رَطْب. انظر: المصباح المنير، "هشم". (¬2) ف: دية. (¬3) ف: فيها. (¬4) السنن الكبرى للبيهقي، 9/ 89.ـ (¬5) صَلَمْت الأذن صَلْماً، من باب ضرب، واصْطَلَمْتها، أي استأصلتها قطعاً. انظر: المصباح المنير، "صلم". (¬6) ز: أحدهما. (¬7) ز: عشر.

ابن (¬1) مخاض، وقال: في شبه العمد أرباعاً: خمس وعشرون جذعة، وخمس وعشرون حقة، وخمس وعشرون ابنة مخاض، وخمس وعشرون ابنة لبون (¬2). وبه يأخذ (¬3) أبو حنيفة وأبو يوسف. وقال محمد في الخطأ بقول عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -، وفي شبه العمد بقول زيد بن ثابت - رضي الله عنه -: ثلاثون حقة، وثلاثون جذعة، وأربعون ما بين ثَنِيّة (¬4) إلى بازِل (¬5) عامِها، كُلُّها خَلِفَة، والخَلِفَة: الحامل، وهو قول عمر والمغيرة بن شعبة وأبي (¬6) موسى الأشعري رضي الله تعالى عنهم (¬7). وبلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في خطبته: "ألا إنّ قتيلَ خطأِ العمد قتيلَ السوط والعصا فيه مائة من الأبل، منها أربعون في بطونها أولادها" (¬8). ¬

(¬1) ف - ابن. (¬2) الآثار لأبي يوسف، 218 - 219؛ والآثار لمحمد، 96؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 347. ورويت دية الخطأ عن ابن مسعود مرفوعاً أيضاً. انظر: سنن ابن ماجة، الديات، 6؛ وسنن الترمذي، الديات، 1؛ وسنن النسائي، القسامة، 35؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 356. (¬3) ز: أخذ. (¬4) ز: بينة. (¬5) الثنية تقدم تفسيرها في الزكاة. والبازل من الإبل ما دخل في السنة التاسعة، والذكر والانثى فيه سواء. انظر: المغرب، "بزل". (¬6) ز: وأبو. (¬7) وروي مرفوعاً من حديث عبد الله بن عمرو وصحابي مبهم. انظر: مسند أحمد، 3/ 410؛ وسنن الدارمي، الديات، 22. وروي عن عمر وعثمان وعلي وزيد بن ثابت وأبي موسى والمغيرة - رضي الله عنهم -. انظر: مسند أحمد، 1/ 49؛ وسنن أبي داود، الديات، 17؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 347. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 4/ 356 - 357. (¬8) سنن ابن ماجة، الديات، 4؛ وسنن أبي داود، الديات، 17؛ وسنن النسائي، القسامة، 33.

وبلغنا عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه جعل الدية على أهل (¬1) الإبل (¬2) مائة من الإبل، وعلى أهل الوَرِق عشرة آلاف درهم، وعلى أهل الذهمب ألف دينار، وعلى أهل الشاء ألفي شاة مُسِنّة فَتِيّة (¬3)، وعلى أهل البقر مائتي بقرة، وعلى أهل الحُلَل مائتي حُلّة (¬4). وبه يأخذ أبو يوسف ومحمد. وإنما أخذ أبو حنيفة من هذا بالإبل والذهب والفضة، وأما ما سوى ذلك فلا. وكان أبو يوسف ومحمد يأخذان بذلك كله ويخالفان أبا حنيفة. وقال أبو حنيفة: إنما أخذ عمر - رضي الله عنه - بذلك لأنه كانت أموالهم (¬5)، فلما صارت الدواوين (¬6) والأَعْطِيَة (¬7) جعل أموالهم الدراهم والدنانير والإبل. وبلغنا عن علي - رضي الله عنه - أنه قال في دية المرأة: إنها على النصف من دية الرجل في النفس وفيما دون النفس (¬8). وبذلك نأخذ. ¬

_ (¬1) ف: على الأهل. (¬2) ف - الإبل. (¬3) ز: قنية. مسِنّة هنا بمعنى التي خرج أول أسنانها، والفَتِيّة القوية الشابة. انظر: المغرب، " فتي". (¬4) رواه الإمام محمد بإسناده في الآثار، 96. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 221؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 344/ 5؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 8/ 77؛ والدراية لابن حجر، 2/ 273. وفي سنن أبي داود نحوه إلا أنه قال فيه: وعلى أهل الورق اثني عشر ألفاً. انظر: سنن أبي داود، الديات، 16. (¬5) ز: كاتب أمرهم. (¬6) الديوان الجريدة، مِن دَوَّنَ الكتب إذا جمعها، لأنها قِطَع من القراطيس مجموعة، ويروى أن عمر - رضي الله عنه - أول من دَوَّنَ الدواوين، أي رتّب الجرائد للولاة والقضاة، ويقال: فلان من أهل الديوان، أي ممن أثبت اسمه في الجريدة. انظر: المغرب، "دون". (¬7) الأَعْطِيَة جمع العَطَاء اسم ما يعطى، والعطاء ما يخرج للجندي من بيت المال في السنة مرة أو مرتين، وعن الحلوائي: كل سنة أو شهر. انظر: المغرب، "عطو"؛ ولسان العرب، "عطا". (¬8) رواه الإمام محمد بإسناده في الآثار، 101؛ والحجة على أهل المدينة، 4/ 278، 284. وانظر: السنن الكبرى للبيهقي، 8/ 95، 96؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 2/ 180.

وفي ذكر الخَصِيّ ولسان الأخرس واليد الشلاء والرِّجْل العرجاء والعين القائمة العوراء (¬1) والسن السوداء وذكر العِنِّين حكم (¬2) عدل. بلغنا بعض ذلك عن إبراهيم النخعي (¬3). وفي الدامية (¬4) من الشجاج - وهي التي تُدْمِي الرأس - حكم عدل. وفي الباضعة - وهي التي تَبْضَع (¬5) اللحم وهي فوق الدامية - حكم عدل أكثر من ذلك. وفي السِّمْحَاق حكم عدل - وهي أكثر من هاتين، إنما بينها وبين العظم جلدة رقيقة- حكم عدل أكثر من ذلك (¬6). بلغنا عن إبراهيم النخعي أنه قال: في السِّمْحَاق وفيما دونها حكم عدل (¬7). وفي الضلع حكم عدل. وفي التَّرْقُوَة (¬8) حكم عدل. وفي الساعد إذا كسر أو كسر أحد الزَّنْدين (¬9) حكم عدل. وفي الساق إذا كسرت حكم عدل على قدر الجراحة. وفي اليد إذا قطعت من نصف الساعد دية اليد وحكم عدل فيما من الكف (¬10) إلى الساعد، فإن كان من المرفق كان في الذراع ¬

_ (¬1) م ف ز: والعوراء. والتصحيح من ط؛ والكافي، 3/ 133 و. وانظر: المبسوط، 26/ 80. (¬2) ف: حكومة. (¬3) الآثار لأبي يوسف، 219 - 220؛ والآثار لمحمد، 98؛ والمصنف لعبد الرزاق، 9/ 350، 373، 387؛ المصنف لابن أبى شيبة، 5/ 378، 381. (¬4) ز: الدايمة. (¬5) البَضْع الشَّقَ والقطع، وفي الشِّجَاج الباضعة، وهي التي جَرحت الجلدة وشقّت اللحم. انظر: المغرب، "بضع". (¬6) ز - وفي السمحاق حكم عدل وهي اْكثر من هاتين إنما بينها وبين العظم جلدة رقيقة حكم عدل أكثر من ذلك. (¬7) الآثار لمحمد،98؛ والحجة على أهل المدينة له، 4/ 366؛ والمصنف لعبد الرزاق، 9/ 307؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 352/ 5؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 375. (¬8) التَّرْقُوَة واحدة التراقي، وهي عظم وصل بين ثغرة النحر والعاتق من الجانبين. انظر: المغرب، "ترقوة". (¬9) ز: الزندين. الزَّنْدان عَظْمَا الساعد. انظر: المغرب، "زند". (¬10) م ز: بين الكف.

بعد دية الكف حكم عدل أكثر من ذلك. فإذا كسر الأنف ففيه حكم عدل (¬1). وإذا قطع من اليد ثلاث أصابع ففيها ثلاثة أخماس دية اليد، فإن قطعت الكف بالإصبعين السبابتين ففيها خمسا (¬2) دية اليد، وهذا قول أبي حنيفة ما بقي من الأصابع شيء ولو مفصل. فليس في الكف أرش. وفيها قول آخر: إنه ينظر إلى الكف وإلى أرش ما بقي من الأصابع، فإن كان أرش ما بقي من الأصابع أكثر من أرش اليد فلا أرش لليد، وإن كان أرش الكف أكثر من أرش ما بقي من الأصابع كان (¬3) عليه أرش الكف، يدخل القليل في الكثير. وهو قول أبي يوسف الذي رجع إليه. وهو قول محمد. وكذلك لو لم يبق فيها إلا إصبع واحدة ثم قطعت اليد كان فيها خمس دية اليد وحكم عدل. ثم رجع عنه أبو يوسف وقال: إذا قطعت اليد وفيها إصبع أو إصبعان نظر إلى أرش اليد بغير إصبع وإلى أرش الإصبع، فجعل عليه الأكثر منها. وهو قول محمد. فإن كان بقي منها ثلاث أصابع ثم قطعت اليد ففيها ثلاثة أخماس دية اليد. إذا بقي الأكثر من الأصابع لم أجعل للكف أرشًا. د ذا قطعت الأصابع كلها ثم قطعت الكف بعد ذلك كان فيها حكم عدل. وفي ثدي الرجل حكم عدل. وفي الأذن إذا يبست أو استَحْشَفَت (¬4) حكم عدل (¬5). ¬

_ (¬1) م ز ط - عدل. (¬2) ز: خمس. (¬3) ز + كان. (¬4) ط: أو انخسفت. وانظر الحاشية التالية. (¬5) م ف ز: إذا يبست حكم عدل أو انخسفت. وترتيب العبارة هكذا في ط؛ والمبسوط، 83/ 26. لكن كلمة "انخسفت" هكذا هي في المصادر المذكورة. وهو تحريف. وقال السرخسي: وربما تقول: انخنست. قال المطرزي -رحمه الله-: وأما قوله: "في الأذن إذا يبست أو انخسفت" فهو تحريف "استَحْشَفَت"، وقد سبق، وأما "انْخَنَسَت" فإن كان محفوظًا فمعناه انقبضت وانزوت، وهو وإن كان التركيب دالًا على التأخر صحيح، لأن الجلد الرطب إذا يبس تقبّض وتقلّص وإذا تقبض تأخر. انظر: المغرب، "خسف". وقال: اسْتَحْشَفَت الأذن يَبسَتْ فهي مُستحشِفة، وأنف مُستحشِف صار بحيث لا يتحرك غُضروفه. انظر: المغرب، "حشف".

بلغنا عن إبراهيم النخعي أنه قال: لا تعقل (¬1) العاقلة إلا خمسمائة درهم فصاعداً (¬2). فكل شيء من الخطأ يبلغ خمسمائة درهم نصف عشر دية الرجل ونصف عشر دية المرأة مائتين وخمسين فهذا على العاقلة. وكذلك كل ما زاد عليه إلى ثلث الدية فإنه يؤخذ في سنة، فما زاد على الثلث فإن ذلك الفضل يؤخذ في سنة أخرى إلى ما بينه وبين الثلثين، فما زاد على الثلثين فإن الفضل يؤخذ في سنة أخرى إلى ما بينه وبين الدية. وبلغنا عن عمر - رضي الله عنه - أنه أول من فرض العطاء، وجعل الدية في ثلاث سنين: الثلث في سنة، والنصف في سنتين، والثلثين في سنتين (¬3). ودية أهل الذمة من أهل الكتاب وغيرهم مثل دية الحر المسلم، ودية نسائهم كدية المرأة الحرة المسلمة. وكذلك جراحاتهم فيما دون النفس يعقلها العاقلة إذا أصابها مسلم خطأ كما يعقل جراحة الحر المسلم. وإذا أصاب أهل الذمة بعضهم بعضاً بخطأ ففي ذلك الأرش عليهم كما يكون على الحر المسلم إذا أصاب المسلم. فإن كانت لهم مَعَاقِل يَتَعَاقَلون ففي مَعَاقِلهم (¬4). فإن لم يكن لهم عَوَاقِل (¬5) ففي مال الجاني. وجراحة الصبي إذا أصاب صبياً أو كبيراً خطأ أو تعمد ذلك بسلاح أو ¬

_ (¬1) ز: لايعقل. (¬2) الآثار لأبي يوسف، 221؛ والآثار لمحمد، 98، 100؛ والحجة على أهل المدينة له، 4/ 365. (¬3) ز - والثلثين في سنتين، لمصنف لعبد الرزاق، 9/ 420؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 6/ 405؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 334. (¬4) ف ز: فعلى عواقلهم. والمعاقل جمع المَعْقُلَة أي الدية، وبنو فلان على مَعَاقِلهم الأولى من الدية، أي على حال الديات التي كانت في الجاهلية يؤدونها كما كانوا يؤدونها في الجاهلية، وعلى معاقلهم أيضاً، اْي على مراتب آبائهم، وأصله من ذلك واحدتها مَعقُلَة، وفي الحديث: كتب بين قريش والأنصار كتاباً فيه: المهاجرون من قريش ... يتعاقلون بينهم معاقلهم الأولى، أي يكونون على ما كانوا عليه من أخذ الديات لاعطائها، وهو تَفَاعل من العَقْل. انظر: لسان العرب، "عقل". (¬5) عواقل جمع عاقلة. انظر: المصباح المنير، "عقل".

غيره فهو على العاقلة. وكذلك المعتوه والمجنون (¬1) الذي يفيق. وكذلك المجنون إذا أصاب في حال جنونه عمداً أو خطأ. فذلك كله سواء، تعقله العاقلة إذا بلغ خمسمائة درهم فصاعداً. فإن (¬2) كان أقل من خمسمائة فهو في مال الصبي دين عليه. وكذلك المجنون. والمعتوه كذلك. بلغنا أن مجنوناً سعى على رجل بالسيف فضربه، فرفع ذلك إلى علي - رضي الله عنه -، فجعله على عاقلته، وقال: عمده وخطأه سواء (¬3). وإذا ضرب الرجل بطن امرأة فألقت جنيناً ميتاً ففيه غُرّةٌ: عبدٌ أو أمةٌ يَعْدِل ذلك خمسمائة. بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه جعل ذلك (¬4). فهو على العاقلة في سنة. وإن خرج حياً ثم مات ففيه الدية كاملة، وذلك كله على العاقلة، وعلى الجاني الكفارة. وإن خرج (¬5) ميتاً غلاماً كان أو جارية فهو سواء، فيه خمسمائة (¬6) درهم بين ورثته على فرائض الله تعالى. ولو قُتلت الأم ثم خرج الجنين (¬7) بعد ذلك ميتاً فلا شيء في الجنين، وعليه في الأم الدية. وإن كان في بطنها جنينان، فخرج أحدهما قبل موتها، وخرج الآخر بعد موتها، وهما ميتان، ففي الذي خرج قبل موتها خمسمائة، ولا يرث من دية أمه، ولها ميراثها منه، وليس في الذي خرج بعد موتها شيء. وإن خرج حيا (¬8) ثم مات ففيه الدية أيضاً، وله ميراثه من دية أمه ومما ورثت أمه من أخيه. وإن لم يكن لأخيه أب حي فله ميراثه من أخيه أيضاً. وجنين المرأة من أهل الذمة بمنزلة جنين الحرة المسلمة. ¬

_ (¬1) م: المجنون. (¬2) ز: وإن. (¬3) المصنف لعبد الرزاق، 10/ 70؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 380. (¬4) رواه المؤلف بإسناده. انظر: الموطأ برواية محمد،22/ 3؛ والحجة على أهل المدينة له، 366/ 4. وانظر: صحيح البخاري، الديات، 25؛ وصحيح مسلم، القسامة، 34 - 36. وليس فيه ذكر خمسمائة درهم. وورد ذلك عن إبراهيم النخعي والشعبي. انظر: سنن أبي داود، الديات، 19. (¬5) ز: جرح. (¬6) ز: وخمسمائة. (¬7) ز: الجبين. (¬8) ز - حيا.

وإذا أصاب الرجل ابنه خطأ أو عمداً فلا قصاص عليه. فإن كان عمداً ففي ماله الدية في ثلاث سنين. وإن كان خطأ فعلى العاقلة، وعلى القاتل الكفارة في الخطأ. وكذلك كل (¬1) ما أصاب منه دون النفس فإن عليه فيه الأرش. بلغنا عن عمر - رضي الله عنه - أنه قضى في رجل قتل ابنه عمداً بالدية في ماله (¬2). وإذا اشترك في قتل الرجل رجلان أحدهما بعصا والآخر بحديدة فليس فيها قصاص، وفيه الأرش على صاحب العصا نصف الدية على عاقلته، وعلى صاحب السيف نصف الدية في ماله. وكذلك بلغنا عن إبراهيم (¬3). وكل دية خطأ وجبت بغير صلح ففي ثلاث سنين. ولو كان القتل بعصا أو بحجر أو يد أو سوط أو شبه ذلك مما ليس بسلاح، فقامت به بينة، كان ذلك على عاقلة الجاني في ثلاث سنين. فإن أقر فالدية في ماله في ثلاث سنين. وإذا أقر بقتل خطأ ولم تقم بينة على ذلك فالدية في ماله خاصة في ثلاث سنين. وإذا اشترك رجلان في قتل رجل أحدهما أبوه فقتلاه بسلاح فالدية عليهما نصفين في أموالهما في ثلاث سنين. فإن كان مكان الأب رجل معتوه أو صبي فهو كذلك أيضاً، غير أن ما أصاب الصبي والمعتوه فهو على عاقلتهما، عمدهما وخطأهما سواء. وإذا اشترك أربعة رهط أو عشرة رهط في قتل رجل خطأ فالدية على عاقلتهم في ثلاث (¬4) سنين، في كل سنة ثلث. ¬

_ (¬1) م ز ط - كل. (¬2) رواه المؤلف بإسناده في الآثار، 103. وانظر: الموطأ، العقول، 10؛ والمصنف لعبد الرزاق، 9/ 401؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 345، 6/ 279؛ وسنن ابن ماجة، الديات، 14. وانظر: الدراية لابن حجر، 2/ 260. (¬3) روى المؤلف بإسناده عن إبراهيم قال: إذا دخل خطأ في عمد فهي دية. انظر: الحجة على أهل المدينة، 4/ 275 - 276. (¬4) ز - وإذا اشترك أربعة رهط أو عشرة رهط في قتل رجل خطا فالدية على عاقلتهم في ثلاث.

وإذا اسودّت (¬1) السن، أو ابيضّت العين حتى لا يبصر بها، أو شَلَّت اليد حتى لا ينتفع بها، والرجل حتى لا ينتفع بها، فإن عقل ذلك على الجاني في ماله إن كان عمداً، وإن كان خطأ فعلى العاقلة. وكل جناية عمد فيما دون النفس لا يستطاع فيها القصاص، من القطع من غير مفصل، والكسر، وما ذكرنا مما (¬2) قبل هذا من المنقّلة والآفة والجائفة وأشباه ذلك، فالدية في مال الجاني. وإذا (¬3) ضرب الرجل سن الرجل فتحركت فإنه ينتظر بها حولاً، فإن (¬4) اسودّت أو سقطت أو احمرّت أو اخضرّت ففيها أرشها كاملًا. بلغنا نحو من ذلك عن إبراهيم النخعي (¬5). [فإن] قال الضارب: إنما اسودت من ضربة حدثت (¬6) فيها بعد ضربته أو سقطت من ضربة بعد ضربته، وكذّبه المضروب، فالقول في ذلك قول المضروب مع يمينه، وفيها الأرش تامّا إلا أن يقيم الضارب البينة على ما ادعى. أستحسن في هذا لما فيه من الأثر والسنة. ولو شج رجل رجلاً موضحة فصارت منقّلة، فقال المضروب: صارت منقّلة من ذلك، وقال الضارب: بل حدث فيها من غير فعلي، فالقول فيها قول الضارب، وإنما عليه أرش الموضحة، ولا يصدّق المضروب. وهذا والأول في القياس سواء، غير أني أستحسن في السن للأثر الذي جاء فيه. وإذا قلع رجل سن رجل ثم نبتت فلا شيء على القالع. وكذلك إذا قلع سن الصبي فنبتت (¬7) فلا شيء على القالع. وكذلك إذا قلع الظفر فنبتت (¬8) فلا شيء على القالع من حكومة عدل ولا أرش. وإذا نبتت السن سوداء ففيها أرشها تاماً. وإذا نبت الظفر أعوج أو متغيراً (¬9) ففيه حكم عدل. ¬

_ (¬1) ز: استودت. (¬2) ز: من. (¬3) ز: فإذا. (¬4) ز: فإذا. (¬5) المصنف لعبد الرزاق، 9/ 348؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 371. (¬6) ز: حديث. (¬7) ز: فينبت. (¬8) ز: فينبت. (¬9) ز: أو متغير.

وإذا قلع الرجل سن الرجل فأخذ المقلوعة سنه فأثبتها في مكانها فثبتت وقد كان القلع خطأ فعلى القالع أرش السن كاملًا. وكذلك الأذن. وإذا ابيضّت العين من ضربة رجل ثم ذهب البياض منها فأبصر فليس على الضارب شيء. وإذا شج الرجل رجلاً موضحة خطأ، فسقط منها شعر رأسه كله، فلم ينبت فعلى عاقلته الدية تامة، وتدخل الشجة في ذلك. فإن كان ذهب من الشعر شيء ولم يبلغ الرأس كله نظر في أرش (¬1) الشعر وفي أرش الشجة، فضمن الجاني الأكثر من ذلك، يدخل الأقل في ذلك. وكذلك إن كانت في الحاجب. والموضحة في الوجه والرأس سواء. وإذا شجّ الرجل رجلاً خطأ أو عمداً فذهب سمعه أو بصره فإن (¬2) في ذلك كله الأرش. فإن كان خطأ فعلى العاقلة أرش الموضحة ودية العين (¬3) والسمع. وإن كان عمداً فذلك كله في ماله. ولا يستطاع على علم ذهاب السمع إلا أن يُتَغَفَّل فينادَى. فأما البصر فإنه ينظر إليه أهل العلم بذلك. بلغنا عن عمر - رضي الله عنه - أنه قضى بأربع ديات في رجل واحد وهو حي (¬4). وإذا قطع الرجل إصبع الرجل فشَلَّتْ أخرى إلى جنبها أو قطع يده اليمنى فشَلَّتْ يده اليسرى فإنه لا قصاص في هذا كله، وفيه الأرش في مال الفاعل مِن قِبَل ما حدث فيه من الشلل، فقد صار شيئاً واحداً بعضه شَلَلٌ وبعضه قَطْعٌ، ولا يقتص فيه. وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر وهو قول أبي يوسف ومحمد: إن القطع مفارق للشلل (¬5) بائن منه، فالقطع ¬

_ (¬1) ز: إلى أرش. (¬2) ز + كان. (¬3) ف: العينين؛ ز: العنين. (¬4) وذلك أنه رماه رجل بحجر فذهب عقله وسمعه وبصره وذكره. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 11/ 10؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 359، 398؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 8/ 86، 98؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 371. (¬5) ف: يفارق الشلل.

بالقطع، وأجعل في الشلل الأرش في مال الفاعل. وإذا شج الرجل رجلاً موضحة فصارت منقّلة، أو كسر بعض سنه فاسود ما بقي، أو قطع الكف فشَل الساعد، أو قطع إصبعيه فشَلَّت الكف، أو قطع إصبعاً من مفصل فشَلَّ ما بقي (¬1) من الأصابع، فليس في شيء من هذا قصاص لأن هذا شيء واحد، وفيه الأرش من مال الجاني. وإذا جنى الرجل جناية عمد بحديدة أو بعصا فيما دون النفس مما لا يستطاع فيه القصاص فعليه أرش ذلك في ماله. وإن كان من أهل الإبل غُلِّظَ عليه (¬2) في الأسنان. فإن كانت منقّلة ففيها خمسة عشر من الإبل، من كل سن أربع من الإبل غير ربع (¬3). وإن كانت آمّة فعليه ثلاثة وثلاثون وثلث من الإبل أرباعاً، من كل سن ربع هذه كلها، من الجُذْعَان ربع، ومن الحِقَاق ربع، ومن بنات اللبون ربع، ومن بنات المخاض ربع، والربع من ذلك ثمان من الإبل وثلث. وإذا كان خطأ ففيه الأرش أخماساً، من كل سن خُمس، والخُمس من ذلك ست من الإبل وثلثان. وهو في المنقّلة إذا كان خطأ من كل سن ثلاث من الإبل. وإذا جنى الرجل من أهل الإبل فقتل رجلاً خطأ فصالح على أكثر من عشرة آلاف أو أكثر من ألف دينار نسيئة أو (¬4) يداً بيد فلا خير (¬5) في ذلك. لا أجيز أن يعطي أكثر من الدية. وكذلك إن كان من أهل الورق فصالح على ألفي دينار أو على أكثر من مائة من الإبل، لأن هذا مما ¬

_ (¬1) ز + أو قطع الكف فشل الساعد أو قطع إصبعيه فشلت الكف أو قطع إصبعا من مفصل فشل ما بقي. (¬2) ف - عليه. (¬3) ط: من الإبل أرباعا. وأخذه من الكافي، 3/ 134 ظ. لكن المعنى واضح وهو أنك إذا قسمت خمس عشرة من الإبل على أربعة كان من كل سن أربعة من الإبل إلا ربعا. ويمكن دفع القيمة في حساب ذلك. (¬4) ف - أو. (¬5) ز: جيز.

قد فرضت فيه الدية، فلا يجوز له أن يعطي أكثر من صنف (¬1) منها. ولو صالحه وهو من أهل الورق على خمسين من الإبل أجزت ذلك. وكذلك لو صالحه على أقل من ألف دينار يداً بيد أو نسيئة (¬2) أجزت ذلك من قبل أن هذا قد حط عنه (¬3). ولو صالحه (¬4) على أقل من ألف دينار نسيئة في ثلاث سنين قبل أن يقضى عليه بالدراهم (¬5)، وقال: إنما صالحتك من الدم على ذلك، كان جائزاً، إنما أكره النسيئة إذا وجبت عليه الدراهم فصالحه منها على غيرها. ولو صالحه على ألف دينار من الدم ولم يسم أجلاً كان ذلك جائزاً، وكان ذلك في ثلاث سنين، في كل سنة ثلث، مِن قِبَل أن القتل خطأ، وأن الدية إنما تجب (¬6) عليه هكذا. ولو صالحه على خمسة آلاف درهم وهو من أهل الورق أجزت ذلك وجعلتها في ثلاث سنين أثلاثاً. ولو كان من أهل الإبل فقضي عليه بالإبل، فصالحه من ذلك على شيء من العروض أو الحيوان بعينه، بعد أن لا يكون مما فرض فيه الدية، كان ذلك جائزاً، وإن كان أكثر من الدية أضعافا، وكان له أن يأخذه بذلك ليس فيه أجل، لأنه صالحه على شيء بعينه. وكذلك لو كان من أهل الورق أو من أهل الذهب، إذا صالحه على شيء من الحيوان أو العروض يداً بيد، كثيراً (¬7) كان أو قليلاً، فهو جائز. وإن ضرب لشيء من ذلك أجلاً فلا خير فيه، مِن قِبَل أنه اشتراه بالدية وهي دين، فلا يصلح أن يشتري ديناً بدين. وإذا أقر الرجل أنه قتل قتيلاً خطأ، فادعى أولياء القتيل العمد، فلهم الدية خاصة في ماله، لأنه أقر لهم به. وهو بمنزلة قتيل وُجد في قبيلة، فادعى الأولياء العمد عليهم، فلا يصدّقون في العمد، ولا يُبطل حقَّهم ما ادّعوا من العمد، فكذلك الأول. وإذا أقر بعمد وادعوا الخطأ فلا شيء لهم، لأنهم ادعوا المال، وإنما أقر لهم بالقصاص. وكذلك إذا قال: قطعت يد فلان عمداً، وادعى فلان الخطأ، فلا شيء له. ولو أقر بالخطأ وادعى فلان ¬

_ (¬1) ز: من نصف. (¬2) ف ز: ونسيئة. (¬3) ف: من قبل أنه قد حط. (¬4) ف: وإن صالحه. (¬5) ف: الدراهم. (¬6) ز: يجب. (¬7) ز: كبيراً.

باب الشهادات في الديات

العمد كانت عليه دية اليد في ماله. وكذلك كل جراحة فيما دون النفس أقر بها الجاني أنها خطأ وادعى صاحبها العمد فعلى الجاني الأرش في ماله. وكل جراحة دون النفس أقر بها (¬1) الجاني عمداً وادعى صاحبها الخطأ فليس عليه شيء. وإذا كان المدعي ادعى المال فلا شيء له، وإن كان يدعي القصاص فله الأرش. وإذا أقر الرجل بقتل رجل خطأ فالدية في ماله في ثلاث سنين. وكذلك إذا أقر أنه قتله خطأ وادعى أولياؤه أنه قتله عمداً فعليه الدية في ماله في ثلاث سنين. وكل دية وجبت من غير صلح فهي في ثلاث سنين. وإذا قتل النائم إنساناً فسقط عليه، أو كان بيده شيء فضربه وهو نائم، فهذا خطأ، وعلى عاقلته الدية. ... باب الشهادات في الديات وإذا شهد شاهد واحد على رجل بقتل خطأ، وشهد آخر على إقرار القاتل بخطأ، فشهادتهما باطل لا يجوز، لأنهما قد اختلفا. ألا ترى أن أحدهما قد شهد على قول والآخر على عمل. وإذا شهدا على القتل واختلفا في اليوم الذي أصابه فيه فقال هذا: في يوم كذا، وقال الآخر: في يوم آخر، فشهادتهما باطل. وكذلك لو اتفقا في يوم واحد واختلفا في المكان أو في البلدان، فإن ذلك كله باطل. وكذلك لو اتفقا في المكان أو البلد واختلفا في الذي كان به القتل فقال أحدهما: قتله بحجر، وقال الآخر: قتله بسوط؛ أو قال: قتله بعصا، وقال الآخر: قتله بيده؛ أو [قال] أحدهما: قتله عمداً، وقال الآخر: قتله خطأ؛ أو قال أحدهما: قتله بعصا، وقال الآخر: لا أحفظ الذي كان به القتل، فإن ذلك باطل لا تجوز فيه شهادتهما. ¬

_ (¬1) ز: أقدمها.

وإذا قالا جميعاً: لا ندري بما قتله، فهو مثل الأول في القياس، وينبغي أن يكون باطلاً، ولكني استحسنت في هذا أن أجيزه وأجعل عليه الدية في ماله. ولا تجوز شهادة الأعمى في القتل، خطأ كان أو عمداً، على إقرار، ولا على فعل. وإن قال: رأيت ذلك (¬1) قبل أن يذهب بصري، فلا يجوز في قول أبي حنيفة ومحمد. وقال: لا تجوز شهادة المحدود في قذف، ولا شهادة النساء وحدهن. فإن كان معهن رجل وهما امرأتان مسلمتان فشهادتهما جائزة في قتل الخطأ. وكل جراحة خطأ، وكل شيء من ذلك يجب فيه الأرش بغير صلح مما لا يستطاع فيه القصاص، وما كان من ذلك فيه قصاص، فشهادتهن فيه باطل لا يجوز. ولا تجوز شهادة النساء في القصاص وإن كان معهن رجل. ولا تجوز فيه شهادة على شهادة، ولا كتاب قاض إلى قاض (¬2). والنفس وما دون النفس في ذلك سواء. والشهادة على الشهادة وكتاب القاضي جائز في كل ما كان فيه الأرش في النفس وما دون النفس، في الخطأ والعمد الذي لا يستطاع فيه القصاص (¬3). بلغنا عن شريح وإبراهيم أنهما قالا: لا تجوز شهادة النساء في الحدود، ولا في القصاص، ولا شهادة على شهادة (¬4). ¬

_ (¬1) ف - ذلك. (¬2) ز: قاضي إلى قاضي. (¬3) ز - القصاص. (¬4) روى المؤلف بإسناده في أوائل كتاب الشهادات عن شريح دابراهيم أنه لا تجوز شهادة النساء في الحدود. وانظر: الآثار لمحمد، 112، 113. وروى المؤلف في كتاب الشهادات من حديث الزهري: مضت السنة من لدن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والخليفتين من بعده أن لا شهادة للنساء في الحدود والقصاص. انظر: 8/ 198 ظ. والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 533. وأخرج عبد الرزاق أن علي بن أبي طالب قال: لا تجوز شهادة النساء في الحدود والدماء. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 329. وروي عن الشعبي والنخعي والحسن والضحاك قالوا: لا تجوز شهادة النساء في الحدود. وأخرج عبد الرزاق أن علي بن أبي طالب قال: لا تجوز شهادة النساء في الحدود والدماء. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 7/ 332 - 333، 8/ 329 - 330؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 533؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 2/ 273. وروي عن إبراهيم وشريح ومسروق وعطاء وطاوس والشعبي أنه لا تجوز شهادة على شهادة في الحدود؛ انظر: كتاب الشهادات، الموضع السابق؛ والآثار لأبي يوسف، 162؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 553.

باب القسامة

وإذا شهد رجل على رجل بالقتل عمداً فإنه لا تجوز شهادة رجل واحد. فإن شهد عليه اثنان (¬1) بالعمد حبس حتى يسأل عنهما، فإن زكيا قضي عليه بالقود (¬2). ولو شهد عليه رجل واحد عدل قد عرفه القاضي فإن القاضي يحبسه أياماً، فإن جاء شاهد آخر وإلا خلى سبيله. والعمد في ذلك والخطأ سواء. وكذلك شبه العمد. وإذا ادعى ولي القتيل بينة حاضرة بالمصر، والقتل خطأ، أخذ له من المدعى عليه كفيلاً إلى ثلاثة أيام، فإن أحضر وإلا أبرأ (¬3) الكفيل. وإن أقر أن (¬4) بينته غُيَّب (¬5) لم يؤخذ له كفيل. فإن شهد شاهدان على القتل عمداً لم يؤخذ كفيل في القتل بعد الشهود، ولكنه يحبس. فإن زكى الشاهدان بالقتل عمداً قتل. وإن كان خطأ شبه العمد (¬6) قضي على عاقلته بالدية، ويحبس القاتل بتعزير وعقوبة حتى يحدث توبة ويحدث خيراً. وكذلك الجراحات فيما دون النفس بمنزلة جميع ما ذكرنا. ... باب القسامة وإذا وُجد الرجل قتيلاً في محلة قوم فعليهم أن يُقْسِم منهم خمسون رجلاً بالله: ما قتلنا ولا علمنا قاتلاً، ثم يغرمون الدية. بلغنا نحو من هذا (¬7) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬8). وبلغنا عن عمر - رضي الله عنه - أنه قضى بالدية على عاقلتهم ¬

_ (¬1) ز: ابنان. (¬2) ز: بالقعود. (¬3) ز: حضر وإلا برأ. (¬4) ز - أن. (¬5) غُيَّب أو غَيَب جمع غائب، مثل خادم وخَدَم. انظر: المغرب، "غيب". (¬6) جعل شبه العمد نوعاً من الخطأ. وقد ورد هذا الاستعمال في بعض الآثار أيضاً. (¬7) ف: من ذلك. (¬8) رواه المؤلف بإسناده. انظر: الموطأ برواية محمد، 3/ 35. وانظر: سنن أبي داود، الديات، 9. وقد ورد حديث القسامة بألفاظ أخرى. انظر: الموطأ، القسامة، 1، 2؛ وصحيح البخاري، الديات، 22؛ وصحيح مسلم، القسامة، 1 - 8؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 389.

في ثلاث سنين (¬1). فإن لم يكمل العدد خمسين كررت عليهم الأيمان حتى تكمل خمسون يميناً. ولأولياء (¬2) القتيل أن يختاروا في القسامة صالحي العشيرة الذين وجد (¬3) بين أظهرهم فيحلفونهم. ولو اختاروا منهم أعمى أو محدودًا (¬4) في قذف كان ذلك لهم، لأنها ليست بشهادة، وإنما تعقل (¬5) الدم. وكل ما يلزم العاقلة فعلى (¬6) المُقاتِلة من أهل الديوان. ولا يلزم النساء ولا الذرية من ذلك شيء ولا من ليس له ديوان. ولا يؤخذ من الرجل إلا ثلاثة دراهم أو أربعة. فإن لم يَسَعْ ديوان أولئك القوم لتلك الدية ضمّ إليها أقرب القبائل إليهم في النسب حتى لا يقع على الرجل إلا ثلاثة دراهم أو أربعة. والقاتل والذي حلف على القسامة والذي لم يقتل ولم يشهد في ذلك كلهم سواء، الدية عليهم سواء على أهل الديوان. وإذا وجد القتيل بين قريتين أو سِكَّتين (¬7) فإنه يقاس، فإلى أيهما كان أقرب كان عليهم القسامة والدية. بلغنا عن عمر - رضي الله عنه - أنه قضى بذلك في قريتين (¬8). فإن نكلوا عن اليمين حبسوا حتى يحلفوا. وإذا وُجد (¬9) قتيل في قرية أصلها لقوم شتى فيهم المسلم والكافر فإن القسامة على أهل القرية على المسلم والكافر، تكرر (¬10) عليهم الأيمان حتى تكمل خمسون (¬11) يميناً إن (¬12) لم يكن فيها خمسون رجلاً (¬13)، ثم ¬

_ (¬1) المصنف لعبد الرزاق، 9/ 420؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 406؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 334. (¬2) ف: لأولياء. (¬3) ز: الذي أخذ. (¬4) ز: أو محدود. (¬5) ز: يعقل. (¬6) م ف ز + أهل الديوان. والتصحيح من ط. (¬7) ز: أو سكين. (¬8) الآثار لأبي يوسف، 221 - 222؛ والمصنف لعبد الرزاق، 10/ 35؛ وشرح معاني الآثار للطحاوي، 202/ 3؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 2/ 181؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 394. (¬9) ف - وجد. (¬10) ز: يكرر. (¬11) ز: خمسين. (¬12) ز: فإن. (¬13) زاد في المطبوعة: تكرر عليهم الأيمان.

تُفرَض (¬1) عليهم الدية، فما أصاب المسلمين (¬2) من ذلك فعلى عواقلهم. وما أصاب أهل الذمة فإن كانت لهم مَعاقل فعليهم، وإلا ففي أموالهم. وإذا وُجد الرجل قتيلاً في قبيلة من الكوفة، وفيها سكان، وفيها من قد اشترى مِن دُورِهم، فإنما القسامة والدية على أهل الخِطّة (¬3)، وليس على السكان ولا على مشتري الدور شيء. ولو جعلت على السكان وعلى المشترين (¬4) شيئاً لاستحلفتُ (¬5) عشائرهم أيضاً في القسامة ووزعت عليهم الدية بالحصص، فيوجد القتيل في قبيلة واحدة ويعقل عنهم عشر قبائل، فهذا قبيح لا يستقيم. وإذا وُجد القتيل في دار رجل قد اشتراها وهو من غير أهل الخِطّة فإن أهل الخِطّة بُرَآء من ذلك، والقسامة على صاحب الدار، وعلى قومه الدية. وإذا باع أهل الخِطّة جميعاً حتى لا يبقى فيهم أحد، ثم وُجد فيهم قتيل في سِكّة من سِكَكِهم، أو في مسجد من مساجدهم، فإن القسامة والدية على المشترين، فإن وُجد في دار واحد من المشترين (¬6) فهو عليه خاصة على عاقلته. وإذا كانت (¬7) الدار بين رجلين، فوُجد فيها قتيل، فالدية على عواقلهما نصفان، وإن كان أحدهما أكثر نصيباً من الآخر. وإذا بقي من الخِطّة دار (¬8) واحدة، ثم وُجد قتيل في المحلة، فإن ¬

_ (¬1) م ف ز ط: ثم يغرم. وفي المبسوط، 26/ 111: ثم يعرض. وقد ورد في كلام المؤلف "تفرض" فيما يأتي قريبا. (¬2) ز: المسلمون. (¬3) الخِطّة المكان المختطّ لبناء دار وغير ذلك من العمارات، وقولهم: مسجد الخِطّة، يراد به ما خَطّه الإمام حين فتح البلدة وقسمها بين الغانمين. انظر: المغرب، "خط". (¬4) ز: المشترى. (¬5) ف: لاستحلف؛ ز: لا استحلفت. (¬6) ز: من المشتريين. (¬7) ف: وإن كانت. (¬8) ز: دا.

القسامة والدية على أهل الخِطّة، وليس على السكان ولا على المشترين (¬1) شيء. ألا ترى أنه لو كان فيها ساكن عامل يعمل بيده بالنهار وينصرف بالليل إلى منزله لم أجعل عليه شيئاً، فكذلك السكان. وإذا وُجد الرجل قتيلاً في دار نفسه فعلى عاقلته الدية. وقال أبو يوسف ومحمد: لا شيء على العاقلة. والقتيل عندنا كل ميت وجد (¬2) به أثر، فإن لم يكن به أثر فلا قسامة فيه ولا دية، إنما هذا ميت. وقال أبو حنيفة: إن وجد وليس به أثر إلا أن الدم يخرج من أنفه فليس بقتيل، وإن كان يخرج من أذنه فهو قتيل، وفيه الدية والقسامة. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وإذا ادعى أهل القتيل على بعض أهل المحلة الذي وجد بين أظهرهم، فقالوا: قتله فلان عمداً أو خطأ، فذلك كله سواء، وفيه القسامة والدية، ولا يُبطل دعواهم العمدَ حقَّهم. ألا ترى أنهم لم يبرئوا العشيرة من القتل. أرأيت لو قالوا: قتلوه جميعاً عمداً، ألم يكن (¬3) عليهم الدية. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا وُجد قتيل في قبيلة، فلم يَدَّعِ أولياؤه على أهل القبيلة، وَادَّعَوْا على رجل من غيرهم، فإني - أجيز شهادة أهل القبيلة على عاقلته إذا ادعى ذلك أولياؤه. وقال أبو حنيفة: لا تجوز (¬4) شهادتهم، ولا شيء عليهم من الدية. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا وُجد الرجل قتيلاً في دار نفسه فليس فيه الدية ولا القسامة. وإذا وُجد قتيل في محلة، فادعى أهل المحلة أنه قتله غيرهم، فإن أقاموا البينة على رجل من غيرهم وشهدت شهود من غيرهم فهو جائز. فإن ادعى الأولياء على ذلك الرجل أخذوه بالدية، وإن أبرؤوه لم يكن لهم عليه ¬

_ (¬1) ز: على المشتريين. (¬2) م ز ط - وجد. (¬3) م ز ط. لم يكن. (¬4) ز: لا يجوز.

ولا على أهل المحلة شيء. وإذا شهد شهود من القبيلة لم تجز (¬1) شهادتهم في قول أبي حنيفة، لأنهم يدفعون عن أنفسهم (¬2). فإن ادعى الأولياء على غير أهل المحلة فقد أبرؤوا أهل المحلة، ولا شيء لهم على من ادعوا عليه إلا ببينة من غير أهل المحلة. وإذا وُجد بدن القتيل في محلة فعليهم القسامة والدية. فإن وُجد فيهم يده أو رجله أو رأسه فلا شيء عليهم. وإن وجد فيهم أكثر من نصف البدن فعليهم القسامة والدية كاملة. وإن وجد فيهم نصف البدن مشقوقًا بالطول فلا شيء عليهم. وإذا وجد فيهم أقل من نصف البدن فلا شيء عليهم. فإن كان الجانب الذي فيه الرأس فلا شيء عليهم فيه أيضاً. وإن كان نصف البدن وفيه الرأس فعليهم الدية. وإذا وجد العبد قتيلاً في قبيلة أو المكاتب أو المدبر أو أم الولد والذي يسعى في بعض قيمته فعليهم القسامة والقيمة في ثلاث سنين. وإذا وجد فيهم دابة (¬3) أو شبه ذلك فلا شيء عليهم. ليست تعقل (¬4) العاقلة العُروض ولا البهائم. فإن وجد فيهم جنين أو سقْط (¬5) فليس عليهم فيه شيء. فإن كان تمامًا وبه أثر فهو قتيل، وعليهم القسامة والدية. وإذا وجد العبد قتيلاً في دار مولاه فلا شيء عليه، لأنه ماله. وكذلك المكاتب يوجد في دار نفسه قتيلاً فلا شيء فيه. وإذا وجد المكاتب قتيلاً في دار مولاه فالقسامة على مولاه في ماله، يستوفي ما بقي من مكاتبته، وما بقي فهو ميراث. وإذا وجد الرجل قتيلاً في دار أبيه أو ابنه، أو المرأة في دار زوجها، ففيه القسامة، والدية على العاقلة. وإذا وجد الرجل قتيلاً على دابة (¬6) يسوقها رجل أو يقودها أو راكبها ¬

_ (¬1) ز: لم يجز. (¬2) ز: على أنفسهم. (¬3) ز: اذابه. (¬4) ز: يعقل. (¬5) يجوز في السين الحركات الثلاث. (¬6) ف: على دابته.

فهو على الذي مع الدابة. فإن لم يكن مع الدابة أحد فهو على أهل المحلة الذين يوجد فيهم على الدابة. وكذلك الرجل يحمل قتيلاً فهو عليه. وإذا وجد (¬1) القتيل في السفينة فالقسامة على من فى السفينة من الركاب وغيرهم من أهلها الذين هم فيها، والدية عليهم. وإذا وجد القتيل في نهر يجري فيه الماء فلا شيء فيه. فإن كان في نهر عظيم أو في الفرات يسير فيها الماء فليس فيه شيء (¬2). فإن كان (¬3) إلى جانب الشاطئ محتبساً (¬4) فهو على أقرب القرى إليه والأرضين، وعليهم القسامة والدية. وإذا وجد قتيلاً (¬5) في فَلًاةٍ من الأرض فليس فيه شيء. وإذا وجد قتيل في سوق المسلمين أو في مسجد جماعتهم فهو في بيت مال المسلمين، وليس فيه قسامة. وإن كان في دار رجل خاصة يملكها في السوق فعلى عاقلة ذلك الرجل القسامة والدية. وإذا وجد الرجل قتيلاً في قرية لرجلين عواقلهما في ذلك المصر الذي فيه (¬6) القرية فالقسامة (¬7) والدية على عواقلهما في ذلك المصر الذي فيه القرية. وإذا جرح الرجل في قبيلة أو أصابه حجر لا يدري من رماه فشجّه، فلم يزل صاحب فراش حتى مات، فعلى الذين أصيب (¬8) فيهم (¬9) القسامة والدية، وإن كان صحيحاً يذهب ويجيء فلا شيء فيه. وإذا أصيب القتيل في العسكر، والعسكر بأرض فلاة، فهو على القبيلة ¬

_ (¬1) ف: ولو وجد. (¬2) ف: فلا شيء فيه. (¬3) م ف ز ط: كانت. والتصحيح من ب جار؛ والمبسوط، 26/ 118. وقد يكون المقصود: فإن كانت السفينة إلى جانب الشاطئ محتبسا. والله أعلم. (¬4) ز: محبسا. (¬5) ف: القتيل. (¬6) م ز ط: منه. (¬7) ز: والقسامة. (¬8) ز + أي وجد. (¬9) ط: منهم.

التي وجد في رحالهم. فإن كان العسكر في ملك الرجل فعلى صاحب الأرض على عاقلته القسامة والدية. وإن كان العسكر بفلاة من الأرض فوُجِد (¬1) في فُسطاطِ (¬2) رجل قتيل فعليه القسامة تكرر عليه الأيمان، وعلى عاقلته الدية. وإذا وجد بين (¬3) قبيلتين من عسكر قتيل فعليهما جميعاً إذا كان القتيل إليهم سواء القسامة والدية. وإن كان أهل العسكر قد لقوا عدوهم فلا قسامة في القتيل ولا دية، وإنما هذا مما أصاب العدو. فإن كان العسكر مختلطأ فأصيب (¬4) القتيل في طائفة منهم فإن كان أصيب في خِباء (¬5) أو فُسطاط فعلى صاحب الفسطاط والخباء. وإن كان في غير خباء (¬6) ولا فسطاط فهو على أقرب أهل الأَخْبِيَة إليه وعلى من في الخباء جميعاً. وإذا وجد الرجل قتيلاً في قبيلة (¬7) فإنه لا يقبل في القسامة النساء، ولا الصبيان، ولا عبد، ولا مكاتب، ولا مدبر، ولا عبد قد عَتَقَ بعضُه وهو يسعى في بعض قيمته، في قول أبي حنيفة. ويقبل فيه الأعمى والمحدود في قذف والفاسق. والتخيير فيمن يحلف إلى الأولياء، يختارون من القبيلة من شاؤوا، وليس ذلك إلى الإمام. وإذا وجد الرجل قتيلاً في دار امرأة في مصر ليس فيه من عشيرتها أحد فإن الأيمان تكرر على المرأة حتى تكمل (¬8) خمسين يميناً، ثم تُفرَض (¬9) الدية على أقرب القبائل منها. وهذا قول محمد. وهو قول أبي يوسف الأول. ثم رجع أبو يوسف فقال: يضم إليها أقرب القبائل منها (¬10) فيقسمون ويعقلون. وكذلك القرية إذا كانت لرجل من أهل الذمة فإنه يحلف ¬

_ (¬1) ز: فهو. (¬2) الفسطاط الخيمة العظيمة. انظر: المغرب، "فسط". (¬3) ز - بين. (¬4) ط: فأصاب. (¬5) الخِباء الخيمة من الصوف. انظر: المغرب، "خبأ". (¬6) ز - خباء. (¬7) ز: في قتيله. (¬8) ز: تكل. (¬9) ز: ثم يفرض. (¬10) ف - وهذا قول محمد وهو قول أبي يوسف الأول ثم رجع أبو يوسف فقال يضم إليها أقرب القبائل منها.

باب القصاص

وتكون (¬1) عليه الأيمان، وعليه الدية. ولو كان الذمي نازلا في قبيلة من القبائل ثم وجد فيها قتيل لم يدخل الذمي في القسامة ولا في الغُرْم، وكذلك السكان (¬2) النُّزَّال فيها من غيرهم. وإذا كانت مدينة ليس فيها قبائل معروفة وجد في بعضها قتيل فعلى أهل المحلة الذين وجد (¬3) القتيل بين أظهرهم القسامة والدية. وإذا أبى الذين وجد القتيل فيهم أن يقسموا (¬4) حبسوا حتى يقسموا خمسين يميناً: ما قتلنا ولا علمنا قاتلاً، ثم يغرمون الدية. وإذا وجد القتيل في دار عبد مأذون في التجارة عليه دين أو لا دين عليه فإن القسامة والدية على عاقلة المولى. فإذا وجد قتيل في دار مكاتب فإن عليه الأقل من قيمته ومن دية القتيل. وإذا (¬5) وجد قتيل في قرية يتامى صغار ليس في تلك البلاد من عشيرتهم أحد فليس على اليتامى قسامة، وعلى عاقلتهم الدية والقسامة. وإن كان أحدهم قد أدرك فعليه القسامة، تكرر عليه اليمين وعلى أقرب القبائل منهم. ... باب القصاص بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا قود إلا بالسيف" (¬6). وبلغنا عن ¬

_ (¬1) ز: ويكون. (¬2) ز: السلطان. (¬3) ف + فيهم. (¬4) ز: أن يقتسموا. (¬5) ز: فإذا. (¬6) سنن ابن ماجة، الديات، 25؛ وشرح معاني الآثار للطحاوي، 3/ 184؛ ومسند البزار، 8/ 207، 9/ 115؛ وسنن الدارقطني، 3/ 87 - 88، 105 - 107. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 4/ 341 - 343.

أصحاب (¬1) عبد الله بن مسعود أنهم قالوا: لا قود إلا بسلاح (¬2). وكل رجل قتل قتيلاً بسيف أو رمح أو رماه بسهم (¬3) أو نُشَّابَة أو عمود حديد أو سكين أو ما أشبه ذلك من السلاح فإن عليه فيه (¬4) القصاص إلا أن يعفو (¬5) أولياء القتيل أو يصالحوا على ما شاؤوا وتراضوا عليه. وكل ما اصطلحوا عليه من شيء فهو جائز وإن جاوزوا بذلك الدية. وإذا اجتمع رهط على قتل رجل عمداً بسلاح فعليهم فيه القصاص. بلغنا عن عمر- رضي الله عنه - أنه قضى بذلك (¬6). وإذا قتل الحر المملوك عمداً فإن عليه فيه (¬7) القصاص. بلغنا ذلك عن علي - رضي الله عنه - (¬8). وإذا قتل الرجل الصبي عمداً فإن عليه فيه القصاص. وكذلك إذا قتل العبد الحر عمداً فإن عليه فيه القصاص (¬9). وكذلك المرأة إذا قتلت الرجل عمداً أو الرجل (¬10) يقتل المرأ عمداً. وإذا اشترك النساء والرجال في قتل رجل عمداً أو صبي أو امرأة عمداً فإن عليهم القصاص جميعاً. ¬

_ (¬1) ز: من أصحاب. (¬2) روي عن ابن مسعود مرفوعاً. انظر: سنن الدارقطني، 3/ 88. (¬3) ز: منهم. (¬4) ف - فيه. (¬5) ز: أن يعفوا. (¬6) رواه المؤلف عن الإمام مالك بإسناده. انظر: الموطأ برواية محمد، 3/ 17. وانظر: الموطأ، العقول، 13؛ وصحيح البخاري، الديات، 21. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 4/ 353؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 4/ 20. (¬7) ز - فيه. (¬8) المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 413. (¬9) ز - بلغنا ذلك عن علي - رضي الله عنه - وإذا قتل الرجل الصبي عمدا فإن عليه فيه القصاص وكذلك إذا قتل العبد الحر عمدا فإن عليه فيه القصاص. (¬10) ز: والرجل.

وإذا قتل الرجل المسلم الرجل من أهل الذمة عمداً فإن عليه (¬1) فيه (¬2) القصاص. بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -يم أنه أقاد رجلاً مسلماً برجل من أهل الذمة، فقتل (¬3) المسلم بالذمي، ثم قال: "أنما أحق من وفى بذمته" (¬4). وبلغنا عن عمر - رضي الله عنه - أنه أمر بقتل رجل مسلم برجل (¬5) من أهل الحيرة ذمي، ثم بلغه أنه فارس من فرسان العرب فكتب فيه أن لا يقتل (¬6). وإذا اجتمع رجال من أهل الإسلام على رجل من أهل الذمة عمداً فإن عليهم فيه القصاص. وكل قطع يزيد عمداً (¬7) من مفصل (¬8) أو إصبع فإن فيه القصاص في مثل ذلك الموضع. ولا تُقطع (¬9) اليمنى باليسرى ولا اليد بالرجل ولا الإبهام بغيرها من الأصابع. ولا يقطع إصبع من يد بإصبع من رجل. ولا يقتص من عظم ما خلا السن. بلغنا ذلك عن إبراهيم (¬10). وقال: لا قصاص بين العبيد والأحرار ولا فيما بين العبيد فيما دون النفس. ولا قصاص بين الرجال والنساء فيما دون النفس. ويجري (¬11) ¬

_ (¬1) ز: عليهم. (¬2) ز - فيه. (¬3) م ف ز: فقتله. والتصحيح من ط. (¬4) الحجة على أهل المدينة للمؤلف، 4/ 341 - 344؛ والمصنف لعبد الرزاق، 10/ 101؛ وشرح معاني الآثار للطحاوي، 3/ 195؛ وسنن الدارقطني، 3/ 135؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 2/ 178؛ ونصب الراية للزيلعى، 4/ 335 - 336. (¬5) ز - مسلم برجل. (¬6) ز: لا يقبل. الآثار للمؤلف، 102؛ والحجة على أهل المدينة له، 4/ 355؛ والمصنف لعبد الرزاق، 10/ 102؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 2/ 177؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 337. (¬7) ز: عمد. (¬8) ز - من مفصل. (¬9) ز: يقطع. (¬10) روي نحو ذلك عن عمر وابن عباس وإبراهيم النخعي وغيرهم. انظر: الحجة على أهل المدينة للمؤلف، 4/ 414؛ والمصنف لعبد الرزاق، 9/ 461؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 380، 394؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 350. (¬11) م ف ط - ويجري.

بين (¬1) المسلمين وأهل الذمة القصاص (¬2) في النفس وفيما دونها. ولا تُقطع (¬3) يدان بيد واحدة، وليس هذا كالنفس. وإذا اجتمع رجلان على قطع يد رجل عمداً كانت عليهما الدية في أموالهما. وكذلك العينان والرجلان. ولولا الأثر والسنة لم يقتل اثنان بواحد (¬4). فأخذنا في النفس بما جاء من الأثر (¬5) والسنة، وأخذنا فيما دون النفس بالقياس (¬6). وإذا قطع رجل يد رجل من نصف الساعد، أو قطع الرِّجْل من نصف الساق، فلا قصاص عليه في ذلك، لأنه في غير مفصل. وعليه في ذلك دية اليد وحكومة عدل فيما قطع من الساعد مع الكف، في ماله ذلك كلُّه. ولا يُقْتَصّ للرجل (¬7) مِن أبيه (¬8) في النفس ولا فيما دونها- بلغنا ذلك (¬9) عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬10) ولا من جده ولا من أمه ولا ¬

_ (¬1) ز: وبين. (¬2) م ف ط: والقصاص. وزاد في ط: واجب. وزيادة الواو في قوله "والقصاص" هنا تعكس المعنى تماما، فيكون المعنى أنه لا قصاص بين المسلمين وأهل الذمة فيما دون النفس، وهو عكس رأي الأحناف، فقولهم في المسألة أنه يجب القصاص فيما دون النفس بين المسلمين وأهل الذمة. انظر: المبسوط، 26/ 137. ولم ينتبه المحقق الأفغاني -رحمه الله- إلى ذلك. (¬3) ز: يقطع. (¬4) يقصد بذلك قضاء عمر - رضي الله عنه - المار قريباً. (¬5) ف: في الأثر. (¬6) وقد ذكر المؤلف في كتاب الإقرار عن إبراهيم النخعي أنه قال: لا يقطع يدان بيد. انظر: 6/ 22 و. وروي ذلك من قول الزهريّ. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 9/ 479. (¬7) م ف زط: الرجل. (¬8) ط: من ابنه. وهو خطأ. وعبارة ب جار: ولا يقاد والد بولده. وعبارة الحاكم: ولا قصاص على الأبوين والأجداد والجدات في قتل الولد وجرحه. انظر: الكافي، 3/ 133 ظ. وانظر: المبسوط، 26/ 90. (¬9) ف - ذلك. (¬10) سنن ابن ماجة، الديات، 22؛ وسنن الترمذي، الديات، 9. وانظر لتفصيل طرقه: نصب الراية للزيلعي، 4/ 339 - 341.

من جدته. وكذلك كل جد أو جدة من قبل الرجال والنساء جنى على ولده أو ولد (¬1) ولده في النفس أو فيما دونها عمداً فلا قصاص عليه، وعليه الأرش في ذلك كله في ماله. وكذلك لو كان الولد مدبراً أو عبداً أو مكاتباً. ولا قصاص بين الصبيان في النفس أو فيما دونها. وإذا جنى الصبي على رجل في النفس أو فيما دونها فلا قود عليه، لأن عمد الصبي خطأ. وكذلك المعتوه. وكذلك المجنون إذا أصاب في حال جنونه. وإذا أصاب في حال إفاقته فهو والصحيح سواء. وعمد الصبي والمجنون في حال جنونه والمعتوه خطأ تعقله (¬2) العاقلة. وإذا قطع الرجل الواحد يد الرجلين عمداً اليمنى واليسرى فإنه يُقطَع يداه كلتاهما لهما. وإذا كان إنما قطع اليمنى من كل واحد منهما قُطعت يمينه لهما، وغَرِمَ لهما الدية دية اليد في ماله بينهما نصفان. وإذا عفا أحدهما عن القصاص قبل أن يقتص لهما كان عفوه جائزاً، ويقتص للباقي، ولا حق للذي عفا. ولو حضر أحدهما قبل صاحبه لم أنتظر الغائب، لأنه ليس له مع هذا شرك. ويقتص منه لهذا. فإذا قدم الغائب كانت له الدية في مال القاطع الأول. وإذا اجتمعا جميعاً فقضى لهما القاضي بالقصاص وقضى لهما بدية اليد فبدآ (¬3) فأخذا (¬4) الدية ثم عفا أحدهما عن القصاص فإن عفوه جائز، ولا قصاص للباقي، وله نصف دية اليد. ولو لم يكونا أخذا (¬5) المال وأخذا به كفيلاً ثم عفا أحدهما كان عفوه جائزاً وللباقي القصاص، لأنه لم يقبض مالاً ولم تقع الشركة بينهما. ولو كانا أخذا بالمال رهناً كان هذا بمنزلة قبض المال، إن عفا أحدهما (¬6) بعد ذلك (¬7) كان الحال في هذا ¬

_ (¬1) ز - ولد. (¬2) ز: بعقله. (¬3) م ط: فيديا. والكلمة في ف ز مهملة. (¬4) ز: فأخذ. (¬5) ز: أخذ. (¬6) م ز + كان عفوه جائزا وللباقي القصاص لأنه لم يقبض مالا ولم تقع الشركة بينهما ولو كانا أخذا بالمال رهنا كان هذا بمنزلة قبض المال إن عفا أحدهما. (¬7) ف ز - بعد ذلك.

كالحال في قبض (¬1) المال. وإنما هذا استحسان، وكان ينبغي في القياس أن لا تقع (¬2) بينهما شركة قبضا المال أو لم يقبضا. وإذا قطع رجل إصبع رجل من مفصل، ثم قطع يد الآخر، أو بدأ باليد ثم قطع الإصبع، وذلك كله في اليمنى، ثم اجتمعا جميعاً، فإنه يقطع إصبعه (¬3) بإصبع هذا، ثم يخير (¬4) صاحب اليد، فإن شاء قطع ما بقي، وإن شاء أخذ دية يده من مال القاطع. ولو جاء صاحب اليد قبل صاحب الإصبع قطعت له اليد. فإن جاء صاحب الإصبع بَعْدُ أَخَذَ أرشَ إصبعه (¬5) من مال الذي قطعهما (¬6). ولو قطع رجل إصبع رجل من مفصل، ثم قطع إصبع [رجل] آخر (¬7) من مفصلين، ثم قطع إصبع (¬8) [رجل] آخر (¬9) كلها، وذلك كله في إصبع واحدة (¬10)، ثم اجتمعوا جميعاً، قُطع منه المفصل الأعلى لصاحب المفصل الأعلى، ثم يخير (¬11) صاحب المفصلين، فإن شاء قُطع له المفصل الأوسط بحقه كله، وإن شاء أخذ ثلثي دية الإصبع من ماله، ثم يخير صاحب الإصبع، فإن شاء أخذ ما بقي كله بإصبعه، وإن شاء أخذ دية إصبعه من مال الذي قطعها. فإذا قطع كف رجل من مفصل، ثم قطع يَدَ آخَر (¬12) من مرفق، ثم اجتمعًا جميعاً، فإن الكف يقطع لصاحب الكف، ثم يخير صاحب المرفق، ¬

_ (¬1) م ف ز ط: كالحال وقبض. وانظر: المبسوط، 26/ 143. (¬2) ز: لا يقع. (¬3) ز: إصبعته. (¬4) ز: ثم يجيز. (¬5) ز: إصبعيه. (¬6) ز: قطعها. (¬7) م ف ز: أخرى. وفي ط: إصبعاً أخرى. (¬8): أصابع. وليس بسديد. والتصحيح من المبسوط، 26/ 144. (¬9) ف ز. أخرى. (¬10) ط: وذلك كله في أصابع يد واحدة. (¬11) ز: ثم يجبز. (¬12) م ف زط: أخرى. والتصحيح من المبسوط، 26/ 145.

فإن شاء (¬1) قطع (¬2) ما بقي بحقه كله، وإن شاء أخذ الأرش من مال الجاني، ولا نبالي (¬3) في ذلك بأيهما بدأ قبل صاحبه. وإذا شج الرجل الرجل (¬4) مُوضِحةً، فأَخَذَتْ ما بين قَرْنَيِ المشجوج (¬5)، ولا تأخذ ما بين قرني الشاج، فإن المشجوج يخير (¬6)، فإن شاء أخذ الأرش ولا قصاص له، بن شاء اقتص (¬7) له، فبدأ من أي الجانبين أحب حتى تبلغ (¬8) مقدارها في طولها إلى حيث يبلغ، ثم يكف. وإذا كانت الشجة لا تأخذ ما بين قرني المشجوج وتأخذ ما بين قرني الشاج ويفضل منها فضل، فإنه يخير المشجوج، فإن شاء أخذ الأرش، وإن شاء اقتص (¬9) له ما بين القرنين من الشاج، لا أزيده على ذلك (¬10) شيئاً (¬11). وإذا (¬12) كانت الشجة في طول رأس المشجوج، وهي تأخذ من رأس (¬13) الشاج من جَبِينه (¬14) إلى قَفَاه، فإنه يخير المشجوج، فإن شاء أخذ الأرش، وإن شاء اقتصصتُ له مقدار شجته إلى مثل (¬15) موضعها في رأسه، لا أزيده على ذلك. وإن كانت من المشجوج ما بين جَبينه (¬16) إلى قَفَاه، ولا يبلغ من رأس الشاج إلا إلى نصف ذلك، خيرت المشَجوج، فإن شاء أخذ الأرش، وإن شاء اقتصصت له مقدار شجته إلى حيث يبلغ، ويبدأ من أي الجانبين أحب. وإذا شج رجل رجلاً موضحة في وجهه أو في رأسه عمداً فهو سواء، ¬

_ (¬1) ز + أخذ. (¬2) وقع في نسخة م "أخذ" وفوقها "قطع". (¬3) ز: يبالي. (¬4) ز - الرجل. (¬5).قَرْنَا الرأس: فَوْدَاه أي ناحيتاه، ومنه قوله: "ما بين قرني المشجوج". انظر: المغرب، "قرن". (¬6) ز: يجيز. (¬7) ز: اقبض. (¬8) ز: يبلغ. (¬9) ز: اقبض. (¬10) ز - ذلك. (¬11) م ط: لا أزيده على شيء. (¬12) م + وإذا. (¬13) ف: من ارس. (¬14) ز: من جنبيه. (¬15) ط - مثل. (¬16) ز: جنبيه.

وفيه القصاص. وكذلك لو شجه باضعة (¬1) أو دامية فإن فيه القصاص، ولا يقتص (¬2) في شيء من ذلك حتى يبرأ. والهاشمة التي تَهْشِم العظم، وليس فيها قصاص، وإذا كانت عمداً أو خطأ فأرشها ألف درهم. والمنقِّلة التي تخرج منها العظام فلا قصاص فيها، وإذا كانت (¬3) عمداً أو خطأ فأرشها ألف وخمسمائة درهم. والآمّة التي تصل إلى الدماغ فليس فيها قصاص، فإن كانت عمداً أو خطأ ففيها ثلث الدية في مال الفاعل. فإذا ذهب العقل منها ففيها الدية كاملة في مال الفاعل. ولا قصاص في الجائفة، وفيها ثلث الدية، وهي التي تَخْلُص إلى الجوف، فإن نَفَذَتْ ففيها ثلثا الدية في مال الفاعل إذا كانت عمداً، ولا قصاص (¬4) فيها (¬5). بلغنا عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال: لا قصاص في عظم. وبلغنا عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: لا قصاص في جائفة ولا آمّة ولا منقلة ولا عظم يخاف منه عليه التلف. وبلغنا عن إبراهيم النخعي أنه قال: لا قصاص في عظم ما خلا السن (¬6). وفي كل عظيم كُسِرَ عمداً أو ساعدٍ أو ساقٍ أو ضلع أو عظم (¬7) أو ترقوةٍ أو غير ذلك ففيه حكم عدل في مال الفاعل إذا كان متعمدا لذلك. وكذلك كل من قطع عظماً متعمداً فلا قصاص عليه. وإذا قطع رجل يد رجل عمداً، ويد القاطع التي فيها القصاص شلاء أو مقطوعة الإصبع، فإنه يقال له: إن شئت فاقطع يده، وإن شئت فخذ الأرش، لأن يده ناقصة. وكذلك لو قطعها وهي صحيحة ثم اقتص منها ¬

_ (¬1) ف: باصبعه. وقد مر تفسير الباضعة أول هذا الكتاب. انظر: 4/ 217 ظ. (¬2) ز: يقبض. (¬3) ز: كاتب. (¬4) م ز + في. (¬5) ط - فيها + في الهاشمة والمنقلة والآمة والجائفة. وذكر أنه كذا في المختصر أي الكافي. ولكنه تكرار لما ذكره المؤلف في الجمل السابقة. (¬6) انظر للآثار المذكورة: الحجة على أهل المدينة للمؤلف، 4/ 414؛ والمصنف لعبد الرزاق، 9/ 461؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 380، 394؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 350. (¬7) كذا في النسخ. وهو تكرار.

إصبع أو نحو ذلك كان بالخيار أيضاً. ولو قطع منها إصبع بغير قصاص لم يكن للمقطوعة يده إلا أن يقطع ما بقي، وليس له أرش. ألا ترى أنها لو قطعت كلها بغير قصاص بطل حقه كله ولم يكن له أرش، بمنزلة رجل كان له القصاص في نفس رجل فمات أو قتل، فقد (¬1) بطل حقه الأول ولا أرش له. وإذا قطعت اليد في القصاص أو في السرقة وقد كان وجب عليها قطع قبل ذلك في قصاص فإن للمقطوعة يده أرش يده في مال (¬2) القاطع الأول. وإذا اقتص الرجل من الرجل في عين أو يد أو (¬3) شجة فمات المقتص (¬4) منه فإن ديته على عاقلة المقتص (¬5) له في قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر: إنه لا ضمان عليه، لأنه إنما أخذ حقه. وهو قول أبي يوسف ومحمد. ألا ترى أنه لو قطع في سرقة فمات لم يكن على الإمام شيء، فكذلك القصاص. ألا ترى أنه إنما وضع القصاص في موضعه. أرأيت لو بَطَّ (¬6) قرحة له، أو حَجَمَه، أو قطع عِرْقًا من عروقه، أو خَتَنَه، ولم يجاوز ما أمره، ثم مات أكان يضمن. فالذي أخذ القصاص ولم يجاوز ذلك أليس قد أخذ ما أمره الله تعالى به من القصاص. ولو أن المقتص منه قال: اقتصوا مني، فأمر بذلك كما أمر بالختان أو الحجامة ثم مات من ذلك أكان فيه ضمان. لا ضمان في شيء من هذا. ولو كان المقتص له مالك كان المقتص منه يُقتَل به مِن قِبَل أنها قد صارت نفسًا. ولو أن رجلاً قتل رجلاً فدُفِع إلى وليّه فقَطَعَ يده عمداً أو مَثَّلَ به في غير ذلك الموضع لم يكن عليه في ذلك الأرش، لأنه قد كانت له نفسه، فاليد من النفس. ألا ترى أن النفس تأتي على ذلك. ولكنه يعزر لما أتى من المثلة، ويحال بينه وبين ¬

_ (¬1) ف - فقد. (¬2) ف - مال. (¬3) ف - أو. (¬4) ز: المقبض. (¬5) هـ: المقبض. (¬6) ز: إن بط. بَطَّ الجرح بَطًّا من باب طلب أي شَقَّه. انظر: المغرب، "بطط".

المثلة. بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن المثلة (¬1). ولو قطع يده ثم عفا عنه كانت عليه دية اليد، لأنه أخذها بغير حق. وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر: قول أبي يوسف ومحمد: إنه لا ضمان عليه مِن قِبَل أنه كانت له النفس. ألا ترى أنه لو مات منها كان أخذ حقه. وإذا قطع الرجل يد الرجلاليمنى عمداً من مفصل وقطع يد آخر اليسرى من مفصل فعليه القصاص لهما جميعاً. وفي العين القصاص، وفي الرجل، وفي السن إذا قُلِعَت (¬2) أو كُسِرَ بعضها ولم يسودّ ما بقي. وإذا (¬3) فُقِئَت (¬4) العين وذهب نورها ولم تنخسف ففيها (¬5) القصاص. تُحْمَى له (¬6) المرآة ثم تُقَرَّب منها حتى يذهب [نورها] (¬7)، ويُربَط على عينه الأخرى وعلى وجهه قُطْن. وفي السِّمْحَاق والباضعة والدامية (¬8) والمُوضِحة القصاص. وليس في المنقّلة ولا في الآمّة ولا في الجائفة قصاص. وإذا أحرق الرجل الرجل بالنار فإن عليه القصاص، يقتله وليّه بالسيف إن أراد ذلك. وإذا طعن الرجل الرجل برمح لا سِنَان فيه فجَافَهُ (¬9) فمات فعليه فيه القصاص. وكذلك لو رماه بسهم ليس فيه نصل (¬10) أو نُشَّابةٍ فهذا كله فيه ¬

_ (¬1) الآثار لأبي يوسف، 192؛ والآثار للمؤلف، 144؛ وصحيح البخاري، الذبائح، 25؛ وصحيح مسلم، الجهاد، 3. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 3/ 118. (¬2) ط: إذا قطعت. (¬3) م ف زط: فإذا. (¬4) فقأ العين أي شَقّ حدقتها ولم يقلعها. انظر: المغرب، "فقأ". (¬5) ف ز: فيها. (¬6) ط - له. (¬7) من ط؛ والمبسوط، 26/ 151. (¬8) ز: والذامية. (¬9) م ف: فجاف؛ ز: يخاف. والتصحيح من ط. وفي المبسوط، 26/ 152: فأجافه. وهو صحيِح أيضا. قال المطرزي: الجائفة الطعنة التي بلغت الجوف أو نَفَذَتْه ... وطَعَنَه فأَجَافه وجَافَه أيضا. انظر: المغرب، "جوف". (¬10) ف: لا نصل فيه؛ ز: فضل.

القصاص. وكذلك لو شق بطنه بعود أو ذبحه بقَصَبَة (¬1) ففي هذا كله القصاص، لأن هذا قد وقع موقع السلاح. وإن ضربه بعمود (¬2) حديد أو بسَنْجَة (¬3) حديد أو ما أشبه ذلك من النحاس والحديد فعليه القصاص. ولو ضربه بحجر أو بعصا حديد حتى يدمغه لم يكن فيه قصاص. وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر: إنه إذا جاء مِن هذا ما يُعرَف أنه مثل السلاح أو أشد ففيه القصاص. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وإذا غرّق الرجل رجلاً فلا قصاص عليه، وعلى عاقلته الدية. بلغنا عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قضى بنحو (¬4) ذلك (¬5)، مِن قِبَل أنه قد ينفلت (¬6) من الماء. ولو صنع (¬7) به من ذلك ما يعرف (¬8) أنه لا يخرج ولا ينفلت من الماء (¬9) كان فيه الأرش أيضاً، ولا قصاص فيه، ¬

_ (¬1) ز: أو بقبضه. القصبة واحدة القصب، وهو كل نبات كان ساقه أنابيب وكعوبا. انظر: المغرب، "قصب". (¬2) ف: بعود. (¬3) سنجة الميزان وصنجته ما يوزن به. انظر: مختار الصحاح، "صنج"؛ ولسان العرب، "سنج". (¬4) ف + من. (¬5) لعله يقصد ما رواه في كتاب الإكراه حيث قال: ذكر أبو معاوية المكفوف عن الأعمش عن زيد بن وهب قال: استعمل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - رجلا على جيش، قال: فخرج نحو الجبل فانتهى إلى نهر ليس عليه جسر في يوم بارد، فقال أمير ذلك الجيش لرجل: انزل فابغ لنا مخاضة نجوز فيها، فقال الرجل: إني أخاف إن دخلت الماء أن أموت، قال: فأكرهه فدخل الماء، فقال: يا عمراه يا عمراه! ثم لم يلبث أن هلك، فبلغ ذلك عمر وهو في سوق المدينة، فقال: يا لبيكاه يا لبيكاه! فبعث إلى أمير ذلك الجيش فنزعه، وقال: لولا أن يكون سنة لأقيدنه منك، وغرمه الدية، وقال: لا تعمل في عملا أبدا. انظر: 5/ 73 ظ. وأخرجه البيهقي نحوه في السنن الكبرى، 8/ 322. (¬6) ز: قد يتلفت. (¬7) ط: ولو منع. (¬8) ف: ما لا يعرف. (¬9) م ز + ولو صنع به من ذلك ما يعرف أنه لا يخرج ولا ينفلت؛ ف - من الماء.

باب تزويج المرأة على الجراحة

وهذا قول أبي حنيفة. وفي قول أبي يوسف (¬1) ومحمد عليه القصاص إذا جاء من ذلك ما لا يُعاش مِن مِثله. ولو أن رجلاً خنق رجلاً حتى مات (¬2)، أوطرحه في بئر فمات، أو ألقاه من ظهر جبل أو من سطح فمات، لم يكن عليه قصاص، وكان على عاقلته الدية. فإن كان خنّاقاً قد خنق غير واحد معروفاً بذلك فعليه القتل. ولو سقى رجل رجلاً سماً، أو أوجره (¬3) إياه إيجاراً، فقتله، لم يكن عليه القصاص، وكان (¬4) على عاقلته الدية. ولو كان أعطاه إياه فشربه هو لم يكن عليه فيه شيء، ولا شيء على عاقلته، مِن قِبَل أنه شربه هو. ... باب تزويج المرأة على الجراحة وإذا قطعت المرأة يد الرجل عمداً أو جرحته، ثم تزوجها على تلك الجراحة أو على قطع تلك اليد أو تلك الضربة فذلك كله سواء. فإن برأ وصح فإن مهرها أرش ذلك الجرح وتلك الضربة. فإن طلقها قبل أن يدخل بها كان لها نصف ذلك الأرش وترد عليه نصفه. وكذلك إذا تزوجها على الجناية أو الجرح وما يحدث منها وبرأ (¬5) فهو سواء. وهو باب واحد. فإن مات من ذلك فهو مختلف. أما إذا تزوجها على اليد أو على الضرب أو على الجرح فإنه لا ينبغي في القياس أن يكون عليها القصاص، لأنها قد صارت نفسًا وصارت غير ما تزوجها عليه. ولكني أدع القياس وأستحسن، فأجعل عليها الدية في مالها، وأجعل لها مهر مثلها، ولا ميراث لها لأنها قاتلة، وعليها عدة المتوفى عنها زوجها في قول أبي حنيفة. وأما إذا تزوجها على الجناية أو على الجرح وما يحدث (¬6) فيها أو على الضربة وما يحدث ¬

_ (¬1) ف: وقال أبو يوسف. (¬2) ف - حتى مات. (¬3) ز: أو أجره. (¬4) ف ز: فكان. (¬5) م ز: وابرا. (¬6) ط: وما حدث.

فيها فإن النكاح جائز، وقد عفا عنها، ولا يكون هذا مهراً، لأنه قصاص ليس بمال (¬1). فلها مهر مثل نسائها لا وَكْس ولا شَطَط (¬2)، ولا ميراث لها، لأنها قاتلة. ولوطلقها قبل أن يدخل بها كان لها المتعة، وكان هذا عفوًا. وكذلك الرجل يقطع يد رجل عمداً، فإن عفا عن اليد أو عن الجرح أو عن الضربة ثم مات فليس هذا بعفو، وعليه القصاص في القياس، ولكني أدع القياس في هذا وأجعل عليه الدية في ماله. ولو عفا عن الضربة وما يحدث فيها أو عن الجناية أو عن الجرح وما يحدث فيها كان هذا عفوا، ولا شيء على القاتل فيه. ولو كان الذي عفا مريضاً (¬3) وهو صاحب فراش كان عفوه جائزاً، لأن هذا قصاص وليس بمال في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: إن تزوجها (¬4) على الضربة أو الشجة أو اليد وما يحدث فيها أو لم يقل: وما يحدث فيها (¬5)، فهو سواء، وهو بمنزلة قول أبي حنيفة في الضربة وما يحدث فيها، ذلك عفو عن النفس، ولها مهر مثلها. وكذلك قالا في الرجل يعفو عن ضرب رجل ضربه (¬6)، فهو عفو عن ذلك وما يحدث فيه وإن لم يقل: وما يحدث فيه. وإذا جرح (¬7) الرجل الرجل عمداً بالسيف فأشهد المجروح على نفسه أن فلاناً لم يجرحه ثم مات المجروح من ذلك فلا شيء على فلان. وإن (¬8) قامت البينة على الجراحة لم يجز أيضاً، لأن إقراره على نفسه أصدق من البينة. ولو لم يقر بذلك المجروح ولكن أولياء المجروح عفوا عن الجناية (¬9) قبل موته ثم مات فإن عفوهم باطل في القياس، ولكني أستحسن فأجيزه. وكذلك لو عفا المجروح نفسه عن الجراحة أجزت عفوه وأخذت بالاستحسان فيهما جميعاً، وأح القياس فيهما، لأنه قتل. ألا ترى أن المجروح نفسه إذا عفا فقد عفا قبل أن يجب القتل. وكذلك إذا عفا الورثة ¬

_ (¬1) ف: بملك. (¬2) أي لا نقصان ولا زيادة. (¬3) ز: مريض. (¬4) ز: إن يزوجها. (¬5) ف + فيها. (¬6) ز: فضربه. (¬7) ز: خرج. (¬8) ز: فإن. (¬9) ز: عن الجنا.

باب العفو عن القصاص

فقد عفوا قبل أن يجب لهم القتل، فعفوهم جائز. وليس يدخل العمد في الثلث، لأنه ليس بمال. ولو كان مالاً ما جاز ذلك إلا ببينة. ... باب العفو عن القصاص وإذا عفا الرجل عن العمد وهو مريض أو غير مريض فعفوه جائز، ولا يدخل ذلك في الثلث، لأنه ليس بمال، إنما هو دم، فهو جائز. ولو عفا عن أحد القاتلين كان للورثة أن يقتلوا الآخر بعد أن يموت صاحبهم من ضربتهما (¬1)، ولا يَبطُل عن الباقي القتلُ للعفو عن الأول. ألا ترى أن القتيل (¬2) لو لم يعف أو عفا الورثة بعد موته عن أحدهما على مال كان لهم أن يقتلوا الآخر. وكذلك لو صالحوا أحدهما على مال كان لهم أن يقتلوا الآخر. ولكل وارث في الدم وإن كان عمداً نصيب (¬3) بميراثه منه، يجوز فيه عفوه وصلحه. بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه ورّث امرأة أَشْيَم من عقل أشيم (¬4). وبلغنا عن إبراهيم أنه قال: لكل وارث في الدم نصيب (¬5). وبلغنا عن علي - رضي الله تعالى عنه - أنه قال: إذا أوصى الرجل بثلث ماله دخلت ديته في تلك الوصية (¬6). وبلغنا عن علي أيضاً أنه كان يقسم الدية على من أحرز الميراث (¬7). ¬

_ (¬1) ف: من ضربهما. (¬2) م: أن القتل. (¬3) ز: يصيب. (¬4) الموطأ، العقول، 9؛ وسنن ابن ماجة، الديات، 12؛ وسنن أبي داود، الفرائض، 18؛ وسنن الترمذي، الديات، 18. وقد رواه الإمام محمد عن الإمام مالك بإسناده. انظر: الموطأ برواية محمد، 3/ 19. وانظر للتفصيل: نصب الراية للزيلعي، 4/ 352. (¬5) سيأتي بإسناده عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 161؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 417. (¬6) المصنف لعبد الرزاق، 9/ 96. (¬7) المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 417؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 8/ 58.

فإذا كان دم العمد بين الرجلين (¬1) فعفا أحدهما فلا قود على القاتل، وللآخر أن يأخذ حصته من الدية في مال القاتل. وبلغنا عن عمر وعبد الله بن مسعود - رضي الله عنهما - أنهما قالا ذلك (¬2). وهو في ثلاث سنين، يؤخذ في كل سنة ثلث. وإذا كان دم العمد بين اثنين فشهد أحدهما على الآخر أنه عفا فأنكر ذلك المشهود عليه والقاتل فقد بطلت حصة الشاهد من الدم، لأنه يجر المال إلى نفسه بشهادته. ولا شيء له على القاتل، وللمشهود عليه نصف الدية في مال القاتل. ولو كان ادعى القاتل شهادته على صاحبه بالعفو فشهد على عفو (¬3) صاحبه عن القاتل فإن لهما الدية جميعاً عليه. ألزمته نصف الدية للشاهد مِن قِبَل أنه ادعى شهادته وزعم أنه قد وجب له نصف الدية حين زعم أن الآخر قد عفا. ولم يلزمه له في الباب الأول شيء مِن قِبَل أنه أنكر شهادته له ولم يدعها. فأما المشهود عليه فله نصف الدية على كل حال، لأن شهادة أخيه لا تجوز عليه، لأنه يجر نصف الدية إلى نفسه. ولو شهد معه آخر لم يجز (¬4) ولم يبطل حقه من الدية. فإذا كان دم (¬5) العمد بين اثنين فشهد كل واحد منهما على صاحبه أنه قد عفا والقاتل لا يدعي ذلك ولا ينكر فأيهما ما شهد أول مرة فقد بطل ¬

_ (¬1) ف: بين رجلين. (¬2) ف: بذلك. سيأتي قريباً بإسناده عند المؤلف. ورواه كذلك في الآثار حيث قال الإمام محمد: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أن عمر بن الخطاب أُتِيَ برجل قد قتل عمدا، فأمر بقتله. فعفا بعض الأولياء، فأمر بقتله. فقال عبد الله بن مسعود: كانت النفس لهم جميعاً فلما عفا هذا أحيى النفس، فلا يستطيع أن يأخذ حقه - يعني الذي لم يَعفُ - حتى يأخذ حقَّ غيره. قال: فما ترى؟ قال: أرى أن تجعل الدية عليه في ماله، وتَرفع عنه حصة الذي عفا. قال عمر: وأنا أرى ذلك. قال محمد: وأنا أرى ذلك. انظر: الآثار لمحمد، 103؛ والحجة على أهل المدينة له، 4/ 383؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 418؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 8/ 60. (¬3) ف: على غير. (¬4) ط: لم يجر. وانظر: المبسوط، 26/ 159. (¬5) ز: الدم.

حقه، لأنه يجر بشهادته نصف الدية إلى نفسه. وقد وجب حق صاحبه بشهادته، لأنها بعد شهادة الأول. وإذا شهدا (¬1) معاً لم يتقدم أحدهما (¬2) صاحبه فلا حق على القاتل لواحد منهما من دية صاحبه ولا غير ذلك، مِن قِبَل أن كل واحد منهما يجر بشهادته نصف الدية إلى نفسه. فإن صدّق القاتل أحدهما وكذّب الآخر أعطي الذي صدّق نصف الدية وبطل حق الآخر. بن صدّقهما جميعاً أنهما قد عَفَوَا فإنه ينبغي في قياس هذا القول أن يَضمن لهما الدية جميعاً، ولكني أستحسن أن لا أضمّنه لهما جميعاً شيئاً، لأنه زعم أنهما عَفَوَا. وإذا كان الدم بين ثلاثة فشهد اثنان على أحدهم أنه قد عفا فشهادتهما عليه باطل لا تجوز، لأنهما يجران إلى أنفسهما الدية. ولا قصاص على القاتل. فإن كذّبهما أعطي (¬3) المشهود عليه ثلث الدية، ولم يكن للشاهدين عليه شيء. فإن صدّقهما أعطاهم الدية أثلاثاً بينهم جميعاً. وإن لم يصدّق ولم يكذّب فهو بمنزلة التكذيب لهما. وإن شهد رجل وامرأتان من الورثة على رجل أنه قد عفا، أو على امرأة، وقد بقي من الورثة بقية لم يشهدوا ولم يشهد عليهم، فإن للذي (¬4) بقي منهم وللمشهود عليه حصتهم من الدية. وأما الشهود فإن صدّقهم القاتل أعطاهم حصتهم أيضاً من الدية، وإن كذّبهم لم يكن لهم شيء. وشهادة النساء إذا كانت مع الرجال إذا كانوا من غير الورثة في العفو عن القصاص جائزة، مِن قِبَل أن هذا ليس بحد ولا بقصاص (¬5). وكذلك لو شهدن مع رجل على صلح في القصاص، في نفسٍ كانت أو فيما دونها، فهو جائز. وكذلك الشهادة على الشهادة. وإذا ادعى (¬6) القاتل العفو على بعض الورثة وليس له بينة فإن له (¬7) أن ¬

_ (¬1) ز: شهدوا. (¬2) ز: إحداهما. (¬3) ز: أعطا. (¬4) ف: الذي. (¬5) ز: قصاص. (¬6) م: وإذا دعا. (¬7) ف: فله.

يستحلفه على ذلك. فإن خلف فالقصاص على حاله كما هو يؤخذ به. وإن نكل عن اليمين بطل حقه وصار بمنزلة من قد عفا، ولشركائه من الورثة حصتهم من الدية في مال القاتل. وإذا شهد للقاتل أبواه أو ابناه على العفو فإن شهادتهم لا تجوز، ولا يُدرَأ عنه بشهادتهم من القصاص شيء. وكذلك كل من لا تجوز شهادته له مثل امرأته أو مكاتبه أو مدبره أو شبه ذلك. فأما أخواه أو شريكاه فإن شهادتهم على العفو جائزة وعلى صلح لو ادعاه. فإن ادعى ورثة القتيل وأنكر القاتل ذلك فشهد على القاتل ابناه أو أبواه فشهادتهما عليه بذلك جائزة، لأنهم يشهدون عليه إذا ادعى ذلك الولي، وإذا جحد ذلك الولي وادعاه القاتل فإنما يشهدون له، فلا تجوز شهادتهم. ولا تجوز شهادة المحدود في قذف في عفو ولا دم ولا صلح ولا غيره. وكذلك الأعمى والفاسق والعبد والمكاتب وأم الولد لا تجوز شهادة أحد منهم في عفو ولا صلح ولا دم عمد ولا غيره. وإذا شهد شاهدان على القاتل أنه صالح على الدية وأنهما كفلا بها عنه وادعى ذلك القاتل وأنكر الولي فإن شهادتهما لا تجوز، لأنهما ذكرا (¬1) أن الكفالة كانت في الصلح. وإن ذكرا أن الكفالة كانت بعد الصلح فشهادتهما على الصلح جائزة، ويؤخذان بالكفالة بإقرارهما على أنفسهما، ولا يرجعان بذلك على الذي كفلا عنه، لأنهما مقران بالحق على أنفسهما إلا أن يكون أمرهما بذلك. وإن ادعى الولي شهادتهما تجوز على أنفسهما، ولا يرجعان على القاتل بشيء من ذلك. وإذا شهد شاهدان على العفو وقضى القاضي بشهادتهما ثمٍ رجع الشاهدان على العفو فلا ضمان عليهما، مِن قِبَل أنهما لم يتلفا له مالاً، إنما أتلفا له القصاص. وعليهما التعزير في قول أبي يوسف ومحمد. ولا تعزير (¬2) عليهما في قول أبي حنيفة. ولا قصاص على القاتل في قول أبي حنيفة مِن ¬

_ (¬1) ز: ذكر. (¬2) ز - تعزير.

قِبَل القضاء الذي قضي فيه. وإذا شهدا (¬1) بالعفو ولم يقض (¬2) القاضي بشهادتهما حتى رجعا فإن القصاص كما هو على حاله يقضي به القاضي، لأن الشهادة لم تتم. وإذا شهد أحدهما على العفو في يوم وشهد الآخر عليه في يوم آخر أو في شهرين مختلفين أو في بلدين مختلفين فإن شهادتهما جائزة، ولا يبطل (¬3) شهادتهما اختلاف الأيام والبلدان في ذلك، لأن العفو كلام وليس بعمل. ألا ترى أنه لو شهد عليه شاهد بإقراره بالمال في مكان وشهد عليه [شاهد آخر] بإقراره بذلك المال في مكان آخر كان جائزاً. وإذا شهد شاهدان على أحد الورثة بالعفو ولا يعرفون أيهم هو فإن شهادتهم باطل لا تجوز، مِن قِبَل أنهم لم يثبتوا الشهادة، والقصاص على حاله يُقضَى به عليه. وإذا اختلف الشاهدان في العفو، فقال أحدهما: عفا على ألف درهم وصالح عليها، وقال الآخر: عفا على غير جُعْل، فإنه لا تجوز (¬4) شهادتهما، مِن قِبَل أنهما قد اختلفا. ألا ترى أن أحدهما لو شهد أنه طلق امرأته على ألف درهم، وشهد آخر أنه طلقها على غير جُعْل، أبطلت شهادتهما، فكذلك العفو. ولو شهدا (¬5) أنه صالحه على مال، فشهد أحدهما أنه صالحه على ألف، وشهد الآخر أنه صالحه على خمسمائة، فإن هذا وذاك في القياس سواء. ألا ترى أن القاتل (¬6) إذا ادعى شهادة الذي [شهد] (¬7) بخمسمائة فقد أكذب الذي بالألف، وإن ادعى شهادة الذي [شهد] (¬8) بألف فقد أكذب الآخر، ولا عفو له، لأن الشاهدين قد اختلفا. وإن لم يدع القاتل ذلك وادعاه ولي الدم فقد جاز العفو، ولا آخذ له بشيء من المال، لأن شهادتهما قد اختلفتا (¬9) في قياس قول أبي حنيفة. وكذلك ¬

_ (¬1) ز: شهد. (¬2) ز: يقضي. (¬3) ز: تبطل. (¬4) ز: لا يجوز. (¬5) ز: شهد. (¬6) ز: أن القايل. (¬7) من ط. (¬8) من ط. (¬9) ز: قد اختلفا؛ ز + في قول آخر أنه يقضى بخمسمائة إن ادعى الصلح على الألف وهو قول أبي يوسف.

الباب الأول. ألا ترى أن الشاهدين لو شهدا على صلح، فشهد أحدهما أنه صالحه على عبد، وشهد الآخر أنه صالحه على ألف درهم، وادعى ذلك القاتل وأنكر ذلك (¬1) الولي، فإنه باطل لأنهما قد اختلفا، وعليه القصاص. وإن لم يدع (¬2) ذلك القاتل وادعاه ولي الدم فإن العفو جائز، ولا شيء له. وإذا عفا الرجل عن دم لولده وهم صغار ولا حق له فيه فعفوه باطل. وكذلك الوصي يعفو عن دم اليتيم فإن صالح عليه فالصلح جائز. وإن حط من الدية شيئاً فلا يجوز ما حط، ويبلغ به الدية. وكذلك الأب. والنفس في هذا وما دونها سواء. وإذا قُتِل الرجل عمداً وليس له ولي إلا السلطان فللإمام أن يقتص (¬3) من قاتله إن شاء، وليس له أن يعفو, لأنه لا يملك ذلك. فإن صالحه على الدية فهو جائز. وإن كان (¬4) للدم وليان أحدهما غائب فادعى القاتل أن الغائب قد عفا عنه وأقام البينة على ذلك فإني أقبل ذلك وأجيز العفو على الغائب، لأن هذا الشاهد خصم، وللحاضر أن يأخذ حصته من الدية. وإذا قدم الغائب لم يُعِد الشهود عليه الشهادة. وإن ادعى عفو الغائب ولم يكن له بينة فأراد أن يستحلفه فإنه يؤخر حتى يقدم الغائب. فإن نكل عن اليمين بطل حقه، ولزم القاتل (¬5) حق الحاضر من الدية. وإن حلف فالقصاص على حاله. وإن ادعى بينة على العفو حاضرة أجلته ثلاثة أيام، فإن جاء بالشهود أجزت ذلك، وإن لم يأت بهم حتى يمضي ثلاث أو ادعى بينة غائبة فإنهما سواء في القياس. وينبغي في قياس قولنا هذا أن يَقضي عليه ويُمضي القضاء كما يمضيه في المال لو كان مالاً، ولكني أستعظم الدم ولا أعجل فيه القصاص حتى أتبين في ذلك وأستأني (¬6) به وأؤجله ولا أعجله. ¬

_ (¬1) ف - ذلك. (¬2) ز: لم يدعي. (¬3) ز: أن يقبض. (¬4) ف - وإن كان. (¬5) ز: القايل. (¬6) ز: وأستأنا.

ولو شهد شاهدان على العفو على أحد الورثة بعينه أو شهدوا أنه أقر أن فلاناً لم يقتله فهو سواء، والشهادة عليه جائزة. وكذلك إذا عفا الوارث عن القاتل عند موته أو أقر (¬1) عند موته أن فلاناً لم يقتل (¬2) صاحبه فهو جائز عليه، ولا يكون ذلك من ثلثه، لأنه ليس بمال، وعفو الوارث عند موته في مرضه وصحته سواء. وإذا عفا المضروب عن الجراحة أو الضربة أو الشجة أو اليد ثم برأ منها وصح فعفوه جائز. وإن مات منها فعفوه باطل، مِن قِبَل أنها قد صارت نفسًا، وأنه عفا عن غير (¬3) نفس. وينبغي في القياس أن يقتله، ولكنا ندع القياس ونستحسن، فنجعل عليه الدية في ماله في قول أبي حنيفة. وكذلك لو برأ من ذلك ثم انتقضت فمات كان بمنزلة من لم يبرأ حتى مات. فإن عفا المجروح عن الجراحة أو عن الضربة وما يحدث فيها فإن عفوه جائز. وكذلك إذا عفا عن الشجة وما يحدث فيها فإن عفوه جائز مات أو برأ، لأنه قد عفا عن جميع الجنايات. وكذلك لو صالحه على مال عن الجناية، أو عن الشجة وما يحدث فيها، أو عن الضربة وما يحدث فيها، كان الصلح فيه على ذلك جائزاً. وكذلك لو صالحه على الضربة أو على اليد أو على الجرح أو على الشجة ولم يقل: وما يحدث فيها، كان الصلح جائزاً. فإن مات فعليه الدية كاملة في قول أبي حنيفة، يحسب له من ذلك ما أخذ (¬4) في (¬5) قول أبي حنيفة. وإذا قضي لرجل بالقصاص في نفس فقطع يد القاتل عمداً أو خطأ ثم عفا عنه فإنه ضامن لدية يده، وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد: إنه لا شيء عليه، لأنه قد كانت له نفسه. ولو قتله ولم يعف عنه لم يكن عليه في اليد شيء في القول الأول ولا في القول الآخر، لأنه قد كانت له نفسه. ولو قطع يديه أو رجليه (¬6) متعمدا لذلك ثم قتله لم ¬

_ (¬1) ز + ابن. (¬2) ز: لم يقبل. (¬3) ف - غير. (¬4) ط: ما أخذوها. (¬5) م ز: وفي. (¬6) ز: أو رجله.

يكن عليه في ذلك شيء إلا أنه قد أساء في المثلة، وعليه التعزير، ولا يُترَك القاتلُ أن يُمَثَّلَ به، والمثلة قد جاء فيها النهي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬1). وإذا كان الدم بين اثنين فعفا أحدهما ثم قتله الآخر عمداً ولم يعلم بالعفو، أو علم بالعفو ولم يعلم أن الدم حرم بالعفو، فعليه الدية كاملة في ماله، يحسب له من ذلك نصف الدية حصته من دم (¬2) المقتول الأول، ويؤدي النصف. وكذلك لو كان قتله (¬3) بعد ما علم بالعفو عمداً فإن عليه الدية (¬4) في ماله، يحسب له (¬5) من ذلك نصف الدية، ولا قود عليه إلا أن يكون فقيهًا يعلم أنه ليس له أن يقتل (¬6) بعد العفو، فإن كان (¬7) كذلك (¬8) قُتِل به، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإذا وجب على الرجل القصاص فقتله ولي الدم بسيف أو بعصا أو بحجر فهو قصاص. وكذلك لو وقع في بئر حفرها (¬9) في الطريق أو تعثر بحجر وضعه في الطريق أو أصابه كَنِيف قد أخرجه في الطريق فقتله لم يكن عليه في ذلك شيء، وكان هذا بمنزلة القصاص. فإن كان له وليان فعفا أحدهما ثم أصابه هذا الآخر بعد العفو فعلى عاقلته الدية في جميع ذلك إلا السيف (¬10)، فإنه في ماله، ويأخذ هو من ذلك نصف الدية إن كان ذلك في ماله. وإن كان على عاقلته أخذ أولياء المقتول خطأ الدية من العاقلة، ثم يرجع الذي قتل خطأ في مال المقتول خطأ بنصف الدية التي وجبت له على عاقلته. ولو قتله غير الولي بغير أمر الولي عمداً أو خطأ بطل دم الأول، ولا حق لولي الأول، ويكون على القاتل الآخر القصاص في العمد، وعلى العاقلة الدية في الخطأ. وإن قتله فقال الولي: أنا كنت أمرته، ولم يكن عليه بذلك بينة فإن هذا والأول سواء في القياس إلا أن ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه قريباً. (¬2) ف - دم. (¬3) ز: قبله. (¬4) ز: والدية. (¬5) ف - يحسب له. (¬6) ز: أن يقبل. (¬7) ف: فإن ذلك. (¬8) ط: ذلك. (¬9) ز: وحفرها. (¬10) ط: بالسيف.

باب العفو في الخطأ

يعلم أن الولي أمره، فلا يكون عليه قصاص ولا دية (¬1). ... باب العفو في الخطأ وإذا قتل الرجل الرجل خطأ فديته بين جميع الورثة على فرائض الله تعالى، تدخل في ذلك المرأف وكذلك إن كانت المرأة هي المقتولة كان لزوجها الميراث مع ورثتها (¬2) من الدية. بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه وَرَّثَ امرأة أَشْيَم الضِّبَابي من عقل زوجها أشيم (¬3). وبلغنا عن علي - رضي الله عنه - أنه قال: لقد ظلم من منع الإخوة من الأم ميراثهم من الدية (¬4). وبلغنا عن علي أنه قال: الدية تقسم (¬5) على من أحرز الميراث، وأنه قال أيضا: تدخل الدية في الوصية (¬6). فإن عفا زوج المرأة فعفوه جائز. وكذلك المرأة. وكذلك الموصى له بالثلث. وليس للموصى له بالثلث عفو في العمد، لأنه ليس بمال. فإن صولح (¬7) القاتل على مال دخل فيه وكان عفوه جائزاً بعد الصلح. وليس للغرماء عفو في عمد ولا خطأ، مِن قِبَل أن العمد ليس بمال، ومِن قِبَل أن الخطأ مال للميت، فليس لهم أن يبطلوه. وإن تركوا ديتهم للميت كانت ديته للورثة. وإن لم يترك الغرماء الدين (¬8) أخذوه من الدية إذا قبضت. بلغنا عن إبراهيم النخعي أنه قال: لكل وارث نصيب من الدية، وإن عفا فعفوه جائز (¬9). ¬

_ (¬1) ط + له. (¬2) ف - مع ورثتها. (¬3) تقدم تخريجه قريباً. (¬4) المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 417؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 8/ 58. (¬5) ز: يقسم. (¬6) تقدم تخريجهما قريباً. (¬7) ف: صالح. (¬8) ز: الذين. (¬9) تقدم نصفه الأول قريباً بلفظ, لكل وارث في الدم نصيبا"، وسيأتي قريباً بإسناده عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 161؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 416، 417.

فإذا عفا الرجل عن دمه وهو خطأ في مرضه الذي مات فيه فإن عفوه جائز من ثلثه، وإن لم يكن له مال غير الدية جاز منها ثلثه، وبقي على عاقلة القاتل الثلثان في ثلاث سنين ميراثاً بين ورثته على فرائض الله تعالى. وإن أوصى بشيء غير ذلك تحاصّ أهل الوصية والعاقلة في الثلث. فإن أعتق عبداً بدأنا به من الثلث ثم تحاصّ أهل الوصية فيرفع عن العاقلة ما أصابهم من الوصية، ويأخذون (¬1) ما (¬2) بقي من الدية. فإن كان (¬3) على الميت دين ولم يعف عن القاتل وعفا بعض الورثة وفي الدية وفاء بالدين وفضل فإنه يؤخذ من العاقلة قدر الدين، فيؤدَّى (¬4) إلى الغرماء، ثم يرفع عنهم حصة الذي عفا عنهم مما بقي ويؤخذون بحصة من لم يعف. وذلك كله في ثلاث سنين الذي (¬5) للغرماء والذي للورثة. إلا أن الغرماء يبدأ بهم فيقضون ما خرج الأول فالأول، ويكون ما بقي للورثة (¬6). وإن كان الدين مستغرقًا للدية لم يجز عفو أحد من الورثة ولا عفو المقتول إذا كان (¬7) عفا أو لم يكن له وفاء بالدين. وإذا شهد شاهدان من الورثة على بعضهم أنه قد عفا عن حصته من الدم والقتل خطأ فشهادتهما جائزة، مِن قِبَل أنهما لا يجران إلى أنفسهما من ذلك شيئاً. ليس هذا كالعمد الذي يتحول إذا دخل فيه العفو عن حال القصاص إلى الدية، وإنما هذا مال كله، لكل وارث منه حصته (¬8) إن عفا أحدهم أو لم يعف. وإذا شهد رجل وامرأتان من الورثة على بعضهم أنه قد عفا كان ذلك جائزاً على المشهود عليه. ولو شهدوا أنه أخذ مالاً وصالح على شيء منها فأخذه لم تجز شهادتهم، مِن قِبَل أن لهم أن يرجعوا عليه بحصتهم مما أخذ إذا جازت شهادتهم، فهم الآن يجرون إلى أنفسهم بها، فلا أجيزها. ولو لم ¬

_ (¬1) ف ز: ويؤخذون. (¬2) ف: بما. (¬3) ف: فإن ذلك. (¬4) ز: فيؤدا. (¬5) ز: الدين. (¬6) م: من الورثة. (¬7) ف ز: لو كان. (¬8) م ف ز: بحصته؛ ط: حصة.

يشهدوا على هذا ولكن الشاهدين أخذا طائفة من الدية، ثم شهدا على الذي لم يأخذ من الدية شيئاً أنه قد كان عفا، أبطلت شهادتهم، لأنهم يدفعون عن أنفسهم بها. ألا ترى أن لهذا الوارث أن يَشْرَكهم فيما أخذوا، فهم يدفعون عن أنفسهم. وإذا كانت الشهادة تدفع مَغْرَما عن صاحبها أو تجر إليه مَغْنَماً فهي مردودة ولا تجوز. وإذا شهد وارثان على المقتول أنه قد عفا عند موته عن القاتل فشهادتهما جائزة، والعفو من ثلثه. وإذا شهد شاهدان على عفو الورثة وهم كبار فأجاز القاضي ذلك فأبرأ (¬1) القاتل، ثم إن الشاهدين رجعا عن شهادتهما، فهما ضامنان للدية التي بطلت بشهادتهما، والقضاء ماض على حاله. وإن رجع أحدهما ضمن النصف في ثلاث سنين. وإن شهد رجل وامرأتان على العفو فهو جائز. فإن رجعوا بعد ما يمضي القاضي القضاء ضمن الرجل نصف الدية وكل امرأة ربعاً. وإن كان النساء عشراً والرجل واحد ثم رجعوا جميعاً ضمن الرجل النصف، وضمن النسوة النصف في قول أبي يوسف ومحمد، فإن لم يرجعوا جميعاً ورجعت امرأة واحدة من العشرة فلا ضمان عليها. وقال أبو حنيفة: إذا شهد على العفو عشر نسوة ورجل ثم رجعوا جميعاً فعلى النسوة خمسة أسداس وعلى الرجل السدس، ولو رجع ثمان منهن لم يكن عليهن شيء، لأنه قد بقي مما تنفذ (¬2) به الشهادة شهادة رجل وامرأتين (¬3). فلو رجعت واحدة بعد رجوع الثمان كان على التسع جميعاً الربع، فإن رجع الرجل أيضاً كان عليه النصف، وإن رجعت العاشرة (¬4) من النسوة كان عليها وعلى التسع جميعاً النصف. يحسب للتسع ما أخذ منهن من ذلك، في قول أبي يوسف ومحمد (¬5). ¬

_ (¬1) ف ز: وأبرأ. (¬2) ز: ينفذ. (¬3) ز: وامرأتان. (¬4) ف: رجعت إليها عشرة. (¬5) وقد وردت هذه المسألة في كتاب الرجوع عن الشهادات هكذا: فإن شهد عشر نسوة ورجل على حق فقضى به القاضي ثم رجعوا جميعاً فإن أبا حنيفة قال: على الرجل=

وإذا شهد رجلان وامرأتان فقضى القاضي بذلك ثم رجع رجل وامرأة فانهما يضمنان من ذلك الربع، مِن قِبَل أنه قد بقي ثلاثة أرباع الشهادة، على الرجل من ذلك الربع ثلثاه وعلى المرأة ثلثه. ولو رجعت المرأة الباقية كان على الرجل والمرأتين النصف، على الرجل من ذلك الربع وعلى المرأتين الربع. وإن رجعوا جميعاً فإن على كل رجل ثلثيه (¬1) وعلى المرأتين الثلث. ولو كان مكان المرأتين عشر نسوة لم يكن عليهم إلا الثلث، لأن النسوة هاهنا بمنزلة رجل واحد وإن كثرن. ألا ترى أن ثلثاً وأكثر من ذلك إنما يقطع بشهادتهن ما يقطع بامرأتين. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. ولو شهد رجلان وامرأة فقضى القاضي بشهادتهم ثم رجعت المرأة فلا شيء عليها، لأنا لم نقض بشهادتهم. ولو رجع الرجلان ضمنا الدية، ولا ضمان (¬2) على المرأة (¬3). وإذا عفا المقتول عن الضربة أو عن الجناية أو عن الشجة أو عن الجرح أو اليد المقطوعة ثم برأ من ذلك وصح وهو خطأ كان عفوه جائزاً، وإن مات فعفوه باطل مِن قِبَل أنها نفس، وإنما عفا عن غير النفس، في قول أبي حنيفة. وإن عفا عن الضربة وما يحدث منها أو عن الجناية أو عن الجرح وما يحدث فيها فإن عفوه جائز من ثلثه في قول أبي حنيفة. وإذا جرحت (¬4) المرأة رجلاً جرحا خطأ فتزوجها عليه فالنكاح جائز، وإن برأ فلها أرش الجرح مهر مثلها. وكذلك إذا تزوجها على ¬

_ = السدس، وعلى النساء خمسة أسداس. وقال أبو يوسف ومحمد: على الرجل النصف وعلى النساء النصف، لأن النساء كلهن بمنزلة رجل. ألا ترى أنهن لو شهدن وحدهن لم يؤخذ بشهادتهن؛ لأنهن بمنزلة رجل واحد. ولو لم يرجعن جميعاً ورجع من النساء ثمان لم يكن عليهن ضمان في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد؛ لأنه قد بقي رجل وامرأتان ما تتم به الشهادة. ولو رجعت امرأة بعد الثمان كان عليها وعلى الثمان ربع المال؛ لأنه قد بقي ثلاثة أرباع الشهادة. ولو رجعت العاشرة كان عليها وعلى التسع نصف المال؛ لأنه قد بقي نصف الشهادة. وقول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد في هذا واحد. انظر: 8/ 218 ظ. وانظر للشرح: المبسوط، 16/ 187 - 188. (¬1) ز: ثلثاه. (¬2) م ط: لا ضمان. (¬3) ز: على الامرأة. (¬4) ز: خرجت.

الضربة أو الشجة أو اليد ثم برأ وصح. فإن طلقها قبل أن يدخل بها أخذ منها نصف أرش ذلك. وإن مات من ذلك فالنكاح جائز، ولها مهر مثلها، وعلى عاقلتها الدية، ولا ميراث لها منه لأنها قاتلة. فإن طلقها قبل أن يدخل بها ثم مات فإنما لها المتعة بمنزلة من لم يسم لها مهراً، وهذا قول أبي حنيفة. وإن تزوجها وهو مريض على الضربة وما يحدث فيها أو الشجة وما يحدث فيها ثم مات من مرضه ذلك فقد تزوجها على الدية، فإنه يحسب لعاقلتها من ذلك مهر مثلها، والثلث مما بقي وصية، ويأخذ ورثته عاقلتها بالفضل، ولا ميراث لها لأنها قاتلة. وإن كان طلقها قبل أن يدخل بها أخذوا من عاقلتها نصف الدية، وينظر إلى نصف الآخر فيحسب (¬1) لهم منه نصف مهر مثلها، والثلث مما بقي وصية لقاتله (¬2)، ويرد الفضل على الورثة، وتؤخذ (¬3) به عاقلتها حتى يؤدوه، ولا وصية لها لأنها قاتلة، وتكون (¬4) للعاقلة وصيته لأنه أوصى لهم به ولم يجعله للمرأة. وإذا عفا الرجل عن أحد القاتلين والقتل خطأ فعفوه جائز من ثلثه، ونصف الدية على الآخر، ولا يبطل عنه منها شيء. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا عفا عن اليد أو عن الضربة أو عن الشجة أو عن الجرح ولم يقل: وما يحدث فيه، ثم مات فعفوه عندنا عن النفس، وهو بمنزلة العفو عن ذلك وما يحدث فيه. وكذلك اذا تزوج على ذلك امرأة فكأنه تزوجها على النفس (¬5)، فكأنه قال: تزوجتك على الضربة وما يحدث فيها وعلى اليد وما يحدث فيها. وكذلك العفو كأنه قال: قد عفوت عن الضربة وما يحدث فيها، وهو قول أبي حنيفة الذي قبل هذا. ... ¬

_ (¬1) ز: فيحتسب. (¬2) ز: لقايله. (¬3) ز: ويؤخذ. (¬4) ز: ويكون. (¬5) ز - وهو بمنزلة العفو عن ذلك وما يحدث فيه وكذلك اذا تزوج على ذلك امرأة فكأنه تزوجها على النفس.

باب شهادة الورثة بعضهم على بعض في العفو

باب شهادة الورثة بعضهم على بعض في العفو وإذا قُتِل الرجل عمداً وله وارثان فشهد أحدهما على صاحبه أنه قد عفا وأنكر الآخر فإن القاتل (¬1) يُسأل عن ذلك. فإن ادعى ذلك فقد أقر للشاهد بنصف الدية. ولا يصدق الشاهد والقاتل على إبطال حق الآخر، فيغرم له أيضاً نصف الدية، ولا يُقتَل مِن قِبَل أن أحد الوارثين قد أقر فيه بعفو. وإن أنكر القاتل (¬2) شهادته ولم يَدَّعِها فلا حق للشاهد، مِن قِبَل أنه يجر إلى نفسه بشهادته مالا، وللمشهود عليه نصف الدية في مال القاتل (¬3). وإذا كانت الورثة ثلاثة فشهد اثنان على واحد أنه قد عفا فشهادتهما باطل، مِن قِبَل أنهما يجران إلى أنفسهما بالشهادة (¬4). فإن ادعى ذلك القاتل غرم لهما ثلثي الدية وغرم للمشهود عليه ثلث الدية. وإن لم يذع شهادتهما فلا حق للشاهدين (¬5) من الدية ولا من القصاص، وللمشهود (¬6) عليه ثلث الدية. وكذلك لو شهدا أنه صالح على مال فشهادتهما فيه باطل، والأمر فيه كما وصفت لك. وإذا ادعى القاتل شهادتهما كان لكل إنسان منهما ثلث الدية. ولا يصدق الشاهدان إن شهدا (¬7) على أحدهما أنه صالح على أقل من الثلث. وإذا ادعى أحدهم الصلح وشهد بذلك الوارثان الباقيان فأنكر ذلك القاتل فلا شيء على القاتل لواحد منهم من الصلح ولا من الدية، لأنهما يجران إلى أنفسهما بشهادتهما ثلثي (¬8) الدية ولا يصدقان. وإذا شهد شاهدان على أحد الورثة أنه عفا ولا يعرفونه بعينه فشهادتهما باطل وعليه القصاص. ولو شهد شاهدان على أحد الورثة بعينه آجره القاتل اليوم إلى الليل على ألف درهم فإن ذلك لا يكون عفواً ولا ¬

_ (¬1) ز: القايل. (¬2) ز: القايل. (¬3) ز: القايل. (¬4) ط + مالا. (¬5) م: للشهادين؛ ف: للشهادتين. (¬6) ف: وللشهود. (¬7) ز: إن يشهدا. (¬8) ز: ثلث.

مال له. فإن شهدوا أنه أخذ منه ألفاً على أن يعفو (¬1) عنه يوما إلى الليل فهذا عفو، وهذا صلح جائز، ولبقية الورثة حصتهم من الدية. محمد عن أبي يوسف عن سليمان عن زيد بن وهب قال: وجد رجل مع امرأته رجلاً فقتلها بالسيف، فاستحيا بعض إخوتها مما فعلت فعفا عنه، فجعل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لمن لم يعف حصته من الدية (¬2). محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: لكل وارث حصته من الدية رجلاً (¬3) كان أو امرأة إذا عفوا في العمد أو من الخطأ (¬4). أبو يوسف عن يحيى بن سعيد عن الزهريّ أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - خطب فقال: من يعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورّث امرأة مِن عَقْل زوجها شيئاً؟ فقام إليه الضحاك بن سفيان الكلابي وكان على بني (¬5) كلاب فقال: أتاني كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أورّث امرأة أَشْيَم مِن عَقْل أشيم (¬6). محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أن عمر بن الخطاب استشار عبد الله بن مسعود في دم عفا عنه بعض الورثة، فقال عبد الله: قد أحيا هذا بعض النفس، فلا يستطيع بقية الورثة أن يقتلوه حتى (¬7) يقبلوا (¬8) ما عفا هذا عنه، وللذي لم يعف حصته من الدية. فقال عمر: وأنا أرى (¬9) ذلك (¬10). ¬

_ (¬1) ز: أن يعفوا. (¬2) المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 418؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 8/ 59 - 60. (¬3) ز: رجل. (¬4) الآثار لأبي يوسف، 161؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 416. (¬5) م زط: على شيء. (¬6) تقدم تخريجه قريباً. (¬7) ف - يقتلوه حتى. (¬8) ز: يقتلوا. (¬9) م ز: "أدري. (¬10) الآثار لمحمد، 103؛ والحجة على أهل المدينة له، 4/ 383؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 418؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 8/ 60.

وإذا كان الدم بين اثنين، فشهد كل واحد منهما على صاحبه بالعفو جميعاً معاً، وهو عمد، والقاتل ينكر ذلك، فلا شيء لواحد منهما عليه. وإن ادعى القاتل العفو منهما (¬1) فلا دية عليه أيضاً في ذلك، مِن قِبَل أنه لم يقر لهما بمال. فإذا شهد أحدهما على صاحبه بالعفو وصدقه المشهود له عليه فإنه ينبغي في القياس أن لا يكون للشاهد شيء، ولكني أدع القياس وأجعل له نصف الدية. ولو شهد أحدهما على صاحبه بعفو ثم شهد الآخر على صاحبه بالعفو أيضاً والقاتل يجحد ذلك بطل حق الشاهد الأول، وكان للباقي نصف الدية إذا أكذبهما القاتل. ولو أن رجلاً أخذ السكين فوَجَأ بها رأس إنسان، فأَوْضَحَت، ثم جر السكين قبل أن يرفعها حتى شجْه أخرى إلى جانبها (¬2)، فاتصلت أو لم تتصل، فإن هذه مُوضِحة واحدة، وعليه فيه القصاص. ولو أن هذا كان خطأ كان فيه أرش موضحة واحدة. ولكن لو رفع السكين ثم وجأه أخرى إلى جنبها فاتصلت أو لم تتصل فإن هذه موضحة (¬3) أخرى يقتص (¬4) منها في العمد. وعليه في الخطأ أرش الموضحتين، لأنه قد رفع يده، والأول لم يرفع يده، فلذلك اختلف. وإذا فقأ الرجل عين الرجل وفي عينه تلك بياض ينقصها فإن المفقوءة عينه (¬5) بالخيار، إن شاء اقتص من عينه الناقصة، وإن شاء أخذ دية عينه. وإن كانت المفقوءة هي الناقصة فليس فيها قصاص، وفيها حكم عدل. وإذا قطع الرجل يد الرجل وفيها ظفر مسود أو جرح لا ينقصها (¬6) فإن فيها القصاص، لأن هذا لا ينقص. ¬

_ (¬1) ف - جميعاً. (¬2) ز: إلى جانبهما. (¬3) ز - واحدة وعليه فيه القصاص ولو أن هذا كان خطأ كان فيه أرش موضحة واحدة ولكن لو رفع السكين ثم وجأه أخرى إلى جنبها فاتصلت أو لم تتصل فإن هذه موضحة. (¬4) ز: يقبض. (¬5) ز: عنه. (¬6) ز: لأنه قصها.

باب القصاص في النفس مما يقتص منه ومما لا يقتص منه

وإذا قطع الرجل من كف الرجل إصبعاً زائدة فلا قصاص فيها، وفيها حكم عدل. وإن قطع الكف كلها فكانت تلك الإصبع توهن الكف وتنقصها فلا قصاص فيها، وفيها حكم عدل. وإن كانت لا تنقصها ولا توهنها ففيها القصاص. وإذا قطع الرجل يد الرجل من المفصل فبرأت، ثم اقتص منه، ثم برأ المقتص منه، ثم قطع أحدهما ذراع صاحبه التي قطعت الكف منها، فلا قصاص فيه (¬1) وإن كانا (¬2) سواء، ليس في هذا قصاص. ... باب القصاص في النفس مما يقتص منه ومما لا يقتص منه وإذا ضرب الرجل الرجل بالسيف فلم يزل صاحب فراش حتى مات فشهد على ذلك شاهدان فإن عليه القصاص. محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم النخعي بذلك (¬3). ولا ينبغي للشهود أن يُسألوا أمات من ذلك أم لا. وكذلك هذا في الخطأ. ألا ترى أن الشهود لو شهدوا أنه مات كانوا قد شهدوا عليه بما يعلم القاضي أنهم فيه كذبة، فكيف يحملهم على الكذب وهو يعلم. فإن شهدوا أنه قد مات من ذلك فشهادتهم جائزة إذا كانوا عدولاً. وإذا قالوا: لم يزل صاحب فراش حتى مات، فقد شهدوا بالعلم الظاهر المعروف الذي لا ينبغي للقاضي أن يكلفهم غيره، ولا يحملهم على الباطل. ¬

_ (¬1) ز + برأ المقتص منه ثم قطع أحدهما ذراع صاحبه التي قطعت الكف منها. (¬2) ز: كان. (¬3) الآثار لأبي يوسف، 162؛ والآثار لمحمد، 100. وروي نحوه عن شريح والحسن. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 423.

وإذا شهد شاهدان على رجل أنه ضرب رجلاً بالسيف حتى مات (¬1) لم يزيدا على ذلك فهذا عمد. فإن سألهما القاضي: أتعمد ذلك؟ فإنه أوثق. فإن لم يسألهما فهو عمد. وكذلك إذا شهدوا أنه طعنه برمح أو رماه بسهم أو نُشّابة فهو عمد كله. أرأيت لو شهدوا أنه ذبحه أو شهدوا أنه شق بطنه بالسكين حتى مات أكان القاضي يسألهما: أتعمد ذلك أم لا. لا يسألهما عن ذلك. هذا كله سواء، وهو عمد. وإذا شهد شاهد أنه قتله بالسيف وشهد الآخر أنه طعنه بالرمح فقد اختلفت شهادتهما. وكذلك لو شهد أحدهما أنه ضرب بالسيف وشهد الآخر أنه ذبحه. وكذلك لو شهد أحدهما أنه رماه بسهم وشهد الآخر أنه رماه بنُشّابة. وكذلك لو اختلفا في البلدان فقال أحدهما: بمكة، وقال الآخر: بالكوفة. وكذلك لو اختلفا في الشهور أو في الأيام فقال هذا: قتله في شهر كذا، وقال الآخر: قتله في شهر آخرة وقال هذا: في يوم كذا، وقال الآخر: في يوم آخر، فهذا كله باطل لا تجوز شهادتهما، لأنهما قد اختلفا. وكذلك إذا اختلفا في موضع الضرب من جسده فقال هذا: قطع يده فقتله، وقال الآخر: قطع رجله، فهذا باطل. إذا اختلف الشاهدان في الذي قتل به الرجل وفي موضع الضرب أو في الأيام (¬2) أو في البلدان أو في الأماكن فشهادتهما باطل، مِن قِبَل أن هذا فِعْل، فلا يكون قاتلاً في يومين رجلاً واحداً ولا في بلدين ولا في ضربتين كل واحد منهما قد قتلته (¬3) وأتت على نفسه. ولو شهد أحدهما أنه ضربه فقطع رجله فلم يزل مريضاً حتى مات، وشهد الآخر أنه ضربه فقطع يده ولم يزل مريضاً حتى مات من ذلك كله من اليد أو من الرجل، لم أقبل شهادتهما. وذلك أنه إن برأ لم آخذ له بيد ولا رجل، لأنه إنما شهد له على اليد الواحدة وعلى الرجل الواحدة. ألا ترى أن أحدهما لو شهد على موضحة وشهد الآخر على يد أو رجل لم أقبل شهادتهما. أرأيت ¬

_ (¬1) ز: ماتا. (¬2) ز + في الأيام. (¬3) م ف: قتله.

لو قال أحدهما: قطع يده بالسيف، وقال الآخر: قطع يده بالسكين، أو قال الآخر: شجه بعصا حديد، أما كانت شهادتهما قد اختلفت ولا آخذ يقول واحد منهما. وإذا شهد الشاهدان أنه قطع رجله من المفصل عمداً، وشهد آخر أنه قطع يده من مفصل عمداً، ثم شهدوا جميعاً أنه لم يزل مريضاً حتى مات، والولي (¬1) يدعي ذلك كله عمداً، فإني أقضي على القاتل بنصف الدية في ماله، مِن قِبَل أنه مات من جراحتين إحداهما قد قامت بها بينة والأخرى ليست لها بينة. وكذلك لو شهد على الرجل شاهدان فلم يزكّيا. ولو زكي أحد شاهدي الرجل وأحد شاهدي اليد ولم يزكيا الآخران أبطلت الشهادة كلها ولم آخذ بها. فإن زكي الشهود جميعاً قضيت عليه بالقصاص (¬2). فإن طلب الولي أن يقتص (¬3) من اليد والرجل فإني لا أجعل ذلك له، مِن قِبَل أن صاحبه مات من ذلك، فصار القصاص في النفس. ولو شهد شاهدان على رجل أنه قطع يد رجل من مفصل عمداً ثم قتله عمداً جعلت لوارثه أن يقتص (¬4) من يده ويقتله. وإن قال له القاضي: اقتله، قتله، ولا يقتص (¬5) من يده، فذلك جزاء (¬6) أيضاً، وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: ينبغي للقاضي أن يأمره بقتله، ولا يجعل له القصاص يزيده، لأنها جناية واحدة. ألا ترى أنه أبرأ من اليد حتى قتله. أولا ترى أن ذلك لو كان كله خطأ كانت فيه دية واحدة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك العمد في قول أبي يوسف ومحمد لا ينبغي أن يقتص (¬7) فيه من اليد كما لا يكون في اليد أرش في الخطأ. ¬

_ (¬1) ف: الولي. (¬2) م ط: القصاص. (¬3) ز: أن يقبض. (¬4) ز: أن يقبض. (¬5) ز: يقبض. (¬6) ف: حسن؛ ز: حر. (¬7) ز: أن يقبض.

فأما أبو حنيفة فقال في العمد كما وصفت لك في الباب الأول. ولو شهد أنه قطع يده خطأ ثم قتله آخر عمداً قبل أن تبرأ (¬1) اليد جعلت على عاقلته دية اليد وقتلته له. ولو شهد شاهدان على هذا أنه قطع يده من مفصل عمداً، وشهدا (¬2) هما أو (¬3) آخران على أنه ضرب عنق (¬4) رجل آخر، جعلت لولي القتيل (¬5) القصاص على القاتل في النفس، والقصاص على الآخر (¬6) في يده. وكذلك لو كان قتله الآخر خطأ جعلت لهم القصاص في اليد والدية في النفس، ولا أبطل شيئاً من ذلك. ولو شهد شاهدان أن هذا قطع يده من المفصل من مفصل الكف، ثم شهدا على آخر أنه قطع تلك اليد من المرفق ثم مات من ذلك كله، والقطع عمد، فإن على صاحب الكف أن يقطع يده، وعلى هذا الآخر القصاص في النفس، لأن هذا هو القاتل مِن قِبَل أن القطع (¬7) الثاني بُرْءٌ منه من القطع الأول (¬8). وكذلك إن قطع إصبعاً وقطع الآخر ما بقي من (¬9) اليد من المرفق أو من المنكب ومات من ذلك. ولو كان القاطع الآخر قطع خطأ كانت عليه الدية، وكان على الأول القصاص في الإصبع. ولو كان قطع الأول خطأ وقطع الآخر عمداً كان على الأول أرش الإصبع على عاقلته وكان على الآخر القصاص. ولو شهد شاهدان على رهط أنهم اجتمعوا على قتل رجل عمداً، غير أنهم قالوا: كان مع أحدهم عصاً غير أنا لا نعرف صاحب العصا، أبطلت ¬

_ (¬1) ز: أن يبرأ. (¬2) ز: وشهد. (¬3) ز - هما أو. (¬4) ف ز: عنقه. (¬5) م ط: القتل. (¬6) ز + في وكذلك لو كان قتله الآخر. (¬7) م ف ز: أن يقطع. (¬8) أي إن قطع الثاني بمنزلة البرء في حق الأول تنقطع به سراية الفعل، فكأنه انقطع بالبرء ... انظر: المبسوط، 26/ 170. (¬9) ز + من.

شهادتهما، لأنهما لا يعرفان صاحب العصعا. أرأيت لو كان اثنان أحدهما صاحب العصا والآخر صاحب سيف فقالا: لا ندري أيهما هو، ألم أبطل شهادتهما، لأن نصف الدية على العاقلة ونصفها في مال صاحب السيف، فلا أدري أيهما هذا من هذا. ولو شهد شاهدان على رجل أنه قطع إصبع فلان من يده اليمنى، وشهدا على آخر (¬1) أنه قطع إصبعاً من تلك اليد، لا يدرون من صاحب هذه الإصبع ولا من صاحب هذه الإصبع، والقطع عمد، فإن شهادتهم باطل لا تجوز، مِن قِبَل أنهم لم يبينوا الشهادة أي إصبع قطع كل واحد. فكذلك لو شهدوا على الخطأ أبطلت ذلك وإن كانت الدية سواء. أرأيت لو شهد شاهد أنه قطع إصبعه وشهد آخر أنه استهلك له ألف درهم أكنت أجيز شهادتهما. وإذا شهد شاهدان أنه قطع إصبع هذا الرجل الإبهام عمداً، وشهدا على المقطوعة إبهامه أنه قطع كف القاطع تلك عمداً من المفصل، ثم برآ (¬2) جميعاً، فإنه يخير صاحب الكف المقطوعة، فإن شاء قطع ما بقي من يده تلك، وإن شاء (¬3) أخذ دية كفه من ماله وبطلت الإصبع، مِن قِبَل أن هذا حيث قطع الكف لم يكن مقتصاً من الإصبع، لأنه وضع السكين في غير موضعها. ألا ترى أنه لو اجتمع على قطع الكف رجلان أحدهما (¬4) صاحب الإبهام كانت عليهما دية الكف وبطلت الإبهام. ولو أن شاهدين شهدا على رجل أنه قطع يد رجل من المفصل، وشهد آخران أنه جرحه سَبُع أو سَبُعَان، أو أصابه حجر فشجه، أو عثر فانكسرت (¬5) رجله، أو جرح نفسه، أو جرحه عبد له، ثم مات من ذلك كله، فلا قصاص على قاطع اليد، وعليه نصف الدية. ¬

_ (¬1) ف: وشهد آخر. (¬2) ز: ثم بريا. (¬3) ز + قطع ما بقي من يده تلك وإن شاء. (¬4) ز: إحداهما. (¬5) م ز: فان كسرت.

ولو قطع رجل يد رجل خطأ وجرحه سَبُع وجرحه عبد له وجرح نفسه ثم مات من ذلك كله فعلى قاطع اليد ربع الدية. وكذلك لو خرجت به قرحة أو نهشته حية. ولو اجتمع هذا كله فيه مع جراحة الرجل كان على الرجل النصف إذا لم يصبه إنسان مع ذلك وكان هذا كله مرض مع ذلك. ولو أصابه رجل آخر مع ذلك كان على الرجلين ثلثا الدية، لأنه قد مات من ذلك. ولو أصابه حجر قد وضعه رجل، أو حائط تُقُدِّم إلى أهله فيه مع جراحة رَجُل وجراحة سَبُع، جعلث على الرجل الثلث، وعلى صاحب الحائط الثلث، وأبطلت الثلث، ولا قصاص في شيء من هذا وإن كان عمداً، مِن قِبَل الذي دخل فيه من الجراحة التي لا قصاص فيها. ولو أن رجلا جرحه رجل عمداً وسَبُعان أو ثلاثة ثم مات من ذلك كله كان على الرجل نصف الدية. وكذلك لو أصابه جرح من حجر أو عشرة (¬1)، أو خرجت به قرحة، أو نهشته حية، أو اجتمع هذا كله فيه مع جراحة الرجل، كان على الرجل النصف إذا لم يصبه إنسان مع ذلك، لأن (¬2) هذا كله مرض مع ذلك. ¬

_ (¬1) ف: أو غيره. (¬2) ف - ذلك لأن.

الأَصْلُ للإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَنْ الشَّيْبَانِيِّ (189 هـ - 805 م) تحقيق وَدرَاسَة الدكتور محمَّد بوينوكالن الجزء السابع إصَدارَات وَزَارَة الأَوقاف وَالشّؤون الإسْلاَمية إدارَة الشّؤون الإسْلاَمّية دَولة قَطَر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ طبعه خاصة بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية دولة قطر الطبعَة الأولى 1433 هـ - 2012 م دار ابن حزم بيروت - لبنان - ص - ب 6366/ 14 هاتف وفاكس: 701974 - 300227 (009611) البريد الإلكتروني: [email protected] الموقع الإلكتروني: www.daribnhazm.com

الأَصْلُ للإمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَن الشَّيْبَانِيِّ (7)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

باب الوكالة في الدم

باب الوكالة في الدم وإذا وكَّل الوارث بدم أبيه وكيلاً فإن وكَله بإقامة البينة على ذلك فإني أقبل الوكالة على ذلك، ولا أقبلها في القتل. فإذا أَثْبَتَ [الوكيل] (¬1) الدمَ ووقع القصاص فلا بد من أن يحضر الوارث فيقتل أو يصالح أو يعفو (¬2)، ولا يقبل في ذلك (¬3) وكالة. وكذلك لا أقبل وكالة في قصاص فيما دون النفس ولا في حد، لأني لا أدري لعل صاحب القصاص قد عفا أو صالح، ولكني أقبل الوكالة بإثبات البينة. ولو وكل المطلوب وكيلاً يخاصمه بذلك قبلت ذلك منه. ولست أقبل وكيلاً من أحد من خلق الله تعالى في شيء من الأشياء بعد أن يكون حاضراً صحيحاً إلا برضا من خصمه، وهذا قول أبي حنيفة. وهو قول أبي يوسف الأول، ثم رجع فقال: أقبل الوكالة من الحاضر الصحيح في غير القصاص والحدود وإن لم يرض خصمه، وهو قول محمد. فإن كان غائباً أو مريضاً قبلت ذلك منه وإن أبى الخصم، وهو قول محمد. فاذا بلغ القصاص لم يكن بد من أن يحضروا جميعاً، فاذا جاؤوا بالوكالة سألته البينة عليها، فإن زكي الشهود عليها دعوتهم بالحجج (¬4). وإن أقر الوكيل وهو وكيل الطالب عند القاضي أن صاحبه يطلب (¬5) باطلاً أجزت عليه ذلك وأبطلت حق صاحبه. وإن أقر وكيل المطلوب أن صاحبه هو صاحب القتل والقطع فإنه ينبغي في القياس أن أجيزه عليه، ولكني أدع القياس فيه، ولا أقبل صاحبه بقوله إلا أن يقيم شاهدين (¬6) سواه (¬7)، أو يكون (¬8) شاهد فيشهد آخر معه، فإن ذلك جائز. ولو كان وكيلاً في غير القصاص أجزت إقراره على صاحبه. ولست أقبل شهادة الوكيل وشهادة الآخر حتى يحضر صاحبه. ¬

_ (¬1) الزيادة من ب جار. (¬2) ز: أو يعفوا. (¬3) ف + كله. (¬4) ز: بالحج. (¬5) ط + طلبا. وزاده من المختصر أي الكافي. (¬6) ز: شاهدان. (¬7) ف: سوا. (¬8) ز: ويكون.

باب الوكالة في الخطأ

ولو وكَّلت امرأة بالقصاص لها مع ولد زوجها وكيلاً وقعدت في بيتها في القتل لم يقبل ذلك منها، ولم يكن بد (¬1) من أن تخرج حتى تحضر القتل. ليس ينبغي للحاكم أن يقضي في الدم إلا والورثة جميعاً حضور، لا يقبل في ذلك وكالة. أرأيت إن عفا الغائب أو صالح ألم يكن هؤلاء قد قتلوا من حرم دمه. وإذا ماتت المرأة قبل القصاص فورثها أخوها أو أبوها كانوا شركاء في القصاص، ولا يقتل (¬2) القاتل حتى يحضر جميع ورثة المرأة، لأنهم قد صاورا شركاء. وإن كان القاتل من ورثة المرأة بطل (¬3) عنه القصاص، والدية للورثة، يرفع عنه بحصته من ذلك. ولو كانت المرأة حية (¬4) وكان القاتل أبوها لم يكن عليه القصاص، وكانت عليه الدية في ماله، لأنه قد صار لها حق (¬5) في دمه. ولو كان القاتل أخاً لها كان عليه القصاص. وإن ماتت المرأة وأخوها هذا عبد أو كافر وله ابن حر مسلم فصار له ميراث من المرأة بطل القصاص عن أبيه. فإن كان أبوه حرًّا (¬6) فعليه الدية. وإن (¬7) كان عبداً خير مولاه، فإن شاء دفعه وعتق منه نصيب أبيه ويسعى لبقيتهم في حصصهم من قيمته، وإن شاء أمسكه وفداه. ... باب الوكالة في الخطأ وإذا وكَّل الرجل بطلب دم أبيه في الخطأ وكيلاً وهو غائب أو مريض فوكله بالخصومة في ذلك وقبض المال فهو جائز. وكذلك إذا كانت جراحة دون النفس خطأ. وكذلك إن كانت عمداً ليس فيها قصاص فالوكالة فيها ¬

_ (¬1) ز: يد. (¬2) ز: يقبل. (¬3) ز - بطل. (¬4) ز - حية. (¬5) م ف زط: حقا. (¬6) ز: حر. (¬7) ز: الديتان.

جائزة. وإن كان ولي الدم حاضراً صحيحاً لم أقبل منه الوكالة إلا برضا من خصمه. وكذلك لو أن المطلوب هو الذي يوكل. والمرأة في ذلك والرجل سواء، والبكر والثيب سواء في قول أبي حنيفة. وأما في قول (¬1) أبي يوسف ومحمد فالوكالة في ذلك مقبولة من الرجل والمرأة إن كانا صحيحين حاضرين. وإن أقر وكيل الطالب أو وكيل المطلوب عند القاضي على صاحبه بذلك أجزته عليه لأنه مال، وإن أقر عند غير القاضي (¬2) فلا أجيزه - في قول أبي حنيفة ومحمد - مِن قِبَل أنه وكيل. وإنما أجزته عند القاضي على صاحبه لأنه خصم، فاذا أقر الخصم بالحق أجزت إقراره. ولا يمين على الوكيل، مِن قِبَل أنه ليس يدعى عليه بعينه، فإن كان إنما هو وكيل الطالب فإنما عليه البينة. وقال أبو يوسف: إقراره جائز عند القاضي وعند غير القاضي، وإنما عليه البينة. ولو وكّل القاتل وكيلين بالخصومة عنه وغاب أو مرض فحضر أحد الوكيلين وغاب الآخر كان هو الخصم، ولا يلتفت إلى غيبة الغائب. وكذلك لو كان الطالب بالدم وكلهما فغاب أحدهما. ألا ترى أن رجلاً لو أوصى إلى رجلين فغاب أحدهما جعلت الآخر خصماً لكل من جاء يدعي قبل (¬3) الميت (¬4) دعوى، فكذلك الوكالة. وليس للوكيل أن يوكل غيره. ألا ترى أن الذي وكله إنما رضي بخصومته، فليس له أن يوكل غيره. أرأيت لو وكله بطلاق أو عتاق أكان ذلك يجوز، فكذلك الخصومة. وإن كان وكله بالخصومة وأجاز ما صنع فيها من شيء فله أن يوكل إن مرض أو غاب، لأن صاحبه قد فوض ذلك الأمر (¬5) إليه وأجاز ما صنع فيه من شيء. ... ¬

_ (¬1) ز - أبي حنيفة وأما في قول. (¬2) ط + على صاحبه. (¬3) ف - قبل؛ ز: قبلت. (¬4) ز - الميت. (¬5) ف - الأمر.

باب القصاص إذا كان بعض الورثة صغيرا وبعضهم كبيرا

باب القصاص إذا كان بعض الورثة صغيراً وبعضهم (¬1) كبيراً وإذا قتل الرجل رجلاً عمداً وله ورثة صغار وكبار فإن (¬2) للكبار (¬3) أن يقتلوا بالدم، ولا ينتظرون ورثته (¬4) الصغار. أرأيت لو كبر الصغير وهو أخرس لا يعقل شيئاً وكان فيهم كبير معتوه لا يعقل أكان ينتظر به. وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر (¬5) قول أبي يوسف: إنه ينتظر بالصغير حتى يكبر، والإمام وليه إن شاء صالح له وإن شاء انتظر، وليس له أن يقتل (¬6) ولا يقتص (¬7)، وكذلك المعتوه هو بمنزلة الصبي، وهذا قول أبي يوسف. ولو كان الأب أوصى إلى رجل كان للوصي أن يأخذ بحق الصغير مع الورثة الكبار في القول الأول وأن يقتص (¬8) له. وإن قطعت يد الصغير عمداً أو شج كان للوصي أن يقتص له، وإن شاء صالح على أرش ذلك، فإن فعل فهو جائز، وليس له أن يعفو. وإذا قُتل عبد ليتيم (¬9) عمداً فليس للوصي أن يقتص (¬10) له، ولو كان (¬11) له أب حي كان له أن يقتص من عبده ويده وشجته، وله أن يصالح، وليس له أن يعفو. فإن صالح على أقل من قيمته لم يجز وكان للصغير أن يرجع بتمام القيمة. فإن كان ورثة الدم كباراً (¬12) كلهم وبعضهم غُيَّب فليس للشاهد أن يقتص (¬13) حتى يقدم الغائب، وليس هذا كالصغير في قول (¬14) أبي حنيفة. وإن كان ورثة الدم صغاراً كلهم فأراد عمهم أن يأخذ بالدم وليس بوصي لهم فليس له ذلك، لأن هذا لا نصيب له في الدم وليس بشريك. ¬

_ (¬1) م ف ز: أو بعضهم. والتصحيح من ط. (¬2) ف + كان. (¬3) ز: الكبار. (¬4) ز: ينظرون وارثة. (¬5) ف - قول آخر. (¬6) ز: أن يقبل. (¬7) ز: يقبض. (¬8) ز: يقبض. (¬9) ف ز: اليتيم. (¬10) ز: أن يقبض. (¬11) ف: وإن كان. (¬12) ز: كبار. (¬13) ز: أن يقبض. (¬14) ف - قول.

وإذا قُتل الرجل وله ابن وأخ ثم مات ابنه قبل أن يقتص (¬1) والقتل عمد ولم يترك وارثاً غير عمه فإن الميراث للعم، وله أن يقتص. فإن كان العم هو القاتل فلم يقتله الابن حتى مات فصار العم وآخر معه فإن الدم قد بطل، وصار على العم نصف الدية لشريكه، لأنهما ورثا الدم (¬2) من ابن (¬3) أخيهما. وإذا قُتل الرجل عمداً فجاء أخوه يطلب بدمه، فأقام البينة أنه وارثه لا وارث له غيره، وأقام القاتل البينة أن له ابناً، فإني لا أعجل له بقتله حتى أنظر فيما جاء به القاتل من البينة أن له ابناً، فأُبْلِي في ذلك عذراً (¬4) حتى أعلم مِصْدَاقَهما (¬5). قال: فإن أقام القاتل البينة أن له ابناً وأنه قد صالح على الدية وقبضها منه درأت القصاص حتى أنظر فيما قال. فإن جاء الابن فأنكر ذلك كلفت القاتل أن يقيم على الابن البينة، ولا أجيز البينة التي قامت على الأخ، لأنه لم يكن خصماً يومئذ. فإن كانا أخوين فجاء أحدهما يطلب بالدم (¬6) فأقام القاتل البينة أنه صالح الغائب على خمسة آلاف درهم أجزت ذلك وقبلته (¬7)، فإن قدم الغائب لم أكلفه أن يعيد الشهود، مِن قِبَل أني قد قبلتهم (¬8) على خصم، وجعلت للباقي نصف الدية. وإذا ادعى بعض الورثة دم أبيه (¬9) على رجل وأخوه غائب وأقام البينة على أنه قد قتل أباه عمداً فإني أقبل ذلك وأحبس القاتل، فإن جاء أخوه كلفته أن يعيد الشهود، لأني لا أجيز للغائب بينة بغير وكالة ولا خصومة. وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر وهو قول أبي يوسف ومحمد: إني لا ¬

_ (¬1) ز: أن يقبض. (¬2) م ف زط: بالدم. (¬3) ز - ابن. (¬4) يقال: أَبْلَيْتَ فلاناً عذراً، إذا بيّنتَه له بيانًا لا لوم عليك بعده، وحقيقتُه جعلته بالياً لعذري، أي: خابرًا له عالماً بكُنْهه، مِن بلاه إذا خَبَره وجَرَّبه. انظر: المغرب، "بلي". (¬5) ز: بصداقهما. مِصداق الأمر، أي: حقيقته. انظر: لسان العرب، "صدق". (¬6) ز: الدم. (¬7) ز: وقتلته. (¬8) ز: قد قتلتهم. (¬9) ز: ابنه.

أكلفهم أن يعيدوا (¬1) البينة، وقبولي من أخيه البينة له ولأخيه جميعاً. ألا ترى أنه إنما طلب دم الميت، وأيهما (¬2) ما حضر يطلب (¬3) دم الميت فهو خصم. وكيف لا أجعل هذا خصماً في الطلب عن أخيه (¬4) وقد جعلته خصماً عن أخيه (¬5) في الصلح والعفو، وأجزت ذلك على أخيه وهو غائب. والخطأ والعمد في ذلك سواء. وإذا حضر الورثة جميعاً فادعوا دم أبيهم على رجلين أحدهما غائب وأقاموا جميعاً البينة عليهما بالقتل عمداً فإني أقبل ذلك، وأقضي بالدم على الشاهد، ولا أؤخره لغيبة الغائب. أرأيت لو مات الغائب أو فُقِدَ فلم يُدْرَ ما صنع أكنت أبطل حق هذا في دم هذا لغيبة (¬6) ذلك، لست أبطله ولا أؤخره (¬7). وإن كنت لا أدري لعل لذلك حجة يدرأ بها القتل عن نفسه وعن صاحبه، لأن هذا الحاضر يقوم بتلك الحجج ويدلي بها. ولو أن أخوين أقاما شاهدين على رجل أنه قتل أباهما عمداً فقضى القاضي بدمه فقتلاه ثم إن أحدهما قال: شهدت الشهود بالزور والباطل وأبونا حي، غرّمته نصف الدية ولم أصدقه على أخيه. ولو أن أخوين أقاما (¬8) البينة على رجل أنه قتل أباهما عمداً، ثم إن أحدهما قتل القاتل قبل القضاء عليه، أو قبل أن تقوم (¬9) له البينة على ذلك، فقال الآخر: قد كنت عفوت، أو قال: كنت أريد أن أعفو عنه وقد صالحته، ولا بينة له على ذلك، فإنه لا يصدق على أخيه، ولا شيء على أخيه وإن كان قد أخذ غير حقه من قبل الشركة (¬10).فإن أقام ورثة المقتول بينة على هذا أنه قد صالح على كذا وكذا قبل أن يقتل (¬11) الآخر أجزت ¬

_ (¬1) ز: أن يعدوا. (¬2) ط: وأنهما. (¬3) ط: الطلب. (¬4) م ف ز: على أخيه. والتصحيح من ط. (¬5) م ف ز: على أخيه. والتصحيح من ط. (¬6) م ز: الغيبة. (¬7) ز: أؤجره. (¬8) ز: قاما. (¬9) ز: أن يقوم. (¬10) انظر للشرح: المبسوط، 26/ 180. (¬11) ز: أن يقبل.

باب رجوع الشهود عن شهادتهم في القتل

ذلك. وكذلك لو شهدوا أنه قد كان عفا أجزت ذلك وضمنت (¬1) أخاه الدية، أحسب له من ذلك نصف الدية. فإن كان أخوه قتل بعد علمه بعفو هذا أو صالحه وقد علم أن دم هذا قد حرم عليه فإن عليه القصاص، وله نصف الدية في مال القاتل. ولو أن أخوين أقاما البينة على رجل أنه قتل أباهما، فقضي لهما بالدم، فقاما جميعاً ليقتلاه، فقطعا يده أو رجله، ثم عفوا عن الدم، ضمنتهما ما قطعا في قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر وهو قول أبي يوسف ومحمد: إنهما لا يضمنان ذلك مِن قِبَل أنه كان لهما نفسه، ولو لم يعفوا (¬2) وقتلا لم يكن عليهما شيء في ذلك، غير أنهما قد أساءا في المُثْلَة، وليس ينبغي للحاكم أن يدعهما (¬3) أن يمثلا به وقد جاء النهي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المثلة (¬4). ... باب رجوع الشهود عن شهادتهم في القتل وإذا شهد شاهدان على رجل أنه قتل رجلاً عمداً، فقُتل بشهادتهما، ثم رجع أحدهما، فإنه يضمن نصف الدية في ماله في ثلاث [سنين]. ولو رجعا جميعاً ضمنا الدية في ثلاث سنين في أموالهما. وكل دية أوجبتها بغير صلح فهي في ثلاث سنين. ألا ترى أن رجلين لو أقرا بقتل رجل خطأ، ثم هرب أحدهما، أو جحد الإقرار، [و] لم تكن (¬5) عليهما بينة، والآخر مقر بذلك، أخذت من الآخر نصف الدية في ثلاث سنين. ولو رجع الشاهدان عن شهادتهما بالقتل قبل أن يقتص (¬6) منه استحسنت أن أدرأ عنه القصاص. وإن كان القاضي قد قضى بالدم كان ينبغي في القياس ¬

_ (¬1) ف ز: وضمنته. (¬2) ز: لم يعف. (¬3) ز: أن يدعها. (¬4) تقدم تخريجه قريباً. (¬5) ز: لم يكن. والواو من ط. (¬6) ز: أن يقبض.

أن يقتل (¬1)، لأنه بمنزلة المال (¬2). ولو رجع الشاهدان بعدما اقتص، ورجع الذي اقتص أيضاً، وأقروا جميعاً بأنه لم يقتل (¬3)، كان لولي المقتص منه أن يأخذ الدية إن شاء من الشاهدين، وإن شاء من القاتل، فمن أيهم (¬4) ما أخذ لم يرجع على صاحبه بشيء في قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد: إنه إن أخذها من الشاهدين رجعا على القاتل، وإن أخذها من القاتل لم يرجع على الشاهدين. ولو لم يرجع الشاهدان وقامت عليهما البينة بأنهما قد رجعا لم يلتفت إلى البينة عليهما بذلك إن أنكرا ذلك. ولو رجع الشاهدان فقال القاتل: أنا أجيء بشاهدين غير هذين الشاهدين يشهدان على هذا وقد قتل القتيل، لم ألتفت إلى ذلك ولا سبيل على القاتل وليس عليه بينة، وغرم هذين الدية (¬5)، ولا ينفع (¬6) هذين شهادة من شهد لهما بعد أن يرجعا (¬7) هما. وإذا شهد أحد (¬8) شاهدي الدم (¬9) اللذين شهدا هو وآخر على صاحبه أنه كان محدودًا في قذف أو عبداً (¬10) فشهادتهما جائزة، وليس عليه ولا على صاحبه شيء، مِن قِبَل (¬11) أن هذا ليس برجوع عن الشهادة. ولو شهد هو وآخر أن صاحبه عبد لفلان وفلان يدعي ذلك قضيت به لفلان، وغرّمت القاتل الدية، مِن قِبَل أن أحد (¬12) الشاهدين قد انتقضت شهادته. وإذا شهد شاهدان على دم فاقتص منه، ثم إنهما قالا: أخطأنا إنما القاتل هذا، لغيره، فإنهما لا يصدقان على هذا الثاني، وعلى الشاهدين الدية. بلغنا نحو من ذلك عن علي بن أبي طالب (¬13) وإبراهيم ¬

_ (¬1) ز: أن لا يقبل. (¬2) ز - المال. (¬3) ز: لم يقبل. (¬4) ز: أنهم. (¬5) ز - الدية. (¬6) ز: ينتفع. (¬7) ز: أن يراجعا. (¬8) ز: إحدى. (¬9) م ف ز - الدم؛ صح م هـ. (¬10) ز: أو عبد. (¬11) ز + شيء من قبل. (¬12) ز: أن أخذ. (¬13) ز + الخطاب.

النخعي (¬1). وإذا شهد ثلاثة على دم فقتل ثم رجع أحدهم فلا شيء عليه، لأنه قد بقي اثنان من الشهود. فإن رجع آخر كان على الراجعين نصف الدية، لأنه قد بقي نصف الشهادة التي بها القصاص. وإذا شهد رجلان وامرأتان على دم خطأً فقضي بالدية، ثم رجع رجل وامرأة، كان عليهما ربع الدية، لأنه قد بقي ثلاثة أرباع الشهادة، لأن شهادة رجل وامرأتين (¬2) في شهادة الخطأ جائزة. فإن رجعت امرأة أخرى فعلى المرأتين والرجل الذي رجع نصف الدية، على الرجل من ذلك النصف وعلى المرأتين النصف. ولو رجعوا جميعاً كان على كل رجل (¬3) ثلث الدية وعلى المرأتين الثلث. ولو شهد شاهدان على قطع يد فاقتص منه ثم رجعا عن شهادتهما فإن عليهما دية اليد في أموالهما في سنتين، الثلثان من ذلك في سنة، والثلث في السنة الأخرى. ولو شهدا بالشجة أو بشيء يبلغ ثلث الدية ثم رجعا عن ذلك كان أرش ذلك عليهما في أموالهما في سنة. فإن رجع أحدهما وبقي الآخر كان عليه نصف ذلك. وإن رجع أحدهما في اليد كان عليه نصف دية اليد في ماله في سنتين، الثلثان من ذلك في سنة (¬4)، والثلث (¬5) الباقي في السنة الأخرى. ¬

_ (¬1) عن الشعبي أن رجلين شهدا عند علي - رضي الله عنه - على رجل بالسرقة، فقطع علي يده. ثم جاءا بآخر، فقالا: هذا هو السارق لا الأول. فأغرم علي - رضي الله عنه - الشاهدين دية يد المقطوع الأول. وقال: لو أعلم أنكما تعمدتما لقطعت أيديكما. ولم يقطع الثاني. انظر: السنن الكبرى للبيهقي، 10/ 251. (¬2) ز: وامرأتان. (¬3) م زط + من ذلك النصف وعلى المرأتين النصف ولو رجعوا جميعا كان على كل رجل. (¬4) ز - في سنة. (¬5) ف - في السنة الأخرى ولو شهدا بالشجة أو بشيء يبلغ ثلث الدية ثم رجعا عن ذلك كان أرش ذلك عليهما في أموالهما في سنة فإن رجع أحدهما وبقي الآخر كان عليه نصف ذلك وإن رجع أحدهما في اليد كان عليه نصف دية اليد في ماله في سنتين الثلثان من ذلك في سنة والثلث.

باب جناية الصبي الحر والمعتوه والمغلوب

فإذا شهد شاهدان على دم على رجلين فقتلا بشهادتهما، ثم رجع أحدهما عن الشهادة (¬1) في (¬2) أحد الرجلين، فإنه يضمن نصف دية الرجل في ثلاث سنين، ولا يضمن من دية الآخر شيئاً، لأنه لم يرجع عن شهادته فيه. ولو رجعا عن شهادتهما فيهما جميعاً ضمن كل واحد منهما نصف دية كل واحد منهما. ولو لم يرجعا (¬3) وادعى عليه أولياء المقتص منه أنه قد رجع وسألوا القاضي أن يستحلفه فإنه ليس عليه أن يستحلفه. ألا ترى أنه لو أتى بشهود عليه بالرجوع لم أقبل ذلك منه، فكيف أستحلفه ولست أقبل عليه البينة. ولو شهد شاهدان على دم ثم رجعا عن شهادتهما فضمنا الدية وعلى الميت دين فإن الدية في دين الميت، هم أحق بها من الورثة. ولو شهد شاهدان على دم ولهما على الميت دين أجزت شهادتهما. فإن رجعا بعد ذلك عن شهادتهما فهما ضامنان للدية، ويقبضان دينهما من الثلث الأول. فإن كان على الميت دين سوى ذلك حاصّهم (¬4) فيه. وإذا رجع أحد الشاهدين عن شهادته عند القاضي ثم مات فنصف الدية في ماله حال ليس له أجل، مِن قِبَل أني لا أستطيع قسمة الميراث، ولا أقسمه وعليه (¬5) دين. ألا ترى أنه لو كان دين تحاضوا. فإن رجع في مرضه وليس عليه دين ثم مات بدئ بنصف الدية من الميراث. فإن كان عليه دين في صحته بدئ بالدين الذي كان في صحته وكان هذا بمنزلة الدين الذي يقر به في مرضه. ... باب جناية الصبي الحر والمعتوه والمغلوب وإذا جنى الصبي جناية [عمداً] (¬6) أو خطأً فهو سواء، عمد الصبي وخطأُه سواء. وكذلك المعتوه. وأرش ذلك على العاقلة إذا بلغ خمسمائة درهم ¬

_ (¬1) م - الشهادة. (¬2) ز - الشهادة في. (¬3) ز: لم يرجعوا. (¬4) ف: خاصمهم. (¬5) ف ز: عليه. (¬6) من ب جار ط.

فصاعداً. بلغنا ذلك عن علي - رضي الله عنه - أن رجلاً معتوهاً سعى على رجل بالسيف فضربه، فجعله على عاقلته، وقال: وخطأُه وعمده سواء (¬1). وإذا أمر الصبي الصبي فقتل إنساناً فانما الدية على عاقلة القاتل، وليس على الآمر شيء، مِن قِبَل أن كلامه لا يجوز على نفسه. ولو أن رجلاً أمر صبياً فقتل إنساناً كانت دية المقتول على عاقلة الصبي، ويرجع بذلك عاقلة الصبي على عاقلة الآمر، مِن قِبَل أن قول الرجل يجوز وينفذ على نفسه. وإذا أعطى الرجل الصبي حديدة أو عصا أو سلاحاً يمسكه له، ولم يأمره بشيء، فعَطِبَ (¬2) الصبي بذلك، فإن الرجل ضامن لما أصاب الصبي من ذلك على عاقلة الرجل، لأنه من فعله. وإن قتل الصبي نفسه بذلك أو قتل به رجلاً لم يضمن الرجل الذي دفع إليه من ذلك شيئاً، لأن الصبي أحدث عملاً في ذلك ولم يأمره به الرجل (¬3). فإذا اغتصب الرجل الحر الصبي فذهب به فهو ضامن له إن قُتل، أو أصابه حجر، أو جرح. فإن مات حتف أنفه (¬4) لم يضمن. إنما يضمن إذا أصابته جناية أو أكله سبع أو تردى (¬5) من حائط أو جبل. فإن لم يصبه شيء من ذلك وأصابته حمى أو خُرَاج (¬6) أو مرض فمات منه فلا شيء عليه في ذلك، لأن هذا مرض وذلك جناية. ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه قريباً. (¬2) عطب أي هللك. انظر: المغرب، "عطب". (¬3) قال السرخسي: وإذا أعطى الرجل صبيا عصا أو سلاحا يمسكه له ولم يأمره فيه بشيء فعَطِبَ الصبي بذلك بأن سقط من يده فوقع على رجليه فمات فضمانه على عاقلة الرجل، لأنه جانِ في استعمال الصبي في إمساك ما دفع إليه، وهو سبب لهلاكه متعد في ذلك السبب. وإن قتل الصبي نفسه بذلك أو قتل رجلا لم يضمن الدافع شيئاً، لأنه أمره بإمساكه لا باستعماله ... انظر: المبسوط، 26/ 185. (¬4) م ف زط: ميتة نفسه. والتصحيح من المبسوط، 26/ 186. (¬5) ز: أو ردا. (¬6) ز: أو جراح. الخُرَاج بالضم البَثْر، الواحدة خُرَاجَة وبَثْرَة، وقيل: هو كل ما يخرج على الجسد من دُمَّل ونحوه. انظر: المغرب، "خرج".

وإذا قتل (¬1) الصبي رجلاً قد اغتصبه رجل لم يكن على الذي اغتصبه من ذلك شيء، لأنه لم يأمره بذلك. وكذلك المعتوه. وإذا حمل الرجل الصبي الحر على دابة فقال له: أمسكها، وليس منه بسبيل، فسقط عن الدابة فمات، فالرجل (¬2) ضامن لديته على عاقلته. وإن كان الصبي مثله يركب أو لا يركب فهو سواء. وإن سار الصبي فأوطأ إنساناً فقتله وهو يسير على الدابة مستمسك عليها فدية ذلك على عاقلة الصبي، مِن قِبَل أنه أحدث السير ولم يأمره به الرجل. وإذا وقع الصبي من الدابة وهو يسير عليها فمات فهو ضامن لديته على عاقلته، مِن قِبَل أنه أخذه فحمله، فهو ضامن لما أصابه ما (¬3) لم يمت حتف أنفه (¬4). وإن كان ممن لا يقدر أن يسير على الدابة لصغره ولا يستمسك عليها، فأخذه الرجل فحمله عليها، فسارت الدابة (¬5) فوطئت إنساناً فمات، فلا (¬6) ضمان على عاقلة الصبي، مِن قِبَل أن مثله لا يركب الدابة ولا يصرفها، ولا ضمان على الرجل، مِن قِبَل أنه ليس بقائد ولا سائق. وإذا حمل الرجل معه الصبي على الدابة ومثله لا يصرف الدابة ولا يستمسك عليها فوطئت الدابة إنساناً فهو على الرجل. وإن مات وهلك الإنسان فعلى عاقلته، وعليه الكفارة. وكذلك إن وطئت بيد أو رجل فلا شيء على الصبي. وإن كَدَمَتْ (¬7) فالضمان على عاقلة الرجل، ولا ضمان على الصبي فيه. وإن نَفَحَتْ برجلها وهي تسير، أو ضربت بذنبها (¬8) وهي تسير، فلا ضمان عليه في ذلك على الرجل ولا على الصبي. وإذا حمل الرجل معه صبياً مثله يصرف الدابة ويسير عليها فما أصابت ¬

_ (¬1) ز + الرجل. (¬2) م ف زط: الرجل. والتصحيح من ب. (¬3) ز - ما. (¬4) ز: ابنه. (¬5) ز: الدبة. (¬6) ز: ولا. (¬7) الكَدْم العَض بمقدّم الأسنان كما يَكْدِم الحمار، يقال: كدمه يَكْدِمه ويَكْدُمه. انظر: المغرب، "كدم". (¬8) ز: بذيلها.

الدابة فهو على عاقلتهما (¬1) جميعاً، ولا يرجع (¬2) عاقلة الصبي على عاقلة الرجل بشيء من قبل أنه لم يأمره بالجناية. وإذا حمل الرجل الصبي، والرجل عبد، فوقع الصبي عن الدابة فمات، فديته في عنق العبد الذي حمله، يدفعه مولاه بها أو يفديه. وإن كان العبد معه على الدابة، فسارا جميعاً على الدابة، فأوطآ (¬3) إنسانا فمات، فعلى عاقلة الصبي نصف الدية في عنق العبد، والنصف الآخر يدفعه مولاه أو يفديه. وإذا حمل الرجل الحر الكبير العبد الصغير على الدابة ومثله يصرفها ويستمسك عليها ثم أمره أن يسير عليها فأوطأ إنساناً فإن ذلك في عنق (¬4) العبد يدفعه (¬5) مولاه أو يفديه، ويرجع مولى العبد على الحر الذي حمله بقيمته، لأن العبد مال، فلما حمله الحر صار ضامناً له ولما يحدث فيه حتى يخلصه. ألا ترى أن من اغتصب عبداً صغيراً فجنى جناية عنده (¬6) ثم ظفر به المولى قيل له: ادفعه أو افده، فيكون على الغاصب الأقل من قيمته ومن الجناية، وليس يكون هكذا في الحر. وإذا حمل الرجل الحر العبد - والعبد صغير- على دابة، ومثله لا يصرف الدابة ولا يسير عليها، فأوطأت إنساناً، فلا شيء عليه ولا على الذي حمله. وإن كانت الدابة واقفة حيث أوقفها الحر لم تسر (¬7) حتى ضربت رجلاً بيدها أو رجلها أو ذنبها أو كَدَمَتْه فمات، فلا ضمان على الصبي فيه، لأنه بمنزلة الثوب عليه والبهيمة، والضمان على الذي أوقفها على عاقلته إذا كان أوقفها في غير ملكه، فإن كان أوقفها في ملكه فلا ضمان عليه ... ¬

_ (¬1) ز: على عاقلتها. (¬2) ز + على. (¬3) ز: فأوطيا. (¬4) ز: في عتق. (¬5) ز: ويدفعه. (¬6) ز: عبده. (¬7) ز: لم تسير.

باب جناية الراكب

باب جناية الراكب وإذا سار الرجل على الدابة - أي: الدواب كانت - في طريق المسلمين، فأوطأ إنساناً بيد أو رجل وهي تسير فقتله، فهو ضامن، على عاقلته الدية (¬1)، وعليه (¬2) الكفارة. وهذا بمنزلة الجناية بيد الرجل. فإن نَفَحَتْ برجلها فقتلت وهي تسير (¬3) فلا ضمان على صاحبها. بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الرِّجْل جُبَار" (¬4). فوضعنا ذلك عن النفحة وهي تسير. وكذلك الذَّنَب (¬5) عندنا. وإن كَدَمَتْ إنساناً فهو ضامن. وإن ضربت بحافرها حصاة أو نواة أو حجراً أو شبه ذلك فأصابت إنساناً وهي تسير فلا ضمان عليه. وهذا عندنا بمنزلة التراب والغبار إلا أن يكون (¬6) حجراً كبيراً فيضمن. ولو راثت أو بالت في المسير فعَطِب (¬7) إنسان بذلك لم يكن عليه ضمان. وكذلك اللعاب يخرج من فيها. ولو وقع سَرْجُها أو لِجَامُها أو شيء يحمله عليها من أداتها أو متاع الرجل الذي معه يحمله به فأصاب إنساناً وهي تسير فمات كان ضامناً. ومن عَطِبَ به بعدما كان وقع إلى الأرض عَثَرَ به (¬8) أو تَعَقَّلَ (¬9) به فهو ضامن أيضاً. والراكب والمرتدف ¬

_ (¬1) م ز ط: بالدية. (¬2) ز: وعلي. (¬3) ز + فقتله فهو ضامن على عاقلته الدية وعليه الكفارة وهذا بمنزلة الجناية بيد الرجل فإن نفحت برجلها فقتلت وهي تسير. (¬4) الآثار لمحمد، 100؛ والحجة له، 1/ 437. وانظر: الموطأ، العقول، 12؛ والآثار لأبي يوسف،88؛ وصحيح البخاري، الزكاة، 66؛ وسنن أبي داود، الديات، 27؛ وسنن النسائي، الزكاة، 28؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 2/ 183؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 387. وجُبَار، أي: هدر، يقال: ذهب دمه جُبَاراً، ومعنى الأحاديث أن تنفلت البهيمة العجماء فتصيب في انفلاتها إنساناً أو شيئاً فجرحها هدر. انظر: لسان العرب، "جبر". (¬5) ز: الذيب. (¬6) ز: أن تكون. (¬7) ف + به. (¬8) ز: عثرته. (¬9) لم أجد استعمال "تَعَقَّل به" في القواميس بما يناسب المقام. انظر: المغرب، "عقل"؛ والمصباح المنير، "عقل"؛ ولسان العرب، "عقل"؛ والقاموس المحيط، "عقل". ولكن أصل المادة من الحبس والربط، فلعل المقصود أنه صار كالعِقَال له وَالْتَوَتْ رِجلاه=

والسائق والقائد (¬1) في الضمان سواء. بلغنا ذلك عن شريح (¬2). ولا كفارة على السائق ولا على القائد فيما وطئت (¬3)، ليسا يشبهان الراكب في ذلك والمرتدف. وإذا أوقف الرجل دابته في طريق المسلمين، أو في دار لا يملكها بغير إذن أهلها، فما أصابت (¬4) بيد أو رجل من نَفْحَة أو غيرها (¬5) [أو] (¬6) بِذَنَب (¬7)، أو كَدَمَتْ، فهو ضامن لذلك على عاقلته، ولا كفارة عليه، لأن هذا ليس كالجناية منه. وكل شيء جعلنا فيه الضمان في الذي يسير (¬8) فإن هذا له ضامن، لأنه أوقف فيما لا يملك وحيث لا ينبغي له أن يوقف. وصاحب المسير له أن يسير في طريق المسلمين وليس له أن يوقف (¬9). وإذا أرسل الرجل دابته في طريق المسلمين فما أصابت في وجهها ذلك فهو ضامن كما يضمن الذي سار، ولا كفارة عليه. وإن عطفت يميناً أو شمالاً (¬10) فلا ضمان عليه، لأنها قد تغيرت عن حالها إلا أن يكون لها طريق غير الذي أخذت فيه، فيكون ضامناً لذلك على حاله. وإن وقفت ثم سارت فقد خرج من الضمان. فإن ردها راد فالذي ردها ضامن لما أصابت في فورها ذلك. وإذا خلى عنها فأوقفها فسارت هي بنفسها فلا ضمان عليه. وإذا اصطدم الفارسان فقتل كل واحد منهما صاحبه فدية كل واحد منهما على صاحبه. بلغنا عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه قال ¬

_ = فسقط بسبب ذلك. وقال المطرزي: تعقّل السرجَ واعتقله: ثنى رجله على مقدمه، وقوله: نصب شبكة فتعقّل بها صيد، أي: نشب وعلق، مصنوع غير مسموع. انظر: المغرب، "عقل". (¬1) ز: والقاتل. (¬2) المصنف لعبد الرزاق، 9/ 422. (¬3) م ف ز: فيما أوطت. والتصحيح من ب ط. (¬4) ز: أصاب. (¬5) ز - أو غيرها. (¬6) الزيادة من ب جار؛ والمبسوط، 26/ 190. (¬7) ز: بذيب. (¬8) ز: يصير. (¬9) ف - وصاحب المسير له أن يسير في طريق المسلمين وليس له أن يوقف. (¬10) ز: وشمالا.

ذلك (¬1). وكذلك الرجلان يصطدمان. فإن كان أحدهما حراً (¬2) والآخر عبداً (¬3) فقيمة العبد على عاقلة الحر، ثم يأخذها ورثة الحر، ولا شيء لمولاه. وإذا أوقف الرجل دابته في ملكه فما أصابت بيد أو رجل فلا ضمان عليه فيه (¬4)، مِن قِبَل أن له أن يوقفها في ملكه. وإن كان الملك له ولغيره فلا ضمان عليه فيه أيضاً، مِن قِبَل الذي له في ذلك وإن كان قليلاً. ولو ضمّنته في هذا لَحُلْتُ بينه وبين أن يقعد فيها أو يتوضأ فيها. أرأيت لو عَطِبَ إنسان بوضوئه فيها أو به إن كان قاعداً هل كنت أضمّنه. لست أضمّنه في شيء من ذلك. فكذلك الدابة (¬5). وإذا سار الرجل على دابته فضربها، أو كبحها باللجام، فضربت برجلها أو بذنبها، لم يكن عليه شيء. ولو خبطت بيد أو رجل أو كدمت أو صدمت إنساناً فقتلته كان على عاقلته في ذلك الضمان، لأنه راكب وإن كان لا يملكها. ولو سقط منها ثم ذهبت على وجهها حتى أصابت إنساناً فقتلته لم يكن عليه الضمان، لأنه غير راكب ولا قائد ولا سائق، وهي الآن منفلتة (¬6) جرحها جُبَار، لأنها عجماء. بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "العجماء جُبَار" (¬7)، والعجماء هي المنفلتة عندنا. ... ¬

_ (¬1) المصنف لعبد الرزاق، 10/ 54؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 423؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 386. (¬2) ز: حر. (¬3) ز: عبد. (¬4) ف - فيه. (¬5) ز: الداية. (¬6) ف: منفتلة (مهملة). (¬7) رواه المؤلف بإسناده في كتاب الزكاة. انظر: 1/ 124 ظ - 125 و. وانظر: الآثار لمحمد، 100؛ والحجة له، 1/ 437. وانظر: الموطأ، العقول، 12؛ والآثار لأبي يوسف، 88؛ وصحيح البخاري، الزكاة، 66؛ وسنن النسائي، الزكاة، 28؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 2/ 183. جُبَار، أي: هدر، يقال: ذهب دمه جُبَاراً، ومعنى الأحاديث أن تنفلت البهيمة العجماء فتصيب في انفلاتها إنساناً أو شيئاً فجرحها هدر، وكذلك البئر القديمة التي ليست ملك أحد يسقط فيها إنسان فيهلك فدمه هدر، والمعدن إذا انهار على حافره فقتله فدمه هدر. انظر: لسان الرب، "جبر".

باب الناخس

باب الناخس قال محمد: وإذا سار الرجل على دابة في الطريق فنخسها رجل أو ضربها فنفحت رجلاً فقتلته كان ذلك على الناخس دون الراكب. بلغنا ذلك عن عبد الله بن مسعود وعمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - (¬1). وإذا نَفَحَت الناخِسَ (¬2) كان دمه هدراً (¬3). ولو ألقت صاحبَها الذي عليها من تلك النَخْسَة فقتلته كان الناخس ضامناً للدية على عاقلته. ولو وثبت بنخسته على رجل فقتلته، أو وطئت رجلاً فقتلته، كان ذلك على الناخس دون الراكب. والواقف في ذلك والذي يسير سواء. ولو نخسها بإذن الراكب وأمره كان هذا بمنزلة فعل الراكب. وإن نفحت وهي تسير لم يكن عليه ضمان كأن الراكب (¬4) هو الذي نخسها. فإن وطئت رجلاً في مسيرها وقد نخسها هذا بإذن الراكب وأمره كانت الدية عليهما جميعاً إذا كانت في فَوْرها الذي نخسها فيه، لأنهما الآن راكب وسائق. فإن سارت ساعة وتركها من السَّوْق فأوطأت إنساناً فهو على الراكب دون الناخس. ولا يكون على الناخس شيء حتى يُعلَم أن (¬5) الذي أصابت كان في فورها الذي نخسها فيه. وإذا نخس الرجل الدابة ولها سائق بغير إذن السالق فنَفَحَت رجلاً فقتلته فالناخس ضامن. وكذلك لو كان لها قائد كان على الناخس الضمان دونهما. فإن كان واحد منهما أمره (¬6) بذلك فلا ضمان عليه ولا على واحد منهما، مِن قِبَل أن الناخس (¬7) الآن سائق حين ساق بإذن صاحب الدابة، ونَفْحَتُها جُبَار. ¬

_ (¬1) المصنف لعبد الرزاق، 9/ 422 - 423؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 458؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 388. (¬2) نَخَسَ الدابةَ نَخْساً مِن باب منع، إذا طعنها بعود أو نحوه. انظر: المغرب، "نخس". (¬3) ز: هدر. (¬4) ز - وأمره كان هذا بمنزلة فعل الراكب وإن نفحت وهي تسير لم يكن عليه ضمان كأن الراكب. (¬5) ز - أن. (¬6) ز: أمراه. (¬7) ز - الضمان دونهما فإن كان واحد منهما أمره بذلك فلا ضمان عليه ولا على واحد منهما من قبل أن الناخس.

وإذا قاد الرجل الدابة فنخسها رجل آخر (¬1) فانفلتت من القائد ثم أصابت من فورها ذلك فما أصابت في فورها ذلك فهو على الناخس. وإذا نخس الرجل الدابة وعليها راكب فوثبت به فألقت الراكب فالناخس ضامن. وإن جَمَحَت فوثبت (¬2) ولم تُلْقِه حتى أوطأت إنساناً فالناخس ضامن لما أوطأت في فورها ذلك. ألا ترى أنه يضمن الراكب، فكذلك يضمن ما أصاب الدابة. وإذا كان (¬3) الناخس عبداً فما أصابت الدابة (¬4) فهو في رقبته، يدفعه مولاه أو يفديه. وإذا كان الناخس صبياً حراً فهو في ذلك والرجل سواء. وإذا مرت الدابة بشيء قد نُصِبَ في الطريق فنخسها ذلك الشيء فنَفَحَتْ إنساناً فقتلته فهو على الذي نصب ذلك. وإذا كان الرجل يسير في الطريق فأمر عبداً لغيره فنخسها فنفحت فلا ضمان على واحد منهما. وإن وطئت في فورها ذلك الذي نخسها فيه إنسانا فقتلته فعلى عاقلة الراكب نصف الدية، وفي عنق (¬5) العبد نصف الدية يدفعه مولاه بها أو يفديه، ويرجع المولى بقيمة عبده على الذي أمره بالنخس. وكذلك لو أمره بالسوق أو بقود الدابة. وإن كان الراكب عبداً، فأمر هذا العبد عبداً آخر، فساق دابته، فأوطأت إنساناً فمات، فالدية في أعناقهما نصفين، يُدفَعان بها أو يُفدَيان، ولا شيء على الراكب مما أمر به إذا كان محجورًا عليه حتى يعتق، فيكون عليه قيمة العبدِ الذي أمره بالسَّوْق. وإذا كان عبداً تاجراً فهو دين عليه في عنقه (¬6) وهو عبد. وكذلك إن كان مكاتباً فهو دين في عنقه يسعى فيه. ¬

_ (¬1) ز - آخر. (¬2) ف - به فألقت الراكب فالناخس ضامن وإن جمحت فوثبت. (¬3) ف: فإن كان؛ ز: وإن كان. (¬4) ز - الدابة. (¬5) ز: عتق. (¬6) ز: في عتقه.

وإذا قاد الرجل قِطَاراً (¬1) في طريق المسلمين فما أوطأ أول القطار أو آخره، بيد أو رجل، أو صدم بعض الإبل إنساناً فمات، فالقائد ضامن، ولا كفارة عليه. وإن كان معه سائق فالضمان عليهما، ولا كفارة عليهما. وإن كان معهما سائق الإبل وسط القطار فما أصاب مما خَلْف هذا السائق وما بين يديه من شيء فهو عليهم أثلاثاً، لأنه قائد وسائق. وإن كان يكون أحياناً وسطها وأحياناً يتأخر وأحياناً يتقدم وهو يسوقها في ذلك فهو بمنزلة السائق. ولا شيء عليه في نفحة الرجل والذنب (¬2). ولو أن رجلاً كان (¬3) راكباً على بعير (¬4) وسط القطار ولا يسوق منها شيئاً لم يضمن شيئاً مما تصيب الإبل التي بين يديه، وهو معهم في الضمان في الذي أصاب البعير الذي هو عليه والإبل التي خلفه، لأنه قائد لها. وعليه الكفارة إذا أصاب البعير الذي هو عليه كأنه قاتل بيده. وإذا أتى الرجل ببعير فربطه إلى القطار والقائد لا يعلم، وليس معها سائق، فأصاب ذلك البعير إنساناً، ضَمِن القائد، ويرجع القائد على الذي ربط البعير بذلك الضمان. ولو سقط شيء مما تحمل (¬5) الإبل على إنسان (¬6) فقتله، أو سقط في الطريق فعَثَرَ (¬7) به إنسان فمات، كان الضمان في ذلك على الذي يقود الإبل. وإذا كان معه سائق فعليهما جميعاً. وإذا سار الرجل على دابته في الطريق فعثرت بحجر وضعه رجل، أو بدُكّان بناه رجل، أو بماء صبّه، فوقعت على إنسان فمات، فالضمان على الذي وضع الحجر وبنى الدكان وصحبّ الماء، ولا ضمان على الراكب. هو هاهنا بمنزلة المدفوع. وإذا سار الرجل على دابته في ملكه، فأوطأت إنساناً بيد أو رجل ¬

_ (¬1) القِطَار عدد من الإبل على نسق واحد، والجمع قُطُر. انظر: المغرب، "قطر". (¬2) ز: والذيب. (¬3) ف - كان. (¬4) ز + في. (¬5) ز: يحمل. (¬6) م ف ز ط: على الإنسان. (¬7) م ز: تعثر.

فقتلته (¬1)، فعليه الدية والكفارة، كأنه قتل بيده. وإن كان سائقًا أو قائدًا فلا ضمان عليه في ذلك ولا كفارة. وكذلك لو أوقفها في ملكه ثم أصابت إنسانا فقتلته فلا ضمان عليه. ولا فيما كَدَمَتْ وهي في ملكه، إن كان داخلاً مِن أهله أو غريبًا، داخلاً بإذن أو بغير إذن، سواء، لا ضمان عليه. وكذلك الكلب العَقُور (¬2) بمنزلة الدابة إذا كان في الدار، مُخَلّى عنه أو مربوطاً فهو سواء. وإذا دخل الرجل دار قوم بإذنهم أو بغير إذنهم فعَقَرَ كلبهم فلا ضمان عليه. وإذا أوقف الرجل الدابة في الطريق مربوطة أو غير مربوطة فما أصابت بيد أو رجل أو كَدَمَتْ أو بذنب فهو له ضامن. والنَّفْحَة في ذلك والخَبْطَة (¬3) سواء. فإن سارت عن ذلك المكان الذي أوقفها فلا ضمان عليه فيما أصابت، لأنها قد تغيرت عن حالها وصارت بمنزلة المنفلتة. وإن كانت مربوطة فجالت في رباطها من غير أن يَحُلَّها أحد فما أصابت فهو على الذي ربطها، ولا يُبطِل الضمانَ تغيرُها (¬4) عن حالها بعد أن يكون الرباط كما هو. وكذلك كل بهيمة من سَبُع أو غيره أوقفه رجل على الطريق. وكذلك الهَوَامّ (¬5) ما طرح رجل منها على الطريق فهو ضامن لما أصاب حتى يتغير عن حاله. وكذلك لو طرح بعض الهوام على رجل فلدغه (¬6) ذلك فهو ضامن لذلك. ... ¬

_ (¬1) ز: فقتله. (¬2) الكلب العَقُور هو كل سَبُع يَعْقِر، أي: يجرح ويقتل مثل الأسد والفهد والنمر والذئب، يقال: عَقَرَ الناسَ عَقْراً، من باب ضرب، فهو عَقُور، والجمع عُقُر، مثل رسول ورسل. انظر: المصباح المنير، "عقر"؛ ولسان العرب، "عقر". (¬3) ز: أو الخطبة. خَبَطَ البعير الأرض، أي: ضربها بيده. انظر: المغرب، "خبط". فالخبطة الضرب باليد، والنفحة بالرجل. (¬4) ز + في رباطها من غير أن يحلها أحد فما أصابت فهو على الذي ربطها ولا يبطل الضمان تغيرها. (¬5) الهوام جمع الهامّة من الدواب، وهي ما يَقتُل من ذوات السموم كالعقارب والحيات. انظر: المغرب، "همم". (¬6) م ف ز: فأعيته (مهملة). والتصحيح من المبسوط، 27/ 5.

باب ما يحدث الرجل في الطريق

باب ما يحدث الرجل في الطريق وإذا وضع الرجل في الطريق (¬1) حجراً، أو بنى فيه بناءً، أو أخرج من حائطه جِذْعاً، أو صخرة شاخصة في الطريق، أو أشرع كَنِيفاً أو جناحًا أو ميزاباً أو ظُلّة، أو وضع في الطريق جِذْعًا، فهو ضامن لما أصاب ذلك كله، يكون الضمان في ذلك على عاقلته (¬2) إذا كانت في نفس أو جراحة في بني آدم. وما كان سوى ذلك فهو في ماله، ولا كفارة عليه، ولا يحرمه ذلك الميراث، لأنه ليس بقاتل. فإن عشر رجل بذلك فوقع على رجل فماتا جميعاً فالضمان في ذلك على الأول المحدث في الطريق ما أحدث، ولا ضمان على الذي عشر به، لأنه بمنزلة المدفوع. وإذا نحّى الرجل شيئاً من ذلك عن موضعه فعَطِب به أحد فالضمان على الذي نحّى، وقد خرج الأول من الضمان. ولو ألقى رجل في الطريق ترابًا كان بمنزلة الحجر والخشبة والطين. ولو أن رجلاً كنس الطريق لم يكن عليه في ذلك ضمان إن عطب بموضع كنسه أحد. ولو أن رجلاً رش الطريق فعطب إنسان بموضع رشه كان ضامناً له على عاقلته ولا كفارة عليه. وكذلك الوضوء. وإذا أشرع الرجل جناحاً على الطريق الأعظم، ثم باع الدار، فأصاب الجناح رجلاً فقتله، فالضمان على الأول، ولا ضمان على المشتري، لأنه لم يحدث شيئاً، إنما الضمان على الذي أحدث. وكذلك الميزاب. ولو سقط الميزاب فأصاب منه ما كان في الحائط فقتل فلا ضمان عليه فيه، لأن ما كان في الحائط في ملك الرجل. فإن (¬3) أصاب ما خرج منه من الحائط فالضمان على البائع الأول. وإن لم يعلم أي ذلك أصاب فينبغي في القياس أن (¬4) يبطل، ولكنا ندع القياس ونضمنه النصف. وإذا أخرج رب الدار الجناح أو الطُّلّة، فاستأجر على ذلك إنساناً أشرعه له من العَمَلَة، فأصاب إنساناً فقتله، فلا ضمان على العَمَلَة إذا أصاب ¬

_ (¬1) ز - في الطريق. (¬2) ز: على عاقله. (¬3) ز: فإذا. (¬4) ز + لا.

بعد فراغهم منه، وإنما الضمان على رب الدار الذي استأجرهم، ندع القياس في هذا ونستحسن للأثر الذي جاء في نحوه عن شريح. ولو سقط من عملهم وهم يعملون به كان الضمان عليهم ولم يكن على رب الدار شيء. وإذا وضع الرجل سَاجَة (¬1) في الطريق أو خشبة، ثم باعها من رجل وبرئ إليه منها، فتركه المشتري حتى عطب بها عاطب، فالضمان على البائع الذي وضعها، لأن المشتري لم يحدث وضعها ولم يغيرها عن حالها. ولا كفارة في شيء من ذلك على أحد ممن أوجبنا عليه الضمان (¬2) ما خلا الفَعَلَة (¬3) الذين سقط من عملهم فإن عليهم الكفارة - لأنها جناية بأيديهم - إذا بلغت الجناية نفسًا. وإذا كان جميع ما ذكرنا في ملك رجل، أو في ملك قوم أشرعوا ذلك في ملك لهم، فلا ضمان (¬4) في شيء من ذلك. وإن أشرعه بعضهم دون بعض فعليه الضمان، يُرفَع عنه بحصة ملكه من ذلك. فإن توضأ أو صب (¬5) ماء في ملك بينه وبين قوم فلا ضمان عليه فيه، وليس هذا كالجناح يشرعه ولا كالظُلّة. هذا بناء محدث. والوضوء وأشباه ذلك لا بد منه، نستحسن في ذلك وندع القياس فيه. وإذا وضع رجل في طريق جمراً (¬6) فأحرق شيئاً فهو ضامن لما أحرق، وإن حركته الريح فذهبت به من ذلك الموضع فلا ضمان عليه فيه، مِن قِبَل أنه قد تغير عن حاله التي وضعه عليها. وكذلك كل ما وضع في الطريق فتغير عن ذلك الموضع فقد برئ الأول من الضمان فيه. ... ¬

_ (¬1) الساج شجرة كبيرة جداً تنبت في بلاد الهند، يعمل منها الساجة، وهي الخشبة المنحوتة المهيأة للأساس ونحوه. انظر: المغرب، "سوج". (¬2) ز - الضمان. (¬3) يقال للدَّين يعملون بأيديهم في طين أو بناء أو حفر: الفَعَلَة والعَمَلَة. انظر: المغرب، "فعل". (¬4) ف + عليه. (¬5) ز: أو صبت. (¬6) ف ز: حجرا.

باب الحائط المائل

باب الحائط المائل فإذا مال حائط رجل أو وَهَى (¬1) في الطريق الأعظم فقتل إنساناً فلا ضمان عليه فيه، مِن قِبَل أنه قد بناه في ملكه ولم يحدث في الطريق شيئاً. وما حدث من وهيه وسقوطه شيءٌ مِن غير عمله. فإن كان أهل الطريق أو غيرهم تقدموا إليه في ذلك أو سألوه أن ينقضه فأخر ذلك حتى سقط فقتل إنساناً فهو ضامن لديته على عاقلته. وكذلك لو كان القتيل تحته عبداً فقيمته على العاقلة (¬2)، ولا كفارة عليه في شيء من ذلك. فإن قتل دابة أو أفسد (¬3) متاعاً فذلك كله في ماله، لا تعقل العاقلة العُرُوض. وكذلك لو جرح رجلاً جرحاً لا يبلغ خمسمائة درهم. وكذلك كل ما ذكرنا مما يحدث في الطريق. وإذا أُشْهِدَ (¬4) على الرجل في حائطه شاهدان أو رجل وامرأتان عند سلطان أو غير سلطان فهو سواء. فإن لم يأخذ رب الحائط في عمله ونَقْضِه عند ذلك فهو ضامن لما أصابه. بلغنا عن عامر الشعبي أنه كان يمشي ومعه رجل، فقال الرجل: إن هذا الحائط لمائل، وهو لعامر ولا يعلم الرجل أنه لعامر، فقال عامر: ما أنت بالذي (¬5) تفارقني حتى أنقضه، ثم بعث إلى العَمَلَة فنقضه. فإذا أشْهِدَ (¬6) على الرجل في حائط له مائل، فلم ينقضه حتى باع الدار التي فيها ذلك الحائط المائل، فقد (¬7) خرج من الضمان وبرئ منه، ولا ضمان على المشتري. فإن تُقُدِّمَ إلى المشتري وأُشْهِدَ عليه بعد الشِّرَى فهو ضامن لما أصاب. وإذا كانت الدار رهناً (¬8)، فتُقُدِّمَ إلى المرتهن في حائط مائل منها، فلا ضمان على المرتهن، لأنه لا يملك نقض ذلك الحائط. ولا ضمان على ¬

_ (¬1) الوَهْي هو الشّقّ والتخرّق. انظر: القاموس المحيط، "وهي". (¬2) ف: على عاقلته. (¬3) ز: أو فسد. (¬4) ز: شهد. (¬5) ز: بالدين. (¬6) م ف ز ط: شهد. والتصحيح من ب جار. (¬7) ف: فقال. (¬8) ز: هنا.

رب الدار، لأنه لم يُتَقَدَّمْ إليه فيه. فإن تُقُدِّمَ إليه فهو ضامن لما أصاب الحائط، مِن قِبَل أنه يملك (¬1) أن يقضي المال وينقض (¬2) الحائط. وإذا تُقُدِّمَ إلى السكان في نقض الحائط فلا ضمان على واحد منهم ولا على رب الدار، مِن قِبَل أنهم لا يملكون أن ينقضوا ذلك الحائط، ولأنه لم يُتَقَدَّمْ إلى رب الدار فيه. فإن تُقُدِّمَ إلى رب الدار فعليه الضمان. وإذا تُقُدِّمَ إلى وصي اليتيم في نقض حائطه فما أصاب الحائط فاليتيم له ضامن، ولا ضمان على الوصي، مِن قِبَل أن الوصي يملك أن ينقض الحائط، والتقدّم إليه كالتقدّم إلى اليتيم لو كان كبيراً. وكذلك الصبي يتقدم إلى الوالد في نقض حائط له. والرجل والمرأة في الحائط سواء. وإذا تُقُدِّمَ في الحائط إلى بعض الورثة دون بعض فإنه ينبغي في القياس أن لا يضمن أحد منهم، مِن قِبَل أن المتقدَّم إليه لا يستطيع نقضه دون الآخرين، مِن قِبَل أن الآخرين لم يُتَقَدَّمْ إليهم، ولكنا ندع القياس ونضمّن (¬3) هذا الشاهد المتقدَّم إليه بحصة نصيبه مما أصاب الحائط. وإذا تُقُدِّمَ إلى رجل من أهل الذمة في حائط له فهو والمسلم في الضمان سواء. ألا ترى أنه لو لم يكن له عاقلة كان في ماله. وإذا تُقُدِّمَ إلى المكاتب في حائطه فهو ضامن لما أصاب حائطه، يسعى فيه ولا يجاوز ذلك قيمته إذا كان [في] (¬4) إنسان. وإذا كان في متاع أو عروض سعى في قيمة (¬5) ذلك بالغاً ما بلغ. وإذا تُقُدِّمَ إلى العبد التاجر في حائطه فأصاب إنساناً فهو على عاقلة مولاه إذا كان في إنسان، وأن كان في متاع أو عروض فهو في عنق العبد، وكان ينبغي في قياس (¬6) القول الأول أن يكون على المولى، وإن كان على العبد دين أو لم يكن فهو سواء، مِن قِبَل أن هذا ليس بجناية العبد بيده، فلذلك لزمت العاقلة ما كان في إنسان من ذلك. ¬

_ (¬1) ط: ملك. (¬2) ف: ونقض؛ ز: ويقتص. (¬3) ز: وبضمن. (¬4) من ط. وهو مستفاد من تتمة العبارة. (¬5) ز: في قيمة. (¬6) م ف ز ط + من. والأولى حذفه.

وإذا وضع الرجل على حائطه شيئاً فوقع ذلك الشيء فأصاب إنساناً فلا ضمان عليه فيه، مِن قِبَل أنه وضعه وهو في ملكه. وكذلك لو كان الحائط مائلاً، مِن قِبَل أن له أن يضع على حائطه متاعه. وإذا تُقُدِّمَ الى رجل في حائط في دار فلم يهدمه حتى سقط على رجل فقتله، فأنكرت العاقلة أن تكون (¬1) الدار له، فلا ضمان عليهم. وكذلك إن قالوا: لا ندري هي له (¬2) أم لغيره، فلا ضمان عليهم حتى تقوم البينة أنها له. فإن لم تقم (¬3) بينة أنها له وزعم الرجل أنها له فإنه (¬4) لا يلزم العاقلة دية القتيل بقوله، ولا يصدق عليهم. وإذا أقرت العاقلة أن الدار له ضمنوا الدية. وكذلك الجناح والميزاب يشرعه الرجل من داره في أنْريق فؤقع على إنسان فمات، فأنكرت العاقلة أن يكون الدار له، وقالوا: إنما (¬5) أمره رب الدار أن يخرجه، فلا ضمان عليه إلا أن تقوم البينة أنها له. فإن أقر رب الدار أن الدار له وكذبته العاقلة فإن الدية تلزمه في ماله، مِن قِبَل أنه قد أقر بذلك. ولو قامت به بينة ضمن ذلك العاقلة. والحائط المائل وهذا ليسا بسواء (¬6) في القياس، مِن قِبَل أنه لم يحدث في الطريق شيئاً. وإنما ضَمَّنَّاه في الحائط بالأثر والاستحسان، وجعلناه بمنزلة الكنيف بالأثر الذي جاء والاستحسان (¬7)، وليس يشبه الحائط الكنيف. وإذا أنكرت العاقلة أن الدار له فلا ضمان عليهم، وينبغي في القياس أن لا يضمّنوا الرجل الذي أقر أن الدار له، مِن قِبَل أنه لم يحدث في الطريق شيئاً، ولكنا ندع القياس هاهنا ونضمّنه ونجعله بمنزلة من أحدث في الطريق شيئاً. ألا ترى أن البينة إذا قامت أن الحائط له ضمّنّاه العاقلة وجعلنا الرجل بمنزلة من أحدث في الطريق شيئاً (¬8)، فكذلك هذا إذا لم تقم البينة. ¬

_ (¬1) ز: أن يكون. (¬2) ف -له. (¬3) ز: لم يقم. (¬4) ز: فإنها. (¬5) ز - إنما. (¬6) م ز: سواء. (¬7) ز ط: جازه الاستحسان. (¬8) ز - ألا ترى أن البينة إذا قامت أن الحائط له ضمناه العاقلة وجعلنا الرجل بمنزلة من أحدث في الطريق شيئاً.

باب الشهادة في الحائط المائل

وإذا كان الرجل على حائط له مائل أو غير مائل، فسقط به الحائط، فأصاب من غير عمله إنساناً فقتله، فهو ضامن في الحائط المائل إذا كان تُقُدِّمَ إليه في الحائط المائل. فإن كان لم يُتقدَّم إليه فلا ضمان عليه، لأن الحائط سقط به. ولو كان هو سقط من الحائط من غير أن يسقط الحائط فقتل إنساناً كان ضامناً، لأنه هاهنا غير مدفوع، وهو في الباب الأول مدفوع. ولو مات الساقط نظرت في الأسفل فإن كان يمشي في الطريق فلا ضمان عليه، وإن كان قائماً في الطريق أو قاعداً فهو ضامن لدية الساقط عليه، لأنه أحدث في الطريق القيام أو القعود، وليس له ذلك وله أن يمشي. وإن كان الأسفل في ملكه فلا ضمان عليه. والأعلى ضامن لما أصاب الأسفل في هذه الحالات. وكذلك إن تَعَقلَ (¬1) فسقط، أو نام فتقلَّب فسقط، فهو ضامن لما أصاب الأسفل. والحائط المائل والسقف في ذلك سواء. فإذا سقط الرجل من حائط في ملكه أو في ملك غيره على رجل في الطريق فقتله فهو ضامن. وسقوطه هو عندنا بمنزلة قتله بيده. وعليه الكفارة والدية على عاقلته. وملكه وغير ملكه في ذلك سواء. وكذلك لو تردى من جبل على رجل فقتله. وكذلك لو سقط في بئر احتفرها في ملكه وفيها إنسان فقتل ذلك الإنسان كان ضامناً لديته. ولو كانت البئر في الطريق كان الضمان على رب البئر لما أصاب الساقط والمسقوط عليه، مِن قِبَل أن الساقط بمنزلة المدفوع. ... باب الشهادة في الحائط المائل وإذا أُشْهِدَ على رجل في حائطه شاهدان، فأصاب الحائط ابن أحد الشاهدين أو أباه أو عبداً له أو مكاتباً له أو جدًّا (¬2) أو جدة أو زوجة أو ولد ¬

_ (¬1) تقدم تفسيره. (¬2) ز: أو جد.

ولده مِن قِبَل النساء والرجال، ولا شاهد على رب الحائط في التقدم إليه في الحائط غير هذين، فشهادة الذي يجر إلى نفسه أو إلى أحد ممن ذكرنا باطل لا يجوز. وإذا تُقدِّم الى رجل في حائط له مائل فإن شهد عليه رجل وامرأتان فهو ضامن. وشهادة النساء في هذا مع الرجال جائزة، مِن قِبَل أنه مال وليس فيه قصاص. وإذا أشهد (¬1) على الرجل في حائطه عبدان أو صبيان أو كافران ثم أعتق العبدان وأدرك الصبيان وأسلم الكافران ثم وقع الحائط فأصاب إنساناً فهو ضامن. وإذا وقع الحائط فأصاب إنساناً قبل أن يعتقا أو قبل أن يسلما أو يدركا ثم أعتقا أو أسلما أو أدركا ثم شهدا فشهادتهما جائزة. وإن كانا شهدا في تلك الحال فردهما القاضي ثم أسلما ثم شهدا (¬2) جميعاً أو كبرا أو أعتقا فشهدا بذلك فشهادتهما أيضاً جائزة، من قبل أني لم أرد شهادتهما بالتهمة، إنما رددتهما بالكفر والرق والصغر. وإذا شهد عليه شاهدان فاسقان أو محدودان في قذف أو أعميان فشهادتهما في ذلك لا تجوز، فإن تاب الفاسقان بعد أن رَدَدْتُ شهادتهما فشهدا بعد ذلك فإن شهادتهما لا تجوز، لأني رددتهما بالتهمة. وكذلك لو شهد عبد أو صبي أو مكاتب (¬3) أو مدبر أو عبد قد عتق بعضه وهو يسعى في بعض قيمته فإن ذلك لا يجوز. وإذا شهدا ابنا صاحب الحائط أو شهد أبو صاحب الحائط ورجل آخر على صاحب الحائط فإن ذلك جائز، مِن قِبَل أنهما شهدا على مال. ألا ترى أني أجيز فيه شهادة الرجل مع النساء. ولو كان هذا قصاصاً لم تجز فيه شهادة النساء ولا شهادة على شهادة. وإذا شهد شاهدان على رجل في حائط (¬4) أنه قد تُقُدِّمَ إليه فيه، فسقط فقتل إنساناً، فضمّن القاضي عاقلته الدية، ثم رجع الشاهدان عن شهادتهما، فإنهما يضمنان ما غرمت العاقلة من ذلك، ولا يصدَّقان على إبطال القضاء. ¬

_ (¬1) ز: شهد. (¬2) ز - ثم شهدا. (¬3) ز - أو مكاتب. (¬4) م ف ز: في حاله. والتصحيح من ط.

فكذلك كل ما قضي (¬1) به بشهادتهما ثم رجعا عن ذلك. وإذا تُقدِّم إلى اللقيط في حائط له وقد وَهَى فلم ينقضه حتى سقط على رجل فقتله فإن ديته على بيت المال، يعقل بيت المال عن اللقيط، وميراثه لبيت المال، مِن قِبَل أنه لا يعرف له عشيرة. وكذلك الرجل من أهل الكفر من أهل الذمة أو من أهل الحرب يسلم فإن حاله في هذا كحال اللقيط. فإن كان والى رجلاً وعاقده فإن عاقلة ذلك الرجل يعقلون عنه (¬2)، وله أن يتحول عنهم ما لم يعقلوا (¬3) عنه، فاذا تحول عنهم فوالى آخرين فهم بمنزلة الأولين يعقلون عنه ويرثون به (¬4) وله أن يتحول عنهم (¬5) ما لم يعقلوا عنه (¬6)، فاذا عقلوا عنه فليس له أن يتحول عنهم. وكذلك كل ما أحدث اللقيط في الطريق وأشرع فيه من بناء. وإذا وَهَى الحائط أو مال على دار قوم ولم يمل على الطريق فأشهدوا على صاحبه فإنه ضامن لما أصاب ولما هدم من بيوتهم ولما أفسد من أمتعتهم، ولا تضمن (¬7) العاقلة من ذلك إلا ما كان في الأنفس ودون ذلك إلى المُوضِحة من ولد آدم، ولا تضمن (¬8) ما سوى ذلك. وما كان من غير ذلك فهو على رب الدار في ماله. وكذلك العلو إذا وَهَى فتقدّم (¬9) أهل السفل إلى أهل العلو وأشهدوا (¬10) عليهم فيه فهم ضامنون لما أصاب العلوُ إذا سقط. وكذلك الحائط يكون أعلاه لرجل وسفله لآخر (¬11)، فإن مال على أهل الطريق، فإن تقدموا إلى صاحب العلو دون صاحب ¬

_ (¬1) ز: ما قضا. (¬2) ف - عنه. (¬3) ز: لم يعقلون. (¬4) أي: بالولاء. (¬5) ز + فوالى آخرين فهم بمنزلة الأولين يعقلون عنه ويرثون به وله أن يتحول عنهم. (¬6) ف - فاذا تحول عنهم فوالى آخرين فهم بمنزلة الأولين يعقلون عنه ويرثون به وله أن يتحول عنهم ما لم يعقلوا عنه. (¬7) ز: يضمن. (¬8) ز: يضمن. (¬9) م ز: مقدم؛ ط: فقدم. (¬10) م ف ز ط: ويشهدون. والتصحيح مستفاد من ب. (¬11) ز: الآخر.

السفل، أو إلى صاحب السفل دون صاحب العلو، ثم سقط فأصاب إنساناً، فانما يضمن (¬1) الذي تقدم إليه النصف من ذلك إذا كان الحائط هو الذي أصاب كله. وإذا وَهَى العلو وكان السفل على حاله، فتُقدّم إلى صاحب العلو، فلم ينقضه حتى سقط فقتل إنساناً، فإن ديته على عاقلته خاصة دون صاحب السفل، لأن السفل لم يَهِ (¬2). وإذا وَهِيا جميعاً وتُقدِّم إليهما جميعاً فهما ضامنان لما أصاب الحائط كله. وإذا مال حائط الرجل فمال بعضه على دار قوم، وبعضه على الطريق، فتَقدَّم إليه أهل الدار في ذلك، فسقط ما في الطريق منه، فهو ضامن. وكذلك لو تَقدَّم إليه أهل الطريق، فسقط المائل إلى الدار على أهل الدار، فهو ضامن، لأنه حائط واحد قد مال بعضه، وإذا أشهد على بعضه فقد أشهد على الحائط كله. وإذا وَهَى بعض الحائط وما بقي منه صحيح غير واهٍ (¬3)، فتُقُدِّمَ إليه في ذلك وأُشْهِدَ عليه، فسقط ما وَهَى منه وما لم يَهِ (¬4)، فقتل الذي لم يَهِ (¬5) إنساناً، فهو ضامن، مِن قِبَل أنه كله حائط واحد، إذا وَهَى بعضه وَهَى كله. فإن كان حائطاً طويلًا إذا وهى بعضه لم يَهِ (¬6) ما بقي منه ويُعرَف ذلك فإنه يضمن ما أصاب الواهي منه، ولا يضمن الذي لم يَهِ (¬7). وإذا تُقدِّم [إلى] الرجل في حائط له لم يَهِ (¬8) وأُشْهِدَ عليه فيه فسقط فأصاب إنساناً فقتله فلا ضمان عليه، مِن قِبَل أنه كان صحيحاً غير واه (¬9). وإنما يضمن لو كان واهياً أو مائلاً مَخُوفاً. وإذا كان سفل الحائط لرجل وعلوه لآخر وقد وهى ومال، فتُقدِّم إليهما جميعاً، فسقط العلو فأصاب إنساناً فقتله، فالضمان على صاحب العلو ¬

_ (¬1) ف: ضمن. (¬2) ز: لم يهي. (¬3) ز: واهي. (¬4) ز: لم يهي. (¬5) ز: لم يهي. (¬6) ز: لم يهي. (¬7) ز: لم يهي. (¬8) ز: لم يهي. (¬9) ز: واهي.

دون صاحب السفل. وإن كان سقط من العلو طائفةٌ فأصاب إنساناً فقتله فالضمان على صاحب العلو. فإذا استأجر قوماً يهدمون حائطاً له فقتل الهدم من فعلهم رجلاً فالضمان عليهم والكفارة، ولا ضمان على رب الدار، لأنهم فعلوا ذلك بأيديهم، فهو بمنزلة من وضع حجراً أو دفع حجراً على رجل فقتله. وإذا اشترى الرجل داراً وهو فيها بالخيار ثلاثة أيام فتقدِّم إليه في حائط منها، ثم إنه رد الدار (¬1) ولم يستوجبها، فسقط الحائط فقتل إنساناً، فلا ضمان على المشتري، مِن قِبَل أنها (¬2) خرجت من ملك المشتري. ولا ضمان على البائع لأن التقدم كان إلى غيره ولم يكن في ملكه. ولو تقدم إليه في تلك الحال لم يضمن، مِن قِبَل أنه لا ملك (¬3) له فيها. ولو استوجبها المشتري وقد أُشْهِدَ بذلك عليه كان عليه الضمان، لأنه لما تُقدم (¬4) إليه في الحائط وهي في ملكه ثم اختار الدار كان ضامناً لما أصاب، لأنها (¬5) في ملكه يوم تقدم إليه ويوم أصاب. ولو كان البائع بالخيار ثلاثة أيام فتُقُدِّمَ إليه في الحائط، فإن نقض البيع فوقع الحائط على إنسان فقتله فالدية على عاقلة البائع. ولو أوجب البيع لم يكن عليه ولا على المشتري ضمان، مِن قِبَل أنها قد خرجت من ملكه. ولو تُقدَّم إلى المشتري قبل (¬6) أن يوجب البيع ثم أوجب البائع له البيع لم يكن عليه ضمان ولا على البائع. ولو تُقدَّم إلى رجل في حائط له مائل، عليه جناح شارع قد أشرعه الذي باعه، فسقط الحائط والجناح، فكان الحائط هو الذي طرح الجناح، كان ضامناً لما أصاب ذلك، لأنه بمنزلة الدافع للجناح. ولو كان الجناح هو الساقط وحده كان الضمان على البائع الذي جعله. ¬

_ (¬1) م: الدابة، صح هـ. (¬2) ز: أنهما. (¬3) ز: لا يملك. (¬4) م ف ز ط: لا يقدم (مهملة في م). والتصحيح مستفاد من المبسوط، 27/ 14. (¬5) ز: لأنهما. (¬6) م ف ز ط: على. والتصحيح من ب.

باب البئر وما يحدث فيها

باب البئر وما يحدث فيها وإذا احتفر (¬1) الرجل بئراً في طريق المسلمين في غير فنائه فوقع فيها عبد أو حر فمات فذلك على عاقلة الحافر ولا كفارة عليه. فإن كان استأجر عليها أجراء (¬2) فحفروها له فلا ضمان على الأجراء، والضمان على الآمر إن كانوا لم يعلموا أنها في غير فنائه، وإن كانوا علموا فالضمان على الأجراء دون الآمر. وإن كان في فنائه فلا ضمان على الأجراء، والضمان على الآمر أعلمهم أو لم يعلمهم. بلغنا نحو من ذلك عن شريح. وإن سقطت فيها دابة فعطبت فالضمان على الآمر (¬3) في ماله. لا تعقل (¬4) العاقلة الدواب ولا الأمتعة ولا العروض ولا الحيوان ما خلا الرقيق. وإذا وقع فيها إنسان متعمداً للسقوط عليه فيها (¬5) فمات فلا ضمان عليه فيه، مِن قِبَل أنه تعمد (¬6) ذلك. وإذا أمر بها عبيداً (¬7) فحفروها أو أجراء أو قوماً استعان بهم فحفروها بفناء داره في الطريق الأعظم فهو سواء، والضمان على الآمر. وإذا استأجر الرجل أربعة رهط يحفرون بئراً، فوقعت عليهم مِن حَفْرِهم، فقتلت إنساناً منهم، فعلى كل إنسان من الثلاثة الباقين ربع دية ذلك الإنسان إذا كان حراً، ولا ضمان على المستأجر، مِن قِبَل أن هذا من فعلهم. وكذلك لو استعان بهم. وإذا كان الذي يحفر واحداً فانهارت عليه من حفره فقتله لم يكن على الآمر ضمان في ذلك. وإذا حفر الرجل بئراً في طريق المسلمين، ثم جاء آخر فحفر منها طائفة في أسفلها، ثم وقع فيها إنسان فمات، فإنه ينبغي في القياس أن يضمن الأول، مِن قِبَل أن الحافر الأعلى كأنه دافع، وبه نأخذ. ولو أن آخر وسع رأسها فحفرها فوقع فيها إنسان فمات كان الضمان عليهما جميعاً ¬

_ (¬1) ط: إذا احتفر. (¬2) ف: اخر. (¬3) ز: على الأمرا. (¬4) ز: لا يعقل. (¬5) ف - فيها. (¬6) ز: يتعمد. (¬7) ز: عبدا.

نصفين. ولو أن رجلاً حفر بئراً في طريق المسلمين ثم سَلُّبها كلها بطين أو تراب أو جصّ، فجاء آخر فاحتفرها (¬1)، فوقع فيها إنسان فمات، كان الضمان على الذي احتفرها مرة أخرى، لأن الأول قد سدها. ولو سد رأسها واستوثق منها فجاء آخر فنقض ذلك كان الضمان على الأول. ولو أنه جعل فيها طعاماً أو متاعاً أو شبه ذلك مما لا يسد به الآبار فجاء إنسان فاحتمل ذلك ثم وقع فيها إنسان كان الضمان على الأول. ولو تَعَقَّلَ (¬2) رجل بحجر فسقط في بئر قد حفرها رجل فمات كان الضمان على الذي وضع (¬3) الحجر، لأنه دافع. فإن لم يكن وضع الحجر أحد فهو على رب البئر. وإذا وضع الرجل في بئر حجراً أو حديداً فوقع فيها إنسان فقتله الحجر أو الحديدة كان الضمان على الذي حفر البئر، لأنه بمنزلة الدافع. وإذا حفر الرجل بئراً في طريق (¬4) فوقع فيها رجل فعَطِبَ (¬5)، ثم خرج منها فشجّه رجلان، فمرض من ذلك حتى مات، فالدية عليهم أثلاثا، مِن قِبَل أنهم ثلاثة. ألا ترى أنه لو قطع يده رجلان وشجه رجل فمات من ذلك كانت الدية عليهم أثلاثاً. ولو أن الرجلين اللذين قطعا يده شجه أحدهما أخرى فمات من ذلك كانت الدية عليهم على حالها أثلاثاً. ولو كان أحدهما قد جرحه جرحتين أو ثلاثة وجرحه الآخر جراحة صغيرة كانت الدية على عدد الرجال، ولا تكون (¬6) على عظم الجراحة ولا على صغرها ولا على عدد الجراحة. فقطع اليد والشجة إذا مات في ذلك سواء. وإذا وقع الرجل في بئر في الطريق فتعلق بآخر، وتعلق الآخر بآخر، فوقعوا جميعاً فماتوا، ولم يقع بعضهم على بعض، فدية الأول على الذي ¬

_ (¬1) ز: فاحفرها. (¬2) تقدم تفسيره. (¬3) ز: وقع. (¬4) ز + المسلمين. (¬5) ولفظ الحاكم: فمرض. انظر: الكافي، 3/ 155 و. ولفظ السرخسي: فقطعت يده. انظر: المبسوط، 27/ 18. وعطب بمعنى هلك. انظر: لسان العرب، "عطب". لكنها لم تستعمل هنا بمعنى الهلاك كما هو ظاهر. وإنما استعمل مجازًا بمعنى المرض أو انكسار العظام ونحو ذلك. (¬6) ز: يكون.

حفرها، ودية الثاني على الأول المتعلق به، ودية الثالث على الثاني. وإن وقع الأول فلم تضره (¬1) وقعته، ووقع الثاني عليه فقتله، فلا ضمان على الثاني، مِن قِبَل أن الأول جره على نفسه، فالأسفل قاتل نفسه. وإن وقع الثالث على الثاني فقتله فلا ضمان على الثالث، لأن الثاني هو (¬2) جره إلى نفسه (¬3) فهو قاتل نفسه. وإن مات الثالث من الوقعة فديته على الثاني لأنه هو جره فقتله. وإن مات الأسفل من وقعته في البئر ومن وقعة الثاني والثالث عليه فثلث في يته على صاحب البئر، وثلث ديته على الثاني لأنه جر الثالث عليه، وثلث الدية هدر لأن الأسفل هو جر الثاني على نفسه. وإن مات الثاني من جر الأسفل ووقعة الثالث عليه فدية الثاني على الأسفل نصفها لأنه جره، ونصفها هدر لأنه جر الثالث على نفسه، ودية الثالث إن مات من وقعته على الثاني كلها لأنه (¬4) جره. وإن كان الأول مات من وقعته في البئر ووقعة الثالث فلم يضره الثاني فإن على صاحب البئر نصف الدية، وعلى الثاني نصف الدية لأنه هو جر الثالث عليه فقتله. وإن كان الثاني مات من وقعة الثالث فلا دية له، ودية الثالث إن مات على الثاني لأنه جره. وإذا وُجد بعضُهم على بعض في البئر موتى وقد كانت حالهم كما وصفنا من تعلق بعضهم ببعض فإن صاحب البئر يضمن الأول (¬5)، ويضمن الأول الثاني، ويضمن الثاني الثالث على عواقلهم، فهذا وجه مستقيم، وهو (¬6) القياس (¬7). وفيها قول آخر: إن دية الأول أثلاث: على صاحب البئر ثلثه، وعلى الأوسط ثلثه لأنه جر الثالث، وثلثه هدر لأن الأول هو جر الثاني عليه. ودية الثاني نصفان: نصف هدر، ونصف على الأول. ودية الثالث على الثاني كلها. وإذا لم يُعرَف من أي ذلك ماتوا بطل نصف ذلك كله وأخذنا (¬8) بالنصف. وبهذا القول نأخذ. ¬

_ (¬1) ز: يضره. (¬2) ف - هو. (¬3) ز - فالأسفل قاتل نفسه بن وقع الثالث على الثاني فقتله فلا ضمان على الثالث لأن الثاني هو جره إلى نفسه. (¬4) ز: كأنه. (¬5) ز - يضمن الأول؛ صح هـ. (¬6) ز: وهذا هو. (¬7) ز + وبه نأخذ. (¬8) ز: وأخذ.

وإذا دفع الرجل رجلاً في بئر فمات فالدافع ضامن، إن كانت البئر في ملكه أو في الطريق فهو سواء. فإذا سقط الرجل في بئر في الطريق فقال الحافر: ألقى نفسه فيها عمداً، وقال ورثة الرجل: كذبت، فالحافر بريء من الضمان إلا أن يقيم الورثة البينة أنه وقع بغير عمد. فإن أقاموا على ذلك بينة فعليه الضمان. وإذا أمر الرجل عبده أن يحفر بئراً في الطريق عند ميزاب له أو بفنائه أو قريب من داره حيث ينتفع به ويسيل فيها ماؤه، فما عطب فيها فهو على المولى، ليس على العبد منه شيء. وكذلك الأجير. ولو أمره (¬1) أن يحفر بئراً في طريق من طرق المسلمين ليس عند داره فحفرها كان ما وقع فيها في رقبة العبد يدفعه مولاه أو يفديه. وإن كان أجيراً وبين له المستأجر أنه ليس له هنالك دار ولا ملك فالضمان على الأجير دون المستأجر. وإن لم يسم شيئاً فلا ضمان على الأجير، والضمان على المستأجر. وإذا استأجر الرجل رجلاً حراً وعبداً (¬2) محجوراً عليه ومكاتباً يحفرون له بئراً، فحفروها، فوقعت عليهم من حفرهم فماتوا، فلا ضمان على المستأجر في الحر ولا في المكاتب، وهو ضامن لقيمة العبد المحجور عليه إن كانت أقل من الدية، يؤديها إلى مولاه. ثم يرجع فيها ورثة الحر بثلث دية الحر، وأولياء المكاتب بثلث قيمة المكاتب، فيقتسمون قيمة العبد على ذلك، إلا أن تكون (¬3) قيمة العبد تبلغ ذلك كله وتزيد، فيمسك مواليه الفضل، ويرجع مولى العبد على المستأجر بما أخذ منه ورثة الآخرين، ويرجع المستأجر على عاقلة الحر بثلث قيمة العبد، لأنه حين غرم قيمة العبد صار العبد له (¬4). ويرجع أولياء المكاتب على عاقلة الحر بثلث قيمة ¬

_ (¬1) م ف ز: لو أمره. والتصحيح من ب ط؛ والمبسوط، 27/ 20. (¬2) م ف ز: أو عبدا. والتصحيح من ط؛ والمبسوط، 27/ 20. (¬3) ز: أن يكون. (¬4) ف - ويرجع المستأجر على عاقلة الحر بثلث قيمة العبد لأنه حين غرم قيمة العبد صار العبد له.

المكاتب، فيجمع (¬1) ما أخذ أولياء (¬2) المكاتب من ذلك كله، وما ترك المكاتب فينظر قيمته من ذلك، فيخرج، فيضرب فيه أولياء الحر بثلث دية الحر، ويضرب فيه (¬3) المستأجر بثلث قيمة العبد. وإذا استأجر الرجل حراً وعبداً (¬4) يحفران له بئراً فحفراها، فوقعت عليهما فماتا، وللعبد موليان، أحدهما قد أذن له، والآخر لم يأذن له، فلا ضمان على المستأجر في الحر، ولا في النصيب الذي أذن للعبد من العبد، وهو ضامن لنصف قيمة العبد نصيب الذي لم يأذن له، ويرجع ورثة الحر في ذلك بربع الدية، ويرجع المولى الذي لم يأذن له على المستأجر بما أخذ من ذلك النصف، ويرجع المستأجر على عاقلة الحر بربع قيمة العبد فيسلم له، ويرجع الذي أذن للعبد على عاقلة الحر بربع قيمة العبد، ثم يرجع ورثة الحر في ذلك الربع بربع دية الحر. ولو كان العبد مأذونًا له كان على عاقلة الحر نصف قيمة العبد، ثم يرجع بذلك ورثة الحر على أولياء العبد، فيأخذونه بنصف الدية، ولا شيء على المستأجر، مِن قِبَل أن كل واحد منهما قد قتل نفسه هو وصاحبه فيه، فيبطل النصف من ذلك. وإن كان استأجر عبدين أحدهما مأذون له في التجارة والآخر محجور عليه، فحفرا (¬5) بئراً فوقعت عليهما فماتا، فإنه يضمن قيمة المحجور عليه لمولاه، ويرجع مولى (¬6) المأذون له بنصف قيمة المأذون له في تلك القيمة، ويضمن المستأجر لمولى المحجور عليه ما أخذ منه من ذلك، ويرجع المستأجر بنصف قيمة المحجور عليه فيما أخذ أولياء المأذون له حتى يستكمل من ذلك نصف قيمة المحجور عليه (¬7). وإذا استأجر الرجل عبداً محجورًا عليه يحفر له بئراً فهو ضامن لما أصابه حتى يرجع إلى مولاه. ¬

_ (¬1) ز: فيرجع. (¬2) ز: وأولياء. (¬3) ز: فيها. (¬4) م ف ز: أو عبدا. والتصحيح من ط؛ والمبسوط، 27/ 21. (¬5) ز: فحفر. (¬6) ز: موالي. (¬7) ف - فيما أخذ أولياء المأذون له حتى يستكمل من ذلك نصف قيمة المحجور عليه.

فإذا احتفر الرجل بئرا في دار لا يملكها بغير إذن أهلها فهو ضامن لما وقع فيها. فإن أقر رب الدار أنه أمره درأت عنه الضمان، ولا شيء على رب الدار. وإذا احتفر الرجل بئراً في طريق مكة أو غير ذلك من الفَيَافِي والمَفَاوِز في غير مَمَرّ الناس (¬1) فلا ضمان عليه في ذلك، وليس هذا كالأمصار ولا المدائن. ألا ترى أن الرجل لو ضرب هنالك فسطاطاً أو اتخذ تنّوراً يخبز فيه حين ينزل أو شبه ذلك أو ربط هنالك ظهره أو دابته لم يضمن ما أصاب ذلك. وكذلك البئر (¬2) إذا احتفرها لصاحبه أو للماء غير أنه لا يكون لها حريم. ولا يكون الحريم إلا لبئر احتفرت في ذلك الموضع بإذن السلطان. فإذا احتفر بأمر السلطان كان لها من الحريم أربعون ذراعاً في قول أبي حنيفة. بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "حريم العين خمسمائة ذراع، وحريم بئر العَطَن أربعون ذراعاً، وحريم بئر الناضح ستون ذراعاً" (¬3). وذلك عندنا أربعون ذراعاً في جوانبها، وستون ذراعاً من جوانبها، وخمسمائة ذراع من جوانبها، وليس لأحد أن يدخل عليه في شيء. وقال أبو يوسف ومحمد: البئر له، وله حريمها وإن كان بغير إذن السلطان. وإذا احتفر بئراً في ملكه فلا ضمان عليه فيمن عطب فيها. وكذلك إذا احتفر سكانه بإذنه ولم يعلم ذلك إلا بقوله فلا ضمان في ذلك وإن كان ذلك لا يعلم إلا بقولهم إذا صدقهم رب الدار. وقد كان ينبغي في القياس أن يضمنوا إلا أن تقوم لهم في ذلك بينة، ولكني أدع القياس وأصدق رب الدار إذا قال: أنا أمرتهم. ألا ترى أني لا أضمنهم ما أفسدوا من الدار بالحفر، ولا أضمنهم (¬4) من سقط فيها بعد إقرار رب الدار أنه أمرهم، فكذلك لا أضمنهم ما وقع فيها. ... ¬

_ (¬1) م - في غير عمر الناس، صح هـ. (¬2) ز - أو شبه ذلك أو ربط هنالك ظهره أو دابته لم يضمن ما أصاب ذلك وكذلك البئر. (¬3) رواه المؤلف بإسناده في كتاب الشرب، ويأتي تخريجه وتفسيره هناك. انظر: 5/ 223 ظ. (¬4) ز + ما أفسدوا من الدار بالحفر ولا أضمنهم.

باب النهر

باب النهر فإذا احتفر الرجل نهراً (¬1) في أرضه فلا ضمان عليه فيمن عطب به. وكذلك إن جعل على النهر جسراً أو قنطرة في أرضه فعطب بذلك إنسان فلا ضمان عليه فيه. وكذلك القناة وما أشبه ذلك. فإذا احتفر (¬2) ذلك في غير ملكه فهو بمنزلة البئر يضمن ما عطب به. وكذلك لو نصب جسراً أو بنى قنطرة على نهر ليس في ملكه فعطب به إنسان. فإن مشى عليه إنسان متعمدا لذلك، ولا يُعلَم من بناها أو عُلِم ذلك، فانخسفت به، فلا ضمان عليه، مِن قِبَل أن هذا تعمد المشي عليه. ولو احتفر رجل نهراً في غير ملكه، فانبثق من ذلك النهر ماء، فغَرَّقَ أرضاً أو قرية، كان ضامناً لما أصاب ذلك الماء، لأنه سَيَّلَه في غير ملكه. ولو كان في ملكه لم يضمن شيئاً. وكذلك الرجل يصب في أرضه الماء ليسقيها، أو ليصلح فيها شيئاً (¬3)، أو يفتح فيها نهراً، فخرج الماء منها إلى غيرها فأهلك شيئاً أو أفسده، فلا ضمان عليه. وكذلك لو أحرق حشيشاً له في أرض له أو حصائد له أو أَجَمَة (¬4) له فخرجت النار إلى غير أرضه فأحرقت لم يكن عليه ضمان. وكذلك النار يوقدها الرجل في داره أو في تنّوره فلا ضمان عليه فيما احترق (¬5). ولو احتفر نهراً في أرض له أو بئراً (¬6) في دار له فنَزَتْ (¬7) من ذلك إلى أرض لغيره أو حائط لغيره حتى فسد لم يكن عليه في ذلك ضمان، ولا يؤمر أن يحول ذلك عن موضعه إلا أن يشاء، لأنه في ملكه. ولو صب الماء في ملكه صباً فخرج أثرُ (¬8) صبِّ ذلك إلى غير ملكه فأفسد ¬

_ (¬1) م: بئراة ز: بير. (¬2) ف: إذا احتفر. (¬3) ز - شيئاً. (¬4) الأجَمَة: الشجر الملتف. انظر: المغرب، "أجم". (¬5) ز: اخترق. (¬6) ز: أو بير. (¬7) نزا أي وثب. انظر: لسان العرب، "نزا". والمقصود أن ماء البئر أو النهر تعدى إلى أرض غيره. (¬8) ف: فخرج من؛ ز: فخرج وإن.

باب ما يحدث الرجل في السوق أو في المسجد

كان هذا والأول في القياس سواء، غير أن هذا قبيح (¬1). ألا ترى أنه لو صب ماء في ميزاب له فأفسد متاعاً تحته ضمن، لأنها من جنايته. ... باب ما يحدث الرجل في السوق أو في المسجد وإذا احتفر أهل المسجد في مسجدهم بئراً لماء المطر، أو وضعوا فيه حُبًّا (¬2) يصب (¬3) فيه الماء، أوطرحوا فيه حصى، أو ركبوا فيه باباً، أو علقوا عليه قناديل، أو طرحوا فيه بَوَارِي (¬4)، أو ظفلوه، فلا ضمان عليهم فيمن عطب بذلك. وكذلك من فعل به من غيرهم إذا أذنوا له في ذلك. وإن لم يأذنوا له فهو ضامن في قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد: إنه إذا كان في مسجد العامة فلا ضمان عليهم فيه، لأن هذا مما يصلح به المسجد. أستحسن ذلك إلا (¬5) البناء والحفر. وإذا قعد الرجل في المسجد لحديث، أو نام فيه، أو قام فيه في غير صلاة، أو مر فيه مارًا، فهو ضامن لما أصاب، كما يضمن في الطريق الأعظم، إذا كان مسجد جماعة، في قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر: إنه لا ضمان عليه إلا أن يمشي فيطأ على إنسان، وهو قول أبي يوسف ومحمد. وإذا حفر الرجل في سوق العامة بئراً، أو بنى (¬6) فيها بناء دكاناً أو غيره، بغير أمر السلطان، فهو ضامن لما عطب به من شيء. فإن كان بأمر السلطان فلا ضمان عليه فيه. وإذا مر الرجل في السوق راكباً فما وطئ أو وطئ دابته فهو له ضامن. ¬

_ (¬1) ت: يقبح؛ ز: صح. (¬2) هي الجرة الكبيرة جداً. وقد تقدم. (¬3) ت: فصب. (¬4) جمع بُورِياء وهو نوع من الحصير. وقد تقدم. (¬5) ز + أن. (¬6) ز: وبنى.

باب جناية العبد

وإذا أوقف الرجل دابته في السوق فما أصابت دابته فهو له ضامن. فإن كان موقفاً يقف فيه الدواب لبيع قد أذن له السلطان في ذلك، فأوقف فيه الدابة لذلك، فلا ضمان عليه فيما (¬1) أصابت. وإن لم يكن السلطان أذن في ذلك فهو ضامن إن كان أخرجه (¬2) هو أو أوقفه (¬3) أو أرسله. وإن لم يكن أخرجه هو ولا أوقفه ولا أرسله فلا ضمان عليه في ذلك. والقول في ذلك قوله مع يمينه. ... باب جناية العبد ولو جنى العبد جناية خطأٌ فإن مولاه بالخيار، إن شاء دفعه بها، وإن شاء فداه بالأرش وأمسك عبده. ولا يقضى عليه في ذلك بشيء حتى يبرأ المجني عليه. والخطأ في ذلك والعمد سواء ما لم يبلغ النفس. فإذا بلغ النفس فإن فيه القصاص. والصغير من الجراحات والكبير والجرح (¬4) للواحد (¬5) والاثنين في ذلك كله سواء، يدفعه مولاه بأرش ذلك كله. وجناية العبد في الحر المسلم والمرأة والعبد والمكاتب والمدبر وأم الولد والذمي والصغير والكبير في ذلك سواء، يدفعه مولاه بذلك أو يفديه بأرش ذلك. وجنايته فيما سوى ذلك من الحيوان والعروض والأموال دين في عنقه، يسعى فيه (¬6) أو يباع فيه بالغاً ما بلغ. ولا تعقل العاقلة شيئاً من جناية العبد والمدبر وأم الولد ولا جناية عبد قد عتق بعضه وهو يسعى في بعض قيمته في قول أبي حنيفة. وكذلك إن وطئ امرأة بشبهة مستكرهاً لها فذلك دين في عنقه يباع فيه (¬7). ولا تعقل (¬8) العاقلة شيئاً من جراحات العبد في نفسه ما لم يبلغ النفس وإن كان خطأ. وكذلك المدبر وأم الولد ¬

_ (¬1) ز: فما. (¬2) ف: حرحه. (¬3) ز: وأوقفه. (¬4) ف: والجمع. (¬5) ف ز: الواحد. (¬6) ز: فيها. (¬7) ز + ولا المدبر. (¬8) ز: يعقل.

والمكاتب لا تعقل (¬1) العاقلة مما جُني عليهم شيئاً وإن كان الجاني حراً ما لم يبلغ النفس، فاذا بلغت النفس عقلته العاقلة في ثلاث سنين، في كل سنة ثلث قيمته. فإن قلت القيمة في ذلك أو كثرت فهو سواء غير أنه لا يبلغ بها دية الحر. بلغنا ذلك عن عبد الله بن مسعود وإبراهيم النخعي أنهما قالا: لا يبلغ بقيمة العبد دية الحر (¬2). وقال أبو حنيفة: ينقص منه عشرة دراهم. وإذا جنى العبد جناية (¬3) فقتل قتيلاً له وليان، فعفا أحدهما، فإن المولى يقال له: ادفع إلى الباقي نصف العبد أو افده بنصف الدية. ولو قتل قتيلاً خطأَ وفقأ عين آخر خطأ كان مولاه بالخيار؛ إن شاء دفعه فكان بينهما أثلاثاً: الثلثان لأولياء القتيل، والثلث (¬4) لصاحب العين. وإن شاء أمسكه وفداه بخمسة (¬5) عشر ألفا: عشرة آلاف لأولياء القتيل، وخمسة آلاف لصاحب العين. وإن أعتقه المولى وهو يعلم فهذا منه اختيار للعبد، فعليه خمسة عشر ألفاً في ماله خاصة (¬6). وكذلك لو دبره أو باعه أو كاتبه فهو اختيار. ولو كانت أمة فوطئها أو زوجها أو آجرها أو رهنها فليس هذا باختيار، ولا يجب فيه الأرش. فإن استخدم وهو يعلم فليس ذلك (¬7) باختيار، أوليست، الخدمة كالذي ذكرنا مما تغلق فيه الرقبة وشبهه. وإن ضرب العبد ضربة يلزمه من ذلك عيب فاحش أو جرحه أو قتله وهو يعلم فهذا منه اختيار أيضاً، وعليه في ذلك الأرش. وإذا وقع (¬8) العبد في بئر احتفرها المولى في الطريق أو أصابه جناح أشرعه المولى في الطريق أو شيء أحدثه فليس هذا باختيار، ¬

_ (¬1) ز: لا يعقل. (¬2) روي عن إبراهيم والشعبي وغيرهما. انظر: الآثار لأبي يوسف، 218؛ والآثار لمحمد، 101؛ والمصنف لعبد الرزاق، 10/ 9؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 387. (¬3) ز: بجناية. (¬4) م ف ز: وثلث. والتصحيح من ط. (¬5) ز: بخمس. (¬6) ز: خلصه. (¬7) ز: ذلك فليس. (¬8) سقط مقدار ورقة ابتداء من هنا من نسخة ز.

مِن قِبَل أن هذا ليس بجناية من المولى بيده. وكذلك كل (¬1) ما أصابه مما أحدث المولى في الطريق ومما لا يجب على المولى فيه الكفارة فإن هذا ليس باختيار. وعلى المولى القيمة إن مات العبد من ذلك كله بينهما أثلاثاً. وإن أوطأه المولى وهو يسير على دابته أو وقع عليه فقتله وهو يعلم بجنايته فهذا اختيار، وعليه الأرش. وإذا أعتقه المولى أو كاتبه أو دبره أو باعه أو وهبه أو قتله وهو لا يعلم بالذي جنى فليس هذا منه باختيار، وعليه قيمة العبد بينهم أثلاثاً. فإن كان قد علم بأحدهما ولم يعلم بالآخر فعليه للذي (¬2) علم به الأرش كاملًا، وعليه للذي لم يعلم به حصته من القيمة. فإذا جنى العبد جناية لم تبلغ النفس فأعتقه المولى وهو يعلم بها قبل البرء، ثم انتقضت به الجراحة فمات، كان هذا منه اختيارا وعليه الدية. وإذا قال المولى لعبده: إن ضربت فلاناً بالسيف أو بعصا أو بسوط أو بيدك أو شججته أو جرحته فأنت حر، ففعل به شيئاً من ذلك فمات منه، عتق العبد، وكان هذا اختياراً من المولى، وعليه فيه الدية ما خلا خصلة واحدة: إن ضربه بالسيف فقتله فإن على العبد فيها القصاص، وليس في العمد الذي فيه القصاص اختيار مِن قِبَل أن فيه القصاص، وأن العبد والحر في ذلك كله سواء، لم يفسد عتق المولى من قصاصهم شيئاً. وإذا جرح العبد جراحة ثم خاصم المولى فخيره القاضي فاختار عبده وأعطى الأرش، ثم انتقضت الجراحة ومات المجروح والعبد على حاله، فإنه كان ينبغي له في القياس أن يكون هذا منه اختياراً، ولكنا ندع القياس، لأنا إنما اخترنا (¬3) في غير النفس، ونخيره الآن خياراً مستقبلًا. فإن شاء دفعه وأخذ ما أعطى، وإن شاء فداه بتمام الدية، وهذا قول أبي يوسف الأول، وهو قول محمد. ثم قال أبو يوسف بعد ذلك: إن عليه الدية. وإذا جنى العبد جناية تبلغ الدية فاختار المولى إمساك العبد وليس عنده ما يؤدي وكان ذلك عند القاضي أو عند غير القاضي فالعبد عبده، ¬

_ (¬1) ف - كل. (¬2) م ف ط: بالذي. (¬3) ف: أجزنا.

والدية عليه دين، وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر: إنه إن أدى الدية مكانه أخذه، وإلا دفع العبد، إلا أن يرضى الأولياء أن يتبعوه (¬1) بالدية على ما قال، فإن رضوا بذلك لم يكن لهم بعد ذلك أن يرجعوا في العبد، وهذا قول أبي يوسف ومحمد. وإذا جنى العبد جناية خطأ ثم أقر المجني عليه أنه حر فلا حق له في رقبة العبد، لأنه يزعم أنه حر. ولا حق له على المولى أيضاً، لأنه لم يدع عليه عتقاً بعد الجناية. ولو لم يقر بذلك المجني عليه حتى دفع إليه العبد بالجناية ثم أقر بعد ذلك عتق العبد بيده، وكان (¬2) الولاء موقوفاً. فإذا جنت الأمة جناية ثم ولدت الأمة ولداً فاختصموا في ذلك فإنه يقال للمولى: ادفع الأمة بالجناية أو افدها، ولا يدخل في ذلك ولدها ولا كسبها. وإن جنى عليها أحد فأخذ المولى لذلك أرشا فإنه يدفعه معها. وإذا كان إنما جنى عليها قبل ذلك فهو للمولى. وإن لم يعلم بذلك فالقول قول المولى مع يمينه، وعلى المجني عليه البينة. وإن كانت الجناية عليها بعد جنايتها فأمسكها المولى أو فداها فإنه يستعين بأرش تلك الجناية في الفداء. فإن لم يفدها ولم يخيرها حتى يستهلك ذلك الأرش أو يهبه للجاني عليها ثم بدا له أن يدفع الأمة فله أن يدفعها، وليس هذا منه باختيار. وعليه أن يغرم مثل ما استهلك فيدفعه معها. وإن كان جنى عليها عبد فقبضه المولى كان على المولى أن يدفعهما جميعاً أو يفديهما بالدية. فإن أعتق العبد المدفوع إليه فهذا منه اختيار للأمة، وعليه الدية. وكذلك إن هو أعتق الأمة، فلا يستطيع أن يدفع واحداً منهما دون صاحبه، وليس هذا كالدراهم. وإن أعتقه وهو لا يعلم ثم اختار دفع الأمة دفع معها قيمة العبد. ألا ترى أنهما لو كانا قائمين عنده بأعيانهما قلت له: ادفعهما أو افدهما. ولو كان هذا العبد فقأ عين الأمة فدفع بها وأخذت الجارية فإن العبد يصير مكانها، يدفعه المولى أو يفديه بالدية. ولو كانت الجارية قتلت خطأ فأخذ المولى قيمتها لم نقل للمولى: ادفعها أو افدها، ولكنه يدفع قيمتها. ولو قتلها مملوك فدفع ¬

_ (¬1) ط: إن منعوه. (¬2) ف: ولو كان.

بالجناية كان بالخيار فيه؛ إن شاء فداه، وإن شاء دفعه، والحيوان في هذا لا يشبه الدراهم. وإذا قتل العبد رجلاً حراً خطأً ثم إن جارية لمولى العبد قتلت العبد (¬1) خطأً كان القول فيها أن يقال للمولى (¬2): ادفع الجارية أو افدها بقيمة العبد، لأنه إذا أعطى قيمة العبد فقط (¬3) أعطى أهل الجناية حقهم. وإذا قتل العبد رجلاً خطأً وعليه دين فإن مولاه يخير؛ فإن شاء دفعه بالجناية (¬4) واتبعه أصحاب الدين عند أهل الجناية، وإن شاء فداه بالدية وكان الدين عليه كما هو. وإن فداه بأمر قاض (¬5) أو بغير أمر (¬6) قاض (¬7) فهو سواء. وإن دفعه إلى أهل الجناية بغير أمر قاض (¬8) فهلك عندهم فإنه لا يضمن لأصحاب الدين قيمته. ولو دفعه إلى أهل الدين بدينهم دون أمر القاضي قبل أن يحضر أهل الجناية فعليه قيمته لأصحاب الجناية إن كان لا يعلم. وإن كان يعلم فعليه الأرش كله. وإذا جنى العبد جناية (¬9) فقتل رجلاً خطأَ، وقتلت أمة له رجلاً خطأَ، وهما جميعاً لرجل واحد، ثم إن العبد قتل الأمة خطأَ، فاختار المولى أن يدفعه بذلك كله، فإن أهل جناية الأمة يضربون في قيمة العبد بقيمة الأمة، ويضرب أهل جناية العبد بدية الحر، فيكون العبد بينهم على ذلك. وإن أمسكه المولى وفداه أعطى الدية أصحاب جناية العبد، وأعطى قيمة الأمة أصحاب جنايتها. وإذا جنى العبد جناية ففداه المولى، فجنى جناية أخرى، فإنه يقال له أيضاً: ادفعه أو افده. وإن لم يقض (¬10) في الأول بشيء حتى يجني جناية ثانية قيل له (¬11): ادفعه بهما جميعاً أو افده بأرش ذلك كله. ¬

_ (¬1) ينتهي هنا السقط من نسخة ز. (¬2) ز: المولى. (¬3) ز: فقد. (¬4) ز: بالخيار. (¬5) ز: قاضي. (¬6) ف - أمر. (¬7) ز: قاضي. (¬8) ز: قاضي. (¬9) ز + العبد جناية. (¬10) ز: يضمن. (¬11) ف - له.

وإذا أقر العبد (¬1) بالجناية فإنه لا يصدق في شيء منها، نفساً كانت أو ما دونها، خطأً كان أو عمداً، لأنه يستغرق رقبته. فلا يصدق ما خلا باباً واحداً: إن أقر له بالقتل عمداً فإنه عليه فيه القصاص. والعبد التاجر في ذلك وغير التاجر سواء. وإذا أعتق العبد ثم أقر أنه كان جنى جناية في حال الرق، خطأً أو عمداً، نفساً أو ما دونها، فلا شيء عليه في شيء من ذلك ما خلا خصلة واحدة: القتل عمداً، فإن عليه فيه القصاص. فأما ما سواه من الخطأ فإنه إذا أقر على مولاه بذلك فلا يصدق، وليس (¬2) عليه شيء. ألا ترى أن المولى لو صدقه بذلك لزمه الأرش إن أقر أنه أعتقه وهو يعلم، وإلا لزمته القيمة. وإذا أعتق الرجل عبده وهو يعلم وعليه دين وفي عنقه جناية وهو يعلم بذلك فعليه الأرش لأصحاب الجناية، وعليه قيمته للغرماء. وإن كان لا يعلم فعليه قيمتان (¬3): قيمة لأصحاب الجناية، وقيمة (¬4) لأصحاب الدين، إلا أن يكون أرش الجناية أقل من ذلك فيكون عليه الأقل. وإذا جنى العبد أو الأمة (¬5) جناية فقال المولى: قد كنت أعتقته قبل الجناية، أو قال: هو ابني، أو قال لأمته: هي أم ولدي، أو قال: قد كنت دبرتها قبل الجناية، فإنه لا يصدق على أهل الجناية. فإن كان قال (¬6) هذه المقالة بعد علمه بالجناية فعليه الأرش كاملاً. وإن كان قال (¬7) هذه المقالة قبل أن يعلم بالجناية فعليه القيمة، إلا أن يكون الأرش أقل من ذلك فيكون عليه الأقل. فإذا جنى العبد جناية فجاء إنسان فأخبر المولى بذلك فأعتق العبد ثم قال: لم أصدق الذي أخبرني، أو قال: لم أصدقه ولم أكذبه، فإنما عليه القيمة ما لم يخبره بذلك رجلان، أو رجل عدل يعرفه بذلك، أو يقر أنه قد صدق الذي أخبره. وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر قول أبي يوسف ¬

_ (¬1) ز: السيد. (¬2) ز: فليس. (¬3) ف: ضمان. (¬4) ز: وقيمته. (¬5) م ف ز: والأمة. والتصحيح من ط. (¬6) ف - قال. (¬7) ف - قال.

ومحمد بن الحسن: إنه إذا أخبره مخبر، حراً كان أو عبداً، صغيراً كان أو كبيراً، مسلماً كان أو كافراً، رسولاً كان لمولى الجناية أو غير رسول لمولى الجناية (¬1)، فأعتقه بعد الخبر، ثم كان الخبر حقاً، فهو ضامن للأرش كله، وهذا كله اختيار منه. أرأيت لو جاء صاحب الجناية بنفسه يدعي ذلك فأعتقه بعد ادعاء هذا ولقائه إياه أما كان هذا اختياراً (¬2) منه. وإذا أعتق المولى عبداً وفي عنقه (¬3) جناية وقال: لم أعلم بالجناية، فإن عليه اليمين بالله. فإن حلف ضمن القيمة، وإن لم يحلف ضمن الدية. وكل ما ضمّنّاه فيه القيمة فإنه ينظر إلى أرش الجناية، فإن كان أقل من (¬4) القيمة فإنما عليه الأرش. وإذا جنى العبد جناية فقال المولى: قد كنت بعته من فلان قبل الجناية، وأقر بذلك فلان أو قال: هو لفلان لم يكن لي قط، وأقر فلان بذلك فإن فلاناً بالخيار، فإن شاء دفعه، وإن شاء فداه، لأن المولى الذي كان يزيده لم يتلفه (¬5) إذا أخرجه إلى ملك رجل يفديه أو يدفعه. ولو أنكر (¬6) الرجل المقر له بذلك قيل للذي كان في يديه: ادفعه أنت أو افده. ولو أن عبداً في يدي رجل جنى جناية فقال أهل الجناية: هو عبدك، وقال الرجل: هو عبد استودعنيه (¬7) رجل غائب، فإن أقام (¬8) على ذلك بينة أخر الأمر حتى يقدم فلان الغائب، وإن لم يُقِم على ذلك بينة فهو الخصم فيه. وكذلك لو قال: هو عارية في يدي لفلان أو إجارة أو رهن، فإن فداه فهو جائز، ومتى ما جاء فلان المقر له به كان له أن يأخذ عبده، ولا يكون عليه من الفداء شيء، مِن قِبَل أنه لم يأمر الذي في يديه العبد أن يفديه ويعوّض (¬9) عنه. وإن كان الذي (¬10) في يديه دفعه فمتى ما (¬11) جاء ¬

_ (¬1) ف - أو غير رسول لمولى الجناية. (¬2) ز: اختيار. (¬3) ز: عتقه. (¬4) ف: فإن كان عليه. (¬5) م ز ط: لم يبلغه. (¬6) ف: وإذا أنكر. (¬7) ز: استودعته. (¬8) ف: قام. (¬9) م ف ز ط: ويعرض. (¬10) م ز +كان. (¬11) ف - ما.

المقر له فهو بالخيار، إن شاء سلم (¬1) الدفع وبرئ من العبد، وإن شاء أخذ العبد وأعطى الأرش. وإن أنكر أن يكون العبد له فما صنع الأول فيه من شيء فهو جائز. وقال يعقوب ومحمد: لو أن عبداً في يدي رجل والرجل مقر بأنه عبد له أو لم يقر ولم ينكر، فأقر المولى على العبد بجناية خطأَ، ثم زعم المولى بعد ذلك أنه لرجل آخر وأنه لم يملكه قط، فصدقه بذلك الرجل بأن العبد له وكذبه بالجناية، فإن كان الذي كان العبد في يديه قد كان أقر أنه عبده فعليه أرش جميع الجناية، وهذا منه اختيار، لأنه أتلفه بإقراره. وإن كان المولى لم يكن أقر أنه له حتى أقر به لهذا الرجل فالعبد للمقر له، ولا يلحق العبد ولا المولى الأول ولا المولى الآخر من الجناية شيء، لأن المولى لم يتلف (¬2) شيئاً، إنما أقر على عبد غيره، فلا يجوز إقراره. والجناية إذا كانت ببينة لا تشبه الجناية إذا كانت بإقرار المولى. وإذا جنى (¬3) العبد جناية، ثم إنه اعْوَرَّ، أو عمي، أو أصابه بلاء من السماء، فلا ضمان عليه فيه، وإنما يقال له: ادفعه على حاله أو افده. وكذلك لو أن المولى بعثه في حاجة فعطب فيها أو استخدمه لم يكن عليه فيه ضمان، لأن له أن يستخدمه. ولو أذن له في التجارة بعد علمه بجنايته فلحقه دين مثل القيمة أو أكثر دفعه بالجناية، واتبعه (¬4) أصحاب الدين فاتبعوه في دينهم، ثم ضمنوا المولى قيمته لأهل الجناية، ولا يضمن الأرش، مِن قِبَل أن هذا ليس باختيار منه. وإذا قتل العبد قتيلاً خطأً، ثم فقأ رجل عينه، ثم قتل آخر خطأً، ثم اختار المولى أن يدفعه، فإنه يدفع أرش العين إلى الأول، ويكون العبد بينهما، يضرب فيه الأول بالدية إلا ما أخذ من أرش العين، ويضرب فيه الآخر بالدية، والأول أحق بأرش العين، لأنه لم يجن (¬5) على ¬

_ (¬1) م ز: مسلم. (¬2) ز: لم يصف. (¬3) ز - جنى. (¬4) ز: وأبيعه. (¬5) م ف: لم يجز. والتصحيح من ط. وانظر: المبسوط، 27/ 42.

الآخر إلا وهو أعور. وكذلك لو كان الذي فقأ عينه عبداً، فدفع (¬1) به، كان الأول أحق به، ويضرب بالدية، إلا قيمة العبد الذي أخذ في العور، ويضرب الآخر بالدية. وإذا قتل العبد قتيلاً خطأً، وللمقتول وليان، فدفعه المولى إلى أحدهما بقضاء قاض (¬2)، ثم إنه قتل عنده (¬3) آخر (¬4)، فجاء ولي الآخر والشريك الآخر، فإنه يقال للمدفوع إليه الأول: ادفع نصفك إلى الآخر بنصف الدية أو افده. فإن دفعه برئ من نصف الدية، ويرد النصف الباقي على المولى، فيقال له: ادفعه أو افده بعشرة آلاف، خمسة آلاف للآخر وخمسة آلاف للأوسط. فإن دفعه إليهما اقتسماه على ذلك، يضرب فيه الآخر بخمسة آلاف، ويضرب فيه الأوسط بخمسة آلاف (¬5)، ويضمن الأول الذي كان عنده العبد الذي جنى عنده الجناية الثانية (¬6) ربع القيمة للمولى، فيدفعها المولى إلى ولي القتيل الأول، فيكون في يدي الأول ربع القيمة وربع عبد. وإذا قتل العبد قتيلاً خطأ، وقتل آخر خطأ، فدفعه المولى إلى أحدهما دون الآخر بغير قضاء قاض (¬7)، فقتل عنده (¬8) قتيلاً خطأ (¬9)، ثم اجتمعوا جميعاً، فاختاروا الدفع، فإن الأول الذي دفع العبد إليه يقال له: ادفع نصف العبد إلى الآخر، ورد النصف الباقي على المولى، فيدفعه المولى إلى الأوسط والآخر، ويضرب فيه الآخر بخمسة آلاف، والأوسط بعشرة آلاف، ويضمن المولى سدس قيمة العبد للأوسط، ويرجع بذلك المولى على الأول الذي كان في يديه. ¬

_ (¬1) م ف ز: عبده رفع. والتصحيح من ط؛ والمبسوط، 27/ 42. (¬2) ز: قاضي. (¬3) ز: عبده. (¬4) ف ز - آخر. (¬5) ز - بخمسة آلاف. (¬6) ز - الثانية. (¬7) ز: قاضي. (¬8) ز: عبده. (¬9) ف - فدفعه المولى إلى أحدهما دون الآخر بغير قضاء قاض فقتل عنده قتيلاً خطأ.

وإذا قتل العبد قتيلاً خطأً، وفقأ (¬1) عين آخر، فدفعه المولى إلى المفقوءة عينه، فقتل عنده قتيلاً آخر، ثم اجتمعوا فاختاروا دفعه، فإن صاحب العين يدفع ثلثه إلى الآخر، لأنه لم يكن له إلا ثلثه. ويرد الثلثين على المولى، فيدفعه المولى إلى أولياء القتيلين، يضرب فيه الأول بعشرة آلاف، ويضرب فيه الآخر بثلثي الدية، ويضمن المولى للأول ستة أجزاء وثلثي (¬2) جزء من ستة عشر جزء وثلثي جزء من (¬3) ثلثي قيمة العبد وذلك خمسا (¬4) ثلثي قيمة العبد، لأنه أتلفه. ويرجع المولى بذلك على صاحب العين، مِن قِبَل (¬5) أن ولي القتيل الأول كان له ثلثا العبد، فيدخل عليه الآخر بستة أجزاء وثلثي جزء من ستة عشر جزء وثلثي جزء من ثلثي قيمة العبد، ويرجع بذلك على المولى، لأنه أتلفه ودفعه. ويرجع المولى بذلك على صاحب العين. وإذا قتلت الأمة قتيلاً خطأ (¬6)، ثم ولدت ابنة، ثم [إن] ابنتها قتلت (¬7) رجلاً آخر خطأ، ثم إن الابنة قتلت الأم، فاختار المولى دفع الابنة، فإن أولياء القتيل الذي قتلته الأم يضربون في الابنة بقيمة الأم، ويضرب أولياء القتيل الذي قتلته الابنة بالدية (¬8)، فتكون الابنة بينهم على ذلك (¬9). ولو اختار المولى إمساك الابنة دفع دية القتيل الذي قتلته الابنة إلى أوليائه، ودفع دية الأم إلى أولياء القتيل الذي قتلته الأم. ولو لم تقتل الابنة الأم ولكنها فقأت عينها، فاختار المولى دفع الابنة والأم بالجناية، دُفعت الأم إلى أولياء القتيل الذي قتلته، وتُدفع الابنة (¬10)، فيضرب فيها أولياء القتيل الذي قتلته الابنة في الدية في الابنة، ويضرب أصحاب الأم في الابنة بنصف قيمة الأم، فتكون الابنة (¬11) ¬

_ (¬1) ز: أو فقأ. (¬2) ز: أو ثلثي. (¬3) ط: ومن. (¬4) ز: خمسي. (¬5) ز - قبل. (¬6) ف - خطأ. (¬7) ف + قتلت. (¬8) ف - بالدية. (¬9) ز - ويضرب أولياء القتيل الذي قتلته الابنة بالدية فتكون الابنة بينهم على ذلك. (¬10) ف - والأم بالجناية دفعت الأم إلى أولياء القتيل الذي قتلته وتدفع الابنة. (¬11) ف - فتكون الابنة.

بينهم على ذلك. ولو أن الأم أيضاً فقأت عين الابنة بعد فقء الابنة عينها، وهما عند المولى الأول، ثم اختار المولى دفعهما، فإنه يدفع الابنة، فيضرب فيها أولياء القتيل الذي قتلته بالدية، ويضرب فيها أصحاب الأم بنصف قيمة الأم، فيكون ذلك مع الأم، ثم يدفع الأم وما أصابها من أرش عينها من الابنة، فيكون ما كان من الابنة من ذلك لأولياء القتيل الذي قتلته الأم، ويضربون في الأم بما بقي من الدية، ويضرب فيها أصحاب الابنة بنصف قيمة الابنة، فيكون بينهم على ذلك. ولو اختار المولى [الفداء فيهما] أمسكهما (¬1) جميعاً وأعطى ديتين: لكل قتيل دية. وإذا قتلت الأمة رجلاً حرًّا خطأً، ثم إنها ولدت ابناً، ثم إن ابنها قتلها، فإن المولى يخير؛ فإن شاء أمسكه وأعطى قيمة الأم، وإن شاء دفعه. ولا يدخل ولد الأمة ولا كسبها ولا غلتها في جناية جنتها. فإن كان الكسب والولد بعد ذلك أو قبله فهو سواء. وقد يدخل ذلك في الدين الذي عليها إذا ولدت بعد الدين. ولو كانت جنايتها في شيء من العروض أو الحيوان سوى الرقيق كان ذلك ديناً في عنقها. فإن ولدت ولداً بعد ذلك أو اكتسبت مالاً كانت هي ومالها وكسبها وولدها في ذلك الدين حتى يستوفى. وإذا (¬2) جنت الأمة وهي حامل، ثم ولدت ولداً قبل أن يدفعها المولى، فالولد للمولى، فإن ولدت آخر بعد الدفع فهو للمدفوعة إليه الأم. وإذا جنت الأمة جناية خطأ، ثم ولدت ولداً، ثم إن ولدها قطع يدها، فإن المولى يخير، فإن شاء دفع الأم ونصف قيمتها إلى أهل الجناية، وإن شاء دفعها وابنها، بن شاء أمسكهما (¬3) جميعاً وأعطى الأرش، وولدها عبد لمولاها. وإن كان أرش الجناية أقل من نصف قيمتها أو مثل نصف قيمتها فأعطى نصف قيمتها (¬4) لم يكن عليه إلا ذلك. ولو جنى عليها عبد لغيره فأخذ أرش ذلك أعطى من ذلك أرش جنايتها وأمسك ما بقي. ¬

_ (¬1) م ف ز: إمساكهما. والتصحيح والزيادة مستفادة من ط؛ والمبسوط، 27/ 45. (¬2) م + وإذا. (¬3) ز: أمسكها. (¬4) ز - فأعطى نصف قيمتها.

باب جناية العبد في البئر

وإذا اختلف مولى الأمة وأهل الجناية في الأمة، فقالوا: جنت علينا وهي صحيحة، ثم فقأ رجل عينها، فالأرش لنا، وقال المولى: بل جنت عليكم وهي (¬1) عوراء بعد الفقء، فإن القول قول المولى مع يمينه، وعلى أهل الجناية البينة. وكذلك لو كان الذي جنى عليها بعض ورثة القتيل أو القتيل (¬2) نفسه فاختلفوا في ذلك. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ... باب جناية العبد في البئر وإذا احتفر العبد بئراً بغير إذن مولاه في الطريق، ثم أعتقه المولى قبل أن يعلم بالحفر، ثم وقع فيها رجل فمات، كان على المولى قيمة العبد لذلك الرجل. فإن وقع فيها آخر اشتركا في تلك القيمة. فإن وقع فيها العبد فمات فإنه يشارك (¬3) ورثةُ العبد في تلك القيمة أصحابَها الذين أخذوها. ولو أعتقه بعدما وقع فيها رجل وهو لا يعلم كان مثل ذلك أيضاً، أعتقه (¬4) قبل وقوع الرجل وبعد وقوعه، بعد أن يكون لا يعلم، فذلك (¬5) كله سواء. وإذا وقع فيها رجل فمات فأعتق المولى العبد وهو يعلم وقوع الرجل وموته كان عليه الدية، لأن ذلك اختيار منه. فإن وقع فيها آخر فمات فإنه يقاسم صاحب الدية، فيضرب الآخر بقيمة العبد، ويضرب الأول بالدية. وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر، وهو قول أبي يوسف ومحمد: إن على المولى نصف قيمة أخرى لولي القتيل الآخر، مِن قِبَل أن عتقه بمنزلة اختيار العبد. أرأيت لو أمسك العبد ولم يعتقه وأعطى الدية أما كان عليه أن يفديه أو يدفع نصفه. وإذا وقع فيها رجل فمات، ووقع فيها آخر بَعْدُ فذهبت عينه، والعبد قائم بعينه، فإنه يقال للمولى: ادفعه إليهما، فيكون بينهما على ¬

_ (¬1) ز + غير. (¬2) ف - أو القتيل. (¬3) م ف ز ط: يشترك. (¬4) م ف ز ط: عتقه. (¬5) ز: بذلك.

ثلاثة أسهم: لصاحب العين الثلث، ولصاحب النفس الثلثان. فإن أمسكه وفداه بخمسة عشر ألفاً فذلك له. وإن كان أعتقه قبل أن يعلم فعليه قيمته بينهم أثلاثاً. وإن كان يعلم بالقتل ولا يعلم بالعتق فعليه عشرة آلاف لولي القتيل، وعليه ثلث القيمة لصاحب العين، لأنه مختار في القتيل (¬1)، وليس بمختار في العين. ولو باع العبد قبل أن يقع فيها أحد ثم وقع فيها آخر بعد ذلك فمات فإن على المولى قيمة العبد (¬2). وكذلك لو وقع فيها العبد نفسه فمات كان على المولى قيمته (¬3) لمولاه الآخر. وإن كان قد أعتق العبد فوقع العبد فيها وهو حر فإن على المولى قيمته لورثة العبد. فإن وقع فيها آخر شركهم في القيمة، لا يغرم فيها أكثر من قيمة واحدة، لأنها جناية واحدة. فإذا حفر العبد بئراً في دار رجل بغير أمره فوقع فيها إنسان من أهل الدار فمات فإنه يخير مولى العبد، فإن شاء فداه بالدية، وإن شاء دفعه. وإذا حفر العبد بئراً في طريق المسلمين فوضع فيها حجراً فوقع فيها رجل على الحجر فقتله الحجر فإن ديته في رقبة العبد، يدفعه مولاه به أو يفديه. فإن كان الحر هو الذي حفر البئر ووضع العبد الحجر في البئر فإن دية القتيل على عاقلة الحر، لأنه إنما وقع بالحفر. فإذا حفر العبد بئراً في طريق المسلمين فوقع فيها رجل فمات فقال المولى: أنا (¬4) كنت أمرته بذلك لكي تضمن (¬5) عاقلته، فإنه لا يصدق على ذلك إلا أن تقوم (¬6) على ذلك بينة. والجناية في رقبة العبد يدفعه مولاه بها أو يفديه إذا أكذبه ولي الجناية. وإذا استأجر الرجل حراً وعبداً يحفران له بئراً في الطريق فوقع عليهما فماتا، والعبد محجور عليه، فإن على الذي استأجر قيمته لمولاه، ولورثة الحر تلك القيمة إن كانت أقل من نصف الدية، ويرجع بها المولى على ¬

_ (¬1) ف ز: في القتل. (¬2) م ز ط + وكذلك لو وقع فيها العبد نفسه فمات كان على المولى قيمة العبد. (¬3) ف: قيمة العبد. (¬4) ز: إنما. (¬5) ز: يضمن. (¬6) ز: أن يقوم.

باب جناية المدبر في حفر البئر

المستأجر، وعلى عاقلة الحر نصف (¬1) قيمة العبد، فيكون المستأجر الآن قد غرم قيمة ونصفاً (¬2). ولو كان العبد مأذونًا له في العمل (¬3) لم يكن على المستأجر شيء، وكان على عاقلة (¬4) [الحر] (¬5) نصف قيمة العبد لورثة الحر. وإذا حفر العبد بئراً في طريق المسلمين بغير أمر المولى، ثم قتل قتيلاً خطأً، فدفعه (¬6) مولاه إلى ولي القتيل، ثم وقع في البئر إنسان فمات، فإن ولي القتيل بالخيار، إن شاء دفع نصف العبد إلى ولي القتيل في البئر، وإن شاء فداه بعشرة آلاف. ولو لم يقتل (¬7) خطأ حتى وقع في البئر إنسان فمات، فدفعه مولاه، ثم قتل عند المدفوع إليه قتيلاً خطأً، فدفعه بذلك، ثم وقع في البئر آخر، فإن ولي القتيل يدفع ثلثه (¬8) إلى ولي الواقع في البئر أخيرًا، أو يفديه بعشرة آلاف. وإنما صار يدفع ثلثه (¬9) إلى ولي الواقع لأنه قد قتل اثنين في البئر وواحدًا بيده، فصار حصة صاحب البئر الأول الذي قتله بيده مع حصته، فصار ذلك الثلثين من العبد، وصار إنما يدفع الثلث أو يفديه بعشرة آلاف. ... باب جناية المدبر في حفر البئر وإذا حفر المدبر بئراً أو أم ولد في طريق المسلمين، وقيمة كل واحد منهما ألف درهم، فوقع فيها إنسان فمات، فعلى المولى قيمة المدبر أو أم الولد، أيهما حفر البئر، يؤديها إلى ولي القتيل. فإن وقع فيها آخر لم يكن ¬

_ (¬1) ف: بنصف. (¬2) ز: ونصفد (¬3) م ز ط: في العمد. (¬4) ف: على عاقلته. (¬5) الزيادة من ط؛ والمبسوط، 27/ 48. (¬6) م ف ز: فرفع. والتصحيح من ط؛ والمبسوط، 27/ 48. (¬7) ز: لم يقبل. (¬8) ف: ثلاثه. (¬9) ز: ثلاثة.

على المولى شيء بعد القيمة الأولى، ويَشْرَك أولياءُ القتيل الآخر أولياءَ القتيل الأول في تلك القيمة. فإن كان المدبر قد زاد خيراً حتى صار يساوي ألفين، فوقع الثاني، ثم ازداد شراً حتى دخله عيب نَقَصَه خمسمائةَ حتى صار يساوي ألفاً (¬1) وخمسمائة، ثم وقع فيها آخر فمات، فإنه لا شيء على المولى غير القيمة الأولى ألف درهم بينهم أثلاثاً بالسوية (¬2). ولو (¬3) لم (¬4) يقع في البئر إنسان حتى مات المدبر، ثم وقع فيها إنسان فمات، فإن على مولى المدبر قيمته، مِن قِبَل أنه مدبر، وأنه لم يكن يقدر على دفعه حيث جنى. ولو كانت قيمته ألفاً، ثم نقصت حتى صار يساوي خمسمائة، فمات، ثم وقع فيها رجل فمات، فإن على المولى ألف درهم بينهما نصفين. ولو جنى المدبر جناية بيده فإنه ليس على مولاه شيء، ويشاركهم ولي القتيل الآخر في تلك القيمة. فإن كان جنى على الآخر وقيمته ألفان فإن ألفاً على المولى الآخر، والألف الأولى بينهم، يضرب فيها الآخر بتسعة آلاف، والأول بعشرة آلاف. وإذا استأجر الرجل أربعة رهط، عبداً ومكاتباً ومدبراً وحراً، يحفرون بئراً في طريق المسلمين، فوقعت عليهم فماتوا مِن حفرهم، ولم يؤذن للمدبر ولا للعبد في العمل، فإن على المستأجر قيمة كل واحد منهما لمولاه، ولورثة الحر ربع دية الحر في رقبة كل إنسان منهم، وينظر إلى ربع الدية وربع قيمة المكاتب وإلى ربع قيمتهما، فيأخذ ورثة الحر وورثة المكاتب الأقل من ذلك، ويرجع مواليهما بذلك على المستأجر. وللمستأجر على عاقلة الحر ربع قيمة كل واحد منهما. وللمكاتب في رقبة كل واحد منهما ربع قيمته في (¬5) قيمة كل واحد منهما، فبعضه قصاص من بعض. وإن كان في قيمة أحدهم فضل ترادا الفضل. وربع قيمة المكاتب على عاقلة الحر، ثم يأخذها ورثة الحر، إلا أن يكون أكثر من ربع الدية، فيأخذون ربع الدية، ويردون الفضل على مولى المكاتب. ولكل واحد من العبدين ربع ¬

_ (¬1) ز: ألف. (¬2) ف: بالسوية. (¬3) ز - ولو. (¬4) ز: ولم. (¬5) ف - قيمته في.

باب جناية الكنيف والميزاب

قيمته في قيمة الآخر، ولكن ذلك على المستأجر، فهو له. فإن كان العبدان مأذونًا (¬1) لهما في التجارة فلا ضمان على المستأجر (¬2). والإذن هاهنا أن يأمرهما المولى بالعمل أو يراهما يعملان فيرضى بذلك أو يأمرهما بأداء الغلة. فاذا كان هكذا فهما مأذون لهما. وربع قيمة كل واحد منهما في عنق صاحبه، وربع قيمة كل واحد منهما على عاقلة الحر، وثلاثة أرباع دية الحر في أعناقهم، في عنق كل واحد منهم ربع ربع. فاذا عقلت (¬3) عاقلة الحر ربع قيمة كل واحد منهما عزل لكل واحد منهما ربع قيمته. ويؤخذ من مولى المدبر قيمة المدبر كاملة بعد أن تكون (¬4) القيمة أقل مما عليه من ذلك، فيقسم بينهم، يضرب ورثة الحر بربع الدية، ومولى العبد بربع القيمة، ومولى المكاتب بربع القيمة. فإن كان المكاتب ترك وفاء أخذ من تركته تمام قيمته إن كانت قيمته أقل مما عليه من ذلك، يضرب فيها ورثة الحر بربع الدية، ومولى العبد بربع القيمة. ثم يؤخذ (¬5) من مولى العبد جميع ما أخذ من ذلك، يضرب فيه (¬6) ورثة الحر بربع دية (¬7) الحر (¬8)، ومولى المدبر (¬9) بربع قيمة المدبر، ومولى المكاتب بربع قيمة المكاتب. ... باب جناية الكنيف والميزاب وإذا أخرج الرجل من داره (¬10) كَنِيفاً شارعاً على الطريق أو ميزاباً أو جُرْصُناً (¬11) فذلك كله سواء. وكذلك إن أخرج ¬

_ (¬1) ز: العبد مأذون. (¬2) ف - فهو له فإن كان العبدان مأذونا لهما في التجارة فلا ضمان على المستأجر. (¬3) ز: علقت. (¬4) ز: بغير أن يكون. (¬5) ز: ثم يأخذ. (¬6) ز: فيها. (¬7) ز: الدية. (¬8) ز - الحر. (¬9) ز: العبد. (¬10) ز: في داره. (¬11) ف: أو حوضا. والجُرْصُن غير عربية، وقد اختلف فيه، فقيل: البُرْج، وقيل: مجرى=

صَلاَيَة (¬1) من حائطه (¬2). وكذلك البقال يخرج خشبة ينصبها على الطريق. فما أصاب من ذلك خَشَبُه (¬3) - يتزين به الحائط [أو] يبني [به]- إنساناً (¬4) فجرحه أو قتله فهو على عاقلة الذي أخرجه إذا كانت نفساً أو جراحة تبلغ خمسمائة فصاعداً. وإن كان أقل من ذلك فهو في ماله. أبو يوسف قال: حُدِّثنا نحواً (¬5) من ذلك عن عطاء بن السائب عن محمد بن عبيد الله عن شريح (¬6). وإن وقع الكنيف أو الميزاب على رجل فقتله فديته على عاقلة الذي أمر بإخراجه، ولا يكون على الذي أخرجه شيء. فإن أصابه (¬7) الذي في جوف الحائط منه فلا ضمان عليه فيه. وإن أصابه الداخل والخارج فعليه نصف الدية على عاقلته. وإذا باع رب الدار وقد أشرع منها كنيفًا فأصاب رجلاً فالضمان على البائع الأول، لأنه هو أخرجه. وكذلك الرجل يجعل ظُلَّة على الطريق فما أصاب من شيء فهو له ضامن. وكذلك الرجل (¬8) يضع (¬9) الخشبة في الطريق أو يبني دكانًا، فما أصاب من ذلك من شيء فهو ضامن. ولو وضع رجل على الطريق شيئاً فتعثر به فوقع فمات كان له ضامناً. فإن وطئ عليه فوقع فمات كان له ضامناً إن لم يتعمد (¬10) المشي عليه. فإن كان تَعَقَّلَ (¬11) به عمداً فعطب فلا ضمان عليه. وإذا اختلف واضع الحجر وولي القتيل في ذلك، فقال واضع الحجر: تعمد التَّعَقُّل به، وكذّبه الولي (¬12)، ¬

_ = ماء يُركَّب في الحائط، وعن البزدوي: جِذْع يخرجه الإنسان من الحائط ليبني عليه. انظر: المغرب، "جرصن". (¬1) قال المطرزي: الصَّلاَءَة والصَّلاَيَة: الحَجَر يُسحَق عليه الطِّيب أو غيره، ومنها: "أخرج جُرْصُناَ أو صَلَايَة" أي: حَجَراً. انظر: المغرب، "صلي". (¬2) ز: من حايط. (¬3) ز - خشبه. (¬4) م ف ز ط: لإنسانه (¬5) ز: نحو. (¬6) روي نحو ذلك. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 10/ 71، 72؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 399. (¬7) ز: أصابه. (¬8) م: الرجع، صح هـ. (¬9) ط: وضع. (¬10) م ف ز ط: إن لا يتعمد. (¬11) ز: يعقل. (¬12) ز: المولى.

باب الغصب في الرقيق في الجناية

فالقول قول الولي، وصاحب الحجر ضامن بِعاقلته (¬1). ولا تضمن (¬2) العاقلة حتى يشهد شاهدان أن هذا وضعه وأن هذا تَعَقلَ (¬3) به. ولو أقر هو أنه وضعه من غير أن يشهد الشهود عليه كان عليه خاصة في ماله دون العاقلة. وهذا قول أبي يوسف الأول. ثم رجع أبو يوسف عن هذا وقال: القول قول (¬4) واضع الحجر مع يمينه أنه تعمد التَّعَقُّل به، وعلى الآخر البينة، لأنه مدع (¬5). وهو قول محمد. وإذا تَعَقَّلَ بحجر (¬6) فوقع على حجر أيضاً فمات فديته على صاحب الحجر الأول كأنه دفعه. فإن لم يكن للحجر الأول واضعاً فديته على عاقلة صاحب الحجر الآخر أيضاً. ولا كفارة على واضع حجر (¬7) في الطريق ولا مُخرِج (¬8) كَنِيف ولا ميزاب أو جُرْصُن (¬9)، ولا يُحرَم الميراث، مِن قِبَل أنه لم يقتل (¬10) بيده، إنما قتله (¬11) عمله وشيء أحدثه في الطريق. ... باب الغصب في الرقيق في الجناية وإذا اغتصب الرجل عبداً من رجل، فقتل العبد عنده قتيلاً خطأً، ثم اجتمع المولى وأولياء القتيل، فإن العبد يرد إلى مولاه، ثم يقال لمولاه: ادفعه أو افده، ويرجع على الغاصب بقيمته يوم غصبه إياه دفع أو فداه. وإن كان زاد عنده خيراً فليس عليه في الزيادة شيء. وإن كان تغير منه (¬12) شيء بعيب قبل الجناية فهو ضامن لذلك. وإنما على المولى أن يدفع العبد ¬

_ (¬1) م ف ز ط: لعاقلته. والباء للاستعانة أي بمساعدة عاقلته. (¬2) ز: يضمن. (¬3) ز: يعقل. (¬4) ف - قول. (¬5) ز: مدعي. (¬6) ز: الحجر. (¬7) ز: الحجر. (¬8) ف: يخرج. (¬9) ز: أو حرض. (¬10) ز: لم يقبل. (¬11) ز: أقبله. (¬12) ز: بغير بينة.

بالجناية يوم يختصمون فيه أو يفديه. فإن كان جنى قبل النقصان، ثم نقص عند الغاصب، فذهبت (¬1) عينه (¬2)، فأخذ المولى العبد فدفعه، فإنه يرجع على الغاصب بقيمته يوم غصبه (¬3) إياه، ويدفع إلى أولياء الجناية نصفها، ويرجع بذلك النصف على الغاصب. وإن كان اعْوَرّ قبل الجناية كان نصف القيمة للمولى، ورجع (¬4) المولى على الغاصب بقيمته أعور. وإذا اغتصب الرجل عبداً (¬5) فهو ضامن له ولما جنى عنده من جناية أو لحقه من دين ما بينه وبين قيمته، ولا يضمن أكثر من ذلك في جميع هذا. فإذا اغتصب الرجل عبداً فقتل عنده قتيلاً خطأ ثم مات العبد، فإن عليه القيمة للمولى، فيدفعها المولى إلى أهل الجناية، ثم يغرم له (¬6) الغاصب قيمة أخرى حتى يخلص في يدي المولى قيمته بعد الجناية. ولو لم يمت العبد ولكنه ذهبت عينه بعدما قتل عنده (¬7)، فدفعه إلى المولى أعور، فقتل عنده قتيلاً آخر، ثم اجتمع أهل الجنايتين جميعاً، فدفعه المولى بالجنايتين، فإنه يأخذ نصف قيمته من الغاصب، فيدفعها إلى الولي الأول، ثم يضرب الأول في العبد بالدية إلا ما أخذ، ويضرب الآخر بالدية، ثم يرجع المولى على الغاصب بنصف القيمة (¬8) التي أخذت منه، وما أصاب الأول من قيمة العبد أعور. ثم يرجع أولياء الجناية الأولى فيما أخذ المولى من ذلك بتمام قيمة العبد صحيحاً، ويرجع المولى على الغاصب بمثل ما أخذ، ويكون ذلك للمولى خاصة. فإذا اغتصب رجل عبداً فقتل عنده (¬9) قتيلاً خطأً، ثم دفعه ¬

_ (¬1) ف ز: فذهب. (¬2) ف: عنه. (¬3) ز: اغتصبه. (¬4) م ط: ويرجع. (¬5) ز + له. (¬6) ف - له. (¬7) ز: عبده. (¬8) م ف ز ط: بذلك النصف القيمة. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 27/ 53. (¬9) ز: عبده.

إلى المولى فقتل عنده آخر خطأً، فاختار المولى دفعه بالجنايتين، فإنه يكون بينهما نصفين (¬1)، ويأخذ المولى من الغاصب نصف قيمة العبد، فيدفعها إلى ولي القتيل (¬2) الأول، ويرجع بمثل ذلك أيضاً على الغاصب، فيكون للمولى خاصة. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال زفر ومحمد: يأخذ المولى نصف القيمة من الغاصب، فيسلم له، ولا يدفعه إلى ولي الجناية الأولى، لأنه قد دفع هذا (¬3) النصف مرة فلا يدفعه مرة أخرى. فإذا اغتصب الرجل عبداً قد قتل عند مولاه قتيلاً، فقتل عنده آخر، فدفعه الغاصب إلى المولى، فاختار المولى دفعه، فإنه يأخذ من الغاصب نصف القيمة، فيدفعها إلى الأول، ويقاسمان العبد نصفين، ولا يرجع المولى بذلك على الغاصب، لأنه إنما أخذ منه الذي جنى عبده عليه. وإذا اغتصب الرجل عبداً وجارية (¬4) قيمة كل واحد منهما ألف، فقتل كل واحد منهما عنده قتيلاً خطأً (¬5)، ثم قتل العبد الجارية، ثم رده الغاصب إلى المولى، فاختار المولى دفعه، فإنه يدفعه، يضرب فيه أولياء قتيل (¬6) العبد بالدية، ويضرب فيه أولياء الجارية بقيمتها. ويرجع المولى على الغاصب بقيمة العبد، ثم يرجع عليه بقيمة الجارية، فيدفع من قيمة الجارية (¬7) إلى أولياء القتيل الذي قتلتِ (¬8) الجاريةُ تمام قيمتها، ويرجع به الموبى على الغاصب، ويأخذ أولياء (¬9) القتيل الذي قتله العبد من قيمة العبد (¬10) الذي أخذها المولى من الغاصب تمام قيمة العبد، ويرجع المولى بذلك على الغاصب. ولو أن المولى اختار إمساك العبد كان عليه أن يؤدي الدية (¬11) إلى أولياء القتيل الذي قتل عنده صاحبهم (¬12)، ويؤدي قيمة ¬

_ (¬1) ز: نصفان. (¬2) ز: القل. (¬3) ز + هذا. (¬4) ز: أو جارية. (¬5) ف ز - خطأ. (¬6) م ز: قتل. (¬7) ز + فيدفع من قيمة الجارية. (¬8) ط: قتلته. ويجوز حذف الضمير كما هو في المتن. (¬9) ز + أوليا. (¬10) ز - العبد. (¬11) ف - الدية. (¬12) ز: صاحبه.

الجارية إلى ولي قتيل الجارية، ويرجع على الغاصب بقيمة العبد وقيمة الجارية. وإذا اغتصب الرجل عبداً وجارية (¬1) قيمة كل واحد منهما ألف، فقتل كل واحد منهما عنده قتيلاً، ثم قتل العبد الجارية، ثم رده الغاصب إلى المولى، فإنه يرد معه قيمة الجارية، فيدفعها المولى إلى ولي قتيل الجارية، ويرجع بها على الغاصب، ثم يخير المولى في الغلام بين الدفع والفداء. فإن اختار الفداء فداه بالدية ورجع بقيمته على الغاصب، وإن اختار الدفع دفع الغلام كله إلى ولي قتيل الغلام في قياس قول أبي حنيفة، ورجع بقيمته على الغاصب. وأما في قياس قول أبي يوسف - وهو قول (¬2) محمد (¬3) - فإن اختار الفداء فداه بالدية لولي قتيل الغلام، ولا يرجع بقيمته على الغاصب، لأنه كان ينبغي له أن يفديه أيضاً بقيمة الجارية، يدفعها إلى الغاصب، لأن الجارية صارت له، ثم يرجع عليه بقيمة الغلام، وهي مثل تلك القيمة، فصار قصاصاً. وإن اختار الدفع دفعه إلى ولي قتيل (¬4) الغلام وإلى الغاصب على أحد عشر [جزء] (¬5)، لولي قتيل الغلام عشرة أجزاء، وللغاصب جزء، لأن الغاصب صار كأن الجارية (¬6) كانت له، ثم يرجع المولى على الغاصب بقيمة الغلام، فيدفع منها جزء من أحد عشر جزء إلى ولي قتيل الغلام، ثم يرجع به على الغاصب، فيصير في يدي المولى قيمة الغلام تامة، وقيمة الجارية، ويصير في يدي ولي قتيل الغلام عشرة أجزاء من أحد عشر جزأ من العبد، وجزء من أحد (¬7) عشر جزأ من قيمته، ويصير في يدي الغاصب من الغلام جزء من أحد عشر جزأ، ويصير في يدي ولي قتيل الجارية قيمة الجارية. فإن كان الغاصب معسراً ولم يقدر (¬8) عليه واختار المولى الدفع، وقال ولي قتيل الجارية: لا أضرب بقيمة الجارية في الغلام، ولكن أنظر، فإن خرجت قيمة الجارية أخذتها، كان له ذلك، ودفع الغلام ¬

_ (¬1) ز: أو جارية. (¬2) ف - وهو قول. (¬3) ف: ومحمد. (¬4) ز: القتيل. (¬5) من ط. (¬6) ز: الجناية. (¬7) ز: من إحدى. (¬8) ف: أو لم يقدر.

كله في قياس قول أبي حنيفة إلى ولي قتيل الغلام. ويرجع المولى (¬1) على الغاصب بقيمته وبقيمة الجارية، فيدفعها إلى ولي قتيل الجارية، ثم يرجع عليه بها، فتصير (¬2) في يديه قيمتان. وأما في قول أبي يوسف - وهو قول محمد - فإنه يدفع من العبد عشرة أجزاء من أحد عشر جزء إلى ولي قتيل الغلام، ويترك الجزء في يديه. فإن خرجت قيمة الجارية أخذها ودفعها إلى ولي قتيلها، ثم يرجع بها، فيصير الغاصب كأن الجارية كانت له، فيقال (¬3) للمولى: ادفع هذا الجزء إلى الغاصب أو افده بقيمة الجارية، فإن دفعه رجع عليه بقيمة الغلام، فيدفع منها إلى ولي قتيل الغلام جزء من أحد عشر جزء (¬4)، ويرجع به على الغاصب. وإن فداه فداه بقيمة الجارية، ويرجع بقيمة الغلام، فذلك قصاص، ويدفع مكان ذلك الجزء إلى ولي قتيل الغلام جزء من أحد عشر جزء من قيمته، ويرجع بمثله على الغاصب من القيمة. فإن (¬5) قال ولي القتيل قتيل الجارية: أنا أضرب في الغلام بقيمتها، ودفع إليهم يضرب ولي قتيل الجارية بقيمتها، ويضرب ولي قتيل الغلام بالدية، فيكون بينهم على أحد عشر [جزء] (¬6). فإن قدر على الغاصب أو أيسر أدى إلى المولى قيمة الغلام وقيمة الجارية، فيدفع من قيمة الغلام إلى ولي قتيل الغلام جزء من أحد عشر جزء من قيمته، ويرجع به على الغاصب، وليس لولي قتيل الجارية إلا ما أصابه من الغلام، ولا يعطي (¬7) من قيمة الجارية شيئاً، لأن حقه كان في قيمة الجارية، فصار كأنه صالح بهذا القدر من جميع حقه. وقد ذكر قبل هذا أنه يرجع في قيمة الجارية بتمام حقه. وإن اختار المولى الفداء فداه بعشرة آلاف وبقيمة الجارية، ورجع على الغاصب بقيمة الغلام وبقيمتين في الجارية: قيمة مكان القيمة التي أداها، وقيمة (¬8) بالغصب في قياس قول أبي حنيفة. وأما في قياس قول أبي ¬

_ (¬1) ط: الأول. (¬2) ز: فيصير. (¬3) ز: فقال. (¬4) ز + من أحد عشر جزء. (¬5) ز: وإن. (¬6) من ط. (¬7) ز: يعطا. (¬8) م ف ز: أو قيمة. والتصحيح من ط.

يوسف وقول محمد فإن أدى الغاصب قيمة الغلام وقيمتين في الجارية صار كأن الجارية كانت له. فيقال للمولى: ادفع جزء من أحد عشر جزء من العبد إليه أو افده بقيمة الجارية. فأيما ذلك فعل لم يرجع على الغاصب بشيء. وإذا اغتصب الرجل عبداً فقتل مولاه أو قتل عبداً لمولاه وقيمته أكثر من قيمته، ثم رده الغاصب على مولاه، فإن الغاصب ضامن لقيمة العبد الذي اغتصب. ألا ترى أن العبد المغتصب لو قتل نفسه ضمنته الغاصب فكذلك قتله عبد مولاه أو مولاه. وكذلك لو استهلك المولى (¬1) مالاً أو متاعاً يبلغ قيمته أو يزيد. فإن كان لا يبلغ قيمته فإنما يضمن الغاصب الأقل من ذلك. وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد: إن الغاصب لا يضمن من ذلك شيئاً، لأن العبد لا يلحقه من هذا شيء. ألا ترى أنه لا يدفع بشيء (¬2) منه ولا يباع فيه، وليس هذا كقتله نفسه. وإذا اغتصب الرجل عبداً ثم أمره أن يقتل رجلاً فقتله، ثم رد إلى مولاه فقتل عنده (¬3) آخر، فاختار المولى أن يدفعه، فإنه يدفعه إليهما نصفين، ويضمن الغاصب نصف قيمته، فيدفعها إلى المولى، ويدفعها المولى إلى أولياء القتيل الأول، ثم يرجع بها المولى على الغاصب، وأمر الغاصب هاهنا وغير (¬4) أمره سواء مِن قِبَل أنه جنى وهو بيده. وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وأما في قول زفر ومحمد فإنه يأخذ المولى من الغاصب نصف القيمة الأولى فيسلم له، ولا يدفع إلى ولي الجناية (¬5) الأولى، مِن قِبَل أنه جنى وهو في يده. ولو أن أولياء قتيل الأول عفوا عن الدم كان على المولى أن يدفع نصفه إلى أولياء قتيل الآخر، ¬

_ (¬1) م ز + مولاه أو مولاه وكذلك لو استهلك المولى. وغفل الأفغاني -رحمه الله- عن التكرار الخاطئ فزاد لفظة "عبد" لتصحيح العبارة. ففي ط زيادة: مولاه أو عبد مولاه وكذلك لو استهلك المولى. (¬2) م ز: شيء. (¬3) ز: عبده. (¬4) ف: أو غير. (¬5) م ف ز: الجارية. والتصحيح من ط. وانظر: المبسوط، 27/ 54.

ولا يرجع على الغاصب بشيء، مِن قِبَل أنه لم يؤخذ (¬1) بسببه شيء. وكذلك لو أمسك عبده وفداه فإنه يدفع إلى الآخر عشرة آلاف، ولا شيء للأول، لأنه قد عفا. ولا شيء للمولى على الغاصب الأول. ولو دفع العبد إليهما قبل أن يعفو الأول، ثم عفا الأول عما بقي له، وأخذ المولى الغاصب بنصف القيمة، لم يكن لولي قتيل الأول على ذلك النصف القيمة (¬2) سبيل، لأنه قد عفا، ويكون للمولى على حاله، ولا يرجع على الغاصب بغيره، مِن قِبَل أنه لم يؤخذ من يديه، ولا شيء لولي القتيل الآخر، مِن قِبَل أنه جنى عليه يوم جنى وفي عنقه جناية، فإنما يكون له نصفه. وإذا اغتصب الرجل عبداً، واستَوْدَعَ مولى العبد الغاصبَ أمةً، فقَتَلَ العبدُ قتيلاً في يدي الغاصب، ثم قتلته الأمة، فإنه يكون على الغاصب قيمة العبد، يدفعها إلى المولى، فيدفعها (¬3) المولى إلى أولياء القتيل، ثم يدفع الغاصب قيمة أخرى إلى المولى، مِن قِبَل أن القيمة الأولى لم تَسْلَمْ له، إنما تلفت (¬4) بما (¬5) كان في يدي الغاصب من الجناية، ثم يقال للمولى: ادفع أمتك الوديعة (¬6) إلى الغاصب تُقتَل أو افدها (¬7) بقيمة العبد، لأن العبد قد صار للغاصب حين غرم قيمته. ولو أن العبد هو الذي كان قتل الأمة مع قتله الرجل الآخر كان المولى بالخيار في الدفع والإمساك. فإن اختار الدفع قسم العبد على دية القتيل وقيمة الأمة، فيأخذ من ذلك أولياء القتيل ما أصاب الدية، ويأخذ المولى ما أصاب قيمة الأمة، ويضمن له الغاصب تمام قيمة الأمة، ويرجع المولى على الغاصب من قيمة العبد بمثل ما أخذ أولياء القتيل من قيمة العبد. وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر، وهو قول أبي يوسف ومحمد: إن المولى لا يضرب بشيء من قيمة الأمة في العبد، ¬

_ (¬1) م ز: لم يؤخر؛ ف: لا يؤخر. (¬2) ز: لقيمة. والمقصود: على نصف القيمة. (¬3) م ف ز ط: فدفعها. (¬4) م ف ز: بلغت. والتصحيح من ط. وفي ب جار: واستحقت. (¬5) م ف ز ط: ما. والتصحيح من ب جار. (¬6) ز: بالوديعة. (¬7) ز: أو فداها.

باب جناية المكاتب

لأنهما أمته وعبده. وإن دفعه دفعه كله إلى أولياء القتيل ورجع (¬1) بقيمته على الغاصب. وإذا اغتصب الرجل أمة من رجل فقتلت عنده قتيلاً خطأً، ثم ولدت ولداً ثم قتلها ولدها، فإن على الغاصب أن يرد الولد، ويرد (¬2) قيمة الأم على المولى بما (¬3) اغتصبها منه. ويقال للمولى: ادفع هذه القيمة إلى أولياء القتيل، ثم ارجع (¬4) بها على الغاصب، فيكون في يديك، ثم يقال له: ادفع الولد إلى الغاصب (¬5)، لأن الأمة قد صارت له حين غرم قيمتها، أو افده بقيمة الأم. وإذا اغتصب الرجلان من الرجل عبداً، فقتل في أيديهما قتيلاً خطأً، ثم إنه قتل أحدهما، فإنه يقال للمولى: ادفعه إلى أولياء القتيلين نصفين، وترجع (¬6) على الغاصبين بقيمته، فيدفع نصفها إلى أولياء القتيل الأول، ثم يرجع به المولى على الغاصب الأول وفي مال الغاصب القتيل (¬7)، فيكون له، ولا يرجع فيها واحد من الغاصبين (¬8)، مِن قِبَل أن العبد لم يصل إليهما إلا بعد الجناية ولم يجن في يديه. باب جناية المكاتب وإذا جنى المكاتب جناية خطأً فإنه ينظر في أرش الجناية وفي قيمة المكاتب، فيكون على المكاتب الأقل من ذلك، يسعى فيه. فإن جنى جناية أخرى بعدما قضى القاضي بالأولى فعليه أن يسعى في الأقل من قيمته أيضاً ¬

_ (¬1) ز: رجع. (¬2) ط: وأن يرد. (¬3) ف: ما. (¬4) م ز: ثم رجع. (¬5) ز: إلى الغايب. (¬6) ز: ويرجع. (¬7) ز: القتل. (¬8) ز - بقيمته فيدفع نصفها إلى أولياء القتيل الأول ثم يرجع به المولى على الغاصب الأول وفي مال الغاصب القتيل فيكون له ولا يرجع فيها واحد من الغاصبين.

ومن الجناية. فإن كان جنى جناية أو جنايتين أو ثلاثة (¬1) قبل أن يقضي القاضي بشيء من ذلك عليه فإنه ينظر إلى قيمته وإلى جميع أرش الجنايات، فإن كان الأرش كله أقل من القيمة سعى (¬2) في الأرش لهم، وإن كانت القيمة أقل من الأرش سعى في القيمة بينهم على قدر جناياتهم. وإن كانت الجنايات أنفسًا قتلها وقيمته أكثر من ذلك فإنما يسعى في عشرة آلاف إلا عشرة دراهم، ولا يجاوز به ذلك، مِن قِبَل أنه لو قتل كان على عاقلة قاتله ذلك. فكذلك إذا جنى هو فإنه لا يبلغ بقيمته (¬3) أكثر مما يكون فيه إذا قتل هو. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وإذا قتل المكاتب قتيلاً خطأً وقيمته ألف، فلم يُقضَ عليه بشيء حتى قتل آخر وقيمته يومئذ ألفان، ثم رفعه (¬4) إلى القاضي، فإنه يقضى على المكاتب أن يسعى في ألفين. فأما أحد الألفين فهو للآخر خاصة، وأما (¬5) الألف الآخر فهو بينهما، يضرب فيه الأول بعشرة آلاف، والآخر بتسعة الآف. فما خرج من السعاية قبل أن يستكمل الأداء فهو بينهما على قدر (¬6) هذا. وإذا قتل المكاتب رجلاً خطأً ثم إنه اعْوَرّ أو عمي (¬7) أو أصابه عيب ينقص ذلك من قيمته، ثم خوصم إلى القاضي، فإن على المكاتب قيمته صحيحاً يوم (¬8) جنى. وكذلك لو لم ينقص ولكنه ازداد خيراً أو زادت (¬9) قيمته ثم خوصم إلى القاضي فإن عليه قيمته يوم جنى. ولست أنظر في هذا إلى النقصان والزيادة، إنما عليه قيمته يوم جنى. وإذا جنى المكاتب فلم يقض (¬10) عليه بشيء حتى عجز فرد رقيقاً فإن ¬

_ (¬1) ز: أو ثلث. (¬2) ط: يسعى. (¬3) ز: بقيمتيه. (¬4) ف ط: ثم دفعه. (¬5) ز: وما. (¬6) ف - قدر. (¬7) ز: وإذا عمي. (¬8) ز: ثم. (¬9) ف ز: أو ازدادت. (¬10) ز: ينقص.

مولاه بالخيار (¬1)، إن شاء دفعه بالجناية (¬2)، وإن شاء فداه. وإن أفسد (¬3) المكاتب متاعاً أو عقر دابة أو غصب شيئاً أو استهلك شيئاً فهو ضامن لقيمته بالغاً ما بلغ، دين عليه، وليس هذا كالجناية في بني آدم. ولو رد المكاتب في الرق كان هذا دينا عليه يباع فيه، وليس هذا كالجناية في بني آدم. وإذا اغتصب المكاتب رقيقاً كان ضامناً لقيمتهم [بالغاً] (¬4) ما بلغ، وليس هذا كالجناية (¬5) في النفس. ألا ترى أنه لو باع ابن عبد بيعاً فاسداً كان عليه (¬6) قيمته بالغاً ما بلغ، وكذلك الغصب. وإذا وجد في دار المكاتب قتيل (¬7) فإنه يقضى عليه بأن يسعى في قيمته. وكذلك لو أشرع كنيفًا في الطريق أو مال حائط له فأُشْهِدَ عليه، أو أحدث في الطريق حدثًا، أو احتفر بئراً، فهذا كله سواء، يسعى في قيمته. فإن عجز المكاتب فرد رقيقاً قبل أن يقضى عليه بالقيمة فإنه يقال لمولاه: ادفعه أو افده. وجميع ما ذكرنا من الحائط والبناء والقتيل في الدار والحفر سواء. وإذا قتل المكاتب قتيلين خطأً فقضي (¬8) عليه بنصف القيمة لأحدهما، والآخر غائب، ثم قتل آخر، ثم عجز، فإنه يخير المولى. فإن اختار الدفع دفع (¬9) نصفه إلى الثالث، واتبعه الأول بنصف القيمة، فيباع له ذلك النصف في دينه. ويدفع النصف الآخر إلى الثالث وإلى الأوسط، فيضرب فيه الأوسط الذي لم يكن (¬10) قضي له بشيء بعشرة آلاف، ويضرب فيه الثالث بخمسة آلاف. ¬

_ (¬1) ط: بالجناية. (¬2) م ف ز ط: بالخيار. والتصحيح مستفاد من المبسوط، 27/ 62. (¬3) ز: أفيد. (¬4) من ط. (¬5) ز: كالجباية. (¬6) ز: علته. (¬7) ز: قيل. (¬8) ط: فيقضي. (¬9) ز: دفعه. (¬10) م ف ز + له. والتصحيح من ط. وانظر: المبسوط، 27/ 63.

وإذا جنى المكاتب جناية ثم مات ولم يترك إلا مائة درهم، ومكاتبته أكثر من ذلك، ولم يقض عليه بالجناية، فإن المائة درهم للمولى، مِن قِبَل أنه مات وهو عبده. ألا ترى أنه لو جنى فعجز قيل لمولاه: ادفعه أو افده. ولو ترك وفاء بالجناية والمكاتبة، والجنايةُ لم يقض بها، كان عليه الأقل من قيمته ومن أرش الجناية لأهل الجناية، ثم يستوفي المولى بعد ذلك المكاتبة، وما بقي فهو ميراث. ولو كان عليه دين مع ما وصفت لك [بدئ] (¬1) بالدين، ثم كان ما بقي على ما وصفت لك. فإن كانت الجناية قد قضي بها كان ما ترك بين أصحاب (¬2) الدين والجناية جميعاً يضربون في ذلك بالحصص إذا كانت الجناية قد قضي بها. فإن لم يكن قضي بها بدئ بالدين. فإن فضل شيء بعد ذلك وهو (¬3) وفاء للمكاتبة كان لأصحاب الجناية من ذلك الأقل من قيمة المكاتب ومن الجناية. وإن لم يكن فيه وفاء للمكاتبة (¬4) كان ما بقي بعد الدين للمولى، ولا شيء لأصحاب الجناية. وإذا (¬5) مات المكاتب (¬6) وترك ابناً قد ولد له في مكاتبته من أمة له، وعليه دين وجناية قد (¬7) قضي بها عليه أو لم يقض بها عليه، فإن الابن يسعى في الدين، ويسعى في الأقل (¬8) من قيمة ابنه (¬9) يوم جنى وأرش الجناية، ويسعى في المكاتبة، ولا يجبر على أن يبدأ من ذلك بشيء قبل شيء. غير أنه إن عجز عن شيء من النجوم أو أخره عن محله ولم يكن عنده وفاء بذلك حاضر فإنه يرد في الرق. فإن رد في الرق بعدما قضى عليه القاضي بالجناية فإنه يكون الثمن بين الغرماء وأصحاب الجناية بالحصص. وإن لم يقض بالجناية حتى عجز فإن الجناية هاهنا باطل لا يلزمه، مِن قِبَل أن المكاتب الأول مات (¬10) عاجزاً، فصارت الجناية جناية عبد، فلا يلزم ¬

_ (¬1) الزيادة من ب جار. (¬2) ط: من أصحاب. (¬3) ط: فهو. (¬4) ف: المكاتبة. (¬5) ز: وإن. (¬6) ف - المكاتب. (¬7) ف: وقد. (¬8) ط: من الأقل. (¬9) ز: أبيه. (¬10) ف - مات.

الابن منها شيء. وعجز الابن وعجز الأب (¬1) سواء. ألا ترى أن الابن إذا أدى عتق أبوه. فإذا مات المكاتب وقد جنى جناية وترك ابناً قد ولد في مكاتبته من أمة له، وهي حية (¬2) مع ابنها، فإنه يقضى عليهما بأن يسعيا (¬3) في المكاتبة وفي الأقل من قيمة المكاتب وأرش الجناية. إن كان قضي بها على المكاتب فهي لهما لازمة، وإن لم يقض بها عليه حتى مات فرفعهما أولياء الجناية إلى السلطان قضي بها عليهما. فإن قتلت الأم قتيلاً خطأً قضي عليها أن تسعى (¬4) في قيمتها لأولياء القتيل. فإن قتل الابن قتيلاً خطأً قضي عليه أن يسعى في قيمته لأولياء القتيل. ويسعيان فيما سوى ذلك على حاله. ولو كانت هاتان الجنايتان (¬5) قبل أن يقضى عليهما بالجناية الأولى لم ينقص (¬6) ذلك من جناية الأولى، مِن قِبَل أن (¬7) جناية الأب ليست بجنايتهما، إنما هو دين لحقهما مِن قِبَل الأب. فإن عجز ورد رقيقاً (¬8) فإنه يباع الابن (¬9) في جنايته خاصة، وتباع (¬10) الأم في جنايتها خاصة. فإن فضل من أثمانهما شيء كان في جناية الأب، وإن لم يفضل من أثمانهما شيء فلا شيء لأصحاب جناية (¬11) الأب. وإذا ماتت المكاتبة وتركت مائة درهم وابناً ولدته في مكاتبتها، وعليها (¬12) دين، وقد قتلت قتيلاً خطأً، قضي عليها به أو لم يقض، فإنه يقضى على الابن أن يسعى في المكاتبة وأن يسعى في الدين والجناية. ويسعى فيها على ما وصفت لك. والمائة درهم بين أهل (¬13) الجناية وأهل ¬

_ (¬1) ف - وعجز الأب. (¬2) ف - وترك ابنا قد ولد في مكاتبته من أمة له وهي حية. (¬3) ز: يسعيان. (¬4) ز: أن يسعى. (¬5) ز: هاتين الجنايتين. (¬6) ط: لم يقض. (¬7) ز + يقضا. (¬8) ز: في الرق. (¬9) ز - الابن. (¬10) ز: ويباع. (¬11) ز: الجناية. (¬12) ز: وعليه. (¬13) ط: من أهل.

الدين بالحصص. وإنما أوجبت لأهل الجناية ذلك مِن قِبَل أن المكاتبة خلفت ابناً يسعى في مكاتبتها، فكأنها حية تسعى (¬1) في مكاتبتها. ألا ترى أنها لم تعجز حين تركت من يسعى في المكاتبة بعدها. ولو أن الابن استدان ديناً وجنى جناية فقضي بذلك عليه مع ما قضي به عليه من دين أمه وجنايتها كان عليه أن يسعى في ذلك كله. فإن عجز فرد في الرق فإنه يباع في دينه وجنايته خاصة دون دين أمه وجنايتها. فإن فضل شيء من ثمنه كان في دين أمه وجنايتها بالحصص (¬2). فإن كان إنما عجز قبل أن يقضى بالجناية فإنه يخير مولاه. فإن شاء دفعه، وإن شاء فداه وتبعه (¬3) دينه عند أهل الجناية، فيباع في دينه خاصة دون دين أمه وجنايتها. فإن فضل شيء من ثمنه (¬4) لم يكن في دين أمه ولا في مكاتبتها وجنايتها، لأن جنايته أولى من الدين الذي لحقه مِن قِبَل أمه. وإن أمسكه المولى وفداه بِيعَ في دينه، فإن بقي من ثمنه شيء بعد دينه كان ذلك في دين أمه وجنايته. وإن أمسكه المولى وأدى الفداء اتَّبعه دينه عند المولى وكانت حاله في ذلك كحاله على ما وصفت لك (¬5). وإذا جنى المكاتب ثم مات قبل أن يقضى عليه بشيء وترك رقيقاً وعليه دين فإنه يباع رقيقه في دينه ويبدأ به قبل الجناية، لأنه مات قبل أن يقضى عليه بشيء. وإن لم يبق من تركته شيء بطلت (¬6) الجناية. وإن بقي شيء من تركته وفيه وفاء بالمكاتبه كان لهم أن يستوفوا الأقل من قيمته ومن أرش الجناية. فإن بقي شيء أديت المكاتبة بعد. فإن بقي شيء كان ميراثاً. فإن كانت الجناية قد قضي بها في حياته فهو والدين سواء يتحاصّون (¬7). وإذا كان مملوك من رقيقه قد أذن له في التجارة، فاستدان ديناً، ثم مات المكاتب وعليه دين، وعلى مملوكه دين، فإنه ¬

_ (¬1) ز: يسعى. (¬2) ز: بالخصص. (¬3) ز: وبيعه. (¬4) ز: من ثمته. (¬5) قوله: "وإن أمسكه المولى وأدى الفداء. . . على ما وصفت لك" تكرار لمعنى الجملة التي قبله. والله أعلم. (¬6) ف: أبطلت. (¬7) ز: يتخاصمون.

باب جناية المكاتب بين اثنين

يباع مملوكه في دينه خاصة دون دين المكاتب. فإن بقي شيء من ثمنه كان في دين المكاتب. وإذا جنى عبد المكاتب فقتل رجلاً خطأً، ثم مات المكاتب وعليه دين، وبقي العبد وليس للمكاتب مال غيره، فإنه يخير المولى، فإن شاء دفعه هو وجميع الغرماء بالجناية ولا حق للغرماء فيه، وإن شاؤوا فدوه بالدية ويباع في دين الغرماء. وإن كان على العبد دين أيضاً مع جنايته ودين المكاتب فإنه يخير مولاه، فإن شاء دفع وأتبعه دينه أينما (¬1) كان حتى يباع فيه، ولا شيء لغرماء المكاتب فيه. وإن شاء المولى فداه، ثم يباع لغرماء العبد خاصة. فإن فضل شيء بعد ذلك كان بين غرماء المكاتب، مِن قِبَل أن المولى قد أمسكه وصار متطوعاً في الفداء. وقال زفر: إن جنى المكاتب جنايات معاً قبل أن يقضى عليه فإن عليه (¬2) لكل جناية الأقل من قيمته وأرش الجناية. والقضاء وغير القضاء في ذلك سواء. فإن جنى جناية ثم عجز قبل أن يقضى عليه بها فإنه يباع في الأقل من قيمته وأرش الجناية، ولا يدفع. والقضاء وغير القضاء في ذلك سواء. ... باب جناية المكاتب بين اثنين وإذا كان العبد بين اثنين فكاتبه أحدهما على نصيبه بغير أمر صاحبه، ثم جنى جناية، ثم أدى فعتق، فإنه يقضى على المكاتب بالأقل من نصف قيمته ونصف أرش الجناية. فأما الشريك الذي لم يكاتب فإنه يأخذ من شريكه نصف ما أخذ من المكاتب، ويرجع به الشريك على المكاتب. والشريك الذي لم يكاتب بالخيار، إن شاء أعتق. وإن شاء استسعى العبد في نصف قيمته، ويكون الولاء بينهما. وإن شاء ضمن شريكه الذي كاتب العبد ¬

_ (¬1) ط: أيما. (¬2) م ف ز + لها؛ ف - عليه. والصواب حذف "لها" كما هو في ط.

إن كان موسراً، ويرجع بذلك على العبد. فإذا فعل الشريك الذي لم يكاتب إحدى هذه الخصال وقبض فهو ضامن للأقل من نصف قيمة المكاتب ونصف أرش الجناية. ولو خاصم المكاتب في الجناية قبل أن يعتق فقضى عليه القاضي بنصف أرشها، ثم إنه عجز عن المكاتبة ورد رقيقاً، فإنه يباع نصفه فيما (¬1) قضي به عليه، وهو النصف الذي كاتب (¬2). ويقالل للمولى الآخر الذي لم يكاتب: ادفع نصيبك بنصف الجناية أو افده بنصف أرش الجناية. وإذا كان العبد بين اثنين فكاتب أحدهما حصته بغير أمر شريكه، ثم اشترى المكاتب عبداً فجنى عنده جناية، ثم إن المكاتب أدى فعتق، فإنه يخير المكاتب والذي لم يكاتب، فإن شاءا دفعاه، وإن شاءا (¬3) فدياه بالدية. ولو كان هذا العبد ابن المكاتب وُلِد عنده من أمة له كان عليه أن يسعى في الأقل من نصف قيمته ونصف أرش الجناية. وليس على المولى الذي لم يكاتب شيء حتى يعتق أو يستسعى، ثم يضمن الأقل من نصف قيمته ومن نصف أرش الجناية. وإذا كان العبد بين اثنين فكاتب أحدهما حصته بغير أمر شريكه، ثم إن العبد وُلِد له من أمة له ابن في المكاتبة، فجنى ابنه جناية على الأب، ثم أدى الأب (¬4) فعتق، فإن في عنق الابن نصف قيمة نفسه، يسعى فيها للمولى الذي لم يكاتب، والذي لم يكاتب بالخيار في المكاتب على ما وصفت لك. وأما أم ولد المكاتب فإن المكاتب ضامن لنصف قيمتها للذي (¬5) لم يكاتب مِن قِبَل أنها أم ولد، فلا تسعى في حال. وأما جناية الابن على الأب فقد جنى حين جنى ونصفه مكاتب مع أبيه (¬6)، ونصفه رقيق، والأب (¬7) على تلك الحال؛ فما كان في الأب من حصة الذي لم ¬

_ (¬1) م ت: فيها. والتصحيح من ب ط. (¬2) ز + كاتب. (¬3) ز: شا. (¬4) ف - ثم أدى الأب. (¬5) م ت ز: الذي. والتصحيح من ط؛ والمبسوط، 27/ 67. (¬6) ز: ابنه. (¬7) ز - والأب.

يكاتب فهو في عنق الابن، يبطل من ذلك النصف، ويثبت نصفه، وهو ربع الجناية في النصف الذي أخذه المولى من الابن، ويكون على الابن الأقل من نصف قيمته ومن ربع قيمة المكاتب للمولى الذي لم يكاتب، فيكون قصاصاً، ولا يكون لأحد على أحد شيء. وإذا كاتب الرجل أمة بينه وبين رجل على حصة (¬1) منها، ثم إنها ولدت ولداً فازدادت خيراً، أو نقصت بعيب (¬2)، ثم أدت فعتقت (¬3)، فاختار الشريك أن يضمن الذي كاتب وهو موسر، فإنه يضمن نصف قيمتها يوم عتقت، زائدة كانت أو ناقصة. ألا ترى أني أجعل له نصف ما اكتسب قبل أن يعتق ونصف أرش ما جنى عليها (¬4) قبل أن يعتق (¬5). ولو كان الضمان وقع في يوم كاتب لم يكن له من ذلك شيء. وللمولى الذي لم يكاتب أن يستسعي الابن في نصف قيمته. وإذا كاتب (¬6) الرجل أمة بينه وبين رجل على نصيبه منها، ثم إنها ولدت ولداً، فكاتب الآخر نصيبه من الولد، ثم إن الولد جنى على أمه، أو جنت عليه جناية لا تبلغ (¬7) النفس، ثم أديا فعتقا، والموليان موسران، فالذي كاتب (¬8) الأم لا ضمان له على شريكه في الولد، مِن قِبَل أن مكاتبة الأم مكاتبة للولد، لأنها ولدته وهي مكاتبة. وللذي كاتب الابن أن يضمن الذي كاتب الأم نصف قيمة الأم، وإن شاء استسعاها (¬9)، وإن شاء أعتقها. فإن أعتقها أو استسعاها فولاؤها وولاء ولدها بينهما نصفان. وإن ضمن مولى الأم الذي كاتبها فولاء الأم له خاصة، وولاء الولد بينهما، وجناية (¬10) الولد على أمه، وجناية أمه على ما وصفت لك في العبد وابنه. ¬

_ (¬1) ز: على حصته. (¬2) ز: بعنيب. (¬3) ز: فأعتقت. (¬4) ط: عليهما. (¬5) ز - ونصف أرش ما جنى عليها قبل أن يعتق. (¬6) ز: كانت. (¬7) ز: لا يبلغ. (¬8) ز: كانت. (¬9) ز - وإن شاء استسعاها. (¬10) ز: وجنا.

وإذا كان العبد بين اثنين وقيمته ألف درهم ففقأ العبد عين أحدهما، ثم إن الذي فقئت عينه كاتب (¬1) نصيبه منه، ثم إنه (¬2) جرحه جرحاً آخر، ثم أدى فعتق، ثم مات المولى بالجنايتين جميعاً، فإن الذي لم يكاتب يأخذ من الذي كاتب نصف ما أخذ من المكاتبة، ويرجع بذلك ورثة الذي كاتب على العبد. وللذي لم يكاتب أن يستسعي العبد إن شاء، وإن شاء أعتقه، وإن شاء ضمن الذي كاتب في ماله إن كان ترك مالاً. ويقال له: إذا فعل إحدى هذه الخصال عليك أن تدفع (¬3) نصف قيمة العبد إلى ورثة الميت بجنايته. ويقال للعبد: عليك أن تسعى في الأقل من نصف قيمتك، وربع الدية لورثة المكاتب من قبل جنايتك. وإذا كان العبد بين رجلين فجنى على أحدهما ففقأ عينه أو قطع يده، ثم إن الآخر باع نصف نصيبه من شريكه وهو يعلم بالجناية، ثم إن العبد جنى عليه أيضاً جناية أخرى، ثم إن المولى الذي باع ربعه اشترى ذلك الربع، ثم كاتبه الذي جنى عليه على نصيبه منه، ثم جنى عليه جناية أخرى، ثم أدى فعتق، ثم مات المولى من الجنايات كلها، فإن المكاتب يكون عليه نصف قيمته بجنايته وهو مكاتب، إلا أن يكون ربع الدية أقل من ذلك، ويكون على الشريك الذي لم يكاتب سدس دية صاحبه وربع سدس ديته ونصف قيمة العبد. ولا يؤدي نصف القيمة حتى يعتق أو يسعى أو يضمن إلا أن يكون سدس الدية وربع سدس الدية أقل من نصف القيمة، فيغرم الأقل من ذلك، وقد بطل (¬4) نصف سدس الدية بجناية الربع الذي اشترى المجني عليه في (¬5) ملكه. وإذا كان العبد بين اثنين فقطع يد رجل، ثم باعه أحدهما من صاحبه وهو يعلم، ثم اشتراه منه فقطع يد آخر وفقأ عين الأول، ثم ماتا جميعاً من ذلك، فإنه يقال للشريك الأول الذي كان اشترى: ادفع ¬

_ (¬1) ز: كانت. (¬2) م ف ز: ثم إن. والتصحيح من ط. (¬3) ز: أن يدفع. (¬4) ز: وقد فبطل. (¬5) ز - في. (

باب جناية المدبر

نصيبك الذي كان في يديك إلى أولياء القتيلين، فيكون بينهما نصفين، أو افده بعشرة آلاف، لكل واحد بخمسة آلاف. ويقال للشريك البائع أول مرة: ادفع ألفين وخمسمائة إلى ولي القتيل الأول، وادفع إليه ثلث نصيبك، أو افده بألفين وخمسمائة، وادفع (¬1) إلى ولي القتيل الآخر بثلثي نصيبك، أو افده بخمسة آلاف. وإذا كان العبد بين اثنين فجرح (¬2) رجلاً جرحاً خطأً، فكاتبه أحد الشريكين وهو يعلم بذلك، ثم جرح الرجل أيضاً خطأً، فكاتبه (¬3) الثاني وهو يعلم بذلك، ثم جرح الرجل الثالث وهو مكاتب لهما على حاله، ثم مات الرجل من ذلك، فإن على المولى الذي كاتب أولاً ربع الدية، وعلى المولى الذي كاتب أخيراً نصف القيمة، إلا أن يكون ربع الدية أقل من ذلك، وعلى المكاتب أن يسعى في قيمته إلا أن يكون نصف (¬4) الدية أقل من ذلك، فيكون عليه نصف الدية. وهذا الباب كله قياس قول أبي حنيفة. ... باب جناية المدبر وإذا قتل المدبر رجلاً خطأً فإن على مولاه قيمته يوم قتل مدبراً لأولياء القتيل، ولا يكون على العبد شيء من ذلك، ولا يكون على (¬5) العاقلة، لأنه حال بينهم وبين العبد بالتدبير. فإن جنى المدبر جناية فقتل رجلاً آخر خطأً فإنهم يشتركون في تلك القيمة الأولى، ولا يكون على المولى شيء سوى (¬6) القيمة الأولى. ودفعه القيمة الأولى بمنزلة دفعه العبد بالجناية. ولو كان بين الجنايتين وبين قبض القيمة عشرون سنة أو أكثر من ذلك كان لأهل ¬

_ (¬1) ز: وإذا دفع. (¬2) ز: يجرح. (¬3) م ز: مكاتبه. (¬4) ز + القيمة إلا أن يكون ربع الدية. (¬5) ز - شيء من ذلك ولا يكون على. (¬6) م ف ز: شيء من. والتصحيح من ب ط. ومعناه في المبسوط، 27/ 70.

الجناية الآخرة أن يَشْرَكُوهم في القيمة. فإن كانت الجناية الآخرة غير نفس، كانت قطع يد أو فقأ عين، فإنهم يشتركون مع أصحاب الجناية الأولى، فيكون لأصحاب قطع اليد ثلث القيمة، ولأصحاب القتيل الأول ثلثا القيمة. وإذا اكتسب المدبر مالاً أو وهب له هبة (¬1) فإنه لا يكون لأصحاب الجناية من ذلك شيء. وإذا جنى المدبر وقيمته ألف درهم، فقتل رجلاً خطأً، ثم عمي، أو ذهبت إحدى عينيه، فإن على المولى قيمته صحيحاً يوم جنى لأهل الجناية. وكذلك لو كان ازداد خيرا ولم يصبه ذلك البلاء ولكنه زادت قيمته، فإنما يكون على المولى قيمته صحيحاً يوم جناه. وإذا دفع المولى القيمة يوم جنى بغير أمر القاضي، ثم جنى جناية ثانية، فقتل قتيلاْ خطأً، فمنهما يتبعان أهل الجناية الأولى، فيأخذان (¬2) منهم نصف القيمة. وإن شاءا اتبعا (¬3) بذلك المولى، ورجع به المولى على الذي أخذ منه القيمة. وإن كان المولى دفعه بقضاء قاض فلا ضمان (¬4) على المولى، ولكن أهل الجناية الآخرة يتبعون أهل الجناية الأولى، ولا يضمنون المولى شيئاً، فيأخذون منه نصف القيمة. وأم الولد في جميع ما ذكرنا من جناية المدبر بمنزلة المدبر في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: قضاء القاضي وغير قضاء القاضي سواء، ولا ضمان على المولى في شيء من ذلك إذا (¬5) دفع القيمة. فإذا قتل المدبر قتيلاً خطأً وقيمته ألف درهم، ثم زادت قيمته حتى صار يساوي ألفين، ثم قتل آخر خطأ (¬6)، ثم نقص (¬7) أو دخله عيب حتى صار يساوي خمسمائة، ثم قتل آخر خطأً، فإن على مولاه ألفي درهم أكثر قيمته. فيكون ألف درهم منها لولي القتيل الأوسط، لأنه قتله وقيمته ألفان. ¬

_ (¬1) ز: بهبة. (¬2) ز: فيأخذوا. (¬3) ز: شا اتبعوا. (¬4) ز - فلا ضمان. (¬5) ز: وإذا. (¬6) ف - وقيمته ألف درهم ثم زادت قيمته حتى صار يساوي ألفين ثم قتل آخر خطأ. (¬7) ز: ثم نقض.

وتكون خمسمائة من الألف الباقية بين ولي القتيل الأول والأوسط، فيضرب فيها الأوسط بتسعة آلاف، والأول بعشرة آلاف. وتكون الخمسمائة الباقية بينهما جميعاً، يضرب فيها الآخر بعشرة آلاف، ويضرب الأول بعشرة آلاف إلا ما أخذ، ويضرب الأوسط بعشرة آلاف إلا ما أخذ. وإذا قتل المدبر قتيلاً خطأً وقيمته ألف درهم، فدفعها المولى بقضاء قاض (¬1)، ثم نقص (¬2) المدبر أو دخله عيب فصار يساوي خمسمائة درهم، ثم قتل آخر، فإنه لا شيء على المولى الآخر، وخمسمائة مما أخذ الأول (¬3) [للأول] (¬4) خاصة، والخمسمائة الباقية يضرب فيها الآخر بعشرة آلاف، والأول بعشرة آلاف إلا خمسمائة. وذلك لأنه جنى على الأول وقيمته ألف، فكانت خمسمائة له خالصة، وجنى على الآخر وقيمته خمسمائة، فلا تكون (¬5) جناية الآخر في الألف كلها، إنما (¬6) جنايتهما في خمسمائة منها على قدر قيمة المدبر يوم جنى عليه. وإذا اجتمع مدبر وأم الولد وعبد ومكاتب (¬7) فقتلوا رجلاً خطأً فإنه يقال لمولى العبد: ادفعه أو افده بربع الدية. ويقال للمكاتب: اسع (¬8) في الأقل من قيمتك وربع (¬9) الدية، فيسعى في الأقل من ذلك. وأنظر إلى ربع الدية وإلى قيمة المدبر، فيكون على المولى الأقل من ذلك. وكذلك أم الولد. وإذا أفسد (¬10) المدبر متاعا أو عقر دابة أو استهلك مالاً أو هدم داراً فإن ذلك كله (¬11) يسعى فيه بالغاً ما بلغ. وليس على المولى من هذا شيء، مِن قِبَل أنه لو كان غير مدبر كان على المولى أن يبيعه في هذا. والجناية في الناس لا يباع فيها، إنما يُدفع أو يُفْدَى. فلذلك اختلفا. ¬

_ (¬1) ز: قاضي. (¬2) ز: ثم نقض. (¬3) ط: للأول. (¬4) الزيادة من المبسوط، 27/ 72. (¬5) ز: يكون. (¬6) ز + جنا. (¬7) ف ز: مكاتب. (¬8) ز: اسعى. (¬9) ف ز: أو ربع. (¬10) ز: فسد. (¬11) ف - كله.

باب جناية العبد على مولاه

وإذا جنى المدبر فقتل قتيلاً خطأً، أو استهلك مالاً، فإن على المولى قيمته لأولياء القتيل، يدفعها إلى أولياء القتيل. وعلى المدبر أن يسعى فيما استهلكه من المال. ولا يتبع (¬1) أصحاب المال أولياء القتيل بما (¬2) أخذوا، ولا يشركونهم فيه، مِن قِبَل أنها جناية، والذي لهم دين. ولهم أن يستسعوا المدبر، ولا يحال بينهم وبين ذلك. وإذا (¬3) مات المولى وترك مدبراً قد كان قتل قتيلاً خطأً وأفسد متاعاً (¬4) ولا مال لمولاه غيره، ولم يقض عليه بشيء، فإن على مولاه قيمته لأصحاب (¬5) الجناية، وعلى المدبر الذي أفسد المتاع ما أفسد من ذلك. فيقال للمدبر: اسع في قيمتك، فيكون ذلك لهم دون أصحاب الجناية، مِن قِبَل أن هذا دين في عنقك، وجنايته في عنق (¬6) المولى. ولا يسعى للمولى في شيء، مِن قِبَل أن قيمته قد استغرقت دينه. فإن كان دينه أقل من القيمة سعى لهم في بقية القيمة، فيكون ذلك قضاء، فيستوفي أهل الدين دينهم، وما بقي كان لأهل الجناية من دين المولى. وإن كان قد قضي على المولى وعلى المدبر قبل أن يموت المولى أو لم يقض فهو بمنزلة هذا. وكذلك أم الولد في جميع ما ذكرنا إلا في خصلة واحدة: لا تسعى (¬7) لأصحاب الجناية في شيء. ... باب جناية العبد على مولاه وإذا جنى المدبر على مولاه جناية، تبلغ النفس أو لا تبلغ النفس، فلا شيء على المدبر في ذلك، لأنه لا يكون على عبده دين له. وكذلك هذه ¬

_ (¬1) ز: يبيع. (¬2) ز: ما. (¬3) ز: وإن. (¬4) ز + ولا يحال بينهم وبين ذلك وإذا مات المولى وترك مدبرا قد كان قتل قتيلاً خطأ وأفسد متاعا. (¬5) ف: ولأصحاب. (¬6) ز: في عتق. (¬7) ز: لا يسعى.

الجناية لو كانت في عبد للمولى أو أمة فبلغت النفس أو دونها فلا شيء عليه (¬1) فيه (¬2). وإذا قتل المدبر مولاه خطأً فإن عليه أن يسعى في قيمته، مِن قِبَل أنه لا وصية له، لأنه قاتل. ولا شيء عليه مِن قِبَل (¬3) الجناية، لأنه عبده. ولو كانت أم ولد وقتلت مولاها خطأ لم يكن عليها أن تسعى (¬4) في شيء، لأن عتقها ليس بوصية، وليس عليها من الجناية شيء، لأنها أمته. وإذا قتل المدبر مولاه عمداً فعليه السعاية في قيمته، مِن قِبَل أنه لا وصية له، وعليه القصاص. فإن كان له ابنان لا (¬5) وارث له غيرهما فعفا أحدهما عن المدبر فعلى المدبر أن يسعى في نصف قيمته للذي لم يعف مع القيمة التي عليه لهما جميعاً. وإذا قتلت أم الولد مولاها عمداً، فإن لم يكن لها منه ولد فعليها القصاص، ولا سعاية عليها. فإن كان لها منه ولد فلا قصاص عليها، مِن قِبَل أنه لا قصاص لولد من والد ولا والدة (¬6)، وقد صار لابنها القصاص. وعليها أن تسعى في القيمة مِن قِبَل الجناية، لأنه كان لابنها عليها القصاص، فلما صار لابنها فيه حق صار بمنزلة الصلح. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإذا قتل العبد مولاه عمداً وليس بمدبر فعليه القصاص، ولا سعاية عليه، ولا يعتق. فإن كان له وليان فعفا أحدهما عن الدم فهو عبد على حاله بينهما، ولا شيء عليه للذي لم يعف في قول أبي حنيفة ومحمد. وأما في قول أبي يوسف فعلى الذيٍ عفا للذي لم يعف ربع العبد، أو يفديه بربع الدية. وإذا كان القتل (¬7) خطأ من العبد فلا شيء عليه ولا سعاية. ¬

_ (¬1) ز - عليه. (¬2) ف - فيه. (¬3) ز - قبل. (¬4) ز: أن يسعى (¬5) ز: ولا. (¬6) ز: لوالده. (¬7) ف: القتيل. .

باب جناية المدبر في البئر وغيره وعلى مولاه

باب جناية المدبر في البئر وغيره وعلى مولاه فإذا قتل المدبر مولاه خطأً فلا شيء عليه مِن قِبَل الجناية، لأنه ماله وعبده، فلا يلزم عبده (¬1) دين عليه. ولكن عليه أن يسعى في قيمته، مِن قِبَل أنه لا وصية له. وجنايته ما دام يسعى والجناية عليه مثل جناية العبد في قول أبي حنيفة، وهو مثل جناية الحر في قول أبي يوسف ومحمد. ولو قتل مولاه عمداً كان عليه القصاص، وعليه قيمته، مِن قِبَل أنه لا وصية له. فإن بدأ بالقتل فقتلوه فالقيمة دين عليه. وإن بدؤوا (¬2) بالسعاية حتى يستوفوا المال ثم قتلوه فلهم (¬3) ذلك. فإن كان للمولى ابنان فعفا أحدهما عن الدم كان عفوه جائزاً. ولا قصاص على المدبر بعد العفو. وعلى المدبر أن يسعى في قيمته ونصف قيمته من ذلك، مِن قِبَل أنه لا وصية له. فقيمته بين الوارثين، ونصف قيمته للذي (¬4) لم يعف، أوجبت له حين عفا أخوه. وإنما وجبت (¬5) نصف قيمته لأن المدبر جنى، وهو بمنزلة العبد في الجناية ما دام يسعى. وإن كان على المولى دين فهذه القيمة والنصف للغرماء، هم أحق بذلك من الورثة. فإن بقي منها شيء فهو بين الوارثين، للذي عفا من ذلك الثلث، وللذي لم يعف من ذلك الثلثان على قدر ما كان لهما إن لم يكن عليه دين. وإذا أفسد المدبر متاعاً لمولاه، أو جنى عليه جناية لم تبلغ النفس، ثم مات المولى من غير تلك الجناية، فلا شيء على المدبر من ذلك، لأنه عبد للمولى، لا يلزمه لمولاه دين. ويعتق المدبر من الثلث. وإذا قتل المدبر مولاه عمداً، وللمولى وارثان هما عصبة المولى، وأحدهما ابن المدبر، فإن على المدبر أن يسعى في قيمتين: قيمة مِن قِبَل أنه لا وصية له، وقيمة مِن قِبَل القتل، لأنه كان عمداً فعليه القصاص. ¬

_ (¬1) ز: عنده. (¬2) ز: بدأ. (¬3) ف + مع. (¬4) ف: وللذي. (¬5) ط: أوجبت.

باب جناية المدبر على غير مولاه

وإنما يبطل القصاص حين ورث ابن المدبر. وليس هذا كالعبد في الباب الأول (¬1). وإذا احتفر المدبر بئراً في طريق، أو أحدث فيه شيئاً، فأصاب ذلك المولى فقتله، فلا شيء على المدبر من ذلك، ويعتق من الثلث. وإنما جازت الوصية مِن قِبَل أن المدبر ليس بقاتل بيده (¬2). ألا ترى أنه لا كفارة عليه. إنما يُحرَم الوصيةَ القاتلُ الذي تجب (¬3) عليه الكفارة. ... باب جناية المدبر على غير مولاه وإذا قتل المدبر رجلاً خطأً فعلى المولى قيمة المدبر، يقضي بها القاضي عليه، وليس على المدبر شيء من ذلك. فإن قتل آخر بعد ذلك شَرِكَ الأول في تلك القيمة الأولى كأنه دفع العبد بنفسه إليهم. ولو لم يكن دفع القيمة الأولى ولم (¬4) يقض به القاضي حتى قتل الثاني كانت القيمة كذلك بينهما نصفين (¬5). فإن كانت قيمته يوم قتل الأول ألف درهم، وقيمته يوم قتل الثاني ألفان، فعلى المولى ألفان، يأخذ الآخر إحداهما، ويقتسمان الأخرى، يضرب فيها الآخر بتسعة آلاف، والأول بعشرة آلاف، مِن قِبَل أن الآخر أخذ ألفاً، فلا يضرب بأكثر من تسعة آلاف. وإذا قتل المدبر رجلاً خطأً وفقأ عين آخر فإن على المولى قيمته، لولي القتيل منها الثلثان، ولصاحب العين الثلث. وإذا قتل آخر بعد ذلك شَرِكَهم، فكان له خمسا ما أخذ كل واحد منهما، ولولي القتيل الأول خمسا (¬6) القيمة، يأخذه منها، ولصاحب العين خمسها. ¬

_ (¬1) ز - وإنما يبطل القصاص حين ورث ابن المدبر وليس هذا كالعبد في الباب الأول. (¬2) ف: مده. (¬3) ز: يجب. (¬4) ز: ولو لم. (¬5) ز: نصفان. (¬6) ز: خمسي.

فإذا قتل المدبر رجلاً وقيمة المدبر ألف درهم، ثم فقأ رجل عين المدبر، فغرم خمسمائة درهم، ثم قتل المدبر آخر، فإن الخمسمائة أرش العين للمولى، لا شيء لواحد من أولياء الجناية فيها، وعلى المولى ألف درهم، خمسمائة منها للأول، وخمسمائة منها يضرب فيها الأول بالدية إلا خمسمائة، ويضرب فيها الآخر بالدية. وإذا قتل المدبر رجلاً خطأً، ثم فقأ عبد عينه، فدفع بذلك، ثم قتل المدبر آخر، فإن على المولى قيمته صحيحاً، نصفها للأول، والنصف الباقي بينهما على دية الأول إلا ما أخذ، ودية الآخر. والعبد الذي يأخذ في عينه للمولى، ولا سبيل عليه لأولياء الجناية. ألا ترى أنه لو باعه أو وهبه ولم يأخذه في الجناية لم يضمن ذلك لأصحاب الجناية، وكان على المولى قيمة المدبر صحيحاً. فإذا جنى المدبر جناية في دابة أو متاع أو مال فليس على مولاه من ذلك شيء، وهو على المدبر دين في عنقه (¬1) بالغاً ما بلغ. فإن أعتقه (¬2) المولى لم يضمن المولى من ذلك شيئاً، وكان ذلك ديناً على المدبر يتبع (¬3) به، وليس هذا كالجناية في الناس، لأن الجناية في الناس يدفع العبد بها، وما سوى ذلك لا يدفع به. وإذا قتل المدبر رجلاً خطأً، واستهلك لرجل (¬4) ألف درهم، فإن على المولى قيمته لأهل الجناية، وعلى المدبر أن يسعى في ألف درهم لأصحاب الدين. فإن لم يقض (¬5) القاضي في شيء من ذلك حتى مات المولى، ولا مال له غير المدبر، وقيمته ألف درهم، فإن على المدبر أن يسعى لأصحاب الدين في الألف، ولا شيء لأصحاب الجناية، مِن قِبَل أن دين (¬6) أصحاب الجناية (¬7) على المولى. ودين أصحاب المدبر في الألف على المدبر، فهم ¬

_ (¬1) ز: في عتقه. (¬2) ز: عتقه. (¬3) ز: يبيع. (¬4) ف ز: الرجل. (¬5) ز: لم يقضي. (¬6) ز: أن دية. (¬7) ف - من قبل أن دين أصحاب الجناية.

أولى بسعايته. وكذلك لو أن رجلاً قتل المدبر فغرم قيمته كان لأصحاب الدين دون أصحاب الجناية. وكذلك لو كان المدبر جنى. فإذا قتل المدبر رجلاً خطأً فدفع المولى قيمته بغير قضاء قاض، ثم قتل آخر، فإنه يتبع الثاني الأول بنصف القيمة، ولا شيء على المولى، مِن قِبَل أنه دفع ذلك يوم دفعه وهو للأول، في قول أبي يوسف ومحمد. وأما في قول أبي حنيفة فإن الآخر بالخيار، إن شاء ضمن المولى نصف القيمة، وإن شاء اتبع الأول يأخذ نصف ما في (¬1) يديه. فإن هو ضمن نصف القيمة رجع المولى بها على الأول. ولو كان (¬2) المولى دفع القيمة بقضاء قاض لم يكن على المولى شيء، واتبع الآخر الأول. وإذا قتل المدبر عبداً خطأً فإن على المولى أن يدفع الأقل من قيمة القتيل وقيمة المدبر. وكذلك لو قتل مدبراً أو أم ولد أو مكاتباً (¬3) أو مكاتبة. وإذا قتل المدبر رجلين أحدهما عمداً والآخر خطأً فعلى المولى قيمته (¬4) لأصحاب الخطأ. فإن عفا أحد وليي (¬5) العمد (¬6) فإن القيمة بينهم أرباعا، للذي لم يعف ربع القيمة، ولصاحب الخطأ ثلاثة أرباعها، في قول أبي يوسف ومحمد. وأما في قياس قول أبي حنيفة فالقيمة بينهم أثلاثاً، للذي لم يعف ثلثاه (¬7)، والثلث لأولياء الخطأ. وإذا احتفر المدبر بئراً في طريق المسلمين، فوقع فيها رجل فمات، فعلى المولى القيمة. فإن قتل المدبر آخر بيده خطأً فإنهم (¬8) يشتركون في تلك القيمة. وكذلك إن عطب رجل بحجر وضعه المدبر في الطريق فمات فهو شريكهم في تلك القيمة، وهو بينهم أثلاثاً. وإذا قتل المدبر رجلاً عمداً ثم عفا أحد الوليين فللآخر نصف القيمة. ¬

_ (¬1) ز: ما بقي. (¬2) ف + دفع. (¬3) ز: أو مكاتب. (¬4) ف: القيمة. (¬5) ز: ولي. (¬6) ف: العبد. (¬7) ز: ثلثيه. (¬8) ف + لا.

باب الغصب في المدبر

فإن قتل آخر خطأً فللآخر نصف القيمة على المولى، وله نصف ما أخذ الأول، فيكون لولي القتيل الآخر ثلاثة أرباع القيمة، [و] للأول (¬1) ربع القيمة (¬2). وليس هذا (¬3) كالنفس والعين، لأن العين في رقبة العبد كله، ونصف الدية للذي لم يعف في نصف العبد ليس في (¬4) كله في قول أبي يوسف ومحمد. ... باب الغصب في المدبر فإذا قتل المدبر رجلاً خطأً، ثم إن رجلاً اغتصب المدبر، فقتل عنده آخر خطأً، ثم رده على المولى، فإن على المولى (¬5) قيمته لولي القتيلين كما سواء، ويرجع المولى (¬6) على المغتصب بنصف قيمته، فيؤديها إلى الأول، ولا يرجع بها على الغاصب. وإذا اغتصب رجل مدبراً لرجل فقتل عنده قتيلاً خطأ، ثم رده إلى المولى فقتل عند المولى آخر خطأ، فعلى المولى قيمته بينهما. ويرجع المولى بنصف قيمته على المغتصب، فيؤديها إلى الأول، ثم يرجع بها على المغتصب أيضاً في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وأما في قول زفر ومحمد (¬7) فإن المولى يرجع على الغاصب بنصف قيمة المدبر، فيسلم له، ولا يدفع إلى ولي الجناية الأولى (¬8) شيئاً. وإذا اغتصب رجل مدبراً فقتل عنده قتيلاً، ثم رده إلى المولى وقتل ¬

_ (¬1) الواو من ب ط. (¬2) ز + على المولى وله نصف ما أخذ الأول فيكون لولي القتيل الآخر ثلاثة أرباع القيمة للأول ربع القيمة. (¬3) ز - هذا. (¬4) ز + ذلك. (¬5) ز - فمن على المولى. (¬6) ز - المولى. (¬7) ف - ومحمد. (¬8) ز: الأول.

اثنين عند المولى خطأً، فإن على المولى قيمة تامة بينهم أثلاثا، ويرجع المولى على المغتصب بثلث القيمة، ويدفعها إلى الأول، ثم يرجع (¬1) بثلث القيمة فيدفعها إلى الأول أيضاً، ثم يرجع بمثله على المغتصب في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وإذا اغتصب الرجل مدبراً فقتل عنده رجلاً، واغتصب مالاً عنده، ثم رده إلى المولى فقتل عند المولى آخر، فإن على المولى قيمته لولي القتيلين بينهما نصفان، ويسعى لأصحاب الدين في دينهم، ويتبع (¬2) المولى الغاصب بنصف القيمة، فيدفعها إلى الأول، ويرجع عليه بمثل ذلك النصف في قول أبي حنيفة وأبي يوسف، ولا شيء لأصحاب الدين من ذلك، إنما دينهم في عنق (¬3) العبد يسعى فيه. وإذا سعى المدبر في قيمته للغرماء رجع المولى بذلك على الغاصب، وسعى (¬4) العبد فيما بقي من الدين، ولا يرجع به (¬5) على المولى (¬6). ألا ترى أن المولى لا يغرم من دينهم شيئاً. وإذا قتل المدبر رجلاً خطأً، ثم نقصت قيمة المدبر أو زادت، أو كانت (¬7) المدبر أمة فولدت بعد، فإنما على المولى قيمة المدبر يوم جنت، ولا يلحقه من الولد ولا من الزيادة شيء. وكذلك لا يحط عنه العيب الذي حدث فيها شيء. وإذا قتل ولد المدبرة رجلاً خطأً فإن على المولى قيمته، وهو في ذلك بمنزلة أمه. وإذا قتل المدبر قتيلاً عمداً فإنه يقتل به، ولا شيء على المولى، لأن هذا قصاص. وإن صالح المولى أحد الوليين أو عفا بغير صلح فإن للآخر نصف القيمة. ¬

_ (¬1) ف: ويرجع. (¬2) ز: ويبيع. (¬3) ز: في عتق. (¬4) ط: ويسعى. (¬5) ز: ويرجع به؛ م هـ: في نسخة ويرجع به. (¬6) ز - المولى. (¬7) ز: أو كاتب.

وإذا قتل المدبر رجلاً [خطأ] (¬1)، ثم اغتصبه رجل فقتل عنده رجلاً عمداً، ثم إنه رده إلى المولى، فإنه يقتل، وعلى المولى قيمته لصاحب الخطأ، ويرجع المولى بقيمته على الغاصب. فإن عفا أحد وليي العمد كانت القيمة بينهم أرباعاً: لصاحب الخطأ ثلاثة أرباعها، ولصاحب العمد الذي لم يعف ربعها، في قول أبي يوسف ومحمد. ويرجع المولى على الغاصب بذلك الربع فيدفعه إلى صاحب الخطأ. وإذا اغتصب الرجل مدبراً فقتل عنده رجلاً عمداً، ثم رده فقتل عند المولى رجلاً خطأً بعدما عفا (¬2) أحد وليي (¬3) العمد، فإن عليه قيمته بينهم أرباعأ على ما وصفت لك في قول أبي يوسف ومحمد. ثم يرجع على الغاصب بربع القيمة فيدفعها إلى صاحب الذي لم يعف، ثم يرجع عليه (¬4) بمثل ذلك أيضاً في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف فيما يرجع به في الجناية في الغصب. وإذا اغتصب الرجل مدبراً فأقر عنده بقتل رجل عمداً، وزعم أن ذلك كان عند المولى، أو زعم أن ذلك كان عند الغاصب، ثم إن الغاصب رده على المولى، فإنه يقتل بذلك، وعلى الغاصب القيمة في الوجهين جميعاً، مِن قِبَل أنه أقر عنده بشيء أتلفه. ولو عفا أحد وليي (¬5) العمد لم يكن للباقي شيء مِن قِبَل أن هذا كان بإقرار العبد، وقد صار أرشًا، فلا يصدق على مولاه. وكذلك لو كان عبداً غير مدبر. وإذا اغتصب الرجل عبداً مدبراً فأقر عنده بسرقة أو ارتد عن الإسلام، ثم إنه رده فقتل في تلك الردة، فعلى الغاصب قيمته. فإن قطع في سرقة فعلى الغاصب نصف قيمته. وقياس هذا عندي البيع: لو باع رجلاً عبداً مرتداً عن الإسلام وكتمه ذلك، فقتل عند المشتري، رجع المشتري على ¬

_ (¬1) الزيادة من ب جار. (¬2) م: بعد عفا؛ ط: بعد عفو. (¬3) ز: ولي. (¬4) ف - بربع القيمة فيدفعها إلى صاحب الذي لم يعف ثم يرجع عليه. (¬5) ز: ولي.

البائع بالثمن الذي كان نقده. وكذلك لو باعه وقد أقر بقتل عمد فهو سواء في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد في البيع خاصة فإنه يُقَوَّم مرتداً أو سارقاً، ويُقَوَّم صحيحاً لا شيء به من ذلك، ثم يرجع المشتري على البائع بحصة ذلك من الثمن إن كان أعطاه إياه. وإذا اغتصب الرجل مدبراً فقتل عنده قتيلاً خطأً، أو أفسد (¬1) عنده متاعاً، ثم إن رجلاً قتل العبد خطأً، فعلى القاتل قيمة العبد على عاقلته، فيكون لأصحاب الدين، وعلى المولى قيمة العبد لولي القتيل الذي قتله، ويرجع بذلك كله على الغاصب. وإذا اغتصب رجل مدبراً (¬2) فقتل عنده قتيلاً خطأً، واستهلك عنده مالاً يحيط بقيمته، ثم إنه مات عنده، فعلى المولى قيمته لأصحاب الجناية، ويرجع بها على الغاصب، ويرجع بقيمة أخرى على الغاصب بموته، فيدفعها إلى أصحاب الدين، ويرجع عليه بقيمة أخرى. ولو اغتصب الرجل مدبراً، أو عبداً غير مدبر، فاستهلك عنده مالاً يجاوز قيمته، ثم إنه رده على المولى، فمات عند المولى، فلا شيء لأصحاب الدين، ولا شيء للمولى على الغاصب. وإن مات عند الغاصب قبل أن يرده فإن على الغاصب قيمته يدفعها إلى المولى، فيأخذها الغرماء، ثم يرجع المولى عليه بمثل ذلك. فإن كان (¬3) رده إلى المولى فقتل عنده خطأ فقيمته لأصحاب الدين على عاقلة (¬4) القاتل. فإذا قبضها المولى أخذها الغرماء، ويرجع المولى على الغاصب بتلك القيمة، لأنه إنما استهلك بتلك القيمة عند الغاصب. وإذا اغتصب المدبر مالاً فاستهلكه وهو عند (¬5) المولى، ثم اغتصبه رجل آخر فحفر عنده بئراً في الطريق، ثم إنه رده إلى المولى فقتله رجل (¬6) خطأ، فغرم القيمة للمولى، فأخذها أصحاب الدين، ثم وقعت في البئر دابة ¬

_ (¬1) ز: أو فسد. (¬2) ز: مدبر. (¬3) ف - كان. (¬4) ز: على العاقلة. (¬5) ز: عبد. (¬6) ز + رجل.

باب جناية المدبر بين رجلين

فعطبت، وقيمتها والدين سواء، فإنهم يشاركون أصحاب (¬1) القيمة، فيأخذون نصفها، ويرجع المولى على الغاصب بذلك، ثم يدفعه إلى أصحاب (¬2) الدين الأول. فإن وقع في البئر إنسان آخر فمات فعلى المولى قيمة المدبر، ويرجع بذلك على الغاصب. ... باب جناية المدبر بين رجلين (¬3) وإذا كان المدبر بين اثنين فقَتَلَ أحد مولييه ورجلاً خطأً بدئ (¬4) بالرجل قبل المولى؛ فإن على المولى الباقي نصف قيمته، وفي مال المقتول نصف قيمته، فيكون لمولى (¬5) المقتول ربع قيمته، وللآخر (¬6) ثلاثة أرباع قيمته، مِن قِبَل أن مولى القتيل لا حق له فيما ضمن، وإنما حقه في النصف الآخر، يضرب فيه بخمسة آلاف. وعلى المدبر أن يسعى في قيمته. وإذا قتل المدبر أحد مولييه عمداً ورجلاً آخر خطأً بدئ (¬7) بالرجل قبل المولى، فإن على مولاه الباقي، وفي مال المقتول قيمته تامة لولي القتيل الخطأ، ويسعى المدبر في قيمته بين الموليين، ويقتل بالعمد. فإن عفا أحد وليي (¬8) العمد سعى المدبر للذي لم يعف في نصف قيمته أيضاً. وإذا قتل المدبر رجلاً عمداً ثم قتل أحد مولييه خطأً بعد ما عفا أحد وليي العمد فإن على المولى (¬9) الباقي نصف قيمته، فيكون نصف ذلك ¬

_ (¬1) ز + الدين ثم وقعت في البئر دابة فعطبت وقيمتها والدين سواء فإنهم يشاركون أصحاب. (¬2) ف - أصحاب. (¬3) ز: اثنين. (¬4) ز: بدأ. (¬5) ف: لولى. (¬6) ز: والآخر. (¬7) ز: بدأ. (¬8) ز: ولي. (¬9) ف - المولى.

النصف لولي (¬1) المولى (¬2) القتيل، والنصف الباقي من ذلك النصف بينه وبين الذي لم يعف. وعلى ورثة المولى المقتول ربع القيمة للذي لم يعف. وعلى المدبر أن يسعى في قيمته تامة للذي بقي من مولاه ولورثة المولى القتيل، لأنه لا وصية له، لأنه قاتل. وإذا قتل المدبر مولييه جميعاً معاً خطأً فإن عليه أن يسعى في قيمته لورثتهما، ولا شيء لواحد منهما على صاحبه. وإذا اغتصب المدبر أحد (¬3) مولييه فقتل عنده قتيلاً خطأً، ثم رده، فقتل (¬4) رجلاً عمداً له وليان، فعفا أحدهما، فإن عليهما (¬5) قيمة تامة: لصاحب الخطأ ثلاثة أرباعها، ولصاحب العمد الذي لم يعف ربعها. ويرجع مولى الذي لم يغصب على الغاصب بثلاثة أرباع نصف قيمة المدبر، فيرد على صاحب الخطأ من ذلك ثمن قيمة العبد، ويرجع بذلك على الغاصب. وإذا قطع رجل (¬6) يد المدبر وقيمته ألف، فبرأ وزاد حتى صارت قيمته ألفين، ثم فقأ آخر عينه، ثم انتقضت اليد فمات منهما (¬7) جميعاً، والمدبر بين اثنين، فعفا أحدهما عن اليد وما يحدث فيها، وعفا الآخر عن العين وما يحدث فيها، فإن للذي عفا عن اليد على صاحب العين (¬8) سبعمائة وخمسين درهماً على عاقلته إن كان ذلك كله خطأً. وإن كان عمداً ففي ماله. وللذي عفا عن العين على صاحب اليد ثلاثمائة واثنا (¬9) عشر درهماً ونصف درهم، على عاقلته إن كان خطأ، وفي ماله إن كان عمداً، مِن قِبَل أن القاطع قطع يده وقيمته ألف، فكان عليه نصف قيمته خمسمائة، فلما فقأ الآخر عينه وقيمته ألفان صار عليه نصف الألف، فلما مات من الجنايتين جميعاً صار صاحب اليد ضامناً لمائة وخمسة (¬10) وعشرين من قيمته، وصار ¬

_ (¬1) ز - لولي. (¬2) ز: لمولى. (¬3) ز: أخذ. (¬4) ف: ثم قتل. (¬5) ز: عليه. (¬6) ف: الرجل. (¬7) ز: منها. (¬8) ز - وما يحدث فيها فإن للذي عفا عن اليد على صاحب العين. (¬9) ز: واثني. (¬10) ف: خمسة.

باب جناية أم الولد في البئر وغيرها

الباقي ضامناً للألف والخمسمائة من قيمته، لأنه ثلاثة أرباع الجناية. وإنما ضمنت القاطع مائة وخمسة وعشرين مع الخمسمائة التي عليه مِن قِبَل اليد لأن الفاقئ كأنه فقأ عينه وقيمته خمسمائة، فعليه نصف قيمته خمسون ومائتا (¬1) درهم، فيبقى من النفس مائتان وخمسون، فلما مات من جنايتهما (¬2) صار على كل واحد منهم نصف ذلك، وهو مائة وخمسة (¬3) وعشرون، فلما عفا أحد الموليين عن صاحب اليد سقط عنه نصف أرش الجناية. وكذلك صاحب العين. وجناية أم الولد في جميع ما ذكرنا مثل جناية المدبر إذا كان على غير المولى. ... باب جناية أم الولد في البئر وغيرها وإذا جنت أم الولد فقتلت مولاها فلا شيء عليها، مِن قِبَل أن عتقها ليس من الثلث، وليس بوصية فتبطل (¬4) الوصية، ولا جناية عليها لمولاها، إنما جنت عليه وهي مملوكة له لا يجب عليها دين. وإذا قتلت أم الولد مولاها عمداً وليس له (¬5) منها ولد فعليها القصاص، ولا سعاية عليها. فإن كان للمولى ابنان فعفا أحدهما سعت للآخر في نصف قيمتها، لأن الجناية كانت وهي أمة، فلا يلزمها أكثر من ذلك. وكذلك عبد قتل رجلاً عمداً فأعتقه المولى ثم عفا أحد وليي الدم. وإذا قتلت أم الولد مولاها عمداً وله ابنان (¬6): أحدهما: منها (¬7)، والآخر: ليس منها (¬8)، فإن عليها أن تسعى في قيمتها تامة بينهما نصفان، ¬

_ (¬1) م ف ز: خمسين ومائتي. (¬2) ز: من جنايتها. (¬3) ز: وخمسون. (¬4) ز: فيبطل. (¬5) ف - له. (¬6) ز: اثنان. (¬7) ز: منه. (¬8) ز: ابنها.

لأن القتل كان عمداً، فلما صار إلى ابنها (¬1) بطل القصاص، وصار مالاً عليها تسعى فيه. وليس هذا كالخطأ. وهي حرة في جميع أمورها، وليس سعايتها هذه كالسعاية في شيء من الرقبة، وهي (¬2) بمنزلة الحرة. وإذا كاتب الرجل أم ولده أو مدبرة له ثم إنها قتلت مولاها خطأً، فأما أم الولد فإنها تسعى في قيمتها مِن قِبَل الجناية، وتبطل عنها المكاتبة، مِن قِبَل أنها قد عتقت حين مات مولاها، وإنما وجب عليها أن تسعى (¬3) في قيمتها بالجناية لأنها جنت وهي مكاتبة. ألا ترى أنها لو أفسدت له متاعاً أو استقرضت مالاً ثم مات المولى بطلت عنها المكاتبة وعتقت ولزمها الدين. وأما المدبرة فإن عليها أن تسعى في قيمتها من قبل الجناية لأن عتقها وصية، ولا وصية لها لأنها قاتلة. وإن كانت مكاتبتها (¬4) أقل من قيمتها سعت في مكاتبتها. وإذا أسلمت أم ولد النصراني، فاستسعاها في قيمتها، فقتلته (¬5) خطأً وهي تسعى، فإن عليها قيمتها مِن قِبَل الجناية، وبطل عنها سعاية الرق، وتعتق. فإن كان القتل عمداً فعليها القصاص مكان القيمة. وإن كان (¬6) لها منه ولد فلا شيء لولدها في ذلك، مِن قِبَل أنه مسلم مع الأم (¬7)، فلا يرث الأب. فإن عفا بعض الورثة عن الدم بطل عنها القصاص، ورُفع عنها حصة من عفا، وتسعى في حصة من لم يعف من القيمة. وإذا قتلت أم الولد مولاها عمداً وليس لها منه ولد وهي حبلى منه فلا قصاص له عليها، مِن قِبَل خصلتين: مِن قِبَل ما في بطنها لعل أن يكون وارثاً، ومِن قِبَل أن الحبلى (¬8) لا تقتل (¬9) بالقصاص. فإن ولدت ¬

_ (¬1) ز - فإن عليها أن تسعى في قيمتها تامة بينهما نصفان لأن القتل كان عمدا فلما صار إلى ابنها. (¬2) م ف ز ط: وهو. (¬3) ز: أن يسعى. (¬4) ز: مكاتبه. (¬5) ز: فقتله. (¬6) ز - كان. (¬7) م ز: مع الابن؛ صح م هـ. (¬8) ز: أن الجلى. (¬9) ز: لا تقبل.

باب جناية المكاتب في الخطأ

ولداً حياً ورث أباه، وصار عليها القيمة لجميع الورثة. وإن ولدت ميتاً كان عليها القصاص. فإن كان إنسان ضرب بطنها فألقته ميتاً فعليه غرة، ولها ميراثها من تلك الغرة، وما بقي فهو لإخوة الجنين، وتقتل هي بقتلها (¬1) مولاها، ويرث نصيبها من الغرة بنو مولاها، لأنهم عصبة. ولا يحرمون الميراث منها، لأنهم قتلوها بحق. ... باب جناية المكاتب في الخطأ وإذا قتل المكاتب رجلاً خطأً وقيمة المكاتب ألف درهم فإن على المكاتب أن يسعى في قيمته. فإن قتل آخر خطأً بعدما قضي عليه بالأول فإن عليه أن يسعى في قيمة أخرى. فإن قتل اثنين قبل أن يقضى عليه للأول فإن عليه أن يسعى في قيمة واحدة لهما جميعاً. فإن كانت الجناية كلها قتلا وقطع (¬2) يد فالقيمة بينهم أثلاثاً: لولي القتيل ثلثاه، ولصاحب اليد الثلث. وإذا قتل المكاتب عبداً خطأً فإن عليه أن يسعى في الأقل من قيمته ومن قيمة المقتول. وكذلك لو قتل مكاتبا أو مدبرا أو أم (¬3) ولد. فإن قتل هؤلاء جميعاً وقتل معهم حرَّا فإن عليه قيمته لهم جميعاً على قدر قيمتهم، ودية الحر. وإذا قتل المكاتب رجلاً خطأً ثم عجز قبل أن يقضي به قاض (¬4) فإنه يخير مولاه، فإن شاء دفعه بالخيار، وإن شاء فداه بالدية. وكذلك لو كانت الجناية دون النفس في عبد أو حر فإن مولاه يخير فيه، فإن شاء دفعه، وإن شاء فداه بأرش ذلك. ¬

_ (¬1) ز: ويقبل هي يقبلها. (¬2) ز: قبل وقع. (¬3) ز: وأم. (¬4) ز: قاضي.

وإذا أفسد المكاتب متاعاً أو عقر دابة أو استهلك مالاً أو متاعاً فعليه قيمة ذلك، وعليه المال ديناً بالغا ما بلغ، وليس هذا كالجناية في الناس. هذا لا يدفع به أبداً. وإذا قتل المكاتب رجلاً خطأً [وله وليان] (¬1)، ثم إنه قضي عليه لأحدهما (¬2) بنصف القيمة، والآخر غائب، ثم قتل رجلاً آخر خطأً، ثم عجز، واختار مولاه دفعه، فإنه يدفع نصفه إلى الآخر، ويتبع (¬3) المقضي له الأول بذلك النصف المدفوع إليه، فيباع فيه، ويدفع النصف الباقي إلى الآخر والأوسط الذي لم يقض له فيه بشيء، ويضرب فيه الآخر بخمسة آلاف، والأوسط بعشرة آلاف. وإذا قتل المكاتب رجلاً خطأً وله وليان، فقضى عليه القاضي لأحدهما بنصف القيمة، ولم يقض للآخر بشيء، ثم قتل آخر، فجاء آخر فخاصم إلى القاضي وهو مكاتب بعد، فإنه يقضي (¬4) له بثلاثة أرباع القيمة، مِن قِبَل أن النصف الباقي المقضي فيه للأول لا جناية فيه، فيقضي (¬5) له بنصف الدية فيه، فيصير له بذلك نصف القيمة، والنصف الباقي يقضي (¬6) له بنصفه. وإن عجز المكاتب وجاء الأوسط فإنه يدفع إليه ربع العبد، أو يفديه مولاه بنصف (¬7) الدية (¬8). وإذا قتل المكاتب رجلاً خطأً، ثم اعْوَرّ فقتل آخر خطأً، ثم خاصما، فإن عليه قيمته صحيحاً، نصفها للأول، ونصفها بينهما، يضرب فيه الآخر بالدية، والأول بالدية، إلا ما كان أخذ. وكذلك لو كان فقأ عينه إنسان أو نقصت (¬9) ¬

_ (¬1) زاد في ط من نسخة: ثم إنه قتل آخر. لكن يظهر أنه خطأ من الناسخ. والتصحيح من ب جار؛ والمبسوط، 27/ 81. ولفظ ب جار: له وليان. ولفظ المبسوط: وله وارثان. واخترنا إثبات "وله وليان". (¬2) ز: لإحداهما. (¬3) ز: ويبيع. (¬4) ز: يقضا. (¬5) ز: فيقضا. (¬6) ز: يقضا. (¬7) ف: بنصفه. (¬8) ف - الدية. (¬9) ز: ثم نقصت.

القيمة من سعر أو عيب (¬1) حتى يذهب بعض ثمنه من أجل ذلك العيب (¬2). وإذا قتل المكاتب رجلاً خطأً، وحفر بئراً فوقع فيها إنسان فمات، أو أحدث (¬3) شيئاً في الطريق، فقضي (¬4) عليه بالقيمة للذي وقع في البئر ولولي القتيل، وسعى فيما بينهم، ثم عطب بذلك الذي أحدث في الطريق إنسان فمات، فإنه يشاركهم في القيمة التي أخذوا، لأنه أحدث ذلك في الطريق قبل أن يقضى عليه بالقيمة. وكذلك لو كان وقع في البئر إنسان آخر فمات. ولو حفر بئراً أخرى في الطريق بعدما قضي عليه بالقيمة فوقع فيها إنسان فمات قضى عليه القاضي بقيمة أخرى. ولو وقع في البئر الأولى فرس فعطبت أو بهيمة كان عليه قيمتها ديناً في رقبته، يسعى فيه بالغاً ما بلغ، لا يشارك أهل الجناية ولا يشركونه. ألا ترى أن مكاتباً لو قتل رجلاً خطأً أو استهلك مالاً لقضي (¬5) عليه بالقيمة في القتل وقضي عليه بالمال بالغاً ما بلغ. وإذا قتل ابن المكاتب من أمته قتيلاً خطأً فهو بمنزلة المكاتب يسعى في ذلك. وكذلك لو كان المكاتب (¬6) اشتراه شراء. وكذلك أبوه وأمه إذا كانوا في ملكه. وكذلك أم ولده يغرم قيمتها، ولا يدفع شيئاً من هؤلاء. ولو كان عبد (¬7) له جنى جناية أو أمة كان عليه أن يدفعه أو يفديه. وكذلك لو كان القتل عمداً فصالح عن عبده كان صلحه جائزاً. ولو قتل هو بنفسه رجلاً عمداً فصالح عن نفسه فهو جائز، ويلزمه المال. فإن عجز ولم يؤد المال بطل عنه المال في قول أبي حنيفة (¬8). وأما في قول أبي يوسف ومحمد فالمال له لازم عجز أو لم يعجز. وإذا أقر المكاتب بالجناية خطأً ثم عجز فإقراره باطل، ¬

_ (¬1) ز: أو عنب. (¬2) ز: العنب. (¬3) ز: أو حدث. (¬4) م: قضي. (¬5) م ف ز ط: فقضي. (¬6) ز - من أمته قتيلاً خطأ فهو بمنزلة المكاتب يسعى في ذلك وكذلك لو كان المكاتب. (¬7) ز: عبدا. (¬8) ز - حنيفة.

فإن عتق كان إقراره جائزاً (¬1) عليه. وكذلك إقراره جائز عليه ما لم يعجز. وإذا أقر بقتل عمد فهو مصدق على نفسه. فإن عفا أحد الوارثين قضي عليه بنصف القيمة للآخر. وإن عجز قبل أن يؤدي بطل ذلك عنه في قول أبي حنيفة إن كان لم يؤد. ولا يبطل ذلك عنه في قول أبي يوسف ومحمد، إذا قضي به صار ديناً عليه يباع به. وكذلك كل عبد أو مكاتب أو مدبر يقر بقتل عمد أو زنى (¬2) أو سرقة أو قذف فإنه يقضى عليه من ذلك ما كان فيه القصاص والحد. فإذا دخل العفو وصار ما بقي مالاً بطل المال في الدم والسرقة إذا درئ فيها الحد، إلا أن يكون عبداً تاجراً أو مكاتباً (¬3)، فيؤخذ بالسرقة، فيكون ديناً في عنقه. وهذا قول أبي حنيفة. وإذا قتل المكاتب رجلاً عمداً له (¬4) وليان فعفا أحدهما سعى للآخر في نصف القيمة. فإن وقع رجل في بئر أحدثها المكاتب في الطريق قبل القتل فإن عليه نصف قيمة أخرى لصاحب البئر، وشارك أصحاب البئر مع أصحاب القتل العمد، فيأخذ منه نصف ما أخذ، في قول أبي يوسف ومحمد. وإذا قتل ابن المكاتب رجلاً خطأً، ثم إن المكاتب قتل ابنه وهو عبد، وقتل آخر خطأ، فإن عليه قيمته يسعى فيها، يضرب فيها أولياء القتيل الآخر بالدية، ويضرب فيها أولياء قتيل الابن بقيمة الابن. وإذا جنى المكاتب جناية، ثم اختلف المكاتب وولي الجناية في قيمة المكاتب، وقد علم أن قيمته قد زادت أو نقصت، فقال المكاتب: كانت قيمتي ألفاً يوم (¬5) جنيت، وقال الولي (¬6): كانت قيمتك ألفين، فالقول قول المكاتب، وعلى ولي القتيل البينة. وكذلك لو فقئت عين المكاتب فقال المكاتب: جنيت الجناية بعدما فقئت عيني، وقال الولي (¬7): كانت الجناية ¬

_ (¬1) ز - جائزا. (¬2) ز: أو ورثا. (¬3) ف - أو مكاتبا. (¬4) ف: وله. (¬5) ز: ثم. (¬6) ز: المولى. (¬7) م ز ط: المولى. والمقصود هو ولي الجناية كما هو ظاهر من أول العبارة.

قبل أن تفقأ عينك، فالقول قول المكاتب، وعلى الولي (¬1) البينة (¬2). ¬

_ (¬1) ط: المولى. وحكم المحقق الأفغاني بأن "الولي" خطأ. وذلك غير سديد، لأن المقصود هو ولي الجناية. ووقع نفس الخطأ في المبسوط أيضا، 27/ 83، 84. (¬2) م + آخر كتاب الديات والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد النبي وآله وسلم كتبه أبو بكر بن أحمد بن محمد الطلحي الأصفهاني في صفر سنة تسع وثلاثين وستمائة الهلالية؛ ف + آخر كتاب الديات والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد النبي وآله وسلم.

[كتاب الدور]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحيمِ (¬1) [كتاب الدور] (¬2) باب جناية العبد على الحر في المرض في الخطأ والعمد ثم يعفو عنه المجروح أو يعفو عنه بعض الأولياء قال: حدثنا أبو سليمان قال: حدثنا محمد بن الحسن قال: ولو أن عبداً لرجل جرح رجلاً (¬3) عمداً، ثم إن المجروح عفا عن العبد في صحته أو في مرضه، ثم مات من تلك الجراحة، فإن العفو جائز، ولا سبيل على العبد. إن كان ترك المجروح مالاً أو لم (¬4) يترك فهو سواء. وكذلك لو كان جرحه خطأً، ثم عفا عنه في الصحة، ثم مات من غير تلك الجراحة، فإن العفو جائز، ولا سبيل على العبد إن كان ترك مالاً أو لم (¬5) يترك. ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) الزيادة مستفادة من آخر الكتاب في نسختي م ف. فإنه مكتوب في آخر هذا الكتاب: آخر كتاب الدور. (¬3) ف - رجلا. (¬4) ز: ولم. (¬5) ز: ولم.

ولو كان عفا عنه في المرض أو في الصحة، والجناية خطأً، ثم مات من مرضه ذلك، ولا مال له، وقيمة العبد عشرة آلاف درهم، فإن مولى العبد بالخيار: إن شاء دفع ثلثي العبد إلى أولياء المجني عليه، وإن شاء فداه بثلثي الدية. ولو كان المولى أعتقه وهو لا يعلم بالجناية فإن على المولى ثلث (¬1) الدية إلا ثلثي عشرة دراهم. وكذلك لو دبره. وكذلك لو باعه. وإن كان يعلم بالجناية فعليه ثلثا الدية. وما صنع في ذلك كله فهو جائز ماض لا يرد. وكذلك لو كان قيمته أكثر من عشرة آلاف درهم. ولو كان جرحه وقيمة العبد خمسة آلاف درهم، فعفا عنه المجروح في مرضه، ثم مات من ذلك، والجناية خطأً، ولم يحدث مولاه شيئاً من ذلك، فإن مولى العبد بالخيار: إن شاء دفع ثلثي العبد، وسلم له الثلث. وإن شاء فدى نصفه بنصف الدية. فيصير في يدي ورثة المجني عليه خمسة آلاف درهم. ويصير الذي جاز للسيد من العبد بالعفو النصف من العبد الذي لم يفد، وهو ثلث مال الميت. ولو كانت قيمة العبد ألف درهم والمسألة على حالها فإنه يقال لمولى العبد: ادفع أو افد (¬2). فإن قال: أنا أدفع، دفع ثلثي العبد، وسلم له الثلث بالعفو. وإن قال: أنا أفدي فدى سدس العبد بسدس الدية. فصار في يدي الورثة سدس الدية ألف وستمائة وستة وستون وثلثان، وسلم لسيد العبد خمسة أسداس العبد، وذلك يساوي ثمانمائة وثلاثة وثلاثين وثلثاً، فذلك ثلث ما ترك الميت. وإن كان أعتقه المولى أو باعه وهو يعلم فهو مختار، وعليه سدس الدية، وجاز له خمسة أسداس العبد بالعفو. وإن كان لا يعلم فعليه ثلثا القيمة. وكذلك لو كان دبره. وكذلك لو كان وهبه لرجل وقبضه، أو تصدق به وقبضه. وكذلك لو تزوج عليه امرأة فدفعه إليها. ¬

_ (¬1) ف ز: ثلثي. (¬2) ز: أو افدي.

وأصل ذلك أنك تنظر إلى قيمة العبد من جميع ذلك، فتضعفها، ثم تزيد (¬1) ذلك على الدية، ثم تنظر (¬2) كم جميع ذلك، فتنظر (¬3) كم ضعف قيمة العبد من جميع ذلك، فذلك الذي يفدى إذا اختار الفداء (¬4). فإن كانت قيمته ألفاً زدت على الدية ألفين، فصار اثني عشر ألفاً. فصار الذي زدت اثنين من اثني عشر، وهو سدس (¬5). فهو الذي يفدى. وإن كانت قيمته ألفين أضعفتها، فصارت أربعة آلاف، ثم زدتها على الدية (¬6)، فصارت أربعة عشر ألفاً. فصار الذي زدت من جميع ذلك السبعين. فيفدي (¬7) سبعيه بسبعي الدية. وإن كانت قيمته ثلاثة (¬8) آلاف فدى ثلاثة أثمان العبد بثلاثة أثمان الدية. وإن كانت قيمته (¬9) أربعة آلاف فدى أربعة أتساعه بأربعة أتساع الدية (¬10). وإن كانت قيمته خمسة آلاف فدى اثني عشر جزء من اثنين وعشرين جزء (¬11). وإن كانت قيمته ستة آلاف فدى ستة أجزاء من أحد عشر ¬

_ (¬1) ز: ثم يرتد. (¬2) ز: ثم ينظر. (¬3) ز: فينظر. (¬4) ز: الفداي. (¬5) ز - سدس. (¬6) م + فصارت أربعة آلاف ثم زدتها على الدية. (¬7) ف: فيفتدي. (¬8) ف - ثلاثة. (¬9) ف - ألف فدا. (¬10) ف + وإن كانت قيمته خمسة آلاف فدى نصفه نصف الدية وإن كانت قيمته؛ ز + في نسخة وإن كانت قيمته خمسة آلاف فدى نصفه بنصف الدية وإن كانت قيمته. (¬11) م هـ: في نسخة وإن كانت قيمته خمسة آلاف فدى نصفه بنصف الدية. وقال في الهامش أيضاً: صوابه ستة آلاف وحينئذ يصح الجواب المذكور هنا وهو عين جواب مسألة الستة المذكور عقيب موضوع التضبيب والتخريج بقوله في نسخة وإن كانت قيمته خمسة آلاف تقدم لفظه ولا يصلح فيما إذا كانت قيمته خمسة آلاف غيره وإنما الاختلاف لفظاً مع اتحاد المعنى يصلح فيما إذا كانت قيمته ستة آلاف وسبعة آلاف وثمانية آلاف على ما ذكر لأن ستة أجزاء من أحد عشر هي اثنا عشر من اثنين وعشرين وكذلك إذا كانت قيمته سبعة آلاف لك أن تقول فدى أربعة عشر من أربعة وعشرين وإن شئت قلت فدى سبعة أجزاء من اثني عشر وكذا إذا كانت قيمته ثمانية آلاف لك أن تقول فدى ستة عشر جزء من ستة وعشرين ولك أن تقول ثمانية أجزاء من ثلاثة عشر والله تعالى أعلم.

جزء. وإن كانت قيمته سبعة آلاف فدى سبعة أجزاء من اثني عشر جزء. وإن كانت قيمته ثمانية آلاف فدى ثمانية أجزاء من ثلاثة عشر جزء. وإن كانت (¬1) قيمته عشر آلاف فدى ثلثيه بثلثي (¬2) الدية. [وإن اختار الدفع] (¬3) إذا كانت قيمته عشرة آلاف أو خمسة آلاف أو أقل أو ألف درهم فإنه يدفع ثلثيه (¬4)، ويجوز له الثلث. ولو كانت قيمته أكثر من عشرة آلاف واختار الدفع فإن أصل ذلك أن تزيد (¬5) ضعف الدية على القيمة، ثم تنظر (¬6) كم ضعف الدية التي زدت من القيمة وضعف الدية، فذلك الذي يدفع. فإن كان ذلك النصف دفع النصف. وإن كان الثلث دفع الثلث. وإن كان الربع دفع الربع. وسلم لمولى العبد ما بقي من العبد بما فيه من الدية بالعفو. وتفسير ذلك: إذا كانت قيمة العبد عشرين ألفاً (¬7) زدت عليها ضعف الدية، وهو عشرون ألفاً، فجميع ذلك أربعون ألفاً. فضعف الدية من الأربعين ألفاً النصف. فيدفع مولى العبد نصف العبد، وهو يساوي عشرة آلاف، وسلم له النصف بالعفو الذي كان فيه من الدية خمسة آلاف فذلك الثلث من تركة المقتول. وإن كانت قيمته ثلاثين ألفاً فزدت عليها ضعف الدية عشرين ألفاً فذلك خمسون ألفاً. فصار ضعف الدية من ذلك الخمسين. فيدفع الخمسين، وهو يساوي اثني عشر ألفاً. فيسلم له ثلاثة أخماس القيمة. وصار العفو عن ثلاثة أخماس الدية فيه، وهي ستة آلاف درهم. فصار ذلك الثلث. وصار في أيدي الورثة ما يساوي اثني عشر ألفاً، وهو الثلثان. ¬

_ (¬1) ز + قيمته ثمانية آلاف فدى ثمانية أجزاء من ثلاثة عشر جزء وإن كانت. (¬2) ز - بثلثي. (¬3) م هـ: ينبغي أن تكون العبارة هنا وإن اختار الدفع إذا كانت قيمته عشرة آلاف. وهي كذلك في ب. (¬4) ف: ثلثه. (¬5) ز: أن يزيد. (¬6) ز: ثم ينظر. (¬7) ز: ألف.

وإن كان يساوي أربعين ألف درهم زدت عليها ضعف الدية، فصار ستين ألفا. فصار الذي يدفع ثلث العبد، وهو يساوي ثلاثة عشر ألفاً وثلاثمائة وثلاثة وثلاثين وثلثاً. وجاز العفو في ثلثي العبد، وذلك ستة آلاف وستمائة وستة وستون وثلثان. وإن كانت قيمته خمسين ألفاً دفع السبعين من العبد، وجاز له خمسة أسباع بالعفو في خمسة أسباع العبد. وإن كانت قيمته خمسة عشر ألفاً زدت ضعف الدية وهي عشرون ألفاً على قيمة العبد، فصار ذلك خمسة وثلاثين ألفاً. فصار الذي يدفع أربعة أسباع العبد. وجاز للسيد ثلاثة أسباع الدية بالعفو في ثلاثة أسباع العبد. وكذلك ما كانت قيمته من شيء بعد أن يكون أكثر من عشرة آلاف زدت على القيمة ضعف الدية، ثم نظرت كم ضعف الدية من القيمة وضعف الدية، فهو (¬1) الذي يدفع. وسلم للسيد ما بقي على ما وصفت لك. ولو كانت قيمة العبد مائة درهم فإنك تجعل الدية مائة جزء، وكل ألف عشرة أجزاء، ثم أضعف القيمة، فتزيدها على المائة، فتفدي (¬2) جزأين من مائة جزء، وجزأين من الدية. وإنما زدنا على الدية ضعف القيمة مِن قِبَل أن المجروح لو كان ترك من المال ما يكون ضعف قيمة العبد أو أكثر سلم العبد لسيده، وكان العفو جائزاً. وهكذا (¬3) إذا كانت قيمة العبد عشرة آلاف أو أكثر وكان ما ترك المولى ضعف الدية جاز العفو. ولا سبيل على العبد وإن كانت قيمة العبد أضعافًا، مِن قِبَل أن في عنقه (¬4) الدية. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه في قياس قول أبي يوسف ومحمد. ... ¬

_ (¬1) ز: وهو. (¬2) ف: فتفتدي. (¬3) م: وهذا. (¬4) ز: في عتقه.

باب العفو وقد ترك المجروح مالا أو عليه دين

باب العفو وقد ترك المجروح مالاً أو عليه (¬1) دين ولو أن عبداً جرح رجلاً خطأً، ثم عفا عنه المجروح (¬2) في مرضه، ثم مات المجروح من جراحته تلك، وترك ألف درهم، وقيمة العبد ألف درهم، فإنك تنظر إلى ضعف القيمة التي زدت على الدية، ثم تأخذ في يدك (¬3) الأخرى القيمة مضاعفة، وهي سهمان، فتلقي (¬4) من السهمين واحداً (¬5) مكان الألف التي ترك، فيبقى واحد، فتفدي واحداً من اثني عشر، وهو (¬6) نصف السدس، بنصف (¬7) سدس (¬8) الدية. فإن كانت قيمته خمسة آلاف وترك ألفاً حططت هذه الألف من ضعف القيمة، فصار يفدي تسعة أجزاء من عشرين جزء من الدية. وإن كان ترك ألفين فدى (¬9) ثمانية أجزاء من عشرين (¬10) جزء من العبد بثمانية أجزاء من عشرين جزء من الدية. وإن كان ترك ثلاثة آلاف فدى سبعة أجزاء من عشرين جزء. وكذلك ما ترك من شيء نظرت فيه، فإن كان أقل من ضعف القيمة ألقيت ذلك من ضعف القيمة، ثم فدى ما بقي من ضعف القيمة إذا أنت جمعت ضعف القيمة مع الدية (¬11). ولو كانت قيمته خمسة آلاف وقد ترك ألفاً فأراد أن يدفع دفع ثلاثة أخماسه وسلم له خمسه. وإن كان ترك ألفين دفع خمسين وثلثي خمس. وإن كان ترك أربعة آلاف دفع خمسه، وذلك قيمة ألفين من رقبته، فيصير في أيدي الورثة الألفان التي دفع إليهم، وأربعة آلاف التي ترك الميت، فذلك ¬

_ (¬1) ز: وعليه. (¬2) ز: للمجروح. (¬3) ز: في تلك. (¬4) ز: فيلقى. (¬5) ز: واحد. (¬6) ز + وهو. (¬7) ف: نصف. (¬8) ف - سدس. (¬9) ز: فد. (¬10) ف: من أحد وعشرين. (¬11) م: من الدية.

ستة آلاف، وجاز له من العبد ثلاثة آلاف بالعفو، فذلك ثلث ما ترك. وأصل ذلك أنك تنظر إلى جميع ما ترك المجروح، فتضمه (¬1) إلى قيمة العبد. فإن كانت (¬2) قيمة العبد من ذلك الثلث أو أقل جاز العفو. وإن كان ثلث جميع ذلك أقل من قيمة العبد سلمت له ثلث جميع ذلك من العبد بالعفو، ودفع ما بقي من العبد. وذلك إذا كانت قيمة العبد ما بينه وبين عشرة آلاف. وإن كانت قيمة العبد أكثر من عشرة آلاف زدت ضعف الدية على القيمة، فنظرت كم هو، ثم نظرت إلى ضعف الدية، وهو عشرون ألفاً، فما ترك المجروح من مال حططته من ضعف الدية، فما بقي نظرت كم هو من القيمة وضعف الدية، فهو الذي يدفع، ويسلم ما بقي من العبد بالعفو بما فيه من الدية. وتفسير ذلك: إذا كانت قيمة العبد عشرين ألفاً زدت عليها ضعف الدية عشرين ألفاً (¬3)، فذلك أربعون ألفاً. والذي يدفع من العبد لو لم يترك مالاً نصفه، قدر نصف ضعف (¬4) الدية من جميع القيمة وضعف الدية. فإن كان ترك من المال عشرة آلاف حططت هذه العشرة الآلاف (¬5) من ضعف الدية، وتبقى (¬6) من ضعف الدية عشرة آلاف، فذلك الربع من القيمة وضعف الدية، فيدفع الربع من العبد، وهو يساوي خمسة آلاف، فيصير في يدي الورثة خمسة عشر ألفاً، وجاز العفو في ثلاثة أرباع الدية، وذلك ثلاثة أرباع العبد، وهو يساوي سبعة آلاف وخمسمائة، وهو ثلث ما ترك (¬7) الميت. وإن كان الذي ترك الميت عشرين ألفاً أو أكثر سلم العبد، وجاز العفو في العبد، لأنه إنما عفا عن الدية، وهي عشرة آلاف. ¬

_ (¬1) ز: فيضمه. (¬2) م ز: وإن كان. (¬3) ز: ألف. (¬4) ز - ضعف. (¬5) ف: آلاف. (¬6) ز: ويبقى. (¬7) ف: ما يرث (مهملة).

وكذلك ما ترك المقتول من شيء رفعته من ضعف الدية على ما وصفت لك. وإن لم يترك المجروح مالاً، وكان عليه دين، وجرحه العبد، وقيمته أكثر من عشرة آلاف، زدت ضعف الدية على القيمة، ثم نظرت كم هو ضعف الدية من القيمة وضعف الدية، فهو الذي يرفع (¬1) إذا لم يكن عليه دين. فإن كان عليه دين نظرت كم الدين، فأضفته إلى ضعف الدية، ثم نظرت كم ضعف الدية والدين من القيمة وضعف الدية، فما كان من شيء فهو الذي يرفع. وإن كان ذلك نصفاً (¬2) دفع نصف العبد، فإن كان ذلك (¬3) ثلثين دفع ثلثي العبد. وإن كان قيمة العبد عشرين (¬4) ألفاً، والدين عشرة آلاف، صار يدفع ثلاثة أرباع العبد. ولو كان قيمة العبد خمسة آلاف، ولم يترك المجروح مالاً، وعلى المجروح دين، فإن كان الدين (¬5) مثل قيمة العبد أو أكثر، وأراد السيد الدفع، دفعه كله، والعفو باطل. وإن كان الدين ألفا (¬6)، وقيمة العبد خمسة آلاف، فأراد السيد الدفع، فإنه يدفع من العبد ثلاثة أخماس وثلثي خمس، وذلك قيمة ثلاثة آلاف وستمائة وستة وستين وثلثين، فيباع من العبد ما يساوي ألف درهم، فيتقاضى دينه، ويبقى في أيدي الورثة ما يساوي ألفين وستمائة وستين وثلثين، ويجوز للسيد من رقبة العبد خمسان (¬7) وثلث خمس، وهو ما لم يفد (¬8)، وذلك ألف وثلاثمائة وثلاثة وثلاثون (¬9) وثلث، وهو الثلث مما ترك الميت. ولو كان عليه دين ألفين، وأراد الدفع فإنه يدفع أربعة أخماسه. وإن ¬

_ (¬1) ف: يدفع. (¬2) م ف ز: نصف. (¬3) ز - ذلك. (¬4) ز: عشرون. (¬5) ف + فإن كان الدين. (¬6) ز: ألف. (¬7) ز: خمسين. (¬8) ز: لم يفدي. (¬9) ز: وثلاثين.

كان عليه دين ثلاثة آلاف دفع أربعة أخماس العبد وثلثي خمسه. وإن كان عليه دين أربعة آلاف دفع أربعة أخماسه وثلثي خمسه (¬1). وإن كان عليه دين خمسة آلاف أو أكثر دفعه كله. وأصل ذلك أنك تنظر الدين كم هو، فيرفع بقدره من رقبة العبد وثلثي ما بقي من رقبة العبد بعد الدين. ولو أراد الفداء وقيمته خمسة آلاف وعليه دين عشرة آلاف أو أكثر فإنه يفديه كله. ولو كان عليه دين ألف درهم فإنك تنظر إلى ضعف القيمة فتزيدها على الدية، ثم نظرت إلى ضعف القيمة، فزدت عليها ألفاً، فتفدي (¬2) ضعف القيمة والألف التي زدت من جميع الدية وضعف القيمة، وذلك أحد عشر جزء من عشرين جزء من العبد، تفديه (¬3) بأحد عشر جزء من عشرين جزء من الدية. وإن كان عليه دين ألفين فدى اثني عشر جزء من عشرين جزء، وذلك ثلاثة أخماسه. وإن كان عليه دين خمسة آلاف فدى خمسة عشر جزء من عشرين جزء، وذلك ثلاثة أرباعه. وإن كان عليه دين تسعة آلاف فدى تسعة عشر جزء من عشرين جزء. وإن كان عليه دين عشرة آلاف فصاعداً فدى كله. وإذا ترك المجروح مالاً وعليه دين فإن كان ما عليه من الدين مثل ما ترك فكأنه لم يترك شيئاً، وصار مولى العبد يدفع أو يفدي على ما وصفت لك إذا لم يترك مالاً (¬4) ولم يكن عليه دين. وإن كان ما ترك أكثر مما عليه من الدين نظرت إلى الفضل من ماله بعد قضاء الدين، فنظرت كم هو، وكأنه (¬5) لم يترك غيره. وإن كان الدين أكثر مما ترك نظرت إلى فضل الدين على التركة وكأنه (¬6) ليس عليه دين غير ذلك، وصار مولى العبد يدفع أو يفدي على ما وصفنا إذا ترك مالاً أو كان عليه دين. ¬

_ (¬1) ز - وإن كان عليه دين أربعة آلاف دفع أربعة أخماسه وثلثي خمسه. (¬2) ز: فيفدى. (¬3) ز: يفديه. (¬4) ز - وعليه دين فإن كان ما عليه من الدين مثل ما ترك فكأنه لم يترك شيئاً وصار مولى العبد يدفع أو يفدي على ما وصفت لك إذا لم يترك مالا. (¬5) ف: فكأنه. (¬6) ف ز: فكأنه.

باب العبد يجرح رجلين أحدهما مريض فيعفو المريض عنه أو يجرح المريض عبدا فيعفو

باب العبد يجرح رجلين أحدهما مريض فيعفو المريض (¬1) عنه أو يجرح (¬2) المريض عبداً فيعفو ولو أن عبداً لرجل جرح رجلاً، ثم جرح آخر، فعفا عنه المجروح الأول وهو مريض، ثم مات من ذلك، فإنه ينظر إلى نصف العبد كم قيمته، فيعمل (¬3) فيه كما وصفنا في العبد إذا جرح رجلاً واحداً فعفا عنه. ولو أن عبدين لرجل جرحا رجلاً فعفا عنهما المجروح، وقيمتهما سواء عشرة آلاف درهم أو أكثر، فإنه يقال لسيدهما: ادفع ثلثيهما أو افد (¬4) ذلك بثلثي الدية. ولو كانت قيمة أحدهما عشرة آلاف وقيمة الآخر خمسة آلاف فمات الذي قيمته عشرة آلاف، وبقي الذي قيمته خمسة آلاف، فاختار الدفع، فإنه يدفع أربعة أخماسه، أو يفديه بأربعة أخماس نصف الدية. وذلك أنه كان في عنق (¬5) كل واحد نصف الدية، فالوصية بينهما نصفين، فمات أحدهما مستوفياً. ولو مات الذي قيمته خمسة آلاف وبقي الذي قيمته عشرة آلاف فاختار الدفع دفع ثلثيه، وذلك ستة آلاف وستمائة وستة وستون وثلثان (¬6)، لأن سهامهم من ستة، فالوصية في الذي مات سهم، وفي الذي بقي سهم، وللورثة أربعة، فالذي مات قد استوفى. ولو أراد أن يفدي فدى أربعة أخماسه بأربعة أخماس نصف الدية. ولو أن عبدين لرجلين لكل واحد منهما عبد جرحا رجلاً خطأً وقيمة أحدهما ألف درهم وقيمة الآخر عشرين ألفاً (¬7)، فعفا المجروح عن الذي قيمته ألف درهم، فإنه يقال لسيد (¬8) الذي قيمته ¬

_ (¬1) م + المريض. (¬2) ز: ويجرح. (¬3) ز: يعمل. (¬4) ز: أو افدي. (¬5) ز: في عتق. (¬6) ز: وستين وثلثين. (¬7) ز: ألف. (¬8) ز: للسيد.

باب العفو في الجناية إذا كانت معه وصية

عشرون (¬1) ألفا: ادفع عبدك أو افده بخمسة آلاف درهم، وهي نصف الدية، وعفوه عن الآخر جائز. ولو كان عفا عن الذي (¬2) قيمته عشرين ألف درهم ولم يعف (¬3) عن الآخر فإنه يقال لمولى الذي قيمته ألف درهم: ادفع أو افده. فإن قال: أنا أدفع، دفعه. ثم قيل لمولى العبد [الذي] قيمته عشرون (¬4) ألف درهم وقد عفا عنه: ادفع أو افد (¬5). فإن قال: أنا أدفع، دفع عن عبده ما يساوي ستة (¬6) آلاف (¬7) درهم، وذلك من العبد خمس ونصف، وجاز العفو فيما بقي، وذلك ثلاثة آلاف وخمسمائة حصته من نصف الدية، وذلك ثلاثة أخماس نصف الدية ونصف خمس. فصار في أيدي الورثة ما يساوي سبعة آلاف درهم: ستة آلاف من العبد الذي دفع، وألف قيمة الآخر. وإن قال: أنا أفدي (¬8)، فدى منه قدر ثلاثة أخماسه بثلاثة أخماس نصف الدية، فصار في أيدي الورثة أربعة آلاف قيمة العبد الذي دفع، وثلاثة آلاف مِن قِبَل ثلاثة أخماس نصف الدية الذي فداه بها، وجاز له من الدية خمس نصف الدية ألفين، وذلك ثلث ما ترك الميت. وعلى هذا (¬9) جميع هذا (¬10) الوجه وقياسه في قياس قول أبي يوسف ومحمد. ... باب العفو في الجناية إذا كانت معه وصية ولو أن عبداً لرجل جرح رجلاً خطأً فعفا عنه المجروح في مرضه، وأوصى لرجل بثلث ماله، وقيمة العبد عشرة آلاف، فاختار (¬11) المولى ¬

_ (¬1) م ف: عشرين. (¬2) ف: عن الدين. (¬3) ز: يعفو. (¬4) م ف ز: عشرين. (¬5) ز: أو افدي. (¬6) ز - ستة. (¬7) ز: ألف. (¬8) ز: أفد. (¬9) ف + على. (¬10) ز - جميع هذا. (¬11) ف ز: واختار.

الدفع، فإنه يدفع خمسة أسداس العبد، فيأخذ الموصى له بالثلث سدساً (¬1)، والورثة أربعة (¬2) أسداس، وجاز العفو في سدسه. وإن قال: أنا أفدي، فدى خمسة أسداسه بخمسة (¬3) أسداس (¬4) الدية، فيأخذ الموصى له سدس الدية، وجاز العفو في سدسه. ولو كانت قيمته أقل من عشرة آلاف فكانت ألف درهم أو أقل أو أكثر، فقال المولى: أنا أدفع، فإنه يدفع خمسة أسداسه، فيأخذ الموصى له السدس، والورثة أربعة أسداسه. وإن قال: أنا أفدي، وقيمته خمسة آلاف، وقد أوصى بثلث ماله، فإنه يفدي خمسة أسباع العبد بخمسة أسباع الدية، فيأخذ الموصى له من هذه الخمسة الأسباع سبعه، ويبقى في أيدي الورثة أربعة أسباعه، ويجوز العفو في سبع العبد وهو سبع (¬5) الدية. ولو كانت قيمته ستة آلاف فإنه يفدي ثلاثة أرباعه بثلاثة أرباع الدية، وذلك سبعة آلاف وخمسمائة، وجاز له ربع العبد، وهو يساوي ألفاً (¬6) وخمسمائة، وأخذ الموصى له ألفاً وخمسمائة، ويبقى في أيدي الورثة ستة آلاف، وذلك الثلثان (¬7). ولو كانت قيمته ألف درهم وأوصى لرجل بثلث ماله فإنه يفدي ثلث العبد بثلث الدية، وذلك ثلاثة آلاف وثلاثمائة وثلاث وثلاثون (¬8) وثلث، فيأخذ الموصى له من ذلك ستمائة وستة وستين وثلثين، وجاز العفو في ثلثيه، وهو يساوي ستمائة وستة وستين وثلثين، فصار في أيدي ورثة المجروح ألفان (¬9) وستمائة وستة (¬10) وستون وثلثان (¬11)، وذلك ثلثا (¬12) ما ترك الميت. ¬

_ (¬1) م ف ز: سدس. (¬2) ز: أرباع. (¬3) ف - أسداسه بخمسة. (¬4) ز - بخمسة أسداس. (¬5) ز - سبع. (¬6) ز: ألف. (¬7) ز: الثلثين. (¬8) م ف ز: وثلاثين. (¬9) ز: ألفين. (¬10) ف - وستة. (¬11) ز: وستين وثلثين. (¬12) ز: ثلثي.

وأصل ذلك أنك تنظر إلى الدية فتزيد عليها مثل ما لو ترك المجروح من المال جازت الوصية والعفو (¬1)، فتنظر الذي زدت كم هو من الدية وما زدت. فإن كان ذلك الثلث فدى الثلث، وإن كان الربع فدى الربع. وإذا كانت قيمة العبد ألفاً (¬2) وأوصى بالثلث فلو ترك (¬3) خمسة آلاف جاز العفو والوصية، فتزيد الخمسة الآلاف التي لو كان (¬4) تركها جاز على الدية، فذلك خمسة عشر سهماً. فالزيادة هي الثلث، فتفدي (¬5) الثلث. وإن شئت زدت على الدية ضعف القيمة، وزدت مثل القيمة أيضاً حصة الموصى له وضعف القيمة معها، فهذه خمسة آلاف. وكذلك إن كانت قيمته ما بينه وبين عشرة (¬6) آلاف. فإن زادت على عشرة آلاف فدى خمسة أسداسه بخمسة (¬7) أسداس الدية، فكان للموصى له من ذلك سدس الدية، وكان للورثة أربعة أسداسه، وذلك ثلثا (¬8) ما ترك الميت. ولو كان أوصى بالربع والمسألة على حالها وقيمته ألف فإنك تزيد على الدية ضعف القيمة، ألفين للعفو ومثل ثلاثة أرباع القيمة للوصية وضعف ذلك، فذلك ألفان (¬9) وربع ألف، ثم (¬10) تجمع (¬11) ذلك كله، فيكون أربعة عشر ألفاً وربع ألف، فتفدي (¬12) من ذلك أربعة أجزاء وربع جزء من أربعة عشر جزء وربع جزء من العبد بحصة ذلك من الدية. ولو كان أوصى بالسدس وقيمة العبد ألفين فإنك تزيد على الدية ضعف القيمة أربعة آلاف للعفو، وتزيد ألفاً للوصية مثل نصف القيمة وضعف الدية، فذلك كله سبعة عشر جزء، فتفدي (¬13) سبعة أجزاء من سبعة ¬

_ (¬1) ز: والعفو. (¬2) ز: ألف. (¬3) ز: بالثلث وترك. (¬4) ف - كان. (¬5) ز: فيفدي. (¬6) م: وعشرة. (¬7) م ز: بخمس. (¬8) ز: ثلثى. (¬9) ز: ألفين. (¬10) ز - ثم (¬11) ز: يجمع. (¬12) ز: فيفدي. (¬13) ف - فتفتدي؛ ز: فيفدي.

باب هبة العبد في المرض ثم يجني على الواهب

عشر جزء (¬1) من العبد بحصة ذلك من الدية، فيعطى الموصى له جزء، ويبقى للورثة ستة أجزاء، وجاز العفو في جزأين. ولو كان أوصى بالثلث وقد عفا عنه وقيمن العبد ألف درهم فإنك تزيد على الدية ضعف القيمة، وتزيد أيضاً مثل القيمة وضعف (¬2) ذلك، فجميع ما زدت خمسة آلاف، فصار الدية وما زدت (¬3) خمسة عشر ألفاً، فصار الذي زدت من جميع ذلك الثلث، فصار يفدي الثلث بثلث الدية (¬4)، وسلم له ثلثا (¬5) العبد بالعفو، ويأخذ الموصى له بالثلث تمام ثلث، فيصير لورثة الميت الثلثان (¬6)، ويصير لسيد العبد وللموصى له بالثلث ثلث جميع ما ترك الميت. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه على قياس قول أبي يوسف ومحمد بن الحسن. ... باب هبة العبد في المرض ثم يجني على الواهب ولو أن رجلاً وهب عبداً لرجل في مرضه ثم إن العبد قتل الواهب خطأً وقيمته ألف درهم فإنه يقال للموهوب له: ادفع العبد أو افده. فإن اختار الدفع دفعه، وصار نصفه نقضاً للهبة، ونصفه هبة دفعه. وصار كأنه كان للواهب عبد ونصف. فصار في أيدي الورثة عبد. وجازت الوصية في نصف العبد (¬7) الذي دفع، وهو الثلث. ولو أن رجلاً وهب عبداً في مرضه من رجل، ثم إن العبد قتل الواهب ورجلاً أجنبيًا، والعبد (¬8) قيمته ألف درهم، فإنه يقال للموهوب له: ¬

_ (¬1) ز + فيفدي سبعة أجزاء من سبعة عشر جزء. (¬2) ف + جميع. (¬3) ف: زادت. (¬4) ز - وما زدت خمسة عشر ألفا فصار الذي زدت من جميع ذلك الثلث فصار يفدي الثلث بثلث الدية. (¬5) ز: ثلث. (¬6) ز: الثلثين. (¬7) م ف ز: عبد. (¬8) ز: أجنبي أو العبد.

ادفع العبد أو افده (¬1). وإن اختار أن يفديه فداه بجميع الدية، وسلم له العبد، مِن قِبَل أن العبد أقل من ثلث ما ترك الميت، وسلمت الدية للورثة. وكذلك إن كانت قيمته ألفين أو ثلاثة آلاف أو أربعة آلاف أو خمسة آلاف. ولو كانت قيمته ستة آلاف فإن الموهوب له بالخيار: إن شاء دفع، وإن شاء فدى. فإن اختار الدفع دفعه أيضاً كله، وكان نصفه نقضًا للهبة، ونصفه دفعًا. وإن اختار أن يفديه فدى ثلاثة أرباعه (¬2) بثلاثة أرباع الدية، ورد ربعه إلى الورثة، والربع يساوي ألفاً (¬3) وخمسمائة. فجميع ما صار في أيدي الورثة تسعة آلاف، وسلم له ثلاثة أرباع العبد الذي فدى للموهوب له بالهبة، وذلك يساوي أربعة آلاف وخمسمائة، وهو الثلث. وأصل ذلك أنك تنظر إلى الدية، فتجعل كل ألف منها ثلاثة أسهم، فذلك ثلاثون سهماً، وتنظر (¬4) إلى قيمة العبد، فتجعل كل ألف منها ثلاثة أسهم، فذلك ثمانية عشر سهماً، فتلقي (¬5) ثلث الدية وهو عشرة أسهم من القيمة، فيبقى من القيمة ثمانية أسهم. ثم تنظر (¬6) إلى ثلث جميع القيمة كم هو مما بقي منها، فهو ستة أسهم. وبقي من الثمانية عشر ثمانية أسهم، فتجد (¬7) الستة ثلاثة أرباعها، فهو الذي يفدى ويسلم له. وكذلك إذا كانت القيمة أكثر من ذلك بالغة ما بلغت بعد أن يجاوز خمسة آلاف. فإن اختار الفداء نظرت إلى ثلث الدية فطرحتها من جميع القيمة، ثم نظرت إلى ثلث جميع القيمة كم هو مما بقي منها، فهو الذي سلم في الهبة، ويجوز، ويفديه بحصته من (¬8) الدية. فإن كان ثلثه (¬9) فدى الثلث، وإن كان نصفه فدى النصف، وإن كان ثلاثة أرباعه فدى ثلاثة أرباعه (¬10). ولو كانت قيمته ¬

_ (¬1) تأتي هذه المسألة مرة أخرى قريباً في أول "اباب هبة العبد في مرض السيد فيقتل مولاه وأجنبيًا". انظر: 5/ 7 و. (¬2) ز: أرباع. (¬3) ز: ألف. (¬4) ز: وينظر. (¬5) ز: فيلقى. (¬6) ز: ثم ينظر. (¬7) م: فتخد. (¬8) ف - من. (¬9) م ف ز: ثلث. (¬10) ف - فدى ثلاثة أرباعه.

باب هبة العبد في المرض ثم يجني على الواهب وعليه أو له مال

عشرة آلاف، فإن اختار الدفع دفعه كله، وإن اختار الفداء رد نصفه، وفدى نصفه بنصف الدية، فصار في أيدي الورثة نصف العبد، وهو يساوي خمسة آلاف، ونصف الدية خمسة آلاف، وجاز للموهوب له نصف العبد ففداه. ولو كانت قيمته عشرين ألفاً، فإنه يفدي الخمسين، ويترك ثلاثة أخماس العبد. وإن كانت قيمته ثلاثين (¬1) ألفاً فدى ثلاثة أثمانه، ورد خمسة أثمان العبد. وكذلك ما كانت قيمته من شيء فهو على هذه الصفة. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. ... باب هبة العبد (¬2) في المرض ثم يجني على الواهب وعليه أو له (¬3) مال ولو أن رجلاً وهب عبداً في مرضه لرجل، وقيمة العبد عشرة آلاف، ثم إن العبد قتل الواهب خطأ، وعلى الواهب دين، فإن كان عليه من الدين عشرة آلاف أو أكثر، قيل للموهوب له: ادفع العبد كله، وتنتقض (¬4) الهبة. وإن (¬5) كان عليه من الدين أقل من (¬6) عشرة آلاف، وهو خمسة آلاف، قيل للموهوب له: رد ثلاثة أرباعه، أو افد ربعه بربع الدية، فيصير في أيدي الورثة ثلاثة أرباع العبد وربع الدية، فذلك عشرة آلاف، يقضى من ذلك دينه خمسة آلاف، ويبقى في أيديهم خمسة آلاف، صار للموهوب له ربع العبد بالهبة، وهو الذي (¬7) فداه. ولو كان عليه من الدين ستة آلاف، فإنه يفدي خمسه، ويرد أربعة أخماسه. وأصل ذلك أنك تنظر كم كان يجب عليه أن يفدي لو (¬8) لم يكن ¬

_ (¬1) ز - ثلاثين. (¬2) ز: العد. (¬3) ز: أول. (¬4) ز: وينتقض. (¬5) ز: الواهب فمن. (¬6) ز - أقل من. (¬7) م: للذي. (¬8) ز - لو.

عليه دين. فإن كان ذلك النصف رفعت ما عليه من الدين من رقبة العبد، ثم نظرت إلى نصف ما بقي من رقبة العبد كم هو من جميع رقبته. فإن كان ذلك ربعه فدى (¬1) الربع، وإن كان خمسه فدى الخمس، وإن كان سدسه فدى السدس. وجازت في ذلك الهبة للذي (¬2) يفدي. ولو قال الموهوب له: أنا أدفع، وعلى الواهب دين خمسة آلاف، والعبد يساوي عشرة آلاف، فإنه يدفع كله، فيصير ثلاثة أرباعه نقضًا للهبة، وربعه دفع. وكذلك ما كان عليه من دين ما لم يحط برقبته صار حصة الدين ونصف ما بقي نقضًا للهبة، ونصف ما بقي دفعها بالجناية. ولو (¬3) كان (¬4) الواهب قد (¬5) ترك مالاً فإنك تضيف نصف (¬6) ما ترك إلى قيمة العبد، فتنظر (¬7) كم كان يفدي الموهوب له لو لم يترك مالاً، فإن كان النصف نظرت إلى النصف من جميع ما ترك ومن جميع الرقبة، فتنظر (¬8) كم ذلك كله من الرقبة، فإن كان ثلاثة أرباعها فدى ثلاثة أرباع، وإن كان ثلثيها فدى ثلثيه (¬9)، وإن كان ثلاثة أخماس فدى ثلاثة أخماس. وتفسير ذلك: إن كانت قيمته عشرة آلاف وترك الواهب خمسة آلاف سواه صار جميع ما ترك مع قيمة العبد خمسة عشر ألفاً. فلو لم يترك مالاً كان يؤدي نصفه. فنصف جميع ما ترك سبعة آلاف وخمسمائة، وهو ثلاثة أرباع العبد. فتفدي ثلاثة أرباعه بثلاثة أرباع الدية، وترد ربعه، فتجوز الهبة فيما فدى. ويصير في أيدي الورثة ربع العبد، وهو يساوي ألفين وخمسمائة، وثلاثة أرباع الدية سبعة (¬10) آلاف وخمسمائة، وخمسة آلاف التي ترك الميت، فذلك خمسة عشر ألفاً، وسلم له ثلاثة أرباع العبد الذي فدى، وهو يساوي سبعة آلاف وخمسمائة، وهو ثلث ما ترك الميت. ¬

_ (¬1) ز: فد. (¬2) م ف ز: الذي. (¬3) ز - ولو. (¬4) ز: وكان. (¬5) ف: وقد. (¬6) ف - نصف. (¬7) ز: فينظر. (¬8) ز: فينظر. (¬9) ف: ثلثها فدى ثلثه. (¬10) م: وسبعة.

باب العبد يوهب في المرض فيجني على الواهب ثم يعتقه الموهوب له أو هو يبيعه وهو يعلم أو لا يعلم

ولو كان الواهب ترك عشرة آلاف أو أكثر، وقيمة العبد عشرة آلاف، فإنه يقا للموهوب له: تفدي أو تدفع (¬1). فإن اختار الفداء فداه كله بجميع الدية، أو اختار الدفع دفعه كله. وهو على قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ... باب العبد يوهب في المرض فيجني (¬2) على الواهب ثم يعتقه الموهوب له أو هو (¬3) يبيعه وهو يعلم أو لا يعلم ولو (¬4) أن رجلاً (¬5) وهب لرجل عبداً فيِ مرضه قيمته ألف درهم، ولا مال له غيره، ثم إن العبد قتل الواهب خطأً، ثم إن الموهوب له أعتق العبد أو باعه وهو يعلم، فإنه ضامن للدية، ويسلم له العبد. ولو كان لا يعلم فعليه قيمة العبد وثلث قيمته، مِن قِبَل أنه قد تم الملك له، فصار ضامناً لقيمته بالجناية وقيمته بالاستهلاك، فجاز له الثلث من ذلك. وهذا إذا كانت قيمته ألف درهم أو أكثر ما بينه وبين خمسة آلاف. ولو كانت قيمته خمسة آلاف أو أكثر فإن كان أعتقه أو باعه وهو يعلم أضفت الدية إلى قيمته، ثم جعلت له الثلث من ذلك، وأدى ما بقي. وإن كان لا يعلم وقيمته عشرة آلاف أو أكثر ضممت الدية إلا نقصان عشرة دراهم إلى قيمته، ثم جعلت له من ذلك الثلث وأدى الثلثين. وإن كانت قيمته عشرين ألفاً (¬6) فأعتقه أو باعه وهو يعلم ضممت (¬7) الدية عشرة آلاف إلى قيمته، وهي عشرون (¬8) ألفاً، فذلك ثلاثون (¬9) ألفاً، ¬

_ (¬1) ز: أو يدفع. (¬2) ز: يجني. (¬3) م ز: وهو. (¬4) ف: وهو. (¬5) ف + لو. (¬6) ز: درهم. (¬7) ز + إليه. (¬8) م ت ز: عشرين. (¬9) م ت ز: ثلاثين.

باب هبة العبد في مرض السيد فيقتل مولاه وأجنبيا

فله الثلث من ذلك، ويؤدي (¬1) عشرين ألفاً. وإن كان لا يعلم ضممت عشرة آلاف إلا عشرة دراهم إلى قيمته، وهي عشرون (¬2) ألفاً، فذلك ثلاثون ألفاً غير عشرة دراهم، فله الثلث من ذلك، ويؤدي ثلثيها. ولو أن رجلاً وهب لرجل عبداً في مرضه، ثم إن العبد قتل الواهب، ثم مات في يدي الموهوب له، والقتل خطأ أو عمد، فإن ذلك سواء، وهو ضامن لثلثي قيمته يوم وهب له وقبضه. ولو كان قتل الموهوب له خطأً ولم يقتل الواهب فإنه يقال لورثة الموهوب له: رد ثلثي العبد. وإن كان العبد قتل الواهب والموهوب له جميعاً خطأً قيل (¬3) لورثة الموهوب له: افدوا أو ادفعوا (¬4)، كما كان يقال للموهوب له لو كان حيًّا. وعلى هذا جميع هذا القول وقياسه على قياس قول أبي يوسف ومحمد. ... باب هبة العبد في مرض السيد فيقتل مولاه وأجنبياً ولو أن رجلاً وهب عبداً في مرضه من رجل، ثم إن العبد قتل الواهب ورجلاً أجنبيًا، والعبد قيمته ألف درهم، فإنه يقال للموهوب له: ادفع العبد إليهما جميعاً أو افده. فإن قال: أنا أدفع، رد ثلاثة أخماس العبد على الورثة وبقي خمسان (¬5)، ثم قيل للورثة: ادفعوا هذه الثلاثة الأخماس إلى الأجنبي، ويرجعون بمثلها على الموهوب له، ويقال للموهوب له: ادفع الخمسين ¬

_ (¬1) ف: يؤدي. (¬2) م ف ز: عشرين. (¬3) ز: قتل. (¬4) م ز: وادفعوا. (¬5) م ف ز: خمسين.

الباقيين إلى ورثة الواهب وورثة الأجنبي نصفين. فيصير في أيدي ورثة الواهب أربعة أخماس: ثلاثة أخماس قيمته وخمس رقبته، وكانت الوصية خمسين. وإن قال الموهوب له: أنا أفدي، فداه منهما جميعاً من كل واحد بعشرة آلاف، وصار العبد له. وكذلك لو قال: أنا أدفعه إلى الأجنبي وأفديه من ورثة الواهب، دفع نصفه إلى الأجنبي، وفدى نصفه من ورثة الواهب بعشرة آلاف، وجازت الهبة في العبد كله. وإن قال: أنا أدفع إلى ورثة الواهب وأفديه (¬1) من ورثة الأجنبي، فإنه يرد ثلاثة أخماس العبد إلى الورثة (¬2)، فيكون الورثة يدفعونها أو يفدونها بثلاثة أخماس الدية، ويرجعون على الموهوب له بقيمته ثلاثة أخماس، ويدفع أحد الخمسين إلى ورثة الواهب بالجناية، ويبقى خمس في يديه يفديه من ورثة الأجنبي بخمس (¬3) دية الأجنبي. وأصل ما يؤخذ به الخمسان (¬4) أنا نظرنا شيئاً له ثلث ولثلثه نصف، فذلك ستة (¬5)، ثلثها اثنين للموهوب له، يرجع أحدهما إلى ورثة الواهب، فيطرح مثله من الأربعة التي في أيدي ورثة الواهب، فيصير في يدي ورثة الواهب ثلاثة، وفي يدي الموهوب له (¬6) اثنان، وهما الهبة الجائزة. وكذلك إن كانت قيمته خمسة آلاف أو أكثر فاختار الدفع فهو على ما وصفنا من الأخماس. ولو اختار الفداء منهما وقيمته ستة آلاف فإنه يرد ربع العبد إلى الواهب، وتجوز (¬7) الهبة في ثلاثة أرباعه، فيفدي ذلك بثلاثة أرباع الدية، ¬

_ (¬1) م ف ز: والذي. والتصحيح من ب. (¬2) ز: إلى ورثة. (¬3) ز + الدية (¬4) م ف ز: الخمسين. (¬5) م: ذلك فستة. (¬6) ف - له. (¬7) ز: ويجوز.

لكل واحد الربع الذي ترك إلى ورثة (¬1) الواهب، ويدفع إلى الأجنبي أو يفدي بربع الدية، ويرجعون بمثله على الموهوب له، لأنه جنى في يديه، فيصير في أيدي ورثة الواهب ثلاثة أرباع الدية وربع قيمة العبد، وذلك تسعة آلاف، وجازت الهبة في ثلاثة أرباع العبد، وذلك أربعة آلاف وخمسمائة. وأصل ذلك أنك تنظر إلى ما كان يفدي به لو لم يجن (¬2) إلا على الواهب وحده، فيفدي ذلك منهما جميعاً، ويرد ما لا يفدي من العبد إلى ورثة المولى، فيدفع إلى ورثة الأجنبي، ويرجعون به على الموهوب (¬3) له. ولو أن رجلاً وهب عبداً في مرضه من رجل، ثم إن العبد ورجلاً أجنبيًا قتلا (¬4) جميعاً الواهب، والعبد قيمته خمسة آلاف أو أقل، فإن على الأجنبي خمسة آلاف لأولياء الواهب، ويقال للموهوب له: ادفع العبد أو افده. فإن قال: أنا أدفع، فكأنه كله وصية، يدفعه كله، لأنه يخرج من الثلث. وإن قال: أنا أفدي، وقيمته ألف درهم، فداه، وسلم له العبد. وكذلك لو كانت قيمته عشرة آلاف فقال: أنا أدفع، فإنه يدفعه كله، ويكون ربع العبد نقضًا للهبة وثلاثة أرباعه قد (¬5) دفعه بالجناية، ويأخذون من الأجنبي خمسة آلاف، فيصير في أيدي الورثة خمسة عشر ألف درهم. ولو قال: أنا أفدي، فدى ثلاثة أخماس العبد، وانتقضت الهبة في خمسه، وهو يساوي أربعة آلاف، وأخذ من الأجنبي نصف الدية، فذلك تسعة آلاف، وفدى ثلاثة أخماس العبد بثلاثة آلاف، ورد ثلاثة أخماس نصف الدية، فيصير في أيدي الورثة اثنا عشر ألفاً (¬6)، والوصية ثلاثة أخماس العبد، وهو يساوي ستة (¬7) آلاف، فجازت له. ¬

_ (¬1) م ز: إلى الورثة. (¬2) ز: لم يجني. (¬3) ف: على الواهب. (¬4) ز: ورجل أجنبي قيلا. (¬5) م ف ز: وقد. (¬6) م ف ز: ألف. (¬7) ز - ستة.

باب العبد يوهب فيجني على الواهب ويعفو الواهب عنه

وأصل ذلك أنك تنظر إلى نصف الدية، فتجعل (¬1) كل سهم ثلثه (¬2)، فذلك خمسة عشر، وتنظر إلى قيمة العبد كلها، فتجعل كل ألف ثلاثة أسهم، فذلك ثلاثون سهماً، ثم تدفع (¬3) ثلث نصف الدية، وهو خمسة أسهم من جميع القيمة، وهي ثلاثون سهماً، فيبقى خمسة وعشرون سهماً، فتنظر (¬4) إلى ثلث جميع القيمة، وهو عشرة أسهم، فتجده الخمسين مما بقي من القيمة، فيجوز له خمس ما ترك الميت من العبد ومن (¬5) نصف الدية التي تؤخذ من الأجنبي، فيكون ذلك ثلاثة أخماس العبد، وهو يساوي ستة آلاف درهم، ويرد الخمسين، وهو أربعة آلاف، ويفدي هذه الثلاثة الأخماس بالثلاثة الآلاف (¬6)، فيصير في أيدي الورثة اثنا عشر ألفاً مما رد الموهوب له من الرقبة ومما فدى ومما أخذ من الأجنبي، والوصية ستة آلاف. فهذا كله في قياس قول أبي حنيفة ومحمد. ... باب العبد يوهب فيجني على الواهب ويعفو الواهب عنه ولو أن رجلاً وهب عبداً في مرضه من رجل قيمته ألف درهم، فجرح العبد الواهب، فعفا عنه (¬7) الواهب في مرضه، ومات من ذلك، فإن كانت الجراحة عمدا فالعفو جائز، ويرد الموهوب له الثلثين من العبد، وله الثلث وصية. ولو كانت خطأً وقد عفا عن الجناية أو عن الجراحة وما يحدث فيها، وقيمة العبد ألف درهم، ومات المجروح منها ولا مال له غيره، فإنه يقال للموهوب له: ادفع أو افده. فإن اختار الدفع دفع (¬8) أربعة أخماسه، وله الخمس من وجهين: مِن قِبَل الهبة ومِن قِبَل العفو، فصار كأنه ¬

_ (¬1) ز: فيجعل. (¬2) ف: ثلاثة. (¬3) ز: ثم يدفع. (¬4) ز: فينظر. (¬5) م: من. (¬6) ف: آلاف. (¬7) ز: عن. (¬8) ز + إليه.

خمسان (¬1)، وللورثة أربعة أخماسه. وإن اختار الفداء فإنه يفدي ثلثه بثلث الدية وثلث الدية ثلاثة آلاف وثلاثمائة وثلاثة (¬2) وثلاثون (¬3) وثلث، وجاز له العبد كله بالهبة والثلثان (¬4) بالعفو، فصار الموهوب له كأنه كان له عبد وثلثا (¬5) عبد، فذلك الثلث ألف (¬6) وستمائة وستة وستون وثلثان (¬7)، وصار في أيدي الورثة ثلاثة آلاف وثلاثمائة وثلاثة وثلاثون (¬8) وثلث، وذلك الثلثان (¬9). ولو كانت قيمة العبد أكثر من عشرة آلاف درهم واختار الدفع (¬10) فإنك تضعف الدية وتضعف القيمة، ثم تزيد (¬11) جميع ذلك على قيمته مرة أخرى، فتنظر كم ضعف الدية والقيمة التي ردت على القيمة من القيمة وضعف القيمة وضعف الدية، فذلك الذي يرفع. وتفسير ذلك: إذا كانت قيمة العبد عشرين ألفاً زدت على القيمة ضعفها، وذلك أربعون (¬12) ألفاً، وضعف الدية عشرون (¬13) ألفاً، فصار ضعف القيمة وضعف الدية ستين ألفاً، فتزيد القيمة الأولى وهي عشرين ألفاً، فصار ذلك ثمانين ألفاً، فصار ضعف القيمة وضعف الدية وهو ستون ألفاً من جميع ذلك (¬14) ثلاثة أرباع ذلك، فصار يدفع من العبد ثلاثة أرباعه وهو يساوي خمسة عشر ألفاً، وسلم للموهوب له ربع العبد الذي لم يدفع منه، وهو يساوي خمسة آلاف، وسلم له ربع الدية في ذلك الربع بالعفو (¬15)، وهو ألفان (¬16) وخمسمائة، فصار للموهوب له سبعة آلاف ¬

_ (¬1) م ف ز: خمسين. (¬2) م - وثلاثة. (¬3) م ف ز: وثلاثين. (¬4) ز: والثلثين. (¬5) ز: وثلثي. (¬6) م: الثلاث آلاف؛ ز - ألف. (¬7) م ف ز: وستين وثلثين. (¬8) م ف ز: وثلاثين. (¬9) م ف ز: الثلثين. (¬10) ز: الرفع. (¬11) ز: ثم يزيد. (¬12) م ف ز: أربعين. (¬13) م ف ز: عشرين. (¬14) م ف ز + وهو. (¬15) ف - وهو يساوي خمسة آلاف وسلم له ربع الدية في ذلك الربع بالعفو. (¬16) م ف ز: ألفين.

وخمسمائة بالهبة والعفو، وهو ثلث تركة المجروح، وصار في أيدي ورثة المجروح من العبد ما يساوي خمسة آلاف. وإن كانت قيمته ثلاثين ألفاً زدت ضعف القيمة وضعف الدية على القيمة، فصار ذلك عشرة ومائة ألف، فصار يدفع منه ثمانية أجزاء من أحد عشر جزء. وإن كانت قيمته أربعين ألفاً صار يدفع خمسة أسباع العبد كله. وإن كانت قيمته أكثر من ذلك أو أقل بعد أن يكون أكثر من عشرة آلاف عملتها على ما وصفت لك. ولو كانت قيمته ألف درهم وأراد الفداء فإن أصل ذلك أن (¬1) تنظر إلى الدية، فتزيد عليها مثل ضعف القيمة، فتنظر إلى الذي (¬2) زدت كم هو، فإن كان سدساً (¬3) فدى ضعف الثلث، وإن كان ربعًا فدى ضعف (¬4) النصف، ويفدي في جميع ذلك ضعف ما كان يفدي لو جرحه فعفا ولم يكن هو وهب له. وكذلك لو كانت قيمته ألفين أو ثلاثة ما بينه وبين خمسة آلاف. فإذا بلغت قيمته خمسة آلاف أو أكثر صار إن عفا أو لم يعف (¬5) سواء، يعمل فيه على الحساب الأول على غير عفو، يرفع ثلث الدية من القيمة، ثم ينظر ثلث القيمة كم هو مما بقي منها، فيكون ذلك الذي يفدي. وأما إذا اختار الدفع دفع أربعة أخماسه ما كانت قيمته ما بينه وبين عشرة آلاف، وسلم له الخمس مرتين من وجهين. ولو أن رجلاً وهب في مرضه عبداً من رجل، ثم إن العبد قتل الواهب، وله وليان، فعفا أحدهما، والقتل عمد، فإنه يقال للموهوب له: ادفعه أو افده. فإن اختار الدفع فإنه يرد ثلاثة أخماس العبد، ويدفع أحد الخمسين إلى الذي لم يعف (¬6)، وسلم له الخمس، ويقتسم الاثنان الأربعة أخماس بينهما على اثني عشر سهماً، يضرب فيها الذي لم يعف بسبعة آلاف والذي عفا بخمسة (¬7)، وذلك لأن العبد كان بينهما نصفين، وصار للذي لم يعف (¬8) خمس العبد دفع ¬

_ (¬1) ز: أنك. (¬2) ز + كم. (¬3) ز: سدس. (¬4) ز: ربع قد أضعف. (¬5) ز: لم يعفوا. (¬6) ز: لم يعفوا. (¬7) ز: خمسة. (¬8) ز: لم يعفوا.

إليه بالجناية، فيقتسمان العبد على ما وصفنا، فيضرب فيه الذي عفا بنصف (¬1) العبد، ويضرب الذي لم يعف (¬2) بنصف القيمة والخمس الذي دفع إليه. وأصل ذلك أنك تنظر إلى مال له ثلث ولثلثه ذلك نصف (¬3)، فذلك ستة، ثلثها اثنان وثلثاها (¬4) أربعة، ويرجع أحد الاثنين إليهم بالجناية، فتلقي (¬5) مكانه واحداً (¬6) من الأربعة، فتصير (¬7) الهبة سهمين، وللورثة ثلثاه (¬8). ولو قال: أنا أفدي، فدى النصف بخمسة آلاف، وسلم له العبد (¬9) بالهبة، ويقسم الاثنان الخمسة الآلاف بينهما، يضرب فيها الذي لم يعف بخمسة آلاف ونصف قيمة العبد، ويضرب الذي عفا بنصف قيمة العبد. وإن كانت قيمة العبد ألف درهم كانت على اثني عشر، للذي عفا سهم، وللذي لم يعف أحد عشر. وكذلك لو كانت قيمته ألفين أو ثلاثة آلاف أو خمسة آلاف أو عشرة آلاف إذا اختار الدفع رد ثلاثة أخماس، ثم دفع الخمس، فاقتسموها على اثني عشر، للذي عفا خمسة، وللذي لم يعف سبعه. وإن اختار الفداء وقيمته ألف أو ألفان (¬10) ما بينه وبين ألفين وخمسمائة فدى النصف بخمسة آلاف، وسلم له العبد، واقتسما الخمسة الآلاف، يضرب فيها الذي لم يعف بخمسة آلاف وبنصف قيمة العبد، ويضرب فيها الذي عفا بنصف قيمة العبد. وإن كانت قيمته ثلاثة آلاف فاختار الفداء رد ربع العبد، وفدى ثلاثة أرباعه بثلاثة أرباع نصف الدية، فصار في أيدي الاثنين ربع العبد وثلاثة أرباع نصف الدية، وذلك كله أربعة آلاف وخمسمائة، وسلم للموهوب له ثلاثة أرباع العبد بالهبة، وذلك ألفان ومائتان وخمسون (¬11) وهو الثلث، ¬

_ (¬1) ز: نصف. (¬2) ز: لم يعفوا. (¬3) م ز: نصفه. (¬4) ز: اثنين وثلثها. (¬5) ز: فيلقى. (¬6) م ف: واحد. (¬7) ز: فيصير. (¬8) م ز ب: ثلثه؛ ف: ثلاثة. (¬9) م: والعبد. (¬10) ز: أو ألفين. (¬11) ز: ألفين ومائتين وخمسين.

باب العفو في الخطأ

واقتسم الاثنان ربع العبد وثلاثة أرباع نصف الدية، يضرب فيها الذي عفا بنصف قيمة العبد، وهي ألف وخمسمائة، ويضرب (¬1) فيها الذي لم يعف بثلاثة أرباع نصف الدية وبنصف قيمة العبد، ويجعل ربع العبد بينهما في هذه القسمة نصفين، يحسب كل واحد منهما ما أصابه من ذلك من حقه. وأصل ذلك أنك تنظر إلى القيمة، فتجعل (¬2) كل ألف ثلاثة (¬3) فذلك تسعة أسهم، وتجعل نصف الدية كل سهم ثلاثة (¬4) فذلك خمسة عشر، ثم تلقي ثلث نصف الدية من العبد، فيبقى منها أربعة أسهم، فتنظر ثلث القيمة من الأصل كم هو مما بقي من العبد، فتجده ثلاثة أرباع ما بقي، فيجوز له ثلاثة أرباع العبد، فيفديه ويرد الربع. وكذلك إن كانت قيمته أكثر من ذلك إلى عشرة آلاف أو أكثر ما كانت دفعت ثلث نصف الدية من القيمة، ثم تنظر إلى ثلث القيمة كم هو مما بقي من القيمة، فيكون ذلك الذي يجوز فيه الهبة ويفديه، ثم ينظر إلى الفداء وما رد من العبد والذي لم يعف بالفداء، فيضرب بنصف قيمة العبد، ويجعل ما رد من العبد في ذلك بينهما نصفين. وعلى هذا جميع هذا القول وقياسه على قياس قول أبي يوسف ومحمد. ... باب العفو في الخطأ ولو أن رجلاً وهب في مرضه عبداً من رجل، ثم إن العبد قتل الواهب خطأً، وللواهب وليان، فعفا عنه الوليان جميعاً، فإن الموهوب له يرد نصف العبد، ويجوز له النصف، وذلك أن النصف الذي أجزناه له فيه ¬

_ (¬1) ز: فيضرب. (¬2) ز: فيجعل. (¬3) م: ثلثه. (¬4) م: ثلثه.

جناية، فلما أجزنا العفو فيه صار كأنه عبد ونصف، فقد أتلف الوارثان نصف العبد بالعفو. ولو أن رجلاً وهب عبداً من رجل في مرضه.، ثم إن العبد قتل عبداً للموهوب له، وقيمتهما سواء، فعفا عنه الأولياء، فإن الموهوب له يرد من العبد ثلثيه، ويجوز له الثلث، والجناية على عبده باطل. ولو كان الميت ترك عبدين، أحدهما الذي جنى، والآخر الذي وهب، فعفا الأولياء عنه، فإن عفو الأولياء بمنزلة قبضهم الجناية وإتلافهم له، وقيل للموهوب له: رد نصف العبد وسلم له نصفه، لأن للميت عبداً (¬1) ونصف العبد الذي وهب ونصف الذي عفوا عنه. وأصل ذلك أن الأولين (¬2) لو لم يعفوا قيل للموهوب له: ادفعه، فإن دفعه دفعه (¬3) كله، فيصير نصفه نقضًا للهبة ونصفه دفعًا، فيبطل إذا عفوا ما كان منه دفعاً. [و] جاز (¬4) ذلك للموهوب له، لأنهم قد عفوا عن الجناية، ولا يدفع لها شيئاً، وذلك إذا كانت قيمته بينه وبين عشرة آلاف. فإذا كانت قيمته أكثر من عشرة آلاف، وقد قتل الواهب، ولا مال له غيره، فينظر (¬5) كل شيء من العبد كان يفديه الموهوب له لو لم يعف (¬6) عنه، فإنه يسلم له إذا عفوا، لأن العفو في ذلك. فإن كانت قيمته عشرين ألفاً سلم له الخمسان، ورد ثلاثة أخماس إلى الورثة، فصار في أيدي الورثة ثلاثة أخماس العبد، وذلك قيمته اثنا (¬7) عشر ألفاً، وفي يدي الموهوب له خمسان، وهو ثمانية آلاف، وقد استهلك الورثة بالعفو أربعة آلاف حصة الخمسين من الدية، فإذا ضممت ما استهلكوا وهو أربعة آلاف (¬8) وهو خمس الدية إلى ما قبضوا صار في أيديهم ستة عشر ألفاً، وكان للموهوب له ثمانية آلاف. ¬

_ (¬1) م ف ز: عبد. (¬2) ز: أن الأوليا. (¬3) ز - دفعه. (¬4) الزيادة من ب. (¬5) ز: فتنظر. (¬6) ز: لم يعفا. (¬7) م ف ز: اثني. (¬8) ز + من حصة الخمسين من الدية.

ولو أن رجلاً وهب في مرضه عبداً من رجل، ثم إن العبد قتل الواهب (¬1) خطأً، وله وليان، فعفا أحدهما عنه، فإنه يقال للموهوب له: ادفع نصف العبد إلى الذي لم يعف (¬2) أو افده، فإن اختار الدفع دفع نصف العبد إلى الذي لم يعف (¬3)، ويدفع إلى الذي عفا ربع العبد، ويبقى له ربع العبد من حصة الذي عفا. وأصل ذلك أن نصف العبد تنتقض (¬4) فيه الهبة، ونصفه للموهوب له، وهي الوصية، فيدفع نصف ذلك كله نصف النصف الذي لم يعف (¬5) عنه، وسلم له الربع من حصة الذي عفا، فصار في يديه ربع بالعفو، وربع دفعه إلى الذي لم يعف (¬6)، فذلك الذي جاز بالهبة. فلو كان عفا أحدهما وفدى الموهوب له النصف من الآخر بخمسة آلاف، فإن العبد يسلم له كله إذا كانت قيمته ما بينه وبين ثلث الدية، ويقتسمان الخمسة آلاف ونصف قيمة العبد الذي أتلف الذي عفا عنه، يضرب في ذلك الذي لم يعف بخمسة آلاف ونصف قيمة الرقبة مِن قِبَل الرقبة، ويضرب فيه الذي عفا بنصف قيمة الرقبة مِن قِبَل الهبة ونصف قيمته أيضاً مِن قِبَل العفو، وذلك ثمانية أسهم إذا كانت قيمته ألفين، للذي عفا سهمان (¬7)، وللذي لم يعف (¬8) ستة أسهم، فما أصاب الذي عفا فإنه ينتقض منه نصف قيمة العبد الذي أتلف، ويأخذ الفضل، ويحتسب عليه بما عفا كأنه قبضه. وتفسيره في الدراهم أن المال ستة آلاف: خمسة آلاف هذه المقبوضة (¬9)، والألف التي أتلف الآخر بالعفو. فللذي عفا سهمان من ثمانية، وهو الربع، ألف وخمسمائة، وقد قبض من تلك ألفا (¬10)، ويأخذ ¬

_ (¬1) ز: للموهوب. (¬2) ز: لم يعفوا. (¬3) ز: لم يعفوا. (¬4) ز: ينتقض. (¬5) م ف ز: لم يعفوا. (¬6) ز: لم يعفوا. (¬7) م ف ز: سهمين. (¬8) ز: لم يعفوا. (¬9) ز: المفتوحة. (¬10) ف - خمسة آلاف هذه المقبوضة والألف التي أتلف الآخر بالعفو فللذي عفا سهمان من ثمانية وهو الربع ألف وخمسمائة وقد قبض من تلك ألفا.

خمسمائة من هذه الخمسة الآلاف (¬1)، وللذي لم يعف أربعة آلاف وخمسمائة، وهو ثلاثة أرباع. ولو كانت قيمة العبد خمسة آلاف، وقتل الواهب خطأ، ثم عفا عنه أحد الوليين، فقال الموهوب له: أنا أفدي، فإن الهبة تبطل في ثلثه، ويرد الثلث إلى الوارثين، ويفدي أحد الثلثين من الذي لم يعف عنه بثلث الدية، فيصير في أيدي الورثة من العبد ومما قبض الذي لم يعف من الفداء خمسة آلاف، وقد أتلف الذي عفا ألفاً (¬2) وستمائة وستة وستين وثلثين كأنه قبضها، فجميع ما قبض الوارثان مع الذي أتلف هذا ستة آلاف وستمائة وستة وستون وثلثان (¬3)، وقد أخذ الموهوب له بالهبة ثلثي العبد، وهو مثل نصف ما صار في أيدي الورثة، ثم يقتسمان ما رد إليهما من العبد، وثلث الدية الذي قبض الذي لم يعف، وثلث القيمة التي أتلف (¬4) الذي عفا، ويضرب في ذلك الذي عفا بنصف الرقبة وبثلث القيمة، وذلك خمسة أسداس الرقبة، ويضرب الذي لم يعف بنصف الدية وبنصف الرقبة. فما أصاب الذي عفا حسب عليه بثلث القيمة مما عفا. فإن كان له فضل أخذه. ويأخذ الذي لم يعف ما أصابه. ويجعل هذا الثلث من العبد المردود في القسمة بينهما نصفين. وأصل ذلك إن كانت قيمة ثلث الدية أو أكثر جعلت نصف الدية بينهما نصفين (¬5)، فجعلت كل ألف ثلاثة أسهم، وجعلت نصف القيمة حصة الذي عفا سهاماً (¬6) أيضاً، فجعلت كل ألف ثلاثة، ثم أضفها إلى نصف الدية التي جعلتها سهاماً، ثم جعلت جميع القيمة سهاماً كل ألف ثلاثة، ثم رفعت ثلث نصف ¬

_ (¬1) ف: آلاف. (¬2) م ف: ألف. (¬3) م ف: وستين وثلثين. (¬4) ز - الآخر بالعفو فللذي عفا سهمان من ثمانية وهو الربع ألف وخمسمائة وقد قبض من تلك ألفا ويأخذ خمسمائة من هذه الخمسة الآلاف. . . وهو مثل نصف ما صار في أيدي الورثة ثم يقتسمان ما رد إليهما من العبد وثلث الدية الذي قبض الذي لم يعف وثلث القيمة التي أتلف. (¬5) م ز - نصفين. (¬6) ز: سهام.

باب الشركة في الجناية والعفو

الدية ونصف القيمة التي جعلتها سهاماً (¬1)، ثم نظرت كم ثلث القيمة، فما بقي منها فهو الذي يجوز من العبد للموهوب له، فإن كان ذلك نصفاً (¬2) جاز نصف العبد، وإن كان ثلثاً (¬3) جاز له الثلث، فتنظر إلى هذا الذي جاز للموهوب له، فيفدي نصف ذلك بحصته من نصف الدية، فيقتسمه الوارثان بينهما على ما وصفت لك في الباب الأول. وهذا قياس قول أبي يوسف ومحمد. ... باب الشركة في الجناية والعفو (¬4) ولو أن عبداً لرجل قتل رجلاً خطأً، وله وليان، فدفع نصفه إلى أحدهما، والآخر غائب، ثم مات العبد ولا مال له، فإنه يرجع المولى الآخر على المولى القابض بربع قيمة العبد، لأنه مستوفي. ولو كان المولى فدى النصف من الشاهد بنصف الدية والآخر غائب، ثم مات العبد، فإنهما يقتسمان نصف الدية نصفين، ويأخذان نصف الدية من المولى، فيقتسمانه نصفين. إذا اختاره المولى من أحدهما فهو اختيار من الآخر (¬5)، لأن النفس واحدة. وأيهما حضر فهو خصم عن جميع الورثة. ولو فدى من أحدهما ثم قتل العبد، فأخذ السيد قيمته، فإنه يدفع القيمة إلى الغائب، ولا يرجع واحد منهما على صاحبه بشيء. ولو دفع نصف العبد إلى أحدهما واختار فداء النصف من الآخر وهو معسر لا يقدر على شيء فإنه يرجع على أخيه بربع الدية إن (¬6) كان مستهلكاً في قياس قول أبي يوسف ومحمد. ¬

_ (¬1) ز: جعلها سهام. (¬2) ز: نصف. (¬3) ز: ثلث. (¬4) م: والعتق. (¬5) ز + غائب ثم مات العبد فإنهما يقتسمان نصف الدية نصفين ويأخذان نصف الدية من المولى فيقتسمانه نصفين إذا اختاره المولى من أحدهما فهو اختيار من الآخر. (¬6) ز: وإن.

باب العبد يهب الرجل في مرضه فيجني على الواهب ثم يعفو عنه وقد أوصى بوصية

باب العبد يهب الرجل في مرضه فيجني على الواهب ثم يعفو عنه وقد أوصى بوصية ولو أن رجلاً وهب عبداً في مرضه من رجل، ثم قتل العبد الواهب، وقد أوصى الواهب لرجل بثلث ماله، فإن كان قيمة (¬1) العبد ما بينه وبين ألفي درهم قيل للموهوب: ادفعه أو افده. فإن قال: أنا أدفع، دفعه وصار أربعة أخماسه نقضاً للهبة والخمس دفعاً بالجناية، فيعطى الموصى له خمس العبد. وإن قال: أنا أفدي، فداه كله بجميع الدية، فيعطى الموصى له بالثلث من الدية. [و] إن كانت قيمة العبد ألفين أعطى ألفين من الدية. فيصير في أيدي الورثة ثمانية آلاف، ولكل واحد منهما ألفين ألفين، فذلك أربعة آلاف، وهو الثلث. ولو كانت قيمته أقل من ألفين فدى جميع العبد، وسلم له العبد، ويعطى الموصى له بالثلث من الدية تمام الثلث مع قيمة العبد من الدية ومن قيمة العبد. فإن كانت قيمته أكثر من ألفين ما كانت من شيء فاختار الدفع فإنه يرد أربعة أخماسه نقضًا للهبة، ويدفع خمسه بالجناية، ويعطى الموصى له خمس العبد. وإن قال: أنا أفدي، وقيمته أكثر من ألفين حملته (¬2) على ما وصفنا من الجناية والدفع، فتجعل (¬3) الدية كل ألف ثلاثة (¬4)، فذلك ثلاثون سهماً، وتجعل (¬5) قيمة العبد كل ألف ثلاثة. فإن كانت قيمته ثلاثة آلاف جعلتها تسعة أسهم، ثم رفعت سدس الدية، وهو خمسة أسهم من القيمة، ثم نظرت إلى ما بقي من القيمة (¬6)، وهو أربعة أسهم، فنظرت كم سدس جميع القيمة ما بقي منها، فتجده ثلاثة أثمان ما بقي، فيجوز ثلاثة أثمانه في الهبة، فيفديه بثلاثة أثمان الدية، ¬

_ (¬1) م ف: قيمته. (¬2) ز: جملته. (¬3) م ف ز: فجعل. (¬4) م: ثلثه. (¬5) ز: ويجعل. (¬6) م - من القيمة.

ويرد (¬1) خمسة أثمانه نقضاً للهبة، فيعطى الموصى له بالثلث من الدية مثل ثلاثة (¬2) أثمان العبد، وما بقي فهو للورثة. وكذلك إن كانت قيمته أكثر من ثلاثة آلاف ما بينه وبين عشرة آلاف. وإن كان أوصى في هذه المسألة بالسدس صار الثلث بينهما على ثلاثة: للموهوب له ثلثا (¬3) الثلث وللموصى له بالسدس (¬4) ثلث الثلث. فإن قال: أنا أدفع، دفعه كله، ويعطى الموصى له بالسدس سبع العبد، وصار ما صارت فيه الهبة السبعين، ثم تدفعهما (¬5)، فيصير في يدي الورثة ستة أسباع، وذلك الثلثين. وأصل ذلك أنك تأخذ شيئاً له ثلث ولثلثه ثلث، لأن الثلث بينهما (¬6) على ثلاثة، فهو تسعة، للورثة ستة ولهما ثلاثة، فللموهوب له سهمان، وللورثة وللموصى له سبعة أسهم، واطرح من التسعة سهمين، لأن الموهوب له يدفع سهميه بالجناية، ثم يعطى الموصى له سهمه. وإذا قال: أنا أفدي، فإن كانت قيمته قدر سبع الدية أو أقل فداه بجميع الدية، ويعطى الموصى له الأقل من تمام الثلث أو سدس جميع المال. وأصل ذلك أنك تنظر في حال الدفع. فإن كان إذا دفع دفع سدس العبد وكانت (¬7) قيمة العبد قدر سدس الدية أو أقل فدى، فإنه في الفداء يفديه كله بجميع الدية. [و] إن وجدت ما يدفع منه سبع العبد فكانت قيمة العبد قدر سبع الدية أو أقل فداه كله بجميع الدية على هذا النحو. ولو كان أوصى بالسدس، وقيمته أكثر من سبعي الدية، ما بينه وبين ¬

_ (¬1) م: رد. (¬2) ف - ثلاثة. (¬3) ز: ثلثي. (¬4) ز: السدس. (¬5) ز: ثم يدفعهما. (¬6) ز: فيهما. (¬7) م ف ز: وإن كانت. والتصحيح مستفاد من ب.

جميع الدية، فاختار الفداء، فإنك تجعل الدية ثلاثين سهماً، وتجعل (¬1) القيمة كل ألف (¬2) ثلاثة أسهم، ثم رفعت تسعي الدية من القيمة، ثم نظرت كم تسعي القيمة، فما (¬3) بقي منها فهو الذي يفدى، ويجوز فيه الهبة، ويرد ما بقي من رقبة العبد، ويعطى الموصى له من ذلك مثل نصف (¬4) نصيب ما صار للموهوب له من رقبة العبد، وذلك تمام الثلث، فيصير الثلث بينهما على ثلاثة. ولو كان أوصى في هذه المسألة بالربع، فإن الثلث بينهما على سبعة، فإن قال: أدفع، دفع العبد كله، فيعطى صاحب الربع ثلاثة أجزاء من سبعة عشر من جميع العبد، وصار للورثة أربعة عشر، للموهوب له منها أربعة أجزاء قد دفعها بالجناية. وأصل ذلك أنك تأخذ شيئاً يكون ثلثه على سبعة، فذلك واحد وعشرون (¬5)، للموهوب له أربعة أسهم، وللورثة والموصى له سبعة عشر، فيلقى من سبعة عشر أربعة، لأنها ترجع إليهم، فتكون جميع السهام من سبعة عشر. وإن قال: أنا أفدي، فكانت قيمة العبد أربعة أجزاء من سبعة عشر جزء من الدية أو أقل فداه كله بالدية، ويعطى الموصى له بالربع الأقل من ربع جميع المال من الدية ومن القيمة أو من تمام الثلث مع قيمة العبد. وإن كانت قيمته أكثر من أربعة أجزاء من سبعة عشر من الدية جعلت الدية كل ألف واحداً (¬6) وعشرين سهماً، وتجعل القيمة كل ألف واحداً وعشرين من الدية، وذلك أربعة أسباع ثلث الدية، لأنها وصية الموهوب له، ثم تنظر كم أربعة أجزاء من واحد وعشرين من جميع القيمة كم هو مما ¬

_ (¬1) ز: ويجعل. (¬2) ف - ألف. (¬3) ز: مما. (¬4) ز - نصف. (¬5) ز: أو عشرين. (¬6) ز: واحد.

باب المريض يهب العبد في مرضه فيعتقه الموهوب له ثم يقتل الواهب عمدا وله وليان وقد عفا عنه الواهب والوليان

بقي منها، فذلك الذي يجوز فيه الهبة ويفدى، ويرد ما بقي من العبد، ثم يعطى الموصى له ثلاثة أجزاء من واحد وعشرين جزء من جميع المال. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه على قياس قول أبي يوسف ومحمد. ... باب المريض يهب العبد في مرضه فيعتقه الموهوب له ثم يقتل الواهب عمداً وله وليان وقد عفا عنه الواهب والوليان (¬1) ولو أن رجلاً وهب في مرضه عبداً من رجل، وقبضه الموهوب له فأعتقه، ثم إن العبد المعتق قتل الواهب عمداً، وله وليان، فعفا عنه أحدهما، فلا شيء على الموهوب له (¬2)، ويأخذ هذا الذي لم يعف (¬3) من العبد المعتق نصف الدية، فيقتسمان نصف الدية الذي أخذه، يضرب هو (¬4) فيها بنصف الدية وبنصف (¬5) القيمة، ويضرب الذي عفا عنه (¬6) بنصف القيمة. ولو كان أعتقه الموهوب له، ثم إنه قتل الواهب خطأ، فعفا أحد الوليين، فإن للذي لم يعف نصف الدية، ويسلم له، ولا يشاركه الذي عفا في شيء، ولا شيء على الموهوب له مِن قِبَل أن الذي عفا كأنه قبض خمسة آلاف فأتلفها. ولو كان وهب في مرضه، ثم قتل السيد عبداً، ثم أعتقه الموهوب له، وللمقتول وليان، فعفا أحدهما، فإن الذي لم يعف يستسعي ¬

_ (¬1) ز: والوليين. (¬2) ز - فأعتقه ثم إن العبد المعتق قتل الواهب عمدا وله وليان فعفا عنه أحدهما فلا شيء على الموهوب له. (¬3) ز: لم يعفوا. (¬4) م - هو. (¬5) م: ونصف. (¬6) ف - عنه.

العبد (¬1) المعتق في نصف قيمته، ويؤخذ من الموهوب له نصف قيمته، مِن قِبَل أن الميت كأنه ترك العبد ونصف قيمته، فيقسم ذلك الوليان (¬2)، يضرب فيه الذي لم يعف بقيمته، والذي عفا بنصف قيمته، فيصير ذلك بينهما على ثلاثة. ولو كان القتل خطأً، فأعتقه الموهوب له وهو لا يعلم، ثم عفا أحد الوليين عن الجناية، فإن تركة المقتول قيمة العبد وقيمة أخرى في رقبته بالجناية، فللموهوب له ثلث ذلك من الرقبة، فصار عليه قيمة وثلث قيمة، فلما عفا أحدهما سقط عنه نصف القيمة من حصة الذي عفا، فعلى الموهوب له نصف قيمة الذي لم يعف وثلث قيمة بينهما نصفين. ولو كان قتل الواهب عمداً وله وليان، فعفا أحدهما، ثم أعتقه الموهوب له وهو لا يعلم، فإن على الموهوب له [قيمته] (¬3)، لأن تركة الميت قيمة ونصف قيمة، فيقسمانها (¬4) على ثلاثة، للذي عفا ثلثها، وللذي لم يعف ثلثاها (¬5)، لأن الذي عفا يضرب بنصف قيمة من الرقبة، والآخر يضرب بنصف الرقبة ونصف قيمة من الجناية. ولو كان الموهوب له دبر العبد، ثم إن العبد قتل الواهب عمداً، ثم عفا أحد الوليين، فإن هذا بمنزلة الباب الأول الذي قبله. ولو كان الموهوب له كاتب العبد، ثم إن العبد قتل الواهب عمداً، وله وليان، فعفا أحدهما، فإن على المكاتب أن يسعى في نصف قيمته، وعلى الموهوب له نصف قيمته، يقتسمانها على ثلاثة. وكذلك لو كان الموهوب (¬6) له وهب لرجل آخر، فدبره ذلك الرجل أو كاتبه، فهو على ما وصفنا (¬7). ولو كاتبه الموهوب له (¬8) الأول، ثم إنه قتل سيده خطأ، وله وليان، ¬

_ (¬1) ز - العبد. (¬2) ف: الوصيان. (¬3) الزيادة من الكافي، 3/ 287 و. (¬4) أي: القيمة الواحدة، ويسلم للموهوب له الثلث. انظر: المبسوط، 29/ 128. (¬5) م ز: بثلثيها. (¬6) ز: الموب. (¬7) ز: ما وصفا. (¬8) ف - له.

فعفا أحدهما، فإن على الموهوب له ثلث قيمته بينهما نصفين، وعلى المكاتب نصف قيمته للذي لم يعف. ولو كان الموهوب له وهبه لرجل، فقتل العبد السيد خطأ، وهو في يدي ذلك الرجل، فإن اختار الذي في يديه العبد دفع العبد سلم لورثة السيد، ويضمن الموهوب له الأول ثلث قيمته، وإن اختار الفداء فداه بالدية عشرة آلاف، وسلم العبد للموهوب له إن كانت قيمته خمسة آلاف أو أقل. فإن كانت قيمته أكثر من خمسة آلاف أضفتها إلى الدية، ثم جعلت للموهوب له الثلث من ذلك، ورد الفضل من قيمة العبد على الورثة. فإن كان عفا أحد الوليين فإنه يقال للموهوب له الآخر: ادفع أو افد (¬1). فإن اختار الدفع دفع نصفه إلى الذي لم يعف، وضمن الموهوب له الأول ثلث قيمته بينهما نصفين. وإن (¬2) اختار الفداء فدى نصفه بخمسة آلاف، وجازت (¬3) الهبة في جميع العبد إذا كانت قيمته مثل ثلث الدية أو أقل، ويقتسمان الخمسة آلاف (¬4) ونصف القيمة التي عفا عنها، يضرب فيها الذي عفا بنصف قيمته مِن قِبَل الرقبة، ونصف قيمة مِن قِبَل الدم، فيضرب بقيمة (¬5)، ويضرب الذي لم يعف بنصف الدية ونصف القيمة التي كانت على الموهوب له، فما أصاب الذي عفا حسب عليه من ذلك نصف القيمة التي أتلف وأخذ الفضل، وما (¬6) أصاب الذي لم يعف سلم له. وإن كانت قيمة العبد أكثر من ثلث الدية وأقل من جميع الدية ضممت نصف الدية ونصف القيمة إلى جميع قيمة الرقبة التي على الموهوب له، فأجزت للموهوب له الثلث من جميع ذلك، ورد الفضل، فأضفه (¬7) إلى ¬

_ (¬1) ز: أو افدي. (¬2) م ف ز: فإن. (¬3) ف: وصارت. (¬4) ز: الألف. (¬5) ف: سهمه. (¬6) م ز: ما. (¬7) ز: فأضيفه.

باب المريض يهب العبد ثم يقتل العبد السيد عمدا ويعفو عنه

نصف الدية وإلى نصف القيمة الذي أتلفه الذي عفا، ثم يقتسمان ذلك، يضرب فيه الذي عفا بقيمة: نصف مِن قِبَل الرقبة، ونصف مِن قِبَل الدم، [ويضرب] (¬1) الذي لم يعف بنصف الدية ونصف القيمة، يحسب على الذي عفا نصف القيمة التي أتلف، ويأخذ (¬2) الفضل. فإذا كانت قيمته عشرة آلاف سلم نصف الدية للذي لم يعف (¬3)، وصار ثلث القيمة على الموهوب له بينهما نصفين، مِن قِبَل أن مال المقتول العبد والدية. فجاز للموهوب له ثلث ذلك، وهو ثلث (¬4) العبد، ويرد الثلث. فإن كانت قيمته أكثر من عشرة آلاف وقد عفا أحدهما وفدى من الآخر بخمسة آلاف أضفت جميع الدية إلى جميع القيمة التي استهلك الموهوب له، فجعلت للموهوب له الثلث، ورد الفضل، فأضفته إلى نصف الدية التي أخذ الذي (¬5) لم يعف، وإلى نصف الدية التي أتلف الذي عفا، فاقتسما ذلك بينهما، يضرب فيه الذي عفا بنصف الدية ونصف القيمة، ويضرب الآخر بمثله، ويحتسب على الذي عفا بنصف الدية، ويكون الفضل الذي رد الموهوب له بينهما نصفين، ويكون نصف الدية للذي لم يعف. وعلى هذا قياس قول أبي يوسف ومحمد. ... باب المريض يهب العبد ثم يقتل العبد السيد عمداً ويعفو عنه ولو أن رجلاً وهب في مرضه عبداً من رجل، ثم إن العبد قتل الواهب عمداً، فعفا الوليان، فإن العفو جائز، وللموهوب له الثلث من العبد، ولورثة الواهب الثلثان. ¬

_ (¬1) الزيادة مستفادة من ب. (¬2) ز: يأخذ. (¬3) ز: لم يعفوا. (¬4) ف: ثلثا. (¬5) م ف ز: للذي.

ولو كان عفا أحدهما واختار الموهوب له الدفع (¬1) فإنه يدفع ثلاثة أخماسه بينهما نصفين، ويدفع خمس العبد إلى الذي لم يعف (¬2)، وله الخمس، وقد كان له الخمس الذي دفع وصيه، فدفعه بالجناية، ثم يقسم الوليان هذه الأربعة الأخماس، يضرب فيها الذي عفا بنصف رقبة العبد، والذي لم يعف (¬3) بنصف الرقبة (¬4) وخمس العبد. ولو كان عفا أحدهما ثم عفا الآخر بعد، فإنه يدفع إليهما ثلاثة أخماس العبد، وسلم له الخمسان، لأن الذي (¬5) عفا قد أتلف خُمساً (¬6)، فكأنه مقبوض فيما بينهما وبين الموهوب له، ويقتسمان الثلاثة الأخماس والخمس الذي أتلف الآخر، يضرب الذي عفا أخيراً في ذلك بنصف قيمة العبد وبخمسه (¬7)، ويحسب عليه الخمس الذي أتلف كأنه قبضه، ويضرب الذي عفا أولاً بنصف قيمة العبد. ولو كان أعتقه الموهوب له، ثم عفوا معاً، فإن الموهوب له يضمن ثلثي القيمة، والعفو جائز. ولو عفا أحدهما قبل صاحبه بعد العتق فإن على الموهوب له نصف قيمة العبد، وعلى العبد المعتق نصف قيمته، فوهبها له الأخير، فيقتسمان هذا النصف الذي قبضا من الموهوب له، والنصف الذي عفا عنه الأخير، فضرب في ذلك الأول بنصف قيمته، ويضرب الآخر بثلثي قيمته، يحسب عليه النصف الذي عفا عنه الأخير، ويبقى له سدس قيمته، يأخذ من هذا النصف، ويأخذ الأول ثلثي هذا النصف، وهو ثلث قيمته. ولو أن رجلاً وهب في مرضه عبداً من رجل، فأعتقه الموهوب له، ثم إن العبد قتل الواهب عمداً، وله وليان، فعفوا جميعاً، فإن الموهوب له ضامن لثلثي (¬8) قيمة العبد. ¬

_ (¬1) ز: الرفع. (¬2) ز: لم يعفوا (¬3) ز: لم يعفوا. (¬4) ف: رقبة العبد. (¬5) ف + قد. (¬6) ز: خمس. (¬7) ز: وبخمس. (¬8) ز: ثلثي.

ولو كان عفا أحدهما فلا سبيل على الموهوب له، وتمت له (¬1) الهبة إذا كانت قيمته ما بينه وبين ألفين (¬2) وخمسمائة، ويأخذ الذي لم يعف (¬3) خمسة آلاف من العبد القاتل، فيقتسمانها الاثنان، يضرب في ذلك الذي عفا بنصف قيمة العبد، والذي لم يعف (¬4) بنصف الدية ونصف قيمة العبد. ولو كانا عفوا (¬5) جميعاً أحدهما بعد الآخر، فإن العفو الأول جائز، ولا سبيل على الموهوب له، ويصير على العبد للذي (¬6) عفا أول مرة حصته من الخمسة الآلاف (¬7) التي كانا يقتسمان عليهما لو لم يعفوا، ولا يضمن ذلك الذي عفا أخيراً. وكذلك إذا كانت قيمته ما بينه وبين ألفين وخمسمائة. فإن كانت قيمته خمسة (¬8) آلاف، وقد عفا أحدهما عن الدم، فإنك تضيف نصف الدية الذي وجب للذي لم يعف (¬9) [إلى] قيمة العبد، فتجعل للموهوب له من ذلك الثلث، وهو ثلاثة آلاف وثلاثمائة وثلاثة وثلاثون (¬10) وثلث، وتؤدي ما بقي من قيمة العبد، وهو ألف وستمائة وستة وستون وثلثان (¬11)، ثم يقتسمان ذلك، يضرب فيها الذي عفا بنصف القيمة والذي لم يعف (¬12) بنصف الدية ونصف القيمة. وكذلك إن كانت قيمته أكثر من ذلك بالغة ما بلغت من شيء. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه على قياس قول أبي يوسف ومحمد. ... ¬

_ (¬1) ز - له. (¬2) ز: ألفي. (¬3) ز: لم يعفوا. (¬4) ز: لم يعفوا. (¬5) ز: عفيا. (¬6) ز: الذي. (¬7) ف: آلاف. (¬8) ز: خمس. (¬9) ز: لم يعفوا. (¬10) م ف ز: وثلاثين. (¬11) ز: وستين وثلثين. (¬12) ز: لم يعفوا.

باب العبد يوهب في المرض فيهبه الموهوب له لآخر ثم يجني على الواهب الأول

باب العبد يوهب في المرض فيهبه الموهوب له لآخر (¬1) ثم يجني على الواهب الأول ولو أن رجلاً مريضاً وهب في مرضه عبداً من رجل مريض وقبضه، ثم إن الموهوب له وهب العبد في مرضه ذلك لآخر رجل صحيح، ثم إن العبد قتل الواهب الأول، ومات المريض الثاني من مرضه ذلك، فإنه يقال للموهوب له الآخر الذي جنى العبد في يديه: ادفع العبد أو افده. فإن اختار الدفع هو وورثة الثاني انتقضت الهبة في نصف العبد منهما جميعاً، فيرد هذا النصف الذي انتقض فيه الهبة إلى ورثة الثاني، ويرده ورثة الثاني إلى ورثة (¬2) المقتول، ويبقى النصف من العبد، فتجوز (¬3) فيه الهبة للثاني، وتجوز الهبة من الثاني والثالث في ذلك النصف، فيرد الثالث ثلثي النصف إلى ورثة المريض الثاني، ثم يدفعون جميعاً هذا النصف إلى ورثة المقتول بالجناية، ثم يرجع ورثة الثاني على الثالث بالأقل من ثلثي نصف الدية أو من ثلثي قيمة النصف، لأنه استهلكه في يديه. وذلك ما كانت قيمته من شيء أقل من عشرة آلاف أو أكثر. ولو اختار الثالث وورثة الثاني العبد فإن كانت قيمة العبد خمسة آلاف أو أقل رد الثالث على ورثة الثاني ثلثيه، ثم فدوه بعشرة آلاف، وتمت الهبة فيه لهم، ويرجع ورثة الثاني على الثالث بثلثي القيمة. ولو كانت قيمته أكثر من خمسة آلاف واختاروا الفداء فإنك تنظر إلى القيمة، فتجعل كل ألف ثلاثة أسهم، وتجعل (¬4) الدية كل ألف ثلاثة أسهم، ثم تلقي (¬5) القيمة من ثلث الدية، ثم تنظر إلى ثلث القيمة من الأصل كم هو مما بقي منها، فإن كان ثلاثة أرباعها جازت الهبة في ثلاثة أرباع العبد، ¬

_ (¬1) م ف: الآخر. (¬2) ز - إلى ورثة. (¬3) ز: فيجوز. (¬4) ز: ويجعل. (¬5) ز: ثم يلقى.

وإن كان ثلثيها جازت الهبة في ثلثي العبد، وإن كان نصفها جازت الهبة في نصف العبد، ويردون ما لا تجوز (¬1) فيه الهبة من العبد على ورثة المقتول، وما جازت فيه الهبة صار لورثة الثاني ثلثاه (¬2)، وللثالث ثلثه (¬3)، يفديانه بحصة ذلك من الدية، وإن كان نصف العبد فدوه بنصف الدية، وإن كان ثلث العبد فدوه بثلث الدية، ثم رجع ورثة الثاني على الثالث بالأقل مما أدوا من الدية أو قيمة ما فدوا من العبد. وتفسير ذلك: إذا كانت قيمة العبد عشرين ألف درهم جعل كل ألف ثلاثة أسهم، فذلك ستون سهماً، والدية ثلاثون سهماً، فترفع (¬4) ثلث الدية من القيمة، فيبقى من القيمة خمسون، ثم تنظر (¬5) ثلث القيمة (¬6) كم هو منه، وهو عشرون، كم هو مما بقي من القيمة، وهو (¬7) الخمسان، فجازت الهبة في خمس العبد، ويرد ثلاثة أخماس العبد إلى ورثة المقتول، وذلك يساوي اثني عشر ألفاً (¬8)، ويصير الخمسان لورثة الثاني ثلثاها (¬9)، وللثالث ثلثها، فيفدون ذلك بخمسي (¬10) الدية، وهو أربعة آلاف، على ورثة الثاني من ذلك الثلثان، وعلى الثالث من ذلك الثلث، فيصير في أيدي ورثة المقتول تمام ستة عشر ألفاً، وجازت الهبة في خمس العبد، وهو ثمانية آلاف، ويرجع ورثة الثاني على الثالث بما أدوا من خمسي الدية بالأقل من ذلك ومن حصة ذلك من العبد. ولو اختار الثالث الفداء واختار ورثة الثاني الدفع وقيمة العبد خمسة آلاف فإنه تجوز الهبة للثاني في ثلاثة أخماس العبد، ويجوز من الثاني للثالث في خمسي العبد، وهو ثلث ماله، ويرد إلى ورثة المقتول (¬11) خمس العبد، ويدفع ورثة الثاني خمس العبد بالجناية إلى ورثة المقتول، ويفدي ¬

_ (¬1) ز: لا يجوز. (¬2) م: ثلثه؛ ز: ثلثيه. (¬3) ف: ثلثيه. (¬4) ز: فيرفع. (¬5) ز: ثم ينظر. (¬6) م ز: الدية، صح هـ.؛ ف: الدية. (¬7) م - وهو، صح هـ. (¬8) ز: ألف. (¬9) ز: ثلثيها. (¬10) ز: بخمس. (¬11) ف + في.

الثالث خمس العبد الذي صار له بألفي درهم، وهو خمس الدية، فجميع ما يصير في أيدي ورثة المقتول من العبد والفداء ستة آلاف درهم، فكانت الهبة الجائزة ثلاثة أخماس العبد، وهي ثلاثة آلاف، ويرجع ورثة الثاني على الثالث بقيمة خمس العبد (¬1)، لأنه استهلك في يديه. ولو قال الثالث: أنا أدفع، وقال ورثة الثاني (¬2): نحن نفدي، فإنه تجوز الهبة من الأول للثاني في ثلاثة أرباع العبد، وينتقض في ربعه، فيرد ربع العبد إلى الأول، وتجوز (¬3) الهبة من الثاني إلى الثالث في ربع العبد، ويرد إلى ورثة الثاني نصف العبد، فيدفع الثالث الربع الذي في يديه إلى ورثة المقتول بالجناية، ويفدي ورثة الثاني نصف العبد الذي جاز له بنصف (¬4) الدية. فجميع ما صار في أيدي ورثة المقتول نصف الدية ونصف العبد، وذلك سبعة آلاف وخمسمائة، وجازت الهبة في ثلاثة أرباع العبد، وذلك ثلاثة آلاف وسبعمائة وخمسون (¬5)، وهو الثلث، ويرجع ورثة الثاني على الثالث بنصف قيمة العبد، لأنه تلفت في يديه. ولو كان العبد قتل المريض الآخر ولم يكن قتل (¬6) الأول فإن الهبة تنتقض (¬7) في الثلثين، فيرد إلى ورثة المقتول، ويردون ذلك إلى ورثة الواهب الأول، ويبقى للثالث (¬8) [الثلث] (¬9). فإن اختار الموهوب له الثالث الدفع (¬10) دفع ذلك الثلث كله، فكان نصفه نقضاً للهبة، ونصفه دفعاً (¬11) بالجناية. وإن اختار الفداء فداه بثلث الدية، وسلم له الثلث، وذلك إذا كانت قيمة العبد خمسة آلاف أو أقل، وتبطل الجناية (¬12) التي في الثلثين التي انتقضت فيها الهبة. وإن كانت قيمته أكثر من خمسة آلاف (¬13) ¬

_ (¬1) ف - وهي ثلاثة آلاف ويرجع ورثة الثاني على الثالث بقيمة خمس العبد. (¬2) ف: الجاني. (¬3) ز: ويجوز. (¬4) م: نصف. (¬5) م ف ز: وخمسين. (¬6) ز: قبل. (¬7) ز: تنقض. (¬8) م ف ز: الثالث. والتصحيح من ب. (¬9) الزيادة من به (¬10) ز: ادفع. (¬11) م ف ز: دفع. (¬12) ز: ويبطل بالجناية. (¬13) ز + أو.

عملته (¬1) على الوجه الذي وصفنا لك في الجميع. فما جاز في جميع العبد من الهبة جاز في هذا الثلث، إن جاز في ثلث العبد جاز في ثلث هذا الثلث، وإن كان يفدي ثلث الجميع صار يفدي ثلث هذا الثلث. ولو كان العبد قتل الواهب الأول وقتل الواهب الثاني فاختار الموهوب له الثالث الدفع (¬2)، واختار ورثة الثاني الدفع (¬3)، فإنك تجعل العبد خمسة عشر سهماً، فتبطل (¬4) من الهبة الأولى خمسة أسهم، وتجوز في خمسة أسهم للثاني، ويجوز للثالث من الثاني سهمان، ويبطل في ثلاثة أسهم، فترد إلى ورثة الأول ستة أسهم، وإلى الثاني ثلاثة أسهم، وللثالث سهمان، فيدفع ورثة الثاني تلك الثلاثة الأسهم بالجناية، ويدفع الثالث إلى الأول والثاني السهمين (¬5) بالجناية، فيصير في أيدي ورثة الأول عشرة أسهم، وكانت وصيته خمسة أسهم، ويرجع ورثة الثاني على الثالث بقيمة ثلاثة أسهم، فيصير في أيدي ورثة الثاني أربعة أسهم، وكانت وصيته سهمين. وأصل ذلك أنك تصحح سهام الثاني والثالث، فذلك ستة، تجوز (¬6) الوصية في ثلثها، ثم تدفع (¬7) إليه نصف الثلث بالجناية، فتطرح (¬8) ذلك، فصار سهامهم خمسة. الهبة خمسها (¬9) للثالث، ثم ترجع (¬10) إلى الثاني نصف ذلك، فيصير أربعة، ثم انظر ما لا يكون ثلثه خمسه، لأن الأول إنما يجوز له في الهبة ثلث، وينبغي لهذا الثلث أن يقسم على خمسة حتى يكون ذلك بمال الثاني، فذلك خمسة عشر. فألقي من العشرة التي للواهب الأول ما يرجع إليه من الخمسة، وذلك أربعة، فبقيت ستة. ولو اختار الفداء للثالث وورثة المقتول الثاني (¬11) فإنما الفداء كله على ¬

_ (¬1) ف: عليه. (¬2) م ز: الرفع. (¬3) م ز: الرفع. (¬4) ز: فيبطل. (¬5) ف: سهمين. (¬6) ز: يجوز. (¬7) ز: ثم يدفع. (¬8) ز: فيطرح. (¬9) م ز: خمسيها. (¬10) ز: ثم يرجع. (¬11) ف: للثاني.

الثالث إذا كانت قيمته خمسة آلاف أو أقل، ويسلم له العبد، ويؤدي الديتين جميعاً. وإن كانت قيمته عشرة آلاف واختار الفداء فإن الهبة تبطل من الأول في نصف العبد، فيرد إلى ورثته، ويبطل للثالث في ربع العبد، فنصف العبد (¬1) للأول (¬2)، وربعه للثاني، وربعه للثالث، فيؤدي الثاني والثالث إلى ورثة الأول نصف الدية كل واحد ربعًا (¬3)، ويؤدي الثالث إلى ورثة الثاني ربع الدية، ويؤدي أيضاً ربع الدية الذي غرم ورثة الثاني لورثة الأول، لأن ذلك تلف في يديه، فيرجعون به عليه، فجميع ما صار في أيدي ورثة الأول من العبد والفداء عشرة آلاف، وأجزنا هبته في خمسة آلاف في نصف العبد، وجميع ما صار في يدي ورثة الثاني خمسة آلاف، وأجزنا هبته في ربع العبد، وهو ألفان (¬4) وخمسمائة. وأصل ذلك أنك تنظر إلى الدية الأولى، فتجعل كل ألف ثلاثة أسهم، وتنظر إلى قيمة العبد، فتجعل كل ألف منها ثلاثة أسهم، ثم تنظر إلى ثلث (¬5) قيمة العبد كم هو (¬6) مما بقي، فإن كان نصفها جازت الهبة من الأول للثاني في نصف العبد، وجازت من الثاني للثالث في ثلثي ذلك الثلثين. وهذا على قياس قول أبي يوسف ومحمد (¬7). ¬

_ (¬1) م + فنصف العبد. (¬2) ز: إلى الأول. (¬3) م ف ز: ربع. (¬4) ز: ألفين. (¬5) م - ثلث، صح هـ. (¬6) ز - هو. (¬7) م + آخر كتاب الدور عن محمد بن الحسن والحمد لله رب العالمين وصلواته على محمد وآله كتبه أبو بكر ابن أحمد الطلحي الأصفهاني في سلخ شعبان سنة ثمان وثلاثين وستمائة وذلك من أصل سقيم؛ ف + آخر كتاب الدور عن محمد بن الحسن والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين وسلم.

كتاب الحدود

بِسْمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحيمِ (¬1) كتاب الحدود أبو سليمان عن محمد قال: سألت أبا حنيفة في رجل يشهد عليه أربعة بالزنى، أينبغي للقاضي أن يسألهم عن الزنى ما هو وكيف هو ومتى زنى؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا وصفوا ذلك وأثبتوه وسموا المرأة التي زنى بها والقاضي لا يعرف عدل الشهود؟ قال: (¬2) فإذا زُكُوا نظر في أمر الرجل، فإن كان محصناً رجمه، وإن كان غير محصن جلده مائة جلدة. قلت: أرأيت إن قال: لست محصنا، فشهد عليه رجلان أو رجل وامرأتان أنه محصن، أيقبل ذلك على الإحصان؟ قال: نعم. قلت: وينبغي للقاضي أن يسألهم عن الإحصان ما هو وكيف هو؟ قال: نعم، يسألهم عن ذلك، فإذا أثبتوا ذلك وزُكُّوا رجمه. قلت: فإذا قالوا: تزوج امرأة حرة فدخل بها وجامعها، اكتفيت بقولهم إذا قالوا دخل بها؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو قالوا: جامعها أو باضعها؟ قال: نعم. وهذا قول أبي حنيفة. وقال محمد: لا أقبل قولهم. قلت: أرأيت إن شهدوا أنه تزوج امرأة مسلمة ولم يشهدوا ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) م ف ز - قال. والزيادة من ع.

على الدخول وشهدوا على أن له منها أولاداً؟ قال: لا يكون من الإحصان شيء أبين من هذا. قلت: أرأيت إن كانت امرأة له منها (¬1) أولاد وهي نصرانية، أو كانت صبية صغيرة فدخل بها، أو امرأة كبيرة غير أنها معتوهة وقد دخل بها، هل يكون بشيء من هؤلاء محصناً؟ (¬2)، قال: لا حتى يكونا حرين مسلمين بالغين (¬3) وقد دخل بها. قلت: أرأيت إن كانا حرين مسلمين (¬4) فأغلق باباً أو أرخى ستراً ثم طلقها، فأوجبت عليه (¬5) المهر وأوجبت عليها العدة، ثم زنى وهو بعد لم يدخل بها، هل يرجم؟ قال: لا. قلت: أرأيت المرأة هل ترجم؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنها تقول: لم يدخل بي. قلت: ولم وقد أوجبت العدة والصداق؟ قال: أوجبت الصداق بالأثر الذي جاء عن عمر بن الخطاب وعن علي بن أبي طالب (¬6)، وأوجبت (¬7) العدة، لأنها أخذت الصداق، وبالتهمة. فأما الرجم فلا يجب عليهما، لأنهما ينكران الدخول. قلت: أرأيت إن أقر بالدخول ثم زنى أو زنى أحدهما أترجمه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل تكون امرأته نصرانية فدخل بها، ثم إنها (¬8) أسلمت فلم يدخل بها بعد الإسلام حتى زنى واحد منهما، أو زنيا جميعاً، أترجم الزاني منهما؟ قال: ¬

_ (¬1) ز - أولاداً قال لا يكون من الإحصان شيء أبين من هذا قلت أرأيت إن كانت امرأة له منها. (¬2) ز: محصن. (¬3) ز: حران مسلمان بالغان. (¬4) ز: حران مسلمان. (¬5) ز: عليها. (¬6) روى الإمام مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قضى في المرأة إذا تزوجها الرجل أنه إذا أرخيت الستور فقد وجب الصداق. ونحو ذلك عن زيد بن ثابت. انظر: الموطأ، النكاح، 12، 13. وانظر: المصنف لعبد الرزاق، 6/ 287؛ وسنن الدارقطني، 3/ 306؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 7/ 255. وروى الدارقطني من طريق محمد بن عبدالرحمن بن ثوبان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من كشف خمار امرأة ونظر إليها فقد وجب الصداق دخل بها أو لم يدخل". وفي إسناده ابن لهيعة مع إرساله. انظر: سنن الدارقطني، 3/ 307. لكن أخرجه أبو داود في المراسيل من طريق ابن ثوبان، ورجاله ثقات. انظر: المراسيل لأبي داود، 185؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 193. (¬7) ف: وأوجب. (¬8) ز: ثم إن.

لا (¬1). قلت: وكذلك لو كانت امرأته أمة فأُعتقت، أو كانت صغيرة فأدركت؟ قال: نعم. قلت (¬2): فإن جامعها (¬3) بعد الإسلام أو بعد العتق أو بعدما أدركت، فأيهما ما زنى فإنه يرجم؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كانا مملوكين أو نصرانيين أو مجوسيين (¬4) أو صغيرين، فأسلما (¬5) أو أعتقا أو أدركا (¬6) ثم زنيا أو زنى أحدهما، فإنما على الزاني الجلد؟ (¬7) قال: نعم، إلا أن يكونا زنيا بعد الإسلام أو بعد العتق أو بعد البلوغ وقد دخل بها، ثم زنى بعد الدخول [فإنهما يرجمان]. قال: (¬8) وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: إذا أسلمت النصرانية وقد دخل بها زوجها وهو مسلم أو لم (¬9) يدخل بها فإنها ترجم. قلت: وكل ما ذكرت لك مما لا يرجم فإنه يجلده مائة جلدة إذا زنى؟ قال: نعم. قلت: فهل يجتمع الجلد (¬10) والرجم إذا زنى وهو محصن؟ قال: لا، ولكنه يرجم ولا يجلد. قال: بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه (¬11) رجم ماعز بن مالك ولم يجلده (¬12). قال: وبلغنا عن عمر بن الخطاب أنه رجم ولم يجلد (¬13). قلت: فهل يكون مع الجلد نفي إذا زنى البكر؟ قال: لا، وليس في هذا نفي. قال: وبلغنا عن علي بن أبي طالب أنه قال: كفى بالنفي ¬

_ (¬1) ف + قال لا. (¬2) م - قلت، صح هـ؛ ف - قلت. (¬3) ز: فإن جا. (¬4) ز: أو نصرانين أو مجوسين. (¬5) ز: فأسلم. (¬6) م ف ز: فأدركا. والتصحيح من ب. (¬7) م ف ز: الحد. (¬8) م ف ز + نعم. (¬9) ف ز: ولم. (¬10) م ف: الحد. والتصحيح مستفاد من ب؛ والكافي، 1/ 149 ظ. (¬11) ف - أنه. (¬12) انظر على سبيل المثال: صحيح البخاري، الحدود، 28؛ وصحيح مسلم، الحدود، 16. (¬13) صحيح البخاري، الحدود، 30؛ باب رجم الثيب في الزنى؛ وصحيح مسلم، الحدود، 15.

فتنة (¬1). قلت: أرأيت عبداً زنى أو أمة زنت فأقيم عليه الحد أتنفيه وتترك مواليه أيتامًا (¬2) محتاجين لما عليه، أو كانت جارية شابة بين أبويها أقمت عليها الحد أتخرجها من المصر ومن عند أبويها، فتعرضها (¬3) أيضاً لمثل ما أخذتها فيه. والنفي ليس بشيء. قلت: أرأيت المرأة تتزوج بنكاح فاسد فيدخل بها، ثم يفرق بينهما، ثم زنيا أو زنى أحدهما، أيرجم (¬4) الزاني؟ قال: لا، ولكنه يجلد. قلت: ولمَ وهذا قد تزوج؟ قال: لأن نكاحه كان فاسداً، ألا ترى أنه يفرق بينه وبينها. قلت: وكذلك لو قال: إن تزوجت فلانة فهي طالق، ثم تزوجها فدخل بها ثم زنى؟ قال: نعم، يجلد ولا يرجم. قلت: ولم وقد تزوجها نكاحاً صحيحاً؟ قال: لأنها قد صارت طالقاً (¬5) حين تزوجها، فجامعها وليست له بامرأة. قلت: أرأيت الرجل إذا تزوج مجوسية فدخل بها، أو امرأة مسلمة بغير شهود فدخل (¬6) بها، ثم زنى، هل يرجم؟ قال: لا، ولكنه يجلد، وليس هذا بمحصن. المجوسية نكاحها فاسد، ولا يحصن بالنكاح الفاسد، وكذلك المسلمة فيكون نكاحها فاسداً (¬7)، لأنه بغير شهود. قلت: أرأيت المرأة المسلمة إذا كان زوجها عبداً وقد دخل بها، أو صبياً (¬8) لم يحتلم إلا أن مثله (¬9) يجامع وقد دخل بها، أو كان (¬10) معتوهاً فدخل بها، ثم زنت المرأة، هل ترجمها؛ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأن هذه ليست بمحصنة إذا كانت (¬11) زوجها عبداً أو صبياً أو معتوهاً أو كافراً (¬12). ¬

_ (¬1) الآثار لمحمد بن الحسن، 107؛ والمصنف لعبد الرزاق، 7/ 312، 315؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 330. (¬2) ز: أيتام. (¬3) ز: فتعرضوا. (¬4) ز: أترجم. (¬5) ز: طالق. (¬6) م ز: قد دخل. (¬7) ز: فاسد. (¬8) ز: أو صبى. (¬9) ف + لا. (¬10) ز: وكان. (¬11) ز: إذا كان. (¬12) ز: أو صبي أو معتوه أو كافر.

قلت: أرأيت إذا شهد عليه الشهود بالزنى والقاضي لا يعرف عدل الشهود، أينبغي للقاضي أن يكفله؟ قال: لا، ولكن يحبس، فإذا زكى الشهود أقام عليه الحد. قلت: أرأيت إذا زكى الشهود ثم أخرجه أيسأله (¬1) عن الإحصان ما هو؟ قال: نعم. قلت: فإن أنكر الإحصان فشهد عليه بذلك رجلان أو رجل وامرأتان بالإحصان وهم عدول أترجمه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن رجمه القاضي بشهادتهم ثم رجع شهود الإحصان عن شهادتهم، هل عليهم شيء؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأني لم آخذه بشهادتهم؛ ألا ترى أني أجيز شهادة النساء مع الرجل على الإحصان ولا أجيزها في الحدود. قلت: أرأيت إن رجع رجل من الذين شهدوا على الزنى ما الحكم فيه؟ قال: يضرب الحد، ويغرم ربع الدية. قلت: ولو (¬2) ضربته الحد وقد مات؟ قال: ولو ضربته الحد وقد مات. ولو قذف رجل رجلاً فمات المقذوف أبطلت الحد عن القاذف. قال: هذا لا يشبه ذلك، لأن هذا إنما قتل بشهادته، فأغرمه ربع الدية، وأضربه الحد. قلت: ولو أن رجلاً قذف هذا المرجوم أتحده؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه قد أقيم عليه الحد في الزنى، فلا يحد قاذفه. قلت: أرأيت إن أكذب القاذف نفسه؟ قال: لا حد عليه، وليس القاذف بمنزلة الشاهد. قلت: أرأيت إن كان قال الشاهد: قد كنت يوم شهدت على غير دين الإسلام، أو كنت عبداً، أو صغيرا؟ قال: لا يصدق على أصحابه في شيء من ذلك. قلت: أرأيت إذا (¬3) شهد أربعة على رجل بالزنى ثم رجع واحد قبل أن يقام عليه الحد؟ قال: أحد الراجع وأحد الثلاثة. قلت: ولمَ؟ قال: لأني لم أقم (¬4) عليه الحد حتى رجع واحد من الشهود، فصار الثلاثة قذفة، فعليهم الحد وعليه، ولا يشبه هذا الذي رجع بعدما مضى الحد، لأنه إذا مضى الحد وأجيزت (¬5) شهادتهم لم يصدق الراجع على من بقي. ¬

_ (¬1) ف: أيسأل. (¬2) ف: ولم. (¬3) ز - إذا. (¬4) ز: لم أقيم. (¬5) ز: وأجزت.

قلت: أرأيت أربعة شهدوا على رجل بالزنى والإحصان فرجمه الإمام، ثم وجد أحد الشهود عبداً، أو مكاتباً، أو عبداً قد أعتق بعضه وهو يسعى في بعض قيمته، أو محدودًا (¬1) في قذف، أو كافراً (¬2) أو أعمى؟ قال: على الإمام الدية في بيت المال، لأن هذا خطأ من الإمام. قلت: فإن كان (¬3) في رجم أو قطع في سرقة فالدية في بيت المال؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان خطأً في قصاص أو في أخذ مال؟ قال: أقضي به على الذي اقتص (¬4) له وعلى الذي أخذ له المال. قلت: أرأيت إذا شهدوا أربعة على رجل بالزنى وشهد عليه الشاهدان بالإحصان فرجمه الإمام، ولم يسأل عن الشهود، ثم سأل عنهم بعدما رجمه، فأخبر أنهم غير عدول، هل على الإمام شيء؟ قال: لا. قلت: ولم وقد أجاز شهادة من ليس بعدل؟ قال: لأن هؤلاء قد تجوز شهادتهم إذا تابوا وأصلحوا، وليس هؤلاء كالمحدود في قذف والأعمى والكافر. قلت: أرأيت أربعة شهدوا على رجل بالزنى وبالإحصان، فرجمه الإمام، ثم وجده (¬5) مجبوباً؟ (¬6) قال: على الشهود الدية. قلت: أرأيت إن كانت امرأة، فنظر (¬7) إليها النساء بعد الرجم، فقالوا: هي عذراء، أو رتقاء، هل يضمن الشهود؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأن هذا لا يشبه المجبوب، لأن المجبوب معروف، والرتقاء والعذراء إنما قال فيها النساء قولاً، ولا (¬8) أضمن الشهود بقول النساء. قلت: أرأيت إن نظر إليها (¬9) النساء قبل أن يقام عليها الحد فقالوا: هي عذراء أو رتقاء؟ قال: أدرأ عنها الحد، لأن هذه شبهة. قلت: أرأيت أربعة شهدوا على رجل بالزنى وبالإحصان، ثم ماتوا ¬

_ (¬1) ز: أو محدود. (¬2) ز: أو كافر. (¬3) م ز - قلت فإن كان؛ صح م هـ (¬4) ز: اقبض. (¬5) ف: ثم وجدوه. (¬6) ز: مجبوب. (¬7) م: ينظر؛ ز: تنظر. (¬8) ف ز: فلا. (¬9) ف - إليها.

قبل أن يزكوا، أو غابوا، أو عمي رجل منهم، أو خرس، أو ضرب حدًّا في قذف، أو رجع عن الإسلام فقتل أو أسلم، هل تجيز (¬1) الشهادة عليه؟ قال: لا. قلت: وكذلك كل شيء شهد به الشهود من حقوق الناس وغير ذلك، ثم أصابهم بعض ما ذكرت قبل أن يقضى عليهم؟ قال (¬2): فإني (¬3) أبطل ذلك كله إلا في الموت والغيبة خاصة، فإني أجيز شهادتهم في كل شيء إلا الرجم، فإني (¬4) لا أجيز شهادتهم، لأنهم هم الذين يبدؤون بالرجم قبل الإمام، فهذا وجه شبهة، ولا أجيز شهادتهم. ولو كان غير محصن أجزت الشهادة ولم أنظر إلى الموت ولا الغيبة، لأنه لا يحتاج من الشهود في هذا غير الشهادة. قلت: ولمَ؟ (¬5)، قال: لأنه حدث في شهوده الذي ذكرت، فلا أقبل شهادتهم. قلت: أرأيت أربعة شهدوا على رجل بالزنى وهم عدول كلهم، فغاب أحدهم قبل أن يزكوا، أتقيم عليه الحد؟ قال: لا أقيم عليه الحد إلا بمحضر من الشهود كلهم. قال: وبلغنا عن علي بن أبي طالب أنه قال: إذا شهد الشهود على الزنى رجم الشهود ثم الإمام ثم الناس (¬6). قلت: أرأيت الرجل إذا أمر به القاضي أن يرجم هل يربط بشيء أو يمسك أو يحفر له؟ قال: لا، ولكنه يقام قائماً فينصب للناس ثم يرجم. قال: بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه رجم ماعز بن مالك، ولم يبلغنا أنه حفر له ولا ربطه ولا أمر به أن يمسك (¬7). ¬

_ (¬1) ز: أو يسلم هل يجيز. (¬2) ف ز - قال. (¬3) ز: فإنني. (¬4) ز: فإنني. (¬5) السؤال هنا عن علة عدم قبول شهادة من مات أو غاب أو عمي. . . إلخ بعد أدائه الشهادة كما مر في السؤال الذي قبل السؤال السابق. (¬6) المصنف لعبد الرزاق، 7/ 326 - 327؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 544؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 319؛ والدراية لابن حجر، 2/ 97. (¬7) رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري، وفيه: فما أوثقناه ولا حفرنا له. انظر: صحيح مسلم، الحدود، 20.

قلت: أرأيت المرأة إذا زنت (¬1) فقضي عليها بالرجم هل يحفر لها؟ قال: إن حفر لها فحسن، وإن ترك فحسن. قال: بلغنا عن علي بن أبي طالب أنه حفر لشراحة (¬2) الهمدانية (¬3) إلى قرب (¬4) من السرة ثم لفها في ثيابها ثم رجمت (¬5). قلت: أرأيت أربعة شهدوا على رجل وامرأة بالزنى وهم عدول فادعت المرأة أنه أكرهها ولم يشهد الشهود أنه أكرهها؟ قال: أحدهما جميعاً إذا شهدوا أنها طاوعته. قلت: أرأيت إن قالت المرأة: تزوجني، فقال الرجل: كذبت بل زنيت بها؟ قال: لا أقيم عليها الحد. قلت: لمَ؟ قال: لأن المرأة حين قالت: هو زوجي، درأت عنها الحد، فإذا درأت الحد عنها درأته عن الرجل، لأنه (¬6) جماع واحد. ووجب (¬7) الصداق، لأن كل من درئ عنه الحد من هذا وشبهه، والرجل يطأ جارية امرأته فيقول: ظننتها تحل لي، فعليه الصداق في كل ما يَثْبُتُ فيه النسب لِوَلَدٍ (¬8) كان بذلك الجماع أو لا يثبت. قلت: وكذلك لو قال الرجل: هي امرأتي، وقالت المرأة: كذب بل زنى بي؟ قال: نعم، لا حد على واحد منهما. قلت: لمَ وأنت لا تُثبت النكاح؟ قال: وإن كنتُ لا أُثبت (¬9) النكاح (¬10). أرأيت لو جاء بشاهدين أنه كان تزوجها وأنكرت المرأة ذلك، والشاهدان غير عدلين فأبطلتَ شهادتهما، أكنتَ تحد الرجل والمرأة؟ قلت (¬11): لا. [قال:] فهذا وذاك سواء. قال: وبلغنا عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال: ادرؤوا الحدود ما استطعتم، فإن الإمام أن (¬12) يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة، وإذا وجدتم للمسلم (¬13) مخرجاً فادرؤوا ¬

_ (¬1) ز: إذا زيت. (¬2) ز: لشاجة. (¬3) ز: الهمذانية. (¬4) ز: إلى قريب. (¬5) مسند أحمد، 1/ 143. (¬6) م: لابد. (¬7) م ف ز: وواجب. (¬8) م ف: ولدا؛ ز: ولذا. (¬9) ز: لا يثبت. (¬10) م ف + قلت. (¬11) م ف ز: قال. (¬12) ف - أن. (¬13) ز: لمسلم.

عنه (¬1). قلت: أرأيت أربعة شهدوا على رجل أنه استكره هذه المرأة فزنى بها، هل تحد الرجل؟ قال: نعم. قلت: فهل تحد المرأة؟ قال: لا. قلت: ولم وهذا جماع واحد، قد حددت أحدهما فيه ودرأت عن الآخر؟ قال: هذا لا يشبه الأول. هذا بمنزلة رجل يزني بالصبية والمجنونة والنائمة، فيقام على الرجل الحد ولا يقام على المرأة، والباب الأول تزعم (¬2) أنه زوجها، فهذا لا يشبه الاستكراه. قلت: أرأيت الرجل المجنون المغلوب يستكره المرأة الصحيحة فيزني بها هل يحد واحد منهما؟ قال: لا. قلت: أرأيت إذا دعته المرأة إلى نفسها فزنى بها أتحد؟ قال: لا. قلت: فما لك إذا أقمت الحد على الرجل الذي زنى بالصبية لا تقيمه على المرأة التي زنى بها الصبي والمعتوه؟ قال: هما مختلفان، الصبي ذكره بمنزلة إصبعه، والمعتوه بمنزلة الصبي. قلت: أرأيت الرجل المحصن يزني بالصبية التي لم تحصن إلا أن مثلها يجامع، أو بالمعتوهة المغلوبة، أو بالكافرة، هل يرجم؟ (¬3) قال: نعم. قلت: أرأيت كل جماع درأت فيه الحد عن الرجل والمرأة، أتوجب على الرجل فيه المهر كاملاً؟ قال: نعم، ولا يجتمع الحد والصداق. قلت: أرأيت الرجل يزني بالمرأة فتشهد (¬4) عليه الشهود بذلك، فقال الرجل: ظننت أنها تحل لي، أو قال: شبهتها بامرأتي أو بجاريتي، هل تدرأ عنه الحد بهذه المقالة؟ قال: لا. قلت: أرأيت الرجل يستأجر المرأة ليزني بها فيشهد (¬5) عليه بذلك ¬

_ (¬1) روي نحو ذلك عن عمر - رضي الله عنه - وغيره من الصحابة. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 511؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 8/ 238. وقال الحافظ ابن حجر: ورواه أبو محمد ابن حزم في كتاب الإيصال من حديث عمر موقوفاً عليه بإسناد صحيح. انظر: تلخيص الحبير لابن حجر، 56/ 4. وقد روي الحديث مرفوعاً بأسانيد ضعيفة. انظر: سنن الترمذي، الحدود، 2، والمصادر السابقة. (¬2) ز: يزعم. (¬3) ز: هل ترجم. (¬4) ز: فشهد. (¬5) ز: فشهد.

الشهود، هل يحد واحد منهما؟ قال: لا. وقال (¬1): بلغنا (¬2) عن عمر بن الخطاب أن امرأة استسقت راعياً، فأبى أن يسقيها حتى أمكنته من نفسها، فدرأ عمر عنها الحد، لأنها مضطرة (¬3). قال: وبلغنا عن عمر بن الخطاب أن امرأة سألت رجلاً شيئاً، فأبى أن يعطيها حتى أمكنته من نفسها، فقال عمر: هذا مهر، درأت عنها الحد (¬4). وقال أبو يوسف ومحمد: أما نحن فنقيم عليه الحد (¬5) في مسألة الإجارة خاصة. قلت: أرأيت الرجل يكره حتى يزني بالمرأة فيشهد (¬6) عليه الشهود بذلك هل تقيم (¬7) عليه الحد؟ قال: نعم. قلت: لمَ؟ قال: لأن الرجل لا يشبه المرأة المستكرهة، الرجل لا يزني إلا بشهوة، فيشهد به، فانقطع الاستكراه. قلت: أرأيت إن أكرهه السلطان حتى زنى؟ قال: هذا والأول سواء، وعليه الحد. وقال أبو يوسف: رجع أبو حنيفة عن هذا، وقال: إذا أكرهه السلطان فزنى فلا حد عليه، وإذا أكرهه غيره فزنى فعليه الحد. وقال محمد: إذا أكرهه غير السلطان حتى يخاف على نفسه لم يحد. قلت: أرأيت الرجل يزني بالمرأة ثم يقول: اشتريتها، هل يدرأ عنه الحد؟ قال: نعم. قلت: فإن كانت حرة؟ قال: وإن كانت حرة. قلت: أرأيت الرجل يزني بالمرأة وهي رهن عنده فيقول: ظننت أنها تحل لي؟ قال: أدرأ عنه الحد. قلت: فإن قال: زنيت بها وأنا أعلم أنها علي حرام؟ قال: أقيم عليه الحد. قلت: أرأيت الرجل يستأجر الجارية لتخدمه، أو استودعها إياه رجل لتخدمه (¬8)، فزنى بها؟ قال: أحده في الوجهين جميعاً. قلت: أرأيت أربعة شهدوا على رجل بالزنى، فشهد اثنان أنه زنى بهذه المرأة في دار فلان، وشهد الآخران أنه زنى بها في دار أخرى؟ قال: ¬

_ (¬1) ف ز: قال. (¬2) ز: وبلغنا. (¬3) المصنف لعبد الرزاق، 7/ 407. (¬4) المصنف لعبد الرزاق، 7/ 407. (¬5) م ز - الحد. (¬6) ز: فتشهد. (¬7) ز: هل يقيم. (¬8) ز: رجلا ليخدمه.

شهادتهم باطل، ولا حد على الشهود، لأنهم أربعة. قلت: فإن شهد اثنان أنه زنى بها في قبيلة، وشهد الآخران أنه زنى بها في قبيلة أخرى، أو قال هذان في قرية (¬1) وهذان في قرية أخرى، وهذان في ساعة وهذان في ساعة أخرى؟ قال: شهادتهم في هذا كله باطل، لأنهم قد اختلفوا. قلت: فإن شهدوا على بيت واحد أنه زنى بها في مقدمه، وشهد بذلك اثنان، وشهد آخران أنه (¬2) في مؤخره؟ قال: هذا والأول سواء في القياس، ولكني أقيم عليه الحد، ولا آخذ في هذا بالقياس. قلت (¬3): أرأيت لو شهد شاهدان أنه زنى بها في مكان من البيت وشهد الآخران أنه زنى بها في مكان من البيت والذي بينهما متقارب؟ قال: أقيم عليهما الحد. قلت: فإن شهد شاهدان أنه زنى بها في ثوب، وقال الآخران: زنى بها في ثوب غيره؟ قال: أقيم عليهما الحد. قلت: أرأيت أربعة شهدوا على رجل بالزنى (¬4) أحدهم والد أو ولد أو جد أو أخوه وهم عدول؟ قال: شهادتهم جائزة، وأقيم الحد. قلت: فهل يرث الولد والوالد إذا رجم بشهادتهم عليه، أو ضرب حد القذف بشهادتهم (¬5) فمات، أو قطع في سرقة بشهادته فمات، أو قضي عليه بالقصاص بشهادته، أو ضرب حدًّا؟ (¬6) قال: نعم، له الميراث في جميع هذا. قلت: لمَ؟ قال: لأن هذا حق للمسلمين أو حد من حدود الله تعالى، وليسس هذا بمنزلة قتله إياه وهو ظالم. قلت: أرأيت أربعة شهدوا على رجل بالزنى وزكوا فأردت أن تقيم (¬7) ¬

_ (¬1) ف + أخرى. (¬2) م ف - أنه. والزيادة من ع. (¬3) م ف - قلت. والزيادة من ع. (¬4) ز - اثنان أنه زنى بهذه المرأة في دار فلان وشهد الآخران أنه زنى بها في دار أخرى قال شهادتهم باطل ولا حد على الشهود لأنهم أربعة. . . قلت فإن شهد شاهدان أنه زنى بها في ثوب وقال الآخران زنى بها في ثوب غيره قال أقيم عليهما الحد قلت أرأيت أربعة شهدوا على رجل بالزنى. (¬5) ف ز: بشهادته. (¬6) ز: حد. (¬7) م: أن أقيم؛ ز: أن يقيم.

عليه الحد بشهادتهم، فمات رجل منهم أو غاب؟ قال: أدرأ عنه الحد. قلت: فهل تَضرب (¬1) الثلاثة الباقين؛ قال: لا. بلغنا عن علي بن أبي طالب أنه قال: إذا شهد الشهود رجم الشهود ثم الإمام ثم الناس (¬2). قلت: وكذلك لو عمي أحدهم أو خرس أو جن؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو قتل؟ قال: نعم. قلت: وكذلك (¬3) لو ارتد عن الإسلام أو قذف أحد الشهود رجلاً فضرب الحد؟ قال: نعم، أدرأ (¬4) الحد عن المشهود عليه إذا كان كما ذكرت. قلت: فهل تقيم (¬5) الحد على الثلاثة الباقين؟ قال: لا حد عليهم في شيء من هذا. قلت: أرأيت أربعة شهدوا على رجل بالزنى، فحبس الرجل لينظر في أمره، فقتله رجل في الحبس عمداً؟ قال: إن كان قتله عمداً فعلى القاتل القصاص، وإن كان خطأً فعلى عاقلته الدية. قلت: فإن كان الشهود زكوا وعدلوا غير أن القاضي لم يقض برجم، فقتله إنسان عمداً أو خطأً؟ قال: هذا والأول سواء، وعلى العاقلة الدية في الخطأ، وعليه القصاص في العمد. قلت: أرأيت إن قضى القاضي برجمه، فقتله إنسان عمداً أو خطأً؟ قال: ليس على عاقلته شيء، لأن القاضي قد قضى عليه بالرجم. قلت: أرأيت إن قطع يده رجل أو فقأ عينه أو جنى عليه جناية؟ قال: لا شيء عليه في ذلك. قلت: أرأيت إن رجع الشهود عن شهادتهم (¬6) بعدما قطعت يده أو فقئت عينه؟ قال: إذا جني عليه فلا شيء على الجاني. قلت: وكذلك لو أمر (¬7) القاضي برجمه فرجمه الناس، ثم رجع الشهود عن شهادتهم قبل أن يموت؟ قال: نعم، ليس على من رجمه شيء، ويدرأ عن الرجل. قلت: أرأيت إن رجع واحد من الشهود؟ قال: هذا وذاك سواء. قلت: أرأيت إن قضى (¬8) القاضي على الرجل بالرجم، فقتله رجل عمداً، ¬

_ (¬1) ز: يضرب. (¬2) تقدم قريباً. (¬3) ز - لو عمي أحدهم أو خرس أو جن قال نعم قلت وكذلك لو قتل قال نعم قلت وكذلك. (¬4) ز: أدري. (¬5) ز: يقيم. (¬6) م ز: عن شهاداتهم. (¬7) م ف ز: لو أمره. (¬8) ف ز: إذا قضى.

ثم وجد أحد الشهود عبداً، أو مكاتباً، أو عبداً (¬1) قد أعتق بعضه وهو يسعى في بعض قيمته، أو كافراً، أو محدودًا (¬2) في قذف، هل على الرجل الذي قتله عمداً شيء؟ قال: أما في القياس فإن عليه القصاص، ولكني أستحسن، لأن القاضي قد قضى بالرجم، فأبطل عنه القصاص (¬3)، وألزم عليه الدية في ماله ثلاث سنين. قلت: أرأيت أربعة شهدوا على رجل بالزنى، فقضى القاضي برجمه، فأمر الناس فرجموه، فوجدوا أحد الشهود عبداً أو مكاتباً (¬4) أو محدوداً أو كافراً، هل على الذين رجموا شيء؟ قال: لا شيء عليهم، ولكن ديته على بيت المال. قلت: فإن لم يكونوا أجهزوا (¬5) عليه ضمنت بيت المال جراحته ولم تضمنهم شيئاً؟ (¬6) قال: نعم. قلت: أرأيت أربعة شهدوا على رجل بالزنى وهو غير مقر، فضربه الإمام الحد، ثم وجد أحد الشهود محدودا (¬7) في قذف أو عبداً أو كافراً (¬8)، وقد جرحه ذلك الضرب، كيف القول فيه إن مات من ذلك الضرب أو لم يمت؟ قال: ليس على الإمام ولا على بيت المال شيء من ذلك (¬9). وقال أبو يوسف: أما أنا فأرى ذلك كله على بيت المال، ضرب كان أو موت. وهو قول محمد. قلت: أرأيت أربعة شهدوا على رجل بشيء يجب فيه التعزير، فعزره الإمام، فمات من ذلك، هل على الإمام أو على بيت المال شيء؟ قال: لا. قلت: أرأيت أربعة شهدوا على رجل بالزنى، فأمر به الإمام أو القاضي أن يرجم، فأمر قوماً فقال: ارجموه، أيسعهم أن يرجموه ولم يعاينوا الشهود الذين شهدوا عند القاضي، قال: قد قضيت عليه بالرجم فارجموه؟ قال: نعم، يسعهم. قلت: وكذلك لو قضى عليه بالقطع في ¬

_ (¬1) ز: أو مكاتب أو عبد. (¬2) ز: أو محدود. (¬3) ف - ولكني أستحسن لأن القاضي قد قضى بالرجم فأبطل عنه القصاص. (¬4) ز: أو مكاتب. (¬5) م ف ز: اختاروا. والتصحيح من المبسوط، 9/ 63. (¬6) ز: شي. (¬7) ز: محدود. (¬8) ز: أو عبد أو كافر. (¬9) ز: شيء من ذلك.

سرقة، فدعا رجلاً ليقطعه؟ قال: نعم، يسعه أن يقطعه. قلت: أرأيت إن كان هذا الذي دعاه (¬1) القاضي هو ابن الرجل، وقد قضى على الرجل بالقطع أو بالرجم، يسعه أن يلي ذلك من أبيه؟ قال: أكره ذلك عليه، وأن يلي ذلك غيره أحب إلي. قلت: وكذلك لو كان جده أو جدته أو أمه أو خالته أو عمته أو أخته أو أخوه؟ قال: نعم، أكره ذلك. قلت: أرأيت القوم يشهدون على الرجل بالزنى، فشهد ثلاثة أنهم رأوه يزني ووصفوا ذلك وأثبتوه، وقال الرابع (¬2): لم أر ما قالوا، ولكن قد رأيتهما في لحاف واحد؟ قال: شهادتهم باطل. قلت: فهل عليهم حد؟ قال: أما الثلاثة فإني أحدهم، وأما الرابع فإن شهد كما وُصف فلا حد عليه، وإن كان قال: أشهد أنه زان، ثم سئل عن الزنى كيف هو وكيف رأيته يزني، فلم يصف ذلك، قال: عليه الحد بقوله: أشهد أنه زان. قلت: أرأيت أربعة شهدوا على رجل بالزنى، فسألهم القاضي عن الزنى ما هو وكيف هو، قالوا: لا نزيدك (¬3) على هذا، هل تقبل شهادتهم؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنهم لم يثبتوا ذلك. قلت: فهل تحدهم؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن وصفه واحد منهم أو اثنان (¬4) أو ثلاثة، وأبى البقية أن يبينوا (¬5)، هل تجيز شهادتهم؟ قال: لا. قلت: فهل (¬6) تحد واحداً (¬7) منهم؟ قال: لا. قلت: ولم [وقد] رددت شهادتهم؟ قال: لأنهم أربعة. قلت: أرأيت أربعة شهدوا على رجل بالزنى، فشهد أربعة على الشهود أنهم هم الذين زنوا بها، فهل تقبل (¬8) شهادة أحد منهم؟ قال: لا. قلت: أفتضرب أحداً منهم الحد؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: للشبهة التي دخلت (¬9). وقال أبو يوسف: أما أنا فأقيم على الأربعة الأولين الحد، ولا ¬

_ (¬1) م ف ز: أعانه. وانظر المسألة السابقة. (¬2) ف: وقال نعم. (¬3) ز: لا يزيدك. (¬4) ز: أو اثنين. (¬5) ز: أن يثبتوا. (¬6) ز - فهل. (¬7) ز: واحد. (¬8) ز: يقبل. (¬9) ز: دخل.

أقيمه (¬1) على الرجل الأول. وهو قول محمد. قلت: أرأيت ثلاثة شهدوا على رجل بالزنى ومعهم امرأتان (¬2)، هل تقبل شهادتهم؟ قال: لا. قلت: فهل تحد (¬3) الشهود والمرأتين؟ قال: نعم. قلت: أرأيت أربعة شهدوا على شهادة أربعة على رجل بالزنى، هل تجيز (¬4) شهادتهم؟ قال: لا. قلت: فهل تحدهم؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنهم لم يقذفوه، وإنما شهدوا على شهادة غيرهم. قلت: أرأيت إن قدم الأربعة، فشهدوا على شهادة أنفسهم على هذا الرجل بالزنى، هل تجيز (¬5) شهادتهم؟ قال: لا. قلت: لمَ لا تجيز (¬6) شهادتهم؟ قال: لأني أبطلت شهادة الذين شهدوا على شهادتهم، ولأن هذا قد تطاول، فلا أجيز شهادتهم. قلت: أرأيت أربعة شهدوا على رجل وامرأة بالزنى، فقالوا: نشهد (¬7) أنكما زانيين (¬8)، فرفعوهما إلى القاضي، فشهدوا عليهما بالزنى، ووصفوا ذلك وأثبتوه، والشهود عدول، فقال المشهود عليهما: إنهم قد قالوا لنا هذه المقالة قبل أن يرفعونا إلى القاضي، ولنا (¬9) بذلك بينة، فهل تقبل (¬10) منهما البينة، وتحد الشهود؟ قال: لا نقبل البينة على ذلك، ولكن نجيز شهادة الشهود، ونحد (¬11) الرجل والمرأة. قلت: أرأيت أربعة شهدوا على رجل وامرأة بالزنى، فوصفوا ذلك وأثبتوه (¬12)، غير أن رجلين (¬13) منهم يشهدان أنه استكرهها فزنى بها، وقال الآخران: نشهد أنها طاوعته، هل تحد المرأة؟ قال: لا. قلت: فهل تحد ¬

_ (¬1) ز: أقيمهما. (¬2) ز: امرأتين. (¬3) ز: يحد. (¬4) ز: هل يجيز. (¬5) ز: هل يجيز. (¬6) ز: لا يجيز. (¬7) ز: يشهد. (¬8) ز - زانيين. (¬9) ز: وأتا. (¬10) ز: يقبل. (¬11) ز: ويحد. (¬12) ف: وثبتوه. (¬13) ز: الرجلين.

الرجل؟ قال: لا. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: أحد الرجل، ولا أحد المرأة. قلت: أرأيت أربعة شهدوا على رجل بالزنى، فقال اثنان منهم: نشهد (¬1) أنه زنى بهذه المرأة غدوة، وقال الآخران: نشهد (¬2) أنه زنى بهذه المرأة - لامرأة (¬3) أخرى - عشية؟ قال: لا حد على الرجل، ولا على المرأتين. قلت: فهل تحد الشهود للمرأتين؟ قال: نعم. قلت: أرأيت أربعة شهدوا على رجل أنه زنى بهذه المرأة في موطن، وشهدوا أربعة غيرهم أنه (¬4) زنى بهذه المرأة في موطن آخر في ساعة واحدة؟ قال: لا حد عليه. قلت: ولم وقد شهد أربعة أنه زنى بها؟ قال: لأنهم قد اختلفوا، وشهدوا على شيء واحد فاختلفوا فيه، فإذا وقعت شبهة درأت الحد فيه. قلت: فإن شهد عليه أربعة أنه زنى بهذه المرأة (¬5) غدوة قبل طلوع الشمس، وشهد أربعة آخرون (¬6) أنه زنى بهذه المرأة حين ارتفاع الضحى، والشهود عدول كلهم؟ قال: فإني أقيم الحد على الرجل وعلى المرأتين جميعاً. قلت: أرأيت أربعة شهدوا على رجل أنه زنى بهذه المرأة في بيت غدوة، وشهد أربعة آخرون (¬7) أنه زنى بهذه الأخرى عشية في دار فلان؟ قال: إن كان الشهود عدولاً (¬8) كلهم أقمت الحد على الرجل والمرأتين جميعاً. قلت: أرأيت إن اتفق الشهود كلهم في ساعة واحدة وامرأة واحدة (¬9)، غير أن هؤلاء شهدوا أنه زنى بهذه المرأة في دار أخرى في ساعة واحدة، والذي بين الدارين بعيد؟ قال: شهادتهم جميعاً باطل، لا حد على الرجل ولا (¬10) المرأة. قلت: فهل تحد الشهود عليه؟ (¬11) قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: أرأيت لو شهدوا أربعة (¬12) أنه زنى يوم النحر بمكة بفلانة، وشهد أربعة أنه زنى ¬

_ (¬1) ز: يشهد. (¬2) ز: يشهد. (¬3) م: لامره. (¬4) ز: أنهم. (¬5) م - المرأة. (¬6) ز: آخرين. (¬7) ز: آخرين. (¬8) ز: عدول. (¬9) ز - واحدة. (¬10) ز + على. (¬11) ف - عليه. (¬12) ف + ايام.

بالكوفة يوم النحر بفلانة، لامرأة أخرى، هل تقبل (¬1) شهادة واحد منهم؟ قلت: لا. قال: فهذا وذاك سواء. قلت: أرأيت أربعة شهدوا على رجل أنه زنى يوم النحر بمكة بفلانة، وشهد أربعة أنه قتل يوم النحر بالكوفة، وجاؤوا جميعاً معاً؟ قال: شهادتهم باطل، لا آخذ بشيء من ذلك. قلت: فهل تد (¬2) الشهود بالزنى؟ قال: لا. قلت: لم أبطلت شهادتهم؟ قال: لأني قد علمت أن أحد الفريقين كاذب، فلا أقبل شهادتهم، لأنه لا يكون في يوم واحد بالكوفة وبمكة. قلت: وكذلك لو كانت الشهادة في طلاق أو نكاح أو عتق أو جراحة أو حد في قذف. قلت: أرأيت شاهدين شهدا أنه فعل كذا وكذا يوم النحر بمكة، وشهد آخران أنه فعل كذا وكذا في يوم النحر بالكوفة، فجاؤوا جميعاً؟ قال: شهادتهم جميعاً باطل. قلت: فإن جاء شاهدان (¬3)، فشهدا أنه فعل كذا وكذا في يوم النحر بالكوفة، فقضيت عليه بذلك (¬4) وأمضيته، ثم جاء آخران (¬5) فشهدا عليه أنه طلق امرأته يوم النحر بمكة، أو أعتق (¬6) عبده؟ قال: شهادة الآخَرَين (¬7) باطل. قلت: لمَ؟ قال: لأني قد (¬8) قضيت عليه بالأمر الأول، وأجزت الشهود بالكوفة في يوم النحر، فلا أقضي عليه بشيء من ذلك في ذلك اليوم في غير الكوفة. قلت: أرأيت الرجل يشهد عليه الشهود بالزنى والسرقة، فقضى عليه الإمام بالحد، أو أمر بقطعه (¬9) أو برجمه، فجاء رجل فقتله بالسيف، أو قطع يده بالسيف، ولم يأمره بذلك، ثم وجد الشهود كلهم عبيداً؟ (¬10) قال: دية تلك اليد وذلك الرجل على من فعله. قلت: ولم لا يكون ذلك على بيت المال؟ قال: لأنه لم يفعل ذلك على موضع الحد، وكان ينبغي في ¬

_ (¬1) ز: هل تقل. (¬2) ز: يحد. (¬3) ز: شاهدين. (¬4) ز: قضيت بذلك عليه. (¬5) ف + فشهدا أنه فعل كذا وكذا في يوم النحر بالكوفة فقضيت عليه بذلك وأمضيته ثم جاء آخران. (¬6) ز: أو عتق. (¬7) ز: الآخران. (¬8) م - قد. (¬9) م ف ز: فقطعه. (¬10) ز: عبيد.

القياس أن يقتص (¬1) منه، ولكني أستحسن، فأدرأ (¬2) القصاص، وألزمه الدية في ماله. قلت: أرأيت أربعة شهدوا على رجل بالزنى، فأمر به الإمام أن يضرب، أو كان محصنًا وأمر به أن يرجم، فلما أقيم عليه بعض الحد هرب الرجل، فطلبه الشُّرَط واتبعوه في فوره ذلك فأخذوه (¬3)، هل عليه بقية الحد؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يقدروا عليه في فوره ذلك، ولكنهم أخذوه بعد أيام، هل تقيم (¬4) عليه بقية الحد؟ قال: لا. قلت: لم؟ (¬5) قال: أستحسن إذا كان الحد هكذا أن أدرأه. قلت: وكذلك لو كان هذا في سرقة أو في شرب خمر؟ قال: نعم. قلت: فإن كان حين انفلت اتبعوه فأخذوه مكانه، أتقيم (¬6) عليه بقية الحد في جميع هذا؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان الحد في قذف، ضُرِب أسواطًا (¬7)، ثم انفلت فأخذ في وجهه ذلك أو بعد ذلك، أيتم له ما بقي من الحد؟ قال: نعم. قلت: لمَ؟ قال: لأن هذا من حقوق الناس. قلت: أرأيت الرجل الحر يضرب أربعين سوطاً في حد القذف، أتجوز (¬8) شهادته إذا كان عدلاً ما لم يتمم له الحد؟ قال: نعم. قلت: فلو قذف رجلاً فضرب (¬9) الحد، وبقي سوط واحد (¬10)، ثم قذف (¬11) آخر وقد انفلت، فإنما تضربه (¬12) ذلك السوط؟ قال: نعم. قلت: أرأيت ضرب الزاني أشد أم ضرب الشارب؟ قال: بل ضرب الزاني. قال: ويعطى كل عضو حقه من الضرب ما خلا الوجه والرأس والفرج. قلت: فإن كانت امرأة هل تجرد في حد الزنى؟ قال: لا. قلت: ¬

_ (¬1) ز: أن يقبض. (¬2) ز: فأدرى. (¬3) ف - فأخذوه. (¬4) ز: هل يقيم. (¬5) ز: لما. (¬6) ز: أيقيم. (¬7) ز: أسواط. (¬8) ز: أيجوز. (¬9) ز: يضرب. (¬10) ز: سوطا واحدا. (¬11) ف: وقد قذف. (¬12) ز: يضربه.

فإن كان عليها جبة محشوة أو فرو، عليها سوى ذلك درعها وخمارها وما يقيها، هل ينزع الفرو والمحشو عنها؟ قال: نعم. قلت: ويعطي (¬1) كل عضو حقه (¬2) ما خلا الرأس والوجه والفرج؟ قال: نعم. قلت: وتضرب وهي قاعدة؟ قال: نعم. قلت: ويضرب الرجل وهو قائم؟ قال: نعم. قلت: فهل يمد في شيء من الحدود والتعزير؟ قال: لا يمد (¬3) في شيء من ذلك. قلت: كيف يفعل بالمرأة إذا قعدت لتضرب (¬4) الحد؟ قال: كأستر ما يكون لها. قلت: أرأيت إن كان حدها الرجم هل يحفر (¬5) لها؟ قال: إن حفر لها (¬6) فحسن، وإن ترك ذلك لم يضره. قلت: أرأيت المرأة إذا شهد عليها أربعة بالزنى وهي حبلى ولم تحصن، هل تحدها؟ قال: لا. ولكن أحبسها حتى تلد وتعالى من نفاسها، ثم أخرجها وأقيم عليها الحد، وإن كان رجمًا رجمت حين وضعت، ولا تترك حتى تعالى من نفاسها. قلت: فإن شهد عليها (¬7) الشهود بالزنى، فقالت: أنا حبلى؟ قال (¬8): أحبسها حتى تضع. قلت: فإن قالت النساء: هي حبلى، فحبستها (¬9) حتى تضع فلم تضع (¬10)، أترجمها؟ قال: لا، حتى أحبسها سنتين أو أكثر ما تحبل النساء فيه، فإن لم تلد في ذلك رجمتها (¬11)، وأقمت عليها الحد. قلت (¬12): فإن كان لها زوج وولد أتلزم (¬13) الزوج (¬14) الولد؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المرأة يشهد عليها الشهود بالزنى، فتقول: أنا عذراء، فأري النساء، فنظرن إليها، فقلن: هي عذراء، هل تقيم عليها الحد؟ قال: لا. قلت: وكذلك الرتقاء؟ قال: نعم. قلت: وكذلك المجبوب إذا علم أنه ¬

_ (¬1) ز: ويعطا. (¬2) ز + من الضرب. (¬3) ز: لا تمد. (¬4) م ز: لتضربه. (¬5) ز: هل تحفر. (¬6) ف ز - لها. (¬7) ز: عليه. (¬8) م - قال، صح هـ. (¬9) م: فحبسها. (¬10) ز - فلم تضع. (¬11) م ز: رجمها. (¬12) ف - قلت. (¬13) ز: أيلزم. (¬14) م ز: للزوج.

مجبوب؟ قال: نعم. قلت: فإذا درأت الحد عن هؤلاء، هل تد الشهود؟ قال: لا. قلت: ولمَ؛ قال: أما الشهود الذين شهدوا على المرأة فلا أحدهم بقول النساء، وأما المجبوب فلا أحد الشهود، لأنه لا يزني، ولا حد على قاذفه. قلت: وكم تقبل (¬1) من النساء في الرتقاء والعذراء؟ قال: امرأتين. قلت: وكذلك النساء بالعيوب التي لا يراها الرجال في البيوع وأشباهها؟ قال: نعم. قلت: فإن أراها (¬2) القاضي امرأة واحدة وأخذ بقولها، أيجزيه ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يزني فيقول: أنا عبد، فيشهد عليه رجلان من النصارى أن مولاه أعتقه منذ سنة، ومولاه نصراني، أيحد حد الحر أو حد العبد؟ قال: أعتقه، ولا أجيز شهادة النصراني في الحد في هذا الباب. قلت: فلو شهد عليه رجل وامرأتان مسلمون (¬3) أنه أعتقه منذ سنة، هل تحده حد الحر؟ قال: نعم. قلت: ولم وأنت لا تجيز شهادة النساء في الحدود؟ قال: أرأيت لو شهد أربعة على رجل بالزنى، وشهد عليه رجل وامرأتان بالإحصان، أكنت تجيز شهادتهم وترجم المشهود عليه؟ قلت: نعم. [قال:] فهذا وذاك سواء (¬4). قلت: وكذلك لو شهدوا بالعتق حددته حد الحر؟ قال: نعم. ألا ترى أن رجلاً لو (¬5) قطعت يده عمداً أو قطع يد رجل عمداً، ثم شهد رجل وامرأتان أن مولاه قد أعتقه قبل ذلك، قضيت فيه كما أقضي في الحر. قال: ولو أن ابناً له مات فشهدوا أنه أعتق قبل (¬6) ذلك ورّثته منه، ولو أنه (¬7) قذف امرأته فشهدوا أنه أعتق قبل ذلك لاعنت بينهما، ولو شهد على ذلك نصارى (¬8) ومولاه (¬9) نصراني أجزت العتق حيث شهدوا أنه أعتقه، ولا أجيز شهادتهم في القصاص ولا الحد ولا الميراث، لأن شهوده نصارى. قلت: فإذا كان قد قطع يده نصراني، فشهد عليه شاهدان ¬

_ (¬1) ز: يقبل. (¬2) م: رآها. (¬3) م ف ز: مسلمان. (¬4) م ف ز + قال نعم. (¬5) ف - لو. (¬6) م: قبلت. (¬7) م ف ز: ولو أن. (¬8) م: نصراني. (¬9) م ز: ومولا؛ ف: ومولى.

من النصارى أن مولاه أعتقه قبل ذلك، هل يقتص له من النصراني؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو قذفه نصراني فشهدوا أن مولاه أعتقه قبل ذلك، هل يحد النصراني؟ قال: نعم. قلت: فإن كان الخصم في هذا مسلماً (¬1)، أتجيز ذلك عليه؟ قال: لا. قلت: أرأيت النصراني يشهد عليه النصارى (¬2) بالزنى وهم أربعة، فقضى عليه القاضي بالحد، فأسلم قبل أن يقام عليه الحد؟ قال: أدرأ (¬3) عنه الحد. قلت: وكذلك لو كان (¬4) ضربه فأسلم (¬5) بعد (¬6) الضرب أتبطل (¬7) ما بقي؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان الحد في السرقة؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان شهد نصراني بقتل أو بقطع يد، فقضيت بذلك، ثم أسلم المشهود عليه، أيبطل ذلك كله؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن كان مالاً فقضيت به عليه ثم أسلم هل يبطل عنه؟ قال: لا. قلت: من أين اختلف المال والقصاص والحد؟ (¬8) قال: أبطل القصاص (¬9) والحد (¬10) وأستحسن ذلك، وأما في المال فأجيزه. قلت: أرأيت الرجل الكافر يشهد عليه أربعة بالزنى وهم من أهل الكفر وهم على (¬11) غير ملته هل تجيز شهادتهم عليه؟ قال: نعم. قلت: وتحده؟ قال: نعم. قلت: فإن كانوا محدودين في قذف وليسوا بعدول هل تجيز شهادتهم؟ قال: لا. قلت: فإن أسلموا ثم شهدوا هل تجيز شهادتهم عليه؟ قال: نعم. قلت: فلم أجزت شهادتهم إذا كانت ملتهم مخالفة للملة التي شهدوا عليها؟ قال: لأنهم كفار وملتهم واحدة، فأجيز شهادة المسلمين عليهم. قلت (¬12): ¬

_ (¬1) ز: مسلم. (¬2) ز: النصراني. (¬3) ز: أدري. (¬4) ز + قد. (¬5) ف - فأسلم. (¬6) ف: بعض. (¬7) ز: أيبطل. (¬8) م - المال والقصاص والحد. (¬9) م: أبطل المال والقصاص. (¬10) ف ز - قال أبطل القصاص والحد. (¬11) ز + من. (¬12) م + وتجيز شهادة؛ ف ز + وأجيز شهادة.

فالكافر (¬1) المحدود أتجيز شهادته؟ قال: نعم، لأن ما فيه من الشرك كان أعظم. قلت: أرأيت أربعة شهدوا على رجل بالزنى ثم أقروا عند القاضي أنهم شهدوا على باطل، فلم تحدهم (¬2) حتى شهدوا على ذلك أربعة بالزنى غيرهم وعدلوا، هل تجيز شهادتهم وتقيم على المشهود عليه الحد في الزنى؟ قال: نعم. قلت: وتدرأ عن الشهود الأولين الحد؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يشهدوا عليه أربعة بالزنى غيرهم هل تحدهم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل إذا زنى وهو كافر أو سرق (¬3) ثم أسلم أو تاب (¬4) هل تقيم الحد في شيء من ذلك؟ قال: نعم، إلا أن يكون ذلك قد تقادم فأدرأه عنه (¬5) ولا أحده. قلت: ولمَ؟ قال: لأنه فعل ذلك وهو كافر ثم أسلم وتاب وتقادم ذلك. قلت: أرأيت الرجل إذا زنى بامرأة فأفضاها حتى لا يستمسك البول كيف القول في الإفضاء وقد استكرهها؟ قال: يحد الرجل، وعلى الرجل الدية كاملة في الإفضاء (¬6)، وإن كان البول يستمسك فعليه ثلث الدية. قلت: ومن أين اختلفا؟ قال: إذا كان البول يستمسك فهو بمنزلة الجائفة، وإن كان لا يستمسك فعليه الدية كاملة، لأنه قد أفسد عليها استمساك البول. قلت: أرأيت إن زنى بصبية لا يجامع مثلها وأفضاها (¬7) حتى لا يستمسك البول كيف القول في ذلك؟ قال: لا حد عليه، ولكن يعزر، وعليه الدية كاملة. قلت: فإن كان البول يستمسك ما عليه؟ قال: عليه ثلث الدية والمهر. قلت: فلم جعلت هاهنا ثلث الدية والمهر، وجعلت ثم الدية وحدها؟ قال: لأن المهر هاهنا دخل في الدية حيث أوجت الدية عليه، لأن هذا (¬8) بمنزلة ¬

_ (¬1) م ف ز: الكافر. (¬2) ز: يحدهم. (¬3) م: وسرق. (¬4) م ز: وتاب. (¬5) ز - عنه. (¬6) ف - وقد استكرهها قال يحد الرجل وعلى الرجل الدية كاملة في الإفضاء. (¬7) م ف ز: أو أفضاها. (¬8) ف ز: ذلك.

رجل شج رجلاً فذهب عقله أو شعره، فإنما عليه الدية وحدها. قلت: ولا تحد الرجل إذا زنى بالصبية التي لا يجامع (¬1) مثلها؟ قال: إذا سلمت فلم يصبها ما ذكرت ومثلها يجامع فعليه الحد، وإذا لم (¬2) تسلم (¬3) مما ذكرت فلا حد عليه، لأن مثلها لا يجامع. قلت: فإذا أفضاها ومثلها لا يجامع هل تحل له أمها أو ابنتها؟ (¬4) قال: نعم. وقال أبو يوسف: لا تحل له، أستحسن ذلك. قلت (¬5): أرأيت من قذف هذا الرجل الذي قد جامع الصبية هل يحد؟ (¬6) قال: لا، ولكني أدرأ الحد للشبهة التي دخلت. قلت: أرأيت الرجل إذا زنى بالمرأة فكسر فخذها أو جرحها جراحة هل ترى عليه الحد وأرش ذلك الجرح؟ (¬7) قال: نعم. قلت: فإن كان الجرح يبلغ ألف درهم ففي ماله أو على عاقلته؟ قال: لا، بل هو في ماله، لأن هذا يشبه العمد. قلت: أرأيت ما قضيت به في الإفضاء أيكون في ماله أو على عاقلته؟ قال: لا، بل هو في ماله، لأن هذا يشبه العمد. قلت: أرأيت الرجل يأتي المرأة (¬8) في دبرها فشهد (¬9) عليه الشهود بذلك هل يحد؟ قال: أما في قياس قول إبراهيم (¬10) فإنه يحد. قلت: أرأيت الرجل إذا فجر بالمرأة فأفضاها فشهد عليه الشهود بالزنى ووصفوه وأثبتوه وشهدوا عليه بالإفضاء أتسألهم عن الإفضاء هل رأوه حتى أفضاها؟ قال: نعم. قلت: فإن قالوا: لم نر (¬11) ذلك، وقالت المرأة: قد أفضاني، هل تنظر إلى قولها؟ قال: لا. ¬

_ (¬1) ز: لا تجامع. (¬2) م ف ز: إذا لم. (¬3) ز: يسلم. (¬4) ف ز: وابنتها. (¬5) ف: قال. (¬6) ز: هل تحد. (¬7) ز: الجرع. (¬8) ز: بالمرأة. (¬9) ف: يشهد. (¬10) سيذكر بلاغاً عن إبراهيم في ذلك. انظر: 5/ 31 و. وقوله "قياس قول إبراهيم" يدل على أن البلاغ الآتي هو فيمن عمل ذلك الفعل مع رجل، فيكون إيجاب الحد على من فعله مع امرأة قياساً على ذلك. (¬11) ز: لم نرى.

قلت: فإذا شهدت الشهود أنهم رأوه يزني وقالوا: تعمدنا النظر إلى ذلك حتى (¬1) نثبت (¬2) الشهادة بذلك، هل تجيز شهادتهم وتحده؟ قال: نعم. قلت: فإن قالوا: رأينا ذلك ولم نتعمده، أتجيز شهادتهم وتحد الرجل؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً كافراً (¬3) زنى بامرأة كافرة ثم أسلما جميعاً ثم شهد عليه أربعة وعليها بالزنى هل تحدهما؟ قال: نعم. قلت: أرأيت أربعة شهدوا على رجل بالزنى فقال المشهود عليه: أحد الشهود عبد، هل تنظر (¬4) في مقالته ذلك؟ قال: نعم. قلت: فتصنع ماذا؟ (¬5) قال: أسألهم البينة أنه حر. قلت: فإذا جاؤوا بالبينة أجزت شهادتهم فأعتقته؟ قال: نعم. قلت: فإذا قدم مولاه وكان غائباً فقال: لم أعتقه، هل تسأل (¬6) الشهود أن يعيدوا الشهادة؟ قال: لا. قلت: ولمَ وقد قبلتهم ومولاه غائب؟ قال: لأن المشهود عليه قد كان خصماً في تلك المنزلة، فلما أن قبلتهم أعتقته (¬7) وأجزت شهادتهم وكان ذلك قضاء على مولاه. قلت: أرأيت لو قُطعت يده عمداً فأقام البينة أن مولاه قد أعتقه قبل ذلك فاقتصصتُ له من صاحبه ثم جاء مولاه أكنتُ أَلتفت إلى شيء مما يجيء به مولاه من الحجة؟ قال: لا ألتفت إلى شيء من ذلك. قلت: وكذلك الشهادة في سرقة أو قذف أو شرب خمر أو طلاق أو عتاق فقبلت الشهود عليه أنه حر وقضيت بالشهادة فإنك تقضي بذلك على مولاه حاضراً كان أو غائباً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الشهود إذا شهدوا على رجل بالزنى فسأل القاضي عنهم فزكوا في السر والعلانية فقضى بشهادتهم ورجم المشهود عليه، ثم وجد أحد الشهود عبداً هل على الشهود شيء؟ قال: لا حد عليهم ولا ضمان، ¬

_ (¬1) م ز: حين. (¬2) ز: ثبتت. (¬3) ز: رجل كافر. (¬4) ز: هل ينظر. (¬5) ز: ماذى. (¬6) ز: هل يسأل؛ م ف ز + العبد. (¬7) م ف: أعتقه.

والدية على بيت المال. قلت: أرأيت لو قال (¬1) المزكون: هم أحرار، فعرف (¬2). نسبهم فأمضى القاضي شهادتهم، ثم وجد الشهود ليس لهم نسب معروف ووجدهم عبيداً (¬3) هل يقضى على المزكين بشيء؟ قال: إن تم المزكون (¬4) على شهادتهم أنهم أحرار لم يقض (¬5) على المزكين بشيء (¬6) ولا على الشهود، وإن رجع المزكون (¬7) عن شهادتهم ضمنوا. قلت: فإذا لم يقولوا: إنهم أحرار، وقالوا: عدول، ثم وجدوهم عبيداً (¬8) كيف القول في ذلك؟ قال: لا ضمان على المزكين. قلت: أرأيت القاضي إذا قضى في حد أو زنى (¬9) أو سرقة أو قذف أو شرب خمر، فرجم وقطع الأيدي في ذلك ثم قال: قضيت بالجور وأنا أعلم، هل يضمن شيئاً؟ (¬10) قال: نعم، هو ضامن لما رجم، وهو ضامن لدية التي قطع، ويعزر ويعزل عن القضاء، والمال عليه والضمان في ماله. قلت: فإذا قضى بذلك في قتل أو قصاص أو قطع يد أو أخذ مال (¬11) أو طلاق أو نكاح أو عتاق ففعل ذلك على وجه الخطأ فإنك ترد ذلك كله، فإن قَتَلَ عْرم الدية للمقتص له (¬12)، وإن كان طلاقاً ردت (¬13) المرأة إلى زوجها، وإن كان نكاحاً (¬14) فرق بينهما، وإن كان عتق (¬15) رددت رقيقا؟ قال: نعم. قلت: فإذا (¬16) فعل ذلك على وجه التعمد فأقر بذلك؟ قال: يعزل (¬17) عن القضاء ولا يصدق على شيء مما مضى. قلت: وما كان من ¬

_ (¬1) م: لو كان. (¬2) م ز: نسلهم. (¬3) ز: ووجدوهم عبيد. (¬4) ز: المزكين. (¬5) ز: لم يقضا. (¬6) ف - قال إن تم المزكون على شهادتهم أنهم أحرار لم يقض على المزكين بشيء. (¬7) ز: المزكين. (¬8) ز: عبيد. (¬9) م + أو قذف. (¬10) ز: شي. (¬11) ز: ماله. (¬12) م ف ز ع: قبل الغريم الدية المقتص له. (¬13) ز: طلاق رددت. (¬14) ز: نكاح. (¬15) ز: عتقا. (¬16) ز: فإن. (¬17) ز: يعزر.

شيء فيه غرم فإنك تضمنه في ماله؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل إذا زنى مملوكه (¬1) أو [زنى] بمملوكته رجلٌ فعلم بذلك، أقر أو شهد به عنده الشهود، هل يقيمه عليه؟ قال: لا. قلت: ولمَ؟ قال: لأن الحد إلى السلطان. قلت: وكذلك لو سرق أو شرب خمراً أو قذف؟ (¬2) قال: نعم. قلت: فإذا علم المولى أنه قد زنى هل يعزره؟ قال: نعم. يوجعه عقوبة ولا يبلغ به الحد. قلت: أرأيت إذا أُتي (¬3) به (¬4) الإمام فأقيمت عليه البينة بالزنى فادعى على أحد الشهود أنه محدود في قذف (¬5) أو قال: عندي البينة، هل يقبل منه ذلك ويكف عنه؟ قال: نعم، يكف عنه القاضي ما بينه وبين أن يقوم من مجلسه، فإن جاء بالبينة وإلا (¬6) أقيم الحد عليه إذا كان الشهود قد عدلوا. قلت: فهل تخلي سبيله في ذلك؟ قال: لا. ولكن أحبسه. قلت: فإن أقر أن شهوده على ذلك ليسوا حضوراً بالمصر (¬7) وسأل القاضي أن يؤجله أياماً أيقبل (¬8) القاضي ذلك؟ قال: لا. قلت: فإن كان الشهود على الزنى لم يزكوا وقد ظفر المشهود عليه بالبينة على أحدهم أنه محدود في قذف وزكوا هل تدرأ عنه الحد؟ قال: نعم، وأحد الذين شهدوا عليه حد القذف. قلت: أرأيت إن (¬9) لم يدّع (¬10) هذه المنزلة ولكن رجل أقام البينة على بعض الشهود أنه قد قذفه (¬11) هل تحبسه وتسأل عن شهود القذف؟ قال: نعم. قلت: فإن زكوا الشهود كلهم شهود القذف وشهود الزنى بأي الحدين تبدأ؟ (¬12) قال: أبدأ (¬13) فأحد (¬14) القاذف ¬

_ (¬1) م ف ز: بمملوكه. (¬2) ز: وقذف. (¬3) ز: إذا أتا. (¬4) أي: بالزاني، وليس المقصود المملوك. (¬5) ز: محدود وقذف. (¬6) م ف: ولا. (¬7) ز: حضور المصر. (¬8) ز: أتقبل. (¬9) م ف - إن. (¬10) ز: لم يدعي. (¬11) م: أنه قذف. (¬12) ز: يبدأ. (¬13) م ف ز: يبدأ. (¬14) ز: فأخذ.

حد القذف، وأدرأ (¬1) عن المشهود عليه حد الزنى. قلت: ولم درأت عنه حد الزنى؟ قال: لأني قد حددت بعض الشهود الذين شهدوا عليه فلا أجيز شهادته وهو محدود. قلت: ولم لا تجيز شهادته في الزنى وتحد الزاني ثم تحد القاذف بعد ذلك فتكون (¬2) قد أقمت الحدين جميعاً؟ قال: إذا اجتمع حدان فكان في ذلك مخرج أن يدرأ أحدهما فأدرأه. قلت: أرأيت إن زكوا شهود الزنى وحضروا، فلما أردت أن تحد الزاني قذف رجل (¬3) من الشهود رجلاً من المسلمين فقدمه إلى الإمام وأقام عليه البينة بالقذف، أترى هذا والباب الأول سواء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت لو لم يأت (¬4) المقذوف يطلب بقذفه (¬5) حتى حددت الزاني حد الزنى ثم جاء المقذوف يطلب بقذفه (¬6) أتحده له؟ قال: نعم. قلت: ولم لا (¬7) تبطل شهادتهم وقد كان قذف؟ قال: لأنه لم يقم (¬8) عليه حد القاذف. قلت: أرأيت السارق إذا قامت عليه البينة بالسرقة أترى هذا والذي (¬9) قذف سواء وتقيم (¬10) حد القذف (¬11) وتدرأ حد السرقة؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان قصاصاً أو طلاقاً أو نكاحاً أو عتقاً (¬12) فلم تمض (¬13) شهادتهم حتى قذف أحدهم رجلاً فجاء به المقذوف إلى القاضي فأقام عليه البينة ودعا الشهود، أتحد القاذف حد القذف وتبطل شهادتهم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن بدأ الإمام فقضى بشهادته ثم حده بعد ذلك حد القذف أتجيز ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الشهود إذا شهدوا (¬14) على رجل بالزنى عند الإمام ¬

_ (¬1) ز: وأدري. (¬2) ز: فيكون. (¬3) ف + منهم. (¬4) ز: لم يأتي. (¬5) ف: قذفه. (¬6) ز: بقذ. (¬7) ز - لا. (¬8) ز: لم يقام. (¬9) ز: الذي. (¬10) ز: ويقيم. (¬11) ز: القاذف. (¬12) ز: قصاص أو طلاق أو نكاح أو عتق. (¬13) ز: يمضي. (¬14) ز: إن شهدوا.

فادعى المشهود عليه عليهم (¬1) أو على بعضهم أنه آكل الربا وأنه شارب الخمر وأنه استؤجر على هذه الشهادة وجاء على ذلك ببينة، أتجيز ذلك له وتقبله؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأني إن قبلت هذا لم أجز (¬2) شهادة على أحد، فكان المشهود عليه بذلك يأتي بالبينة على الذين شهدوا عليه أنهم كذلك، فهذا لا ينقطع، فلست أقبل في مثل (¬3) هذا إلا أن يأتي بالبينة (¬4) أنه محدود في قذف أو أنه عبد، أو تكون الشهادة في مال فيجيء بالبينة أنه يدعي فيه شركة. قلت: أرأيت إذا جاء المشهود عليه بالزنى بشاهدين يشهدان على شاهد من الذين شهدوا عليه أنه محدود في قذف أيسأل الشاهدين: مَن حَدَّه؟ قال: نعم. قلت: فإن قالا: حده قاضي كُورَة كذا وكذا، وسموه فقال المشهود عليه: أنا آتي بالبينة على إقرار ذلك القاضي أنه لم يحدني، أيقبل (¬5) ذلك منه؟ قال: لا. قلت: فإن كان الشهود قد وقتوا في ضربه وقتاً فقال المشهود عليه: أنا آتي بالبينة أن ذلك القاضي قد مات قبل ذلك (¬6) الوقت، هل تقبل (¬7) هذا منه؟ قال: لا. قلت: فإن كان قال المشهود عليه: أنا آتي بالبينة أني قد كنت ذلك الوقت (¬8) غائباً (¬9) في أرض كذا وكذا، هل تقبل (¬10) ذلك منه؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: ألا ترى أن رجلاً لو أقام البينة على رجل أنه باعه بيعاً في يوم كذا وكذا، أو أقرضه مالاً في يوم كذا وكذا، أو شجه في يوم كذا وكذا موضحة، فقال المشهود عليه: أنا آتي بالبينة أني كنت يومئذ في مكان كذا وكذا، لم أقبل ذلك منه، ولم يكن هذا بجرح، لأني (¬11) لا أبرئه من المال الذي قد لزمه إلا أن يدفعه. ¬

_ (¬1) م ف ز: وعليهم. (¬2) ز: لم أجيز. (¬3) ف - مثل. (¬4) ز: البينة. (¬5) ز: أتقبل. (¬6) ف ز: هذا. (¬7) ز: هل يقبل. (¬8) م ف ز - الوقت. والتصحيح من هامش ف. (¬9) ز: غايب. (¬10) ز: هل يقبل. (¬11) ف: أني.

قلت: أرأيت أربعة شهدوا بالزنى على رجل (¬1) فأراد الإمام أن يحده، فافترى رجل من الشهود على بعضهم، فخاف المقذوف إن طلب حقه في القذف أن تبطل شهادته فلم يطلب بحقه، ولم يشهد عليه، أتجوز (¬2) شهادة الشهود على الزنى وهم عدول؟ قال: نعم، شهادتهم جائزة، وأحد المشهود عليه. قلت: لمَ لا (¬3) تدرأ بهذه الشبهة؟ قال: ليست هذه بشبهة. قلت: وكذلك السرقة وشرب الخمر وحد القذف؟ قال: نعم. قلت: أرأيت أربعة شهدوا على رجل بالزنى فحبسه القاضي لينظر في أمر الشهود، فعزل ذلك القاضي واستعمل قاض (¬4) غيره، هل ينبغي لهذا القاضي أن ينظر في تلك البينة؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنهم شهدوا عند غيره. قلت: أرأيت إن كان القاضي الأول حيًّا (¬5) وقد عدل الشهود فأمر برجمه ثم مات قبل أن يرجمه فاستعمل هذا القاضي هل يرجمه؟ (¬6) قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه إنما هذا مثل قاض (¬7) قضى على رجل بالرجم، ثم أتي به قاض (¬8) آخر فقامت عليه البينة عند ذلك القاضي أن قاضياً قضى عليه بالرجم، قال: ينبغي لذلك القاضي أن [لا] (¬9) ينفذ ذلك، لأن هذا حد. قلت: وكذلك لو أن قاضياً أتاه بكتاب من قاض (¬10) آخر بشهادة على رجل بالزنى أو بالسرقة أو بالقذف أو بشيء من الجراحات مضى فيه القصاص؟ قال: نعم، لا ينفذ ذلك. قلت: أرأيت الرجل إذا شهد عليه الشهود بالزنى فرجمه الإمام، ثم علم أنه مجبوب؟ قال: على الشهود الدية، لأنهم شهدوا على باطل. قلت: فهل يحدون؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأن المجبوب لا يزني، ولا حد على قاذفه. قلت: وكذلك لو شهدوا على امرأة بالزنى فرجمها الإمام ثم ¬

_ (¬1) م - على رجل، صح هـ. (¬2) ز: أيجوز. (¬3) ز - لا. (¬4) ز: قاضي. (¬5) ز: حي. (¬6) ز: هل ترجمه. (¬7) ز: قاضي. (¬8) ز: قاضي. (¬9) الزيادة من المبسوط، 9/ 85. (¬10) ز: من قاضي.

شهدوا النساء على أنها عذراء أو رتقاء؟ قال: لا يشبه هذا المجبوب، ولست ألتفت إلى شهادة الشهود (¬1) في هذا، لأن المجبوب أمره معروف، والرتقاء والعذراء إنما هو قول النساء فلا أصدقهن. قلت: أرأيت رجلاً (¬2) شهد عليه الشهود بالزنى فكان شهادتهم عند القاضي أن قالوا: نشهد (¬3) أن هذا الرجل وطئ هذه المرأة، ولم يقولوا: زنى بها؟ قال: شهادتهم باطلة. قلت: فهل على الشهود حد القذف؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأن الوطء قد يكون حلالاً وحراماً (¬4)، وهؤلاء لم يشهدوا بالزنى (¬5). قلت: أرأيت الرجل من أهل الذمة إذا زنى فشهدت عليه الشهود بالزنى أتحده؟ قال: نعم. قلت: فإن قال: هذا عندي حلال وليس بحرام، هل تدرأ عنه الحد بهذا القول؟ قال: لا. قلت: وتجيز شهادة أهل الذمة في ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت أربعة من أهل الذمة شهدوا (¬6) على رجل ذمي أنه زنى بهذه المرأة المسلمة؟ قال: شهادتهم باطل، ولا حد على الذمي ولا على المرأة. قلت: فهل عليهم حد القذف؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل إذا تزوج المرأة فدخل بها وهي ممن لا يحل له نكاحها هل تحده؟ قال: لا. قلت: فإن كان أتى ذلك على علم؟ قال: وإن كان، فلا حد عليه، ولكن يوجع (¬7) عقوبة، ولا يبلغ به الحد. قلت: وكذلك لو كانت المرأة ذا رحم محرم منه؟ قال: نعم، لا حد عليه. قلت: فإن أقر أنه فعل ذلك متعمداً وهو يعلم أنها عليه حرام؟ قال: يعزره الإمام، ولا يبلغ به أربعين سوطا. وقال أَبو يوسف: أما أنا فأرى عليه الحد إذا فعل بذات المحرم منه متعمداً. ¬

_ (¬1) ز - الشهود. (¬2) ز: رجل. (¬3) ز: يشهدون. (¬4) ز: حلال وحرام. (¬5) م ف ز + قلت وكذلك لو شهدوا أنه زنى بها. (¬6) م ف ز: أربعة شهدوا من أهل الذمة. (¬7) ز: يرجح.

قلت: أرأيت الرجل يتزوج المرأة فتُزَفُّ إليه غيرُها فوطئها هل يحد؟ قال: لا. قلت: [لمَ؟ قال:] لأن هذا شبهة. قلت: فهل على قاذفه حد؟ قال: لا. قلت: أرأيت الرجل يفجر بالمرأة ثم يقول: حسبتها امرأتي؟ قال: عليه الحد. قلت: لمَ (¬1)، من أين اختلف هذا والذي زُفَّتْ إليه غيرُ امرأته؟ قال: الذي زُفَّتْ إليه غيرُ امرأته شبهةٌ (¬2)، ألا (¬3) ترى أنها إن جاءت بولد أَثْبَتُّ (¬4) نسب الولد منه وجعلتُ عليه الصداق، والذي فَجَرَ أَحُذُه ولا مهر عليه ولا أُثْبِتُ نسب الولد منه. قال: وبلغنا عن علي بن أبي طالب أنه قال: من زُفَّتْ إليه غيرُ امرأته جُعل عليه الصداق بما استحل من فرجها ولم نحده (¬5). قلت: أرأيت الرجل إذا زنى بالأمة ثم قال: اشتريتها وصاحبها فيها بالخيار، وقال المولى: كذب، لم أبعه؟ (¬6) قال: لا حد عليه. قلت: وكذلك لو اشتراها بدين (¬7) إلى أجل؟ قال: نعم، لا حد عليه. قلت: فإن قال: اشتريتها بيعاً فاسداً، وهو يكذبه بالبيع؟ قال: لا حد عليه في شيء من هذا. قلت: لم وهو لا يملك الرقبة في شيء من هذا، ولو أعتق أو باع أو وهب لم يجز؟ قال: إذا وقع الشراء فاسداً أو جائزاً (¬8) قبض أو لم يقبض فإنه لا حد عليه. قلت: وكذلك لو قال ذلك ولا بينة له؟ قال: نعم، لا حد عليه؛ ألا ترى أنه (¬9) لو جاء على ذلك شاهد واحد درأت عنه. أوَلا ترى لو أراد أن يستحلف سيد الأمة فإن لم يحلف أليس كنت أدرأ (¬10) عنه الحد. فإذا كان الأمر هكذا درأت عنه الحد. قلت: وكذلك لو ادعى صدقة أو هبة؟ قال: نعم. قلت: فلو شُهد (¬11) عليه بالزنى وشهدوا أنه أقر بذلك ¬

_ (¬1) ف: له. (¬2) م: شبهها. (¬3) ز + ألا. (¬4) ز: ثبت. (¬5) لم يجد له الزيلعي ولا ابن حجر مصدراً. انظر: نصب الراية للزيلعي، 3/ 339؛ والدراية لابن حجر، 2/ 102. (¬6) م: لم أبيعه؛ ف: لم أبتغه. (¬7) م: يومين. (¬8) ف: وجائز؛ ز: وجائزا. (¬9) م - أنه. (¬10) ز: أدري. (¬11) ز: شهدوا.

وقال: لست أملك الجارية وهي أمة لفلان، ثم قال عند الإمام: قد (¬1) كان وهبها [لي] أو تصدق بها علي أو باعنيها؟ قال: أدرأ (¬2) عنه الحد. قلت: أرأيت الرجل يكون له في الجارية شقص فيطؤها فيقول: قد وطئتها وأنا أعلم أنها حرام علي؟ قال: لا حد عليه. قلت: ولمَ؟ قال: لأن له فيها نصيباً (¬3)؛ ألا ترى أنها لو ولدت فادعى ولدها ثبت نسبه وجعلت عليه حصة شريكه من العقر والقيمة. قلت: أرأيت إذا لم تلد وقد أقر بالوطء؟ قال: أجعل عليه حصة شريكه من العقر. قلت: أرأيت الرجل يعتق أمة بينه وبين آخر وهو معسر فقضي عليها بالسعاية لشريكه فوطئها الشريك؟ قال: لا حد عليه. قلت: لمَ؟ قال: لأنها تسعى له في حصته من الرقبة، ألا ترى أنه لو أعتقها جاز عتقه. قلت: فتجعل لها عليه المهر؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يعتق نصف أمته فقضي عليها بالسعاية في النصف الباقي؟ قال: هذا والأول سواء، ولا حد عليه، وأجعل لها المهر عليه. قلت: وكذلك المكاتبة بين الرجلين؟ قال: نعم. قلت: أرأيت أمة بين رجلين أعتقها أحدهما وهو معسر (¬4) فوقع عليها الآخر فوطئها هل تحده؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأن له فيها حصة، ألا ترى أنه إن شاء أعتق (¬5) وإن شاء ضمن وإن شاء استسعى. قلت: فيكون عليه العقر لها؟ قال: نعم. قلت: فهل على قاذفه الحد؟ قال: لا. قلت: أرأيت الرجل يطلق امرأته ثلاثا أو واحدة بائنة ثم وقع عليها في عدتها وقال: ظننت أنها تحل لي؟ قال: لا حد عليه. قلت: فهل على قاذفه الحد؟ قال: لا. قلت: وكذلك لو أعتق أم ولده ثم وقع عليها في عدتها وهو يقول: ظننت أنها تحل لي؟ قال: نعم، لا حد عليه، وليس على قاذفه حد. قلت: أرأيت إن قال: زنيت بها وقد علمت أنها علي حرام، وشهد عليه الشهود بالزنى؟ قال: عليه الحد. ¬

_ (¬1) م ف ز: وقد. (¬2) ز: أدري. (¬3) ز: نصيب. (¬4) ف ز: موسر. (¬5) ف: عتق.

قلت: أرأيت الرجل إذا حرمت عليه امرأته على وجه من الوجوه وليس من عمله ولكن من عملها، ارتدت عن الإسلام أو قبلت ابنه لشهوة أو دعته إلى نفسها فجامعها، أو قبل هو أمها أو ابنتها لشهوة، وهو يعلم أنها عليه حرام، حرمت عليه امرأته، ثم جامعها بعد الإسلام؟ قال: لا حد عليه. قلت: فهل على قاذفه الحد؟ قال: لا. قلت: لم درأت الحد عن الرجل وهو يقول: علمت أنها علي حرام؟ قال: يقول بعض الفقهاء في ذلك: إذا قبل أمها لشهوة أو جامعها لم يحرم الحرام الحلال، فلما دخلت هذه الشبهة استحسنت أن أدرأ عنه الحد وأدع القياس في ذلك (¬1). قلت: أرأيت الرجل يقول لامرأته: أنت مني خلية أو برية أو بائن أو بتة أو حرام، وقال: أردت بذلك ثلاث تطليقات، ثم جامعها في عدتها وقال: جامعتها وأنا أعلم أنها علي حرام، هل تحده؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ (¬2) قال: لأن عمر بن الخطاب كان يقول: الخلية والبرية والبتة والبائن واحدة يملك الرجعة (¬3). قلت (¬4): وكذلك لو قال: أمرك بيدك، فطلقت نفسها ثلاثاً والزوج ينوي ذلك (¬5)، ثم جامعها في عدتها وهي تعلم أنها حرام فإنك لا تحده؟ قال: نعم، لا أحده. قال: وبلغنا عن عمر بن الخطاب وعبدالله بن مسعود أنهما قالا في رجل ملّك أمر امرأته بيدها فطلقت نفسها ثلاثاً: إنها واحدة يملك الرجعة (¬6). قلت: وكل شيء اختلف فيه أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - وأهل العلم من هذا وأشباهه (¬7) فإنك تدرأ (¬8) الحد عن نحو ما ذكرت؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) لم يذكر العلة في عدم وجوب الحد عليه في وطء المرتدة. قال السرخسي: لأن العلماء يختلفون في عدتها، ومنهم من يقول: يتوقف زوال الملك بالردة على انقضاء العدة. انظر: المبسوط، 9/ 88. (¬2) ف - قلت لم. (¬3) المصنف لعبد الرزاق، 6/ 356؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 93؛ والدراية لابن حجر، 2/ 102. (¬4) م ف ز - قلت. والزيادة من ع. (¬5) م ف ز: بذلك. (¬6) المصنف لعبد الرزاق، 6/ 520؛ والدراية لابن حجر، 2/ 101. (¬7) ف ز: أو أشباهه. (¬8) ز: تدري.

قلت: أرأيت الرجل يشهد عليه الشهود بالزنى وأثبتوا الشهادة عليه غير أنهم لم يعرفوا المرأة التي زنى بها وقد ذهبت فلا يقدر عليها هل تحده؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأني لا أدري لعلها امرأته أو جاريته (¬1)، إذا لم يعرفوا (¬2) المرأة فلم يبينوا (¬3) الشهادة. قلت: فإن قال (¬4) المشهود عليه: ليست بخادم لي ولا امرأة في التي رأوها معي، إنما كذبوا علي، أتحده؟ قال: لا. قلت: فإن عرفوا المرأة فقالوا: هي فلانة ابنة فلان وليست له بامرأة، غير أن الشهود ليسوا بعدول هل تحده؟ (¬5) قال: لا. قلت: فهل تحد الشهود؟ قال: لا. قلت: فإذا لم تجز (¬6) شهادتهم لم لا يكونون (¬7) قذفة؟ قال: لأنهم أربعة. قلت: فإن كانوا عدولاً كلهم غير واحد؟ قال: لا أحد المشهود عليه، ولا أحد أحداً (¬8) من الشهود. قلت: فإن كان ثلاثة منهم (¬9) يشهدون على شهادة أنفسهم وشاهد يشهد على شهادة غيره؟ قال: لا أجيز شهادتهم، وأضرب الثلاثة حد القذف، لأنهم قذفة. قلت: فهل يضرب الذي شهد (¬10) على شهادة غيره؟ قال: لا. قلت: ولمَ؟ قال: لأنه لم يقذف، وإنما قال: أشهدني (¬11) فلان على شهادته أنك زان. قلت: فإن كان الشهود أربعة فيهم عبد أو أعمى أو محدود في قذف أو مكاتب أو عبد قد أعتق بعضه وهو يسعى في بعض قيمته؟ قال: لا أجيز شهادة هؤلاء، وأضربهم كلهم حد القذف. قلت: فالمكاتب والذي يسعى في شيء من قيمته حدهما كحد العبد؟ (¬12) قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان الشهود ثلاثة وامرأتين؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) ز: وجاريته. (¬2) ز: لم يعقل. (¬3) ز: يثبتوا. (¬4) ز + قال. (¬5) م ف ز: هل تحد. (¬6) ز: لم تجيز. (¬7) ز: لم يكونوا. (¬8) ف ز - أحدا. (¬9) م ز: فيهم. (¬10) ز: يشهد. (¬11) ز: أشهدلي. (¬12) م ز: العبيد.

قلت: فلو كانوا أربعة أحدهم زوج المشهود عليها؟ قال: هؤلاء أجيز شهادتهم، وأقيم الحد على المرأة المشهود عليها. قلت: فإن كان الشهود كفاراً غير زوجها حددتهم كلهم إلا الزوج، فإنه يلاعن امرأته؟ قال: نعم. قلت: أرأيت القوم يشهدون على الرجل (¬1) بالزنى وعلى المرأة فجاؤوا متفرقين واحد (¬2) بعد واحد هل تجيز شهادتهم؟ قال: لا، وأحدهم كلهم. قلت: فإن كان الشهود في مقعد واحد فلما قاموا إلى القاضي قام واحد بعد (¬3) واحد هل تجيز شهادتهم؟ قال: نعم. قلت: لمَ؟ قال: بلغنا عن عامر الشعبي أنه قال: لو جاء ربيعة ومضر فرادى حددتهم. ولا يستقيم الأمر إلا هكذا، لأن الرجل لو قذف رجلاً فرفعه إلى السلطان فجلس القاذف وجاء آخر بعد ذلك فقال للمقذوف: أشهد أنك زان، أحدهما جميعاً، ولا أجعلهما شاهدين؛ لو كنت أقبل الشهود متفرقين لم أحد رجلاً يقول للرجل (¬4): أشهد أنك زان، لأنه إذا جاء واحد بعد واحد فشهدوا متفرقين لم أحد قاذفاً أبداً. قلت: أرأيت أربعة شهدوا على رجل بالزنى فقال شاهدان: زنى بها في الدار، وقال الآخران: في البيت، وقال شاهدان: في دار فلان، وقال الآخران: في دار فلان؟ (¬5) قال: أبطل شهادتهم (¬6) عليهما ولا أجيزها. قلت: فهل تحدهم؟ قال: لا. قلت: فإن أثبتوا الشهادة على الزنى فقال اثنان (¬7): في أعلاه (¬8)، وقال الآخران: في أقصاه؟ قال: أما هذا فإني أستحسن أن أجيزه وأحده. قلت: فإن شهدوا عليه بالزنى فسألهم عن الزنى فقالوا: رأيناه مع امرأة في ملحفة ولم نره جامعها، فهذا ما رأينا منه وبه نشهد، هل تجيز ¬

_ (¬1) ف: على رجل. (¬2) ز: واحدا. (¬3) م ز - بعد. (¬4) ز - للرجل. (¬5) م + وقال الآخران في دار فلان. (¬6) ز: شهادتهما. (¬7) م ز: فقالا زنين؛ ف: فقالا زنهن. (¬8) ز: في أدناه.

شهادتهم؟ قال: لا. قلت: فإن شهد اثنان على المجامعة بعينها وشهد اثنان على ما وصفت لك أتجيز شهادتهم؟ قال: لا. قلت: فإن شهدوا عليه بالزنى ووصفوه فقال المشهود عليه بالزنى: هي امرأتي، وقالت المرأة: هو زوجي، هل تحدهما؟ قال: لا. قلت؛ ولا تجيز شهادة الشهود عليهما (¬1) بالزنى؟ قال: لا. قلت: لمَ وقد شهدوا عليه بالزنى؟ قال: لأنه قد ذكر أنها امرأته، وهذه شبهة قد دخلت، فلا أحدهما بذلك؛ ألا ترى أنهما إذا أقرا بالنكاح تركتهما على نكاحهما، وإن كان لهما ولد ثبت نسبه منهما. قلت: أرأيت لو شهدوا عليه بالزنى، فشهدوا أنه غصبها نفسها ووصفوا الزنى، هل تحد الرجل إذا كان الشهود عدولاً؟ قال: نعم. قلت: فهل تحد المرأة؟ قال: لا. قلت: ولمَ؟ قال: لأنها مستكرهة. قلت: فإن كانت صبية أو معتوهة؟ قال: كذلك أيضاً. قلت: فإن كانت أمة أو يهودية أو نصرانية فزنى بها فشهدوا عليها بالزنى، ووصفوه وأثبتوه، هل تحدهما جميعاً؟ قال: نعم. قلت: فإن كان الرجل محصناً أترجمه؟ قال: نعم. قلت: فهل ترجم اليهودية أو النصرانية أو الأمة ليست لها زوج؟ قال: لا تكون (¬2) واحدة منهن (¬3) محصنة. قلت: فكم تضرب الأمة؟ قال: خمسين جلدة. قلت: وكم تضرب اليهودية والنصرانية؟ قال: مائة. قلت: أرأيت المجنون المغلوب الذي لا يفيق شهد (¬4) عليه الشهود أنه زنى بامرأة وهم عدول وقد وصفوا الزنى وأثبتوه، هل تحد واحداً منهما؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: للشبهة التي دخلت فيه. قلت: أرأيت إن كانت المرأة مطاوعة لم لا تحدها؟ قال: لأن المجنون عندنا بمنزلة صبي زنى بامرأة، فلا أحدهما، وذكره عندي بمنزلة إصبعه، فكذلك المجنون. ¬

_ (¬1) ز: عليها. (¬2) ز: لا يكون. (¬3) ز: منهم. (¬4) م ز - شهد.

باب الإقرار بالزني

قلت: فإن زنى كافر بمسلمة فشهدوا الشهود على ذلك وهم أربعة كفار، إنما الحد عليهما جميعاً؟ قال: لا. قلت: لمَ لا تجيزها على الكافر خاصة؟ قال: لأنه جماع واحد، ولا أجيز شهادتهم على واحد وأترك الآخر. قلت: فإن كان المشهود عليهما كافرين يهوديين أو نصرانيين، والشهود على دينهم، هل تجيز شهادتهم عليه وهم عدول في دينهم وقد وصفوا الزنى وأثبتوه؟ قال: نعم. قلت: فإن قضى القاضي بشهادتهم فأمر وهما كافرين أن يحدا (¬1)، فلما أن قُدِّم أسلم أحدهما، كيف القول في ذلك؟ قال: أدرأ (¬2) عنه الحد (¬3). قلت: ولمَ؟ قال: لأنه قد أسلم، فلا أجيز شهادة الكافر عليه. قلت: أفتدرأ (¬4) عن الآخر الحد أيضاً؟ قال: نعم. قلت: لمَ؟ قال: لأن الأمر واحد، فإذا بطلت (¬5) الشهادة في بعضه أبطلته كله. قلت: أرأيت أربعة شهدوا من أهل الذمة على رجلين وامرأتين (¬6) بالزنى، فشهدوا على كل واحد منهما أنه زنى بامرأة، ووصفوا الزنى وأثبتوه، فلما أراد القاضي أن يقيم الحد على الرجلين والمرأتين أسلمت إحدى المرأتين والرجل الذي شهدوا أنه زنى بها، وبقي الرجل الآخر والمرأة على دينهما كافرين؟ قال: أدرأ (¬7) عن اللذين أسلما، وأحد الكافرين. ... باب الإقرار بالزني قلت: أرأيت الرجل إذا أتى الإمام فقال (¬8): زنيت بفلانة ابنة فلان، أيقيم الحد عليه أم يرده؟ (¬9) قال: يرده ولا يحده (¬10). قلت: فإن جاء فأقر عنده الثانية؟ قال: يرده (¬11) أيضاً. قلت: فإن جاء الثالثة (¬12) فأقر عنده؟ قال: ¬

_ (¬1) ز: أن يحدان. (¬2) ز: أدرئ. (¬3) م ز - الحد. (¬4) ز: أفتدرئ. (¬5) ز: أبطلت. (¬6) ز: أو امرأتين. (¬7) ز: أدرئ. (¬8) ز + قد. (¬9) ز: أم ترده. (¬10) ز: نرده ولا نحده. (¬11) ز: نرده. (¬12) ز: الثلثة.

يرده (¬1) أيضاً. قلت: فإن جاء الرابعة فأقر عنده ماذا يقول له الإمام؟ قال: يسأله عن الزنى ما هو وكيف هو، فإذا وصفه وأثبته قال: فلعلك تزوجتها، فلعلك وطئتها بشبهة، فإن قال: لا، نظر في عقله، فإن كان صحيح العقل سأله: أحصنت؟ فإذا قال: [نعم]، وفسر الإحصان وأثبته، أمر به أن يرجم. قلت: فإذا رجم هل يغسل ويكفن ويحنط ويصلى عليه؟ قال: نعم. يفعل به ذلك كله. قال: بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه لما رجم ماعز بن مالك سألوه عن غسله وكفنه والصلاة عليه فقال: "اصنعوا به ما تصنعون بموتاكم" (¬2). قلت: فلو أنه حين (¬3) أمر به القاضي أن يرجم رجع عن قوله كيف القول في ذلك؟ قال: يدرأ عنه الحد. قلت: لمَ؟ قال: لأنه بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه لما رجم ماعز بن مالك أبطأ عنه (¬4) الموت، فخرج (¬5) من تلك الأرض يسبق إلى أرض كثيرة الحجارة، فانطلق المسلمون في أثره، فرجموه بالحجارة حتى قتلوه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما بلغنا: "فهلا (¬6) خليتم سبيله" (¬7). قلت: أرأيت إذا أقر بالزنى أربع مرات في مجلس واحد هل تحده لذلك؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه أقر في مجلس واحد أربع مرات، فهذا عندنا إنما هو مرة واحدة حتى يرده القاضي من ذلك المجلس ثم يقول كما وصفت لك أربع مرات. قلت: فلو أقر بالزنى أربع مرات في أربع مجالس وقال: لم أحصن، وشهد عليه شاهدان بالإحصان أترجمه؟ قال: نعم، أرجمه. ¬

_ (¬1) ز: نرده. (¬2) روي عن أبي حنيفة عن علقمة بن مرثد عن ابن بريدة عن أبيه بريدة - رضي الله عنه - قال: لما رجم ماعز قالوا: يا رسول الله، ما نصنع به؟ قال: "اصنعوا به ما تصنعون بموتاكم من الغسل والكفن والحنوط والصلاة عليه" انظر: الآثار لأبي يوسف، 157؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 459. (¬3) م ف ز: من. (¬4) ز: عليه. (¬5) ز - فخرج. (¬6) م ف ز: أفهلا. (¬7) انظر: الآثار لأبي يوسف، 157، وسنن أبي داود، الحدود، 23؛ وسنن الترمذي، الحدود، 5، وقال الترمذي: حديث حسن.

قلت: أرأيت إذا أقر أربع مرات بالزنى كما وصفت لك أترجمه والمرأة التي أقر أنه زنى بها غائبة؟ قال: أما في القياس فلا يحد، ولكني أدع القياس للأثر الذي جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ماعز بن مالك، فإنه رجمه، ولم يبلغنا أن المرأة التي زنى بها كانت معه (¬1). قلت: فلو جاءت المرأة التي زعم أنه زنى بها تطلب مهرها وقالت: هو زوجي، وقال هو: كذبت، إنما زنيت بها، هل لها عليه المهر؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه لم يقر لها (¬2) بمهر، إنما أقر أنه زنى بها، وقد حددته، فلا أجعل لها مهراً إذا حددته. قلت: فإن أقر بالزنى مرتين وشهد عليه شاهدان (¬3) أتحده؟ قال: لا. قلت: ولمَ؟ قال: لأنه لم يشهد عليه أربعة بالزنى ولم يقر هو أربع مرات. قلت: أرأيت أربعة شهدوا بالزنى والأربعة فساق أو مجانين (¬4) أو عميان وأقر هو مرة واحدة هل تحده؟ قال: لا. قلت: ولمَ؟ قال: لأنه لى يقر أربع مرات ولم يشهد عليه أربعة عدول. قلت: أرأيت إذا أقر بالزنى أربع مرات وإنما زنى بجارية خالته أو بخادم عمته أو بخادم أخيه أو بخادم ذي (¬5) رحم محرم منه هل تحده؟ قال: نعم. قلت: لمَ وقد قلت في هذا: لا أقطعه (¬6) إذا سرق من أحد من هؤلاء؟ قال: لا يشبه الزنى السرقة في هذا؛ ألا ترى لو أنه (¬7) زنى بأخته أو بعمته حددته، ولو سرق من واحد منهما لم أقطعه، وكذلك خادمهما (¬8). قلت: أرأيت لو شهد عليه (¬9) الشهود أنه زنى بجارية أخيه أو عمه (¬10) أو جارية لذي (¬11) رحم محرم منه من رضاع أو نسب، فشهد عليه أربعة شهود ¬

_ (¬1) لم يرد ذلك في قصة ماعز التي رويت عن طريق عدد كبير من الصحابة في الكتب الستة وغيرها. (¬2) ف: لم يقربها. (¬3) ز: شاهدين. (¬4) م ز: أو مجان. (¬5) ز: ذو. (¬6) م: ألا أقطعه. (¬7) ف - أنه. (¬8) ز: خادمها. (¬9) م - عليه. (¬10) ز: أو عمته. (¬11) ف: الذي.

وأثبتوا الشهادة، هل تحده، ويكون الإقرار في هذا وشهادة الشهود سواء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت لو أقر أنه زنى بجارية أبيه أو أمه أو امرأته فأقر بذلك أربع مرات هل تحده؟ قال: نعم. قلت: فإن قال: ظننت أنها تحل لي، هل تحده؟ قال: لا. قلت: وكذلك جارية ابنه إذا أقر أنه زنى بها أربع مرات؟ قال: لا، أما جارية ابنه فإني لا أحده فيها (¬1)، ادعى شبهة أو لا، لأنه بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لرجل: "أنت ومالك لأبيك" (¬2). قلت: أرأيت إذا أقر أربع مرات أنه زنى بجارية أخيه أو أخته أو بجارية ذي رحم محرم منه وقال: ظننت أنها تحل لي؟ قال: يحد، ولا يكون هذا شبهة يدرأ بها عنه. قلت: فإذا ادعى شبهة؟ قال: لا يحد. قلت: فإذا ادعى شبهة ما يقول؟ (¬3) قال: (¬4) يقول: اشتريتها أو تزوجتها أو وهبت لي، فهذه شبهة، فأما إذا قال: ظننت أنها تحل لي، فهذه ليست بشبهة، وعليه الحد. قلت: أرأيت إذا وطئ جارية أبيه أو جده أوأمه أو امرأته وقال: ظننت أنها تحل لي؟ قال: لا حد عليه، ولا يثبت نسبه من الجارية، وعليه المهر إلا في جارية ولده، فإن نسب الولد يثبت، وعليه قيمة الجارية، صدقه في وطئه إياها أو كذبه، ولا مهر عليه. فإن قال في ذلك كله: علمت أنها علي حرام، أقيم عليه الحد في جميع ذلك، إلا في جارية ولده وولد ولده إن كان أبوهم ميتاً، وإن كان حيًّا لم يصدق الجد على الدعوة إذا جحد ابنه، ولا شيء على الجد من قيمة الأم، وعليه العقر. وكذلك لو جحد ابن الابن ثم مات أبوه ثم ادعى الجد وجاءت به لأقل من ستة أشهر منذ يوم مات أبوه لم يصدق إلا أن يصدقه ابن الابن، وإن ادعاه وقد جاءت به بعد موت أبيه لستة أشهر فصاعداً فهو مصدق، جحد ذلك ابن الابن أو صدق، ولأن شراءه (¬5) وبيعه عليه لو كان صغيراً (¬6) جائز، فكذلك هو في ¬

_ (¬1) ز: فيما. (¬2) سنن ابن ماجه، التجارات، 64؛ وسنن أبي داود، البيوع، 77؛ وصحيح ابن حبان، 2/ 142؛ ونصب الراية للزيلعي، 337 - 339؛ والدراية لابن حجر، 2/ 102. (¬3) م - ما يقول، صح هـ.؛ ف - يقول. (¬4) ف: بأن. (¬5) ز: شراؤه. (¬6) ز + فهو مصدق.

هذا بمنزلة الأب. وقال أَبو يوسف ومحمد: إذا قالت جارية أمه أو امرأته أو جارية أبيه: ظننت أنه يحل (¬1) لي، وأقر هو أربع مرات أنه زنى بها وقال: قد علمت أنها علي حرام، فإني لا أحد واحداً منهما، أيهما ما ادعى هذا درأت عنه وعن صاحبه. فإن أقرا جميعاً بالزنى أربع مرات ولم يدعيا (¬2) شبهة فإني أحدهما جميعاً. وقال أَبو حنيفة: إذا أقر بزنى قديم أربع مرات فإني أحده. وقال أَبو حنيفة: إذا شهد الشهود على زنى قديم لا آخذ بشهادتهم ولا أحده. قلت: أرأيت الرجل من أهل الذمة يقر بالزنى أربع مرات هل تحده ويكون في الإقرار والمسلم سواء؟ قال: نعم، غير أنه لا يرجم. قلت: أرأيت العبد يقر بالزنى أربع مرات عند القاضي على نحو ما ذكرت هل يحد؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الأعمى يقر بالزنى أربع مرات هل تحده؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو شهد عليه الشهود؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الأخرس يقر بالزنى في كتاب كتبه أو بإشارة أشار بها إلى الإمام أربع مرات هل تحده؟ قال: لا، لأنه لم يتكلم. قلت: وكذلك لو شهد الشهود؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الذي يجن ويفيق إذا أقر بالزنى في حال إفاقته أربع مرات أتحده؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو شهدت عليه الشهود؟ قال: نعم. قلت: فإن كان أقر فقال: زنيت في حال جنوني هل تحده؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأن القلم قد رفع عنه في تلك الحال. قلت: أرأيت المسلم إذا أقر أنه زنى وهو كافر في أرض الحرب قبل أن يسلم فأقر بذلك أربع مرات هل يحد؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه كان ذلك في حال الكفر، فما كان فيه من الكفر كان أعظم من ذلك. قلت: أرأيت المجبوب (¬3) إذا أقر بالزنى أربع مرات أو شهد عليه ¬

_ (¬1) ز: أنها تحل. (¬2) ز: يدعيان. (¬3) م ف ز: المجنون.

الشهود أتحده؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه لا يزني. قلت: أرأيت الخصي إذا أقر بالزنى أربع مرات أو شهد عليه الشهود بذلك أتحده؟ قال: نعم. قلت: وكذلك العنين؟ قال: نعم (¬1). قلت: أرأيت الرجل يقر بالزنى أربع مرات، يقر أنه كان منه وهو صبي، أو شهد عليه الشهود بذلك، هل تحده؟ قال: لا. قلت: ولمَ؟ قال: لأن القلم مرفوع عنه. قلت: أرأيت الرجل إذا أقر أنه زنى وهو عبد، فأقر بذلك أربع مرات، وهو اليوم حر، وإنما أعتق يوم أقر؟ قال: يحد حد العبيد. قلت: فإن كان قد أعتق منذ زمان وكان ذلك قد تطاول هل تحده؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يقر بالزنى أربع مرات بامرأة فقالت المرأة: ما زنى بي ولكنه زوجي، هل تقيم (¬2) الحد على الرجل؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأن المرأة التي زعم أنه زنى بها قد أنكرت ذلك، فإذا كان جماع واحد أدرأ (¬3) فيه الحد عن أحدهما درأته عن الآخر. وقال أَبو يوسف ومحمد: يحد (¬4). قلت: فإن قالت: زنى بي مستكرهة؟ قال: أما هذا فإني أحد فيه الرجل، ولا أحد المرأة، وهذا كالرجل يزني بالمجنونة والصبية، فيحد الرجل ولا تحد (¬5) الصبية. قلت: أرأيت المرأة إذا أقرت بالزنى أربع مرات مع رجل بعينه وقال الرجل: كذبت ولكنها امرأتي، هل تحد المرأة؟ قال: لا. قلت: فإن قال: صدقت، هل تحدهما جميعاً؟ قال: لا أحد الرجل، وأحد المرأة. قلت: لمَ؟ قال: لأن المرأة أقرت أربع مرات، والرجل لم يقر إلا مرة واحدة. قلت: فإن قال (¬6): كذبت، لم أزن (¬7) بها ولكنها (¬8) امرأتي، هل تجعل (¬9) ¬

_ (¬1) ف + وكذلك العنين قال نعم. (¬2) ز: هل يقيم. (¬3) ز: أدري. (¬4) ف - يحد. (¬5) ز + المرأة. (¬6) ف + لها. (¬7) ز: لم أزني. (¬8) ز: ولكني. (¬9) ز: هل يجعل.

عليه المهر وهي تقول: قد زنى بي؟ قال: نعم، يُجعَل لها عليه المهر، فإن شاءت قبضته (¬1) وإن شاءت تركته، وإذا درأت الحد في جماع أوجبت المهر أو العقر. قلت: أرأيت إن قال الرجل: ما زنيت بها وما أعرفها، هل يُحَدّ واحد منهما؟ قال: لا، في قول أبي حنيفة، وقال أَبو يوسف ومحمد: أحد المرأة. قلت: أرأيت الرجل من أهل الحرب يكون مستأمناً في دار الإسلام فأقر بالزنى أربع مرات هل يحد؟ قال: لا. قلت: ولمَ لا يكون هذا بمنزلة أهل الذمة؟ قال (¬2): لأن هذا من أهل الحرب لا يجري عليه (¬3) الحكم، ألا ترى أني لا آخذ منه الخراج كما آخذ من أهل الذمة. قلت: وكذلك لو شهد عليه بذلك شهود؟ قال: نعم. قلت: فإن كان الشهود مسلمين؟ قال: وإن كان. قلت: وهل تحد المرأة التي زنى بها وقد شهد عليه أربعة من المسلمين أنه زنى بهذه المرأة وهي ذمية؟ قال أَبو حنيفة: تحد المرأة ولا يحد الرجل. قال محمد: لا أحدهما (¬4) ذمية كانت أو مسلمة، وقال: إذا درأت الحد عن الرجل درأته عن المرأة، ألا ترى أن مجنوناً لو زنى بامرأة فدرأت عنه الحد درأته عنها. وقال أَبو يوسف: أحدهما جميعاً، وأحد الحربي المستأمن إذا زنى في دار الإسلام. قلت: فلو أن أربعة من أهل الذمة شهدوا على رجل من أهل الذمة أنه زنى بامرأة مسلمة هل كنت تحد الذمي؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأني لا أجيز شهادة الشهود وهم كفار على مسلمة، وهو جماع واحد، فإذا درأته عن أحدهما درأته عن الآخر. قلت: فإن كانت المرأة والرجل كافرين فأسلم أحدهما بعدما قضيت بالحد قبل أن يضربا؟ قال: أدرأ (¬5) الحد عنهما جميعاً. قلت: وكذلك السرقة في هذا والقصاص وحد القذف؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الأموال إذا شهدوا بها عليه فقضيت عليه ثم أسلم؟ قال: أمضيه (¬6). ¬

_ (¬1) ز: قبضه. (¬2) ز - قال. (¬3) ز - عليه. (¬4) ز: لا أحدها. (¬5) ز: أدري. (¬6) ز: أمضه.

قلت: أرأيت مسلماً (¬1) أقر أنه زنى بهذه المرأة المسلمة (¬2)، أو ذميًّا (¬3) أقر أنه زنى أربع مرات، وأقرت المرأة بذلك معهما أربع مرات هل تحد المسلم والذمي؟ قال: نعم، أحدهما ولا أحد المرأة، إنما هذا كالرجل يقر أنه زنى بامرأة مجنونة فأحده ولا أحدها (¬4). قلت: فإن كان الرجل من أهل الحرب مستأمناً (¬5) فأقر أنه زنى بامرأة مسلمة أربع مرات وأقرت بذلك هل يُحَدّ واحد منهما؟ قال: لا، هذا كالمجنون يزني بالصبية في قول محمد وفي قول أبي يوسف الأول. وقال أَبو حنيفة: أحد المرأة ولا أحد الرجل. قلت: أرأيت الرجل إذا كان في دار الحرب بأمان فزنى هناك، ثم خرج إلى دار الإسلام فأقر بذلك عند الإمام أربع مرات، هل تحده؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه زنى في دار الحرب حيث لا تجري عليه أحكام المسلمين. قلت: فإن كان زنى بامرأة مسلمة أو ذمية أو من أهل الحرب فهو سواء؟ قال: نعم. قلت: وكذلك سرية من المسلمين دخلت دار الحرب فزنى رجل منهم هناك؟ قال: لا أحده. وإذا كان عسكر (¬6) فهو كذلك. لا يقيم الحد ولا القصاص إلا كل أمير على مصر يقيم على أهله القصاص والحدود، فإنه يقيم الحدود في دار الحرب إذا غزا بهم، فأما غيرهم فلا يقيم حدوداً ولا قصاصاً. قلت: أرأيت الرجل من أهل البغي إذا زنى في عسكر أهل البغي، فأقر بالزنى أو شهد به عليه الشهود هل تحده؟ قال: لا. قلت: ولمَ؟ قال: لأنه في عسكر لا يجري في حكم أهل العدل. قلت: وكذلك أسير من أهل العدل في أيديهم؟ قال: نعم. قلت: وكذلك تاجر من أهل العدل في عسكرهم؟ قال: نعم، لا أحد واحداً (¬7) منهما لخصلتين، أما أحدهما: فإنه فعل ذلك في عسكر أهل البغي حيث لا يجري عليه الحكم، والأخرى: إذا ¬

_ (¬1) ز: مسلم. (¬2) لعل الصواب: المستأمنة. (¬3) ز: أو ذمي. (¬4) ز: أحدهما. (¬5) ز: مستأمن. (¬6) م ف ز ب: عين. والتصحيح من الكافي، 1/ 152 و؛ والمبسوط، 9/ 100. (¬7) ز: واحد.

تطاول الحد درأته. قلت: أرأيت العبد إذا أقر بالزنى أربع مرات هل تحده؟ قال: نعم. قلت: وكذلك أم الولد والمدبر والمكاتب والعبد الذي قد أعتق بعضه وهو يسعى في بعض قيمته؟ قال: نعم. قلت: ويصدق في هذا وهو يضر بمولاه؟ قال: نعم. قلت: فإن كان المولى غائباً هل تحده؟ قال: نعم. قلت: وكذلك أم الولد والمدبر والمكاتب والعبد يسعى في قيمته وقد أعتق بعضه، فإن [أحداً من] هؤلاء [إذا] أقر (¬1) بالزنى أربع مرات فإنه يصدق في ذلك ويحد حد العبد وهو يضر بمولاه؟ قال: نعم. قلت: وأيهم أقر بشرب الخمر فإنه يحد حد الخمر، وأيهم أقر بالسرقة فإنه يقطع، وأيهم أقر بقذف فإنه يحد حد القذف؟ قال: نعم، هذا كله باب واحد. قلت: وكذلك لو أقر بقتل عمد (¬2) ومولاه غائب قتلته؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل إذا أقر بالزنى أربع مرات وهو مريض وحده الجلد هل تحده؟ قال: لا، حتى يبرأ. قلت: فإن كان حده الرجم أيرجم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل إذا وجب عليه حد السرقة وهو مريض، أو حد لشرب الخمر، أو حد في قذف، أو قطع يد عمداً (¬3)، وشهد عليه الشهود بذلك؟ قال: يحبسه (¬4) حتى يبرأ، فإذا صح أقام عليه الحد. قلت: أرأيت الرجل إذا أقر بالزنى أربع مرات، وأقر بالسرقة (¬5)، وأقر بشرب خمر، وأقر بقذف رجل، وأقر بفقء عين رجل عمداً، هل يأخذه الإمام بذلك كله؟ قال: نعم. قلت: فبأي ذلك يبدأ؟ قال: يقتص (¬6) من العين لأنها من حقوق الناس، فإذا برأ (¬7) منها أخرجه فأقام عليه حد القذف، ثم يحبسه، فإذا برأ (¬8) أقام عليه تلك الحدود، إن شاء بدأ بحد الزنى، وإن شاء بدأ بحد السرقة لأنهما من كتاب الله تعالى، ويجعل حد الخمر آخرها. ¬

_ (¬1) م ف ز: أقروا. (¬2) ف: عبد. (¬3) ز: عمد. (¬4) ز: تحبسه. (¬5) ف، فإذا صح أقام عليه الحد قلت أرأيت الرجل إذا أقر بالزنى أربع مرات وأقر بالسرقة. (¬6) ز: يقبض. (¬7) ز: بري. (¬8) ز: بري.

وقال أَبو حنيفة: كلما أقام عليه الحد حبسه حتى يبرأ، ثم يقيم عليه الحد الآخر. قلت: فإن كان محصناً؟ قال: يقتص (¬1) منه من العين، ويضربه حد القذف، ويرجمه، ويدرأ عنه حد السرقة والخمر، إلا أنه يضمنه السرقة. قلت: أرأيت الرجل إذا أقر بالزنى أربع مرات، أو شهد عليه الشهود، فكان حده الجلد أو الرجم، هل يقام عليه شيء من ذلك في المسجد؟ قال: لا، بلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا تقام الحدود في المساجد" (¬2). ولا يقام حد من حدود الله في المسجد، ولا يقتص لرجل من آخر. قلت: أرأيت التعزير هل يعزر في المسجد؟ قال: لا. قلت: فإن كان للقاضي (¬3) مقعد في المسجد، فأراد أن يضرب حدًّا يأمر به أن يضرب بين يديه وقد قلت: لا يقام حد في المساجد، فيأمر به فيضرب بين يديه وهو ينظر؟ قال: يقوم فيخرج من المسجد، فيأمر به فيضرب بين يديه وهو ينظر. قلت: [فإن] أمره أن يضرب خارجاً من المسجد فيبعث أميناً فيضرب أيضربه، هل يستقيم ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل إذا أقر بالزنى بأمة امرأته، أو أمة أخته، أو امرأة ذات (¬4) رحم محرم منه، فأقر بذلك ولم يدع (¬5) شبهة، أو شهد عليه الشهود بذلك؟ قال: يقام عليه الحد في ذلك كله. قلت: أرأيت الرجل إذا زنى بالمرأة مراراً فأقر بذلك أو شهدت (¬6) بذلك عليه الشهود، هل يحد لكل مرة من ذلك حدا؟ قال: لا، ولكن يحد لذلك كله حدًّا واحداً، وكذلك النسوة. قلت: أرأيت إذا تزوج أمه، أو تزوج مجوسية، أو تزوج خمساً في ¬

_ (¬1) ز: يقبض. (¬2) سنن ابن ماجه، الحدود، 31؛ وسنن الترمذي، الديات، 9؛ ومسند البزار، 8/ 373؛ والمستدرك للحاكم، 4/ 410، 419؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 340. (¬3) م ف: القاضي. (¬4) ز: بها. (¬5) ز: يدعي. (¬6) ف: وشهدت.

عُقْدَة، أو تزوج امرأة (¬1) ذات محرم (¬2) منه، أو تزوج المتعة، أو تزوج امرأة بغير شهود، أو تزوج أمة بغير إذن مولاها، فدخل بهن في هذا كله، أو كان (¬3) عبداً فتزوج امرأة بغير إذن مولاه، فأقر بذلك عند الإمام أنه فعله وهو يعلم أنه عليه حرام؟ قال: ليس في شيء من هذا حد، لأن هذا نكاح، والحدود تدرأ بالشبهة، وهذا قول أبي حنيفة. وقال أَبو يوسف ومحمد: يحد في ذات رحم محرم منه، ويحد في ذلك كله، ولا يعذر (¬4) في ذلك النكاح (¬5) إذا كان قد علم أنها ذات محرم منه. قلت: أرأيت الرجل يعمل عمل قوم لوط بامرأة أو صبي، فأقر بذلك أربع مرات أو شهد به عليه الشهود، هل تحده؟ قال: بلغنا عن علي بن أبي طالب وابراهيم النخعي أنهما كانا يقولان: عليه الحد في ذلك (¬6). قلت: أرأيت الرجل يأتي البهيمة هل عليه حد؟ قال: لا، ولكن يعزر. قال (¬7): بلغنا عن عمر بن الخطاب أنه أتي برجل (¬8) أتى بهيمة، فلم يحده، وأمر بالبهيمة فذبحت وأحرقت بالنار (¬9). قلت: أرأيت الرجل الذي يقذفه بذلك، أو يقذفه بعمل قوم لوط هل تحده؟ أو قال: زنيت بالبهيمة، هل تحده؟ قال: لا. ¬

_ (¬1) م: المرأة. (¬2) ز: ذا رحم. (¬3) م ز: وكان. (¬4) ز: يعزر. (¬5) ز: بالنكاح. (¬6) ف - في ذلك. روي عن علي - رضي الله عنه - أنه رأى على من عمل عمل قوم لوط عقوبة الزاني، إن أحصن رجم وإلا جلد. ورفع بعض الصحابة ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. انظر: المعجم الكبير للطبراني، 4/ 132. وقال الهيثمي: رواه الطبراني، وفيه جابر الجعفي، وقد صرح بالسماع، وفيه من لم أعرفه. انظر: مجمع الزوائد، 6/ 272؛ كما روي عن علي أنه رجم لوطياً. وروي عن إبراهيم النخعي أن عليه حد الزاني. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 497؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 341. وهذا قول أبي يوسف ومحمد، أما قول أبي حنيفة فهو أن عليه التعزير. انظر: 5/ 37 ظ. (¬7) م - يعزر قال (غير واضح)؛ ز: وقد. (¬8) م - أنه أتي برجل (غير واضح). (¬9) لم أجده هكذا، لكن روي عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال: ليس على من أتى بهيمة حد. انظر: مسند أبي حنيفة، 190؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 513.

قلت: فإن قذفه بعمل قوم لوط فأفصح به هل تحده؟ قال: بلغنا عن إبراهيم النخعي أنه قال: يحد (¬1)، وهو قول أبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت الرجل يتزوج أمة على حرة، أو يتزوج مجوسية، أو أمة بغير إذن مولاها، أو حرة نكحت عبداً بغير إذن مولاه فدخل بها، ثم قذفه إنسان أو قذفها، هل تحده؟ قال: لا. قلت: أرأيت القاضي إذا شهد عنده الشاهدان فشهدا عنده بالشهادة لا تَقْطَعُ (¬2) شيئاً، أتكره له أن يقول لهما: أتشهدان (¬3) بكذا وكذا، بشيء يقطع به ويحد؟ (¬4) قال: نعم، أكره له ذلك، وليس ينبغي له أن يلقنهما هذا. قلت: وكذلك لو شهدوا بالشهادة فلم يدر (¬5) القاضي أتَنْفُذُ (¬6) أم لا، أتكره له أن يلقنهما شيئاً؟ قال: نعم، أكره ذلك، وأدرأ (¬7) عنه، إنما ينبغي له أن يسمع شهادتهما من غير أن يلقنهما، وإن شهدا عنده بشيء ينفذ أنفذه، وإن شك فيما شهدا به فلم يدر (¬8) أيجوز ذلك أو لا أوقف ذلك حتى ينظر فيه. قلت: وتحب (¬9) للقاضي إذا أشكل عليه الشيء أن يسأل عنه من هو أفقه منه؟ قال: نعم، أحب له ذلك، ولا يسعه إلا ذلك. قلت: أرأيت إذا أشار عليه الذي هو أفقه منه في نفسه بقضاء، وكان ذلك القضاء عند القاضي خطأ، وكان رأي القاضي غير ذلك، ورأيه عنده الصواب، هل ينظر إلى رأي غيره وهو يعلم أن ذلك الرجل أفقه منه؟ فقال: يقضي بقوله وبالذي أبصر من ذلك. قلت: أرأيت إن كان اتهم رأيه لفضل علم ذلك الرجل الذي (¬10) هو أفقه منه في نفسه، فقضى بقول ذلك العالم وترك رأيه، هل ترجو أن يكون في سعة من ذلك؟ قال: نعم، هذا موسع عليه، ولكن ينبغي له إذا كان عنده علم ينظر (¬11) به وجه الكلام، ومن حيث يوجه فأبصر ¬

_ (¬1) المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 498. (¬2) ز: لايقطع. (¬3) ز: أيشهدان. (¬4) ز: ويحده. (¬5) ز: يدري. (¬6) ز: أينفذ. (¬7) ز: وأدرئ. (¬8) ز: يدري. (¬9) ز: ويجب. (¬10) ز + ذلك الر. (¬11) م ف: ينتظر (مهملة)؛ ز: ينتظر.

أن قوله ذلك صواب وقول الذي أشار عليه (¬1) خطأ، فليس ينبغي له أن يقضي بقول الذي أشار عليه ويترك رأيه. وقال أَبو يوسف: لو شهد على رجل ثمانية نفر بالزنى، كل أربعة يشهدون على زنى بامرأة على حدة، فرجمه القاضي وقد أحصن، أو ضربه مائة إن كان لم يحصن، ثم إن أربعة منهم رجعوا لم يحدوا ولم يضمنوا شيئاً، لأنه قد بقي (¬2) آخرون، وهذا على قياس قول أبي حنيفة. فإن رجع من الأربعة الباقين واحد ضربته والأربعة الأولين الحد، وإن كان رجم ضمنتهم (¬3) ربع الدية في قياس قول أبي حنيفة، وإن كان جلد لم يضمنوا شيئاً. وقال أَبو يوسف: أضمنهم ربع أرش الجلد. وقال محمد مثل قول أبي يوسف في الضمان، ولم ير (¬4) عليه حدًّا، لأن كل أربعة منهم شهدوا على زنى غير الزنى الذي شهد به الأربعة الآخرون، فكان كل أربعة شهود شهدوا للأربعة الآخرين، فلا حد على واحد من الفريقين وإن (¬5) رجعوا جميعاً. وقال أَبو حنيفة: إذا شهد خمسة بالإحصان والزنى فرجم بشهادتهم، ثم رجع واحد فلا حد عليه ولا ضمان، وأن رجع آخر فعليه وعلى الآخر ربع الدية والحد، ولا حد على قاذف (¬6) المرجوم، وليس الشاهد في هذا كالقاذف. وقال أَبو حنيفة: إذا شهد أربعة بالزنى فلم يقض (¬7) القاضي بالحد حتى رجع واحد فإنه يضرب الراجع والثلاثة الباقين. قال: وإن قضى القاضي بالرجم فلم يمض (¬8) ذلك حتى رجع واحد فإني أضرب الراجع والثلاثة الباقين الحد، وأدرأ عن المشهود عليه حد الزنى. وقال أَبو يوسف: أستحسن في هذا أن لا أضرب الثلاثة الباقين وأضرب الراجع. فهذا قوله الأول، وهو قول محمد. ¬

_ (¬1) ز: إليه. (¬2) ف: قد أبقى. (¬3) ز: ضمنهم. (¬4) ز: يري. (¬5) ز: فإن. (¬6) ف: على القاذف. (¬7) ز: يقضي. (¬8) ز: يمضي.

باب الشهادة في القذف

وقال أبو حنيفة: إذا فعل الإمام الذي ليس (¬1) فوقه إمام مما هو إلى السلطان فليس عليه فيه حد إلا القصاص والأموال، فإنه يؤخذ بها. وقال أَبو حنيفة: السكر الذي يجب على صاحبه الحد أن يكون لا يعرف (¬2) المرأة من الرجل. وقال أَبو حنيفة: إذا قال الرجل لامرأته وقد جاءت بولد: ليس ابني، ثم قال: هو ابني، جلد الحد، فإن قال: هو ابني، ثم قال: ليس بابني، فعليه اللعان، ولا حد عليه. ... باب الشهادة في القذف قلت: أرأيت الرجل يدعي على الرجل فيقول: قذفني وليس لي عليه شهود، فاستحلفه؟ قال: لا أستحلفه على هذا، ولا على شيء من الحدود. قلت: ولا على سرقة؟ قال: بلى، يستحلفه على السرقة لأنه متاع، فإن (¬3) أَبى أن يحلف ضمن المتاع ولم يقطع. قلت: وكذلك لو قطع الطريق فأخذ متاعاً؟ قال: نعم. قلت: فإن جاء المقذوف بشاهدين فقالا: نشهد (¬4) أن هذا قذف هذا، هل تسألهما عن القذف ما هو وكيف هو؟ قال: نعم. قلت: فإن قالا: لا نزيدك على هذا، نشهد أنه قذفه؟ قال: لا أقبل شهادتهم، لأن القذف يكون بالحجارة وبغير الزنى. قلت: فإن شهدا فقالا: نشهد أنه قال: يا زان؟ قال (¬5): أقبل شهادتهم. قلت: وتحد (¬6) القاذف؟ قال: إن كان الشاهدان عدلين (¬7) حددته، وإن كانا غير عدلين لم أحده. ¬

_ (¬1) ز - ليس. (¬2) ف: أن لا يكون يعرف. (¬3) م ز: وإن. (¬4) ز: يشهد. (¬5) ز + لا. (¬6) ز: ويحد. (¬7) ز: عدلان.

وقال أَبو حنيفة: إذا تزوج المجوسي أمه ودخل بها، ثم أسلما وفرق بينهما، ثم قذفهما رجل، فعليه الحد. وقال أَبو يوسف ومحمد: لا يحد قاذفهما. وقال أَبو حنيفة؛ إذا مات المكاتب وترك وفاء للمكاتبة فأديت المكاتبة، وقسم ما بقي بين ورثته، ثم قذفه رجل، فلا حد عليه. قلت: فإن كان القاضي يعرف أنه حر أيكتفي (¬1) بمعرفته؟ قال: نعم. قلت: فإن كان القاضي لا يعرف عدل الشاهدين إذا شهدا بالقذف أيحبسه (¬2) حتى يسأل عنهما؟ قال: نعم، ولا يُكَفِّلُه في قصاص. قلت: ويسأله البينة أنه حر؟ قال: نعم. قلت: فإن شهد شاهدان فقال أحدهما: أشهد أنه قال: يا زان، يوم الخميس، وقال الآخر: أشهد أنه قال: يا زان، يوم الجمعة، وهما عدلان؟ فقال: أقبل شهادتهما. قلت: لم وقد اختلفا؟ قال: اختلافهما لا يفسد شهادتهما، لأنهما يشهدان على قول كان منه، وهذا قول أبي حنيفة. وقال أَبو يوسف ومحمد: لا يحد، ويدرأ (¬3) الحد عنه. وقال أَبو حنيفة: ألا ترى أنه لو شهد أحدهما أنه أقر أن لفلان عليه ألف درهم يوم الخميس، وشهد الآخر أنه أقر بها يوم الجمعة، قضيت بها (¬4) عليه. قلت: وكذلك الطلاق والعتاق؟ قال: نعم. قلت: فإن شهد شاهدان [فشهد أحدهما] أنه شج فلاناً موضحة وشهد الآخر على إقراره بذلك هل تجيز (¬5) ذلك؟ قال: لا (¬6). قلت: وكذلك كل عمل (¬7) من غصب أو غيره شهد أحدهما على عمل، والآخر على إقرار، أفلا تجيز شيئاً من ذلك؟ قال: نعم. قلت: فإن شهد أحدهما أنه تزوج فلانة اليوم، وشهد الآخر على إقراره بعد ذلك بيوم، هل تجيز (¬8) ذلك؟ قال: لا. قلت: ولمَ وهذا ¬

_ (¬1) م: يكتفي. (¬2) ز: أتحبسه. (¬3) ز: ويدري. (¬4) ز: به. (¬5) ز: هل يجيز. (¬6) م ف ز + لأن الكلام كله. (¬7) ز: عمد. (¬8) ز: هل يجيز.

إقرار (¬1) كله، وإنما هو كلام؟ قال: لأن النكاح لا يصلح إلا بشاهدين عند عقد النكاح. قلت: فإن شهد أحدهما أنه باع فلاناً يوم الجمعة هذه الجارية بألف درهم، وشهد الآخر على إقراره بذلك؟ فقال: هذا جائز كله، لأن البيع إنما هو كلام. قلت: وكذلك القرض؟ قال: نعم. قلت: فلو شهد شاهد على رجل أنه قال: أشهد أنه قال: يا زان، يوم الخميس، وشهد شاهد آخر أنه أقر أنه قال له (¬2) يوم الخميس: يا زان؟ قال: هذا وذاك سواء في القياس، ولكن لا أقبل الشهادة على هذا، ولا أحده. وكذلك قال أَبو يوسف ومحمد. قلت: أرأيت إذا أقر عند القاضي فقال: قد (¬3) قلت له: يا زان، وصاحبه عبد (¬4)، هل يحبس القاضي القاذف ويسأل المقذوف البينة أنه حر؟ قال: نعم. قلت: فإذا جاء بشاهدين (¬5) فشهدا على نسمة بعتقه قد عدلا أيحد (¬6) القاضي (¬7) القاذف؟ قال: نعم. قلت: فالحد في القذف إذا شهدت الشهود وكان إقراراً من القاذف فهو سواء؟ قال: نعم. قلت: وكيف يضرب، أيجرد ويضرب كأشد ما يكون؟ قال: لا يجرد، ولكنه يضرب في ثيابه، إلا أن يكون عليه فرو أو قباء محشو، فينزع ذلك، ويترك في قميصه ويضرب، ويؤمر الذي يضربه أن لا يضربه ضرباً مبرحاً، ويضربه ضرباً دون ذلك، ويعطي كل عضو منه حقه من الضرب. قلت: ولا يضرب الوجه ولا الرأس ولا الفرج؟ قال: نعم. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أَبو يوسف مثل ذلك، ثم رجع فقال: أضرب الرأس ولا أضرب الوجه ولا الفرج. قلت: فهل يمد إذا ضرب؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن قذف آخر وهو يضرب أتحده ثانياً؟ قال؛ لا، ولكنه يكمل له (¬8) الحد الذي هو فيه، ولا يزاد عليه. ¬

_ (¬1) م: قرار. (¬2) ز - له. (¬3) ز - قد. (¬4) م ف ز: عبدهما. والتصحيح من ب. (¬5) ز: شاهدين. (¬6) ز: أتحد. (¬7) ز - القاضي. (¬8) ف - له.

قلت: وكذلك لو قذف رجالاً في أيام متفرقة، كل يوم رجلاً، ثم يؤتى به الإمام، كل إنسان منهم على حدة، أيضربه لكل إنسان منهم حدا؟ قال: لا، ولكنه يضربه (¬1) حدًّا واحداً، فيكون لكل قذف كان قبل ذلك. قلت: أرأيت إن قذف رجلاً فأتى به الإمام بعد زمان هل تحده؟ قال: نعم. قلت: ولم وقد قلت في السرقة: إذا أتى به بعد زمان لم يقطع؟ قال: هذا من حقوق الناس. قلت: أرأيت القاضي إذا قضى عليه بالحد فقال المقذوف: قد عفوت عنه، هل تدرأ (¬2) عنه الحد؟ قال: لا، لأن عفوه باطل، ولأن هذا حد (¬3) من حدود (¬4) الله تعالى قد انتهى إلى الإمام، فليس له أن يعفو عنه. قلت: فهل يستحسن للإمام قبل أن تقوم (¬5) عليه البينة وقبل أن يثبت الحق أن يقول للطالب (¬6): اترك هذا أو انصرف؟ (¬7) قال: نعم، ما أحسن هذا. قلت: وكذلك السرقة؟ قال: نعم. قلت: فلو أن المقذوف عفا عن ذلك وانصرف عنه، ثم أتى بعد ذلك بزمان يطلب (¬8) حقه وأقام البينة على قاذفه، أيحده الإمام؟ قال: نعم. قلت: وعفوه ذلك باطل؟ قال: نعم. قلت: وكذلك السرقة؟ قال: لا، أما (¬9) السرقة إذا تقادمت لم يقطع فيها. قلت: أرأيت الرجل يشهد له الشهود بالقذف، فلما أراد الإمام أن يحد القاذف قال المقذوف: لم يقذفني، أو قال: شهدت شهودي بالباطل؟ قال: أي ذلك ما قال فإني أدرأ (¬10) عن صاحبه الحد، لأنه قد أكذب نفسه. ¬

_ (¬1) م ف ز: أضربه. (¬2) ز: هل تدري. (¬3) م - حد. (¬4) م: من حقوق. (¬5) ز: أن يقوم. (¬6) م: للمطالب. (¬7) ف ز: وانصرف. (¬8) م ف ز: طلب. (¬9) م ف: إنما؛ ز: نما. (¬10) ز: أدري.

قلت: أرأيت الرجل يدعي على العبد القذف فيأتي بشاهد واحد، ويقول: عندي شاهد آخر فاحبسه حتى آتيك به، هل يحبسه؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه لم يثبت عليه حق بعد. قلت: وكذلك السرقة والقصاص؟ قال: نعم. قلت: فإن جاء بشاهد واحد يعرف القاضي عدله وصلاحه وادعى أن له شاهداً (¬1) آخر بالمصر هل تحبسه؟ قال: أما هذا فإني أستحسن أن أحبسه يومين أو ثلاثة. قلت: فإن ادعى أن له شاهداً (¬2) آخر (¬3) بخراسان؟ قال: لا أحبسه. قلت: وكذلك لو ادعى أن شاهده الآخر خارج من المصر؟ قال: نعم. قلت: فإن جاء بشاهد واحد وجاء بامرأتين تشهدان (¬4) هل تقبل شهادتهما؟ قال: لا. قلت: فهل تحبسه؟ قال: لا. قلت: فإن جاء بشاهد يشهد على شهادة نفسه وشهد آخر على شهادة آخر [فهو كذلك]؟ قال: نعم، لا تجوز (¬5) شهادته ولا يحبس. قلت: فإن كان الشاهد الذي يشهد على شهادة نفسه عدلاً وادعى الطالب شاهداً آخر بالمصر؟ قال (¬6): أستحسن أن أحبسه. قلت: فإن لم يشهد عليه إلا شاهد (¬7) واحد هل تأخذ منه كفيلاً؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه لم يثبت عليه حق يحبسه فيه، وليس في الحدود ولا في القصاص كفالة، وهذا قول أبي حنيفة. وقال أَبو يوسف ومحمد: يأخذ منه كفيلاً إن ادعى خصمه بينة حاضرة يوماً أو يومين أو ثلاثة، إلا أن لا يقدر على أن يقدم إلى القاضي في ذلك الوقت، فيكفل إلى وقت التقدم إلى القاضي. قلت: أرأيت الرجل يدعي على الرجل قذفاً فأتى بكتاب قاض بالقذف وشهادة الشهود، أينبغي للقاضي الذي أتاه الكتاب أن يقبل ذلك ويحد القاذف؟ قال: لا. قلت: ولمَ؟ قال: لأن هذا حد كتب به القاضي، وهو عندي بمنزلة الشهادة على الشهادة. قلت: وكذلك السرقة والقتل والزنى ¬

_ (¬1) ز: شاهد. (¬2) ز: شاهد. (¬3) ف - بالمصر هل تحبسه قال أما هذا فإني أستحسن أن أحبسه يومين أو ثلاثة قلت فإن ادعى أن له شاهداً آخر. (¬4) ز: يشهدان. (¬5) ز: لا يجوز. (¬6) م: فان. (¬7) ز: بشاهد.

وشرب الخمر، لا يجوز كتاب القاضي إلى قاض (¬1) في شيء من ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت ما كان من سوى ذلك من الطلاق والعتاق والنكاح وفي الأموال في حقوق الناس فيما بينهم؟ قال: ذلك كله جائز، وكذلك الشهادة على الشهادة في ذلك جائز. قلت: أرأيت الرجل إذا قضى عليه القاضي أن يضرب حدًّا في قذف، فضرب بعض الحد، ثم انفلت فهرب، فأخذ بعد ذلك بيوم أو يومين، ثم جاء الطالب يطلبه حقه؟ قال: يقام عليه بقية الحد. قلت: لمَ؟ قال: لأن هذا من حقوق الناس. قلت: فإن كان ضرب تسعة وسبعين سوطاً؟ قال: يتم له تمام الثمانين (¬2). قلت: فإن شهد على شهادة وهو عدل قبل أن يتم له الحد، فقال المشهود عليه: إني آتي بالبينة أنه قد ضرب تسعة وسبعين سوطاً في حد، وجاء على ذلك بالبينة، أيقبل (¬3) ذلك منه؟ قال: لا، وشهادته جائزة. قلت: لمَ؟ قال: لأنهم لم يشهدوا أنه ضرب حدًّا تاماً، فلذلك أجيز شهادته عليه. قلت: وكذلك رجل (¬4) قذف رجلاً فلم يرفع إلى الإمام حتى شهد (¬5) لرجل آخر بشهادة؟ قال: نعم، شهادته جائزة إذا كان عدلاً. قلت: أرأيت الرجل يقول للمرأة: قد زنيت وأنت مستكرهة، أو وطئك فلان وطء حراماً، أو قد (¬6) جامعك فلان جماعاً (¬7) حراماً، أو يقول: زنيت وأنت صغيرة، أو قد رأيتك وأنت تزنين وأنت صغيرة، فشهد عليه الشهود بمقالته؟ (¬8) قال: لا حد عليه. قلت: ولمَ؟ قال: لأن جماع الصغيرة ليس بزنى، إنما وصفها بشيء لا يكون ذلك الشيء زنى. قلت: وكذلك لو قال: زنيت قبل أن تخلقي أو قبل أن تولدي؟ قال: نعم، لأنها لا (¬9) تزني على ذلك الحال. [قلت:] وكذلك لو قال لها: زنيت بيدك أو برجلك؟ قال: نعم، لا تكون (¬10) في شيء من هذا زانية، وليس عليه حد. قلت: أرأيت لو كانت امرأته؟ قال: لا ¬

_ (¬1) ز: إلى قاضي. (¬2) ف: الثلثين. (¬3) ز: أتقبل. (¬4) ز: الرجل. (¬5) م ف ز: حتى يشهد. (¬6) ز: وقد. (¬7) ز: جماع. (¬8) ز: بمقاله. (¬9) ز: الا. (¬10) ز: لا يكون.

لعان بينهما. قلت: وكل شيء لا يكون على الرجل فيه حد القذف لا يكون (¬1) بينه وبين امرأته لعان ولا حد؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا كانت الكافرة قد أسلمت ثم قال [زوجها] لها: قد رأيتك تزنين وأنت كافرة، أو قد زنيت وأنت كافرة، فشهد عليه الشهود بذلك؟ قال: يلاعن بينهما. قلت: فإن كانت المرأة التي قال لها هذا القول ليست له بامرأة؟ قال: يضرب حد القاذف. قلت: لم وإنما قذفها وهي كافرة؟ قال: إنما وقع القذف وهي مسلمة. قلت: وكذلك لو كانت أمة فأعتقت ثم قال لها: قد زنيت وأنت أمة؟ قال: نعم. قلت: ولو قال لها: قد قذفتك بالزنى وأنت أمة أو وأنت كافرة، فشهدت عليه الشهود بذلك؟ قال: لا حد عليه. قلت: أرأيت امرأة قذفت رجلاً فقضى عليها القاضي بالحد كيف تضرب قائمة أو قاعدة؟ قال: بلغنا عن علي بن أبي طالب أنه قال: يضرب النساء في الحدود قعوداً والرجال قياماً (¬2). قلت: فهل ينزع عنها ثيابها؟ قال: لا. قلت: ويعطي (¬3) كل عضو حقه ما خلا الوجه والفرج والرأس؟ قال: نعم، في قول أبي حنيفة ومحمد. قلت: ويضرب ضرباً ليس بالشديد المبرح؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يقذف الرجل الميت فشهد عليه الشهود بذلك وجاء أخو (¬4) الميت يطلب القذف؟ قال: لا حد على القاذف. قلت: لمَ؟ قال: لأن الأخ لا يأخذ بقذف أخيه، ليس يأخذ بالقذف إلا الولد أو الوالد أو الجد أو ولد الولد (¬5) ممن يرث أو يورث (¬6). قلت: فإن ¬

_ (¬1) م ف ز: ولا يكون. (¬2) المصنف لعبد الرزاق، 7/ 375. (¬3) ز: ويعطا. (¬4) ز: أخ. (¬5) م + أو. (¬6) ذكر الحاكم أن قوله: "ممن يرث أو يورث" من كتاب الاختلاف. انظر: الكافي، 1/ 152 ظ. ولم أجد المسألة في اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى لأبي يوسف. ولعله كتاب آخر. أو تكون عبارة الكافي محرفة. وقد حرفت العبارة عند السرخسي. انظر: المبسوط، 9/ 112. وقد ذكر السرخسي أن هذه الزيادة غير معتبرة، لأن المطالبة بالحد ليس بطريق الوراثة، وإنما الخصومة هنا لدفع الشين عن نفسه. انظر: المصدر السابق. لكن يظهر أن مقصود المؤلف بالوراثة هو وراثة الشرف والمطالبة بحد القذف. وانظر الفقرة التالية.

كان الولد عبداً والمقذوف حراً، أو كان (¬1) الولد كافراً والمقذوف مسلماً فيما يطلب القذف، أتحد (¬2) القاذف؟ قال: نعم، لا يحرم الميراث (¬3) بشِبْهِه. [قلت:] فإن كان المقذوف حيا ولكنه غائب فجاء ابنه يطلب القذف أتحد القاذف؟ قال: لا. قلت: ولمَ؟ قال: لأن المقذوف لم (¬4) يجئ يطلب حقه، فلا أدري لعله يصدق القاذف. قلت: أرأيت إن مات المقذوف بعد ذلك فجاء الولد يطلب القذف بعد موته؟ قال: لا حد على القاذف. قلت: ولمَ؟ قال: لأن المقذوف لم يطلب حقه حتى مات، ولا يورث الحد، قال: وبلغنا عن إبراهيم أنه قال ذلك. قلت: ولا يشبه هذا الذي قذف وهو ميت؟ قال: لأن الذي قذف ميتاً إنما وقع الحد لولده يوم قذف، وهذا الحي وقع له الحق، فلما مات قبل أن يطلبه بطل القذف، ولا يكون ميراثاً. قلت: أرأيت لو أوصى هذا الحي إلى (¬5) وصيه أن يطلب قذفه، فجاء الوصي يطلب (¬6) القذف؟ قال (¬7): لا حد على القاذف. قلت: وكذلك لو وكل من يطلب قذفه فجاء وهو حي؟ قال: نعم، إلا أني أستحسن أن أقبل الوكالة في إثبات الحق، ولا أحده (¬8) حتى يحضر المقذوف، وكذلك القصاص، وهذا قول أبي حنيفة. وقال أَبو يوسف: لا تجوز الوكالة في إثباته. قلت: أرأيت لو جاء المقذوف بنفسه يطلب القذف، فقضى القاضي له بالحد، فمات المقذوف قبل أن يضرب القاضي القاذف الحد؟ قال: أدرأ (¬9) عنه ولا أحده. قلت: وكذلك لو ضرب بعض الحد ثم مات المقذوف؟ قال: نعم. قلت: ولمَ؟ قال: لأني لا أدري لعل المقذوف كان يصدقه قبل أن يقيم الحد. قلت: أرأيت إن ضرب بعض الحد ثم ذهب المقذوف فلم يحضر؟ قال: لا أكمل له الحد إلا والمقذوف حاضر. قلت: أرأيت إن ضرب بعض الحد ثم رجع الشهود عن شهادتهم، أو ¬

_ (¬1) ز: وكان. (¬2) ز: أيحد. (¬3) أي: ميراث الحفاظ على العرض والمطالبة بحد القذف. (¬4) م - لم. (¬5) ف - إلى. (¬6) ز: يطلبه. (¬7) م ز: على؛ ف - قال. (¬8) ز: آخذه. (¬9) ز: أدري.

ارتدوا عن الإسلام، أو فسقوا؟ قال: أدرأ (¬1) عنه الحد. قلت: فإن شَهِدَ (¬2) على شهادةٍ (¬3) بعدما درأت عنه بقية الحد؟ قال: شهادته جائزة. قلت: ولم درأت بقية الحد إذا رجع الشهود عن شهادتهم؟ قال: ألا ترى أن علي بن أبي طالب قد أمر الشهود أن يرجموا قبل الناس (¬4)، فقِسْتُ (¬5) ذلك وأبطلت الحد. وقال أَبو يوسف: قال أَبو حنيفة: إذا شهد الشهود على حد ثم ماتوا أو غابوا أقمت الحدود كلها ما خلا الرجم، فإني لا أقيم الحد إلا والشهود حضور. قلت: أرأيت الرجل إذا قذف قوماً، وشرب الخمر، وزنى ولم يحصن، وسرق، فأتي (¬6) به الإمام الساعة (¬7) التي فعل هذا كله، وشهد عليه الشهود بذلك، كيف ينبغي للإمام أن يصنع؟ قال: يبدأ فيضرب حد القاذف، فإذا فرغ أمر بحبسه حتى يَجِفَّ الضرب ويبرأ، ثم هو بالخيار، إن شاء بدأ (¬8) بحد الزنى، وإن شاء بدأ بحد السرقة، ثم يحبسه، حتى إذا برأ (¬9) أقام عليه الحد الآخر، فإذا فرغ منها حبسه، فإذا برأ (¬10) أقام عليه حد الخمر آخرها. قلت: لم بدأت بحد (¬11) القذف؟ قال: لأنه من حقوق الناس. قلت: ولمَ جعلت حد الخمر آخرها وبدأت بحد الزنى والسرقة؟ قال: لأن السرقة والزنى حدان فبدأنا بهما، والخمر إنما هو (¬12) حد قد اجتمع عليه المسلمون وليس في كتاب الله تعالى. قلت: فإن كان مع هذا كله قتل؟ (¬13) قال: أبداً فأضربه حد القذف، ثم أضمنه السرقة، ثم أقتله، وأدرأ (¬14) عنه ما سوى ذلك من الحدود. ألا ترى لو أن قوماً شهدوا على رجل بسرقة بعد ¬

_ (¬1) ز: أدري. (¬2) أي: الذي ضرب بعض الحد. (¬3) م ف ز: على شهادته. (¬4) المصنف لعبد الرزاق، 7/ 326 - 327؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 544؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 319؛ والدراية لابن حجر، 2/ 97. (¬5). ز + على. (¬6) ز: فأوتى. (¬7) ف: للساعة. (¬8) م ف ز: يبدأ. (¬9) ز: إذا بري. (¬10) ز: بري. (¬11) ز - بحد. (¬12) م + هو. (¬13) ز: قبل. (¬14) ز: ثم أقبله وأدرى.

زمان لم يقطع وضمن السرقة، ولو شهدوا بقذف أقيم عليه الحد. فالسرقة من حدود الله تعالى، والقطع والقذف أوجبها. قلت: فإن لم يكن قتل (¬1) ولكنه زنى وهو محصن؟ قال: هذا (¬2) والقتل سواء، أضربه حد القذف، لأنه من حقوق الناس، ثم أقتله، وأدرأ (¬3) عنه بقية الحدود. قلت: لمَ؟ قال: لأن القتل (¬4) يأتي على ذلك كله، لأنه من حدود الله تعالى. قال: وبلغنا نحو من ذلك عن عبد الله بن مسعود (¬5) وعن ابن عباس. قلت: أرأيت الرجل يقذف رجلاً بالزنى بالفارسية أو بالعربية أو بالنبطية؟ قال: القذف بالعربية والنبطية والفارسية سواء، وعليه، الحد. قلت: وكذلك لو قذف امرأته بالزنى بالفارسية أو بالنبطية لاعنها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يقول للرجل (¬6): يا زانية، هل يحد؟ قال: أما في القياس فعليه الحد، ولكني أستحسن أن أدرأ (¬7) عنه، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: أحده. قلت: أرأيت الرجل يقول لامرأة: يا زان، هل عليه الحد؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو قال لامرأته: يا زان، لاعنها؟ قال: نعم. قلت: ولمَ؟ قال: لأن الله تعالى يقول في كتابه: {إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ} (¬8)، وقال في أية أخرى {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ} (¬9). قلت: أرأيت الرجل يقذف الرجل بالزنى، فيرفعه المقذوف إلى القاضي، فقال القاذف: عندي البينة العدول أنه كما قلت، هل يقبل منه البينة إن جاء به على ذلك؟ قال: نعم. قلت: فإن جاء به ثلاثة فشهدوا ولم يكن له شاهد آخر؟ قال: يحد القاذف، ويحد الثلاثة. قلت: ولمَ (¬10) وهم ¬

_ (¬1) ز: قبل. (¬2) ف: وهذا. (¬3) ز: ثم أقبله وأدري. (¬4) وفي هامش ب: أي بالرجم. (¬5) روي عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: إذا اجتمع حدان أحدهما القتل أتى القتل على الآخر. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 478. (¬6) ز - للرجل. (¬7) ز: أن أدري. (¬8) سورة الممتحنة، 60/ 12. (¬9) سورة يوسف، 12/ 30. (¬10) ز - ولم.

أربعة؟ قال: أما القاذف فليس بشاهد. قلت: فإن لم يجئ بأربعة سواه وجب عليه وعليهم الحد؟ قال: نعم. قلت: فإن جاء بأربعة سواه فشهدوا على المقذوف بالزنى؟ قال: أدرأ (¬1) عن القاذف الحد. قلت: فهل تحد المقذوف وقد شهدت الشهود بالزنى ووصفوه وأثبتوه إلا أنه شيء قديم؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: إذا تقادم الحد فإني أستحسن أن أدرأ (¬2) عنه. قلت: فإن قال القاذف: عندي بينة بالزنى ولكنهم غُيَّب فأجلني، أتؤجله؟ قال: لا. قلت: فإن قال: هم حضور في المصر فأجلني حتى آتيك بهم، أتؤجله؟ قال: نعم، أؤجله ما بينه وبين قيامه من مجلسه، فإن جاء بالبينة وإلا أقيم (¬3) عليه الحد. قلت: أفتُكفله في ذلك وتدعه يطلب الشهود؟ قال: ليس في الحد كفالة، ولكنه يحبسه، ويقول له: ابعث إلى شهودك فأت (¬4) بهم. قلت: فإن جاء بشاهدين (¬5) لا بغيرهما؟ قال: أحده وأحد الشاهدين. قلت: فإن لم (¬6) يحد القاضي الشاهدين والقاذف حتى جاء بشاهدين (¬7) يشهدان على إقرار المقذوف بالزنى؟ قال: يدرأ عن القاذف وعن الشاهدين الحد. قلت: وكذلك رجل وامرأتان (¬8)، فشهدوا على إقرار المقذوف بالزنى؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يزني، أو يطأ امرأة وطء حراماً لا يحل له، فقذفه رجل؟ قال: لا حد عليه. قلت: ولمَ؟ قال: أما إذا زنى فقذفه إنسان فهو صادق، وأما إذا وطئ امرأة وطء حراماً فإني أدرأ (¬9) عن قاذفه الحد، لأن هذه شبهة. قلت: أرأيت الرجل يطأ امرأته وهي حائض، أو وطئ أمة مجوسية، فقذفه إنسان، هل تحد (¬10) قاذفه؟ قال: نعم. قلت: ولمَ؟ قال: أما امرأته فهي له حلال، وإنما يحرم عليه مجامعتها وهي حائض. قلت: وكذلك الأمة ¬

_ (¬1) ز: أدرى. (¬2) ز: أن أدري. (¬3) م ف ز: أقام. (¬4) ز: فأتى. (¬5) م ف ز: بالشاهدين. والتصحيح من ب. (¬6) ز - لم. (¬7) م ف ز: الشاهدان. والتصحيح من ب. (¬8) ز: وامرأتين. (¬9) ز: أدري. (¬10) ز: هل يحد.

المجوسية، وليس هذا كالذي يطأ امرأة (¬1) ليست له زوجة. وإذا وطئ الرجل امرأته، أو أمة لا يحل له وطؤها بحيض أو ما أشبهه مما قد يحل له بَعْدُ على حال إلا أنه وطئ ذلك وطءً حراماً، فقذفه رجل، فإن قاذفه يحد. وإذا وطئ شيئاً لا يملكه، أو أمة لا تحل له على حال، وطئها أبوه أو وطئ هو أمها، فإن قاذفه لا يحد في قول أبي حنيفة ويعقوب ومحمد. إلا أن أبا حنيفة قال: لو أن رجلاً نظر إلى فرج امرأة له أو أمة له لشهوة أو قَبّلها أو لمسها لشهوة لم تحل له ابنتها ولا أمها، فإن اشتراها فوطئها، أو تزوجها فوطئها، فقذفه رجل حد قاذفه. قال: لأن من الفقهاء قوماً كثيراً (¬2) يقولون: ليس هذا بشيء. وقال فيما سوى ذلك (¬3) ما وصفت لك. وقول يعقوب ومحمد في هذا كله: لا يحد قاذفه، بمنزلة الأول الذي فسرت (¬4) لك. قلت: أرأيت إن وطئ أمة يملكها غير أنها أخته من الرضاعة وهو لا يعلم، هل يحد قاذفه؟ قال: لا. قلت: من أين افترق [هذا وَ] أمتُه المجوسية؟ قال: لأن أخته من الرضاعة لا تحل له على حال من الحالات، والمجوسية إذا أسلمت حلت له. قلت: أرأيت لو تزوج امرأة بشهادة شاهد واحد، أو تزوجها بغير شهود، أو تزوجها وهي في عدة من زوج، فوطئها، هل على قاذفه الحد؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه وطئ وطءً حراماً. قلت: ولم درأت عن قاذفه الحد إذا وطئ وطءً حراماً (¬5) وأنت لا تحده في ذلك الوطء، وليس هو عندك بزنى؟ قال: أما إذا تزوجها بشهادة شاهد واحد فوطئها فإني أدرأ (¬6) عنه الحد، لأنه شبهة. وكذلك إذا تزوجها بغير شهود وهي في عدة، لأن هذا شبهة، فأدرأ (¬7) عنه الحد، وليس على قاذفه الحد. ¬

_ (¬1) ز: امرأته. (¬2) ز: قوم كثير. (¬3) ز + على. (¬4) م ز: قست. (¬5) ز + قلت ولم درأت عن قاذفه الحد إذا وطى وطأ حراما. (¬6) ز: أدري. (¬7) ز: فأدري.

قلت: أرأيت الرجل إذا تزوج امرأة، ثم وطئها، ثم عُلِمَ بعد ذلك أنه قد كان تزوج ابنتها أو أمها فوطئها، ففُرق بينهما، ثم قذفه إنسان، هل تحده؟ قال: لا. قلت: فإن اشترى الأمة (¬1) فوطئها ثم قذفه إنسان هل تحده؟ قال: لا. قلت: وإذا وطئ الرجل امرأة وابنتها في ملك أو نكاح، فقذفه إنسان، فلا حد على قاذفه؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إذا تزوج أختين أو امرأة وابنة أختها أو ابنة أخيها أو عمتها أو خالتها، فوطئ المرأتين جميعاً؟ قال: ليس على قاذفه حد. قلت: وكذلك لو تزوج أمة وحرة جميعاً في عقدة واحدة؟ قال: لا حد على قاذفه. قلت: أرأيت الرجل يطأ مكاتبته، هل تحد قاذفه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن وطئ أمة بينه وبين رجل آخر، هل تحد قاذفه؟ قال: لا. قلت: ولمَ؟ قال: لأن هذا وطئ ما لا يملك. قلت: فإن قبل أمة لشهوة، أو لمسها لشهوة، أو نظر إلى فرجها، ثم اشترى أمها (¬2) أو ابنتها، فوطئها، أو تزوج أمها أو ابنتها، فوطئها، هل تحد قاذفه؟ قال: نعم، وهذا قول أبي حنيفة. وقال: أَبو يوسف ومحمد: لا حد على قاذفه. قلت: أرأيت الرجل يملك أختين فيطؤهما جميعاً، هل تحد قاذفه؟ قال: نعم. قلت: لمَ؟ قال: ألا ترى إذا باع أحدهما، أو زوجها، أو وهبها، أو أخرجها من ملكه بوجه من الوجوه، حلت له الأخرى، وإذا وطئ امرأة لم تحل له أمها ولا ابنتها أبداً. قلت: أرأيت الرجل يطلق امرأة واحدة ثانية أو ثلاثاً، ثم يجامعها في عدتها، هل يحد قاذفه؟ قال: لا. قلت: أرأيت الرجل إذا استكره المرأة فزنى بها، هل يحد قاذفه أو قاذفها؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنها وطئت وطءً حراماً، وإنما درأت الحد عنها بالشبهة لأنها مستكرهة (¬3). ¬

_ (¬1) كذا في م ف ب. وفي هامش ب: الأم. (¬2) ز - أمها. (¬3) ز: مستكره.

قلت: أرأيت الرجل يطأ جارية ابنه أو ابنته أو أمه أو أخته أو أخيه، فإن ادعى أن مولاها قد باعها إياه، ولم يكن على ذلك بينة، وحلف مولاها ما باعها، هل يحد قاذفه؟ قال: لا. قلت: وكذلك لو كان له شاهد واحد على الشرى؟ (¬1) قال: نعم. قلت: وكذلك الوالد لو ادعى أنه تزوجها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الذي يزني وهو كافر في دار الحرب أو في دار الإسلام، ثم أسلم، فقذفه رجل، هل تحده؟ قال: لا. قلت: أرأيت الرجل يباشر امرأة (¬2) لا تحل له (¬3)، ويبلغ منها كل شيء غير الجماع (¬4)، أتحد قاذفه؟ قال: نعم، لأنه لم يزن (¬5)، ولم يطأ وطءً حراماً. قلت: أرأيت المجنون المغلوب إذا زنى بامرأة دعته إلى نفسها، أو استكرهته (¬6)، فقذف رجل المرأة، هل تحد قاذفها؟ قال: لا. قلت: وكذلك إن قذف المجنون؟ قال: نعم. قلت: فإن كان المجنون لم يزن بهذه المرأة ولا بغيرها، فقذفه (¬7) إنسان، هل تحده؟ قال: لا. قلت: ولمَ؟ قال: لأن المجنون لا تجري عليه الحدود ولا الفرائض؛ ألا ترى أنه لو قذف رجلاً لم يحد، فكذلك لا يحد قاذفه. قلت: وكذلك الصبي؟ قال: نعم. قلت: فإن كان الصبي قد احتلم مثله ولم يحتلم هو؟ قال: هو بمنزلة الصبي إلا أن يبلغ من الوقت الذي لا يجاوز أحد إلا وقد احتلم، فأحد قاذفه وأحده إذا قذف. قلت: وكذلك الجارية؟ قال: نعم. قلت: والمجنون الذي يجن ويفيق إذا قذفه إنسان في جنونه، أو قذف إنساناً في حال جنونه؟ قال: لا حد عليه ولا على قاذفه. قلت: فإن قذف رجلاً في حال إفاقته فعليه الحد؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن قذفه إنسان في حال إفاقته، أتحده؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) م ف ز: على السبي. والتصحيح من ب. (¬2) م ف ز + التي. (¬3) ف + وطها. (¬4) م ف ز: جماع. (¬5) ز: لم يزني. (¬6) ز: أو استكرهتها. (¬7) ز: فقذف.

قلت: أرأيت الأخرس يقذفه رجل، هل تحده؟ قال: لا. قلت: ولمَ؟ قال: لأني لم أدر (¬1) لعله (¬2) لو تكلم أقر بالزنى. قلت: أرأيت الرجل يقذف المجبوب (¬3)، هل يحد قاذفه؟ (¬4)، قال: لا. قلت: وكذلك الرتقاء التي (¬5) لا يستطاع جماعها؟ قال: نعم. قلت: فإن قذف المجبوب رجلاً أو الرتقاء (¬6) أتحدهما؟ قال: نعم (¬7). قلت: حددتهما ولمَ لم تحد (¬8) لهما؟ قال: لأنهما قد أدركا، ووجبت عليهما الأحكام والفرائض، فلذلك حددتهما، ولا حد على قاذفهما، ولا سبيل على قاذفهما، لأن مثلهما لا يزني، ولا يجامع المجبوب، ولا تجامع (¬9) الرتقاء. قلت: أرأيت الرجل يقذف العنين أو الخصي أو المرأة العذراء، هل تحد قاذفهم؟ قال: نعم. قلت: لمَ؟ قال: لأن هؤلاء ليس كالمجبوب والرتقاء، لأن العنين قد يجامع، والخصي قد يجامع. قلت: أرأيت العبد يقذفه الرجل، هل يحد قاذفه؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه عبد. قلت: وكذلك المدبر وأم الولد والمكاتب والعبد الذي قد عتق بعضه وهو يسعى في بعض قيمته؟ قال: نعم. قلت: فإن افترى أحد من هؤلاء على رجل حر أو على امرأة، فإنه يضرب حد المملوك أربعين جلدة؟ قال: نعم. قلت: وعلى المملوك أيضاً في الزنى (¬10) خمسون جلدة؟ قال: نعم. قلت: لم كان هذا هكذا؟ قال: لقول الله جل ذكره في كتابه: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} (¬11)، وللأثر الذي بلغنا عن عمر وعلي أنهما قالا: حد المملوك نصف حد الحر (¬12). ¬

_ (¬1) ز: لم أدري. (¬2) م ز: لعل. (¬3) ز: المجنون. (¬4) ز + قاذفه. (¬5) ز: الذي. (¬6) ز: والرتقا. (¬7) ف - قلت فإن قذف المجبوب رجلا أو الرتقاء أتحدهما فال نعم. (¬8) لما ز: ولم اتحد. (¬9) ز: يجامع. (¬10) ز: والزنا. (¬11) سورة النساء، 4/ 25. (¬12) عن الزهري أن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعبد الله بن عمر قد جلدوا عبيدهم نصف حد الحر في الخمر. انظر: الموطأ، الأشربة، 3؛ والمصنف =

قلت: أرأيت الرجل يقذف الرجل (¬1) من أهل الذمة أو من أهل الحرب، هل يحد؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه كافر، ولا حد على من قذف (¬2) الكافر. قلت: أرأيت الكافر يقذف الرجل المسلم، هل عليه حد؟ قال: نعم، مثل حد الحر المسلم. قلت: أرأيت الرجل يتزوج أمة بغير إذن مولاها، أو عبداً (¬3) تزوج حرة بغير إذن مولاه، ثم دخل بها، ثم فرق بينهما، ثم أعتق العبد والأمة، ثم افترى إنسان منهم على إنسان، هل تحده؟ قال: لا. قلت: فمن وطع وطءً حراماً امرأة أو رجلاً (¬4)، فلا حد على قاذفه؟ قال: لا حد على قاذفه (¬5). قلت: أرأيت القوم من أهل البغي يكونون (¬6) فىِ عسكرهم، فيقذف رجل منهم من أهل العدل أسيراً في عسكرهم (¬7) أو تاجراً، وقذفه وهو في عسكرهم والقاذف في عسكر أهل البغي، أو قذف رجل من أهل البغي رجلاً منهم، أو قذف رجل من أهل العدل رجلاً أسيراً في عسكرهم أو تاجراَ مثله، أو أسير (¬8) قذف رجلاً من أهل البغي، ثم ظهر المسلمون على ذلك العسكر، هل تحد أحداً (¬9) من هؤلاء؟ قال: لا. قلت: ولمَ؟ قال: لأنه فعل ذلك في عسكرهم، [وَ] لا يجري فيه حكم أهل العدل. قلت: وكذلك جميع ما ذكرت لك إذا كان في دار الشرك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل من أهل الحرب يدخل (¬10) دار الإسلام بأمان، ثم قذف رجلاً من المسلمين، هل تحده؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه ليس ¬

_ = لعبد الرزاق، 7/ 383؛ وعن علي بن أبي طالب أنه ضرب عبداً افترى على حر أربعين. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 7/ 437. (¬1) ز: رجل. (¬2) ز: من قذفه. (¬3) ز: أو عبد. (¬4) ز: أو رجل. (¬5) ز - قال لا حد على قاذفه. (¬6) م: يكون. (¬7) ز: في عسكر. (¬8) ز: أو أسيرا. (¬9) ز: أحد. (¬10) م + في.

بذمي، ولم يستأمن لتجري عليه أحكامنا؛ ثم رجع أَبو حنيفة بعد ذلك عن هذا، وقال: عليه الحد، لأن هذا من حقوق الناس، وهذا قول أبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت القوم إذا آمنوا في دار الحرب، ثم قذف بعضهم بعضاً، ثم خرجوا إلى دار الإسلام، هل يحد الإمام بعضهم لبعض؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنهم فعلوا ذلك حيث لا يجري (¬1) عليهم حكم المسلمين. قلت (¬2): وإذا قال العبد لحرة أو لأمة: قد زنى بك فلان، وفلان حر مسلم، فجاء الحر يطلب قذفه، وجاءت الحرة (¬3) تطلب قذفها، هل يحد العبد؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يقر أنه قذف امرأته قبل أن يتزوجها؟ قال: يحد. [قلت:] فإن قال: قد زنيت قبل أن أتزوجك؟ قال: يلاعن القاضي بينهما. قلت: من أين افترق هذا والأول؟ قال: إذا قال لها: قد زنيت قبل أن أتزوجك، فإنما يقع القذف عليها يوم قال لها ذلك، ولم يكن قاذفاً يوم رآها ولم يتكلم، وإذا قال في قذفها: قذفتك بالزنى قبل أن أتزوجك، فإنما أخبر عن قذف كان منه قبل أن يتزوجها، وليس بقاذف الساعة، فعليه الحد. قلت: وكل شيء أوجبت فيه الحد على الرجل فإنه إذا قال مثل ذلك لامرأته وهما حران مسلمان فعليه اللعان؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل إذا قال لامرأته (¬4): يا زانية، فتقول هي: قد زنيت بك، هل تحد الرجل أو هي؟ قال: لا. قلت: ولمَ؟ قال: ليس على واحد منهما حد، وليس بينهما لعان، لأنها قد صدقته، ولا حد عليها بقولها: قد زنيت بك، لأن المرأة لا تزني بزوجها، ولو أن امرأة قالت لزوجها مبتدئة: زنيت بك، ثم قذفها الرجل بعد ذلك، لم يكن عليه حد، ولا لعان بينهما. ¬

_ (¬1) ز: لا تجري. (¬2) م ف - قلت. (¬3) ز: وجاء الحر. (¬4) م ف ز: للمرأة.

قلت: أرأيت الرجل يقول للرجل (¬1): يا فاجر أو يا فاسق أو يا خبيث، أو يقول: يا ابن الفاجرة أو يا ابن الفاسقة، هل تحده؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه لم يفتر عليه، ولم يقذفه بشيء. قلت؛ أرأيت الرجل يقول للرجل: يا لوطي، هل عليه حد؟ قال: لا. قلت: فإن قال: إنك تعمل عمل قوم لوط، وسمى ذلك ولم يكن (¬2) عنه؟ قال: بلغنا عن إبراهيم أنه كان يقول: عليه الحد (¬3). قال (¬4): وبلغنا عن علي بن أبي طالب والحسن البصري مثل ذلك في الحد أنه يقام على من عمل عمل قوم لوط (¬5). وهو قول أبي يوسف ومحمد. وفي قول أبي حنيفة: عليه في جميع ذلك تعزير. ولو قال له: يا آكل الربا أو يا (¬6) خائن أو يا شارب الخمر كان عليه التعزير. ولو قال له: يا حمار أو يا ثور أو يا خنزير، لم يعزر في شيء من ذلك. قلت: أرأيت الرجل يقول للرجل: فجرت بفلانة، هل عليه حد؟ قال: لا. قلت (¬7): فإن قال له: فعلت بفلانة، فسمى الفحش ولم يكن (¬8) عنه، أو قال: قد جامعت فلانة حراماً، أو وطئتها، أو باضعتها؟ قال: ليس ¬

_ (¬1) ز: لرجل. (¬2) ز: يكني. (¬3) المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 498. (¬4) ف - قال. (¬5) روي عن علي - رضي الله عنه - أنه رأى على من عمل عمل قوم لوط عقوبة الزاني، إن أحصن رجم وإلا جلد. ورفع بعض الصحابة ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. انظر: المعجم الكبير للطبراني، 4/ 132. وقال الهيثمي: رواه الطبراني، وفيه جابر الجعفي، وقد صرح بالسماع، وفيه من لم أعرفه. انظر: مجمع الزوائد، 6/ 272. كما روي عن علي أنه رجم لوطياً. وعن الحسن أنه قال: اللوطي بمنزلة الزاني. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 497؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 341. (¬6) م - يا. (¬7) ف - قلت. (¬8) ز: يكني.

عليه في شيء من هذا حد. قلت: لمَ؟ قال: لأنه لم يقذفه بالزنى. قلت: أرأيت الرجل يقول للرجل: قد فعلت بأم الآخر كذا وكذا، ولا يكني عن الفحش، غير أنه لا يقول: زنيت بها، هل عليه في ذلك حد؟ قال: لا. قلت: وكذلك لو قال: أنا فاعل بأمه كذا وكذا، لا يكني عن الفحش؟ قال: نعم. قلت: لمَ؟ قال: لأن هذا قد يكون، يجامع المرأة بنكاح، أو يجامع غير ذلك، فإذا قال: قد جامعت فلانة، أو باضعتها، أو وطئتها، فإنما يقع (¬1) ذلك على وجه الحلال، فلا حد عليه. قلت: فإن قال: قد جامعت فلانة، أو نكحتها، أو باضعتها، أو لامستها،. هل عليه في شيء من ذلك حد؟ قال: لا. قلت: أرأيت الرجل يعرّض للرجل فيقول: إنك (¬2) لست بزان، هل يحد؟ قال: لا. قلت: أرأيت الرجل يقول للرجل: قد أُخبرتُ (¬3) بأنك زان، هل يحد؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه لم يقذفه، إنما قال: قد أخبرت. قلت: وكذلك لو قال: أشهدني رجل على شهادته بذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يقول للرجل: اذهب وقل (¬4) لفلان: يا زان أو يا ابن الزانية، هل تحد (¬5) هذا (¬6) القائل؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه أمر غيره أن يقذفه. قلت: فإن كان الرسول قد قال: [قد قال] لك فلان: يا زان، هل تحد (¬7) الرسول؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأن الرسول شاهد على ما قال، وليس بقاذف. قلت: أرأيت الرجل يقول للعبد: يا زان، فيقول له العبد: بل أنت، هل تحد له العبد؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) م: يضع؛ صح هـ.؛ ز + يقع. (¬2) م ف: بأنك. والتصحيح من ب. (¬3) ز: قد اخترت. (¬4) ز - وقل. (¬5) ز: هل يحد. (¬6) ف - هذا. (¬7) ز: هل يحد.

قلت: أرأيت الرجل يقول للرجل: يا زان، فيقول له رجل آخر: صدقت، هل تحد الذي قال: صدقت؟ (¬1) قال: لا. قلت: ولمَ؟ قال: لأنه لم يقذفه. قلت: فإن قال: هو كما قلت؟ قال: يضرب الحد. قلت: أرأيت الرجل يقول للرجل: أشهد أنك زان، فيقول آخر: وأنا أشهد؟ قال: لا حد عليه، لأنه لم يقذف، وعلى الأول الحد. قلت: أرأيت الرجل يقول للرجل: قد زنى فرجك، هل يحد؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يقول للمرأة: قد زنيت مستكرهة، هل تَحُدُّ لها؟ قال: لا. قلت: وكذلك لو قال لها: زنى بك فلان وأنت نائمة أو استكرهت على ذلك؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو قال: زنى بك فلان وأنت معتوهة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يقول للمرأة: زنيت، ثم قال لها بعد ذلك: وأنت مستكرهة، ولم يصل بكلامه، هل يحد؟ قال: نعم. قلت: ولمَ؟ قال؛ لأن هذا قذفها فوجب عليه الحد، فإذا قال بعد ذلك: مستكرهة، لم ينفعه ذلك القول، لأنه لم يصل كلامه، ولو وصل كلامه فقال: زنيت مستكرهة، أو زنيت وأنت مستكرهة (¬2)، لم يكن عليه حد. قلت: أرأيت الرجل يقول للرجل: قد زنيت أنت وفلان معك، هل تراه قاذفاً لفلان؟ قال: نعم، وعليه الحد لفلان إن طلب ذلك. قلت: أرأيت إن قال: عنيت فلاناً شاهداً معك؟ قال: لا أنظر إلى قوله هذا، وعليه الحد. ألا ترى أنه لو (¬3) قال لعبده: أنت حر وفلان معك، لعبد له آخر، عتقا جميعاً. قلت: أرأيت الرجل يقول للرجل: يا ولد الزنى، هل عليه الحد؟ قال: نعم. قلت: وكذلك يا ابن الزنى؟ قال: نعم. قلت: فإن قال: لست ¬

_ (¬1) ز: صدق. (¬2) ز: مستكره. (¬3) ز: لو أنه.

لأبيك، وأمه حرة مسلمة، هل تحده؟ قال: نعم. قلت: ولمَ؟ قال: إذا قال: لست لأبيك فقد قذف أمه وزعم أنها زانية، وقد بلغنا عن عبد الله بن مسعود أنه قال: لا حد إلا في قذف محصنة أو نفي رجل من أبيه (¬1). قلت: أرأيت الرجل يقول للرجل: أنت ابن فلان، لغير أبيه في حال غضب؟ قال: عليه الحد إذا كانت أمه حرة، وهذا والباب الأول سواء. قلت: أرأيت إن قال: لست بابن فلان، يعني جده، هل عليه حد؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه صادق في ذلك، لأنه (¬2) ليس بابنه لصلبه. قلت: فإن قال: أنت ابن فلان، فنسبه إلى جده، هل عليه في هذا حد؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأن الجد والد. قلت: (¬3) فلو قال: أنت ابن فلان، لعمه أو لخاله (¬4)، هل عليه في هذا حد؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأن العم والد. ألا ترى إلى قول الله تعالى في كتابه: {نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} (¬5)، فصار عمه أباه. قلت: أرأيت الرجل يقول للرجل: أنت ابن فلان، فنسبه (¬6) إلى زوج أمه، هل تحده؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأن زوج أمه هو بمنزلة الوالد. ألا ترى إلى قول الله تعالى في كتابه: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ} (¬7). قلت: أرأيت الرجل يقول للرجل: لست من بني فلان، لقبيلته، هل تحده؟ قال: لا. قلت: ولمَ وقد نفاه من نسبه؟ قال: لأنه ليس من بني فلان لصلبه، فإذا كان هذا قذفاً كان القذف إنما وقع على امرأة فلان وهي كافرة، فلا حد على قاذفها. قلت: فلو أن رجلاً مسلماً قال لرجل مسلم وأبواه كافران: لست لأبيك، لم يكن عليه حد؟ قال: لا. قلت: وكذلك إن كانت أمه أم ولد لم ¬

_ (¬1) المصنف لعبد الرزاق، 7/ 423؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 487. (¬2) ف - لأنه. (¬3) ف - قلت. (¬4) م: أو خاله. (¬5) سورة البقرة، 2/ 133. (¬6) ف: ينسبه. (¬7) سورة النساء، 4/ 23.

تعتق؟ (¬1) قال: نعم. قلت: فإن كان أبوه مات وأعتقت أمه ثم ماتت فقال له إنسان: لست لأبيك؟ قال: عليه الحد لأن أمه حرة. قلت: أرأيت الرجل يقول للرجل المسلم: لست لأبيك، وأبوه عبد وأمه حرة وقد ماتا جميعاً؟ قال: هذا قاذف، ويضرب الحد. قلت: أرأيت الرجل يقول (¬2) للرجل الكافر وأبواه مسلمان وقد ماتا: لست لأبيك؟ قال: عليه الحد. قلت: أرأيت الرجل يقول لعبده (¬3): لست لأبيك، وأبواه مسلمان وقد ماتا؟ (¬4) قال: لا حد على مولاه. قلت: لمَ؟ قال: لأن الحد هاهنا للعبد، فأستقبح أن أحد المولى لعبده. قلت: أرأيت إن أعتق هذا العبد بعد ذلك، هل له أن يأخذ المولى بهذا القذف؟ قال: لا. قلت: أرأيت الرجل يقول للرجل يا ابن مُزَيْقِيَاء (¬5)، يا ابن ماء السماء (¬6)، أو يا ابن جَلاَ (¬7)، هل في شيء من هذا حد؟ قال: لا. قلت: ولم وقد. دعاه إلى غير أبيه؟ قال: لأن هذا كلام الناس، ليس مما يكون على وجه القذف. قلت: أرأيت الرجل يسأل عن الرجل من أبوه فقال: فلان، لغير أبيه، ¬

_ (¬1) ز: لم يعتق. (¬2) ز - الرجل يقول. (¬3) م ف: لعبد. (¬4) ز - لست لأبيك قال عليه الحد قلت أرأيت الرجل يقول لعبده لست لأبيك وأبواه مسلمان وقد ماتا. (¬5) م ف ز: من نفيا. والتصحيح من المبسوط، 9/ 122. وانظر الحاشية التالية. (¬6) مُزَيْقِياء هو عمرو بن عامر الذي خرج من اليمن حين أحس بسيل العَرِم، لُقِّبَ بذلك لأنه كان يمزّق كل يوم حُلَّتَين يلبسهما، ويكره أن يعود فيهما، ويأنف أن يلبسهما غيره. وأبوه كان يُلفب بماء السماء، لأنه وقت القحط كان يقيم ماله مقام المطر. وأما أم المنذر ابن امرئ القيس فكانت تسمى ماء السماء لجمالها وحسنها. انظر: المغرب، "مزق". (¬7) قال المطرزي: وقولهم للرجل المشهور: هو ابن جَلَا، أي: الذي يقال له: جلا الأمور وأوضحها، أو جلا أمرُه، أي: وضح وانكشف. انظر: المغرب، "جلو".

أو يقول: من هو، فيقول: ابن فلان، لغير أبيه، هل عليه حد؟ قال: لا حد عليه. قلت (¬1): الرجل يقول للرجل: أنت ابن فلان، لغير أبيه، على وجه السباب والغضب؟ قال: عليه الحد، وإذا كان على وجه الخبر لم أحده. قلت: أرأيت الرجل يقول للعربي: يا نبطي، هل يحد؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه لم يقذفه. ألا ترى أنه لو قال للرجل: أنت رُسْتَاقي، وأنت خراساني، وأنت كوفي، وأنت بصري، وهما سواء. قلت: فإن قال له: لست بعربي، هل عليه حد؟ قال: لا. قال: بلغنا عن ابن عباس أنه قال في الرجل من قريش يقال (¬2) له: يا نبطي، قال: لا حد عليه (¬3). قلت: أرأيت الرجل يقذف ابنه أو ابنته أو ابن ابنته أو ابنة (¬4) ابنته (¬5) أو ابنة ابنه فقال: يا زان، هل عليه حد؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لا يحد والد لأحد من ولده ولا ولد ولده. قال: بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا يقتص لولد من والده" (¬6). فالحد عندنا بمنزلة القصاص. قلت: أرأيت الرجل يقذف أباه أو أمه أو جده أو جدته أو أخاه أو خاله (¬7) أو عمه أو ذا رحم محرم منه؟ قال: عليه الحد في هذا كله. قلت: أرأيت (¬8) الرجل يقول لابنه: يا ابن الزانية، وأمه ميتة ولها ابن من غير هذا الرجل، فجاء ابنها من غير هذا الرجل يطلب بالقذف؟ قال: يضرب القاذف الحد. قلت: لمَ؟ قال: لأنه طلب بهذا (¬9) القذف غير ابنه منها. ¬

_ (¬1) ز - أر أيت. (¬2) ف: فقال. (¬3) لم أجده عن ابن عباس، لكن روي عن الشعبي أنه سئل عن رجل قال لرجل عربي: يا نبطي، قال: كلنا نبطي، ليس في هذا حد. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 7/ 427. (¬4) م: أو ابنته. (¬5) ف - أو ابنة ابنته. (¬6) سنن ابن ماجه، الديات، 22؛ وسنن الترمذي، الديات، 9. وانظر لتفصيل طرقه: نصب الراية للزيلعى، 4/ 339 - 341. (¬7) ز: أو اخاله. (¬8) ف - أرأيت. (¬9) ف: لهذا.

قلت: أرأيت الرجل يقول للمرأة: هي زانية، وقد ماتت ولها ابنان (¬1)، فصدقه (¬2) أحدهما، فجاء الآخر يطلب بالقذف؟ قال: يضرب القاذف الحد. قلت: ولمَ وقد صدقه أحدهما وهو صاحب الحق؟ قال: لا أدرأ (¬3) عنه الحد، لأن الآخر ابنها أيضاً، وقد ثبت حقه. ألا ترى لو أن الابن الآخر افترى على أمه كان لأخيه أن يأخذ بحقه حتى يضربه الحد. قلت: أرأيت الرجل يقذف امرأة (¬4) وليس لها غير ابن واحد وهي ميتة فصدقه الابن، قال: هي كما قلت، ثم جاء بعد ذلك يطلب بالقذف؟ قال: لا حد على القاذف. قلت: لمَ؟ قال: لأنه قد صدقه. قلت: أرأيت الرجل يقذف المرأة ولها أب وأم وابن ابن وابنة ابن والمرأة ميتة، فأي هؤلاء طلب بالقذف (¬5) وبقيتهم غُيَّب فإنك تحد القاذف؟ قال: نعم. قلت: لم وشركاؤه في ذلك غيب؟ قال: لأن هذا ليس بميراث يشتركون فيه. ألا ترى أنه لو كان لها ابن عبد أو كافر كان له أن يطلب بذلك القذف وليس بوارث. قلت: فلو أن امرأة قذفت ولها ابنان أحدهما عبد أو (¬6) كافر والآخر مسلم كان للعبد أو للكافر أن يطلب بالحد؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان لها ابن وابن ابن وابنها غائب أو شاهد يطلب ابن ابنها الحد؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الرجل يقذف الرجل قدام القاضي ولم يكن له شهود غير القاضي؟ قال: يضرب الحد. قلت: ولمَ وهذا حد؟ قال: لأنه من حقوق الناس. قلت: فلو أن قاضياً سمع رجلاً يقذف رجلاً قبل أن يُستقضى ثم استقضي بعد ذلك فأتي له هل يضربه الحد بعلمه وشهادته؟ قال: لا حتى ¬

_ (¬1) ز: اثنان. (¬2) م ف ز: فقذفه. (¬3) ز: لا أدري. (¬4) م ف ز ب: أمته. والتصحيح من ب هـ. وانظر: المبسوط، 9/ 124. (¬5) ف - قال لا حد على القاذف قلت لم قال لأنه قد صدقه قلت أرأيت الرجل يقذف المرأة ولها أب وأم وابن ابن وابنة ابن والمرأة ميتة فأي هؤلاء طلب بالقذف. (¬6) ف - أو.

يأتيه بشاهدين غيره. قلت: من أين اختلف هذا والأول؟ قال: لأنه سمع ذلك وهو قاض (¬1)، وكل شيء من حقوق الناس أقر به رجل لرجل عند القاضي، أو رآه القاضي، فإن القاضي ينبغي له أن يقضي عليه بذلك إذا كان قاضياً يوم رآه، وأما إذا سمع ذلك وهو غير قاض (¬2) فإنما هو شاهد. وكذلك (¬3) بلغنا عن شريح (¬4). وهو قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فيأخذه بالحقوق إلا الحد. ألا ترى أنه لو سمعه بعد القضاء حده، فكذلك الأول. قلت: أرأيت القاضي إذا رأى الرجل يسرق وهو قاض (¬5) هل يقطعه؟ قال: أما في هذا فإني أستحسن أن أدرأ (¬6) عنه الحد. قلت: فإن أقر عنده بالسرقة؟ قال: يقطعه. قلت: من أين اختلف هذا والأول؟ قال: هما في القياس سواء، غير أني أستحسن إذا رآه أن أدرأ (¬7) عنه الحد إلا أن يشهد عليه الشهود بذلك. قلت: وكذلك لو رآه يشرب الخمر؟ قال: نعم. قلت: أرأيت (¬8) الرجل يشتري الجارية شراءً فاسداً لا تحل (¬9) له فوطئها ثم قذفه إنسان هل تحده؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يقذف الرجل فيقول: يا ابن الزانيين، وأبواه ميتين هل يضرب حدين، حدًّا (¬10) لأبيه وحدًّا (¬11) لأمه؟ قال: لا، ولكن يضرب حدًّا واحداً. قلت: أرأيت الرجل يقول للرجل: لست لفلان ولا لفلانة، فنفاه من أبيه وأمه هل يحد؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه لم يقذف أمه، إنما زعم أنها لم تلده، وإنما يكون قاذفاً لو قال له: لست لأبيك، وسكت عن الأم، كان قد قذف الأم بالزنى، وأما إذا قال: لست لفلان ولا لفلانة، فلم يقذف الأم بشيء. ¬

_ (¬1) ز: قاضي. (¬2) ز: قاضى. (¬3) ز: وكيف. (¬4) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 342. (¬5) ز: قاضي. (¬6) ز: أن أدري. (¬7) ز: أن أدري. (¬8) ز - أرأيت. (¬9) ز: لا يحل. (¬10) ز: حد. (¬11) ز: وحد.

قلت: أرأيت الرجل يقول للرجل: لم يلدك فلان، لأبيه؟ قال: لا حد عليه. قلت: ولمَ؟ قال: لأنه صادق، لم يلده (¬1) أبوه، إنما ولدته أمه. قلت: أرأيت الرجل يقول للرجل: لست لأمك، ولم يذكر أباه؟ قال: لا حد عليه. قلت: ولمَ؟ قال: لأنه إنما (¬2) أخبر أن أمه لم تلده، ولم يقذفها. قلت: وكذلك لو قال لها زوجها: لم تلديه؟ (¬3) قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يقول للمرأة: زنيت ببعير أو بثور أو بحمار؟ قال: ليس عليه حد. قلت: فإن قال لها: زنيت بناقة أو ببقرة أو بثوب أو بدراهم، هل يضرب الحد؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو قال لها: زنيت بشيء من الكيل أو الوزن؟ قال: نعم، عليه الحد. قلت: وكذلك لو قال لها: زنيت بدار أو بأمة أو بحلي أو بمتاع أو بما أشبه ذلك؟ قال: نعم، عليه الحد. قلت: فإذا قال لرجل (¬4): زنيت بهذا البغل أو بهذا البرذون أو بهذا الحمار أو بهذا البعير، لم يكن عليه حد؟ قال: نعم، لا حد عليه في شيء من ذلك، لأن الرجل لا يكون زانياً بما ذكرت إلا في الأمة خاصة. قلت: أرأيت الرجل يقول للرجل: يا ابن الأقطع، أو يقول له: يا ابن المقعد، وأبوه ليس بمقعد، أو يقول له: يا ابن الحجام، وأبوه ليس بحجام، هل عليه في شيء من هذا حد؟ قال: لا. قلت: وكذلك لو قال له (¬5): يا ابن الأزرق، أو قال له: يا ابن الأحمر أو يا ابن الأصهب أو يا ابن الأشقر أو يا ابن الأسود أو يا ابن السندي أو يا ابن الحبشي، وأبوه ليس كذلك؟ قال: لا حد عليه في شيء من ذلك. قلت: لمَ؟ قال: لأنه لم ينفه (¬6) من أبيه، إنما وصفه بعمل ليس فيه. ألا ترى أنه لو قال رجل لرجل: أنت حجام، أو أنت مقعد، لم يكن (¬7) عليه حد. قلت: أرأيت الرجل يقول للعربي: يا مولى، أو يقول له: يا عبد، ¬

_ (¬1) ز: لم تلده. (¬2) ز - إنما. (¬3) ز: لم تلدينه. (¬4) ز: للرجل. (¬5) ف - له. (¬6) ز: لم ينفيه. (¬7) ز + حا.

هل يحد؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: أما قوله: يا عبد، فهو صادق، وهو عبد لله، وأما قوله: يا مولى، فليست (¬1) بفرية (¬2). ألا ترى إلى قول الله تعالى في كتابه: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي} (¬3)، قال: بلغنا في التفسير أنهم الورثة (¬4). قلت: أرأيت الرجل يقول للعربي: يا دِهْقَان؟ (¬5) قال: لا حد عليه، لأن هذا ليس بقذف. قلت: أرأيت الرجل يقول للرجل: يا ابني؟ قال: لا حد عليه (¬6)، هذا ليس بقذف. قلت: ولمَ وقد نسبه إلى نفسه؟ قال: لأن هذه كلمة من كلام الناس ليست بفرية، إنما هي كلمة لطف، وليست بفرية. قلت: وكذلك (¬7) لو قال: يا بنية؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو قال: يا أخ أو يا أخية؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يقول للرجل: أنت عبدي، هل يحد؟ قال: لا. قلت: وكذلك لو قال: أنت مولاي؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يقول للرجل: يا يهودي أو يا نصراني أو يا مجوسي أو يا عابد الأوثان، أو يقول: يا ابن اليهودي أو يا ابن النصراني أو يا ابن المجوسي؟ قال: لا حد عليه في شيء من ذلك. قلت: ولمَ؟ قال: لأنه لو كان في هذا قاذفاً لكان كل من شهد على رجل بكفر (¬8) كان قاذفاً. قلت: فهل يعزر في هذا؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يقول للرجل (¬9): يا ناكح البهيمة، فقذفه بذلك لا يكني عن الفحش، هل عليه حد؟ قال: لا. ¬

_ (¬1) ف: ليست. (¬2) م: بقرفة، صح هـ. (¬3) سورة مريم، 19/ 5. (¬4) روي عن ابن عباس - رضي الله عنه - وغيره أن الموالي في الآية بمعنى العصبة، وهم ورثة. انظر: تفسير الطبري، 16/ 46؛ والدر المنثور للسيوطي، 5/ 480. (¬5) الدهقان عند العرب الكبير من كفار العجم، وكانت تستنكف عن هذا الاسم. وقد غلب على أهل الرساتيق منهم، ثم قيل لكل من له عقار كثير: دهقان. انظر: المغرب، "دهقن". (¬6) م + لأن. (¬7) ز + الرجل. (¬8) ف ز: بالكفر. (¬9) م - يقول للرجل، صح هـ.

قلت: أرأيت الرجل يقول للرجل (¬1): يا زانئ (¬2)، فيدخل فيها همزة وقال: عنيت أن تصعد على شيء؟ قال: عليه الحد، ونيته باطل. قلت: أرأيت الرجل يقول للرجل: زنأت في الجبل، ثم يقول: عنيت الصعود فيه؟ قال: عليه الحد، ولا يصدق. وقال محمد: لا حد عليه. قلت: فإن قال له: زنيت في الجبل؟ قال: عليه الحد في قولهم جميعاً. قلت: أرأيت الرجل يقول للرجل: قد فعلت بفلانة، فسمى دون الجماع؟ قال: لا حد عليه. قلت: فإن قال: فعلت بها في دبرها، فجاء بالفحش لا يكني؟ قال: بلغنا عن الحسن البصري وإبراهيم النخعي أنهما قالا في رجل يقذف بالصبيان (¬3): إنه عليه الحد (¬4)، فهذا وذاك سواء. قلت: أرأيت رجلاً قذف رجلاً وهو حر مسلم، ثم إن المقذوف زنى بعد ذلك، أو وطئ امرأة وطءً حراماً (¬5)، ثم رفع القاذف إلى السلطان بعد ذلك، هل يحد؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه قد (¬6) صار إلى أن لا يحد من قذفه. قلت: وكذلك لو ارتد عن الإسلام؟ قال: نعم. قلت: فإن أسلم بعد ذلك فجاء يطلب بالقذف؟ قال: لا حد على القاذف. قلت: وكذلك لو ذهب عقله فمكث كذلك (¬7) معتوهاً ذاهب العقل، أو خرس (¬8) زماناً فكان لا يستطيع أن يتكلم؟ قال: نعم، لا حد على القاذف. قلت: أرأيت الرجل يقذف الرجل وهو حر مسلم، غير أنه ابن ملاعنة أو ولد زنى قد نفاه أبوه أو لاعن أمه؟ قال: إذا قذفهما في أبدانهما فعليه الحد، وإذا قذف أمهما (¬9) فلا حد عليه. قلت: لمَ لا يحد (¬10) قاذف ¬

_ (¬1) ز - للرجل. (¬2) زنى المكان: ضاق، زُنوءاً، والزنئ الضيق، وزنى عليه ضيّق. وزنى في الجبل زنئاً: صعد. انظر: المغرب، "زنى". (¬3) م هـ: الصبيان. (¬4) المصنف لعبد الرزاق، 7/ 420؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 534. (¬5) ز - حراماً. (¬6) ز - قد. (¬7) ز - كذلك. (¬8) م ف ز: أو أخرس. (¬9) ز: أمه. (¬10) ز: لا تحد.

الملاعنة؟ قال: لأن معها ولداً (¬1) ليس له أب. قلت: فإن لم يكن معها ولد ولاعنت بينهما بغير ولد ثم قذفها رجل؟ قال: يضرب الحد. قلت: أرأيت الرجل يشهد على الرجل فيقول: أشهد أنه قال لفلان: يا زان، بالعربية، وجاء آخر فشهد أنه قال: يا زان، بالفارسية؟ قال: شهادتهما باطل. قلت: وكذلك لو قال أحدهما: بالنبطية، وقال الآخر: بالفارسية؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن شهد شاهد أنه قال: يا ابن الزانية، وشهد الآخر أنه قال: لست لأبيك؟ قال: شهادتهما باطل. قلت: فإن شهد شاهد أنه قذفه أمس بالفارسية، وشهد آخر أنه قذفه اليوم بالنبطية؟ قال: شهادتهما (¬2) باطل. قلت: لمَ وإنما شهد على قذف واحد؟ قال: لأن هذا شهد على غير ما شهد عليه هذا، فإذا جاءت شبهة درأت الحد. قلت: أرأيت المجوسي يتزوج أخته أو أمه فدخل بها، ثم أسلما ففرق بينهما، ثم قذفه إنسان؟ قال: عليه الحد. قلت: ولم وقد زعمت أن من وطئ وطءً حراماً فلا حد على قاذفه، وهذا حرام؟ قال: لأن النكاح كان حلالاً في دينهم، ألا ترى لو أن مجوسياً تزوج مجوسية بشهود أو بغير شهود، ثم دخل بها، ثم أسلما، فقذفهما إنسان حددته، وهذا نكاح حرام لا يحل، ولو فعل هذا مسلم لم أحد قاذفه، وإنما حددت قاذف المجوسي لأنه فعله وهو حلال في دينه. قلت: وكل نكاح فعله المجوسي فعلى قاذفه الحد وإن كان ذلك النكاح حراماً في الإسلام؟ قال: نعم، وهذا قول أبي حنيفة. وقال أَبو يوسف ومحمد: لا حد على قاذف المجوسي إذا أسلم وقد كان تزوج أمه أو ابنته أو أخته فدخل بها، أو نكاحاً حراماً (¬3) لا يترك عليه إذا أسلم، فلا حد على قاذفه. قلت: أرأيت أربعة شهدوا على أن مولاه أعتقه، وأنه قد زنى وهو محصن، فرجمه الإمام، ثم رجعوا عن شهادتهم في الزنى؟ قال: ¬

_ (¬1) ز: ولد. (¬2) ز: شهادتهم. (¬3) ز: أو نكاح حرام.

يضربون الحد، وعليهم الدية في أموالهم لورثته. قلت: أرأيت إن رجعوا أيضاً عن العتق؟ قال: يضمنون القيمة للمولى، والدية للورثة، ويضربون الحد. قلت: فإن شهد اثنان منهم على العتق فأعتقه، ثم شهدا أيضاً والآخران على الزنى فرجمه، ثم رجع شاهدا (¬1) العتق عن العتق ولم يرجعا عن الزنى، ورجع الآخران عن الزنى؟ قال: على (¬2) شاهدي العتق جميع القيمة للمولى، وعلى اللذين رجعا عن الزنى نصف الدية للورثة، ويضرب كل واحد منهما الحد، وليس على اللذين رجعا عن العتق حد. قلت: أرأيت الرجلين شهدا على عبد أن مولاه أعتقه، فأعتقه القاضي، ثم إنه شهد هو وآخر والشاهدان (¬3) اللذان شهدا على عتقه على رجل بالزنى، فرجمه الإمام، ثم إن اللذين شهدا على عتقه رجعا عن شهادتهما؟ قال: يضمنان قيمته للمولى. قلت: فهل يضمنان من دية المرجوم شيئاً؟ قال: لا. قلت: ولمَ وهما اللذان شهدا على عتقه، وإنما رجم من أجل أنهما شهدا (¬4) بعتقه فصارت شهادتهم جائزة؟ قال: لا أَحُدُّ (¬5) [الزاني من أجل أنهما شهدا بعتقه]، ولكن (¬6) إنما (¬7) رجم الزاني من قبل أن هذا حر. ألا ترى لو أن رجلاً وامرأتين شهدوا (¬8) بعتقه، فأعتقه، ثم شهد هو وثلاثة معه على رجل بالزنى رجمت المشهود (¬9) عليه. ألا ترى أني لم أرجم المشهود عليه بشهادة الذين (¬10) شهدوا على العتق. قلت: أرأيت الصبي يزني بالصبية؟ قال: لا حد عليهما. قلت: فعلى الصبي العُقْر في ماله؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن أقر الصبي بذلك ولم يشهد به الشهود، هل يلزمه بإقراره شيء؟ قال: لا. قلت: وكذلك الصبي يزني بالمرأة فيذهب بعُذْرَتها ويشهد عليه الشهود؟ قال: نعم، عليه المهر إذا ¬

_ (¬1) ز: شاهد. (¬2) ز - على. (¬3) ف ز: وشاهدان. (¬4) ف - على عتقه وإنما رجم من أجل أنهما شهدا. (¬5) ز: لا آخذ. (¬6) ز - ولكن. (¬7) ز: وإنما. (¬8) ز: شهدا. (¬9) ز: بالمشهود. (¬10) ز: اللذين.

استكرهها. قلت: أرأيت إن دعته (¬1) إلى نفسها فأذهب عذرتها (¬2)، هل عليه حد أو مهر؟ قال: لا. قلت: ولمَ؟ قال: أما الحد فلا يجب عليه لأنه صبي، وأما المهر فلا يجب عليه لأنها دعته إلى نفسها. قلت: وكذلك المجنون؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كانت المرأة ثيباً فجامعها، هل عليه حد أو مهر؟ قال: لا. قلت: ولمَ؟ قال: لأن جماع المجنون ليس بجماع يجب فيه الحد ولا المهر، إنما المجنون بمنزلة الصبي، والصبي ذكره بمنزلة إصبعه. قلت: وكذلك لو أن المرأة دعت المجنون إلى نفسها فأذهب عذرتها؟ قال: نعم، لا حد عليه ولا مهر. قلت: أرأيت الصبية تدعو الصبي إلى نفسها فأذهب عذرتها؟ قال: عليه المهر. قلت: لمَ؟ قال: لأنها صبية ليس لها أمر. قلت: وكذلك الأمة؟ قال: نعم، ولا حد عليه ولا مهر (¬3). قلت: أرأيت إن دعت (¬4) مجنوناً إلى نفسها فأذهب عذرتها؟ (¬5) قال: عليه العقر، وهو بمنزلة الصبي. قلت: ولمَ؟ قال: لأن الصبية لا يجوز أمرها. قلت: وكذلك لو أن أمة دعت صبياً أو مجنوناً إلى نفسها فأذهب عذرتها؟ (¬6) قال: نعم. قلت: أرأيت أربعة كفار شهدوا على كافر أنه زنى بمسلمة؟ قال: شهادتهم باطل. قلت: وتحدهم لها حد القذف؟ قال: نعم. قلت: فإن كانت أمة هل تجيز شهادتهم عليها؟ قال: لا. قلت: فهل تحدهم لها؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنها أمة فلا حد على قاذفها. قلت: لمَ لا تجيز الشهادة عليها؟ قال: لأنها مسلمة فلا يجوز عليها شهادة الكافر. قلت: فهل تحد النصراني؟ قال: لا. قلت: ولمَ؟ قال: لأني أبطلت شهادتهم على المرأة ودرأت الحد عنها، وهو حد واحد، فإذا درأته عن أحدهما درأته عن الآخر. قلت: وكذلك لو شهدوا على كافرين، فلما قضيت عليهما بالحد أسلم أحدهما؟ قال: نعم، أدرأ (¬7) الحد عنهما جميعاً. ¬

_ (¬1) ز + المرأة. (¬2) ف ز: بعذرتها. (¬3) ينبغي أن يكون قوله: "ولا مهر" زائداً، لأنه مخالف لما يأتي في السؤال بعد التالي. وفي ب هـ؛ والأمة كالصغيرة. وانظر: فتح القدير لابن الهمام، 3/ 366. (¬4) أي: الصبية كما يفهم من الجواب. (¬5) م ف ز: بعذرتها. (¬6) م ف ز: بعذرتها. (¬7) ز: أدري.

قلت: أرأيت الرجل يقول للرجل: أنت أزنى من فلان؟ قال: لا حد عليه. قلت: أرأيت الرجل يزني بخرساء؟ قال: أدرأ (¬1) عنهما جميعاً الحد. قلت: لمَ؟ قال: لأني لا أدري لعل عندها مخرجاً تدرأ (¬2) به عن نفسها (¬3). قلت: وكذلك لو كان الرجل أخرس والمرأة ليست بخرساء؟ قال: نعم، أدرأ (¬4) عنهما جميعاً. قلت: وكذلك لو كانا جميعاً أخرسين؟ قال: نعم. قلت: أرأيت أربعة شهدوا على رجل أنه زنى بمجنونة؟ قال: عليه الحد، وهو بمنزلة رجل استكره امرأة فزنى، فأقيمُ الحد عليه ولا أقيم عليها. قلت: أرأيت إن كان الحد في سرقة فشهدوا (¬5) أنه سرق من هذا الرجل وأحدهما (¬6) أخرس أو مجنون؟ قال: أدرأ عنهما الحد جميعاً لأنها سرقة واحدة، وإذا درأت عن أحدهما درأت عن الآخر. قلت: أرأيت شاهدين شهدا على رجل بالزنى، وشهد آخران على إقرار المشهود عليه بالزنى؟ قال: أدرأ الحد عن المشهود عليه وعن الشاهدين. قلت: أرأيت إن شهد عليه ثلاثة بالزنى وشهد آخر على إقراره؟ قال: أدرأ (¬7) الحد عن المشهود عليه وعن الذي شهد على إقراره (¬8)، وأحد الثلاثة لأنهم قذفة. قلت: أرأيت إن شهد عليه ثلاثة بالزنى، وشهد رجل وامرأتان على إقرار المشهود عليه بالزنى؟ قال: أدرأ الحد عن المشهود عليه وعن الثلاثة. قلت: أرأيت إن شهد شاهدان على رجك بالزنى، وأقر هو عند القاضي أربع مرات (¬9)، فأمر به القاضي أن يضرب الحد، ثم رجع عن ذلك؟ قال: أدرأ (¬10) عنه الحد وعن الشاهدين. ¬

_ (¬1) ز: أدرئ. (¬2) ز: يدرأ. (¬3) ز: عن نفسه. (¬4) ز: أدرئ. (¬5) ز: فشهد. (¬6) أي: أحد السارقين. (¬7) ز: أدرئ. (¬8) ز: بإقراره. (¬9) ز + بالزنا. (¬10) ز: أدري.

قلت: أرأيت عبداً قذف رجلاً حراً مسلماً فشهدت عليه الشهود بذلك فضرب الحد أربعين سوطأ، ثم أعتقه مولاه فشهد على شهادته؟، قال: لا (¬1) تجوز شهادته. قلت: لمَ؟ قال: لأنه قد ضرب (¬2) حداً في الإسلام. قلت: وكذلك المكاتب والمدبر والعبد الذي أعتق بعضه وهو يسعى في بعض قيمته، وأم الولد؟ قال: نعم، لا تجوز (¬3) شهادة أحد منهم (¬4) إذا ضرب الحد قبل أن يعتق أو بعده. قلت: أرأيت النصراني إذا قذف رجلاً مسلماً فشهدت عليه الشهود بذلك فضرب الحد ثمانين سوطا، ثم أسلم فشهدوا على شهادته؟ (¬5) قال: شهادته جائزة إذا كان عدلاً. قلت: لمَ؟ قال: لأن هذا لم يضرب الحد في الإسلام. قلت: وكذلك المجوسي؟ قال: نعم. قلت: أرأيت أربعة شهدوا على رجل كافر وهم كفار أنه زنى بامرأتين كافرتين، فلما قضيت عليهما بالحد جميعاً أسلمت المرأتان جميعاً أو الرجل؟ قال: إذا أسلمت المرأتان جميعاً أو الرجل درأت الحد عنهما جميعاً وعن الرجل. قلت: أرأيت إن أسلمت إحدى المرأتين وبقيت الأخرى على حالها أدرأ عن التي (¬6) أسلمت؟ قال: نعم. قلت: من أين اختلفا إذا أسلما وإذا أسلمت إحداهما؟ قال: لأنهما إذا أسلمتا فدرأت عنهما درأته عن الرجل، وإذا أسلمت إحداهما (¬7) فقد بقيت امرأة يجب. عليها الحد في جماعها، ويجب على الرجل الحد في جماعه إياها. قلت: أرأيت أربعة شهدوا على رجلين كافرين وهما كفار أنهما زنيا بامرأة، فأسلمت المرأة؟ قال: أدرأ (¬8) الحد عن المرأة وعن الرجلين جميعاً. قلت: أرأيت إن أسلم أحد الرجلين وبقيت المرأة والرجل الآخر على ¬

_ (¬1) ز: لا يجوز. (¬2) ز + رجلا. (¬3) ز: لا يجوز. (¬4) ف: أحدهم. (¬5) م ز: على شهادة. (¬6) ز: أدرئ عن الذي. (¬7) ز: أحدهما. (¬8) ز: أدرئ.

حالهما؟ قال: فإني أدرأ (¬1) الحد عن الرجل الذي أسلم، وأقيم على الرجل والمرأة. قلت: أرأيت الرجل إذا أقر بالزنى أربع مرات بامرأة بعينها، وأنكرت المرأة ذلك، أتقيم على الرجل الحد؟ قال: لا، في قول أبي حنيفة. قلت: لمَ؟ قال: لأن المرأة التي (¬2) أقر أنه زنى بها قد أنكرت ذلك. قلت: وكذلك المرأة تقر بالزنى برجل بعينه وينكر الرجل ذلك؟ قال: نعم، في قول أبي حنيفة. قلت: أرأيت الرجل تكون (¬3) عنده الجارية يستودعها إياه رجل أو يستأجرها للخدمة فيطؤها، هل تقيم (¬4) عليهما الحد؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كانت جارية استعارها للخدمة؟ قال: نعم، أضربه الحد. قلت: أرأيت الجارية تجني الجناية عمداً فيقع عليها الولي ولم يدع (¬5) شبهة؟ قال: ليس عليه الحد. قلت: لمَ وهي جارية غيره؟ قال: لأن بعض الفقهاء يقولون: إن شاء استرقها وإن شاء قتلها، فلذلك درأت الحد عن الولي. قلت: أفتجعل عليه العقر لسيدها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كانت الجناية خطأ فوقع عليها؟ قال: أما في القياس فإنه يقام عليه الحد. ألا ترى أنها ليست بجاريته. أوَلا ترى أن لسيدها أن يقربها (¬6) إن شاء. وبه نأخذ. قلت: وكذلك إن (¬7) فداها؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو دفعها؟ قال: نعم، في قول أبي حنيفة ومحمد. وأما في قول أبي يوسف فإنه إذا (¬8) لم يحد حتى تدفع (¬9) إليه درئ عنه الحد، وقال: أستحسن أن أدرأ (¬10) عنه الحد لأنها قد صارت جاريته، وإن فداها أقمت عليه الحد (¬11) في قول أبي يوسف. وقال أَبو حنيفة ومحمد: إذا زنى الرجل ¬

_ (¬1) ز: أدرئ. (¬2) ف: إذا؛ ز: الذي. (¬3) ز: يكون. (¬4) ز: هل لقيم. (¬5) ز: يدعي. (¬6) ف ز: أن يفديها. (¬7) م ز - إن. (¬8) ف - إذا. (¬9) ز: يدفع. (¬10) ز: أن أدري. (¬11) م ز - الحد.

بجارية (¬1) ثم اشتراها أقمت عليه الحد. وقال يعقوب: لا حد في الجناية الخطأ وفي غير هذه. وكذلك إن دفعت أو فديت فعليه الحد في قول أبي حنيفة. وفي قول يعقوب: إن فديت عليه الحد، وإن دفعت فلا شيء عليه (¬2). ¬

_ (¬1) ز: بجاريته. (¬2) م + هذا آخر كتاب الحدود من رواية أبي سليمان والحمد لله رب العالمين وصلواته على محمد وآله وسلم كتبه أَبو بكر بن أحمد بن محمد الطلحي الأصفهاني وذلك في يوم الجمعة أول شهر المبارك رمضان (كذا) سنة ثمان وثلاثين وستمائة والله الموفق؛ ف + هذا آخر كتاب الحدود من رواية أبي سليمان والحمد لله رب العالمين وصلواته على محمد وآله وسلم؛ ز + هذا والله أعلم.

كتاب السرقة وقطع الطريق

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب السرقة وقطع الطريق سعيد (¬2) قال: سمعت أبا سليمان قال: سمعت محمد بن الحسن قال: أخبرنا أَبو يوسف عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: وادع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بردة هلال بن عويمر (¬3) الأسلمي. قال: فجاء أناس يريدون الإسلام، فقطع عليهم أصحاب أبي بردة الطريق. قال: فنزل جبريل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحد فيهم: أن من قتل وأخذ (¬4) المال صلب، ومن قتل ولم يأخذ مالاً قتل، ومن أخذ مالاً ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف، ومن جاء مسلماً هدم الإسلام ما كان في الشرك (¬5). أَبو سليمان عن محمد عن أبي يوسف عن الحجاج بن أرطأة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان لا ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية، وقد التزمنا ذكر البسملة من ذلك في بداية كل كتاب. (¬2) لعله سعد بن معاذ المروزي راوي كتاب الحجر أيضاً. (¬3) م. بن عويم؛ ز: ابن عويم. (¬4) ز: ولم. (¬5) لقول ابن عباس في ذلك انظر: الخراج لأبي يوسف، 192؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 8/ 283؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 4/ 72.

يقطع اليد (¬1) إلا في ثمن المجن، وهو يومئذ يساوي عشرة دراهم (¬2). أَبو سليمان عن محمد عن أبي حنيفة عن القاسم عن عبد الله بن مسعود أنه كان لا يقطع اليد إلا في دينار أو عشرة دراهم (¬3). محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: لم يكن تقطع اليد إلا في ثمن المجن، وهو يومئذ يساوي عشرة دراهم. محمد عن أبي يوسف عن الحسن عن الحكم (¬4) عن يحيى عن علي بن أبي طالب أنه قال: لا تقطع (¬5) اليد إلا في عشرة دراهم. محمد عن أبي يوسف عن السري بن إسماعيل عن عامر عن ابن مسعود أنه قال: إذا أصاب الرجل الحدود والقتل قتل، وألقي ما سوى ذلك (¬6). محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: يقتل به ويلقى ما سوى ذلك (¬7). قال (¬8): وقال أَبو حنيفة: يقتل ويلقى ما كان فيه من حد، إلا حد قذف أو حقوق الناس في القصاص، فإن ذلك يقام عليه الحد قبل القتل، وإنما يدرأ عنه حد السرقة وحد الخمر وحد الزنى إذا كان جلداً. وهو قول أبي يوسف ومحمد. ¬

_ (¬1) ف - اليد. (¬2) المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 475، 476؛ ومسند أحمد، 2/ 180، 186، 203، 207؛ وسنن أبي داود، الحدود، 12، وسنن النسائي، قطع السارق، 10؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 359. (¬3) المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 476؛ والمعجم الكبير للطبراني، 9/ 351. وقد روي عن ابن مسعود مرفوعاً. انظر: المعجم الأوسط للطبراني، 7/ 155، 203. وضعف إسناديه الهيثمي. انظر: مجمع الزوائد، 6/ 274. وانظر للأحاديث والآثار المتعلقة بالموضوع: نصب الراية للزيلعي، 3/ 359 - 360. (¬4) ز - عن الحكم. (¬5) ز: لا يقطع. (¬6) المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 478. (¬7) المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 478. (¬8) ف - قال.

محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن عمر أنه قال: أيما قوم شهدوا على حد لم يشهدوا عند حضرته فإنما شهدوا عن ضغن (¬1). وقال الحسن في حديثه: ولا شهادة لهم. محمد عن أبي يوسف عن الحجاج بن أرطأة عن الحصين بن عبد الرحمن الحارثي عن الشعبي عن الحارث عن علي في (¬2) رجل أخذ وقد نقب البيت ولم يخرج المتاع، فإنه لا قطع عليه (¬3). محمد عن أبي يوسف عن زكريا بن أبي زائدة عن عامر أنه قال: إذا أخذ والمتاع (¬4) معه في البيت قبل أن يخرجه فلا قطع عليه حتى يخرجه (¬5). محمد عن أبي يوسف عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان عن رافع بن خديج (¬6) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا قطع في ثمر ولا كَثَر" (¬7). قال أَبو يوسف: أما الكَثَر فاختلف علماؤنا (¬8) فيه، فقال يحيى: هو الجُمَّار، وقال غيره: هو النخل الصغار (¬9). محمد عن أبي يوسف عن السري بين يحيى البصري عن الحسن قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا قطع في الطعام" (¬10). ¬

_ (¬1) م: عن صفر؛ ف: عن صعره؛ ز: عن صغره. وانظر: المصنف لعبد الرزاق، 7/ 432. (¬2) ز - علي في. (¬3) المصنف لعبد الرزاق، 10/ 199؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 477. (¬4) ف: إذا أخذوا المتاع؛ ز: إذا وجدوا المتاع. (¬5) المصنف لعبد الرزاق، 10/ 197؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 477. (¬6) ز: خديجة. (¬7) سنن ابن ماجه، الحدود، 27، وسنن الترمذي، الحدود، 19، وسنن النسائي، قطع السارق، 13؛ والدراية لابن حجر، 2/ 109. (¬8) م: علمنا. (¬9) الكَثَر هو الجُمّار، وهو شيء أبيض يخرج من رأس النخل. ومن قال: هو حطب، أو قال: صغار النخل فقد أخطأ. انظر: المغرب، "كثر"؛ ولسان العرب، "كثر". (¬10) المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 521؛ والمراسيل لأبي داود، ص 205.

محمد عن أبي يوسف عن العلاء بن كثير عن مكحول قال: قال رسول الله (¬1) - صلى الله عليه وسلم -: "لا قطع في مجاعة على مضطر" (¬2). محمد عن أبي يوسف عن أبان عن الحسن عن رجل قال: رأيت رجلين مكتوفين ولحماً قد أصيب معهم إلى عمر، فقال صاحب اللحم: كانت لي ناقة عُشَرَاء (¬3) ننتظرها كما ننتظر الربيع، فوجدت هذين قد اجْتَزَرَاها، فقال عمر: هل يُرضيك (¬4) من ناقتك ناقتان عُشَراوان مُرْبَغَتَان (¬5) فإنا لا نقطع في العِذْق (¬6) ولا في عام السَّنَة (¬7). قال: وكان ذلك في عام السنة (¬8). محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة عن إسماعيل بن مسلم (¬9) عن الحسن قال: قال علي بن أبي طالب: لا قطع في الخِلْسَة، تلك الدَّعَارة (¬10) المعلنة (¬11) لا قطع فيها (¬12). ¬

_ (¬1) ز: قال النبي. (¬2) روي نحوه عن عمر - رضي الله عنه - موقوفاً. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 521. (¬3) عُشَرَاء كفقهاء، وهي الناقة التي أتى عليها من وقت الحمل عشرة أشهر. انظر: مختار الصحاح، "عشر". (¬4) ز: هل ترضيك. (¬5) م ز: مريفان؛ ف: مربعان. ولفظ السرخسي: مربعتان. انظر: المبسوط، 9/ 140. وقال المطرزي: المُرْبَغَة بفتح الباء وبالغين المعجمة: الناقة السمينة، ومنها حديث عمر - رضي الله عنه -: هل يُرضيك من ناقتك ناقتان عُشَراوان مُرْبَغتان. يقال: أربغتُ الإبل، أي: أرسلتُها على الماء تَرِده متى شاءت، فرَبَغَت هي. ومن روى مُرْبَعتان بالعين من الربيع أو الربع فقد صحّف. انظر: المغرب، "ربغ". (¬6) ز: في القذفد العِذْق هو عنقود النخلة. انظر: المغرب، "عذق". (¬7) السنة، أي: القحط. انظر: المغرب، "سنو". (¬8) المصنف لعبد الرزاق، 10/ 242؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 521. (¬9) م ف: إسماعيل عن مسلم. والتصحيح من المصدرين الآتيين. (¬10) الدعارة هي الخبث والإفساد، من قولهم: عود دَعِر، أي: كثير الدخان. انظر: المغرب، "دعر". (¬11) م ف ز: المعالنة. (¬12) عن الحسن عن علي قال سئل عن الخلسة فقال: تلك الدعرة المعلنة لا قطع فيها؛ انظر: المصنف لعبد الرزاق، 10/ 208؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 528.

محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن إبراهيم أنه قال: لا قطع على (¬1) سارق (¬2) الحر الصغير، وإن سرق مملوكاً قطع (¬3). محمد عن أبي يوسف عن عبد الله بن سعيد عن جده قال: شهدت علياً بالكوفة يعرض السجون، فأتي برجل (¬4) قطعت يده ورجله قد سرق، فقال: ما ترون فيه؟ فقال بعضهم: تقطع (¬5) يده الباقية، فقال: ليس ذلك عليه، فبأي شيء (¬6) يستنجي (¬7) ويرفع لقمته؟ (¬8) فقال بعضهم: تقطع (¬9) رجله، فقال: ما ذاك عليه، فبأي (¬10) شيء يمشي إلى حاجته؟ (¬11). محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم قال: اختلف أصحاب محمد في القطع، فمنهم من قال: أقطعه حتى يأتي على قوائمه كلها، ومنهم من قال: أقطع يده ورجله (¬12) ثم أحبسه. قال محمد: قال أَبو حنيفة: قال حماد: قال إبراهيم: قول من قال: أقطع يده ورجله وأحبسه، أحب إلي (¬13). وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. محمد عن أبي حنيفة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن علي أنه قال: إذا سرق قطعت يده اليمنى، فإن عاد قطعت رجله ¬

_ (¬1) ف - على. (¬2) م ف + سارق. (¬3) روى عبدالرزاق عن الثوري عن إسماعيل عن الحسن قال: من سرق صغيراً حراً أو عبداً ففيه القطع؛ قال وقال إبراهيم: يقام الحد على الكبير وليس على الصغير. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 10/ 195. (¬4) ف + قد. (¬5) ز: يقطع. (¬6) ف - شيء. (¬7) ز: يستنج. (¬8) ز: لقيمته. (¬9) ز: يقطع. (¬10) ف: بأي. (¬11) المصنف لعبد الرزاق، 10/ 186؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 489؛ وانظر لتفصيل الروايات: نصب الراية للزيلعي، 3/ 374. (¬12) ف: رجله. (¬13) روي عن إبراهيم قال: كانوا يقولون: لا يترك ابن آدم مثل البهيمة ليس له يد يأكل بها ويستنجي. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 10/ 186؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 490.

اليسرى، فإن عاد استودعته السجن، إني لأستحي (¬1) من الله أن لا أدع له يداً يستنجي ويأكل بها، ورجلاً يمشي عليها (¬2). محمد عن أبي يوسف عن عبد الله بن عمر عن نافع قال: أضاف (¬3) أَبو بكر رجلاً أقطع اليد والرجل، فكان يصلي بالليل، فقال أَبو بكر: من قطعك؟ فقال: يعلى بن أمية باليمن، فقال له أَبو بكر: ما ليلك بليل سارق، ثم أغار على حلي لأسماء فسرقه. قال: ثم أصبح يدعو مع القوم على من سرق أهل البيت الصالح. قال: أتي بصائغ (¬4) بالمدينة عنده الحلي، فقال: أتاني به هذا الأقطع (¬5)، واعترف الأقطع، فقال أَبو بكر: والله (¬6) لَغِرَّتُه (¬7) بالله أعز علي من سرقته. قال: فقال عمر: لا أبرح حتى يقطع، قال: فقطعت يده اليسرى (¬8). محمد عن أبي يوسف عن أبي إسحاق الشيباني عن جبلة بن سحيم عن علي بن حنظلة عن أبيه قال: قال عمر بن الخطاب: ليس الرجل على نفسه بأمين إن جَوَّعْتَ أو أوثقت (¬9) أو خوفت (¬10). محمد عن المسعودي عن القاسم عن شريح أنه قال: القيد كره، والوعيد كره، والسجن كره، والضرب كره (¬11). محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن يزيد بن خُصَيْفَة (¬12) ¬

_ (¬1) ف: لأني أستحي. (¬2) انظر المصادر السابقة. (¬3) ف: اصاب. (¬4) ز: بضايع. (¬5) ز: لا قطع. (¬6) ف - والله. (¬7) الغِرَّة بالكسر: الغفلة، ومنها أتاهم الجيش وهم غارّون، أي: غافلون، وقوله: لَغِرّته بالله أعز علي من سرقته، أي: لجرأته على الله تعالى أشد من سرقته. انظر: المغرب، "غرر". (¬8) المصنف لعبد الرزاق، 10/ 189. (¬9) م ف ز ب: أو توقت. والتصحيح من المبسوط، 9/ 185. (¬10) المصنف لعبد الرزاق، 6/ 411، 10/ 193؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 493. ورواه المؤلف نحوه بإسناد آخر في كتاب الإكراه. انظر: 5/ 70 و. (¬11) انظر: المصادر السابقة. (¬12) ز: حفصة.

قال: أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بسارق، فقال: "أسرقت؟ ما إخاله سرق". قال: فقال: نعم (¬1). فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اذهبوا به فاقطعوه ثم احسموه ثم ائتوني به". قال: ففعلوا به ذلك (¬2)، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: تب إلى الله". فقال: تبت إلى الله تعالى، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم تب عليه" (¬3). محمد قال: أخبرنا أَبو حنيفة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه عن يزيد بن [أبي] كبشة (¬4) عن أبي الدرداء أنه أتي بسارق أو سارقة، فقال: أسرقت؟ قولي: لا (¬5). محمد قال: أخبرنا (¬6) أَبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أن أبا مسعود الأنصاري أتي بسوداء يقال لها: سلامة، فقال لها (¬7): أسرقت؟ قولي: لا، قالوا: أتلقنها؟ قال: أجئتموني بأعجمية لا تدري ما يراد بها حتى تقر (¬8) فأقطعها (¬9). قلت: أرأيت الشاهدين يشهدان على رجل بالسرقة، أيسألان عن السرقة ما هي وكيف هي؟ قال: نعم. قلت: فإن وصفا السرقة وأثبتاها، فنظرت إلى السرقة فإذا السرقة لا تساوي عشرة دراهم، هل يقطع؟ قال: لا. قلت: فإن كانت السرقة تساوي عشرة دراهم أو أكثر، غير أن المسروق منه غائب، هل يقطع؟ قال: لا (¬10). قلت: فإن كان المسروق منه حاضراً ¬

_ (¬1) ف ز + قال. (¬2) ز + قال. (¬3) سنن ابن ماجه، الحدود، 29؛ وسنن أبي داود، الحدود، 9؛ وسنن النسائي، قطع السارق، 3؛ والدراية لابن حجر، 2/ 171. (¬4) م ف ز: حبشة. والتصحيح من الآثار للإمام محمد، 110؛ ومن المصادر الآتية. (¬5) المصنف لعبد الرزاق، 10/ 225؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 519. (¬6) ف: أخبرني. (¬7) ز - لها. (¬8) ز: يقر. (¬9) المصنف لعبد الرزاق، 10/ 224؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 519. (¬10) ف - قلت فإن كانت السرقة تساوي عشرة دراهم أو أكثر غير أن المسروق منه غائب هل يقطع قال لا.

يخاصم، هل يقطع السارق؟ قال: نعم، إذا كان الشاهدان عدلين (¬1). قلت: فإن كان القاضي لا يعرف الشاهدين، أيحبس السارق حتى يسأل عنهما؟ قال: نعم. قلت: فإن كان المسروق منه قد غاب قبل أن يزكى الشاهدان، وزكيا وهو غائب، هل يقطع؟ قال: لا، إلا أن يكون المسروق منه حاضراً. قلت: لمَ؟ قال: لأنه الخصم. ألا ترى أنه لو قال: لم يسرق مني شيئاً، لم أقطعه. قلت: أرأيت الشاهدين إن غابا بعدما زكيا (¬2) وحضر المسروق منه، هل يقطع السارق؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه لا يقطع أبداً إلا بمحضر من الشهود، لأني لا أدري لعلهما يرجعان عن شهادتهما، أو يشكان، أو يبدو لهما. وقال أَبو حنيفة بعد ذلك: يقطع. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وإن كان الشاهدان غائبين (¬3) فإنه يقام عليه حد السرقة والخمر (¬4) وفي كل شيء إلا الرجم، فإنه لا يقام عليه الحد. وكذلك لو ماتا أو قتلا (¬5). فأما إذا عميا أو عمي أحدهما فإنه لا يقام عليه الحد، وهو قول أبي يوسف ومحمد أيضاً. [قلت:] وكذلك لو فسقا أو ارتدا عن الإسلام أو ذهبت عقولهما؟ قال: نعم. [قلت:] وكذلك الزنى وشرب الخمر؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الشاهدين (¬6) إذا شهدا بالمال أو بالطلاق أو بالعتاق، ثم إنهما غابا أو ماتا أو زكيا (¬7)، أتقضي بشهادتهما؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان في سرقة شبهة فدرأت القطع، هل ترد السرقة إلى المسروق منه؟ قال: نعم، إنما أدرأ الحدود بالشبهات، فأما المال فإني أنفذه لصاحبه إذا زكيا. قلت: أرأيت إذا شهدا (¬8) على القصاص ثم مات [أحدهما] أو ماتا ثم زكيا، أتقضي بالقصاص؟ قال: نعم، لأنه من (¬9) حقوق الناس، فأستحسن أن أمضيه وأقضي به. [قلت:] فإن شهد رجلان على رجل بالسرقة والشاهدان كافران ¬

_ (¬1) ز: عدلان. (¬2) ز: زكيان. (¬3) ز: غايبان. (¬4) ف: وفي الخمر. (¬5) ز: أو قبلا. (¬6) ز: الشاهدان. (¬7) ز: وزكيا. (¬8) ز: إذا شهدوا. (¬9) ز - من.

والسارق كافر والمسروق منه مسلم، وقد وصفا تلك السرقة وأثبتاها، وهي تساوي عشرة دراهم، هل يقطع السارق بشهادتهما؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان (¬1) المسروق منه كافراً؟ قال: نعم. قلت: فإن أسلم السارق قبل أن تَقطعه وقد قضيت بالقطع؟ قال: إذن أدرأ عنه القطع. قلت: فهل ترد تلك السرقة على المسروق منه، أو تجعلها (¬2) للسارق؟ قال: لا، بل أردها على المسروق منه. قلت: ولم أبطلت القطع وأجزت هذا؟ قال: لأني قد قضيت بذلك قبل أن يسلم، وإنما أدرأ القطع بالشبهة، فأما المال فإني أنفذه لصاحبه. قلت: وكذلك لو شهد كافران على كافر بدين لكافر، فقضيت له به، ثم إنه أسلم بعد ذلك، أجزت الدين عليه وأخذته بالمال؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو شهدا بوديعة أو بطلاق أو بعتاق فأنفذت ذلك، ثم أسلم المشهود عليه، أجزت ذلك عليه وأنفذته ولم ترده؟ قال: نعم. قلت: فإن شهدا بقطع يد أو بقتل، فلما قضيت بذلك أسلم المشهود عليه، أتقضي (¬3) بشهادتهما ويمضي عليه قضاؤك؟ قال: لا، ولكني أدرأ عنه ذلك، وأبطل القصاص، وهذا قول أبي حنيفة ومحمد، وقال أَبو يوسف مثل ذلك. قلت: ولمَ (¬4) وهذا من حقوق الناس؟ قال: أستحسن ذلك، وأكره أن أقتل مسلماً بشهادة كافرين. قلت: فلو شهد كافران (¬5) على رجلين كافرين أو مسلمين أنهما سرقا عشرة دراهم من رجل، أو ثوباً يساوي عشرة دراهم؟ قال: لا أقطعهما في هذا. قلت: فإن شهدا أنهما سرقا ثوباً يساوي عشرين درهماً، ووصفا السرقة وأثبتاها، هل تقطعهما؟ (¬6) قال: نعم (¬7). قلت: فإن كان الثوب لا يساوي عشرين درهماً؟ قال: لا يقطعان. [قلت:] وكذلك المسلمان يشهدان على المسلمين؟ قال: نعم. قلت: فإذا كان لا يصيب كل واحد منهما عشرة دراهم من السرقة لم تقطعه؟ (¬8) قال: نعم، لا يُقطع. قلت: فإن شهدا على رجل واحد أنه سرق ¬

_ (¬1) م ز - لو كان؛ صح م هـ. (¬2) ز: أو يجعلها. (¬3) ز: أيقضي. (¬4) ز - ولم. (¬5) ز: كافرين. (¬6) ز: هل يقطعهما. (¬7) أي: إذا كان السارقان كافرين. (¬8) ز: لم يقطعه.

ثوباً يساوي عشرة دراهم والثوب بين اثنين؟ قال: هذا يقطع، لأنه قد سرق ما يساوي عشرة دراهم. قلت: وكذلك لو شهدا على رجل أنه قد سرق من رجل ثوباً، والمسروق منه لا يملك الثوب، إنما هو عنده وديعة أو عارية أو مضاربة، والثوب يساوي عشرة دراهم فصاعداً، هل يقطع؟ قال: نعم. قلت: ولم وهذا المسروق منه لا يملك الثوب؟ قال: هو بمنزلة رب الثوب، لأنه في يديه. قلت: أرأيت الشاهدين شهدا على رجلين بسرقة ثوب يساوي مائة درهم، والشاهدان كافران، والمشهود عليهما أحدهما كافر والآخر مسلم، والمسروق منه الثوب مسلم أو كافر، أتجيز شهادتهما وتقطع (¬1) السارقين؟ قال: لا. قلت: ولمَ؟ قال: لأن أحدهما مسلم، فلا أجيز شهادتهما على مسلم. قلت: لمَ لا (¬2) تجيز شهادتهما على الكافر منهما؟ قال: لأن المسلم معه، ولأنها شهادة واحدة في حد واحد، فإذا أبطلت بعضها أبطلت كلها. قلت: وكذلك لو كان المشهود عليهما كافرين فأسلم أحدهما؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المشهود له بالثوب أتقضي (¬3) له به في الباب الأول الذي شهد (¬4) فيه وأحد السارقين مسلم؟ قال: يقضى على الكافر بنصف الثوب. قلت: فهذا والباب الأول إذا كان السارقان (¬5) كافرين فأسلم أحدهما ودرأت (¬6) عنهما القطع أيقضي بالثوب للمشهود له؟ قال: يقضي بحصة الكافر منهما له، ويترك ما بقي في يدي المسلم، إلا أن يكون قضي (¬7) به عليهما قبل أن يسلم. قلت: أرأيت الشاهدين شهدا (¬8) على رجل بسرقة فسألتهما (¬9): كيف سرق؟ فقالا: نقب البيت ثم أدخل يده فسرق هذا الثوب، هل تقطعه؟ (¬10) قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه لم يدخل البيت. قلت: أرأيت إن ¬

_ (¬1) ز: ويقطع. (¬2) ز - لا. (¬3) ز: أيقضى. (¬4) ز: شهدا. (¬5) ز: السارقين. (¬6) ف ز: درأت. (¬7) ز: قضى. (¬8) ز: شهدوا. (¬9) ز: فسألهما. (¬10) ز: هل يقطعه.

دخل البيت فسرق الثوب هل تقطعه (¬1) والثوب يساوي عشرة دراهم وقد شهدا (¬2) على هذا وأثبتاه ووصفاه؟ قال: نعم. قلت: فهل يستحسن للشاهدين إذا كانا يشهدان أن لا يشهدا (¬3) على السرقة يريدان بذلك أن يدرآ (¬4) الحد عن السارق؟ قال: نعم، أستحسن ذلك لهما. قلت: فإن قال صاحب الثوب: إذن يذهب ثوبي إن لم يشهدا لي، أيسعهما أن يشهدا أن الثوب ثوب هذا أخذه هذا ولا يذكران السرقة، فيرد على هذا ثوبه ولا يقطع السارق؟ قال: نعم. قلت: وكذلك من كان في يديه شيء أو في بيته فأخذه منه أحد، أيسع الرجل (¬5) أن يشهد أنه لفلان الذي كان في يديه؟ قال: نعم (¬6). قلت: وكيف (¬7) يسعه أن يشهد بهذا وهو لا يعلم أكان يملكه أم لا؟ قال: أرأيت رجلاً اشترى أمة من رجل وأشهد عليه شهوداً، فأخذها منه رجل، أو أبقت منه، أما يسع الشهود (¬8) الذين شهدوا شراءها أن يشهدوا أنها أمة لفلان. أرأيت لو ولدت عنده أولاداً فأبق بعضهم، فوجده في يد رجل، والشهود يعرفون أنه ولدها، أما يسعهم أن يشهدوا أن هذا مملوك لفلان. هذا واسع كله، وهكذا أمر الناس، إنما الشهادة في هذا على الظاهر، فأما الغيب فلا يعلمه إلا الله تعالى. أرأيت رجلاً تزوج (¬9) امرأة ثم غاب عنها فقدم وقد تزوجت رجلاً غيره، أما يسع الشهود (¬10) أن يشهدوا أنها امرأته؟ قلت: بلى. قال: فهذا وذاك سواء (¬11). أرأيت رجلاً باع من رجل متاعاً بألف درهم وكتب فيها عليه ذِكْر حَقّ، فمات الذي عليه المال أو جحد، أما (¬12) يسع الشهود الذين شهدوا عليه بالمال أن يشهدوا له ¬

_ (¬1) ز: هل يقطعه. (¬2) ز: شهدوا. (¬3) ز: لا يشهدوا. (¬4) ز + أن. (¬5) م ز: للرجل. (¬6) ف - قلت وكذلك من كان في يديه شيء أو في بيته فأخذه منه أحد أيسع الرجل أن يشهد أنه لفلان الذي كان في يديه قال نعم. (¬7) ف: فكيف. (¬8) م: للشهود. (¬9) ز: يزوج. (¬10) م ف ز: للشهود. (¬11) ف + قلت. (¬12) ز: ما.

بالمال؟ قلت: بلى. قال: فهذا (¬1) وذاك سواء. ألا ترى أنهم إنما شهدوا بالظاهر، وأنهم لم يدروا (¬2) لعله أن يكون قد قبض المال كله، ولكنهم يسعهم أن يشهدوا بما قد علموا، ولم يكلفوا بما سوى ذلك. قلت: أرأيت الرجلين يشهدان على الرجل بالسرقة فسألتهما: كيف سرق؟ فقالا: نقب البيت فدخل فأخذ (¬3) المتاع فجمعه، فأدركناه فأخذناه قبل أن يخرجه، هل يقطع السارق؟ قال: لا، لأنه لم يسرقه بعد. وبلغنا عن إبراهيم وعامر أنهما قالا ذلك: يدرأ عنه الحد في هذه الحال (¬4). قلت: أرأيت لو كان رمى بالثياب (¬5) في السكة وهو في الدار بعد ثم خرج فأخذها، هل يقطع؟ قال: إذا كانت تساوي عشرة دراهم قطع، لأن السرقة هكذا تؤخذ (¬6). قلت: أرأيت لو أخذها وكان هو في الدار فناولها رجلاً على باب الدار، هل يقطع واحد منهما؟ قال: لا يقطع واحد منهما. قلت: أرأيت لو كانوا جماعة فدخلوا الدار فجمعوا المتاع، فحملوه على رجل منهم وكان هو الذي خرج به، فشهدت به الشهود على ذلك، هل يقطعون وقد خرجوا مع الرجل الحامل في فوره ذلك أو قبله، ثم خرج هو في فوره ذلك، والمتاع يساوي ألف درهم؟ قال: أما في القياس فينبغي أن لا يقطع إلا الذي خرج بالمتاع، وأما في الاستحسان (¬7) فيقطعون كلهم. وبه يأخذ أَبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد. قلت: أرأيت إذا شهد الشهود على السارقين فقالوا: نشهد (¬8) عليهما أنهما سرقا هذا المتاع، فسألتهما: كيف سرقا؟ فقالا: نقبا البيت ثم دخل أحدهما فاستخرج المتاع فلما خرج به إلى السكة حملاه جميعاً؟ قال: إن أثبتوا الذي دخل البيت فسرق المتاع قطعته، وأبرأت الآخر من القطع، ¬

_ (¬1) م: هذا. (¬2) ف ز + له. (¬3) ز - فأخذ. (¬4) انظر لرواية عامر الشعبي: المصنف لعبد الرزاق، 10/ 197؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 477. (¬5) ز + في هذا. (¬6) ز: يؤخذ. (¬7) ف: بالاستحسان. (¬8) ز: يشهد

ولكني أعزره، وإن لم يثبتا السارق منهما الذي دخل البيت لم أقطع واحداً منهما، ولكني أعزرهما. قلت: أرأيت المتاع وهو في أيديهما، أترده (¬1) على رب البيت والشهود يشهدون أنه متاعه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت السارق يشهد عليه الشاهدان بالسرقة، فيقول السارق: هذا المتاع متاعي، استودعته هذا المشهود له فجحدنيه، هل تقطعه (¬2) وقد قال هذه المقالة؟ قال: لا. قلت: فإن قال: هذا المتاع متاعي، اشتريته من المشهود له، هل يقطع؟ قال: لا. قلت: لمَ وأنت إذا رخصت في هذا لم يُقَمْ (¬3) حد على سارق؟ قال (¬4): أرأيت إذا ادعى (¬5) المشهود عليه هذه المنزلة فقال: استحلف المشهود له ما هذا متاعي، هل تستحلفه؟ (¬6) قلت (¬7): نعم. قال (¬8): أفلا ترى أنك قد (¬9) جعلته خصماً فأوجبت عليه اليمين؟ (¬10) قال: أرأيت لو أَبى أن يحلف ألم تكن تدفع (¬11) المتاع إلى المشهود عليه بالسرقة؟ قلت: بلى. قال: كيف أقطع في متاع أقضي به له. قلت: أرأيت إذا حلف لمَ لا يقطع السارق؟ قال: للشبهة التي دخلت. ألا ترى أنك قد جعلته خصماً، وأنك قد استحلفته عليه. قلت: وكذلك لو قال السارق: هو أمرني بهذا، درأت عنه الحد؟ قال: نعم (¬12). قلت: أرأيت الشاهدين يشهدان على رجل بالسرقة، هل يسألهما: ما سرق، وكيف سرق، وأين سرق؟ قال: نعم. قلت: فإن قالا: سرق باب دار أو باب مسجد، هل تقطعه؟ (¬13) قال: لا. قلت: لمَ؟ قال (¬14): لأن هذا شيء (¬15) ظاهر لم يحرز (¬16)، ولا أقطعه في شيء ظاهر. قلت: فإن قالا: ¬

_ (¬1) ز: أيرده. (¬2) ز: هل يقطعه. (¬3) ز: لم يقام. (¬4) م ف: قلت. (¬5) ز: إذا ادعاه. (¬6) ز: هل يستحلفه. (¬7) م ف ز: قال. (¬8) م ف ز: قلت. (¬9) ز - قد. (¬10) م: باليمين. (¬11) ز: يدفع. (¬12) ف - قال نعم. (¬13) ز: هل يقطعه. (¬14) ف - لم قال. (¬15) ف + هذا. (¬16) ز: لم يجرز.

سرق ثوباً قد بسط على حائط فأظهر إلى السكة، هل يقطع؟ قال: لا يقطع هذا أيضاً، لأن هذا ظاهر. قلت: فإن قالا: سرق خشبة أو ساجة في السكة؟ قال: لا يقطع. قلت: فلو شهدوا أنه سرق ثوباً من الحمام؟ قال: لا أقطعه. قلت: ولمَ؟ قال: لأن الحمام بيت مشترك قد أذن فيه، ولا أقطع من سرق فيه. قلت: وكذلك لو أن رجلاً أذن لرجل فدخل عليه بيته فسرق منه لم يقطع؟ (¬1) قال: لا يقطع. قلت: وكذلك التاجر يفتح حانوته في السوق ويأذن للناس في الدخول عليه (¬2) يشترون منه، فسرق منه ثوباً (¬3) يساوي عشرة دراهم؟ قال: لا يقطع، لأن هذا قد أذن له في الدخول. قلت: أرأيت لو شهدوا على رجل أنه نقب بيتاً فدخل عليه فكابره حتى سرق متاعه ليلاً، والمتاع يساوي ألف درهم، أكنت تقطعه؟ قال: نعم. قلت: فلو كابره في طريق الكوفة ليلاً أو نهاراً (¬4) حتى أخذ منه ثوباً يساوي مائة درهم، أكنت تقطعه؟ قال: لا. قلت: من أين اختلفا؟ قال: هما في القياس سواء، غير أني أستحسن في هذا فأدرأ عنه الحد. قلت: فلو شهد شاهدان على امرأة بالسرقة ووصفا السرقة وأثبتاها والسرقة تساوي مائة درهم أكنت تقطعها؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو شهدا على عبد أو مكاتب؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو شهدا على أمة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن شهدا على صبي؟ قال: لا أقطع الصبي. قلت: وكذلك المعتوه؟ قال: هو بمنزلة الصبي لا أقطعه. قلت: فلو شهدا على رجل مجنون يجن ويفيق؟ قال: إذا شهدا (¬5) أنه سرق في حال إفاقته (¬6) ووصفا السرقة وأثبتاها وهي تساوي عشرة دراهم قطعته. قلت: أرأيت لو شهدا على رجلين بالسرقة وأحدهما أَبو (¬7) المسروق ¬

_ (¬1) ز + منه لم يقطع. (¬2) ز - عليه. (¬3) ز: ثوب. (¬4) ف - ليلا أو نهارا. (¬5) ز: إذا شهد. (¬6) ف: الإفاقة. (¬7) ز: أب.

منه، والمتاع يساوي ألف درهم؟ قال: لا أقطع واحداً منهما. قلت: لمَ؟ قال: لأن أبا المسروق منه أحد السارقين، فلا أقطع إذا سرق الرجل من ولده، فإذا درأت القطع عن أحدهما درأته عن الآخر. قلت: ولا يقطع الرجل إذا سرق من أبيه أو أمه ولا من جده ولا من جدته ولا من ولده ولا من ذي رحم محرم؟ قال: لا يقطع في شيء من هذا. ألا ترى أن بعض الفقهاء يقولون: مال الرجل لأبيه، فكيف أقطعه في شيء يقول بعض الفقهاء: هو له. ألا ترى أني أجبر (¬1) ذوي الرحم المحرم على النفقة، فلما دخلت هذه الشبهة درأت القطع. قلت: فإذا سرق رجلان من رجل سرقة أحدهما ذو رحم محرم، فدرأت الحد عن ذي الرحم المحرم (¬2)، أفلا تقطع (¬3) الآخر؟ قال: لا، لأنها سرقة واحدة، وإذا درأت الحد عن أحدهما درأته عن الآخر. قال (¬4): أرأيت لو كان أحد السارقين شريك المسروق منه مفاوضاً (¬5)، هل كنت تقطع واحداً منهما؟ قلت: لا. قال: فهذا وذاك سواء. قلت: أرأيت الرجلين يشهدان على رجل بالسرقة من أبيهما هل تقطعه؟ قال: لا، ولا أجيز شهادتهما، لأنهما شهدا لأبيهما. قلت: وكذلك لو شهدا لأمهما أو لجدهما أو لجدتهما أو شهدا لابن أحدهما أو ابنته أو ابنة ابنه أو ابن ابنه، أو شهدا لامرأة أحدهما، أو شهدا لمكاتب أحدهما أو لعبد أحدهما، أو شهدا لعبد أعتق نصفه وهو يسعى في النصف الآخر لأحدهما؟ قال: نعم، هذا كله باطل، لا تجوز (¬6) شهادتهما. قلت: أرأيت إن شهدا على أبيهما أنه سرق من رجل من عُرْض الناس أو على أمهما أو على جدتهما أو على جدهما أو على ابنتهما أو على ابنة ابنهما أو على امرأة أحدهما أو على مكاتب لأحدهما أو على عبد لأحدهما أو على عبد قد أعتق (¬7) نصفه وهو يسعى في النصف الآخر لأحدهما، فشهدا على أحد ¬

_ (¬1) ز: أجيز. (¬2) م ف ز: رحم رمحرم. (¬3) ز: يقطع. (¬4) م: قلت. (¬5) م ف ز: مفاوض. (¬6) ز: لا يجوز. (¬7) ف: قد عتق.

من هؤلاء بالسرقة ووصفاها وأثبتاها، والسرقة تساوي مائتي درهم، هل تقطعه؟ (¬1) قال: نعم. قلت: وكذلك لو شهدا عليهم بمال؟ (¬2) قال: نعم. قلت: أرأيت لو شهدا على سارق بسرقة (¬3) فسألتهما عن السرقة: ما هي؟ فقالا: هو (¬4) مصحف، أكنت تقطعه؟ قال: لا. قلت: وإن كان (¬5) يساوي مائة درهم؟ قال: وإن كان. قلت: ولمَ؟ قال: لأنه القرآن، فلا أقطع فيه. قلت: أرأيت لو شهدا عليه بسرقة فسألتهما: ما سرق؟ فقالا: سرق لحماً أو خبزاً أو شيئاً من الفاكهة رماناً أو عنباً أو نحو ذلك (¬6) ما يساوي أكثر من عشرة دراهم؟ قال: لا أقطع في شيء من ذلك. قلت: لمَ؟ قال: لأن هذا طعام كله لا يبقى. قال (¬7): أرأيت لو سرق بقلاً أكنت تقطعه؟ قلت: لا. قال: فهذا وذاك سواء. قلت: وكذلك لو سرق ريحاناً أو حِنّاءً أو وَسمة (¬8) وذلك كله رطب في شجره أو في غير شجره؟ قال: لا يقطع في شيء من هذا. قلت: أرأيت إذا سرق أُشْنَاناَ (¬9) أو نورةً أو جصاً أو زرنيخاً أو شيئاً (¬10) من نحو هذا (¬11) مما يساوي عشرة دراهم؟ قال: لا أقطعه، ولو قطعت في شيء من (¬12) هذا لقطعت (¬13) في السرقين، فليس يقطع في شيء من هذا. قلت: أرأيت إن سرق نبيذاً أو لبناً أو ماءً وذلك يساوي عشرة دراهم؟ قال: لا يقطع. قلت: وكذلك لو سرق خمراً أو خنزيراً أو سَكَراً؟ ¬

_ (¬1) ز: هل يقطعه. (¬2) ف - بمال. (¬3) ز - بسرقة. (¬4) ف - هو. (¬5) م - كان، صح هـ. (¬6) م + ذلك. (¬7) ف: قلت. (¬8) قال المطرزي: الوسمة بكسر السين وسكونه: شجرة ورقها خِضَاب. وقيل: هي الخِطْر. وقيل: هي العِظْلِم يجفَّف ويطحن ثم يخلط بالحِنّاء فيَقْنَأ لونه، وإلا كان أصفر. انظر: المغرب، "وسم". (¬9) م ز: اشناه. (¬10) ز: أو شي. (¬11) مما يوجد مباح الأصل. انظر: المبسوط، 9/ 153. (¬12) م ز - شيء من. (¬13) م: قطعت.

قال: هذا حرام، لا يقطع في شيء من هذا. قلت: وإن كان شيئاً في ذلك يساوي عشرة دراهم؟ قال: وإن كان. قلت: وإن كان لأهل الذمة؟ قال: وإن كان لأهل الذمة، فإني لا أقطع فيه. قلت: وإن كان الذي سرقه كافراً؟ قال: وإن كان، فإني لا أقطعه. قلت: أرأيت إن سرق الدف أو البَرْبَط (¬1) أو الطبل أو المزمار وهو يساوي أكثر من عشرة دراهم؟ (¬2) قال: لا يقطع في هذا، هذا مما لا ينبغي للمسلمين أن يتخذوه. قلت: أرأيت (¬3) إن سرق شيئاً من الطير بازياً أو صقراً؟ (¬4) قال: لا يقطع في شيء من هذا. قلت: أرأيت إن سرق شيئاً من الوحش وهو يساوي أكثر من عشرة دراهم؟ قال: لا يقطع، وهذا والطير سواء، هذا كله صيد. قلت: أرأيت إن سرق كلباً أو فهداً أو كلب صيد؟ قال: لا يقطع. قلت: أرأيت إن سرق الثمر من رؤوس النخل، أو الحنطة (¬5) وهي في (¬6) سنبل لم تحصد، وعلى ذلك (¬7) حائط وقد استوثق منه وقد أحرز، فسرق ما يساوي عشرة دراهم أو أكثر؟ قال: لا يقطع في شيء من هذا، لأنه بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يقطع في ثمر ولا كَثَر" (¬8). قلت: أرأيت الرجل سرق النخلة بأصلها والشجرة بأصلها (¬9) من البستان وهي تساوي أكثر من عشرة دراهم؟ (¬10) قال: لا يقطع في شيء من هذا. قلت: أرأيت الثمر إذا أحرز وجعل في حظيرة عليها باب، أو حنطة حصدت ثم جعلت في حظيرة، فسرق منها رجل ما يساوي عشرة دراهم؟ قال: هذا يقطع. قلت: أرأيت إن لم يكن في الحظيرة وكان في الصحراء ولم يكن عندها أحد يحفظها، هل يقطع من ¬

_ (¬1) البَرْبَط مثال جعفر، من ملاهي العجم، ولهذا قيل: مُعَرَّب وقال ابن السكيت وغيره: والعرب تسميه المزهر والعود. انظر: المصباح المنير، "بربط". (¬2) ف ز - دراهم. (¬3) م - أرأيت. (¬4) ز: بازي أو صقر. (¬5) ف: والحنطة. (¬6) م - في. (¬7) ز: هذا. (¬8) تقدم قريباً. (¬9) ز - والشجرة بأصلها. (¬10) م ز - دراهم.

سرق منها؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن كان صاحبه قائماً عليه (¬1) يحفظه (¬2)، فجاء اللص فسرق منه ليلاً ما يساوي عشرة دراهم أو أكثر؟ قال: هذا يقطع. قلت: ولمَ (¬3) وهي في الصحراء؟ قال: لأن صاحبه قائم عليها، وهذا بمنزلة ما قد أحرز. قلت: وكذلك المسافر ينزل بالصحراء فيجمع متاعه فيبيت عليه، فيسرق (¬4) منه ما يساوي عشرة دراهم، هل يقطع السارق؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان في فسطاط قد جمع متاعه فيه، فسرق منه ثوباً يساوي عشرة دراهم؟ قال: أقطعه. قلت: فإن سرق الفسطاط بعينه؟ (¬5) قال: لا أقطعه. قلت: لمَ؟ قال: لأنه ظاهر ولم يحرزه صاحبه. قلت: فإن أتى جُوالقاً وهو على ظهر بعير أو دابة فشقه فسرق منه ثوباً يساوي عشرة دراهم هل تقطعه؟ قال: نعم. قلت: فإن سرق الجوالق كما هو؟ قال: لا أقطعه. قلت: وكل شاهدين شهدا على رجل بشيء مما ذكرت مما (¬6) يقطع فيه، فأنفذت شهادتهما فقطعت السارق ولم تقدر (¬7) على السرقة بعينها، هل يضمنها السارق؟ قال: لا. قلت: ولمَ؟ قال: لا يجتمع القطع والضمان. قلت: فكل شيء مما ذكرت لك شهدت به الشهود مما لا يقطع فيه، هل يضمن السارق والسرقة لم يقدر عليها بعينها؟ قال: نعم. قلت: فالقول قول السارق في قيمتها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت شاهدين (¬8) شهدا على رجل بالسرقة فسألتهما: ما سرق وكيف سرق؟ فقالا: نبش ميتاً فسرق كسوته؟ قال: لا أقطعه. قلت: لمَ؟ قال: لأن كفن الميت ليس بمحرز، وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وكذلك بلغنا عن عبد الله بن عباس وعامة الصحابة أن مروان سألهم عن ذلك، فلم يثبتوا له (¬9) فيه شيئاً، فعزره أسواطاً ولم يقطعه (¬10). وقال أَبو يوسف: يقطع ¬

_ (¬1) ف + يحفظها هل يقطع من سرق منها قال لا قلت أرأيت إن كان صاحبه قائما عليه. (¬2) ز: يحفظفه. (¬3) م ز: لم. (¬4) ز: فسرق. (¬5) ف: أجمع. (¬6) ز - مما. (¬7) ز: يقدر. (¬8) ز: شاهدان. (¬9) ف ز - له. (¬10) المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 523. ولم يذكر في الرواية أسماء الصحابة؛ لكن روي =

النباش. وقال أَبو حنيفة ومحمد: أرأيت رجلاً ألقى ثوبه (¬1) في الصحراء فسرق، هل يقطع من سرقه؟ قال: لا. قال (¬2): فكذلك كفن الميت. قلت: وكذلك لو شهد شاهدان على رجل بالسرقة فسألتهما: كيف سرق؟ فقالا: اختلس من هذا عشرة دراهم، هل تقطعه؟ قال: لا، لأنه قد جاء الأثر أن لا يقطع المختلس (¬3). قلت: أرأيت شاهدين شهدا على رجل بالسرقة فسألتهما: كيف سرق؟ فقالا: كان في كُمّ (¬4) هذا الرجل مائة درهم مَصْرُورَة (¬5) في داخل كُمّه، فأدخل يده فطَرَّها (¬6) فسرقها؟ قال: هذا يقطع. قلت: فإن قالا: كانت الدراهم مصرورة في ظاهر كمه فطَرَّها؟ قال: هذا لا يقطع. قلت: أرأيت شاهدين (¬7) شهدا على رجل بالسرقة فسألتهما: كيف سرق؟ فقالا: مررنا وهو قائم عند حائط ومعه متاع والحائط منقوب ولم نره (¬8) خرج من النقب، هل تقطعه؟ (¬9) قال: لا، لأنهما لم يشهدا بشيء. قلت: فهل تدفع المتاع إلى رب الدار؟ قال: لا أدفعه حتى يشهدا له بعين الشيء. ¬

_ = عن ابن عباس أنه لا قطع على النباش؛ انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 524. (¬1) ف: بثوبه. (¬2) م - قال، صح هـ.؛ ف ز - قال. (¬3) روي مرفوعاً. انظر: سنن ابن ماجه، الحدود، 26؛ وسنن أبي داود، الحدود، 14، وسنن الترمذي، الحدود، 18؛ وسنن النسائي، قطع السارق، 13؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 4/ 65 - 66. أما الآثار فقد رويت عن علي وزيد بن ثابت رضي الله عنهما وقتادة وغيرهم. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 10/ 208 - 209؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 527 - 528. (¬4) ز: في حكم. (¬5) الصَّرّ هو الشدّ والاستيثاق، ومنه صُرّة الدراهم. انظر: المغرب، "صرر"؛ والمصباح المنير، "صرر". (¬6) الطَّرّ هو الشق والقطع، ومنه الطرّار الذي يشق الهميان الذي يربط على الوسط ويسرق ما فيه. انظر: المغرب، "طرر". (¬7) ز: شاهدان. (¬8) ز: يره. (¬9) ز: هل يقطعه.

قلت: أرأيت شاهدين (¬1) شهدا على رجل بالسرقة فسألتهما: ما سرق؟ فقالا: سرق صبياً حراً، هل تقطعه؟ (¬2) قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأن هذا ليس بمال. قلت: فإن كان على الصبي حلي فيه مائة مثقال؟ قال: لا أقطعه أيضاً. قلت: لمَ؟ قال: للشبهة التي دخلت فيه. ألا ترى أنه لو سرق ثوباً لا يساوي عشرة دراهم فوجد في جانبه عشرة دراهم لا يعلم بها لم أقطعه. ألا ترى أنه لو سرق مصحفاً فيه كواكب (¬3) فضة تبلغ عشرة دراهم لم أقطعه. قلت: أرأيت لو سرق صبياً صغيراً مملوكاً؟ قال: هذا يقطع. قال: بلغنا عن إبراهيم النخعي أنه قال في الرجل يسرق الصبي الحر: إنه لا يقطع، وإن سرق عبداً صغيراً لا يعبر عن نفسه بشيء فإنه يقطع (¬4). قلت: أرأيت لو سرق جراباً فيه مال أو جوالقاً فيه مال أو كساء فيه مال كثير هل يقطع؟ قال: نعم. قلت: من أين اختلف هذا والباب الأول؟ قال: هذا وعاء توضع (¬5) فيه الأموال، وإنما سرق هاهنا المال ولم يسرق الخرقة، وإنما سرق هناك المصحف ولم يسرق الكواكب التي فيه، وسرق هناك الصبي ولم يسرق الحلي الذي عليه. قلت: أرأيت لو سرق ثوباً فيه مال عظيم مصرور (¬6) قد علم اللص بذلك، والثوب لا يساوي عشرة دراهم؟ قال: إذا كان هكذا بَيِّناً قطعته فيه. قلت: أرأيت شاهدين شهدا على رجل بالسرقة فسألتهما: ما سرق؟ فقالا: سرق شاة، والشاة تساوي أكثر من عشرة، هل تقطعه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن قالا: سرقها من مرعاها؟ قال: لا أقطعه. قلت: أفتسألهما: كيف سرقها، ومن أين سرقها؟ قال: نعم. قلت: فإن (¬7) قالا: دخل داره فاحتملها فسرقها؟ قال: هذا يقطع. قلت: وكذلك لو سرق بقرة أو جملاً (¬8) أو حماراً أو فرساً؟ قال: نعم. قلت: وكذلك كل شيء من ذلك سرقه من ¬

_ (¬1) ز: الشاهدين. (¬2) ز: هل يقطعه. (¬3) الكواكب هي النقاط البيضاء. انظر: المغرب، "ككب". (¬4) المصنف لعبد الرزاق، 10/ 195. (¬5) ز: يوضع. (¬6) ز: مصرورة. (¬7) ف - فإن. (¬8) م ف ز: أو جمالا.

مرعاه فإنه لا يقطع فيه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كانت البقر أو الغنم تأوي في الليل إلى حائط قد بني (¬1) لها عليه باب ومعها من يحفظها فيه، أو ليس معها أحد غير أن الباب يغلق عليها، فشهد (¬2) شاهدان على رجل أنه كسر الباب ليلاً، ثم دخل فسرق منها بقرة فقادها قوداً حتى أخرجها، أو ساقها سوقاً حتى أخرجها، أو قالا: ركبها حتى أخرجها، هل تقطعه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن قال أحدهما: سرق بقرة، وقال الآخر: سرق ثوراً؟ قال: قد اختلفت شهادتهما، فلا تجوز (¬3). قلت: فإن شهدا جميعاً على بقرة واختلفا في لونها؟ قال: لا تجوز (¬4) شهادتهما عليه ولا أقطعه في قول أبي يوسف ومحمد، وأقطعه في قول أبي حنيفة وأجيز شهادتهما. قلت: فهل تضمنه؟ (¬5) قال: لا (¬6)، لأن شهادتهما قد اختلفت في قول أبي يوسف ومحمد. قلت: وكذلك لو شهدا عليه أنه سرق ثوباً فقال هذا: هروي، وقال الآخر: مروي؟ قال: نعم، وهذا قول أبي حنيفة. وقال أَبو يوسف ومحمد: لا أجيز شهادتهما ولا أضمنه شيئاً. قلت: فإن اختلفا في الوقت فقال أحدهما: سرق ليلة الجمعة، وقال الآخر: سرق ليلة الخميس؟ قال (¬7): تطرح شهادتهما ولا أجيزها، ولا أقطعه ولا أضمنه شيئاً. قلت: أرأيت إن شهدا أنه نقب البيت فدخله فسرق ثوبا، غير أنه شقه في البيت نصفين (¬8) قبل أن يخرج به، والذي بقي منه يساوي عشرة دراهم أو أكثر من ذلك، هل تقطعه؟ قال: نعم. قلت: لمَ؟ أليس قد ضمن الثوب؟ قال: إنما ضمن ما نقص منه، وما بقي فهو لصاحبه، فلذلك يقطع. قلت: أرأيت لو سرق شاة فذبحها في الدار قبل أن يخرجها، ثم أخرجها مذبوحة تساوي أكثر من عشرة دراهم، هل تقطعه؟ (¬9) قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه قد ضمن قيمتها حية، وصار لحماً له، فلا يقطع فيما ¬

_ (¬1) ز: قد بين. (¬2) م ف: فشهدا. (¬3) ز: يجوز. (¬4) ز: لا يجوز. (¬5) ز: يضمنه. (¬6) ز - لا. (¬7) ز + لا. (¬8) ف: بنصفين. (¬9) ز: هل يقطعه.

قد جعلته له. قلت: أرأيت الثوب أليس قد يضمن في حالِ [شَقِّه] قيمتَه كلها إذا شاء رب الثوب؟ قال: بلى. قلت: فإذا قال رب الثوب: قد شق ثوبي نصفين (¬1) فأنا أضمنه قيمته وأدفع إليه ما بقي من الثوب، ففعل ذلك وضمنه قبل أن يرفعها إلى القاضي، هل تقطعه؟ قال: لا، وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وفي هذا قول آخر قول أبي يوسف: إن كل شيء تجب (¬2) عليه قيمته كلها إن شاء ذلك رب المتاع أخذه، وإن شاء ضمنه ما نقص وأخذ ما بقي من ثوبه، فإذا كان له الخيار على هذا الوجه (¬3) فلا يكون على السارق قطع في هذا الوجه. قلت: أرأيت الشاهدين (¬4) يشهدان على رجل بالسرقة فسألتهما: ما سرق؟ فقالا: سرق مملوكاً لهذا الرجل، هل يقطعه في المملوك؟ قال: إن كان (¬5) يتكلم ويعقل لم أقطعه، وإن كان صغيراً لا يتكلم ولا يعقل قطعته. قلت: من أين اختلفا؟ قال: إذا كان يتكلم ويعقل فهذه إنما هي خديعة من السارق، وليست بسرقة أو اغتصاب اغتصبه (¬6) نفسه فاحتمله، وإن كان لا يتكلم ولا يعقل فهذا بمنزلة البهيمة يسرقها السارق، وهو قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أَبو يوسف: أما أنا فأستحسن أن لا أقطعه في شيء من ذلك. قلت: أرأيت السارق يسرق المتاع فتقطعه (¬7) ويرد المتاع إلى رب المتاع، ثم إن السارق عاد فسرق ذلك المتاع بعينه، هل تقطعه؟ (¬8) قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأني قد قطعته فيه مرة، فأستحسن أن لا أقطعه فيه ثانية، وأما في القياس فإنه (¬9) ينبغي (¬10) أن يقطع، ولكني أدع القياس. ¬

_ (¬1) م ف: بنصفين. (¬2) ز: يجب. (¬3) ف - الوجه. (¬4) ز: الشاهدان. (¬5) م ف ز + قد. (¬6) م: اغتصب. (¬7) ز: فيقطعه. (¬8) ز: هل يقطعه. (¬9) ف - فإنه. (¬10) ف: فينبغي.

قلت: أرأيت الشاهدين شهدا على رجل بالسرقة فسألتهما عن السرقة فأثبتاها ووصفاها فقطعت يده اليمنى (¬1)، ثم سرق بعد ذلك، هل تقطع رجله اليسرى؟ قال: نعم. قلت: فإن سرق بعد ذلك هل تقطعه؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: أستحسن ذلك للأثر (¬2) الذي جاء عن علي (¬3)، ولكن أضمنه السرقة وأحبسه في السجن حتى يحدث توبة (¬4). قلت: أرأيت الشاهدين (¬5) شهدا على رجل بالسرقة فوصفاها وأثبتاها فقطعته، ثم أتيا بإنسان آخر فقالا: هذا السارق الذي شهدنا عليه ولكنا أخطأنا بذلك؟ قال: لا أجيز شهادتهما على ذلك، وأضمنهما دية يد ذلك الأول. قلت: أرأيت إن لم يرجعا عن شهادتهما ولكنك وجدتهما عبدين أو أحدهما، أو وجدت أحدهما محدوداً في قذف، كيف القول في دية المقطوع يده؟ قال: دية يده على بيت المال. قلت: أرأيت إن لم يكونا كذلك وكانا حرين فقالا: قد شككنا في شهادتنا، فقالا ذلك قبل أن تقطع يده وقبل أن يقضى بالقطع؟ قال: إذن لا أقطعه، وأدرأ عنه القطع. قلت: وكيف تصنع (¬6) في السرقة وهي قائمة بعينها؟ قال: أتركها في يده، لأن الشاهدين قد رجعا عن شهادتهما. قلت: فإن كنت قد قضيت بالقطع في السرقة ثم رجعا عن شهادتهما قبل أن تقطعه؟ قال: أدرأ عنه الحد ولا أقطعه، فأما السرقة فإني أسلمها للمشهود له، لأني قد قضيت بها فلا أصدقهما (¬7) عليها. قلت: أرأيت إن لم يرجعا عن شهادتهما حتى يقطع الرجل، ثم إن (¬8) الشاهدين (¬9) شهد (¬10) عليهما شاهدان (¬11) أنهما قد رجعا عن شهادتهما وهما منكران لذلك؟ قال: لا ألتفت إلى شهادة الشاهدين ¬

_ (¬1) ز: اليمين. (¬2) ز: وللأثر. (¬3) المصنف لعبد الرزاق، 10/ 186؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 489؛ وانظر لتفصيل الروايات: نصب الراية للزيلعي، 3/ 374. (¬4) ز: ثوبه. (¬5) ز: الشاهدان. (¬6) ز: يصنع. (¬7) م ف + مما. (¬8) م - إن. (¬9) ز: الشاهدان. (¬10) ف ز: شهدا. (¬11) ف - شاهدان.

عليهما بذلك. قلت: أرأيت إن شهدا عليهما بذلك قبل أن تُمضي (¬1) الحد؟ قال: أُمضي (¬2) الحد ولا ألتفت إلى شهادتهما عليهما بهذا. قلت: لمَ؟ قال: لأن هذا ليس مما أرد به الشهادة. قلت: فلو أنهما شهدا عليهما أنهما قالا: لا شهادة عندنا، أو قالا: إنا مستأجران؟ قال: لا ألتفت إلى شيء من ذلك، وليس هذا مما أجرح به الشهادة ولا مما أقبل عليهما، ولو فتح هذا للناس لم تستقم شهادة أبداً، إذا شهد شاهدان على رجل بهذه المقالة فيجيء الآخر بشاهدين على شهادته (¬3) أيضاً أنهما قالا هذه المقالة، فهذه لا تستقيم ولا يعمل بها. قلت: أرأيت شاهدين (¬4) شهدا على رجل بالسرقة فقال: أنا أجيء بشاهدين يشهدان (¬5) أنهما محدودان في قذف، هل يقبل ذلك منه؟ قال: نعم، هذا جرح للشهادة يبطلها إذا ثبت على الشاهدين. قلت: فإن قال الآخر: أنا أجيء بشهادة مثل هذا أيضاً، أليس قد صار هذا والباب الأول سواء؟ قال: لا، ليس هذا مثل ذلك، لأن هذا أتى بشاهدين يشهدان أنهما محدودان في قذف، ويسأل الشاهدان: من حدهما، وكيف كان من أمرهما؟ فإنهما يشهدان الآن على القاضي الذي حدهما، ويشهدان على أمر وعمل قد كان، وهذان لا تقبل (¬6) شهادتهما أبداً في هذا ولا غيره، واللذان يشهدان (¬7) على الشاهدين أنهما قالا: شهدنا بزور، إنما شهدا على قول منهما، وهذا القول لا يبطل شهادتهما. ألا ترى لو أني أبطلت شهادتهما في هذا وصدقت الشاهدين عليهما كانت شهادتهما عندي جائزة في غير هذا، والمحدود في قذف لا أجيز شهادته أبداً في هذا ولا غيره. فالشهادة (¬8) عليهما أنهما محدودان في قذف أو عبدان جرح أقبله (¬9) منهم، لأني لا أبطل (¬10) شهادتهما في كل شيء، والشهادة على أنهما مستأجران أو ¬

_ (¬1) ز: أن تمض. (¬2) ز: أمض. (¬3) ز: على شهادتهما. (¬4) ز: شاهدان. (¬5) م ز - يشهدان؛ صح هـ. (¬6) ز: لا يقبل. (¬7) ف: شهدا؛ ز: شهدان. (¬8) م ف ز: في الشهادة. (¬9) م: أقبل. (¬10) ز: لابطل.

على أنهما شاهدا زور أو فاسقان أو شاربا (¬1) خمر ليس بجرح، لأني أقبل شهادتهما في غير هذا إذا كانا عدلين. قلت: أرأيت الذي يحد في قذف وهو عبد ثم يعتق هل تقبل (¬2) شهادته؟ قال: لا، لأنه حد (¬3) وهو مسلم. قلت (¬4): أرأيت لو ارتد عن الإسلام ثم أسلم أتقبل شهادته أبداً؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ أليس الشرك الذي كان فيه أعظم من الحد؟ قال: بلى، ولكني قد وجدت في شهادته أن لا تقبل وهو مسلم، فإذا كفر ازداد شراً ولم يزدد (¬5) خيراً. قلت: أرأيت العبد لم لا تقبل شهادته وهو مسلم؟ قال: للأثر الذي جاء فيه، ولإبطال المسلمين شهادته (¬6). قلت: فالصبي لمَ (¬7) لا تقبل شهادته؟ قال: لأنه صبي لم تجر عليه الأحكام ولم تجب عليه الفرائض، ولا يجوز شيء من أمره. قلت: أرأيت المرأتين لم لا تقبل (¬8) شهادتهما في السرقة؟ قال: للأثر الذي جاء فيه أنه لا تقبل (¬9) شهادة النساء في الحدود ولا في القصاص (¬10). قلت: أرأيت إذا شهدت امرأتان ورجل على رجل بالسرقة والسرقة قائمة بعينها فدرأت عنه الحد بشهادة النساء، هل يقضى بالسرقة على ¬

_ (¬1) ز: أو شربا. (¬2) ف ز: أتقبل. (¬3) ف: حده. (¬4) ز: قال. (¬5) ز: يزد. (¬6) روي عن ابن عباس - رضي الله عنه - وعدد من التابعين أنه لا تقبل شهادة العبيد، وروي عن أنس - رضي الله عنه - وعدد من التابعين قبولها؛ انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 324 - 325؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 292 - 293. (¬7) ف - لم. (¬8) ز: المرأتين لم يقبل. (¬9) ز: لا يقبل. (¬10) روي من حديث الزهري: مضت السنة من لدن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والخليفتين من بعده أن لا شهادة للنساء في الحدود والقصاص. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 533. وأخرج عبدالرزاق أن علي بن أبي طالب قال: لا تجوز شهادة النساء في الحدود والدماء. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 329. وروي عن الشعبي والنخعي والحسن والضحاك قالوا: لا تجوز شهادة النساء في الحدود. وأخرج عبدالرزاق أن علي بن أبي طالب قال: لا تجوز شهادة النساء في الحدود والدماء. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 7/ 332 - 333، 8/ 329 - 330؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 533.

المشهود (¬1) عليه، وهل تضمنه (¬2) السرقة إن كان قد استهلكها؟ قال: نعم، لأن هذا قد صار مالاً، فأقضي بشهادتها في المال. قلت: أرأيت الشهادة على الشهادة هل تجيزها في السرقة؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: للأثر (¬3) الذي جاء فيه، ولقول الفقهاء: لا تجوز (¬4) شهادة على شهادة في القصاص ولا في الحدود (¬5). قلت: أرأيت شاهدين (¬6) شهدا على شهادة شاهدين على رجل أنه سرق من رجل عشرة دراهم هل تقطعه؟ قال: لا. قلت: فهل تضمنه الدراهم؟ قال: نعم. قلت: لمَ؟ قال: لأن الضمان للدراهم مال، وأنا أجيز شهادة الشاهدين على الشاهدين على المال. قلت: أرأيت الشاهدين إذا شهدا على السرقة فشهدا على رجلين أنهما سرقا من هذا الرجل ألف درهم ووصفا السرقة وأثبتاها، وأحد المشهود عليهما غائب لم يوجد ولم يقدر عليه، هل يقطع هذا؟ قال: نعم. قلت: فإن جاء الغائب فقدمه رب المال إلى القاضي فقال: اقطعه فإن الشهود قد شهدوا عندي، أيقطعه القاضي بشهادة الشهود أو يسأله أن يعيدهم؟ قال: لا أحده إلا بشهادة الشهود، لأنهم لم يشهدوا عليه وهو حاضر، ولكن القاضي يقول: أعد علي شهودك. قلت: فإن كان أولئك الشهود قد ماتوا أو غابوا لم يحد بشهادتهم؟ قال: لا. قلت: فإن جاء شاهدان غيرهما فشهدا على مثل ذلك وأثبتاه ووصفاه وزكيا هل تقطعه؟ قال: نعم. قلت: لمَ؟ قال: لأن الشهود (¬7) شهدوا عليه بالسرقة. قلت: أرأيت الشهود إذا شهدوا على رجل بالسرقة وأثبتوا ذلك ووصفوه، والقاضي يعرف أنهم أحرار مسلمون (¬8) غير أنه لا يعرف عدلهم ¬

_ (¬1) ز - على المشهود. (¬2) ز: يضمنه. (¬3) م ز: لأثر. (¬4) ز: لا يجوز. (¬5) ف ز: في الحد. روي ذلك عن الشعبي. وروي عن شريح ومسروق وإبراهيم وعطاء وطاوس أنه لا تجوز شهادة على شهادة في الحدود. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 553. (¬6) ز: شاهدان. (¬7) ف + قد. (¬8) ز: مسلمين.

ولم يطعن فيهم السارق، هل يقطعه أو يؤخره حتى يسأل عنهم؟ قال: لا، بل أحبسه وأسأل عنهم، فإذا زكيا (¬1) قطعت. قلت: وكذلك شهادة في حد أو قصاص؟ قال: نعم. [قلت:] فالشهادة في الأموال أو في الطلاق أو العتاق إذا كانت هكذا فإنك تقضي بها ولا تسأل عنهم إذا لم يطعن الخصم؟ قال: نعم. قلت: فإن استربت (¬2) شيئاً من أمرهم سألت عنهم؟ قال: نعم (¬3). وقال أَبو يوسف: أما أنا فأرى أن أسأل عنهم، وهو قول محمد. قلت: أرأيت الشاهدين شهدا على رجل بالسرقة وهي سرقة قديمة منذ زمان وقد وصفا السرقة وأثبتاها، والشاهدان من أهل الصلاح يعرفهما القاضي، هل يقطع السارق بشهادتهما؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنك قد ذكرت أن ذلك منذ زمان، وكل شيء من الخمر والسرقة والزنى والسكر إذا تقادم هكذا فإني لا أقيم فيه الحد. بلغنا عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال: أيما (¬4) قوم شهدوا على حد ولم يشهدوا عند حضرته فإنما شهدوا على ضغن (¬5). وأستقبح أن يسرق الرجل وهو شاب أو يشرب خمراً أو يزني فأُؤتَى به بعد مائة فأحده. قلت: أرأيت ما كان من ذلك من قذف أو جراحة فيها القصاص أو أرش؟ قال: أما هذا فإني أمضي فيه الحكم حديثاً كان أو قديماً، هذا للناس. قلت: أرأيت ما كان من سارق سرق فأتي به من يومه ذلك أو من بعد الغد، أو كانوا من الإمام نائين (¬6) فأخذوا السارق حين سرق ثم ساروا (¬7) به إلى الإمام فساروا أياماً، ثم شهد الشهود وأثبتوا السرقة ووصفوها؟ قال: إذا كان هكذا وكانت السرقة تساوي عشرة دراهم فصاعداً وكان الشهود عدولاً أقصت عليه الحد. قلت: أرأيت الزاني إذا أُخذ (¬8) على زنى فأُتي به إلى الإمام من يومه ذلك، أو كان الإمام عنه نائياً فساروا به ¬

_ (¬1) ز: زكا. (¬2) ز: اشتريت. (¬3) ز - قال عنهم. (¬4) ز: انما. (¬5) المصنف لعبد الرزاق، 7/ 432. (¬6) أي: بعيدين. (¬7) ز: ثم شاروا. (¬8) ز: إذا أخذوا.

إليه، أهو في هذا عندك بمنزلة السارق؟ قال: نعم. قلت: أرأيت شارب الخمر إذا أتى بعد ذلك اليوم؟ قال: لا أحد الشارب في شيء من ذلك، إلا أن يؤتى به حين شرب (¬1) وريحها (¬2) توجد منه، فأما إذا كان بعد ذلك بيوم أو يومين فإني لا أحده. قلت: وكذلك السكران بغير الخمر إذا أتى بعد ذلك وقد ذهب عنه السكر؟ قال: نعم، لا يحد. قلت: وإن كان أتيت به سكران (¬3) حبسته حتى يصحو ثم حددته؟ قال: نعم، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: حد الخمر وحد السكر مثل ذلك إذا أتي (¬4) به الإمام وقد ذهب (¬5) ذلك عنه إلا أنه لم يتقادم، أقيم الحد عليه كما يقام على الزاني والسارق. قلت: أرأيت الرجل يشهد عليه الشاهدان بالسرقة وهو ثوب، وقد قطعه قميصاً أو قباءَ أو صبغه أسود ولم يخطه بعد، ثم قطعته فيه بشهادة الشاهدين، أترد الثوب على المسروق منه؟ قال: نعم. قلت: ولمَ وقد تغير؟ قال: إنما تغير (¬6) بنقصان، ألا ترى أنه ثوبه بعينه. قلت: وكذلك هذا الثوب لو كان على حاله في يدي رجل قد اشتراه أو في يد (¬7) رجل قد وهبه (¬8) السارق؟ قال: نعم. قلت: فإن كان الثوب قد خيّطه قباءً محشواً أو جبة محشوة أو صبغه أحمر وقد قطعت فيه يد السارق، هل ترد الثوب على المسروق منه؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه قد تغير عن حاله بزيادة، صار على غير الحال التي كان عليها (¬9). قلت: فلو كانت السرقة طعاماً فجعله سَوِيقاً أو لَتَّه بسَمْن (¬10) على ذلك وقد قطعت فيه يد السارق؟ قال: لا أرد السويق على المسروق منه، لأنه قد تغير وزيد فيه، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وأما في قول محمد فإن للمسروق منه الثوب إذا ¬

_ (¬1) ف: يشرب. (¬2) ز: وريحه. (¬3) ز: سكرانا. (¬4) ز: إذا أتا. (¬5) ز - ذهب. (¬6) ز: يغير. (¬7) ز: في يدي. (¬8) م ف ز: رهنه. والتصحيح من الكافي، 1/ 155 و؛ والمبسوط، 9/ 172. (¬9) م - عليها. (¬10) ز: يسمن.

صبغ (¬1) أحمر أو السويق (¬2) إذا لُتّ بسَمْن (¬3) أن يأخذ ذلك ويعطي السارق، وما زاد الصبغ فيه والسمن فإني (¬4) أسلّم ذلك للسارق وأضمّنه قيمة (¬5) الثوب أو سويقاً مثله. لم يكن له ذلك، لأن السارق قد قطع فلا يضمن. قلت: وكذلك السرقة لو كانت دراهم (¬6) فسبكها؟ قال: لا، أما هذا فإنه يأخذها، لأنها فضة، ففعلها في السبك ينقصها. قلت: وكذلك لو صاغها قُلْباً؟ (¬7) قال: نعم. قلت: أرأيت لو كانت السرقة صُفْراً فجعلها قُمْقُماً، أو كانت حديداً فجعلها درعاً من حديد؟ قال: لا يأخذها، لأن هذا قد تغير عن حاله وزاد خيراً، ولأن الدراهم إذا صاغها فقد زادها شراً، ولأن الفضة والذهب في هذا لا يشبهان ما سواهما. قلت: أرأيت إن كانت السرقة سَاجاً فجعلها أبوابا وقد قطعته فيها، هل تأخذها (¬8) من صاحبها الذي سرقها؟ قال: لا. قلت: وكل شيء من العروض من متاع قطعت فيه السارق وقد غيرها عن حالها بشيء يزيدها خيراً فإنك لا تأخذها من السارق، وكل شيء غيرها مما يزيدها شراً فإنك تأخذها منه؟ قال: نعم. قلت: ولم كان هذا هكذا؟ قال: أما إذا (¬9) زادت شراً فهي سرقته (¬10) بعينها يأخذها إذا قدر عليها، ولا يضمن السارق نقصانها، لأنه قطع فيها؛ وأما إذا كانت قد تغيرت بزيادة فيها فإن رب السرقة لا يأخذها وزيادة السارق فيها. قلت: أرأيت لو سرق شاة فقطعته (¬11) فيها ثم وجدها (¬12) بعد ذلك وأولادها أيأخذها رب السرقة (¬13) وأولادها؟ قال: نعم. قلت: ولمَ وهذا زيادة؟ قال: لأن هذه زيادة من السرقة بعينها، ولم يزد السارق فيها من عنده شيئاً، وليس هذا من عمله. قلت: أرأيت السارق يسرق القطن أو الصوف أو ¬

_ (¬1) م: إن صبغ. (¬2) م: والسويق. (¬3) ز: يسمن. (¬4) م ف ز: فإن. (¬5) م ز: فيه. (¬6) ز: دراهما. (¬7) أي: سواراً. انظر: المغرب، "قلب". (¬8) ز: هل يأخذها. (¬9) ف - إذا. (¬10) ف: سرقة. (¬11) ز: فقطته. (¬12) ز: ثم وجدتها. (¬13) أي: المال المسروق، وهو هنا الشاة.

الكتان فتقطعه فيه وتأخذه منه وتدفعه إلى صاحبه، ثم إن (¬1) صاحبه صنع منه ثوباً يساوي مائة درهم فسرق ذلك السارق أيضاً هل تقطعه؟ (¬2) قال: نعم. قلت: أوَليس قد قلت: إذا قطعته في سرقة ثم سرقها ثانية لم أقطعه (¬3) فيها؟ قال: بلى، وذاك إذا كانت السرقة بعينها، لو سرق القطن بعينه أو الكتان لم أقطعه، فأما إذا صنع منه ثوباً فسرقه فإن هذا غير ذلك (¬4). قلت: أرأيت الرجل تشهد (¬5) عليه الشهود بالسرقة وهو أَشَلُّ اليمين ويده الشمال صحيحة هل تقطعه؟ (¬6) قال: نعم. قلت: لمَ؟ قال: لأن يده الشمال صحيحة، فلست أبالي إن كانت يده اليمنى صحيحة أو شلاّء. قلت: أرأيت إذا كانت يده الشمال شلاّء يابسة واليمنى (¬7) صحيحة هل تقطعه اليمنى؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأن الشمال شلاء لا ينتفع بها، فإذا قطعت اليمينى (¬8) لم يكن له يد ينتفع بها، فلذلك درأت الحد. قلت: فإذا كانت يداه جميعاً شلاء؟ قال: فكذلك أيضاً لا أقطعه. قلت: أرأيت إن كانت يداه صحيحتين وكانت رجله الشمال شلاء يابسة؟ قال: أقطع يده اليمنى. قلت: فإن كانت رجله اليمنى هي اليابسة والشمال صحيحة؟ قال: لا أقطعه، لا يكون من شق واحد ليس بيد ولا رجل. قلت: أرأيت إن كانت يداه ورجلاه صحيحتين فشهدت عليه الشهود بالسرقة ووصفوها وأثبتوها، فحبسته حتى تسأل عن الشهود، فقطع إنسان يده اليمنى عمداً، هل تقتص (¬9) له؟ قال: نعم. قلت: لمَ؟ قال: لأن الحد لم يجب عليه بعد. قلت: فهل تقطعه (¬10) إذا زكي الشهود عليه بالسرقة؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأن اليد التي كان يجب الحد فيها قد ذهبت. قلت: أرأيت إن لم يَقطع يده اليمنى ولكن قَطع (¬11) يده اليسرى؟ قال: أقتص من ¬

_ (¬1) م ف ز: وإن. (¬2) ز: هل يقطعه. (¬3) ز: لم أقطعها. (¬4) ف: ذاك. (¬5) ز: يشهد. (¬6) ز: هل يقطعه. (¬7) ز: واليمين. (¬8) ز: اليمين. (¬9) م ف ز: هل تقتصه. (¬10) ف + إذا كان الشهود. (¬11) م ف ز: قطعت.

قاطعه إذا كان عمداً من مفصل، ولا أقطعه في السرقة، لأني أكره أن أتركه بغير يد. قلت: أرأيت إن لم يَقطع اليسرى ولكن قَطع رجله اليمنى؟ قال: هذا والباب الأول سواء. قلت: فإن لم يَقطع رجله اليمنى (¬1) ولكن قَطع رجله اليسرى فاقتصصت له من صاحبه هل تقطعه في السرقة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت القطع فيما كان من يديه ورجليه خطأً ألست تدرأ عنه القطع كما تدرأ عنه إذا كان عمدا؟ قال: بلى. قلت: فكلما درأت عنه القطع (¬2) في السرقة فإنك تضمنه إذا كان استهلكها، وإن كان قائماً بعينه رددته إلى صاحبه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن زكي الشاهدان (¬3) وقضى القاضي عليه بالقطع في السرقة فأخرج ليقطع فجاء رجل فقطع يده اليمنى (¬4) ولم يؤمر بذلك هل عليه شيء؟ قال: لا، لأن هذا بمنزلة الحد الذي يقام عليه. قلت: أرأيت لو أمر القاضي بقطع يده اليمنى (¬5) فقطع الحَدَّاد (¬6) يده اليسرى هل ترى عليه شيئاً؟ قال: لا، أدع القياس وأستحسن أن تكون هذه بتلك. قلت: وكذلك لو قال له (¬7) الحدّاد: أخرج يدك اليمنى (¬8)، فأخرج يده اليسرى فقال: هذه اليمنى فاقطعها، فقطعها؟ قال: ليس على الحدّاد شيء لا في القياس ولا في الاستحسان. قلت: أرأيت الرجل تشهد عليه الشهود بالسرقة ثم (¬9) إنه ينفلت من السجن فيمكث زماناً في تلك السرقة التي شهد عليه الشهود فيها هل تقطعه فيها؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه أتى عليه زمان فانفلت. قلت: فإن كان القاضي قضى عليه بالقطع وأمره ليقطع فانفلت فأخذ بعد زمان هل تقطعه؟ ¬

_ (¬1) ز: اليمين. (¬2) ز: لقطع. (¬3) ف: الشهود. (¬4) ز: اليمين. (¬5) ز: اليمين. (¬6) قال المطرزي: والحدّاد: الذي يقيم الحد، فَعّال منه، كالجلاد من الجلد. ومنه قوله: أجرة الحدّاد على السارق. وقيل: هو السجّان، لأنه في الغالب يتولى القطع. والأول أقرب وأظهر. انظر: المغرب، "حدد". (¬7) ف - له. (¬8) ز: اليمين. (¬9) م - ثم، صح هـ.

قال: لا. قلت: فهل تضمنه السرقة إن كان قد استهلكها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان انفلت بعدما قضى عليه القاضي بالقطع فاتبعه الشُّرَط فأخذوه من ساعته؟ قال: هذا يقطع. قلت: أرأيت السارق يؤخذ فيرد (¬1) السرقة إلى أهلها قبل أن يرفع إلى الإمام ثم يؤتى به الإمام بعد ذلك وتشهد عليه الشهود هل يقطع؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه رد السرقة قبل أن يرفع إلى الإمام فرفع وليس بسارق. قلت: أرأيت إن رفع والسرقة معه لم يردها حتى شهد عليه الشهود ثم زكوا وأثبتوا السرقة ووصفوها هل يرد الإمام السرقة على رب السرقة ويقطع السارق؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يشهد عليه رجلان بالسرقة ووصفاها وأثبتاها فلما أردت أن تقطعه إذا أصابع يده اليمنى مقطوعة هل يقطع (¬2) ما بقي من يده اليمنى؟ قال: نعم. قلت: فإن كانت يده اليمنى صحيحة ويده اليسرى مقطوعة الأصابع؟ قال: لا أقطع اليمنى، لأني أتركه إذاً بغير يد. قلت: أرأيت إن كانت الشمال صحيحة الأصابع كلها غير إصبع واحدة؟ قال: إن كانت هذه الأصبع الإبهام لم أقطع اليمنى، لأن الإبهام قوام اليد، وإن كانت إصبعاً غيرها قطعت يده اليمنى. قلت: فإن كانت إصبعان مقطوعتان في اليسرى؟ قال: لا أقطع اليمنى، لأني أدعه بغير يدين. قلت: أرأيت إن كانت اليدان كلتاهما (¬3) صحيحتين وكانت رجله اليمنى مقطوعة الأصابع هل تقطع (¬4) يده اليمنى؟ قال: إن كان يستطيع أن يقوم على رجله ويمشي قطعت يده، وإن كان لا يستطيع أن يقوم عليها ولا يمشي لم أقطع يده (¬5). قلت: أرأيت إن كانت قطعت يده قبل ذلك فسرق مرة أخرى فأردت أن تقطع رجله اليسرى فوجدت رجله اليمنى (¬6) كما وصفت لك؟ قال: إن كان يستطيع أن يمشي عليها قطعت رجله اليسرى، وإن كان لا يستطيع أن ¬

_ (¬1) ز: فترد. (¬2) ز: هل تقطع. (¬3) ز: كلتيهما. (¬4) ز: هل يقطع. (¬5) ز - يده. (¬6) ز: اليمين.

يمشي عليها لم أقطع رجله اليسرى، لأن هذا لا يستطيع أن يمشي عليها. قلت: فإن كان لا يستطيع أن يمشي عليها إذا كانت إصبعان (¬1) مقطوعتين؟ قال: إذاً لا أقطع رجله اليسرى. قلت: فإذا كان القطع إنما هو في يده اليمنى؟ قال: إذاً لا أقطعه إذا كانت (¬2) رجله اليمنى كما وصفت لك. قلت: أرأيت الرجل يسرق المرات ثم يؤتى به في آخر مرة فتقطعه هل يكون هذا القطع لكل السرقة قبل أن تقطعه؟ (¬3) قال: نعم. قلت: فهل تضمنه (¬4) شيئاً من السرقات وقد قامت بها البينة كلها؟ قال: أضمنها إياه كلها إلا بالسرقة التي ثبتت عليه فقطعته فيها. قلت: لم ضمنت السرقات التي سرقها؟ قال: إني أضمنها إياه، وهو قول أبي يوسف ومحمد. وقال أَبو حنيفة: لا أضمنه شيئاً من ذلك. قلت: أرأيت الرجل يشهد عليه الرجلان بالسرقة فسألتهما: ما سرق؟ فقالا: ما ندري غير أنه نقب بيت رجل ثم أخرج منه متاعاً يحمله ما ندري ما هو، هل تقطعه؟ (¬5) قال: لا، هؤلاء لم يشهدوا بشيء. قلت: أرأيت إن شهدوا أنه خرج [وَ] لا ندري ما فيها، ولا يدرون ما هي، هل تقطعه؟ (¬6) قال: لا. قلت: أرأيت إن قالوا: نشهد (¬7) أنه سرق هذا المتاع، وفتشت هذا المتاع، فإذا هو ثياب (¬8) مختلفة تساوي مالاً عظيماً وقد شهد الشهود أنه نقب بيت هذا فسرقها من بيته هل تقطعه (¬9)؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان له شهود على المشهود له بدين هل تقطعه؟ قال: نعم. قلت: لم تقطعه في مال غريم له؟ قال: لأنه لا يملكه، وغريمه وغيره في هذا سواء. قلت: فإن قال السارق: إنما أردت أن آخذ رهناً في ¬

_ (¬1) ز: إصبعين. (¬2) ز: إذا كان. (¬3) ز: أن يقطعه. (¬4) ز: يضمنه. (¬5) ز: هل يقطعه. (¬6) ز: هل يقطعه. (¬7) ز: يشهد. (¬8) ز: بثياب. (¬9) ز: هل يقطعه.

بحقي أو قصاصاً لحقي؟ قال: إذاً أدرأ عنه الحد. قلت: أرأيت إن كان الغريم عبداً والسارق حراً أيكون الحر والعبد في هذا سواء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان السارق من أهل الذمة أو مسلماً أو كان المسروق منه من أهل الذمة؟ قال: هو سواء في ذلك كله. قلت: أرأيت الرجل من أهل الحرب يدخل دار المسلمين بأمان فشهد عليه شاهدان بالسرقة ووصفاها وأثبتاها هل تقطع (¬1) يده والسرقة تساوي مائة درهم؟ قال: لا، لأنه من أهل الحرب مستأمن، فلا أقيم عليه الحد. قلت: فهل تضمنه (¬2) السرقة؟ قال: نعم، وهو (¬3) قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أَبو يوسف: أقطعه ولا أضمنه. قلت: أرأيت الشهود إذا شهدوا على رجل بالسرقة فأشكل على الإمام قيمة السرقة ولم يدر تساوي عشرة دراهم أو لا واختلف أهل العلم في قيمتها قال بعضهم: عشرة، وقال بعضهم: أقل من ذلك؟ قال: لا أقطعه. قلت: أرأيت إن أراها الإمام رجلاً من أهل العلم بها فقال: هي تساوي عشرة، أيقطع السارق؟ قال: لا، بل يدعو آخر، فإذا اجتمع اثنان على أنها تساوي عشرة- و [إن] لم يره أحد بعد ذلك - قطعته. قلت: أرأيت الشهود يشهدون على السارق أنه سرق ديناراً أو مثقال (¬4) ذهب وذلك لا يساوي عشرة، هل يقطع؟ قال: لا. قلت: أرأيت الشهود يشهدون على رجل بالسرقة ولا يعرفون اسمه ولا اسم أبيه ولكنهم يعرفون وجهه فيقولون: هذا هو، فيشهدون على السرقة بعينها ويصفونها ويشهدون أن السرقة تساوي عشرة، هل تقطعه؟ قال: نعم، هؤلاء قد أثبتوا الشهادة، وليس يضرهم في شهادتهم أن لا يعرفوا اسم السارق. قلت: أرأيت الشهود إذا شهدوا بالسرقة فسألتهم: كيف سرق؟ فقالوا: ¬

_ (¬1) ز: هل يقطع. (¬2) ز: يضمنه. (¬3) ف + وهو. (¬4) م: أو مثال.

نشهد (¬1) أنه دخل على هذا الرجل بيته فسرق منه هذا المتاع، فقال السارق: هو أذن لي في دخول بيته، أو قال: كنت ضيفاً له، أو قال: بَيْتُه لي، هل تدرأ عنه القطع؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يبيت مع الرجل في بيته فيشهد الشهود أنه سرق من بيته مائة درهم، هل تقطعه؟ (¬2) قال: لا، لأنه أذن له في الدخول عليه. قلت: أرأيت القوم يكونون في الدار جميعاً، كل رجل في منزل مقصورة وباب عليه مغلق دون مقصورة صاحبه، فنقب رجل منهم على صاحبه فسرقه سرقة تساوي ألف درهم، هل تقطعه (¬3) وقد شهد عليه الشهود بالسرقة ووصفوا ذلك وأثبتوه؟ قال: نعم، إذا كانت داراً (¬4) عظيمة. قلت: أرأيت الرجل يكون له المنزل فيؤاجره ثم يُغِير على المستأجر فينقب عليه فيسرق متاعه والمستأجر في دار عليها باب مغلق والذي أجره في دار أخرى، فتشهد (¬5) عليه الشهود بالسرقة ووصفوا ذلك وأثبتوه والسرقة تساوي مائة درهم، هل تقطعه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل تكون له الدار العظيمة فيها الحُجَر وهو في حجرة منها، ويؤاجر حجرة منها من رجل، ثم إن المستأجر نقب على رب الدار فسرق، فهما سواء أيهما (¬6) ما سرق من صاحبه ما يجب عليه القطع فعليه القطع؟ قال: نعم. وقال أَبو يوسف: قال أَبو حنيفة: إذا كانت الدار عظيمة مثل دار الوليد (¬7) ونحوها وفيها منازل وحُجَر متقاربة فسرق بعضهم من بعض من حجرة صاحبه فأخرجها إلى الدار قطع، وكذلك لو أن رجلاً ¬

_ (¬1) ز: يشهد (¬2) ز: هل يقطعه. (¬3) ز: هل يقطعه. (¬4) ز: درا. (¬5) ز: فشهد. (¬6) ز: انهما. (¬7) قال السرخسي: وعن أبي يوسف -رحمه الله تعالى- قال: هذا إذا كانت الدار كبيرة نحو دار الوليد بالكوفة. ونظيره دار نوح ببخارى؛ لأن ذلك بمنزلة المحلة. انظر: المبسوط، 8/ 161.

ليس من أهل الدار دخل الدار فسرق من حجرة منها ثم خرج من الحجرة إلى الدار ثم أخذ قبل أن يخرج من الدار قطع. قلت: أرأيت الرجل شهد عليه الشهود بالسرقة فوصفوا ذلك وأثبتوه فسألت عن الشهود، فلم يزكوا في السر ولكنهم زكوا في العلانية وخرجت مسألتهم في السر أنهم قوم سوء، هل يُقطَع بشهادتهم؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن شهدوا بالسرقة فسألتهم: ما سرق؟ فقالوا: سرق حنطة أو شعيراً أو سمسماً أو زيتاً أو أرزاً أو تمراً أو خلاً أو زبيباً، فشهدوا على شيء من هذا بعينه أو شيء من الحبوب سوى ما سميت لك بعينه، والسرقة تساوي عشرة دراهم فصاعداً، ووصفوا السرقة وأثبتوها وزكوا، هل يُقطَع؟ قال: نعم. قلت: فإن كانت السرقة سويقاً أو دقيقاً أو صوفاً أو كتاناً أو مُشَاقَة (¬1) أو سيفاً أو درعاً أوطَسْتاً أو تَوْراً أو قُمْقُماً أو درع حديد أو خِفَافاً أو قَلاَنِساً أو فَرْوا أو مُسُوحاً أو حِبالاً (¬2) أو جُوَالِقات، فشهدوا على شيء من هذا بعينه وأثبتوا ذلك والسرقة تساوي عشرة دراهم فصاعداً، هل تقطعه؟ (¬3) قال: نعم. قلت: أرأيت إن كانت السرقة شعراً (¬4) من شعر العنز أو من غَزْل (¬5) أو أديماً عربياً أو صحفاً ليس فيها كتاب أو قراطيس أو سكاكين أو مقاريض أو مرايا أو حراباً، فشهدوا على شيء من هذا وأثبتوه وزكي الشهود، والسرقة تساوي مائة درهم (¬6) فصاعداً، هل تقطعه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت السرقة إن كانت زعفراناً أو وَرْساً أو عوداً أو عنبراً أو حناءً أو وَسِمَة (¬7) أو كَتَماً (¬8) أو خطمياً أو غير ذلك من الطيب، ¬

_ (¬1) المُشَاقَة: ما يبقى من الكتان بعد المَشْق وهو أن يجذب في مِمْشَقَة، وهي شيء كالمشط حتى يخلص خالصه ويبقى فتاته وقشوره، فتلك المُشَاقَة تصلح للقَبَس وحشو الخَفْتَان (وهو ثوب يلبس في الحرب كما بينه المحقق في الهامش). انظر: المغرب، "مشق". (¬2) ز: أو جبالا. (¬3) ز: هل يقطعه. (¬4) ز: شعيرا. (¬5) ب هـ: غزال. (¬6) لعل الصواب: عشرة دراهم. (¬7) تقدم تفسيره قريباً. (¬8) الكَتَم بفتحتين من شجر الجبال ورقه كورق الآس، وهو شِباب للحنّاء. وعن =

فسرق شيئاً من ذلك يساوي مائة درهم (¬1)، هل تقطعه؟ قال: نعم. قلت: فإن كان سرق لؤلؤاً أو ياقوتاً أو زمرداً أو فيروزجاً، فسرق من ذلك شيئاً يساوي عشرة دراهم، هل تقطعه؟ قال: نعم. قلت: أفليس قد قلت: لا (¬2) أقطع في حجر، وهذا حجر؟ قال: إنما أدرأ القطع في الملح والحجارة والفخار والنورة والجص (¬3) وأشباه ذلك، فأما الياقوت والزمرد فليس من هذا الباب. قلت: فهل تَقطع (¬4) في الزجاج إذا كانت تساوي عشرة دراهم فصاعداً؟ قال: لا أقطعه. قلت: فهل تَقطع (¬5) في الرصاص أو الضُّفْر أو الشَّبَه (¬6) أو الحديد إذا كان يساوي عشرة دراهم فصاعدا؟ قال: نعم. قلت: فهل تقطع (¬7) في شيء من الأشربة لبنا أو نبيذا (¬8) أو شبه ذلك؟ قال: لا. قلت: فهل تقطع (¬9) في البواري (¬10) أو القَصَب أو الحطب (¬11) الطَّرْفاء وأشباه ذلك وهي تساوي عشرة دراهم فصاعداً؟ قال: لا. قلت: فهل تقطع في الأبواب أو في الساج أو في الجذوع وهي محرزة في بيت والذي (¬12) سرق منها يساوي عشرة دراهم فصاعداً؟ قال: نعم، ما خلا الجذوع فإنه لا يقطع فيها. قلت: فالسفينة والفسطاط إذا سرق منها بمنزلة السرقة؟ (¬13) قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل المسلم يشهد عليه الشهود من المسلمين أنه سرق من هذا العبد متاعاً فوصفوا السرقة وزُكُوا والسرقة تساوي مالاً، هل تقطعه؟ ¬

_ = الأزهري: نبت فيه حمرة. ومنه حديث أبي بكر - رضي الله عنه - كان يخضب بالحِنّاء والكَتَم. انظر: المغرب، "كتم". (¬1) لعل الصواب: عشرة دراهم. (¬2) ز - لا. (¬3) م: والخضر؛ ف ز: والحصر. والتصحيح من ب. وانظر: 5/ 48 ظ. (¬4) ز: يقطع. (¬5) ز: يقطع. (¬6) الشبه نوع من النحاس، وقد تقدم في الكتاب غير مرة. (¬7) ز: يقطع. (¬8) ز: لبن أو نبيذ. (¬9) ز: يقطع. (¬10) جمع بورياء، وهو نوع من الحصير. وقد تقدم في الكتاب. (¬11) م: والحطب. (¬12) ف: الذي. (¬13) أي هل يقطع فيها.

قال: نعم. قلت: وكذلك لو (¬1) شهدوا على (¬2) أنه سرق من أمة؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو شهدوا أنه سرق من رجل من أهل الذمة أو من عبد لأهل الذمة أو من أمة لأهل الذمة؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو شهدوا أنه سرق من مال يتيم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت لو شهدوا عليه أنه سرق (¬3) مال رجل من أهل الحرب مستأمن في دار الإسلام قد دخل بأمان؟ قال: هو في القياس مثل الأول، ولكني أدع القياس، وأستحسن فأدرأ الحد عنه، لأن المسروق منه من أهل الحرب، ليس من أهل الذمة، ألا ترى أنه لو قتله عمداً لم أقتله قلت: أفيضمن (¬4) الدية لورثة القتيل؟ قال: نعم. قلت: أفتضمنه (¬5) السرقة إن كان قد استهلكها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الأمير يكون بالسواد على طَسُّوج (¬6) أو على رُسْتَاق (¬7) أو على معونة (¬8) أو خراج، يؤتى (¬9) بسارق وتشهد (¬10) عليه الشهود بالسرقة وأثبتوها ووصفوها (¬11) والسرقة تساوي مالاً عظيماً، هل يقطع يد السارق؟ قال: لا، ولا يحكم في الحدود، وإنما ذلك إلى أمراء (¬12) الأمصار والمدائن العظيمة. قلت: فإن كان أمير مصر أو مدينة عظيمة وقد ولي أمرها كلها فاستعمل قاضيا فأتي (¬13) قاضيه بمثل هذا السارق، هل يقطعه؟ قال: نعم. قلت: فالقاضي والأمير في هذا الموضع سواء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الأمير يستعمل على الجيش الكبير فيدخل أرض الحرب غازياً، فيؤتى بسارق من جنده قد سرق مالاً، وقامت عليه البينة وزكوا في السر والعلانية ¬

_ (¬1) ز + لو. (¬2) ز: عليه. (¬3) ز + من. (¬4) ز: أفتضمن. (¬5) م ز: أفضمنه. (¬6) الطَّسُّوج: الناحية كالقرية ونحوها، معرَّب. يقال: أردبيل من طساسيج حُلْوان. انظر: المغرب، "طسج". (¬7) الرُّسْتَاق معرَّب، ويستعمل في الناحية التي هي طرف الإقليم. انظر: المصباح المنير، "الرستاق". (¬8) ز: على معوية. (¬9) ز: ثوبا. (¬10) ز: ويشهد. (¬11) ز: أو وصفوها. (¬12) ز: إلى أمير. (¬13) ز: فأتا.

ووصفوا السرقة وأثبتوها، هل يقطعه؟ قال: إذا كان أمير مصر من الأمصار أو مدينة من المدائن فغزا بجنده، فإنه يقيم الحدود ويقطع السارق ويقضي في عسكره كما يقضي في مدينته، وإذا كان ليس بأمير مصر ولا مدينة إنما بعثه أمير المصر أو أمير المدائن في جيش غازياً، فلا ينبغي له أن يقيم الحدود في عسكره. قلت: أرأيت القوم من أهل البغي حاربوا المسلمين وباينوهم فكانوا في عسكر أو مدينة لهم إمام وحكمهم ظاهر على تلك المدينة والبلاد، والمسلمون وأهل العدل في عسكر عظيم معهم إمام، فأتي بسارق قد سرق من العسكر، كان من أهل السواد أو من أهل المدينة، عبداً كان أو حراً، وشهد عليه الشهود بالسرقة ووصفوا السرقة وأثبتوها وزكوا في السر والعلانية، والسرقة تساوي مالاً عظيماً، هل يقطعه؟ قال: نعم. قلت: ويقيم في عسكره الحدود ويقضي بالقصاص وفي الأشياء كما يقضي إذا كان مقيماً في غير عسكره؟ (¬1) قال: نعم. قلت: أرأيت إذا استعمل قاضياً فقضى قاضيه في تلك الأشياء كلها كما يقضي في المصر على أهل ذلك المصر؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا جاء رجل من أهل البغي بالسارق قد سرقه (¬2) في عسكر أهل البغي، هل يقطعه؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه (¬3) سرق حيث لا يجري عليه حكمه. قلت: أرأيت لو كانوا قوماً تجاراً (¬4) من أهل العدل في عسكر أهل البغي، أو كانوا أسارى في أيديهم، فسرق رجل متاعاً من رجل، فلما خرجوا إلى أهل العدل أخذ السارق فأقيم عليه البينة، هل يقطعه إمام أهل العدل؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه سرق في عسكر لا يجري عليه حكمه. قلت: وكذلك لو كان هؤلاء التجار والأسارى في دار أهل الحرب من أهل (¬5) الشرك؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو أن رجلاً من المسلمين زنى في دار أهل الشرك بامرأة من المسلمين أو من أهل ¬

_ (¬1) م ف ز: عسكر. (¬2) ف: قد سرق. (¬3) ف + قد. (¬4) ز: تجار. (¬5) ف - أهل.

الشرك، أو شرب في دار أهل الشرك خمراً، أو فعل ذلك كله في عسكر أهل البغي، ثم أتي به إمام أهل العدل، هل يقيم (¬1) عليه الحد في شيء من ذلك؟ قال: لا، لأنه فعل ذلك في مكان لا يجري عليه فيه حكمه. قلت: أرأيت رجلاً من أهل العدل أغار في عسكر أهل البغي ليلاً فسرق، فجاء به صاحبه المسروق منه إلى إمام أهل العدل، هل يقطعه في السرقة؟ قال: لا، لأنه سرق في عسكر لا يجري عليه فيه حكمه، ولأن (¬2) لأهل العدل أن يأخذوا ما في عسكر أهل البغي ليلاً أو نهاراً على وجه السرقة وغيرها فيحبسوه عندهم حتى يتوبوا، أو يقتل أهل (¬3) البغي فيدفع إلى ورثتهم. قلت: وكذلك لو أن رجلاً من أهل البغي أغار في عسكر أهل العدل فسرق، ثم رجع إلى عسكره، ثم أخذ بعد ذلك فأتي به إمام أهل العدل، هل تقطعه (¬4) في تلك السرقة؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه محارب يستحل هذا وشبهه، ولأنه في عسكر لا يجري (¬5) عليه حكم أهل العدل. قلت: فلو أن رجلاً من دار أهل العدل سرق مالاً، وهو ممن يشهد على صاحبه بالكفر ويستحل ماله ودمه، فسرق منه مالاً، أكنت تقطعه فيه؟ قال: نعم. قلت: ولا تدرأ (¬6) عنه الحد بالتأويل؟ قال: لا. قلت: أفليس هذا وذاك عندك سواء؟ قال: لا، ذاك محارب لا يجري عليه أحكام أهل العدل، وهذا مقيم في الدار يجري عليه حكم (¬7) أهل العدل. قلت: أرأيت قوماً من أهل الحرب مستأمنين في دار أهل الإسلام فسرق بعضهم من بعض، أو رجلاً من أهل الذمة، أو رجلاً من المسلمين حراً كان أو عبداً، أو سرقوا من المسلمين، أو من أهل الذمة سرقة يجب في مثلها القطع، هل تقطع (¬8) أحداً ممن ذكرت لك؟ قال: لا. قلت: ولم لا تقطع المستأمن إذا سرق من المسلم؟ قال: لأنه دخل عليه بأمان، ليس بمنزلة أهل الذمة، ولا أقطعه للأمان الذي أعطيته، وأما إذا سرق المسلمون ¬

_ (¬1) ز: هل تقيم. (¬2) م + أهل. (¬3) م ف ز - أهل. والزيادة من ع. (¬4) ز: هل يقطعه. (¬5) م ز: لا يحد. (¬6) ز: يدرأ. (¬7) ف: أحكام. (¬8) ز: هل يقطع.

باب الإقرار

وأهل الذمة منه فلا أقطعهم، لأنهم سرقوا من أهل الحرب، وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: أقطع المستأمن إذا سرق من المسلمين أو من أهل الذمة في دار الإسلام. ... باب الإقرار قلت: أرأيت الرجل يقر (¬1) بالسرقة، هل تسأله: ما سرق، وكيف سرق؟ قال: نعم، أسأله عن ذلك. قلت: فإن وصف ذلك وأثبته (¬2)، وجاء المسروق منه يدعي السرقة، والسرقة تساوي مالاً عظيماً، هل تقطعه بإقرار واحد؟ قال: نعم. قلت: ولم قطعته بإقراره مرة واحدة؟ قال: لو لم أقطعه في هذه المرة وأَخَّرْتُه جعلت السرقة ديناً عليه، فلم أكن أقطعه في المرة الثانية بعدما أجعل السرقة ديناً عليه، أو لا يكون ديناً ويكون (¬3) الشيء قائماً بعينه فأدفعه إلى صاحبه في المرة الأولى، فإذا جاء فأقر في المرة الثانية أقر وليس بسارق، فلهذا قطعته في المرة الأولى ولم أنتظر إلى المرة الآخرة. قلت: أرأيت إن أمرت به في المرة الأولى أن يقطع، فرجع عن الإقرار قبل أن يقطع، أتدرأ عنه الحد؟ قال: نعم. قلت: لمَ؟ قال: لأنه قد رجع عن إقراره. وهو قول محمد. وقال أبو يوسف: لا أقطعه حتى يقر مرتين. قلت: أفتجعل السرقة للذي أقر له بها إن كانت قائمة بعينها، وإن كان قد استهلكها ضمنته قيمتها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن شهد شاهدان على إقراره بالسرقة وهو يجحد ذلك، هل تقطعه؟ (¬4) قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه لو أقر عند الإمام ¬

_ (¬1) م - يقر. (¬2) ز: وابنته. (¬3) م ف ز: أو يكون. وتدل عليه عبارة ب؛ والكافي، 1/ 155 ظ. (¬4) ز: هل يقطعه.

ثم جحد بعد ذلك لم أقطعه ودرأت عنه القطع، فلذلك (¬1) رددت (¬2) شهادة الشهود. قلت: أرأيت إذا جاء الشهود على إقراره فلم يكذبهم ولم يصدقهم؟ قال: لا أقطعه أيضاً. قلت: أرأيت إن شهد شاهد على إقراره وشهد شاهد على السرقة بعينها معاينة؟ قال: لا أقطعه أيضاً، هذان مختلفان في شهادتهما، الذي شهد على السرقة شهد على عمل، والذي شهد على إقراره شهد على كلام، فقد اختلفا، مع أن الشهادة أيضاً على الإقرار (¬3) ليست بشيء. قلت: فهل تضمنه (¬4) السرقة في هذا الباب؟ قال: لا. قلت: فهل تضمنه (¬5) السرقة وقد شهدا جميعاً على إقراره وقد استهلكها؟ قال: نعم. قلت: فإذا كانت قائمة بعينها أتقضي (¬6) بها لصاحبها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المرأة تقر بالسرقة، أو الرجل من أهل الذمة يقر بالسرقة، أهما عندك سواء بمنزلة الرجل المسلم؟ قال: نعم. قلت: وكذلك العبد المأذون له في التجارة والمكاتب والعبد المحجور عليه؟ قال: نعم. قلت: ولمَ وإقرار العبد المحجور عليه لا يجوز عليه؟ (¬7) قال: إذا أقر بالسرقة قطعته وأجزت إقراره. قلت: وتعطي السرقة الذي (¬8) أقر له بها؟ قال: نعم، لأني لا (¬9) أتهمه على نفسه في الإقرار بالسرقة التي يجب عليه فيها القطع. قلت: وكذلك المدبر وأم الولد والعبد يعتق نصفه (¬10) وهو يسعى في نصف قيمته؟ قال: نعم، وهو قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: إذا ادعى المولى السرقة أنها له، وعبده محجور عليه لم يجر (¬11) فيه عتق، قطعته ودفعت السرقة إلى مولاه ولم أصدقه عليها. وقال محمد: إذا ادعاها (¬12) مولاه دفعتها إليه ودرأت الحد عن السارق، لأني قد ¬

_ (¬1) م ز: فكذلك. (¬2) م - رددت، صح هـ. (¬3) ز: على إقرار. (¬4) ز: يضمنه. (¬5) ز: يضمنه. (¬6) ز: أيقضى. (¬7) ز - لا يجوز عليه. (¬8) م ز: للذي. (¬9) ز - لا. (¬10) ف: بعضه. (¬11) ز: لم يجز. (¬12) م: إذا دعاها.

حكمت بها لمولاه، وإن لم يدع (¬1) ذلك المولى وكانت السرقة مستهلكة قطعته في ذلك. قلت: وكذلك الصبي يقر بالسرقة أو الصبية؟ (¬2) قال: إقرار هذين باطل ولا يجري عليهما الأحكام. قلت: فلو كان الصبي قد احتلم مثله ولم يحتلم هو، والجارية قد حاضت مثلها ولم تحض (¬3) هي؟ قال: إن كانا قد (¬4) بلغا (¬5) الوقت الذي لا يبلغه إلا من احتلم أو حاض أجزت إقرارهما، وكانا في ذلك بمنزلة الرجل والمرأة، فإن كانا لم يبلغا ذلك الوقت بعد لم أجز إقرارهما في هذا. قلت: فهل عندك في هذا وقت؟ قال: أستحسن في الغلام تسع عشرة سنة، وفي الجارية سبع عشرة سنة. وقال أبو يوسف: أما أنا فأرى فيهما جميعاً خمسة عشر سنة، بلغنا نحواً (¬6) من ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬7). وهو قول محمد. قلت: أرأيت الرجل يؤخذ (¬8) سارقاً فيقر بالسرقة عند العذاب وعند الضرب وعند الوعيد والسلطان، هل تقطعه في هذه الحال؟ قال: الإقرار في هذا الوجه باطل. قلت: فإن تهدده السلطان بشيء (¬9) حتى أقر بالسرقة ووصف ¬

_ (¬1) ز: يدعي. (¬2) م ز: أو الصبي. (¬3) ز: يحض. (¬4) ف - قد. (¬5) ز: قد بلغتا. (¬6) ز: نحو. (¬7) روي عن أنس - رضي الله عنه - مرفوعاً: "إذا استكمل المولود خمس عشرة سنة كتب ما له وما عليه وأقيمت عليه الحدود". رواه البيهقي في الخلافيات من طريق عبد العزيز بن صهيب عنه بسند ضعيف. انظر: تلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 41. وروي عن نافع عن ابن عمر قال: عرضني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد في القتال وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني، وعرضني يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني. قال نافع: فقدمت على عمر بن عبد العزيز وهو يومئذ خليفة، فحدثته هذا الحديث. فقال: إن هذا لَحَدٌّ بين الصغير والكبير. فكتب إلى عُمَّالِه أن يفرضوا لمن كان ابن خمس عشرة سنة، ومن كان دون ذلك فاجعلوه في العيال. انظرت صحيح البخاري، الشهادات، 18؛ وصحيح مسلم، الإمارة، 91. (¬8) م ف ز: يأخذ. (¬9) ف + آخر.

ذلك وأثبته، ثم قال بعد ذلك: صاحبها أمرني بذلك، أو قال: استودعتها، أو قال: المتاع متاعي وإني أخذته لأنه متاعي، أو قال: لي على هذا الرجل دين فأخذته ليكون رهناً بمالي؟ قال: إذا ظُفِرَ بشيء مما ذكرتَ درأتُ الحد عنه، لأنه شبهة. قلت: وكيف يكون شبهة وقد أقر بالسرقة على نفسه ثم ادعى هذا بعده؟ قال (¬1): أرأيت: لو قال لصاحبه: احلف ما هذا متاعي، أكنت تحلفه؟ قلت (¬2): نعم. [قال:] فإن أبى أن يحلف أتجعل المتاع له؟ قلت (¬3): نعم. قال: (¬4) وكذلك (¬5) إذا ادعى هذه المنزلة لم أقطعه إذا أبى أن يحلف أيضاً. قال: لم أقطع السارق للشبهة التي دخلت والخصومة. قلت: أرأيت الرجل إذا أتي به الإمام وقيل: إن هذا سارق، هل تستحسن (¬6) تلقينه فيقول: لا تقر بالسرقة؟ قال: نعم، أستحسن ذلك وأراه، وقد بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أتي بسارق، فقال: ما إخاله سرق (¬7). وقد بلغنا عن أبي مسعود الأنصاري أنه أتي بسارقة، فقال لها: أسرقت؟ قولي: لا (¬8). فهذا حسن من الإمام أن يلقن السارق. قلت: أرأيت إن لم يلقنه الإمام من هذا شيئاً حتى أقر السارق بالسرقة، أيسأله الإمام: كيف سرقت، وما سرقت؟ قال: نعم، يسأله فإذا أقر من ذلك بشيء يجب في مثله القطع أمرته أن يقطع، وإن أقر بشيء لا يجب في مثله القطع درأت عنه الحد. قلت: أرأيت إذا كان الشتاء الشديد الذي يتخوف على السارق الموت بقطعه، أو كان الحر الشديد الذي يتخوف عليه فيه، فقضي (¬9) عليه بالقطع، أترى أن تحبسه ويؤخر حتى ينكسر الحر وينكسر البرد؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان لا يتخوف عليه الموت إن قطعه، أترى له أن يؤخره أيضاً؟ قال: لا (¬10). ¬

_ (¬1) م ف ز: قلت. (¬2) م ف ز: قال. (¬3) م ف ز: قال. (¬4) م ف ز: قلت. (¬5) ز - وكذلك. (¬6) ز: هل يستحسن. (¬7) تقدم قريباً. (¬8) المصنف لعبد الرزاق،. 10/ 224؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 519. (¬9) ز: فقضا. (¬10) ز - لا.

قلت: أرأيت إن مات في السجن قبل أن يقطع وقد قضى عليه القاضي بالقطع، أتضمنه قيمة السرقة إن كان قد استهلكها؟ قال: نعم. قلت: أرايت الرجل يقر بالسرقة عند الإمام ثم يثبت على ذلك فقضى عليه القاضي بالقطع، ثم قامت عليه البينة أنه قتل رجلاً متعمداً فزُكوا وعُدلوا فقضى عليه الإمام بالقتل بأي ذلك يبدأ؟ قال: بالقتل، ويدرأ عنه القطع. قلت: فإن قُتل في القصاص وقد استهلك السرقة أتجعل عليه قيمتها في ماله؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يُقتَل (¬1) في القصاص ولكن الولي صالحه وعفا عنه حين قُضي (¬2) له بالقصاص أتقطعه؟ قال: نعم. قلت: فهل تضمنه (¬3) السرقة إذا قطعته فيها؟ قال: لا يُجمَع (¬4) القطع والضمان. قلت: أرأيت الرجل يقر عند الإمام بالسرقة فيقول: سرقت كذا وكذا من فلان بن فلان، فقضى عليه القاضي بالقطع، وقضى عليه بقطع يده اليمنى في قصاص، بأي ذلك يبدأ؟ قال: يبدأ (¬5) بالقصاص، ويدرأ عنه الحد. قلت: وكذلك لو قضيت عليه بالقصاص في يده اليسرى؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو قضيت عليه بالقصاص في رجله اليمنى؟ قال: نعم. قلت: فإذا اقتص منه الذي قضيت له ودرأت عنه حد السرقة، أتضمنه السرقة إن كان قد استهلكها؟ قال: نعم. قلت: فإن عفا عنه الذي قضيت له بالقصاص أو صالحه على ذلك حين قضيت له، هل تقطعه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن لم يصالحه عند حضرة ذلك ولكن أخذتَ منه كفيلاً وخليتَ بينه وبينه ومَكَثَا زماناً يتراوضان (¬6) في الصلح ثم صالحه بعد ذلك، ثم رُفع إليك في السرقة، أتقطعه فيها؟ قال: إذا كان هكذا درأت عنه القطع في السرقة (¬7). قلت: فإن قضيت عليه بالقطع بالسرقة (¬8) في يده اليمنى (¬9) ¬

_ (¬1) ز: لم يقبل. (¬2) ز: قضا. (¬3) ز: يضمنه. (¬4) ز: لا يجتمع. (¬5) م - قال يبدأ، صح هـ. (¬6) ز: يتراضان. (¬7) وذلك لتقادم العهد. انظر: المبسوط، 9/ 186. (¬8) ف: في السرقة. (¬9) ز: المين.

وقضيت عليه في رجله اليسرى بالقطع في القصاص (¬1) بأيهما تبدأ؟ قال: أبدأ بالقصاص. قلت: فإذا قطعت رجله اليسرى أتحبسه حتى يبرأ (¬2) منها ثم تقطعه في السرقة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن لم تكن (¬3) قضيت عليه في رجله بشيء، ولكن قضيت بالقصاص في شجة في رأسه أو في عينه أو في أذنه، أهو مثل هذا أيضاً؟ قال: نعم. قلت: فما لك حين اجتمع القتل والسرقة درأت عنه القطع؟ قال: لأنه بلغنا عن عبد الله بن مسعود أنه قال: إذا اجتمع القتل والحد فالقتل يأتي على ذلك كله (¬4). وبلغنا نحو من ذلك عن عبد الله بن عباس وإبراهيم النخعي. قلت: أرأيت إذا أقر بالسرقة فقطعت يده اليمنى ثم أتاك بعد ذلك فأقر بالسرقة أتقطع رجله اليسرى؟ قال: نعم. قلت: فإن سرق بعد ذلك أتقطعه؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه بلغنا عن علي بن أبي طالب أنه قال: إني لأستحي من الله أن لا أدع له يداً يأكل بها ويستنجي بها ورجلاً يمشي عليها (¬5). وبلغنا عن قوم من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - أنهم اختلفوا في ذلك، فقال بعضهم مثل قول علي، وقال بعضهم: يقطعه حتى يأتي على قوائمه الأربع (¬6). فكان قول علي والذين وافقوه أحب إلي. قلت: أرأيت إذا قضيت عليه بالقطع في السرقة وقضيت عليه بالقطع في القصاص لم تبدأ بالقصاص، وتدرأ القطع في (¬7) السرقة؟ قال: لأن (¬8) ¬

_ (¬1) ف ز: في قصاص. (¬2) ز: تبرأ. (¬3) ز: لم يكن. (¬4) روي عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: إذا اجتمع حدان أحدهما القتل أتى القتل على الآخر. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 478. (¬5) المصنف لعبد الرزاق، 10/ 186؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 489؛ وانظر لتفصيل الروايات: نصب الراية للزيلعي، 3/ 374. (¬6) روي عن عمر وابن عباس مثل قول علي، كما روي عن عمر أنه قطع يد سارق بعد أن قطع يده ورجله. والأول أشهر. انظر المصادر السابقة. (¬7) ز - في. (¬8) م - السرقة قال لأن، صح هـ.؛ ز + في.

القصاص حق من حقوق الناس، والسرقة حق من حقوق الله تعالى، فلما دخلت هذه الشبهة درأت عنه؛ لأنه بلغنا عن عمر بن الخطاب أنه قال: ادرءوا الحدود ما استطعتم (¬1)، فإذا وجدتم للمسلم (¬2) مخرجاً فادرؤوا عنه، فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة (¬3). قلت: أرأيت الرجل إذا أقر بالسرقة عند الإمام، فقال: سرقت من فلان كذا وكذا، فقال فلان: كذبت، تسرق (¬4) شيئاً، هل تقطعه؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأن صاحب السرقة أبرأه. قلت: أفرأيت إن قال صاحب السرقة: هذا المتاع متاعك، ليس لي، أو قال: أمرتك بذلك، أو قال: متاعي كان وديعة عندك أو عارية، أو متاعاً كنت بعتك وأنت بالخيار أو أنا بالخيار وهو متاعي، أو قال: غصبتنيه غصباً ولم تسرقه؟ (¬5) قال: إذا أقر صاحب المتاع بشيء مما ذكرت درأت الحد عن السارق. قلت: فإن قال (¬6): المتاع لأبيك أيها السارق أو لأمك (¬7) أو لأخيك أو لذي رحم محرم من السارق وهو أمرك بهذا، هل تقطعه؟ قال: لا. قلت: أرأيت السارق إن قال في ذلك كله: كذبت، بل سرقته منك؟ قال: لا أقطعه وإن قال هذا، لأن رب المتاع قد أبرأه من السرقة. قلت: فإن أقر (¬8) السارق بالسرقة وادعى ذلك رب المتاع فقضى القاضي عليه القاضي بالقطع فقال رب المتاع قبل أن يقطعه: لا والله ما سرقه وإنه لمتاعه، هل تدرأ (¬9) عنه الحد؟ قال: نعم. قلت: لمَ؟ قال: لأنه أبرأه من السرقة وزعم أن المتاع متاعه، وكيف أقطعه في متاعه. قطت: ¬

_ (¬1) ز: ما ستطعتم. (¬2) ز: لمسلم. (¬3) روي نحو ذلك عن عمر - رضي الله عنه - وغيره من الصحابة. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 511؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 8/ 238. وقال الحافظ ابن حجر: ورواه أبو محمد بن حزم في كتاب الإيصال من حديث عمر موقوفاً عليه بإسناد صحيح. انظر: تلخيص الحبير لابن حجر، 4/ 56. وقد روي الحديث مرفوعاً بأسانيد ضعيفة. انظر: سنن الترمذي، الحدود، 2؛ والمصادر السابقة. (¬4) ز: لم يسرق. (¬5) ز: يسرقه. (¬6) م ف + رب. (¬7) ف: لابنك. (¬8) ز - أقر. (¬9) ز: يدرأ.

فإن لم يقل هذا ولكنه قال: عفوت عنه؟ قال: عفوه باطل، وأقيم الحد على السارق. قلت: أرأيت لو كنت أمرت بقطعه بشهود، فقال صاحب السرقة: قد عفوت عنه؟ قال: لا ألتفت إلى قوله ذلك. قلت: لمَ؟ قال: إذا انتهى مثل هذا إلى الإمام لم يكن لصاحبه عفو، بلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك (¬1). قلت: أرأيت لو قال: شهد شهودي بزور، أو قال: لم يسرق مني شيئاً قط، أكنت تدرأ القطع عن السارق؟ قال: نعم. قلت: لمَ؟ قال: لأنه أكذب شهوده وقد أبرأه من أن يكون سارقاً، وليس هذا كالذي يقول: هو سارق ولكن أعفو عنه. قلت: أرأيت الرجل يقر بالسرقة فيقول: سرقت من فلان، وفلان غائب، فسأله القاضي: ما هي، وكيف سرق؟ وأثبت ذلك، هل تقطعه والرجل الذي أقر له بالسرقة غائب؟ قال: لا، أستحسن أن أدرأ عنه، ولا أقطعه إلا والمقر له بالسرقة حاضر، ألا ترى أن ذلك لو قال: لم يسرق مني، لم أقطعه. قلت: أرأيت الرجل يقول: قد سرقت أنا وفلان من فلان كذا وكذا، فأقر بذلك (¬2) عند الإمام ووصف السرقة وأثبتها، والمسروق منه حاضر معه، والذي أقر أنه سرق معه غائب، هل تقطعه (¬3) وهو مال عظيم؟ قال: لا أقطعه، وأدرأ عنه القطع لغيبة الذي أقر أنه كان معه. قلت: لمَ؟ قال: أرأيت لو جاء ذلك فقال: إن المال معي والمتاع متاعي، وأقام على ذلك البينة، أو قال: استحلف خصمي، فأبى أن يحلف، أكنت تقضي بالمتاع له ¬

_ (¬1) عن صفوان بن أمية - رضي الله عنه - أنه نام في المسجد وتَوَسَّدَ رداءه، فاُخِذَ من تحت رأسه، فجاء بسارقه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يُقْطَع، فقال صفوان: يا رسول الله، لم أُرِدْ هذا، ردائي عليه صدقة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فهلا قبل أن تأتيني به". انظر: الموطأ، الحدود، 28؛ وسنن ابن ماجه، الحدود، 28؛ وسنن أبي داود، الحدود، 15؛ وسنن النسائي، قطع السارق، 5. وروي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "تَعَافَوا الحدود فيما بينكم، فما بلغني مِن حَدّ فقد وجب". انظر: سنن أبي داود، الحدود، 6؛ وسنن النسائي، قطع السارق، 5. (¬2) ز - بذلك. (¬3) ز: هل يقطعه.

وتدرأ القطع؟ قلت (¬1): نعم. ثم رجع أبو حنيفة عن ذلك فقال: أقطع المقر، ولا ألتفت إلى غيبة الآخر، وهو قول محمد وقول (¬2) أبي يوسف. قلت: أرأيت من يقر بالسرقة عند الإمام من ولد أو والد أو جد أو جدة أو ذي رحم محرم، هل تقطعه؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: أما الولد فإن بعض الفقهاء يقول: ماله لأبيه، وقد بلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬3). وأما سوى ذلك من ذي (¬4) رحم محرم فإني أجبر بعضهم على نفقة بعض إذا كان ذا حاجة زَمِناً أو صغيرا أو امرأة زَمْنىَ، فكيف (¬5) أقطعه في شيء إذا كان له فيه حق في وجه من الوجوه. قلت: أرأيت العبد يقر بالسرقة من مولاه أو من أبي (¬6) مولاه أو من ابن مولاه أو من جد مولاه أو من جدته أو من ذي رحم محرم لمولاه أو من امرأة مولاه؟ قال: لا أقطعه في شيء من ذلك. قلت: وكذلك المكاتب والمدبر وأم الولد؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو شهد عليه به الشهود؟ قال: نعم. قلت: لمَ؟ قال: لأني أدرأ القطع في هذا عن مولاه لو (¬7) كان هو السارق، فعبده بمنزلته. قلت: أرأيت الرجل يقر بالسرقة من مكاتبه أو عبد له تاجر عليه دين، هل يقطع؟ قال: لا، وهو رقيقه، وأموالهم بمنزلة ماله. قلت: وكذلك لو شهد (¬8) عليه بهذا الشهود؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المسلم يقر أنه سرق ألف درهم من بيت المال، هل تقطعه؟ قال: لا. قلت: وكذلك لو شهد الشهود بهذا؟ قال: نعم. قلت: لمَ؟ قال: لأن له فيه نصيباً، وقد بلغنا عن علي بن أبي طالب أنه أتي برجل سرق سرقة من المغنم، فدرأ عنه الحد، وقال: إن له فيه نصيباً (¬9). ¬

_ (¬1) ز: قال. (¬2) ز: وقال. (¬3) سنن ابن ماجه، التجارات، 64؛ وسنن أبي داود، البيوع، 77؛ وصحيح ابن حبان، 2/ 142؛ ونصب الراية للزيلعي، 337 - 339؛ والدراية لابن حجر، 2/ 102. (¬4) ز - ذي. (¬5) م: كيف. (¬6) ز: من أب. (¬7) ز: ولو. (¬8) ز: لو شهدوا. (¬9) المصنف لعبد الرزاق، 10/ 212.

قلت: وكذلك لو شهد عليه بذلك شاهدان؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو سرق عبده منه شيئاً أو مكاتبه أو أم ولده؟ قال: نعم، لأن لهم فيه نصيباً، فلا أقطعهم في شيء منه. قلت: أرأيت الرجل يقر بالسرقة من امرأة أبيه أو من زوج أمه (¬1) أو من امرأة ابنه أو من ابن امرأته، هل تقطعه (¬2) في شيء من هذا؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال (¬3): لا (¬4) أقطعه في السرقة من امرأته (¬5) لأن بيتها بيته ومتاعها متاعه، وكذلك امرأة ابنه، وكذلك أم امرأته وابنها وأبوها. وقال أبو يوسف: أنا أقطع في جميع ما ذكرت غير امرأته (¬6)، بعد أن يسرق (¬7) ذلك من غير منزل السارق أو منزل أبيه أو ابنه، وهو قول محمد. قلت: أرأيت الرجل يقر بالسرقة فيقول: سرقت أنا وهذا الصبي، هل تقطعه؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه سرق معه صبي، فإذا درأت الحد عن الصبي درأته عن الرجل، لأنها سرقة واحدة. قلت: وكذلك لو أقر بالسرقة مع إنسان أخرس لا ينطق أو معتوه لا يفيق؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو شهد عليه الشهود بالسرقة؟ قال: نعم. قلت: هذا المجنون والصبي قد عرفت أن الحد يدرأ عنهما، أرأيت الأخرس لم درأت عنه الحد؟ قال: لأنه أخرس لا ينطق، فلعل عنده حجة. قلت: أرأيت المجنون الذي يجن ويفيق إذا أقر بالسرقة في حال إفاقته فأقر بشيء منها يجب في مثله الحد، هل تقطعه؟ قال: نعم، هو في حال إفاقته بمنزلة الصحيح. قلت: أرأيت إن أقر في حال إفاقته فقال: سرقت وأنا مجنون، هل تقطعه؟ قال: لا، لأنه إنما سرق في حال جنونه. قلت: وكذلك الرجل يقول: سرقت وأنا صبي؟ قال: نعم، لا يقطع أيضاً. قلت: والإقرار في هذا وشهادة الشهود عليهم في ذلك سواء؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) م: أبيه. (¬2) ز: هل يقطعه. (¬3) م ف + لأني. (¬4) ف - لا. (¬5) أي: امرأة أبيه. (¬6) أي: امرأة أبيه. (¬7) ز: أن تسرق.

قلت: أرأيت الرجل يقر بالسرقة من رجل كافر والسرقة تساوي مالاً عظيماً، هل تقطعه؟ (¬1)، قال: نعم. قلت: أرأيت السرقة إن كانت خَابيَة من خمر وظَرْفُها يساوي عشرة دراهم، هل تقطعه؟ قال: لا، لأن الخمرَ حرام، فلا أقطع الرجل في شيء من الحرام، ولأن الظرف حجر فخار، فلا أقطعه في شيء من الفخار. قلت: أرأيت الرجل والمرأة هما سواء في الإقرار بالسرقة؟ قال: نعم، تقطع المرأة في كل شيء يقطع الرجل فيه. قلت: أرأيت الرجل يقر بالسرقة ثم يصالح صاحبها ويكتب عليه بقيمتها ذِكْر حَقّ ثم يرفع إلى الإمام، هل يقطع؟ قال: لا. قلت: ولمَ؟ قال: لأنها قد صارت ديناً عليه (¬2) واصطلحا عليها. قلت: أرأيت الرجل يغصب من الرجل فيجيء لص فيسرق منه، ثم جاء اللص فأقر بالسرقة عند الإمام أو شهد عليه الشهود، على شيء يجب في مثله الحد، فقال السارق: هذا مال ليس لهذا الرجل، إنما هو مال غصبته من غيره، أو هو ربا اكتسبته، هل تنظر (¬3) إلى قول السارق في ذلك؟ قال: لا، ولكن أقطعه ولا ألتفت إلى قوله. قلت: أرأيت الرجل يسرق السرقة فيقر بها، فيقطعه الإمام فيها، ولم يجدها بعينها عند السارق، ثم إن سارقاً آخر سرقها منه، فأتي به الإمام فأقر بالسرقة، وأقرا جميعاً أن هذا هو المال الذي قطعت يد هذا فيه؟ قال: إذا كان هذا هكذا درأت عنه الحد، وأرد المتاع إلى صاحبه، وليس هذا كالغصب، هذا قطعت فيه صاحبه الذي هو عنده، ولا أقطع في هذا آخر. قلت: أرأيت الرجل يستودع المتاع أو يستعيره، فيسرقه ابنه أو أبوه أو ذو رحم محرم منه أو امرأته، والمتاع يساوي مالاً عظيماً، فيقر السارق بالسرقة على هذا الوجه أو شهد عليه به الشهود، هل تقطعه؟ قال: لا. ¬

_ (¬1) ز: هل يقطعه. (¬2) م ز - عليه. (¬3) ز: هل ينظر.

قلت: ولمَ والمتاع لرجل غريب، ليس للمسروق منه، وهذا الخصم لهذا؟ قال: لأنه ذو رحم محرم منه، فلا يقطع لذلك. قلت: أرأيت الرجل يطلق امرأته واحدة بائنة ولم تنقض عدتها، ثم تعتزل امرأته في بيت على حدة غير منزله، ثم إنه سرق منها سرقة، فأقر بذلك أو شهدت عليه الشهود، والسرقة يجب في مثلها القطع، هل تقطعه؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنها بمنزلة امرأته. قلت: وكذلك لو طلقها ثلاثاً؟ قال: نعم. قلت: فإن كانت معه في بيته تعتد منه فيسرق منها شيئاً؟ قال: لا يقطع أيضاً، لأنها معه في بيته. قلت: أرأيت الرجل يسرق من امرأته ولا يُرفَع إلى الإمام حتى يطلقها، هل تقطعه؟ (¬1) قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنها لو خاصمته وهي امرأته لم يقطع. قلت: أرأيت الرجل يسرق من المرأة ولا ترفعه (¬2) إلى الإمام حتى يتزوجها فيرفع إلى الإمام وهي امرأته، فأقر بالسرقة أو شهد عليه الشهود، هل تقطعه؟ قال: لا. قلت: فإن سرق منها وهي امرأته ثم طلقها فبانت (¬3) منه ثم رفعته إلى الإمام، هل تقطعه؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنها لو خاصمت وهي امرأته لم يقطع. قلت: أرأيت الرجل يسرق من ابنة امرأته أو من ابنها أو من أبيها أو من أمها، أما تقطعه؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأن هؤلاء ذو رحم محرم منه كلهم. قلت: وكذلك لو سرق من امرأة أبيه؟ (¬4) قال: نعم. وقال أبو يوسف ومحمد: أرى عليه القطع إلا من امرأة أبيه، لأن البيت بيت أبيه. قلت: أرأيت الرجل يسرق من أمه من الرضاعة أو من أخته (¬5) من الرضاعة أو من ذي رحم محرم من الرضاعة، فأقر بالسرقة منهم أو شهد عليه به الشهود، هل تقطعه والسرقة يجب في مثلها الحد؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) ز: هل يقطعه. (¬2) ز: يرفعه. (¬3) ز: فأبت. (¬4) ز: ابنه. (¬5) م: من أخيه.

قلت: أرأيت الرجل إذا نظر إلى فرج امرأة من شهوة أو لمسها أو قبلها حتى صارت أمها عليه حراماً أو ابنتها، ثم سرق بعد ذلك من أمها أو ابنتها سرقة (¬1) يقطع (¬2) في مثل ذلك، فأقر بذلك أو شهد به عليه الشهود، هل تقطعه؟ قال: نعم، ألا ترى أن هذه عليه حرام بمنزلة الرضاعة، فأقطعه في السرقة منها، وهذا بمنزلة الرضاع. قلت: فما لك لا تقطعه في السرقة من أم امرأته ولا من ابنتها؟ قال: أستحسن ذلك، لأنها بمنزلة امرأته. قلت: أرأيت إذا طلق امرأته ثلاثاً ثم سرق بعدما تنقضي عدتها من أمها أو من (¬3) ابنتها، أو سرق أبوه من أحد من هؤلاء، فأقر بالسرقة أو شهد عليه الشهود بذلك والسرقة يقطع (¬4) في مثلها، هل تقطعه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل إذا أقر بالسرقة فأمرت بقطعه فهرب، هل تأمر بطلبه؟ قال: لا، ولكني أدعه. قلت: فلو شهد الشهود بذلك؟ قال: أما هذا فإني أطلبه ما دام في فوره ذلك. قلت: ولمَ كان هذا هكذا؟ قال: لأنه بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه حين أمر برجم ماعز بن مالك ذكروا للنبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان بأرض قليلة الحجارة فأبطأ عليه الموت، فانطلق إلى أرض كثيرة الحجارة، فانطلق في أثره، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هلا خليتم سبيله" (¬5). قلت: أرأيت السارق إذا أتيت به بعد ذلك والسرقة قائمة بعينها، هل تقضي (¬6) بها للمسروق منه وتردها عليه؟ قال: نعم. قلت: فإن كان قد استهلكها ضمنته قيمته؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يقر بالسرقة من الرجل فيقول: سرقت من هذا مائة درهم، ثم يقول: أوهمت، إنما سرقت من هذا الآخر، هل تقطعه؟ ¬

_ (¬1) ف: سرق. (¬2) ف: هل يقطع. (¬3) ف - من. (¬4) ز: تقطع. (¬5) أقرب الألفاظ إلى هذه الرواية ما رواه أبو يوسف عن أبي حنيفة عن علقمة بن مرثد عن ابن بريدة عن أبيه بريدة - رضي الله عنه -. انظر: الآثار لأبي يوسف، 157. وقد روى نحوه أبو داود والترمذي. انظر: سنن أبي داود، الحدود، 23؛ وسنن الترمذي، الحدود، 5؛ وقال الترمذي: حديث حسن. (¬6) ز: هل يقضى.

قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: للشبهة التي دخلت، ألا ترى أني قضيت بالمائة الأولى التي أقر بها للأول وأمرت بدفعها إليه، فقد جعلتها ديناً، فكيف أقطعه فيها. قلت: فلا يقضى فيها للآخر بشيء؟ قال: بلى، أقضي عليه بمائة درهم أخرى. قلت: فلو لم يقر بهذا (¬1)، ولكن الشهود شهدوا عليه فقالوا: إنه سرق من هذا مائة درهم، ثم قالوا قبل أن يقضى: أوهمنا، إنما سرق من هذا؟ قال: لا أقطعه، ولا أقضي عليه بشيء من الدراهم لواحد منهما، ولا أقبل شهادتهم للأول، لأنهم قد رجعوا، فأتهمهم على الآخر. قلت: فلو كان الشهود أربعة، فثبت اثنان على الشهادة للأول، ورجع اثنان، فشهدا على الآخر، هل تقطعه؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: للشبهة التي دخلت. قلت: فهل تضمنه (¬2) شيئاً؟ قال: نعم، أضمنه ما له للأول. قلت: لمَ؟ قال: لأن الشاهدين ثبتا على ذلك، فلا أجيز شهادة الراجعين على الآخر، ولا أقطعه (¬3) بشهادتهما؛ وإذا ادعى المسروق منه فقال: الأول سرقني (¬4)، وثبت شاهدان عدلان، ضمنت الأول ولم أنظر إلى شيء من أمر الآخر. قلت: أرأيت الرجل يقر أنه سرق من رجل مائة درهم، ثم جاء آخر فقال: لم يسرقها هذا، ولكن أنا سرقتها، فقال المسروق منه: كذبت وكذب الآخر، وقال: الأول هو الذي سرقها، هل يقطع الأول وقد وصف السرقة وأثبتها؟ قال: نعم. قلت: فإن قال صاحب السرقة: لم يسرقها، وقد علمت فذكرت أن هذا الآخر هو الذي سرقها، هل يقطع الآخر؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأن صاحبها قد ادعى على الأول، فدعواه على الأول براءة للآخر، فإذا ادعى على الآخر لم أقطعه في شيء قد أبرأه منه. قلت: فهل تقطع (¬5) الأول إن كنت لم تقطعه؟ قال: لا، لأنه قد أبرأه حين ادعى على الآخر. قلت: فهل يضمن الأول السرقة؟ قال: لا، لأن صاحبها قد أبرأه. قلت: أرأيت حين قال: أنا سرقتها (¬6)، فقال له صاحب السرقة: ¬

_ (¬1) ف: هذا؛ ز: لهذا. (¬2) ز: يضمنه. (¬3) ز: أقطعهم. (¬4) ز: سرقتني. (¬5) ز: يقطع. (¬6) م ز: اسرقتها.

كذبت، ثم قال له بعد ذلك: أنت سرقتها، هل تضمنه (¬1) شيئاً؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه قد أبرأه، فلا أضمنه شيئاً. قلت: أرأيت إن لم يقل: كذبت، ولكن الأول قال: أنا سرقتها، فقال له: صدقت، ثم قال الآخر: أنا سرقتها، فقال له: صدقت، فكانت المقالة منهما (¬2) على ما وصفت لك، هل يقطع (¬3) واحد منهما؟ قال: لا. قلت: فهل تضمن (¬4) واحداً منهما بالسرقة وهي مستهلكة؟ قال: أضمن الآخر السرقة، ولا أضمن الأول، لأن الآخر قد أقر بها وصدقه صاحبها. قلت: أليس قد كان صاحبه قد أبرأه منها حين ادعى على الأول؟ قال: بلى، ولكن الآخر أقر بها بعد البراءة وصدقه صاحبها، فلذلك ضمنته. قلت: فلم لا تقطعه؟ قال: للشبهة التي دخلت فيها والبراءة التي قد كان أبرأه. قلت: فلو كان شاهدان شهدا على رجل بالسرقة وادعى ذلك عليه، ثم شهد شاهدان آخران على رجل أنه سرق تلك السرقة بعينها فصدقهما وادعى ذلك عليه، هل تقطع (¬5) واحداً منهما؟ قال: لا. قلت: فهل يضمن واحد منهما شيئاً؟ قال: لا. قلت: فما شأنك ضمنت في الباب الأول السارق الآخر؟ قال: لأن ذلك كان إقراراً من السارق وصدقه به (¬6) الطالب، وهذا الباب السارق ينكر فيه السرقة، فلا أقبل عليه البينة، لأن المدعين (¬7) قد أكذبهم حين ادعى على الأول. قلت: فلو أن سارقاً أقر وقال: قد سرقت من فلان كذا وكذا من المتاع، وقال له فلان: كذبت، لم تسرقها (¬8) مني، ولكنك غصبتنيه غصباً، وإنما أردت بها أن تبرأ من الضمان؟ قال: ينبغي في القياس أن لا يكون عليه شيء، لأنه قد أكذبه ثم ادعى عليه بعد ذلك. قلت: فلو قال السارق: سرقت منك كذا وكذا، فقال الطالب: غصبته غصباً، وهو مستهلك، هل يضمن السارق قيمته؟ قال: نعم، لأن هذا لا يبرئه من الضمان، فهل تقطعه في هذا الباب ¬

_ (¬1) ز: هل يضمنه. (¬2) م ف ز: منه ومنها. (¬3) م: هل يصدق، صح هـ؛ ف: هل يصدق. (¬4) ز: يضمن. (¬5) ز: هل يقطع. (¬6) ز - به. (¬7) ز: المدعيين. (¬8) ز: لم يسرقها.

والباب (¬1) الأول؟ قال: لا. قلت: أرأيت الباب الأول تأخذ (¬2) فيه بالقياس فتبطل (¬3) عنه الضمان، أو تأخذ (¬4) بالاستحسان فتضمنه؟ (¬5) قال: لا، بل أستحسن (¬6) فأضمنه، لأنه كلام متصل، وأدع القياس فيه. قلت: أرأيت الرجل يقول للرجل: غصبتك كذا وكذا، فيقول الطالب: سرقته مني سرقة، أتقطعه؟ (¬7) قال: لا، لأنه لم يقر بالسرقة. قلت: فهل تضمنه (¬8) قيمة ذلك الشيء وقد هلك؟ قال: نعم. قلت: وكل شيء ضمنته قيمته فالقول فيها قوله، فإن ادعى الطالب أكثر من ذلك سألته البينة؟ قال: نعم. قلت: فهل على المطلوب يمين بالله أن قيمة ذلك الشيء كذا وكذا؟ قال: نعم. قلت: فإن حلف لم يكن عليه شيء إلا ما قال؟ قال: نعم. قلت: وإن ادعى الطالب (¬9) فقال: قيمة متاعي كذا وكذا، فأبى المطلوب أن يحلف، أيلزمه (¬10) ما قال الطالب؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يقول: سرقت من فلان وفلان ثوباً، وأحد الرجلين غائب، والآخر حاضر يدعي ذلك الثوب ويخاصم فيه، هل يقطع فيه؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأن أحد الرجلين غائب، لا أدري لعله سيكون معه كلام أدرأ عنه فيه (¬11) الحد. قلت: فهل تقضي لهذا بنصف الثوب إن كان (¬12) قائماً بعينه، وإن كان مستهلكاً بنصف قيمته؟ قال: نعم. قلت: أرأيت لو كان الرجلان جميعاً شاهدين (¬13) فقال السارق: سرقت منهما ثوبا، فقال أحدهما: كذبت لم تسرق ولكنك غصبته غصباً، أو قال: استودعناكه وديعة، أو قال: أعرناكه، أو قال: هو ثوبك لا حق لنا فيه؟ ¬

_ (¬1) ف - والباب؛ ز: أو الباب. (¬2) ز: يأخذ. (¬3) ز: فيبطل. (¬4) ز: أو يأخذ. (¬5) ز: فيضمنه. (¬6) م ف ز: بل أستحسنه. (¬7) ف: هل تقطعه؛ ز: هل يقطعه. (¬8) ز: يضمنه. (¬9) ز: للطالب. (¬10) ز: يلزمه. (¬11) ف + هذا. (¬12) م - إن كان. (¬13) ز: شاهدان.

قال: لا يقطع في شيء مما ذكرت. قلت (¬1): ويقضى بنصف (¬2) الثوب لهذا الذي يدعيه، أو بنصف قيمته إن كان مستهلكاً؟ قال: نعم. قلت: فإن قال: غصبت غصباً، قضيت (¬3) به لهما جميعاً؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو قامت البينة أنه سرق من هذين الرجلين ثوباً وأحدهما يقول هذه المقالة التي ذكرت أو غاب، هل تقطعه في شيء من هذا؟ قال: لا. قلت: فهل تقضي (¬4) للذي يدعي السرقة بنصف الثوب أو بنصف قيمته إن كان مستهلكاً؟ قال: نعم. قلت: والغائب أيضاً إذا جاء فادعى السرقة قضيت له بمثل ذلك؟ قال: نعم. قلت: ولم لا تقطع السارق وقد شهد عليه الشهود بالسرقة واجتمع رجلان في الدعوى؟ قال: لأني قد قضيت بنصف الثوب للأول، ودرأت الحد عنه لغيبة الغائب، فإذا جعلت أمره وأمر شريكه واحداً لم أقطعه. قلت: فإذا كان حاضراً أو قال: الثوب وديعة لي عنده أو عارية، هل يقضى له بشيء؟ قال: لا. قلت: فهل تقطع (¬5) الرجل؟ قال: لا، لأن شهوده شهدوا (¬6) بالسرقة وأكذبهم حين ادعى خلاف ما شهدوا به. قلت: فهل تقضي (¬7) لصاحبه بشيء وقد ادعى بمثل ما شهد به الشهود؟ قال: نعم، أقضي له بنصف الثوب إن كان قائماً بعينه، وإن كان مستهلكاً بنصف قيمته. قلت: فإن خاصمه شريكه الذي أبطلت حصته، هل يشركه فيها أحد؟ قال: نعم، لا أبطل حقه بإكذابه البينة، لأن الثوب بينهما، فما وصل إليه فللشريك نصفه. قلت: فلو أن سارقاً أقر بالسرقة من رجلين وهما حاضران يدعيان السرقة (¬8) والسرقة يجب في مثلها القطع، هل تقطعه؟ قال: نعم. قلت: فلو أمرت بقطعه فقال أحدهما: لم يسرق منا شيئاً، أكنت تدرأ عنه القطع؟ قال: نعم. قلت: أفتضمنه السرقة وهي مستهلكة؟ قال: أما الذي أبرأه فلا أضمنه شيئاً، وأما الذي لم (¬9) يبرئ فإني أضمنه قيمة حصته. ¬

_ (¬1) م: قال. (¬2) ز: نصف. (¬3) م ز: فضمنت. (¬4) ز: يقضي. (¬5) ز: يقطع. (¬6) م ز - شهدوا. (¬7) ز: يقضى. (¬8) ف - السرقة. (¬9) ف - لم.

قلت: فهل يشرك فيها شريكه؟ قال: لا، لأنه قد قال: لم يسرق مني شيئاً، فهو (¬1) يقر أنه لا حق له فيما أخذ صاحبه. قلت: وكذلك لو شهد عليه الشهود بالسرقة لهما؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجلين (¬2) يقران جميعاً بالسرقة فيقولان: سرقنا من فلان هذا الثوب، والثوب يساوي مائة درهم وفلان يدعي ذلك، فلما أمرت بقطعهما قال أحدهما: الثوب ثوبنا لم نسرقه، هل تقطعهما؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأن الحد قد وجب عليهما في شيء واحد جميعاً معاً، فلما جاءت الشبهة درأت عن أحدهما، فدرأته (¬3) عن الآخر. قلت: فلو أن أحدهما قال: سرقنا هذا الثوب من هذا الرجل، وقال الآخر: كذبت لم نسرقه منه ولكنه لفلان، فكانت هذه مقالتهما فيه، أكنت تقطع الذي أقر بالسرقة والثوب قائم بعينه؟ قال: نعم، أقطعه، فأما صاحبه فلا أقطعه، لأنه لم يقر بمثل ما أقر به صاحبه، وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: أما أنا فأحب أن لا أقطع واحداً منهما. قلت: أرأيت إذا أقرا (¬4) بالسرقة جميعاً ثم قال أحدهما بعد ذلك: لم نسرقه ولكنه ثوبنا، أتدرأ عنهما (¬5) القطع؟ قال: نعم، لأنهما (¬6) سرقة واحدة، فإذا درأت الحد عن أحدهما درأته عن الآخر. قلت: أرأيت إن قال أحدهما: سرقناها، وقال الآخر: لم أسرق معك ولا أعرفك ولا أعرف هذا الثوب، أيقطع الذي أقر بالسرقة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل إذا ادعى السرقة على الرجل فقال: سرق مني متاعاً يساوي مائة درهم فاستحلفه، هل تستحلفه؟ (¬7) قال: نعم. قلت: فإن أبى أن يحلف، هل تقطعه؟ قال: لا، ولكن أضمنه المال. قلت: لم، أليس هذا والإقرار سواء؟ قال: ليسا بسواء في الحد، الحد يدرأ بالشبهة. قلت: فهل تضمنه (¬8) دعوى المدعي؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن ادعى عليه ¬

_ (¬1) ف ز: فهل. (¬2) ز: الرجلان. (¬3) م ف ز: درأته. (¬4) ز: إذا أقر. (¬5) ز: أيدرأ عنها. (¬6) ز: لأنها. (¬7) ز: هل يستحلفه. (¬8) ز: يضمنه.

باب قطع الطريق

فقال: هذا سرق متاعي وهو يساوي مائة (¬1) درهم، فقال المدعى عليه: صدق قد سرقت متاعه هذا، ثم جحد بعد ذلك فقال: لم أقل هذه المقالة ولم أقر بشيء، هل يقطعه الإمام؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه قد رجع عن إقراره وعن شهادته، فلا أقطعه. قلت: فهل تضمنه ما أقر به؟ قال: نعم. قلت: لمَ ضمنته وأخذته بإقراره في ضمان ما سرق ولم تأخذه بالحد؟ قال: لأن الحد يدرأ بالشبهات، فرجوعه عن الإقرار شبهة، ولا يقبل منه رجوعه في المتاع الذي سرق، لأنه حق الناس، وإنما يقبل رجوع المقر فيما كان لله (¬2) تعالى خاصة دون الناس، وأما ما كان للناس فلا يقبل رجوعه فيه، وآخذه بإقراره مرة واحدة. ... باب قطع الطريق حدثنا أبو يوسف عن الكلبي عن أبي صالح (¬3) عن ابن عباس أنه قال في قوم من أهل الشرك موادعين قطعوا الطريق، فنزل جبريل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحد فيهم، أن من أخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف، وإن قتل ولم يأخذ المال قتل، وإن قتل وأخذ المال صلب، ومن جاء مسلماً هدم الإسلام ما كان في الشرك (¬4). قلت: أرأيت قوماً يقطعون الطريق وهم من أهل الإسلام أو من أهل الذمة، فقتلوا وأخذوا المال، فأخذوا فأتي بهم الإمام، كيف الحكم فيهم؟ قال: تقطع (¬5) أيديهم اليمنى وأرجلهم اليسرى من خلاف، ويقتلهم أو يصلبهم إن شاء. قلت: أتقطع أيديهم اليسرى أو اليمنى؟ قال: بل أقطع ¬

_ (¬1) ف ز: ألف. (¬2) ز: الله. (¬3) م ز: عن الصالح. (¬4) تقدم أول كتاب السرقة. انظر: 5/ 44 ظ. (¬5) ز: يقطع.

أيديهم اليمنى وأرجلهم اليسرى. قلت: أرأيت إن كان فيهم عبد فالحكم عليه كالحكم في الحر المسلم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت من باشر منهم فتولى القتل وولي غيره أخذ المال، أو كانت طائفة وقوفاً ردءً لهم، أيكون الحكم عليهم سواء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن أصابوا الأموال ولم يقتلوا، هل تقطع (¬1) أيديهم وأرجلهم من خلاف ولا يقتلون؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن قتلوا وأخذوا المال ثم تابوا وأصلحوا وردوا المال إلى أهله (¬2) ثم أتي بهم الإمام بعد ذلك، هل تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنهم قد تابوا وأصلحوا وردوا الأموال إلي أهلها، وذلك لقوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} (¬3). قلت: أتقتلهم بالقتل الذي أصابوا؟ قال: يدفعون إلى أولياء القتيل (¬4)، فيقتلهم أو يصالحهم إن شاء. قلت: أرأيت منهم من كان واقفاً، هل تقتله على هذه الحال؟ قال: لا، إنما يدفع من قتل بعينه إلى أولياء القتيل فيقتص منه. قلت: أرأيت ما أصابوا من جراحة فيها قصاص ولا يستطاع القصاص في مثلها، هل تدفع (¬5) صاحب ذلك منه بعينه إلى صاحبه حتى يقتص منه إن كان يستطاع فيها القصاص، وإن كان لا يستطاع فيها القصاص غرّمته الأرش؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن لم يتوبوا وأخذهم الإمام، وقد أصابوا الأموال وقتلوا وجرحوا جراحات (¬6) بعضها يستطاع فيها القصاص، وبعضها لا يستطاع فيها القصاص، هل تقتص منهم في الجراحات أو تغرمهم (¬7) أرش شيء منها؟ قال: لا، ولكن تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ويقتلهم (¬8) أو يصلبهم. ¬

_ (¬1) ز: هل يقطع. (¬2) ز: إلى أهلها. (¬3) سورة المائدة، 5/ 34. (¬4) ز: القتل. (¬5) ز: هل يدفع. (¬6) ز: جرحان. (¬7) ز: أو يغرمهم. (¬8) ز: أو يقتلهم.

قلت: لم أبطلت الجراحات عنهم وهو حق للمسلمين (¬1) وهم مقيمون في الدار وليسوا بمحاربين؟ قال: لأنهم أصابوا على وجه الحرب، والقتل يأتي على ذلك. قلت: أرأيت إن عفا عنهم الأولياء، هل يخلي عنهم الإمام؟ قال: لا، ليس عفو الأولياء هاهنا بشيء، إنما هذا حد لله (¬2) تعالى. محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال في الرجل يقطع الطريق فيأخذ المال ويقتل قال: ذلك إلى الإمام، إن شاء قطع يده ورجله وصلبه، وإن شاء صلبه، وإن شاء قتله، وإن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف، وإن قتل ولم يأخذ المال قتل، وإن لم يفعل شيئاً من ذلك وأخاف المسلمين عوقب وحبس حتى يحدث خيراً (¬3). قلت: فإذا تابوا وأصلحوا ثم عفا عنهم الأولياء بعد أو صالحوهم، هل يجوز عفوهم؟ قال: نعم. قلت: لم أجزته هاهنا؟ قال: لأن الحد قد وقع عنهم إن تابوا وأصلحوا، فصار هذا حقاً للناس عفوهم فيه جائز. قلت: أرأيت إن تابوا وأصلحوا وفيهم عبد قد قطع يد حر ما القول فيه؟ قال: يخير مولاه، إن شاء فدى بالجناية، وإن شاء دفعه. قلت: فإن كانت فيهم امرأة فعلت ذلك؟ قال: عليها في مالها دية اليد. قلت: أرأيت إن كان العبد قَتَلَ أو المرأة ألست تدفعها إلى الأولياء، إن شاؤوا قتلوا (¬4) وإن شاؤوا عفوا؟ قال: بلى. قلت: أرأيت إن أخذهم الإمام على حالهم التي قَطعوا (¬5) عليها (¬6) ولم يتوبوا، ولكن الذي أصابوا لا يساوي عشرة دراهم، أو هو (¬7) يساوي ألف درهم وهم (¬8) أكثر من مائة رجل، هل تقطعهم؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأن ما أصابوا لم يبلغ عشرة دراهم كل رجل، فلذلك درأت عنهم الحد. ¬

_ (¬1) ز: المسلمين. (¬2) ز: الله. (¬3) الآثار لمحمد، 110. (¬4) م ف ز: قتلوها. (¬5) أي: قطعوا الطريق. (¬6) ز: فيها. (¬7) م ف ز: وهو. (¬8) ز: وهو.

قلت: فهل تضمنهم (¬1) المال إذا درأت عنهم الحد؟ قال: نعم. قلت: فهل تقتص (¬2) منهم فيما أصابوا من قتل أو جراحة عمداً؟ قال: من قتل منهم دفع إلى أولياء القتيل، إن شاؤوا قتلوه وإن شاءوا عفوا عنه، ومن جرح منهم دفع إلى صاحبه، فإن استطاع أن يقتص منهم اقتص، وإلا كان عليه الأرش في ماله. قلت: فإن قطعوا الطريق في مصر من الأمصار أو مدينة من المدائن، فقتلوا وأخذوا الأموال، فأخذوا ورفعوا إلى الإمام، هل يقطع أيديهم وأرجلهم؟ قال: لا، لأن هؤلاء لم يقطعوا الطريق، فلا قطع عليهم (¬3)، ولكنه ينظر: من قتل منهم قتيلاً (¬4) يدفع إلى وليه فيقتله، ومن جرح منهم جراحة يدفع إلى صاحبه، فيقتص منهم إن كان يستطاع فيها القصاص، وإن لم يستطع كان عليه الأرش في ماله، ويوجع من بقي منهم ممن لم يقتل (¬5) عقوبة (¬6)، ويستودعون السجن حتى يحدثوا توبة (¬7). قلت: فهل تضمنهم (¬8) الأموال إن كانوا (¬9) قد استهلكوها؟ قال: نعم. قلت: فإن قطعوا الطريق بين الكوفة والحيرة (¬10) على بعض من يذهب من الكوفة إلى الحيرة (¬11) أو من الحيرة (¬12) إلى الكوفة، كيف الحكم فيهم؟ قال: الحكم فيهم كالحكم في الذين قطعوا الطريق في جوف الكوفة. قلت: فهل تقطع (¬13) أيديهم وأرجلهم وتقتلهم إذا قطعوا الطريق في غير (¬14) مصر على المسافرين فقتلوا أو أصابوا (¬15) الأموال؟ قال: نعم. قلت: فإن كانوا في مصر أو بين قريتين فقطعوا ¬

_ (¬1) ز: يضمنهم. (¬2) ز: يقتص. (¬3) ف - أيديهم وأرجلهم قال لا لأن هؤلاء لم يقطعوا الطريق فلا قطع عليهم. (¬4) ز: قيلا. (¬5) ز: لم يقبل. (¬6) م ف ز: عاقبته. (¬7) ز: اتوبة. (¬8) ز: يضمنهم. (¬9) ز: إن كان. (¬10) ز: والجيرة. (¬11) ز: إلى الجيزة. (¬12) ز: من الجيرة. (¬13) ز: يقطع. (¬14) م: من غير. (¬15) ز: أو صابوا.

على أهلها أو قطعوا على (¬1) قوم ليسوا بمسافرين، فالحكم فيها كالحكم في الذين قطعوا الطريق في جوف المصر؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا بَيَّتُوا (¬2) المسافرين بَيَاتاً في منازلهم في غير مصر ولا في (¬3) مدينة، فكابروهم فقتلوا منهم وأخذوا الأموال، فالحكم فيهم كالحكم في الذين قطعوا الطريق؟ قال: نعم. قلت: أرأيت قوماً مسافرين جميعاً نزلوا منزلاً في قرية، فأغار بعضهم على بعض فقتلوا وأخذوا المال، كيف الحكم في هؤلاء؟ قال: الحكم فيهم كالحكم في الذين فعلوا ذلك في المصر. قلت: لمَ؟ قال: لأنهم معهم في قرية، إنما الحكم في هذا أن يُقتَل من قَتل، وأن يُقتَص ممن جَرح، وأن يضمنوا الأموال إن كانوا قد استهلكوها، وليس عليهم قطع. قلت: فإن نزل (¬4) رجل منهم في بيت أو فسطاط وأغلق عليه بابه وضم إليه متاعه، فجاء رجل من أصحابه فنقب عليه بيته فسرقه، كيف الحكم فيه؟ قال: الحكم عليه كالحكم على السارق. قلت: وكذلك الرجل لو سرق من فسطاط شيئاً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يقطع الطريق فيقتل ويصيب المال، فيؤتى به الإمام وهو أقطع اليد اليمنى، كيف الحكم فيه؟ قال: يقطع رجله اليسرى ويقتله أو يصلبه. قلت: فإن كان القعطع في يده اليسرى ويده اليمنى (¬5) صحيحة؟ قال: لا يقطع يده الباقية ولا رجله، ولكنه يقتل أو يصلب. قلت: فإن كان أقطع الرجل اليسرى ويداه صحيحتان، هل يقطع يده اليمنى ويقتله أو يصلبه؟ (¬6) قال: نعم. قلت: فإن كان أشل اليمنى لا ينتفع ¬

_ (¬1) م: أهل. (¬2) ز: إذا أثبتوا. أي: هجموا عليهم ليلاً. انظر: لسان العرب، "بيت". (¬3) ف - في. (¬4) ف: ترك. (¬5) ز - كيف الحكم فيه قال يقطع رجله اليسرى ويقتله أو يصلبه قلت فإن كان القطع في يده اليسرى ويده اليمنى. (¬6) ز: أو تصلبه.

بها؟ قال: أقطعه، وتُقطَع رجله اليسرى. قلت: فإن كان صحيح اليمنى وكانت الشمال شلاء لا ينتفع بها؟ قال: لا يقطع شيئاً من يديه ولا رجليه، ولكنه يقتله أو يصلبه. قلت: وكذلك لو كان أشل الرجل اليمنى لا ينتفع بها؟ (¬1) قال: نعم. قلت: فإن كانت الرجل اليمنى صحيحة والشمال شلاء قطع يده اليمنى ورجله اليسرى وقتله أو صلبه؟ قال: نعم. قلت: فإن كان صحيح اليدين والرجلين ثم قطع الطريق فقتل وأصاب الأموال، ولكنه قتله بعصا (¬2) أو بحجر أو بيده، خَنَقَ رجلاً حتى قتله، كيف الحكم فيه؟ قال: تقطع يده ورجله ويقتل أو يصلب. قلت: لمَ وإنما قتل بغير سلاح؟ قال: السلاح هاهنا وما ذكرت سواء، ألا ترى أنه تُقطَع يده ورجله. قلت: أرأيت الرجل يقطع الطريق على الرجلين فيقتل ويأخذ (¬3) الأموال، وأحد الرجلين أبوه وهما شريكان، هل يقطع؟ قال: لا تقطع يده ولا رجله ولكنه يقتل. قلت: ولم درأت عنه الحد؟ قال: لأن أحد الرجلين أبوه، ولو سرق من أبيه شيئاً لم أقطعه. قلت: وكذلك إن كان أحدهم أخاه (¬4) أو ذا (¬5) رحم محرم منه (¬6) أو شريكا (¬7) له مفاوضاً؟ (¬8) قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يقطع الطريق فأصاب المال وقتل، فشهد (¬9) عليه شاهد بذلك معاينة وشهد آخر على إقراره ذلك، هل تجيز شهادتهما عليه وتُمضي (¬10) الحكم فيه؟ قال: لا، لأنه اختلفت شهادتهما. قلت: أرأيت لو شهدوا عليه جميعاً بالمعاينة وكانا غير عدلين، أتجيز شهادتهما عليه؟ قال: لا. قلت: فإن كانا محدودين في قذف أو عبدين أو من أهل الذمة، فشهدوا ¬

_ (¬1) ف + وكانت الشمال شلاء لا ينتفع بها. (¬2) ز: بغضا. (¬3) م ف ز: أو يأخذ. والتصحيح من ب. (¬4) ز: أخوه. (¬5) ز - ذا. (¬6) ف ز - منه. (¬7) ز: أو شريك. (¬8) ز. مفاوض. (¬9) ز: يشهد. (¬10) ز: ويمضي.

أنه قطع على أناس من أهل الذمة الطريق أو مسلمين، والقاطع مسلم؟ قال: لا أجيز شهادتهما. قلت: فإن كان القاطع من أهل الذمة (¬1) أتجيز شهادة الذميين عليه إذا كانا لا يتهمان في شهادتهما؟ قال: نعم، وأمضي عليه الحكم. قلت: أرأيت إن كان الشاهدان مسلمين (¬2) ولكنهما قالا: نشهد (¬3) أنه قطع علينا وعلى أصحابنا هو وأصحابه فأخذوا أموالنا، هل تجيز شهادتهما وتمضي فيه الحكم وهما شريكا أصحابهم؟ قال: لا، لأنهما يشهدان لأنفسهما (¬4). قلت: فإن شهدا أنه قطع على غيرهما وأخذ الأموال، فكان المقتول الذي أخذ ماله أباهما أو أبا (¬5) أحدهما، هل تجيز شهادتهم على هذا؟ قال: لا. قلت: فإن كان الذي قتل وأخذ ماله من عُرْض الناس، له ولي يعرف أو ليس له ولي يعرف، فشهدا عليه أنه قطع الطريق عليه وأخذ ماله، هل تجيز شهادتهما؟ قال: نعم، وأقطع يده ورجله وأقتله أو أصلبه، ولا أفعل ذلك إلا بمحضر من الخصم. قلت: ولا تنظر (¬6) إلى عفو الولي؟ قال: لا، إنما هذا إلى الإمام. قلت: فإن كان هذا ليس عندك إلى الولي منهم شيء (¬7) فلم لا تجيز شهادتهما لأبيهما؟ قال: لأن أباهما بمنزلة أنفسهما، فلا أجيز شهادتهما. قلت: أرأيت أهل الذمة إذا قطعوا الطريق على المسلمين فقتلوا وأصابوا الأموال، فالحكم فيهم كالحكم على المسلمين؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو قطعوا على أهل الذمة مثلهم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الصبي قد راهق الحلم ولم يحتلم فقطع الطريق وأخذ مالاً، هل تقطع (¬8) يده ورجله وتصلبه؟ قال: لا. قلت؛ لمَ؟ قال: لأنه لم تجر عليه الأحكام. قلت: فهل تضمنه (¬9) المال إن كان قد استهلكه؟ قال: ¬

_ (¬1) ز - الطريق أو مسلمين والقاطع مسلم قال لا أجيز شهادتهما قلت فإن كان القاطع من أهل الذمة. (¬2) ز: مسلمان. (¬3) ز: يشهد. (¬4) ف: على أنفسهما. (¬5) ز: أبوهما أو أب. (¬6) ز: ينظر. (¬7) ف ز: بشيء. (¬8) ز: هل يقطع. (¬9) ز: يضمنه.

نعم. قلت: فهل تجعل الدية على عاقلته فيما قتل؟ قال: نعم. قلت: أرأيت القوم يقطعون الطريق في دار الحرب على ناس من المسلمين أو من أهل العهد، فأخذوا فأتي بهم الإمام في دار الإسلام، هل يمضى عليهم الحكم؟ قال: لا، لأنهم فعلوا ذلك في دار الشرك، وأحكامهم لا تجري عليهم هناك. قلت: أرأيت القوم من أهل البغي يحاربون المسلمين ويغلبون على طائفة من الأرض يكونون فيها، فيقطع قوم الطريق من أهل الذمة أو منهم على أناس من أهل الذمة أو من المسلمين، فأتي بهم إمام أهل البغي فقضى عليهم بالأموال وحكم عليهم بغير عدل، فلما ظهر عليهم أتي بهم إمام أهل (¬1) العدل، أيمضى عليهم الحكم كما يمضى على من يقطع الطريق؟ قال: لا، لأنه قد حكم فيهم غيره، وفعلوا ذلك حين فعلوا وأحكامنا لا تجري عليهم. قلت: أرأيت قوماً يقطعون الطريق فرفعوا إلى القاضي وقد قتلوا وأصابوا الأموال، وكان من رأي ذلك القاضي أن يضمنهم الأموال، فدفعهم إلى أولياء القتيل فصالحوهم على الديات، ثم رفعوهم بعد ذلك إلى قاض آخر، أيمضي فيهم الحكم كما يُمضَى على من قطع الطريق؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأن قاضياً آخر قضى (¬2) عليهم، وقد صالحوا، أو قد أتى عليهم زمان، فأدرأ عنهم الحد لذلك. قلت: أرأيت قوماً قطعوا الطريق فأصابوا الأموال وقتلوا وقامت عليهم البينة بذلك وزكوا وأمر القاضي فيهم بقطع الأيدي والأرجل والقتل، فرفعوا إلى السجن حتى يمضى ذلك فيهم، فانطلق رجل من أهل السجن فقتل منهم رجلاً، هل عليه شيء؟ قال: لا، لأنه قد قضي (¬3) عليهم ¬

_ (¬1) ف - البغي فقضى عليهم بالأموال وحكم عليهم بغير عدل فلما ظهر عليهم أتي بهم إمام أهل. (¬2) م ف ز: فقضى. (¬3) ز: قد قضا.

بالقتل، وهذا حد للمسلمين (¬1) أقامه رجل من المسلمين فليس عليه شيء. قلت: وكذلك لو قطع يده ورجله وقتله؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو قطع يده ولم يزد على ذلك؟ قال: نعم. قلت: أفتقطع رجله أيما كان، وإن كان قَطَعَ رجله قطعتَ يده ويقتل أو يصلب؟ (¬2) قال: نعم. قلت: ولا بد بأن تُمضي فيه تمام الحد وتحكم فيه كما تحكم على أصحابه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا أتوا (¬3) إلى القاضي فأخطأ القاضي فقطع يده اليسرى أو رجله اليمنى، هل ترى عليه شيئاً؟ قال: لا. قلت: فإن كان الإمام هو الذي أخطأ وأمر بذلك؟ قال: ليس عليه شيء أيضاً، ألا ترى أنه يقتل، فيأتي القتل على ذلك كله. قلت: أرأيت الرجل يأتي الإمام فيقر أنه قطع الطريق وأخذ الأموال فيقر بذلك مرة واحدة، أيجب عليه من الحكم ما يجب على قاطع الطريق، ويقطع يده ورجله ويقتل أو يصلب؟ قال: نعم. قلت: فإن أقر أنه قتل ولم يأخذ (¬4) مالاً أيقتل؟ قال: نعم. قلت: فإن أقر أنه أخذ مالاً ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف؟ قال: نعم. قلت: فإذا أقر (¬5) بشيء من ذلك فتفتش (¬6) على ذلك وتسأل عنه: كيف صنعت، وما ذلك، وما أخذت؟ قال: نعم. قلت: فإن أقر بشيء من ذلك يجب فيه الحد أتُمضي (¬7) فيه الحد؟ قال: نعم. قلت: فإن أقر مرة واحدة أقمتَ عليه الحد؟ قال: نعم. قلت: فإن رجع عن إقراره قبل أن تمضي (¬8) فيه الحد أتدرأ عنه الحد؟ قال: نعم. قلت: فهل تضمنه (¬9) المال؟ قال: نعم. قلت: فإن أقر بقتل فلولي القتيل (¬10) أن يقتله وإن جحد؟ (¬11) قال: نعم. قلت: فإن أقمت على ¬

_ (¬1) م ف ز: المسلمين. (¬2) ز: ويصلب. (¬3) ز: إذا أوتوا. (¬4) ز - يأخذ. (¬5) م: فإذا قر. (¬6) ف: فتقيس؛ ز: فنقش. (¬7) ز: أيمضا. (¬8) ز: أن يمضي. (¬9) ز: يضمنه. (¬10) م: القتل. (¬11) أي: وإن رجع عن إقراره، لأنه حق العبد، فلا يقبل فيه الرجوع. انظر: المبسوط، 9/ 204.

هذا الحد أو على إنسان شهد عليه الشهود فقطع، هل تضمنه المال مع الحد؟ قال: لا. قلت: وإذا درأت عنه الحد ضمنته المال؟ قال: نعم. قلت: ولا يجب على من قطع الطريق وأخذ المال القطع إلا ما يقطع في مثله السارق؟ قال: نعم. قلت: وكل شيء قطعت في السرقة فإنك تقيم فيه الحد على قاطع الطريق، وكل شيء درأت عنه الحد في السرقة فإنك تدرأ الحد فيه على قاطع الطريق؟ قال: نعم. قلت: وما لك لا تقطع في أقل من عشرة دراهم؟ قال: بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا تقطع اليد في أقل من عشرة دراهم أو دينار" (¬1). وبلغنا عن علي بن أبي طالب مثله، وعن ابن مسعود كذلك (¬2). قلت: فإن قطع الطريق وأخذ ديناراً وهو لا يساوي عشرة دراهم أتقيم (¬3) عليه الحد؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: للحديث الذي جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قلت: وكذلك اللص إذا سرق ديناراً لا يساوي عشرة درا هم؟ قال: نعم، لا (¬4) أقطعه. قلت: أرأيت الذي يقطع الطريق لم قطعت يده ورجله وصلبته؟ قال: للأثر الذي بلغنا عن إبراهيم النخعي أنه قال: إذا قطع الطريق فقتل وأخذ المال قطعت يده ورجله من خلاف وقتله الإمام أو صلبه، فإذا قتل ولم يأخذ مالاً قتل (¬5)، وإذا أخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف، وإذا لم يقدر عليه طلب، فهذا نفيه من الأرض (¬6). وقال أبو حنيفة: إذا قَطع الرجل الطريق وقَتل وأصاب المال قُطعت يده ورجله وقُتل أو صُلب (¬7)، فإذا قَتل ولم يأخذ مالاً قُتل، وإذا أصاب مالاً ولم يَقتل قُطعت يده ورجله، وإذا لم يُقدَر عليه طُلِب، فهذا نفيه من الأرض. ¬

_ (¬1) ز: أو دنانير. روي عن ابن مسعود مرفوعاً. انظر: المعجم الأوسط للطبراني، 155/ 7، 203. وانظر للأحاديث والآثار المتعلقة بالموضوع: نصب الراية للزيلعي، 3/ 359 - 360. (¬2) المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 476؛ والمعجم الكبير للطبراني، 9/ 351. (¬3) ز: أيقيم. (¬4) ز - لا. (¬5) ز - قتل. (¬6) تقدم قريبا. (¬7) م ف ز: وقتله أو صلبه.

محمد عن الحجاج بن أرطأة عن عطية العوفي عن ابن عباس أنه قال: إذا أخذ المال وقتل صلب، وإذا قتل ولم يأخذ مالاً قتل، وإذا أخذ المال ولم يقتل قطع (¬1). وقال أبو يوسف ومحمد: نأخذ (¬2) بقول ابن عباس (¬3). قلت: أرأيت الرجل إذا قطع الطريق وأخذ (¬4) المال ثم ترك ذلك وأقام في أهله زماناً، هل يقيم الإمام عليه الحد؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه ترك وأتى عليه زمان. قلت: فهل تضمنه (¬5) المال؟ قال: نعم. قلت: فما شأنك لا تقيم الحد على هذا وعلى السارق والزاني (¬6) إذا أتيت (¬7) به بعد زمان؟ قال: بلغنا عن عمر بن الخطاب أنه قال: أيما قوم شهدوا على رجل بحد ولم يشهدوا عليه عند حضرته ذلك فإنما شهدوا على ضغن (¬8). وإذا (¬9) أتى على ذلك زمان وتاب الرجل استحسنت أن أدرأ عنه الحد. قلت: أرأيت الرجل يقطع الطريق ويشهد عليه الشهود بإقراره وهو يجحد ذلك، هل تقيم عليه الحد؟ قال: لا، ألا ترى أنه لو أقر عند الإمام بذلك ثم رجع عنه وجحد درأت عنه الحد. قلت: أرأيت القوم يقطعون الطريق على قوم من أهل الحرب مستأمنين في دار الإسلام فقتلوا (¬10) وأصابوا (¬11) الأموال، هل تقيم عليهم الحد؟ قال: لا، ولكن أضمنهم المال وأضمنهم دية القتل وأوجعهم عقوبة. ¬

_ (¬1) تفسير الطبري، 6/ 211؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 4/ 72. وانظر لمجموع الروايات في تفسير الآية المتعلقة بالموضوع: الدر المنثور للسيوطي، 3/ 68. (¬2) ز: يأخذ. (¬3) أي: أن عقوبة آخذ المال والقاتل هو الصلب عندهما، أما عند الإمام أبي حنيفة فالعقوبة هي القتل أو الصلب. والصلب يؤول إلى القتل في النهاية. انظر: المبسوط، 9/ 195 - 196. (¬4) م ف ز: ويأخذ. (¬5) ز: يضمنه. (¬6) م ف ز + وعلى السارق. (¬7) ز: إذا أثبت. (¬8) م ف ز: على طعن. وانظر: المصنف لعبد الرزاق، 7/ 432. (¬9) ز: وإنما. (¬10) ف + وصلبوا. (¬11) ف: وأخذوا.

قلت: لم لا تقيم عليهم الحد؟ قال: لأن الذين قطعوا عليهم من أهل الحرب، فلذلك درأت عنهم الحد. قلت: أرأيت الرجل يقطع الطرق ولا يصيب مالاً ولا يقتل أحداً، كيف الحكم فيه؟ قال: يوجع عقوبة ويستودع السجن حتى يحدث توبة، وليس عليه إلا ذلك. قلت: فإن كان جرح جراحات يستطاع فيها القصاص، اقتص منه؟ قال: نعم. قلت: وإن كان لا يستطاع القصاص فيه أخذ الأرش؟ قال: نعم (¬1). قلت: أرأيت الرجل من أهل الذمة يقطع الطريق فقتل وأخذ المال، ثم أتي به الإمام وأسلم حين أتي به الإمام، أتدرأ عنه الحد لإسلامه؟ قال: لا، ولكن أقيمُ عليه الحد، ويَقطع (¬2) يده ورجله ويقتله أو يصلبه (¬3). قلت: أرأيت القوم يقطعون الطريق على القافلة العظيمة فيهم المسلمون وأهل الذمة وأهل الحرب وأخذوا أموالهم، أتمضي فيهم الحد والحكم؟ قال: نعم. قلت: ولا تدرأ عنهم شيئاً من ذلك لمكان أهل الحرب؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن كانوا إنما قتلوا من أهل الحرب وأخذوا أموالهم ولم يقتلوا من المسلمين ولا من أهل الذمة أحداً ولم يأخذوا مالاً، أيقام عليهم الحد؟ قال: لا، لأنهم أصابوا من أموال أهل الحرب. قلت: فهل تضمنهم (¬4) أموالهم ودماءهم؟ قال: لا (¬5). قلت: أرأيت أهل الحرب إذا استأمنوا لم لا يكونون (¬6) بمنزلة أهل الذمة؟ قال: ليسوا بمنزلتهم، ألا ترى أني لا أضع عليهم الجزية وأخلي (¬7) عنهم فيرجعون (¬8) إلى ديارهم، وآخذ ¬

_ (¬1) ف - قلت وإن كان لا يستطاع القصاص فيه أخذ الأرش قال نعم. (¬2) أي: يقطع الجلاد. (¬3) ف: أو يقتله ويصلبه؛ ز: وتقطعه أو تصلبه. (¬4) ز: يضمنهم. (¬5) م ز - قال لا. (¬6) ز: لا يكونوا. (¬7) ف ز: واخل. (¬8) ز: فيرجعوا.

العشر من أموالهم، ولا آخذ من أهل الذمة (¬1) ذلك، وليسوا بمنزلة أهل الذمة. قلت: أرأيت الرجل يقطع الطريق فيقتل ويصيب (¬2) المال، فلما أتي به (¬3) الإمام وقضى عليه بالحد أحرم؟ قال: يقام عليه الحد أحرم أو لم يحرم. قلت: وكذلك السارق والزاني؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو أحرم بعدما يؤتى به الإمام قبل أن يمضى عليه الحد؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يقطع الطريق فقتل وأخذ المال فأخذ وأتي به الإمام فحبسه الإمام حتى ينظر في أمره، فقتله رجل قبل أن يثبت عليه (¬4)، ثم قامت عليه البينة بما صنع، هل يقتل (¬5) ذلك الرجل؟ قال: نعم. قلت: لمَ؟ قال: لأنه قد قتله قبل أن يمضي فيه الإمام شيئاً. قلت: فإن كان القاتل هو ولي المقتول وقد أقام البينة أنه قتل وليه وزكوا، هل يقتله؟ قال: لا، إنما أخذ بحقه. قلت: أرأيت الرجل يقطع على ابن عمه وعلى ابن خاله وعلى ذي قرابة منه وليس بذي رحم محرم منه فأصاب مالاً هل تقطع (¬6) يده ورجله؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو سرق منه وهو مقيم في المصر؟ قال: نعم. قلت: فإن كان ذا رحم محرم (¬7) في الوجهين جميعاً فإنك تدرأ عنه الحد؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يقطع الطريق ولم يقتل ولم يصب مالاً، ولكنه قطع الطريق فأخذ، هل يحد؟ قال: لا. قلت: فهل يحبس حتى يحدث توبة؟ قال: نعم (¬8). ¬

_ (¬1) م ف ز + من. (¬2) ف ز: أو يصيب. (¬3) ف + إلى. (¬4) ز: علته. (¬5) ز: هل يقبل. (¬6) ز: هل يقطع. (¬7) ف - محرم. (¬8) م + تم كتاب السرقة بعون الله وحسن توفيقه كتبه أبو بكر بن أحمد بن محمد الطلحي الأصفهاني بتاريخ شهر الله المبارك رمضان سنة ثمان وثلاثين وستمائة؛ ف + تم كتاب السرقة بعون الله وحسن توفيقه والحمد لله رب العالمين.

كتاب الإكراه

بِسْمِ اللَّهِ الرَحَمَن الرَّحِيمِ (¬1) كتاب الإكراه أبو سليمان قال: أخبرنا محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم في الرجل يجبره السلطان على الطلاق أو العتاق فيطلق أو يعتق وهو كاره أنه جائز واقع، وقال: لو شاء الله لابتلاه بأشد من هذا، وهو يقع كيفما كان (¬2). محمد قال: أخبرنا عباد بن العوام قال: أخبرنا داود بن أبي هند عن عطاء الخراساني أن عمر بن عبد العزيز أجاز طلاق المكره (¬3). محمد عن عباد بن العوام قال: أخبرنا يحيى بن سعيد عن رجل من ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) عن إبراهيم قال: هو جائز، إنما هو شيء افتدى به نفسه. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 6/ 410؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 83. وعن إبراهيم قال: لو وضع السيف على مفرقه ثم طلق لأجزت طلاقه. وعن شريح قال: طلاق المكره جائز. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، الموضع السابق. (¬3) أخرج الطحاوي بإسناده إلى أبي سنان قال: سمعت عمر بن عبد العزيز يقول: طلاق السكران والمكره جائز. انظر: شرح معاني الآثار، 3/ 99.

الأنصار قال: ذكر لسعيد بن المسيب أن رجلاً ضرب غلامه حتى طلق امرأته، فقال سعيد: بئس ما صنع، قال يحيى: أي: أنه جائز عليه (¬1). محمد قال: أخبرنا إسماعيل بن عياش الحمصي قال: حدثنا الغار بن جبلة عن صفوان بن عمران الطائي أن رجلاً كان مع امرأته، فأخذت سكيناً وجلست على صدره، فوضعت السكين على حلقه فقالت له: طلقني ثلاثاً البتة أو لأذبحنك، فناشدها الله فأبت عليه، فطلقها ثلاثاً، فذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "لا قيلولة في الطلاق" (¬2). قال محمد: وذكر أيضاً الفَرَج بن فَضَالة أبو فَضَالة قال: حدثني عمرو (¬3) بن شَرَاحِيل أن امرأة كانت مبغضة لزوجها فراودته (¬4) على الطلاق فأبى أن يطلقها، فلما رأته نام قامت إلى سيفه فأخذته ثم وضعته على بطنه، ثم حركته برجلها، فلما استيقظ قالت: والله لأُنْفِذَنك به أو لتطلقني، فطلقها ثلاثاً، فأتى عمر بن الخطاب فاستغاث به، فشتمها وقال: ويحك! ما حملك على ما صنعت؟ قالت: بغضي إياه، فأمضى طلاقه (¬5). قال: أخبرنا محمد قال: وذكر رجل عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة قال: طلاق المكره جائز (¬6). ¬

_ (¬1) عن سعيد بن المسيب أنه كان يجيز طلاق المكره. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 83. (¬2) رواه العُقَيلي من عدة طرق عن الغار بن جبلة. انظر: الضعفاء للعقيلي، 2/ 211، 3/ 441. قال البخاري: صفوان بن الأصم عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، روى عنه الغار في طلاق المكره، وهو لا يتابع عليه، حديثه منكر. انظر: الضعفاء الصغير للبخاري، 60. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه وليس بالقوي. انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم، 4/ 422. وذكره ابن حبان في الثقات، 4/ 380. والغار ذكره بعضهم بالزاي: الغازي، وأنكروا عليه هذا الحديث. انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم، 7/ 58؛ ولسان الميزان لابن حجر، 4/ 412. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 3/ 222. (¬3) ز: عمر. (¬4) ف: فأرادته. (¬5) سنن سعيد بن منصور (تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي)، 1/ 314. وورد اسم الراوي فيه هكذا: "عمر بن شراحيل" وليس "عمرو بن شراحيل". (¬6) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 83.

قال: أخبرنا عباد بن العوام قال: حدثنا الحجاج بن أرطأة عن سليمان بن سحيم عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب أنه قال: أربع واجبات على من تكلم بهن، الطلاق والعتاق والنكاح والنذر (¬1). قال محمد: وبه نأخذ، نجيز ذلك كله عليه إن جد أو هزل أو أكره أو لم يكره. محمد قال: وذكر شريك عن عبد الله بن جابر الحنفي عن عبد الله بن يحيى عن علي بن أبي طالب قال: ثلاث لا لعب فيهن، العتاق والطلاق والصدقة (¬2). محمد قال: حدثنا الثقة عن ابن لهيعة قال: حدثنا يزيد بن أبي حبيب (¬3) عن عُمارة بن عبد الله بن طُعْمَة أنه أخبره أنه سمع سعيد بن المسيب يخبر عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال: أربع مُبْهَمات مُقْفَلات (¬4) ليس فيهن رِدِّيدَى (¬5)، الطلاق والعتاق والنكاح والنذر (¬6). محمد قال: وذكر حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال: ثلاث ليس فيهن لعب، الطلاق والعتاق والنكاح (¬7). قال محمد: وذكر هشام قال: أخبرنا يونس عن الحسن عن أبي الدرداء قال: ثلاث لا لعب فيهن، واللعب كالجد، النكاح والعتاق (¬8) والطلاق (¬9). ¬

_ (¬1) المصنف لعبد الرزاق، 6/ 134؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 114. (¬2) المصنف لعبد الرزاق، 6/ 134. (¬3) م ف ز ب: أبي جندب. والتصحيح من السنن الكبرى للبيهقي، 7/ 341. (¬4) أبهم الباب، أي: أغلقه. فهي كأنها أبواب مبهمة عليها أقفال. انظر: المغرب، "بهم". (¬5) هو بمعنى الرد، لكنه أبلغ منه. انظر: المغرب، "ردد". (¬6) سنن سعيد بن منصور، 1/ 416؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 114؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 7/ 341؛ ويرويه البيهقي من طريق الليث حدثني يزيد بن أبي حبيب عن محمد بن إسحاق عن عمارة بن عبد الله سمع سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب. (¬7) الموطأ، النكاح، 56؛ والمصنف لعبد الرزاق، 6/ 135. (¬8) ز - والعتاق؛ صح هـ. (¬9) المصنف لعبد الرزاق، 6/ 133 - 134؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 114.

محمد قال: أخبرنا إسماعيل بن جعفر عن (¬1) حبيب (¬2) بن أَرْدَك (¬3) أو ابن حبيب بن أَرْدَك (¬4) عن ابن أبي رباح (¬5) عن يوسف (¬6) بن ماهك (¬7) عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ثلاث جدهن جد وهزلهن جد، الطلاق والنكاح والرجعة" (¬8). محمد قال: وذكر أبو عوانة عن (¬9) المغيرة عن إبراهيم قال: طلاق المكره جائز (¬10). محمد قال: وذكر أبو بكر ابن عياش قال: حدثنا حُصَين عن الشعبي قال: إذا أجبر السلطان على الطلاق فهو جائز، وإن كان لصاً فلا شيء (¬11). محمد قال: حدثنا أبو معاوية المكفوف عن الأعمش عن إبراهيم عن عَابِس (¬12) بن ربيعة قال: قال علي بن أبي طالب: كل طلاق جائز إلا طلاق المعتوه (¬13). قال محمد: فيدخل في هذا طلاق المكره وغيره. ¬

_ (¬1) ف ز: بن. (¬2) م ف ز: جندب. والتصحيح من كتب الرجال. (¬3) ز: أردل. (¬4) ز: أردل. هو عبد الرحمن بن حبيب بن أردك، وقيل: حبيب بن عبد الرحمن. انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر، "عبد الرحمن بن حبيب"؛ وتقريب التهذيب لابن حجر، "عبد الرحمن بن حبيب". (¬5) م: رياح. (¬6) م ف ز: عن يحيى. والتصحيح من كتب الرجال. (¬7) ز: ماهل. (¬8) سنن ابن ماجه، الطلاق، 13؛ وسنن أبي داود، الطلاق، 9؛ وسنن الترمذي، الطلاق، 9. وحسنه الترمذي. وصححه الحاكم. انظر: المستدرك، 2/ 216. (¬9) م + ابن. (¬10) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 83. (¬11) روي عن الشعبي في الرجل يكره على أمر من أمر العتاق أو الطلاق قال: إذا أكرهه السلطان جاز، وإذا أكرهته اللصوص لم يجز. المصنف لعبد الرزاق، 6/ 410؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 83. كما روي عن سيار قال: قلت للشعبي: إنهم يزعمون أنك لا ترى طلاق المكره شيئاً. قال: إنهم يكذبون علي. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، الموضع السابق. (¬12) ز: عن عباس. (¬13) المصنف لعبد الرزاق، 6/ 409.

محمد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة في سلطان أكره رجلاً حتى طلق أو أعتق أو نكح، قال: جائز، وإذا أكرهه حتى باع لم يجز. محمد قال: حدثنا جعفر بن بُرْقَان الجزري عن الزهري أن فتى أسود كان مع أبي بكر الصديق وكان يقرأ القرآن، فبعث أبو بكر رجلاً (¬1) يسعى في الصدقة (¬2)، فقال له: اذهب بهذا الغلام معك، يرعى عليك ويعينك وتعطيه من سهمك. فذهب الفتى فرجع وقد قطع يده. فقال له أبو بكر: ويحك! ما لك؟ قال: زعموا أني قد (¬3) سرقت فريضة من فرائض الإبل فقطعني. فقال أبو بكر: والله لئن وجدته قطعك بغير حق لأُقيدنك منه. قال: فلبثوا ما لبثوا، ثم إن متاعاً لأبي بكر (¬4) سرق، وذلك الأسود قائم يصلي. قال: فرفع الأسود يده إلى السماء فقال: اللهم أظهر على السارق، اللهم أظهر على السارق. قال: فوجد ذلك المتاع عنده. فقال أبو بكر: ويحك! ما كان أجهلك بالله! ثم أمر به فقطعت رجله، فكان أول من قطعت رجله (¬5). قال محمد: وبه نأخذ، إذا بعث الخليفة رجلاً عاملاً فتعدى على رجل فأمر به فقطعت يده أو قتل بغير حق اقتص من القاتل (¬6) الذي أمر به كما قال أبو بكر - رضي الله عنه -: والله لئن وجدته قطعك بغير حق لأقيدنك منه. وكذلك يقول محمد. قال: وذكر موسى بن أَعْيَن الجزري قال: حدثنا عبد الكريم عن أبي عُبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر قال: أخذ المشركون عمار بن ياسر فلم يتركوه حتى سب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذكر آلهتهم، ثم تركوه. فلما أتى ¬

_ (¬1) ز + كان. (¬2) ز + على الصدقة. (¬3) ف - قد. (¬4) ز: متاعا لامرأة أبي بكر. (¬5) رواه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 10/ 188 - 189. وللقصة سياقات مختلفة. انظر: الموطأ، الحدود، 30؛ وسنن الدارقطني، 3/ 183 - 184؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 4/ 70 - 71. (¬6) ز: من العامل.

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما وراءك؟ " قال: شر، ما تركوني حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير. فقال - عليه السلام -: "كيف تجد قلبك؟ "، قال: أجده مطمئناً بالإيمان، قال: "فإن عادوا فعد" (¬1). قال: وذكر موسى بن أَعْيَن قال: حدثنا عبد الكريم عن أبي عُبيدة (¬2) بن محمد بن عمار بن ياسر في قوله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ}، قال: ذلك عمار بن ياسر، {وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا} (¬3)، قال: ذلك عبد الله بن أبي سَرْح (¬4). قال: وذكر أبو عَوَانَة عن جابر الجُعْفِي أنه سأل عامراً (¬5) الشعبي عن الرجل يأمر عبده أن يقتل رجلاً، قال: قد قيل فيها ثلاثة أقاويل، فقيل: يقتل العبد، وقد قيل: يقتل العبد والمولى، وقيل: يقتل المولى (¬6). قال: وذكر مروان بن معاوية الفَزَارِي (¬7) قال: حدثنا عوف عن الحسن البصري قال: التقية جائزة للمؤمن إلى يوم القيامة، إلا أنه كان لا يجعل في القتل تقية (¬8). قال محمد: وحدثني الثقة عن ابن جريج عن رجل عن ابن عباس: ¬

_ (¬1) المستدرك للحاكم، 2/ 389؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 8/ 208؛ والدراية لابن حجر، 2/ 197. (¬2) ز - عن أبي عبيدة. (¬3) يقول الله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (سورة النحل، 16/ 106). (¬4) الطبقات الكبرى لابن سعد، 3/ 249 - 250. وانظر للآثار في ذلك: الدر المنثور للسيوطي، 5/ 170. (¬5) ز: عامر. (¬6) روي عن الشعبي فى رجل أمر عبده فقتل رجلا قال: يقتل العبد ويعاقب السيد. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 9/ 425؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 438. (¬7) م: العزيري؛ ف ب: العريري؛ ز: العزيزي. (¬8) المصنف لابن أبي شيبة، 6/ 474؛ وتغليق التعليق لابن حجر، 5/ 261.

إنما التقية باللسان ليس باليد (¬1). قال محمد: وذكر عبد الوارث بن سعيد البصري عن عمرو بن عبيد عن الحسن في رجل أمر عبده فقتل رجلاً، فقال: يقتل السيد (¬2). محمد قال: وذكر أبو معاوية المكفوف قال: حدثنا الأعمش عن شقيق (¬3) عن حذيفة قال: لفتنة السوط أشد من فتنة السيف. قالوا له: وكيف ذلك؟ (¬4) قال: إن الرجل ليُضرب بالسوط حتى يركب الخشبة (¬5). قال محمد: وبه نأخذ، نرى الإكراه بالضرب فيما يخاف فيه التلف بمنزلة السيف. وذكر أبو معاوية المكفوف قال: حدثنا الأعمش عن شقيق عن مسروق قال: بعث رجل بتماثيل من صُفْر تباع (¬6) بأرض الهند، فمر بها على مسروق، فقال: والله لو أني أعلم أنه يقتلني لفرقتها (¬7)، ولكني أخاف أن (¬8) يعذبني فيفتنني (¬9)، والله فما أدري أي الرجلين ذاك، أرجل زُيِّنَ سوء عمله [أو رجل] (¬10) قد يئس (¬11) من الآخرة فهو يتمتع من الدنيا (¬12). محمد قال: حدثنا ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال: لا جناح علي من طاعة الظالم إذا أكرهني عليها. ¬

_ (¬1) ز - قال محمد وحدثني الثقة عن ابن جريج عن رجل عن ابن عباس إنما التقية باللسان ليس باليد. المصنف لابن أبي شيبة، 6/ 474. (¬2) المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 439. (¬3) م ف: عن سفين؛ ز ب: عن سفيان. والتصحيح من كتب الرجال. (¬4) ز: ذاك. (¬5) ز: الحيثة. المصنف لابن أبي شيبة، 7/ 450. قال السرخسي: ... حتى يركب الخشب يعني الذي يراد صلبه، يضرب بالسوط حتى يصعد السلم وإن كان يعلم ما يراد به إذا صعد. انظر: المبسوط، 24/ 46. (¬6) ز: يباع. (¬7) ف: لفرقها. (¬8) ف - أن. (¬9) ز: فيفتيني. (¬10) الزيادة من الكافي، 203 و؛ والمبسوط، 24/ 46. وانظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 473. (¬11) ز: قد أيس. (¬12) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 473. وفيه تحريف كثير.

باب ما يكره عليه اللصوص غير المتأولين

باب ما يكره عليه اللصوص غير المتأولين قال محمد: لو أن قوماً من لصوص المسلمين غير المتأولين أو من لصوص أهل الذمة تجمّعوا فغلبوا على مصر من أمصار المسلمين وأمّروا عليهم أميراً فأخذوا رجلاً فقالوا له: لنقتلنك أو لتشربن هذه الخمر أو لتأكلن هذه الميتة أو لتأكلن لحم هذا الخنزير، ففعل شيئاً من ذلك كان عندنا من ذلك في سعة. وكذلك لو قالوا له: أما القتل فإنا لا نقتلك ولكنا نقطع يدك أو لتشربن هذه الخمر أو لتأكلن لحم هذه الميتة أو لتأكلن لحم هذا الخنزير، كان عندنا في سعة من ذلك. وكذلك فقء العين وكل عضو من الأعضاء من قطع أذن أو أصبع أو نحو ذلك. ولو قالوا له: لتفعلن ذلك أو لنضربنك مائة سوط، كان (¬1) عندنا أيضاً في سعة من الدخول في ذلك. وكذلك كل ضرب أقل من مائة سوط يخاف منه تلف أو ذهاب عضو من الأعضاء. فإن قال المسلّط منهم: لأضربنك سوطاً أو سوطين أو لتشربن هذه الخمر أو قال: لتأكلن لحم هذا الخنزير أو هذه الميتة، لم يسعه عندي أكل ذلك ولا شربه. وكذلك كل ضرب من نحو هذا لا يخاف منه تلف. وليس عندنا في الضرب حد نحده (¬2) أكثر مما وصفت لك مما يخاف منه تلف النفس أو ذهاب بعض الأعضاء، ويكون عليه أكبر (¬3) الرأي. وقد وقّت بعضهم، فقال: أدنى الحدود أربعون (¬4) سوطاً، فإن (¬5) تهدّد بأقل من ذلك فليس ينبغي له أن يقدم على ذلك، وإن تهدد بها أو بأكثر منها فليقدم. وأما في قول محمد فهو على ما يقع في نفسه، فرب رجل يخاف التلف على نفسه أو على بعض أعضائه في أقل من أربعين سوطاً، ورب رجل لا يخاف ذلك، فهو عندنا على ما يقع في القلب من ذلك. وكذلك ¬

_ (¬1) ف: وكان. (¬2) ز: يحده. (¬3) م ز: أكثر. (¬4) ز: أربعين. (¬5) ز + الخل.

هؤلاء اللصوص لو كانوا لم يظفروا بمصر ولكنهم أخذوا رجلاً في طريق من طرق المسلمين ففعلوا هذا به، أو أخذوه (¬1) في مصر في دار لا يقدر فيها على غوث كان بمنزلة ما وصفت لك من اللصوص الأولين في جميع ما وصفت لك. ولو أن هؤلاء اللصوص غير المتأولين الذين وصفت لك الظاهرين على المصر أو غيرهم قالوا لرجل: لنحبسنك في سجن سنة أو لتشربن هذه الخمر أو لتأكلن لحم (¬2) هذا الخنزير أو هذه الميتة أو قالوا: لنقيّدنك مع ذلك أبداً فلا نخرجك من السجن حتى تفعل ذلك، لم ينبغ (¬3) له أن يفعل هذا؛ لأنه لا يخاف من هذا تلف نفس ولا غير ذلك إذا كان لا يمنع من طعام ولا شراب. فإن قالوا: لنجيعنك أو لتفعلن بعض ما ذكرنا فليس ينبغي له أن يفعل ذلك حتى يجيء من الجوع أمر يخاف منه التلف، فإذا جاء ذلك فلا بأس بأكل ذلك وشربه. وإنما يقاس الإكراه في ذلك بالضرورة في هذه الأشياء، فكما يجوز للمضطر الذي يخاف على نفسه من العطش والجوع أن يشرب الخمر إذا كان يرد عطشه ويأكل الميتة ولحم الخنزير ليرد جوعه فكذلك الإكراه. ولو أنه خاف أن يذهب بصره من العطش أو يَعْطِب بعض أعضائه وتسلم نفسه في موضع الضرورة لم يكن (¬4) بأكل (¬5) ذلك أيضاً وبشربه (¬6) في الضرورة بأس (¬7) كما لا بأس به في الإكراه. فكل شيء جاز له فيه شرب الخمر أو أكل الميتة أو أكل لحم الخنزير من الإكراه فكذلك يجوز له فيه عندنا الكفر إذا أكره عليه وقلبه مطمئن بالإيمان. قال: وبلغنا عن ابن مسعود أنه قال: ما من كلام أتكلم به يدرأ عني ضربتين بسوط عند ذي سلطان إلا كنت متكلماً به. محمد قال: أخبرنا بذلك مهران (¬8) بن أبي عمر قال: حدثنا أبو حيان التيمي عن أبيه عن ¬

_ (¬1) م ف ز: وأخذوه. والتصحيح مستفاد من ب؛ والكافي، 3/ 20 ظ. (¬2) م - لحم. (¬3) ز: كم ينبغي. (¬4) ز - يكن. (¬5) ز: تأكل. (¬6) ز: ويشربه. (¬7) ز: بأسا. (¬8) ف: معدان.

الحارث بن سويد عن عبد الله بن مسعود (¬1). وإنما نضع (¬2) هذا من عبد الله بن مسعود على الرخصة منه فيما فيه من الألم الشديد وإن كان سوطين. فأما أن نقول (¬3): إن السوطين اللذين لا يخاف منهما تلف ولا وجع لا بأس بأن يكفر بالله لمكانهما، فهذا لا يجوز عندنا أن يقال على عبد الله بن مسعود، ولكن هذا (¬4) عندنا من عبد الله بن مسعود شبيه بالمَثَل يريد به الرخصة فيما وصفت لك. ولو أن هؤلاء الذين ذكرت لك من اللصوص الغالبين أو غيرهم قالوا ذلك لرجل في بعض ما وصفنا والرجل يرى أنهم لا يقدمون عليه بذلك لم يجز هذا له؛ لأن هذا إنما يجوز للإنسان على قدر ما يقع في قلبه، فإن وقع في قلبه أن القوم يقدمون على ما (¬5) يهددونه به فعل، وإن كان الواقع في قلبه (¬6) أن القوم لا يقدمون عليه بما قالوا فليس يسعه أن يقدم على شيء من ذلك. ولو أن رجلاً أكرهه هؤلاء اللصوص الغالبون بشيء مما وصفت لك من قتل أو قطع عضو أو استهلاكه فقالوا: لنفعلن (¬7) ذلك بك أو لتقرن (¬8) لهذا الرجل بألف درهم، فأقر له بذلك فالإقرار باطل. وكذلك لو قالوا له: لنضربنك مائة سوط أو لتقرن له بألف درهم فأقر له بها فالإقرار باطل. وكذلك لو قالوا له: لنحبسنك حتى تقر (¬9) له أو لنقيّدنك حتى تقر له، فأقر له فالإقرار باطل. ولا يشبه هذا في الحبس والتقييد ما وصفت لك قبله من شرب الخمر وأكل الميتة وغير ذلك؛ لأن ذلك إنما يحل بالضرورة، وهذا يبطل بالإكراه وإن لم يكن فيه ضرورة. محمد قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي عن القاسم بن ¬

_ (¬1) المصنف لابن أبي شيبة، 6/ 474؛ والمعجم الكبير للطبراني، 9/ 171. وقال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله ثقات. انظر: مجمع الزوائد، 10/ 217. (¬2) ز: يضع. (¬3) ز: أن يقول. (¬4) ف - هذا. (¬5) م ز: يقدمون بما. (¬6) ف - فإن وقع في قلبه أن القوم يقدمون على ما يهددونه به فعل وإن كان الواقع في قلبه. (¬7) ز: ليفعلن. (¬8) ز: أو ليقرن. (¬9) م ف ز: حتى تقول.

عبد الرحمن عن شريح أنه قال: القيد كَرْه (¬1)، والوعيد كَرْه، والضرب كَرْه، والسجن كَرْه (¬2). محمد قال: أخبرنا (¬3) عباد بن العوام قال: أخبرنا أبو إسحاق الشيباني عن علي بن حنظلة عن أبيه حنظلة بن خويلد قال: سمعت عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول: ليس الرجل على نفسه بأمين إذا ضربت أو جوّعت (¬4). ولو كانوا قالوا له: لنضربنك سوطاً أو لنحبسنك يوماً أو لنقيّدنك يوماً أو لتقرن له بألف درهم عليك، ولا يخاف أكثر من ذلك، فأقر له بها كان الإقرار جائزاً، وليس هذا بإكراه. ألا ترى لو (¬5) أنهم قالوا: لنَطْرُقن لك طَرْقَة (¬6) أو لنشتمنك أو لتقرن له بألف درهم، فأقر له كان الإقرار جائزاً ولم يكن هذا إكراهاً. فإن قال قائل (¬7): فما الوقت في الضرب الذي يكون إكراهاً؟ قيل: لما يجد منه الألم الشديد أو ما (¬8) يخاف منه تلف النفس أو تلف بعض الأعضاء. وأما الحبس والتقييد فليس فيهما أيضاً عندنا حد نحده، ولكن على ما يجيء منه الاغتمام البين بالحبس والتقييد، ولسنا نعرف من هذا الحد الذي لا يزاد عليه ولا ينقص منه. وذلك على ما يرى ¬

_ (¬1) الكَرْه بالفتح هو الإكراه، وبالضم المكروه. انظر: المغرب، "كره". (¬2) المصنف لعبد الرزاق، 6/ 411، 10/ 193؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 493. (¬3) ف ز: وأخبرنا. (¬4) المصنف لعبد الرزاق، 6/ 411، 10/ 193؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 493. (¬5) ز - لو. (¬6) طَرَقَ يَطْرُقُ من باب قتل، أي: ضربد قال المطرزي: المطرقة ما يُطرَق به الحديد، أي: يضرب، ومنه: "وإن قالوا: لنطرقنك أو لنشتمنك"، وقيل: "لنقرصنك" أصح، مِن قَرَصَه بظفريه إذا أخذه، ومنه القارصة: الكلمة المؤذية. انظر: المغرب، "طرق". (¬7) ز: مسايل. (¬8) ز - ما.

الحاكم إذا رفع ذلك إليه (¬1)، فما رأى أنه كَرْه جعله كَرْهاً، وما رأى أنه ليس بكَرْه ألزمه فيه الإقرار. ولو جعلنا اليوم الواحد من الحبس والتقييد كرهاً لم نجد (¬2) بداً من أن نقول: إن قال له: أحبسك إلى أن تقوم من مجلسي، أن هذا كره، أو قال له: إن لم تقر له جعلت هذا القيد في رجلك ثم أنزعه حين أجعله، أن هذا كره. فهذا وشبهه يقبح أن يكون كرهاً، فالأمر فيه على ما وصفت لك. فإن قالوا: لنقتلنك أو لتقرن لهذا الرجل بألف درهم، فأقر له بخمسمائة درهم فالإقرار باطل؛ لأنهم حين أكرهوه على ألف فقد أكرهوه على أقل منها. فإن أكرهوه على أن يقر له بألف درهم فأقر له بألفين لزمته (¬3) ألف وبطلت عنه ألف. وإن أكرهوه على أن يقر له بألف فأقر له بمائة دينار فالإقرار جائز. وكذلك إذا أقر له بصنف (¬4) غير ما أكرهوه عليه جاز الإقرار؛ لأنهم لم يكرهوه على الذي أقر به. وإن أكرهوه على أن يقر له بألف درهم فقال: له ولفلان الغائب علي ألف درهم، فإن هذا الإقرار كله باطل في قياس قول أبي حنيفة. وإن أنكر الغائب الذي أقر له معه أن يكون هذا شريكه في هذا أو أقر به شريكه فهو سواء. وأما في قول محمد فإن قال الغائب الذي أقر له مع هذا الرجل: قد صدق المقر والمال بيننا نصفين، بطل إقرار المكره كله؛ لأن المقر له الغائب لا يأخذ شيئاً إلا شركه (¬5) فيه الآخر. فإن (¬6) قال المقر له الغائب: لي على المقر نصف هذا المال، وليس بيني وبين الذي أكره على الإقرار له شركة، جاز نصف المال على المقر للمقر له الغائب وبطل (¬7) النصف الذي أقر به للآخر الذي أكره على الإقرار له. ولو أكرهوه على أن يهب جاريته هذه لفلان ويدفعها (¬8) إليه أو لم ¬

_ (¬1) ز - إليه. (¬2) ز: لم يجد. (¬3) ز: ألزمته. (¬4) ز: نصفا. (¬5) ز: إلا يشركه. (¬6) ز: وإن. (¬7) ز: ويبطل. (¬8) ز: وتدفعها.

يذكروا دفعها ففعل ودفعها إلى فلان فالهبة باطل لا تجوز. وكذلك لو أكرهوه على البيع والدفع. فإن أكرهوه (¬1) على هبة جاريته لعبد الله فوهبها لعبد الله ولزيد جميعاً وقبضاها جميعاً بأمره جازت حصة زيد وبطلت حصة عبد الله. ولو أكرهوه على هبة ألف درهم لعبد الله فوهبها جملة لعبد الله ولزيد ودفعها إليهما بطلت الهبة كلها في قول أبي حنيفة؛ لأن هذا مما يقسم وقد وهبه لاثنين غير مقسوم. وقال محمد: الهبة أيضاً عندي لا تجوز في نصف الألف التي لزيد ولا فيما وهب لعبد الله؛ لأن هبة عبد الله وإن كان قد ملكها فقد كان (¬2) وجب لصاحبها نقضها، فإذا نقضها بطلت الهبة كلها. ألا ترى أن رجلاً لو اشترى دارا وهو شفيعها ورجل آخر غائب فقبضها المشتري فوهبها لرجل وقبضها منه ثم حضر الشفيع الغائب فأخذ نصفها بالشفعة بطلت الهبة في النصف الآخر؛ لأن الشفيع الغائب قد كان له أن ينقض الهبة في النصف أول ما وقعت الهبة. وكذلك لو أن رجلاً وهب لرجل داراً وقبضها (¬3) منه على أن يعوضه من نصفها خمراً وقبض ذلك كان قد ملك الدار كلها وتنتقض الهبة كلها: النصف الذي اشترط فيه العوض والنصف الآخر. قال: وسمعت محمداً قال: لو أن رجلاً وهب لرجل داراً له (¬4) في مرضه وقبضها منه ولا مال له غيرها ثم مات الواهب نقض القاضي الهبة في الثلثين وجازت الهبة في الثلث؛ لأن الموهوبة له قد كان ملكها كلها هبة صحيحة وإن نقض ثلثاها بعد موت الواهب. ولو أنهم أكرهوه حتى وهب جارية له لرجل وأكرهوه على دفعها ففعل وقبضها الموهوب له فأعتقها جاز عتقه وغرم المعتق قيمتها؛ لأنه قد ملكها، ولو كان لم يملكها ما جاز عتقها. وكذلك لو دبّرها كانت مدبرّة له وغرم قيمتها لصاحبها (¬5). وكذلك لو وطئها فولدت منه أو عَلِقَت منه كانت أم ولد وغرم قيمتها لصاحبها. وإن شاء المكره في هذا كله رجع على اللصوص ¬

_ (¬1) ز - على البيع والدفع فإن أكرهوه. (¬2) ز - كان. (¬3) ز: أو قبضها. (¬4) ف - له. (¬5) م ف: لصاحبه.

الذين أكرهوه بقيمتها في هذه الوجوه كلها إذا أكرهوه بقتل أو تلف ويترك الموهوب له. فإن ضمن الذي أكرهه القيمة رجع على الموهوب له بها؛ لأن الذي أكرهه إنما ضمن حين قبض الموهوب له الجارية، والهبة كانت قبل ذلك، فلا يكون واهباً، وإن ضمن بعد وقوع الهبة. وإن ضمن الموهوبة له لم يرجع على الذي أكرهه بشيء. وإنما الذي أكرهه على الهبة والدفع بمنزلة غاصب غصبه الجارية فدفعها إلى رجل فاستهلكها الرجل، فللمغصوب منه أن يضمن أيهما شاء. وكذلك إذا أكرهه على البيع والدفع حتى يبيع ويدفع فالبيع باطل. فإن قبضها المشتري فأعتق أو دبّر أو وطئها فحملت منه لم يكن لصاحبها عليها سبيل، وكان لصاحبها أن يضمن أيهما شاء قيمة جاريته. فإن ضمن الذي أكرهه القيمة كانت له القيمة على المشتري؛ لأنه إنما ضمن (¬1) القيمة بالدفع بعد البيع، وتسلم الجارية للمعتق أو المدبر أو الواطئ. وإن ضمن مولى الجارية المعتق أو المدبر (¬2) أو الواطئ القيمة حاسبه بالثمن إن كان قبضه منه وأعطاه بقية القيمة. ولو أن المكره وهب جاريته أو باعها ودفعها وقبض (¬3) الثمن وهو مكره على ذلك فباعها الموهوب له أو المشتري من آخر أو وهبها وقبضها الموهوب له أو تصدق بها وقبضها المتصدق بها عليه أو كاتبها كان لمولى الجارية أن ينقض ذلك كله حتى يأخذ جاريته حيثما وجدها. وليس من شيء يكره عليه الإنسان إلا وهو (¬4) يرد إلا ما جرى فيه عتق أو تدبير أو ولادة أو طلاق أو نكاح أو نذر، فإن هذا يجوز في الإكراه ولا يرد. فإن أعتق الجارية المشتري الآخر أو الموهوب له الآخر أو المتصدق عليه أو دبّرها أو وطئها فولدت منه جاز ما صنع من ذلك، وكان مولى الجارية بالخيار، إن شاء ضمن الذي أكرهه قيمتها إن كان أكرهه بوعيد قتل أو ضرب يخاف منه تلف، وإن شاء ضمن الذي أخذها منه. وإن شاء ضمن الذي أعتق أو دبر أو وطئها ¬

_ (¬1) ز - الذي أكرهه القيمة كانت له القيمة على المشتري لأنه إنما ضمن. (¬2) م ز: والمدبر. (¬3) ف - القيمة ولو أن المكره وهب جاريته أو باعها ودفعها وقبض. (¬4) م ف ز: هو.

فحملت منه. فأيهم ضمنه لم يرجع على صاحبه بشيء إلا في خصلتين، إن ضمن الذي أكرهه رجع بالقيمة على المشتري الأول، وإن ضمن المشتري الآخر رجع بالثمن على المشتري الأول وأخذ المشتري الأول الثمن من مولى الجارية إن كان أعطاه منها. ولو أن الذين أكرهوه قالوا له: لنقتلنك أو لنسجننك أو لنقيدنك حتى تبيع جاريتك من هذا الرجل بألف درهم، وقيمتها عشرة آلاف، فباعها منه بأقل من ألف درهم كان القياس في هذا أن البيع جائز؛ لأنه باع بأقل من ما أمروه به. وأما في الاستحسان فالبيع باطل؛ لأنهم حين أكرهوه على أن يبيع بألف فقد أكرهوه على أقل من ذلك. ولو باعها إياه بألفي درهم أو بثلاثة آلاف درهم لم يكن هذا إكراهاً؛ لأنه باعها بأكثر مما أكرهوه عليه. ولو أكرهوه على أن يبيعها إياه فوهبها له جاز ذلك. ولو أكرهوه على أن يقر له بألف درهم فوهب له ألف درهم جاز ذلك. ولو أكرهوه على بيع جاريته ولم يسموا له أحداً فباعها من إنسان كان البيع باطلاً. ولو أخذوه (¬1) بمال ليؤديه فأكرهوه على أدائه ولم يذكروا له جاريته بشيء، فباع جاريته ليؤدي ذلك المال، وذلك المال أصله باطل، فالبيع جائزة لأنهم لم يكرهوه على بيع. ولو أخذوه بالمال وأكرهوه على بيع الجارية حتى يستوفوا المال فباع الجارية كان البيع باطلاً. ولو أكرهوه على أن يبيع جاريته من فلان بألف درهم فباعها منه بقيمة الألف دنانير كان القياس في هذا أن البيع جائز، وفي الاستحسان البيع باطل؛ لأن الدنانير والدراهم شيء واحد في البيع. ¬

_ (¬1) ف: أخذ فيه.

باب من الإكراه على العتق والطلاق والنكاح وغير ذلك

ولو أكرهوه على أن يبيعها بألف درهم فباعها بعرض من العروض أقل قيمة من ألف درهم أو أكثر من ذلك أو بحنطة أو بشعير أو بشيء مما يكال أو يوزن غير الدراهم والدنانير فذلك جائز. ألا ترى أن الرجل إذا باع جاريته بألف درهم نسيئة سنة لم يجز أن يشتريها بأقل من ذلك بالدنانير، وجاز بغير ذلك من العروض، فجعلت الدنانير والدراهم كأنها شيء واحد. ... باب من الإكراه على العتق والطلاق والنكاح وغير ذلك ولو أن رجلاً أكرهه لصوص غالبون (¬1) على مصر من الأمصار لهم مَنَعَة بتوعّد بقتل أو تلف عضو على عتق عبده فأعتقه كان العتق جائزاً لا يرد، ولا سعاية على العبد. فإن أخذ المولى الذي أكرهه (¬2) فرفعه إلى القاضي وأراد أن يضمنه قيمة عبده بإكراهه إياه على عتقه فإن القاضي يضمنه القيمة للمولى، ويكون الولاء للمولى. ألا ترى أن شاهدين لو شهدوا (¬3) على رجل أنه أعتق عبده فأعتقه القاضي عليه ثم رجعا ضمنا قيمته لمولاه وكان الولاء للمولى ولا يبطل الولاء ضمان القيمة. فكذلك الولاء في الإكراه، ولا يبطل الضمان على الذي أكرهه وإن كان الولاء قد ثبت من المولى. ولو أن عبداً بين رجلين أُكره (¬4) أحدهما بتوعّد بقتل أو قطع أو ضرب يخاف منه تلفاً حتى يعتقه فأعتقه كان حراً كله في قول أبي يوسف ومحمد، والولاء للمعتق. وقال محمد: فإن كان الذي أكرهه على العتق موسراً ضمن قيمة العبد بينهما نصفين، وإن كان معسراً ضمن نصف قيمة العبد للذي أكرهه على العتق، ويسعى العبد في نصف قيمته للشريك الذي لم يكره على العتق، ولا يرجع واحد منهما على صاحبه بشيء. وكذلك هذا في ¬

_ (¬1) ف - غالبون؛ ز: غالبين. (¬2) ف - أكرهه. (¬3) ز: لو شهدا. (¬4) ف: أكرهه.

قياس قول أبي حنيفة إلا في خصلة واحدة: إذا كان الذي أكرهه موسراً فإن شاء الشريك الذي لم يكره ضمنه نصف قيمته، وإن شاء استسعى العبد في نصف قيمته. فإن ضمن الذي أكرهه رجع على العبد فاستسعاه في نصف قيمته، فإذا أدى ذلك إليه عتق وكان الولاء بين المعتق وبين الذي أكرهه نصفين. وكذلك الإكراه على الطلاق: لو أكره رجل على أن يطلق امرأته ثلاثاً بتوعّد بقتل أو ضرب يخاف منه تلفاً ففعل كان طلاقاً جائزاً ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره. فإن كان لم يدخل بها فلها نصف ما سمى لها إن كان سمى لها صداقا. وإن كان لم يسم (¬1) فلها المتعة على زوجها، ويرجع بذلك على الذي أكرهه. ألا ترى أن رجلاً لو تزوج صبيتين فجاءت امرأة فأرضعتهما (¬2) متعمدة للفساد على الزوج بانتا (¬3) من الزوج، وغرم الزوج لكل واحدة منهما نصف الصداق ورجع بذلك على المرأة التي أرضعتهما. أفلا ترى أن رجلاً لو تزوج امرأة فلم يدخل بها (¬4) حتى استكرهها ابنه فجامعها يريد بذلك الفساد على أبيه كان عليه الحد بالزنى، وكان على أبيه نصف المهر للمرأة ويرجع على ابنه بذلك، فكذلك الذي أكرهه يرجع عليه بما ضمن للمرأة. فإن كان الزوج قد دخل بها وقد أكرهه على طلاقها فلها المهر بما استحل من فرجها، وليس له على الذي أكرهه ضمان. ولو أن رجلاً أكره بتوعّد بقتل أو حبس أو ضرب حتى تزوج امرأة على عشرة آلاف درهم ومهر مثلها ألف درهم كان النكاح جائزاً لا يرد ولا يبطل، ويكون للمرأة من العشرة آلاف مهر مثلها ألف درهم ويبطل الفضل؛ لأن الأثر المعروف جاء أن "ثلاث خصال هزلهن جد وجدهن جد: الطلاق والعتاق والنكاح" (¬5)، فهذه الأشياء الثلاثة لا (¬6) تبطل في هزل ولا جد ولا إكراه. ¬

_ (¬1) ف ز + لها صداقا. (¬2) ز: فأرضعتها. (¬3) ز: باينا. (¬4) ف - بها. (¬5) تقدم بإسناد المؤلف قريبا، وتقدم تخريجه هناك. (¬6) م ف: ولا.

ولو أن المرأة التي أكرهت ببعض ما ذكرنا حتى تزوجها الرجل على ألف درهم ومهر مثلها عشرة آلاف درهم زوّجها أولياؤها مكرهين فالنكاح جائز، ولا ضمان على المكره في شيء من هذا، ويقول القاضي للزوج: أنت بالخيار إن شئت فأتمم لها مهر مثلها وتكون امرأتك، إن كان الزوج كفؤًا لها، فإن أبى فرق بينهما ولا شيء لها، وإن رضي كانت امرأته بمهر مثلها، وإن لم يكن لها كفؤًا كان لها وللأولياء أن يفرقوا بينهما، رضي أن يتم لها مهر مثلها أو لم يرض. فإن فرقوا بينهما فلا شيء لها؛ لأنه لم يدخل بها. وإن كان قد دخل بها مكرهة وهو لها كفؤ فلها تمام مهر مثلها، وهي امرأته، إن شاء طلقها، وإن شاء أمسكها. وإن لم يكن لها بكفؤ فلها تمام مهر مثلها، ولها وللأولياء أن يفرقوا بينهما. فإن دخل بها غير مكرهة فهذا رضى منها بالنكاح. وأما في قياس قول أبي حنيفة فالأولياء بالخيار، إن شاءوا فرقوا بينهما إن كان لها كفؤا إلا أن يتم لها الزوج مهر مثلها، فإن أتم لها مهر مثلها فليس لهم أن يفرقوا بينهما على حال، وإن أبى أن يتم لها مهر مثلها كان لهم أن يفرقوا بينهما، ولا شيء لها غير ما سمى؛ لأنها رضيت به. وإن كان غير كفؤ فرقوا بينهما على كل حال، وليس لها إلا ما سمى لها. وأما في قياس قول أبي يوسف ومحمد فإذا دخل بها غير مكرهة وكان النكاح وهي مكرهة وهو لها كفؤ فالنكاح جائز على المهر الذي سمى الزوج (¬1) ولا شيء لها غير ذلك؛ وإن كان الزوج غير كفؤ كان للأولياء أن يفرقوا بينهما ولا يكون لها غير ما سمى الزوج من المهرة لأنها رضيت به. ولو أن رجلاً وجب له على رجل قصاص في نفس أو فيما دون النفس فأكره بتوعّد بقتل أو غيره من الحبس والتقييد حتى عفا فالعفو جائز، وليس له أن يقتل بعد العفو. فإن خاصم الذي أكرهه على العفو لم يكن له (¬2) عليه شيء؛ لأنه لم يستهلك له مالاً؛ ألا ترى أن رجلاً لو وجب له قود في نفس ¬

_ (¬1) ف: سمى لها. (¬2) ف - أن يقتل بعد العفو فإن خاصم الذي أكرهه على العفو لم يكن له.

أو في (¬1) يد أو غيرها فجنى رجل على اليد التي وجبت له أو جنى على النفس التي وجبت له فأتلفها بطل حقه، ولم يكن لصاحب الجناية الأولى حق [على] القاطع لليد التي وجبت له ولا على قاتل النفس التي وجبت له ويبطل حقه من القصاص، وكان الحق على الجاني الثاني، فيأخذ الذي جنى عليه وورثته إن كان مقتولًا كما لا يجب لصاحب القود الأول على الذي أبطل قوده حق. فكذلك المكره على العفو لا يجب له على الذي أكرهه حين عفا قليل ولا كثير. أولا ترى أن الشاهدين لو شهدا على رجل أنه عفا عن قصاص وجب له في نفس أو غيرها، فلما قضى القاضي بالعفو رجع الشاهدان عن شهادتهما أنه لا ضمان عليهما؛ لأنهما لم يستهلكا (¬2) شيئاً، فكذلك ما وصفت لك من أمر المكره على العفو. ولو أن رجلاً له حق قبل رجل من مال أو كفالة نفس أو غير ذلك فأكرهوه بتوعّد بقتل أو حبس حتى أبرأ ذلك الذي عليه الحق كانت البراءة باطلة وكان حقه على حالة. وكذلك لو وجبت له شفعة فأكره (¬3) حتى سلمها بعدما طلبها كان إكراهه باطلاً وكان الشفيع على شفعته. ولو أن الشفيع لم يطلب شفعته ولم يعلم بها فلما علم بها أراد أن يتكلم بطلبها فأكره حتى شدّ (¬4) فمه فلم يُترَك يَنطق يوماً أو أكثر من ذلك أو أقل لم تبطل شفعته (¬5) إذا خلي سبيله، فإن طلب عند ذلك كان على شفعته، وإلا بطلت شفعته. وكذلك لو أكره فقيل (¬6) له: إن تكلمت بطلب شفعتك لنقتلنك أو لنسجننك أو لنقيّدنك فلم يتكلم لم تبطل (¬7) شفعته. فإن قال المشتري: إنه لم يكف عن ذلك للإكراه ولكنه لم يكن يريد أخذها بالشفعة، وقال الشفيع: ما كففت إلا للإكراه، كان القول في ذلك قول الشفيع مع يمينه بالله ما منعه من طلب الشفعة إلا الإكراه، فإذا حلف على ذلك أخذ بشفعته. ¬

_ (¬1) م ز - في. (¬2) ز: لم يستهلكها. (¬3) م ف ز: فأكرهه. (¬4) م: حتى سد. (¬5) ز: لم يبطل شفعتها. (¬6) يقيل. (¬7) م: لم يبطل.

باب ما يكره فيه الرجل على أن يفعله بنفسه أو بماله

ولو أن رجلاً أكرهه أهل الشرك من العدو على أن يكفر بالله وله امرأة حرة مسلمة ففعل ثم خُلِّيَ سبيلُه وأتاها فقالت له (¬1): إنك قد كفرت بالله وقد بِنْتُ (¬2) منك، فقال الرجل: إنما أظهرت إظهاراً وقلبي مطمئن بالإيمان، فالقول قوله مع يمينه على ما ادعى، وتكون (¬3) امرأته على حالها لا يفرق بينهما، وقال أبو حنيفة ومحمد: هذا استحسان، وينبغي في القياس أن يفرق بينهما؛ لأنا لا نعلم من سره ما يعلم، ولكنا نستحسن فلا نفرق بينهما. ... باب ما يكره فيه الرجل على أن يفعله بنفسه أو بماله ولو أن رجلاً أكرهه لص غالب على قطع يد نفسه أو على أن يطرح نفسه من فوق بيت أو على أن يطرح نفسه في ماء أو على أن يطرح نفسه في نار فقال له: لأقتلنك أو لتفعلن ذلك، كان إن شاء الله في سعة من ذلك، لأنه مكره. فإن فعل الرجل ذلك بنفسه ثم خوصم الذي أكرهه على ذلك إلى القاضي فإن القاضي يأخذه بذلك كله، فيقطع له يد (¬4) الذي أكرهه بيده، ويقتله به إن كان ألقى نفسه في النار فاحترق. وهذا قياس قول أبي حنيفة ومحمد (¬5). وقال محمد: وأما السقوط من فوق البيت والسقوط في الماء فإن كان أمره من ذلك بشيء يعلم أنه لا يعيش من مثله قتل به أيضاً، فإن كان أمره من ذلك بشيء قد يعاش من مثله ويمات ففعل فمات فالدية على عاقلة الذي أمره؛ لأن المقتول وإن كان فعل ذلك بنفسه فهو مكره عليه. وقد قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في رجل أكرهه أميره حتى ¬

_ (¬1) م ز - له. (¬2) ز: ثبت. (¬3) ز: ويكون. (¬4) م ز: يدا. (¬5) يظهر أن المقصود أنه قياس قول أبي حنيفة. وهو قول محمد. ويدل على ذلك قوله بعد ذلك: وقال محمد.

دخل الماء فغرق: لولا أن تكون سنة من بعدي لأَقَدْتُه (¬1) منك، وضمنه ديته. قال محمد: ذكر ذلك أبو معاوية المكفوف عن الأعمش عن زيد بن وهب قال: استعمل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - رجلاً على جيش، قال: فخرج نحو الجبل فانتهى إلى نهر ليس عليه جسر في يوم بارد. فقال أمير ذلك الجيش (¬2) لرجل: انزل فابْغِ لنا مَخَاضَة (¬3) نَجُوز فيها. فقال الرجل: إني أخاف إن دخلت الماء أن أموت. قال: فأكرهه فدخل الماء. فقال: يا عمراه يا عمراه! ثم لم يلبث أن هلك. فبلغ ذلك عمر وهو في سوق المدينة، فقال: يا لبيكاه يا لبيكاه! (¬4) فبعث إلى أمير ذلك الجيش فنزعه، وقال: لولا أن تكون سنة لأَقَدْتُه (¬5) منك، فغرمه الدية، وقال: لا تعمل لي عملاً أبداً (¬6). وإنما أمره الأمير بهذا (¬7) على غير إرادة قتله، إنما أمره (¬8) أن يدخل الماء لينظر لهم مخاضة الماء فيُخاض أو غير ذلك، فضمنه عمر ديته؛ فكيف بمن أمره وهو يريد قتله بذلك. ولو أن رجلاً أكره فقيل له لتقطعن يد نفسك أو لأقطعنها أنا، فقطعها (¬9)، لم يسعه قطعها ولم يكن له على الذي أكرهه شيء؛ لأن هذا ليس بإكراه، إنما الإكراه أن يقال: لتفعلن كذا وكذا أو لنفعلن بك ما هو أعظم منه، فإذا أكره على هذا كان إكراهاً، فأما إذا قيل: لتفعلن كذا وكذا أو لنفعلنه بعينه نحن بك، فلهذا ليس بإكراه ولا يسعه أن يفعل ذلك. وكذلك لو قيل له: لتقتلن نفسك (¬10) بهذا السيف أو لنقتلنك به، لم يكن هذا إكراهاً، ولم يسعه أن يصنع هذا بنفسه، فإن صنعه بنفسه لم يكن على ¬

_ (¬1) م: لأقيدنه. (¬2) ز - الجيش. (¬3) الموضع من الماء الذي يجتاز الناس منه مشاة وركباناً. انظر: مختار الصحاح، "خوض". (¬4) ف: لبيكاه لبيكاه. (¬5) م ف: لأقيدنه. (¬6) أخرجه البيهقي نحوه في السنن الكبرى، 8/ 322. (¬7) م: هذا. (¬8) ز - أمره. (¬9) م ز: قطعها. (¬10) م: لتفعلن بنفسك.

الذي أكرهه شيء. ولو قيل له: لنقتلنك بالسوط أو، أو لتقتلن نفسك بهذا السيف، فذكروا له نوعاً من القتل هو أشد عليه مما أمروه أن يفعله بنفسه فقتل نفسه قتل به الذي أكرهه. وكذلك ما دون النفس لو قالوا (¬1): لنحرقن يدك بالنار أو لتقطعنها بهذه الحديدة، فقطعها قطعت يد الذي أكرهه. ولو كان الذين أكرهوه على هذا عدداً (¬2) لم يكن عليهم في قطع اليد قود (¬3)، وكانت عليهم دية في أموالهم، وإن كان واحداً قطعت يده. وإن كان الذين أمروه بقتل بنفسه فأكرهوه على ذلك عدداً أو واحداً (¬4) قتلوا به جميعاً. ولو أن رجلاً أكره بقتل أو ضرب يخاف منه تلف أو قطع يد على أن يطرح ماله في البحر أو على أن يحرق ثيابه (¬5) أو على أن يكسر ماله (¬6) ففعل ذلك ضمن الذي أكرهه ذلك لصاحب المتاع والثياب والمال وإن كان هو الذي فعل ذلك بماله؛ لأنه أكره على ذلك إكراهاً. فهو بمنزلة الغصب، كأن الذي أكرهه غصب ذلك ففعله بغير أمره، لأن يد الفاعل صارت كأنها يد الذي أكرهه. وكذلك (¬7) في القتل صارت يد القاتل لنفسه كأنها يد الذي أكرهه، فلذلك ضمن ووجب عليه القود. وإن أكرهه على ذلك بحبس أو بقيد ففعله لم يكن على الذي أكرهه ضمان، ولا قود في شيء من ذلك. ولو أن رجلاً أكره أن يأكل طعاماً له فأكله مكرهاً أو على أن يلبس ثوباً له فلبسه مكرهاً حتى تخرّق وكان الإكراه بقتل أو غيره لم يضمن الذي أكرهه من ذلك شيئاً؛ لأنه ليس بفساد، إنما يضمن الذي أكرهه مما استهلك الرجل من مال نفسه ما كان فساداً، فأما ما (¬8) لم يكن فساداً فإنه لا يضمنه. ولو أن رجلاً أكره بتوعّد بقتل على أن يقتل عبداً له بسيف أو على أن يقطع يد عبد له فقيل له: لنقتلنك أو لتفعلن هذا، لم يسعه أن يفعل هذا ¬

_ (¬1) ز - له. (¬2) ز: عدد. (¬3) ز: قول. (¬4) ز: أو واحد. (¬5) ف: متاعه. (¬6) ف ز: متاعه. (¬7) ز: فكذلك. (¬8) ز: إذا.

باب الإكراه على أن يقر بالحدود

بعبده، ولا يشبه هذا شرب الخمر ولا أكل الميتة ولا لحم الخنزير؛ لأن هذا أحل في الضرورة، وقطع يد العبد وقتله من مظالم الناس لا يسع في ضرورة ولا غيرها، فإن فعل ذلك المولى بعبده فهو آثم، فإن أخذ الذي أكرهه على ذلك فقدّمه إلى القاضي (¬1) ضمنه دية يد العبد، وذلك نصف قيمة العبد في ماله، ويقتله بعبده إن كان قتله، ويكون الذي يلي قتله مولاه. ولا يبطل القود والضمان من الذي أكرهه على ذلك بمعصية المولى؛ لأن الذي أكرهه كأنه (¬2) هو قتل بإكراهه، وكأنه هو الذي قطع بإكراهه وإن كان المولى آثماً فيما صنع. ولو كان إكراه المولى على ذلك بتوعّد بسجن أو قيد حتى فعل لم يكن على الذي أكرهه ضمان، ولم يكن عليه إلا الأدب بالضرب والحبس، والمولى آثم فيما صنع. ... باب الإكراه على أن يقر بالحدود ولو أن رجلاً أكرهه قاض من القضاة بضرب أو تهديد بذلك أو حبس أو بقيد حتى يقر على نفسه بحد أو بقصاص أو بعض (¬3) ذلك فإن هذا كله باطل، ولا ينبغي أن يؤخذ بشيء من هذا. وإن أكرهه حتى يقر ثم خلى سبيله ثم أخذ بعد ذلك فجيء به فأقر بما كان تهدّد عليه بغير إكراه مستقبل أخذ بذلك كله فأقيم (¬4) عليه الحد. وإن كان لم يخل سبيله ولكنه قال له وهو في يده بعدما أقر: إني لا آخذك (¬5) بإقرارك الذي أقررت به ولا أَعْرِض [لك] (¬6)، ولا أضربك ولا أحبسك ولا أقيّدك، فإن شئت فأقر، وإن شئت فلا تقر، فأقر وهو في يدي القاضي على حالة لم يجز هذا الإقرار؛ لأن كينونته في يده حبس. ولكنه إن خَلَّى سبيله حتى يذهب ثم أُخذ بعد ذلك ¬

_ (¬1) م: للقاضي. (¬2) ز: كان. (¬3) ز: أو بغير. (¬4) ز: وأقيم. (¬5) م ز: لا أحدك. (¬6) الزيادة من ب؛ والكافي، 3/ 24 ظ؛ والمبسوط، 24/ 70 - 71.

فأقر من غير كَرْه ولا تهدُّد أخذ بما (¬1) أقر به، وإن خَلَّى سبيله فلم يتوار عن بصر القاضي حتى بَعث من أخذه فرده إليه فأقر بالذي أقر به أول مرة من غير إكراه ولا تهدّد (¬2) فإن هذا ليس بشيء. ألا ترى أنه لو خلى سبيله ثم بعث معه من (¬3) يحفظه ثم رده إليه بعد ذلك فأقر لم يؤخذ بشيء من ذلك؛ لأنه في يده بعد. فإن كان حين أتي به أول مرة لم يحبسه ولكنه هدده بالضرب أو بالحبس (¬4) أو بالتقييد فأقر، فلما أقر قال له: إني لست أصنع بك شيئاً مما قلت لك فإن شئت فأقر وإن شئت فدع، فأقر (¬5) لم يأخذه بشيء من ذلك؛ لأنه ما دام في يده فهو على كَرْهه الأول وإن كان قد أخبره (¬6) أنه لا يفعل به شيئاً من ذلك. ولو أن رجلاً أكرهه قاض فضربه (¬7) حتى يقر بالسرقة أو حبسه حتى يقر بالسرقة أو الزنى أو بشرب الخمر أو بقتل فأقر بذلك فأقام عليه الذي أقر به من ذلك، فإن كان الذي أقيم ذلك عليه معروفاً بما أقر به إلا أنه لا بينة عليه بذلك فتحاكموا في ذلك، فإن القياس في هذا أن ما كان من ذلك فيه القصاص اقتص به من الذي أكرهه على الإقرار، وما كان لا يستطاع (¬8) فيه القصاص مثل الضرب ونحوه جعل عليه أرش ذلك في ماله، ولكنا نستحسن ونجعل عليه أرش ما استطيع فيه القصاص وأرش ما لا يستطاع فيه القصاص في ماله، وندرأ عنه القصاص. فإن كان المكره على ذلك لا يعرف بشيء مما رمي به فأكرهه حتى أقر ثم أقام ذلك عليه أخذ فيه بالقياس فأقيم عليه القصاص فيما استطيع فيه القصاص وأخذ منه الأرش فيما لا يستطاع فيه القصاص في ماله؛ لأن هذا موضع شبهة. قال محمد: وكذلك أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم في الرجل ¬

_ (¬1) م ف: مما. (¬2) م: تهرب؛ ز: بهرب. (¬3) م ز: ومن. (¬4) ف: أو الحبس. (¬5) ز: وأقر. (¬6) ف: قد أخبر. (¬7) ز: بضربه. (¬8) م: لا يستاع.

باب من الإكراه الذي يتعدى فيه العامل ما أمر به

يوجد قتيلاً في دار (¬1) الرجل فيقول: كابرني على مالى، فقتلته (¬2) بالسيف، أنه ينظر في المقتول، فإن كان دَاعِراً (¬3) متهماً بالسرقة بطل دمه وجعل على القاتل ديته، وإن كان لا يتهم بذلك قتل به. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وكذلك الوجه الأول. ... باب من الإكراه الذي (¬4) يتعدى فيه العامل ما (¬5) أمر به (¬6) وإذا بعث الخليفة عاملاً على كُورَة (¬7) من الكُوَر مثل خراسان أو غيرها فاعتدى على رجل فأمره أن يقتل رجلاً ظلماً فأبى المأمور أن يقتله، فقال العامل: لتقتلنه عمداً بالسيف أو لأقتلنك، فقتله المأمور فإن أبا حنيفة قال: القتل على الآمر العامل، وليس على المأمور قتل. وكذلك قال محمد. وقال أبو يوسف: أستحسن أن أجعل على الآمر الدية ولا أقتله. والقول ما قال أبو حنيفة. فإن قال قائل: فكيف تقتل (¬8) الآمر ولم يقتل (¬9) بيده؟ قيل له: فقد جاء الحكم أن يقتل قطاع الطريق كلهم وإن وَلِيَ القتلَ منهم رجلٌ واحد ولم يقتلوا بأيديهم كلهم. وقال الحسن البصري في أربعة شهدوا على رجل بالزنى فرجمه الناس فقتلوه ثم رجع بعض الشهود: إنه يقتل الراجع (¬10). ¬

_ (¬1) ف - دار. (¬2) م ف: فيقتله. (¬3) أي: خبيثاً، كما تقدم. (¬4) ز - الذي. (¬5) م ف ز: بما. (¬6) ز: أجره. (¬7) الكورة: الصقع، ويطلق على المدينة، والجمع كُوَر مثل غرفة وغرف. انظر: المصباح المنير، "كور". (¬8) ز: يقتل. (¬9) ز + الآمر ولم يقتل. (¬10) عن معمر عن قتادة قال: من نكل عن شهادته بعد قتله فعليه الدية بقدر حصته. قال =

عبد الوارث بن سعيد البصري عن عمرو عن الحسن في رجل أمر عبده أن يقتل رجلاً فقتله قال: يقتل السيد (¬1). وقد قال أهل المدينة في رجل أمسك رجلاً لرجل حتى قتله وهو يعلم أنه يريد قتله: إنهما يقتلان جميعاً. فليس ينبغي أن ينكر قتل الذي أَكْرَهَ على ذلك (¬2) القتل. وقال محمد: المأمور آثم حين (¬3) قتله وإن كان قد أكره على ذلك، كان ينبغي له أن لا يقتله بأمره، فإن قتله العامل حين لم يقتله (¬4) أو أمر من يقتله قتل به؛ لأن هذا من مظالم الناس، فليس ينبغي للرجل أن يظلم أحداً مثل هذا وإن كان قد تُهُدِّد (¬5) بالقتل. وكذلك لو قال له: لتقطعن يده أو لأقتلنك أو لتفقأن عينه أو لأقتلنك، فليس ينبغي له أن يفعل فإن كان قد أكره على ذلك، ولكنه إن فعل فلا شيء عليه إلا الإثم، وإن رأى الخليفة أن يعزره ويحبسه فعل (¬6)، ويقتص من الآمر الذي أكره فيما كان فيه القصاص، ويأخذ منه الأرش في جميع (¬7) ما كان فيه الأرش. وكذلك إذا كان أكرهه على ضرب يخاف منه التلف أو ذهاب عضو من الأعضاء أو أمره بقطع (¬8) أصبع أو نحوها فليس (¬9) ينبغي له أن يفعل ذلك، فإن فعل فهو آثم، ولا شيء عليه من قصاص ولا أرش، والقصاص فيما (¬10) فيه القصاص والأرش فيما لا يستطاع فيه القصاص على الآمر في ماله. ¬

_ = معمر: وكان الحسن يقول: عليه القتل. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 10/ 88. وعن الحسن قال: يقتل وعلى الآخرين الدية أي: إذا رجع شهود الزنى بعد الرجم. انظر: المصنف لابن أبي شيبة (بتحقيق محمد عوامة)، 14/ 302. أي: يقتل الراجع، وعلى الذين لم يرجعوا الدية. (¬1) المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 439. وقد ذكره المصنف قريباً. (¬2) ز - ذلك. (¬3) ز: حض. (¬4) م: لم يطعه، صح هـ. (¬5) ز: قد رد. (¬6) ز - فعل. (¬7) م ف ز: من جميع. (¬8) م ز: فقطع. (¬9) ف + ما. (¬10) ف - فيما.

وإن أمره أن يضربه سوطاً واحداً أو أمره أن يحلق رأسه ولحيته أو أمره أن يحبسه في السجن أو أمره أن يقيده فقال: لتفعلن أو لأقتلنك أو لأقطعن منك عضوًا من الأعضاء أو لأضربنك ضرباً يخاف منه تلف، ففعل، رجوت أن لا يكون آثماً في ذلك. وإن كان إنما تهدّده (¬1) فقال: إن لم تفعل لأحبسنك أو لأقيدنك أو لأضربنك سوطاً أو لأحلقن رأسك ولحيتك أو لأفعلن بك شيئاً مما لا يعرضه فيه لتلف، لم ينبغ (¬2) له (¬3) أن يقدم عليه بشيء من المظالم قل ذلك أو كثر (¬4)، فإن فعل فهو آثم. ولو قال له (¬5): لأحبسنك أو لتقتلنه أو لأقيدنك أو لتقتلنه، ولم يخفه على نفسه إلا بالتقييد أو بالحبس ولم يخفه على نفسه بقتل ولا استهلاك عضو ولا وجه تلف لم يسعه أن يقدم على الرجل بشيء من ذلك. فإن أقدم عليه فالقود فيما فيه القود والأرش فيما فيه الأرش على القاتل، وليس على الآمر من ذلك شيء إلا العقوبة والحبس. ألا ترى أنه لو أمره بذلك وهو لا يقدر على إكراهه ولا يصل منه إلى شيء فقتل بأمره أو قطع كان ذلك على المأمور دون الآمر. ولو أمره أن يقتله ولم يكرهه على ذلك إلا أنه يخاف إن لم يفعل أن يقتله أو يقطعه أو يضربه ضرباً مُبَرِّحًا (¬6) يخاف منه التلف وهو تحت يديه لا يقدر على أن يمتنع منه فأقدم فقتل الذي أمر بقتله أو قطعه أو ضربه كان كله على الآمر (¬7) دون المأمور، فاقتص منه الخليفة فيما فيه القصاص وأخذ ¬

_ (¬1) ز: يهدده. (¬2) ز: لم ينبغي. (¬3) ز - له. (¬4) ف - ذلك، ز: أقل من ذلك أو أكثر. (¬5) ف - له. (¬6) أي: شديداً، يقال: برّح به الأمر، أي: جهده. انظر: مختار الصحاح، "برح". (¬7) ز - لا يقدر على أن يمتنع منه فأقدم فقتل الذي أمر بقتله أو قطعه أو ضربه كان كله على الآمر.

منه الأرش فيما (¬1) فيه الأرش؛ لأن هذا لا يمتنع (¬2) منه، وهو يخاف إن لم يفعل أن يقتله أو يصنع به بعض ما وصفت لك، فهو مثل المكره فيما يجب على الآمر من (¬3) ذلك. وإنما الذي وصفت لك أنه يكون على المأمور دون الآمر الذي لا يخاف منه شيئاً (¬4) إن عصاه أو الذي يعلم أنه لا يقدم عليه إلا بحبس أو قيد أو شتم (¬5) أو نحو ذلك، فهذا إن أقدم على الرجل فقتله كان القود عليه دون الآمر؛ لأن الآمر صار في هذه الحالة بمنزلة من لا سلطان له. ولو أن رجلاً أكره بتهدّد بقتل أو قطع عضو من الأعضاء أو ضرب يخاف منه تلفاً (¬6) حتى يفتري على رجل مسلم ففعل رجوت أن يكون في سعة من هذا، ولا يشبه هذا قتله ولا ضربه؛ لأن هذا ليس بفعل يفعل به. ألا ترى أنه لو أكره بتهدد بقتل حتى يكفر بالله ففعل وقلبه مطمئن بالإيمان لم يكن عليه شيء، فالكفر شتم منه لربه فهو أعظم من شتم المخلوق. ألا ترى أنه لو أكره على شتم محمد - عليه السلام - بقتل كان في سعة إن شاء الله، فهذا أعظم من قذف امرئ مسلم. ولو أن رجلاً تهدّد (¬7) بقتل حتى يكفر أو يشتم محمداً - صلى الله عليه وسلم - أو يقذف امرًا مسلماً فلم يفعل حتى قتل كان إن شاء الله مأجوراً، وكان ذلك أفضل من إقدامه عليه وإن كان ذلك واسعًا. ولو تهدد بقتل أو بقطع اليد أو بضرب يخاف منه التلف حتى يشرب الخمر أو يأكل لحم الخنزير أو الميتة فلم يفعل حتى يقتل أو يفعل به ذلك خفت أن يكون آثماً؛ لأن الله تعالى يقول في كتابه: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} (¬8)، فهذا مضطر بمنزلة الذي يخاف الموت على نفسه من العطش والجوع إن لم يأكل أو ¬

_ (¬1) ز: مما. (¬2) ز: لا يمنع. (¬3) ز: مثل. (¬4) ز: شي. (¬5) ز: أو اشتم. (¬6) ز: تلف. (¬7) ز: يهدد. (¬8) يقول تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (سورة البقرة، 173).

يشرب، فهو عندي آثم إن لم يفعل. ولا يشبه هذا الكفر وقذف المسلم؛ لأن الكفر وقذف المسلم أمر رخص فيه رخصة وتركه أفضل، ولم يجعل حلالاً إذا اضطر إليه كما جعلت الميتة ولحم الخنزير حلالاً لمن اضطر إليهما (¬1)، لأن شرب الخمر وأكل الميتة لم يحرم إلا بالنهي عنهما (¬2)، فإذا جاءت الضرورة ذهب النهي فصار بمنزلة ما لم ينه عنه، فإذا صار بمنزلة ما لم ينه عنه صار كغيره من الأطعمة التي لم ينه عن أكلها؛ وإن الكفر بالله لم يحلّله الله تعالى لبشر ولا يستقيم أن يحل على حال، إلا أن في الضرورة رخصة، وكذلك القذف هو (¬3) من مظالم الناس لا يحل من غير الضرورة بوجه من الوجوه. ولو أن رجلاً قيل له: لنقتلنك أو لتحلقن رأس فلان ولحيته أو لتحبسنه في السجن أو لتقيّدنه أو لتبرأن من دينه أو لتشهدن عليه بالكفر، فأبى أن يفعل حتى قتل كان عندي في سعة، وإن فعل شيئاً مما أمر به كان ذلك واسعًا أيضاً إن شاء الله. ولو أكره رجل رجلاً حتى يأخذ مال فلان فيدفعه إلى الذي أكرهه فإن كان الذي أكرهه يتهدّد بقتل أو بقطع (¬4) عضو من الأعضاء أو بضرب يخاف منه تلفاً (¬5) أو أمره بذلك أمراً ولم يتهدّده وهو يخاف إن قال: لا أفعل، صَنَعَ به بعض ما وصفت لك منه إلا أنه لم يتهدّده به رجوت أن يكون في سعة من أخذ مال الرجل ودفعه (¬6) إليه، لأن هذا بمنزلة المضطر، والضمان في هذا على الآمر، وليس على المأمور في شيء من هذا ضمان. وإنما يسعه هذا ما دام حاضراً عند الآمر، فإن كان أرسله ليفعل (¬7) فخاف إن ظفر به صَنَعَ به (¬8) ما تهدّده به فليس يحل له أن يُقدم على شيء من هذا، إلا أن يكون رسول الآمر (¬9) معه يخاف إن لم يفعل أن يؤدوه (¬10) ¬

_ (¬1) ز: إليها. (¬2) ز: عنها. (¬3) م: وهو. (¬4) ف: أو قطع. (¬5) ز: تلف. (¬6) ز: ودقعه. (¬7) ز: ليفعلن. (¬8) ف - به. (¬9) ف: الأمير. (¬10) ز: أن يؤدونه.

باب من الإكراه على قتل من يرثه وغير ذلك من القطع

إليه، فيكون هذا بمنزلة الذي كان حاضراً عنده سواء. وإنما وسعه في هذا أخذ مال الرجل لأنه مضطر. ألا ترى أن الرجل لا يحل له أن يَرْزَأ من مال الرجل المسلم قليلاً ولا كثيراً، ولو كانا في سفر ومع أحدهما طعام أو شراب وليس مع الآخر شيء فخاف الموت وأبى صاحبه أن يعطيه كان في سعة أن يأخذ (¬1) منه حتى يأكله، ويكره صاحبه عليه ويقاتله بما دون السلاح ما لم يأت على نفسه أو على عضو من أعضائه، ويعطيه قيمة ما أخذ منه. فكذلك المكره على ذلك إلا أن الضمان في المكره على الذي أكرهه، والضمان في المضطر على الذي أخذه. ولو أن المكره لم يتهدّد بشيء مما وصفت لك ولكنه تهدّد بالحبس أو الضرب الذي لا (¬2) يخاف منه تلفاً أو تقييد (¬3) لا يخاف منه غير ذلك لم يسعه أن يأخذ من ماله شيئاً، لأن هذا ظلم. والحبس والتقييد وما لا يخاف منه التلف من ضرب السوط الواحد ونحوه ليس من الضرورة. ولو هدده بالقتل على أن يأخذ ماله فيدفعه إليه فأبى حتى قتله كان عندنا في سعة من ذلك، فإن أخذه كان في سعة، وكل ذلك إن شاء الله تعالى واسع. ... باب من الإكراه على قتل من يرثه وغير ذلك من القطع ولو أن لصاً غالباً أكره أبا رجل على قتله فقال: لأقتلنك ولتقتلنه، أو أكره أخاه على ذلك، وهو وارثه لا وارث له غيره، فقتله المكره على ذلك، لم يكن على القاتل المكره قود ولا دية، ولا يمنع الميراث القتل، وللقاتل الوارث أن يقتل الذي أكرهه على القتل في قياس قول أبي حنيفة. وهو قول محمد. وفي قياس قول أبي يوسف تكون الدية على الذي أكرهه على القتل، ويرثها القاتل لأنه مكره. ¬

_ (¬1) ز: أن يأخذه. (¬2) م - لا. (¬3) ف + أو تقييد لا يخاف منه تلفا؛ ز: تلف أو بقيد.

وكذلك لو أن الذي أكرهه على القتل كان غلاماً لم يبلغ فأكرهه سلطان حتى قتل لم يكن على الغلام شيء، وكان القود على الذي أكرهه على ذلك في قياس قول أبي حنيفة ومحمد. وكذلك لو كان معتوهاً إلا أنه يعقل ما يؤمر به كان القود على الآمر بالقتل، ولا يبطل عنه القتل (¬1) بأن يكون القاتل (¬2) لا قود عليه. ألا ترى أنه لو أمر رجلاً كبيراً عاقلًا أن يقطع يد نفسه فأكرهه على ذلك حتى فعل قطعت يده بيده، وهذا بمنزلة الغلام الذي لم يبلغ وبمنزلة المعتوه الذي يعقل ما أمر به وبمنزلة الأب يقتل ابنه. ولو كان الذي أمر بذلك غلام (¬3) لم يحتلم إلا أنه يعقل وهو مسلط يجوز إكراهه ويطاع في ذلك، أو رجل به مِزَّة (¬4) مختلط العقل وهو مسلط يجوز إكراهه، فأكره (¬5) رجلاً على قتل رجل بتهدّد بقتل أو تلف حتى قتله، فلا قود على القاتل ولا دية، ولا يحرم الميراث بقتله إن كان وارثاً وإن قتله بالسيف، وتكون (¬6) الدية على عاقلة الذي أكرهه في ثلاث سنين؛ فإن كان الذي أكرهه وارثاً للمقتول لم يحرم الميراث ولم تكن (¬7) عليه كفارة، لأنه ممن لا يجري عليه القلم. ولو أن الذي أكرهه على قتله كان للمقتول أباً وهو يعقل فقتله المكره بأمر الأب فعلى الأب الدية في ماله في ثلاث سنين، ولا يرث من مال ابنه شيئاً ولا من ديته، لأنه كأنه قتله بيده. ولو أن رجلين لصين غالبين أمراً رجلاً واحداً أن يقطع يد رجل عمداً ظلمأ وأكرهاه على ذلك بقتل أو بضرب يخاف منه تلفاً (¬8) فقطعها بأمرهما ¬

_ (¬1) ف: العقل. (¬2) ف ز + من. (¬3) ز: غلاماً. (¬4) مزاج من أمزجة البدن، على ما يعرف في الطيب القديم، والمرة إذا غلبت على الطبع أفسدت العقل. انظر: لسان العرب، "مرر". (¬5) ز: فأكرهه. (¬6) ز: يكون. (¬7) ز: يكن. (¬8) ف: التلف؛ ز: تلف.

فلا شيء على القاطع، ودية اليد على الآمرين نصفين في أموالهما في سنتين، في السنة الأولى ثلثي نصف الدية؛ لأن ذلك ثلث جميع الدية، والثلث الباقي في السنة الثانية. ولا يكون على الآمرين قود؛ لأنه لا يقطع يدان بيد. ولو كان الآمر الذي أكره على ذلك واحداً والقاطعان رجلان فأكرههما حتى قطعاً اليد عمداً قُطعت يد الآمر ولم يُلتفت إلى القاطعين. ولو كان الآمر الذي أكره على ذلك رجلان والقاطع واحد فأكرهاه على قطع يد الرجل فقطعها عمداً بالسيف فمات المقطوعة يده من ذلك لم يكن على القاطع ضمان ولا قود (¬1)، وكان على الآمرين بالقطع القود، يقتلان جميعاً بالمقتول. وإن كان الآمران والقاتل بني (¬2) عم المقتول [في القرابة] إليه شرعاً سواء ولا وارث له غيرهم كان للقاتل أن يقتل اللذين أكرهاه، والميراث له دونهما، ولا يحرم الميراث بقتله لأنه مكره، وكان اللذان أكرهاه هما القاتلين (¬3). وكذلك إن كان الآمر (¬4) بالقطع واحداً والقاطع اثنين (¬5) فقطعا (¬6) اليد فمات من ذلك والمسألة على حالها فعلى الآمر القود، وللقاطعين أن (¬7) يقتلاه (¬8)، ويرثان المقتول، ولا يرث الآمر من ذلك شيئاً. وإن كان الآمر أيضاً أقرب إليه منهما ولا وارث للمقتول بعده غيرهما كان لهما أن يقتلاه، ويرثان المقتول دونه. ... ¬

(¬1) ز: يرد. (¬2) ز: بنو. (¬3) ز: القاتلان. (¬4) ف: بالآمر. (¬5) ز: والقاطعان اثنان. (¬6) ف: فقطعهما. (¬7) م ز - أن. (¬8) ز: يقتلانه.

باب من الإكراه على دفع المال وأخذه وهو يريد غير ما أخذ عليه

باب من الإكراه على دفع المال وأخذه وهو يريد غير ما أخذ عليه ولو أن لصا غالباً أكره رجلاً بتهدد بقتل أو قطع أو ضرب يخاف منه تلف حتى أعطى رجلاً ماله ظلماً، وأكره الآخر أيضاً بمثل ذلك حتى يقبضه منه وديعة، فقبض ذلك المستودع، فهلك المال عنده، فلا ضمان عليه، لأنه لم يأخذه ليذهب به (¬1)، وإنما أخذه ليرده على صاحبه، وهو مكره في أخذه. فإن هلك في يدي (¬2) المستودع قبل أن يدفعه (¬3) إلى صاحبه كان لصاحب المال أن يضمن الذي أكرهه، ولا ضمان له على الذي قبض المال؛ لأنه لم يستهلكه. فإن قال قائل: وكيف (¬4) لا يضمن وقد قبضه بغير أمر صاحبه؟ قيل له (¬5): لأنه مكره على قبضه، فهذا عذر؛ ألا ترى أن رجلاً لو هلك منه مال أو أبق منه عبد فأخذه رجل وأشهد أنه يأخذه ليرده على صاحبه لم يكن عليه ضمان إن هلك عنده. فهذا قد أخذ المال بغير أمر من صاحبه، فكذلك هذا، والمكره أحسنهما حالاً. ولو كان الذي أكرههما على هذا لم يكره القابض على أن يأخذه وديعة لصاحب المال، ولكنه أكرهه على أن يأخذه ليدفعه إلى الذي أكرههما، فلما قبضه المكره على قبضه ضاع منه فلا ضمان عليه أيضاً، فإن كان قد قبضه على ما ذكرت، إذا حلف المكره على قبض المال بالله ما أخذه ليدفعه إليه طائعًا، وما أخذه إلا ليرده إلى صاحبه إلا أن يكره على دفعه، فلا ضمان عليه إذا حلف على ذلك. ولو أن الذي أكرههما لم يكرههما على ما وصفت لك، ولكنه أكره ¬

_ (¬1) ف: ليذهبه. (¬2) ز: في يد. (¬3) م ف: أن يرفعه. (¬4) م: كيف. (¬5) ف - له.

صاحب المال على أن يهب المال لصاحبه، فأبى صاحبه أن يقبل الهبة، فأكرهه على أن يقبل منه الهبة ويقبضها بتهدّد بقتل أو بأمر يخاف منه تلف، فقبض (¬1) منه الهبة، فضاعت عند الموهوبة له، ثم اختصموا جميعاً إلى القاضي، فأراد الواهب أن يضمن الموهوب له، فإن قال الموهوب (¬2) له: إني أخذتها منه على الهبة لتسلم لي، فهو على ذلك، وهو ضامن لها، وللواهب الخيار: إن شاء ضمنه (¬3)، وإن شاء ضمن الذي أكرههما. فإن ضمن الذي أكرههما رجع على الموهوبة له؛ لأنه إنما ضمن المال بقبض الموهوبة له، وقد كانت الهبة قبل القبض، فلا يجعل الذي أكرههما بمنزلة الواهب. وإن ضمن الموهوب له لم يكن على الذي أكرههما (¬4) شيء؛ لأنه أخذه على أنه له فضمنه. فإن قال الموهوب له (¬5): إني لم آخذه على الهبة لتسلم لي، ولكني أخذتها على أن تكون (¬6) في يدي في مثل الوديعة حتى أرده على صاحبه (¬7)، كان القول قوله مع يمينه؛ لأنه مكره لا يقدر على أن يتكلم بهذا فيقتل أو يعاقب، والضمان على الذي أكرهه. ولو كان يقدر على أن يتكلم بذلك عند الهبة يضمن، إلا أن يكون قال ذلك عند الهبة؛ ألا ترى أن المكره على الكفر إذا قال بعدما تكلم بالكفر: لم يعقد (¬8) عليه قلبي، صدق بقوله، ولم تبن منه امرأته؛ أولا ترى أن عبداً آبقًا لرجل لو أراد رجل أن يأخذه فيذهب به إلى صاحبه، فلم يقدر على ذلك إلا بشراء أو هبة، فطلب ذلك حتى وهب له أو اشتراه، كان ضامناً له حتى يُشهِد عند ذلك أنه إنما يأخذه بالشراء أو الهبة (¬9) ليرده على مولاه. فإذا أشهد بذلك لم يضمن، وكان أميناً فيه، إن مات في يده لم يضمن، وإن سلمة لمولاه أخذ منه جُعله. فكذلك المكره على الهبة، إلا أن المكره على الهبة يصدق بقوله بغير بينة. ¬

_ (¬1) ف: فيقبض. (¬2) ز: الموهوبة. (¬3) ف + وإن شاء ضمنه. (¬4) م ف ز: أكرهه. (¬5) ف - له. (¬6) ز: أن يكون. (¬7) ز - على صاحبه. (¬8) ز: لم يعتقد. (¬9) م ف ز: والهبة.

وكذلك لو أن رجلاً أكره رجلاً على بيع عبده وأكره رجلاً آخر على شرائه، فاشتراه المكره، وأكرههما على القبض أيضاً، فقبضه المشتري وأعطى البائع الثمن، فهلك العبد والثمن، ثم اختصموا إلى القاضي، فإن ضمان الثمن للذي نقد الثمن، وضمان العبد لصاحب العبد الذي باعه على الذي أكرههما على ذلك. فإن أراد أحدهما أن يضمن صاحبه سئل كل واحد منهما عن ما قبض على أي وجه قبضه. فإن قال: قبضته على البيع الذي أكرهنا عليه على أن يكون لي سالماً، فإن قالا ذلك جميعاً فالبيع جائز، ولا ضمان على الذي أكرههما؛ لأنهما زعما أنهما رضيا بذلك. فإن قال كل واحد منهما: قبضته على الإكراه لأرده إلى صاحبه (¬1) وآخذ ما أعطيته، استحلف كل واحد منهما بالله لصاحبه على ذلك. فإن حلفا لم يكن لواحد منهما على صاحبه ضمان (¬2)، وكان الضمان (¬3) لهما جميعاً على الذي أكرههما. وإن حلف أحدهما وأبى الآخر أن يحلف لم يضمن الذي حلف. وأما الآخر الذي لم يحلف فهو ضامن لما قبض. فإن كان هو الذي قبض العبد ضمن الذي أكرههما قيمته للبائع صاحب العبد إن شاء ذلك، ورجع الذي أكرههما بالقيمة التي (¬4) ضمن على المشتري؛ لأن الذي أكرههما إنما ضمن بإكراهه إياهما على القبض، وقد كان البيع قبل القبض، فلا يكون بمنزلة البائع. فإن شاء البائع (¬5) ضمن قيمة العبد الذي قبضه منه، ولم يرجع المشتري على الذي أكرهه بشيء؛ لأنه (¬6) يقر أنه لم يقبضه على الإكراه (¬7)، إنما قبضه على أن يكون له سالماً بالشراء، ولم يكن له أيضاً على البائع من الثمن شيء. وإن كان الذي أبى اليمين الذي قبض الثمن، وحلف الذي قبض العبد، فلا ضمان في العبد على الذي أكرههما؛ لأن ¬

_ (¬1) ف ز: على صاحبه. (¬2) ز + وآخذ ما أعطيته استحلف كل واحد منهما بالله لصاحبه على ذلك فإن حلفا لم يكن لواحد منهما على صاحبه ضمانه (¬3) ز - وكان الضمان. (¬4) م ف ز: الذي. (¬5) ف - البائع. (¬6) ف + لم. (¬7) ف + إنما قبضه على الإكراه.

الذي دفعه زعم أنه دفعه على أن يكون له الثمن. ولا ضمان له أيضاً على الذي قبضه؛ لأن الذي قبضه (¬1) حلف أنه قبضه ليرده. والذي دفع الثمن بالخيار: إن شاء ضمنه الذي أكرههما، وإن شاء ضمنه الذي قبضه. فإن ضمن الذي قبضه لم يرجع على الذي أكرههما؛ لأنه زعم أنه أخذه على أنه له فصار له ضامناً، وإن ضمنه الذي أكرههما رجع به الذي أكرههما على الذي قبضه؛ لأن الذي قبضه يزعم أنه أعطى عبده (¬2) المشتري وأخذ الثمن لنفسه ليسلم له، فهذا إقرار منه بأنه أعطاه عبده (¬3) على الرضى وأخذ الثمن (¬4) على الرضى بغير إكراه، فكان الذي أكرههما لم يكرهه فيما أقر به. فإذا ضمن الذي أكرههما الثمن رجع به على الذي أخذه؛ لأن الذي قبض العبد حين لم يكن عليه ضمان في العبد فكأنه لم يقبضه، فصار البائع قابضاً للثمن بغير حق وهو غير مكره، فصار ضامناً له. وإن ضمنه الذي أكرههما رجع به على الذي قبضه. ولو أن الذي أكرههما إنما أكرههما على البيع والشراء ولم يذكر لهما قبضا، فلما تبايعا لم يتقابضا حتى فارقا الذي أكرههما، ثم تقابضا على ذلك البيع، فهذا جائز والبيع تام فيما بينهما؛ لأنهما لم يكرها على قبض، إنما أكرها على البيع بغير قبض، فإذا تقابضا على ذلك البيع بغير إكراه فهذا رضي منهما وإجازة له. ألا ترى أنهما لو أجازاه وقد كان أكرههما (¬5) على البيع والقبض أو البيع بغير قبض، فلما تبايعا أجازا جميعاً البيع بغير إكراه جاز البيع فيما بينهما. ولو أن الذي أكرههما على البيع والتقابض لم يكرههما بتهدد بقتل ولا تلف، ولكنه أكرههما بحبس أو بقيد أو نحو ذلك مما ليس فيه تلف، فتقابضا على ذلك، فقبض المشتري العبد وقبض البائع الثمن، فإن ¬

_ (¬1) ف ز - لأن الذي قبضه. (¬2) ز: عنده. (¬3) ز: عنده. (¬4) ف + لنفسه ليسلم له فهذا إقرار منه بأنه أعطاه عبده على الرضا وأخذ الثمن. (¬5) م ف: إكراههما.

البيع لا يجوز. فإن ضاع ذلك عندهما فكل واحد منهما ضامن لما قبض من صاحبه؛ لأنه لا يجوز ما صنعا في أموالهما إذا تهدد بالحبس والتقييد، فيكون ما أعطى من مالهما على وجه البيع والهبة والوديعة وغير ذلك لا يجوز عليهما، ويكون ما قبض كل واحد منهما على التهدد بالحبس والتقييد لا يجوز، فكذلك لا يجوز على واحد منهما البيع، ويضمن كل واحد منهما ما قبض من صاحبه. ولا ضمان في هذا على الذي أكرههما؛ لأنه لم يكرههما بأمر يخاف منه (¬1) التلف. ألا ترى أنه لو قال لرجل في يديه مال: أودع هذا الرجل مالك أو لأحبسنك أو لأقيدنك، وأبى الآخر أن يقبل الوديعة، فقال: لتقبلن الوديعة أو لأحبسنك أو لأقيدنك، ولا يخافان (¬2) منه تلفاً إلا ما أكرههما به، ودفع صاحب الوديعة وديعته، وأخذها الآخر فضاعت عنده لم يكن على الآخر ضمان؛ لأنه لم يأخذها لنفسه، إنما أخذها للذي أعطاها إياه. ولا ضمان على الذي أكرههما أيضاً؛ لأنه لم يكرههما بأمر يخافان منه تلفاً. ولو قال: أكرهك بالحبس والتقييد حتى تهب مالك لهذا الرجل وتدفعه إليه، وأبى الآخر أن يقبل، فقال: أهددك بالحبس والتقييد حتى تقبل وتقبض، ففعلًا، فضاعت الهبة عند الموهوب له، فالموهوب له ضامن للهبة؛ لِأَخْذِهَا (¬3) على أنها له. ولا ضمان على الذي أكرههما؛ لأنه أكره المعطي بغير تلف. ولو أكره المعطي بالحبس والتقييد (¬4) وأكره الآخر بالسيف فقال (¬5): لتأخذن الهبة أو لأقتلنك، فأخذ الهبة فضاعت عنده، فلا ضمان على الذي أكرههما؛ لأنه إنما أكره المعطي بغير تلف. ولا ضمان على الآخذة لأنه أكره على الأخذ بتلف، وقد بطل حق المعطي؛ لأنه فيه كأنه غير مكره حين أكره بغير تلف. ولو أكره المعطي بتلف فقال له: لتعطينه مالك هذا هبة أو لأقتلنك أو أقطع منك عضواً، وقال ذلك له قولًا وهو يخاف ذلك منه، وقال للقابض: لتأخذن منه (¬6) أو لأحبسنك أو لأقيدنك، وليس يخاف منه غير ذلك، فقبض الهبة فضاعت عنده، فصاحب المال ¬

_ (¬1) م ف ز: فيه. (¬2) ز: يخاف. (¬3) م: لا أخذها. (¬4) ز: والقيد. (¬5) ف: فيقال. (¬6) م: ثمنه؛ ز: هبة.

بالخيار: إن شاء ضمن الذي أكرهه قيمة هبته، وإن شاء ضمن ذلك القابض. فإن ضمن القابض لم يرجع على الذي أكرهه؛ لأن ذلك الإكراه ليس بإكراه يضمن به. وإن ضمن الذي أكرهه رجع على القابض بقيمة الهبة؛ لأن القابض لم يكن مكرهاً كَرْهاً يعذر فيه بقبض الهبة، لأنه لا يخاف تلفاً. وكذلك البيع. لو قال للبائع: لأقتلنك أو لتبيعن عبدك من هذا بألف درهم وتدفعه إليه وتقبض الثمن، فأبى الآخر أن يشتريه، فقال: لأحبسنك أو لتشترينه منه بألف درهم وتدفع إليه الثمن، ففعلًا وتقابضا، فضاع ما قبضا جميعاً، ثم اختصموا، فإن البائع لا ضمان عليه فيما قبض بعد أن يحلف بالله ما قبض المال لنفسه على أن يَسْلَم على البيع الذي كان بينهما، وما قبضه إلا ليرده إلى صاحبه. فإذا حلف على هذا فلا ضمان عليه، والمشتري ضامن لقيمة العبد للبائع. وإن شاء البائع ضمن الذي أكرهه قيمة العبد. فإن ضمنه ذلك رجع على المشتري بالقيمة، وإن ضمن المشتري لم يرجع المشتري على الذي أكرهه بشيء. فأما الثمن الذي غرمه المشتري فلا ضمان فيه على أحد؛ لأن المشتري لم يكرهه (¬1) على ذلك بتلف، فيضمن له ما أعطى. إنما التهدد بغير تلف مثل الحبس والتقييد ونحوه لا يجوز فيه ما صنع المكره من البيع والهبة ونحو ذلك. فأما أن يضمن له ذلك الذي أكرهه وهو الذي دفعه فليس في ذلك ضمان على الذي أكرهه. وإن كان الذي أكرهه (¬2) بالتلف المشتري والذي أكرهه (¬3) بالتقييد (¬4) والحبس البائع والمسألة على حالها ضمن البائع الثمن للمشتري، وإن شاء المشتري ضمنه. فإن ضمن الذي أكرهه رجع به على الذي هلك عنده، وإن ضمنه البائع لم يرجع به على الذي أكرهه. ولا ضمان للبائع على المشتري ولا على الذي أكرهه في العبد؛ لأنه دفعه (¬5) بغير إكراه. ... ¬

_ (¬1) ف ز. لم يكره. (¬2) ف - وإن كان الذي أكرهه، ز: أكره. (¬3) ف ز: أكره. (¬4) ز: بالقيد. (¬5) م + لأنه دفعه.

باب من الإكراه على أن يقر بأمر ماض

باب من الإكراه على أن يقر بأمر ماض (¬1) ولو أن رجلاً أكرهه لص غالب على أن يقر بعتق عبده هذا، فقال: إني لم أعتقه، فقال له: لأقتلنك أو لأحبسنك في السجن أو لأقيدنك أو لتقرن أنك أعتقته أمس، فأقر بذلك، كان إقراره باطلاً. وكذلك لو قال له: لأقتلنك أو لأحبسنك في السجن أو لأقيدنك أو لتقرن أنك طلقت امرأتك أمس ثلاثاً، فأقر بذلك، لم يكن هذا طلاقاً، وكانت المرأة امرأته على حالها. وكذلك لو قال له: لأقتلنك أو لأحبسنك في السجن أو لتقرن أنك تزوجت هذه المرأة أمس، فأقر بذلك، كان الإقرار باطلاً كله، لا يجوز عليه إقراره بنكاح ولا على طلاق ولا على (¬2) عتاق. ولا يشبه إكراهه إياه على أن يطلق طلاقاً مستقبلاً وعلى أن يتزوج تزويجًا مستقبلاً؛ لأنه إذا أكرهه على الإقرار بشيء ماض فإنما أكرهه على أن يكذب، والكذب إذا كان بإكراه فهو باطل. والطلاق المستقبل والعتاق المستقبل والنكاح المستقبل جده وهزله سواء، والإكراه عليه كله جائز. ألا ترى أن رجلاً لو طلق لاعباً أو أعتق لاعباً أو نكح لاعباً جاز عليه في القضاء وفيما بينه وبين الله تعالى، ولو أخبر عن شيء من ذلك وهو فيه كاذب لاعباً أو جاداً لم يلزمه شيء فيما بينه وبين الله تعالى (¬3) ووسعه الإقامة على امرأته وعلى رقيقه، ولا يحل بهذا القول له النكاح، فلهذا افترقا. وكذلك لو وجب له قصاص على رجل في نفس أو ما دونها، فأكره على أن يقر بأنه (¬4) قد عفا عنه، فقيل له: لنقتلنك أو لنسجننك (¬5) أو لتقرن بأنك قد عفوت عنه أمس، فأقر بذلك ولم يكن عفا عنه، فالإقرار بذلك ¬

_ (¬1) م ف ز: القاضي. ولا علاقة لمسائل الباب بأمر القاضي. (¬2) ز - على. (¬3) ف - ولو أخبر عن شيء من ذلك وهو فيه كاذب لاعباً أو جاداً لم يلزمه شيء فيما بينه وبين الله تعالى. (¬4) م - أول؛ ز - بأنه. (¬5) ز: ليقتلنك أو ليسجننك.

باطل لا يلزم، وله أن يقتله؛ لأنه أخبر بكذب أكره عليه. وهذا لا يشبه إكراهه إياه على أن يعفو عنه عفواً (¬1) مستقبلاً؛ لأن العفو المستقبل (¬2) عفو لا يسعه في القضاء وفيما بينه وبين ربه أن يقتله بعد عفوه، والإقرار بأمر ماض لم يكن فهو كذب، فإنما أكرهه على أن يكذب، فالإقرار بالكذب وهو مكره عليه باطل. ولو أن رجلاً أكره على أن يقر بعبد له أنه ابنه، فأبى أن يقر بذلك، فقال له: لأقتلنك أو لأحبسنك أو لتقرن بذلك، فأقر به، لم يكن ابنه ولم يعتق؛ لأن هذا ليس بعتق مستقبل، إنما هذا خبر (¬3) بأمر ماض، فإنما هو كذب أكره عليه. وكذلك لو أكره على أن يقر بأن هذه الجارية أم ولد له قد ولدت منه ولداً، فأقر بذلك، كان إقراره باطلاً. وكذلك لو أقر بتدبير ماض بإكراه كان إقراره باطلاً. ولو أن نصرانياً أكره على الإسلام حتى أسلم كان مسلماً، فلو رجع إلى النصرانية لم يترك وأجبر على الإسلام، فإن أبى أن يسلم حبس حتى يسلم، ولا يقتل للشبهة التي دخلت؛ لأنا لا نعلم من سره ما يعلم. ألا ترى أن أبا حنيفة قال في المكره على الكفر: القياس أن تبين منه امرأته؛ لأنا لا نعلم من سره ما يعلم (¬4)، ولكني (¬5) أستحسن أن لا أبينها (¬6) منه. فإذا كان هذا استحساناً لم يجز في الاستحسان أن يرد المسلم إلى الكفر ويبطل إسلامه، ولكن يؤخذ في هذا بالقياس، فيجبر على الإسلام ولا يقتل. ولو لم يكرهه على الإسلام ولكنه أكرهه على أن يقر أنه أسلم أمس ووصف الإسلام وصلى مع المسلمين، فأكرهه على أن يقر بأن هذا قد كان منه فيما مضى، فأقر بذلك ثم رجع عنه، لم يعرض له، وكان على كفره ¬

_ (¬1) ز - عفوا. (¬2) م: بالمستقبل. (¬3) ف ز: أخبر. (¬4) ف - ألا ترى أن أبا حنيفة قال في المكره على الكفر القياس أن تبين منه امرأته لأنا لا نعلم من سره ما يعلم. (¬5) م ز: ولكن. (¬6) ز: لا تبين.

على حالة. ولا يشبه إكراهه إياه على أن يسلم إسلاماً مستقبلاً إكراهه إياه على أن يقر بأمر ماض؛ لأن الإسلام المستقبل إسلام والإخبار بأمر ماض بإكراه كذب، فكأنه لم يتكلم به. فإن قال قائل: كيف جاز الإكراه على الطلاق المستقبل والنكاح المستقبل والعتاق المستقبل والعفو عن العبد ولم يجز على غير ذلك من البيوع ونحوه؟ قيل له: لا تشبه (¬1) هذه الأشياء البيوع ونحوها؛ ألا ترى أن رجلاً لو طلق امرأته على أنه بالخيار وقع الطلاق وبطل (¬2) الخيار. وكذلك العتاق وكذلك النكاح؛ لأنه لا يجوز أن ينقض بالخيار بعدما وقع، والبيع ونحوه يجوز فيه الخيار وينقض بعدما وقع. أرأيت رجلاً أكره حتى باع عبداً له أليس (¬3) له أن ينقض البيع؟ قالوا: بلى. قيل لهم: فإن هو قال بعدما ذهب عنه الإكراه: قد كنت أكرهت حين بعت، فقد أجزت ذلك البيع الآن بغير إكراه، أيجوز ذلك البيع؟ قالوا: نعم، ولا يكون للمشتري أن ينقضه (¬4)؛ لأن المشتري لم يكن أكره. قيل لهم: أفلا ترون أن البيع قد وقع إلا أن للبائع فيه خياراً، فكذلك (¬5) جاز الإكراه في الطلاق والعتاق والنكاح والعفو، لأنه لا يجوز فيه الخيار (¬6). ولو كان القول في الطلاق والعتاق والنكاح أنه يبطل في الإكراه ما جاز البيع وإن أجازه الذي أكره عليه؛ لأنه ينبغي أن لا يكون بيعاً كما لا يكون طلاقاً ولا عتاقًا ولا نكاحاً ولا عفواً. ولو كان صاحب البيع أكره على أن يقر بأنه باع أمس عبده بألف ¬

_ (¬1) ز: لا يشبه. (¬2) ز: ويبطل. (¬3) م: ليس. (¬4) م: أن يقبضه. (¬5) ز: فلذلك. (¬6) ز - الخيار.

باب الإكراه في الخلع والنكاح والعفو والصلح من دم العمد على المال والعتق

درهم، فأقر بذلك ولم يكن فعل، فقال: أنا أجيز ذلك الآن، لم يجز هذا البيع أبداً وإن (¬1) أجازه؛ أولا ترى أن هذا الماضي (¬2) لم يجز، وإن أجاز ذلك (¬3) كان بمنزلة ما أكره عليه من الإقرار بطلاق ماض وعتاق ماض وعفو ماض، فبطل (¬4) ذلك كله، فلهذا وشبهه جاز الإكراه على الطلاق المستقبل والعتاق والنكاح والعفو. ولو أكرهه على أن يقر بأنه لا قود له قبل هذا الرجل، فقال له: لأقتلنك أو لأحبسنك أو لأقيدنك أو لتقرن بأنه لا قود لك قبل هذا الرجل، ولا بينة له عليه بذلك، فأقر بذلك، ثم أقام على الرجل البينة بشيء يوجب عليه القود كان قبل الإكراه، فإن القاضي يبطل جميع ما أكره عليه من ذلك، ويقبل بينته، ويقتص له ممن كان له (¬5) قبله القود. وكذلك لو أكرهه على أن يقر بأنه لم يتزوج هذه المرأة، ولا بينة له عليها بذلك، فأقر بذلك (¬6)، ثم أقام البينة على التزويج، قبلت بينته، وقضي له عليها بالنكاح، وكان الإكراه باطلاً. وكذلك لو أكره على أن يقر أن هذا العبد ليس بعبده وأنه حر الأصل، فأقر بهذا، ثم أقام البينة أنه عبده، قبل ذلك منه وصار عبده، وبطل الإكراه. فهذا لا يشبه العتق المستقبل الذي يكره عليه ولا الطلاق المستقبل ولا النكاح المستقبل ولا العفو المستقبل. ... باب الإكراه في الخلع والنكاح والعفو والصلح من دم العمد على المال والعتق ولو أن رجلاً أكره بوعيد بقتل أو تلف حتى خلع امرأته على ألف درهم، ومهرها الذي تزوجها عليه أربعة آلاف درهم، وقد دخل بها، ¬

_ (¬1) ز: فإن. (¬2) م ف: الما؛ ز: لما. (¬3) م ف ز - ذلك. والزيادة من ع. (¬4) ز: فيبطل. (¬5) م - له. (¬6) ز - فأقر بذلك.

والمرأة غير مكرهة، فالخلع واقع، وللزوج على المرأة ألف درهم، ولا شيء للزوج على الذي أكرهه. وكذلك لو كان لرجل على رجل دم عمد فأكرهه على أن يصالحه من ذلك على ألف درهم، والذي قِبَلَه الدم غير مكره، فالصلح جائز على ألف درهم، ولا شيء لصاحب الدم على الذي أكرهه، ولا شيء له أيضاً على الذي كان قِبَلَه الدم غير الألف التي (¬1) صالحة عليها. ولو أكرهه على أن يعتق عبده على مائة درهم، والعبد قيمته ألف في رهم، والعبد غير مكره، فأعتقه على ذلك، وقبل العبد، فالعتق جائز على المائة، ومولى العبد بالخيار: إن شاء ضمن الذي كرهه قيمة العبد ورجع الذي ضمن القيمة على العبد بالمائة فيأخذها منه، وإن شاء أخذ المائة من العبد ورجع على الذي أكرهه بتسعمائة درهم تمام القيمة. وإن كان أكرهه على أن يعتق العبد على ألفي درهم إلى سنة، وقيمة العبد ألف درهم، ففعل، والعبد غير مكره، فلم يحل المال حتى خاصمهم المولى إلى القاضي، فإن القاضي يخيره، فإن شاء (¬2) رجع على الذي أكرهه بقيمة العبد حالة، وكانت الألفان التي على العبد للذي ضمن القيمة إلى أجلها يأخذ منها ألف درهم مثلما غرم ويتصدق بالفضل، وإن شاء رجع المولى على العبد بألفي درهم إلى الأجل ولم يكن له على الذي أكرهه شيء. فإن كانت الألفان (¬3) نجوماً فحل نجم منها فطلب المولى بذلك النجم العبد بغير إكراه فقد اختار اتباع (¬4) العبد، ولا ضمان له على الذي أكرهه. ولو أن امرأة أكرهت بوعيد بقتل أو تلف أو حبس أو بقيد حتى تَقْبَل من زوجها تطليقة يطلقها إياها على ألف درهم، فطلقها زوجها تطليقة على ألف درهم، وقبلت ذلك مكرهة، والزوج غير مكره، وقد كان الزوج دخل بها، ومهرها الذي تزوجها عليه أربعة آلاف درهم أو خمسمائة درهم، فالطلاق واقع، وهي تطليقة بملك (¬5) الرجعة، ولا شيء على المرأة من المال. فإن قالت المرأة بعد ذلك حين قال لها: "إن الطلاق بملك (¬6) ¬

_ (¬1) ز: الذي. (¬2) م: فإن اشاء. (¬3) ز: الألفين. (¬4) ز: أجاز ابتياع. (¬5) ز: تملك. (¬6) ز: يملك.

الرجعة"، "فقد رضيتُ بتلك التطليقة بذلك المال بغير إكراه" فإن قياس قول أبي حنيفة أن يكون ذلك جائزاً، وتكون (¬1) تلك التطليقة بائنة بذلك المال، ويجب المال على المرأة. وقال محمد: إجازتها باطل، والتطليقة بملك (¬2) الرجعة على حالها، ولا مال عليها. ولو كان مكان التطليقة خلع على ألف درهم كان الخلع واقعاً، وكان طلاقاً (¬3) بائناً، ولا شيء عليها للزوج. ولا يشبه هذا في هذا (¬4) الوجه النكاح إذا أكره عليه الزوج بأكثر من صداق مثلها. والطلاق يبطل الجعل الذي جعل له به، فإن كان طلاقا بائناً كان بائناً، وإن كان غير بائن كان طلاقاً بملك الرجعة؛ لأن النكاح لا يجوز إلا بمهر، فكأنه أكرهه على أن يتزوجها بغير شيء، والطلاق يكون بغير شيء، فيبطل ما أُكْرِهَتْ عليه من المال، ويوقع (¬5) الطلاق بغير شيء. وكذلك الدم (¬6) العمد لو أن رجلاً كان له على رجل دم عمد أو قود في غير نفس، فأكره الذي قِبَلَه القود بتوعد بقتل أو حبس على أن يصالح صاحب (¬7) الحق على مال أكثر من أرش العمد أو أقل أو مثل ذلك، فصالحه وصاحب الحق غير مكره كان العفو جائزاً، وبطل (¬8) القود، ولم يكن لصاحب القصاص على الذي كان قِبَلَه القود قليل ولا كثير؛ لأنه أكرهه على مال يغرمه، والإكراه على المال لا يلزم به صاحبه مال، وهذا بمنزلة الطلاق. ألا ترى أن رجلاً لو تزوج جارية لم تبلغ فدخل بها ثم خلعها على ألف درهم فقبلت ذلك كان الخلع واقعاً لازماً بغير مال. فإن كان طلاقاً أفصح به فهو يملك الرجعة، وإن كان خلعاً (¬9) لم يفصح فيه بطلاق فهو بائن. وكذلك الكبيرة والمكرهة هي بمنزلة الصغيرة. [وكذلك لو كان لرجل دم عمد قبل رجل] (¬10) فصالحه عنه غلام قد راهق ولم يحتلم على مال ¬

_ (¬1) ز: ويكون. (¬2) ز: تملك. (¬3) ز: الطلاق. (¬4) ز - هذا. (¬5) ز: ووقع. (¬6) ز: دم. (¬7) م: صاحبه. (¬8) ز: ويبطل. (¬9) ز: الخلع. (¬10) الزيادة من الكافي، 3/ 28 و.

باب من الإكراه على الزنى والقطع وقد أذن في ذلك المفعول به أو لم يأذن

على أن ضمنه الغلام لصاحب (¬1) القود على أن عفا عن العمد كان العفو جائزاً، ولا شيء لصاحب القود على أحد، فكذلك صلح المكره لا يجوز عليه أن يغرم مالاً بإكراه. وكذلك لو أن عبداً أُكره على أن يقبل من مولاه العتق على مال مثل قيمته أو أكثر أو أقل فقبل ذلك على ذلك المال مكرهاً ومولاه غير مكره عتق العبد ولا شيء عليه وولاؤه لمولاه؛ لأنه أكرهه على مال، ولا يلزم المال بالإكراه إلا في شيء لا يجوز على حال إلا بمال. ولو أن الذي أَكره على ذلك أكرههما جميعاً، فأكره الزوج على أن يطلق امرأته بألف درهم، وأكره المرأة على أن تقبل ذلك بإكراه وقع الطلاق على المرأة، ولم يلزمهما من المال قليل ولا كثير، فإن كان الطلاق تطليقة قد أفصح بها كانت تطليقة بملك الرجعة، وإن كان خلعاً (¬2) كان طلاقاً بائناً. وكذلك لو أكرهه (¬3) صاحب القود، فأكرههما جميعاً على أن يصطلحا على مال ففعلا، جاز العفو وبطل المال، كأنه أكرهه بغير مال. ولو أكره المولى على أن يعتق عبده على مال، وأكره العبد على قبول (¬4) ذلك، فقبله عتق العبد، ولم يلزمه من المال شيء، ورجع المولى على الذي أكرهه بقيمة عبده إن كان أكرهه بتوعد بقتل أو تلف، وإن كان توعده بحبس أو قيد لم يرجع عليه بشيء. ... باب من الإكراه على الزنى والقطع وقد أذن في ذلك المفعول به (¬5) أو لم يأذن وقال محمد بن الحسن: كان أبو حنيفة يقول: لو أن سلطانًا أو ¬

_ (¬1) م ف: لصاحبه. (¬2) ز: خلعها. (¬3) ز: لو أكره. (¬4) ز: على قول. (¬5) ز: المقتول له.

غيره (¬1) أكره رجلاً حتى زنى كان عليه الحد؛ لأنه لم ينتشر (¬2) إلا بلذة؛ وإن كان أكرهت المرأة لم يكن عليها حد. ثم رجع أبو حنيفة بعد ذلك، فقال: إذا أكره الرجل السلطان على ذلك فلا حد عليه، وإذا أكرهه غير سلطان فعليه الحد، وإذا درئ الحد وجب المهر، وإذا وجب الحد بطل المهر، فلا يجتمع حد ومهر في جماع واحد، ولا يكون جماع أبداً لا يجب فيه مهر ولا حد. وقال محمد بقول أبي حنيفة الآخر في ذلك كله. وقال أبو حنيفة: إذا أكره الرجل قوم غير السلطان أيضاً فكانوا في ذلك بمنزلة السلطان فأخذوه في طريق من طرق المسلمين أو في منزل لا يقدر فيه على المنعة فقالوا له: لنقتلنك أو لنقطعن منك عضواً أو لتزنين بهذه المرأة، فوقع في قلبه أنهم فاعلون، أو تهددوه بضرب يخاف على نفسه منه، فزنى بها، فلا حد عليه، وعليه المهر. فإن أذنت له في ذلك من نفسها حين أمروه أو استكرهها فهو آثم إن أقدم على ذلك؛ لأن (¬3) في ذلك (¬4) مظلمة لها إن استكرهها على ذلك. وإن لم تكن مستكرهة فليس يحل لها أن تأمر بذلك. ولا حد عليه في الوجهين، وعليه لها الصداق في الوجهين جميعاً. ولا يرجع على الذي أكرهه بصداق وإن وجب عليه؛ لأن الجماع لا يكون إلا بصداق، أو يجب به حد فيبطل به الصداق. وإن أكره الرجل بسجن أو بتقييد (¬5) أو بضرب لا يخاف منه تلف على أن يزني بامرأة مطاوعة أو مستكرهة فليس يحل له أن يفعل هذا، فإن (¬6) فعل فهو آثم، وعليه الحد. لا يدرأ الحد إلا في الضرورة التي يخاف منها التلف أو تلف بعض الأعضاء، فأما الإكراه بالسجن ونحوه فهذا لا يحل له الإقدام على الزنى من أجله. ولو أنه امتنع من الزنى وقد تهدد بالقتل والمرأة له مطاوعة أو مستكرهة حتى قتل كان مأجوراً في ذلك. ¬

_ (¬1) م: أو غير. (¬2) ف ز: لا ينتشر. (¬3) ز: لأنه. (¬4) ز - في ذلك. (¬5) ز: بقيد. (¬6) ز: فإن.

وكذلك لو أن رجلاً أكره فقيل له: لنقتلنك أو لتقطعن يد هذا الرجل، فقال له الرجل: قد أذنت لك في القطع فاقطع، والآذن له غير مكره، فإن المكره لا يسعه أن يقطع يده بقول صاحب اليد؛ لأن صاحب اليد أمره بما لا يحل له أن يفعله. فإن قطعها فلا شيء عليه، ولا شيء على الذي أكرهه؛ لأن صاحب اليد أذن له في ذلك بغير إكراه. وإن أكرهه صاحب اليد بتوعد بقتل أو تلف حتى أمره بذلك فالمأمور بالقطع آثم إن أقدم على ذلك أيضاً. فإن فعل القاطع (¬1) فقطع اليد كان لصاحب اليد أن يقطع يد الآمر. وإن كان الذي أكره القاطع (¬2) غير الذي أكره صاحب اليد وكلاهما يلزم إكراهه كان للمقطوعة يده أن يقطع يد الذي أكره القاطع، والقاطع آثم في جميع ما صنع من ذلك. وكذلك كل شيء أكره عليه مما يخاف منه (¬3) التلف على المفعول به فليس يسعه أن يفعله. ولو قيل (¬4) له: لنقتلنك أو لتقتلنه (¬5)، فقال الذي أمر بقتله: اقتلني فأنت في حل من ذلك، وهو غير مكره فقتله عمداً بالسيف فهو آثم في ذلك، ولا شيء عليه، والدية في مال الآمر، لأنه (¬6) قتله بأمره. ولو كان الذي فعل به بأمره شيئاً دون النفس فمات منه كان الفاعل لذلك آثماً، ولم يكن عليه ولا على الذي أمره من ذلك شيء. ولو أنه أكره على أن يصنع به شيئاً لا يخاف منه تلف من ضرب سوط أو نحوه ففعل ذلك به رجوت أن لا يكون عليه إثم (¬7). فإن أتى (¬8) عليه فمات منه، فإن كان المقتول أمره بأن يفعل ذلك به فلا ضمان عليه، ولا على الذي أكرهه. وإن كان لم يأمره بذلك فعلى الذي أكرهه الدية على عاقلته؛ لأن هذا بمنزلة الخطأ منه. فإن كان أكرهه على أن يأخذ مالاً من ماله فيرمي به في مَهْلَكَة بتوعد ¬

_ (¬1) ف ز - القاطع. (¬2) م - القاطع، صح هـ. (¬3) م ز: فيه. (¬4) ف: قال. (¬5) ز: أو لتقتله. (¬6) م ف ز: كأنه. (¬7) ز: إثما. (¬8) ز: أبى.

باب من الإكراه على البيع والشراء ثم يبيعه المشتري من آخر أو يعتقه

بقتل (¬1) أو تلف، فأذن له صاحبه في ذلك ففعل، فإن كان أذن له بغير إكراه أكره عليه فلا شيء عليه، ولا (¬2) على (¬3) الذي أكرهه على استهلاك ذلك. وإن كان أكره على أن يأمره بذلك بتوعد (¬4) بقتل أو تلف فالضمان على الذي أكره الفاعل، يضمن لصاحب المال ماله، ولا ضمان على الفاعل لأنه مكره. ولا يبرأ الذي أكره الفاعل بأمر رب المال بالاستهلاك؛ لأنه مكره فكأنه لم يأذن له، وكأنه إنما أذن له الذي أكرهه على الإذن. وسواء إن علم الفاعل أن صاحب المال أكره أو لم يكره. ولا يكون على مستهلك المتاع إثم إن أمره صاحبه أن يستهلكه بإكراه أو غير إكراه إذا كان المكره أكره بأمر يخاف منه (¬5) التلف. فإن كان إنما (¬6) أكره بأمر لا يخاف منه (¬7) التلف مثل الحبس والقيد ونحوهما فليس يحل (¬8) له أن يستهلكه إلا أن يكون صاحب المال أمره بغير إكراه. فإن كان أمره بغير إكراه فلا شيء عليه. والأمة والعبد فيما يأذن فيه مولاهما من جميع ما وصفت لك مثل الحر والحرة. إن أذن المولى في جماع الأمة أو قطع اليد أو القتل أو غيره ورضي بذلك العبد والأمة فذلك كله سواء، ما حرم من ذلك من الحرة والحر فهو حرام من هذين، وما حل من الحر والحرة فهو حلال من هذين، وما غرم في الحر والحرة غرم في هذا إلا في خصلة واحدة: لا يغرم نفس الأمة والعبد إذا أمر بذلك المولى بغير إكراه كما يغرم من (¬9) ذلك من الحر والحرة. ... باب من الإكراه على البيع والشراء ثم يبيعه المشتري من آخر أو يعتقه ولو أن لصوصًا غالبين ممتنعين أكرهوا رجلاً على بيع عبد له يساوي ¬

_ (¬1) ز: قتل. (¬2) ز - ولا. (¬3) ز: وعلى. (¬4) م ز: بالتوعد. (¬5) م ز: فيه. (¬6) ز: إثما. (¬7) م ز: فيه. (¬8) ف - يحل. (¬9) ف + من.

عشرة آلاف على أن يبيعه من هذا الرجل بألف درهم، فأكرهوه بوجه تلف من قتل أو قطع عضو من الأعضاء أو ضرب يخاف منه تلف بعض ذلك، أو أمروه أمراً وهو يخاف إن لم يفعل أن يفعل ذلك به لما بداً له من حالهم، فأمروه أن يبيعه من هذا الرجل بهذا الثمن ويدفعه إليه ويقبض الثمن، ففعل ذلك، فتقابضا والمشتري غير مكره، فلما تفرقوا عن ذلك المجلس قال البائع المكره (¬1): قد أجزت ذلك البيع، كان البيع جائزاً. وكذلك لو لم يكن قبض الثمن فقبضه (¬2) من المشتري بعد ذلك كان هذا إجازة منه للبيع. ولو أن البائع لم يجز البيع ولم يقبض الثمن حتى أعتق المشتري العبد فعتقه جائز؛ لأنه في يده بمنزلة الشراء الفاسد. فإن قال المكره بعد ذلك: قد أجزت البيع كانت إجازته باطلاً؛ لأن العبد قد وجب للمشتري (¬3) بالقيمة، فلا يتحول عن ذلك. وكذلك لو دبره المشتري (¬4). وكذلك لو كانت أمة فوطئها المشتري فعَلِقَت منه. ولو لم يكن شيء من هذا العتق والتدبير والولادة ولم يقبض المشتري العبد ولم يجز البائع البيع حتى لقي المشتري البائع فقال المشتري: إنك أيها (¬5) البائع قد كنت أكرهت على البيع، فلا حاجة لي في بيعك، فقد نقضت البيع فيما بيني وبينك، فقال البائع: لا أجيز نقضك، وقد أجزت البيع، لم تكن (¬6) إجازته بشيء وقد انتقض البيع؛ لأن البيع (¬7) كان فاسداً حتى يجيزه البائع، فلما نقضه المشتري قبل إجازة البائع بطل، فلا يجوز بعد ذلك. وإنما هذا البيع في جميع ما وصفت لك بمنزلة بيع تبايع (¬8) به رجلان مشترٍ (¬9) وبائع، فاشترط فيه البائع لنفسه شرطًا أفسده، فهو بمنزلة البيع الفاسد ما لم يبطل البائع شرطه، فإذا أبطل شرطه (¬10) جاز البيع. ولو أن المشتري لم يبطل بيعاً ولم يبطله البائع أيضاً حتى قبض المشتري ¬

_ (¬1) ز: المكره. (¬2) ز: فيقبضه. (¬3) ز: المشتري. (¬4) ف - وكذلك لو دبره المشتري. (¬5) ز: أنت. (¬6) ز: يكن. (¬7) ز - لأن البيع. (¬8) ز: يبايع. (¬9) ز: مشتري. (¬10) ز - فإذا أبطل شرطه.

العبد من البائع والبائع مكره على ذلك، ثم باعه المشتري من إنسان آخر بيعاً صحيحاً وقد كان المشتري قبضه بإكراه البائع، فالبائع على حالة، إن شاء نقض البيع وأخذ العبد، وإن شاء أجاز البيع الأول. فإن أجازه جاز البيعان جميعاً؛ لأن البائع الثاني ما (¬1) يملك مما للبائع الأول أن يرده فإذا سلمة سلم. ألا ترى أن رجلاً لو اشترى من رجل عبداً بألف درهم حالة، فقبض المشتري العبد بغير أمر البائع فباعه كان بيعه جائزاً، وللبائع الأول إن لم يدفع إليه المشتري الثمن أن يأخذ العبد حتى يرده إلى يده (¬2)، فإذا فعل ذلك انتقض البيع الثاني. وإن سلم البائع الأول للمشتري الأول قبضه جاز البيع الثاني، وجاز كل بيع كان في ذلك وإن تناسخ العبد عشرة يبيع بعضهم من بعض. فكذلك المكره لو تناسخ عبده عشرة يبيع بعضهم من بعض كان له أن ينقض البيوع كلها ويأخذ عبده؛ لأنه أخذه (¬3) بغير رضاه ولا أمره طائعاً. فإن سلم البيع الأول أو الثاني أو الآخر (¬4) أو بيع من البيوع جازت البيوع كلها، وكان له الثمن على المشتري الأول. فإن أعتقه المشتري الآخر قبل إجازة البيع وقد تناسخ البيع عشرة كان العتق جائزاً على الذي أعتقه قبضه أو لم يقبضه. فإن سلم البائع الأول المكره البيع بعد ذلك لم يجز تسليمه، وكان له أن يضمن قيمة عبده أيهم شاء، وإن شاء ضمنها الذي أكرهه. فإن ضمنها الذي أكرهه رجع بها على البائع الأول، وجازت البيوع الباقية كلها. وإن ضمنها البائع (¬5) المشتري الأول (¬6) برئ الذي أكرهه وتمت البيوع كلها الباقية. فإن ضمنها أحد الباعة الباقين سلم (¬7) كل بيع كان بعد ذلك البيع، ورجع المشتري الذي (¬8) ضمن على الذي باعه بالثمن الذي أعطاه، وتراجعوا بالأثمان حتى ينتهوا إلى المشتري الأول، ورجع المشتري الأول على البائع المكره بالثمن إن كان أعطاه إياه؛ لأن أخذ ¬

_ (¬1) ز: مما. (¬2) أي يسترده. (¬3) ف: أخذ. (¬4) ف: أو الثالث. (¬5) ز: أحد. (¬6) ز - الأول. (¬7) ز: البايعين تسلم. (¬8) ز: الثاني.

المكره القيمة بمنزلة أخذ العبد لو (¬1) كان حياً. ولو أن رجلاً أكره على أن يشتري من رجل عبداً له يساوي ألف درهم بعشرة آلاف درهم والبائع غير مكره، فأكره على الشراء والقبض والدفع للثمن ببعض ما وصفت لك من الكَرْه، فلما قبض المشتري العبد أعتقه أو دبره أو كانت أمة فوطئها فعَلِقَت منه أو لم تَعْلَقْ أو نظر إلى فرجها لشهوة أو قبلها لشهوة، فأقر بذلك، أو قال: قد رضيتها بذلك الثمن الذي أخذ منه، فهذا جائز عليه كله بذلك الثمن الذي أخذ منه. [وهذا] بمنزلة رجل اشترى جارية على أنه بالخيار أبداً فقبضها، فالبيع فاسد، فإن قبلها أو باشرها أو نظر إلى فرجها لشهوة أو قال: قد رضيتها، جاز البيع. فكذلك المكره على الشراء، فالبيع فيه فاسد بكَرْهه (¬2)، فإن أجاز جاز، وإن رده بطل البيع فيه. ألا ترى أن رجلاً لو اشترى عبداً بألف درهم إلى الحصاد أو إلى الدِّيَاس كان البيع فاسداً لهذا الشرط، فإن أبطل المشتري الأجل وقال: أعطي الثمن حالا، جاز البيع. فكذلك المكره إنما بطل البيع لكَرْهه (¬3)، فإذا أبطل كَرْهه ورضي فهو جائز. ولو كان الذي أكره البائع ولم يكره المشتري ولم يقبض المشتري العبد من البائع حتى أعتق المشتري العبد أو دبره كان عتقه وتدبيره باطلاً؛ لأن البيع فاسد حتى يجيزه البائع المكره (¬4)، والبيع الفاسد لا يملك إلا بالقبض، فإن أجاز البائع البيع بعد عتق المشتري جاز البيع ولم يجز ذلك العتق الذي كان. ولو أعتقا (¬5) العبد جميعاً معاً جاز عتق البائع وبطل عتق المشتري؛ لأن العبد في يدي البائع بعد فهو في ملكه (¬6) حتى يجيز البيع. ولو كان المشتري قد قبض العبد ثم أعتقا العبد جميعاً معاً عتق العبد من المشتري ولم يلتفت إلى عتق البائع؛ لأنه في ملك المشتري حتى يقبضه البائع. ¬

_ (¬1) ز: ولو. (¬2) ز: يكرهه. (¬3) م: بكرهه؛ ز: أكرهه. (¬4) ز + المكره. (¬5) ز: أعتق. (¬6) ز: فهو يملكه.

ولو أن البائع والمشتري أكرها جميعاً على البيع والشراء والقبض ففعلًا ذلك، فقال أحدهما بعد ذلك: قد (¬1) أجزت البيع بغير إكراه، كان البيع جائزاً من قِبَلِه، وفي الآخر على حالة بمنزلته لو لم يكن أكره غيره. فإن أجازا جميعاً بغير إكراه جاز البيع. ولو لم يجيزا حتى أعتق المشتري العبد كان عتقه جائزاً، وكان ضامناً للقيمة. فإن أجاز الآخر بعد ذلك لم يلتفت إلى إجازته. وإن كانا لم يتقابضا وقد عقدا (¬2) البيع بالإكراه فأجاز أحدهما بغير إكراه فالبيع فاسد على حالة، والعبد في ملك البائع على حالة حتى يجيز الآخر. فإن أعتقاه جميعاً معاً البائع والمشتري وقد أجاز أحدهما البيع البائع أو المشتري فإن كان العبد لم يقبض فعتق البائع (¬3) فيه جائز وعتق المشتري فيه باطل؛ لأنه في ملك البائع على حالة، والبائع أولى بالعتق من غيره. وإن أعتقه أحدهما ثم أعتقه الآخر بعده فإن كان البائع هو الذي أجاز البيع وأعتق المشتري قبله فهذا إجازة منهما جميعاً للبيع، والثمن للبائع. وإن كان البائع أعتق أولاً فقد نقض البيع، ولا يجوز عتق المشتري. وإن كان الذي أجاز أول مرة المشتري ولم يجز البائع فعتق البائع جائز في ذلك، وقد انتقض البيع أعتقه البائع قبل المشتري أو بعده. وإنما مثل هذا في إجازة البائع البيع أول مرة ثم أعتقاه معاً أو أعتقه أحدهما قبل صاحبه مثل رجل اشترى من رجل عبداً بألف درهم على أن المشتري بالخيار أبداً ولم يقبض العبد المشتري حتى أعتقاه جميعاً معاً، فعتق البائع فيه جائز وعتق المشتري فيه باطل. وكذلك إن سبق البائع بالعتق. فإن سبق المشتري بالعتق عتق العبد وجاز البيع. والقياس في هذا أن عتق المشتري باطل؛ لأنه أعتقه وهو لا يملكه. ولكنا نستحسن فنجعل عتقه إياه رضي بالبيع وملكاً (¬4) وعتقا معاً. ألا ترى أن رجلاً لو قال لرجل: قد أعتقت عبدي عنك (¬5) على ألف درهم، فقال الآخر: قد رضيت، عتق العبد عن المعتق عنه، فوقع العتق والملك ورضاه بذلك معاً، وليس هذا بقياس، فكذلك الوجه الأول. ¬

_ (¬1) ف - قد. (¬2) ز: عقد. (¬3) م + العبد. (¬4) م ف ز: وملك. (¬5) ز - عنك.

ولو كان المشتري قبض العبد (¬1) الذي اشتراه في الإكراه وفي الخيار الفاسد ثم أجاز أحدهما البيع في الإكراه لم يجز عتق البائع فيه على حال من الحالات، وجاز عتق المشتري فيه. فإن كان الذي أجاز البيع في الإكراه البائع جاز العتق والبيع بالثمن. وإن كان الذي أجاز البيع المشتري جاز عتق المشتري وغرم القيمة للبائع، فإن كان قبض منه الثمن حاسبه به وأعطاه فضلاً إن كان له. ولو أن المشتري أكره على الشراء والقبض ودفع الثمن ولم يكره البائع على ذلك فتقابضا (¬2) ثم لقي البائع المشتري فقال البائع: قد نقضت البيع الذي كان بيني وبينك، لم يلتفت إلى قول البائع في ذلك، وكان القول في ذلك قول المشتري. ولو أن المشتري قال للبائع: قد نقضت البيع الذي بيني وبينك، كان البيع منتقضًا. فإن قال المشتري بعد ذلك: أنا أريد أن آخذه بذلك الثمن، لم يكن له ذلك. وإن أعتقه (¬3) بعد ذلك (¬4) وهو في يده لم يجز عتقه. ولو كان العبد لم يقبض والمسألة على حالها فنقض (¬5) البائع البيع كان منتقضًا، ولم يكن للمشتري رضي بعد ذلك. وكذلك إن نقضه المشتري لم يكن له بعدما نقضه إجازة؛ لأن البيع حين لم يقبض كان في (¬6) ملك البائع على حالة. ألا ترى أن رجلاً لو اشترى من رجل عبداً بألف درهم إلى العطاء كان البيع فاسداً. فإن قبضه المشتري فقال البائع للمشتري: قد نقضت البيع، لم يلتفت إلى ذلك، وكان النقض إلى المشتري (¬7). فإن قال المشتري للبائع: قد نقضت البيع، كان النقض جائزاً، ولم يجز البيع إلا ببيع مستقل. ولو كان المشتري (¬8) لم يقبض العبد فنقض أحدهما البيع (¬9) كان نقضه ¬

_ (¬1) ز - العبد. (¬2) ز: مقابضا. (¬3) ف - أنا أريد أن آخذه بذلك الثمن لم يكن له ذلك وإن أعتقه، صح هـ. (¬4) ف - بعد ذلك. (¬5) ز: فقبض. (¬6) ز + ذلك. (¬7) م: للمشتري. (¬8) ز - فإن قال المشتري للبائع قد نقضت البيع كان النقض جائزاً ولم يجز البيع إلا ببيع مستقل ولو كان المشتري. (¬9) ز: بالبيع.

باب من الإكراه على ما يجب فيه العتق والطلاق ويجب فيه الضمان ولم يكرهه على العتق والطلاق بعينه

جائزاً. ولو كان البائع هو الذي أكره على البيع والدفع ودفع إليه الثمن بكَرْه (¬1) أيضاً ولم يكره المشتري على شيء من ذلك ثم التقى المشتري والبائع فنقض (¬2) المشتري البيع لم يلتفت إلى نقضه؛ لأن الأمر إلى البائع، لأنه هو المكره، وهو الذي فسد البيع من قبله. فإن نقضه البائع فنقضه جائز. وكذلك كل بيع إنما يفسد من قِبَل شرط البائع فيه أو من قِبَل شرط للمشتري فيه. فإن كان لم يقبض فأيهما نقضه (¬3) فهو جائز، وإذا قبض فقد تم الملك فيه. فإن نقضه الذي له الشرط فقبضه جائز (¬4)، وإن نقضه الذي ليس له الشرط فليس له ذلك. ولو كان البيع فاسداً من أصله (¬5) بغير شرط [كما لو] اشترى رجل من رجل جارية بخمر فتقابضا فأيهما (¬6) نقض فنقضه جائز إذا التقيا، ولا يلتفت في هذا إلى الملك ولا إلى غيره. فإن أعتقه المشتري بعد ذلك لم يجز عتقه؛ لأن البيع قد انتقض، وعتق البائع فيه جائز. ... باب من الإكراه على ما يجب فيه العتق والطلاق ويجب فيه (¬7) الضمان ولم يكرهه على العتق والطلاق بعينه ولو أن لصوصاً غالبين أكرهوا رجلاً حتى اشترى عبداً من رجل بعشرة آلاف درهم وقيمة العبد ألف درهم فأكره بقتل أو بتلف حتى اشترى ودفع وقبض العبد الذي اشترى، وقد كان المشتري حلف أن كل عبد يملكه فيما يستقبل فهو حر أو حلف على ذلك العبد بعينه حين أكره على شرائه قبل أن يشتريه فقال: إن ملكه فهو حر، فإن العبد يعتق ويغرم المشتري قيمته للبائع، وتبطل (¬8) عنه التسعة الآلاف وترد عليه إن كانت قبضت منه، ولا ¬

_ (¬1) ز: يكره. (¬2) ز: فقبض. (¬3) ف: يقبضه. (¬4) ف - وإذا قبض فقد تم الملك فيه فإن نقضه الذي له الشرط فقبضه جائز. (¬5) م ز: من أجله؛ ف: من احله. (¬6) ز: فاتهما. (¬7) م ز: به. (¬8) ز: ويبطل.

يرجع المشتري على الذي أكرهه بقليل ولا كثير من قيمة العبد؛ لأن الذي أكرهه لم يكرهه على العتق، إنما أكرهه على غير العتق فجاز ذلك الغير. وكذلك لو أكرهه على أن يشتري أخاه وأباه وابنه أو ذا رحم محرم منه أو أكرهه على أن يشتري أمة قد ولدت منه ففعل، أو أكرهه على أن يشتري جارية قد جعلها مدبرة إن ملكها، فإن هذا (¬1) يجوز على المشتري بقيمته في هذه الوجوه كلها، ويبطل ما ازدادوا عليه من الثمن. ولا يضمن الذي أكرهه مما غرم من قيمة العبد أو الجارية (¬2) قليلاً ولا كثيراً. ولا يشبه هذا إكراهه إياه على أن يعتق. إذا أكرهه بشيء مما وصفت لك أعلى، أن يعتق عبده فأعتقه جاز العتق، وغرم الذي أكرهه قيمته للمكره؛ لأن ها هنا أكرهه على الذي أتلف به العبد، والأول لم يكرهه على الذي أتلف به العبد، إنما أكرهه على البيع فعتق حين ملكه. ألا ترى أن رجلاً لو شهد عليه شاهدان أنه أعتق عبده هذا فقضى القاضي بشهادتهما وأعتق العبد ثم رجع الشاهدان عن شهادتهما أنهما ضامنان لقيمة العبد للمشهود (¬3) عليه. ولو شهدا على رجل قد قال لعبد: إن ملكته فهو حر، فشهدا عليه أنه اشتراه من البائع والبائع يدعي شهادتهما بألف درهم وقيمة العبد ألف درهم فقضى القاضي بذلك وأنفذه وأعتق العبد بقوله: إن ملكته فهو حر، ثم رجعا أنه لا ضمان عليهما؛ لأنهما أعطياه مثل ما أخذًا منه، ولم يشهدا على العتق، إنما عتق بيمين المشتري (¬4) ولم يعتق بشهادتهما. ألا ترى أن رجلاً لو قال لعبده (¬5): "حر إن دخل هذه الدار"، فأكره بالوعيد بالقتل حتى دخل فعتق عبده أنه لا يضمن الذي أكرهه من قيمة العبد شيئاً. أرأيت لو لم يكرهه أحد ولكن قوماً احتملوه وهو لا يملك من نفسه شيئاً حتى أدخلوه الدار وقد كان حلف فقال: إن صرت (¬6) في هذه الدار فعبدي هذا حر، فصار فيها بإدخالهم إياه فعتق العبد أيغرم الذين أكرهوه قيمة ¬

_ (¬1) ف: فهذا. (¬2) ز + كلها ويبطل. (¬3) م ف ز: المشهود. (¬4) ز - المشتري. (¬5) ف ز: عبده. (¬6) ز: إن ضرب.

العبد، ليس يضمن الذين أكرهوه من قيمة العبد شيئاً؛ لأنه لم يكره على ذلك. وكذلك لو كان قال: إذا تزوجت فلانة فهي طالق، فأكره حتى تزوجها بمهر مثلها فالنكاح جائز وهو ضامن لنصف المهر للمرأة، ولا ضمان على الذين أكرهوه في شيء من هذا. ألا ترى أنه لو قال لامرأة له لم يدخل بها: إن شجّني اليوم أحد فأنت طالق، أو قال ذلك لعبده فأُخذ كَرْهًا فشُجّ أنها طالق ويعتق العبد، ولا يغرم الذي أكرهه وشجّه من قيمة العبد ولا من نصف الصداق الذي غرم شيئاً. ولو أن رجلاً أكره حتى يجعل عتق عبده في يد هذا الرجل أو طلاق امرأته ولم يدخل بها، أكرهه على ذلك من يجوز إكراهه بقتل (¬1) أو تلف، ففعل ذلك، فطلقها الذي جعل ذلك إليه أو أعتق العبد الذي جعل عتقه إليه كان القياس في هذا أن يعتق العبد وتطلق المرأة، ولا يغرم الذي أكرهه من ذلك شيئاً؛ لأنه لم يكرهه على الطلاق والعتاق بعينه. ولكني أستحسن أن أضمن الذي أكرهه قيمة عبده، ونصف المهر الذي غرم لامرأته؛ لأن هذا أكره على الأمر الذي به العتق بعينه أو الطلاق بعينه حين أمره أن يجعله في يد غيره، فلذلك غرم ما أتلف له من ذلك. ألا ترى أنه لو أكرهه على أن يجعل ذلك في يده، ففعل فطلقها الذي أكرهه أو أعتق عبده ضمن، فكذلك إذا أمره أن يجعل ذلك في يد غيره. ولا يشبه الإكراه في هذا الوجه شهادة الشهود إذا قضي (¬2) بشهادتهم أنه جعل أمرها بيدها ثم رجعوا. ألا ترى أن أربعة لو شهدوا على رجل بالزنى وشهد شاهدان بالإحصان فرجم الرجل،، ثم قال شاهدا (¬3) الإحصان: شهدنا بالباطل ونحن نعلم أنه باطل (¬4)، لم يكن عليهما غرم وكان عليهما الأدب. ولو لم يشهد شاهدا (¬5) الإحصان وقال القاضي: قد علمت أنه لم يحصن ولكن أرجمه ظالمًا وأنا أعلم أنه لا رجم عليه، وأكره الناس حتى رجموه ضمنته ديته. وكان ينبغي ¬

_ (¬1) ز: يقبل. (¬2) ز: إذا قضا. (¬3) ز: شاهدان. (¬4) م ز: الباطل. (¬5) ز: شاهد.

في قياس قول محمد أن يقتل (¬1) القاضي، ولكنه (¬2) استحسن أن يجعل على القاضي الدية في ماله لهذه الشبهة. ولو أن رجلاً أكره على أن يجعل كل مملوك يملكه فيما يستقبل حراً ففعل ذلك، ثم اشترى مملوكاً أو وهب له أو تصدق به عليه أو أوصي له به عتق ولم يغرم الذي أكرهه من قيمة المملوك قليلاً ولا كثيراً. وإن ورث مملوكاً كان القياس في ذلك أيضاً أن لا يضمن الذي أكرهه شيئاً، ولكن أستحسن أن أضمن الذي أكرهه قيمة المملوك الذي ورثه؛ لأن هذا دخل في ملكه بغير فعل ولا قبول، وما اشترى أو وهب له أو تصدق به عليه أو أوصي له به لم يدخل في ملكه إلا بقبول منه، ولا يغرم الذي أكرهه من ذلك شيئاً. ألا ترى أن الذي أكرهه لو قال له: قل (¬3): كل مملوك أرثه فهو حر، فقال ذلك، ثم ورث مملوكاً فقبيح (¬4) أن (¬5) لا يضمن الذي أكرهه؛ لأنه أكرهه (¬6) على الحلف بالعتق بعينه، وقد دخل العبد في ملكه بغير فعل منه، فلذلك غرم الذي أكرهه قيمته. ولو كان أكرهه في هذا كله بحبس أو بقيد لم يضمن في شيء من هذا. ولو أن رجلاً أكره بتوعد بقتل أو تلف عضو أو ضرب يخاف منه تلف على أن قال لعبده: إن شئت فأنت حر، فشاء عبده العتق عتق العبد وغرم الذي أكرهه قيمة العبد للمولى. وكذلك لو أكرهه على أن يقول لعبده: إن دخلت الدار فأنت حر، فقال ذلك لعبده، ثم إن العبد دخل الدار فإنه يعتق ويغرم الذي أكرهه قيمته للذي أكره؛ لأن هذا لا عمل للمولى فيه. ولو أكره المولى على أن يقول لعبده: إن صليت فأنت حر، وإن أكلت فأنت حر، وإن شربت فأنت حر، فقال ذلك المولى ثم صنع شيئاً مما استحلفه عليه فإن العبد يعتق ويغرم الذي أكرهه قيمته؛ لأن الطعام والشراب أمر لا بد له منه يخاف على نفسه إن لم يفعل، والصلاة وصوم رمضان ¬

_ (¬1) ز: أن يقبل. (¬2) ف: ولكن. (¬3) ف - قل. (¬4) ف: قبيح. (¬5) ف - أن. (¬6) م: كرهه؛ ز: كره.

ونحو ذلك فريضة من فرائض الله تعالى لا يجد المكره بداً من أن يفعل ذلك، فالذي أكرهه ضامن لقيمة عبده، وكذلك كل فريضة من فرائض الله تعالى. وإن قال له: قل: إن تقاضيت ديني الذي على فلان، أو أكلت طعام كذا وكذا، لطعام خاص يجد منه بداً، أو دخلت دار فلان فأنت حر، وأكرهه على ذلك بتوعد بقتل، فقال المولى ذلك، ثم فعل الذي حلف عليه، عتق العبد، ولم يغرم الذي أكرهه من قيمته شيئاً. ألا ترى أنه لو أكرهه بقيد أو بسجن حتى يعتق عبده، فأعتقه، لم يغرم شيئاً؛ لأنه ليس بضرورة، فكذلك هذا. ولو أن رجلاً قَتل عبدُه قتيلاً خطأً فاختصموا في ذلك إلى القاضي، فأكره القاضي المولى على عتق عبده بتوعد بقتل (¬1) أو نحوه حتى أعتقه، وقد علم المولى بالجناية، فلا ضمان على المولى في الجناية، وإنما الضمان على الذي أكرهه، فيغرم الذي أكرهه القيمة، فيأخذها المولى فيدفعها إلى ولي الجناية، ولا يكون للمولى شيء. ولو كان أكرهه بقيد أو سجن ولم يخش منه قتلًا أو تلفاً (¬2) فأعتق عبده لم يكن على القاضي ضمان، وعلى المولى قيمة العبد لصاحب الجناية، ولا يضمن المولى من أرش الجناية الباقي شيئاً وإن كان قد علم بالجناية؛ لأنه لم يستهلك ذلك، وإنما يغرم ما وجب له، وذلك قيمة العبد. فأما الفضل فلا يغرمه؛ لأنه كأنه أمره أن يغرم عشرة آلاف مكان عبده، فهذا يكون السجن فيه والقيد (¬3) كَرْهاً (¬4) يبطل ما أمره به من ذلك. ولو (¬5) لم يكرهه (¬6) على عتقه ولكنه أكرهه حتى قتله عمداً وهو يعلم بجنايته، فإن كان توعده بالقتل أو بالتلف حتى قتله كان للمولى أن يقتل به الذي أكرهه، ويبطل حق أصحاب الجناية. وإن كان أكرهه بالسجن أو بالتقييد كان على المولى قيمة العبد لأولياء الخطأ، ولا شيء على الذي أكرهه. ... ¬

_ (¬1) ز - بقتل. (¬2) ز: قتل أو تلف. (¬3) م ف ز: والعبد. (¬4) ز: كره. (¬5) ف ز - ولو. (¬6) ف ز: ولم يكرهه.

باب من الإكراه على ما يجعل الرجل لله على نفسه فيلزمه وعلى الإيلاء

باب من الإكراه على ما يجعل الرجل لله على نفسه فيلزمه وعلى الإيلاء ولو أن لصاً غالباً أكره رجلاً حتى جعل على نفسه صدقة لله أو صوماً أو حجاً أو عمرة أو غزوا في سبيل الله أو بدنة أو شيئاً يتقرّب به إلى ربه، فتهدّده بقتل أو تلف أو غيره حتى أوجب ذلك على نفسه لله، فهو واجب عليه كله. وهذا عندنا بمنزلة الطلاق والعتاق، يكره عليه؛ لأن الطلاق والعتاق فيه تحريم فرج إن كانت امرأة أو أمة، وفيه عتق عبد وتحريم خدمته وأكل ماله، فصار هذا وما أوجب لله على نفسه سواء. وكذلك لو أكرهه على أن يجعل على نفسه المشي إلى بيت الله تعالى، أو حلف بذلك على شيء يقدر على أن يفعله أو لا يقدر، أو أكرهه على (¬1) أن يحلف بشيء من هذا على يمين معصية أوطاعة أوعلى أمر يخاف فيه التلف على نفسه من ترك الطعام أو الشراب أو غير ذلك، فحلف على ذلك بإكراه بالقتل أو بغيره، ثم حنث في يمينه، وجب عليه جميع ما أوجب على نفسه من ذلك. ألا ترى أنه لو أكرهه حتى حلف بالله لا يكلم فلاناً ثم كلمة حنث ووجبت عليه الكفارة. وكذلك لو استحلفه بقسم أو غيرها وجب عليه ما حلف عليه من ذلك. وكذلك لو أكرهه بوعيد بقتل أو غيره حتى يظاهر من امرأته كان مظاهرًا لا (¬2) يقربها حتى يكفّر؛ فإن أجبره على أن يكفّر ففعل لم يرجع بذلك على الذي أكرهه؛ لأن هذا أمر يلزمه فيما بينه وبين الله تعالى. فإن أكرهه على عتق عبد له بعينه حتى أعتقه عن ظهاره، فإن كان أكرهه بتوعد بقتل أو ضرب يخاف منه تلف كان العبد حراً، وضمن الذي أكرهه قيمته ولم يجزه من الكفارة. فإن قال: أعتقته حين أكرهني وأنا أريد به كفارة الظهار ولم أعتقه لإكراهه، أجزأه من كفارة الظهار، ولم يكن له على الذي أكرهه قيمة العبد (¬3). فإن قال: أردت به ¬

_ (¬1) ف - على. (¬2) م: الا. (¬3) م ف ز - العبد. والزيادة من ع.

العتق عن الظهار كما أمرني ولم يخطر على بالي غير ذلك، لم يجزه عن كفارة (¬1) الظهار، وكان له عليه القيمة إلا أن يبرئه منها. وإن كان أكرهه بقيد أو حبس أجزأ عنه، ولم يكن (¬2) على الذي أكرهه ضمان. وكذلك لو أكرهه حتى حلف لا يقرب (¬3) امرأته بالله أو بيمين من الأيمان فهو مول (¬4)، إن تركها أربعة أشهر بانت بالإيلاء، وإن قَرِبَها وجب عليه كفارة ما حلف به. وإن تركها ولم يكن دخل بها حتى بانت بالإيلاء ووجب لها نصف الصداق عليه لم يرجع على الذي أكرهه بشيء؛ لأنه قد كان يقدر على أن يَقْرَبَها فلم يفعل. ولو كان أكرهه على أن يقول: إن قَرِبْتُها فهي طالق ثلاثاً، بوعيد بقتل أو ضرب يخاف منه التلف فقال ذلك ولم يدخل بها، فإن قربها فهي طالق، وعليه المهر كاملاً، ولا يرجع على الذي أكرهه. وإن تركها حتى تمضي (¬5) أربعة أشهر بانت منه بالإيلاء، ولها نصف الصداق، ولا شيء على الذي أكرهه أيضاً؛ لأنه كان يقدر على أن يجامعها فيجب المهر بجماعه إياها ويبطل الإيلاء. والإكراه على الجماع لا يجب به (¬6) ضمان على الذي أكرهه. وكذلك لو أكرهه على أن يقول: إن قربتها فعبدي حر، فإن قربها عتق عبده، ولم يغرم الذي أكرهه. وإن تركها حتى تمضي أربعة أشهر فبانت بالإيلاء غرم نصف الصداق، ولم يرجع على الذي أكرهه بشيء؛ لأنه قد كان يقدر على أن يبيع عبده في الأربعة الأشهر فيقربها بغير كفارة. ولو كان عبده مدبراً لا يقدر على بيعه أو كانت أم ولد فأكرهه على أن يقول: إن قرِبتها فهذا المدبر حر وهذه أم الولد حرة، فقال ذلك، فإن قربها في الأربعة الأشهر عتق العبد والأمة، ولم يغرم الذي أكرهه شيئاً. فإن تركها حتى تمضي أربعة أشهر بانت بتطليقة (¬7)، وإن كان لم يدخل بها ضمن نصف الصداق ولم يرجع على الذي أكرهه بشيء في القياس، ولكنا ¬

_ (¬1) م ز: من كفارة. (¬2) م ز: لم يكن. (¬3) م: لا يقربن. (¬4) ز: مولي. (¬5) ز: حتى يمضي. (¬6) ز: فيه. (¬7) ز: تطليقة.

نستحسن أن يرجع (¬1) على الذي أكرهه بالأقل من نصف الصداق ومن قيمة الذي استحلفه على عتقه؛ لأنه منعه من الجماع بعتق الذي استحلفه بعتقه، فهو إذا ترك جماعها مكرها على تركه باستهلاك رقيقه الذي استحلف بعتقه. وإن قربها عتق الذي استحلف بعتقه، ولم يغرم الذي أكرهه شيئاً؛ لأنه لم يكرهه على الجماع، إنما أكرهه على الترك. فإن كان قد دخل بامرأته والمسألة على حالها لم يضمن الذي أكرهه شيئاً إن تركها حتى (¬2) تبين بالإيلاء (¬3) أو قربها في الأربعة الأشهر في القياس والاستحسان؛ لأنه لا يكون (¬4) مكرهاً له في البينونة بالإيلاء. ألا ترى أن رجلاً لو أكره رجلاً حتى طلق امرأته ثلاثاً وقد دخل بها لم يغرم الذي أكرهه من صداقها شيئاً، فكذلك هذا. ولو أنه أكرهه على أن يقول: إن قرِبتها فمالي صدقة في المساكين، فأكرهه على ذلك بتوعد القتل أو غيره، فقال ذلك، فهو مول (¬5)، إن تركها أربعة أشهر بانت بالإيلاء. فإن كان لم يدخل بها وجب لها على الزوج نصف الصداق، وإن كان قد دخل بها قبل ذلك وجب لها على زوجها الصداق كاملاً. ولم يرجع على الذي أكرهه في الوجهين جميعاً من ذلك بشيء. وإن قربها في الأربعة الأشهر وجب عليه صدقة في (¬6) ماله. ولا يجبره (¬7) السلطان على ذلك. ولا ضمان على الذي أكرهه في ذلك؛ لأن هذا مما يتقرب به إلى ربه. ألا ترى أنه لو أكره بالتهدد بالقتل حتى جعل ماله في المساكين صدقة وجب عليه ما قال فيما بينه وبين ربه، فإن أدى ذلك لم يرجع به على الذي أكرهه. وكذلك لو أمره بذلك بغير تهدد وهو يخاف إن لم يفعل أن يقتل أو يضرب ضرباً يخاف منه التلف أو يقطع بعض أعضائه أصبع أو نحوها ففعل (¬8) وجب عليه ما أوجب على ¬

_ (¬1) ز: أن نرجع. (¬2) ز: حين. (¬3) م ز: بإيلاء. (¬4) ف + له. (¬5) ز: مولي. (¬6) ف - في. (¬7) ز: يجيزه. (¬8) ز: بفعل.

باب إكراه الخوارج المتأولين

نفسه. فإن أمضاه لم يرجع على الذي أكرهه بشيء؛ لأن (¬1) هذا ليس مما يلزمه غرمه في القضاء، إنما هذا أمر (¬2) يلزمه فيما بينه وبين ربه، فلا يكون في هذا إكراه (¬3). ... باب إكراه الخوارج (¬4) المتأولين وإذا غلب قوم من الخوارج من المتأولين على أرض وجرى فيها حكمهم ثم أكرهوا رجلاً على شيء مما وصفنا فيهم فما (¬5) يحل للرجل أن يقدم (¬6) عليه من ذلك بإكراههم وما يحرم عليه من جميع ما وصفت لك في إكراه غير المتأولين من اللصوص الغالبين؛ فما حل للرجل (¬7) أن يقدم عليه بإكراه (¬8) اللصوص الغالبين حل له أن يقدم عليه بإكراه الخوارج المتأولين، وما حرم عليه أن يقدم عليه بإكراه اللصوص الغالبين حرم عليه أن يقدم عليه بإكراه (¬9) الخوارج المتأولين. وكذلك أهل الحرب من المشركين ما حل له أن يقدم عليه بإكراه اللصوص الغالبين وبإكراه الخوارج من المتأولين من شرب الخمر وأكل الميتة والخنزير والكفر بالله والقذف للمحصنات وغير ذلك فهو يحل له أن يقدم عليه بإكراه أهل الحرب إذا أكرهوه بتوعد بقتل أو بقطع أو بضرب يخاف منه التلف. وإن تهددوه (¬10) بحبس أو بتقييد (¬11) ولا يخاف منهم إلا ذلك فليس يسعه أن يقدم على شيء من ذلك. وإن أمروه بذلك أمراً ولم يكرهوه، فإن كان لا يخاف أن يقدموا عليه حتى يعاودوه فيقولون له: إن (¬12) فعلت وإلا قتلناك أو قطعناك أو ضربناك، فليس ينبغي ¬

_ (¬1) ز + لأن. (¬2) ف - أمر. (¬3) ز: إكراها. (¬4) ز: الجوح. (¬5) ف ز: فيما. (¬6) ز: أن يقدر. (¬7) م ف: لرجل. (¬8) ف: من إكراه. (¬9) م ز: بإخراج. (¬10) ز: تهدده. (¬11) م: أو بتقيد. (¬12) ز: أنت.

له أن يقدم على ذلك حتى يعاودوه. وإن خاف أن يقتلوه أو يقطعوه أو يتلفوا نفسه من غير أن يعاودوه كان عندنا في سعة من الإقدام على ذلك. وإنما هذا على ما يقع (¬1) في النفس على أكثر الظن والرأي، فلا بد في هذا من أن يؤخذ فيه بالرأي. ألا ترى أن رجلاً لو رأيته ينقب عليك بيتك من خارج أو دخل عليك دارك ليلاً بالسيف أو دخل من نَقْب قد نَقَبَه في بيتك وخفت إن أنذرته أن يضربك بالسيف وكان على ذلك أكثر ظنك ورأيك فلا بأس بأن تقتله (¬2) قبل أن تعلم (¬3) إذا خفت إن أعلمته أن يقتلك. ولا يجوز الأمر في هذا ونحوه إلا هكذا في نظائر لهذا كثيرة (¬4). وما أكره عليه أهل الحرب الرجل المسلم مما لو أكرهه عليه اللصوص الغالبون (¬5) أو الخوارج المتأولون (¬6) لم يسعه أن يقدم عليه من قتل امرئ مسلم أو قطعه أو ضربه فكذلك لا يسعه أن يقدم عليه بإكراه أهل الحرب. واللصوص الغالبون والخوارج المتأولون وأهل الحرب في ذلك كله سواء. وأما ما يضمن فيه اللصوص الغالبون بإكراههم من أكرهوا من مال أمروا باستهلاكه أو غير ذلك فوجب به عليهم الضمان أو من قتل (¬7) أمروا به أو قطع فوجب به القصاص أو من قتل (¬8) خطأً أمروا به فوجب به عليهم الأرش على عاقلتهم أو عمداً لا يستطاع فيه القصاص فوجب فيه الأرش في مالهم بإكراههم فأكره على ذلك الخوارج المتأولون (¬9) بتأويل أو أهل الحرب من المشركين رجلاً مسلماً حتى فعله ثم تاب المتأولون وأسلم أهل الحرب من المشركين (¬10) فلا ضمان عليهم في شيء من ذلك؛ لأن الحديث المعروف في هذا جاء (¬11) أن الفتنة وقعت وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) م: ما وقع. (¬2) ز: يقتله. (¬3) ز: أن يعلم. (¬4) ز: كثير. (¬5) ز: الغالبين. (¬6) ز: المتأولين. (¬7) ز: من قبل. (¬8) ز: من قبل. (¬9) ز: المتأولين. (¬10) ف - رجلاً مسلماً حتى فعله ثم تاب المتأولون وأسلم أهل الحرب من المشركين. (¬11) ز - جاء.

متوافرون، فأجمعوا أنه لا قود في دم استحل بتأويل القرآن، ولا حد في فرج استحل بتأويل القرآن، ولا ضمان في مال استحل بتأويل القرآن، إلا أن يوجد شيء (¬1) بعينه فيرد إلى أهله (¬2). فكذلك نقول (¬3). ولا ضمان أيضاً على الذين أمروه بذلك. ولو أن المتأولين الشاهدين علينا بالشرك المستحلين لمالنا أن يقتسموه أخذوا جواري من جوارينا فاقتسموهن فيما بينهم كما تقسم الغنيمة فوقعن في سهام قوم فوطئوهن (¬4) فجئن بالأولاد، ثم تابوا وتفرقوا أو ظهر عليهم، فإن الجواري يرددن (¬5) على مواليهن، ولا حد على من وطئ جارية منهن ولا عقر. أما الحد فلا يجب عليه لأنه استحل ذلك بالتأويل، ولا يجب عليه عقر أيضاً لأنه بمنزلة مال استهلكه. والأولاد أحرار لا سبيل عليهم؛ لأنهم أصابوهن على وجه الملك، وعلى أن ذلك جائز لهم في رأيهم. والأولاد أولادهم ثابت نسبهم بغير قيمة؛ لأن قيمة الأولاد بمنزلة (¬6) مال استهلكوه. وكذلك ما أخذ أهل الحرب من مدبرة للمسلمين أو أم ولد أو مكاتبة فاقتسموها ووطئوها فولدن لهم أولاداً ثم أسلموا جميعاً، فإن المدبرات وأمهات الأولاد والمكاتبات مردودات على مواليهن، ولا عقر على أحد منهم فيما وطئ، والأولاد أحرار ثابت نسب آبائهم بغير قيمة. فالمتأولون وأهل الحرب من المشركين لا يشبهون اللصوص الغالبين فيما يلزمهم من الضمان. ... ¬

_ (¬1) ز: أن يأخذ شيئاً. (¬2) روي هذا عن الزهري. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 10/ 121؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 459؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 8/ 175. (¬3) ز: يقول. (¬4) ز: فوطيون. (¬5) ز: يردن. (¬6) ف: بمنزل.

باب من الإكراه الذي يخالف فيه المكره ما أمر به

باب من الإكراه الذي يخالف فيه المكره ما أمر (¬1) به وإذا أكره الرجل من يجوز إكراهه على أن يهب نصف داره غير مقسوم أولم يسموا له مقسومًا ولا غيره ويدفع، فأكره على ذلك بالوعيد بقتل أو قيد أوسجن فوهب الدار كلها ودفعها فهذا جائز؛ لأنه أُمر بنصف (¬2) غير مقسومة لا تجوز، وأُمر بأن يدفع على ذلك، فوهب الواهب جائزهُ (¬3)، فقد (¬4) فعل غير ما أمروه. ألا ترى أنهم لو أمروه أن يهب لفلان ويدفعها إليه فتصدق بها على ذلك ودفعها إليه جازت الصدقة؛ لأنه قد خالف. وكذلك لو أمروه بالصدقة فوهب كان ذلك جائزاً؛ لأنه قد خالفهم فيما أكرهوه فيه (¬5). ولو أكرهوه (¬6) على أن يهبها ويدفعها فنَحَلَها نُحْلَى (¬7) ودفعها أو أعمرها إياه عُمْرَى ودفعها كان هذا باطلاً؛ لأن الهبة والنحلى والعمرى شيء واحد، والصدقة غير ذلك. ألا ترى أن شاهدين لو شهدا لرجل على رجل فشهد. أحدهما أنه نحله هذه الدار وقبضها وشهد الآخر أنه أعمرها إياه عمرى وقبضها كان هذا جائزاً وقضي للمدعي بالدار. وكذلك لو شهد أحدهما أنه وهبها له وقبضها وشهد الآخر أنه نحلها أو أعمرها إياه وقبضها كان هذا كله جائزاً وقضي للمدعي بالدار. ولو شهد أحدهما أنه تصدق بها عليه وقبضها وشهد الآخر أنه وهبها له وقبضها كانت الشهادة باطلاً؛ لأنهما شهدا على أمرين متفرقين. وإن كان الموهوب له ذا رحم محرم أو غير ذي رحم محرم (¬8) فهو سواء؛ لأن الصدقة غير الهبة. فكذلك الإكراه إذا أكرهه على الصدقة والدفع فوهب ودفع أو أكرهه على الهبة (¬9) والدفع فتصدق ¬

_ (¬1) م: ما مر. (¬2) ز - بنصف. (¬3) ف: جائز. (¬4) ز: وقد. (¬5) ف ز - فيه. (¬6) ز - ولو أكرهوه. (¬7) أي: أعطى عطية. انظر: مختار الصحاح، "نحل". (¬8) م - محرم. (¬9) ز - فكذلك الإكراه إذا أكرهه على الصدقة والدفع فوهب ودفع أو أكرهه على الهبة.

ودفع كان هذا جائزاً، لأن الصدقة غير الهبة. وإن كان ذا رحم محرم أو غير ذي رحم محرم (¬1) فهو سواء. وكذلك لو أكرهه على أن يهب ويدفع فوهب (¬2) على عوض ودفع وقبض العوض فهذا جائز، لأن هذا بمنزلة البيع. وكذلك لو أكرهه على أن يهب على عوض ويدفع فوهب بغير عوض فهذا جائز (¬3)؛ لأنه كان أمره أن يبيع العبد فوهبه فقد خالفه فيما أمر به. ولو أكرهه على أن يهبه على عوض ويدفعه فباعه بذلك ودفع وقبض كان هذا باطلاً؛ لأن الهبة على العوض بمنزلة البيع إذا تقابضا، وقد أمره (¬4) بالهبة والدفع. وكذلك لو أمره بأن يبيعه ويدفعه ويقبض الثمن فوهبه على عوض وتقابضا كان هذا باطلاً وكان هذا بيعاً؛ لأن البيع والهبة على العوض كل ذلك بيع. ولو أمره أن يهبه ويدفعه ففعل فعوّضه الآخر بغير إكراه عوضاً عن الهبة فقبل (¬5) كان هذا إجازة منه لهبته حين رضي بالعوض، فإن (¬6) سلم له العوض وقبضه فهذا جائز، وهو بمنزلة الهبة على اشتراط العوض. وإن أبى أن يسلم العوض وقال له: قد سلمت الهبة حين رضيت بالعوض فلا أدفع إليك العوض ولا سبيل لك على الهبة لم يكن له ذلك؛ لأنه إنما سلم الهبة على العوض، فهذا بمنزلة اشتراط العوض. ألا ترى أنه لو قال: قد سلمت لك الهبة التي أكرهت عليها على أن تعوضني كذا وكذا، وأبى (¬7) لم يكن هذا تسليماً منه للهبة؛ لأنه إنما سلم بعوض. ألا ترى أن رجلاً لو وهب جارية لي لرجل بغير أمري وقبضها الموهوبة له فأجزت الهبة جازت، ولو لم أجز وقلت له: عوضني منها، فعوضني عوضاً فقبضته (¬8) كان هذا إجازة مني للهبة، وإن أبى أن يعوض لم يكن هذا إجازة مني للهبة، فكذلك المكره في هبته. ¬

_ (¬1) ف - أو غير ذي رحم محرم. (¬2) ز - فوهب. (¬3) ز - لأن هذا بمنزلة البيع وكذلك لو أكرهه على أن يهب على عوض ويدفع فوهب بغير عوض فهذا جائز. (¬4) ف: وأمره. (¬5) ز: عوض من الهبة فقتل. (¬6) ز: وإن. (¬7) ز: وأتى. (¬8) ز: فقبضه.

وكذلك لو أن رجلاً أكره على بيع عبده بألف درهم وعلى دفعه وقبض الثمن ففعل ذلك، ثم قال للمشتري: زدني في الثمن ألف درهم، لم يكن هذا بإجازة منه للبيع الأول (¬1). فإن زاده جاز البيع، وإن لم يزده كان له أن يبطل البيع. وكذلك لو قال: قد أجزت البيع على أن يزيدني ألف درهم، لم يكن هذا بإجازة منه للبيع الأول إلا أن يزيده كما اشترط عليه. ولو أن رجلاً أكره بالتوعد بقتل أو حبس أو قيد حتى يبيع ولم يؤمر بالدفع فقيل له: بع هذا العبد (¬2) من هذا الرجل بألف درهم أو لنقتلنك، فباعه كما أمر ودفعه لم يكن على الذي أكرهه ضمان وإن كان لصاً غالباً؛ لأنه لم يأمره بالدفع، إنما أمره ببيع. وينبغي أن يجوز البيع إذا كان هو الدافع بغير إكراه؛ لأنه بمنزلة دفعه ذلك بعدما افترقوا من موضع الإكراه على ذلك البيع. ألا ترى أن لصاً غالباً لو قال له: لأقتلنك أو لتبيعنه عبدك هذا فإني قد حلفت لتبيعنه إياه، فباعه إياه خرج الذي أكرهه من يمينه، وكان إنما أكرهه على البيع. فإن أعطى البائع المشتري عبده على ذلك البيع بغير إكراه وقبض منه الثمن جاز البيع وخرج من الإكراه؛ لأنه لم يكرهه على شيء من هذا. ولو أكرهه على أن يهبه له بتوعد بقتل أو ضرب يخاف منه تلفاً (¬3) ولم يأمره بدفعه ولم ينهه عن ذلك فوهبه الواهب ودفعه إلى الموهوب له فقال: قد وهبته لك فخذه، فأخذه الموهوب له فهلك عنده كان الذي أكرهه ضامناً (¬4) للقيمة، يضمنها إياه المكره إن شاء؛ لأن من أمر بالهبة ولم ينه عن الدفع فقد أمر بالدفع. ألا ترى أن رجلاً لو أمر رجلاً أن يهب جاريته (¬5) هذه لفلان فأخذها المأمور فوهبها ودفعها إلى الموهوبة له جاز ذلك، فكذلك الذي أكرهه حين أمره بالهبة فكأنه أمره بالهبة والدفع. ولا تشبه (¬6) الهبة في هذا الوجه البيع في الدفع؛ لأن البيع قد يكون تاماً قبل ¬

_ (¬1) ف: للأول. (¬2) ز - العبد. (¬3) ز: تلف. (¬4) ز: ضامن. (¬5) ف: جارية. (¬6) ز: يشبه.

القبض، والهبة لا تكون (¬1) تامة إلا بالقبض. ألا ترى أن رجلاً لو قال لصاحبه: قد وهبت لك هذه الجارية، فقال الموهوبة له: قد قبلتها، وقبضها بمحضر من الواهب والواهب لا يغير عليه أن الهبة جائزة وقبضه جائز؛ لأنه كان أمره بالقبض. ولو باعه عبداً فقبضه بمحضر منه ولم يأمره بقبضه لم يكن هذا إذنًا في القبض، وكان للبائع أن يأخذه منه حتى يعطيه الثمن. فلذلك افترق البيع والهبة في القبض في الإكراه في هذا. ولو أكرهه على أن يبيعه منه بيعاً فاسداً فباعه منه بيعاً جائزاً كان ذلك البيع جائزاً لازمًا للبائع. وكذلك لو أمره أن يبيعه إياه بيعاً فاسداً ويدفعه إليه فباعه إياه بيعاً جائزاً ودفعه إليه كان البيع جائزاً، ولم يكن على الذي أكرهه ضمان؛ لأنه خالفه حين باعه على خلاف ما أمره به (¬2). ولو أمره أن يبيعه إياه بيعاً جائزاً ويدفعه إليه فباعه إياه بيعاً فاسداً ودفعه إليه فهلك في يدي المشتري، فإن كان أكرهه على ذلك بالتوعد بقتل (¬3) أو قطع أو ضرب فالبائع بالخيار: إن شاء ضمن الذي أكرهه وإن شاء ضمن المشتري. فإن ضمن المشتري لم يرجع على الذي أكره البائع، وإن ضمن الذي أكرهه رجع على المشتري؛ لأنه إذا أكره على البيع الجائز والدفع فباعه بيعاً فاسداً ودفع فلم يخالفه؛ لأنه باعه بيعاً دون ما أمره به، إنما هذا بمنزلة رجل أمره أن (¬4) يبيعه بألف درهم نَقْد بيت المال فباعه بألف غَلَّة (¬5). ولو أمره بأن يبيعه بألف فباعه بألفين جاز، ولم يكن ذلك إكراها، فكذلك البيع الفاسد إذا أمره أن يبيعه بيعاً جائزاً ويدفعه فباعه بيعاً فاسداً ودفعه فليس هذا بخلاف، لأنه أراد أن يجوز له نقض البيع. وإذا أمره بالبيع الفاسد والدفع فباعه بيعاً جائزاً فكأنه أراد بهذا أن لا يرد (¬6) عليه العبد. وإذا أكرهه على أن يهب له نصف هذه الدار مقسوماً ويدفعه إليه ¬

_ (¬1) ز: لا يكون. (¬2) ز - به. (¬3) ز: فقتل. (¬4) ف: بأن. (¬5) نوع من الدراهم، كما تقدم. (¬6) ز: ترد.

باب من الإكراه على أن يعتق عبده عن غيره أكره المولى والمعتق عنه أو أحدهما

فوهب له الدار كلها ودفعها إليه فالهبة جائزة في القياس، ولا ضمان على الذي أكرهه؛ لأنه أمر أن يقسم ثم يهب، فوهب الدار كلها فخالفه فيما أمره به. وكذلك البيع لو أمره أن يبيعه نصف الدار مقسوماً ويدفعه إليه فباعه الدار كلها كان البيع جائزاً في القياس، ولم يضمن الذي أكرهه، لأنه لم يقسم، وإنما قال له: اقسم ثم بع، فلم يطعه فيما أمره به. ومما تبين (¬1) لك أنه قد خالفه فيما أمره به أنه لو وجب على الذي أكرهه الضمان لم يدر أي شيء يضمنه. أفلا ترى أنه قد خالفه، ولو قسم كما أمره ثم باعه أحد النصفين مقسوماً ودفعه إليه أو وهبه وقد أكرهه على ذلك في الهبة والبيع والدفع كان الذي أكرهه ضامناً إذا أكرهه بالتوعد بقتل أو قطع أو ضرب يخاف منه التلف. وهذا القياس في هذا، ولكن أستحسن فلا أجيز هبته ولا بيعه في شيء مما أكرهه عليه من بيع نصف دار مقسوم أو هبة نصف دار مقسوم ولا غير ذلك إذا باع أو وهب ذلك كله؛ لأنه قد أكرهه على بعض (¬2) ذلك، فالبيع والهبة باطلان جميعاً. وكذلك لو أكرهه على أن يهب له أو يبيعه شيئاً من هذه البيوت فباعه البيوت كلها أو وهبها له كلها كان ذلك كله باطلاً في الاستحسان؛ لأنه قد أكرهه على بعضه. ... باب من الإكراه على أن يعتق عبده عن غيره أكره المولى والمعتق عنه أو أحدهما ولو أن لصاً غالباً أكره رجلاً على أن يعتق عبداً له يساوي ألف درهم عن رجل بألف درهم، فأكرهه بتوعد بقتل أو بقطع عضومن الأعضاء أو بضرب يخاف (¬3) منه التلف حتى فعل وقبل (¬4) ذلك المعتق عنه (¬5) وهو غير ¬

_ (¬1) ز: يبين. (¬2) ز: على ببعض. (¬3) ز - يخاف. (¬4) ز: وقيل (¬5) م ف: منه.

مكره فالعبد حر عن المعتق عنه، والولاء له، ورب العبد بالخيار: إن شاء ضمن قيمة عبده المعتق عنه (¬1)، وإن شاء ضمنها الذي أكرهه. فإن ضمنها الذي أكرهه رجع بها على المعتق عنه، وإن ضمنها المعتق عنه لم يرجع بها على الذي أكرهه. ولو كان الذي أكرهه (¬2) على ذلك لم يكرهه عليه بتوعد بقتل ولا قطع ولا ضرب يخاف منه تلفاً (¬3)، ولكنه أكرهه على ذلك بحبس أو بقيد حتى فعل والمسألة على حالها فالعبد حر عن المعتق عنه، والولاء له، وعليه قيمة العبد، ولا شيء له (¬4) على الذي أكرهه؛ لأنه لم يكرهه بضرورة، فيضمن. ولو كان أكره المعتق لعبده والمعتق عنه حتى فعلًا ذلك بتوعد بقتل أو بقطع (¬5) أو بضرب يخاف منه تلفاً (¬6) فالعبد حر عن المعتق عنه، والولاء له، وليس لمولى العبد على المعتق عنه ضمان؛ لأنه أعتق عنه وهو مكره على ذلك، ولكن القيمة على الذي أكرههما لمولى العبد. وإنما هذا الذي وصفت في إكراه هذين الرجلين على العتق بمنزلة لص غالب أكره رجلاً على أن يبيع عبده من هذا الرجل بألف درهم ويدفعه إليه، وأكره الرجل الآخر على أن يشتريه ويقبضه ويعتقه (¬7)، فأكرههما بتوعد بقتل أو تلف حتى فعلًا ذلك، فالعتق (¬8) عن المعتق عنه، لأنه ملكه، ولا ضمان عليه في العبد، لأنه أكره على الشراء والقبض جميعاً، فكان الفاعل لذلك كله الذي أكرهه. فإن قال قائل: وكيف (¬9) يشبه هذا الأول، والأول لم يقبض العبد؟ قيل له: إن الأول (¬10) وإن لم يقبض العبد فالعتق للعبد (¬11) المعتق (¬12) ¬

_ (¬1) م ز + والولاء له ورب العبد بالخيار إن شاء ضمن قيمة عبده المعتق عنه. (¬2) م ف: أكره. (¬3) ز: تلف. (¬4) ف ز - له. (¬5) ف: أو قطع. (¬6) ز: تلف. (¬7) ف: فأعتقه. (¬8) ز: فالمعتق. (¬9) م: كيف. (¬10) ف - والأول لم يقبض العبد قيل له إن الأول. (¬11) ز - للعبد. (¬12) ز: للمعتق.

عنه بمنزلة القبض. ألا ترى أن المشتري لو اشترى عبداً بيعاً فاسداً لم (¬1) يقبضه حتى أعتقه كان عتقه باطلاً، ولو قال لرجل (¬2): أعتق عبدك هذا عني بألف رطل من خمر، ففعل، كان العتق على المعتق عنه، وكان ضامناً لقيمة عبده، فجعل العتق عنه بأمره بمنزلة القبض، فكذلك العتق عنه في الإكراه هو بمنزلة القبض (¬3) والعتق بعد ذلك. ولو أن الذي أكرههما على العتق لم يكرههما بتوعد بقتل ولا قطع ولا تلف ولكنه أكرههما جميعاً بحبس أو بقيد ففعلًا كان العتق عن المعتق عنه والولاء له، ويضمن لمولى العبد قيمة العبد، ولا ضمان له ولا لمولى العبد (¬4) على الذي أكرههما. ولو كان أكره (¬5) المولى بتوعد بقتل أو قطع وأكره الآخر بحبس أو بقيد حتى فعلًا ذلك كان العتق عن (¬6) المعتق عنه والولاء له، وكان مولى العبد بالخيار: إن شاء ضمن قيمة عبده الذي أكرهه، وإن شاء ضمن ذلك المعتق عنه. فإن ضمن المعتق عنه لم يرجع على الذي أكرهه، وإن (¬7) ضمن الذي أكرهه رجع على المعتق عنه بالقيمة التي ضمن. وأيهما اختار ضمانه لم يكن له بعد ذلك أن يضمن الآخر شيئاً من ذلك أبداً؛ لأن الذي أكره المعتق عنه إنما أكرهه بسجن أو قيد، وهذا لا يضمن الذي أكرهه شيئاً، ولكن المعتق عنه لا يكون راضياً وقد أكره بالسجن والقيد. فأما أن يضمن الذي أكرهه ما استهلك المكره فليس له ذلك. وإن كان الذي أكره بالحبس والقيد مولى العبد وهو لا يخاف منه غير ذلك وأكره المعتق عنه بالوعيد بالقتل والقطع حتى فعلًا ذلك فالعبد حر عن المعتق عنه والولاء له، ويضمن الذي أكرهه قيمة العبد فيدفعها إلى مولى العبد، ولا سبيل للمعتق عنه عليها؛ لأن المولى لم يكره بضرورة يخاف منها تلفا (¬8)، إنما أكره بالحبس والقيد. وأما المكره المعتق ¬

_ (¬1) ز: فلم. (¬2) ز: الرجل. (¬3) ف + فكذلك العتق عنه في الإكراه هو بمنزلة القبض. (¬4) ز - ولا لمولى العبد. (¬5) ز: إكراه. (¬6) ز - العتق عن. (¬7) م ف ز + شاء (¬8) ز: تلف.

عنه فقد أكره على ملكه والعتق عنه بالوعيد بالقتل ونحوه. فهذا كان الفاعل لذلك الذي أكرهه، فيغرم القيمة فيدفعها إلى المولى. ولو لم يكن أكرهه على أن يعتق عنه ولكن أكرههما جميعاً بالوعيد بالقتل أو القطع (¬1) أو الضرب (¬2) الذي يخاف منه التلف حتى دبره عن صاحبه بألف درهم وقبل ذلك صاحبه فالتدبير جائز عن الذي (¬3) دبر العبد عنه، وهو مدبر له إذا مات عتق. ومولى العبد بالخيار: إن شاء ضمن الذي أكرهه قيمة عبده عبداً غير مدبر، ورجع الذي أكرهه على الذي دبر عنه بقيمة العبد مدبراً، ولا يرجع عليه بفضل ما بين التدبير وغيره؛ لأنه هو الذي أكرهه عليه. فإن شاء مولى العبد رجع (¬4) بقيمة العبد مدبراً على الذي دبره، ورجع على الذي أكرهه بنقصان التدبير؛ لأن المدبر يصير عبداً للذي دبر عنه مملوكاً له يستخدمه، وإن كانت جارية كان له أن يستخدمها ويطأها، فلا بد من أن يلزمه قيمتها مدبرة. ولو كان اللص إنما أكرههما جميعاً بالحبس أو بالقيد حتى جعل العبد (¬5) مدبراً عن الذي دبر عنه فلا ضمان لواحد منهما على الذي أكرههما (¬6)، ولمولى العبد أن يرجع بقيمة عبده على الذي دبر عنه. ولو كان المولى أكره بالوعيد بالقتل أو القطع أو الضرب الذي يخاف منه التلف وأكره الآخر بالوعيد بالحبس أو بالقيد وليس يخاف منه غير ذلك ففعلًا ما أكرههما عليه من ذلك فالعبد مدبر للذي دبر عنه، ومولى العبد بالخيار: إن شاء ضمن الذي أكرهه قيمة عبده عبداً غير مدبر، وإن شاء ضمن الذي دبر عنه قيمته عبداً غير مدبر. فإن ضمن الذي أكرهه رجع الذي أكرهه على الذي دبر عنه العبد بقيمته عبداً غير مدبر، فإن لم يرجع بذلك الذي أكرههما على الذي دبر عنه العبد حتى أبرأ المولى الذي أكرههما من القيمة التي ضمنها إياه أو وهبها ¬

_ (¬1) م: والقطع. (¬2) ف: والضرب. (¬3) ز: على الذي. (¬4) ز: ورجع. (¬5) م - العبد. (¬6) ز + جميعاً بالحبس أو بالقيد حتى جعل العبد مدبراً عن الذي دبر عنه فلا ضمان لواحد منهما على الذي أكرههما.

له أو أخرها (¬1) عنه شهراً كان للذي أكرههما أن يرجع بما ضمن من ذلك على الذي دبر عنه العبد. ولو كان الذي أكرههما أكره المولى بالوعيد بالحبس أو القيد وأكره الآخر بالوعيد بالقتل أو القطع أو الضرب الذي يخاف منه التلف حتى فعلًا ذلك كان لمولى العبد أن يرجع على الذي أكرههمابنقصان التدبير، ويرجع على الذي دبر عنه العبد بقيمة العبد مدبراً. وكذلك في هذه الوجوه كلها لو أكرههما على البيع والقبض بما أكره المشتري على التدبير كان بمنزلة ما وصفت لك من التدبير على المال في جميع الإكراه. ولو أن الذي أكرههما لم يكرههما على عتق ولا تدبير، ولكنه أكرههما بالوعيد بالقتل أو القطع أو الضرب الذي يخاف منه التلف على أن يتبايعا ويتقابضا ففعلًا، ثم أكره المشتري بالوعيد بمثل ذلك على أن يقتل (¬2) العبد عمداً بالسيف، فإن القياس في هذا أن يقتل المولى البائع الذي أكرههما بعبده؛ لأن بيعه كان فاسداً، وقد أجبر القاتل على (¬3) القتل. ولكن (¬4) أستحسن أن أضمن الذي أكرههما قيمة العبد في ماله لمولى العبد البائع؛ لأن المشتري قد كان ملك العبد، فأكره أن يقتل البائع الذي أكرههما ولم يكن يملك العبد. ولو كان أكرههما على البيع بالوعيد بالسجن والحبس وأكره المشتري على القتل عمداً بالوعيد بالقتل أو القطع أو الضرب الذي يخاف منه تلفا (¬5) حتى قتل العبد فإن للبائع قيمة العبد على المشتري، وللمشتري أن يقتل الذي أكرهه على القتل. ولو كان أكرهه بالسجن والحبس ولم يكرهه بقتل ولا قطع ولا ضرب (¬6) فقتل لم يكن على الذي أكرهه ضمان، وكان الضمان على المشتري يضمن القيمة للبائع. ولو كان الذي أكرههما جميعاً أكره المولى البائع بالوعيد بالقتل وأكره المشتري في الشراء والقتل بالحبس والتقييد فالبائع بالخيار: إن (¬7) شاء ضمن الذي أكرهه قيمة عبده ورجع بها على المشتري، وإن شاء ضمن ¬

_ (¬1) ز: أو أجرها. (¬2) م ف ز: أن قتل. (¬3) ز + الذي. (¬4) ف: لكن. (¬5) ز: تلف. (¬6) ز: بضرب. (¬7) ف: وإن.

المشتري قيمة عبده ولم يرجع (¬1) المشتري على الذي أكرهه بشيء. وإن كان الذي أكرههما جميعاً أكره المشتري على الشراء والقبض بالسجن والقيد وأكرهه على القتل بالوعيد بالقتل والمسألة على حالها فقتل المشتري فمولى العبد البائع بالخيار، إن شاء ضمن الذي أكرهه قيمة عبده. فإن ضمنه فلا شيء لواحد منهما على المشتري، لأن العبد كان للذي أكرهه قبله. وإن شاء مولى العبد ضمن المشتري قيمة عبده، لأنه إنما أكره على الشراء والقبض بالحبس أو بالقيد. فإن ضمنه قيمة عبده كان للمشتري أن يقتل (¬2) الذي أكرهه على قتل عبده؛ لأن العبد تم (¬3) ملكه له. وإن (¬4) كان أكره المولى بالحبس والقيد على البيع والدفع وأكره المشتري على الشراء والقبض والقتل بالوعيد بالقتل ففعلا ذلك فلا ضمان على المشتري، ويغرم الذي أكرههما قيمة العبد لمولى العبد. فإن كان إنما أكره المشتري على الشراء والقبض بالوعيد بالقتل وأكرهه على القتل أو العتق أو التدبير بالحبس والقيد ففعلًا ذلك فلا ضمان على الذي أكرههما، والمشتري ضامن لقيمة العبد للبائع. وإن كان الثمن أكثر من القيمة لم يضمن الثمن، لأنه أكرهه على القتل أو العتق أو التدبير بالوعيد بالحبس أو القيد حتى فعل. فهذا لا يجوز به البيع، ولا يكون (¬5) راضياً بالبيع بالقتل أو العتق أو التدبير، لأنه أكره على أن يرضى ذلك بالوعيد بالحبس. ولو كان صاحب العبد البائع غير مكره، ولكنه طلب إلى الذي أكره أن يكره المشتري على أن يشتري عبده بألفي درهم، وقيمته ألف درهم، ويقبضه على ذلك، فأكرهه على ذلك بتوعد بقتل حتى فعل، ثم أكرهه بعد ذلك على أن قتله عمداً، أو أعتقه بتوعد بقتل، فلا ضمان على المشتري في شيء من ذلك، والضمان على الذي أكرهه، فيضمن البائع قيمة عبده. ¬

_ (¬1) ز + على. (¬2) ز: أن يقبل. (¬3) ز: ثم. (¬4) ف: إن. (¬5) ز - يكون.

ولو كان أكرهه بقتل حتى دبر العبد فالبائع بالخيار: إن شاء ضمن الذي أكرهه قيمة عبده غير مدبر، ورجع (¬1) الذي أكره على المشتري بقيمة العبد مدبراً. وإن شاء ضمن المشتري قيمة العبد مدبراً، أو ضمن الذي أكرهه فضل ما بين قيمة العبد مدبراً إلى قيمته عبداً، لأن البائع وإن كان طلب إلى الذي أكرهه أن يكرهه على البيع والقبض فلم يأمره أن يكرهه على قتل ولا عتق ولا تدبير. ولو أكره المشتري الذي أكرهه على الشراء والقبض بالتوعد بالحبس أو بالقيد والمسألة على حالها لم يكن للبائع على الذي أكره المشتري ضمان، وكان له أن يضمن المشتري قيمة عبده، وكان للمشتري أن يقتل الذي أكرهه على القتل بالوعيد بالقتل، ويضمنه قيمة عبده إن كان أكرهه على العتق. وإن (¬2) كان أكرهه على التدبير ضمنه فضل ما بين قيمته عبداً (¬3) إلى قيمته مدبراً. فإن مات الذي دبره والعبد يخرج من ثلثه كان لورثة الذي دبره أن يضمنوا الذي أكرهه على التدبير قيمة العبد مدبراً، لأنه أكرهه على القتل أو العتق أو التدبير بالتوعد بالقتل، فيضمن (¬4) ذلك كله. ولو كان أكرهه في ذلك كله بالحبس والقيد والمسألة على حالها لم يكن على الذي أكرهه (¬5) ضمان، وكان الضمان للبائع على المشتري، يضمنه قيمة عبده. ولو أن لصاً غالباً أكره رجلاً على أن يقبل من رجل أن يعتق عبده عنه بألف درهم وقيمة العبد ألفان وخمسمائة (¬6) بطلب من رب العبد، فأكره المعتق عنه على ذلك بتوعد بقتل أو قطع أو ضرب يخاف منه تلفاً (¬7) حتى قبل ذلك من مولى العبد، فالعبد حر عن المعتق عنه، والولاء له، ولا ضمان على المعتق عنه، ولا ضمان على الذي أكره المعتق عنه، [لأنه] لم ¬

_ (¬1) ف: فرجع. (¬2) ز: إن. (¬3) ز: عندا. (¬4) ف: يضمن؛ ز: فضمن. (¬5) ز + في ذلك كله بالحبس والقيد والمسألة على حالها لم يكن على الذي أكرهه. (¬6) م ز: أو خمسمائة. (¬7) ز: تلف.

يكره المولى على شيء، إنما (¬1) أكره المعتق عنه، فلما لم يضمن المعتق عنه شيئاً لم يكن على الذي أكره ضمان. ولا يشبه هذا الذي أكرهه على الشراء والقبض ثم أكرهه على العتق بعد ذلك وكان الإكراه بالتوعد بالقتل، لأن البائع إنما رضي بالبيع ولم يرض بالإكراه على العتق، لأنه هو الذي أكرهه على العتق، ولولا العتق لرد إليه عبده. فلما أكره المشتري على العتق بالوعيد بالقتل فلم يكن على المعتق ضمان ضمن ذلك الذي أكرهه، لأن الإكراه لم يكن برضى البائع. فأما إذا طابت نفس مولى العبد بأن يعتقه عن الرجل المكره بمال، فأكره المعتق عنه على ذلك حتى قتل، فلم يلحق المكره ضمان، فكذلك (¬2) لا يلحق على الذي أكرهه، لأن الذي أكرهه على عتقه كأنه استهلكه بإذن صاحبه. ألا ترى أن رجلاً لو سأل اللص الغالب أن يكره هذا الرجل على أن يشتري منه هذا العبد بألف درهم ويقبضه منه على ذلك، ففعل اللص وأكرهه على ذلك بتوعد بقتل أو ضرب يخاف منه تلفأ (¬3)، فقبضه فمات في يده، لم يضمن الذي أكرهه ولا المكره للمولى شيئاً. فإن طلب المولى أيضاً إلى الذي أكرهه أن يكره المشتري على عتق العبد فأكرهه بتوعد بقتل حتى أعتقه كان حراً عنه، ولم يكن عليه ولا على الذي أكرهه ضمان، لأن مولى العبد هو الذي سأل ذلك. ولو كان أكرهه اللص الغالب على العتق بالوعيد بالقتل فأعتقه وذلك بغير أمر المولى كان للمولى أن يضمن الذي أكرهه قيمة عبده، لأنه استهلكه بغير أَمْرٍ أَمَرَه. وإنما يشبه العتقال في وصفت لك إذا رضي به المولى وأكره عليه المعتق عنه وطلمب المولى الذي أكرهه بعد الشراء أن يكرهه على أن يعتق العبد. ولو كان اللص الغالب أكره مولى العبد على أن يعتق العبد عن الرجل بوعيد بحبس أو قيد، وأكره الآخر على أن يقبل بوعيد بقتل، ففعلا ذلك، ¬

_ (¬1) م ف ز: ما. (¬2) ز: فلذلك. (¬3) ز: تلف.

باب من الإكراه على الودائع ما يكره أن يأذن له في ماله

فالعبد حر عن المعتق عنه، والولاء له، ويضمن (¬1) الذي أكرههما قيمة العبد لمولاه، ولا يشبه هذا رضي المولى بذلك وطلبه له. وكذلك لو أكره المولى حتى باع عبده ودفعه بالوعيد بالحبس وأكره (¬2) الآخر على الشراء والقبض بالوعيد بالقتل ففعلا، ثم أكره المولى بالوعيد بالحبس على أن يأمر المشتري بالعتق، وأكره المشتري على أن يعتق بالوعيد بالقتل ففعلا، كان العبد حراً، والولاء للمعتق عنه، ويضمن الذي أكره القيمة للبائع (¬3). ألا ترى أن لصاً غالباً (¬4) لو أكره رجلاً بالوعيد بالحبس حتى يأذن له في قتل عبده فأذن له في ذلك فقتله كان على الذي أكرهه القيمة، لأن أمر المولى لا يجوز إذا كان مكرها بالحبس والقيد كما لا يجوز شراؤه ولا بيعه (¬5). ... باب من الإكراه على الودائع ما يكره أن يأذن له في ماله ولو أن لصاً غالباً أكره رجلاً بالتوعد بقيد أو حبس على أن يودع ماله هذا الرجل، والرجل المستودع غير (¬6) مكره، فأودعه، فهلك المال في يدي المستودع، لم يضمن المستودع ولا الذي أكرهه شيئاً؛ لأنه هو الذي أعطاه ولم يكره بضرورة. وإن كان تهدد بالقتل أو القطع (¬7) أو الضرب الذي يخاف منه التلف على أن يودعه فأودعه والمستودع غير مكره يقدر على أن يمنع إلا أنه حين أعطاه قبل ذلك منه فهلك في يدي المستودع فرب المال بالخيار: إن شاء ضمن المستودع (¬8)، وإن شاء ضمن الذي أكرهه، فأيهما ضمن لم يرجع على صاحبه بشيء. ¬

_ (¬1) ف: أو يضمن. (¬2) ز: والإكراه. (¬3) م ف ز: البائع. والتصحيح من ب. (¬4) ف - غالباً. (¬5) ز - ولا بيعه. (¬6) م ف ز: المستوعد غيره. (¬7) ف ز: والقطع. (¬8) م + فرب المال بالخيار إن شاء ضمن المستودع.

ولو أن رجلاً في يده مال أكرهه لص غالب على أن يأمر رجلاً بقبضه والمأمور غير مكره فأمر المكره بقبضه والمكره أكره بالتوعد بسجن أو قيد أو قتل أو قطع فقبضه المأمور فضاع في يده فالقابض ضامن للمال؛ لأن أمر الآمر بإكراه ليس يجوز كما يجوز بلا إكراه. ألا ترى أنه لا يجوز شراؤه ولا بيعه بإكراه، فكذلك لا يجوز أمره في هذا. ولا يشبه إعطاؤه المال أمره بأن يقبضه. إذا أعطاه فهو إعطاء. فإن كان أكره عليه بقيد أو سجن لم يضمن الذي قبضه. ألا ترى أنه لو أكره بالقيد والسجن على أن يطرحه في ماء أو نار ففعل لم يضمن الذي أمره، فكذلك لا يضمن الذي أعطاه إياه. ولو أكره بقيد أو سجن على أن يأمر إنساناً أن يأخذه فيطرحه في ماء أو نار فأمر بذلك فأخذه ذلك الإنسان فطرحه في ماء أو نار والذي أخذه غير مكره أو مكره بقيد أو حبس فالضمان على الآخذ الطارح، وليس على الذي (¬1) أكرهه ضمان. وإن كان الآخذ مكرهاً على ذلك بتوعد بقتل أو قطع أو ضرب يخاف منه تلفأ (¬2) فالضمان على الذي أكرهه لصاحب المال. وإنما المكره على أن يأذن في ذلك بحبس أو ضرب أو قيد أو قتل بمنزلة من لم يأمر؛ لأن أمره لا يجوز. ألا ترى أن لصاً غالباً لو أكره رجلاً حتى يأذن له في أن يأخذ ماله فيهبه أو يأكله أو يستهلكه (¬3) فأكرهه على الإذن بسجن أو قيد أو توعد بقتل أو قطع فلما أذن له استهلكه الذي أكرهه إنما ضمن (¬4) لأن الإذن ليس بشيء، فكذلك الإذن في ذلك الوجه ليس بشيء. ولو أنه أكرهه بتوعد بقتل أو قطع على أن يأذن في أن يقتل عبداً له عمداً فأذن له في (¬5) ذلك فقتله عمداً بالسيف كان للمولى أن يقتله به. ولو أكرهه على ذلك بحبس أو سجن كان هذا والأول في القياس سواء وكان له أن يقتله به؛ لأن الإذن باطل. ولكني أستحسن في هذا أن أضمنه له قيمة عبده ولا أقتله به. ¬

_ (¬1) م: على الذ. (¬2) ز: تلف. (¬3) ف: أو يستأكله. (¬4) م ز: ضامن. (¬5) م ف ز - في. والزيادة من ع.

ولو أن لصاً غالباً أكره رجلاً حتى يقر بأن هذا الولد ابنه أو يقر بأنه قد طلق امرأته أمس ثلاثاً أو يقر أنه أعتق عبده أو توكّل (¬1) ببيع عبده أو شراء عبده فأكره على ذلك بقتل أو سجن أو قيد أو قطع كان هذا كله باطلاً لا يجوز عليه شيء منه. ولو أكرهه بحبس أو قيد على أن يوكل هذا الرجل بعتق عبده فوكله بذلك فأعتقه الوكيل والوكيل غير مكره كان العبد حراً عن مولاه، ولم يضمن الذي أكرهه ولا الذي أعتقه شيئاً؛ لأن الوكالة بالعتق بمنزلة عتق المولى لو أكرهه السلطان بقيد أو حبس على أن يعتقه فأعتقه، فهذا لا ضمان فيه على أحد، والعبد حر، وولاؤه لمولاه. ولو أكرهه بقتل أو قطع على أن يوكل هذا الرجل بعتقه فوكله وأعتقه الوكيل كان العبد حراً عن مولاه المكره، وولاؤه له، ويرجع على الذي أكرهه بقيمة عبده، ولا ضمان على الذي ولي العتق وإن كان غير مكره. ولو كان أكرهه بقتل أو قطع على أن يأمر هذا الرجل بقتل العبد عمداً فأمره بقتله فقتله والمأمور غير مكره ولا خائف ممن أمره فإن القود على الذي قتله؛ لأنه حين لم يخفه فكأنه قتله بغير أمر من أحد. ولو كان اللص الغالب أكره مولاه حتى أمره بقتل عمد أو بتوعد بسجن أو قيد فقتله المأمور وهو غير مكره ولا خائف كان القياس أن يقتل الذي قتله؛ لأن (¬2) أمره وقد أكره بالقيد والحبس باطل. ولكني (¬3) أستحسن أن أضمنه القيمة ولا أقتله، ولا يشبه القاتل في هذه الوجوه المعتق؛ لأن المعتق إنما هو معبر عن أمره، فلا أبالي مكرهاً (¬4) كان أو غير مكره، والقاتل جاني. ألا ترى أن رجلاً لو اشترى عبداً من رجل بألف درهم حالة ولم يدفع الثمن ولم يقبض العبد حتى أمر رجلاً فأعتقه كان العبد حراً وولاؤه لمولاه، ولا يكون على المعتق ضمان، ورجع البائع على المشتري بالثمن. ولو (¬5) لم (¬6) يكن أمره بالعتق ولكنه أمره أن يقتله فقتله كان للبائع ¬

_ (¬1) أي: أنه قبل الوكالة. (¬2) ف: لأنه. (¬3) م ز: ولكن. (¬4) ز: مكره. (¬5) ز - ولو. (¬6) ز: ولم.

أن يضمن القاتل القيمة، فيكون في يده حتى يعطيه المشتري الثمن؛ لأن القتل جناية وإن لم يأمر (¬1) بها. ولا يكون عتقه نافذًا في العبد المكره عليه ولا في هذا إلا بالأمر، فكان المعتق معبرًا عن غيره. ولو أن اللص الغالب قال لمولى العبد: ائذن (¬2) لي في عتقه وإلا قطعتك أو قتلتك، فأذن له في عتقه فأعتقه كان العبد حراً عن مولاه وولاؤه له، ويرجع على الذي أكرهه بقيمة العبد. وليس يغرم الذي أكرهه القيمة من قبل أنه أعتقه، ولكنه يغرم القيمة من قبل إكراهه إياه على أن يأمر بالعتق. ولو كان أكرهه بتوعد بقيد أو سجن حتى يأذن له في عتقه، وليس يخافه على غير ذلك، فأذن له في عتقه فأعتقه، كان العبد حراً عن مولاه، ولا ضمان له على الذي أكرهه. وكل إكراه كان من لص غالب على أمر لا يقدر على رده من نحو العتق أو الطلاق أو القتل أو استهلاك المال، فإن كان أكره على ذلك بتوعد بقتل أو قطع أو ضرب يخاف منه التلف أو أمر بذلك أمراً وهو يخاف إن لم يقدم عليه ببعض ما ذكرنا فإكراهه في هذا بمنزلة جنايته بيده. وإن كان إكراهه في شيء من ذلك بقيد أو حبس لم يلزمه من الضمان في ذلك قليل ولا كثير. ألا ترى أن لصاً غالباً لو أكره رجلاً بتوعد بقتل أو قطع أو ضرب يخاف منه تلفاً (¬3) على أن يقتل إنساناً فقتله قتل الآمر. ولو أكرهه على أن يقتله بحبس أو قيد وهو لا يخاف منه أكثر من ذلك فقتله قتل المأمور وعزر الآمر وحبس. وإنما الإكراه الذي يكون بالحبس والقيد بمنزلة الإكراه بالوعيد بالقتل والقطع [في] الإكراه على البيع والشراء والإقرار بالأشياء كلها والوكالة بذلك والأمر (¬4) به. فهذا إن أكرهه فيه بوعيد بقتل أو قطع أو حبس أو سجن على شيء من ذلك لم يجز ذلك عليه. ولو أكره اللص الغالب رجلاً على أن يدفع ماله وديعة إلى رجل غير ¬

_ (¬1) م ف ز: لم يؤمر. (¬2) ز: أذن. (¬3) ف: التلف؛ ز: تلف. (¬4) م ف ز: وللأمر.

مكره لا يخاف شيئاً بتوعد بحبس أو قيد فدفعه (¬1) إليه فضاع عنده لم يضمن الذي أكرهه ولا الذي أعطى المال شيئاً؛ لأن الإعطاء كان من صاحبه. ولو لم يكرهه على الإعطاء ولكنه أكرهه على أن يأمر الرجل بأخذه (¬2) فأمر بإكراه بوعيد بقيد أو حبس فأخذه ولم يدفع صاحبه إليه والقابض غير مكره فالقابض ضامن للمال؛ لأن أمر الآمر ليس بجائز عليه كما يجوز دفعه. ألا ترى أن عبداً محجورًا عليه لو كان في يده مال لرجل غصبه (¬3) منه فدفعه إلى عبد آخر محجور (¬4) عليه فهلك عنده كان لصاحب المال أن يضمن أي العبدين شاء. وإن ضمن الآخر فبيع فيه كان لمولاه أن يرجع بما ضمن في رقبة الأول فصارت عطية (¬5) الأول للآخر كأنها جناية منه على الآخر. ولو كان الأول لم يدفعه إليه ولكنه أمره بأخذه وأخذه فضاع في يده فضمن صاحب المال الآخر لم يكن لمولى الآخر أن يضمن الأول شيئاً؛ لأن أمره ليس بجناية منه. وإن ضمن صاحب المال للأول كان لمولى الأول أن يرجع في رقبة الآخر بما ضمن عبده. أفلا ترى أن أمر العبد المحجور عليه الأول ليس بأمر وكأن الثاني أخذه بغير أمره، فكذلك المكره على أن يأمر فأمره غير جائز عليه، فلذلك ضمن له القابض ما قبض. وإذا أعطى المال وديعة فكما كان ذلك من العبد المحجور عليه الأول جناية فكذلك (¬6) صار (¬7) صاحب المال المكره حين أعطى ماله كأنه أتلفه. ولو كان صاحب المال أكره (¬8) على الوجهين جميعاً بتوعد بقتل أو قطع فإن كان أعطاها له إعطاء فهلك في يدي الذي أعطاه والمعطى غير مكره فصاحب المال بالخيار: إن شاء ضمن الذي أكرهه، وإن شاء ضمن القابض. فأيهما ضمن (¬9) لم يرجع على صاحبه بشيءة لأن الذي أكرهه حين أكرهه بالقتل أو بالقطع صار كأنه أخذه فأعطى المستودع. ولو كان أكرهه على أن يأمر بالأخذ فأخذه والمأمور (¬10) ليس بمكره على الأخذ فالضمان ¬

_ (¬1) م ف ز: فيدفعه. (¬2) ز + فأخذه. (¬3) ز: غصبته. (¬4) ز: محجورا. (¬5) ز: عليه. (¬6) م ف ز: فذلك. (¬7) ز - صار. (¬8) ز: كره. (¬9) ز - ضمن. (¬10) ز: المأمور.

باب من التلجئة التي لا تشبه الإكراه

على الذي أخذ المال، ولا يضمن الذي أكرهه؛ لأن الآخذ صار كأنه أخذه بغير إكراه بأمر الذي أكره صاحب المال. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه في (¬1) قول أبي حنيفة ومحمد. ... باب من التلجئة التي لا تشبه الإكراه وقال محمد بن الحسن: لو أن رجلاً قال لرجل: إني أريد أن ألجئ إليك عبدي هذا فأبيعك إياه تلجئة وباطلًا وليس بشراء واجب لشيء أخاف، فقال له المشتري: نعم فافعل، وحضر هذه (¬2) المقالة شهوده، ثم إن البائع قال بعد ذلك في مجلس آخر للمشتري: قد بعتك هذا العبد بألف درهم، وقال المشتري: قد قبلت، ثم تصادقا على ما كانا قالا فإن هذا البيع باطل لا يلزم البائع ولا يلزم المشتري. ولو أدعى أحدهما أن الأمر كان على (¬3) هذا وجحد ذلك الآخر فالبيع جائز إلا أن يقيم المدعي لهذا البينة على القول الذي كان بينهما في السر. فإن أقام على ذلك البينة فالبيع باطل. وإن قالا جميعاً: إن البيع كان هكذا، وقال أحدهما: قد أجزت البيع ورضيته، لم يكن ذلك بيعاً ولم يجز على صاحبه. فإن قال صاحبه أيضاً: قد أجزت أنا ذلك أيضاً واجتمعا على إجازته فالبيع جائز؛ لأن البيع كان بيعاً هزلاً. فإذا جعل جداً جاز إذا أجمعا (¬4) على إجازته. ولو قبضه المشتري من البائع على هذا البيع ولم يجز واحد منهما فأعتقه المشتري كان عتقه باطلاً؛ لأن البيع كان هزلاً من البائع والمشتري جميعاً. فكل واحد منهما قد اشترط أن له نقضه وأنه منه هزل، فكان البائع والمشتري فيه بالخيار. ولا يشبه هذا المكره على أن يبيع ويدفع إلى المشتري، هذا إذا أكره فقبضه المشتري فأعتقه فعتقه فيه جائز وعليه القيمة؛ لأنه آكره على أن يبيع بيعاً ¬

_ (¬1) م + قياس. (¬2) ف ز: بهذه. (¬3) م - على. (¬4) ز: إذا اجتمعا.

جائزاً. ولو أكره على أن يبيع بيع تلجئة لم يجز عتق المشتري فيه؛ لأنه إذا اشترط أنه تلجئة غير جاد، فكأنه اشترط الخيار فيه. فإن قال قائل: إن بيع الهزل ليس ببيع ولا يجوز إجازة المشتري والبائع فيه جميعاً وإن قبضه؟ قيل له: ينبغي لمن لا يجعل هذا بيعاً أن لا يجعل النكاح الهزل نكاحاً. ألا ترى أنهما لوقالا مثل هذا في النكاح فقال (¬1) الرجل لامرأة: أتزوجك تزويجًا هزلاً، فقالت: نعم، ثم وافقهما الولي على ذلك ثم تزوجها كان النكاح جائزاً في القضاء وفيما بينه وبين ربه، والهزل باطل. وكذلك لو طلق امرأته على مال على وجه الهزل وقبلت ذلك أو أعتق جاريته على مال على وجه الهزل وقد تعاقدوا قبل ذلك أنه هزل كان الطلاق والعتاق على ذلك المال لازمًا جائزاً (¬2)، والمال لازم للمرأة والجارية. أفلا ترى أن النكاح الهزل والطلاق الهزل على المال والعتاق الهزل (¬3) يكون جائزاً. فلوكان ليس بنكاح ولا طلاق ولا عتاق لم يكن شيئاً، ولكنه كان طلاقاً وعتاقًا ونكاحًا هزلاً فصار جداً جائزاً. وأما البيع فكل ما يجوز فيه النقض (¬4) فإنه بيع إلا أنه بيع غير تام لاشتراط (¬5) البائع فيه الهزل، واشترط المشتري ذلك أيضاً. فإذا أبطلا الهزل وأجازاه جاز. فإن أبطل ذلك أحدهما وأبى الآخر أن يبطله لم يجز البيع حتى يجيزاه جميعاً. فإذا أجازاه جميعاً جاز (¬6). وكذلك الإجارة (¬7) والقسمة والمكاتبة. وكل أمر ينقض فالتلجئة والهزل يجوز فيه، وهوعلى ما وصفت لك لا يجوز حتى يبطلا جميعاً الهزل ويجيزاه ويجعلاه (¬8) جداً. ولكنهما لو قالا: نخبر (¬9) أنا تبايعنا هذا العبد أمس بألف درهم ولم يكن بيننا شراء إنما هو شيء باطل نقوله (¬10)، فاجتمعا على الإقرار بذلك، وحضر هذا هود ثم ¬

_ (¬1) ز: وقال. (¬2) ز: لازم جائز. (¬3) م - الهزل. (¬4) ف: القبض. (¬5) ز: لا شتراطها. (¬6) ز - جاز. (¬7) م: الإجازة. (¬8) ز: ويجيزانه ويجعلانه. (¬9) ز: ولكنهما الوقت لا نجيز. (¬10) ز: بقوله.

إن البائع قال للمشتري: إني قد كنت بعتك عبدي هذا يوم كذا وكذا بكذا وكذا، فقال الآخر: صدقت، فليس هذا ببيع. وإن ادعى أحدهما أنه هزل وتلجئة وكذبه الآخر فالبيع جائز لازم حتى يقيم الآخر البينة على ما كانا قالا في السر. فإن أقام البينة على ذلك فالبيع باطل والإقرار باطل. فإن تصادقا (¬1) أن ذلك كان منهما على ذلك جميعاً ثم قالا جميعاً: قد أجزنا هذا البيع، لم يجز أبداً وإن أجمعًا على إجازته؛ لأن ذلك الذي كان منهما لم يكن بيعاً. ألا ترى أنهما لو صنعا مثل ذلك في النكاح أوفي الطلاق على المال أوفي العتق على المال لم يكن ذلك نكاحاً ولا طلاقاً ولا عتاقًا بمال ولا غيره؛ لأن ذلك إنما (¬2) كان كذباً (¬3) منهما. إلا أن القاضي لا يصدقه في الطلاق والعتاق لأنه (¬4) كذب. فأما فيما بينه وبين ربه فهو باطل يسعه المقام عليها. والهزل في النكاح المستقبل والعتاق على المال لا يشبه هذا فيما بينه وبين ربه ولا في غير ذلك. فإن ادعى أحدهما أنه (¬5) هزل وتلجئة وكذبه الآخر فالبيع جائز لازم. ولو كان قبض العبد الذي قال فيه ما قال فأعتقه ثم قامت البينة على ما كانا قالا في السر بطل العتق، ورد العبد إلى مولاه. ولو أن رجلاً قال لامرأة ولوليها أو قال (¬6) لوليها دونه 1: إني أريد أن أتزوج فلانة على ألف درهم، وتُسمع بألفين، والمهر ألف درهم، فقال الولي: نعم أفعل، فتزوجها علانية على ألفين كان النكاح جائزاً، والصداق ألف درهم (¬7) إذا قامت البينة على ما كانا قالا في السر. وإن جحدت ذلك المرأة أو الولي لم يلتفت إلى جحودهما إذا قامت بذلك البينة. وكذلك الطلاق على المال والعتاق عليه. وإذا اجتمعا أنهما إنما يوقعانه على ألف درهم ويسمعان بألف درهم أخرى ثم أوقعاه بألفين فهو واقع، ¬

_ (¬1) ز: تصاقا. (¬2) ف: إن. (¬3) ز: كذب. (¬4) م ف ز: إلا أنه. (¬5) ز + ليس في هذه الرواية هذا الفصل بل في بعض الروايات وهو فإن ادعى أحدهما. (¬6) م ز: لو قال. (¬7) ز - فقال الولي نعم أفعل فتزوجها علانية على ألفين كان النكاح جائزاً والصداق ألف درهم.

والفضل باطل. وكذلك البيع لوقالا: يزيد أن نوقعه صحيحاً (¬1) بألف درهم ونسمع بألفين. فإن شهدا على هذا ثم تبايعا بألفين فالبيع جائز بألف درهم. فإن جحد أحدهما فالبيع بألفين حتى يقيم الآخر (¬2) البينة على ما قالا في السر. ولو كانا قالا: إن المهر مائة دينار ولكنا نسمع بعشرة آلاف درهم فنجعلها المهر، فاجتمعوا على هذا وأشهدوا به ثم تزوجها في الظاهر على عشرة آلاف، ثم جحد أحدهما ما قالوا في السر فقامت البينة عليه، فالنكاح جائز والعشرة آلاف باطلة لا تكون (¬3) مهراً، ولا تكون (¬4) المائة دينار أيضاً مهرا، فكأنه تزوجها على غير مهر، فإن دخل بها فلها مهر مثلها، وإن طلقها قبل الدخول فلها المتعة. ولا يشبه هذا التزويج على ألفين إذا أسروا ألفاً، لأن هؤلاء قد تكلموا بالألف وزادوا ألفاً، فالمهر ألف والزيادة باطل، وأولئك لم يتكلموا بالمائة دينار فلا يكون مهراً، وهم لم يذكروها في النكاح ولم يشهدوا عليها شهودا. ولو كانوا قالوا في السر: يكون النكاح على مائة دينار، وتزوجها علانية فلم يسموا مهراً كان هذا مثل الأول. وإن كانوا قالوا: على مهر قد تراضيا به، ولم يسموه للشهود، فالنكاح جائز على مائة دينار. ولو كانوا صنعوا هذا في البيع فقالوا: البيع على مائة دينار إلا أنا نظهر البيع بيعاً صحيحاً بخمسة آلاف درهم، فتبايعوا (¬5) بخمسة آلاف درهم فالبيع جائز بخمسة آلاف درهم، وما كانوا قالوا في السر فهو باطل؛ لأن البيع لا يكون إلا بالثمن، والثمن هو الذي أظهروا. ولو كان النكاح أيضاً لا يكون إلا بتسمية مهر لكان النكاح جائزاً على ما سموا. والإجارة (¬6) والقسمة والمكاتبة وكل شيء لا يكون إلا بالثمن فهو بمنزلة البيع. فإن سموا الثمن الذي تراضوا به في السر وزادوا شيئاً سمعة فهوعلى ما سموا في السر. وإن سموا نوعاً آخر غير الذي سموا في السر كان على الذي سموا، وكان ما جعلوا في السر باطلاً. ¬

_ (¬1) ز: بيعاً. (¬2) م ف ز: للآخر. (¬3) ز: بألف باطل لا يكون. (¬4) ز: يكون. (¬5) ز: فبايعوا. (¬6) م ف: والإجازة.

وكذلك لو قال لامرأته: أطلقك على ألف درهم وأُسمع بمائة دينار، فطلقها على مائة دينار وقبلت، فالطلاق واقع بائن بمائة دينار، والذي جعلوا في السر من هذا باطل، لأني إن (¬1) أبطلت العلانية بطلا جميعاً ووقع الطلاق بغير شيء، وصار طلاقاً بملك الرجعة، فلا يستقيم هذا (¬2)، لأنه يصير بمنزلة الهزل إذا كان طلاقاً بملك الرجعة فلا يجوز، ولكنه طلاق بائن، وعليه المال الذي أظهروا (¬3). وكذلك الخلع بالمال هو بمنزلة الطلاق بالمال، وكذلك العتاق بالمال ذلك كله بالمال الذي أظهروا. ولا يلتفت إلى ما أسروا إلا في النكاح خاصة؛ لأن النكاح يجوز بغير تسمية مهر. ولو كانوا عقدوا النكاح أو الطلاق أو العتاق أو البيع أو الإجارة (¬4) أو المكاتبة على ما كانوا أسروا (¬5) في السر ثم أظهروا شيئاً غير ذلك، فادعى أحدهما السر وأقام عليه البينة، وادعى الآخر العلانية وأقام عليها البينة، آخذ بالعلانية وأبطل السر، إلا أن يشهد الشهود أنهم قالوا في السر: إنا نشهد بذلك في العلانية سمعة. فإذا شهدوا بذلك على الولي الذي زوج أو على المرأة أو على الذي ولي ما ادعوا من العلانية أخذت ببينة أصحاب السر وأبطلت العلانية. وأما الأمر الآخر الذي لم يكونوا عقدوا فيه عقدة في السر وإنما كانت العقدة عليه في العلانية فهوعلى ما وصفت لك، ويؤخذ بالعلانية. فإن تصادقوا أنهم قد قالوا خلاف ذلك في السر إلا النكاح فإنه على ما وصفت لك؛ لأنه يكون بغير تسمية مهر. قال محمد: وذكر شريك بن عبد الله عن (¬6) فِرَاس عن الشعبي قال: إذا كان مهر سر ومهر علانية أخذ بالعلانية إلا أن يقيم البينة أنه أعلن ذلك وأن المهر الذي في السر (¬7). فهكذا نقول: يؤخذ بالعلانية حتى تقوم البينة أن المهر الذي في السر وأن هذا سمعة كما قال الشعبي. ¬

_ (¬1) ز - إن. (¬2) ز: بهذا. (¬3) ز: أظهر. (¬4) ف: أو الإجازة. (¬5) ز: سروا. (¬6) م ف ز + ابن. (¬7) م ف ز + إلا أنه قدم هاهنا. وانظر: المصنف لعبد الرزاق، 6/ 187؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 3/ 470.

ولو كانا قالا في السر: إنا يزيد أن نظهر بيعاً علانية وهو بيع تلجئة وهزل وباطل، فاجتمعا على ذلك ثم إن أحدهما قال علانية وصاحبه حاضر: إنا كنا قد قلنا (¬1) كذا وكذا في السر وقد بداً لي (¬2) أن أجعله بيعاً صحيحاً، وصاحبه يسمع ذلك فلم يقل شيئاً، ثم تبايعا، فالبيع جائز. فإن قال الساكت بعدما وقع البيع: أريد أن أبطله، لم يلتفت إلى ذلك؛ لأن شراءه بعدما سمع قول صاحبه رضي منه بذلك. ولو قال ذلك أحدهما ولم يقله الآخر ولم يسمع الذي لم يقل ما قال صاحبه ولم يبلغه فتبايعا فالبيع فاسد. فإن قبضه المشتري على ذلك فأعتقه فإن كان الذي قال ذلك القول البائع فالبيع جائز، وعلى المشتري الثمن. وإن كان الذي قال ذلك القول المشتري لم يجز العتق، والعبد على حالة. فإن أجاز البائع البيع فالبيع جائز، ولا يجوز العتقال في كان قبل البيع؛ لأن البائع (¬3) كأنه كان (¬4) بالخيار. وإن بلغ الذي لم يقل مقالة صاحبه بعدما تبايعا فرضي بالبيع فالبيع جائز. وإن لم يرض حتى نقض صاحبه البيع فإن كانا لم يتقابضا فنقضه جائزة لأنه بمنزلة البيع الفاسد. فإن كان المشتري قد قبض فإن كان البائع هو الذي قال ذلك القول فليس له أن ينقض، والأمر إلى المشتري، إن شاء نقض، وإن شاء رضي. فإن كان المشتري هوقال ذلك القول فالأمر إلى البائع، إن شاء نقض (¬5)، وإن شاء سلم البيع، وليس إلى المشتري من النقض شيء. وهذا بمنزلة خيار لهما جميعاً فاسد، فإذا رضي أحدهما يبقى الآخر على خياره الفاسد. فإن كان البائع والمشتري قالا في السر: يزيد أن نتبايع (¬6) بيعاً هزلاً وباطلاً ونظهر (¬7) أنه غير هزل ولا باطل، ونظهر (¬8) مع ذلك أنا كنا (¬9) جعلناه في السر هزلاً، فقد أبطلنا ذلك وجعلناه جداً جائزاً، وأشهدا على ¬

_ (¬1) ز: قد كنا قلنا. (¬2) ز: إلى. (¬3) ز: البيع. (¬4) ز - كان. (¬5) ف - فإن كان المشتري هوقال ذلك القول فالأمر إلى البائع إن شاء نقض. (¬6) ز: أن يتبايع. (¬7) ز: ويظهر. (¬8) ز: ويظهر. (¬9) م ف ز: أنا أن كنا.

باب الإكراه على الرجعة والفيء والإيلاء باللسان

أنفسهما بذلك، ثم إنهما قالا علانية: قد أبطلنا كل هزل في هذا البيع، ونحن نجعله بيعاً صحيحاً جائزاً، فتبايعا على هذا، فطلب أحدهما إجازة البيع، فالبيع جائز إلا أن يقيم الآخر البينة على ما كانا قالا في السر من ذلك. فإن أقام البينة على ذلك فالبيع باطل. وإن كان قال في العلانية: إنا كنا قلنا في السر: إنا يزيد أن نتبايع في العلانية بيعاً هزلاً وباطلاً، وقد أبطلنا ذلك، فقال صاحبه: صدقت، ثم تبايعا، فالبيع باطل لا يجوز إذا قامت البينة على ما كانا قالا في السر حتى يقول أحدهما بمحضر من صاحبه وهو يسمع: إنا قلنا في السر: إنا تبايعنا (¬1) بيعاً هزلاً وقلنا في السر أيضاً: إنا نظهر في العلانية أنا قد أبطلنا كل قول قلناه في السر من هذا، وإنا قد أبطلنا جميع ما قلنا في السر من هذا وتبايعنا (¬2) بيعاً صحيحاً. فإذا قالا هذا أوقاله أحدهما والآخر يسمع فالبيع جائز، ولا يقدر أحدهما على أن يبطله؛ لأنه وصف جميع ما كانا قالا في السر ثم أبطله. فإذا وصف ذلك كله ثم أبطله جاز، وإن وصف إبطال ما قالا في البيع خاصة ثم أبطل ذلك وحده وزعم أنه بيع جائز فليس هذا ببيع جائزة لأنهما قد أجمعاً في السر على أنهما يقولان ذلك علانية وليس بقول صحيح إنما هو هزل، فلما أجمعاً (¬3) جميعاً على ذلك في السر لم يكن ما قالا في العلانية شيئاً (¬4) حتى يخبرا (¬5) أنهما قالا ذلك وأنهما قد أبطلاه أو يقول ذلك أحدهما والآخر يسمع ثم يتبايعا (¬6) بعد ذلك، فيجوز البيع. ... باب الإكراه على الرجعة والفيء والإيلاء باللسان ولو أن (¬7) رجلاً طلق امرأته تطليقة بملك الرجعة فأكرهه لص غالب على أن يراجعها فراجعها وأشهد على ذلك بإكراه فهذا رجعة جائزة وإن ¬

_ (¬1) ز: نبايع. (¬2) م ز: وتبايعا. (¬3) ف: اجتمعا. (¬4) ز: شيء. (¬5) ز: يجيز. (¬6) ز: ثم تبايعا. (¬7) ز + لصا.

باب العهدة فيما بين المكره وبين صاحبه

كانت بالإكراه. ألا ترى أن النكاح بالإكراه جائز، فكذلك الرجعة. ألا ترى أنه لو أكرهه حتى جامعها كانت الرجعة، فكذلك إذا أكرهه على الإشهاد على ذلك. والإكراه على ذلك بوعيد بقتل أو سجن أو غيره سواء. وإن أكرهه بوعيد بقتل أو سجن على أن يقر أنه قد كان راجعها أمس وأن يشهد على ذلك فأقر بذلك وأشهد عليه كان الإقرار باطلاً لا يلزمه في القضاء ولا فيما بينه وبين الله تعالى، ولا يكون ذلك رجعة. ولو أن رجلاً آلى من امرأته أن لا يقربها أبداً وهو لا يقدر على جماعةا لصغرها أولمرضه أو غير ذلك فإن فيئه الرضى بلسانه أن يقول (¬1): قد فئت إليها، فإن لم يفعل ذلك حتى تمضي أربعة أشهر بانت منه بالإيلاء. فإن أكرهه لص غالب بتوعد بقتل أو سجن على أن يفيء إليها بلسانه ويشهد على ذلك شهوداً، ففعل، فهو جائز، وهي امرأته، ولا تبين بانقضاء الأربعة الأشهر. وهذا بمنزلة الرجعة والنكاح. ولو كان أكرهه (¬2) بتوعد بقتل أو سجن على أن يقر أنه فاء إليها أمس ويشهد على ذلك ففعل فهذا باطل لا يجوز في القضاء، ولا فيما بينه وبين الله تعالى. ولا يشبه الإقرار بالأمر الماضي في هذا الرجعة (¬3) المستقبلة ولا (¬4) الفيء المستقبل؛ لأن الإقرار بالأمر الماضي إنما أكرهه على الكذب. ألا ترى أنه لو قال ذلك بغير إكراه لم يكن شيء فيما بينه وبين الله تعالى وإن كان القاضي يلزمه ذلك في القضاء. والفيء والرجعة المستقبلان جائزان، لأنهما فيء ورجعة. ... باب العهدة فيما بين المكره وبين صاحبه ولو أن لصاً غالباً أكره رجلاً بتوعد بقتل أو سجن على أن يبيع متاع اللص من هذا الرجل بألف درهم والمشتري غير مكره فالبيع جائز، والمتاع ¬

_ (¬1) ز: أو يقول. (¬2) ز: أكره. (¬3) ز: الوجه. (¬4) م + في.

للمشتري، والثمن على المشتري للص الغالب؛ لأنه حين أكره البائع على البيع لم يجب عليه عهدة البيع؛ لأنه مكره، وصار بمنزلة عبد محجور عليه أو صبي يعقل الشراء والبيع أمره رجل أن يبيع متاعاً للآمر فباعه، فالبيع جائز والعهدة على الآمر. فإن طلب البائع المكره الثمن (¬1) بعد ذلك بغير إكراه فله أن يقبضه؛ لأن صاحب المتاع حين أمره بالبيع فقد أمره بقبض الثمن، فإذا أراد قبضه وجب على المشتري دفعه إليه. فإن قال المشتري: إن قبض الثمن فعهدتي (¬2) عليه، فله ذلك؛ لأنه حين قبض الثمن بغير إكراه، فكأنه رضي (¬3) منه بما باع وكأنه باع بغير إكراه. ألا ترى أن عبداً محجورًا عليه لو باع شيئاً لرجل بأمره لم يكن عليه عهدة، وكان له أن يقبض الثمن. فإن لم يقبض الثمن (¬4) حتى عتق كان له أن يقبض الثمن ويكون عليه العهدة، فكذلك المكره إذا أراد قبض الثمن بغير إكراه كان له ذلك وكانت عليه العهدة، وصار ذلك بمنزلة عتق العبد. ولو أن صاحب المتاع لم يكره البائع على بيع المتاع ولكنه أكره المشتري على أن يشتري له المتاع من رجل بألف درهم فأكرهه على ذلك بتوعد بقتل أو سجن حتى اشترى له فالشراء جائز، والمتاع للذي أكرهه، والثمن عليه، ولا ثمن على المشتري، وليس للذي أكرهه أن يقبض المتاع حتى يعطي الثمن. فإن طلب المشتري المتاع من البائع ليقبضه بغير إكراه من الآمر فله أن يقبضه، ويكون عليه الثمن، ويرجع به على الآمر الذي أكرهه، ويكون المتاع للآمرة لأنه حين طلب أخذ المتاع بغير إكراه صار بمنزلة رضاه بالشراء لو اشترى غير مكره. ولو كان طلب ذلك فلم يدفعه إليه البائع حتى يعطيه الثمن ثم بداً له أن لا يأخذه وجب عليه الثمن؛ لأنه حين طلبه غير مكره صار راضياً بأن يكون الثمن عليه، ويكون هو المشتري بغير إكراه. ألا ترى أنه لو كان أكره المشتري على أن يشتريه لنفسه لم يجز البيع، فإن طلبه ليقبضه ويعطي الثمن بغير إكراه جاز عليه البيع ووجب عليه الثمن، ¬

_ (¬1) ف ز + من المشتري. (¬2) ز: فهدتي. (¬3) ز: رضا. (¬4) ز - فإن لم يقبض الثمن.

باب النقض في الإكراه وغير النقض

فكذلك إذا طلب أخذه على الشراء وجب عليه الثمن، وكان هو الذي يقبضه وصار بمنزلة شرائه إياه بغير إكراه. ألا ترى أن عبداً كبيراً محجورًا عليه لو أمره رجل أن يشتري له عبداً بعينه بألف درهم فاشتراه له كان العبد المشترى للآمر وعليه المال، فإن لم يقبضه ولم يعط المال حتى أعتق العبد المشترى كان العبد (¬1) المشتري هو الذي (¬2) يقبضه ويعطي المال، وقد كان المأخوذ بالمال قبل ذلك غيره، فكذلك المكره إذا طلب أخذ ما اشترى فكأنه العبد إذا أعتق. ... باب النقض في الإكراه وغير النقض ولو أن لصاً غالباً أكره رجلاً على بيع عبد له بتوعد بقتل أو حبس حتى باعه من رجل، فأكرهه على دفعه إلى المشتري، ففعل، والمشتري غير مكره، فأعتقه المشتري، فالعتق جائز. وكذلك لو دبره ولم يعتق كان التدبير جائزاً ولم ينتقض البيع. وكذلك لو كان مكان العبد أمة فوطئها المشتري فحبلت منه لم ينتقض البيع (¬3) في شيء من هذا. ألا ترى أن المكره على البيع لو لم يكره على البيع وأكره على العتق والتدبير جاز ذلك عليه. فكذلك إذا أكره على البيع والدفع فأجرى فيه المشتري عتقاً أو تدبيرًا أو ولادة جاز ذلك ولم ينتقض البيع. ولو لم يُجْرِ (¬4) فيه المشتري شيئاً من ذلك ولكن المشتري باعه من رجل بيعاً صحيحاً ودفعه إليه أو وهبه لرجل وقبضه منه كان للبائع المكره أن ينقض البيع والهبة. ولا يشبه البيع في هذا والهبة العتق؛ لأن البيع والهبة إذا أكره عليهما الأول كان له أن ينقضهما، فكذلك له أن ينقض ما فعل المشتري من ذلك كما كان له أن ينقض فعله (¬5) إذا كان بإكراه. ¬

_ (¬1) ز - العبد. (¬2) ز - هو الذي. (¬3) ف - وكذلك لو كان مكان العبد أمة فوطئها المشتري فحبلت منه لم ينتقض البيع. (¬4) م ف ز: يجز. (¬5) ز: فله.

فإن قال قائل: وكيف ينقض ذلك وقد باع المشتري ما يملك، ولو أعتقه جاز عتقه؟ قيل له: لأن البائع المكره كان أحق به منه، فلذلك كان له أن ينقض ما صنع. فإن قال: فالبيع الفاسد للبائع أن ينقضه بعد قبض المشتري إياه، وإن باعه المشتري أو وهبه وقبضه الموهوب له جاز ذلك، ولم يكن (¬1) للبائع أن ينقضه، ولكنه يرجع بالقيمة على المشتري. قيل له: لا يشبه البيع الفاسد بيع المكره في هذا الوجه؛ لأن البيع الفاسد صاحبه باعه بغير إكراه وأذن في قبضه، فهذا بمنزلة إذنه للمشتري في بيعه وهبته، وإن المكره لم يأذن في شيء من هذا (¬2) وإن كان المشتري قد ملك عليه. وإنما مثل بيع المكره في هذا الوجه مثل بيع المشتري لدار ولها شفيع. ألا ترى أن رجلاً لو اشترى داراً ولها شفيع وقبضها كانت له، وكان ملكه لها صحيحاً، فإن باعها وقبضها المشتري أو وهبها وقبضها الموهوبة له (¬3) كان للشفيع أن ينقض البيع الثاني والهبة ويأخذها بالبيع الأول؛ لأنه لم يرض بما صنع ولم يأذن فيه. فكذلك المكره على البيع لم يأذن للمشتري في بيع ولا هبة وإن كان قد ملك ما اشترى. ألا ترى أن رجلاً لو اشترى من رجل عبداً بألف درهم حالة فقبضه المشتري بغير أمر البائع فأعتقه أو دبره أو كانت أمة فوطئها فولدت منه لم يكن للبائع سبيل على العبد ولا على الأمة، وكان له الثمن على المشتري. فإن كان المشتري محتاجاً لم يكن له أن يبيع العبد ولا الأمة بقليل ولا كثيرة لأن المشتري أجرى فيها (¬4) ما أجرى من العتق وهما مملوكان له، فجاز ما صنع فيهما من ذلك. ولو أن المشتري لم يعتق ولم يدبر ولم يطأ فتلد منه ولكنه باع بيعاً صحيحاً وقبض ذلك المشتري، أو وهب وقبض ذلك الموهوب له، أو ¬

_ (¬1) ز - ذلك ولم يكن. (¬2) ز + من. (¬3) ز + لو. (¬4) ز: فيهما.

تصدق وقبض ذلك المتصدق عليه كان للبائع أن ينقض ذلك كله فيرده إليه حتى يأخذ الثمن. وكذلك لو أكرهه لص غالب قبل قبض المشتري على الدفع فتهدده بالقتل أو بالسجن حتى دفع كان له أن يرتجع (¬1) العبد حتى يأخذ الثمن؛ لأنه لم يأذن له فيه. فإن باعه المشتري أو وهبه وقبضه الموهوب له كان له أن ينقض ذلك حتى يقبض العبد، فيكون عنده حتى يعطي (¬2) الثمن. ألا ترى أن رجلاً لو كان في يده رهن فأكره على أن يرده على الراهن بتوعد بقتل أو سجن حتى فعل ورده عليه وناقضه الرهن (¬3) فباعه الراهن أو وهبه (¬4) وقبضه (¬5) الموهوب له كان للمرتهن أن ينقض كله حتى يأخذه فيعيده رهناً كما كان. فهذا قد باع ما يملك ووهب ما يملك (¬6)، وملكه في هذا أقوى من ملكه في بيع الإكراه، ثم نقض (¬7) ذلك كله حتى رد على المرتهن وعلى البائع الذي لم يقبض الثمن، فكذلك ما وصفت لك من بيع الإكراه. وإنما صار الإكراه بالتوعد بالقتل أو السجن (¬8) سواء في دفع الرهن إلى الراهن ودفع البائع العبد إلى المشتري قبل أن يقبضا الثمن والدين (¬9)؛ لأن هذا حق أمسكا العبدين به، فإنما قيل لهما: أبطلا حقكما بإكراه، فأبطلاه، فصار ما أبطلاه (¬10) من حقهما بالإكراه بالسجن أو بالتوعد بالقتل سواء لا يجوز، فكما لا يجوز أن يبيعا ولا يشتريا إذا توعدا بالقتل أو بالسجن فكذلك لا يجوز أن يبطل ما وجب لهما من إمساك هذين العبدين بحقهما بالتوعد بالقتل أو بالحبس أو بالقيد أو بالضرب، فصار ذلك الإكراه كله أمراً واحداً في هذا. ... ¬

_ (¬1) م ف + على. (¬2) ز: حتى يعطا. (¬3) ز: الراهن. (¬4) ف: أو رهنه. (¬5) ز - وقبضه. (¬6) ز + ما يملك. (¬7) ز: ثم يقبض. (¬8) ف ز: والسجن. (¬9) م: واللذين. ولفظ ب: الثمن الحال. (¬10) م ز: ما أبطلا.

باب من الإكراه الذي يخطر على بال المكره غير ما أكره عليه

باب من الإكراه الذي يخطر على بال المكره غير ما أكره عليه ولو أن رجلاً قال له أهل الحرب وقد أخذوه أسيراً: لتكفرن بالله أو لنقتلنك، فقال: قد كفرت بالله، وقلبه مطمئن بالإيمان، وله عندنا امرأة، لم تبن امرأته منه. فإن قال: قد كان خطر على بالي أن أقول لهم: قد كفرت بالله، أريد به الخبر (¬1) عما مضى، فقلت ذلك أريد به الخبر (¬2) عما مضى والكذب، ولم أكن فعلت ذلك فيما مضى، بانت امرأته عندنا في الحكم، وأما فيما بينه وبين الله تعالى فهي امرأته على حالها؛ لأنه زعم أنه أخبرهم بذلك عن أمر ماض، والخبر (¬3) بذلك عن أمر ماض لا يكون كفرًا، ولكنا نفرق بينه وبين امرأته؛ لأنه زعم أنه أجابهم بغير ما سألوه عنه، فهو يقر أنه لم يكفر كما أُمِر، وإنما (¬4) أخبر بأمر ماض (¬5). ألا ترى أنه لو بين لهم الأمر على وجهه فقال: كيف تكلفوني أن أكفر بالله ولم أزل كافراً بالله منذ كنت، يريد بذلك الكذب والخبر (¬6) بالباطل، لم يكفر بهذا، ولم تبن منه امرأته فيما بينه وبين الله تعالى، ولكنه إن رفع (¬7) إلى القاضي فرق بينهما بإقراره بكفر مضى لم يكره على شيء منه. وإن قال: قد كان خطر على بالي أن أقول: قد كفرت بالله، أريد به الخبر (¬8) بالباطل عما مضى، فقلت: قد كفرت بالله، أريد به ما طلب مني ولم أرد به الخبر عما مضى، فإن هذا عندنا كافر (¬9) وتبين منه امرأته في القضاء وفيما بينه وبين الله تعالى؛ لأنه حين خطر على باله في الخبر بالباطل عما مضى وذلك عند الذي أكرهه بمنزلة الكفر المستقبل فلم يقل هو على ذلك الوجه (¬10) وقال له على (¬11) ¬

_ (¬1) ز: الخير. (¬2) ز: الخير. (¬3) ز: والخير. (¬4) م: إنما. (¬5) ز + لا يكون كفرا. (¬6) ز: والخير. (¬7) م ز: إن دفع. (¬8) ز: الخير. (¬9) م: كفر. (¬10) ف - الوجه. (¬11) م - على.

الكفر المستقبل كان بذلك كافراً عندنا، ينبغي له أن يتوب من ذلك وتبين منه امرأته. ولو قال: إن ذلك لم يخطر على بالي ولم يخطر لي (¬1) فكفرت بالله كفراً مستقبلاً على غير إخبار بما مضى وقلبي مطمئن بالإيمان جاز هذا له عندنا، ولم تبن منه امرأته، لأنه إذا لم يخطر على باله إلا ما قيل له فهو مكره عليه، وإذا خطر على باله (¬2) شيء يكون به خارجاً مما أكرهه عليه ليس بكفر منه مستقبل، فتركه وكفر كفراً مستقبلاً بانت منه امرأته ولم يجز له ما صنع. ألا ترى لو قالوا (¬3) له: لنقتلنك أو لتصلين لهذا الصليب، فقام يصلي فخطر على باله أن يصلي لله عز وجل وهو مستقبل القبلة أو غير مستقبل القبلة فإنه ينبغي له أن تكون صلاته لله، فإن ترك أن يصلي (¬4) لله وصلى يريد الصلاة إلى الصليب كان ذلك كفراً بالله وبانت منه امرأته، ولو لم يخطر على باله شيء من ذلك فصلى يريد ما أمر به مكرها غير راض (¬5) به وخاف إن لم يفعل أن يقتل لم تبن منه امرأته. وكذلك لو قيل له: لنقتلنك أو لتشتمن محمداً، فخطر على باله رجل من النصارى يقال (¬6) له: محمد، فإن شتم محمداً يريد به (¬7) الرجل الذي خطر على باله لم يكن بذلك كافراً ولم تبن منه امرأته، وإن ترك ما خطر على قلبه وشتم محمداً وقلبه كاره لما صنع لم ينفعه ذلك شيئاً (¬8)؛ لأنه قد كان يقدر على أن لا يشتمه ويشتم إنساناً غيره. ولو لم يخطر على باله أحد غيره فشتمه يريد شتمه وهو كاره لذلك بقلبه لم يكن بهذا كافراً (¬9) ولم تبن منه (¬10) امرأته. ولو أن لصوصاً غالبين أكرهوا رجلاً على أن يعتق عبده بوعيد بقتل أو ضرب يخاف منه تلفاً (¬11) فخطر على باله أن يقول: هو حر، يريد الخبر بالكذب وسعه أن يمسكه عبداً فيما بينه وبين ربه. وإن رفع (¬12) إلى القاضي ¬

_ (¬1) م: بي. (¬2) م: بباله. (¬3) م: لو قال. (¬4) ز + أن يصلي. (¬5) ز: أرض. (¬6) ز: فقال. (¬7) ز - به. (¬8) ز: شيء (¬9) ز: كافر. (¬10) ز + به. (¬11) ز: تلف. (¬12) ف: دفع.

فقال: هو حر، يريد الخبر بالكذب أعتقه عليه؛ لأنهم إنما أرادوه على العتق المستقبل فأجابهم بما (¬1) أرادوا، فلا يصدق في القضاء أنه أراد الخبر (¬2) عما مضى. فإن أعتقه القاضي عليه لم يضمن الذين أكرهوه قيمته لمولاه الذي أعتقه؛ لأنه أجابهم بغير ما أكرهوه عليه فيما أقر به. ألا ترى أنه لو بيّن (¬3) ذلك لهم فقال: كيف تكرهوني على عتقه وهو حر الأصل؟ أو قال: قد أعتقته أمس، فخلوا سبيله أعتقه القاضي عليه ولم يضمن الذين أكرهوه شيئاً؛ لأنه أجابهم بغير ما أكرهوه عليه فلزمه (¬4) ذلك في القضاء. ولو قال: قد كان خطر على بالي أن أقول: هو حر، أريد بذلك الخبر (¬5) بالكذب، فقلت: هو حر، أريد به عتقاً مستقبلاً، ولم أرد به الخبر (¬6) بالكذب (¬7)، أعتقناه عليه في القضاء وفيما بينه وبين الله تعالى، وضمن الذين أكرهوه قيمته لمولاه؛ لأن الذي خطر على باله لو فعله (¬8) عتق به عبده في القضاء، ولم ينفعه ذلك في القضاء شيئاً (¬9) إن قاله. فإذا لم ينفعه ذلك في القضاء وكان القاضي يعتقه لو قال ذلك فأعتق عبده على الوجه الذي أكرهه عليه ضمن الذين أكرهوه قيمة عبده. ولو قال: لم يخطر على بالي شيء غير ما أكرهوني عليه فأعتقته أريد عتقاً مستقبلاً، كان العبد حراً في القضاء وفيما بينه وبين الله تعالى، وكان له أن يضمن الذين أكرهوه قيمته. فإن قالوا: إنه قد (¬10) كان خطر على باله الخبر بالكذب فقال: هو حر، يريد الخبر بالكذب، فنحن يزيد يمينه على ذلك، كان لهم أن يستحلفوه. فإن حلف ضمنهم القيمة، وإن نكل عن اليمين لم يكن له عليهم ضمان. ولو أن رجلاً له امرأة لم يدخل بها (¬11) وقد فرض لها صداقاً (¬12) ¬

_ (¬1) م ف ز: ما. (¬2) ز: الخير. (¬3) م ز: لو تبين. (¬4) ف: فيلزمه؛ ز: فلزمته. (¬5) ز: الخير. (¬6) ز: الخير. (¬7) م: باكذب. (¬8) ف: أو فعله. (¬9) ز: شي. (¬10) م - إنه قد، صح هـ. (¬11) م ز - بها. (¬12) ز: صداق.

باب من الإكراه الذي يزيد المكره على ما أمر به

فأكرهه لصوص غالبون (¬1) بوعيد بقتل على أن يطلقها، فقال: هي طالق، ثم قال بعد ذلك: أردت الخبر بالكذب أو أردت أنها طالق من قيد، فذلك يسعه، وهي امرأته فيما بينه وبين الله تعالى، وأما في القضاء فهي بائن منه، وليس له أن يضمن الذين أكرهوه نصف الصداقال في يغرمه لها. وإن قال: قد كان خطر على بالي أن أقول: هي طالق أخبر بأمر ماض (¬2) لم أفعله أو خطر على بالي أن أقول: هي طالق أريد من قيد فلم أقل ذلك وقلت: هي طالق طلاقاً مستقبلاً، كانت طالقاً (¬3) في القضاء وفيما بينه وبين الله تعالى، وكان لها عليه نصف المهر، ويرجع به على الذين أكرهوه؛ لأنه وإن كان يقدر على أن يقول قولًا يخرجه من إكراههم لا تبين منه امرأته فيما بينه (¬4) وبين الله تعالى فإن الذي خطر على باله يبينها منه في القضاء، ويغرم بذلك نصف المهر لها. فإذا كان الأمر على هذا لم يبرأ الذين أكرهوه من ضمان ما ضمن من نصف المهر. ولو قال: لم يخطر على بالي شيء غير ما أكرهوني عليه، كان عليه نصف الصداق ورجع به على الذين أكرهوه. فإن قال الذين أكرهوه: إنما قال يريد الخبر بالكذب أوطالق من قيد، فقد قال غير ما أكرهناه عليه، فنحن يزيد يمينه على ذلك، استحلف لهم، فإن حلف ضمنوا له ما ضمن من نصف الصداق، وإن لم يحلف لم يغرموا له شيئاً مما غرم لامرأته. ... باب من الإكراه الذي يزيد المكره على ما أمر به ولو أن لصاً غالباً أكره رجلاً بوعيد بقتل على أن يطلق امرأته ولم يدخل بها واحدة، فقال الرجل: هي طالق ثلاثاً، فإن امرأته طالق ثلاثاً، ولا ضمان على الذي أكرهه؛ لأنه طلقها غير ما أمره به، ولأن ما زاد مما لم ¬

_ (¬1) ز: غالبين. (¬2) ز: ماضي. (¬3) ز: طلاقا. (¬4) ز - فيما بين

يكرهه عليه يبينها (¬1) لو لم يكن غيره. وكذلك لو قال له: طلقها واحدة، فطلقها ثنتين. وكذلك لو قال: طلقها ثنتين، فطلقها ثلاثاً. ولو قال له: طلقها ثلاثاً، فطلقها واحدة بانت منه، وغرم لها نصف الصداق ورجع بما ضمن من ذلك على الذي أكرهه؛ لأنه إذا أكرهه على ثلاث تطليقات فقد أكرهه على أقل من ذلك، وإذا أكرهه على واحدة فلم يكرهه على أكثر من ذلك. ولو أن لصاً غالباً أكره رجلاً بوعيد بقتل على أن يضرب هذا بهذه الحديدة فيقطع يده ففعل المكره ذلك، ثم إن المكره ثَنَّى (¬2) فقطع رجله بغير إكراه من الذي أكرهه ولا أمر فمات الرجل من ذلك كله قتل القاتل والآمر جميعاً؛ لأنهما كأنهما فعلًا ذلك جميعاً. ولو كان أكرهه على أن يضربه بعصا ففعل ثم ضربه المكره ضربة أخرى بعصا (¬3) بغير إكراه، أو أكرهه على أن يضربه مائة سوط فضربه مائة وعشرة، فمات من ذلك كله، فعلى عاقلة الآمر نصف الدية في ثلاث سنين، وعلى الذي ضرب نصف الدية في ثلاث سنين. فإن كان أمره أن يقطع يده عمداً بالسيف وأكرهه على ذلك ففعل ما أمره به وضربه المكره بغير إكراه خمسين سوطاً فمات من ذلك كله فنصف الدية في مال الآمر في ثلاث سنين، ونصف الدية على عاقلة الضارب في ثلاث سنين. ولو كان (¬4) أكرهه في ذلك كله بسجن أو قيد ولا يخاف منه غير ذلك كان ذلك كله على الفاعل، فما كان فيه قود قتل (¬5) به الذي ولي القتل، وما كان فيه دية على العاقلة كان على عاقلة الذي ولي القتل، وما كان بعضه على العاقلة وبعضه في ماله كان ذلك كله على الذي ولي القتل في ماله وعلى عاقلته. ولو أكره رجلاً على أن يعتق نصف عبده بوعيد بقتل أو ضرب يخاف ¬

_ (¬1) ز: تنبيها. (¬2) أي فعل أمرا ثانيا. انظر: لسان العرب، "ثنى". (¬3) ز: بعضا. (¬4) ز - كان. (¬5) ز: قيل.

منه تلف فأعتقه كله كان حراً كله. فأما في قياس قول أبي حنيفة فالعبد حر في القضاء وفيما بينه وبين الله تعالى، ولا شيء على الذي أكرهه من قيمة العبد؛ لأنه فعل غير ما أمره به. ألا ترى أن أبا حنيفة كان يقول: لو أن رجلاً أمر رجلاً أن يعتق نصف عبده فأعتقه كله كان الحتق باطلاً؛ لأنه قد خالفه، وكذلك يجيء هذا في قوله. وأما في قياس قول أبي يوسف وهو قول محمد فالعتق جائز في القضاء وفيما بينه وبين الله تعالى، ويغرم الذي أكرهه قيمته للمعتق؛ لأنه إذا أكرهه على عتق بعضه فكأنه أكرهه على عتقه (¬1) كله. ولو كان أكرهه على أن يعتقه كله فأعتق نصفه كان هذا والأول سواء في قياس قول أبي يوسف وهو قول محمد، ويعتق العبد كله، ويغرم الذي أكرهه قيمته كلها للمولى. وأما في قياس قول أبي حنيفة فيعتق نصف العبد، ويسعى في نصف قيمته لمولاه، ويرجع المولى على الذي أكرهه بنصف قيمته. فإن تَوَى (¬2) ما على العبد من نصف القيمة كان للمولى أن يرجع به أيضاً على الذي أكرهه، ويرجع الذي أكرهه على العبد بما أخذ منه، ويكون الولاء بينهما نصفين (¬3) نصفه للذي أعتق ونصفه للذي أكرهه، وهو نصف الذي غرم فيه السعاية. ولو أن رجلاً مريضاً أكرهت امرأته بوعيد بقتل أو سجن حتى تأمره (¬4) أن يطلقها تطليقة بائنة، فأمرته بذلك، فطلقها كما أمرته تطليقة بائنة، ثم مات وهي في العدة ورثته؛ لأن الأمر كان باطلاً حين كان بإكراه. فإن قالت له حين أكرهت على ذلك: طلقني تطليقتين بائنتين، ففعل ثم مات وهي في العدة لم ترثه؛ لأنها أذنت له في غير ما أكرهت عليه، فلما بانت بما أكرهت عليه وبما لم تكره (¬5) عليه مما أمرته لم ترثه. وهذا قياس الذي وصفت في أول هذا الباب من طلاق الزوج لامرأته التي لم (¬6) يدخل بها إذا أكره على تطليقة فطلقها اثنتين (¬7). ألا ترى أن امرأة لو أمرت زوجها أن ¬

_ (¬1) م: على عتق. (¬2) أي هلك، كما تقدم. (¬3) ز: نصفان. (¬4) ز: يأمره. (¬5) ز: لم يكره. (¬6) ف - لم. (¬7) ز: ثنتين.

يطلقها تطليقة (¬1) بائنة وهو مريض فطلقها ثنتين بائنتين (¬2) ثم مات وهي في العدة لم ترثه، فكذلك التطليقة التي أكرهت عليها لا تكون المرأة فيها أحسن حالاً من تطليقة (¬3) طلقها إياها زوجها لم تأمره (¬4) بها بإكراه ولا غيره. ألا ترى أن رجلاً لم يدخل بامرأته لو جعل بيد رجل لها تطليقة إذا شاء وأكره على أن جعل في يد ذلك الرجل تطليقة أخرى بوعيد بقتل ففعل فطلقها الرجل تطليقتين جميعاً كانت المرأة طالقاً ثنتين، وعلى الزوج نصف الصداق، ولا يرجع على الذي أكرهه بشيء. وكذلك لو كان الذي جعل ذلك بيده طلقها التطليقة التي (¬5) جعل إليه الزوج بغير إكراه. ولو كان الذي جعل ذلك إليه طلقها التطليقة التي أكره عليها الزوج خاصة دون الأخرى طلقت المرأة واحدة وبانت من زوجها، وغرم الزوج نصف الصداق ورجع به على الذي أكرهه. ألا ترى أنه لو قال لامرأته ولم يدخل بها: أنت طالق تطليقة إذا شئت، ثم إنه أكره بعد ذلك أو قبله على أن يقول لها: أنت طالق تطليقة إذا شئت، فقال لها ذلك فطلقت نفسها التطليقتين جميعاً بانت من زوجها وكان لها عليه نصف المهر، ولم يرجع به على الذي أكرهه. ولو طلقت نفسها التطليقة التي أكرهه عليها خاصة وبينت ذلك طلقت تلك التطليقة خاصة، وغرم الزوج لها نصف الصداق، ورجع به على الذي أكرهه، ولا يبطل نصف الصداق وإن كانت هي التي طلقت نفسها؛ لأنها ليست التي أكرهته (¬6) على ذلك. ولكنها لوكانت مسلطة فأكرهته على أن يطلقها بوعيد بقتل ففعل ولم يدخل بها طلقت ولم يكن لها عليه شيء. ولو أكرهته بقيد أو حبس طلقت أيضاً ورجعت عليه بنصف الصداق، ولم يكن له عليها شيء. ولو أن رجلاً لم يدخل بامرأته ومهرها عشرون ألفاً أكره بوعيد بقتل على أن يطلقها واحدة بألف فطلقها ثلاثاً كل واحدة بألف فقبلت ذلك كله ¬

_ (¬1) ف - فطلقها اثنتين ألا ترى أن امرأة لو أمرت زوجها أن يطلقها تطليقة. (¬2) ز: باثنتين. (¬3) ز: من تطيقه. (¬4) ز: لم يأمره. (¬5) ز: الذي. (¬6) م: أكر (غير واضح).

باب الخيار في الإكراه

طلقت ثلاثاً، ووجب له عليها ثلاثة آلاف (¬1) درهم، ووجب لها عليه نصف مهرها الذي تزوجها عليه عشرة آلاف، ولم يرجع على الذي أكرهه بقليل ولا كثير. وهذا يبين لك أيضاً طلاقه إياها بغير شيء إذا أكره (¬2) على واحدة فزاد أنه لا يرجع على الذي أكرهه بشيء، ولكنه لو أكرهه على أن يطلقها واحدة بألف فطلقها وقبلت ذلك وقع الطلاق، وبانت من زوجها، وله عليها ألف درهم. وينظر إلى نصف مهرها في قياس قول أبي يوسف، وهو قول محمد. فإن كان أكثر من ألف درهم أدى الزوج إليها الفضل على ألف درهم، ورجع الزوج بذلك على الذي أكرهه إن كان أكرهه بوعيد بقتل. وإن أكرهه بحبس أو قيد غرم الزوج لها الفضل ولم يرجع على الذي أكرهه بشيء. ولو أن أمة تحت رجل حر أعتقت ولم يدخل بها زوجها، فأكرهت بوعيد بقتل أو غيره على أن تختار نفسها في مجلسها قبل أن تقوم (¬3) منه، فاختارت نفسها، بطل الصداق كله عن زوجها، ولم يكن لها ولا لمولاها على زوجها صداق ولا على الذي أكرهها على ذلك، وبانت من زوجها بغير طلاق. ولو كان الزوج دخل بها قبل ذلك، فأكرهت على أن تختار نفسها، ففعلت، بانت من زوجها، وكان للمولى الصداق على زوجها إن لم يكن دفعه إليه، ولا يرجع الزوج على الذي أكرهها. ... باب الخيار في الإكراه ولو أن لصاً غالباً أكره رجلاً مسلماً بوعيد بقتل على أن يعتق عبده أو يطلق امرأته ولم يدخل بالمرأة فقال له: لأقتلنك أو لتعتقن عبدك هذا أو لتطلقن امرأتك هذه أيهما شئت، ففعل المكره أحدهما فهو واقع، ويغرم ¬

_ (¬1) ف: ثلث ألف. (¬2) ز: إذا أكرهه. (¬3) ز: أن يقوم.

الذي أكرهه الأقل من قيمة العبد ومن نصف مهرها الذي تزوجها عليه. فإن (¬1) كان الذي أمضاه المكره أكثرهما غرم الذي أكرهه الأقل منهما؛ لأنه قد كان يقدر على أن يمضي الآخر، فلا يجب على الذي أكرهه (¬2) أكثرهما. ولو كان الزوج قد دخل بالمرأة قبل هذا والمسألة على حالها ففعل الزوج المكره أحدهما لم يغرم الذي أكرهه من ذلك قليلاً ولا كثيراً. ولو كان أكرهه على شيء من ذلك بسجن أو قيد ولم يخف أكثر من ذلك ففعل أحدهما ولم يدخل بالمرأة لزمه الذي فعل من ذلك ولم يغرم الذي أكرهه شيئاً. ولو أنه أكره فقيل له: لنقتلنك أو لتكفرن بالله أو لتقتلن هذا الرجل المسلم عمداً، فإن كفر بالله وقلبه مطمئن بالإيمان فذلك يسعه عندنا ولا تبين منه امرأته، وإن أبى أن يكفر حتى يقتل (¬3) فذلك أعظم لأجره إن شاء الله، ولا يحل له أن يقتل الرجل المسلم. فإن لم يكفر بالله وقتل (¬4) الرجل المسلم (¬5) كان (¬6) القياس في هذا أن يقتل (¬7) المكره بالرجل الذي قتله؛ لأنه قد كان يقدر على أن يكفر فلا يكون عليه شيء فأقدم على الرجل فقتله. ولكني أستحسن أن أدرأ عنه القتل، وأضمنه دية المقتول في ماله في ثلاث سنين إن لم يكن عالمًا بأن الكفر يسعه في هذا الوجه. ولو لم يقل له هذا ولكن قيل (¬8) له: لنقتلنك أو لتأكلن هذه الميتة أو تقتل هذا الرجل المسلم عمداً فهذا لا بأس بأن يأكل الميتة، فإن لم يأكلها حتى يقتل فهو آثم، لأنه مضطر، وقد أحل الله تعالى للمضطر أن يأكل الميتة ولحم الخنزير إذا اضطر إلى ذلك. وإن لم يأكل الميتة وقتل الرجل المسلم عمداً كان على المكره القود، يقتله ولي الرجل المقتول؛ لأنه قتله وهو غير مكره على قتله حين قيل له: كل الميتة أو أقتله. وأكل الميتة والكفر بالله في ¬

_ (¬1) م - فإن (غير واضح). (¬2) ز: أكرههما. (¬3) ز: يقبل. (¬4) ز: وقيل. (¬5) ف - فإن لم يكفر بالله وقتل الرجل المسلم. (¬6) ف ز: فإن. (¬7) ز: أن يقبل. (¬8) م: قيله؛ ز: قتله.

القياس سواء في هذا الوجه، ولكني أستحسن في الكفر خاصة. ألا ترى أنه لو لم يكفر حتى يقتل كان مأجوراً إن شاء الله تعالى، وإن هو لم يأكل الميتة حتى يقتل كان عندنا آثماً إذا كان يعلم أن ذلك يسعه، فلذلك فرقنا بينهما في قتل الرجل المسلم. ولو كان أكرهه في هذا كله بوعيد بسجن أو قيد لم يسعه أن يكفر، فإن فعل بانت منه امرأته، ولم يسعه أن يأكل الميتة ولا يشرب الخمر، فإن فعل لم يكن عليه حد لهذه الشبهة، ولكنه عندنا آثم. وإن قتل الرجل المسلم الذي (¬1) أكره على قتله قتل به في الوجوه جميعاً. ولو أكره فقيل له: لنقتلنك أو لتقتلن هذا الرجل المسلم عمداً أو تزني بهذه المرأة، فليس ينبغي له أن يصنع واحداً منهما حتى يقتل، فإن صنع واحداً منهما كان آثماً عندنا؛ لأن هذا لا يحل بإكراه. فإن أبى أن يفعل واحداً منهما (¬2) حتى قتل كان مأجوراً عندنا، وقتل به الذي قتله. وإن زنى كما أكره فالقياس أن يكون عليه الحد، ولكنا نستحسن أن ندرأ عنه الحد ونجعل عليه الصداق. وإن قتل الرجل المسلم كما أكره لم يكن عليه قتل، وقتل به الذي أكرهه على القتل، وكان على الذي ولي القتل (¬3) الأدب بالحبس والتعزير؛ لأن هذا الذي أكرهه إنما أكرهه على أحد أمرين لا يحل واحد منهما له، فلما قتل الذي أكرهه على قتله وجب على الذي أكرهه القود لولي المقتول. ألا ترى أنه لو أكرهه بوعيد بقتل على أن يقتل أحد هذين الرجلين المسلمين عمداً فقتل أحدهما كان القود على الذي أكرهه؛ لأنه أكرهه على أمرين كلاهما لا يحل له، فكأنه أكرهه على أحدهما بعينه دون الآخر. فإن كان أكرهه على ما وصفت لك من الزنى وقتل الرجل بوعيد بسجن أو قيد فزنى أقيم عليه الحد، أو قتل الرجل المسلم قتل به الذي ولي القتل. ¬

_ (¬1) م ز: الذ. (¬2) م ز + كان آثما عندنا لأن هذا لا يحل بإكراه فإن أبى أن يفعل واحداً منهما. (¬3) ز: بالقتل.

ولو أكرهت المرأة على أن يزني بها بوعيد بقتل أو سجن أو حبس درأنا عنها الحد، ولا تشبه المرأة في الإكراه بالسجن أو القيد الرجل؛ لأن الرجل لا ينتشر إلا بلذة وهو الفاعل لذلك والمرأة المفعول بها، ويقام الحد على الذي أكره حتى زنى بها، ولا يكون عليه صداق. ولو أن رجلاً أكره فقيل له: لنقتلنك أو لتقتلن هذا الرجل المسلم أو لتأخذن ماله هذا - وهو أكثر من الدية أو أقل - فتستهلكه (¬1)، فلا بأس بأن يأخذ المال فيستهلكه. فإن فعل فضمان المال على الذي أكرهه كله وإن كان أكثر من الدية أو أقل. وإن قتل الرجل ولم يستهلك المال قتل به الذي ولي القتل؛ لأنه قد كان يقدر على أن يستهلك المال فلا يكون عليه إثم ولا ضمان، فلما قتل الرجل وجب عليه قتله. ولو لم يفعل واحداً منهما حتى يقتل (¬2) كان عندنا غير آثم. ألا ترى أن رجلاً لو اضطر إلى طعام رجل فخاف الموت إن لم يأكله وصاحبه يأبى أن يعطيه لم يكن بأكله بأس (¬3)، ويغرم لصاحبه مثله (¬4). فإن لم يأخذه حتى يموت لم يأثم عندنا في تركه ذلك؛ لأنه (¬5) يأخذه بغير طيبة نفس من صاحبه. ألا ترى أن رجلاً لو قيل له: لنقتلنك أو لتدلنا على مالك، فلم يفعل حتى قتل لم يكن آثماً في ذلك، فكذلك إذا قيل له: لنقتلنك أو لتأخذن مال هذا الرجل فتعطيناه، فأبى أن يأخذه حتى قتل لم يكن آثماً عندنا؛ لأن هذا مما لا يحل إلا بطيبة نفس صاحبه. ألا ترى أنه يسعه في حال الضرورة أن يأخذه، فإن لم يفعل حتى يقتل لم يكن عليه إثم، لأنه يخاف تلف مال الرجل وذهابه. ولو أثم هذا في ماله ومال غيره إن لم يعطه لم يُقَلْ: "من قتل (¬6) دون ماله فهو شهيد" (¬7)، وكان آثماً. ولو قيل له: لنقتلنك أو لتطلقن امرأتك أو تعتق عبدك، فلم يفعل حتى قتل فليس هذا بشيء، ولا إثم عليه إن شاء الله. ¬

_ (¬1) ز: فيستهلكه. (¬2) ز: يقبل. (¬3) ز: بأسا. (¬4) م ف: بمثله. (¬5) ف + لم. (¬6) ز: من قبل. (¬7) صحيح البخاري، المظالم، 33؛ وصحيح مسلم، الإيمان، 226.

ولو أن رجلاً أكره بتوعد بقتل على أن يقتل عبده عمداً وقيمته ألف درهم أو يستهلك ماله هذا وهو ألف (¬1) درهم أو أقل، فأبى أن يفعل واحداً منهما حتى قتل (¬2) كان عندنا غير آثم في نفسه حين لم يستهلك ماله، وقتل به الذي قتله، وإن استهلك ماله ولم يقتل عبده فقد أحسن، والذي أكرهه ضامن له بالغاً ما بلغ أكثر من قيمة العبد كان أو أقل، وإن قتل العبد عمداً ولم يستهلك ماله كان آثماً فيما صنع، ولم يكن له على الذي أكرهه قود ولا ضمان. ولو أكرهه بالوعيد بالقتل على أن يقتل عبده هذا أوعبده هذا، وأحدهما أقل قيمة من الآخر، فقتل أحدهما عمداً، كان له أن يقتل الذي أكرهه بعبده المقتول. وكذلك لو أكرهه بوعيد بقتل على أن يقطع يد نفسه أو يقتل عبده عمداً ففعل أحدهما كان له أن يقتص (¬3) من الذي أكرهه من أيهما فعل. ولو أكرهه بوعيد بقتل على أن يضرب أحد عبديه مائة سوطاففعل ذلك بأحدهما فمات من ذلك غرم الذي أكرهه الأقل من القيمتين وإن كان الذي (¬4) بقي أقلهما قيمة؛ لأنه لم يكرهه على الذي ضرب بعينه، إنما أكرهه على أحدهما، فلما جاء الغرم غرم (¬5) أقل (¬6) القيمتين. ولو كان أكرهه في هذا كله بوعيد بسجن أو قيد ففعل لم يكن على الذي أكرهه قود ولا ضمان في شيء مما ذكرت. ولو كان أكرهه بوعيد بقتل على أن يأخذ مال هذا الرجل أو مال هذا الرجل فلا بأس بأن يأخذ مال أحدهما، والأحب (¬7) إلينا له أن يأخذ مال ¬

_ (¬1) م ز: ألفاً. (¬2) ز: قيل. (¬3) ز: أن يقبض. (¬4) ز: الدين. (¬5) ز - غرم. (¬6) ز + من. (¬7) م ف ز: وأوجب. وفي ب: والأوجب. والتصحيح من الكافي، 3/ 45 و.

أغناهما عن ذلك المال، فإن كانا في الغناء عن ذلك المال سواء فليأخذ (¬1) أقلهما، فإن أخذ أقلهما فاستهلكه كما أمره غرم ذلك المال الذي أكرهه، وإن أخذ أكثرهما فاستهلكه غرم الذي أكرهه مقدار أقلهما. ولو أكرهه على هذا بوعيد بحبس (¬2) أو سجن لم يسعه عندنا أن يأخذ من هذا المال شيئاً، فإن أخذ شيئاً من ذلك (¬3) كما أمره فالضمان عليه دون الذي أكرهه. ولو أكرهه بوعيد بقتل على أن يقتل عبد هذا الرجل عمداً أو يأخذ مال هذا الرجل الآخر أو مال صاحب العبد فيطرحه في مهلك أو يعطيه إنساناً فلا بأس بأن يأخذ المال فيعطيه من أمر به أو يطرحه حيث أمر، فإن فعل كان غرم ذلك المال على الذي أكرهه بالغاً (¬4) ما بلغ لصاحب المال، فإن قتل (¬5) العبد عمداً كما أمر قتل به الذي ولي القتل وكان على الذي أكرهه الأدب والحبس. ولو كان إنما أمره الذي أكرهه أن يستهلك المال أو يضرب العبد مائة سوطافلا بأس باستهلاك المال، ويكره ضرب العبد، فإن استهلك المال فضمانه على الذي أكرهه لصاحبه بالغاً ما بلغ، وإن ضرب العبد فمات من ذلك الضرب كان على عاقلة الذي ولي الضرب قيمة العبد في ثلاث سنين، ولا ضمان على الذي كرهه. وإن كان العبد عبد المكره والمال ماله فأكرهه بوعيد بقتل على استهلاك ماله أو ضرب عبده مائة سوط لم يسعه أن يضرب عبده، ولكنه يستهلك ماله كما أمره ويرجع بذلك على الذي أكرهه. وإن ضرب عبده كما أمره فمات من ذلك لم يكن على الذي أكرهه ضمان. فإن كان أكرهه بوعيد بحبس أو سجن على شيء مما وصفت لك من مال غيره أو من ماله أو قتل عبده أو عبد غيره ففعل شيئاً من ذلك لم يضمن الذي أكرهه شيئاً من ¬

_ (¬1) ز: فلتأخذ. (¬2) ز - بحبس. (¬3) م ز - من ذلك. (¬4) ز: بالغ. (¬5) ز: قيل.

ذلك، وكان ضمان ما فيه ضمان أو القود فيما كان فيه القود (¬1) على الذي ولي ذلك. ولو أن رجلاً أكره بوعيد بقتل على أن يقتل (¬2) عبده هذا عمداً أو يَقْتُلُ (¬3) العبد الذي أكرهه أو يقتل ابنه أو قال له (¬4): أَقْتُلُ (¬5) عبدَك هذا الآخر، أو قال: (¬6) أَقْتُلُ (¬7) أباك، لم يسعه أن يقتل عبده الذي أكره (¬8) على قتله، فإن قتله فلا شيء له على الذي أكرهه إلا الأدب والحبس بما صنع. وإن لم يفعل حتى يقتل الذي أكره عبده أو أباه أو ابنه قتل به. وكذلك لو قتل العبد نفسه قتل به. ولا يشبه هذا شيئاً مما مضى. ألا ترى أن رجلاً لو قيل له: لنقتلن ابنك أو لتقتلن هذا الرجل، وهو لا يخاف أن يقتل هو إن لم يقتله لم يسعه أن يقتل هذا الرجل، فإن قتله قتل به. وكذلك لو أن قوماً من أهل الحرب حاصروهم (¬9) فأشرفوا (¬10) على رجل ومعهم أبوه أسير (¬11) فقالوا له: لنقتلنك أو لتقتلن هذا الرجل، لم يسعه أن يقتل، فإن قتله قتل به. وكذلك لو أكره على أن يستهلك مال هذا الرجل أو يقتلون أباه فاستهلكه ضمنته. ولو كان الذي أكرهه على هذا لصاً غالباً من لصوص المسلمين فقال له: لأقتلن ابنك أو أباك أو لتهلكن مال هذا الرجل، فاستهلك مال ذلك الرجل كان الذي ولي الاستهلاك ضامناً لما استهلك من ذلك، ولم يرجع على الذي أكرهه بشيء من ذلك، ولكن الرجل الذي قيل له ذلك يسعه أن يستهلك مال ذلك الرجل، ويغرمه له ولا يضيق عليه استهلاكه، وإن تركه فلم يستهلك المال كما أمر حتى يقتل (¬12) ¬

_ (¬1) ز - فيما كان فيه القود. (¬2) ز - على أن يقتل. (¬3) ز: ويقتل. يعني أنه إن لم يفعل فإن المكره سيقتل. . . (¬4) م ز - له. (¬5) ز: اقبل. (¬6) م: وقال. (¬7) ز: اقبل. (¬8) ز: أكرهه. (¬9) م ف ز: حاصرهم. (¬10) م: فاشربوا (الباء مهملة)؛ ف: فاسربوا (مهملة). ولفظ ب هكذا: وكذا لو أسر أهل الحرب رجلاً وأبوه معهم أسير فقالوا له لنقتلنك أو لتقتلن هذا الرجل لم يسعه أن يقتله فإن قتله قتل به. (¬11) ز: أسيرا. (¬12) ز: يقبل.

الرجل لم يكن عليه إثم إن شاء الله تعالى؛ لأنه يغرم ذلك إن استهلكه إلا أن يكون شيئاً يسيراً فلا أحب له أن يترك استهلاكه ثم يغرمه لصاحبه. ألا ترى أن رجلاً لو رأى (¬1) رجلاً يخاف عليه الموت من العطش والجوع ومع رجل طعام أو شراب فأبى أن يعطيه شيئاً من ذلك، وقوي الرجل على أخذه منه (¬2) حتى يدفعه إلى الرجل فيأكله ويشربه وسعه أن يأخذه من صاحبه، ويغرمه له، وإن لم يأخذه منه وتركه حتى يموت وسعه ذلك عندنا، ولكن أخذه أفضل؛ لأن هذا أمر يسير لا يجحف به قيمته ولا يغرم فيه، ولو كان ذلك يجحف به وسعه أن لا يأخذه. ولو رأى رجلاً يقتل رجلاً وهو يقوى على منعه من قتله لم يسعه عندي أن لا يمنعه وإن أتى ذلك على نفس الذي أراد قتل صاحبه، ولا يشبه هذا عندي الأول، هذا لا غرم عليه فيه، وهي مظلمة يدفعها عن أخيه فلا يسعه تركه، ولا قود عليه فيما صنع بالذي (¬3) أراد قتل (¬4) صاحبه. والوجه الأول إن أخذ الطعام أو الشراب ضمنه لصاحبه، فهذا ليس بمظلمة. ألا ترى أنه يغرم قيمة ما أخذ، ولا ينبغي أن يقتله إن أبى أن يعطيه، ولكنهم لو انتهوا إلى بئر فيها ماء فمنع المضطر من الشرب منها فلم يقو (¬5) عليهم وقوي صاحبه على قتالهم حتى يأخذ الماء فيسقيه لم يسعه إلا ذلك وإن أتى على أنفسهم. ألا ترى أن المضطر نفسه يحل له أن يقاتلهم على هذا بالسيف حتى يقتلهم جميعاً أو يخلوا عنه وعن الماء، فإذا كان طعاماً (¬6) قد أحرزوه أو شراباً قد أحرزوه في أوعيتهم لم يسعه أن يقتلهم عليه إن منعوه، لأنه إنما يخاف مثل ما يصنع بهم، ولكنه يكرههم على أن يأخذ منهم بغير قتل ثم يغرمه (¬7) لهم. ولو أن رجلاً قيل له: لتشربن هذه الخمر أو لتأكلن هذه الميتة أو ¬

_ (¬1) م ف ز: لو أرى. (¬2) ف ز - منه. (¬3) م ف ز: الذي. (¬4) م ز: قبل. (¬5) ز: يقوا. (¬6) ز: طعام. (¬7) ف: ثم يغرم.

باب من الإكراه فيما يجب لله عليه أن يؤديه

لنقتلن ابنك هذا أو أباك، ووقع في قلبه أنهم فاعلون لم يسعه أن يشرب الخمر ولا يأكل الميتة؛ لأن هذا ليس بمضطر. ولو قيل له: لنقتلن ابنك هذا أو أباك أو لتبيعن هذا الرجل عبدك هذا بألف درهم، فباعه فالقياس في هذا أن البيع جائز؛ لأن هذا ليس فيه إكراه، والاستحسان أن البيع باطل، وكذلك كل ذي رحم محرم، وكذلك كل إقرار (¬1) بالدين والهبة وكل عقدة يعقدها. ولو قيل له: لنحبسن أباك في السجن أو لنقيدنه أو لتبيعن هذا الرجل عبدك هذا بألف درهم، ففعل، فالبيع جائز، وكذلك الإقرار والهبة وكل عقدة؛ لأن هذا ليس بإكراه. وكذلك كل ذي رحم محرم في القياس، وأما في الاستحسان فذلك إكراه كله (¬2)، والبيع والإقرار والهبة باطل في ذلك (¬3) كله، وبه نأخذ. ... باب من الإكراه فيما يجب لله عليه أن يؤديه ولو أن رجلاً أكرهه من يجوز إكراهه من لص غالب أو غيره على أن يكفر عن ظهار (¬4) عليه بعتق وهو غني ففعل لم يضمن الذي أكرهه شيئاً. فإن كان أكرهه على عتق عبد (¬5) من عبيدة (¬6) بعينه بتوعد بقتل أو ضرب يخاف منه تلفاً (¬7) فأعتقه عن ظهاره فالذي أكرهه ضامن لقيمته، ولا يجزي عن الذي أعتقه من ظهاره، وولاؤه للذي أعتقه. وكذلك لو أن رجلاً حلف على يمين فحنث فأكرهه على أن يكفر فكفر بعتق أو صدقة أو كسوة لم يرجع على الذي أكرهه بقليل ولا كثير، وأجزأه عن (¬8) ذلك وإن كان أكرهه بالوعيد (¬9) بالقتل. ولو كان أكرهه على ¬

_ (¬1) م ف ز: كل الإقرار. (¬2) ف - كله. (¬3) ف: ذي. (¬4) ف ز: من ظهار. (¬5) ز: عبده. (¬6) ز - من عبيدة. (¬7) ز: تلف. (¬8) ف ز - عن. (¬9) ز: بالوعد.

أن يعتق عبده هذا عنها بوعيد بقتل كان العبد حراً، وغرم الذي أكرهه قيمته ولم يجز عنه. ولو أكرهه في هذا وفي الظهار بوعيد بسجن أو قيد كان العبد حراً وأجزأه من كفارته. ولو أن الذي أكرهه على كفارة اليمين أكرهه بوعيد بقتل على الصدقة فتصدق على المساكين نظر في الصدقة، فإن كانت أقل من قيمة أدنى الرقاب ومن أدنى الكسوة التي لم تجز (¬1) لم يضمن الذي أكرهه شيئاً وأجزأه ذلك. وإن كان الذي أكرهه عليه أكثر (¬2) قيمة من غيره ضمنه الذي أكرهه ولم يجزه من الكفارة. وإن قدر على الذي أخذه منه أخذ ورد عليه. وإن كان أكرهه بوعيد بحبس أو قيد لم يضمن الذي أكرهه وكان له أن يرجع بذلك على الذي أخذه منه. فإن أمضاه له بغير إكراه بعد ذلك (¬3) أجزأه إن كان قائماً بعينه، وإن كان مستهلكاً لم يجزه وكان عليه أن يؤدي الكفارة مرة أخرى. وكذلك كل شيء وجب على الرجل لله من بدنة أو هدي أو صدقة أو حج فأكره بوعيد بقتل أو غيره على أن يمضيه ففعل ولم يأمره الذي أكرهه بشيء بعينه، فلا ضمان على الذي أكرهه، وما أمضى الرجل من ذلك فهو يجزيه. ولو أن رجلاً وجب عليه صدقة على المساكين من شيء أوجب (¬4) على نفسه بعينه فقال: لله علي أن أتصدق بهذا على المساكين (¬5)، فأكره على أن يتصدق به بوعيد بقتل أو حبس أو غيره حتى فعل جاز ما صنع من ذلك وأجزأه، ولم يرجع على الذي أكرهه بشيء. وكذلك الأضحية وصدقة الفطر لو (¬6) أكره عليهما رجل حتى فعلهما بوعيد بقتل أو غيره أجزأه ذلك، ولم يرجر على الذي أكرهه بشيء؛ لأن هذا وإن كان الإمام لا يكره عليه أحداً وهو أمر (¬7) واجب عليه فمن اعتدى عليه فأكرهه على إمضائه لم يكن عليه شيء. ¬

_ (¬1) ز: لم تجزي. (¬2) ز - أكثر. (¬3) م - بعد ذلك. (¬4) ف: واجب. (¬5) ز: على المسا. (¬6) ز: ولو. (¬7) ف - أمر.

ولو أن رجلاً قال: لله علي هدي أهديه إلى بيت الله تعالى (¬1)، فأكرهه بوعيد على أن يهديه (¬2) بدنة أو بقرة فأهداها وأكره على أن ينحرها ويتصدق بها كان الذي أكرهه ضامناً لقيمة الذي أكرهه عليه بالغاً ما بلغ، ولا يجزيه شيء من ذلك، وعليه هدي، يجزيه من ذلك شاة. ولو كان أكرهه على أدنى ما يكون من الهدي في القيمة وغير ذلك فأمضاه لم يغرم الذي أكرهه شيئاً من ذلك. وكذلك لو قال: لله علي عتق رقبة، فأكرهه على أن يعتق عبداً بعينه بوعيد بقتل فأعتقه كان عتقه جائزاً، وضمن الذي أكرهه قيمته، ولم يجزه من الكفارة، وكان على المولى عتق عبد يعتقه آخر. ولو كان يعلم أن الذي (¬3) أكرهه على عتقه أدنى ما يكون من النَّسَم (¬4) لم يكن على الذي أكرهه ضمان، وأجزأ ذلك (¬5) المعتق. ولو قال: لله علي أن أتصدق بثوب مَرْوي أو هَرَوي، فأكرهه على أن يتصدق بثوب بعينه فتصدق به فإنه ينظر إلى الذي تصدق به، فإن كان العلم يحيط بأنه أدنى ما يكون من ذلك الجنس في القيمة وغيرها أجزأه ذلك، ولم يكن على الذي أكرهه ضمان، وإن كان غيره أرخص منه وأقل قيمة نظر إلى فضل ما بين القيمتين فغرم الذي أكرهه ذلك (¬6) للمكره. ولا يشبه هذا الهدي والعتق والأضحية؛ لأن ذلك إذا ضمن الذي أكرهه بعضه صار ناقصاً (¬7) مما وجب عليه، فلم يجزه منه قليل ولا كثير، فكذلك (¬8) يغرم الذي أكرهه قيمته كلها، وإن الصدقة تجزئ بعض الثوب إذا كان جيدًا من جميع الثوب الذي أوجب على نفسه. ألا ترى أن رجلاً لو قال: لله علي ¬

_ (¬1) ز - على إمضائه لم يكن عليه شيء ولو أن رجلاً قال لله علي هدي أهديه إلى بيت الله تعالى. (¬2) ز: أن يهدي. (¬3) ز: أن الذين. (¬4) ز: من النسيم. النسمة هي الإنسان، والمقصود هنا العبيد. وقد تقدم. (¬5) ف + عن. (¬6) ز - وإن كان غيره أرخص منه وأقل قيمة نظر إلى فضل ما بين القيمتين فغرم الذي أكرهه ذلك. (¬7) ز: ناقضا. (¬8) ز: فلذلك.

أن أتصدق بثوب هروي وجب عليه أن يتصدق بثوب هروي أدنى ما يكون منها، فإن تصدق بنصف ثوب هروي جيد يساوي ثوباً هرويًا رديئًا أجزأه، وهذا لا يجوز في الهدي ولا في الأضحية (¬1) ولا في العتق، فلذلك اختلف هذا وذلك فيما يضمن الذي أكرهه، إذا كان يجزيه (¬2) بعضه لم يغرم الذي أكرهه إلا الفضل، وإذا كان لا يجزيه البعض من الكل غرمه كله، وكذلك العروض كلها وما لا يكال ولا يوزن. ولو قال: لله علي أن أتصدق بعشرة أقفزة حنطة على المساكين، فأكره بوعيد بقتل على أن يتصدق على المساكين بعشرة أقفزة حنطة جيدة يكون قيمة (¬3) خمسة أقفزة منها عشرة أقفزة حنطة رديئة فتصدق كما أمره فالذي أكرهه ضامن لطعام مثله، يغرم ذلك كله للمكره، ويكون على المكره أن يؤدي عشرة أقفزة رديئة مكان الذي أوجب على نفسه، فكذلك كل ما يكال أو يوزن، ولا يشبه هذا العروض؛ لأن هذا لا يجزئ بعضه من بعض. ألا ترى لو أن رجلاً قال (¬4): لله علي أن أتصدق بعشرة أفقزة رديئة، فتصدق مكانها بثمانية أقفزة جيدة تساوي عشرة رديئة لم تجزه (¬5) تلك إلا من ثمانية (¬6)؛ لأن الكيل لا يكون إلا بمثله. ولو أن رجلاً له خمسة وعشرون ابنة مخاض فحال عليها الحول فوجب عليه فيها ابنة مخاض وسط فأكره بوعيد بقتل على أن يتصدق بابنة (¬7) مخاض من أفضل ذلك كله غرم الذي أكرهه فضل ما بين قيمة التي أكرهه عليها وقيمة الوسط ولم يغرمه ذلك كله؛ لأن هذا يجزئ أن يعطي بعضه من كله، فكذلك الصدقة في العروض. ... ¬

_ (¬1) م: في إلا. . . (غير واضح). (¬2) ف: لم يجزه. (¬3) ف - قيمة. (¬4) ز: ألا ترى أن رجلاً لو قال. (¬5) ز: لم يجزه. (¬6) ز: من يمينه. (¬7) ز: باينة.

باب الوكالة بالإكراه

باب الوكالة بالإكراه ولو أن لصاً غالباً أكره رجلاً بوعيد بقتل أو بضرب (¬1) يخاف منه التلف على أن وكل رجلاً بعتق عبد له أو بطلاق امرأة له لم يدخل بها ففعل فأعتق الوكيل العبد أوطلق المرأة فجميع ما صنع الوكيل من ذلك جائز، ولا ضمان على الوكيل، ويرجع الموكل على الذي أكرهه بقيمة عبده وبنصف (¬2) الصداق الذي غرم لامرأته. ولو كان أكرهه بوعيد بحبس (¬3) أو قيد حتى وكله كان ذلك أيضاً (¬4) جائزاً، ولم يكن على الذي أكرهه ولا على الوكيل ضمان. ولو أكرهه بوعيد بقتل على أن وكله ببيع عبده من هذا الرجل بألف درهم وأكرهه على دفعه إليه حتى يبيعه ففعل فباع الوكيل العبد وأخذ الثمن ودفع العبد إلى المشتري فهلك العبد في يدي المشتري والوكيل والمشتري غير مكرهين فمولى العبد بالخيار، إن شاء ضمن المشتري قيمة عبده، وإن شاء ضمن الوكيل، وإن شاء ضمن الذي أكرهه. فإن ضمن المشتري لم يرجع على أحد بشيء، وإن ضمن الوكيل رجع الوكيل على المشتري بالقيمة ولم يكن له على الذي أكرهه سبيل، لأنه ليس بمكره، ورد الثمن إن كان قبضه، ولا يكون له الثمن بما ضمن من القيمة، لأنه باعه للمكره، ولا يشبه هذا الغصب (¬5). وإن ضمن الذي أكرهه القيمة كان للذي أكرهه أن يرجع على المشتري بالقيمة، وإن شاء رجع بها (¬6) على الوكيل ورجع بها الوكيل على المشتري. فإن قال الوكيل للذي أكرهه: لا أضمن لك شيئاً؛ لأنك أنت الذي أمرته أن يدفع إلي، لم ينفعه ذلك شيئاً؛ لأنه غير مكره على قبضه، وقد كان له أن لا يقبضه، وإنما ضمنه الذي أكرهه ببيعه وبكينونته في يده. فإن قال الوكيل حين ضمنه القيمة: أنا أجيز البيع ¬

_ (¬1) ف: أو ضرب. (¬2) ز: ونصف. (¬3) ز: بسجن. (¬4) ف - أيضاً. (¬5) ز: الغضب. (¬6) ز: لها.

فيما بيني وبين المشتري ويكون الثمن لي بمنزلة عبد غصبته فبعته فإذا ضمنت قيمته كان لي الثمن، قيل له: لا يشبه هذا الغصب (¬1)؛ لأنك في الإكراه إنما بعت للمكره، وقد ملكه المشتري ببيعك، فإذا ضمنت القيمة انتقض بيعك للمكره، فلا يصير لك، وإنما بعته له، والغصب إذا ضمنته فإنما بعته لنفسك. ولو كان أكرهه في هذا كله بوعيد بحبس أو قيد لم يغرم الذي أكرهه من ذلك شيئاً، وكان له أن يضمن الوكيل في هذا الوجه كما كان له أن يضمنه في الوجه الأول؛ لأن أمره إياه ليس بأمر، فكأنه باعه ودفعه بغير أمره، ويرجع الوكيل على المشتري بما ضمن. ولصاحب العبد أن يضمن المشتري إن شاء قيمة العبد ويبرئ الوكيل؛ لأنه أخذه على أنه له. ولو كان المولى والوكيل مكرهين بوعيد بقتل والمسألة على حالها كان مولى العبد بالخيار، إن شاء ضمن المشتري قيمة العبد، وإن شاء ضمن (¬2) الذي أكرهه. فإن ضمن الذي أكرهه رجع على المشتري بالقيمة، وإن ضمن المشتري لم يرجع على الذي أكرهه بشيء، ولا ضمان له على الوكيل. وإن كان القوم مكرهين بوعيد بقتل والمسألة على حالها وقد مات العبد في يد (¬3) المشتري من غير فعله فلا ضمان لمولى العبد على المشتري ولا على الوكيل، وله أن يضمن الذي أكرهه قيمة عبده. فإن ضمنه قيمة عبده لم يرجع على أحد بشيء. وإن كانوا جميعاً مكرهين بوعيد بحبس أو قيد لم يكن على الذي أكرههم ضمان، وكان لمولى العبد أن يضمن المشتري قيمة عبده، وهو الذي يلي خصومته، وليس الوكيل من ذلك في شيء. وإن شاء ضمن الوكيل القيمة، ورجع الوكيل بما ضمن على المشتري. وإن كان المولى أكره بوعيد بقتل وأكره الوكيل والمشتري بالوعيد بالحبس والقيد كان لمولى العبد أن يضمن أيهم شاء قيمة عبده، فإن ¬

_ (¬1) ز: الغضب. (¬2) ز - المشتري قيمة العبد وإن شاء ضمن. (¬3) ز: في يدي.

ضمن المشتري لم يرجع على أحد بشيء، وإن ضمن الوكيل كان له أن يرجع على المشتري بالقيمة التي ضمن، وليس للوكيل على الذي أكرهه شيء، لأنه إنما أكرهه بالوعيد بالحبس والقيد، وإن ضمن الذي أكرهه القيمة كان للذي أكرهه أن يرجع على المشتري بالقيمة التي ضمن، ولا يرجع على الوكيل بشيء؛ لأنه أمر الوكيل بالقبض والبيع والدفع إلى المشتري، فلما أمره بذلك وأكرهه عليه بالوعيد بالحبس والقيد لم يكن له عليه ضمان؛ لأن الذي أكرهه إنما ضمن للمولى بإكراهه إياه على دفعه إلى الوكيل، فصار حين ضمنه كأنه ملكه يومئذ. وإن كان المولى والوكيل أكرها بالوعيد بالقتل. وأكره المشتري بالوعيد بالحبس والقيد والمسألة على حالها كان لمولى العبد أن يغرم المشتري القيمة، وإن شاء غرمها الذي أكرهه، ولا شيء (¬1) على الوكيل، لأنه مكره بالوعيد بالقتل. وإن ضمن الذي أكرهه القيمة رجع بما ضمن (¬2) على المشتري، وإن ضمن المشتري لم يرجع على أحد بشيء. ولو كان أكره المولى بالوعيد بالحبس والقيد وأكره الوكيل بمثل ذلك وأكره المشتري بالقتل والمسألة على حالها وقد مات العبد في يدي المشتري ولم يستهلكه بشيء فلا ضمان في العبد على أحد منهم إلا الوكيل خاصة؛ لأن المولى قد كان يقدر على حبس عبده، والوعيد بالحبس والقيد ليس مما يضمن به الذي أكرهه، ولا (¬3) الوكيل (¬4) الذي أخذه. ولا ضمان على المشتري؛ لأنه إنما أكره على أخذه بالوعيد بالقتل، فهو إن ضمن (¬5) رجع على الذي أكرهه. ولو كان المولى والمشتري أكرها بالوعيد بالقتل وأكره الوكيل بالوعيد بالحبس على أن يقبض ويبيع ويدفع ففعل والمسألة على حالها كان المولى بالخيار، إن شاء ضمن الذي أكرهه القيمة، وإن شاء ضمن الوكيل، فأيهما ¬

_ (¬1) ز + له. (¬2) ف: يضمن. (¬3) ز + في بعض الروايات إلا الوكيل. (¬4) م هـ: في بعض الروايات إلا الوكيل. (¬5) م ز: لم ضمن.

ضمن لم يرجع على صاحبه بشيء؛ لأن الذي أكرهه أذن له في بيعه ودفعه. فلا يضمن الوكيل، وإن ضمن لم يرجع على الذي أكرهه (¬1) بشيء؛ لأنه لم يكره بوعيد بقتل ولا تلف. ولو أن رجلاً أكره بوعيد بقتل أو ضرب يخاف منه التلف على أن يوكل هذا الرجل بأن يهب عبده هذا لهذا الرجل فوكله بذلك فقبضه الوكيل ودفعه إلى الموهوب له فمات في يديه بغير استهلاك منه والوكيل والموهوب له غير مكرهين فالمولى بالخيار، إن شاء ضمن الموهوب له، وإن شاء ضمن الوكيل القابض المعطي؛ لأنهما غير مكرهين. وإن شاء ضمن الذي أكرهه. فإن ضمن الموهوب له لم يرجع على أحد (¬2) بشيء، وإن (¬3) ضمن الوكيل رجع على الموهوب له ولم يكن له على غيره سبيل، وإن ضمن الذي أكرهه كان للذي أكرهه (¬4) أن يضمن إن شاء الوكيل وإن (¬5) شاء الموهوب له (¬6). فإن ضمن الوكيل رجع على الموهوب له، وإن ضمن الموهوب له لم يرجع على الوكيل. ولو كان أكره المولى بوعيد بحبس أو قيد والمسألة على حالها لم يغرم الذي أكرهه شيئاً، وكان للمولى أن يضمن قيمة عبده الموهوب له، وإن شاء ضمن الوكيل؛ لأنه إذا أكرهه بوعيد بحبس (¬7) أو قيد لم يضمن (¬8) الذي أكرهه وغرم الوكيل؛ لأنه كأنه (¬9) أخذه بغير أمره فوهبه؛ لأن الآمر إذا أكره بالحبس على أن يأمر فكأنه ليس بأمره. ويغرم أيضاً الموهوب له إن شاء؛ لأنه أخذه على أنه له. فإن ضمن الوكيل القيمة رجع على الموهوب له بها، وإن ضمن الموهوب له لم يرجع على الوكيل بشيء. ... ¬

_ (¬1) ف - أذن له في بيعه ودفعه فلا يضمن الوكيل وإن ضمن لم يرجع على الذي أكرهه. (¬2) ز - أحد. (¬3) ز: فإن. (¬4) ف - كان للذي أكرهه. (¬5) م ف ز: فإن. والتصحيح من ع. (¬6) م ف - له. (¬7) ف: حبس. (¬8) ز - قيمة عبده الموهوب له وإن شاء ضمن الوكيل لأنه إذا أكرهه بوعيد بحبس أو قيد لم يضمن. (¬9) م ف ز: كله.

باب مما يسع الرجل في الإكراه ومما لا يسعه

باب مما يسع الرجل في الإكراه ومما لا يسعه ولو أن رجلاً أكرهه عدو على أكل ميتة أو لحم خنزير أو شرب خمر فقيل له: لنقتلنك أو لتفعلن ذلك، فأبى (¬1) أن يفعل وهو يعلم أن ذلك يسعه حتى قتل (¬2) كان عندي آثمأ؛ لأن الله تعالى قال: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} (¬3)، فأكل الميتة ولحم الخنزير في الضرورة كأكل الطعام والشراب في غير الضرورة. ألا ترى أن رجلاً لو جاع جوعاً يخاف منه الموت أو عطش عطشاً يخاف منه الموت وعنده ميتة أو لحم خنزير أو عنده ماء خلط بخمر فلم يأكل ولم يشرب حتى مات وهو يعلم أن ذلك يسعه كان عندنا آثماً. فكذلك الذي قيل له: لنقتلنك أو لتفعلن ذلك؛ لأن كلاهما مضطران، وقد قال الله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ}، فهما مضطران جميعاً وحالهما واحدة. قال محمد: وقد ذكر جرير بن عبد الحميد عن منصور بن المعتمر عن أبي الضحى عن مسروق قال: من اضطر إلى الميتة وإلى الدم ولحم الخنزير ولم يأكل فمات دخل النار (¬4). وذكر أبو معاوية المكفوف عن الأعمش عن مسلم بن صبيح عن (¬5) مسروق قال: من اضطر فلم يأكل ولم يشرب حتى يقتل أو يموت جوعاً أو عطشاً (¬6) رجوت أن لا يكون آثماً. ولو أن رجلاً أكره فقيل له: لنقتلنك أو لتكفرن بالله، فأبى أن يكفر حتى قتل وهو يعلم أن ذلك يسعه لم يكن هذا بإثم عندنا؛ لأن الكفر في هذا الموضع إنما هو رخصة لموضع الإكراه، فإن قبل رخصة الله وسعه ذلك، وإن لم يقبل حتى يقتل فهو أفضل. وكذلك لو أن رجلاً قيل له: لئن صليت لنقتلنك، فخاف ذهاب الوقت فقام فصلى وهو يعلم أن ترك ذلك ¬

_ (¬1) ز. فإن أبى. (¬2) ز: حتى قيل. (¬3) سورة البقرة، 2/ 173. (¬4) المصنف لعبد الرزاق، 10/ 413. (¬5) ف - صبيح عن. (¬6) ف ز: وعطشا.

يسعه، فلما صلى قتل (¬1) كان عندنا في سعة من ذلك، وإن ترك الصلاة فهو أيضاً في سعة. وكذلك صوم شهر رمضان لو قيل له وهو مقيم غير مسافر: لإن لم تفطر لنقتلنك، فأبى أن يفطر حتى قتل وهو يعلم أن ذلك يسعه كان عندنا مأجوراً، ولو أفطر وسعه ذلك؛ لأن الفطر رخصة. ولو مرض مرضاً يخاف منه الموت إن لم يأكل أو يشرب فلم يفعل حتى مات وهو يعلم أن ذلك يسعه كان عندنا آثما. وكذلك لو كان في سفر فصام في شهر رمضان فقيل له: لنقتلنك أو لتفطرن، فأبى أن يفطر حتى قتل (¬2) كان عندنا آثماً؛ لأن الله تعالى قد أحل الفطر في هذين الوجهين في كتابه مفسراً فقال: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (¬3)، فهذا وما وصفت (¬4) قبله من الاضطرار إلى الميتة ولحم الخنزير والخمر سواء. ولو أن عدوا قال لرجل: لأقتلنك أو لتأخذن مال هذا الرجل فتعطينيه، فأبى أن يفعل وهو يعلم أن ذلك يسعه كان إن شاء الله تعالى مأجوراً، ووسعه أن لا يأخذه، ولو أنه (¬5) أخذه فأعطاه إياه لم يكن عليه عندنا إثم (¬6) ولا ضمان، والضمان على الذي أكرهه. ولو أن رجلاً محرماً قيل له: لنقتلنك أو لتقتلن هذا الصيد، فأكرهه على ذلك عدو أو لصوص غالبون (¬7) فأبى أن يفعل حتى قتل كان عندنا إن شاء الله مأجوراً، ولو قتل الصيد كان (¬8) في سعة من ذلك ولم يكن عليه كفارة في القياس ولا على الذي أمره؛ لأنه غير محرم. ولكني أستحسن أن أجعل الكفارة على القاتل المحرم. فإن كانا محرمين جميعاً فعلى كل واحد منهما كفارة (¬9). وكذلك إن توعده وهما محرمان بسجن حتى قتل الصيد فالقياس أن الجزاء على القاتل، وليس على الآمر جزاء، ولكني أستحسن أن أجعل على كل واحد منهما جزاء (¬10). ولو كانا في الحرم جميعاً وقد توعده ¬

_ (¬1) ز: قيل. (¬2) ز: قيل. (¬3) سورة البقرة، 2/ 184. (¬4) م ف: ما وصفت. (¬5) ف - أنه. (¬6) ز: إثما. (¬7) ز: غالبين. (¬8) ز + عندنا. (¬9) ز: بكفارة. (¬10) ف - جزاء.

بقتل وهما حلالان جميعاً فالكفارة على الذي أكرهه، وليس على القاتل كفارة. وإن توعده بسجن فالكفارة، على القاتل خاصة. إنما أستحسن في المحرمين أن أجعل على كل واحد منهما كفارة كما أستحسن أن أجعل على الدال والمشير إلى الصيد وإن كان الذي جنى غيرهما، فكذلك هذا. فأما في المحرم فإنما الكفارة على الذي أكرهه إن كان أكرهه بوعيد بقتل؛ (¬1) لأنه ضرورة. فإن كان أكرهه بوعيد بسجن فالكفارة على القاتل دون الذي أكرهه. ولو أكرهه بوعيد بقتل حتى يقتل رجلاً خطأ فقتله كانت الدية على عاقلة الذي أكرهه والكفارة على الذي أكرهه، وإن كان وارثاً حرم الميراث، وليس على المكره دية ولا كفارة، ولا يحرم ميراثاً إن كان وارثا. ولو أن رجلاً وجب عليه أمر بمعروف ونهي عن منكر فخاف إن فعل أن يقتل وسعه أن لا يفعل، فإن فعل فقتل كان مأجوراً؛ لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة، وقد رخص فيها (¬2) إذا خاف على نفسه، فإن أقدم على الخوف فذلك أعظم لأجره. ولو أن رجلاً أكره بوعيد بقتل على أن يزني لم يسعه أن يفعل، وإن كان محرماً فسد إحرامه، وكانت الكفارة على الذي ولي الجماع دون الذي أكرهه. ولو أن امرأة أكرهت على الزنى بوعيد بقتل فقيل لها: لنقتلنك أو لتمكنني من نفسك وسعها أن تفعل، فإن لم تفعل حتى تقتل وهي تعلم أن ذلك يسعها فهي عندنا في سعة. وإن جومعت وهي محرمة فسد إحرامها، وكانت الكفارة عليها دون الذي أكرهها. كل أمر حرمه الله تعالى ولم يجئ فيه إحلال إلا أن فيه رخصة للمكره فأبى أن يأخذ بالرخصة حتى قتل (¬3) فهو في سعة وإن كان يعلم أن الرخصة تسعه. وكل أمر أحله (¬4) الله عز وجل في مثل ما أحل في الضرورة من ¬

_ (¬1) ز + بقتل. (¬2) ز: فيهما. (¬3) ز: قيل. (¬4) ز: أجله.

الميتة ولحم الخنزير وفي المرض والسفر في الصوم فلم يفعل الرجل ما أحل الله تعالى له في الضرورة والمرض والسفر حتى مات أو قتل (¬1) فهو آثم؛ لأن الأول الذي فيه الرخصة أراد بتركه الرخصة أن يعز الدين، فهو في ذلك مأجور. وهذا الوجه الآخر قد أحل الله تعالى له ذلك في حال الضرورة والمرض والسفر، وليس في ذلك إعزاز الدين؛ لأن الله تعالى حين أحله في تلك الحال صار بمنزلة ما أحله الله تعالى في غير تلك الحال، ومن لم يقبل ما أحل الله تعالى له صار عندنا آثماً. ألا ترى أن رجلاً محرماً لو اضطر إلى ميتة وإلى ذبح صيد فأكله (¬2) حل له عندنا أكل الميتة، ولم يحل له ذبح الصيد ما دام يجد الميتة؛ لأن الميتة حلال في الضرورة، والصيد جاء تحريمه جملة لم يستثن فيه ضرورة، ولا غيرها، ولا يشبه ما أحله التنزيل ما رخص فيه لحال الضرورة. ألا ترى أن الله عز وجل حين رخص في الكفر في الإكراه لم يقل في كتابه: إنه حلال، ولكنه قال: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ} (¬3)، فإذاً ذهب التعنيف (¬4) عن المكره، ولم يقل: إني أحللت ذلك، ولكنه رخص في ذلك، والترك لذلك حتى يقتل أفضل. ألا ترى أن خبيباً أبى ذلك حتى قتل فلم يُعَنَّف في ذلك (¬5)، وأن عماراً فعل فرخص له في ذلك (¬6). وقد جاء في الأثر أن ¬

_ (¬1) ز: أو قبل. (¬2) م: فأكل. (¬3) سورة النحل، 16/ 106. (¬4) م ف: التعنف. (¬5) أخرج الواقدي أن المشركين قالوا له: ارجع عن الإسلام. قال: لا، والله لا أفعل ولو أن لي ما في الأرض جميعاً. قال: فجعلوا يقولون له: ارجع عن الإسلام، وهو يقول: والله لا أرجع أبداً. فقالوا له: واللات والعزى لئن لم تفعل لنقتلنك. قال: إن قتلي في الله لقليل. انظر: المغازي للواقدي، 1/ 360؛ ونصب الراية لابن حجر، 4/ 159. ورويت قصة قتل خبيب بدون ذكر الإكراه. فروي عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعثه في سرية، وأن المشركين أسروه، وكان خبيب قتل الحارث يوم بدر، فقتله عقبة بن الحارث. انظر: صحيح البخاري، الجهاد، 170؛ وسنن أبي داود، الجهاد، 105. (¬6) مر حديثه قريباً في كتاب الإكراه انظر: 5/ 68 ظ.

المجبر في نفسه يوم القيامة في ظل العرش إن أبى الكفر حتى يقتل (¬1). فالكفر في الضرورة رخصة، والضرورة إلى الميتة ولحم الخنزير حلال أحله الله تعالى، فمن تركه وقد أحله الله تعالى له فهو عندنا آثم. ولو أن رجلاً خاف على نفسه الموت من الجوع والعطش ومع رفيق له طعام وشراب فسأله من ذلك فأبى أن يعطيه ذلك، وهو يقدر على أخذه منه بغير قتال، فلم يفعل حتى مات، وهو يعلم أنه يسعه، كان عندنا في سعة. وإن أخذه فأكله وشربه كان عندنا في سعة وكان (¬2) عليه (¬3) غرمه. ولو بذله (¬4) له بثمن مثل ما يشترى به مثله فأبى أن يأخذه بذلك حتى مات وهو يقدر على ثمنه كان عندنا آثماً. ولو أن رجلاً قيل له: دلنا على مالك أو لنقتلنك، فلم يفعل حتى قتل لم يكن عندنا آثماً (¬5)؛ لأنه قد قيل: "من قتل دون ماله فهو شهيد" (¬6)، وإن دلهم عليه حتى (¬7) أخذوه ضمنوه (¬8) له؛ لأن في دَلِّه (¬9) إياهم عليه إعانة منه لهم على معصية الله تعالى، فلذلك وسعه أن لا يدلهم حتى يقتل. ... ¬

_ (¬1) لم أجده هكذا، لكن جاء في شهداء أحد أن أرواحهم في ظل العرش. انظر: سنن أبي داود، الجهاد، 25. (¬2) ف - وكان. (¬3) ف: وعليه. (¬4) ف: ولو بدا. (¬5) ف - ولو أن رجلا قيل له دلنا على مالك أو لنقتلنك فلم يفعل حتى قتل لم يكن عندنا آثما. (¬6) صحيح البخاري، المظالم، 33؛ وصحيح مسلم، الإيمان، 226. (¬7) م ف ز: حين. والتصحيح من المبسوط، 24/ 155. (¬8) م ف ز: وضمنوه. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، الموضع السابق. (¬9) أي: في دلالته. يقال: دله على الشيء دَلا ودِلالة ودُلولة. انظر: لسان العرب، "دلل"؛ والقاموس المحيط، "دلل".

باب من اللعان الذي يقضي به القاضي على الرجل ثم يستبين له أنه باطل

باب من اللعان الذي يقضي به القاضي على الرجل ثم (¬1) يستبين له أنه باطل قال محمد بن الحسن: إذا ادعت امرأة على زوجها أنه قذفها بالزنى، فسأل القاضي الزوج عن ذلك فجحد، فأقامت عليه المرأة البينة فزكوا سراً وعلانية، فإن القاضي يأمر الزوج أن يلاعن امرأته، فإن أبى أن يفعل وقال: لم أقذفها وقد شهدت علي (¬2) الشهود بالزور، فإن القاضي يجبره على اللعان ويحبسه حتى يلاعن، ولا يضربه الحد. فإن حبسه حتى لاعن فقال: أشهد بالله أني لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنى، فقال ذلك أربع مرات ثم قال: ولعنة الله علي إن كنت من الكاذبين فيما رميتها به من الزنى، ثم شهدت المرأة أربع شهادات بالله: إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنى، وغضب الله علي إن كان من الصادقين فيما رماني به من الزنى، ففرق القاضي بينهما ثم اطلع القاضي على أن الشهود الذين شهدوا على الزوج بالقذف عبيد أو محدودون (¬3) في قذف أو بطلت شهادتهم بوجه من الوجوه فإن القاضي يبطل اللعان الذي كان بينهما، ويبطل الفرقة ويردها إليه فتكون امرأته وإن كان قد قال: أشهد بالله أني لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنى؛ لأن هذا إقرار منه بأنه رماها بالزنى بإكراه من القاضي على ذلك بتوعد بحبس، فلما كان ذلك الإقرار منه بإكراه من القاضي أبطل ذلك الإقرار وصار بمنزلة من لم يقر. ألا ترى أن رجلاً لو توعده السلطان بحبس أو ضرب أو قيد أو نحو ذلك على أن يقر بأنه قذف هذا الرجل بالزنى فأقر بذلك لم يلزمه بهذا الإقرار شيء، فكذلك إكراه القاضي الزوج على اللعان بتوعده إياه بالحبس أو بحبسه إياه حتى لاعن وشهد أنه من الصادقين فيما رماها به من الزنى ثم علم القاضي أن ذلك الذي أكرهه عليه كان باطلاً، فإنه يبطل اللعان فيما بينه وبين امرأته، وتبطل (¬4) الفرقة التي كانت بينهما ¬

_ (¬1) ز - ثم. (¬2) ز: عليه. (¬3) ز: عبيدا أو محدودين. (¬4) ز: ويبطل.

ويردها امرأة له كما كانت. ولو كان القاضي لم يحبسه حتى يلاعن ولم يتهدده بحبس ولكنه قال له: إن (¬1) الشهود قد شهدوا عليك بأنك قذفتها بالزنى وقد قضيت عليك باللعان فالتعن، لم يزده على هذا شيئاً فالتعن الرجل كما وصفت لك اللعان فالتعنت المرأة ففرق القاضي بينهما، ثم استبان للقاضي بعد ذلك أن الشهود الذين شهدوا على الزوج بالقذف عبيد أو محدودون (¬2) في قذف فأبطل شهادتهم فإنه يمضي اللعان بين الزوج وامرأته ويمضي الفرقة ويجعلها بائناً من زوجها؛ لأن القاضي لما لم يتهدده بحبس ولا غيره حتى قال: أشهد بالله أني لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنى، كان هذا إقراراً منه بأنه قد قذفها بغير إكراه، فيلزمه ما أقر به من ذلك، ويصير كأنه أقر بقذفه إياها بعدما جحده. ألا ترى أن رجلاً لو قال له القاضي: إن الشهود قد شهدوا عليك أنك قد قذفت هذا الرجل بالزنى وقد قضيت له عليك بالحد، ولم يزده القاضي فقال المقضي عليه: أجل قد قذفته بالزنى، ثم علم أن شهادة الشهود باطل ضرب الحد بإقراره على نفسه بالقذف بالزنى. ولو تعدى عليه القاضي فقال: قد شهدت عليك الشهود بالقذف فلتقرن بذلك أو لأحبسنك، فأقر به ثم علم (¬3) أن شهادة الشهود باطل لم يكن عليه حد بإقراره أنه قذفه؛ لأنه أكره على ذلك. فكذلك (¬4) ما وصفت لك من أمر الملاعن في جميع ما وصفت لك (¬5). ¬

_ (¬1) م ف ز: لأن. (¬2) ز: عبيدا أو محدودين. (¬3) ع + القاضي. (¬4) م ز: فلذلك. (¬5) م + آخر كتاب الإكراه كتبه أبو بكر بن أحمد بن محمد الطلحي الأصفهاني في منتصف شهر الله المبارك رمضان سنة ثمان وثلاثين وستمائة؛ ف + آخر كتاب الإكراه والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.

كتاب السير في أرض الحرب

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب (¬2) السير في أرض الحرب أبو سليمان عن محمد بن الحسن عن أبي حنيفة عن علقمة بن مرثد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اذا بعث جيشاً أو سرية أوصى صاحبهم بتقوى الله في خاصة نفسه، وأوصى بمن معه من المسلمين خيراً، ثم قال: "اغزوا باسم الله، وفي سبيل الله. قاتلوا من كفر بالله. لا تَغُلُّوا، ولا تغدروا، ولا تمثّلوا، ولا تقتلوا وليداً. وإذا لقيتم عدوكم من المشركين فادعوهم الى الإسلام. فإن أسلموا فاقبلوا منهم وكفوا عنهم. ثم ادعوهم الى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين. فإن فعلوا فاقبلوا منهم وكفوا عنهم. وإلا فأخبروهم أنهم كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله تعالى الذي يجري على المسلمين، وليس لهم من الفيء ولا في الغنيمة (¬3) نصيب. فإن أبوا ذلك فادعوهم الى إعطاء الجزية. فإن فعلوا ذلك فاقبلوا منهم وكفوا عنهم. وإذا حاصرتم أهل حصن أو مدينة ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية، وقد التزمنا ذكر البسملة من ذلك في بداية كل كتاب. (¬2) م ف: أبواب. وفي هامش ز: كتاب السير الصغير. ويظهر أن ذلك صحيح. انظر المقدمة. (¬3) قال المطرزي: عن أبي عبيد: الغنيمة ما نيل من أهل الشرك عنوة والحرب قائمة، وحكمها أن تخمس، وسائرها بعد الخمس للغانمين خاصة، والفيء ما نيل منهم بعدما=

فأرادوكم على أن تُنزلوهم على حكم الله تعالى فلا تُنزلوهم، فإنكم لا تدرون ما حكم الله تعالى، ولكن أنزلوهم على حكمكم، ثم احكموا فيهم بما رأيتم. وإذا حاصرتم أهل حصن أو مدينة فأرادوكم (¬1) أن تعطوهم ذمة الله تعالى وذمة رسوله - صلى الله عليه وسلم - فلا تعطوهم ذمة الله تعالى ولا ذمة رسوله، ولكن أعطوهم ذممكم وذمم آبائكم، فإنكم أن تُخْفِرُوا ذممكم وذمم آبائكم أهون" (¬2). محمد عن أبي يوسف عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أن الخمس كان يقسم على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على خمسة أسهم: لله وللرسول سهم، ولذي القربى سهم، وللمساكين سهم، ولليتامى سهم، ولابن (¬3) السبيل سهم. قال: ثم قسمه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي - رضي الله عنهم - أجمعين على ثلاثة أسهم: لليتامى والمساكين وابن السبيل (¬4). محمد عن أبي يوسف عن (¬5) محمد بن إسحاق عن أبي جعفر قال: قلت: ما كان رأي علي بن أبي طالب في الخمس؟ قال: كان رأيه مثل رأي أهل بيته، ولكنه كره أن يخالف أبا بكر وعمر. ¬

_ = تضع الحرب أوزارها وتصير الدار دار الإسلام، وحكمه أن يكون لكافة المسلمين ولا يخمَّس. وعن علي بن عيسى: الغنيمة أعم من النَّفَل، والفيء أعم من الغنيمة، لأنه اسم لكل ما صار للمسلمين من أموال أهل الشرك. قال أبو بكر الرازي: فالغنيمة فيء، والجزية فيء، ومال أهل الصلح فيء، والخراج فيء، لأن ذلك كله مما أفاء الله على المسلمين من المشركين. وعند الفقهاء كل ما يحل أخذه من أموالهم فهو فيء. نظر: المغرب، "غنم". (¬1) ط + على. (¬2) صحيح مسلم، الجهاد، 3؛ وسنن ابن ماجه، الجهاد، 38؛ وسنن أبي داود، الجهاد، 82. (¬3) م ف: وابن. والتصحيح من الحاكم. انظر: الكافي، 1/ 157 و؛ والمبسوط، 10/ 8. (¬4) نصب الراية للزيلعي، 3/ 424؛ والدراية لابن حجر، 2/ 122. (¬5) م ف: وعن. والتصحيح من ب.

محمد عن أبي يوسف عن ابن إسحاق (¬1) عن إسماعيل بن أمية (¬2) عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال: عرض علينا عمر أن نزوج من الخمس أيمنا وأن نقضي منه عن مغرمنا (¬3)، فأبينا إلا أن يسلمه لنا، فأبى عمر ذلك علينا (¬4). محمد عن أبي يوسف عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال: قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخمس يوم خيبر، فقسم سهم ذوي القربى بين بني هاشم وبين بني المطلب. فكلم عثمان بن عفان وجبير بن مطعم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالا: نحن وبنو المطلب إليكم في النسب سواء، وأعطيتهم دوننا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنا لم نزل نحن وبنو المطلب في الجاهلية والإسلام معاً" (¬5). محمد عن أبي يوسف عن الأشعث بن سوار عن أبي الزبير عن جابر أنه قال: كان (¬6) يُجعل الخمس في سبيل الله تعالى، ويعطى منه نائبة (¬7) القوم، فلما كثر المال جعل في غير ذلك (¬8). محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن عبد الملك بن ميسرة عن طاوس عن ابن عباس أن رجلاً وجد بعيراً له في المغنم قد كان ¬

_ (¬1) م ف ز ط: أبي إسحاق. والتصحيح من إسناد المؤلف الآتي بعد عدة أحاديث. (¬2) م ف ط: أبي أمية. والتصحيح من إسناد المؤلف الآتي بعد عدة أحاديث وكتب الرجال. (¬3) ز: عن غرمنا. (¬4) صحيح مسلم، الجهاد، 137، 139، 140؛ وسنن أبي داود، الجهاد، 141؛ وسنن الترمذي، السير، 8؛ وسنن النسائي، قسم الفيء، 1. (¬5) روي نحو ذلك من حديث جبير بن مطعم. انظر: صحيح البخاري، المناقب، 2؛ وسنن أبي داود، الخراج، 19 - 20؛ وسنن النسائي، قسم الفيء، 1. وانظر: الدراية لابن حجر، 2/ 126. (¬6) ط + رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. انظر: الخراج لأبي يوسف، 21. (¬7) ط: نابه. والنائبة النازلة، ونوائب المسلمين ما ينوبهم من الحوائج كإصلاح القناطر ونحو ذلك. انظر: المغرب، "نوب". (¬8) الخراج لأبي يوسف، 21.

المشركون أصابوه قبل ذلك، فسأل عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال: "إن وجدته قبل القسمة فهو لك، وإن وجدته بعد القسمة أخذته بالثمن إن شئت" (¬1). محمد عن أبي يوسف عن عبد الله بن عمر عن نافع عن عبد الله بن عمر أن عبداً له أبق فلحق بالعدو، وانفلت له فرس فأخذه العدو، فظهر عليهم خالد بن الوليد، فرد العبد والفرس على ابن عمر في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬2). محمد عن أبي يوسف عن عبد الله بن عمر أن عبداً لابن عمر أخذه الروم فافتداه خالد بن الوليد بروميين ثم رده على ابن عمر. محمد عن أبي يوسف عن المجالد بن سعيد عن الشعبي أن عمر بن الخطاب جعل أهل السواد ذمة (¬3). محمد عن أبي يوسف عن هشام بن سعيد عن محمد بن زيد عن المهاجر عن عمير (¬4) مولى آبي اللحم قال: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة خيبر وهو يقسم الغنيمة وأنا مملوك، فسألته أن يعطيني. فقال: "تقلد هذا السيف". فتقلدته فجررته على الأرض. فأعطاني خُرْثِيًّا (¬5) من خُرْثِيّ المتاع (¬6). ¬

_ (¬1) انظر نفس الرواية بإسناد آخر: 5/ 115 ظ. وانظر: سنن الدارقطني، 4/ 114؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 9/ 111. وانظر لتفصيل الطرق والشواهد: الدراية لابن حجر، 2/ 129. (¬2) روي نحو ذلك. انظر: صحيح البخاري، الجهاد، 187؛ وسنن ابن ماجه، الجهاد، 33؛ وسنن أبي داود، الجهاد، 125. (¬3) م ف ز ط: الذمة. والتصحيح من الحاكم. انظر: الكافي، 1/ 157 وأو؛ والمبسوط، 10/ 15. (¬4) ز: عن عمر. (¬5) ز: خرثي. الخُرْثِيّ متاع البيت، وعند الفقهاء سَقَط متاعه. ومنه حديث عمير: أعطاه من خُرثِيّ المتاع، قال: يعني به الشَّفَف منه، هكذا جاء موصولاً به، وهو الردي من الأشياء، يقال: ثوب شَفَف، أي: رديء رقيق. انظر: المغرب، "خرث". (¬6) سنن ابن ماجه، الجهاد، 37؛ وسنن أبي داود، الجهاد، 141؛ وسنن الترمذي، السير، 9؛ وصحيح ابن حبان، 162/ 11؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 6/ 332. وقال البيهقي: صحيح على شرط مسلم.

محمد عن أبي يوسف عن محمد بن إسحاق عن إسماعيل بن أمية عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: كتب اليه نَجْدَةُ (¬1) يسأله هل للعبد في المغنم سهم، وهل كن النساء يحضرن الحرب مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومتى يجب للصبي سهم في المغنم، وعن سهم ذوي القربى. قال: فكتب اليه ابن عباس أنه لا حق للعبد في المغنم، ولكن يُرْضَخُ (¬2) له. وكتب اليه أن النساء كن يخرجن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يداوين الجرحى، وأنه يرضخ لهن، وأنه لا حق للصبي في المغنم حتى يحتلم. وكتب اليه في سهم ذي القربى أن عمر عرض علينا أن نزوج منه أيمنا وأن نقضي منه عن مغرمنا (¬3)، فأبينا إلا أن يسلمه لنا، وأبى ذلك علينا (¬4). محمد عن أبي يوسف عن الكلبي ومحمد بن إسحاق أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطى امرأة من أسلم يوم خيبر قلادة من المغنم (¬5). محمد عن أبي يوسف عن الحجاج بن أرطأة عن عمرو (¬6) بن شعيب عن سعيد بن المسيب قال: قال عمر: لا حق للعبد في المغنم (¬7). وقال: أما قسمة الغنيمة (¬8) في أرض الحرب، قال أبو يوسف: فإن الكلبي ومحمد بن إسحاق حدثانا (¬9) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسم غنائم بدر بعدما ¬

_ (¬1) م ف ز: نحن. وهو تحريف "نجدة". وهو نجدة بن عامر من رؤساء الخوارج. وقد وقع في المطبوعة: كتب إليه [نجدة بن عامر] نحن نسأله ... وانظر مصادر الحديث الآتية. (¬2) رَضَخَ له، أي: أعطاه قليلاً. انظر: المغرب، "رضخ". (¬3) ز: عن غرمنا. (¬4) صحيح مسلم، الجهاد، 137، 139، 140؛ وسنن أبي داود، الجهاد، 141؛ وسنن الترمذي، السير، 8؛ وسنن النسائي، قسم الفيء، 1. (¬5) السيرة النبوية لابن هشام، 4/ 313 - 314. (¬6) ز: عن عمر. (¬7) المصنف لعبد الرزاق، 5/ 228. (¬8) ف: القسمة. (¬9) م ف ز: حدثنا.

قدم المدينة، فسأله عثمان أن يضرب له بسهم فيها (¬1)، فقال: "نعم". قال: وأجري؟ قال: "وأجرك". فسأله طلحة بن عبيد (¬2) الله مثل ذلك، فأعطاهما ذلك. ولم يكن عثمان وطلحة شهدا بدراً. أما عثمان فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلّفه (¬3) على ابنته رقية التي تحته وكانت مريضة. وأما طلحة فكان بالشام. وتوفيت بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يقدم من بدر (¬4). محمد عن أبي يوسف قال: حدثنا الكلبي ومحمد بن إسحاق حدثانا (¬5) عن أسامة بن زيد قال: قدم علينا زيد بن حارثة بشيراً بفتح بدر حين سوينا اللبن على رقية بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: قُتِل عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو جهل بن هشام وأمية بن خلف. قال: قلت: أحق هذا يا أبه؟ قال: إي والله يا بني (¬6). محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن مقسم (¬7) عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسم الغنائم بعدما انصرف من الطائف بالجِعْرَانة (¬8). فأما خيبر فإنه افتتح الأرض وجرى حكمه عليها، فكانت القسمة في المدينة، فقسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها قبل أن يخرج منها. وقسم غنائم بني المصطلق في بلادهم وكان قد افتتحها (¬9). ¬

_ (¬1) ط: منها. (¬2) ز: عبد. (¬3) م ف ز: يخلفه. وانظر: المبسوط، 10/ 17. (¬4) السيرة النبوية لابن هشام، 3/ 233 - 234، 237؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 6/ 334، 9/ 57. وليس في هذه الرواية عند ابن هشام والبيهقي التصريح بأنه قسم الغنائم في المدينة. وروي عن ابن إسحاق أن قسمة غنائم بدر كانت في الطريق على مسيرة ليلة أو ليلتين من بدر. انظر: السنن الكبرى للبيهقي، 9/ 56. (¬5) ف: حدثنا أبان؛ ط: حدثنا. (¬6) السيرة النبوية لابن هشام، 3/ 192. (¬7) م ز: عن مفسر. (¬8) ط + بين مكة والمدينة. الجِعْرَانة موضع بين مكة والطائف، وهي على سبعة أميال من مكة. انظر: المصباح المنير، "جعر". (¬9) روي ذلك في مواضع متفرقة. فقد روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قسم غنائم غزوة حُنَيْن في الجعرانة، وغزوة حنين كانت على أهل الطائف. انظر: صحيح البخاري، الجهاد، 186؛ وصحيح مسلم، الزكاة، 142؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 106. وانظر=

محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن (¬1) مقسم عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسم (¬2) للفارس سهمين (¬3) وللراجل سهماً (¬4) يوم بدر (¬5). قال محمد: قال أبو يوسف: حدثنا بذلك محمد بن إسحاق والكلبي. محمد عن أبي يوسف عن جويبر عن الضحاك بن مزاحم أن أبا (¬6) بكر الصديق استشار المسلمين في سهم ذوي القربى، فرأوا أن يجعلوه في الخيل والسلاح (¬7). محمد عن أبي يوسف عن أبي إسحاق عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن ابراهيم أنه كان في مَسْلَحَة فضُرِبَ عليهم البعثُ، فجَعَلَ إبراهيم وقَعَدَ (¬8). أبو يوسف عن صالح عن شيخ عن أبي إسحاق السبيعي عن من حدثه عن ابن عباس أن رجلاً سأله فقال: تُضْرَبُ علينا البعوث، فيُضرب على ¬

_ = لقسمة غنائم خيبر: صحيح البخاري، المغازي، غزوة خيبر؛ وصحيح مسلم، النكاح، 84. أما قسمة غنائم بني المصطلق في بلادهم فاستنبطه البيهقي من حديث أبي سعيد الخدري، وفيه أنهم اقتسموا الأسرى. انظر: السنن الكبرى للبيهقي، 9/ 54. وحديث أبي سعيد الخدري في الموطأ، الطلاق، 95؛ وصحيح البخاري، المغازي، 32. ويمكن الاستدلال له بحديث ابن عمر. انظر: صحيح البخاري، العتق، 13؛ وصحيح مسلم، الجهاد،1. (¬1) ز: بن. (¬2) ط + الغنائم. (¬3) ز: سهمان. (¬4) ز: سهم. (¬5) مسند أحمد، 3/ 420؛ وسنن أبي داود، الجهاد، 143 - 144. وانظر للتفصيل: نصب الراية للزيلعي، 3/ 417. (¬6) ز: أن أبى. (¬7) روي عن إبراهيم النخعي نحوه دون ذكر الاستشارة. انظر: تفسير الطبري، 10/ 7. (¬8) م ف ز ب ط: وقعته. والرواية هذه ليست عند الحاكم ولا السرخسي. والتصحيح من المطرزي حيث يقول: وعن النخعي أنه كان في مَسْلَحَة، أي: في ثغر، فضُرِبَ عليهم البعث، أي: عُيِّنَ عليهم أن يبعثوا إلى الحرب، فجَعَلَ إبراهيم وقَعَدَ، أي: أعطى غيره جُعْلاً ليغزو عنه وقَعَدَ هو عن الغزو. انظر: المغرب، "قعد".

العشرة خمسة أو ستة أو سبعة، ويَجعل (¬1) القاعدُ للشاخص. قال: في أي شيء يجعل (¬2) للشاخص ذلك الجعل؟ قال: منهم من يجعله في الكُرَاع (¬3) والسلاح، ومنهم من يجعله في متاع بيته وفي خادم. فقال ابن عباس: ما جُعِلَ [من] (¬4) ذلك في الكراع والسلاح فلا بأس به، وما صُنِعَ من ذلك في متاع البيت فلا خير فيه. محمد عن أبي يوسف عن من حدثه (¬5) عن حماد عن إبراهيم أنه قال: لا بأس بالتجاعل (¬6). محمد عن أبي يوسف عن عاصم الأحول عن أبي عثمان النَّهْدي أن عمر بن الخطاب (¬7) كان يُغْزِي الأعزب (¬8) عن ذي الحليلة (¬9)، ويعطي الغازي فرس القاعد (¬10). محمد عن أبي يوسف عن شيخ عن ميمون بن مهران أنه قال: لا بأس بالتجاعل، وأكرهه أن يأخذ (¬11) جُعْلاَ ويجعل (¬12) أقل من ذلك ويَستفضل (¬13). محمد عن أبي يوسف عن عبد الرحمن بن عبد الله عن من حدثه عن ¬

_ (¬1) ز: وتجعل. (¬2) ز: نجعل. (¬3) الكراع الخيل. انظر: المغرب، "كرع". (¬4) الزيادة من ب. (¬5) م ف ز: حدث. (¬6) روي من طريق إبراهيم النخعي عن الأسود. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 227. وروي عن إبراهيم أنه قال: كانوا يعطون أحب إليهم من أن يأخذوا هذا في الجَعالة. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 5/ 231. (¬7) ز + أنه. (¬8) ز: الأعراب. (¬9) ز: الحليفة. (¬10) الطبقات لابن سعد؛ 3/ 306؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 6/ 475؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 377؛ والدراية لابن حجر، 2/ 114. (¬11) ز: أن نأخذ. (¬12) ز: ونجعل. (¬13) ز: ونستفضل. روي من طريق إبراهيم النخعي عن الأسود. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 227.

جرير بن عبد الله البجلي أن معاوية بن أبي سفيان ضرب بَعْثاً على أهل الكوفة، فرفع عن جرير وعن ولده، فقال جرير: لا نقبل ذلك، ولكنا نجعل من أموالنا للغازي. محمد عن أبي يوسف عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي مرزوق (¬1) عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه فتح قرية في المغرب (¬2) فقام وخطب في أصحابه، فقال: لا أحدثكم إلا ما سمعت من (¬3) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر، سمعته يقول: "من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فلا يسقي ماءه زرع غيره، ولا يبيع المغنم حتى يقسم، ولا يركب دابة من فيء المسلمين حتى إذا أَعْجَفَها (¬4) ردها فيه، ولا يلبس ثوباً من فيء المسلمين حتى إذا أَخْلَقَه رده فيه" (¬5). محمد عن أبي يوسف عن الحجاج بن أرطأة عن أبي الزبير عن من شهد المشهد قال: شهدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم بني قريظة قال: "من كانت له عانة فاقتلوه، ومن لم تكن له عانة فخلوا سبيله". فقال الذي حدث أبا الزبير: فكنت ممن لا عانة له (¬6)، فخلي عني (¬7). ¬

_ (¬1) م ف ز: أبي مسروق. والتصحيح من الكافي، 1/ 157 ظ؛ والمبسوط، 10/ 21. وانظر مصادر الحديث. (¬2) ف: بالمغرب؛ ط + يقال لها جربة. (¬3) م ز - من. (¬4) عجف الفرس عجفاً من باب تعب: ضَعُف، ومن باب قَرُب لغة، فهو أعجف، وشاة عجفاء. ويعدى بالهمزة فيقال: أعجفته، وربما عدي بالحركة فقيل: عَجَفْته عَجْفاً، من باب قتل. انظر: المغرب، "عجف". (¬5) الطبقات الكبرى لابن سعد، 2/ 115؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 6/ 421، 503، 7/ 394؛ كلاهما من طريق محمد بن إسحاق. وسميا الصحابي: رويفع بن ثابت الأنصاري. (¬6) ز: لي. (¬7) روي عن عطية القرظي - رضي الله عنه -. انظر: سنن ابن ماجه، الحدود، 4؛ وسنن أبي داود، الحدود، 18؛ وسنن الترمذي، السير، 29؛ وسنن النسائي، الطلاق، 20. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 3/ 401.

محمد عن أبي يوسف عن عاصم بن سليمان عن الحسن، قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتل النساء (¬1). محمد عن أبي يوسف عن الحجاج عن قتادة عن الحسن قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اقتلوا المشركين [إذا] أسروا (¬2)، واستحيوا شَرْخَهم". يعني به الصبيان (¬3). محمد عن أبي يوسف عن يحى بن أبي أنيسة عن علقمة بن مرثد عن عبد الله (¬4) بن بريدة عن أبيه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثل حديث أبي حنيفة (¬5). محمد عن أبى يوسف عن أشعث بن سوار عن (¬6) ابن سيرين قال: كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - صَفِيّ يصطفيه قبل القسمة، سيف أو فرس أو درع أو غير ذلك (¬7). محمد عن أبي يوسف عن محمد بن إسحاق والكلبي أن سهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يوم خيبر مع سهم عاصم بن عدي (¬8). محمد عن أبي يوسف عن الكلبي وابن إسحاق أنهما قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "والله ما يصلح لي من فيئهم ولا مثل هذه الوَبَرَة (¬9) - ¬

_ (¬1) روي عن ابن عمر - رضي الله عنه - انظر: صحيح البخاري، الجهاد، 148؛ وصحيح مسلم، الجهاد، 24 - 25. وانظر للتفصيل: نصب الراية للزيلعي، 3/ 386 - 388. (¬2) م ز: أسيروا. (¬3) روي عن الحسن عن سمرة بن جندب - رضي الله عنه - بلفظ:"اقتلوا شيوخ المشركين واستحيوا شرخهم". وفي رواية: "واسْتَبْقُوا". وصححه الترمذي. انظر: كتاب السنن لسعيد بن منصور، 2/ 280؛ ومسند أحمد، 5/ 12، 20؛ وسنن أبي داود، الجهاد، 111؛ وسنن الترمذي، السير، 29. (¬4) ز - عبد الله. (¬5) انظر أول كتاب السير، 5/ 112 ظ. (¬6) ز: كان. (¬7) روي نحوه عن الشعبي ومحمد بن سيرين. انظر: سنن أبي داود، الخراج، 20 - 21؛ وسنن النسائي، قسم الفيء، 1. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 3/ 427. (¬8) السيرة النبوية لابن هشام، 4/ 323. (¬9) الوبر للإبل كالصوف للغنم. انظر: المصباح المنير، "وبر". والوبرة واحد الوبر.

لوَبَرَة أخذها من سنام بعير- إلا الخمس، والخمس مردود فيكم. فأدوا الخيط والمِخْيَط (¬1). فإن الغلول يكون على أهله عاراً وشَنَاراً (¬2) يوم القيامة". فجاء رجل من الأنصار بكُبَّة (¬3) من خيوط شعر، فقال: أخذت هذه الكُبَّة لأخيط بَرْدَعَة (¬4) بعير لي. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أما نصيبي منها فهو لك"، فقال: أما إذا بلغ هذا فلا حاجة لي بها (¬5). محمد عن أبي يوسف عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الحكم عن (¬6) مقسم عن ابن عباس أن رجلاً من المشركين وقع في (¬7) الخندق ومات، فأعطي المسلمون لجيفته مالاً, فسألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فنهاهم عن ذلك (¬8). محمد عن أبي يوسف عن عبد الله بن أبي حميد عن أبي مليح عن أسامة أن رسول الله قال في حجة الوداع: "كل ربا كان في الجاهلية موضوع، وأول ربا يوضع ربا عباس بن عبدالمطلب" (¬9). محمد عن أبي يوسف عن محمد بن عبيد الله (¬10) عن الحكم عن مقسم عن (¬11) ابن عباس مثله. ¬

_ (¬1) المخيط هو الإبرة. انظر: المغرب، "خيط". (¬2) ز: عار وشنار. الشنار العيب. انظر: المغرب، "شنر". (¬3) الكُبّة من الغزل ما جُمِعَ منه. انظر: لسان العرب، "كبب". (¬4) البردعة الحِلْس يُلْقَى تحت الرَّحْل. انظرة القاموس المحيط، "بردع". (¬5) روي من طريق محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. انظر: سنن أبي داود، الجهاد، 121؛ وسنن النسائي، الهبة، 1. وروي من حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - نحوه. انظر: سنن ابن ماجه، الجهاد، 34. (¬6) ز: بن. (¬7) م ز - في. (¬8) روي نحو ذلك. وحسنه الترمذي. انظر: مسند أحمد، 1/ 248؛ وسنن الترمذي، الجهاد، 36. (¬9) روي في حديث طويل عن حجة النبي. انظر: صحيح مسلم، الحج، 147؛ وسنن أبي داود، المناسك، 56؛ وسنن الترمذي، التفسير، سورة 9، (2). (¬10) م ف ز: عبد الله والظاهر أنه محمد بن عبيد الله العرزمي الذي سبق مراراً في أسانيد الكتاب. (¬11) م ز - عن.

محمد عن أبي يوسف عن مجالد بن سعيد عن الشعبي وزياد بن عِلاَقة أن عمر بن الخطاب كتب إلى سعد بن أبي وقاص: إني قد أمددتك بقوم من أهل الشام، فمن أتاك منهم قبل أن يَتَفَقَّأ (¬1) القتلى فأشركه في الغنيمة. محمد عن أبي يوسف عن محمد بن إسحاق (¬2) عن يزيد بن عبد الله بن قسيط قال: بعث أبو بكر الصديق عكرمة بن أبي جهل في خمسمائة رجل مدداً لزياد بن لبيد (¬3) البياضي والمهاجر بن أمية المخزومي إلى اليمن فأتوهم حتى افتتحوا النُّجَيْر (¬4). قال: فأشركهم في الغنيمة ونَفَّلَ (¬5) في البَدْأَة (¬6) الربع وفي الرَّجْعَة الثلث (¬7). محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعان بيهود بني قينقاع على بني قريظة، ¬

_ (¬1) تفقّأ الدُّمَّل: تشقّق. ومنه حديث عمر - رضي الله عنه -: من وافاك من الجند ما لم يتفقّأ القتلى فأشركه في الغنيمة، يعني إن حضر وقت الحرب في فور القتال، أمّا بعد أن وضعت الحرب أوزارها وتشقّقت جِيَف القتلى فلا. وهذه عبارة عن تطاول الزمان بعد الحرب. وروي: ما لم يَتَقَفَّ، أي: ما لم يجئ خَلْفَهم، يعني بعد انقضاء الحرب. انظر: المغرب، "فقأ". (¬2) ز - بن إسحاق. (¬3) م ف ز: أسد. والتصحيح من الكافي، 1/ 157 ظ؛ والمبسوط، 10/ 23. (¬4) م ز: البحيرة. وهي في نسخة ف مهملة. والتصحيح من المبسوط، 10/ 23. والنجير أحد حصون حضرموت. انظر: المغرب، "نجر". (¬5) النَّفَل ما يُنَفَّلُه الغازي، أي: يُعطاه زائداً على سهمه، وهو أن يقول الإمام أو الأمير: من قتل قتيلاً فله سَلَبُه، أو قال للسرية: ما أصبتم فهو لكم أو ربعه أو نصفه، ولا يخمَّس، وعلى الإمام الوفاء به انظر: المغرب، "نفل". (¬6) البَدْأة أول الأمر، والمراد بها في الحديث "أنه نَفَّل في البدأة الربع وفي الرجعة الثلث" ابتداء سفر الغزو. وذلك إذا نهضت سرية من جملة العسكر فأوقعت بطائفة من العدو فما غنموا كان لهم الربع وَيشركهم سائر العسكر في ثلاثة أرباع ما غنموا، فإن قفلوا من الغزو ثم نهضت سرية كان لهم من جميع ما غنموا الثلث، لأن نهوضهم بعد القفول أشق، والخطر فيه أعظم. انظر: المغرب، "بدأ". (¬7) روي نحوه في المصنف لابن أبي شيبة، 6/ 493.

فلم يعطهم من الغنيمة شيئاً (¬1). محمد عن أبي يوسف عن جويبر عن الضحاك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج يوم أحد، فإذا كَتِيبَة حَسْنَاء (¬2)، فقال: "ما هولاء؟ "، قالوا: إنهم كذا وكذا. فقال: "لا نستعين بالكفار" (¬3). محمد عن أبي يوسف عن الكلبي أن رجلين مشركين خرجا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بدر، فقال لهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬4): "لا يغزو معنا إلا من كان على ديننا"، فأسلما (¬5). محمد عن أبي يوسف عن الحجاج بن أرطأة عن الحكم أن أبا بكر كُتِبَ اليه في أسير من الروم، وكَتَبَ أن لا تفادوه وإن أُعْطِيتم به مُدَّين من ذهب، ولكن اقتلوه أو يسلم (¬6). محمد عن أبي يوسف عن الأشعث بن سوار عن الحسن وعطاء بن أبي رباح أنهما قالا في الأسير: لا يقتل، ولكنه يفادى أو يُمَنُّ عليه (¬7). وقال أبو يوسف: ليس قول الحسن وعطاء ها هنا بشيء. ¬

_ (¬1) ز: شي. الأم للشافعي، 7/ 342 من طريق الحسن بن عمارة. ولفظه: استعان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيهود بني قينقاع ولم يسهم لهم ورضخ لهم. وعند الواقدي من طريق حزام بن سعد بن محيصة: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعشرة من يهود المدينة غزا بهم أهل خيبر، فأسهم لهم. ويقال: أحذاهم ولم يسهم لهم. انظر: المغازي، 2/ 684. وروي عن الزهري قال: أسهم النبي - صلى الله عليه وسلم - لقوم من اليهود قاتلوا معه. انظر: المراسيل لأبي داود، 224؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 6/ 488؛ وسنن الترمذي، السير، 10؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 422؛ والدراية لابن حجر، 2/ 125. وفي الباب أحاديث أخرى. انظر المصدر السابق. (¬2) م ز: خشنا. (¬3) المستدرك للحاكم، 2/ 133؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 423. (¬4) ف ز + إنه. (¬5) روي نحو ذلك عن عائشة - رضي الله عنها - بلفظ: "فارجع، فلن أستعين بمشرك". انظر: صحيح مسلم، الجهاد، 150؛ وسنن أبي داود، الجهاد، 142؛ وسنن الترمذي، السير، 10. وانظر: المستدرك للحاكم، 2/ 132؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 423. (¬6) نحوه في المصنف لابن أبي شيبة، 6/ 496. (¬7) المصنف لابن أبي شيبة، 6/ 496.

محمد عن أبي يوسف عن أبي بكر بن عبد الله عن الزهري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تعقروا الخيل في أرض العدو" (¬1). محمد عن أبي يوسف عن أشعث بن سوار عن محمد بن مجالد (¬2) قال: سألت عبد الله بن أبي أوفى: هل خُمِّس طعام خيبر؟ قال: لم يخمس، وكان قليلاً، وكان أحدنا إذا احتاج إلى شيء أخذ قدر حاجته (¬3). محمد عن أبي يوسف عن جويبر عن الضحاك قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا بعث سرية قال: "لا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليداً ولا النساء ولا الشيخ الكبير" (¬4). محمد عن أبي يوسف عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه نهى أن يدخل المصحف أرض العدو (¬5). محمد عن أبي يوسف عن محمد بن إسحاق عن أبي جعفر والزهري وإسماعيل بن أمية عن يزيد بن هرمز أنه قال: أنا كتبت كتاب ابن عباس إلى نَجْدَة: كتبتَ تسألني عن قتل الولدان وأن عالم موسى قتل وليداً. وقد فهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتل الولدان. فلو كنت تعلم في الولدان ما كان يعلم عالم موسى كان لك ذلك. وكتبت إلي في النساء هل كن يحضرن الحرب مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهل كان يضرب لهن بسهم من الفيء. وقد كن يحضرن الحرب مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان يَرْضَخُ (¬6) لهن (¬7). وزاد ¬

_ (¬1) عن الزهري قال: كانت السرايا إذا بعثت قيل لها: لا تعقروا حسيراً. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 6/ 540. حَسِر البعير، أي: تعب. انظر: مختار الصحاح، "حسر". (¬2) ز: مخالد. (¬3) مسند أحمد، 4/ 354؛ وسنن أبي داود، الجهاد، 128؛ والمستدرك للحاكم، 2/ 137؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 9/ 60. وانظر للتفصيل: نصب الراية للزيلعي، 3/ 409 - 410؛ والدراية لابن حجر، 2/ 121؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 4/ 113. (¬4) روي من حديث بريدة. قد تقدم تخريجه أول كتاب السير. انظر: 5/ 112 ظ. (¬5) روي عن ابن عمر مرفوعاً. انظر: صحيح البخاري، الجهاد، 129؛ وصحيح مسلم، الإمارة, 92 - 94. (¬6) رَضَخَ له، أي: أعطاه قليلاً. انظر: المغرب، "رضخ". (¬7) م ز + بسهم.

اسماعيل بن أمية في الحديث: وكتبت إلي، تسألني في العبيد هل كانوا يحضرون الحرب مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهل كان يضرب لهم بسهم. فكتب اليه في العبيد كما كتب اليه في النساء. وكتبت تسألني عن اليتيم متى يخرج من اليتم. قال: إذا احتلم خرج من اليتم ويضرب له بسهم (¬1). محمد عن أبي يوسف عن الحجاج بن أرطأة عن عمرو (¬2) بن شعيب عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "تتكافؤ المسلمون (¬3) دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم - أقلهم - (¬4)، ويرد عليهم أقصاهم" (¬5). محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس أن رجلاً وجد بعيراً له كان المشركون أصابوه. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن أصبته قبل القسمة فهو لك، وإن أصبته بعد القسمة أخذته بالقيمة" (¬6). محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال: غزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المحرم في مستهل الشهر، وأقام عليها أربعين يوماً، وفتحها في صفر، يعني الطائف. محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن ابن (¬7) أبي نجيح عن ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه قريباً. انظر: 5/ 113 ظ. (¬2) ز: عن عمر. (¬3) ز: المسلمون يتكافى. (¬4) م ف ز ب: أولهم. والكلمة غير موجودة في نص الحديث في الكافي، 1/ 157 ظ؛ والمبسوط،. 10/ 25؛ ولا في مصادر الحديث الآتية. ولعل الصحيح ما ذكرنا. فالإمام محمد يفسر كلمة "أدناهم" بمعنى أقلهم شأناً. وقد تكون الكلمة "أذلهم". فهي على كلا التقديرين مدرجة في الحديث تفسيراً، وليست من نص الحديث. وانظر: المبسوط، 10/ 26. (¬5) سنن ابن ماجه، الديات، 31؛ وسنن أبي داود، الديات، 11؛ وسنن النسائي، القسامة، 13 - 14. وروي عن علي - رضي الله عنه - بلفظ: "وذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم". انظر: صحيح البخاري، الجزية، 17؛ وصحيح مسلم، الحج، 467. وروي عن غيرهم من الصحابة. انظر: سنن الدارقطني، 3/ 131؛ والدراية لابن حجر، 2/ 118. (¬6) انظر لنفس الرواية: 5/ 113 و. (¬7) ز - ابن.

باب الجيش إذا غزا أرض الحرب

مجاهد قال: النهي عن القتال في الشهر الحرام منسوخ. نسخه قول الله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} (¬1). وقال أبو يوسف: وكذلك قال أبو حنيفة. قال أبو يوسف: أما الكلبي فكان يقول: ليس بمنسوخ. [وقال] محمد بن الحسن: قال أبو يوسف: وليس يؤخذ بقول الكلبي. محمد عن أبي يوسف عن الحجاج بن أرطأة عن مكحول أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسم يوم خيبر للفارس سهمين وللراجل سهماً (¬2). ... باب الجيش إذا غزا أرض الحرب إذا غزا الجيش أرض الحرب فإن كانت أرضاً (¬3) قد بلغتهم الدعوة فإن هم دعوهم (¬4) أيضاً فحسن، وإن تركوا ذلك فحسن. ولا بأس بأن يغيروا عليهم ليلاً ونهاراً بغير دعوة. ولا بأس بأن يحرقوا حصونهم بالنار أو يغرقوها (¬5) بالماء. فإذا غنموا غنيمة فلا يقسموها في أرض الحرب حتى يحرزوها ويخرجوها إلى دار الإسلام. قال أبو يوسف: سألت أبا حنيفة عما كان في الغنيمة من طعام أو علف، فاحتاج رجل فأكل من ذلك الطعام وأعلف دابته من ذلك العلف؟ قال: لا بأس بذلك. قلت: وإن كان فيها سلاح فاحتاج رجل من المسلمين إلى أن (¬6) يأخذ منه شيئاً فيقاتل به بغير إذن الإمام؟ قال: لا بأس بذلك (¬7)، ولكن ليرده في الغنيمة إذا انقطعت الحرب. قلت: لم ¬

_ (¬1) سورة التوبة، 9/ 5. (¬2) ز: سهم. المراسيل لأبي داود، 228. وانظر لتفصيل طرقه الأخرى: نصب الراية للزيلعي، 3/ 416 - 417. (¬3) ز: أرض. (¬4) ز: فإنهم إن دعوهم. (¬5) ز: أو يغرقونها. (¬6) م ف ز: على أن. (¬7) ف + قلت وإن كان فيها سلاح فاحتاج رجل من المسلمين على أن يأخذ منه شيئاً فيقاتل به بغير إذن الإمام قال لا بأس بذلك.

رخصت له في الطعام والعلف؟ قال: لأنه قد بلغنا في ذلك أثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن القوم أصابوا يوم خيبر طعاماً فأكلوا منه قبل أن يقسم (¬1). فالعلف عندنا بمنزلة الطعام. والطعام والعلف قوة يتقوى بها الرجل، ولا بد له من ذلك. قلت: فلم رخصت له في السلاح بأن يقاتل به؟ قال: أرأيت رجلاً من المسلمين لو رماه المشركون بسهم فأخذه (¬2) فرماهم به، أو ضربه رجل (¬3) بسيف فانتزعه منه فضربه به، هل تكره (¬4) ذلك؟ قلت: لا. قال: فهذا وذلك سواء لا بأس به. قلت: أرأيت الثياب والمتاع هل تكره للرجل أن ينتفع منه بشيء قبل أن تقسم (¬5) الغنائم؟ قال: أكره له ذلك. قلت: فإن احتاج الناس إلى الثياب والدواب والمتاع هل ينبغي للإمام أن يقسمه بينهم قبل أن يخرجوا إلى دار الإسلام؟ قال: إن احتاجوا إلى ذلك فلا بأس بقسمته بينهم، ,وإن لم يحتاجوا إليه فإني أكره لهم قسمته. قلت: لمَ؟ قال: لأنهم لم يحرزوه (¬6) ما داموا في دار الحرب. ألا ترى لو أن جيشاً آخر دخلوا دار الحرب شركوهم في تلك الغنيمة. قلت: أرأيت السبي هل يقسمهم (¬7) الإمام قبل أن يخرجوا إلى دار الاسلام إن احتاج الناس اليهم؟ قال: لا. قلت: فكيف يصنع الإمام بالسبي والناس عن ذلك أغنياء، أيبيع ذلك كله؟ قال: لو رخصت في بيعها لرخصت له أن يقسمه بينهم. قلت: فكيف يصنع في حِمْلهم؟ (¬8) قال: إن كان معه فَضْلُ حَمُولَةٍ (¬9) حمل ذلك عليها، وإن لم يكن فضل نظر هل يجد ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، الجهاد، 127، 128. (¬2) ز: فأخذوه. (¬3) ز + منهم. (¬4) ز: هل يكره ـ (¬5) ز: أن يقسم. (¬6) ف: لم يحوزوه. (¬7) ز: هل تقسمهم. (¬8) الحِمْل بالكسر ما يحمل على ظهر أو على رأس، والجمع أحمال. انظر: المغرب، "حمل". وليس المقصود هو حمل السبي، لأنه سيفصل القول في السبي أسفله. (¬9) الحَمولة بالفتح ما يحمل عليه من بعير أو فرس أو بغل أو حمار، وفَضْل الحَمولة، أي: ما فَضَلَ من حاجته انظر: المغرب،"حمل".

مع المسلمين فَضْلَ ظَهْرِ، فإن وُجِدَ معهم فَضْلٌ حمله معهم بطيبة أنفسهم. قلت: فإن لم يكن مع الإمام فَضْلُ حَمُولَةٍ ولم يكن مع المسلمين وكان مع خواصٍّ منهم أيحملهم على دواب أولئك الخواص؟ قال: نعم، إن طابت أنفسهم حمل على دوابهم، وإلا لم يكرههم، واستأجر لها من يحملها. وأما السبي فإنه يمشيهم إن كانوا يطيقون ذلك. قلت: فإن لم يطيقوا ذلك؟ قال: يقتل الرجال ويترك النساء والصبيان، واستأجر لها (¬1) من يحملها. وقال محمد: إن قسموها في دار الحرب فهو جائز؛ لأن الفقهاء قد اختلفوا فيه. قلت: أرأيت المسلمين إذا أصابوا غنائم فيها غنم أو دواب أو بقر، فقامت عليهم (¬2) فلم يطيقوا إخراجها إلى دار الاسلام، أو سلاحاً لم يستطيعوا حمله، كيف يصنعون وهم في دار الحرب؟ قال: أما ما كان من سلاح أو متاع فليحرقوه بالنار، وأما ما كان من دابة أو شاة فليذبحوا ذلك ذبحاً ثم يحرقوه بالنار. قلت: ولم لا يعقرونه؟ قال: لأن ذلك مثلة، ولا ينبغي لهم أن يمثّلوا، وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المثلة (¬3). ولا ينبغي لهم أن يتركوا شيئاً من ذلك ينتفع به أهل الحرب. قلت: وكذلك يصنعون بما قام عليهم من دوابهم وما ثقل عليهم من سلاحهم ومتاعهم؟ قال: نعم. [قلت]: فهل تكره للمسلمين أن يخربوا ما مروا (¬4) به من قرى أهل الحرب؟ قال: لا، بل أرى ذلك حسناً. ألا ترى إلى قول الله تعالى في كتابه: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} (¬5)، فأنا أحب ما صنعوا من ذلك وكان فيه كَبْت (¬6) وغيظ للعدو. ¬

_ (¬1) م ف ز: واستأجرها. (¬2) قامت عليه الدابة، أي: كَلَّتْ حتى وقفت فلم تبرح مكانها. انظر: المغرب، "قوم". (¬3) ف - ولا ينبغي لهم أن يمثلوا وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المثلة. وقد تقدم النهي عن المثلة في أول كتاب السير. انظر: 5/ 112 ظ. (¬4) ف ز: ما أمروا. (¬5) سورة الحشر، 59/ 5. (¬6) ف: كيت؛ ط: كيد. والكبت هو الإهلاك. انظر: المغرب، "كبت".

باب قسمة الخمس والسهام ومن لا سهم له

قلت: أرأيت الإمام إذا ظهر على أرض من أرض العدو (¬1) أيقسم الإمام الأرض كما يقسم الغنيمة؟ قال: الإمام في الأرض بالخيار، إن شاء خمّسها وقسم أربعة أخماسها بين الجند الذين افتتحوها، وإن شاء تركها كما ترك عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أرض السواد. قلت: أفيتركها (¬2) وأهلها فيها يؤدون الخراج؟ قال: نعم، بلغنا أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فعل ذلك (¬3). والله أعلم. ... باب قسمة الخمس (¬4) والسهام ومن لا سهم له قلت: أرأيت الخمس كيف يقسمه الإمام وفيمن يقسمه؟ قال: يقسمه فيمن سمى الله في كتابه (¬5). وقد بلغنا أن أبا بكر الصديق وعمر وعلياً (¬6) - رضي الله عنهم - أنهم كانوا يقسمون الخمس على ثلاثة أسهم: لليتامى والمساكين وابن السبيل (¬7). قلت: أرأيت الغنيمة إذا قسمت بكم يضرب للفارس وبكم يضرب للراجل؟ قال: يضرب للفارس بسهمين، وللراجل بسهم (¬8). قلت: فالبغال عندك والراجل سواء؟ قال: نعم. قلت: فصاحب البرذون والفرس سواء؟ ¬

_ (¬1) م ف ز ط + فاستأجرها. ولا يظهر له معنى. والله أعلم. (¬2) ز: أفتتركها. (¬3) الطبقات الكبرى لابن سعد، 3/ 282؛ والدراية لابن حجر، 2/ 119. (¬4) ز: الجيش. (¬5) يقول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (سورة الأنفال, 41). (¬6) ز: وعلي بن أبي طالب. (¬7) تقدم بإسناد المؤلف في أول كتاب السير. انظر: 5/ 112 ظ. (¬8) م: سهم.

قال: نعم، يضرب لصاحب الفرس بسهمين، ولصاحب البرذون بسهمين. قلت: ولمَ ضربت للفارس بسهمين وللراجل بسهم؟ قال: لأنه بلغنا ذلك عن عمر بن الخطاب (¬1). وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: يضرب للفارس بثلاثة (¬2) أسهم: سهمان لفرسه وسهم له، ويضرب للراجل بسهم. قلت: أرأيت الرجل إذا دخل دار الحرب غازياً مع الجيش وهو فارس فنَفَقَ فرسه أو عُقِر، فأُحْرِزَت الغنيمة حين أحرزت وهو راجل، وقد كان عليه فرس مكتوب في الديوان، أو اشترى فرساً قبل أن يدخل دار الحرب ثم نفق في الدار، أيضرب له بسهم فارس؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان في الديوان راجلاً ودخل أرض الحرب غازياً كذلك ثم ابتاع فرساً فقاتل عليه فأُحْرِزَت الغنيمة حين أحرزت وهو فارس؟ قال: لا أضرب له إلا بسهم راجل. قلت: أرأيت القوم يغزون في السفن فيحملون معهم الخيل وفيهم الفارس والراجل فيصيبون (¬3) الغنيمة، بكم يضرب للفارس، وبكم يضرب للراجل؟ قال: يضرب للفارس بسهمين، وللراجل بسهم. قلت: لمَ والراجل والفارس في البحر سواء؟ (¬4) قال: أرأيت لو كانوا مقيمين في عسكر من أرض الحرب فخرجوا رَجَّالَة (¬5) فأصابوا غنائم أما كنت تضرب (¬6) للفارس بسهمين وللراجل بسهم؟ قلت: بلى. قال: فهذا وذاك سواء. ¬

_ (¬1) محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة قال: حدثنا عبيد الله بن داود عن المنذر بن أبي حمصة قال: بعثه عمر في جيش إلى مصر، فأصابوا غنائم، فقسم للفارس سهمين وللراجل سهماً، فرضي بذلك عمر. قال محمد: وهذا قول أبي حنيفة، ولسنا نأخذ بهذا، ولكنا نرى للفارس ثلاثة أسهم، سهماً له وسهمين لفرسه. انظر: الآثار، 145. وتقدمت رواية المؤلف في ذلك عن ابن عباس ومكحول مرفوعاً. انظر: كتاب السير، 5/ 113 ظ، 115 ظ. (¬2) ز: ثلاثة. (¬3) ز: فيصنعون. (¬4) ز + قال نعم. (¬5) الرجالة جمع راجل. انظر: المصباح المنير، "رجل". (¬6) ز: يضرب.

قلت: أرأيت الرجل يموت في دار الحرب أو يقتل بعدما غنموا الغنيمة قبل أن يحرزوها ويخرجوا إلى دار الإسلام هل يكون نصيبه منها ميراثاً؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه مات قبل أن يخرجوا الغنيمة إلى دار الإسلام. قلت: فإن مات بعدما تخرج (¬1) إلى دار الإسلام هل يكون نصيبه منها ميراثاً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الجيش إذا غزوا أرض الحرب فغنموا غنيمة ثم لحقهم جيش آخر قبل أن يخرجوها إلى دار الإسلام ولم يلقوا عدواً حتى أخرجوها إلى دار الإسلام هل يشاركونهم (¬2) فيها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت العبد إذا قاتل مع مولاه عدوه هل يضرب له في الغنيمة بسهم؟ قال: لا، ولكن يُرْضَخُ (¬3) له. وكذلك المكاتب. قلت: أرأيت الرجل من أهل الذمة استعان به المسلمون فقاتل معهم أيضرب له في الغنيمة بسهم؟ قال: لا، ولكن يرضخ له. قلت: أرأيت المرأة تداوي الجرحى وتقوم على المرضى وتنفع (¬4) الناس هل يضرب لها في الغنيمة بسهم؟ قال: لا، ولكن يرضخ لها. قلت: أرأيت أهل سوق العسكر هل يضرب لهم في الغنيمة بشيء أو يرضخ لهم؟ قال: لا أضرب لهم بسهم، ولا أرضخ لهم إلا أن يقاتلوا، فيضرب لمن قاتل بسهم. قلت: أرأيت العبد يكون مع مولاه يخدمه هل يرضخ له؟ قال: لا. قلت: أرأيت الرجل يكون له فَرَسَان بكم تَضرب (¬5) له؟ قال: لا أضرب له إلا بسهم فارس واحد؛ لأني إن قسمت لفرسين قسمت لثلاثة ¬

_ (¬1) ز: يخرج. (¬2) ز: هل يشاركوهم. (¬3) رَضَخَ له، أي: أعطاه قليلاً. انظرت المغرب، "رضخ". (¬4) ز: وينفع. (¬5) ز: يضرب.

ولأكثر من ذلك، وأكره أن أفضل بهيمة على رجل مسلم. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: يُضرب له بسهم فرسين، لا يزاد على ذلك. قلت: أرأيت الصبي هل يضرب له بسهم في الغنيمة؟ قال: لا. قلت: أرأيت الرجل المجنون المغلوب هل يضرب له بسهم في الغنيمة؟ قال: لا (¬1). قلت: أرأيت الرجل يشهد القتال فيجرح فيكون جريحاً مريضاً حتى يفتح على الناس وتخرج (¬2) الغنيمة إلى دار الإسلام، هل يضرب له بسهم في الغنيمة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت السرية يبعثها الإمام من المعسكر (¬3) فيغنم أهل العسكر بعد ذلك غنيمة وتغنم (¬4) السرية غنيمة، هل يشارك بعضهم بعضاً فيما أصابوا؟ قال: نعم، يجمع ذلك كله، ثم يخمّس، وما بقي بعد ذلك قسم بين أهل العسكر والسرية. قلت: أرأيت الرجل يؤسر في القتال ثم يصيب المسلمون بعد ذلك غنيمة ثم يرجع فيكون معهم فلا يلقون (¬5) قتالاً حتى يخرجوا بالغنيمة إلى دار الإسلام هل يشاركهم فيها؟ قال: نعم، ويضرب له بسهمه. قلت: وكذلك رجل من المشركين أسلم ولحق بعسكر المسلمين؟ قال: أما هذا فلا يضرب له بسهم إلا أن يلقى المسلمون بعد ذلك قتالاً فيقاتل معهم. قلت: من أين اختلف هذا والأول؟ قال: لأن الأول (¬6) كان مسلماً وكان يقاتل معهم عدوهم حتى أسر. ولو أن عبداً جنى جناية خطأً أو أفسد (¬7) متاعاً فلزمه دين ثم أسره العدو ثم أسلموا عليه فهو لهم، والجناية باطل، والدين يلحقه. ولو لم يسلموا عليه ولكن اشتراه رجل منهم ¬

_ (¬1) ف - قلت أرأيت الرجل المجنون المغلوب هل يضرب له بسهم في الغنيمة قال لا. (¬2) ز: ويخرج. (¬3) ز: من العسكر. (¬4) ز: ويغنم. (¬5) ز: يلقوا. (¬6) ف - قال لأن الأول. (¬7) ز: أو فسد.

باب النفل والخروج بشيء من الغنيمة وفيها الشركة

وأصابه (¬1) المسلمون في غنيمة كانت الجناية باطلاً والدين عليه. فإن أخذه مولاه بالقيمة أو بالثمن فإن الجناية والدين يلحقانه. وكذلك لو وهبه أهل الحرب أو اشتراه منهم ألزم ذلك الدين، وبطلت الجناية. وإن كانت الجناية قتل (¬2) عمد لم تبطل (¬3) عنه في حال من ذلك (¬4). قلت: أرأيت الرجل التاجر يكون في أرض الحرب وهو مسلم ويكون بها الرجل قد أسلم فلحق هذا الرجل التاجر وهذا الذي (¬5) أسلم بعسكر المسلمين هل يكون لهما سهمان فيما أصابوا قبل ذلك؟ قال: لا. قلت: فإن لقي المسلمون قتالا فقاتلا معهم هل يضرب لهما بسهمهما فيما أصابوا أو فيما كانوا أصابوا قبل ذلك؟ قال: نعم. قلت: وكذلك أهل سوق العسكر بمنزلة هذين الرجلين في كل ما ذكرت لك؟ قال: نعم. قلت: وكذلك رجل يرتد عن الإسلام فيدخل دار الحرب ثم يسلم ويتوب ويلحق بعسكر المسلمين؟ قال: نعم. ... باب النَّفَل (¬6) والخروج بشيء من الغنيمة وفيها الشركة قلت: أرأيت الرجل يقتل الرجل ويأخذ سَلَبَه (¬7) هل ينبغي ¬

_ (¬1) ز: أو أصابه. (¬2) ز: قبل. (¬3) ز: لم يبطل. (¬4) تأتي هذه الفقرة على طريقة السؤال والجواب من قول أبي يوسف ومحمد فيما يأتي. انظر: 5/ 119 ظ. ومحلها اللائق بها هناك. ولعل ذلك من صنع الناسخين. ويظهر أن هذه النسخة كانت في يد السرخسي أيضاً حيث يشير إلى هذه الفقرة وينقلها من الأصل مع أنها ليست في الكافي في هذا الموضع. انظر: المبسوط، 10/ 46 - 47. (¬5) ف + قد. (¬6) عرّفه المؤلف بعد أسطر. وقال المطرزي: النَّفَل ما يُنَفَّلُه الغازي، أي: يُعطاه زائداً على سهمه، وهو أن يقول الإمام أو الأمير: من قتل قتيلاً فله سَلَبُه، أو قال للسرية: ما أصبتم فهو لكم أو ربعه أو نصفه، ولا يخمَّس، وعلى الإمام الوفاء به. انظر: المغرب، "نفل". (¬7) السَّلَب المسلوب، وعن الليث والأزهري: كل ما على الإنسان من اللباس فهو سَلَب، وهو من سَلَبَه ثوبَه، أي: أخذه سَلْباً. انظر: المغرب، "سلب".

باب السبايا يعتقن

للإمام أن ينفّله إياه؟ قال: ليس للإمام أن ينفّل أحدا بعدما أصابه (¬1). قلت: لمَ؟ قال: لأنها قد صارت في الغنيمة للمسلمين. [قلت]: ولا ينبغي للإمام أن ينفل شيئاً من الغنيمة؟ قال: لا ينفّل. قلت: لمَ؟ قال: لأنها صارت فيئاً (¬2) للمسلمين، وإنما يكون النَّفَل قبل (¬3) إحراز الغنيمة. قلت: وكيف يكون النَّفَل؟ قال: يكون النَّفَل (¬4) بأن يقول (¬5) الإمام: من قتل قتيلاً فله سَلَبُه، ومن أصاب شيئاً فهو له. وكان يستحب ذلك لتحريضهم على القتال. محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال ذلك (¬6). قلت: أرأيت الرجل يأخذ العلف من الغنيمة فيَفْضُل معه منه فَضْل ما يُخْرِج إلى دار الإسلام ما يصنع به؟ قال: إن كانت الغنيمة لم تقسم (¬7) أعاده فيها، وإن كانت (¬8) قد قسمت باعه فتصدق به. قلت: فإن كان أقرضه رجلاً من الجند وهو في أرض الحرب؟ قال: لا ينبغي له أن يأخذ منه شيئاً. ... باب السبايا يعتقن قلت: أرأيت الرجل الجندي (¬9) إذا أعتق الغلام أو الجارية من ¬

_ (¬1) ز: أصابته. (¬2) تقدم تفسير الفيء في أول كتاب السير. انظر: 5/ 112 ظ. (¬3) ف - قبل. (¬4) ز + قال. (¬5) م ف: أن يقول. (¬6) محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه كان يستحب النَّفَل ليُغْرِي بذلك المسلمين على عدوهم. قال محمد: وبه نأخذ، وهو قول أبي حنيفة - رضي الله عنه -. محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم قال: النَّفَل أن يقول: من جاء بسَلَب فهو له، ومن جاء برأس فله كذا وكذا، فهذا النَّفَل. قال محمد: وبهذا نأخذ، وهو قول أبي حنيفة - رضي الله عنه -. انظر: الآثار، 145. (¬7) ز: لم يقسم. (¬8) ز: كان. (¬9) ز - الجندي.

الغنيمة هل يجوز عتقه؟ قال: لا. قلت: لمَ وله فيها نصيب؟ قال: لأنه لا يدري نصيبه حيث يقع. قلت: فلو أن رجلاً وطع جارية من الغنيمة فعَلِقَتْ منه فادعى ولدها؟ قال: يُدْرَأ عنه الحد، ويؤخذ منه العُقْر، وتكون الجارية وولدها في الغنيمة حتى يقسموها بين الجند، ولا يثبت (¬1) نسب الولد منه. قلت: أرأيت الرجل إذا سرق من الغنيمة هل يقطع فيها؟ قال: لا. قلت: ولمَ؟ قال: لأن له فيها نصيباً (¬2). قلت: وكذلك لو سرق منها عبده وإنما كان العبد مع مولاه يخدمه في الجند؟ قال: نعم، لا يقطع أيضاً. قلت: وكذلك أبوه أو أمه أو ولده (¬3) أو امرأته أو أخوه أو ذو رحم محرم منه؟ قال: نعم، لا قطع عليهم. قلت: أرأيت الغنيمة إذا قسمت فوقع السبي منهم بين القوم من أهل عِرَافَة (¬4) أو أهل رَايَةٍ فأعتق أحد منهم عبداً أو أمة هل يجوز عتقه؟ قال: نعم إذا كانوا مائة أو أقل من ذلك، ولست أوقّت في هذا وقتاً. قلت: ويكون هذا بمنزلة العبد يكون بين الشركاء فيعتقه بعضهم؟ قال: نعم. قلت: من أين اختلف هذا والباب الأول إذا أعتق قبل القسمة لم يجز؟ قال: هما في القياس سواء، غير أني أستحسن في الباب الأول إذا أعتق قبل القسمة أن لا يجوز، وتركت القياس فيه. قلت: أرأيت الجند إذا سَبَوْا امرأة ثم سَبَوْا زوجها بعدها بيوم أو نحو ذلك أيكونان على نكاحهما؟ قال: نعم. قلت: فإن كان بين سبيهما أكثر من ذلك قدر ما تحيض فيه ثلاث حيض، أو قد حاضت في ذلك ثلاث حِيَض، وأسلمت، غير أن الجند لم يخرجوا من أرض الحرب حتى سبوا زوجها، ثم أسلم، أيكونان على نكاحهما؟ قال: نعم. قلت: لمَ؟ قال: ¬

_ (¬1) ز + بين. (¬2) ز: نصيب. (¬3) ف + أو ولده. (¬4) العرافة الرئاسة، والعريف الرئيس. انظر: المصباح المنير، "عرف". ويظهر أن المقصود هنا مجموعة معينة من الجيش، كما يفهم من الجواب.

لأنهما لم يخرجا (¬1) إلى دار الإسلام بعد، فهما كهيئتهما لو سبيا جميعاً. قلت: فلو سبي الزوج قبلها وهي بعده كانا على ما وصفت؟ قال: نعم. قلت: فلو سبي أحدهما الزوج أو المرأة فأخرج إلى دار الإسلام ثم سبي الآخر بعد ذلك؟ قال: لا يكون بينهما نكاح. قلت: لمَ؟ قال: إذا أخرج أحدهما إلى دار الإسلام قبل صاحبه انقطعت العصمة فيما (¬2) بينهما. قلت: ولم كان هذا هكذا؟ قال: أرأيت لو وقعت المرأة في سهم رجل منهم فأسلمت أما كان له أن يطأها إن شاء أو يزوجها (¬3) إن شاء؟ قلت: بلى. قال: أوَلا ترى أن عصمتهما قد انقطعت، وأن زوجها الذي كان في دار الحرب لو كان على النكاح ولم تنقطع (¬4) عصمتها منه لم يصلح لهذا أن يطأها وأن يزوجها. وإنما (¬5) حلت لهذا لأن عصمتها قد انقطعت من زوجها. وقد بلغنا أن هذه الآية قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} (¬6)، نزلت في المرأة تسبى ولها زوج فيستبرئها مولاها بحيضة ثم يطؤها (¬7). وبلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى أن توطأ الحبالى من الفيء حين يضعن (¬8)، ونهى أن يوطأ منهن غير ذوات الأحمال حتى يستبرأن (¬9) بحيضة (¬10). قلت: أرأيت الغنيمة إذا أصاب الرجل منها متاعاً أو ثياباً أو دابة أو ¬

_ (¬1) ز: لم يخرج. (¬2) ز: فيها. (¬3) ز: أو يتزوجها. (¬4) ز: ينقطع. (¬5) ز. وإن. (¬6) سورة النساء، 24. (¬7) صحيح مسلم، الرضاع، 33 - 35؛ وسنن أبي داود، النكاح، 44. (¬8) ز: يغضن. محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة قال: حدثنا مكحول الشامي عن النبي أنه نهى عن كل ذي ناب من السجع، وكل ذي مخلب من الطير، وأن توطأ الحبالى من الفيء، وأن يؤكل لحوم الحمر الأهلية قال محمد: وبه نأخذ، وهو قول أبي حنيفة - رضي الله عنه -. انظر: الآثار، 138؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 2/ 233، 283. وانظر المصادر في الحاشية التالية. (¬9) ز: يستبرين. (¬10) سنن أبي داود، النكاح، 44. وانظر: الدراية لابن حجر، 2/ 230 - 231.

سلاحاً قد كان المشركون أصابوه قبل ذلك منه؟ قال: إذا أصابه صاحبه قبل أن يقسم أخذه بغير شيء، وإن كان قد قسم فهو أحق به بالقيمة. قلت: فإن ادعى شيئاً من ذلك فهل يصدّق؟ قال: لا، إلا ببينة. قلت: فإن كان الذي أصيب له دنانير ودراهم وفلوس فقامت له عليها البينة؟ قال: إن أصابها قبل أن تقسم (¬1) أخذها، وإن أصابها بعدما قسمت فلا سبيل له عليها. قلت: ولمَ؟ قال: لأنها دنانير ودراهم وفلوس، ولا يأخذها حتى يعطي مثلها، والذي يأخذ مثل الذي يعطي. قلت: فإن كان عبداً فأبق إلى الدار ثم أصابه المسلمون فأحرزوه فوجده في الغنيمة بعد القسمة أو قبلها؟ قال: إذا كان آبقاً فوجده مولاه قبل القسمة أو بعدها أخذه بغير شيء وبغير قيمة. قلت: ولمَ؟ قال: لأن المشركين لم يحرزوه. ولا يشبه العبد الآبق اليهم الذي (¬2) يأسرونه أسراً ويحرزونه. قلت: فإذا وجد عبده آبقاً في يدي رجل قد أصابه في الغنيمة فأخذه هل يعوض الذي أخذ منه العبد شيئاً؟ قال: نعم، يعوضه الإمام قيمة ذلك العبد من بيت المال. قلت: فإن لم يصب الرجل عبده الآبق في يدي رجل أصابه في الغنيمة ولكن أصابه في يدي رجل اشتراه شراء من أهل الحرب؟ قال: إذا كان عبده آبقاً أخذه بغير شيء من المشتري أينما وجده؛ لأن أهل الحرب لم يحرزوه، والآبق لم يحرز. وليس الآبق كالعبد يأسرونه. وإذا كان عبده أسره المشركون أسراً فوجد في يدي رجل قد اشتراه من أهل الحرب فهو أحق به بالثمن إن شاء. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا أبق فأخذوه أسيراً في دارهم بعد الإباق فإنه يأخذه بالثمن في الوجهين جميعاً. قلت: فإن كان أهل الحرب أسروا العبد أسراً (¬3) فوهبوه (¬4) لرجل ثم وجده مولاه في يده؟ قال: يأخذه من الموهوب له بقيمته. قلت: فإن كان الذي هو في يده اشتراه من أهل ¬

_ (¬1) ز: أن يقسم. (¬2) م ف ز: كالذي. (¬3) ز: أسيرا. (¬4) م ف ز: فوهبوا به. والتصحيح من الكافي، 1/ 158 ظ.

الحرب بشيء من العروض أو بشيء من الكيل أو الوزن فوجده مولاه في يديه بكم يأخذه؟ قال: يأخذه بقيمة تلك العروض التي (¬1) اشتراه بها. قلت: وإن كان اشتراه بشيء مما يكال أو يوزن؟ قال: يأخذه بمثل كيل ذلك (¬2) ووزنه. قلت (¬3): فإن كان الذي هو في يديه قد باعه من غيره هل يأخذه؟ قال: إن شاء أخذه وإن شاء تركه. قلت (¬4): ويحلف الذي هو في يديه لقد اشتراه بذلك؟ قال: نعم. قلت: فإن أقام المولى بينة أنه اشتراه بأقل من ذلك؟ قال: آخذ ببينة المولى. قلت: فإن أسر المشركون عبداً فباعوه من رجل من المسلمين بألف درهم، ثم أسروه ثانية فباعوه بخمس مائة درهم من رجل آخر، ثم إن الموليين ظفرا به جميعاً، أيهما يكون أحق به؟ قال: مولاه الآخر الذي كان اشتراه بألف أحق بأن يأخذه بخمسمائة درهم، فإذا أخذه قيل لمولاه الأول: إن شئت أن تأخذه بألف (¬5) وخمسمائة فخذه، وإن شئت أن تتركه فاتركه. قلت: ولم كان هذا هكذا وكان الآخر أحق به من الأول؟ قال: لأن هذا الآخر قد نقد فيه ألف درهم فهو أحق به. ولو قضينا به لمولاه الأول بخمسمائة درهم بطل مال هذا الذي نقد ألفاً. قلت: أرأيت إن وجده مولاه الأول في يدي هذا الذي اشتراه بألف هل عليه سبيل؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: ألا ترى أنهما إذا اجتمعا أخذه مولاه الآخر الذي اشتراه بألف درهم، وجعلناه أحق بأن يأخذه بخمسمائة، ثم يأخذه (¬6) مولاه الأول بعد ذلك بألف وخمسمائة درهم إن شاء. وقال (¬7) أبو يوسف ومحمد (¬8): لو أن عبداً جنى جناية خطأً أو أفسد متاعاً فلحقه دين فأسره العدو فأسلموا عليه؟ ¬

_ (¬1) ز: الذي. (¬2) ف: كيله. (¬3) م ف - قلت. (¬4) م ف - قلت. (¬5) ز - أحق بأن يأخذه بخمسمائة درهم فإذا أخذه قيل لمولاه الأول إن شئت أن تأخذه بألف. (¬6) ف - بخمسمائة ثم يأخذه. (¬7) ز: قلت. (¬8) المسائل الثلاث السابقة ذكرها المؤلف فيما سبق قريباً بدون سؤال وجواب. انظر: 5/ 117 ظ. ولم يذكر هناك أنها من قول أبي يوسف ومحمد. ولم يذكر ذلك الحاكم ولا السرخسي. انظر: الكافي، 1/ 158 ظ؛ والمبسوط، 10/ 58 - 59.

قال: الجناية باطل، والدين يلحقه. قلت: وإن لم (¬1) يسلموا (¬2) عليه ولكن اشتراه رجل وأصابه (¬3) المسلمون في غنيمة؟ قال: الجناية باطل، والدين عليه. قلت: (¬4) فإن أخذه مولاه بالقيمة أو بالثمن؟ قال: الجناية والدين يلحقانه جميعاً. قلت: وإن كانت الجناية قتل عمد؟ قال: لا يبطل عنه في شيء من هذه الحالات. قلت: أرأيت الرجل إذا أسر العدو عبده، أو أصابوا له متاعاً، ثم غنمه المسلمون، فوقع في سهم رجل منهم، فأعتق رجل منهم العبد أو دبّره، أو كانت أمة فوطئها فعَلِقَتْ منه، أو استهلك المتاع, هل لصاحبه عليه سبيل؟ قال: لا، وإنما يكون أحق به إذا وجده قبل أن يستهلكه قائماً بعينه، فيأخذه بقيمته إن شاء. قلت: أرأيت إن وجد الأمة قد زوّجها الذي هي في يديه رجلاً أيأخذها بقيمتها؟ قال: نعم. قلت: أفتفرّق بينها وبين زوجها؟ قال: لا، ولكنهما على نكاحهما (¬5)، ولا سبيل له على العُقْر. قلت: أرأيت إن كانت الأمة قد ولدت من زوجها أيأخذها ويأخذ معها ولدها؟ قال: نعم. قلت: لمَ؟ قال: لأنه منها، وهو شيء قائم بعينه. قلت: فإن كان المولى قد أعتق الولد أو باعه فأكل ثمنه فاستهلكه أو كان عبداً فأكل غلته؟ قال: يقال لمولى الجارية: إن شئت أن تأخذها بالثمن فخذها، وإن شئت أن تتركها فاتركها. قلت: فإن كان مولاها قد زوّجها وأخذ عُقْرَها أو لم يزوّجها ولكن قُطعت يدها فأَخَذَ أرش يدها هل يأخذ من عقرها أو من أرش يدها شيئاً؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه لو كان له أن يأخذ الأرش والمهر (¬6) لكان له أن يأخذها إذا نقصت (¬7) بعيب، ويطرح عنه حصة ما نقصها (¬8) ذلك العيب. وهذا لا يكون، ولا يلقى عنه منها شيء. قلت: فلو أن صاحبها اشتراها من العدو بألف درهم، ثم عميت أو أصابها عيب ¬

_ (¬1) م ف - لم. (¬2) ف: أسلموا. (¬3) ف ز: أو أصابه. (¬4) م ف - قلت. (¬5) ز: ولكنها على نكاحها. (¬6) وعند السرخسي: العقر. انظر: المبسوط،. 10/ 59. (¬7) ز: إذا انقضت. (¬8) ز: ما نقضها.

ينقص نصف قيمتها، ثم جاء مولاها الأول، لم يكن له أن يأخذها إلا بجميع الثمن أو يدع؟ قال: نعم، ليس له غير ذلك. قلت: أرأيت إن أعتقها المشتري هل يعتق؟ قال: نعم. قلت: ولمَ أجزت عتقه وهي لغيره؟ قال: ليست لغيره ولكنها له، غير أن مولاها الأول إن جاء فهو أحق بها بالثمن. قلت: ويحل للمشتري أن يطأها وهو يعلم قصتها؟ قال: نعم. قلت: فلو أن جارية سباها العدو ومولاها صغير يتيم، فاشتراها رجل أكان لوصي اليتيم (¬1) أن يأخذها بالثمن؟ قال: نعم. قلت: فهل للوصي أن يأخذها لنفسه؟ قال: لا، إنما له أن يأخذها لليتيم، فأما لنفسه فلا. قلت: وكذلك الوالد إذا اشترى (¬2) جارية لابنه وهو صغير؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الجارية تكون رهناً بألف درهم وذلك قيمتها، فيسبيها العدو فيشتريها رجل بألف درهم (¬3)، أيكون مولاها أحق بالثمن؟ قال: نعم. قلت: فإذا أخذها مولاها هل تكون رهناً على حالها الأولى؟ قال: لا. ألا ترى أن مولاها إنما افتكها بألف درهم. فهذا بمنزلة جناية جنتها فأبى المرتهن أن يفديها وفداها الراهن. ولكن للمرتهن أن يؤدي الثمن الذي افتكّها به المولى إلى المولى إن كان أقل من الدين، ويأخذ الجارية فتكون رهناً على حالها عند المرتهن. وهو بالخيار، إن شاء أخذها، وإن شاء تركها. قلت: أرأيت الرجل تكون عنده الجارية وديعة أو العبد أو يكونان (¬4) عنده بأجر أو عارية، فيغلب العدو على ذلك فيحرزونه فيشتريه منهم رجل، أيأخذه الذي كان في يديه عارية أو وديعة أو بأجر؟ قال (¬5): فلا حق له فيه. ... ¬

_ (¬1) م: لليتيم. (¬2) م ف: إذا شئت (مهملة)؛ ز: إذا سبيت. (¬3) ف - وذلك قيمتها فيسبيها العدو فيشتريها رجل بألف درهم؛ صح هـ. (¬4) ز: أو يكونا. (¬5) م ف - قال.

باب الشراء والبيع دار الإسلام ودار الحرب

باب الشراء والبيع دار الإسلام ودار الحرب قلت: أرأيت جارية سباها العدو وقد كان مولاها زوّجها قبل ذلك، ثم اشتراها رجل من المسلمين فخرج بها إلى دار الإسلام وهي على دينها لم تتحول (¬1) عنه، أتكون هي وزوجها على نكاحهما؟ قال: نعم. قلت (¬2): ولا يفسد (¬3) السبي أشد من بيع مولاها لو باعها (¬4). فلو أن مولاها باعها من رجل كانا على نكاحهما. قلت: أرأيت الرجل التاجر من المسلمين يكون (¬5) في دار الحرب فيغنم المشركون فيصيبون غنائم من المسلمين فيها الرقيق وغير ذلك، أيحل لذلك التاجر أن يشتري من أولئك الرقيق جارية فيطأها أو دابة فيركبها وهو يعلم بذلك، أوطعاماً فيأكله وهو يعلم بذلك؟ قال: نعم، ولكن أكره أن يطأ جاريته حتى يخرجها. قلت: ولمَ وهذا الذي صنع المشركون لا يحل؟ قال: لأنهم أحرزوهم فصاروا لهم. ألا ترى لو أنهم (¬6) أسلموا عليهم كان لهم، وكذلك لو صالحوا أو صاروا ذمة كان لهم. قلت: أرأيت ما كان من إنسان حر أو أم ولد أو مدبر أو مكاتب فأحرزوه ثم أسلموا عليه أو صالحوا فصاروا ذمة؟ قال: هذا يرد إلى حاله، الحر حر كما كان، والمدبر مدبر كما كان، وأم الولد أم ولد كما كانت، والمكاتب مكاتب كما كان (¬7). قلت: وكذلك لو أسلموا أو باعوه؟ قال: نعم. قلت: ويرد على أهله بغير شيء؟ قال: نعم. قلت: فلو أن رجلاً اشترى مكاتباً من أهل الحرب قد كانوا أسروه أو حراً، اشتراه بأمره، ثم خرج به إلى دار الإسلام، أكان يكون الحر حراً كما كان والمكاتب مكاتباً كما كان ويذهب مال التاجر؟ قال: لا، ولكن مال ¬

_ (¬1) ز: لم يتحول. (¬2) ز + لم قال. (¬3) ز: لا يكون. (¬4) ط + قال لا. (¬5) ز - يكون. (¬6) ف - أنهم. (¬7) ف - والمدبر مدبر كما كان وأم الولد أم ولد كما كانت والمكاتب مكاتب كما كان.

باب ما يصلى عليه من السبايا

التاجر على المكاتب وعلى الحر كما أمراه أن يشتريهما، ويعودان إلى حالهما كما كانا. قلت: فإن كان اشتراهما بغير إذنهما؟ قال: لا حق له عليهما. قلت: أرأيت أهل الحرب إذا أسروا أسيراً من المسلمين والأسير عبد من عبيد المسلمين فباعه مَلِكُهم من رجل من أهل الحرب فأعتقه، هل يجوز عتقه؟ قال: نعم. قلت: لمَ؟ قال: ألا ترى أنه لو باعه من مسلم فأعتقه جاز عتقه، وأنهم لو أسلموا عليه كان لهم. قلت: فلو اشتراه رجل من أهل الحرب ثم أسلم فخرج إلينا بأهله وماله مسلماً هل يكون العبد له؟ قال: نعم. قلت: أفيأخذه مولاه بالثمن؟ قال: لا. قلت: ولمَ؟ قال: هو بمنزلة ما (¬1) لو أسلم أهل الدار عليه كان لهم ما أسلموا عليه من ذلك. قلت: فلو خرج مولاه مستأمناً ولم يسلم والعبد معه يريد أن يبيعه، أكان مولاه أحق به بالثمن؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: أرأيت لو صالح عليه أهل الدار وكانوا ذمة هل (¬2) يكون لهم ما صالحوا عليه من ذلك؟ قلت: نعم. والمستأمن منهم وهم سواء، غير أنهم يجبرون على بيع ما كان في أيديهم من عبد (¬3) أو أمة مسلمة. ... باب ما يصلى عليه من السبايا قلت: أرأيت الغنيمة إذا اقتسمها (¬4) أهل العسكر بعدما أخرجوها إلى دار الإسلام، فوقع في سهم رجل منهم مسلمٌ صبىٌ أو صبية من السبي، فلم يصف واحد منهما الإسلام حتى مات، هل يصلى عليه؟ قال: إن كان معه أبواه كافرين أو أحدهما فهو على دينه لا يصلى عليه، وإن أسلم أبواه أو أحدهما فمات الصبي صلي عليه. وإن أُخرج الأب من ناحية ¬

_ (¬1) م ز - ما. (¬2) ز + كان. (¬3) ز + مسلم. (¬4) ز: إذا قسمها.

والابن من ناحية معاً ثم مات الصبي لم يصل (¬1) عليه. وإن أُخرج الأب أولاً ثم الصبي فإنه لا يصلى عليه؛ لأنه إنما أخرج إلى أب كافر. ولو أُخرج الصبي أولاً ثم أُخرج الأب آخراً صلي عليه. وإنما أنظر إلى الخروج، ولا أنظر إلى غير ذلك. ولو كان أبواه في دار الحرب ثم مات بعدما أُخرج إلى دار الإسلام قبل أن يصف الإسلام صلي عليه. قلت: فإن كان أبواه قد أُخذا فصارا في سهم رجل مسلم ثم مات الصبي وأبوه كافر هل يصلى عليه إذا مات؟ قال: لا يصلى عليه. قلت: فإن مات أبوه كافراً ثم مات الغلام بعد ذلك هل يصلى عليه؟ قال: لا. قلت: ولمَ؟ قال: لأنه على دين أبيه (¬2) ما لم يقر بالإسلام أو يصفه. قلت: فإن كان أبواه في دار الحرب ثم مات قبل أن يصف الإسلام أيصلى عليه؟ قال: نعم. قلت: لمَ؟ قال: لأنه قد وقع في يد المسلمين وأُدخل دار الإسلام فصار بمنزلة المسلم، فمن ثم صَليتُ عليه. قلت: فإن كانت جارية يوطأ مثلها ألمولاها أن يطأها؟ قال: نعم. قلت: ولم كان هذا هكذا ولم تقر بالإسلام ولم تصفه وقد جعلتها توطأ ويصلى (¬3) عليها؟ قال: لأنها قد صارت في أيدي المسلمين. ألا ترى أني أكره أن يبيعها المسلم من أهل الذمة. قلت: فإن كانت جارية قد أدركت أو غلام (¬4) قد أدرك ولم يقرا بالإسلام ولم يصفاه ووصفا الكفر هل يصلى عليهما؟ قال: لا. قلت: ولا توطأ الجارية؟ قال: لا توطأ إذا كانت من غير أهل الكتاب. قلت: أرأيت السبي (¬5) إذا كانوا كفاراً فيهم الرجال والنساء أتكره (¬6) أن يباعوا من أهل الذمة وقد عُرض عليهم الإسلام فأبوا أن يسلموا؟ قال: لست أكره ذلك وإن لم يُعرض عليهم، ولكني أَحَبُّ إلي أن لا يفعل (¬7) ذلك (¬8). قلت: أفتكره أن يباعوا من أهل الحرب؟ قال: نعم. قلت: لمَ؟ ¬

_ (¬1) ز: لم يصلى. (¬2) ز: ابنه. (¬3) ز: وتصلى. (¬4) ز: أو غلاما. (¬5) ز: الصبي. (¬6) ز: أيكره. (¬7) ز: لا تفعل. (¬8) ف - ذلك.

باب من يقتل من أهل الحرب إذا سبوا وما يخرق ويخرب من حصونهم

قال: لأنهم دخلوا دار الإسلام فصاروا ذمة، فأكره أن يُرَدُّوا (¬1) إلى دار الحرب فيكونون قوة لأهل الحرب على المسلمين. ... باب من يُقْتَل (¬2) من أهل الحرب إذا سُبُوا وما يُخرَق ويُخَرَّب (¬3) من حصونهم قلت: أرأيت الإمام إذا سبى السبايا وفيهم الرجال، فأتى بهم الإمام وهو في دار الحرب، الرجال كلهم أو يسترقهم فيقسمهم بين المسلمين؟ قال: ذلك إلى الإمام، إن شاء أخرجهم وقسمهم، وإن شاء قتلهم. قلت: فأي ذلك أفضل؟ قال: ينظر إلى أي ذلك كان خيراً للمسلمين فيفعله. قلت: فإن كان قتلهم خيراً للمسلمين قتلهم؟ قال: نعم. قلت: فإن أسلم الرجال كلهم أله أن يقتلهم؟ قال: لا يقتلهم إذا أسلموا، ولكنهم فيء يقسمهم (¬4) بين المسلمين. قلت: فإن لم يسلم الرجال ولكنهم ادعوا أماناً، فقال قوم من المسلمين: قد كنا أمناهم، هل يصدقون؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنهم أخبروا بذلك عن (¬5) أنفسهم. قلت: فإن شهد قوم من المسلمين على طائفة أخرى من الجند عدول أنهم أمنوا هؤلاء الأسارى وهم ممتنعون هل تجوز (¬6) شهادتهم؟ قال: نعم. قلت: أفتخلي (¬7) سبيل الأسارى؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الأعمى والمقعد والمعتوه المغلوب هل يقتلون إذا أخذوا أسارى أو أصابهم (¬8) الجند في الغارة؟ قال: لا يقتلون. قلت: فهل يُرْسَل الماء على مدينة من مدائن أهل الحرب أو تُحْرَق بالنار أو يُرْمَوْن بالمجانيق وفيها العُبَّاد والنساء والشيخ الكبير والصبيان؟ قال: ¬

_ (¬1) ز ط: أن يؤدوا. (¬2) ز: ما نقل. (¬3) ف: وما يخرب. (¬4) ز: بقسمتهم. (¬5) ط + فعل. (¬6) ز: هل يجوز. (¬7) ف: أتخلي؛ ز: أفيخلى. (¬8) ف ز: وأصابهم.

باب الرجل يدخل دار الحرب تاجرا فيسرق أمته أو يغصبهم إياها أو غيرها من نسائه ومتاعه

نعم، أفعل ذلك كله بهم. قلت: وكذلك إن كان في أيديهم أناس من المسلمين أسرى أو تجار؟ قال: نعم، وإن كان فيها أولئك فلا بأس بأن يفعل بهم هذا كله. قلت: ولمَ؟ قال: لو كان يكف عن أهل الحرب بشيء مما ذكرت لم يقاتلوا إذاً أبداً؛ لأنه لا تخلو (¬1) مدينة من مدائنهم أن يكون فيها بعض ما ذكرت. قلت: فإن حاصر المسلمون مدينة فقام العدو على سورها ومعهم أطفال من أطفال (¬2) المسلمين يتترّسون (¬3) بهم أيحل للمسلمين أن يرموهم بالنَّبْل والمنجنيق؟ قال: نعم، ولكن ليتعمدوا به أهل الحرب ولا يتعمدوا به أطفال المسلمين. قلت: ويحل للمسلمين أن يضربوهم بالسيوف (¬4) ويطعنوهم بالرماح ولا يتعمدوا بذلك الأطفال؟ قال: نعم. قلت: فما أصاب المسلمون في رميهم بالمنجنيق ورميهم بالنَّبْل وإرسالهم الماء وتحريقهم بالنار من أطفال المسلمين أو رجل من المسلمين أو امرأة من أهل الحرب أو صبي أو شيخ كبير من أهل الحرب أو أعمى أو مقعد أو معتوه هل عليهم في شيء من ذلك دية أو كفارة؟ قال: ليس عليهم في ذلك دية ولا كفارة (¬5). ... باب الرجل (¬6) يدخل دار الحرب تاجراً (¬7) فيَسْرِق أمتَه أو يَغصبهم (¬8) إياها أو غيرها من نسائه ومتاعه (¬9) قلت: أرأيت الأمة للرجل المسلم إذا سباها العدو وقد دخل سيدها عليهم تاجراً أو بأمان أيحل له أن يغصبهم إياها؟ قال: أكره له ذلك. قلت: وتكره له أن يطأها ثم؟ قال: نعم، أكره له ذلك (¬10). قلت: لمَ؟ قال: ¬

_ (¬1) ز: لا يخلوا. (¬2) ف - من أطفال. (¬3) ز: يترسون. (¬4) ز - بالسيوف. (¬5) ط + والله أعلم. (¬6) ط + من دار الإسلام. (¬7) ز: بأجر. (¬8) ف ز: أو بعضهم. (¬9) ف ز: أو متاعه. (¬10) ف + قلت وتكره له أن يطأها ثم قال نعم أكره له ذلك.

باب الرجل من أهل الحرب يسلم على ماله وأرضه وولده وأهله ثم يظهر على تلك الأرض

لأنهم قد أحرزوها. قلت: فإن كانت حرة أو أم ولد أو مدبرة أو امرأته إذا كانت حرة أو مكاتبة؟ قال: كل شيء من هذا فلا بأس أن يسرقه منهم أو يغصبهم إياه، ويطأ أم ولده ومدبرته وامرأته إذا كانت حرة. ألا ترى أنهم لو أسلموا على ما في أيديهم كانت الأمة لهم لا سبيل لمولاها عليها، وكانت المدبرة والحرة وأم الولد والمكاتبة مردودات إلى أهاليهن (¬1)، ولا يطأ المكاتبة إذا لم تكن امرأته. أَوَ لاَ ترى أن المسلمين لو أصابوا ذلك في أيديهم فوجد رب الأمة (¬2) أمته قد اقتسمت (¬3) لم يأخذها منهم إلا بقيمتها أو يدعها، ولو وجد مولى المدبرة وأم الولد والمكاتبة هؤلاء أخذهن (¬4) بغير شيء. وليس يقع على المدبرة ولا على المكاتبة ولا على الحرة ولا على أم الولد شيء، والأمة تباع وتسبى. قلت: أرأيت إن أُسر هذا الرجل وأمته أله أن يسرق أمته؟ (¬5) قال: نعم. قلت: ولمَ وهو إذا دخل بلادهم بأمان لم يكن له أن يقربها؟ قال: لأنه إذا دخل (¬6) بأمان لم يحل له أن يُخْفِر ذمته ولا ينقض عهده ولا يغدر بهم، وكان عليه أن يفي لهم كما يفون له. فإذا كان أسيراً في أيديهم ليس بمستأمن فله أن يقتل منهم ما استطاع ويسرق من أموالهم ما استطاع. ... باب الرجل من أهل الحرب يسلم على ماله وأرضه وولده وأهله ثم يُظْهَر على تلك الأرض قلت: أرأيت الرجل (¬7) من أهل الحرب إذا أسلم في دار الحرب ثم ظهر المسلمون على تلك الدار ما الذي ينبغي لهم أن يتركوا له من ماله ¬

_ (¬1) ز: إلى أهاليهم. (¬2) ف: الاب. (¬3) ز: قد قسمت. (¬4) ز: أخذهم. (¬5) ز - أمته. (¬6) ف - بلادهم بأمان لم يكن له أن يقربها قال لأنه إذا دخل. (¬7) ز - الرجل.

وولده؟ قال: يُتْرَك له ما كان في يده من ماله ومتاعه (¬1) ورقيقه، وما كان من ولد صغير فهم على دينه لا يُسْبَوْن، وما (¬2) كان له من ولد كبير فإنهم يُسْبَوْن ويكونون فيئاً. قلت: فما حال أرضه ودوره؟ قال: هو فيء للمسلمين. قلت: من أين اختلف الأرض والمال؟ قال: لأن المال يُحَوَّل ويَقدر على أن يخرجه من دار الحرب، والأرض ليست كذلك. قلت: فما ترى في امرأته وهي كافرة وهي حامل؟ قال: هي وما في بطنها فيء للمسلمين. قلت: وما في بطنها بمنزلتها؟ قال: نعم. قلت: ولم وأبوه غير كافر؟ قال: لأن أمه كافرة، وقد صارت فيئاً هي، وولدها الذي في بطنها بمنزلتها. قلت: أرأيت لو خرج رجل من أهل الحرب مستأمناً، فلما دخل دار الإسلام بدا له أن يسلم، فأسلم، ثم ظهر المسلمون على الدار، ما حال أهله وماله وعياله؟ قال: هم فيء أجمعون. قلت: لمَ؟ قال: لأنه إنما أسلم في دار الإسلام. قلت: ولو أنه أسلم في دار الحرب ثم دخل دار الإسلام بأمان ما حال أهله وعياله وماله إذا ظهر عليهم المسلمون؟ قال: هم فيء أجمعون إلا أولاده الصغار، فإنهم مسلمون لا سبيل عليهم. قلت: فإن كان قد أخذ شيئاً من ماله (¬3) فاستودعه رجلاً (¬4) من أهل الحرب ما حال ذلك المال؟ قال: هو فيء للمسلمين. قلت: فإن كان استودعه رجلاً من أهل الذمة كان تاجرا في دار الحرب أو استودعه رجلاً مسلماً ما حال ذلك المال؟ قال: يرد على صاحبه. قلت: من أين اختلف هذان والحربي؟ قال: إذا كان ماله عند مسلم أو ذمي فهو بمنزلته لو كان عند صاحبه في دار الحرب، وأما إذا كان في يدي رجل من أهل الحرب فهو بمنزلته لو خرج وتركه في دار الحرب لم يحرزه. قلت: أرأيت الرجل المسلم أو الذمي يدخل دار الحرب بأمان، فيشتري هناك ويبيع فيصيب مالاً ورقيقاً وأرضاً ودوراً، ثم يظهر المسلمون ¬

_ (¬1) ز: أو متاعه. (¬2) م: ومان. (¬3) ف: من أهله. (¬4) ز: رجل.

باب الرجل يؤمن أهل الحرب

على ذلك كله وعلى تلك الدار، ما حال ما في يديه من ذلك المتاع أو رقيق أو مال؟ قال: أما ما كان في يديه من متاع أو رقيق أو مال فهو له لا سبيل له (¬1) عليه، وأما ما كان من دور أو أرضين فهو فيء كله. وكذلك ما كان أودع حربياً أو غيره فإنه لا يكون له ويكون فيئاً. قلت: أرأيت ما كان من رقيق كثير (¬2) قد قاتلوا المسلمين (¬3) أيكونون فيئا؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل المسلم يدخل أرض (¬4) [الحرب] (¬5) بأمان فيشتري صبياً فيعتقه أو صبية فيعتقها، ثم يخرج ويتركهما فيها فيكونان كافرين، ثم يظهر المسلمون على تلك البلاد، أيكونان فيئاً؟ قال: نعم. قلت: ولا ترى عتق المسلم إحرازاً لهم؟ قال: لا. قلت: ولمَ؟ قال: لأن عتق المسلم في دار الحرب ليس بشيء. ... باب الرجل يؤمن أهل الحرب قلت: أرأيت الرجل التاجر يكون في دار الحرب أو الأسير، فيؤمنهم الأسير أو التاجر، هل يجوز أمانهما؟ قال: لا. قلت: ولمَ؟ قال: لأنهما في دار الحرب غير ممتنعين فيهم. قلت: وكذلك لو أن رجلاً من أهل الحرب أسلم ثم أمنهم كان أمانه باطلاً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الجند من المسلمين إذا حاصروا مدينة، وأهل المدينة ممتنعون (¬6)، فعمد رجل من المسلمين فأمن أهل تلك المدينة، هل يجوز ¬

_ (¬1) أي: لا سبيل للإمام عليه. (¬2) ز: كبير. (¬3) ز: قد قاتل المسلمون. (¬4) ز: أرضا. (¬5) وعبارة الحاكم والسرخسي: دار الحرب. انظر: الكافي، 1/ 159؛ والمبسوط،10/ 69. (¬6) ز: ممتنعين.

أمانه؟ قال: نعم. قلت: فما يقال لأهل تلك المدينة؟ قال: يعرض عليهم الإسلام، فإن أسلموا فلهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم، فإن أبوا عرض عليهم إعطاء الجزية، فإن فعلوا قبل منهم وكف عنهم، وإن أبوا (¬1) ذلك ألحقوا بأمانهم (¬2) ثم قوتلوا. قلت: وكذلك لو أمنتهم امرأة من المسلمين؟ قال: نعم. قلت: فهل بلغك في أمان الرجل والمرأة أثر؟ قال: نعم، بلغنا أن زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمنت أبا العاص ابن الربيع زوجها، فأجاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمانها (¬3). وبلغنا أنه قال - صلى الله عليه وسلم -: "المسلمون يد على من سواهم، يسعى بذمتهم أدناهم" (¬4). قلت: أرأيت العبد إذا أمن هل يجوز أمانه كما ذكرت من الرجل والمرأة؟ قال: إذا كان يقاتل مع مولاه فأمانه جائز، وإن كان لا يقاتل مع مولاه فإنما هو خادم يخدم مع مولاه، فأمانه باطل. وقال محمد بن الحسن: أمانه جائز في الوجهين جميعاً. قلت: أرأيت أهل الذمة إذا استعان بهم المسلمون فقاتلوا معهم هل يجوز أمانهم؟ قال: لا، أمانهم باطل. قلت: فهل بلغك في أمان العبد أثر؟ قال: نعم، بلغنا عن عمر بن الخطاب أن عبداً رمى بسهم فيه أمان قوم محصورين، فأجاز عمر أمانه (¬5). ... ¬

_ (¬1) ز: أتوا. (¬2) في هامش ب: أي بمأمنهم. أي أوصلوا إلى مأمنهم. (¬3) السيرة النبوية لابن هشام، 3/ 209؛ والدراية لابن حجر، 2/ 118. (¬4) تقدم الحديث بإسناد المؤلف في أوائل كتاب السير، وتقدم تخريجه هناك. انظر: 5/ 115 ظ. (¬5) المصنف لعبد الرزاق، 5/ 222؛ والسنن لسعيد بن منصور (الأعظمي)، 2/ 274؛ والدراية لابن حجر، 2/ 118. وذكره الترمذي بدون إسناد. انظر: سنن الترمذي، السير، 26.

باب الرجل يصيب الجارية في أرض الحرب يخرج من عسكر المسلمين مغيرا

باب الرجل يصيب الجارية في أرض الحرب يخرج من عسكر المسلمين مغيراً قلت: أرأيت الإمام إذا نفّل أصحابه فقال: من أصاب شيئاً فهو له (¬1)، فنفّلهم ذلك، فأصاب رجل من المسلمين جارية، أيطؤها وقد استبرأها الرجل بحيضة وهي في دار الحرب؟ قال: لا يطؤها. قلت: فإن كانت من أهل الكتاب؟ قال: وإن كانت من أهل الكتاب. قلت (¬2): كذلك حتى يحرزها ويخرجها إلى دار الإسلام؟ قال: نعم. قلت: ولا يبيعها أيضاً حتى يخرجها إلى دار الإسلام؟ قال: نعم. قلت: أرأيت القوم إذا خرجوا من مَسْلَحَة (¬3) أو عسكر فأصابوا غنائم وسبايا هل يخمّس ما أصابوا، ويكون ما بقي بين أهل العسكر وبينهم؟ قال: نعم (¬4). قلت: وكذلك (¬5) لو كان رجلاً واحداً؟ قال: نعم. قلت: فإن كانوا خرجوا (¬6) من ذلك العسكر بغير إذن الإمام؟ قال: وإن كانوا ففيما أصابوا الخمس. قلت: ولم كان هذا هكذا؟ قال: لأن المسلحة والعسكر رِدْء لهم، وأهل العسكر وأهل المسلحة شركاؤهم فيما أصابوا. قلت: فإن كانوا أُخْرِجُوا (¬7) من مدينة عظيمة مثل المَصِّيصَة (¬8) ومثل ملطية فبعث الإمام سرية منهم فأصابوا غنائم، هل يشركهم أهل المدينة فيما أصابوا؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأن هذه من المدائن العظام، وهي بمنزلة غيرها من مدائن الشام. قلت: أرأيت (¬9) الرجل والرجلين يخرجان من المدينة أو المصر فيُغيران في أرض الحرب فيصيبان الغنائم، هل يخمّس ما أصاباه؟ قال: ¬

_ (¬1) ز: لهم. (¬2) م ف - قلت. (¬3) المسلحة هي الثغر. انظر: المغرب، "قعد". (¬4) م + قال نعم. (¬5) ف + وكذلك. (¬6) ف: أخرجوا. (¬7) وعبارة السرخسي: خرجوا. انظر: المبسوط، 10/ 73. وأخرجوا، أي: أخرجهم الإمام. (¬8) مدينة على نهر جيحان قريبة من طرسوس. انظر: معجم البلدان لياقوت، 5/ 144. (¬9) ف - أرأيت.

لا يخمّس ما أصاباه؛ لأن هذين بمنزلة اللص، فما (¬1) أصابا فهو لهما. قلت: فإن كان الإمام بعث رجلاً طليعة من العسكر فأصاب غنيمة، هل تخمس تلك الغنيمة ويكون ما بقي بينه وبين أهل العسكر؟ قال: نعم. قلت: فمن أين اختلف هذا والرجلان؟ قال: لأن هذا بعثه الإمام من العسكر والعسكر ردء له، والرجلان الآخران لم يخرجا من العسكر، إنما خرجا من مصر (¬2) متطوعين بغير إذن الإمام. قلت: أرأيت هذين المتطوعين إذا أغارا (¬3) فأصابا جارية، فاشترى أحدهما حصة صاحبه منه، أيطؤها وهو بعد في أرض الحرب؟ قال: لا. قلت: ولم وليس فيها خمس وهو يملكها؟ قال: لأنه لم يحرزها ولم يخرجها إلى دار الإسلام. قلت: أرأيت رجلاً مسلماً دخل دار الحرب بأمان فاشترى منهم أمة نصرانية فاستبرأها بحيضة أيطؤها؟ قال: نعم إن شاء. قلت: من أين اختلف هذا والباب الأول؟ قال: ليسا بسواء. هذا آمن فيهم يشتري ويبيع، وذلك الآخر ليس بآمن. ألا ترى لو أن جيشاً للمسلمين دخلوا دار الحرب فوجدوا ذينك الرجلين كليهما (¬4) في أرض الحرب ومعهما تلك الجارية التي أصاباها شركوهم فيها وفيما كان معهما من غنيمة غنموها. ولو دخل ذلك الجيش فوجدوا ذلك المشتري الذي اشتراها لم يشركوه فيما اشترى (¬5)، ولم يكن لهم على شيء مما في يده (¬6) سبيل. وأكره لكل مسلم أن يطأ امرأته أو أمته في دار الحرب مخافة أن يكون له فيها نسل. قلت: أرأيت الرجل يُضْرَب له في الغنيمة بسهم وله أب محتاج شيخ كبير أو ابن له هل يُعْطَى أبواه (¬7) أو ابنه من الخمس شيئاً؟ قال: نعم (¬8). ¬

_ (¬1) م ز ط: فيما. (¬2) ط: من المصر أو المدينة. (¬3) م ز: إذا غارا. (¬4) ز: كلاهما. (¬5) م ط: اشتروا. (¬6) ز: في يديه. (¬7) ز: أبويه. (¬8) وعبارة السرخسي: ولا بأس بأن يعطي الإمام أبا الغازي شيئاً من الخمس إذا كان محتاجاً. انظر: المبسوط، 10/ 75.

باب إقامة الحدود في دار الحرب وتقصير الصلاة

قلت: أفيُقسَم (¬1) الخمس كما تُقسَم الغنيمة؟ قال: لا، وإنما يُقسَم الخمس على موضع الصدقة، ولا يُقسَم على موضع الغنيمة. ... باب إقامة الحدود في دار الحرب وتقصير الصلاة قلت: أرأيت الجند إذا غزوا أرض الحرب وعليهم أميرهم، هل يقيم الحدود في عسكره؟ قال: لا. قلت: فإن كان أمير مصر من الأمصار أو أمير الشام أو أمير العراق غزا أرض الحرب أيقيم الحدود في عسكره ذلك والقصاص؟ قال: نعم. قلت: أفيقطع اليد في السرقة ويحد حد القذف؟ قال: نعم. قلت: ويحد حد الزنى وحد الخمر؟ قال: نعم. قلت: فإذا كان أمير جيش وليس بأمير شام ولا أمير عراق وهو خمسة آلاف أو أربعة (¬2) آلاف هل يقيم شيئاً مما ذكرت لك؟ (¬3) قال: لا. قلت (¬4): وكذلك أصحاب السرايا لا يقيمون شيئاً من الحدود؟ قال: نعم. قلت: فإن كان جيش عظيم أميرهم صاحب الشام أو صاحب العراق هل يُجَمِّعُ (¬5) أو يتم الصلاة إذا حاصر مدينة أكثر من شهر؟ قال: لا يتم ولا يجمع؛ لأن هذا مسافر. قلت: أرأيت القوم المسلمين إذا أرادوا أن يغزوا أرض الحرب ولم يكن لهم قوة ولا مال ألا ترى بأساً أن يجهّز بعضهم بعضاً ويَجْعَل (¬6) القاعد للشاخص؟ قال: لا بأس بهذا إذا (¬7) كان على هذا الوجه، وأما إذا كان عند الإمام مال أو كانت عند المسلمين قوة فإني أكره ذلك ولا أجيزه، وإذا لم يكن عند الإمام مال (¬8) فإني أجيز ذلك. ¬

_ (¬1) ز: أفتقسم. (¬2) م ف: وأربعة. (¬3) ف - لك. (¬4) م ف - قلت. (¬5) أي هل يصلي صلاة الجمعة. (¬6) تقدم تفسيره في الحاشية في أوائل هذا الكتاب. انظر: 5/ 114 و. (¬7) ف - إذا. (¬8) ز - أو كانت عند المسلمين قوة فإني أكره ذلك ولا أجيزه وإذا لم يكن عند الإمام مال.

باب الصلح

قلت: فالحَرْس (¬1) أحب اليك أم الصلاة تطوعاً؟ قال: إن كان له من يكفيه الحَرْس فالصلاة أحب إلي، وإن لم يكن له من يكفيه فالحَرْس أحب إلي. قلت: أرأيت الرجل يُطْعَن بالرمح أيكره له أن يمشي إلى صاحبه والرمح في جوفه حتى يضربه بالسيف؟ قال: لا. قلت: ولا تراه أعان على نفسه؟ قال: لا. قلت: أرأيت القوم يكونون في السفينة فتُحْرَق بالنار عليهم أيصبر (¬2) الرجل على النار أحب إليك أم يلقي بنفسه (¬3) في البحر؟ قال: أي ذلك فعل فهو (¬4) في سعة منه. ... باب الصلح قلت: أرأيت القوم إذا صالحوا فكانوا أهل ذمة أيوضع عليهم الخراج على رؤوس الرجال أو على الأرض بقدر ما يطيقون؟ قال: نعم. قلت: فهل بلغك في خراج أهل الذمة أثر؟ قال: نعم، بلغنا عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه وضع على (¬5) كل أرض تصلح للزرع على الجريب درهماً وقفيزاً (¬6)، ووضع على الكَرْم على الجريب عشرة دراهم، ووضع على الجريب من الرَّطْبَة خمسة دراهم (¬7). وبلغنا أنه وضع على رؤوس الرجال اثني عشر درهماً أو أربعاً (¬8) وعشرين أو ثمانية ¬

_ (¬1) حَرْس مصدر قياسي لحَرَسَ، والمصدر السماعي هو حراسة، وذكر المطرزي أن الحَرْس وقع في كلام الإمام محمد كثيرا. انظر: المغرب، "حرس". (¬2) ز: أيصير. (¬3) ف ز: نفسه. (¬4) ز - فهو. (¬5) ز - على. (¬6) ز: درهم وقفيز. (¬7) المصنف لابن أبي شيبة، 6/ 429؛ والدراية لابن حجر، 2/ 130. (¬8) ز: أو أربع.

وأربعين (¬1). قلت: فالمعسر الذي ليس له مال وإنما يعمل بيديه (¬2) أيأخذ منه اثني عشر درهماً، والذي له مال أربعة وعشرين، والغني يأخذ منه ثمانية وأربعين؟ قال: نعم. قلت: فهل يأخذ من النساء والصبيان شيئاً؟ قال: لا. قلت: فهل يأخذ من الأعمى والشيخ الكبير الفاني والمجنون والمغلوب والمقعد (¬3) أو من الفقير الذي لا يأخذ (¬4) شيئاً ولا يستطيع أن يعمل شيئاً؟ قال: لا يؤخذ من أحد من هؤلاء خراج رأسه. قلت: وكذلك المملوك والمكاتب والمدبر وأم الولد؟ قال: نعم، لا يؤخذ من أحد من هؤلاء خراج رأسه، ولا يؤدي عنهم مواليهم شيئاً. قلت: أرأيت أموال أهل الذمة من الغنم والبقر والإبل والخيل والأموال الصامتة هل عليهم في شيء من ذلك خراج؟ قال: لا. قلت: أرأيت الأرض تكون للصبي من أهل الذمة أو المرأة أو المكاتب من أهل الذمة هل عليهم فيها خراج؟ قال: نعم، مثل خراج الرجل الصحيح الكبير. قلت: أرأيت الرجل منهم إذا أسلم في آخر السنة أو بعدما مضت السنة ولم يؤخذ منه خراج رأسه هل يؤخذ ذلك منه بعد إسلامه؟ قال: لا. قلت: ولمَ؟ قال: لأن هذا ليس بدين عليه، إنما هو خراج. فمتى ما أسلم سقط عنه، فلم يؤخذ منه شيء. قلت: أرأيت إن مات وترك مالاً وهو كافر هل يؤخذ خراج رأسه من ماله؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه ليس بدين عليه. قلت: أرأيت لو كان عليه دين أكان يُضْرَب مع الغرماء بخراجه؟ قال: لا. قلت: وهذا يوضع عنه وليس عليه فيه شيء. قلت: أرأيت الرجل تأتي (¬5) عليه السنون لا يؤدي عن رأسه خراجاً ¬

_ (¬1) الخراج لأبي يوسف، 138؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 6/ 429؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 447؛ والاستخراج لأحكام الخراج لابن رجب، 16 - 17. (¬2) ز: بيده. (¬3) ف ز: أو المقعد. (¬4) أي: لا يأخذ من الأرض شيئاً، أو لا يكسب شيئاً. (¬5) ز: يأتي.

أيؤخذ منه خراج تلك السنين كلها؟ قال: لا يؤخذ. إنما يؤخذ بخراج تلك السنة التي هو فيها؛ لأن هذا ليس بدين لازم له أبدا. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: نأخذه بخراج رأسه بما مضى إلا أن يكون لم يؤد ذلك من عذر من مرض أصابه أو غيره. قلت: أرأيت الأرض يزرع فيها في السنة مرتين أو ثلاثاً (¬1) حنطة أو غيرها أيؤخذ صاحبها بخراج ذلك كله؟ قال: لا (¬2)، ولكن يؤخذ بخراج واحد، لكل [جريب] (¬3) درهم وقفيز. قلت: فالأرض يكون فيها الشجر الكثير أيوضع عليها من الخراج بقدر ما تطيق؟ قال: نعم. قلت: أرأيت (¬4) الرجل يزرع في أول السنة حنطة أو غيرها أيؤخذ بخراج ذلك كله؟ قال: لا، ولكن عليها خراج واحد، لكل جريب أرض قفيز ودرهم. قلت: أرأيت الأرض يغرق زرعها أو تصيبه (¬5) آفة فلا يبقى منه شيء هل يؤخذ صاحبها بخراجها؟ قال: لا، للآفة التي أصابتها. قلت: فإن ترك أرضه ولم يزرعها؟ قال: عليه خراجها. قلت: من أين (¬6) اختلفا؟ قال: إذا زرعها فأصاب زرعه آفة فهذا عذر، وإذا عطل الأرض ولم يزرعها فعليه خراجها؛ لأن هذا جاء مِن قِبَلِه، فمن (¬7) ثم اختلفا. قلت: أرأيت الذمي إذا أسلم وفي يده أرض من أرض الخراج أيكون عليه الخراج كما كان؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو أن مسلماً اشترى أرضاً من كافر كان على المسلم المشتري خراجها كما كان؟ قال: نعم. قلت: ولا يكره للمسلم أن يؤدي خراج الأرض؟ قال: لا؛ لأنه بلغنا عن عبد الله بن مسعود وشريح وغيرهم أنهم كانت لهم أرضون بالسواد يؤدون خراجها. وكذلك بلغنا عن الحسن بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنهما - (¬8). قلت: ¬

_ (¬1) ز: أو ثلث. (¬2) ز - لا. (¬3) انظر المسألة بعد التالية. (¬4) ف: أفرأيت. (¬5) ز: أو يصيبه. (¬6) م ف - أين. (¬7) م ز ط - فمن. (¬8) انظر الروايات عن عمر وغيره في هذا المعنى: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 404، 6/ 463؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 441؛ والدراية لابن حجر، 2/ 131.

باب عشر النصراني من بني تغلب والشفعة في الأرضين

ولا تعد هذا صَغاراً؟ قال: لا، إنما الصَّغار خراج الأعناق. قلت: ولا يكره للمسلم أن يشتري أرضاً من أرض الذمة؟ قال: لا، ولكن ذلك جائز. قلت: أرأيت القوم إذا صالحوا فكانوا ذمة ثم أسلموا بعد ذلك أو أسلم رجل منهم لم لا ترفع عن أرضه الخراج وتجعلها من أرض العشر؟ قال: لأنه إنما أسلم عليها بعد ما صارت أرض خراج. قلت: فالذمي يشتري أرضاً من أرض العشر أتجعل عليها الخراج؟ قال: نعم. قلت: ولم ولم يكن يجري عليها الخراج في الأصل؟ قال: هي بمنزلة دار جعلها بستاناً فأجري عليها الخراج ولم يكن يجري عليها قبل ذلك الخراج. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: أجعل عليها العشر مضاعفاً وأضعه موضع الخراج. وقال محمد: عليها العشر كما كان، يوضع موضع الصدقة؛ لأن العشر على الأرض، وليس على الرجل. ألا ترى أني آخذ عشر أرض الصبي والمكاتب. ... باب (¬1) عشر النصراني من بني تغلب والشفعة في الأرضين قلت: أرأيت رجلاً نصرانياً من بني تغلب اشترى أرضاً من أرض الخراج هل يوضع عليه الخراج؟ قال: نعم. قلت: فإن اشترى أرضاً من أرض العشر أيوضع عليه الخراج؟ (¬2) قال: لا، ولكن يضاعِف العشر كما ضاعف عليهم في أموالهم. قلت: أرأيت المرأة إذا كانت من بني تغلب نصرانية إذا اشترت أرضاً من أرض العشر أو أرضاً من أرض الخراج؟ قال: عليها [الخراج] في أرض الخراج، فأما إذا اشترت أرضاً من أرض العشر فإنه يكون عليها العشر مضاعفاً. هي في منزلة الرجل في هذا. قلت: وكذلك الصبي يشتري له أبوه أو وصيه أرضاً؟ قال: نعم. قال محمد: إذا كانت ¬

_ (¬1) ز: بان. (¬2) ز - قال نعم قلت فإن اشترى أرضا من أرض العشر أيوضع عليه الخراج.

الأرض أرض عشر (¬1) فهي أرض عشر (¬2) أبداً لا يغيرها ملك من اشتراها. وإذا كانت أرض خراج فهي أرض خراج أبداً. ولو كانت أرض العشر يغيرها ملك من اشتراها لكان (¬3) [يغيرها ملك] المكاتب والصبي من المسلمين والمعتوه [إذا اشترياها. فكذلك] إذا اشتراها ذمي أو تغلبي. أرأيت لو أن أرضاً بمكة في أرض الحرم اشتراها ذمي أو تغلبي نصراني أتحوّل عن الصدقة والعشر. فهذا لا يكون، ولكنها أرض العشر كما كانت. قلت: أرأيت المولى لبني تغلب قد أعتقوه إذا اشترى أرضاً من أرض الخراج أو أرضاً من أرض العشر ما عليه؟ قال: أما مولاهم فإنه يؤخذ منه في أرضه الخراج عشراً كانت أو خراجاً. ولا يكون مولى بني تغلب وهو نصراني أحسن حالاً من نصراني أعتقه مسلم. فهو إن اشترى أرضاً من أرض العشر أو أرضاً من أرض الخراج فعليه فيهما جميعاً الخراج. ولا يكون عليه في أرض العشر صدقة، إنما عليه الخراج في قول أبي حنيفة. قال أبو يوسف: العشر مضاعفاً. قلت: أرأيت الرجل الذمي من بني تغلب إذا اشترى أرضاً من أرض العشر فأخذها رجل مسلم بشفعة أيكون عليه الخراج أو العشر؟ قال: يكون عليه العشر؛ لأن المسلم قد أخذها بالشفعة. قلت: وكذلك لو أن الذمي اشتراها بيعاً فاسداً ثم ردها الذمي على المسلم كان عليه العشر كما كان وليس عليه خراج؟ قال: نعم. قلت: أرأيت القوم من أهل الحرب إذا أسلموا على أرضهم ودارهم أيوضع عليهم الخراج؟ قال: لا، ولكن أضع عليهم العشر في أرضهم (¬4). قلت: فإن اشترى رجل مسلم أرضاً (¬5) من أرضهم؟ قال: يكون عليه العشر كما كان. قلت: فإن اشتراها تغلبي؟ قال: عليه العشر مضاعفاً. قلت (¬6): فإن ¬

_ (¬1) ف: العشر. (¬2) م ف ز: العشر. (¬3) ط: لكانت. وزاد "كذلك أرض" لتصحيح العبارة على ظنه لكنه لم يصب في ذلك. وقد استفدنا في تصحيح العبارة من كلام الحاكم والسرخسي. انظر: الكافي، 1/ 159 ظ؛ والمبسوط، 10/ 84. (¬4) ز: في أراضيهم. (¬5) ف - أرضا. (¬6) م ف - قلت.

باعها التغلبي من مسلم أو أسلم عليها؟ قال: عليها العشر مضاعفاً؛ (¬1) لأنها خرجت من حالها الأولى حيث اشتراها النصراني من بني تغلب، فخرجت من حال العشر إلى أن ضوعف عليها العشر، فصار هذا بمنزلة أرض (¬2) الخراج. ألا ترى أني آخذه من أرض الصبي. وهذا قياس قول أبي حنيفة (¬3). قلت: أرأيت الرجل يستأجر الأرض من أرض الخراج (¬4) فيزرعها (¬5) أو يأخذها معاملة فيزرعها على من يكون (¬6) الخراج؟ قال: على رب الأرض الذي قَبَّلَها (¬7) إياه. قلت: وكذلك لو أزرعها (¬8) إياه بغير أجر؟ قال: نعم. قلت: فإذا كانت الأرض من أرض الخراج لعبد أو مكاتب فإنا نضع عليها الخراج؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يخرج (¬9) مستأمناً لتجارة هل يوضع عليه الخراج؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه إنما استأمن للتجارة، ولم يستأمن ليكون ذمياً. قلت: أرأيت إن دخل إلينا تاجراً فتزوج امرأة فطلقها ثم أراد الخروج هل نمنعه من الخروج؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن أطال المقام وأوطن؟ قال: إذا فعل ذلك وضعت الخراج عليه. قلت: أرأيت إن لم يطل المقام ولكنه اشترى أرضاً فزرعها هل تأخذ منه خراج الأرض؟ قال: نعم، آخذ منه خراج الأرض (¬10) وخراج رأسه؛ لأنه إذا أقام (¬11) في دار الإسلام فزرع فقد أوطن. قلت: أرأيت المرأة تخرج إلينا من أرض الحرب مستأمنة للتجارة ثم إنها تزوجت ثم أرادت الخروج (¬12) فأبى ذلك عليها زوجها وأراد ¬

_ (¬1) مضاعف. (¬2) م ط - أرض. (¬3) ز - ألا ترى أني آخذه من أرض الصبي وهذا قياس قول أبي حنيفة. (¬4) ز - أرأيت الرجل يستأجر الأرض من أرض الخراج. (¬5) ز - فإن زرعها. (¬6) ز: من كان. (¬7) قبلة الأرض، أي: أعطاها إياه مزارعة أو مساقاة. انظر: المغرب، "قبل". (¬8) ف: لو زرعها. (¬9) ز: خرج. (¬10) ف - قال نعم آخذ منه خراج الأرض. (¬11) ز: إذا قام. (¬12) ز - ثم أرادت الخروج.

باب صلح الملوك

إمساكها؟ قال: ليس لها أن تخرج. إذا تزوجت فقد أوطنت وصارت ذمية. لأن المرأة في هذا ليست كالرجل (¬1). ألا ترى أن المرأة لا تخرج إلا بإذن زوجها وأن الزوج لا يستأمرها ولا يؤامرها في الخروج. وقال أبو يوسف: إذا اشترى الذمي أرض العشر ضوعف عليها العشر (¬2). ... باب صلح الملوك قلت: أرأيت ملكاً من ملوك أهل الحرب تكون (¬3) له الأرض الواسعة، فيها قوم من أهل مملكته هم له عبيد يبيعهم ويحكم فيهم ما بدا له، أصالح المسلمين وصار ذمة لهم] (¬4)، أيكونون عبيداً له؟ قال: نعم. قلت: فإن ظهر عليهم عدو ثم ظهر عليهم المسلمون فاستنقذوهم أيردون على ذلك الملك كما كانوا؟ قال: نعم. قلت: فإن وجدهم ذلك الملك قد اقتسموا كان أحق بهم بالقيمة؟ قال: نعم. قلت: فإن أسلم ذلك الملك أو صار ذمة وأهل أرضه أيكونون عبيداً له بهذه المنزلة أيضاً؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يسلم ولم يعط (¬5) له العهد ولم يدخل في الذمة، ولكن عرض على المسلمين أن يكون لهم ذمة يؤدي الخراج، على أن يدعوه (¬6) يحكم في أهل مملكته ما بدا له من قتل أو صلب أو غيره مما لا يصلح أن يحكم به في أرض الإسلام؟ قال: لا يصلح للمسلمين أن يعطوه على هذا صلحاً. ¬

_ (¬1) ز: كالرجال. (¬2) ف - العشر. وقد تقدمت هذه المسألة مع بيان الخلاف بين الأئمة الثلاثة. انظر: 5/ 125 و. (¬3) ز: يكون. (¬4) الزيادة من الكافي، 1/ 159 ظ؛ والمبسوط، 10/ 85. (¬5) ز: يعطا. (¬6) ز: أن يدعونه.

باب الموادعة من أهل الحرب

قلت: فإن فعلوا فأعطوه الصلح على هذا فصار لهم ذمة؟ قال: ينظرون ما كان من شرطه مما لا يحل ولا يصلح فيبطلونه، ويجرون عليه الأحكام التي تصلح، فإن هو رضي بذلك ولا أبلغوه (¬1) مأمنه هو وأصحابه. قلت: أرأيت إن هو صالح المسلمين فصار لهم ذمة فجعل يخبر (¬2) المشركين بعورة (¬3) المسلمين ويدل عليها ويؤوي (¬4) عيون المشركين إليه أيكون هذا نقضاً منه لعهده؟ قال: لا، ولكن ينبغي للمسلمين أن يعاقبوه على هذا ويحبسوه. قلت: أرأيت إن كان لا يزال يغتال رجلاً من المسلمين فيقتله أو يفعل ذلك أهل أرضه أيكون هذا نقضاً لعهده؟ قال: لا، ولكن ينظرون من فعل ذلك منهم فقامت عليه بينة اقتصوا منه، وإن لم تقم (¬5) عليه بينة فلا شيء عليه. قلت: فإن لم يعرفوا رجلاً قتله بعينه ولكنهم وجدوا قتيلاً في قرية من قراه؟ قال: هو ضامن للدية بعد القسامة، يقسم بالله خمسين مرة ما قتلت ولا علمت قاتلاً له، ثم يغرم الدية. قلت: لم لا يقسم معه أهل القرية؟ قال: لأنهم عبيد له، ولا قسامة على العبيد ولا دية. قلت: فإن كان أهل القرية أحراراً؟ (¬6) قال: عليهم القسامة والدية. قلت: فهم حينئذ بمنزلته؟ قال: نعم. ... باب الموادعة من أهل الحرب قلت: أرأيت قوماً من أهل الحرب طلبوا إلى المسلمين الموادعة سنين معلومة بغير جزية أينبغي للمسلمين أن يعطوهم ذلك؟ قال: نعم، ينبغي لإمام المسلمين أن ينظر في ذلك، فإن كانت لهم شوكة لا يستطيعهم وكانت موادعتهم خيراً للمسلمين وادعهم. قلت: فإن وادعهم ثم نظر في ¬

_ (¬1) م ف: ولا اْبلغوه. والتصحيح من ب. (¬2) ف - يخبر. (¬3) ف: بعور. (¬4) ز: ويأوي. (¬5) ز: يقم. (¬6) ز: أحرار.

ذلك فوجد موادعتهم شراً للمسلمين وقد وادعهم على غير شيء يؤدونه اليه أيَنْبِذ اليهم ويبطل الموادعة ثم يقاتلهم؟ قال: نعم (¬1). قلت: فإن كان المسلمون بمدينة قد حاصرهم بها العدو فسألهم العدو الموادعة سنين على أن يؤدوا إليهم شيئاً معلوماً (¬2) في كل سنة، أيحل للمسلمين أن يوادعوهم ويؤدوا ذلك إلى المشركين وهم يخافون الهلاك على أنفسهم وقد علموا أن الصلح خير لهم؟ قال: لا بأس بهذا إذا كان على هذا الوجه. قلت: أرأيت القوم من أهل الحرب إذا أرادوا المسلمون أن يوادعوهم سنين معلومة على أن يؤدي إليهم (¬3) أهل الحرب كل سنة شيئاً معلوماً، على أن (¬4) لا يدخل المسلمون بلادهم ولا تجري عليهم أحكامهم، أينبغي للمسلمين أن يصالحوهم على ذلك؟ قال: لا، إلا أن يكون ذلك خيراً للمسلمين. قلت: فإن كان ذلك خيراً للمسلمين فوقع الصلح على أن يؤدوا إليهم مائة رأس (¬5) كل سنة هل يصلح للمسلمين الصلح على هذا؟ قال: إذا كانت هذه المائة يؤدونها إليهم من أنفسهم وأبنائهم فلا خير في الصلح على هذا، ولا ينبغي للمسلمين أن يقبلوا (¬6) من ذراريهم ولا من أنفسهم وقد أمّنوهم. ألا ترى أن رجلاً منهم لو باع رجلاً من المسلمين ابنه أو أباه لم يصلح ذلك؛ لأن الصلح وقع عليهم، وذراريهم بمنزلتهم. قلت: فإن صالحوهم على مائة رأس بأعيانهم أول سنة، فقالوا: أمِّنونا سنة على أن هؤلاء لكم، ونصالحكم (¬7) ثلاث سنين مستقبلة على أن نعطيكم كل سنة مائة رأس من رقيقنا؟ قال: هذا جائز. قلت: فإن وقع الصلح على هذا ثم إن رجلاً من المسلمين ¬

_ (¬1) في هامش م ف: وفي نسخة قال لا. لكن يظهر أن هذه النسخة خطأ، لأنه لم يشر إليها الحاكم ولا السرخسي. انظر: الكافي، 9/ 151 ظ؛ والمبسوط، 10/ 86 - 87. (¬2) ز: معلومة .. (¬3) ز - أن يؤدي إليهم. (¬4) ف: على أنه. (¬5) أي: مائة عبد كما هو مفهوم من تتمة العبارة. (¬6) ز ط: أن يقتلوا. (¬7) ز: ويصالحوهم.

باب المستأمن من أهل الحرب

سرق منهم جارية أو متاعاً هل يصلح شراؤها (¬1) وشراء ذلك المتاع؟ قال: لا. قلت: فإن أغار عليهم قوم من أهل الحرب فسبوا منهم طائفة أيصلح أن يشترى منهم ذلك السبي؟ (¬2) قال: نعم؛ لأن المسلمين لم يسبوهم، إنما سباهم أهل الحرب. قلت: أرأيت ما حمل التجار إليهم هل يمنعون؟ (¬3) قال: لا يمنعون (¬4) إلا الكُرَاع (¬5) والسلاح والحديد وشبه ذلك. قلت: ولم يمنعون (¬6) الكُرَاع؟ قال: لأنهم ليسوا بأهل ذمة، إنما هم موادعون. قلت: أرأيت إن دخل منهم إلى دار الإسلام تاجر بغير أمان إلا الموادعة التي كانت لهم؟ قال: هو آمن بتلك الموادعة (¬7). قلت: أرأيت ما أخذه المسلمون منهم من الخراج في موادعتهم هل فيه خمس؟ قال: لا، إنما هذا خراج، وليس في الخراج خمس. ... باب المستأمن من أهل الحرب قلت: أرأيت الرجل المستأمن من أهل الحرب يخرج مستأمناً في تجارة إلى دار الإسلام فيشتري عبداً مسلماً ثم يدخل به في أرض الحرب ما حال ذلك العبد؟ قال: هو حر ساعة يدخل به دار الحرب. قلت: لمَ؟ قال: لأنه مسلم اشتراه من دار الإسلام. ألا ترى أن العبد لو قتل مولاه وأخذ ماله ثم خرج به إلينا إلى دار الإسلام كان كل شيء أخذ من ذلك من مال أو رقيق له (¬8) كان له (¬9)، وكان حراً لا سبيل له عليه. قلت: ويحل لهذا العبد أن يقتل مولاه؟ قال: نعم. قلت: ولا ترى الذي دخل بينهما من الشراء ¬

_ (¬1) أي: هل يصح أن يشتري غيره تلك الجارية منه. انظر: المبسوط، 10/ 88. (¬2) ز: النبي. (¬3) ز: هل يمنعوا. (¬4) ز: لا يمنعوا. (¬5) الكراع الخيل وما أشبهه. انظر: المغرب، "كرع". (¬6) ز: يمنعوا. (¬7) ف + التي كانت لهم. (¬8) ف - له. (¬9) ز - كان له.

أماناً؟ قال: لا. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يعتق العبد حتى يظهر عليه المسلمون (¬1) أو يخرج إلى دار الإسلام مراغماً لمولاه، فإذا كان على أحد هذين الوجهين فهو حر. قلت: أرأيت العبد إذا كان في دار الحرب مع مولاه أسلم فاشتراه مسلم من مولاه ذلك، أو أصابه (¬2) المسلمون في غارة أغاروها، أيكون رقيقاً ويكون فيئاً (¬3) وتجري فيه السهام؟ قال: لا، وأرى ذلك: إذا كان من أمره ما ذكرت فهو حر لا سبيل عليه. قلت: وكذلك عبد من أهل الحرب أسلم في يدي (¬4) مولاه ثم ظهر عليه المسلمون؟ قال: هو حر، ولا يكون فيئاً. قلت: أرأيت إن أسلم مولاه قبل أن يظهر عليه المسلمون كيف القول في عبده؟ قال: هو عبد لمولاه لا يعتق. قلت: لمَ؟ قال: لأن العبد لم يخرج إلى دار الإسلام ولم يقع في أيدي المسلمين حتى أسلم مولاه. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا أسلم أهل الحربي (¬5) ثم باعه من مسلم فهو عبد لا يعتق، ولكنه لو لم يبعه وظهر (¬6) عليه المسلمون عتق. وإذا دخل الرجل من دار الحرب إلى دار الإسلام بغير أمان وأخذه رجل فهو عبد له، وفيه الخمس. وإن أسلم قبل أن يأخذه فهو حر لا سبيل عليه. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. وأما في قول أبي حنيفة فإنه إذا أخذه رجل من المسلمين فهو فيء لجماعتهم. وكذلك لو أسلم ثم أخذ كان فيئا لجماعتهم، ولا يكون للرجل خاصة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإنه إذا دخل الحرم قبل أن يؤخذ لم يعرض له ولم يؤخذ، ولكنه لا يطعم ولا يسقى ولا يبايع، فإن خرج منه فأخذه رجل فهو عبد له. وكذلك لو أخذه في الحرم وخرج به إلى الحل ¬

_ (¬1) أي: لا يعتق العبد ساعة دخول دار الحرب كما قال أبو حنيفة، وإنما يعتق إذا ظهر المسلمون على الدار. . . انظر: المبسوط، 10/ 89 - 90. (¬2) م ط: وأصاب. (¬3) ف - ويكون فيئا. (¬4) ز: في يد. (¬5) أي: أهل العبد الحربي الذي أسلم. (¬6) ز: فظهر.

كان عبداً له، وقد أساء في ذلك. وأما في قياس قول أبي حنيفة فهو بمنزلة (¬1) ذلك لا يطعم ولا يسقى ولا يؤوى، فإذا خرج وأخذ فهو فيء لجماعة المسلمين. قلت: أرأيت الرجل من أهل الحرب إذا خرج بأمان إلى دار الإسلام فاشترى عبداً مسلماً أو أسلم عبد ممن كان خرج معه هل يترك أن يخرج بهما إلى فى دار الحرب؟ قال: لا. قلت: فما الحكم فيه وفيهما؟ قال: يجبر على بيعهما ولا يخرجهما. قلت: أرأيت إن أسلم الحربي في دار الإسلام والعبدان عنده؟ قال: هما على حالهما. قلت: أرأيت إن صار ذمة ولم يسلم؟ قال: يجبر على بيعهما، ولا يترك أن يخرج بهما إلى دار الحرب. قلت: أرأيت عبداً خرج مع مولاه من دار الحرب لم يسلم، فأعتقه مولاه بعدما أخرجه، فحاكمه العبد هل يعتقه؟ قال: نعم. قلت: فلو كان مولاه إنما أعتقه في دار الحرب أكان يعتقه بذلك العتق؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأن العتق في دار الحرب ليس بشيء. قلت: فإن أعتقه مولاه بعدما دخل (¬2) دار الإسلام فعتقه جائز وهو حر، فإذا أعتقه مولاه في دار الحرب لم يجز عتقه ولم يلتفت إلى ذلك؟ قال: نعم. قلت: ولم لا يجوز عتقه في دار الحرب؟ قال: لأن عتقه في دار الحرب (¬3) ليس بشيء. ألا ترى لو أن رجلاً منهم (¬4) أخذ رجلاً فقهره كان له أن يبيعه، ويشتريه المسلمون منه إذا خرج به إليهم قاهراً (¬5) له وهو في يديه، وقد كان في الأصل حراً مثله. قلت: أرأيت إذا خرج الحربي معه برقيق منهم من (¬6) دبره في دار الحرب ومنهم أمهات الأولاد؟ قال: فله أن يبيع مدبريه، وليس له أن يبيع أمهات الأولاد (¬7). قلت: من أين اختلف المدبرون (¬8) وأمهات ¬

_ (¬1) م: بمنزلته. (¬2) ف ز: يدخل. (¬3) ز - لم يجز عتقه ولم يلتفت إلى ذلك قال نعم قلت ولم لا يجوز عتقه في دار الحرب قال لأن عتقه فى دار الحرب. (¬4) م ف ط + لو. (¬5) ز + لهم. (¬6) م ف ز: قد. والتصحيح من ب. (¬7) ف ز: أولاده. (¬8) ز: المدبرين.

باب ما يترك المستأمن إذا دخل أرض الحرب فيدعه في دار الإسلام أو يموت في دار الإسلام

الأولاد؟ قال: لأن أم الولد بمنزلة ولدها، وليس له أن يبيع ولده. ولا ينبغي للمسلمين أن يشتروه منه وقد أمنوه؛ لأن ولده بمنزلته (¬1). وأما (¬2) المدبرة فهي أمة، وليس ما كان قال (¬3) لها من التدبير في دار الحرب بشيء، فتدبيره لها في دار الحرب باطل، وله أن يبيعها إن شاء ذلك. والله أعلم. ... باب ما يترك المستأمن إذا دخل أرض (¬4) الحرب فيدعه في دار الإسلام أو يموت في دار الإسلام قلت: أرأيت المستأمن إذا خرج إلى دار الحرب وقد أدان ديناً في دار الإسلام، وأوح ودائع من رقيق أو متاع أو غير ذلك، وقد كان من رقيقه من قد دبره في دار الحرب، ومنهم من (¬5) قد دبره في دار الإسلام، فقتل ذلك الحربي وظهر المسلمون على تلك البلاد التي كان بها، كيف الحكم فيما ذكرت من ماله ورقيقه ومتاعه ودينه وودائعه التي في دار الإسلام؟ قال: أما ما أدان من دين فهو موضوع عن أهله لا يعرض لهم في ذلك الدين، وقد بطل فلا يؤدون منه شيئاً. وأما الودائع فهي كلها فيء للمسلمين إلا الرقيق الذي دبره في دار الإسلام، فهم (¬6) أحرار لا سبيل عليهم؛ لأنه أعتقهم حيث يجري عليه وعليهم أحكام المسلمين. قلت: ولم أبطلت [الدين] ولم تجعله فيئاً؟ قال: لا يكون ذلك الدين فيئاً؛ لأنه ليس في يديه، وإنما هو شيء مستهلك. قلت: أرأيت صاحب هذه الوديعة إذا أُسِرَ أَسْراً (¬7) ولم يقتل ما حال من سميت لك من رقيقه وودائعه ودينه وماله ومدبريه؟ قال: قتله والظهور على الدار سواء، الحكم في الأسير كالحكم في القتل إذا ظهر على الدار. ¬

_ (¬1) ز + قلت. (¬2) ز: وأم. (¬3) م ط - قال. (¬4) م: إذا رجع إلى دار. (¬5) م - من. (¬6) ف ز: فإنهم. (¬7) ف: أسيرا.

قلت: أرأيت الحربي إذا دخل دار الإسلام بأمان واشترى رقيقاً من رقيق المسلمين ورقيقاً (¬1) من رقيق أهل الذمة فخلفهم في دار الإسلام ولحق بدار الحرب ثم أسر أيكون هؤلاء فيئاً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت ما خلف في دار الإسلام من أمهات الأولاد ما حالهن؟ (¬2) قال: أحرار كلهن لا سبيل عليهن. قلت: أرأيت المستأمن إذا مات في دار الإسلام وترك مالاً وورثته في دار الحرب كيف تصنع (¬3) بماله؟ قال: يوقف (¬4) حتى يقدم ورثته. قلت: فإذا جاء الورثة مستأمنين أتصدقهم (¬5) بقولهم أم (¬6) يُسألون البينة على ما ادعوا من الميراث؟ قال: لا، ولكن يسألون البينة. قلت: فإن جاؤوا ببينة من أهل الذمة هل تقبل (¬7) شهادتهم لهم؟ قال: أما في القياس فلا، ولكن نستحسن فنجيز (¬8) شهادتهم، وأدفع (¬9) ما ترك إليهم إذا شهدوا أنهم لا يعلمون له وارثاً غيرهم. قلت: أفتأخذ منهم كفيلاً بما أدرك في ذلك المال من درك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن جاؤوا بكتاب من ملك أرضهم بأنهم (¬10) هم الورثة أتقبل ذلك منهم؟ قال: لا أقبل ذلك. قلت: فإن كان في الكتاب مكتوب أنه قد قامت عنده الشهود أنهم ورثته؟ قال: لا أقبل ذلك أيضاً. قلت: فإن شهد بذلك قوم من المسلمين وشهد على خاتمه قوم من المسلمين؟ قال: وإن كان ذلك، فإنه لا يقبل منهم. قلت: أرأيت إذا قامت البينة في دار الإسلام بأنهم هم الورثة فدفعت إليهم ما كان من مال عين، هل تدفع (¬11) إليهم [ما له] (¬12) من دين أيضاً وهم يتبعون (¬13) ذلك الدين ويقبضونه؟ قال: نعم. ... ¬

_ (¬1) ز: ورقيق. (¬2) ز: حالهم. (¬3) ز: يصنع. (¬4) ز: توقف. (¬5) ز: أيصدقهم. (¬6) ز: أما. (¬7) ز: هل يقبل. (¬8) ز: يستحسن فيجيز. (¬9) م + لهم. (¬10) ز: أنهم. (¬11) ز: هل يدفع. (¬12) الزيادة من ب. (¬13) ز: يبيعون.

باب ما يدخل به المستأمن من دار الحرب

باب ما يدخل به المستأمن من دار الحرب قلت: أرأيت المستأمن إذا أراد الشخوص من دار الإسلام إلى دار الحرب هل يترك أن يخرج معه بكُرَاع أو سلاح أو رقيق قد اشتراهم في دار الإسلام من مسلمين أو كفار؟ قال: لا يترك يخرج بشيء (¬1) من ذلك إلا أن يكون دخل معه بكرل أو سلاح فيخرج ذلك معه بعينه. قلت: أفيترك أن يخرج (¬2) بما سوى ذلك من الثياب؟ قال: نعم. قلت: أفتتركه (¬3) يخرج معه بحديد؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأن الحديد يصنع منه السلاح. قلت: أرأيت إن دخل معه بالسيف فباعه واشترى مكانه قوساً (¬4) أو رمحاً هل يترك أن يخرج بذلك مكان سيفه؟ قال: لا، لست أتركه يخرج بشيء من السلاح مكان شيء. ألا ترى أني أتركه يخرج بما كان معه بعينه. قلت: أرأيت إن استبدل بسيفه الذي كان خرج به سيفاً هو أسوأ (¬5) منه أتتركه والخروج به؟ قال: نعم، إذا استبدل به سواه. قلت: أرأيت إذا أراد أن يخرج معه بمتاع غير الكراع والسلاح هل يترك أن يخرج به؟ [قال: نعم] إذا لم يكن [معه] كراع أو سلاح (¬6) أو حديد أو ما أشبه ذلك. وأما الرقيق قد اشتراهم في دار الإسلام فإنه لا يترك أن يخرج بشيء من ذلك. قلت: أرأيت هذا الحربي إذا مات في دار الإسلام فالورثة بمنزلته في كل ما ذكرت لك؟ قال: نعم. قلت: وكذلك المسلم إذا أراد أن يخرج إلى دار الحرب لتجارة لم تتركه (¬7) أن يخرج بشيء معه من الكراع والسلاح؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل من أهل الحرب إذا بعث عبداً له تاجراً بأمان إلى دار الإسلام فاستأمن له ثم أسلم عبده في دار الإسلام كيف يصنع به؟ قال: يباع ويكون ثمنه لمولاه. ¬

_ (¬1) ف ز: لا يترك أن يخرج معه بشيء. (¬2) ف + معه. (¬3) ز: أفيتركه. (¬4) ز: فرسا. (¬5) م ف ز: اسرى. والتصحيح مستفاد من الكافي، 1/ 160 و؛ والمبسوط، 10/ 92. (¬6) ز: كراعا أو سلاحا. (¬7) ز: لم يتركه.

باب ما يؤخذ في دار الإسلام من أهل الحرب

باب ما يؤخذ في دار الإسلام من أهل الحرب قلت: أرأيت الرجل من أهل الحرب يؤخذ في دار الإسلام فيقول: أنا رسول، ويخرج كتاب الملك معه؟ قال: إذا عرف أنه كتاب الملك كان آمناً حتى يبلغ رسالته ويرجع، وإن لم يعرف أنه كتاب الملك فهو فيء وجميع ما معه. قلت: أرأيت الرجل من أهل الحرب يؤخذ في دار الإسلام وهو يقول: دخلت بأمان، هل يصدق؟ قال: لا، ولكنه فيء وجميع ما معه. قلت: أرأيت القوم من أهل الحرب يخرجون إلى ذوي قرابتهم من أهل الذمة فيخبَر بذلك المسلمون فيأتون أهل (¬1) القرية فيقولون: نحن أهل الذمة كلنا، هل على أحد منهم سبيل؟ قال: لا، إلا أن يعرف رجل من أهل الحرب بعينه، فيؤخذ ذلك بعينه. ... باب إقامة الحدود قلت: أرأيت قوماً من أهل الحرب خرجوا مستأمنين لتجارة وقد كان لبعضهم على بعض دين في دار الحرب هل يؤخذ أحد منهم بذلك الدين الذي كان في دار الحرب؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنهم خرجوا مستأمنين (¬2)، فكل شيء كان منهم في أرض الحرب (¬3) لم أعرض لهم فيه. قلت: أرأيت إن أدان بعضهم بعضاً في دار الإسلام أو أدان لهم رجل من المسلمين أو أدانوه؟ قال: آخذهم بذلك كله، وآخذ لهم. قلت: وكذلك تأخذ (¬4) لهم إذا أدانوا المسلمين أو أدانوا أهل الذمة أيضاً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان رجل مسلم قد (¬5) أدانهم في أرض الحرب أو أدانوه أو ¬

_ (¬1) ف + تلك. (¬2) ز + قلت. (¬3) ز + قال لا قلت لم قال لأنهم خرجوا مستأمنين فكل شيء كان منهم في أرض الحرب. (¬4) ز: يأخذ. (¬5) ز: يد.

غصبهم أو غصبوه هل تنظر في شيء من ذلك؟ قال: لا أنظر في شيء من ذلك، ولا أقضي به. قلت: وكذلك ما كان بينهم من قتل (¬1) أو جراحات في أرض الحرب؟ قال: نعم، ذلك كله باطل. قلت: ولمَ؟ قال: لأنهم فعلوا ذلك حيث لا تجري عليهم أحكام المسلمين. قلت: أرأيت من زنى منهم في دار الإسلام أو سرق هل تقيم عليه الحد في شيء من ذلك؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنهم لم يصالحوا ولم يكونوا ذمة تجري عليهم الأحكام، ولكن أضمنهم المال إذا سرقوه، ولا قطع عليهم. قلت: أرأيت رجلاً منهم قتل رجلاً من المسلمين أو من أهل الذمة عمداً أو خطأً أو قطع يده عمداً أو خطأً هل تقضي (¬2) له عليه في ذلك بشيء؟ (¬3) قال: نعم. قلت: من أين اختلف هذا والحدود؟ قال: الحدود لله تعالى، وهذا من حقوق المسلمين وأهل الذمة، فلا بد من أخذها لهم. قلت: أرأيت رجلاً من المسلمين قطع يد مستأمن أو قتله عمداً هل تقتص (¬4) له منه في العمد؟ قال: لا أقتص له منه. قلت: ولم لا يكون هذا بمنزلة أهل الذمة وأنت تقتص للذمي من المسلم في النفس وما دون ذلك؟ قال: ليس هذا بمنزلة أهل الذمة؛ لأنه محارب. ألا ترى أني لا أجري عليه الأحكام والحدود. فما أصاب الذمي والمسلم من هذا المستأمن من قطع يد أو قتل فلا قصاص عليهما فيه، وعليهما فيما أصابا من ذلك عمداً كان أو خطأ دية الحر المسلم. قلت: أرأيت مسلماً بايعه الحربي بالربا والخمر والميتة هل ترد ذلك كله وتبطله؟ (¬5) قال: نعم إذا كان ذلك في دار الإسلام، وأما إذا كان في دار الحرب فنست (¬6) أبطل شيئاً من ذلك في قول أبي حنيفة ومحمد. قلت: لمَ وقد قلت: إذا دخل المسلم بلادهم فلا بأس بأن يبيعهم الميتة ويبيعهم الدرهم بالدرهمين؟ قال: أجل، لا بأس بهذا في بلادهم. وليس هذا كالباب ¬

_ (¬1) ز: من قبل. (¬2) ز: هل يقضى. (¬3) ز + من ذلك. (¬4) ز: هل يقتص. (¬5) ز: هل يرد ذلك كله ويبطله. (¬6) ز: فلا.

باب عشور أهل الحرب

الأول وهما في دار الإسلام وتجري عليهما أحكام المسلمين، فلا يجوز بينهم إلا ما يجوز بين المسلمين. وإذا كان المسلم مستأمناً في دار الحرب فله أن يأخذ أموالهم برضاهم بما أوجب وبما أعطاهم لا بأس بذلك؛ لأن أحكام المسلمين لا تجري (¬1) عليهم هناك. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: لا أرى بيعهم في دار الحرب رباً ولا خمراً ولا ميتة، وأرد بيع الخمر والميتة والربا. والله أعلم. ... باب عشور أهل الحرب قلت: أرأيت الرجل المستأمن من أهل الحرب إذا خرج إلى دار الإسلام بأمان، فعشره العاشر، ثم دخل فمكث أياماً في دار الحرب، ثم خرج أيضاً بأمان إلى دار الإسلام، هل يعشره العاشر هذه المرة الثانية؟ قال: نعم. قلت: لمَ؟ قال: لأنه دخل حين دخل (¬2) دار الحرب وقد انقطعت عنه أحكام المسلمين، فإذا عاد عشره ولم يحسب له ما مضى؛ لأن أحكام المسلمين قد كانت انقطعت عنه. قلت: أفتأخذ منه العشر كلما (¬3) خرج إلينا؟ قال: نعم. قلت: فإن كان أهل بلاده يأخذون من تجار المسلمين الخمس؟ قال: إذاً آخذ منهم الخمس. قلت: فإنما ينبغي للعاشر أن ينظر إلى ما يأخذ أهل بلاده من تجار المسلمين فيأخذ منهم مثله؟ قال: نعم، آخذ منه كما يأخذ (¬4) أهل بلاده من تجار المسلمين، إن أخذوا أكثر من العشر أخذت منهم أكثر، وإن أخذوا من المسلمين أقل من العشر أخذت الأقل، آخذ منه مثل ما يأخذون من تجار المسلمين. قلت: أرأيت إذا مر منهم الصبي أو المكاتب أو العبد أو المرأة على عاشر المسلمين وهم يأخذون من تجار المسلمين من المرأة والمكاتب وغيرهم أيأخذ منهم؟ قال: ¬

_ (¬1) ز: لا يجري. (¬2) ز - دخل. (¬3) ز: كما. (¬4) ز + منه.

نعم. قلت: فإن كانوا لا يأخذون من أحد منهم ممن ذكرت لك؟ قال: أنا لا آخذ منهم أيضاً شيئاً إذا كانوا لا يأخذون، وإن كانوا (¬1) يأخذون أخذت. قلت: أرأيت الحربي يمر بأقل من مائتي درهم هل يؤخذ منه شيء؟ قال: لا. قلت: فإن كانوا يأخذون من تجار المسلمين من أقل [من] مائتي درهم أتأخذ (¬2) منهم؟ قال: نعم، إذا كانوا يأخذون من أقل [من] مائتي درهم أخذت أنا أيضاً كما يأخذون. قلت: أرأيت الرجل منهم يمر بالإبل أو البقر أو الغنم أو البز فيقول: علي دين، أو يقول: لست أريد بهذا التجارة؟ قال: لا ينظر إلى قوله، ولكن يعشر ما معه. قلت: أرأيت (¬3) من (¬4) كان معه من الرقيق؟ قال: أعشرهم أيضاً. قلت: فإن قال لبعضهم: هذا أبي أو أمي أو أم ولدي، هل يعشرهم؟ قال: لا. قلت: أرأيت إذا كنت لا تدري كيف يأخذ أهل أرضه من تجار المسلمين من عشور أموالهم كم تأخذ منهم؟ قال: إذا كنت لا أدري كم يأخذون من تجارنا أخذت منهم العشر. قلت: فهل بلغك في هذا أثر؟ قال: نعم (¬5)، بلغنا عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه سأل كم يأخذ أهل الحرب من تجار المسلمين فقالوا: العشر. فقال عمر: خذوا من تجارهم العشر (¬6). قلت: أرأيت قولك: لا يحمل إليهم كراع ولا سلاح، هل بلغك فيه أثر؟ قال: نعم. محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن ابراهيم أنه قال: يحمل إليهم كل شيء ما خلا الكراع والسلاح والرقيق. وقال إبراهيم (¬7): لا يحمل إليهم شيء أحب إلي (¬8). ... ¬

_ (¬1) ف + لا. (¬2) ز: أيأخذ. (¬3) ز + الرجل منهم. (¬4) ف ز: ما. (¬5) ف - نعم. (¬6) وصله الإمام محمد في الحجة، 1/ 552 - 560. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 90؛ والمصنف لعبد الرزاق، 10/ 370؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 417. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 2/ 379؛ والدراية لابن حجر، 1/ 261. (¬7) ز + أن. (¬8) الآثار لمحمد، 130.

باب أم ولد المستأمن ومدبره ومعتقه وامرأته

باب أم ولد المستأمن ومدبره ومعتقه وامرأته قلت: أرأيت الرجل الحربي إذا دخل دار الإسلام بأمان ومعه أم ولد له فأسلمت كيف القول في ذلك؟ قال: تسعى أم الولد لمولاها في قيمتها وتعتق. قلت: أرأيت إن دبر عبداً له في دار الإسلام فأسلم العبد؟ قال: هذا وأم الولد سواء، يسعى هذا المدبر في قيمته ويعتق. قلت: أرأيت إذا كان (¬1) دبره في دار الحرب ثم خرج به إلى دار الإسلام ثم أسلم العبد؟ قال: هذا يجبر مولاه على بيعه، وليس هذا كالباب الأول؛ لأن تدبيره في دار الحرب باطل، لا يلتفت إلى تدبيره في دار الحرب. قلت: أرأيت هذا المولى المستأمن إن كان أسلم في جميع ما ذكرنا قبلهم أو بعدهم هل يجبر على بيع أحد من هؤلاء أو يستسعى لهم منهم أحد؟ قال؛ لا، ولكنهم يكونون على حالهم الأولى له. قلت: فإن كان إسلامه بعدما قضى القاضي بالسعاية على أم ولده ومدبره فأسلم بعدما قضى القاضي وقد أديا طائفة أو لم يؤديا شيئاً؟ قال: يمضيان على سعايتهما حتى يؤديا ويعتقا، ولا يردهما رقيقاً بعد القضاء إلا أن يعجزا (¬2) عن السعاية، فإن عجزا ردا رقيقاً على حالهما. قلت: أرأيت مكاتبته إن أسلم كيف القول في ذلك ولم يسلم المولى؟ قال: يمضي على مكاتبته، فإذا أدى عتق، وإن عجز رد رقيقاً وأجبر مولاه على بيعه. قلت: وكذلك الذمي إذا أسلمت أم ولده أو أسلم مدبره أو مكاتبه (¬3)، فالحكم فيه كالحكم في الحربي؟ قال: نعم. قلت: أرأيت عبداً أسلم في دار الحرب ثم خرج إلى دار الإسلام وترك مولاه في دار الحرب أيكون العبد حراً؟ قال: نعم. قلت: فإن خرج مولاه قبله فأسلم ثم خرج العبد بعده؟ قال: هو مملوك له لا يعتق. قلت: فإن خرج المولى بعبده ذلك وبرقيق معه للتجارة، فلما دخل دار الإسلام أسلم المولى، ما حال العبد؟ قال: العبد عبده. قلت: أرأيت إن دخل دار ¬

_ (¬1) ف: إن كان. (¬2) ز: أن يعجز. (¬3) م ز: أو مكاتبته.

باب المرأة من أهل الحرب أسلمت ثم خرجت إلى دار الإسلام

الإسلام ولم يسلم ما حال العبد؟ قال: أنا أجبر المولى على بيع العبد. قلت: وكذلك لو أن أم ولده أسلمت ثم خرجت إلى دار الإسلام كانت تكون بمنزلة الحرة؟ قال: نعم. قلت: فهل لها أن تتزوج من ساعتها إن شاءت؟ (¬1) قال: نعم (¬2). قلت: فهل عليها العدة؟ قال: لا. قلت: فلو أنها كانت حاملاً من مولاها فتزوجت؟ قال (¬3): النكاح باطل. وقال أبو يوسف ومحمد: نرى عليها العدة وعلى أم الولد، على كل واحدة (¬4) منهما ثلاث حيض إن لم تكن (¬5) حاملا. قلت: وإن تزوجت قبل أن تنقضي العدة؟ قال: أفسدنا النكاح. ... باب المرأة (¬6) من أهل الحرب أسلمت ثم خرجت إلى دار الإسلام قلت: أرأيت المرأة من أهل الحرب أسلمت ثم خرجت إلى دار الإسلام وتركت زوجها في دار الحرب هل (¬7) لها أن تتزوج من ساعتها؟ قال: نعم. قلت: وليس عليها عدة؟ قال: لا. ألا ترى أن زوجها لو (¬8) طلقها لم يقع عليها طلاقه. وقال أبو يوسف ومحمد: عليها العدة وعلى أم الولد، على كل واحدة منهما ثلاث حيض. وإن تزوجت قبل أن تنقضي العدة أبطلت النكاح. وكذلك لو كانت حاملاً (¬9) فإن النكاح فاسد لا يجوز حتى تضع حملها. قلت: فلو كانت حاملاً فتزوجت؟ قال: النكاح فاسد. لا ينبغي لها أن تتزوج حتى تضع حملها. قلت: فلو أن زوجها خرج مسلماً بعدها قبل أن تتزوج أو بعدما تزوجت؟ قال: لا سبيل له عليها في الوجهين ¬

_ (¬1) هذا السطر مشطوب عليه في نسخة م. (¬2) م ف - قال نعم. (¬3) في هامش م ف: وفي نسخة قال لا حتى تضع حملها. (¬4) ز: واحد. (¬5) ز: لم يكن. (¬6) ز: امرأة. (¬7) ز: فهل. (¬8) ز: لو أن زوجها. (¬9) م: حلاملا.

جميعاً؛ لأنها قد انقطعت العصمة فيما بينهما حين خرجت إلى دار الإسلام. قلت: وكذلك الزوج لو كان أسلم قبلها (¬1) ثم خرج إلى دار الإسلام، ثم أسلمت هي بعده، ثم خرجت إلى دار الإسلام، هل تكون بينهما عصمة؟ قال: لا، ولا عدة عليها. قلت: ولزوجها أن يتزوج أربعاً سواها؟ قال: نعم. قلت: وله أن يتزوج أختها فيهن إن شاء؟ قال: نعم. قلت: لم كان هذا هكذا؟ قال: لأن الزوج حين أسلم وخرج إلى دار الإسلام (¬2) انقطعت العصمة فيما بينهما؛ لأن أحكام المسلمين لا تجري في دار الحرب. ألا ترى أنه لو طلقها لم يقع طلاقه عليها، ولو آلى منها أو ظاهر لم يقع إيلاؤه ولا ظهاره عليها. قلت: فلم لا يقع عليها إيلاؤه ولا ظهاره وقد أسلمت وخرجت إلى دار الإسلام؟ قال: لأنه قد انقطعت العصمة فيما بينهما حين خلفها في دار الحرب، لأن أحكام المسلمين لا تجري في دار الحرب، فلا يقع عليها طلاقه ولا ظهاره إلا بنكاح مستقبل. قلت: أرأيت الحربي لو خرج إلينا بأمان ومعه امرأته فكانا مستأمنين في دار الإسلام جميعاً فأسلم أحدهما ثم أسلم الآخر بعده بيوم؟ قال: هما على نكاحهما. قلت: فلو كانا في أرض الحرب فأسلم أحدهما قبل صاحبه بيوم أو بشهر؟ قال: هما على نكاحهما. قلت: فما الوقت الذي ينقطع فيه النكاح إذا أسلمت المرأة؟ قال: إذا أسلمت المرأة وحاضت ثلاث حيض قبل أن يسلم الزوج فلا نكاح بينهما. قلت: وكذلك لو أسلم الزوج ثم حاضت ثلاث حيض قبل أن تسلم المرأة؟ قال: نعم، إلا أن تكون (¬3) امرأته من أهل الكتاب، فيكونان على نكاحهما ما لم يخرج من دار الحرب ويخلفها. قلت: فإن كان قد دخل بها أو لم يدخل بها فهو وهي في هذا سواء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل من أهل الحرب إذا طلق امرأته ثلاثاً أو مات عنها ¬

_ (¬1) ف - قبلها. (¬2) ز + هل تكون بينهما عصمة قال لا ولا عدة. (¬3) ز: أن يكون.

باب نكاح أهل الحرب

ثم أسلمت وخرجت إلى دار الإسلام هل عليها عدة؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأن التي خرجت ولها زوج أشد حالاً من هذه وليس عليها عدة. وليس على واحدة منهما عدة؛ لأن أحكام المسلمين لا تجري في دار الحرب. ... باب نكاح أهل الحرب قلت: أرأيت رجلاً من أهل الحرب يسلم هو وامرأته وقد كان تزوجها بغير شهود هل يفرق بينهما؟ قال: لا، وهما على نكاحهما. قلت: ولمَ وهذا نكاح فاسد؟ قال: لأنه كان جائزاً فيما بينهم. ولو أفسدت هذا وأشباهه لأفسدت النكاح أيضاً إذا كان بشهود؛ لأنه لا يحل لرجل من المسلمين أن ينكح امرأة من أهل الشرك سوى أهل الكتاب. ولو كنت أجيز بين هؤلاء ما أجيز بين المسلمين وأفسد بينهم ما أفسد بين المسلمين لم يثبت نكاح واحد منهم. ولو كان أيضاً بشهادة شهودهم في هذا [فهو] باطل لا يجوز بين المسلمين، ولا يجوز هذا على هذا الوجه، ولكن ما يكون في دينهم نكاحاً (¬1) فهو جائز. قلت: ولو تزوج امرأة في عدة وقد مات عنها زوجها أو طلقها ثم أسلما جميعاً أكانت تكون امرأته وكان النكاح جائزاً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت لو طلق امرأته ثلاثاً ثم تزوجها ثم أسلما جميعاً يفرق بينهما؟ قال: نعم. قلت: لمَ؟ قال: لأن هذه لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره. قلت: من أين اختلف هذا والباب الأول؟ قال: الباب الأول (¬2) لا تحرم عليه، إلا أنها لو كانت مسلمة تحت مسلم كانت عليها العدة. وهذا حرام عليه أبداً لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره. وهذا بمنزلة رجل له امرأة قد (¬3) دخل بها ثم ماتت فتزوج بعد ذلك أمها أو ابنتها فيفرق بينهما؛ لأنها لا تحل له على حال من الحالات. ¬

_ (¬1) ز: نكاح. (¬2) ف - قال الباب الأول. (¬3) ف: وقد.

قلت: أرأيت الرجل من أهل الحرب ينكح خمس نسوة في عقدة واحدة أو في عُقَد متفرقة ثم يسلم هو وهن جميعاً؟ قال: إن كان نكاحهن في عقدة واحدة فإنه يفرق بينه وبينهن جميعاً، وإن كان نكاحهن في عُقَد متفرقة فنكاح الأربع الأول حلال جائز، ونكاح الخامسة حرام باطل يفرق بينه وبينها. قلت: وكذلك لو تزوج أختين في عقدة واحدة أو في عقدتين؟ قال: نعم. قلت: فلو كان تزوج امرأة وابنتها في عقدة واحدة فرق بينه وبينهما، وإن كان في عقدتين كانت الأولى امرأته وفرق بينه وبين الآخرة؟ (¬1) [قال: نعم]. قلت: فإن كان قد دخل بهما في عقدتين جميعاً؟ قال: يفرق بينه وبينهما جميعاً. قلت: فإن كان قد تزوج امرأة وابنة أختها في عقدة واحدة أو عقدتين متفرقتين وقد دخل بهما أو لم يدخل بهما؟ (¬2) قال: هما كالأختين في الباب الأول. قلت: فإن فجر بامرأة أو قبلها لشهوة أو لامسها لشهوة أو نظر إلى فرجها ثم تزوج أمها وابنتها ثم أسلموا جميعاً؟ قال: يفرق بينه وبينهما؛ لأنهما لا تحلان (¬3) له على حال أبداً. قلت: أرأيت الرجل منهم يتزوج المرأة منهم على الميتة أو على الدم أو على الخنزير أو على الخمر يدفع ذلك إليها ويدخل بها ثم يسلمان ويدخلان دار الإسلام كيف القول في النكاح وفي المهر؟ قال: النكاح جائز، ولا مهر عليه، وما أعطاها فهو ماض جائز. قلت: ولمَ؟ قال: لأنهما قد تراضيا في دار الحرب على شيء ودفعه إليها، فليس لها شيء غيره. قلت: أرأيت لو تزوجها على غير مهر مسمى وهذا في دينهم نكاح جائز فدخل بها ثم أسلما وخرجا إلى دار الإسلام؟ قال: فالنكاح جائز، ولا مهر لها عليه. قلت: فلو تزوجها على مهر مسمى ثم أسلما وخرجا إلى دار الإسلام كان لها عليه المهر تأخذه به؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) ز: الأخرى. (¬2) ز - أو لم يدخل بهما. (¬3) ز: لا يحلان.

باب فيمن دخل أرض الحرب مستأمنا للتجارة

قلت: أرأيت المرأة من أهل الحرب إذا تزوجت زوجاً ولها زوج غيره ثم خرجت هي وهذا الزوج الأخير إلى دار الإسلام وأسلما أيكونان على نكاحهما؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه قد تزوجها ولها زوج، وهذا لا يصلح على حال من الحالات أن يتزوجها ولها زوج. قلت: فإن نكحها مستقبلاً في دار الإسلام هل يكون نكاحهما هذا المستقبل نكاحأ جائزاً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل من أهل الحرب يخرج إلى دار الإسلام مستأمناً، ثم يبدو له فيقيم بها ويصير ذمة، وله امرأة في دار الحرب، ما حال امرأته؟ قال: قد انقطعت العصمة فيما بينهما حين صار هذا من أهل الذمة. قلت: وكذلك المرأة إذا خرجت مستأمنة وتركت زوجها هناك فأقامت في دار الإسلام وصارت من أهل الذمة؟ قال: نعم. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا أسلمت المرأة من أهل الحرب وخرجت إلى دار الإسلام وخلفت زوجها في دار الحرب وليس بها حبل فلا تتزوج حتى تحيض ثلاث حيض وتنقضي عدتها. وإن تزوجت قبل ذلك أفسدنا نكاحها. ولا نرى هذه المرأة تشبه السبي. وإذا تزوج الحربي أربع نسوة جميعاً ثم سبي هو وهن فلا نكاح بينه وبينهن. فإن كانت قد ماتت قبل السبي امرأتان منهن فنكاح الباقيتين جائز في قول أبي حنيفة. ... باب فيمن دخل أرض الحرب مستأمناً للتجارة قلت: أرأيت الرجل المسلم يدخل أرض الحرب بأمان أيتزوج امرأة من أهل الحرب وهم من أهل الكتاب؟ قال: أكره له ذلك. قلت: فإن تزوج هل يكون ذلك جائزاً؟ قال: نعم. قلت: فلم كرهته؟ قال: لأني أكره أن

يكون ولده بأرض الحرب، وأكره الإقامة بها. قلت: فهل تكره ذبائحهم إذا كانوا أهل كتاب؟ قال: لا بأس بذبائحهم إذا كانوا أهل الكتاب؛ لأن الله تعالى قد أحل ذبائح أهل الكتاب (¬1). بلغنا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه سئل عن مناكحة أهل الكتاب من أهل الحرب، فكرهه، وسئل عن ذبائحهم، فلم ير بذلك بأساً (¬2). قلت: فإذا كانوا غير أهل الكتاب لم يحل له (¬3) أن يأكل ذبائحهم ولا ينكح (¬4) نساءهم؟ قال: نعم، لا يحل له ذلك. قلت: فإن اشترى أمة من إمائهم وهي على دينهم أيصلح له أن ينكحها؟ قال: لا. قلت: فإن أخرجها إلى دار الإسلام وهي صغيرة ومثلها يجامع غير أنها لا تعرف شيئاً ولم تقر (¬5) به (¬6) أيجامعها؟ قال: نعم إن شاء. قلت: ويصلي عليها إن ماتت؟ قال: نعم إن شاء. قلت: ويأكل ذبيحتها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا تزوج الرجل (¬7) من أهل الكتاب امرأة من أهل الحرب، فولدت منه، وظهر المسلمون عليها وعلى ولدها وهي حامل، كيف القول فيها وفي أولادها وما في بطنها؟ قال: أما أولادها فأحرار مسلمون لا سبيل عليهم، وأما المرأة وما في بطنها فهو فيء معها؛ لأن ما في بطنها فهو بمنزلتها. قلت: أرأيت الرجل إذا خرج إلى دار الإسلام مسلماً وترك امرأته في دار الحرب وهي نصرانية؟ قال: قد انقطعت عصمتها حين خرج إلى دار الإسلام. قلت: ولا يقع (¬8) طلاقه عليها ولا إيلاؤه ولا ظهاره عليها؟ قال: لا. قلت: فإن جاءت إلى دار الإسلام بتجارة أيطؤها زوجها بذلك النكاح؟ قال: لا. قلت: فإن تزوجها في دار الحرب وهو ¬

_ (¬1) يقول الله تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} (سورة المائدة، 5). (¬2) المصنف لعبد الرزاق، 6/ 84. (¬3) ز: لهم. (¬4) ز: تنكح. (¬5) ز: يقر. (¬6) وفي ط: تقربه. وهو خطأ. وفي هامش ب: أي لم تقر بالإسلام. (¬7) ط + المسلم. (¬8) ز: يقطع.

باب ما يشتري المسلم من رقيق في أرض الحرب

مسلم وهي من أهل الكتاب وثبتت (¬1) على دينها أيكونان على نكاحهما؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كانا في دار الحرب مقيمين فصالح أهل تلك الدار وصاروا ذمة؟ قال: نعم. ... باب ما يشتري المسلم من رقيق في (¬2) أرض الحرب قلت: أرأيت ما اشترى المسلم من رقيق في أرض الحرب أو داراً أو أرضاً كيف يكون حال ذلك كله إن ظهر عليه المسلمون؟ قال: أما الأرض والدور ففيء للمسلمين، وأما المتاع والرقيق فهو له. قلت: وكل ما وُهب له من ذلك أو اشتراه فهو سواء؟ قال: نعم. قلت: من أين اختلف الدور والأرضون (¬3) والرقيق والمتاع؟ قال: لأنه يقدر على تحويل الرقيق والمتاع إلى دار الإسلام، ولا يستطيع (¬4) تحويل الدور والأرضين إلى دار الإسلام. قلت: أرأيت إن خرج المسلم إلى دار الإسلام (¬5) واستودع ماله هناك (¬6) رجلاً من أهل الحرب أو من أهل الذمة ثم ظهر المسلمون عليه أيردونه (¬7) عليه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كانوا قد اقتسموه أيأخذه أيضاً بغير قيمة؟ (¬8) قال: نعم. قلت: لمَ؟ قال: لأنه مال مسلم لم يحرزه المشركون. قلت: فلو أن المشركين قتلوا ذلك الرجل المسلم في دارهم وأخذوا ماله، ثم ظهر المسلمون عليهم وعلى ذلك المال، فوجده ورثة الرجل قبل أن يقسم؟ قال: فهم أحق به. قلت: فإن كان قد اقتسم؟ قال: إن كان ذهباً أو ¬

_ (¬1) ز: وتثبت. (¬2) ز: من. (¬3) ز: والأرضين. (¬4) ز + ابن. (¬5) م هـ: في نسخة دار الحرب. وهي كذلك في المطبوعة. وكلا النسختين صواب. فعلى ما أثبتناه في المتن معناه أنه إذا خرج المسلم من دار الحرب إلى دار الإسلام. . . وعلى الرواية الثانية معناه واضح. (¬6) ف: هنالك. (¬7) ز: أويردونه. (¬8) ب: بغير شيء.

فضة فلا سبيل لهم عليه، وإن كان غير ذلك فهم أحق به بالقيمة إن شاؤوا. قلت: ولم أخذوا هذا بالقيمة وفي الباب الأول لم يأخذوه بالقيمة؟ قال: لأن هذا قد أحرزه المشركون حين قتلوه، والباب الأول لم يحرزوه. قلت: أرأيت هؤلاء المشركين لو أنهم أسلموا حين قتلوا الرجل أو صالحوا فكانوا ذمة قد كنت تأخذهم بشيء من ماله أو دمه؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنهم أصابوا ذلك في دار الحرب. قلت: أرأيت هذا الذي دخل إليهم بأمان لو أنه قتل رجلاً منهم في دار الحرب، أو غصب متاعاً أو رقيقاً فخرج به إلى دار الإسلام، ثم (¬1) إن (¬2) أهل الحرب أسلموا أو صاروا ذمة، هل كنت ترد عليهم شيئاً مما أصاب ذلك، أو تضمنه شيئاً من ماله أو دمه؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه أصاب ذلك في دار (¬3) الحرب حيث لا تجري عليه أحكام المسلمين. قلت: فهل تكره ذلك للرجل؟ قال: نعم، أكره له ذلك في دينه أن يغدر (¬4) بهم. قلت: أرأيت إن غدر بهم فأخذ مالاً أو رقيقاً ثم أخرجه إلى دار الإسلام فاشترى رجل مسلم من أولئك الرقيق شيئأ هل تجيز ذلك؟ قال: نعم، ذلك كله جائز. قلت: فهل تكره لذلك أن يشتري منه شيئاً من ذلك إن كان يعلم (¬5) أنه غدر بهم فأصاب هذا على وجه الغدر؟ قال: نعم، أكره له ذلك، وإن اشتراه أجزته عليه، وأكره للمشتري [إن كانت جارية] (¬6) أن يطأها. قلت: أرأيت هذا الذي (¬7) دخل عليهم بأمان فكان في بلادهم، إن أصاب أهل الحرب من قوم آخرين من أهل الحرب لهم سبايا، هل يشتري ذلك الرجل من ذلك السبي شيئاً؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو سُبي أهل الدار التي هو فيها أرأيت له أن يشتري منهم؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو أن المسلمين وادعوا قوماً آخرين من أهل الحرب ثم أغار عليهم قوم آخرون من أهل الحرب (¬8) فسبوهم هل ¬

_ (¬1) م - ثم. (¬2) ز: وإن. (¬3) ف: في أرض. (¬4) ز: أن تغدر. (¬5) ز: تعلم. (¬6) الزيادة من الكافي، 1/ 160 و؛ والمبسوط، 10/ 97. (¬7) م + إذا دخل؛ ف ز + إذا. (¬8) م ف + لهم.

باب القوم يكونون مستأمنين في دار الحرب

يشتري ذلك الرجل من ذلك السبي شيئاً؟ قال: نعم. قلت: فإن كان الذين (¬1) سبوهم قوم من المسلمين غدروا بأهل الموادعة أترى للمسلمين أن يشتروا (¬2) من ذلك السبي (¬3) شيئاً؟ قال: لا ينبغي لهم أن يشتروا منهم شيئاً، وإن اشتروا رددت البيع، ولا يشبه هذا دخول الرجل وحده بأمان. قلت: لمَ؟ قال: لأنهم قد كانوا في أمان منهم، فلا يصلح لهم أن يغدروا بهم. وقد جاء الأثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "يسعى بذمتهم أدناهم" (¬4). فإذا سباهم غيرهم من أهل الحرب فقد صاروا في أيدي قوم ليس بينهم وبينهم موادعة، فإن قاتلوهم وأسروهم فأصابوا ذلك منهم فلا بأس بذلك كله. ... باب القوم يكونون مستأمنين في دار الحرب قلت: أرأيت القوم من المسلمين يكونون مستأمنين في دار الحرب فيغير (¬5) عليهم قوم آخرون من أهل الحرب أيحل لمن ثم من المسلمين أن يقاتلوا معهم؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأن أحكام أهل الشرك ظاهرة غالبة، لأن المسلمين لا يستطيعون أن يحكموا بأحكام أهل الإسلام. قلت: فإن خاف المسلمون على أنفسهم من ذلك العدو أيقاتلون دفعاً عن أنفسهم؟ قال: إذا كان هكذا فلا بأس بالقتال ليدفعوا عن أنفسهم. قلت: أرأيت أهل الحرب الذين فيهم المسلمون المستأمنون، إذا أغاروا (¬6) على دار المسلمين فأصابوا غنائم وسبايا كثيرة أحراراً مسلمين، فأدخلوهم دار الحرب فمروا بهم على أولئك المسلمين المستأمنين، أترى لهم أن ينقضوا عهدهم ويقاتلوا على ذراري المسلمين؟ قال: نعم، ولا يسعهم إلا ذلك إذا كانوا يطيقون القتال. ¬

_ (¬1) ز: الذي. (¬2) ز: أن يشتري. (¬3) ف - السبي. (¬4) تقدم الحديث بإسناد المؤلف في أوائل كتاب السير، وتقدم تخريجه هناك. 5/ 115 ظ. (¬5) ف: فيظهر. (¬6) م ف: إذا غاروا.

باب الأحكام في الارتداد عن الإسلام

قلت: أرأيت قوماً من الخوارج لو ظهروا على مدينة من مدائن المسلمين فكانوا يعملون فيها بغير الحق، فأغار عليهم أهل الشرك فسبوا من ذراري أولئك الخوارج طائفة فأدخلوهم دار الحرب، أينبغي لأولئك المسلمين المستأمنين في دار الحرب أن ينقضوا عهدهم ويقاتلوا عن تلك الذراري؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان في تلك المدينة قوم من المسلمين (¬1) الخوارج قد أغار عليهم أهل الحرب، أينبغي للمسلمين أن يقاتلوا مع الخوارج عن بيضة المسلمين وحريمهم؟ قال: نعم، لا يسعهم إلا ذلك. ... باب الأحكام في الارتداد عن الإسلام قلت: أرأيت الرجل المسلم إذا ارتد عن الإسلام كيف الحكم فيه؟ قال: يعرض عليه الإسلام، فإن أسلم وإلا قتل مكانه إلا أن يطلب أن يؤجل، فيؤجله ثلاثة أيام. قلت: فهل بلغك في هذا أثر؟ قال: نعم، بلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قتل المرتد نحو من هذا (¬2). وبلغنا عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود ومعاذ بن جبل نحو من هذا (¬3). وهذا الحكم والسنة. ¬

_ (¬1) ف ز + من غير. (¬2) ولفظ الحديث المرفوع في هذا: "من بدل دينه فاقتلوه". انظر: صحيح البخاري، الجهاد، 149؛ استتابة المرتدين، 2؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 456؛ والدراية لابن حجر، 2/ 136. وقد ورد التأجيل ثلاثة أيام عن عمر - رضي الله عنه - وعمر بن عبد العزيز. انظر: الموطأ، الأقضية، 16؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 460. (¬3) وورد قتل المرتد عن علي وابن مسعود. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 6/ 442. كما روي عن ابن مسعود مرفوعاً: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث" فذكر "والتارك لدينه المفارق للجماعة". انظر: صحيح البخاري، الديات، 6؛ وصحيح مسلم، القسامة، 25. وروي من حديث معاذ مرفوعاً. انظر: صحيح البخاري، استتابة المرتدين، 2؛ وصحيح مسلم، الإمارة، 15. وروي عن معاذ مرفوعاً بلفظ آخر. انظر: مجمع الزوائد للهيثمي، 6/ 263.

قلت: فإن أبى أن يسلم فقتله الإمام أيقسم ماله بين ورثته على فرائض الله تعالى؟ قال: نعم. قلت: فهل بلغك في هذا أثر؟ قال: نعم، بلغنا عن علي بن أبي طالب أنه قتل مرتداً وقسم ماله بين ورثته على فرائض الله تعالى (¬1). وبلغنا نحو من ذلك عن علي (¬2) وعبد الله بن مسعود (¬3). قلت: أرأيت الرجل إذا ارتد عن الإسلام هل تقسم (¬4) ماله بين ورثته وهو مقيم في الدار قبل أن تقتله؟ (¬5) قال: لا. قلت: فإن لحق بأرض الحرب ثم رفع ذلك إلى الإمام هل تقسم ماله بين ورثته؟ قال: نعم. قلت: وتعد هذا بمنزلته (¬6) لو مات؟ قال: نعم. قلت: فإن كان عليه دين وله مدبرون وأمهات أولاد ثم رفع ذلك إلى الإمام وقد لحق بدار الحرب؟ قال: يعتق أمهات الأولاد ومدبروه (¬7) من ثلث ماله، ويقضى دينه مما بقي. فإن لم يكن له مال تمام الدين سعى مدبروه في الدين وفي تمام الثلثين. قلت: أرأيت إن كان عليه دين إلى أجل جعلته حالاً؟ قال: نعم. قلت: فإن كان قد أوصى بوصية في إسلامه قبل أن يرتد هل تجيزها؟ قال: لا أجيزها. قلت: من أين اختلفت (¬8) الوصية والتدبير؟ قال: لأن له أن يرجع في الوصية، فارتداده عندي بمنزلة الرجوع. ألا ترى أنه لا يملك ماله إذا ارتد ولا يستطيع أن يرجع في تدبيرهم. قلت: فهل تورث امرأته شيئاً منه؟ قال: إذا قتل وامرأته في عدة منه أو لحق بدار الحرب وامرأته في عدة منه فإنني أورثها منه. وأما إذ قتل وقد انقضت عدتها فإني لا أورثها شيئاً منه. قلت: فإن كان لم يدخل بها فلا ميراث لها منه وليست عليها عدة؟ ¬

_ (¬1) روي نحو ذلك عن علي وابن مسعود وسعيد بن المسيب والحسن والشعبي والحكم وعمر بن عبد العزيز. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 6/ 104؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 6/ 442. (¬2) كذا في الأصول. ولعل المؤلف يعني أنه بلغه ذلك عن علي من طريق آخر، فقد روي كذلك في المصادر السابقة. وقال السرخسي: وذلك مروي عن ابن مسعود ومعاذ - رضي الله عنهما -. انظر: المبسوط، 10/ 100. (¬3) انظر المصادر السابقة. (¬4) ز: هل يقسم. (¬5) ز: أن يقتله. (¬6) ز: بمنزلة. (¬7) ز: ومدبريه. (¬8) ز: اختلف.

قال: نعم. قلت: من أين اختلفت (¬1) المعتدة وغير المعتدة؟ قال: إذا انقضت عدتها فقد حل لها الأزواج. ألا ترى أنها لو شاءت تزوجت، فكيف ترث زوجها الأول وهي تحت غيره. وأما إذا كانت عليها عدة فلها الميراث؛ لأنها لا يحل (¬2) لها أن تتزوج حتى تنقضي عدتها. قلت: أرأيت هذا المرتد اللاحق بأرض الحرب إن رجع تائباً، وقد أعتق (¬3) الوالي أمهات أولاده ومدبريه وقضى دينه وقسم ميراثه بين ورثته، هل يرجع في شيء من ذلك؟ قال: لا يرجع في شيء من ذلك ما خلا الميراث، فإن وجد شيئاً من الميراث قائماً بعينه في يدي ورثته أخذه. قلت: أرأيت إن لم يكن الإمام أعتق أمهات أولاده ولا مدبريه ولا قضى (¬4) دينه حتى رجع المرتد تائباً إلى دار الإسلام وخرج من دار الحرب؟ قال: فأمهات أولاده ومدبروه (¬5) على حالهم، وماله يأخذ ذلك كله ورقيقه، ودينه عليه كما كان إلى أجله. قلت: أرأيت الرجل إذا ارتد عن الإسلام ثم باع في ردته واشترى أو وهب هبة أو أعتق عبداً له أو دبره (¬6)، أو كاتب أمة فوطئها فعلقت منه فادعى الولد، أو كاتب عبداً له أو أعتقه على مال، ثم أسلم، أتجيز ذلك كله؟ قال: نعم. قلت: فإن قتل أو لحق بأرض الحرب وقسم ماله هل تجيز بيعه وشراءه وعتقه وهبته وتدبيره ومكاتبته؟ قال: لا أجيز شيئاً من ذلك غير الدعوة، فإني أثبت نسب الولد منه. قلت: وتورث هذا الابن مع ورثته؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن أعتق عبداً له وهو مرتد، ثم أعتق ابنه ذلك العبد وليس له ابن إلا ابن (¬7) واحد، ثم قتل المرتد، هل يجوز عتقه أو عتق الابن؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأن الابن لم يملكه، ولأن المرتد لا يجوز عتقه. ألا ترى أن الابن لو مات قبل أبيه أو قبل لحوق أبيه (¬8) بدار الحرب كان العبد لغيره، ولو أسلم لم يكن له (¬9) العبد. أوَلا ¬

_ (¬1) ز: اختلف. (¬2) ز: لا تحل. (¬3) ف - أعتق. (¬4) ز: قضاء. (¬5) ز: ومدبريه. (¬6) ز: أو مدبره. (¬7) ز: بن. (¬8) ز: ابنه. (¬9) أي: للابن.

باب جنايات المرتد

ترى أنه لا يملكه. قلت: أرأيت الابن إذا مات والأب (¬1) مرتد ثم قتل الأب مرتدا، لمن يكون ميراث الأب، وللأب مولى، وللابن مولى قد أعتقه غير مولى الأب؟ قال: فالميراث لمولى الأب، وليس لمولى الابن منه شيء. قلت: أرأيت الرجل إذا ارتد عن الإسلام فاكتسب مالاً في ردته أيكون ميراثاً بين ورثته؟ قال: لا، ولكن يكون فيئاً في بيت المال. قلت: ولمَ؟ قال: لأنه اكتسبه وهو مرتد حلال دمه بمنزلة أهل الحرب. وقال أبو يوسف ومحمد: نرى أن ما اكتسبه في ردته ميراث لورثته، ونرى عتقه في ردته جائزاً، ولا يكون شيء (¬2) مما اكتسبه في دار الإسلام فيئاً، إلا أن محمداً قال في ذلك: هو فيما أعتق أو باع أو اشترى بمنزلة المريض. قلت: أرأيت المرتد هل تؤكل ذبيحته؟ قال: لا. قلت: وإن كان نصرانياً؟ قال: وإن كان؛ لأنه ليس بمنزلة اليهودي والنصراني. ألا ترى أنه لا يترك على دينه حتى يسلم أو يقتل. قلت: ولو تزوج امرأة مسلمة أو ذمية أو مرتدة فنكاحه فاسد؟ قال: نعم. قلت: فإن كان له منها ولد أتثبت نسبه منه؟ قال: نعم. والله أعلم. ... باب جنايات المرتد قلت: أرأيت هذا المرتد إذا جنى جناية خطأ أو عمداً هل تعقل (¬3) العاقلة ذلك عنه؟ قال: لا. قلت: ولمَ؟ قال: لأنه قد حل دمه وصار بمنزلة أهل الحرب. قلت: فما حال الجناية؟ قال: عليه الأرش في ماله. قلت: وكذلك ما اغتصب من شيء أو أفسده؟ قال: نعم. قلت: وتقضي (¬4) بذلك قبل الميراث؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يكن له مال إلا ما اكتسبه في ردته أيكون عليه في ذلك المال؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) م ز: والابن. وانظر: الكافي، 1/ 160 ظ؛ والمبسوط، 10/ 106. (¬2) ز: شيئاً. (¬3) ز: هل يعقل. (¬4) ز: ويقضي.

قلت: أرأيت الرجل إذا ارتد عن الإسلام فقطع رجل يده عمداً أو خطأ أو فقأ عينه أو جنى عليه جناية عمداً أو خطأً هل عليه في ذلك شيء؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأن دمه حلال، فلا شيء على (¬1) من قطع يده أو رجله أو جنى عليه أو جرحه. قلت: وكذلك لو أسلم وبه تلك الجراحة ثم مات منها؟ قال: لا شيء على فاعل ذلك. قلت: أرأيت رجلاً قطع يد رجل وهما مسلمان جميعاً عمداً أو خطأ، ثم إن المقطوع يده ارتد عن الإسلام ولحق بدار الحرب فمات منها، أو لم يلحق بأرض الحرب حتى مات منها، أو أسلم ثم مات منها بعد إسلامه؟ قال: فعلى القاطع في هذه الوجوه كلها دية اليد، إن كان (¬2) القطع عمداً ففي ماله، وإن كان خطأ فعلى عاقلته ما خلا خصلة واحدة: إذا قطع يده وهو مسلم ثم ارتد عن الإسلام ثم أسلم ثم مات منها (¬3) فإن عليه في هذا الوجه (¬4) الدية كاملة في العمد والخطأ، إلا أن العمد في ماله والخطأ على عاقلته. وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال زفر ومحمد في هذه الخصلة أيضاً: لا يغرم الجاني فيها إلا أرش اليد خاصة؛ لأنه حين رجع فيها إلى حال يحل دمه فما حدث بعد ذلك من الجناية فهو هدر إن أسلم أو لم يسلم. قلت: أرأيت إن كان الذي ارتد عن الإسلام هو القاطع، وكان المقطوع يده على الإسلام، والقطع عمد، فقتل القاطع، ثم مات المقطوع يده من ذلك القطع، أو برأت يده، كيف القول في ذلك؟ قال: إن كان القطع (¬5) عمداً فلا شيء للمقطوعة يده، وإن كان خطأً فعلى عاقلة القاطع دية اليد، فإن مات منها فعلى عاقلة القاطع دية النفس كاملة. قلت: ولم تجعل ذلك على عاقلته وهو مرتد؟ قال: لأنه جنى الجناية وهو مسلم، فلذلك ألزمناها العاقلة. قلت: أرأيت إن كانت الجناية وهو مرتد والمسألة على حالها ثم قتل في ردته؟ قال: إن كانت عمداً فلا شيء للمقطوعة يده، وإن كانت (¬6) خطأ فعلى الجاني دية تلك اليد في ماله، وإن كان المقطوعة ¬

_ (¬1) م ف ز: عليه. (¬2) م ف ز: وإن كان. (¬3) ف ز: عنها. (¬4) م ف ز: هذه الوجوه. (¬5) ف: القاطع. (¬6) ز: كان.

باب المرأة ترتد عن الإسلام

يده قد مات منها فعلى الجاني دية النفس في ماله. قلت: أرأيت إن لم يكن للجاني مال إلا شيء اكتسبه في حال ردته أيكون عليه فيه؟ قال: نعم. ... باب المرأة ترتد عن الإسلام قلت: أرأيت المرأة ترتد عن الإسلام كيف الحكم فيها؟ قال أبو حنيفة: لا تقتل، ولكنها تحبس أبداً حتى تسلم. قلت: ولا تقتل المرأة؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: بلغنا عن عبد الله بن عباس أنه قال: إذا ارتدت المرأة عن الإسلام حبست ولم تقتل (¬1). وبلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن قتل نساء المشركين في الحرب (¬2). فدرأنا (¬3) عنها بهذا. قلت: فكيف تصنع (¬4) بمالها؟ قال: هو لها. قلت: أرأيت إذا ماتت في السجن أو لحقت بأرض الحرب كيف الحكم في مالها؟ قال: يقسم مالها بين ورثتها على فرائض الله تعالى. قلت: وكذلك كل ما اكتسبته في ردتها؟ قال: نعم. قلت: فلزوجها منها ميراث؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنها قد بانت منه حين ارتدت. قلت: فما بال الزوج جعلت لها منه ميراثاً حين ارتد ولم تجعل (¬5) له منها شيئاً؟ قال: ألا ترى أن الرجل إذا طلق امرأته ثلاثاً في مرضه أنها ترث منه إذا مات وهي في عدة منه، ولو ماتت هي لم يرثها. وكذلك المرتد هو عندي بمنزلة هذا المطلق في المرض. قلت: أرأيت المرأة إذا ارتدت في مرضها فماتت في عدتها هل ¬

_ (¬1) الآثار لمحمد، 103؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 563/ 5؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 457. (¬2) صحيح البخاري، الجهاد، 147، 148؛ وصحيح مسلم، الجهاد، 24، 25؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 386. (¬3) م ف ز: فادرأنا. (¬4) ز: يصنع. (¬5) ز: يجعل.

لزوجها منها ميراث؟ قال: نعم، إذا ماتت وهي في العدة. قلت: ومن أين اختلف ارتدادها في المرض وارتدادها في الصحة؟ قال: إذا ارتدت في المرض فهي عندي بمنزلة الفارّة من الميراث، فإذا انقضت عدتها قبل أن تموت (¬1) فلا ميراث له منها. قلت: فإذا لحقت (¬2) بأرض الحرب هل لزوجها أن يتزوج أربعاً قبل أن تنقضي عدة هذه؟ قال: نعم. قلت: لمَ؟ قال: لأن ارتدادها ولحوقها بأرض الحرب بمنزلة موتها (¬3). قلت: وله أن يتزوج أختها إن شاء؟ قال: نعم. قلت: فإذا سبيت من أرض الحرب هل تقتل؟ قال: لا، ولكن تقسم مع الغنيمة، وتجبر على الإسلام. قلت: فهل يضر ذلك زوجها في نسائه اللاتي نكح بعدها؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن لم تسب ولكنها أسلمت ورجعت إلى دار الإسلام هل تفسد على زوجها نكاحه؟ قال: لا. قلت: وهل لها أن تتزوج إن شاءت من ساعتها؟ قال: نعم. قلت: وليس عليها عدة؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن لم تسلم وكانت هناك بأرض الحرب فولدت ولداً ثم سبيا جميعاً أيكونان جميعاً فيئاً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا لحقت بدار الحرب ولها مدبر فرفع ذلك إلى الإمام هل يعتقه؟ قال: نعم. قلت: فإن كان عليها دين إلى أجل جعلته حالاً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت ما باعت واشترت وهي في دار الإسلام في حال ردتها هل يجيزه الإمام؟ قال: نعم. قلت: (¬4) وتجيز عتاقها وهبتها وبيعها وشراءها؟ قال: نعم. قلت: ولا تكون (¬5) في هذا بمنزلة الرجل؟ قال: لا تكون (¬6) بمنزلة الرجل. الرجل يقتل، وهذه لا تقتل، وإنما تحبس. قلت: أرأيت إذا ارتدت عن الإسلام فرفعت إلى الإمام فقالت: ما ارتددت قط وإنما أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، هل تعد هذا منها توبة؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الرجل؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) ط: أن يموت. (¬2) م ز: لحقه. (¬3) م + قلت لم قال لأن ارتدادها ولحوقها بأرض الحرب بمنزلة موتها. (¬4) ز - قلت. (¬5) ز: يكون. (¬6) ز: لا يكون.

باب العبد والمكاتب والإماء يرتدون عن الإسلام

قلت: أرأيت المرأة إذا ارتدت عن الإسلام فتزوجت في ردتها زوجاً مسلماً أو كافراً مرتداً أو ذمياً أو غيره هل تجيز ذلك؟ قال: لا. قلت: وكذلك الرجل؟ قال: نعم. قلت: ولا تأكل ذبيحة (¬1) المرتد ولا المرتدة؟ (¬2) قال: لا. قلت: ولو كان يهودياً أو نصرانياً؟ قال: وإن كان (¬3). ألا ترى أني لا أترك الرجل حتى يسلم أو أقتله فلا آخذ منه الخراج كما آخذ من أهل الذمة، وأني أحبس المرأة حتى تسلم. وقال أبو يوسف (¬4): المرتدة عليها القتل إذا لم تسلم، وهي بمنزلة الشيخ الكبير الفاني، [ثم رجع] (¬5) إلى قول أبي حنيفة. ... باب العبد والمكاتب والإماء يرتدون عن الإسلام قلت: أرأيت العبد يرتد عن الإسلام كيف الحكم فيه؟ قال: يعرض عليه الإسلام، فإن أسلم وإلا قتل. وكذلك المدبر والمكاتب والعبد الذي أعتق بعضه وهو يسعى في بعضه (¬6). قلت: وهؤلاء بمنزلة الرجل الحر المسلم؟ قال: نعم. قلت: والأمة وأم الولد والمدبرة والمكاتبة والأمة التي قد أعتق بعضها وهي تسعى في بعض قيمتها، إذا ارتد أحد (¬7) من هؤلاء كيف يحكم فيه؟ قال: يعرض عليها الإسلام، فإن أسلمت قبل منها، وإن ¬

_ (¬1) ز: ذبيحته. (¬2) ز - ولا المرتدة. (¬3) ز: كانا. (¬4) م ف ز + ومحمد. (¬5) التصحيح والزيادة مستفاد من الحاكم حيث يقول: وكان أبو يوسف يقول: تقتل المرتدة بمنزلة الشيخ الفاني يقتل على الردة إن لم يتب وقد نهي عن قتله في دار الحرب، ثم رجع بعد ذلك إلى قول أبي حنيفة. انظر: الكافي، 1/ 160 ظ. وانظر: المبسوط، 10/ 108. (¬6) ز: في بعضها. (¬7) ز: إذا ارتدت أخذ.

أبت حبست حتى تسلم، ولا تقتل واحدة منهن. قلت: فإن كانت خادماً وأهلها محتاجون إلى خدمتها هل تحبس؟ قال: لا. إذا كانت بهذه المنزلة عرض عليها الإسلام، فإن أسلمت وإلا دفعت إلى أهلها، وأمرتُهم أن يجبروها على الإسلام. قلت: أرأيت العبد والأمة وأم الولد والمدبر إذا اكتسب أحد [من هؤلاء] في ارتداده مالاً لمن يكون ذلك المال؟ قال: يكون ذلك المال الذي اكتسب لمولاه. قلت: وكذلك لو قتل العبد والمدبر في ردته كان ما اكتسب من مال في ردف لمولاه؟ قال: نعم. قلت: وكذلك المكاتب إذا اكتسب في حال ردته مالاً ثم قتل على ردته ما حال ما اكتسب المكاتب؟ قال: أما ما كان من كسبه حتى يبلغ أداء مكاتبته فهو لمولاه كله. وإن كان أكثر من مكاتبته استوفى المولى مكاتبته، وكان ما بقي ميراثاً لورثته. قلت: فإن لم يكن في كسبه وفاء بالمكاتبة؟ قال: هو للسيد. قلت: فإن جنى العبد في ارتداده (¬1) جناية أو جني عليه كيف الحكم فيه؟ قال: الحكم فيه كالحكم فيه (¬2) إذا جنى وهو غير مرتد. وأما إذا جني عليه وهو مرتد فليس على الذي جنى عليه شيء. قلت: فإن قتل في ارتداده وقد جنى قبل أن يخبر (¬3) مولاه (¬4) هل على (¬5) مولاه شيء؟ قال: لا. قلت: لم أبطلت ما جني (¬6) عليه وهو مرتد؟ قال: ألا ترى أن الحر إذا ارتد فجني عليه فلا شيء على الجاني. قلت: وكذلك المكاتب والمدبر حتى إذا جني على أحد منهم جناية فلا شيء على الجاني؟ قال: نعم. قلت: فإن جنى المكاتب جناية على رجل وهو مرتد ثم قتل أيكون ذلك في ماله؟ قال: ينظر إلى الجناية وإلى قيمته، فيكون عليه الأقل من ذلك. قلت: فإن كانت أمة ارتدت ثم جنت جناية؟ قال: يقال لمولاها: ادفعها أو افدها. قلت: فإن جني (¬7) عليها وهي مرتدة هل على الذي جنى (¬8) عليها شيء؟ قال: لا. قلت: لمَ وأنت لا ¬

_ (¬1) ز: في ارداده. (¬2) ز - كالحكم فيه. (¬3) ط: أن يجبره. وفي ب: أن يعلم. (¬4) ط + على الإسلام. (¬5) ز - على. (¬6) ز: جنا. (¬7) ز: جنا. (¬8) ف ز + جناية.

باب الرجل يبيع عبدا أو أمة وهما مرتدان

تقتل (¬1) النساء؟ قال: لأن بعض الفقهاء يرى عليهن القتل، فلذلك لم أر على من جنى عليهن سبيلاً. قلت: وكذلك المرأة الحرة إذا ارتدت عن الإسلام فقتلها رجل أو جنى عليها جناية؟ قال: نعم، لست أرى عليه شيئاً. ... باب الرجل يبيع عبداً (¬2) أو أمة وهما مرتدان قلت: أرأيت الأمة إذا ارتدت عن الإسلام فباعها مولاها وكتم للمشتري ارتدادها أيكون هذا عيباً ترد منه؟ قال: نعم. قلت: فإن كان البائع قد أعلمه ذلك وبرئ إليه منه هل يجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: فلو كان عبداً أكنت تعرض عليه الإسلام عند المشتري، فإن أسلم وإلا قتل؟ قال: نعم. قلت: فإن أبى أن يسلم ثم هرب فلحق بدار الحرب ثم أخذ أسيراً فمات أو أسلم أيكون لمولاه على حاله؟ قال: نعم. قلت: فإن كان قد أصاب في أرض العدو مالاً فأخذ أسيراً فأسلم وكان معه ذلك المال أيدفع ماله كله إلى مولاه؟ قال: نعم. قلت: فإن أبى أن يسلم فقتل أيدفع ماله كله إلى مولاه؟ قال: نعم. قلت: وكذلك المكاتب إذا ارتد ولحق بدار الحرب ثم أخذ أسيراً فأبى أن يسلم فقتل أيدفع ماله كله إلى مولاه؟ قال: نعم. قلت: فإن أسلم فما كان في يده فهو على حاله؟ قال: نعم. قلت: وكذلك العبد يعتق نصفه وهو يسعى في نصف قيمته؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الأمة والمكاتبة وأم الولد والمدبرة إذا ارتد بعضهم (¬3) فلحق بدار (¬4) الحرب ثم أخذها المسلمون أسيرة؟ (¬5)، قال: هذه تحبس حتى تسلم ولا تقتل، وهي لمولاها على حالها. قلت: فإن كان مولاها قد مات في دار الإسلام وهي مدبرة أو أم ولد في أرض الحرب ثم أخذت ¬

_ (¬1) ز: لا تقبل. (¬2) ز: عبد. (¬3) ز: إذا ارتدت بعضهن. (¬4) ف ز: بأرض. (¬5) ز: أسيرا.

باب الرجل يرتد وعبده

أسيرة فأبت أن تسلم كيف الحكم فيها؟ (¬1) قال: تكون فيئاً (¬2). ... باب الرجل يرتد وعبده قلت: أرأيت الرجل إذا ارتد هو (¬3) وعبده جميعاً فلحقا بأرض الحرب فمات المولى هناك وأخذ العبد أسيراً أيكون فيئاً؟ قال: نعم. قلت: فإن أبى أن يسلم قتل؟ قال: نعم. قلت: ولم يكون (¬4) فيئاً في هذه المنزلة؟ قال: لأن مولاه دخل به أرض الحرب، فكل شيء دخل معه أرض الحرب فأصيب معه فهو فيء كله. قلت: فلو أن مولاه خرج إلينا من دار الحرب مغيراً، فأخذ مالاً من ماله أيضاً قد قسم بين ورثته، فدخل به أرض الحرب، فقتل هناك على كفره، ثم أصيب (¬5) ذلك المال معه، أيكون فيئاً؟ قال: لا؛ لأنه صار المال لورثته. فإنما أخذ مال الورثة (¬6)، فهم أحق بذلك المال إن (¬7) وجدوه قبل القسمة. وإن (¬8) وجدوه بعد القسمة فهم أحق به بالقيمة. قلت: أرأيت العبد إذا ارتد عن الإسلام، ثم أخذ مالاً من مال مولاه، فدخل به أرض الحرب، ثم إن العبد قتل وأُخذ ذلك المال معه، أيكون فيئاً؟ قال: لا، ولكن يرد (¬9) على مولاه. قلت: أرأيت العبد إذا ارتد عن الإسلام فباعه مولاه من رجل وكتم المشتري ذلك أيكون هذا عيباً يرد منه؟ قال: نعم. قلت: فإن قتل عند المشتري وقد عرض عليه الإسلام فأبى أن يسلم فقتل، أيرجع المشتري على ¬

_ (¬1) ز - فيها. (¬2) ط + للمسلمين. (¬3) ف - هو. (¬4) ز: يكن. (¬5) ز: ثم أصبت. (¬6) ز + الورثة. (¬7) م ف ز: فإن. (¬8) ز: أو إن. (¬9) ف: يرده.

باب المرتدون ما يسبى منهم وما لا يسبى

البائع بالثمن؟ قال: نعم في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: يُقَوّم العبد حلال الدم وحرام الدم، فيرجع بفضل ما بينهما من الثمن. ... باب المرتدون ما يسبى منهم وما لا يسبى قلت: أرأيت القوم إذا ارتدوا عن الإسلام وحاربوا المسلمين وغلبوا على مدينة من مدائنهم في أرض الحرب، ومعهم نساؤهم وذراريهم وهم مرتدون أيضاً معهم، وليس في المدينة رجل مسلم، فكانوا فيها يقاتلون حتى ظهر المسلمون عليهم فسبوا الذراري والنسوان (¬1) وقتلوا الرجال، أيكون ذلك كله فيئاً؟ قال: نعم، ويكون فيه الخمس. قلت: وهل تجبر النساء على الإسلام؟ قال: نعم. قلت: ولا تقتل المرأة إذا أبت أن تسلم؟ قال: لا. قلت: أرأيت المرأة إذا أبت أن تسلم وقد وقعت في سهم رجل أو اشتراها أيحل له أن يطأها؟ قال: لا. قلت: فإن كانت (¬2) يهودية أو نصرانية؟ قال: وإن كانت. ألا ترى أنها تجبر على الإسلام. قلت: فإن أسلمت أيطؤها مولاها بالملك؟ قال: نعم. قلت: فإن كان عليها دين في دار الإسلام؟ قال: هو باطل، أبطله السبي. قلت: أرأيت إن أُخِذَ بعض الرجال أسيراً فأبى أن يسلم أيسبى؟ قال: لا، ولكنه يقتل. قلت: ولمَ؟ قال: لأنه ارتد وهو مسلم، فلا يترك رجل في دار الإسلام مرتداً حتى يسلم أو يقتل. قلت: فإن أسلم هل يكون فيئاً؟ قال: لا، ولكنه يكون حراً. قلت: ولمَ؟ قال: لأنه لا يكون رجل من العرب (¬3) ¬

_ (¬1) ف: والنسيان. (¬2) ز: كان. (¬3) كذا في الأصول والمطبوعة. وفي ب: رجل عربي. ولم يذكر ذلك في الكافي ولا في المبسوط. ولعله "رجل من الدار"، أي دار الإسلام. انظر: المبسوط، 10/ 116. وقد يكون المقصود قياس المرتدين على مشركي العرب الذين لا يقبل منهم إلا الإسلام أو القتال كما سيذكر المؤلف. انظر: 5/ 140 و.

فيئاً، ولكن من أبى أن يسلم منهم قتل، ومن أسلم فهو حر لا سبيل عليه. قلت: وتسبى نساؤهم وذراريهم إذا كانوا في أرض الحرب؟ قال: نعم. قلت: أرأيت أهل مدينة من المسلمين ارتدوا عن الإسلام فغلبوا على مدينتهم، غير أن فيها قوماً من المسلمين معهم آمنين، وارتدت نساؤهم معهم أيضاً، ثم ظهر المسلمون عليهم، كيف الحكم في نسائهم وذراريهم؟ قال: كلهم أحرار، ولا سبيل عليهم، غير أنهم يجبرون على الإسلام. قلت: لمَ؟ قال: لأنهم كان معهم في الدار قوم من المسلمين. قلت: فإن لم يكن في الدار قوم من المسلمين (¬1)، غير أن نساءهم معهم لم يرتددن، هل تسبى الذراري؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنهم مسلمون على دين أمهاتهم. قلت: أرأيت لو ارتدوا هم ونساؤهم وغلبوا على مدينة ثم ظُهِرَ عليهم مكانهم، هل تسبى النساء والذراري ولم يجر حكمهم في تلك المدينة، وإنما دخلوها وظهروا على أهلها ساعة ثم ظُهِرَ عليهم مكانهم؟ قال: لا يسبون. قلت: وتجبر النساء على الإسلام؟ قال: نعم. قلت: ويدعى الرجال إلى الإسلام، فإن أسلموا قبلتَ منهم، وإن أبوا قتلتَهم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل إذا ارتد عن الإسلام هو وامرأته ولحقا بأرض الحرب ومعهما ولد صغير، ثم قتل الرجل وسبيت المرأة والولد، أيكونان فيئاً؟ قال: نعم، هي وولدها فيء. قلت: فإن ارتد الرجل ثم احتمل ولداً له صغيراً فدخل به (¬2) دار الحرب، وترك امرأته في دار الإسلام مسلمة، ثم قتل الرجل وسبي ابنه، أيكون فيئا؟ قال: لا، ولكنه يرد على أمه. قلت: ولم وقد دخل به أبوه أرض الحرب؟ قال: لأن أمه مسلمة، والصبي على دين أمه. قلت: فلو كانت أمه ماتت قبل أن يرتد أبوه أيكون ولده فيئاً؟ قال: لا يكون فيئاً؛ لأن أمه قد ماتت وهي مسلمة قبل أن يرتد أبوه. قلت: وكذلك لو كانت امرأة (¬3) نصرانية أو من أهل الكتاب أو من أهل الذمة؟ ¬

_ (¬1) ف - قلت فإن لم يكن في الدار قوم من المسلمين؛ صح هـ. (¬2) ز - به. (¬3) ز: امه.

باب نقض أهل الذمة

قال: نعم، وهذه وتلك سواء. قلت: فلو أن رجلاً وامرأته ارتدا عن الإسلام فلحقا بأرض الحرب، فولد لهما هناك أولاد، ثم مات الرجل وماتت المرأة، وكبر أولادهم وكانوا كفاراً، ثم ولد لأولادهم أولاد، فسبي أولاد أولادهم (¬1)، أيكونون فيئاً؟ قال: نعم. قلت: ولا يجبرون على الإسلام؟ قال: لا. قلت: ولم وهم من أولاد المرتدين؟ قال: إنما يجبر على الإسلام المرتد بعينه أو ولده لصلبه، فأما ولد الولد فلا أجبرهم على الإسلام. قلت: لمَ؟ قال: أرأيت السبي إذا كان بعضهم له جد مسلم أو جدة أينبغي لي أن أجبره على الإسلام، إذاً (¬2) لا يُسبى أحد (¬3) أبداً إلا أجبره على الإسلام؛ لأن الناس كلهم أولاد آدم ونوح عليهما السلام. ... باب نقض أهل الذمة قلت: أرأيت القوم من (¬4) أهل الذمة إذا نقضوا العهد وحاربوا المسلمين وغلبوا على مدينتهم، فكان حكمهم فيها جائزاً، غير أن فيها ناساً من المسلمين آمنين، فظهروا عليهم، هل تسبيهم؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأن الدار لم تصر دار حرب. ألا ترى أن المسلمين فيها آمنون (¬5)، وهي دار الإسلام التي كانت عليها بعد على حالها. قلت: فلو كانوا قتلوا من فيها من المسلمين وسبوا الذراري، ثم مكثوا فيها زماناً طويلا ظاهرين عليها يحكمون فيها بحكم أهل الشرك، وليس فيها أحد من المسلمين آمن، ولم يكن بينهم وبين أهل الحرب أحد من أهل الإسلام والذمة، ثم ظهر عليهم المسلمون فقتلوا المقاتلة منهم، هل يُسبى ذراريهم ونساؤهم؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) ز - أولاد فسبي أولاد أولادهم. (¬2) ز: إذ. (¬3) ط - أحد. (¬4) ز - القوم من. (¬5) ز: آمنين.

قلت: أرأيت أهل الذمة إذا نقضوا العهد وحاربوا المسلمين أهم والمرتدون سواء إذا لحقوا بدار الحرب؟ قال: نعم. قلت: ويُسبى (¬1) نساؤهم وذراريهم؟ قال: نعم. قلت: ويُسبى (¬2) الرجال أيضاً؟ قال: نعم، وليس هؤلاء كالرجال المرتدين. قلت: فإن صالحوا وكانوا ذمة بعد أن نقضوا العهد وقد كان بعضهم جرح جراحة أو اغتصب مالاً قبل أن ينقضوا، أيؤخذون (¬3) بذلك كله؟ قال: نعم. قلت: ويقتص منهم في أي شيء كان فيه القصاص؟ قال: نعم. قلت: أرأيت ما كانوا أصابوا في حربهم من مال أو دم هل يؤخذون بشيء منه؟ قال: لا. قلت: من أين اختلف هذا والباب الأول؟ قال: أما ما أصابوا في دار الإسلام وهم على عهدهم وصالحوهم فهو عليهم، لا يبطله عنهم نقضهم عهدهم. وأما ما أصابوا في حربهم فهو موضوع عنهم؛ لأن الحرب ليست كالسلم. قلت: فإن لم يصالحوهم وظهروا عليهم فصاروا فيئاً، هل يؤخذون (¬4) بما كانوا أصابوا في دار الإسلام؟ قال: لا. أبطله السبي. قلت: والمرتدون وهؤلاء سواء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الذمي إذا نقض العهد ولحق بدار الحرب، وذهب معه بنود (¬5) صغار، ثم إنه قتل وسبي بنوه، هل يكونون فيئاً وأمهم مقيمة في دار الإسلام وهي ذمية؟ قال: لا يكون ولده فيئاً وأمهم مقيمة في دار الإسلام، ولكنهم يردون على أمهم، وهم ذمة بمنزلتها. قلت: وكذلك لو كانت أمهم قد ماتت في دار الإسلام قبل أن ينقض أبوهم (¬6) العهد؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن نقض أبوه وأمه جميعاً العهد ولحقا بأرض الحرب، وخلفا هذا الغلام صغيراً في دار الإسلام، هل يسبى ويكون فيئاً؟ قال: لا، وهو على حاله الأولى. قلت: فإن كان أبواه (¬7) قد لحقا بأرض الحرب ومعهما ابن آخر صغير، فأصاب المسلمون ابنهما ذلك، أيكون ¬

_ (¬1) ز: وتسبى. (¬2) ز: وتسبى. (¬3) ف: يؤخذون. (¬4) ز: هل يأخذون. (¬5) ز: بنين. (¬6) ز: أبوه. (¬7) ز: أبوه.

باب المرتدين إذا غلبوا على دارهم

فيئاً؟ قال: نعم. قلت: لمَ؟ قال: لأنهما قد دخلا به أرض الحرب، فصار بمنزلة أهلها (¬1). قلت: أرأيت هذا الذمي الذي صالح وصار ذمة وقد أصاب في حربه مالاً أو دماً، هل يؤخذ بشيء من ذلك؟ قال: لا. قلت: فإن كان قد خلف في دار الإسلام امرأة له ذمية ثم صالح، أيكونان على نكاحهما؟ قال: أما امرأته التي في دار الإسلام فلا نكاح بينه وبينها، وأما امرأته التي نقضت معه العهد فإن صالحت (¬2) وخرجت معه فهما على نكاحهما. قلت: من أين اختلف هذا والباب الأول؟ قال: لأنه إذا لحق بأرض الحرب حيث لا تجري عليه أحكام المسلمين انقطعت العصمة فيما بينهما. قلت: وكذلك المرتد؟ قال: نعم. قلت: فإن كان مع المرتد امرأة له قد ارتدت معه ولحق (¬3) بأرض الحرب ثم أسلما جميعاً، أيكونان على نكاحهما؟ قال: نعم. قلت: فإن كان خلف هذه المرتدة في دار الإسلام ثم جاء فأسلم وأسلمت معه؟ قال: لا نكاح بينه وبينها؛ لأنه حيث لحق بأرض الحرب وتركها في دار الإسلام انقطعت العصمة فيما بينهما. ... باب المرتدين (¬4) إذا غلبوا على دارهم قلت: أرأيت القوم إذا ارتدوا عن الإسلام ومنعوا دارهم وغلبوا عليها، ولم يبق فيها أحد من المسلمين ولا من أهل الذمة، وصارت الدار دار كفر، ولحقوا بأرض الحرب، فأصابوا فيها لأهل الإسلام وأهل (¬5) الذمة أموالاً، وأصابوا سبايا من قوم من أهل الحرب، ثم إنهم أسلموا على ما في ¬

_ (¬1) أي: أهل أرض الحرب. (¬2) م ف ز ط: صالحته. والتصحيح من ب. (¬3) أي: ولحقت هي معه أيضاً. انظر المسألة التالية. (¬4) ز: المرتدون. (¬5) ف ز: ولأهل.

باب مشركي العرب

أيديهم من ذلك كله، أيكون ذلك كله لهم؟ قال: نعم. قلت: فإن كان في أيديهم حر (¬1) قد أصابوه من المسلمين أو من أهل الذمة أو أم ولد أو مدبر أو مكاتب؟ قال: يرد ذلك كله إلى أهله. قلت: فإن كان المسلمون قد أصابوا من هؤلاء المحاربين شيئاً من أموالهم وذراريهم ورقيقهم وأصابوا غنائم من أموالهم، فاقتسموا ذلك كله كما تقسم (¬2) الغنيمة، ثم أسلم هؤلاء، هل ترد عليهم شيئاً من ذلك؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه قد كان حلالاً للمسلمين حين أصابوه أن يقسموه على قسمة الغنيمة. قلت: أرأيت هؤلاء المرتدين إذا طلبوا إلى المسلمين أن يكونوا ذمة لهم يؤدون إليهم الخراج؟ قال: لا ينبغي لهم ذلك. قلت: فهل ينبغي (¬3) للمسلمين أن يوادعوهم سنة حتى ينظروا في أمرهم؟ قال: إن كان ذلك خيرأ للمسلمين أو كانوا لا طاقة لهم بهم فلا بأس أن يوادعوهم. وإن كانوا يطيقونهم وكانت الحرب خيراً لهم من الموادعة حاربوهم وأجبروهم (¬4). قلت: فهل يأخذون منهم في الموادعة خراجاً؟ قال: أكره ذلك لهم، وإن أخذوه أجزته. والله أعلم. ... باب مشركي العرب محمد بن الحسن عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن مقسم (¬5) عن ابن عباس قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يقبل من مشركي العرب إلا الإسلام أو القتل. وبهذا كان يأخذ أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد. ¬

_ (¬1) ز: حرا. (¬2) ز: يقسم. (¬3) ز - لهم ذلك قلت فهل ينبغي. (¬4) م ف ز: فابدرهم ياخذوهم. وفي ط: بادروهم وأخذوهم. والتصحيح مستفاد من الحاكم والسرخسي. انظر: الكافي، 1/ 161 و؛ والمبسوط، 10/ 117. (¬5) م ز: عن القسم.

باب القوم يرتدون مع المسلمين في أرض الحرب

قلت: أرأيت مشركي العرب من لم يرد منهم الإسلام هل يَقبل منهم الصلح ويكونون ذمة؟ قال: لا يَقبل ذلك منهم، ولكن يَدعوهم إلى الإسلام، فإن أسلموا قَبِل ذلك منهم، وإلا يأخذونهم (¬1)؛ لأنه بلغنا أن الحكم فيهم كذلك، وليسوا كغيرهم من المسلمين. [قلت]: وإن ظهر المسلمون فسبوا النساء والذراري وأسروا الرجال كيف الحكم فيهم؟ قال: أما النساء والأولاد ففيء يقسمون كما تقسم (¬2) الغنيمة بعدما يرفع منهم الخمس، وأما الرجال فمن أسلم منهم فهو حر لا سبيل عليه، ومن أبى أن يسلم قتل. قلت: وكيف الحكم في أهل الكتاب من العرب؟ قال: الحكم فيهم كالحكم في سائر المشركين. ... باب القوم يرتدون مع المسلمين في أرض الحرب قلت: أرأيت القوم يغزون أرض الحرب فارتد منهم طائفة، فاعتزلوا عسكرهم وحاربوا ونابذوهم، فيصيب المسلمون غنيمة من أهل الشرك، ويصيب (¬3) أولئك المرتدون أيضاً غنيمة من أهل الشرك، ثم إن أولئك المرتدين (¬4) أسلموا وتابوا قبل أن يخرجوا من دار الحرب، هل يشاركون (¬5) المسلمين في غنائمهم؟ (¬6) قال: لا. قلت: وما كانوا أصابوه فهو لهم خاصة؟ قال: نعم. قلت: فإن لقوا العدو بعد ذلك فقاتلوهم جميعاً هل يشارك بعضهم بعضاً فيما أصابوا؟ قال: نعم. ... ¬

_ (¬1) ز: يأخذوهم. (¬2) ز: يقسم. (¬3) ف - ويصيب. (¬4) ز: المرتدون. (¬5) ز: هل يشاركوا. (¬6) م ط: في غنائهم.

باب المرتدون من يقتل منهم ومن لا يقتل

باب المرتدون من يقتل منهم ومن لا يقتل قلت: أرأيت القوم إذا ارتدوا عن الإسلام فأغار المسلمون عليهم فقاتلوهم قبل أن يدعوهم إلى الإسلام هل عليهم في ذلك شيء؟ قال: لا. قلت: لم ومن السنة أن يدعوهم قبل أن يقاتلوهم؟ قال: وإن كان، فليس عليهم في ذلك شيء. قلت: وكذلك لو كان رجل واحد (¬1) فارتد عن الإسلام فقتله رجل قبل أن يدعوه إلى الإسلام؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كانت امرأة؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان عبداً أو أمة؟ قال: نعم. قلت: لمَ؟ قال: أما الرجال فعليهم القتل عبيداً كانوا أو أحراراً. قلت: فما بال النساء وأنت لا تقتلهن؟ قال: لأن بعض الفقهاء يرى قتلهن إذا رجعن عن الإسلام. قلت: أرأيت الغلام الذي لم يحتلم يرتد عن الإسلام هل تقتله؟ قال: لا. قلت: فإن أدرك كافراً كذلك؟ قال: أحبسه ولا أقتله، لأنه لم يقر بالإسلام بعدما أدرك. قلت: أرأيت هذا الغلام إذا ارتد عن الإسلام وهو يعقل ولم يحتلم، هل تُوَرِّثُ (¬2) أباه [منه] لو مات وتصلي (¬3) عليه؟ قال: أما في القياس فنعم، ولكن (¬4) أدع القياس لفحشه، فلا آكل ذبيحته، ولا أصلي عليه، ولا أورّثه. قلت: أرأيت الغلام المجوسي إذا كبر وعقل غير أنه لم يحتلم فأسلم هل تأكل ذبيحته وتصلي عليه إن مات؟ (¬5) قال: نعم. قلت: فهل تورثه من أبيه وهو مجوسي أو تورث أباه منه أو أمه؟ قال: لا، وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وهو قول أبي يوسف الأول. ثم قال أبو يوسف بعد ذلك: أَعُدُّ إسلام الغلام الصغير إذا عقل إسلاماً، ولا أعد كفره كفراً. قلت: أرأيت الرجل إذا ارتد عن الإسلام ثم تاب وأسلم ثم ارتد عن ¬

_ (¬1) ز: رجلا واحدا. (¬2) ز: هل يورث. (¬3) م: ويصلا؛ ز: ويصلي. (¬4) ز: ولكني. (¬5) ز - إن مات.

باب السكران يرتد عن الإسلام

الإسلام وأسلم ففعل ذلك مرارا هل تقبل ذلك منه؟ قال: نعم. [قلت]: وإن كثر ذلك منه؟ قال: وإن كثر. والله أعلم. ... باب السكران يرتد (¬1) عن الإسلام قلت: أرأيت الرجل إذا شرب حتى يسكر ويذهب عقله ثم يرتد عن الإسلام في حاله تلك، ثم صحا فأقام على الإسلام، هل تبين منه امرأته؟ قال: أما في القياس فنعم، ولكن أدع القياس وأستحسن؛ لأن السكران إذا ذهب عقله فهو بمنزلة المجنون في هذا الباب، فلا أبينها (¬2) منه. قلت: أرأيت ملك العدو إذا أكره رجلاً من المسلمين على أن يرجع عن الإسلام، ففعل، ثم خلى عنه، فجاء إلى امرأته، هل تبين منه وإنما أكره على ذلك إكراهاً؟ قال: أما في القياس فنعم؛ لأنا لا نعلم من سره ما يعلم (¬3) هو، ولكني أدع القياس، فلا أبينها منه. قلت: أرأيت رجلاً ارتد عن الإسلام فاستتيب (¬4) منها، فقال: ما ارتددت عن الإسلام قط؟ قال: مقالته هذه توبة أقبلها منه. قلت: فإن ارتد رجل عن الإسلام ثم اكتسب مالاً في ارتداده فقال ورثته: كان أسلم قبل أن يموت، وهذا المال ميراث لنا، كيف القول في ذلك؟ قال: المال فيء إلا أن يقيم الورثة بينة أنه كان أسلم قبل أن يموت. قلت: هذا الذي (¬5) ينقض العهد ويحارب المسلمين ويلحق بأرض الحرب، وقد خلف هاهنا مالاً وولداً، ما يصنع بماله، أيؤخذ أم يترك في أيدي ولده؟ قال: يصنع في ذلك ما يصنع في مال المسلم إذا ارتد عن الإسلام ولحق بأرض الحرب، قِسْمَتُه (¬6) بين ورثته على فرائض الله ¬

_ (¬1) ز: مرتد. (¬2) ز: أثبتها. (¬3) ز: ما نعلم. (¬4) ز: فاستثيب. (¬5) ز: الذمي. (¬6) أي: وهو قسمته. . .

باب الخوارج وأهل البغي

تعالى. قلت: وإن كان عليه دين إلى أجل جعلته حالاً وقضيته غرماءه؟ (¬1) قال: نعم. قلت: وإن كان له مدبرون وأمهات أولاد أعتقتهم؟ قال: نعم. وقال أبو يوسف ومحمد: ما اكتسبه المرتد في ردته فهو بمنزلة ماله الأول، ولا يكون فيئاً. وبيعه وشراؤه وعتقه وهبته جائز ذلك كله. ... باب الخوارج وأهل البغي قال: أخبرنا محمد بن الحسن عن الأجلح بن عبد الله عن سلمة بن كهيل عن كثير بن نمر (¬2) الحضرمي قال: دخلت مسجد الكوفة من قبل أبواب كندة، وإذا نفر خمسة يشتمون علياً، وفيهم رجل عليه برنس يقول: أعاهد الله لأقتلنه. قال: فتعلقت به وتفرق أصحابه. قال: فأتيت به علياً فقلت: إني سمعت هذا يعاهد الله ليقتلنك. قال: فقال: ادْنُ ويحك وقُلْ، من أنت؟ قال: أنا سوار المنقري. قال: فقال علي: خل عن الرجل. قال: فقلت: أخلي عنه وقد عاهد الله ليقتلنك؟ قال: أفأقتله (¬3) ولم يقتلني؟ قال: فإنه قد شتمك. قال (¬4): فاشتمه إن شئت أو دع. وبلغنا عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه بينا هو يخطب يوم الجمعة إذ حَكَمَت (¬5) الخوارجُ من ناحية المسجد، فقال علي: كلمة عدل أريد بها باطل. لن نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسمه، ولن نمنعكم ¬

_ (¬1) م ف ز: غرما. (¬2) م: بن ثمر؛ ط: بن تمر. وفي ف مهمل. وله ترجمة في التاريخ الكبير للبخاري، 7/ 207؛ والجرح والتعديل لابن أبي حاتم، 7/ 157. (¬3) م: أفأقتلته. (¬4) م ف - قال. (¬5) م: أو حكمت. أي نادوا: لا حكم إلا لله، وكان ذلك شعارهم كما هو معروف انظر المصادر التالية.

الفيء ما دامت أيديكم مع أيدينا، ولن نقاتلكم حتى تقاتلونا. ثم أخذ في خطبته (¬1). وبلغنا (¬2) أن علي بن أبي طالب قال يوم الجمل: لا يُتبَع مدبر، ولا يقتل أسير، ولا يؤتَ على جريح، ولا يكشف ستر، ولا يؤخذ مال (¬3). قلت: فلو أن طائفتين من المؤمنين إحداهما باغية والأخرى عادلة فهزمت العادلة الباغية أما كان لأهل العدل أن يتبعوا مدبراً ولا (¬4) يقتلوا (¬5) أسيراً ولا يجهزوا (¬6) على جريح؟ قال: لا ينبغي لهم ذلك إذا لم يبق من أهل البغي أحد ولم يكن لهم فئة يرجعون إليها. فأما إذا كانت لهم فئة يرجعون إليها فإن أسيرهم يقتل، ومدبرهم يتبع، وجريحهم يجهز (¬7) عليه. قلت: أرأيت ما أصاب أهل العدل من عسكر أهل البغي من السلاح والكراع وغير ذلك كيف يصنع به؟ قال: إن كان بقي من أهل البغي أحد فلا بأس بأن يستعين أهل العدل بالكراع والسلاح عليهم. فإذا وضعت الحرب أوزارها رد ذلك كله إلى أهله. وإذا كان غير السلاح والكراع فإنه يرد إلى أهله من قبل أن تضع (¬8) الحرب أوزارها. فإن كان (¬9) لم يبق أحد من أهل البغي رد الكراع والسلاح وكل شيء من غير ذلك إلى أهله. وبلغنا عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه ألقى ما أصاب في عسكر أهل النهروان في الرَّحْبَة (¬10)، فمن عرف شيئاً أخذه، حتى كان ¬

_ (¬1) المصنف لابن أبي شيبة، 7/ 562؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 8/ 184. (¬2) ز + عن. (¬3) المصنف لعبد الرزاق، 10/ 123؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 6/ 498، 7/ 543، 544. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 3/ 463. (¬4) ز - ولا. (¬5) ز: ويقتلوا. (¬6) م: يجيزوا (مهملة). (¬7) م: يحار (مهملة). (¬8) ز: أن يضع. (¬9) ف - كان. (¬10) الرحبة دكان وسط مسجد الكوفة كان علي - رضي الله عنه - يقعد فيه ويعظ. انظر: المغرب، "رحب".

آخرً (¬1) من عَرَفَ شيئاً إنسانٌ عرف (¬2) قِدْرَ حديدٍ فأخذها (¬3). قلت: أرأيت قوماً من أهل البغي إذا غلبوا على بلاد كانوا فيها قاهرين لأهلها، فأخذوا الصدقات من الأموال من الإبل والبقر والغنم، وأخذوا الخراج (¬4) من أهل الذمة (¬5)، ثم ظهر (¬6) عليهم أهل العدل، أيأخذون أهل الذمة بالخراج الذي أخذه أهل البغي، ويأخذون من الإبل والبقر والغنم الصدقة، ولا يحتسبون لهم ما أخذ أهل البغي؟ قال: لا يأخذون منهم شيئاً من ذلك؛ لأنهم لم يمنعوهم من أهل البغي، ولم تكن (¬7) أحكامهم تجري عليهم، ولكن يأخذون فيما يستقبلون فيما يجب عليهم من ذلك. قلت: أرأيت المرأة تقاتل من أهل البغي فيأخذها أهل العدل أسيرة هل تقتل وعسكر أهل البغي على حاله يقاتل أهل العدل؟ قال: لا تقتل، ولكنها تحبس. قلت: أرأيت ما أخذوا من أسير حر أو عبد قد كان مع أهل البغي يقاتل وأهل العسكر على حاله يقاتل أهل العدل؟ قال: ما أخذوا من ذلك قتلوه. قلت: فإن أخذوا عبداً يخدم مولاه لم يكن يقاتل أو امرأة تقاتل هل يقتل؟ قال: لا، ولكن يحبس (¬8). قلت: حتى متى يحبس هذا العبد وهذه المرأة؟ قال: حتى لا يبقى من أهل البغي أحد يقاتل. قلت: وكذلك ما أصاب المسلمون من كراع وسلاح منهم وليس لهم إليه حاجة؟ قال: أما الكُراع فيباع ثم يحبس ثمنه، وأما السلاح فإذا وضعت الحرب أوزارها يرد إلى أهله. قلت: أرأيت أهل البغي إذا طلبوا من أهل العدل أن يوادعوهم أياماً أو شهراً حتى ينظروا في أمرهم أينبغي لهم ذلك؟ قال: نعم، إذا كان ذلك خيراً لأهل العدل (¬9). قلت: أرأيت إن أرادوهم على ذلك [على] أن يؤدي (¬10) إليهم أهل البغي مالاً مسمى هل يقبل ذلك منهم؟ قال: ¬

_ (¬1) ف - آخر. (¬2) ز - عرف. (¬3) ز: أخذها. (¬4) ز: وأخذ الخوارج. (¬5) ز + الخراج. (¬6) ز: وظهر. (¬7) ز: يكن. (¬8) ز: تحبس. (¬9) م هـ: للمسلمين. (¬10) ز: أن يؤدوا.

لا (¬1). قلت: لم؟ قال: لأنهم مسلمون، فلا يؤخذ منهم ومن أموالهم شيء على هذا الوجه؛ لأنَّ هذا بمنزلة الخراج (¬2). قلت: أرأيت إن تاب أهل البغي فدخلوا مع أهل العدل هل يؤخذون (¬3) بشيء مما أصابوا في حربهم من مال أو دم؟ قال: لا، إلا أن يكون شيئاً قائماً بعينه، فيرد ذلك على أصحابه. قلت: وكذلك ما أصاب أهل العدل من مال فاستهلك أو دم فهو موضوع عن أهل العدل لا يؤخذون بشيء منه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت ما أصاب أهل البغي منهم من الجراحات وغصب الأموال؟ قال: ذلك أيضاً موضوع عن أهل البغي، إلا أن يعرف شيء قائم (¬4) بعينه، فيرد إلى أصحابه. قلت: أرأيت إن كان أهل البغي قد استعانوا بقوم من أهل الذمة على حربهم فقاتلوا معهم، أيكون ذلك نقضاً لعهدهم؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنهم مع طائفة من المسلمين. قلت: فما أصاب أهل الذمة من قتل أو جراحة أو مال أصيب منهم فهم في ذلك كله كأهل البغي؟ قال: نعم. قلت: لم لا يؤخذ (¬5) أهل البغي بما أصابوا من ذلك؟ قال: لأنهم لا تجري عليهم الأحكام هناك، ولأنهم كأهل الحرب قد باينوا. قلت: ولم لا يؤخذ (¬6) أهل العدل بما أصابوا لهم من شيء إذا تاب أهل البغي؟ قال: لأنه قد حل لأهل العدل قتالهم، فلذلك لا يكون عليهم شيء. قلت: أفينبغي لأهل العدل إذا لقوا أهل البغي أن يدعوهم إلى العدل؟ قال: نعم. قلت: فإن قاتلوهم بغير دعوة هل عليهم في ذلك شيء؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنهم قد عرفوا ما يدعون إليه، ولكن الدعوة أحسن لهم لعلهم يرجعون. قلت: أفتكره لأهل العدل أن يرموهم بالنبل ويرسلوا عليهم الماء ¬

_ (¬1) عبارة ب: ولا يقبل منهم مال يؤدونه على ذلك. وعبارة الحاكم: ولم يؤخذ منهم عليها شيء. انظر: الكافي، 1/ 161 ظ؛ والمبسوط، 10/ 127. (¬2) ز: الخوارج. (¬3) ز: هل يأخذون. (¬4) ز: شيئاً قائما. (¬5) ز: لا يؤاخذ. (¬6) ز: لا يأخذ.

ويرموهم بالمنجنيق ويحرقوهم بالنار؟ قال: لا بأس بذلك كله. قلت: أرأيت البَيات (¬1) بالليل أتكرهه؟ قال: لا بأس به. قلت: أرأيت أهل العدل إذا وادعوا أهل البغي شهراً حتى ينظروا في أمرهم وأعطى كل واحد من الفريقين رهناً، واشترط كل واحد من الفريقين على صاحبه أنهم إن غدروا فدماء الرهن (¬2) حلال لهم، فغدر أهل البغي وقتلوا الرهن الذي في أيديهم، أينبغي لأهل العدل أن يقتلوا الرهن الذي في أيديهم؟ قال: لا. قلت: فما يصنعون بهم؟ قال: يحبسونهم (¬3) حتى يهلك أهل البغي كلهم أو يرجعون أو يتوبون عما هم عليه. قلت: وكذلك لو كان هذا الصلح بين المسلمين والمشركين فغدر المشركون فقتلوا الرهن الذي في أيديهم للمسلمين أينبغي للمسلمين أن يقتلوا ما في أيديهم؟ قال: لا، ولكنهم يحبسونهم (¬4) أبداً حتى يسلموا أو يصيروا ذمة فيخلى سبيلهم. قلت: أرأيت الرجل من أهل البغي إذا أمّنه رجل من أهل العدل هل تجيز أمانه حتى يبلّغه مأمنه؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو قال: لا بأس؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو قال بالفارسية: لا بأس عليك، أو بالنبطية؟ قال: نعم. [قلت]: وكذلك لو كانت امرأة من أهل العدل فقالت ذلك لرجل (¬5) من أهل البغي؟ قال: نعم. قلت: وكذلك العبد؟ قال: لا، إذا كان لا يقاتل مع مولاه. وأما إذا كان يقاتل مع مولاه فأمانه جائز في قول أبي حنيفة. قلت: فالذمي إذا كان يقاتل مع أهل العدل فأمّن رجلاً من أهل البغي؟ ¬

_ (¬1) ز: الثياب. بيّنوا العدو، أي: أتوهم ليلاً، والاسم البَيات كالسلام من سَلَّمَ. انظر: المغرب، "بيت". (¬2) م ف ز: غدروا فريقاً أهل الرهن. وعبارة ب: من غدر من الفريقين فدم رهنه. وصححها في المطبوعة هكذا: إن غدروا فأهل ... والتصحيح من الحاكم. انظر: الكافي، 1/ 161 ظ. وعبارة السرخسي مغايرة للحاكم، وهي هكذا: أيهما غدر فقتل الرهن فدماء الآخرين لهم حلال. انظر: المبسوط، 10/ 129. (¬3) ز: يحبسوهم. (¬4) ز: يحبسوهم. (¬5) ز: الرجل.

قال: العبد (¬1) إذا كان لا يقاتل والذمي إذا كان (¬2) يقاتل سواء لا أمان لواحد منهما. وأما العبد إذا كان يقاتل معهم وهو مسلم فأمانه جائز للمشركين وأهل البغي. قلت: وكذلك ما ذكرت من هذا الأمان إذا كان رجل من المسلمين أو امرأة أمّنت رجلاً من المشركين من أهل الحرب فهو جائز؟ قال: نعم. قلت: أرأيت أهل العدل إذا أصابوا من أهل البغي كُراعاً أو سلاحاً وهم محتاجون إليه أيقسمه الإمام بينهم ويضرب فيه للفارس بسهمين وللراجل بسهم بعدما يرفع منه الخمس؟ قال: لا، ليس هذا كالغنيمة تصاب من المشركين. إنما يعطي الإمام هذا من كان محتاجاً إليه على قدر حاجته، فإذا وضعت الحرب أوزارها رد ذلك كله إلى أهله. قلت: أرأيت النساء إذا كن مع أهل البغي فقاتلن أهل العدل أيسع أهل العدل أن يقتلوهن؟ قال: نعم، يسعهم (¬3) أن يقتلوهن. قلت: أرأيت الأسرى من أهل العدل يكونون في أيدي أهل البغي، أو التجار من أهل العدل يكونون في عسكر أهل البغي، فيقتل رجل من التجار (¬4) رجلاً من التجار أو يقطع يده، ثم يظهر عليهم أهل العدل، أيقتص لبعضهم من بعض؟ قال: لا. قلت: وكذلك الأسرى إذا فعل ذلك بعضهم ببعض؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأنهم فعلوا ذلك حيث لا يجري (¬5) عليهم حكم المسلمين، فلذلك وضعت ذلك عنهم. قلت: أرأيت قاضي أهل البغي إذا كتب بكتاب إلى قاضي أهل العدل بحق لرجل من أهل البغي بشهادة شهود أهل البغي، ووكل بذلك رجلاً من أهل العدل، أينبغي لذلك القاضي أن يجيز ذلك الكتاب وشهادة شهوده؟ قال: لا (¬6)، لو فعل ذلك وأجاز (¬7) كتاب أهل البغي على أهل العدل لذهب أهل البغي بأموال أهل العدل كلها ¬

_ (¬1) م + إذا كان يقاتل مع أهل العدل فأمن رجلاً من أهل البغي قال العبد. (¬2) ف + لا. (¬3) م ز: لا يسعهم؛ ط: لا يسعم إلا. (¬4) ف - رجل من التجار. (¬5) ز: لا تجري. (¬6) ز + لأنه. (¬7) ف: أجاز.

قلت: أرأيت أهل البغي إذا ظهروا على مصر من الأمصار، فاستعملوا عليه قاضياً من أهل المصر ليس من أهل البغي، فكتب كتاباً بحق رجل (¬1) من أهل العصر أو من أهل البغي بشهادة شهود من أهل العصر، هل ينبغي لقاضي أهل العدل أن يجيز ذلك إذا أتاه وكيل الطالب وشهدت عليه الشهود بذلك؟ قال: إذا كان القاضي الذي أتاه الكتاب يعرف (¬2) الشهود الذين شهدوا عند ذلك القاضي وليس من أهل البغي أجاز كتابه، وإذا كان لا يعرفهم فإني لا أرى أن أجيز كتابه. قلت: فإن قطع رجل يد رجل في ذلك العصر الذي غلب عليه أهل البغي أو قتل رجلاً عمداً فرُفِع ذلك إلى القاضي أيحكم بينهما كما يحكم بين أهل العدل؟ قال: نعم. قلت: ويقيم الحدود كما يقيم قاضي أهل العدل؟ قال: نعم، لا يسعه إلا ذلك. قلت: فلو كان قصاصاً اقتص منه، وإن كان أرشاً قضى بالأرش؟ قال: نعم. قلت: ويقيم الحدود في المصر كما يقيم قاضي أهل العدل؟ قال: نعم. قلت: أرأيت ما أصاب أهل البغي من الأموال والقتل قبل أن يخرجوا أو قبل أن يحاربوا ثم أن الإمام صالحهم بعد ذلك الخروج على أن يبطل ذلك كله هل يجوز ذلك؟ قال: لا يجوز، ولا ينبغي للإمام أن يصالحهم على ذلك، ولكنهم يؤخذون بذلك كله. قلت: فما كان فيه القصاص اقتص، وما كان من قتل خطأ كان على عاقلة (¬3) القاتل، وما كان من شبه عمد دون النفس ففيه (¬4) القصاص (¬5)، وإن كانت النفس فالدية مغلظة على عاقلة القاتل، ويضمنهم الأموال التي استهلكوها؟ قال: نعم. قلت: ولم كان ¬

_ (¬1) ف: لرجل. (¬2) م ز: فعرف. (¬3) م: على العاقلة. (¬4) ز: فيه. (¬5) قال الكاساني: ولا يكون فيما دون النفس شبه عمد، فما كان شبه عمد في النفس فهو عمد فيما دون النفس، لأن ما دون النفس لا يقصد إتلافه بآلة دون آلة عادة، فاستوت الآلات كلها في الدلالة على القصد، فكان الفعل عمداً محضاً، فينظر إن أمكن إيجاب القصاص يجب القصاص، وإن لم يمكن يجب الأرش. انظر: بدائع الصنائع، 7/ 233 - 234.

هكذا عندك؟ قال: لأنهم أصابوا ذلك قبل أن يحاربوا، فالحكم يجرى عليهم في تلك الحال كما يجري على جميع المسلمين. قلت: أرأيت من أصيب من أهل العدل في عسكر أهل البغي أيصنع به كما يصنع بالشهيد؟ قال: نعم. قلت: أرأيت أهل العدل (¬1) إذا ظهروا على أهل البغي وعلى قتلاهم أيصلون عليهم؟ قال: لا. قلت: ولم، أليسوا مسلمين؟ قال: بلى، وإن كانوا مسلمين فإني أدع ذلك منهم. قلت: فهل تأمر بدفنهم؟ قال: نعم. قلت: فهل تكره أن تؤخذ (¬2) رؤوسهم فيبعث (¬3) بها إلى الإمام؟ قال: نعم، أكره ذلك؛ لأنها مثلة. ولم يبلغنا عن علي بن أبي طالب في حروبه كلها أنه صنع ذلك، ولا أنه أمر بحمل رأس. قلت: أرأيت الرجل من أهل العدل يقتل أباه أو أخاه (¬4) في أهل (¬5) الحرب (¬6) هل يرثه؟ قال: نعم. قلت: لمَ؟ قال: لأنه قتله بحق. قلت: أرأيت الرجل من أهل البغي يقتل أباه أو جده في الحرب هل يرثه؟ قال: نعم؛ لأنه قتله على تأويل. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: لا يرث. قلت: أفتكره للرجل من أهل العدل أن يقتل أباه أو أخاه من أهل البغي؟ قال: نعم، ويلي ذلك غيره أحب إلى. قلت: وكذلك لو كان أبوه من أهل الشرك في الحرب؟ قال: نعم. قلت: أفتكره له قتل الأخ والعم والخال إذا كانوا مشركين؟ قال: لا بأس بذلك. قلت: أرأيت الوالد إذا كان مشركًا محارباً فأراد قتل ابنه هل ترى للابن أن يمتنع (¬7) منه فيقاتله؟ قال: ¬

_ (¬1) ز - في عسكر أهل البغي أيصنع به كما يصنع بالشهيد قال نعم قلت أرأيت أهل العدل. (¬2) ز: أن يؤخذ. (¬3) ز: فبعث. (¬4) ز: وأخاه. (¬5) ز - أهل. (¬6) أي: أهل البغي، وليس المقصود أهل دار الحرب. (¬7) م ف ز: أن يمنع.

نعم. قلت: فإذا لم يقصد الوالد لابنه كرهت لابنه أن يبتدئه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل من أهل العدل يكون في صف أهل البغي فيقتله رجل هل عليه فيه الدية؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه (¬1) يحل له أن يقتل من في صف أهل البغي. قلت: أرأيت الرجل من أهل البغي يستأمن فيدخل عسكر أهل العدل فيقتله رجل من أهل العدل هل ترى عليه الدية؟ قال: نعم. قلت: لمَ؟ قال: لأنه دخل بأمان. قلت: وكذلك لو كان رجل (¬2) من أهل الشرك محارب فدخل مستأمناً فقتله رجل وهو مسلم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت أهل العدل إذا لقوا أهل البغي فقاتلوهم فحمل رجل من أهل العدل (¬3) على رجل من أهل البغي (¬4) فقال: قد (¬5) تبت، وألقى السلاح أيكف عنه؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو قال: اكفف عني حتى انظر في أمرك لعلي أتابعك، وألقى السلاح؟ قال: نعم. قلت: فإن قال: أنا على دينك، ومعه السلاح؟ قال: هو صادق وهو على دينه، فلا يكفف (¬6) عنه. قلت: أرأيت الرجل من أهل البغي إذا ولى مدبراً هل ينبغي لأهل العدل أن يقتلوه؟ قال: نعم، إذا كان لهم فئة يلجأون إليها. قلت: أرأيت القوم من أهل البغي إذا دخلوا مدينة فغلبوا عليها، ثم جاءهم قوم من أهل البغي آخرون يقاتلونهم عليها، فهزموهم، فأرادوا أن يسبوا أهل تلك المدينة، أيحل لأهل تلك المدينة أن يقاتلوا عن الذراري؟ قال: نعم، لا يسعهم إلا ذلك. قلت: أرأيت المحاربين من أهل البغي إذا صالحوا قوماً من أهل الحرب من المشركين فوادعوهم أياماً، ثم إن أهل البغي غدروا بهم فسبوهم ¬

_ (¬1) ز - لا. (¬2) ز: رجلا. (¬3) م - العدل، صح هـ. (¬4) ز - فقاتلوهم فحمل رجل من أهل العدل على رجل من أهل البغي. (¬5) ز - قد. (¬6) ز: تكفف.

وقتلوا رجالهم، أيشتري أهل العدل من ذلك السبي شيئاً؟ قال: لا. قلت: ولم وإنما صالحهم وأمّنهم غيرهم؟ قال: لأن الذي صالحهم قوم من (¬1) المسلمين. وقد جاء الأثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "يسعى بذمتهم أدناهم" (¬2). قلت: فلو أن أهل البغي ظهروا على أهل العدل حتى ألجأوهم إلى دار الشرك، فدخلوا دار الشرك بأمان (¬3)، أيحل لهم أن يغيروا مع أهل الشرك فيقاتلوا (¬4) [مع] المشركين؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأن حكم أهل الشرك ظاهر عليهم. قلت: أفيحل لأولئك النفر من أهل العدل أن يستعينوا بأهل الشرك على أهل البغي من المسلمين وحكم أهل الشرك ظاهر؟ قال: لا ينبغي لهم ذلك. قلت: لمَ؟ قال: لأن حكم أهل الشرك هو الظاهر الغالب. ألا ترى أن أهل العدل مستأمنون (¬5) في أرضهم. فأنا أكره للمسلمين أن يقاتلوا أهل الشرك مع أهل الشرك، فيُقاتَلُ أهلُ الإِسلام مع أهل الشرك أشد. قلت: أرأيت إذا أغار قوم من أهل الشرك على أهل الدار التي هم فيها فقاتلوهم وسبوهم فخاف المسلمون المستأمنون على أنفسهم أيقاتلون (¬6) ليدفعوا عن أنفسهم؟ قال: نعم، لا بأس بالقتال في هذه الحال. قلت: وكذلك لو كان الذين غزوهم أهل البغي فهزموا المشركين وسبوهم ثم خلصوا إلى أهل العدل المستأمنين فأرادوا قتالهم، أترى لهم أن يدفعوا عن أنفسهم؟ قال: نعم، لا بأس بالقتال (¬7) في هذه المنزلة. قلت: أرأيت إن كان أهل الشرك هم الذين يظهرون على أهل البغي، فسبوا الذراري من أهل البغي من المسلمين وأهل الذمة، فمروا بهم على أولئك المستأمنين، أيسعهم ¬

_ (¬1) م ف ز ط + أهل. وعبارة السرخسي: لأنهم من المسلمين. انظر: المبسوط، 10/ 133. (¬2) تقدم الحديث بإسناد المؤلف في أوائل كتاب السير، وتقدم تخريجه هناك. انظر: 5/ 115 ظ. (¬3) م: بان؛ ط - بأمان. (¬4) م ف: فيقاتل؛ ز: فقاتل. والتصحيح من ب. (¬5) ز: مستأمنين. (¬6) ز: أيقاتلوا. (¬7) ف ز: بالقتل.

أن يكفوا عن قتالهم ولهم عليهم قوة؟ قال: لا يسعهم، ولكن يقاتلون (¬1) عن الذراري ويستنقذونهم (¬2) من أيديهم. قلت: وينقضون (¬3) العهد الذي كان بينهم وبين أهل الحرب؟ قال: نعم (¬4)، ولا يحل إعطاء العهد على (¬5) هذا. قلت: أرأيت أهل البغي هؤلاء إذا كانوا في مدينة ومعهم فيها قوم من أهل العدل مقهورون (¬6)، فغزاهم أهل الحرب من أهل الشرك، فهزموا أهل البغي، فأرادوا سبي الذراري، أينبغي لأولئك المسلمين المقهورين أن يقاتلوا عن ذراري أهل البغي؟ قال: نعم، لا يسعهم إلا أن يقاتلوا المشركين عن ذراري المسلمين وحريمهم. قلت: أرأيت أهل العدل إذا خافوا أن يظهر (¬7) أهل البغي عليهم أترى لأهل العدل أن يستعينوا بأهل الذمة وحكم أهل العدل هو (¬8) الظاهر؟ قال: لا بأس بذلك. قلت: وترى أن يستعينوا بقوم من المسلمين من (¬9) أهل (¬10) بغي أيضاً على أهل بغي آخرين؟ قال: نعم، إذا كان حكم أهل العدل هو الظاهر على حكم أهل البغي قاهرين له فلا بأس بأن (¬11) يستعينوا بهم. قلت: فإذا كانت طائفتان من أهل البغي جميعاً يقتتلون (¬12)، وطائفة من أهل العدل لا تقاتل واحدة (¬13) من الطائفتين، أترى لهم أن ينضموا (¬14) إلى إحدى الطائفتين فيقاتلوا (¬15) معهم وحكم أهل البغي هو الظاهر، ومن شأنهم أن يفارقوا إذا وجدوا قوة؟ قال: لا يسعهم القتال على هذه الصفة. قلت: أفيسعهم (¬16) القعود إذا لم يكن لهم قوة على قتال أهل البغي؟ قال: نعم. ... ¬

_ (¬1) ز: يقاتلوا. (¬2) ز: ويستنقذوا. (¬3) ز: وينقضوا. (¬4) ز + قلت. (¬5) م ز ط: قال. (¬6) ز: مقهورين. (¬7) م: أن يظهروا. (¬8) ف: من. (¬9) ز - من. (¬10) ز + البغي. (¬11) ف: أن. (¬12) ز: يقتلون. (¬13) ز: لا يقاتل واحدا. (¬14) ز: أن يصنموا. (¬15) ز: فيقاتلون. (¬16) ز: أفيسهم.

باب اللص والعادي والمتأول

باب اللص والعادي والمتأول قلت: أرأيت الرجل والرجلين يخرجان من المصر على تأويل فيقاتلان ويَقتلان ثم يستأمنان هل يؤخذان بشيء من ذلك؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأنهم ليسوا بأهل منعة، إنما هم بمنزلة (¬1) اللصوص. قلت: أفتقتص منهم فيما كان من جراحة فيها قصاص وفيما كان من نفس، وما كان من جراحة لا يستطاع فيها القصاص كان عليه الأرش في ماله؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا قاتل ذلك الرجلان وشهرا (¬2) السلاح على قوم فامتنعوا منهما (¬3) فقاتلوهما هل عليهم شيء؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنهم (¬4) يسعهم أن يمتنعوا منهما (¬5). قلت: فإن بلغوا بذلك قتلهما؟ (¬6) قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يشهر في المصر على رجل بعصا أو بحجر أترى أن يقتله المشهور عليه؟ قال: لا يشبه هذا ذاك. قلت: لم؟ قال: لأن أولئك شهروا عليهم السلاح، وهذا لم يشهر سلاحاً. قلت: فلو أن المشدود عليه قتل الذي شَدَّ بعصا كان على عاقلته الأرش، وإن كان بحديدة قُتِلَ به؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو شَدَّ عليه بغير شيء؟ قال: نعم. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا شَدَّ عليه بشيء (¬7) أو بحديدة فقتله المشدود عليه فدمه هدر، وينبغي له أن يقتله. قلت: ولو أن رجلاً أغار على رجل ليلة في منزله ليسرق متاعه فكابره بسلاح أو بعصا فقتله رب المنزل، ثم قامت على ذلك بينة، هل كنت ترى عليه شيئاً؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنَّ هذا كابره ليلاً. قلت: فلو كابره نهاراً بسلاح أو غيره فقتله رب المنزل؟ قال: إذا كابره نهاراً بسلاح فلا شيء على رب المنزل، وإذا كابره بغير سلاح فقتله رب المنزل بعصا كان على عاقلته الدية. ¬

_ (¬1) ز: منزلة. (¬2) ز: وشهر. (¬3) ز: منهم. (¬4) ف + لم. (¬5) ز: أن يمنعوا منهم. (¬6) ز: قتلهم. (¬7) وعبارة الحاكم: بشيء لو قتله به قتل به. انظر: الكافي، 1/ 162 و. وعبارة السرخسي: بشيء لو قتله به قتله. انظر: المبسوط، 10/ 134.

قلت (¬1): وإن كان بسلاح قُتِلَ؟ (¬2) قال: نعم. قلت: وكذلك العبد إذا كان في هذا كله؟ قال: نعم. قلت: أرأيت القوم يقطعون الطريق على المسافرين فيكابرونهم (¬3) بغير سلاح أيحل للمسافرين (¬4) أن يقاتلوهم ويمتنعوا (¬5) منهم؟ قال: نعم. قلت: فإن قتلوا من اللصوص أحداً (¬6) هل عليهم شيء من ذلك؟ قال: لا. قلت: فلو أن رجلاً قاتله في المصر بغير سلاح فقتله ضمنته الدية إذا كان بغير سلاح، وإن كان عمداً قتلته به؟ قال: نعم. قلت: من أين اختلفا؟ قال: لأن الذين يقطعون الطريق فيكابرون (¬7) ليسوا كالذين يكابرون في المصر نهاراً؛ لأن هؤلاء يقدرون (¬8) على الناس وعلى أن يستعينوا (¬9) عليهم، وأولئك ليسوا يقدرون على الناس ولا على أن يستعينوا بهم (¬10) عليهم. قلت: فإذا كابره (¬11) ليلاً في منزله فقتله أبطلت دمه وكان عندك كالذي يقطع الطريق؟ قال: نعم. قلت: أرأيت القوم ليسوا بمتأولين وإنما هم لصوص أو شبههم إذا ظهروا على بلاد، فقتلوا من أهلها وأخذوا من أموال المسلمين فاستهلكوا ذلك، ثم ظهر عليهم أهل العدل، هل تقضي بتلك الأموال والدماء لأهلها عليهم؟ قال: نعم. قلت: لمَ؟ قال: لأن هؤلاء ليسوا بمنزلة المتأولين، إنما هم بمنزلة اللصوص مغيرين. قلت: أرأيت القوم من أهل البغي إذا ظهروا على مصر من الأمصار واستعملوا عليها قاضياً، فقضى بأشياء من نكاح أو عتق أو طلاق أو أخذ مال أو قصاص، فظهر أهل العدل على ذلك المصر، فارتفع رجال ممن قد (¬12) قضى عليهم قاضي أهل البغي إلى قاضي أهل العدل، فاحتج أحد ¬

_ (¬1) م ف - قلت. (¬2) ز - قتل؛ صح هـ. (¬3) ز: وكابروهم. (¬4) م ف ز ط: للمسلمين. والتصحيح من ب. (¬5) ز: أن يقاتلونهم ويمنعوا. (¬6) ز: رجلاً. (¬7) ف: يكابرون. (¬8) ز: هذا يقدر. (¬9) ز: أن يستعين. (¬10) ز: به. (¬11) ز: كابروه. (¬12) ز - قد.

باب أهل البغي إذا قاتلوا المشركين مع المسلمين

الرجلين بقضاء ذلك القاضي له وجاء بالبينة على ذلك، هل يُمضي القاضي ذلك القضاء؟ [قال]: إذا كان قضاؤه ذلك عدلاً أنفذه وأمضاه، وإن كان جوراً لم ينفذه، وإن كان قضاؤه ذلك من رأي بعض الفقهاء أنفذه أيضاً. ... باب أهل البغي إذا قاتلوا المشركين مع المسلمين قلت (¬1): أهل البغي إذا كانوا قد ظهروا على مصر ثم غزوا أرض (¬2) الحرب، وغزا (¬3) أهل العدل أرض الحرب، والتقى الجندان من أهل البغي وأهل العدل بأرض الحرب، فقتلوا المشركين وأصابوا غنائم، كيف الحكم فيما أصابوا وهل يشتركون فيها؟ قال: نعم. قلت: وتقسم تلك الغنيمة؟ قال: نعم. قلت: فمن يأخذ خمسها؟ قال: أهل العدل، فيضعون ذلك في موضعه. قلت: فإن أبى عليهم في ذلك أهل البغي وقالوا: أعطونا حصصنا من الخمس فنضعه فيمن نريد؟ قال: لا يعطون ذلك. قلت: وكذلك إمام غزا بنفسه أرض الحرب في جند من المسلمين، فمات هناك، فاختلف الجند، فقالت طائفة منهم: نستخلف فلاناً، وقالت (¬4) طائفة: نستخلف فلاناً، فاقتتلوا فيما بينهم، ثم لقوا المشركين فقاتلوهم وأصابوا غنائم، أتخمس (¬5) تلك الغنائم، ثم يشتركون فيها؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو أن طائفة منهم غنمت ولم تغنم الطائفة الأخرى ثم تعاطوا الحق فيما بينهم في دار الحرب، كانت تلك الغنائم تخمس وتكون بينهم؟ قال: نعم. قلت: فلو أن جيشا غزوا من مصر بغير إذن الإمام فأصابوا غنائم (¬6)، هل كان يخمس ما أصابوا ويقسم ما بقي بينهم؟ قال: نعم، ولا يشبه هذا الواحد والاثنين يخرجان من المصر فيصيبان. ¬

_ (¬1) ز + أرأيت. (¬2) ز + أهل. (¬3) ز: وغزوا. (¬4) ز: وقال. (¬5) ز: أيخمس. (¬6) ز - تخمس وتكون بينهم قال نعم قلت فلو أن جيشا غزوا من مصر بغير إذن الإمام فأصابوا غنائم.

قلت: أرأيت أهل البغي وأهل العدل الذين سألتك عنهم إذا غنم أهل العدل ولم يغنم أهل البغي ثم اصطلحوا، هل يشاركهم أهل البغي في تلك القسمة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت أهل البغي إذا وادعوا قوماً من أهل الحرب، هل ينبغي لأهل العدل أن يغزوهم؟ قال: لا ينبغي لهم ذلك؛ لأنه قد وادعهم طائفة من المسلمين. وقد جاء الأثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "يسعى بذمتهم أدناهم" (¬1). قلت: أرأيت القوم من أهل العدل وادعوا أهل الحرب فغزاهم أهل البغي فسبوا سبايا، هل يشتري أهل العدل من ذلك السبي شيئاً؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنهم قد وادعوهم، ولم يكن ينبغي لأهل البغي إذا وادعهم أهل العدل أن يغزوهم. قلت: وكذلك لو كان أهل البغي (¬2) قد وادعوا قوماً من أهل الحرب ثم غدروا بهم فسبوهم لم يكن لأهل العدل أن يشتروهم؟ قال: لا؛ لأنهم قد وادعهم طائفة من المسلمين. قلت: فإن غزا أهل البغي قوماً من أهل الحرب فدخلوا عليهم دار الحرب فسبوهم، وقد كان أهل العدل وادعوا أولئك القوم من أهل الحرب فصالحوهم سنين، ثم تاب أهل البغي واصطلحوا وأولئك السبي في أيديهم، هل ينبغي لأهل العدل أن يردوا السبي على أهل الحرب؟ قال: نعم. قلت: أرأيت القوم من أهل البغي إذا استعانوا بقوم من أهل الحرب على قتال أهل العدل، فظهر عليهم أهل العدل، أيسبون أهل الحرب الذين أعانوا عليهم أهل البغي؟ قال: نعم. قلت: ولا ترى استعانة أهل البغي إياهم أماناً؟ قال: لا. قلت: وكذلك أهل البغي إذا وادعوا قوماً من أهل الحرب، فأغار (¬3) أولئك القوم من أهل الحرب على أهل العدل فقاتلوهم، فظهر عليهم أهل العدل فقاتلوهم، أيسبونهم؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) تقدم الحديث بإسناد المؤلف في أوائل كتاب السير، وتقدم تخريجه هناك. انظر: 5/ 115 ظ. (¬2) ف: العدل. (¬3) ز: فأغاروا.

ما زاد محمد في آخر كتاب السير

قلت: أرأيت الرجل إذا كان في عسكر أهل العدل، فلحق بعسكر أهل البغي وحارب أهل العدل (¬1)، هل يقسم ماله بين ورثته؟ قال: لا. قلت: ولم لا يكون هذا كالمرتد اللاحق بأرض الحرب؟ قال: ألا ترى أن امرأة هذا على نكاحها، وأني أورثه منها لو ماتت وأورثها منه لو مات، فكيف يكون كالمرتد وهو على الإِسلام غير أنه باغ. ... ما زاد محمد في آخر (¬2) كتاب السير قال محمد بن الحسن: قال أبو يوسف: سألت أبا حنيفة عن الغنيمة يغنمها المسلمون في دار الحرب من المشركين، كيف يقسمونها (¬3)، تُقْسَم (¬4) في دار الحرب أو بعد ما يخرجونها إلى دار الإِسلام، وكيف يقسم للفارس والراجل، وهل يفضل الخيل بعضها على بعض، وكيف يقسم الخمس، وهل للعبيد في المغنم سهم، وهل للمرأة في المغنم سهم، وكيف تكون (¬5) الأرض إذا غلب (¬6) عليها المسلمون، أهي بمنزلة المتاع أم لا؟ فقال أبو حنيفة: إذا أصاب المسلمون غنيمة فإنه لا ينبغي أن تقسم (¬7) في دار الحرب؛ لأن المسلمين لم يحرزوها بعد. وإحرازها أن يخرجوها إلى دار الإِسلام. فإن اقتسموا الغنيمة في دار الحرب فجائز. وأحب ذلك إلى أن يقسموها إذا خرجوا إلى دار الإِسلام. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. وقال أبو يوسف: إن لم يجد الإمام لها حمولة يحملها عليها فليقسمها في دار الحرب. وقال (¬8) أبو حنيفة: لا حق للعبد في المغنم. فإن قاتل رُضِخَ له (¬9) ¬

_ (¬1) ف - فلحق بعسكر أهل البغي وحارب أهل العدل. (¬2) ف - آخر. (¬3) م ف ز + قال. (¬4) ز: يقسم. (¬5) ز: يكون. (¬6) ز: إذا غالب. (¬7) ز: أن يقسم. (¬8) ف + وقال. (¬9) رَضَخَ له، أي: أعطاه قليلاً. انظر: المغرب، "رضخ".

ولم يضرب له بسهم. وكذلك قال في المرأة. وكذلك قال في المكاتب. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: المتطوع في الجند وصاحب الديوان في الغنيمة سواء. وقال في التجار الذين دخلوا في تجاراتهم وهم في عسكر المسلمين: ليس لهم في الغنيمة شيء. وقال أبو حنيفة: يقسم للفرس سهم وللراجل سهم. وقال: أكره أن أفضل بهيمة على رجل مسلم. وقال أبو يوسف ومحمد: نقسم (¬1) للفرس سهمين وللراجل (¬2) سهماً (¬3). نأخذ بالحديث والسنة. وقال أبو حنيفة: لا أقسم لفرسين ولا أكثر؛ لأني لو قسمت لفرسين قسمت لثلاثة وأكثر. وكذلك قال محمد. وقال أبو يوسف: أقسم لفرسين، ولا أقسم أكثر من ذلك. وقال أبو حنيفة: الفرس العتيق (¬4) والمُقْرِف (¬5) والبِرْذَوْن في السهام سواء، لا أفضل بعضها على بعض، لقول الله تعالى في كتابه: {وَالْخَيْلَ} (¬6)، ولم يميز (¬7) منها شيئاً دون شيء. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: إذا ظهر الإمام على بلاد من بلاد أهل الشرك فهو فيها بالخيار أن يفعل فيها الذي يرى أنه أفضل وأحبه للمسلمين. ¬

_ (¬1) م ف ز: أقسم. (¬2) ف ز: وللرجل. (¬3) ز: سهم. (¬4) الفرس العتيق أي الكريم الرائع. انظر: المغرب، "عتق". (¬5) ز: والمعترف. المُقْرِف من الفرس وغيره الذي أمه عربية وأبوه ليس كذلك، لأن الإقراف إنما هو من قبل الفحل. وقيل بالعكس. انظر: لسان العرب، "قرف". (¬6) يقول الله تعالى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (سورة النحل, 8). (¬7) م - يميز؛ ز: يفضل؛ ط: ولم يجعل.

إن رأى (¬1) أن يخمس الأرض والمتاع ويقسم أربعة أخماسه بين الجند الذين افتتحوها (¬2) فعل. ثم يقسم الخمس على ثلاثة أسهم للفقراء والمساكين وابن السبيل. وقال أبو حنيفة: إن رأى الإمام أن يترك الأرض وأهلها فيها ويجعلهم ذمة ويضع عليهم وعلى أرضهم الخراج فعل كما صنع عمر بن الخطاب بالسواد (¬3). وقال أبو يوسف: سألت أبا حنيفة عن القوم يضرب عليهم البعث فيجعل القاعد للشاخص؟ (¬4) قال: إذا لم يكن للمسلمين غنيمة ولا فيء فلا بأس بأن يقوي بعضهم بعضا. وقال: إذا كان لهم فيء يسعهم فإني أكره ذلك. قال: وسألت أبا حنيفة عن ركوب الدابة من الفيء ولبس الثوب أتكره (¬5) ذلك وتنهى (¬6) عنه؟ قال: إذا كان به جراحة فخاف على نفسه منها فلا بأس بذلك إن كان به إليه حاجة من ركوب دابة أو لبس ثوب. قال: وسألته عن الرجل يقاتل بالسلاح من الفيء، فكره ذلك. قلت: فإن احتاج إلى ذلك؟ قال (¬7): فلا بأس به إذا احتاج إليه ولم يجد غيره. قلت: أرأيت لو رماه العدو بنُشّابَة فرماهم بها، أو انتزع (¬8) سيفاً من أيدي العدو وضربهم به، هل ترى بذلك بأساً؟ قال: لا بأس به. قلت: أرأيت لو عقر الرجل دابته (¬9)، وخاف العدو على نفسه، وظهرت (¬10) دابة من دواب العدو فركبها، ثم أقبل على أصحابه، هل ترى بذلك بأسا؟ قال: لا بأس بذلك إذا كان ذلك من مخافة أو مجاعة أو حاجة إليها أو عذر. ¬

_ (¬1) م ف ز: يرى. (¬2) ز: افتتحوا ما. (¬3) الطبقات الكبرى لابن سعد، 3/ 282؛ والدراية لابن حجر، 2/ 119. (¬4) أي: يكلف الإمام قوماً بالغزو ويعطيهم مالاً ليستعينوا على الغزو، فيقعد بعضهم ويعطي المال لرجل آخر حتى يغزو بدلاً عنه. انظر: المغرب، "قعد". (¬5) ز: أيكره. (¬6) ز: وينهى. (¬7) ز ف - قال. (¬8) ز: وانتزع. (¬9) م ف ز: دابة. والتصحيح من ب. (¬10) ز: وظهر.

قال: وسألته (¬1) عن قتل النساء والصبيان والشيخ الفاني الذي لا يطيق القتال والذي به زمانة لا يطيقون القتال، فنهى عن ذلك وكرهه. وسألته (¬2) عن الرجل يأسر الرجل من العدو هل له أن يقتله أو يأتي (¬3) به الإمام؟ قال: أي ذلك فعل فهو حسن. وقال أبو يوسف ومحمد: أي ذلك كان أحسن (¬4) وأفضل للمسلمين فليفعله. قال: وسألته عن الرجل من أهل الحرب يقتله المسلمون، هل يبيعون جيفته من المشركين؟ قال: لا بأس بذلك في دار الحرب في غير عسكر المسلمين. ألا ترى أن أموال أهل الحرب تحل (¬5) للمسلمين أن يأخذوها، فإذا طابت (¬6) بها أنفسهم فهو جائز. وقال أبو يوسف: أكره ذلك وأنهى عنه. ولا يجوز للمسلمين بيع الميتة ولا الربا ولا الخمر ولا الخنزير من أهل الحرب ولا من غيرهم. قال (¬7): وسألته عن الجيش يغزون أرض الحرب، فيغنمون الغنيمة، فيلحق بهم جيش من المسلمين لم يشهدوا الحرب معهم قبل أن (¬8) يخرجوا الغنيمة إلى دار الإِسلام وقبل أن يقتسموها؟ فقال: يشركونهم في ذلك؛ لأن الجند الأول لم يحرزوا الغنيمة بعد؛ لأنهم في دار الحرب. قال (¬9): وسألته عن الجند يغزون أرض الحرب، هل لأميرهم أن ينقل؟ (¬10) [قال]: قبل الغنيمة، فيقول: من (¬11) أصاب شيئاً فله كذا وكذا. وأما أن ينفل (¬12) بعد ما يصيبون (¬13) الغنيمة فلا ينبغي له ذلك. ¬

_ (¬1) م ف ز: وسألت. والتصحيح من الكافي، 1/ 162 ظ. (¬2) م ف ز: وسألت. والتصحيح من الكافي، 1/ 162 ظ. (¬3) م ف ز: ويأتي. والتصحيح من الكافي، 1/ 162 ظ. (¬4) م ف: حسن؛ ز: حسنا. والتصحيح مستفاد من ب. (¬5) ز: يحل. (¬6) م ف ز: كانت. والتصحيح من ب. (¬7) ف ز - قال. (¬8) ف - أن. (¬9) ف ز - قال. (¬10) ز: أن يقتل. (¬11) ز + من. (¬12) ز: أن يقبل. (¬13) ز: نصبوا.

وسألته عن المسلمين يستعينون بأهل الشرك على أهل الحرب، هل ترى بذلك بأساً، وهل لهم سهم في الغنيمة؟ قال: لا بأس بأن يستعان بهم، إذا كان الحكم حكم أهل الإسلام وهو القاهر الغالب فلا بأس بأن يستعان بأهل الشرك. وإن كان حكم أهل الشرك هو الغالب فلا ينبغي للمسلمين أن يقاتلوا مع أهل الشرك إلا أن يخافوا على أنفسهم فيدفعون عنها. وقال (¬1): ليس لأهل الشرك سهم ولكن يرضخ لهم. قال: وسألته عن الأسير يقتل أو يفادى أو يقسم؟ قال: لا يفادى ولكنه يقتل أو يجعل فيئًا. قال: أي ذلك خير للمسلمين عمل به الإمام. قال (¬2): وسألته هل يفادى أسرى (¬3) المشركين بأسرى (¬4) المسلمين؟ قال: لا بأس بذلك. وكان يكره أن يفادي أسرى (¬5) المشركين بمال يأخذه. قال: وسألته عن القوم يغنمون الغنيمة فيها الإبل والبقر والخيل والغنم، فيعجزون عن سياقها أو دابة من دواب المسلمين تقوم (¬6) عليهم؟ قال: أكره أن تُعَرْقَبَ (¬7) أو يُمَثَّلَ بها، فلا بأس بأن تذبح وتحرق (¬8) بالنار حتى لا ينتفع بها العدو. وقال أبو حنيفة: إذا أصاب المشركون عبداً أو دابة أو ثوباً فأصابه (¬9) المسلمون في غنيمة فوجده مولاه قبل أن يقسم فإنه يأخذه بغير شيء. وإن وجده (¬10) بعد القسمة أخذه بقيمته إلا الذهب والفضة والكيل والوزن، فإن أبا حنيفة قال: إذا وجده بعد القسمة لم يأخذه بشيء؛ لأنه يعطي (¬11) مثل ¬

_ (¬1) ف ز: قال. (¬2) ف ز - قال. (¬3) ز: أسراء. (¬4) ز: بأسراء. (¬5) ز: أسراء. (¬6) ز: يقوم. (¬7) ز: أن يعاقب؛ ط: أن تعقر. العُرْقُوب: العصب الغليظ الموتَّر فوق عقب الإنساند وعُرْقُوب الدابة في رجلها بمنزلة الركبة في يدها. وعَرْقَبَ الدابةَ: قطع عُرْقوبها. انظر: لسان العرب، "عرقب". (¬8) ز: يذبح ويحرق. (¬9) م ف ز: فأصاب. (¬10) م ف ز: وجد. (¬11) ز: يعطا.

كيله أو وزنه. وقال أبو حنيفة: إذا أبق العبد إلى العدو فأخذه (¬1) ثم ظهر المسلمون عليه فإن مولاه يأخذه بغير شيء قبل القسمة وبعد القسمة. ولا يشبه العبد الآبق الأسير يأسرونه أو المتاع يحرزونه. وقال أبو حنيفة: لو انفلتت إليهم دابة فأخذوها وظهر المسلمون عليها، قال: إن وجدها صاحبها قبل القسمة أخذها بغير شيء، وإن وجدها بعد القسمة أخذها بالقيمة. وقال (¬2): العبد يخالف الدابة المنفلتة. وقال أبو يوسف ومحمد: هذا كله واحد. إذا (¬3) أخذوه في بلادهم آبقًا أو منفيًا أو أسروه فإن وجده مولاه قبل أن يقسم أخذه بغير شيء. وإن وجده بعد القسمة أخذه بالقيمة. وقال أبو حنيفة: إن خرج به رجل من المشركين بأمان فباعه في دار الإسلام فلا سبيل له عليه في قولهم جميعاً إلا في الآبق، فإن أبا حنيفة قال: يأخذه مولاه حيث ما وجده بغير شيء. ولو أن رجلاً اشترى عبداً من المشركين قد كانوا أصابوه من المسلمين قبل ذلك فإن أبا حنيفة قال: يأخذه مولاه بالثمن إن شاء. فإن لم يأخذه حتى أسره المشركون ثانية فاشتراه رجل آخر فإن أبا حنيفة قال: ليس لمولاه عليه سبيل حتى يأخذه الثاني. فإن أخذه الثاني بالثمن الثاني فللأول أن يأخذه بالثمن جميعاً. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. وكذلك لو كانت جارية فعميت عند المشتري أو أصابها عيب فأراد المولى أن يأخذها بالثمن وأن يحط عنه بحساب ذلك العيب قال أبو يوسف ومحمد: ليس له ذلك، إما أن يأخذها بجميع الثمن وإما أن يترك. وهو قول أبي حنيفة فيما يعلم أبو يوسف. ألا ترى أن رجلاً لو باع رجلاً عبداً فعمي عند البائع قيل للمشتري: إن شئت فخذه بجميع الثمن أو دع. ولو أن رجلاً قطع يد هذه الجارية، وأخذ مولاها الأرش منه، ثم جاء المولى الذي كان المشركون أصابوها منه فأراد أن يأخذها، وأن يحط عنه من الثمن بحساب ذلك، فإنه لا يحط عنه شيء (¬4)، ويأخذها إن شاء بجميع الثمن أو يترك. ألا ترى أن الذي (¬5) كانت عنده لو فقأ (¬6) عينها ¬

_ (¬1) أي: فأخذه العدو. (¬2) ز + أبو حنيفة. (¬3) ز + كان. (¬4) ز: شيئاً. (¬5) م ف + لو. (¬6) م ف: أو فقأ؛ ز: وفقأ.

لم يحط عنه شيء من الثمن بشيء. ولو كان هذا يشبه البيع في هذا الموضع لحط عنه من الثمن بحساب ذلك. ولو كان يشبه الشفعة لحط عنه من الثمن، كالمشتري لو هدم من بناء الدار شيئاً حط عن الشفيع بقدر ذلك. ألا ترى أن هذا المشتري من العدو لو وطئها لم يحط عن مولاها من الثمن شيء (¬1)، ويأخذها مولاها بجميع الثمن (¬2)، والنكاح جائز على حاله. ولو ولدت ولداً فأعتقه الذي هو في يديه، ثم جاء المولى، أخذها المولى بجميع الثمن، لا يحط عنه من ذلك شيء. ولو أن الولد قتل (¬3) فأخذ له أرشًا أخذ المولى الأم بجميع الثمن أو ترك. ولو ولدت ولداً فأعتق الأم فأراد المولى الأول أن يأخذ الولد (¬4) أخذه (¬5) بجميع الثمن أو يترك. ولا يشبه هذا البيع ولا الشفعة. إنما هذا رجل هو أحق بالمتاع بثمنه على الحال الذي يجده عليه، وما تغير فلا سبيل له عليه، ولا يستوجب منه شيئاً إلا بجميع الثمن. ولو كان الثمن يقسم على الأم وأرش (¬6) الولد أو على الأم وأرش عينها يقسم الثمن عليها وعلى عينها إذا فقأها الذي هي في يديه، ويقسم الثمن عليها وعلى مهر مثلها إذا وطئها الذي هي في يديه. إذا كان ضامناً لها لا يملكها كلها (¬7)، إن حدث فيها شيء حط من الثمن بحساب ذلك. ولو كان هذا هكذا لم يجز عتقه فيها. ألا ترى أن الشفيع يأخذ الدار بالشفعة من البائع ويبطل ثمنه عن المشتري فيها، وأن هذه الجارية لو أعتقها صاحبها جاز عتقه، ولو باعها جاز بيعه، وكان لمولاها (¬8) أن يأخذها بالثمن الثاني من المشتري، ولو وهبها له جازت هبته، وكان لمولاها الأول أن يأخذها بقيمتها من الموهوبة له. فهذا لا يشبه البيع ولا الشفعة على حال. ألا ترى أن رجلاً لو باع أمة لم يجز أن يبيعها ثانية ولا يعتقها ولا يهبها بعد بيعه الأول، وهذا يجوز له بيعها وهبتها، ولو وطئها وطئها حلالاً (¬9)، ولو ¬

_ (¬1) ز - شيء. (¬2) م - الثمن. (¬3) ف + له. (¬4) ف: الوليد. (¬5) ف - أخذه. (¬6) م ف: والأرش. (¬7) ف: كلما. (¬8) ف + الأول. (¬9) ز: حلال.

ولدت منه كانت أم ولد له، والبائع لو وطئها وطئ (¬1) ما لا (¬2) تحل له، ولو ولدت منه (¬3) لم تكن أم ولد له. إذا رضي المشتري أن يأخذها وولدها فهذا لا يشبه الشفعة ولا البيع ولا الهبة. ولو أن رجلاً وهب خادماً لرجل فزادت عنده خيراً لم يكن للواهب فيه رجوع. ولو وهب رجل لذي رحم محرم منه هبة وقبضها لم يكن له أن يرجع في هذا. وهذه (¬4) الأمة التي أصابها أهل الشرك لمولاها أن يأخذها من ذوي المحرم وغيره إن زادت أو نقصت، ويأخذها بأولادها التي ولدت، وليس للواهب أن يرجع في الولد إذا حدث في ملك الموهوب له. ولو (¬5) كانت رهناً (¬6) في يدي (¬7) رجل، أصابها المشركون من أهل الإسلام فاشتراها رجل منهم، لم يكن لمولاها عليها سبيل حتى يأخذها المرتهن بالثمن، ثم يأخذها مولاها الأول بالدين والثمن. وهذا لا يشبه البيع ولا الهبة (¬8) ولا الشفعة. ولو أن رجلاً باع أمة فلم يقبضها المشتري ولم ينقده الثمن حتى أسرها (¬9) أهل الحرب، فاشتراها رجل، لم يكن للمشتري عليها سبيل حتى يأخذها البائع بالثمن. فإذا أخذها بالثمن كان للمشتري أن يأخذها بالثمن الأول الذي اشتراها به، وبالثمن الآخر الذي افتكها به المولى. ولو أن عبداً في عنقه دين وجناية فأصابه أهل الحرب فاشتراه رجل منهم لزمه الدين ولم تلزمه (¬10) الجناية. فإن أخذه مولاه بالثمن لزمته الجناية والدين إذا رجع إلى الملك الأول والجناية والدين في عنقه. وإذا لم يرجع إلى الملك الأول سقطت الجناية، وثبت الدين في عنقه. ألا ترى أن عبداً لو باعه (¬11) مولاه وعليه دين تبعه الدين، ولم تتبعه (¬12) الجناية إذا خرج من ملك مولاه ولا إذا أعتق. ألا ترى ¬

_ (¬1) م ف ز: وهي. (¬2) ز - لا. (¬3) ف + كانت أم ولد له والبائع لو وطئها وهي ما لا تحل له ولو ولدت منه. (¬4) ز: وهذا. (¬5) ز + أن أمة. (¬6) م ف: أن المكاتب رهنا؛ ط: أن المكاتبة رهنت. والتصحيح من ب. (¬7) ز: في يد. (¬8) م: وإلا الهبة. (¬9) م ف ز ط: حتى اشتراها. والتصحيح من الكافي، 1/ 162 ظ؛ والمبسوط، 10/ 141. (¬10) ز: يلزمه. (¬11) م ز: لو باع. (¬12) ز: يتبعه.

أني قد أبطلت الرهن فيه حتى يأخذه بالثمن، فيعود الرهن، ثم يفتكه مولاه بالدين. ولو أن أهل الحرب أصابوا عبداً أو أمة أو متاعاً للمسلمين ثم أسلموا عليه كان لهم، ولا يأخذه مولاه. وإن كان عبداً في عنقه دين لحقه الدين. ولو كان عبداً في عنقه جناية لم تلحقه الجناية. وإن كان متاعاً رُهِن (¬1) لم يعد في الرهن، وبطل الدين الذي كان به رهناً إذا كان قيمته والدين سواء. وكل حر أصابه أهل الحرب وأسلموا عليه فإنه حر ولا يكون رقيقاً. وكذلك المدبر وأم الولد والمكاتب يرجع إلى حاله ولا يكون رقيقاً. وكل ملك لا يجوز فيه البيع فإن أهل الحرب لا يملكونه إذا أصابوه. ولو أن رجلاً حراً أمر رجلاً فاشتراه منهم كان حراً، وكان للتاجر الذي اشتراه منهم أن يرجع عليه بذلك الثمن. وكذلك المكاتب. و [أما] أم الولد والمدبر فإنه يرجع عليهما (¬2) بالثمن إذا أعتقا (¬3). ولو أن رجلاً حراً أمر رجلاً أن يشتري له رجلاً حراً من دار الحرب وسماه له (¬4) فاشتراه لم يكن على الحر المشترَى من الثمن شيء (¬5)، وكان للمأمور أن يرجع على الآمر الذي أمره إن (¬6) ضمن له الثمن أو قال: اشتر (¬7) لي. وإن كان قال: اشتره لنفسك واحتسب فيه، لم يضمن. ولو أن رجلاً اشترى من المشركين (¬8) عبداً قد كان أسروه من المسلمين، فرهنه المشتري، ثم جاء مولاه الأول، لم يكن له عليه (¬9) سبيل حتى يفتك ¬

_ (¬1) م: وهن. (¬2) م ف: عليها؛ ط: عليه. والتصحيح والزيادة السابقة من الحاكم. انظر: الكافي، 1/ 162 ظ؛ والمبسوط، 10/ 141. (¬3) ط: إذا أعتقها. (¬4) ط - له. (¬5) ز: شيئاً. (¬6) ز + كان. (¬7) ز: اشترى. (¬8) م ف ز ط: من المشتري. والتصحيح من الحاكم. انظر: الكافي، 1/ 162 ظ؛ والمبسوط، 10/ 142. (¬9) م: لمعليه؛ ف: لمولاه عليه؛ ز: لمولاه. والتصحيح من ب؛ والكافي، 1/ 162 ظ؛ والمبسوط، 10/ 142.

باب ما يكون للملك أن يفعله في مملكته ومن يكون له من أهل مملكته رقيقا

هذا الرهن (¬1) ويقضي (¬2) ما فيه، ثم يأخذه مولاه بالثمن. ولو أراد المولى أن يعطي المرتهن دينه ويعطي الثمن وهو متطوع بالدين فذلك له، ولا يجبره مولاه على افتكاكه حتى يأخذه بالدين. ولو كان أجره إجارة (¬3) كانت الإجارة جائزة، وللمولى أن يأخذه ويُبْطِل الإجارة (¬4) فيما بقي منها. ولا تشبه (¬5) الإجارة الثمن والرهن (¬6). ألا ترى أني أنقض الإجارة في حال العذر (¬7)، فهذا من ذلك. والله أعلم. ... باب ما يكون للملك أن يفعله في مملكته ومن يكون له من أهل مملكته رقيقاً (¬8) قال محمد بن الحسن: إذا غلب قوم من أهل الحرب على قوم آخرين من أهل الحرب فأخذوهم عبيداً للملك، ثم أن الملك وأهل أرضه أسلموا عليه، فمن كان من جنده الذين غلب بهم فهم أحرار لا سبيل عليهم، وأما الذين غلبوا وأخذوهم عبيداً فهم عبيد له، يبيع من شاء منهم ويهب من شاء منهم بعد الإسلام والذمة وقبل (¬9) ذلك، وأما جنده الذي (¬10) غلب بهم فهم أحرار لا سبيل عليهم. وإن خَصَّ المَلِكُ الموروثَ (¬11) فورّث ذلك بعض ولده دون بعض، فإن كان صنع هذا قبل أن يسلم أو يصير ذمة ثم أسلم ولده بعد ذلك جعل الأمر على ما صنعه الملك عليه، وإن كان صنع ذلك بعد ما صار ذمة أو ¬

_ (¬1) ز: الراهن. (¬2) م ف: ويقض؛ ز: ويقبض. (¬3) ف -إجارة. (¬4) ف - جائزة وللمولى أن يأخذه ويبطل الإجارة. (¬5) ز: يشبه. (¬6) م: الرهن. (¬7) وفي المطبوعة: ألا ترى أني أبغض الإجارة في حال العبد. والله المستعان. (¬8) ز: رقيق. (¬9) ز: وقتل. (¬10) ز: الذين. (¬11) ز: الموت.

صار مسلماً لم يجز ما صنع من ذلك، وكان جميع عبيده وإمائه الذين غلب عليهم ميراثاً بين ورثته على فرائض الله تعالى. وإن كان فعل ذلك وهو موادع للمسلمين يؤدي إليهم في كل سنة شيئاً معلوماً وليس يجري عليهم حكم المسلمين فجميع ما صنع من ذلك جائز. وإن حضره الموت وله أولاد فقسم ملكه بينهم فجعل لكل ابن ناحية من أرضه معلومة مَلَّكَه عليها، وجعل ما فيها من عبيده وإمائه له خاصة، فإن كان فعل ذلك وهو (¬1) موادع قبل أن يسلم أو يصير ذمياً فجميع ما صنع من ذلك جائز على ما صنع، وإن كان فعل ذلك بعد ما أسلم أو صار ذمياً عندما (¬2) حضره الموت فجميع ما صنع من ذلك فهو باطل، وجميع العبيد والإماء رقيق ميراث بين ورثته. وإن كان فعل (¬3) ذلك كله لابن من بنيه (¬4) دون من سواه وهو موادع يوم (¬5) صنع ذلك، فوَرِثَه ابن له آخر بعد موته فقتل أخاه وظهر على ما في يديه، أو لم يقتله (¬6) ولكنه نفاه إلى أرض الإسلام أو إلى غيرها، ثم أسلموا جميعاً أو صاروا ذمة، جاز للابن (¬7) القاهر ما صنع، وكانوا جميعاً عبيداً له وإماء له. فإن كان ما صنع الابن القاهر صنعه بعد ما أسلم الابن المقهور أو بعد ما صار ذمة رد جميع ذلك عليه وأخرج منه. وإن كان أخوه فعل ذلك وهو (¬8) محارب للمسلمين فجميع ما صنع من ذلك جائز إن أسلم أو صار ذمة. وإن ظهر المسلمون على شيء من أولئك العبيد والإماء فإن وجدهم الابن الأول قبل أن يقسموا (¬9) أخذهم بغير شيء، وإن وجدهم (¬10) قسموا أخذهم بالقيمة إن أحب ذلك. وإن دخل تجار المسلمين إلى هذا الابن الثاني واشتروا (¬11) منه رقيقاً من أولئك العبيد والإماء فلا بأس بأن يشتروا ¬

_ (¬1) م ف ز: فهو. (¬2) م ف ز: عند. (¬3) ز: جعل. (¬4) ز: كله من أحد بنيه. (¬5) ز: ثم. (¬6) ف ز: لم يقتل. (¬7) م ف ز: لابن. (¬8) ف ز: فهو. (¬9) م ف ز: أن يقسم. (¬10) ف ز + قد. (¬11) ز: واشترى.

ذلك. فإذا أخرجوهم إلى دار الإسلام فالابن الأول المقهور بالخيار، إن شاء أخذ ذلك السبي (¬1) بالثمن، وإن شاء ترك. وإن كان الابن القاهر صنع ما صنع وهو مسلم أو ذمي وأخوه المقهور مسلم أو ذمي فليس ينبغي للمسلمين أن يشتروا من ذلك السبي (¬2) شيئاً، وإن اشتروا منه وأخرجوهم إلى دار الإِسلام أخذهم (¬3) الابن المقهور بغير ثمن ولا قيمة. فإن كان الابن القاهر مسلماً أو ذمياً يوم فعل هذا بأخيه (¬4) وأخوه مسلم أو ذمي ثم إن الابن القاهر ارتد عن الإسلام أو الذمة، ومنع الدار وقاتل المسلمين وأجرى حكم الشرك في داره، ثم ظُهِرَ (¬5) على تلك الدار أو أُخِذَ من ذلك السبي شيء (¬6)، فإن ذلك إن وجده الابن المقهور قبل أن يقسم أخذه بغير شيء، وإن وجده قد قسم أخذه بقيمته إن أحب. والله أعلم (¬7). ¬

_ (¬1) ز: الشيء. (¬2) ز: الصبي. (¬3) م ف: إلى دار؛ ز: أخذ. والتصحيح مستفاد من ب؛ والكافي، 1/ 163 و؛ والمبسوط، 10/ 143. (¬4) ز: ناحية. (¬5) ز + المسلمون. (¬6) ز: سبي. (¬7) م + والحمد لله رب العالمين وصلواته على محمد النبي وآله كتبه أبو بكر بن أحمد بن محمد الطلحي الأصفهاني في يوم الأحد رابع وعشرين شهر الله المبارك رمضان سنة ثمان وثلثين وستمائة والحمد لله لكمالها؛ ف + والحمد لله رب العالمين وصلواته على محمد النبي وآله وصحبه وسلم.

كتاب الخراج

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب الخراج قال محمد بن الحسن: وأرض السواد كلها وأرض الجبل (¬2) وما سقت دجلة والفرات فذلك كله من أرض الخراج. وكل أرض غلب عليها المسلمون فهي أرض خراج. فما كان من أرض الخراج من غامر أو عامر (¬3) مما يبلغه الماء مما يصلح للزرع (¬4) ففي كل جَرِيب (¬5) قَفِيز ودرهم في كل سنة، زَرَعَ (¬6) ذلك صاحبُه في السنة مرة أو مرارًا، أو لم يزرعه، كله سواء. وفيه كل سنة قفيز ودرهم في كل جريب أرض (¬7). والقفيز قفيز الحجَّاج، وهو ربع الهاشمي، ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) الجبل - ويقال: الجبال - البلاد الواقعة بين أصبهان إلى زنجان وقزوين وهمذان والدينور وقرميسين والري وما بين ذلك من البلاد. انظر: معجم البلدان لياقوت، 2/ 99. (¬3) الغامر: الخراب من الأرض بخلاف العامر، وقيل: ما لم يزرع وهو يحتمل الزراعة، وقيل له: غامر لأن الماء يَغْمُره، فهو فاعل بمعنى مفعول، وما لم يبلغه الماء فهو قَفْر. انظر: المصباح المنير، "غمر"؛ ولسان العرب، "غمر". (¬4) ف: الزرع. (¬5) عرف المؤلف الجريب فيما يأتي قريباً بأنه ستون ذراعاً في ستين ذراعاً. (¬6) ف: وزرع. (¬7) ت: جريت زرع.

وهو مثل الصالح الذي كان على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ثمانية أرطال (¬1)، وذلك قدر المكيال الذي يكال به اليوم الحنطة والشعير وزيادة حَفْنتين (¬2)، يوضع ذلك على كل جريب حنطة أو شعير وكل شيء مما يُزرَع من أنواع الحبوب من الأرز والسمسم والبقول والرياحين وغير ذلك مما يُزرَع سوى الرَّطاب والكُرُوم. وما لم يزرعه صاحبه من أرض الخراج وهو يصلح للزرع ففي كل جريب منه قفيز حنطة ودرهم. وما زرعه صاحبه فأصابه آفة من برد أو حرق أو غرق أو غيره فذهب كله فليس على صاحب (¬3) الأرض في ذلك (¬4) خراج في تلك السنة التي أصاب (¬5) أرضه ذلك. وإن ذهب عامته وبقي منه شيء قدر ما تكون (¬6) قيمته في كل جريب قدر درهمين وقفيزين (¬7) أو أكثر أُخِذ منه كل جريب قفيز ودرهم. وإن كانت قيمة (¬8) ما في كل جريب أقل من قفيزين ودرهمين أُخِذ منه قيمة النصف من ذلك، لا يؤخذ منه غيره. وليس في النخل والشجر شيء. ويوضع على الكَرْم على كل جريب كرم عشرة دراهم، وعلى كل جريب (¬9) رَطْبَة (¬10) خمسة دراهم. فإن أصاب ذلك آفة فلم ينتفع به صاحبه فليس فيه شيء. وإن بقي من الكَرْم ما يساوي ما في كل جريب عشرين درهماً أو أكثر ففيه عشرة دراهم. وإن كان أقل من عشرين أُخِذ منه النصف. وإن كان بقي من الرِّطاب من كل جريب (¬11) ما يساوي عشرة أو أكثر أُخِذ منه من كل جريب (¬12) خمسة. وإن كان ما فيه لا ¬

_ (¬1) سنن الدارقطني، 1/ 94، 2/ 128، 153 - 154. وانظر للأحاديث والآثار في ذلك: نصب الراية للزيلعي، 2/ 428 - 432. والدراية لابن حجر، 1/ 273 - 274. (¬2) الحفنة ملء الكف. انظر: المغرب، "حفن". (¬3) ت: على صاحبه. (¬4) ت - في ذلك. (¬5) ت: أصابت. (¬6) ت: ما يكون. (¬7) ت: وقفيز. (¬8) ت: كان قيمته. (¬9) ت: جريت. (¬10) الرطبة نوع من العلف، والجمع رِطاب، وتطلق أيضاً على الخضر مثل البطيخ والخيار والباذنجان. لكن ذكر المطرزي أن المقصود به في الخراج العلف. انظر: المغرب، "رطب". (¬11) ز: جريث. (¬12) ت: جريت.

يساوي إلا الأقل من عشرة أخذ منه النصف من ذلك. وما كان من أرض نخل أو شجر ملتف مجتمع متقارب لا يستطاع أن يزرع تحته جعل على كل جريب منه بقدر ما يطيق، فيجعل عليه مثل ما يجعل على (¬1) جريب الكَرْم، يجعل على كل جريب منه عشرة دراهم. قال: والجَرِيب (¬2) ستون ذراعاً في ستين ذراعاً بذراع المَلِك (¬3)، وذراع الملك سبع مُشْتات (¬4) وذلك (¬5) سبع قبضات (¬6)، وذلك يزيد على ذراع العامة قيمة قبضة. والدراهم كل درهم وزن سبعة (¬7) مما يوزن بالعشرة دراهم (¬8) منها سبع مثاقيل، وهي على ما يرى الناس اليوم، وهذه الدراهم التي يتبايع بها الناس اليوم هي وزن سبعة (¬9). قال: ولو أن رجلاً كانت له أرض من أرض الخراج، وقطعة من أرضه سبخة لا تصلح للزرع ولا يبلغها الماء، لم يكن عليها خراج. وإن كانت يبلغها الماء وهي مما يصلح أن يعالج ويزرعها فعليها الخراج في كل جريب (¬10) قفيز ودرهم. وقال (¬11): ولو أن رجلاً غرس مائة جريب من أرضه كرمًا وهو لا يبلغ (¬12) سنين كان عليه في كل سنة من الخراج قفيز ودرهم حتى يبلغ. فإذا بلغ وأطعم كان عليه في كل جريب عشرة دراهم. قال: وإن كان حيث ¬

_ (¬1) ت - على. (¬2) ت: والجريث. (¬3) الملك هو بعض الأكاسرة لا الأخير، وكانت ذراعه سبع قبضات، بخلاف الذراع المكسَّرة، وهي ست قبضات، وهي ذراع العامة. انظر: المغرب، "ذرع". (¬4) م فـ: مساتق؛ ت: مسابق. ولفظ السرخسي: مسببات. انظر: المبسوط، 12/ 152. وكلاهما تحريف. وقال المطرزي: المُشْت بالفارسية جُمُع الكف. انظر: المغرب، "مشت". وهي القبضة كما فسرها المؤلف. (¬5) ف: كل. (¬6) القبضة أربع أصابع. انظر: المغرب، "جرب". (¬7) ط + دوانيق. (¬8) ف ت - دراهم. (¬9) ط + مثاقيل. (¬10) ز: جريث. (¬11) ت: قال. (¬12) ت: وهي لا تبلغ.

أطعم لا يبلغ ما يخرج منه إلا أقل (¬1) من عشرين درهماً من كل جريب جُعِل عليه في كل جريب النصف مما يخرج. وإن كان ما يخرج من كل جريب (¬2) يساوي عشرين درهماً أو أكثر جُعِل عليه على كل جريب (¬3) عشرة دراهم (¬4). وإن كان ما يخرج (¬5) من كل جريب يزيد على قفيز ودرهم أو أقل جعل عليه قفيز ودرهم على كل جريب. قال: وكذلك (¬6) الرَّطْبة إذا زرعها في أرض الخراج فبلغت، فخرجت متفرقة، خرج منها قليل، فكان ما خرج من كل جريب أقل من عشرة دراهم، جُعِل عليها قدر النصف مما يخرج من ذلك، إلا أن يكون إذا جعل عليها النصف من ذلك كان قيمة النصف أقل من قفيز ودرهم، فيجعل (¬7) عليها قفيز ودرهم. ولو أن رجلاً غرس بأرضه وهي من أرض الخراج نخلا أو شجراً فكان ملتفاً متقارباً لا يستطاع أن يزرع تحته ولا تبلغ (¬8) ثمرته جُعِل عليه في كل جريب عشرة دراهم مثلما يوضع على الكرم. فإن كان حمله حَشَفاً (¬9) وإنما في النخلة الكِباسَة (¬10) أو الكِباسَتان (¬11) وشبهه فإن كانت (¬12) قيمة التمر الذي يخرج من النخل من كل جريب يبلغ عشرين درهماً أو أكثر جُعِل عليه على كل جريب عشرة دراهم. ¬

_ (¬1) ت: منه الأقل. (¬2) ت: جرنب. (¬3) ت: خريب. (¬4) م + وإن كان ما يخرج من كل جريب يساوي عشرين درهما أو أكثر جعل عليه على كل جريب عشرة دراهم. (¬5) ف - ما يخرج. (¬6) ت: ولذلك. (¬7) م ف ت: يجعل. (¬8) ت: يبلغ. (¬9) م ف ب: خصفا؛ ت: حصف. والتصحيح من هامش ب. والحشف هو التمر الرديء، كما تقدم. أما الخصف جمع الخَصَفَة محركة، وهي الجُلّة تُعمَل من الخوص للتمر. انظر: القاموس المحيط، "خصف". ولا يناسب هذا الموضع. (¬10) الكِباسَة عنقود النخل، والجمع كبائس. انظر: المغرب، "كبس". (¬11) ت: والكباستين. (¬12) ت: كان.

وإن كانت قيمة (¬1) ما يخرج منه من التمر أقل من عشرين درهماً جعل عليه قدر قيمة النصف من ذلك، إلا أن تكون (¬2) قيمة (¬3) النصف من ذلك أقل من قفيز ودرهم فيجعل عليه في كل جريب (¬4) قفيز ودرهم. وأما ما سوى النخل والشجر من الزرع من الحنطة والشعير والأرز وأصناف ذلك من الحبوب وغيره من البقول والرياحين والزعفران والعُصْفُر (¬5) وغير ذلك، قال: فيوضع على كل جريب من ذلك قفيز ودرهم كثرت قيمة ذلك أو قلت. وإن كانت له أَجَمَة (¬6) في أرض الخراج فيها صيد كثير فليس في الصيد خراج. فإن كان فيها قصب كثير أو قليل أوطَرَف (¬7) أو دُلْب (¬8) أو خِلاَف (¬9) أو صنوبر أو غيره مما يقطع ويباع جُعِل على كل جريب من ذلك قفيز ودرهم إذا كان يبلغ ما يخرج من الجريب من ذلك قيمته قيمة درهمين وقفيزين (¬10) أو أكثر. وإن كان أقل جعل عليه نصف القيمة من ذلك من كل جريب. قال: وإن كان في أرض الخراج أرض مَمْلَحَة يخرج منها ملح قليل ¬

_ (¬1) ت: قيمته. (¬2) ت: أن يكون. (¬3) ت - قيمة. (¬4) ت: قفيز. (¬5) نبات يصبغ به. انظر: لسان العرب، "عصفر". (¬6) الأجمة الشجر الكثير الملتف. انظر: المغرب، "أجم". (¬7) ف: أو طرفا. الطَّرَف نوع من شجر الصحراء، وله أشواك، وليس له خشب، وإنما يخرج عِصِيّا سمحة في السماء، وقد تأكلها الإبل. وهو اسم يجمع الطرفاء، وقلما يستعمل في الكلام إلا في الشعر، والواحدة طَرَفَة. انظر: لسان العرب، "طرف". (¬8) ت: أو دلف. الدُّلْب شجر يعظم ويتسع ولا نَوْر له ولا ثمر، وهو مُفرَّض (أي مقطَّع) الورق واسعه، شبيه بورق الكرم، واحدته دُلْبَة. انظر: المغرب، "دلب"؛ ولسان العرب، "دلب". (¬9) الخِلاَف ككِتَاب وشدّه لحن، صنف من الصَّفْصَاف، وليس به، سمي خِلَافاً لأن السيل يجيء به سَبْياً فينبت من خلاف أصله. انظر: المغرب، "خلف"؛ والقاموس المحيط، "خلف". (¬10) م ف ت: وقفيز. والتصحيح مستفاد من ب.

باب ما جاء في أرض الخراج إذا أسلم أهلها أو عجزوا عنها أو تركوها كيف يصنع بهم في ذلك وما جاء في ذلك

أو كثير، أو يخرج منها القِير (¬1) والنفط (¬2)، أو كان فيها نحل (¬3) أو عسل أو أشباه ذلك، وهي مما تصلح للزرع ولا يبلغه الماء، فليس في ذلك شيء. وإن كان ذلك الموضع يصلح أن يزرع ويبلغه الماء جعل على كل جريب قفيز ودرهم. قال: وبهذا القول كله نأخذ. ... باب ما جاء في أرض الخراج إذا أسلم أهلها أو عجزوا عنها أو تركوها كيف يصنع بهم في ذلك وما جاء في ذلك قال: وأرض السواد يجب عليها الخراج على كل مَن مَلَكَ من أرض الخراج شيئاً من مسلم أو ذمي أو مكاتب أو عبد أو رجل عليه دين أو ليس عليه دين. فيجب عليه في أرض الخراج إذا ملكها ما يجب على غيره على ما بينتها (¬4) على كل جريب مما يصلح للزرع قفيز ودرهم، وعلى الكروم على كل جريب عشرة، وعلى الرِّطَاب على كل جريب خمسة، ولا فرجة بين النخل والشجر. وإن كان نخل ملتف وشجر ملتف (¬5) جعل عليه من الخراج على ما فسرنا. قال: وإن أسلم الرجل من أهل الذمة وله أرض من الخراج كانت أرضه له على حالها، يؤدي عنها الخراج ويسقط عنه خراج رأسه. ولو أن مسلماً أجّر أرضاً له من أرض (¬6) الخراج، أو دفعها إليه مزارعة، كان الخراج على رب الأرض. وكذلك (¬7) لو جعله عليها ليطعمها كان الخراج على رب الأرض، ما لم تكن (¬8) كرماً أو رِطاباً أو شجراً ملتفاً ¬

_ (¬1) ت: القيرا. (¬2) ف: أو النفط. (¬3) م ط: نخل. (¬4) ط: ما يشبهها. (¬5) ت: نخلا ملتفا وشجرا ملتفا. (¬6) ف - أرض. (¬7) ت: ولذلك. (¬8) ت: لم يكن.

أو نخلاً ملتفاً. فإن كان المستأجر أو المستعير غرس فيها كرماً وجعل فيها رطابًا كان خراج ذلك على الذي استأجر واستعار، على كل جريب من الكرم عشرة دراهم، وعلى (¬1) كل جريب من الرطاب خمسة (¬2). وكذلك النخل الملتف المتقارب والشجر الملتف الكثير (¬3) الذي لا يستطاع أن يزرع (¬4) تحته إذا غرس ذلك المستعير أو المستأجر كان خراج ذلك على المستعير. قال: وإن باعها أو وهبها أو تصدق بها على ابن له صغير أو على أجنبي كان الخراج على الذي اشتراها (¬5) وملكها بصدقة أو بهبة صغيراً (¬6) كان أو كبيراً (¬7). قال: وإن هو باعها أو تصدق بها قبل أن يوضع الخراج كان الخراج على الذي اشتراها وعلى الذي (¬8) تصدق (¬9) بها عليه. قال: ولو أن أرضاً من أرض الخراج عجز عنها صاحبها أو عطلها (¬10) وتركها كان للإمام أن يأخذها ويدفعها إلى من يقوم عليها. وإن لم يجد من يأخذها ويؤدي عنها الخراج دفعها إلى من يزرعها على الثلث أو الربع أو أقل من ذلك، على قدر ما تحتمل (¬11)، وعلى قدر من يحتمل من يأخذها لذلك. وكذلك النخل والشجر الذي كان فيها (¬12) له أن يدفع ذلك معاملة على النصف والثلث وأقل (¬13) من ذلك على قدر ما يرى وما يحتمل (¬14) وعلى قدر من يجد ممن (¬15) يعمله، فيدفع ذلك على قدر ما يرى من ذلك. ¬

_ (¬1) م ف: على. (¬2) ت + دراهم. (¬3) ف ت - الكثير. (¬4) ف - أن يزرع. (¬5) م ت + للنخل والشجر وإن كان نخل ملتف وشجر ملتف جعل عليه من الخراج ما فسرنا قال وإن أسلم رجل من أهل الذمة وله أرض من الخراج ... كان خراج ذلك على المستعير قال وإن باعها أو وهبها أو تصدق بها على ابن له صغير أو على أجنبي كان الخراج على الذي اشتراها. (¬6) ت: صغير. (¬7) ت: أو كبير. (¬8) ت - وعلى الذي. (¬9) ت: أو تصدق. (¬10) ت: أو أعطلها. (¬11) ت: ما يحتمل. (¬12) ت + كان. (¬13) ت: أو الثلث أو أقل. (¬14) ت: ما يحتمل وما يرى. (¬15) ف ت: من.

باب ما جاء في خراج رؤوس الرجال والجزية التي توضع على الرؤوس وكم توضع عليهم وكيف ينبغي أن توضع مما نأخذ من الآثار والرأي

قال: وإن اشترى التغلَبي (¬1) أو النجراني (¬2) أرضاً من أرض الخراج وجب عليه فيها الخراج كما يجب على المسلمين. وإن صارت لصبي أو ليتيم أو لامرأة أو لذمية وجب (¬3) عليهم في ذلك من الخراج مثل ما يجب على المسلمين. وبهذا القول نأخذ. ... باب ما جاء في خراج رؤوس الرجال والجزية التي توضع على الرؤوس وكم توضع (¬4) عليهم وكيف ينبغي أن توضع (¬5) مما نأخذ من الآثار والرأي قال: ويجب على جميع أهل السواد وغيرهم من أهل الذمة من أهل الحِيرة وغيرهم من أهل البلدان من أهل الذمة من اليهود والنصارى والمجوس وعبدة الأوثان، يجب على الرجال منهم الجزية، ما خلا نصارى بني تغلب وأهل نجران. فتوضع الجزية على رؤوس الرجال، يؤدونها كل سنة. توضع (¬6) على الموسر منهم ثمان (¬7) وأربعون درهماً، وعلى الوسط أربعة وعشرون (¬8)، وعلى المحترف والمحتاج اثنا عشر درهماً، يؤخذ ذلك منهم كل سنة. وإن جاؤوا بعرض قبل منهم إذا لم يقدروا على غيره، نأخذه منهم بما يساوي. ولا نأخذ منهم خنزيراً ولا ميتة ولا خمراً في جزيتهم. فإن أخرَّ أحد (¬9) منهم من جزيته شيئاً (¬10) حتى تحول السنة يؤخذ بالمال الذي بقي عليه (¬11) من الجزية (¬12) السنة الماضية. وإن مات أحد منهم وقد بقي (¬13) ¬

_ (¬1) م: البغلي. (¬2): والنجراني. (¬3) م ف ت: ويجب. (¬4) ت: يوضع. (¬5) ت: أن يوضع. (¬6) ت: يوضع. (¬7) ت: خمس. (¬8) ت + درهما. (¬9) م ف - أحد. (¬10) ت - شيئاً. (¬11) ت - عليه. (¬12) ت: من جزية. (¬13) ف: وبقي.

عليه شيء من جزية رأسه لم يؤخذ بذلك (¬1) ورثته (¬2)، ولم (¬3) يؤخذ ذلك (¬4) من تركته، لأن ذلك ليس بدين عليه. وإن أسلم أحد منهم وقد بقي عليه شيء من جزية (¬5) رأسه لم يؤخذ بذلك وتسقط (¬6) عنه، ولم يؤخذ بشيء فيما يستقبل وهو مسلم. وكذلك إن عمي أو صار فقيراً لا يقدر على شيء وقد بقي عليه شيء من جزية رأسه لم يؤخذ بذلك وسقط عنه. ولا تؤخذ (¬7) من نساء أهل الذمة ولا من صبيانهم (¬8) جزية رؤوسهم. ولا يؤخذ من الأعمى من أهل الذمة ولا من المقعد ولا من المجنون المغلوب على عقله ولا من الزَّمِن ولا من الشيخ الكبير الفاني الذي لا يستطيع أن يعمل ولا من المحتاج الذي لا يقدر على شيء، لا يؤخذ من أحد منهم جزية رأسه. قال: ويؤخذ من قسيسهم ورهبانهم وأصحاب الصوامع منهم، إذا كان لهم مال أخذت (¬9) منهم جزية رؤوسهم. ولا يؤخذ من عبد ذمي، ولا من مدبر، ولا من مكاتب جزية رأسه. وإن احتلم غلام من أهل الذمة (¬10) في أول سنة قبل أن توضع الجزية على رؤوس الرجال وهو موسر وضعت عليه الجزية وأخذت منه لتلك السنة. وإن احتلم في آخر السنة بعد ما وضعت (¬11) الجزية على رؤوس الرجال لم تؤخذ (¬12) منه الجزية لتلك السنة وأخذت (¬13) منه للسنة المستقبلة. وكذلك لو أن مملوكاً ذمياً أعتق في أول السنة وهو محترف قبل أن توضع الجزية على رؤوس الرجال وضعت عليه الجزية (¬14). وإن أعتق في آخر السنة بعد ما وضعت (¬15) الجزية على رؤوس الرجال لم توضع (¬16) عليه ¬

_ (¬1) ت: ذلك. (¬2) ف: وورثه؛ ت: من ورثته. (¬3) ت: ولا. (¬4) ت - ذلك. (¬5) ت: من جزيته. (¬6) ت: ويسقط. (¬7) ت: يؤخذ. (¬8) م ف ت + من. (¬9) ت: أخذ. (¬10) م ط: ذمة. (¬11) م ف ت + له. (¬12) ت: لم تؤخذ. (¬13) ت: وأخذ. (¬14) م ف ت: وضع الجزية. (¬15) م ف ت + عليه. (¬16) ت: لم يوضع.

الجزية لتلك السنة ووضعت عليه الجزية في السنة (¬1) المستقبلة. قال: ولو أن فقيرا من أهل الذمة غير محترف أصاب مالاً في أول السنة أو في آخرها وضعت (¬2) عليه الجزية لتلك السنة. ولو أن قوماً من أهل الحرب صاروا ذمة في أول السنة قبل أن توضع الجزية على رؤوس الرجال (¬3) توضع (¬4) عليهم الجزية لتلك السنة، وتوضع (¬5) في السنة المستقبلة وما بعدها. قال: وأما الأعمى والمقعد والزمن والمعتوه فإنه إن كان أحد (¬6) منهم موسراً فلا توضع (¬7) عليه الجزية في رأسه. قال: وأما المصاب فإن مكث سنين (¬8) مصاباً لا يفيق نقول: لم تُجعل عليه الجزية (¬9). وإن أفاق في أول السنة قبل أن توضع الجزية لم توضع عليه الجزية. وإن تم على إفاقته وضع عليه في السنة المستقبلة وما بعدها. وأما النصارى من بني تغلب فلا توضع (¬10) عليهم جزية رؤوسهم، لأنهم صولحوا على أن يؤخذ منهم من أرضهم ضِعْف (¬11) ما يؤخذ من المسلمين (¬12). ولا تؤخذ (¬13) أيضاً من نصارى أهل (¬14) نجران الجزية في رؤوسهم دَراهِم، إنما عليهم الجزية في رؤوسهم الحُلَل التي وضعها عليهم عمر - رضي الله عنه - على رؤوسهم وعلى أرضهم (¬15). ¬

_ (¬1) ت: للسنة. (¬2) ت: وضع. (¬3) م ف + التي؛ ت: الذين. (¬4) ت: يوضع. (¬5) م ف ت: ووضع. (¬6) ت: أخذ. (¬7) ت: ولا يوضع. (¬8) ت: سنينا. (¬9) ف - في رأسه قال وأما المصاب فإن مكث سنين مصاباً لا يفيق نقول لم تجعل عليه الجزية. (¬10) ت: يوضع. (¬11) ت: نصف. (¬12) المصنف لعبد الرزاق، 6/ 50، 95، 99؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 416. وانظر للتفصيل والنقد: نصب الراية للزيلعي، 2/ 362؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 4/ 128؛ والدراية لابن حجر، 1/ 256. (¬13) ت: يؤخذ. (¬14) ف - أهل. (¬15) روي عن ابن عباس قال: صالح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل نجران على ألفي حلة ... انظر: سنن أبي داود، الخراج، 29 - 30. وانظر للتفصيل: نصب الراية للزيلعي، 3/ 445؛ =

باب ما جاء في أهل الذمة أنهم لا يتركون أن يتشبهوا بالمسلمين في لباسهم وركوبهم مما نأخذه من الآثار والرأي

باب ما جاء في أهل الذمة أنهم لا يتركون أن يتشبهوا (¬1) بالمسلمين في لباسهم وركوبهم مما نأخذه من الآثار والرأي قال: وينبغي أن لا يترك أحد من أهل الذمة أن يتشبه بالمسلمين في لباسه، ولا في مركبه، ولا في هيئته. قال: وينبغي أن يؤخذوا حتى يجعل (¬2) كل إنسان منهم في وسطه كُسْتِيجاً (¬3) من الخيط الغليظ يعقده على وسطه، وأن يؤخذوا (¬4) بأن يلبسوا قلانس مضَرَّبَة (¬5)، وأن يركبوا السروج على قَرْبُوس (¬6) السرج مثل الرمانة (¬7)، وأن يجعلوا شِراك (¬8) نعالهم مَثْنِيّة (¬9) ولا يحذوا حذو (¬10) المسلم، وأن (¬11) لا (¬12) يلبسوا طيالسة مثل طيالسة المسلمين ولا أرديتهم (¬13). قال: ولا ينبغي أن يتركوا أن (¬14) يحدثوا بِيعة ولا كنيسة إلا (¬15) ما كان من كنيسة أو بيعة (¬16) قديمة فصاروا ذمة وهي بيعة لهم أو كنيسة وهي في غير مصر من أمصار المسلمين؛ ولا أن (¬17) يتركوا أن يسكنوا في مصر ¬

_ = والدراية لابن حجر، 2/ 132 - 133. وقد استمر ذلك على عهد الخلفاء الراشدين. انظر: الخراج لأبي يوسف، 77 - 81. (¬1) ت: لا يتركوا أن يشبهوا. (¬2) ت: حيا ويجعل. (¬3) روي عن أبي يوسف أنه خيط غليظ بقدر الإِصبع يشده الذمي فوق ثيابه دون ما يتزينون به من الزنانير المتخذة من الإبريسم. انظر: المغرب، "كستيج". (¬4) ت: يؤخذ. (¬5) ت: مصرية. المضرب أي المخيط انظر: المغرب، "ضرب". (¬6) القربوسان طرفا السرج المقدم والمؤخر. انظر: المغرب، "صفف". (¬7) ت: الزمانة. (¬8) ت: يجعل اشراك. (¬9) كذا في ط. وفي م ف: مسنة (مهملة)؛ ت: مسبه. (¬10) م ف: وإلا يحدونها على حد؛ ت: ولا يحدونها على حد. والتصحيح من ط. (¬11) ت - وأن. (¬12) ت: ولا. (¬13) ت: أديتهم. (¬14) ت - أن. (¬15) م ف ت: ولا. (¬16) ت: من بيعة ولا كنيسة. (¬17) م ت ط - أن.

باب ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في أهل نجران وبني تغلب وكيف الحكم فيهم والثمرة التي تؤخذ منهم

من أمصار المسلمين, لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجلاهم من المدينة (¬1). وجاء عن علي - رضي الله عنه - أيضاً أنه أجلاهم من الكوفة. وإن كان لأحد منهم دار في مصر من أمصار المسلمين يجبر على بيعها. وإن اشترى داراً في مصر من أمصار المسلمين كان الشراء جائزا وأجبر (¬2) على بيعها. ولا بأس إذا سكنوا خارجاً من العصر أن يَفِدُوا إلى العصر فيتسوّقوا منه يومهم (¬3) ثم يروحوا إلى مساكنهم. قال: ولا ينبغي أن يتركوا أن يبنوا بِيعة ولا كنيسة ولا بيت نار في مصر من أمصار المسلمين ولا في غير مصر من دار المسلمين. وإن كان لهم كنيسة أو بِيعة أو بيت نار فصولحوا عليه فكان ذلك في غير مصر ترك ذلك لهم. وإن انهدم ذلك تركوا أن يعيدوه. وإن اتخذ المسلمون في ذلك الموضع مصراً أخذوا وهدمت (¬4) بيعهم وكنائسهم من ذلك الموضع، وتركوا أن يبنوا مثلها في غير المصر. وبهذا القول نأخذ. ... باب ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في أهل نجران وبني تغلب وكيف الحكم فيهم والثمرة التي تؤخذ منهم (¬5) بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب محمد النبي - صلى الله عليه وسلم - لأهل نجران إذ (¬6) ¬

_ (¬1) ت: في المدينة. يقول تعالى: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ (2) وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ} (سورة الحشر، 2 - 3). والآية في إجلاء يهود بني النضير من المدينة. وقصتهم معروفة مشهورة في السيرة. انظر: صحيح البخاري، المغازي، 14؛ وصحيح مسلم، الجهاد، 61، 62؛ والسيرة النبوية لابن هشام، 4/ 144 - 156. (¬2) ت: وأجير. (¬3) ف: مؤنتهم؛ ت: يومنهم. (¬4) م ف ت: وأهدم. (¬5) ف ت - التي تؤخذ منهم. (¬6) م ف ط: إذا. وقال ابن سعد: أنه. انظر: الطبقات الكبرى، 1/ 287. والتصحيح من دلائل النبوة للبيهقي، 5/ 389.

كان له عليهم حكمه في كل ثمرة صفراء أو بيضاء (¬1) أو رقيق فأَفْضَلَ (¬2) ذلك عليهم (¬3) وترك ذلك كله لهم على ألفي حُلّة من حُلَل (¬4) الأواقي (¬5)، في كل رجب ألف (¬6) حلة، وفي كل صفر ألف حلة، كل حلة أوقية، فما زادت حُلَل الخراج أو نقصت عن الأواقي (¬7) فبالحساب، وما قبضوا (¬8) من درع أو خيل (¬9) أو رِكاب أو عرض أو (¬10) أخذ من أحد (¬11) منهم فبالحساب (¬12)، وعلى أهل نجران مئونة رسلي ومَنَعَتُهم عشرين (¬13) يوماً فما دون ذلك (¬14)، ولا يحبس رسلي فوق شهر، وعليهم ثلاثون درعاً وثلاثون فرساً (¬15) وثلاثون بعيراً إذا كان باليمن (¬16) كيد أو غَدْرَة (¬17)، وما هلك مما يعار رسلي من دروع (¬18) أو خيل أو رِكاب فهو ضامن (¬19) على رسلي حتى يؤدوه (¬20) إليهم، ولنجران وحاشيتهم جوار الله تعالى وذمة محمد النبي رسول الله (¬21) - صلى الله عليه وسلم - (¬22) على أنفسهم وأموالهم وأرضهم (¬23) وملتهم وغائبهم وشاهدهم وعماراتهم (¬24) وبِيَعهم وصلواتهم (¬25)، لا يغير أُسْقُف من سقيفاه (¬26) ولا راهب من رهبانيته ولا ¬

_ (¬1) ت: وبيضاء. (¬2) أَفْضَلَ عليه وتَفَضَّلَ عليه بنفس المعنى. انظر: مختار الصحاح، "فضل". (¬3) ف - عليهم. (¬4) ف: من الحلل. (¬5) ت: الأواق. (¬6) ت - ألف؛ صح هـ. (¬7) ت: عن الأواق. (¬8) ت: قضوا. (¬9) م ف: من زرع أو حمل. (¬10) ت - أو. (¬11) ت - من أحد. (¬12) ت: بالحساب. (¬13) ت: ومتعتهم عشرون. (¬14) م ف - ذلك. (¬15) ف ت: قوسا. (¬16) ت: بالثمن. (¬17) م: باليمين ذي مغدرة؛ ف: باليمن ذي مغدرة؛ ت - كيد أو غدرة. والتصحيح من ط. (¬18) ت - دروع؛ صح هـ. (¬19) ت: ضمن. (¬20) م ف: حتى يؤديه. (¬21) ف - النبي رسول الله. (¬22) م ت: محمد صلى الله عليه النبي صلى الله عليه رسول الله. (¬23) ت: وأرضيهم. (¬24) ت: وعبادتهم. (¬25) م ف ت ط: وسلمهم. والتصحيح من الطبقات الكبرى لابن سعد، 1/ 288. (¬26) ط: من أسقفيته؛ ت: من أسقفاه.

واقِهٌ من وقيهاه (¬1) وكل ما تحت أيديهم (¬2) من (¬3) قليل أو كثير، وليس عليهم دَنِيّة (¬4) ولا دم جاهلية، ولا يُحْشَرون ولا يُعْشَرون (¬5)، ولا يطأ أرضهم جيش، ومن سأل منهم حقاً فلهم (¬6) النَّصَف (¬7) غير ظالمين ولا مظلومين بنجران، ومن أكل ربا مِن ذِي قَبَل (¬8) فذمتي منه بريئة، ولا يؤخذ رجل منهم بظلم آخر، وعلى ما في هذا الكتاب جوار الله وذمة محمد النبي - صلى الله عليه وسلم - أبداً حتى يأتي الله بأمره ما نصحوا وأصلحوا ما (¬9) عليهم غير مثقلين (¬10) بظلم، شهد أبو سفيان بن حرب وغيلان بن عمرو (¬11) ومالك بن عوف من بني نصر (¬12) والأقرع بن حابس الحنظلي (¬13) ¬

_ (¬1) م ف ت ط: واقتة من وقتها. والتصحيح من الأموال لأبي عبيد، 245. وقال أبو عبيد: الواقه ولي العهد بلغتهم. انظر: المصدر السابق. وقال الفيروزآبادي: الوافه هو قَيمُ البِيعة، ووظيفته الوِفاهة، ورتبته الوَفْهِيّة. والواقه والوُقاه أيضاً بمعنى الوافه، والوَقاهية قيامه بها. انظر: القاموس المحيط، "وفه، وقه". (¬2) ت -أيديهم؛ صح هـ. (¬3) ف + كل. (¬4) م ف ت: ديانة. والتصحيح من ط. ولفظ ابن سعد: وليس ربا. انظر: الطبقات الكبرى، 1/ 288. الدَّنِية هي النَّقِيصَة. انظر: المغرب، "دنو". (¬5) قال ابن منظور: وفي الحديث أن وفد ثقيف اشترطوا أن لا يُعْشَروا ولا يُحْشَروا، أي: لا يُندَبون إلى المغازي ولا تُضرَب عليهم البعوث، وقيل: لا يُحْشَرون إلى عامل الزكاة ليأخذ صدقة أموالهم، بل يأخذها في أماكنهم، ومنه حديث صلح أهل نجران: على أن لا يُحْشَروا، وحديث: النساء لا يُعْشَرْنَ ولا يُحْشَرْن، يعني للغَزاة، فإن الغزو لا يجب عليهن. انظر: لسان العرب، "حشر". (¬6) ت: فبينهم. (¬7) النَّصَف هو الإنصاف. انظر: لسان العرب، "نصف". (¬8) من ذي قبل أي فيما يستقبل. انظر: لسان العرب، "قبل". (¬9) م ف: واصطلحوا مما. (¬10) م ف: متلقين (مهملة)؛ ت: متقلبين. والتصحيح من ط؛ وفقه الملوك للرحبي، 1/ 482. وفي الخراج لأبي يوسف، 78: متفلتين. وفي حاشيته: في التيمورية: متغلبين. وقد فسره الرحبي بنقض العهد. انظر: فقه الملوك، الموضع السابق. (¬11) م ت: بن عمر. (¬12) م ت: مضر؛ ف: مصر. والتصحيح من ط؛ والإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر، 5/ 336. (¬13) م: والحنظل؛ ف: وحنظلة. والتصحيح من ط؛ والأموال لأبي عبيد، 246؛ وفتوح البلدان للبلاذري، 76.

والمغيرة (¬1). وكتب أبو بكر - رضي الله عنه -: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب عبد الله أبي بكر خليفة محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل نجران، أجارهم بجوار الله تعالى وذمة محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬2) على أنفسهم وأرضيهم وملتهم وأموالهم وحاشيتهم وعماراتهم وغائبهم وشاهدهم وأساقفهم ورهبانهم وبيعهم وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير، ولا يحشرون (¬3)، ولا يعشرون، ولا يغير أسقف من سقيفاه (¬4)، ولا واهب من رهبانيته، ووفى (¬5) لهم بكل ما كتب لهم محمد النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬6)، وعلى ما في هذه الصحيفة جوار الله تعالى وذمة محمد - صلى الله عليه وسلم - أبداً، وعليهم النصح والإصلاح فيما عليهم من الحق، وشهد المستورد وعمر (¬7) مولى أبي بكر وراشد بن حذيفة والمغيرة (¬8). ¬

_ (¬1) الخرج لأبي يوسف، 78. وعن ابن عباس قال: صالح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل نجران على ألفيْ حُلّة، النصفُ في صَفَر، والبقية في رجب، يؤدونها إلى المسلمين، وعارية ثلاثين درعاً وثلاثين فرساً وثلاثين بعيراً، وثلاثين من كل صنف من أصناف السلاح يغزون بها، والمسلمون ضامنون لها حتى يردوها عليهم إن كان باليمن كيد أو غَدْرَة، على أن لا تُهْدَمَ لهم بيعة، ولا يُخْرَج لهم قَسّ، ولا يُفْتَنوا عن دينهم، ما لم يُحْدِثوا حَدَثاً أو يأكلوا الربا. انظر: سنن أبي داود، الخراج، 29 - 30. وروى أبو عبيد في الأموال عن أبي المليح الهذلي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صالح أهل نجران، فكتب لهم كتاباً: "بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما كتب محمد النبي - صلى الله عليه وسلم - رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل نجران، إذ كان له حكمه عليهم، أن في كل سوداء وصفراء وبيضاء وحمراء وثمرة ورقيق ألفيْ حُلة، في كل صَفَر ألف حلة، وفي كل رجب ألف حلة، على أن لا يحشروا، ولا يعشروا، ولا يأكلوا الربا، فمن أكل منهم الربا فذمتي منه بريئة. انظر: الأموال لأبي عبيد، 244؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 203. (¬2) ت - لأهل نجران أجارهم بجوار الله تعالى وذمة محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (¬3) م ف ت: يحدون. (¬4) م ف ت: من سقفاه. (¬5) ت: وفا. (¬6) ت - النبي. (¬7) ولفظ أبي يوسف: المستورد بن عمرو أحد بني القين وعمرو. انظر: الخراج، 79. ولفظ ابن سعد: المستورد بن عمرو أخو بلي ... وعامر. انظر: الطبقات الكبرى، 1/ 288. (¬8) الخراج لأبي يوسف، 79.

وكتب [عمر] (¬1): بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما كتب عبد الله عمر (¬2) أمير المؤمنين لأهل نجران، من سار (¬3) منهم أمن بأمان الله تعالى لا يضره أحد من المسلمين، ووفى لهم بما كتب لهم (¬4) محمد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر. أما بعد، فمن وقفوا (¬5) به من أمير الشام وأمير العراق فليوسعهم (¬6) من حرث (¬7) الأرض، فما (¬8) اعتملوا من (¬9) ذلك فهو لهم صدقة لوجه الله تعالى، وعُقْبَة (¬10) لهم مكان أرضهم، لا سبيل عليهم فيه لأحد ولا معترض. أما بعد، فمن حضرهم من رجل مسلم فلينصرهم على من ظلمهم، فإنهم أقوام ¬

_ (¬1) الزيادة مستفادة من الخراج لأبي يوسف، 79. ووقع في ب ط زيادة "عثمان" اعتماداً على ما سيرد في المتن. لكنه خطأ كبير من قبل الناسخين ولم ينتبه لذلك المحقق للمطبوعة. (¬2) م ف ت: عثمان. وهو خطأ. والتصحيح من ط؛ والخراج لأبي يوسف، 79؛ والطبقات الكبرى لابن سعد، 1/ 358. (¬3) م: من سا؛ ف ت ط: من شاء. والتصحيح من المصدرين السابقين. وذلك لأنهم ساروا من نجران اليمن إلى نجران العراق لأن عمر - رضي الله عنهم - أجلاهم. انظر: الخراج لأبي يوسف، الموضع السابق. (¬4) ت - بما كتب لهم. (¬5) في الخراج لأبي يوسف، الموضع السابق: مروا؛ وفي الطبقات الكبرى لابن سعد، الموضع السابق: وقعوا. (¬6) م ف: فليسعوهم؛ ت: وليسعوهم. والتصحيح مستفاد من ط؛ والطبقات الكبرى لابن سعد، الموضع السابق؛ وفقه الملوك للرحبي، 1/ 486. ووقع في الخراج لأبي يوسف، الموضع السابق: فليوسقهم. وفي حاشيته: في التيمورية: فليسعهم. والمعنى فليمكنهم. انظر: فقه الملوك، الموضع السابق. (¬7) م ف: من حرثة (مهملة)؛ ت: من جزية. والتصحيح من ط؛ والخراج لأبي يوسف، الموضع السابق؛ وفقه الملوك للرحبي، الموضع السابق. ووقع في الطبقات الكبرى، الموضع السابق: من جريب. (¬8) ف ت: فيما. (¬9) م ف ت ط: اعملوا بين. والتصحيح من المصادر السابقة. والمعنى فما زرعوا من ذلك. انظر: فقه الملوك، الموضع السابق. (¬10) أي: بدل. انظر: فقه الملوك، الموضع السابق.

لهم الذمة، وجزيتهم عنهم متروكة أربعة وعشرين (¬1) شهراً بعد أن يقدموا، ولا يكلفوا إلا من بعد صنعتهم (¬2) البَزّ (¬3) غير مظلومين ولا معنوفاً عليهم. شهد عثمان (¬4) [ومعيقيب] (¬5) وكتب. قال: ويجب على أرض نجران في رؤوس الجبال (¬6) منهم وجميع أرضيهم (¬7) التي من أرض نجران الحلل النجرانية، فيجب في كل سنة ألفا (¬8) حلة نجرانية كل حلة قيمتها خمسون درهما فما زاد، ولا تقبل منهم حلة قيمتها أقل من خمسين، فيجعل عليهم ألف منها في صفر وألف في رجب، تقسم على رؤوس الرجال منهم الذين لم يسلموا وعلى أرضيهم التي من أرض نجران. ومن كان منهم باع أرضهم من مسلم أو من ذمي أو من تغلبي قسمت الألفي (¬9) حلة على قدر أرضيهم وعلى قدر رقاب الرجال الذين لم يسلموا منهم. فما أصاب الأرضين من الحلل قسم ذلك على جميع الأرضين النجرانية. وما أصاب الرجال جعل عليهم على قدر عددهم. فمن أسلم منهم لخراج (¬10) وضع عنه خراج رأسه، وجعل ما كان على رأسه من الحلل، فجعل ذلك على من بقي منهم وعلى الأرض النجرانية يقسم ذلك عليهم. قال: ولو أن نجرانياً اشترى أرضاً من أرض (¬11) نجران كان عليه الخراج القفيز والدرهم، ولم يكن عليه حلل على قدر ما يصيبها من ألفي ¬

_ (¬1) ت: وعشرون. (¬2) ف ط: صنعهم. (¬3) م ف ط: البر. والنقط من فقه الملوك، الموضع السابق. وعبارة الخراج: إلا من صنعهم البر. وعبارة فقه الملوك: إلا من صنعتهم البر. وعبارة ابن سعد: إلا من ضيعتهم التي اعتملوا. والمقصود بالبَزّ، أي: الحلل التي يدفعونها عن الجزية. والمعنى لا يكلفوا بدفع الجزية إلا بعد أن يستقروا في مكانهم الجديد ويبدؤوا بصنع الحلل فيدفعوا الجزية منها كما كانوا يدفعون سابقاً. (¬4) م + عثمان. (¬5) الزيادة من الخراج لأبي يوسف، 80؛ والطبقات الكبرى، الموضع السابق. (¬6) ط: الرجال. (¬7) ت: أرضهم. (¬8) ت: ألفي. (¬9) ت: قيمة ألفي. (¬10) أي أسلم وكان عليه الخراج. (¬11) ط + الخراج خارج.

حلة، كان الذي اشتراها عبداً أو حراً أو مكاتباً أو ذمياً أو صبياً (¬1) أو امرأة. قال: وليس على أهل نجران [اليوم] (¬2) ضيافة تلزمهم لأحد ولا الرسل تأتيهم ولا لوالي (¬3) يولى عليهم. وإنما كان ذلك على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورسل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهي من نجران إلى قرب اليمن. وأما اليوم فليس عليهم شيء من ذلك يلزمهم. وينبغي لهم أن يرفق بهم ويحسن إليهم ويوفى لهم بكتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي كتبه لهم. فمن تعدى ذلك فقد أساء (¬4) وأثم وعمل بغير الحق. قال: وينبغي (¬5) أن يوفى لهم بما كتب (¬6) لهم به النبي - صلى الله عليه وسلم -، لا يجعل على نسائهم (¬7) ولا على صبيانهم جزية في رؤوسهم من حلل ولا غيرها، ولا يمنعوا أن يجعلوا بيعاً في أراضيهم (¬8) ولا صوامع ولا كنائس، ولا يحشروا ولا يعشروا، وأن يبعث إليهم من يجبيهم في بلادهم. وإن عجز أحد منهم في أرضه وتركها فللإمام أن يدفعها إلى من رأى معاملة (¬9) إن رأى على النصف أو الثلث (¬10) أو أكثر من ذلك أو أقل، ويدفع النخل والشجر أيضاً إلى من يقوم عليه ويعمله بالثلث أو الربع أو أكثر من ذلك أو أقل (¬11) على قدر ما يحتمل. وإن رأى أن يدفعها على أن يؤدي عنها (¬12) الخراج فعل، أو مقاطعة على شيء مما يخرج فعل. قال: وبنو (¬13) تغلب يجعل عليهم في أرضهم ضعف ما يجعل على المسلم في أرضه. إذا كانت من أرض الخراج كان عليهم الخراج. قال: وإن باع أحد منهم أرضه من مسلم كان عليه فيها العشر مضاعفاً. وكذلك لو ¬

_ (¬1) ت: عبد أو حر أو مكاتب أو ذمي أو صبي. (¬2) الزيادة من ط. (¬3) ت: الوالي. (¬4) ت: أسى. (¬5) ف + له. (¬6) م ف + الله تعالى؛ ت + الله تعالى الذي كتب. (¬7) م: على شبابهم؛ ت: م: على سبابهم. (¬8) ت: بيع في أرضهم. (¬9) ت: يعامله. (¬10) ت: على الثلث أو النصف. (¬11) ت - ويدفع النخل والشجر أيضاً إلى من يقوم عليه ويعمله بالثلث أو الربع أو أكثر من ذلك أو أقل. (¬12) ف: عليها. (¬13) ت: وبني.

باب ما جاء فيمن تولى الخراج وكيف ينبغي له أن يعمل في ذلك ومن ينبغي أن يكون على الخراج وما في ذلك مما يؤخذ به من الآثار والرأي

باعها من ذمي كان على الذمي فيها العشر (¬1) مضاعفاً كما كان على التغلبي فيها. قال: وموالي بنىِ تغلب إذا كانوا نصارى جعل عليهم الجزية في رؤوسهم كما يجعل على أهل الذمة، ويجعل عليهم في أراضيهم (¬2) كما يجعل على أهل الذمة في أراضيهم (¬3). وبهذا القول نأخذ. ... باب ما جاء فيمن تولى الخراج وكيف ينبغي له أن يعمل في ذلك ومن ينبغي أن يكون على الخراج وما في ذلك مما يؤخذ به من الآثار والرأي قال: وينبغي للإمام (¬4) أن يولي الخراج رجلاً يرفق بهم ويعدل عليهم في خراجهم، وأن يأخذهم بالخراج (¬5) كلما خرجت غلة واحد (¬6) منهم من (¬7) الخراج بقدر ذلك حتى يستوفى منهم الخراج في آخر عمله. والخراج على ما وقع خمسة دراهم على كل جريب عامر أو غامر (¬8) مما يصلح للزرع، وعلى كل جريب من الكرم عشرة دراهم، وعلى كل جريب من الرطبة خمسة دراهم. وإن كسروا من الخراج شيئاً لم يبع لهم عرضاً (¬9) أو لم يهنهم فيه ولم يعذبهم. وله أن يحول بينهم وبين غلاتهم حتى يستوفي الخراج. فإن صار على أحد منهم مانِيذ (¬10) بعد ما مضت السنة ¬

_ (¬1) م ف: العشره. (¬2) ت: في أرضهم. (¬3) ت: في أرضيهم. (¬4) م ت ط: للوالي. (¬5) م + كلها خرجت غلة أحدهم وأن يأخذهم بالخراج. (¬6) ف: وأخذ. (¬7) ف - من. (¬8) ت: غامر أو عامر. (¬9) م ف ت: لم ينتفع لهم عوضا. (¬10) م ت: مائته (مهملة)؛ ف: مائة (مهملة). والمانيذ كلمة معربة بمعنى بقية الجزية، وجمعها موانيذ. انظر: المغرب، "منذ". والمسألة معروفة بمسألة الموانيذ. انظر: المبسوط للسرخسي، 10/ 82؛ وتحفة الفقهاء للسمرقندي، 3/ 308.

باب ما جاء في الأرض تقطع وما يجوز أن يقطع من أرض العشر وأرض الموات

لم يأخذه بالمانِيذ (¬1). وبهذا القول نأخذ (¬2). ... باب ما جاء في الأرض تقطع وما يجوز أن يقطع من أرض (¬3) العشر وأرض الموات قال: وما كان في سواد الكوفة أو بالجبل (¬4) أو بغيرهما من البلدان من أرض ليس يبلغها الماء ولا ينتفع بها فللإمام أن يُقْطِع بها من أراد ممن يعمر ويقوم عليها أو يؤدي عنها العشر. ومن استخرج منها شيئاً بغير أمر الإمام فعمره وأحياه فهو له يؤدي عنه العشر. وكذلك أرض الخراج الصحاري التي ليس فيها ماء، فمن استخرج منها عيناً أو بئراً فله أن يعمرها ويحييها (¬5) ويؤدي عنها العشر. ومن استخرج عيناً حتى يخرج الماء منها وهو في صحراء أو برية أو بأرض موات فهي له. وحريمها خمسمائة ذراع من حولها، ليس لأحد أن يتخذ حولها على خمسمائة ذراع من جوانبها عيناً في الأرض. ولصاحبها أن يحيى ما حولها خمس مائة ذراع. ومن كَرَى (¬6) نهراً أو اتخذ قناة فأجرى إليها الماء من ماء الفرات أو دجلة أو غيرها وكراه واستخرجه في أرض موات فهو له يحيى (¬7) ما حوله. وحريمه خمس مائة ذراع من جانبيه، من كل جانب خمس مائة ذراع، ليس لأحد أن يتخذ على خمس مائة ذراع من كل جانب منه شيئاً. قال: ومن اتخذ بئراً يستقي على بعير منها بأرض فلاة أو في صحراء ¬

_ (¬1) م ت: بالمائته (مهملة)؛ ف: بالمائة (مهملة). (¬2) م: نأخذه. (¬3) م ف: من الأرض. (¬4) ت: أو بالخيل. (¬5) م ت: ويحسنها. (¬6) م ف ت: أكرى. كريت النهر كَرْيا أي حفرته. انظر: المغرب، "كري". (¬7) م ت: يجر.

باب ما جاء في أرض العشر وما يجب على من أحياها بإذن الإمام أو أقطعها

أو بأرض البادية أو في موضع ليس بملك لأحد، فاستخرج شيئاً حتى يخرج منها الماء، فله حريمها ستون ذراعاً من حولها، يحمي (¬1) ذلك إن شاء ويعمره، ويصنع فيه ما شاء وأحب. وإن استخرج بئراً لماشيته ليستقي (¬2) منها للإبل والبقر والغنم فحريمها أربعون ذراعاً من حولها، ليس لأحد أن يدخل عليه في شيء من ذلك، وله أن يصنع فيه ما بدا له. قال: وبهذا القول كله نأخذ. ... باب ما جاء في أرض العشر وما يجب على من أحياها بإذن الإمام أو أقطعها قال: وفي أرض العشر ما سقي منها بدالِيَة (¬3) أو بغَرْب (¬4) أو بالسواني (¬5) ففيه نصف العشر، وما سقي سَيْحاً (¬6) أو سقته الأنهر أو الأودية سيحًا (¬7) أو سقته (¬8) السماء ففيه العشر. وما خرج من أرض العشر من قليل أو كثير من الحنطة والشعير والأرز والسمسم (¬9) والتمر والزبيب والبقول كلها والرياحين، والشجر كلها، فما (¬10) ¬

_ (¬1) ط: يحيي. (¬2) ت: لماشية ليسقي. (¬3) الدالية جِذْع طويل في رأسه مِغْرَفة كبيرة يُستقَى بها. انظر: المغرب، "دلب". (¬4) ت: بعرق. الغَرْب الدلو العظيم المصنوع من جلد ثور. انظر: المغرب، "غرب". (¬5) م ف ت: بالسواقي. السانية البعير يُسْنَى عليه، أي يُستقَى من البئر، ويقال للغَرْب مع أدواته سانية أيضاً. انظر: المغرب، "سنو". (¬6) م ت: فيحا. ساح الماء سَيْحا أي جرى على وجه الأرض، ومنه "ما سُقِيَ سَيْحا"، يعني ماء الأنهار والأودية. انظر: المغرب، "سيح". (¬7) م ت: فيحا. (¬8) ت - سقته. (¬9) م ف ت: والبتور (مهملة)؛ ط: والبسور. ولا معنى لها. وما أثبتناه أقرب، وهو مذكور في كتاب الزكاة وكتاب العشر. انظر: 1/ 126 و، 131 و؛ 5/ 158 ظ. (¬10) ت: مما.

أخرج الله تعالى منه من الفواكه من شيء (¬1) من (¬2) قليل أو كثير، ففيه العشر إن كان يسقى (¬3) سَيْحاً (¬4) أو سقته السماء، وإن كان يسقى بغَرْب أو بدالِيَة ففيه نصف العشر. قال: وكذلك ما أخرج الله تعالى منها من ثمرة أو قُرْطُم (¬5) أو لُوبياء (¬6) أو باقلاء أو كتان أو قطن أو زعفران أو عُصْفُر أو غير ذلك ففي القليل منه والكثير العشر إن كان يسقى سيحاً (¬7) أو سقته السماء، وإن كان يسقى (¬8) بغرب أو دالية ففيه نصف العشر. قال: وإذا خرجت (¬9) دَسْتَجَة (¬10) من بقل أو ريحان ففيه العشر أو نصف العشر. وليس في التبن (¬11) ولا في النخل ولا في الحطب ولا في (¬12) الحشيش عشر. ولا في سعف (¬13) النخل ولا في القصب ولا في الطرفاء ولا في الكراث ولا في الصنوبر ولا في الخِلاَف عشر، ولا في شيء من الحطب. قال: وإن كانت (¬14) أرض العشر (¬15) لتجارة، أو اشتريت في مضاربة، أو كانت في يدي وكيل مستأجر، أو يتيم، أو مكاتب، أو عبد، أو مدبر، ففيها العشر أو نصف العشر. قال: فإن أعارها (¬16) صاحبها كان العشر على المستعير. ¬

_ (¬1) ت - من شيء. (¬2) ف: أو. (¬3) ت: سقي. (¬4) م ت: فيحا. (¬5) القُرْطُم بالضم والكسر حب العُصْفُر. انظر: المغرب، "قرطم". (¬6) اللُوبياء بالمد حب معروف، وهو نوعان أبيض وأسود. انظر: المغرب، "لوب". (¬7) م ت: فيحا. (¬8) ت: يسقيه. (¬9) ف ت: وإن أخرجت. (¬10) دستجة تعريب دسته، وهي الحُزْمة. انظر: المغرب، "دستج"؛ والقاموس المحيط، "دستج". (¬11) ت: في البير. (¬12) ت + الحنش. (¬13) ت: في سقف. (¬14) ت: كان. (¬15) م ف + وإن كانت. (¬16) م ف ت: أخرجها. والتصحيح من ب.

قال: وأرض بني تغلب عليهم فيما أخرجت من شيء مما يجب على المسلمين في مثله، فما أخرجت أرض التغلبي من ذلك فعليه الضعف مما على المسلمين. فما أخرجت مما سقي سيحاً (¬1) أو سقته السماء ففيه عشران (¬2)، وذلك الخمس. وما خرج من ذلك مما سقي بغرب أو دالية ففيه [العشر] (¬3) تاماً. قال: والصبي والمرأة والرجل والمكاتب والمجنون والعبد من بني تغلب يجب عليهم في أرضهم، إذا كانت من أرض العشر وجب على جميعهم كما يجب على رجالهم، كان عليهم دين أو لم يكن عليهم دين، في جميع ما سمينا. قال: ولو أن أرضا لتغلبي اشتراها منه مسلم وهي من أرض العشر كان عليه عشر واحد. فإن اشترى تغلبي من مسلم أرضاً من أرض العشر كان عليه العشر مضاعفاً. قال: ولو أن تغلبيا اشترى من نصراني أرضاً من أرض الخراج أو اشترى النصراني من التغلبي أرضاً من أرض العشر كان عليه العشر مضاعفاً كما يكون على التغلبي. وقال في أرض العشر لمسلم اشتراها منه نصراني كان عليها العشر مضاعفاً. قال: وإن اشترى المسلم من نصراني أرضاً من أرض (¬4) العشر أو اشتراها من (¬5) التغلبي كان عليه عشر واحد أسقيت (¬6) سيحًا (¬7) أو سقتها السماء، وإن سقيت بغرب أو بدالية ففيه نصف العشر. ¬

_ (¬1) م ت: فيحا. (¬2) ت: عشرين. (¬3) الزيادة من ط. (¬4) ف - نصراني كان عليها العشر مضاعفاً قال وإن اشترى المسلم من نصراني أرضاً من أرض. (¬5) ت: منه. (¬6) ت: سقيت. (¬7) م ت: فيحا.

قال: وموالي التغلبي إذا كانوا نصارى فهم بمنزلة النصراني من أهل الذمة، عليهم في أرضهم ما على أهل الذمة. وكذلك أنْ (¬1) لو (¬2) كانوا موالي (¬3) لمسلم وهم نصارى (¬4) كانوا بمنزلة أهل الذمة في أرضهم. قال: وعلي بني تغلب في أرضهم (¬5) إذا أسلموا (¬6) عشر واحد. وبهذا القول كله نأخذ. قال: ولو أن رجلاً له أرض من أرض العشر فينبغي أن لا يغيب منه شيئاً (¬7)، ولا يكتمه حتى يعطي (¬8) عشره. ولا ينبغي له أن يعطي من رديئه دون جيده. وإن تُرِك له شيءٌ من العشر أو غيبه (¬9) فلم يظهر عليه، إنه ينبغي له فيما بينه وبين الله تعالى أن يتصدق به، ولا يسعه أن يأكله حتى يتصدق به. قال: وكذلك الخراج لو تُرك له، أو غيب، أو هرب من الوالي حتى لم يظفر به، إنه ينبغي له أن يتصدق به، ولا يسعه أن يأكل غلتها (¬10) حتى يؤدي خراجها. قال: ولو أن لرجل قرية فيها بيوت ومنازل ودور في أرضه من أرض خراج، كان فيها بيوت ومنازل يستغلها أو لم يكن، فليس فيها خراج (¬11). وكذلك لو كانت من أرض العشر وله فيها قرية لم يكن في القرية ولا في أرضها [خراج] (¬12)، كان يستغلها أو لم يكن يستغلها. قال: ولو أن رجلاً له دار في مصر من الأمصار من الخِطَط، فجعل فيها بستاناً (¬13)، أو غرس فيها نخلاً (¬14) وأخرجها من منزله، إنه لا عشر ¬

_ (¬1) ت - أن. (¬2) ط - لو. (¬3) م: اموالي. (¬4) م ف ت: وهو نصراني. (¬5) ت: في أرضيهم. (¬6) م ف ت + في أرضهم. (¬7) ت: شيء. (¬8) م ف ت: حتى يعطيه. (¬9) ت: أو عنفه. (¬10) م ت: عليها. (¬11) ت - خراج. (¬12) الزيادة من ط. (¬13) ت: بستان. (¬14) ت: نخل.

عليه في نخلها، ولا في شجرها عشر ولا خراج. وإن جعل الدار كلها بأسرها بستاناً (¬1) وأَصلُها من الخِطَط كان فيها العشر. وبهذا القول كله نأخذ. قال: ولو أن لرجل أرضاً من أرض العشر أو أرض الخراج (¬2) وكان فيها صيد سمك أو غيره من الظباء وغيرها فليس في ذلك عشر وإن كان في أرض الخراج. قال: وإن كان في أرضه مَلَّاحة تخرج الملح أو قَيّارة تخرج القار (¬3) أو الزفت أو النفط، أو في أرضه عَسَّالَة (¬4) فيها النحل لم يكن في شيء من ذلك عشر ولا خراج. وبهذا القول كله نأخذ (¬5). ¬

_ (¬1) ت: بستان. (¬2) ت - أو أرض الخراج. (¬3) القار هو الزفت. انظر: المغرب، "زفت". (¬4) العَسَّالة أي شُورَة النحل، وهو موضع العسل. انظر: القاموس المحيط، "شور، عسل". (¬5) م + تم كتاب الخراج والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد وآله وسلم كتبه أبو بكر بن أحمد الطلحي الأصفهاني في رمضان سنة ثمان وثلاثين وستمائة؛ ف + تم كتاب الخراج والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيراً؛ ت + تم كتاب الخراج والحمد لله وحده وصلوته على نبيه محمد وآله وسلامه.

كتاب العشر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب العشر داود بن رشيد قال: سمعت محمد بن الحسن يقول: قال أبو حنيفة رحمة الله عليه: في أرض العشر ما أخرجت الأرض من قليل أو كثير (¬2) مما له ثمر باق (¬3) أو لا ثمر من الخضر وغيرها إن كانت الأرض تسقى سَيْحاً (¬4) أو تسقيها (¬5) السماء ففيما أخرجت في ذلك كله العشر. وما كان من ذلك يسقى بغَرْب (¬6) أو دالية (¬7) ففيه نصف العشر. إلا الحطب والحشيش (¬8) والتبن، فإنه لم يكن يرى (¬9) فيه شيئاً، وكان يأخذ في ذلك بما روي عن إبراهيم النخعي أنه كان يقول: فيما أخرجت الأرض العشر ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) ف - أو كثير. (¬3) ت: باقي. (¬4) م ت: فيحا. ساح الماء سَيْحا أي جرى على وجه الأرض، ومنه "ما سُقِيَ سَيْحا"، يعني ماء الأنهار والأودية. انظر: المغرب، "سيح". (¬5) ت: أو سقته. (¬6) الغَرْب الدلو العظيم المصنوع من جلد ثور. انظر: المغرب، "غرب". (¬7) الدالية جِذْع طويل في رأسه مِغْرَفة كبيرة يُستقَى بها. انظر: المغرب، "دلب". (¬8) م ت: والخشب. (¬9) ت - يرى؛ صح هـ.

ونصف العشر (¬1)، على ما وصفت لك. وروي ذلك عن مجاهد أنه كان يقول [به] (¬2). ولسنا نأخذ بهذا. الحديث المعروف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ليس فيما دون خمس ذود صدقة، وليس فيما دون خمس أواق (¬3) صدقة، [وليس فيما دون خمسة أوسق صدقة] " (¬4). والحديث الآخر معروف أيضاً أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث معاذ بن جبل إلى الجبل، فأمره أن لا يأخذ من الخضر صدقة (¬5). والخضر عندنا ما لم يكن له ثمرة باقية مثل البقول والرِّطاب (¬6) والبطيخ والخيار والقثاء والبصل والثوم وأشباه ذلك من الرياحين كلها من الآس والخِيري والورد والوَسِمَة ونحو ذلك، فليس في شيء من (¬7) هذا صدقة إذا كان في أرض العشر. وكذلك البُزور كلها التي لا ينتفع بها إلا البَزْر مثل بزر الرَّطْبة وبَزْر البقول والبطيخ ونحوه، فليس في شيء من هذه البزور كلها صدقة عشر ولا غيره إذا أخرجته الأرض قليلاً كان أو كثيراً. إذا أخرجت الأرض من أرض العشر مما له ثمر باق (¬8) مثل الحنطة والشعير والتين والزبيب والأرز والسمسم (¬9) والذرة والسُّلْت (¬10) ونحو ذلك ¬

_ (¬1) م ف ت: فيما أخرجت الأرض نصف العشر. والأثر أخرجه المؤلف بإسناده في الزكاة. انظر: 1/ 129 ظ. وانظر: المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 371، 372؛ وشرح معاني الآثار للطحاوي، 2/ 37. (¬2) المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 371؛ وشرح معاني الآثار للطحاوي، 2/ 38. (¬3) ت: أواقي. (¬4) صحيح البخاري، الزكاة، 56؛ وصحيح مسلم، الزكاة، 1. (¬5) المصنف لعبد الرزاق، 4/ 119؛ وسنن الدارقطني، 2/ 95، 97 - 98؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 4/ 128 - 129. (¬6) جمع رَطْبَة وهي الخضر مثل الباذنجان والبطيخ والخيار. وتطلق أيضاً على نوع من العلف. انظر: المغرب، "رطب". فعلى الأول العطف بمعنى التفسير. (¬7) ف - شيء من. (¬8) ت: باقي. (¬9) م ط - والسمسم. (¬10) ط: والسلب. والسُّلْت بالضم شعير لا قشر له يكون بالغور والحجاز، ومنه "صدقة الفطر صاع من شعير أو سُلْت أو تمر". انظر: المغرب، "سلت".

من الجوز واللوز والفستق والجِلَّوْز (¬1) والحبة الخضراء (¬2) ونحو ذلك ففيما أخرجت الأرض العشر منه. وما كان دون خمسة أوسق فلا شيء فيه حتى يبلغ ما يخرج منه (¬3) خمسة أوسق (¬4). والوسق ستون صاعاً بصاع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. والصاع عندنا ثمانية أرطال بالعراقي. وهو قول أبي يوسف -رحمه الله-. وأما في (¬5) قول أهل الحجاز فالصاع خمسة أرطال وثلث بالعراقي. فإذا أخرجت [الأرض] (¬6) شيئاً من هذا الذي وصفت لك فبلغ خمسة أوسق فإذا كان مما يسقى سيحاً (¬7) أو تسقيه السماء ففيه العشر كاملاً، وما سقي منه (¬8) بغرب أو دالية ففيه نصف العشر. وكذلك كل ما كان له ثمرة باقية مما يقع في الكيل فليس فيما أخرجت الأرض منه شيء حتى يبلغ خمسة أوسق كما وصفت لك، كل منها (¬9) ستون صاعاً، إنما ننظر (¬10) فيه إلى الكيل، ولا ننظر (¬11) إلى ما خرج من الزيت. فإن كان الزيتون خمسة أوسق ففيه العشر، وإن كان دون ذلك لم يكن فيه عشر. فإن أخرجت الأرض وسقين من تمر ووسقين من حنطة ووسقين من زبيب لم يضم بعض هذا إلى بعض، ولم يكن في هذا شيء حتى يبلغ التمر خمس أوسق، والزبيب خمسة أوسق (¬12)، والحنطة خمسة أوسق. وكذلك (¬13) القِطْنِيّة (¬14) كلها ¬

_ (¬1) الجِلَّوْز كسِنَّوْر هو البُنْدُق. انظر: القاموس المحيط، "جلز". (¬2) وتسمى أيضاً البُطْم. انظر: القاموس المحيط، "بطم". (¬3) ف ت: من. (¬4) ت - فلا شيء فيه حتى يبلغ ما يخرج منه خمسة أوسق؛ صح هـ. (¬5) ت - في. (¬6) الزيادة من ط. (¬7) م ت: فيحا. (¬8) ت - منه. (¬9) ف - كل منها. (¬10) ت: ينظر. (¬11) ت: ينظر. (¬12) ت - والزبيب خمسة أوسق. (¬13) ت: ولذلك. (¬14) قال المطرزي: القِطْنِيّة بكسر القاف وتشديد الياء بعد النون، وحكى الأزهري الضم عن المبرّد. وهي من الحبوب ما سوى الحنطة والشعير، وهي مثل العدس والماش والباقلاء واللوبياء والحمص والأرز والسمسم والجلبان، عن الدينوري. وعن أبي معاذ: =

من العدس والباقلاء (¬1) واللُّوبياء والماش (¬2) ونحو ذلك فإنه لا يضاف بعضه إلى بعض حتى تخرج الأرض من هذا من كل واحد خمسة أوسق على حدة. فإذا أخرجت ذلك فكان أسود وأبيض (¬3) فإن ذلك يضاف بعضه إلى بعض. فإن أخرجت الأرض منه مقدار خمسة أوسق من التمر الجاف أو الزبيب كان فيه العشر. فإن بيع رُطَباً أو عنباً أو بُسْراً يخرص (¬4) ذلك تمراً جافاً أو زبيباً، فإذا بلغ الخرص خمسة أوسق أخذ منه العشر، وإن كان لا يبلغ في الخرص ذلك لم يؤخذ منه شيء. وأما العسل (¬5) إذا كان في أرض العشر والزعفران والورس وكل (¬6) ما يوزن وزناً بالأرطال والأَمْناء فإن هذا مما لا يقع في الكيل، وإنما يؤخذ ذلك بأكثر وزنه. وأكثر وزن العسل الأَفْراق (¬7). وكل ما حصل ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة. وكذلك العسل ليس فيما دون خمسة أفراق من العسل صدقة. وكذلك الزعفران والورس أكثر وزنه الأمناء، فليس فيما دون خمسة أمناء من الزعفران والورس (¬8) صدقة، فإذا بلغ خمسة أَمْناء ففيه الصدقة. وكذلك القطن ليس فيما دون خمسة أحمال منه صدقة، والحِمْل ثلاثمائة من الغَزْل. وأما العصْفُر (¬9) والكتان فلهما جميعاً بَزْر يقع في الكيل. فإذا خرج من ¬

_ = القَطَاني خُضَر الصيف. وقال غيره: هي اسم جامع لهذه الحبوب التي تُدَّخر وتُطبَخ، سميت بذلك لأنه لا بد منها لكل من قَطَنَ بالمكان، أي: أقام، وقيل: لأنها تحصد مع القُطْن. انظر: المغرب، "قطن". (¬1) ت: والياقلي. (¬2) نوع من الحبوب. انظر: لسان العرب، "موش". (¬3) ت: أبيض وأسود. (¬4) ت: بخرض. (¬5) م ف ت: العشر. وفي ب: القطن. (¬6) م ف ت: فكل. (¬7) جمع الفَرَق، وهو ستة وثلاثون رطلاً بالعراقي. قاله المؤلف فيما يأتي قريباً. (¬8) ف - أكثر وزنه الأمناء فليس فيما دون خمسة أمناء من الزعفران والورس. (¬9) نبات يستعمل للصبغ، وقد تقدم.

العصفر خمسة أوسق من القُرْطُم (¬1) [فهو] كما في القرطم، وفي عصفره العشر أو نصف العشر. والعصفر تبع (¬2) القرطم. فإن أخرجت الأرض أقل من خمسة أوسق من القرطم لم يكن فيه ولا في عصفره صدقة. وكذلك الكتان إذا أخرجت الأرض من بزره خمسة أوسق كان فيه وفي كتانه العشر، وإذا أخرجت منه أقل من (¬3) خمسة أوسق لم يكن فيه ولا في كتانه شيء (¬4). وأما القِنَّب (¬5) فإذا أخرجت الأرض من حبه خمسة أوسق ففيه العشر، وإذا (¬6) أخرجت أقل من ذلك فلا شيء فيه. وأما القنب نفسه (¬7) فلا شيء فيه على حال، لأنه نحو الخشب، وليس في الخشب ولا في النخل صدقة. ألا ترى أنا نأخذ الصدقة من الحنطة ولا نأخذها من التبن. وكذلك الخشب والقطران الذي يخرج منه الزفت (¬8)، وليس فيه شيء. وكل شيء خرج من الخشب فلا شيء فيه. والصنوبر ما خرج منه وبلغ خمسة أوسق ففيه الصدقة، وما كان أقل من ذلك فلا صدقة (¬9) فيه. وليس في خشبه صدقة على حال. ولا يكون العشر ونصف العشر إلا فيما تنبت الأرض. فأما الملح ونحوه فلا شيء فيه. وكذلك القير والنفط إنما كل (¬10) ذلك بمنزلة الماء ولا شيء فيه (¬11). وأما ما أخرجت الأرض مما يأكله الناس والبهائم مما له ثمرة باقية فذلك الذي فيه العشر ونصف العشر. وأما قصب السكر فما كان منه لا يخرج السكر فلا شيء فيه، وما أخرج منه السكر ففي عسله العشر إذا بلغ ¬

_ (¬1) القُرْطُم بالضم والكسر حب العُصْفُر. انظر: المغرب، "قرطم". (¬2) ت: بيع. (¬3) م - أقل من. (¬4) ت: صدقة. (¬5) قال المطرزي: الكرخي: لا شيء في القِنَّب لأنه لحاء خشب، ويجب في حبه. وقال الدينوري في كتاب النبات: القِنَّب فارسي، وقد جاء في كلام العرب، وهو نبات تُدَقّ سُوقُه حتى ينتثر حَشَاه، أي: تِبْنه، ويخلص لحاؤه، ويقال: حبال القنب. انظر: المغرب، "قنب". (¬6) م ت ط: فإذا. (¬7) ت - نفسه. (¬8) ف ت: والزفت. (¬9) م: صدق. (¬10) م ف ت: كان. (¬11) ت - فيه.

خمسة أفراق. والفَرَق ستة وثلاثون رطلًا بالعراقي. وما خرج من ذلك أقل من خمسة أفراق فلا شيء فيه. وأما الكَرَوْيا (¬1) والكمّون والكُزْبُرة (¬2) والخردل فما بلغ من ذلك خمسة أوسق ففيه الصدقة. وأما النانَخَواة (¬3) والحُلْبَة (¬4) والصعتر والأَبْهَل (¬5) والشونيز (¬6) وما أشبه ذلك فلا شيء في ذلك، لأن هذه أدوية. والأول (¬7) الغالب عليه أنه طعام. والأَنْجُذان (¬8) بمنزلة الكُزْبُرة. والخِطْمِي والسَّرْو والأُشْنان ونحو ذلك فلا شيء فيه، لأنه بقل (¬9)، ولو كان فيه شيء لكان في الرَّطْبَة، ولكن ذلك كله شيء واحد. وما كان من الرمان (¬10) ييبس (¬11) حبه يباع يابسًا ففيه العشر إذا خرص حبه خمسة أوسق، وما لم يكن حبه باقيًا (¬12) ولم يكن (¬13) يدخر فلا شيء فيه، وهو بمنزلة الفاكهة التي لا تبقى. والتين والإجاص بمنزلة التمر، فما بلغ (¬14) خمسة أوسق ففيه الصدقة. وكذلك (¬15) العُنّاب (¬16). وأما الخوخ والكمثرى والتفاح ¬

_ (¬1) ت: الكراويا. نوع من التوابل. انظر: المغرب، "كرو"؛ والقاموس المحيط، "كري". (¬2) الكُزْبرة بضم الباء وفتحها هي الكشنيز. انظر: المغرب، "كزبر". (¬3) م ف: الناخواة (مهملة)؛ ت: الناخوا. وانظر: تاج العروس، "شكر". (¬4) م ف ت ب: والخردل. والتصحيح مستفاد من بدائع الصنائع للكاساني، 2/ 60. والخردل مذكور في الجملة السابقة. ويأتي قريباً ذكر الحلبة مرة أخرى ويذكر أنه لا عشر فيها. لكن ذكر في كتاب الزكاة أن الحلبة فيها العشر. فلعل المقصود أنه إذا أشغل أرضه بزراعة الحلبة فإن فيها العشر كما ذكره الحصكفي، وإلا فلا. انظر: الدر المختار، 2/ 327. (¬5) م ت: والأسهل. الأبهل شجرة أو حمل شجرة تستعمل في التداوي. انظر: لسان العرب، "بهل"؛ والقاموس المحيط، "بهل". (¬6) م ط - والشونيز. (¬7) م: وللأول. (¬8) الأنجذان بضم الجيم: نبات يقاوم السموم، جيد لوجع المفاصل. انظر: القاموس المحيط، "نجذ". (¬9) م ف: يقتل (مهملة)؛ ت: يقتل. والتصحيح من ب. (¬10) ت: من الزمان. (¬11) م ف ت: يبين. (¬12) ت: باقي. (¬13) ف: ولكن لم. (¬14) ت + منه. (¬15) ت: ولذلك. (¬16) شجر شائك من الفصيلة السدرية يبلغ طوله ستة أمتار، ولها ثمر أحمر يعرف بنفس الاسم. انظر: المعجم الوسيط، "عنب".

والنَّبْق (¬1) والمشمش والتوت فلا شيء في ذلك في ورقه ولا في ثمره، لأن الغالب عليه (¬2) أنه ليس (¬3) مما يدخر (¬4) وييبس. وكذلك الموز والهَلِيلَج (¬5) والخُرْنُوب فلا شيء فيه. والحُلْبَة والكَبَر فليس فيه شيء (¬6). وكذلك الصَّمْغ (¬7). وإذا كان للرجل أرضان في نهرين متفرقين، فأخرجت الأرضان جميعاً خمسة أوسق مما تجب فيه الصدقة، ففي ذلك العشر وإن تفرقت الأرضان وكانتا في مصرين مختلفين. وكذلك إن كانت أرضون عدداً جمع بعضها إلى بعض. فإذا أخرجت خمسة أوسق مما فيه الصدقة أخذت منه الصدقة. وإنما نُظِر في ذلك إلى المالك، فإذا كان واحداً لم يلتفت (¬8) إلى تفرق الأرضين والبلدان. ولو كانت أرض (¬9) واحدة بين رجلين لم تقسم، فأخرجت خمسة أوسق مما تجب فيه الصدقة، لم يكن في شيء من ذلك صدقة حتى يخرج نصيب كل واحد خمسة أوسق، فيكون في ذلك صدقة. وأما ما استخرج (¬10) من الجبال من الذهب والفضة والنحاس والرصاص والحديد والزئبق ففي كل قليل أو كثير أخرج من ذلك الخمس. وأما الزَّرْنِيخ والكُحْل والنُّورة (¬11) والزاج (¬12) ونحوه فليس في شيء من هذا ¬

_ (¬1) النبق حمل شجرة السدر. انظر: القاموس المحيط، "نبق". (¬2) م ف: علينا. (¬3) ت - ليس. (¬4) ت: لا يدخر. (¬5) ت: والهلج. (¬6) ت: فلا شيء فيه. (¬7) م ف ت: الصبغ. والتصحيح مستفاد من ابن نجيم حيث يذكر أنه لا عشر في ما يخرج من الشجر كالصمغ والقطران، لأنه لا يقصد به الاستغلال. انظر: البحر الرائق لابن نجيم، 2/ 256. (¬8) ف + في ذلك. (¬9) ت: أرضا. (¬10) ت: ما أخرج. (¬11) م ت: والبرم (مهملة)؛ ف: والبرام (مهملة). والتصحيح من كتاب الزكاة. انظر: 1/ 125 و. (¬12) الزاج مِلْح. انظر: القاموس المحيط، "زوج".

خمس ولا (¬1) عشر ولا غير ذلك (¬2). وكذلك ما استخرج من الجبال من الياقوت والزبرجد والفيروزج (¬3) فلا شيء فيه، وهو كله لمن وجده. بلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ليس في حجر صدقة" (¬4). فبهذا نأخذ. وكذلك ما استخرج من البحر من العنبر واللؤلؤ والسمك وغير ذلك فليس فيه صدقة، وهو (¬5) كله لمن استخرجه. داود بن رشيد قال: حدثنا محمد بن الحسن قال: أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو (¬6) بن دينار عن أُذَيْنَة (¬7) عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه سئل عن العنبر هل فيه خمس؟ قال: هو شيء دَسَرَه (¬8) البحر (¬9). وكذلك نقول: (¬10) لا شيء فيه. هذا قول أبي حنيفة رحمة الله عليه وقولنا. وقال أبو يوسف بذلك زمانًا، ثم قال: في اللؤلؤ والعنبر (¬11) يستخرج من البحر الخمس، وأما السمك فلا شيء فيه، لأنه ليس بنبت. وقال: ليس في الذَّرِيرَة (¬12) شيء ولا في قصبها، لأن ذلك بمنزلة الريحان والأبخرة، فلا شيء فيه. وهذا كله قولنا، وهو على قياس قول أبي ¬

_ (¬1) ت - خمس ولا. (¬2) ت: ولا شبهه. (¬3) الفيروزج ضَرْب من الأصباغ. انظر: لسان العرب، "فيروزج". (¬4) روي من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا زكاة في حجر". انظر: الكامل لابن عدي، 5/ 22. وعن عكرمة قال: ليس في حجر اللؤلؤ ولا حجر الزمرد زكاة إلا أن يكون للتجارة، فإن كانت للتجارة ففيه الزكاة. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 374. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 2/ 382. (¬5) م ط: وهذا. (¬6) ت: عن عمر. (¬7) ت: عن أبيه. (¬8) دَسَرَه البحر، أي: دفعه وقذفه، من باب طلب. انظر: المغرب، "دسر". (¬9) المصنف لعبد الرزاق، 4/ 65؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 374؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 383. (¬10) ت: يقول. (¬11) م ط: أو العنبر. (¬12) ت: في الذرة. قَصَب الذَّرِيرَة ضَرْب من القَصَب متقارب العُقَد يتكسّر شظايا كثيرة، وأنبوبه مملوء مِن مِثل نسج العنكبوت، وفي مَضغه حَرَافة، ومسحوقه عِطْر إلى الصفرة والبياض. انظر: المغرب، "قصب".

حنيفة وأبي يوسف (¬1) على ما وصفت لك. قيل لمحمد بن الحسن: في العنبر شيء؟ قال: نعم. قيل له: أرأيت كل ما أوجبت فيه العشر كان في ملك إنسان أو لم يكن في ملك إنسان فهو سواء وفيه العشر؟ قال: نعم (¬2). ¬

_ (¬1) ت: حنيفة. (¬2) م + تم كتاب العشر وبالله التوفيق كتبه أبو بكر بن أحمد بن محمد الطلحي الأصفهاني في يوم الخميس آخر شهر الله المبارك رمضان سنة ثمان وثلاثين وستمائة والحمد لله رب العالمين وصلواته على محمد النبي وآله؛ ف + تم كتاب العشر وبالله التوفيق وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وسلم تسليما حسبنا الله ونعم الوكيل؛ ت + تم كتاب العشر ولله الحمد وصلوته على نبيه محمد وآله وسلامه.

كتاب الدعوى والبينات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب الدعوى والبينات أبو سليمان قال: حدثنا محمد بن الحسن عن أبي يوسف، قال: حدثنا الحجاج بن أرطأة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه" (¬2). محمد عن أبي يوسف عن عبد الله بن أبي حميد عن أبي مليح بن أسامة أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي موسى الأشعري أن البينة على المدعي، واليمين على من أنكر (¬3). ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) سنن الدارقطني، 4/ 157. وروي من حديث أبي هريرة بلفظ: "البينة على المدعي واليمين على من أنكر". انظر: سنن الدارقطني، 3/ 110. ومن حديث ابن عباس بهذا اللفظ. انظر: السنن الكبرى للبيهقي، 10/ 252. وأصله في الصحيحين بلفظ: "اليمين على المدعى عليه"، ولم يذكر البينة على المدعي. انظر: صحيح البخاري، الشهادات، 20؛ وصحيح مسلم، الأقضية، 1 - 2. وانظر للتفصيل: نصب الراية للزيلعي، 4/ 95 - 96؛ والدراية لابن حجر، 2/ 175. (¬3) د م: على المنكر. انظر: سنن الدارقطني، 4/ 206.

محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه، وكان لا يرد اليمين. محمد عن محمد بن أبان عن حماد عن إبراهيم مثله. وقال أبو حنيفة: إذا كانت الدار في يدي رجل، فادعى (¬1) كلها، أو ادعى طائفة منها، فإن البينة على المدعي، واليمين على الذي في يديه الدار، ولا تقبل بينته أنها له، لأنها في يديه. وكذلك العبد والأمة والدابة والثوب والبعير والشاة والعروض كلها، والكيل كله والوزن كله، والذهب والفضة التبر (¬2) وغيره، والدراهم والدنانير والحلي والجوهر (¬3) والسلاح والسَّرْج واللُّجُم (¬4) وأداة السُّرُوج كلها، وجميع ما يكون من الأمتعة كلها، فكل (¬5) شيء من ذلك في يدي رجل مسلم أو امرأة مسلمة أو ذمي أو مكاتب أو عبد تاجر أو حربي (¬6) مستأمن أو مرتد، ادعى فيه رجل دعوى بميراث أو وصية أو شراء أو هبة أو صدقة، ادعى ذلك كله أو في بعضه، فهو للمدعي وعليه (¬7) البينة. وإن كان المدعي مسلماً أو كافراً أو ذمياً أو مكاتباً أو عبداً تاجراً أو حربياً مستأمناً أو مرتداً أو امرأة مرتدة فهو كله سواء، وعليه البينة في دعواه، وليس على الذي في يده ذلك كله بينة، وإنما عليه اليمين إذا لم يقم الآخر البينة. وإذا ادعى المدعي أنه اشتراه من الذي هو في يديه فعليه البينة. وكذلك إذا ادعى صدقة منه أو هبة أو إجارة أو رهناً فهو مدعي في جميع هذه الوجوه. وأصل (¬8) معرفة المدعي والمدعى عليه أن ينظر إلى المنكر منهما فهو المدعى عليه والآخر المدعي. ¬

_ (¬1) م + ادعى. (¬2) ف: والتبر. (¬3) د: والجواهر. (¬4) لُجُم جمع لِجَام ككتاب وكتب. انظر: المصباح المنير، "لجم". (¬5) م: بكل. والكلمة مهملة في د ف. (¬6) د م ف: أو صبي. والتصحيح مستفاد من الجملة التالية. (¬7) د: عليه. (¬8) م: فأصل.

ولو أن رجلاً في يديه دار ادعى أنه باعها من رجل، وجحد ذلك الرجل، فإن رب الدار هو في هذا الوجه المدعي وعليه البينة، والآخر المدعى عليه، فالقول قوله مع يمينه. وكذلك لو ادعى رب الدار أنه آجرها من هذا وجحد الآخر فإن رب الدار المدعي، وعليه البينة. وكذلك العبد في هذا والأمة والدابة والمنزل والبيت والأرض والحمام والإبل. وكل ما يستأجر أو يباع فهو بمنزلة هذا، إذا ادعى الذي هو في يديه أنه باعه من رجل، [أو] أنه (¬1) آجره منه، وأنكر الرجل ذلك، فالذي في يديه ذلك هو المدعي، وعليه البينة. ولو أنكر الذي في يديه ذلك وادعاه الآخر كان الآخر هو المدعي، وعليه البينة، وكان الذي هو (¬2) في يديه المنكر، لأنه جحد ما قال الآخر، وكل من جحد فهو المنكر، وهو المدعى عليه، والآخر هو المدعي، وعلى المدعي البينة على ما ادعى. وإذا ادعى رجل ديناً على رجل دنانير أو دراهم أو شيئاً من الكيل أو الوزن، وأنكر الآخر ذلك، فإن المدعي ها هنا هو الطالب، وعليه البينة، ولا بينة على المنكر. ولو أن المنكر أقر بذلك وادعى أنه قد قضاه المال كان المدعي هو المدعي للقضاء. [و] إذا جحد (¬3) الطالب الأجل فإن المدعي في هذا الموضع الذي يدعي الأجل، وعليه البينة، وعلى المنكر اليمين. وإذا ادعى رجل وديعة في يدي رجل وجحد ذلك الرجل فإن المدعي ها هنا هو الطالب، وعليه البينة، وعلى المنكر اليمين. وإذا كانت الدار في يدي رجلين كل واحد منهما يدعي أنها له، فكل (¬4) واحد منهما مدعي، وعلى كل واحد منهما البينة على ما يدعي في يدي صاحبه، ولكل واحد منهما اليمين على صاحبه، فأيهما حلف على ¬

_ (¬1) ف - أنه. (¬2) د - هو. (¬3) ف: إذا جحدوا. (¬4) م ف: وكل. والتصحيح من ب؛ والكافي، 1/ 227 و.

دعوى صاحبه برئ منها، وأيهما نكل عن اليمين لزمه دعوى صاحبه. وكذلك العبد والأمة والدابة والثوب. وإذا كانت الدار في يدي رجل فادعى رجل أنه اشتراها منه بألف درهم، وقال الذي هي في يديه: بعتها منك بألفين، فإن قامت لهما بينة جميعاً أخذت ببينة المدعي للفضل، وإن لم تقم لهما بينة حلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه، فإن حلفا جميعاً ترادا البيع، وأيهما نكل عن اليمين لزمه دعوى صاحبه قبله، وكان ينبغي في القياس إن حلفا جميعاً أن يكون بيعاً (¬1) بألف درهم، لأن المدعي في هذا الموضع الذي يدعي الألفين (¬2)، ولكنا تركنا القياس في هذا الموضع للأثر الذي جاء، وجعلنا كل واحد منهما مدعياً، وعلى كل واحد منهما اليمين على دعوى صاحبه. وإذا كان البيع (¬3) في هذا الوجه قد قبضه المشتري واستهلكه فالقول فيه قول المشتري مع يمينه، وعلى البائع البينة على ما يدعي من الفضل في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: يتحالفان، ويرد المشتري القيمة. وإذا كان عبد في يدي رجل، فادعى رجل أنه اشتراه بدابته هذه، وادعى البائع أنه باعه بهذه الأمة، فكل واحد منهما مدع، وكل (¬4) واحد منهما عليه (¬5) البينة، فإن قامت لهما جميعاً بينة أخذ ببينة البائع، وإن لم تقم لهما بينة تحالفا، فإن حلفا جميعاً تناقضا البيع، وأيهما نكل عن اليمين لزمه دعوى صاحبه. وإذا ادعى رجل على رجل ديناً من كفالة أو من غصب وجحد ذلك المدعى عليه فعلى الطالب البينة، وهو المدعي في هذا الوجه، وعلى المنكر اليمين إذا لم يقم المدعي (¬6) بينة. ¬

_ (¬1) ف: معا. ونسخة م غير واضحة. (¬2) م: "يدعي الألفين" غير واضح. (¬3) أي: المبيع كما تقدم مراراً. (¬4) ف: وعلى كل. (¬5) ف - عليه. (¬6) د - المدعي.

وإذا ادعى رجل على امرأة أنها امرأته، أو ادعت امرأة أن هذا الرجل زوجها، وجحد المدعى عليه منهما، فإن المدعي ها هنا الطالب، وأيهما ما طلب ذلك فهو المدعي، والمنكر لذلك هو المدعى عليه. وعلى المدعي البينة، فإن لم تقم له بينة فإن أبا حنيفة كان لا يحلّف على النكاح. وقال أبو يوسف ومحمد (¬1): نحن نستحلف عليه، وإن نكل عن اليمين ألزمناه النكاح. وإذا ادعت المرأة خلعاً أوطلاقا وجحد ذلك الزوج فالمرأة (¬2) هي المدعية وعليها البينة. وإن ادعى الزوج أنه خلعها على عبد وجحدت هي ذلك فإن الزوج قد أقر بالطلاق، وذلك يلزمه، وادعى العبد، فعليه البينة، فإن لم تقم له بينة استحلف المرأة على ذلك. وإذا ادعى عبد عتقاً على مولاه وجحد المولى ذلك فإن العبد في هذا الوجه هو المدعي، وعليه البينة، فإن لم تقم له بينة فعلى مولاه (¬3) اليمين. وكذلك اليمين على الزوج إذا لم تقم للمرأة بينة على الطلاق. وكذلك العبد يدعي المكاتبة على مولاه ويجحد المولى ذلك فإن العبد في هذا الوجه هو المدعي، وعليه البينة، فإن لم يُقِم (¬4) بينة فعلى مولاه اليمين. ولو أن المولى (¬5) أقر أنه أعتق عبده هذا على ألف درهم، وقبل العتق بها (¬6)، وجحد العبد المال، وادعى العتق، كان العتق لازمًا للمولى، وكانت البينة على المولى فيما يدعي من المال، وعلى العبد اليمين، فإن نكل عن اليمين لزمه المال. ولو أن العبد (¬7) قال: أنا حر الأصل، ولم يقر بالملك، وادعى المولى أنه عبد قد أقر بالملك، كان المدعي في هذه ¬

_ (¬1) ف - ومحمد. (¬2) د م ف: والمرأة. (¬3) م: مولاته. (¬4) ف + له. (¬5) د: أن رجلاً. (¬6) م - بها. (¬7) م: "لزمه المال ولو أن العبد" غير واضح.

المنزلة المولى، وعليه البينة، فإن لم تقم له بينة فعلى العبد اليمين، فإن حلف برئ، وإن نكل عن اليمين (¬1) قضيت عليه بالرق للمولى. وكذلك الأمة في قول أبي يوسف ومحمد. ولا يكون عليه يمين في قول أبي حنيفة في الرق. وإذا ادعى رجل جراحةَ عمدٍ أو خطأٍ أو دماً [و] جحد المدعَى قِبَلَه ذلك فإن (¬2) على المدعي في هذا الوجه البينة، وعلى المنكر المدعى قبله اليمين، وإن حلف برئ، وإن نكل عن اليمين لزمه القصاص في قول أبي حنيفة في كل عمد (¬3) دون النفس يستطاع فيه القصاص، ولزمه الأرش فيما كان من خطأ في النفس أو دونها. وأما العمد في النفس فإن أبا حنيفة كان يقول: أحبسه حتى يقر أو يحلف. وقال أبو يوسف ومحمد: عليه في العمد في النفس وما دونها إذا أبى اليمين الدية، ولا قصاص عليه. ولو أقر المدعَى قِبَلَه (¬4) الجراحة بالجراحة وادعى الصلح فيها أو العفو كان في هذا الوجه هو المدعي، وكانت عليه البينة، فإن لم تكن له بينة فعلى الآخر اليمين، فإن حلف أخذ حقه، وإن نكل عن اليمين لزمه ما ادعى الآخر من الصلح والعفو. وإذا ادعى الجارح بجراحة عمد فيها قصاص وادعى المجروح ذلك عليه وادعى الصلح فإن المجروح في هذه المنزلة هو المدعي، وعليه البينة، وعلى الجارح اليمين، فإن حلف برئ من المال ولم يكن عليه قصاص، لأنَّ الآخر قد أبرأه منه، وإن نكل عن اليمين لزمه المال. وإذا ادعى رجل على رجل كفالة نفس أو مال وجحد الآخر، فإن على المدعي الكفالة البينة، فإن لم تكن له بينة فعلى المنكر اليمين، فإن حلف برئ، وإن نكل عن اليمين لزمته الكفالة. وإن أقر الكفيل بالكفالة وادعى أنه دفعه وبرئ منه كان الكفيل في هذا الموضع هو المدعي، والمكفول له هو المدعى عليه. ¬

_ (¬1) د - عن اليمين. (¬2) د م ف: وإن. (¬3) م: عد. (¬4) د م ف: قبل.

وإذا ادعى رجل على رجل أنه أجر بستانه أو داره هذه شهراً بعشرة دراهم، وأقر رب الدار (¬1) أنه أجره منها بيتاً معلوماً بخمسة عشر درهماً، فكل واحد منهما مدعي قبل صاحبه، فعلى كل واحد منهما البينة فيما يدعي. فإن أقاما البينة جميعاً جعلت الدار كلها إجارة بخمسة عشر درهماً، آخذ ببينة كل واحد (¬2) منهما على دعواه، وآخذ ببينة صاحب الدار على الدعوى بفضل الأجر وببينة المستأجر على دعواه وفضل السكنى. وإذا ادعى أنه استأجرها شهراً بدرهم وادعى رب الدار (¬3) أنه أجرها خمسة عشر يوماً بدرهمين فكل واحد منهما مدعي وعلى كل واحد منهما البينة. وإن أقاما البينة جميعاً جعلتها شهراً بدرهمين، آخذ ببينة كل واحد منهما على ما يدعي من الفضل. فإن لم تقم لهما بينة حلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه. فإن حلفا جميعاً نقضت الإجارة. وأيهما نكل عن اليمين لزمه دعوى صاحبه. وإذا ادعى رجل على رجل أنه استأجر منه دابة إلى بغداد بخمسة دراهم، وقال رب الدابة: أجرتكها إلى قصر شيرين بعشرة دراهم، فكل (¬4) واحد منهما مدعي، وعلى كل واحد منهما البينة، فإن أقاما جميعاً البينة (¬5) جعلتُها (¬6) إلى بغداد بعشرة دراهم، آخذ ببينة كل واحد منهما على دعواه. وإن لم تقم لهما بينة حلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه، فأيهما حلف برئ من دعوى صاحبه، وأيهما نكل عن اليمين لزمته دعوى صاحبه، وإن حلفا جميعاً نقضت الإجارة. فإن كان قد سار على الدابة إلى بغداد ولم تقم لهما بينة وحلف المستأجر على دعوى صاحبه فإن على المستأجر خمسة دراهم (¬7) إلى بغداد. وإن كان سار على الدابة بعض الطريق جعلت عليه فيما سار من الأجر بحساب خمسة دراهم (¬8) إلى بغداد. ¬

_ (¬1) ف: الدابة. (¬2) م: "كل واحد" غير واضح. (¬3) ف: الدابة. (¬4) د ف: وكل؛ م: كل. (¬5) د م - البينة؛ د م ف + أنه. (¬6) ف: جعلها. (¬7) م ف ب: خمسة عشر درهما. (¬8) د: خمسة عشر درهم.

وإذا ادعى رجل دابة في يدي رجل أو غلاماً أنه استأجره منه وأنكر رب الدابة والغلام فإن المدعي في هذا الوجه المستأجر، وعليه البينة. وإن لم تكن له بينة فعلى المنكر اليمين. فإن كان رب العبد هو ادعى الأجرة وجحد المستأجر فإن رب العبد في هذا الوجه هو المدعي، فعليه البينة. فإن لم تكن له بينة فعلى الآخر (¬1) اليمين. فإن حلف برئ، وإن نكل عن اليمين لزمه دعوى الآخر. وإذا ادعى رجل داراً وذكر أنها في يديه وادعاها آخر وذكر أنها في يديه فكل واحد منهما يدعي، وعلى كل واحد منهما (¬2) البينة. وإن أقاما البينة جميعاً وشهود كل واحد منهما يشهدون أنها في يديه جعلت في يد كل واحد منهما نصفها. وإن أقام أحدهما بينة أنها له قضيت بها له. وإن لم تقم لهما بينة فطلب كل واحد منهما يمين صاحبه "ما هي في يديه" فعلى كل واحد منهما أن يحلف البتة ما هي في يدي صاحبه. فإن حلفا لم يجعلها القاضي في يدي واحد منهما، وأيهما نكل عن اليمين لم يجعلها في يديه ونهاه أن يَعْرِض للآخر (¬3) فيها. فإن وجدها القاضي في يدي غيرهما لم ينزعها من يديه بالذي أنفذه بين هذين. وإذا كان العبد في يدي رجل فادعاه آخر وأقام (¬4) البينة أنه كان في يديه أمس فإنه لا تقبل منه البينة على هذا، لأنه قد يكون في يديه ما ليس له. فإن أقام البينة أن هذا العبد أخذه (¬5) منه هذا (¬6)، أو انتزع العبد منه (¬7)، أو غصبه منه، أو غلبه على العبد فأخذه منه، أو شهدوا أنه أرسله في حاجة فاعترضه هذا من الطريق فذهب به، أو شهدوا أنه أبق من هذا فأخذه هذا الرجل، فإن هذه الشهادة جائزة، ويقضى له بالعبد. فإن لم تكن له بينة فعلى الذي في يديه العبد اليمين. فإن حلف برئ. وإن نكل عن اليمين لزمه دعوى صاحبه. ¬

_ (¬1) د: الآجر. (¬2) م + يدعي وعلى كل واحد منهما. (¬3) م ف: وأن يعرض الآخر. وفي ب: أن يعترض الآخر. (¬4) ف: فأقام. (¬5) د: أخذ. (¬6) ف - هذا. (¬7) د: منه العبد.

وإذا ادعى رجل عبداً في يدي رجل أو داراً أو دابة أو أمة أو ثوباً أو عرضاً من العروض كائناً ما كان فقال الذي هو في يديه: ليس في يدي، وإنما هو عندي وديعة من قبل فلان، أو من قبل إجارة فلان، أو عارية من قبل فلان، أو بوكالة، فإنه لا يصدق على ذلك، وهو خصم، وعلى المدعي البينة على دعواه. فإن أقام الذي هو في يديه ذلك الشيء البينة على ما ذكرنا من الوديعة والإجارة والعارية والوكالة لم يكن بينه وبين المدعي خصومة في شيء من ذلك حتى يحضر رب المتاع والمؤاجر والمعير والمستودع والموكل، فيكون هو الخصم، ويكون هو المدعى قبله، وعلى المدعي البينة. وإذا كان العبد في يدي رجل وادعاه رجلان كل واحد منهما يقيم البينة أنه له والذي في يديه العبد مقر أنه وديعة لأحدهما، فإنه إن لم يكن أقر بذلك حتى سمع القاضي شهادة الشهود قضى به بينهما نصفين، وإن كان أقر بذلك قبل أن يسمع القاضي البينة وصدقه المستودع أو لم يصدقه فإنه يدفع إليه ويقبل بينة الآخر ويكون هو المدعي، ويكون المستودع هو المدعى عليه (¬1)، وعليه (¬2) اليمين. وإذا كانت الدار في يدي رجل فادعى رجل أنها له وأنه أجرها إياه وادعى آخر أنها له وأنه أودعها إياه فكل واحد منهما مدعي، وعلى كل واحد منهما البينة. فإن أقام كل واحد منهما بينة على ما ذكرنا فإنه يقضى بها بينهما نصفين. وإذا كان العبد في يدي رجل وادعى رجل أنه غصبه إياه وأقام على ذلك بينة وادعى (¬3) آخر أنه أقر أنه وديعة له وأقاما على ذلك بينة فإنه يقضى به لصاحب الغصب، ولا يقضى لصاحب الإقرار بشيء، ولا يجوز إقراره فيما غصب من هذا، وصاحب الغصب هو المدعي، وعليه البينة. ¬

_ (¬1) د م - عليه. (¬2) ف - وعليه. (¬3) د: وأقام.

باب الدعوى في الميراث

وإذا ادعى رجل أنه اشترى من رجل عبداً وأمة بألف درهم ونقده الثمن وهما في يدي البائع، وقال البائع: إنما بعتك العبد وحده بألف درهم، فكل (¬1) واحد منهما مدعي في هذه المنزلة. فإن أقاما جميعاً البينة على ذلك فإن أبا حنيفة قال في ذلك: أمضي له البيع في العبد والأمة بألف درهم جميعاً. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. وهذا كله قول أبي حنيفة وقياسه الأول (¬2). وقال أبو يوسف (¬3) بعد ذلك: إذا اتهمتُ مدعي الوكالة والوديعة والعارية جعلته خصماً، ولم أقبل منه بينة على الوكالة والوديعة والعارية إذا كان يريد أن يدفع بذلك الخصومة عن نفسه. وقال محمد: إذا كان الشهود يشهدون بالوكالة والوديعة والعارية من رجل مسمى معروف لم يكن بين المدعي وبين الذي في يده خصومة حتى يحضر الذي وكله أو استودعه أو أعاره، لأنه قد أحال المدعي على خصم (¬4) معروف، فعلى المدعي أن يطالب خصمه. وإن قال الشهود: دفع ذلك الشيء إليه رجل نعرف وجهه إن رأيناه (¬5) ولا نعرف اسمه ولا نسبه، لم يلتفت إلى ذلك، وكان الذي ذلك الشيء في يده خصماً. ... باب الدعوى في الميراث وإذا كانت الدار في يدي رجل وأقام (¬6) الرجل عليها شاهدين أن أباه مات وتركها ميراثاً لا يعلم وارثاً غيره، وأقام آخر البينة أن أخاه فلاناً مات وتركها ميراثاً لا يعلم له وارثاً غيره، وأنه أخوه لأبيه وأمه، والذي في يديه الدار منكر لذلك كله، فإنه يقضى في الدار بينهما نصفين. ولو كان عبد (¬7) في يدي رجل فادعى رجل آخر أن أباه فلاناً مات ¬

_ (¬1) د م ف: وكل. (¬2) م + وقال أبو يوسف ومحمد. (¬3) د + ومحمد. لكن فوقه علامة تبين أنه كتب خطأ. (¬4) م ف: على الخصم. (¬5) د م: إن رأينا. (¬6) ف: فأقام. (¬7) د م ف: عبده.

وتركه ميراثاً (¬1) وأقام البينة أن أباه فلاناً مات وتركه ميراثاً منذ سنة ولا (¬2) يعلم له وارثاً، وأقام (¬3) آخر البينة أن أباه فلانا مات وتركه ميراثاً (¬4) منذ سنتين لا يعلمون له وارثاً غيره، فإنه يقضى بالعبد لصاحب السنتين في قول أبي يوسف. وقال [محمد] (¬5): يقضى به بينهما نصفين، وهو قول أبي يوسف الأول، والوقت الأول والوقت الآخر وغير الوقت فيه سواء، كل واحد منهم مدعي، وعليه البينة على دعواه، وهو قول أبي يوسف الأول (¬6). وإذا كان أرض في يدي (¬7) رجل فادعاها رجل فعليه البينة، فإن أقام البينة أن أباه فلاناً مات وتركها ميراثاً لا يعلمون له وارثاً غيره، وأقام الآخر البينة أن أباه مات وهي في يديه لا يعلمون له وارثاً غير هذا، فإنه يقضى ¬

_ (¬1) ف هـ + منذ سنة لا يعلم له وارثا غيره. (¬2) د: لا. (¬3) د: فأقام. (¬4) ف - منذ سنة ولا يعلم له وارثا وأقام آخر البينة أن أباه فلانا مات وتركه ميراثا. (¬5) الزيادة من الكافي، 1/ 227 و. وهذا على نسخة أبي سليمان، وهو يخالف نسخة أبي حفص كما سيأتي في الحاشية التالية. (¬6) د - والوقت الأول والوقت الآخر وغير الوقت فيه سواء كل واحد منهم مدعي وعليه البينة على دعواه وهو قول أبي يوسف الأول. وقد وقع هنا اختلاف بين نسخ أبي حفص وأبي سليمان على ما بينه السرخسي. أما الحاكم الشهيد فلم يبين هذا الاختلاف. بل قال: ... قضي بالعبد لصاحب السنتين في قول أبي حنيفة، وهو قول أبي يوسف الآخر. وقال محمد وهو قول أبي يوسف الأول: العبد بينهما نصفان. انظر: الكافي، 1/ 227 و. وقال السرخسي: ... قضي بالعبد لصاحب السنتين في قول أبي يوسف الآخر، وهو قول محمد -رحمه الله-. وفي قوله الأول العبد بينهما نصفان، والوقت وغير الوقت في ذلك سواء. هكذا ذكر في نسخ أبي حفص -رحمه الله-. وقال في نسخ أبي سليمان -رحمه الله-: على وقت [صوابه: قول] أبي حنيفة وأبي يوسف الآخر -رحمهما الله- يقضى به لصاحب السنتين، وعلى قول أبي يوسف الأول وهو قول محمد -رحمهما الله- يقضى به بينهما نصفين. فاشتبه مذهب محمد -رحمه الله- لاختلاف النسخ. انظر: المبسوط، 17/ 43. (¬7) د: في يد.

بها بينهما نصفين. وشهادة شهود (¬1) هذا أنه مات وهي في يديه مثل قول الآخر: إن أباه مات وتركها ميراثاً. وإذا كان عبد في يدي (¬2) رجل، فادعى رجل أن أباه مات وتركه ميراثاً له، وأقام على ذلك بينة، وشهدوا أنهم لا يعلمون له وارثاً غيره، وادعى آخر أنه له، وأقام البينة على ذلك، فإنه يقضى به بينهما نصفين. وإذا كانت أمة في يدي رجل فادعى رجل أنها كانت لأبيه وأقام البينة أن أباه مات وتركها ميراثاً له لا يعلمون له وارثاً غيره، وأقام آخر البينة أنه اشتراها من أب هذا بمائة درهم ونقده الثمن، فإنه يقضى بها للمشتري، وشهادة الشرى تنقض شهادة الميراث. وكذلك لو شهدوا على صدقة مقبوضة (¬3) من الميت في الصحة وهبة أو نحلى أو عطية أو عمرى. وإذا كانت الدار والأرض والبستان والقرية في يدي رجل فادعاها رجل أنها له فشهد شاهدان أنها لابنه (¬4) ولم يشهدوا أنه مات وتركها ميراثاً فإنه لا يقضى بها له (¬5)، ولا تنفذ هذه الشهادة. وكذلك لو شهدوا أنها كانت لأبيه. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: إذا أقام البينة أنها كانت لأبيه لم أحتج إلى أن يقولوا: مات وتركها ميراثاً، ولكني أسأله البينة على عدد الورثة ثم أنفذ القضاء، وهذا قوله (¬6) الآخر. ولو شهدا أن جدهم مات وتركها ميراثاً ولم يزيدا (¬7) على هذه المقالة لم تنفذ هذه الشهادة، ولم تقبل حتى يشهدوا أنه مات وتركها ميراثاً لأبي [هذا] لا يعلمون له وارثاً غيره، وأن أبا هذا مات وتركها ميراثاً لأبي هذا (¬8) ¬

_ (¬1) م ف: الشهود. والتصحيح من الكافي، 1/ 227 و. (¬2) ف: في يد. (¬3) د: مقرصه؛ م: مفتوضة؛ ف: مفرصة. والتصحيح من الكافي، 1/ 227 ظ. (¬4) م: لأبيه. (¬5) د - له. (¬6) د: قول. (¬7) م ف: ولم يزيدوا. (¬8) د ف - لأبي هذا.

لا يعلمون له وارثاً غيره (¬1). وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: إذا شهدوا أنها كانت له لم أكلفهم أن يشهدوا أنه مات وتركها ميراثاً، ولكني أكلفهم البينة على عدد الورثة، ثم أنفذ القضاء. وإذا كانت الدار في يدي رجل وأقام رجل شاهدين أن أباه مات وتركها (¬2) ميراثاً، وأقام آخر شاهدين أن أباه هذا تزوج عليها أمه وأن أمه فلانة ماتت وتركتها ميراثاً (¬3) لا يعلمون لها وارثاً غيره، فإنه يقضى بها لابن المرأة، لأن الزوج قد خرج منها حين تزوج عليها، كأنه باعها. وشهادة النساء مع شهادة الرجال في هذه المواريث جائزة. وشهادة رجلين على شهادة رجلين فيها جائزة. وشهادة رجلين على شهادة رجل جائزة. وشهادة امرأتين على شهادة أنفسهما وشهادة رجل على شهادة نفسه فيها جائزة. ولا تجوز شهادة رجل واحد على شهادة رجل واحد. وإن كانت امرأة لم يجز على شهادتها إلا رجلان أو رجل وامرأتان. وكذلك كل دعوى من نكاح (¬4) أو شرى أو بيع أو هبة أو غصب أو دين أو صدقة أو غير ذلك من الأموال والنكاح والطلاق والعتاق والمكاتبة (¬5) والتدبير فهو مثل ذلك. وإذا كانت الدار في يدي (¬6) رجل فادعاها رجل وأقام البينة أن أباه مات وتركها ميراثاً لا يعلمون له وارثاً غيره، وأقام آخر البينة أنها له، فإنه يقضى به بينهما نصفين. وكذلك العبد والأمة والأرض. وإذا كانت الدار في يدي رجل فأقام رجل عليها البينة أن أباه مات وتركها ميراثاً له ولم يشهدوا على الورثة ولم يعرفوهم فإن القاضي يكلف الوارث البينة أنه ابن فلان بعينه، وأنهم لا يعلمون له وارثاً غيره. فإن أقام ¬

_ (¬1) د ف: غير هذا؛ م + وأن أبا هذا مات وتركها ميراثا لأبي هذا لا يعلمون له وارثا غير هذا. (¬2) د - مات وتركها، صح هـ. (¬3) د - وأقام آخر شاهدين أن أباه هذا تزوج عليها أمه وأن أمه فلانة ماتت وتركتها ميراثا. (¬4) د ف: من نتاح (مهملة). (¬5) د م ف: والمكاتب. (¬6) د: في يد.

البينة على ذلك دفع الدار إليه. وإن لم يقم البينة أنهم لا يعلمون له وارثاً غيره (¬1) لم يدفع الدار إليه (¬2) حتى يحتاط القاضي وينظر، ثم يدفع بعد ذلك إليه، ويأخذ منه كفيلاً بما دفع إليه. وإذا كانت الدار والأرض في يدي رجل فأقام آخر البينة أنها دار ابنه ولم يقولوا: مات وتركها ميراثاً، فإنه لا يقضى له بشهادتهم. وكذلك لو قالوا: كانت هذه الدار لأبيه، ولم يشهدوا أن هذه الدار كانت لجده مات وتركها ميراثا، فإنه لا يقضى له بشيء حتى يشهدوا أنه وارث جده لا يعلمون له وارثاً غيره في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: أقضي بها للجد، وأجعلها على يدي عدل حتى يصححوا عدد ورثة ولد الجد، وإذا صححوا ذلك قضيت له بحصته من ذلك. ولو شهدوا أن جده مات وتركها ميراثا لأب هذا لا يعلمون له وارثاً غيره، ثم توفي الأب وتركها ميراثاً لهذا لا يعلمون له (¬3) وارثا غيره، قضيت بها له. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: لا آخذ من الوارث (¬4) كفيلاً بشيء مما يدفع إليه من ميراثه. وقال: أرأيت إن لم يجد كفيلا أكنت أمنعه حقه بشيء أخاف ولم يستبن بعد ولم يجب عليه بعد. وإذا كانت الدار في يدي رجل فادعاها آخر وأقام البينة أن أباه مات وتركها ميراثاً منذ سنة لا يعلمون له وارثاً غيره، وأقام الذي هي في يديه البينة أن أباه مات وتركها ميراثاً منذ سنة، فإني أقضي بها للمدعي، ولا أقضي بها للذي هي في يديه. ولو (¬5) شهدت شهود المدعي على أقل من سنة لم أقض بها له، وقضيت بها للذي هي في يديه. ولو أن الذي الدار في يديه أقر أن الدار كانت لأب المدعي وأن أباه اشتراها منه بألف درهم ¬

_ (¬1) م ف + فإن أقام البينة على ذلك. (¬2) د - وإن لم يقم البينة أنهم لا يعلمون له وارثا غيره لم يدفع الدار إليه. (¬3) د م - له. (¬4) د: من الورثة، صح هـ. (¬5) م ف + أن.

ونقده الثمن وأقام على ذلك البينة قبلت ذلك منه، وهو في هذه المنزلة المدعي. وقال أبو حنيفة: إذا كانت الدار في يدي رجل فأقام رجل آخر عليها (¬1) البينة أن أباه مات وتركها ميراثاً له ولإخوته فلان وفلان لا يعلمون له وارثاً غيرهم والورثة كلهم غُيَّب غيره فإني أقضي لهذا الشاهد بحصته، ولا أدفع إليه من حصتهم شيئاً إلا بوكالة منهم، وأترك أنصباءهم في يدي الذي كانت الدار في يديه. وقال أبو يوسف: أنتزع الدار من الذي هي في (¬2) يديه إذا أنكر حقهم، وأدفع (¬3) إلى هذا الشاهد حقه منها (¬4)، وأوقف (¬5) حق الغُيَّب على يدي عدل. وهو قول محمد. ولو لم يُقم بينة وأقر الذي في يديه الدار بأنها ميراث بينهم وأقر بعدد الورثة فإن عند أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد (¬6) يدفع إلى هذا الشاهد حقه، ويدفع حق الغُيَّب في يدي المقر. وقال أبو حنيفة: إذا كانت الدار في يدي ورثة وأحدهم غائب فادعى رجل أنه اشترى نصيب الغائب فإنه لا تقبل منه البينة على الغائب، وهو خصمه، وليس يأخذ (¬7) منه هؤلاء الورثة إذا كانوا مقرين كلهم بنصيب الغائب أنه له. وإذا كانت الدار في يدي رجل وابن أخيه فادعى العم أن أباه مات وتركها ميراثاً له (¬8) لا يعلمون له وارثاً غيره، وادعى ابن الأخ أن أباه مات وترك هذه الدار ميراثاً لا يعلمون له وارثاً غيره، وأقاما جميعاً البينة على ذلك، فإنه يقضى بها بينهما نصفين. ولو لم تكن الدعوى كذا ¬

_ (¬1) د: عليه. (¬2) د - في. (¬3) د: وإذا دفع. (¬4) د: منها حقه. (¬5) د: ووقف. (¬6) د م ف + قالوا. (¬7) م ف: أخذ. (¬8) ف - له.

باب الشهادة بين أهل الذمة في المواريث

وقال العم: هي بين والدي وبين أخي نصفان، وأقر ابن الأخ بذلك، وأقام العم بينة أن أخاه مات قبل ابنه (¬1) فورثه أبوه وابنه لا وارث له غيرهما، ثم مات أبوه فورثه هو لا وارث له غيره، وأقام ابن الأخ البينة (¬2) أن الجد مات قبل أبيه وأنه ورثه ابناه أحدهما ابن ابن الأخ والآخر العم عم هذا الباقي لا وارث له غيرهما، وأن أباه مات بعد الجد فورثه لا وارث له غيره، فإن أبا حنيفة قال في هذا: أقضي بنصيب كل واحد منهما لورثته الأحياء، ولا أورث الأموات من ذلك شيئاً، وأقضي بنصف الدار لابن الأخ، وبنصف الدار للعم. وهو قول أبي يوسف ومحمد. ... باب الشهادة بين أهل الذمة في المواريث وإذا كانت الدار في يدي رجل ذمي فادعاها ذمي آخر (¬3) فأقام البينة من أهل الذمة أن أباه مات وتركها ميراثاً لا يعلمون له وارثاً غيره فإنه جائز، ويقضى بالدار له. فإن كان الشهود من المجوس والذي في يديه الدار من أهل الكتاب فهو سواء، وشهادتهم جائزة، لأن الكفر كله ملة واحدة، عابد الوثن وعابد النار وعابد الحجر كلهم سواء. ولو كان لهذا الميت الكافر ابنان أحدهما مسلم والآخر كافر فادعى واحد منهما أن أباه مات على دينه، وقال المسلم: كذبت، بل مات أبي مسلماً على ديني، وقال الكافر: بل مات أبي كافراً، وأقام كل واحد منهما (¬4) البينة على ذلك، وأنه مات وترك الدار ميراثاً له (¬5) لا يعلمون له وارثاً غيره، فإنه يقضى للمسلم منهما (¬6) من قبل الإسلام؛ ألا ترى أني أصلي على الأب الميت. ¬

_ (¬1) د م: قبل أخيه. (¬2) د - البينة. (¬3) م ف: آخر ذمي. (¬4) ف - منهما. (¬5) ف - له. (¬6) د: لهما.

ولو كان شهود الذمي مسلمين (¬1) وشهود المسلم ذميين أخذت بشهادة أهل الذمة وجعلتها للمسلم. والأرض والعبد والأمة والحيوان والثياب (¬2) والمال في هذا كله سواء (¬3). وإذا كانت الدار في يدي رجلين وهما أخوان أحدهما مسلم والآخر كافر فأقرا جميعاً أن أباهما مات وتركها ميراثاً، وقال المسلم: مات أبي مسلماً، وقال الكافر: مات أبي كافراً، فإني أقضي بها للمسلم منهما؛ ألا ترى أني أصلي على الميت بقول ابنه المسلم. وكذلك العروض كلها والعبد والأمة والحيوان كله والثياب والمتاع والذهاب والفضة. وإذا كانت الدار في يدي رجلين حرين مسلمين فأقرا جميعاً أن أباهما مات وتركها ميراثا، وقال أحدهما: كنت مسلماً، وكان أبي مسلماً، وقال الآخر: صدق، وقد كنت أنا مسلماً أيضاً، أسلمت في حياته، فكذبه الآخر، وقال: قد كنت أنت كافراً، فأسلمت أنت بعد موت أبي، وأقر الآخر أن أخاه أسلم قبل موت أبيه، فإن الميراث للمسلم الذي أجمعا عليه، ويكون على الآخر البينة أنه أسلم قبل موت أبيه. أرأيت لو كان عبداً فقال أخوه: أعتقت بعد موت أبيك، وقال هو: بل عتقت قبل موت أبي أنا وأنت جميعاً، وقال الآخر: أما أنا فعتقت قبل موته وأما أنت فعتقت (¬4) بعد موته، فالميراث للذي أجمعا على عتقه، وعلى الآخر البينة بعد أن يعرف أنهما حران اليوم. وإذا كانت الدار في يدي ذمي، فادعى رجل مسلم أن أباه مات وتركها ميراثاً له لا يعلمون له وارثاً غيره، وأقام على ذلك بينة من أهل الذمة، وادعى فيها الذمي مثل ذلك، وأقام بينة من أهل الذمة، فإني أقضي ¬

_ (¬1) د م ف: المسلمين. (¬2) ف: والنبات. (¬3) د - سواء. (¬4) د - قبل موت أبي أنا وأنت جميعاً وقال الآخر أما أنا فعتقت قبل موته وأما أنت فعتقت؛ م: فأعتقت.

بها للمسلم، لأن بينة الذمي كفار، فلا تجوز شهادتهم فيما يضر بالمسلم وينقصه. ولو كانت بينة الذمي مسلمين قضيت بالدار بينهما نصفين. وكذلك الحيوان والعقار والعروض والثياب والأمتعة والأشياء كلها. وإذا كانت الدار في يدي رجل مسلم، فقال: مات أبي وهو مسلم وترك هذه الدار ميراثاً لي، وجاء أخو الميت وهو ذمي فقال: مات أخي وهو كافر على ديني، وابنه هذا مسلم، فإن القول قول الابن، وله الميراث، ولا يرث الأخ مع الابن شيئاً، ولا يكون له قول مع ابنه (¬1). ولو أقاما جميعاً البينة على مقالتهما (¬2) أخذت ببينة المسلم. ولو أقام الأخ بينة من أهل الذمة على ما قال ولم يقم الابن البينة لم أجز بينة الأخ وهم كفار على مسلم. وإذا كانت الدار في يدي ورثة، فقالت امرأة الميت وهي مسلمة: زوجي مسلم، مات وهو مسلم، وقال ولده وهم كفار: بل مات أبونا وهو كافر، وجاء أخو الميت مسلماً، فصدق المرأة بمقالتها (¬3)، وهو يدعي الميراث معها، والأولاد كلهم كفار، والمرأة مقرة أن أخاه هو الوارث معها، فإني أقضي بالميراث لامرأته ولأخيه، ولا أجعل للأولاد شيئاً؛ ألا ترى أنه لو ترك ابناً وابنة وابنته مسلمة والابن كافر وترك أخاً مسلماً، فقالت الابنة والأخ: قد كان الميت مسلماً، وقال الابن: قد كان كافراً، وابنه كافر (¬4)، أني أجعله مسلماً وأصلي عليه وأورّث (¬5) الابنة والأخ. ولو لم تكن له ابنة وكان له ابن وأخ فاختصموا في ذلك جعلت القول قول ابنه، وجعلت الميراث لابنه، ولا أصدق الأخ، لأنه لا ميراث للأخ مع (¬6) الابن. فإذا كان بعض الورثة مسلماً جعلت القول قوله. وإذا كان ابنة وأخ والابنة مسلمة والأخ كافر، فقال الأح: كان الميت كافراً، وقالت الابنة: كان مسلماً، فالقول قول الابنة، ولها الميراث. وإن كان الأخ هو المسلم ¬

_ (¬1) ف: مع أبيه. (¬2) د: على مقالتهما البينة. (¬3) م ف: لمقالتها. (¬4) د م ف: كافرا. (¬5) د م: ووارث. (¬6) د + مع.

والابنة كافرة، فقال الأخ: كان أخي مسلماً، وقالت الابنة: كان أبي كافراً، فالقول قول المسلم، وهو الأخ إذا عرف أنه لا وارث له غيرهما، وله الميراث. إذا كان أحد الورثة مسلماً جعلت القول قوله، لأنه مسلم مثله، ولا أصدق الكافر. وكذلك إن كان أقام الكافر بينة من أهل الكفر فإني لا أقبل بينتهم على المسلم. فإن أقاموا بينة من أهل الإسلام ولم تقم للمسلم بينة جعلت الميراث لهم دون المسلم. ولو أقام المسلم بينة من أهل الذمة أخذت ببينة المسلم. وإذا كانت الدار في يدي أخوين مسلم وكافر، فأقرا أن أباهما مات وتركها ميراثاً، وأقرا (¬1) أن أباهما قد كان كافراً، وقال المسلم: قد كان أسلم قبل موته، فإن المسلم لا يصدق على ذلك، لأنه قد أقر أن أباه كان كافراً، فعليه البينة. ولو لم يقر أن أباه كان كافراً وقال: كان مسلماً، جعلت القول قوله. وكذلك هذا القول في هذا الكتاب في كل وارث ممن ذكرنا في هذا الكتاب. وإذا مات الذمي وهو يعرف أنه ذمي وورثته كفار (¬2) كلهم وله امرأة أمة ذمية فادعت أنها قد عتقت في حياته فهي مدعية، وعليها البينة أنها قد عتقت قبل موته. وإذا مات المسلم وله امرأة ذمية فقالت: قد أسلمت في حياته، فعليها البينة. فإن لم تقم لها بينة فلا ميراث لها. وعلى الورثة أن يحلفوا على علمهم. ولو لم يعرف أنها كانت كافرة وقالت: ما زلت مسلمة، كان القول قولها، وكان لها الميراث، ولا يصدق الورثة على إخراجها من الميراث (¬3). ولو قالت: لم أزل حرة، وقالوا: بل كنت أمة فعتقتِ بعد موته، كان القول قول المرأة، ولها الميراث، ولا يصدقون على إخراجها (¬4) من الميراث (¬5). ¬

_ (¬1) د: فأقر. (¬2) م ف: كبار. (¬3) د: من الورثة. (¬4) د م: على إقرارها. (¬5) ف - ولو قالت لم أزل حرة وقالوا بل كنت أمة فعتقت بعد موته كان القول قول المرأة ولها الميراث ولا يصدقون على إخراجها من الميراث.

ولو أقرت أنها كانت أمة وأنها أعتقت في حياته لم أجعل لها الميراث إلا أن تقيم بينة، لأنها أقرت برق، فعليها البينة. ولو ادعوا أنه كان طلقها ثلاثاً وجحدت هي ذلك كان القول قولها ولها الميراث وعلى الورثة البينة. ولو أقرت أنه كان طلقها ثلاثاً في مرضه ومات وهي في العدة كان القول قولها، ولها الميراث بعد أن تحلف أن عدتها لم تنقض. ولو أقرت أنه طلقها واحدة في الصحة وأقرت بانقضاء العدة وأنه قد راجحها في العدة وكذبها الورثة فقالوا: لم يراجعك، فإن القول قول الورثة: إنه لم يراجعها، وهي في هذا الوجه المدعية، وعليها البينة. ولكن إن كانت عدتها لم تنقض بعد فلها الميراث. وإن كانت العدة قد انقضت فلا ميراث لها. وإذا مات الرجل وأبواه (¬1) ذميان كافران فقالا: مات ابننا يوم مات وهو كافر، وقال ولده وهم مسلمون: مات أبونا يوم مات وهو مسلم، فالقول قول ولده المسلمين، ولا ميراث لأبويه. وإذا مات الرجل (¬2) وترك ميراثاً في يدي رجل فأقام ابنه البينة أنه ابنه وقال: كان أبي مسلماً وأنا مسلم، وقال الذي في يديه المال: له ولد غير هذا، أو قال: لا أدري أله (¬3) ولد غير هؤلاء أو لا، فإني أتلوم في ذلك وأنظر، هل له ولد أو وارث غير هذا، فإن لم أعرف له ولداً ولا وارثاً دفعت الميراث إلى هذا، واستوثقت منه بكفيل. وكذلك لو كان هذا الابن كافراً وقال: أبي كافر. وكذلك لو كان الأب مكان الابن جعلت له الميراث كله بعد أن انظر في ذلك وأتلوم. وكذلك لو كانت ابنة جعلت لها الميراث كله بعد أن لا أجد له عصبة ولا وارثاً. وكذلك الأم. فأما الجد والجدة والأخ والأخت وابن الأخ وابن الابن وابن العم فإني لا أعطيهم شيئاً إلا أن تقوم البينة على الوراثة لهم، أو يشهدون أنهم لا يعلمون له وارثا غير هذا. وأما الزوج والمرأة فإني أعطيهم أقل ما يكون من نصيب الزوج والمرأة حتى ¬

_ (¬1) د: وأبوه. (¬2) ف: رجل. (¬3) م ف: أنه. والتصحيح من ب؛ والكافي، 1/ 228 و.

باب الدعوى وأحدهما وقتة قبل وقت صاحبه

أعرف الورثة (¬1)، لأن الولد والوالد والزوج والمرأة وارث على كل حال، والأخ في حال وارث وفي حال لا يكون وارثاً ولا يرث (¬2). وكذلك الأخت والعم وابن العم. وكذلك ابن الابن. وكذلك الجد والجدة. ولا أعطي أحداً من هؤلاء شيئاً حتى أعلم أنه وارث أو يقيموا البينة على الورثة. وقال محمد: أعطي الزوج والمرأة أكثر ما يصيبهم من الميراث. ... باب الدعوى وأحدهما وقتة قبل وقت صاحبه (¬3) وإذا كان العبد في يدي رجل فأقام آخر البينة أنه عبده منذ سنة، وأقام الذي هو (¬4) في يديه البينة أنه له منذ سنتين، فإن عند أبي حنيفة (¬5) القول (¬6) قول الذي في يديه. وقال أبو يوسف: هو للمدعي، ولا أقبل من الذي هو في يديه البينة، ثم رجع بعد إلى قول أبي حنيفة، وهو قول محمد. وإذا كانت أمة في يدي رجل فادعى رجل أنها له منذ سنة، وأقام على ذلك بينة، وادعى الذي (¬7) في يديه أنها له منذ سنتين، وأقام على ذلك بينة أنها في يديه منذ سنتين، وهي تدعي به سنها (¬8) ولم يشهدوا أنها له، فإني أقضي بها للمدعي، ولا يشبه هذا الباب الأول، لأن شهود الذي هي في يديه لم يشهدوا أنها له. وإذا كانت الدابة في يدي رجل فأقام رجل البينة أنها له منذ سنة، ¬

_ (¬1) د م + وإن كان زوجا أو امرأة أعطيته أقل ما يكون من نصيب الزوج والمرأة حتى أعرف الورثة. (¬2) ف: فلا يرث. (¬3) د: الآخر، صح هـ. (¬4) د - هو. (¬5) م ف + كان. (¬6) د: فإن الذي هو في يديه لقول. (¬7) ف: المدعي. (¬8) كذا في ف: سنها؛ وفي د: شبها؛ وهي مهملة في م ب. ولعل الصواب: أنه ربها. وقوله "وهي تدعي به سنها" غير موجود في الكافي، 1/ 228 و.

وأقام آخر البينة أنها له منذ سنتين، فإنه يقضى بها لصاحب السنتين في قول أبي حنيفة وأبي يوسف الآخر. وأما في قول أبي يوسف الأول فهو بينهما نصفان، وهو قول محمد. وإذا كانت الدابة في يدي رجل فأقام آخر البينة أنها له منذ عشر سنين فنظر الحاكم في سنها، فإذا هي بنت ثلاث سنين يعرف ذلك، فإنه لا يقبل منه بينة على ما ادعى. وإذا كانت الدار في يدي رجل فادعاها رجل، وأقام البينة أنها له منذ سنة، وأقام آخر البينة أنه اشتراها من آخر منذ سنتين وهو يومئذ يملكها، فإني أقضي بها لصاحب الشراء، لأنه أولى بها. ولو شهدوا أنها (¬1) باعها بثمن مسمى وقبض الثمن وقد قبض المشتري الدار ولم يشهدوا أنه يملكها، فإني أقضي بها لصاحب الشراء. وإذا كانت أرض في يدي رجل فأقام آخر البينة أنه اشتراها من فلان بثمن مسمى ونقده الثمن، فإنه لا تقبل منه بينته على هذا حتى يشهدوا أنه باعها [وهو] (¬2) يومئذ يملكها (¬3)، أو يشهدوا أنها أرض هذا المدعي اشتراها من فلان بكذا كذا وقبضها (¬4) ونقده الثمن. و [إن] (¬5) لم يقولوا: وهو يملكها، أجزت ذلك، لأنهم قد شهدوا أنها للمشتري اشتراها من فلان. ولو لم يشهدوا (¬6) أنها للمشتري وشهدوا أنها للبائع باعها من هذا وهو يملكها بكذا وكذا وقبض الثمن وقبضها منه أجزت ذلك. وإذا لم يشهدوا أن البائع باعها وهو يملكها ولم يشهدوا أنها للمشتري (¬7) ولم يشهدوا على قبض لم أقبل شهادتهم على شيء من ذلك. وما قبلت فيه ¬

_ (¬1) د: أنه. وذكر في الهامش: أصل أنها. أي أنه كان في الأصل "أنها"، لكن الناسخ غيرها إلى "أنه". (¬2) الزيادة من ب؛ والكافي، 1/ 228 و. وانظر الجملة التالية. (¬3) ف: لمالحها. (¬4) ف: وقبضا. (¬5) الزيادة من ب. (¬6) ف: ولم يشهدوا. (¬7) د + ولم يشهدوا أنها للمشتري.

شهادتهم وقضيت (¬1) بها للمشتري فقدم البائع فأنكر فإني لا أعيد البينة عليه، وأنفذ القضاء عليه. ولو كانت الدار في يدي رجل يقر أنها للبائع ولا يدعي رقبتها لم أقبل من المشتري البينة (¬2) عليها؛ لأن خصمه غائب. فإذا ادعاها الذي هي في يديه رقبتَها (¬3) فهو خصم. وإذا كانت الدابة في يدي رجل فأقام رجل عليه البينة أنها له منذ سنة وأقام الذي هي في يديه البينة أنها له ولم يوقتوا وقتاً فإني أقضي بها للمدعي. وكذلك لو وقت شهود الذي هي في يديه منذ (¬4) سنة أو أقل. وكذلك لو قالوا: هي له من ميراث أو شراء أو بوجه من وجوه الملك، فإن المدعي أحق بها. وإذا كانت الدار في يدي رجل فادعى رجل أنها له وأقام على ذلك بينة ولم يوقتوا وقتاً وشهدوا شهود الذي هي في يديه أنها له منذ سنة فإني أقضي بها للمدعي، لأن شهود الآخر لم يوقتوا وقتاً. وإذا كانت الدار في يدي رجل أو الأرض أو العبد أو الدار (¬5) أو الأمة فادعاها رجل وأقام البينة أنها له منذ سنة أو سنتين (¬6) وشك الشهود في ذلك، وأقام الذي هي في يديه البينة أنها له منذ سنتين، فإنه لا ينبغي له أن يقضي بها للمدعي، ولكن يقضي بها للذي هي في يديه، لأن شهوده قد وقتوا وقتاً، وشك شهود المدعي في الوقت. ولو وقت شهود المدعي سنة وقال شهود الذي هي (¬7) في يديه: سنة أو سنتين، قضيت بها للمدعي. ولو شهد شهود المدعي أنها كانت له عام الأول، وشهد شهود الذي هي في يديه أنها كانت له منذ العام، قضيمت بها للمدعي. ولو شهد شهود المدعي أنها له من العام، وشهد شهود الذي هي في يديه أنها كانت له عام ¬

_ (¬1) م ف: وقبضت. والتصحيح من الكافي، 1/ 228 و. (¬2) د + عليه وأنفذ القضاء عليه ولو كانت الدار في يدي رجل يقر أنها للبائع ولا يدعي رقبتها لم أقبل من المشتري البينة. (¬3) بدل من الضمير في "ادعاها". (¬4) م ف: منه. (¬5) كذا في الأصول ولعله: أو الدابة. وإلا فهو تكرار لا معنى له. (¬6) د م ف: وسنتين. (¬7) د - هي.

باب الدعوى في الشراء والهبة والصدقة والوقت في ذلك

الأول (¬1)، قضيت بها للذي هي في يديه في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإذا كانت الدار في يدي رجلين فأقام أحدهما البينة أنها له منذ سنة وأقام الآخر البينة أنها له منذ سنتين فإني أقضي بها لصاحب السنتين. وإذا كانت أرض في يدي رجلين فأقام أحدهما البينة أن له ثلثها منذ سنة وأقام الآخر البينة أن له ثلثيها (¬2) منذ سنتين فإني أقضي بالثلثين لصاحب السنتين وأترك في يدي صاحب السنة الثلث. وإذا كانت الأمة في يدي رجل، فادعاها رجلان، فأقام أحدهما البينة أنها أمته منذ سنة (¬3)، وأنه أعتقها عن دبر منه منذ سنة، وأقام آخر البينة أنها أمته منذ [ستة] (¬4) أشهر (¬5)، وأنه أعتقها البتة (¬6) منذ شهر، فإنه يقضى بها لصاحب الوقت الأول في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وفي قول أبي يوسف الأول البينة بينة الذي ادعى [العتق] (¬7)، فهي حرة البتة (¬8). ... باب الدعوى في الشراء والهبة والصدقة والوقت في ذلك وإذا كانت الدار في يدي رجل، فادعى رجل أنه اشتراها منه بمائة درهم ونقده الثمن، وادعى آخر أنه اشتراها بمائتي درهم ونقده ¬

_ (¬1) د - وشهد شهود الذي هي في يديه أنها كانت له منذ العام قضيت بها للمدعي ولو شهد شهود المدعي أنها له من العام وشهد شهود الذي هي في يديه أنها كانت له عام الأول. (¬2) ف: ثلثها. (¬3) وفي الكافي، 1/ 228 ظ: سنتين. (¬4) الزيادة من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 17/ 56. (¬5) م ف ب: شهر؛ د: شهور. والتصحيح من المصدرين السابقين. (¬6) ف: السنة. (¬7) الزيادة من المبسوط، الموضع السابق. (¬8) م ف: السنة. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، الموضع السابق.

الثمن (¬1)، ولم يوقت واحد من البينتين وقتا، فإن أبا حنيفة قال في هذا: كل واحد منهما بالخيار، إن شاء أخذ نصفها بنصف الثمن الذي سمى شهوده ورجع على البائع بنصفه. فإن اختارا البيع على ذلك فهو جائز لهما. وإن اختارا نقفالبيع فهو مردود. فإن اختار أحدهما البيع واختار الآخر الرد فإنما الذي اختار نصفها بنصف الثمن ولا يكون كلها إذا وقع الخيار من (¬2) الحاكم. وقال أبو حنيفة: إن وقت الشهود وقتاً فكان أحد الوقتين من قبل صاحبه قضيت بها للأول، ورددت الآخر بالثمن على البائع، وإن وقتت إحدى البينتين وقتاً ولم توقت الأخرى (¬3) شيئاً قضيت بها لصاحب الوقت، وإن لم توقت واحدة من البينتين شيئاً وكانت الدار في يدي أحدهما وقد قبضها فإني (¬4) أقضي بها للذي هي (¬5) في يديه، ويرد البائع الثمن على الآخر. فإن شهد الشهود للآخر على وقت لم ينتفع به إلا أن يشهدوا أن بيعه كان قبل بيع هذا الآخر، فأقضي بها له، وأرد الآخر (¬6) بالثمن على البائع. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وإذا كانت الدار في يدي رجل أو الأرض أو الدابة أو العبد أو الأمة أو الثوب، وأقام رجل البينة أنه اشتراه من فلان وهو يملكه بثمن مسمى ونقده الثمن، وادعى آخر أنه اشتراه من رجل آخر وهو يملكه بثمن مسمى ونقده الثمن (¬7) وأقام على ذلك بينة، فإنه يقضى بالثوب بينهما نصفين. فإن كانا لم يقرا بقبض رجع كل واحد منهما على بيعه بنصف الثمن. فإن كانا أقرأ بقبض البيع فهو كذلك أيضاً، لأن القاضي قد قضى (¬8) ¬

_ (¬1) ف - وادعى آخر أنه اشتراها بمائتي درهم ونقده الثمن. (¬2) د - الخيار من، صح هـ. (¬3) ف: للأخرى. (¬4) م ف: فإن؛ م ف + عند أبي حنيفة. (¬5) د - في يدي أحدهما وقد قبضها فإني أقضي بها للذي هي. (¬6) د - فأقضي بها له وأرد الآخر. (¬7) ف - وادعى آخر أنه اشتراه من رجل آخر وهو يملكه بثمن مسمى ونقده الثمن. (¬8) د + عليه.

بنصفه (¬1) ببينة. ولو وقت الشهود (¬2) في هذا وقتاً في الملك فكان أحد الوقتين قبل صاحبه فإنه يقضى به لصاحب الوقت (¬3) الأول في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولو وقتت إحدى البينتين ولم توقت الأخرى فإنه يقضى بها بينهما نصفين. ولو كان الثوب في يدي أحدهما قضيت به للآخر، لأن بيعهما مختلف، ولا يشبه هذا البيع الواحد. وإذا كانت الدابة في يدي رجل، فادعى رجل أنه اشتراها من فلان بمائة درهم وهو يملكها ونقده (¬4) الثمن، وادعى آخر أن فلاناً آخر وهبها له وقبضها وهو يومئذ يملكها، فإنه يقضى بها بينهما نصفين. فلو كان معهم من يدعي ميراثاً عن أبيه وأقام على ذلك بينة، وادعى آخر صدقة من آخر وأقام على ذلك بينة، وأقام البينة على القبض، فإنه يقضى بها بينهم أرباعاً. وإذا كانت الدابة في يدي رجل فأقام رجل البينة أنها دابته، اشتراها من فلان بثمن مسمى ونقده الثمن وقبض الدابة، وأقام آخر البينة أن فلاناً ذلك وهبها له وقبضها منه، فإنه يقضى بها لصاحب الشرى. وكذلك النحلى والعمرى. وإذا لم يكن في ذلك شراء وادعى رجل هبة وادعى آخر صدقة وأقام كل واحد منهما البينة على ذلك وعلى القبض فإنه يقضى بها بينهما نصفين، وهكذا قال (¬5) أبو حنيفة في هذين الوجهين. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. وكذلك الشراء والرهن في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك النكاح والصدقة والهبة، والنكاح أولى. والنكاح والشراء نصفان في قول أبي يوسف. وقال محمد: الشراء أولى من النكاح، وتكون للمرأة (¬6) القيمة. وإذا كانت الدار في يدي رجل، فأقام رجل البينة أنه اشتراها من هذا الذي هي (¬7) في يديه بألف درهم ونقده الثمن، وأقام الذي هي في يديه ¬

_ (¬1) د: بنصف. (¬2) د م ف: للشهود. (¬3) د + الوقت. (¬4) ف: ونقد. (¬5) د م: وقال. (¬6) م: المرأة. (¬7) ف - هي.

البينة أنَّه اشتراها من هذا الذي ادعاها بخمسمائة ونقده الثمن، فإن أبا حنيفة قال: أقضي بها للذي هي في يديه، وأبطل دعوى الآخر، ولا أجعل له شيئاً، ولو وقت الشهود وقتاً فكان وقت المدعي أول فإني أقضي بها للذي هي في يديه، والشرى الآخر نقض الأول. ولو كان الذي هي في يديه وقّت شهوده الوقت الأول، ووقت شهود المدعي الوقت الآخر، فإني أقضي بها للمدعي بالشرى الآخر، وأبطل الأول. وإذا كانت الأمة في يدي رجل، فأقام (¬1) رجل البينة أنه اشتراها من هذا الذي هي في يديه بألف درهم ونقده الثمن، وأقام الخادم البينة أن مولاها الذي هي في يديه أعتقها البتة، ولم توقت واحدة من البينتين وقتاً، فإن أبا حنيفة قال: أجعلها حرة، وأبطل الشراء، ويردها البائع على المشتري بألف درهم. وإن وقتت البينتان وقتاً فكان وقت العتق أول أنفذت العتق، وأبطلت الشراء. ولو كان وقت الشراء أولاً أمضيت الشراء وأبطلت العتق. ولو وقتت بينة الشراء وقتاً ولم توقت بينة العتق أبطلت الشراء وأمضيت العتق. والتدبير في جميع ذلك مثل العتق البتات. وإذا كان المشتري قد قبض فالشراء أولى من العتق ومن التدبير إلا أن تقوم بينة أن العتق الأول أو يوقتوا وقتاً يعرف أنه أول. وهو قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإذا كانت الدار في يدي رجل أو الأرض أو الأمة، فأقام رجل عليه البينة أنه وهبها له وقبضها منه، وأقام الذي هي في يديه البينة على المدعي مثل ذلك، فإني أقضي للذي هي في يديه (¬2). وكذلك الصدقة في هذا والنحلى والعطية والعمرى. ولو أقام رجل البينة على عبد في يدي رجل أنه اشتراه منه ولم يقم البينة على قبض الغلام، وأقام الغلام على العتق، قضيت بالعتق وأبطلت الشراء. وكذلك العتاق على مال والعتاق (¬3) ¬

_ (¬1) د م: وأقام. (¬2) د م + البينة على المدعي بمثل ذلك فإني أقضي للذي هي في يديه. (¬3) ف: العتاق.

بغير مال والتدبير في ذلك، كله سواء، أجيز العتاق في ذلك كله، وأبطل الشراء والصدقة والنحلى والهبة. ولو كان المشتري قبض (¬1) والمتصدق عليه أيضاً قد قبض وهي في يديه يوم يختصمون أجزت (¬2) له الشراء والصدقة وأبطلت العتق. وكذلك الهبة والنحلى إلا أن تقوم البينة أن العتق أول (¬3). وإذا ادعى رجل أنه اشترى هذه الأمة من فلان بألف درهم ونقده الثمن وأنه أعتقها وأقام على ذلك بينة، والأمة في يدي فلان، وأقام آخر البينة أنه اشتراها من فلان ذلك بألف درهم ونقده الثمن، فإن صاحب العتق أولى، ويقضى بالخادم له، ويعتق، ويرد البائع إلى الآخر الثمن. وكذلك العتق على مال والتدبير، لأن العتق ها هنا بمنزلة القبض؛ ألا ترى أنها لو كانت في يديه جعلته أولى بالبيع. ولو كان عبد في يدي رجل، فأقام رجل البينة أنه تصدق به عليه وقبضه منه، وأقام آخر (¬4) البينة أنه وهبه له وقبضه، فإن وقتوا وقتاً قضيت به لصاحب الأول، ولو لم يوقتوا وقتاً قضيت به بينهما نصفين. فإن وقتت إحدى البينتين ولم توقت الأخرى قضيت به لصاحب الوقت. وإن كان في يدي أحدهما قضيت به للذي في يديه إلا أن يقيم الآخر البينة أنه أول. وكذلك الدابة والأمة والشاة والثوب وكل شيء لا يقسم. فأما الدار والأرض وما يقسم فإني أقضي به للأول إن عرف الأول. وإن لم يعرف الأول قضيت به للذي هو في يديه. فإن لم يكن في يدي أحدهما ولم يعرف الأول ولم يوقت واحد منهما وقتاً أبطلت (¬5) ذلك كله، ولم أقض لواحد منهما بشيء. ¬

_ (¬1) د - قبض. (¬2) ف: أجزه. (¬3) د ف: أولى. (¬4) ف - آخر. (¬5) د - أبطلت.

باب الدعوى

باب الدعوى وإذا ادعى رجل أن دارا في يديه، وادعى رجل آخر، كل يدعي أنها في يديه، فإن أبا حنيفة قال: لا أصدق واحداً منهما، وعلى كل واحد منهما البينة أنها له، فإن أقاما جميعاً البينة على ما ادعيا جعلتها في أيديهما نصفين، وإن أقام أحدهما البينة ولم يقم الآخر البينة جعلتها للذي أقام البينة منهما، وجعلت الآخر مدعيًا، وسألته البينة أنها له. وإذا اختصم رجلان في دابة أو بقرة (¬1) أو شاة أو بعير أو ثوب أو عبد أو أمة أو عرض من العروض كائنا ما كان، وهو قائم بعينه، فإن القاضي ينبغي له أن لا يسمع من واحد منهما حتى يحضر ذلك الذي اختصما فيه بعينه، إلا أن يكون أحدهما قد استهلكه والآخر يدعي أنه [له] (¬2)، أو استهلكه (¬3) غيرهما وكل واحد منهما يدعي أنه له، فإذا وقع الأمر على هذا قبلت منهما البينة، لأنه مستهلك. ألا ترى أنه إذا كان قائماً بعينه فقضى القاضي به ولم يره ولم يعاينه أنه قد قضى بما لا يعرف، فكيف يشهد الشهود على شيء وليس ذلك بحاضر عنده. ولو اختصم رجلان إلى القاضي في عبد وكل واحد منهما متعلق (¬4) به يقول: هو عبدي وفي يدي، وهو في أيديهما جميعاً، والعبد صغير لا يتكلم، فإن كل واحد منهما يسأل البينة أنه عبده، فأيهما أقام البينة أنه عبده قضي له به، وإن لم تقم لهما بينة فهو في أيديهما بينهما نصفين على حاله. ولو كان العبد كبيراً يتكلم فقال: أنا عبد أحدهما، فإنه لا يصدق في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، وهو عبد لهما جميعاً. وقال أبو حنيفة: لو كان عبد في يدي رجل، فأقر أنه عبد لرجل ¬

_ (¬1) ف - أو بقرة. (¬2) الزيادة من ب. وفي د بياض بمقدار كلمة. (¬3) ف: استهلكه. (¬4) ف: يتعلق.

آخر، والذي هو في يديه يقول: هو عبدي، فإن القول قول الذي هو في يديه، ولا يصدق العبد على ما قال. وإذا أقر بالرق وهو في يدي رجل فليس للعبد ها هنا قول. ألا ترى أن أم ولد الرجل (¬1) لو ادعت أنها لرجل لم تصدق. وإذا اختصم رجلان في أرض، كل واحد منهما يدعي أنها في يديه وأنها له، أو في دار، فإن كانت الدار أو الأرض في يدي غيرهما فأقر أنه استأجرها من أحدهما أو أنها عارية في يديه منه فهو مصدق على ما قال، وعلى الآخر البينة. ¬

_ (¬1) د م: لرجل.

الأَصْلُ للإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَنْ الشَّيْبَانِيِّ (189 هـ - 805 م) تحقيق وَدرَاسَة الدكتور محمَّد بوينوكالن الجزء الثامن إصَدارَات وَزَارَة الأَوقاف وَالشّؤون الإسْلاَمية إدارَة الشّؤون الإسْلاَمّية دَولة قَطَر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ طبعه خاصة بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية دولة قطر الطبعَة الأولى 1433 هـ - 2012 م دار ابن حزم بيروت - لبنان - ص - ب 6366/ 14 هاتف وفاكس: 701974 - 300227 (009611) البريد الإلكتروني: [email protected] الموقع الإلكتروني: www.daribnhazm.com

الأَصْلُ للإمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَن الشَّيْبَانِيِّ (8)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

باب الدعوى في النتاج

باب الدعوى في النِّتاج (¬1) ولو كانت الدابة في يدي رجل، فادعى رجل أنها دابته نَتَجَها عنده (¬2)، فإنه في هذا الموضع هو المدعي وعليه البينة. فإن أقام البينة على ذلك قضيت له بالدابة. فإن أقام الذي هي في يديه البينة أنها دابته نَتجها عنده فإنه (¬3) يقضى بها للذي هي في يديه، آخذ في ذلك بالأثر والسنَّة التي جاءت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة عن الهيثم عن رجل عن جابر بن عبد الله الأنصاري أن رجلاً أخذ على (¬4) ناقة في يدي رجل، وأقام البينة أنها ناقته نتجها، وأقام الذي هي في يديه البينة أنها ناقته نتجها، فقضى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للذي هي في يديه (¬5). وكذلك الأمة والعبد والدابة. وكذلك الثوب يكون في يدي رجل، فأقام آخر البينة أنه ثوبه نسجه، وأقام الذي هو في يديه البينة أنه ثوبه نسجه (¬6)، فإنه يقضى به للذي هو في يديه. وإذا كانت الدابة في يدي رجل فادعاها رجلان، وأقام كل واحد منهما البينة أنها دابته نتجها عنده، فإن أبا حنيفة قال: يقضى بها ¬

_ (¬1) النَّتاج: اسم يجمع وَضْع الغنم والبهائم كلها، ثم سمي به المنتوج. وقد نَتَجَ الناقةَ يَنْتِجها نَتْجاً إذا ولي نِتاجها حتى وضعت، فهو ناتج، وهو للبهائم كالقابلة للنساء. والأصل نَتَجها ولداً معدّى إلى مفعولين. انظر: المغرب، "نتج". (¬2) ف: عبده. (¬3) م ف: فإن. (¬4) وعبارة الحاكم والسرخسي: ادعى. انظر: الكافي، 1/ 229 و؛ والمبسوط، 17/ 64. (¬5) أخرجه البيهقي من طريقين. وأحدهما من طريق محمد بن الحسن حدثنا أبو حنيفة عن هيثم الصيرفي عن الشعبي عن جابر أن رجلين اختصما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في ناقة، فقال كل واحد منهما: نتجت هذه الناقة عندي، وأقام بينة. فقضى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للذي هي في يديه. انظر: السنن الكبرى للبيهقي، 10/ 256. (¬6) د + وأقام الذي هو في يديه البينة أنه ثوبه نسجه.

بينهما نصفين. فإن وقتت بينة أحدهما وقتاً (¬1) ولم توقت بينة الآخر فهو سواء، ويقضى بها بينهما نصفين. فإن وقتت إحداهما وقتا ووقتت بينة الآخر وقتاً آخر فإني انظر إلى سن الدابة، فإن كانت على أحد الوقتين قضيت بها لصاحبه، وإن كانت على غير الوقتين أو كانت مشكلة فإني أقضي بها بينهما نصفين. وكذلك الولادة والنسج. وكل شيء لا يكون إلا مرةً (¬2) واحدة مثل الولادة والنسج فهو مثل هذا. وإن أقام الذي هو في يديه البينة أنه نسج هذا الثوب وهو له، أو نُتجت هذه الدابة عنده وهي له، قضيت بها للذي هي في يديه على المدعي، وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. فإن وقتت بينة الذي هي في يديه وقتاً ووقتت بينة المدعي وقتاً آخر وكان سن الدابة على وقت بينة المدعي فإني أقضي به للمدعي، وإن كانت على وقت الذي هي في يديه قضيت بها للذي هي في يديه، وإن كانت مشكلة قضيت بها للذي هي في يديه. وإذا كان الثوب الخَزّ (¬3) في يدي رجل، فادعى رجل أنه ثوبه نسجه، وأقام على ذلك بينة، وأقام الذي هو في يديه البينة على مثل ذلك، فإني انظر في ذلك، فإن كان مما قد ينسج مرتين قضيت به للمدعي، وإن كان مما لا ينسج إلا مرة واحدة قضيت به للذي هو في يديه، وإن كان مشكلا لا يستبين، أمرّتين نسج أو مرة، قضيت به للمدعي حتى أعلم أنه مما لا ينسج مرتين. وهذا قول محمد. وإذا كان نصل (¬4) سيف في يدي رجل، فأقام رجل البينة أنه سيفه ¬

_ (¬1) د + وقتت بينة الآخر وقتا. (¬2) د م ف: للاحرة. وقد جاء على الصواب بعد عدة أسطر. (¬3) الخَزّ: اسم دابة، ثم سمي الثوب المتخذ من وبره خزاً. انظر: المغرب، "خزز". (¬4) د - نصل.

ضربه، وأقام الذي هو في يديه البينة على مثل ذلك، فإني انظر في ذلك، وأسأل العلم بذلك من الصياقلة (¬1)، فإن كان (¬2) يضرب مثله مرتين قضيت به للمدعي، وإن كان لا يضرب إلا مرة واحدة قضيت به للذي هو في يديه. وإذا كان غزل في يدي امرأة، فأقامت امرأة البينة أنه غزلها غزلته، وأقامت المرأة التي الغزل في يديها البينة أن الغزل غزلها غزلته، فإني أقضي به للذي هو (¬3) في يديها. فإن كان شعرًا (¬4) أو خزًا مما ينقض ويغزل مرتين أو مِرْعِزَّى (¬5) فإني أقضي به للمدعي. وإذا كان الحلي في يدي امرأة، فأقامت امرأة أخرى البينة أنه حليها صاغته، وأقامت الذي هو في يديها البينة على مثل ذلك، فإني أقضي به للمدعية على التي في يديها، لأن هذا قد يصاغ غير مرة. وإذا كانت الدار في يدي رجل، فأقام رجل آخر البينة أنها دار جده اختطها، ثم ساق (¬6) المواريث حتى انتهت إليه، وأقام الذي هي في يديه على مثل ذلك، فإنه يقضى بها للمدعي على الذي هي في يديه (¬7)، لأن الخطة قد تكون غير مرة. وإذا كان الصوف في يدي رجل، فأقام رجل آخر البينة أنه صوف جزه من غنمه، وأقام الذي هو في يديه البينة على مثل ذلك، فإن هذا يقضى به ¬

_ (¬1) صقلت السيف صقلاً ونحوه من باب قتل، وصقالاً أيضاً بالكسر، جلوته. والصيقل صانعه، والجمع صياقلة. انظر: المصباح المنير، "صقل". (¬2) د - كان. (¬3) د - هو. (¬4) د م ف: سمعيا (مهملة). وفي ب: سمعنا. والتصحيح مستفاد من الكافي، 1/ 229 و؛ والمبسوط، 17/ 66. (¬5) المِرْعِزى إذا شدّدت الزاي قصرت، وإذا خفّفت مددت، والميم والعين مكسورتان. وقد يقال: مَرْعِزاء بفتح الميم مخففاً ممدوداً، وهي كالصوف تحت شعر العَنْز. انظر: المغرب، "رعز". (¬6) م: ساقت. (¬7) م + يديه.

للذي هو في يديه، لأن الجزاز لا يكون إلا مرة واحدة. وكذلك المِرْعِزَّى والشعر. وكذلك الخز (¬1) يكون في يدي (¬2) رجل، فأقام رجل (¬3) آخر البينة أنه خزه (¬4)، جزّه من جلوده، وأقام الآخر البينة الذي هو في يديه على مثل ذلك، فإنه يقضى به للذي هو في يديه. وإذا كان النخل والأرض في يدي رجل، فأقام رجل آخر (¬5) البينة أنه أرضه ونخله، وأنه غرس هذا النخل فيها، وأقام الذي هو في يديه البينة على ذلك، فإنه يقضى به للمدعي، لأن النخل يغرس غير مرة. وكذلك الكرم والشجر. وإذا كانت الحنطة في يدي رجل، فأقام رجل البينة أنها حنطته زرعها في أرضه، وأقام الذي هو في يديه البينة على مثل ذلك، فإنه يقضى بها للمدعي، لأن الزرع قد يكون غير مرة. وإذا (¬6) كانت أرض فيها زرع، فأقام رجل البينة أن الأرض والزرع له، وأنه زرعها فيها، وأقام الذي هو في يديه البينة على مثل ذلك، فإنه يقضى بها للمدعي من قبل أنه أقام البينة على الأرض، والأرض لا تنتج. وكذلك قطن في يدي رجل أو كتان أقام رجل البينة وادعى أنه له زرعه في أرض له أخرى في يديه وأنه خرج منها ذلك فإنه يقضى للمدعي، لأنه يزرع غير مرة. وكذلك الحنطة والشعير والحبوب وكل ما يزرع مما يكال أو يوزن فهو مثل ذلك ويقضى به للمدعي، لأن كل ما يزرع قد يزرعه الرجل في أرض غيره فيكون للزارع، ولا يستحقه رب الأرض بخروج الزرع (¬7) في أرضه، وهذا لا يشبه الصوف والمِرْعِزَّى، لأن ما خرج منه كان لصاحب الغنم. ¬

_ (¬1) تقدم تفسيره قريباً. (¬2) د - يدي. (¬3) ف - فأقام رجل. (¬4) ف - خزه. (¬5) ف - آخر. (¬6) د + وإذا. (¬7) ف - الزرع.

ولو كان هذا القطن شجراً ثابتاً في أرض في يدي رجل، فأقام رجل آخر البينة أنها أرضه وأنه زرع هذا القطن فيها، فإنه (¬1) يقضى بالأرض والقطن للمدعي على الذي هي في يديه، لأنه أقام البينة على الأرض، فما كان فيها من زرع فهو تبع لها. وكذلك دار في يدي رجل ادعاها رجل، وأقام البينة أنها داره بناها هذا البناء بماله، وأقام الذي هي في يديه البينة أنها داره بناها بماله هذا البناء (¬2)، فإنه يقضى بالدار والبناء للمدعي على الذي هي في يديه (¬3)، لأن الأرض والدار مخالف للولادة والنسج. ولو أن أمة في يدي رجل، ادعاها رجل آخر أنها أمته، وأقام البينة أنها ولدت في ملكه من أمة في يديه، وأقام الذي هي في يديه البينة أنها أمته ولدت عنده في ملكه من أمته هذه التي هي في يديه، فإنه يقضى بها للذي هي (¬4) في يديه. ولو كان المدعي أقام البينة على أمها التي عند المدعى عليه أنها أمته، وأنها ولدت هذه في ملكه، وأقام الذي هي عنده البينة على مثل ذلك قضيت بها وبأمها للمدعي، لأنه أقام البينة على أمها، ولم يذكر واحد منهما [أنها ولدت عنده] (¬5). وكذلك ولادة الحيوان كله. وكذلك صوف في يدي رجل، أقام رجل آخر البينة أنه صوفه جزّه (¬6) من شاته هذه، وهي في ملكه، وأقام الذي هو في يديه البينة أنه صوفه وأنه ¬

_ (¬1) ف + لا. (¬2) د - بماله وأقام الذي هي في يديه البينة أنها داره بناها بماله هذا البناء، صح هـ. (¬3) د + البينة أنها داره بناها بماله هذا البناء. وقد بين الناسخ بوضع علامة "لا" في بداية العبارة وعلامة "إلى" في آخرها أن هذه العبارة زائدة خطأ. (¬4) د - هى. (¬5) الزيادة مستفادة من المسألة التالية المتعلقة بصوف الشاة، حيث يذكر في آخرها هذا التعليل. والمسألتان شبيهتان من حيث المعنى. (¬6) د - جزه.

جزه من شاته هذه، وهي في ملكه (¬1)، لشاة له أخرى، فإنه يقضى بها للذي هي في يديه. ولو أقام المدعي البينة على الشاة التي عند المدعى عليه أنها شاته، وأن هذا الصوف في ملكه منها، وأقام الذي هي في يديه البينة على مثل ذلك، فإني أقضي بها للمدعي، لأنه قد أقام البينة على الأصل، ولم ينسب (¬2) واحد منهما الأصل إلى ولادة عنده. وإذا كان عبد في يدي رجل، فادعى رجل آخر أنه عبده ولد في ملكه من أمته هذه من عبده هذا، وأقام البينة على ذلك، وادعى الذي هو في يديه أنه (¬3) عبده، وأقام البينة أنه عبده ولد (¬4) في ملكه من أمته هذه وعبده هذا، فإنه يقضى به للذي هو في يديه، ويكون ابن عبده وأمته، ولا يكون ابن عبد الآخر (¬5) ولا ابن أمته، ولا يقضى به له. وإذا كان العبد في يدي رجل، فأقام رجل آخر البينة أنه عبده اشتراه من فلان، وأنه ولد في ملك فلان الذي باعه إياه، وأقام الذي هو في يديه البينة أنه عبده اشتراه من فلان رجل آخر، وأنه ولد في ملكة، فإنه يقضى به للذي هو في يديه. ولو لم يقم بينة على ذلك وأقام البينة أن أباه مات وترك له ميراثاً لا وارث له غيره، وأنه ولد في ملك أبيه قضي له به. ولو لم يقم بينة على ذلك وأقام بينة (¬6) على وصية أو هبة مقبوضة أو صدقة مقبوضة وأنه ولد في ملك الذي وصل إليه من ثلثه، فإنه يقضى به [له] أيضاً. ولو لم يقم بينة على الولادة في شيء من ذلك قضيت به للمدعي. والنِّتاج والنسج في ذلك مثل الولادة. ¬

_ (¬1) د - وأقام الذي هو في يديه البينة أنه صوفه وأنه جزه من شاته هذه وهي في ملكه. (¬2) د م ف: يثبت (مهملة). والتصحيح من ب؛ والكافي، 1/ 229 ظ. (¬3) د - أنه. (¬4) د م: ولده. (¬5) م ف: لآخر. وفي هامش د بين أن أصله "لآخر". (¬6) ف - أن أباه مات وترك له ميراثاً لا وارث له غيره وأنه ولد في ملك أبيه قضي له به ولو لم يقم بينة على ذلك وأقام بينة.

وإذا كان عبد في يدي رجل، وأقام رجل البينة أنه عبده ولد في ملكه ولم يسموا أمه، وأقام رجل آخر البينة أنه عبده ولد (¬1) عنده من أمته هذه، فإنه يقضى به للذي أمه في يديه. فإن شهد شهود الذي العبد في يديه أنه ابن هذه الأمة، لأمة أخرى، وأنها له (¬2)، وأنها ولدت في ملكه، فإنه يقضى بالعبد للذي (¬3) هو في يديه، ويقضى بالأم للذي العبد في يديه الذي أقام البينة عليها. ولو كان عبد في يدي رجل، فأقام رجل آخر البينة أنه عبده ولد في ملكه من أمته هذه وعبده هذا (¬4)، وأقام آخر البينة أنه عبده ولد في ملكه من أمته هذه ومن عبده هذا، فإنه يقضى به (¬5) بينهما نصفين، ويكون ابن الأمتين جميعاً وابن العبدين جميعاً. وقال أبو يوسف: لا أثبت نسبه من الأمتين، لأن علمي يحيط بأنه لا تلده أمتان، وقد يشترك الأبوان في الولد. وهو قول محمد. وإذا كان قباء محشو في يدي رجل، فأقام رجل البينة أنه قباؤه خاطه وحشاه وقطعه في ملكه، وأقام الذي هو في يديه البينة على مثل ذلك، فإن هذا يقضى به للمدعي، لأن هذا يحشى ويعاد غير مرة. وكذلك الجبة المحشوة (¬6) والجبة الخز والبرد (¬7) والفِراء. وكذلك كل ما يقطع من الثياب والبسط والأنماط والوسائد. وكذلك الثوب المصبوغ بالعصفر أو الورس أو الزعفران، أو يكون الثوب في يدي رجل، فيقيم رجل آخر البينة أنه ثوبه، ¬

_ (¬1) د - في ملكه ولم يسموا أمه وأقام رجل آخر البينة أنه عبده ولد. (¬2) د - وأنها له. (¬3) د م: الذي. (¬4) م - وعبده هذا، صح هـ. (¬5) ف - به. (¬6) ف: الحشو. (¬7) البُرْد: ثوب فيه خطوط، وخص بعضهم به الوشي، وجمعه برود وأبراد. والبردة: كساء أسود مربع فيه صغر تلبسه الإعراب، والجمع بُرَد بفتح الراء. انظر: لسان العرب، "برد".

صبغه بهذا العصفر وبهذا الزعفران وبهذا الورس في ملكه، ويقيم الذي هو في يديه البينة مثل ذلك، فإنه يقضى به للمدعي، لأنه قد يعاد ويكون غير مرة. ولو كان كوز من صُفْر (¬1) أو طست أو إناء من آنية الحديد والصُّفْر أو الرصاص أو النحاس أو الشَّبَه (¬2) في يدي الرجل، فأقام رجل عليه البينة أنه له صاغه في ملكه، وأقام الذي هو في يديه البينة مثل ذلك، فإن كان ذلك الإناء لا يصاغ إلا مرة واحدة فهو للذي هو في يديه، وإن كان يصاغ غير مرة فهو للمدعي. وكذلك المصراعان (¬3) من الساج (¬4) أو الخشب (¬5) أو أواني الخشب أو الأقداح يكون في يدي رجل من ذلك شيء، فأقام رجل عليه البينة أنه له، وأنه نجره في ملكه وصنعه (¬6)، وأقام الذي هو في يديه البينة على مثل ذلك، فإن كان ذلك لا يكون إلا مرة واحدة قضي به للذي هو في يديه، وإن كان يكون غير مرة فهو للمدعي. وكذلك الخفاف والنعال والقلانس. وكذلك التابوت والصندوق والحَجَلة (¬7) والقُبّة (¬8). ¬

_ (¬1) قال ابن منظور: الصُّفْر النحاس الجيد، وقيل: الصفر ضرب من النحاس، وقيل: هو ما صَفِرَ منه، الجوهري: والصُّفْر بالضم الذي تُعمَل منه الأواني. انظر: لسان العرب، "صفر". (¬2) قال ابن منظور: الشَّبَه والشِّبْه: النحاس يُصبَغ فيَصفرّ، وفي التهذيب: ضَرْب من النحاس يُلقَى عليه دواء فيصفرّ، قال ابن سيده: سمي به لأنه إذا فُعل ذلك به أشبه الذهب بلونه، والجمع أشباه، يقال: كوز شَبَه وشِبْه بمعنى. انظر: لسان العرب، "شبه". قال الفيومي: وهو أرفع الصُّفْر. انظر: المصباح المنير، "شبه". (¬3) المصراع من الباب أي: الشطر، وهما المصراعان. انظر: المصباح المنير، "صرع". (¬4) د + من الساج. (¬5) ف: والخشب. (¬6) ف: وصبغه. (¬7) م ف: والحلة. والتصحيح من ب؛ والكافي، 1/ 230 و. وفي هامش ب: ولفظه في المتن: الجلة. والحجلة بفتحتين: سِتْر العروس في جوف البيت، والجمع حجال. وفي الصحاح: بيت يزين بالثياب والأسرف انظر: المغرب، "حجل". (¬8) أي: الخيمة كما تقدم مراراً.

وإذا كان سمن في يدي رجل أو زيت أو دهن سمسم، فادعاه رجل، فأقام البينة أنه له، عَصَرَه وسَلَأَه (¬1) في ملكه، وأقام الذي هو في يديه البينة على مثل ذلك، فإنه يقضى به للذي هو في يديه، لأن هذا لا يكون إلا مرة واحدة. وكذلك الدقيق والسويق والعصير والخل والزيت وأشباه ذلك، فهو على مثل ذلك. وكذلك الجبن. وأما الشاة المسلوخة تكون في يدي رجل، فادعى رجل وأقام عليها البينة أنها شاته نحرها وسلخها، وأقام الذي هي في يديه البينة على مثل ذلك، فإنه يقضى به للمدعي. وإذا كانت الدابة في يدي رجل، فأقام آخر البينة أنها دابته نُتجت عنده في ملكه، وأقام رجل آخر البينة أنها دابته، فإنه يقضى بها لصاحب النِّتاج. محمد قال: حدثنا يعقوب عن أشعث بن سوار عن ابن سيرين عن شريح أنه قال: الناتج أحق من العارف (¬2). محمد عن أبي يوسف قال: حدثنا داود بن أبي هند عن عامر أن قساماً كتب إلى شريح يسأله (¬3) عن بغلة في يدي رجل أقام (¬4) عليه البينة أنها بغلته نُتجت عنده، وأقام الآخر البينة أنها بغلته، فكتب إليه شريح: إنها للناتج، والآخر أولى بالبينة (¬5). وهذا قول أبي حنيفة الذي ¬

_ (¬1) سلأت السمن سلأً، مهموز من باب نفع: طبخته حتى خلص ما بقي فيه من اللبن. قال المطرزي: واستعماله في دهن السمسم مما لم أجده. انظر: المغرب، "سلأ"؛ والمصباح المنير، "سلأ". (¬2) عن محمد بن سيرين عن شريح: أن رجلين ادعيا دابة فأقام أحدهما البينة وهي في يده أنه نتجها، وأقام الآخر بينة أنها دابته عرفها. فقال شريح: الناتج أحق من العارف. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 277؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 10/ 256، 257. (¬3) م: فسأله. (¬4) د م + رجل. (¬5) عن الشعبي قال: كانت دابة في أيدي الناس من الأزد، فادعاها قوم، فأقاموا البينة أنها دابتهم أضلوها في زمان عمر بن عبد العزيز. فأقام الذين هي في أيديهم البينة أنهم نتجوها. فرفع ذلك إلى قاضيهم عبد الرحمن بن أذينة. فجعل هؤلاء يغدون ببينة ويروح=

كان يأخذ به، وهو قول أبي يوسف ومحمد. ولو كان لحم مشوي أو سمك مشوي في يدي رجل، فادعاه رجل آخر وأقام البينة أنه (¬1) له شواه في ملكه، وأقام الذي هو في يديه البينة أنه له شواه في ملكه (¬2)، فإنه يقضى به للمدعي، ولا يشبه هذا الولادة والنِّتاج، وليس هذا مثل ذلك؛ ألا ترى أن رجلاً لو كان في يديه مصحف، فأقام رجل آخر البينة أنه مصحفه كتبه في ملكه، وأقام الذي هو في يديه البينة أنه مصحفه كتبه في ملكه (¬3)، قضيت به للمدعي. وإذا كانت الأمة في يدي رجل، وأقام عليها آخر البينة أنها أمته ولدت في ملكه، وأقام آخر البينة أنها أمته سرقت منه، فإنه يقضى بها لصاحب الولادة. وكذلك لو شهدت شهود السرقة (¬4) أنها أمته أبقت منه أو غصبها (¬5) هذا إياه، فإنه يقضى بها (¬6) لصاحب الولادة. وإذا كانت الدابة في يدي رجل، فأقام رجل آخر عليها البينة أنها دابته نُتجت عنده في ملكه، وأقام رجل آخر البينة أنها دابته أجرها من هذا الذي هي في يديه أو أعارها إياه أو أودعها إياه أو رهنها إياه، فإنه يقضى بها للذي هي في يديه. وكذلك لو أقام الذي هي في يديه البينة أنها دابته اشتراها بمائة درهم من فلان ونقده الثمن، وأنها نُتجت في ملك فلان ¬

_ = الآخرون بأكثر منهم. فكتب ذلك إلى شريح. فكتب إليه: لست من التهاتر والتكاثر في شيء، والذين أقاموا البينة أنهم نتجوها وهي في أيديهم أحق، وأولئك أحق، وأولئك أولى بالشبهة. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 381؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 10/ 257. (¬1) د - أنه. (¬2) ف + وأقام الذي هو في يديه البينة أنه له شواه في ملكه. (¬3) د - وأقام الذي هو في يديه البينة أنه مصحفه كتبه في ملكه؛ م + وأقام الذي هو في يديه البينة أنه مصحفه كتبه في ملكه. (¬4) م: للسرقة. (¬5) م: وغصبها. (¬6) د - بها.

البائع، فإنه يقضى به للذي هي في يديه. وكذلك الهبة والصدقة والعمرى والنحلى (¬1) والعطية في ذلك كله. وإذا كان الثوب في يدي رجل، فأقام رجل آخر البينة أنه نسجه، ولم يشهدوا أنه له، فإنه لا يقضى به له. وكذلك لو كانت دابة في يدي رجل، فأقام رجل آخر البينة أنها نُتجت عنده ولم يشهدوا أنها له، فإنه لا يقضى بها له. وإذا كانت الأمة في يدي رجل، فادعاها رجل وأقام البينة أنها ولدت عنده، فإنه لا يقضى بها له، لأنهم لم يشهدوا أنها له. وكذلك لو شهدوا أنها ابنة أمته لم يقض بها له، لأنها قد تكون ابنة أمته وهو لا يملكها، تكون ابنة لغيره. وكذلك لو شهدوا على ثوب أنه غزل من قطن فلان ونسجه (¬2)، فإنه لا يقضى له به، لأنه قد يغزل من قطنه وينسج من قطن لا يملكه. فإن قال رب الثوب: أنا أمرت به أن يغزل وينسج، فإنه يأخذ الثوب ويقضى به له. ولو شهدوا أن هذه الحنطة من زرع حُصد من أرض فلان، فأراد صاحب الأرض أخذ الحنطة لم يكن له ذلك (¬3)، لأنه لم ينسبه إلى ملكه لأنه (¬4) أخذه من أرضه. ولو شهدوا أن هذا الثمر أخذ من نخل فلان قضي به له؛ ألا ترى أنهم نسبوه إلى نخله. ولو شهدوا أن هذا الثمر خرج من نخل فلان وهو يملكه قضيت به (¬5) له. وكذلك لو شهدوا أن هذا العبد ولدته أمة فلان هذه وهو يملكها ¬

_ (¬1) ف: والنحلة. (¬2) د م: ونسج. (¬3) وفي رواية أبي حفص: له أن يأخذ الحنطة. انظر: الكافي، 1/ 230 و؛ والمبسوط، 17/ 73. (¬4) د ف: ولأنه. (¬5) د م: بالعبد.

قضيت بالعبد له. وكذلك لو قالوا: ولدته أمة فلان في ملكه، فإني أقضي بالعبد له. وكذلك النتاج فهو مثل الولادة (¬1) في مثل هذا (¬2). ولو شهدوا أن فلاناً غزل هذا الثوب من قطن فلان وهو يملك القطن ونسج الثوب، فإني أقضي على الذي غزل الثوب (¬3) بمثل ذلك القطن. وإن قال رب الثوب: أنا أمرته، أخذ الثوب. ولا يشبه هذا الولادة والنتاج، لأن هذا حين غزل القطن صار غاصباً فهو ضامن. وكذلك الدقيق يشهد عليه الشهود أن فلاناً طحن هذا الدقيق من حنطة فلان وفلان يملك الحنطة، فإنه لا يقضى عليه بالدقيق، ولكن يقضى عليه بحنطة مثلها، لأنه غاصب فهو ضامن حين طحنها. فإن قال رب الحنطة: أنا أمرته، أخذ الدقيق، وهذا مثل القطن، وهذا لا يشبه الولادة والنتاج. وإذا كان الدجاج في يدي رجل أو الحمام أو شيء من الطير مما يُفرَخ (¬4)، فأقام رجل البينة أنه أفرخ في ملكه وهو له، وأقام الذي هو في يديه البينة على مثل ذلك، فإنه يقضى به للذي هو في يديه، وهو مثل الولادة والنتاج. وإذا كان الدجاج في يدي رجل، فأقام آخر البينة أنه له فرّخه في ملكه، وأقام الذي هو في يديه البينة أنه له، فإنه يقضى به للذي أقام البينة على التفريخ، لأنه بمنزلة النتاج والولادة. ولو كان الدجاجة في يدي رجل، فأقام رجل آخر البينة أن البيضة التي خرجت هذه الدجاجة منها كانت له، لم يقض له بالدجاجة، ولكن يقضى على صاحب الدجاجة ببيضة مثلها ¬

_ (¬1) ف + أيضاً. (¬2) ف - في مثل هذا. (¬3) د: القطن. (¬4) أفرخ الطائر وفرّخ أي: صار ذا فرخ، وأفرخت البيضة: خرج الفرخ منها. ويقال: أفرخ القوم بيضهم. انظر: لسان العرب، "فرخ".

لصاحبها إذا أقر أنه فرخها، ولا يشبه هذا في هذه المنزلة الولادة والنتاج. ألا ترى لو أن رجلاً غصب رجلاً أمة فولدت عنده، أو شاة فولدت عنده أن الأمة وولدها للمغتصب منه والشاة وولدها للمغتصب منه. ولو غصب بيضة فحضنها تحت الدجاجة فخرجت منها دجاجة كان عليه بيضة مثلها، وكانت الدجاجة للغاصب. وهذا بمنزلة رجل غصب رجلاً قفيز حنطة فزرعه فخرج منه عشرة أقفزة، فهذه الحنطة كلها للغاصب، وعليه قفيز حنطة مثل ما غصب، ويؤمر أن يتصدق بالفضل في قول أبي حنيفة ومحمد، ولا يتصدق بشيء في قول أبي يوسف، والفضل له بالضمان. ولو أن رجلاً اغتصب من رجل دجاجة، فباضت عنده (¬1) بيضتين، فحضنت الدجاجة نفسها على إحداهما من غير أن يحضنها الغاصب، فخرج منها فرخ، فإن هذه الدجاجة والفرخ الأول للمغتصب منه، والفرخ الآخر للغاصب، وعليه بيضة مثل تلك البيضة، لأنه عمل فيها فضمن (¬2)، فصار عليه بيضة مثلها، وصار له الفرخ الذي خرج أخيراً. وإذا كانت الحنطة والتمر والزبيب في يدي رجل، فادعاه رجل آخر، وأقام البينة أن هذه الحنطة والتمر من زرع كان في أرضه، وأن هذا التمر من نخل كان في أرضه، وأن هذا الزبيب من كرم كان في أرضه، فإنه لا يقضى له بشيء، وذلك لأنهم لم يشهدوا أنه يملكه، وقد يكون هذا في ملك غيره وإن كان في أرضه. فإن شهدت الشهود أن هذا الذي هو في يديه أخذه من أرض هذا فإنه يقضى به له (¬3). وإن لم يشهدوا على ذلك وشهدوا أن هذه الحنطة من زرع هذا، وأن هذا الزبيب من كرم هذا، وأن هذا التمر من نخل هذا، فإنه يقضى به للمدعي، من قبل أنهم شهدوا أنه له حيث شهدوا أنه من زرعه ونخله وكرمه، فليس يملك هذا غيره إلا بشراء منه أو هبة. ولو أنه لم تقم له (¬4) بينة على ذلك، فأقر الذي هو في يديه أن هذا التمر والزرع والزبيب من زرع كان في أرض هذا ومن نخل في أرض هذا ¬

_ (¬1) د - عنده. (¬2) د - فضمن، صح هـ. (¬3) ف - له. (¬4) د م - له.

ومن كرم في أرض هذا، وادعاه الآخر، فإنه يقضى به له بإقرار هذا أنه كان في أرضه، ولا يشبه هذا البينة. ألا ترى أن رجلاً لو أقام البينة على ثوب أنه كان في يديه لم يقض به له. ولو أقر الذي في يديه الثوب أنه كان في يدي (¬1) هذا دفعته إليه. وإذا كان الثوب في يدي رجل، وهو مصبوغ بعصفر، فشهد الشاهدان أن هذا العصفر الذي في هذا الثوب لفلان صُبغ به هذا الثوب، لا يُدرَى من صبغه له، وجحد رب الثوب ذلك، وادعى رب العصفر أن رب الثوب هو الذي فعل ذلك لم يصدّق على رب الثوب، ولكن يقوّم الثوب أبيض، ويقوم وفيه (¬2) العصفر، فيرد رب الثوب على صاحب العصفر قيمة ما زاد العصفر في ثوبه. فإن أبى (¬3) رب الثوب أن يضمن ذلك بيع الثوب، فقسم الثمن بينهما، يضرب فيه رب الثوب بقيمة الثوب أبيض (¬4)، ويضرب فيه صاحب العصفر بقيمة ما زاد العصفر في قيمة الثوب. وإذا كان اللبِن في يدي رجل، فأقام آخر البينة أنه لبنه ضربه في ملكه، وأقام الذي هو في يديه البينة على مثل ذلك، فإنه يقضى به للمدعي، لأن اللبن قد يضرب غير مرة، ولا يقضى به للذي هو في يديه. وإذا كان جُبن في يدي رجل، فادعاه رجل آخر، وأقام البينة أنه جبنه صنعه في ملكه، وأقام الذي هو في يديه البينة على مثل ذلك، فإنه يقضى به للذي هو في يديه؛ لأن هذا لا يكون إلا مرة واحدة. ولو أقام البينة أن اللبن الذي (¬5) صنع هذا الجبن منه في ملكه، وأقام الآخر البينة على مثل ذلك، قضيت به للمدعي، لأنه أقام البينة على أصل اللبن. ولو كان أقام البينة الذي هو في يديه أن اللبن له حلبه من شاته وفي (¬6) ملكه ¬

_ (¬1) د - يدي، صح هـ. (¬2) د م ف: رقبه. (¬3) م - أبى، صح هـ. (¬4) ف - أبيض. (¬5) م + ابنه؛ ف + لبنه. وفي د غير واضحة. والتصحيح من المبسوط، 17/ 76. (¬6) ف: في.

وصنع منه هذا الجبن، وأقام الآخر (¬1) البينة على مثل ذلك، قضيت به للذي هو في يديه. ولو أقام البينة أن اللبن لبنه حلبه من شاته هذه وفي ملكه، فإن هذه الشاة له، وأن هذا الجبن صنع من ذلك اللبن في ملكه، وأقام الذي في يديه الشاة والجبن البينة على مثل ذلك، قضيت به وبالشاة للمدعي، لأنه أقام البينة على الأصل، ولا أقضي به للذي هو في يديه، لأنه لم يقم البينة على نِتاج الشاة. وإذا كان آجُرّ أو جصّ أو نورة في يدي رجل، فأقام رجل بينة أنه آجره وجصه ونورته صنع في ملكه، وأقام الذي هو في يديه البينة على مثل ذلك، فإنه يقضى به للذي هو في يديه (¬2)، لأن هذا لا يكون إلا مرة واحدة. وإذا كان جلد شاة في يدي رجل، فادعاه رجل آخر، وأقام البينة أنه جلده سلخه في ملكه، وأقام الذي هو في يديه البينة على مثل ذلك، فإنه يقضى به للذي هو في يديه. ولو لم يقم البينة على ذلك وأقام المدعي البينة أنه جلد شاته ولم يشهدوا به له، فإن هذا لا يقضى به عليه، لأنهم لم يشهدوا أنه له. وكذلك لو شهدوا على صوف في يدي رجل أنه صوف شاة هذا. وكذلك لو شهدوا على لحم في يدي رجل أنه لحم شاته، فإنه لا يقضى به له، لأنهم لم يشهدوا أنه له. ولو كانت شاة مسلوخة في يدي رجل، وجلدها ورأسها وسقطها في يدي رجل، فأقام الذي الشاة في يديه البينة أن الشاة (¬3) والجلد والرأس والسقط (¬4) له، وأقام الذي في يديه السقط على مثل ذلك، فإنه يقضى لكل واحد منهما بما (¬5) في يدي صاحبه. ولو أقام كل واحد منهما البينة أن الشاة ¬

_ (¬1) د م: آخر. (¬2) د + البينة؛ م + البينة على مثل ذلك فإنه يقضى به للذي هو في يديه. (¬3) د - الشاة؛ صح هـ. (¬4) د م ف: ورأس السقط. والتصحيح من الكافي، 1/ 230 ظ. (¬5) م: بها. وكانت "بها" في د ثم صححت.

شاته نُتجت عنده وفي ملكه وذبحها وسلخها، وأن هذا الجلد والرأس والسقط (¬1) جلدها ورأسها وسقطها، وأن ذلك كله له، قضيت بالشاة للذي هي (¬2) في يديه، وقضيت له بالسقط كله، أُتْبعُه سقطها، لأن صاحب النِّتاج أولى بالشاة وسقطها. ولو كانت في يدي رجل شاة، وشاة أخرى في يدي رجل آخر، فأقام كل واحد منهما البينة على شاة صاحب الذي هي في يديه أنها شاته ولدت في ملكه من شاته هذه القائمة في يديه، فإني أقضي لكل واحد منهما بشاة صاحبه (¬3) التي هي في يديه، لأنه قد أقام البينة بالولادة. ولو أقام أحدهما البينة أن الشاة التي في يديه شاته ولدت في ملكه، وأن شاة صاحبه له ولدتها شاته هذه في ملكه، وأقام الآخر البينة على مثل ذلك، فإني أقضي لكل واحد منهما بشاته التي في يديه، ولا أقضي لواحد منهما بما في يدي صاحبه. وكذلك هذا في الحيوان كله. ولو كانت شاتان في يدي رجل، فادعاهما رجل آخر، وأقام على ذلك البينة أنهما له، وأن هذه الشاة ولدت هذه الشاة الأخرى في ملكه، فادعاهما رجل آخر (¬4)، وأقام البينة أنها له، وأن البنت التي (¬5) ذكر (¬6) صاحبه أنها شاته ولدت الأخرى في ملكه، فإني أقضي لكل واحد منهما بالشاة التي شهد الشهود أنها ولدت. وإذا كانت شاة في يدي رجل، فأقام عليها آخر البينة أنها شاته ولدت (¬7) في ملكه، فقضى القاضي له بها، ثم جاء آخر فادعى أنها شاته ¬

_ (¬1) د م ف: ورأس السقط. والتصحيح من المصدر السابق. (¬2) د: هو. (¬3) د م ف: صاحب. والتصحيح من المصدر السابق. (¬4) ف - وأقام على ذلك البينة أنهما له وأن هذه الشاة ولدت هذه الشاة الأخرى في ملكه فادعاهما رجل آخر. (¬5) ف: البيت الذي (مهملة). (¬6) د - ذكر؛ صح هـ. (¬7) د م ف: ولدته.

ولدت في ملكه، وأقام البينة أنها شاته ولدت في ملكه، وقال الذي في يديه الشاة للقاضي: قد قضيت لي بها بالولادة بالبينة، فإن اكتفيت بذلك وإلا أعدت عليك البينة ثانية، فإن القاضي لا يقضي بشهادة الأولين على هذا (¬1) المدعي الآخر، ويأمره أن يعيد عليه الشهود ثانية، فإن أعادهم عليه قضى (¬2) بها للذي هي في يديه، فإن لم يعدهم ثانية قضى (¬3) بها للمدعي. [فلو قضى بها للمدعي] (¬4) ثم أحضر الآخر البينة على الولادة، فإن القاضي يقبل بينته، ويقضي بها له، ويبطل قضاءه ذلك. وكذلك هذا في الولادة في بني آدم والنِّتاج والنسج في جميع الأشياء كلها. ولو أن شاة في يدي رجل، ادعاها (¬5) آخر وأقام عليها البينة أنها له، فقضيت بها له، ثم أقام الذي كانت في يديه البينة أنها شاته ولدت في ملكه، قضيت بها له أيضاً، وفسخت القضاء الأول. ولو أن رجلاً في يديه أمة ادعاها آخر، وأقام البينة أن قاضي كذا وكذا قضى بها له على هذا الرجل بشهادة شهود شهدوا له أنها له، وأقام الذي هي في يديه البينة أنها أمته ولدت في ملكه، فإني أقضي بها للذي قضى القاضي له بها، وأنفذ القضاء. قال محمد: أقضي بها لصاحب الولادة، وأبطل قضاء القاضي، لأن شهوده شهدوا أن قضاءه إنما كان بشهادة شهود شهدوا أنها له، وهذا لا يبطل شيئاً من الولادة. ولو كان المدعي أقام البينة أنها أمته ولدت في ملكه، وأن قاضي كذا وكذا قضى بها له على هذا وأخذها منه ودفعها إليه، وأقام الذي هي في يديه البينة أنها أمته ولدت في ملكه، قضيت بها للذي قضى القاضي له، وأنفذه له. وقال محمد: أقضي بها للذي هي في يديه. ¬

_ (¬1) ف - هذا. (¬2) ف: فقضي. (¬3) ف: فقضي. (¬4) الزيادة من ب. وعبارة الحاكم: فإن قضى بها للمدعي. انظر: الكافي، 1/ 230 ظ. (¬5) د م: ادعى.

ولو كان عبد في يدي رجل، فأقام آخر عليه البينة أنه عبده، وأن قاضي كذا وكذا قضى به له بشهادة شهود شهدوا أنه له على الذي هو في يديه، وأقام آخر البينة أنه له ولد في ملكه، فإني أقضي به للذي قضى القاضي له به. وقال محمد: أقضي به لصاحب الولادة. وإن كان عبد في يدي رجل، فأقام رجل البينة أنه له فقضى له القاضي به، وأقام الذي كان العبد في يديه البينة أنه (¬1) عبده ولد في ملكه، وأقام الآخر البينة أن قاضي كذا وكذا قضى به له على هذا، فإن لم يفسروا الشهود ولم يزيدوا (¬2) على هذا فإني أنفذ قضاء القاضي لهذا على صاحب الولادة، لأني لا أدري لعله اشتراه منه أو وهبه له أو تصدق به عليه. أرأيت لو قالوا: اشتراه منه بمائة درهم ونقده الثمن، ألم أنفذ ذلك على صاحب الولادة. وقال محمد بن الحسن: إذا أبهم (¬3) الشهود ولم يفسروا (¬4) فكان القاضي الثاني لا يدري لعل القاضي الأول قضى به له على بعض هذه الوجوه فإني أنفذ القضاء على صاحب الولادة ولا أقبل بينته. وإذا فسروا أنه قضى به له بشهادة شهود شهدوا أنه له أبطلت هذا القضاء، وقضيت به للأول لصاحب الولادة. وكذلك لو كانوا شهدوا أنه كان قضى به لهذا الآخر بشهادة شهود شهدوا أنه عبده ولد في ملكه، وأقام الآخر الذي هو في يديه بينة أنه عبده ولد في ملكه، فإني أقضي به للأول لصاحب الولادة وإن (¬5) قضى القاضي الآخر. وإذا كان عبد في يدي رجل، فأقام رجل آخر البينة (¬6) أنه عبده ولد ¬

_ (¬1) د - أنه له فقضى له القاضي به وأقام الذي كان العبد في يديه البينة أنه. (¬2) د م ف: ولم يردوا. والتصحيح من الكافي، 1/ 231 و. (¬3) د م: إذا اتهم. (¬4) د م ف: ولم يقروا. والتصحيح من ب. (¬5) د: فإن. (¬6) د م ف + أنه عبده ولد في ملكه فإني أقضي به للأول لصاحب الولادة وإن قضى القاضي الآخر وإذا كان عبد في يدي رجل فأقام رجل آخر البينة.

باب الشهادة في الولاء في النسب

في ملكه، ووقتوا وقتاً، فكان العبد أكبر (¬1) من ذلك الوقت معروف بَيِّنٌ، أو كان العبد أصغر من ذلك الوقت معروف بَيِّن ذلك، فإني أبطل شهادتهم، ولا أقضي بها، ولم (¬2) أنفذها، وهؤلاء شهود زور. وكذلك كل ولادة أو نِتاج كان على هذا الوجه، وشهدت الشهود على مثل ذلك فهو باطل. وإذا كانت الدار في يدي رجل، فأقام رجل آخر البينة أنها دار جده اختطها ثم مات وتركها ميراثاً لأبيه لا وارث له غيره، ثم مات أبوه وتركها ميراثاً لا وارث له غيره، وأقام الذي هي في يديه البينة على مثل ذلك، فإني أقضي بها للمدعي، لأن الخطة (¬3) قد تكون غير مرة. باب الشهادة في الولاء في النسب وإذا كان عبد صغير في يدي رجل يدعي أنه عبده، فالقول قوله إذا كان العبد صغيراً لا يتكلم، وهو بمنزلة الثوب في يديه. فإن ادعى رجل آخر أنه ابنه فهو مدع، وعليه البينة. فإن أقام البينة أنه ابنه ولم يزيدوا على هذا فإني أقضي به له، وألحق نسبه (¬4) به، وجعلته حراً من قبل النسب الذي شهدوا به. وكذلك لو كان الأب من العرب أو من قريش أو من الموالي أو حراً من أهل الذمة فهو سواء كله، ويقضى به للأول، ويكون حراً. وشهادة امرأتين ورجل في ذلك كله (¬5) جائزة. وشهادة رجل على شهادة نفسه، وشهادة رجلين على شهادة رجل واحد في ذلك جائزة. وإذا كان غلام في يدي رجل لا يدرى ما هو، فأقر أنه ابنه، والغلام صغير لا يتكلم، والرجل الذي هو في يديه حر، فادعى رجل آخر أنه ابنه، وأقام البينة على ذلك، والمدعي حر أيضاً، فإنه يقضى به للمدعي، ويثبت ¬

_ (¬1) د م: أكثر. (¬2) د م ف: ولو. (¬3) د م: الخطبة. (¬4) د م ف + له. (¬5) ف - كله.

نسبه منه، ولا يقبل قول الذي الغلام في يديه مع البينة. وإذا كان الذي هو في يديه حر يدعيه، والذي أقام البينة عبد أو ذمي، فإن نسبه يثبت من المدعي، ويلحق به بشهادة الشهود الذين شهدوا، ويكون الصبي حراً في ذلك كله وإن لم أعرف أمه، ما خلا العبد، فإنه إذا أثبت نسبه من العبد وأمه حرة فهو حر. وإذا كان صبي في يدي رجل فادعى أنه ابنه وأقام على ذلك بينة، وادعى رجل آخر أنه ابنه وأقام على ذلك بينة، فإني أقضي به للذي هو في يديه. وإذا كان الصبي في يدي رجل فادعى أنه ابنه من امرأته هذه وأقام على ذلك بينة، وادعى (¬1) آخر أنه ابنه من امرأته هذه وأقام على ذلك بينة، فإني أقضي به للذي هو في يديه، وأجعله ابن الرجل وابن المرأة الذي هو في أيديهما وإن جحدت ذلك الأم. وكذلك لو جحد الأب ذلك وادعته الأم. وكذلك لو كانت الأم أم ولد. وكذلك إذا كانت الأم من أهل الذمة وزوجها (¬2) فإني أثبت نسبه منهما جميعاً، وأجعله ابنهما. وإن كان الذي ادعاه ولم يكن في يديه حراً من العرب هو وامرأته فأقام البينة عليه، وأقام الآخر البينة عليه فإني أقضي به للذي هو في يديه. ولو أن عبداً وامرأته أمة كان في أيديهما صبي، فادعاه رجل من العرب وأقام بينة أنه ابنه من امرأته هذه وهي من العرب، وأقام العبد البينة أن هذا الصبي ابنه من امرأته (¬3) هذه (¬4)، فإني (¬5) أقضي به للعربى ولامرأته، وأجعله ابنهما للعتق الذي دخل فيه. وكذلك لو كانا من الموالي أو من أهل الذمة قضيت به لهما، وأجعله حراً للعتق الذي دخل فيه. فإذا دخل العتق ¬

_ (¬1) د: فادعى. (¬2) د م ف: تزوجها. (¬3) د: من امرأة. (¬4) ف - وهي من العرب وأقام العبد البينة أن هذا الصبي ابنه من امرأته هذه. (¬5) ف: قال.

فصاحب العتق أولى. وكيف أجعله عبداً يسترق وقد قامت البينة أنه حر. أرأيت لو كانت أمة أكنت أحل فرجها. وإذا كان صبي (¬1) في يدي رجل فادعاه آخر وأقام البينة أنه ابنه من امرأته هذه وهما حران، وأقام الذي هو في يديه البينة أنه ابنه وهو حر، ولم تنسبه البينة إلى أمه، فإني أقضي به للمدعي، لأن هذا النسب قد يثبت منه، وولادة الأب مثل ولادة الأم. وإذا كان صبي في يدي رجل فادعاه آخر وأقام البينة أنه ابنه، وشهد شهود آخرون أن الذي هو في يديه أقر عندهم أنه ابنه، فإني أقضي به للمدعي، ولا أنفذ إقرار الذي هو في يديه بشهادة الشهود (¬2) الذين شهدوا على إقراره، وإقراره عند القاضي وإقراره عندهم بذلك سواء. وإذا كان الصبي لقيطاً في يدي رجل فادعاه رجلان، فأقام كل واحد منهما البينة أنه ابنه ولد على فراشه من امرأته هذه، فإني أقضي به لهم جيمعاً، وأجعله ابن المرأتين وابن الرجلين. وقال أبو يوسف ومحمد: أجعله ابن الرجلين، ولا أجعله ابن المرأتين، لأن علمي محيط بأنه لا تلده امرأتان، وقد يشترك فيه رجلان. ولو وقتت كل واحدة (¬3) منهما وقتاً فكان أحد الوقتين قبل صاحبه، فإني انظر إلى الصبي وإلى الوقتين، فإن كان مشكلاً قضيت به لهما جميعاً، وإن كان مشكلاً في أحد الوقتين وهو أكبر من الآخر أو أصغر وذلك بين واضح، فإني أقضي (¬4) به للمشكل، وأبطل (¬5) بينة الآخر. وإذا كان الصبي في يدي رجل، فادعته امرأة أنه ابنها، وأقامت شاهدين على ذلك، فإنه يقضى به للمرأة. فإن كان الذي في يديه يدعيه لم (¬6) يقض به له. ولو لم تقم المرأة بينة إلا امرأة واحدة تشهد (¬7) أنها ولدته، ¬

_ (¬1) د: الصبي. (¬2) د م ف: شهود. (¬3) د: واحد. (¬4) د م: نقضي. (¬5) د م: ونبطل. (¬6) ف: لمن يقضى. (¬7) د م ف: شهد.

فإن كان الذي هو في يديه يدعي أنه ابنه فهو ابنه، ولا يقضى به للمرأة بشهادة امرأة واحدة، وإن كان الذي هو في يديه لا يدعي (¬1) أنه (¬2) ابنه وهو لقيط فإني أقضي به للمرأة بشهادة المرأة التي شهدت. وإن كان الذي هو في يديه يدعي (¬3) أنه عبده وليس هو لقيطاً فهو عبده (¬4)، ولا أقضي به للمرأة بشهادة امرأة واحدة. وإذا كان العبد في يدي رجل، فادعاه رجل وأقام البينة أنه عبده ولد في ملكه، [وأنه أعتقه، وأقام الذي هو في يديه البينة أنه عبده ولد في ملكه] (¬5)، فإني أقضي به للذي أعتقه. وكذلك لو كان المدعي دبره. وإن كان كاتبه فإنه لا يستحق بهذا شيئاً، ولا يشبه هذا العتاقة. ولو أقام البينة أنه ابنه ولد في ملكه من أمته هذه، وأقام الذي هو في يديه البينة أنه عبده ولد في ملكه، فإني أقضي به للذي ادعى أنه ابنه، وأجعله حراً، لأن هذه عتاقة (¬6) من الأصل، وهذا والعتاق الذي قبله سواء. وإذا كان الصبي في يدي امرأة، فادعت امرأة أخرى أنه ابنها، وأقامت على ذلك امرأة، فشهدت أنه ابنها، وأقامت الذي هو في يديها البينة امرأة واحدة، فشهدت أنه ابنها (¬7)، فإني أقضي به للذي هو في يديها. ولو شهد (¬8) لكل واحدة منهما رجلان قضيت به للذي هو في يديها (¬9). ولو لم تشهد للتي (¬10) هو في يديها إلا امرأة واحدة وشهد للمدعية رجلان قضيت به للمدعية، وشهادة رجلين في هذا أحق أن يقبل من شهادة امرأة واحدة. ولو أن رجلاً وامرأته في أيديهما صبي يدعيان (¬11) جميعاً أنه ¬

_ (¬1) م ف: لا يدعيه. (¬2) ف: لأنه. (¬3) د م ف: يدعيه. (¬4) د م ف: عبد. (¬5) الزيادة من المبسوط، 17/ 81. (¬6) ف: العتاقة. (¬7) د م ف + وأنه أعتقه البتة وأقام الذي هو في يده البينة أنه عبده ولد في ملكه؛ ف - وأقامت الذي هو في يديها البينة امرأة واحدة فشهدت أنه ابنها. (¬8) م: ولو لم يشهد. (¬9) د - ولو شهد لكل واحدة منهما رجلان قضيت به للذي هو في يديها. (¬10) د م: التي. (¬11) دم ف: أمة يدعياها. والتصحيح من الكافي، 1/ 231 ظ.

ابنهما (¬1)، وادعى رجل آخر أنه ابنه من امرأته هذه، وأقام البينة على ذلك رجلين، وشهد للذي الصبي في أيديهما امرأة واحدة، فإني أقضي به للمدعي بشهادة رجلين، وهي أحق أن تقبل من شهادة المرأة. وإذا كان الصبي في يدي رجل ذمي يدعي أنه ابنه، وأقام رجل من المسلمين شاهدين مسلمين أنه ابنه ولد على فراشه، وأقام الذي هو في يديه رجلين شاهدين من أهل الذمة أنه ابنه ولد على فراشه، فإني أقضي به للمسلم. ولا تجوز شهادة أهل الذمة للذمي (¬2) مع شهادة المسلمين للمسلم. وكذلك [لو كان] (¬3) شهود المسلم من (¬4) أهل الذمة قضيت به له. ولو كان شهود الذمي من أهل الإسلام قضيت به للذمي الذي هو في يديه. ولو كان صبي في يدي رجل لا يدعيه، وأقام عليه رجل مسلم شاهدين مسلمين أنه ابنه ولد على فراشه، وأقام عليه رجل من أهل الذمة شاهدين من أهل الذمة أنه ابنه ولد على فراشه، فإني أقضي به للمسلم. ولو (¬5) كان الذي هو في يديه كافراً أو مسلماً فهو سواء. ولو كان شهود الذمي مسلمين وشهود المسلم مسلمين فإني أقضي به للمسلم منهما وأجعله مسلماً. فإن كان الذي هو في يديه ذميا أو مسلماً لا يدعيه وشهود المسلم من أهل الذمة وشهود الذمي مسلمين فإني أقضي به للمسلم منهما وأجعله مسلماً. ولو أن رجلاً وامرأته في أيديهما صبي، فقال الرجل: هذا ابني من فلانة، لامرأة غيرها، وقالت المرأة: هو ابني من زوجي فلان، لرجل آخر وهو غائب، وأقام كل واحد منهما البينة على ذلك، جعلته ابن الرجل من المرأة وابن المرأة من الرجل. ¬

_ (¬1) د م ف: ابنها. والتصحيح من المصدر السابق. (¬2) د م ف: لذمي. (¬3) الزيادة من الكافي، 1/ 231 ظ. (¬4) د م ف: بين. والتصحيح من المصدر السابق. (¬5) د: وإذا.

وإذا كان الصبي لقيطاً في يدي رجل مسلم، فادعى رجل مسلم أنه ابنه من امرأته هذه الحرة، وأقام على ذلك البينة (¬1)، وادعى عبد أنه ابنه من هذه الأمة وأقام على ذلك البينة، وادعى المكاتب أنه ابنه من هذه المكاتبة وأقام على ذلك البينة، فإني أقضي به للحر وأجعله ابنه، دون المكاتب ودون العبد، لأنه قد عتق في الأصل فلا يكون رقيقاً مملوكاً يباع. وإذا كان الصبي في يدي رجل لا يدعيه، فأقام عليه ذمي شاهدين مسلمين أنه ابنه ولد على فراشه من هذه الأمة، وادعى عبد مسلم أنه ابنه ولد على فراشه من هذه الأمة، فإني أقضي به للذمي، وأجعله حراً، ولا أجعله عبداً. وإذا كان الصبي في يدي رجل، فادعى عبد أنه ابنه ولد على فراشه من هذه الأمة، وادعى مكاتب أنه ابنه ولد على فراشه من هذه المكاتبة، وأقام كل واحد منهما البينة على ذلك، فإني أقضي به للمكاتب منهما وأجعله ابنه. ولو ادعاه يهودي أو نصراني أو مجوسي وأقام كل واحد منهما البينة أنه ابنه ولد على فراشه قضيت به لليهودي (¬2) والنصراني. ولو أن صبياً في يدي رجل لا يدعيه فأقامت امرأة (¬3) بينة أنه ابنها ولدته، وأقام رجل آخر البينة أنه ابنه ولد على فراشه ولم يثبتوا أمه (¬4)، جعلته ابن الرجل وابن المرأة. وكذلك لو كان في يدي المرأة (¬5). وكذلك لو كان في يدي الرجل جعلته بينهما جميعاً. ولو أن رجلاً ذمياً في يديه عبد، فادعى مسلم أنه عبده ولد في ملكه، وأقام على ذلك بينة من أهل الذمة، وأقام الذمي الذي (¬6) العبد في يديه [بينة] من أهل الإسلام أنه عبده ولد في ملكه، قضيت به للذمي. ولو كان ¬

_ (¬1) د + وادعى عبد أنه ابنه من هذه الأمة وأقام على ذلك البينة؛ م + واعا عبد أنه ابنه من هذه للأمة وأقام على ذلك البينة. (¬2) د م: بين اليهودي. وما أثبتناه في ف ب؛ والكافي، 1/ 231 ظ؛ والمبسوط، 17/ 83. (¬3) ف: المرأة. (¬4) د - أمه. (¬5) د - وكذلك لو كان في يدي المرأة. (¬6) د - الذي، صح هـ.

باب الدعوى في الدار يدعيها الثلاثة والاثنان وهي في أيديهم وفي أيدي غيرهم ودعواهم مختلفة في ذلك

بينة الذمي من أهل الذمة قضيت به للمسلم. ولو كان في يدي آخر لا يدعيه، وأقام المسلم بينة من أهل الإسلام أنه عبده ولد في ملكه (¬1)، وأقام الذمي بينة من المسلمين على مثل ذلك، قضيت به بينهما نصفين. ولو كانت البينتان جميعاً من أهل الذمة والذي هو في يديه من أهل الذمة قضيت للمسلم دون الذمي. ولو كان بينة المسلم من أهل الكتاب وبينة الذمي مسلمين قضيت به بينهما نصفين. ولو كان المدعي يهودياً أو مجوسياً (¬2) وكل واحد منهما يقيم البينة أنه عبده ولد في ملكه قضيت به بينهما نصفين. ولو كان في يدي أحدهما قضيت به للذي هو في يديه دون صاحبه. باب الدعوى في الدار يدعيها الثلاثة والاثنان (¬3) وهي في أيديهم وفي أيدي غيرهم ودعواهم مختلفة في ذلك وإذا كانت الدار في يدي ثلاثة رهط، فادعى واحد منهم جميعها، وادعى الآخر نصفها، وادعى الآخر ثلثيها، فإن كل واحد منهم مدع، وعلى كل واحد منهم البينة. فإن لم تكن لهم بينة فعلى كل واحد منهم اليمين على دعوى صاحبه. فإن حلفوا جميعاً فالدار بينهم أثلاثاً، لكل واحد منهم ما في يديه. وإن قامت لهم جميعاً (¬4) البينة على ما ادعى كان لصاحب النصف الثمن، وكان لصاحب الثلثين الربع، وكان لصاحب الجميع ما بقي. وهو خمسة عشر سهماً من أربعة وعشرين سهماً، لأن صاحب النصف ادعى فضل السدس على من (¬5) في يديه النصف، من ذلك السدس في يد صاحب الجميع، فيأخذ ذلك منه، ونصف ذلك السدس في ¬

_ (¬1) د - قضيت به للذمي ولو كان بينة الذمي من أهل الذمة قضيت به للمسلم ولو كان في يدي آخر لا يدعيه وأقام المسلم بينة من أهل الإسلام أنه عبده ولد في ملكه. (¬2) ب: ومجوسيا. (¬3) د م: والاثنين. (¬4) م - فالدار بينهم أثلاثاً لكل واحد منهم ما في يديه وإن قامت لهم جميعاً، صح هـ. (¬5) د م ف: على ما.

يد صاحب الثلثين، وقد أقام عليه صاحب الجميع بينة على كله، فلصاحب النصف من ذلك النصف سدس نصفه، وذلك ربع السدس، وصاحب الثلثين قد ادعى فضل الثلث على ما في يدي فضل صاحب الجميع على ذلك السدس، فإنه (¬1) يأخذه كله، وفي يدي الذي ادعى النصف سدس فيأخذ نصفه، وما بقي فهو لصاحب الجميع. ولو لم تقم لهما بينة وأَبَوْا اليمين جميعاً معاً بعضهم لبعض كان القضاء فيه كما وصفت لك. ولو كانت الدار في يدي غيرهم والذي هي في يديه على ما سميت لك والبينة على ما سميت لك فإن ذلك في قول أبي حنيفة: لصاحب الجميع الثلث، والسدس بين صاحب الجميع وصاحب الثلثين نصفان، والنصف بينهم أثلاثاً. وفي قول أبي يوسف ومحمد: الدار بينهم على ثلاثة عشر سهماً، لصاحب الجميع ستة، ولصاحب الثلثين أربعة، ولصاحب النصف ثلاثة. وقال أبو حنيفة: إذا كانت الدار في يدي رجلين فادعى أحدهما نصفها والآخر جميعها (¬2) فإن الذي ادعى النصف مصدق، لأن النصف في يديه، ولم يدع فضلاً، والذي ادعى الجميع مدع، فعليه البينة. فإن قامت (¬3) لهما جميعاً البينة فإنه (¬4) يقضى بالدار لصاحب الجميع. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. ولو كانت هذه الدار في يدي غيرهما، والمدعي على ما ذكرت لك، وقد قامت البينة، فإن أبا حنيفة قال في هذا: [نصفها] (¬5) لصاحب الجميع لا حق للآخر فيه، والنصف الباقي كل واحد منهم قد أقام عليه بينة (¬6)، فهو بينهما نصفان. وقال أبو يوسف ومحمد: الدار بينهم على ثلاثة أسهم، لصاحب الجميع الثلثان، ولصاحب النصف الثلث، يضرب كل واحد منهما في الدار بما شهدت به الشهود. وإذا كانت الدار في يدي رجل منها منزل، وفي يدي آخر منها منزل ¬

_ (¬1) د م: قام. (¬2) د م ف: جميعاً. (¬3) د م ف: اقامت. (¬4) د م ف: وإن. (¬5) الزيادة من ب. (¬6) د: البينة.

آخر، فادعى أحدهما أن الدار بينهما نصفان، وقال الآخر: هي لي كلها، فإنما (¬1) له (¬2) المنزل الذي (¬3) هو في يديه وما في يدي الآخر له نصفه. ولو لم يكن في أيديهما على ما وصفت لك ولكن كانت الدار في أيديهما لا يعرف شيء منها (¬4) في يدي (¬5) أحد منهما دون صاحبه فإن أبا حنيفة قال في ذلك: هي بينهما نصفان. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. وكذلك المنزل والأرض والقرية والعبد والأمة والحيوان كله والثياب والعروض. وإذا كانت الدار سفلها في يدي رجل وعلوها في يدي آخر، وطريق العلو في الساحة، فادعى كل واحد منهما أن الدار له، فإن أبا حنيفة قال في ذلك: الدار لصاحب السفل إلا العلو وطريقه فإنه لصاحب العلو. وإن أقاما جميعاً البينة على ما ادعيا فلكل (¬6) واحد منهما ما في يد صاحبه. وإذا كانت الدار في يد ثلاثة رهط فادعى واحد منهم النصف وادعى الآخر السدس وادعى الآخر الثلث، وجحد بعضهم دعوى بعض، فإن (¬7) في يد كل واحد منهم الثلث، والثلث (¬8) الذي يقع في يدي صاحب السدس نصفه له، ونصفه موقوف (¬9) في يديه، فإن قامت البينة لصاحب النصف على دعواه أخذ من يد كل واحد من صاحبه نصف السدس. وإذا كانت الدار في يدي ورثة، فأقر بعضهم أنها لأبيهم مات وتركها ميراثاً، وأقر بعضهم أنها لجدهم مات وتركها ميراثاً، فإن كل واحد منهما (¬10) مدع، وعلى كل منهم البينة على دعواه. وإذا كانت المنزل في يدي رجل، وبقية الدار في يدي آخر، فادعى الذي في يديه الدار المنزل، وجحد ذلك صاحب المنزل، فإن على مدعي ¬

_ (¬1) د م ف: وإنما. (¬2) ف - له. (¬3) ف: للذي. (¬4) م ف: منهما. (¬5) د: في يد. (¬6) د م ف: ولكل. (¬7) ف + كان. (¬8) ف - والثلث. (¬9) ف: مرقوق. (¬10) أي من الفريقين.

باب دعوى الحائط

الدار البينة، فإن أقام البينة أخذ بذلك، وإن أقام رب المنزل البينة (¬1) أن المنزل له لم تقبل بينته على ما في يديه (¬2). ... باب دعوى الحائط وإذا كان الحائط بين الدارين، فادعى صاحب هذه الدار الحائط، وادعى صاحب هذه الدار الحائط، فإن أبا حنيفة قال: إن كان لأحدهما عليه جذوع (¬3) وليس للآخر عليه جذوع فهو لصاحب الجذوع. وقال أبو حنيفة: إن كان لأحدهما عليه حَرادِيّ (¬4) وللآخر عليه جذوع فهو لصاحب الجذوع، وليس لصاحب الحَرادِيّ فيه حق، لأن الحرادي ليس بحمل (¬5). وكذلك البَوارِي (¬6) تكون على الحائط، فإن صاحب البواري والحرادي لا يستوجب بذلك شيئاً من الحائط. وقال (¬7) أبو حنيفة: إن كان الحائط متصلاً ببناء أحدهما وللآخر عليه جذوع فإن الحائط لصاحب الجذوع، إلا أن يكون اتصاله ¬

_ (¬1) د -البينة. (¬2) د -بينته على ما في يديه. (¬3) جمع جِذْع: وهو ساق النخلة، ويقال لسهم السقف. انظر: المصباح المنير، "جذع". (¬4) الحَرادِيّ: ما يلقى على خشب السقف من حُزَم القصب. الواحد: حُرْديّ، وهو نبطي. قال ابن السكيت: ولا تقل: هُرْدِيّ. وفي العين: الهُرْدِيّة: قصبات نُغْم مَلويّة بطاقات الكَرْم، ترسل عليها قضبان الكرم. والحُرْدِية: حياصة الحظيرة التي تشد على حائط من قصب عرضاً. انظر: المغرب، "حرد". (¬5) أي: ليس يحمل مقصود بني الحائط من أجله. انظر: المبسوط للسرخسي، 17/ 88. (¬6) البَوارِي جمع بارِيّ: وهو الحصير، ويقال له: البُورِياء بالفارسية. انظر: المغرب، "بري". (¬7) م "البواري" يستوجب بذلك شيئاً من الحائط وقال" غير واضح.

بتربيع (¬1) بيت أو بتربيع دار، فيكون الحائط لصاحب الاتصال، ولصاحب الجذوع موضع جذوعه (¬2). وقال أبو حنيفة: إن كان الحائط متصلاً ببناء أحدهما وليس للآخر عليه جذوع فهو لصاحب الاتصال. وقال أبو حنيفة: إن لم يكن متصلاً ببناء واحد منهما ولم يكن لواحد منهما عليه جذوع فهو (¬3) بينهما نصفان. وقال أبو حنيفة: إن كان لأحدهما عليه عشر خشبات وللآخر عليه سبع (¬4) خشبات فهو بينهما نصفان. وقال أبو حنيفة: إن كان لأحدهما عليه خشبات وللآخر خشبة واحدة فلكل واحد منهما ما تحت خشبه، ولا يكون بينهما نصفان. وقال أبو حنيفة: إن كان لأحدهما عليه خشبة وللآخر (¬5) عليه حائط وسترة فإن الحائط الأسفل لصاحب الخشب فيهما، ولصاحب السترة (¬6) السترة على حالها. وإن لم تكن لواحد منهما عليه خشبة ولا سترة ولم يكن متصلاً ببنائهما ولأحدهما عليه حَرادِيّ أو بَوارِي فإن الحائط بينهما نصفان، ¬

_ (¬1) قال السرخسي: قال في الكتاب: إلا أن يكون اتصال تربيع بيت أو دار، فيكون لصاحب الاتصال حينئذ. وكان الكرخي -رحمه الله- يقول: صفة هذا الاتصال أن يكون هذا الحائط المتنازع من الجانبين جميعاً متصلاً بحائطين لأحدهما، والحائطان متصلان بحائط له بمقابلة الحائط المتنازع، حتى يصير مربعاً شبه القبة، فحينئذ يكون الكل في حكم شيء واحد، فصاحب الاتصال أولى. انظر: المبسوط، 17/ 88. (¬2) ورد نظير هذه المسألة في كتاب الصلح أيضاً. انظر: 8/ 9 و - 9 ظ. (¬3) ف: وهو. (¬4) ولفظ الحاكم: تسع. انظر: الكافي، 1/ 232 و. وقال السرخسي: وإن كان لأحدهما عليه عشر خشبات وللآخر ثلاث خشبات فصاعداً قضي به بينهما نصفان، اعتباراً لأدنى الجمع بأقصاه. وهذا لأن لكل واحد منهما عليه حمل مقصود يبنى الحائط لأجله، فلا يعتبر التفاوت بعد ذلك في القلة والكثرة. انظر: المبسوط، 17/ 90. (¬5) د م: ولآخر. (¬6) د م ف: الستر. والتصحيح من المبسوط، 17/ 90. ولفظ ب: والسترة لربها.

ولا يستحق بالحَرادِيّ والبَوارِي شيئاً، لأنها ليست بحمل. وقال أبو حنيفة: إذا كان خُصّ (¬1) بين رجلين كل واحد منهما يدعيه، والقُمُط (¬2) إلى أحدهما فإن الخُصّ (¬3) بينهما نصفان، ولا أعمل بالقُمُط. وكذلك البناء لو كان وجهه إلى أحدهما وظهره إلى آخر كان بينهما نصفين. وقال أبو حنيفة: لا أعمل بوجه البناء ولا بظهره، ولا ألتفت إلى شيء من ذلك. وقال أبو يوسف ومحمد: يقضى بالخُصّ لمن كان إليه القُمُط. وكذلك بلغنا عن شريح (¬4). ويقضى أيضاً لمن كان إليه ظهر البناء وأنصاف اللبِن إليه. وقال أبو حنيفة: إذا كان سفل الحائط لرجل وعلوه لآخر فأراد صاحب السفل أن يهدم السفل فليس له ذلك. وقال أبو حنيفة: ليس له أن يفتح فيه باباً ولا كوة ولا يدخل فيه جذعاً لم يكن قبل ذلك إلا برضى من صاحب العلو. وقال أبو يوسف ومحمد: له أن يفتح باباً وكوة، وله أن يدخل جذعاً إذا لم يضر ذلك بالعلو، فإذا كان الشيء الذي يحدثه يضر بالعلو لم يكن له أن يفعله. وقال أبو حنيفة: ليس لصاحب العلو أن يحدث على علوه بناءً، ولا ¬

_ (¬1) الخصّ: بيت من قصب. انظر: المغرب، "خصص". (¬2) القُمُط جمع قِماط: شُرُط الخُصّ التي يُوثَق بها، جمع شريط: وهو حبل عريض ينسج من ليف أو خوص. وقيل: القُمُط هي الخشب التي تكون على ظاهر الخُصّ أو باطنه يشد إليها حرادي القصب. وأصل القَمْط: الشدّ، يقال: قَمَطَ الأسيرَ أو غيره إذا جمع يديه ورجليه بحبل، من باب طلب. انظر: المغرب، "قمط". (¬3) د: الخط. (¬4) رواه المؤلف بإسناده في كتاب الإقرار. انظر: 5/ 257 و.

يضع عليه جذوعا لم تكن له، ولا يشرع فيه (¬1) كَنِيفاً (¬2) لم يكن. وإذا كان الحائط بين دارين وأقام كل واحد منهما من أرباب الدارين البينة أن الحائط له (¬3)، فإنه يقضى بالحائط بينهما نصفين. وإن أقام أحدهما البينة أنه له ولم يقم الآخر بينة (¬4) قضي به لصاحب البينة، وإن (¬5) كان للآخر عليه جذوع نزعته. وإذا كان الحائط بين رجلين فادعى رجل آخر أن أحد الرجلين قد أقر أن الحائط له وأقام على ذلك بينة، فإنه يقضى له (¬6) بحصته منه، [و] يكون (¬7) بينه وبين الآخر. وإذا كان الحائط في يدي رجل وله جذوع شاخصة فيه على دار رجل وأراد أن يجعل عليها كنيفاً، فإن لصاحب الدار أن يمنعه ذلك، وليس لصاحب الدار أن يقطع الجذوع، ولكن تترك على حالها إلا أن تكون جذوع لا تحمل على مثلها شيئاً، إنما هي أطراف جذوع خارجة في داره، فتقطع في قول أبي حنيفة. وإذا كان بيت سفله لرجل وعلوه لآخر، فليس لصاحب السفل أن يهدم سفله، وليس لصاحب العلو أن يبني على علوه شيئاً لم يكن قبل ذلك في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: له أن يبني ما لم يضر بالسفل، وإن كان يضر بالسفل فليس له ذلك. ¬

_ (¬1) د -فيه. (¬2) الكَنِيف: ما يُشْرَع فوق باب الدار كالجناح ونحوه، وأهل العراق يسمون ما أشرعوا من أعالي دورهم كَنِيفاً. وقيل: الكنيف يكون متصلاً بالدار بخلاف الظلة. انظر: لسان العرب، "كنف، كنن". (¬3) ف - له. (¬4) د ف: البينة. (¬5) ف: فإن. (¬6) د - له. (¬7) أي: الحائط. انظر: الكافي، 1/ 232 و.

باب الدعوى في الطريق

وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا انهدم العلو والسفل جميعاً لم يجبر صاحب السفل علي بنائه، ولصاحب العلو أن يبني السفل والعلو فوقه، ولا يسكن صاحب السفل منزله حتى يؤدي قيمة البناء إلى صاحب العلو. وقال أبو حنيفة: لو هدم صاحب العلو علوه وهدم صاحب السفل سفله أخذه صاحب السفل بالبناء حتى يعيده على حاله. ولو كان بيت بين رجلين أو دار فانهدمت فبناها أحدهما لم يرجع على شريكه بشيء. وكذلك الحائط إن لم يكن عليه جذوع، والحمام إن لم يكن (¬1). وكذلك البيت بين رجلين. ولا يشبه هذا العلو والسفل، لأن هذا قد بني في ملكه وملك صاحبه بغير أمره، وصاحب العلو إنما بني في ملك صاحب السفل، لأنه لا يكون له علو حتى يبني السفل، وصاحب الدار والبيت والشريك في الدار والبيت يقدر على القسمة، ويبني في حقه. ... باب الدعوى في الطريق إذا كان لرجل باب من داره في دار رجل، فأراد أن يمر (¬2) في داره من ذلك الباب، فمنعه صاحب الدار، فصاحب الباب الذي يدعي الطريق هو المدعي للطريق، وعليه البينة، والقول قول رب الدار مع يمينه، ولا يستحق صاحب الباب ببابه طريقاً في دار هذا. فإن أقام شاهدين يشهدان أنه قد كان يمر في هذه الدار من (¬3) هذا الباب فإنه لا يستحق بهذه الشهادة شيئاً، إلا أن يشهدوا أنه طريق له ثابت (¬4) فيها، فإن شهدوا بذلك جازت شهادتهم وإن لم يحدوا (¬5) الطريق ولم يسموا أذرع عرض ولا طول، ¬

_ (¬1) في هامش ب: أي إن لم يكن لأحدهما عليه بناء أو جذوع. (¬2) د م ف: أن يعين. (¬3) د - هذه الدار من. (¬4) ف: باب. (¬5) د: لم يجدوا.

بعد أن يقولوا: (¬1) إن له طريقاً في هذه (¬2) الدار من هذا الباب إلى باب داره (¬3)، فإن شهدوا على هذا فهو جائز. وكذلك إن قالوا: مات أبوه وترك هذه الطريق ميراثاً له، ولم يسموا عرضه ولا طوله ولا حدوده، كان أجوز للشهادة. وإذا كان لرجل ميزاب في دار رجل، فأراد أن يسيل فيه الماء، فمنعه رب الدار، فليس (¬4) لصاحب الميزاب أن يسيل فيه الماء (¬5) حتى يقيم البينة أن له في هذه الدار مسيل ماء. فإن أقام البينة فشهدوا أنهم قد رأوه يسيل فيه ماء، فليس هذه الشهادة بشيء، ولا يستحق بها شيئاً حتى يشهدوا أن له مسيل ماء فيها من هذا الميزاب. فإن شهدوا أنه لماء المطر فهو جائز. وإن (¬6) شهدوا أن له مسيل ماء ولم ينسبوه إلى شيء مما سمينا فالقول فيه قول رب الدار الذي جحد ذلك مع يمينه. فإن قال: هو لماء المطر، فهو كما قال. وإن قال: هو للوضوء، فهو كما قال بعد أن يحلف على ذلك. ولو لم يقم بينة أنه كان له فلمدعي (¬7) الميزاب أن يستحلفه على ذلك، فإن حلف برئ من الدعوى، وإن نكل (¬8) عن اليمين لزمه دعوى صاحبه. وإذا كانت الدار التي يدعي فيها المسيل والطريق بين ورثة، وأقر بعضهم بالطريق والمسيل، ثم جحد ذلك بعضهم، لم يكن لصاحب الطريق أن يمر فيه، ولا لصاحب المسيل أن يسيل فيه ماءه بإقرار بعض الورثة. وإن أقروا جميعاً غير واحد منهم فهو كذلك أيضاً، غير أن الدار تقسم، فيضرب المقر له بالطريق وبالمسيل في حصة المقر بقيمة ذلك، يضرب المقر بحصته، فيكون بينهما على ذلك، ولا يشبه (¬9) الطريق ومسيل الماء في هذا ¬

_ (¬1) د م ف: أن يقول. (¬2) ف: إن له في طريق هذه. (¬3) د م ف: دار. (¬4) د - فليس، صح هـ. (¬5) ف - فمنعه رب الدار فليس لصاحب الميزاب أن يسيل فيه الماء. (¬6) د م: فإن. (¬7) د م ف: فللمدعي. (¬8) د م: وله أنه نكل. (¬9) د - المقر بقيمة ذلك يضرب المقر بحصته فيكون بينهما على ذلك ولا يشبه، صح هـ.

باب الدعوى في شيء واحد من وجهين

الوجه غيرهما من الحقوق من الدور (¬1) والأرضين. وإذا كان مسيل ماء في قناة، فأراد صاحب القناة أن يجعله ميزابًا، فليس له ذلك إلا أن يرضى بذلك أهل الدار الذين عليهم (¬2) المسيل. وكذلك لو كان ميزابًا فأراد أن يجعله قناة فليس له ذلك إلا أن يكون عليهم من ذلك ضرر بين، فله أن يجعله. وكذلك لو جعل ميزاباً أطول من ميزاب أو أعرض. وكذلك لو أراد أن يسيل ماء سطح آخر في ذلك الميزاب لم يكن له ذلك. وكذلك لو أراد أن يزيل ماء الميزاب عن موضعه أو يرفعه أو يسفله. وكذلك لو أراد أهل الدار أن يبنوا حائطاً يسد مسيله لم يكن لهم ذلك. ولو (¬3) أرادوا أن يبنوا بيتاً مسيل ميزابه على ظهره كان لهم ذلك. وليس لهم أن يبنوا في ساحة الدار ما يقطع عليه طريقه، ينبغي لهم أن يتركوا من ساحة الدار عرض باب الدار، ويبنون ما سوى ذلك. ... باب الدعوى في شيء واحد من وجهين وإذا كان الدار في يدي رجل، فادعى رجل أن أباه مات وتركها ميراثاً عند القاضي، وجحد ذلك الذي هي في يديه، وقال المدعي: مات والدي منذ سنة وتركها ميراثاً، ودعاه القاضي بشهود، فجاءه بالبينة، فشهدوا أنه اشتراها هو من الذي هي في يديه منذ سنتين، ولم يذكروا أباه، فإن هذا لا يقبل منه البينة عليه في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، لأن هذا نقض لدعواه الأولى، ودعواه الأولى تنقض هذه الدعوى الآخرة. وكذلك لو ادعاها بهبة أو صدقة. ¬

_ (¬1) ف: والدور. (¬2) وفي هامش ب: نظر لهم. أي أن "عليهم" فيها نظر، ولعل الصواب "لهم". (¬3) م + ولو.

وإذا كان العبد في يدي رجل، فادعى رجل آخر أن الذي في يديه العبد تصدق به عليه منذ سنة وقبضه، وجحد الذي هو في يديه ذلك، فسأل (¬1) القاضي المدعي البينة على ما يدعي، فجاء بالبينة أنه اشتراه منه منذ سنتين، فإن ذلك لا يقبل منه، لأن دعواه الأولى تنقض دعواه هذه الآخرة. وكذلك لو كان ادعى في أول مرة الشراء ثم جاء بالشهود على الصدقة فإن ذلك لا يقبل منه. فإن ادعى الصدقة منذ سنة وجحد الذي هو في يديه وأقام البينة أنه اشتراه منه منذ شهر، وقال: جحدني الصدقة فاشتريته منه، فإني أقبل منه هذه البينة، وأقضي له بالعبد. وكذلك لو ادعى الشراء منذ سنة، وقال: جحدني ذلك، فسألته، فتصدق علي بعد ذلك، وجاء بالبينة على ذلك، فإني أقبل الشهود على ذلك، وأقضي له بالعبد. ولو ادعى أن أباه مات وتركه ميراثاً له لا وارث له غيره منذ سنة، وقال: جحدني ذلك، ولم يكن له بينة، فاشتريته منه (¬2) منذ شهر، وأقام البينة على ذلك، فإني (¬3) أقبل ذلك منه، وأقضي له بالعبد. ولو ادعى ميراثاً منذ سنة من أبيه على ما ذكر، فقال له القاضي: هات بينة، فقام من عند القاضي على ذلك، فجاء بالبينة على الشراء أنه اشتراه منه بعد ما قام من عند القاضي، وقال: جحدني الميراث، واشتريته منه، فإني أقبل منه البينة على ذلك وأقضي له بالعبد، وهذا لا ينقض ما ادعى أول مرة، لأنه يقول: جحدني الميراث واشتريته منه، فإني أقبل منه. وإذا ادعى رجل أمة في يدي رجل، وقال: اشتريتها بعبدي هذا منه منذ سنة، وجحد البائع ذلك، فسأله القاضي البينة، فأتاه بشاهدين، فشهدا أنه اشتراه منه منذ قام من عند القاضي بألف درهم، وقال: جحدني البيع الأول، ولم يكن لي بينة، فإني أقبل ذلك منه وأقضي به له. ولو كان جاء بالشهود بعد هؤلاء فشهدوا أنه اشتراه منه منذ سنة أو قبل ذلك لم أقبل ذلك منه، لأن دعواه الأولى تنقض هذا. وإذا ادعى رجل عبداً في يدي رجل أنه له أو داراً أو أرضاً أو شيئاً ¬

_ (¬1) ف: قال. (¬2) م - منه. (¬3) د م ف + لا. والتصحيح مستفاد من الكافي، 1/ 232 ظ؛ والمبسوط، 17/ 97.

من الحيوان أو عرضاً من العروض، فقال: هذا لي، وجحده الذي هو في يديه، فسأله القاضي البينة، فجاء بالبينة أنه اشتراه من الذي هو في يديه (¬1) بثمن مسمى ونقده الثمن، فإني أقبل ذلك منه، لأن دعواه الأولى [لا] (¬2) تنافي هذه الدعوى. وكذلك لو جاء بالبينة على صدقة أو هبة. وكذلك لو جاء بالبينة أن أباه مات وتركه ميراثاً له لا وارث له غيره فإني أقضي له بذلك بحصته من ذلك، لأن دعواه الأولى لا تنقض هذه. وكذلك لو كان معه وارث غيره فإني أقضي له بحصته من ذلك. وكذلك لو ادعى أن ذلك الشيء لغيره وأنه وكله بالخصومة فيه فإني أقضي له به إذا أقام البينة على ذلك، لأنه قد أخرجه من نفسه بدعواه الآخِرة. ولو ادعى أول مرة أنه لفلان وأنه قد وكله بالخصومة فيه، ثم أقام البينة أنه له، لم أقبل منه، لأن دعواه الأولى تنقض الآخرة. وكذلك لو ادعى أنه لرجل وأنه وكله بالخصومة فيه، فإني لا أقبل ذلك منه، ولا أصدقه عليه. ولو ادعاه لرجل وادعى أنه وكله بالخصومة فيه ثم قال بعد ذلك: باعه من فلان وهو يملكه، ووكلني فلان المشتري بالخصومة فيه، وجاء بالبينة على ذلك، فإني أقبل ذلك منه، وأقضي بالعبد للموكل الأخير (¬3). وإذا ادعى رجل على رجل دين ألف درهم في صك وأنه (¬4) باسمه ثم جاء بالبينة أن ذلك المال (¬5) بعينه والصك لغيره وأنه قد وكله بالخصومة فيه، فإني أقبل (¬6) ذلك (¬7) منه، لأن الوكيل يقول: لي على فلان، يعني: الذي وكلني، وهو صادق في ذلك. ¬

_ (¬1) د م ف + فسأله القاضي البينة فجاء بالبينة أنه اشتراه من الذي هو في يديه. (¬2) انظر المسألة التي بعد التالية حيث يقول: وكذلك ... لأن دعواه الأولى لا تنقض هذه. وانظر: المبسوط، 17/ 97. (¬3) ف: الأجير. (¬4) د م ف: فانه. (¬5) م: الملك. والتصحيح من ب؛ والكافي، 1/ 232 ظ. (¬6) م: لا أقبل. والتصحيح من الكافي، 1/ 232 ظ؛ والمبسوط، 17/ 98. (¬7) ف - المال بعينه والصك لغيره وأنه قد وكله بالخصومة فيه فإني أقبل ذلك.

باب ادعاء الولد

باب ادعاء الولد أبو سليمان قال: أخبرنا محمد قال: حدثنا أبو يوسف عن المجالد بن سعيد عن عامر الشعبي عن شريح عن عمر بن الخطاب أنه كتب إليه: إذا أقر الرجل بولده لم يكن له أن ينفيه (¬1). أبو سليمان قال: أخبرنا محمد قال: أخبرنا أبو يوسف قال: أخبرنا يحيى بن أبي (¬2) أنيسة عن الحكم بن عتيبة عن علي بن أبي طالب مثل ذلك (¬3). محمد عن أبي يوسف قال: حدثنا المجالد عن عامر عن شريح أن رجلاً ولدت له (¬4) أمته أو امرأته، فهنأه القوم به، وأقر به، ثم نفاه بعد ذلك. فشهد القوم عليه بالتهنئة والإقرار، وألزمه شريح الولد. وقال: لو تُركتم لبعتم أولادكم (¬5). محمد عن أبي يوسف عن العَرْزَمي عن أبي الزَّبِير عن جابر قال: مر عمر بن الخطاب على جارية تسقي مع رجال على بئر، فقال عمر: لمن هذه؟ فقالوا: لفلان، فقال: لعله يطؤها؟ فقالوا: نعم. قال: أما إنها لو ولدت ألزمته ولدها (¬6). محمد عن أبي يوسف عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: قال عمر بن الخطاب: من وطئ وليدة له فضيعها فالولد منه والضياع عليه. وقال أبو حنيفة: إذا أقر الرجل بولد من سُرّية كان أو من زوجة لم يكن له أن ينفيه أبداً. محمد قال: حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: ينتفي ¬

_ (¬1) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 39 - 40. (¬2) د م - أبي. (¬3) المصدر السابق. (¬4) ف - له. (¬5) المصدر السابق. (¬6) المصنف لعبد الرزاق، 7/ 132.

الرجل من ولده إذا شاء، ويقر به إذا شاء (¬1)، من حرة كان أو من أمة (¬2). وكان أبو حنيفة لا يأخذ بهذا ولا أبو يوسف ولا محمد. محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال في الرجل والمرأة يكون بينهما الولد أحدهما كافر والآخر مسلم أن الولد للمسلم منهما (¬3). محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال في الأمة بين رجلين مسلم وكافر ولدت ولداً فادعياه جميعاً أن الولد للمسلم منهما. محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال في الرجلين يدعيان الولد أنه ابنهما ويرثهما ويرثانه (¬4). محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم بن عتيبة عن شريح أن رجلين وطئا جارية فأتت (¬5) بولد، فادعياه جميعاً، فكتب في ذلك إلى عمر. فكتب إليه عمر أنهما لَبَّسا فلُبِّسَ عليهما، ولو بَيَّنَا بُيِّنَ لهما، فهو ابنهما يرثهما ويرثانه، وهو للباقي منهما (¬6). محمد عن أبي يوسف عن عبد الله بن عون عن رجاء بن حَيْوَة عن محمود بن الربيع قال: قال عمر بن الخطاب: حصنوهن أو لا تحصنوهن، أيما رجل وطئ جارية فجاءت بولد ألزمناه إياه (¬7). ¬

_ (¬1) ف - ويقر به إذا شاء. (¬2) روي عنه عكس ذلك أيضاً. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 7/ 100؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 6/ 15. (¬3) الآثار لأبي يوسف، 158؛ والمصنف لعبد الرزاق، 6/ 28. (¬4) الآثار لأبي يوسف، 158. وروى عبد الرزاق قال: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم في الرجلين يقعان على المرأة في طهر واحد ثم تلد، قال: إن ادعاه الأوّل ألحق به، وإن ادعاه الآخر ألحق به، وإن شكا فيه فهو ابنهما يرثهما ويرثانه. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 7/ 360. (¬5) د م - فأتت. (¬6) انظر: 5/ 54 ظ. وروي نحوه عن عمر - رضي الله عنه -. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 7/ 360 - 361. (¬7) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 32.

باب دعوى الولد بعد البيع

وقال أبو حنيفة: إذا وطئ الرجل أمته فولدت لم يلزمه ولدها (¬1)، وإن حصنها وبوأها بيتاً لم يلزمه الولد إلا أن يقر به. وقال أبو حنيفة: إذا حصنها فأحب إلى في دينه أن يقر به، وإن لم يحصنها فهو في سعة من إنكاره. ... باب دعوى الولد بعد البيع أبو سليمان قال: أخبرنا محمد قال: حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: إذا حبلت الأمة عند الرجل فباعها فولدت عند المشتري، فإن ادعيا الولد جميعاً فهو ابن المشتري، وإن نفاه المشتري وادعاه البائع فهو ابنه، وإن نفياه جميعاً فهو عبد، وإن شكا فيه فهو ابنهما جميعاً. ولم يكن أبو حنيفة يأخذ بهذا ولا أبو يوسف ولا محمد. فإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر فهو ابن المشتري (¬2) إن ادعاه، وإن جاءت به لأقل من ستة أشهر فهو ابن البائع إن ادعاه (¬3). وإن ادعياه جميعاً نظر لكم جاءت بالولد، فإن كان لأكثر من ستة أشهر فصاعدا فهو ابن المشتري، وإن كان لأقل من ستة أشهر فهو ابن البائع، وإن شكا فيه جميعاً فهو عبد للمشتري، هذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: إذا باع الرجل أمة حبلى فولدت بعد البيع وادعياه جميعاً فإني أنظر لكم جاءت بالولد، فإن كانت جاءت به بعد البيع لستة أشهر فصاعداً فإنه ابن المشتري، ولا يصدق البائع. وإن جاءت به لأقل من ستة أشهر فهو ابن البائع إن ادعاه، ولا يصدق المشتري. وإن لم يدعياه جميعاً فهو عبد والبيع نافذ. ¬

_ (¬1) ف - ولدها. (¬2) م + إن ادعياه وإن جاءت به لأقل من ستة شهر فهو ابن البائع؛ ف: ابن البائع. (¬3) م + وإن ادعياه.

وقال أبو حنيفة: إذا حبلت الأمة عند الرجل، ثم باعها من رجل وقبضها المشتري ونقد الثمن، ثم وضعت لأقل من ستة أشهر بعد البيع، فادعاه البائع أنه ابنه فهو جائز، ويكون ابنه، ويثبت نسبه منه، ويعتق، وُيرجِع الأمةَ إليه، فتكون أم ولد له، ويرد الثمن وإن أنكر ذلك المشتري. وكذلك إن لم يكن المشتري قبض الأمة. وكذلك لو كان قبضها فباعها من غيره ودفعها وقبض الثمن فهو مثل ذلك أيضاً، بعد أن تكون جاءت بالولد لأقل من ستة أشهر بعد البيع. وإن كانت جاءت بالولد (¬1) لستة أشهر فصاعداً لم يلزمه النسب، ولا يصدق على الدعوة إلا أن يصدقه المشتري، وإن صدقه فهو مثل الباب الأول. وقال أبو حنيفة: إذا حبلت الأمة عند الرجل ثم باعها وقبضها المشتري ونقد الثمن، ثم جاءت بولد لأقل من ستة أشهر من يوم باعها، فادعاه المشتري فهو ابنه، ويثبت نسبه منه، وتكون الخادم أم ولد. فإن ادعاه البائع بعد ذلك لم يصدق، ولم تجز دعوته فيه. وإن كان البائع ادعاه أولاً فهو مصدق، ويرد هو وأمه إليه، ويرد الثمن. وإن ادعاه المشتري بعد ذلك لم يصدق. وإن لم يدعه واحد منهما على ما ذكرنا ولكن ادعياه جميعاً معاً فهو ابن البائع يلحق به، وترد أمه إليه، ويرد الثمن، لأنه أولى. هذا كله قول أبي حنيفة. وإذا حبلت الأمة عند الرجل فباعها فولدت عند المشتري لأقل من ستة أشهر، ثم إن المشتري أعتق الأم، ثم ادعى البائع الولد، فإن دعوته فيه جائزة في قول أبي حنيفة، ويرد إليه بحصته من الثمن، ولا يصدق على الأم، ولا ترجع أمة توطأ بقول البائع بعد أن صارت حرة. وكذلك لو كان دبرها أو ولدت منه ولداً آخر فهو مثل ذلك. ولو لم يكن شيء من ذلك ولكنها ماتت فإنه يصدق في الدعوة ويرد الثمن كله في قول أبي حنيفة. وفي قول أبي يوسف ومحمد لا يرد حصة الأم. ولو كان كاتب الأم أو باعها أبطلت المكاتبة وأبطلت البيع ورددتها أم ولد إلى الأول. وكذلك ¬

_ (¬1) د م + الأول؛ ف + لأقل.

لو رهنها أو أجرها وقبضها أو تصدق بها وقبضها المتصدق بها عليه. وكذلك لو زوجها أبطلت التزويج ورددتها إلى الأول. و [لو] (¬1) لم يكن شيء من ذلك، وكانت الخادم على حالها عند المشتري، غير أنه أعتق ابنها البتة أو دبره ثم ادعى البائع وكذبه المشتري فإن أبا حنيفة قال في هذا: لا يصدق على النسب، ولا يلزمه العتق الذي أحدث فيه المشتري، ولا ترد الأم إلى البائع (¬2)، لأنه ليس معها ولد يثبت نسبه. ولو لم يعتقه ولكن الولد مات عند المشتري أو قتل فأخذ قيمته ثم ادعاه البائع لم يصدق على ذلك إذا كذبه المشتري، ولا ترد الأم على البائع، لأنه ليس معها ولد يثبت نسبه (¬3). ولو لم يكن الأمر على ذلك ولكن الولد قطعت يده فأخذ المشتري نصف قيمته ثم ادعاه البائع فإنه يصدق على الدعوة، ويثبت نسبه، ويرد البائع ما قبض من الثمن إلا حصة اليد. وكذلك لو كان القطع في الأم. وكذلك رجل (¬4) فقأ عيني الولد فدفعه المشتري وأخذ قيمته ثم ادعاه البائع فإن دعوته جائزة، ويعتق ويكون ابنه، ويرجع على البائع بالثمن إن كان نقده إياه، ويرجع الجاني على المشتري بالقيمة التي أعطاه. ولا يكون للعين أرش على الجاني في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فيكون على الجاني ما نقصه. وكذلك لو كان (¬5) فقأ عيني الأم فدفعها وأخذ قيمتها ثم ادعى البائع الولد فإنه (¬6) يصدق، ويكون ابنه، ويرد الابن والأم إليه، ويرد ما قبض من الثمن، ولا شيء على الجاني، ويرجع بما كان المشتري قبض منه في قول أبي حنيفة. وفي القول الآخر يضمن الجاني ما نقص الأم. ¬

_ (¬1) الزيادة من ب؛ والكافي، 1/ 233 و. (¬2) ف: على البائع. (¬3) ف - ولو لم يعتقه ولكن الولد مات عند المشتري أو قتل فأخذ قيمته ثم ادعاه البائع لم يصدق على ذلك إذا كذبه المشتري ولا ترد الأم على البائع لأنه ليس معها ولد يثبت نسبه. (¬4) ف - رجل. (¬5) ف - كان. (¬6) د م ف + لا. وانظر: المبسوط، 17/ 104.

وإذا حبلت الأمة عند الرجل ثم باعها وقبض الثمن، فولدت عند المشتري لأقل من ستة أشهر، وادعى البائع الولد وكذبه المشتري، ثم قتل الولد عند المشتري أو قطعت يده محمداً أو خطأ، فإن الدعوة جائزة، وعلى الجاني مثل جناية الحر من القصاص والأرش. ولو كانت الجناية في الأمة كان قيمتها من الجناية والأرش مثل ما في أم الولد، ويكون ذلك للبائع. ولو كانت الأمة هي التي جنت أو الولد هو الذي جنى بعد الدعوة فإن جناية الولد مثل جناية الحر، وجناية أمه مثل جناية أم الولد. وإن لم يكن القاضي قضى بذلك، فإن كانت الجناية بينهما قبل الدعوة فلا شيء على المشتري فيها، وهي على البائع. فإن كان علم فهذا منه اختيار، وعليه أرش الجناية. وإن لم يكن علم فعليه الأقل من أرش الجناية ومن القيمة. وإذا حبلت الأمة عند الرجل ثم باعها فولدت عند المشتري لأقل من ستة أشهر فكبر ابنها وولد له عند المشتري ابن ثم مات الابن الأول ثم إن البائع ادعى الميت الأول (¬1) فإنه لا يثبت نسبه، ولا يشبه هذا ولد الملاعنة. أرأيت لو كان المشتري قد باع الميت وقبضه المشتري منه فمات عنده ثم فى عاه الأول أتبطل بيع هذا. أرأيت لو كان العبد قتل عنده ثم أخذ قيمته ثم ادعاه الأول أكنت أضمن القاتل دية حر. أرأيت لو أعتقه المشتري أو دبره ثم ادعاه الأول أكنت أجيز دعوته. وإذا اشترى الرجل جارية حبلى ثم باعها من آخر فولدت عند المشتري الآخر لأقل من ستة أشهر فادعاه الذي باعها إياه فإنه لا يصدق على ذلك، لأن الحبل كان عند غيره، وليس تجوز دعوة البائع إذا كان الحبل عند غيره. أرأيت لو ولدت عنده ثم باعهما جميعاً ثم ادعى الولد أكنت أجيز دعوته، لا تجوز دعواه، لأن الحبل كان عند غيره. ألا ترى أن رجلاً لو اشترى عبداً ثم باعه ثم ادعاه من بعد ما باعه لم أجز دعواه ولم أنقض البيع لقوله ذلك. وكذلك لو باع أمة ثم قال: هي أم ولدي، ولا ¬

_ (¬1) أي: الابن الأول.

يعلم لها ولد. وكذلك لو قال: كنت دبرتها أو كنت أعتقتها (¬1) البتة، فإن هذا لايصدق على شيء من هذا. وإذا باع الرجل أمة حبلى قد حبلت عنده فولدت لأقل من ستة أشهر منذ يوم باعها، ثم ادعى الولد أبو البائع وأنكر البائع ذلك أو صدقه، فإنه لا يصدق على ذلك واحد منهما، من قبل أنها قد خرجت من ملك ابنه. وكذلك لو ادعاه أخو البائع وذكر أنه كان زوجها إياه وصدقه البائع فإنه لا يجوز. وكذلك كل ذي رحم محرم من البائع يدعي هذا الولد فإنه لا تجوز دعواه. ولو أن البائع أقر أنه ابن أحدهما أو صدقه لم يجز ذلك. فإن ادعاه البائع بعد ذلك لنفسه لم يصدق، لأنه قد أقر أنه لغيره. وكذلك أبو البائع. وإذا حبلت الأمة عند الرجل ثم باعها فولدت لأقل من ستة أشهر عند المشتري، فشهد شاهدان أن البائع ادعى الولد حين ولد، والبائع ينكر ذلك، فإن شهادتهما جائزة، ويكون ابنه وينتقض البيع. وكذلك لو شهدا أنه ادعاه قبل أن يبيعها وجاءت به بعد الدعوة لأقل من ستة أشهر. وإذا حبلت الأمة عند الرجل فباعها ثم ادعى الحبل قبل أن تلده، وقال المشتري: ليس بها حبل، وأروها النساء فقلن: حبلى، فإني لا أجيز دعواه في ذلك حتى تضع. ولو صدقه المشتري أنها حبلى وقال المشتري: ليس هذا منك، فإنه لا يصدق في الدعوة حتى تضع الأمة، فإن جاءت به لأقل من ستة أشهر فهو ابنه، وإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر لم يصدق عليه. وإذا باع الرجل أمة حبلى فولدت عند المشتري لأقل من ستة أشهر، فادعى المشتري (¬2) [وقال]: إن أصل الحبل لم يكن عندك، وقال البائع: بل كان عندي، فالقول قول البائع، ويكون الولد ولده. وإذا حبلت الأمة عند الرجل، ثم باعها فولدت عند المشتري لأقل من ¬

_ (¬1) د م ف: أعتقها. (¬2) د م + البائع.

ستة أشهر ابنة، ثم ولدت الابنة ابناً (¬1) فأعتق المشتري ابن الابنة، ثم ادعى البائع الابنة أنها ابنته، فإنه يصدق على ذلك، ويبطل عتق المشتري، ويكون الابن حراً من الأصل. ألا ترى أن رجلاً لو ولد عنده غلام، ثم ولد للغلام (¬2) ابن (¬3) فباع المولى ابن الابن فأعتق، ثم ادعى (¬4) المولى الولد الذي عنده، أجزت دعواه وأبطلت بيع الابن وعتقه، وكان هذا بمنزلة التوأم (¬5). ولو لم يبع ابن الابن ولكنه باع الابن نفسه فأعتق، ثم ادعاه، لم تجز الدعوة، وعتق ابن الابن الذي في يديه، ولا يشبه بيع الولد وعتقه عتق ولد الولد. ولو باع الابن نفسه فمات عند المشتري ثم ادعاه لم أجز دعوته، وأعتقت هذا، لأنه ليس ها هنا ولد يثبت (¬6) نسبه. وإذا حبلت الأمة عند الرجل فباعها، ثم ولدت عند المشتري ولدين أحدهما لأقل من ستة أشهر بيوم والآخر لأكثر من ستة أشهر بيوم، فادعى (¬7) المشتري والبائع الولدين جميعاً، فإنهما ابنا البائع، والأمة أم ولد له، وينتقض البيع، ويرد عليه (¬8)، ويرد ما قبض من الثمن. فإن ادعاهما المشتري ونفاهما البائع فإنهما ابناه. فإن نفاهما المشتري وادعاهما البائع فهما ابناه. فإن نفياهما أو شكا فيهما فلم يقرأ بدعواهما فهما عبدان للمشتري، وأمهما أمة للمشتري. وإذا حبلت الأمة وولدت عند الرجل، ثم باعها وقبض الثمن، فزوجها ¬

_ (¬1) ف: ابنة. (¬2) د م ف: الغلام. (¬3) د: ابنا. (¬4) م ف: ثم ادعاه. (¬5) قال السرخسي: وبيانه جارية ولدت ولدين في بطن واحد من علوق كان في ملك مولاها، فباع المولى أحدهما، وأعتقه المشتري، ثم إن البائع ادعى نسب الذي عنده، يثبت نسبهما منه، لأنهما خلقا من ماء واحد، فلا ينفصل أحدهما عن الآخر نسبًا، وقد كان العلوق بهما في ملكه، فيثبت حرية الأصل للذي عند البائع، ومن ضرورته ثبوت حرية الأصل للآخر، وكان ذلك بمنزلة إقامة البينة في إبطال عتق المشتري وشرائه في الآخر، فكذلك فيما سبق. انظر: المبسوط، 17/ 106. (¬6) د م: ثبت. (¬7) ف: وادعى. (¬8) د م - ويرد عليه.

المشتري عبداً له، فولدت للعبد ولداً، ثم مات عنها، فوطئها المولى بعد انقضاء العدة، فولدت منه، ثم ادعى البائع الولد الذي عنده، فإنه ابنه ثابت النسب منه، ويرد إليه ابن العبد بحصته من الثمن، فيكون عبده، يعتق إذا مات من جميع ماله بمنزلة أمه لو كانت عنده. ولا يثبت نسبه منه، لأنه من الزوج، والزوج أولى بالفراش. وإن ادعى أنه ابنه عتق ولا يكون ابنه، وهو ابن العبد، وأما الأمة فهي أم ولد للمشتري، لا ترد إلى البائع بعد العتق الذي دخل فيها من المشتري. وإذا حبلت الأمة عند الرجل، ثم باعها فقبض ثمنها، وقبضها المشتري، فولدت عنده بعد البيع بيوم، ثم مكثت سنة، ثم ولدت ولداً آخر من غير زوج، فادعى البائع الولدين جميعاً، فإنهما ابناه، وترد الأمة إليه، وتكون أم ولد له، ويرد الثمن. وكذلك لو ادعاهما المشتري معه، وكانت الدعوى جميعاً معاً، فهما ابنا البائع على ما وصفت لك، ولا يثبت نسبهما من المشتري، لأن البائع هو الأول وإن كان الكلام خرج منهما جميعاً معاً. ولو كان المشتري ادعى الولد الآخر أول (¬1) مرة أجزت دعوته، وجعلته ابنه، وجعلتها أم ولد له. فإن ادعى البائع بعده الولد (¬2) الأول أثبت نسبه منه بحصته من الثمن، ولا أرد إليه الأمة للذي دخلها من عتق المشتري. ولو لم يدع واحد منهما شيئاً وادعى البائع الولد الآخر خاصة دون الأول لم أثبت نسبه منه، ولم أصدقه، ولا أرد إليه الأم، لأنها لم تحبل به في ملكه. وإنما أثبت نسبه منه في الباب الأول لأنه إدعى الولدين جميعاً، فلما ثبت نسب الأول أُتْبِعه الآخر، لأنها قد صارت أم ولد للأول. ولو مات [الولد] الأول ثم ادعى البائع الولدين جميعاً لم أصدقه، ولم أثبت نسبهما منه، لأنه لم يبق الأول حتى يثبت نسبه. وإذا باع الرجل أمة حبلى فولدت بعد ما باعها بيوم، فادعاه البائع، فقال المشتري: لم تحبل عندك، إنما اشتريتَها قبل أن تبيعها بيوم، وقال البائع: حبلت عندي، فالقول قول البائع على ذلك بغير بينة، ويثبت نسبه، ¬

_ (¬1) ف - الآخر أول. (¬2) ف - الولد.

لأن المشتري مقر بأن الحبل كان عند البائع (¬1)، فليس يصدق على ما يدعي. وإذا اشترى الرجل من الرجل جارية حبلى، فولدت عند المشتري لأقل من ستة أشهر، فادعاه البائع، فقال المشتري: لم يكن الحبل عندك، وقال البائع: بلى قد كان عندي، فالقول قول البائع، ويثبت نسبه. ولو قال المشتري: ابتعتها منك [منذ] أكثر من ستة أشهر، وقال البائع: بعتكها منذ شهر، فإن القول في ذلك قول المشتري مع يمينه، وعلى البائع البينة. فإن أقام بينة أخذت ببينته، وأجزت دعوته. وإن أقاما جميعاً البينة على ما ادعيا أخذت ببينة المشتري لأنه الأول، ولأنه مدع للولد مع الأمة. ألا ترى أن أمة وولدها لو كانا عند رجل وادعى رجل أنه ابتاعهما جميعاً وأقام بينة، وقال البائع: بعتك الأمة وحدها، وأقام البينة، فإني آخذ ببينة المشتري. ولو أقام المشتري البينة أنه اشتراها قبل أن تلد، وأقام البائع البينة أنه باعها بعد ما ولدت، أخذت ببينة المشتري، لأنه المدعي، وهذا قول أبي يوسف. وقال محمد: البينة بينة البائع، لأنه أقام البينة على البيع الآخر، والبيع الآخر ينقض الأول. وإذا باع الرجل أمة حاملاً أو ولدت عنده ثم باعها (¬2)، ثم ادعى الولد، فإنه مصدق، والقول قوله. وإن قال المشتري: لم يكن أصل الحبل عندك لم يصدق. فإن أقام المشتري البينة أن البائع اشترى الخادم قبل أن تلد بيوم من فلان، وباعها منه، وأقام البائع البينة أنه اشتراها من فلان منذ سنة، فإني آخذ بشهود البائع، والقول قوله، والبينة بينته إذا ولدت عنده أو كان الحبل عنده. وإذا لم تلد عنده ولم يكن الحبل عنده لم يصدق على ذلك. وإذا باع الرجل أمة وقبضها المشتري، ثم باعها وقبضها المشتري من البائع، فولدت ولداً، فادعاه البائعان جميعاً، وأقام الأول منهما البينة أنه باعها منذ شهر من الثاني، وأن الثاني باعها من الآخر منذ عشرين ليلة، وأقام البائع الثاني البينة وهو المشتري الأول أنه اشتراها من البائع الأول منذ ¬

_ (¬1) في هامش ب: أي بأنها كانت حبلى قبل البيع. (¬2) د م: ثم باعهما.

باب دعوة التوأم بعد البيع

سنة، وباعها المشتري الآخر منك (¬1) منذ عشرين ليلة، فإني آخذ ببينة المشتري الأول، وهو البائع الثاني، وأثبت نسب الولد منه في قول أبي يوسف ومحمد على القول الأول. وإذا باع الرجل أمة فولدت عند المشتري ولداً، فادعياه جميعاً، وأقام المشتري البينة أنه اشتراها منذ سنة من هذا البائع، وأقام البائع بينة أنه باعها منذ شهر، فإني آخذ ببينة المشتري، لأنه يدعي الولد مع أمه. ... ... باب دعوة التوأم بعد البيع وإذا حبلت أمة (¬2) عند الرجل، فباعها، فولدت عند المشتري ولدين في بطن واحد لأقل من ستة أشهر جميعاً أو أحدهما، فهو سواء. فإن ادعى البائع أحدهما أو كلاهما فإن أبا حنيفة قال: دعواه جائزة. ولو كان المشتري قد أعتق أحدهما ثم ادعى البائع الثاني فإن أبا حنيفة قال: دعواه فيهما جائزة، وهما ابناه، وعتق المشتري في أحدهما باطل، ويُرجع الأم فتكون أم ولد للبائع، ويرد الثمن إن كان قبض، لأن دعوة العبد منهما بمنزلة الشاهدين على الدعوى (¬3) قبل عتق المشتري. ولو كان المشتري أعتق الأم جاز عتقه، ولم ترجع إلى البائع رقيقاً بعد العتق، ولا تشبه الأم في هذا الولد. وكذلك لو كان دبرها. ولو كان باع أحد الولدين وأعتقه المشتري ثم ادعاهما البائع الأول جازت دعواه، وكان عتق المشتري باطلاً. ولو كان أحد الولدين جُنِيَ عليه جناية وأخذ المشتري أرشها، ففقأ (¬4) رجل عينه أو قطع يده، ثم ادعاهما البائع، كان دعواه فيهما جائزة، وكان أرش ذلك الجرح للمشتري. ولو كان أحدهما قُتِلَ ثم ادعاهما البائع (¬5) فإن ¬

_ (¬1) ف - منك. (¬2) ف: الأمة. (¬3) ف: على الدعوة. (¬4) م: فقال. (¬5) د م ف + كان دعواه فيهما جائزة وكان أرش ذلك الجرح للمشتري ولو كان أحدهما قتل ثم ادعاهما البائع.

نسبهما يثبت من البائع، وتكون قيمة المقتول لورثة المقتول (¬1)، ولا يشبه هذا الأرش، لأنه يستقيم أن يكون ولد أقطع. وإن اكتسب أيضاً مالاً عند المشتري لم يصدق أن يأخذ كسبه، ويصدق المدعي على القيمة. وكذلك لو كان المشتري أعتق أحدهما ثم قتل وترك ميراثاً فأخذ ديته وميراثه بالولاء، ثم ادعى البائع الولدين جميعاً، فأقضي بالحر منهما وبأمه له، وألحق نسبه ونسب المقتول به، فإنه يصدق على الدية، والميراث الذي وجب للمشتري، ويأخذه. ولو لم يقتل ولم يمت صدق عليه، ورجع النسب إليه، وبطل ولاء المشتري. ولو لم يدعهما البائع وادعاهما المشتري فإنهما ابناه جميعاً. وإن ادعاهما البائع بعد ذلك لم يصدق. ولو لم يدعهما المشتري أولاً وادعاهما المشتري والبائع جميعاً فإني أثبت نسبهما من البائع، وألحقهما به، وأنقض البيع. ولو كان المشتري أعتق الأم عن دبر أو البتة ثم ادعاهما البائع أثبتّ نسبهما منه ورددتهما إليه، ولا أرد أمهما بعد العتاق الذي دخلها من قبل المشتري. وإذا ولدت الأمة عند رجل ولدين في بطن، فباع أحدهما، فادعى المشتري الذي اشترى أنه ابنه، فإنه يلزمه، ويكون ابنه هو والآخر جميعاً، ولا يعتق الآخر، ولا تعتق أمه. ولو أن أمة ولدت غلامين في بطن واحد، فباع أحدهما وأمه وأمسك الآخر، فأعتق المشتري الأم، ثم ادعى البائع الولدين جميعاً، فإن نسبهما يثبت من البائع، ويبطل البيع في الولد، ولا يبطل في أمه للعتق (¬2) الذي دخل فيها. وإن كان البائع قبض الثمن رد من ذلك حصة الابن، وأمسك حصة الأم. وإذا حبلت الأمة عند رجل ثم ولدت ابنة، ثم كبرت ابنتها فولدت ابنة، فباع المولى الابنة السفلى، فأعتقها المشتري، ثم ادعى المولى الابنة العليا أنها ابنته، فإن نسبها يثبت منه وتكون ابنته، وينتقض البيع في السفلى وتُرَدّ إليه، وتكون ابنة (¬3) ابنته، ويرد ما قبض من الثمن، وهذا مثل التوأم. ¬

_ (¬1) ف: القتيل. (¬2) د م ف: العتق. (¬3) د - ابنة؛ م: انه.

وإذا حبلت الأمة في ملك الرجل ثم ولدت غلاماً، فكبر فزوجه المولى أمة له أخرى فولدت له غلاماً، ثم باع الابن الأسفل، وأعتقه المشتري، ثم ادعى البائع الابن الأول الذي عنده، فهو ابنه ثابت النسب منه، وينتقض فيه بيعه، ويرد ما قبض من الثمن، وهذا بمنزلة التوأم، إذا ثبت نسب الأب بطل عتق الابن. ولو أن المولى لم يدّع الذي عنده ولكن ادعى الذي باع، كان دعواه باطلاً من قبل وجهين، من قبل أن له نسباً معروفاً، ومن قبل العتق الذي دخل فيه. ولو كان ادعى ابنة الابن كان دعواه باطلاً للعتق الذي دخل فيها. وإذا ولدت الأمة ولدين في بطن واحد ولم يكن أصل الحبل عند مولاها، ثم باع المولى أحد ابنيها، فأعتقه المشتري، ثم ادعى البائع الولدين جميعاً، فإن نسبهما يثبت منه ويكونان ابنيه، ولا ينقض البيع ولا العتق؛ ألا ترى أن المشتري لو لم يعتق العبد الذي اشترى وأعتق البائع العبد الذي عنده ثم ادعى المشتري الولدين جميعاً أني أثبت نسبهما جميعاً منه، وعتق البائع جائز على حاله، والولاء للذي أعتق ثابت على حاله، لا تبطل الدعوة ولا النسب الذي ثبت فيه. وإذا كانت الأمة في يدي رجل، وفي يديه ولد لها، وفي يدي آخر (¬1) ولد لها آخر، فادعى الذي في يديه الولد، أن الولدين ابنيه ولدا له من هذه الأمة في بطن واحد، وأن هذه الأمة أمته، وأقام البينة على ذلك، وادعى الذي هي في يديه مثل ذلك وأقام البينة، فإني أقضي بالأمة والولدين جميعاً للذي الأمة في يديه على المدعي لها ولولدها، ويثبت نسبهما منه جميعاً، وإن كانا في بطن واحد أو في بطنين فهو سواء. وإذا كانت الأمة في يدي رجل، وفي يديه ولد لها، وجاء آخر يدعيها، ولا يدعي ولدها أنه ابنه، وفي يديه ولد لها آخر يدعي (¬2) أنه ابنه، فأقام المدعي البينة أن هذه الأمة له، وأنها ولدت الولد ¬

_ (¬1) د م ف: الآخر. والتصحيح من ب. (¬2) د م ف: يدعيه.

الذي هو في يديه منه، وأقام الذي في يديه الأمة البينة أن هذه الأمة له، وأنها ولدت الابن الذي هو في يديه منه، والولدين في بطنين مختلفين، وكل واحد منهما لا يدعي الابن الذي ليس في يديه أنه ابنه، ولا يعرف أيهما أكبر قضيت بالأمة للذي في يديه، وقضيت لكل واحد منهما بالابن الذي ادعى وهو في يديه. وإذا كانت أمة في يدي رجل له منها (¬1) ولد فادعى آخر أن الأمة للذي هي في يديه، وأنه زوجه إياه، وأنها ولدت في ملكه وعلى فراشه ولدا هو في يديه، وأقام الذي هي في يديه البينة أن هذه الأمة لهذا المدعي، وأنه زوجها إياه، وأنها ولدت على فراشه هذا الولد الآخر، فإنه يقضى لكل واحد منهما بولده الذي هو في يديه، وتكون الأمة موقوفة في يدي الذي هي في يديه لا يطؤها واحد منهما، وأيهما مات عتقت. وإذا كانت الأمة لرجل وفي يديه ولد لها، فادعى آخر أنه تزوجها بغير إذن مولاها، وأنها ولدت منه وعلى فراشه هذا الولد الذي في يدي مولاها بعد ما تزوجها بسنة، وأقام على ذلك البينة، وأقام المولى البينة أنه ابنه ولد على فراشه من أمته هذه، فإني أقضي بالولد للزوج، وأثبت نسبه منه، وأعتقه بإقرار المولى، وأجعل أمه بمنزلة أم الولد، إذا مات المولى عتقت. وإذا ولدت امرأة حرة ابنين في بطن واحد، فكبرا (¬2) واكتسبا مالاً، فمات أحدهما وترك ابنا ومالًا، ثم جاء رجل فادعى أنه زوج المرأة وأنهما ابناه، فأقرت المرأة بذلك، وجحد الباقي ذلك، وجحد ابن الميت ذلك، فإنه لا تصدق المرأة على ذلك ولا الزوج، ولا يرث مع الابن شيئاً، ولكنه يدخل في نصيب المرأة. فإن أقر ابن المرأة الباقي بذلك ثبت نسبهما جميعاً منه، ولا يرث مع ابن الميت شيئاً. فإن أقر ابن الميت بذلك وقد احتلم ورث معه وثبت نسبهما منه. ... ¬

_ (¬1) د م ف: منه. (¬2) م ف: كبرا. وفي هامش د: لعله ثم. أي ثم كبرا.

باب إقرار الرجل بالصبي الذي في يديه أنه ابن لغيره ثم ادعاه هو بعد ذلك

باب إقرار الرجل بالصبي الذي في يديه أنه ابن لغيره ثم ادعاه هو بعد ذلك وإذا كانت الأمة في يدي رجل فولدت غلاماً، وأقر المولى الذي له الأمة أن هذا الولد من زوج زوجها إياه عبد أو حر، وهو معروف، وأقر الزوج بذلك أو أنكر أو لم يقر ولم ينكر أو كان غائباً، ثم إن المولى ادعى الولد أنه ابنه بعد ذلك، فإنه يعتق بدعوة المولى ولا يثبت النسب من المولى بما أقر له فيه؛ ألا ترى أن الزوج لو صدقه [في] النسب أنه منه كان ابنه يثبت نسبه منه، فكيف ألزمه المولى على هذا الوجه، وهذا قول أبي حنيفة، وهو أيضاً قول أبي يوسف ومحمد، إلا في خصلة واحدة: إن أنكر الأب الأول أن يكون ابنه كان ابن الآخر. وإذا كانت الأمة في يدي رجل يملكها فولدت غلاماً، وأقر رجل ليس منها بسبيل أن هذا الغلام ابن المولى، وجحد المولى ذلك، ثم إن الرجل الشاهد على المولى بذلك اشترى الغلام أو ورثه، فادعى أنه ابنه، وأقر بذلك، فإنه يعتق، ولا يثبت نسبه منه في قول أبي حنيفة، لأنه قد شهد أنه ابن المولى الأول. وإذا شهد رجلان على صبي من امرأة حرة (¬1) أنه (¬2) ابنها وابن هذا الرجل، وسأل القاضي عن الشهود فلم يزكوا وألغى شهادتهم، ثم إن أحد الشاهدين ادعى أن الصبي ابنه وصدقته المرأة، فإنه لا يصدق على ذلك، ولا أثبت نسبه منه، لأنه قد شهد أنه ابن غيره. وقال أبو يوسف ومحمد: دعواه جائزة وهو ابنه. وإذا شهدت امرأة على [صبي] أنه ابن هذه المرأة، وادعت ذلك المرأة، فسأل القاضي عن الشاهدة فلم تزك وألغى شهادتها، ثم إن الشاهدة ادعت أن الصبي ابنها وأقامت على ذلك شاهدين، فإنه لا يقبل ذلك منها ¬

_ (¬1) ف - حرة. (¬2) د م: لانه.

ولا تصدق. ولو كبر الصبي فادعى أنها أمه، وأقام شاهدين على ذلك، قبلت ذلك منه، وأثبت نسبه منها، لأن هذا حق للصبي (¬1) في هذا الوجه. وإذا كان الصبي صغيراً لا يدعي ذلك أو كبيراً ينكر ذلك، وادعته المرأة وأقامت البينة، لم أقبل ذلك منها، لأنها قد شهدت أنه ابن غيرها، فهي أصدق على نفسها من شهودها. وإذا ادعى الرجل الصبي وشهد له شاهد (¬2) أنه ابنه، وأم الصبي الذي هو في يديها تنكر ذلك، فلم يقض القاضي بشهادة واحد، ثم إن الشاهد ادعى أن الصبي ابنه وأن المرأة امرأته، وأقام على ذلك شاهدين، والمرأة تنكر، والصبي صغير، فإني لا أقبل ذلك منه، لأن (¬3) إقراره على نفسه أنه ابن الآخر أصدق من بينته. ولو أن المرأة ادعت أنه زوجها وأن الولد ابنه منها وأقامت على ذلك شاهدين قبلت ذلك منها، وألزمت الولد الرجل وجعلته ابنه. ولو أن رجلين ادعيا صبياً في يدي امرأة، كل واحد منهما يقول: هو ابني، ويدعي أنه تزوج المرأة، والمرأة تنكر ذلك، ثم إن المرأة ادعت على رجل آخر أنه تزوجها وأنه أبو هذا الصبي، وشهد لها الرجلان المدعيان الصبيَّ على ذلك، لم أقبل شهادتهما وأبطلتها (¬4)، لأنهما قد ذكرا أن الصبي ابنهما، والنسب لا يتحول (¬5)، وقولهما الأول ينقض الآخر. وإذا كان صبي في يدي امرأة فأقر رجل أنه ابن فلان، وشهد على ذلك، فرد القاضي شهادته، ثم شهد هو وآخر أنه ابن آخر، فإنه (¬6) لا تقبل شهادة الشاهد الذي شهد بالشهادتين الأولى والآخرة، لأن كل واحدة منهما تنقض الأخرى. ¬

_ (¬1) د م ف: أحق بالصبي. والتصحيح من ب؛ والكافي، 1/ 234 و. وانظر: المبسوط، 17/ 113. (¬2) ف - له شاهد. (¬3) د م ف - لأن. والزيادة من ع. (¬4) ف: وأبطله. (¬5) ف: لا يحول. (¬6) د م: وإنه.

وإذا كان لرجل أمة وهي حامل، فأقر أن حملها من زوج قد مات، ثم ادعى أنه منه، فولدت لأقل من ستة أشهر، فإنه يعتق، ولا يثبت نسبه منه لإقراره الأول. فإن أقر أول من زوج، ثم مكث سنة، ثم قال: هي حامل مني، فولدت ولداً لأقل من ستة أشهر من الإقرار الآخر، ولستة أشهر ونصف من الإقرار الأول، فهو ابن المولى ثابت النسب منه، لأن هذا الحبل غير الحبل الأول. وإذا كانت الأمة لرجل وكانت حاملاً، فقال: إن كان حملها غلاماً فهو مني، وإن كانت جارية فهو من زوج كنت زوجتها إياه، أو قال: إن كان جارية فليس مني، فإن ولدت غلاماً أو جارية أو ولدتهما جميعاً لأقل من ستة أشهر بعد إقراره (¬1) فهما ولده جميعاً، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، ويثبت نسبهما منه، لأن إقراره الأول أصدق من قوله الآخر. وإذا كانت الأمة لرجل فأقر أنه زوجها رجلاً غائباً، وهو (¬2) حي لم يمت، ثم جاءت بولد بعد قوله لستة (¬3) أشهر، فادعاه المولى، فإنه لا يصدق، لأنه (¬4) أقر أن لها زوجاً، وأقر أن الولد للفراش؛ ألا ترى أن الزوج لو قدم فأقر بذلك كان ابنه. وإذا أقر الرجل أن ولد مكاتبته من زوج، ثم ادعاه، فإنه لا يصدق عليه، ولكنه يعتق. وكذلك لو أقر بولد مدبر له أنه من زوج. وكذلك لو أقر بولد أم ولد له أنه من زوج ثم ادعى بعد ذلك أنه منه، فإنه لا يصدق على شيء من ذلك، ولكنهم يعتقون. وكذلك أمة بين رجلين، أقر أحدهما بولد جاءت به أنه من الآخر، وأقر الآخر أنه من الآخر، كل واحد يقر أنه من صاحبه، فأيهما ما ادعى بعد ذلك فإنه لا يصدق، ولا يثبت نسبه منه، وقد عتق بالقول الأول، وصارت أمه بمنزلة أم الولد موقوفة، فأيهما مات عتق هذا. ¬

_ (¬1) د م ف: إقرار. (¬2) د م ف: وهي. (¬3) د: نسبه؛ م: بستة. (¬4) د م: لأن.

باب الأب يدعي ولد أمة الابن

ولو جاءت بولد فأقر أحدهما أنه من زوج، وأقر الآخر أنه من زوج (¬1) آخر، ثم ادعاه أحدهما، فإنه لا يصدق على النسب. وكذلك لو أقر أحدهما أنه من صاحبه، وأقر صاحبه أنه من زوج، ثم ادعى (¬2) المقر الذي أقر أنه من زوج أنه ابنه، وادعى الآخر أنه ابنه، فإنه لا يصدق واحد منهما على ذلك بعد إقراره أنه لغيره. وكذلك الأمة من أهل الذمة، والمدبرة من أهل الذمة، والمكاتبة من أهل الذمة. ... باب الأب يدعي ولد أمة الابن وإذا ولدت أمة الرجل غلاماً أو جارية، فادعى أبو المولى أن الولد منه، وجحد ذلك المولى والأمة، فإن الأب يصدق (¬3) على ذلك، ويثبت النسب منه، وتكون الأمة أم ولد له، ويضمن قيمتها لابنه، ولا يضمن عقرها، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. والولد الصغير والكبير والذكر والأنثى في ذلك كله سواء. وإذا اشترى الرجل أمة حاملاً فولدت عنده بعد الشراء بيوم، وادعى أبو المشتري الولد وكذبه المشتري، فإن الأب لا يصدق على ذلك، لأن أصل (¬4) الحبل لم يكن عند المشتري؛ ألا ترى أني لو جعلت الولد ابنه لم أضمنه قيمة الأم، وكل ولد لا أضمن الأب فيه قيمة الأم فإني لا أصدقه عليه إلا أن يصدقه المولى. وكذلك المدبرة تكون عند الرجل فتلد ولداً، فأصل الحبل كان عنده فادعى أبوه وكذبه المولى، فإن الأب لا يصدق على ذلك، لأنه لا يضمن قيمة الأم. وكذلك أم الولد تلد ولداً فنفاه المولى وادعاه الأب وكذبه المولى، فإنه لا يصدق ولا يثبت نسبه منه. وكذلك ولد ¬

_ (¬1) ف - وأقر الآخر أنه من زوج. (¬2) م ف: ثم ادعاه. (¬3) م: مصدق. (¬4) د: أحل؛ م ف: أجل.

المكاتبة يدعيه أبو مولاها وقد ولدته في المكاتبة أو قبلها أو كاتبت عليه فإن الأب لا يصدق على ذلك. وإذا تزوج الأب أم ولده برضى المولى أو بغير رضاه فولدت منه وأقرت بالولد فإن الولد يلحق به ويكون ابنه، ويعتق في قول أبي حنيفة. ولا تعتق أمه ولا تكون أمه أم ولد الأب. وقال أبو حنيفة: النكاح مخالف للغصب، وإذا وقع عليها غاصب فادعى الولد ثبت نسبه منه ويضمن المهر ولا يضمن من قيمة الأم شيئاً. وإذا ولدت أمة الرجل فادعاه المولى وأبوه جميعاً فإن الولد يكون ابن المولى وتكون أمه أم ولد له، ولا تجوز دعوة الأب مع دعوة المولى. وإن كان الأب مسلماً وابنه كافراً فولدت أمة الابن فادعاه الأب فدعوته جائزة، وهو مصدق، وهو ضامن لقيمة الأم. وكذلك لو كان الابن مرتداً أو حربيًا مستأمناً والأب مسلماً. وإذا كان الابن حراً والأب عبداً لم تجز دعوة الأب. وكذلك إذا كان الأب مكاتباً. وكذلك إذا كان الأب حربياً مستأمناً والابن مسلماً. وكذلك إن كان الابن مسلماً والأب ذمياً. وإن كانا جميعاً من أهل الذمة وملتهما (¬1) مختلفة فإن الأب يصدق في الدعوة، ولا يصدق الجد أبو الأب إن كان الأب حياً، فإن كان الأب ميتاً فإن الجد يصدق في الدعوة (¬2). ولا يصدق الجد من قبل الأم في الدعوة في ولد أمة ابن الابنة حياً كان أبو المولى أو ميتاً. وإن ولدت أمة ولدين في بطن واحد توأما فادعى أبو المولى أحدهما فإنهما ابناه جميعاً، وهو ضامن لقيمتهما. وإن قال: وقعت عليها وأنا أعلم أنها علي حرام، أو أنا أظن أنها لي حلال، أو قال: اغتصبتها نفسها، أو طاوعتني، أو قال: زنيت بها، فهو سواء، وثبت (¬3) نسب الولد، ويضمن ¬

_ (¬1) ف: وذمتهما. (¬2) ف - ولا يصدق الجد أبو الأب إن كان الأب حيا فإن كان الأب ميتا فإن الجد يصدق في الدعوة. (¬3) م: ويثبت.

قيمة الأم، ولا يضمن العقر. وإن قال: تزوجتها بشهود أو بغير شهود برضى المولى، وأنكر المولى ذلك، أو بغير رضاه، وأقام على ذلك البينة، وعنده أربع حرائر أو أخت الأمة أو أم الأمة أو ابنتها أو على أي (¬1) وجه كان من وجوه الحرمة، فالنسب يثبت منه، وعليه العقر، ولا يضمن قيمة الأم، لأن هذا على وجه التزويج. وإذا كانت للرجل أمة قد وطئها ثم ولدت بعد ذلك ولداً فادعاه أبوه فإن دعوة الأب جائزة، وهو ابنه، وهو ضامن لقيمة الأمة وإن كانت الأمة لا تحل له. وكذلك لو اشتراها ابن الرجل من أبيه (¬2) ثم ولدت جارية فادعاها الأب جازت دعوته، وكان ضامناً لقيمة الجارية. وإن كذبته الأمة أو كذبه المولى فهو سواء. وإذا اشترى الرجل أمة فوطئها أبوه فولدت منه وأقر بذلك فهو ابنه، وهو ضامن لقيمتها، فإن استحقها رجل قضي له بها وقضي بعقرها عليه وقضي عليه بقيصة ولدها، ويرجع الأب على الابن بالقيمة التي أدى إليه، لأن الولد قد ثبت نسبه من الأب، فلا أرده رقيقاً. وإذا اشترى المكاتب أمة فوقع عليها مولاه فولدت فادعى الولد فصدقه (¬3) المكاتب ثبت نسب الولد من المولى، وضمنه قيمة الولد وعقر الجارية. فإن استحقها رجل قضي له بقيمة الولد والعقر الذي أعطى المكاتب. وإذا (¬4) اشترى المكاتب أمة لم تجز دعوة مولاه فيها. وكذلك لو اشترى المكاتب عبداً لم تجز دعوة مولاه فيه. وكذلك لو اشترى ابن المولى [وهو] معروف كان عبداً للمكاتب، لأنه لم يولد في ملكه. ... ¬

_ (¬1) ف - أي. (¬2) م ف: ثم ادعاه. (¬3) ف: وصدقه. (¬4) م + وإذا.

باب دعوة الحميل

باب دعوة الحميل (¬1) وإذا سبي الصبيان فوقع كل واحد منهما في قسم رجل فأعتقه، ثم ادعى كل واحد منهما أن الآخر أخوه لأبيه وأمه، فإن أبا حنيفة قال في هذا: لا يصدق، وهو قول أبي يوسف ومحمد. وكذلك لو كانت معهم امرأة فأعتقت ثم ادعت أنها أمهما ثم صدقاها فإنها لا تصدق ولا يصدقان. محمد عن يعقوب عن المجالد بن سعيد عن عامر الشعبي أن امرأة سبيت ومعها صبي، فأعتقا، وكبر الصبي واكتسب مالاً ثم مات، فقالوا للمرأة: خذي ميراث ابنك، فقالت: ليس هو ابني، ولكنه ابن دهقان القرية، وكنت ظئراً له. فذكر ذلك لعمر بن الخطاب. فكتب أن لا يورث الحميل (¬2) إلا ببينة (¬3). والحميل عندنا كل نسب في دار الحرب: الأخ وابن الأخ والعم وابن العم والخال وابن الخال والمرأة تدعي الصبي والجدة والعمة والخالة. وكل نسب فهو في ذلك سواء، ما خلا الأب، فإنه لو أعتق رجل صبياً وأعتق رجل آخر رجلاً، ثم ادعى الرجل الصبي أنه ابنه، فأقر الصبي بذلك وقد احتلم، ومثله يولد لمثله، فإن هذا جائز، وهو ابنه، وكل واحد منهما مولى للذي أعتقه. ولا يشبه الوالد ما ذكرنا من القرابات؛ ألا ترى أن رجلاً لو أعتق رجلاً (¬4) ثم ادعى المعتق امرأة أنها امرأته وأن هذا ابنه منها ¬

_ (¬1) قال المطرزي: والحميل في حديث عمر - رضي الله عنه -[الآتي قريباً] الذي يحمل من بلده إلى بلاد الإسلام. وتفسيره في الكتاب أنه صبي مع امرأة تحمله وتقول: هذا ابني. وفي كتاب الدعوى: الحميل عندنا كل نسب كان في أهل الحرب. انظر: المغرب، "حمل". وسيذكر المؤلف قوله: "الحميل عندنا ... " بعد أسطر. (¬2) انظر الحاشية السابقة. (¬3) المصنف لعبد الرزاق، 10/ 299؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 6/ 278. (¬4) ف - رجلاً.

صدق على ذلك إذا صدقته المرأة، وثبت (¬1) النسب منه، وكان وارثه دون مواليه، ولا يجوز هذا في نسب سوى ذلك، والحميل وغير الحميل في ذلك سواء. ولو أن رجلاً من العرب أو من الموالي ادعى أخاً مجهولًا وصدقه الآخر بذلك لم يصدق على النسب، ولم يثبت النسب من الوالد بقولهما (¬2)، ولكنه يرث معه ويدخل معه في ميراث الولد. وكذلك دعوة الرجل ابن أخيه وابن عمه وابن أخته (¬3) وابن خاله أو عماً أو خالاً أو خالة أو ذات رحم محرم منه، فإنه لا يصدق واحد منهم على نسب يثبت في ذلك، ولا يجوز بقوله. وكذلك الرجل يكون له ابن فيموت فيدعي صبياً في يديه فيقول: هذا ابن ابني، فإنه لا يصدق على نسبه، ولا يثبت بقوله. وإن كان عبداً له عتق بقوله. وإن كان لابنه ميراث دخل معه فيه (¬4). وكذلك المرأة تقر بالصبي أنّ ابنها فإنها لا تصدق ولا يكون ابنها. وإن كان الصبي يعقل أو كان كبيراً وأقر بذلك فإنه لا يثبت نسبه منها ولا يكون ابنها إلا ببينة امرأة تشهد على ذلك أو أكثر. فإن لم يكن لواحد منهما وارث معروف جعلت المال لصاحبه الذي أقر به إذا مات، وجعلته وارثه بإقراره من غير أن يثبت بذلك نسبه (¬5). وإذا أقر الرجل بولد من امرأة فصدقته فيه فهو ابنهما ثابت النسب منهما. وكذلك لو أقرت المرأة بولد من رجل فصدقها كان ابنهما جميعاً ثابت النسب منهما وإن ذكرا أن نكاحهما كان في دار الحرب أو في (¬6) الكفر أو في أهل الذمة. وكذلك لو أقر أن نكاحها كان فاسداً أو جائزاً فإن النسب يثبت منهما في هذا. ولا يشبه الأب والأم جميع ما ذكرنا من القرابات. لا تجوز من الحميل (¬7) دعوة أحد، إلا أن المرأة تجوز دعوتها في ¬

_ (¬1) م: ويثبت. (¬2) م: بقوله. (¬3) ف: أو ابن عمته أو ابن أخته. (¬4) م - فيه. (¬5) د م ف: نسبا. (¬6) ف + دار. (¬7) ب: في الحميل.

باب دعوة العبد التاجر

الزوج والموالي والولد إذا صدقها زوجها، والرجل تجوز دعوته في الولد والمرأة والموالي من أعتقه أو من أعتق، [فهو] مصدق في دعوتهم إذا أقروا بذلك. ... باب دعوة العبد التاجر وإذا كان العبد تاجراً يشتري ويبيع فاشترى أمة فوطئها فولدت له ولداً فأقر أنَّه ابنه وكذبه المولى فإنَّه يكون ابنه ثابت النسب منه. ولو تزوج هذه الأمة فولدت منه وأقر بولدها فإنَّه ثابت النسب منه، وهو عبد بمنزلة أمه وأبيه. وكذلك لو ادعى ولداً من امرأة حرة بنكاح جائز أو فاسد. وكذلك لو ادعى ولداً من أمة لغير مولاه بنكاح (¬1) فاسد أو جائز. من صدقه مولاها فإن نسبه يثبت منه ويكون ابنه. وكل شيء صُدّق فيه الحر فإن العبد يصدق فيه. وكل شيء يُكذَّب فيه الحر ما لم يملك الولد ويُصدَّق إذا ملك الولد فإن العبد التاجر كذلك. إذا ملك الولد بعد عتقه عتق ويثبت نسبه. والعبد التاجر إذا كان عليه دين واشترى أمة فوطئها ثمَّ ولدت فادعى العبد ولدها وكذبه مولاه فإنَّه يكون ابنه. وكذلك لو ادعى أن مولاه أحلها له وكذبه المولى فهذا كله سواء، ويثبت نسبه منه. ولو ادعى ولداً من أمة لمولاه لم تكن (¬2) من تجارته، فادعى أن مولاه أحلها له، أو أنه زوجها إياه، فإن صدقه المولى ثبت نسب الولد منه، وإن كذبه لم يثبت نسب الولد منه، وإن أعتق العبد يوماً فملك (¬3) ذلك الولد عتق وكان ابنه ثابت النسب منه. ... ¬

_ (¬1) ف - جائز أو فاسد وكذلك لو ادعى ولدا من أمة لغير مولاه بنكاح. (¬2) ف: ولم تكن. (¬3) م: فمات.

باب دعوة المكاتب

باب دعوة المكاتب وإذا ولدت أمة للمكاتب فادعى ولدها فه وابنه، وهو بمنزلة الأب، ولا يستطيع الأب أن يبيع الابن ولا الأمة. وإذا اشترى المكاتب أمة فولدت عنده فادعى الولد فه وابنه، ولا يشبه المكاتب في ذلك العبد إذا وطئ جارية مولاه؛ لأنَّ العبد لا تجوز دعوته في هذا؛ لأنَّ الأمة لمولاه. وإن كان عليه دين فلست أنظر فيما عليه من الدين، والمكاتب يكون ابنه بمنزلته، لو مات المكاتب سعى الابن فيما على أبيه، والمكاتب في هذا بمنزلة الحر. ولو كانت أمة بين مكاتب وحر فولدت فادعاه المكاتب ثبت نسبه منه، وضمن نصف قيمة الأم ونصف عقرها، ولا يكون هذا في العبد، فهذا فرق ما بين العبد والمكاتب. ولو ادعى المكاتب ولداً من امرأة حرة بنكاح فاسد أو جائز وصدقته المرأة كان ابنه. ولو ادعى المكاتب ولداً من أمة (¬1) لرجل بنكاح أو ملك وكذبه الرجل لم يصدق المكاتب. فإن ملك المكاتب الابن يوماً ثبت نسبه منه وكان ابنه. فإن كان المكاتب لم يؤد مكاتبته بعد فهو بمنزلة الأب. وإن كان المكاتب قد أدى جميع مكاتبته عتق. وإن ملك أم الصبي صارت أم ولد له. ولو ملك المكاتب هو ورجل حر ابن المكاتب المعروف (¬2) كان حصة المكاتب من ذلك بمنزلة الأب لا يستطيع بيعه في قياس قول أبي حنيفة. وأما في قياس قول أبي يوسف ومحمد فإنَّه مكاتب (¬3) مع أبيه (¬4) ويضمن الأب لشريكه نصف قيمته؛ لأنه لا يكون عبد بعضه مكاتب وبعضه رقيق غير مكاتب. ¬

_ (¬1) ف: من امرأة. (¬2) د م ف: معروف. والتصحيح من ب. (¬3) د م ف: يتكاتب. (¬4) د - أبيه.

وإذا كانت الأمة بين حر ومكاتب فولدت فادعيا الولد فإنه يكون ابن الحر، ويضمن نصف قيمة أمه للمكاتب، ولا يصدق المكاتب على النسب في هذا مع الحر، وعلى كل واحد منهما نصف العقر لصاحبه. وكذلك لو كان هذا الحر من أهل الذمة إلا أن الولد إن كانت أمه مسلمة فالولد مسلم. وإن كانت الأم ذمية فالولد ذمي. ودعوة الحر الذمي أولى من دعوة المكاتب. وأما العبد الذي قد عتق بعضه وهو يسعى في بعض قيمته فهو في قول أبي حنيفة في الدعوة بمنزلة المكاتب، وهو في قول أبي يوسف ومحمد في الدعوة بمنزلة الحر. وإذا باع المكاتب أمة فولدت لأقل من ستة أشهر ثم ادعى الولد فإنه ابنه، وهي أم ولد له، ويردان جميعاً إلى المكاتب، ويرد الثمن إن كان قبضه. وإذا وطئ المكاتب أمة ابنه وهو مكاتب على حدة (¬1) أو حر ثمَّ ادعى الولد لم يصدق على النسب إذا كذبه الابن. وإن ملك الولد بعد ما يعتق فإنه يكون ابنه ويعتق، وإن ملك أمه كانت أم ولد له. وإذا كان للمكاتب ابن قد ولد في المكاتبة أو اشتراه، فكانت لابنه أمة، فولدت، فادعى الولد ولدها، فهو ابنه ثابت النسب منه، وأمه أم ولد له، ولا يضمن مهراً ولا قيمة، وهي بمنزلته في ذلك. وإذا ادعى المكاتب ولد مكاتبة له (¬2) وكذبته فإنه ابنه ثابت النسب منه، وهي على مكاتبتها، إلا أن تشاء أن تعجز فتكون أم ولد له، فيكون ذلك لها. وإذا ادعى المكاتب ولد أمة مكاتب (¬3) له فإنه لا يكون ابنه ولا يصدق عليه إن كذبه المكاتب. وإن ملكه المدعي المكاتب كان ابنه ثابت النسب منه ¬

_ (¬1) وعبارة السرخسي: وهو مكاتب بعقد على حدة. انظر: المبسوط، 17/ 122. (¬2) ف: وإذا ادعى الولد مكاتبة له. (¬3) ف: كانت (مهملة).

باب دعوى الرجل الحر ولد مكاتبته أو ولد ابنتها

وأمه أم ولد له، وإن صدقه مولاها كان ابنه بالقيمة. ... باب دعوى الرجل الحر ولد مكاتبته أو ولد ابنتها (¬1) وإذا ادعى الرجل الحر ولد مكاتبته وليس لها زوج وليس له نسب معروف فهو ابنه، وهو حر وإن كذبته المكاتبة. وإن شاءت المكاتبة عجزت وكانت أم ولد له، وإن شاءت مضت على مكاتبتها. وإذا ادعى الرجل ولد ابنة مكاتبه أو مكاتبته الذي قد ولد في ملك المكاتب وكذبه المولى فإنه لا يصدق. وإن صدقه المولى كان ابنه، وهو ضامن لقيمته، وهو حر. وإذا ادعى المولى عبداً في يدي مكاتبه اشتراه فقال: هو ابني، فإنه لا يصدق على ذلك ولا يكون ابنه؛ لأنه لم يولد في ملك المكاتب. ولو صدق على هذا لأعتق رقيق المكاتب كلهم، يدعيهم أنَّه ولده فيأخذهم، فإذا كان الحبل في غير ملك المكاتب لم أصدقه عليه، إنما أستحسن أن أصدقه إذا كان ولد (¬2) في ملك المكاتب. ولو أن المكاتب اشترى ابناً لمولاه معروف النسب منه لم يعتق. ولو أن المولى ادعى ولد مكاتبة المكاتب وكذبته المكاتبة فإن أبا حنيفة قال في هذا: لا يصدق، وهو قول أبي يوسف ومحمد. فإن صدقته فهو ابنه وهو بمنزلة أمه. فإن عجزت والمكاتب على حاله أخذ المولى ابنه بالقيمة. وإن أدت فعتقت فهو حر معها وهو ثابت النسب منه. وإذا ادعى الرجل ولد أمة مكاتب مكاتبه وكذبه المولى (¬3) وصدقه ¬

_ (¬1) د م ف: مكاتبتها أو ولد أمتها. والتصحيح مستفاد من المسائل الآتية في الباب. (¬2) م - ولد، صح هـ. (¬3) ف: مولاه.

المكاتب الأول فإنه لا يصدق على ذلك ولا يكون ابنه. وإن عجز فرد إلى ملك المكاتب أخذه المولى بالقيمة. وإن عتق لم يصدق المولى عليه. وإن صدقه المكاتب الذي له الأمة فهو ابنه ولا يأخذه بالقيمة. وإذا ادعى ابن المولى ولد المكاتبة فإنه لا يصدق، ولا يكون ابنه. وكذلك أخوه وعمه. وكذلك أبو المولى، فإنه لا يصدق على دعوة ولد مكاتبة ابنه ولا مكاتبة ابنته. وكذلك الزوج لا يصدق على دعوة ولد مكاتبة امرأته. وكذلك لا يصدق على دعوة ولد مكاتبة (¬1) أمه وجده وجدته. وإذا ادعى الرجل (¬2) ولد مكاتبة ابنه فقال: هو ابني، ولم يولد في ملكه قبل أن يكاتبها، أو مكاتبة ابنته، فإنه لا يصدق؛ ألا ترى أنه لو ادعى عبد ابنه لم يصدق عليه إذا كان لم يولد في ملكه، فكذلك المكاتب. وإذا ولدت أمة الرجل فكاتب ولدها ثم ادعى أبوه ولدها لم يصدق ولم يكن ابنه، ولا تكون أمه أم ولد له. ولو كاتب الأم والابن جميعاً كان كذلك. ولو كاتب الأم وترك الابن فادعى الأب أن الولد ابنه أثبت نسبه منه، وضمنته قيمته، ولا أصدقه على أمه وأردها رقيقاً بعد المكاتبة. وكذلك لو كان مولاها باعها أو وهبها وقبضها الموهوبة له. وإذا ادعى الرجل ابن مكاتبته ولها زوج معروف فإنه لا يصدق على النسب، ولكن الابن (¬3) يعتق بإقراره به. ولو صدقه الأب أنه من المولى لم يصدق واحد منهما على النسب، والولد للفراش. ولو كان الزوج مكاتباً للمدعي أو عبداً له فهو سواء. وأهل الذمة وأهل الإِسلام في ذلك سواء. وإذا ادعى الرجل ولد مكاتبة بينه وبين آخر وصدقته المكاتبة على ذلك أو كذبته فإنه مصدق، وهو ابنه، وهو حر ثابت النسب، وتأخذ العقر، فتستعين به في مكاتبتها، فإن أن عتقت وكان ولاؤها بينهما، وإن عجزت كانت أم ولد لأبي (¬4) الولد، ويضمن نصف قيمتها. ¬

_ (¬1) ف - امرأته وكذلك لا يصدق على دعوة ولد مكاتبة. (¬2) د م ف: الجد. (¬3) د م ف: الأب. (¬4) د م ف: لابن.

باب دعوة أهل الذمة وأهل الإسلام الولد

وإذا كانت مكاتبة بين رجلين فولدت ولداً فادعاه أحدهما فهو ابنه، وهو حر. فإن ولدت آخر بعد ذلك فادعاه الآخر فهو ابنه، وهو حر، ولها المهر على كل واحد منهما. فإن أدت وعتقت فهي مولاة لهما. وإن عجزت فهي أم ولد للأول، وهو ضامن لنصف قيمتها لشريكه، وشريكه ضامن لقيمة ولده كاملة لشريكه المدعي الأول. وهذا قول أبي حنيفة. وأما في قياس قول أبي يوسف وقول محمد حين ادعى الأول فهي أم ولد له، وهي مكاتبة له، ويغرم نصف قيمتها لشريكه، وهي مكاتبة له دون شريكه. فإن جاءت بولد بعد ذلك فادعاه الشريك لم تجز دعواه، ولم يكن ابنه، وغرم العقر للمكاتبة، والابن مكاتب مع أمه. ... باب دعوة أهل الذمة وأهل الإِسلام الولد محمد بن الحسن عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: إذا كانت أمة بين مسلم وذمي فجاءت بولد فادعياه جميعاً فإنه ابن المسلم منهما (¬1). وقال أبو حنيفة: يلحق به ويثبت نسبه منه، وتكون أم ولد له، ويضمن نصف قيمتها لشريكه النصراني ونصف عقرها، ويضمن النصراني نصف عقرها للمسلم. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإن كانت أمة من أهل الذمة نصرانية أو يهودية أو مجوسية فهو سواء، وهو ابن المسلم. وكذلك لو كان للمسلم فيها عشر وللكافر تسعة أعشار. وكذلك لو كان المسلم باع حصته من الكافر فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر بعد البيع. وكذلك لو كان الكافر هو باع حصته من المسلم ثم ادعياه جميعاً فإنه ابن المسلم، وينتقض البيع، ويضمن المسلم حصة الكافر ¬

_ (¬1) تقدم قريباً.

من قيمة الأم ومن عقرها، ويرجع بالثمن إن كان نقده. ولو كانت أمة بين رجلين مسلمين فعلقت ثم باع أحدهما نصيبه من الآخر ثم وضعته بعد البيع لأقل من ستة أشهر فادعياه جميعاً فهو ابنهما، يرثهما ويرثانه، وهو للباقي منهما، وينتقض البيع، ويرد البائع ما قبض من الثمن. وكذلك إن كان (¬1) المشتري هو ادعى الولد وحده فإن نسبه يثبت منه، ويكون ابنه، وينتقض البيع، ويرد ما قبض من الثمن، ويضمن حصة البائع من قيمة الأم وعقرها. وكذلك لو كان البائع هو ادعاه دون المشتري فإن نسبه يثبت منه ويكون ابنه، وينتقض (¬2) البيع، ويرد البيع (¬3)، ويرجع بالثمن، ويضمن حصة شريكه من قيمة الأم. وكذلك لو كانا من أهل الذمة. وإذا كانت الأمة بين رجلين ذمي ومسلم، فكاتب الذمي نصيبه، ثم جاءت بولد فادعاه المسلم فهو ابنه، وهو ثابت النسب منه. فإن كان الذمي كاتب بإذن شريكه المسلم فإن المكاتبة بالخيار، إن شاءت عجزت وكانت أم ولد، وإن شاءت مضت على مكاتبتها وأدت مكاتبتها، وتعتق حصة الذمي، وتعتق أيضاً حصة أبي الولد، ولا تسعى له في شيء. وإن كان (¬4) كاتب بغير إذن شريكه نقض القاضي المكاتبة وجعلها أم ولد للمسلم وضمنه نصف قيمتها ونصف عقرها. وكذلك لو كان الموليان مسلمين أو ذميين. وإن لم ينقض القاضي المكاتبة حتى أدت فهي حرة بمنزلة التي كاتبها أحد مولييها بإذن شريكه. وإذا كانت أمة بين رجلين مسلم وذمي، فعلقت، ثم أسلم الذمي، ثم ادعيا الولد جميعاً، فهو ابنهما، يرثهما ويرثانه، وهي أم ولد لهما، وهي للباقي منهما (¬5). ¬

_ (¬1) ف: لو كان. (¬2) م: وينقض. (¬3) ف - ويرد البيع. (¬4) ف - كان. (¬5) م + وإذا كانت الأمة بين رجلين مسلم وذمي فعلقت ثم أسلم الذمي ثم ادعيا الولد جميعاً فهو ابنهما يرثهما ويرثانه وهي أم ولد لهما وهي للباقي منهما.

وإذا كانت الأمة بين رجلين مسلمين، فعلقت، ثم ارتد أحدهما عن الإِسلام، ثم ادعيا الولد جميعاً، فإنه (¬1) ابن المسلم منهما، ويضمن نصف قيمتها (¬2) ونصف العقر، ولا يكون للمرتد دعوة مع المسلم، ويضمن المرتد نصف العقر لشريكه المسلم. ولو كان مسلم وذمي فارتد المسلم ثم ادعيا الولد جميعاً فإنه ابن المرتد، وهي أم ولد له، وهو ضامن لنصف قيمتها ونصف العقر للذمي، ويضمن الذمي نصف العقر للمرتد، ولا دعوة للذمي مع المرتد؛ لأنَّ المرتد كان أصله مسلماً، وأجبره على الإِسلام. وإذا كانت أمة بين يهودي أو نصراني (¬3) ومجوسي فولدت فادعيا الولد جميعاً فهو ابن اليهودي أو النصراني (¬4)، ولا دعوة للمجوسي مع أهل الكتاب. فإن كانت أمة مجوسية فهو على دين الأبوين. وإذا مات أحدهما فهو على دين الباقي منهما. وإذا كانت أمة بين مجوسي حر ومكاتب مسلم فجاءت بولد فادعياه جميعاً فهو ابن المجوسي؛ لأنه حر، ولا دعوة للعبد مع الحر، وهو ضامن للمكاتب نصف قيمتها ونصف عقرها، والمكاتب ضامن لنصف عقرها لشريكه الذمي. وإذا كانت أمة بين رجلين فولدت فادعيا الولد، وقد ملك أحدهما نصيبه منذ شهر، وملك الآخر نصيبه منذ ستة أشهر، فولدت ولداً فادعيا الولد، فإنه يقضى به لصاحب الملك الأول، ويضمن نصف عقرها ونصف قيمتها. وإن لم يعلم أيهما صاحب الملك الأول فهو ابنهما جميعاً، وهي أم ولد لهما، ولا عقر على واحد منهما. وإذا كانت أمة بين رجلين فولدت ولدين في بطنين مختلفين فادعى أحد الرجلين الأكبر وادعى الآخر الأصغر وكانت الدعوة معاً فإن الأكبر ابن الذي ادعاه ثابت النسب منه، والأمة أم ولد له، والأصغر ثابت النسب من الذي ادعاه، ويضمن قيمته كلها لشريكه، ويضمن نصف العقر لشريكه، ¬

_ (¬1) د م ف: انه. (¬2) ف: قيمتهما. (¬3) د م ف: ونصراني. (¬4) د م ف: والنصراني.

ويضمن الذي ادعى الأكبر نصف قيمة الأم ونصف عقرها لشريكه؛ لأنها قد صارت أم ولد لصاحب الأكبر يوم علقت به. وكان ينبغي في القياس أن لا تجوز دعوة صاحب الأصغر؛ لأنها قد صارت أم ولد لصاحب الأكبر، ولكن استحسنت ذلك وأجزت دعوته. ولو كان صاحب الأكبر [ذمياً] (¬1) وصاحب الأصغر مسلماً كان كذلك أيضاً. ولو كانت أمة لذمي فباع نصفها من مسلم ثم جاءت بولد لأقل من ستة أشهر بعد البيع فادعياه جميعاً فهو للذمي، وهي أم ولد له، وينتقض بيعه، ويرد الثمن على المشتري إن كان قبضه. وإذا كانت أمة بين رجل وامرأة فجاءت بولد فادعاه الرجل وادعاه أبو المرأة فإن نسبه يثبت من صاحب الرقبة، وهو ضامن لنصف قيمتها ونصف العقر، ولا دعوة لأبي المرأة مع صاحب الرقبة. وإن كان أبو المرأة مسلماً فهو كذلك أيضاً. وكذلك لو كانت المرأة في حجر أبيها صغيرة فهو سواء. وإذا كانت أمة بين مسلم وكافر فعلقت فادعى أحدهما الولد وأعتق الآخر وكان ذلك معاً فإنها أم ولد لأبي الولد، والولد ثابت النسب منه، وهو ضامن لنصف قيمتها ونصف العقر، وعتق الآخر باطل؛ لأنَّ الحبل قد كان قبل المنطق منهما، وإن كان الكافر هو الذي ادعى الحبل فهو كذلك. وإن كانا مسلمين جميعاً أو كافرين جميعاً فهو (¬2) كذلك أيضاً. وإذا كانت أمة بين رجلين فولدت ولداً ميتاً فادعاه أحدهما فهو ابنه، وهي أم ولد له. وكذلك لو كان سقط بعد أن يكون قد استبان بعض (¬3) خلقه. ولو كان الذي ادعاه كافراً والآخر مسلماً كان كذلك أيضاً (¬4). وكذلك لو ادعى أحدهما أنها قد أسقطت منه سقطاً وقد استبان خلقه ولم يعرف ذلك فهي أم ولد له، وهو ضامن لنصف قيمتها ونصف عقرها لشريكه. ¬

_ (¬1) الزيادة مستفادة من هامش ب. (¬2) م: فو. (¬3) ف - بعض. (¬4) م - أيضاً.

وإذا كانت أمة بين اثنين فولدت ولداً فشهد كل واحد منهما على صاحبه أن الولد ابنه فإنه لا يكون ابناً لواحد منهما، وهو حر، وأمه بمنزلة أم الولد موقوفة لا يملكها أحد منهما، وأيهما مات عتقت. وإذا كانت مدبرة بين رجلين مسلمين أو كافرين أو كافر ومسلم أو مرتد ومسلم فجاءت بولد فادعاه أحدهما فهو ابنه، وهو ضامن لنصف قيمة الولد مدبراً ولنصف العقر، وولاء الولد بينهما، والأم حصة أبي الولد منها بمنزلة أم الولد، وحصة الآخر مدبرة. وإذا كانت مكاتبة بين رجلين مسلمين أو كافرين أو كافر ومسلم فولدت ولداً فادعاه أحدهما فهو ابنه. فإن ولدت بعد ذلك لستة أشهر فادعاه الآخر فهو ابنه. وكل واحد من الولدين حر. وعلى كل واحد منهما العقر للأمة، تستعين به على مكاتبتها، فإن أن عتقت، وكان الولاء بينهما، وإن عجزت فهي أم ولد لصاحب الأول، وهذا قول أبي حنيفة. وإذا كانت أمة بين رجلين فولدت وادعى أحدهما الولد في مرضه الذي مات فيه فهو جائز، وهو ابنه، وهو ضامن لنصف قيمتها ونصف العقر، وتعتق أم الولد إذا مات المولى من جميع المال. وإذا كانت أمة بين رجلين فولدت ولداً وادعياه جميعاً، محمد أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: هو ابنهما، يرثهما ويرثانه (¬1)، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولو كانت جارية بين رجل وابنه فولدت ولداً فادعياه جميعاً فإني أجعله ابن الأب دون الابن، أستحسن ذلك، وأضمنه نصف قيمتها ونصف العقر (¬2)، وأضمن الابن نصف العقر (¬3)، فيكون قصاصاً. ولو كانت الأمة بين أخوين أو بين رجل (¬4) وعمه أو بين رجل (¬5) وخاله جعلت الولد ابنهما ¬

_ (¬1) تقدم قريباً في باب ادعاء الولد. (¬2) د م ف + وأضمن الأب نصف العقر. (¬3) د ف - وأضمن الابن نصف العقر. (¬4) ف: رجلين. (¬5) ف: رجلين.

جميعاً. وكذلك كل ذي رحم محرم أو غيره ما خلا الأب والجد من الأب. إذا كان الأب ميتاً فإني أستحسن في هذا أن أجعله للجد إن كان أب الأب (¬1). وإذا كان الأب مسلماً والأم من أهل الكتاب، زوجة كانت أو أم ولد، أو كانا كافرين جميعاً، فأسلم أحدهما الأب أو الأم، والولد صغير، فإن الولد يكون على دين المسلم. محمد عن أبي يوسف عن إسماعيل عن الحسن عن عمر بن الخطاب أنه قال: الولد للوالد المسلم أيهما كان (¬2). محمد قال: سمعت الأشعث بن سوار عن ابن سيرين عن شريح مثل ذلك. محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم مثل ذلك (¬3). ولو كان الوالدان مجوسيين فتهود أحدهما أو تنصر أو كان على ذلك من الأصل كان الولد الصغير على دين (¬4) من [هو من] أهل الكتاب منهما. وإذا كانت الخادم بين رجلين فولدت ولداً فادعياه جميعاً فهو ابنهما، وهي أم ولد لهما. فإن ولدت آخر بعد ذلك لم يلزم واحداً منهما إلا أن يدعيه أحدهما فيلزمه. فأيهما ادعاه لزمه وضمن لصاحبه نصف قيمته إن كان موسراً على حال أمه في قول أبي يوسف ومحمد، ولا يضمن في قول أبي حنيفة شيئاً، وإن ادعياه جميعاً لزمهما (¬5). ... ¬

_ (¬1) م: كان والأب؛ د ف: كان أو الأب. (¬2) هو في المصنف لعبد الرزاق، 6/ 30 عن الثوري عن إسماعيل به. (¬3) المصنف لعبد الرزاق، 6/ 28. (¬4) د م ف: على الدين. (¬5) انظر للشرح: المبسوط، 17/ 128.

باب دعوى الولد اللقيط

باب دعوى الولد اللقيط وإذا التقط رجل صبياً لا يعرف فلم يمض فيه حكم من حاكم حتى ادعى رجل حر أنه ابنه، وتكلم بعلم في جسده، أو وصف شيئاً من جسده، فوجد على ما قال، فإني أجعله ابنه، أستحسن ذلك وأدع القياس فيه. وكذلك لو قال: هو ابني، ولم يصفه بعلامة ولا بشيء فإنه ابنه ثابت النسب منه. وكذلك لو ادعى أنه ابنه من زوجته هذه أو من أمته هذه وأقرت (¬1) بذلك الزوجة أو الأمة فهو ابنهما جميعاً. وكذلك لو كان الذي ادعاه ذمياً بعد أن يكون اللقيط وجده ذمي في قرية لأهل الذمة. وإن كان وجده في مصر من أمصار المسلمين فادعاه ذمي فهو في القياس لا يصدق، ولكن أجعله ابنه، أستحسن ذلك، وأدفعه إليه، وأجعله مسلماً. وإن ادعى رجل أنه عبده لم أصدقه؛ لأنَّ اللقيط حر. وإن ادعى عبد أنه ابنه من امرأته هذه وهي أمة وصدقهم المولى وقال: هو عبدي، فإني أصدقهم على ذلك وأجعله عبداً له، وأجعله ابنهما، وأدع القياس في ذلك، وأستحسن إذا جاء بنسب يثبت منه أن ألزمه إياه. وإن لم يكن نسب يلزمه لم يصدق المدعي. والجارية والغلام في ذلك سواء. وهذا قول أبي يوسف. وقال محمد: هو ابنهما وهو حر، لا أصدقهما على الرق بقولهما وهو لقيط. وإن كان الذي وجده رجلاً أو امرأة مسلماً أو ذمياً فهو سواء. ¬

_ (¬1) ف: فولدت.

وإن ادعت امرأة أنه ابنها لم تصدق؛ لأنَّ دعوة المرأة لا تجوز. وإذا ادعت أنه ابنها من زوج وصدقها الزوج فهو ابنهما جميعاً. وإن ادعى اللقيط رجلان، كل واحد يزعم أنه ابنه، فوصف أحدهما علامات في جسده، ولم يصف الآخر شيئاً، فإني أجعله ابن صاحب الصفة، وأصدقه فيه (¬1). ولو لم يصف واحد منهما شيئاً جعلته ابنهما جميعاً. ولو قال أحدهما: هو ابني وهو غلام ومن صفة جسده كذا وكذا، وقال الآخر: هي جارية وهي ابنتي ومن صفة جسدها كذا وكذا، فأيهما جاءت في ذلك الصفة فهو أحق به. وإذا ادعى اللقيط رجل فقال: هو غلام وهو ابني، فإذا هو جارية، فإني لا أصدقه على ذلك ولا أقبل دعواه. وإذا أقام رجل البينة على اللقيط أنه ابنه قضيت له به. وكذلك إن كان الذي ادعاه ذمياً والشهود مسلمين. وكذلك إن كان المدعي ذمياً والشهود ذميين واللقيط في يدي ذمي قد وجده في قرية من قرى أهل الذمة. فإن كان اللقيط في يدي مسلم فإنه لا يصدق في القياس، ولكني أستحسن فأجعله ابنه وأجعله مسلماً إذا كان وجده في قرية لأهل الذمة أو كنيسة أو بيعة. وإذا وجده في مصر من أمصار المسلمين جعلته حراً مسلماً، ولا أقبل فيه شهادة أهل الذمة. وإذا أقام الرجل شاهدين على اللقيط أنه ابنه وأقامت امرأة شاهدين أنه ابنها جعلته (¬2) ابنهما جميعاً. وإذا ادعى أحدهما أنه ابنه وادعى الآخر أنه عبده وأقاما البينة قضيت به للذي ادعى أنه ابنه. وإن أقام الذي ادعاه أنه عبده البينة ولم يقم الذي ادعى أنه ابنه البينة قضيت به عبداً له. وإن أقاما جميعاً البينة جعلته ابن الحر. وإن أقام رجل البينة أنه ابنه من هذه المرأة الحرة، وأقام آخر البينة أنه ¬

_ (¬1) ف: عليه. (¬2) ف - ابنها جعلته.

باب ولد المرتد مما يلزم من ذلك ومما لا يلزم

ابنه من هذه المرأة الأمة، قضيت به ابن (¬1) الحر والحرة وأعتقته. ولو أقام الآخر بينة أنه ابنه من هذه المرأة الحرة جعلته ابنهما جميعاً، وابن المرأتين جميعاً، في قياس قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فيكون ابن الرجلين، ولا يكون ابن المرأتين جميعاً. وإن وقتت كل بينة وقتاً معروفاً يعرف (¬2) في الصبي أنه على وقت أحدهما جعلته لصاحب الوقت. ولو لم يعرف وقت (¬3) فإنه ينبغي في قول أبي حنيفة أن يقضى به للأول. وفي قول أبي يوسف ومحمد يقضى به بين الرجلين. وإذا ادعى اللقيط رجلان، فأقام أحدهما بينة أنه ابنه، وأقام الآخر بينة أنه ابنته، فإذا هو خنثى، فإن كان يبول من حيث يبول الغلام جعلته للذي ادعى أنه ابنه، وإن كان يبول من حيث تبول الجارية جعلته للذي ادعى (¬4) أنه ابنته، وإن كان يبول منهما جميعاً قضيت به لأولهما، وإن كان يبول منهما جميعاً معاً ولا يسبق واحد منهما صاحبه فإنه يقضى به في قول أبي يوسف ومحمد لأكثرهما بولًا، وفي قول أبي حنيفة يقضى به بينهما جميعاً. وإذا ادعى اللقيط مسلم وذمي جعلته ابن المسلم. وإن أقاما جميعاً البينة جعلته ابن المسلم. وكذلك لو ادعتاه امرأتان ذمية ومسلمة كل واحد منهما جاءت بامرأة تشهد جعلته للمسلمة. وإن شهد للذمي شهود مسلمون وشهد للمسلم ذميون قضيت به للمسلم. ... باب ولد المرتد مما يلزم من ذلك ومما لا يلزم وإذا ارتدت المرأة عن الإِسلام ولها زوج مسلم فقد وقعت الفرقة فيما بينهما، ويلزم الولد أباه ما بينه وبين سنتين. وكذلك لو كان الرجل هو ¬

_ (¬1) ف: لابن. (¬2) م - يعرف. (¬3) د م ف: وقتا. والتصحيح من ب. (¬4) م: ادعاه.

المرتد والمرأة على حالها مسلمة. وكذلك لو لحق الرجل بدار الحرب فهو مثل ذلك. ولا يلزمه النسب في هذا ولا يجب الميراث في قول أبي حنيفة إلا بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين، ويلزم في قول أبي يوسف ومحمد لو شهدت امرأة واحدة. ولو كانت المرأة هي المرتدة واللاحقة بدار الحرب فجاءت بولد هنالك فإنه في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد لا يلزم الولد أباه إلا لأقل من ستة أشهر منذ يوم ارتدت ولحقت، وهي في هذه الحال بمنزلة من لم يدخل بها؛ لأنَّ العدة بطلت عنها حيث لحقت بدار الحرب. وإذا جاءت امرأة مسلمة من دار الحرب وهي حامل فإن النسب في قول أبي حنيفة لا يلزم أباه الحربي في هذا الوجه إلا لأقل من ستة أشهر، وفي قول أبي يوسف ومحمد يلزمه إلى سنتين. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إن سبيت المرأة المرتدة وهي حامل ثم ولدت ولداً لأقل من ستة أشهر منذ سبيت أثبت نسبه من الأب الحر المسلم، والولد رقيق مع المرأة. وإذا ارتد الرجل المسلم فلحق بدار الحرب وترك أم ولد وامرأة مسلمة أو من أهل الكتاب فهو سواء، فيلزمه (¬1) ولدهما إلى سنتين، ويرث إن جاء الأب مسلماً، ألزمه (¬2) إلى سنتين. وإذا تزوج المرتد المسلمة أو تزوجت المرتدة مسلماً فهو سواء، والنكاح فاسد، وما كان بينهما من ولد فهو ثابت النسب، يرثهما جميعاً. وإذا تزوج المرتد مرتدة أو امرأة من أهل الكتاب فالنكاح فاسد، وما كان بينهما من ولد فإنه يلزم أباه، ولا يرث أباه ولا أمه، لأنه كافر. ولا يشبه هذا الباب (¬3) الأول؛ لأن الأول أحد الأبوين مسلم وهذين كافران جميعاً. وكذلك المرتد يطأ أمة له من أهل الكتاب أو مرتدة وتقر بولدها فهو ¬

_ (¬1) ف: يلزمه. (¬2) م - مسلماً ألزمه. (¬3) ف - الباب.

باب دعوة الرجل بأحد الأمتين من الرجل على أن يأخذ أيهما شاء بألف والخيار يوما

ابنه، ولا يرثه إن مات على ردته. وإذا وطئ أمة له (¬1) مسلمة فولدت منه فهو (¬2) ابنه، وهو يرثه، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. ... باب دعوة الرجل بأحد الأمتين من الرجل على أن يأخذ أيهما شاء بألف والخيار يوما وإذا اشترى الرجل من الرجل أمة فدفع إليه أمتين فقال: أيتهما شئت فهي لك بألف، ولك الخيار يوماً إلى الليل، فحبلتا وولدت كل واحدة منهما غلاماً لأكثر من ستة أشهر بعد البيع، فادعاهما المشتري والبائع جميعاً معاً، فإن أبا حنيفة قال في ذلك: يدعي المشتري أيتهما شاء، وأيتهما قال: وطئت أول، فهي أم ولد له، وابنها (¬3) ثابت النسب منه، وعليه الثمن، ويرد الأخرى إلى البائع، فتكون أم ولد له، وولدها ثابت النسب منه من البائع، ويرد عليه المشتري عقرها؛ لأنه وطئها، ويرد البائع على المشتري عقر التي وجب للمشتري؛ لأنه أقر بوطئها بعد الشراء. وقال أبو حنيفة: إن مات المشتري قبل أن يبين فالقول في ذلك قول ورثته كما كان القول قوله. وقال أبو حنيفة: لو مات رجل وترك امرأة [و] أم (¬4) ولد فأقر الورثة أن كل واحدة منهما ولدت هذا الغلام من الميت أثبت النسب بعد أن يكون الورثة ابني الميت أو أخويه أو ابنا وابنتين (¬5). ... ¬

_ (¬1) م - له. (¬2) ف: وهو. (¬3) ف: فابنها. (¬4) الواو من الكافي، 1/ 235 ظ؛ والمبسوط، 17/ 133. (¬5) د م: أو ابنين أو ابنتين؛ ف: أو ابنتين أو ابنتين. والتصحيح من المصدرين السابقين. والعلة كون الورثة يصلحون للشهادة على هذه الدعوى.

باب دعوة أهل الذمة في النكاح الفاسد والجائز

باب دعوة أهل الذمة في النكاح الفاسد والجائز وإذا تزوج الرجل المجوسي أمه أو ابنته أو أخته أو امرأة ذات رحم محرم منه فولدت له ولداً فادعاه أو نفاه فهو سواء، وهو ابنه ثابت النسب منه. وكذلك كل ما ولدت له من ذكر أو أنثى فهو ابنه ثابت النسب منه (¬1). وكذلك النكاح الصحيح. وكذلك لو جحدت المرأة وادعى الولد الزوج. وكذلك لو جحد الزوج وادعت المرأة الولد منه. فأيهما أقام البينة على أصل النكاح فاسداً كان (¬2) أو جائزاً فإن الولد يلزمهما جميعاً. وكذلك لو كان النكاح بغير شهود. وكذلك نكاح المرأة يتزوجها العبد (¬3). وكذلك المسلم يتزوج المجوسية فإن الولد ثابت النسب منه. وإذا تزوج المجوسي امرأة مجوسية نكاحاً صحيحا فولدت فنفى ولدها فليس له ذلك، وهو يلزمه؛ لأنه لا لعان بينهما. وكذلك اليهوديان والنصرانيان. ولو أسلما جميعاً ثم جاءت بولد بعد الإِسلام لستة أشهر فصاعداً فنفاه لاعن، ولزم الولد أمه. فإن جاءت بولد لأقل من ستة أشهر فنفى فلاعن كان (¬4) الولد ابنهما (¬5). وكذلك المملوكان يعتقان. وكذلك الحر يشتري امرأته. فإن جاءت به لأقل من ستة أشهر لم يستطع أن ينفيه، وهو ابنه. ولو جاءت به لأكثر من ستة أشهر فنفاه لزم الولد أمه. ... ¬

_ (¬1) ف - وكذلك كل ما ولدت له من ذكر أو أنثى فهو ابنه ثابت النسب منه. (¬2) م - كان. (¬3) م: والعبد. (¬4) د م ف: وكان. والتصحيح مستفاد من الكافي، 1/ 235 ظ. (¬5) ف: بينهما.

باب ادعاء الولد المسلم من اليهودية أو نفيه إياه

باب ادعاء الولد المسلم من اليهودية أو نفيه إياه وإذا كان للمسلم امرأة من أهل الكتاب فولدت ولداً فنفاه، أو نفاه (¬1) ثم ادعاه، أو ادعاه ثم نفاه، فهو سواء، وهو ابنه، ولا حدّ عليه ولا لعان في شيء من ذلك. وكذلك لو كانا جميعاً من أهل الكتاب فأسلم الزوج أو لم يسلم. وإن كانت المرأة هي التي أسلمت ولم يسلم الزوج ثم نفاه فهو ابنه، وعليه الحد. وإن جاءت به بعد الإِسلام منها وأسلم الزوج أيضاً فجاءت به بعد إسلامهما جميعاً لستة أشهر فصاعداً فنفاه فإنه يلاعن، ويلزم الولد أمه. وإن كانت جاءت به لأقل من ستة أشهر فإن الولد يلزم أباه، ويلاعن أمه؛ لأنَّ أصل الحبل كان في الكفر، فلا يستطيع أن ينفيه أبداً. وكذلك لو طلقها بعد الإِسلام ثم تزوجها ثم جاءت بولد لستة أشهر منذ تزوجها من النكاح الآخر أو أكثر من ذلك، فإن نفاه لاعن ولزم الولد أمه، وإن جاءت به لأقل من ستة أشهر لزم الولد أباه ولاعن أمه. ... باب دعوة أحد هذين وقال أبو حنيفة: لو ولدت امرأة رجل غلاماً وولدت أمته غلاماً وماتت المرأة والأمة فقال الرجل: أحدهما ابني ولا أعرفه، لم يثبت نسب أحد منهما، وعتقا جميعاً، ويسعى كل واحد منهما في نصف قيمته. وقال أبو حنيفة: لو كان لرجل عبدان فقال: أحدهما ابني، ثم مات قبل أن يبين لم يثبت نسب واحد منهما، وعتقا جميعاً، ويسعى كل واحد منهما في نصف قيمته. أرأيت لو كان عبدان بين رجلين فقال كل واحد منهما: أحدهما ابني، أيهما كنت أثبت من هذا، وأيهما كنت أثبت من هذا. أرأيت لو كان عبداً وأمة فقال المولى: أحدهما ولدي، أيهما كنت أثبت منه ¬

_ (¬1) ف - أو نفاه.

باب نفي الولد من زوجته وهي أمة

البنت أو الابن. أرأيت لو تزوج الابن الابنة أكنت أجيز ذلك، وهل تكون أخته ويفسد النكاح، لا تكون أخته ولا يفسد النكاح. وكذلك إذا قال: هذا ولدي أو هذا. وكذلك لو قال هذا لعبده وعبد غيره. ... باب نفي الولد من زوجته وهي أمة وإذا كانت للرجل [زوجة] وهي أمة فولدت ولداً فنفاه فإن نفيه باطل، وهو ابنهما جميعاً، ولا حدّ عليه ولا لعان إن كانت جاءت به لستة أشهر فصاعداً منذ تزوجها. وإن كانت جاءت به لأقل من ستة أشهر منذ تزوجها لم يثبت نسبه منه. وإن أعتقت (¬1) الأمة ثم جاءت بالولد فنفاه فإنه يلاعن. وإن جاءت به لأقل من ستة أشهر بعد العتق كان ابنه. فإن جاءت به لستة أشهر فصاعداً لزم الولد أمه. وإن اختارت الأم نفسها قبل اللعان فالولد ابنه، ولا حد ولا لعان له. وإذا اشترى الرجل امرأته وهي أمة فجاءت بولد فنفاه، فإن جاءت به لستة أشهر فصاعداً بعد الشراء فله أن ينفيه، وهذا بمنزلة ولد (¬2) أم الولد، ينفيه ما لم يقر به. وإن جاءت (¬3) به لأقل من ستة أشهر لزم الولد أباه ولم يكن له أن ينفيه. وإن أعتق الرجل هذه المرأة بعد ما اشتراها (¬4) ثم جاءت بولد فنفاه فإنه يلزمه إن كان هذا دخل بها ما بينه وبين سنتين منذ يوم اشتراها، ويضرب الحد. وإن كانت جاءت به لأقل من ستة أشهر منذ اشتراها لزمه الولد، ونقضت البيع، وكانت أم ولد له، وهذا قول أبي يوسف ومحمد. وإذا اشترى الرجل امرأته وهي أمة وقد دخل بها فأعتقها فلم تقر ¬

_ (¬1) ف: وإن عتقت. (¬2) م - ولد، صح هـ. (¬3) م: وإذا جاءت. (¬4) د م ف: يشتريها.

بانقضاء العدة حتى جاءت بولد لأقل من سنتين بيوم فإن ادعاه فهو ابنه، لأنَّ عليها عدة من نكاح. وإن كذبته المرأة فهو ابنه إذا ادعاه. وإن نفاه (¬1) ولم يقر به فليس بابنه (¬2) في قول أبي يوسف الآخر. وقال محمد: هو ابنه على كل حال؛ لأنها حرة، وعليها عدة من نكاح. فإذا جاءت بالولد لما تضع له النساء فقد بطل النكاح، وإنه يلزمه، فلا يستطيع أن ينفيه. ولو نفاه ضرب الحد وكان ابنه. ولو لم يعتقها فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر منذ يوم اشتراها لزمه، وإن نفاه لزمه، وإن جاءت به لستة أشهر فصاعداً لم يلزمه إلا أن يقر به؛ لأنها أمة يحل فرجها له بالملك وإن كان عليها عدة. فإن باعها حين اشتراها فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر بعد شرائه الأول إياها لزمه، وكان ابنه، ونقضت البيع الأخير (¬3)، وجعلتها أم ولد له. وإن جاءت به لستة أشهر فصاعداً إلى ما بينها وبين سنتين منذ اشتراها الشراء الأول فإنه لا يلزمه. وإذا أقر به وقد جاءت به (¬4) لأكثر من ستة أشهر منذ باعها لم يلزمه، ولم ينتقض البيع بقوله هذا. هذا قول أبي يوسف الأخير. وقال (¬5) محمد: إن أقر به لزمه ونقضت البيع وجعلتها أم ولد له، وهذا لا يشبه العتق؛ لأنَّ هذا أمة، وإذا رددتها عليه حل فرجها له بالملك، والتي أعتقتها لا يحل له فرجها إلا بنكاح. ولو كان المشتري الأخير قد أعتق الولد ثم ادعاه الزوج المشتري الأول، فإن كانت جاءت به لستة أشهر فصاعداً بعد الشراء الأول لم يلزمه للعتق الذي أحدث المشتري الآخر فيه. وإن كان لم يعتقه وأعتق أمه وهو عبد على حاله وقد جاءت به لأكثر من ستة أشهر بعد الشراء الأول ثم ادعاه فإنه يلزمه، ويكون ابنه، ولا ينقض عتق الأمة ولا يردها إلى الرق بعد العتق. فإن جاءت به لأقل من ستة أشهر من الشراء الأول وقد أعتق المشتري الأخير الولد وأمه أبطلت عتقهما جميعاً، وجعلت الولد ابن الزوج ثابت النسب منه، وجعلتها أم ولد له، وأبطلت الشراء الآخر، ورددت عليه الثمن إن كان أعتقه (¬6). ولا يشبه هذا ¬

_ (¬1) د م ف: وإن نفياه. (¬2) م: ابنه. (¬3) ف: الآخر. (¬4) م - به. (¬5) م: قال. (¬6) ف: انتقده.

الباب الأول، هذا قد علمت أن الحبل قد (¬1) كان في النكاح. وإذا أعتق الرجل أم ولده ثم تزوجها ثم جاءت بولد بعد التزويج لستة أشهر فصاعداً، فإن نفاه لاعن ولزم الولد أمه، فإن جاءت به لأقل من ستة أشهر لاعن، ولزم الولد أباه؛ لأن الحبل كان في الرق، وقد حدث فيها عتق، فلا يستطيع أن ينفيه. وإذا أعتق الرجل أمته ولها زوج حر فجاءت بولد بعد العتق لستة أشهر فصاعداً فنفاه لاعن، ولزم الولد أمه. وإن جاءت به لأقل من ستة أشهر لاعن، ولزم الولد أباه. وكان الولاء في الوجهين جميعاً لموالي الأم. وإن طلق الزوج امرأته وهي أمة طلاقاً بائناً ثم أعتقت ثم جاءت بولد إلى سنتين منذ طلقها فنفاه فإنه يلزم أباه، ويضرب الحد، ويكون الولاء لموالي الأم. ولو مات الأب فجاءت به ما بينها وبين سنتين وقد أعتقت بعده بيوم، فإن الولد ثابت النسب، وولاؤه لموالي الأم. وإنما اختلف الولاء في الطلاق وفي الموت وفي التي هي امرأته بعد؛ لأن وطء المطلقة لا يحل للزوج، فهو من النكاح، ووطء التي لم يطلقها له حلال، فهو من وطء حادث. وإذا كانت امرأة الرجل أمة قد ولدت منه فاشتراها فأعتقها وتزوجها ثم جاءت بولد لستة أشهر فصاعداً منذ تزوجها فنفاه فإنه يلاعن أمه، ويلزم الولد الأم. وإن جاءت به لأقل من ستة أشهر يوم تزوجها ولأكثر من ستة أشهر منذ اشتراها فإنه يلاعن، ويلزم الولد أباه. وكذلك لو جاءت به لأقل من ستة أشهر منذ اشتراها فإنه يلاعن، ويلزم الولد أباه. ولو أعتقها وقد كانت ولدت منه ولم يتزوجها فإن ولدها يلزمه ما بينه وبين سنتين. وإن نفاه ضرب الحد، وكان ابنه. وكذلك كل أم ولد يعتقها مولاها بعد أن تكون مسلمة. وإن كانت من أهل الكتاب فإن الولد يلزم أباه، ولا يضرب الحد. ولو صدقته المرأة أنه ليس منه لم يصدقا على الولد، وكان ابنهما جميعاً. ¬

_ (¬1) ف - قد.

باب دعوة الولد بعد البيع فيما يجوز وفيما لا يجوز

وإذا مات الرجل عن أم ولده وادعت أنها حامل ثم جاءت بولد ما بينها وبين سنتين منذ يوم مات ونفاه الورثة فإن أبا حنيفة قال: لا يثبت نسبه من الأب، ولا أورثه إلا بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين، إلا أن يكون حبلاً ظاهراً، فتقبل بشهادة (¬1) امرأة واحدة. ولو أقر له الورثة أجزت ذلك وورثته، وأثبت نسبه. وقال أبو يوسف ومحمد: نُثبت (¬2) نسبه بشهادة امرأة واحدة في جميع ذلك، ونورثه. وكذلك لو كان (¬3) أعتق أم الولد قبل أن يموت. وكذلك لو كان من أهل الذمة وأم ولده من أهل الذمة. وكذلك لو كانت أم ولده من أهل الكتاب والرجل مسلم. وكذلك لو كانت أم ولده مسلمة وهو من أهل الكتاب. وإن كان المولى من أهل الكتاب وأم الولد مسلمة فجاءت بولد وشهدت على ذلك امرأة من أهل الكتاب فإنه يثبت نسبه من أبيه وأمه. وإن كان أبوه مسلماً وأمه من أهل الكتاب لم تجز على ذلك شهادة امرأة من أهل الكتاب، ولم أقبل على ذلك إلا امرأة حرة مسلمة. ... باب دعوة الولد بعد البيع فيما يجوز وفيما لا يجوز وإذا اشترى الرجل أمة وولدها أو اشتراها وهي حامل ثم باعها من آخر ثم اشتراها من ذلك الرجل ومن غيره فادعى ولدها فدعوته جائزة إذا كان الولد يوم يدعي في يديه، وما كان فيه وفي أمه قبل ذلك من بيع أو شراء فإنه لا يبطل بدعوته؛ لأنها لم تحبل في ملكه. وإذا اشترى الرجل عبداً واشترى أبوه أخا ذلك العبد وهما توأم فادعى أحدهما الولد الذي في يديه فإنه يصدق، ويكونان جميعاً ابنيه، ويعتق الذي في يدي الآخر. ولو اشترى رجل عبدين توأم (¬4) ولدا في ملك غيره فباع ¬

_ (¬1) ف: قتقبل به شهادة. (¬2) د م ف: أثبت. (¬3) ف - كان. (¬4) ف: يوم.

أحدهما ثم ادعاهما فهما (¬1) ابناه يثبت (¬2) نسبهما منه، ولا ينتقض البيع، ولا يفسد في الذي باع، وهو عبد على حاله. وكذلك لو كان المشتري هو الذي ادعاهما جميعاً فإنهما ابناه، وتجوز دعوته فيهما. وإذا حبلت الأمة في ملك رجل فباعها بألف درهم وباعها الآخر بمائتي دينار فاشتراها الأول بعبد ثم ولدت عنده لأقل من ستة أشهر من البيع الأول فادعى البائع الأول الولد ثبت نسبه منه، وبطل كل بيع كان فيها، ويرد بعضهم على بعض ما قبض من (¬3) الثمن؛ لأن أصل الحبل كان عنده، ولو لم يكن أصل الحبل عنده لم ينتقض شيء من ذلك البيع، وثبت نسبه منه، وكان ابنه، وكانت الأمة أم ولده. وأصل الحبل مخالف للتي لم تحبل عنده. ألا ترى أنه يصدق بعد البيع على التي حبلت عنده، ولا يصدق على التي لم تحبل عنده، ولا ينتقض البيع فيها، وينتقض البيع في التي حبلت عنده. وكذلك إذا اشتراهما جميعاً شراء مستقبلاً ثم ادعاهما فإنهما ابناه، ويبطل البيع في التي كان عنده أصل الحبل، ولا يبطل البيع في الأخرى. وكذلك كل هبة وصدقة ومهر كان في التي أصل حبلها عنده فإنه يبطل في ذلك، ولا يبطل شيء كان من ذلك في الأخرى. وكذلك لو كان أحد المشتريين قد زوج الخادم بعد ما ولدت فإنه يبطل النكاح في التي كان أصل حبلها عنده، ولا يبطل في الأخرى. وتفسير ذلك: الرجل تحبل عنده الأمة ثم باعها فولدت لأقل من ستة أشهر ثم زوجها المشتري ثم اشتراها البائع وولدها ثم ادعى الولد فإن النكاح يبطل في هذا الوجه، ولا يبطل لو لم يكن أصل الحبل عنده. وإذا اشترى الرجل عبداً فباعه من أبي المشتري ثم باعه الأب من الآخر ثم اشتراه الأول فادعاه ولا يعرف له نسب فإنه يلحق به إذا كان مثله يولد لمثله، ويثبت نسبه، ولا يبطل شيء من البيع الذي كان فيه قبل ذلك. ¬

_ (¬1) ف: وهما. (¬2) ف: ثبت. (¬3) د م ف: منه.

ولو اشترى الرجل عبداً جَلِيباً (¬1) أعجمياً فادعى أنه ابنه أثبت نسبه منه إذا كان مثله يولد لمثله، وإن كان مثله لا يولد لمثله فإن الدعوة فيه لا تجوز، ولا يعتق في قول أبي يوسف ومحمد. أرأيت لو كان هذا غلاماً فقال: هذا أبي، أو كانت جارية فقال: هذه أمي، هل يعتق. وكذلك إذا قال: هذا ابني، وهو أكبر منه. وفي قول أبي حنيفة: يعتق ولا يثبت نسبه منه. وإذا باع الرجل عبداً قد ولد عنده ولم يكن أصل الحبل عنده ثم ادعاه بعد البيع فإنه لا يصدق إن كان المشتري قبض العبد أو لم يقبض، وإن كان البائع قبض الثمن أو لم يقبض، وإن كانت أمة عند البائع أو لم يكن، ولكن أمه تكون أم ولد له إذا كانت عند المدعي يوم ادعى. وإن اشترى البائع العبد يوماً ثبت نسبه منه بتلك الدعوى. وإذا اشترى الرجل عبداً أكبر منه فقال: هذا أبي (¬2)، وأقر العبد أنه أبوه، وليس له نسب معروف، ومثل العبد يلد مثل المولى، فإنه أبوه، ويثبت نسبه منه ويعتق. وإذا اشترى الرجل أمة على أنه بالخيار إلى أيام فولدت عنده بعد ذلك بيوم فادعى الولد فهو ابنه ثابت النسب منه، والولادة إثبات للبيع. ولو اشترى رجل أمة على أن (¬3) البائع بالخيار ثلاثة أيام فولدت عند المشتري فادعى المشتري الولد ونقض البائع البيع واختار الأمة فدعوة المشتري باطلة، وهي أمة للبائع، وولدها عبد للبائع، وإن ملكها بعد ذلك وملك ولدها فإنه يثبت نسبه. وإذا أخذ الرجل (¬4) أمتين على أن يأخذ أيتهما شاء بألف، فوطئهما جميعاً، ولم يبين أيتهما الأولى، وأقر أن كل واحدة منهما حامل منه، ثم مات وولدت كل واحدة منهما غلاماً، فإن القول في الولد قول الورثة، أيهم ¬

_ (¬1) د م: جلبيا؛ ف: حلبا. وعبد جليب أي: جُلب إلى دار الإِسلام. انظر: المغرب، "جلب ". (¬2) د م ف ب: ابني. (¬3) ف - أن. (¬4) ف - الرجل.

أقروا به فهو ابن الميت، وأمه أم ولد له، ويرث معهم -وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد - ويردون الأخرى وولدها رقيقاً والعقر معها. فإن كان البائع ادعى الولدين جميعاً ثبت نسب الذي يرد عليه منهما، وكانت أمه أم ولد إذا كان ادعى ذلك بعد دعوى المشتري. فإن كان ادعاه مع المشتري معاً وجاءتا بالولدين لأكثر من ستة أشهر فهما ابنا البائع (¬1) جميعاً، ويرد البيع. وإذا أخذ الرجل أمتين على أن يأخذ أيتهما شاء بألف، فولدتا عنده، وأقر بأن حبلهما جميعاً منه، ثم مات قبل أن يبين، واختلف الورثة، فقال بعضهم: هذا، وقال بعضهم: هذا، فإن القول في ذلك قول الأول (¬2) منهما، ويصدق، ويكون ابنه، وتكون أم ولد له، وتُرَدّ الأخرى وولدها رقيقاً. وإذا اشترى الرجل أمة فوطئها أبوه فولدت فإن استحقها (¬3) رجل قضي بها له وبعقرها عليه، وقضي بقيمة ولدها، ويرجع الأب على الابن بالقيمة التي أداها إليه؛ لأن الولد قد ثبت نسبه من الأب، فلا أرده رقيقاً. وإذا اشترى المكاتب أمة فوقع عليها مولاه، فولدت وادعى الولد، وصدقه المكاتب، أثبت نسب الولد من المولى، وضمنته قيمة الولد وعقر الجارية. فإن استحقها رجل قضي له (¬4) بالجارية وقضي له بقيمة الولد على المولى وبالعقر الذي (¬5) أعطى المكاتب. وإذا اشترى المكاتب عبداً لم تجز دعوة المولى فيه. وكذلك لو اشترى الابن عبداً لم تجز دعوة الأب فيه, لأنه لم يولد في ملكه. ... ¬

_ (¬1) ف: ابنا ئع. (¬2) أي: الذي تكلم أولاً. انظر: المبسوط، 17/ 141. (¬3) ف: استحقت. (¬4) م - له. (¬5) م: الذ.

باب دعوة المولى الصبي يولد في ملكه من زوج الأمة

باب دعوة المولى الصبي يولد في ملكه من زوج الأمة أبو سليمان قال: أخبرنا محمد عن أبي يوسف قال: حدثنا الأجلح بن عبد الله عن عديّ بن عديّ الكندي عن فروة بن عمير أنه قال: زوج أبي عبداً يقال له كيسان (¬1) أمة له، فولدت، فادعاه، ثم مات أبي، وكتب عمر أن يوافى بأبي، فكتبوا إليه أن قد مات، فكتب أن ابعثوا إلي بابنه. قال: فذهب بي إليه. فقال عمر: ما تقول في ابن كيسان؛ فقلت: قد ادعاه أبي، وإن كان صدق فقد صدق، وإن كان كذب فقد كذب. فقال: لو قلت غير هذا لأوجعتك. وأعتقه بالدعوة، وجعله ابن العبد بالفراش فيما يعلم أبو يوسف (¬2). وإذا زوج الرجل أمته عبده بشهود، فجاءت بولد لما تلد له النساء منذ زوجها، فهو ابن الزوج. وإن نفاه الزوج لم يجز وكان ابنه، ولا يستطيع أن ينفيه. وإن ادعاه (¬3) المولى لم تجز دعوته، وكان الولد للفراش، ويعتق الولد بدعوة المولى إياه، وتكون أمه بمنزلة أم الولد، والنكاح ثابت من الزوج، والنسب ثابت من الزوج. ولو كانت ولدت لأقل من ستة أشهر (¬4) منذ يوم تزوجها لم يثبت نسبه من الزوج. وإن ادعاه (¬5) المولى كان ابنه، وعتق، ¬

_ (¬1) ف: اكيسان. (¬2) روى عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن عديّ بن عديّ عن أبيه أو عن عمه: أن مملوكاً كان يقال له: كيسان، فسمى نفسه قيسًا، وادعى إلى مواليه، ولحق بالكوفة. فركب أبوه إلى عمر بن الخطاب فقال: يا أمير المؤمنين، ولد على فراشي ثم رغب عني وادعى إلى مواليه ومولاي. فقال عمر لزيد بن ثابت: ألم تعلم أنا كنا نقرأ: لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم؟ فقال زيد: بلى. فقال عمر بن الخطاب: انطلق، فاقرن ابنك إلى بعيرك، ثم انطلق به، فاضرب بعيرك سوطاً، وابنك سوطاً حتى تأتي أهلك. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 9/ 51 - 52؛ والمعجم الكبير للطبراني، 5/ 121؛ ومجمع الزوائد للهيثمي، 1/ 98. (¬3) ف: فإن ادعاه. (¬4) م - أشهر. (¬5) ف - ادعاه.

وكانت أمه أم ولد، ويفسد النكاح؛ لأن الزوج تزوجها وهي حامل من المولى. وإذا زوج الرجل أمته عبدَ غيره بإذن مولاه أو حراً برضاه، فجاءت بولد بعد النكاح بستة أشهر فصاعداً، فادعاه المولى، وصدقه الزوج أو كذبه، فإنه ابن الزوج على كل حال، ولا يصدق المولى ولا الزوج على إخراج هذا الولد من نسبه، ولكنه يعتق بإقرار المولى به، وتكون أمه بمنزلة أم الولد. وإذا زوج الرجل أمته ثم باعها، فجاءت بولد من الزوج لستة أشهر فصاعداً، أو أقل من ستة أشهر منذ باعها المولى، فادعاه البائع، فإنه لا يصدق، ولا يعتق الولد، ولا ينتقض البيع، والولد ابن الزوج على حاله. وليس هذا مثل التي باعها ولا زوج لها، هذا له نسب معروف. وكذلك لو ادعاه (¬1) المشتري فإنه لا يصدق عليه، ولكنه يعتق، وهو ابن الزوج على حاله. وإذا تزوجت أمة الرجل بغير إذنه ولا رضاه، ثم ولدت لستة أشهر منذ يوم تزوجت، فادعاه المولى والزوج، فإنه ابن الزوج، ويثبت نسبه منه، ويعتق بدعوة المولى إياه، وتصير أمه بمنزلة أم الولد، ويفرق بينها وبين الزوج. ولو تزوجت أم ولد رجل بغير إذنه رجلاً حراً أو عبداً ودخل بها، ثم جاءت بولد (¬2) بعد التزويج لستة أشهر فصاعداً، فادعاه الزوج والمولى جميعاً معاً (¬3)، فهو ابن الزوج؛ لأن الفراش له وإن كان النكاح فاسداً. وكذلك لو نفياه جميعاً. وكذلك لو نفاه الزوج وادعاه (¬4) المولى. وكذلك لو نفاه المولى وادعاه الزوج. فهو على كل حال ولد الزوج، ولا يستطيع أن ينفيه. غير أنه إن ادعاه المولى عتق، وإن لم يدعه كان بمنزلة أمه، يعتق بعتقها. ألا ترى أن المولى لو زوجها رجلاً بغير ¬

_ (¬1) د م ف: لو ادعى. (¬2) ف: بعد الولد. (¬3) ف - معا. (¬4) ف: فادعاه.

شهود، فدخل بها، وجاءت بولد لستة أشهر فصاعداً، فادعياه جميعاً، أنه ابن الزوج، يقضى بنسبه له، ولا يكون ابن المولى؛ لأن المولى هو زوجها إياه، وهذا نكاح فاسد، فكذلك الباب الأول. أرأيت لو زوجها بشهادة رجلين أعميين (¬1) أو فاسقين أو محدودين في قذف ثم ولدت (¬2) ألم (¬3) يلزم الولد الزوج. أرأيت لو كانت أمة بين رجلين، فزوجها أحدهما بشهود، ثم جاءت بولد لستة أشهر منذ تزوجها، فادعاه الزوج والمولى الذي زوجها أو المولى الآخر، ألم (¬4) يكن الولد ابن الزوج ثابت النسب منه. أرأيت لو كانت مكاتبة زوجت نفسها بغير رضي المولى، فجاءت بولد لستة أشهر، فادعاه المولى والزوج، ألم يكن ابن الزوج، ولكن يعتق بدعوة المولى إياه. أرأيت لو كانت هذه المكاتبة أم ولد مكاتب ألم يكن القضاء فيها هكذا. وكذلك المدبرة. وإذا زوجت المرأة خادمها زوجاً، ثم توفيت، فورثها ابنها، ثم جاءت الخادم بولد لستة أشهر منذ تزوجها، فادعاه زوج المولاة، فإنه لا يصدق، وهو ابن زوج الأمة وإن كانت الأمة لابنه أو لابنته. ألا ترى أنه لا يصدق عليها لو كانت لنفسه، فكيف يصدق عليها وهي لغيره. ولو تزوج رجل أمة ابنه بغير رضي ابنه ولا علمه، ثم ولدت له لما تلد النساء، فادعاه الزوج وادعاه المولى، والمولى هو ابن الزوج، فإنه يقضى به للزوج. أرأيت لو كان المولى هو زوجها الأب بغير شهود، فادعياه جميعاً، ألم يكن ابن الزوج، ولا يكون ابن المولى، ويعتق حيث يثبت نسبه من الأب، وتكون [أمه] أم ولد لدعوة المولى. ... ¬

_ (¬1) د م: أعجمين؛ ف: أعجميين. والتصحيح من ب. وانظر: كتاب النكاح، باب النكاح بشهود وغير شهود، 7/ 133 و. (¬2) ف - ثم ولدت. (¬3) ف + يكن. (¬4) د م ف: لم.

باب دعوة الرجل أحد ولد أمته ولم يبين أيهم هو

باب دعوة الرجل أحد ولد أمته ولم يبين أيهم هو وإذا كانت أمة لرجل [لها] (¬1) ثلاثة أولاد ولدتهم في بطون مختلفة في ملكه، وليس لهم نسب معروف، فأقر المولى أن أحد هؤلاء ابنه في صحته، ولم يبين ذلك حتى مات، فإنه لا يثبت نسب واحد منهم، وتكون الأم بمنزلة أم الولد، ويعتق أولادها جميعاً، ويسعى كل واحد منهم في ثلثي قيمته؛ لأنه إنما ادعى واحداً منهم في قول أبي حنيفة. ألا ترى أنه لو كان لها ولد واحد، فقال المولى: قد ولدت هذه الأمة مني ولداً، ولم يبين هذا هو أو غيره، أنه لا يثبت نسب هذا، وتكون أمه بمنزلة أم الولد، ويكون هو عبداً لا يعتق بعتق (¬2) أمه. ولو أدخلتَ فيه شيئاً من عتاق أمه فقلتَ: إن كانت ولدت الولد الذي أقر به قبل هذا فهذا يكون في حال بمنزلتها: إذا كان ذلك الولد قبله، وإن كان بعده لم يعتق، ففي حال يعتق، وفي حال لا يعتق، فيكون نصفه بمنزلة أمه، كان هذا فاحشاً قبيحاً. أرأيت لو قال: قد أسقطت هذه الأمة مني، أكنت أعتق بها (¬3) هذا الكبير، أَوَكنت أدخله في شيء من ذلك؟ لا أعتقه، ولا أدخله في شيء من ذلك. وكذلك القضاء في الثلاثة الأولين أنه يعتق واحد منهم بإقراره بأنّه ابنه، ولا يعتق أحد منهم بعتق الأم، وهذا قول أبي حنيفة. وأما في قول محمد فإنه يجري العتق فيهم بعتق أمهم، ويقول: إن كان الأصغر ابنه فهو حر، وإن كان الأكبر أو الأوسط هو الابن فإن الأصغر حر أيضاً بعتق أمه، ويعتق نصف الأوسط وثلث الأكبر، ويسعى كل واحد منهم فيما بقي من قيمته. وإذا كانت الأمة لها ثلاثة أولاد، أصغرهم من زوج معروف، والأوسط من زوج معروف، والأكبر من زوج معروف، فادعى المولى أن أحدهم ابنه، ولم يبين أيهم هو في صحته، ثم مات، فالأم تعتق، وتكون ¬

_ (¬1) الزيادة من الكافي، 1/ 236 ظ؛ والمبسوط، 17/ 142. (¬2) ف - بعتق. (¬3) ف: ابنها.

بمنزلة أم الولد، ولا يثبت نسب واحد منهم، ويعتق من كل واحد الثلث في قياس قول أبي حنيفة. وفي قياس القول (¬1) الآخر يعتق الأصغر ونصف الأوسط وثلث الأكبر. وإذا ولدت أمة الرجل ولداً من غير زوج، فلم يدعه المولى حتى كبر الولد، وولد له (¬2) ابن من أمة المولى، ثم مات الابن، ثم ادعى المولى أحدهما فقال: أحد هذين ابني، يعني: الميت وابنه، فإنه يعتق الابن الأسفل كله، وتسعى أمه في نصف قيمتها، وجدته في نصف قيمتها. وإذا كان للرجل أمة، فولدت ابنة، ثم ولدت ابنتها ابناً، فقال المولى: أحد هؤلاء الثلاثة ولدي، في صحته، ثم مات قبل أن يبين، فإنه يعتق الابن الأسفل كله، وتعتق الوسطى كلها، ويعتق من العليا نصفها، وتسعى في نصف قيمتها؛ لأن العليا في حال تعتق، وفي حال لا تعتق. وإنما تعتق بقوله حين قال: أحد هؤلاء ولدي. وأما الوسطى فإن كانت العليا ولداً للميت فهي حرة، وإن كانت هي الولد فهي حرة. وأما الأسفل فهو حر على كل حال إن كان ولدا أو ولد ولد أو ولد ولد ولد فهو سواء ويعتق. وإذا كان للرجل أمة فولدت ابناً في بطن من غير زوج، ثم ولدت ابنتين في بطن آخر (¬3) من غير زوج، ثم ولدت ابناً آخر في بطن آخر من غير زوج، ثم إن المولى نظر إلى الغلام الأكبر وإلى أحد الابنتين (¬4)، فقال: أحد هذين ولدي، في صحته، ثم مات ولم يبين، فإنه لا يثبت نسب واحد منهم، ويعتق من الأكبر نصفه، ويسعى في نصف قيمته، ويعتق من كل جارية نصفها، وتسعى في نصف قيمتها، ويعتق الابن الأصغر كله، وتعتق أم الولد. ¬

_ (¬1) ف: قوله. (¬2) د م ف: وولد الولد. والتصحيح من ب؛ والكافي، 1/ 236 ظ. (¬3) ف - آخر. (¬4) ف: الابنين.

ولو نظر إلى الابن الأكبر وإلى الابن الأصغر فقال: أحد هذين ابني، لم يثبت نسب واحد منهما، ويعتق من الأكبر نصفه، ويسعى في نصف قيمته، ويعتق الأصغر كله في قول محمد. وفي قول أبي حنيفة يعتق من الأكبر نصفه، ويسعى في نصف قيمته، ويعتق من الأصغر نصفه، ويسعى في نصف قيمته، وتعتق أمه، ويعتق من الابنتين (¬1) نصفهما، وتسعيان في نصف قيمتهما. وإذا أقر أن أحد الابنتين ابنته كانتا ابنتيه جميعاً، وثبت نسبهما منه، لأنهما في بطن واحد. وأما الأكبر فهو عبد لا يعتق، وأما الأم فهي أم ولد، ويعتق الأصغر، ولا يثبت نسبه. ولو أن رجلاً له أمة لها أولاد ولدتهم في بطون مختلفة من غير زوج، فقال: الأكبر منهم هو ابني (¬2)، أثبت نسبه منه، وكان ابنه، وكانت الأم أم ولده، وعتق من بقي من ولدها بعتقها، ولا يثبت نسب واحد منهم، لأن المولى لم يقر بهم. فإن ولدت ولداً بغير إقراره لستة أشهر فصاعداً، فلم ينفه ولم يدعه حتى مات، فإنه ابنه يلزمه أيضاً (¬3)؛ لأنها علقت به بعدما صارت أم ولد. وكل ولد تلده أم الولد فإنه يلزم المولى إذا لم ينفهم حتى يموت، وأما ما ولدت قبل أن يقر أنها أم ولده (¬4) فإنه لا يلزم المولى منهم أحد. ولو أن رجلاً أقر أن أمته هذه قد ولدت منه أو أسقطت (¬5) منه سقطاً قد استبان خلقه، ثم ولدت بعد ذلك لستة أشهر أو أكثر من ذلك، فلم يقر به ولم ينفه، فإنه ابنه يلزمه. وكذلك لو ولدته وهو غائب أو مريض فهو ثابت النسب منه؛ لأنها أم ولد، وما لم أقض أنه ابنه فله أن ينفيه ما لم يتطاول ذلك. هذا قول أبي حنيفة، ولم يكن أبو حنيفة يجعل لذلك وقتاً. وقال محمد: استحسنّا أن نجعل وقت ذلك النفاس، وهو ¬

_ (¬1) ف: من الابنين. (¬2) ف - هو ابني. (¬3) ف - أيضاً. (¬4) ف: أم ولد. (¬5) ف: أو سقطت.

باب دعوة الابن ولد جارية الأب

أربعون يوماً، فإذا علم بالولادة فلم ينفه حتى طهرت (¬1) من نفاسها فليس له أن ينفيه بعد ذلك، وإن لم يعلم فله أن ينفيه إذا علم، فإن سكت عليه بعد (¬2) علمه أربعين يوماً مقدار النفاس فليس له أن ينفيه. ... باب دعوة الابن (¬3) ولد جارية الأب وإذا حبلت جارية الرجل أو ولدت عنده فادعى ابن المولى أن الولد ابنه وقال: ظننتها تحل لي، أو قال: علمت أنها علي حرام، أو قال: غصبتها نفسها أو زنيت بها، فإن أبا حنيفة قال: لا يثبت نسب ولده ولا يعتق. وكذلك لو ادعى أنه تزوجها وأنكر ذلك المولى فإنه لا يصدق على دعوة الولد، ولا يشبه الابن في هذا الأب. فإن أقام البينة على التزويج برضى المولى أو بغير (¬4) رضاه فإن نسب الولد يثبت، ويعتق، ولا تكون الأم أم ولده، وعلى الزوج العقر. فإن كان برضى المولى كانت امرأته على حالها. وإن كانت الشهود شهدوا أنه تزوجها بغير رضي المولى فرق بينهما. وكذلك ابن الابن وابن الابنة، فهما في هذه الحال مثل الابن. وأهل الذمة وأهل الإِسلام والحر والعبد في ذلك سواء، والابن من الرضاعة والأب من الرضاعة في ذلك كله سواء، ولا يصدق واحد (¬5) منهم على ذلك. وإذا ولدت أمة الرجل، فادعاه أبوه وابنه، فإنه يثبت نسبه من الأب، ولا يثبت من الابن. ولو ادعاه المولى معهم كان المولى أحق به منهم جميعاً، فإن سبق الأب بالدعوة المولى فهو ابن الأب، وهو ضامن لقيمة الأم. وإذا كان الأب مكاتبا أو عبداً فدعوة الأب باطل. وكذلك إن كان ¬

_ (¬1) م: حتى تطهرت. (¬2) ف + ذلك. (¬3) د م ف: ابن. (¬4) ف: وبغير. (¬5) م - واحد.

باب دعوة الرحم المحرم

الابن حراً والأب (¬1) مكاتباً أو عبداً فإنه لا يجوز. وكذلك لو كان الابن حراً مسلماً وكان الأب ذمياً أو مستأمناً من أهل الحرب فإن ذلك لا يجوز. وكذلك أهل الذمة فيما بينهم، فهو على مثل هذا. ... باب دعوة الرحم المحرم وإذا ولدت أمة الرجل، وادعى أخوه أنه ابنه من نكاح أو شبهة أو غصب، وأنكر ذلك المولى، فإن الأخ لا يصدق على الدعوة، ولا يعتق الولد بقوله. وكذلك العم والخال والأخ للأب والأخ للأم. وكذلك كل ذي رحم محرم. وكذلك كل ذي رحم (¬2) ليس بمحرم. وكذلك كل قرابة ليس بمحرم. وكذلك كل رضاع. فإنه لا يصدق واحد من هؤلاء في دعوة الولد إذا جحد المولى ذلك. وإن كان المولى امرأة أو رجلاً أو صغيراً أو كبيراً أو مكاتباً أو ذمياً فهو سواء. وكذلك أهل الذمة فيما بينهم. فإن قامت بينة على نكاح فإني أثبت نسب الولد من الزوج. وإن كان ذا رحم محرم عتق مع ثبوت (¬3) النسب. وإن شهدوا على نكاح صحيح جعلتها امرأته على حالها. وإن شهدوا على نكاح فاسد أثبت نسب الولد، وأبطلت النكاح. وإن كان الولد ذا رحم محرم من المولى عتق. وإن كان ذا رحم غير محرم أو ذا محرم (¬4) من رضاع لم يعتق. وإذا كان المولى عبداً أو مكاتباً ولم تَقُم بينة على نكاح فإنه لا يصدق فيه على الدعوة. وإن كان أبو الولد عبداً أو مكاتباً ومولى الجارية أخو الأب فإنه لا يصدق الأب على الدعوة. وإن قامت بينة على النكاح ثبت نسبه، وعتق الولد لقرابته من المولى. وإذا وطئ الرجل جارية للأب أو للأم أو للأخت أو للأخ أو للعم أو ¬

_ (¬1) م: أو الأب. (¬2) م ف + محرم. (¬3) د م ف: مع ثبات. (¬4) ف: ذا رحم.

باب دعوة الزوج

للعمة (¬1) أو للخال أو للخالة أو ابنة الأخ أو ابنة الأخت، وقال: ظننت أنها تحل لي، وادعى ولدها بهذا الوطء، فإنه لا يثبت نسبه. وإن ملكه عتق ولم يثبت نسبه. وإن ملك أمه لم تكن أم ولد. ويضرب الحد، ما خلا الرجل يطأ جارية والده (¬2) أو ولده أو جارية زوجه (¬3)، فأما ما سوى ذلك من هؤلاء فإذا قال: ظننت أنها تحل لي، أقمت عليه الحد، ولم أدرأ عنه بقوله هذا. ... باب دعوة الزوج وإذا ولدت أمة المرأة ولداً، فادعى الزوج أنه ابنه من زنى أو غصب، أو قال: ظننت أنها تحل لي، أو قال: تزوجتها، أو ادعى وجه (¬4) شبهة، وجحدت المرأة ذلك، فإن الزوج لا يصدق على النسب في شيء من ذلك. فإن قامت له بينة على نكاح فإن الولد يثبت نسبه منه، ويكون عبداً للمرأة، ولا يثبت النكاح، ويفرق بينهما؛ لأنه نكح أمة على حرة. وإن كان الزوج مكاتباً أو عبداً فهو سواء. فإن كانت المرأة من أهل الكتاب وكان الزوج مسلماً فهو سواء. وإن كانت المرأة أمة والزوج حراً والخادم لمولى المرأة أخذ مهراً آتاها (¬5)، أو كانت المرأة مكاتبة ولها خادم والزوج حر أو عبد أو مكاتب، فهو سواء، ولا يصدق على شيء من ذلك. وكذلك أهل الذمة لا يصدق زوج المرأة منهم على ولد أمتها. وكذلك لا يصدق الرجل على ولد خادم أم امرأته (¬6)، ولا ابن امرأته من غيره، ولا على خادم ابنة امرأته من غيره، ولا على خادم أخت امرأته، ولا على خادم ذات محرم من امرأته، رجلاً كان أو امرأة، أخاً كان لها أو أختاً، فإن ¬

_ (¬1) د م ف: أو العمة. (¬2) د م ف: والد. (¬3) د م ف + أو جارية ولد. (¬4) م - وجه. (¬5) م: إياها. والكلمة مهملة في د ف ب. (¬6) د م + ولا ابن امرأته.

باب الرجل يقر بالولد مما لا يصدق عليه وإذا ملكه صدق عليه

زوجها لا يصدق على ولد خادم أحد من هؤلاء. والقربة في هذا وكل ذي رحم محرم والولد في جميع ما ذكرنا سواء، فإنه لا يصدق على شيء من الولد، ما خلا الأب. وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ... باب الرجل يقر بالولد مما لا يصدق عليه وإذا ملكه صدق عليه وإذا ولدت أمة رجل، فادعى أخوه أو ابنه أو رجل لا قرابة بينه وبين الرجل (¬1) أنه زوجها وأن (¬2) هذا الولد منه، وجحد ذلك المولى، ولم يكن للزوج بينة حاضرة، فإنه لا يصدق الزوج على ذلك، والقول في ذلك قول المولى، ولا يمين على المولى في ذلك في قول أبي حنيفة، وعليه اليمين في قول أبي يوسف ومحمد. فإن لم تقم بينة الزوج وحلف على ذلك، ثم إن الزوج ملك الأمة والولد (¬3) بشراء أو هبة أو صدقة أو ميراث أو وصية أو بوجه من وجوه الملك، فإنه يثبت نسبه منه، وتكون أمه أم ولد له. وكذلك لو كان أقر بالولد من نكاح فاسد أو ادعى أنه اشترى أمه أو أنها وهبت له أو تصدق بها عليه أو أنها كانت له (¬4) فغصبها إياه أو أنه ورثها فجحدها هذا إياه، فمتى ملك الولد فإنه ابنه. ومتى ملك الأم معها الولد أو ليس معها فهي أم ولد له. وكذلك لو قال: هذا الولد ابني، ولم يبين (¬5) شيئاً، وجحده (¬6) المولى ذلك، فإنه لا يثبت نسبه. ومتى ما ملك الولد يثبت نسبه منه. وإن ملك الأمة كانت أم ولد له. وإن ملك الولد أبو المدعي وهو يجحد مقالة ابنه لم يثبت نسبه من الابن. ¬

_ (¬1) م - الرجل. (¬2) د م ف: بأن. (¬3) ف: وأم الولد. (¬4) م - له. (¬5) د: ولم يبنه (مهملة)؛ م ف: ولم يبينه والتصحيح من ب. (¬6) د م ف: وجحدها. والتصحيح من ب.

وإذا ولدت أمة رجل، وادعى رجل أنه كان أحلها له، وأنها ولدت هذا منه، وأقر المولى بأنّه أحلها له، وجحد أن يكون الولد منه، فإن أبا حنيفة قال في هذا: لا يثبت نسب الولد، ولا تجوز الدعوة فيه، وهو قول أبي يوسف ومحمد. ومتى ما ملك الولد ثبت نسبه منه، وأعتق، ومتى ما ملك أمه كانت أم ولده. وقال أبو حنيفة: لو كان المولى أقر أن الولد منه (¬1) أثبت النسب منه وإن لم يملكها، وكان عبداً للمولى على حاله. ولو كان المولى امرأة فأحلت لزوجها خادمها، فولدت، فادعى الولد، فإن أبا حنيفة قال: إن أقرت المرأة أنها أحلت الجارية له وأن الولد ابنه فهو ابنه ثابت النسب منه، وهو عبد لها. وإن أقرت أنها أحلتها له وجحدت أن يكون ابنه فإنه لا يكون ابنه، والقول في ذلك قول المرأة، وعليه العقر. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. وإن ماتت المرأة فورث الزوج هذا الولد هو وأخو المرأة ولا وارث لها غيرهما، فإن نسبه يثبت من الزوج، ويسعى لأخي المرأة (¬2) في نصف قيمته، وتكون أمه أم ولد الزوج، ويضمن لأخي المرأة (¬3) نصف قيمتها؛ لأن أم الولد لا تسعى. فإن كان الولد (¬4) معسراً أو موسراً فهو في ذلك سواء. وإذا تزوج الرجل امرأة على خادم، فولدت، فادعى الولد الزوج وكذبته المرأة، فإن كانت ولدته لأقل من ستة أشهر منذ تزوجها، وكان أصل الحبل عنده، فهو مصدق، وهو ولده، وهو ضامن لقيمتها للمرأة. وإن لم يكن أصل الحبل عنده لم يصدق. وإن كانت وضعت لأكثر من ستة أشهر لم يصدق. وإن طلق المرأة قبل أن يدخل بها وقبل أن يدفع الخادم وولدها إليها فإن نسب الولد يثبت منه، وتكون الخادم أم ولد له، ويضمن نصف قيمة الخادم، ولا يضمن قيمة نصف الولد، ويسعى الولد في نصف ¬

_ (¬1) م - منه، صح هـ. (¬2) م + ولا وارث لها غيرهما فإن نسبه يثبت من الزوج ويسعى لأخي المرأة. (¬3) ف - في نصف قيمته وتكون أمه أم ولد الزوج ويضمن لأخي المرأة. (¬4) م: الوالد.

قيمته للمرأة. وإن كان الأب غنياً أو فقيراً فلا تسعى أم الولد، ويضمن (¬1) نصف قيمتها على كل حال. وإن كان (¬2) أقر بالوطء بعد النكاح ضمن نصف عقرها لها. وإن كان أقر به قبل النكاح لم يضمن لها من العقر شيئاً. فإن لم يبين ذلك فالقول قوله في ذلك، إلا أن تكون جاءت بالولد لأكثر من سنتين منذ تزوجها، فيكون عليه نصف العقر، ولا يصدق. وإن كان قد دفع الخادم إليها، وولدت الخادم بعد ما قبضتها المرأة، ثم طلقها قبل أن يدخل بها، لم يرجع إليه من الخادم (¬3) ولا من الولد شيء (¬4)، وكانت الخادم والولد للمرأة، وكانت المرأة ضامنة لنصف قيمتها يوم قبضتها، إلا أن تكون جاءت به لأقل من ستة أشهر منذ تزوجها، فيكون ابنه، ويعتق، وتكون أمه أم ولد له، ويضمن نصف قيمتها يوم تزوجها عليها فدفعه (¬5) إليها، ويصدق عليها؛ لأن أصل الحبل كان عنده، إلا أن تقوم للمرأة بينة أنه قد ملكها منذ كذا وكذا، لوقت يعرف أن الحبل كان قبله. وإن كانت جاءت بالولد لأكثر من ستة أشهر بعد قبض المرأة إياها، ولم يطلقها، ولكن المرأة ماتت، فورثها، فهذا على ما وصفت لك من الميراث في المسألة التي قبل هذه. وكذلك كل ميراث يقع في مثل هذا فإن الأب يضمن نصيب شركائه من قيمة أم الولد، وتكون أمه أم ولد له (¬6). فأما ابنه فإن كان شركاؤه ذا رحم محرم من الولد فإنه يعتق، ولا يسعى لهم في شيء، ولكن أباه يضمن إن كان غنياً في قول أبي يوسف ومحمد. وإن كان فقيراً كان ذلك ديناً عليه، يسعى فيه العبد في قول أبي يوسف ومحمد إذا كذبوا الأب في الدعوة. وفي قياس قول أبي حنيفة إذا كانت الدعوة بعد ما وجب الميراث فإن كان فقيراً استسعوا الولد، وإن كان الأب غنياً ضمن. وإذا ولدت الأمة ثلاثة أولاد في بطون مختلفة، فادعى رجل أكبرهم أنه ابنه من نكاح، وأنه فارقها بعد ذلك، ووضعت الولدين بعد ما انقضت ¬

_ (¬1) م: وتضمن. (¬2) م - كان. (¬3) د م ف: في الخادم. (¬4) م ف: شيئاً. وفي هامش د: أصله شيئاً. (¬5) ف: فيدفعه. (¬6) ف: أمه.

العدة منه، وكذبه مولاها، ثم إنه اشترى الأمة وولدها الثلاثة، فإن الأم تكون أم ولد، ويثبت نسب الأكبر منه، ويعتق، ولا يعتق الباقيان؛ لأنهما ولدا في غير ملك الأب. وكذلك لو ادعى الأصغر. ألا ترى أن رجلاً لو قال لأمة: إذا ملكتك فأنت حرة بعد موتي، فولدت ابناً، ثم اشتراهما جميعاً أن الأمة (¬1) تكون مدبرة، وأن ابنها عبد لا يكون مدبراً. وكذلك أم الولد الأولى إنما عتقت (¬2) يوم ملكها مولاها بعدما ولدت أولادها، ولا يعتق أولادها، وقد ولدتهم وهي أمة لغيره، وهذا قول أبي حنيفة. ولو ولدت في ملك المولى ولداً من زوج كان بمنزلة أمه يعتق بعتقها؛ لأنها ولدت بعد ما عتقت، فكذلك ما ولدت المدبرة. وإذا ادعى رجل أمة في يدي رجل أنه تزوجها، وأنها ولدت منه، وقال المولى: بل بعتكها بألف درهم، وهذا الولد منك، فإن الولد ابن الزوج، ويعتق بإقرار المولى، وتكون أمه بمنزلة أم ولد بإقرار المولى، وعلى الزوج العقر، قضاء من الثمن، ولا يسع الزوج أن يقربها، وهي موقوفة، ولا تخدم واحداً منهما، فإذا مات أبو الولد عتقت. ولو ادعى الزوج أنه اشتراها وولدت منه هذا، وقال المولى: بل زوجتكها، كان الولد ثابت النسب، ولا يعتق الولد بقول الزوج؛ لأنه لا يملك أمه. وإذا كانت الأمة في يدي رجل، فولدت، وادعى ولدها، وقال لرجل آخر: هي أمتك، زوجتنيها، وصدقه الآخر، ولا يعرف أن أصلها كان للآخر، فإن الولد ثابت النسب من أبيه الذي هو في يديه، وهو حر، وأمه بمنزلة أم الولد، ويضمن أبو الولد قيمتها؛ لأنها عتقت من قبله. ولو كان يعرف أن الأصل للذي زوجها إياه كانت له على حالها، وكان الولد عبداً له. وإن كان الأصل لا يعرف أنه كان لهذا، [وقال هذا:] (¬3) بعتكها، وقال أبو الولد: زوجتني، فإن أبا الولد يضمن قيمتها، ولا يضمن العقر. وكذلك لو قال أبو الولد: بعتني هذه الجارية، وقال الآخر: بل زوجتك، فهو مثل ¬

_ (¬1) ف: أن أمه. (¬2) د م ف: أعتقت. (¬3) الزيادة من الكافي، 1/ 237 و.

باب إقرار المريض بالولد من أمة أو عبد له ليس له أم عنده

الأول. وإن كان يعرف الأصل لهذا فإنه يأخذ الأمة والولد في جميع ذلك، ويثبت نسب الولد، ما خلا خصلة (¬1) واحدة: أن يقر أنه باعها إياه، فإذا أقر بذلك لم يضمن أبو الولد شيئاً سوى العقر، وكانت بمنزلة أم الولد أقر مولاها بذلك. وإذا تزوج (¬2) الرجل امرأة فولدت، وأقر الزوج أنها ولدته، وقال: إنما تزوجتك منذ شهر، وقالت المرأة: بل تزوجتني منذ سنة، فإن الولد ثابت النسب منهما جميعاً، ولا يصدق الزوج. وكذلك لو قالت المرأة: قد تزوجتني منذ شهر، وقال الزوج: منذ سنة، فإن الولد ثابت النسب منهما جميعاً. وكذلك لو طلقها ثلاثاً وهي حامل، فولدت بعده بيوم، فقال: تزوجتك منذ شهر، فقالت المرأة: منذ سنة، أو قالت هي: منذ (¬3) شهر، وقال هو: منذ سنة، فإن النسب في ذلك كله ثابت (¬4) منهما جميعاً، ولا يصدق واحد منهما. ولو أجمعا جميعاً على أن النكاح كان منذ شهر والولد صغير صدقتهما جميعاً، ولم يثبت نسب الولد من الزوج. فإن قامت بينة على النكاح أنه كان منذ ستة أشهر ثبت (¬5) النسب منهما جميعاً، ولم أصدقه على الولد. ... باب إقرار المريض بالولد من أمة أو عبد له ليس له أم عنده وإذا مرض الرجل مرضه الذي مات فيه، وله عبد قد كان له في صحته، وأقر أنه ابنه، ومثله يولد لمثله، وليس له نسب معروف، فإنه ابنه، يعتق (¬6)، ويرثه، ولا يسعى في شيء من الدين؛ لأنه قد ملكه في صحته. وكذلك لو كانت جارية له (¬7) ولدت ولداً عنده في صحته، فلما مرض ادعى ¬

_ (¬1) م ف: خصلية. (¬2) ف: وإذا زوج. (¬3) ف - منذ. (¬4) ف + النسب. (¬5) م ف: يثبت. (¬6) ف: ويعتق. (¬7) د م ف: لها.

أنه ابنه من هذه الأمة، فهو ابنه ثابت النسب منه، وهو حر، وأمه أم ولد، تعتق إذا مات، ويرث الابن مع الورثة، ولا تسعى الأم والابن في شيء. وإن كان على المريض دين يحيط بجميع ماله لم يسع في شيء هو والأمة. وكذلك لو كان ملكه في صحته بشراء أو ميراث أو هبة أو صدقة أو وجه من وجوه الملك، أو كان الحبل عند (¬1) غيره ثم ملكه بعد ما ولد، أو ملك أمه ثم ولدت (¬2) عنده، أو كان أصل الحبل عنده، فذلك كله سواء، وهو باب واحد. وإن كان ملكه في المرض الذي مات فيه ثم ادعاه بعد الملك أو قبل أن يملكه سواء، وهو ابنه ثابت النسب منه. وإن لم يكن له مال غيره سعى في قيمته بينه وبين جميع الورثة في قول أبي يوسف ومحمد، ويرث مع الورثة، وفي قول أبي حنيفة يسعى في ثلثي قيمته، ولا يرث. وأما أم الولد فلا تسعى في شيء في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد إذا كان معها ولد يثبت نسبه، إن كان على مولاها دين أو لم يكن، أو ملكها في المرض أو في الصحة. ولو أن مريضاً عليه دين مات في مرضه ذلك، وقد وهب له فيه ابنه (¬3)، وكان عبداً لغيره، وكان معروف النسب منه، ولا مال له غيره، والدين أكثر من قيمته، فإنه يسعى في قيمته للغرماء في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، ويعتق. وإن كان الدين أقل من قيمته سعى في الدين، وسعى في ثلثي ما بقي من القيمة للورثة في قول أبي حنيفة، وله الثلث وصية. وفي قول أبي يوسف ومحمد يسعى فيما بقي من قيمته، ويكون ذلك بينه وبين الورثة على سهام الله. ولو وهب للمريض في هذه الحال أم ولد له معروفة وقبضها عتقت ولم تسع في شيء من قيمتها في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولو أن مريضاً له ألف درهم اشترى بها ابنه في مرضه، وابنه يساوي ألف درهم، وليس له مال غيره، ومات من ذلك المرض، فإن الابن يسعى ¬

_ (¬1) ف: عنده. (¬2) ف: ثم ولدته. (¬3) ف - ابنه.

باب الرجل يملك ابنه هو وآخر

في قيمته في قول أبي يوسف ومحمد، ويكون ذلك ميراثاً بينه وبين الورثة على سهام الله تعالى. وفي قول أبي حنيفة يسعى في ثلثي قيمته بين الورثة، ويدفع له الثلث وصية، ولا ميراث له. وإن كان على ابنه دين يحيط بقيمته سعى في قيمته للغرماء، ولا ميراث له من ذلك، ولا للورثة في تلك القيمة. ولو كان الدين أقل من قيمته سعى في الدين كله، وسعى في ثلثي ما بقي من القيمة بين الورثة في قول أبي حنيفة، ويدفع له الثلث وصية. وفي قول أبي يوسف ومحمد يسعى فيما بقي من قيمته بعد الدين، ويكون ذلك بينه وبين الورثة على الميراث. ولو اشترى هذا المريض أم ولد له معروفة بهذه الألف، وقيمتها ألف، عتقت، ولم تسع في شيء للورثة ولا للغرماء إن كان عليه دين يحيط بقيمتها أو لم يكن في قول واحد منهم. ولو كان قيمتها أكثر من الثمن الذي اشتراها به ولا مال له غير ذلك، فإن كان عليه دين يحيط بذلك فإن البائع يرد على الغرماء الفضل على القيمة، وإن لم يكن عليه دين رد البائع على الورثة ثلثي ذلك الفضل. ... باب الرجل (¬1) يملك ابنه هو وآخر وإذا كان للرجل ابن معروف (¬2) النسب منه، فاشتراه هو وآخر جميعاً معاً، فإنه يعتق حصة الأب من ذلك، ويسعى الابن للآخر في نصف قيمته، عرف شريكه أنه ابنه أو لم يعرف أنه ابنه، غنياً كان أبوه أو فقيراً في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإن كان أبوه غنياً ضمن نصف قيمته لشريكه، وإن كان فقيراً سعى الولد في نصف قيمته. وكذلك الوصية والصدقة والهبة. ولو كان مع هذا الولد أُمُّهُ ملكهما جميعاً ببعض ما ذكرنا من وجوه الملك، فإنه يضمن نصف قيمتها لشريكه، وتكون أم ولد له فقيراً كان أو غنياً في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولا تسعى أم الولد ¬

_ (¬1) ف + الذي. (¬2) ف + ثابت.

في شيء. ولو كان ملك الولد وأمه بميراث كان ضامناً لحصة شركائه من قيمة الأم، فقيراً كان أو غنياً، وتكون أم ولد له. وأما الولد، فإن كان شركاؤه في الميراث ذوي رحم محرم منه، فإنه يعتق منهم جميعاً، ولا يسعى في شيء، ويكون مولى لهم جميعاً. ولو لم يكن الولد (¬1) معروف النسب، ولكن الأب (¬2) ادعاه قبل أن يملكه ثم ملكه وملك أمه ببعض ما وصفنا من وجوه الملك وشركاؤه، فإن القول في أمه مثل القول في أم المعروف النسب. وأما (¬3) الولد فإن كانت الدعوة بعد الملك فإنه يضمن نصف القيمة لشركائه إن كان غنياً. ويسعى لهم الولد إن كان فقيراً، محرماً كان منه أو غير محرم، من قبل أن النسب المجهول (¬4) إنما يثبت بعد الملك. ولا يشبه هذا معروف النسب الذي قد ثبت نسبه قبل الملك من أبيه وإن كان الورثة معه غير ذي رحم محرم. ويسعى (¬5) لهم الولد في حصتهم إن كان فقيراً، ويضمن لهم إن كان غنياً. وأما الأم فلا تسعى. ويضمن أبو الولد حصة شركائه من قيمتها. ولو كان صبي وأمه لرجل لا يعرف له نسب رقيقاً لرجل، فاشتراهما رجلان، أو ملكاهما بهبة أو صدقة أو ميراث أو وصية، ثم ادعى أحدهما أن الولد ابنه، وكذبه الآخر، فإنه يكون ابنه، ويضمن حصة شريكه من قيمة الأم، ويسعى الولد في حصة الشريك. وإن كان الشريك ذا رحم محرم من الولد فهو سواء، وهو على ما وصفت لك في قول أبي يوسف ومحمد. وأما في قياس قول أبي حنيفة فإنه يعتق منهما جميعاً، ولا يسعى. وإذا كان الرجل مكاتباً، فاشترى ابنه هو ورجل حر معه، فإن الابن حصة أبيه [فيه] مكاتب مثل أبيه. فإذا أدى عتق وسعى لشريكه في نصف قيمته في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإنه يكون كله مكاتباً مع أبيه، ويضمن أبوه نصف قيمته لشريكه. ولو كان مجهولاً فادعاه ¬

_ (¬1) د م ف: ولد. والتصحيح من ب. (¬2) د م ف + إذا. (¬3) ف + أم. (¬4) د م ف: مجهول. (¬5) د م ف: وسعى.

المكاتب بعدما ملكاه (¬1) كان للشريك أن يضمن المكاتب نصف القيمة إن كان غنياً، وإن شاء استسعى الابن. وإن كان المكاتب فقيراً استسعى الابن في قياس قول أبي حنيفة. وإن كانت أمه مع الولد ضمن المكاتب نصف قيمتها، غنياً كان أو فقيراً، لشريكه، وكانت أم ولد له. وإن كان الذي ملكه مع المكاتب ذا رحم محرم من الصبي، ونسب الصبي معروف من المكاتب، عتق حصة ذي الرحم المحرم منه، وكانت حصة المكاتب موقوفة، فإن (¬2) عتق (¬3) عتق (¬4) معه، وإن عجز سعى لمولاه في نصف قيمته في قياس قول أبي حنيفة. وإذا كان الولد معروف النسب من الرجل، وهو بين اثنين، فاشترى الأب نصيب أحدهما، فإنه يعتق، ويضمن نصيب الآخر إن كان غنياً في قول أبي حنيفة، وإن شاء استسعاه في نصف قيمته. وكذلك لو اشترى حصته من الأم، غير أن الأم لا تسعى، إنما يضمن الذي اشتراها نصف قيمتها لشريكه. وكذلك الهبة والصدقة والوصية. وكذلك الميراث في الأم. وأما الميراث في الولد فإن مات أحدهما فورث أبو الصبي حصته فإنه يعتق ولا يضمن في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد لشريكه، ولكنه يسعى لشريكه في نصف قيمته؛ لأن الميراث لزمه، ولا يستطيع أن يمنع من ذلك، والشراء والهبة والصدقة والوصية لم تلزمه إلا بقبول منه. وإذا ملك رجلان صبياً بشراء أو هبة أو صدقة أحدهما أبوه، وهو عبد، فإنه لا يعتق، وهو ابنه، ولهما أن يبيعاه. وكذلك لو ملكا أمه؛ لأن العبد لا يعتق ولده بملكه (¬5). ... ¬

_ (¬1) د م ف: ملك له. والتصحيح من ب؛ والكافي، 1/ 237 ظ. (¬2) د م ف: وإن. والتصحيح من الكافي، 1/ 237 ظ. (¬3) د م ف: أعتق. (¬4) ف - عتق. (¬5) ف: ملكه.

باب الإقرار بولد من الزنى

باب الإقرار بولد من الزنى وإذا كان الصبي عبداً لرجل من أمة، فادعى رجل أنه ابنه من الزنى، وصدقه المولى بذلك أو كذبه، فإن أبا حنيفة قال: لا يثبت نسبه في هذا، وإن ملك أمه كان له أن يبيعها. وكذلك لو قال: زنيت بهذه الأمة فولدت مني هذا الولد. وكذلك لو قال: هو ابني من زنى، أو قال: هو ابني من فجور، أو قال: فجرت بها فولدت مني هذا. وكذلك لو قال: هذا ابني من غير رِشْدة. فهذا كله باب واحد، ولا يثبت نسبه في شيء من هذا. وإن ملكه يوماً بميراث أو هبة أو شراء أو صدقة عتق، ولا يثبت نسبه منه. وإن ملك أمه لم تعتق. ولو كان الصبي عبداً لأبي المدعي أو لعمه أو لخاله أو لامرأة أو رجل ذي رحم محرم من المدعي فهو سواء، ولا يعتق. وكذلك لو كان مولى الصبي أبا المدعي أو أمه أو امرأته. فأما إذا كان مولى الصبي ابن المدعي فإن هذا يثبت نسبه منه وإن قال: هو من زنى، ويضمن قيمة الأم، وتكون أم ولد له. ولا يشبه الابن (¬1) جميع ما ذكرنا من القرابات. وإن قال: هو ابني، ولم يقل من زنى، وهو عبد غير الأب في جميع ما ذكرنا، ثم ملكه يوماً، فإنه يلزمه نسبه منه، ويعتق. وكذلك لو قال: هو ابني من نكاح فاسد أو شراء فاسد، أو لأنه أحلها لي، أو ادعى (¬2) شبهة على وجه من الوجوه، وكذبه المولى، فإنه لا يكون ابنه ما كان عبداً في جميع ما ذكرنا. وإن ملكه يوماً من الدهر عتق، ويثبت نسبه. وإن ملك أمه كانت أم ولد، ويثبت نسبه، إلا ما ذكرنا من أمر الولد إذا ادعى ولد جارية ابنه أو ولد جارية ابنته، فإن هذا يلزمه نسبه، ويكون ضامناً لقيمة الخادم، وتكون أم ولد له. ولا تجوز دعوة الجد من قبل الأم في ذلك، ولا من قبل الأب إذا كان الأب حياً. وإن كان الأب ميتاً فدعوته جائزة. وأهل الذمة وأهل الإِسلام في جميع ما ذكرنا سواء. وإذا وطئ الرجل جارية امرأته أو جارية الأب أو جارية الأم أو الأخ ¬

_ (¬1) د م ف: الأم في. (¬2) ف: وادعى.

أو الأخت أو جارية ذي رحم محرم منه، وقال: ظننتها تحل لي، وادعى الولد بهذا الوطء، فإن نسبه لا يثبت، ولا يصدق. فإن ملكه عتق. وقوله: ظننتها تحل لي، ليس بشبهة، وهو بمنزلة الزنى في الولد. وإذا أقر الرجل أنه زنى بامرأة حرة، وأن هذا الولد منه من هذا الزنى بها (¬1)، وصدقته المرأة، فإن نسب الولد لا يثبت بهذه الدعوة من المرأة، ولا من الرجل؛ لأنه من زنى، وليس يثبت نسب ولد الزنى. محمد عن أبي يوسف عن الحجاج بن أرطأة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الولد للفراش، وللعاهر الحجر" (¬2). محمد عن أبي يوسف عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن سعد بن مالك خاصم (¬3) عبد بن زَمْعة [في غلام] (¬4)، وقال: إن عتبة بن أبي وقاص قد أقر به، وقال ابن زمعة [: هو أخي] (¬5). فقضى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لزمعة؛ لأنه ولد على فراشه، وأمر سودة أن تحتجب منه لما رأى فيه من شبه آل أبي وقاص (¬6). وإذا أقر الرجل أنه زنى بامرأة، أمة أو حرة، وادعت المرأة نكاحاً فاسداً أو جائزاً، وأقر الرجل بولد من هذا الزنى من هذه المرأة، فإن نسبه لا يثبت، ولا يلحق به، ولا يجوز. ولو كان عبداً فملكه لم يثبت نسبه منه، ولكنه يعتق. وإن ملك أمه لم يعتق، ولم تكن أم ولده، وإن كان هذا الزنى لا حدّ فيه، وعليه فيه العقر للشبهة التي دخلت. ولو ادعى الرجل النكاح، وأقرت المرأة أنه زنى بها، جعلت المهر ¬

_ (¬1) م: منها. (¬2) روي عن أبي هريرة وعائشة - رضي الله عنهما -. انظر: صحيح البخاري، الحدود، 23؛ وصحيح مسلم، الرضاع، 36، 37. وروي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. انظر: سنن أبي داود، الطلاق، 33 - 34. (¬3) د م ف + في. والتصحيح مستفاد من مصادر الحديث. (¬4) الزيادة مستفادة من مصادر الحديث. (¬5) الزيادة مستفادة من مصادر الحديث. (¬6) صحيح البخاري، الخصومات، 6؛ وصحيح مسلم، الرضاع، 36.

على الرجل. وإن ملك الابن يوماً أثبت نسبه. وإن ملك أمه كانت أم ولد، والمهر لسيدها. وإذا أقر الرجل أنه زنى بأمة، وأنها ولدت منه، وادعت الأمة ومولاها النكاح، وأقاموا على ذلك شاهداً واحداً، فإني أدرأ الحد بالشبهة، وأوجب عليه المهر، وألزم المرأة العدة، ولا يثبت نسب الولد. وإن ملكه عتق، ولا يثبت نسبه. وإن ملك أمه لم تكن أم ولده. ولو كانت المرأة حرة في مثل هذه الحال أوجبت لها الصداق، وأوجبت عليها العدة، ولم ألزم نسب الولد. وكذلك لو ادعى الرجل أنه نكاح، وأقام شاهداً على ذلك، وادعت المرأة أنه زنى، فإن نسب الولد لا يثبت بهذا. وكذلك لو أقام على ذلك شاهدين غير أنهما لم يزكيا، أو كانا محدودين في قذف أو أعميين، فإني لا أثبت النسب بهذا، وأوجب الصداق والعدة. ولو أن رجلاً اغتصب امرأة نفسها ففجر بها لم يثبت نسب الولد الذي يكون من ذلك، وعلى الرجل الحد، ولا حدّ على المرأة. ولو أن معتوها اغتصب امرأة نفسها فوقع عليها لم يكن على واحد منهما حدّ، ولا يثبت نسب الولد في هذا الوجه. وكذلك رجل زنى بامرأة فشهد عليها أربعة فلم يزكوا ودرئ عنهما الحد. وكذلك كل وطء حرام ليس بتزويج ولا ملك فإن نسب الولد فيه لا يثبت (¬1). فإن كان فيه تزويج فاسد أو جائز أو دعوى بذلك من قبل الرجل أو دعوى ملك فإن هذا متى ما ملك الولد يثبت نسبه منه. وأما الوطء الحرام الذي ليس فيه دعوى شبهة فإن الولد لو كان عبداً فملكه لم يثبت نسبه منه. وإذا كانت لرجل امرأة فولدت على فراشه فقال الزوج: زنيت بفلان فولدت، فهذا الولد منه، وأقرت بذلك المرأة، وأقر بذلك فلان، فإن نسب الولد ثابت من الزوج صاحب الفراش، ولا يصدق واحد منهم على نفي هذا الولد ولا على إخراجه من نسبه. وكذلك لو كانت هذه المرأة أمة قد تزوجها أو من أهل الكتاب أو حرة مسلمة. وكذلك لو كان نكاحها فاسداً. ¬

_ (¬1) ف: ولا يثبت.

باب دعوة الولد في النكاح الصحيح

وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد في النكاح كله. وقال أبو حنيفة: لو أن رجلاً تزوج امرأة لا يحل له نكاحها فأغلق بابا وأرخى حجاباً (¬1) عليها ثم فرق بينهما لم يكن لها مهر عليه. فإن جاءت بولد لستة أشهر منذ أغلق الباب وأرخى الستر فهو ابنه، وعليه المهر. وكذلك كل نكاح فاسد. وكذلك كل ملك فاسد. ولا يشبه النكاح والملك الزنى. وإذا أقر الرجل بصبي في يدي امرأة فقال: هو ابني من زنى، وقالت المرأة: من نكاح، لم يثبت نسبه. وإن قال الرجل بعد ذلك: هو من نكاح، يثبت نسبه، ولا يصدق على إبطال النسب. وإذا أقر الرجل بصبي في يدي امرأة فقال: هو ابني من نكاح منك، فقالت المرأة: هو ابنك مني من زنى، فإنه لا يثبت نسبه منه. فإن قالت المرأة بعد ذلك: هو ابنك مني من نكاح، ثبت (¬2) نسبه منهما. وإذا كانت المرأة لها ولد معروف فقال رجل حر: هو ابني منك من الزنى، فقالت المرأة: صدقت، فإنه لا يثبت نسبه منه. ولو قالت المرأة: هو (¬3) من نكاح، وقال الرجل: هو من زنى، لم يثبت نسبه منه. ولو قال الرجل: هو ابني من نكاح، فقالت المرأة: من زنى، لم يثبت نسبه منه. والأمة إذا كانت لرجل حر لها ولد، فأقرت في ولدها بمثل ذلك، فإن نسبه لا يثبت منه. وكذلك المكاتبة والمدبرة وأم الولد. وكذلك المرأة من أهل الذمة. وكذلك الرجل من أهل الذمة. ... باب دعوة الولد في النكاح الصحيح وإذا كان للرجل امرأة وهما حران مسلمان، فجاءت بولد، وادعى ¬

_ (¬1) ف + سترا. (¬2) ف: يثبت. (¬3) م - هو.

الزوج أنه ابنه وكذبته المرأة، وقد جاءت به لستة أشهر منذ تزوجها، فإنه ابنه، ولا تصدق المرأة على دعواها. وكذلك لو قال الزوج: هذا الولد من زوج كان لك قبلي، وقالت المرأة: بل هو منك، فهو من الزوج، ولا يصدق الزوج على ما ادعى. ولو قال الزوج: قد ولدتيه وهو من زنى، فإنه يقع اللعان فيما بينهما، يلاعنها الزوج، ويكون الولد ابنها (¬1). ولا يُخرِج الولدَ من نسب الزوج إلا اللعان. وهكذا قال أبو حنيفة. ولو أقرأ جميعاً أنه من زنى لم يصدقا عليه، وكان ابنهما جميعاً في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولو كانت الزوجة أمة أو حرة من أهل الكتاب فنفاه الزوج وصدقته المرأة أو كذبته كان سواء، وكان ابنهما جميعاً في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولو ادعاه الزوج وكذبته المرأة أو نفاه الزوج وادعته (¬2) المرأة كان ابنهما جميعاً. وليس يخرج ولد الزوجة من نسب أبيه إلا اللعان. وإذا نفى الرجل ولداً ولدته امرأته ميتاً كان أو حياً فمات قبل اللعان فهو ابنه لا يستطيع أن ينفيه. أرأيت لو قتل ألم يكن له ميراثه. أرأيت لو ضرب إنسان بطنها فألقته ميتاً ألم يكن له ميراثه من الغُرّة. فكيف يستطيع أن ينفيه وقد وجب له الميراث. وإذا ولدت المرأة ولدين في بطن واحد، وأقر الزوج بالأول منهما ونفى (¬3) الآخر، فهما ابناه جميعاً ويلاعن. وإن نفى الأول منهما وأقر بالآخر جلد الحد وكانا ابنيه. فإن لم تكن أمهما حرة وكانت زوجه أمة أو من أهل الكتاب أو سُرّية فلا حد في ذلك ولا لعان، وهما ابناه جميعاً. وإذا ادعت امرأة أن رجلاً تزوجها وأنها ولدت هذا الغلام منه، وأنكر الزوج ذلك، فأرادت استحلافه، فإن أبا حنيفة قال: لا يحلف في هذا. وكذلك لو ادعى الزوج وأنكرت المرأة. وقال أبو يوسف ومحمد: أستحلفه في الوجهين جميعاً. وقال أبو حنيفة: لا يمين في النسب، ولا أثبت النسب ¬

_ (¬1) د م ف: ابنه. (¬2) ف: وادعت. (¬3) ف: ونفاه.

بترك اليمين إن نكل عنها. وقال أبو يوسف ومحمد: اليمين في النسب جائزة، وأستحلفه (¬1) فيه. وإذا ادعى رجل أنه زوج فلاناً هذا أمته هذه وأنها ولدت هذا منه، وأنكر ذلك فلان وحلف ما تزوجها، ثم إن فلاناً ذلك ملك الصبي بعد ذلك، فإنه لا يثبت نسبه منه بقول المولى ولا بقول الأمة ولا يعتق. ألا ترى أنهما لا يصدقان على دعواهما. ولو كان المولى ادعى أنه باعها منه فولدت هذا منه، وجحد الرجل ذلك، لم يصدق المولى عليه، ولم يثبت نسبه منه، ويعتق الولد بإقرار المولى، وتكون أمه بمنزلة أم الولد. وإذا جاءت امرأة الرجل بولد فقال الزوج: تزوجتك منذ شهر، وقالت هي: (¬2) منذ سنة، أو قالت المرأة: تزوجتني منذ شهر، وقال الزوج: تزوجتك منذ سنة، فإن الولد ابن الزوج، ولا يصدق واحد منهما على ما ادعى من النكاح. إذا ولدته في ملك الزوج لم يصدق واحد منهما على ما ادعى. فإن قامت البينة أنه تزوجها منذ شهر لم يثبت النسب منه. وإذا كان ولد في يدي رجل وامرأته فقال الزوج: هذا ابني من امرأة أخرى، وقالت المرأة: هو ابني من زوج كان لي قبلك، فإنه ابنهما جميعاً، لأنه في أيديهما، ولا يصدق واحد منهما على أن يخرجه من صاحبه (¬3). وهذا قول أبي حنيفة. وإذا كان للمرأة ولد ليس في يد زوجها، فقالت المرأة: تزوجتك بعد ما ولدت هذا من زوج قبلك، وقال الرجل: بل ولدتيه مني في ملكي، فهو سواء، وهو ابن الزوج، ولا يصدق على أن ينفيه منه. وإذا كان الصبي في يدي الزوج دون المرأة، فقال: هو ابني من غيرك، وقالت المرأة: هو ابني منك، فإن القول قول الزوج، ولا تصدق المرأة. ¬

_ (¬1) ف: فأستحلفه. (¬2) ف - هي. (¬3) ب: عن صاحبه.

وإذا كان الولد في أيديهما جميعاً وهو يتكلم ويعبر عن نفسه وادعيا (¬1) أنه ابنهما وجحد الولد ذلك، فإن القول قول الولد إذا كان يعبر عن نفسه ويتكلم ويعقل، ولا يصدقان على ما ادعيا من ذلك إذا أنكر الصبي ذلك. أرأيت لو كان رجلاً أكانا يصدقان عليه، لا يصدقان عليه. وإن كان لا يتكلم ولا يعبر عن نفسه فهو ابنهما جميعاً. وإن كبر الابن بعد ذلك فأنكر أن يكون ابنهما لم يصدق على ذلك. فإن أقام بينة على نسب ثابت من أم وأبي غيرهما وعلى ولادة قبلت ذلك منه. ولو أقام الذي هو في أيديهما البينة أنه ابنهما ولد منهما وفي ملكهما وعلى فراش الذي هو في يديه من هذه المرأة، وأقامت امرأة ورجل بينة على مثل ذلك، والصبي لا يعبر عن نفسه، قضيت به للذي هو (¬2) في أيديهما. وإذا ولدت المرأة على فراش الزوج وأقر بأنها ولدته، ولم يقر أنه منه، ولم ينفه زمانًا، ثم إنه نفاه بعد، فإن أبا حنيفة قال: هو ابنه، ويلاعن. قال: وإن نفاه عند حضرة الولادة لزم الولد أمه ولاعن. ولم يجعل لذلك أبو حنيفة وقتاً. وقال أبو يوسف ومحمد: نوقت لذلك (¬3) أربعين يوماً: النفاس، فإن لم ينفه أربعين يوماً فهو ابنه، فإن نفاه بعد ذلك لاعن، وهو ابنه. وإن نفاه قبل ذلك لاعن، ولزم الولد أمه. وإن أنكر الزوج أن تكون المرأة ولدته وشهدت امرأة حرة مسلمة على ولادتها فإنه يلزم الزوج. وكذلك لو كان من أم ولد وقد كان أقر بالحبل، فولدت وأنكر أن تكون ولدت هذا، فشهدت امرأة على الولادة، فإني أثبت نسبه منه. وكذلك لو كانت أمه زوجة من أهل الكتاب أو مكاتبة أو أمة فهو مثل ذلك. وأهل الكتاب وأهل الإِسلام وأهل الذمة في ذلك كله سواء جميعاً. وإذا تزوج الرجل امرأة فجاءت بولدين فنفاهما، فقضى القاضي باللعان بينهما، فمات أحدهما قبل اللعان، فإن الولدين يثبت نسبهما من الزوج، ويلاعن. وكذلك لو (¬4) قتل أحدهما. وكذلك لو طلقها ثلاثاً أو واحدة بائنة ¬

_ (¬1) ف: فادعيا. (¬2) م - هو. (¬3) م: ذلك. (¬4) ف - لو.

لزمه الولد ولا يلاعن. وكذلك لو ماتت المرأة أو الزوج. كذلك لو التعنا عند القاضي جميعاً وكمل اللعان بينهما ولم يفرق القاضي بينهما ولم يلزم الولد أمه حتى مات الزوج أو المرأة فإن الولدين ثابت نسبهما من الزوج في جميع ذلك. وكذلك لو لاعن بواحد ونفاه، وألزم القاضي الولد أمه وفرق بينهما، ثم ولدت آخر في تلك البطن، فإن الولدين جميعاً يلزمان الأب. ولو كانت ولدتهما جميعاً فعلم بأحدهما ولاعن به ونفاه، وألزم القاضي الولد أمه وفرق بينهما، ثم علم بالآخر بعد ذالك فإنهما ابناه جميعاً. وإن علم بالآخر فنفاه قبل فرقة القاضي وقبل القضاء فنفاه، أعاد اللعان بينهما جميعاً، ولزم الولدان الأم. ولو لاعن رجل بولد وألزم القاضي الولد أمه وفرق بينهما ثم ادعاه بعد ذلك ضرب الحد وكان الولد ابنه. وإذا كانت الأم حية أو ميتة فهو سواء. وإن كان الولد ميتاً وترك ميراثاً ثم ادعاه الأب بعد ذلك لم يصدق على ذلك؛ لأنه ليس له نسب يلحق به. ولو ترك الولد ولداً غلاماً أو جارية صدق الأب على النسب وضرب الحد وأخذ الميراث. ولو ترك ابن ابن كان كذلك. ولو ترك ابن ابنة فإن أبا حنيفة قال في هذا: لا يصدق على النسب ولا يرث. وقال أبو يوسف ومحمد: هو سواء، ويصدق، ويرث. ولو لاعن بجارية وألزمتها الأم ثم أراد ابن الملاعن أن يتزوجها لم يكن له ذلك. ولو فعل فرقت بينهما. وكذلك الملاعن نفسه لو قال: لم أدخل بالأم، وتزوج الابنة، فرقت بينهما؛ لأنه لو ادعاها جازت دعوته. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإذا طلق الرجل امرأته واحدة بملك الرجعة، فولدت ولدا لأقل من سنتين بيوم، ولم تقر بانقضاء العدة، فنفاه الرجل، ثم ولدت آخر بعد سنتين بيوم، فإنهما جميعاً ابناه، ولا حد عليه ولا لعان؛ لأنه قذفها يوم نفى الولد الأول وهي امرأته وحدّه (¬1) اللعان، فلما ولدت الآخر إذاً انقضت العدة وبانت (¬2) منه ولا حد عليه؛ لأن حده كان اللعان، ولا لعان عليه لأنها ¬

_ (¬1) أي: وكان يجب عليه اللعان. (¬2) د م ف: وجازت. والتصحيح من ب.

باب الشهادة في الولادة على الرجل

ليست امرأته، والولدان ابناه. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: هذه رجعة، ويوقف على الولد الثاني، فإن نفاه لاعن، ويلزم الولد الأم؛ لأني أتبع الأول الآخر؛ لأن المرأة لا تلد لأكثر من سنتين إلا بجماع حادث، وقد تلد لأقل من سنتين بجماع حادث بعد الطلاق، وبجماع قبل (¬1) الطلاق، فأتبع الشك اليقين. ولو كانت جاءت بهما جميعاً لأكثر من سنتين، والنفي من الزوج على ما وصفت لك، فإنه يوقف (¬2) على الآخر، فإن نفاه لاعن بهما جميعاً، وألزم الولدين الأم، فإن أقر ضرب الحد وكانا ابنيه. ولو كان الطلاق بائناً في هاتين المسألتين جميعاً كان عليه الحد في المسألة الأولى، ويلزمه الولد، ولا حد عليه في المسألة الأخرى (¬3) ولا لعان، ولا يلزمه الولدان جميعاً في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: لا يلزمه الولدان في المسألتين جميعاً. وإذا نفى الرجل ولد امرأته ثم طلقها فبانت منه أو ماتت أو مات هو فالولد ابنه، ولا حد عليه ولا لعان. ولوطلقها واحدة بملك الرجعة كان عليه اللعان. فإن لاعن لزم الولد أمه. وإن انقضت العدة قبل أن يلاعن لزم الولد أباه ولا حد عليه ولا لعان. وإذا طلق الرجل امرأته واحدة بائنة وقد دخل بها ثم تزوجها، فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر، فنفاه، فإنه يلاعن ويلزم الولد أباه؛ لأن الحبل كان في غير هذا الملك. وإن جاءت به لستة أشهر فصاعدا لاعن، ولزم الولد أمه باللعان. ... باب الشهادة في الولادة على الرجل وإذا ولدت أمة الرجل وادعت أن مولاها قد أقر به وجحد المولى ¬

_ (¬1) م: بعد. (¬2) ف: يوصف. (¬3) ف: الاخره.

ذلك (¬1)، فشهد عليه شاهد أنه أقر بذلك، وشهد آخر أنه ولد على فراشه، فقد اختلفت شهادة هؤلاء، لأن الشهادة على الإقرار والشهادة على الولادة مختلفة. فإن شهد رجلان على الإقرار منه أو على الولادة أنه ولد على فراشه فهو جائز. وكذلك هذا في الزوجة الحرة. وشهادة رجل وامرأتين في ذلك جائزة. وشهادة شاهدين على شهادة شاهدين في ذلك جائزة. ولا تجوز في ذلك شهادة أعمى ولا عبد من أهل الذمة ولا محدود في قذف ولا فاسق. ولا يقبل في هذا أقل من شاهدين. وإذا كان المولى من أهل الذمة والأمة مسلمة، فشهد شاهدان من أهل الذمة أنه أقر أنه ابنه منها وأنها ولدته على فراشه، وادعت هي ذلك، وجحد المولى، فإني أثبت نسبه منها ومنه. ولو أن المولى ادعى هذا وجحدت الأمة ذلك وهي مسلمة، فشهد رجلان من أهل الذمة أنها ولدته من المولى، جاز على المولى؛ لأنه ذمي، ولا يجوز عليها؛ لأنها مسلمة. وكذلك الزوجة في هذا الوجه. ولو كانا من أهل الكتاب فأسلمت، ثم جاءت بولد، وشهد شاهدان من أهل الذمة كان الأمر في ذلك على ما وصفت لك. وإذا كان رجل وامرأته مسلمين، فولدا ولداً، فأقرت به المرأة، وادعت أنه منه، وجحد الزوج، فشهد على الزوج أخوه وابنه أنه أقر به من هذه المرأة، فهو جائز عليه. ولو لم يشهد هذان وشهد أبو المرأة وجدها على إقرار الزوج لم يجز ذلك؛ لأنهما يشهدان لولدهما. ولو جحدت المرأة وادعى الزوج فشهد عليها أبوها وجدها لم يجز ذلك. وكذلك لو شهد عليها أبو الزوج وجده لم يجز؛ لأنهم يشهدون (¬2) لولدهما. ولو شهد على ذلك ابنا الزوج جاز ذلك؛ لأنهما يشهدان لأخيهما على أمه. وإذا ادعت المرأة ولداً من زوج قد فارقها، وأقر بها الزوج، وادعى ¬

_ (¬1) ف - ذلك. (¬2) من باب استعمال الجمع للمثنى. وهو كثير في الكتاب.

باب المرأة إذا تزوجت وزوجها حي لمن يكون الولد

الزوج الذي هي عنده أنه ابنه من أخرى قد فارقها، وأقرت به المرأة، وهو في يد هذا الزوج وهذه المرأة التي عنده، وأقاموا البينة على ذلك كله، فإني أجعله ابن الزوج والمرأة التي عنده (¬1) , لأنه في أيديهما دون الآخرين. وإذا كان صبي في يدي رجل، يدعي أنه ابنه، فأقام آخر البينة أنه ابنه فإنه يقضى به لصاحب البينة. وإن شهدت الشهود على إقرار المدعي به لم يجز (¬2)، ولم يقبل ذلك منهم. وإن شهد شاهدان أنه ولد على فراش المدعي من امرأته هذه وشهد آخران أنه ولد على فراش الذي هو في يديه من امرأته هذه فإنه يقضى به للذي هو في يديه، ويثبت نسبه منه ومن زوجته، مسلماً كان أو كافراً، عربيًا كان أو مولى، بعد أن يكون شهوده مسلمين. وإن كانوا عبيداً أو مكاتبين، وامرأته مثله، والمدعي حر، وامرأته (¬3) مثله، قضيت به للمدعي؛ لأنهم شهدوا على العتق، والشهادة على العتق أولى. ... باب المرأة إذا تزوجت وزوجها حي لمن يكون الولد وإذا نُعي إلى المرأة زوجها واعتدت، ثم تزوجت فولدت من هذا الأخير، ثم جاء الأول حيًّا، فإن أبا حنيفة قال: الولد للأول؛ لأنه صاحب الفراش وصاحب النكاح الصحيح، ونكاح الآخر فاسد، ويفرق بينهما، وترد إلى الأول. وإن نفاه الآخر وادعاه الأول أو نفياه (¬4) جميعاً أو ادعياه جميعاً أو نفاه الأول وادعاه الآخر فإن أبا حنيفة قال في هذا كله: هو للأول على كل حال، ولا حد عليه ولا لعان. ¬

_ (¬1) ف - وأقاموا البينة على ذلك كله فإني أجعله ابن الزوج والمرأة التي عنده. (¬2) د م ف: لم يجب. (¬3) م: وهو امرأته. (¬4) ف: ونفياه.

وقال أبو حنيفة: أرأيت لو قال الأول: كنت مختفياً من سلطان، فأظهرت أني قد مت، وأقام على ذلك البينة، وأنه كان يأتي امرأته، ألم أكن ألزمه الولد في هذا الوجه إن أَشهد (¬1) الشهودَ أن هذا الزوج الثاني لم يكن نكاحه نكاحاً، وإنما أظهره لخوف السلطان. وقال أبو حنيفة: إذا أسر الرجل فجلس في دار الحرب، فنعي إلى امرأته، فتزوجت بعد انقضاء عدتها بقضاء قاض أو غيره فولدت، ثم جاء الأول حياً فهو للأول. وقال أبو حنيفة: لو أن امرأة رجل سباها أهل الحرب، فتزوجها رجل منهم، فولدت له، ألزمت الولد الزوج الأول. وكذلك لو ادعت المرأة الطلاق واعتدت وتزوجت وجحد زوجها الأول ذلك، فما ولدت فهو للأول في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: إذا تزوجت بشهود فالولد من هذا الزوج الآخر إذا جاءت به لستة أشهر فصاعداً، ولا يكون من الأول. وإن نفياه جميعاً أو ادعياه أو ادعى الأول ونفى الآخر فهو ابن الآخر، أثبت نسبه من الآخر على كل حال. وقال محمد: إذا جاءت به بعد ما يدخل به الآخر لأكثر من سنتين فهو ابن الآخر، وإن جاءت به لأقل من سنتين منذ دخل بها الآخر فهو ابن الأول. محمد عن أبي يوسف عن ابن أبي ليلى عن الشعبي أن رجلاً من جُعْفِيّ (¬2) زوّج ابنته عبيد الله بن الحر ثم مات، ولحق عبيد الله بن الحر بمعاوية بن أبي سفيان، فزوج الجارية إخوتها، فجاء ابن الحر، فخاصم ¬

_ (¬1) وفي هامش ب: نظر أو شهد. وهي محاولة من الناسخ لتصحيح العبارة. لكن ما أثبتناه أولى. (¬2) جُعفي بن سعد، أبو قبيلة باليمن، ينسبون إليها. انظر: القاموس المحيط، "جعف".

باب إقرار الرجل بالولد من أمته

زوجها إلى علي. فقال له علي: أما إنك (¬1) الممالئ علينا عدونا؟ قال: أيمنعني ذلك من عدلك؟ قال: لا. فقضى بالمرأة له، وقضى بالولد للزوج الآخر. وقال أبو يوسف: هذا الزوج الآخر زوج فراش وإن كان فاسداً، وليس هذا بمنزلة الغاصب العاهر، والزاني عليه الحد، ولا مهر عليه، ولا عدة عليها منه، وهذه عليها العدة ولها المهر، فهذا لا يشبه العاهر. محمد عن أبي يوسف عن زكريا بن أبي زائدة عن الشعبي أن امرأة تزوجت ولها زوج، فقدم زوجها وهي حامل، ثم مات، قال الشعبي: تعتد من أبي الولد، فإذا ولدت اعتدت من الزوج الأول أربعة أشهر وعشراً. وقال أبو يوسف ومحمد: الولد للآخر، فإذا ولدته فقد انقضت العدة منهما جميعاً. ... باب إقرار الرجل بالولد من أمته وإذا أقر الرجل بولد من أمته جارية كان أو غلاماً، ميتاً كان أو حياً، سقط قد استبان بعض خلقه أو تمام، فهو سواء، وهي أم ولد بذلك. وما ولدت بعد ذلك من ولد فهو ابنه. وله أن ينفيه ما لم يتطاول ذلك أو يحدث فيه شيء يلزمه به، وقد وقّتّ لك (¬2) حد ذلك. وإن مات الولد قبل أن ينفيه فهو ابنه، لا يستطيع أن ينفيه بعد ذلك. وإن جنى جناية (¬3) فقضى بها القاضي على عاقلته لم يستطع أن ينفيه بعد ذلك (¬4). وإن جُني عليه فقضى القاضي على الجاني بأرش جناية الحر أو القصاص فهو ابنه لا يستطيع أن ينفيه. وإن ¬

_ (¬1) د م ف: اماليك. والتصحيح من ب؛ والكافي، 1/ 238 ظ؛ والمبسوط، 17/ 162. (¬2) م: ذلك. (¬3) م ف: عليه. والتصحيح من الكافي، 1/ 238 ظ. (¬4) د - وإن جنى جناية فقضى بها القاضي على عاقلته لم يستطع أن ينفيه بعد ذلك.

كانت أمه يهودية أو نصرانية والأب مسلم فهو سواء. وكذلك لو كان الأب من أهل الكتاب أيضاً. وإن زوج الأب أم ولده هذه ثم مات عنها الزوج أو طلقها وانقضت عدتها وعادت إلى سيدها وحل له غشيانها، فجاءت بولد لستة أشهر منذ حلت له أو أكثر من ذلك، فهو ابنه ثابت النسب منه. وله أن ينفيه ما لم يتطاول ذلك أو يقع فيه حكم أو إقرار من الأب. ولو أن الأب حرم هذه الجارية على نفسه أو حلف لا يقربها، ثم جاءت بولد، لزمه ما لم ينفه. ولو أن هذه الأمة وطئها أبو مولاها أو ابن له فحرمت على مولاها، ثم جاءت بولد لأكثر من ستة أشهر، لم يلزمه ولم يكن ابنه، إلا أن يقر به. ولا تشبه هذا الحرمة التي دخلت ما سوى ذلك. ألا ترى أنه لو كاتبها فجاءت بولد في المكاتبة لستة أشهر فصاعداً منذ كاتبها لم يلزمه الولد إلا أن يدعيه. ولو أن رجلاً وطئ جارية له مجوسية فولدت وادعى ولدها لزمه ذلك. وإن جاءت بولد آخر بعد ذلك لستة أشهر فصاعداً لم يلزمه (¬1) إلا أن يدعيه. وكذلك أم ولد مسلمة رجعت عن الإِسلام إلى الكفر وحرمت على مولاها بهذا الوجه، ثم جاءت بولد بعد ذلك لستة أشهر فصاعداً، لم يلزمه إلا أن يقر به. وإن جاءت به لأقل من ستة أشهر لزمه. وكذلك المكاتبة إذا كانت أم ولد. وكذلك التي حرمت على المولى بوطء ابنه. ألا ترى أنه لو كانت أمة بين رجلين فولدت، فادعيا الولد جميعاً، أنه ابنهما، وأنها أم ولد لهما، وإن جاءت بولد بعد ذلك لم يلزم (¬2) واحد منهما إلا أن يقر به. وإذا ولدت الأمة من الرجل (¬3) ولداً بتزويج ثم اشتراها فهي أم ولد، وحالهما فيما تحبل به بعد الملك وتلد على ما وصفت لك في الباب الأول. وإذا أقر الرجل بصبي في يديه أنه ابنه من أمته هذه ولد على فراشه، ثم مات الرجل فطلب الغلام الميراث، فادعى إخوته أن أباهم قد كان زوج هذه الأمة عبده قبل أن تلد هذا بثلاث سنين، وأنها ولدت هذا الغلام على ¬

_ (¬1) ف + ذلك. (¬2) د م ف: يلزمه. (¬3) د م ف: بين الرجل.

باب الرجل إذا مات عن امرأته أو طلق

فراش العبد، والعبد ينكر ذلك، والأمة والغلام ينكران ذلك، فإن بينة إخوة الغلام لا تجوز على هذا، والغلام ابن الميت يرثه، ويثبت نسبه منه. ألا ترى أنه لم يدع أحد منهم بما شهد به شهود الإخوة، فكيف يثبت من هذا شيء. ولو ادعى العبد ذلك أثبت نسبه منه؛ لأنه صاحب الفراش، وهو الزوج، وأعتق الغلام بدعوة المولى، ولا أورثه، وأعتق أمه بإقرار المولى بأنها أم ولد له، وأجعلها امرأة العبد. فإن كانت الدعوة في الصحة عتق الغلام من جميع المال والأم، وإن كانت الدعوة في المرض عتقا من الثلث. ولو كان العبد غائباً وقفت القضاء حتى يحضر العبد. وإن ادعاه فهو على ما وصفت لك، وإن نفاه فهو على ما وصفت لك أيضاً. ولو ادعت الأم الزوج (¬1) أثبت نسب الغلام من الزوج، ولم أورثه من المولى. وكذلك لو ادعى الغلام التزويج أخذت ببينة التزويج، وأبطلت دعوة المولى في النسب. ... باب الرجل إذا مات عن امرأته أو طلق وإذا مات الرجل عن امرأته، فجاءت بولد ما بين موته وبين سنتين، ولم تقر بانقضاء العدة، فإن أبا حنيفة قال: إن كان الزوج أقر بالحبل أو كان حملًا ظاهراً قبلت شهادة المرأة على الولادة، وأثبت نسبه، وجعلت له ميراثاً؛ وإن لم يكن حملًا ظاهراً ولم يقر به الميت لم أثبت نسبه، ولم أورثه إلا بشهادة رجلين أو بشهادة رجل وامرأتين. وقال أبو يوسف ومحمد: أقبل في ذلك شهادة امرأة واحدة مسلمة، وأورثه بذلك. وقال أبو حنيفة: إذا أقرت بانقضاء العدة ثم جاءت بولد بعد ذلك لستة أشهر فصاعداً لم يثبت نسبه من الميت. وكذلك لو كانت الأم من أهل الكتاب أو أمة زوجه (¬2). وإذا طلق الرجل امرأته ثلاثاً بائناً، فجاءت بولد بعد ستة أشهر، وأنكر الزوج أن تكون ولدته، فجاءت بامرأة تشهد على الولادة، فإن أبا حنيفة ¬

_ (¬1) أي: التزويج. (¬2) لعل الصواب: تزوجها.

قال: لا يثبت نسبه بشهادة امرأة واحدة (¬1). وقال أبو يوسف ومحمد: يثبت نسبه بشهادتها من الأب، وألزمه إياه. وقال أبو حنيفة: إن كان أقر بالحبل ألزمته النسب بشهادة امرأة. وكذلك إن كان حبلاً ظاهراً. وإن أقرت بانقضاء العدة ثم جاءت بولد لستة أشهر فصاعداً لم يثبت نسبه منه. وإن جاءت به لأقل من ستة أشهر ثبت نسبه منه (¬2). وإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر فادعاه الرجل فإن نسبه يثبت منه إذا لم يكن لها زوج في قول أبي حنيفة. وإن كانت قد تزوجت وقال: هو من الآخر، وقد جاءت به لستة أشهر منذ تزوجها الآخر، فهو للأخير. وإن جاءت به لأقل من ستة أشهر منذ تزوجها لم يلزم (¬3) الأخير. وإن كان لسنتين أو أقل منذ طلقها الأول فهو يلزمه، وإن كان لأكثر من سنتين لم يلزم الأول، وإن ادعاه لزمه. وقال أبو حنيفة ومحمد: إذا طلق الرجل امرأته وعدتها المشهور لصغر (¬4) فجاءت بولد لسنتين ولم تقر بانقضاء عدة، فإنه لا يلزم الزوج، وفرّقا بين هذه وبين المتوفى عنها زوجها إذا كانت كبيرة، وقالا: المتوفى عنها زوجها يلزمه فيما بينها وبين سنتين ما لم تقر بانقضاء العدة (¬5)، وقالا في هذا: لا يلزمه إلا لأقل من ستة أشهر بعد العدة. وقال أبو يوسف: يلزمه ذلك إلى سنتين ما لم تقر بانقضاء عدة. وإن كانت عدتها الشهور من كبر وإياس من المحيض ثم جاءت بولد لسنتين فإنه يلزم الزوج، وعدة هذه الحيض حيث ولدت. وإذا مات الرجل عن امرأته وأقرت بانقضاء عدة بسقط قد استبان بعض (¬6) خلقه بعد موت الرجل بيوم فالقول قولها. وإذا جاءت بولد بعد ذلك لستة أشهر لم يلزمه. وإن لم تقر بانقضاء عدة فجاءت بولد ميت، وشهدت امرأة أنه استهل ثم مات، وأقر الورثة أنها ولدته وقالوا: ولدته ¬

_ (¬1) م - واحدة. (¬2) ف - وإن جاءت به لأقل من ستة أشهر ثبت نسبه منه. (¬3) د م ف: يلزمه. (¬4) م: اصغر. (¬5) م: عدة. (¬6) م: بعد.

باب البينة على دعوى الولد

ميتاً، فإن أبا حنيفة قال: القول قول الورثة، ولا ميراث له إلا أن يشهد شاهدان أنه استهل. وقال أبو حنيفة: الاستهلال ظاهر، لا أقبل عليه شهادة النساء وحدهن. وقال أبو يوسف ومحمد: نقبل عليه شهادة امرأة واحدة (¬1)، ونورثه؛ لأن الرجال لا يحضرون ذلك المشهد. وإذا طلق الرجل امرأته واحدة بملك الرجعة فجاءت بولد لستة أشهر فأنكر الزوج أن يكون ولده وقال: قد انقضت عدتك، فشهدت امرأة على الولادة، فإنه لا يلزمه في (¬2) قول أبي حنيفة، ويلزمه في قول أبي يوسف ومحمد. وإذا قال الزوج لامرأته المطلقة التي يملك الرجعة فيها: قد أخبرتيني أن عدتك قد انقضت، وكذبته، وتزوج أربعاً، فإن نكاحهن جائز. وإن جاءت الأولى بولد إلى سنتين من يوم طلقها فإنه يلزمه. ولو جاءت لأكثر من سنتين من يوم طلقها (¬3) ولأقل من ستة أشهر منذ أقرت بانقضاء عدتها لزمه أيضاً، وهذه رجعة، ويفارق الأربع. وكذلك لو طلقها واحدة بملك الرجعة ثم أبانها بها (¬4) أو بغيرها فهو مثل (¬5) ذلك إلا أنها لا تكون رجعة. ... باب البينة على دعوى الولد وإذا كان غلام قد احتلم ادعى على رجل وامرأته أنهما أبواه، فجحدا ذلك، وأقام عليهما البينة أنهما أبواه، وأن هذه المرأة ولدته (¬6) من هذا الرجل على فراشه، وادعى رجل آخر وامرأته أن هذا الغلام ابنهما، وأقاما بينة على ذلك أنه ابنهما، فإني أثبت نسب الغلام من الأب والأم الذي ادعاهما الغلام، وأبطل نسب الأب والأم الذي أنكرهما الغلام. وإنما ¬

_ (¬1) ف - واحدة. (¬2) م - في. (¬3) م + فإنه يلزمه ولو جاءت لأكثر من سنتين من يوم طلقها. (¬4) ف - بها. (¬5) د م ف: بمثل. (¬6) د م ف: ولدت.

الدعوى دعوى الغلام، ببينته أقضي وبهم آخذ. وإن كان الغلام ينتسب إلى شر الأبوين في الحسب وشرهما (¬1) في الدين فإني إنما آخذ ببينته. وكذلك غلام قد احتلم نصراني أقام شاهدين من المسلمين على رجل من النصارى وامرأته من النصارى أنه ابنهما، ولدته هذه المرأة على فراش هذا الرجل، فادعى (¬2) رجل مسلم وامرأة مسلمة أنه ابنهما (¬3) ولدته هذه المرأة المسلمة على فراش هذا المسلم، وأقاما على ذلك بينة من المسلمين، فإني أقضي به للنصرانيين وأثبت نسبه منهما. ولو كانت بينته نصارى أخذت ببينة المسلمين، وقضيت به للمسلمين، وأجبرته على الإِسلام، وأبطلت بينة النصارى. ولو أن غلاماً قد احتلم أقام بينة أنه ابن فلان ولد على فراشه من أمته فلانة، والرجل حي ينكر ذلك (¬4)، ويقول: عبدي ولد من أمتي هذه، زوجتها عبدي فلاناً فولدت هذا الغلام، وأقام الرجل على ذلك بينة، والعبد الزوج حي يدعي ذلك، ويقول: ابني من امرأتي، فإنه ابن العبد الزوج، وهو أولى بالفراش من المولى. ولو أن الولد ادعى أنه ابن العبد من هذه الأمة، وأقام البينة على ما ذكرنا، جعلته ابن العبد ثابت النسب منه، وأعتقه بدعوة المولى. ولو كان العبد ميتاً والمولى (¬5) ميتاً (¬6) والمسألة على حالها، والغلام يدعي أنه ابن المولى، وأقام البينة على ذلك، وأقام ورثة المولى البينة على ما ذكرنا في أول المسألة، وأقام الغلام بينة، فإني أثبت نسبه من المولى، وأجعله ابنه، وأورثه منه، ولا أجعله ابن العبد. والغلام في هذا الموضع هو المدعي للعتق والنسب والميراث، ولا أقبل بينة خصمائه على أنه ابن العبد. ولو أن رجلاً مات وترك مالاً كثيراً، وأقام غلام قد احتلم البينة، ومثله يولد لمثل الميت أنه ابن الميت من أمته فلانة، وأنه قد كان يملك ¬

_ (¬1) م: د سرهما. (¬2) ف: وادعى. (¬3) د م ف: ابنها. (¬4) ف - ولد على فراشه من أمته فلانة والرجل حي ينكر ذلك. (¬5) م: أو المولى. (¬6) ف - والمولى ميتا.

فلانة قبل أن تلده، وأن الميت قد (¬1) أقر أنه ابنه، وأنها ولدته في ملكه، وأقام رجل آخر البينة أن هذا الغلام عبده، وأن أمه أمته، زوجها عبده فلان، فولدت هذا الغلام على فراشه، والعبد حي يدعي ذلك أو ميت؛ فإن كان حياً يدعي ذلك قضيت له بالنسب، وجعلته ابن العبد، وأقضي بالأمة إن كانت حية للمدعي الذي ادعى أنها أمته؛ وإذا كان العبد ميتاً أثبت نسب الغلام من الحر، وورثته منه، وجعلت أمه أم ولد للميت الحر، أتبع الأم ولدها. وإذا كان الغلام وأمه في يدي رجل، فادعاه الآخر، وأقام البينة أن هذه الأمة أمته، وأنها ولدت منه هذا الغلام على فراشه وفي ملكه، وأقام الذي هو في يديه البينة أنها أمته، ولدت هذا الغلام منه وفي ملكه وعلى فراشه، والغلام صغير لا يتكلم، أو كبير قد احتلم، ومثله يولد لمثلهما (¬2)، وهو يدعي أنه ابن الذي هو في يديه، فإنه يقضى به للذي هو في يديه. وإن كان الغلام يدعي أنه ابن الآخر فإني أقضي بالأمة والغلام للمدعي، وأجعلها أم ولده، وأجعل الغلام ابنه في هذا الوجه. وإن كانت امرأة حرة لها ابن، وهما في يدي رجل، فأقام آخر (¬3) البينة أنه تزوجها (¬4)، وأنها ولدت هذا الغلام منه وعلى فراشه، وأقام الذي هو في يديه البينة أنه تزوجها وأنها ولدت هذا الغلام منه وعلى فراشه، والغلام يتكلم ويدعي أن الذي في يديه أبوه، فإني أقضي بالولد والمرأة للذي (¬5) هو في يديه، وأجعله (¬6) أولى بالنسب والدعوة. ولو كان الذي هما في يديه من أهل الذمة وشهوده مسلمين، والذي يدعيه مسلم وشهوده مسلمين، والمرأة من أهل الذمة، قضيت بالولد والمرأة للذي هما في يديه. فإن أقام المدعي البينة أنه تزوجها في وقت، وأقام الذي هو في يديه على وقت دونه، فإني أقضي بها للمدعي، وأقضي بالولد للمدعي، وأثبت نسبه منه. ¬

_ (¬1) ف - قد. (¬2) د م ف: لمثلها. والتصحيح من ب. (¬3) د ف - آخر. (¬4) م: لزوجها. (¬5) م: الذي. (¬6) م ف: وأجعلها.

باب دعوى العتاق

ولو أن رجلاً في يديه امرأة فولدت، وأقام البينة أنها امرأته، تزوجها، وولدت هذا على فراشه، وأقام آخر البينة أنها أمته، ولدت هذا الغلام منه وفي ملكه وعلى فراشه، فإني أقضي بالولد للزوج، وأثبت نسبه منه، وأجعله له بالقيمة إن كان شهوده شهدوا أنها غرته من نفسها. وإن لم يشهدوا بذلك جعلت الأمة وابنها مملوكين للمدعي، ونسب الولد ثابت من الزوج، وأعتق الولد بإقرار المدعي أنه ابنه، وأجعل أمه بمنزلة أم الولد. ولو أن رجلاً في يديه أمة لها ولد، فأقام آخر البينة أنها أمة أبيه، ولدت هذا الولد على فراش أبيه، وأبوه ميت، وشهدوا أنها ولدت في ملكه، وشهدت شهود آخرون أنها أمة الذي هي في يديه، ولدت هذا الولد في ملكه وعلى فراشه، وأنه ابنه، قضيت بالولد للميت الذي ليس في يديه، وأجعل أمه حرة مولاة للميت، ولا أقضي للذي هي في يديه بشيء من ذلك. ... باب دعوى العتاق وإذا ادعى عبد على مولاه أنه أعتقه، وأنكر المولى ذلك، فإن البينة على العبد. فإن لم تكن له بينة فعلى المولى اليمين. وإن أقام العبد البينة أن مولاه أعتقه، وأقام آخر البينة أن مولاه باعه إياه ولم يقبضه، فإن أبا حنيفة قال: أقضي بالعتق، وأبطل البيع. وقال أبو حنيفة: إن كان المشتري قبضه أجزت البيع وأبطلت العتق، وهو قول أبي يوسف ومحمد. والتدبير والعتاق البتات في ذلك سواء. وإذا ادعت أمة أنها ولدت من مولاها، وأقامت البينة، وادعى رجل أنه اشتراها منه، وأقام البينة على ذلك، فإني آخذ ببينة الولادة، وأبطل البيع. وإن كان المشتري قد قبضها، وأقام البينة على البيع بثمن مسمى، وأقامت هي البينة أنها قد ولدت من مولاها هذا البائع هذا الغلام، فإني آخذ

ببينة الولادة، لأنها أقل؛ لأن الحبل كان قبل القبض والبيع. ولو وقتت بينة المشتري وقتاً قبل البيع للشراء وقبل الحبل بثلاث سنين أجزت البيع، وأبطلت النسب. وكذلك الوقت في العتاق البتات وفي التدبير والبيع. فإني أجزت البيع الأول، وأخذته، وأبطلت الوقت الآخر. فإن لم يعرف الوقت فهو على ما وصفت لك. وإذا (¬1) أقام عبد بينة أن فلاناً أعتقه، وفلان ينكر أو يقر، وادعى آخر أنه عبده، وأقام البينة، فإني أقضي به للذي أقام البينة أنه عبده؛ لأن شهود المعتق لم يشهدوا على ملك. ولو شهدوا (¬2) أنه أعتقه وهو في يديه كان مثل ذلك. ولو شهدوا أنه أعتقه وهو يملكه يوم أعتقه أجزت بينة العتق، وأبطلت بينة الرق. ولو أبطلت العتق في هذا لم يجز عتق في شيء. ألا ترى أن رجلاً من الموالي لو ادعى أن فلاناً أعتقه وأعتق [أمه] (¬3)، وأقام آخر البينة أنها له، وأنه قد دبرها وهو يملكها، وأقام الذي هي في يديه البينة على مثل ذلك، فإني أقضي بها للذي هي في يديه. وإن أقام آخر البينة أنها أمته (¬4)، أعتقها البتة، وهو يملكها، قضيت بها للعتق البتات. وأما المكاتب فلا يشبه العتق. ولو أن مكاتباً في يدي رجل، فادعى آخر أنه عبده، كاتبه على ألف درهم، وهو يملكه، وأقام الذي هو في يديه البينة على مثل ذلك، فإني أقضي بالمكاتب، يؤدي إليهما جميعاً؛ لأن المكاتب ليس في يدي واحد منهما (¬5). ولو شهد شهود أحدهما أنه دبره على ذلك، وهو يملكه، قضيت به لصاحب التدبير، وجعلته مكاتباً، وأبطلت دعوى الآخر. ¬

_ (¬1) م + وإذا. (¬2) ف: فلو شهدوا. (¬3) الزيادة من ب. (¬4) ف + على مثل ذلك فإني أقضي بها للذي هي في يديه وإن أقام آخر البينة أنها أمته. (¬5) د م ف + مدعي. والتصحيح من ب؛ والكافي، 1/ 139 ظ؛ والمبسوط، 17/ 172.

باب الاستحلاف في الادعاء

باب الاستحلاف في الادعاء قال أبو حنيفة: لو أن أمة ولدت وادعت أن مولاها قد أقر أن ولدها منه، وليس لها بينة، وجحد ذلك، فأرادت أن تستحلفه فإن أبا حنيفة قال: لا أستحلفه في شيء من ذلك، وليس عليه يمين في النسب. ولو لم تدع أنه أقر ولكنها ادعت أنه ابنه وأرادت أن تستحلفه فإن أبا حنيفة قال: لا أستحلفه في شيء من ذلك، وليس عليه يمين. وإن كان الولد حياً أو ميتاً أو سقطاً قد استبان خلقه أو بعض خلقه كان سواء في ذلك كله. ولو أن امرأة حرة أو أمة من أهل الكتاب، وزوجها حر مسلم، جاءت بصبي، فادعت أنها ولدته، وأنكر الزوج ذلك، فأرادت أن تستحلفه على علمه أنه لا يعلمها ولدته فليس عليه يمين في ذلك، ولا يثبت نسبه بهذا (¬1). ولو أقر أنها ولدته وهي حرة مسلمة وقال: هو ليس مني، فقضى القاضي باللعان فيما بينهما أو لم يقض حتى قالت المرأة: إنه قد أقر أنه ابنه، فاستحلفه، لم يكن عليه يمين في ذلك. وكذلك (¬2) لو لم تدع (¬3) أنه أقر ولكنها قالت: استحلفه ما يعلمه ابنه، فلا حلف عليه، ولا يمين عليه في شيء من ذلك. ولو أن الزوج جاء بصبي وقال: هو ابني منك، وجحدت المرأة أن تكون ولدته، فأراد الزوج استحلافها على ذلك، فلا يمين عليها في ذلك، أمة كانت أو حرة، من أهل الكتاب كانت أو مسلمة. وكذلك لو كانا من أهل الذمة. وكذلك لو كانا مملوكين أو مكاتبين. وكذلك لو كانت أم ولد لرجل فجاء رجل بصبي وأقر أنه ابنه منها وجحدت ذلك هي فأراد استحلافها فلا يمين عليها في ذلك. وكذلك غلام قد تكلم وعقل ادعى أن رجلاً هو أبوه وجحد الأب ذلك فأراد الابن استحلاف الأب (¬4) فلا يمين عليه في ذلك. وكذلك لو ادعى الأب وجحد الولد وقد احتلم فأراد الأب ¬

_ (¬1) م: هذا. (¬2) م - وكذلك. (¬3) م: ولو لم تدع. (¬4) ف: الابن.

استحلاف الابن فليس له ذلك. وكذلك رجل ادعى أن امرأة أمه وأراد استحلافها فليس له ذلك. وكذلك لو ادعت المرأة أنه ابنها وجحد الولد فأرادت استحلافه فليس لها أن تستحلفه. وكذلك رجل وامرأة ادعيا ولداً وقد احتلم وأنكر الولد فأرادا استحلافه فليس لهما ذلك. وكذلك ابن الابن وابن الابنة، ليس للجد ولا للجدة أن يستحلفا واحداً منهما، وليس لواحد منهما أن يستحلف الجد والجدة. وكذلك الأخ من الأب والأم أو من الأم أو من الأب. وكذلك ابن الأخ إذا أراد أن يستحلف عمه وجحد العم أن يكون ابن أخيه، أو ادعى (¬1) العم ذلك وجحد ابن الأخ، فليس لواحد منهما أن يستحلف صاحبه. وكذلك الخال وابن الأخت. وكذلك الخالة والعمة. وكذلك كل ذي رحم محرم أو ليس بمحرم، ابن العم أو ابن ابن العم، فليس لبعضهم على بعض يمين في نسب ذلك قديم أو حديث. وكذلك رجل ادعى ولاء رجل وجحد الرجل ذلك فأراد استحلافه فليس عليه يمين في ذلك. وكذلك لو جحد العبد (¬2) وادعى ذلك المولى. ومولى العتاقة والمولى من غير عتاقة في ذلك سواء، أيهم ادعى ذلك وجحد الآخر ذلك فأراد استحلافه فليس عليه يمين في ذلك. والولاء في ذلك بمنزلة النسب، ولا يمين عليه. وإن ادعى عبد عتقاً على مولاه وجحد مولاه العتق فهذا عليه يمين. وكذلك لو ادعى عتقاً على مال أو مكاتبة أو تدبير؛ لأن هذا عتق ليس يشبه الولاء. فأما رجل حر يعرف أنه حر وأنه مولى فجاء رجل عربي فقال: أنت مولاي، وقال الآخر: بل أنا مولاي فلان، فالقول قوله، ولا يمين عليه. وكذلك لو ادعى المولى وجحد العربي. وكذلك النساء في هذا، هن بمنزلة الرجال. وكذلك أهل الذمة فهم في ذلك بمنزلة أهل الإِسلام. ¬

_ (¬1) ف: وادعى. (¬2) د م ف: العبدين. والتصحيح من ب.

باب دعوى الرجلين الولد

ولو أن صبياً لقيطاً أدرك وادعى أن رجلاً أبوه وجحد الأب ذلك لم يكن على الأب يمين. وكذلك إن ادعى الأب وجحد اللقيط فليس في ذلك يمين. وأيما رجل ممن ذكرنا أنه لا يمين عليه في دعوة النسب ادعى ميراثاً قبل صاحبه استحلفه على الميراث؛ لأن هذا مال. وإن حلف برئ. وإن نكل عن اليمين لزمه (¬1) المال. ولو أن رجلاً ورث داراً عن أبيه وادعى آخر أنه ابن أبيه وأنه قد ورث أباه معه هذه الدار وجحد الذي هو في يديه الدار لم أستحلفه على النسب، وأستحلفه ما يعلم له في هذه الدار نصفها. فإن لم يحلف قضيت له بنصف الدار. وإن حلف برئ من ذلك. وهذا قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف وقولنا: فكل نسب ادعاه أحدهما على صاحبه مما لو أقر به صاحبه لزمه فإني أستحلفه عليه. وما كان من نسب لو أقر به صاحبه لم يلزمه (¬2) فإني لا أستحلفه عليه. وكذلك الولاء. ... باب دعوى الرجلين الولد وإذا كانت أمة بين رجلين، فولدت ولدين، كل واحد منهما في بطن، وادعى أحدهما الأكبر، وادعى الآخر الأصغر (¬3)، وكانت الدعوى معاً جميعاً، فإنها أم ولد لصاحب الأكبر، والأكبر ابنه ثابت النسب منه، وهو ضامن لنصف قيمتها ونصف عقرها، والأصغر من ولدها ابن الذي ادعاه، ويضمن قيمته ونصف العقر لصاحب الأكبر. وكان ينبغي في القياس أن لا تجوز دعواه، ولكني استحسنت ذلك فأجيزه. ولو ادعى صاحب الأكبر أول ¬

_ (¬1) ف: يلزمه. (¬2) ف - لم يلزمه. (¬3) م: للأصغر.

باب دعوى الولد بعد العتاق

مرة ثم ادعى صاحب الأصغر بعد ذلك لم تجز دعواه، وكان الأصغر لصاحب الأكبر مع الأم. ويثبت نسب الأكبر، ويضمن أبوه نصف قيمة الأم ونصف عقرها. ولو كان صاحب الأصغر ادعى الأصغر أولاً ثبت نسبه منه، وكانت أمه أم ولد له، وضمن نصف عقرها ونصف قيمتها. فإن ادعى صاحب الأكبر بعده ثبت (¬1) نسبه، ويضمن الأب نصف قيمته ونصف العقر. وإذا مات رجل وترك أمة حاملاً، وترك ابنين، فادعى أحدهما أن الحمل من أبيه، وادعى الآخر أن الحمل منه، وكانت الدعوة منهما جميعاً، فإن الحمل من ابن الميت الذي ادعاه لنفسه، ولا يصدق الأخ على دعواه للأب، ويضمن الأخ الذي ثبت النسب منه لأخيه نصف قيمتها ونصف العقر. ولو كان الذي ادعاه لنفسه هو الذي بدأ بالدعوى كان الجواب على ما كتبت لك (¬2). ولو كان الذي ادعى الحمل للأب هو بدأ بالدعوى عتق نصيبه من الأم ومما في بطنها، وتجوز دعوى الآخر، ويثبت نسبه منه، ولا يضمن من قيمة الأم شيئاً، ويضمن نصف عقرها إن طلب ذلك أخوه. وأما الابن فإني أثبت نسبه منه (¬3) , لأن حصته منه رقيق بعد في قول أبي حنيفة. ... باب دعوى الولد بعد العتاق وإذا أعتق الرجل عبداً صغيراً ثم ادعى أنه ابنه، وقد ولد عنده أو لم يولد، فإن أبا حنيفة رحمة الله عليه قال: هو ابنه ثابت النسب منه، وقال: إن كان كبيراً فأقر بذلك فهو ابنه، وإن جحد ذلك فليس بابنه. وإذا كانت أمة مدبرة بين رجلين فولدت ولداً فادعى أحدهما الولد فإن أبا ¬

_ (¬1) ف: يثبت. (¬2) م + ولو كان الذي ادعاه لنفسه هو الذي بدأ بالدعوى كان الجواب على ما كتبت لك. (¬3) ف - منه.

باب دعوى الرجل عبده أنه ابنه ولم يولد عنده

حنيفة قال: نسبه ثابت منه، ويضمن نصف قيمته مدبراً ونصف عقر أمه. وقال: إن مات أبو الولد عتق نصيبه من الأم كما تعتق أم الولد من جميع المال، وتسعى للآخر في نصف قيمتها مدبرة. ولو لم يمت (¬1) أبو الولد ومات الآخر عتق نصيبه من الثلث وعتق نصيب أبي الولد كله. وقال أبو حنيفة: لا سعاية على أم الولد. ولو لم يمت واحد منهما حتى تلد آخر (¬2) فادعاه الآخر فهو ابنه، وهو ضامن لنصف العقر. فأيهما مات عتقت الأم كلها. وإذا كان عبد بين رجلين صغير فأعتقه أحدهما، ثم ادعى الآخر أنه ابنه فهو ابنه في قول أبي حنيفة رحمة الله عليه، ونصف ولائه للآخر، ثابت النسب منه، ولد عندهما أو لم يولد فهو سواء. وإن كان كبيراً فأقر بذلك فهو كذلك أيضاً. وإن جحد ذلك لم تجز دعوة الذي أعتقه، ويجوز نصيب الذي هو رقيق بعد. وإنما جازت في الصغير استحساناً (¬3) , لأن نصيب المدعي فيه رقيق بعد يملكه. وقال أبو يوسف: لا تجوز دعوته. وهو قول محمد. ... باب دعوى الرجل عبده أنه ابنه ولم يولد عنده وإذا اشترى الرجل عبداً لا يعرف له نسب، أو جَلِيباً (¬4) لا يفصح أنه ابنه، ومثله يولد لمثله، فإنه ابنه وإن جحد العبد ذلك؛ لأنه مملوك لا قول له. والأعجمي والفصيح في ذلك سواء. ولو كان العبد كبيراً لا يولد مثله لمثله لم يثبت نسبه منه (¬5) ولم يعتق في قول أبي يوسف ومحمد. وفي قول ¬

_ (¬1) د م ف: أو لم يمت. والتصحيح من ب. (¬2) د م ف: الآخر. (¬3) د م ف: الاستحسان. والتصحيح من ب. (¬4) العبد الجليب هو الذي جلب إلى دار الإِسلام. انظر: المغرب، "جلب". (¬5) ف - منه.

باب دعوى الولد من امرأة حرة

أبي حنيفة يعتق. وقال أبو يوسف ومحمد: أرأيت لو قال: هذا ابني، أكنت أعتقه. أرأيت لو كان صبياً صغيراً فقال: هذا أبي، أكنت أصدقه. لا أصدقه في شيء من ذلك، ولا أعتقه (¬1) في شيء من ذلك. ولو اشترى رجل عبداً كبيراً والرجل المشتري لا يُعرَف له أب، فقال للعبد: (¬2) هذا أبي، وأقر العبد أنه أبوه، ومثله يولد لمثله، كان جائزاً وكان أباه. ... باب دعوى الولد من امرأة حرة وإذا كانت المرأة (¬3) حرة ولها ولد صغير تدعي (¬4) أنه ابنها، فقال رجل: هذا ابني منك، فقالت: نعم، فهي امرأته، وهو ابنهما ثابت النسب منهما. وكذلك رجل حر في يديه صبي، فقال: هذا ابني من هذه المرأة الحرة، فقالت: نعم، فهو ابنهما ثابت النسب منهما، وهي امرأته. أرأيت لو ادعى أولاداً منها وصدقته المرأة ألم تكن امرأته. و [لو] (¬5) لم يعرف أنها حرة فقال: هذا ابني منك وأنت امرأتي، أو قالت: أنا أم ولد لك (¬6) وهذا ابني منك، فهو ابنهما، ولا تكون امرأته؛ لأنها قد أقرت أنها أم ولده. وكذلك لو ادعت هي أنها زوجته وقال الرجل: أنت أم ولد. ولو قال الرجل: هذا ابني منك من نكاح جائز، وقالت هي: صدقت وهو من نكاح فاسد، كان ابنهما، ولا تصدق على الفساد. ولو قال الرجل: هو من نكاح فاسد، وقالت هي: بل هو من (¬7) نكاح صحيح، فإن الولد ابنهما ثابت النسب ¬

_ (¬1) م + ولا أعتقه. (¬2) ف: العبد. (¬3) ف: الأمة. (¬4) د م ف - تدعي. والزيادة من ع. (¬5) الزيادة من الكافي، 1/ 239 ظ. (¬6) ف: أم وكذلك. (¬7) م ف - من.

باب الرجل يتزوج الأمة أنها حرة وتلد له أو يشتري الأمة فتلد له فيستحقها رجل

منهما، وأسأل الزوج عن الفساد ما هو، فإن قال: تزوجتها في عدتها، فرقت بينهما، وجعلت عليه لها الصداق، ولا يثبت نسب الولد منهما جميعاً. ... باب الرجل يتزوج الأمة أنها حرة وتلد له أو يشتري الأمة فتلد له فيستحقها رجل أبو سليمان قال: أخبرنا محمد عن أبي يوسف عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن عبد الله بن قسيط قال: أبقت أمة، فأتت بعض قبائل العرب، فانتمت إلى بعض قبائل العرب، فتزوجها رجل من بني عُذْرَة، فنَثَرَت (¬1) له ما في بطنها. فجاء مولاها، فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، فقضى بها لمولاها، وقضى على أبي الولد أن يفدي ولده الغلام بالغلام والجارية بالجارية (¬2). محمد عن أبي يوسف عن مطرف بن طريف عن عامر الشعبي أن رجلاً اشترى جارية من رجل، فولدت منه، فاستحقها رجل، فرفع إلى علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، فقضى بالجارية لمولاها، وقضى بأولادها لمواليها، وقضى للمشتري على البائع أن يفكّ له ولده بما غروها له (¬3). وإذا أبقت الأمة فأتت رجلاً فأخبرته أنها حرة، فتزوجها ¬

_ (¬1) م: فبدرت؛ ف: فنذرت. والتصحيح من المبسوط، 17/ 176؛ ومن مصادر الرواية المذكورة في الحاشية التالية. ونثرت المرأة للزوج ذا بطنها، ونثرت بطنها، إذا أكثرت الولد، وامرأة نثور كثيرة الأولاد. انظر: المغرب، "نثر". (¬2) سنن الدارقطني، 4/ 65؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 9/ 74. وقد رويا الأثر عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن سعيد بن المسيّب. (¬3) ف: غروهان.

على ذلك، فولدت له غلاماً أو جارية، ثم جاء مولاها فأقام البينة على أنها أمته، فقضى بها القاضي له، وأراد ولدها، فإني أقضي بالولد لموالي الأم، إلا أن يقيم الزوج البينة أنها تزوجته على أنها حرة. فإن أقام الزوج على ذلك البينة العدول (¬1) قضيت له بولده، وجعلتهم أحراراً لا سبيل عليهم، وجعلت على أبيهم قيمتهم يوم أقضي بهم له في ماله ديناً عليه حالة، لا يكون على الولد ولا في مال ولده من ذلك شيء. وهذا كله قول أبي حنيفة. ومن مات من الولد قبل أن أقضي بهم للأب فإن أبا حنيفة قال: (¬2) لا شيء على الأب فيهم، ومن قتل منهم فقضي للأب بديته وقبضها فإن أبا حنيفة رحمة الله عليه قال: أقضي عليه بقيمتهم يوم قتل، فإن لم يقبض الدية وكانت ديناً على القاتل فلا شيء على الأب. فإن قبض الأب من الدية قدر قيمة المقتول فإنه يقضى بالقيمة على الأب لمولى (¬3) الجارية. وإن كان الولد يحرزون ميراثه فقضيت لهم بالدية لم أقض على الأب بالقيمة حتى تخرج الدية، أو تخرج منها قدر قيمة الولد. فإن خرج من الدية شيء أقل من القيمة، فقضيت على الأب بقدر ذلك في ماله، ولم أقض في الدية ولا في مال الابن ولا على ورثته بشيء من ذلك، فإن كان الأب ميتاً قضيت بذلك في ماله، ولم أقض بذلك في دية الولد ولا في ميراثه. وإن كان على الأب دين حَاصَّ مولى الجارية الغرماء بقيمة الولد. ولو كان إنسان ضرب بطنها فألقت جنينًا، فقضيت فيه بخمسمائة درهم، ثم جاء المولى واستحقها، وقد قبض ورثة الجنين خمسمائة، فإني أقضي على الأب إن كان حياً، وفي ميراثه إن كان ميتاً، في ماله بنصف عشر قيمته إن كان غلاماً، أو بعشر قيمتها إن كانت جارية. ¬

_ (¬1) د م ف: عدول. والتصحيح من ب. (¬2) ف - قال. (¬3) م: لموالي.

فإن لم يكونوا أخذوا خمسمائة لم أقض على الأب بشيء. وإن كانوا أخذوا منها شيئاً قضيت على الأب بقدر ذلك إلى أن يبلغ ذلك العشر أو نصف العشر. وإنما جعلت على الأب قيمتهم يوم أقضي بهم له لأنهم أحرار قبل أن يولدوا، فعليه أن يرد قيمتهم يوم أقضي بهم على الأب. ألا ترى أن من (¬1) مات منهم لم يكن على الأب فيه شيء، ولو كانوا رقيقاً على حال فعتقوا كان ولاؤهم لمولى الجارية، وكانت على الأب القيمة يوم عتقوا. ولكنهم لم يردوا أحراراً (¬2) في الأصل. ولا يكون ولاؤهم لمولى الجارية. ولو كان مولى الجارية عمهم (¬3) أو ذا رحم محرم منهم لم يعتقوا بقرابتهم منه، ولكنهم إنما عتقوا بالغرور، فلذلك قضيت بقيمتهم يوم أقضي بهم للمولى. وإذا اشترى رجل جارية شراءً جائزاً أو فاسداً أو ملكها بهبة أو بصدقة أو بنحلى أو بوصية فولدت له أولاداً ثم استحقها رجل فإني أقضي بها للمستحق، ولا أصدق الوالد (¬4) على ما ادعى من الشراء والهبة والصدقة. فإن أقام بينة على ذلك قضيت له بولده بقيمته، واتبع بذلك الذي باعه بالثمن إن كان نقده. ولا يتبع الواهب ولا المتصدق ولا الموصي ولا الناحل بشيء من ذلك، إنما يتبع البائع؛ لأنه أخذ لها ثمناً وغره منها. وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمة الله عليهم (¬5). وإذا اشترى المكاتب أمة، فوطئها مولاه، فولدت منه ولداً، وادعى المولى الولد، وكذبه المكاتب، فإنه لا يصدق. فإن صدقه المكاتب ثبت نسبه من المولى، وكانت عليه القيمة قيمة الولد للمكاتب، والعقر عليه للمكاتب. فإن استحق رجل الأمة أخذها وأخذ تلك القيمة وذلك العقر. ¬

_ (¬1) م - من. (¬2) في هامش ب: ينبغي ولدوا أحرارا. (¬3) د م ف: عرلهم. وقد وردت نفس الألفاظ تقريباً في مسألة آتية قريباً. انظر: 5/ 221 و. (¬4) م: بالوالد. (¬5) كذا في النسخ. وهو - أي الترحم - مزيد من قبل الراوي أو الناسخ كما هو ظاهر.

وإذا تزوج الرجل المرأة على أنها حرة، وعنده أربع نسوة سواها، فوطئها فولدت منه، ثم جاء رجل واستحقها، فإنه يأخذها، ويكون الولد لأبيه بالقيمة. والنكاح الجائز والفاسد في ذلك سواء. ولو لم يكن للزوج بينة على النكاح فأراد استحلاف المولى على ذلك على علمه فله ذلك. فإن حلف أخذ الولد عبداً. وإن نكل عن اليمين كان الولد لأبيه بالقيمة. وإذا اشترى الرجل أمة، فباعها من آخر، فولدت له، ثم استحقها رجل، فقضي له بها، وقضي بقيمة الولد على أبي الولد، فإن أبا الولد يرجع بالثمن وبالقيمة على الذي باعها، ولا يرجع بائعه (¬1) على البائع الأول إلا بالثمن، ولا يرجع بقيمة الولد؛ لأنهم ليسوا له بالغرور (¬2). وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لهم أن يرجعوا بذلك بعضهم على بعض (¬3) إلى الأصل. وإذا اشترى الرجلان جارية من رجل، ثم إن أحدهما وهب حصته لشريكه، فوقع عليها، فولدت له، ثم استحقها رجل، فإنه يقضى بالقيمة على أبي الولد، ويرجع أبو الولد بنصف الثمن وبنصف (¬4) قيمة الولد على البائع، ولا يرجع على الواهب بشيء، ويرجع الواهب على البائع بنصف الثمن. وإذا اشترى رجلان أمة من رجل، فولدت ولداً، وادعى أحدهما الولد، فغرم (¬5) نصف القيمة ونصف العقر لشريكه، ثم استحقها رجل، فقضي بها له، فإن على أبي (¬6) الولد قيمة الولد، ويرجع على البائع بنصف قيمة الولد وبنصف الثمن، ويرجع على شريكه بما أعطاه من القيمة والعقر، ويرجع شريكه بنصف الثمن على البائع، ولا يرجع بغيره. ¬

_ (¬1) د م ف: بيعه. والتصحيح من ب. (¬2) د م: والغرور؛ ف: الغرور. والتصحيح مستفاد من المبسوط، 17/ 178. وقد شرح السرخسي المسألة، فراجعه للتفصيل. (¬3) ف: إلى بعض. (¬4) م + القيمة. (¬5) ف: يغرم. (¬6) ف: على الأب.

وإذا أخبر الرجل الرجل عن امرأة أنها حرة، ثم تزوجها الرجل، ولم يزوجها إياه الذي أخبره، ولكنها زوجت نفسها على أنها حرة، فولدت له أولاداً، ثم استحقها رجل، فإنه يرجع بقيمة الولد على أبي الولد، ولا يرجع أبو الولد على الذي أخبره بشيء إن كان شهد بذلك شهادة، ولكنه يرجع بذلك على الأمة إذا أعتقت يوماً من الدهر. وإذا تزوج المكاتب امرأة على أنها حرة بإذن مولاه، فولدت له (¬1) أولاداً، ثم استحقها رجل، فإنه يقضى بها له وبولدها، وهم رقيق بمنزلة أبيهم. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: لا يكون المكاتب مغرورًا. وكذلك العبد. وكذلك هذا في الشراء يشتري المكاتب. وهو قول أبي يوسف الآخر. وأما العبد يعتق بعضه ويسعى في بعض (¬2) قيمته فإنه بمنزلة المكاتب وبمنزلة العبد في قول أبي حنيفة. وهذا بمنزلة الحر في قول أبي يوسف ومحمد رحمة الله عليهم (¬3). وإذا اشترى الرجل أم ولد لرجل أو مدبرة أو مكاتبة من أجنبي غير المولى، فوقع عليها فجاءت بولد، ثم استحقها المولى، فإن على أبي الولد قيمة الولد لمولى أم الولد والمدبرة، وعليه قيمة الولد للمكاتبة؛ لأن الذي غره منها غيرها. وإن كانت هي التي زوجته نفسها على أنها حرة فإن لها قيمة الولد على زوجها، ويرجع بذلك إذا أعتقت. وإذا اشترى الرجل أمة فولدت، وادعى أبوه الولد وكذبه الابن، فإنه ابن الابن، وهو ضامن لقيمة الأم. فإن استحقها رجل أخذ الأمة، وأخذ العقر معها، وأخذ قيمة ولدها من الأب، ويرجع الأب على الابن بقيمة الأمة التي أعطاها. وإذا باع المكاتب أمة من رجل، فوطئها فولدت منه، ثم استحقها رجل، فقضي على أبي الولد بقيمة الولد، فإنه يرجع على المكاتب بقيمة ¬

_ (¬1) م - له. (¬2) د م ف: نصف. (¬3) كذا في النسخ. وهو - أي الترحم - مزيد من قبل الراوي أو الناسخ كما هو ظاهر.

الولد. وكذلك لو كان الذي باعه عبداً مأذونًا له في التجارة. وأهل الإِسلام وأهل الذمة في البيع والشراء والتزويج الذي يغر بمنزلة المسلمين في الغرور في ذلك. وكل من وطئ جارية فولدت له فاستحقها رجل، فإنه يأخذها ويأخذ ولدها إذا لم يقم بينة لأبي الولد على غرور في النكاح أو بيع أو هبة أو صدقة أو غير ذلك. وإذا ورث الرجل أمة من أبيه فوطئها فولدت منه ثم استحقها رجل، فإنه يقضى له بالأمة وبقيمة ولدها. والميراث في هذا بمنزلة البيع والشراء. الوارث مغرور إذا لم يعلم غير ذلك. فإن كان أبوه اشتراها من رجل فإن لهذا الوارث أن يرجع (¬1) على ذلك الرجل بالثمن وبقيمة الولد. ولا يشبه الوارث في هذه المنزلة الموصى له؛ لأن الوارث يرد بالعيب ويرد عليه، وليس الموصى له هكذا، الموصى له لا يرد بعيب ولا يرد عليه. وإذا أقر المريض في مرضه الذي مات فيه أن هذا الخادم لفلان وديعة عنده، وعليه دين يحيط بجميع ما ترك أو ليس (¬2) عليه دين، فوطئ الوارث الأمة فولدت منه، وقد علم بوصية الأب، ثم جاء رجل وأقام البينة عليها أنها له، فقضى القاضي بها له، فإنه يقضى له معها بولدها؛ لأن الوارث علم أنها ليست بميراث. ولو قال: هي ميراث لي، وعليه دين يحيط بماله، فوطئها الوارث فولدت منه، بيعت الخادم في الدين، وضمنت الوارث قيمة الولد والعقر. ولو أقام رجل عليها البينة أنها له قضيت بها له وبقيمة الولد على الوارث والعقر. ولو كانت للميت وعليه دين لا يحيط بقيمتها، فوطئها الوارث فولدت منه، ضمنته قيمتها وعقرها، فقضيت من ذلك الدين، وكان ما بقي ميراثاً، ولا يضمن في هذا الوجه قيمة الولد وله (¬3) في رقبة الأمة ميراث. ¬

_ (¬1) ف + بذلك. (¬2) ف: وليس. (¬3) ب: لأن له.

ولو أن رجلاً اغتصب رجلاً أمة فباعها من رجل يعلم ذلك، فوطئها فولدت منه، ثم جاء صاحبها وأقام البينة عليها، أخذها وأخذ ولدها وعقرها، ولا يعتق الولد مِن قِبَل أن المشتري قد علم أنها لغير البائع. ولو أن أمة زوجت نفسها من رجل فأخبرته أنها حرة، وهو يعلم أنها كاذبة، كان ولدها منها رقيقاً، ولا يعتقون؛ لأنه قد علم أنها أمة. ولو أن رجلاً باع من رجل جارية قد علم أنها لفلان فقال البائع: إن فلاناً قد وكلني ببيعها وأمرني بذلك، أو مات فأوصى إلى، فباعها على ذلك، فولدت، ثم جاء صاحبها فأنكر الوكالة والوصية، فإنه يأخذ جاريته ويأخذ عقرها وقيمة ولدها، ويرجع المشتري على البائع بالثمن وبقيمة الولد، ولا يرجع عليه بالعقر؛ لأنه هو الواطئ. وكذلك العقر في كل مسألة في هذا الكتاب. وإذا اشترى الرجل للرجل جارية من امرأة بأمره، ونقدها الثمن من مال الآمر، فوقع عليها الآمر فولدت منه، ثم استحقها رجل، فإنه يأخذها ويأخذ من أبي الولد قيمة الولد وعقرها، ويرجع أبو الولد بالثمن على الذي باعه وبقيمة الولد. والذي يلي الخصومة في ذلك المشتري المأمور. فإن قالت المرأة البائعة: إني (¬1) لم أبع من أبي الولد شيئاً، ولم يشتر هذا الرجل شيئاً له، أو قالت: قد اشترى مني له، فهو سواء، ولا ينظر إلى قولها (¬2) أقرت أو أنكرت. إنما (¬3) يكلف (¬4) أبو الولد البينة أن هذا الرجل اشتراها من هذه المرأة لفلان بكذا وكذا ونقدها الثمن من ماله، فإن شهدوا على الشراء ولم يشهدوا على أن الآمر أمره بذلك ولكن شهدوا على الشراء (¬5) أنه أقر يوم اشتراها أنه يشتريها لفلان بماله وإقراره بذلك قبل الشراء فهو جائز. ولو ¬

_ (¬1) ف - إني. (¬2) د م ف + ولو. والتصحيح من ب. (¬3) م ف: انها. والتصحيح من ب. (¬4) م: تكلف. (¬5) ف - ولم يشهدوا على أن الآمر أمره بذلك ولكن شهدوا على الشراء.

شهدوا أنه أقر بذلك بعد ما وقع الشراء أو بعدما ولدت أو قبل أن تلد بيوم لم أصدق على التي باعت. ولو أن رجلاً وطئ جارية فولدت منه فاستحقها رجل، فقال أبو الولد: اشتريتها من فلان بكذا وكذا، ونقده الثمن، وأقر له فلان بذلك، وكذبهما المستحق، كان القول قول المستحق، ويقضى له بالولد مع الأم بعد أن يحلف ما يعلم هذا اشتراها من هذا. ولو أن المستحق أقر بهذا الشراء وأنكر البائع فإن الولد حر، وعلى الأب القيمة، ولا يرجع بذلك على البائع. ولو أن المشتري جحد الشراء وجحده البائع وأقر به المستحق كان الولد حراً بإقرار المستحق؛ لأن الأب مغرور، ولا يكون له على الأب قيمة. ولو أن مضارباً معه ألف درهم مضاربة بالنصف اشترى بها جارية تساوي ألفي درهم، فوقع عليها المضارب فولدت له ولداً، ثم استحقها رجل، قضي (¬1) له بها وقضي له بقيمة ولدها. فإذا قضي له على المضارب بقيمة الجارية وبقيمة ولدها رجع البائع على المضارب بالثمن على البائع، فتكون المضاربة على حالها، ويرجع عليه بربع قيمة الولد، فيكون له خاصة، ولا يكون في المضاربة، وذلك بقدر نصيبه من الأم. ولو لم يكن في الأم فضل قضي للمستحق بالولد مع الأم (¬2)، ولا يثبت نسبه من المضارب. ولو كان رب المال هو الذي وطئها فولدت، فإن لم يكن فيها فضل عن رأس المال كان الولد حراً، وكان على رب المال قيمته، ويرجع بذلك على البائع فيكون له خاصة، ويؤدي البائع الثمن فيكون على المضاربة. فإن كانت الجارية تساوي ألفين فالولد (¬3) حر وعلى الأب قيمته، ويرجع على البائع بثلاثة أرباعها بقدر رأس ماله وحصته من الربح. ¬

_ (¬1) د م ف: فقضي. والتصحيح من ب. (¬2) ف: مع الأب. (¬3) د م ف: والولد. والتصحيح من ب.

ولو أن رجلين ابتاعا أمة من رجل وصي يتيم فوقع عليها أحدهما فجاءت بولد، ثم استحقها رجل، فإنه يقضى له بها، ويقضى له بقيمة الولد على أبي الولد، ويرجع أبو الولد بنصف تلك القيمة على الوصي، ويرجعان على الوصي بالثمن، ويرجع الوصي بالثمن وبما غرم من قيمة الولد في مال اليتيم الذي كانت له الجارية. وكذلك غلام له جارية باعها أبوه، فولدت للمشتري، فاستحقها رجل، قضي له بها وبقيمة الولد، ويرجع أبو الولد على البائع بقيمة الولد وبالثمن إن كان نقده، ويرجع أبو الغلام بذلك في مال الصبي. وكذلك رجل باع جارية وكله رجل ببيعها، أو مضارب أو صاحب بضاعة. وكل واحد من هؤلاء يرجع عليه بقيمة الولد فإنه يرجع بها على الذي أمره بالبيع. إلا أن المضارب إن كان في الجارية فضل عن رأس المال لم يرجع على رب المال إلا بحصة ذلك من رأس المال والربح. ولو تكفّل رجل للمشتري بما أدركه من درك لم يرجع على الكفيل من قيمة الولد بشيء؛ لأن ذلك ليس بدَرَك في الجارية. ولو كان مولى الجارية عم الولد أخذ قيمتهم؛ لأنهم لم يعتقوا بقرابتهم من عمهم، وإنما عتقوا بالغرور، ولو كانوا عتقوا (¬1) بالقرابة كانوا موالي للعم. أرأيت لو كان رجلاً من قريش وعمهم أخو أبيهم لأمه رجلاً من الموالي أكانوا يكونون موالي لعمهم، لا يكونون موالي لعمهم. ومتى ما ملك أبوهم (¬2) أمهم فهي أم ولد له. وإذا تزوج الرجل امرأة على أنها حرة فولدت له أولاداً، فإذا هي مكاتبة أو مدبرة أو أم ولد، فإن مولاها يأخذها ويأخذ عقرها وقيمة الولد. فإن كانت مدبرة أو أم ولد فقيمة الولد للمولى. ولو كانت مكاتبة فقيمة الولد لها، ويرجع الأب على الذي غره. وإن كانت المكاتبة هي التي غرته فكذلك (¬3) أيضاً، ويرجع عليها (¬4) بذلك إذا أعتقت يوماً. وإن كانت (¬5) ¬

_ (¬1) د م ف: أعتقوا. (¬2) ف: أبو. (¬3) م: وكذلك. (¬4) م - عليها. (¬5) م "وكذلك أيضاً ويرجع بذلك إذا أعتقت يوماً وإن كانت" غير واضح.

المدبرة وأم الولد هما (¬1) غرتاه فالقيمة عليه، ويرجع بها الأب عليهما إذا عتقتا (¬2). ومتى ما ملك المكاتبة بعد أن تعجز فإنها تصير أم ولد له. فإن مات مولاها وهي مكاتبة فورثها أبو الولد فإنها تخير: فإن شاءت أن تكون أم ولد [كانت] وأبطلت المكاتبة، وإن شاءت مضت على المكاتبة، فإن أدت عتقت وكان الولاء للأول. وإن مات (¬3) المولى قبل أن تؤدي فإنها تعتق، وتبطل المكاتبة عنها، ويكون هذا بمنزلة ما لو وهب لها المكاتبة. ولو كان معه شريك في الميراث سعت في مكاتبتها على حالها، وكان الولاء للأول إذا أدت. ألا ترى أن المكاتبة لو ورثها رجلان فأعتقها أحدهما كان عتقه باطلاً؛ لأنه إنما ورث مالاً. ولو أن المكاتبة حيث ورثها رجلان خيرت، فاختارت أن تكون أم ولد وتبطل الكتابة، كانت تكون أم ولد وبطلت المكاتبة، ويضمن أبو الولد نصف قيمتها لشريكه. ولو أن أمة غرت رجلين من نفسها فتزوجاها على أنها حرة، فولدت لهما أولاداً، ثم إنهما جميعاً اشترياها جميعاً، أو ملكاها بوجه من وجوه الملك غير ذلك، كانت أم ولد لهما. فإن كان ملكها أحدهما فهي أم ولد له. وإن كانت قد ولدت عند المولى أولاداً بعد ذلك فملكها هي وأولادها كانت هي أم ولد له، وأما ولدها من غيره فهم رقيق له؛ لأنهم ولدوا في غير ملكه. وإذا غرت الأمة رجلاً من نفسها وأخبرته أنها أمة لهذا الرجل، فاشتراها منه، فولدت له أولاداً، ثم استحقها رجل آخر، فأخذها وأخذ العقر وأخذ قيمة الولد، كان لأبي الولد أن يرجع بالثمن وبقيمته على الذي باعه، ومتى ما ملكها فهي أم ولد له ليس له أن يبيعها. ... ¬

_ (¬1) ف - هما. (¬2) د م ف: أعتقتاه. (¬3) ف: فإن مات.

باب الدعوى بين الرجلين [في] المولود والولد يدعي أنه ابن أحدهما

باب الدعوى بين الرجلين [في] المولود والولد يدعي أنه ابن (¬1) أحدهما قال محمد (¬2): إذا اجتمعت الدعوى من رجلين في ولد، يدعي أحدهما أنه ابنه من هذه الأمة بنكاح، ويقيم البينة على ذلك، وأقام الغلام البينة أنه ابن هذا الرجل مولى الجارية ولد على فراشه من أمته هذه، فإن المدعي للنكاح أولى بالدعوة؛ لأن فراش النكاح يبطل فراش الملك. ألا ترى أن الرجل إذا زوج أمته لم تكن له دعوة مع الزوج. فإن أقاما جميعاً البينة على فراش ملك وقد مات أحد الأبوين فالدعوة دعوة التي مات؛ لأن أم الولد قد عتقت بموت المولى، وإذا كان عتق فهو أولى. ألا ترى أن رجلاً لو أقام بينة على رجل أنه ابن عمه يلاقيه إلى خمسة آباء ووصفوا ذلك، وجاء آخر ببينة أنه ابنه ولد على فراشه، أنه ابن المولى، ولا يلتفت إلى الآخر؛ لأنه أقرب النسبين. ولو لم يقم الولد البينة وأقام عليه الأبوان، وهو وأمه في يدي أحدهما، فهو ابن الذي هو في يديه. وإن لم يكن الولد ولا الأمة في يدي واحد منهما فادعاه كل واحد منهما وأقام البينة فهو ابنهما، وهي أم ولد لهما. وإن كان أحدهما مسلماً فهو ابن المسلم منهما. فإن كان نصراني أو مجوسي فهو للنصراني؛ لأنه من أهل الكتاب، فهو أولى من غيره. وإن كان أحدهما مجوسياً والآخر مكاتبا مسلماً فالمجوسي أولى بالدعوة؛ لأنه عتق (¬3). وإن كانت أم الولد مسلمة أو نصرانية أو يهودية فهو على دين أمه. وإن كانت مجوسية فهو على دين أبيه. وإن كان أحد المدعيين مكاتباً والآخر عبد مسلم وهو مأذون له في التجارة فهو ابن المكاتب. وإذا ولدت امرأة حرة ولدين في بطن واحد، فكبرا واكتسبا مالاً، فمات أحدهما وترك ابنا ومالاً، ثم جاء رجل وادعى أنه زوج المرأة وأنهما ¬

_ (¬1) م - ابن. (¬2) د م ف + رحمة الله عليه. (¬3) ف: عتيق.

ابناه، وأقرت المرأة بذلك، وجحد الباقي ذلك، وجحد ابن الابن أيضاً، فإن الرجل والمرأة المدعيين لا يصدقان على ذلك، ولا يرث الرجل مع ابن الابن شيئاً، ولكنه يدخل في نصيب المرأة. وإن أقر ابن المرأة الباقي بدعوة الرجل وصدقه ثبت نسبهما جميعاً منه، ولا يرث أيضاً مع ابن الميت شيئاً. وإن أقر ابن الميت بدعوة الرجل وقد احتلم ورث معه الرجل، وثبت نسبهما جميعاً منه. وقال: ألا ترى أن امرأة لو ولدت ولدين في بطن واحد لا يعرف لهما نسب، فاشترى رجل أحدهما، فأعتقه، ثم مات المعتق، فورثه مولاه مالاً كثيراً، ثم إن رجلاً أراد أن يخرج هذا المال من يدي المولى الوارث، فاشترى الابن الباقي مع أمه، ثم ادعى أنه ابنه، فإنه ثابت النسب منه وإن كان كبيراً لا يقر بذلك؛ لأنه عبد له. فإذا ادعاه ثبت نسبه منه. ويثبت نسب الميت أيضاً منه، ولا يكون له الميراث الذي أخذ المولى، ولا يصدق على المال، فأما النسب فيثبت منه (¬1). ¬

_ (¬1) د + والله أعلم؛ م ف + والله أعلم آخر كتاب الدعوى والبينات وصلَّى الله على سيدنا محمد وآله أجمعين.

كتاب الشراب

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب الشراب (¬2) أخبرنا أبو عبد الله -رحمه الله- قال: حدثني حمدان بن عبد الله قال: أخبرني أبي -رحمه الله- عن محمد بن الحسن عن أبي يوسف عن إسماعيل بن مسلم المكي عن الحسن بن أبي الحسن البصري عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من حفر بئراً كان له ما حولها أربعين ذراعاً عَطَناً (¬3) لماشيته" (¬4). محمد (¬5) عن أبي العُمَيْس (¬6) عن القاسم بن عبد الرحمن عن ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) الشِّرْب بالكسر: النصيب من الماء، وفي الشريعة: عبارة عن نوبة الانتفاع بالماء سقياً للمزارع أو الدواب. انظر: المغرب، "شرب". (¬3) العطن: مناخ الإبل ومبركها حول الماء، ومربض الغنم حول الماء. انظر: المغرب، "عطن"؛ والمصباح المنير، "عطن". (¬4) روي من طريق الحسن عن عبد الله بن مغفل - رضي الله عنه - انظر: سنن ابن ماجه، الرهون، 22. وروي عن أبي هريرة. انظر: مسند أحمد، 2/ 494. وانظر للتفصيل: نصب الراية للزيلعي، 4/ 491؛ والدراية لابن حجر، 2/ 245. (¬5) د + بن الحسن. (¬6) م: أبي العميش.

عبد الله بن مسعود أنه قال: أهل أسفل النهر أمراء على أهل الأعلى حتى يرووا. محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن الزهري عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "حريم العين خمسمائة ذراع، وحريم بئر العَطَن (¬1) أربعون ذراعاً، وحريم بئر الناضح ستون ذراعاً" (¬2). محمد عن أبي يوسف عن محمد بن إسحاق يرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا بلغ الوادي الكعبين لم يكن لأهل الأعلى أن يحبسوا على أهل الأسفل" (¬3). محمد قال: أخبرنا أبو يوسف عن حَرِيز بن عثمان الحمصي عن ¬

_ (¬1) أضيف البئر إلى العطن ليفرق بين ما يستقى منه باليد في العطن وبين ما يستقى منه بالناضح وهو البعير. انظر: المغرب، "عطن". (¬2) د + محمد عن أبي العميس عن القاسم بن عبد الرحمن عن عبد الله بن مسعود أنه قال أهل أسفل النهر أمراء على أهل الأعلى حتى يرووا؛ م + محمد بن الحسن عن أبي العميش عن القاسم بن عبد الرحمن عن عبد الله بن مسعود أنه قال أهل أسفل النهر أمراء على أهل الأعلى حتى يرووا؛ ف + محمد بن الحسن عن أبي العميس عن القاسم بن عبد الرحمن عن عبد الله بن مسعود أنه قال أهل أسفل النهر أمراء على أهل الأعلى حتى يرووا. والحديث المرفوع: "حريم العين خمسمائة ذكل. . ." رواه الإمام أبو يوسف بنفس الإسناد في الخراج، 109. وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "حريم البئر أربعون ذراعاً من حواليها كلها لأعطان الإبل والغنم وابن السبيل أول شارب، ولا يمنع فضل ماء ليمنع به الكلأ". انظر: مسند أحمد، 2/ 494. وعن الحسن عن عبد الله بن مغفل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من حفر بئراً فله أربعون ذراعاً عطنا لماشيته". انظر: سنن ابن ماجه، الرهون، 22. وقوله: "حريم العين خمسمائة ذراع"، رواه أبو داود في المراسيل، 291، من قول الزهري. وأخرجه الدارقطني من طريق الزهري عن سعيد بن المسيّب عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: "وحريم العين السائحة ثلاثمائة ذراع، وحريم عين الزرع ستمائة ذراع". قال الدارقطني: الصحيح من الحديث أنه مرسل عن ابن المسيّب، ومن أسنده فقد وهم. انظر: سنن الدارقطني، 4/ 220. انظر للتفصيل: نصب الراية للزيلعي، 4/ 292؛ والدراية لابن حجر، 2/ 245. (¬3) روي من طرق أخرى نحو ذلك. انظر: سنن ابن ماجه، الرهون، 20؛ وسنن أبي داود، الأقضية، 31؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 65 - 66.

حِبّان بن زيد الشَّرْعَبِي (¬1) قال: كان منا رجل بأرض الروم نازلاً (¬2)، فكان قوم يرعون حول منزله، فطردهم منها، فنهاه رجل من المهاجرين (¬3)، فأسرع إليه، فقال الرجل: لقد صحبت رسول الله ثلاث (¬4) غزوات، فسمعته يقول: "المسلمون شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار". قال: فلما سمع الرجل ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - رَقَّ، فأتى الرجل، فاعتذر إليه (¬5). محمد قال: أخبرنا أبو يوسف عن بعض أصحابه عن حارثة عن عَمْرَة بنت عبد الرحمن عن عائشة أم المؤمنين قالت: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع نَقْع (¬6) الماء (¬7). محمد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة عن الهيثم أن قوماً وردوا ماء، فسألوا أهله أن يدلوهم على البئر، فلم يفعلوا، وسألوهم دلوا، فأبوا أن يعطوهم، فقالوا لهم: إن أعناقنا وأعناق مطايانا قد كادت تُقْطَع، فأبوا أن يعطوهم (¬8) دلوا، فذكروا ذلك لعمر بن الخطاب، فقال لهم عمر: فهلا وضعتم فيهم السلاح (¬9). وكان أبو حنيفة يقول ذلك، ويأمر به. ¬

_ (¬1) د م ف ب: زيد بن حبَّان السرعي. والتصحيح من كتب الرجال. انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر، "حبان بن زيد"؛ وتقريب التهذيب لابن حجر، "حبَّان بن زيد". (¬2) د: نازل. (¬3) د: الأنصار. (¬4) د: ثلثة. (¬5) روي من حديث رجل ومن حديث ابن عباس وغيرهما. انظر لحديث الرجل: المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 7؛ ومسند أحمد، 5/ 364؛ وسنن أبي داود، البيوع، 60. وانظر لحديث ابن عباس: سنن ابن ماجه، الرهون، 16. وانظر للتفصيل: نصب الراية للزيلعي، 4/ 294. (¬6) نقع الماء أي: اجتمع في مكان. ومنه "نهى عن بيع نقع البئر". قال أبو عبيدة: هو فضل مائها الذي يخرج منها قبل أن يصير في إناء أو وعاء. قال: وأصله في البئر يحفرها الرجل بالفلاة يسقي منها مواشيه، فإذا سقاها فليس له أن يمنع الفاضل غيره. انظر: المغرب، "نقع". (¬7) روي نحوه. انظر: الموطأ، الأقضية، 30؛ وسنن ابن ماجه، الأحكام، 19. (¬8) ف - فقالوا لهم إن أعناقنا وأعناق مطايانا قد كادت تقطع فأبوا أن يعطوهم. (¬9) الآثار لأبي يوسف، 199.

وهو قول أبي يوسف ومحمد إذا منعوهم أن يستقوا (¬1) الماء من (¬2) البئر أو العين. محمد قال: أخبرنا أبو يوسف عن العلاء بن كثير عن مكحول الشامي رفع حديثه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا تمنعوا عباد الله كلأ ولا ماء ولا ناراً، فإنه متاع للمُقْوِين (¬3) وقوة للمستضعفين" (¬4). محمد قال: أخبرنا أبو يوسف عن هشام بن عروة عن أبيه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من أحيا أرضاً ميتة فهي له، وليس لعِرْقٍ (¬5) ظالم حق" (¬6). محمد قال: أخبرنا أبو يوسف عن محمد بن إسحاق عن عمرو بن عروة عن أبيه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمثل ذلك (¬7). محمد قال: أخبرنا أبو يوسف عن الحسن بن عمارة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب أنه قال: من أحيا أرضاً ميتة فهي ¬

_ (¬1) د م: أن يسقوا. (¬2) د م: بين. (¬3) المقوين أي: المسافرين، وأصله من أَقْوَى القومُ أي: فنى زادهم، وأَقْوَوْا أي: نزلوا بالقَوَاء وهو المكان القَفْر الخالي. انظر: المغرب، "قوي". (¬4) د م ف: المستمتعين. روي من طريق مكحول عن واثلة - رضي الله عنه - مرفوعاً بسند ضعيف جداً. انظر: العلل لابن أبي حاتم، 1/ 382؛ والمعجم الكبير للطبراني، 22/ 61؛ ومجمع الزوائد للهيثمي، 4/ 125. (¬5) العِرْق هنا أي: عرق الشجر، والجمع عروق. ومعناه: ليس لذي عرق ظالم حق. وهو الذي يغرس في أرض غيره غرسا على وجه الاغتصاب ليستوجبها. انظر: المغرب، "عرق". (¬6) الموطأ، الأقضية، 26. وروي عن عروة عن سعيد بن زيد - رضي الله عنه -. وحسنه الترمذي. انظر: سنن الترمذي، الأحكام، 38؛ وسنن أبي داود، الخراج، 35 - 37. انظر للتفصيل: نصب الراية للزيلعي، 14/ 288 - 290؛ والدراية لابن حجر، 2/ 201، 244 (¬7) د - محمد قال: أخبرنا أبو يوسف عن محمد بن إسحاق عن عمرو بن عروة عن أبيه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمثل ذلك.

له، وليس للمحتجر (¬1) [بعد] (¬2) ثلاث سنين حق (¬3). محمد عن أبي يوسف عن ليث بن أبي سُلَيْم (¬4) عن طاوس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن عاديّ (¬5) الأرض لله وللرسول، فمن أحيا أرضاً ميتة فهي له" (¬6). محمد عن أبي يوسف عن أبي معشر عن أشياخه رفعوه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قضى في الشِّرَاج (¬7) من ماء المطر إذا بلغ الكعبين أن لا يحبسه أهل الأعلى عن جاره. وقال أبو معشر: الشِّرَاج: السَّواقِي (¬8). محمد عن أبي يوسف عن هشام بن عروة عن أبيه عن سعيد بن زيد بن نُفَيْل قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أخذ شبرًا من أرض بغير حقه طُوِّقَه يوم القيامة من سبع أرضين" (¬9). محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن عدي بن ثابت الأنصاي عن أبي حازم عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا ¬

_ (¬1) د: للمتحجر. (¬2) الزيادة من المصادر المذكورة في الحاشية التالية. (¬3) الخراج لأبي يوسف، 71. وانظر للتفصيل: نصب الراية للزيلعي، 4/ 290. والجملة الأولى منه في الموطأ، الأقضية، 26. (¬4) م ف: سليمن. (¬5) عادي أي: قديم، نسبة إلى عاد، وهم قوم هود النبي - عليه السلام -، وكل قديم ينسبونه إلى عاد وإن لم يدركهم. انظر: النهاية في غريب الحديث، "عدا". ويظهر أن المقصود في الحديث هي الأراضي غير المملوكة. (¬6) د - محمد عن أبي يوسف عن ليث بن أبي سليم عن طاوس قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن عادي الأرض لله وللرسول فمن أحيا أرضاً ميتة فهي له. وانظر: الأم للشافعي، 4/ 45؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 6/ 143. (¬7) الشراج جمع شَرْجَة بمعنى: مسيل الماء. انظر: المصباح المنير، "شرج". (¬8) د م: والسواقي. (¬9) صحيح البخاري، المظالم، 13؛ وصحيح مسلم، المساقاة، 137 - 142. وانظر لتفصيل طرقه: تلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 53 - 54.

يمنعن أحدكم الماء مخافة الكلأ" (¬1). وقال أبو حنيفة: إذا كان لرجل نهر أو عين أو بئر أو قناة فليس له أن يمنع ابن (¬2) السبيل أن يستقي منها، وأن يشرب، ويسقي دابته وبعيره وشاته. ليس له أن يمنع شيئاً من الشَّفَة. والشفة عندنا (¬3) الشرب لبني آدم والبهائم والنَّعَم والدواب. وله أن يمنع لسقي الأرض والزرع والنخل والشجر. ليس لأحد أن يسقي نخله ولا شجره ولا زرعه من نهر هذا الرجل ولا قناته ولا شربه ولا عينه إلا بإذنه. فإن أذن له أو أعاره فلا بأس بذلك. وإن باعه شرب يوم أو أقل من ذلك أو أكثر فإن ذلك لا يجوز؛ لأنه مجهول، وهو غرر لا يعرف. وكذلك لو استأجره. ألا ترى أنه لا يدرى ما اشترى ولا ما استأجر (¬4). وكذلك لو اشترط في شرائه أو إجارته شرب هذه الأرض أو هذا النخل أو هذا الشجر أو هذا الزرع فإن هذا لا يجوز؛ لأن شرب هذا مجهول لا يعرف. وإن شرط حتى يكتفي (¬5) أو شرط يوماً أو (¬6) يومين فلا خير فيه أيضاً. وإذا اشترى الرجل شرباً مع أرض فهو جائز، أو استأجر أرضاً مع شربها فهو جائز. وإذا استأجر مسيل ماء أو استأجره بغير أرض فلا خير فيه ولا يجوز. مسيل (¬7) الماء في هذا مثل الشرب. وإذا اشترى الرجل أرضاً لم يكن له شربها ولا مسيل مائها. فإن اشترط شربها فله الشرب، وليس له مسيل (¬8) الماء إلا أن يُسيله هو في أرضه. ولو اشترط مسيل الماء كان جائزاً. ولو اشتراها بكل حق هو لها كان ¬

_ (¬1) روي بلفظ: "لا تمنعوا فضل الماء لتمنعوا به الكلأ" وبألفاظ قريبة. انظر: صحيح البخاري، المساقاة، 2؛ وصحيح مسلم، المساقاة، 36 - 38. (¬2) ف - ابن. (¬3) د م ف: عند. والتصحيح من ب؛ والكافي، 3/ 2 و. (¬4) م: استأجره. (¬5) م: حتى يكفي. (¬6) د - يوماً أو؛ صح هـ. (¬7) د: سل؛ م: سبيل. (¬8) م: سبيل.

له مسيل الماء (¬1) والشرب جميعاً. ولو لم يشترط كل حق هو لها واشترط مرافقها كان له مسيل الماء والشرب (¬2). ولو لم يشترط المرافق (¬3) واشترط كل قليل أو كثير هو فيها أو منها كان له الشرب ومسيل الماء. وإذا استأجر الرجل أرضاً فهو في القياس ليس له مسيل ماء (¬4) ولا شرب بمنزلة الشراء، ولكني أدع القياس في هذا، وأستحسن أن أجعل له مسيل الماء والشرب؛ لأن الأرض لم تخرج من يدي صاحبها. وكذلك لو اشترطهما (¬5) جميعاً (¬6). وكذلك لو اشترط كل حق هو لها أو اشترط مرافقها أو اشترط كل قليل أو كثير هو فيها أو منها كان له ذلك أيضاً. وإذا كان النهر بين قوم لهم عليه أرضون، ولا يعرف كيف كان أصله بينهم، فاختلفوا فيه، واختصموا في الشرب، فالشرب منه بينهم على قدر أرضيهم، لكل إنسان بقدر حصته. فإن كان الأعلى منهم لا يشرب حتى يَسْكُر (¬7) النهر لم يكن له أن يَسْكُرَ النهر على الأسفل، ولكنه يشرب بحصته. فإن تراضوا جميعاً على أن يسكره الأعلى حتى يشرب بحصته أجزت ذلك بينهم. وإن اصطلحوا على أن يسكر على شرب كل (¬8) رجل منهم في يومه أجزت ذلك بينهم. وإن تجادلوا فيها واختلفوا لم يكن لأحد منهم أن يسكره على شربه. وإن أراد واحد منهم أن يَكْرِي (¬9) منه نهراً لم يكن له منه (¬10) ذلك إلا برضى من أصحابه، إلا أن يكون رَحَى لا تضر ¬

_ (¬1) د م + كان جائزاً ولو اشتراها بكل حق هو لها كان له مسيل الماء. (¬2) ف - جميعاً ولو لم يشترط كل حق هو لها واشترط مرافقها كان له مسيل الماء والشرب. (¬3) د: الموافق. (¬4) ف: الماء. (¬5) م: لو اشترطها. (¬6) د - وكذلك لو اشترطهما جميعاً. (¬7) سَكَرَ النهرَ يَسْكُرُه سَكْرا أي: سدّه. انظر: المصباح المنير، "سكر". (¬8) د - كل؛ صح هـ. (¬9) د م ف: أن يكون. والتصحيح من ب؛ والكافي، 3/ 2 ظ. وكَرْي النهر حفره كما تقدم مرارا. (¬10) د ف - منه.

بالنهر ولا بالماء وتكون موضعها في أرض صاحبها، فإن كان (¬1) هكذا فهو جائز. فإن أراد أن ينصب عليه دَالِيَة (¬2) أو سَانِيَة (¬3) وكان ذلك لا يضر بالنهر ولا بالشرب وكان يبني ذلك في ملكه خاصة كان له أن يفعل. وإن أراد (¬4) هؤلاء القوم أن يَكْرُوا هذا النهر من أوله فإن أبا حنيفة قال: عليهم جميعاً أن يكروا من أعلاه، فإذا جاوزوا (¬5) أرض رجل واحد رفع عنه بحصته، وكان الكَرْي على من بقي. وقال أبو يوسف ومحمد: الكري عليهم جميعاً من أوله إلى آخره بحصص الشرب والأرضين. ألا ترى أن الأعلى له في الأسفل مسيل ماء. وقال أبو حنيفة: ليس على أهل الشَّفَة (¬6) من الكَرْي شيء. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. والمسلمون جميعاً شركاء في الفرات وفي كل نهر عظيم بَحْرُه (¬7) أو وادي يسقون منه أو يسقون الشفة والخف والحافر ليس لأحد أن يمنع ذلك. ولكل قوم شرب أرضهم ونخلهم وشجرهم. لا يحبس الماء عن أحد دون أحد. وإن أراد رجل منهم أن يَكْرِي منه نهراً في أرضه فإن كان ذلك يضر بالنهر الأعظم لم يكن له ذلك، وإن كان لا يضر بالنهر الأعظم فله ذلك. وعلى السلطان كَرْي هذا النهر الأعظم إن احتاج إلى الكَرْي. وعليه أن يصلح مُسَنَّاتَه (¬8) إن خاف منه غرقاً. وليس النهر الأعظم الذي لعامة ¬

_ (¬1) د - كان. (¬2) الدالية: جِذْع طويل في رأسه مِغْرَفة كبيرة يُستقَى بها. انظر: المغرب، "دلب". (¬3) السانية البعير يُسْنَى عليه، أي: يُستقَى من البئر، ويقال للغَرْب مع أدواته: سانية أيضاً. انظر: المغرب، "سنو". (¬4) ف: فإن أراد. (¬5) ف: جاوز. (¬6) م: الشفعة. أهل الشفة هم الذين لهم حق الشرب بشفاههم وأن يسقوا داوبهم. انظر: المغرب، "شفه". (¬7) أي: ماؤه، والبحر الماء الكثير مالحًا كان أو عذبًا. انظر: لسان العرب، "بحر". (¬8) أي: سده، كما تقدم.

المسلمين كنهر خاصة لقوم (¬1) ليس لأحد أن يدخل عليهم فيه. ألا ترى أن أصحاب النهر شفعاء إن باع (¬2) أحد منهم أرضاً له، وأن (¬3) لهم أن يمنعوا أحداً أن يسقي من نهرهم أرضه، وليس الفرات كذلك يسقي منه من شاء ويمر فيه من شاء وتمر فيه السفن، فلا يكونون فيه شفعاء بشركتهم في شربه. وسألت أبا حنيفة عن الرجل يستأجر النهر يصيد فيه السمك؛ قال: لا يجوز. وسألته عن الرجل يشتري الشرب بغير أرض؛ قال: لا يجوز. وسألته عن الرجل يستأجر الشرب؛ قال: لا يجوز (¬4). وسألته عن الرجل يشتري عشر النهر بأرض النهر، أو نصيباً منه مسمى بأرض النهر؛ قال: ذلك جائز. وكذلك العين والقناة والبئر. وسألت أبا حنيفة عن الرجل يستأجر أَجَمَة يصيد فيها السمك؛ قال: هذا (¬5) لا يجوز، وهذا مثل النهر. وسألت أبا حنيفة عن الرجل يستأجر حوضاً أو بركة أو بئراً ليستقي منها ماء كل شهر بشيء مسمى؛ قال (¬6): هذا لا يجوز. وإذا استأجر رجل (¬7) مسيل ماء بغير أرض أو اشتراه فإن هذا لا يجوز. وسألت أبا حنيفة عن نهر جار لرجل في أرض رجل، فادعى رب الأرض مُسَنَّاةَ (¬8) النهر، فقال: هذه من (¬9) أرضي وهي لي، وقال رب النهر: بل (¬10) هي لي ولنهري، ولا يعرف في يدي من هي؛ فقال: هي لرب الأرض، يغرس عليها ما بدا له من نخل أو شجر (¬11)، وليس له أن يهدمها؛ لأن لرب (¬12) النهر منفعة فيها. وقال أبو يوسف ومحمد: المسنّاة لصاحب النهر حريمًا لنهره لإلقاء طينه ومنافعه. ¬

_ (¬1) د: لقومه. (¬2) د م: الرباع. (¬3) د - له وأن؛ صح هـ. (¬4) ف - وسألته عن الرجل يستأجر الشرب قال لا يجوز. (¬5) ف - هذا. (¬6) د ف: فإن. (¬7) د - رجل. (¬8) أي: السد، كما تقدم. (¬9) م - من. (¬10) م - بل. (¬11) ف: وشجر. (¬12) م: رب.

وإذا قال الرجل لرجل: اسقني يوماً من نهرك على أن أسقيك يوماً من نهري الذي في مكان كذا وكذا، فإن هذا لا يجوز؛ لأن هذا غُرور (¬1). وكذلك لو قال: اسقني يوماً بأن تزرع أرضي هذه الأخرى سنة، أو أن تسكن بيتي هذا شهراً، أو يخدمه عبدي هذا (¬2) شهراً (¬3)، أو برقبته، أو بركوب هذه الدابة إلى كذا وكذا، أو بركوبها كذا وكذا يوماً في حوائجك، أو برقبتها، أو بهذا الثوب برقبته، أو بلبسه يوماً، فإن هذا كله لا يجوز؛ لأنه غرر مجهول. وعلى الذي أخذ العبد والثوب أن يردهما، وليس له (¬4) أخذ (¬5) الأجر من شربه و [لا] قيمة ولا عوض ولا شيء قليل ولا كثير. وكذلك لو كان هذا الشرب من قناة أو بئر أو عين فهو سواء. وإذا كان لرجل حوض يصب فيه نهر من الفرات فأجره من رجل كل شهر بشيء مسمى فإن ذلك لا يجوز. وكذلك العين والبئر والقناة. وكذلك لو قال: أجرنيه أسقي منه. سألت أبا يوسف عن نهر مرو، وهو نهر عظيم قريب من الفرات، إذا دخل مرو، وكان ماؤه قسمة بين أهلها بالحصص، لكل قوم كُوَى (¬6) معروفة، فاتخذ رجل أرضاً كانت مواتًا، ولم يكن لها من ذلك النهر شرب، ثم كَرَى (¬7) لها نهراً فوق مرو (¬8) من موضع ليس يملكه أحد، فساق إليها من ذلك النهر العظيم ما يكفيها، ولم يكن النهر في ملك أحد؛ فقال: إن كان هذا النهر يضر بأهل مرو (¬9) ضرراً بينا في مائهم فليس له ذلك، يمنعه السلطان من ذلك. وإن كان ذلك لا يضر بهم فهذا له، وليس لهم أن يمنعوه. قلت له: فإن كان رجل له كُوَى معروفة أله (¬10) أن يزيد فيها؟ ¬

_ (¬1) أي: فيه جهالة وغرر. انظر: المغرب، "غرر". (¬2) ف - هذا. (¬3) د + أو يخدمه عبدي هذا شهرا. (¬4) د م + لها. (¬5) د - أخذ؛ صح هـ. (¬6) الكُوَّة: ثقب البيت، والجمع كُوَى. ويستعار لمفاتح الماء إلى المزارع أو الجداول، فيقال: كُوَى النهر. انظر: المغرب، "كوى". (¬7) أي حفر كما تقدم. (¬8) ف - مرو. (¬9) د: مر. (¬10) د: له.

فقال: إن كانت الكُوَى في النهر الأعظم فزاد في ملكه كُوَّة أو كُوَّتين وكان ذلك لا يضر بأهل النهر فله ذلك، وهذا بمنزلة الأول. وإن كان ذلك يضر بأهل النهر فليس له ذلك. وسألته عن نهر خاصة لقوم يأخذ (¬1) من هذا النهر الأعظم له كُوَى مسماة بين قوم، لكل رجل منهم في هذا النهر الخاصة كوى مسماة لشربه، أراد أن يزيد فيها كوة أو كوتين؛ قال: ليس له ذلك. وسألته: فإن كان ذلك ليس يضر بأهل النهر الخاص؟ قال: وإن كان ليس يضر بهم. وليس هذا النهر الذي يملكه قوم خاصة كالنهر الأعظم الذي لا يملكه أحد. وسألته هل لأحد من أهل هذا النهر الخاصة أن يتخذ عليه رَحَى ماء تجري به لم يكن فيما مضى، فكَرَى لها نهراً منه في أرضه لم يسل فيه ماء النهر ثم يعيده إليه، وذلك لا يضر بأهل الشرب؛ قال: ليس له ذلك. قلت: لم؟ قال: لأن هذا النهر من أعلاه إلى أسفله بينهم جميعاً، ليس لأحد منهم أن يَكْرِي منه نهراً، ولا يتخذ عليه رَحَى، ولا يكري منه نهراً بغير رحى ماء، ولا يحدث فيه شيئاً لم يكن قبل ذلك إلا برضاهم جميعاً، مثل طريق خاص بين قوم، ليس لأحد منهم أن يبني، ولا يفتح فيه بابا من دار أخرى، ولا يُسيل فيه ماء، ولا يشرع فيه ميزاباً ولا كَنِيفاً (¬2)، فكذلك هذا النهر. وليس له أيضاً أن يتخذ على هذا النهر جسراً ولا قنطرة إلا برضاهم جميعاً. وكذلك عين بين قوم لهم عليها أرضون فهي مثل هذا النهر. وكذلك بئر بين قوم يسقون منها أرضيهم (¬3) أو بئر (¬4) يسقون منها ماشيتهم. وكذلك البركة تكون بين قوم. ¬

_ (¬1) ف - يأخذ. (¬2) الكَنِيف: ما يُشْرَع فوق باب الدار كالجناح ونحوه، وأهل العراق يسمون ما أشرعوا من أعالي دورهم كَنِيفاً. وقيل: الكنيف يكون متصلاً بالدار بخلاف الظلة. انظر: لسان العرب، "كنف، كنن". (¬3) د م ف + أو بئر يسقون منها أرضيهم. (¬4) د م - بئر.

قال: (¬1) وسألته عن نهر بين رجلين له خمس كُوَى من هذا النهر الأعظم، وأحد الرجلين أرضه في أعلى هذا النهر، والآخر أرضه في أسفل النهر، فقال صاحب الأعلى: أريد أن أسد من هذه الكُوَى واحدة أو اثنتين، لأن ماء النهر يكثر فيفيض منه في أرضي (¬2) ويَنِزّ (¬3) منه، فلا يبلغك حتى يقل، فيأتيك منه ما ينفعك ويأتيني (¬4) منه ما يضرني؛ قال: ليس له ذلك. قلت: فإن قال له: أجعل لي نصف النهر ولك نصفه، فإذا كان في حصتي سددت منها ما بدا لي، وإذا كان في حصتك (¬5) فتحتها كلها؟ قال: ليس له ذلك. قلت: فإن تراضيا على ذلك، فأقاما على ذلك زماناً، ثم بدا لصاحب الأسفل أن ينقض؟ قال: له أن ينقض (¬6) ذلك. ألا ترى أنه لو كان هذا بيعاً كان فاسداً، أو كانت إجارة كانت فاسدة، فكذلك الصلح على هذا. وسألته عن نهر بين رجلين لهما أربع كُوَى، فأضاف (¬7) إليهما رجل أجنبي كُوَّتَين (¬8) أخراوين في شربهما (¬9)، حتى إذا انتهى إلى أسفل النهر كَرَى نهراً منه إلى أرضه، ففعل ذلك برضى منهم، وأقاموا على ذلك زماناً، ثم بدا لأحدهما أن ينقض ذلك؛ قال: فله أن ينقضه. فقلت: إن لم ينقض واحد منهما حتى ماتوا جميعاً، ثم بدا لبعض الورثة أن ينقض ذلك؟ قال: فله أن ينقض ذلك، من قبل أنه عارية يأخذونها إذا بدا لهم، مثل قوم لهم ممر في طريق أعاروه قوماً، فلهم أن يمنعوهم إذا شاؤوا. وسألت أبا يوسف عن نهر بين رجلين، يأخذ من هذا النهر العظيم، لهما فيه أربع كُوَى فأراد الرجل أن يُسيل كُوَّتين أخراوين في نهرهم، فأذن ¬

_ (¬1) د + قال. (¬2) ف: في الرحى. (¬3) نَزَّت الأرضُ نَزًّا أي: أكثر الندى السائل فيها. والنَّزّ: ما تحلّب من الأرض من الماء. انظر: المغرب، "نزز"؛ والمصباح المنير، "نزز". (¬4) ف: وماتيني. (¬5) ف: في حصتي. (¬6) د + قال له أن ينقض. (¬7) د ف: فانضاف. (¬8) د + أو. (¬9) د ف: في نهرهما.

له أحدهما، وأبى الآخر أن يأذن له؛ قال: فليس له أن يُسيل في نهرهما شيئاً إلا برضاهما جميعاً. ألا ترى أنه ليس له أن يسقي أرضه من نهرهما ولا من بئرهما ولا من بركة لهما إلا برضاهما جميعاً، ولو كان لهما دار لم يكن لأحدهما أن يغير طريقاً فيها إلا برضى (¬1) من صاحبه. وسألت أبا يوسف عن نهر يأخذ من هذا النهر العظيم (¬2) بين قوم، لكل رجل منهم نهر منه، فمنهم من له كُوَّتان، ومنهم من له ثلاثة (¬3)، فقال أصحاب السفل لأصحاب العلو: إنكم تأخذون أكثر من نصيبكم؛ لأن دفعة الماء وكثرته في أعلى النهر، ويدخل في كواكم شيء كثير (¬4)، ولا يأتينا إلا وهو قليل غائر (¬5) ولا يدخل في كُوَانا كبير شيء، فنحن نريد أن ننقصكم بقدر ذلك، أو نجعل لكم أياماً (¬6) معلومة ولنا أياماً (¬7) معلومة، فنسد كوانا في أيامكم، وتسدون كواكم في أيامنا؛ قال: ليس لهم ذلك، ويترك (¬8) الكُوَى والنهر والماء على حاله الأول كما كان بينهم، لا يحدثون فيه شيئاً. قال: وسألت أبا يوسف عن رجل له في هذا النهر كُوَّتان (¬9)، وليس له أرض، فأجر كوتيه في الشهر بشيء مسمى؛ قال: لا يجوز. قلت: فإن باعها كل يوم بشيء مسمى؟ قال: لا يجوز أيضاً؛ لأنه غرر لا يعرف. وسألته عن نهر يأخذ من هذا النهر العظيم (¬10) بين قوم خاصة، أرادوا أن يَكْرُوه ويحفروه، فأبى بعضهم، كيف الحفر عليهم؛ فأخبرني أنه سأل أبا حنيفة عن ذلك، فقال: يجبر (¬11) الذي أبى عليهم أن يَكْرِي معهم، ويجتمعون جميعاً، فيكرونه من أعلاه، فكلما جاوز أرض رجل رُفع عنه ¬

_ (¬1) ف: برضاهما، ف + جميعاً. (¬2) ف - العظيم. (¬3) د: ثلثة. (¬4) د: شيئاً كثيراً. (¬5) د ف: عامر؛ م: غامر. والتصحيح من ب. وغار الماء أي ذهب في الأرض فهو غائر. انظر: المصباح المنير، "غور". (¬6) د: أيام. (¬7) د: أيام. (¬8) د: وينزل. (¬9) د: كوتين. (¬10) د م: الأعظم. (¬11) م: يخبر.

الكَرْي وكرى بقيتهم كذلك حتى ينتهوا (¬1) إلى أسفله. وقال أبو يوسف ومحمد: يَكْرُونه جميعاً من أعلاه إلى أسفله؛ لأن لأصحاب (¬2) الأعلى مسيل (¬3) ماء في أسفله ينتفعون به. وسألت أبا يوسف: هل يُجعل للنهر حريم ليُلقى طينه إذا حفره ولكَرْيه ومُسَنّاته (¬4) يكون له رِدْء؟ (¬5) فأخبرني أنه سأل أبا حنيفة عن ذلك، فقال: ليس له ذلك. وقال أبو يوسف: أرى أن يجعل لها حريم لما لا يستغنى عنه من ذلك وما لا بد منه. وهو قول محمد. وسألت أبا يوسف عن نهر يأخذ من هذا النهر الأعظم بين قوم خاصة له كُوَى معروفة، فقال أهل الأسفل: لا يأتينا الماء حتى تَنْشِفَه (¬6) الأرضُ ويتفرق في الشرب، فنحن نريد أن نوسع رأسه ونزيد في كواه من النهر الأعظم، فقال أهل العلو: إن فعلتم ذلك أكثر الماء حتى يفيض على أراضينا أو يَنِزّ، وقالوا: لا نترككم وذلك؛ قال: لأهل العلو أن يمنعوهم من ذلك، وليس لأهل السفل (¬7) أن يحدثوا شيئاً في النهر لم يكن. وسألته عن هذا النهر إذا خافوا أن ينبثق عليهم فأرادوا أن يحصّنوه من ذلك، فقال بعضهم: أدخل معكم، وقال بعضهم: لا أدخل؛ قال: إن كان في هذا ضرر عام جَبَرْتُهم جميعاً على أن يحصّنوه بالحصص، وإن لم يكن فيه (¬8) ضرر عام لم أَجْبُرْهم عليه، وأمرت كل إنسان أن يحصن ما يليه من ذلك إن أحب. قلت: فإن احتاجوا إلى أن يَكْرُوا، فأبوا أن يكروا؟ قال: أجبرهم على ذلك؛ لأن هذا عام. قلت: فلأهل هذا النهر الخاص أن يمنعوا أحداً يشرب منه لشفته أو لدابته أو لشاته؟ قال: ليس لهم أن يمنعوا ذلك، وليس هذا كالأرض. ¬

_ (¬1) د: حتى ينتهون. (¬2) ف: أصحاب. (¬3) د: تسيل؛ م ف: يسيل. (¬4) د م ف: ومسناه. (¬5) د م ف: رؤا. (¬6) نَشِفَ الثوبُ الماءَ أي: شربه. انظر: المصباح المنير، "نشف". (¬7) ف: العلو. (¬8) ف - فيه.

وسألت أبا يوسف عن رجل اتخذ في أرض له رَحَى على النهر الأعظم الذي للعامة، مفتاحها في أرضه، ومسيلها في أرضه، لا يضر بأحد، فأراد بعض جيرانه أن يمنعه من ذلك؛ قال: لا (¬1)، ليس له أن يمنعه ذلك، من قبل أنه اتخذها في ملكه، وليس فيها ضرر. وسألت أبا يوسف عن هذا النهر العظيم إن كانت عليه أرض لرجل حَدُّها الماء، فنقص الماء، وجَزَرَ عن أرض، فاتخذها هذا الرجل وحازها إلى أرضه، قال: ليس له ذلك إذا كان ذلك (¬2) يضر بالنهر. وسألت أبا يوسف، قلت له: إنه (¬3) بلغني أن الفرات بأرض الجزيرة تَجْزِرُ (¬4) عن الأرض العظيمة، فيتخذها الرجل وهي في حد أرضه؛ قال: ليس له ذلك إذا كان يضر بالفرات، وهذا لعامة المسلمين. فإن كان لا يضر بالفرات فهي له في قول أبي يوسف ومحمد. إذا حصنها من الماء فقد أحياها. وقد جاء في الأثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من أحيا أرضاً ميتة فهي له" (¬5). وجاء عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - مثله (¬6). وفي قول أبي حنيفة لا تكون له، إلا أن يفعل ذلك بإذن الإمام. وسألت أبا يوسف عن نهر بين قوم، يأخذ من هذا النهر الأعظم، له فيها كُوَى مسماة، فأراد رجل منهم -وأرضه واسعة وكان نهره الذي يستقي منه في أسفل أرضه- أن يحول نهره فيجعله في أعلى أرضه؛ قال: ليس له ذلك. فقلت: أليس يكون الطريق بين قوم، للرجل فيه باب، فيفتح فيه بابين أو ثلاثة (¬7) إن شاء؟ قال: نعم. قلت: فلم لا يكون هذا (¬8) النهر مثل الطريق؟ قال: لأن هذا يذهب من الماء بأكثر مما كان له، فيضر ذلك بأصحابه. والذي يمر في الطريق من بابين ¬

_ (¬1) د - لا. (¬2) د ف - ذلك؛ صح د هـ. (¬3) د: إن. (¬4) جزر الماء يجزر، أي: انحسر، من بابي ضرب وقتل. انظر: المصباح المنير، "جزر". (¬5) تقدم. (¬6) تقدم. (¬7) د: أو ثلثة. (¬8) ف - هذا.

أو من ثلاثة (¬1) أبواب لا يذهب بشيء من الأرض. فلذلك اختلف الطريق والنهر. وسألت أبا يوسف عن هذه الكُوَى إن أراد صاحبها أن يَكْرِيها فيُسَفِّلها عن موضعها ليكون أكثر لأخذها من الماء؛ قال: له ذلك. ألا ترى أن له أن يَكْرِي نهره، فهذا إنما هو كَرْي لنهره. فقلت له: [فإن] أراد (¬2) أن يرفع (¬3) وكانت متسفّلة ليكون أقل للماء (¬4) في أرضه؟ قال: فله ذلك. قال: وسألت أبا يوسف عن رجل له نهر خاص من هذا النهر الخاص أراد أن يُقَنْطِر (¬5) فيه ويستوثق منه؛ قال: فله ذلك. قلت: فإن كان مُقَنْطَراً أو مستوثقاً منه، فأراد أن ينقض ذلك لعلة أو غيرها؟ قال: إن كان ذلك لا يزيد في أخذه للماء فله ذلك. وسألت أبا يوسف عنه إن أراد أن يوسع فم النهر هل له ذلك؟ قال: لا. قلت: فمن أين افترق هذا والزيادة في أسفل النهر أن يَكْرِيه حتى يكون أكثر لأخذه؟ قال: هذا مختلف. الحفر في أسفله من حقوقه التي له أن يفعل. والزيادة في عرضه مما ليس له أن يفعل. قلت له: فإن أراد أن يزيد في عرضه ويؤخر (¬6) الكوى عن فم النهر فيجعلها على أربعة أذرع من فم النهر إلى أسفل؟ قال: ليس له ذلك. وسألت أبا يوسف عن رجل مات فمن له هذا الشرب؟ قال (¬7): شربه ميراث بين ورثته. قلت: فإن أوصى فيه بوصية؟ قال: ذلك جائز، والوصية مثل الميراث، ولا يشبه البيع والهبة. وسألته عن الهبة في ذلك والصدقة ¬

_ (¬1) د: من ثلثة؛ د + إن شاء قال نعم قلت فلم لا يكون هذا النهر مثل الطريق قال لأن هذا يذهب من الماء بأكثر مما كان له فيضر ذلك بأصحابه والذي يمر في الطريق من بابين أو من ثلاثة. (¬2) د م ف: فأراد. والتصحيح مع الزيادة من ب. (¬3) د: أن يرفع. (¬4) د: الماء. (¬5) م: أن يقنطن. (¬6) د م: ويواحر. (¬7) د م ف: وقال.

والنحلى والعمرى؛ قال: لا يجوز شيء من ذلك إلا شيء يكون معه أرض محوزة مقسومة، ويقبض الذي جعلت له. وسألته عن أمير خراسان إذا جعل للرجل شرباً في هذا النهر الأعظم العام وذلك الشرب لم يكن فيما مضى، أو كان له شرب معلوم كوتين أو ثلاثة (¬1) فزاده مثل ذلك وأقطعه إياه، وجعل له مفتاحاً في أرض يملكها الرجل أو في أرض (¬2) لا يملكها؛ قال: إن كان ذلك يضر بالعامة فإنه لا يجوز، وإن كان لا يضر بهم فهو جائز إذا كان ذلك في غير ملك أحد أو كان في ملكه. وإذا أصفى (¬3) أمير خراسان شرب رجل وأرضه فجعلها صافية (¬4) وأقطعها (¬5) رجلاً فإن ذلك لا يجوز، وترد إلى صاحبها الأول. وإذا تزوج الرجل امرأة على شرب بغير أرض فالنكاح جائز، وليس لها من الشرب شيء. وهذا مثل رجل تزوج امرأة على مهر مجهول، فلها مهر مثلها إن كان دخل بها، والمتعة إن طلقها قبل الدخول. ولو أن امرأة اختلعت من زوجها على شرب بغير أرض كان باطلاً، ولا يكون له من الشرب شيء، ويكون الخلع جائزاً، وعليها أن ترد المهر الذي أخذت. وإذا ادعى رجل قبل رجل دعوى (¬6) في أرض أو دار أو كرم فصالحه من دعواه على شرب بغير أرض فالصلح في هذا باطل، وصاحب الدعوى على دعواه (¬7) وحقه. فإن كان قد شرب من ذلك الشرب سنة أو سنتين فلا ¬

_ (¬1) د: أو ثلثة. (¬2) م: في الأرض. (¬3) قال المطرزي: يقال: أصفى دار فلان، إذا غصبها، وهو من الصفو. ومنه قول محمد -رحمه الله-: وإذا أصفى أمير خراسان شرب رجل أو أرضه وأقطعها رجلاً لم يجز. انظر: المغرب، "صفو". (¬4) صافية بمعنى: الضيعة التي يستخلصها السلطان لخاصته، وجمعها صواف. انظر: لسان العرب، "صفا". (¬5) د ف: أو أقطعها. (¬6) د - دعوى؛ صح هـ. (¬7) ف - على شرب بغير أرض فالصلح في هذا باطل وصاحب الدعوى على دعواه.

ضمان عليه فيه، والصلح مردود. وإذا كان لرجل قبل رجل قصاص في دم نفس عمد أو جرح دون النفس فصالحه من ذلك على شرب مسمى بغير أرض فالصلح في هذا (¬1) باطل، وقد جاز العفو، وعلى القاتل (¬2) الدية وأرش الجراحة؛ لأن الصلح لا يجوز. وهذا القياس في هذا، وهو مثل الخلع. وبه نقول. وإذا استأجر الرجل أرضاً أو دابة أو داراً أو عبداً أو أمة شهراً أو سنة بشرب مسمى بغير أرض أو بمسيل ماء فإن هذا باطل لا يجوز، ولرب الأرض والدابة والدار أجر مثلها. فإن كان الآجر سقى بذلك الشرب أو سَيَّل في ذلك المسيل فلا ضمان عليه فيما فعل من ذلك، من قبل أن رب الشرب لا يملك الماء، ولا يجوز بيعه فيه. ولو أن صاحب الشرب أوصى به بغير أرض جازت وصيته. ولو كان عليه دين لم يبع في دينه إلا أن يكون (¬3) معه أرض فيباع (¬4) معه أرضه. وكذلك الهبة والصدقة والعمرى والنحلى. وكذلك لو أوصى بها أن تباع من هذا الرجل أو يوهب له أو يَنْحَله أو يتصدق به عليه كان ذلك باطلاً، إلا أن يكون معه أرض، فإن كان معه أرض فهو جائز من ثلثه. وإذا أوصى صاحب الشرب لرجل أن يسقي أرضه يوماً أو يومين أو شهراً أو سنة (¬5) من شربه فإني أجيز ذلك من ثلثه. وإن مات الذي له الوصية بطلت، وهي بمنزلة الخدمة. وكذلك لو أوصى أن يتصدق به على المساكين كان باطلاً لا يجوز. ولو أوصى أن يسقي أحبابه أجزت ذلك. ولو (¬6) قال: (¬7) هو صدقة في المساكين إن فعلت كذا وكذا (¬8)، ففعل ذلك، فإنه لا يجوز، إلا أن يكون معه أرض فيجوز ذلك، وينفذ ذلك للمساكين إن هو حنث. ¬

_ (¬1) ف - في هذا. (¬2) م: العاقلة. (¬3) م: في دينه لا يكون. (¬4) م ف: فباع. (¬5) ف: أو شهرين. (¬6) د - ولو. (¬7) د: وقال. (¬8) د: كذا كذا.

وإذا باع الشرب بعبد وقبض البائع العبد فأعتقه جاز عتقه فيه، وضمن لصاحب العبد القيمة. وكذلك لو كانت أمة فوطئها (¬1) فولدت منه كانت أم ولد له، وكان عليه قيمتها وعقرها. وكذلك لو استأجرها بأمة أو عبد فقبضها المؤاجر فأعتقها كانت عليه القيمة لرب العبد والأمة. ولو ادعى رجل شرباً في يدي رجل أنه له بغير أرض فإنه ينبغي في القياس أن لا يقبل ذلك منه، ولكني أح القياس، وأقبل البينة عليه، وأقضي (¬2) به له. وإذا كان لرجل أرض ولرجل فيها نهر يجري، فأراد رب الأرض أن لا يجري النهر في أرضه، فليس له ذلك. فإن اختصما في ذلك والنهر جار فيها جعلته على حاله جارياً كما هو؛ لأنه في يديه على حاله. وإن لم يكن في يديه ولم يكن جارياً سألته البينة على أن هذا النهر له. فإن جاء ببينة قضيت له به. وإن لم تكن له بينة على أصل النهر، وجاء ببينة أنه قد كان له مجرى ماء في (¬3) هذا النهر يسوقه إلى أرضه حتى يسقيها، أجزت ذلك. وكذلك لو كان نهره ذلك يصب في أرض أخرى، فمنعه صاحب الأرض السفلى المجرى، فأقام بينة على أصل النهر أنه له، أجزت ذلك، وأجري فيه ماؤه. ولو أقام البينة أنه له فيه مصب (¬4) ماء أجزت ذلك. وإذا سقى الرجل أرضه أو فَجَرَها (¬5) فسال من مائها في أرض رجل فغرّقها لم يكن على رب الأرض الأول ضمان، مِن قِبَل أنه فعل له في ملكه. وكذلك لو نزّت (¬6) أرض هذا من الماء ففسدت لم يكن على رب ¬

_ (¬1) ف: وقبضها. (¬2) ف: وأقبض (مهملة). (¬3) ف - في. (¬4) ف: نصيب. (¬5) فَجَرَ الرجلُ القناةَ من باب قتل أي: شَقَّها، والفَجْر: هو الشق والفتح. انظر: المصباح المنير، "فجر". ولفظ الحاكم والسرخسي: أو شجرها. انظر: الكافي، 3/ 6 و؛ والمبسوط، 23/ 186. (¬6) النزّ: ما تحلّب من الأرض من الماء. وقد نزّت الأرض، إذا صارت ذات نزّ أو تحلّب منها النزّ. ومنه قولهم: "رجل اتخذ بالوعة فنزّ منها حائط جاره". انظر: المغرب، "نزز".

الأرض الأول شيء. ولو اجتمع في هذا الماء سمك فصاده رجل كان له خاصة، ولم يكن لرب الأرض منه شيء. ألا ترى أن رجلاً لو صاد في أرض رجل ظبياً كان له، فكذلك السمك، ولصاحب الأرض أن يمنعه من العود إلى ذلك وأن يدخل أرضه. فإن عاد فصاد فما صاد فهو له، ليس عليه فيه شيء. وإذا كان (¬1) لرجل أرض فيها مرل، فأجر مراعيها، أو باعها كل سنة بشيء مسمى، يرعى فيها غنما مسماة هذه السنة بكذا كذا درهماً، فإن ذلك لا يجوز للحديث الذي جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الكلأ؛ (¬2) [و] لأن (¬3) هذا غُرور لا يعرف (¬4). ولو أخذ من هذا شيئاً فأحرزه ثم باعه كان جائزاً. وكذلك مراعي الجبال والبر والآجام والسواد، لا يجوز إجارة شيء منها، ولا يباع (¬5) شيء منها سنين مسماة. وذكر أبو يوسف أن أبا حنيفة كان لا يجيز إجارة المراعي. ولو أن رجلاً زرع في أرض له قَصِيلاً (¬6)، ثم أجره من رجل يرعى فيه دوابه وغنمه، كانت (¬7) الإجارة باطلاً، وكان على الرجل قيمة ما رعى غنمه ودوابه من ذلك، وهذا مخالف للكلأ. ألا ترى أنه لو باع هذا كان جائزاً لأنه زرعه وعمله. وإنما أفسدت الإجارة فيه مِن قِبَل أنه غُرور. ولو أن رجلاً رعى (¬8) دوابه كلأ في أرض رجل بغير إذنه أو قطعه لم يكن عليه فيه ضمان مِن قِبَل الحديث الذي جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن المسلمين شركاء في ثلاث: (¬9) في الماء والكلأ والنار (¬10). ¬

_ (¬1) ف: وإن كان. (¬2) تقدم. (¬3) الواو من ب؛ والمبسوط، 87/ 123. (¬4) م: ولا يعرف. (¬5) د ف: ولا بيع. (¬6) القَصْل: قطع الشيء، ومنه القصيل، وهو الشعير يجزّ أخضر لعلف الدوالد والققهاء يسمون الزرع قبل إراكه قصيلاً، وهو مجاز. انظرة المغرب، "قصل". (¬7) د - كانت. (¬8) د: ادعى؛ م: ارعى. (¬9) د: في ثلث. (¬10) تقدم تخريجه.

وإذا استأجر الرجل مرعى يرعى فيه دوابه بعبد أو أمة أو ثوب أو دراهم مسماة سنة، فرعى في تلك السنة، فلا ضمان عليه فيما رعى، وله أن يأخذ ثوبه وعبده وأمته ودراهمه مِن قِبَل أن إجارة المرعى لا تجوز، وأن المسلمين فيه شركاء. فإن كان الذي أجر قد قبض العبد ثم أعتق أو باعه فعتقه وبيعه جائز، وهو ضامن للقيمة قيمة العبد (¬1). وإن كان لبس الثوب (¬2) حتى تخرّق فهو ضامن لقيمته. وكذلك لو تزوج امرأة على أن ترعى غنمها في أرضه سنة كان النكاح جائزاً، وليس لها من الرعي شيء. فإن كانت قد رعت فذلك لها بغير ضمان عليها، ولها مهر مثلها إن كان دخل بها، والمتعة إن طلقها قبل الدخول؛ لأن هذا مجهول لا يعرف، ولما جاء في الكلأ من الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬3). ولو أوصى رجل بكلأ في أرضه سنين مسماة، أو وهبه، أو تصدق به، أو أعمره، أو تزوج عليه امرأة، أو امرأة اختلعت به من زوجها، أو صالح به على دم عمد أو خطأ، أو من دعوى عيب قِبَلَه فصالح به، فالقول فيه مثل القول في الشرب، يجوز فيه ما يجوز فى الشرب، ويبطل منه ما يبطل في الشرب. ولو أن رجلاً أحرق كلاً في أرضه فذهبت النار به يميناً وشمالاً فأحرقت شيئاً لغيره لم يضمن رب الأرض؛ لأن له أن يوقد في أرضه. وكذلك لو أحرق حَصَائِد (¬4) في أرضه كان كذلك. وقال أبو حنيفة: من أحيا أرضاً ميتة بإذن الإمام فهي له، وعليه فيها العشر. والأرض الميتة عنده (¬5) كل (¬6) أرض من أرض السواد والجبال التي ¬

_ (¬1) د م + والأمة. (¬2) د - الثوب. (¬3) تقدم قريباً. (¬4) د: حصايدا. جمع حصيدة وحصيد بمعنى محصود، والمقصود به ما يبقى في الأرض من أصول القصب المحصود. أنظر: المغرب، "حصد". (¬5) ف - عنده. (¬6) د - كل؛ صح هـ.

لا يبلغها الماء، وليس لأحد فيها ملك، ومن أرض العرب ما لم يكن (¬1) لأحد فيها ملك. وقال أبو حنيفة: من أحيا أرضاً بغير إذن الإمام فليست له. وقال أبو يوسف ومحمد: نحن نراها له؛ لأن الحديث الذي جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من أحيا أرضاً ميتة فهي (¬2) له" (¬3). فهذا إذن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأَذِنَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان أجود (¬4) من إذن الإمام. وقال أبو حنيفة: من حفر بئراً في مفازة في غير حق مسلم بإذن الإمام كان له مما حولها أربعون ذراعاً حريماً لها، ولم يكن يأخذ بالستين ذراعاً. وكان يأخذ بالخمسمائة ذراع في العين ويعرفها. وكان يقول: من حفر بئراً بغير إذن الإمام فليست له، وليس لها حريم. وقال أبو يوسف ومحمد: نراها له. فإن كانت لماشيته فلها حريم أربعون ذراعاً. كان كانت لناضح فلها حريم ستون ذراعاً. وإن كانت عينا فلها حريم خمسمائة ذراع. وأمر الإمام وغير أمره (¬5) سواء. نأخذ بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬6) بعد أن يكون ذلك في أرض ميتة لا حق لأحد فيها. وقال أبو يوسف: آخذ بحديث عمر: من يَحْجُر (¬7) ثلاث سنين على أرض فلم يَعْمُرها فلا حق له (¬8). وهو قول محمد. ولو أن رجلاً أتى طائفة من البَطِيحَة (¬9) مما ليس لأحد فيه ملك مما ¬

_ (¬1) د - يكن. (¬2) د - فهي. (¬3) تقدم. (¬4) كذا في الأصلين. ولعلها: أجوز. (¬5) د م: أمر. (¬6) تقدم. (¬7) د: من تحجر. حجر أي أعلم ووضع علما على حدود أرض. ويقال: تَحَجَّر. واحتجر في هذا المعنى أصح. انظر: المغرب، "حجر"؛ والمصباح المنير، "حجر". (¬8) تقدم قريباً. (¬9) البَطِيحَة والبطحاء والأبطح: مَسِيل واسع فيه دُقاق الحَصَى. انظر: القاموس المحيط، "بطح".

قد غلب عليه الماء، فضرب عليه المسنَّيات (¬1) واستخرجه وأحياه (¬2) وقطع ما فيه من القصب، رأيتها له بمنزلة الأرض الموات. وكذلك كل ما عالج في أَجَمَة أو في بكر أو في نهر بعد أن لا يكون فيه ملك لأحد إن لم يستخرجه رجل غيره (¬3) فهو له. وهو عندي بمنزلة الموات. وفي قياس قول أبي حنيفة: لا يكون له إلا أن يأذن له الإمام في ذلك. وفي قول أبي يوسف ومحمد (¬4): هي له. ولو أن رجلاً أحيا شيئاً من ذلك لرجل كان قبله يملكه رددت ذلك كله إلى الأول، ولم أجعل للثاني فيه حقاً. فإن كان الثاني قد زرعه فله زرعه، وهو ضامن لما نقص الأرض، وليس عليه أجر، وهو ضامن لما قطع من قصبها (¬5). وكذلك لو كانت هذه الأرض في البر؛ لأنه بمنزلة الغاصب. وإذا حفر الرجل بئراً في مفازة بإذن الإمام كان له ما حولها - ما ذكرت لك - من الزرع. فإن احتفر آخر في ذلك الزرع لم يكن له ذلك، وكان للأول أن يسد ما احتفر الثاني؛ لأنه له من حريم بئره. وكذلك لو بنى الثاني في ذلك الموضع بناءً أو زرع فيه زرعاً أو أحدث فيه شيئاً كان للأول أن يمنعه من ذلك، وما عطب في بئر الأول فلا ضمان عليه، وما عطب في عمل الثاني ضمن الثاني ذلك كله؛ لأنه أحدثه في ملك غيره. [قلت:] ولو أن الثاني حفر بئراً بإذن الإمام في غير حريم الأول، وهي قريبة منه، فذهب ماء بئر الأول، وعرف أن ما ذهب من ماء البئر الأول من حفر الآخر، فاستعدى عليه الأول (¬6)، هل يقضى له على الآخر بشيء؟ قال: لا؛ لأنه لم يحدث في حريم الأول شيئاً. ألا ترى أني أجعل للآخر حريماً مثل حريم الأول وحقاً مثل حق الأول. وكذلك العين هي مثل بئر الناضح وبئر العَطَن (¬7). ¬

_ (¬1) المسناة هي السد كما تقدم. (¬2) د: وأتاه (مهملة). (¬3) دم ف: وغيره. (¬4) ف - ومحمد. (¬5) د: من قصبهما. (¬6) ف - الأول. (¬7) تقدم تفسيرهما قريباً.

[قلت:] ولو أن رجلاً حفر قناة بأمر الإمام في مفازة من جبل، ثم ساق الماء حتى أتى به أرضاً فأحياها، هل كنت تجعل لقناته ولمخرج مائه حريماً؟ قال: نعم، أجعل له من ذلك ما يصلحه على قدر ذلك. وإذا كانت القناة على هذا الوجه بين رجلين (¬1)، والأرض (¬2) بينهما، ثم استحيا أحدهما أرضاً أخرى، فأراد أن يسقيها من القناة، لم يكن له ذلك إلا برضى من صاحبه. وإذا كان نهر بين قوم، لهم عليه أرضون، لكل رجل منهم أرض معلومة، فأراد بعضهم أن يسوق شربه إلى أرض أخرى لم يكن لها في ذلك النهر شرب، فليس له ذلك، من قبل أنه يستوجب بذلك في النهر شرباً لم يكن له قبل ذلك. قلت: فإن أراد أن يجعل شربه الأول لهذه الأرض الأخرى ويسوقه إليها في أرضه الأولى حتى ينتهي إليها؟ قال: ليس له ذلك، إنما هذا كطريق بين قوم ليس لبعضهم أن يفتح فيه طريقاً من دار أخرى. وإذا أراد هذا الرجل أن يسقي من هذا النهر لجار له في أرض أخرى ليس لها في هذا النهر شرب فليس له ذلك. وإذا استأجر أصحاب النهر رجلاً يقسم بينهم الشرب كل شهر بشيء معلوم ويقوم على نهرهم (¬3) فذلك جائز لا بأس به. ولو استأجروه بشرب من النهر كان باطلاً لا يجوز، وكان له أجر مثله. ولو أعطاه كفيلاً بذلك الشرب لم يجز، ولم يكن على الكفيل شيء. وإذا احتفر القوم بينهم نهراً على أن يكون بينهم على مساحة أرضهم، وتكون نفقته بينهم على قدر ذلك، فوضعوا على رجل منهم من ذلك أكثر مما عليه غلطاً منهم، كان له أن يرجع بذلك عليهم. ولو فرضوا عليه أقل مما يصيبه كان لهم أن يرجعوا عليه بالفضل. وإذا كان نهر بين قوم، فاصطلحوا على أن يقسموا لكل رجل شرباً ¬

_ (¬1) ف: بين الرجلين. (¬2) د م: والأرضين. (¬3) د: على نهر.

مسمى، وفيهم الغائب والشاهد، فقدم الغائب، فإن له أن ينقض عليهم حتى يستوفي أقصى حقه. فإن كانوا قد (¬1) أوفوه (¬2) حقه وجاوزوه له وقسموه وأبانوه فليس له أن ينقض. وإذا اشترى الرجل شرباً مسمى بغير أرض، وأعطى كفيلاً بالثمن، فنقد الكفيل الثمن، ثم اختصموا إلى القاضي، فأبطل الشراء (¬3) والبيع، كان الكفيل بالخيار، إن شاء رجع على الذي طلب إليه أن يكفل عنه، ويرجع بذلك على البائع. كان شاء الكفيل رجع على البائع. ولا يؤخذ المشتري بضمان فيما أصاب من الشرب. والورثة في هذا بمنزلتهم. وإذا وكل الرجل وكيلاً بشربه فهو جائز، يسوقه إلى أرضه ويسقيها ويقوم عليه، وليس له أن يبيع شرب أرضه فيسقي (¬4) أرض غيره. وإذا اتخذ الرجل مَشْرَعَة (¬5) على شاطئ الفرات يستقي منها السقاؤون ويأخذ منهم الأجر فإن ذلك لا يجوز؛ لأنه لم يبعهم شيئاً ولم يؤاجرهم أرضاً. ولو تَقَبَّلَ رجل هذه المشرعة كل شهر بشيء مسمى تقوم فيه الإبل والدواب أجزت ذلك؛ لأن هذا قد أحيا أرضاً لعمل مسمى (¬6). ولو استأجر رجل أرضاً قطعه منها يقوم فيها بعير له أو دابة له يوماً أجزت ذلك. وإنما أفسدت الأول لأنه لم يستأجر منها شيئاً يعرف. وإن كانت هذه المشرعة لا يملكها الذي اتخذها فلا ينبغي له هذا ولا يصلح. ولو كانت في موضع لا حق لأحد فيها فاتخذها مشرعة منعته من ذلك، وكان للمسلمين أن يستقوا (¬7) من ذلك المكان بغير أجر. وإنما أرخص له في ذلك إذا كانت الأرض له يملك رقبتها، فأجر منها شيئاً معروفاً يوماً أو شهراً بأجر معلوم ¬

_ (¬1) م - قد. (¬2) ف: وفوه. (¬3) د: الشرى. (¬4) م: فيستقي. (¬5) المشرعة: مورد الماء الذي يستقى منه بلا رشاء، ولا يقال إلا على الماء الظاهر الذي لا ينقطع. انظر: لسان العرب، "شرع". (¬6) د م: مسماة. (¬7) دف: أن يسقوا.

تقف فيه دابته أو بعيره، فيجوز ذلك. ولو أراد المسلمون أن يمروا في تلك الأرض ليستقوا من ذلك الماء فمنعهم من ذلك فإني أنظر في ذلك؛ فإن لم يكن لهم طريق غيره لم يجز له أن يمنعهم، ومروا في أرضه في مشرعته بغير أجر ولا كراء (¬1) كان كان يملك رقبتها؛ لأنه لا يستطيع أن يمنع السقاية (¬2). وإن كان لهم طريق غير ذلك كان له أن يمنعهم من ذلك. وإذا كان لرجل نهر في أرض رجل، فأراد أن يدخل أرضه ليعالج من النهر شيئاً، فمنعه رب الأرض من ذلك (¬3)، فليس له أن يدخل الأرض إلا أن يمضي في بطن النهر. وكذلك القناة والبئر والعين ليس له أن يدخل الأرض التي هو فيها ليصلحها إذا كانت الأرض لغيره. فإن كان له طريق في الأرض فله أن يمر في طريقه إلى البئر والعين والقناة. وإذا اصطلح الرجلان على أن يخرجا نفقة يحفران بها بئراً في أرض موات، على أن يكون البناء لأحدهما والحريم للآخر، فإن ذلك (¬4) لا يجوز ولا يصلح. وإن كانت النفقة في ذلك سواء أو مختلفة فإنه لا يجوز. فإن اشتركا على أن يكون بينهما نصفين البئر والحريم، على أن يخرج أحدهما أكثر مما يخرج الآخر (¬5)، فإن هذه الشركة فاسدة لا تجوز على هذا. كان أنفقا على هذا الشرط رجع صاحب الكثير على صاحب (¬6) القليل بنصف الفضل. وإن كانت بئر أو أرض بين رجلين فباع أحدهما نصيبه من البئر بطريقه من الأرض فإن ذلك لا يجوز. ليس له أن يبيع طريقاً في أرض بينه وبين الآخر إلا برضاه. ولو باع نصف البئر بغير طريق جاز ذلك، ولم يكن له طريق في الأرض. وإن باع نصيبه من الأرض والبئر وهو النصف فهو جائز كله. ... ¬

_ (¬1) د: كرى. (¬2) د ف: السقاة (د مهملة)؛ ب: الشفاه. (¬3) د - من ذلك. (¬4) ف - فإن ذلك. (¬5) د: الأرض. (¬6) ف - صاحب.

باب الشهادة في الشرب

باب الشهادة في الشرب وإذا كان نهر لرجل في أرض غيره، فادعى رجل فيه شرباً يوماً في الشهر، وأقام على ذلك شاهدين عدلين، أجزت ذلك، وقضيت له به. وكذلك مسيل الماء. ولو ادعى يومين في الشهر، فجاء شاهد على يوم في رقبة النهر، وشهد آخر على يومين، فإني أقضي في رقبة النهر بيوم. وفي قياس قول أبي حنيفة لا يقضى له بشيء. قلت: فإن شهدوا أن له شرب يوم، ولم يسموا عدد الأيام، ولم يشهدوا أن له في رقبة النهر شيئاً (¬1)؟ قال: فإني لا أجيز ذلك. ولو شهدوا أن له عشر النهر أجزت ذلك. وكذلك العين والبئر والقناة. ولو ادعى رجل عشر عين أو عشر قناة، فشهد له شاهدان، أحدهما شهد بالعشر (¬2)، وشهد الآخر بأقل من ذلك، فإنه ينبغي في قياس قول أبي حنيفة أن تبطل شهادتهم إذا شهدوا على الإقرار. ولكني أدع القياس، وأجيز الأقل من ذلك. ولو كان أحدهما شهد (¬3) له بالخمس أبطلت شهادته؛ لأنه قد شهد له بأكثر مما ادعى. وإذا ادعى رجل أرضاً على نهر شربها منها، فأقام عليها شاهدين أنها له، ولم يذكر الشرب بشيء، فإني أقضي له بها وبحصته من الشرب. ولو شهدوا بالشرب دون الأرض لم أقض له من الأرض بشيء. وإذا كانت في يدي رجل أرض، فادعاها آخر، وأقام شاهداً أنها له، وأقام آخرَ على إقرار الذي هي في يديه، لم أقبل شهادتهما؛ لأنها قد اختلفت. وكذلك هذا في النهر والبئر والعين والقناة. وكذلك لو شهد أحدهما أن أباه مات وتركها ميراثاً، وشهد الآخر أنه اشتراها من فلان، لم يجز ذلك. وكذلك لو شهد أحدهما بصدقة والآخر بشراء (¬4) أو ميراث أو ¬

_ (¬1) د: شيء. (¬2) د م: بالعشره. (¬3) ف: يشهد. (¬4) م ف: بشرى.

وصية (¬1) أو هبة أبطلت ذلك كله. فإن شهد أحدهما أنه وهب له هذه العين هبة وقبضها، وشهد الآخر على نُحْلَى أو عُمْرَى وأنه قد قبض، كان هذا جائزاً؛ لأن هذا كله هبة (¬2). وإذا وهب الرجل خمس نهر لرجل، أو خمس عين أو بئر، وقبض هذا، فهو جائز؛ لأنه لا يقسم. لأن هذا قد وهب له قعر أرض النهر. وكذلك النكاح عليه والبيع والخلع والصلح. كان استأجر به شيئاً فهو جائز. ولا يجوز أن يرهنه؛ لأنه لا يجوز أن يرهن عشر عبد. ولو رهن شرباً بغير أرض لم يجز أيضاً. ولو رهن أرضاً بشربها وقبضها كان جائزاً. وكل شيء من هذا جحد صاحبه وأقام المدعي شاهدين فإن كان مما يجوز أجزته، كان كان مما لا يجوز أبطلته. ولو كاتب رجل عبده على شرب بغير أرض، أو على أرض، أو شرب، فإن هذا باطل لا يجوز؛ لأنه لا يعرف. فإن كانت أرضاً بعينها أو شرباً بعينه، فكان ذلك للعبد، فكاتب عليه، فهو جائز. وإن كانت لغيره فكاتب عليه فإنه لا يجوز؛ لأنه ليس بدين، وهو شيء (¬3) بعينه لا يملكه. وإذا شهد شاهد أن رجلاً أوصى لرجل بثلث أرضه وثلث شربه، وشهد الآخر أنه أوصى بثلث شربه دون أرضه ودون النهر، فإن هذا لا يجوز في الأرض (¬4)، ويجوز في الشرب. كان لم يجئ بشاهد مع الأول لم يكن له من الأرض شيء. ولو أوصى رجل بثلث شربه بغير أرض في سبيل الله، أو في الحج، أو في الفقراء، أو في (¬5) الرقاب كان باطلاً لا يجوز؛ لأنه لم يوص معه بأرض. وإن أوصى بثلث حقه من النهر في شيء (¬6) من ذلك جاز؛ لأنه قد أوصى معه بشيء من الأرض في ذلك، فجا زت (¬7) الوصية. ¬

_ (¬1) م ف + أو صدقة. (¬2) م - هبة، صح هـ. (¬3) ف - شيء. (¬4) م - في الأرض. (¬5) م ف: وفي. (¬6) د - شيء؛ صح هـ. (¬7) د م ف: جازت.

وإذا ادعت امرأة شرباً في يدي رجل بغير أرض، فأقامت شاهداً أنه تزوجها عليه، وشهد آخر أنها اشترته منه، كان ذلك باطلاً لا يجوز. وكذلك لو ادعت الشراء دون النكاح. وكذلك لو ادعت صدقة. وإذا ادعت المرأة شرب عشر نهر فأقامت بينة أن رجلاً تزوجها عليه، وأقام الرجل بينة أنه قد خلعها عليه، أخذت ببينة (¬1) الرجل، وأجزت الخلع عليه. وكذلك لو اختلف رجلان في بئر أو في قناة أو في عين، كل واحد منهما يقيم البينة أنه اشتراها من صاحبه ونقد الثمن، فإني أقضي بها للذي هي (¬2) في يديه. وكذلك لو اختصما في عشر ذلك النهر أو في تلك البئر فهو مثل هذا. وإذا ارتهن الرجل بئراً أو نهراً أو عيناً أو قناة وقبضها فهو جائز أيضاً. فإن أعار صاحبها ذلك رجلاً (¬3) يسقي منها أرضه فقد خرجت من الرهن ما دام يسقي منها، وللمرتهن أن يعيدها في الرهن. وكذلك لو أعارها غيره فأذن الراهن في ذلك، أو أعارها الراهن وأذن المرتهن، فإنها تخرج من الرهن، وللمرتهن أن يعيدها في الرهن. وإذا اشترى الرجل من الرجل نهراً بألف (¬4)، فجحد البائع، وأقام المشتري شاهداً أنه اشتراه بألف، وشهد آخر أنه اشتراه بألف وخمسمائة، لم يجز ذلك؛ لأن شهادتهما قد اختلفتا. ألا ترى أنه إن ادعى أنه اشتراه (¬5) بألف فقد أكذب الآخر، فإن ادعى أنه اشتراه (¬6) بألف وخمسمائة فقد أكذب الآخر. ولو جحد المشتري وادعى البائع ذلك كان مثل هذا أيضاً، ورددت البيع. وكذلك لو ادعى أنه اشتراه (¬7) بعبد، وشهد (¬8) على ذلك رجل، وشهد (¬9) آخر أنه اشتراها بمال، فإن ذلك لا يجوز. ولو (¬10) شهد شاهدان ¬

_ (¬1) د م ف: بينة. (¬2) د - هي. (¬3) د: رجل. (¬4) م - بألف، صح هـ. (¬5) د: اشتراها. (¬6) د: اشتراها. (¬7) د: اشتراها. (¬8) ف: ويشهد. (¬9) م - وشهد. (¬10) د: وإن.

أن المشتري اشتراه بهذا العبد، وادعى البائع أنه باعه بألف، وأقاما بينة، أخذت ببينة البائع. وإذا كان لرجل أرض وشرب، فادعى رجل أنه اشترى ذلك منه بألف، وأنكر البائع، وأقام المدعي (¬1) شاهدين (¬2)، فشهد أحدهما أنه اشترى الأرض وحدها بغير شرب، أو قال: لم يذكر شرباً، فإن هذا لا يجوز، وقد اختلفت الشهادة. ولو شهد أنه اشتراها بكل حق هو لها كانت الشهادة جائزة، وكان له الشرب. وكذلك لو قال: اشتريتها بمرافقها، أو قال: بكل قليل أو كثير هو فيها أو منها. ولو جحد المشتري البيع، وادعى رب الأرض أنه باعها بألف بغير شرب، فشهد له شاهدان على البيع، غير أن أحدهما زاد الشرب، لم تجز شهادة الذي زاد الشرب؛ لأن البائع قد أكذبه. وكذلك لو قال: بكل حق هو لها، أو قال: بمرافقها، أو قال: بكل قليل أو كثير هو فيها أو منها. وإذا كان للرجل شرب من نهر (¬3) عُشْرُه، اشتراه منه رجل بأصل النهر، اشترى العشر من هذا النهر بثلث عين أو بثلث قناة أو بعشر بئر، فهو جائز. وكذلك المقايضة في هذا. وكذلك المبادلة (¬4). وكذلك لو وهب هذا على أن يعوضه وتقابضا، فإن ذلك جائز. فإن جحد أحدهما ذلك، وادعاه الآخر، وجاء بشاهدين، فإن ذلك جائز. فإن شهد أحد الشاهدين بربع النهر، وشهد الآخر بخمس النهر، فقد اختلفا، ولا تجوز شهادتهما. وكذلك إن كان هذا (¬5) في (¬6) الشراء نفسه، أو في البئر، أو جحد البائع وادعى المشتري، أو جحد المشتري وادعى البائع، فهو سواء لا يجوز. وإذا كان للرجل شرب من قناة أو بئر أو من عين، له من كل شهر يوماً، فباع من ذلك شرباً في شهر معلوم، أو في الصيف، أو في الشتاء، ¬

_ (¬1) ف: المشتري. (¬2) د: شاهدان. (¬3) د م: مرتهن. (¬4) د - وكذلك المبادلة. (¬5) د - هذا؛ صح هـ. (¬6) د + الشر.

بغير أرض، فإن ذلك لا يجوز. ولو جحد البائع وأقام المشتري على ذلك بينة لم تجز، من قبل أنه اشترى شرباً بغير أرض (¬1). وإذا اشترى الرجل شرباً بغير أرض بأمة، فدفع الأمة، فوطئها البائع، فولدت منه، فهي أم ولد له، وهو ضامن لقيمتها. وكذلك لو اشتراها مرعى سنين بغير أرض. وكذلك لو جحد الشراء (¬2) وقال: خادم، فأقام (¬3) البائع البينة على ذلك، وأنه قد قبضها، فولدت منه، كانت أم ولد له، وكان عليه قيمتها، والبيع باطل مردود. وكذلك إن أعتقها البتة أو باعها فذلك جائز. فإن لم يحدث فيها شيئاً من ذلك حتى قتلت (¬4) فإنه ضامن لقيمتها، والأرش له. ولو وطئها رجل بشبهة وأخذ المهر، أو قطع رجل يدها، أو فقأ عينها رجل، فأخذ المشتري أرش ذلك، فإن ماتت الجارية فالمشتري ضامن لقيمتها، والأرش له، والمهر (¬5) له. ولو كانت حية فأخذ البائع الجارية أُتْبعُ الجاريةَ المهر (¬6) والأرش، وكان للبائع. ولو كان للجارية ولد ثم ماتت الجارية (¬7) أخذ البائع الولد وقيمة الجارية. ولا أرى الولد يشبه ما سوى ذلك. وإذا ادعى ذمي أنه اشترى من رجل شرباً مسمى وأرضاً، فجاء بشاهدين، فشهد أحدهما أنه اشتراه بخمر، وشهد الآخر أنه اشتراه (¬8) بدراهم، فقد اختلفت شهادتهما (¬9)، ولا يجوز البيع. وكذلك لو جحد ¬

_ (¬1) د + فإن ذلك لا يجوز ولو جحد البائع وأقام المشتري على ذلك بينة لم تجز من قبل أنه أشترى شرباً بغير أرض. (¬2) ف. المشري. (¬3) د: وأ قام. (¬4) د م: قلت. (¬5) د م ف: والنهر. والتصحيح من الكافي، 3/ 9 و؛ والمبسوط، 23/ 195. (¬6) د م ف: النهر. والتصحيح من المصدرين السابقين. (¬7) ف - ثم ماتت الجارية. (¬8) ف - اشتراه. (¬9) ف: الشهادة.

باب الخيار في الشرب

المشتري وادعى البائع. وكذلك لو اشترى شرباً بغير أرض بخمر أو بخنزير كان باطلاً لا يجوز كان كانا ذميين جميعاً. وكذلك لو اشترى الخمر بالشرب أو كانت مقايضة أو ببدل (¬1) فإن هذا لا يجوز. كان سمى يوماً من الشهر فإنه لا يجوز إذا لم يكن له في أرض (¬2) النهر نصيب، وما استهلك المشتري من الشرب فلا ضمان عليه. ... باب الخيار في الشرب وإذا اشترى الرجل (¬3) أرضاً وشربها، وهو بالخيار ثلاثة (¬4) أيام، وفي الأرض زرع، وقد اشترطه معها، ثم سقى الزرع من ذلك الشرب أو غيره، فهذا رضى (¬5) وقطع للخيار. وكذلك لو كان البائع بالخيار، فسقى الزرع، فهذا قطع للخيار. وكذلك لو كان شجراً أو نخلاً (¬6) فسقاه، أو لقّحه، كان هذا رضى. وكذلك لو كانت أرض فكَرَبَها (¬7) أو تربصها (¬8) أو سَرْقَنَها (¬9) أو عَرَّها (¬10) كان هذا رضى وقطعاً للخيار. وكذلك لو جزّز النخل أو قطف الكرم. وكذلك لو سقى بالشرب أرضاً له (¬11) أخرى كان هذا رضى وتركاً للخيار. وإذا اشترى الرجل عشر نهر أو عشر بئر أو عين أو قناة (¬12)، واشترط ¬

_ (¬1) د م ف: أو بدل. (¬2) د م ف: في الأرض. والتصحيح من ب. (¬3) م - الرجل. (¬4) د: ثلثة. (¬5) م: ارضا. (¬6) د: ونخلا. (¬7) كرب الأرض أي: قلبها للحراثة، كما تقدم. (¬8) كذا في الأصول. (¬9) ف: أو سرقها. (¬10) د م ف ب: أو عرَّها. عَزها أي خلطها بالعُرَّة، وهي العذرة. وقد تقدم. (¬11) ف - له. (¬12) ف: أو عشر قناة.

الخيار ثلاثة (¬1) أيام، ثم سقى من ذلك أرضاً له، فهذا رضى (¬2) وقطع للخيار. وإذا اشترى رجل من رجل نهراً، وهو بالخيار ثلاثة (¬3) أيام، فجاء رجل آخر، فسقى أرضاً له من ذلك النهر، ولا يعلم المشتري بذلك، فليس هذا برضى، ولا قطع للخيار. وكذلك لو كان الخيار للبائع. وإذا اشترى الرجل نهراً بقناة أو عين ببئر مقايضة، واشترط الخيار ثلاثة (¬4) أيام، فإن سقى أرضه من البئر التي اشترى فقد رضي واختار البيع. كان سقى أرضه من العين التي باع فقد رد البيع ونقضه. ولو أن الآخر هو الذي سقى أرضه منهما جميعاً أو من إحداهما لم يكن هذا نقضاً للبيع ولا إجارة له؛ لأنه ليس له خيار. وإذا اشترى الرجل بئراً وهو بالخيار ثلاثة (¬5) أيام، فقبضها، فانخسفت (¬6) أو تهدمت أو ذهب ماؤها أو نقص نقصاناً فاحشاً بيناً، فقد لزمه البيع في هذا كله؛ لأن هذا عيب دخلها في ملكه، فصار بمنزلة رضاه. ولو بناها أوطَوَاها حتى تعود كما كانت لم يكن له أن يردها، وكان بناؤه رضى. ولو كان البائع بالخيار فقبضها المشتري فذهب ماؤها عنده فإن البائع إن شاء أمضى البيع وأخذ الثمن، وإن شاء رد البيع وأخذ قيمة النقصان من الثمن. وإذا اشترى الرجل بئراً وحريمها واشترط الخيار ثلاثة (¬7) أيام، ثم حفر بئراً أخرى في حريمها، أو بنى فيها بناءً، فهذا رضى وترك (¬8) للخيار. ولو ¬

_ (¬1) د: ثلثة. (¬2) م: ارضا. (¬3) د: ثلثة. (¬4) د: ثلثة. (¬5) د: ثلثة. (¬6) د م ف: وانخسفت. أي ذهبت في الأرض بطيها من الحجارة أو الخشب، وهو فوق الانهدام من قولهم: انخسفت الأرض إذا ساخت بما عليها. انظر: المغرب، "خسف". (¬7) د: ثلثة. (¬8) د: وتركا.

سقى منها غنماً له وأباتها في العَطَن (¬1) لم يكن هذا رضى. ولو كان (¬2) في (¬3) حريمها كلأ فرعته الغنم لم يكن هذا رضى. ولو كان فيه شجر مما ينبت الناس فأفسدته الغنم وقلعته كان هذا يلزمه، لأن هذا عيب، وقد حدث عنده. وكذلك لو أفسد ذلك غيره كان (¬4) هذا بمنزلة الرضى؛ لأنه عيب. وكذلك لو هدم البئر إنسان فضمنه المشتري قيمة الهدم كان هذا (¬5) بمنزلة الرضى وقطعاً للخيار. ولو كان البائع بالخيار فأصابها ذلك في يدي المشتري كان للبائع أن يوجب البيع ويلزم المشتري. وإن شاء نقض البيع وضمن المشتري قيمة ذلك النقصان. وإذا اشترى الرجل بئراً أو قناةً أو نهراً واشترط الخيار ولم يسم له أجلاً فإن هذا فاسد في قول أبي حنيفة. فإن رضي بالبيع قبل أن تمضي ثلاثة (¬6) أيام فهو جائز. ولو مضت ثلاثة (¬7) أيام قبل أن يمضي ذلك بطل البيع. وكذلك لو اشترط الخيار أربعة أيام فإن البيع فاسد في قول أبي حنيفة. كان بطل الخيار قبل أن تمضي ثلاثة (¬8) أيام كان البيع جائزاً. وكذلك لو كان الخيار للبائع كان مثل ذلك. وإذا اشترى الرجل نهراً أو بئراً وهو بالخيار ثلاثة (¬9) أيام فكرى النهر أو كَبَسَ البئر (¬10) أو حفر حَمْأتها (¬11) فهذا رضى. ولو وقع في البئر شاة فماتت أو نَزَحَ عليها كان هذا منه [رضى] (¬12). ¬

_ (¬1) د: في القطن. (¬2) د + هذا. (¬3) د م ف + صرو. (¬4) ف: وكان. (¬5) ف: فهذا. (¬6) د: ثلثة. (¬7) د: ثلثة. (¬8) د: ثلثة (¬9) د: ثلثة. (¬10) ف: النهر. كبس النهر فانكبس، وكذا كل حفرة، إذا طمّها، أي ملأها بالتراب ودفنها. انظر: المغرب، "كبس". (¬11) الحمأة: الطين الأسود المنتن كالحَمَا محركة. انظر: القاموس المحيط، "حمأ". (¬12) الزيادة مستفادة من ب.

[وإذا استعار رجل من رجل نهراً يسقي به ثم ابتاعه على أنه بالخيار ثلاثاً ثم سقى به فهذا قطع للخيار. وكذلك لو باع المشتري الشرب بغير أرض أو ساوم به أو أجره أو أعاره فهو رضى بالشرى سقى به المستعير أو لم يسق بعد أن يكون استعاره فأعاره. ولو اشترى رحى ماء بنهرها وبيتها ومتاعها على أنه بالخيار ثلاثاً فطحن فيها لم يكن هذا منه رضى، لأنه نَظَرٌ، كاستخدام الجارية. فإن نقصها طحنه لزمه البيع. ولو اشترى شرباً (¬1) وقال: لي الرضى ثلاثة أيام إن رضيت أخذت كان كرهت رددت، أو قال: في الخيار ثلاثة أيام، فهو سواء. وإذا باع الرجل أرضاً وشرباً بجارية على أنه بالخيار ثلاثة أيام وكان مع الجارية مائة درهم فأنفقها لم يكن هذا رضى. وليست الدراهم في هذا كالعروض، فإن العروض إذا باعها أو ساوم بها أو وهبها كان ذلك رضى منه] (¬2)، والدراهم إن فعل بها ذلك لم يكن ذلك (¬3) رضى. ولو أعتق الجارية كان هذا منه رضى. وإذا اشترى الرجل أرضاً وشرباً واشترط الخيار في الأرض دون الشرب، أو في الشرب دون الأرض، فهذا بيع فاسد؛ لأنها صفقة واحدة قد أوجب أحدهما بثمن مجهول. وكذلك لو كانت أَرْضَيْن فاشتراهما بألف على أن إحداهما واجبة عليه بألف وله الخيار في الأخرى فإن هذا فاسد لا يجوز. وإذا (¬4) اشترى الرجل نهراً وبئراً كل واحد منهما بألف يأخذ أيهما شاء ويترك الآخر واشترط الخيار ثلاثة (¬5) أيام فهذا جائز. فإن مات المشتري قبل أن يمضي الخيار فقد لزمه البيع في أحدهما (¬6)، ويخير الورثة، فيمسكون أحدهما ويردون الآخر. وموت الذي له الخيار قطع للخيار ولزوم للبيع. ولو لم يمت المشتري وخرب النهر والبئر جميعاً كان للمشتري أن يأخذ أحدهما ¬

_ (¬1) في الكافي: شيئاً. والتصحيح من المبسوط. انظر الحاشية التالية. (¬2) ما بين المعقوفتين من الكافي، 3/ 9 ظ. وانظر: المبسوط للسرخسي، 23/ 197، 198. (¬3) د م - ذلك. (¬4) د: ولو. (¬5) د: ثلثة. (¬6) د: في إحداهما.

ويرد الآخر، وليس عليه في الذي يرد الضمان. ولو خرب أحدهما دون الآخر (¬1) لزمه ذلك بالثمن ويرد الآخر. وإذا اشترى الذمي أرضاً وشرباً (¬2) بخمر من ذمي واشترط الخيار ثلاثة أيام، فأسلما جميعاً أو أحدهما قبل أن يقبض الخمر، فإن البيع قد انتقض. وكذلك لو لم يسلما ولكن الخمر صارت خلًّا أو أهراقها أو سرقت، أو كان مكان الخمر أمة فماتت، انتقض الخيار، وبطل البيع. وكذلك كل بيع بعروض كان فيه خيار فهلكت العروض قبل أن تقبض انتقض البيع. وإذا اشترى الرجل أرضاً وشرب الماء واشترط الخيار ثلاثة (¬3) أيام لأخ له فسقى به أرضاً له أخرى بذلك الشرب فهذا نقض للخيار. ولو لم يفعل ذلك ورفى البيع فرفى جائز، وليس لصاحب الخيار أن يلزمه البيع. وإن كان سبق صاحب الخيار فرد البيع أو أوجبه قبل أن يعلم المشتري فرده جائز على المشتري. وإذا اشترى العبد التاجر أرضاً وشرباً واشترط الخيار لنفسه ثلاثة (¬4) أيام فهو جائز. فإن أجاز مولاه البيع عليه كان جائزاً. فإن كان عليه دين فإن ذلك لا يجوز. كان لم يكن عليه دين فإن ذلك جائز. وأما النقض فلا يجوز في الوجهين جميعاً (¬5). وإذا اشترى المكاتب أرضاً وشرباً واشترط الخيار ثلاثة (¬6) أيام فهو جائز. فإن مات قبل مضي الثلاث بطل خياره ولزمه البيع. وإن لم يمت ولكن مات البائع فالمشتري على خياره، إن شاء أجاز البيع (¬7)، وإن شاء رده على ورثة البائع. وإذا كان الخيار للبائع فمات بطل الخيار، ولزم البيع المشتري، فإن لم يمت البائع ومات المشتري فالبائع على خياره، إن شاء ¬

_ (¬1) د م: الا. (¬2) ف - وشرباً. (¬3) د: ثلثة. (¬4) د: ثلثة. (¬5) م ف + الى. (¬6) د: ثلثة. (¬7) د - إن شاء أجاز البيع؛ صح هـ.

أجاز البيع، كان شاء رده. كان عجز المكاتب وله الخيار قبل أن يمضي أجلالخيار فهو على خياره. فإن كان الخيار للبائع كان له أن يلزم العبد البيع، كان شاء نقضه. وإن كان الخيار للمشتري وهو المكاتب فعتق فهو على خياره، إن شاء رد البيع، وإن شاء أمضاه (¬1). وإذا اشترى الرجل من رجل أرضاً وشرباً، واشترط الخيار ثلاثة أيام، ثم ارتد المشتري عن الإسلام، ثم أسلم، فهو على خياره (¬2). وكذلك إن كان البائع هو المرتد. فإن ارتد الذي له الخيار ... ولزم البيع المشتري الذي له الخيار (¬3). ولو كان الخيار للذمي فأسلم كان على خياره. ولو (¬4) نقض الذمة ولحق بدار الحرب كان بمنزلة موته ولزمه (¬5) البيع. وإذا اشترى العبد التاجر أرضاً وشرباً واشترط الخيار ثلاثة (¬6) أيام فقال البائع: إنما اشترطت الخيار لمولاك، وقال العبد: بل شرطت في، فالقول قول العبد؛ لأن الخيار قد وقع، فلا يستطيع البائع أن يصرفه إلى غيره. وإذا اشترى الرجل بئراً أو نهراً واشترط الخيار ثلاثة (¬7) أيام وقبضه المشتري على ذلك، فانهدمت البئر ومضت الثلاث (¬8)، فقال البائع: انهدمت قبل أن يمضي الثلاث (¬9)، وقال المشتري: بل انهدمت بعد مضي الثلاث (¬10)، فإن البيع لازم للمشتري، ولا يفسد ذلك أن ينهدم قبل مضي الثلاث (¬11). ولو كان هذا البيع في عبد والخيار فيه للبائع وهو ¬

_ (¬1) د - إن شاء رد البيع وإن شاء أمضاه. (¬2) د - وإذا اشترى الرجل من رجل أرضاً وشرباً واشترط الخيار ثلاثة أيام ثم ارتد المشتري عن الإسلام، ثم أسلم فهو على خياره. (¬3) كذا في د م ف. ويظهر أن في العبارة سقطا. وقد حذفت الجملة في ب. (¬4) د م ف: ولم. (¬5) ف: ولزم. (¬6) د: ثلثة. (¬7) د: ثلثة. (¬8) د: الثلث. (¬9) د: الثلث. (¬10) د: الثلث. (¬11) د: الثلث؛ د م + فإن البيع لازم للمشتري ولا يفسد ذلك أن ينهدم قبل مضي الثلاث.

عند المشتري فمات عنده، فقال المشتري: مات بعد الثلاث، وقال البائع: بل مات في الثلاث، فإن القول قول البائع مع يمينه، والبيع فاسد. وكذلك لو قال البائع: مات بعد الثلاث، وقال المشتري: مات في الثلاث (¬1)، فالقول قول المشتري، والبيع فاسد. ولا يصدق الذي يريد أن يحول ضمان العبد من القيمة على إبطاله. ولو أقاما جميعاً البينة على ما قالا أخذت ببينة الذي يريد جواز البيع ويزعم أن الثلاث (¬2) مضت وهو حي؛ لأنه ادعى أن العبد قد تحول من ضمان القيمة إلى ضمان الثمن. ولو أقام بينة أنه قد ناقضه البيع في الثلاث وأقام الآخر البينة أنه قد ألزمه البيع في الثلاث (¬3) أخذت ببينة النقض وفسخت البيع. وإذا كان نهر بين قوم لهم عليه أرضون ولبعض أرضيهم سواقي (¬4) في (¬5) ذلك النهر، ولبعضها دوالي (¬6)، وبعضها ليس له ساقية ولا دالية، وليس لها شرب معروف من هذا النهر ولا من غيره، فاختصموا في هذا النهر، وادعى صاحب الأرض أن لها فيها شرباً وهي على شاطئ النهر، فإنه ينبغي في القياس أن يكون النهر بين أصحاب السواقي (¬7) والدوالي دون أهل هذه الأرض. ولكني أح القياس وأستحسن أن أجعل النهر بينهم جميعاً على قدر أرضيهم التي على شاطئ (¬8) النهر. فإن كان يعرف لهم شرب قبل ذلك فهو على ذلك المعروف. كان كان لهذه الأرض شرب معروف من غير هذا ¬

_ (¬1) د: في الثلث. (¬2) د: أن الثلث. (¬3) د: في الثلث. (¬4) م: سوا. والساقية واحدة السواقي، وهي فوق الجدول ودون النهر. انظر: المغرب، "سقي". (¬5) دف - في. (¬6) الدالية: جذع طويل يركّب تركيب مداقّ الأرز، وفي رأسه مغرفة كبيرة يستقى بها. انظر: المغرب، "دلب". وقال الفيومي: والدالية: دلو ونحوها، وخشب يصنع كهيئة الصليب ويشد برأس الدلو ثم يؤخذ حبل يربط طرفه بذلك وطرفه بجذع قائم على رأس البئر ويسقى بها. فهي فاعلة بمعنى مفعولة. والجمع الدوالي. انظر: المصباح المنير، "دلو". (¬7) ف: السواني. (¬8) د: على شط.

النهر فلها شربها من ذلك النهر، وليس لها من هذا شيء إلا أن يكون لها شرب معروف. وإن لم يكن لها شرب في غيره قضيت لها فيه بشرب. وإن كان لصاحبها أرض أخرى إلى جنبها ليس لها شرب معروف فإني أستحسن أن أجعل للأرض (¬1) كلها إذا كانت متصلة الشرب من هذا النهر. وإن كان إلى جنب أرضه أرض لآخر، وأرض الأول بين النهر وبينها، وليس لهذه الأرض شرب معروف، ولا يدرى من هذا النهر كانت تشرب أو من غيره، فإني أجعل شربها منه، إلا أن يكون النهر معروفاً لقوم خاصة، فأجعله لأولئك، ولا أجعل لغيرهم فيه شيئاً إلا ببينة. وإن كان هذا النهر يصب في أَجَمَة (¬2) وعليه أرضون لقوم مختلفين، ولا يدرى كيف كان حاله ولا لمن كان أصله، فتنازع أهل الأرضين وأهل الأجمة في النهر، وكل فريق يدعيه، فإني أقضي به بين أصحاب الأرضين (¬3) بالحصص، وليس (¬4) لهم أن يقطعوه عن أهل الأجمة، وليس لأهل الأجمة أن يمنعوهم المسيل في أجمتهم. ولو أن رجلاً بنى حائطاً من حجارة في الفرات واتخذ عليه رحى يطحن بها، أو مَنْجَنُوناً (¬5) يسقي بها، فإن ذلك لا يجوز له في القضاء، ومن خاصمه من الناس هدم حائطه بمنزلة رجل بنى في طريق المسلمين بناء، فمن خاصمه هدمه، وأما فيما بينه وبين الله تعالى فإن كان هذا الحائط الذي بنى في الفرات يضر بمجرى السفن أو بمجرى الماء فإنه لا يسعه، وهو فيه آثم. وإن كان لا يضر بأحد من ذلك فهو في سعة من الانتفاع به ولا يأئم، ولكن من خاصمه من المسلمين قضي (¬6) [له] عليه بهدمه. وكذلك ¬

_ (¬1) د ف: الأرض. (¬2) الأجمة هنا بمعنى البطيحة التي هي منبت القصب. انظر: المغرب، "أجم". (¬3) م ف + بينهم. (¬4) د - ليس؛ صح هـ. (¬5) المَنْجَنُون: الدولاب، وعن الدَّينَوَري: كل ما يغرف بالدَّوْر فإنها المَنْجَنُونات. انظر: المغرب، "مجن". (¬6) د م ف: قوى. والتصحيح من الكافي، 3/ 10 ظ؛ والمبسوط، 23/ 200.

من خاصمه من أهل الذمة؛ لأن لأهل (¬1) الذمة في ذلك من المنفعة مثل ما للمسلمين. وكذلك النساء والمكاتب. فأما العبد فلا خصومة له في ذلك. وكذلك الصبي إلا أن يخاصم عنه وصيه أو والده. وكذلك المغلوب بمنزلة الصبي. وإذا كان نهر بين رجلين لواحد الثلثان وللآخر الثلث فاصطلحا على أن يسقي صاحب الثلث منه يوماً وصاحب الثلثين منه يومين فهوجائز. ألا ترى إلى قول الله تعالى في كتابه: {وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ} (¬2). وقال في مكان آخر: {لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} (¬3). فكذلك (¬4) هذه القسمة. وإذا باع الرجل أرضاً ونهراً واشترط الخيار ثلاثة (¬5) أيام ثم إنه أحدث في الأرض عملاً ينقصها فإن هذا نقض للبيع (¬6). وإن كانت الأرض في يدي المشتري أو في يدي البائع فهو سواء. وإن كان عمل ذلك غيره فهو مخالف لذلك. إن كانت في يدي البائع لم يكن له أن يمضي البيع إلا أن يرضى المشتري العيب الذي كان فيها. وإن كانت في يدي المشتري فالبائع على خياره. فإن شاء أمضى البيع وأخذ الثمن، كان شاء رد البيع وضمن المشتري ما نقصها من ذلك. ويرجع المشتري بذلك على الذي فعل ذلك. وإن كانت الأرض في يدي المشتري والخيار له ثلاثة (¬7) أيام فهدم البائع بناء فيها أو هدم بئرها (¬8) أو أفسد نهرها، فأراد المشتري أن يردها من ¬

_ (¬1) م ف: أهل. (¬2) سورة القمر، 54/ 28. (¬3) سورة الشعراء، 26/ 155 (¬4) ف: وكذلك. (¬5) د: ثلثة. (¬6) د م: البيع. (¬7) د: ثلثة. (¬8) د م ف ب: بقرها. والتصحيح مستفاد من المبسوط، 23/ 201. وفي الكافي، 10/ 3 ظ: أو كبس بئرها.

ذلك بخياره، فليس له ذلك؛ لأنها قد تغيرت في يده. ولكن البيع يلزمه، ويضمن له البائع قيمة ذلك. ألا ترى أن البيع لو كان عبداً أو أمة عند المشتري والخيار له ثلاثة (¬1) أيام فقتله البائع أو جرحه كان البيع لازماً للمشتري بالثمن، وكان على البائع أرش ما صنع. ألا ترى أن رجلاً لو اشترى أرضاً لم يرها وقبضها رسوله أن له الخيار إذا رآها. ولو أن البائع أحدث فيها حدثاً بعد قبض الرسول فنقصها (¬2) ذلك الحدث لم يكن للمشتري أن يردها، وكان له أن يضمن البائع ذلك الحدث. ألا ترى أن رجلاً لو اشترى ثوباً في منديل لم يره ثم قبضه كان له الخيار إذا رآه، فإن خرقه البائع في يدي المشتري لزمه (¬3) البيع ولم يكن له أن يرده بالرؤية، وكان على البائع قيمة ما صنع. ولو أن رجلاً اشترى نهراً أو بئراً أو قناة أو أرضاً لم يره وقبضه رسوله أو لم يقبضه فإنه بالخيار إذا رآه، إن شاء رده، وإن شاء أخذه. ولو قبضه وكيل له لم يكن له أن يرده بالرؤية، وكان رؤية الوكيل مثل رؤيته، وليس الرسول هكذا. وهذا قول أبي حنيفة، وهو قول أبي يوسف الأول، وهو قول محمد (¬4). وقال أبو يوسف ومحمد: الوكيل والرسول سواء، وللمشتري أن يرده إذا رآه. وقال أبو يوسف بعد ذلك: إذا اشترى الرجل شيئاً وهو بالخيار فأفسده البائع عند المشتري فالمشتري بالخيار. إن شاء رده على البائع ولم يلزمه ما أحدث فيه البائع. وإن شاء رضيه بالثمن وضمن البائع ما أحدث فيه. وكذلك إن استهلكه ضمنه قيمته. وقال أبو يوسف: إذا اشترى الرجل من الرجل أرضاً وقبضها واشترط الخيار ثلاثة (¬5) أيام وقبضها رسوله ولم يرها (¬6)، فأفسد البائع فيها شيئاً يحدث فيها عيباً، فإن المشتري على خياره، ولا يبطل خياره ما أحدث البائع من ذلك. ولا يشبه ما أحدث البائع ما أحدث غيره. وقول أبي يوسف الذي في ¬

_ (¬1) د: ثلثة. (¬2) م: فنقضها. (¬3) د + لزمه. (¬4) أي في مسألة سقوط خيار المشتري بما أحدثه البائع في المبيع وهو في يد المشتري. انظر: المبسوط، 201/ 23. (¬5) د: ثلثة. (¬6) د: يره.

الكتاب (¬1) أعجب إلي، وبه اخذ. [قلت:] ثلاثة نفر بينهم حرث حصدوه وجمعوه كله فكان في يدي أحدهم، يحفظه بأمرهم، فزعم أنه قد دفع نصيب الرجلين إلى أحدهما، والمدفوع إليه ينكبر (¬2) ذلك، والآخر ينكر أن يكون قد دفع إليه حقه، أو يقول: دفعه بغير أمري، وبقي الثلث في يدي الثالث ما عليه للرجلين؟ أرأيت إن قال: دفعت إلى أحدهما ثلثه، ثم (¬3) دفعت إليه أيضاً بعد ذلك ثلث صاحبه، وهما ينكران ذلك؛ قال: يقتسمون الثلث الذي بقي في يديه بينهم أثلاثاً، ويضمن ثلث ما دفع فيكون (¬4) للآخرين (¬5) بينهما نصفين. [قلت:] رجل عمد إلى نهر للمسلمين عامة أو لبعض المسلمين وعليه طريق للعامة أو لقوم خاصة فاتخذ عليه قنطرة واستوثق من العمل فيه، فلم يزل الناس والدواب يمرون عليه (¬6) حتى كُسِر أو وَهَى، فوقع فيه إنسان أو دابة فمات، أو عشر به إنسان أو دابة وهو يراه متعمداً (¬7) يريد المشي عليه، هل عليه ضمان؟ قال: لا ضمان عليه في شيء من هذا. قلت: فإن وضع عارضة (¬8) أو باباً في طريق من طرق المسلمين فمشى عليه إنسان متعمداً لذلك فانكسر الباب فأصابه من ذلك عَطَب هل عليه ضمان، أو يغرم الباب من كسره؟ قال: أما الباب فإن على الذي كسره ضمانه، ولا ¬

_ (¬1) لعله يقصد بهذا كتاب أبي يوسف الذي بين فيه رأيه الأول، وكان فيه متفقاً مع أبي حنيفة. وهذه الجملة موجودة كذلك في الكافي، 3/ 11 و. ولكنها ليست من كلام الحاكم كما قد يتوهم، لأنه يميز كلامه عن كلام الإمام محمد بعبارة: "قال أبو الفضل"، ولم يذكر ذلك هنا. (¬2) د - ينكر. (¬3) ف - دفعت إلى أحدهما ثلثه ثم. (¬4) م: ويكون. (¬5) د: للأخوين. (¬6) د - عليه (¬7) ف: متتعمدا (مهملة). (¬8) العارضة: الخشبة العليا التي يدور فيها الباب. وعوارض البيت: خشب سَقْفِه المعرَّضة. الواحدة: عارضة. انظر: لسان العرب، "عرض"؛ والقاموس المحيط، "عرضإ. فلعل المقصود هنا الخشبة العريضة الواسعة.

ضمان على واضع الباب (¬1) للذي عَطِب به، لأنه تعمد المشي عليه. قلت: فعلى من إصلاح ذلك النهر؟ قال: إذا كان نهرا عاما فعلى بيت المال. قلت: أرأيت الوالي إذا أذن لرجل أن ينصب رحى على ماء لقوم خاصة في أرض لرجل ولا يضر بأهل النهر شيئاً، ولكن أهل النهر يكرهون ذلك أو يضر بهم، والوالي يرى في ذلك صلاحاً للعامة؟ قال: لا ينبغي أن يصنع ذلك إلا بإذن صاحب الأرض وصاحب الماء. قلت: أرأيت أهل مدينة قسمها الوالي بينهم ثم بنوها بعد قسمة الوالي بينهم وتُرك فيها طريق (¬2) للعامة، فرأى الوالي بعد ذلك أن يعطي بعض تلك الطريق قوما ينتفعون به ولا يضر ذلك بأهل الطريق؟ قال: إن كانت المدينة للوالي فهو جائز، كان كانت الأرض والمدينة للمسلمين وإنما قسمها الوالي بينهم فلا ينبغي له أن يعطي منها شيئاً، ولا ينبغي للذي يعطى أن يأخذ من ذلك شيئاً فيدخل عليهم الضرر. [قلت:] قوم اقتسموا أرضاً لهم بينهم فبنوا (¬3) ثم اختلفوا فيما بينهم في الطريق، فمن قائل يقول: أذرع له كذا، وقائل يقول: زيادة على ذلك أو أقل، فَسِّرْ (¬4) لنا: ما الذي يأخذون به من الأثر في السبع أذرع في الطريق (¬5)؟ قال: إن كانوا قد اقتسموا فاختلفوا فيما بينهم فالقول قول المدعى عليه، ولا يصدق الآخر إلا ببينة. كان كانوا لم يفرغوا من القسمة تهايئوا بينهم على ما شاؤوا. وقد بلغنا عن عكرمة أثر يرفعه قال: "إذا تشاجر القوم في الطريق جعل (¬6) سبعة أذرع" (¬7). ولا نأخذ به؛ لأنا لا ندري أحق هذا الحديث أم لا. ولو نعلم أنه حق أخذنا به. ¬

_ (¬1) د - من كسره قال أما الباب فإن على الذي كسره ضمانه ولا ضمان على واضع الباب. (¬2) د: طريقا. (¬3) د - فبنوا؛ صح هـ. (¬4) د: بين؛ ف: سر. (¬5) د م ف: على الطريق. (¬6) د - جعل؛ صح هـ. (¬7) روي عن عكرمة عن أبي هريرة مرفوعاً. انظر: صحيح البخاري، المظالم، 29؛ وصحيح مسلم، المساقاة، 143.

[قلت:] قوم لهم سبع بَسْتَات (¬1) من ماء يجري لهم جميعاً في نهر، فأُصفى (¬2) منها بَسْتاً (¬3) من رجل منهم، وقُطع ذلك من نهرهم، فلحق (¬4) الذي أُصفي في غير قسمه، فطلب الذي أُصفي ذلك عنه حقه فيما بقي من ماء النهر، فقال أهل النهر: إن حقك قد أصفي، وقال الرجل: إن حقي لم يكن معلوماً؟ قال: هو شريكهم فيما بقي على حقه من الماء، والذي أصفي من حقهم جميعاً. قلت: (¬5) أرأيت رجلاً له مجرى ماء يجري إلى بستانه في بستان غيره (¬6)، أو يجري أله، في دار قوم ميزاب، أو [له] ممشى في دار قوم قد كان يأخذ إلى منزله، فقال صاحب الميزاب والبستان والدار: لا أدعك تجري الماء في بستاني، ولا أدعك تمشي في داري، فقال صاحب البستان والميزاب والممشى: إنه حق لي، من أين تعلم أنه للمدعي، وهل لهذه المعرفة حد يعرف به؟ قال: ليس لهذا حد يعرف به إلا بشهادة الشهود، يشهدون أن له فيها طريقاً أو مجرى ماء أو مسيل ماء أو ميزاب. فإن أقام على ذلك بينة جاز ذلك في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد (¬7). ¬

_ (¬1) قال المطرزي: قولهم: عشر بَسْتَات، هي بالفارسية: مَفَاتِح الماء في فم النهر أو الجدول. الواحد: بَسْت - وهي بين أهل مرو معروفة. انظر: المغرب، "بست". (¬2) أي: أخذه الوالي، كما تقدم. (¬3) د ف: بستتين. (¬4) د ف: لحق. (¬5) د م: قال. (¬6) م - في بستان غيره، صح هـ. (¬7) م + آخر كتاب الشرب والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله وسلم كتبه أبو بكر بن أحمد بن محمد الطلحي الأصفهاني في منتصف شهر الله المبارك رمضان سنة تسع وثلاثين وستمائة؛ ف؛ آخر كتاب الشرب والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.

كتاب الإقرار

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب الإقرار [باب الإقرار] (¬2) بالغصب قال محمد بن الحسن: وإذا أقر الرجل أنه غصب رجلاً شيئاً، ولم يبين شيئاً، فإنه (¬3) يلزمه من ذلك ما شاء، والقول فيه قوله مع يمينه، ولا بد من أن يقر بشئ ويحلف على دعوى المغتصب منه. وإذا أقر الرجل أنه غصب رجلاً عبداً فإنه يلزمه عبد (¬4)، والقول فيه (¬5) قوله مع يمينه. وإن كان مسمتهلكاً فقال: قيمته مائة درهم، فالقول فيه قوله مع يمينه (¬6)، وعلى المغتصب منه البينة على ما يدعي من الفضل. وكذلك لو أقر أنه غصب منه ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) الزيادة من ب. وفي الكافي: كتاب الإقرار الإقرار في الغصب. انظر: 2/ 1 ظ. (¬3) ف: منه. (¬4) د - والقول فيه قوله مع يمينه ولا بد من أن يقر بشيء ويحلف على دعوى المغتصب منه وإذا أقر الرجل أنه غصب رجلاً عبداً فإنه يلزمه عبد. (¬5) د - فيه. (¬6) ف - وإن كان مستهلكا فقال قيمته مائة درهم فالقول فيه قوله مع يمينه.

بقرة. وكذلك لو أقر أنه غصبه (¬1) بعيراً. وكذلك الثوب والعروض كلها. ولو أقر أنه غصبه داراً ثم قال: هي هذه الدار، فالقول قوله مع يمينه. وكذلك الأرض. وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن. ولو قال: غصبته داراً، ثم قال: هي بالبصرة، كان (¬2) القول قوله مع يمينه. وكذلك لو وصفها في بلاد أخرى. ولو أقر أنها هذه الدار التي في يد هذا الرجل، والرجل التي في يديه الدار ينكر، فإنه لا يضمن في قول أبي حنيفة شيئاً. ولا يؤخذ بغير تلك الدار. وفي قول أبي يوسف الأول - وهو قول محمد - يضمن قيمة تلك الدار مع يمينه. وكذلك الأرض. [ثم] رجع أبو يوسف إلى قول أبي حنيفة. وإذا (¬3) أقر الرجل أنه غصب فلاناً هذه الأمة أو هذا العبد، وادعى المغتصب منه الأمة والعبد جميعاً، فإنه يقال للغاصب: أقر بأيهما شئت، واحلف على الآخر. وإن ادعى المغتصب منه أحدهما استحلف الغاصب عليه. وإذا أقر أنه غصب هذا العبد من هذا أو من هذا وكل واحد منهما يدعيه، فإن اصطلحا على أن يأخذاه فلهما ذلك. كان لم يصطلحا استحلف لكل واحد منهما. فإن حلف لم يكن لهما عليه شيء. وإن حلف لأحدهما ونكل عن اليمين للآخر قضي به للذي لم يحلف له. كان حلف لهما جميعاً فاتفقا بعد ذلك على أخذ العبد نصفين فليس لهما ذلك في قول أبي يوسف الآخر. وفي قوله الأول لهما أن يصطلحا على أخذه بعد اليمين فيأخذانه نصفين. وهو قول محمد. وإذا أقر أنه غصب هذا العبد من هذا (¬4)، لا بل من هذا، فهو للأول، وللاَخر قيمته. كان قال: غصبته من هذا أو من هذا وهما يدعيان العبد جميعاً، فأبى أن يحلف لهما، فإنه يدفع العبد إليهما جميعاً، ويدفع قيمته أيضاً، فيكون ذلك بينهما نصفين. ¬

_ (¬1) د م: غصب. (¬2) ف: فكان. (¬3) د م ف: فإذا. (¬4) د - من هذا.

وإذا أقر الرجل بغصب شيء من الأشياء كائن ما كان، من رجل أو (¬1) امرأة أو ذمي أو مسلم أو مستأمن أو مرتد أو صغير أو كبير أو عبد محجور عليه أو تاجر أو مكاتب أو من (¬2) ذي رحم محرم أخ أو عم أو خال أو أب أو أم أو أخت أو عمة أو خالة أو زوجة أو زوج أو ولد صغير أو كبير بعد أن يكون الوالد غنياً عن ذلك، فهو ضامن لذلك إن استهلكه. وإن كان قائماً بعينه رده إلى الذي أخذه منه، صغيراً كان المغتصب منه أو كبيراً؛ لأنه هو الخصم فيه. ما خلا الولد الصغير، فإن ذلك لا يكون عند أبيه على حاله، ولا يكون غاصباً له حتى يستهلكه. وكذلك وصي الصغير. وكذلك لو غصب من مكاتبه أو من عبد له تاجر بعد أن يكون عليه دين. وكذلك المكاتب يغصب من مولاه. وإذا استثنى المقر بالغصب، فقال: غصبتك هذا العبد أمس إلا نصفه، فالقول قوله مع يمينه. ولو (¬3) قال: (¬4) غصبتك هذا العبد أمس إن شاء الله، فهذا باطل، لا يلزمه منه شيء. ولو أقر أنه غصب من فلان هذا العبد ومن فلان هذه الأمة إلا نصف ذلك العبد فإن (¬5) الاستثناء (¬6) جائز، وهو كما قال؛ لأن الكلام متصل بعد. ولو قال: إلا العبد كله، كان الاستثناء باطلاً. وكذلك لو قال: إلا الأمة، كان الاستثناء باطلاً، ويلزمه ذلك. ولو أقر أنه غصب هذه الأمة فولدت عنده فمات أولادها يرد (¬7) الأمة على صاحبها، ويضمن نقصان الولادة إن كان نقصتها. ولو أقر أنه غصبه هذا الثوب مع ثوب آخر جاز إقراره في هذا الثوب، وأخذ بثوب آخر، فإن القول فيه قوله مع يمينه. ولو قال: غصبتك هذا العبد مع عبد آخر، كان كذلك أيضاً. ¬

_ (¬1) د م - أو. (¬2) د - من؛ صح هـ. (¬3) د م: وكذلك لو. (¬4) ف - غصبتك هذا العبد أمس إلا نصفه فالقول قوله مع يمينه وكذلك لو قال. (¬5) د - فإن. (¬6) د: فالاستثناء. (¬7) د م ف: ورد.

ولو أقر أنه غصبه ثوباً في منديل أخذته بثوبه ومنديل، والقول فيهما قوله مع يمينه. وكذلك لو قال: غصبتك عشرة أثواب في عَيْبَة (¬1). وكذلك لو قال: غصبتك عشرة أقفزة حنطة (¬2) في جوالق (¬3). وكذلك لو قال: غصبتك مائة رطل سمن في زق، كان ضامناً للأثواب والعَيْبَة والحنطة والجوالق والسمن والزق. ولو قال: غصبتك ثوب يهودي في ثوب زطي (¬4) اخذه بثوبين زطي (¬5) ويهودي. ولو قال: غصبتك ثوب يهودي في عشرة (¬6) أثواب، ضمنته الثوب، ولم أضمنه العشرة؛ لأن العشرة لا تكون وعاء في قول أبي يوسف. وقال محمد: أضمنه (¬7) أحد عشر ثوباً؛ لأن هذه قد تكون بعضها (¬8) في بعض (¬9) كما أقر به. ولو قال: غصبتك درهماً في درهم، لم يلزمه إلا درهم واحد؛ لأن الدرهم لا يكون وعاء. ولو قال: غصبتك خمسة أثواب مروية في ثوب زطي (¬10)، ضمنته ستة أثواب؛ لأن الثوب الواحد وعاء، وقد أقر بغصبه (¬11). ولو أقر أنه غصبه ثوباً وأنه رده (¬12) عليه بكلام متصل لم يصدق على الرد. ولو أقر أنه غصبه مائة كُرّ (¬13) حنطة في سفينة ضمنته الطعام والسفينة. ¬

_ (¬1) والعَيْبَة: زَبِيل من أَدَم، وما يجعل فيه الثياب انظر: القاموس المحيط، "عيبب". (¬2) ف - حنطة. (¬3) د - وكذلك لو قال غصبتك عشرة أثواب في عيبة وكذلك لو قال غصبتك عشرة أقفزة حنطة في جوالق. (¬4) ف: رملي. (¬5) ف: رملي. (¬6) ف: وعشرة. (¬7) ف - أضمنه (¬8) د: بعضه؛ ف: بعض. (¬9) د + لأن هذه قد تكون بعضه فى بعض. (¬10) ف: رملي. (¬11) د: بغضه. (¬12) د ف: رد (¬13) الكُرّ: مكيال لأهل العراق، وجمعه أَكْرَار، فقيل: إنه اثنا عشر وَسْقاً كل وَسْق ستون صاعاً، وفي تقديره أقوال أخرى ذكرها المطرزي. انظر: المغرب، "كرر". وقد ذكر المؤلف في كتاب القسمة أنه يكون أربعين قفيزاً. انظر: 2/ 75 و. والقفيز اثنا عشر صاعاً. انظر: المغرب، "كرر".

باب إقرار المفاوض المريض بالمال [و] بالدين

ولو قال: غصبتك مائة كر حنطة في بيت ضمنته الطعام والبيت؛ لأن البيت وعاء. ولو قال: غصبتك البيت بالطعام ولم أحول الطعام عن موضعه، ضمنته البيت والطعام. أرأيت لو قال: غصبتك بيتاً، أما كان يضمن بيتاً. وهذا كله قول محمد. وأما قول أبي حنيفة وأبي يوسف الآخر إذا قال: غصبتك بيتاً، فإنه لا يضمن؛ لأن البيت لا يحول. وإذا أقر الرجل أنه غصب فلاناً عشرة مخاتيم (¬1) حنطة على حمار، فإنه يؤخذ بالطعام دون الحمار. وكذلك لو قال: غصبتك سرجاً على الدابة، وكذلك لو قال: غصبتك لجاماً على الدابة، فإنه يؤخذ بالسرج واللجام دون الدابة. ولو قال: غصبتك حماراً عليه سرج أو بسرج أو معه سرج، فإنه يؤخذ بالحمار والسرج. وإذا قال الرجل: إنه غصب ثوباً من عَيْبَة أو تمراً من قَوْصَرَّة (¬2) أو طعاماً من بيت أو من ظهر دابة، فإنه يضمن الثوب والتمر والطعام، ولا يضمن العَيْبَة ولا القَوْصَرَّة (¬3) ولا الدابة ولا البمت. ولا يشبه قوله: من عيبة، قوله: في عيبة. وقوله: في عيبة، مثل قوله: مع عيبة. ... باب إقرار المفاوض المريض بالمال [و] بالدين وإذا كان الرجلان متفاوضين (¬4) فمرض أحدهما مرضاً فمات منه، وعليهما دين في الصحة يحيط بجميع ما في أيديهما، فأقر المريض بألف ¬

_ (¬1) جمع مختوم، وهو الصاع. انظر: المغرب، "ختم". (¬2) قال المطرزي: القَوْصَرَّة بالتشديد والتخفيف: وعاء التمر يتخذ من قصب. وقولهم: "وإنما تسمى بذلك ما دام فيها التمر دإلا فهي زَبِيل مبني على عرفهم." انظر: المغرب، "قصر". (¬3) د ف: القوسرة. (¬4) د: متفاوضان.

درهم دين (¬1)، وجحد الصحيح، فإن هذه الألف تلزم الصحيح كلها، ولا يلزم (¬2) المريض منها شيء إلا بعدما يستوفي الدين الذي عليه في الصحة. وكذلك قالو أن الصحيح أقر بها وجحد المريض لزمته، ولا يلزم المريض حتى يُستوفى ما عليه في الصحة. وكذلك لو أقرا بها جميعاً لزمت الصحيح ولم تلزم المريض حتى يُستوفى ما عليه في الصحة. ولو أقر المريض بدين لبعض الورثة في هذه الحال لم يجز ذلك عليه ولا على الصحيح؛ لأن إقراره هذا باطل لا يلزمه، فإذا لم يلزمه لم يلزم شريكه. وإقراره (¬3) لغير وارث يلزمه إلا أن دين الصحة أولى من دين المريض. وإذا أقر الصحيح منهما بدين لوارث المريض فإنه يلزم الصحيح في ذلك كله، ولا يلزم المريض منه قليل ولا كثير. ولا يكون إقرار الصحيح أثبت على المريض من إقرار المريض على نفسه. ألا ترى أن إقراره على نفسه لوارث لا يجوز. وإذا أقر الصحيح بدين على المريض من صداق امرأة له فإن هذا لا يلزم الصحيح ولا يلزم المريض. وكذلك لو أقر عليه بجناية. وكذلك لو أقر المريض على الصحيح بصداق امرأة أو بجناية وجحد الصحيح فإنه لا يلزم واحداً منهما إقرار صاحبه عليه في المهر ولا في الجناية، لأنه لو (¬4) أقر على نفسه لزمه دون صاحبه. وإذا كان المتفاوضان مريضين جميعاً فأقر أحدهما بدين، وعليهما دين في الصحة، ثم مات المقر وبرئ الآخر، فإنه لا يلزم المريض المقر إلا بعدما يستوفي دين الصحة، ويلزم الصحيح ذلك الدين كله. وإن لم يكن عليهما دين في الصحة فإقرار المريض منهما بدين جائز. وكذلك الوديعة والمضاربة والشركة جائزة عليه وعلى شريكه، وهو مثل الصحيح في ذلك كله. ¬

_ (¬1) د: درهم. (¬2) م: ولا يلتزم. (¬3) ف: فإقراره. (¬4) كذا في د م ف. ولعل الصواب: ولو.

ولو أقر في مرضه أنه كفل لرجل بألف (¬1) درهم في صحته لزمهما ذلك جميعاً في قول أبي حنيفة. ولا يلزم شريكه منها شيء في قول أبي يوسف ومحمد؛ لأن الكفالة معروفة من غير التجارة. وقال أبو حنيفة: هي من تجارتهما. ولو كان المفاوض قال لرجل: ما ذاب (¬2) لك على فلان فهو علي، أو ما وجب لك على فلان فهو علي، أو ما قضي لك على فلان فهو علي، ثم مرض المفاوض قبل أن يقضى على فلان بشيء، ثم أقر فلان بألف درهم لفلان، فقضى بها القاضي عليه، فإنه يلزم المفاوض كلها من جميع المال. ولا يلزم شريكه في قول أبي يوسف ومحمد. ويلزم شريكه في قول أبي حنيفة، لأن أصل هذا كان في الصحة، بمنزلة دار باعها رجل وكفل المفاوض بما أدركه فيها من درك فمرض المفاوض، فما أدرك في الدار من درك فإنه يلزم المفاوض في جميع ماله. وإن مات المفاوض من ذلك المرض (¬3) وكان (¬4) عليه (¬5) دين في الصحة يحيط بجميع ما في أيديهما فهو سواء؛ لأن أصل (¬6) هذا كان في الصحة. ولو كفل في مرضه الذي مات فيه وليس عليه دين فإن ذلك يجوز في ثلثه. فإن كان (¬7) الثلث يبلغ جميع الدين فإنه يلزمهما جميعاً في قياس قول أبي حنيفة، وإن كان الثلث يبلغ نصف الدين في قياس قول أبي حنيفة (¬8). ولا يلزم الصحيح إلا مثل ما يلزم المريض. ولو كان عليهما دين في الصحة يحيط بجميع ما في أيديهما لم يلزم المريض ولا الصحيح من هذه الكفالة في قياس قول أبي حنيفة شيء. ¬

_ (¬1) م: الرجل ألف. (¬2) ذاب في عليه حق أي: وجب، مستعار من ذوب الشحم. انظر: المغرب، "ذوب"؛ ولسان العرب، "ذوب". (¬3) د - المرض. (¬4) م - وكان، صح هـ؛ ف - وكان. (¬5) ف: وعليه. (¬6) ف: الأصل. (¬7) د - كان. (¬8) ف - وإن كان الثلث يبلغ نصف الدين في قياس قول أبي حنيفة.

باب الإقرار لما في البطن

ولو كفل هذا (¬1) المريض لوارثه بشيء ثم مات لم يلزمه ولا شريكه (¬2) الصحيح في قياس قول أبي حنيفة، وإنما (¬3) يلزم الصحيح من هذا ما يلزم المريض، ويبطل عنه ما يبطل عن المريض في قول أبي يوسف ومحمد. لا يلزم الصحيح من ذلك (¬4) كله قليل (¬5) ولا كثير، ويلزم المريض على ما قال أبو حنيفة. وكذلك الأصم والأعمى والأعرج والمقعد. ... باب الإقرار لما في البطن وإذا أقر الوجل أن عليه ألف درهم لما في (¬6) بطن فلانة فولدت فلانة غلاماً بعد قوله لأقل من ستة أشهر فإن إقراره باطل لا يجوز، ولا يلزم المقر منه شيء، ولا يكون لما في البطن دين على أحد. وإن جاءت به بعد إقراره بيوم أو بسنتين أو أكثر فهو سواء. وكذلك لو قال: هذا العبد لما في بطن هذه، لا حق في فيه. وكذلك لو أقر أن هذه الدار لما في بطن هذه (¬7). وكذلك لو أقر أن عليه مائة درهم من أجر هذه الدار لما في بطن هذه، أو قال: له علي ألف درهم من ثمن هذه الدار، فإن هذا كله باطل. أرأيت إن كان في بطنها غلام وجارية كيف يكون ذلك بينهما الثلث والثلثان أو نصفان. أرأيت إن ولدت غلاماً ميتاً وجارية حية هل يكون للميت (¬8) من ذلك شيء. ولو أقر أن أباه أوصى لما في بطن هذه بمائة درهم وهي تخرج من الثلث وأثه قد أكلها كان هذأ ديناً لما في بطنها لازماً له. وإن ولدته ميتاً بطل ذلك عن المقرة لأن الوصية بطلت. ولو ولدت غلاماً ¬

_ (¬1) د - هذا؛ صح هـ. (¬2) د م ف: لشريكه. (¬3) د ف: إنما. (¬4) ف + ما يلزم المريض. (¬5) ف - كله قليل. (¬6) م - في. (¬7) د - وكذلك لو أقر أن هذه الدار لما في بطن هذه. (¬8) د - للميت.

وجارية قبل أن تمضي ستة أشهر كانت المائة بينهما نصفين. وإن كان أحدهما ميتاً كانت المائة للحي كلها. ولو ولدت حياً ثم مات كانت المائة ميراثاً لورثته. ولو أقر أن فلاناً مات وأوصى إليه وترك مائة درهم فأكلها وما في بطن هذه الجارية هو وأرث فلان فإن هذه المائة درهم لما في بطنها. فإن كان الميت أباه فهي دين له. كان كان في بطنها غلام وجارية كانت المائة درهم بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين. وإن كانت المرأة زوجة كان لها الثمن من ذلك من جميع المال. وكذلك المرأة إذا كانت زوجة. كان جاءت بهما حيين لسنتين كانت المائة لهما. كان ولدت ميتين كانت المائة لعصبة أبيهما. إذا وصف من هذا الوجه ميراثاً أو وصية أو وجها غيره يستقيم فيه الدين لزمه ذلك. وإذا أجمل ولم يفسر فإن هذا باطل لا يلزمه. ويسأل عن ذلك المقر، فإن فسر وجهاً مستقيماً لزمه ذلك، كان لم يفسر وأجمل (¬1) ذلك لم يلزمه شيء. أرأيت لو قال: أقرضني ما في بطن هذه ألف درهم (¬2)، فقال أبوه: كذبت ولكنه أوصى له بها أبوك فاستهلكتها (¬3)، أكان يضمن، لا يضمن شيئاً من ذلك. ولو أقر بها لرجل فقال الرجل: بل غصبتها، كان لها ضامناً. ولا يشبه الكبير في هذا ما في البطن. ألا ترى أنه لو أقر بدين لبهيمة لم يجز. وكذلك ما في البطن. ولو أن رجلاً مريضاً أوصى لدابة رجل أن يعلف جاز في الوصية ولا يجوز في الدين. وكذلك ما في البطن. وهذا قول أبي يوسف. وقال محمد: الإقرار لما في البطن جائز وإن لم يسم وجه ميراث أو وصية إن ولدته لوقت يعرف أنها كانت حاملاً يوم أقر. فإن ولدت غلاماً وجارية فالمال للمقر له بها بينهما نصفان. كان ولدت أحدهما (¬4) ميتاً فالمال للباقي. ولأن إقراره قد يجوز على وجه فلا نبطله حتى نعلم أنه لا يجوز على وجه من الوجوه. ¬

_ (¬1) د م: واجحد؛ ف: وجحد. (¬2) د - درهم. (¬3) ف: فاستهلكها. (¬4) د: إحداهما.

باب الخيار [في الإقرار] بالكفالة والدين

باب الخيار [في الإقرار] (¬1) بالكفالة والدين وإذا أقر الرجل أن لفلان عليه ألف درهم على أن المقر بالخيار ثلاثة (¬2) أيام أو يوماً أو سمى أكثر من ذلك أو أقل فإن المال يلزمه، والخيار باطل ليس بشيء. كان أقر أنها قرض أو غصب بعينها أو مستهلكة أو وديعة بعينها أو قد استهلكها أو عارية بعينها وقد خالف فيها فاستهلكها فإن الإقرار يلزم في ذلك كله، والخيار باطل. وكذا لو أقر أنه كفل لفلان بألف درهم على أنه بالخيار ثلاثة (¬3) أيام وادعى الطالب أنه كفل له بغير خيار فإن المال له لازم، ودعواه باطل. وكذلك الكفالة بالنفس. كان أقر الطالب أنه قد شرط له بالخيار ثلاثة (¬4) أيام أو يوماً أو أكثر من ذلك فإن الخيار للكفيل، إن شاء مضى على الكفالة، وإن شاء فسخها وأبطلها باختياره. فإن مضى الأجل قبل أن تفسخ الكفالة فإن الكفالة لازمة له (¬5). وكذلك لو كان الخيار إلى الطالب فهو مثل ذلك. وكذلك لو جحد الطالب الخيار وقامت للكفيل (¬6) بينة على الخيار فإن له ذلك. وإن كان الخيار في الكفالة شهراً أو أكثر من ذلك فهو جائز. ولا يشبه الكفالة البيع. وقال أبو حنيفة: لو كفل له بألف درهم على أنه بريء منها إذا دفع إليه فلان كان ذلك جائزاً. وكذلك الخيار. وكذلك لو قال: أنا بريء منها إذا كفل لك بها فلان. وإذا أقر الرجل بدين لرجل وأقر أن الطالب بالخيار فقال الطالب: في الخيار والدين من قرض أو غصب مستهلك، فإن الخيار في هذا باطل، ¬

_ (¬1) وفي ب: باب شرط الخيار في الإقرار. ولفظ الحاكم: في الخيار. انظر: الكافي، 2/ 3 و. ولفظ السرخسي: باب الخيار. انظر: المبسوط؛ 17/ 198. (¬2) د: ثلثة. (¬3) د: ثلثة. (¬4) د: ثلثة. (¬5) م - له. (¬6) م: الكفيل.

باب إقرار الصبيى التاجر

للطالب كان أو للمطلوب، أقرا به جميعاً أو جحد أحدهما، أو قامت به بينة أو لم تقم، فالمال لازم للمقر. وكذلك الوديعة إذا استهلكها المقر. وكذلك العارية إذا كان استهلكها المقر. فإن كان الدين من ثمن عبد فقال له المقر (¬1): عليّ ألف درهم (¬2) من ثمن هذا العبد على أن الطالب بالخيار ثلاثة (¬3) أيام، وصدقه الطالب فهذا بيع، والخيار فيه مستقيم، إن أمضى الطالب البيع كان له المال، وإن فسخ البيع أخذ العبد وبطل المال. وكذلك كل مال أصله من ثمن بيع يقر الطالب فيه بالخيار. فإن جحد الطالب الخيار وحلف لزمه المال المشتري. فإن قامت بينة على الخيار فإن الخيار ثابت على ما قامت به البينة. ... باب إقرار الصبيى التاجر وإذا أقر الصبي التاجر بدين لرجل فإن كان أبو (¬4) الصبي أذن له في التجارة فإقراره جائز، ولا يجوز إقراره إن لم يكن أذن له أبوه في التجارة أو وصي (¬5) الأب، أو الجد أبو الأب إن كان الأب ميتاً لا وصأنه. فإن كان الأب حياً لم يجز إذن الجد له، وإن كان الأب ميتاً وله وصي لم يجز إذن الجد له، ولا يجوز له إذن أحد سوى هؤلاء. فإن كان قاض (¬6) أمر يتيماً قد راهق أن يجلس في السوق ويشتري ويبيع أو أمر وليه أن يفعل به ذلك ففعل، فإن إقرار هذا اليتيم بالدين جائز. وكذلك إقراره بالوديعة والعارية والغصب والمضاربة. وكل ما يدخل بين التجار مما يلزم فيه الإقرار فإقرار الصبي التاجر فيه جائز. وكذلك إقراره بعيب في سلعة باعها. وكذلك إقراره بعبد في يديه ¬

_ (¬1) م + له. (¬2) د - درهم؛ صح هـ. (¬3) د: ثلثة. (¬4) د: أب. (¬5) د م ف: اوصى. (¬6) د: قاضي.

باب الإقرار بالعارية

لرجل. وإن كان العبد له من غير الحجارة ميراث ورثه عن أبيه فهو جائز عليه إقراره فيه. ولا يجوز إقراره [بالكفالة ولا] (¬1) بالجناية ولا بالمهر. فأما الكفالة فمعروف فلا يجوز. وأما الجناية والمهر فليسا من الحجارة. وكذلك لا تجوز مكاتبة عبد له، لأن في هذا عتقاً، وعتقه باطل. وكذلك لو أعتق عبداً له على مال أو باعه نفسه أو أقر أنه حر. وإن أقر اليتيم التاجر على أبيه بدين ولا وارث له غيره أو أقر بوديعة عند أبيه بعينها فإن ذلك يلزمه كله. ألا ترى أن مال أبيه له بمنزلة ماله، وأن إقراره جائز في ماله. كان كان معه وارث آخر جاز ذلك في حصته. فإن لم يكن في حصته وفاء لم يلزمه أكثر من ذلك. ... باب الإقرار بالعارية وإذا أقر الرجل بدابة فى يديه عارية من فلان فقال فلان: لم أعرك هذه الدابة ولكنك غصبتنيها (¬2)، فإن أبا حنيفة قال: إن كان المستعير لم يركبها لم يضمن، وإن كان ركبها فهو ضامن. وقال أبو حنيفة: إن قال: دفعتها إلي عارية، أو أعطيتنيها عارية (¬3)، فلا ضمان عليه إن هلكت قبل أن يركبها، وإن ركبها فهو ضامن حتى يردها (¬4). ¬

_ (¬1) انظر تمام العبارة. ومعناه في ب؛ والكافي، 2/ 3 ظ؛ والمبسوط، 17/ 200. (¬2) د: غصبتها. (¬3) م - أو أعطيتنيها عاربة. (¬4) د - وقال أبو حنيفة إن قال دفعتها إلي عارية أو أعطيتنيها عارية فلا ضمان عليه إن هلكت قبل أن يركبها وإن ركبها فهو ضامن حتى يردها.

وقال أبو حنيفة: إن قال: أخذتها عارية منك، وجحد الآخر، فهو لها ضامن، لأنّه أضاف الفعل إلى نفسه، فهو ضامن لها حتى يردها. والباب الأول إنما أضاف الفعل إلى رب الدابة. وكذلك إذا قال: قبضتها منك عارية، وقال رب الدابة: بل غصبتني، فهو ضامن؛ لأنه أضاف الفعل إلى نفسه. وإن أقر أنه استعارها إلى الحيرة وقال رب الدابة: إنما أعرتك إلى موضع دون ذلك، فالقول قول رب الدابة مع يمينه، فإن عطبت فيما بينها وبين الموضع الذي أقر به رب الدابة فلا ضمان على الراكب. فإن جاوز بها ذلك المكان فإن أبا حنيفة قال: هو ضامن حتى يردها إلى رب الدابة. فإن نفقت قبل أن يرجع بها إلى ذلك المكان الذي أعارها إليه أو بعدما رجع فلا يشبه هذا الوديعة: لو ركب (¬1) رجل دابة عنده وديعة فعطبت تحته ضمن. وإن نزل عنها ثم عطبت بعد ذلك لم يضمن؛ لأن المستودع ردها إلى موضع صاحبها الذي وضعها فيه، والمستعير ليس بموضع لها. ألا ترى أنه لو استعارها إلى الحيرة فأمسكها بالكوفة ولم يركبها ثلاثة (¬2) أيام أو أكثر أو يوماً ضمن، وصاحب الوديعة لا يضمن كان أمسكها شهراً. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإذا أقر الرجل بثوب في يديه عارية من رجل فقال له: أعرتنيه ولم تسم شيئاً، وقال رب الثوب: لم أعرك، فإن أبا حنيفة قال: إن لبسه فهو ضامن، وإن لم يكن لبسه فلا ضمان عليه. وإذا أقر رب الثوب أنه أعاره ليلبسه وادعى المستعير أنه لم يسم له شيئاً فإن لبسه المستعير فلا ضمان عليه. وإن أعطى غيره فلبسه ضمن بعد أن يحلف رب الثوب. وكذلك لو قال: أعرتكه ليلبسه فلان، وقال المستعير: بل أعرتنيه لألبسه أنا. وكذلك لو قال: أعرتكه لتلبسه يوماً، وقال المستعير: بل أعرتنيه يومين، فإن القول قول رب الثوب. ¬

_ (¬1) د ف: ولو ركب. (¬2) د: ثلثة.

وكذلك لو قال: أعرتك هذه الدابة لتحمل عليها عشرة مخاتيم حنطة، وقال المستعير: عدل زطي، فإن أبا حنيفة قال: القول فيه قول رب الدابة، وإن حمل عليها الزطي ضمن الدابة. وكذلك لو قال: أعرتك إلى موضع كذا وكذا، وادعى المستعير موضعاً آخر. وكذلك الإجارة في جميع ذلك. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. وإذا أقر الرجل أن فلاناً أعاره هذه الدابة ولم يركبها حتى عميت أو أصابها عيب وقال فلان: لم أعرك، فالقول قول المستعير، ولا ضمان عليه. وكذلك لو قال: أعرتني وهذا العيب بها، فإن كان قد ركبها فقال: أعرتني وهذا بها، فالقول قوله بعد (¬1) أن يحلف على ذلك. فإن حلف لم يكن عليه شيء. وإن قال: (¬2) أصابها هذا وهي تحتي، فهو ضامن لذلك بعد أن يحلف رب الدابة ما أعارها. وكذلك الآنية والثياب والمتاع كله. وإذا أقر الرجل بدابة رجل أعارها إياه فلان (¬3) إلى موضع كذا وركبها إليه وقال فلان: أجرتك إلى هذا الموضع بكذا وكذا درهماً، فالقول قول المستعير مع يمينه، ولا يصدق رب الدابة على الإجارة إلا ببينة. وإذا أقر أن هذا الثوب عنده عارية بملك (¬4) فلان أو لملك فلان أو من ملك فلان أو من ميراث فلان أو بميراث فلان أو لميراث فلان أو بحق (¬5) فلان أو من حق فلان فهذا (¬6) كله إقرار منه. كان قال: لحق فلان فليس هذا بإقرار. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا قال أخذت منك هذا الثوب عارية، وقال الآخر: أخذته مني بيعاً، فإن القول قول الآخذ مع يمينه ما لم يلبسه. ¬

_ (¬1) م: قبل. (¬2) م - وإن قال، صح هـ. (¬3) أي: هو نفس الرجل صاحب الدابة، فسماه باسمه. (¬4) م ف: يملك والتصحيح من ب. (¬5) م ف: أو لحق. والتصحيح من ب. (¬6) د م ف: وهذا.

باب الإقرار بعارية الدراهم

ولو قال: أخذت منك هذه الدراهم وديعة، وقال الآخر: بل أخذتها مني قرضاً، فالقول قول الاخذ مع يمينه (¬1)، ولا ضمان عليه؛ لأنهما قد أجمعا واتفقا على أن الأخذ كان بإذن رب المال. كان عمل به الآخذ فهو ضامن؛ لأن العمل به لم يقر به رب المال. ... باب الإقرار بعارية الدراهم وإذا أقر الرجل [فقال]: إن فلاناً أعارني هذه الألف درهم، وقال فلان: بل غصبتني، فهو ضامن للدراهم. والدراهم مخالفة للعروض. وقال أبو حنيفة: عارية الدراهم قرض. ولو أقر بقرض ألف درهم، وقال الآخر: غصبتني، كان المقر بها ضامناً، غير أنها إن (¬2) كانت قائمة بعينها كان للمقر له أن يأخذها ما لم يقر بالقرض. وكذلك الكيل والوزن (¬3). وكل شيء يستقرض فيجوز قرضه بين الناس فهو مثل ذلك. ولو كان إناء من فضة أو ذهب أو حلي فقال: أعرتني هذا، وقال رب المتاع: بل غصبتني، فإن القول في هذا قول المستعير. إن لم يعمل به لم يضمن بعد أن يحلف. وإن عمل به ضمن. كان منعه إياه بعدما طلبه (¬4) صاحبه المتاع ضمن، وكان بمنزلة الغاصب (¬5) كان لم يستعمله. وإذا أقر الرجل بدراهم في يده (¬6) عارية من فلان أو عارية لفلان فهو إقرار له بالمال. وإذا أقر أن هذه الدراهم عارية من قبل فلان فقد أقر له بها. ¬

_ (¬1) م - يمينه. (¬2) دف - إن. (¬3) اختلط ترتيب الأوراق هنا في نسخة د، فانتقل من ورقة 102 إلى 110. (¬4) د م ف: يطلبه. (¬5) ف: الغائب. (¬6) ف: في يديه.

باب الإقرار بالدراهم عددا وبالدنانير عددا

وإذا أقر [فقال:] إن هذه الدراهم عارية عندي لفلان على يدي فلان، فليس هذا بإقرار. وإن أقى فقال: هذه الدراهم عندي عارية لحق فلان لفلان، فهذا إقرار له بها (¬1). وإن قال: هذه عارية عندي (¬2) من حق فلان، فهذا أيضاً إقرار. كان قال: عارية عندي لملك فلان أو بملك (¬3) فلان أو من ملك فلان، فهذا أيضاً كله يلزمه، وهي دين له عليه. وكذلك لو قال: هذه الدراهم عارية عندي بميراث فلان أو لميراث فلان أو من ميراث فلان فهذا كله إقرار، وهو له لازم. وكذلك لو أقر بقرض على هذا الوجه. وكذلك لو قال: هذا الطعام عندي عارية أو عارية عندي، كان قرضاً. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا قال: أخذت منك هذا الثوب عارية، فقال صاحب الثوب: أخذته مني بيعاً، فالقول قول الآخذ مع يمينه ما لم يلبسه. وكذلك لو قال: أخذت منك هذه الدراهم وديعة، وقال الآخر: بل أخذتها مني قرضاً، فالقول قول الآخذ مع يمينه، ولا ضمان عليه، لأنهما قد اجتمعا على أن الأخذ كان بإذن رب المال. وإن عمل به الآخذ فهو ضامن، لأن العمل به لم يقر [به] رب المال. ... باب الإقرار بالدراهم عدداً وبالدنانير عدداً وإذا أقر الرجل فقال: (¬4) إن لفلان علي مائة درهم عدداً، ثم قال بعد ذلك: هي وزن خمسة أو وزن ستة، أو قال: هي مما يدخل في المائة ثقصان خمسة، أو أقر بذلك في الكوفة، فإن عليه مائة درهم وزن سبعة، ¬

_ (¬1) والدراهم في هذه المسألة مخالفهّ للثوب والدابة كما مر قريباً. وانظر: المبسوط، 18/ 2 - 3. (¬2) ف - لفلان على يدي فلان فليس هذا بإقرار وإن أقر فقال هذه الدراهم عندي عارية لحق فلان لفلان فهذا إقرار له بها وإن قال هذه عارية عندي. (¬3) ف: أو لملك. (¬4) م - فقال.

ولا يصدق على النقصان والعدد. إذا لم يبين وزنها مع كلامه موصولاً (¬1) بذلك فهو وزن سبعة. وإذا أقر بالكوفة فقال: لفلان علي مائة دينار عدداً، ثم قال بعد ذلك: هي تنقص من وزن الكوفة، فإنه لا يصدق، وعليه مائة دينار على وزن الكوفة. وإذا كان الرجل في بلاد يتبايعون على الدراهم معروفة الوزن فيما بينهم تنقص من وزن سبعة فقال: لفلان علي مائة درهم عدداً، ثم قال بعد ذلك: هي تنقص في المائة خمسة، وكان أهل البلد يتبايعون على نقصان خمسة في المائة وذلك عندهم معروف، فإن القول قوله، وعليه مائة إلا خمسة. فإن أراد أن ينقص أكثر من ذلك لم يصدق. وإذا كان الرجل في بلد نقده مختلف وشراؤهم مختلف فأقر أن لفلان عليه مائة درهم عدداً فهو على أقل ذلك الوزن مع يمينه على ذلك بالله. ولو أن رجلاً بالكوفة أقر أن لفلان عليه مائة درهم بِيض عدداً ثم قال بعد ذلك: هي تنقص دانقاً (¬2)، أكنت أصدقه، لا أصدقه. أرأيت لو قال: له علي درهم أبيض، ثم قال بعد ذلك: هو ينقص دانقاً، أكنت أصدقه، لا أصدقه. وكذلك إذا قال: له علي درهمان أبيضان. وكذلك إذا أقر بأكثر من ذلك أو أقل. ولو أن رجلاً أقر أن لفلان عليه مائة درهم أَصْبَهْبَذية (¬3) عدداً ثم قال بعد ذلك: عنيت هذه الصغار، فإن عليه منها (¬4) مائة درهم وزن سبعة من الأصبهبذية. ¬

_ (¬1) د: موصول. (¬2) د: دانق. (¬3) دراهم أصبهبذية: نوع من دراهم العراق، نسبة إلى أَصْبَهْبَذان بالفتح بلدة ببلاد الديلم. انظر: المغرب، "صبهبذ"؛ والقاموس المحيط، "صبهبذ". (¬4) م: امنها.

وإن أقر أن له عليه مائة درهم من السود الكبار ثم قال بعد ذلك: هي مائة درهم وزن سبعة، وقال الطالب: هي مائة درهم لا وزن سبعة من الأَصْبَهْبَذية، أو أقر (¬1) أن له عليه مثاقيل (¬2) فإن القول في ذلك قول المقر مع يمينه. والدراهم عندنا في بلادنا كلها وزن سبعة لا ينقص ولا يزاد إلا أن يسمى زيادة تعرف أو نقصاناً يعرف في الوزن موصولاً (¬3). ولو أن رجلاً أقر أن لفلان عليه (¬4) درهماً صغيراً ثم قال بعد ذلك: هو نصف (¬5) درهم، وقال الطالب: هو وزن سبعة، فإن عليه درهماً وزن سبعة. أرأيت لو قال: له علي مائة درهم صغار، أكنت أجعلها خمسين درهماً والطالب يدعي مائة درهم. ولو أقر أن لفلان عليه درهماً كبيراً فادعى الطالب مثقالاً (¬6) فإنه لا يصدق، وعليه درهم وزن سبعة مع يمينه، إلا أن يقر بما ادعى الطالب. ¬

_ (¬1) د م ف: وإن أقر. وعبارة ب: ولوقال مائة درهم من السود الكبار ثم قال بعد هي وزن سبعة، وقال الطالب هي مائة درهم لا وزن سبعة لزمه من الأصبهبذية ولو أقر أن له عليه مائة مثاقيل فالقول فيها للمقر مع يمينه. وقد وضع في ب علامة على "لزبه" ثم قال في الهامش: هنا ترك وهو والله أعلم "لزمه مائة وزن سبعة". وعبارة الحاكم: ولو قال له عليه مائة درهم من السود الكبار ثم قال هي وزن سبعة وقال طالب المال هي مائة درهم مثاقيل فالقول قول المقر مع يمينه. انظر: الكافي، 2/ 4 و. وقريب منه عند السرخسي. انظر: المبسوط، 18/ 5. (¬2) المثاقيل: نوع من الدراهم ثقيلة. انظر: المغرب، "درهم". وشت بذلك لكون وزبها مثقالاً. والمثقال وزنه درهم وثلاثة أسباع درهم، وكل سبعة مثاقيل عشرة دراهم. انظر: المصباح المنير، "ثقل". وانظر المسائل الآتية قريباً حيث يستعمل المؤلف كلمتي مثقال ومثاقيل في هذا المعنى. (¬3) أي: موصولاً بإقراره. (¬4) ف + مائة. (¬5) د - نصف؛ صح هـ. (¬6) المثقال وزنه درهم وثلاثة أسباع درهم، وكل سبعة مثاقيل عشرة دراهم. انظر: المصباح المنير، "ثقل".

وإذا أقر فقال: لفلان علي دُرَيْهِم (¬1)، ثم قال بعد ذلك: هو وزن خمسة، وقال الطالب: هو وزن سبعة، فإن عليه درهماً وزن سبعة. أرأيت لو قال: له (¬2) علي دريهمات، ثم قال بعد ذلك: هي ثلاثة (¬3) دراهم وزن سبعة، لم (¬4) أصدق المقر. أرأيت لو قال: له علي فُلَيْس، ألم يكن عليه فَلْس (¬5) تام. أرأيت لو قال: له علي قُفَيز من حنطة ألم أجعل عليه قفيزاً تاماً بقفيز البلد، ولا أصدقه على النقصان. أرأيت لو قال: له (¬6) علي رُطَيل من زيت، ألم أجعل عليه رطلاً تاماً، ولا أصدقه على النقصان. أرأيت لو قال: له علي دريهم كبير، ألم يكن عليه درهم وزن سبعة، ولا أصدق المقر على النقصان، ولا يصدق الطالب على الزيادة. ولو أقر رجل فقال: إن لفلان علي مائة درهم مثاقيل، كان عليه مائة مثقال كما قال؛ لأن هذا قد بين الوزن. ولو أقر رجل فقال: لفلان علي مائة درهم وزن خمسة، كان كما قال. وكذلك إذا قال: علي مائة درهم وزن سبعة، فهو كما قال. ولو أقر فقال: لفلان علي درهم وزنه نصف درهم، فهو مصدق إذا وصل الكلام. وإذا لم يصله وسمى درهماً فهو وزن سبعة، إن صغره أو كبره فهو سواء. أرأيت لو قال: له علي درهم عريض أو طويل أو كبير ألم يكن عليه درهم وزن سبعة. أرأيت لو قال: له علي دنينير، ألم يكن عليه دينار تام. وإذا أقر فقال: لفلان عليه دنينيرات، ألم يكن عليه ثلاثة (¬7) دنانير، ولا يصدق على أقل من ذلك. كان ادعى الطالب أكثر من ذلك لم يصدق، ولكن له اليمين على ذلك. وكذلك لو قال: له علي دريهمات. وكذلك لو قال: له علي أقفزة من حنطة، كانت ثلاث (¬8) مخاتيم حنطة. ¬

_ (¬1) م ف: درهم. (¬2) م - له. (¬3) د: ثلثة. (¬4) د م ف: ولم. (¬5) م ف: فليس. (¬6) د - له؛ صح هـ. (¬7) د: ثلثة. (¬8) د: ثلث.

باب الإقرار بالهبة

ولو أقر أن (¬1) له عليه ربع حنطة كان عليه ربع البلد الأكبر. ولو قال المقر: إنما عنيت الربع الصغير، لم يصدق. وإذا أقر أن له عليه ألف درهم عدداً ثم قال بعد ذلك: هي تنقص من ألف وزن سبعة، لم يصدق على ذلك. ... باب الإقرار بالهبة وإذا أقر الرجل أنه وهب لفلان هذه الأمة، وأن فلاناً قد قبضها، ولم يعاين الشهود ذلك، فإن أبا حنيفة -رحمه الله- كان يقول: لا يجوز حتى يعاين الشهود القبض. ثم رجع عن ذلك فقال: إقراره جائز. وكذلك العمرى والنحلى والعطية. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وكذلك لو أقر وارث الواهب بذلك بعد موت الواهب وإقراره (¬2) ذلك كان في صحة الواهب. وكذلك لو كان الواهب أقر بذلك قبل موت الموهوب له أو بعده فهو جائز. وكذلك العمرى والنحلى. وإذا أقر الرجل أن فلاناً وهب له هذا الثوب الذي في يديه فقال فلان: نعم، أو أجل، أو قال: صدق، فهو جائز كله، وكذلك العمرى، وكذلك النحلى في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد (¬3). وإذا أقر الرجلان أنهما وهبا لرجل داراً وأقر بالقبض فإنه جائز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف، وهو قول محمد. وإن قالا بعد ذلك: لم يقبض، وسألا القاضي أن يحلفه فإن القاضي لا يحلفه؛ لأن إقرار الواهبين جائز عليهما في قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: أحلفه. وإذا ادعى الرجل أن فلاناً وهب له هذه الخادم وأنه قبضها ثم ¬

_ (¬1) د م - أن. (¬2) د م: وإقرار. (¬3) م - ومحمد.

باب الإقرار بدراهم في دراهم

استودعها إياه فقال فلان: صدقت، فإن ذلك جائز عليه. وكذلك لو قال: نعم، أو قال: أجل. وكذلك لو قال: نعم، بالفارسية أو بالنبطية فإنه يقضى عليه بذلك. ... باب الإقرار بدراهم في دراهم وقال أبو حنيفة رحمة الله عليه: إذا قال الوجل: لفلان علي عشرة دراهم في عشرة دراهم، فإنما عليه العشرة الأولى، والثانية باطل. فإن ادعاها الطالب حلف عليها المقر. كان قال المقر: عنيت عشرة وعشرة، لزمه عشرون درهماً. ولو أقر أن عليه عشرة دراهم في عشرة دنانير ثم جحد ذلك كان عليه عشرة دراهم، والعشرة دنانير باطلة. كان قال المقر: عنيت هذه وهذه جميعاً، كان عليه المالان جميعا. وإن لم يقر بذلك وادعاها الطالب فإن المقر يحلف عليها. فإن حلف برئ، وإن نكل عن اليمين لزمته. وإن أقر فقال: لفلان علي درهم في قفيز حنطة، لزمه الدرهم، وكان القفيز باطلاً. وكذلك لو قال: (¬1) علي قفيز من حنطة (¬2) في درهم، لزمه القفيز وبطل الدرهم. ولو أقر أن عليه فَرَقاً (¬3) من زيت في عشرة مخاتيم حنطة، كان عليه الزيت، والحنطة (¬4) باطلة. ¬

_ (¬1) اختلط ترتيب الأوراق في نسخة د، فانتقل من الورقة 112 إلى 102. (¬2) د + من حنطة. (¬3) الفَرَق بفتحتين: إناء يأخذ ستة عشر رطلاً. وهناك أقوال أخرى. انظر: المغرب، "فرق". (¬4) د - والحنطة.

ولو أقر أن له (¬1) عليه خمسة دراهم في ثوب يهودي ثم قال بعد ذلك: الثوب اليهودي هو الدين، والخمسة دراهم سلم أسلمها إلي فيه، فإن ادعى الطالب ذلك فهو كما قال. وإن جحد الطالب ذلك وحلف عليه كان له أن يأخذه بخمسة دراهم. وكل شيء يقر به من الوزن ويسميه ثم يقول: في كذا وكذا من الكيل أو الوزن (¬2)، فإن عليه الوزن الأول. وكذلك كل شيء يقر به من الكيل ثم يقول: في كذا وكذا (¬3) من الوزن، وإنما عليه الكيل الأول. وكذلك لو قال: له علي ثوب يهودي في خمسة دراهم، فإن عليه ثوباً يهودياً. فإن قال: سَلَم، جاء به بعينه. وإن قال: غصب، كان عليه قيمته. ولو أقر أن له عليه درهماً مع درهم كان عليه درهمان (¬4). ولو أقر أن له عليه درهماً معه درهم كان عليه درهمان. ولو أقر أن له عليه درهماً قبله درهم كان عليه درهمان (¬5). ولو أقر أن له عليه درهماً بعده درهم كان عليه (¬6) درهمان. وكذلك لو قال: أحدهما دينار، فقال: له علي درهم مع دينار، لزمه ذلك كله. ولو قال: له علي درهم ودرهم، فإن له (¬7) عليه درهمين. وكذلك لو قال: له علي درهم فدرهم، كان عليه درهمان. ولو قال: له علي (¬8) درهم درهم، كان عليه درهم واحد، ويحلف على الثاني إن ادعاه الطالب. وكذلك لو قال: له (¬9) علي درهم بدرهم، كان عليه ¬

_ (¬1) ف - له. (¬2) ف: والوزن. (¬3) د - من الكيل أو الوزن فإن عليه الوزن الأول وكذلك كل شيء يقر به من الكيل ثم يقول في كذا وكذا. (¬4) د + ولو أن له عليه درهماً مع درهم كان عليه درهمان. (¬5) د - درهمان؛ صح هـ. (¬6) د، عليه. (¬7) م - له. (¬8) ف: ولو قال عليه. (¬9) ف - له.

درهم. وكذلك لو قال: له علي درهم له عليّ درهم (¬1)، فعليه درهم. ولو (¬2) قال: له (¬3) علي درهم ثم درهمان، كان له (¬4) عليه ثلاثة (¬5) دراهم. ولو قال: له علي مائة درهم لا بل مائتا (¬6) درهم (¬7)، فإن عليه في القياس ثلاثمائة (¬8) درهم، ولكني أدع القياس وأجعل عليه مائتي (¬9) درهم. ولو أقر له بمائة درهم في موطن وأشهد له شاهدين (¬10) ثم أقر له في موطن آخر بمائة (¬11) وأشهد له شاهدين فقال المطلوب: هي مائة واحدة، وقال الطالب: هي مائتان، فإنه يؤخذ بمائتين. وكذلك لو كانت الآخرة أقل أو أكثر أخذ بذلك كله. وهو قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: هو مال واحد، يؤخذ بالأكثر من ذلك. والموطن في هذا والموطنان سواء حتى يجيء من الإقرار الأول أمر يدل على أن المال الأول غير الآخر. وكذلك لو كان الآخر أقل أو أكثر أخذ بذلك كله في قول أبي حنيفة. والقول الآخر على ما وصفت لك، يدخل القليل في الكثير. ولو أشهد له بمائة وأقر بها ثم قدمه إلى القاضي فأقر له بمائة فقال الطالب: في عليه مائة أخرى، وأحضر الشاهدين وقال المطلوب: هي تلك المائة، فإنها مائة (¬12) واحدة. والإقرار عند القاضي مخالف للشهادة في قول أبي حنيفة. ¬

_ (¬1) د م ف - له علي درهم؛ صح د هـ وقال الحاكم: ... له علي درهم علي درهم. انظر: الكافي، 5/ 2 و؛ والمبسوط، 18/ 8 - 9. وقد ذكر السرخسي أن في بعض النسخ: له علي درهم له علي درهم، بتكرار الجملة. انظر: الموضع السابق. وهذا يؤيد ما في هامش نسخة د. (¬2) د م ف: وكذلك لو. والتصحيح من ب؛ والكافي، 2/ 5 و؛ والمبسوط، 18/ 9. (¬3) ف - له. (¬4) ف - له. (¬5) د: ثلثة. (¬6) د م ف: مائتان. (¬7) ف - د رهم. (¬8) د: ثلثمائة. (¬9) د م ف: مائتا. (¬10) د م: شاهدان. (¬11) ف - وأشهد له شاهدين ثم أقر له في موطن آخر بمائة. (¬12) ف - أخرى وأحضر الشاهدين وقال المطلوب هي تلك المائة فإنها مائة.

باب الإقرار علي وقبلي

وإذا أقر الرجل فقال: له (¬1) عندي مائة درهم بضاعة قرضاً، فهي له لازمة (¬2). وإذا أقر الرجل فقال: له عندي ألف (¬3) درهم عارية، فهذا قرض. وكذلك كل ما يكال أو يوزن فهذا قرض كله. ... باب الإقرار عليّ وقِبَلِي وقال أبو حنيفة: إذا أقر (¬4) الرجل أن لفلان عليه ألف درهم فهو جائز، وهو دين. وكذلك قالو قال: له قبلي ألف درهم. فإن قال المقر: هي وديعة، ولم يصل بذلك كلامه بإقراره فإنه لا يصدق على شيء من ذلك، وهو دين لازم له في الوجهين جميعاً. فإن قال: له عندي ألف درهم، فإن أبا حنيفة قال: هذه وديعة. فإن قال الطالب: هي قرض، لم يصدق. فإن أقر فقال: له معي ألف درهم، فهي وديعة. عندي ومعي وقبلي (¬5) سواء. وكذلك لو قال: له في منزلي ألف درهم، أو قال: في بيتي، أو قال: في كيسي، أو في صندوقي، فليس شيء من هذا ديناً (¬6). وإن قال: له في مالٍ ألف درهم، فهذا إقرار بذلك في ماله. وإن قال: له من مالي (¬7) ألف درهم، فهذا هبة، لا يجوز إلا أن يدفعها إليه. فإن قال: له من مالي ألف درهم لا حق في فيها، فهذا إقرار. فإن قال: له من دراهمي هذه درهم، فهذه هبة. وإن قال: له في دراهمي هذه (¬8) درهم، فهذا إقرار. وإن (¬9) أقر [فقال:] إن (¬10) لفلان عندي مائة درهم وديعة قرض، ثم قال: ¬

_ (¬1) ف - له. (¬2) د - وإذا أقر الرجل فقال له عندي مائة درهم بضاعة قرضاً فهي له لازمة. (¬3) د + عندي ألف. (¬4) م: وإذا أقر. (¬5) ف + فهو. (¬6) د م ف: دين. (¬7) ف: في مالي. (¬8) د + ألف. (¬9) د: وإذا. (¬10) ف - إن.

باب الإقرار بالمال ثم يقول زيوف

هلكت، وادعى الطالب القرض فهي قرض. وهذا مثل قوله: وديعة دين؛ لأنه يقرض بعد الوديعة. وكذلك لو قال: له (¬1) عندي مائة درهم مضاربة قرض، فهي لازمة له. وإذا أقر الرجل أن لفلان عندي (¬2) مائة درهم دين، فهي دين، ولا تكون وديعة. وإذا أقر أفقال:، إن له قبلي مائة درهم وديعة فهي وديعة كما قال. وإذا أقر [فقال:] إن له قبلي مائة درهم دين وديعة أو قال: وديعة دين، أيهما قدم فهو يلزمه، إن قدم الدين فهو دين ولا يكون وديعة، وإن قدم الوديعة فهو دين (¬3)، وهو ضامن لها. وإذا أقر فقال: له عندي مائة درهم بضاعة قرض، فهي لازمة له. وإذا أقر فقال: لفلان علي مائة درهم وديعة، فهي وديعة كما قال، ولا يكون ديناً. وإذا قال: له علي ألف درهم عارية، فهذا قرض كله. وكذلك كل ما يكال أو يوزن فهو قرض كله. ... باب الإقرار بالمال ثم يقول زُيُوف (¬4) قال أبو حنيفة: إذا أقر رجل لرجل بألف درهم وزن سبعة قرض أو من ثمن بيع ثم قال بعد ذلك: هي زُيُوف أو نَبَهْرَجَة (¬5)، فإنه لا يصدق، ¬

_ (¬1) د - له. (¬2) ف: علي. (¬3) ف: وديعة وانظر: الكافي، 2/ 5 ظ؛ والمبسوط، 18/ 12. (¬4) زَافَتْ عليه دراهمُه أي: صارت مردودة عليه لِغشٍّ فيها، وقد زُيِّفَتْ إذا رُدَّتْ، ودرهم زَيْف وزائف، ودراهم زُيُوف وزُيَّف، وقيل: هي دون البَهْرَج في الرداءة، لأن الزيف: ما يرده بيت المال، والبَهْرَج: ما يرده التجار، وقياس مصدره الزُّيُوف، وأما الزَّيَافَة فمن لغة الفقهاء انظر: المغرب، "زيف". وقال السرخسي: ثم الزيوف ما زيّفه بيت المال ولكن يروج فيما بين التجار. انظر: المبسوط، 12/ 144. (¬5) د: أو بهرجة. النبَهْرَج والبَهْرَج الدرهم الذي فضته رديئة، وقيل: الذي الغلبة فيه للفضة، إعراب نَبَهْرَهـ وقيل: المُبْطَل السِّكّة. انظر: المغرب، "بهرج"؛ والقاموس المحيط،"نبج".

وهي جياد على ما (¬1) يتبايع به الناس ويتقارضون. ولو قال: له علي ألف درهم من ثمن بيع نبهرجة أو زيوف (¬2)، ووصل منطقه، كان القول كما قال في قول أبي يوسف ومحمد. وفي قول أبي حنيفة لا يصدق إن وصل أو قطع. ولو أقر أنه غصب ألف درهم ثم قال بعد ذلك: هي زيوف أو نبهرجة، كان القول كما قال، وهو مصدق في ذلك، وليس الغصب كالقرض والبيع. وكذلك لو أقر أن له (¬3) عنده ألف درهم وديعة (¬4) ثم قال بعد ذلك: هي نبهرجة أو زيوف، كان مصدقاً في قول أبي يوسف ومحمد. وفي الغصب والوديعة يصدق في الزيوف والنبهرجة إن وصل الكلام أو قطعه، و [في] البيع والقرض إن وصل الكلام صدق كان قطع الكلام لم (¬5) يصدق في قول أبي يوسف ومحمد. ولو أقر أن لفلان عليه كُرّ (¬6) حنطة من ثمن بيع ابتاعه منه وقبضه ثم قال المقر بعد ذلك: هو كُرّ وسط، وقال الطالب: هو جيد، كان القول قول المقر مع يمينه. وكذلك لو قال المقر: هو رديء، وقال الطالب: هو جيد، فإن القول قول المقر مع يمينه، وعلى الطالب البينة. وكذلك الكيل كله والوزن كله فهو مثل هذا. ولا يشبه الكيل والوزن في هذا الدنانير والدراهم؛ لأن الناس لا يتبايعون من الدنانير والدراهم إلا بالجياد، وقد يتبايعون بالرديء والجيد مما سوى ذلك من الكيل والوزن. ¬

_ (¬1) م - ما. (¬2) د - فإنه لا يصدق وهي جياد على ما يتبايع به الناس ويتقارضون ولو قال له علي ألف درهم من ثمن بيع نبهرجة أو زيوف. (¬3) د + عليه. (¬4) ف - وديعة. (¬5) د م: ولم. (¬6) الكُرّ: مكيال لأهل العراق، وجمعه أَكْرَار، فقيل: إنه اثنا عشر وَسْقاً كل وَسْق ستون صاعاً، وفي تقديره أقوال أخرى ذكرها المطرزي. انظر: المغرب، "كرر". وقد ذكر المؤلف في كتاب القسمة أنه يكون أربعين قفيزا. انظر: 75/ 2 و. والقفيز اثنا عشر صاعاً. انظر: المغرب، "كرر".

وإذا أقر أن له عليه كُرّ حنطة قرض ثم قال: هو رديء، وقال الطالب: هو جيد، فإن القول قول المقر مع يمينه. وكذلك السلم. وكذلك لو أقر بكر حنطة غصب ثم قال: هو رديء، فإن القول قوله. وكذلك لو أقر بكر حنطة وديعة. وكذلك لو أتاه بطعام قد أصابه ماء أو عَفَن فإن القول قوله، [فإن قال]: إن هذا الذي غصبتك، كان هذا الذي استودعتني، كان القول قوله. ألا ترى أنه لو قال: غصبتك ثوباً يهودياً، ثم جاء بثوب متخرق فقال: هو هذا، كان مصدقاً في ذلك مع يمينه. وكذلك الوديعة. وكذلك لو قال: أودعتني عبداً، ثم جاء بعبد (¬1) به عيب فإن القول في ذلك قوله مع يمينه. وكذلك الغصب. ولو أقر أن لفلان عليه عشرة أَفْلُس من قرض أو من ثمن بيع ثم قال بعد ذلك: هي من الفلوس الكاسدة، لم يصدق على ذلك وكانت من الجياد؛ لأن الناس لا يتبايعون الكاسدة، وهي مثل الدراهم والدنانير. ولو قال: غصبته عشرة أفلس، ثم قال بعد ذلك: هي من الكاسدة، كان مصدقاً بعد أن يحلف. وكذلك الوديعة. ولو أقر فقال: لفلان علي عشرة أفلس قرضاً من الفلوس الكاسدة أو من ثمن بيع من الفلوس الكاسدة، فإن أبا حنيفة قال في مثل هذا: لا يصدق وإن وصل الكلام؛ لأن الناس لا يتبايعون بهذا (¬2) و، ولا يتقارضون. وقال أبو يوسف ومحمد: هو مصدق، وعليه في القرض ما قال. وعليه في البيع قيمة المبيع مع يمينه في قول محمد. وفي قول أبي يوسف لا يصدق في البيع لأنه يريد فساد البيع، وعليه جياد لأنه يدعي الفساد. وكذلك الدنانير والدراهم في قول أبي حنيفة. ولو قال: له علي ألف درهم زيوف من ثمن بيع، لم يصدق. وهو مصدق في قول أبي يوسف ومحمد. ... ¬

_ (¬1) م: بعد. (¬2) ف: هذا.

باب الإقرار بالوديعة

باب الإقرار بالوديعة قال (¬1) أبو حنيفة: وإذا أقر الرجل أن فلاناً دفع إليه (¬2) ألف درهم وديعة فضاعت وقال الطالب: بل غصبتني، فإن القول قول المستودع، ولا ضمان عليه بعد أن يحلف. وقال أبو حنيفة: إن قال: قد أخذت منك ألف درهم وديعة فضاعت، فقال الطالب: بل غصبتني، فإن المقر بها ضامن. وقوله: أخذت منك، بمنزلة الغصب. وقوله: أعطيتني، بمنزلة الأمانة. وقال أبو حنيفة: إذا قال: أعطيتني ألف درهم مضاربة فضاعت قبل أن أعمل بها، وقال الطالب: بل غصبتني، فان القول قول المقر مع يمينه، ولا ضمان عليه؛ لأنه لم يعمل بها. ولو كان عمل بها كان ضامناً في قول أبي حنيفة. وهو كله قول أبىِ يوسف ومحمد. وإذا أقر فقال: أودعتني ألف درهم، ثم قال بعد ذلك: لم أقبضها، فهو لها ضامن، وهذا جحود بعد الإقرار. ولو أقر أنه استودعه ألف درهم ثم قال: هي زُيُوف أو نَبَهْرَجَة، فإن القول قوله إن وصل الكلام أو قطعه؛ لأنها وديعة. ولو قال: هي من رصاص أو سَتُوقة (¬3)، فإن وصل الكلام (¬4) صدق، كان قطعه لم يصدقَ. وكذلك الكيل والوزن والعروض كلها يقر بوديعة ثم يقول بعد ذلك: به عيب كذا وكذا، أو هو رديء أو ثوب خَلَق (¬5)، فالقول قوله مع يمينه ولا ¬

_ (¬1) ف: وقال. (¬2) م - إليه. (¬3) قال المطرزي: السَّتَّوق بالفتح: أردأ من البَهْرَج، وعن الكرخي: الستّوق عندهم: ما كان الصفْر أو النحاس هو الغالب الأكثر، وفي الرسالة اليوسفية: البَهْرَجَة إذا غلبها النحاس لم تؤخذ، وأما الستوقة فحرام أخذها، لأنها فلوس. انظر: المغرب، "ستق". وقال السرخسي: الستوقة فلس مموه بالفضة. انظر: المبسوط، 12/ 144. (¬4) د - الكلام؛ صح هـ. (¬5) خَلُق الثوب بالضم: إذا بلي، فهو خَلَق بفتحتين. انظر: المصباح المنير، "خلق".

باب ما يكون إقرارا به يلزم المال

ضمان عليه. كان ادعى الطالب أنه غصب لم يصدق. وإن أقر فقال: أخذت منك ألف درهم وديعة، وقال الطالب: أعطيتكها قرضاً، فقال المستودع: قد ضاعت، فهو مصدق والقول قوله مع يمينه؛ لأن رب المال قد أقر أنه دفعه إليه. ... باب ما يكون إقراراً به (¬1) يلزم المال وإذا قال الرجل للرجل: اقضني الألف (¬2) درهم التي لي عليك، فقال: نعم، فقد أقر بها، وهي عليه. وكذلك إن قال: سأعطيكها (¬3)، أو قال: غداً أعطيكها (¬4)، أو قال: سوف أعطيكها، فهذا كله إقرار. فإن قال: اقعد فاتزنها، فقد أقر بها. وأن قال: اقعد فانتقدها، أو قال: اقعد فاقبضها، فهذا كله إقرار يلزمه المال. وإذا قال: اقضني عشرة دنانير التي في عليك، فقال: لم تحل بعد، فقد أقر بها، ولو قال: غداً، فقد أقر بها. ولو قال: اتزنها أو انتقدها، كان قد أقر بها. ولو قال: اتزن أو انتقد، لم يكن هذا إقرأراً؛ لأنه لم يضف كلامه إليها، وقد أضاف كلامه في الباب الأول إليها. وكذلك لو قال: خذ، فإن هذا باطل لا يلزمه شيء. ولو قال: خذها، كان إقراراً أيضاً؛ لأنه قد أضاف كلامه إليها. وإذا تقاضى رجل رجلاً كُرّ حنطة فقال: اقضني كري (¬5) الذي في عليك، فقال: أرسل غداً من يكتاله، فقد أقر به. ولو كان شيء مما يكال أو يوزن فقال: أرسل غداً من يكتاله أو يتّزنه لك، فقد أقر به. وكذلك لو قال: أرسل غداً من يتّزنه، كان هذا إقراراً أيضاً. وكذلك لو قال: أرسل من يأخذها مني، أو أرسل من يقبضها لك. وكذلك لو قال: أرسل إلي وكيلاً ¬

_ (¬1) ف: ما يكون به إقرار. (¬2) د: ألف. (¬3) د: سأعطيتكها. (¬4) ف - أو قال غدا أعطيكها. (¬5) ف: كذا.

أعطها إياه. وكذلك لو قال: أرسل من يقبضها مني (¬1). وإذا تقاضى رجل رجلاً فقال: اقضني عشرة دراهم التي في عليك، فقال: ليست عندي اليوم، فقد أقر بها وهي لازمة له. وكذلك لو قال: ليست بميسرة اليوم، أو قال: ليست بحاضرة اليوم. وكذلك لو قال: ليست (¬2) بمهيأة اليوم. وإذا تقاضى رجل رجلاً عشرة دراهم عليه فقال: أجلني فيها شهراً أو أخرها شهراً أو نَفِّسْنِي (¬3) بها، فقد أقر بها. وكذلك لو قال: دعني حتى أوسر بها أو حتى أيسرها لك. وإذا تقاضى رجل رجلاً فقال الطالب: إن علي ديناً فاقضني (¬4) المائة التي في عليك، فإن غرمائي لا يدعونني، فقال: أَحِلْ بها علي بعضهم أو من شئت منهم، فقد أقر بها. وكذلك لو قال: ائتني برجل منهم أضمنها له، أو أكفل بها له، أو يحتال علي بها، كان هذا إقراراً كله منه. وإذا تقاضى رجل رجلاً مائة درهم فقال: قد قضيتكها، أو قال: قد أبرأتني منها، أو قال: حسبتها لك، أو قال: قد حللتني منها، أو قال: قد وهبتها في، أو قال: قد أحلتك بها، فإن هذا كله إقرار منه. وكذلك لو قال: قد تصدقت علي بها (¬5). ¬

_ (¬1) د م ف + وكذلك لو قال أرسل من يأخذها مني. (¬2) د - ليست. (¬3) قال المطرزي: ونَفَّسَ الله كربتك، أي: فرّجها. ويقال: نفس عنه، إذا فرّج، ونفس عنه، إذا أمهله على ترك المفعول. وأما قوله في كتاب الإقرار: لو قال: نَفِّسْنِي، فعلى تضمين معنى أمهلني أو على حذف المضاف، أي: نَفِّسْ كربي أو غمي. انظر: المغرب، "نفس". (¬4) د: فاقض. (¬5) د + وإذا تقاضى رجل رجلاً فقال الطالب إن علي دينا فاقض المائة التي في عليك فإن غرمائي لا يدعونني فقال أحل بها علي بعضهم أو من شئت منهم فقد أقر بها وكذلك لو قال ائتني برجل منهم أضمنها له أو أكفل بها له أو يحتال علي بها كان هذا إقراراً كله منه وإذا تقاضى رجل رجلاً مائة درهم فقال قد قضيتكها أو قال قد أبرأتني منها أو قال حسبتها لك أو قال قد حللتني منها أو قال قد وهبتها لي أو قال قد أحلتك بها فإن هذا كله إقرار منه وكذلك لو قال قد تصدقت علي بها.

وإذا تقاضى رجل رجلاً بمائة له عليه فقال: ما أكثر ما يتقاضاني بها، فإن هذا إقرار أيضاً. وكذلك قالو قال: قد لزمتني بها، أو قال: قد غَمَمْتَنِي فيها، أو قال: آذيتني فيها، فهذا إقرار كله. ولو قال: اقضني هذه المائة التي في عليك، فقال. والله لا أقضيكها اليوم، كان هذا إقراراً. وكذلك لو قال: لا أعطيكها اليوم، ولا أزنها لك اليوم. ولو قال: والله لا تأخذها مني اليوم، كان هذا إقراراً أيضاً. ولو قال: اقضني الألف درهم التي في عليك، فقال: حتى يدخل علي مالي أو حتى يأتيني مالي (¬1) أو حتى يقدم علي غلامي أو مالي أو حتى يقضيني فلان، فإن هذا كله إقرار يلزمه المال بذلك. والدين كله من الكيل والوزن والسلم في الثياب والغصب سواء في جميع ذلك. وإذا قال رجل لرجل: غصبتني هذا العبد فادفعه إلي، فقال: غداً، فقد أقر بأنه له. وكذلك لو قال: ادفع إلي عبدي هذا الوديعة، فقال: غداً، فقد أقر به له. وكذلك لو قال: سأعطيكه، أو قال: (¬2) نعم. وكذلك العارية (¬3). وكذلك لو قال: ابتع مني (¬4) عبدي هذا، فقال: نعم، كان هذا إقراراً أيضاً. وكذلك لو قال: استأجره مني، فقال: نعم، كان هذا إقراراً أيضاً. وكذلك لو قال: أعرتك داري هذه، فقال: نعم. وكذلك لو قال: ادفع إلي غلة عبدي هذا، فقال: نعم. وكذلك لو قال: أعطني ثوب عبدي هذا، فقال: نعم (¬5)، كان قد أقر في هذا كله بالعبد والدار والدابة (¬6) والعرض (¬7). وكل عرض في هذا فهو واحد. ¬

_ (¬1) ف - أو حتى يأتيني مالي. (¬2) م: اقال. (¬3) د - وكذلك لو قال ادفع إلي عبدي هذا الوديعة فقال غدا فقد أقربه له وكذلك لو قال سأعطيكه أو قال نعم وكذلك العارية. (¬4) ف + هذا. (¬5) ف - وكذلك لو قال أعطني ثوب عبدي هذا فقال نعم. (¬6) وذلك فيما لو قال: ادفع إلي سرج دابتي. (¬7) د م ف: والقرض.

وإذا قال الرجل لرجل: افتح باب داري هذه، فقال: نعم، أو جصص داري هذه، فقال: نعم، أو أسرج دابتي هذه، فقال: نعم، فهذا كله إقرار. ولو قال: أعطني سرج بغلي هذا (¬1)، فقال: نعم، كان هذا إقراراً. وكذلك لو قال: أعطني لجام بغلي هذا، فقال: نعم، كان هذا إقراراً. ولو قال (¬2): لا، في جميع هذا لم يكن إقراراً بالدابة ولا إقراراً باللجام. ولو قال رجل لرجل: أخبر فلاناً أن لآخر علي ألف درهم، فإن هذا إقرار يلزمه. وكذلك لو قال: قل لفلان إن لفلان آخر علي ألف درهم، فإن هذا إقرار يلزمه المال. وإذا قال الرجل لآخر: إنما لك علي مائة درهم، فقد أقر له بمائة. كان قال: ليس لك علي مائة درهم، فإنه لم يقر له بشيء. وإذا أقر فقال: فعلت كذا وكذا إذا كان لك علي مائة درهم، فقد أقر. ولو قال: فعلت كذا وكذا يوم أقرضتني مائة درهم، أو قال: إذ كنت أقرضتني مائة درهم، فهذا إقرار. وإذا قال الرجل لامرأة (¬3): قد أقرضتك ألف درهم، فقالت: لا أعود لها، أو قالت: لا أعود بعد ذلك، فإن هذا إقرار منها. ولو قال: أخذت مني مائة درهم، فقالت: لا أعود لها، فهذا إقرار منها. ولو قالت: لم أغصبك شيئاً إلا هذه المائة، كان هذا إقراراً منها. ولو قالت: لم أغصبك سوى هذه المائة أو غير هذه المائة (¬4)، أو قالت: لا أغصبك بعد هذه المائة شيئاً، كان هذا كله إقراراً. ولو قالت: لم أغصبك قبل هذه المائة شيئاً، كان هذا إقراراً أيضاً. ولو قالت: لم أغصبك مع (¬5) هذه المائة شيئاً، كان هذا إقراراً أيضاً (¬6). ولو قالت: لم أغصب أحداً معك، فهذا إقرار. ¬

_ (¬1) م - هذا. (¬2) د + قال. (¬3) ف: لامرأته. (¬4) ف - ولو قالت لم أغصبك مموى هذه المائة أو غير هذه المائة. (¬5) ف: بعد. (¬6) د - ولو قالت لم أغصبك مع هذه المائة شيئاً كان هذا إقراراً أيضاً.

ولو أن رجلاً قال لرجل: أقرضتك مائة درهم، فقال: ما (¬1) استقرضت من أحد سواك، أو قال: ما استقرضت من أحد غيرك أو من أحد قبلك ولا أستقرض من أحد بعدك، أو قال: لا أستقر ضمن أحد بعدك، لم يكن هذا إقراراً منه. وكذلك لو قال: لم أستقرض من أحد معك. ولو قال: ما لك علي إلا مائة درهم، كان هذا إقراراً. ولو قال: ما لك علي (¬2) غير مائة درهم، كان هذا إقراراً (¬3). ولو قال: ما لك عليّ (¬4) سوى مائة درهم، أو قال: أكثر من مائة درهم، فهذا إقرار. ولو قال: ما لك علي أكثر من مائة درهم ولا أقل، لم يكن هذا إقراراً؛ لأنه نفى القليل والكثير من أن يكون عليه. ولو قال الطالب: لي عليك ألف درهم، فقال المقر: بل تسعمائة درهم، كان عليه تسعمائة. وإذا قال الرجل لاَخر: أَخْبِرْ (¬5) فلاناً أن لفلان علي ألف درهم، كان هذا إقراراً منه. وكذلك إذا قال: أَعْلِمْ فلاناً [أن لفلان] (¬6) علي ألف درهم (¬7)، فهذا إقرار. وكذلك لو قال: قُلْ (¬8) لفلان (¬9): إن لفلان علي (¬10) ألف درهم (¬11). ولو قال: أَشْهِدْ فلاناً أن لفلان علي (¬12) ألف ¬

_ (¬1) د: مما؛ صح هـ. (¬2) د + علي. (¬3) ف - ولو قال ما لك علي غير مائة درهم كان هذا إقراراً. (¬4) د ف - علي. (¬5) ف - أخبر. (¬6) الزيادة مستفادة من الكافي، 2/ 7 و - ظ؛ والمبسوط، 18/ 19 - 20. وقد اضطربت عبارة الأصول هنا إلى نهاية هذه الفقرة، فصححناها مستفيدين من الحاكم والسرخسي. (¬7) د م ف + فقال نعم. والتصحيح مستفاد من المصدرين السابقين. (¬8) د م ف: أقول. والتصحيح مستفاد من المصدرين السابقين. (¬9) د ف - لفلان. (¬10) د م ف: عليك وللتصحيح مستفاد من المصدرين السابقين. (¬11) د م ف + فقال نعم. والتصحيح مستفاد من المصدرين السابقين. (¬12) د م ف: عليك والتصحيح مستفاد من المصدرين السابقين.

درهم (¬1)، فهذا (¬2) إقرار. [وإذا قال: بَشِّرْ فلاناً بأن له علي ألف درهم، فهذا إقرار] (¬3). وكذلك لو مسألة فقال: أُعْلِمُ فلاناً أن لفلان عليك ألف درهم، فقال: نعم. وكذلك لو قال: أقول (¬4) لفلان: إن لفلان عليك ألف درهم، فقال: نعم. وكذلك إذا قال: أُشْهِدُ فلاناً أن لفلان عليك ألف درهم، فقال (¬5): نعم. وإذا قال (¬6): أُخْبِرُ فلاناً أن له عليك (¬7) ألف درهم، [فقال: نعم] (¬8)، فهذا إقرار. وإذا قال: أُبشر (¬9) فلاناً بأن له عليك (¬10) ألف درهم، [فقال: نعم] (¬11)، فهذا إقرار أيضاً. ولو قال: وجدت في كتابي أن لفلان علي ألف درهم، لم يكن هذا إقراراً منه. وكذلك لو قال: وجدت في ذِكْرِي (¬12) أن لفلان علي ألف درهم. وكذلك لو قال: وجدت في حسابي أن لفلان علي ألف درهم. ولو قال: وجدت بخط يدي أن لفلان علي ألف درهم، كان هذا كله (¬13) باطلاً ليس (¬14) بإقرار. ولو قال: كتبت بيدي أن الفلان علي ألف درهم، كان هذا باطلاً. ولو قال: كتبت لفلان علي صكاً بألف درهم، كان هذا جائزاً، وهذا إقرار. وكذلك لو قال: كتبت بخط يدي بشهادة فلان ¬

_ (¬1) د م ف + فقال نعم. والتصحيح مستفاد من المصدرين السابقين. (¬2) ف: هذا. (¬3) زيادة مستفادة من المصدرين السابقين. (¬4) د م: قل؛ ف - أقول. والتصحيح مستفاد من المصدرين السابقين. (¬5) م ف: قال. (¬6) د - قال. (¬7) د: عليه؛ م ف: علي. والتصحيح مستفاد من المصدرين السابقين. (¬8) زيادة مستفادة من المصدرين السابقين. (¬9) د م ف: بشر. والتصحيح مستفاد من المصدرين السابقين. (¬10) د م ف: علي. والتصحيح مستفاد من المصدرين السابقين. (¬11) زيادة مستفادة من المصدرين السابقين. (¬12) أي: في كتابي. انظر: المبسوط، 18/ 20. (¬13) م: كاذبا. (¬14) د + باطلاً ليس.

وفلان الفلاني أن لفلان علي ألف درهم، كان هذا إقراراً، وكان يلزمه المال. ولو كتب على نفسه لفلان بألف درهم صكاً والقوم ينظرون إليه وقال للقوم: اشهدوا، كان جائزاً. ولو قال رجل لآخر: لا تشهد علي لفلان بألف درهم، لم يكن هذا إقراراً منه. ولو قال: ما لفلان علي شيء فلا تخبره أن له علي ألف درهم، لم يكن هذا إقراراً. ولو قال: ليس لفلان علي قليل ولا كثير فلا تقل: إن لفلان علي ألف درهم، لم يكن هذا إقراراً، من قبل أنه افتتح الكلام بالإنكار. ولو ابتدأ الكلام فقال: لا تخبر فلاناً أن لفلان علي ألف درهم، جعلت هذا إقراراً (¬1). وكذلك لو قال: لا تقل لفلان: إن لفلان علي ألف درهم (¬2). وكذلك لو قال: لفلان علي ألف درهم بحقه أو من حقه أو لحقه أو لميراثه أو من ميراثه أو بميراثه أو بملكه أو لملكه أو من ملكه أو لأجره أو بأجره أو من أجره أو لشركه أو بشركه أو من شركه أو من (¬3) بضاعته أو لبضاعته أو ببضاعته، فهذا كله إقرار جائز عليه، يلزمه الإقرار في ذلك كله. ولو قال: ما لفلان علي شيء، فلا تخبر فلاناً أن له علي ألف درهم، لم يكن هذا إقراراً منه (¬4)، وهذا (¬5) نفي. وكذلك لو قال: إنه لا شيء له علي، فلا تقل لفلان: إن له (¬6) علي ألف درهم. وكذلك لو قال: لا تشهد علي لفلان بألف درهم، أو قال: لا تشهد لفلان أن له علي ألف درهم، أو قال: لا تشهد لفلان علي بألف درهم، لم يكن هذا إقراراً. ولو قال: اشهد لفلان علي بألف درهم، كان هذا إقراراً ويلزمه المال. أولا ترى ¬

_ (¬1) وسيذكر المؤلف بعد قليل آخر الباب أنه ليس بإقرار. فانظر الحاشية التي هناك. (¬2) د م ف + وكذلك لو قال أخبر فلاناً أن له علي ألف درهم أو قال له إن له علي ألف درهم فإن هذا كله إقرار يلزمه. وقد تقدم ذلك قبل قليل. (¬3) ف - من. (¬4) وقد تقدمت المسألة قبل قليل. (¬5) د + وهذا. (¬6) ف - إن له.

باب الإقرار بدين من ثمن متاع

أن قوله: لا تشهد علي، مخالف لقوله: اشهد علي. وكذلك قوله: أخبر، ولا تخبر، فقوله (¬1): لا تخبر، نفي، وقوله: أخبر، إقرار (¬2). ... باب الإقرار بدين من ثمن متاع وإذا أقر الرجل أن لفلان عليه ألف درهم من ثمن مبيع اشتراه منه ثم قال بعد ذلك: لم أقبض المبيع، فإن أبا حنيفة رحمة الله عليه قال: المال عليه، ولا يصدق في قوله: لم أقبض المتاع. وقال أبو حنيفة أيضاً: لو قال: لفلان علي ألف درهم من ثمن متاع اشتريته ولم أقبضه (¬3)، لا أصدقه، والمال له لازم. وقال أبو يوسف ومحمد: هو مصدق إذا أقر ووصل، فإذا قطع (¬4) لم يصدق إذا ادعى ذلك المدعي من غير البيع (¬5). وقال أبو يوسف ومحمد بن الحسن: ألا ترى أنه لو قال: لفلان علي ألف درهم من ثمن خمر أو من ثمن (¬6) خنزير أو من ثمن حر، كان ذلك باطلاً لا يلزمه. وفي قياس قول أبي حنيفة المال له لازم، ولا يصدق. رجع أبو يوسف عن حرف من هذا فقال: إن قطع فقال: له علي ألف درهم، ثم قال بعد ذلك: هي من ثمن بيع لم أقبضه، سئل (¬7) البائع عن ذلك. فإن صدقه أنه من ثمن بيع وقال: قد قبضته مني، فالقول قول المقر إنه لم يقبض، كان قال المقر له: ليس المال من ثمن المبيع، فالقول قول المقر له ¬

_ (¬1) د م ف: وقوله. (¬2) وقد علق الحاكم على ذلك قائلاً: فال أبو الفضل: وهذا يدل على أن الجواب في المسألة التي تقدمت في قوله مبتدئاَ: "لا تخبر فلاناً بأن له علي ألف درهم" غير سديد + إلا أن يحمل على أنه تكلم به بعد النفي. انظر: الكافي، 2/ 8 و. ومن الفقهاء من صحيح كلام المؤلف. انظر للتفصيل: المبسوط، 18/ 21. (¬3) د م ف + فإن أبا حنيفة قال. (¬4) ف: فانقطع. (¬5) ف: المبيع. (¬6) د - من ثمن. (¬7) م: سبيل.

مع يمينه، ويأخذ المال. وهذا كله قول محمد (¬1). وإذا أقر فقال: ابتعت من فلان بيعاً بألف درهم، وقطع الحديث، ثم قال بعد ذلك: لم أقبض (¬2) المتاع، كان القول قوله وكان مصدقاً في قول أبي حنيفة (¬3) وأبي (¬4) يوسف ومحمد بن الحسن، وليس هذا مثل قوله: له علي. وقال أبو حنيفة: لو أقر أن لفلان عليه ألف درهم من ثمن هذا العبد الذي في يدي المقر له، فإن أقر الطالب بذلك وسلم له العبد أخذه بالمال. وإن قال: لم أبعك هذا العبد وبعتك غيره، وأخذ منه العبد وحلف عليه لم يكن عليه شيء (¬5). ولو قال: هذا العبد لك ولم أبعكه ولكن بعتك غيره، كان المال له (¬6) لازماً. ولو أقر فقال: لفلان علي ألف درهم من ثمن عبده فلان الذي في يدي المقر له، فقال فلان: لم أبعك هذا، وقد قبضت العبد الذي اشتريت مني، فإن أبا حنيفة قال في هذا: القول قول المقر، ولا يلزمه شيء. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. ولا يشبه هذا قوله: من ثمن متاع لم أقبضه، في قول أبي حنيفة. لأن قوله: لم أقبضه، فصل بين الإقرار والقبض. وإذا أقر أن لفلان عنده وديعة ألف درهم ثم قال: لم أقبضها، فهو ¬

_ (¬1) م ف: قول أبي حنيفة. والتصحيح من هامش د م ب حيث ذكر فيها: في نسخة قول محمد. وهو مستفاد كذلك من الكافي، 2/ 8 و؛ والمبسوط، 18/ 22 - 23. (¬2) د م: لم أقطع. (¬3) ف - أبي حنيفة. (¬4) ف: أبي. (¬5) ولفظ الحاكم: قال أبو الفضل: وقد قال في آخر هذا الكتاب: إن أبا حنيفة قال: يحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه، ويرد العبد, ويبطل المال. وهو قول أبي يوسف ومحمد. انظر: الكافي، 2/ 8 و - ظ؛ والمبسوط، 18/ 23. وانظر لكلام المؤلف: 6/ 49 ظ. (¬6) د - له.

باب الإقرار بالدين وغيره في المرض

لها ضامن. وإذا قال: له علي ألف درهم قرضاً، ثم قال: لم أقبضها، هو لها ضامن. وكذلك لو قال: أقرضتني ألف درهم، ثم قال بعدما سكت: لم أقبضها. وكذلك لو قال: سَلَّفَني عشرة دراهم في كُرّ (¬1) حنطة، ثم قال: لم أقبض الدراهم، فإن الكر له لازم، كله، وهذا كله إقرار بالقبض. وإذا أقر فقال: لفلان علي ألف درهم وزن سبعة، ثم قال: كفل بها عني فلان (¬2) ولم ينقدها، وكذبه فلان، فإن المال له لازم. ... باب (¬3) الإقرار بالدين وغيره في المرض حدثنا محمد بن الحسن عن يعقوب قال: حدثنا محمد بن عبيد الله (¬4) العَرْزَمي (¬5) عن نافع عن ابن عمر (¬6) أنه قال: إذا أقر الرجل في مرضه بدين لرجل غير وارث فإنه جائز وإن أحاط ذلك بماله، كان أقر لوارثه لم يجز (¬7). وكذلك قال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد بن الحسن. وإذا أقر الرجل بدين في مرضه الذي مات فيه لرجل ثم أقر بدين بعد ذلك لرجل آخر متصلاً كان إقراره أو متفرقاً فإنه جائز، ويباع ما ترك فيه، فيكون بينهم (¬8) بالحصص. وهكذا قال أبو حنيفة. ¬

_ (¬1) الكُرّ: مكيال لأهل العراق، وجمعه أَكْرَار، فقيل: إنه اثنا عشر وَسْقاً كل وَسْق ستون صاعاً، وفي تقديره أقوال أخرى ذكرها المطرزي. انظر: المغرب، "كرر". وقد ذكر المؤلف في كتاب القسمة أنه يكون أربعين قفيزاً. انظر: 2/ 75 و. والقفيز اثنا عشر صاعاً. انظر: المغرب، "كرر". (¬2) د م - فلان. (¬3) في الأصول: كتاب. التصحيح مستفاد من ب، وكذلك المبسوط، 18/ 24. (¬4) د: عبد الله. (¬5) م: العوارمي؛ صح هـ. (¬6) د: عن بن عمر. (¬7) وكرره المؤلف فيما يأتي بنفس الإسناد. انظر: 6/ 51 ظ. (¬8) م: معهم.

وقال أبو حنيفة: إن أقر بوديعة بعينها ثم بدين فالوديعة أولى من الدين. وقال: إن بدأ بالدين ثم ثنى بالوديعة فإنهما يتحاصّان. وقال: الإقرار المتفرق والمتصل في ذلك سواء. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة (¬1): إن كان عليه دين في صحته بإقرار كان منه في الصحة أو ببينة قامت به فدين الصحة أولى مما أقر به في المرض من الوديعة والدين حتى يستوفي أصحاب الصحة. وقال أبو حنيفة: إن استقرض مالاً في مرضه وعاين الشهود دفع المقرض المال، أو ابتاع بيعاً وعاين الشهود دفع (¬2) البيع إلى المقرض، فإن صاحب هذا يحاصّ أصحاب الدين الذي في الصحة، ويكون أولى من دين المرض. وقال أبو حنيفة: إن قضى هؤلاء الذين أقرضوه وباعوه في مرضه (¬3) دينهم فقبضهم جائز، وهو لهم دون غرماء الصحة؛ لأنه قد أخذ منهم مثل ما أعطاهم. وقال أبو حنيفة: إن تزوج امرأة في مرضه بألف درهم، وهو مهر مثلها، فإنه جائز، ويحاصّ بمهرها الغرماء الذين في الصحة. وقال أبو حنيفة: إن قضى هذه المرأة وبعضَ (¬4) غرماء الصحة ماله ثم مات أمرته أن يرد ما قبض، فيكون بين الغرماء جميعاً بالحصص. وقال أبو حنيفة: ليس له أن يقضي أحداً من غرمائه دون أحد في مرضه الذي مات فيه إلا رجلاً (¬5) قد أخذ منه في مرضه الذي مات فيه مثل ما أعطاه. وهو قول أبي يوسف ومحمد كله. ¬

_ (¬1) د: وقال محمد. (¬2) د م: ودفع. (¬3) ف: في مرض. (¬4) ف: أو بعض. (¬5) د: إلا رجل.

وإذا أقر الرجل في مرضه الذي مات فيه بألف درهم دين لفلان، ثم بوديعة ألف درهم بعينها لفلان، وبألف درهم دين لفلان، ولم يترك غير الألف التي أقر بها وديعة، فإنها تقسم بينهم بالحصص أثلاثاً، من قبل الدين الذي أقر به أول مرة. ولو قال صاحب الدين الأول: لا حق لي (¬1) قبل الميت، وقد أبرأت الميت من ديني، كانت الألف درهم بين صاحب الوديعة وبين الغريم الآخر نصفين، من قبل أن الدين الأول قد ثبت، وصارت الوديعة بينهم بالحصص، ولا يبطل حق الآخر إبراء الأول الميت من الدين. وإذا أقر المريض بدين في مرضه الذي مات فيه ثم استقرض ألفاً بشهادة الشهود معاينة، ثم مات وليس له مال غير الألف التي اقترضها، فإن صاحب الألف المقرض أحق بها مِن قِبَل أن دينه مثل دين الصحة. ولو كان عليه دين سوى ذلك في الصحة كانت بينهما بالحصص، وليس لصاحب الإقرار له في المرض معهم حصة ولا شرك. وإذا أقر الرجل أن لفلان على فلان (¬2) ألف درهم، وجحده فلان ذلك، ثم مرض المقر، ومات الجاحد والمقر وارثه، وعلى المقر دين في صحته، ثم مات المقر وقد ترك ألفاً ورثها عن الجاحد، فإن دين المقر في الصحة أحق بهذه الألف من غرماء الجاحد؛ لأن المقر إنما جاز إقراره في مرضه حين ملك المال. ألا ترى أنه لو أقر أن فلاناً أعتق عبده فلاناً وجحده المولى لم يجز إقراره ولا شهادته، فإن مات المولى والمقر الشاهد وارثه لا وارث له غيره والمقر مريض مرضاً مات فيه فإن لم يكن عليه دين ولا مال له غيره عتق العبد وسعى في ثلثي قيمته، فإن كان عليه دين عتق العبد وسعى في قيمته إذا كان الدين مثل القيمة أو أكثر، لأنه ملك العبد وجاز إقراره وهو مريض، فكان بمنزلة ما أقر به على نفسه في مرضه. ¬

_ (¬1) د + من. (¬2) ف - فلان.

وإذا أقر الرجل بدين في مرضه الذي مات فيه لفلان بن فلان ولم يقل: الفلاني، فجاء رجل على ذلك الاسم والنسب، فإنه لا يدفع إليه حتى يأتي بالبينة أن هذا الدين له وأنه فلان بن فلان الذي أقر له بهذا الدين. وإن نسبه إلى قبيلته فقال: الفلاني، فجاء رجل على ذلك الاسم والنسب والقبيلة فهو له كان لم يشهد الشهود أنه هو الذي أقر له فلان بعينه. وإذا كان في تلك القبيلة رجلان على ذلك الاسم والنسب لم يقض لواحد منهما حتى يقيم البينة أنه صاحب المال. وإذا أقر المريض في مرضه الذي مات فيه بدين ألف درهم لرجل، ثم أقر بعد ذلك بمضاربة لرجل بألف درهم بعينها، ثم أقر بعد ذلك بألف درهم وديعة بغير عينها، ولم يترك إلا الألف درهم، فإن الألف تقسم بينهم أثلاثاً بالحصص. وإذا أقر المريض في مرضه الذي مات فيه بألف درهم بعينها أنها لقطة عندي، وليس له مال غمرها، فإنه يُصدَّق في ثلثها، [ويتصدق بالثلث] (¬1)، ولا يُصدَّق في الثلثين الباقيين في قول أبي يوسف. وقال محمد: إن لم يصدقه الورثة فهي كلها ميراث لهم، ولا يُتصدَّق بشيء (¬2) منها؛ لأنه لم يأمر (¬3) بالصدقة منها. وإذا أقر الرجل في محرضه الذي مات فيه بألف درهم دين لرجل، ثم استدان ألفاً فاستقرضها بمعاينة الشهود، ومات ولم يترك غير الألف، فإن صاحب القرض الذي عاين شهوده ذلك أولى (¬4) بجميع ما ترك؛ لأن دينه بمنزلة الدين الذي في الصحة. وكذلك لو كان أقر مكان الدين الأول بوديعة بعينها (¬5). ألا ترى أنه لو جاء دين فى الصحة كان أولى من الوديعة. ولو لم ¬

_ (¬1) الزيادة من الكافي، 2/ 9 و؛ والمبسوط، 18/ 29. (¬2) د م: لا يصدق لشيء؛ ف: ولا يصدق لشيء. والتصحيح من المصدرين السابقين. (¬3) د م ف: لم يأمره. والتصحيح من الكافي، 2/ 9 و. (¬4) ف - أولى. (¬5) ف - بعينها.

باب الإقرار بالدين في مرضه الذي لا يلزمة لوارث أو غيره

يستقرض ولكن تزوج امرأة على ألف درهم وهو مهر مثلها فإنها أولى من الوديعة التي أقر بها والدين، وهو بمنزلة الدين في الصحة. ... باب الإقرار بالدين في مرضه الذي لا يلزمة لوارث أو غيره وإذا أقر المريض في مرضه الذي يموت فيه بدين لوارث فإن أبا حنيفة قال: هذا باطل لا يجوز. وقال أبو حنيفة: إذا أقر المريض لأخيه بدين وليس بوارث يوم أقر، ثم مات المريض وأخوه وارثه، فإن ذلك الإقرار باطل لا يجوز، وقال: إنما أنظر إلى حاله يوم يموت. وقال أبو حنيفة: لو أن رجلاً مسلماً أقر لابنه بدين وابنه نصراني فأسلم ومات الأب من ذلك المرض كان إقراره باطلاً لا يجوز. وقال أبو حنيفة: لو أن رجلاً مريضاً أقر لامرأة بدين ثم تزوجها ثم مات من ذلك المرض كان إقراره جائزاً، وقال: لا تشبه المرأة الابن. وهذا كله على قول أبي يوسف وقول محمد. وإذا برأ (¬1) المريض من ذلك المرض وصح فإن إقراره جائز في ذلك كله. وقال أبو حنيفة:، لا يجوز إقرار المريض لقاتله بدين إذا مات في ذلك المرض من جنايته، وهو بمنزلة الوارث. وقال: إن كان المقتول يوم أقر ليس بصاحب فراش فإقراره جائز بذلك الدين. ¬

_ (¬1) د: أبرأ.

وقال أبو حنيفة: لا يجوز إقرار المريض بدين لعبد أحد الورثة، ولا لمكاتب بعض الورثة. وكذلك عبد القاتل ومكاتبه. وإذا أقر الرجل بدين لابنه وهو مريض، ثم مات الابن قبل الأب، فصار غير وارث وصار الورثة ولد ولده، وابن ذلك الابن فيهم، فإن ذلك لا يجوز من قبل أنه صار لوارثه. ثم رجع يعقوب عن هذا وقال: هو جائز؛ لأن الإقرار إنما ثبت (¬1) للأول، فجاز الإقرار. وهو قول محمد. وإذا أقر المريض لرجل بدين فمات المقر له وأحد ورثة المريض وارثه ثم مات المريض من ذلك المرض فإقراره باطل لا يجوز، لأنه صار لوارث. ثم رجع يعقوب عن هذا، وقال: هو والأول سواء. وكذلك لو كان قضاه إياه وقبضه منه. وكذلك لو كان قضى به القاضي فإن ذلك كله يرد ولا يجوز. رجع يعقوب عن هذا، وقال: هو جائز، لأن الإقرار إنما ثبت للأول والأول غير وارث حين مات قبل موت المقر الأول. وهذا قول محمد في (¬2) القول الأول (¬3)، وفي القول الآخر: جائز. وقال أبو حنيفة: إذا أقر المريض بدين لرجلين أحدهما وارثه ثم مات من ذلك المرض (¬4) لا يجوز إقراره لواحد منهما بشيء من ذلك للشركة التي دخلت فيهما، ولأنه لا يصل إلى واحد منهما شيء إلا كان الآخر شريكه. ولو قال الابن: لم يكن في على أبي شيء، ولا شركة بيني وبين هذا الغريب، لم يصدق على ذلك، ولم يكن لهذا الغريب حق؛ لأن أصل الإقرار كان باطلاً. ولو قال الغريب: ليس بيني وبين ابن الميت شرك، وصدقه ابن الميت لم ينتفع بهذه المقالة ولم يثبت له بها حق؛ لأن أصل الإقرار كان باطلاً. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: إذا جحد الغريب أن يكون بينه وبين الوارث شركة في هذا ¬

_ (¬1) ف: إنما يثبت. (¬2) د م: وفي. (¬3) أي: كان يراه باطلاً في قوله الأول. (¬4) د م ف + فإن أبا حنيفة قال.

الدين جاز إقرار المريض للأجنبي، وأخذ حصته من جميع المال، وبطلت حصة الوارث. وإذا أقر المريض لامرأته بدين ثم ماتت قبله ولها ورثة يحرزون ميراثها ليسوا من ورثة المريض فإن إقراره لها جائز؛ لأنها غير وارثة. وكذلك لو أقر لابنه ثم مات الابن قبله وله ابن وللمريض بنون يحرزون ميراثه كان إقراره لابنه جائزاً؛ لأنه (¬1) غير وارث. وإذا أقر الرجل في مرضه لامرأته بدين ثم ماتت امرأته قبله، ولها ابنان (¬2) أحدهما منه (¬3) والآخر من غيره، وللمريض ابن آخر، فماتت المرأة قبل ذلك (¬4)، فإن إقراره باطل لا يجوز فى القول الأول. وهو جائز في يالقول الآخر. وهو قول محمد. وإذا أقر المريض بدين لغير وارث، ثم استدان من وارث ديناً في مرضه، استقرضه منه مالاً، وعاين الشهود دفع المال إليه، ثم مات المريض، فإن الوارث أحق بما ترك المريض حتى يستوفي دين هذا الوارث بمنزلة الدين في الصحة. وإذا أقر المريض بوديعة لوارث بعينها ثم مات من ذلك المرض فإن ذلك لا يجوز. وكذلك الإقرار للوارث في المضاربة والعارية. وإذا أقر المريض لامرأته بدين من مهرها فإنه يصدق فيما بينه وبين مهر مثلها، وتُقاسم غرماءه الذين أقر لهم في الصحة. ولا يشبه المهر ما سواه؛ لأن الفرج لا يحل إلا بمهر. وإذا كان للمريض دين على الوارث، فأقر المريض أنه قد استوفاه، ثم مات من ذلك المرض، فإن إقراره باطل، ويؤخذ الوارث بالمال. وكذلك ¬

_ (¬1) م: لأن. (¬2) م: بنان. (¬3) د: ابنه. (¬4) د + قبل ذلك.

المرأة المريضة تقر بقبض صداقها من زوجها. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإذا أقر الرجل المريض بعبد في يديه أنه لفلان، فأقر فلان المقر له (¬1) أنه لم يكن له وإنما هو لفلان ابن المريض، فمات من ذلك المرض وله ورثة، فإن إقرار المريض في ذلك باطل لا يجوز. رجع يعقوب عن هذا وقال: هو جائز. وهو قول محمد. وكذلك لو أقر بألف درهم ديناً لرجل وأقر الرجل أنها لابن المريض. وكذلك الوديعة والعارية، فهذا كله واحد لا يجوز منه شيء في القول الأول. وهو جائز في القول الآخر. وهو قول محمد. ولو أن هذا المريض باع عبداً من هذا الرجل بألف درهم وقبضه، وقبض المريض الثمن، وقيمة العبد مثل الثمن، ثم إن المشتري باع العبد من وارث المريض أو وهبه له أو مات، فصار وارث المريض وارثه، وللمريض ورثة سوى ذلك (¬2)، فإن هذا جائز كله (¬3) من قبل أنه لم يصل إلى الأول إلا بالثمن. ولو أن هذا المريض أقر بهذا العبد لرجل، فأقر الرجل أنه حر لم يزل، أو أقر أنه أعتقه، وليس للمريض مال غيره، فإن هذا جائز، والعبد لا يكون للرجل الذي أقر له المقر، ويكون العبد حراً. ولا يشبه هذا الوارث في القول الأول، وهو في الأخير سواء. ألا ترى أن هذا (¬4) الرجل لو لم يقر فيه بعتق وأقر أنه لرجل آخر غير وارث أن ذلك جائز، فكذلك إقراره له بالعتق. وكذلك التدبير والكتابة. وكذلك لو كانت أمة فأقر أنها أم ولد له. ¬

_ (¬1) د - له. (¬2) د - ذلك. (¬3) ف - كله. (¬4) د - هذا.

وإذا كان على المريض دين في الصحة يحيط بماله، فأقر المريض أنه أقرض رجلاً ألف درهم في مرضه، وهي جميع ما ترك، ثم قال المريض: قد استوفيتها منه، فإنه لا يصدق على ذلك. ألا ترى أنه لو أقر أن له عليه ألف درهم أنه لا يجوز. وكذلك إذا أقر أنه قد ردها عليه إلا أن يعاين الشهود دفع ذلك إليه. وإذا باع المريض داره بألف درهم في مرضه الذي مات فيه، وعليه دين في الصحة يحيط بجميع ماله، وقيمة الدار ألف درهم، فالبيع جائز؛ لأنه لا محاباة فيه. فإن أقر المريض أنه قد استوفى المال من المشتري لم يصدق؛ لأن هذا دين وجب له في المرض. ولا يصدق على قبض دين وجب له في المرض إذا كان عليه دين في الصحة، ويقال للمشتري إذا مات المريض: انقد الثمن وخذ الدار، وإلا فسخنا البيع وبعنا الدار لغرماء الميت. ولو كان عليه دين في (¬1) مرضه ولم يكن عليه دين في صحته كان القول فيه مثل هذا أيضاً. وكذلك لو أقر المريض أنه باعها في الصحة. وإذا أقر المريض لأخيه بدين ولا وارث له غيره، ثم ولد للمريض ابن فأحرز ميراثه دون الأخ، فإن الإقرار للأخ بالدين جائز؛ لأن المريض مات وهو غير وارث. وإذا أقر المريض باقتضاء دين من دين كان له في الصحة فأقر في مرضه أنه قد استوفاه فهو مصدق. وليس هذا كالدين الذي يُدينه في المرض من قبل أن دين المرض مال أخذ منه في المرض لا يجوز فيه قوله، وأن دين الصحة أخذ منه في الصحة وهو مصدق في قبضه في مرضه وصحته. ولو أن مكاتباً لهذا المريض كاتبه في صحته فأقر في مرضه أنه قد استوفى مكاتبته منه كان جائزاً وعتق العبد. ولو كاتبه في مرضه وأقر بذلك لم يجز ¬

_ (¬1) م - في.

باب المقتول عمدا وعليه دين في الصحة

إقراره بالقبض إذا كان عليه دين يحيط به، ويعتق العبد ويؤخذ بالكتابة، ولو لم يكن عليه دين صدق في ذلك من الثلث. ... باب المقتول عمداً وعليه دين في الصحة وإذا قتل الرجل عمداً وترك ألف درهم، وترك ابنين، فعفا أحدهما، وعلى الميت دين ألف درهم، فأدى، القاتل إلى الذي لم يعف خمسة آلاف، فإن الدين كله في هذه الستة آلاف درهم جميعاً؛ لأنها كلها تركة الميت. يأخذ الطالب ألفه منها، وما بقي فللذي عفا نصف سدسه، وللذي لم يعف ما بقي. ألا ترى أن المقتول لو أوصى بوصية جازت في هذا المال كله حتى تبلغ الثلث بعد الدين. ولو لم يكن عليه دين كانت الألف الأولى بينهما نصفين، والخمسة آلاف (¬1) للذي لم يعف خاصة، وصار كل ألف سهمين، فذلك اثنا عشر سهماً، للذي عفا سهم، وللذي لم يعف أحد عشر سهماً. فإذا كان عليه دين دخل عليهما بحساب ذلك على حساب ميراثهما منه. ولو كان الدين ألفين أو ثلاثة آلاف (¬2) درهم أخذ من هذه الستة آلاف (¬3)، وما بقي فهو بين الابنين على اثني عشر سهماً، للذي عفا عن الدين نصف سدسها، وهو سهم من اثني عشر سهماً، وللذي (¬4) لم يعف خمسة أسداس ونصف، وهو أحد عشر سهماً (¬5) من ائني عشر سهماً. ولو كان الميت أوصى بألف درهم لرجل وصية وعليه دين ثلاثة آلاف ¬

_ (¬1) م: الآلاف. (¬2) د م: أو ثلثة ألف. (¬3) د م: ألف. (¬4) ف - عفا عن الدين نصف سدسها وهو سهم من اثني عشر سهما وللذي. (¬5) سقط اعتباراً من هنا عدد من الأوراق من نسخة د حتى قوله: "رقبته العشر والمقر يقول ... لا فيما يأتي في 5/ 259 ظ.

بدأت بالدين فقضيته ثم أنفذت الوصية، وبقي الدين بعد ذلك، فهي بين الابنين على اثني عشر سهماً، للذي عفا عن الدم نصف سدسها، وهو سهم من اثني عشر سهماً، وللذي لم يعف خمسة أسداس ونصف، وهو أحد عشر سهماً. وإذا قُتل الرجل عمداً وله ابنان وترك عبداً يساوي ألفاً وعليه دين ألف درهم، فاستعدى الغريم القاضي، فباع العبد في دينه وأوفاه إياه، ثم عفا أحد الوليين عن الدم، وقضي للآخر بخمسة آلاف وقبضها، فإن أخاه الذي عفا عنه يتبعه، فيأخذ منه نصف سدسها. ولو كان الغريم لم يقبض ولم يبع العبد حتى قبض الأخ خمسة آلاف درهم، فاتبع الغريم الخمسة (¬1) آلاف درهم، وأخذ منها ألفاً، فإن العبد بينهما نصفين على حاله، والأربعة آلاف الباقية للذي لم يعف، ويرجع الذي لم يعف على الذي عفا بثلاثة وثمانين درهماً ودانقين. فإما أن يؤديها إليه، وإما أن يباع نصفه من العبد فيها. وذلك لأن الألف التي كانت على الميت على اثني عشر سهماً، على الذي لم يعف منها أحد عشر سهماً، وعلى الذي عفا منها سهم، وذلك نصف سدس، وهو ثلاثة وثمانون درهماً ودانقان، فلما قضيت من مال الذي لم يعف رجع بها عليه. وإذا قتل الرجل عمداً وله ابن وامرأة وترك عبداً يساوي ألفاً وترك عليه ديناً ألفي درهم، فعفت امرأته عن الدم، وقضي للابن بسبعة أثمان الدية، فذلك ثمانية آلاف درهم وسبع مائة وخمسون درهماً، ثم جاء الغريم فقبض دينه من مال الابن هذا، وهو ألفا درهم، فإن ما بقي من هذه الدية فهو للابن خاصة. وأما العبد فللمرأة ثمنه كاملاً، وللابن سبعة أثمانه. ثم يقال لها: عليك من هذا الدين جزء من ثمانية وسبعين جزء من هذه الألفي فى رهم، يباع نصيبك من العبد فيها، أو تفديه بذلك. ¬

_ (¬1) ف: خمسة.

وإذا قتل الرجل عمداً وله ألف درهم وعليه دين ألف درهم وترك ابناً وابنةً وامرأة، فعفا الابن عن الدم، فإن للابنة والمرأة حصتهما من الدية عشرة أسهم من أصل أربعة وعشرين سهماً، فيكون لهما من الدية وهي عشرة آلاف درهم أربعة آلاف ومائة درهم وستة وستون درهماً وأربعة دوانيق، فيضاف ذلك إلى الألف التي ترك، فيكون ذلك ميراث الميت، ويُقضى (¬1) [دين الميت] (¬2) من ذلك ألف درهم، وما بقي بعد ذلك فهو بينهما جميعاً بالحصص. فيُضرب فيها للابنة بثلاثة (¬3) آلاف درهم ومائتي درهم وثمانية دراهم ودانقين، ويضرب فيها للمرأة بنصيبها (¬4) بألف وثلاثمائة وخمسة وسبعين درهماً، ويضرب فيها للابن بخمسمائة وثلاثة وثمانين درهماً وثلث. إنما يضرب للابن بنصيبه من الألف، ويضرب للابنة بنصيبها من الألف (¬5) والدية، ويضرب للمرأة بنصيبها من الألف والدية، وذلك على ما وصفنا (¬6) لك. وإذا مرض الرجل وفي يده ألف درهم فأقر أنها وديعة بعينها لرجل، ثم قتل المريض عمداً وله ابنان، فعفا أحدهما، فإن الآخر يقضى له بخمسة آلاف، ويأخذ صاحب الوديعة الوديعة، ولا يشرك الابن الذي عفا الابن (¬7) الذي لم يعف في شيء؛ لأن الوديعة لا يملكها الميت وليست بميراث له. وكذلك لو لم يقر بوديعة ولكنه أقر لرجل بدين ألف درهم في مرضه (¬8) وقضاها إياه قبل أن يقتل فهو مثل ذلك. ولو لحق الميت دين بعد ذلك، فاتبع صاحب الدين الابن الذي لم يعف، فأخذ منه دينه، فإن ذلك لا يوجب للابن الذي عفا شيئاً. كان لم يتبع به الابن الذي لم يعف واتبع به ¬

_ (¬1) م ف: ويقضاها. والتصحيح من الكافي، 2/ 13 و. (¬2) الزيادة مستفادة من ب؛ والكافي، 2/ 13 و. (¬3) م ف: ثلاثة. (¬4) م - بنصيبها. (¬5) م - من الألف. (¬6) ف: ما وصفت. (¬7) م: للابن. (¬8) م: في موضعه.

باب الإقرار للوارث بدين

الغريم الذي اقتضاه في المرض، وكان دين هذا الرجل الذي لحق (¬1) بعد الألف درهم في الصحة بشهود، فإنه يأخذ الألف كلها منه، ويتبع الذي انتزعت منه الألف الابن الذي لم يعف، فيأخذ منه ألفاً. ويتبع الابن الذي عفا الابن الذي لم يعف فيأخذ منه نصف سدس الأربعة آلاف، مِن قِبَل أن الألف التي قضاها الميت في مرضه قد صارت ميراثاً. وإذا وهب الرجل (¬2) المريض عبداً له لرجل وقبضه وقيمته ألف درهم ولا مالماله غيره، ثم قتل العبد المريض عمداً، وله ابنان فعفا أحدهما عن الدم، فإن المولى يخير. فإن شاء فداه بخمسة آلاف درهم وأمسك العبد، وتكون الخمسة آلاف بين الابنين، للذي عفا نصف سدسها، وللذي لم يعف ما بقي. ولو اختار المولى الموهوب له دفع العبد بالجناية دفع ثلاثة أخماسه، ولا تجوز فيه الهبة، ويدفع خمسه بالجناية بحصته للذي لم يعف، ويبقى خمسه. فتكون هذه الأربعة الأخماس بين الابنين على اثني عشر سهماً، يُضْرَب فيها للذي لم يعف بسبعة أسهم، وللذي عفا بخمسة أسهم. وذلك لأن العبد كان بينهما نصفين، لكل واحد منهما خمسان ونصف، ودفع إلى الذي لم يعف الخمس، فصار للذي لم يعف ثلاثة أخماس ونصف، وذلك سبعة أسهم، وللذي عفا خمسان ونصف، وذلك خمسة أسهم. ... باب الإقرار للوارث بدين وإذا مات الرجل وترك ابناً وترك ألف درهم ميراثاً، فأقر ابنه أن على أبيه لفلان دينا ألف درهم، ولفلان رجل (¬3) آخر ألف درهم، ووصل ¬

_ (¬1) ف: يلحق. (¬2) م - الرجل. (¬3) م: لرجل.

الكلام، فإنه يقضى بالألف بينهما نصفين. ولو قطع الكلام وسكت ثم أقر للثاني فإن الأول أحق بما ترك الميت حتى يستوفي هذا. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: لو أقر بالألف بعينها أنها وديعة لفلان (¬1)، ولفلان ألف درهم دين كان صاحب الوديعة أحق من صاحب الدين. وقال أبو حنيفة: لو قال: لفلان على والدي ألف درهم، لا بل لفلان ألف درهم، فإن القاضي يقضي بها للأول، ولا يقضي للثاني بشيء. وقال أبو حنيفة: لو كان الابن دفعها إلى الأول بغير قضاء قاض غرم للثاني مثلها؛ لأنه أقر أن ملك الأول باطل، وقد أتلف مال الثاني. وهذا كله قول أبي يوسف وقولنا. وإذا أقر لفلان بألف درهم ثم سكت ثم قال: ولفلان ألف درهم، ثم أعطاه الأول بغير قضاء قاض، فإنه يضمن للآخر خمسمائة في قول أبي حنيفة. ولو قال له رجل: هذه الألف التي تركها أبوك وديعة في، وقال آخر: (¬2) في على أبيك دين ألف درهم، فقال: صدقتما (¬3)، فإن أبا حنيفة قال: الألف بينهما نصفان. وقال أبو يوسف ومحمد: صاحب الوديعة أولى بها. وإذا مات الرجل وترك ثلاثة بنين وترك ثلاثة آلاف درهم فاقتسموها فأخذ كل إنسان منهم ألف درهم، فادعى رجل على أبيهم ثلاثة آلاف درهم، وصدقه الأكبر منهم عليها كلها، وصدقه الأوسط بألفين منها، وصدقه الأصغر بألف منها، فإنه يأخذ منهم ألف درهم، من كل واحد منهم الثلث، ويأخذ ألف درهم من الأوسط والأكبر من كل واحد منهما نصفها، ويأخذ من الأكبر ما بقي في يديه. وهذا قول أبي يوسف. وقال محمد: ¬

_ (¬1) ف: فلان. (¬2) م ف: الآخر. (¬3) م: صدقها.

يأخذ من الأكبر الألف التي في يديه كلها من جميع الآلاف الثلاثة التي أقر بها، ويأخذ من الأوسط الألف كلها، ويأخذ ثلث الألف من الأصغر. فإن تفرقوا عليه فلقي الأصغر فقدمه إلى الحاكم فإنه يقضي (¬1) عليه بالألف التي في يده (¬2) أيضاً كلها. فإن لقي الأوسط بعد ذلك فقدمه إلى الحاكم فإنه يقضي له عليه بالألف التي في يديه أيضاً كلها. فإن لقي الأكبر بعد ذلك قضى له عليه بالألف التي في يديه كلها. فإن لقي الأكبر أول مرة قضى له عليه بالألف التي في يديه كلها. فإن لقي الأوسط بعده قضى له بالألف التي في يديه كلها (¬3). فإن لقي بعدهما الأصغر والأصغر مقر بأن أخويه قد أقرا بما سمينا فإنه يقضي له (¬4) عليه بثلث الألف (¬5) التي في يديه. كان جحد فقال: لم يقر لك إخوتي إلا بألف واحدة، لم يقض له عليه بشيء. كان لقي الأوسط أول مرة قضى (¬6) له عليه بالألف كلها. فإن لقي الأصغر بعد ذلك فالجواب على ما ذكرت لك في إقرار الأصغر وإنكاره في الأول. فإن لقي الأكبر قضأنه عليه بالألف التي في يديه كلها. وإذا مات الرجل وترك ابنين وترك ألفي درهم فأخذ كل واحد منهما ألفا، ثم ادعى رجل على أبيهما (¬7) ألف درهم، وادعى آخر ألف درهم، فأقرا جميعاً لأحدهما، وأقر أحدهما للآخر وحده، وكان الإقرار معاً، فإن الذي اتفقا عليه يأخذ من كل واحد منهما خمسمائة، ويأخذ الذي أقر له وحده من الذي أقر له ما بقي في يديه، وهو خمسمائة درهم. ولو لم يقبضا (¬8) منهما شيئاً (¬9) وغاب الذي أقرا له جميعاً وجاء الذي أقر له الواحد فقدمه إلى الحاكم فقال: إن في على أبي هذا ألف درهم، وقد أقر في بها، فصدقه الابن وأوهم أن يخبره بما أقرَ لغيره، فإن القاضي يقضي عليه لهذا بالألف كلها. فإن جاء الآخر فقدم أخاه الآخر قضي له ¬

_ (¬1) م: قضا. (¬2) ف: في يديه. (¬3) ف - فإن لقي الأوسط بعده قضى له بالألف التي في يديه كلها. (¬4) ف - له. (¬5) م: بثلاثة آلاف. (¬6) ف: فقضي. (¬7) م: على ابنيهما. (¬8) ع: لم يقضيا. (¬9) م: ولو اشترى شيئاً.

عليه (¬1) بالألف التي في يديه كلها. ولا يرجع واحد من الأخوين على أخيه بشيء. وكذلك لو كان الذي أقرا له جميعاً قدم الذي أقر له ولم يقر لغيره قضأنه عليه بالألف التي في يديه. فإن جاء المقر له الآخر فقدم أخاه قضي له عليه بالألف التي في يديه (¬2) أيضاً. ولا يرجع واحد من الأخوين على صاحبه بشيء؛ لأن الذي أقر له بألفين يقول لأخيه: لا ميراث في ولا لك حتى يستوفي الغرماء الدين. وكذلك لو كان الميراث مائتي درهم والدين مائتي درهم. وكذلك لو كان الميراث شيئاً مما يكال والدين مثله أو شيئاً مما يوزن والدين مثله. وإذا مات الرجل وترك عبدين وترك ابنين، وقيمتهما سواء يساويان ألفاً ألفاً (¬3)، فاقتسما الابنان العبدين فأخذ كل واحد منهما عبداً، ثم أقرا جميعاً أن أباهما أعتق (¬4) أحد العبدين في صحته بعينه، وهو في يدي الأصغر منهما، وأقر الآخر أن أباه أعتق الذي في يديه في صحته بعينه، وأقرا بذلك معاً جميعاً، فإن العبدين حران، ويضمن الأكبر للأصغر نصف قيمة (¬5) الذي في يديه لأخيه الأصغر، ولا يشبه هذا الدين، لأنه قد أخذ من أخيه عبداً له نصفه، ولم يعطه شيئاً، وقد استهلك العبد الذي أخذ من أخيه، فلا بد من أن يغرم نصف قيمته، لأنه زعم أن العبد الذي أخذ أخوه حر. وكذلك لو أقر أن هذين العبدين وديعة على هذا الوجه. وإذا مات الرجل وترك ابنين، وترك ألفي درهم، فاقتسماها، وأخذ كل واحد منهما ألف درهم، ثم أقر أحدهما بخمسمائة درهم دين لرجل على أبيه، وقضى به (¬6) القاضي له عليه، ثم أقرا جميعاً أن على أبيهما ألف درهم دين، فإنه يقضى به للمقر له عليهم بالألف أثلاثاً، على الذي لم يقر لغيره الثلثان منها، وعلى الذي أقر لغيره الثلث منها. ولو كان الأول أقر ¬

_ (¬1) م ف + بالألف كلها فإن جاء الآخر فقدم أخاه الآخر قضي له عليه والتصحيح من ب؛ والكافي، 2/ 11 و - ظ؛ والمبسوط، 18/ 48. (¬2) ف - فإن جاء المقر له الآخر فقدم أخاه قضي له عليه بالألف التي في يديه. (¬3) م - ألفا. (¬4) ف: عتق. (¬5) ف: قيمته. (¬6) م - به.

باب الإقرار بترك اليمين

بالألف كاملاً فقضى بها القاضي عليه وأخذت منه، ثم أقرا جميعاً بالألف الثانية (¬1) قضي لصاحبها بالألف التي في يدي الباقي، ولا يتبع الباقي أخاه بشيء. وهذا يبين لك في الدين كله أن الإخوة لا يتبع بعضهم بعضاً بشيء إذا لم يبق في أيديهم فضل على الدين. وإن مات الرجل وترك ابنين وترك ألفي درهم، فاقتسماها فأخذ كل واحد منهما ألف درهم، ثم ادعى رجل مائة درهم، فأقرا له جميعاً، وادعى آخر مائة فى رهم، فأقر (¬2) له أحدهما، وذلك بعد إقرارهما الأول، فإن المائة (¬3) الأولى تكون عليهما نصفين. فإن أخذها من أحدهما دون (¬4) الآخر رجع الذي أخذت منه بنصفها على أخيه. والمائة (¬5) الأخرى في حصة المقر به وحده. ولو بدأ فأقر بهذا وحده ثم أجمعاً جميعاً على الإقرار لذلك الآخر كان لهذا الأول مائة درهم من حصة الذي أقر له، وكانت المائة الأخرى من مالهما على تسعة عشر سهماً. فأيهما ما لقيه واحد (¬6) منهما وحده فأخذها منه كان له أن يرجع على أخيه بحصته من ذلك. وكذلك لو كان الإقرار منهما جميعاً معاً كانت المائة عليهما على تسعة عشر سهماً، عشرة أسهم من ذلك على الذي لم يقر بشيء، وتسعة أسهم على الذي أقر للآخر (¬7) بمائة، والمائة الأخرى على الذي أقر بها وحده. ... باب الإقرار بترك اليمين وإذا ادعى الرجل عبداً في يدي رجل ولم تكن له بينة فطلب يمينه ¬

_ (¬1) م: بانيه؛ ف: بأنه. ولفظ ب: بألف أخرى. والتصحيح من الكافي، 2/ 11 ظ؛ والمبسوط، 18/ 49. (¬2) م ف: وأقر. (¬3) م: مائة. (¬4) م: ودون. (¬5) م: ومائة. (¬6) م - واحد. (¬7) م: الآخر.

فإن أبا حنيفة قال: يستحلف له، فإن حلف برئ، كان نكل عن اليمين فإنه يقضى بالعبد للمدعي. وهذا منه بمنزلة الإقرار. فإن أقر بعد ذلك أن هذا العبد كان للآخر أودعه (¬1) إياه لم ينتفع بذلك. وإن أقر قبل أن يستحلف أن هذا العبد لفلان وهو غائب فإنه لا ينتفع بذلك، ولا يدفع الخصومة عن نفسه بهذه المقالة إلا أن تقوم له بينة. فإن قامت [له] بينة على ذلك لم تكن بينهما خصومة. فإن لم تقم [له] بينة على ذلك فهو خصم، وعليه أن يحلف. فإن أبى أن يحلف دفعه إلى المدعي. فإن جاء المقر له الأول كان له أن يأخذ العبد من المقضي له به؛ لأنه أقر به له قبل أن يقضى بهذا. وهذا على حجته، إن أقام بينة أخذ العبد، كان لم تقم له بينة استحلف هذا، فإن حلف للطالب (¬2) برئ، كان نكل عن اليمين قضي (¬3) بالعبد عليه. وإذا ادعى رجل عبداً في يدي رجل وقال؛ غصبتنيه، وجحد الآخر ذلك ولم تكن للطالب بينة فإنه يستحلف (¬4) أيضاً. فإن أبى أن يحلف قضأنه بالعبد. فإن جاء مدع آخر فقال: هذا عبدي غصبنيه الذي كان العبد فىِ يديه، وطلب يمينه (¬5)، فإنه يستحلف (¬6) له أيضاً. فإن أبى أن يحلف غرم له قيمة العبد، ولا يصدق على العبد، ولكنه يغرم القيمة. وكذلك هذا في الوديعة والعارية. والحيوان كله في هذا سواء. وكذلك الثياب والعروض كلها ما خلا الأرضين والدور، فإنه لا يضمن للثاني شيئاً في قول أبي حنيفة، ولا يمين له عليه في الأرضين للثاني (¬7)؛ لأنه لم يحولها عن حالها. وفي قول أبي يوسف الأول يضمن، وهو قولنا؛ لأن إقراره أتلفها، وإباؤه اليمين بمنزلة إقراره. وإذا مات الرجل وترك ابناً له (¬8) لا وارث له غيره، وترك في يديه عبداً، فادعى رجل أنه استوح العبد أباه الميت، فإن الابن يستحلف على ¬

_ (¬1) ف: أودعته. (¬2) ف: الطالب. (¬3) م ف: اقضي. (¬4) ت: يستحلفه. (¬5) ف: بينه. (¬6) ف: يستحلفه. (¬7) م ف: والثاني. (¬8) ف - له.

باب الإقرار بالعروض بين الرجلين

علمه، فإن أبى أن يحلف دفع العبد إليه وكان هذا (¬1) بمنزلة إقراره. فإن ادعى آخر أف كان استودعه إياه وأراد استحلافه فإنه لا يستحلف؛ لأنه لو أقر له أنه كان استودعه إياه لم يلزمه شيء. وكذلك ما ادعي على الأب من غصب أو عارية أو وديعة؛ لأن الابن لم يَلِ الغصب والوديعة (¬2) والعارية بنفسه فيكون قد أتلفه بإقراره، إنما ادعى على غيره، فكره أن يحلف، فقضى القاضي للأول، ولا ضمان عليه للثاني إذا كانت دعواه في الذي قضى به ولم (¬3) يكن في يدي الابن من الميراث شيء (¬4). والرجل والمرأة وأهل الذمة وأهل الإسلام في ذلك سواء. والعبد التاجر فيما ادعي قبله من ذلك أو ادعى (¬5) بمنزلة ذلك. وكذلك المكاتب والصبي التاجر. وإذا أبى أن يحلف ثم قال قبل أن يقضي القاضي عليه: أنا أحلف، فإنه يقبل منه ذلك. وإن تأجله باليمين يوماً أو يومين أو ثلاثة فلا بأس أن يؤخره الحاكم. كان لم يفعل وأمضى عليه الحكم فهو جائز. وإن أمضى عليه القضاء بإباء اليمين ثم قال بعد ذلك: أنا أحلف، لم يقبل منه ذلك. ... باب الإقرار بالعروض بين الرجلين وإذا كانت الدار بين الرجلين فأقر أحدهما لرجل (¬6) ببيت فيها بعينه وأنكر صاحبه، فإن صاحبه يقسم له نصف الدار، فهو موضع واحد. فإن ¬

_ (¬1) ف - هذا. (¬2) م + في نفسه. (¬3) ف: وإن لم. (¬4) وعبارة الحاكم: ولا ضمان على الابن للثاني إذا كانت دعوته في الذي قضى به للأول، قال أبو الفضل: هذا إذا لم يكن في يد الابن من ميراث أبيه شيء. انظر: الكافي، 2/ 14 و. فكأن الجملة الأخيرة من زيادته، لكنها موجودة هنا في الأصل. ولعل النسخة التي نقل منها الحاكم لم تكن فيها هذه العبارة. (¬5) ف: وادعى. (¬6) ف - لرجل.

وقع البيت في نصيب المقر سلم للمقر له. وإن وقع في نصيب الآخر قسم النصف بينهما، يضرب فيه صاحب البيت المقر له بمثل ذرع البيت، ويضرب فيه الآخر المقر بالنصف مما بقي من الدار بعد البيت. فلا يجوز إقراره على شريكه المنكر؛ لأن ذلك يضر (¬1) بنصيبه. وكذلك الدار بين الرجلين فأقر أحدهما فيها بطريق لرجل أو بحائط معلوم وأنكر الآخر فهو على هذه الصفة. وكذلك بستان بين رجلين أو قَرَاح (¬2) أو أرض. وهذا قول أبي حنيفة رحمة الله عليه. وإذا كان حمام بين رجلين فأقر أحدهما أن البيت الأوسط منه (¬3) لرجل فإن ذلك لا يجوز، وللمقر له أن يضمن المقر نصف قيمة ذلك البيت؛ لأن الحمام لا يقسم، ولا يجوز إقرار المقر على شريكه المنكر لما يدخل عليه من المضرة فيه. ولو أقر أن نصف الحمام لرجل كان ذلك جائزاً، وليس في هذا ضرر. وكذلك لو أقر بثلثه أو بربعه. وكذلك هذا في الدار والأرض، ليس في هذا ضرر على المنكر. ولو كان عِدْلُ زُطِّي (¬4) بين رجلين فأقر أحدهما أن ثوباً منه بعينه لرجل وأنكر الآخر، كان حصة المقر من ذلك الثوب للمقر له، ولا يشبه هذا الدار الواحدة؛ لأن هذا ليس بضرر فيما بقي على المنكر. وكذلك الرقيق والحيوان كله. والثياب كلها ما يقسم منها وما لا يقسم فهو مثل هذا أيضاً. وإذا كانت الدار بين رجلين فأقر أحدهما ببيت منها بعينه لرجل وأنكر شريكه، وأقر شريكه ببيت آخر (¬5) وأنكر صاحبه ذلك، فإنه لا يجوز إقرار ¬

_ (¬1) م: يضرب. (¬2) القَرَاح من الأرض: كل قطعة على حيالها ليس فيها شجر ولا بناء. انظر: المغرب، "قرح"؛ والمصباح المنير، "قرح". (¬3) ف: فيه. (¬4) العدل: وعاء، والزطي: نوع من الثياب. وقد تقدمت الكلمتان في الكتاب مراراً. (¬5) م: الآخر.

واحد منهما على صاحبه، ويقسم الدار بينهما نصفين. فأيهما ما وقع في نصيبه البيت الذي أقر به فهو جائز عليه. كان لم يقع في نصيبه قسم ما أصابه بينه وبين الذي أقر له على البيت كله وعلى نصف ما بقي من الدار. ولو أقر أن طريقاً لقوم عليه باب مبوّب أقر واحد منهم بطريق لرجل وأنكر ذلك بقيتهم لم يجز ذلك عليهم، ولم يكن للمقر له أن يمر فيه حتى يقتسموها. فإن وقع موضح الطريق في قسم المقر جاز ذلك عليه. وإن وقع في نصيب الآخر لم يكن له طريق فيه، وكان له أن يقاسم المقر بحصة (¬1) ذلك الطريق، يضرب به في نصيبه على وجه ما وصفت لك في البيت. ولو أن نهراً بين قوم خاص شربهم منه أقر أحدهم بشرب فيه لرجل وأنكر بقيتهم لم يجز ذلك عليهم، ويقال له: كم شربه. فإن كانوا ثلاثة نفر فقال أحدهم: إن عشر هذا النهر لرجل، دخل عليه في حصته، فكان ثلثه بينه وبين الذي أقر له على مقدار ثلثه ومقدار عشره. ولو قال: له عشر هذه الطريق، لم يجز على أصحابه ولم يكن (¬2) للمقر له أن يمر فيه. والطريق في هذا مخالف للنهر؛ لأنه لا يقسم الطريق بينهم، والنهر يتحاصّون (¬3) فيه بقدر شربهم. فيدخل المقر له مع الذي أقر بحصته. فإن كان يدخل في ذلك ضرر على أصحابه لم يدخل معهم في شيء. وإنما الإقرار بعشر الشرب مثل الإقرار بعشر الدار، فيجوز على المقر في حصته، يضرب (¬4) هذا المقر بنصيبه، والمقر له بما أقر له به في حصته من المقر خاصة. ولو كانت عين بين قوم أو رَكِي (¬5) بين ثلاثة نفر فأقر أحدهم أن عشرها لرجل دخل معه في حصته، فيقسم الثلث بينهما على الثلث أو على العشر إذا كان المقر يدعي لنفسه الثلث. ¬

_ (¬1) ف: بحصته. (¬2) ف: ولكن. (¬3) م: يتخاصمون. (¬4) ت: ضرب. (¬5) م ف: أو رعى. والتصحيح من الكافي، 1/ 15 و؛ والمبسوط، 18/ 55. والركي البئر، من ركا الأرض ركوا إذا حفرها. انظر: لسان العرب، "ركا".

ولو أن سيفاً بين رجلين حليته فضة أقر أحدهما أن حليته لرجل وأنكر الآخر لم يجز ذلك على شريكه، وضمن المقر للمقر له نصف قيمة الحلية مصوغاً من الذهب. ولو أن داراً بين رجلين أقر أحدهما أن جذعاً في سقف بيت منها لرجل وأنكر ذلك صاحبه لم يجز ذلك على صاحبه، وضمن المقر نصف قيمة الجذع للمقر له. وكذلك لو أقر بآجُرّ في حائط منها. وكذلك لو أقر بعود في قُبّة (¬1) بينه وبين آخر، أو بلوح من باب بينه وبين آخر، فهو مثل ذلك. وقال أبو حنيفة: لو كانت الدار بين رجلين فباع أحدهما نصف بيت منها معلوم لم يجز بيعه؛ لأن هذا فيه ضرراً على صاحبه. وقال: إن أوصى بذلك لم يكن على صاحبه ذلك، ويقسم لصاحبه النصف كاملاً، وكانت الوصية للموصى له في نصيب الميت الموصي. فإن وقع البيت في نصيب الموصي أخذه الموصى له كله. كان لم يقع في نصيبه أخذ الموصى له بقدر ذلك البيت إن لم يقع البيت في نصيبه. وقال محمد: إن وقع البيت في نصيب الموصي أخذ الموصى له نصفه من الثلث. وإن وقع في نصيب شريكه أخذ الموصى له بمقدار ذرع نصفه، ولم يأخذ بمقدار (¬2) النصف الآخر. وإن بيعت الدار في الدين فالإقرار في المرض والوصية باطل إذا لم يكن له مال يخرج منه الإقرار والوصية. وإذا أقر الرجل فقال: لفلان علي أو على مكاتبي فلان ألف درهم، فإن عتق المكاتب فالإقرار باطل، وإن عجز فرد في الرق ولا دين عليه فالإقرار جائز، ويلزمه ذلك إن شاء نفسه وإن شاء عبده (¬3). ¬

_ (¬1) القبة من البنيان معروفة، وتطلق على البيت المدوَّر، وهو معروف عند التركمان والأكراد، ويسمى الخَرْقَاهَة. والجمع قِبَاب مثل بُرْمَة وبِرَام. انظر: المصباح المنير، "قبب" (¬2) ف: مقدار. (¬3) انظر الفقرة بعد التالية. وانظر للشرح: المبسوط، 18/ 56.

وإذا أقر الرجل على عبده بدين وعبده تاجر والعبد يجحد ذلك عليه وعليه دين يحيط بقيمته فالإقرار باطل لا يجوز. كان بيع العبد للغرماء في دينهم لم يلزمه من الدين الذي أقر به السيد شيء. وكذلك إن أعتق العبد فالإقرار باطل لا يجوز. وإذا أقر الرجل [فقال:] إن لفلان على مكاتبي هذا ألف درهم، فالإقرار باطل. كان عجز فرد في الرق ولا دين عليه فالإقرار جائز، ويلزم المولى ذلك، إن شاء فداه، وإن شاء باعه فيه. وإذا أقر الرجل أن لفلان عليه ألف درهم، أو على فلان، ثم مات فلان، والمقر وارثه، وترك مالاً، فالإقرار يلزمه، إن شاء كان عليه، وإن شاء كان في مال الميت. وكذلك لو كان أقر بذلك بعد موت الميت. والمشيئة في ذلك إلى المقر. وإذا أقر الرجل أن لفلان على فلان ألف درهم، ثم مات فلان، والمقر وارثه، ولا دين عليه، فإن هذا المال يكون في ميراث الميت. وإن كان على الميت دين في صحته أو في مرضه فإنهم أحق بما ترك [من] هذا المقر، مِن قِبَل أنه لا ميراث للمقر حتى يستوفي الغرماء. فإن فضل له ميراث جاز إقراره لهذا. ولو أقر أن لفلان عليه ألف درهم، لا بل على فلان، أو بل على فلان، فإن المال له لازم، ولا يصدق على ما قال. وإذا كانت الدار في يدي رجلين فأقر أحدهما أنها بينهما وبين فلان أثلاثاً، وأقر الآخر أنها بينهما وبين هذا المقر له وبين آخر أرباعاً، فإن الذي أقر بالأرباع يعطي الذي أقرا له جميعاً ربع ما في يديه، ويقاسم الآخر ما بقي في يديه نصفين. وينظر الذي أخذ الربع إلى ما أخذ، فيضيفه إلى ما في يد الذي أقر له بالثلث، فيقتسمانه نصفين، وذلك من ستة عشر سهماً، ويكون للذي أقر بالأرباع ثلاثة أسهم، ولصاحب الذي لم يقر له الآخر ثلثه، وللذي أقر له بالثلث خمسه، وللذي أقرا له جميعاً خصسه. وهذا قول أبي يوسف الذي قاسمه على قياس قول أبي حنيفة. وأما في قول محمد على

قياس قول أبي حنيفة فإن الذي أقرا له جميعاً يأخذ من الذي أقر لهما جميعاً خمس ما في يديه، فيضمه إلى نصيب الذي أقر له خاصة، فيقتسمان ذلك نصفين، ويقاسم الذي أقر لهما ما بقي في يدي المقر له الآخر نصفين. وإذا كانت الدار في يدي رجلين فادعى أحدهما كلها وادعى الآخر نصفها فإنها بينهما نصفان. ولو كان في يدي أحدهما بيت منها وفي يد الآخر بيت والساحة في أيديهما جميعاً فإن البيت في يدي الذي ادعى النصف بينهما نصفان، والبيت الآخر لصاحب الجميع، والساحة بينهما نصفان. ولا يشبه هذا الدار التي في أيديهما جميعاً؛ لأن كل شيء من ذلك في أيديهما جميعاً، وهذه في يد كل واحد منهما شيء ليس في يدي صاحبه. وإذا كان سُفْل الدار في يدي رجل والعلو في يدي رجل آخر فادعى كل واحد منهما الدار، فإن الدار كلها لصاحب السفل، ولصاحب العلو ما في يديه من العلو والطريق إلى باب الدار. وإذا كان حائط بين داري رجلين، كل واحد منهما يدعيه، فإن كان متصلاً ببناء أحدهما فهو له دون الآخر، وإن لم يكن متصلاً ببناء واحد منهما فهو بينهما نصفان. وإن كان متصلاً ببنائهما فهو بينهما نصفان. وإن كان متصلاً ببناء أحدهما وللآخر عليه جذوع فهو لصاحب الجذوع، إلا أن يكون اتصالاً بتربيع (¬1) بيت كله، فيكون لصاحب البيت، ولصاحب الجذوع موضع جذوعه. فإن كان لأحدهما عليه خشبة وللآخر عليه عشر خشبات فإن أبا حنيفة قال: هو لصاحب العشر خشبات إلا موضع الخشبة. وقال أبو ¬

_ (¬1) تقدم قريب من هذه المسألة في كتاب الدعوى. انظر: 5/ 181 و. وقد قال السرخسي: قال في الكتاب: إلا أن يكون اتصال تربيع بيت أو دار، فيكون لصاحب الاتصال حينئذ. وكان الكرخي -رحمه الله- يقول: صفة هذا الاتصال أن يكون هذا الحائط المتنازع من الجانبين جميعاً متصلاً بحائطين لأحدهما، والحائطان متصلان بحائط له بمقابلة الحائط المتنازع، حتى يصير مربعاً شبه القبة، فحينئذ يكون الكل في حكم شيء واحد، فصاحب الاتصال أولى. انظر: المبسوط، 17/ 88.

حنيفة: إذا كان (¬1) لأحدهما عليه خمس خشبات وللآخر أربع فهو بينهما نصفان. وإذا كان حائط بين داري رجلين، وجه البناء إلى أحدهما، وإلى الآخر ظهر البناء، فإن أبا حنيفة قال: هو بينهما نصفان. وإذا كان خُصّ (¬2) بين داري رجلين فادعاه كل واحد منهما والقُمُط (¬3) من قبل أحدهما، فإن أبا حنيفة قال: هو بينهما نصفان. وقال أبو يوسف ومحمد في الخص والحائط هو للذي القمط إليه وللذي إليه داخل البناء. أبو يوسف عن دَهْثَم بن قُرَّان عن يحيى بن أبي كثير قال: اختصم رجلان في حظيرة بينهما، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حذيفة بن اليمان يقضي بينهما. قال: فقضى حذيفة لمن كان القمط إليه، ثم أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك، فأمضى ذلك (¬4). ¬

_ (¬1) ف: إن كان. (¬2) والخُصّ: بيت من قصب. انظر: المغرب، "خصص". (¬3) قال المطرزي: القُمُط جمع قِمَاط: شُرُط الخُصّ التي يوثق بها، جمع شريط: وهو حبل عريض ينسج من ليف أو خُوص. وقيل: القُمُط: هي الخشب التي تكون على ظاهر الخُصّ أو باطنه، يشد إليها حَرَادِيّ القصب. وأصل القَمْط الشدّ، يقال: قَمَطَ الأسير أو غيره، إذا جمع يديه ورجليه بحبل، من باب طلب. انظر: المغرب، "قمط". (¬4) روي من طريق دهثم بن قران عن عبد الله بن أبي سعيد الأنصاري عن حذيفة قال: اختصم قوم في حظائر بينهم، فبعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقضيت للذي وجدت معاقد القمط تليه. فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته. فقال: "أصبت". قال البيهقي: تفرد بهذا الحديث دهثم بن قران اليمامي، وهو ضعيف. واختلفوا عليه في إسناده فروي هكذا، وروي من وجهين آخرين. فعن دهثم بن قران ثنا عقيل بن دينار مولى جارية بن ظفر عن جارية بن ظفر: أن دارأ كانت بين أخوين، فحظرا في وسطها حظاراً، ثم هلكا وترك كل واحد منهما عقبا، فادعى عقب كل واحد منهما أن الحظار له من دون صاحبه. فاختصم عقباهما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأرسل حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - يقضي بينهما، فقضى بالحظار لمن وجد معاقد القمط تليمى ثم رجع فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم -. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أصبت". قال دهثم: أو قال: "أحسنت". وعن دهثم بن قران عن نمران بن جارية بن ظفر عن أبيه قال: جاء قوم يختصمون إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في خص، فبعث معهم حذيفة،=

أبو يوسف عن قيس بن الربيع عن الشعبي عن شريح أنه كان يقضي بالخُصّ لمن كانت القُمُط إليه، ويقضي بالحائط لمن كانت أنصاف اللبن إليه والآجُرّ إليه. وذلك عندنا بطن البناء. وقال أبو حنيفة: بطن البناء ليس بشيء، وهو بينهما نصفان. ألا ترى أن وجه البناء يخرج إلى الطريق. وقال (¬1): أرأيت لو كان أحد جانبي الحائط مجصّصاً أيقضى به لصاحب الجص. أرأيت لو كان في أحد الوجهين طاقات أو رَوَازِن (¬2) أيقضى به لصاحب الطاقات أو لصاحب الروازن. وقال أبو حنيفة: هو بينهما نصفان. وقال أبو يوسف ومحمد: الجص (¬3) ليس بشيء، والحائط بينهما نصفان على ما وصفت لك أول مرة، وكذلك الروازن. وإذا كان حائط متصل بطاقات فإن أبا يوسف ومحمداً قالا: الحائط للذي إليه الطاقات، وفي قياس قول أبي حنيفة هو بينهما نصفان. وروازن الخُصّ لا تشبه الطاقات، فإن كانت الروازن في البناء من الآجر فهو مثل الطاقات في قياس قول أبي يوسف ومحمد. وإذا كان الباب في حائط فادعاه رجلان، كل واحد منهما يقول: الباب لي والحائط لي، وغَلَق الباب إلى أحدهما، فإن هذا في قياس قول أبي حنيفة بينهما نصفان: الباب والحائط. وفي قول أبي يوسف ومحمد الحائط بينهما نصفان، والباب للذي إليه الغَلَق. وإن كان له غَلَقان من كل جانب واحد فهو بينهما نصفان في قولهم جميعاً. والبناء للذي يستحق به أن تكون القُمُط إلعه أو يكون بطن البناء إليه. وهو قول محمد. ... ¬

_ = فقضى بالخص لمن تليه القمط. فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أحسنت". انظر: الكامل لابن عدي، 3/ 107؛ وسنن الدارقطني، 229/ 4؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 6/ 67. (¬1) ف: قال. (¬2) الطاق: ما عُطِف من الأبنية، والجمع الطاقات والطيقان، فارسي معرَّب. انظر: لسان العرب، "طرق". والروازن جمع رَوْزَن: وهو الكُوَّف وفي المحكم: الخرق في أعلى السقف. التهذيب: يقال للكوة النافذة: الروزن. انظر: لسان العرب، "رزن". (¬3) م: الخص.

باب الإقرار بالشيء من العروض وغيره بغير عينه

باب الإقرار بالشيء من العروض وغيره بغير عينه وإذا أقر الرجل أن لفلان شاة في غنمه هذه فإنه يقال لفلان: ادّع أيها شئت بعينها، وائت عليها بالبينة، فإن لم تكن له بينة استحلف المقر، فإن حلف أعطاه أي شيء شاء منهن. كان حلف المقر على كلهن لم يقبل ذلك منه، وأجبر على أن يعطيه شاة منها. فإن لم يقر بشيء منها بعينها ولم يدع المدعي بشيء بعينه منها فهو شريك فيها. وكذلك لو أقر [فقال:] إن له بعيراً في إبلي هذه، أو بقرة في بقري هذه، أو مملوكاً في رقيقي هؤلاء، أو ثوبأ في ثيابي هذه، وكلَّ شيء من العروض والحيوان والثياب كلِّه بواحد منه، فإنه يجبر على دفع واحد منها أيها شاء بعد أن يحلف. والقول في ذلك قول المقر. وعلى المقَر له البينة إن ادعى غير ما أقر به. فإن مات المقر فإن ورثته في ذلك بمنزلته، والقول قولهم مع أيمانهم على علمهم. فإن قال المقر: لا أدري أنها له، وقال المقر له: إنها في، فهو شريك له في ذلك في واحدة منها. فإن كانت الغنم عشرة فله عشر كل شاة، كان كانت عشرين فهو شريك فيها على هذا الحساب. وكذلك الإبل والبقر فهو شريك في ذلك على هذا الحساب. وإذا أقر الرجل أن لفلان في دراهمه هذه عشرة دراهم وهي مائة درهم، فإن للمقر له منها عشرة دراهم وزن سبعة. فإن كان في الدراهم زُيوف (¬1) فقال المقر: هي زيوف، فإن القول قول المقر مع يمينه. وكذلك النَّبَهْرَجَة (¬2). فإن كان في الدراهم صغار وكبار فقال: هي عشرة صغار ¬

_ (¬1) زَافَتْ عليه دراهمُه أي: صارت مردودة عليه لِغشِّ فيها، وقد زُيًفَتْ إذا رُدَّتْ، ودرهم زَيف وزائف، ودراهم زُيُوف وزُئف، وقيل: هي دون البَهرَج في الرداءة، لأن الزيف ما يرده بيت المال، والبَهْرَج ما يرده التجار، وقياس مصدره الريُوف، وأما الزَّيَافَة فمن لغة الفقهاء. انظر: المغرب، "زيف". وقال السرخسي: ثم الزيوف ما زيّفه بيت المال ولكن يروج فيما بين التجار. انظرة المبسوط، 12/ 144. (¬2) النَّبَهْرَج والبَهْرَج: الدرهيم الذي فضته رديئة، وقيل: الذي الغلبة فيه للفضة، إعراب نَبَهرَه. وقيل: المُبْطَل السِّكّة. انظر: المغرب، "بهرج"؛ والقاموس المحيط، "نبج".

نقَّص (¬1)، وادعى الطالب أنها عشرة وزناً، فإنها عشرة وزناً، ولا يصدق المقر أنها نُقَّص صغار؛ لأنه قد سمى عشرة دراهم، فلا يكون هذا إلا عشرة وزن سبعة. وإذا أقر [فقال:] إن لفلان في طعامي هذا كُرّ (¬2) حنطة، فهو جائز. فإن لم يبلغ ذلك الطعام كله كر حنطة فإنه جميعاً للمقر له، ويحلف (¬3) المقر ما استهلك من هذا الطعام شيئاً، ولا شيء عليه. وإذا أقر [فقال:] إن له في غنمي هذه العشرة شاة، ثم جحد ذلك وحلف ما أقر به، فإن للمقر له العُشر من هذه الغنم، إلا أن يدعي شيئاً بعينه فيكلف البينة. وكذلك الإبل والبقر والحيوان والثياب. فإن مات من الغنم شيء ذهب من مالهما جميعاً. كان ولد منها شيء كان لهما على ذلك الحساب. وإن أقر أن له هذه الشاة أو هذه الناقة فإن القول في ذلك قول المقر مع يمينه. فإن جحد وحلف ما له منها شيء وادعى الطالب ذلك كله فإنه يقضى له بالشاة بالأَوْكَس (¬4) منها، ولا يكون شريكاً في الناقة من قبل اختلافها، ولا يشبه هذا الشاة التي قبله. ولو أن الشهود قالوا: سمى لنا إحداهما فنسيناها، أبطلت شهادتهما ولم أقض له بشيء؛ لأنهما قد أفسدا شهادتهما. وإذا أقر الرجل بحق لرجل (¬5) في دار في يديه فإنه يجبر على أن ¬

_ (¬1) الدراهم النُّقَّص، أي: الخِفاف الناقصة. وفُعَّل في جمع فاعل قياس. انظر: المغرب، "نقص". (¬2) الكُرّ: مكيال لأهل العراق، وجمعه أَكْرَار، فقيل: إنه اثنا عشر وَسْقاً كل وَسْق ستون صاعاً، وفي تقديره أقوال أخرى ذكرها المطرزي. انظر: المغرب، "كرر". وقد ذكر المؤلف في كتاب القسمة أنه يكون أربعين قفيزاً. انظر: 2/ 75 و. والقفيز اثنا عشر صاعاً انظر: المغرب، "كرر". (¬3) ف: أو يحلف. (¬4) أي: الأقل قيمة. انظر: لسان العرب، "وكس". (¬5) ف - لرجل.

يسمي له من ذلك ما شاء، ويستحلف على ما فضل إن ادعاه المقر له. وكذلك الأرض. وكذلك لو أقر لرجل بحق في جارية أو في دابة أو في ثوب فهذا كله باب واحد، ويجبر المقر على أن يسمي من ذلك ما شاء، ويحلف عليه. فإن أبى أن يسمي شيئاً من ذلك سمى الحاكم ثم وَقَفَه (¬1) على شيء من ذلك حتى إذا انتهى إلى أقل ما يقر به استحلفه ما له فيه إلا ذلك. وإذا أقر أن لفلان حقاً في هذه الغنم ثم قال: هو عشر هذه الشاة، فإن القول قوله مع يمينه. وإذا أقر أن لفلان حقاً في هذه الدار ثم قال: هو الجذع، أو هذا الباب المركب، أو هذا البناء بغير أرض، فإنه لا يصدق على ذلك، وقد ثبت له في أصل هذه الدار حق، والقول فيه قول المقر مع يمينه. أرأيت لو قال: إنما عنيت هذا الثوب الذي في الدار، أو هذا الطعام الذي هو في الدار، أكنت أصدقه. ولو أقر أن له في هذا البستان حقاً ثم سئل عن ذلك فقال: هو ثمرة هذه النخلة، لم يصدق على ذلك. وإن أقر بالنخلة بأصلها فالقول قوله مع يمينه، إذا أقر معها من الأرض بشيء صدق، وإن قال: عنيت له بغير أرض، لم يصدق. وإن أقر له في هذه الأرض بحق ثم قال: حقه فيها أني أجرتها إياه سنة يزرعها، وقال الآخر: بل في فيها شرك، فإن المقر لا يصدق حتى يقر له فيها بشيء. وإذا أقر أن له في هذه الدار حقاً ثم قال: هو سكنى شهر، وادعى الآخر الشرك فيها، فإن المقر لا يصدق على أن حقه ذلك السكنى. ولو أقر أن له في هذه الدار ميراثاً أو شراءً ثابتاً أو ملكاً ثابتاً أو حقاً ثابتا ثم قال: هو هذا الباب المغلق (¬2)، فإنه لا يصدق، ولا بد له من أن يقر له بشيء من أرض الدار. ¬

_ (¬1) ف: ثم وقته. (¬2) م: المنطق.

ولو أقر [فقال:] إن له في دار والدي هذه وصية من والدي، ثم قال الوارث: هو سكنى هذا البيت سنة، وادعى المقر له شركاً في أصل الدار، فإن هذا مثل الباب الأول، وهذا شرك (¬1) في رقبة الدار (¬2)، والقول فيه قول المقر أنه جزء من مائة جزء. ولو وصل المنطق في جميع ذلك فقال: له وصية في هذه الدار سكنى، أو قال: له حق في هذه الدار سكنى شهر، أو قال: له في هذه الدار سكنى شهر، فإن القول قوله مع يمينه. وكذلك لو قال: له فيها ميراث سكنى شهر، فالقول قوله مع يمينه. وإن كان في يدي رجل عشرة من الغنم فقال: لفلان فيها شاة شرك، ثم ماتت الغنم في يدي المقر، وطلب المقر له أن يضمنه، وقال: أنت خلطت شاتي بغنمك، وقال المقر: بل أنت خلطتها وشاركتني، فإن القول قول المقر مع يمينه ولا ضمان عليه. وإذا أقر الرجل أن لفلان في زيته هذا رطلاً من زَنْبَق (¬3)، فقال المقر له: أنت خلطته، وقال المقر: بل أنت خلطته، فإنه لا يصدق واحد منهما على ذلك، وهما شريكان في الزيت، يضرب صاحب الزنبق فيه بثمن رطل (¬4) زيت، ويضرب الآخر (¬5) بثمن ما بقي، ولا يضرب صاحب الزنبق بقيمه زنبقه؛ لأنه قد صار زيتاً كله. ولو كان لرجل خمسون رطلاً من زنبق في يديه، فأقر لرجل فيه رطلاً من بنفسج، بعته ثم قسمت الثمن بينهما، يضرب صاحب البنفسج بقيمة رطل بنفسج، ويضرب فيه صاحب الزنبق بقيمة زنبقه. وإن شاء صاحب الزنبق أعطاه رطلاً من بنفسج، والزنبق كله له. والخيار في ¬

_ (¬1) م: شركه. (¬2) ف - فإن هذا مثل الباب الأول وهذا شرك في رقبة الدار. (¬3) الزنبق: دهن الياسمين. انظر: المغرب، "زبق". (¬4) م + ويضرب الآخر بثمن ما بقي ولا يضرب صاحب الزئبق فيه بثمن رطل زيت. (¬5) ف: للآخر.

ذلك إلى صاحب الزنبق؛ لأن (¬1) متاعه هو الغالب. ولو أن رجلاً في يديه ثوب مصبوغ بعصفر فقال الرجل: لك في ثوبي هذا قفيز من عصفر في صبغه، فإن صاحب الثوب بالخيار، إن شاء رد عليه ما زاد من قفيز من عصفر في ثوبه، وإن أبى ذلك بيع الثوب فيه، فيضرب فيه صاحب العصفر بما زاد قفيز عصفر فيه، ويضرب فيه صاحب الثوب بالفضل مع قيمة الثوب. والقول في زيادة العصفر قول الذي في يديه الثوب بعد أن يسأل عن ذلك أهل العلم، فإن وقعوا على شيء يعرف في ذلك أخذت بقولهم، وإلا فالقول قول صاحب الثوب مع يمينه. ولو أن رجلاً في يديه عبد فقال: لفلان في هذا العبد شرك، ثم قال بعد ذلك: له العشر، فإنه لا يصدق، وله النصف. ولو وصل الكلام فقال: فلان شريكي في العشر، كان مصدقاً. وهذا قول أبي يوسف. وقال محمد: القول قوله فيما أقر به [فقال:] فلان شريكي (¬2). ألا ترى أنه لو قال: هذا العبد بيني وبين فلان، أو لى ولفلان، ثم سكت أنه بينهما نصفان (¬3)، وكذلك إذا قال: هو شريكي في هذا العبد، وكذلك لو قال: له معي في هذا العبد شرك، في قول أبي يوسف. ولو قال: هذا العبد لي ولفلان، في الثلثان ولفلان الثلث، كان القول قوله مع يمينه. وقوله: له شرك معي، وقوله: له حق، سواء في قول محمد، إذا أقر أن له فيها حقاً فالقول ما قال (¬4)، وصل الكلام أو قطعه. وإذا قال: له فيه شرك (¬5) معي (¬6)، أو قال: معي شريك، أو قال: لي (¬7) شريك في هذا العبد، فإن وصل الكلام كان القول ما قال، وإن قطع الكلام فهو بينهما نصفان في قول أبي يوسف (¬8). ¬

_ (¬1) م ف: لأنه. (¬2) أي: إلى المقر بيان مقدار شركة المقر له، فيصدق إن قال: له العشر أو غير ذلك. انظر: المبسوط، 18/ 64. (¬3) هذا التعليل جار على قول أبي يوسف كما هو ظاهر. (¬4) م ف + أو. (¬5) م ف: شريك. (¬6) م: مع. (¬7) م - في. (¬8) وفي قول محمد بيان مقدار ذلك إلى المقر كما تقدم.

والحيوان والثياب والدور والأرضون مثل ذلك كله. وإذا أقر أن فلاناً وفلاناً شريكان معه في هذا العبد فهو بينهما أثلاثاً في قول أبي يوسف ومحمد. وهذا مثل قوله: فلان وفلان شركائي في هذا العبد. وإذا أقر الرجل فقال: قد أشركت فلاناً في نصف هذا العبد، فإن أبا حنيفة قال في هذا: للمقر له النصف. وقال أبو حنيفة: قوله: أشركته في هذا العبد، وأشركته (¬1) في نصفه، سواء. وهذا استحسان وليس بقياس. القياس ينبغي أن يكون له الربع إذا قال: أشركته في نصفه. وإذا أقر الرجل أن لفلان عليه حقاً ثم قال بعد ذلك: إنما عنيت حق الإسلام، فإنه لا يصدق، ولا بد له من أن يقر له بشيء، ويحلف ما له عليه غيره إن ادعى الطالب أكثر من ذلك. وإذا أقر الرجل أن لفلان على عبده فلان حقاً، وقال الطالب: في في رقبته العشر، والمقر يقول: إنما عنيت ديناً، فالقول قول (¬2) المقر مع يمينه. ولو كان أقر أن له في رقبة عبده حقاً (¬3) فقال الطالب: في (¬4) شرك بعُشره، وقال المقر: إنما عنيت دين كذا وكذأ، فإن هذا ليس كما قال المقر، ولا بد من (¬5) أن يسمي شيئاً في رقبته عشراً (¬6) أو أقل. فإن أقر بالأقل من ذلك فعليه (¬7) اليمين. وإذا أقر الرجل أن لفلان حقاً في عبدي هذا، أو في أمتي هذه، فادعى الطالب حقأ في الأمة، فإن المقر يحلف على ذلك. فإن حلف لم يكن (¬8) له في الأمة شيء. ولا حق له في العبد؛ لأنه لم يدع فيه شيئاً. ولو ادعى فيهما جميعاً جَبَرْتُ (¬9) المقر على أن يقر في أيهما شاء طائفة. فإن ¬

_ (¬1) م ف: وأشركت. (¬2) د م: مع؛ صح د هـ (¬3) د: حق. (¬4) د - في. (¬5) د - من. (¬6) د: عشر. (¬7) د: فإن عليه؛ صح هـ. (¬8) م، يكن. (¬9) د: خيرت. جبر وأجبر بمعنى واحد. انظر: لسان العرب، "جبر".

حلف عليهما جميعاً جبرته (¬1) على أن يقر في أحدهما بشيء. وأحلفه على دعوى الطالب إن ادعى أكثر من ذلك. وإذا أقر الرجل بحائط لرجل ثم قال: عنيت البناء دون الأرض، فإنه لا يصدق على ذلك، ويقضى عليه بالحائط وبأرضه. وكذلك لو أقر له بأسطوانة في دار معروفة (¬2) فقال المقر: إنما عنيت بناء (¬3) الأسطوانة (¬4)، وادعى الطالب بناءها وأصلها، فإنه يقضى للطالب ببنائها وأرضها. وإذا أقر له بخشبة في داره أصلها ثابت في الأرض وعليها (¬5) حمل، وادعى الطالب الخشبة بموضعها من الأرض، فإنه لا يكون للطالب من الأرض شيء، وإنما الخشبة وحدها. فإن كانوا يستطيعون أن يدفعوها إليه بغير ضرر دفعوها إليه. فإن كانت لا تؤخذ إلا بضرر ضمن المقر قيمتها للطالب. وإذا أقر الرجل بنخلة في بستانه لرجل أو في أرضه ثم قال المقر: إنما له النخلة بغير أصلها من الأرض، وادعى الطالب النخلة بأصلها من الأرض، فإنه يقضى له بأصلها من الأرض. وكذلك لو أقر له بشجرة. ولو كان أقر له بثمرة في نخلة فادعى الطالب النخلة مع الثمرة لم تكن له النخلة. [ولو أقر له بكرم في أرض] (¬6) كانت (¬7) له الكرمة بأصلها كلها؛ لأن اسم الكرم يجمع الشجر والأرض. وكذلك لو أقر أن هذا البستان له كان له (¬8) الشجر والنخل والأرض. ولو أقر أن هذا النخل لفلان فأراد الطالب أن يأخذ الأرض كلها لم يكن له ذلك، وإنما له النخل بأصولى من الأرض، ولا طريق له، وليس له ما بين النخل من الأرض. ¬

_ (¬1) د: خيرته. (¬2) د م: معرفة. (¬3) د ف - بناء. (¬4) د: بالاسطوانة. (¬5) د: وعليهما. (¬6) الزيادة من الكافي، 2/ 19 و؛ والمبسوط، 18/ 66 - 67. (¬7) د م ف ب: ولم تكن. والتصحيح مستفاد من المصدرين السابقين. وعبارتهما: كان له الكرم بأرضه. (¬8) ف - له.

باب الإقرار بالمال في حال الصغر

وكذلك لو أقر له بشجرة (¬1) في أرض كان مثل النخل. وكذلك لو أقر له بعشرة أصول من هذه الكرم معروفة كان له تلك الشجرات بأصولها، ولا يكون له ما بين الشجر من الأرض. ولو قال: شجر هذا البستان لفلان، كان له الشجر بأصوله، ولا يكون له ما بين الشجر من الأرض. ولو قال: بناء هذا الدار لفلان، فإن له البناء دون الأرض. وكذلك لو قال: بناء هذا الحائط لفلان، كان له البناء دون الأرض؛ لأن البناء ليس يخرج من الأرض كما يخرج الشجر والنخل، فهذا من الأرض، والبناء ليس منها. وإذا أقر الرجل أن (¬2) لفلان جزء (¬3) من داره فإن القول في ذلك قول المقر، يقر له من ذلك بما شاء (¬4). وكذلك لو قال: شِقْص. وكذلك لو قال: طائفة من داري، أو قطعة من داري. وكذلك لو قال: سهم أو جزء أو حق في داري، فهذا كله باب واحد، القول فيه قول المقر مع يمينه. وفي قياس قول أبي حنيفة إذا قال: له في داري سهم، فإنه يكون له سهم من ستة أسهم. وإذا أقر له ببعض هذا الحائط فإن له البناء دون الأرض. وإذا أقر له بجذع هذه النخلة فله الجذع دون الأرض. ... باب الإقرار بالمال في حال الصغر وإذا أقر الرجل أنه كان أقر وهو صبي لفلان بألف درهم، وقال الطالب: بل أقررت في بها وأنت رجل، فالقول قول المقر مع يمينه، ولا شيء عليه. وكذلك لو قال: أقررت لك بها في نومي أو قبل أن أخلق، كان هذا باطلاً لا يلزمه منه شيء؛ (¬5) لأنه نسبه إلى حال لا يثبت فيها (¬6) إقراره. ¬

_ (¬1) ف: بشجرات. (¬2) د م - أن. (¬3) د: بجزء. (¬4) ف: يشاء. (¬5) ف + لا يلزمه منه شيء. (¬6) ف: منها.

ولو قال (¬1): أقررت لك بألف درهم دين وأنا ذاهب العقل من بِرْسَام (¬2) أو لَمَم، فإن كان يعرف أن ذلك أصابه فهو باطل لا يلزمه، وإن كان لا يعرف أن ذلك أصابه فهو ضامن للمال. ولو أقر فقال: أخذت منك ألف درهم وأنا صبي أو أنا ذاهب العقل، وقد كان يعرف أن ذلك أصابه، فهو ضامن للمال. ولا يشبه هذا الإقرار؛ لأن هذا استهلاك. وإذا أقر الرجل الحر أنه (¬3) أقر لفلان عليه بألف درهم وهو عبد فإن المال يلزمه، ولا يشبه العبد الصبي. وكذلك الحربي يسلم ثم يقر أنه قد كان أقر لفلان في دار الإسلام بألف فى رهم في دخلة دخلها بأمان فإن ذلك يلزمه (¬4). وكذلك لو قال: دخل علينا فلان بأمان، فأقررت له بألف درهم، فإن هذا يلزمه؛ لأنه أقر بذلك وهو رجل يجوز إقراره. وإن قال: أقررت له بألف درهم وأنا في دار الحرب وهو في دار الإسلام، فإن هذا يلزمه. وكذلك المسلم يقر أنه قد كان أقر لفلان وهو حربي بألف درهم فإن ذلك يلزمه؛ لأنه أقر وهو رجل. وهذا مثل إقرار العبد بألف درهم بعد عتقه. ولو أن رجلاً أقر أنه كان أقر لفلان بألف درهم قبل أن يعتق المقر له، وقال فلان: أقررت في بها بعد العتق، فإن المال يلزمه، ويكون للعبد دون مولاه. ولو أقر رجل مسلم أنه قد كان مشركاً محارباً أخذ في حربه من فلان ألف درهم، وقال فلان: بل أخذتها مني بعد إسلامك، فإن الحربي لها ضامن ولا يصدق. ألا ترى أن المسلم المقر له لو أقر أنه كان أخذ من هذا الحربي مائة دينار في الحرب وقال الحربي: بل أخذتها مني بعد إسلامك، كان المسلم لها ضامناً ولا يصدق. ولو كان يصدق في مثل هذا ما كان على أحد ضمان في شيء يصنعه بهذا المسلم. ولو كان أخذ منه عوضاً بعينه أو عبداً فقال: أخذت ¬

_ (¬1) - د م - قال. (¬2) البرسام بكسر الباء وفتحها: مرض يصيب العقل، انظر: المغرب، "برسم". (¬3) م: الرجل الجهالة. (¬4) د: يلز.

باب الإقرار بالاستفهام

هذا العبد منك في الحرب، كان ينبغي في هذا القول أن يصدق. ولو قال: سبيت (¬1) ابنك في دار الحرب، كان ينيغي في هذا القول أن يصدق، فهذا لا يستقيم، ولا يصدق في شيء من ذلك. ألا ترى أن المهاجرين قد هاجروا ولهم أموال وأولاد، فمن استهلك شيئاً من ذلك أفيصدق أنه فعل ذلك قبل إسلامهم، هذا لا يستقيم، ولا يبرأ صاحهب هذا الإقرار مما أقر به، وهو له لازم. وقال أبو حنيفة بعض هذا بعينه وبعضه قياساً عليه. وقال محمد: يصدق في المستهلك من ذلك، ولا يصدق فيما كان قائماً بعينه، فأما ما كان ليس بقائم بعيثه لم يجب عليه به الضمان، والقول فيه قول المقر؛ لأنه لم يقر بأمر فيه ضمان. ... باب الإقرار بالاستفهام وإذا أقر الرجل فقال لآخر: أليس قد أقرضتني (¬2) ألف درهم أمس، فقال الطالب: بلى، فجحد المقر، فإن المال يلزمه. وكذلك لو قيسال: أما (¬3) أقرضتني أمصى ألف درهم. وكذلك لو قال: ألم تقرضني أمس ألف درهم. فإن هذا كله باب واحد، يلزمه المال إذا ادعاه الطالب، لأن هذا إقرار (¬4). وكذلك لو ذال: أقرضتنى أمس (¬5) ألف درهم، ثم قال بعد ذلك: ولم تدفمعها (¬6) إلي، وادعى الطالب أنه قد دفعها إليه، فإن المال يلزمه. وكذلك إذا قال: أعطيتني أمس ألف درهم. ولو وصل الكلام فقال: أقرضتني أمس ألف درهم فلم تدفعها إلي، وادعى الطالب أنه قد دفعها إليه ¬

_ (¬1) د: شيت. (¬2) د: قد أقرضني. (¬3) ف: ما. (¬4) د - وكذلك لو قال أما أقرضتني أمس ألف درهم وكذلك لو قال ألم تقرضني أمس ألف درهم فإن هذا كله باب واحد يلزمه المال إذا ادعاه الطالب لأن هذا إقرار. (¬5) د - أمس؛ صح هـ. (¬6) د: تدفعهما.

فإن القول قول المقر مع يمينه. وكذلك لو قال: أسلفتني أمس ألف درهم فلم تدفعها إلي. وإذا أقر الرجل وقال: أسلمت إلي أمس عشرة دراهم في كُرّ حنطة (¬1)، ثم قال: لم تدفعها إلي، فإن الكر حنطة تلزمه. ولو وصل ذلك فقال: ولم تدفعها إلي، كان القول قوله، ولا يلزمه شيء إذا حلف على ذلك. وكذلك إذا قال: أسلفت (¬2) إلي عشرة دراهم في كر حنطة، فإن الكر يلزمه. ولو وصل ذلك وقال: لم تدفعها إلي، كان القول قوله مع يمينه. وإذا أقر الرجل أن فلاناً استودعه ألف درهم، أو وضع عنده ألف درهم، أو دفع إليه ألف درهم، أو نقده ألف درهم، أو أعطاه ألف درهم، ثم قال بعد ذلك: لم أقبل ذلك منه ولم أقبضه، فإنه لا يصدق، ويلزمه ذلك. ولو وصل الكلام فقال: استودعتني ألف درهم فلم أقبلها، أو أعطيتني ألفاً فلم أقبلها، فإن القول قوله مع يمينه. ولو قال: دفع إلي ألف درهم فلم أقبلها، أو نقدني ألف درهم فلم أقبلها (¬3)، لم يصدق على ذلك، وألزمته المال. ولا يشبه قوله: دفع إلي ونقدني، قوله: أعطاني. وهذا قول أبي يوسف. وقال محمد: هو عندنا والأول سواء، إذا وصل صدقته في ذلك كله. ولو أقر أنه أخذ منه ألف درهم فلم يتركه يذهب بها، أو قال: غصبته ألف درهم فانتزعها مني، فإنه ضامن للمال ولا يصدق. ولو أن قصاراً أقر أن فلاناً أسلم إليه ثوباً بيقصّره بدانق، ثم قال بعد ذلك: لم يدفعه إلي، فإنه (¬4) ضامن للثوب ولا يصدق. ولو وصل الكلام فقال: أسلم إلي ثوباً أقصّره ولم يدفعه، كان القول قوله مع يمينه. ¬

_ (¬1) د + حنطة. (¬2) د + أسلفت. (¬3) ف - أو نقدني ألف درهم فلم أقبلها. (¬4) د: إنه.

وإذا قال الرجل لآخر: آعطيتني (¬1) أمس ألف درهم، فقال ذلك وثَقَّلَ (¬2) الأَلِف، فإن هذا استفهام، ولا يلزمه شيء وإن ادعى ذلك الطالب، فإن لم يثقل (¬3) الألف كان إقراراً. وإذا أقر الرجل أن لفلان عليه مائة درهم أو لا شيء، فإنه لا شيء عليه، والقول قوله مع يمينه. وكذلك إذا قال: له علي عشرة دراهم أو لا. وكذلك إذا قال: غصبتك عشرة دراهم أو لم أغصبك. وكذلك إذا قال: أودعتني ألف درهم أو لم تودعني، فإن هذا كله باطل لا يلزمه منه (¬4) شيء. وكذلك لو قال: لك علي عشرة دراهم أو على فلان. وكذلك لو كان فلان (¬5) ذلك عبداً أو صبياً أو ذمياً أو حربياً أو مكاتباً أو امرأةً أو (¬6) أمةً فهو سواء، ولا شيء عليه مع يمينه. وكذلك لو قال: غصبتك أنا أو فلان، فإن هذا باطل، والقول قوله مع يمينه. ولو قال: لك علي عشرة دراهم أو على هذا، فأضاف ذلك إلى شيء لا يكون عليه دين (¬7)، فإن هذا في قياس قول أبي حنيفة يلزمه المال. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يلزمه المال ولم يقر بشيء، والقول قوله مع يمينه. واذا أقر الرجل فقال: لفلان علي عشرة دراهم أو لفلان على فلان دينار، فإن هذا باطل لا يلزمه شيء. ¬

_ (¬1) بمد الألف على صيغة الاستفهام، وهو ما عبر عنه المؤلف بقوله: وثَقلَ الألف. (¬2) د م ف ب: ونقد. والتصحيح من الكافي، 2/ 20 و. وقد يكون الصواب: ويَمُدّ. وقد حرفت العبارة في المبسوط تحريفا شنيعا. انظر: المبسوط، 18/ 71. ولعل المقصود بتثقيل الألِف هو مدها، أي "آعطيتني"، وهي لهجة من لهجات العرب في الاستفهام. ولم أجد استعمال التثقيل بهذا المعنى في المعاجم. لكنهم أستعملوه بمعنى التشديد في الحروف الأخرى غير الألف. والمد هنا في الحقيقة هو إدخال الهمزتين في بعضهما والنطق بهما معا، وهو أمر يشبه التشديد. والله أعلم. ولو صححنا الكلمة على أنها "ويَمُدّ" لزال الإشكال، لكن سورة الكلمة في الكافي جعلتنا نرجح ما أثبتناه. (¬3) د م ف ب: لم ينقد. وقد يكون الصواب: لم يمد. وانظر الحاشية السابقة. (¬4) د - منه. (¬5) م - فلان. (¬6) ف - أو. (¬7) بأن قال: على هذا الحائط أو الحمار. انظر: المبسوط، 18/ 72.

باب إقرار الرجل بالشيء قبضه من ملك رجل

ولو قال: لك علي عشرة دراهم أو على عبدي فلان، وليس على عبده دين فإن العشرة تلزمه، أو تلزم عبده، يضيفها (¬1) إلى أيهما شاء. كان كان على عبده دين يحيط بقيمته فإنه لا يلزمه من الإقرار شيء. فإن قضى عبده دينه (¬2) يوماً من دهره وهو عبد على حاله فإن الإقرار يلزمه. ... باب إقرار الرجل بالشيء قبضه من ملك رجل وإذا أقر الرجل أنه قبض من بيت فلان مائة درهم ثم قال: هي لي أو هي لفلان آخر، أو جحد ذلك بعد أن أشهد على نفسه، فإن المال يلزمه لصاحب البيت؛ لأنه قبضه من ملكه. فإن زعم أنه لآخر قبضه منه ضمن له مثله. وكذلك لو قال: قبضت من صندوق فلان (¬3) مائة درهم (¬4). وكذلك لو قال: قبضت من سَفَط (¬5) فلان ثوباً يهودياً أو ثوباً هروياً، فهو ضامن. ولو قال قبضت من قرية فلان كُرًّا من حنطة فهو ضامن (¬6) له. وكذلك كل ما يكال أو يوزن. وكذلك لو قال: قبضت من نخل فلان كُرًّا من تمر، أو من زرع فلان كرًّا من حنطة، فهو ضامن لذلك كله. ولو قال: قبضت من أرض فلان عِدْلاً من زُطِّي (¬7)، ثم قال بعد ذلك: إنما مررت فيها ماراً فنزلتها ومعي أحمال من زُطِّي، فإنه يقضى بالزُّطِّي لصاحب الأرض. ¬

_ (¬1) د: نصفها؛ ف: يضفها. (¬2) ف - دينه. (¬3) ف: فلانة. (¬4) د - وكذلك لو قال قبضت من صندوق فلان مائة درهم. (¬5) قال المطرزي: السَّفَط واحد الأسفاط: وهو ما يعبّأ فيه الطِّيب وما أشبهه من آلات النساء. ويستعار للتابوت الصغير، ومنه: "ولو أن صبياً حُمِل في سَفَط". انظر: المغرب، "سفط". (¬6) د + ولو قال قبضت من قرية فلان كرا من حنطة فهو ضامن. (¬7) العدل: أحد وعاءين يوضعان على جانبي الدابة، والزطي: نوع من الثياب كما تقدم مراراً.

باب الإقرار في الدار والعروض لرجل

ولو قال أخذت من دار فلان مائة درهم، ثم قال: كنت فيها ساكناً، أو قال: كانت معي بالإجارة، فإنه لا يصدق على ذلك. فإن جاء بالبينة أنها كانت في يديه بإجارة فإني أبرئه من المائة. وكذلك لو جاء بالبينة أنه نزل أرض فلان أبرأته من العدل الزُّطِّي. ... باب الإقرار في الدار والعروض لرجل وإذا كانت دار في يدي رجل فأقر [فقال:] إنها لفلان إلا بيتاً منها معلوماً فإنه لي، فإن إقراره جائز على ما قال، واستثناؤه جائز على ما قال. وكذلك لو قال: هذه الدار لفلان إلا ثلثها. وكذلك لو قال: هي دار فلان إلا تسعة أعشارها لي، فإن عشرها لفلان وتسعة أعشارها للمقر. ولو كان أقر فقال: الدار لفلان وهذا البيت في، كانت الدار كلها لفلان، ولا يصدق على البيت؛ لأنه لم يستثنه، إنما ادعاه بعد إقراره. ولو قال: الدار لفلان ولكن هذا البيت لي، كانت الدار كلها لفلان، ولا يكون له منها شيء. وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة (¬1): لو قال: هذه الدار لفلان وبناؤها لي، فإن الدار والبناء لفلان، ولا يجوز استثناء المقر؛ لأنه استثناء بكلام مستقبل (¬2) بعد الإقرار. وكذلك لو قال: هذه الأرض لفلان ونخلها لي، فإن هذا لا يجوز، والنخل (¬3) والأرض كلها لفلان. وكذلك الشجر والأرض. وكذلك إذا قال: هذا النخل بأصوله لفلان والتمر في. وكذلك لو أقر فقال: هذه الدار لفلان إلا بناؤها فإنه في (¬4)، فإنه (¬5) لا يصدق على البناء. والبناء تبع للأرض، وليس هذا باستثناء. وكذلك لو قال: هذا البستان لفلان إلا نخله (¬6) بغير ¬

_ (¬1) د - قال أبو حنيفة؛ صح هـ. (¬2) ف: مستقل. (¬3) م - والنخل. (¬4) د - فإنه لي. (¬5) م - فإنه. (¬6) ف + لي.

أصولها فإنه لي. وإذا قال: هذه الجبة لفلان إلا بطانتها فإنها لي، فإن الجبة ببطانتها لفلان. وكذلك لو قال: هذا السيف لفلان إلا حليته فإنها في، فإن السيف والحلية لفلان، والحلية تبع للسيف. أرأيت لو قال: هذه الدار وبناؤها لفلان إلا هذا الجذع الذي في السقف من سقوفها فإنه في، أكان يصدق. فإنه لا يصدق على شيء من ذلك. والدار وبناؤها والجذوع كلها لفلان. وإذا أقر الرجل فقال: هذه الدار لفلان، ثم قال: لا بل لفلان، فإنها للأول، وليس للآخر شيء. فإن أقر أنها لفلان ثم قال بعد ذلك: ولفلان، فهي للأول، وليسس للآخر شيء (¬1). كان قال: هي لفلان ولفلان، فوصل المنطق فهي بينهما نصفان. فإن وصل الكلام فقال: لفلان الثلثان ولفلان الثلث، فهو كما قال. وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: إذا كانت خادم في يدي (¬2) رجل هي وولدها، فأقر [فقال:] إن الخادم لفلان وولدها لي، فهو مصدق كما قال. وليس الولد من الأم بمنزلة البناء من الدار؛ لأن البناء والدار شيء واحد، والخادم والولد شيئان. ولو قال: هذه الخادم (¬3) لفلان، ولم يذكر ولدها، كانت الخادم لفلان وولدها للذي هي في يديه. أرأيت لو أقر أن جدتها لفلان أكنت أبيعها وولدها وولد الولد. وكذلك الحيوان كله في هذا. ولو كانت خادم في يدي رجل لها ولد، فأقام رجلالبينة أنها له، قضيت بها وبولدها، وليس البينة في هذا كالإقرار. ألا ترى أني أرد المشتري الذي قضيت له (¬4) عليه بالجارية على بيعه بالثمن (¬5). ولو كان في يدي رجل خاتم، فأقر [فقال:] إن هذا الخاتم لفلان وفصه في، كان الخاتم وفصه لفلان، وكان استثناؤه باطلاً. وكذلك لو قال: ¬

_ (¬1) د + فإن أقر أنها لفلان ثم قال بعد ذلك ولفلان فهي للأول وليس للآخر شيء. (¬2) د: في يد. (¬3) د - الخادم. (¬4) ف - له. (¬5) ف: كاليمين.

باب الإقرار بالغصب أو الوديعة بعينها أو بغير عينها

هذا الخاتم لفلان إلا فصه لي (¬1). وكذلك لو قال: هذه الحلقة الفضة لفلان وفصها (¬2) لي، كان (¬3) ذلك كله للمقر له. ولو كان في يده صندوق فيه متاع فقال: هذا الصندوق لفلان والمتاع الذي فيه لي (¬4)، كان الصندوق للمقر له (¬5)، والمتاع للمقر كما (¬6) قال. ولو كان في يديه دار هو فيها ساكن وفيها متاعه ودوابه، فقال: الدار لفلان وما فيها لي، كان كما قال. ولو لم يذكر ما فيها كان ذلك (¬7) للمقر، وكان القول فيه قوله. ولو بدأ فقال: بناء هذه الدار في وأرضها لفلان، كانت الأرض والبناء للمقر له؛ (¬8) لأنه أقر له بالأصل، والبناء تبع للأصل، وعلى المقر البينة على ما يدعي. ولو قال: هذه الأرض لفلان، كانت الأرض والبناء لفلان. ولو قال: البناء لفلان والأرض لآخر، كان البناء للأول والأرض للثاني، ولا يجوز إقراره للثاني على الأول كما يجوز على نفسه. ... باب الإقرار بالغصب أو الوديعة بعينها أو بغير عينها وإذا أقر الرجل أنه غصب هذا العبد من فلان ثم قال: لا بل من فلان، فإنه يقضى بالعبد للأول، ويقضى للآخر بقيمة العبد. وإن دفعه هو أو لم يدفعه حتى قضى له القاضي فهو سواء. وكذلك الوديعة والعارية، مِن قِبَل أنه أتلفها بإقراره للأول، فصار ضامناً للآخر قيمة ذلك. وكذلك الحيوان والعروض كلها. وهذا كله قول أبي حنيفة ما خلا الدور ¬

_ (¬1) م - لي. (¬2) د م ف: وفصه. (¬3) د + كان. (¬4) م - لي، صح هـ.؛ ف - لي. (¬5) م - للمقر له، صح هـ. (¬6) د + لو. (¬7) ف - ذلك. (¬8) م - له، صح هـ.

والأرضين، فإن أبا حنيفة قال: لا يضمن للآخر شيئاً، لأنه لم يهلكها (¬1). وقال محمد: هو ضامن، وهذا كله سواء. ثم رجع أبو يوسف إلى قول أبي حنيفة وقال: لا ضمان عليه. وإذا أقر الرجل [فقال:] إن هذه الألف درهم بعينها لفلان وديعة عندي، أو لم يقل: عندي، ثم قال: لا بل هي وديعة لفلان، فإنه يقضى بها للأول، ويقضى على المقر بمثلها للثاني. وكذلك هذا في العروض والغصب. وكذلك هذا في العروض وفي الإقرار بالدين. وإذا أقر الرجل أن هذا العبد الذي في يديه وديعة لفلان إلا نصفه فإنه لفلان، [كان] القول كما قال، والعبد بينهما نصفان. ولو أقر فقال: هذان العبدان لفلان إلا هذا فإنه لفلان، كان مصدقاً، وكان القول كما قال. ولو قال: هذا العبد لفلان وهذا العبد لفلان المقر له الأول إلا الأول فإنه لي، لم يصدق، وكان العبدان جميعاً لفلان؛ لأنه فرق الكلام فسمى كل عبد على حدة. ألا ترى أنه لو قال: هذا العبد لفلان إلا أنه لفلان (¬2) وديعة عندي، كان للأول كله، ولا يصدق على العبد الثاني (¬3)، ويضمن للثاني قيمته إن كان أقر به وديعة أو غصباً. فلو قال: هذا العبد لفلان، وهذا العبد لفلان، إلا نصف الأول فإنه لفلان، كان جائزاً على ما قال. ولو قال: هذه الحنطة والشعير لفلان، إلا كُرًّا من هذه الحنطة فإنه لفلان، فإنه مصدق على ما قال إذا كانت الحنطة أكثر من كر. وكذلك لو قال: هذه الفضة والذهب لفلان، إلا نصف هذا الذهب فإنه لفلان، فإنه مصدق على ما قال، وهو على الاستثناء. وكذلك لو قال: هذه الدار لفلان، وهذه الأرض لفلان، إلا نصف هذه الدار فإنه (¬4) لفلان الآخر، فهو كما قال. ... ¬

_ (¬1) د م: لم يحركها، م هـ: في نسخة يهلكها. (¬2) ف: لفلانة. (¬3) لا يوجد قوله: "ولا يصدق على العبد الثاني" عند الحاكم ولا السرخسي. انظر: الكافي، 2/ 22 و؛ والمبسوط، 18/ 77. ولعل ذلك هو الصواب. (¬4) ف + قال.

باب الإقرار بالدين لفلان أو فلان

باب الإقرار بالدين لفلان أو فلان وإذا أقر الرجل فقال: لفلان علي ألف درهم أو لفلان، فإنه لا يلزمه بهذا القول شيء في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: إذا اصطلحا على أن يأخذا (¬1) الألف جميعاً فلهما ذلك، فإن اختلفا فأراد كل واحد منهما أن يستحلفه لنفسه خاصة فله ذلك، فإن حلف لهما لم يكن لواحد منهما شيء، كان اصطلحا بعد ذلك على أن يأخذاها جميعاً لم يكن لهما ذلك في قول أبي يوسف الآخر، وكان لهما ذلك في قول أبي يوسف الأول، وهو قول محمد. يلزمه لهما ألف درهم بعدما يحلف، كان نكل عن اليمين لأحدهما وحلف للآخر فهو بريء من الذي حلف له، وتلزمه الألف كلها للذي لم يحلف له، فإن لم يحلف لهما جميعاً لزمه لكل واحد منهما ألف درهم. والدراهم والدنانير والكيل والوزن وكل دين من العروض (¬2) سوى الكيل والوزن (¬3) فهو مثل ذلك. وأهل الذمة وأهل الإسلام في ذلك سواء. والعبد التاجر والمكاتب في ذلك بمنزلة الحر. والمرأة في ذلك بمنزلة الرجل. وهو قول أبي يوسف ومحمد كله. وإن نكل لهما جميعاً عن اليمين لزمه لكل واحد منهما ألف. ولو حلف لأحدهما ونكل للآخر لزمه للذي نكل ألف درهم، ولا شيء للذي حلف له. وإذا أقر الرجل [فقال:] إن لفلان علي ألف درهم، ولفلان مائة دينار أو لفلان، فإن أبا حنيفة قال: الألف درهم للأول خاصة، وأما المائة دينار فإن القول فيها مثل القول في الباب الأول. وإذا أقر الرجل فقال: لفلان علي مائة دينار، ولفلان علي كُرّ حنطة أو لفلان علي كر شعير، فإن الدنانير للأول ثابتة عليه، ولا يثبت شيء من الطعام والشعير لواحد منهما، ولكل واحد منهما أن يحلفه على ذلك إن (¬4) أراد. ¬

_ (¬1) د م ف: أن يأخذ. (¬2) م: من القروض. (¬3) ف - الكيل والوزن. (¬4) د - إن.

وإذا أقر الرجل فقال: لفلان علي مائة درهم ولفلان أو لفلان، فإن للأول نصفها ثابت، والنصف الباقي يحلف لكل واحد من الآخرين، إلا أن يصطلحا عليه فيكون بينهما نصفين (¬1). وإذا أقر الرجل فقال: لفلان قِبَلي مائة درهم أو لفلان وفلان، ثم جحد ذلك وقامت عليه البينة، فإن للثالث النصف منها، والنصف الباقي يحلف لكل واحد من الأولين. فإن حلف برئ، كان نكل عن اليمين لزمه لكل واحد منهما خمسون درهماً. و"عليّ" و"قِبَلِي" دينٌ كله، و"عندي" وديعة، و"في مالي" شركة (¬2). وإذا أقر الرجل فقال: لفلان مائة درهم وإلا فلفلان، فإن هذا مثل قوله: أو لفلان طي مائة درهم (¬3). وهو قول أبي يوسف. وقال محمد: الألف للأول، ولا شيء للثاني. ولو قال: لفلان علي مائة درهم بل لفلان، أو قال: لا بل لفلان، فهو سواء، ولكل واحد منهما مائة درهم. وإذا أقر فقال: لفلان علي مائة درهم وإلا فعبدي (¬4) حر، فإن المائة تلزمه لفلان ولا يعتق عبده، إنما أقر بيمين. ألا ترى أنه لو قال: لفلان علي مائة درهم وإلا فعلي حجة، لزمه المائة ولا تلزمه الحجة. وإذا أقر الرجل فقال: لفلان علي مائة درهم أو علي حجة، فإنه لا تلزمه المائة، وليس هذا مثل الأول. ولو أقر فقال: لفلان علي ألف درهم بل حجة، لزمته الحجة، ولزمته الألف (¬5). ولو أقر فقال: لفلان علي ألف درهم أو عبدي حر، لم يلزمه شيء من ذلك. ¬

_ (¬1) د م ف: نصفان. (¬2) د م ف + سوا. والتصحيح من ب؛ والكافي، 2/ 22 ظ؛ والمبسوط، 18/ 79. أي إذا استعمل المقر هذه الألفاظ فإنه يثبت بها عليه ما ذكر. والمرجع في ذلك إلى عرف الناس. انظر: المبسوط، الموضع السابق. (¬3) ف - فإن هذا مثل قوله أو لفلان علي مائة درهم. (¬4) م: بعبدي .. (¬5) د - ولو أقر فقال لفلان علي ألف درهم بل حجة لزمته الحجة ولزمته الألف.

ولو أقر فقال: لفلان علي ألف درهم وزن سبعة أو نصفها لإنسان آخر، فإن هذا باطل مثل الباب الأول، إلا أن يجمعا على نصفها، فيأخذانه. ألا ترى أنه لو قال: لفلان علي ألف درهم أو لفلان، كان باطلاً، فكذلك نصفها إلا أن يجمعا (¬1) على أن يأخذا (¬2) النصف. ولو قال: لفلان علي ألف درهم ولفلان أو لفلان (¬3) وفلان، فإن للأول الثلث وللرابع الثلث، ويحلف للثاني والثالث. وكذلك لو قال: أقرضني فلان أمس ألف درهم وإلا فعبدي حر، فإن هذا قد أقر بالمال. وكذلك لو قال: أقرضني أمس ألف درهم وإلا (¬4) فعلي حجة، كان هذا إقراراً بالمال؛ لأنه أخبر عن فعل ماض منه (¬5) وحلف على ذلك. وكذلك لو قال: أقرضني فلان أمس مائة درهم وإلا فلفلان علي دينار، ألزمته المائة وبطل الدينار. ولو قال: لفلان علي مائة درهم [وإلا فلفلان علي] دينار (¬6)، لم يلزمه لواحد منهما شيء؛ لأن هذا مثل قوله: لفلان علي مائة درهم أو لفلان دينار، ولا يشبه هذا الأول، في قول أبي يوسف (¬7). وقال محمد: هذا والأول سواء، ويلزمه للأول مائة درهم، ولو قال: قد أقرضني فلان أمس ألف درهم [وإلا فلفلان علي دينار] (¬8)، كان جائزاً. ¬

_ (¬1) د - على نصفها فيأخذانه ألا ترى أنه لو قالمالفلان علي ألف لمحرهم أو لفلان كان باطلاً فكذلك نصفها إلا أن يجمعا. (¬2) د م: أن يأخذ؛ ف: أنه يأخذ. (¬3) ف: أو فلان. (¬4) د م: وإن. (¬5) ف - منه. (¬6) د م ف: أو دينار. والتصحيح من الكافي، 2/ 23 و. (¬7) م ف + ومحمد. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق. (¬8) انظر أول الفقرة.

باب الإقرار لرجل واحد بدينار أو درهم

باب الإقرار لرجل واحد بدينار أو درهم وإذا أقر الرجل فقال: لفلان علي دينار أو درهم، فإن هذا في القياس باطل، ولكني أدع القياس، وألزمه الأقل من ذلك درهماً، وأستحلفه على الدينار إن ادعاه الآخر، وأبرئه من الدرهم إلا أن يقول: هما في عليه جميعاً، فألزمه الدرهم وأستحلفه على الدينار. ولو أقر فقال: لفلان علي كُرّ حنطة أو كر شعير، كان مثل ذلك. وكذلك لو قال: لفلان علي ى حنطة أو درهم. وكذلك لو قال: لفلان علي ثوب مروي سَلَم أو يهودي فإن ادعى الطالب ذلك كله كان له أن يستحلفه. فإن (¬1) حلف على ذلك كله (¬2) لزمه الأقل. وإن نكل عن اليمين في ذلك كله لزمه المالان جميعاً. ولو أقر فقال: لفلان علي ألف درهم ودينار أو كُرّ حنطة، فإن الألف له لازمة والأقل من الدينار والكر. ولو أقر فقال: لفلان علي مائة درهم أو دينار وكُرّ حنطة، فإن الكر له لازم ولا خيار له فيه، والخيار في المائة درهم والدينار. وله الأَوْكَس (¬3) من ذلك إذا ادعاه صاحبه، فإن لم يدعه وادعى الأكثر استحلفه عليه. ولو أقر فقال: لفلان علي ألف درهم إلا نصفها، فإن عليه نصفها ثابت. ولو أقر فقال: لفلان علي ألف درهم بيض أو سود، فإن عليه ألف درهم الأوكس منهما. وإن قال: له علي ألف درهم ومائة دينار أو كرّ حنطة وكر شعير، فإن ¬

_ (¬1) د - قال لفلان علي ثوب مروي سلم أو يهودي فان ادعى الطالب ذلك كله كان له أن يستحلفه فإن. (¬2) ف - كان له أن يستحلفه فإن حلف على ذلك كله. (¬3) أي: الأقل كما تقدم.

باب إقرار المريض بقبض الدين

عليه الأول والرابع، والتخير في الثاني والثالث، وعليه الأوكس منهما جميعاً أيضاً. ... باب إقرار المريض بقبض الدين وإذا أقر المريض بقبض دين له على وارث من ورثته، فإن ذلك لا يجوز إذا مات في مرضه ذلك. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: إذا أقرت المرأة في مرضها الذي ماتت فيه أنها قد قبضت صداقها من زوجها فإنها لا تصدق، وهو على زوجها على حاله. ولو أن زوجها أتى بالبينة يدفع المال إليها وهم يعاينون ذلك كان بريئاً من المال، ولا تشبه المعاينة في هذا الإقرار. وقال أبو حنيفة: إذا أقر المريض أنه قد قبض مالاً من غريم له وارثه كفيل به، أو الأصل على الوارث والغريم الغريب كفيل به، فأقر أنه قد استوفى المال من الوارث أو من الغريم، فإنه لا يصدق على الوجهين جميعاً، لأن في ذلك منفعة وبراءة للوارث، فلا يصدق. وكذلك لو كان له دين على وارث وغريب، وكل واحد منهما كفيل عن صاحبه. فإن لم يكن كل واحد منهما كفيلاً عن صاحبه فأقر أنه قد قبض حصة الغريب من الغريب فهو مصدق. ولا يصدق بإقراره بقبض حصة الوارث منه ولا من غيره. ولو أقر أنه قد قبض حصة الوارث من رجل تطوع بذلك عنه لم يصدق. ولو أقر أن الوارث أحاله بها (¬1) على رجل وقبضه من ذلك الرجل، لم يصدق على ذلك، ولا يكون براءة لواحد منهما. ولو كانت تكون (¬2) براءة للمحتال عليه برئ الوارث منها. وهذا والكفالة سواء. ¬

_ (¬1) د - أحاله بها؛ صح هـ. (¬2) د - تكون.

ولو أن رجلاً وكل رجلاً ببيع خادم له فباعها بألف درهم (¬1) من ابن (¬2) الآمر كان جائزاً. فإن مرض الآمر مرضاً مات فيه فأقر البائع الوكيل أنه قد قبض المال من الابن فدفعه إلى المريض لم يصدق على ذلك. ولو صدقه المريض لم يصدق على (¬3) ذلك؛ لأن في ذلك براءة للوارث. ولو كان المأمور هو المريض والآمر صحيح فأقر المريض أنه قد استوفى المال ودفعه إليه كان مصدقاً كان جحد الآمر ذلك (¬4). فإن كان المشتري وارث المريض البائع أيضاً فمات من ذلك المرض الذي أقر فيه فإنه لا يصدق على ذلك (¬5). فإن كان المشتري وارث البائع وليس بوارث الآمر، والاَمر والبائع مريض، فأقر (¬6) المريض المأمور أنه قد قبض هذا المال ودفعه إلى الآمر فهو مصدق. وكذلك لو قال: ضاع المال مني، فإنه مصدق. وإن لم يقل: ضاع المال مني، ولم يقل: دفعته (¬7)، فإنه لا (¬8) يصدق، مِن قِبَل أن المال يلزمه في هذا الوجه. فإذا لزمه لم يصدق؛ لأنه وارثه. وإذا لم يلزمه صدق في ذلك. ولو أن مريضاً عليه دين يحيط بماله أقر بقبض دين له على عبد له ليس بوارث كان جائزاً إذا كان الدين في الصحة. فإن كان الغريم أخاً له وله ابن يحجبه (¬9) [عن] (¬10) الميراث ثم مات الابن قبل الأب ومات الأب وأخوه وارثه لم يصدق. وكذلك لو كان له على ابن له (¬11) نصراني مال فأقر بقبضه ثم أسلم ابنه ثم مات المريض فصار الابن وارثه مع غيره فإنه لا يصدق. ولو أقر بقبض ماله على امرأة في مرضه ثم تزوجها ثم مات وارثه فإنه مصدق على ذلك. ولا يشبه الابن في هذا المرأة. ¬

_ (¬1) ف + له. (¬2) م + الابن. (¬3) د - على. (¬4) ف - ذلك. (¬5) م + فإن كان المشتري وارث المريض البائع أيضاً فمات من ذلك المرض الذي أقر فيه فإنه لا يصدق على ذلك. (¬6) د: فإقرار. (¬7) ف: دفعه. (¬8) د - لا. (¬9) م: ابن يحيز؛ د ف: أن يحير. والتصحيح من الكافي، 2/ 24 و. (¬10) الزيادة من المصدر السابق. (¬11) د - له.

ولو أقر بقبض دين له على امرأته (¬1) في مرضه الذي مات فيه ثم طلقها ثلاثاً (¬2) فانقضت عدتها فإنه مصدق على ذلك؛ لأنها (¬3) غير وارثة يوم مات. وإنما أنظر إلى حاله يوم يموت المريض، فإن كان المقر له وارثاً لم يجز، وإن كان غير وارث جاز. ألا ترى أنه لو أقر بقبض دين (¬4) له على أخيه وهو وارثه ثم ولد له ابن يحجب الأخ عن الميراث كان إقراره جائزاً، لأنه غير وارث. ولو أقر المريض بقبض مكاتبة من مكاتبه فإن كان كاتبه في الصحة فإقراره جائز. وإن كان كاتبه في المرض لم يجز. وكذلك لو أعتقه على مال أو باعه نفسه. ولو أن امرأة اختلعت من زوجها في مرضه الذي مات فيه وليس عليه دين في الصحة ولا في المرض وانقضت عدتها وأقر أنه قد استوفى منها الجعل كان مصدقاً؛ لأنها (¬5) غير وارثة. ولو أن رجلاً صالح في مرضه الذي مات فيه من جرح فيه قصاص أو من دم عمد على مال ثم أقر بقبضه وهو على غير وارث فإنه جائز. كان كان على وارث لم يجز. وكذلك لو كفل له به وارث. وأهل الذمة في جميع ذلك سواء مثل أهل الإسلام. وإذا أقر العبد التاجر وهو مريض بقبض دين كان له على مولاه فإن كان عليه دين لم يجز إذا مات من ذلك المرض. وإن لم يكن عليه دين جاز. وكذلك المكاتب إذا كان مولاه وارثه وعليه دين. فإن لم يكن عليه دين وكان له عليه طعام والمكاتبة دراهم فقال: قد استوفيت الطعام الذي لي على مولاي، وقد ترك وفاءً وله ورثة غير المولى فإنه مصدق في ذلك. فإن كان عليه دين يحيط بماله لم يصدق؛ لأن مولاه وارثه؛ لأنه عبد إذا لم يترك وفاء. ¬

_ (¬1) م ف: على امرأة. والتصحيح من المصدر السابق. (¬2) د م ف: ثلثا. (¬3) د.: لأنه. (¬4) د - دين. (¬5) د: لأنه.

باب إقرار المريض بقبض الوديعة والمضاربة من الوارث وغيره

وإذا كان على المريض دين في الصحة وله دين في الصحة (¬1) فأقر في مرضه أنه قد استوفاه فإن أبا حنيفة قال: هو جائز. كان أدان ديناً في مرضه ثم قال في مرضه: قد استوفيته، لم يصدق على ذلك. ولا يشبه المرض الصحة. فإن لم يكن عليه دين صدق على ذلك. وهذا قياس قول أبي حنيفة، وهو قول (¬2) محمد. ... باب إقرار المريض بقبض الوديعة والمضاربة من الوارث وغيره وإذا أقر المريض في مرضه الذي مات فيه أنه قد قبض من وارثه وديعة كانت له عنده فإنه مصدق في ذلك، لأن المستودع لو قال: دفعتها إليه كان مصدقاً. ولا يشبه هذا الدين المضمون. وكذلك المضاربة والعارية والبضاعة. وكل شيء أصله أمانة عند الوارث فإن المريض مصدق على قوله: قد قبضته منه. ولو قال المريض: لم أقبض، وقال الوارث: قد دفعته إليه، كان الوارث مصدقاً. ولو كان ذلك من ثمن متاع باعه له من غير الوارث فقال الوارث: قد قبضته ودفعته إلى المريض، كان مصدقاً. ولو قال: قبضته وضاع عندي، كان مصدقاً. ولو أن المريض أعطاه (¬3) دراهم يشتري بها شيئاً فقال الوارث: قد فعلت ودفعت ذلك إلى المريض، كان مصدقاً. ولو كذبه المريض أو صدقه فهو سواء. وإن دفع المريض إلى وارثه دراهم ليقضيها (¬4) غريماً من غرمائه فقال ¬

_ (¬1) ف - وله دين في الصحة. (¬2) د - أبي حنيفة وهو قول. (¬3) د: أعطا أباه؛ م: أعطى إياه؛ ف: أعطاه أباه. والتصحيح مستفاد من الكافي، 2/ 24 ظ. (¬4) م: ليقبضها.

الوارث: قد دفعتها إليه، وكذبه الغريم فإن الابن (¬1) مصدق بالبراءة لنفسه ولا يصدق في إبطال دين الغريم. وإن صدقه المريض بذلك أو كذبه فهو سواء. وإن وكل المريض ابنه بقبض دين له على غريمه فقال الابن: قد قبضته ودفعته إلى المريض، فهو مصدق، والمطلوب بريء من المال سواء كذبه المريض أو صدقه. وإن وكل المريض ابنه ببيع متاع له ولا دين عليه فباعه بالقيمة بشهادة الشهود ثم قال: قد قبضت الثمن ودفعته إلى المريض، أو ضاع مني، فهو مصدق. وعليه اليمين في كل شيء من ذلك جعلناه فيه مصدقاً في هذا الكتاب. كان قال: قد بعت المتاع ودفعت المتاع واستوفيت الثمن فضاع، فإن كان المتاع مستهلكاً ولم يعرف الذي اشتراه فهو مصدق مع يمينه كان المريض حياً أو ميتاً. وإن كان المتاع قائماً بعينه والذي اشتراه معروف مقر بذلك وليس على المريض دين فالابن مصدق أيضاً إذا كان المريض حياً. وإن كان على المريض دين لم يصدق الابن على ذلك ولو صدقه المريض بذلك، مِن قِبَل الدين الذي كان على المريض. وإذا مات المريض فقال وارثه: كانت له عندي وديعة فدفعتها إليه، فهو مصدق بعد أن يحلف. وكذلك البضاعة والمضاربة ما لم يعمل بهما. وكذلك الأمانة. فإن عمل بالمضاربة والبضاعة لم يصدق وكان ضامناً. فإن كان الميت قد أقر في مرضه أنها مضاربة أو بضاعة فإن الوارث مصدق على قوله: دفعتها، بعد (¬2) أن (¬3) يحلف. وكذلك لو قال: دفعت (¬4) إلى الوارث أنصباءهم من ذلك بعد موت المريض، فإنه مصدق في ذلك، غير أن نصيبه الذي في يديه بينه وبين الورثة بعد أن يحلفوا ما قبضوا. ولو أن رجلاً باع عبداً لأبيه في مرض أبيه الذي مات فيه وأقر أبوه أنه ¬

_ (¬1) أي الوارث. (¬2) د - بعد. (¬3) د: بأن. (¬4) د م ف: دفعته.

باب إقرار المريض بالدين لوارث يلزمه

أمره بذلك ولا دين على المريض فقال الابن بعد موت الأب: قد استوفيت الثمن ودفعته إلى المريض، فهو (¬1) مصدق بعد أن يحلف. ولو أن مريضاً عليه دين يحيط بماله أقر بقبض ماله عند وارثه من وديعة أو مضاربة فهو مصدق في ذلك. ألا ترى أنه لو كان عند الابن عبد لأبيه وديعة فقال الابن: قد مات، صُدِّق، مريضاً كان الأب أو صحيحاً؛ لأن أصل ذلك أمانة. فأما الدين والغصب فلا يشبه هذا. ولو أن رجلاً غصب أباه عبداً فقال الأب في مرضه الذي مات فيه: قد قبضت العبد منه ومات عندي، ولم يعاين ذلك الشهود لم يصدق على ذلك. وكذلك كل شيء مضمون، بعينه كان أو ديناً (¬2)، ولا يصدق على إقراره بقبضه. وكذلك الوديعة لو أنفقها الابن في حاجته لم يصدق الأب على قوله: قبضتها. وكذلك العارية والمضاربة إذا خالف فيهما ضمن. ... باب إقرار المريض بالدين لوارث يلزمه وإذا أقر (¬3) المريض في مرضه الذي مات فيه أن لامرأة عليه ديناً ثم تزوجها ثم مات من ذلك المرض وهي وارثة فإن إقراره جائز، ولها الدين عليه ثابت، ولها الميراث؛ لأنه قد أقر يوم أقر وليست بوارثة. ولا يشبه هذا النسب. ولو أن رجلاً من أهل الذمة (¬4) أسلم ثم أقر في مرضه الذي مات فيه بدين لرجل ثم والى رجلين أحدهما صاحب الدين ثم مات فإن إقراره ¬

_ (¬1) د: وهو. (¬2) د م ف: أو دين. (¬3) ف: ولو أقر. (¬4) د هـ: خ (أي نسخة) الحرب؛ م هـ: في نسخة من أهل الحرب؛ ف: الحرب.

بالدين جائز، والميراث لهما؛ لأنه قد (¬1) أقر يومئذ وليس لهما ولاء. وإذا كان العبد تاجراً فمرض فأقر بدين لرهط أربعة لكل واحد منهم ألف درهم، ثم إن وكيل القاضي باعه في دينهم وهو مريض، فاشتراه أحدهم بألف درهم وقبضها وكيل القاضي، فهلكت من عنده، وأعتق المشتري العبد والعبد مريض، ثم مات المشتري وأحد الغرماء وارثه، واكتسب العبد مالاً في مرضه ثم مات، فإن ماله يقسم بين غرماء الميت (¬2) الثلاثة (¬3) الباقين. يضرب فيه كل إنسان منهم في ذلك بدينه، ويضرب الوارث (¬4) بدينه إذا كان الوارث غير الذي أعتقه. ولا يضرب بدين الذي أعتقه؛ لأنه قد ملكه فبطل دينه. ولا يلزم العبد شيء منه، ولكن يكون ذلك في ثمنه (¬5) وفي ماله الذي كان قبل العتق. فإذا هلك ذلك بطل دين المعتق، وقسم مال العبد الذي أصابه بعد العتق بين الثلاثة (¬6). ولا يبطل حق دين الوارث مِن قِبَل أنه أقر يوم أقر وليس بوارث. ويضرب للوارث بدينه إذا كان الوارث غير الذي أعتقه. ولو أن مريضاً أقر (¬7) لامرأته بدين ثم طلقها قبل أن يدخل بها ثم خطبها فتزوجها ثم مات بطل إقراره ذلك بالدين، لأنه (¬8) أقر وهي وارثة، ومات وهي وارثة. ولا يشبه هذا الذي أقر لها وهي غير وارثة ثم تزوجها. وهذا قول أبي يوسف. وقال محمد: الإقرار لها جائز؛ لأنها حين بانت صار الإقرار جائزاً؛ لأنها (¬9) في غير عدة، وكأنه أقر لها على هذه الحال، ولا يبطله (¬10) تزويجه إياها بعد ذلك. ألا ترى أنه لو جدد الإقرار في تلك الحال قبل أن يتزوجها المرة (¬11) الثانية جاز (¬12). وكذلك الوجه الأول. ¬

_ (¬1) ف - قد. (¬2) د م - الميت. (¬3) د م: الثلثة. (¬4) ف - الثلاثة الباقين يضرب فيه كل إنسان منهم في ذلك بدينه ويضرب الوارث. (¬5) ف: بدينه. (¬6) د م: الثلثة. (¬7) د + أنه. (¬8) د م: لا. (¬9) ف: لا انها. (¬10) م ف: ولا يبطل. (¬11) م ع: المرأة. (¬12) د - جاز؛ ف؛ ذلك.

ولو أن رجلاً والى رجلين ثم مرض (¬1) فأقر لأحدهما بدين ثم انتقل بولائه (¬2) عنهما ثم عاد فوالاهما (¬3) ثم (¬4) مات من ذلك المرض كان إقراره بالدين باطلاً لا يجوز؛ لأنه أقر له وهو وارث ومات وهو وارث. وليس هذا كالذي أقر قبل الولاء ثم والاه بعد. وهذا في هذين الوجهين في قول أبي يوسف. وأما في قول محمد فالإقرار جائز لازم له حين صار في حالٍ قبل الموت لو أقر له جاز، فكان (¬5) إقراره الأول جائزاً. ولو أن رجلاً والى رجلين ثم مرض فأقر لأحدهما بدين ثم خرج من ولاء صاحب الدين ثم والى غيره ثم مات من ذلك المرض فإن (¬6) إقراره بالدين له جائز؛ لأنه مات وهو غير وارث. ولو أن رجلاً أقر بدين لابنه وابنه عبد وهو مريض ثم أعتق مولى الابن ثم مات الرجل وهو وارث فإن إقراره بالدين جائز؛ لأنه للمولى وليس للعبد. فإن كان على العبد دين وكان تاجراً فإن إقراره للابن باطل مِن قِبَل أن في (¬7) هذا منفعة له يقضي (¬8) بها دينه. ولو أن مريضاً أقر لابنه وهو مكاتب بدين ثم مات الأب والابن مكاتب على حاله فإن إقراره جائز؛ لأنه غير وارث. ولو أعتق المكاتب قبل موت الأب لم يكن عليه دين؛ لأنه وارث. ولو أن مريضاً مسلماً أقر لابنه بدين وابنه كافر ثم مات من ذلك المرض فإن إقراره بالدين لابنه جائز؛ لأنه غير وارث. وكذلك لو كان الأب كافراً والابن مسلماً. فإن أسلم الأب قبل موته بطل الدين، لأنه (¬9) وارث. ¬

_ (¬1) ف - ثم مرض. (¬2) م: بولايته. (¬3) د م: فولاهما؛ ف: مولاهما. (¬4) د - ثم؛ صح هـ. (¬5) د م ف: كان. (¬6) ف: لان. (¬7) م - في. (¬8) د م ف: يقضا. (¬9) د م: لا.

باب الإقرار بالصدقة

ولو أن مكاتباً أقر في مرضه بدين لابنه وابنه حر ثم مات المكاتب جاز ذلك الدين إن لم يكن ترك وفاء بالمكاتبة والدين. وكذلك إن كان ترك وفاء بالدين ولم يترك وفاء بالمكاتبة. كان ترك وفاء بذلك كله كان إقراره بالدين باطلاً؛ لأن ابنه وارث في هذه الحال (¬1)، وليس بوارث في الحال الأولى. وإذا أقر الرجل الحر بدين لابنه وابنه مكاتب في مرض الأب ثم أدى الابن فعتق ثم مات الأب (¬2) فإن إقراره باطل؛ لأنه وارث يوم مات. ... باب الإقرار بالصدقة وإذا أقر الرجل أنه تصدق على فلان بهذه الدار وأن فلاناً قد قبضها ثم جحد ذلك وهي في يديه فإن أبا حنيفة كان يقول: هذا باطل لا يجوز حتى يعاين الشهود القبض. ثم رجع عن ذلك وقال: الإقرار جائز ويقضى له بالدار. وكذلك العبد والأمة والعروض كلها. وكذلك بيت في دار ومنزل في دار. وكذلك رجلان أقرا أنهما تصدقا على رجل بدار وقبضها فهو جائز. وكذلك لو قال: تصدقتما بهذه الدار علي وقبضتها، فقالا: نعم. ولو أقر رجل أنه تصدق عليه بشِقْص في دار غير (¬3) مقسوم وأنه قد قبضه لم يجز ذلك في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولو أقر أنه تصدق على فلان بنصف عبد وأنه قد قبضه كان جائزاً. والهبة والصدقة والعمرى والعطية والنحلى في جميع ذلك سواء. ... ¬

_ (¬1) د - وارث في هذه الحال. (¬2) د م ف: الابن. والتصحيح من ب ع؛ والكافي، 2/ 25 ظ. (¬3) د: غيره.

باب الإقرار بكذا إلا كذا

باب الإقرار بكذا إلا كذا وإذا أقر الرجل لرجل بألف درهم واستثنى فقال: إلا مائة درهم، فإن أبا حنيفة قال: عليه تسعمائة درهم (¬1)، واستثناؤه جائز. وكذلك لو قال: لفلان عليه ألف درهم إلا تسعمائة وخمسين درهماً، فإن عليه خمسين درهماً. وقال أبو حنيفة: إن قال: له علي ألف درهم إلا ألف درهم، فإن الألف كلها عليه واستثناؤه باطل. وكذلك إذا استثنى أكثر مما أقر به. وقال أبو حنيفة: إذا قال: له علي ألف دينار إلا درهم، فهو كما قال، ويطرح من الدنانير قيمة الدرهم. وقال أبو حنيفة: إذا قال: (¬2) له علي ألف درهم إلا ديناراً، فهو كما قال، يطرح من ألف درهم قيمة دينار. وكذلك (¬3) قال أبو يوسف. وقال أبو حنيفة: إذا قال: له علي كُرّ حنطة إلا درهم، فهو كما قال. وكذلك لو قال: له علي ألف درهم إلا فَلْس، فهو كما قال. ولو قال (¬4): له علي ألف درهم إلا ثوباً هروياً، فالدراهم له لازمة والاستثناء باطل. وكذلك لو استثنى شاة (¬5) أو دابة أو عرضاً من العروض فإن استثناءه في ذلك باطل، والدراهم له لازمة. إنما أستحسن في هذا إذا استثنى بشيء من الكيل أو الوزن أو شيء مما يباع عدداً (¬6) أن أجيز الاستثناء فيه وأطرح قيمته منه. وهذا كله قول أبي حنيفة (¬7) وأبي (¬8) يوسف. وقال محمد: الإقرار في ¬

_ (¬1) د م - درهم. (¬2) د - له علي ألف دينار إلا درهم فهو كما قال ويطرح من الدنانير قيمة الدرهم وقال أبو حنيفة إذا قال. (¬3) ف: كذلك. (¬4) ف: وإن قال. (¬5) د + شاة. (¬6) ف: عبدا. (¬7) د م ف - أبي حنيفة؛ صح د هـ وما في المتن يوافق ما عند الحاكم. انظر: الكافي، 2/ 25 ظ. (¬8) م ف: أبي.

هذا كله جائز، والاستثناء باطل؛ لأنه استثنى صنفاً غير الصنف الذي أقر به. وهو قول زفر. وإذا قال: لفلان علي ألف درهم، ولفلان علي مائة دينار إلا قيراطاً، فإن الاستثناء جائز من الآخر. ولو قال: لفلان علي ألف درهم ولفلان علي مائة دينار إلا درهماً من الألف، كان القول كما قال، وكان الاستثناء جائزاً من الآخر؛ لأن الكلام متصل. ولو لم يبين أنه من الألف جعلته من الدنانير في قول أبي حنيفة. ولو أقر لرجل واحد فقال: له علي ألف درهم ومائة دينار إلا درهم (¬1)، جعلت الاستثناء جائزاً، وهو من الدراهم. ولو قال: لفلان علي كُرّ حنطة ودرهم إلا قفيز حنطة، جعلت الاستثناء جائزاً، وجعلته من الحنطة. إذا كان لإنسان (¬2) واحد جعلت الاستثناء من نوعه. أستحسن ذلك وأدع القياس فيه. وإذا كان لرجلين جعلت الاستثناء من الآخر إلا أن يبين أنه من الأول. وإذا أقر فقال: لفلان علي ألف درهم إلا مائة درهم أو خمسين درهماً، أجزت ذلك الاستثناء وجعلت عليه تسعمائة الأَوْكَس (¬3)، إلا أن يأبى اليمين. وإذا قال: لفلان علي ألف درهم (¬4) إلا مائتي (¬5) درهم وعشرة دنانير إلا قيراطاً، فإن المائتي (¬6) درهم والعشرة دنانير إلا قيراطاً كله استثناء، وأبطل ذلك من الدراهم. وإذا أقر فقال: له (¬7) علي ألف درهم ومائة دينار إلا مائة درهم وعشرة دنانير، فإن عليه تسعمائة درهم وتسعين ديناراً. ¬

_ (¬1) د: إلا درهماً. (¬2) م: الإنسان. (¬3) أي: الأقل، كما تقدم. (¬4) د - درهم. (¬5) د: إلا مائتين. (¬6) د: المائتين. (¬7) اعتباراً من هنا سقط من نسخة د مقدار ورقة تمامًا من نسخة م.

وإذا أقر فقال: لفلان علي ألف درهم ومائة دينار إلا ألف درهم، فإن الاستثناء باطل، ويلزمه المالان جميعاً، ولا يجوز أن لسشثني أحد النوعين كله. وإذا قال: لفلان علي كُرّ (¬1) حنطة وكر شعير، [إلا كر حنطة وقفيز شعير، فإن استثثاءه في القفيز من الشعير] (¬2) جائز، واستثناؤه في الكر الحنطة باطل، لأنه (¬3) استثنى الحنطة كلها. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وأما في قول أبي حنيفة فعليه الكران جميعاً، لأن استثناءه الكر فصل بين الإقرار وبين الاستثناء (¬4)، فصار كأنها سكتة سكتها. ألا ترى أن أبا حنيفة كان يقول: لو قال رجل لعبده: أنت حر وحر إن شاء الله تعالى، كان حراً (¬5)، وكان الاستثناء باطلاً. ولو أقر فقال: لفلان علي ألف درهم ولفلان مائتا دينار إلا قيراط ذهب وألف درهم، فإن المال لازم للأول ثابت عليه، والمال الآخر والدنانير الاستثناء فيه جائز. وإذا أمر الرجل فقال: لفلان علي مائة درهم وكُرّ حنطة إلا كر حنطة، فاستثناؤه باطل، والإقرار جائز لازم له (¬6) كله. وإذا أقر فقال: لفلان علي ألف درهم أستغفر الله إلا مائة درهم، فإن الألف له لازمة كلها، والاستثناء باطل، لأنه فصل بين الاستثناء والإقرار. وكذلك لو جعل مكان الاستغفار تسبيحاً. ولو أقر رجل فقال: لفلان علي مائة درهم يا فلان إلا عشرة دراهم، كان الاستئناء جائزاً، لأنه لم يفصل بينهما. ¬

_ (¬1) الكُرّ: مكيال لأهل العراق، وجمعه أَكْرَار، فقيل: إنه اثنا عشر وَسْقاً كل وَسْق ستون صاعاً، وفي تقديره أقوال أخرى ذكرها المطرزي. انظر: المغرب، "كرر". وقد ذكر المؤلف في كتاب القسمة أنه يكون أربعين قفيزاً. انظر: 2/ 75 و. والقفيز اثنا عشر صاعاً. انظر: المغرب، "كرر". (¬2) الزيادة من الكافي، 2/ 26 و؛ والمبسوط، 18/ 89 - 90. (¬3) م ف: لأن. (¬4) وعبارة الحاكم: وبين استثناء القفيز. انظر: الكافي، 2/ 26 و. (¬5) ف: جائز. (¬6) م - له.

ولو قال رجل: لفلان علي مائة درهم فاشهدوا على ذلك (¬1) إلا عشرة دراهم، فإن عليه المائة كلها، والاستثناء باطل، لأنه فصل بينهما بكلام. ولو قال: لفلان علي ألف درهم إلا عشرة دراهم قَبَّضْتُها (¬2) إياه، كانت عليه الألف كلها، والاستثناء باطل، لأنه فصل بينهما بكلام. ولو قال: لفلان علي ألف درهم إلا عشرة دراهم [قد] (¬3) قئضتها (¬4) إياه، فإن عليه الألف تلزمه، مِن قِبَل أنه زعم أنه (¬5) قد قضاه ما استثنى (¬6). ولو قال: له علي ألف درهم إلا عشرة دراهم [و] قد (¬7) قبْضتها إياه، كانت عليه ألف درهم إلا عشرة دراهم، مِن قِبَل أنه استثنى في الألف (¬8). ولو قال: له علي ألف درهم إلا درهماً قبّضتها إياه، كان محليه ألف درهم إلا درهم، لأنه إنما وصف القضاء في الألف، لأنها مؤنثة، والاستثناء مذكر، فليس هذا مثل استثنائه (¬9) عشرة درأهم، لأن العشرة مؤنثة. ولو قال: له علي درهم غير دانق ثمن بقل قد قبّضته إياه، كان محليه درهم غير دانق (¬10)، ¬

_ (¬1) ف: علي بذلك. (¬2) ولفظ الحهاكم: قضيتها. انظر: الكافي، 2/ 26 ظ. وعند السرخسي: أقبضتها. انظر: المبسوط، 18/ 91. وقبضه المال أي: أعطاه. انظر: مختار الصحاح، "قبض". (¬3) الزيادا من المصدرين السابقين. (¬4) ولفظ الحاكم: قضيتها. انظر: الكافىِ، 2/ 26 ظ. وعند السرخسي: أقبضتيها. انظر: المبسوط، 18/ 91. (¬5) م - أنه. (¬6) م: ما استثناه. (¬7) زيادة الواو من الكافي، الموضمع السابق؛ والمبسوط، الموضع السابق. (¬8) ف - ولو قالماله علي ألف درهم إلا عشرة دراهم قد قضيتها إياه كانت عليه ألف درهم إلا عشرة دراهم من قبل أنه استثنى في الألف. (¬9) ف: استثناء. (¬10) وهذا الجواب على نسخ أبي حفص، أما في نسخ أيي سليمان فالواجب عليه درهم كما بينه الحاكم. وقد رجح الحهاكم رواية أبي حفص لأنه أوفق بتعليل الإمام محمد للمسألة. وذكر السرخسي محاولة للتوفيق بين الروايتين. انظر: الكافي، 2/ 26 ظ؛ والمبسوط، 18/ 91 - 92.

باب الإقرار بالاستثناء

لأنه (¬1) قطع بين الاستثناء وبين القضاء بكلام فصار القضاء (¬2) على الدرهم (¬3). وقوله: إلا دانقاً أو غير دانق، وقوله: نقصان دانق، سواء كلها. وقال محمد: لا يجوز الاستثناء إلا من صنفه؛ (¬4) فلو (¬5) أقر أن له عليه ألف درهم إلا قفيز حنطة أو فَرَق زيت، فإن عليه الألف كلها، والاستثناء باطل بذلك. وكذلك جميع الاستثناء. وهو قول زفر. ... باب الإقرار بالاستثناء وقال أبو حنيفة: إذا أقر الرجل فقال: لفلان علي ألف درهم إن شاء الله، إن الإقرار باطل لا يلزمه من ذلك شيء. وكذلك لو قال: له عندي ألف درهم إن شاء الله، أو قال: له معي ألف درهم إن شاء الله، أو قال: له عندي ألف درهم مضاربة إن شاء الله، فهذا كله باطل لا يجوز، ولا يلزمه من ذلك شيء. وقال أبو حنيفة: لو كتب عليه ذِكْر حَقّ (¬6) فلان على فلان، عليه كذا كذا درهماً، وزن سبعة جياد، وأجلها إلى كذا وكذا، ومن قام بذكر هذا الحق فهو ولي ما فيه إن شاء الله تعالى، فإن هذا المال باطل لا يجوز، ولا يلزمه شيء (¬7) في هذا الصك. وقال أبو يوسف ومحمد: نستحسن في الصك ¬

_ (¬1) ف + قد. (¬2) م ف: الفصل. والتصحيح من الكافي، 2/ 26 ظ؛ والمبسوط، 18/ 91. (¬3) م ف: على الدراهم. والتصحيح من المصدرين السابقين. ومعناه فصار دعوى القضاء منه على درهم. انظر: المبسوط، الموضع السابق. (¬4) م: من صفقته؛ ف: من صفته. والتصحيح من ب. (¬5) م ف. ولو. والتصحيح من ب. (¬6) وذكر الحق هو الصك كما تقدم. (¬7) م - شيء.

ونلزمه (¬1) إياه، وندع (¬2) القياس، لأن معنى الاستثناء في هذا الموضع ليس هو على المال، إنما هو على الذي يقوم بالحق. وإذا أقر الرجل فقال: لفلان علي ألف درهم إن شاء فلان، فقال فلان: قد شئت، أو قال: لا أشاء، فإن هذا الإقرار باطل لا يجوز، مِن قِبَل أن هذا (¬3) مخاطرة. أرأيت لو قال: له علي ألف درهم إن تكلم، أكان يكون هذا جائزاً. لا يجوز هذا. فكذلك الأول. وكذلك لو قال: له علي ألف درهم إن شئت، أو لك علي ألف درهم إن دخلت الدار، فهذا كله باطل لا يجوز. وإذا قال: لك علي ألف درهم إن قضى الله تعالى، فهذا كله باطل لا يجوز. وكذلك إن قال: إن أراد الله تعالى ذلك (¬4). وكذلك إذا قال: إن رضي (¬5) الله ذلك. وكذلك إن قال: إن أحب الله تعالى ذلك. وكذلك إن قال: إن قدر الله تعالى ذلك. وكذلك إن قال: إن يسر الله تعالى ذلك. وكذلك إن قال: إن أصبت مالاً. فهذا كله باطل لا يجوز ولا يلزم. وكذلك لو قال: إن أيسرت. وكذلك لو قال: لفلان علي ألف درهم إن كان كذلك أو كان حقاً، لم يلزمه شيء. وقال أبو حنيفة: إن أقر فقال: اشهدوا أن له علي مائة درهم إن مت، فهي عليه إن مات أو عاش (¬6)، وهذا إقرار لازم، وليس هذا باستثناء ولا مخاطرة. وكذلك لو قال: له علي ألف درهم إذا جاء رأس الشهر. وكذلك لو قال: له علي ألف درهم (¬7) إذا أفطر الناس. وكذلك لو قال: له علي ألف درهم إلى الفطر أو إلى الأضحى، فإن هذا كله إقرار جائز عليه، وهي حالة إذا لم يقر الطالب بالأجل. وهذا كله قول أبي يوسف وقولنا. ¬

_ (¬1) م ف: وألزمه. (¬2) م ف: وأدع. (¬3) م + باطل لا يجوز من قبل أن هذا. (¬4) ف - ذلك. (¬5) ف: إن قضى. (¬6) ينتهي هنا السقط الذي من نسخة د. (¬7) د - إذا جاء رأس الشهر وكذلك لو قال له علي ألف درهم.

ولو أقر فقال: إن لفلان علي ألف درهم إلا أن يبدو لي، فالإقرار باطل. كان مات قبل أن يبدو له فهو باطل أيضاً. وكذلك لو قال: لفلان علي ألف درهم إلا أن أرى غير ذلك، فهذا باطل لا يجوز (¬1). ولو أقر فقال: لفلان علي ألف درهم إن شاء فلان، فقال فلان: قد شئت، فإن هذا باطل لا يجوز، ولا يلزمه منه شيء. ولو أقر أن لفلان عليه ألف درهم إن شاء فلان لآخر، فإن الإقرار باطل. وكذلك (¬2) لو قال: علي ألف درهم لفلان إن دخل الدار، أو قال: لفلان علي ألف درهم إن مطرت السماء، أو إن هبت الريح، أو إن دخلت الدار، أو إن عدا إلي، أو إن تكلم، أو إن نام (¬3)، فهذا كله باطل لا يجوز. ولو قال: له علي ألف درهم إن حمل متاعي هذا إلى منزلي بالبصرة، ففعل ذلك وكان حاضراً يسمع هذه المقالة فهذا إجارة (¬4)، وهذا جائز. وكذلك لو قال: لك علي ألف درهم إن حملت هذا المتاع إلى بيتي، كان هذا جائزاً. وقال أبو حنيفة ومحمد: إذا أقر الرجل أن لفلان عليه ألف درهم فيما يعلم فإن هذا (¬5) الإقرار باطل لا يجوز. وقال: أرأيت لو قال: أَشهدُ أن لفلان علي ألف درهم فيما أعلم، أكانت شهادة. وقال (¬6): هذا كله شك؛ في قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: هو شك في الشهادة وهو يقين في الإقرار لازم له. أرأيت لو قال: له علي ألف درهم، أو قال: قد علمت أن له علي ألف درهم، أما كان هذا يلزمه. فهذا كله يلزمه (¬7) في قول أبي يوسف، ولا يلزمه في قول أبي حنيفة وقولنا، إلا في قوله: قد علمت. ¬

_ (¬1) د - لا يجوز. (¬2) د + وكذلك. (¬3) ف: إن أنام. (¬4) م: إجازة. وقد شرح السرخسي على أنه عقد استئجار. انظر: المبسوط، 18/ 93. (¬5) د - هذا. (¬6) د - قال. (¬7) ف - فهذا كله يلزمه.

وإذا أقر فقال: لفلان علي ألف درهم فيما أظن، فهذا باطل. وكذلك لو قال: فيما ظننت. وكذلك لو قال: فيما أحسب. وكذلك لو قال: فيما حسبت. وكذلك لو قال: فيما أرى (¬1). وكذلك لو قال (¬2): فيما رأيت. فهذا كله باطل لا يجوز. وإذا أقر فقال: له علي ألف درهم في شهادة فلان، فإن ذلك باطل. ولو قال: بشهادة فلان، أجزت ذلك. وهذا مخالف للأول. ولو قال: له علي ألف درهم في علم فلان، كان هذا باطلاً. ولو قال: بعلم فلان، كان هذا جائزاً (¬3). ولو قال: له علي ألف درهم في قول فلان، كان هذا باطلاً. وكذلك لو قال: له علي ألف درهم يقول فلان، فإن هذا باطل لا يجوز. ولا يشبه هذا العلم والشهادة. ولو قال: له علي ألف درهم في حسابه أو في حساب فلان، فإن هذا باطل. وكذلك لو قال: بحسابه. وكذلك لو قال: في كتابه أو بكتابه أو في كتاب فلان أو بكتاب فلان، فإن ذلك باطل لا يجوز. فإن أقر أن له عليه ألف درهم في صكه كان هذا جائزاً لازماً له. كان قال: له علي ألف درهم بصكه، كان جائزاً. وكذلك لو قال: في صك، ولم يضفه إلى أحد. وكذلك لو قال: له علي ألف درهم في كتاب، كان جائزاً لازماً له. وإن قال: له علي ألف درهم بكتاب، أجزت ذلك. ولو قال: له علي ألف درهم من حساب، أو من حساب بيني وبينه، كان جائزاً. وكذلك لو قال: له علي ألف درهم من كتاب، أو (¬4) من كتاب بيني وبينه (¬5)، فإنه جائز. وكذلك لو قال: له علي صك بألف درهم من كتاب، أو كتاب بألف درهم، أو قال: له علي حساب بألف درهم، فإنه جائز لازم له (¬6). ¬

_ (¬1) د - وكذلك لو قال فيما أرى. (¬2) ف - قال. (¬3) د - ولو قال له علي ألف درهم في علم فلان كان هذا باطلاً ولو قال بعلم فلان كان هذا جائزاً. (¬4) ف + قال. (¬5) د - كان جائزاً وكذلك لو قال له علي ألف درهم من كتاب أو من كتاب بيني وبينه. (¬6) انظر للتفصيل: المبسوط، 18/ 94.

كان قال: له علي ألف درهم من شرك بيني وبينه، أو من شرك ما بيني وبينه، أو من تجارة بيني وبينه، أو من خلطة، ثم جحد ذلك فإن الألف كلها له لازمة في جميع ذلك. وإذا أقر (¬1) أن لفلان عليه ألف درهم في قضاء فلان أو في فتيا فلان، فإن ذلك باطل لا يجوز. وكذلك لو قال: بفتيا فلان. وإذا أقر أن لفلان عليه ألف درهم بقضاء فلان القاضي، فإن المال يلزمه. وكذلك لو كان فلان غير قاض فقال الطالب: حاكمته إليه، فقضى في عليه. وإذا أقر الطالب أنه لم يحاكمه إليه، وقال المطلوب: لم أحاكمه إليه، فإن الإقرار باطل لا يجوز. وإذا أقر أن لفلان عليه ألف درهم قضاء فلان، وفلان قاضي، أو في فتيا فلان، أو في فقه فلان، فان هذا باطل لا يلزمه شيء منه. وإذا أقر فقال: لفلان علي ألف درهم في ذِكْرِه أو بذِكْرِه (¬2)، فإن هذا باطل لا يجوز. وإذا أقر أن لفلان عليه كُرّ حنطة من سلم، أو قال: بسلم، أو قال: لسلف، أو قال: من سلف، فهو جائز لازم له. وإذا أقر فقال: لفلان علي مائة درهم من ثمن بيع، أو ببيع، أو لبيع، أو من قبل بيع، أو قال: من قبل إجارة، أو قال (¬3): لإجارة، أو بإجارة، أو بكفالة، أو من قبل كفالة، أو لكفالة، أو على كفالة، فهو جائز كله لازم له. ... ¬

_ (¬1) م: كان أقر. (¬2) والمقصود بذلك كتابه. انظر: المبسوط، 18/ 95. (¬3) م: أو ل.

باب الإقرار بالمال يلزمه نصفه أو أكثر

باب الإقرار بالمال يلزمه نصفه أو أكثر وقال أبو حنيفة: إذا أقر الرجل أن لفلان عليه ألف درهم إلا شيء، فإنه يلزمه خمسمائة درهم وشيء. وكذلك لو قال: له علي ألف درهم إلا قليل. وكذلك قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا قال: له علي زهاء (¬1) ألف درهم، فهو مثل الأول. وكذلك لو قال: له علي عُظْم (¬2) ألف درهم. وكذلك لو قال: له علي جُلّ ألف درهم. وكذلك هذا في الكفالة والقرض والغصب. وكذلك هذا في الوديعة والمضاربة. وكذلك لو مات المطلوب كان عليه أكثر من النصف مما (¬3) قال ورثته. وكذلك لو مات الطالب. وكذلك لو أقر العبد التاجر والمكاتب والمرأة والرجل والمسلم والكافر والصبي التاجر فهو في ذلك سواء. وكذلك لو قال: له (¬4) علي قريب من ألف درهم. ولو أقر أن له عليه كُرّ حنطة إلا شيء، كان عليه أكثر من نصف كر. وكذلك كل شيء من الوزن والكيل سماه ثم استثنى: إلا شيئاً أو إلا قليلاً، فهو مثل الأول. وكذلك لو قال: له علي ثوب يهودي سلم إلا قليلاً، وادعى الطالب ثوباً كاملاً فإنه يزيده على النصف ما شاء. وكذلك كل دين يجوز فيه السلم فهو مثل الدراهم. ... باب الإقرار بما بين كذا إلى كذا قال أبو حنيفة: إذا أقر الرجل فقال: إن لفلان علي ما بين درهم إلى مائتين فإنه يلزمه من ذلك مائة وتسعة (¬5) وتسعون درهماً، وقال: الدرهم ¬

_ (¬1) د: زيها (مهملة). (¬2) عُظْم الثيء وجُلّه وكُبْره واحد. انظر: المغرب، "عظم". (¬3) د: ما؛ ف: ثم. (¬4) د - له؛ ف: لي. (¬5) د م: تسعة.

الآخر غاية لا تلزم. وقال أبو حنيفة: لو قال: له علي ما بين درهم إلى عشرة دراهم، كان له (¬1) عليه تسعة دراهم، والدرهم الأخير غاية. وقال أبو يوسف ومحمد: تلزمه المائتان جميعاً والعشرة جميعاً كلها. وإذا قال: له علي ما بين كُرّ شعير إلى كر حنطة، فإن هذا في قياس قول أبي حنيفة يلزمه كر (¬2) شعير تاماً، وكر (¬3) حنطة إلا قفيزاً. وفي قول أبي يوسف ومحمد يلزمه ذلك كله. وكذلك لو قال: له علي ما بين عشرة دراهم إلى (¬4) عشرة دنانير، لزمه في قول أبي يوسف ومحمد ذلك كله. ويلزمه في قياس قول أبي حنيفة الدراهم كلها وتسعة دنانير. ولو بدأ فقال: له علي ما بين عشرة دنانير إلى عشرة دراهم، لزمه الدنانير كلها إلا دينار، والدراهم كلها (¬5)، ولا أبالي بأيهما بدأ في قياس قول أبي حنيفة، ألا ترى أنه لو قال: له علي ما بين (¬6) درهم إلى مائة درهم، جعلتها (¬7) تسعة (¬8) وتسعين. ولو قال: له علي ما بين درهم إلى عشرة، كانت عليه عشرة في قول أبي يوسف وقولنا، وفي قول أبي حنيفة تسعة. ولو قال: له علي من الدرهم (¬9) إلى عشرة دراهم، كان مثل ذلك. والوزن والكيل في ذلك كله سواء (¬10) مثل الدراهم والدنانير. فإن اختلف النوعان أو اتفق فهو (¬11) سواء، ¬

_ (¬1) ف - له. (¬2) د م ف: الكرء والتصحيح من الكافي، 2/ 28 و. (¬3) د م ف: والكرء والتصحيح من الكافي، 2/ 28 و. (¬4) د م: إلا. (¬5) وقال الحاكم: فعليه الدنانير وتسعة دراهم. انظر: الكافي، 2/ 28 و. وذكر السرخسي أن المذكور في المتن أعلاه يوجد في بعض نسخ أبي حفص، ولكن الأصح هو ما ذكره الحاكم. انظر: المبسوط، 18/ 97. (¬6) م ف + مائتي. وانظر: أول الباب. (¬7) د م ف + مائة. وانظر: أول الباب. (¬8) د: تسعين. (¬9) ف: من الدراهم. (¬10) م - سواء (¬11) م: وهو.

باب الإقرار بدراهم غير مسماة

والواحد (¬1) من الأكثر فهو للغاية (¬2) في قياس قول أبي حنيفة. ... باب الإقرار بدراهم غير مسماة وقال أبو حنيفة: إذا أقر الرجل أن لفلان عليه دراهم، ولم يسمها فإن الذي يلزمه ثلاثة (¬3) دراهم. وهو قول أبي يوسف ومحمد. ولو أقر (¬4) أن له (¬5) عليه دراهم كثيرة فإنه يلزمه في قياس قول أبي حنيفة عشرة دراهم، لا يكون أكثر منها. وقال أبو يوسف ومحمد بأنها مائتا درهم، ما (¬6) تجب فيه الزكاة. وإذا قال: له علي عشرة آلاف ووصيف، جعلت الوصيف عليه، وجعلت العشرة آلاف دراهم إن أقر بها المطلوب، ولا أجعلها من الوصفاء. وإذا قال: له علي دنانير كثيرة فهي عشرون ديناراً في قول أبي يوسف وقولنا. وفي (¬7) قول أبي حنيفة عشرة (¬8) دنانير. وإذا أقر الرجل أن لفلان عليه كذا كذا درهماً، ولم يسم شيئاً، فإنه يلزمه أحد عشر درهماً. وهو أقل ما يكون مما يقع عليه كذا كذا (¬9) درهماً. وكذلك هذا في الدنانير وفي الكيل والوزن. ولو أقر أن عليه كذا كذا (¬10) مختوم حنطة بالهاشمي جعلت عليه أحد عشر مختوماً من حنطة. وإذا أقر أن لفلان (¬11) عليه كذا كذا درهماً وكذا كذا ديناراً فعليه من كل واحد منهما ¬

_ (¬1) د م ف: واحد. والتصحيح من الكافي، 2/ 28 ظ؛ والمبسوط، 18/ 97. (¬2) وفي المصدرين السابقين: هو الغاية. (¬3) د م: ثلثة. (¬4) ف: قال. (¬5) ف - له. (¬6) د م: مما. (¬7) د م: في. (¬8) د - عشرة. (¬9) د م ف: كذا وكذا. والتصحيح من الكافي، 2/ 28 ظ، والمبسوط، 18/ 98. (¬10) م: كذا وكذا. (¬11) د - لفلان؛ صح هـ.

أحد عشر. ولو أقر فقال: علي كذا كذا ديناراً ودرهماً، كان عليه أحد عشر من المالين جميعاً. وإذا أقر فقال: له علي مال عظيم من الدراهم، فإن عليه مائتي درهم مما تجب فيه الزكاة في قول أبي يوسف وقولنا. وكذلك لو قال: مال عظيم من الدنانير، كان عليه عشرون ديناراً مثاقيل مما تجب فيه الزكاة. ولو أقر فقال: لفلان عليه مال، كان القول فيه ما قال. والدرهم الواحد مال. وإذا أقر أن لفلان عليه حنطة فالقول في ذلك ما قال، ربع حنطة فما فوقه. وكذلك الكيل كله. وكذلك الوزن كله. وإذا أقر فقال: له علي عشرة دراهم ونيف، فإن القول في النيف [ما قال] (¬1) من شيء من درهم أو أكثر منه. وإن قال: له علي خمسون درهماً ونيف، فالقول قوله في النيف، إن قال: درهم أو أكثر، فهو كما قال. وله أن يجعله أقل من درهم، إن شاء قال: هو دانق فضة. وإذا قال: له علي بضعة (¬2) وخمسون درهماً، فإن البضعة ثلاثة (¬3) دراهم فصاعداً، ليس له أن ينقص من ثلاثة (¬4)، ولا يشبه هذا النيف (¬5). وإذا أقر أن لفلان عليه حقاً أو لفلان قبله شيئاً، فإن القول في ذلك ما قال المقر، يقر بما شاء فيلزمه ذلك ولا يلزمه غيره. وإذا أقر فقال: لفلان عليه عشرة دراهم ودانق، فإن الدانق فضة. وكذلك لو قال: عشرة دراهم وقيراط، فإنه قيراط فضة. وإن قال (¬6): له علي مائة ودينار، فإن المائة كلها دنانير. فإن قال: له علي (¬7) مائة وقفيز حنطة، فإن المائة أيضاً حنطة. وإن قال: له علي مائة ودرهم، فإن المائة دراهم أيضاً، وليس له أن ينقص من وزن سبعة وإن قال: له علي قفيز ¬

_ (¬1) زيادة من المبسوط، 18/ 99. (¬2) د: نصفه. (¬3) د م: ثلثة. (¬4) د م: من ثلثة. (¬5) د: النصف. (¬6) ف: وإذا قال. (¬7) د - علي.

باب الإقرار بشيء من الوزن من صنفين والكيل وغيره

حنطة، فهو بقفيز البلد. وكذلك الرطل فهو برطل البلد الذي أقر فيه. وكذلك الأَمْنَاء (¬1) والسَّنَجَات (¬2)، فهو على وزن البلد. ولو قال: له علي ألف، ولم يبين فالقول قوله يقر بما شاء. وإذا قال: له علي مائة وثوب، فالقول في المائة قوله يقر (¬3) بما شاء. وكذلك كل شيء لا يكال ولا يوزن ولا يعد عدداً. وكذلك لو قال: له (¬4) علي مائة وثوبان، كان القول قوله في المائة. ولو (¬5) قال: له علي مائة وثلاثة أثواب، كان ذلك كله ثياباً، يقر بما شاء من الثياب. ألا ترى أنه لو قال (¬6): له علي مائة وعشرة أثواب، أو قال: له علي مائة وعشرون ثوباً، كان ذلك ثياباً (¬7) كله. وكذلك ثلاثة (¬8) أثواب. وكذلك كل شيء لا يكال ولا يوزن ولا يعد فهو مثل ذلك. ... باب الإقرار بشيء من الوزن من صنفين والكيل وغيره وقال أبو حنيفة: إذا أقر الرجل أن لفلان عليه مائتي مثقال ذهب وفضة، فإن عليه من كل واحد منهما النصف، وليس للمقر أن يجعل الفضة أكثر. والقول (¬9) قول المقر في الجيد من ذلك والرديء، فإن قال: هو من ذهب رديء وفضة رديئة، فهو كما قال بعد أن يحلف. ¬

_ (¬1) جمع مَنَا: وهو وزن معروف. انظر: مختار الصحاح، "منا". (¬2) جمع سَنْجة: وهو الذي يوزن به. ويقال: صَنْجة، أيضاً. وهو معرب. انظر: المغرب، "صنج". (¬3) ف - يقر. (¬4) د - له. (¬5) د م ف: وكذلك لو. والتصحيح من ب؛ والكافي، 29/ 2 و. (¬6) د - له علي مائة وثلاثة أثواب كان ذلك كله ثيابا يقر بما شاء من الثياب ألا ترى أنه لو قال. (¬7) د: ثابتا (مهملة). (¬8) د م: ثلثة. (¬9) د: فالقول.

ولو أقر فقال: لفلان علي كُرّان من حنطة وشعير، ثم أراد بعد ذلك أن يجعل الحنطة مختوماً (¬1) والشعير ما بقي فليس له ذلك، وعليه من كل واحد كر. فإن قال: هما كران وسط، وادعى الطالب جيداً، فالقول قول المقر وعلى الطالب البينة. والسلم والقرض والغصب والوديعة والبضاعة والمضاربة في ذلك كله سواء. وكذلك الكيل كله والوزن كله. وكذلك لو قال: استودعني (¬2) عشرة أثواب يهودية ومروية، كان عليه من كل نوع خمسة أثواب. وكذلك لو قال: له عشرة أثواب يهودية وزُطّية بسلم (¬3)، كان عليه من كل نوع خمسة أثواب (¬4)، ولا يصدق أن يجعل أحد الصنفين أكثر من الآخر إلا أن يصدقه الطالب. وكذلك هذا في التزويج. ولو تزوج رجل امرأة على كُرّي حنطة وشعير، كان جائزاً، وكان لها من كل واحد كر. وكذلك الخلع. وكذلك الشراء والبيع. ولو باع رجل عبداً بكري حنطة وشعير جيد إلى أجل أو حال، كان ذلك جائزاً، وكان عليه من كل واحد النصف. وكذلك الوصية والغصب. وكذلك الكفالة. ولو أقر أنه قد كفل لرجل بعشرة مثاقيل من ذهب وفضة كان عليه من كل واحد النصف. ولو أن رجلاً أقر لرجل بكُرّ من حنطة وشعير وسمسم كان عليه من كل واحد الثلث. ولو أقر أن له عليه فَرَقاً من سمن وزيت كان عليه من كل واحد النصف. فإن أقر (¬5) أن له قبله مثقالين من وَرْس وزعفران كان عليه من كل واحد النصف. وإذا أقر أن عليه قفيزاً من حنطة وشعير إلا ربعاً، كان الاستثناء جائزاً، وكان عليه ثلاثة أرباع، من كل واحد النصف. وإذا أقر أن لفلان وفلان عليه قفيزاً من حنطة وشعير فعليه من كل واحد منهما نصف قفيز لهما جميعاً. ¬

_ (¬1) أي صاعا. (¬2) د: له. (¬3) م - بسلم. (¬4) د - وكذلك لو قال له عشرة أثواب يهودية وزطية بسلم كان عليه من كل نوع خمسة أثواب. (¬5) ف: وإذا أقر.

وإذا أقر فقال: استودعتني (¬1) ثلاثة أثواب زُطّي ويهودي، كان القول قول المقر، إن شاء قال (¬2): يهودي وزطيان، مع يمينه. وإذا أقر الرجل (¬3) أن الدين الذي له على فلان لفلان، وكان للمقر على فلان مائة درهم في صك وعشرة دنانير في صك، فقال المقر: إنما عنيت الدراهم خاصة دون الدنانير، وقال المقر له: في (¬4) ذلك كله، فإن الدنانير والدراهم للمقر له كله. وقال أبو حنيفة: لو غاب المقر لم يكن للمقر له أن يتقاضى المال من الغريم، لأن هذا قضاء على غائب. وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم فأقر الطالب أن نصفها لفلان، فهو جائز، وليس لفلان أن يتقاضاها إن غاب المقر. كان حضر المقر [كان] هو الذي يتقاضى (¬5)، ويعطى المقر له نصف ما خرج. فإن ادعى المقر له الضمان على المقر وقال: أَدَنْتَ هذا المال بغير إذني، وقال المقر: لم أُدِنْه، فالقول قول المقر مع يمينه ولا ضمان عليه. وإن أقر أنه أدانه وادعى أن فلاناً المقر له أذن له في ذلك فإن المقر ضامن لحصة المقر له من ذلك بعد أن يحلف المقر له (¬6) ما أذن له (¬7) في ذلك. وإن كان لرجل على رجل ألف درهم في صك باسمه (¬8)، فأقر الطالب أن ما في هذا الصك لفلان، فهو جائز. فإن دفع الغريم ذلك إلى المقر له فهو بريء من ذلك؛ لأنه قد دفعه إلى من يملكه. ولو لم يدفعه إلى المقر له ولكنه دفعه إلى المقر الذي كان (¬9) الصك باسمه فإنه بريء من المال أيضاً؛ لأنه دفعه إلى من الصك باسمه. وإذا كان لرجل على رجل كُرّ حنطة (¬10) سلم، فأقر أنه لآخر، فهو جائز. فإن وكله المقر بقبضه وغاب فللمقر له أن يقبضه بالوكالة، ولا يقبضه ¬

_ (¬1) ف: استودعني. (¬2) م + هو. (¬3) ف + فقال. (¬4) د - لي. (¬5) د: يتقاضاه. (¬6) ف - له. (¬7) م - له. (¬8) د - باسمه. (¬9) م + في. (¬10) ف - حنطة.

بالإقرار. كان لم يكن له على الوكالة بينة فأقر (¬1) الذي عليه الطعام بالوكالة جَبَرْتُه (¬2) على دفعه. ولو لم يقر بالوكالة وأقر أن فلاناً قد أقر بأن هذا الطعام لك، فإني لا أجبره على دفعه، ولا أصدقه على صاحب الطعام الغائب. والدين كله والقرض وثمن البيع والسلم والكيل والوزن والغصب مثل هذا كله. وهذا كله باب واحد. وأهل الإسلام وأهل الذمة في ذلك سواء. والعبد التاجر والمكاتب في ذلك سواء. وإذا كان لرجل على رجل كرّ شعير وكر حنطة، فأقر أن نصف طعامه الذي على فلان لفلان، فإنما أقر بالحنطة دون الشعير. ألا ترى أنه لو كان له على رجل كر من حنطة وكر من سمسم لم يدخل السمسم في ذلك. ألا ترى أنه لو كان له عليه كر من حنطة (¬3) وكر من تمر أنه لا يدخل التمر في ذلك. وإذا أقر الرجل [فقال:] إن لفلان عندي ألف درهم قرض ووديعة، فإنه يضمن نصفها قرضاً ونصفها وديعة. فإن أراد أن يجعل الوديعة الثلثين والقرض الثلث فإنه لا يصدق إلا أن يصل الكلام. وكذلك لو قال: له قِبَلِي ألف درهم مضاربة وقرض، فإن وصل الكلام فقال: مائة منها (¬4) قرض وتسعمائة مضاربة، كان القول قوله مع يمينه. وكذلك لو قال: له قِبَلِي كُرّ من حنطة وشعير، الحنطة مختوم، والشعير تسعة وثلاثون مختوماً، كان القول قوله مع يمينه. ولو سكت وقطع الكلام كان من كل واحد منهما النصف. وكذلك لو قال: له عندي ألف درهم مضاربة ووديعة، فخمسمائة منها وديعة وخمسمائة مضاربة، فإن عمل بالمضاربة ضمن إلا أن يصدقه الطالب. ¬

_ (¬1) م ف + أن. (¬2) أي: أجبرته، وهي لغة. انظر: لسان العرب، "جبر". (¬3) د - وكر من سمسم لم يدخل السمسم في ذلك ألا ترى أنه لو كان له عليه كر من حنطة. (¬4) د: منها مائة.

باب الإقرار بالوديعة التي عند فلان لفلان

وإذا أقر فقال: إن له عندي ألف درهم هبة ووديعة، فإنها وديعة، ولا تكون هبة؛ لأنه لم يقبضها. وإذا أقر الرجل فقال (¬1): كنت غصبتك شاة كثيرة، فهي أربعون شاة مما تجب فيه الزكاة. وإذا قال: إبلا كثيرة، فهي خمسة وعشرون مما تجب فيه الفريضة. وإذا قال: حنطة كثيرة، فهي خمسة أوساق مما يجب فيه العشر. وهذا كله قول محمد. وهو قياس قول أبي يوسف. ... باب الإقرار بالوديعة التي عند فلان لفلان وإذا كان لرجل عند رجل ألف درهم وديعة، فأقر رب الوديعة أن الوديعة التي عند فلان لفلان (¬2)، فهو جائز، وليس له أن يقبضها من المستودع والمقر غائب. فإن حضر المقر أخذها ودفعها إلى المقر له. كان دفعها المستودع إلى المقر له برئ منها. وإن أقر أن الوديعة التي لي عند فلان لفلان، وكان له عند فلان ودائع مختلفة من أنواع مختلفة شتى، فقال المقر: إنما عنيت نوعاً واحداً منها، وقال المقر له (¬3): استودعها فلان بغير أمري، فالقول قوله، والمقر ضامن بعد أن يحلف المقر له ما أذن له في ذلك ولا أمره به (¬4). وإذا أقر الرجل [فقال:] إن الوديعة التي في عند فلان فإنها لفلان، فقال المستودع: قد دفعتها إليك، وقال المقر: ما دفعتها إلي، فلا (¬5) ضمان على المستودع ولا على المقر، وعلى كل واحد منهما اليمين على ذلك. فإن قال المستودع: قد دفعتها إلى المقر له، فالقول قوله بعد أن يحلف، ولا ضمان عليه. وهذا الباب كله إذا أقر رب المال أنه أمره بذلك أن يودعه ¬

_ (¬1) ف + قد. (¬2) د م - لفلان. (¬3) ف + إنما. (¬4) ف - به. (¬5) م: فلان.

باب الإقرار بألف لا بل بألفين

فهو سواء. كان قال المستودع: قد ضاعت الوديعة، فإن القول قوله مع يمينه، ولا ضمان عليه. والذي يلي اليمين وخصومة المستودع المقر إذا كان المقر له (¬1) أذن له في الوديعة. ... باب الإقرار بألف لا بل بألفين وقال أبو حنيفة: إذا أقر الرجل أن لفلان عليه ألف درهم لا بل ألفي درهم، فإن عليه ألفي درهم، وكان ينبغي في القياس أن يكون عليه ثلاثة آلاف درهم، ولكنا تركنا القياس. وهو قول أبي يوسف وقولنا. أرأيت لو قال: له علي ألف (¬2) درهم لا بل خمسمائة، ألم يكن عليه ألف درهم، لا يكون عليه غيرها. أرأيت لو قال: له علي درهم وزن سبعة لا بل نصف درهم، أكنت أجعل عليه درهماً ونصفاً، إنما عليه الدرهم، الأكثر (¬3) من ذلك. أرأيت لو قال: له علي درهم أبيض لا بل أسود، أما كان (¬4) عليه أفضلهما والآخر باطلاً. وإذا أقر الرجل أن لفلان عليه كُرّ حنطة لا بل نصف كر، فإنما عليه كر (¬5) واحد. ولو قال: له علي درهم لا بل دينار، كان عليه درهم ودينار جميعاً. ولو قال: له علي كر حنطة لا بل كر شعير، كان عليه الكران جميعاً إذا (¬6) ادعى الطالب ذلك. وكذلك إذا اختلف النوعان من الكيل والوزن على هذا الوجه فإنه يلزمه النوعان جميعاً إذا ادعى الطالب ذلك. وإذا كان (¬7) نوعاً واحداً جعلت عليه الأكثر. والكيل والوزن والدراهم والدنانير والفلوس في ذلك كله سواء. ¬

_ (¬1) د م - له؛ صح م هـ (¬2) م - ألف؛ صح هـ. (¬3) د - الأكثر. (¬4) د م: أكان؛ ف: كان. (¬5) د - كر. (¬6) د - ولو قال له علي كر حنطة لا بل كر شعير كان عليه الكران جميعاً إذا؛ م - إذا. (¬7) ف: وإن كان.

وإذا أقر أن له عليه درهماً زائفاً لا بل جيداً (¬1)، فهو درهم جيد. وكذلك لو قال: له علي قفيز حنطة رديء لا بل جيد، فهو جيد. وكذلك لو قال: له علي مختوم من دَقَل (¬2) لا بل فارسي، فهو مختوم فارسي. وكذلك لو قال: له علي مختوم دقيق رديء، ثم قال: لا بل هو (¬3) جيد، أو قال: هو حُوَّارِي (¬4)، فهو على الجيد، والرديء باطل. ولو قال: له علي رطل من بنفسج لا بل من خِيري (¬5)، وادعى الطالب المصنفين جميعاً كان عليه رطلان. ولو قال: له علي رطل من سمن غنم، ثم قال: لا بل من سمن بقر، كان عليه رطلان جميعاً إذا ادعى الطالب ذلك؛ ولو قال: له علي رطل سمن رديء، ثم قال: لا بل هو جيد، كان عليه رطل جيد. وكذلك إذا أقر أن لفلان عليه ألف درهم لا بل لفلان ألف، فلكل واحد منهما ألف درهم، يلزمه ذلك. وإذا أقر الرجل بألفما درهم قرضاً لا بل لمكاتبه ألف درهم قرض، لزمه لكل واحد منهما ألف. وكذلك لو أقر بها له لا بل لعبده فلان، وعبده (¬6) تاجر عليه دين أو ليس عليه دين: فإن كان عليه دين لزمه لكل واحد منهما ألف، كان لم يكن عليه دين فإنما عليه ألف واحدة. أستحسن ذلك وأدع القياس فيه. وإذا أقر فقال: لفلان علي ألف درهم من ثمن جارية باعنيها، ثم قال: لا بل فلان باعنيها (¬7) بألف درهم، فإن ادعاها فلان لنفسه فعليه لكل ¬

_ (¬1) د م ف: بل جيد. (¬2) الدَّقَل: نوع من أردأ التمر. انظر: المغرب، "دقل". (¬3) د - هو. (¬4) م ف: حولدي. والتصحيح من ب؛ والكافي، 2/ 30 ظ، والمبسوط، 18/ 104. والحُوَّارِي بضم الحاء وشد الواو وفتح الراء الدقيق الأبيض، وهو لباب الدقيق. وكذلك كل ما حُوِّر أي بيّض من طعام يقال له حُوّاري. انظر: القاموس المحيط، "حور". (¬5) الخِيري: نبات يقال له: المنثور، لكنه غلب على الأصفر منه، لأنه الذي يخرج دهنه ويدخل في الأدوية. انظر: المصباح المنير، "خير". (¬6) د م ف: وعبد. (¬7) ف - ثم قال لا بل فلان باعنيها.

باب إقرار الطالب بالاقتضاء على هذا الوجه

واحد منهما ألف، وإن لم يدعها فلان لنفسه وأقر أنها للأول فهي ألف واحدة للأول. أستحسن ذلك وأدع القياس فيه (¬1). ... باب إقرار الطالب بالاقتضاء على هذا الوجه وإذا كان لرجل على رجل عشرة دراهم بيض وعشرة دراهم سود، فأقر الطالب أنه قد اقتضى منه درهماً أبيض ثم قال: لا بل أسود، وادعى (¬2) المطلوب أنه قد قضى الدرهمين جميعاً، فإني ألزم الطالب (¬3) الدرهم الواحد (¬4). وهذا والإقرار بالدين سواء. ألا ترى أنه قد أقر بقبض درهم. ولو كان عليه مائة درهم في صك ومائة درهم في صك آخر فقال: قد قبضت منك عشرة دراهم من هذا الصك، ثم قال: لا بل من هذا الصك الآخر، فإنها عشرة واحدة من أي الصكين شاء الذي قضى. وهذا والبيض والسود (¬5) سواء. ولو كان عليه مائة درهم في صك قد كفل بها عنه رجل، ومائة عليه قرض خاصة، فقال: قد قبضت منك عشرة من دراهم الصك الذي فيه كفالة ¬

_ (¬1) د م ف + وإذا أقر فقال له علي مائة وثوب فالقول في المائة قوله يقر بما شاء وكذلك كل شيء لا يكال ولا يوزن ولا يعد وكذلك لو قال له علي مائة وثوبان كان القول قوله في المائة ولو قال له علي مائة وثلاثة أثواب كان ذلك كله ثيابا يقر بما شاء من الثياب ألا ترى أنه لو قال له علي مائة وعشرة أثواب أو قال له علي مائة وعشرون ثوباً كان ذلك ثيابا كلها وكذلك ثلاثة ألْواب وكذلك كل شيء لا يكال ولا يوزن ولا يعد فهو مثل ذلك. وقد تقدمت هذه الفقرة قبل خمس صفحات تقريبا بحروفها، وهو تكرار لا يناسب السياق. (¬2) د ف: أو ادعى. (¬3) ف: المطلوب. (¬4) وقد بين الحاكم والسرخسي أنه الدرهم الأبيض. انظر: الكافي، 2/ 31 و، والمبسوط، 18/ 105. (¬5) د - والسود.

فلان، ثم قال: " (¬1) بل هي (¬2) من هذا الصك الذي عليه خاصة، فإنها عشرة واحدة من أي الصكين شاء الدافع (¬3) جعلها، وعلى المقر اليمين أنه لم يقبض إلا عشرة واحدة. وكذلك إن كانا صكين لرجل واحد من نوع واحد فإنه يلزمه واحد من ذلك. فإن كانا صكين على رجل واحد وعلى كل واحد منهما كفيل على حدة فقال: قد أخذت من هذا الصك من هذا الكفيل عشرة لا بل من هذا عشرة (¬4)، فهو من كل صك عشرة. ولو كان له عليه مائة درهم وعشرة دنانير فقال: قد قبضت منك ديناراً لا بل درهماً، وادعاهما الدافع جميعاً، فإنه يلزم المقر (¬5) دينار ودرهم (¬6). وكذلك كل ما اختلف من الأنواع من الحنطة والشعير والكيل والوزن، فإنه يلزمه الأمران جميعاً. وإذا كان نوعاً واحداً لزمه نوع واحد، الأفضل من ذلك. وإذا كان له على رجلين على كل واحد منهما مائة درهم، كل واحد منهما في صك، أو هما جميعاً في صك، وكل واحد منهما (¬7) كفيل عن صاحبه، فقال: قد قبضت من هذا عشرة، لا بل من هذا عشرة، فإنه يلزمه لكل واحد منهما عشرة. وكذلك لو كفل عنهما بذلك رجل واحد. وكذلك لو كانا كفلا هما بذلك عن رجل، فإنه يلزمه لكل واحد منهما عشرة. ولو كان لرجل على رجل ألف درهم فقال الطالب: دفعت إلي منها مائة درهم بيدك، ثم قال: لا بل أرسلت إلي بها مع غلامك، فإنها مائة واحدة، ولا يلزمه أكثر من ذلك. ولو أقر أنه قبض منه مائة درهم فقال المطلوب: وعشرة دراهم أرسلت بها إليك مع فلان، وثوب بعتكه بعشرة، فقال الطالب: قد صدقت، وقد دخل هذا في هذه المائة، كان القول قوله مع يمينه. ¬

_ (¬1) م ف - لا. (¬2) د - هي. (¬3) د م: الرافع. (¬4) ف + لا بل من هذا عشرة. (¬5) ف: للمقر. (¬6) ف: أو درهم. (¬7) ف - مائة درهم كل واحد منهما في صك أو هما جميعاً في صك وكل واحد منهما.

باب إقرار الرجل بالمال ودفعه إليه آخر

ولو كان به كفيل فقال: اقتضيت (¬1) منك مائة درهم لا بل من كفيلك، لزمه لكل واحد منهما مائة. فإن أراد أن يستحلف كل واحد منهما لم يكن عليه يمين؛ لأنه قد أقر بذلك. ... باب إقرار الرجل بالمال ودفَعَه (¬2) إليه آخر وإذا أقر الرجل فقال: إن فلاناً دفع إلي (¬3) هذه الألف وهي لفلان، وادعى الألف كل واحد منهما، فإنها للدافع. فإن أقر فقال: هذه الألف لفلان دفعها إلي فلان، فهي للمقر له الأول، ولا يكون للدافع منها شيء. فإن ادعاه الدافع وحلف ما هي لفلان ضمن المستودع ألفاً أخرى له. والوديعة والعارية سواء. وإذا أقر أن هذه الألف لفلان أقرضنيها فلان الآخر (¬4)، وادعاها كل (¬5) واحد منهما، فإنها للذي أقر له بها أولاً، وللمقرض عليه ألف درهم. وإذا كان عبد في يدي رجل فأقر أنه لفلان باعنيه فلان الآخر (¬6) بألف درهم، وادعى البائع أنه باعه بألف، وادعاه المقر له، وحلف أنه لم يأذن لى في بيعه، فإنه (¬7) يقضى بالعبد للمقر له، ويقضى بالثمن للبائع. ولا يشبه البيع [و] القرض (¬8) والوديعة ما سواها. ¬

_ (¬1) د: أقبضت؛ ف: قبضت. (¬2) ولفظ الحاكم: بمال دفعه. انظر: الكافي، 2/ 31 ظ؛ والمبسوط، 18/ 106. (¬3) د: إليه. (¬4) ف: لآخر. (¬5) د م ف: لكل. (¬6) د م: لآخر. (¬7) ف - فإنه. (¬8) زيادة الواو من الكافي، 2/ 31 ظ. وقد وقع هنا اختلاف بين الروايات. بين ذلك الحاكم -رحمه الله- فقال: ولا يثبه القرض والبيع الوديعة. وفي بعض الروايات: ولا يشبه القرض والبيع والوديعة ما سواها. وهذا أقرب على ظاهر ما تقدم لأنه أجاب في هذه=

وإذا أقر الرجل أن هذا العبد الذي في يديه لفلان، غصبه فلان المقر له من فلان، لرجل آخر (¬1)، فإنه يقضى به للمقر له، ولا يكون للمغصوب منه شيء. ألا ترى أنه لو قال: هذا الصبي ابن فلان غصبه من فلان لآخر، وادعى أبو الصبي أنه ابنه، وادعى المغتصب منه أنه عبده، فإنه يقضى به للأب، وهو حر لا سبيل عليه ثابت النسب منه. ألا ترى أنه لو قال: هذا الصبي ابن فلان (¬2) أرسل إلي به مع فلان، كان الابن ابن الأول إذا ادعاه، ولا يكون للرسول. وإنما أنظر في هذا إلى الإقرار الأول. وفىِ جميع هذا إن ادعى الرسول ذلك كان له على المقر مثله (¬3)، ما خلا الابن، فإن كان يعبر عن نفسه وأقر أنه ابن الذي أقر له المقر (¬4) به فلا ضمان على المقر الدافع. وإن كان صغيراً لا يتكلم [فهو] (¬5) مثل ذلك، غير أن على المقر قيمته للرسول إذا ادعاه لنفسه أنه مملوك. ¬

_ = الثلاث على الاتفاق. والكلام الأول محتمل على مذهب أبي يوسف، لأنه لا يرى الضمان في الوديعة. ويحتمل اختلاف نفي الضمان فيهما في [لعل الصواب: عن] الوديعة. انظر: الكافي، 2/ 31 ظ - 32 و. وقد شرح السرخسي ذلك فقال: ولا يشبه البيع والقرض الوديعة. وفي بعض النسخ قال: ولا يشبه القرض والبيع والوديعة ما سواها. وهذا أقرب إلى الصواب على ظاهر ما تقدم، لأنه أجاب في هذه الثلاثة بجواب واحد، وأشار إلى الفرق بين هذه الثلاثة وبين المسألة الأولى من الباب حيث قال: يدفع المال إلى الدافع ولا شيء عليه للثاني. فأما اللفظ الأول فهو مستقيم على أصل أبي يوسف -رحمه الله-، لأنه في الوديعة قال: إذا دفع إلى الأول بقضاء القاضي لم يغرم للثاني، وفي القرض والبيع إن دفعه إلى الأول بقضاء القاضي فهو ضامن للئاني. ويحتمل أن يكون المراد بيان الفرق بين القرض والوديعة في أن الوديعة لا تكون مضمونة عليه للثاني ما لم يدفع إلى الأول، وفي القرض والبيع المال واجب عليه للثاني كان لم يدفع إلى الأول شيئاً. وهذا فرق ظاهر. فإن الإقراض والمبايعة سببا ضمان بخلاف الإيداع. انظر: المبسوط، 18/ 107. (¬1) ف - آخر. (¬2) م: لفلان. (¬3) م ف: مثل. والتصحيح من الكافي، 2/ 32 و. (¬4) ف: للمقر. (¬5) الزيادة من الكافي، 2/ 32 و.

باب إقرار الرجل بالمال اقتضاه من آخر

ولو قال: هذه الألف لفلان، أرسل بها إلي مع فلان وديعة، وادعاها كل واحد منهما، فإنها للأول. فإن قال الأول: ليست في ولم أرسل بها، وادعاها الرسول فهي للرسول. وإن كان المقر له غائباً فأراد الرسول أن يأخذها، فإن ادعاها الرسول (¬1) لنفسه لم يأخذها (¬2) ولم يكن له سبيل عليها. كان أقر أنها لفلان وأنه كان رسولاً بها إليك فذلك أبعد له منها، ولا سبيل له عليها؛ لأن رسالته قد انقطعت. وإذا أقر الخياط أن هذا الثوب الذي في يديه لفلان أسلمه إليه فلان، وكل واحد منهما يدعيه، فإنه للذي أقر له به أول مرة. وكذلك القصار والصباغ والصائغ وكل عامل من العمال. ولا يضمن للثاني شيئاً في قياس قول أبي يوسف. ويضمن في قول محمد. وإن أقر أن هذا الثوب أسلمه إليه فلان ليقطعه قميصاً وهو لفلان، وادعاه كل واحد منهما، فإنه للذي أسلمه إليه أول مرة، وليس للثاني شيء. وإذا أقر أن هذا الثوب استعاره من فلان، فبعث به إلي مع فلان، فهو للذي (¬3) أعاره إياه. كان أقر أن فلاناً أتاه بهذا الثوب عارية من قبل فلان، وادعاه كل واحد منهما، فهو للرسول. ... باب إقرار الرجل بالمال اقتضاه من آخر وإذا أقر الرجل أنه اقتضى من رجل ألف درهم كانت له عليه وقبضها، فقال له فلان: قد أخذت بها مني هذا المال ولم يكن لك علي شيء، فرده علي، فإنه يجبر على أن يرد عليه المال بعد أن يحلف ما كان لفلان عليه شيء. ¬

_ (¬1) ف - الرسول. (¬2) ف: ولم يأخذها. (¬3) ف: الذي.

وكذلك لو أقر أنه قبض من فلان ألف درهم كانت وديعة عنده له، فقال فلان: بل هو مالي قبضته مني، فإنه يرد المال عليه بعد أن يحلف ما استودعه إياه. وقال أبو حنيفة: لو أن رجلاً قال: أسكنت فلاناً بيتي هذا ثم أخرجته منه ودفعه إلي، وادعى الساكن في البيت أنه له، فالقول قول صاحب البيت، وعلى الساكن البينة. وقال أبو يوسف ومحمد: القول قول الساكن، ويرد عليه البيت بعد أن يحلف الساكن ما أسكنه إياه. وقال أبو حنيفة: لو أن رجلاً أقر أن هذه الدابة له أعارها فلاناً ثم قبضها منه، وقال فلان: بل هي دابتي، فإن (¬1) القول قول الذي في يديه الدابة مثل الأول بعد أن يحلف. وقال أبو يوسف ومحمد: بل ترد على الذي قال: قبضت منه، وعليه اليمين ما استعارها من هذا، وعلى الآخر البينة أنه أعارها إياه. وكذلك الحلي والثوب في قولهم جميعاً. وإذا أقر الرجل أن فلاناً الخياط خاط له قميصه هذا بنصف درهم وقبض منه القميص، وقال الخياط: بل هو قميصي أعرتكه، فالقول فيه مثل الأول. وكذلك الثوب يسلم إلى الصباغ. فإن قال رب الثوب: خاط الخياط قميصي هذا بنصف درهم، ولم يقل: قبضته منه، فإن هذا في قولهم جميعاً لا يرد على الخياط. وكذلك الصباغ والصائغ (¬2). وإذا كان الثوب معروفاً أنه للمقر أو الدابة أو الدار فقال: أعرت فلاناً هذه الدار أو هذه الدابة وقبضتها منه، فالقول قول (¬3) المقر (¬4)، ولا يشبه المعروف في هذا الوجه المجهول، والمجهول في هذا الوجه إذا لم يخاصمه المأخوذ منه فهو له. وإذا أقر الرجل أن فلاناً ساكن في هذا البيت، فادعى فلان البيت، فإنه يقضى به للساكن على المقر. ¬

_ (¬1) د م ف: إن. (¬2) ف: والصانع. (¬3) د - قول. (¬4) د: للمقر.

وإذا أقر الرجل (¬1) أن فلاناً زرع هذه الأرض أو بنى هذه الدار أو غرس هذا الكرم أو غرس هذا البستان، وذلك كله في يدي المقر، فادعى الباني والغارس والزارع الأرض والزرع والغرس (¬2) والبناء، وقال المقر: بل ذلك كله في استعنتك ففعلت ذلك، أو فعلته بأجره، كان القول في هذا كله قول المقر مع يمينه؛ لأنه لم يقر أن ذلك كان في يد الفاعل، وهذا مثل قوله (¬3): خاط لي هذا القميص. وإذا أقر الرجل أنه أخذ من عبده ألف درهم قبل أن يعتقه، وقد أعتقه قبل هذه المقالة، وقال العبد: بل أخذتها مني بعد العتق، فإن أبا حنيفة قال في ذلك (¬4): القول (¬5) قول العبد، والذي أقر بقبض المال ضامن. وكذلك هذا الوجه في الجراحات كلها. ولو قال: قطعت يدلّ قبل أن أعتقك، وقال العبد: بل قطعتها بعد العتق، فإن عليه دية حر. وكذلك لو كان مال (¬6) قائم بعينه فقال: أخذت هذا المال منك قبل العتق، وقال العبد: بعد العتق، فإنه يرده عليه. وكذلك لو كانت أمة أعتقها ثم قال: أخذت منك هذا الولد قبل العتق، وقالت: بل أخذته (¬7) مني بعد العتق، فإنه يرده عليها وهو حر. ولو لم يقل: أخذت منك، ولكنه قال (¬8): أعتقتك بعد ما ولدتيه، وقالت هي: أعتقتني قبل أن ألده، فإن كان الولد في يدي المولى فالقول قوله، وإن كان الولد في يدي الجارية فالقول قولها. وهذا قول أبي حنيفة. ولا يشبه هذا قوله: أخذته منك. وقال أبو حنيفة: كل شيء أخذه منها أو جناية جناها عليها فإنه لا يصدق على شيء من ذلك أنه كان قبل العتق ما خلا خصلتين: الجماع والغلة (¬9). فإنه إن قال: أخذت منك غلة قبل أن أعتقك كل شهر خمسة ¬

_ (¬1) د م ف - الرجل. والزيادة من ع. (¬2) م: الغرس. (¬3) د: قولي. (¬4) ف - في ذلك. (¬5) ف + في ذلك. (¬6) ف: مالي. (¬7) م: بل أخذت. (¬8) ف: قد. (¬9) م: والغلبة.

دراهم، فالقول قوله. وإن قالت هي: أخذتها بعد العتق، لم يصدق. وإن قال: قد جامعتك قبل أن أعتقك، وقالت هي: بعد العتق، فالقول قول المولى، ولا يكون عليه في ذلك يمين. وهذا كله قول أبي يوسف. وقال محمد: يصدق المولى في كل شيء مستهلك من مال أو جناية، فأما ما كان قائماً بعينه فإنه لا يصدق عليه، ويرده على العبد المعتق. وقال أبو حنيفة: لو أن رجلاً من أهل الحرب أسلم، فأقر (¬1) رجل أنه غصبه ألف درهم في الحرب أو في دار الحرب، وقال المغتصب منه: بل غصبتني بعد الإسلام في دار الإسلام، فإن الغاصب ضامن لذلك. وكذلك الجراحات في هذا الوجه. وقال أبو حنيفة: لو كان هذا على ما قال الغاصب والجاني لكان مال هذا الرجل وجسده مباحاً لمن أصابه لا ضمان عليه. ألا ترى لو أن رجلاً أسلم فأقر رجل أنه غصسب ابنه هذا في دار الحرب وهو صبي، وقال الحربي الذي أسلم: بل غصبتنيه (¬2) في دار الإسلام، أن القول قول المغتصب منه. ألا ترى أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قد كان لهم أولاد (¬3) في (¬4) الشرك معروفون، فلو أن رجلاً منهم أخذ ابن أحدهم فقال: أخذته في دار الحرب، أكان يصدق على ذلك؟ ولو أن رجلاً جرح أحداً منهم أو أخذ منه متاعاً أو مالاً ثم قال: فعلته في الحرب، وكذبه الآخر فإن القول قول المجروح والمأخوذ منه المال، ولا يصدق الاخذ والجارح على ما قال، ولا يبرأ بقوله. وهذا قول أبي يوسف. وقال محمد: يصدق المقر على ما كان من مستهلك أو جناية، ولا يصدق على ما كان منه قائماً بعينه من مال أو ولد. ولو أن رجلاً أعتق عبداً فأقر أنه أخذ منه ألفاً وهو عبد لفلان، فقال العبد: أخذتها مني بعد العتق، فإن القول قول العبد. ¬

_ (¬1) د: فقال. (¬2) د: بل غصبته. (¬3) د + مشركون. (¬4) د - في.

ولو أن رجلاً كاتب عبداً له فأقر رجل أنه أخذ من هذا المكاتب ألف درهم قبل الكتابة (¬1)، وقال المكاتب: أخذتها مني بعد الكتابة (¬2)، فإن القول قول المكاتب، والمال له، ولا شيء لمولاه. ولو أن رجلاً باع عبداً من رجل، فأقرت امرأة أنها غصبت من هذا العبد مائة درهم وهو عبد مولاه الأول، وقال مولاه الآخر: بل غصبته وهو عبدي، فإن المال لمولاه الآخر، وليس للأول شيء. ألا ترى أنها أقرت أنها قبضت من عبده، ولا تصدق على أن تصرفه إلى غيره. وكذلك الجراحات في جميع ذلك. ألا ترى أنه لو أقر أنه اغتصب من فلان ألف درهم لفلان آخر كانت الألف للمغتصب منه وليس لفلان شيء. وكذلك قولها: أخذت من عبدك وهو عبد فلان. وإذا أقر الرجل أنه غصب فلاناً ألف درهم والغاصب حربي يوم غصب وهو اليوم مسلم، وقال المغتصب منه: بل غصبتني بعدما أسلمت، فإن الغاصب ضامن لها. وكذلك الجراحات. ألا ترى أنه لو أقر فقال: فقأت عين فلان عمداً كان عيني ذهبت بعد ذلك، فقال فلان المفقوء عينه: بل فقأت عيني وعينك ذاهبة، فإن القول قول المفقوء عينه، والمقر ضامن لأرش عينه، ولا يصدق المقر على إبطالها. وكذلك الجراحات في اليد وغيرها. وقال أبو حنيفة: إذا أقر (¬3) الرجل الحر أنه قتل هذا الرجل خطأ، والقاتل عبد يومئذ في قوله، وقد كان يعرف أنه قد كان (¬4) عبداً، وقال ورثة المقتول: بل قتلته بعد العتق، فليس على العبد في هذا شيء. ولا يشبه هذا ما ذكرنا قبله في قول أبي حنيفة؛ لأنه أقر على مولاه، وفيما كتبنا قبل ذلك في الحر أقر على نفسه، ثم أراد أن يصرف الحق إلى غير صاحبه. وهذا كله قوله وقول أبي يوسف. وقال محمد: كل شيء أقر به الرجل أنه أخذه ¬

_ (¬1) ف: المكاتبة. (¬2) ف: المكاتبة. (¬3) ف - إذا أقر. (¬4) د - قد كان؛ صح هـ.

باب إقرار المفاوض

من عبده قبل أن يعتقه، فإن كان شيئاً قائماً (¬1) بعينه لم يصدق عليه ورده على عبده. وكل شيء مستهلك من جناية جناها أو جماع أو مال (¬2) استهلكه، فالقول في ذلك قول المولى، ولا يصدق العبد على ما يدعي من الضمان. وكذلك الحربي إذا أسلم فهو مثل العبد إذا أعتق في جميع ما وصفت لك. ... باب إقرار المفاوض وإذا أقر أحد المتفاوضين أن عليه لفلان ديناً (¬3) ألف درهم فإن أبا حنيفة قال: يلزمه المال، ويلزم شريكه، وإن جحد ذلك شريكه لم ينفعه الجحود (¬4). وكذلك لو أقر بوديعة بعينها أو قال: استهلكتها، فهي دين عليه وعلى شريكه. وكذلك لو أقر بغصب شيء. ولو قال (¬5) شريكه: كان هذا قبل المفاوضة، لم يصدق على ذلك، وكان المال لازماً لهما جميعاً، يأخذ الطالب أيهما شاء بجميع ماله. وقال أبو حنيفة: إذا (¬6) أقر أحدهما (¬7) بضمان على رجل لرجل أو بكفالة مالمالزمهما ذلك. وقال: الكفالة من تجارتهما، ويأخذ الطالب أيهما شاء بجميع ماله. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يلزم شريكه من الكفالة شيء ولا من الضمان، ويلزم ذلك المقر خاصة؛ لأن هذا معروف. وقال أبو حنيفة: إذا أقر أحدهما بقبض دين كان لهما من شركتهما (¬8) أداناه جميعاً أو أدانه الآخر الذي لم يقر بالقبض فهو جائز، والمطلوب بريء من ذلك الدين كله. وكذلك إذا أخّر أحدهما مالاً على رجل لهما حالاً ¬

_ (¬1) د م ف: شيء قائم. (¬2) د م: أو قال. (¬3) د م ف: دين. (¬4) ف: الححر. (¬5) ف: كان. (¬6) م ف - إذا. (¬7) م + بما. (¬8) م: من شريكهما.

فأخّره إلى أجل مسمى فهو جائز. وكذلك لو أقر أحدهما لرجل بأجر بيت في شركتهما، أو بأجر أجير، أو بأجر دابة، فهو جائز عليهما. وكذلك العبد والدابة والحيوان والعروض والكيل والوزن والمال العين والدين. وكل شيء من شركتهما في ذلك أقر به أحدهما لرجل فهو جائز عليه وعلى شريكه. وإن أقر أحدهما بمهر امرأة فإن أبا حنيفة قال: يلزمه خاصة دون شريكه. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: إذا أقر أحدهما بجناية لها أرش فإن ذلك يلزمه دون شريكه، وهذا قول أبي يوسف ومحمد؛ لأن الجناية والمهر ليسا من التجارة. وإذا أقر أحدهما بنفقة امرأته لما مضى فإن ذلك يلزمه دون شريكه؛ لأن هذا بمنزلة المهر. ولو أقر أحدهما بمهر لامرأة صاحبه أو نفقة لامرأة صاحبه أو جناية ذكر أن صاحبه جناها على رجل لها أرش لم يلزمه من ذلك شيء، ولم يجز (¬1) ذلك على صاحبه؛ لأن هذا ليس من التجارة. فإن قال المقر: قد كفلت بذلك لهم عن صاحبي، فإن ذلك يلزمه، ويلزم صاحبه في قياس قول أبي حنيفة، ولا يلزم صاحبه في قول أبي يوسف ومحمد. ولو أن (¬2) امرأة مفاوضة أقرت بدراهم اختلعت بها من زوجها لزمها ذلك دون شريكها. ولو أن أحد الشريكين ادعى أن صاحبه أنفق من المال نفقة دون صاحبه فإنها دين عليه، لم يصدق على ذلك إلا ببينة. ولو أقر أنه أنفق على نفسه لزمه ذلك. ولو أقر أحد الشريكين أن على صاحبه ديناً قَبْل الشركة لفلان، وأنكر صاحبه ذلك، وادعى الطالب أن هذا الدين كان في الشركة فإن المال ¬

_ (¬1) د م ف: ولم يجزه. (¬2) د - أن؛ صح هـ.

يلزمهما جميعاً. ولو أقر أن الدين الذي عليه (¬1) كان قبل الشركة وادعى الطالب أنه كان عليه في الشركة فإن المال لازم له ولشريكه. إذا لزمه المال لزم شريكه (¬2)، ولا يصدق واحد منهما على دفع ذلك عن نفسه، ويؤخذ الشريك إذا أنكر ذلك. وإذا أقر أحدهما أنه كان على شريكه مال لفلان قبل الشركة، فقال الشريك: أجل، قد كان ذلك، وادعى الطالب أنه كان قبل الشركة، فإن القول على ما أقرا به. وإذا أقر (¬3) أحدهما أن لفلان عليه ألف درهم، فقال الآخر: بل لفلان، فإنه يلزمهما (¬4) المالان جميعاً. وإذا مات أحد المتفاوضين فأقر الباقي بدين كان في الشركة لزمه ذلك دون صاحبه؛ لأن المفاوضة قد انقطعت. وإذا تفرق المتفاوضان ثم أقر أحدهما بدين كان عليهما في المفاوضة، وجحد الآخر ذلك، فإن ذلك يلزم المقر خاصة دون صاحبه، وعلى صاحبه اليمين. وإذا ادعى الرجل قِبَل المتفاوضين (¬5) ديناً، فقدمهما إلى القاضي ولم تكن له بينة، فحلف أحدهما وأبى الآخر أن يحلف، لزمهما جميعاً المال. وإذا أقر المفاوض لأبيه أو لأمه (¬6) أو لامرأته أو لمكاتبه بدين فإنه لا يصدق في قول أبي حنيفة على شريكه، ويصدق في قول أبي يوسف ومحمد في ذلك كله ما خلا المكاتب. وإذا أقر المفاوض أنه قد كان أنفق من المال نفقة على نفسه فهو ¬

_ (¬1) أي: أقر على نفسه وليس على صاحب انظر: الكافي، 2/ 34 و؛ والمبسوط، 18/ 112. (¬2) م: لشريكه. (¬3) ف: وإن أقر. (¬4) د: يلزمه. (¬5) د م: المفاوضين. (¬6) ف: ولأمه.

باب إقرار الشريك شركة عنان

مصدق، وهو دين عليه (¬1). وإذا ادعى المفاوض طائفة من المال الذي في أيديهما فقال: هو ميراث، فإنه لا يصدق. وإن أقر أنها وديعة لابنه أو لأمه أو لأبيه أو مضاربة لأحد من هؤلاء فإنه لا يصدق في قياس قول أبي حنيفة، ويصدق في قياس قول أبي يوسف ومحمد. وإذا أقر المفاوض بوديعة خلطها بالمال أو شركة لأحد في شيء من مالهما أو مضاربة فهو مصدق. ... باب إقرار الشريك شركة عنان وإذا كان شريكان في تجارة شركة عنان فأقر أحدهما بدين عليهما جميعاً في الشركة وأنكر صاحبه ذلك فإنه لا يصدق على شريكه. وإن كان هو وَلِيَ الدينَ لزمه الدين كله في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإن كانا ولياه جميعاً لزمه نصف ذلك. وإن كان وليه الشريك الجاحد لم يلزمه شيء. فإن أقر بوديعة بعينها في أيديهما أو بعبد من شركتهما أو بدار جاز عليه النصف من ذلك، ولم يجز على شريكه من ذلك شيء (¬2). وكذلك العروض والحيوان والكيل والوزن. وإن أقر أحدهما بأجر أجير في عملهما أو بأجر دابة أو بأجر حانوت وكان هو الذي ولي ذلك وجحد الشريك ذلك فإن المقر يلزمه ذلك ولا يلزم الجاحد ذلك. وإن كان الجاحد ولي ذلك فجحد ذلك فأقر به الآخر لم يلزم واحداً منهما من ذلك شيء. وإن ولياه جميعاً لزم المقر من ذلك النصف. وإن كان المقر هو الذي وليه لزمه ذلك كله، وكان له أن يستحلف شريكه على علمه، ولا يشبه شريك العنان المفاوض في ذلك. ¬

(¬1) تقدمت المسألة قبل قليل. (¬2) د م ف - شيء. والزيادة من ع.

باب إقرار المضارب

ولو أقر أحد الشريكين شركة عنان بدين لولد أو والد لزمه ذلك كله. وكذلك إذا أقر لمكاتب له أو لعبد له تاجر عليه دين لزمه ذلك دون شريكه. وكذلك لو كان عبداً تاجراً شارك عبداً تاجراً (¬1) فأقر أحدهما بدين لابن مولاه أو لأبي مولاه فإن ذلك يلزمه خاصة دون شريكه. ولو أن مكاتباً (¬2) شارك رجلاً آخر فأقر المكاتب بدين في شركه، وليه هو، لزمه ذلك دون شريكه. وأهل الذمة والنساء والرجال في ذلك سواء. ... باب إقرار المضارب وإذا كان مع الرجل ألف درهم مضاربة فأقر منها بدين وجحد ذلك رب المال فإن إقراره فيها جائز. وكذلك إن أقر فيها بأجر أجير أو بأجر فى دابة أو بأجر حانوت أو بأجر عامل من العمال قصار أو خياط فهو جائز. فإن كان دفعها إلى رب المال فقال: هذا من رأس المال فاقبضه، ثم أقر بعد ذلك ببعض (¬3) ما ذكرنا من الدين فإنه لا يصدق. ولو كانت ألف درهم مع رجلين مضاربة فربحا فيها ألف درهم فأقر أحدهما أن خمسمائة منها لفلان وقال الآخر: الألف كلها ربح، فإن المقر يصدق على مائتين وخمسين مما في يديه لفلان كما قال، والمائتان والخمسون الباقية في يديه ومثلها مما في يدي صاحبه ربح بينهم على الشرط، والخمسون والمائتان الفضل الذي في يدي صاحبه بين صاحبه وبين رب المال على أرباحهما. وإن كان المضارب أقر بهذه الخمسمائة لابنه أو لأبيه (¬4) أو لأمه أو لامرأته أو لعبده أو لمكاتبه أو لنفسه فهو سواء، وهو مصدق في ذلك كله على ما وصفت لك. وإذا أقر المضارب بربح ألف درهم في المال ثم قال بعد ذلك: ¬

_ (¬1) د - شارك عبداً تاجراً. (¬2) د م: كان مكاتب. (¬3) ف: بقبض. (¬4) ف - أو لأبيه.

غلطت، إنما هي خمسمائة، فلا يصدق، وهو ضامن لحصة رب المال. وإذا قال المضارب: قد هلك المال، فهو مصدق. وكذلك إذا قال: قد دفعته إلى صاحبه، فهو مصدق بعد أن يحلف. وإن بقي في يديه شيء فقال: هذا الربح وقد دفعت رأس المال وكذبه رب المال فإن القول قول رب المال، ولا يصدق المضارب؛ لأنه يريد أن يستحق ما (¬1) في يديه دون رب المال (¬2)، ولا يصدق (¬3) المضارب. وإذا أقر المضارب لأبيه أو أمه أو (¬4) لامرأته بدين فإنه لا يصدق في قول أبي حنيفة على شريكه. وكذلك لو أقر لمكاتبه. ويصدق في قول أبي يوسف ومحمد في ذلك كله ما خلا المكاتب. وإذا أقر المفاوض أنه قد أنفق من المال على نفسه فهو مصدق، وهو دين عليه. وإذا ادعى المفاوض طائفة من المال الذي في أيديهما فقال: هو ميراث لي، فإنه لا يصدق على ذلك. ولو أقر أنه وديعة لابنه أو لأبيه أو لأمه أو مضاربة لأحد من هؤلاء فإنه لا يصدق على ذلك (¬5) في قياس (¬6) قول أبي حنيفة، ويصدق في قول أبي يوسف ومحمد. وإذا أقر المفاوض بوديعة خلطها بالمال أو بشركة لأحد في شيء من مالهما أو مضاربة فهو مصدق (¬7). ... ¬

_ (¬1) د: مما. (¬2) ف + فلا يكون القول قول. (¬3) ف - ولا يصدق المضارب. (¬4) د - أو؛ صح هـ. (¬5) د - ولو أقر أنه وديعة لابنه أو لأبيه أو لأمه أو مضاربة لأحد من هؤلاء فإنه لا يصدق على ذلك. (¬6) ف - قياس. (¬7) تقدمت الفقرتان السابقتان بنفس الألفاظ تقريباً في آخر باب إقرار المفاوض المار قبل الباب السابق. وموضعهما هناك، لأن المسائل متعلقة بشركة المفاوضة ولعل ذلك من سهو الناسخين.

باب إقرار الرجل بالمفاوضة

باب إقرار الرجل بالمفاوضة وإذا أقر الرجل [فقال:] إن فلاناً شريكي مفاوضة، وقال فلان: نعم، أو قال فلان: صدق، أو قال: أجل، أو قال: هو كما قال، أو قال: هو كما قلت، أو قال: أنت صادق، فهذا كله باب واحد، وهما شريكان متفاوضان (¬1) في كل مال عين أو دين أو رقيق أو عقار أو شِقْص في دار أو دار تامة أو شِقْص في أرض أو أرض تامة أو قرية (¬2) أو رقيق أو شيء من الحيوان أو شِقْص في شيء (¬3) من الحيوان أو متاع من متاع التجارة. وكل شيء من ذلك في يدي واحد منهما فهو بينهما نصفان إلا الطعام أو الكسوة (¬4)، طعام مثل طعام كل واحد منهما (¬5) أو كسوته في أهله ليس يكون بينهما، أستحسن ذلك. وكذلك أم ولد أحدهما أو مدبرته فإنها له دون صاحبه خاصة. وأما مكاتب لأحدهما قد كان مكاتباً قبل إقراره فإن ما على المكاتب بينهما. وإذا أقر الرجل فقال: فلان شريكي مفاوضة، أو قال: هو مفاوضي في الشركة، أو قال: أنا مفاوضه في الشركة، وصدقه الآخر، فهما شريكان متفاوضان. والمرأة والرجل والأب والابن والأخ وكل ذي رحم محرم في ذلك سواء. وكذلك أهل الذمة. وإذا كان الرجلان متفاوضين فأقر أحدهما بشركة رجل آخر معهما وأنكر الآخر فإنه جائز عليهما جميعاً. وأهل الذمة في المفاوضة مثل أهل الإسلام. وإذا أقر الذمي للمسلم بالمفاوضة أو المسلم للذمي بالمفاوضة فهو كله جائز في قول أبي يوسف. وأكره للمسلم شركة الذمي. وقال أبو حنيفة: لا يكونان متفاوضين. وهو قول ¬

_ (¬1) ف: مفاوضان. (¬2) ف - أو قرية. (¬3) ف - في شيء. (¬4) م ف: أو كسوة. (¬5) د - فهو بينهما نصفان إلا الطعام أو الكسوة طعام مثل طعام كل واحد منهما.

محمد. ولكن ما في أيديهما بينهما نصفين بمنزلة إقرار المتفاوضين. وهو قياس قول أبي حنيفة. وإذا أقر الرجل الحر بشركة عبده مفاوضة وصدقه العبد وهو تاجر فكل شيء في أيديهما بينهما، ولا يجوز إقرارهما بالمفاوضة. وكذلك لو أقر للمكاتب. وكذلك إقراره للذمي في قول أبي حنيفة وقولنا. وكذلك لو أن المكاتب أقر لحر. وكذلك العبد التاجر لو أقر لحر فما (¬1) كان في أيديهما فهو بينهما نصفان على ما ذكرت لك، ولا يجوز إقرار واحد منهما على صاحبه بدين ولا وديعة؛ لأن المفاوضة بينهما لا تجوز، ولا يكونان في ذلك بمنزلة الحرين. وإذا أقر الرجل الحر لصبي تاجر بالمفاوضة فصدقه الصبي (¬2) فهو جائز فيما في أيديهما. وكذلك الصبي التاجر يقر بالمفاوضة لصبي مثله أو لرجل كبير. وكذلك الحربي المستأمن يقر بالمفاوضة. وكذلك المرتد يقر بالمفاوضة (¬3) ثم يسلم فهو مثل ذلك، ولا يكونان متفاوضين. وإذا أقر الرجل لآخر (¬4) بشركة مفاوضة وأنكر الآخر ذلك فلا شيء لواحد منهما مما في يدي صاحبه. ولو كان الآخر قال: أنا شريكك فيما في يديك غير مفاوضة، ولست بشريكي فيما في يدي، كان القول قوله بعد أن يحلف. وإذا أقر الرجل لصبي لا يتكلم بشركة (¬5) المفاوضة وصدقه أبوه فإن ما في يدي الرجل فهو بينهما نصفان، ولا يكونان متفاوضين؛ لأن هذا الصبي لا يتكلم ولا يشتري ولا يبيع. ... ¬

_ (¬1) د م: فيما. (¬2) د: المقر. (¬3) ف - وكذلك المرتد يقر بالمفاوضة. (¬4) د م:- الآخر. (¬5) د م ف: بالشركة.

باب الإقرار بالشركة غير مفاوضة

باب الإقرار بالشركة غير مفاوضة وإذا أقر الرجل أنه شريك فلان بن فلان في كل قليل وكثير فقال الآخر: نعم، فهما شريكان في كل قليل وكثير في يدي كل واحد منهما بمنزلة المتفاوضين (¬1)؛ إلا أنه لا يجوز إقرار أحدهما على الآخر بالدين ولا بالوديعة. ولو أقر أنه شريكه في التجارات وصدقه الآخر كان ما في أيديهما من متاع التجارات بينهما، ولا يدخل في ذلك مسكن ولا خادم ولا كسوة ولا طعام. ولو كانت في يدي أحدهما دار فقال: هذه ليست من تجارتنا، كان القول قوله مع يمينه. وكذلك العبد والأمة. ولو أن أحدهما قال: هذا مالي في يدي ليس من الشركة، أصبته من ميراث أو إجارة أو بضاعة لإنسان أو جائز؛ (¬2) أو وديعة لإنسان، كان القول قوله مع يمينه إلا أن تقوم للآخر بينة أنه من الشركة، وأنه كان في يديه يوم أقر. وإن أقر أنه كان في يديه يوم أقر كان في الشركة؛ لأن الدراهم والدنانير هي من التجارة. ولو كان في يديه متاع من التجارة فقال: هذا ليس من التجارة التي (¬3) بيننا، ولم يزل في يدي قبل الشركة، كان هذا في شركة ما بينهما ولا يصدق، وليس هذا مثل الأول. ولو أقر رجل فقال: إن فلاناَ شريكي في كل (¬4) تجارة، فقال فلان: أنا شريكك، ولم يسم شيئاً، ثم قال بعد ذلك: إنما عنيت هذه الدار وهذا الخادم، كان القول قوله مع يمينه. ولو قال: فلان شريكي في تجارة ¬

_ (¬1) د: المفاوضين. (¬2) وغيرها في ب إلى "عارية"، وذكر في الهامش أن أصله "جائزة". لكن الكلمة صحيحة لا غبار عليها. فالجائزة هي العطية، يقال: أجازه بجائزة سنية إذا أعطاه عطية، ومنها جوائز الوفود للتحف. وأصله من أجازه ماء يجوز به الطريق إذا سقاه. انظر: المغرب، " جوز". (¬3) د + من. (¬4) م - كل.

الزُّطِّي (¬1)، كان القول قوله مع يمينه. فإن ادعى الآخر غير الزُّطِّي لم يصدق. ولو أقر فقال: فلان شريكي في كل تجارة، فقال فلان: أنا شريكك فيما في يديك، ولست بشريكي فيما في يدي، كان القول قوله مع يمينه. ولو أقر والحانوت (¬2) في يديه فقال: فلان شريكي فيما في هذا الحانوت، ثم إنه أدخل الحانوت بعد ذلك عِدْل (¬3) زُطِّي، فقال: هذا من غير الشركة، وقال الآخر: قد كان هذا في الحانوت يوم أقررت بالشركة، فإن العدل ليس من شركة ما بينهما، ويصدق أنه أدخله بعد الإقرار إلا أن يأتي الآخر ببينة؛ لأن الحانوت وما فيه غير معلوم فلا يصدق المدعي الذي ليس الحانوت في يديه على شيء مما فيه أنه من الشركة، وما فيه معلوم فلا يصدق واحد منها على شيء مما فيه أنه من غير الشركة. فإن جاء بالبينة أنه أدخله الحانوت بعد إقراره فهو له وحده. وإذا أقر الرجل [فقال:] إن فلاناً شريكي في كل تجارة، وأقر فلان بذلك، ثم مات أحدهما وفي يديه مال، فقال ورثته: هذا مال استفاده من غير الشركة، فالقول قولهم مع أيمانهم، وعلى الآخر البينة، فإن أقروا أنه كان في يديه يوم أقر به وهو من التجارة فهو من الشركة. وكذلك إن جاء الآخر ببينة أنه كان في يديه يوم أقر به وهو من التجارة فإنه من الشركة. وإن كان للميت صك باسمه على رجل بمال تاريخه قبل الشركة فهو من شركة ما بينهما، ولا يصدق ورثة الميت أنه له خاصة. وإن كان تاريخه بعد الشركة فقالت الورثة: ليس من الشركة، فالقول قولهم مع أيمانهم. وإذا أقر الرجل فقال: إن فلاناَ شريكي في الطحن، وفي يدي المقر أرحاء (¬4) وإبل ومتاع من متاع الطحانين، فادعى المقر له الشركة في الإبل ¬

_ (¬1) نوع من الثياب، تقدم مراراً. (¬2) ف: بحانوت. (¬3) وعاء يوضع على جانب الدابة كما تقدم مراراً. (¬4) أرحاء جمع رحى.

والأرحاء وفي متاعها، فإن القول (¬1) قول (¬2) المقر الذي في يديه إبل ومتاع. وكذلك كل عامل في يديه حانوت فيه متاع من متاع عمله فأقر أنه شريك فلان في عمل كذا وكذا فهما (¬3) مشتركان في ذلك العمل إذا صدقه فلان، ولا يكون للمقر له في ذلك المتاع شيء بعد أن يحلف المقر له على ذلك. فإن قال: هو شريكي في هذا الحانوت في عمل كذا وكذا، فهما مشتركان، وكل (¬4) ما في الحانوت من عمل أو متاع ذلك العمل فهو بينهما. وإن كان الحانوت وما فيه في أيديهما جميعاً فقال أحدهما: فلان شريكي في عمل كذا وكذا، وأما المتاع فهو (¬5) لي، وقال الآخر: بل المتاع بيننا، فهو (¬6) بينهما. وإذا أقر الرجل [فقال:] إن فلاناً شريكي في كل شيء اشتريت من زُطِّي وفي يديه عِدْلا (¬7) زطي فقال: اشتريت أحدهما وورثت الآخر، كان القول قوله مع يمينه، وعلى الشريك إن ادعاهما جميعاً البينة. وكذلك لو قال: هو شريكي في كل عدل زُطّي عندي للتجارة، وعنده عدلا (¬8) زُطّي، فقال: أحدهما من التجارة والآخر من الميراث ورثته، فإن القول قوله مع يمينه. وإن أقر أنه اشتراهما جميعاً فقال: أحدهما من خاصة مالي لغير التجارة، وقال الآخر: من شركة بيننا، وقال الشريك: بل (¬9) هما جميعاً من الشركة، فإن القول قول الذي هما في يديه مع يمينه، وعلى الآخر البينة. فإن أقر الذي هما في يديه أنهما للتجارة جميعاً (¬10)، وقال: هذا من خاصة مالي، وهذا من الشركة، فإنه لا يصدق، وهما جميعاً من الشركة، وإذا أقر [فقال:] إن فلاناً شريكي في كل زُطِّي قدم لي أمس من الأهاز، ثم أقر أن هذه الأعدال العشرة قدمت من (¬11) الأهواز أمس، ¬

_ (¬1) د - القول؛ م: قول. (¬2) م - قول؛ صح تحت السطر. (¬3) ف: وهما. (¬4) د: وكلما. (¬5) ف - فهو. (¬6) د - بيننا فهو؛ صح هـ. (¬7) د ف. عدل؛ م: عدلي. (¬8) د م ف: عدلان. (¬9) ف - بل. (¬10) ف - جميعاً. (¬11) د - الأعدال العشرة قدمت من؛ صح هـ.

وقال: أحدهما من خاصة مالي، والآخر بضاعة لفلان، وقال الشريك: بل هي كلها من الشركة، فإنها كلها من الشركة (¬1) إلا العدل الذي أقر أنه بضاعة، فإنه يصدق على حصته منه أنه بضاعة، ولا يصدق على نصيب شريكه، ويضمن لصاحب البضاعة نصف قيمة هذا العدل؛ لأنه أتلفه بالإقرار الأول. وإذا أقر الرجل [فقال:] إن فلاناً شريكي في الرقيق الذي قدم علينا أمس، وصدقه فلان، وفي يد كل واحد منهما رقيق قدموا عليهما أمس، فهما مشتركان في ذلك. فإن ادعى واحد (¬2) منهما مما في يدي صاحبه مملوكاً، فقال: هذا ممن قدم أمس، فأنكر شريكه، فالقول قول الذي في يديه العبد مع يمينه، وعلى المدعي البينة. وإذا كان العبد في يد شريكين فأقرا جميعاً أنه من شركتهما ثم قال أحدهما بعد ذلك: استودعناه فلان، فإنه يصدق على حصته ولا يصدق على حصة شريكه، ولا يضمن منهما شيئاً؛ لأنه لم يكن في يديه إلا النصف. وإذا أقر الرجل [فقال:] إن فلاناً شريكي في هذا الدين الذي (¬3) لي على فلان، فقال المقر له: أنت أدنته (¬4) الدين ولم آذن لك في ذلك، ولم يكن بيني وبينك شرك، فإن كان المقر هو باع المبيع فهو ضامن لنصف قيمته مع يمين الآخر ما أذن له، والقول في القيمة قوله. وإن لم يكن في الذِّكْر حَقّ (¬5) أنه باعه المتاع فقال: لم أبع المتاع أنا، ولكنه بعته أنا وأنت، وكتبت (¬6) الصك باسمي، فالقول قوله مع يمينه أنه لم يبع المتاع، والصك بينهما. فإن أراد المقر له أن يضمن الذي عليه الصك نصف قيمة المتاع وقال: قبضت متاعي بغير بيع مني، فقال الذي عليه الصك: ما اشتريت ¬

_ (¬1) ف - فإنها كلها من الشركة. (¬2) د ف: واحدا. (¬3) د - الذي. (¬4) د: أديته. (¬5) كذا في الأصول. ولفظ الحاكم: ذكر الحق. انظر: الكافي، 2/ 36 و. ولعله الأصح. وذكر الحق هو الصك. انظر: لسان العرب، "ذكر". (¬6) ف: وكتب.

باب إقرار الرجل بالمضاربة

منك شيئاً، وإنما باعني المتاع الذي الصك باسمه، فالقول قوله مع يمينه، ولا يصدق على الذي الصك (¬1) باسمه عليه في تضمين المتاع، والذي في الصك بينهما نصفان. ... باب إقرار الرجل بالمضاربة وإذا أقر الرجل أن هذه الألف درهم التي في يديه (¬2) مضاربة لفلان معه (¬3)، أو مضاربة من قبل فلان، أو قال: هي مضاربة بملك فلان، أو من ملك فلان، أو لملك فلان، أو من ميراث فلان، أو بميراث فلان، أو لميراث فلان، أو بحق (¬4) فلان، أو من حق فلان، وادعى (¬5) فلان أنها مضاربة كما (¬6) قال المقر، فإنها مضاربة في جميع ذلك في الأول. وإن قال: مضاربة لحق فلان، كان هذا الإقرار باطلاً. وإن جحد المقر بعد هذا القول الأول ضمن. وإن لم يجحد وادعى أنها مضاربة بالنصف وقال رب المال: بالثلث، فالقول قول رب المال مع يمينه. ولو لم يقر رب المال بذلك وقال: هي بضاعة، فالقول قول رب المال مع يمينه، والربح كله لرب المال، ولا ضمان على المضارب في عمله بها؛ لأن رب المال قد أقر أنه أذن له في العمل بها. ولو ادعى رب المال أنها قرض، وقد عمل بها المضارب، كان المضارب لها ضامناً؛ لأن عمله هاهنا لنفسه، وكان عمله في الباب الأول لرب المال، فلذلك اختلف. ولو لم يعمل بها حتى هلك لم يكن عليه ضمان، ولا يصدق رب المال على القرض. فإن ¬

_ (¬1) د: الصدق. (¬2) ف: في يدي. (¬3) ف - معه. (¬4) د م ف: أو لحق. والتصحيح من ب. وانظر: دوام العبارة. (¬5) د ف + ذلك. (¬6) م "وادعى فلان أنها مضاربة كما" غير واضح.

أقاما جميعاً البينة أخذت ببينة الذي يدعي القرض الذي في يديه المال؛ لأن القول قول رب المال. والبينة على المدعي الذي في يديه المال. والباب الأول الذي يدعي رب المال فيه القرض كان رب المال مدعياً فيه للضمان (¬1)، فلذلك أخذت (¬2) ببينته (¬3). وإذا كان في يدي رجل عبد فقال: هذا مضاربة لفلان معي بالنصف، ثم باعه بألفين، وقال: كان رأس المال ألف درهم، وقال رب المال: دفعت إليك العبد نفسه مضاربة، ولم أدفع إليك مالاً، فإن القول قول رب المال، والثمن (¬4) كله له، وعليه للمضارب أجر مثله مع يمينه على دعوى المضارب. وإذا أقر المضارب أن معه ألف درهم مضاربة لفلان بالنصف، وأنه قد ربح فيها ألف درهم، وادعى رب المال رأس ماله ألفين وأنها مضاربة بالنصف، فإن أبا حنيفة كان يقول في ذلك: القول قول رب المال، ولا ربح للمضارب حتى يستوفي رب المال. ثم رجع عن ذلك فقال: القول قول المضارب مع يمينه، وعلى رب المال البينة. والقول الآخر قول أبي يوسف ومحمد. وإذا قر المضارب أن هذا المال مضاربة لفلان ثم قال بعد ذلك: هو مضاربة لفلان، وادعى كل واحد من الرجلين المال أنه له مضاربة بالنصف، ثم عمل به المضارب فربح، فإنه يدفعه إلى الأول، ويدفع إليه نصف الربح، ويدفع إلى الآخر مثل رأس المال الذي غرم من ماله؛ لأنه أتلف ماله بإقراره الأول، ولا يضمن له من الربح شيئاً مِن قِبَل أنه قد ضمن المال يوم (¬5) أقر به قبل أن يربح فيه شيئاً. وهذا قول أبي يوسف. وقال محمد: يضمن للأول رأس المال بإقراره للثاني، ويفممن للثاني مثله بإقراره للأول، والربح كله له يتصدق به. ¬

_ (¬1) ف: الضمان. (¬2) د: أجزت. (¬3) د م: بينته. (¬4) ف: واليمين. (¬5) ف: ثم.

باب الإقرار بالبراءة بالعلم

وإذا (¬1) أقر المضارب أن المال مضاربة لفلان وفلان، وصدقاه جميعاً، ثم قال بعد ذلك: لأحدهما الثلثان وللآخر الثلث، فإنه لا يصدق على ذلك، وهو بينهما نصفان، إلا أن يصل الكلام بعضه ببعض فيصدق. وإذا كان المضارب رجلين في أيديهما مال أقرا (¬2) أنه مضاربة لفلان، وصدقهما فلان، ثم أقر رب المال لأحدهما بثلث الربح وللآخر بربعه، فإن القول قوله مع يمينه. فإن ادعى كل واحد منهما أكثر (¬3) من ذلك فعليه البينة. والمكاتب والعبد التاجر والمرأة وذو القرابات وأهل الذمة في جميع هذا الإقرار سواء. وإذا أقر الرجل بمضاربة لفلان ولم يسمها فالقول قوله فيما سمى، وهو كما قال بعد أن يحلف. وكذلك إن مات فالقول فيه قول وارثه مع يمينه على علمه. ... باب الإقرار بالبراءة بالعلم وإذا أقر الرجل [فقال:] إنه لا حق لي (¬4) على فلان فيما أعلم، ثم أقام البينة أن له عليه حقاً مسمى، فإنه تقبل منه البينة على ذلك، وليس هذه البراءة بشيء. وكذلك لو فال:- في علمي، أو في نفسي، أو في ظني، أو في رأيي، أو في يقيني، أو فيما أرى، أو فيما أظن، أو فيما أحسب، أو في حسابي، أو في كتابي، فهذا كله باب واحد. ولو قال: قد (¬5) علمت أنه لا حق لي قبل فلان، لم أقبل منه بينة. ولو قال: قد أستيقنت أنه لا حق لي قبل فلان (¬6)، لم أقبل منه بينة، وجاز ذلك عليه. ¬

_ (¬1) د م ف: إذاء (¬2) د م ف: أقر. (¬3) ف: بأكثر. (¬4) ف - لي. (¬5) د م - قد. (¬6) د - ولو قال قد استيقنت أنه لا حق لي قبل فلان.

باب الإقرار بالدين الذي لا يلزم وغير الدين

باب الإقرار بالدين الذي لا يلزم وغير الدين وإذا قال (¬1) الرجل للرجل: إنه لا حق لي عليك، فأَشْهِدْ لي عليك بألف درهم، وقال الآخر: أجل، لا حق لك علي، ثم أَشْهَدَ له بألف درهم، والشهود يسمعون ذلك كله، فإن هذا باطل ولا يلزم منه شيء، ولا يسع الشهود أن يشهدوا عليه. وإذا أقر الرجل أن لفلان عليه ألف درهم تلجئة (¬2)، فقال الطالب: بل هو حق، فإن كان المقر له أقر بذلك فهو مثل الأول، وإن كان المقر له لم يقر بذلك وقال: هي حق لي عليك، فهي لازمة له. وكذلك لو قال: اشهدوا أن لفلان علي ألف درهم زوراً أو باطلاً أو كذباً، فقال فلان: قد صدق في جميع ما قال، فإنه لا يلزمه في ذلك كله شيء. وإن قال فلان: صدق في المال، وكذب في قوله: باطلاً وزوراً، أخذته (¬3) بألف درهم. ولو أقر أنه باع داره من فلان بألف درهم تلجئة، فقال فلان: صدق في جميع ما قال، فإن هذا (¬4) البيع باطل لا يجوز ولا يلزم، ولا يسع الشهود أن يشهدوا عليه. ولو قال فلان: قد باعني بيعاً صحيحاً وليس فيه تلجئة، لزمه البيع بإقراره ولا يصدق المقر بالبيع على التلجئة. ولو قال: صدق، كان على جميع الكلام وكان البيع باطلاً لا يجوز ولا يلزم المال. ولو قال: إني أريد أن ألجئ إليك داري هذه، وأُشهد لك بها بيعاً بألف درهم، وأقر لك بقبض الثمن تلجئة مني إليك لأمر خفته، فقال الآخر: نعم، أَشهد لي على ما قلت فإنها تلجئة، وحضر الشهود هذه ¬

_ (¬1) ف: أقر. (¬2) التلجئة: أن يلجئ الرجل آخر إلى أن يأتي أمراً باطنه خلاف ظاهره. انظر: المغرب، "لجأ". (¬3) د: أخذ به. (¬4) د - هذا.

المقالة، ثم أَشهد أنه باع هذه الدار بألف درهم (¬1)، فقال: إني أُشهد له أنه باعه هذه الدار بألف درهم، وأنه قد قبض الثمن منه، فإن هذا البيع باطل لا يجوز، ولا يجوز من قبض الثمن شيء. وإن ادعى المشتري أن البيع ثابت فإنه لا يصدق على ذلك (¬2) ولا تقبل منه. وكذلك لو ادعى البائع أن البيع ثابت وقال المشتري: هو تلجئة، فهو تلجئة. وكذلك الإجارة. ولو أن رجلاً أقر أن لفلان عليه ألف درهم، فقال: ما لي عليك شيء، فقد برئ المقر مما أقر به. فإن أعاد الإقرار: بل لك (¬3) علي ألف (¬4) درهم، فقال المقر له: أجل، هي لي عليك، آخذه بها. وإذا أقر أفقال:، إن هذه الجارية لفلان غصبتها إياه، فقال فلان: ليست هذه لي، فقد انتقض الإقرار، ولا يلزم المقر من هذا شيء. فإن أعاد الإقرار فادعاها المقر له فإنه يدفع إليه. ولو قال: هذا العبد لك، فقال: ليس هو لي، ثم قال: بل هو لي، قبل أن يعيد الآخر الإقرار لم يكن له العبد، ولم تقبل بينته عليه إن أقام بينة مِن قِبَل أنه قد برئ منه حين أقر أنه ليس له. ولو أن رجلاً أقر أنه بريء من هذا العبد ثم ادعاه وأقام البينة لم تقبل منه بينته ولم يكن له فيه حق، إلا حق يحدث له بعد البراءة. وكذلك لو قال: قد أخرجت هذا العبد من مالي أو من ملكي أو من يدي. وإذا قال الرجل للمرأة: إني أريد أن أُشهد أني قد تزوجتك بألف درهم تزويجاً باطلاً وتلجئة، وقالت المرأة: نعم، أفعل على هذا الوجه، وحضر الشهود هذه المقالة ثم أشهد أنه تزوجها بألف درهم ورضيت بذلك، فإن هذا جائز يلزمه ذلك ويلزم المرأة؛ لأن النكاح جده وهزله سواء. وبذلك جاءت الآثار. وكذلك الطلاق والعتاق. ولو أن رجلاً قالت له امرأة: أَشْهِدْ أنك قد طلقتني ثلاثاً على أن ذلك باطل، فقال: نعم، ففعل ذلك، فقد وقع الطلاق عليها وجاز ذلك عليها. ¬

_ (¬1) ف - درهم (¬2) م: بذلك. (¬3) ف - ذلك. (¬4) م: ألفي.

وكذلك الخلع والعتاق على مال. وكذلك الطلاق على مال. وهذا لا يشبه البيع يرد بالعيب، وتجوز فيه الإقالة، ويجوز فيه الخيار. ولا يرد الطلاق، ولا يكون للزوج فيه خيار. وكذلك العتاق والنكاح. ولا يُرد شيء من ذلك من عيب. وإذا طلقها على مال على هذه الصفة فإن المال لها لازم. وكذلك العتاق. ولو قال عبد لمولاه: إني أريد أن تظهر أنك قد كاتبتني على ألف درهم، وذلك تلجئة وباطل، فقال المولى: نعم، أنا أظهر لك ذلك على أنه تلجئة وباطل، فكاتبه على ذلك وأشهد له شهوداً قد حضروا هذه المقالة، كانت الكتابة باطلة لا تجوز. والمكاتبة في هذا بمنزلة البيع؛ لأنه لم يدخل فيها عتق. ألا ترى أنه يعجز فيرد في الرق (¬1). وإذا قال الرجل لآخر: أشهد لي عليك بألف درهم على أنها باطلة وعلى أنك بريء منها، ففعل، كان منها بريئاً، ولم يكن عليه منها شيء. ولو أن رجلاً خطب امرأة فقال: إني أمهرها ألفاً في السر، وأظهر في العلانية ألفين سمعة ورياء، وإنما أصل المهر ألف، وقالت المرأة: نعم، وأشهدوا على ذلك شهوداً، ثم تزوجها على ألفين، فإن أبا حنيفة قال في هذا: المهر ألف درهم، والسمعة باطلة بما أعلن به. وقال أبو حنيفة فيما أعلم (¬2): لو كان مثل هذا في بيع كان بألفين. وقال أبو حنيفة: النكاح مخالف للبيع. وقال أبو يوسف ومحمد بأنهما سواء، البيع والنكاح على ألف درهم. وقال أبو حنيفة: لو أن رجلاً قال لآخر: إني أريد أن ألجئ داري هذه إليك، وأشهد لك بالبيع بألف درهم وأني قبضت الثمن تلجئة مني إليك لأمر خفته، فقال الآخر: نعم، ثم أشهد له بالبيع بألف درهم، ¬

_ (¬1) ف: إلى الرق. (¬2) ذكر السرخسي أن أبا يوسف شك في روايته عن أبي حنيفة، وأن المعلى روى عن أبي حنيفة وأبي يوسف أن البيع جائز، وأن محمداً روى في الإملاء عن أبي حنيفة أن البيع باطل. انظر: المبسوط، 18/ 124. وقد تقدم في كتاب الإكراه مسائل من هذا القبيل انظر: 5/ 97 و.

باب الإقرار بالجراحة والقتل

والشهود قد حضروا هذه المقالة، فقال أبو حنيفة فيما أعلم (¬1): إنه تقع المقالة التي كانت قبله باطلة، ويؤخذ بالثمن. وقال أبو حنيفة: إن قالوا بعد البيع: إنه تلجئة، فهو تلجئة وهو باطل. وقال أبو يوسمف: البيع باطل على الكلام الأول، وليس عليه (¬2) ثمن، وهو باطل. وقال محمد: هذا القول الآخر هو القول، وهو أحب إلي. وهما سواء البيع والنكاح على ألف درهم. وكذلك قال أبو يوسف. ... باب الإقرار بالجراحة والقتل وإذا أقر الرجل بقتل عمد أو ادعى (¬3) ذلك (¬4) عليه الولي فعليه القصاص. وكذلك كل جراحة دون النفس فيها قصاص أقر بها الرجل فإقراره جائز، وعليه القصاص فيه. ولو أقر الرجل أنه قتل فلاناً وحده عمداً، وقال الآخر: أنا قتلته وحدي عمداً، فقال الوارث: قتلتماه جميعاً عمداً، فإنه يقتلهما جميعاً. ولو قال الولي لأحدهما: أنت قتلته، وقال للآخر: لم تقتله أنت، كان له أن يقتل الذي صدقه، ولا قصاص له على الآخر. ولو قال: صدقتما جميعاً في مقالتكما، لم يكن له أن يقتل واحداً منهما؛ لأنه قد أكذب كل واحد منهما بتصديقه الآخر؛ لأن كل واحد منهما قال: أنا قتلته وحدي. ولو أقر الرجل أنه قتل فلاناً عمداً، وقامت بينة على آخر بذلك، فادعى الولي عليهما جميعاً، كان له أن يقتل المقر، ولا شيء له على الذي ¬

_ (¬1) انظر الحاشية السابقة. (¬2) د - عليه. (¬3) ف: وادعى. (¬4) ف - ذلك.

باب الإقرار بالجراحة الخطأ أو القتل

قامت عليه البينة، لأنه (¬1) قد أكذب الشهود بادعائه على الآخر. وكذلك هذا كله في الجراحات العمد دون النفس. ... باب الإقرار بالجراحة الخطأ أو القتل وإذا أقر الرجل بقتل خطأ وادعى ذلك عليه الولي فإن الدية تلزم المقر في ماله في ثلاث (¬2) سنين، ولا شيء على عاقلته. وكذلك كل جراحة يقر بها خطأ فيما (¬3) دون (¬4) النفس فإن أرشها في ماله. ولو أن رجلاً أقر بقتل خطأ وقامت البينة على آخر وادعى ذلك الولي كله كان له على المقر نصف الدية، ولا شيء له على الذي قامت البينة عليه؛ لأنه قد أكذب شهوده حين ادعى على المقر. وكذلك الجراحة دون النفس. ولو ادعى ذلك كله على المقر كانت عليه الدية. ولو ادعى ذلك على الذي قامت عليه البينة وحدة كانت الدية على عاقلته. وإذا أقر الرجل أنه قطع يد هذا العبد خطأ، وقال: قطعته وهو في يدي قبل أن يشتري هذا، وقال المشتري: بل قطعته في يدي وملكي، فإن أرش ذلك للمشتري. ولو أن البائع أقر أنه قطعه، أو كان في ملكه، وقال المشتري: بل قطعته في يدي وفي ملكي (¬5)، ضمنته ذلك بعد أن يكون الشراء قبل الإقرار. وكذلك الهبة في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: لا ضمان على البائع. ولو أن رجلاً وهب عبداً لرجل وقبضه ثم أقر الواهب أنه كان قطعه قبل الهبة، وقال الموهوب له: بل قطعته بعد الهبة لي والقبض، فإن القول قول ¬

_ (¬1) د - لأنه. (¬2) د م: في ثلث. (¬3) م - فيما. (¬4) ف + في. (¬5) د - فإن أرش ذلك للمشتري ولو أن البائع أقر أنه قطعه أو كان في ملكه وقال المشتري بل قطعته في يدي وفي ملكي.

باب الإقرار بقبض المال من الرجل هبة أو قضاء

الموهوب له، والقاطع ضامن في (¬1) قياس قول (¬2) أبي حنيفة وأبي يوسف. ولو لم تُعلَم الهبة ولم تُعرَف فقال الواهب: قطعت يد عبدي هذا، ثم وهبته لك، وقال الموهوب له: بل قطعته بعدما وهبته لي، فإن القول قول الواهب في هذا. وكذلك هذا في البيع والعتق. ولا ضمان عليه إذا كان الإقرار على هذا. فإن قامت البينة على الهبة والبيع والعتق (¬3) قبل الإقرار لم يصدق المقر، وهو ضامن. وهذا كله قياس قول أبي حنيفة، وهو قول أبي يوسف. وقال محمد: لا شيء على المولى البائع والواهب في شيء مما ذكرت لك إن عُلمت الهبة والبيع أو لم تعلم حتى يعلم أن الجناية كانت بعد ذلك. ولو أن رجلاً أقطع (¬4) اليد اليمنى وأقر أنه قطع يد فلان اليمنى عمداً قبل أن تقطع يده، وقال فلان: بل قطعتها وأنت أقطع، فإن له على هذا دية اليد، ولا يصدق على هذا فيما قال؛ لأنه يريد أن يبطل الأرش. أرأيت لو قال: أنت أمرتني فقطعت يدك، أكنت أصدقه على ذلك، لا أصدقه على ذلك. ... باب الإقرار بقبض المال من الرجل هبة أو قضاء وإذا أقر الرجل أنه اقتضى من فلان ألف درهم فقال فلان: ما كان لك علي شيء ولكنك أخذتها مني ظلماً، فإن المقر يؤخذ بها وترد على الذي أخذت منه بعد أن يحلف أنه لم يكن له عليه شيء. وكذلك لو ادعى أنها هبة أو صدقة أو قرض فإنه يردها عليه إذا جحد الواهب ذلك. وكذلك لو ادعى وقال: كانت لي وديعة عندك، فإنه لا يصدق على ذلك، ويردها عليه بعد أن يحلف الآخر. ولا يشبه هذا قوله: استودعتنيها فضاعت؛ لأن ¬

_ (¬1) د م ف: وفي. (¬2) د - قول؛ صح هـ. (¬3) د - عليه إذا كان الإقرار على هذا فإن قامت البينة على الهبة والبيع والعتق. (¬4) د م ف: قطع. والتصحيح من ب. وانظر دوام العبارة.

باب إقرار الواحد لاثنين على نفسه وعلى آخر

المستودع لم يقبض لنفسه شيئاً، وجميع ما ذكرنا قد قبض لنفسه، ولا يصدق. ولو قال: قبضتها بوكالة من فلان كانت له عليك، أو وهبتها له فأمرني بقبضها فدفعتها إليه، كان ضامناً؛ لأن أخذها لنفسه ولغيره سواء إذا جحد ذلك الذي قبضت منه. ولو أقر أنه قبض منه ثوباً عارية أعاره إياه القابض، فقال الآخر: بل غصبتنيه، فإن أبا حنيفة قال في هذا: أستحسن أن أصدق القابض. وكذلك الدابة والدار. وقال أبو يوسف ومحمد: أضمنه، ولا أصدقه بعد أن يحلف الآخر بعد ما أعاره. ... باب إقرار الواحد لاثنين على نفسه وعلى آخر وإذا أقر الرجل أن لفلان عليه وعلى، فلان ألف درهم، وجحد ذلك فلان، فادعى الطالب المال على المقر وحده، فإنما يلزم المقر من ذلك النصف، ولا يصدق على صاحبه بعد أن يحلف (¬1) صاحبه. ولو أقر أنه غصب هو وفلان شيئاً قيمته كذا وكذا وجحد ذلك فلان لم يلزمه إلا النصف من ذلك الحق. وكذلك الجراحة الخطأ والعمد. وكذلك القتل الخطأ. وكذلك الغصب كله. وكذلك الإقرار بالوديعة والعارية والمضاربة والديون كلها فإنما يلزمه من ذلك النصف، ولا يلزم الآخر من ذلك من شيء بعد أن يحلف. ولو أقر أنه قطع هو وفلان يد فلان عمداً، وجحد ذلك فلان، وادعى الطالب أنهما قطعاها جميعاً، لزم المقر من ذلك نصف الأرش، ولا يلزم الآخر من ذلك شئ بعد أن يحلف. ولو ادعى الطالب ذلك كله على المقر لم يلزمه شيء؛ لأن الطالب ادعى عليه قصاصاً، وإنما هو أقر له بمال، في القياس، ولكنا ندع القياس ونجعل عليه أرش اليد. ألا ترى أن رجلين لو قطعا يد رجل عمداً لم يكن عليهما قصاص، ولو قطعها واحد فعليه ¬

_ (¬1) د + على.

القصاص. ولا يشبه هذا النفس. لو أقر أنه هو وفلان قتل فلاناً عمدا فأنكر فلان ذلك فادعى الولي ذلك عليهما جميعاً أو على المقر كان له أن يقتله؛ لأنه يُقتل اثنان بواحد ولا يقطع يدان بيد. وكذلك كل جراحة دون النفس، وهو مثل اليد، والقياس فيه واحد. وهما سواء في القياس، ولكن جاء الأثر في النفس عن عمر أنه قتل سبعة نفر برجل واحد (¬1). وعن إبراهيم النخعي أنه قال: لا يقطع يدان بيد (¬2). فأخذنا في النفس بالأثر، وأخذنا في اليد وفيما دون النفس بالقياس والأثر عن إبراهيم النخعي. ولو أقر أنه هو وفلان قطعا يد فلان خطأ فادعى المقطوعة يده ذلك كله على المقر أو عليهما جميعاً كان على المقر نصف الأرش في الوجهين جميعاً، ولا شيء على الآخر، إذا حلف فهو بريء. وإذا أقر الرجل فقال: أقرضني أنا وفلاناً فلان وفلان (¬3) ألف درهم، فإنه يلزمه من ذلك النصف بينهما نصفان. ألا ترى أنه لو قال: لفلان علي ألف درهم وفلان (¬4)، ثم قال: إنما عنيت أن الآخر معي في الدين، لم يصدق على ذلك، وكان الدين لهما جميعاً نصفين. ولو قال: لفلان علي ألف درهم ولفلان، كانت الألف بينهما نصفين. وكذلك لو أقر أنها مضاربة أو وديعة أو ثوب عارية أو ثوب غصب، فهذا كله سواء. ¬

_ (¬1) رواه المؤلف عن الإمام مالك بإسناده. انظر: الموطأ برواية محمد، 3/ 17. وانظر: الموطأ، العقول، 13؛ وصحيح البخاري، الديات، 21. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 4/ 353؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 4/ 20. (¬2) روي من قول الزهري. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 9/ 479. (¬3) ف: وفلان وفلان فلان. (¬4) د م ف: ولفلان. والتصحيح من الكافي، 2/ 38 ظ. وعبارته: قال أبو الفضل: ورأيت سؤال هذه المسالة في أكثر الروايات أنه قال لفلان علي ألف درهم ولفلان ثم قال بعد هذه المسألة ولو قال لفلان علي ألف درهم ولفلان كان الألف بينهما نصفين. انظر: الكافي، الموضع السابق. وعبارة السرخسي: ووقعت هذه المسألة في أكثر الروايات أنه قال: لفلان علي ألف درهم ولفلان، ولكن الأصح هو الأول، لأنه قال بعده: ولو قال لفلان علي ألف درهم ولفلان كانت الألف بينهما نصفين. انظر: المبسوط، 18/ 127.

باب إقرار الرجل لاثنين

باب إقرار الرجل لاثنين وإذا أقر الرجل أن لفلان وفلان (¬1) عليه ألف درهم، فإن المال لهما جميعاً نصفان. فإن قال بعد ذلك: لأحدهما ستمائة، وللآخر أربعمائة، لم يصدق، وكان للذي أقر له بأربعمائة خمسمائة، وللآخر ستمائة؛ لأنه أقر له بها. ولو وصل الكلام فقال: لفلان وفلان علي ألف درهم، لفلان ستمائة وللآخر أربعمائة، كان القول قوله على ما قال. ولو قال: أقرضني فلان ألف درهم مع فلان، كانت الألف (¬2) لهما جميعاً. ولو قال: أقرضني فلان ألف درهم عند فلان، كانت الألف درهم (¬3) لفلان الأول. ولو قال: أقرضني وفلاناً (¬4) معي (¬5) ألف درهم، كان عليه من ذلك خمسمائة، فكذلك إذا زاد فيها "معي" (¬6). وإن قال: أقرضني - وفلان معي شاهد (¬7) على ذلك - فلان ألف درهم، كانت الألف عليه وحده. وكذلك لو قال: وفلان معي جالس أو قائم. وكذلك لو قال: غصبت أنا وفلان معي فلاناً ألف درهم، فإنما عليه خمسمائة. وإن قال: وفلان معي شاهد، فإن الألف كلها عليه. إذا وصف فلاناً بفَعَال (¬8) ضمن الألف، وإذا لم يصف فلاناً بفَعَال فإنما أقر بخمسمائة. وكذلك الإقرار بالغصب والوديعة والعارية والديون كلها والجراحات ¬

_ (¬1) م: ولفلان. (¬2) م - الألف. (¬3) د ف - درهم. (¬4) د م ف: وفلان. والتصحيح من ب؛ والكافي، 2/ 39 و؛ والمبسوط، 18/ 128. (¬5) م + فلان. (¬6) أي: سواء زاد "معي" أو لم يزد فجواب المسألة سواء. (¬7) د: شاهدته؛ م ف + به. والتصحيح من ب. (¬8) فَعَال بالفتح: الفعل من فاعل واحد، والفِعَال بالكسر: الفعل بين فاعلَين. انظر: لسان العرب، "فعل"؛ والقاموس المحيط، "فعل".

باب إقرار الوصي والوكيل بقبض المال

الخطأ والعمد الذي فيه الأرش، والإقرار بالسرقة، فهذه كلها باب واحد سواء. وكذلك إقرار الذمي والعبد التاجر والمكاتب والمرأة، فهذا كله سواء. ... باب إقرار الوصي والوكيل بقبض المال وإذا أقر الوصي وصي الصغير أنه قد استوفى جميع ما للميت على فلان بن فلان ولم يسم كم هو ثم قال بعد ذلك: إنما قبضت منه مائة درهم، وقال الغريم: كانت لفلان علي ألف درهم (¬1)، وقد قبضها مني الوصي كلها، ولم تقم بينة بينهما على قبض شيء مسمى، ولم تكن للميت بينة على الأصل كم هو إلا أن الغريم قد أقر به على ما وصفنا حين اختلف هو والوصي، فإن القول فيما قبض قول الوصي مع يمينه بالله ما قبض منه إلا مائة درهم. ولا يؤخذ الغريم بتسعمائة، ولا يصدق الغريم على الوصي. فإن قامت بينة للميت أن له على الغريم ألف درهم فإن الوصي لها ضامن بإقراره أنه (¬2) قبض مالاً للميت على هذا. والبينة على أصل الدين مخالفة لإقرار الغريم بعد أن يكون إقراره بعدما أشهد الوصي بالاستيفاء. فإن كان الغريم قد أقر بأن عليه ألف درهم للميت قبل إقرار الوصي بالاستيفاء، ولم يسم الوصي شيئاً، ثم قال بعد ذلك: إنما قبضت منه مائة درهم، فإف يلزمه ألف درهم. وكل شيء قامت به بينة على الغريم فإنه يلزم الوصي كله. وكذلك الوكيل في قبض المال بوكالة الرجل بذلك، فهو مثل الوصي في جميع ذلك. وإذا أقر الوصي بقبض جميع ما للميت على فلان، وهو مائة درهم، فقال فلان بعد ذلك (¬3): كانت علي ألف درهم، وقد قبضتها، فقال الوصي: إنما قبضت منك مائة درهم، فإنه يؤخذ من الغريم تسعمائة، ولا ¬

_ (¬1) د م - درهم. (¬2) د ف + قد. (¬3) ف + قد.

يصدق الوصي أن جميع ما عليه مائة درهم. وليس الوصى والوكيل في هذا بمنزلة الطالب. لو أن الطالب أشهد أنه قبض جميع ما له على فلان، وهو مائة درهم، فقال فلان: كانت لك علي ألف درهم، وقد استوفيتها، وقال الطالب: ما قبضت إلا مائة درهم، فإن المطلوب بريء من جميع الألف، لأن الطالب قد أقر باستيفاء جميع حقه، وهو مصدق على نفسه أن جميع حقه قد قبضه. ولا يصدق الوصي والوكيل أن جميع الحق مائة درهم. ولو قال الوصي: قبضت جميع ما لفلان على فلان، ولم يسم شيئاً، ثم قال بعد ذلك (¬1): إنما هو مائة درهم، وقال المطلوب (¬2): كان (¬3) له علي ألف درهم، فإن المطلوب بريء من جميع ما عليه، ولا يصدق المطلوب على الوصي أنه قد قبض ألفاً، ولا يضمن الوصي إلا مائة درهم. وليس قطع الكلام في هذا بمنزلة قوله: قبضت جميع ما عليه، وهو مائة. ولو قامت البينة أنه كان على الغريم ألف درهم ضمنها الوصي؛ لأنه قد أقر أنه استوفى جميع ما عليه. ولو أن وصياً باع خادماً للورثة وأشهد أنه قد استوفى ¬

_ (¬1) د - إنما قبضت منه مائة درهم فإنه يلزمه ألف درهم وكل شيء قامت به بينة على الغريم فإنه يلزم الوصي كله وكذلك الوكيل في قبض المال بوكالة الرجل بذلك فهو مثل الوصي في جميع ذلك وإذا أقر الوصي بقبض جميع ما للميت على فلان وهو مائة درهم فقال فلان بعد ذلك كانت علي ألف درهم وقد قبضتها فقال الوصي إنما قبضت منك مائة درهم فإنه يؤخذ من الغريم تسعمائة ولا يصدق الوصي أن جميع ما عليه مائة درهم وليس الوصي والوكيل في هذا بمنزلة الطالب لو أن الطالب أشهد أنه قبض جميع ما له على فلان وهو مائة درهم فقال فلان كانت لك علي ألف درهم وتد استوفيتها وقال الطالب ما قبضت إلا مائة درهم فإن المطلوب بريء من جميع الألف لأن الطالب قد أقر باستيفاء جميع حقه وهو مصدق على نفسه أن جميع حقه قد قبضه ولا يصدق الوصي والوكيل أن جميع الحق مائة درهم. ولو قال الوصي قبضت جميع ما لفلان على فلان ولم يسم شيئاً ثم قال بعد ذلك. (¬2) د - وقال المطلوب. (¬3) د: وكان.

جميع ثمنها، وهو مائة درهم، وقال المشتري: بل كانت مائة وخمسين، كان القول قول الوصي، ولا يصدق المشتري، ولا يلزم المشتري شيء. ولو أراد الوصي أن يلزمه الفضل (¬1) لم يكن له ذلك؛ لأنه أقر أنه قد استوفى الجميع. وكذلك الوكيل البائع، والمضارب البائع. وكذلك الرجل يبيع لنفسه. ولو أقر الوصي أنه قد استوفى من فلان مائة درهم، وهي جميع الثمن، وقال المشترى: بل الثمن مائة وخمسون، فإن أراد الوصي أن يبيعه بالخمسين الفضل فإن له ذلك؛ لأنه إنما (¬2) أقر بقبض مائة، وأقر في الباب الأول بقبض جميع الثمن، فهذا مخالف لذلك. وكذلك لو كان مال لنفسه من ثمن بيع. وكذلك الوكيل في البيع. وإذا أقر الوصي أنه استوفى جميع ما لفلان على فلان، وهو مائة درهم، فقامت البينة أنه كانت له عليه مائتان، فإن الغريم يؤخذ بالمائة الفاضلة، ولا يصدق الوصي على إبطالها، ولا يضمن الوصي (¬3) إلا المائة التي أخذ. وإذا أقر الوصي أنه قد استوفى ما لفلان الميت عند فلان من وديعة أو مضاربة أو شركة (¬4) أو بضاعة أو عارية، ثم قال بعد ذلك الوصي: إنما قبضت منه مائة درهم، وقال المطلوب: ألف درهم قبض الوصي، وقامت البينة على ذلك، فإن الوصي ضامن لذلك كله. وإن لم تقم بينة لم يصدق المطلوب على الوصي، وكان القول قول الوصي فيما قبض مع يمينه. وكل شيء من ذلك أصله أمانة فإن المطلوب منه بريء بقوله: قد دفعته إلى الوصي، ولا يضمن الوصي في القبض بقول المطلوب، ولكن يؤخذ الوصي بما أقر به. وكذلك الوكيل في القبض في جميع ذلك. وإذا أقر وصي الميت أنه قد قبض كل دين لفلان الميت على الناس، فجاء غريم لفلان الميت فقال للوصي: قد دفعت إليك كذا وكذا، وقال ¬

_ (¬1) د - الفضل. (¬2) د - إنما؛ صح هـ. (¬3) د - الوصي. (¬4) ف + أو مضاربة.

الوصي: ما قبضت منك شيئاً، ولا علمت أنه كان لفلان عليك شيء، فإن القول قول الوصي مع يمينه. ولو قامت البينة على أصل هذا الدين لم يلزم الوصي منه شيء؛ لأنه لم يقر بقبض شيء من رجل بعينه فيلزمه، إنما أقر بشيء مجهول لم يضفه إلى أحد، فليس يلزمه من ذلك إلا ما قال. وكذلك لو قال: قبضت كل دين لفلان بالكوفة، أو أضاف ذلك إلى مصر آخر أو إلى مدينة أخرى. وكذلك لو نسب ذلك إلى قبيلة فقال: قد قبضت ما لفلان من دين على بني فلان، فإن هذا لا يلزمه إلا ما أقر به مع يمينه. ولو قال: قبضت ما لفلان من دين بالسواد، كان مثل ذلك أيضاً. وكذلك الوكيل في قبض الدين والوديعة والمضاربة في جميع ذلك سواء. ولو أقر الوصي أنه قد استوفى ما على مكاتب فلان الميت - وهو معروف - وهي مائة درهم، والمكاتب معروف يدعي ذلك، وقال المكاتب: قبضت مني ألفاً وهو جميع مكاتبتي، وقال الوصي: قبضت منك مائة درهم، فإن القول قول الوصي مع يمينه، ويلزم المكاتب تسعمائة درهم. فإن قامت البينة أن أصل المكاتبة ألف درهم، أو أن المكاتب أقر بذلك قبل أن يشهد الوصي بالقبض، وقد أقر الوصي بقبض المكاتبة ولم يسم شيئاً دراهم ولا غيرها، فإن الألف درهم تلزم الوصي كلها، ويعتق المكاتب. ولو أقر الوصي أن المكاتبة ألف، وقال: قد قبض الميت منها تسعمائة في حياته، وقبضت أنا منها مائة بعد موته، وقال المكاتب: بل قبضت مني الألف كلها، وقامت البينة أن الوصي أقر أنه قد استوفى جميع ما على المكاتب، فإنه يلزم الوصي الألف (¬1) كلها في ماله بعد أن يحلف الورثة كلهم على علمهم ما يعلمون أن الميت قبض منها تسعمائة. وكذلك الوكيل في قبض ما على المكاتب. وإذا أقر الوصي أنه قد استوفى ما على فلان من دين الميت، فقال الغريم: كان له علي ألف درهم، وقال الوصي: كان له عليك ألف درهم، ¬

_ (¬1) م - الألف.

ولكنك أعطيته خمسمائة في حياته، وخمسمائة دفعتها إلي بعد موته، وقال الغريم: دفعت إليك الألف كلها، فإن الألف كلها (¬1) تلزم الوصي بعد أن يحلف الورثة على علمهم. وكذلك الوكيل في قبض المال. ولو أقر الوصي أنه قد استوفى ما لفلان الميت على الناس من دين، استوفاه من فلان بن فلان، فقامت البينة أن للميت على رجل ألف درهم، فقال الوصي: ليست هذه فيما قبضت، فإنها تلزم الوصي. وكل من قامت عليه بينة أن للميت عليه مال فإنه يلزم الوصي ذلك؛ لأنه أقر بقبض ذلك من رجل بعينه معروف أضاف ذلك إليه، فهذا جائز. ولا يشبه هذا قوله: قد استوفيت ما لفلان على الناس، ولم يضف ذلك إلى أحد. وكذلك الوارث يكتب على الوارث البراءة من كل ميراث، ويكتب: إني قد عجلت لك نصيبك من كل دين تركه فلان على الناس، فهو جائز عليه وإن لم يسمه. ولو أن وصياً أقر أنه قد قبض جميع ما في منزل فلان من متاعه وميراثه، ثم قال بعد ذلك: هو مائة درهم وخمسة أثواب، وادعى الوارث بعد ذلك أنه أكثر مما قال، وأقاموا البينة أنه كان في منزل الميت يوم مات ألف درهم ومائة ثوب، فإن هذا لا يلزم الوصي منه شيء. وكذلك لو أقر أنه قد قبض ما في ضيعة فلان من طعام، وما في نخلة هذا من ثمر، وأنه قد قبض زرع هذه الأرضين، ثم قال: هو كذا كذا، وادعى الورثة أكثر من ذلك، فالقول قول الوصي مع يمينه. وإن أقام الورثة البينة أنه كان في هذه الضيعة من الطعام أكثر مما سمى الوصي، وأنه كان في هذا البيت من الطعام (¬2) أكثر مما سمى الوصي، لم يلحق الوصي ذلك. ولو شهدوا على شيء مسمى لم يجز حتى يشهدوا أنه قبض ذلك. وكذلك الوكيل. ولو أن وكيلاً أقر أنه قبض ما في نخلة فلان هذه من الثمر، وقال: هو جريب، وقال فلان: بل جريبان، وأقام بينة أنه كان جريبان، لم يلزم الوكيل من ذلك إلا جريب، إلا أن يقيم بينة أنه قد قبضها. ¬

_ (¬1) د - كلها. (¬2) د م + الطعام.

باب الإقرار بالعيب

باب الإقرار بالعيب وإذا أقر الرجل في خادم باعها من رجل أنه باعها وبها هذا العيب فأراد المشتري أن (¬1) يردها عليه بذلك العيب فله أن يردها. فإن ادعى (¬2) البائع أنه قد أبرأه من هذا العيب فعليه البينة. فإن لم تكن له بينة استحلف المشتري ما أبرأه وما عرض على بيع مذ رآه ولا رضي ولا خرجت من ملكه. فإن حلف ردها عليه. وإن لم يحلف لم يكن له أن يردها عليه. وإذا ادعى أنه اشتراها وبها هذا العيب، وجحد ذلك البائع، وأقر البائع أنه باعها (¬3) وبها عيب، ولم يسم ذلك، فإنه لا يلزمه من هذا الإقرار شيء إلا اليمين. وأيما عيب ادعاه المشتري ظاهراً بها حلف البائع: لقد بعتها وقَبَّضْتُها وما هذا بها. وإن أقر أنه باعها وبها عيب ولم يسمه، ثم قال بعد ذلك: قد ذهب العيب عنها، فإن القول قوله مع يمينه، ولا يرد عليه شيء، ولكن للمشتري أن يستحلفه على عيب إن جاء به. ولو أقر البائع أنه باعها وبها قَرْحَة (¬4)، فجاء المشتري بالجارية وبها قرحة، فقال البائع: ليس هذا ذلك، وقد برأت تلك القرحة، وقد برأ ذلك العيب، كان القول قول البائع بعد أن يحلف لقد باعها وقبضها وما بها هذه القرحة. وإذا كان البائع (¬5) اثنين (¬6) فأقر أحدهما بعيب وسماه، وجحد الآخر، فإن للمشتري أن يرد ذلك على الذي أقر خاصة، ولا يرده على الآخر بعد أن يحلف لقد باعها وقبضها وما هذا بها. ¬

_ (¬1) م + أن. (¬2) ف: ادعاه. (¬3) م: باعا. (¬4) القَرْحة: هو الجرح في البدن من السلاح أو البثور. انظر: لسان العرب، "قرح". (¬5) ف: للبائع. (¬6) د م ف: اثنان.

وإذا كان المشتري اثنين (¬1) والبائع واحد (¬2) وأقر البائع بعيب في الخادم، فقال أحد المشتريين: قد رضيت، وأراد الآخر أن يرد، فإن أبا حنيفة قال: ليس لواحد منهما أن يردها دون الآخر. وقال أبو يوسف ومحمد: له أن يرد حصته. وإذا كان البائع واحداً له شريك مفاوض، فأقر شريكه بالعيب وجحد البائع، فإن للمشتري أن يردها بإقرار الشريك. ولو كانا شريكين شركة عنان لم يكن للمشتري أن يرد بإقرار الشريك. وكذلك مضارب باع خادماً من المضاربة فأقر رب المال فيها بعيب فليس للمشتري أن يرد على المضارب بذلك. وكذلك لو كان رب المال هو باع وأقر المضارب بذلك. وكذلك رجل أمر رجلاً فباع خادمأ له وقبض المشتري، ثم إن الآمر أقر بعيب فيها، وجحد البائع، فإنه لا يلزم البائع ولا الآمر شيء من ذلك؛ لأن البائع منكر، ولا يصدق عليه من لم يبع. ولو أقر البائع نفسه بعيب وجحد الآمر كان للمشتري أن يرد على البائع، ولا يلزم الآمر بعد أن يحلف إلا أن تقوم عليه بينة أو يكون عيب لا يحدث مثله. ولو أقر الشريك شركة عنان بالعيب، وهو الذي ولي البيع، وجحد شريكه، لزم ذلك البائع، ورجع على الشريك. وكذلك المضارب إذا أقر بالعيب لزمه، ويلزم رب المال؛ لأن الشريك لو أقال البيع (¬3) جاز عليه وعلى شريكه بعد أن يكون شريكاً في البيع والشراء. وكذلك المضارب والمفاوض. فإن كانا شريكين في سلعة خاصة فأقر أحدهما بالعيب في السلعة التي باع وجحد الآخر فإنه يلزم البائع ولا يلزم الآخر. وهذا مثل صاحب البضاعة. ولا يشبه هذا الشريك في البيع والشراء ولا المضارب. ولو أن رجلاً اشترى سلعة من رجل فباعها من آخر، فطعن المشتري الآخر فيها بعيب، وأقر البائع الثاني به، فإن قبلها بغير قضاء قاض لم يكن ¬

_ (¬1) د م ف: اثنان. (¬2) م: احد. (¬3) د ف: البائع.

له أن يردها على البائع الأول، وإن قبلها بقضاء قاض بهذا الإقرار وجحد وأبى أن يحلف، فإن له أن يخاصم فيها البائع الأول. وإن قال: بعتها وليس هذا العيب (¬1) بها، فاستحلفه القاضي، فأبى أن يحلف فردها عليه، فإن (¬2) أراد (¬3) خصومة البائع الأول (¬4) فيها (¬5) فاحتج عليه (¬6) البائع الأول بقوله: لم يكن هذا العيب بها، فإنه لا يستطيع ردها بهذا العيب؛ لأنه يزعم أنه عيب حدث عند المشتري الآخر. وإذا أمر رجل رجلاً فباع له سلعة وقبضها المشتري، فأقر البائع بعيب فيها لا يحدث مثله، فإنها تلزم البائع والآمر. وكذلك الشريكان في السلعة الخاصة باع أحدهما بإذن الآخر. ولا يشبه هذا العيب الذي يحدث مثله في مثل تلك المدة. وإذا باع الرجل داراً ثم أقر أنه باعها وفيها هذا الصدع في حائط يُخاف، أو كسرٌ في جذع، أو كسرٌ في باب، فهذا يلزمه ويرد عليه. وكذلك لو باع أرضاً وفيها نخل فأقر بعيب ينقص من الثمن في نخلة من (¬7) نخلها أو شجر من شجرها كانت ترد عليه بذلك. وكذلك هذا في كل ثوب أو عرض من العروض أو شيء من الحيوان أقر فيه البائع بشيء من العيوب ينقص من (¬8) الثمن بعينه مسمى معروف فإن للمشتري أن يرد عليه بذلك. ولو قال: بعتك هذا الثوب وبه خَرْق، فجاء المشتري بخرق، فقال: بعتني وهذا الخرق به، وقال البائع: ليس هذا الذي أقررت له به وهذا حدث عندك، ولم يكن في الثوب خرق غير ذلك الخرق، فلا يصدق البائع على ما قال. ولو قال: كان هذا الخرق فزاد فيه، كان مصدقاً. وكذلك ¬

_ (¬1) د: العبد. (¬2) د - فإن. (¬3) د: فأراد. (¬4) د - الأول. (¬5) م + فاستحلفه القاضي فأبى أن يحلف فردها عليه فأراد خصومة البائع فيها. (¬6) ف: فاستحلفه. (¬7) ف - نخلة من. (¬8) د م - من.

باب الإقرار بالبيع

الحَرْق (¬1) فهو مثل الخرق في ذلك. وإن كان فيه خرق غير ذلك الخرق فقال البائع: بعتك وهذا به ولم يكن الآخر به، فالقول قول البائع مع يمينه، ويرد على المشتري حصة العيب الذي أقر به. ولو أقر البائع أنه باعه هذا العبد وبه إصبع زائدة أو هو أعور أو هو أعمى أو أقطع اليد، فجاء به المشتري وهو كذلك، فإن الإقرار يلزم البائع، ولا يضرك [إن] أقر والعبد حاضر ذلك أو غائب عنه. ولو أقر أنه باع وهو أقطع اليد فأتى به وهو أقطع اليدين لم يكن له أن يرده، ويحلف البائع لقد باعه وما هو كذا، ويرد البائع على المشتري بنقصان القطع في يد واحدة. وإذا كانت له (¬2) أصبع زائدة واحدة أو اثنتان كان هذا يرد به إن أقر البائع أو لم يقر؛ لأن هذا لا يحدث. وإذا قال: بعته وبه قَرْحَة، ثم جاء المشتري يريد رده، فقال البائع: قد (¬3) برأت تلك القوحة وهذا غيرها، صدق البائع على ذلك، وليس للمشتري أن يرده بعد أن يحلف على ذلك. إذا سمى نوعاً من العيوب بعينه صدق البائع أن ذلك قد ذهب وهذا غيره إذا كان مما يبرأ أو يذهب. ... باب الإقرار بالبيع وإذا أقر الرجل أنه باع عبده من فلان وقبضر الثمن منه ولم يسم الثمن، فادعى المشتري ذلك، فهو جائز يلزمه فيه البيع، ويجوز فيه الإقرار. وكذلك هذا في الأمة والدابة والحيوان والدور والأرضين والعقار كله. ولو سمى ثمناً وأقر أنه قبضه كان جائزاً وكان هذا أنفذ وأجوز من الأول. ولو ¬

_ (¬1) ف: الخرق. الحَرْق بسكون الراء الثقب في الثوب إن كان من النار، والحَرَق بفتح الراء إن كان من دقّ القصّار، وقد روي فيه السكون أيضاً. انظر: المغرب، "حرق". (¬2) م - له. (¬3) د م ف: وقد.

سمى ثمناً وقال: لم أقبض، وقال المشتري: قد قبضت الثمن، وادعى البيع، فإن الإقرار بالبيع جائز، والقول قول البائع في الثمن إنه لم يقبض، وعلى المشتري البينة. فإن لم تكن له بينة حلف البائع , وليس له أن يقبض المبيع حتى ينقده. وإن كان قد قبض فهو جائز، وعليه أن ينقد الثمن. وليس للبائع أن يرجع في البَيْع فيكون عنده (¬1)؛ لأنه قد دفعه. ولو أقر أنه باعه هذا العبد بثمن وقبضه، وادعى المشتري - ذلك، ولم يسم الثمن، ثم استحق العبد أو رده بعيب، فإن القول في الثمن قول البائع مع يمينه، وعلى المشتري البينة على الفضل (¬2) إن ادعاه. ولو أقر البائع أنه باع عبده هذا بألف درهم من فلان، فقال فلان: بخمسمائة، كان القول قول البائع، ويتحالفان ويترادان. وكذلك لو كان المشتري قد قبض العبد فهو سواء. ولو كان العبد قد نقص عند المشتري كان القول قول المشتري في الثمن إلا أن يرضى البائع أن يأخذه ناقصاً. ولو كان البَيْع (¬3) قد ازداد خيراً عند المشتري كان القول قول المشتري في الثمن مع يمينه. وكذلك لو كان البيع قد خرج من ملكه بأي وجه ما كان (¬4). وكذلك لو كان البيع قد خرج بعضه من ملكه إلا أن يرضى البائع أن يأخذ ما بقي منه ويتبع المشتري بحصة ما خرج من ملكه على قول المشتري في قول أبي يوسف. وأما في قول أبي حنيفة (¬5) فلا يأخذ منه شيئاً إلا الثمن. وقال محمد: يتحالفان ويترادان القيمة قيمة العبد، إلا أن يشاء البائع أن يأخذ ما بقي من قيمة العبد وقيمة ما استهلك المشتري منه. والذي يبدأ به في اليمين المشتري؛ لأنه المدعى عليه، فعليه اليمين. وإذا أقر الرجل أنه باع هذا العبد من فلان بألف درهم، وقال فلان: ¬

_ (¬1) وعبارة الحاكم: وليس للبائع أن يسترد العبد لأنه قد دفعه. انظر: الكافي، 2/ 42 و. (¬2) د م: على فضل. (¬3) أي: المبيع كما تقدم مراراً. (¬4) ف - وكذلك لو كان البيع قد خرج من ملكه بأي وجه ما كان. (¬5) د: محمد؛ صح هـ.

ما اشتريته منك بشيء، ثم قال: بلى، قد ابتعته منك بألف درهم، وقال البائع: ما بعتكه، فإنه ينقد شراءه له بألف، ولا يصدق بقوله: لم أبتعه. ألا ترى أنه لو رفعه إلى القاضي فقال: قد بعت من هذا الرجل هذا العبد بألف درهم، فقال المشتري: ما اشتريت منك شيئاً، فقال البائع: احلف، فقال المشتري: قد اشتريته منك بألف درهم، ألم يلزمه البيع، ولو قال: بعتك هذا العبد بألف درهم، فقال المشتري: ما اشتريته منك بشيء، فقال البائع: صدقت لم تشتره، ثم قال المشتري بعد ذلك: قد اشتريته، لم يلزم البيع، ولم تقبل منه بينة على ذلك بعد أن نقض البيع على جحوده؛ لأنهما قد اجتمعا على نقض البيع جميعاً. فإن صدقه البائع بعد على الشراء جاز له أيضاً. وكذلك لو قال المشتري: قد اشتريته منك بألف درهم، فقال البائع: لم أبعك بشيء، فقال: احلف، فأقر وأبى (¬1) أن يحلف، لزمه البيع. ولو أقر رجل أنه باع هذا العبد من فلان ولم يسم ثمناً، فقال فلان: اشتريته منك بخمسمائة، فجحد البائع أن يكون باعه بشيء، فإن البائع يحلف على دعوى المشتري ولا يلزمه البيع. وكذلك لو أقر المشتري أنه اشتراه منه ولم يسم شيئاً، فقال البائع: بعتك بألف، فجحد المشتري أن يكون اشتراه بشيء، فإنه يحلف المشتري على دعوى البائع على البيع. فإن حلف لم يلزمه البيع؛ لأن إقراره بالبيع بغير ثمن مسمى ليس بشيء. والإقرار بالبيع بغير ثمن مسمى وقبضه جائز عليه. فإن رده عليه بعيب (¬2) أو استحق كان القول في الثمن ما قال البائع. ولو أقر رجل أنه باع ئوبه هذا من فلان، ثم قال: لا بل من فلان، فإن هذا كله باطل، يحلف للأول إذا ادعاه بثمن مسمى، فإن حلف له برئ من ذلك. ويحلف الآخر كذلك، فإن حلف برئ، وإن لم يحلف قضي للآخر. فإن جاء الأول ببينة على شرائه بثمن مسمى قبل الآخر كان له. والإقرار بالبيع في الدور والأرضين والرقيق والحيوان والعروض كلها مثل ذلك. ¬

_ (¬1) د م: أو أبى. (¬2) د م: بعينه.

وإذا أقر الرجل أنه اشترى هذا العبد من هذا الرجل، فجحد البائع ذلك، وادعى المدعي أن العبد كان له من الأصل، فإنه لا يصدق على ذلك، ولا تقبل منه بينة، وإقراره بالبيع يهدم ذلك كله. وكذلك لو ساوم به. ولو أقر أنه باعه عبداً من فلان ولم يسم العبد، ثم جحد المقر ذلك، فإن هذا الإقرار باطل لا يجوز، ولا يلزمه شيء من ذلك. ولو ادعى المشتري عبداً بعينه بثمن مسمى استحلف عليه. وكذلك لو أقر أنه باع عبده فلاناً غير أن الشهود لا يعرفونه بعينه. وكذلك لو كان هذا في الأمة أو الدابة أو الأرض أو الدار. أرأيت لو قال: بعتك ثوبي الزّطِّي (¬1) أو المروي، أكان يلزمه بهذا الإقرار شيء، لا يلزمه بهذا شيء، ولكنه يحلف على دعوى المشتري. ولو عرف الشهود العبد أو الدابة أو الثوب ولم يسميا الثمن لم يجز ذلك أيضاً، ولكنه يحلف، فإن سمى الثمن جاز ذلك. وإن حدّد الأرض أو الدار وسمى الثمن فإن ذلك جائز - وإن كان جحد ذلك البائع ولم يعرف الشهود الحدود - بعد أن تقوم البينة على معرفة الحدود. وكذلك لو أقر المشتري بالشراء ثم جحد فادعى البائع ذلك فهو على مثل ذلك كله. فهذا كله قياس قول أبي حنيفة، وهو قول أبي يوسف ومحمد. وكذلك العبد التاجر والمكاتب والمرأة والرجل والذمي والمسلم والصبي التاجر في الإقرار بالبيع والإقرار بالشراء سواء. وإذا أقر الشريك المفاوض بشراء أو ببيع يلزمه فإن ذلك يجوز عليه وعلى شريكه. وكذلك الشريك شركة عنان في التجارة، فإنه يلزمه ذلك، ويجوز عليه ما أقر به من بيع بينه وبين شريكه، ويجوز على شريكه. وما أقر به من شراء قائم بعينه في يدي البائع فهو كذلك أيضاً يجوز عليه، ويكون له على شريكه ثمن حصته. وما أقر به من شراء شيء مستهلك بثمن مسمى يكون ديناً عليه فإن ذلك يلزمه دون شريكه إلا أن يقر شريكه بذلك. وهذا مخالف للمفاوض في هذا الوجه. وكذلك صاحب المضاربة يقر فيها ببيع أو شراء فإن هذا يصدق في المضاربة ويصدق في الدين ويجوز له قوله ¬

_ (¬1) نوع من الثياب كما تقدم مراراً.

فيها. ولا يشبه المضارب في هذا الشريك شركة عنان. وكذلك رجل وكله رجل ببيع عبد فأقر الوكيل أنه قد باعه فهو مصدق، وذلك جائز على رب العبد. ولو أقر رب العبد أن الوكيل باعه من فلان بألف درهم، وادعى ذلك فلان، وجحد الوكيل، فإن العبد يكون لفلان بألف، وتكون العهدة على مولى العبد، ولا يكون على الوكيل عهدة. وكذلك صاحب البضاعة. وكذلك الرجل يأمر الرجل بشراء عبد بعينه فيقر الوكيل أنه قد اشتراه بألف، ويدعي ذلك البائع، ويجحد ذلك الآمر، فإن أبا حنيفة قال في هذا: القول قول الوكيل. وهو قول أبي يوسف ومحمد. ولو كان أمره بعبد بغير عينه سمى جنسه ونعته وثمنه، فأقر الوكيل بأنه قد اشترى هذا العبد للآمر بالثمن الذي سمى، وجحد الآمر ذلك، فإن كان الآمر دفع الثمن إلى الوكيل، فإن أبا حنيفة قال: هو مصدق، والقول قوله. وإن كان لم يدفع الثمن وجحده الاَمر أن يكون اشتراه فإن أبا حنيفة قال: لا يصدق الوكيل، ويلزم البيع الوكيل دون الآمر. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا كان العبد قائماً بعينه والبائع يدعي البيع فالقول قول المشتري، والعبد يلزم الآمر إذا كان مثلُ ذلك يُشترَى بما قال المأمور [إن] (¬1) لم يكن الآمر نهاه عن الشراء. ألا ترى أنه لو إشترى حين قال هذا القول بألف لزم الآمر، فكذلك (¬2) إذا (¬3) قال: اشتريته أمس، وصدقه البائع. ولو كان الآمر قد مات ثم أقر الوكيل بشراء هذا العبد فإن كان الثمن في يديه قائماً بعينه أو في يدي البائع أو كان الآمر لم يدفع الثمن إلى الوكيل فهو سواء، ولا يصدق الوكيل في قول أبي حنيفة على الامر، ويلزم البيع للوكيل، ويحلف الورثة على علمهم. وإن كان الثمن قد استهلكه فالقول قول الوكيل والبائع، وهما مصدقان في ذلك، ويلزم البيع الميت الآمر. ¬

_ (¬1) الزيادة من ب. (¬2) د م ف: وكذلك. والتصحيح من ب. (¬3) د م ف + اشترى.

وقال أبو حنيفة: إذا دفع رجل (¬1) إلى رجل عبداً وأمره ببيعه، ثم مات الآمر، فأقر الوكيل أنه قد باع العبد بألف درهم وقبضها، فإن كان العبد قائمأ بعينه لم يصدق الوكيل. وإن كان العبد مستهلكاً فإن القول قول الوكيل. وإن كان الوكيل باع العبد لرجل أجنبي وقد استهلك (¬2) المشتري العبد (¬3) فقال رب العبد للبائع (¬4): أنا أمرتك بذلك ولي الثمن، وقال الوكيل: لم تأمرني، فإن القول قول رب العبد مع يمينه وله الثمن. وكذلك إن كان العبد قائماً بعينه فهو كذلك. ولو لم يأمره بذلك ثم أجاز البيع فإن أبا حنيفة قال في ذلك: إن كان العبد قائماً بعينه جاز البيع، وإن كان مستهلكاً لم يجز البيع. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. وإن كان لا يعرف مستهلك هو أو حي فالبيع جائز حتى يعرف أنه ميت. وإن جُني على العبد جناية قبل جواز البيع فقُطعت (¬5) يده وكان أرشها أكثر من الثمن ثم أجاز البيع فالبيع جائز، وأرشها للمشتري. وإن لم يجز الييع فأرشها لرب العبد. فإن أقر رب العبد أنه قد كان أجاز البيع بعدما وقع البيع بيوم، وقال المشتري: لم يجز، والعبد قائم بعينه، فإن القول قول رب العبد ولا يمين عليه؛ لأنه لو أجازه الساعة جاز. ولو كان العبد ميتاً فقال رب العبد: باعه بغير أمري، وقد أجزت البيع قبل موته، وصدقه البائع وكذبه المشتري، فإن القول في ذلك قول المشتري مع يمينه على علمه. ولو ادعى المشتري هذه الإجازة وجحد رب العبد كان القول قول رب العبد مع يمينه البتة. وإن كان العبد قد قتله رجل فوجب عليه الأرش فهو (¬6) بمنزلة الميت. ... ¬

_ (¬1) م: الرجل. (¬2) د م ف: استهلكه. (¬3) د ف: للعبد. (¬4) م: البائع. (¬5) د ف: قطعت. (¬6) د: وهو؛ ف - فهو.

باب الإقرار بالنكاح

باب الإقرار بالنكاح وإذا أقر الرجل أنه تزوج فلانة بألف درهم، وادعت ذلك فلانة، ثم جحد الزوج بعد ذلك، فإن إقراره جائز عليه، ويلزمه النكاح. وكذلك لو مات الزوج قبل أن تدعي المرأة ثم ادعت المرأة ذلك فإن أبا حنيفة قال: هذا جائز، ولها المهر والميراث. فإن كان أقر في مرضه فكان (¬1) المهر الذي سمى مهر مثلها أو أقل فهو جائز. وإن كان أكثر من مهر مثلها بطل الفضل. وإن أقرت المرأة أنها تزوجت فلاناً بألف درهم، ثم جحدت ذلك وادعى الزوج النكاح فإن النكاح جائز، ويلزمها ذلك. وكذلك لو كانت أقرت في مرضها. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو حنيفة: إن ماتت المرأة قبل أن يدعي الزوج، ثم ادعى الزوج، ولم تكن المرأة جحدت، لم يجز النكاح. وقال في ذلك: إقرارها إذا ماتت مخالف لإقرار الزوج؛ لأن الفراش للزوج، وليس لها فراش. وقال أبو يوسف ومحمد: هما سواء فى ذلك، كله جائز. وإذا أقرت المرأة أنها تزوجت فلاناً بغيو شهود، وقال فلان: تزوجتها بشهود، فإن النكاح جائز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد (¬2). ولو قالت: تزوجته وأنا في عدة، وقال الزوج: لم تكوني في العدة، وقد تزوجيني، فهو مثل القول الأول. ولو قالت: تزوجته (¬3) وأنا أمة، وقد كانت أمة ثم عتقت، وقال الزوج: تزوجتها بعد العتق أو قبله، فهو سواء. والنكاح جائز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولو كانت مجوسية أسلمت ثم أقرت أنها تزوجت فلاناً هي مجوسية وأقى فلان أنه تزوجها بعد الإسلام فإن أبا حنيفة قال: النكاح ¬

_ (¬1) د: فإن كان. (¬2) ف - ومحمد، (¬3) د - وأنا في عدة وقال الزوج لم تكوني في العدة وقد تزوجتيني فهو مثل القول الأول ولو قالت تزوجته.

جائز، ولا يصدق على فساد النكاح. ولو أقرت أنها تزوجته وهي صبية، وقال الزوج: تزوجتها وهي كبيرة، فإن أبا حنيفة قال في هذا: القول قول المرأة، ولا نكاح بينهما. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وكذلك لو قالت: تزوجتك وأنت (¬1) صبي، فالقول قولها، ولا يثبت النكاح بينهما. وهو قول أبي يوسف ومحمد. أرأيت لو أقرت أنها تزوجته قبل أن يولد أو قبل أن تولد هي هل يكون هذا نكاحاً، لا يكون هذا نكاحاً. وكذلك لو أقرت أنها تزوجته في المنام فإن هذا باطل لا يلزمه النكاح. ولو قالت: تزوجتك وأنا مغلوبة على عقلي، فإن أبا حنيفة قال في هذا: إن كان يعرف أنها كانت مغلوبة على عقلها (¬2) فالقول قولها، ولا يثبت النكاح. وإن كانت لا تعرف بذلك فالنكاح لها لازم. قال: ولا يشبه (¬3) الصغيرة ولا المغلوبة على عقلها (¬4) المجوسية؛ لأن المجوسية قد يجوز نكاحها على حال، والصبية والمغلوبة على عقلها لا يجوز نكاحهما على حال إلا أن يزوجهما الولي. والزوج إذا أقر أنه تزوج المرأة وأختها عنده، وقالت المرأة: لم تكن أختي عندك، فإنه لا نكاح بينهما، ولها (¬5) عليه نصف المهر إن كان سمى لها مهراً إن لم يكن دخل بها. وإن لم يكن سمى لها مهراً فلها المتعة. وكذلك لو أقر أنه تزوجها وهي في عدة أو بغير بينة فإنه يفرق بينهما، ولها عليه نصف المهر إن لم يكن دخل بها. وكل شيء لا تصدق المرأة فيه فكذلك الزوج، وعليه نصف المهر. وكل شيء تصدق المرأة فيه فكذلك الزوج، ولا مهر عليه. ¬

_ (¬1) ف: وأنا. (¬2) م ف: على قولها. (¬3) د م ف + هذا. (¬4) د م ف + ولا. (¬5) د: وله.

باب الإقرار بالطلاق

ولو أقر أنه تزوجها وقد كان طلقها ثلاثاً (¬1) قبل أن تنكح زوجاً غيره، وقالت هي: ما طلقني، أو قالت: طلقني وتزوجت زوجاً غيره ودخل بي، فإنه يفرق بينهما، ولها نصف المهر. ولو أقر أنه تزوجها أمس (¬2)، وقال: إن شاء الله، ووصل، وقالت هي: ما استثنى، فإنه لا يلزم النكاح. وكذلك لو أقرت هي بذلك وادعى هو النكاح. وقال أبو حنيفة: إذا أقر مولى الأمة أنه قد تزوجها أمس لزمها النكاح وإن جحدت ذلك. وإذا أقر مولى العبد بذلك لم يصدق. وكذلك أبو الصبي والصبية. وقال أبو يوسف ومحمد: يصدق أبو الصبي والصبية ومولى العبد في ذلك كله. ولو قال رجل لامرأة: ألم أتزوجك أمس؟ أو ليس قد تزوجتك أمس؟ أو أما (¬3) تزوجتك أمس؟ وقالت (¬4): بلى، ثم جحد (¬5) الزوج، فهذا إقرار بالنكاح من المرأة. وكذلك لو كان ابتداء هذا القول من المرأة. ولو قال لها: قد (¬6) تزوجتك أمس، فقالت: لا، ثم قالت: بلى، [و] قال (¬7): هو: لا، لزمه النكاح، وكانت امرأته. ... باب الإقرار بالطلاق وإذا أقر الرجل أنه قد طلق امرأته قبل أن يتزوجها (¬8) , فالقول قوله ولا يقع الطلاق عليها. وكذلك لو قال: طلقتها وأنا جنين (¬9) , أو قبل أن ¬

_ (¬1) د م ف: ثلثا. (¬2) ف - أمس. (¬3) ف: أو ما. (¬4) د م ف: قالت. (¬5) د م ف: وجحد. والتصحيح من الكافي، 2/ 44 ظ. (¬6) ف - قد. (¬7) زيادة الواو من الكافي، 2/ 44 ظ. (¬8) ف - قبل أن يتزوجها. (¬9) د م ف: جني؛ ف: حي. وفي هامش ف: أحسبه جنين. وهو كذلك في ب.

أولد، أو في منامي، فالقول قوله، ولا يقع الطلاق. وإن لم يكن أصابه ذلك فإن الطلاق واقع عليها في قول أبي حنيفة. وكذلك لو قال: طلقتها وأنا مغلوب على عقلي، فإن كان أصابه ذلك (¬1) فهو مصدق، ولا يقع الطلاق. وإن لم يكن أصابه ذلك قط (¬2) فإن الطلاق واقع عليها في قول أبي حنيفة. ولو تزوج اليوم وأقر أنه طلقها أمس فإنه لا يقع الطلاق في قول أبي حنيفة. ولو قال: طلقتها (¬3) وقلت: إن شاء الله، أو قد استثنيت إن شاء الله تعالى، فإن في قياس قول أبي حنيفة أنه لا يقع الطلاق. وهذا كله قول أبي يوسف ومحمد. ولو أقر أنه طلقها منذ ثلاثة (¬4) أشهر وقد تزوجها قبل ذلك وقالت هي: ما أدري، وقع الطلاق عليها، وكانت العدة عليها من يوم أقر. وإن صدقته أنها قد علمت ذلك فإن العدة عليها من يومئذ. ولو أقر الزوج أنه قد كان طلق امرأته ولم يسمها للشهود وقع الطلاق على امرأته. فإن قال: لي امرأة أخرى، لم يصدق إلا ببينة. وإن أقر أن فلانة طالق وقال: لم أعن (¬5) امرأتي، واسم امرأته فلانة، فإن الطلاق يقع عليها. وكذلك لو نسبها إلى أبيها أو إلى أمها أو إلى ولدها فقال: أم فلان طالق. وكذلك لو قال: ابنة فلان، ولم يسمها باسمها. فإن هذا كله إذا أقر به أو ابتدأ الكلام ابتداء فهو سواء، وهو واقع عليها. فإن قال لامرأته: أما طلقتك أمس، أو أليس قد طلقتك أمس، فقالت: نعم، أو قالت: لا، فإن هذا إقرار بالطلاق. وكذلك لو قال: ألم أطلقك أمس. ولو قال: قد طلقتك أمس، وهو كاذب، وقع الطلاق عليها في القضاء، ولا يقع فيما بينه وبين الله تعالى. ولو أقر بعد الدخول بها أنه قد طلقها قبل أن يدخل بها، وقد سمى لها مهراً، فإن الطلاق واقع عليها، ولها مهر ونصف. ¬

_ (¬1) د م + قط. (¬2) د م - قط. (¬3) د م ف: طلقها. (¬4) د م: ثلثة. (¬5) ف: لي أعن.

باب إقرار المحجور عليه

باب إقرار المحجور عليه وإذا حجر القاضي على رجل حر ثم أقر المحجور عليه بدين لرجل فإنه جائز. والحجر على الحر باطل. وكذلك لو أقر بغصب أو وديعة أو عارية أو إجارة أو بيع أو شراء أو عتق أو طلاق أو نكاح أو بولد فذلك كله جائز لازم له. وكذلك لو أخر ديناً له على رجل أو أقر أنه إلى أجل إذا كان أصله بيعاً أو غصباً. ألا ترى أنه إن يشهد بشهادة بعد أن يكون عدلاً في شهادته أنها تجوز. أرأيت لو أقر أنه قذف رجلاً بالزنى أما كان يضرب الحد. أرأيت لو أقر بالزنى أربع مرات أما كان يقام عليه حد الزنى. أرأيت لو أقر بالسرقة وهي مستهلكة يجب في مثله القطع أما كان يقطع فيها. أرأيت لو أقر بصبي في يديه أنه ابن لفلان استودعه إياه، وقال فلان: هو ابني، أما كان يجوز هذا، ويكون ابن المقر له. أرأيت لو أقر المحجور عليه بصبية في يديه أنها ابنته من جاريته هذه وأقرت الجارية بذلك وشهدت امرأة على الولادة أما كان يثبت نسب الجارية وتعتق. وهل له أن يبيع الصبية أو يطأ بعدما تدرك. وهل له أن يبيع أمها. أرأيت إن تزوج امرأة هل يحل له أن يطأها. أرأيت إن أقر أنه قد طلق امرأته ثلاثاً (¬1) هل يجوز ذلك. فالحجر باطل. والمحجور عليه بمنزلة من لم يحجر عليه، يجوز عليه جميع ما أقر به كما يجوز على غيره. وهذا كله قول أبي حنيفة. وهو قول أبي يوسف الأول، ثم رجع. وقال أبو يوسف ومحمد: الحجر جائز، لا يجوز إقراره بدين ولا بيع ولا شراء. وكل شيء يبطل في الهزل فهو في الحجر أبطل وأضعف. وكل شيء يجوز عليه في الهزل فهو في الحجر أجوز. لو لعب بطلاق أو عتاق أو نكاح لزمه، وكذلك يلزمه ذلك (¬2) في الحجر. ولو لعب ببيع أو شراء لم يلزمه، وكذلك هذا في الحجر. إلا أن المعتق يسعى في قيمته. وهذا كله قول محمد. ... ¬

_ (¬1) د م ف: ثلثا. (¬2) د - ذلك.

باب إقرار الرجل للصبي والمجنون والكفالة له

باب إقرار الرجل للصبي والمجنون والكفالة له وإذا أقر الرجل لصبي صغير بدين مائة درهم فهي لازمة له، وذلك جائز عليه وإن كان الصبي لا يقرض مثله ولا يدين. ولو قال الرجل: أقرضنيه الصبي، فهي له على كل حال، فإن المائة له لازمة وإن كان الصبي لا يقرض ولا يتكلم. ألا ترى أن رجلاً لو أقر أن فلاناً أقرضه مائة درهم، فقال فلان: قد غصبتنيها، أن المال لازم للمقر بالغصب، ولو كان يلزم بالقرض كان بريئاً منها، لأن الرجل قد أبرأه؛ فإذا أقر بها للصبي لزمه ذلك على وجه الغصب وعلى وجه الجناية وعلى وجوه الضمان (¬1) سوى القرض. وكذلك إذا (¬2) أقر (¬3) الرجل أن هذا الصبي استودعه هذه المائة درهم، أو هذا العبد، أو قال: أعارني هذا العبد، أو أجرنيه، أو وهبه لي، أو باعه مني، والصبي لا يتكلم ولا يعقل، فإقراره بالعبد جائز، والعبد للصبي. وكل ما ادعى فيه من هبة أو بيع أو عارية أو إجارة فهو باطل. وكذلك المجنون المغلوب هو في ذلك بمنزلة الصبي. وكذلك لو كان هذا الإقرار في دار أو دابة أو عرض من العروض. ولو أقر أنه كفل لهذا الصبي عن فلان بألف درهم، والصبي لا يتكلم ولا يعقل، كان هذا باطلاً لا يجوز، إلا أن يكون أبو الصبي يخاطبه في الكفالة أو وصيه أو جده أبو الأب إن لم يكن له وصي ولا أب. فإن خاطبه الولي (¬4) فإن الكفالة باطل. فإن أدرك الصبي فرضي بها جازت. وإن رجع الرجل عنها قبل أن يدرك الصبي بطلت عنه؛ لأنها لم تلزمه بعد. وإذا أقر الرجل للقيط صغير لا يتكلم بمائة درهم فهو جائز لازم له. ولو أن رجلاً أقر أنه كفل عن هذا اللقيط لفلان بمائة درهم، وهذا الصبي ¬

_ (¬1) د + الضمان. (¬2) د م - إذا. (¬3) د: إقرار. (¬4) أي: إن خاطبه ولي غير الذين سبقوا كالأخ والعم. انظر: كتاب الكفالة، 7/ 205 و.

لا يتكلم ولا يعقل، فإن هذا جائز، ويلزم الكفيل، ولا يلزم الصبي؛ لأن هذا الدين قد يلزم الصبي (¬1) على وجه، فإذا كان يلزم على وجه أجزت الكفالة. ألا ترى أنه لو كان رجل غائب، فقال آخر (¬2): قد كفلت لك يا فلان عن فلان الغائب بالمائة درهم التي أقرضته أمس، وقبل ذلك الطالب وادعى، أن ذلك يلزم الكفيل وإن كان الغائب يعرف أنه لم يقدم، لأن هذا مستقيم على وجه. ولو أن رجلاً كفل لرجل عن رجل حاضر بمائة درهم بغير أمره، فقال المكفول عنه: قد رضيت بكفالتك، ثم قال المكفول له: قد رضيت بضمانك لي، فإن الضمان جائز، ويرجع الكفيل إذا أدى ذلك على المكفول عنه، ورضاه بالكفالة قبل أن تجب مثل أمره. ولو قال المكفول له: قد رضيت (¬3)، قبل أن يقول المكفول عنه: "قد رضيت" (¬4)، ثم قال (¬5) المكفول عنه بعد ذلك: قد رضيت، فإن الكفالة جائز؛، ورضى المكفول عنه باطل، ولا يلزمه منه شيء؛ لأنه إنما رضي بعدما لزم المال الكفيل. ولو قال: قد شئت كفالتك، أو قال: قد سلمت (¬6) كفالتك، أو قال: قد أجزت كفالتك، كان مثل قوله: قد رضيت. فإن كان قبل أن يجب المال فهو مثل أمره إياه. وإن أداه الكفيل رجع عليه به. ولو أن الكفيل بعدما رضي المكفول عنه رجع عن الكفالة قبل رضى المكفول له بها لم يلزمه المال، وبطلت الكفالة. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: إذا كفل الرجل بمال وليس له مخاطب لزمه ذلك. وهذا قوله الآخِر، رجع إليه. ... ¬

_ (¬1) د - الصبي. (¬2) ف + فقال آخر. (¬3) د م + فإن الكفالة جائزة. (¬4) ف - قبل أن يقول المكفول عنه قد رضيت. (¬5) د م ف: ثم يقول. والتصحيح من ب؛ والكافي، 2/ 45 ظ. (¬6) ف: قد سلمتك.

باب إقرار العبد التاجر

باب إقرار العبد التاجر وإذا كان العبد تاجراً فأقر بدين لرجل فإن أبا حنيفة قال: إقراره جائز وإن كان عليه دين يحيط بقيمته وبما في يده. وكذلك لو أقر بوديعة أو بإجارة أو عارية أو غصب. وإقراره في الدور والعروض والرقيق والحيوان جائز عليه كما يجوز على الحر. وإن أقر (¬1) لمولاه بشيء في يديه وعليه دين يحيط برقبته وبما في يديه فإن إقراره باطل لا يجوز. وكذلك لو أقر أن لمولاه عليه دين. وكذلك لو أقر بعاربة شيء في يديه أنه استعاره من مولاه. وكذلك لو أقر له بوديعة فإن إقراره لا يجوز لمولاه بشيء من ذلك. ولا يجوز إقرار العبد التاجر في شيء من الجراحات والجنايات عمداً كان أو خطأ؛ لأن هذا ليس من التجارة. ما خلا القتل العمد فإن فيه القصاص، فهذا يجوز إقراره عليه. وكذلك لو أقر بسرقة يجب عليه فيها القطع أو لا يجب عليه فيها القطع فإنه مصدق (¬2). وكذلك لو أقر بقذف رجل مسلم بالزنى وجب عليه فيه حد القذف. وكذلك لو أقر بالزنى أربع مرات وجب عليه (¬3) حد الزنى الجلد، ولا يكون على العبد رجم. ولا يجوز إقرار العبد التاجر بمهر امرأة؛ لأن هذا ليس من التجارة. وكذلك لا يجوز إقراره بالكفالة بالنفس ولا بالمال؛ لأن هذا معروف. فلا يلزمه هذا ولا المهر حتى يعتق. ولا يجوز إقرار العبد التاجر بعتق في عبد له ولا بمكاتبة في عبد له ولا بتدبير. ¬

_ (¬1) ف: ولو أقر. (¬2) د - وكذلك لو أقر بسرقة يجب عليه فيها القطع أو لا يجب عليه فيها القطع فإنه مصدق. (¬3) د + فيه حد القذف وكذلك لو أقر بالزنى أربع مرات وجب عليه.

ولو أقر بنكاح لزمه ذلك غير أن للمولى أن يفرق بينهما، ونكاحه فاسد ما لم يجز المولى (¬1) النكاح. وإقرار العبد التاجر بالطلاق جائز. والعبد التاجر والمحجور عليه في الطلاق والحدود والقصاص سواء، إقرارهما في ذلك جائز. ولو أقر العبد التاجر أنه افتض امرأته بأصبعه، أمة كانت أو حرة، فإنه لا يلزمه شيء في قياس قول أبي حنيفة. وهو قول محمد (¬2). ويلزمه ذلك كله في قول أبي يوسف، وهو بمنزلة متاع غصبه. وقال أبو حنيفة ومحمد: لو أقر بتزويج وأنه افتضها لم يلزمه المهر لواحدة (¬3) منهما (¬4). وقال أبو يوسف: لا يلزمه للحرة شيء، وأما الأمة فإن كان لم يذهب بعذرتها لم يلزمه من مهرها شيء حتى يعتق. وإن كان ذهب بها من منزل مولاها إلى موضع غيره وهي بكر يعلم ذلك فمولاها بالخيار، إن شاء أن يضمنه العذرة بالغصب فله ذلك، وإن أراد أن يضمنه بالوطء فلا شيء عليه حتى يعتق. وإن كانت ثيباً فلا مهر عليه في الوجهين جميعاً حتى يعتق. وإذا أقر العبد التاجر أنه وطئ أمة اشتراها وقبضها فافتضها (¬5) ثم استحقت، فإن عليه عقرها لازم له في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد إذا ضمنه المولى بقبضه إياها؛ لأن البيع من تجارته وعمله. أرأيت لو قال: إنه اشتراها وذهبت عينها عنده، ألم يضمن نصف قيمتها. وكذلك لو أقر أن عينها ذهبت عنده من غير عمله. ولو أقر أن عذرتها قد ذهبت عنده من غير وطء ضمن كما يضمن العين. ولو أقر أنه وطئ صبية بشبهة فأذهب عذرتها وأفضاها لم يلزمه في ¬

_ (¬1) م + لزمه ذلك غير أن للمولى أن يفرق بينهما ونكاحه فاسد ما لم يجز المولى. (¬2) د: أبي حنيفة. (¬3) ف: مهر واحدة. (¬4) د م + في قول أبي حنيفة ومحمد ويلزمه ذلك في قول أبي يوسف وهو بمنزلة متاع غصبه وقال أبو حنيفة ومحمد لو أقر بتزويج وأنه افتضها لم يلزمه مهر واحدة منهما. (¬5) د: فاقبضها.

قول أبي حنيفة ومحمد. وكذلك لو أقر أنه وطئ أمة بشبهة فأذهب عذرتها وأفضاها (¬1) بغير إذن مولاها في قول أبي يوسف. فإن كان البول لا يستمسك فإنه لا يلزمه شيء؛ لأن هذه جناية يدفع بها أو يفدى. وإن كان البول يستمسك فإنه يصدق (¬2) في المهر ويكون ديناً عليه، ولا يصدق في الإفضاء؛ لأن هذا كله ليس من البيع والشراء. وإن حجر (¬3) مولى العبد على عبده فإن أبا حنيفة قال: إن حجر عليه في سوقه فهو حجر (¬4)، وإن حجر عليه في غير سوقه فليس بحجر (¬5). وقال أبو حنيفة: إن أقر بعد الحجر بدين لم يلزمه في رقبته، فإن كان في يديه متاع لزمه ذلك المتاع. وإن كان عليه دين قبل الحجر فهو أولى من الدين الذي أقر به بعد (¬6) الحجر. وكذلك إذا مات مولاه ولم يحجر عليه. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يصدق في شيء من ذلك. وقال أبو حنيفة: إن حجر عليه المولى ثم أخذ متاعه الذي كان في يديه ثم أقر العبد بدين بعد ذلك فإنه لا يصدق؛ لأن المولى قد قبض متاعه. إنما يصدق ما كان المتاع في يديه. وإذا باع المولى عبده التاجر ولا دين عليه وترك متاعاً كثيراً في يدي مولاه، فأقر بدين أو بمتاع بعينه وديعة أو عارية، فإنه لا يصدق. ولو رد على مولاه بعيب لم يجز ذلك الإقرار. وكذلك لو كان مولاه وهبه وقبضه الموهوب له ثم أقر بدين ثم رجع فيه المولى أو مات الموهوب فورثه المولى. وكذلك لو أقر العبد بعدما (¬7) رجع إلى المولى لم يجز إقراره. وإن ¬

_ (¬1) ف - لم يلزمه في قول أبي حنيفة ومحمد وكذلك لو أقر أنه وطئ أمة بشبهة فأذهب عذرتها وأفضاها. (¬2) م هـ: في نسخة لا يصدق ولا يكون دينا. (¬3) د: جحد. (¬4) ف - وإن حجر مولى العبد على عبده فإن أبا حنيفة قال إن حجر عليه في سوقه فهو حجر. (¬5) م: بحجره. (¬6) د - بعد؛ صح هـ. (¬7) د: ما.

أذن له المولى في التجارة ثانية، فأقر بدين في التجارة الأولى، لزمه في رقبته، ولا يصدق على المتاع الذي كان في يدي مولاه. وأم الولد والمدبرة في ذلك بمنزلة العبد إذا كانوا تجاراً. وعبد العبد التاجر إذا أذن له العبد في التجارة فهو بمنزلته. وإن أقر العبد التاجر بدين للعبد التاجر فهو جائز. وكذلك إقراره بدين لعبد محجور عليه. وكذلك لو أقر المكاتب بدين. وإقرار (¬1) العبد التاجر بالشركة بالشيء الخاص أو في التجارة الكثيرة والمتاع الكثير جائز. وإن أقر بشركة مفاوضة جاز عليه فيما في يديه كله، ولا يكون مفاوضاً. والعبد الذمي التاجر، مسلماً كان مولاه أو ذمياً، فهو سواء. والعبد التاجر مكاتباً كان مولاه أو حراً فهو سواء. وكذلك لو كان (¬2) مولاه حربياً مستأمناً. وكذلك لو كان مولاه مرتداً أذن له في الإسلام أو في الردة ثم أسلم المولى أو قتل على ردته. والعبد في إقراره في ردة مولاه بمنزلة المحجور عليه في قول أبي حنيفة. وهو جائز في قول أبي يوسف ومحمد بمنزلة العبد التاجر. وإقرار العبد التاجر جائز عليه وإن كان مولاه صبياً له أب أذن له أبوه، أو له وصي أذن له وصيه. فإن لم يكن له أب ولا وصي فأذن له الجد أبو الأب فهو جائز عليه. ولا يجوز إذن غير هؤلاء. وكذلك لو كانت مولاته امرأة. وكذلك الأمة التاجرة فهي في ذلك بمنزلة العبد. وإن ولدت ولداً فإن ولدها لا يكون تاجراً إلا أن يأذن له مولاه. فإن ولدته وعليه دين فهو سواء. إذا أذن المولى للولد في التجارة فهو بمنزلة أمه، وإن لم يأذن له (¬3) لم يجز إقراره بدين. ... ¬

_ (¬1) د م ف: فإقرار. (¬2) د - لو كان. (¬3) د م - له.

باب إقرار الأجير

باب إقرار الأجير وإذا أقر الرجل أن ما في يديه من قليل أو كثير من تجارة أو متاع أو مال عين (¬1) أو دين فهو لغلان، وقال: أنا أجير له فيه، فهو جائز، وما كان في يديه يومئذ من شيء فهو لفلان كله لا حق للأجير فيه. غير أني أستحسن في الطعام والكسوة أن أجعلها للأجير، فأما ما سوى ذلك فهو للمقر له. وإن لم يعرف ما كان في يديه يوم أقر فإن القول في ذلك قول الأجير، فما قال: هو لفلان، فهو له، وما قال: أصبت هذا بعد إقراري، فالقول فيه (¬2) قوله مع يمينه بعد أن يحلف على ذلك. فإن أقر الأجير أن ذلك الشيء كان في يديه يوم أقر فهو للأستاذ، ولا يصدق الأجير عليه. [و] إن (¬3) أقر (¬4) الأجير أن ما في يديه من تجارة كذا وكذا فهو لفلان فهو جائز، وما في يديه من تلك التجارة يوم أقر فهو لفلان، وما في يديه من غيرها فإنه لا يكون لفلان، وما في يديه من تلك التجارة (¬5) ذكر أنه أصابه بعد إقراره وأنه له فهو له، لا حق لفلان فيه بعد أن يحلف. فإن أقر أنه كان في يديه يوم أقر وقال يومئذ: لي من تجارتي ولم يدخل في إقراري، لم يصدق، وهو للأستاذ إن جحد أن يكون في يديه يومئذ فقامت بذلك بينة فهو للأستاذ. وإذا أقر الأجير أن ما في يديه من زُطِّي (¬6) لفلان، فهو لفلان كما (¬7) قال، فإنه يكون للمقر له، فما كان في يديه يومئذ من زطي فهو لفلان. ¬

_ (¬1) د - أو مال عين. (¬2) د - قول الأجير فما قال هو لفلان فهو له وما قال أصبت هذا بعد إقراري فالقول فيه. (¬3) زيادة الواو من الكافي، 2/ 47 و؛ ولفظه: ولو. (¬4) ف: إن إقرار. (¬5) د م + يوم أقر فهو لفلان وما في يديه من غيره فإنه لا يكون لفلان وما في يديه من تلك التجارة. (¬6) نوع من الثياب كما تقدم مراراً. (¬7) م: كمال.

باب اليمين التي لا تكون إقرارا

وإذا أقر أن ما في يديه من تجارة أو مال لفلان وفي يديه صِكَاك ومال عين فذلك كله لفلان. وما كان من صك أحدثه بعد ذلك فقال؛ هذا مالي ورثته، أو وهب لي، فهو مصدق بعد أن يحلف. وكذلك لو أقر أن ما في يديه من الحنطة لفلان، فهو كما قال. فإن كان في يديه حنطة فقال: أصبت هذا بعد ذلك، فالقول قوله مع يمينه. وإذا أقر الرجل أن ما في يديه من طعام لفلان، وفي يديه حنطة وشعير وتمر وسمسم، فقال: ليس شيء من ذلك لفلان، وجحد الإقرار وقامت به البينة أن ذلك كان في يديه كله، فإنه لا يكون لفلان من ذلك إلا الحنطة. فأما ما سوى ذلك فإنه للأجير بعد أن يحلف. ألا ترى أنه لو أعطاه درهماً فقال: اشتر به طعاماً، فاشترى به شعيراً ضمن، أو اشترى به تمراً أو سمسماً ضمن، وإن اشترى به حنطة لم يضمن. وكذلك الدقيق. وإن أقر بذلك وليس في يديه حنطة وفي يديه شعير وتمر وسمسم فلا شيء للمقر له. ... باب اليمين التي لا تكون إقراراً وإذا أقر الرجل أن لفلان عليه ألف درهم إن حلف، أو على أن يحلف، أو إذا حلف، أو متى حلف، أو حين حلف، أو مع يمينه، أو في يمينه، أو بعد يمينه، فحلف فلان على ذلك، وجحد المقر المال، فإنه لا يؤخذ بذلك، وليس هذا بإقرار؛ لأن هذا مخاطرة. ولو ادعى الطالب ألف درهم عليه وقال: إن حلفت عليها فأنت بريء منها، أو قال: إذا حلفت، أو متى حلفت، أو قال: كلما حلفت، أو قال: أنت بريء منها مع يمينك، أو في يمينك، أو بعد يمينك، فحلف على ذلك، فإنه لا يجوز، ولا يكون براءة. وليس اليمين عند الحاكم في هذا

باب اليمين التي تكون إقرارا

بمنزلة غيره. وكذلك لو حكّما رجلاً فحلّفه فأبى فقضى عليه بالمال كان جائزاً بمنزلة (¬1) قضاء القاضي. ... باب اليمين التي (¬2) تكون إقراراً وإذا ادعى رجل على رجل ألف درهم فقدمه إلى القاضي وقال: ليس لي بينة، وسأل القاضي أن يحلفه، فأبى المدعى عليه أن يحلف، فإن القاضي يقضي عليه بذلك، ويكون هذا بمنزلة الإقرار منه. وكذلك لو ادعى المطلوب أنه قد أدى المال، فأبى الطالب أن يحلف، ألزمه القاضي ذلك، وكان هذا بمنزلة الإقرار بقبض المال. وكذلك المشتري لو ادعى أنه اشترى منه هذا العبد بألف درهم فجحده، فأبى أن يحلف، فإن البيع يلزمه بذلك. وكذلك لو كان البائع ادعى أنه باعه منه، وجحد المشتري، فأبى أن يحلف، فإن القاضي يقضي عليه، ويكون هذا منه إقراراً. وكذلك هذا في إجارة الدار والدابة والأرض والعبد والإبل إلى مكة وغيرها. وكذلك هذا في إجارة الحر وإجارة الصبي من أبيه. وكذلك هذا في الرهن والوديعة والمضاربة والعارية. إذا ادعى [فقال:] إني أعرتك هذه الدابة التي في يديك، فقال الآخر: لا، وجحد وحلّفه القاضي فأبى أن يحلف، فإنه يرد الدابة إلى الذي أعارها، ويجعل هذا إقرارأ بها. وكذلك جميع حقوق الناس فيما بينهم. وقال أبو حنيفة: إذا أبى أن يحلف في القتل العمد حبسته حتى يحلف فأبرئه، أو يقر فأقتله. وقال أبو يوسف ومحمد: نرى عليه في هذا وفي جميع الجراحات العمد الدية في ماله. ¬

_ (¬1) م - جائزاً بمنزلة (غير واضح). (¬2) ف - التي.

وقال أبو حنيفة: لا أستحلف في نكاح، ولا في رجعة، ولا في ادعاء نسب أباً أو ابناً، ولا في زنى، ولا في سرقة إلا أن يدعي المتاع، فإن (¬1) أبى أن يحلف ضمنته المتاع ولم أقطعه. وقال أيضاً: إن ادعت المرأة أنه تزوجها وطلقها قبل الدخول بها فلها نصف المهر، أو بعد الدخول فلها المهر، قال: فإني أستحلفه، فإن أبى أن يحلف ألزمته ما ادعت من ذلك. وقال أبو حنيفة: لا أستحلف في شرب الخمر ولا في القذف. وقال أبو يوسف ومحمد: نحن نستحلف في النسب الابن والأب، وفي النكاح، فإن أبى أن يحلف ألزمناه ذلك. ونستحلف في الرق. ولو ادعى رجل أن امرأة أمته، وأن رجلاً عبده وهو مجهول استحلفناه، فإن لم يحلف قضينا له بأنه عبده. وقال أبو يوسف ومحمد: لا نستحلف الأخ في نسب أخيه، لأنه إن لم يحلف لم يلزمه ذلك. وإن ادعى ميراثاً في يديه نستحلفه (¬2) عليه، فإن لم يحلف ألزمناه (¬3) ذلك. وقال أبو يوسف ومحمد: نستحلف المولى لأمته إذا ادعت أنها أم ولد له ولم يقر بذلك، فإن حلف فهي أمته، وإن لم يحلف فهي بمنزلة أم الولد. وفي قول أبي حنيفة لا يحلف المولى لأمته في هذا ولا في الأخ في شيء من أمره مما سمينا إلا أن يدعي مالاً فيستحلفه عليه. ... ¬

_ (¬1) ف + ان. (¬2) د م ف: استحلفه. (¬3) د م ف: ألزمته.

باب الإقرار بالرق

باب الإقرار بالرق وإذا أقرت المرأة (¬1) أنها أمة لفلان هذا ولا يعرف فهو جائز، وهي أمة له يصنع فيها ما يصنع الرجل بأمته. وكذلك رجل أقر بالرق. وكذلك صبي يعقل ويتكلم أقر بالرق لرجل فهذا كله جائز. ولا يستطيع أن (¬2) يرجع عن إقراره هذا كله ولا يبطله. ولو كان لقيطاً لم يجر فيه حكم بعتق فأقر أنه مملوك لهذا الرجل أجزت ذلك. وإن كانت امرأة معروفة الأصل حرة وأبواها حران من الموالي أو من العرب، أو رجل كذلك، أو صبي كذلك، فأقر أحد من هؤلاء بالرق، فإن إقراره باطل لا يجوز ولا يلزمه من ذلك شيء. وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، إلا اللقيط في قول أبي يوسف ومحمد، وهو على قياس قول أبي حنيفة. ولو أن رجلاً أعتق عبداً له أو أمة له، فأقر المعتق بأنه مملوك لآخر، لم يجز ذلك عليه، وكاَن ذلك باطلاً؛ لأن ولاءه قد ثبت من الذي أعتقه. ولو أقر الذي أعتقه بذلك وصدقه أجزت ذلك، وجعلته مملوكاً للذي أقر له إذا ادعى ذلك. وقال أبو حنيفة: إذا كان عبد في يدي رجل، فأقر أنه مملوك لآخر، وقال الذي هو في يديه: بل هو عبدي، فإن القول قول الذي هو في يديه، من قبل أن المملوك حيث أقر بالرق فليس له قول، وهو بمنزلة الثوب في يدي الرجل. ولو لم يكن العبد في يدي الرجل كان القول قول العبد. وقال أبو حنيفة: لو أن قصّاباً أو مُكَتِّباً (¬3) في يديه عبد، فقال: أنت عبدي، وقال العبد: بل أنا عبد فلان أسلمني إليك، وادعى ذلك الذي أقر ¬

_ (¬1) م: الأمة. (¬2) د - يستطيع أن؛ صح هـ. (¬3) المكتّب هو المعلم. انظر: المغرب، "كتب".

له العبد، فإن القول قول القصاب والمُكَتِّب (¬1) , والعبد له. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد في ذلك كله. وقال أبو يوسف: إذا كانت في يد الرجل أمة، فقالت: أنا أم ولد لفلان، أو مدبرة لفلان، أو مكاتبة لفلان، وقال الذي هي في يديه: بل أنت أمة لي، وادعى الذي أقرت له الأمة، فإن أبا حنيفة قال في ذلك: القول قول الذي في يديه أم الولد والمدبرة. وكذلك المكاتبة في قياس قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: لسنا نقول بقوله في أم الولد والمدبرة والمكاتبة، أستحسن ذلك وأجعلها للذي أقرت له إذا صدقها بذلك المقر له، فإن كذبها الذي أقرت له وقال: أنت أمة لي، فإني أجعلها أمة للذي في يديه، أستحسن هذا. إنما أجعلها [له] في الباب الأول إذا صدقها للعتق الذي دخل فيها. ألا ترى أنها لو قالت: كنت أمة لفلان فأعتقني البتة، فقال فلان: نعم، فإني أجعلها حرة، ولا أجعلها أمة للذي هي في يديه. وفي قياس قول أبي حنيفة إذا أقرت بالرق وأنه قد جرى عليها لم تصدق على العتق إلا ببينة، ولم تخرج من يدي الذي هي في يديه في قياس قول أبي حنيفة. وهو قول محمد. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا أعتق الرجل عبداً ثم أقر الرجل والعبد أنه كان مملوكاً لفلان، وادعى ذلك فلان، ولم يجر في عتقه حكم، فإنهما مصدقان، وهو مملوك لفلان. فإن جرى في عتقه حكم بحد أو قصاص أو شيء مما يحكم به في الحر أو شيء مما يجوز في الحر ولا يجوز في العبد فأمضى القاضي ذلك فإن هذا لا يرد في الرق. ولو أقر مولاه أنه اغتصبه من فلان ضمنته القيمة. وكذلك إذا ادعى هبة من فلان أو شراء ولم تكن له بينة وحلف فلان ما فعل فإن المولى المعتق يضمن القيمة (¬2). وكذلك لو كان في يديه غلام فقال: أنا ابن فلان وأمي أم ولد ¬

_ (¬1) د: والكاتب؛ م ف: والمكاتب. والتصحيح مستفاد من بداية العبارة. (¬2) د + وكذلك إذا ادعى هبة من فلان أو شراء ولم تكن له بينة وحلف فلان ما فعل فإن المولى المعتق يضمن القيمة.

له، وقال الذي هو في يديه وأمه: أنت عبدي وأمك أمة لي، وقال الذي أقر له الغلام: بل هو ابني، فإني أجعله حراً، وأجعله ابن الذي ادعاه، ولا أصدق الأم عليه، ولا أصدق الذي هو في يديه على رقه، لأن هذا لم يقر بالرق، وهو حر، والقول قوله. ولو كان في يديه عبد فقال: أعتقتني (¬1)، وكذبه المولى، كان عبداً. ولو قال: أنا ابنك من أم ولدك هذه، وكذبه المولى، لم أجعله عبداً. أستحسن ذلك وأدع القياس؛ لأنه لم يقر بالرق. وهو قول محمد. وفي قياس قول أبي حنيفة هو عبد له. وقال محمد: إذا استأجر الرجل عبداً فادعى بعد الإجارة أنه عبده لم يصدق، وهو عبد للذي استأجر العبد منه. وإذا كان في يدي رجل غلام لا ينطق فقال الرجل: هو عبدي، فهو عبده، والقول قوله. فإن كبر الغلام فقال: أنا حر، فعليه البينة. ألا ترى أنه لو باعه في تلك الحال ثم كبر فادعى العتق أن عليه البينة. ولو كان الغلام ينطق فقال الرجل: أنت عبدي، وقال الغلام: أنا حر، كان القول قول الغلام وكان حراً. وكذلك الجارية في هذا. والصغير والكبير في ذلك سواء. وكذلك إذا قال: أنا لقيط، فإنه حر. وكذلك لو كان في يدي رجل أمة لها ولد، فقال الذي هي في يديه: هذه أمة لفلان، كانت أمة لفلان بعد أن تقر بالرق، ولا يتبعها ولدها، والولد للذي هي في يديه؛ لأن ولدها غيرها. ألا ترى أنه لو قال: بعتها بعدما ولدت، كان القول قوله. ولو قامت عليها بينة أنها لفلان قضيت بها له وأتبعتها ولدها. ألا ترى أن الذي كانت في يديه يرجع بثمنها على الذي باعها إياه إذا قامت عليها بينة. وإذا أقر أنها أمة لفلان لم يرجع بالثمن ويكون الولد له. ألا ترى أنه إنما يرجع بالثمن لأن البائع باعه ما لا يملك. ولا يشبه الإقرار في هذا البينة. ¬

_ (¬1) د: أعتقني.

ولو أن رجلاً قال: كانت أمي أمة لفلان ولم أولد أنا قط إلا حراً، كان القول قوله، وإذا ادعى فلان أنه عبده سألته البينة. ألا ترى أن المقر إن شاء قال: كانت له أمي بعدما ولدتني. ألا ترى أن مولى من الموالي معروف الأبوين لو قال: كانت جدتي أو أمي أمة لفلان فأعتقما، أنه لا يدخل عليه في ذلك رق. ولو كان عربياً فقال: كانت أمي أو جدتي أمة لفلان، لم يدخل عليه في ذلك رق (¬1). ولو أن امرأة لا يعرف أصلها لقيطة أو غير لقيطة تزوجت رجلاً ثم ألمحرت بالملك لرجل صدقتها وجعلتها أمة له، ولا أصدقها على فساد النكاح. ولو كان الزوج دفع إليها مهرها قبل أن تقر فهو بريء. وإن دفع إليها (¬2) مهرها بعد الإقرار لم يبرأ منه. وإن كانت ولدت ولدا قبل الإقرار فهو حر، إن كانت حاملاً يوم أقرت فهو حر، لا يصدق على ولد الرجل إذا أنكر. وإن لم تعرف حاملاً كانت أو حائلاً فوضعت لأقل من ستة أشهر فهو حر، وإن ولدت لأكثر من ستة أشهر فهو عبد. وإن حملت بعد إقرارها فهو عبد في قول أبي يوسف. وقال محمد: ولدها حر على كل حال. وإن طلقها بعد إقرارها اثنتين فقد حرمت عليه، وعدتها عدة أمة. وإن كان طلقها قبل إقرارها تطليقتين ثم راجعها فهي عنده على واحدة باقية، ولا تصدق على إبطال الرجعة. ولو أن رجلاً مجهولاً له أمهات أولاد ومال وأولاد (¬3) أقر بالرق لرجل جاز ذلك عليه في نفسه وماله ورقيقه، ولا يصدق على ولده ولا على أمهات أولاده ولا على مدبريه ولا على مكاتبيه. ولو أن امرأة مجهولة في يدها ابن صغير من فجور أقرت أنها أمة لفلان وأن (¬4) ابنها عبد له فهي مصدقة، وهي وابنها مملوكان له. و [إن] (¬5) كان ابنها يتكلم فقال: أنا حر، فالقول قوله، فهو حر، ولا تصدق هي ¬

_ (¬1) د - رق. (¬2) د م + بعد. (¬3) د - وأولاد؛ صح هـ. (¬4) د م ف: فإن. (¬5) الزيادة من الكافي، 2/ 49 و.

عليه. ولو أن رجلاً (¬1) وامرأة مجهولين وفي يدي هذا الرجل والمرأة ابن لهما صبي لا يتكلم أقرا جميعاً بالرق (¬2) عليهما وعلى ابنهما جاز عليهما وعلى ابنهما. فإن قالا: نحن مملوكان لفلان، وهذا الابن مملوك لفلان آخر، كان القول على ما قالاه إن صدقهما مولاهما. وإن كذبهما المولى في الابن فهو عبد له معهما إذا كان الابن صغيراً لا يتكلم. ما في يد عبده بمنزلة ما في يديه. ولو أن رجلاً ادعى أمة أنها أمته وادعت الأمة أنه عبدها، ولا يعرف واحد (¬3) منهما، وليس واحد (¬4) منهما في يد صاحبه، فيصدِّق كل واحد منهما (¬5) صاحبَه على دعواه معاً، فإن ذلك باطل لا يجوز. وإن كان أحدهما أقر قبل الآخر فالذي أقر أخيراً مملوك للأول إذا صدقه ثانية (¬6). فإن لم يصدقه ثانية ولم ينكر فليس يكون واحد منهما مملوكاً للآخر. ألا ترى أنه حين قال الأول: أنا عبد لك، فهو عبد له إن قال: نعم. وإذا قال: بل أنا عبد لك، فقد نقض ذلك القول، ولا يكون عبداً له بالقول الثاني حتى يقول الأول: نعم. ولو قال: أنا عبد لك، فقال الآخر: لا، ثم قال: بلى (¬7)، أنت عبد لي، فإنه عبده، ولا يكون انتفاؤه شيئاً. لا يخرجه ذلك من ملكه. أرأيت لو كان في يديه فقال: أنا عبدك، فقال: لا، ثم قال: نعم، ألم يكن عبده. ولو كان في يدي (¬8) رجل [عبد] (¬9) فقال الذي هو في يديه: هو عبدك يا فلان، فقال فلان: لا، ثم قال: بلى هو عبدي، فقال الذي هو في يديه: بل هو عبدي، فإنه عبد للذي هو في يديه، والقول قوله. ولا يشبه ¬

_ (¬1) ف + مجهولا. (¬2) م + هما. (¬3) د م ف: واحدا. (¬4) د ف: واحدا. (¬5) د + على. (¬6) ف: فثانية (مهملة). (¬7) ف: بل. (¬8) د م: في يد. (¬9) الزيادة من الكافي، 2/ 49 و.

هذا الباب الأول، لأن الباب الأول (¬1) لم يكن في يدي أحد. ولو كان في يد (¬2) رجل عبد (¬3) فقال: هو عبدك يا فلان، لآخر، فقال فلان: بل هو عبدك أنت، ثم قال: بلى (¬4) هو عبد لي، ثم (¬5) جاء بالبينة، فإنه لا يصدق، ولا تقبل بينته؛ لأنه قد أقر أنه لفلان. وكذلك لو أقر أن هذا العبد لفلان ثم جاء بالبينة أنه له (¬6) لم يقبل منه ذلك. ولو ادعى رجل داراً فقال: هذه الدار لي إلا هذا البيت، وجحد الذي هو في يديه، وأقام المدعي البينة أن الدار له، وقال: كان هذا البيت لي فبعته، فإني أقبل بينته على ذلك؛ لأنه لم يكذب شهوده. ولو قال: لم يكن البيت لي قط، كان ذلك قد أكذب شهوده، ولا تقبل بينته. ولو لم يقل "كان لي" ولا "لم يكن لي"، سألته (¬7) عن ذلك، فإن أبى أن يخبرني فإنه ينبغي في القياس أن تقبل بينته، ولكني أستحسن أن لا تقبل بينته. ألا ترى أني لو قضيت له به ثم قال بعد: لم يكن لي البيت قط، أنني أنقض القضاء وأرده. فينبغي للقاضي أن لا يقضي حتى يتثبت (¬8) في هذا كله. وكذلك رجل ادعى على رجل ألف درهم فأقام عليه البينة بألفي درهم، فإن (¬9) قال: لم يكن لي عليك قط إلا ألف، أبطلت بينته. وإن قال: كان لي عليك ألفان، فأبرأته من ألف، أثبت (¬10) بينته. وإن أبى أن يخبر الحاكم في ذلك فإنه ينبغي في القياس أن يَقبل بينته ويَقضي له بالألف، لأنه لم يظهر منه إكذاب (¬11) للشهود. ولكني أستحسن إبطال الشهادة؛ لأنه قد خالفهم في الشهادة. وإذا أقر الرجل بالرق لرجل وباعه فهو جائز. وكذلك الأمة. فإن ادعت عتقاً بعد البيع سألتها البينة، فإن أقامت البينة على عتق من البائع قبل البيع أو على أنها حرة من الأصل قبلت ذلك. ولا يكون إقرارها بالملك ¬

_ (¬1) ف - لأن الباب الأول. (¬2) د: في يدي. (¬3) م ف: عبدا. (¬4) ف: بل. (¬5) د م ف: وهو. (¬6) د ف - له، م: لم. (¬7) د م ف: سألت. (¬8) د: حتى يثبت. (¬9) د م ف: وإن. (¬10) م ف: تثبت. (¬11) د م ف: إكذابا.

إكذاباً لبينتها. أستحسن ذلك وأدع القياس فيه؛ لأنه فرج. أرأيت لو كانت معروفة النسب أكنت أنفذ عليها إقرارها بالملك، لا أنفذ ذلك طيها. وكذلك العبد. ولو أن رجلاً باع عبداً ودفعه إلى المشتري وقبض ثمنه وقبضه المشتري وذهب به إلى منزله، والعبد ساكت لا يقر بكلام ولا ينكر بكلام، وهو رجل أو صبي يعقل ما يصنع به، فإن هذا إقرار منه بالرق، ولا يصدق لو ادعى العتق إلا أن تقوم له بينة. وكذلك لو رهنه. وكذلك لو دفعه بجناية. فأما إذا آجره على هذه الصفة ثم قال: أنا حر، فإن القول (¬1) قوله. ألا ترى أنه لو كان يخدمه ثم قال: أنا حر، كان القول قوله؛ لأن الخدمة والإجارة ليس إقراراً (¬2) بالرق من الخادم والأجير، وهو إقرار من المستأجر بأن العبد ليس له. وكذلك لو قال: أعرني هذا (¬3) يخدمني، كان إقراراً من المستعير للذي استعاره منه. ولو أن رجلاً قدم من بلده ومعه رجال ونساء وصبيان يخدمونه، فادعى أنهم رقيقه، وادعوا هم (¬4) أنهم أحرار، كانوا أحراراً إلا أن تقوم بينة أنهم رقيق. وإن كانوا أعاجم أغتاماً (¬5) أو سِنْداً أو حَبَشاً (¬6) فهو سواء. وإن (¬7) كانوا في يديه فهو سواء ما لم يقروا بالملك (¬8) بكلام أو يقروا بالبيع. ولو أن رجلاً عرض جارية على بيع وساوم بها وهي ساكتة لا تنكر ذلك لم يكن هذا إقراراً منها بالرق، وأصدقها على العتاق وأنها حرة. وكذلك الغلام في هذا إذا كان يعقل. ولو أن امرأة زَوَّجَها رجل من آخر فأقرت بذلك ثم ادعى الذي زوّجها ¬

_ (¬1) م: فالقول. (¬2) د م: بإقرار. (¬3) د م: بهذا. (¬4) د م: وادعوهم. (¬5) الغُتْمَة: عُجمة في المنطق، ورجل أغتم لا يفصح شيئاً، وقوم غُتْم وأغتام. انظر: المغرب، "غتم". (¬6) د م ف: أغتام أو سند أو حبش. (¬7) م ف: فإن. (¬8) ف: بالرق.

باب الإقرار بالنكاح

أنها أمته لم يصدق عليها، ولم يكن إقرارها بالنكاح إقراراً بالرق. ولو كاتبها كان ذلك إقراراً بالرق. وكذلك لو أعتقها على مال أو باعها نفسها كان هذا إقراراً بالرق. وكذلك لو قالت (¬1): أعتقني أو كاتبني أو بعني نفسي أو بعني من فلان، أو قالت: هبني لفلان، كان هذا كله إقراراً بالرق. ولو قالت: أجرتني من فلان، لم يكن هذا إقراراً بالرق. ولو قالت: رهنتني من فلان بألف درهم كان هذا إقراراً. وكذلك لو قالت: تزوج فلانة على رقبتي (¬2)، كان هذا إقراراً بالرق. ولو قالت لامرأة: اختلعي بي من زوجك فلان، كان هذا إقراراً منها بالملك (¬3). ولو أن رجلاً قال لآخر: قد أعتقتني، وقال الآخر: ما أعتقتك، كان هذا إقراراً (¬4) من مدعي (¬5) العتق بالرق. وكذلك لو قالت: ألم تعتقني أمس، أو ليس قد أعتقتني أمس (¬6)، أو ما أعتقتني أمس، كان هذا إقراراً بالرق منها. ... باب الإقرار بالنكاح ولو أن امرأة قالت لرجل: طلقني، كان هذا إقراراً منها بالنكاح بأنه تزوجها. وكذلك لو قالت: اخلعني بألف، أو قالت: طلقتني أمس، كان هذا إقراراً بأنه زوجها. وكذلك لو قال الزوج: اختلعي مني بمال، كان هذا إقراراً من الزوج بالنكاح. ولو قالت: طلقني، فقال لها: اختاري أو أمرك بيدك في الطلاق، كان هذا إقراراً منه بأنها امرأته. ¬

_ (¬1) د: لو قال. (¬2) م: على رقيق. (¬3) ف - ولو قالت لامرأة اختلعي بي من زوجك فلان كان هذا إقراراً منها بالملك. (¬4) د ف: إقرار. (¬5) د ف: يدعي. (¬6) أي: على وجه السؤال.

ولو قال: والله لا أقربك، لم يكن هذا إقراراً منه بأنها امرأته. وكذلك لو قال لها: أفت علي حرام، أو قال: بائنة أو بتة أو أمرك في يدك أو اختاري أو اعتدي، فإن هذا إقرار بأنها امرأته. ولو قال لها: أنا منك مظاهر، أو قال: أنت علي كظهر أمي، لم يكن هذا إقراراً. وإذا قال: ألم أطلقك أمس (¬1)، كان هذا إقرارأ بأنها امرأته وإقراراً بالطلاق. وكذلك لو قال: أما (¬2) طلقتك أمس، كان هذا إقراراً بأنها امرأته وإقراراً بالطلاق. وكذلك لو قال: ألم أطلقك أمس (¬3). ولو قال لها: هل طلقتك أمس، كان هذا إقراراً منه بالنكاح، وليس بإقرار بالطلاق. ولو قالت: قد خلعتني (¬4) أمس بألف درهم، أو أنت مني (¬5) مظاهر، أو أنت مني مول (¬6)، كان هذا إقرارأ منها بالنكاح. وكذلك لو قالت: هذا ابني منك، فقال: نعم، أو قال هو لها كذلك، فقالت: نعم، فإن أبا حنيفة قال: هذا إقرار بالنكاح منهما. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا كانت معروفة بأنها حرة (¬7). وإذا أقر الرجل أنه قد تزوج امرأة ثم مات قبل أن تصدقه المرأة ثم صدقته المرأة بذلك فهي امرأته، ولها الميراث في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولو أقرت المرأة بأن فلاناً زَوْجُها ثم ماتت قبل أن يصدقها الرجل ثم صدقها الرجل بعد فإن أبا حنيفة قال: لا يرثها ولا يثبت نكاحه، وقال: هذا مخالف للأول. وقال أبو يوسف ومحمد: هما سواء، ويرثها، والإقرار في ¬

_ (¬1) م: بأمس. (¬2) د: أنا؛ ف: إنما. (¬3) كذا في النسخ. وهو تكرار لما قبله. ولم يذكره في ب؛ والكافي، 2/ 50 ظ. (¬4) ف - قد خلعتني. (¬5) ف - منى. (¬6) د م ف: مولي. (¬7) وهو شرط متفق عليه بين الإمام والصاحبين. ولم يذكر فيه الحاكم ولا السرخسي خلافاً. انظر: الكافي، 2/ 50 ظ؛ والمبسوط، 18/ 162.

باب إقرار المكاتب بدين عليه

المرض والصحة في ذلك سواء، غير أنه لا يجوز في المرض إقرار الزوج في أكثر من مهر مثلها. ... باب إقرار (¬1) المكاتب بدين عليه وإذا أقر المكاتب بدين عليه لرجل حر أو مكاتب أو ذمي أو مسلم فهو جائز. وكذلك لو أقر بوديعة بعينها أو بثوب في يديه عارية أو بدار في يديه إجارة استأجرها من فلان فهو جائز. وكذلك لو أقر بدين وعليه دين (¬2) كثير يحيط بما في يديه فهو جائز، وإن عجز رد في الرق، وذلك الدين له لازم. ولو أقر المكاتب لمولاه بدين جاز عليه. وكذلك لو أقر له بوديعة أو عارية ثوب في يديه فهو جائز. وإقرار المكاتب بالغصب والقرض والدين من ثمن بيع جائز. وكذلك لو أقر بجناية عمداً أو خطأً فيها قصاص أو لا قصاص فيها فهو جائز عليه، وإن عجز رد في الرق، وبطل عنه (¬3) أرش الخطأ في قول أبي حنيفة، ويلزمه ذلك في قول أبي يوسف ومحمد إذا قضي عليه قبل العجز أيضاً. وإقرار المكاتب بالحد جائز. فإن أقر بحد في قذف أو سرقة أو زنى لزمه ذلك. وإن أقر بمهر من نكاح فإنه لا يلزمه في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد حتى يعتق. وكذلك لو أقر أنه افتض امرأة بإصبعه أو أمة أو صبية فإن هذا يلزمه في قول أبي يوسف. وفي قياس قول أبي حنيفة يلزمه (¬4) ما فإم مكاتباً. فإن عجز قبل أن يؤدي بطل ذلك في قياس قول أبي حنيفة، ¬

_ (¬1) م: الإقرار. (¬2) م - دين. (¬3) ف: عليه. (¬4) ف - يلزمه.

وجاز في قول أبي يوسف ومحمد. وإقرار المكاتب في كل دين مسلماً كان مولاه أو كافراً جائز. وإن (¬1) أقر أنه افتض صبية أو أمة بإصبعه لزمه ذلك ديناً (¬2) في رقبته مثل إقراره بجناية الخطأ. وقال أبو حنيفة: إن قضي عليه بأرش الجناية فأدى من ذلك بإقرار منه لطائفة ثم عجز بطل عنه ما بقي. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا قضي عليه لزمه ذلك وإن عجز. وإن لم يقض عليه لم يلزمه (¬3) ذلك، في قول أبي يوسف ومحمد. وإذا أقر المكاتب بعيب في بيع باعه أو بأجل في دين فهو جائز. وكذلك لو أقر أنه آجر داراً أو دابة أو استأجرها. وابن المكاتب المولود في مكاتبته بمنزلة المكاتب في ذلك. وكذلك ابنه إذا اشتراه في مكاتبته في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك أبوه وأمه. وأما كل ذي رحم محرم منه سوى هؤلاء اشتراهم فإن إقرارهم بالدين لا يجوز في قياس قول أبي حنيفة لأن له أن يبيعهم، وليس له أن يبيعهم في قول أبي يوسف ومحمد. وهم (¬4) بمنزلته في التجارة والإقرار. وكذلك مكاتب المكاتب. وكذلك الأمة المكاتبة والمدبرة المكاتبة (¬5) وأم الولد المكاتبة. وكذلك مكاتب ارتد مولاه فهو على حاله، لا يبطل إقراره برجوع مولاه. وكذلك مكاتبة مكاتبه. وكذلك مكاتب الحربي المستأمن. ولو كاتب رجل مرتد عبده فأقر عبده (¬6) بدين ثم قتل (¬7) الرجل المرتد على ردته أو لحق بالدار لم تجز المكاتبة ولا إقرار المكاتب في قول أبي ¬

_ (¬1) د: ولو. (¬2) د م ف: دين. (¬3) د م ف: لزمه. والتصحيح من الكافي، 2/ 51 و. (¬4) د م ف: وهو. والتصحيح من ب. (¬5) د م - المكاتبة. (¬6) د: عبد؛ ف: عنده. (¬7) ف: ثم قال.

باب إقرار الحر للعبد والمكاتب

حنيفة. ولو أسلم قبل أن يلحق بدار الحرب جاز ذلك عليه في قول أبي حنيفة. وهو في قول أبي يوسف ومحمد جائز على كل حال. والمكاتب الصغير الذي يتكلم ويعقل مثل المكاتب الكبير. ... باب إقرار الحر للعبد والمكاتب وإذا أقر الرجل الحر للعبد بدين عليه فهو جائز. وكذلك الوديعة والعارية. فإن كان العبد المقر له تاجراً أو محجوراً عليه فهو سواء. فإن غاب المقر له فأراد مولاه أن يأخذ ذلك من المقر فليس له ذلك حتى يحضر عبده. وكذلك إقرار الحر للأمة. وكذلك إقرار الذمي للعبد التاجر. وكذلك لو كان مولى العبد غائباً أو حاضراً فهو سواء. وإذا أقر الحر للمكاتب بدين فهو سواء (¬1)، وهو جائز عليه لازم له. وإذا أقر الحر للعبد بوديعة فأقر العبد أنها لغيره فإن كان تاجراً فإقراره جائز، وإن كان محجوراً عليه فإقراره باطل، وليس لمولاه أن يأخذها إلا بمحضر من العبد، عسى أن يكون لرجل استودعها العبد. وإن أقر الحر لعبد بين رجلين بدين وهو تاجر فهو جائز. وإن كان أحدهما أذن له ولم يأذن له الآخر فالمال دين للعبد، إذا قبضه فهو بين الموليين، ولا يستحق الذي أذن له بالإذن المال دون الآخر. وكذلك إن كانت وديعة. فإن كان على العبد دين كان في حصة الذي أذن له، والعبد أحق بذلك كله حتى يقضيه (¬2) الغرماء. ... ¬

_ (¬1) ف - وإذا أقر الحر للمكاتب بدين فهو سواء. (¬2) د م ف: حتى يقضي. والتصحيح من الكافي، 2/ 51 ظ.

باب إقرار العبد بين رجلين أذن له أحدهما

باب إقرار العبد بين رجلين أذن له أحدهما وإذا كان العبد بين رجلين فأذن له أحدهما في التجارة ولم يأذن له الآخر، فأقر العبد بدين، فإنه يلزمه الدين كله في حصة الذي أذن له، ولا يلزم في حصة الآخر شي. وكذلك إن كانت أمة. وجميع ما جاز الإقرار فيه على العبد التاجر إذا كان لواحد فهو يجوز في حصة هذا الذي أذن له إذا كان بين اثنين (¬1). وجميع ما لهذا العبد من مال فدينه أولى به من مواليه. فإذا قضى الدين فما بقي بين الموليين نصفين، إلا أن يكون يعلم أنه من غير التجارة من هبة وهبت للعبد أو وصية (¬2) أو نحو (¬3) ذلك مما لا يكون للتجارة، فيكون نصفه للمولى الذي لم يأذن له قبل قضاء الدين. وإذا قضى الدين من المال الذي لا يدرى من أين هو فما بقي فهو بين الموليين نصفان. ... باب إقرار الرجل أنه لا حق له قِبَلَ فلان وإذا أقر الرجل أنه لا حق له قِبَلَ فلان فهو جائز عليه، وفلان بريء من كل قليل وكثير، دين أو وديعة أو كفالة أو غير ذلك أو غصب أو قرض أو عارية أو إجارة. فإن قال: هو بريء مما لي عليه، فهو مثل ذلك أيضاً، غير أنه لم يبرئه في هذا الوجه من العارية والوديعة، ولا من كل شيء أصله أمانة. وإذا قال: هو بريء مما لي عنده، فهو بريء من كل شيء أصله أمانة، ولا يبرأ من كل شيء أصله ضمان قرضاً كان أو غصباً أو كفالة أو ¬

_ (¬1) د - وجميع ما جاز الإقرار فيه على العبد التاجر إذا كان لواحد فهو يجوز في حصة هذا الذي أذن له إذا كان بين اثنين. (¬2) م: أو صية. (¬3) م: أو يحوز.

وديعة خالف فيها. وإذا قال: هو بريء مما لي، فهو على الضمان. وإذا قال: هو بريء مما لي عنده، فهو على الأمانة. وإذا قال: هو بريء مما لي قبله، فهو على الأمانة والضمان جميعاً، وهو بريء منهما جميعاً. فإن ادعى الطالب بعد ذلك حقاً فإنه لا يصدق، ويسأل البينة على ذلك، فإن شهد شهود بدين ولم يوقّتوا وقتاً لم تنفذ شهادتهم ولم تجز حتى يشهدوا أنه بعد البراءة أو يوقتوا وقتاً يكون بعد البراءة. وإذا أقر الرجل أن فلاناً قد برئ من حقي قِبَلَه ولم يقل: من جميع حقي، ثم قال (¬1): إنما برئ من بعضه وبقي لي بعض، فإنه لا يصدق، والبراءة جائزة عليه على جميع حقه. وكذلك لو قال: هو بريء من الذي قبله، أو من ما لي قبله، أو من ديني عليه، أو من الدين الذي لي عليه، أو من حقي عليه، فهو بريء من ذلك كله. وإن كان (¬2) الحق مختلفاً من وجوه (¬3) فهو بريء من ذلك كله. وكذلك لو كان قبله كفالة بنفس أو مال كان بريئاً منها؛ لأن هذا من الحق. وكذلك لو كان قبله قصاص أو أرش جناية فهو بريء من ذلك كله. وكذلك لو كانت امرأة أشهدت بذلك كان زوجها بريئاً من المهر. وإذا أَقر الرجل أنه لا حق له قِبَلَ فلان، ثم ادعى قبله حد قذف أو سرقة فيها قطع، وأقام على ذلك بينة، فإنه لا يقبل ذلك منه، إلا أن يشهد الشهود أنه فعل ذلك بعد البراءة. ولو أقر أفقال:، إنه بريء من قذفه إياي، ثم طلب القذف بعد ذلك، كان له ذلك؛ لأن هذا بمنزلة العفو. ولو قال: هو بريء من السرقة التي ادعيت قبله، لم يكن (¬4) عليه ضمان ولا قطع. ولو قال: لست من فلان في شيء (¬5)، ثم ادعى عليه مالاً، وشهد شهوده على المال قبل قوله: لست منه في شيء، جازت (¬6) عليه البينة، وكان قوله: لست منه في شيء، باطلاً. وكذلك لو قال: برئت من فلان، ¬

_ (¬1) م: ثم اقال. (¬2) ف: وإذا كان. (¬3) ف - من وجوه. (¬4) ف + له. (¬5) د - في شيء. (¬6) د م ف: وجازت.

أو برئ فلان مني، لم يكن هذا براءة من حق لواحد منهما قبل صاحبه. ولو قال: لست من هذه الدار التي في يدي فلان في شيء، ثم ادعى فيها حقاً له (¬1)، لم يقبل ذلك منه، وكان هذا إقراراً منه. وكذلك لو قال: أنا بريء من هذه الدار، كان هذا إقراراً منه بأنه لا حق له فيها. ولو قال: قد خرجت من هذه الدار، لم يكن هذا إقراراً. فإن قال: قد خرجت من هذه الدار على مائة درهم، وقبضتها (¬2) من فلان، كان هذا إقراراً (¬3) منه بأنه (¬4) لا حق له فيها؛ لأن هذا صُلْح (¬5) إذا أقر فلان بذلك. وكذلك العبد والأمة والحيوان والعروض كلها. وكذلك الدين. فإن أنكر فلان الذي في يديه ذلك وقال: هو لي وفي يدي، وقد أخذ مني مائة درهم غصباً، حلف على ذلك، وأخذت المائة منه، وكان الآخر على خصومته. ولو كان لرجل على رجل دين فقال الطالب: قد برئت من ديني على فلان، كانت هذه براءة للمطلوب. ولو قال الطالب: هو بريء من ديني، فهو سواء، وهو بريء. وكذلك لو قال: هو في حل من ما لي عليه. وكذلك لو قال: قد وهبت الذي لي عليه، فهو بريء من ذلك. فإن كان حاضراً فقال: لا أقبل الهبة، فالمال عليه. وإن كان غائباً فهو بريء من ذلك. فإن بلغه ذلك فقال: لم أقبل، فالمال عليه. وإن مات قبل أن يرد فهو بريء من ذلك. وهذا (¬6) كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك إذا قال: هو في حل من ما لي عليه، وهو بريء من ما لي عليه، فهو مثل ذلك. ولو أقر أنه ليس لي مع فلان شيء، لم يكن هذا براءة من دين، وكان براءة من البضاعة والوديعة وكل أمانة. ¬

_ (¬1) ف - له. (¬2) د: وقبضها. (¬3) ف - فإن قال قد خرجت من هذه الدار على مائة درهم وقبضتها من فلان كان هذا إقراراً. (¬4) د م ف: لأنه. والتصحيح من الكافي، 2/ 52 و. (¬5) د م ف: يصلح. والتصحيح من ب. (¬6) د - وهذا؛ صح هـ.

وإذا أقر الطالب أن فلاناً قد برئ إليه مما له عليه فهذا إقرار منه بالقبض. وإذا أقر الرجل أنه لا قصاص له قبل فلان فادعى جراحة خطأ فهو على دعواه. وإذا أقر الرجل (¬1) أنه لا جراحة (¬2) له خطأ قبل فلان وادعى عمداً فيه أرش أو قصاص فهو على دعواه. وإذا أقر أنه لا جراحة (¬3) له قبل فلان فليس له أن يدعي جراحة خطأ ولا عمد (¬4). وإن ادعى دم عمد أو خطأ فهو على دعواه. وإذا أقر أنه لا قصاص له قبل فلان، فادعى حداً، فهو على دعواه (¬5). وإن ادعى قصاصاً في نفس أو فيما دونها فلا حق له. وإذا أقر أنه لا حق له قبل فلان فليس له أن يدعي قبله حداً ولا قصاصاً ولا أرشاً ولا كفالةً بنفس ولا مالاً ولا ديناً ولا وديعةً ولا عارية ولا مضاربةً ولا شركةً ولا ميراثاً ولا داراً ولا أرضاً ولا عبداً ولا أمةً ولا شيئاً من الأشياء ولا عرضاً ولا غيره إلا شيئاً (¬6) حدث بعد البراءة. وإذا أقر أنه لا حد له قبل فلان فادعى سرقة يجب فيها القطع فإنه على دعواه (¬7). وإذا أقر أنه لا دم له قبل فلان فله أن يدعي ما دون الدم، وليس له أن يدعي دم خطأ ولا عمد. ¬

_ (¬1) د - الرجل. (¬2) ف - خطأ فهو على دعواه وإذا أقر الرجل أنه لا جراحة. (¬3) ف: لا حر. (¬4) ف: عمدا. (¬5) د - وإن ادعى دم عمد أو خطأ فهو على دعواه وإذا أقر أنه لا قصاص له قبل فلان فادعى حدا فهو على دعواه. (¬6) د م ف: شيء. (¬7) قال الحاكم: يريد به في دعوى المال المسروق. انظر: الكافي، 2/ 52 ظ؛ والمبسوط، 18/ 166.

باب الإقرار بالعتق

وإذا أقر أنه لا أرش له قبل فلان (¬1) فادعى دية خطأ أو دية من صلح أو من دم عمد أو من جراحة خطأ أو عمد صالح عليها فإن ذلك كله باطل، وليس له أن يدعي شيئاً من ذلك. ... باب الإقرار بالعتق وإذا أقر الرجل أنه أعتق عبده هذا أمس - وهو كاذب - فإنه يعتق في القضاء، ولا يعتق فيما بينه وبين الله تعالى. وكذلك لو قال: قد قلت له: أنت حر. ولو قال (¬2): أعتقتك أمس واستثنيت أمس، لم يعتق في القضاء. ولو قال (¬3): قد أعتقتك وقلت: إن شاء الله تعالى (¬4)، لم يعتق. ولو قال: قد أعتقتك في منامي، فإنه لا يعتق في هذا كله في القضاء. ولو قال: أعتقتك وأنا ذاهب العقل، فإن كان يعرف أنه كان ذاهب العقل فإنه لا يعتق أيضاً (¬5)، وإن كان لا يعرف ذلك عتق في القضاء، ولا يعتق فيما بينه وبين الله تعالى. ولو قال: أعتقتك وأنا صبي، لم يعتق في القضاء ولا فيما بينه وبين الله تعالى. وكذلك لو قال: أعتقتك قبل أن أشتريك. وكذلك لو قال: أعتقتك أمس، وإنما اشتراه اليوم، فإنه لا يعتق. ولو قال: أعتقتك إن دخلت الدار، لم يعتق حتى يدخل الدار. ولو أقر أنه أعتق عبد غيره ثم اشتراه لم يعتق. ولو أقر أنه أعتق عبده هذا لا بل هذا، عتقا جميعاً. ولو أقر أنه أعتقه على مال وقبل، وقال العبد: أعتقتني بغير مال، كان العبد (¬6) حراً، ولا مال عليه بعد أن يحلف إلا أن ¬

_ (¬1) د - فله أن يدعي ما دون الدم وليس له أن يدعي دم خطأ ولا عمد وإذا أقر أنه لا أرش له قبل فلان. (¬2) ف + قد. (¬3) د + ولو قال. (¬4) د ف + أمس. (¬5) د - أيضاً. (¬6) د م ف: للعبد.

باب الإقرار بالمكاتبة

تقوم عليه بينة. ولو قال: جعلت أمرك بيدك في العتق أمس فلم تعتق نفسك، فقال الغلام: بلى قد أعتقت نفسي، فإنه لا يعتق. وكذلك لو قال: أعتقتك أمس على ألف درهم فلم تقبل، فقال العبد: بلى قد قبلت، أو قال: قد أعتقتني بغير شيء، فالقول في ذلك قول المولى مع يمينه. وكذلك هذا في الطلاق، وفي أمرك بيدك، واختاري. فإن أقام العبد البينة على العتق وعلى القبول فإنه يعتق. وإذا كان العبد بين اثنين فأعتقه أحدهما فأتى على ذلك زمان، ثم قال المعتق: أعتقته (¬1) وأنا معسر، فالقول قوله مع يمينه، ولا ضمان عليه. وإن كان غنياً يومئذ فاختلفا في القيمة فالقول قول المعتق مع يمينه، وعلى المدعي الفضلَ البينة. وهذا قول أبي حنيفة كله، إلا قوله: أعتقتك وأنا معسر، فإني لا أحفظه عنه. وهو كله قول أبي يوسف ومحمد. ... باب الإقرار بالمكاتبة وإذا أقر الرجل أنه كاتب عبده على ألف درهم، وقال العبد: على خمسمائة، فإن أبا حنيفة كان يقول: القول قول المولى، ثم رجع فقال: القول قول العبد، ويعتق حين يؤدي (¬2) خمسمائة. وقال ابو يوسف ومحمد: لا يعتق حتى يؤدي الألف، والقول قول المولى إن رضي بذلك العبد، وإلا رد رقيقاً، ويحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه. وكذلك لو قال: كاتبتك، ولم يسم مالاً، فقال العبد: على خمسمائة، فإنه ينبغي في قياس قول أبي حنيفة أن يصدق، ولا يصدق في قول أبي يوسف ومحمد. ولو قال: كاتبتك أمس على ألف درهم ولم تقبل المكاتبة (¬3)، وقال العبد: بلى قبلتها، فإن القول في ذلك قول العبد، وهذا مثل البيع. ولو أن رجلاً أقر ¬

_ (¬1) د م ف: أعتقه. (¬2) م: ادعى؛ د ف: أدى. (¬3) د م: الكتابة.

أنه باع عبده من فلان أمس بألف درهم فلم يقبل، وقال فلان: بلى قد قبلت، كان البيع جائزاً لازماً للبائع في قول أبي حنيفة. وهو قول أبي يوسف ومحمد. ولو أقر أنه كاتب عبده هذا على ألف درهم لا بل هذا، وادعى كل واحد منهما الكتابة، جاز ذلك كله لهما. ولو أقر أنه كاتب هؤلاء العبيد الثلاثة (¬1) على ألف درهم إلا هذا لأحدهم بعينه، فادعى ذلك أنه في المكاتبة (¬2)، فإن القول في ذلك قول المولى مع يمينه. وكذلك هذا في العتق والطلاق. ولو أقر أنه كاتبه وهو صبي، وقال المكاتب: بل كاتبتني وأنت رجل، كان القول قول المولى، ولا تجوز الكتابة (¬3). وكذلك هذا الإقرار في البيع والشراء. ولو أقر أنه كاتبه قبل أن يملكه، وقال المكاتب: بل كاتبتني بعدما ملكتني، كان القول قول المولى مع يمينه، ولا يكون مكاتباً. وكذلك لو قال: كاتبتك أمس، وإنما اشتراه اليوم (¬4). وكذلك لو قال: كاتبتك أمس وقلت: إن شاء الله، أو قال: قد استثنيت، فالقول قول المولى مع يمينه. وإن كان قال (¬5): استثنيت الخيار لنفسي، وقال المكاتب: لم يكن في ذلك خيار، فإن الكتابة جائزة، ولا يصدق المولى على هذا، ولا يشبه هذا قوله: إن شاء الله. في استثناء الخيار المكاتبة فيه على حالها، وقوله: إن شاء الله، لا تجوز (¬6) أبداً. وكذلك هذا في جميع البيوع. ولو قال: بعتك هذا العبد قبل أن أملكه، أو قال: بعتكه (¬7) أمس وقلت: إن شاء الله، أو قال: بعتكه وأستثنيت لنفسي الخيار يوماً، كان القول في هذا (¬8) مثل القول في المكاتبة. ... ¬

_ (¬1) د م: الثلثة. (¬2) د: في الكتابة. (¬3) د: المكاتبة. (¬4) أي: لا يكون مكاتباً. (¬5) د م ف: قد. (¬6) أي: المكاتبة. (¬7) د: بعتك. (¬8) د - هذا؛ صح هـ.

باب إقرار الحربي والمستأمن

باب إقرار الحربي والمستأمن وإذا أقر الحربي المستأمن في دار الإسلام بدين لمسلم فهو لازم له. فإن قال الحربي: أدانني في دار الحرب، وقال المسلم: في دار الإسلام، فالقول قول المسلم، ويلزمه المال كله في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك القرض وثمن البيع والغصب. وإن لم يصل الكلام أو أقر (¬1) بشيء من ذلك ثم قال بعد ذلك: كان في دار الحرب، لم يصدق. وإن أقر لذمي أو لمسلم فهو سواء. وكذلك لو أقر لحربي مستأمن مثله. وكذلك لو أقر لمكاتب (¬2) أو لعبد تاجر فهو جائز. ولو أقر بدار في يديه أو عبد فهو جائز (¬3). وكذلك الحيوان والثياب وكل شيء أقر به من ذلك في يديه قائمأ بعينه فهو لازم له. فإن (¬4) وصل الكلام فقال: غصبته هذا الثوب في دار الحرب، وقال المغصوب منه: بل غصبتني في دار الإسلام، فإنه لا يصدق على ما يريد من إبطال ذلك، ويدفع الثوب (¬5) إلى صاحبه. وكذلك لو أقر له بدين ووصل الكلام فقال: كان في دار الحرب، فإنه لا يصدق، والدين له (¬6) لازم. وكذلك لو أقر بطلاق امرأته أو عتاق عبده أو مكاتبه أو بنكاح امرأة مستأمنة مثله. وكذلك لو أقر ببيع عبد (¬7) في يديه أو بشراء ثوب من رجل فذلك كله جائز. وإقرار المستأمن بالنكاح والطلاق والعتاق وبالولد وبالجراحات (¬8) وحد القذف والدين والغصب والوديعة والمكاتبة والإجارة والكفالة والإقرار له بجميع ذلك جائز. ولو أقر بحد زنى أو سرقة لم يضرب حداً وضمن (¬9) السرقة. فأما الذمي فإن إقراره بالسرقة والزنى جائز يقام عليه الحد في ذلك، وكذلك لو أقر بفرية. وكذلك الإقرار للحربي المستأمن بجميع ذلك ما خلا ¬

_ (¬1) د ف: وأقر. (¬2) د م ف: المكاتب. (¬3) د - ولو أقر بدار في يديه أو عبد فهو جائز. (¬4) د: وإن. (¬5) م: المثوب. (¬6) د م - له. (¬7) د + مثله. (¬8) ف: والجراحات. (¬9) ف: ضمن.

باب إقرار أهل الذمة

حد القذف فإن قاذفه لا يضرب له، ولا يقطع السارق فيه، وهو قول أبي حنيفة؛ لأنه لا يرى على الحربي المستأمن قطعاً في سرقة ولا حداً (¬1) في زنى (¬2). وهو قول محمد وقول (¬3) أبي يوسف الأول، ثم رجع فقال: أقيم عليه الحدود كما أقيمها على الذمي. ... باب إقرار أهل الذمة وإذا أقر الذمي بدين لمسلم أو لحربي مستأمن أو لذمي فهو جائز، وذلك له (¬4) لازم. وكذلك الوديعة والغصب والعارية. وكذلك لو أقر بشيء بعينه في يديه فقال: هذا العبد لفلان، أو هذه الدابة، أو هذا الثوب، فهو جائز كله. وكذلك لو أقر بخمر لذمي دينأ أو بعينها فهو جائز. وكذلك لو أقر بخنزير بعينه لذمي. وكذلك مسلم أقر بخمر في يديه لذمي أو بخنزير أجزت ذلك عليه. وكذلك ذمي أقر لمسلم بخمر فإنه يجوز عليه إن كانت قائمة بعينها، ويؤمر المسلم أن يخللها. ألا ترى أنه لو أقر له (¬5) بجلد شاة ميتة جاز ذلك عليه، ويدفعها إلى المسلم، فينتفع بها. وإن كانت مستهلكة فهو باطل لا يلزمه منها شيء. ولو أقر مسلم بخنزير بعينه أو مستهلك لمسلم كان ذلك باطلاً لا يلزمه منه شيء. ولو أقر (¬6) المسلم بخنزير استهلكه لذمي جاز ذلك. وكذلك الخمر، غير أن الخمر إن كانت مستهلكة لزمه قيمتها للذمي، ولا يلزمه خمر مثلها. أخبرنا السري بن إسماعيل عن عامر الشعبي أن مسلماً أهراق خمراً لذمي فضمنه إياها شريح (¬7). ¬

_ (¬1) د م ف: حد. (¬2) د: في الزنا. (¬3) ف - محمد وقول. (¬4) د - له. (¬5) ف - له. (¬6) د - أقر. (¬7) المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 504.

باب إقرار المرتد

وإذا أقر (¬1) ذمي أنه استهلك خنزيراً لمسلم، وقد كان المسلم ذمياً (¬2) مرة، فقال المقر: استنهلكته بعد إسلامك، وقال المقر له: (¬3) استهلكته قبل إسلامي، فهو ضامن لقيمته، ولا يصدق على إبطال ذلك. وهذا (¬4) قول أبي يوسف. وقال محمد: لا أرى عليه في الخنزير ضماناً؛ لأني إنما أنظر إلى حاله يوم يقر، فإن كان ضامناً يومئذ ضمن، وإن كان غير ضامن برئ. وكذلك ذمي (¬5) أقر بخمر استهلكها لمسلم (¬6)، وقد كان حربياً قبل ذلك. ولو أن ذمياً أقر بخمر استهلكها لذمي (¬7)، فقال: استهلكتها وأنا حربي، وقد كان حربياً، فإنه لا يصدق، وهو ضامن. وكذلك الخنزير في قياس قول أبي حنيفة. وكذلك المقر له (¬8) لو كان حربياً فصار ذمياً، فقال المقر: استهلكته وأنت حربي، وكذبه المقر له، فإن المقر ضامن لذلك، ولا يصدق. وقال محمد: هو مصدق في ذلك كله. وإذا أقر الذمي بالعتق والنكاح والطلاق والجراحة عمداً وخطأ والدين والغصب والوديعة والولد وكل حىّ فهو (¬9) جائز عليه. ... باب إقرار المرتد وإذا أقر الرجل المرتد بدين في ردته أو غصب أو وديعة أو عارية فإن أبا حنيفة قال: إن أسلم جاز إقراره، وإن قتل على ردته أو لحق بدار الحرب لم يجز إقراره فيما كان من مال كان له قبل الردة، ويجوز فيما اكتسب بعد الردة. وقال أبو يوسف: إقراره بذلك جائز كله إن قتل أو مات ¬

_ (¬1) ف: فإذا أقر. (¬2) د: ذمي. (¬3) د - له. (¬4) د: وهو. (¬5) ف: مسلم. (¬6) م - لمسلم، صح هـ. (¬7) د م: الذمي. (¬8) م - له، صح هـ.؛ ف - له. (¬9) م ف: هو.

على ردته أو أسلم، ويحاصّ الغرماء دينهم الذي كان في الإسلام. وقال محمد: إن قتل على ردته أو مات كان إقراره بالدين في حال الردة بمنزلة إقرار المريض، يبدأ (¬1) بدين الإسلام، فإن بقي شيء كان لأصحاب دين الردة؛ لأنه إذا حل دمه صار بمنزلة المريض. ألا ترى أن امرأته تبين منه وترثه ما دامت في العدة؛ لأنه بمنزلة المريض. وهذا في المرأة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد جميعاً. وقال أبو حنيفة: إقرار المرتدة جائز، ولا يشبه المرتدة المرتد. ولو أن مسلماً أقر بدين لذمي من غصب أو قرض جاز ذلك. ولو أن مرتداً أقر بمكاتبة عبد له أو عتقه (¬2) في حال الإسلام، أو أقر بنكاح امرأة في حال الإسلام، فإن ذلك كله لا يجوز في قول أبي حنيفة إن (¬3) قتل أو مات أو لحق بدار الحرب. وهو جائز في قول أبي يوسف. وهو في (¬4) قول محمد بمنزلة إقرار المريض المسلم إن قتل أو لحق بدار الحرب. وإذا أقرت المرأة المرتدة أو المرتد بحد في قذف أو سرقة أو زنى فإن ذلك يجوز عليهما (¬5)، ويلزمهما من ذلك ما يلزم الحر المسلم. وكذلك إقرارهما بالجراحات العمد والخطأ في قول أبي يوسف وفي قول محمد على ما وصفت لك (¬6). ... ¬

_ (¬1) ف: بدأ. (¬2) م ف: أو أعتقه. والتصحيح من الكافي، 2/ 54 و. (¬3) د م ف: وإن. والتصحيح من الكافي، 2/ 54 و. (¬4) ف - في. (¬5) د ف: عليهم؛ م - يجوز عليهما (خرم). (¬6) الجراحة العمد التي فيها القصاص تثبت بإقرار المرتد اتفاقاً. أما إذا كانت الجراحة توجب مالاً فان إقرار المرتد يكون موقوفاً عند الإمام، ونافذا عند الصاحبين. انظر: المبسوط، 18/ 171.

باب إقرار المحجور عليه

باب إقرار المحجور عليه وقال أبو حنيفة: إذا أقر العبد المحجور عليه أو الأمة بالزنى أربع مرات جاز ذلك، وعليهما الجلد خمسون جلدة. وإذا أقرا بسرقة قُطعا في قول أبي حنيفة ومحمد في مرة واحدة، ويدفع السرقة إلى المقر له بها. وإنما صدقته في هذا المكان للقطع، ولو لم يصدق في هذا لم يكن على عبد قطع في سرقة أقر بها. وقال أبو يوسف: لا يقطع حتى يقر مرتين. أخبرنا أبو يوسف عن الأعمش عن القاسم بن عبدالرحمن عن أبيه أن عبداً أتى علي بن أبي طالب، فأقر بالسرقة مرتين، فأمر (¬1) به فقطع. فقال عبدالرحمن: فكأني أنظر إلى يده معلقة في عنقه (¬2). وعن أبي مالك (¬3) الأشجعي قال: أتى عبد للحي إلى علي بن أبي طالب، فأقر عنده بالزنى، فأمر به قنبرا، فقال: اضربه، فإذا قال: اتركني، فاتركه. فلما أوفاه (¬4) خمسين جلدة قال له العبد: اتركني، فتركه (¬5). والعبد التاجر والمكاتب والأمة وأم الولد والمدبر والمدبرة في ذلك سواء. وقال أبو حنيفة: إذا أقر العبد المحجور عليه بدم عمد فهو جائز يقتص منه. وكذلك الأمة والعبد التاجر والمكاتب. فإن كان للدم وليان فعفا أحدهما لم يكن للآخر مال في عنق العبد؛ لأنه بإقرار. وإذا أقر المحجور عليه بسرقة لا يجب في مثلها القطع فإن ذلك باطل ¬

_ (¬1) ف: فأقر. (¬2) المصنف لعبد الرزاق، 10/ 191؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 483، 561. (¬3) د ف: ملك. (¬4) ف: وفاه. (¬5) المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 482.

باب إقرار الصبي

لا يجوز؛ لأنه لا قطع عليه. ولو كان تاجراً أو يؤدي الغلة أو مكاتباً جاز ذلك عليه، ولا يُقطع. ولو أقر العبد المحجور عليه بدين لم يجز ذلكء وكذلك الغصب والوديعة والعاريف ولو أقر بنكاح كان نكاحاً، ولمولاه أن يفرق بينهما. ولو أقر بجناية عمد فيما دون النفس لم يجز؛ لأن هذا فيه أرش. والعبد التاجر في ذلك مثل (¬1) المحجور عليه، ولو أقر بذلك لم يلزمه ذلك (¬2). وكذلك لو أقر بطلاق امرأة لزمه. ولو أقر المكاتب بجناية خطأ لزمه ذلك في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. فإن عجز بعدما قضي (¬3) بها بطل فلك في قول أبي حنيفة. فإن كان أدى شيئاً من ذلك جاز ما أدى وبطل ما بقي في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: يؤخذ بما بقي، ويجوز ما أدى إذا كان ذلك بعد القضاء. ... باب إقرار الصبي وإذأ أقر الصيي المحجور عليه بدين أو غصب أو عارية أو وديعة أو جرأحة أو حد أو نكاح أو طلاق أو عتاق أو مكاتبة أو حد في سرقة أو قذف أو شرب خمر فإن ذلك لا يجوز، ولا يلزمه. وكذلك المغلوب المعتوهء وكذلك الذي (¬4) يجن ويفيبق (¬5) إذأ أقر في حال جنونه، وإذا أقر (¬6) في حال إفاقته فهو جائز. وكذلك المغمى عليه [إذا أقر] بشيء من ذلك فإنه لا يجوز. وكذلك النائم، فإنه لا يجوز إقراره بشيء من ذلك. فأما السكران فإن إقرار في جميع ذلك جائز كما يجوز على الصحيح. وكذلك الأصم ¬

_ (¬1) د: في مثل ذلك. (¬2) ف - ذلك. (¬3) د م ف: قضا. (¬4) ف: الذمي. (¬5) م: ويعتق. (¬6) د م ف + الرجل.

باب الإقرار بالولد

والأعمى والمقعد والمفلوج اليابس الشق الذي يتكلم، فإن إقرارهم جائز. وقال أبو حنيفة: إقرار الأخرس إذا كان يكتب ويعقل جائز في القصاص وحقوق الناس كلها ما خلا الحدود. وهو قول أبى يوسف ومحمد. ... باب الإقرار بالولد وإذا أقر الرجل بالولد فقال: هذا ابني، أو هذه ابنتي، لغلام في يديه، ومثله يولد لمثله، وليس للغلام نسب معروف، فهو جائز. وإن كانت للصبي أم معروفة كان في يدها الصبي فصدقته في ذلك فهي امرأته، والصبي ولدهما. وكذلك لو كانت المرأة لا يعرف أنها أمة فأقر الرجل أنها امرأته وأنه ابفه منها فهو ابنهما، وهي امرأته. وكذلك إن كان الصبي في يدي رجل فقالت المرأة: هذأ ابني منك، فقال: صدقت، فهو ابنهما، وهو زوجها. ولو أن أمرأة لها زوج معروف فى أيديهما صبي فقال الزوج: هو ابني من امرأة غيرك، وقالت المرأة: هو ابني من زوج غيرك، فإن أبا حنيفة قال: هو ابنهما جميعاً. ولو أن رجلاً التقط صبياً فادعى أنه أبثه أجزت ذلك. ولو أن رجلاً أدعى صبياً في يديه وهو عبد له وله أب معروف وأمه رقيقة له عتق، ولم يثبت نسيه، مِن قِبلِ أن له نسباً معروفاً. ولو أن رجلاً أقر بعبد في يديه مثله فى السن أو أكبر أنه ابنه لم يجز ذلك ولم يعتق. أرأيت لو قال: هذا (¬1) ابني (¬2)،-ألم يكن هذا باطلاً. وهذا لقول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: يعتق (¬3) ولا يثبت نسبه. ولو أن رجلاً ¬

_ (¬1) د: هذه. (¬2) د م: ابنتي. (¬3) م "أبي يوسف ومحمد وقال أبو حنيفة يعقق" غير واضح.

في يديه عبد كبير فقال: هذا العبد أبي، وصدقه العبد ومثله يولد لمثله فهو أبوه إذا لم يكن للمولى نسب معروف. ولو أن رجلاً في يديه صبي فقال: هذا أبي، لم يجز ذلك ولم يعتق في قول أبي يوسف ومحمد. ولو أن رجلاً ادعى عبداً لغيره أنه ابنه وجحد المولى وقال (¬1): اشتريتُ أمّه أو تزوجتُها، لم يصدق على ذلك، فإن ملكه يوماً من الدهر لزمه ذلك إذا كان مثله يولد لمثله ولم يكن له نسب معروف. ولو أن رجلاً أقر بحمل أمة له لزمه ذلك إلى أقل من ستة أشهر، فإن جاءت به لأكثر من ذلك فهو بالخيار، إن شاء نفاه وإن شاء أقر به. وقال أبو حنيفة: إذا أقر بولد من الزنى وهو عبد في يديه فإنه يعتق ولا يكون ابنه. وكذلك لو كان في يد غيره ثم (¬2) ملكه. ولو أقر وهو في يد غيره أنه ابنه من نكاح وجحد ذلك الذي هو في يديه لم يصدق المقر على ذلك؛ لأنه مال غيره. فإن ملكه صدق. وقال أبو حنيفة: لو أن رجلاً اشترى أمة فقال: ولدت هذه مني من الزنى، لم تكن أم ولد له ولم تعتق. وقال: لو أنه اشترى عبداً فقال: هذا ابني من الزنى، عتق ولا يثبت نسبه. وقال: لا تكون أم ولد الزنى أم ولد. وقال أبو يوسف ومحمد مثل قول أبي حنيفة. وقال: هو استحسان. و [كذلك] قال أبو يوسف ومحمد. بلغنا عن إبراهيم أنه قال: لو أن رجلاً تزوج أمة فولدت ثم اشتراها لم تكن أم ولد. قال (¬3): وحدثني الحسن أنه قال: هي أم ولد له. وفي قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد هي أم ولد له. فإذا كان مثل إبراهيم لا يجعل الأمة أم الولد الثابت نسبه أم ولد ولا يعتق به فكيف إذا كان من الزنى، فذلك أبعد. ¬

_ (¬1) أي: المدعي. (¬2) ف - ثم. (¬3) القائل هو الإمام أبو حنيفة. والحسن هو الحسن البصري (ت 110 هـ). والله أعلم.

باب إقرار الأب والوصي على الصبي

باب إقرار الأب والوصي على الصبي وإذا أقر الرجل أن ابنه هذا الصغير غصب شيئاً فإنه لا يجوز على ابنه. وكذلك لو أقر علمِه بدين. وكذلك وصي اليتيم. وكذلك المجنون المغلوب يقر عليه وصيه أو أبوه (¬1) بدين أو غصب أو جراحة أو فساد شيء، فإن هذا كله لا يلزم الصبي والمعتوه منه شيء. وكذلك لو أقر عليه بعتاق أو طلاق فإنه لا يلزمه. ولو أقر أنه باع شيئاً أو اشتراه أو استأجره لم يلزمه من ذلك شيء. وكذلك كل فَعَالٍ (¬2) أضافه إلى الصبي فإنه لا يصدق عليه الأب والوصي. وكذلك إقرار الأب على الابن الكبير وعلى الابنة الكبيرة. ولو كان الأب عبداً والولد حراً كان كذلك أيضاً. ولو كان الأب حراً والولد عبداً أو مكاتباً فإنه لا يصدق أيضاً. ... باب الإقرار بكتاب وإذا كتب الرجل ذِكْرَ حَقِّ (¬3) على نفسه بشهادة قوم، ثم قال: اشهدوا علي بهذا (¬4) المال لفلان، ولم يقرأ عليهم الصك، ولم يقرؤوه عليه، فإن أبا حنيفة قال: هذا جائز إذا كتبه بين أيديهم بيده أو أملاه (¬5) على إنسان، وإن لم يحضروا ذلك لم تجز شهادتهم، ولا ينبغي لهم أن يشهدوا. وقال أبو حنيفة: لو كتب رجل كتاباً إلى رجل: من فلان إلى فلان، أما بعدة فإن (¬6) علي من قِبَل فلان كذا كذا درهماً، فإن ذلك جائز عليه إذا ¬

_ (¬1) م: وأبوه. (¬2) فَعَال بالفتح: الفعل من فاعل واحد، والفِعَال: بالكسر الفعل بين فاعلَين. انظر: لسان العرب، "فعل"؛ والقاموس المحيط، "فعل". (¬3) هو بمعنى الصك كما هو مفهوم من دوام العبارة وانظر: لسان العرب، "ذكر". (¬4) ف: هذا. (¬5) ف: أو أملا. (¬6) د ف + لك.

كتب بذلك على ما يكتب الناس من الرسائل. وإن كتب في الأرض (¬1): لفلان علي ألف درهم، فإن هذا لا يلزمه. وكذلك لو كتب في ذلك في صحيفة أو خرقة فإن هذا لا يلزمه. إنما نسستحسن إذا كتب في صحيفة كما يكتب الرجل إلى الرجل أن يخبره. وإن جحد الكتابة (¬2) وقامت بينة أنه هو كتبه أو أملاه دنهو جائز عليه. وكذلك الطلاق في هذا والعتاق. وكذلك الكفالة بالنفس والمال. وكذلك الوديعة والعارية. وكذلك المضاربة. وكذلك العرض والدين من ثمن بيع أو الدين من غصب. وكدلك الإقرار بالجراحات كلها ما خلا شيء فيه القصاص أو حد، فإني آخذ في هذا بالقياس ولا أجيزه إلا في تضمين السرقة. وهذا كله قول أبي يوسف ومحمد. وقال (¬3) أبو حنيفة: إذا كتب الرجل وصيته بخطه والشهود حضور ثم قال: اشهدوا عليها، جاز ذلك وإن لم يقرأها عليهم. وكذلك إذا أملاها وهم يسمعون. فإن لم يحضروا الكتاب لم تجز شهادتهم إلا أن يقرأها عليهم أو يقرؤوها عليه ثم يشهدهم عليه بعد القراءة. وقال أبو حنيفة: لا أجيز كتاب القاضي حتى يشهد الشهود على القاضي بما في جوفه. وإن كتبه بين أيديهم وقال: اشهدوا عليه، فهو جائز. وإن لم يحضووا (¬4) الكتاب لم تجز شهادتهم حتى يقرؤوه عليه أو يقرأه عليهم. وهو قول محمد. وقال أبو يوسف: إذا شهدوا على الكتاب والخاتم أجزته وإن لم يعلموا ما هنيه. أستحسن هذا وأدع القياس فيه. وكذلك لو قرأ (¬5) رجل على رجل (¬6) صكاً، فقال: أشهد عليك بما في هذا الصك، فقال: نعم، فسمع ذلك آخر، فإنه يسعه أن يشهد على ذلك في قول أبي حنحفة وأبي يوسف ومحمد. أبو يوسف عن مطرف بن طريف عن عامر الشعبي أنه قال: إذا أشهد ¬

_ (¬1) د: في الصك. (¬2) د ف: الكتاب. (¬3) د + محمد. (¬4) م: لم يحروا. (¬5) د: لو أقر. (¬6) د - على رجل؛ صح هـ.

الرجل قوما على شهادة فسمع ذلك آخرون فهي شهادة نافذة جائزة (¬1) " وإذا كتب الرجل ذِكْرَ حَقِّ لفلان عليه بكذا وكذا درهماً وقوم عنده حضور، ثم قال: اختموا (¬2) عليه، ولم يقل: اشهدوا، فإن هذه ليست بشهادة. وكذلك لو قالوا (¬3): أنشهد (¬4) عليك؟ فقال (¬5): اختموا (¬6). ولو (¬7) قالوا: نختم هذا الصك، فقال: اشهدوا، كان ذلك جائزاً. ولو كتب رسالة: من فلان إلى فلان، أما بعد، فإنك كنت كتبت إلي أني ضمنت لك عن فلان ألف درهم، ولم أضمن لك ألفاً، إنما ضمنت لك عنه خمسمائة درهم، وعنده رجلان قد شهدا كتابه، ثم محى الكتاب، فشهدوا عليه بذْلك، فإن ذلك يلزمه وإن لم يقل لهما: اشهدا أو اختما. وكذلك الطلاق في هذا والعتاق والقرض والغصب، وكذلك كل (¬8) دين. ولا يشبه هذا الصك. والمرأة والرجل والذمي والمسلم والمكاتب في ذلك كله سواء. وكذلك العبد التاجر إذا كتب بذلك أو كتب إليه. ولو كتب رجل هذه الرسالة قدام رجلين أميين (¬9) لا يكتبان ولا يقرآن، فأمسكا الكتاب عندهما، وشهدا (¬10) عليه بذلك، فإنه جائز في قول أبي يوسف. ألا ترى أنه [لو] (¬11) تقدم (¬12) به إلى القاضي فأقر أنه كتب إليه قبل أن يفسر للقاضي ما فيه جاز ذلك عليه. وكذلك الطلاق والعتاق في قول أبي يوسف. وفى قياس قول أبي حنيفة - وهو قول محمد - لا يجوز حتى يعلما ¬

_ (¬1) عن عامر قال: تجوز شهادة السمع إذا قال: سمعته يقول، وإن لم يشهد انظر: مسند ابن الجعد، 346. وعن مطرف عن الشعبي فال: شهادة السمع جائزة، من كتمها كلتم شهادة انظر: المصنف لعبد الرزاق, 8/ 355. (¬2) د م: اختصموا. (¬3) ف: لو قال. (¬4) م: أنشهدوا؛ ف: نشهد. (¬5) د م ف: قال. (¬6) د: اجتمعوا. (¬7) د م ف: أو. (¬8) د م - كل. (¬9) ف: أمينين. (¬10) ف: أو شهدا. (¬11) الزيادة من ب؛ والكافي، 2/ 55 ظ. (¬12) د م: يقدم.

ما فيه وحتى يقر به (¬1) عند القاضي مفسراً. وإذا (¬2) كتب رجل صكاً على نفسه قدام رجلين أميين (¬3) لا يكتبان ولا يقرآن ولم يقرأه عليهما ولم يقرأه أحد، وقال: اشهدوا عليه، ولا يعلمان ما فيه، فإن شهادتهما (¬4) لا تجوز على قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولا يجوز في الصك والوصية إلا من يعرف الكتابة ويقرأ (¬5) عليه ما كتب في قولهم جميعاً. ولا يشبه هذا الرسالة في قول أبي يوسف؛ لأن بالصك لا تجوز الشهادة حتى يقول: اشهدوا بما فيه، والرسالة جائزة وإن لم يقل: اشهدوا. ولو كتب الرسالة في تراب لم يجز ذلك وكان باطلاً. وكذلك الطلاق. فإن قال: اشهدوا علي بهذا، فهو جائز. ولو كتب الرجل في خرقة بيضاء بمداد: إن لفلان علي ألف درهم، أو كتبه في صحيفة أو في لوح، فإن هذا لا يلزمه إلا أن يقول للشاهدين: اشهدوا علي. ولو كتبه في صحيفة بغير مداد إلا أنه يستبين، أو في الأرض، ثم قال: اشهدوا علي به، فإن هذا يلزمه إذا حضر الشاهدان الكتاب وعرفاه. ولو كتب كتابأ ليس له أثر ولا يستبين بإقرار بدين أو بطلاق أو بعتاق ثم قال: اشهدوا علي بذلك، وأقر عند القاضي أنه كان كتبه، لم يلزمه ذلك، وليس هذا بكتاب؛ لأنه ليس يستبين. ولو كتب رجل في صحيفة حسابه: إن لفلان علي ألف درهم، وشاهدان حاضران ذلك، أو أقر بذلك هو عند الحاكم فإن ذلك لا يلزمه، إلا أن يقول: اشهدوا أنه علي. وإذا كتب رجل: إن لي على فلان ألف درهم، في صك بخطه قدام الشاهدين، وبمحضر من الذي عليه المال، وهو كاتب يعرف ما كتب، ثم قال للشاهدين: اشهدا، فقال فلان الذي كتب عليه: نعم، فهو جائز، وهو ¬

_ (¬1) م: يقرئه. (¬2) م ف: فإذا. (¬3) ف: أمينين. (¬4) د: شهدتهما. (¬5) م ف: ويقرأه.

باب الإقرار بالدين في الحيوان والعروض

لازم له، وهم في سعة من أن يشهدوا عليه أنه قد أقر وأنه قد أشهدهم. ... باب الإقرار بالدين في الحيوان والعروض وإذا أقر الرجل أن لفلان عليه عبداً، وادعى ذلك فلان، فقال المقر بعد ذلك: لاشيء له علي، فإنه يقضى عليه بقيمة عبد وسط كمايقضى في المهر. وهذا قول أبي يوسف. وقال محمد: يقضى عليه بقيمة عبد، والقول فيه قوله مع يمينه. أرأيت لو كان أقر بذلك لامرأة أما كان ذلك (¬1) جائزاً. أرأيت لو أقر لها بعبد من صداقها ألم يلزمه ذلك. فكذلك وارثها وإن كان رجلاً. ألا ترى أن المرأة تتزوج على عبد ويدخل بها ثم يفارقها ويطلقها ثم يموت فيرثها أبوها فيكون ذلك العبد لأبيها عليه. أفلا ترى أن هذا الوجه يستقيم أن يكون فيه ديناً (¬2) عليه، فإذا أقر به مبهماً أخذته (¬3) به. وقال محمد: عليه قيمة العبد، والقول في قيمته قوله مع يمينه؛ لأن الرجل قد يتزوج المرأة على (¬4) العبد الوسط وغيره، فلذلك جعلت القول قول المقر بالعبد مع يمينه. ولو قال: له علي عبد قرضاً، أخذته بقيمة عبد، والقول (¬5) قوله مع يمينه وإن كان العبد لا يكون قرضاً؛ لأنه قد أقر بحق يلزمه. وكذلك الشاة والبقرة والبعير. وإذا أقر الرجل أن لفلان عليه بقرة قرض أو شاة [أو بعير] فعليه قيمة بعير أو شاة أو بقرة وسط في قول أبي يوسف. ولو جاء بشاة بعينها أو بقرة وقال: هو هذا، فهو مصدق مع يمينه. وكذلك لو كان المقر بذلك امرأة لرجل كان جائزاً. ألا ترى أن المرأة لو تزوجت على عبد ودخل بها وضمنته لها عنه ذلك امرأة أخرى كان جائزاً. فإن طلقها الزوج ثلاثاً (¬6) ثم ماتت ¬

_ (¬1) ف - ذلك. (¬2) د م ف: دين. (¬3) ف: أخذ. (¬4) م: قد؛ ف - على. (¬5) د: فالقول. (¬6) د م ف: ثلثا.

فورثها أبوها أن ذلك العبد يكون لأبيها على المرأة. فإذا دخل وجه يستقيم ألزمتها إياه. ولو أن رجلاً أقر أن لرجل عليه دابة كان عليه قيمة أي الدواب شاء. وإن جاء بدابة بعينها فقال: هذه (¬1) هي؟ فالقول قوله مع يمينه، ولا أقبل منه، وإن جاء بفرس أو برذون أو حمار فالقول قوله في ذلك (¬2). وإذا أقر الرجل أنه استقرض من فلان شاة ثم جاء بالشاة فقال: هذه هي، فالقول قوله مع يمحنه (¬3). وقوله: أقرضني شاة، وإن كان هذا الكلام محالاً فهو مثل قوله: غصبته شاة أو سرقت منه شاة. وإذا أقر الرجل أن لغلان عليه داراً أو نخلاً أو بستاناً فإن هذا محال (¬4)، وآخذه بأدنى ما يكون من ذلك حتى يدفعه إليه، أرأيت لو قال: غصبته داراً أو غصبته أرضاً، فأقر بذلك عند القاضي أما كان يأخذه بما أقر به، فكدلك الأول يؤخذ بذلك كئه. وإذا أقر الرجل أن لفلان عليه ثوباً مروياً (¬5) فإنه يؤخذ بثوب مروي، وما جاء به من ثوب مروي (¬6) فهو مصدق فيه بعد أن يحلف. وكذلك لو قال: لفلان علي ثوب، ولم يسمم جنسه فأي ثوب جاء به قبل في لك منه بعد (¬7) أن يحلف. واللبيس في ذلك والجديد سواء. ولا يترك حتى يعطي ثوباً. ¬

_ (¬1) د م: هذا. (¬2) د: في ذلك قوله. وعبارة الحاكم أوضح، وهي هكذا: قإن جاء بدابة بعينها فقال: هذه هي، قالقول توله إن جاء بفرس أو برذون أو بغل أو حمار، ولا أقبل منه غير ذلك. انظر: الكافي، 2/ 56 و؛ والمبسوط، 18/ 177. (¬3) ف - ولا أقبل منه وإن جاء بفرس أو برذون أو حمار فالقول قوله في ذلك وإذا أقر الرجل أنه استقرض من فلان شاة ثم جاء بالشاة فقال هذه هي فالقول قوله مع يمينه. (¬4) أي: حقيقة هذا الكلام محال، لأنه إقرار بدين، وهذه الأشياء لا تكون ديناً بحال. انظر: المبسوط، 18/ 177. (¬5) د م ف: ثوب مروي. (¬6) م ف: هروي. (¬7) د - ذلك منه بعد.

باب الإقرار بالرهن

وإذا قال الرجل: لستُ من هذه الدار في شيء، ثم ادعى أنها له، وأقام اليينة على ذلك، فإن ذلك لا يقبل منه. وكذلك لو ادعى نصفها أو ثلثها فإن ذلك لا يقبل منه؛ لأنه قد أقر أنه لا حق له فيها. وإن اشترى منها شيئاً بعينه بعد قوله: لست (¬1) منها في شيء، جاز ذلك. وإن أقو (¬2) أنه لا هبة له قِبَلَ فلان وادعى صدقة فهو على دعواه. وكذلك لو أقر أنه لا صدقة له قِبَلَ فلان فادعى هبة فهو على دعواه (¬3). وكذلك لو ادعى شراء كان على دعواه. ولو قال: لا بيع لي قِبَلَ فلان، ثم ادعى عبداً جعله (¬4) له من صلح كان على دعواه. وكذلك لو ادعى أنه لا صلح له قبل فلان ثم ادعى عبداً شراء كان على دعواه. ولو أقر أنه ليس من هذا العبد في شيء ثم ادعى أنه اشتراه لغيره قبل وقت الإقرار لم يقبل منه ذلك. وكذلك لو ادعاه لنفسه. وكذلك الحمِوان كله والعروض كله (¬5) والعقار كله. ... باب الإقرار بالرهن وإذا أقر الرجل أنه رهن هذه الدار من فلان وقبضها فلان، فإن أبا حنيفة كان يقول: لا يجوز الإقرار في هذا حتى يعاين الشهود القبض، ثم رجع عن ذلك وقال: هو جائز، ويدفع الدار إلى المرتهن (¬6). وهو قول أبي يوسف ومحمد. وكذلك العبد والأمة والبيت والمنزل والدار والثوب والحيوان كله، إذا أقر أنه رهنه وقبضها جاز ذلك عليه. وكذلك لو ادعى (¬7) هذا المرتهن فصدقه الراهن فهو جائز، وينفذ له الرهن. ولو كان في يد الراهن دفع إلى المرتهن. فإن ادعى رهناً بغير قبض فصدقه المرتهن فإنه لا ¬

_ (¬1) د م + لي. (¬2) ف: ولو أقر. (¬3) ف - وكذلك لو أقر أنه لا صدقة له قبل فلان فادعى هبة فهو على دعواه. (¬4) ف: جعلته (¬5) د - كله. (¬6) ف: إلى المريض. (¬7) د: إذا ادعى.

باب الإقرار بالإجارة

يقضى له بشيء في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد؛ لأن الرهن لا يجوز إلا مقبوضاً. وكذلك الهبة والصدقة. ولو أقر برهن شِقْص في دار أو دابة وأنه قد قبض لم يجز ذلك. وكذلك شقص في عبد أو دابة. أما الدار فإن أبا حنيفة قال: هو باطل، لأنه غير مقسوم. وأما العبد والدابة فإن أبا حنيفة قال: لا يكون نصفه ولا شقصه (¬1) رهناً؛ لأن ما لم يكن منه رهناً (¬2) فله أن يستخدم ويستغل. ولو ادعى رجل أن فلاناً رهنه هذا العبد وأنه قد قبضه، فقال الراهن: صدقت، أو قال: نعم، أو قال: أجل، أو قال ذلك بالنبطية أو بالفارسية، فهو جائز يقضى عليه بذلك، ويدفع إلى المرتهن. وإذا أقر الرجل أنه رهن هذا العبد من فلان وأنه قد قبضه منه وقال: بمائة درهم، وقال فلان: بمائتي درهم، فإن الرهن جائز، وهو بمائة (¬3) درهم. وإن كان الرهن في يدي الراهن أو في يدي المرتهن فهو سواء وهو جائز. وكذلك لو أقر العبد التاجر بالرهن والمكاتب عليه أو له. وإذا أقر في دار برهن ولم يحدّها ولم يعرفها الشهود فإن ذلك لا يجوز إذا جحدها. وإن حدّدها (¬4) وسموا الدراهم والذي رهنها منه فهو جائز. وإن لم يحدّدها وعرفها الشهود فهو جائز. وكذلك العبد والأمة. ... باب الإقرار بالإجارة وإذا أقر الرجل أنه أجر هذه الدار من فلان كل شهر بدرهمين وأقر (¬5) فلان بذلك، أو ادعى فلان ذلك وأقر به رب الدار، فهو ¬

_ (¬1) د م: شقص. (¬2) م ف: رهن. (¬3) د م ف: مائة. (¬4) حدَّ الدار وحدّدها أي: بين حدودها. انظر: لسان العرب، "حدد". (¬5) د: فأقر.

باب الإقرار بالدين أنه لفلان وإلا فعليه لفلان كذا كذا

جائز. وكذلك لو ادعى ذلك أحدهما فقال الآخر: أجل أو نعم أو صدقت. ولو اختلفا في الأجر فإنهما يتحالفان ويترادان. وكذلك لو اختلفا في أجر العبد والدار. وكذلك الأرض. فهو كله باب واحد (¬1). وكذلك أهل الذمة. وكذلك المرأة. وكذلك الرجل. وكذلك العبد التاجر يقر بالإجارة. وكذلك المكاتب في الإجارة بالبينة أو بالإقرار سواء. وإذا أقر الرجل (¬2) بالإجارة (¬3) في دار لا يعرفها الشهود وحدّدها وسمى الأجر والموضع فهو جائز. وإن لم يحدّدها (¬4) لم يجز ذلك. وكذلك لو أقر بإجارة عبد وسمى الأجر فإن عرفه الشهود فهو جائز. وإن لم يعرف الشهود ذلك فهو باطل إذا جحده. والإقرار بالفارسية وبالنبطية وبأي لسان كان في جميع الأشياء جائز لازم. ... باب الإقرار (¬5) بالدين أنه لفلان وإلا فعليه لفلان كذا كذا وإذا أقر الرجل أن لفلان عليه ألف درهم أقرضنيها أمس، أو منذ شهرين، وإلا فعبده حر، فإن المال يلزمه ولا يعتق عبده. وكذلك لو حلف على ذلك بطلاق أو حج أو عمرة. وكذلك لو حلف على ذلك بالله. ولو أقر أنه استقرض من فلان ألف درهم وقبضها وإلا فإن لفلان عليه ألف درهم فإن الإقرار الأول جائز، والثاني مخاطرة لا تلزمه. ولو قال (¬6): ابتعت من فلان هذا العبد بألف وإلا فلفلان عليه خمسمائة درهم، وادعى رب العبد أنه باعه منه، لزمه البيع ولا يلزمه من الخمسمائة شيء؛ لأن ¬

_ (¬1) ف - وكذلك لو اختلفا في أجر العبد والدار وكذلك الأرض فهو كله باب واحد. (¬2) د م - الرجل. (¬3) د + بالإجارة. (¬4) م: لم يحدها. (¬5) م: للإقرار. (¬6) ف + قد.

الخمسمائة مخاطرة. وإن أنكر رب العبد البيع لم يلزمه من البيع (¬1) شيء ولا من الخمسمائة. وإذا أقر أن لفلان عليه ألف درهم وإلا فلفلان عليه مائة دينار (¬2)، كان هذا باطلاً لا يلزمه واحد منهما. وهذا مثل قوله: قد استقرضت من فلان ألف درهم وإلا فلفلان علي ألف درهم. ألا ترى أنه لو قال: قد أعتقت عبدي هذا وإلا فغلامي هذا حر، عتق الأول وكان الثاني عبداً (¬3) لا يعتق. ولو قال: قد أعتقت هذا وإلا فقد أعتقت هذا، كان مخيراً في هذا كله، كأنه قال: هذا حر أو هذا. وهذا كله قول أبي يوسف. وأما في قولنا فهو كله سواء، فإن الأول ماض جائز، والثاني باطل، إلا أن يقول: فلان حر أو فلان، أو يقر بالمال فيقول: لفلان علي ألف درهم أو لفلان، فإن القول في هذا مثل ما قال أبو يوسف. وأما إذا أقر الرجل فقال: لفلان علي ألف درهم وإلا فلفلان مائة دينار، فإنه يحلف لكل واحد منهما في قول أبي يوسف، [و] الأول والثاني باطل إلا أن يقول: وفلان أو فلان، أو يقر بمال فيقول: لفلان علي ألف أو لفلان، فيكون القول في هذا مثل ما قال أبو يوسف من ذلك [أنه] جائز. فإن حلف برئ، وإن نكل عن اليمين لزمه ذلك. ولو قال: استقرضت من فلان أمس ألف درهم وقبضتها، وإلا فلفلان علي مائة دينار، لزمه المال (¬4) الأول، والثاني باطل؛ لأن الثاني مخاطرة. وليس هذا مثل الباب (¬5) الأول. وهذا كله قول أبي يوسف. وقال (¬6) محمد: هما سواء، والمال الأول لازم، والثاني مخاطرة من الوجهين جميعاً إلا أن يقول: فلان حر أو فلان، أو يقر (¬7) بمال. ... ¬

_ (¬1) د - من البيع. (¬2) ف: درهم. (¬3) د م ف: عبد. (¬4) د - المال؛ صح هـ. (¬5) د - الباب. (¬6) د ف: قال. (¬7) م ف: فيقر. والتصحيح من ب.

باب الرجل يقر في نصيبه خاصة

باب الرجل يقر في نصيبه خاصة وإذا كانت الدار بين رجلين فأقر أحدهما أن نصيبه منها لفلان أو نصفه، أو قال (¬1): نصف نصيبي لا حق لى فيه، فهو جائز يلزمه ذلك. وكذلك لو أقر أن له جميع عشر الدار من نصيبه خاصة كان ذلك جائزاً يلزمه. وكذلك لو أقر أن له ثلث جميع الدار من نصيبه خاصة كان ذلك جائزاً. وكذلك هذا في العبد والأمة والأرض. وإن أقر أن (¬2) له ربع (¬3) جميع هذه الدار، ولي ربع ونصف، ولصاحبي ربع ونصف، وجحد شريكه ذلك، فإن نصف الدار حصة المقر، تكون بين المقر والمقر له على خمسة، للمقر له اثنان، وللمقر (¬4) ثلاثة (¬5)، يضرب المقر له بالربع والمقر بالربع (¬6) ونصف الربع. وكذلك الأرض والعبد والأمة والدابة والشاة والثوب (¬7)، فهذا كله سواء. ولو أقر أن الدار كلها لفلان جاز له (¬8) نصفه، ولا شيء له على المقر في (¬9) ذلك، ونصفه لصاحبه. وإذا أقر الرجل أن لفلان عليه ألف درهم وأنه قضاه إياها، فوصل الإقرار بهذا، ثم جاء بالبينة أنه قد قضاه إياها، فإنه لا يقبل ذلك منه، وهذا الكلام مخالف، لا يجوز أن يقول: له علي ألف درهم، وقد قضيتها (¬10) إياه، ولكني أستحسن أن تقبل البينة على ذلك. وإن قال: له علي ألف درهم، ثم قال بعد ذلك: قد قضميتها (¬11) إياه قبل أن أقر له (¬12) بها، وجاء بالبينة، لم أقبل منه (¬13) البينة على ذلك، وكان إقراره أصدق من ¬

_ (¬1) ف - نصفه أو قال. (¬2) د م ف - أن، صح د هـ. (¬3) ف: بربع. (¬4) م ف + له. (¬5) د م: ثلثة. (¬6) د م: بربع. (¬7) د - والثوب. (¬8) ف - له. (¬9) ف + جميع. (¬10) ف: قبضتها. (¬11) ف: قبضتها. (¬12) م - له. (¬13) م "أن أقر بها وجاء بالبينة لم أقبل منه" غير واضح.

بينته. ولو قال: كان له علي ألف درهم، ثم قال: قضيتها (¬1) إياه قبل أن أقر (¬2) بها، وجاء بالبينة، فإن هذا تقبل منه البينة عليه؛ لأن هذا إنما أقر بشيء ماض. وهذا الإقرار كله عند القاضي وعند غيره سواء. ولو أقر رجل أن هذا العبد لفلان، ثم قال: اشتريته منه، ووصل ذلك بإقراره، ثم جاء بالبينة أنه اشتراه منه بألف درهم قبل الإقرار، ونقده (¬3) الثمن، أجزت ذلك وأنفذته. وكذلك لو قال: هي دار فلان اشتريتها منه، أو قال: هذه (¬4) دابة فلان وهبها لي وقبضتها، وجاء بالبينة، فإنني أقبل ذلك منه، وأقضي له بشهادتهم. ولو أقر أن هذا العبد لفلان ثم ادعى بعد ذلك أنه اشتراه منه قبل الإقرار فإنني لا أقبل ذلك منه؛ لأن إقراره أصدق من بينته. ولا يشبه هذا الباب الأول. وذلك ادعى ما ادعى موصولاً بالإقرار، وهذا قطع الكلام. وكذلك لو ادعى هبة أو صدقة قبل الإقرار. والعبد والدار (¬5) والأرض والدابة والعروض كلها في ذلك بمنزلة واحدة. وإذا أقر الرجل أن هذا العبد الذي في يديه عبد فلان [وقال:] اشتريته منه بألف درهم، ونقدته (¬6) الثمن، ثم قال بعد ذلك: اشتريته من فلان بخمسمائة درهم (¬7) ونقدته (¬8) الثمن، فإن أقام البينة على ذلك كله فهو جائز، وعليه الثمن للأول والثمن للآخر. وكذلك إن أقام البينة على الأول بذلك ولم يقم على الآخر وصدقه الآخر بالبيع. وإن لم تقم له بينة على ذلك فإن العبد للأول، وللثاني (¬9) قيمة العبد على المقر إن جحد البيع. وإن ادعى البيع فله عليه خمسمائة. وكذلك الدابة والدار والأرض والثوب. ... ¬

_ (¬1) د م ف: قبضتها. (¬2) د م ف: أن يقر. (¬3) د م ف: وانقده. (¬4) د - هذه؛ صح هـ. (¬5) م: والدور. (¬6) د م ف: وانقدته. (¬7) د ف - درهم. (¬8) د: وانقد؛ م ف: وانقدته. (¬9) م: والباقي.

باب الإقرار بعبد مشترك

باب الإقرار بعبد مشترك (¬1) وإذا أقر الرجل أن هذا العبد الذي في يديه بينه وبين فلان، ثم قال بعد ذلك: هو بيني وبين فلان آخر، ثم قال بعد ذلك: هو بيني وبين فلان آخر، ثم خاصموه إلى القاضي، فإنه يقضى للأول بنصفه، وللثاني بربعه، وللثالث بثمنه، ويبقى في يد المقر الثمن. وكذلك لو كان أقر بهذا على أبيه وهو ميت وهو وارثه أو على وارثه. وكذلك لو أقر على ميت هو وارثه. ولو أقر بالعبد كله لفلان، ثم قال بعد ذلك: هو لفلان، فإنه يقضى به للأول، ولا شيء للآخر. ولو كان دفعه إلى الأول بغير قضاء قاض فإنه يضمن للآخر قيمته. ولو أقر أفقال:، إن فلاناً أودعني هذا العبد، ثم قال: أودعنيه فلان الآخر، فإنه يقضى به للأول، ويضمن للآخر قيمته. وكذلك الغصب. وكذلك العارية من قبل أنه أتلف حق الآخر بإقراره الأول. وليس هذا كالباب الأول، لم يضف الإقرار إلى نفسه ليضمن بذلك، إنما كان في الباب الأول شاهداً، وهو في هذا الباب غاصب. وإذا كان في يدي رجل دابة، فقال: استودعني فلان نصف هذه الدابة، ثم قال بعد ذلك: استودعني فلان نصف هذه الدابة لآخر، ثم أقر بمثل ذلك لآخر، فإن الدابة بين الأولين، ويضمن المقر نصف قيمة الدابة للآخر. وكذلك الغصب في هذا. وكذلك العارية. وكذلك الإجارة. ... باب البينة على الإقرار وإذا كانت الدار في يدي رجل، فأقام آخر البينة على أن المدعى عليه أقر أنها له، وأقام الذي هي في يديه البينة أن المدعي أقر بها له، فإن أبا ¬

_ (¬1) د م ف: اشتراه. وفي ب: باب الإقرار بعبد لاثنين. ومسائل الباب تقتضي التصحيح.

حنيفة قال: أقضي بها للذي هي في يديه. وكذلك العبد والأمة والدابة والثوب والمكيل والموزون. وإذا شهد شاهدان على الذي هي في يديه أنه (¬1) أقر أن (¬2) هذه الدار التي فى يديه لفلان، واختلف الشاهدان في الشهور والأيام والبلدان، فإن (¬3) ذلك لا يفسد شهادتهما، مِن قِبَل (¬4) أنهما شهدا على الإقرار. وكذلك لو شهد أحدهما بهذه الدار ودار أخرى وشهد الآخر على هذه الدار، فإن ذلك يجوز في الدار التي اجتمعا عليها. وكذلك لو شهدا على دين فشهد أحدهما على ألف والآخر على ألف وخمسمائة، فإنه يجوز من ذلك ألف في قول أبي حنيفة. ولو شهد أحدهما على ألف والآخر على ألفين فإنه لا يجوز شيء من ذلك في قول أبي حنيفة، ويجوز في قول أبي يوسف ومحمد ألف. وإن شهدا (¬5) أنه أقر بألف فقال أحدهما: كنا جميعاً، والآخر: كنت وحدي، فهو جائز. وإذا ادعى رجل على رجل ألف درهم، ثم قال (¬6): قد أخذتُ منها شيئاً، فقد أقر بها. وكذلك إذا قال: كم وزنها، وكيف وزنها. وكذلك إذا قال: متى محلها، فقد أقر بها. وكذلك إذا قال: ما ضَرْبُها، فقد أقر بها. وإذا قال: قد برئت إليك منها، أو قد أديتها إليك، فقد أقر بها، غير أن (¬7) الطالب يحلف بالله ما قبضها، ثم يأخذها. ولو قال: قد برئت إليك من كل قليل أو كثير كان لك علي، فقد (¬8) أقر بشيء (¬9)، [فيجبر] (¬10) على أن يقر به قليلاً كان أو كثيراً، ويحلف الطالب ما قبضه منه، ويحلف المدعى قبله ما له عليه حق (¬11) غير هذا. ... ¬

_ (¬1) د م ف: ان. (¬2) د - أن. (¬3) د م ف: ان. (¬4) د م ف: ثم قبل. (¬5) د م ف: شهد. (¬6) أي: المدعى عليه. (¬7) د + أن. (¬8) د ف: قد. والتصحيح من ب. (¬9) م "من كل قليل أو كثير كان لك علي قد أقر بشيء" غير واضح. (¬10) الزيادة من ب. ونحوها في الكافي، 2/ 58 و؛ والمبسوط، 18/ 181. (¬11) د م - حق.

باب إقرار الرجل بما قد قبضه من ملك الرجل

باب إقرار الرجل بما قد (¬1) قبضه من ملك الرجل ولو أن رجلاً أقر بأنه (¬2) أخذ ثوباً من دار بينه وبين آخر، فقال الشريك: الثولب لي أو نصفه، وقال الآخر: بل هو لي، فإن القول في ذلك قول الآخذ مع يمينه، من قبل أن للآخذ أن يسكن هذه الدار ويدخلها ويخرج منها. وإذا أقر الرجل أنه قد (¬3) قبض من بيت (¬4) فلان مائهة درهم، ثم قال: هي لي، أو قال: هي لفلان لآخر (¬5)، وجحد ذلك بعد أن أشهد على نفسه بالقبض، فإن المال يلزمه لصاحب البيت؛ لأنه قبضه من ملكه. فإن زعم أنه لآخر قبضمه منه ضعمن لى مثله. وكذلك لو قال: قبضت من صندوق فلان مائة درهم، فهو ضامن. وكذلك لو قال: قبضت من كيس فلان مائة درهم. وكذلك لو قال: قبضت من سَفَط (¬6) فلان ثوباً يهودياً أو ثوباً مروياً، فهو ضامن. وإن قال: قبضت من قرية فلان كُرًّا من حنطة، فهو ضامن. وكذلك كل ما يكال أو يوزن. وكذلك لو قال، قبضت من نخل فلان كرًّا من تمر، أو من زرع فلان كرًّا من حنطة (¬7)، فهو ضامن لذلك. ولو قال: قبضت من أرض فلان عِدْلاً من زُطِّي (¬8)، ثم قال: إنما مررت فيها ماراً، فنزلتها ومعي أحمال من زُطِّي، فإنه يقضى بالزطي لصاحب الأرض، إلا أن تكون الأرض طريقاً معروفاً، أو يكون الطريق فيها. ¬

_ (¬1) ف - قد. (¬2) ف: أنه. (¬3) ف - قد. (¬4) د - بيت. (¬5) م: الآخر. (¬6) قال المطرزي: السَّفَط واحد الأسفاط: وهو ما يعبّأ فيه الطِّيب وما أشبهه من آلات النساء. ويستعار للتابوت الصغير، ومنه "ولو أن صبياً حُمل في سَفَط". انظر: المغرب، "سفط". (¬7) د - فهو ضامن وكذلك كل ما يكال أو يوزن وكذلك لو قال قبضت من نخل فلان كرا من تمر أو من زرع فلان كرا من حنطة. (¬8) نوع من الثياب كما تقدم.

فإذا كان الطريق فيها فالقول للذي (¬1) حمل ذلك منها، ولا يكون لرب الأرض. وكذلك القرى (¬2) إذا كانت الطريق فيها. ولو قال: أخذت من دار فلان (¬3) مائة درهم، ثم قال: كنت فيها ساكناً، أو كانت معي بإجارة، فإنه لا يصدق على ذلك. فإن جاء بالبينة أنها كانت في يديه بإجارة (¬4) فإني أبرئه من المائة درهم. ولو شهد شاهدان أن فلاناً أتى أرض فلان هذه فاحتفر فيها واستخرج منها ألف درهم وزن سبعة، وادعاها رب الأرض، وجحد الحافر، وأقر بذلك وادعاها، فإني أضمنها إياه، وأقضي بها لرب الأرض. أرأيت لو شهدوا أنه ضرب رب الأرض وأخذه فأوثقه وقاتله (¬5) على ذلك الموضع حتى غلبه، ثم احتفر فيها وأخرج منها ألف درهم ألم أقض بها له. وإذا شهد شاهدان أن (¬6) فلاناً أخذ من منزل فلان كذا من الثياب فهو ضامن له (¬7). وكذلك إن شهدوا على شيء من الوزن أو الكيل. وكل شيء من ذلك أضافه إلى ملك رجل فأقر أنه قد أخذ من دار فلان أو من بيت (¬8) فلان فهو لرب البيت. وكذلك لو شهدت به الشهود. وإذا أقر أنه أخذ سَرْجاً كان على دابة فلان، أو لجاماً كان عليها، أو جُلّاً (¬9) كان عليها (¬10)، فادعى كله، فإنه يقضى به لرب الدابة ورب الأرض. وكذلك لو أقر أنه أخذ بطانة جبة فلان، أو حَمَائل (¬11) سيف فلان، أو جَفْن ¬

_ (¬1) م: الذي. (¬2) ولفظ الحاكم: القرية. انظر: الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، الموضع السابق. (¬3) د - فلان. (¬4) م: إجارة. (¬5) م: وقبله؛ د ف: وقتله. (¬6) م "شاهدان أن" غير واضح. (¬7) د - له. (¬8) د + بيت؛ م: من يد. (¬9) جُلّ الدابة: كثوب الإنسان يلبسه يقيه البرد. انظر: المصباح المنير، "جلل". (¬10) د م ف: عليه. (¬11) الحمائل جمع الحِمالة بالكسر أو المِحْمَل بوزن المرجل: وهي عِلاقة السيف، وهو السيف الذي يتقلده المتقلد. هذا قول الخليل. وقال الأصمعي: حمائل السيف لا واحد لها من لفظها، وإنما واحدها مِحْمَل بوزن مِرْجَل. انظر: مختار الصحاح، "حمل".

سيف فلان (¬1)، أو جِلال (¬2) قبة فلان، أو سِتْر باب فلان، فهذا كله يقضى به لفلان رب ذلك المتاع. وإذا أقر أنه ركب دابة فلان فأخذه فلان بها فهو ضامن لها حتى يردها. وكذلك لو قال: لبست ثوب فلان (¬3). وكذلك لو قال: استخدمت (¬4) خادم فلان. ولو قال: حملني فلان على دابة، لم يضمن شيئاً؛ لأنه لم يقر هاهنا بقبضها. وقد أقر في الباب الأول بقبضها. وكذلك السفينة والناقة. ولو أقر أنه حمل على دابة (¬5) فلان، فجاء فلان يطلبها، لم يضمن شيئاً؛ لأنه لم يقر بقبضها. ولو أقر أنه أخذ ثياباً من حمام فلان، فلا ضمان عليه؛ لأن هذا بيت مأذون فيه. وكذلك المسجد الجامع. وكذلك الخان وكل دار أو أرض ينزلها الناس ويضعون فيها الأمتعة والأشياء، فلا ضمان عليه في ذلك. ولو أقر رجل أنه وضع ثوبه في بيت فلان ثم أخذه، لم يضمن في قول أبي حنيفة إن (¬6) ادعى ذلك رب البيت، وهو (¬7) ضامن في قول أبي يوسف ومحمد. وإذا أقر الرجل أنه أخذ ثوباً من طريق فلان، أو من فناء (¬8) فلان، فلا شيء عليه؛ لأنه لم يضف ذلك إلى ملك فلان. ولو قال: أخذت ثوباً من ¬

_ (¬1) ف - أو جفن سيف فلان. (¬2) الجِلّ من المتاع: البُسْط والأكسية ونحوها، والجمع جِلَال. انظر: القاموس المحيط، "جلل". (¬3) ف - وكذلك لو قال لبست ثوب فلان. (¬4) د م: اخدمت؛ ف: احدت. والتصحيح من الكافي، 2/ 58 ظ؛ والمبسوط، 18/ 183. اختدم فلاناً واستخدمه أي استعمله في خدمته. أما أخدمه فهو بمعنى أعطاه خادما. انظر: لسان العرب، "خدم". (¬5) د: على ناقة. (¬6) د م ف: فإن. والتصحيح من الكافي، 2/ 58 ظ. (¬7) د م ف: فهو. والتصحيح من الكافي، 2/ 58 ظ. (¬8) د م ف: من قرى. والتصحيح من الكافي، 2/ 58 ظ؛ والمبسوط، 18/ 183.

أجير فلان، فإنه (¬1) للأجير دون الأستاذ. ولو قال: أخذت ثوباً من حانوت فلان، كان لفلان. ولو قال: أخذت دهناً من قارورة فلان، أو سمناً من زِقّ فلان، أو زيتاً من خابية فلان، فهو سواء، وهو ضامن لذلك، والقول فيه قوله مع يمينه، وعلى فلان البينة على ما ادعى من الفضل. والإقرار بالفارسية والنبطية والطحاوية (¬2) والسندية وبكل لسان يعرف (¬3) فهو إقرار جائز، وهو سواء. ولو أقر أنه أخذ ثوباً من مسجد بني فلان، لم يكن عليه ضمان. وكذلك لو قال: من مسجد فلان، بعد أن يكون مسجد جماعة؛ لأنه ليس يملك فلان دون المسلمين. فإن كان مسجداً في دار رجل أقر أنه أخذ منه ثوباً، فهو ضامن لذلك الثوب لرب الدار. ولو قال: أخذت (¬4) ثوباً من هذه البِيعة أو من هذه الكنيسة، لم يضمن شيئاً؛ لأن ذلك لعامتهم. وكذلك [بيت] (¬5) النار. وكذلك القنطرة والجسر. وكل موضع على هذا الوجه للعامة فلا ضمان عليه فيه. وكذلك المسجد الحرام والكعبة. وكذلك الطريق المعروفة والمناهج (¬6). وأما في قول أبي حنيفة فالقول قول الآخذ أنه له في جميع ذلك بعد أن يحلف إذا ابتدأ الإقرار، بأن كان يقول: هو ثوبي أخذته من موضع كذا وكذا. ... ¬

_ (¬1) د م: وانه. (¬2) كذا في م ف ب. ولم يذكرها الحاكم ولا السرخسي. ولم أجدها في المعاجم. (¬3) د - يعرف. (¬4) د م: أخذ. (¬5) الزيادة من الكافي، 2/ 58 ظ. والمقصود معبد المجوس. (¬6) المناهج جمع المنهج: وهو الطريق الواضح. انظر: القاموس المحيط، "نهج".

باب إقرار الرجل على نفسه وعلى غيره

باب إقرار الرجل على نفسه وعلى غيره وإذا أقر الرجل [فقال:] إن لفلان علي (¬1) وعلى فلان (¬2) ألف درهم، فجحد فلان ذلك، وادعى الطالب أن المال كله على المقر، فإنه يلزم المقر نصف ذلك. وكذلك لو قال: لفلان علي وعلى فلان وفلان ألف درهم، فإن عليه الثلث (¬3) من ذلك. وكذلك ما سمى من عدد الرجال والنساء فإنما عليه من حصته ما سمى من العدد. وإن كان سمى عشرة فعليه العشر (¬4). وإن كان سمى فيمن سمى عبداً محجوراً عليه أو تاجراً أو مكاتباً أو صبياً صغيراً أو أمةً مدبرةً أو أم ولد أو رجلاً من أهل الذمة أو مستأمناً من أهل الحرب أو مرتداً أو رجلاً ميتاً (¬5) أو رجلاً لا يعرف، فإن ذلك كله سواء. وإن جحد ذلك الذي أقر عليهم أو لم يعرفوا (¬6) أو لم يحضروا فيقروا أو ينكروا، وادعى الطالب أن المال على المقر كله، فإنما عليه من ذلك حصته على عدد الذين أقر عليهم. ولو لم يسم رجالاً معه ولكنه أقر فقال: علينا ألف درهم، ثم قال المقر: عنيت معي فلاناً وفلاناً، وادعى الطالب (¬7) أن المال كله على المقو، [فإن المال كله على المقر,] (¬8) لأنه لم يسم معه أحداً. و"علينا" يكون على واحد، ويقع على جماعة. ألا ترى إلى قوله تعالى: {إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى} (¬9)، وقوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ} (¬10). ولو أقر الرجل ¬

_ (¬1) ف: عليه. (¬2) ف - وعلى فلان. (¬3) ف: البينة. (¬4) ف: العشرة. (¬5) ف - أو رجلاً ميتا. (¬6) د م: لم يعترفوا، (¬7) د - أن المال على المقر كله فإنما عليه من ذلك حصته على عدد الذين أقر عليهم ولو لم يسم رجالا معه ولكنه أقر فقال علينا ألف درهم ثم قال المقر عنيت معي فلاناً وفلاناً وادعى الطالب. (¬8) الزيادة مستفادة من ب، والكافى،2/ 59 و؛ والمبسوط، 18/ 184. (¬9) سورة الليل، 92/ 12. (¬10) سورة ق، 50/ 43.

فقال: لفلان علينا ألف درهم، وأشار بيده إلى نفسه وإلى آخرين معه، وادعى الطالب ذلك المال كله عليه، فإن المال كله لازم للمقر، وإشارته بيده لا تنفعه ولا تبطل عنه شيئاً. ولو كان معه رهط قعود فقال: لفلان علينا جميعاً - وأشار بيده إلى نفسه وإليهم - ألف درهم، أو قال: لفلان علينا كلنا- وأشار بيده إلى نفسه واليهم - ألف درهم، وادعى الطالب كله عليه، فإنني ألزم المقر حصته من ذلك على عدد القوم الذين هم معه. ولا يشبه هذا الباب الأول؛ لأن هذا قد سمى جماعة. ولو كان رجل قاعداً مع القوم، فقال: لفلان على رجل منا ألف درهم، لم يلزمه بتلك المقالة شيء. ولو قال: لفلان على رجلين منا ألف درهم، كان كذلك أيضاً؛ لأنه لم يضف ذلك إلى نفسه ولا إلى إنسان معروف بعينه. ولو أن رجلاً أقر فقال: يا فلان، لكم علي ألف درهم، ثم قال المقر: عنيت أن معك فيها شركاء فلان وفلان، وقال المقر: بل هي لي وحدي، فإن المال كله للمقر له وحده. وكذلك لو قال: أنتم يا فلان، لكم علي ألف درهم. وكذلك لو قال: نحن يا فلان، لكم علينا ألف درهم، فهذا باب واحد، والمال لازم له كله. ولو قال: يا فلان، لكما علي ألف درهم، كان لفلان منها النصف، وإن ادعاها فلان كلها لم يصدق. فلا (¬1) يشبه قوله: لكما، قوله: لكم، لأن قوله: لكم، يكون على الواحد ويكون على الجماعة، و"لكما" لا يكون إلا لاثنين. ولو أقر رجل فقال: أقرضنا فلان ألف درهم، أو استودعنا (¬2) فلان ألف درهم، أو غصبنا من فلان ألف درهم، ثم إن المقر قال: كنت أنا وثلاثة (¬3) في ذلك، وادعى المقر له ذلك كله على المقر، فإن المقر يلزمه ¬

_ (¬1) د: ولا. (¬2) ف: واستودعنا. (¬3) د م: وثلثة.

باب الإقرار بالدين في الصحة

ذلك كله. وكذلك لو قال: أعارنا فلان ثوباً أو دابة، ثم قال: أعارنيه أنا وفلاناً وفلاناً، وإنما في يدي منه الثلث، وادعى المقر له العارية كلها عليه، فإن المقر يلزمه الثوب كله. ولو أقر فقال: غصبت ومعي فلان من فلان مائة درهم، فإنما يلزمه من هذا النصف. ولو قال: غصبت من فلان ومعي فلان جالس ألف درهم، لزمه المال كله؛ لأنه وصف فلاناً بجلوس فصار الغصب عليه خاصة، ووصفه في الباب الأول بغير فعل، فصار الغصب منهما جميعاً. وكذلك هذا الباب في كل قرض وعارية ووديعة وشراء وإقرار بقتل خطأ أو جراحة خطأ، فهو سواء كله. ... باب الإقرار بالدين في الصحة وإذا ادعى الرجل قبل رجل ألف درهم، وقدمه إلى القاضي، وأقر المدعى عليه أن له قبله ألف درهم، أو قال: له علي، فهو جائز، وعليه (¬1). وإن قال: له عندي ألف درهم، فهذه وديعة، وليس هذا بدين. ولو أقر المطلوب أن لفلان عليه ألف درهم من ثمن بيع فهو جائز. وإن قال (¬2) بعد ذلك: لم أقبض المتاع، لم يصدق ولم يبطل عنه المال. وهذا كله قول أبي حنيفة. ولو قال: له علي ألف درهم زُيوف (¬3) من ثمن بيع، فقال ¬

_ (¬1) م ف + عليه. (¬2) م "من ثمن بيع فهو جائز وإن قال" غير واضح. (¬3) زَافَتْ عليه دراهمُه أي: صارت مردودة عليه لِغِشِّ فيها، وقد زُيِّفَتْ إذا رُدَّتْ، ودرهم زَيْف وزائف، ودراهم زُيُوف وزُيَّف، وقيل: هي دون البَهْرَج في الرداءة، لأن الزيف: ما يرده بيت المال، والبَهْرَج: ما يرده التجار، وقياس مصدره الزُّيُوف، وأما الزَّيَافَة فمن لغة الفقهاء. انظر: المغرب، "زيف". وقال السرخسي: ثم الزيوف: ما زيّفه بيت المال ولكن يروج فيما بين التجار. انظر: المبسوط، 12/ 144.

الطالب: هي جياد، فإن أبا حنيفة قال: القول قول الطالب، وهي جياد؛ لأن الناس لا يتبايعون بالزيوف. وكذلك النَّبَهرَجَة (¬1). وقال أبو يوسف ومحمد: القول قول المطلوب في ذلك مع يمينه، وهي زيوف أو نبهرجة مع يمينه. ولو أقر أن له قِبَلَه ألف درهم من ثمن متاع لم يقبضه فإن هذا في قول أبي حنيفة جائز يلزمه المال، ولا مخرج له دون أن يدفعه. وقال أبو يوسف ومحمد: ليس عليه شيء، والقول قول المطلوب مع يمينه؛ لأنه وصل الكلام، فإنه قال: من ثمق متاع لم أقبضه. ولو قال: من ثمن متاع (¬2)، ثم سكت، ثم قال بعد ذلك: لم أقبضه، فإن أبا حنيفة قال: يلزمه المال ولا نصدفه. وقال أبو يوسف ومحمد: إن أقر الطالب أنه باعه متاعاً فالقول قول المطلوب أنه لم يقبضة مع يمينه، ويبطل عنه المال، فإن جحد الطالب أن يكون باعه متاعاً فإن المال لازم للمقر، ولا يصدق على قوله: لم أقبض المتاع؛ لأنه لم يصل ذلك بالإقرار. وقد أقر أن المال عليه، فلا يصدق على كلام قد قطع ما بينهما بسكوت يريد أن يبطل به الإقرار. ولو أقر أن عليه ألف درهم قرضاً زيوفاً أو نَبهْرَجَة وقال الطالب: بل هي (¬3) جياد، فإن أبا حنيفة قال: هي جياد. وقال أبو يوسف ومحمد: هي زيوف وهي نبهرجة؛ لأن الناس يتقارضون ذلك ويتبايعون به. ألا ترى لو أن رجلاً اشترى بَيْعاً (¬4) بدراهم زيوف بغير عينها (¬5) أو نبهرجة بغير عينها كان الشراء جائزاً، وكذلك القرض. ولو أقر أن له (¬6) محليه مائة درهم سَتُّوقة (¬7) قرض وقال الطالب: هي ¬

_ (¬1) النَّبَهْرج والبَهْرَج: الدرهم الذي فضته رديئة, وقيل: الذي الغلبة فيه للفضة، إعراب نَبَهْره. وقيل: المُبْطَل السِّكّة انظر: المغرب، "بهرج"؛ والقاموس المحيط، "نبج". (¬2) د - متاع لم أقبضه ولو قال عن ثمن متاع. (¬3) م - هي. (¬4) أي: مبيعاً، كما تقدم مراراً. (¬5) د م ف: عينه. (¬6) ف - له. (¬7) قال المطرزي: السَّتُّوق بالفتح: أردأ من البَهْرَج، وعن الكرخي: الستّوق عندهم: ما كان الصُّفر أو النحاس هو الغالب الأكثر، وفي الرسالة اليوسفية: البَهْرَجَة إذا غلبها=

جياد، فإنها جياد في قول أبي حنيفة. وكذلك لو قال: له علي مائة درهم ستوقة من ثمن بيع (¬1)، فهو مثل الأول، وهي جياد في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: القول في القرض قول المطلوب مع يمينه، وأما في ثمن البيع فإن القول قول الطالب، ولا يصدق المطلوب على فساد البيع؛ لأن البيع بالستوقة بغير عينها لا يجوز، وأما القرض فإنه ليس ببيع، إنما أقر له بشيء أخذه (¬2) منه فهو عليه. أرأيت لو قال: لك علي عشرة أفْلُس قرضاً من ضرب كذا وكذا، هل يكون عليه غير ذلك، إنما عليه ما قال مع يمينه بالله تعالى. وقال محمد: يصدق في ذلك كله، ولا يلزمه لشئ من الثمن، فإن (¬3) أقر بقبض المتاع رده، وإن كان مستهلكاً في يديه ضمن قيمته، وهو بمنزلة قوله: ابتعته بغير ثمن مسمى أو بخمر أو خنزير. وقال أبو حنيفة: إذا أقر أنه غصبه ألف درهم سَتُّوقة أو زُيوفاً أو رصاصاً أو أقر بوديعة فوصل ذلك كله فالقول دول المطلوب مع يمينه. وهو قول أبي يوسف ومحمد. ولو قال: غصبتك ألف درهم، وسكت، ثم قال بعد ذلك: هي زيوف أو نبهرجة، فإنه يصدق في الزيوف والنبهرجة. وكذلك الوديعة. وإن قال: هي ستوقة أو رصاص، لم يصدق؛ لأن الرصاص لا فضة فيه (¬4)، والزيوف والنبهرجة (¬5) فيها (¬6) فضة. ولو أقر أن له قبله ألف درهم من ثمن عبد قد قبضه وهو في يديه بعينه، وقال الطالب: لي عليك ألف درهم، وليست من ثمن هذا العبد، وهي من ثمن غيره، وهذا العبد لي، لم أبعكه، فإن أبا حنيفة قال: يحلف ¬

_ = النحاس لم تؤخذ، وأما الستوقة فحرام أخذها، لأنها فلوس. انظر: المغرب، "ستق" وقال السرخسى: الستوقة: فلس مموه بالفضة. أنظر: المبسوط، 12/ 144. (¬1) د: متاع. (¬2) د: أخذ. (¬3) د م: وإن. (¬4) والستوقة فيها فضة قليلة جداً لا حكم لها. انظر الحاشية السابقة. (¬5) د م ف + فإن. (¬6) د م ف: فيه.

كل واحد منهما على دعوى صاحبه، ويرد العبد، ويبطل المال. وهو قول أبي يوسف ومحمد. ولو أسلم (¬1) له ذلك العبد ولم يخاصمه ولم يدعه كان عليه ألف درهم في قولهم جميعاً. ولو قال: لك علي ألف درهم من ثمن عبدك هذا الذي في يديك، فقال المدعي: بل هو لي عليك من غير ذلك، فإن أبا حنيفة قال: إن سلم له ذلك العبد وجب له المال، وإن لم يسلم له العبد فلا شيء له. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. ولو أقر أن عليه ألف درهم من ثمن خمر أو خنزير، وقال الطالب: بل هي من ثمن بَزّ، فإن المال لازم للمطلوب في قول أبي حنيفة مع يمين الطالب. وقال أبو يوسف ومحمد: القول قول المطلوب مع يمينه ولا شيء عليه. ألا ترى أنه لو أقر بألف درهم عليه من ثمن ميتة أو من ثمن خمر كان ذلك باطلاً. وكذلك كل ما لا يجوز بيعه. وإذا أقر (¬2) الرجل أن لفلان عليه ما بين درهم إلى عشرة دراهم فإن أبا حنيفة قال: له تسعة دراهم، والدرهم الأخير غاية، والأول في الإقرار. وإذا أقر أن لفلان قبله ما بين (¬3) درهم إلى مائتي درهم، فإن أبا حنيفة قال: له مائة وتسعة (¬4) وتسعون درهماً. وقال أبو يوسف ومحمد: له مائتا درهم تامة. ولو قال: له علي (¬5) مائة ودرهم، جعلتها دراهم كلها. وكذلك لو قال: له علي مائة ودينار، كانت دنانير (¬6) كلها. وإذا أقر الرجل أن لفلان عليه ديناراً إلا درهماً فهو جائز كما قال، في قول أبي حنيفة. وكذلك لو قال: له علي عشرون درهماً إلا ديناراً. وكذلك ¬

_ (¬1) أي: الطالب. (¬2) م - أقر؛ ف: قال. (¬3) د م ف + مائة. والتصحيح من باب الإقرار بما بين كذا إلى كذا. انظر: 6/ 8 ظ. (¬4) د م: تسعة. (¬5) ف: قال عليه. (¬6) د: الدنانير.

لو قال: له علي عشرة دراهم إلا قفيز حنطة. وكل شيء استثناه في هذا من الوزن والكيل والعدد فهو استثناء. وإن استثنى شيئاً من الحيوان أو العقار فإقراره كله جائز، والاستثناء كله باطل. وكذلك لو استثنى ثوباً سماه (¬1) أو لم يسمه فالاستثناء باطل لا يجوز. وكذلك قول أبي يوسف في ذلك كله. وقال محمد: إذا أقر بشيء واستثنى منه صنفاً غير الصنف الذي أقر به فالإقرار جائز، والاستثناء باطل (¬2) في ذلك كله، ولا يجوز الاستثناء في ذلك إلا أن يستثني بعض ما أقر به من الصنف الذي أقر به. وهو قول زفر. ولو استثنى هذا في البيع وقال: أبيعك هذا بمائة دينار إلا درهماً، كان فاسداً في قولهم جميعاً. ولو أقر رجل لرجل بكُرّ حنطة، ثم قال بعد ذلك: هو كر رديء، وقال الطالب: بل (¬3) هو جيد، فإن القول قول المقر، إن وصل الكلام أو لم يصل. وكذلك كل ما يكال أو يوزن. وكذلك لو قال: لك علي عشرة مثاقيل فضة، ثم قال: هي سود، وادعى الطالب بيضاً، فالقول قول المقر. وكذلك الذهب. ولو كان هذا كله قرضاً أو غصباً أو كفالة أو من ثمن بيع أو وديعة استهلكها أو قائمة بعينها كان القول في ذلك قول المقر مع يمينه، وعلى الطالب البينة. ولو قال: لك علي ألف درهم، ثم قال بعد ذلك: هي من (¬4) ضرب كذا وكذا، لنوع من الدراهم غير نقد البلد، فإنه إن كان إقراره بغصب فهو مصدق. وإن كان بقرض أو من ثمن بيع فإنه لا يصدق إلا على ما يتبايع به أهل البلد، إلا أن يصل الكلام، فإن وصل الكلام فالقول قوله في البيع والقرض مع يمينه، وعلى الطالب البينة. ¬

_ (¬1) ف: مسمى. (¬2) د - لا يجوز وكذلك قول أبي يوسف في ذلك كله وقال محمد إذا أقر بشيء واستثنى منه صنفا غير الصنف الذي أقر به فالإقرار جائز والاستثناء باطل. (¬3) م - بل. (¬4) ف - من.

وإذا أقر الرجل أنه اشترى من فلان بَيْعاً بألف درهم، ثم قال بعد ذلك: لم أقبضه، فهو مصدق، والقول قوله مع يمينه، ولا شيء عليه. ولو قال: أقرضني فلان ألف درهم، ثم سكت، ثم قال بعد ذلك: لم أقبضها، كانت عليه، ولا يصدق. ولو وصل الكلام فقال: أقرضني فلان ألف درهم ولم أقبضها، فإنه (¬1) يصدق بعد أن يحلف عليه، ولا شيء عليه. ولو قال: له علي أسلف درهم قرضاً ولم أقبضها، فوصل الإقرار كما ذكرت لك، كان المال له لازماً، ولا يصدق أنه لم يقبض. أرأيت لو قال: له علي ألف درهم وديعة لم أقبضها، أو قال: له علي ألف درهم غصب لم أقبضها، هل كان يصدق في ذلك (¬2). والمال له لازم. ولو قال: له علي ألف درهم - من ثمن متاع باعنيه وقبضته - إلى العطاء، وقال الطالب: بل هي حالة، أو قال المطلوب: شرط لي أن لا وضيعة علي، أو قال: شرط لي إن بدا لي رده أن أرده عليه، وقال الطالب: لم أشرط شيئاً من ذلك، فإن القول قول الطالب مع يمينه، والمال لازم للمطلوب؛ لأنه قد (¬3) أقر به، ولا يصدق على فساد البيع. وكذلك لو قال: له علي ألف درهم من ثمن عبد (¬4) باعنيه وقبضته، وزاد مع ذلك خمراً أو خنزيراً أو شيئاً مما يحرم البيع فيه، وقال البائع: إنما كان عبداً لم يكن معه غيره، فالقول قول الطالب مع يمينه، ولا يصدق المطلوب على إبطال المال وفساد البيع. ولو أقر رجل بدين يحيط بماله كله وهو صحيح لوارث أو غير وارث أو لزوجة كان جائزاً. ولو أقرت (¬5) المرأة لزوجها بدين كان جائزاً عليها. فإن ادعت أنه أكرهها على ذلك لم تصدق على إبطال ما أقرت به. وكذلك الحربي يقر بدين لذمي، وكذلك الذمي (¬6) يقر بدين لحربي. وكذلك الولد يقر لوالده أو لولده أو الأخ لأخيه وكل ذي رحم محرم، فهو في ذلك كله ¬

_ (¬1) ف + لا. (¬2) أي: لا يصدق في ذلك. (¬3) ف - قد. (¬4) د + عبد. (¬5) ف: وأقرت. (¬6) ف: الذي.

باب الإقرار بالدين في المرض

سواء. وكذلك الرجل يقر بالدين لمكاتبه أو لمكاتب غيره، وكذلك المكاتب يقر بالدين لمولاه أو لغير مولاه. وكذلك الرجل يقر بالدين للعبد التاجر أو لعبد غير تاجر، وكذلك العبد التاجر يقر بالدين لحر أو لعبد مثله. فإن كان عليه دين يحيط بقيمته أو لم يكن فهو سواء، وهو له لازم. وكذلك الصبي التاجر يقر بالدين فهو له لازم. وكذلك أم الولد (¬1) التاجرة (¬2) والمدبر التاجر والعبد يسعى في بعض قيمته. والغصب (¬3) والقرض وثمن البيع في ذلك سواء. والوديعة جائزة أيضاً في الإقرار. ... باب الإقرار بالدين في المرض وإذا أقر الرجل وهو مريض في مرضه الذي مات فيه بدين لغير وارث فهو جائز. وإن كان عليه دين في صحته فالدين في الصحة أولى بما ترك حتى يستوفي الغريم في الصحة؛ لأن الدين في الصحة (¬4) لا يجوز للمريض معه وصية، فكذلك لا يجوز له الإقرار. ألا ترى أنه لو أقر بدين (¬5) لوارث لم يصدق ولم يجز ولو أجاز ذلك الورثة، من قِبَل ما عليه من الدين في صحته. ولو أقر بدين في مرضه وعليه دين في الصحة ثم برأ من ذلك المرض فإن إقراره جائز يلزمه كله. وكذلك لو كان لوارث بعد أن يبرأ. وكذلك لو لم يكن عليه دين في الصحة. ولو لم يبرأ من ذلك المرض حتى مات وأقر ¬

_ (¬1) د م ف: ولد. (¬2) ف: التاجر؛ د م + وأم الولد التاجرة؛ ف + وأم الولد التاجر. وعبارة ب: ولو أقر به مأذون صبي أو أم ولد أو مدبره أو معتق بعضه وهو يسعى في بعض قيمته. (¬3) م - والغصب. (¬4) د + أولى بما ترك حتى يستوفي الغريم في الصحة لأن الدين في الصحة. (¬5) د + لا يجوز للمريض معه وصية فكذلك لا يجوز له الإقرار ألا ترى أنه لو أقر بدين.

بدين فيه وليس عليه دين في الصحة كان ذلك جائزاً. ولو أقر في أيام متفرقة كل يوم يقر بدين لرجل وهو مريض ولا دين عليه في الصحة فإن ذلك كله [جائز] (¬1)، ويتحاصّون في ماله. فإن أقر لوارث معهم لم يجز، ولم يكن له معهم شيء. ولو أقر لرجلين في مرضه بدين أحدهما وارث لم يجز (¬2) لواحد منهما شيء من قبل الشركة، وأنه لا يأخذ الغريب شيئاً منها إلا يشاركه (¬3) الوارث فيه. ولو جحد الغريب الشركة مع الوارث وقال: الدين لي وحدي (¬4) لم يكن له شيء؛ لأن الإقرار كان باطلاً، في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: إذا جحد الغريب الشركة كانت له حصته جائزة، ولم يشاركه الوارث في شيء من ذلك، وبطلت حصة الوارث. ولو أقر لزوجته بدين في مرضه من غير الصداق لم يجز. وإن أقر (¬5) لها بصداق فهو مصدق فيما بينه وبين صداق مثلها، ولا يصدق على الفضل. وإن كان عليه دين في الصحة فإنه مصدق في الصداق؛ لأن الفرج لا يحل إلا بصداق. ولا يشبه الصداق غيره من الدين. ولو أقر لامرأة بدين وهو مريض ثم تزوجها ولا دين عليه في الصحة كان جائزاً. ولو أقر لابنه والرجل مسلم والابن ذمي والمقر مريض فأسلم الابن قبل موت الأب ومات الأب فورثه ابنه لم يجز إقراره؛ لأنه قد كان ابنه يوم أقر، ولم تكن المرأة امرأته. ولو لم يسلم الابن حتى يموت الأب ثم أسلم كان الدين له جائزاً لازماً، ولا ميراث له. وإنما أنظر إلى حاله يوم يموت. ¬

_ (¬1) الزيادة مستفادة من ب. (¬2) د - ولم يكن له معهم شيء ولو أقر لرجلين في مرضه بدين أحدهما وارث لم يجز. (¬3) م: شاركه. (¬4) د - شيئاً منها إلا يشاركه الوارث فيه ولو جحد الغريب الشركة مع الوارث وقال الدين لي وحدي. (¬5) م - أقر، صح هـ.

وإذا أقر المريض ولا دين عليه أن لفلان قِبَلَه حقاً فصدقوه بما قال ثم مات المريض فإن أبا حنيفة قال: أصدق الطالب ما بينه وبين الثلث، أستحسن ذلك. فإن أقر بدين مسمى مع ذلك كان الدين المسمى أولى بما ترك عليه كله. ولو لم يقر بدين (¬1) مسمى وأوصى بوصية كانت الوصية أولى بالثلث من الإقرار أيضاً في قوله (¬2). وإذا أقر المريض في مرضه الذي مات فيه أن لفلان عليه حقاً فصدقوه فيما ادعى فادعى مالاً يكون أكثر من الثلث فإنه لا يصدق، وله أن يستحلف الورثة على علمهم. فإن نكلوا عن اليمين قضيت له بذلك. وإن حلفوا قضيت له بالثلث. وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإذا أقر الرجل بدين في مرضه ولا دين عليه في الصحة ثم أقر بوديعة بعينها أو بوديعة بغير عينها فهو سواء، ويتحاصّان جميعاً في ذلك. ولو بدأ بالوديعة فأقر بها بعينها ثم أقر بالدين كان صاحب الوديعة أولى بها من الدين إذا لم يكن عليه دين في الصحة. ولو أقر بدين في مرضه ثم بوديعة بعينها ثم بمضاربة بعينها ثم بدين آخر تحاصّوا فيه جميعاً في ذلك كله. ألا ترى أنه لو أقر بدين ثم أقر بعبد لآخر ولا مال له غير العبد أن العبد يباع فيَضرب في ثمنه صاحب الدين بدينه وصاحب العبد بقيمة العبد. وكذلك الباب الأول. ولو أقر في (¬3) مرضه الذي مات فيه ولا دين عليه في الصحة فقال: لفلان قبلي ألف درهم إلا شيئاً، أو ألف إلا قليلاً، فإن أبا حنيفة قال: له خمسمائة درهم وزيادة، ما شاء الورثة، فإن ادعى الطالب أكثر من ذلك حلفوا على علمهم. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. وكذلك لو قال: له علي جُلّ ألف درهم، أو عُظْم (¬4) ألف، أو زُهاء (¬5) ألف، كان مثل ذلك. ¬

_ (¬1) ف: بالدين. (¬2) أي: في قول الإمام أبي حنيفة. (¬3) م - في. (¬4) عُظْم بمعنى: جُلّ. انظر: المغرب، "عظم". (¬5) يقال: هم زُهاء مائة أي: قدرهم. انظر: المغرب، "زهو".

ولو قال: له علي ألف درهم إلا درهماً، أو ألف درهم غير درهم، أو ألف درهم نقصان درهم، كان ذلك جائزاً على ما قال وعلى ما استثنى. ولو قال: له علي ألف درهم إلا تسعمائة درهم، كان له عليه مائة درهم. ولو قال: له علي ألف درهم إلا ألف درهم، فإن المال عليه كله، لا يكون اسثناءً. إذا استثنى مثل ما أقر به أو أكثر فالاستثناء باطل. وإذا استثنى أقل مما أقر به فهو جائز، وما بقي فهو الدين. والصحيح في ذلك بمنزلة المريض. ولو أقر أن عليه عشرة ونصف درهم، ولم يبين ما العشرة، فإنها عشرة دراهم ونصف. ولو قال: له علي مائة ودينار، ولم يبين ما المائة، فإنه له عليه مائة دينار ودينار إذا ادعى ذلك الطالب. وكذلك الصحيح. ولو أقر المريض لغير وارث بدين يحيط بجميع ماله ولا دين (¬1) عليه في الصحة فإنه جائز. حدثنا بذلك أبو يوسف عن محمد بن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر (¬2). وإذا أقر الرجل أن لفلان على أبيه ديناً، وأبوه حي، والمقر صحيح، وعلى المقر دين كثير، ثم مرض المقر، ثم مات الأب وترك ألف درهم، ثم مات المقر، فإن الألف درهم بين غرماء المقر، مِن قِبَل أن مال أبيه وصل إليه في مرضه، فهذا (¬3) بمنزلة إقراره في المرض، فغرماؤه في الصحة أحق بذلك. ولو أقر أن عليه ألف درهم لفلان وألف درهم لفلان إلا عشرة دراهم، ووصل الكلام، فإن العشرة دراهم من الآخر. ولو قال: لفلان علي كُرّ حنطة، ولفلان (¬4) علي عشرة دراهم، إلا ¬

_ (¬1) د - له ولا دين؛ صح هـ. (¬2) تقدم بنفس الإسناد في أوائل هذا الكتاب. انظر: 5/ 249 و. (¬3) ف: فهو. (¬4) م ف: ولو قال لفلان.

قفيز حنطة، وقال: عنيت القفيز الحنطة من الكر الأول، ووصل الكلام، فإنه مصدق، مِن قِبَل أن الكلام موصول. أرأيت لو قال: لفلان علي كر حنطة وعشرة دراهم إلا قفيز حنطة، لم يكن (¬1) مصدقاً على الاستثناء، فكذلك (¬2) الأول. والمريض في ذلك والصحيح سواء. ولو أقر فقال: لفلان وفلان علي ألف درهم، ثم سكت، فإنها بينهما نصفان. فإن قال بعد ذلك: لفلان منها ستمائة، ولفلان أربعمائة، لم يصدق. ولو وصل الكلام فقال: لفلان وفلان علي ألف درهم، منها ستمائة لفلان، وأربعمائة لفلان، كان مصدقاً في ذلك كله. ولو أقر أن لفلان (¬3) عليه ألف درهم إلى سنة، ثم قال الطالب: هي حالة، فإنها حالة، والقول قول الطالب. وإذا مات المريض (¬4) حل عليه دينه كله وإن أقر الطالب أنها إلى سنة. ألا ترى أني أقسم ميراثه. وإن كان الدين (¬5) الذي عليه لا يحيط بماله فكيف أصنع، أقفه وأقسم الميراث وأنفذ الوصية أو أوقف ذلك كله. أرأيت إن كان عليه دين حل بعضه وبعضه إلى أجل أيعطى الذين حل دينهم دون الآخرين (¬6)، أم يحبسون جميعاً فلا يعطون شيئاً. إذا مات فقد حل عليه (¬7) كل الدين. حدثنا بذلك أبو يوسف عن محمد بن عبيد الله (¬8) عن عمرو (¬9) بن شعيب عن سعيد بن المسيب عن زيد بن ثابت (¬10). وهو قول أبي حنيفة ومن أدركنا من مشايخنا. ¬

_ (¬1) أي: ألم يكن. ولفظ ب: صُدِّق. (¬2) م: فلذلك. (¬3) ف - لفلان. (¬4) ف: الرجل. (¬5) ف - الدين. (¬6) د: الأخر. (¬7) ف + الدين. (¬8) د م ف: عبد الله. والتصحيح من كتب الحديث والرجال. (¬9) م: عن عمر. (¬10) وردت في ذلك آثار عن الشعبي وإبراهيم والحسن وابن سيرين. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 361.

وإذا أقر أن عليه ألف درهم قرضاً أقرضنيها فلان (¬1)، ثم قال: لا، بل فلان أقرضنيها، فإن أبا حنيفة قال: عليه لكل واحد منهما ألف؛ لأنه قد أقر أن كل واحد منهما قد أقرضه ألفاً، ولا يصدق على إبطال حق الأول. وكذلك لو كانت من ثمن بيع أو غصب أو وديعة. وكذلك قول أبي يوسف ومحمد. فأما الوديعة فإن كانت بعينها فإنه يدفعها إلى الأول، ويغرم للآخر مثلها. والمريض في هذا والصحيح سواء. فإن كان أقر للأول في الصحة، [ثم قال:] (¬2) "لا، بل لفلان، أقرضني هذا المال في المرض"، فإن هذا الأول أحق به حتى يستوفي. فإن لم يكن له مال غيرها فلا شيء للآخر. والمكاتب والعبد التاجر والصبي التاجر والمرأة وأهل الذمة في الإقرار (¬3) في المرض بمنزلة الحر المسلم. وكل ذي رحم محرم ما لم يكن وارثاً يقر له بدين في المرض فهو مثل الأول. ولا يجوز إقرار المريض بدين لقاتله ولا لمملوك قاتله ولا لمكاتب قاتله. وكذلك لا يجوز لعبد وارثه ولا لمكاتب وارثه. وإن أقر المريض لمكاتب نفسه فهو جائز إذا كان كاتبه في الصحة. فإن كان كاتبه في المرض فليس يجوز إلا من الثلث مِن قِبَل أن المكاتِب في المرض بمنزلة الموصِي. فإن أقر المولى أنه استدان من المكاتب الذي كاتبه مثل الكتابة عتق وسعى في ثلثي قيمته. فإن كان أكثر لم يصدق إلا على مقدار ثلث ماله. وإذا أقر المريض أن على أبيه ديناً لفلان ألف درهم، وفي يديه (¬4) دار لأبيه، وعلى المريض دين معروف في الصحة، فإن دينه الذي في الصحة أولى بذلك، فإن فضل شيء كان في دين أبيه. ¬

_ (¬1) د م - فلان. (¬2) الزيادة من ب. (¬3) د م ف: والإقرار. (¬4) ف - يديه.

وإن أقر المريض أن لفلان (¬1) عليه ألف درهم، وعلى المريض دين في الصحة، ثم قال: إن (¬2) فلاناً مات (¬3) والمريض وارثه، وترك ألف درهم، ثم مات المريض، فإن مال الأول بين غرماء المريض؛ لأن المريض أقر (¬4) في حال لا يجوز إقراره. ألا ترى أن المريض لو أقر بدين عليه لم يجز، فكذلك إقراره بدين على غيره. وهذا مثل دين الأب. وكذلك لو أقر المريض بدين هذا الرجل بعد موته. ولو أقر بذلك في صحته بعد موت الأب أو بدين أبيه في صحته بعد موت الأب كان ذلك جائزاً، وكان دين أولئك أحق بهذا المال من غرماء (¬5) المريض المقر. ولو أن مريضاً قضى بعض غرمائه دون بعض ثم مات كان لمن لم يقبض أن يشارك الذين قبضوا. والعبد التاجر والحر والمكاتب وأهل الذمة في ذلك سواء. وكذلك الصبي التاجر. ولو جاز للمريض أن يقضي بعض الغرماء دون بعض قضى ماله كله لأحدهم وبقيتهم لا يأخذون شيئاً. فإذا جاز له (¬6) أن يقضي بعض الغرماء جاز له أن يقر لغير وارث أيضاً. وإذا جاز له هذا جاز له أن يقر لوارث أيضاً. ألا ترى أنه إذا كان عليه دين في صحته يحيط بماله لم تجز له وصية لغير وارث ولا لوارث، فصار الوارث وغيره في الوصية هاهنا سواء. وكذلك يستويان في الإقرار لهما، إما أن يجوز لهما الإقرار بالدين، وإما أن لا يجوز. وإن جاز لهما الإقرار جاز لهما القضاء، أن يقضي أحدهما دون الغرماء. وإذا أقر لوارث بدين في مرضه وقضاه إياه وهو جميع ماله دون الغرماء الذين لهم الدين المعروف في الصحة كان هذا قبيحاً. وليس يجوز من هذا الإقرار ولا قضاء و [لا] وصية. وإذا أقر المريض بدين على أبيه لإنسان معروف فقال: لفلان على أبي ألف درهم، وفي يديه ألف درهم لأبيه ولا دين عليه، ثم قال بعد ذلك: ولفلان ألف درهم، ووصل ذلك، فهو سواء، وهو بينهما نصفان. وكذلك ¬

_ (¬1) د م: أن فلاناً. (¬2) ف + قال. (¬3) د ف - مات. (¬4) م - أقر، صح هـ. (¬5) ف: بين غرماء. (¬6) ف - له.

لو قال: [لفلان] (¬1) ألف درهم على أبي، وهذه وديعة لفلان عند أبي، فهو سواء، وهي بينهما نصفان. ولو قال: هذه وديعة لفلان عند أبي، ولفلان ألف درهم دين، فإن صاحب الوديعة أولى بالمال. ولو أقر فقال: لفلان على أبي ألف درهم دين، فإن دفعها إليه بقضاء قاض، ثم أقر بعد ذلك لآخر بدين على أبيه، لم يكن للثاني شيء إذا لم يكن (¬2) لأبيه مال غير ذلك، ولا ضمان على الوارث مِن قِبَل أن القاضي قضى بالمال. ولو كان الوارث دفع المال هو بنفسه بغير قضاء قاض ثم أقر لآخر بمثل ذلك ضمن الوارث له خمسمائة درهم حصته التي تصيبه. ولو أن رجلاً مات وترك ابنه، فقال ابنه: لفلان على أبي ألف درهم، لا بل لفلان، ثم اختصموا إلى القاضي، فإن القاضي يقضي بها للأول، ولا ضمان على الابن، ولا شيء للثاني. ولو كان الابن دفعها إلى الأول بغير قضاء قاض ضمن للثاني مثلها. وإذا أقر المريض عند الحاكم بدين لوارث وعليه دين في صحته يحيط بماله فإنه يثبت إقراره عليه، فإن بَرَأ (¬3) من مرضه جاز ذلك عليه، وإن مات من ذلك المرض بطل ذلك كله. ولو أقر رجل مريض لا دين عليه عند الحاكم فقال: لفلان علي ألف درهم لا بل ألفان (¬4)، فإن الحاكم يجعلها ألفين، وهذا استحسان. وأما في القياس فيكون عليه ثلاثة (¬5) آلاف (¬6)، ولكني تركت القياس. ولو أقر عند (¬7) الحاكم فقال: له علي ألف درهم لا بل مائة دينار، قضى عليه بالمالين جميعاً إذا ادعى ذلك الطالب. وكذلك الصحيح. ولو أقر المريض عند الحاكم فقال: لفلان علي دينار أو درهم، وادعى ذلك فلان كله، فإن الحاكم يحلفه على ذلك، فإن لم يحلف لزمه ¬

_ (¬1) الزيادة من الكافي، 2/ 60 و؛ والمبسوط، 18/ 187. (¬2) د + للثاني شيء إذا لم يكن. (¬3) د م ف: برى. (¬4) د م ف: ألفين. (¬5) د م: ثلثة. (¬6) م: ألف. (¬7) د - عند؛ صح هـ.

المالان إن لم يكن عليه دين في الصحة، وإن حلف لزمه الدرهم وبرئ من الدينار. وكذلك الصحيح، غير أن الصحيح لا يبالي الحاكم أكان عليه الدين أم لا. وكذلك إقرار المريض في كل شيء يكال أو يوزن. فإن قال: له علي فَرَق من زيت أو سمن، أو قال: له علي كُرّ من حنطة أو كر من شعير أو عشر مثاقيل ذهب أو فضة، فهذا سواء، وهو مثل الأول. وكذلك الصحيح. وهذا استحسان. ولو أن مريضاً أقر: لفلان عليه كر من حنطة وشعير أو عشر (¬1) مثاقيل من ذهب وفضة، ولا دين عليه في الصحة، لزمه ذلك نصفان، من كل واحد النصف، ولا يصدق على أن يجعل الذهب جزء والفضة تسعة أجزاء. وكذلك الصحيح. ولو أن المريض أقر فقال: لفلان علي ألف درهم أو لفلان، استحلف لكل واحد منهما. فإن حلف لم يكن لواحد منهما عليه (¬2) شيء. وإن نكل عن اليمين لزمه لكل واحد منهما ألف (¬3) إن لم يكن عليه دين في الصحة. فإن اصطلحا قبل القضاء على أن يأخذا (¬4) الألف بينهما نصفين أجزت ذلك، وألزمته إياها، ولا يمين لواحد منهما عليه فيما بقي له (¬5). وكذلك الصحيح غير أن الصحيح (¬6) لا (¬7) يبالي الحاكم أكان عليه دين أم لا. والغصب والقرض والوديعة وثمن المبيع (¬8) في ذلك سواء. وإذا أقر المريض بدين ألف درهم لرجل، فقال الرجل: لي عليه سوى ذلك مائة درهم، فقال المريض: لك علي مائة درهم قد دخلت في هذه الألف، فإن القول قول المقر مع يمينه. وكذلك الصحيح. وكذلك لو ادعى أنها من ثمن ثوب في يديه قائماً بعينه وتصادقا أنه اشتراه، والقول فيه ¬

_ (¬1) ف: عشرة. (¬2) د: على. (¬3) د م: ألفان. (¬4) د م: أن يأخذ. (¬5) ف - له. (¬6) د: الصبي. (¬7) د ف: ولا. (¬8) د م: البيع.

باب إقرار الطالب بقبض المال

قول المقر إنها قد دخلت في هذه الألف. ولو أنكر البائع ذلك فقال: لم أبعك هذا الثوب، ولي عليك ألف درهم التي أقررت بها، كان القول قول الطالب مع يمينه، ويأخذ الثوب. وليس هذا كالباب الأول إذا أقر بالألف أنها للطالب عليه، فإن قال بعد ذلك: هي من ثمن هذا الثوب، لم يصدق على ذلك. ... باب إقرار الطالب بقبض المال وإذا أقر الطالب أنه قد (¬1) قبض مما له على فلان مائة (¬2) درهم، فقال فلان: قد قبضت مني خمسين درهماً مِن قِبَل كذا وكذا، فقال الطالب: قد قبضتها ولكنها (¬3) قد دخلت في المائة، فقال المطلوب: بل هذه سوى المائة (¬4)، فإن القول قول الطالب مع يمينه. ولو قال المطلوب: بعتك ثوباً بعشرة دراهم مما لك علي، فقال الطالب: أجل، قد ابتعته منك وقبضته وقد دخل في هذه المائة، فإن القول قول الطالب مع يمينه بالله تعالى على ذلك، وعلى المطلوب البينة. ولو كان في يد المطلوب شاة فقال الطالب: ابتعتها منك بعشرة دراهم من هذه المائة، وقال المطلوب: هذه شاتي لم أبعكها وقد أخذت مني مائة، فإن القول قول المطلوب مع يمينه. ولا يشبه هذا الباب الأول مِن قِبَل أن المطلوب لم يقر بأن الشاة قد خرجت من ملكه. وإذا أقر المريض بقبض ما له على فلان وسماه ولم يعاين الشهود ذلك فهو جائز، والقول قوله، والرجل بريء من ذلك. فإن كان المطلوب ¬

_ (¬1) ف - قد. (¬2) ف: ألف. (¬3) د + ولكنها. (¬4) يعني: أنه قبض منه خمسين سوى المائة التي أقر بقبضها.

وارثاً أو كفيلاً عن وارث أو الوارث كفيل عنه فإن الإقرار في ذلك باطل لا يجوز، مِن قِبَل أن في ذلك براءة للوارث إذا مات المريض من ذلك المرض. ولو أحال الوارث بالمال فأدخله عليه بمحضر من الشهود فدفعه إليه برئ الوارث وغيره. وهذا لا يشبه الإقرار في المرض. هذا جائز مستقيم. وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم، فأقر الطالب أنه قد قبض خمسمائة درهم (¬1) من المطلوب (¬2)، ثم قال بعد ذلك: وجدتها زُيوفاً (¬3) أو نَبَهْرَجَة، وجاء بها فقال: هي هذه، فإن أبا حنيفة قال في ذلك: (¬4) القول (¬5) قول القابض مع يمينه. وكذلك قول أبي يوسف ومحمد. إذا وصل ذكر الزيوف بالقبض أو فرق أو كان بين ذلك شهر فهو سواء. وإن قال: قد قبضت منه الدين الذي لي عليه، وهو (¬6) ألف درهم، ثم قال بعد ذلك: وجدتها زيوفاً، فإن أبا حنيفة قال: لا يصدق. وهو قول أبي يوسف ومحمد. مِن قِبَل أنه أقر بقبض الذي له عليه، والذي له عليه جياد. وكذلك لو قال: قبضت مما لي عليه خمسمائة درهم، أو من الذي لي عليه، أو من ألفي التي لي (¬7) عليه. فإن وصل الكلام فقال: قد قبضت منه مما لي عليه خمسمائة درهم فوجدتها زُيوفاً أو نَبَهْرَجَة، فإن القول قوله مع يمينه؛ لأنه وصل (¬8) المنطق. ولو لم يصل وقال: قد قبضت منه خمسمائة درهم، ثم سكت، ثم قال بعد ذلك (¬9): وجدتها سَتُّوقَة أو رصاصاً لم يصدق؛ لأن هذه ليست بفضة، والزيوف والنبهرجة فضة. ولو سكت عن ذلك حتى يموت كانت الدراهم جياداً يبراً منها المطلوب؛ لأن الطالب قد أقر بقبض خمسمائة درهم، فهي جياد إن مات على هذا القول. ولو أشهد الطالب عليه ¬

_ (¬1) د - درهم. (¬2) ف - فأقر الطالب أنه قد قبض خمس مائة درهم من المطلوب. (¬3) ف: زيوفه. (¬4) ف - في ذلك. (¬5) ف + في ذلك. (¬6) د: وعليه. (¬7) ف - لي. (¬8) د م ف: اوصل. (¬9) م - ذلك.

أنه قد قبض منه خمسمائة درهم ثم قال بعد ذلك: هي زيوف أو نبهرجة، كان القول قوله بعد أن يحلف. وإن قال: من رصاص أو نحاس، لم يصدق ولم يقبل قوله. وإذا أشهد الطالب أنه قد قبض خمسمائة درهم مما له على المطلوب، ثم قال بعد ذلك: وجدتها زيوفاً أو نبهرجة، لم يصدق؛ لأنه قد أشهد بالوفاء. ولا يمين على المطلوب أنها كانت جياداً في قول أبي حنيفة ومحمد. وفي قول أبي يوسف عليه اليمين. ولو أقر رجل بقبض خمسمائة درهم وله شريك فيها، وهي بينه وبين رجل على رجل، ثم قال: هي زيوف، بعد ذلك، فالقول قول القابض مع يمينه (¬1)، وللشريك نصف الزيوف. وكذلك النبهرجة. وإن قال بعد ذلك: هي رصاص، ولم يقل: هي نبهرجة، فإنه لا يصدق، وهي جياد، وللشريك نصفها. فإن وصل الكلام فقال: قبضت منه خمسمائة ستوقة أو رصاصاً، فالقول قوله مع يمينه، ولا شيء للشريك فيها. وإن قال: قبضت مما لي ولفلان على فلان خمسمائة درهم، ثم قال بعد ذلك: هي زيوف، لم يصدق، ولشريكه نصفها جياداً (¬2). وإذا أقر الطالب أنه قد قبض من المطلوب كُرّ حنطة أو كر شعير أو فَرَق سمن أو فرق زيت أو شيئاً (¬3) مما يكال أو يوزن، ثم قال بعد ذلك: كذا وكذا جيداً أو رديئاً، فهو مصدق، والقول قوله بعد أن يحلف. وكذلك لو كان الكفيل هو أقر بقبض ذلك من المكفول عنه فهو سواء، والقول قوله. وكذلك لو كان القائل وكيل الطالب وكله بالقبض، أو وصي اليتيم، أو والد قبض لولده صغيراً مالاً، فالقول في ذلك قول القابض مع يمينه. فإن أقر أنه قبض دراهم جياداً (¬4) أو طعاماً جيداً (¬5) أو شيئاً وصفه بصفة، ثم ¬

_ (¬1) د - يمينه؛ صح هـ. (¬2) د م ف: جياد. (¬3) د م ف: أو شيء. (¬4) م ف: جياد. (¬5) د - أو طعاما جيدا.

قال بعد ذلك: لم يكن على تلك الصفة، فإنه لا يصدق على ذلك، ويلزمه المال الذي أقر به أول مرة. وكل دين من سلم أو غصب أو قرض أو ثمن بيع أو كفالة أداها فهو سواء. والمرأة والرجل والمكاتب والعبد التاجر وأهل (¬1) الذمة وأهل الإسلام في ذلك كله سواء (¬2). ¬

_ (¬1) د + وأهل. (¬2) م + تم الكتاب الإقرار (كذا) والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد النبي وآله وسلم تسليما كتبه أبو بكر بن أحمد بن محمد الطلحي الأصفهاني في شوال سنة تسع وثلاثين وستمائة؛ ف + تم كتاب الإقرار حسبنا الله ونعم الوكيل.

كتاب الوديعة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَن الرَّحِيم (¬1) كتاب الوديعة أبو سليمان عن محمد بن الحسن عن أبي يوسف عن أبي حنيفة: قلت: أرأيت رجلاً استودع رجلاً ألف درهم فوضعها في بيته أو في صندوقه [فهلكت] (¬2)؟ قال: لا ضمان عليه. قلت: فإن دفعها إلى امرأته، أو إلى ابنه وهو كبير في عياله، أو إلى عبده أو أمته، أو إلى أجيره، أو إلى أبيه وهو في عياله، أو إلى أخيه وهو في عياله، فهلكت؟ قال: لا ضمان عليه. قلت: لم؟ قال: لأنه دفعها إلى من ذكرت وهو في عياله، فإذا دفع الرجل الوديعة إلى من هو في عياله لم يكن عليه ضمان. قلت: أرأيت رجلاً استودع رجلاً ألف درهم في كيس فوضعها المستودع في صندوقه وله دراهم في كيس له في الصندوق فانشق الكيس وانشق كيس (¬3) الوديعة فاختلطت (¬4) الدراهم؟ قال: لا ضمان عليه. قلت: أرأيت رجلاً استودع ألف درهم فوضعها في صندوقه وله فيه ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) انظر المسألة التالية. (¬3) د - له في الصندوق فانشق الكيس وانشق كيس. (¬4) د: فاخلط؛ م: فاختلط.

دراهم، فجاء ابنه أو امرأته أو عبده أو أمته أو أجيره أو رجل أجنبي فخلطها وتركها (¬1) كما هي في الصندوق؟ قال: لا ضمان على المستودع. قلت: فهل على الذي خلطها ضمان؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان الذي خلطها .. (¬2). الضمان .. (¬3). قلت: فإن كانت الوديعة كُرّ شعير وكان عنده كُرّ من حنطة لنفسه فخلطها بعض من ذكرنا ثم هلك الكُرّ من الشعير (¬4)؟ قال: على الذي خلطها الضمان. قلت: فإن كانت الوديعة دراهم جياداً ودراهم المستودع رديئة فخلطهما بعض من ذكرنا؟ قال: هو ضامن. قلت: أرأيت إن كان (¬5) الذي خلط الحنطة والشعير والدراهم رجلاً أجنبياً فلم يقدر عليه، فقال رب الوديعة: أنا آخذ الحنطة والشعير، وأضمن قيمة الحنطة، فرضي بذلك صاحبه، هل يجوز ذلك؟ قال (¬6): نعم. قلت (¬7): وكذلك لو قال المستودع: أنا آخذ الحنطة والشعير، وأضمن قيمة الشعير، فرضي بذلك صاحبه؟ قال: نعم، هو جائز. قلت: فإن أبيا جميعاً ذلك أو أبى أحدهما وقالا: لا بل (¬8) نبيعه، كيف يقسمان الثمن؟ قال: على قيمة الحنطة وقيمة الشعير، فما أصاب صاحب الحنطة كان له، وما أصاب صاحب الشعير كان لصاحب الشعير. قلت: أرأيت رجلاً استودع رجلاً ألف درهم أو ألف دينار، أو استودعه شيئاً مما يكال أو يوزن، فأخذ منها طائفة فأنفقها في حاجته، هل يضمن ما أخذ وما بقي؟ قال: لا، ولكنه يضمن ما أخذ، ولا يضمن ما بقي؛ لأنه لم يخالف فيما بقي، إنما خالف فيما أخذ، فهو ضامن لما أخذ. قلت: فإن جعل مكان الذي أخذ مثل كيله أو مثل وزنه فخلطه بما بقي من الوديعة، هل يضمن الوديعة كلها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن أفتي أنه ¬

_ (¬1) د: أو تركها. (¬2) ف بياض قدر كلمة. (¬3) كذا في د م ف. ولا توجد هذه المسألة في ب؛ والكافي، 1/ 134 ظ؛ والمبسوط. (¬4) ف: في الشعير. (¬5) ف - كان. (¬6) د: قلت. (¬7) د - قلت. (¬8) د - بل.

ضامن للوديعة كلها حيث أخذ بعضها، وصاحب الوديعة غائب، فلما رأى ذلك باع الوديعة كلها وقبض الثمن وخلطه بما كان عنده، فجاء رب الوديعة فضمنه قيمة الوديعة، أيأكل ما كان فضل على القيمة، وقد فضل في يده فضل كثير من الثمن الذي باع؟ قال (¬1): ينظر حصة ما خلط من ماله، فيأكل فضله، وما أصاب بقية الوديعة تصدق بما كان من فضل على القيمة (¬2). قلت: أرأيت رجلاً استودع رجلاً ألف درهم، فأخذ المستودع بعضها ينفقها في حاجته، ثم بدا له فردها إلى موضعها، فضاعت؟ قال: لا ضمان عليه. قلت: لم؟ قال: لأنه ردها إلى موضعها قبل أن يستهلكها (¬3). قلت: فإن أنفقها في حاجة ثم رد مكانها مثلها في موضعها؟ قال: هو ضامن للوديعة كلها. قلت: لم؟ قال: لأن الذي أخذ منها فأنفقها في حاجته قد صارت ديناً عليه، فلما جاء بمثلها فخلطها ببقية الوديعة صار ضامناً لها كلها؛ لأنه قد خلط بالوديعة. قلت: أرأيت رجلاً استودع رجلاً ألف درهم، ثم طلبها منه، فقال المستودع: قد رددتها عليك؟ قال: القول قوله مع يمينه. قلت: وكذلك لو قال: قد سرقت أو ضاعت؟ قال: نعم. قلت: فإن قال: ذهبت وما أدري كيف ذهبت؟ قال: القول قوله مع يمينه. قلت: فإن قال (¬4): بعثت بها إليك مع رسولي أو مع ابني أو عبدي أو أمتي أو أجيري فأعطاكها، وجحد رب المال ذلك؟ قال (¬5): القول قول المستودع مع يمينه، ولا ضمان عليه. ¬

_ (¬1) م ف: وقال. (¬2) وعبارة ب: ولو أفتي أنه ضامن الكل بمجرد أخذ البعض والمودع غائب فلما رأى ذلك باع الكل وقبض الثمن فخلطه بما كان عنده فجاء رب الوديعة فضمنه إياها (هـ: قيمتها) وقد ربح في باقي الوديعة تصدق بالفضل على قيمة باقي الوديعة من حصتها من الثمن وطاب له فضل ثمن ما خلطه من ماله بباقيها. وانظر للشرح: المبسوط، 11/ 111. (¬3) ف - قلت لم قال لأنه ردها إلى موضعها قبل أن يستهلكها. (¬4) د - ذهبت وما أدري كيف ذهبت قال القول قوله مع يمينه قلت فإن قال. (¬5) د م ف: فإن.

قلت: فإن قال: قد بعثت بها إليك مع (¬1) رجل أجنبي؟ قال: هو ضامن للوديعة إلا أن يقر رب الوديعة أنها وصلت إليه. قلت: فلم يضمن إذا قال: بعثت بها إليك مع رجل أجنبي، ولا يضمن إذا قال: بعثت بها إليك مع ابني أو عبدي أو أمتي أو امرأتي أو أجيري؟ قال: لأن هذا في عياله، والأجنبي ليس في عياله، فحيث دفعها إليه صار ضامناً، فلا يبرأ حتى يقر رب (¬2) الوديعة أنها وصلت إليه، أو يقيم البينة أنها وصلت إليه (¬3). قلت: فإن (¬4) قال: بعثت بها إليك مع هذا الأجنبي، أو استودعتها إياه، ثم ردها علي، فضاعت عندي؟ قال: لا يصدق، وهو ضامن. قلت: فإن أقام البينة أنه استودعها هذا الرجل أو دفعها إليه ثم ردها على المستودع الأول فضاعت عند المستودع؟ قال: آخذ ببينته، ولا ضمان عليه. قلت: أرأيت رجلاً استودع رجلاً ألف درهم، ثم جاء يطلبها منه، فجحده المستودع، فاختصما إلى القاضي، فأقام (¬5) رب الوديعة البينة أنه استودعه ألف درهم، ثم أقام المستودع البينة أنها ضاعت؟ قال: المستودع ضامن. قلت: فإن قال: لم تودعني شيئاً، ثم قال بعد ذلك: بلى قد أودعتني، ولكنها هلكت؟ قال: لا يصدق على الهلاك، وهو ضامن. قلت: أرأيت رجلاً استودع رجلاً ألف درهم، ثم جاء يطلبها، فقال المستودع: قد أعطيتكها، ثم مكمث أياماً، ثم قال: لم أعطكها (¬6)، ولكنها ضاعت؟ قال: لا يصدق، وهو ضامن للوديعة. قلت: أرأيت الرجل يقول للرجل: قد استودعتني ألف درهم فضاعت، وقال الطالب: كذبت، ما استودعتك شيئاً، ولكنك غصبت غصباً، وأخذتها بغير أمري؟ قال: القول قول المستودع، ولا ضمان عليه. قلت: لم؟ قال: لأنه لم يحدث شيئاً يضمن به المال، إنما ذكر أن رب المال وضع ماله في موضع فضاع. قلت: فإن قال المستودع: أخذتها منك ¬

_ (¬1) د م: موضع. (¬2) د: را؛ ف: ر. (¬3) د - إليه. (¬4) د - فإن. (¬5) م + به. (¬6) د ف: لم أعطيكها.

وديعة، وقال رب المال: كذبت، ولكنك غصبتها؟ قال: المستودع ضامن. قلت: لم؟ قال: لأنه قال: أخذتها وديعة، فلما ذكر الأخذ صار ضامناً، والباب الأول إنما ذكر أن رب المال هو الذي وضعه عنده. قلت: فإن قال رب المال: أقرضتك المال قرضاً، وقال المستودع: بل وضعته عندي وديعة، أو أخذته منك وديعة وقد ضاع؟ قال: القول قول المستودع مع يمينه، ولا ضمان عليه. قلت: أرأيت المستودع إذا خلط الوديعة بماله أو بمال غيره أيضمن؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأنه استهلكها حين خلطها بغيرها. ألا ترى أنه لا يَعرف [ماله] بعينه ولا يستخرجها منه. قلت: فإن كانت الوديعة دراهم بِيضاً فخلطها بدراهم له سُود أيضمن (¬1)؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: إذا كانت الوديعة تعرف بعينها فليس هذا بخلط ولا استهلاك، ولا يضمن شيئاً. قلت: لم؟ قال: أرأيت لو كانت الوديعة دنانير فخلطها بدراهم لا يغيرها ولا ينقصها أيضمن؟ قلت: لا. قال: فهذا وذاك سواء. قلت: وكذلك لو كانت الوديعة دراهم فخلطها بدنانير؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كانت دراهم سُوداً فخلطها ببِيض؟ قال: نعم، لا ضمان عليه، إذا كانت الوديعة تعرف بعينها فليس هذا باستهلاك. قلت: أرأيت إن كانت الوديعة حنطة فخلطها بشعير أو كانت الوديعة شعيراً فخلطها بحنطة؟ قال: إن استطاع أن يخلّص الحنطة أو الشعير فيرده على صاحبه فلا ضمان عليه، فإن لم يستطع أن يخفصه فهو ضامن؛ لأن هذا استهلاك. قال: أرأيت لو كانت الوديعة سمناً (¬2) فخلطه بزيت، أو كانت (¬3) ضرباً (¬4) من الأدهان فخلطها بدهن آخر، أو كانت دقيقاً (¬5) فخلطه (¬6) بدقيق آخر، ألم يكن ضامناً، ولا يستطيع أن يخلّص بعضه من بعض؟ قلت: بلى. قال: فهذا وذاك سواء. قلت: أرأيت رجلاً استودع رجلاً ألف درهم، وله على المستودع ألف ¬

_ (¬1) د: يضمن. (¬2) م ف: سمن. (¬3) د: أو كان. (¬4) م ف: ضرب. (¬5) م ف: دقيق. (¬6) د: فخلطها.

درهم قرض، فأعطاه ألف درهم، وقال للطالب بعد ذلك بأيام: إنما أخذت الوديعة، والقرض عليك على حاله، وقال المستودع: بل أعطيتك القرض، وقد ضاعت الوديعة؟ قال: القول قول المستودع، وهو بريء من ألف درهم قرض، ولا ضمان عليه في الوديعة. قلت: لم؟ قال: لأن الطالب (¬1) قد أقر أنه أخذ منه، فالقول في ذلك قول الدافع؛ لأنه أخذه منه. وأما الوديعة فهو أمين فيها، فإذا قال: ضاعت، فالقول قوله مع يمينه. قلت: أرأيت رجلاً استودع صبياً صغيراً ألف درهم فاستهلكها الصبي؟ قال: لا ضمان عليه. قلت: لم؟ قال: لأنه صبي، وقد سلّطه رب المال على ماله حين دفعه إليه. وهو في قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: الصبي ضامن لذلك في ماله. قلت: أرأيت رجلاً استودع عبداً محجوراً عليه ألف (¬2) درهم فاستهلكها؟ قال: لا ضمان عليه الساعة، فأما إذا أعتق فإن عليه الضمان. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: يضمن ذلك وهو عبد، يباع فيه. قلت: وكذلك لو استودع أم ولد لرجل أو مدبراً لرجل أو مدبرة وهؤلاء محجور عليهم؟ قال: نعم، لا ضمان عليهم إلا إذا عتقوا (¬3)، فإذا عتقوا ضمنوا الوديعة كلها في قول أبي حنيفة ومحمد. قلت: فإن لم يستهلكها واحد من هؤلاء إلا أن الوديعة ضاعت؟ قال: لا ضمان عليهم. قلت: فإن كانت الوديعة عبداً أو أمة، فقتله العبد المحجور عليه أو أم الولد أو المدبرة أو المدبر؟ قال: إن كان القتل عمداً فعلى القاتل القصاص، وإن كان خطأ فعلى سيد العبد أن يدفع العبد أو يفديه، وأما المدبر والمدبرة وأم الولد فإن على السيد الأقل من قيمة العبد القاتل أو قيمة المقتول. قلت: أرأيت رجلاً استودع صبياً عبداً أو أمة فقتل الصبي الوديعة خطأٌ ¬

_ (¬1) ف: للطالب. (¬2) ف: بألف. (¬3) ف: إذا أعتقوا.

أو عمداً؟ قال (¬1): الخطأ والعمد من الصبي سواء، وعلى عاقلة الصبي قيمة المقتول في ثلاث سنين. قلت: فإن جرحه (¬2) جرحاً ولم يقتل (¬3) الوديعة على حد (¬4)؟ قال: إن كان الأرش يبلغ خمسمائة أو أكثر فهو على عاقلة الصبي، وإن كان أقل من خمسمائة فإنه على الصبي في ماله، ولا شيء على العاقلة. فإن كان جنى (¬5) على امرأة فإن كانت جنايته تبلغ مائتي درهم وخمسين أو أكثر فذلك على عاقلته، وإن كان الأرش لا يبلغ مائتين وخمسين (¬6) [فهو] في مال الصبي، ولا شيء على العاقلة. قلت: فإن كانت الوديعة دابة أو ثوباً أو داراً فاستهلكه بعض من ذكرنا، وقد استودعه بإذن مولاه، وهو مأذون له في قبض الوديعة؟ قال (¬7): أما أم الولد والمدبر والمدبرة فهو (¬8) عليهم، يسعون فيه بالغاً ما بلغ، وأما العبد فإنه يقال لمولإه: أد (¬9) عنه، وإلا بيع فيه، وأما الصبي إن كان مأذوناً له فهو دين عليه (¬10). قلت: أرأيت رجلاً استودع مكاتباً أو عبداً مأذوناً له في التجارة أو عبداً قد عتق بعضه وهو يسعى في بعض قيمته؟ قال: هؤلاء بمنزلة الحر في الوديعة. قلت: وكذلك العبد المحجور عليه الذي قد أذن له مولاه أن يقبل الوديعة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً استودع رجلاً (¬11) ألف درهم، فاستهلكها ابن له (¬12) صغير أو عبد أو أمة له؟ قال: هو دين في رقبة العبد أو الأمة أو الصبي. قلت: ولم والعبد (¬13) والأمة محجوران (¬14)؟ قال: أرأيت لو ¬

_ (¬1) د م ف: فإن. (¬2) د: جرحا. (¬3) د م: يقتله. (¬4) كذا في الأصول. (¬5) د: جنل (مهملة). (¬6) ف - أو أكثر فذلك على عاقلته وإن كان الأرش لا يبلغ مائتين وخمسين. (¬7) د - قال. (¬8) د + فهو. (¬9) د: أدى؛ صح هـ. (¬10) م ف: عليهم. (¬11) م - رجلاً. (¬12) د - له. (¬13) ف: العبد. (¬14) م ف: محجورا؛ ع: محجور عليهما.

استودعه العبد بإذن مولاه أو الأمة فاستهلك الوديعة ألم يكن ضامناً؟ قلت: بلى. قال: فهذا وذاك سواء. إذا استودع مولاه (¬1) فاستهلكها العبد أو الأمة، فكأنه (¬2) استودعهما (¬3) بإذن مولاهما، فالوديعة في رقابهما، يباعان فيه، أو يؤدي المولى عنهما. قلت: أرأيت رجلاً استودع رجلاً ألف درهم، فعمد المستودع، فدفعها إلى آخر، فجاء رب الوديعة يطلب الوديعة، فقال المستودع لرب المال: أنت أمرتني أن أدفعها إلى هذا، وأنكر ذلك رب الوديعة؟ قال: المستودع ضامن للوديعة. قلت: لم؟ قال: لأنه قد (¬4) دفعها إلى غيره فصار ضامناً، ولا يصدق على قوله لرب المال: إنك أمرتني. قلت: فإن أقام على ذلك بينة؟ قال: لا ضمان عليه ولا على المدفوع إليه. قلت: فإن لم تكن له بينة فأراد أن يستحلف رب المال أنه لم يأمره بالدفع؟ قال: له أن يستحلفه، فإن حلف فالمال على المستودع، وإن نكل عن اليمين لم يكن على المستودع ضمان. قلت: أرأيت رجلاً استودع رجلاً ألف درهم، وأمره أن يدفعها إلى رجل، فقال المستودع: قد دفعتها إليه، وقال الرجل: لم أقبضها، أو قال رب المال: كذبت لم تدفعها إليه ولم يقبضها منك؟ قال: القول قول المستودع مع يمينه، ولا ضمان عليه. قلت: لم؟ قال: لأن رب المال قد أقر أنه أمره أن يدفعها إلى هذا الرجل، فصار المستودع أميناً فيها، فالقول قوله أنه قد دفع. ألا ترى أن المستودع لو قال: قد دفعتها (¬5) إلى رب المال، كان القول قوله مع يمينه، فكذلك هذا. ¬

_ (¬1) د - أو الأمة فاستهلك الوديعة ألم يكن ضامنا قلت بلى قال فهذا وذاك سواء إذا استودع مولاه. (¬2) د م ف: فكانت. (¬3) د م: استودعتهما؛ ف: استودعتها. والتصحيح من ع. (¬4) ف - قد. (¬5) م: قد دفعها.

قلت: أرأيت رجلاً استودع رجلاً ألف درهم، فقال له: اِخْبِها (¬1) في بيتك هذا، فخَبَأَها في بيت آخر في داره تلك، فضاعت الوديعة؟ قال: ليس على المستودع ضمان. قلت: لم؟ قال: أرأيت لو كان قال له: ضعها في كيسك هذا، فوضعها في صندوقه أكان يضمن؟ قلت: لا. قال: فهذا وذاك سواء. ألا ترى أنه لو قال: أمسكها بيدك ولا تضعها ليلاً ولا نهاراً، فوضعها في بيته، فهلكت، لم يكن عليه ضمان، فكذلك إذا وضعها في بيت آخر في داره تلك. قلت: فإن قال له: اِخْبِها في دارك هذه ولا تُخَبِّها في دارك الأخرى (¬2) فإن هذه أخاف منها، فوضعها في الدار التي نهاه عنها؟ قال: هو ضامن للمال. قلت: لم؟ قال: أرأيت لو قال له: لا تخرجها من الكوفة وضعها في بيتك، فخرج بها عمداً إلى البصرة أو إلى غيرها فضاعت ألم يكن ضامناً؟ قلت: بلى. قال: فهذا والداران سواء أبياتاً ورهداً (¬3) والاستحسان. إذا كان بعضه قريباً من بعض فأستقبح أن أضمنه، فأما الداران والمصران فإن ذلك متفرق متباين، فهو له ضامن. قلت: أرأيت إن انتقل من الكوفة إلى البصرة أو إلى غيرهما لشيء لم يكن له منه بد فهلكت؟ قال: لا ضمان عليه. قلت: لم؟ قال: لأن هذا حال عذر فلا أضمنه. قلت: فإن استودعه وديعة وقال له: لا تدفعها إلى امرأتك فإني أتهمها عليها، أو إلى عبدك أو إلى أمتك أو إلى ابنك (¬4) أو إلى أجيرك فإني أتهمه عليها، فدفعها المستودع إلى بعض من ذكرنا، فهلكت الوديعة؟ قال: إن كان المستودع لا بد له مما صنع ولا يجد بدا من ذلك من أن يدفعها إلى بعض من ذكرنا لم أضمنه، وإن كان يجد من أهله وخدمه من يدفعها إليه ويضعها عنده غير من ذكرت (¬5)، إن أعطاها بعض من ذكرت وهو يجد غير ¬

_ (¬1) خَبَأ الشيء من باب قطع أي: أخفاه. وقد أسقطت العرب الهمزة فيها طلباً للتخفيف. انظر: لسان العرب، "خبأ"؛ والمصباح المنير، "خبأ". (¬2) د + فإن دارك الأخرى. (¬3) كذا وردت الكلمتان الأخيرتان مهملتين في م ف. وليستا واضحتين في د. ولم أهتد إلى قراءتهما. لكن انظر لشرح المسألة: المبسوط، 11/ 121. (¬4) م: إلى أبيك. (¬5) م ف: من يكذب.

هؤلاء من يدفعها إليه ويضعها عنده فإني أضمنه. قلت: أرأيت رجلاً استودع رجلاً أمة فوقع عليها المستودع ما حالها وحال ولدها؟ قال: الولد رقيق له وهو وديعة. قلت: فهل على المستودع الحد؟ قال: نعم. قلت: هل يثبت نسب الولد منه؟ قال: لا. قلت: فإن ادعى شبهة؟ قال: أدرأ (¬1) عنه الحد، وولده رقيق، وأضمنه العقر. قلت: أرأيت رجلاً استودع رجلاً ثوباً أو دابةً أو عبداً، فلبس الثوب أو ركب الدابة أو بعث العبد في حاجته، وأقر بذلك، ثم قال: قد رددته إلى مكانه بعد ذلك فهلك؟ قال: لا يصدق، وهو ضامن للوديعة إلا أن يأتي ببينة على ما يدعي. قلت: فإن جاء ببينة فشهدا أنه رد الثوب إلى بيته صحيحاً فوضعه حيث كان، وأن العبد قد رجع من رسالته إلى بيته صحيحاً ثم مات أو أبق، وأن الدابة قد ردها إلى بيته مسلَّمة فنفقت بعد ذلك؟ قال: آخذ ببينته ولا أضمنه في هذا كله. قلت: أرأيت رجلين استودعا [رجلاً] (¬2) دراهم أو دنانير أو ثياباً أو دواباً أو عبيداً، فجاء أحدهما والآخر غائب، فقال للمستودع: ادفع إلي حصتي، فأبى ذلك عليه، فتقدما (¬3) إلى القاضي فقصا القصة، أينبغي للقاضي أن يأمر المستودع أن يدفع إلى صاحبه حصته بغير محضر من الآخر؟ قال: لا، حتى يجتمع (¬4) هو وصاحبه جميعاً. قلت: لم؟ قال: ألا ترى أن المستودع ليس بوكيل، فكيف يستطيع أن يقسم المال. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: يقسم ذلك فيدفع إليه حصته، ولا تكون قسمة جديدة على الغائب. قلت: أرأيت رجلاً استودع رجلاً ألف درهم، فجاء رجل آخر، فقال: إن رب الوديعة أرسلني إليك لتبعث إليه بالوديعة، فصدقه على مقالته (¬5) ¬

_ (¬1) د م: ادرى. (¬2) الزيادة من الكافي، 1/ 135 و؛ والمبسوط، 11/ 123. (¬3) ف: فقدما. (¬4) ف: حتى يجمع. (¬5) م: على مقابله.

ودفعها إليه فهلكت عنده، ثم جاء رب الوديعة يطلب الوديعة، فقال المستودع: قد جاءني هذا على لسانك فصدقته وأعطيته الوديعة؟ قال (¬1): المستودع ضامن. قلت: فهل يرجع على الرسول بشيء؟ قال: لا، وذلك إن أنكر رب الوديعة أنه لم يأمره بأخذها. فإن أقر أنه أمره بأخذها لم يكن على المستودع ضمان ولا على الرسول. قلت: فإن كان حيث جاء بالرسالة كذبه في مقالته (¬2) ودفع إليه الوديعة على ذلك فهلكت، ثم جاء رب الوديعة وأنكر ذلك؟ قال: المستودع ضامن، ويرجع بذلك على الرسول. قلت: فإن لم يصدقه ولم يكذبه؟ قال: فكذلك أيضاً (¬3). قلت: فإن صدقه على مقالته ودفع المال على ذلك، فجاء رب الوديعة وأنكر ذلك؟ قال: المستودع ضامن، ويرجع على الرسول. قلت: أرأيت رجلاً استودع رجلاً وديعة وغصبها إياه رجل آخر وأفسدها أو أحدث فيها حدثاً، من يكون خصمه فيها ورب الوديعة غائب؟ قال: المستودع خصمه. قلت: لم؟ قال: لأنه شيء في يده فهو خصمه. قلت: وكذلك البضاعة والعارية؟ قال: نعم. قلت: وكذلك كل شيء أصله أمانة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً استودع رجلين مالاً أو ثياباً، فقسم كل واحد منهما نصف ذلك المال أو تلك (¬4) الثياب، فجعله في يديه، فهلك ذلك كله، أو هلك ما عند أحدهما؟ قال: لا ضمان عليهما. قلت: لم، أما ترى قسمتهما وأخذ كل واحد منهما نصف ذلك المال أو الثياب خلافاً؟ قال: هكذا أمر الناس، وليس هذا بخلاف. ألا ترى (¬5) أنهما لا يستطيعان أن يجتمعا في مكان واحد يحفظانه. قلت: وكذلك البضاعة؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الوصيان؟ قال: نعم (¬6). قلت: أرأيت الرجل تكون عنده الوديعة فيحترق بيته، فيخرج متاعه ¬

_ (¬1) ف: فقال. (¬2) د ف: في مقاله. (¬3) ف - أيضاً. (¬4) ف: أو ثلث. (¬5) ف: أما ترى. (¬6) د + قلت وكذلك الوصيان قال نعم.

فيضعه في بيت جاره ويخرج (¬1) بالوديعة معه هل يضمن؟ قال: لا ضمان عليه. قلت: لم؟ قال: أستحسن في هذا وشبهه (¬2) أن لا أضمنه؛ لأن هذا حال عذر. ألا ترى أنه لو كان في سفينة والوديعة معه فغرقت السفينة فأخرج الوديعة فناولها إنساناً (¬3) يمسكها لم يكن عليه ضمان. وهذا والأول سواء. قلت: أرأيت رجلاً استودع رجلاً بقراً (¬4) أو غنماً أو إبلاً، ثم غاب رب الوديعة، كيف يصنع المستودع (¬5) بعلفها والنفقة عليها؟ قال: إن أنفق عليها من ماله بغير أمر القاضي ولا أمر صاحبها فهو متطوع في ذلك. قلت: فإن دفعها إلى القاضي وأقام البينة أنها وديعة لفلان؟ قال: ينبغي للقاضي أن يأمره أن ينفق عليها من ماله، ويكون ديناً على رب الوديعة. قلت: فإن أمره القاضي بالنفقة عليها فأنفق عليها ثم جاء رب الوديعة فأبى أن يرد عليه النفقة؟ قال: يجبره القاضي على دفع النفقة إلى المستودع. قلت: أرأيت إن كان القاضي حيث أتاه المستودع لم يأمره بالنفقة عليها ولكن أمره أن يبيعها فباعها هل يجوز؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن لم يرفعها (¬6) إلى القاضي حتى اجتمع عنده من ألبانها شيء كثير له ثمن وهو يخاف فساده، أو كانت الوديعة أرضاً فأخرجت ثمرة فخاف فسادها، فباعها وهو في مصر بغير أمر قاض فاستهلكه؟ قال: هو ضامن. قلت: فإن كان أراد بذلك الخير؟ قال: وإن (¬7) كان أراد بذلك الخير فهو ضامن؛ لأنه لا أراد ذلك (¬8). قلت: فإن باع ذلك بأمر القاضي ثم هلك الثمن؟ قال: بيعه جائز ولا ضمان عليه. قلت: أرأيت إن حمل المستودع على الإبل والبقر والغنم فنُتِجَت عنده ولم يكن صاحبها أمره بذلك لمن يكون أولادها؟ قال: ¬

_ (¬1) م ف: وخرج. (¬2) ف: أو شبهه. (¬3) د م ف: إنسان. (¬4) د م: بقر. (¬5) د م ف: والمستودع. (¬6) د ف: لم يدفعها. وهي غير واضحة في م. (¬7) د م ف: إن. (¬8) كذا في د م ف. ولعله: لم يأمره بذلك.

لصاحبها، وليس للمستودع من ذلك (¬1) شيء. قلت: فلو هلكت الإبل من ذلك؟ قال: المستودع ضامن؛ لأنه لم يؤمر بذلك، فهو مخالف. قلت: أرأيت إن لم يحمل عليها ولكنه أكراها إلى مكة فأصاب من كرائها لمن يكون ذلك الكراء؟ قال: للمستودعَ. قلت: من أين اختلفت الغلة والولد؟ قال: لأن الغلة لا تشبه الولد، الولد منها، والغلة ليس منها. قلت: أرأيت ما كان من صوفها وألبانها وأولادها؟ قال: هو لصاحبه. قلت: أرأيت رجلاً استودع رجلاً وديعة فغاب رب الوديعة ثم قدم فجاء يطلب الوديعة، فقال المستودع: أمرتني أن أنفقها على أهلك وولدك وقد (¬2) أنفقتها عليهم، فكذبه رب الوديعة، وقال أهله وولده: قد أنفقها علينا وأنت أمرته بذلك؟ قال: لا يصدق المستودع، وهو ضامن. قلت: وكذلك إن ادعى المستودع أنه أمره أن يتصدق بها على المساكين أو يهبها لرجل (¬3) أو يتصدق بها عليه؟ قال: نعم، هو ضامن. قلت: فإن طلب يمين رب الوديعة؟ قال: له أن يستحلفه، فإن حلف (¬4) فالضمان على حاله، وإن نكل عن اليمين برئ المستودع من الضمان. قلت: أرأيت رجلاً استودع رجلين جارية، فباع أحدهما نصفها الذي في يده من رجل، فوقع عليها الرجل فولدت، ثم جاء سيدها؟ قال: يأخذها ويأخذ عقرها من الذي وطئها، ويأخذ قيمة الولد، والولد حر لا سبيل عليه. قلت: ويأخذ نقصانها؟ قال: ينظر إلى قيمة الولد وإلى نقصانها، فإن كانا سواء أو كانت قيمة الولد أكثر فلا شيء عليه من النقصان، وإن كانت قيمته أقل من النقصان ضمن الذي وطئها تمام النقصان، ثم يرجع المستودع على البائع بالثمن الذي قبضه منه وبنصف قيمة الولد، وإن شاء رب الجارية ضمن نصف النقصان البائع. قلت: أرأيت إن لم تُعْرَف الجارية أنها لصاحبها الذي يدعي، ولم يكن على ذلك بينة إلا قول الرجلين اللذين كانت عندهما وديعة؟ قال: لا تقبل شهادتهما على ذلك، فتكون الجارية أم ¬

_ (¬1) ف: في ذلك. (¬2) ف: وقال. (¬3) م: الرجل. (¬4) د م ف: حلفه.

ولد (¬1) للذي اشترى نصفها، ويضمن نصف قيمتها ونصف عقرها فيدفعه إلى شريكه فيها. قلت: أرأيت رجلاً استودع رجلاً جارية، فغاب رب الوديعة، ثم جاء رجل فادعى أنها له فأقام البينة، وقال الذي هي عنده: هي وديعة عندي لفلان؟ قال: يسأله القاضي البينة أنها وديعة في يده، فإن أقام البينة على ذلك فلا خصومة بينه وبين المدعي، وإن لم يقم البينة فهو خصمه. قلت: وكذلك لو ادعى الذي هي في يده عارية أو ادعى أنه استأجرها من فلان؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كانت الوديعة متاعاً فادعى أنه بضاعة عنده؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل تكون عنده الوديعة فيعمل بها فيربح ولم يأذن له صاحبها؟ قال: هو ضامن للوديعة، والربح له يتصدق به، ولا ينبغي له أن يأكله. بلغنا ذلك عن إبراهيم النخعي (¬2). قلت: أرأيت إن عمل بها بنفسه بإذن صاحبها؟ قال: هي قرض عليه، والربح له حلال. قلت: أرأيت رجلاً استودع رجلاً ألف درهم بِيض، فبدّلها سُوداً أو صرفها بدنانير، أو كانت حنطة فاستبدلها بحنطة مثلها، أو كانت (¬3) شعيراً فاستبدله (¬4) بمثله، أو كانت دراهم بِيضاً فاستبدلها بدراهم مثلها؟ قال: هو ضامن في هذا كله. قلت: أرأيت رجلاً استودع رجلاً ألف درهم، ثم طلبها رب الوديعة فجحدها إياه المستودع، ثم استودعه الجاحد الذي كانت عنده الوديعة ألف درهم مثلها، أيحل له أن يذهب بها (¬5) للذي (¬6) كان له؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان الأصل ديناً عليه فجحده إياه واستودعه مثله؟ قال: نعم. قلت: فإن استودعه حنطة أو شيئاً مما يكال أو يوزن، أو كان عليه دين ¬

_ (¬1) د م ف: أم الولد. (¬2) نحو ذلك في المصنف لعبد الرزاق، 8/ 183؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 393. (¬3) د م: أو صار. (¬4) د م ف: فاستبدل له. (¬5) د - بها. (¬6) د: الذي.

فاستودعه مثله من ذلك الصنف (¬1)؟ قال: لا بأس أن يأخذه منه ويذهب به قصاصاً من الذي له عليه. فإن كانت دراهم فاستودعه حنطة، أو كانت حنطة فاستودعه شعيراً، أو كانت دراهم فاستودعه دنانير، إن كانا مختلفين لا (¬2) يسعه أن يمسكه عنه؛ لأن هذا بيع. وأما إذا كان مثله فإنه قصاص. قلت: أرأيت إن قال (¬3) صاحب الوديعة الآخرة لصاحب الوديعة الأولى (¬4): احلف لي (¬5) ما استودعتك كذا كذا، أينبغي له أن يحلف على ذلك؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه قد استودعه هذا بعينه. قلت: فإن حلف واستثنى: ما استودعني شيئاً إلا كذا كذا، فسماه وتكلم به وأخفاه (¬6) منه؟ قال: يسعه. قلت: أرأيت رجلاً استودع من رجل ألف درهم ثم غاب رب الوديعة، فجاءت امرأته وأولاده أو والدته (¬7) وأم ولده يطلبون إليه نفقته، أينبغي للقاضي أن يأمره أن ينفق عليهم ويأخذ منهم كفيلاً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً استودع رجلاً ألف درهم، ثم غاب رب الوديعة، ولا يُدْرَى أحي أو ميت ولا يُدْرَى من وارثه؟ قال: ينبغي للمستودع أن يمسكها أبداً حتى يعلم أحي (¬8) هو أو ميت (¬9) أو يعلم له وارث. قلت: أرأيت رجلاً مات وعليه دين وعنده وديعة ومال مضاربة وبضاعة؟ قال: إن لم يُعْرَف شيء من ذلك بعينه قُسم المال بينهم بالحصص، وإن عُرفت الوديعة بعينها أو البضاعة أو المضاربة بعينها دفعت إلى صاحبها، وإذا لم تجرف بعينها قسمت بينهم بالحصص. بلغنا ذلك عن إبراهيم النخعي والشعبي (¬10). ¬

_ (¬1) د: النصف. (¬2) م - لا، صح هـ. (¬3) د ف: إن كان. (¬4) د - الأولى. (¬5) ف - لي. (¬6) م ف: واقصاه. والتصحيح من ب؛ والكافي، 1/ 135 ظ. وعبارة السرخسي هكذا: ويخفيه من خصمه ومن القاضي، ويسعه ذلك لأنه مظلوم. انظر: المبسوط، 11/ 129. (¬7) ف: وأولادها ووالدته. (¬8) م ف: حي. (¬9) م: أم ميت. (¬10) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 277 - 278.

قلت: أرأيت رجلاً استودع رجلاً ألف درهم، فأنفقها المستودع، ثم ادعى أن رب الوديعة وهبها له، أو تصدق بها عليه، أو أحلها له، وجحد ذلك رب الوديعة؟ قال: لا يصدق المستودع بما ادعى، وهو ضامن لرب الوديعة. قلت: أرأيت رجلاً استودع رجلاً وديعة، ثم ردها عليه، فجاء رجل فأقام البينة أن ذلك المتاع الوديعة متاعه ووديعته، واجتمع (¬1) الذي كانت عنده الوديعة والذي استودعها إياه، هل يضمن المستودع؟ قال: لا. قلت: وكذلك لو كان يعرفه؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كانت غصباً؟ قال: نعم. قلت: فإن كان رب الوديعة عبداً أو صبياً؟ قال: وإن كان، لأن الذي كانت عنده الوديعة قد ردها إلى موضعها فلا ضمان عليه. [قلت:] فإن كان رب الوديعة أمر (¬2) الذي كانت عنده الوديعة أن يدفعها إلى رجل، أو وهبها الرجل أو تصدق بها [بأمره] (¬3)، أو أمره فباعها أو اشتراها هو من رب الوديعة، فهلكت عنده، فجاء صاحبها، فأقام البينة أنها له بعينها، وجمعهم جميعاً، له أن يضمن أيهما شاء؟ قال: نعم، إن شاء ضمن رب الوديعة، وإن شاء ضمن المستودع. قلت: لم (¬4) والمستودع إنما فعل هذا بأمر رب الوديعة؟ قال: لأنه وضع متاع هذا في غير موضعه، فهو ضامن. قلت: فإذا رد المتاع إلى الذي استودعها إياه برئ من الضمان؟ قال: نعم. قلت: وإذا دفعه إلى غيره فهو ضامن؟ قال: نعم؛ لأنه إذا رد المتاع إلى رب الوديعة فقد رده إلى موضعه، وإذا دفعه إلى غيره فلم يرده إلى موضعه ولا إلى صاحب المتاع فهو ضامن. قلت: أرأيت إن قال رب المتاع: أنا أضمن الذي أخذ متاعي صدقةً أو هبةً أو بيعاً؟ (¬5) قال: له أن يضمنه إن ¬

_ (¬1) وعبارة الحاكم: وحضروا جميعاً عند القاضي. انظر: الكافي، 1/ 136 و. وعبارة السرخسي: وحضروا عند القاضي. انظر: المبسوط، 11/ 120. (¬2) د م ف: أمره. والتصحيح من ب. (¬3) الزيادة مستفادة من ب؛ والكافي، 1/ 136 و؛ والمبسوط، 11/ 120. (¬4) ف: ولم. (¬5) د م ف: أو بيع.

شاء. قلت: فإن أخذه (¬1) وديعة فطُلِبَ (¬2) منه فلم يقدر عليها؟ قال: هو ضامن. قلت: وكذلك لو هلكت الوديعة إلا عند المستودع الذي قبل هذا؟ قال: نعم، هو ضامن حتى تصل الوديعة إلى موضعها. قلت: أرأيت رجلاً [استودع] عبداً فبعثه المستودع في حاجته فهلك؟ قال: هو ضامن. قلت: أرأيت عبداً استودع رجلاً وديعة ثم غاب العبد هل لمولاه أن يأخذ الوديعة والعبد تاجر أو (¬3) محجور (¬4) عليه دين أو لا دين عليه؟ قال: ليس لمولاه أن يأخذ الوديعة حتى يحضر العبد. قلت: أرأيت رجلاً استودع رجلاً مائة درهم، فخُلطت بألف درهم من مال المستودع (¬5) من غير أن يخلطها هو، ثم هلك بعضه وبقي بعضه؟ قال: هما شريكان فيما هلك وما بقي، اقتسماه على أحد عشر جزء، جزء منها لصاحب المائة، وعشرة أجزاء لصاحب الألف. قلت: أرأيت الرجل تكون عنده الوديعة، فيموت صاحب الوديعة، فأبى المستودع (¬6) أن يدفع الوديعة إلى الورثة؟ قال: الورثة خصماؤه، ويجبر على دفعها إليهم. قلت: فإن كان على الميت دين وله وصي؟ قال: ينبغي للمستودع أن يدفع إلى الوصي. قلت: أرأيت رجلاً استودع رجلين مالاً، فقال كل (¬7) واحد منهما: يكون المال عندي، فاختصما إلى القاضي في ذلك، كيف ينبغي للقاضي أن يصنع؟ قال: يأمرهما أن يقتسما المال نصفين، فيكون نصفه عند هذا ونصفه عند هذا. قلت: وكذلك لو كان رقيقاً أو متاعاً أو غنماً أو إبلاً أو بقراً أو دواباً؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو اقتسماه من غير أن يأتيا القاضي؟ قال: ¬

_ (¬1) أي: رجل ثالث، فهو دوام للمسائل السابقة. (¬2) م: فهلكت، صح هـ؛ ف - وديعة فطلب. وهي على الصواب في د؛ لكن في هامشه: فهلكت. (¬3) د + عبد. (¬4) م ف: أو محجورا. (¬5) د: المودع. (¬6) د - المستودع. (¬7) ف - كل.

نعم، لا ضمان عليهما إن هلك. قلت: فإن أبيا القسمة فدفعا الوديعة إلى رجل فهلكت؟ قال: هما ضامنان. قلت: أرأيت إن كان عبداً واحداً أو ثوباً واحداً أو دابةً واحدة أو بعيراً كيف يضمنان به؟ قال: إن وضعه أحدهما عند الآخر أو أمسكه كل واحد منهما شهراً فلا ضمان عليهما إن هلك؛ لأن هذا مما [لا] (¬1) يقسم. قلت: أرأيت رجلاً استودع رجلاً بقراً أو غنماً أو إبلاً، ثم غاب رب الوديعة، فأتى المستودع القاضي، فقص عليه القصة، كيف ينبغي للقاضي أن يصنع؟ قال: يسأله البينة على ما قال، فإذا جاء بالبينة أمره القاضي أن ينفق عليها على قدر ما يرى القاضي، فإن بَطَّأَ صاحب الوديعة أمره ببيعها. قلت: أرأيت إذا أمره القاضي أن ينفق عليها فأنفق عليها هل يكون ذلك ديناً على رب الوديعة؟ قال: نعم (¬2). قلت: أرأيت رجلاً استودع رجلاً عبداً وأمة، ثم جاء يطلب الوديعة، فقال المستودع: إنما استودعتني هذه الأمة ولم تستودعني عبداً، فأقام رب الوديعة البينة أنه استودعه عبداً وأمة؟ قال: المستودع ضامن لقيمة العبد إلا أن يرده بعينه. قلت: أرأيت إن كانت الأمة قد ماتت عنده، فقال المستودع: قد ماتت الأمة، وجحد العبد، فأقام رب الوديعة البينة أنه أودعه عبداً وأمة (¬3)، هل يضمن قيمتهما (¬4) جميعاً؟ قال: لا، ولكنه يضمن قيمة العبد؛ لأنه إنما جحد العبد ولم يجحد الأمة، فلا ضمان عليه في الأمة. قلت: أرأيت رجلاً استودع رجلاً أمة، واستودعه آخر عبداً، ثم جاء رب الوديعتين جميعاً، فقال كل واحد منهما: استودعتك الأمة، وقال المستودع: كذبتما بل استودعتماني أمة وهي هذه الأمة؟ قال: القول قوله مع يمينه. قلت: فإن قال المستودع: ما أدري لأيكما هذه الأمة، غير أني ¬

_ (¬1) الزيادة من الكافي، 1/ 136 و. (¬2) د - قال نعم؛ صح هـ. (¬3) د م ف: أو أمة. (¬4) م ف: ان يضمن فيهما. والخط غير واضح في د.

باب اختلاف أبا حنيفة وابن أبا ليلى في الوديعة

أعلم أنها لأحدكما، ما القول في ذلك؟ قال: يحلف لكل واحد منهما، فإن أبى أن يحلف لهما دفع إليهما الأمة، وغرم لهما قيمتها بينهما نصفين، وأما العبد فهو للذي يقر أنه له. وقال محمد: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال في الوديعة والمضاربة إذا كانت عند الرجل ثم مات وعليه دين أنهما أسوة بين الغرماء (¬1). وبه نأخذ. الحجاج بن أرطأة عن عطاء وأبي جعفر مثله (¬2). وقال أبو يوسف في رجل استودع عبداً محجوراً عليه أو صبياً وديعة فأكلها: فإن أبا حنيفة (¬3) قال: (¬4) لا ضمان على الصبي ولا على العبد حتى يعتق. وهو قول محمد. وقال أبو يوسف: العبد والصبي ضامنان جميعاً الساعة. ... باب اختلاف أبا حنيفة وابن أبا ليلى في الوديعة وإذا (¬5) استودع رجل رجلاً وديعة، فقال المستودع: أمرتني أن أدفعه إلى فلان فدفعتها إليه، وقال رب الوديعة: كذبت لم آمرك، فإن أبا حنيفة كان يقول: القول قول رب الوديعة، والمستودع ضامن. وبه يأخذ أبو يوسف ومحمد. وكان ابن أبي ليلى يقول: القول قول المستودع، ولا ضمان عليه، وعليه اليمين. ¬

_ (¬1) روي نحو ذلك في المصنف لعبد الرزاق، 8/ 266؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 278 - 279. (¬2) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 278. (¬3) د م ف + ومحمدا. (¬4) د م ف: قالا. (¬5) د م: ولو.

وإذا استودع الرجل رجلاً وديعة، فجاء آخر يدعيها معه، فقال المستودع: ما أدري أيكما استودعني هذه الوديعة، وأبى أن يحلف لهما، وليس لواحد منهما بينة، فإن أبا حنيفة كان يقول: يعطيهما تلك الوديعة بينهما نصفين، ويضمن لهما أخرى مثلها بينهما؛ لأنه أتلف ما استودع لجهله. ألا ترى أنه لو قال: هذا استودعنيها، ثم قال: أخطأت بل هو هذا، كان عليه أن يدفع الوديعة إلى الذي أقر بها أولاً، ويضمن للآخر مثلها؛ لأن قوله أتلفه (¬1)، وكذلك الأول أتلفه. وبه يأخذ أبو يوسف ومحمد. كان ابن أبي ليلى يقول في الأولى: ليس عليه شيء، والوديعة بينهما نصفان. ولو استودع رجل رجلاً وديعة، فاستودعها المستودع غيره في غير عياله، فإن أبا حنيفة كان (¬2) يقول: هو ضامن؛ لأنه خالف. وبه يأخذ أبو يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: لا يضمن الآخر إن هلكت الوديعة عنده. وقال أبو يوسف ومحمد: لرب الوديعة أن يضمن الآخر، فإن ضمنه رجع على الأول، وإن ضمن الأول لم يرجع على الآخر. وكان ابن أبي ليلى يقول: الضمان عليه (¬3). وإذا مات الرجل وعليه دين، وعنده وديعة بغير عينها، فإن أبا حنيفة كان يقول: جميع ما ترك بين الغرماء وصاحب الوديعة بالحصص. وبه يأخذ أبو يوسف ومحمد. وكان ابن أبي ليلى يقول: هو للغرماء، وليس لصاحب الوديعة شيء؛ لأن الوديعة مجهولة، وليست شيئاً (¬4) بعينه (¬5). ¬

_ (¬1) د: أتلف. (¬2) م - كان. (¬3) أي: على رب الوديعة، فلا ضمان على المستودع الأول ولا الآخر. (¬4) د م ف: شيء. (¬5) م + آخر كتاب الوديعة كتبه أبو بكر بن أحمد بن محمد الطلحي الأصفهاني في شوال من سنة تسع وثلاثين وستمائة؛ ف + آخر كتاب الوديعة والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وسلم.

كتاب العارية

بِسْمِ اللهِ الرَّحَمنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب العارية محمد بن الحسن (¬2) عن أبي يوسف عن أبي حنيفة: قلت: أرأيت رجلاً استعار من رجل دابة على أن يذهب بها حيث شاء، ولم يسم مكاناً ولا يوماً ولا ما (¬3) يحمل عليها، فيذهب (¬4) بها إلى الحيرة أو حيث أحب من الأمصار، أو يمسكها بالكوفة شهراً فيحمل (¬5) عليها، أو يؤاجرها فيصيب من غلتها، هل يضمن في شيء من هذا؟ قال: لا ضمان عليه في شيء مما ذكرت إلا (¬6) في الإجارة، فأضمنه، ويتصدق بالغلة، لأنه خالفه حيث أجرها، وصار ضامناً، ولا يطيب له الفضل. قلت: أرأيت إن استعارها يوماً إلى الليل ولم يسم ما يحمل عليها هل يضمن؟ قال: لا. قلت: فإن أمسكها بعد الوقت؟ قال: هو ضامن لها. قلت: فإن لم يوقت يوماً ولا مكاناً ولكن قال: أحمل عليها حنطة، فمكث ينقل عليها الحنطة أياماً؟ قال: لا ضمان عليه. قلت: فإن حمل عليها آجُرّاً أو لَبِناً أو ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) ف - بن الحسن. (¬3) م - ولا ما، صح هـ. (¬4) م ف: فذهب. (¬5) م ف: فحمل. (¬6) د م: إلى.

حجراً فعطبت؟ قال: هو ضامن. قلت: لم؟ قال: لأنه حمل عليها غير ما سمى، فصار ضامناً. قلت: أرأيت رجلاً استعار من رجل دابة، يحمل شيئاً من الحنطة مسمى كيله إلى مكان مسمى، فحمل عليها شعيراً مثل ذلك، ولم يحمل حنطة، أو حمل عليها سمسماً أو أرزاً أو شيئاً من الحبوب مثل كيل الحنطة وخفتها، فعطبت الدابة، هل يضمن؟ قال: أما في القياس فهو ضامن، ولكني أستحسن أن لا أضمنه. قلت: أرأيت إن خالف فجاوز المكان الذي سمى، أو أخذ إلى مكان غير ذلك، فعطبت الدابة؟ قال: هو ضامن لها. قلت: أرأيت رجلاً استعار من رجل دابة، يحمل عليها كذا وكذا ثوباً هروياً (¬1)، فحمل عليها كذا كذا ثوباً مروياً أو بلخياً (¬2) أو قوهياً (¬3) مثل عدده وخفته؟ قال: (¬4) هذا والأول سواء. قلت: لم؟ قال: أرأيت لو استعارها ليحمل عليها كذا كذا رطل دهن بنفسج، فحمل عليها مثل ذلك من الأدهان، أو استعارها ليحمل عليها كذا كذا رطلاً من خمر فحمل عليها مثل ذلك (¬5) خل سُكَّر (¬6)، يعني: خل عنب، أكان يضمن؟ قلت: لا. قال: فهذا وذاك سواء، ولا ضمان عليه. قلت: فإن حمل عليها رجلاً وركب معه، وقد كان استعارها ليركب هو، كم يضمن؟ قال: هو ضامن لنصف قيمتها. ¬

_ (¬1) ف: ثوب هروي. (¬2) م ف: أو بلخي. (¬3) الكلمة مهملة وغير واضحة في د م ف ب. وفي الكافي، 1/ 136 و: برمقيا. ويظهر أنه تحريف. وفي المبسوط، 11/ 139: نرمقا. والنَّرْمَق بمعنى اللين. انظر: المغرب، "نرمق"؛ ولسان العرب، "نرمق". ولم يذكرا أنه نوع من الثياب. لكن عبارة الكافي والمبسوط: مروياً أو قوهيا أو ... فلذلك أثبتنا "قوهيا" لقرب خطه، ولأنه نوع من الثياب يُكثر المؤلف من ذكره في أبواب البيوع وغيرها. (¬4) د: فإن. (¬5) د - من الأدهان أو استعارها ليحمل عليها كذا كذا رطلاً من خمر فحمل عليها مثل ذلك. (¬6) السُّكَّر: نوع من العنب. انظر: القاموس المحيط، "سكر".

قلت؛ أرأيت رجلاً استعار من رجل دابة ليركبها في حاجته، فلما قضى عليها حاجته ردها مع ابنه أو عبده أو أمته أو أجيره أو أحد من عياله، فعطبت في الطريق؟ قال: لا ضمان عليه. قلت: أرأيت رجلاً استعار من رجل دابة ليركبها في حاجة، فجاء بها فدفعها إلى عبد صاحبها، وهو عبده الذي يقوم عليها، فهل (¬1) يبرأ المستعير؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأن دفعه إلى عبده وإلى الرجل سواء. قلت: أرأيت رجلاً استعار من رجل ثوباً ليلبسه هو، فأعطاه غيره فلبسه؟ قال: هو ضامن. قلت: فإن استعاره ولم يسم من يلبسه فأعاره (¬2) غيره؟ قال: لا ضمان عليه. قلت: فإن استعار من رجل دابة ليحمل عليها عشرة (¬3) مخاتيم حنطة لنفسه، فحمل عليها عشرة مخاتيم حنطة لغيره؟ قال: لا ضمان عليه. قلت: لم؟ قال: لأن حنطته وحنطة غيره سواء. قلت: أرأيت إن حمل عليها أحد عشر مختوماً فنفقت الدابة؟ قال: يضمن جزء من أحد عشر جزء من قيمة الدابة. قلت: أرأيت رجلاً أمر رجلاً أن يضرب عبده عشرة أسواط، فضربه أحد عشر سوطاً فمات، كم يضمن؟ قال: ما نقصه ذلك السوط الآخِر ونصف قيمته مضروباً أحد عشر سوطاً. قلت: من أين اختلف هذا والذي زاد مختوماً واحداً؟ (¬4) قال: لأن الضربة جراحة. ألا ترى لو أن رجلاً جرح رجلاً جرحاً عظيماً وجرحه آخر (¬5) جراحة صغيرة أو جرحه جراحات، فمات من ذلك كله، أن الدية (¬6) بينهما نصفين، فهذا لا يشبه ذلك. ¬

_ (¬1) د م ف: فلم. والسياق يقتضي التصحيح. (¬2) ف: فأعار. (¬3) م - عشرة، صح هـ؛ ف - عشرة. (¬4) د م ف: مختوم واحد. (¬5) د + جرحا عظيما وجرحه آخر. (¬6) د م ف: أن الدابة. وهو على الجادة في ب.

قلت: أرأيت رجلاً استعار من رجل داراً أو أرضاً، على أن يبني فيها أو على أن يغرس فيها نخلاً، فأذن له في البناء والغرس، ثم بدا لصاحبها أن يخرجه، هل له أن يضمن له شيئاً من غرسه وبنائه، وقد غرس الرجل أو بنى؟ قال: لا يضمن. قلت: لم؟ قال: لأنه لم يوقت له وقتاً. قلت: فهل يأخذ صاحب الغرس والبناء غرسه وينقض بناءه؟ قال: نعم. قلت: فإن كان صاحب الأرض قد وقّت له وقتاً عشرين سنة أو أكثر من ذلك أو أقل فأخرجه قبل الوقت؟ قال: يضمن قيمة غرسه وبنائه، ويكون ذلك لرب الأرض والدار إذا أدى قيمته. قلت: فإن قال صاحب البناء والغرس: لا أضمنك القيمة، ولكن أنقض بنائي وغرسي، هل له ذلك؟ قال: نعم. قلت: فإن كان وقت له وقتاً أو لم يوقت له، وأذن له أن يزرع أرضه فزرعها، فلما تقارب حصاده أراد أن يخرجه؟ قال: أما الزرع فأستحسن فيه إذا زرعها (¬1) فإن رب الأرض لا يأخذ منه (¬2) الأرض حتى يحصد الزرع، فإذا حصده أخذ رب الأرض أرضه. قلت: أرأيت رجلاً استعار من رجل دابة ليركبها في حاجته، فبعث غلامه يقبضها فيأتي بها، أو كان قد ركبها ثم ردها مع غلامه، فعمد الغلام فعقر الدابة، هل يضمن ويكون ذلك في رقبة الغلام، فهل هذا بمنزلة (¬3) الوديعة التي يستهلكها الغلام؟ قال: نعم، هو ضامن للدابة في رقبته، يؤدي عنه مولاه أو يباع بذلك. قلت: أرأيت رجلاً استعار من رجل دابة ليركبها في حاجته إلى مكان، فأخذها فركبها، ثم اختلف رب الدابة والمستعير في المكان الذي ركبها، فقال رب الدابة: إنما أعرتك دابتي إلى موضع كذا وكذا، وقال المستعير: بل أعرتني إلى مكان كذا وكذا، وقد عقرها الركوب؟ قال (¬4): القول قول رب الدابة مع يمينه، وعلى المستعير الضمان. قلت: وكذلك لو ¬

_ (¬1) أي: زرع الأرض. (¬2) د م ف: قيمه. (¬3) ف - بمنزلة. (¬4) د: فإن.

حمل عليها حملاً فعقرها، فقال رب الدابة (¬1): إنما أعرتكها لتحمل عليها كذا وكذا غير الذي حملت عليها، وقال المستعير: أعرتني لأحمل عليها ما قد حملت؟ قال: نعم، هذا والأول سواء، وهو ضامن. قلت: أرأيت رجلاً استعار من رجل أرضاً على أن يبني فيها ويسكنها ما بدا له، فإذا خرج فالبناء لرب الأرض، هل تصلح هذه العارية على هذا الشرط؟ قال: لا، هذا فاسد، وهو بمنزلة الإجارة الفاسدة، وإن سكن على ذلك كان لرب الدار أجر مثلها فيما سكن، وينقض هذا بناءه إن شاء. قلت: أرأيت الرجل يعير المسكن فيسكنه الرجل ثم يموت المستعير لمن يكون المسكن؟ قال: يرد إلى صاحبه. قلت: فإن كان صاحبه قد مات؟ قال: يرد إلى ورثته. قلت: أرأيت الرجل يقول للرجل: هذه الدار لك عمرى سكنى، أو يقول: هي لك سكنى، فقبضها ثم مات؟ قال: تُرد إلى صاحبها. قلت: أرأيت رجلاً استعار من رجل دابة ليركبها في حاجته، أو استأجرها ليركبها في حاجته أو يحمل عليها، ففرغ من حاجته، فجاء بها يردها إلى صاحبها، فلم يقدر عليه، فدفعها إلى عبده، فضاعت الدابة؟ قال: لا ضمان عليه. قلت: فإن بعث بها مع غلام له إلى منزل صاحبها، فضاعت في الطريق، هل يضمن المستعير أو المستأجر أو العبد؟ قال: لا ضمان على العبد ولا على المستعير ولا على المستأجر. قلت: وكذلك المرأة تستعير الحلي من المرأة أو الثياب؟ قال: نعم. قلت: لم لا (¬2) يضمن هذا؟ قال: لأن له أن يرده مع خادمه. قلت: أرأيت المرأة تستعير الحلي، أو الرجل يستعير الدابة والثياب يلبسها ليقضي فيها حاجة، فيجيء آخر فيقول له: استعرت هذه الدابة من ¬

_ (¬1) ف + مع يمينه وعلى المستعير الضمان قلت وكذلك لو حمل عليها حملا فعقرها فقال رب الدابة. (¬2) د - لا.

فلان، وأمرني فلان أن أقبضها منك، فيصدقه، فيدفعها إليه، فتضيع أو تعطب الدابة، وينكر رب الدابة أن يكون أرسل هذا أو أعاره إياه؟ قال: المستعير ضامن لقيمة الدابة والحلي والثياب. قلت: فهل يرجع بذلك على الذي قبضه منه؟ قال: لا؛ لأنه قد صدقه. قلت: أرأيت الرجل يستعير المتاع، فيجيء خادم رب المتاع فيقول: إن مولاي أرسلني إليك لأقبض هذا المتاع منك، فيدفعه إليها فتضيع، ويقول مولى الخادم: ما أرسلتها، أهذا والباب الأول سواء؟ قال: لا. قلت: أرأيت الذي جاء يرد الدابة فدفعها إلى عبد صاحبها فهذا والأول عندك سواء؟ قال: نعم، إذا كان خادمه الذي يخدمه ويرفع متاعه فلا ضمان على المستعير إذا دفعه (¬1) إليه (¬2). قلت: أرأيت رجلاً استعار من رجل دابة ليركبها في حاجته، فردها فلم يجد صاحبها ولا خادمها فربطها في دار صاحبها على مِعْلَفِها (¬3)، فضاعت الدابة؟ قال: أما في القياس فهو ضامن، ولكن أستحسن أن لا أضمنه. قلت: أرأيت رجلاً استعار من رجل ثوباً ليلبسه، ثم جحده إياه، فقامت عليه البينة بذلك وقد هلك الثوب؟ قال: هو ضامن له. قلت: فإن لم يجحده ولكنه قال: أعرتني الثوب وقد رددت الثوب عليك؟ قال: القول قوله مع يمينه، ولا ضمان عليه. قلت: وكذلك لو قال: ضاع مني أو قد سرق، أو قال: قد غصبنيه رجل ولا أدري من هو؟ قال: نعم، لا ضمان عليه. قلت: فإن قال: قد أمرتني أن أدفعه إلى فلان فدفعته إليه، وجحد ذلك رب الثوب؟ قال: هو ضامن، ولا يصدق. قلت: فما بالك إذا أعرت الرجل ولم تسم شيئاً فأعاره غيره لم يضمن؟ قال: هما مختلفان، العارية ¬

_ (¬1) د - إذا كان خادمه الذي يخدمه ويرفع متاعه فلا ضمان على المستعير إذا دفعه، صح هـ. (¬2) د - إليه. (¬3) المعلف بالكسر موضع العلف. انظر: لسان العرب، "علف".

إنما أعار وجعل منفعة ذلك لك، فمن انتفع به بإذنك فهذه ومنفعتك سواء، والوديعة إنما يمسكها الرجل لصاحبها وليس فيها منفعة. قلت: فإن قال الرجل: أعرتني ثوباً لألبسه أنا (¬1)، فأعاره (¬2) غيره فلبسه؟ قال: هو ضامن. قلت: لم؟ قال: لأنه استعاره ليلبسه هو خاصة فإذا سمى ذلك لم يكن له أن يعيره غيره. قلت: أرأيت رجلاً استعار من رجل دراهم أو دنانير أو فلوساً فأعارها؟ (¬3) قال: هو والقرض سواء. قلت: لم (¬4) جعلت هذا قرضاً وإنما استعارها منه عارية ولم يستقرضها؟ قال: أرأيت لو استعار دراهم ليشتري بها طعاماً أو ليشتري بها جارية فاشتراها (¬5) أكان له أن يطأ تلك الجارية؟ قلت: نعم. قال: فهذا وذاك سواء، وهي قرض عليه. قلت: وكل شيء يستعير الرجل من الرجل مما يكال أو يوزن أو يعد عدداً مثل الفلوس والجوز والبيض والدراهم والدنانير فهي قرض عليه، وعليه أن يؤدي مثله؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً استعار من رجل آنية يتجمل بها في منزله؟ قال: هذا والحلي سواء. قلت: فإن استعار سيفاً محلى أو مِنْطَقَة مفضَّضة أو خاتماً (¬6)؟ قال: هذا يلبس ويتجمل به، ولا يكون شيء (¬7) من هذا قرضاً (¬8). قلت: أرأيت رجلاً استعار من رجل دابة ليركبها إلى مكان معلوم، فأخذ بها في طريق آخر إلى ذلك المكان، فعطبت الدابة؟ قال: لا ضمان عليه. قلت: فإن كان ذلك الطريق ليس بطريق يأخذ فيه الناس إلى ذلك المكان؟ قال: هو ضامن. ¬

_ (¬1) د م: اياها. (¬2) د م: فأعره. (¬3) د م ف + إياه. (¬4) ف: ولم. (¬5) د - فاشتراها. (¬6) د م ف: أو خاتم. (¬7) د م ف: شيئاً. (¬8) د م ف: قرض.

قلت: أرأيت رجلاً استعار من رجل جارية لتخدمه (¬1)، أو استأجرها لتخدمه (¬2)، فوطئها، فادعى شبهة؟ قال: أدرأ عنه الحد، وألزمه العُقْر. قلت: أرأيت رجلاً استعار من رجل دابة ليركبها إلى حمّام (¬3) أَعْيَن (¬4)، فجاوز بها حمام (¬5) أعين، ثم رجع إلى حمام (¬6) أعين، أو إلى الكوفة، والدابة على حالها، ثم عطبت الدابة، فقال رب الدابة: قد خالفت ولم تردها إلى الوقت، وقال المستعير: قد خالفت فضمنت ثم رجعت بها إلى الوقت الذي أديت لي فلا ضمان علي؟ قال: القول قول (¬7) رب الدابة، والمستعير ضامن لها. قلت: لم؟ قال: لأنه قد جاوز الوقت فصار ضامناً، فلا يبرأ حتى يردها إلى صاحبها. قلت: فإن أقام البينة أنه قد ردها إلى الكوفة وإلى الموضع الذي أخذها منه ثم نفقت بعدما ردها؟ قال: هو ضامن لها حتى يدفعها إلى صاحبها. قلت: فإن أقام صاحب الدابة شاهدين يشهدان أنها نفقت تحت المستعير في دَيْر عبد الرحمن من ركوبه وأقام المستعير شاهدين أنه قد ردها إلى صاحبها؟ قال: آخذ ببينة رب الدابة؛ لأن الضمان قد وقع على الذي خالف، فلا يبرأ منه إلا بأداء القيمة إلى صاحب الدابة. قلت: أرأيت رجلاً استعار من رجل دابة يركبها فنفقت تحته، فجاء رجل آخر فأقام البينة أنها دابته، أيسأله القاضي البينة أنه لم يبع ولم يهب؟ قال: لا. قلت: أفيحلف على ذلك إن ادعاه الذي يريد أن يضمنه، أو قال: قد أذن لي في عاريتها (¬8)؟ قال: نعم، يحلف على ذلك، ¬

_ (¬1) د: لتخدمها. (¬2) د: ليخدمه. (¬3) د ف م: إلى حرام. (¬4) حمام أعين بستان قريب من الكوفة. انظر: المغرب، "حمم". وهو منسوب إلى أعين مولى سعد بن أبي وقاص. انظر: معجم البلدان لياقوت، 2/ 299. (¬5) د ف م: حرام. (¬6) د ف م: إلى حرام. (¬7) د م - قول. (¬8) د م ف: قد أدرك في غايتها. والتصحيح من الكافي، 1/ 136 ظ؛ والسرخسي، 11/ 146.

فإن نكل عن اليمين لم يكن عليه سبيل. قلت: أرأيت إن حلف له على ذلك وقضيت له بالدابة [أله] أن يضمن أيهما شاء قيمتها؟ قال: نعم. قلت: فإن ضمن الذي أعارها إياه يرجع (¬1) على الذي ركبها بشيء؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه قد أعاره (¬2) إياه ولم يخالفه. قلت: أرأيت إن لم يضمن المعير وضمن المستعير الذي ركبها هل يرجع المستعير على المعير بشيء؟ قال: لا. قلت: لم وقد غره منها؟ قال: ليس هذا بعذر (¬3). ألا ترى أنه لو وهبها له فركبها فنفقت (¬4) ثم جاء صاحبها أفيضمن الموهوبة له الدابة؟ لم يرجع بشيء. فهذا وذاك سواء. ألا ترى لو أن رجلاً وهب لرجل طعاماً فأكله ثم جاء رجل فأقام البينة أنه طعامه فضمن الأكل لم يرجع على هذا. قلت: أرأيت رجلاً استأجر من رجل دابة فعطبت تحته، ثم جاء رجل فاستحقها، وضمن قيمتها للذي ركبها، هل يرجع على من (¬5) أجرها إياه بقيمتها؟ قال: نعم؛ لأنه قد غره حيث أخذ منه أجره. قلت: وترى على الذي ركبها من الأجر (¬6) إلى المكان الذي نفقت فيه؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو أن رجلاً استودع رجلاً دابة فركبها (¬7) فنفقت تحته فاستحقها رجل؟ قال: نعم، يضمن قيمتها الذي ركبها. قلت: أفيرجع بذلك (¬8) على الذي استودعها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت عبداً استعار من عبد دابة وكلاهما مأذون له في التجارة ¬

_ (¬1) د م ف: فرجع. (¬2) د م ف: قد أعار. (¬3) كذا في د م ف. ولعل الصواب "بغرر". (¬4) د م: فركبها معه بحيث؛ ف: فركبها معه عيب. وكلاهما تحريف. وفي ب: فركبها فهلكت. وهو صحيح، لكن قدرنا "فنفقت" لأنها أقرب إلى الخط المحرف. (¬5) د م ف - من. والزيادة من ع. (¬6) د - من الأجر. (¬7) د م: فيركبها. (¬8) ف: تلك.

أو مأذون له في الغلة فماتت الدابة عنده من غير أن يخالف؟ لمحال: لا ضمان عليه. قلت: وكذلك لو استعارها رجل حر؟ قال: نعم. قلت: ولا ترى بعارية العبد إذا كان يشتري ويبيع أو يؤدي الغلة بأساً؟ قال: نعم (¬1)، لا بأس بعاريته. قلت: أرأيت إن دعا رجلاً إلى طعام له، أو يهدي له هدية، أينبغي له أن يأكل من ذلك؟ قال: نعم لا بأس بأن يجيبه ويأكل من هديته. بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أجاب دعوة المملوك (¬2). قلت: أرأيت عبداً مأذوناً له في التجارة أجر دابته من رجل، فنفقت تحته، فاستحقها رجل، فضمن قيمتها الذي ركبها، أيرجع بذلك على العبد الذي أجره كما يرجع به على الحر؟ قال: نعم. قلت: وكذلك المكاتب؟ قال: نعم (¬3). قلت (¬4): أرأيت عبداً محجوراً عليه استعار دابة من عبد محجور عليه، فركبها، فهلكت تحته، ثم جاء رجل فاستحقها، أله أن يضمن أي العبدين شاء؟ قال: نعم. قلت: فإذا ضمن الذي ركبها قيمتها، أيرجع مولاه على العبد الذي أعارها إياه بشيء؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه لم يغره بشيء. قلت: أرأيت إن لم يضمن الذي (¬5) ركبها ولكن ضمن الذي أعارها، هل لمولاه في رقبة العبد الذي ركبها شيء؟ قال: نعم، له قيمة الدابة في رقبته، فإن أدى عنه المولى وإلا بيع فيه. قلت: وكذلك لو كانت الدابة ¬

_ (¬1) د - نعم. (¬2) تقدم الحديث وما في معناه بإسناد المؤلف في أول كتاب العبد المأذون، وفي كتاب الشركة. انظر: 2/ 194 و؛ 6/ 80 ظ. وعن أنس بن مالك قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجيب دعوة المملوك. انظر: سنن ابن ماجه، التجارات، 66؛ الزهد، 16؛ وسنن الترمذي، الجنائز، 32. (¬3) د - نعم؛ صح هـ. (¬4) د - قلت؛ صح هـ. (¬5) د - أعارها إياه بشيء قال لا قلت لم قال لأنه لم يغره بشيء قلت أرأيت إن لم يضمن الذي.

لمولى (¬1) العبد الذي أعارها؟ قال: نعم، وعلى الذي ركبها الضمان لمن كانت الدابة [له] (¬2)؛ لأن الذي أعاره الدابة ليس له أمر. قلت: أرأيت رجلاً استعار من رجل دابة ليركبها فركبها فهلكت تحته من ركوبه من غير أن يخالف؟ قال: لا ضمان عليه. قلت: فإن كانت الدابة بِمَوْحِل (¬3) فزلقت من غير أن يُعنف عليها؟ قال: لا ضمان عليه. قلت: فإن ضربها ففقأ عينها أو أعطاها غيره فركبها فعطبت؟ قال: هو ضامن في الوجهين. قلت: لم؟ قال: لأنه ليس له أن يعطيها غيره يركبها ولا يُلجمها باللجام، ولا يضربها فيفقأ عينها. قلت: أرأيت رجلاً استعار من رجل سلاحاً على أن يقاتل به، وكان السلاح سيفاً أو رمحاً أو درعاً، فضرب بالسيف فانقطع نصفين (¬4)، أو طعن بالرمح فانكسر نصفين (¬5)، أو تقطع الدرع عليه، هل عليه في شيء من هذا ضمان؟ قال: لا ضمان عليه في شيء مما ذكرت. قلت: أرأيت رجلاً استعار من رجل عارية ثم مات المستعير؟ قال: العارية بمنزلة الوديعة، ترد إلى صاحبها ما كانت تعرف بعينها (¬6). قلت: فإن لم يمت الرجل ولكنه مرض فكان (¬7) في مرضه فهلكت العارية (¬8)، أو كانت وديعة أو مال مضاربة أو بضاعة، فقال: هلك؟ قال: القول قوله مع يمينه، ولا ضمان عليه. قلت: أرأيت رجلاً استعار من رجل دابة ليركبها، أو استأجرها ¬

_ (¬1) م: لمولا؛ ف: لمولاه. وفي د بياض مقدار كلمة بعد "لمولى". (¬2) الزيادة من ب. (¬3) المَوْحِل بالكسر: مكان الوَحَل بالتحريك، وهو: الطين الرقيق الذي ترتطم فيه الدواب. والوَحْل بالتسكين لغة رديئة. والجمع أوحال ووُحُول. والمَوْحَل بالفتح المصدر. انظر: لسان العرب، "وحل". (¬4) د م ف: بنصفين. (¬5) د م ف: بنصفين. (¬6) د م: بعينه. (¬7) د م ف: كان. (¬8) ف: الوديعة.

فركبها (¬1)، ثم نزل عنها (¬2) في السكة فدخل المسجد ليصلي فخلى (¬3) عنها فهلكت الدابة؟ قال: هو ضامن لها. قلت: أرأيت إن كان في الصحراء والمسألة على حالها فنزل ليصلي وأمسكها فانفلتت (¬4)؟ قال: لا ضمان عليه. قلت: فمن أين اختلفا في هذا؟ قال: هذا لم يضيع، والأول قد ضيع. قلت: أرأيت رجلاً استعار من رجل دابة ليركبها في حاجة إلى ناحية من النواحي في الكوفة مسمى، فيخرجها إلى الفرات فيسقيها، والناحية التي استعارها إليها من غير ذلك المكان، فهلكت الدابة؟ قال: هو ضامن. قلت: لم وهذا مما ينتفع به؟ قال: لأن صاحبها لم يأمره أن يسقيها. قلت: أرأيت من استعار دابة أو استأجرها فخالف فهلكت، أيضمن ثمنها الذي اشتريت به أو يضمن قيمتها يوم خالف؟ قال: بل يضمن قيمتها يوم خالف. قلت: أرأيت رجلاً استعار من رجل دابة ثم وجد صاحب الدابة (¬5) دابته (¬6) في يد رجل آخر وهو يزعم أنها له أيكون صاحبها خصماً؟ قال: نعم، يكون خصماً ويأخذ (¬7) دابته. قلت: لم وقد أقر أنه أعارها من رجل (¬8) آخر؟ قال: وإن أقر. قلت: فإن قال الذي في يده الدابة: استودعنيها (¬9) فلان الذي أعرتَها (¬10) إياه؟ قال: فلا خصومة بين صاحب الدابة وبين هذا الذي هي (¬11) في يديه. قلت: لم؟ قال: لأن صاحبها قد أقر أنه أعارها إياه. قلت: أرأيت رجلاً استعار من رجل دابة ليركبها في حاجته ثم باعها، أو مات المستعير فباعها وصيه أو ورثته بعد موته، فلقي رب الدابة الذي ¬

_ (¬1) د م: فيركبها. (¬2) د: أو نزل عليها. (¬3) د م ف: فخل. (¬4) د م: فانفلت. (¬5) ف - الدابة. (¬6) د - دابته. (¬7) ف: يأخذ. (¬8) م: من جل. (¬9) د م ف: استودعتها. وفي ب: أودعنيها. وكذلك في الكافي، 1/ 136 ظ؛ والمبسوط، 11/ 148. (¬10) د م: أعار هذا؛ ف: أعارها. والتصحيح من المصدرين السابقين. (¬11) ف - هي.

اشترى الدابة، والدابة في يده، فأقام البينة أنها دابته، أيقضى بها له؟ قال: نعم. قلت: فهل يرجع الذي اشتراها على الذي باعها إياه بالثمن الذي أعطاه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً استعار من رجل ثوباً ليلبسه، ثم جاء رب الثوب فطلب الثوب، فأبى المستعير أن يرد عليه الثوب فهلك عنده؟ قال: هو ضامن لقيمته، والقول قوله مع يمينه. قلت (¬1): فإن قال الذي الثوب في يده عارية لصاحبه: دعه عندي إلى غد ثم أرده عليك، فرضي بذلك ثم ضاع الثوب؟ قال: لا ضمان عليه. قلت: وكذلك لو كانت دابة أو شيئاً غير ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً أرسل رجلاً يستعير له دابة من فلان إلى الحيرة، فجاء رسول إلى رجل فقال: إن فلاناً يقول لك: أعرني دابتك إلى المدينة، فدفعها إليه فجاء بها الرسول فدفعها إلى الذي أرسله، ثم بدا للذي أرسله أن يركبها إلى المدينة ولا يشعر بما (¬2) كان من قول الرسول، فركبها فهلكت تحته؟ قال: لا ضمان عليه. قلت: أرأيت إن ركبها إلى الحيرة فكان يرى أن الرسول استعارها كما أمره ولم يخبره الرسول فعطبت الدابة؟ قال: هو ضامن. قلت: لم يضمن في هذا ولا يضمن في الباب الأول؟ قال: لأنه ركب الدابة هاهنا إلى غير ذلك المكان الذي سمى رب الدابة وأذن له فيه، وفي الباب الأول ركبها إلى المكان الذي أذن له صاحب الدابة أن يركبها. قلت: وكذلك الكراء؟ قال: نعم. قلت: فهل يرجع في هذا الباب على الرسول إذا ضمن بشيء؟ قال: لا. قلت: أرأيت الرجل يقول للرجل: أعرتني (¬3) دابتك فنفقت من غير أن أركبها، وقال رب الدابة: ما أعرتكها ولكنك غصبتها غصباً؟ قال: لا ضمان ¬

_ (¬1) ف - قلت. (¬2) د م ف: يستعير لها. والتصحيح من الكافي، 1/ 137 و؛ والمبسوط، 11/ 149. (¬3) د م: عرتني.

باب اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى في العارية

عليه. قلت: فما له إذا لم يركبها لم يكن عليه ضمان؟ قال: لأنه (¬1) يقول: وضعت دابتك عندي وأمرتني أن أركبها إن شئت، وليس هذا مثل قوله: أعرتنيها فهلكت بعدما ركبتها، فليسا بسواء؛ لأنه إذا ركبها فقد صنع فيها شيئاً، فهو ضامن لها إلا أن يقيم البينة أن رب (¬2) الدابة أعارها إياه. قلت: وعلى رب الدابة اليمين بالله (¬3) ما أعارها إياه؟ (¬4) قال: نعم. قلت: فإن ركبها وجاء بها صحيحة فقال رب الدابة: أكريتك دابتي إلى الحيرة بدرهم، فركبتها ووجب لي عليك الأجر، وقال الراكب: بل أعرتني؟ قال (¬5): القول قول الراكب مع يمينه، ولا شيء عليه من الأجر. قلت: لم؟ قال: لأن رب الدابة قد أقر أنه قد ركبها بإذنه، وادعى الأجر، فعليه البينة على دعواه. قلت: فإن (¬6) نفقت الدابة تحته والمسألة على حالها؟ قال: لا ضمان عليه. قلت: أرأيت رجلاً استعار من رجل دابة ولم يسم له متى يردها فأجرها، أو كان بعيراً فأجره، فعطبت؟ قال: هو ضامن. قلت: فإن كان استعارها ولم يسم شيئاً فأعارها غيره فعطبت؟ قال: لا ضمان عليه. قلت: فمن أين اختلفت العارية والإجارة؟ قال: لأنه إذا أجرها فقد ملكها غيره، وليست العارية بمنزلة الإجارة. ألا ترى لو أجرها إلى مكان معلوم لم يكن له أن ينزعها منه حتى يبلغ ذلك المكان، ولو أعارها ثم شاء أن ينزعها (¬7) قبل أن يأتي ذلك المكان فعل، فلذلك اختلفا. ... باب اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى في العارية قال أبو حنيفة (¬8): إذا أعار الرجل الرجل أرضاً يبني فيها ولم يوقت له ¬

_ (¬1) د: لا. (¬2) د م ف: البينة لرب. (¬3) ف - أعارها إياه قلت وعلى رب الدابة اليمين بالله. (¬4) د - إياه. (¬5) د ف م: فإن. (¬6) د - فإن. (¬7) م: أن ينتزعها. (¬8) ف - حنيفة.

وقتاً ثم بدا له أن يخرجه منها بعدما بنى فإن أبا حنيفة كان يقول: إن شاء أخرجه، ويقال للذي بنى: انقض بناءك. وبه يأخذ أبو يوسف ومحمد. وكان ابن أبي ليلى يقول: الذي أعاره ضامن لقيمة البناء للمعير. المسعودي عن القاسم عن شريح أنه قال: أيما رجل أذن لرجل أن يبني في ملكه ثم أخرجه ضمن له البناء (¬1). فإن وقت له وقتاً فأخرجه قبل أن يبلغ ذلك الوقت فهو ضامن لقيمة البناء، وهو له في قولهم جميعاً. وإذا أقام الرجل البينة على أرض ونخل فيها أنها له، وقد أصاب الذي هي في يديه من غلة الأرض والنخل والثمر (¬2)، فإن أبا حنيفة كان يقول: الذي (¬3) كانت في يديه ضامن لما أخذ من الثمرة. وبه يأخذ أبو يوسف ومحمد. وكان ابن أبي ليلى يقول: لا ضمان عليه في ذلك. وإذا غصب الرجل الأرض فزرعها فإن أبا حنيفة كان يقول: الزرع للذي كانت في يده، وهو ضامن لما نقصت الأرض في قول أبي حنيفة، ويتصدق بالفضل. وهو قول محمد. وقال ابن أبي ليلى: لا يتصدق بشيء، وليس عليه ضمان. وإذا أخذ الرجل أرض رجل إجارة سنة وعملها وأقام فيها سنتين فإن أبا حنيفة كان يقول: هو ضامن لما نقصت الأرض في السنة الثانية (¬4)، ويتصدق بالفضل، ويعطي الأجر للسنة الأولى. وبه يأخذ محمد. وكان ابن أبي ليلى يقول: عليه أجر مثلها في السنة الثانية. وإذا وجد الرجل كنزاً قديماً في أرض رجل أو داره فإن أبا حنيفة كان ¬

_ (¬1) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 494. (¬2) ف: والثمن. (¬3) ف م: للذي. (¬4) د - فإن أبا حنيفة كان يقول هو ضامن لما نقصت الأرض في السنة الثانية.

يقول: هو لرب الدار، ويخمس، وليس للذي وجد منه شيء. وهو قول محمد. وكان ابن أبي ليلى يقول: هو للذي وجده، ويخمس، ولا شيء لصاحب الدار والأرض فيه. وبه يأخذ أبو يوسف (¬1). ¬

_ (¬1) م + آخر كتاب العارية كتبه أبو بكر بن أحمد بن محمد الطلحي الأصفهاني في شوال من سنة تسع وثلاثين وستمائة وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله وسلم؛ ف + آخر كتاب العارية والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وسلم.

كتاب الحجر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب الحجر أخبرنا أبو عصمة سعد بن معاذ قال: أخبرنا أبو سليمان (¬2) قال: سمعت محمداً (¬3) يقول: قال أبو حنيفة: الحجر على الحر باطل. إذا بلغ الغلام مبلغ الرجال وله مال تركه أبوه له ميراثاً، فإن باع بعضه أو اشترى ببعضه شيئاً، فحابى في ذلك بما يتغابن الناس فيه أو بما لا يتغابنون فيه، فذلك جائز عليه. وكذلك إن وهب بعض ماله أو وهب كله أو تصدق به فدفعه إلى الذي تصدق به عليه أو الذي وهبه له، فذلك جائز كله إذا كان الغلام بلغ فاسداً مفسداً لماله أو مصلحاً له. وقال أبو حنيفة: ينبغي لوصيه وللقاضي إذا بلغ وهو فاسد لم يؤنس منه رشد أن يمنع ماله ويحال بينه وبينه. وهو مع ذلك إن باعه أو أقر به لإنسان جاز ما صنع في ذلك. قال محمد: فإذا كان صنعه جائزاً فيه فما تصنع بحبسه عليه، وهو ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) د م ف: أبو سليمن. (¬3) د: محمد.

لو (¬1) أقر به كله لإنسان جاز إقراره وأخذ المال فدفع إلى المقر له؟ فإذا كان يجوز فعله في ماله فما تصنع بحبسه عليه؟ وقال أبو حنيفة أيضاً: إذا بلغ الغلام خمسة وعشرين سنة فأكملها وهو فاسد لم يؤنس منه (¬2) رشد (¬3) دفع إليه ماله ولم يحبس عنه. وقال: أرأيت لو بلغ سبعين سنة أو ثمانين سنة وولد له أولاد فصاروا قضاة للمسلمين أكان يحجر عليه وهو أبوهم، وكان ابنه القاضي هو الذي يحجر عليه؟ فأستقبح أن أحجر على هذا وإن كان فاسداً. فإذا بلغ خمساً وعشرين سنة دفعت إليه ماله (¬4) مفسداً كان أو مصلحاً. وإذا بلغ وهو ابن خمس عشرة (¬5) سنة أو أقل من ذلك أو أكثر وهو مفسد غير مصلح لم يؤنس منه رشد (¬6) لم ندفع إليه ماله، ولكنه مع منعه ماله نجيز عليه ما صنع في ماله من شيء من إقرار أو هبة أو صدقة أو بيع أو غير ذلك. وقال محمد: إذا كان يجوز له ما صنع في ماله فإنما منع من أن يحفظ ماله لفساده. وما يضره أن يكون هو الحافظ لماله إذا علم أنه لا يفسده ولا يهلكه. إنما منع من ماله أن يكون هو الحافظ لماله والممسك مخافة أن يتلفه فيما لا ينبغي (¬7). فإذا كان إذا حبس عليه جاز فعله فيه كما يجوز لو دفع إليه فما حرم من ذلك شيئاً أهون عليه من منعهم إياه من دفعه إليه. جعلت مؤنة حفظه على غيره وجعل أمره فيه جائزاً. وقد قال الله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} (¬8). آية محكمة لا ينبغي أن ترد إلا أن يثبت أنها قد نسخت. فينبغي أن لا يدفع إليه ماله حتى يؤنس منه رشد كما قال الله تعالى، ابن ¬

_ (¬1) ف: له. (¬2) د - منه. (¬3) د م ف: رشدا. (¬4) ف - ماله. (¬5) م ف: عشر. (¬6) د م ف: رشدا. (¬7) م ف: لا يبقى. وهي غير واضحة في د. والتصحيح من ب. وقال في هامش ب: ولفظه يبقى. (¬8) سورة النساء، 4/ 6.

خمس وعشرين سنة أو ابن أكثر من ذلك أو أقل. ولو كان الأمر على ما قال أبو حنيفة أن أمر اليتيم إذا بلغ وهو مفسد لم يؤنس منه رشد جائز ما صنع في ماله من شيء، ما كان لهذه الآية عندنا معنى. أترى تفسيرها على أن ماله لا يدفع إليه لفساده، وأمره جائز فيه إن أفسده أو أصلحه. ليس الأمر على ذلك، ولا يقع التفسير إلا أنه إنما منع ماله مخافة فساده عليه. وعلى هذا يكون منع المال. قال محمد: فلست أقول بقوله في الحجر، ولكني أقول: إذا بلغ اليتيم النكاح وبلغ مبلغ الرجال ولم يؤنس منه رشد (¬1) لم ندفع إليه ماله، ولم نجز له في ماله شيئاً مما صنع من بيع ولا شرى ولا هبة ولا صدقة ولا غير ذلك، وكان في ذلك بمنزلة من لم يبلغ إلا أنه قد عقل ما يصنع. فلا يجوز له شيء مما صنع إلا أنه إذا باع واشترى نظر الحاكم في ذلك، فإن رأى في إجازته خيراً أجازه فكان جائزاً بمنزلة الذي لم يبلغ، إذا باع أو اشترى لم يجز، فإن أجازه الحاكم جاز. وينبغي للحاكم أن ينظر لهما، فإن كانت إجازة ذلك خيراً لهما أجازها، وإن كانت شراً لهما ردها. والذي لم يبلغ إلا أنه يعقل ما يصنع والذي بلغ فاسداً غير مصلح سواء في جميع الأشياء إلا في خصال أربع: [1] يجوز للوصي وصي الأب أن يبيع ويشتري على الذي لم (¬2) يبلغ، ولا يجوز أن يبيع ويشتري على الذي بلغ إلا بأمر الحاكم. وإن أعتق الذي لم يبلغ عبداً له أو أمةً أو دَبَّرَ (¬3) لم يجز ذلك، وإن أعتق الذي بلغ عبداً جاز عتقه وسعى الغلام في قيمته للذي (¬4) أعتقه؛ لأن العتق لا يرد ولا يبطل. فالعتق ماض لا ينقض، ولكن العبد يسعى في جميع قيمته (¬5) لمولاه الذي أعتقه. ألا ترى أن الرجل الصالح غير ¬

_ (¬1) د م: رشدا. (¬2) م - لم، صح هـ. (¬3) م: أو ادبر. (¬4) م: الذي. (¬5) ف - للذي أعتقه لأن العتق لا يرد ولا يبطل فالعتق ماض لا ينقض ولكن العبد يسعى في جميع قيمته.

المفسد لو أعتق (¬1) عبداً له في مرضه ثم مات (¬2) وليس له مال غيره وعليه دين يحيط بقيمته لم يرد عتق العبد، ولكنه يستسعى في جميع قيمته، فيكون ذلك لغرماء (¬3) مولاه. ولو لم يكن على المولى دين سعى الغلام في ثلثي قيمته لوارث المولى المعتق، ولم يرد عتق العبد. وكذلك الغلام الذي بلغ وهو مفسد غير مصلح فعتقه جائز لا يرد، ويسعى الغلام في قيمته. وإن دبر عبداً له جاز تدبيره وكان (¬4) مدبراً له عبداً يستخدمه إلا أنه لا يقدر على بيعه. فإن قال قائل: فقد نقصه من قيمته حين دبره، فكيف أجزت ذلك ولم تأخذ له عوضاً؟ قيل له: لأن التدبير (¬5) وجه من العتق لا يقدر على رده. والمدبر عبد له على حاله، فلا يكون له على عبده سعاية. فإن مات المولى ولم يؤنس منه رشد سعى الغلام في جميع قيمته مدبراً. وكذلك لو أعتقه في مرضه سعى في جميع قيمته كلها مدبراً ولم يغرم المدبر من نقصان القيمة شيئاً؛ لأن نقصان القيمة الذي (¬6) كان بالتدبير نقص والعبد في ملكه، فلا يغرم له العبد. ألا ترى أن رجلاً مصلحاً غير مفسد لو دبر عبداً له في مرضه فنقص التدبير العبد مائة درهم من قيمته، ثم مات المولى وعليه مال كثير يحيط بقيمة العبد وأكثر من ذلك، لم يكن على العبد أن يسعى إلا في قيمته مدبراً يوم مات مولاه (¬7)، لا يسعى في أكثر من ذلك. والقياس في وصايا الغلام الذي قد بلغ وهو مفسد غير مصلح من التدبير وغيره أنها باطل، إلا أن المدبر إذا مات مولاه لم يبطل عتقه، وسعى في جميع قيمته. ولكنا نستحسن في وصايا الغلام الذي قد بلغ مبلغ الرجال ولم يؤنس منه رشد، فنقول: إذا أوصى بوصية من تدبير أو غيره، ¬

_ (¬1) د: لو أعتقه. (¬2) ف - ثم مات. (¬3) د: للغرماء؛ م: الغرماء. (¬4) ف: كان. (¬5) د + بير. (¬6) د م ف: التي. (¬7) د - مولاه.

فوافق من ذلك الحق وما يرضى به أهل الفضل والخير، من الوصية بالعتق والتدبير والوصية للقرابات والحج والزكاة، وبغير ذلك من الوصايا التي يتقرب بها إلى الله تعالى، والوصايا التي تكون على غير وجه الفسق، ولم يأت من ذلك بسرف (¬1) ولا أمر يستقبحه (¬2) المسلمون، فإن وصيته في ذلك جائزة من ثلثه (¬3) كما تجوز وصية غيره، ولا تشبه الوصايا في هذا غيرهاة (¬4) لأن الوصايا قد جاءت فيها آثار عن شريح وعن الشعبي. وقد روى بعضهم في ذلك حديثاً عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه أجاز وصية غلام (¬5) يافع (¬6) وأن شريحاً سئل عن وصية غلام لم يبلغ، فقال: إذا أصاب الوصية فهو جائز (¬7). وقال الشعبي نحو ذلك (¬8). فإذاً وصية الذي لم يبلغ ولم (¬9) تجر (¬10) عليه الأحكام جائزة عند هؤلاء. فكذلك وصية هذا الذي قد بلغ ولم يؤنس منه رشد جائزة عندنا إذا أصاب الوصية وأوصى كما يوصي المصلح غير المفسد. وليس ذلك بقياس. القياس فيه كما تبطل الأشياء التي صنع في حياته فكذلك تبطل بعد موته. ولو أن هذا الذي قد بلغ وهو مفسد غير مصلح جاءت جارية له بولد فادعاه وزعم أنه ابنه كان ابنه ثابت النسب منه حراً لا سبيل عليه، وكانت الأمة أم ولد له، وإن مات كانت حرة لا سبيل (¬11) عليها. ولا يشبه ¬

_ (¬1) ف: سرف. (¬2) م: ليستقبحه. (¬3) ف - من ثلثه. (¬4) د: فى غير هذا. (¬5) ف - غلام. (¬6) د م: لنافع. والكلمة مهملة في ف. ونقطها في ب. وورد في الموطأ وغيره: يَفَاع. وهو بنفس المعنى، أي قارب الاحتلام ولم يبلغ بعد. انظر: لسان العرب، "يفع". وقد ورد في بعض الروايات أنه لم يحتلم، وأنه كان ابن عشر سنين أو اثنتي عشرة. انظر: الموطأ، الوصية، 2؛ والموطأ برواية محمد، 3/ 147؛ والمصنف لعبد الرزاق، 9/ 77 - 78؛ والسنن لسعيد بن منصور، 1/ 151؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 6/ 220. (¬7) المصنف لعبد الرزاق، 9/ 78، 79؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 6/ 221. (¬8) المصنف لابن أبي شيبة، 6/ 221. (¬9) د - ولم. (¬10) د م: تجري. (¬11) د - عليه وكانت الأمة أم ولد له وإن مات كانت حرة لا سبيل.

هذا ما وصفت لك قبله من العتق. ألا ترى (¬1) أن رجلاً لو حضره الموت وعليه دين كثير وله جارية فولدت ولداً فادعاه كان ابنه وكانت أم ولد له، فإن مات عتقت من جميع ماله ولم تسع هي ولا ولدها في شيء من الدين، ولم يشبه في هذا الوجه المعتق في المرض. فكذلك الذي (¬2) وصفت لك من الذي بلغ ولم يؤنس منه (¬3) رشد دعوته جائزة، والغلام ابنه، والجارية أم ولد له. ولو كانت له جارية لا يعلم لها ولد، فقال: هذه أم ولدي، كانت بمنزلة أم ولده لا يقدر على بيعها، فإن مات سعت في جميع قيمتها؛ لأنها لما لم يكن معها ولد يثبت نسبه لم يصدق على ذلك، وكان بمنزلة رجل حضره الموت وعليه دين كثير فقال لجاريته ولا مال له غيرها: هذه أم ولدي، ثم مات، فهي حرة وتسعى في جميع قيمتها لغرمائه. فكذلك هذا الذي وصفت لك. ولو أن الغلام الذي قد بلغ كان له عبد لم يولد في ملكه، فقال: هذا ابني، ومثله يولد لمثله، فهو حر وهو ابنه ويعتق الغلام ويسعى في جميع قيمته. ألا ترى أن هذا الذي لم يؤنس منه (¬4) رشد لو اشترى ابنه وهو معروف وقبضه كان شراؤه فاسداً ويعتق الغلام حين قبضه ويسعى في جميع قيمته للبائع، ولا يكون للبائع في مال المشتري من ذلك شيء. ألا ترى أن رجلاً مصلحاً غير مفسد لو وهب له ابنه وهو معروف، أو وهب له غلام في مرضه، فادعى [أنه] (¬5) ابنه، ثم مات وعليه دين كثير وليس له مال غيره، سعى الغلام في جميع قيمته لغرماء أبيه. فكذلك الوجه الأول الذي وصفت لك من الذي لم يؤنس منه رشد. ولو أن الغلام الذي لم يبلغ إلا أنه يعقل تزوج امرأة وهو مفسد غير مصلح لم يؤنس منه رشد جاز نكاحه ولم يقض بفساده (¬6)، ولكنه ينظر إلى ¬

_ (¬1) د م + لو. (¬2) ف - الذي. (¬3) د م - منه. (¬4) م: مثله. (¬5) الزيادة من ب؛ والكافي، 3/ 51 و. (¬6) م ف: لفساده.

ما تزوجها عليه وإلى مهر مثلها، فإن كان الذي تزوجها عليه مثل مهر مثلها أو أقل من ذلك فالنكاح جائز، ولها عليه (¬1) ذلك المهر دين عليه في ماله. وإن كان الذي تزوجها عليه أكثر من مهر مثلها بطل الفضل الذي زاد على مهر مثلها، وكان مهرها مقدار مهر مثلها بما سمى لها ديناً عليه، تأخذه من ماله. فإن طلقها قبل أن يدخل بها وجب لها نصف ذلك ديناً عليه في ماله. وكذلك لو تزوج أربعاً كان في تزوجه ذلك بمنزلة تزوجه الواحدة. وكذلك لو تزوج كل يوم واحدة ثم طلقها كان على ما وصفت لك، ولا يستقيم الأمر إلا على ذلك. ألا ترى أن رجلاً لو تزوج في مرضه أربع نسوة على مهور مثلهن ثم مات وعليه دين كثير حاصَصْن (¬2) الغرماء بدينهم، فإن كان زادهن على مهور مثلهن شيئاً حط ذلك إلى مهور مثلهن. وكذلك ما وصفت لك من أمر هذا الغلام الذي بلغ ولم يؤنس منه رشد، ولا يشبه النكاح (¬3) والطلاق والعتاق في هذا غيرها (¬4) من الأشياء؛ لأن الطلاق والنكاح (¬5) والعتاق (¬6) هزلهن جد وجدهن جد، ومن أكره عليهن حتى يطلق أو يعتق أو يتزوج جاز ذلك عليه، ولم يجز عليه شيء مما أكره عليه سوى ذلك. فكما يجوز ذلك في الإكراه وفي اللعب فكذلك يجوز في هذا الذي وصفت لك. ولو أن هذا الرجل المحجور عليه حلف بيمين أو بأيمان كثيرة أو نذر نذوراً كثيرة من هدي أو صدقة أو غير ذلك لم ينفذ له القاضي شيئاً من ذلك الذي أوجب على نفسه. فإن حنث في أيمانه فأراد أن يكفر عنها من ماله منعه القاضي من ذلك، ووجب (¬7) عليه لكل كفارة يمين صوم ثلاثة (¬8) أيام متتابعات؛ لأنه لا يقدر على ماله وإن كان ذا مال. ألا ترى أن رجلاً مصلحاً غير مفسد لو حنث في يمين وماله غائب عنه أجزأه أن يصوم عن يمينه. ولو أن رجلاً غصبه إياه أو كان أدانه إياه فأبى أن يعطيه منه شيئاً ¬

_ (¬1) ف - مثل مهر مثلها أو أقل من ذلك فالنكاح جائز ولها عليه. (¬2) م: حاصصه؛ د ف: حاصصه في. (¬3) د م ف + فالنكاح. (¬4) ف: وغيرها. (¬5) د - والنكاح. (¬6) ف - والعتاق. (¬7) ف: وجب (¬8) د م: ثلثة.

أجزأه أن يصوم عن كفارة يمينه ثلاثة (¬1) أيام. وكذلك المحجور عليه الممنوع من ماله يجزيه الصوم في كفارة اليمين. وكذلك لو ظاهر من امرأته أجزأه من ذلك صوم شهرين متتابعين. ولو أعتق عبداً له عن ظهاره جاز عتقه وسعى الغلام في جميع قيمته، ولم يجزه ذلك العتق عن ظهاره للسعاية التي وجبت على العبد، ولكنه يصوم شهرين متتابعين عن ظهاره، فيجزيه ذلك من ظهاره. فإن قال قائل: وكيف لا تكون عليه كفارات أيمانه وظهاره من ماله وهذا مما يتقرب به إلى ربه؟ قيل له: لو جاز (¬2) هذا له لكان إذا شاء أن يعتق عبداً من عبيده فقيل له: إن عتقك لا يجوز إلا بسعاية، ظاهر من امرأتك ثم أعتق عبداً من عبيدك، أو احلف بيمين فاحنث فيها ثم أعتق عبداً (¬3) من عبيدك، فإذاً هو قد جاز له الذي (¬4) أراد، فصار هذا والذي لم يظاهر ولم يحلف سواء. فهذا كله باطل، وهو على ما وصفت لك. ولو أن هذا المحجور عليه قتل رجلاً خطأً ببينة كانت ديته على عاقلته، وكانت عليه (¬5) الكفارة (¬6) صوم شهرين متتابعين وإن كان موسراً، لأنه ممنوع من ماله. ولو قتل رجلاً تعمده بعصا كانت الدية على عاقلته مغلظة، وكانت عليه كفارة صيام شهرين متتابعين (¬7). فإن أعتق بعض رقيقه عن قتله جاز العتق وسعى في قيمته ولم يجز من كفارته للسعاية التي وجبت. ألا ترى أن رجلاً مصلحاً غير مفسد لو أعتق عبداً له في مرضه - ولا مال له غيره - من رقبة وجبت عليه من ظهار أو قتل، ثم مات من ¬

_ (¬1) د م: ثلثة. (¬2) د: لو أجاز. (¬3) د: عبدك. (¬4) ف - الذي. (¬5) ف - قتل رجلاً خطأ ببينة كانت ديته على عاقلته وكانت عليه. (¬6) ف: كفارة. (¬7) د - وإن كان موسرا لأنه ممنوع من ماله ولو قتل رجلاً تعمده بعصا كانت الدية على عاقلته مغلظة وكانت عليه كفارة صيام شهرين متتابعين.

مرضه ذلك، سعى الغلام في ثلثي قيمته، ولم تجزه تلك الكفارة للسعاية التي وجبت عليه. فكذلك المحجور عليه لما وجبت السعاية على عبده الذي أعتقه لم يجز عتقه عن كفارته وكانت الكفارة عليه صوم شهرين متتابعين. فإن صام أحد الشهرين ثم صار (¬1) مصلحاً في صومه لم يجزه إلا العتق وبطلت كفارة الصوم، وصار بمنزلة مصلح معسر لم يقدر على عتق رقبة فصام ثم أيسر وهو يصوم، فهذا لا يجزيه إلا العتق. فكذلك المحجور عليه (¬2) إذا صار مصلحاً وقد بقي عليه من الصوم قليل أو كثير لم يجزه إلا العتق. فأما ما وجب على المحجور عليه من أمر أوجبه الله تعالى عليه من زكاة ماله أو حجة الإسلام أو غير ذلك مما يوجبه المحجور على نفسه فإن المحجور عليه (¬3) في ذلك والمصلح سواء. إنما يختلفان فيما أوجب على نفسه مما لم يجب عليه إلا بإيجابه، فأما ما أوجبه الله تعالى عليه فهما فيه سواء. فينبغي للحاكم أن ينفذ له ما أوجب الله عليه من ذلك إذا طلبه من زكاة ماله، ولكن الحاكم لا يخلي بينه وبين الأخذ حتى يعطيه المساكين بمحضر من أمينه. وكذلك إن طلب من القاضي مالاً يصل به قرابته من ذي الرحم المحرم الذي يجبر على نفقتهم فإن القاضي يجيبه إلى ذلك، ولا يدفع المال إليه، ولكنه يدفعه إلى ذي الرحم المحرم. ولا ينبغي للقاضي أن يأخذ بقوله في ذلك حتى تقوم البينة على العشرة والقرابة، إلا في الوالد والولد. فإنه إذا أقر بأن هذه ابنته وأن هذا أبوه، وصدقه بذلك المقر له، وعلم أن المقر له معسر - ولا يصدق المحجور عليه بقوله: إنه معسر، فإذا عرف أنه معسر ¬

_ (¬1) م: ثم صام. (¬2) د + لما وجبت السعاية على عبده الذي أعتقه لم يجز عتقه عن كفارته وكانت الكفارة عليه صوم شهرين متتابعين فإن صام أحد الشهرين ثم صار مصلحاً في صومه لم يجزه إلا العتق وبطلت كفارة الصوم وصار بمنزلة مصلح معسر لم يقدر على عتق رقبة فصام ثم أيسر وهو يصوم فهذا لا يجزيه إلا العتق فكذلك المحجور عليه. (¬3) د - نفسه فإن المحجور عليه.

وأقر بأنه والد أو ولد - يثبت النسب ووجبت النفقة؛ لأن النسب يثبت (¬1) هاهنا بقوله، ثم لا يتحول. وكذلك إقراره بالزوجة (¬2) تكون بذلك زوجة، ويجب لها من المهر مقدار مثلها، ونفقة مثلها في كل شهر. فإن كان قد مضى بعد إقراره بذلك أشهر، ثم أقر بأنه (¬3) قد كان فرض نفقة في أول تلك الأشهر، وطلبت المرأة أخذ النفقة لما مضى من الشهور، لم يصدق على ما مضى من ذلك، وفرض لها فيما يستقبل، إلا أن تقيم البينة أنه كان فرض (¬4) لها في أول تلك الشهور. فإن أقامت على ذلك بينة أخذت بحقها من ماله. فإن أراد أن يحج حجة الإسلام لم يمنع من ذلك. وإن أراد عمرة واحدة لم يمنع منها أيضاً؛ لأن الناس مختلفون في العمرة، فمنهم من يقول: هي واجبة كالحج لقول الله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (¬5)، ومنهم من يقول: العمرة تطوع. فإذا أراد أن يعتمر استحسنا أن يجوز له ذلك - وإن كنا نرى أن العمرة تطوع - لاختلاف الناس. فإن أراد (¬6) أن يقرن عمرةً وحجاً وأراد أن يسوق بدنة لم يمنع من ذلك - وإن كانت الشاة تجزيه - لاختلاف الناس في ذلك. ألا ترى أن بعضهم قال: لا ينبغي القران إلا أن يسوق. وقال عبد الله بن عمر: الهدي جزور أو بقرة (¬7). وإنما يصنع هذا الرجل على غير وجه الفساد. فإذا أراد القران والخروج نظر الحاكم إلى رجل ثقة لا بأس به ممن يريد الخروج إلى مكة، فدفع إليه ما يكفي المحجور عليه لكرائه ونفقته ولهديه، فيكون ذلك الرجل يلي النفقة عليه وما أراد من الهدي وغيره بأمر المحجور عليه. ولا يدفع إلى المحجور عليه شيئاً ¬

_ (¬1) م: ثبت. (¬2) ف - بالزوجة. (¬3) ف: أنه. (¬4) د - فرض. (¬5) سورة البقرة، 2/ 196. (¬6) ف - أن يعتمر استحسنا أن يجوز له ذلك وإن كنا نرى أن العمرة تطوع لاختلاف الناس فإن أراد. (¬7) الموطأ، الحج، 160؛ والموطأ برواية محمد، 2/ 350.

من ذلك المال مخافة أن يتلفه (¬1) في بعض أمره ثم يقول: ضاع مني فأعطوني مالاً مثله. فإن هو أحرم بالحج أو قرن حجاً وعمرة، ثم أصاب في ذلك صيداً، أو حلق رأسه من أذى، أو صنع في ذلك شيئاً يجب فيه الصوم، أمر بأن يصوم مكان ذلك، ولم يعط من ماله لما صنع شيئاً. وإذا (¬2) رأى الحاكم أن يأمر الرجل إذا ابتلي بأذى في رأسه أو أصابه وجع فاحتاج فيه إلى لبس قميص أو غير ذلك أن يذبح عنه أو يتصدق لم (¬3) نر (¬4) بهذا بأساً؛ لأنه لم يلزمه ذلك من فعل فعله. ولكن لا ينبغي للوكيل أن يفعل ذلك إلا بأمر المحجور عليه. فإذا أمره المحجور عليه ففعل ذلك فلا ضمان عليه. وإن كان المحجور عليه تطيب بطيب كثير أو قبل أو لمس لشهوة (¬5) فوجب عليه لما صنع دم يهريقه، أو صنع في حجه أو عمرته أمراً يلزمه به دم أو طعام مما لا يجوز فيه الصوم، فعليه في ذلك الكفارة إذا صار مصلحاً غير مفسد. فأما وهو على فساده فلا ينبغي للحاكم ولا للذي ولاه الحاكم النفقة عليه أن يؤدي عنه تلك الكفارة؛ لأن هذا (¬6) لو جاز له في حجه وعمرته لفعله في كل يوم مرة من الجماع والطيب وغير ذلك لفسقه وفساده ثم أدى كفارة ذلك عنه. فهذا ليس بشيء، وهذا له لازم يؤديه عن نفسه إذا صلح. وهو بمنزلة العبد المأذون له في الحج في جميع هذه الكفارات. وكذلك لو جامع امرأته بعدما يقف بعرفة كان حجه تاماً وكانت عليه بدنة إذا صلح، ولم يعط من ماله في حال فساده قليل ولا كثير. فإن جامع امرأته في حجه قبل أن يقف بعرفة أو في قرانه قبل أن يطوف لعمرته مضى في عمرة فاسدة وحجة فاسدة بنفقته. لا بد من ذلك؛ لأنه لا يحل إلا بها. ¬

_ (¬1) م غير واضح "من ذلك المال مخافة أن يتلفه". (¬2) ف: فإذا. (¬3) د م ف: ولم. (¬4) د: ير؛ م: نرى. (¬5) د: بشهوة. (¬6) د + الرجل.

فأما الكفارة التي تجب عليه من الدماء فإنه لا يعطى من ماله شيء لذلك، ولكنه يؤدي ذلك عن نفسه إذا صلح. فإن مضى في عمرة وحجة فاسدتين حتى قضاهما بنفقته ثم طلب من العام المقبل أن يمضي في عمرته وحجته لم يمنع من ذلك، وأمر بأن يعتمر ويحج؛ لأن الحج في هذا الوجه فريضة عليه، فلا بد من قضائه وإن كثر هذا منه. ألا ترى أن هذا المحجور عليه لو تزوج في كل يوم امرأة على مقدار مهر مثلها ثم طلقها قبل أن يدخل بها وجب لها نصف المهر في ماله وإن كثر ذلك منه. فهذا لا بد منه وإن كثر. فكذلك حجة الإسلام لا بد من قضائها وإن أفسدها مرة بعد مرة. ألا ترى أن المرأة ليس لها أن تحج إلا بإذن زوجها إلا حجة الإسلام خاصة؛ لأنها لو قدرت على ذلك أحرمت في كل سنة بحجة وفي كل شهر بعمرة فلم يصل زوجها منها إلى ما يريد. فقيل: ليس لها ذلك إلا في حجة الإسلام خاصة. فإنها إذا كان لها ولي لم يمنع مينى الخروج. فلو خرجت في حجة الإسلام ثم إن رجلاً جامعها فأفسد حجها مطاوعة أو مستكرهة مضت في حج فاسد حتى تقضيه. فإن أرادت (¬1) من قابل أن تقضي حجة الإسلام ومعها ولي لم تمنع من ذلك وإن كثر ذلك منها من فساد الحج حجة بعد حجة. فكذلك الذي وصفت لك من أمر المحجور عليه. ولو أن هذا المحجور عليه قضى حجه كله إلا طواف الزيارة ثم ترك الطواف ورجع إلى أهله ولم يطف طواف الصَّدَر (¬2) فهو محرم من النساء أبداً حتى يطوف بالبيت. فإن طلب نفقة ليرجع إلى مكة حتى يطوف فهذا لا بد منه. ويصنع به في نفقته مثل ما يصنع به في ابتداء الحج. يدفع ذلك إلى من ينفقه عليه، ويؤمر الذي يلي النفقة عليه أن لا لنفق عليه راجعاً حتى يحضر حين يطوف بالبيت. فإن طاف بالبيت جنباً ثم رجع إلى أهله ثم طلب أن ينفق عليه حتى يعيد (¬3) الطواف قيل له: هذا يجزئك فيه المقام فلا ينفق ¬

_ (¬1) د: أدت؛ صح هـ. (¬2) أي: طواف الوداع. انظر: لسان العرب، "صدر". (¬3) د - يعيد؛ صح هـ.

عليك ولا يردك إلى مكة للطواف ولكن أَحْلِلْ إن أحببت. وتكون عليك بدنة لطواف الزيارة وشاة لطواف الصدر، تؤدي ذلك إذا صلحت. ولا تعطى من مالك في ذلك شيئاً. وإن خرج مُهِلاًّ بحجة الإسلام فأُحْصِر فهذا ينبغي للذي أعطي نفقته أن يبعث بهدي عنه فيحل به؛ لأن هذا أمر أصابه لم يحدثه. ألا ترى أن العبد إذا أذن له مولاه في الحج فحج فأحصر وجب على مولاه أن يبعث عنه بهدي يحل به؛ فكذا (¬1) المحجور عليه. [ولو أن هذا المحجور عليه] (¬2) أهل بحجة تطوعاً لم يكن ينبغي للحاكم أن ينفق عليه حتى يقضي حجته؛ لأن هذا لو استقام له أن يفعله لاستقام له أن يحج في كل سنة حجةً وفي كل شهر عمرةً، فيفسد ذلك الذي دخل فيه، ثم يريد أن يجدده وينفق من ماله في ذلك، فهذا لا يعطى من ماله لهذا شيئاً (¬3). ألا ترى أنه لو قال: أعطوني شيئاً من مالي أتصدق به لم يعط ذلك، فكذلك هذا. فإن لم يقدر على نفقة وقد أحرم بحجة تطوعاً أو عمرة تطوعاً جعل له من النفقة ما يكفيه لبدنه لو كان مقيماً، ما كنت أجعل له وهو في منزله. ثم يقال له (¬4): إن شئت فاخرج ماشياً (¬5)، فأما أن نزيدك على ذلك شيئاً فلا. فإن كان موسراً كثير المال وقد كان الحاكم (¬6) يوسع عليه وهو مقيم لكثرة ماله وكان فيما يعطيه من النفقة فضل عن قوته، فقال: أتكارى (¬7) بذلك، وأنفق على نفسي القوت، فعلت ذلك. ولكني لا (¬8) أدفع إليه النفقة، وأدفعها إلى ثقة ينفقها عليه على ما أراد. فإن كانت نفقته هذه لا تسعه لركوبه ومؤنته ولم يقدر على الخروج إلا بنفقة كثيرة لم ينفق عليه الحاكم، ¬

_ (¬1) د م ف ت فهذا. والتصحيح من ب. (¬2) الزيادة من الكافي، 3/ 52 ظ. (¬3) د: شيء. (¬4) د - له. (¬5) ف: ما شاء. (¬6) ف + قد. (¬7) د ف: أتكارا؛ م: إنكارا. (¬8) د - لا.

وأقام حراماً على حاله حتى يقدر على الخروج فيحل من عمرته أو حجته. فإن طال ذلك به حتى تأتيه من إحرامه ضرورة يخاف عليه فيها من مرض أو غير ذلك فلا بأس إذا جاءت الضرورة أن ينفق عليه من ماله حتى يقضي إحرامه ويرجع. وكذلك (¬1) لو أحرم بحجة أو عمرة تطوعاً ثم أحصر فإن الحاكم لا يبعث عنه بهدي يحل به إلا أن يشاء المحجور عليه أن يبعث بذلك من نفقته. فإن شاء ذلك لم يمنع منه. وإن لم يكن في النفقة ما يقدر على أن يبعث بذلك (¬2) منه ترك على حاله حتى تأتي الضرورة التي وصفت لك، ثم يبعث عنه بهدي من ماله يحل به. وإنما ينظر في هذا إلى ما يصلحه ويصلح ماله؛ لأنه إنما يراد بهذا ونحوه الإصلاح والحفظ لماله. فإذا دخلت عليه بلية لا يقدر على ردها إلا ببعض ماله كان هذا من صلاح ماله؛ لأن ماله إنما يصلح له، فإذا فسد بدنه لم يغن إصلاح ماله عنه شيئاً. والمرأة إذا كانت مفسدة غير مصلحة بمنزلة الرجل في جميع ما وصفت لك. فإن أعتقت جاز عتقها وسعى المعتق في جميع قيمته. وإن اختلعت من زوجها بمال جاز الخلع، ولم يكن لزوجها من المال قليل ولا كثير؛ لأنه هو الذي فرط في ذلك. فإن كان (¬3) طلقها على ذلك المال تطليقةً فالتطليقة بملك الرجعة؛ لأن المال لا يجب على المرأة في حال فسادها، ولا يجب عليها (¬4) في حال صلاحها وإن صلحت. فصارت في هذه (¬5) الحال بمنزلة الجارية التي لم تبلغ، إذا طلقها زوجها تطليقة على ألف درهم وقبلت ذلك منه وقد كان دخل بها فالتطليقة واقعة عليها، وهي تطليقة يملك فيها الرجعة؛ لأن الطلاق لم يبطل. وقد بطل المال فلا يجب ¬

_ (¬1) د - وكذلك. (¬2) د + من نفقته فإن شاء ذلك لم يمنع منه وإن لم يكن في النفقة ما يقدر على أن يبعث بذلك. (¬3) د - كان؛ صح هـ. (¬4) م - عليها. (¬5) د + في هذه.

عليها في حال الصغر ولا إذا كبرت. وكذلك الجارية التي لم يؤنس منها رشد لا يجوز عليها الخلع ولا يلزمها المال على حال فسادها ولا في حالها إذا صلحت. ولو كانت أمة (¬1) لرجل زوّجها رجلاً فطلقها تطليقةً على ألف درهم، وقد كان دخل بها، ولا يعلم منها فساد، فإن التطليقة بائنة، ولا يلزمها من المال قليل ولا كثير حتى تعتق، فإذا عتقت لزمها المال. ولهذا (¬2) كانت التطليقة بائنة. ولو لم يلزمها المال بعد العتق ما كانت التطليقة بائنة، وما كانت إلا تطليقة بملك الرجعة. فلما كان المال يلزم على حال من الحالات كان الطلاق بائناً. ولو أن الأمة كانت مع رقها مفسدة غير مصلحة ممن لو كانت حرة ما جاز أمرها في مالها، فطلقها زوجها تطليقة بألف درهم، فقبلت ذلك، كانت التطليقة (¬3) بملك الرجعة، وكانت في ذلك بمنزلة الحرة المفسدة؛ لأن هذا المال لا يلحقها في حال رقها ولا بعد عتقها، فلذلك كان الطلاق طلاقاً يملك فيه الزوج (¬4) الرجعة. ولو أن غلاماً أدرك مفسداً غير مصلح فلم يرفع أمره إلى القاضي حتى باع شيئاً من تركة والده، وأقر بديون لقوم شتى، ووهب هبات، وتصدق بصدقات، فرفع أمره إلى القاضي، فإن القاضي يبطل جميع ما صنع من ذلك، إذا كان يوم فعل ذلك مفسداً غير مصلح ممن يستحق الحجر لو رفع إلى القاضي على تلك الحال؛ لأن القاضي إنما يحجر عليه لفساده. فإذا كان مفسداً لماله فهو محجور عليه وإن لم يحجر عليه قاض؛ لأن القاضي إنما يحجر عليه للفساد، فقد كان (¬5) الفساد (¬6) منه قبل حجر القاضي عليه. وقد ¬

_ (¬1) د - أمة. (¬2) د - حتى تعتق فإذا عتقت لزمها المال ولهذا. وقد صحح في الهامش لكنه غير واضح. (¬3) د م ف + بألف درهم فقبلت ذلك كانت التطليقة. (¬4) د + الزوج. (¬5) د - كان؛ صح هـ. (¬6) ف + فقد كان الفساد.

قال الله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} (¬1)، ولم يذكر في ذلك حجر قاض ولا غيره. فينبغي إذا أونس منه رشد (¬2) أن يدفع ماله وأن يجاز له ما صنع في ماله من شيء، وإذا لم يؤنس منه رشد (¬3) لم يدفع إليه ماله، فكذلك ماله لا يجاز له شيء فعله فيه. فينبغي لمن قال: إقراره (¬4) جائز في ماله وإن كان مفسداً حتى يحجر علمه القاضي، أن يقول: ينبغي للقاضي أن يدفع إليه ماله حتى يحجر عليه القاضي وإن كان مفسداً غير مصلح. فإن قال: لا ينبغي أن يدفع إلمه ماله فأمره جائز في ماله حتى يحجر عليه القاضي، فقد دخل فيما قال القوم مثله الذين لم يروا الحجر شيئاً (¬5)؛ لأن الذين لم يروا الحجر شيئاً إنما (¬6) احتج عليهم بأن قيل لهم: كيف يمنع المفسد ماله حتى لا يدفع إليه وأمره جائز فيه، إذاً لا يبالي أن لا (¬7) يدفع إليه، إذا كان أقر لإنسان (¬8) أخذه. فإنما أفسد قولهم واحتج عليهم بهذا ونحوه. فإذا قال قائل: الأمر على ما قالوا حتى يحجر عليه القاضي، فليس بين قوله وقولهم افتراق في رد هذه الآية حين (¬9) قال: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} (¬10). ولكنا نقول: المفسد لماله لا يجوز أمره فيه حتى يؤنس منه رشد (¬11) وإصلاح (¬12) لماله، إن حجر عليه قاض أو لم يحجر. فإن كان الذي لا يجوز بيعه قبض مالاً من ثمن ما باع ببينة، ثم ¬

_ (¬1) سورة النساء، 4/ 6. (¬2) د م ف: رشدا. (¬3) د م ف: رشدا. (¬4) د م ف: امر امره. (¬5) د - شيئاً. (¬6) م: مما. (¬7) د - لا. (¬8) م: الإنسان. (¬9) د: حتى. (¬10) سورة النساء، 4/ 6. (¬11) د م ف: رشدا. (¬12) د م: أو إصلاحا؛ ف: أو صلاحا.

رفع (¬1) ذلك إلى قاض، فإنه ينظر في ذلك. فإن رأى ما باع رَغْبَة (¬2) أجازه، فجاز بإجازته إن كان الثمن قائماً بعينه. وإن كان الثمن ضاع في يديه لم يجز القاضي ذلك البيع؛ لأنه إن أجاز البيع جاز قبض المحجور عليه الثمن، وصار بمنزلة محجور (¬3) عليه أَمَرَه القاضي بالبيع فباع وقبض الثمن فهلك الثمن في يديه. فكذلك لا ينبغي للقاضي أن يجيز بيعه، لأنه إن أجاز بيعه جاز قبضه للثمن (¬4). ألا ترى أن رجلاً لو غصب رجلاً عبداً فباعه وقبض الثمن فضاع في يديه، ثم أجاز المولى البيع جاز البيع، وجاز قبض البائع للثمن (¬5)، وبرئ منه المشتري، وصار قبضه جائزاً على المولى. وكذلك الغلام الذي لم يبلغ لو باع لنفسه غلاماً وقبض ثمنه فضاع عبده (¬6) لم ينبغ (¬7) للقاضي أن يجيز البيع؛ لأنه إن (¬8) أجازه فجاز جاز قبض الغلام للثمن، فهذا لا يجوز. فكذلك المحجور عليه. وإن كان المحجور عليه قبض الثمن بمحضر من الشهود فاستهلكه بمحضر من الشهود ثم رفع ذلك البيع إلى القاضي، والمشتري هو الذي كان دفع الثمن إلى المحجور عليه، فإن القاضي ينقض البيع ويرد ما اشترى المشتري (¬9) من ذلك على المحجور عليه، ولا يلزم المحجور عليه من الثمن قليل ولا كثير. وإن كان المحجور عليه حين قبض الثمن أنفقه على نفسه نفقة (¬10) مثله في مثل تلك المدة حتى أتى على جميع الثمن، أو حج به حجة الإسلام، أو أدى منه زكاة ماله، أو صنع فيه شيئاً مما كان القاضي يفعله به ¬

_ (¬1) د: ثم دفع. (¬2) د م: رعنه. والكلمة مهملة في ف. وهي منقوطة في ب، والمبسوط، 24/ 175. ورغبة أي مرغوبا فيه لكونه بيعا رابحا. وانظر كلام المؤلف فيما يأتي قريباً. (¬3) ف: المحجور. (¬4) ف: الثمن. (¬5) ف: الثمن. (¬6) ف: عنده. (¬7) د م ف: لم ينبغي. (¬8) د - إن؛ صح هـ. (¬9) د - المشتري. (¬10) د - نفقة.

لو (¬1) طلبه من ماله ثم رفع ذلك إلى القاضي فإن القاضي ينظر في ذلك، فإن كان البيع رَغْبَة (¬2) أو كان قيمته مثل الثمن الذي أخذ، أجاز البيع وسلم المشترى للمشتري وأبرأ المشتري من الثمن. وإن كان البيع فيه محاباةً فرأى القاضي إبطاله فأبطله لم يبطل الثمن عن المحجور عليه، ولكن القاضي يعطيه الثمن من مال المحجور عليه؛ لأن المحجور عليه إنما يبطل من فعله ما لم يكن القاضي يجيز له فعله لو فعله. ألا ترى أن المحجور عليه لو تزوج امرأة بمهر مثلها جاز النكاح، وأعطى القاضي المرأة مهرها. ولو أن المحجور عليه استقرض من رجل مالاً ليعطيه للمرأة فأعطاها إياه قضى القاضي للمقرض ماله من مال المحجور عليه. ولو أن المحجور عليه (¬3) حين استقرض المال ليعطيه المرأة (¬4) ولم يعطها إياه واستهلكه في بعض حاجاته لم يكن للمقرض عليه مال في حال فساده ولا بعد ذلك. ولو أن محجوراً عليه استقرض من رجل مالاً فأنفقه على نفسه في نفقة مثله حتى أتى على المال ولم يكن القاضي أنفق عليه شيئاً فإن القاضي يجيز ذلك له ويقضي المقرض المال من مال المحجور عليه. فإن كان أنفق على نفسه من ذلك المال الذي استقرضه بإسراف حتى أتى على جميع المال حسب القاضي للمقرض من ذلك المال (¬5) مثل نفقة المحجور عليه في مثل تلك المدة فأعطاها إياه من مال المحجور عليه، وأبطل الفضل من ذلك، ولم يكن على المحجور عليه منه شيء في حال فساده ولا بعد ذلك. ألا ترى أن محجوراً عليه لو فرض له القاضي نفقة في كل شهر فاشترى المحجور عليه بعض ما يصلحه وقد أبطأت عنه نفقته حتى يقضيها (¬6) فيقضي ¬

_ (¬1) د م ف: ولو. والتصحيح من ب. (¬2) م: رعنه. وقد تقدم معناه قريبا. (¬3) د - ولو أن المحجور عليه. (¬4) د: للمرأة. (¬5) د - الذي استقرضه بإسراف حتى أتى على جميع المال حسب القاضي للمقرض من ذلك المال. (¬6) ف: حى يقبضها.

ثمن ما اشترى لم يكن بذلك بأس وكان (¬1) ذلك جائزاً. والمحجور عليه لا يشبه الغلام الذي لم يبلغ في كل شيء. إنما يشبه الغلام الذي لم يبلغ فيما كان فيه مفسداً من ماله. فأما غير ذلك فلا يشبه فيه الغلام الذي لم يبلغ. ألا ترى أن المحجور عليه لو أقر بقتل عمد قُتِل أو بسرقةٍ قُطِع أو بقذفٍ ضُرِب الحد، والغلام الذي لم يبلغ لا يجوز عليه ولا يلزمه شيء من ذلك. ولو (¬2) أن هذا المحجور عليه أودعه رجل مالاً فأقر أنه استهلكه لم يصدق على ذلك ولم يلزمه من المال قليل ولا كثير في حال الفساد ولا بعد ذلك. فإن صلح بعد ذلك سئل عما كان أقر به في حال (¬3) فساده. فإن أقر أنه قد كان استهلك ذلك في حال فساده لم يلزمه أيضاً من ذلك المال قليل ولا كثير؛ لأن رب المال هو الذي سلطه على ماله حين دفعه إليه، فلذلك لم يضمنه شيئاً (¬4) منه. وكذلك المحجور عليه لو أودعه رجل مالاً فاستهلكه بمحضر من الشهود لم يجب عليه من ذلك المال قليل ولا كثير في حال فساده ولا بعد ذلك. ألا ترى أن غلاماً لم يبلغ لو أودعه رجل مالاً فاستهلكه ببينة على ذلك لم يضمن شيئاً في حال صغره ولا إذا كبر في قول أبي حنيفة ومحمد. وكذلك الكبير المحجور عليه في قول محمد. وأما في قول أبي يوسف فإنه يضمن الغلام ما استهلك من الوديعة، فينبغي في قياس قوله أن يضمن المحجور عليه ما استهلك ببينة. وكذلك في قول محمد. ما استهلك عليه من مال أودعه إياه رجل أو غير ذلك فهو بمنزلة ما وصفت لك. وإن أودع غلاماً أو جارية فقتله خطأً كانت قيمته على عاقلته. وإن أقر بذلك إقراراً لم يلزمه ما دام محجوراً عليه. فإن صلح بعد ذلك سئل عما ¬

_ (¬1) ف: وإن كان. (¬2) د + أقر. (¬3) ف - الفساد ولا بعد ذلك فإن صلح بعد ذلك سئل عما كان أقر به في حال. (¬4) د م ف: شيء.

كان أقر به من ذلك. فإن أقر به في حال صلاحه أخذت منه القيمة في ماله في ثلاث (¬1) سنين من يوم يقضى عليه. ولا يشبه القتل في هذا ما سواه. ولو كان قطع يد (¬2) الغلام أو الجارية ببينة في حال حجره لزمه ذلك في ماله، ولا يشبه هذا ما سواه من الأموال، [لأنه] جناية وما سواه من الأموال ليست بجناية (¬3). ألا ترى (¬4) أن غلاماً لم يبلغ لو (¬5) أودع غلاماً أو جارية فقتلها كانت القيمة على العاقلة في قول أبي حنيفة ومحمد. وكان أبو حنيفة يفرق بين الجنايات واستهلاك الأموال في الصغير الذي لم يبلغ. وكذلك هذا في المحجور عليه في قول محمد. ولو أن محجوراً عليه أقر أنه أخذ مال رجل بغير أمره فاستهلكه وصدقه رب المال بذلك وقدمه إلى القاضي فإن القاضي لا يصدق المحجور عليه بذلك، ولا يلزمه في ذلك المال قليل ولا كثير. فإن صلح المحجور عليه بعد ذلك فطالبه (¬6) رب المال بماله وأخذه بإقراره بعد ذلك لم يلزمه من ذلك الإقرار قليل ولا كثير ولا يمين. وسئل عن ذلك، فإن أقر أن الإقرار الذي أقر به كان حقاً أخذ بذلك وجعل ديناً في ماله. فإن قال: قد كنت أقررت بذلك ولكني كنت في ذلك مبطلاً، كان القول قوله، ولم يلزمه مما كان أقر به قليل ولا كثير. وكذلك لو قال بعدما صلح: قد كنت أقررت وأنا محجور علي أني استهلكت لك ألف درهم، وقال رب المال: أقررت لي بذلك في حال صلاحك، أو قال: قد صدقت، قد أقررت لي بذلك في حال فسادك ولكنه حق، وقال المقر: لم يكن ذلك حقاً، فالقول قوله في ذلك. ولو قال بعدما صلح: إنك كنت أقرضتني في حال فسادي ألف درهم فأنفقتها، أو قال: كنت أودعتني في حال فسادي ألف درهم فأنفقتها، فقال رب المال: إنما كان قرضي إياك وإيداعي بعدما صلحت، ¬

_ (¬1) د م: في ثلث. (¬2) ف - يد. (¬3) د: بخيانة. (¬4) ف - ألا ترى؛ صح هـ. (¬5) د م ف - لو. والزيادة من ع. (¬6) د م ف + بذلك.

فالقول قول رب المال، ولا يصدق المحجور عليه على ما ادعاه من ذلك. فإن قال رب المال: قد كنت أقرضتك ذلك وأودعتك في حال حجرك ولكنك إنما استهلكته بعدما صلحت، كان القول قول المحجور عليه حتى تقوم البينة أن المال كان في يدي المحجور عليه بعدما صلح. فإن أقام رب المال على ذلك بينة أنهم عاينوا المال في يد المحجور عليه بعدما صلح لزمه المال وقضي به عليه. ألا ترى أن غلاماً لم يبلغ لو أودعه رجل ألف درهم أو أقرضه ألف درهم ثم كبر الغلام فأقر أنه استهلكها في حال صغره، وقال رب المال: استهلكتها بعد الكبر، أن القول قول الغلام في ذلك مع يمينه. فكذلك المحجور عليه. ولو قال رب المال: إنما أقرضتك أو أودعتك بعد الكبر واستهلكت ذلك بعد الكبر، وقال الغلام: استهلكت ذلك قبل الكبر، كان الغلام ضامناً لجميع ذلك المال؛ لأن المقرض والمستودع لم يقر أن قرضه ووديعته كانا إذناً قط في استهلاك المال، لأنه يزعم أن ذلك كان في حال الكبر. وإنما يكون القرض بمنزلة الإذن في استهلاك المال ما كان في حال الصغر مما يعلم أو يقر به رب المال. ولو أن امرأة قد بلغت محجوراً عليها لفسادها [في] مالها تزوجت رجلاً بمهر مثلها أو بأقل من ذلك أو بأكثر ولا ولي لها ثم رفع ذلك إلى القاضي، فإن كان الرجل لم يدخل بها وقد كان كفؤاً لها وقد (¬1) تزوجها على مهر مثلها أو على أكثر من ذلك فالنكاح جائز، لا يبطله إلا أن تكون استأذنت القاضي في ذلك. وإن كان نكاحها على أقل من مهر مثلها بما يتغابن الناس فيه فكذلك أيضاً. وإن كان بما لا يتغابن الناس فيه قيل لزوجها: أنت بالخيار، إن شئت فأتم لها مهر مثلها، ولا خيار لها في ذلك (¬2)، والنكاح جائز. فإن أبى فرق بينهما ولم يكن ذلك طلاقا ولم يكن لها عليه من الصداق قليل ولا كثير. فإن كان قد دخل بها فعليه أن يتمم لها مهر مثلها لا خيار لها في ذلك والنكاح جائز. وكذلك إن كان الزوج الذي تزوجها محجوراً عليه إلا في خصلة واحدة: إن كان تزوجها على أكثر من ¬

_ (¬1) د + كان. (¬2) د - ولا خيار لها في ذلك.

مهر مثلها أبطلت الفضل من ذلك على مهر مثلها عن الزوج. ولا خيار للمرأة في ذلك إن كان الزوج دخل بها أو لم يدخل بها. وكذلك لو أن امرأة محجوراً عليها لفسادها [في] مالها ولا ولي لها تزوجت رجلاً بمهر مثلها وليس لها بكفؤ فرفع ذلك إلى القاضي فإنه ينبغي له أن يفرق بينهما ولا يجيز لها ما صنعت؛ لأنها إذا كانت محجوراً عليها في مالها كانت محجوراً عليها أيضاً في نفسها، فلم يجز لها في نفسها أن تقضي بها كما لا يجوز لها أن تقضى بنفسها في مالها. وهل تحفظ مالها إلا بنفسها. بل نفسها أحرى أن يبطل فيها فسادها [من فسادها] في مالها. ولو أن غلاماً أدرك مدرك الرجال وهو مصلح غير مفسد قد أونس منه الرشد فدفع إليه وصيه أو القاضي ماله وسلطه عليه وخلى بينه وبينه لصلاحه ثم فسد بعد ذلك وصار ممن يستحق الحجر عليه فهو محجور عليه وإن لم يحجر عليه القاضي؛ لأن الفساد قد حجر عليه وإن لم يعلم به القاضي. ألا ترى أن القاضي لو علم بذلك حين فسد فإنه يحجر عليه. فكل حال يحجر فيها القاضي (¬1) عليه لفساده لو علم بذلك فإنه فيها محجور عليه وإن لم يعلم به القاضي. فإذا فسد بعد صلاح فساداً يستحق به الحجر فهو محجور عليه بمنزلة الذي لم (¬2) يزل فاسداً مذ بلغ في جميع ما وصفت لك من بيعه وشرائه وغير ذلك. ولو أن غلاماً أدرك مدرك الرجال وهو مصلح لماله فدفع إليه وصيه أو القاضي ماله فباع عبداً من عبيده ولم يدفع إليه ولم يقبض الثمن فكان الثمن حالاً أو إلى أجل حتى صار فاسداً يستحق الحجر ثم دفع الغريم المال إليه فدفعه باطل؛ لأنه قد صار ممن لا يجوز بيعه ولا شراه، فكذلك لا يجوز قبضه. ألا ترى أن رجلاً صحيحاً لو باع عبداً له وقبضه المشتري ولم ينقده الثمن حتى صار البائع معتوهاً إلا أن مثله يقبض لم يجز قبضه ¬

_ (¬1) د - ألا ترى أن القاضي لو علم بذلك حين فسد فإنه يحجر عليه فكل حال يحجر فيها القاضي. (¬2) ف - لم.

للثمن إن دفعه إليه المشتري. فكذلك الفاسد الذي يستحق الحجر لفساده لا يجوز قبضه للثمن بعد الفساد. وكذلك لو أن رجلاً وكله ببيع عبد له وهو مصلح غير مفسد فباعه كما أمره ثم إن البائع صار مفسداً ممن يستحق الحجر وقبض الثمن بعد ذلك فإن أوصله إلى الآمر برئ المشتري من الثمن. وإن لم يصل إلى الآمر حتى هلك في يدي البائع هلك من مال المشتري، ولا ضمان على البائع ولا على الآمر في ذلك، ويؤخذ من المشتري ثمن آخر فيدفع إلى الآمر. ولا خيار للمشتري في نقض البيع في الوجهين جميعاً إن أراد ذلك. ولو أن الآمر أمره ببيع العبد والمأمور مفسد غير مصلح ممن يستحق الحجر فباع وقبض الثمن والآمر يعلم بفساده أو لا يعلم فالبيع جائز والقبض جائز. ولا يشبه الآمر في هذا فيما يبيع له المحجور عليه فيما باع لنفسه. ألا ترى أن الغلام الذي لم يدرك وهو يعقل الشراء والبيع لو باع لنفسه وقبض الثمن فضاع لم يجز ذلك، ولو أمره آمر بأن يبيع له عبداً فباعه وقبض الثمن جاز بيعه وقبضه. فكذلك الفاسد، وهو بمنزلة الصبي في هذا الوجه. ولو أن غلاماً قد بلغ فاسداً محجوراً عليه باع شيئاً من متاعه أو رقيقه بثمن صالح (¬1) ولم يقبض ذلك حتى رفع إلى القاضي فإن القاضي يجيز البيع، وينهى المشتري عن دفع الثمن إلى المحجور عليه. فإن أجاز القاضي ونهاه عن (¬2) دفع الثمن فدفعه فضاع في يدي المحجور عليه لم يبرأ المشتري من الثمن، وجُبِرَ على أن يدفع ثمناً آخر إلى القاضي. فإن قال: أرد البيع في العبد ولا حاجة لي فيه ولا أغرم ثمناً آخر، لم يلتفت إلى ذلك وقيل له: لا بد من ثمن آخر تؤديه وليس لك إلى رد العبد سبيل. ولو أن القاضي أجاز بيع المحجور عليه ولم ينه المشتري عن دفع الثمن فدفع المشتري الثمن إلى المحجور عليه فدفعه جائز؛ لأن القاضي إذا ¬

_ (¬1) د: مصالح؛ ف: صلح. (¬2) م: وعن.

أجاز البيع جملة فقد أجاز دفع الثمن إلى المحجور عليه، إلا أن يبين كما وصفت لك فيقول: قد أجزت البيع ولا أجيز للمشتري أن يدفع الثمن. فإذا قال ذلك فهذا حكم منه، وعليه إجازة البيع. فإن دفع المشتري الثمن لم يبرأ منه، علم بقول القاضي أو لم يعلم، لأن القاضي إنما أجاز البيع على هذا الشرط (¬1) ولم يجزه على غيره. ولو أن القاضي أجاز البيع جملة ثم قال بعد ذلك: قد نهيت المشتري أن يدفع الثمن، كان نهيه باطلاً وكان دفع المشتري (¬2) الثمن إلى المحجور عليه جائزاً حتى يبلغ المشتري ما قال القاضي من ذلك. فإذا بلغه فإن أعطاه الثمن بعد ذلك لم يبرأ. ومن أعلمه بذلك وكان خبره حقاً فهو إعلام. فإن أعطى بعد ذلك ضمن. وهذا بمنزلة الوكيل ينهاه عن إمضاء ما وكل به. وكان أبو حنيفة يقول (¬3): لا يكون ذلك نهياً حتى يخبره بذلك (¬4) رجلان أو رجل عدل. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فمن أخبره بذلك فكان خبره حقاً فإن باع ذلك أو أمضى ما وكل به لم يجز شيء مما صنع. فكذلك نهي القاضي للمشتري (¬5) عن دفع الثمن إلى المحجور عليه هو بمنزلة هذا. ألا ترى أن فاسداً محجوراً عليه لو قال له القاضي: بع عبدك هذا بألف درهم، ولم ينهه عن قبض الثمن فباعه كما أمره وقبض الثمن فضاع عنده كان قبضه للثمن جائزاً. ولو قال له: بع عبدك هذا بألف درهم ولا تقبض الثمن، فباعه وقبض الثمن فضاع عنده (¬6) جاز بيعه ولم يجز قبضه وأخذ الثمن من المشتري مرة أخرى، يجبر على ذلك ولا خيار له في نقض البيع، علم بذلك (¬7) المشتري أو لم يعلم. فمان كان أمره بالبيع ولم ينهه عن قبض الثمن ثم قال القاضي بعد ذلك: إذا باع فلا يقبض الثمن ¬

_ (¬1) ف - علم بقول القاضي أو لم يعلم لأن القاضي إنما أجاز البيع على هذا الشرط. (¬2) د - المشتري. (¬3) ف - يقول. (¬4) ف - بذلك. (¬5) د: المشتري. (¬6) ف - كان قبضه للثمن جائزاً ولو قال له بع عبدك هذا بألف درهم ولا تقبض الثمن فباعه وقبض الثمن فضاع عنده. (¬7) د - بذلك.

فإني قد نهيته عن ذلك، فله أن يبيع ويقبض الثمن ما لم يبلغه نهي القاضي. وإجازة البيع من المحجور عليه وأمر القاضي إياه بالبيع سواء فيما وصفت لك من هذا الوجه. ولو أن وصياً أدرك يتيم في حجره وهو مفسد غير مصلح ممن يستحق الحجر عليه فحجر عليه القاضي أو لم يحجر عليه فسأل وصيه أن يدفع إليه ماله فدفعه إليه فضاع في يده أو ضيعه أو أتلفه فالوصي ضامن لمال (¬1) المحجور عليه؛ لأن الوصي دفعه إلى من لا يجوز قبضه فصار قبض المحجور عليه للمال بمنزلة طرح الوصي للمال في مهلكة من المهالك. وكذلك لو أن الوصي أودعه إياه إيداعاً فضيعه أو ضاع في يديه فالوصي ضامن لما ضيع من ذلك؛ لأنه إذا كان مفسداً فقبضه من الوصي بمنزلة استهلاك الوصي للمال. فإن قال قائل: وكيف يضمن الوصي في هذا الوجه وهو لو دفع إلى غلام لم يبلغ ماله ومثله يقبض ويحفظ وليس بفاسد فأودعه إياه وأمره أن يشتري به ويبيع فقبضه فضاع أو ضيّعه أو اشترى به وباع فوضع فيه وَضِيعَة لم يضمن؟ قيل له: لأن الصغير ذكرت أنه مأمون على ماله. وإنما يمنعه من ذلك الصغر. فإذا أذن له الوصي في قبض المال وفي الشراء والبيع جاز ذلك وصار مأذوناً له. وإن الكبير الفاسد إنما بطل أمره لفساده. فإذا دفع الوصي ماله إليه لم يبرأ بدفعه؛ لأنه على فساده؛ لأنه لم يخرج من ذلك. ألا ترى أنه لو أذن له في التجارة في ماله [لم يجز ذلك]. ولو [أن القاضي] رُفع إليه هذا المفسد لم يأذن له في شيء من ذلك. فلذلك اختلف حال الوصي فيهما، فقيل: يجوز إذن الوصي للغلام الذي لم يبلغ إذا كان مصلحاً في قبض ماله وبيعه وشرائه، ولم يجز للوصي أن يفعل ذلك بالكبير المفسد. ¬

_ (¬1) م ف: للمال.

ولو أن القاضي أمر غلاماً قد بلغ مفسداً غير مصلح قد حجر عليه أو لم يحجر عليه أن يبيع في ماله ويشتري، فباع واشترى وقبض الأثمان وقبض ما اشترى جاز جميع ما صنع من ذلك، وكان هذا من القاضي إخراجاً له من الحجر في هذا الوجه خاصة. فإن وهب أو تصدق لم يجز. وإن أعتق جاز وسعى المعتق في قيمته. وإن باع أو اشترى بما لا يتغابن الناس فيه لم يجز ذلك. وإن باع أو اشترى بما يتغابن الناس فيه جاز ما صنع من ذلك. وإن أذن له في بيع عبد له بعينه أو في شراء عبد بعينه لم يجز له أن يشتري ولا يبيع إلا الذي (¬1) أذن له فيه خاصة. وهذا لا يخرجه من الحجر في غير ذلك. ولو أذن له في شراء البَزّ وبيعه خاصة دون ما سواه من التجارات كان مأذوناً له في التجارات كلها، وكان هذا من القاضي إطلاقاً عنه للحجر في التجارات خاصة؛ لأن الفاسد المحجور عليه يقدر فيما أذن له فيه من إفساد ماله على إفساد ماله على مثل ما يقدر عليه من غيره. ألا ترى أنه يجوز له أن يقول: اشتريت من هذا بزأ بعشرة آلاف (¬2) درهم، وقبّضته (¬3) الثمن الذي (¬4) له عليّ، فيجوز ذلك عليه، فإذا كان هذا يجوز في هذا جاز في جميع التجارات. فإن كان القاضي قال (¬5) في سوقه بمحضر من أهل السوق أو بمحضر من جماعة منهم: إني قد أذنت لهذا الرجل في التجارة ولا أجيز له منها إلا ما أعلم أنه اشترى وباع ببينة، فأما ما كان بإقرار منه لا يعلم فيه بيع ولا شرى إلا بقوله فإني لا أجيزه، والأمر على ما قال لهم القاضي. فمن أقام بينة ببيع أو شرى بمعاينة الشهود لذلك جاز له من ذلك البيع والشراء، وما لم يعلم إلا بقول الفاسد المحجور عليه لم يلتفت إليه ولم يلزم من ذلك شيئاً بقوله. ولا يشبه هذا في هذا الوجه العبد المأذون له (¬6) المصلح غير المفسد لو أتى به مولاه إلى جماعة أهل (¬7) سوقه فقال لهم: إني قد أذنت ¬

_ (¬1) ف - الذي. (¬2) د م: ألف. (¬3) قبّضه أي: جعله يقبض، وقد تقدم. (¬4) م - الذي. (¬5) ف: يقول. (¬6) ف + في. (¬7) ف - أهل.

لهذا الغلام في التجارة ولست أجيز من ذلك شيئاً إلا ببينة، جاز من ذلك (¬1) ما كان ببينة، وما كان بإقرار من الغلام. وكذلك الغلام الحر (¬2) الذي لم يدرك المصلح غير المفسد لماله الحافظ لذلك يأتي به أبوه أو وصيه إلى جماعة أهل سوقه فيقول لهم مثل ذلك. وكذلك القاضي لو قال لهم مثل ذلك جاز ما صنع الغلام بالبينة والإقرار. ولا يشبه الغلام في هذا المحجور عليه، لأن المحجور عليه يخاف منه الإتلاف لماله. فإنما يؤذن له على وجه النظر وأن هذا مأمون على ماله. فإذا أذن له في التجارة في بعض الأشياء كان مأذوناً له في الأشياء كلها. والفاسد الذي يستحق الحجر كل من كان مضيعاً لماله مفسداً له لا يبالي ما صنع. فإن كان فاسداً في دينه لا يؤمن على فجور ولا غيره إلا أنه حافظ لماله حسن التدبير له (¬3) لم يكن هذا شيئاً يستحق الحجر في ماله. إنما يستحق الحجر بالضياع للمال وبالإنفاق في السرف في غير منفعة على وجه المجون، فهذا ممن يستحق الحجر. ولو كان قاض حجر على فاسد يستحق الحجر ثم رفع ذلك إلى قاض آخر فأطلق عنه الحجر وأجاز ما كان (¬4) باع واشترى ولم ير حجر الأول شيئاً وأبطل حجره جاز إطلاق هذا القاضي عنه، وجاز ما أجاز له من بيع أو شرى مما كان باع واشترى قبل إطلاقه عنه وبعد إطلاقه عنه. إلا أن يكون شيء من بيوعه الأولى أو أَشْرِيَتِه (¬5) رفع إلى القاضي الذي حجره أو إلى قاض غيره يرى الحجر. فإن أبطل (¬6) بيوعه تلك وأشريته ثم رفع هذا إلى القاضي الآخر الذي لا يرى الحجر فأبطل قضاء القاضي الأول فأجاز بيعه الأول وأشريته، ثم رفع ذلك إلى قاض آخر يرى الحجر أو لا يراه، فإنه ينبغي له أن يجيز قضاء القاضي الأول فيبطل أشريته وبيوعه التي أبطلها الأول، ويبطل قضاء القاضي الثاني فيما أبطل من قضاء الأول؛ لأن هذا أمر ¬

_ (¬1) ف - ببينة جاز من ذلك. (¬2) ف: والحر. (¬3) م - له. (¬4) هنا تنتهي نسخة د. (¬5) م: أو اشتريته. (¬6) م ف: فإن بطل.

يختلف فيه الفقهاء، فقضى به القاضي الأول، فليس لهذا الثاني إبطاله وإن كان رأيه مخالفاً لذلك، فإذا أبطله لم يجز إبطاله. وكذلك القاضي الذي أطلق (¬1) الحجر عنه إن باع بعد ذلك أو اشترى فلم يرفع إلى قاض من القضاة (¬2). ¬

_ (¬1) م: طلق. (¬2) م + آخر كتاب الحجر كتبه أبو بكر بن أحمد بن محمد الطلحي الأصفهاني في شهر شوال من سنة تسع وثلاثون (كذا) وستمائة والحمد لله رب العالمين وصلواته على النبي محمد وآله وسلم؛ ف + آخر كتاب الحجر والحمد لله رب العالمين وصلواته على النبي محمد وآله وصحبه أجمعين.

كتاب العبد المأذون له في التجارة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب العبد المأذون له في التجارة حدثنا محمد بن الحسن عن إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعي عن منصور بن المعتمر عن إبراهيم النخعي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يركب الحمار ويجيب دعوة المملوك (¬2). محمد قال: أخبرنا يحيى بن المهلب البَجَلي عن المغيرة الضَّبِّي عن إبراهيم النخعي أنه كان يقول: يجوز على العبد كل دين حتى يحجر عليه. وكان يقول: إذا حجر الرجل على عبده في أهل سوقه فليس عليه دين (¬3). محمد عن أبي يوسف عن محمد بن السائب عن أبي صالح قال: رأيت للعباس (¬4) بن عبد المطلب عشرين عبداً كلهم يتجر بعشرة آلاف درهم. ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 391. وروي من حديث أنس بن مالك. انظر: سنن ابن ماجه، الزهد، 16؛ وسنن الترمذي، الجنائز، 32. (¬3) روي القسم الأخير في المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 362. (¬4) ز: العباس.

محمد عن أبي يوسف قال أخبرني محمد بن سالم عن عامر قال: إذا أخذ الرجل من عبده الضريبة فهي تجارة. محمد عن أبي يوسف عن أبي إسحاق الشيباني قال: سمعتهم يذكرون عن شريح في عبد تاجر لحقه دين أنه يباع فيه. محمد عن أبي يوسف عن الأشعث بن سوار عن محمد بن سيرين عن شريح أن رجلاً ادعى على عبد رجل ديناً فقال الرجل: عبدي محجور عليه. فقال شريح: شاهدي عدل أنه كان يشتري ويبيع في السوق بعلمه فأقره (¬1). محمد عن أبي يوسف عن الحجاج بن أرطاة عن أبي عون الثقفي أن رجلاً أذن لعبده في الخياطة، وأذن آخر لعبده أن يكون صباغاً، فأجاز شريح على الخياط ثمن الإبر والخيوط، وأجاز على الصباغ ثمن القِلْي (¬2) والعُصْفُر وما كان في عمله (¬3). وقال (¬4) أبو حنيفة: يجوز عليه ما كان في عمله ذلك وما استدان في غيره. محمد قال: حدثنا أبو يوسف عن الأحوص بن حكيم عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجاب دعوة عبدين. محمد عن أبي يوسف عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن ابن عباس قال: حدثني سلمان الفارسي أنه أهدى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو عبد، فقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هديته قبل أن ¬

_ (¬1) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 283. والمعنى أن عليه أن يقيم بينة على أن المولى كان يعلم أن عبده يشتري ويبيع وأقره على ذلك. (¬2) القِلْي والقِلَى والقِلْو شيء يصنع من بعض النباتات ويخلط بالعصفر ويغسل به الثياب. انظر: لسان العرب، "قلى"، وتاج العروس، "قلى". (¬3) المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 23. (¬4) ز: قال.

باب الإذن للعبد في التجارة

يكاتب، فأكل وأكل أصحابه، وأتاه بصدقة فقبلها (¬1)، وأمر أصحابه أن يأكلوا ولم يأكل (¬2). محمد عن أبي يوسف قال: حدثنا داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد مولى أبي أُسَيْد قال: بنيت بأهلي وأنا عبد، فدعوت رهطاً من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - فيهم أبو ذر الغفاري. فحضرت الصلاة فتقدم أبو ذر. فقال: فقالوا له: تتقدم وأنت في بيته؟ فقدموني، فصليت بهم وأنا عبد (¬3). ... باب الإذن للعبد (¬4) في التجارة وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا قال الرجل لعبده: قد أذنت لك في التجارة فهو مأذون له في التجارة كلها، وله أن يشتري ما بدا له من أنواع التجارة كلها من البز والطعام والرقيق وغير ذلك، وله أن يتقبل ما بدا له من الأرضين، وأن يستأجر (¬5) ما بدا له من الأجراء، وأن يؤاجر نفسه فيما بدا له من الأعمال، وأن يأخذ الأرضين (¬6) مزارعة، يصنع في ذلك كما يصنع الحر. وليس على المولى إن أذن لعبده في التجارة أن يشهد على ذلك شهوداً؛ لأن هذا ليس بحق لازم. ألا ترى أنه لا يلحقه بإذنه حين أذن له أمر لازم يلزمه حين أذن له. فإن شاء أشهد على ذلك، وإن شاء لم يشهد. وللمأذون له في التجارة أن يشتري طعاماً ويزرعه في أرضه، وليس له أن يشتري طعاماً فيدفعه إلى رجل ليزرعه ذلك الرجل في أرضه؛ لأن هذا ¬

_ (¬1) ت: فقبله. (¬2) تقدم في كتاب الشركة. انظر: 2/ 194 و. (¬3) المصنف لعبد الرزاق، 6/ 191؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 6/ 92 مطولاً من طريق داود بن أبى هند. (¬4) م: العبد. (¬5) ز: الارضيه؛ ز + مزارعة. (¬6) م ز: الارضيه.

قرض، وليس للعبد (¬1) المأذون له أن يقرض شيئاً. ألا ترى أنه إذا دفع الطعام إلى رب الأرض مزارعة يزرعه رب الأرض بالنصف أو أقل من ذلك أو أكثر، فزرعه رجل، فأخرجت الأرض طعاماً كثيراً، كان جميع ما أخرجت الأرض من الطعام لرب الأرض، ورب الأرض ضامن للعبد (¬2) طعاماً مثل طعامه. ألا (¬3) ترى أن هذا بمنزلة القرض. وإذا نظر الرجل إلى عبده يبيع ويشتري فلم ينهه (¬4) عن ذلك فهو إذن منه لعبده في التجارة بمنزلة قوله: قد أذنت لك في التجارة في جميع ما وصفت لك. ألا ترى أنه لو رآه يشتري ويبيع فلم ينهه (¬5) عنه وأخذ منه ضريبة شهراً بشهر من ثمن ما كان يشتري ويبيع كان هذا إذناً (¬6) منه له في التجارة ورضى بما كان يصنع. فكذلك الباب الأول. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا قال الرجل لعبده: أد (¬7) إلي الغلة كل شهر خمسة دراهم، فهذا إذن منه له في التجارة بمنزلة قوله: قد أذنت لك في التجارة. وكذلك لو قال له: إذا أديت إلي ألفاً فأنت حر، فهذا إذن منه له في التجارة بمنزلة قوله: قد أذنت لك في التجارة، فإذا أدى إليه الألف فهو حر. وكذلك لو قال له: أد (¬8) إلي ألفاً وأنت حر، كان هذا إذناً (¬9) له في التجارة بمنزلة قوله: قد أذنت لك في التجارة، ولا يعتق حتى يؤدي (¬10) الألف، فإذا أداها فهو حر. وقال أبو حنيفة: إذا قال الرجل لعبده: اقعد قصاراً أو صباغاً، فقد أذن له في جميع التجارات كلها. وله أن يقعد صيرفياً، وأن يشتري ما بدا له من البز والرقيق وغير ذلك، بمنزلة قوله: قد أذنت لك في التجارة. إذا أذن ¬

_ (¬1) م: العبد. (¬2) م: العبد. (¬3) ز: أفلا. (¬4) ز: ينهاه. (¬5) ز: ينهاه. (¬6) ز: إذن. (¬7) ز: لعبد أدي. (¬8) ز: أدي. (¬9) ز: إذن. (¬10) ز: تؤدي.

له في تجارة خاصة من التجارات فقد أذن له في التجارات كلها. ألا ترى أنه إذا قعد قصاراً كان له أن يشتري القِلْي (¬1) وما ينبغي لقِصَارته وما (¬2) يقصر به وما يغسل به، وأن يستأجر الأجراء. فإن استأجر بعضهم بحنطة أو بغير ذلك كان جائزاً، وكان له أن يشتري الحنطة فيوفي الأجير أجره منها. ألا ترى أنه لو استأجر أجيراً بثوب يهودي فسمى (¬3) طوله وعرضه ورُقْعَتَه (¬4) وأجله كانت الإجارة جائزة (¬5). فإذا وجب الأجر عليه جاز له أن يشتري ثوباً فيعطيه الأجير من أجره الذي وجب عليه. أفلا ترى أنه قد جاز له شراء الثياب وشراء الطعام. أرأيت إن استأجر أجيراً بدينار أما له أن يصرف الدراهم بدنانير حتى يقبضه الأجير (¬6). ألا ترى أن تجارته قد دخلت في الصرف وفي شراء الطعام وفي شراء البز. أرأيت لو أن رجلاً رأى عبداً له يتجر في البز فلم ينهه عن ذلك أما له أن يتجر في الطعام. أولا ترى أنه لو رأى عبده يشتري مائة ثوب ويبيعها فلم ينهه كان له أن يشتري غيرها. فهذا كله واحد. إذا أذن له في صنف من التجارة فقد أذن له في التجارة كلها، بمنزلة رجل قال لعبده: قد أذنت لك في التجارة. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا قال الرجل لعبده: اذهب فأجر نفسك من فلان، فليس هذا بإذن منه له في التجارة؛ لأنه أمره أن يؤاجر نفسه من إنسان بعينه. ألا ترى أنه لو أرسل عبداً له يؤاجر عبداً له آخر من فلان لإنسان بعينه لم يكن هذا بإذن من المولى في التجارة لواحد من العبدين. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا قال الرجل لعبده: اذهب فاعمل في البقالين أو في الخياطين، فسمى له صنفاً من الأعمال أمره أن يعمل فيه فهذا إذن منه له في جميع التجارات، بمنزلة قوله: قد أذنت لك في التجارة. وكذلك لو قال: آجر نفسك في البقالين أو في الخياطين، فهذا ¬

_ (¬1) تقدم تفسيره قريباً. (¬2) ز: مما. (¬3) ز: فيسمي. (¬4) أي: غلظه وثخانته، وقد تقدم. (¬5) م: وجائزة. (¬6) ز: الأجيز.

إذن منه له في التجارة. ولا يشبه هذا قوله: آجر نفسك من فلان؛ لأنه أمره هاهنا بإنسان بعينه. فإن أمره بإنسان بعينه لم يكن ذلك إذناً منه له في التجارة. وإذا قال له: آجر نفسك في البقالين أو في عمل من الأعمال، فهذا إذن منه له في التجارة. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا أرسل الرجل عبده يشتري له ثوباً أو أرسل جارية له يشتري لحماً بدرهم فإن هذا في القياس إذن من المولى لهما في التجارة. ولكن أبا حنيفة وأبا يوسف ومحمداً (¬1) استحسنوا في هذا أن لا يكون ذلك إذناً لهما في التجارة. وإذا أمر الرجل عبده أو أمته أن يشتري ثوباً كسوة للمولى أو للعبد أو لبعض أهل المولى، أو أمره أن يشتري طعاماً رزقاً للمولى أو لأهله أو للعبد (¬2)، فليس هذا بإذن له في التجارة. ألا ترى أن هذا لو كان إذناً له في التجارة لكان الرجل إذا أمر عبده أن يشتري له بقلاً أو شيئاً يسيراً كان إذناً منه له في التجارة. فهذا قبيح لا يستقيم. وإذا قال الرجل لعبده: اشتر من فلان ثوباً فاقطعه قميصاً، أو قال: اشتر من فلان طعاماً فكله، ففعل فليس هذا بإذن منه له في التجارة. فهذا (¬3) بمنزلة الأول. وإذا دفع الرجل إلى غلامه حماراً ورَاوِيَة (¬4) وأمره أن يستقي عليه الماء لمولاه ولعياله أو لجيرانه بغير ثمن ففعل فليس هذا بإذن من المولى له في التجارة. ولو قال: استق على هذا الحمار الماء وبعه، كان هذا إذناً (¬5) منه للعبد (¬6) في التجارات كلها بمنزلة قوله: قد أذنت لك في التجارة. وقال أبو حنيفة: ولو أن طحاناً دفع إلى عبده حماراً لينقل له عليه طعاماً فيأتيه به ليطحنه ففعل الغلام ذلك لم يكن هذا بإذن له في التجارة. ¬

_ (¬1) ز: ومحمد. (¬2) م: أو العبد. (¬3) ز: وهذا. (¬4) هي المزادة فيها الماء، والدابة يستقى عليها. انظر: لسان العرب، "روى". (¬5) ز: إذن. (¬6) م: العبد.

ولو دفع إليه حماراً فأمره أن ينقل عليه الطعام للناس (¬1) كان هذا إذناً (¬2) من المولى للعبد (¬3) في التجارات كلها بمنزلة قوله: قد أذنت لك في التجارة. وقال أبو حنيفة: إذا كان لرجل تاجر (¬4) عظيم التجارة له بيت في السوق يبيع فيه ويشتري وكان له غلمان يبيعون في بيته ذلك متاعه ولا يبيعون لأنفسهم شيئاً وهو أمرهم بذلك فهذا إذن منه لهم في التجارة بمنزلة قوله لهم: قد أذنت لكم في التجارة. وكذلك لو أمرهم أن يبيعوا لغيره متاعاً كان هذا إذناً منه لهم في التجارة. ألا ترى أنه لو أمرهم أن يشتروا له متاعاً أو أن يشتروا ذلك لغيره واشتروه لغيره لزمهم الثمن الذي اشتروا به ذلك المتاع. فإذا لزمهم الدين فهم تجار في تلك التجارة وفي غيرها. وكذلك إذا أمرهم بالبيع. أرأيت إذا باعوا فوجد المشتري بالمتاع عيباً أما له أن يرده عليهم. أرأيت إن قبلوه بقضاء قاض (¬5) أو بغير قضاء قاض (¬6) أما يجوز ذلك عليهم. هذا جائز كله. وهم مأذون لهم في التجارة. وهو كله قول أبي يوسف ومحمد. ولو أن رجلاً رأى عبده يبيع في حانوته متاعه بغير أمره فلم ينهه (¬7) حتى باع من ذلك متاعاً كثيراً واشترى فلحقه من ذلك دين كان هذا إذناً (¬8) من المولى لعبده في التجارة، ولا يجوز ما باع العبد من متاع المولى لسكوت المولى عنه؛ لأن سكوته عنه ليس بإجازة منه لبيع (¬9) متاعه، ولكنه إذن منه له في التجارة. وكذلك لو أن رجلاً دفع إلى عبد رجل متاعاً له ليبيعه فباعه بغير أمر المولى والمولى يراه يبيع فلا ينهاه كان هذا إذناً (¬10) من المولى للعبد في التجارة، والبيع في المتاع جائز؛ لأن رب المتاع أمره بذلك. ولو أن المولى ¬

_ (¬1) ز + بأجر. (¬2) ز: إذن. (¬3) م: العبد. (¬4) ز: الرجل تاجراً. (¬5) ز: قاضي. (¬6) ز: قاضي. (¬7) ز: ينهاه. (¬8) ز: إذن. (¬9) م ز: البيع. (¬10) ز: إذن.

لم يره يبيع ذلك المتاع لم يكن ذلك بإذن للعبد (¬1) في التجارة، وكان البيع جائزاً؛ (¬2) لأن رب المتاع أمره بذلك. ولا عهدة على العبد في هذا المتاع للمشتري، إنما العهدة في ذلك على الآمر رب المتاع، وهو الخصم في ذلك. وإذا غصب العبد لرجل متاعاً كثيراً فباعه ومولاه ينظر إليه فلم ينهه عن ذلك فهذا إذن من المولى له في التجارة؛ لأنه قد رآه يبيع ويتجر فلم ينهه. أرأيت لو أن العبد اشترى من رجل متاعاً كثيراً وباعه والمولى ينظر إليه ولم ينهه ثم إن رجلاً أقام البينة أن ذلك المتاع متاعه فأخذه ألم يكن هذا إذناً (¬3) من المولى للعبد (¬4) في التجارة. أرأيت لو أن رجلاً وهب متاعاً كثيراً لعبد رجل فباعه العبد والمولى ينظر إليه ولم ينهه ثم إن رجلاً استحق المتاع فأخذه ألم يكن هذا إذناً (¬5) من المولى للعبد (¬6) في التجارة. أرأيت لو أن العبد غصسب رجلاً متاعه (¬7) فأمره مولاه ببيعه فباعه بأمر المولى ثم إن رجلاً استحق المتاع وأخذه ألم يكن هذا إذناً (¬8) من المولى له في التجارة حين أمره بالبيع وإن كان البيع غير جائز. هذا مأذون له في التجارة. وكذلك إذا رآه يبيع فلم ينهه فهو بمنزلة أمره إياه. أرأيت لو أن رجلاً مسلماً أمر عبداً (¬9) له ببيع متاع (¬10) له بخمر أو بخنازير فباع ثم إن البيع رد ألم يكن هذا إذناً (¬11) منه له في التجارة. أرأيت لو أن رجلاً نظر إلى عبده وهو مسلم يشتري البز بالخمر والخنازير فلم ينهه ألم يكن هذا إذناً (¬12) منه له في التجارة وإن كان البيع فاسداً مردوداً. هذا كله إذن من السيد لعبده في التجارة في جميع ما وصفت لك بمنزلة قوله: قد أذنت لك في التجارة. ¬

_ (¬1) م: العبد. (¬2) ز: جائز. (¬3) ز: إذن. (¬4) م: العبد. (¬5) ز: إذن. (¬6) م: العبد. (¬7) ز: متاعا. (¬8) ز: إذن. (¬9) م: اعبدا. (¬10) ز: يبيع متاعا. (¬11) ز: إذن. (¬12) ز: إذن.

وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا أرسل الرجل غلامه إلى أفق من الآفاق بالماءل العظيم يشتري له به البز ونهاه عن بيعه فهو مأذون له في التجارة بمنزلة قوله: قد أذنت لك في التجارة. وإذا رأى الرجل عبده يشتري بماله فلم ينهه عن ذلك ومال المولى دراهم أو دنانير فهو إذن من المولى لعبده في التجارة، وجميع ما اشترى العبد من ذلك فهو لازم للعبد، ولا يجوز ما اشترى في مال المولى، وللمولى أن يأخذ ماله من الذي أخذه من العبد، ويرجع الذي أخذ المولى منه المال على العبد. ولو كان المال الذي اشترى به العبد عروضاً أو شيئاً مما يكال أو يوزن غير الدراهم والدنانير فاشترى به العبد والمولى يراه ويعلم به ولم ينهه فهذا إذن من المولى لعبده في التجارة، وللمولى أن يأخذ ماله حيث وجده وينقض الشراء الذي كان اشتراه العبد بذلك المال. ولا يشبه العروض والكيل والوزن الذي بعينه في هذا الدراهم والدنانير. والعبد مأذون له في التجارة في جميع ذلك إن اشترى شيئاً أو استأجر أجيراً أو صنع شيئاً مما يصنعه المأذون له في التجارة، فهو جائز بمنزلة قوله: قد أذنت لك في التجارة. وإذا دفع الرجل إلى عبده مالاً وأمره أن يخرج به إلى بلد قد سماه له وأن يدفعه إلى فلان بن فلان فيشتري له البز ثم يدفعه إلى الغلام حتى يأتي مولاه ففعل ذلك الغلام كما أمره مولاه فليس هذا بإذن من المولى لعبده في التجارة، إنما العبد هاهنا رسول وليس بمشتر (¬1) ولا بائع. وإذا دفع الرجل إلى عبده أرضه وهي أرض بيضاء وأمره أن يشتري طعاماً فيزرعها ويقبل الأجراء (¬2) فيها فيَكْرُون (¬3) أنهارها ويسقون زرعها ويَكْرُبونها (¬4) ويؤدي خراجها فهذا إذن من المولى لعبده في التجارة بمنزلة ¬

_ (¬1) ز: بمشتري. (¬2) ز: الأجر. (¬3) كرى النهر كرياً أي: حفرها للإصلاح، وقد تقدم. (¬4) كرب الأرض أي: قلبها للحرث، وقد تقدم.

قوله: قد أذنت لك في التجارة، وله أن يشتري ويبيع ما بدا له من التجارات. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا أمر الرجل عبده أن يبيع له ثوباً واحداً يريد بذلك الربح والتجارة فهو إذن من المولى لعبده في التجارة (¬1) بمنزلة قوله: قد أذنت لك في التجارة. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف: إذا قال الرجل لعبده: قد أذنت لك في التجارة يوماً واحداً أو شهراً واحداً (¬2) - أو قال (¬3): سنة واحدة - فإذا مضى ذلك رأيت رأيي، فهذا مأذون له في التجارة أبداً حتى يحجر عليه مولاه في أهل سوقه. وقوله: قد أذنت في التجارة يوماً واحداً أو أبداً، سواء. وهو قول محمد. وكذلك لو أن رجلاً قال لعبده: قد أذنت لك في التجارة في هذا الشهر فإذا مضى فقد حجرت عليك فلا تبيع ولا تشتري بعد ذلك، فهذا مأذون له في التجارة أبداً. وقوله: قد حجرت عليك بعد مضي الشهر، [باطل]؛ لأن الحجر لا يكون إلى أجل (¬4). ألا ترى أن رجلاً لو كان له عبد مأذون (¬5) له في التجارة فقال: اشهدوا أني قد حجرت عليه رأس الشهر، كان هذا باطلاً (¬6). ولا يكون الحجر إلى وقت. وإذا قال الرجل لعبده: إذا كان رأس الشهر فقد أذنت لك في التجارة، فهو كما قال، ولا يكون مأذوناً (¬7) له في التجارة حتى يجيء رأس الشهر. فإن باع واشترى قبل رأس الشهر لم يلزمه من ذلك قليل ولا كثير، وجميع ما اشترى أو باع بعد رأس الشهر فهو جائز، وهو فيه مأذون له في التجارة. وقال أبو حنيفة: إذا أجر الرجل عبده من رجل فليس هذا بإذن منه لعبده في التجارة. ولو أن رجلاً أجر عبده من رجل كل شهر بأجر معلوم ¬

_ (¬1) ز - فهو إذن من المولى لعبده في التجارة. (¬2) ز - واحدا. (¬3) ز: وقال. (¬4) ز - إلى أجل. (¬5) ز: عبد مأذون. (¬6) ز: باطل. (¬7) ز: مأذون.

على أن يبيع له البز ويشتريه له كانت الإجارة في هذا جائزة، وكان العبد مأذوناً (¬1) له في التجارة، وجميع ما اشترى العبد للمستأجر أو باع له فهو جائز، ويلزم العبد كل دين وجب في جميع ذلك، ويرجع العبد على المستأجر بما وجب عليه من الدين فيما اشترى له. فأما ما وجب على العبد من الدين فيما اشترى لنفسه فهو في رقبته يبيعه به مولاه أو يفديه. وإذا أذن المكاتب لعبد من عبيده في التجارة فذلك جائز، وهو بمنزلة الحر يأذن لعبيده (¬2) في التجارة. وكذلك العبد المأذون له في التجارة يأذن لعبد من عبيده في التجارة، وعلى العبد الأول دين أو لا دين عليه، فهو جائز. والعبد الثاني مأذون له في التجارة بمنزلة الحر يأذن لعبده في التجارة. وكذلك المضارب يأذن لعبد (¬3) من المضاربة في التجارة فهو (¬4) بمنزلة الحر يأذن لعبده في التجارة. وكذلك الشريك المفاوض يأذن لعبد بينه وبين صاحبه من تجارتهما فهو جائز عليهما جميعاً، والعبد مأذون له في التجارة. وكذلك الشريكان شركة عنان يبيعان ويشتريان فأذن أحدهما لعبد (¬5) من شركتهما في التجارة فهو جائز عليهما جميعاً، وهو مأذون له في التجارة. وكذلك الأب يأذن لعبد ابنه وابنه صغير في التجارة فهو جائز، وهو مأذون له في التجارة. وكذلك الوصي وصي الأب يأذن لعبد اليتيم في التجارة فهو جائز، وهو مأذون له في التجارة. وكذلك الجد أبو (¬6) الأب يأذن لعبد لابن ابنه في التجارة وابن ابنه صغير قد مات أبوه ولم يوص إلى أحد فهو مأذون له في التجارة. فإن كان أبوه حياً أو كان ميتاً قد أوصى إلى رجل فأذن الجد أبو الأب للعبد في التجارة فإذنه باطل؛ لأن الجد لا سبيل له على مال الولد ما دام أبوه حياً أو يكون له وصي أوصى إليه الأب. ¬

_ (¬1) ز: مأذون. (¬2) ز: لعبده. (¬3) ز: لعبده. (¬4) ز - فهو. (¬5) م: العبد. (¬6) ز: أب.

وإذا توفي الرجل ولم يوص إلى أحد ولم يدع أباً حياً وترك ابناً صغيراً له أم فماتت أمه وأوصت إلى رجل وتركت مالاً ورقيقاً فورث ذلك الولد وهو صغير فأذن وصي الأم لعبد من عبيد الولد في التجارة فهو باطل، ولا يكون العبد مأذوناً (¬1) له في التجارة؛ لأن وصي الأم بمنزلة الأم. ألا ترى أنه (¬2) لا يجوز لها أن تأذن لعبد (¬3) ابنها الصغير في التجارة. فكذلك وصيها. وكذلك وصي الأخ ووصي العم ووصي ابن العم ووصي كل وارث إلا وصي الأب أو وصي الجد أبي الأب إذا لم يكن أب ولا وصي لأب. وإذا أعتق الرجل بعض عبده ووجب على العبد السعاية فيما بقي من قيمته فاشترى عبداً وأذن له في التجارة فذلك جائز، وهو مأذون له في التجارة. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا أمر الرجل عبده بقبض غلة داره أو أمره أن يقبض ديناً له من رجل بعينه أو أمره أن يقبض كل دين له على الناس ووكله بالخصومة في ذلك فإن هذا ليس بإذن منه في التجارة. وكذلك إن أمره بالقيام على زرع له وأرض لم يكن هذا بإذن منه له في التجارة. وكذلك لو أمره بالقيام على عمال له في بناء دار أو في كَرْي نهر لم يكن هذا إذناً منه له في التجارة. وكذلك لو أمره أن يحاسب غرماءه أو أمره أن يتقاضى دينه على الناس وأن يؤدي من ذلك خراج أرضه لم يكن هذا إذنأ منه له في التجارة. ولو أمره أن يقضي عنه ديناً لم يكن هذا إذناً منه له في التجارة. وقال أبو حنيفة: إذا أمره بقرية له عظيمة أن يؤاجر أرضها وأن يشتري الطعام فيزرعه (¬4) فيها وأن يبيع من التجار فيؤدي خراجها كان هذا إذنا (¬5) منه له في التجارة في جميع أنواعها بمنزلة قوله: قد أذنت لك في التجارة. وهو قول أبي يوسف ومحمد. ¬

_ (¬1) ز: مأذون. (¬2) م ز - أنه. (¬3) م ز: لعبيد. (¬4) م ز: فيزرع. (¬5) ز: إذن.

وإذا قال الرجل لعبده: اشتر (¬1) لي البز أو الطعام، أو قال: اشتر (¬2) لفلان البز أو الطعام، فهذا مأذون له في التجارة، إن نسب ذلك إلى نفسه أو إلى غيره فهو سواء، وقوله: اشتر (¬3) لي، واشتر (¬4) لنفسك، سواء. وإذا أذن المولى لعبده في التجارة والعبد صغير لم يبلغ إلا أنه يعقل الشواء والبيع فهو جائز، وهو مأذون له في التجارة. وكذلك لو كان هذا العبد لصبي صغير لا أب له ولا وصي ولا جد فأذن القاضي له في التجارة فهو بمنزلة العبد الكبير الذي يأذن له مولاه في التجارة يجوز عليه ما يجوز عليه. فإن كان القاضي قال للعبد: اتجر في الطعام خاصة، أو اتجر في البز خاصة، فاتجر العبد في غير ذلك فهو جائز، وله أن يتجر في جميع التجارات. وكذلك لو قال له القاضي: اتجر في البز خاصة ولا تعده إلى غيره فإني قد حجرت عليك أن تعدوه (¬5) إلى غيره، فاشترى غير ما أمره به فشراؤه جائز، وهو مأذون له في جميع التجارات، وقول القاضي في ذلك باطل. فإن رفع هذا العبد إلى القاضي وقد اشترى وباع في أنواع شتى من غير ما أمره به فلحقه من ذلك دين كثير فأبطله القاضي وقضى بذلك على الغرماء ثم رفع إلى قاض (¬6) آخر أمضى قضاءه وأبطل دينهم. ولا يشبه قضاؤه بإبطال الدين أمره إياه أولاً بأن لا يشتري إلا تجارة كذا وكذا لشيء معروف؛ لأن الأمر (¬7) ليس بقضاء منه، وإنما القضاء إبطاله الدين عن العبد بعدما لحقه. وكذلك لو كان العبد يتجر في التجارة التي أمره بها القاضي وفي غيرها فلحقه (¬8) من ذلك دين كثير فرفع إلى القاضي فأبطل الدين الذي كان من غير التجارة التي أمره بها وأجاز الدين الذي لحقه من ¬

_ (¬1) ز: اشتري. (¬2) ز: اشتري. (¬3) ز: اشتري. (¬4) ز: واشتري. (¬5) م ز: أن تعده. (¬6) ز: إلى قاضي. (¬7) م: للأمر. (¬8) ز: فلحقها.

باب الصبي أو المعتوه يأذن له أبوه أو وصيه في التجارة

التجارة وباعه لأصحاب ذلك الدين فأوفاهم دينهم ثم رفع ذلك إلى قاض آخر فإنه ينبغي لهذا القاضي أن يمضي قضاء الأول، فيبطل من ذلك ما أبطل ويجيز من ذلك ما أجاز. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. ... باب الصبي أو المعتوه يأذن له أبوه أو وصيه في التجارة وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا أذن الأب لابنه في التجارة وهو صغير لم يبلغ إلا أنه يعقل الشراء والبيع فذلك جائز، وهو مأذون له في التجارة بمنزلة العبد يأذن له مولاه في التجارة. وكذلك لو لم يكن له أب وكان له وصي أوصى إليه أبوه فهو بمنزلة أبيه (¬1) إذا أذن له في التجارة. وبيع الصبي وشراؤه جائز. وإجارته لنفسه واستئجاره الأجراء وما صنع في ذلك من شيء فهو فيه بمنزلة العبد يأذن له مولاه في التجارة. وإذا هلك الرجل وأوصى إلى رجل وترك ابناً صغيراً لم يبلغ إلا أنه يعقل الشراء والبيع، فأذن له وصيه في التجارة فباع الصبي شيئاً من تركة الميت الذي ورث فباع عبداً أو داراً أو أمة أو أقر بشيء من ذلك لرجل أنه له، أو آجر داراً ورثها من أبيه أو عبداً أو أقر على أبيه بدين، فذلك جائز كله بمنزلة إقراره وبيعه وشرائه وإجارته لو كان كبيراً. وكذلك لو أقر بغصب غصبه أو مال استهلكه بعد الإذن، أو قال: كان ذلك مني من قبل أن يأذن لي الوصي في التجارة، فإن ذلك جائز عليه؛ لأنه أقر حين أقر وإقراره جائز. وهو في ذلك بمنزلة الكبير في ذلك كله. وإذا أذن الأب لابنه في التجارة وهو صغير لم يبلغ أو أذن له وصي أبيه في التجارة وقد مات أبوه فكاتب الصبي عبداً أو أمة فمكاتبته باطلة (¬2) لا تجوز؛ لأنه بمنزلة العبد المأذون له في التجارة. وكذلك لو زوج عبداً له ¬

_ (¬1) ز: ابنه. (¬2) ز: باطل.

لم يجز؛ لأنه بمنزلة العبد المأذون له في التجارة. ولو زوج أمة لم يجز ذلك في قول أبي حنيفة ومحمد، وهو جائز في قول أبي يوسف. ولو أعتق عبداً على مال وقبل ذلك العبد كان ذلك باطلاً في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك لو قال لعبد (¬1) له: إذا أديت إلي ألفاً فأنت حر، فأدى إليه كان ذلك باطلاً في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، وكان العبد مأذوناً له في التجارة. ولو أن الوصي أو الأب كاتب عبداً للصبي (¬2) من تجارته وعلى الصبي دين أو لا دين عليه كانت كتابته جائزة. وكذلك لو زوج أمة له كان ذلك جائزاً في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولو أن الصبي كان له عبد أو أمة فزوج الصبي أحدهما صاحبه أو زوجه أبوه أو وصيه كان ذلك باطلاً؛ لأنه يدخل عليه في ذلك ضرر. ألا ترى أن الأمة لو بيعت فأعتقت لحق العبد نفقتها. ولا يشبه الصبي في هذا العبد إذا كان عليه دين وكاتب المولى أمة من إمائه وزوجها، لأن العبد إذا كان عليه دين لم يكن للمولى على ماله سبيل حتى يقضي الدين. والصبي حر ماله له وإن كان عليه دين. ألا ترى أن الصبي لو كبر وفي يديه مال وعليه دين كان له أن يكاتب عبده وأن يزوج أمته. ولو أن صبياً محجوراً عليه استهلك مالاً لرجل ببينة ووجب ذلك عليه وله عبد فكاتبه الأب أو الوصي أو أمة فزوجها الأب أو الوصي جاز ذلك، والصبي في هذا مخالف للعبد (¬3). وإذا أذن الأب لابنه وهو صغير لم يبلغ في التجارة أو أذن له وصي الأب (¬4) فاشترى الصبي وباع فأعتق أبوه أو وصيه عبداً من تجارته على مال، أو قال له: إذا أديت إلي ألفاً فأنت حر، كان ذلك باطلاً لا يجوز. فإن كبر الصبي بعد ذلك فأجاز ما صنع الأب أو الوصي من ذلك فإجازته باطل حتى يستأنف ذلك استئنافاً. وكذلك لو أن الأب أو الوصي زوج عبد الصبي امرأة فكبر الصبي فأجاز ذلك النكاح كان باطلاً. ولو أن الصبي كانت ¬

_ (¬1) م: العبد. (¬2) م ع: الصبي؛ ز: لصبي. (¬3) م: العبد. (¬4) ز: التجارة.

تحته امرأة فخلعها الأب أو الوصي أو رجل أجنبي ثم أدرك الصبي فأجاز ذلك الطلاق كان باطلاً لا يجوز؛ لأن الطلاق وقع على المرأة. وطلاق الصبي باطل، ولا يجوز أبداً وإن أجازه الصبي بعدما يكبر. ولو أن رجلاً أجنبياً زوج أمة لهذا الصبي فأجاز ذلك الصبي وهو صغير كان ذلك باطلاً، فإن أجازه بعدما يكبر كان ذلك جائزاً. وكذلك لو أن رجلاً أجنبياً كاتب عبداً لهذا الصبي فأجاز ذلك الصبي وهو صغير فإجازته باطل، فإن أجاز ذلك وهو كبير فهو جائز. ولا يشبه تزويج الأمة والمكاتبة ما وصفت لك قبل ذلك. ألا ترى أن الأب أو الوصي يجوز (¬1) مكاتبتهما على الصبي ويجوز تزويجهما الأمة، ولا يجوز تزويجهما في العبد ولا في العتق على المال، ولا يجوز قولهما للعبد: إذا أديت إلينا ألفاً فأنت حر. وكل شيء لا يجوز للأب ولا للوصي أن يفعله في مال الصبي ففعله رجل فأجازه الصبي بعدما كبر فإجازته باطل. وكل شيء كان فعل الأب والوصي على الصبي فيه جائزاً فعله رجل أجنبي على الصبي فكبر الصبي فأجازه فهو جائز. وإذا طلق الرجل امرأة هذا الصبي ثلاثاً ثم إن الصبي كبر فقال: قد أوقعت عليها الطلاق الذي أوقع عليها فلان، فذلك جائز وهي طالق ثلاثاً. وكذلك لو أن رجلاً أعتق عبداً للصبي أو أعتقه أبوه أو أعتقه وصيه ثم إن الصبي كبر فقال: قد أوقعت على العبد ذلك العتق الذي أوقعه فلان، فذلك جائز، ولا يشبه قوله: قد أوقعت الطلاق والعتاق الذي أوقعه فلان، قوله: قد أجزت ذلك، إجازة لما مضى، وليس بطلاق ولا عتاق مستقبل. ولو كان هذا الرجل طلق امرأة هذا الصبي بعدما كبر الصبي بغير أمره أو أعتق عبده بعدما كبر بغير أمره فأجاز ذلك الزوج والمولى كان ذلك جائزاً. ولا يشبه هذا طلاق الرجل ولا عتقه والصبي لم يبلغ، لأنه إذا طلق أو أعتق والصبي كبير قد بلغ يجوز طلاقه وعتقه فأجاز ذلك فكأنه هو الذي طلق أو أعتق. وإذا باع الصبي وهو يعقل البيع والشراء عبداً من رجل بألف درهم ¬

_ (¬1) ز: تجوز.

ودفع العبد وقبض الدراهم ثم إن رجلاً ضمن للمشتري ما أدركه في العبد من درك واستحق العبد من يدي المشتري، فإن كان الصبي مأذوناً له في التجارة فالضمان جائز، وللمشتري أن يرجع بالثمن إن شاء على الصبي، وإن شاء على الكفيل. فإن رجع على الكفيل فأخذ (¬1) منه الثمن فللكفيل أن يرجع بالثمن على الصبي إن كان أمره بالكفالة. وإن كان لم يأمره لم يرجع عليه بقليل ولا كثير. وإن كان الصبي محجوراً عليه فالضمان باطل، ولا شيء للمشتري على الكفيل إن كان كفل عن الصبي بأمره أو بغير أمره. ولا ضمان على الصبي أيضاً. فإن وجد المشتري ماله قائماً بعينه في يدي الصبي أخذه، وإلا فلا شيء له. وإن كان الرجل ضمن للمشتري الدرك في أصل الشراء أو ضمن الدرك قبل أن يدفع المشتري إلى الصبي الثمن، ثم إن المشتري دفع الثمن إلى الصبي على ضمان الكفيل وقبض العبد فاستحق من يديه، فإن المشتري يرجع بالثمن على الكفيل إن كان الصبي أمره بالضمان أو لم يأمره. وإن كان الصبي مأذوناً له في التجارة أو محجوراً عليه فهو سواء. ولا يشبه هذا الأمر الأول إذا كان الصبي محجوراً عليه. ألا ترى أنه إذا دفع الثمن إلى الصبي وهو محجور عليه فلا ضمان على الصبي فيما قبض. فإذا ضمن الكفيل بعد ذلك فضمانه باطل؛ لأنه ضمن شيئاً غير مضمون. فإذا كان الضمان من الكفيل قبل دفع الثمن فإنما دفع المشتري الثمن إلى الصبي على أن الكفيل ضامن له، فقبضه الصبي على ضمان. ألا ترى أن رجلاً لو قال لرجل: ادفع إلى هذا الصبي عشرة دراهم ينفقها على نفسه على أني ضامن لها حتى أردها إليك، والصبي محجور عليه، ففعل ذلك الرجل ودفع إلى الصبي الدراهم كان ضمان الرجل جائزاً، ويرجع (¬2) صاحب الدراهم بها على الكفيل. ولو أن صاحب الدراهم دفع الدراهم إلى الصبي فأمره أن ينفقها على نفسه ثم إن رجلاً ضمنها له بعد الدفع كان ضمانه باطلاً (¬3)؛ لأن الصبي لم يكن ضامناً لها ¬

_ (¬1) م: فأخذه. (¬2) ز: ورجع. (¬3) ز: باطل.

حين دفعت إليه، فلا يلزم الكفيل ضمان مال لا ضمان فيه على الذي أخذه، فهذا والأول سواء. وإذا أذن الأب لابنه في التجارة وهو صغير لم يبلغ أو أذن له وصي الأب فاشترى الصبي عبداً أو أمة فأذن له في التجارة فإذنه (¬1) جائز، وهو في هذا بمنزلة الحر الكبير يأذن لعبده في التجارة في جميع أمره. وكذلك لو لم يأذن له الصبي وأذن له الأب أو الوصي وعلى الصبي دين أو لا دين عليه فهو جائز، وهو في ذلك بمنزلة الرجل الحر الكبير يأذن لعبده في التجارة. وإذا أذن الجد أبو (¬2) الأب لابن ابنه في التجارة وهو صغير لم يبلغ فإن كان أبو الصبي حياً أو كان ميتاً له وصي فإذن الجد باطل، والصبي محجور عليه لا يجوز بيعه ولا شراؤه ولا شيء صنعه. وإن كان الأب ميتاً لا وصي له فإذن الجد جائز، وهو بمنزلة الأب في ذلك. وإذا هلك الأب ولم يوص إلى أحد وترك ابناً صغيراً لم يبلغ فماتت أمه بعد ذلك فأوصت إلى رجل وتركت مالاً فأذن وصي الأم للابن في التجارة أو أذن لعبد له في التجارة فإذنه باطل لا يجوز، والصبي والعبد محجور عليهما لا يجوز شيء مما صنعا (¬3). وكذلك وصي الأخ ووصي العم والخال وكل ذي رحم محرم وكل عصبة إلا وصي الأب (¬4) ووصي الجد أبي (¬5) الأب أو وصي وصي الأب أو وصي وصي الجد أبي (¬6) الأب، فإن هؤلاء بمنزلة الأب في إذنه لابنه في التجارة. وإذا هلك الرجل ولم يوص إلى أحد وترك ابناً صغيراً (¬7) لم يبلغ فأذن له القاضي أو الوالي الذي يستعمل القاضي في التجارة فإذنه جائز، وبيع ¬

_ (¬1) م ز: وإذنه. (¬2) ز: أب. (¬3) ز: شيئاً مما صنع. (¬4) ز: الابا. (¬5) ز: أبو. (¬6) ز: أبو. (¬7) ز: وصغيراً.

الصبي وشراؤه وجميع ما صنع من إجارة أو قِبّالَة (¬1) أو شيء من التجارة جائز بمنزلة إذن الأب لابنه في التجارة. وكذلك لو أذن الصبي لعبد له فى التجارة كان بمنزلة هذا في جميع أمره. ولو أن أمير الشُّرَط أو والياً لم يول القضاء أذن لهذا الصبي أو لعبده في التجارة (¬2) كان إذنه باطلاً، وكان الصبي والعبد محجوراً عليهما لا يجوز شيء مما صنعا. وإذا أذن الأب لابنه في التجارة في البز خاصة أو في الطعام خاصة والصبني صغير لم يبلغ فهذا مأذون له في التجارة كلها، وهو (¬3) في ذلك بمنزلة العبد يأذن له مولاه في جميع أمره. وكذلك إذن الوصي لهذا الصبي. وكذلك إذن الأب لعبد هذا الصبي في التجارة في البز خاصة، فذلك (¬4) جائز كله في جميع التجارات بمنزلة الرجل الحر الكبير يأذن لعبده في التجارة. وإذا أذن الرجل لابنه وهو كبير معتوه في التجارة فإن كان يعقل الشراء والبيع فهو بمنزلة الصبي في جميع ما وصفت لك. وإن كان لا يعقل شراء (¬5) ولا بيعاً لم يجز إذن الأب له في شيء من ذلك. وكذلك الصبي إذا كان لا يعقل شراء ولا بيعاً فهو (¬6) بمثزلة هذا. وكذلك الوصي وصي الأب يأذن لهذا المعتوه في التجارة فهو بمنزلة الأب. وكذلك الجد أبو (¬7) الأب يأذن له إذا لم يكن له أب ولا وصي أب. وإذا أذن لهذا المعتوه ابنه (¬8) في التجارة أو أخوه أو عمه أو أمه أو واحد من قرابته فإذنه باطل وإن (¬9) كان ¬

_ (¬1) هى ما تقبله الإنسان من غيره من عمل على أجر مقطوع. مأخوذ من تقبّل العمل. انظر: المصباح المنير، "قبل". (¬2) ز - جائز بمنزلة إذن الأب لابنه في التجارة وكذلك لو أذن الصبي لعبد له في التجارة كان بمنزلة هذا في جميع أمره ولو أن أمير الشرط أو واليا لم يول القضاء أذن لهذا الصبي أو لعبده في التجارة. (¬3) م ز: فهو. (¬4) م ز: ذلك. (¬5) م ز: الشرى. (¬6) ز: فهذا. (¬7) ز: أب. (¬8) م ز: إذنه. (¬9) م ز: فإن.

باب الحجر على العبد والصبي والمعتوه

المعتوه يعقل الشراء والبيع؛ لأنهم ليسوا بأولياء في ذلك. ألا ترى أن بيعهم وشراءهم لا يجوز عليه. وكذلك إذنهم له (¬1) في التجارة. وكذلك الصبي (¬2) يأذن له في التجارة أخوه أو عمه أو خاله أو أمه أو واحد من ذوي قرابته، فإذنه باطل، وشراء الصبي وبيعه باطل، إن كان للصبي أب أو لم يكن، أو كان (¬3) له وصي أو لم يكن، فإذن جميع ما ذكرت لك باطل. وعلى هذا جميع هذا الباب وقياسه. ... باب الحجر على العبد والصبي والمعتوه وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا أذن الرجل لعبده في التجارة فباع واشترى فلحقه دين أو لم يلحقه ثم أراد أن يحجر عليه فليس يكون الحجر عليه إلا في أهل سوقه. فإن حجر عليه في بيته فباع العبد بعد ذلك واشترى فبيعه جائز، ولا يكون هذا حجراً. وكذلك لو كان باع أو اشترى ممن قد علم بما صنع المولى من ذلك فإن بيعه وشراءه جائز؛ لأنه مأذون (¬4) في التجارة على حاله. ألا ترى أن مولاه لو أذن له في أن يشتري ويبيع من قوم بأعيانهم ونهاه عن آخرين فاشترى من الذين نهاه عنهم وباع كان ذلك جائزاً؛ لأنه إذا أذن له في بعض التجارة فقد أذن له في التجارة كلها. وكذلك إذا حجر عليه في غير سوقه فعلم بذلك رجل من أهل سوقه فليس ذلك حجراً. فإن باع العبد بعد ذلك واشترى من ذلك الرجل أو من غيره فهو جائز. وإذا أتى المولى بعبده أهل السوق فقال: إني قد حجرت على هذا فلا تبايعوه، كان هذا حجراً على العبد وإن لم يحضر ذلك أهل السوق كلهم. فإن كان إنما حضر ذلك من أهل سوقه رجل أو رجلان لم يكن هذا ¬

_ (¬1) ز: لهم. (¬2) ز - الصبي. (¬3) ز - أو كان. (¬4) ز + له.

حجراً (¬1) حتى يحضره جماعة من أهل سوقه. ألا ترى أني لو جعلمت هذا حجراً لجعلت حجره على عبده في بيته وقد حضر ذلك رجلان أو رجل من أهل سوقه. فهذا لا يستقيم. ألا ترى أني لو جعلت هذا حجراً لكان الرجل يأذن لعبده في التجارة، فإذا اشترى متاعاً أخذه منه سيده، ثم أشهد في السر أنه قد حجر عليه، فإن أقر العبد بعد ذلك بدين أو بثمن ذلك المتاع كان باطلاً. ولو أجزت ذلك أيضاً لكان الرجل يأذن لعبده في التجارة ثم يشهد في السر أنه قد حجر عليه، فإن (¬2) اشترى بعد ذلك متاعاً أخذه منه ثم ادعى أنه قد حجر عليه قبل أن يشتريه، فإن الدين إنما يلحقه إذا عتق. فهذا لا يكون حجراً. ولا يكون الحجر على العبد المأذون له في التجارة إلا في أهل سوقه عند جماعة منهم. ولو أن المولى أتى (¬3) إلى منزله بجماعة (¬4) من أهل سوقه وأشهدهم أنه قد حجر على عبده كان هذا حجراً وإن لم يأت به سوقه. أفلا ترى أن الحجر إنما هو على جماعة أهل السوق. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فاشترى وباع ثم خرج العبد إلى بلد من البلدان في التجارة فأتى (¬5) المولى أهل سوقه فأشهدهم أنه قد حجر عليه والعبد لا يعلم بذلك لم يكن هذا حجراً، والعبد مأذون له في التجارة على حاله؛ لأني لو أجزت هذا وجعلته (¬6) حجراً كان العبد يأتي ذلك البلد فيشتري بها المتاع فيأخذه منه مولاه، ثم يقول: قد حجرت على عبدي قبل هذا، فيكون المال على عبده إذا عتق، ولا يكون عليه منه في حاله هذه قليل ولا كثير. وكذلك لو كان العبد في المصر يشتري ويبيع فأتى مولاه أهل سوقه فأشهدهم أنه قد حجر على عبده والعبد لا يعلم بذلك فليس هذا الحجر جائزاً (¬7)، والعبد مأذون له في التجارة على حاله، إن اشترى من أهل ¬

_ (¬1) ز: حجر. (¬2) ز: فإذا. (¬3) م ز - أتى. (¬4) م ز: جماعة. (¬5) ز: فأهل. (¬6) ز - وجعلته. (¬7) م ز - جائزاً.

سوقه أو من غيرهم فهو جائز، والدين له لازم في حال رقه. ألا ترى أني لو أجزت هذا كان للمولى أن يدعو أهل سوقه أو جماعة منهم إلى منزله والعبد غائب في سوقه لا يعلم بذلك، ويشهدهم السيد في بيته أنه قد حجر عليه، فيكون حجراً. هذا لا يستقيم. ولا يكون الحجر على العبد المأذون له في التجارة إلا بمحضر منه عند جماعة من أهل سوقه. فأما إذا حجر عليه وهو لا يعلم أو حجر عليه وأهل سوقه لا يعلمون فليس هذا بحجر، والعبد على حاله مأذون له في التجارة. ألا ترى أن عبداً لو أمره مولاه أن يشتري له بزاً من رجل بعينه (¬1) فذهب العبد ليشتريه، فأشهد المولى بعد ذهاب العبد ليشتريه أهل سوق العبد أنه قد أخرجه من الوكالة أو حجر عليه في شراء ذلك البز، فاشترى العبد ذلك البز وهو لا يعلم بما صنع المولى من ذلك، أن شراءه جائز لازم للمولى. فكذلك الإذن في التجارة. ولا يكون فيه حجر ولا نهي إلا بعلم من العبد في أهل سوقه. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة ثم أتى أهل سوقه والعبد لا يعلم بذلك فأشهدهم أنه قد حجر على عبده والعبد لا يعلم ذلك، ثم إن العبد علم بذلك بعد يوم أو يومين فهو محجور عليه حين علم بذلك؛ لأنه بمنزلة من حضر ذلك إذا علم به (¬2). فإن اشترى (¬3) بعد العلم بذلك وباع لم يلزمه قليل ولا كثير. فإن كان اشترى وباع بعد حجر المولى قبل أن يعلم ثم علم فباع أيضاً (¬4) جاز من ذلك ما كان باع واشترى قبل العلم، وبطل من ذلك ما باع واشترى بعد العلم؛ لأن الحجر إنما وقع وصار حجراً بعدما علم العبد. فإن كان المولى رآه يشتري ويبيع بعدما حجر عليه قبل أن يعلم العبد فلم ينهه (¬5)، ثم علم العبد بما صنع المولى فباع بعد ذلك واشترى، فإن القياس في هذا أن يكون حجراً ولا تكون رؤيته إياه يشتري ويبيع إذناً مستقبلاً؛ لأنه مأذون له في التجارة على حاله. ولكن أح القياس في هذا ¬

_ (¬1) ز - بعينه. (¬2) ز: بذلك. (¬3) ز: اشترلك. (¬4) ز + واشترى. (¬5) ز: ينهاه.

وأجعله إذناً منه له في التجارة، وأبطل ما كان أشهد به. ألا ترى أنه لو أمره بعدما أشهد على الحجر أن يشتري ويبيع ففعل ثم علم العبد بالحجر فاشترى وباع بعد ذلك أن ذلك جائز على العبد وأنه مأذون له في التجارة. فكذلك الأول. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة ثم حجر عليه بمحضر من العبد في أهل سوقه فهذا الحجر الذي يكون حجراً. فإن شهد ذلك من أهل سوقه رجل أو رجلان لم يكن هذا حجراً. والحجر عندي في هذا أن يكون الحاضر لذلك الأمر من أهل سوقه أكثر أهل سوقه الغالب منهم. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلم يعلم بذلك أحد ولم يبع ولم يشتر (¬1) حتى حجر عليه بعلم منه بغير محضر من أهل سوقه فهو محجور عليه. فإن باع بعد ذلك واشترى لم يلزمه من ذلك قليل ولا كثير. ولو أن رجلاً حين أذن لعبده في التجارة حجر عليه ساعتئذ (¬2)، فلم يعلم بإذنه له أهل سوقه، ولم يعلموا بحجره عليه إلا أن الحجر قد كان قبل العلم بالإذن، فاشترى العبد وباع، فإن العبد محجور عليه، لا يلزمه مما اشترى وباع قليل ولا كثير؛ لأن العبد صار محجوراً عليه قبل أن يشتري ويبيع وقبل أن يعلم بإذنه. ولو علم بالإذن قبل أن يقول المولى: قد حجرت عليك، فلم يبع (¬3) العبد ولم يشتر (¬4) حتى قال المولى: قد حجرت عليه، واشترى العبد وباع بعد الحجر، كان الحجر في هذا باطلاً، وكان العبد مأذوناً له في التجارة. ولا يكون الحجر في هذا الموضع حجراً حتى يحجر عليه في أهل سوقه بمحضر منه. إذا علم بالإذن فهو مأذون له في التجارة حتى يعلم بالحجر. ولو أن المولى أذن له في التجارة ولم يبع (¬5) ولم يشتر (¬6) ولم يعلم بذلك أحد غير العبد، ثم إن المولى حجر عليه والعبد لا يعلم بذلك فاشترى العبد وباع، كان مأذوناً له في التجارة، وكان الحجر ¬

_ (¬1) ز: ولم يبيع ولم يشتري. (¬2) ز - ساعتئذ. (¬3) ز: يبيع. (¬4) ز: يشتري. (¬5) ز: يبيع. (¬6) ز: يشتري.

باطلاً؛ لأن العبد لم يعلم بذلك. ألا ترى لو أن رجلاً أمر عبده أن يشتري له شيئاً ثم نهاه عن ذلك والعبد لا يعلم كان للعبد أن يشتري به (¬1)، وكان نهيه إياه باطلاً لأنه لم يعلم بذلك. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة (¬2) فاشترى العبد وباع وهو لا يعلم بإذن المولى ولم يعلم به أحد فليس هذا بإذن من المولى له في التجارة؛ لأن العبد لم يعلم. ولو أن المولى أمر قوماً أن يبايعوه فبايعوه والعبد لا يعلم بأمر المولى كان شراء العبد وبيعه منهم جائزاً. فإن اشترى العبد بعد (¬3) ذلك من غيرهم وباع فهو جائز، وهو مأذون له في جميع التجارات. إذا جاز (¬4) عليه شيء من التجارات جاز عليه التجارة كلها. ولو كان (¬5) الذين أمرهم المولى أن يبايعوه لم يفعلوا وباعه غيرهم وهم لا يعلمون بإذن المولى والعبد لا يعلم بذلك كان ما اشترى منهم وباع باطلاً، وكان العبد محجوراً عليه على حاله. فإن بايعوه بعد ذلك الذين أمرهم المولى ثم بايع العبد بعدهم قوماً آخرين جاز ما اشترى وباع (¬6) من الذين أمرهم المولى بذلك، ومن كان بايعه بعدهم، وبطل مبايعة من بايعه قبلهم؛ لأن العبد إنما صار مأذوناً له بمبايعة من باعه ممن أمرهم المولى بمبايعته. وإذا أذن المولى لعبده في التجارة ولم يعلم بذلك فاشترى وباع ثم علم بعد ذلك بإذن المولى ثم اشترى وباع ولم يعلم بإذن المولى أحد غيره فإن الذين اشترى وباع منهم (¬7) قبل (¬8) أن يعلم بإذن المولى فهو باطل، وهو في ذلك محجور عليه، وما اشترى وباع بعد العلم بالإذن فهو فيه مأذون له في التجارة، شراؤه وبيعه فيه (¬9) جائز. ¬

_ (¬1) ز: أن يشتريه. (¬2) ما قبل هذا من كتاب العبد المأذون ساقط من نسخة ف. (¬3) م - بعد. (¬4) م ز: إذا أجاز. (¬5) ز: أن. (¬6) ف - وباع. (¬7) م ف ز - منهم. والزيادة من ع. (¬8) ز - قبل. (¬9) ف - فيه.

وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فاشترى وباع فلحقه دين (¬1) أو لم يلحقه حتى باعه المولى بغير علم من أهل سوقه وقبضه المشتري فباع العبد بعد ذلك واشترى فلحقه دين بغير علم من المشتري فإن البيع في هذا حجر على العبد، علم به أهل سوقه أو لم يعلموا، كان عليه دين أو لم يكن؛ لأن المشتري قد ملكه. فإذ ملكه غيره فقد صار محجوراً عليه، فجميع ما اشترى وباع عند المشتري فهو باطل. وكذلك لو وهبه سيده وقبضه الموهوب له (¬2) فهو بهذه المنزلة إن كان عليه دين أو لم يكن. وكذلك لو مات السيد فاشترى وباع بعد ذلك وعليه دين أو لا دين عليه فهو محجور عليه لموت السيد، علم بذلك أهل سوقه أو لم يعلموا. ولا يشبه هذا قول السيد لعبده: قد حجرت عليك. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فاشترى وباع ثم أتى مولاه أهل سوقه فأشهدهم أنه قد حجر عليه ولم يعلم بذلك العبد، فإن العبد على حاله مأذون له في التجارة. فإن أرسل السيد إلى عبده رسولاً وأخبره بذلك أو كتب إليه بذلك كتاباً فبلغه الكتاب، فهو محجور عليه حين يبلغه ذلك. فإن (¬3) أتاه بذلك رجل فأخبره به ولم يرسله السيد فإن قياس قول أبي حنيفة في هذا أن لا يكون هذا حجراً حتى يخبره به رجلان أو رجل عدل يعرفه العبد. وأما في قياس قول أبي يوسف ومحمد فهو جائز إذا بلغه، وهو محجور عليه إن (¬4) أخبره بذلك رجل أو امرأة أو صبي أو غيره بعد أن يكون الخبر حقاً. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة ثم قال له في أهل سوقه بمحضر منه: إذا كان غدا قد حجرت عليك، أو قال: اشهدوا أني قد حجرت عليه رأس الشهر، أو قال: اشهدوا أني قد نهيته عن البيع والشراء رأس الشهر وحجرت عليه، فإن أبا حنيفة وأبا يوسف ومحمداً قالوا: هذا باطل، وليس هذا بحجر، والعبد مأذون له في التجارة على حاله، ولا يكون الحجر إلى ¬

_ (¬1) ز - دين. (¬2) م ز - له. (¬3) ز: وإن. (¬4) ف - إن.

أجل. ألا ترى أنه لو قال: إذا مطرت السماء فقد حجرت عليك، لم يكن هذا حجراً. فكذلك الباب الأول. ألا ترى أنه لو قال: إذا شاء فلان فقد (¬1) حجرت عليك، فمكث زماناً ثم إن فلاناً شاء كان هذا باطلاً، وكان العبد مأذوناً له في التجارة. فكذلك الباب الأول. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا أبق العبد المأذون له في التجارة فإباقه حجر عليه. فإذا باع بعد ذلك أو اشترى لم يلزمه من ذلك شيء (¬2) ولم يجز بيعه ولا شراؤه؛ لأنه عبد محجور عليه (¬3). فإن قال الذي باع العبد أو اشترى منه: لم يكن عبدك آبقاً، وقال المولى: كان آبقاً، فالقول قول الذي اشترى من العبد وباع، ولا يصدق المولى على إباقه؛ لأنه يدعي الحجر فلا يصدق على ما ادعى من ذلك. فإن أقام المولى البينة أنه أبق منه آخذ ببينته، وبطل شراء المشتري وبيعه. فإن أقاما جميعاً البينة فأقام المولى البينة أنه أبق منه إلى موضع كذا وكذا وأقام المشتري البينة أن مولاه أرسله إلى ذلك الموضع يشتري فيه ويبيع فالبينة بينة المشتري، ويجوز بيع العبد وشراؤه. فيكون القول في هذا الوجه قول المشتري والبينة بينته؛ لأنه أقام البينة على إرسال المولى عبده، فصار العبد غير آبق، فصارت البينة بينة المشتري والبائع والقول قولهما. وقال أبو حنيفة: إذا ارتد العبد عن الإسلام وهو مأذون له في التجارة فاشترى وباع واستأجر وأجر ثم قتل على ردته أو مات فإن جميع ما صنع من ذلك باطل، وارتداده حجر عليه. وإن أسلم ولم يقتل جاز ما صنع من ذلك كما يجوز للعبد (¬4) المأذون له في التجارة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فجميع ما صنع من ذلك جائز إن قتل أو مات أو أسلم. وإذا أذن الرجل لأمته في التجارة فارتدت عن الإسلام فباعت واشترت واستأجرت وأجرت ثم إنها (¬5) ماتت على ردتها أو أسلمت فإن جميع ما ¬

_ (¬1) م ف ز: قد. (¬2) م ف ز - شيء. والزيادة من ع. (¬3) ز - عليه. (¬4) م: العبد. (¬5) ز - إنها.

صنعت من ذلك جائز في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولا تشبه الأمة في هذا العبد في قول أبي حنيفة؛ لأن العبد يقتل، والأمة لا تقتل. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا أذن الرجل لعبده في التجارة فأسره العدو فأحرزوه فهذا حجر عليه. فإن انفلت منهم بعد ذلك وأخذه (¬1) المسلمون فردوه على صاحبه فباع بعد ذلك واشترى أو أجر أو استأجر فجميع ما صنع من ذلك مردود، وهو عبد محجور عليه إلا أن يأذن له مولاه في التجارة، فيكون هذا إذناً مستقبلاً. فإن باع بعد ذلك واشترى لزمه ما صنع من ذلك. وإن أسره المشركون في دار الإسلام ولم يحرزوه في دارهم حتى انفلت منهم أو أخذه المسلمون فردوه على صاحبه فهو عبد مأذون له في التجارة على حاله، ولا يشبه هذا إحرازهم إياه في دار (¬2) الحرب. ألا ترى أن جميع ما أحرزوا في دار الحرب قد ملكوه وأنهم لو أسلموا عليه كان لهم، فقد خرج هذا العبد من ملك مولاه. وإذا خرج العبد من ملك الذي أذن له في التجارة فهو محجور عليه، وإن لم يحرزوه في دار الحرب حتى يرجع إلى مولاه فلم يملكوه. ألا ترى أن المولى لو أعتقه قبل أن يحرزوه في دارهم كان حراً لأنهم لم يملكوه. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة ثم باعه بيعا فاسداً بخمر أو بخنزير أو بغير ذلك فلم يقبضه المشتري حتى باع العبد واشترى فجميع (¬3) ما صنع من ذلك جائز، وهو على الإذن في التجارة على حاله. ولو قبضه المشتري ثم رده على مولاه كان هذا حجراً (¬4) عليه. فإن باع بعد ذلك واشترى لم يجز عليه شيء مما صنع. ولو أن المولى باعه بميتة أو بدم أو بشيء لا ثمن له عند المسلمين ولا عند أهل الذمة فقبضه المشتري فباع عنده واشترى ثم ¬

_ (¬1) م ز: أو أخذوه. (¬2) م - دار. (¬3) م: بجميع؛ ز: جميع. (¬4) ز: حجر.

رده على مولاه كان جميع ما صنع من ذلك جائزاً؛ لأن المشتري لم يملكه. ألا ترى أنه لو أعتقه لم يجز عتقه، ولو أعتقه البائع جاز عتقه. وإذا باعه (¬1) بخمر أو بخنزير أو بشيء له قيمة عند المسلمين أو عند أهل الذمة فقبضه المشتري على ذلك فأعتقه جاز عتقه، فإذا جاز عتقه فقد ملكه، فإذا (¬2) ملكه غير الذي أذن له صار محجوراً عليه وإن عاد إلى مولاه الذي أذن له. وإذا اشترى الرجل من رجل عبداً مأذوناً (¬3) له في التجارة بيعاً فاسداً بخمر أو بخنزير أو بشيء [ليس] له قيمة عند أهل الإسلام أو عند أهل الكفر فقبضه المشتري عند البيع بمحضر من البائع ولم يأمره البائع بذلك فهذا حجر على العبد. ولو كان المشتري لم يقبضه في تلك الحال حتى افترقوا ثم قبضه بعد ذلك بغير إذن من البائع (¬4) كان العبد مأذوناً له في التجارة على حاله؛ لأن قبضه إياه بغير أمر من البائع (¬5) باطل. ألا ترى أنه لو أعتقه بطل عتقه؛ لأن البائع لم يملكه إياه حين لم يأمره بالقبض، ولو أعتقه البائع في هذه الحال جاز عتقه. فلذلك كان العبد مأذوناً له في التجارة على حاله، لأنه لم يخرج من ملك الذي أذن له. ولو كان أمره بالقبض فقبضه عند البيع أو بعدما افترقا فقبضه جائز، وهو حجر على العبد؛ لأن عتق المشتري فيه جائز، وعتق البائع فيه باطل. وإذا باع الرجل عبداً مأذوناً له في التجارة بيعاً صحيحاً فذلك حجر على العبد إن قبضه المشتري أو لم يقبضه؛ لأن المشتري قد ملكه حين اشتراه لأن البيع صحيح، وليس بمالك له في البيع الفاسد حتى يقبضه. وإذا اشترى الرجل من الرجل عبداً مأذوناً له في التجارة بيعاً صحيحاً على أن البائع بالخيار ثلاثة أيام فليس هذا بحجر على العبد، ¬

_ (¬1) م ف ز: باع. (¬2) ز + ما. (¬3) ز: مأذون. (¬4) ف - ولم يأمره البائع بذلك فهذا حجر على العبد ولو كان المشتري لم يقبضه في تلك الحال حتى افترقوا ثم قبضه بعد ذلك بغير إذن من البائع. (¬5) ز - كان العبد مأذونا له في التجارة على حاله لأن قبضه إياه بغير أمر من البائع.

وهو مأذون (¬1) له في التجارة على حاله. وإن (¬2) فسخ البائع البيع فهو على إذنه. وإن أمضى البيع أو مضت الثلاثة أيام فقد لزم البيع، وصار العبد محجوراً عليه. وإن كان الخيار للمشتري ولم يكن للبائع (¬3) خيار فالعبد محجور عليه حين وقع البيع، إن أمضى المشتري البيع أو نقضه؛ لأن البائع قد أخرجه من ملكه. ألا ترى أنه لو أعتقه قبل أن ينقض المشتري البيع بطل عتقه فقدخرج من ملكه. وإذا وهب الرجل للرجل عبداً له مأذوناً له في التجارة ولم يأمره بقبضه فقبضه عند الهبة بمحضر من الواهب (¬4) ثم إن الواهب رجع فيه فالعبد (¬5) محجور (¬6) عليه؛ لأن الهبة تمت حين قبضها الموهوب له عند الهبة بمحضر من الواهب. ولو كان الموهوب له (¬7) لم يقبضها عند الهبة ولكنه قبضها بعد ما افترقا بغير أمر الواهب فقبضه باطل، والهبة باطل. فإن اشترى العبد في يديه وباع فبيعه وشراؤه جائز، وهو مأذون له في التجارة على حاله. ألا ترى أن الواهب لو أعتق العبد في هذه الحال جاز عتقه، ولا يجوز عتق الموهوب له. ولو كان أذن له في القبض فقبضه عند الهبة أو بعدما افترقا كان ذلك حجراً على العبد؛ لأن الهبة صارت جائزة، وصار عتق الموهوب له فيه جائزاً وعتق الواهب (¬8) فيه باطلاً (¬9). وإذا غصب الرجل عبداً لرجل محجوراً عليه وطلبه صاحبه فجحده إياه وخاصمه إلى القاضي فلم تقم لصاحبه بينة فاستحلف الغاصب فحلف، ثم أذن الغاصب للعبد في التجارة فباع واشترى ورب العبد يراه ولم ينهه، ثم أقام رب العبد بينة أن العبد عبده، فإن القاضي يقضي له به، ويبطل بيعه وشراؤه، ولا يجوز ذلك على رب العبد بنظره إليه يشتري ويبيع. ألا ترى أن رجلاً لو ادعى عليه عبده أنه حر وأنه لم يملكه قط كان القول في ذلك ¬

_ (¬1) ز: مأذونا. (¬2) ف: فإن. (¬3) م: البائع. (¬4) م: من المواهب. (¬5) م ف ز: والعبد. (¬6) ز: محجورا. (¬7) ز - له. (¬8) ف: الموهوب، صح هـ. (¬9) ز: باطل.

قول العبد. فإن خاصمه إلى القاضي فأبطل حجة المولى فاشترى العبد بعد ذلك وباع والمولى ينظر إليه فلم ينهه، ثم إن المولى أقام بينة أنه عبده فأخذه، لم يجز شراؤه ولا بيعه ولا شيء (¬1) من أمره. فكذلك الباب الأول. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا أذن الرجل لأمته في التجارة ثم دبرها بعد ذلك فهي على إذنها، ولا يكون تدبيره إياها حجراً عليها. وقال أبو حنيفة: إذا (¬2) أذن الرجل لأمته في التجارة ثم وطئها فولدت منه ولدا فالقياس في هذا أن تكون (¬3) على إذنها. ولكن أبا حنيفة استحسن أن يكون هذا حجراً، فإن باعت بعد ذلك واشترت لم يجز شيء (¬4) مما صنعت، وهذا بمنزلة الحجر عليها. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وإذا أذن العبد المأذون له في التجارة لعبد في التجارة فإذنه جائز، وهو بمنزلة الأول في شرائه وبيعه وإقراره وجميع أمره. فإن اشترى وباع ولحقه دين ثم إن المولى حجر على عبده الأول في أهل سوقه بمحضر منه، والعبد الآخر لم يعلم بذلك أو يعلم به، فإن كان على العبد الأول دين فحجر المولى حجر عليهما جميعاً. وإن لم يكن على العبد الأول دين فحجر المولى على العبد الأول حجر عليه خاصة، وليس بحجر على العبد الثاني؛ لأن العبد الأول إذا كان عليه دين فإنما جاز إذنه لعبده مِن قِبَل أنه مأذون له في التجارة. وليس إذن العبد الثاني من قبل المولى. ألا ترى أن المولى لو أذن لعبد من رقيق عبده في التجارة وعلى عبده دين لم يجز إذنه، فإذا لم يكن على العبد الأول دين فإذن العبد الثاني من قِبَل المولى، كأن المولى أذن له، فإذا حجر المولى على العبد الأول لم يكن حجرا على الآخر. وكذلك لو كان العبد الأول مات قبل أن يحجر عليه مولاه. فإن كان عليه دين فموته (¬5) حجر على عبده بمنزلة موت الحر إذا أذن لعبده في ¬

_ (¬1) ف + منه. (¬2) ز - إذا. (¬3) ز: أن يكون. (¬4) ز: شيئاً. (¬5) م ز: فهو به. والتصحيح مستفاد من لفظ المؤلف في الفقرة التالية.

التجارة. وإذا لم يكن على العبد الأول دين فمات وقد أذن لعبده في التجارة فهو على إذنه على حاله، كأن المولى هو الذي أذن له. ولو لم يمت واحد من العبدين ولكن المولى مات كان هذا حجراً على العبدين جميعاً، إن كان على العبد الأول دين أو لم يكن. وإذا أذن المكاتب لعبده في التجارة فهو جائز. فإن باع أو اشترى أو لحقه دين أو لم يلحقه ثم عجز المكاتب فرد رقيقاً والعبد يعلم بذلك أو لا يعلم به فهذا حجر على العبد إن كان على المكاتب دين أو لم يكن؛ لأن الإذن للعبد إنما كان من قبل المكاتب، ولم يكن للمولى فيه ملك، فلما عجز المكاتب كان ذلك حجراً على العبد. فإن باع العبد بعد ذلك أو اشترى لم يلحقه شيء من ذلك. ولو أن المكاتب لم يعجز ولكنه مات وترك وفاء بمكاتبته أو لم يدع وفاء فموته حجر على العبد في الوجهين جميعاً. وكذلك لو مات المكاتب وترك ولداً قد ولد له في مكاتبته فسعى ولده في مكاتبته على نجومها كان موت المكاتب حجراً على العبد. ولو أن الولد أذن للعبد في التجارة بعد موت أبيه إذنأ مستقبلاً أو رآه يشتري ويبيع فلم ينهه لم يكن هذا بإذن في التجارة، وكان العبد محجوراً عليه على حاله؛ لأن على المكاتب ديناً، فلا يجوز ما صنع الولد في ماله حتى يقضي دينه. ألا ترى أن العبد يؤخذ فيباع في مكاتبة المكاتب. وكذلك الحر يأذن لعبده في التجارة ثم يموت فيترك ابناً لا (¬1) وارث له غيره وعليه دين فيأذن الابن لعبده في التجارة فإن إذنه باطل. ولو أن ولد المكاتب الذي ولد في المكاتبة أذن للعبد (¬2) في التجارة بعد موت المكاتب ثم استقرض ما بقي من المكاتبة فقضى مكاتبة ابنه بالذي استقرضه فإن العبد يكون على حاله، ولا يكون هذا إذناً في التجارة. ولو كان رجل وهب مالاً لابن المكاتب فقضى المولى المكاتبة عتق المكاتب وابنه، وكان العبد مأذوناً له في التجارة بإذن الابن له؛ لأنه ورثه الأول، ¬

_ (¬1) ز: ولا. (¬2) ز: العبد.

يباع العبد فيقضى ثمنه الذي استقرض منه المال. وكذلك المكاتب يشتري ابنه ثم يموت المكاتب فيؤدي ابنه المكاتبة. ولو أن رجلاً مات وترك عبداً قد أذن له في التجارة وعلى المولى دين فموت المولى حجر على العبد. فإن أذن له وارثه بعد موت المولى لم يكن ذلك (¬1) إذناً في التجارة. فإن قضى الوارث الدين من ماله لم يكن ذلك أيضاً إذناً في التجارة. وإن أبرأ الوارث إياه من المال الذي قضى عنه كان ذلك الإذن إذناً. وما اشترى أو باع أو لحقه من دين قبل قضاء الدين أو بعده فهو جائز إذا كان ذلك بعدما أذن له الوارث في التجارة. ولو كان المولى مات ولا دين عليه والدين على العبد كان موته حجراً على العبد. فإن أذن له الوارث بعد ذلك في التجارة فهو إذن في التجارة. وما لحقه من دين شارك أصحابه أصحاب الدين الأول. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة ثم جن المولى فإن أبا حنيفة وأبا يوسف كانا يقولان: إن كان ذلك جنوناً مطبقاً دائماً حتى يكون بمنزلة المعتوه فهذا حجر على العبد، فإن باع بعد ذلك واشترى لم يجز شيء (¬2) مما صنع، وإن كان جنوناً (¬3) غير مطبق يجن ويفيق فالعبد على إذنه. وهو قول محمد. وقال أبو حنيفة: إذا أذن الرجل المسلم لعبده في التجارة ثم ارتد المولى عن الإسلام فباع العبد بعد ذلك واشترى ولحقه دين، فإن قُتل المولى على ردته أو مات أو لحق بدار الحرب فقسم القاضي ميراثه وقضى بلَحَاقه فجميع ما اشترى العبد أو باع أو لحقه من دين باطل، لا يجوز من ذلك قليل ولا كثير. وإن أسلم المولى جاز جميع ما صنع العبد من ذلك. وإن لحق المولى المرتد بدار الحرب فلم يقض القاضي بلحاقه حتى رجع مسلماً جاز ما صنع عبده من ذلك قبل لحاقه وبعد لحاقه وبعد إسلامه. وقال أبو يوسف ومحمد: جميع ما صنع العبد من ذلك جائز إن قتل على ردته أو مات أو لحق، وما صنع العبد بعد لحاق مولاه (¬4) فإن رجع ¬

_ (¬1) ف - ذلك. (¬2) ز: شيئاً. (¬3) ز: جنون. (¬4) ز: مولا.

مولاه قبل القضاء بلحاقه فذلك جائز. وإن لم يرجع حتى يقضي القاضي بطل ما صنع العبد من ذلك بعد لحاق مولاه قبل قضاء القاضي. وإن قتل المولى على ردته أو مات ثم إن العبد اشترى بعد ذلك أو باع فجميع ما صنع من ذلك باطل. وإذا أذنت المرأة لعبدها في التجارة ثم ارتدت عن الإسلام فباع عبدها بعد ذلك واشترى ولحقه دين ثم إن المرأة ماتت على ردتها أو لحقت بدار الحرب أو أسلمت فجميع ما صنع العبد من ذلك جائز عليه في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: لا يشبه الرجل في هذا المرأة إذا ارتد عن الإسلام؛ لأن المرأة لا تقتل إذا ارتدت، والرجل يقتل. ولو لحقت المرأة بدار الحرب مرتدة فاشترى عبدها بعد ذلك وباع ولحقه دين ولم يقض القاضي بلحاقها ولم يقسم ميراثها حتى رجعت مسلمة جاز جميع ما صنع عبدها في ذلك. ولو لم ترجع حتى قضى القاضي بلحاقها وقسم ميراثها وأبطل ما صنع العبد من ذلك ثم رجعت مسلمة لم يجز على العبد شيء مما صنع (¬1) في حال لحاقها بدار الحرب في قولهم جميعاً. وإذا أذن أحد المتفاوضين لعبد من تجارتهما في التجارة فذلك جائز عليهما جميعاً. فإن حجر عليه الآخر فحجره (¬2) جائز وإن لم يعلم بذلك الذي أذن له. وكذلك الشريكان شركة عنان في التجارات كلها، إن أذن أحدهما لعبد من تجارتهما في التجارة فهو جائز، وما اشترى أو باع فهو (¬3) جائز (¬4) عليهما جميعاً. فإن حجر عليه الآخر فحجره جائز، والعبد محجور عليه إن علم الذي أذن له بذلك أو لم يعلم. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة بالنصف فاشترى وباع فكان فيما اشترى عبد (¬5) فأذن له في التجارة فباع واشترى ولحقه دين فذلك جائز ¬

_ (¬1) ز + العبد من ذلك. (¬2) م: بحجره. (¬3) ف ز - فهو. (¬4) ف ز: جاز. (¬5) ز: عبدا.

على رب المال، فإن حجر عليه رب المال فحجره باطل ليس له أن يحجر عليه؛ لأن المضارب أولى به حتى يبيع فيوفي رب المال رأس ماله. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فاشترى عبده عبداً فأذن له في التجارة فحجر المولى على العبد الآخر فحجره باطل، والعبد مأذون له على حاله إن كان على العبد الأول دين أو لم يكن. ألا ترى أن العبد الأول لو أمر رجلاً أن يبيع عبده فنهاه المولى لم يكن نهيه نهيأ. فإن باعه الوكيل بعد ذلك كان جائزاً. وهو قول أبي يوسف ومحمد. ألا ترى أن المولى لو نهى (¬1) عبده عن بيع العبد الذي اشترى فباعه العبد كان بيعه جائزاً وكان نهيه إياه باطلاً. فكذلك الباب الأول. ولو كان المولى حجر على العبد الآخر وقبضه من العبد الأول كان هذا والأول سواء إن كان على العبد الأول دين. فإن لم يكن على العبد الأول دين فقبض المولى العبد الآخر وحجر عليه كان جائزاً؛ لأن أبا حنيفة كان يقول: ما قبض المولى من مال المأذون له في التجارة وليس على عبده دين فليس لعبده أن يبيعه. فكذلك هذا العبد إذا قبضه المولى من عبده وحجر عليه ولا دين على عبده. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة ودفع إليه مالاً من ماله فأمره أن يشتري به عبداً وأن يأذن له في التجارة ففعل ذلك فذلك جائز. فإن حجر المولى على عبده الأول وعليه دين أو لا دين عليه لم يكن ذلك حجراً على الآخر؛ لأن العبد الأول ليس له على العبد الآخر سبيل. ألا ترى أنه لا يباع في قضاء دينه، إنما هو مال المولى (¬2). ولو أن المولى لم يحجر على عبده الأول ولكنه حجر على عبده الآخر كان حجره عليه جائزاً، كان على الأول دين أو لم يكن؛ لأن الأول إنما كان في هذا العبد بمنزلة الوكيل. ... ¬

_ (¬1) ز: لو نهاه. (¬2) ف: للمولى.

باب الحجر على الصبي والمعتوه

باب الحجر على الصبي والمعتوه (¬1) وإذا أذن الرجل لابنه وهو صغير أو معتوه إلا أنه يعقل التجارة فأذن له في التجارة فهو بمنزلة العبد في جميع أمره، يجوز شراؤه وبيعه وما أقر به من دين. فإن حجر عليه أبوه بعد ذلك فالحجر (¬2) عليه جائز. وهو بمنزلة العبد في ذلك، لا يكون حجره حجراً حتى يحجر عليه عند أهل سوقه بمحضر منه. وكذلك الوصي وصي الأب يأذن للصبي (¬3) أو للمعتوه في التجارة يحجر عليه، فحجره جائز بمنزلة حجر الأب. وكذلك الجد أبو الأب إذا لم يكن أب ولا وصي أب. وإن كان له وصي أب فحجر عليه الجد أبو الأب لم يجز حجره. وكذلك القاضي يأذن للصبي (¬4) أو للمعتوه في التجارة ثم يحجر (¬5) عليه فحجره جائز، ولا يكون حجر واحد من هؤلاء حجراً إلا بمحضر من الصبي أو المعتوه عند أهل سوقه بمنزلة العبد المأذون له في التجارة. وكذلك الأب يأذن لعبد ابنه الصغير في التجارة صغيراً كان العبد أو كبيراً فهو جائز. فإن حجر عليه فحجره جائز بمنزلة حجره على ابنه. وكذلك الوصي يأذن لعبد الصبي في التجارة. وكذلك الجد أبو الأب فحجر هؤلاء جميعاً جائز على عبد الصبي أو المعتوه كما يجوز حجرهم على الصبي (¬6). وكذلك القاضي يأذن لعبد الصبي أو المعتوه (¬7) في التجارة والعبد صغير أو كبير ثم يحجر عليه، فحجره جائز كما يجوز حجره على الصبي، ولا يكون حجر أحد من هؤلاء حجراً إلا بمحضر من المحجور عليه عند أهل سوقه. وإذا أذن الرجل لابنه وهو صغير في التجارة ثم مات الأب والصبي ¬

_ (¬1) ز: أو المعتوه. (¬2) م ف ز: والحجر. (¬3) م ز: الصبي. (¬4) م: الصبي. (¬5) م ز: لم يحجر. (¬6) ف + أو المعتوه كما يجوز حجرهم على الصبي. (¬7) م + كما يجوز حجرهم على الصبي وكذلك القاضي يأذن لعبد الصبي أو المعتوه.

صغير على حاله فموت أبيه (¬1) حجر عليه. وكذلك (¬2) وصي الأب إذا أذن للصبي (¬3) أو المعتوه في التجارة ثم مات الوصي فأوصى إلى آخر أو لم يوص فموته (¬4) حجر (¬5) على الصبي. وكذلك الجد أبو (¬6) الأب إذا لم يكن له أب ولا وصي أب. ألا ترى أن أبا حنيفة كان يقول: لو أن رجلاً أذن لعبده في التجارة ثم جن جنوناً مطبقاً كان ذلك حجراً على العبد، والعبد لم يخرج من ملكه؛ لأن أمره باطل. وكذلك الأب إذا مات أو الوصي أو الجد فقد انقطع أمره. وهذا أشد من الجنون. وكذلك لو أن الأب أو الوصي أو الجد أبا (¬7) الأب جن جنوناً مطبقأ كان ذلك حجراً على الصبي. وإذا أذن القاضي للصبي أو المعتوه الذي لا وصي له ولا أب في التجارة ثم عزل القاضي كان الصبي أو المعتوه على إذنهما. ولو كان لهما وصي فأذن لهما ثم عزله القاضي عن الوصية كان عزله إياه حجراً على الصبي. ولا يشبه الوصي في هذا القاضي؛ لأن الوصي إذا عزل فقد انقطع أمره، فصار ذلك بمنزلة موته أو جنونه، وأما أمر القاضي إنما هو بمنزلة القضاء منه، لا يبطله عزله ولا موته ولا جنونه. وإذا كان للصبي (¬8) والمعتوه (¬9) أب أو وصي أو جد أبو أب فرأى القاضي أن يأذن للصبي (¬10) أو للمعتوه (¬11) في التجارة فأذن له، فأبى ذلك أبوه أو جده أو وصي أبيه، فالإذن جائز، ولا يلتفت إلى إباء (¬12) أحد من هؤلاء. فإن حجر عليه أحد من هؤلاء بعد ذلك فحجره باطل، لأن الإذن لم يكن من قبله. وإن مات القاضي أو عزل فحجر عليه أحد من هؤلاء بعد ¬

_ (¬1) ز: ابنه. (¬2) ز: ولذلك. (¬3) م ف ز: الصبي. (¬4) ف: فحجره. (¬5) ف - حجر. (¬6) ز: أب. (¬7) ز: أبو. (¬8) م ز: الصبي. (¬9) ز: أو المعتوه. (¬10) م ز: الصبي. (¬11) ف: أو المعتوه. (¬12) م: إلى ايبا (مهملة)؛ ز: إلى ابنا.

عزله كان حجره باطلاً. وإنما الحجر على هذا الغلام إلى القاضي الذي استقضي بعد موت القاضي الأول أو عزله. وإذا أذن أبو الصبي لعبد الصبي في التجارة ثم مات الأب أو جن جنوناً مطبقاً فالعبد محجور عليه. وكذلك الوصي وصي الأب. وكذلك الجد أبو الأب إذا لم يكن أب ولا وصي أب. وإذا أذن الرجل لعبد ابنه وابنه صغير في التجارة ثم مات الابن ووارثه الأب فهذا حجر على العبد؛ لأن العبد خرج من ملك الصبي وصار في ملك الأب. وكذلك (¬1) لو أن الأب اشترى من ابنه وهو صغير كان هذا حجراً (¬2) على العبد، وجميع ما اشترى بعد ذلك أو باع فهو باطل. وإذا أذن أبو الصبي أو المعتوه لعبد لابنه في التجارة ثم إن الصبي أدرك وأفاق المعتوه فالعبد على إذنه (¬3) على حاله، ولا يكون ذلك حجراً على العبد. وكذلك وصي الأب والجد أبي (¬4) الأب إذا لم يكن أب أو وصي أب. وإذا أذن الرجل لعبد (¬5) ابنه في التجارة ثم كبر الغلام ثم مات الأب بعد ذلك فالعبد مأذون له في التجارة على حاله، ولا يكون موته بعد بلوغ ابنه حجراً. ألا ترى أنه مات وأمر ابنه جائز بمنزلة (¬6) أمر الأب في صغر الابن. وكذلك المعتوه يفيق في ذلك. وإذا أذن الرجل المسلم لعبد ابنه في التجارة ثم ارتد فحجر عليه وهو مرتد ثم أسلم فحجره ذلك عليه جائز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإن قتل على ردته فذلك حجر أيضاً؛ لأنه قد مات وابنه صغير. وإذا ارتد الرجل عن الإسلام وله ابن صغير فأذن له في التجارة فباع واشترى فلحقه دين ثم حجر عليه ثم أسلم فجميع ما صنع الغلام من ذلك ¬

_ (¬1) ز: ولذلك. (¬2) ز: حجر. (¬3) ز + على إذنه. (¬4) ز: أبو. (¬5) م: لعبيد. (¬6) م ز: بمنزلته.

باب العبد بين الرجلين يأذن له أحدهما ولا يأذن له الآخر

جائز. ولو قتل على ردته أو مات كان جميع ما صنع الابن من ذلك باطلاً (¬1). وإذا (¬2) أذن (¬3) الرجل من أهل الذمة لابنه وهو صغير أو معتوه في التجارة وابنه على دينه فهو بمنزلة المسلم في جميع ما وصفنا. وكذلك عبد ابنه. وكذلك الوصي وصي الأب. وكذلك الجد أبو الأب. ولو كان الابن مسلمأ بإسلام أمه فأذن له أبوه وهو كافر من أهل الذمة في التجارة فإذنه باطل. فإن أسلم الأب بعد ذلك لم يكن ذلك (¬4) إذناً. ولا يشبه الذمي في هذا المرتد؛ لأن المرتد حكمه حكم المسلمين إذا رجع إلى الإسلام. فإن رآه أبوه الذمي بعدما أسلم يشتري ويبيع فلم ينهه فذلك إذن منه له في التجارة، بمنزلة الرجل يرى عبده يشتري ويبيع ولا ينهاه. ... باب العبد بين الرجلين يأذن له أحدهما ولا يأذن له الآخر وإذا كان العبد بين الرجلين (¬5) فأذن له أحدهما في التجارة فباع واشترى فلحقه دين فجميع ما صنع من ذلك جائز في نصيب الذي أذن له في التجارة، ولا يجوز من ذلك شيء في نصيب الذي لم يأذن له. فإن لحقه دين (¬6) وفي يديه مال قد أصابه من تجارته فقال المولى الذي لم يأذن له: أنا آخذ نصف هذا المال، فليس له ذلك، ويعطى الغرماء جميع دينهم من هذا المال. فإن بقي شيء أخذ المولى الذي لم يأذن له نصفه، وأخذ المولى الذي أذن له نصفه. وإن كان الدين الذي على العبد يأتي على جميع المال الذي في يديه ويزيد فإن المال كله للغرماء، وما بقي من الدين اتبع الغرماء به نصيب المولى الذي أذن له، فباعوه في دينهم، إلا ¬

_ (¬1) ز: باطل. (¬2) ز - وإذا. (¬3) ز: وإذن. (¬4) ف - ذلك. (¬5) ز: رجلين. (¬6) ز: يديه.

أن يفديه مولاه بدينه. وكذلك ما أقر به العبد من غصب أو استهلاك مال قرض أو غيره من مال لازم فإنه في نصف العبد الذي أذن له مولاه. فإما أن يفديه مولاه بالدين، وإلا بيع فيه. وكذلك لو باع أو اشترى بنسيئة. ولو أن العبد استهلك (¬1) مالاً ببينة قامت على ذلك أو عقر دابة أو أحرق متاعاً لرجل كان ذلك في جميع العبد يباع فيه إلا أن يفديه مولياه جميعاً بجميع الدين. ولا يشبه هذا الأول. ألا ترى أن عبداً محجوراَ عليه لو استهلك مالاً ببينة (¬2) كان في عنقه يباع فيه إلا أن يفديه مولاه. فكذلك هذا. وإذا كان العبد بين الرجلين فأذن له أحدهما في التجارة فاشترى وباع ومولاه الذي لم يأذن له يراه فلم ينهه فهذا إذن منه له في التجارة، وما اشترى أو باع بعد ذلك فهو جائز عليهما جميعاً، وما لحقه من (¬3) دين (¬4) كان ذلك في جميع العبد. وإذا كان العبد بين الرجلين فأذن له أحدهما في التجارة فأتى به مولاه الآخر أهل سوقه فقال: إني لست آذن له في التجارة، فإن بايعتموه بشيء فذلك في نصيب صاحبي، فباع بعد ذلك واشترى ولحقه دين والشريك الذي لم يأذن له ينظر إليه يشتري ويبيع فلم ينهه، فإن القياس في هذا أن يكون نظره إليه يشتري ويبيع إذناً له في التجارة، ولكني أستحسن أن لا أجعله (¬5) إذناً؛ لأنه قد نهى أهل سوقه عن مبايعته. ولا يقدر على أن س ينهى العبد عن البيع والشراء؛ لأن صاحبه قد أذن له. ولو جعلت نظره إليه يشتري ويبيع إذنا لم يستقم (¬6) أن يكون نصيبه منه محجوراً عليه. أرأيت لو رآه يشتري فنهاه عن ذلك ثم رآه بعد ذلك فلم ينهه (¬7) أكان (¬8) إذناً له في التجارة. أرأيت لو نهاه مائة مرة ثم سكت عنه مرة أكان يكون هذا إذناً منه له في التجارة. ليس هذا بإذن منه له في التجارة. ولا يشبه هذا ¬

_ (¬1) م ز: ليستهلك. (¬2) م ز: بينة. (¬3) ف ز + ذلك. (¬4) ز - دين. (¬5) م: لا جعله. (¬6) ز: لم يستقيم. (¬7) ز: ينهاه. (¬8) م: لكان.

العبد يكون للرجل الواحد فينهى أهل سوقه عن مبايعته ثم رآه يشتري ويبيع فلم ينهه (¬1)؛ لأن هذا له أن يمنع عبده من الشراء والبيع. وإذا كان العبد بين اثنين لم يقدر أحدهما على أن ينهاه عن الشراء والبيع لصاحبه. فلهذا اختلفا. وإذا كان العبد بين رجلين فقال أحدهما لصاحبه: ائذن لنصيبك في التجارة، ففعل فإن شراءه وبيعه وما لحقه من دين جائز في جميع العبد، وقول أحد الموليين لصاحبه: ائذن لنصيبك في التجارة، [إذن لنصيبه في التجارة] (¬2). وإذا كان العبد بين رجلين فكاتب أحدهما نصيبه منه فهذا إذن منه لنصيبه (¬3) في التجارة. فإن باع العبد واشترى فلحقه دين فإن للمولى الذي لم يكاتبه أن يبطل المكاتبة. فإذا أبطلها اتبع أصحاب الدين نصيب المولى الذي كاتب فباعوه في دينهم إلا أن يفديه مولاه، ولا شيء لهم في نصيب الذي لم يكاتب. فإن لم يرد المولى الذي لم يكاتب المكاتبة واشترى العبد وباع وهو ينظر إليه فلم ينهه فالعبد مأذون له في التجارة من (¬4) الموليين جميعاً. فإن أراد المولى الذي لم يكاتب أن يبطل المكاتبة فله ذلك، ولا يكون نظره إلى العبد يشتري ويبيع إجازة منه للمكاتبة، ولكنه إذن له في التجارة. فإن رد المكاتبة وقد لحق العبد دين بيع العبد كله في الدين إلا أن يفديه مولياه (¬5) بالدين. وإذا كان العبد لرجل فكاتب نصفه فهذا إذن منه لجميعه في التجارة، وما اشترى العبد وباع فهو جائز، وما اكتسب من مال فنصفه للمولى ونصفه للمكاتب في قياس قول أبي حنيفة، يؤدي منه مكاتبته وما لحقه من دين كان عليه أن يسعى فيه، ولا يباع منه شيءش لأن بعضه مكاتب. فإذا كان بعض (¬6) العبد مكاتباً أو مدبراً أو حراً لم يبع منه شيئاً في الدين ولا في غيره. وأما في قول أبي يوسف ومحمد بن الحسن فإذا كان العبد لرجل ¬

_ (¬1) ز: ينهاه. (¬2) الزيادة مستفادة من الكافي، 3/ 63 و. (¬3) ف: لنفسه. (¬4) م ز + أهل. (¬5) ز: مولاه. (¬6) ز - بعض.

فكاتب نصفه فهو مكاتب كله. وإذا كان العبد بين رجلين فأذن أحدهما لصاحبه في أن يكاتب نصيبه فكاتب المأذون له في ذلك نصيبه من العبد فهذا إذن من الموليين جميعاً للعبد في التجارة، وما اكتسب (¬1) العبد من شيء فنصفه للمولى الذي لم يكاتب نصيبه (¬2) ونصفه للمكاتب في قياس قول أبي حنيفة. ولو أن عبداً بين رجلين أمر أحدهما صاحبه أن يكاتب نصيبه منه فكاتب الوكيل نصيب صاحبه بوكالته إياه كان هذا إذناً (¬3) من الموليين جميعاً للعبد في التجارة، وما اكتسب العبد من مال فنصفه له ونصفه للذي (¬4) لم يكاتب نصيبه، وما لحقه من دين سعى فيه العبد كله، ولا شيء على الموليين منه في قياس قول أبي حنيفة. وإذا كان العبد بين رجلين فأذن أحدهما له في التجارة ولم يأذن له الآخر ثم إن الآخر بايعه واشترى أو باع فهذا إذن منه له في التجارة، وجميع ما لحقه من دين بعد ذلك في جميع العبد، يباع فيه أو يفديانه. ولو لم يبايعه مولاه الذي لم يأذن له ولكنه أتى أهل سوقه فنهاهم عن مبايعته وأخبرهم أن ما اشترى أو باع فإنما ذلك في نصيب صاحبه، ثم إنه بعد ذلك بايع العبد فاشترى منه أو باعه، فإن (¬5) هذا إذن منه له في التجارة، ولا يشبه هذا نظره إليه يشتري ويبيع فلم ينهه (¬6)؛ لأن (¬7) شراءه وبيعه إياه بمنزلة قوله: قد أذنت لك في التجارة. وإذا كان العبد بين رجلين فأذن له أحدهما في التجارة فاشترى وباع ولحقه دين، ثم إن المولى الذي أذن (¬8) اشترى نصيب صاحبه من العبد فاشترى العبد بعد ذلك والمولى لا يعلم بشرائه فلحقه دين، فإن جميع الدين الأول والآخر في النصف الأول؛ لأنه لم يأذن لهذا النصف الذي ¬

_ (¬1) م + من. (¬2) ف: نصفه. (¬3) ز: إذن. (¬4) ز: الذي. (¬5) م ز: قال. (¬6) ز: ينهاه. (¬7) ف: ولأن. (¬8) ف - أذن.

اشتراه في التجارة. ولو كان اشترى وباع (¬1) بعدما اشترى المولى الذي أذن نصيب صاحبه والمولى الذي أذن يعلم بشرائه وبيعه فلحقه من ذلك دين كان هذا إذناً منه في (¬2) النصف (¬3) الذي اشتراه في التجارة، وكان ما لحقه من دين في شراء الآخر في جميع العبد، وما لحقه من دين في الشراء الأول في نصف العبد، يباع في ذلك إلا أن يفديه مولاه (¬4) بجميع الدين. وإذا كان العبد بين رجلين فأذن له أحدهما في التجارة وأتى الآخر أهل سوقه فنهاهم عن مبايعته وأخبرهم خبره، ثم إن المولى الذي لم يأذن اشترى نصيب شريكه من العبد، فاشترى العبد بعد ذلك وباع ولحقه دين فإن جميع ما صنع من ذلك باطل، والعبد محجور (¬5) عليه حين اشتراه الذي لم يأذن له نصيبَه (¬6) منه، فإن كان المولى الذي اشتراه رآه يشتري ويبيع بعدما (¬7) اشترى نصيب صاحبه فلم ينهه كان هذا إذناً منه له في التجارة، وجميع ما لحقه من دين في ذلك فهو في جميع العبد، يباع فيه إلا أن يفديه مولاه. وإذا اشترى الرجل عبداً على أنه بالخيار ثلاثة أيام فأذن له في التجارة أو نظر إليه يشتري ويبيع فلم ينهه فهذا رضى منه (¬8) بالعبد، وقد أمضى البيع، والعبد مأذون (¬9) له في التجارة، قبضه المشتري أو لم يقبضه. وإذا باع الرجل العبد على أنه بالخيار ثلاثة أيام فأذن له في التجارة بغير محضر من المشتري أو رآه يشتري ويبيع فلم ينهه فإن لحقه دين فهذا نقض منه (¬10) للبيع (¬11)، والعبد مأذون له في التجارة. فإن لم يلحقه حتى مضت الثلاثة الأيام تم البيع، وصار العبد محجوراً عليه، وما اكتسب العبد ¬

_ (¬1) م: أو باع. (¬2) م - في. (¬3) ز: للنصف. (¬4) ز: مولاه. (¬5) ز: محجورا. (¬6) منصوب على أنه بدل بعض من كل من هاء الضمير في "اشتراه". (¬7) ز: ما. (¬8) م ز - منه. (¬9) ز: مأذونا. (¬10) ز - منه. (¬11) م ز: البيع.

باب الدين الذي يلحق العبد المأذون له في التجارة

من شيء فهو للمشتري. فإن كان المشتري قبضه طاب له كسبه. وإن كان لم يقبضه كان للمشتري كسبه، يتصدق به. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. وإذا كان العبد بين رجلين فأذن له أحدهما في التجارة ولم يأذن له الآخر فلحق العبد دين وفي يده مال فقال العبد: هذا المال من التجارة وهو للغرماء، وصدقه الذي أذن له وقال المولى الذي لم يأذن له: هذا المال وهب لك، فلي نصفه، فإن القياس في هذا أن يكون نصف المال للمولى الذي لم يأذن له، ونصفه للغرماء. ولكنا نترك القياس ونجعل المال كله للغرماء. ولو علم أن المال وهبه رجل للعبد أو تصدق به عليه أو كان من كسب كسبه العبد قبل الدين، أو من كسب كسبه العبد بعد الدين من غير الذي لحقه من قبله، فنصف هذا المال للمولى الذي لم يأذن له، ونصفه للغرماء. ولا يشبه هذا المال الذي لا يعلم ما وجهه. المال الذي يعلم ما وجهه القول فيه قول العبد أنه من الدين الذي لحقه. أرأيت لو استقرض العبد من رجل مالاً ثم جاء من الغد وفي (¬1) يديه ألف درهم فقال: هذه الألف التي استقرضتك، وكذبه المولى الذي لم يأذن له أكنت أجعل للمولى نصف هذا المال. فهذا قبيح لا يستقيم. وهو على ما وصفت لك. ... باب الدين الذي يلحق العبد المأذون له في التجارة وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا أذن الرجل لعبده في التجارة فما لحقه من دين من غصب أو وديعة جحدها أو مضاربة أو بضاعة أو عارية جحدها أو دابة عقرها أو ثوب أحرقه أو أجر أجير أو مهر جارية اشتراها فوطئها فاستحقت، فذلك كله لازم له، وهو جائز عليه، يباع فيه أو يفديه مولاه. فإن بيع في ذلك اقتسم الغرماء ثمنه بالحصص على قدر ديونهم، بإقرار كان ذلك من العبد أو ببينة قامت عليه بذلك. ولا يجوز بيع ¬

_ (¬1) ف: وفيه.

المولى للعبد إلا أن يأذن له الغرماء في ذلك أو يقضي الدين أو يكون القاضي هو أمره ببيعه للغرماء. فإن باعه لبعض الغرماء بغير أمر من بقي منهم أو بغير أمر قاض (¬1) كان بيعه إياه باطلاً إلا أن يجيز من بقي من الغرماء. ولو رفعه بعض الغرماء إلى القاضي ومن بقي منهم غائب فباعه القاضي للحضور كان بيعه جائزاً، ويدفع إلى الحضور حصتهم من ثمنه، ويقف حصة الغُيَّب حتى يحضروا فيأخذوا حصتهم. فإن قال العبد قبل أن يباع: إن لفلان علي من (¬2) المال كذا وكذا، وصدقه (¬3) المولى بذلك أو كذبه، وفلان غائب، فقال الغرماء الحضور: ليس لفلان عليه (¬4) قليل ولا كثير، فإن العبد مصدق فيما قال، ويباع فتوقف (¬5) حصة الغائب الذي أقر له العبد من الثمن حتى يحضر. فإن ادعى ما قال العبد أخذ حقه. وإن كذبه قسم ما وقف من الثمن بين الغرماء. ولو أن العبد لم يقر لفلان الغائب بشيء حتى باعه القاضي وصار محجوراً عليه ثم أقر بعد ذلك لفلان الغائب (¬6) بمال وصدقه المولى في ذلك فإن العبد والمولى لا يصدقان على الغرماء، ويقتسم الغرماء جميع الثمن بالحصص. فإن قدم الغائب فأقام بينة على حقه اتبع الغرماء بحصته فيما أخذ من الثمن، ولم يكن له على العبد ولا على مولاه البائع ولا على المشتري سبيل. وإن أراد القاضي أن يستوثق من الغرماء بكفيل (¬7) حتى يقدم الغائب فأبى الغرماء أن يفعلوا فإنهم لا يجبرون على شيء من ذلك؛ لأن هذا ليس بحق لازم لهم. أرأيت لو أبوا أن يعطوه كفيلاً (¬8) أكان (¬9) ينبغي له أن يمنعهم حقهم (¬10) بقول العبد بعدما بيع فصار محجوراً عليه. ليس ينبغي له أن يأخذ من أحد منهم كفيلاً. فإن أعطوه ذلك وطابت أنفسهم فهو جائز. فإن قدم الغائب فأقام بينة على ¬

_ (¬1) ز: قاضي. (¬2) ز: امن. (¬3) م: صدقه. (¬4) م: عليك. (¬5) ز: فيوقف. (¬6) ف - بشيء حتى باعه القاضي وصار محجورا عليه ثم أقر بعد ذلك لفلان الغائب. (¬7) ف ز: بكفلا. (¬8) ف ز: كفلا. (¬9) م ف ز: لكان. (¬10) ز: بحقهم.

حقه بإقرار من العبد قبل البيع أو معاينة من الشهود فذلك جائز. ويأخذ الغائب بحصته الغرماء. وإن شاء أخذ الكفلاء. وإن أخذ الكفلاء رجعوا على الغرماء. وإن أخذ (¬1) الغرماء لم يرجعوا على الكفلاء. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا أذن الرجل لعبده في التجارة فاكتسب مالاً فأخذه المولى منه وعلى العبد دين أو لا دين عليه ثم لحقه دين بعد ذلك وقد استهلك المولى المال أو لم يستهلكه، فإن كان أخذ المال من العبد (¬2) وعليه دين فاستهلكه أو لم يستهلكه فإن المولى يؤخذ بذلك المال حتى يرده. فإن كان قبضه من العبد ولا دين عليه فاستهلكه أو لم يستهلكه حتى لحق العبد دين فلا سبيل لأصحاب الدين على قبض (¬3) ذلك. فإن كان (¬4) بقي في يدي العبد مال اكتسبه قبل أن يلحقه الدين كان ذلك الدين فيما كان في يديه وفيما اكتسب بعد الدين. وأما ما قبض المولى من مال قبل الدين فهو له لا حق للغرماء فيه. وكذلك ما قبض منه من عبد أو أمة أو ثوب أو غير ذلك فهو بمنزلة المال. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين خمسمائة وفي يديه ألف درهم فقبضها المولى واستهلكها، ثم إن العبد لحقه دين يأتي على جميع قيمته وجميع ما قبض المولى، فإن المولى يغرم الألف كلها، فيقسم بين الغرماء جميعاً، ويباع العبد فيقسم ثمنه بين الغرماء جميعاً الأولون والآخرون. ولو لم يكن العبد لحقه دين بعد قبض المولى لم يغرم المولى من المال الذي قبض إلا نصفه، وسلم له النصف الآخر. وإنما صار المولى في الوجه الأول يضمن جميع المال لأن ما أخذ الغريم الأول من المولى من ذلك المال يشركه فيه الغريم الآخر. فإذا نقص نصيب الأول رجع أيضاً حتى يستكمل جميع حقه. فكلما أخذ شيئاً (¬5) شاركه فيه صاحبه. ألا ترى أن المولى لو أخذ جميع ما في يدي عبده وعلى عبده دين يحيط ¬

_ (¬1) ز - أخذ الكفلاء وإن أخذ الكفلاء رجعوا على الغرماء وإن أخذ. (¬2) ف ز: من عبده. (¬3) م ز + من. (¬4) ز - كان. (¬5) م + أخذ شيئاً.

بجميع ما أخذ المولى وبجميع رقبته ثم إن العبد لحقه دين كان للغرماء الأولين أن يأخذوا جميع ما قبض المولى من عبده، فإذا أخذوه شاركهم فيه أصحاب الدين الآخر. فكذلك الوجه الأول. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين يأتي على جميع ما في يديه وعلى جميع رقبته فأخذ منه مولاه الغلة بعد ذلك فجعل يأخذ منه كل شهر عشرة دراهم حتى أخذ منه مالاً كثيراً فإن هذا جائز للمولى، ولا يرجع الغرماء عليه من تلك الغلة بشيء، لأن الذي قبض المولى إنما هو غلته. ولو كان قبض منه مائة درهم كل شهر كان ذلك باطلاً، وكان عليه أن يرد على الغرماء (¬1) ما زاد على غلة مثله. إنما أستحسن في هذا الذي قبض غلة مثله في كل شهر أن نجيز (¬2) ذلك، فأما إذأ قبض منه مالاً يكون غلة مثله أخذ الغرماء ما زاد من ذلك على غلة مثله. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فأقر بدين خمسمائة ثم إن العبد أفاد عبداً يساوي ألف درهم فأخذه المولى ثم لحق العبد المأذون له بعد ذلك دين كثير يأتي على جميع قيمته وجميع ما قبض منه مولاه وجميع ما في يديه فإن العبد الذي قبض المولى يباع فيقسم ثمنه بين الغرماء الأولين والآخرين. وكذلك العبد المأذون له يباع فيقسم ثمنه بين الغرماء (¬3) جميعاً. فإن قال المولى: أنا أؤدي الدين الأول عن عبدي حتى يسلم لي العبد الذي قبضت لأني قبضته قبل أن يلحقه الدين الآخر، فأدى المولى الدين الأول إلى الغريم، فإن العبد الذي قبض المولى يأخذه غرماؤه الآخرون فيبيعونه في دينهم، لأن حقهم قد وجب في العبد قبل الفداء، فلا يبطله الفداء. فإن أراد المولى أن يأخذ من الغرماء بقدر ما فدى لم يكن له ذلك، ويبيع جميع العبد في دين الغرماء الآخرين. فإن وفى وإلا بيع العبد المأذون ¬

_ (¬1) ف: على العبد. (¬2) ولفظ الحاكم: أن أجيز. انظر: الكافي، 3/ 65 و. (¬3) ز - الأولين والآخرين وكذلك العبد المأذون له يباع فيقسم ثمنه بين الغرماء.

له في التجارة حتى يستوفي جميع ذلك (¬1) الغرماء. فإن لم يفد المولى العبد بشيء من الدين ولكن الغريم الأول أبرأ العبد المأذون له من دينه، فإن كانت البراءة بعدما لحق الدين (¬2) الآخر أخذ الغرماء الآخرون العبد الذي قبض المولى فباعوه في دينهم إلا أن يفديه المولى بالدين. وإن كان الغريم الأول أبرأ العبد المأذون له من الدين قبل أن يلحقه الدين الآخر سلم للمولى العبد (¬3) الذي قبض، لأنه قبضه قبل أن يلحقه الدين الآخر وأبرأ الغريم الأول العبد المأذون له قبل أن يلحق الدين الآخر، فصار العبد الذي قبض المولى في يديه ولا دين على عبده، فصار العبد للمولى. فإن لحق دين بعد ذلك فإنما هو في عنق العبد المأذون له خاصة. ولو كان الغريم الأول لم يبرئ العبد من الدين وقد قبض المولى العبد الذي كان في يد المأذون له ولحقه بعد ذلك دين (¬4) كثير فجاء الغريم الأول فأقر أنه لم يكن له على العبد المأذون له (¬5) دين وأن إقرار العبد المأذون له بالدين كان باطلاً فإن العبد الذي قبض المولى يسلم له ولا يتبعه الدين الآخر، لأن الغريم الأول ذكر أنه لم يكن له على المأذون شيء، فلما أقر بذلك سلم العبد الذي قبض المولى للمولى؛ لأن المولى قبضه ولا دين على العبد. ولا يشبه هذا إبراء الغريم الأول العبد من دينه، لأن الغريم الأول إذا أقر أن له الدين الذي أقر له به العبد فقد وقعت الشركة بين غرماء العبد في ماله. فصار للغرماء الآخرين حق فيما قبض المولى؛ لأن دين الأول كان قبل قبض المولى، فلا يبطل حق الغرماء الآخرين إبراء الغريم الأول العبد من دينه. فإن قال الغريم الأول: لم يكن لي دين على العبد، فلم تقع (¬6) بينهم ¬

_ (¬1) م: يستوفي ذلك جميع. (¬2) ز - الدين. (¬3) ز - وإن كان الغريم الأول أبرأ العبد المأذون له من الدين قبل أن يلحقه الدين الآخر سلم للمولى العبد. (¬4) ف - دين. (¬5) ز - ولحقه بعد ذلك دين كثير فجاء الغريم الأول فأقر أنه لم يكن له على العبد المأذون له. (¬6) ز: يقع.

شركة، ولم يجب للغريم الأول حق. فلما لم يجب له حق كان المولى قد قبض العبد يوم قبضه ولا دين على المأذون. فلما قبضه ولا دين على المأذون (¬1) سلم (¬2) العبد له، ولم يكن للغرماء (¬3) الآخرين فيه حق. فإن كان المولى أقر بالدين الأول كما أقر به العبد المأذون له فقال الغريم الأول: لم يكن لي على العبد دين، فإن الغرماء يأخذون ما قبض المولى، فيقتسمونه (¬4) بينهم بالحصص؛ لأن المولى قد أقر أن الشركة قد وقعت بين الغرماء فيما قبض. فإنكار الغريم الأول لا يبطل حق الغرماء الآخرين. وكذلك جميع ما قبض المولى من مال العبد من دراهم أو دنانير أو عروض أو غير ذلك فهو على ما وصفت لك في هذا الوجه. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين ثم وهبت له هبة أو تصدق عليه بصدقة فإن غرماءه أحق بذلك من مولاه. وكذلك جميع ما اكتسب من تجارة أو غيرها. وإذا أذن الرجل لأمته في التجارة فلحقها دين ثم ولدت ولداً بيعت الجارية وولدها في الدين إلا أن يفديهم المولى. ولو كانت ولدت الولد قبل أن يلحقها الدين فلم (¬5) يقبضه المولى حتى لحقها دين لم يكن على الولد من دينها قليل ولا كثير. ولا يشبه ولدها في هذه المنزلة كسبها ولا رقيقها. ألا ترى أنها تبيع رقيقها ولا تبيع ولدها. فإذا كان الولد قبل أن يلحق الدين لم يكن لأصحاب الدين على الولد سبيل. وإذا ولدت الولد بعد لحاق الدين بيع ولدها في الدين؛ لأن الولد زيادة منها. فإذا كان عليها دين بيع ولدها معها. ولو ولدت ولدين أحدهما قبل الدين والآخر (¬6) بعد الدين لحق الدين الولد الآخر ولم يلحق الولد الأول. ولو كانت ولدت ولداً واحداً وعليها دين ثم لحقها دين بعد ذلك اشترك أصحاب الدين جميعاً الأولون والآخرون ¬

_ (¬1) م ز - دين على المأذون؛ صح م هـ. (¬2) ز: يسلم. (¬3) م ف ز: لغرماء. (¬4) م: فيقسمونه. (¬5) م: ولم. (¬6) م: وللآخر.

فيهما، وولدها لأصحاب الدين الأول (¬1) خاصة، فيباعان (¬2) جميعاً في الدين إلا أن يفديهما المولى. ولو أن الأمة لم تستدن (¬3) ديناً ولكنها جنت جناية (¬4) ثم ولدت ولداً بعد الدين لم يلحق ولدها من الجناية شيء، وقيل لمولاها: ادفعها أو افدها. ولا يشبه الدين في هذه الجناية. ألا ترى أن الدين تباع فيه الجارية وأن الجناية تدفع بها الجارية أو تفدى. فلذلك اختلفا. وإذا أذن الرجل لأمته في التجارة فوهب لها عبد أو تصدق به عليها ولا دين عليها فلم يقبضه المولى حتى لحقها دين فإن الدين يلحق (¬5) الأمة (¬6) وما وهب لها وإن كانت الهبة قبل أن يلحق الدين. ولا يشبه هذا الولد. ألا ترى أن للأمة (¬7) أن تبيع ما وهب لها فيكون (¬8) ذلك بمنزلة ما اشترت، والولد ليس لها أن تبيعه. فلذلك اختلفا. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا أذن الرجل لأمته في التجارة ففقأ رجل عينها ثم لحقها دين فإن أرش العين للمولى، ليس للغرماء من ذلك قليل ولا كثير. ولو كان الدين (¬9) لحق قبل الفقء كان أرش العين للغرماء. وهذا بمنزلة الولد في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك لو كان الذي فقأ العين عبد فدفع ثم لحق الأمة دين فإن العبد للمولى، ولا يلحقه من الدين قليل ولا كثير. وإن كان الدين قبل الدفع وهو بعد الفقء فكذلك أيضاً. فإن كان الدين قبل الفقء وقبل الدفع فدفع العبد بجنايته بيع العبد والأمة في الدين إلا أن يفديهما المولى (¬10). ولو كان على الأمة دين قبل الفقء ولحقها دين أيضاً بعد الفقء ثم دفع العبد بالجناية بيع العبد بالدين الأول خاصة، وبيعت الأمة في الدين كله الأول والآخر إلا أن يفديهما المولى. ولا يشبه هذا الأول. [الأول] لم يكن عليها ¬

_ (¬1) م ف: للأول. (¬2) ز: قناعان. (¬3) ز: لم يستدين. (¬4) ز: جنانة. (¬5) ز: تلحق. (¬6) م ف ز: للأمة. (¬7) ف: أن الأمة، ف ز + لها. (¬8) ز: فتكون. (¬9) م ف ز: الذي. (¬10) ز: للمولى.

دين، وهذا كان عليها دين قبل الفقء، فصار الفقء لأصحاب الدين الأول خاصة. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير ثم إن المولى دبر العبد فالغرماء بالخيار، إن شاؤوا ضمنوا المولى القيمة، ولا سبيل لهم على العبد حتى يعتق، فإذا عتق اتبعوه ببقية دينهم. وإن شاؤوا استسعوه، وهو مدبر في جميع دينهم، ولم يكن لهم على المولى سبيل. فإن اختاروا ضمان المولى فضمنوه القيمة اقتسموها بينهم بالحصص على قدر دينهم، والعبد على إذنه لا يكون تدبير المولى إياه حجراً عليه. فإن اشترى بعد ذلك وباع فلحقه دين كان لأصحاب هذا الدين أن يبيعوه بدينهم فيستسعوه فيه، ولا سبيل لهم في ذلك على مولاه، لأن الدين لحقه بعد التدبير، فلا يفسد عليهم المولى شيئاً. فإذا استسعى الغرماء الآخرون المدبر في دينهم فأدى إليهم من سعايته شيئاً (¬1) لم يكن للغرماء الأولين الذين ضمنوا المولى القيمة فيما أخذ الغرماء الآخرون قليل ولا كثير، وجميع ما اكتسب المدبر فهو للغرماء الآخرين حتى يستوفوا دينهم. فإن بقي شيء كان للمولى، ليس للغرماء الأولين فيه قليل ولا كثير. فإن قتل المدبر كانت قيمته للغرماء الآخرين، ليس للغرماء الأولين فيه قليل ولا كثير. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة وقيمته ألف درهم فلحقه من الدين ثلاثة آلاف درهم لثلاثة نفر ثم دبره المولى فاختار بعض الغرماء اتباع المولى بالقيمة واختار بعض الغرماء استسعاء العبد فذلك لهم على ما أرادوا من ذلك، ويأخذ الذين اختاروا تضمين المولى حصتهم من قيمة العبد. فإن كان الذين اختاروا ضمان المولى اثنين (¬2) منهم كان لهما على المولى ثلثا القيمة، وسلم للمولى ثلث القيمة، ويتبع الذين اختاروا العبد بجميع دينه، فيستسعونه (¬3) فيه، فما أُخذ منه (¬4) لم يكن للذين (¬5) اختاروا ضمان المولى منه ¬

_ (¬1) ف - فإذا استسعى الغرماء الآخرون المدبر في دينهم فأدى إليهم من سعايته شيئاً. (¬2) ز: اثنان. (¬3) م ف ز: فيستسعيه. (¬4) ف + الدين. (¬5) م: الذين؛ ف: الذي. والتصحيح مستفاد من الكافي، 3/ 66 و.

قليل ولا كثير. ولو أن الذي اختار (¬1) استسعاء العبد لم يقبض (¬2) شيئاً حتى أراد أخذ المولى بدينه العبد بعد اختياره استسعاء العبد لم يكن له ذلك، لأنه حين اختار استسعاء العبد أبرأ المولى مما كان ضمن له، فليس له بعد ذلك أن يرجع عليه بقليل ولا كثير. وكذلك الذين اختاروا ضمان المولى إن أرادوا. بعد ذلك أن يتبعوا (¬3) المدبر بدينهم ويبرئوا المولى مما اختاروا من ضمانه لم يكن لهم ذلك وإن سلم لهم ذلك المولى، لأنهم حين اختاروا ضمان المولى فقد أبرؤوا العبد من دينهم حتى يعتق، فصار كسب العبد - العبد (¬4) المدب ر- للذي اختار (¬5) استسعاءه، وصار (¬6) أحق به من المولى. فلا يجوز تسليم المولى استسعاءه للذين اختاروا ضمانه، لأنه لا حق للمولى في سعاية العبد حتى يستوفي الغريم. فإن اشترى المدبر بعد ذلك وباع فلحقه دين آخر كان جميع ما اكتسب واستسعى (¬7) فيه بعد ذلك لأصحاب الدين الأول الذين اختاروا استسعاءه، ولأصحاب الدين الآخرين الذين أدانوه وهو مدبر. فإن كان صاحب الدين الذي اختار استسعاءه قبض من سعايته شيئاً قبل أن يلحقه الدين الآخر لم يكن لأصحاب الدين الآخر على ما قبض الأول سبيل. ولو كان الأول لم يقبض شيئاً ولكن المدبر كسب كسباً قبل أن يلحقه الدين الآخر فلم يقبضه الغريم الأول الذي اختار سعايته حتى لحقه الدين الآخر كان ما اكتسب من ذلك بين الغرماء جميعاً بالحصص، ليس لأحد منهم أن يأخذ من ذلك شيئاً دون صاحبه. فإن أخذ منهم شيئاً دون صاحبه كان (¬8) لصاحبه أن يشاركه في ذلك. ولو أن المدبر أقر لرجل بعد التدبير بدين ألف درهم ذكر المدبر أنه كان عليه قبل التدبير وصدقه صاحبه فيه أو قال صاحبه: كان بعد التدبير، فذلك سواء، ويسعى المدبر له مع غرمائه. فما سعى فيه المدبر من شيء اشترك فيه هذا الغريم الذي اختار سعايته والذين أدانوه بعد التدبير. ولا يصدق المدبر على القيمة التي وجبت على المولى بتدبيره إياه إن ¬

_ (¬1) م ف ز: الذين اختاروا. (¬2) م ف ز: لم يقبضوا. (¬3) ز: أن يبيعوا. (¬4) ز - العبد. (¬5) م ف ز: للذين اختاروا. (¬6) ز: وصاروا. (¬7) ف ز: أو استسعى. (¬8) م ف ز: لكان.

اختار هذا الغريم أن يتبعها (¬1)، لأن القيمة كانت وجبت للغرماء الأولين، فلا يصدق المدبر على أن يدخل فيها غيرهم بعد التدبير. ولو صدقه المولى بدينه وأقر أنه كان قبل التدبير واختار الغريم اتباع المولى، فإن كان المولى دفع إلى الغريمين اللذين (¬2) اختاروا ضمانه ثلثي القيمة (¬3) بقضاء قاض رجع هذا الغريم المقر له، فأخذ من المولى نصف ما في يديه من الثلث، وهو السدس من قيمة العبد. وإن كان المولى دفع إلى الغريمين الثلثين بغير قضاء قاض غرم (¬4) لهذا الغريم ربع جميع القيمة؛ لأنه إذا دفع بقضاء قاض صار ما أخذ الغريمان مما زاد على حقهما يدخل نقصانه على هذا الغريم المقر له وعلى المولى؛ لأن المولى صار له (¬5) حصة الغريم الذي اختار استسعاء العبد. وإذا (¬6) دفع إليهما المولى بغير قضاء قاض (¬7) ضمن لهذا الغريم المقر له جميع ما كان يصيبه (¬8) من القيمة وهو الربع، فيكون ذلك للغريم (¬9). فإن كان المولى دفع إلى الغريمين الثلثين بغير قضاء قاض (¬10) دفع إلى هذا الغريم المقر له ربع جميع القيمة، ولا يتبع (¬11) الغريم (¬12) المقر له المدبر بشيء مما بقي من دينه حتى يعتق. وإن كان المولى دفع الثلثين إلى الغريمين الأولين بقضاء قاض (¬13) دفع إلى هذا السدس من القيمة، واتبع الغريم المقر له المدبر بثلث دينه، فيسعى له فيه؛ لأن حقه في القيمة كان ربع القيمة. فلما أخذ من ذلك سدس القيمة كان مستوفياً (¬14) لثلثي حقه فلا يرجع بشيء من ذلك على المدبر حتى يعتق. وبقي له ثك دينه لم يأخذ به من القيمة قليلاً ولا كثيراً. فعلى المدبر أن يسعى له في ثلث دينه مع غرمائه. ولا يبطل اختياره ضمان المولى ثلث حقه على المدبر؛ لأنه لم يأخذ بذلك شيئاً. ألا ترى أن الغرماء ¬

_ (¬1) ز: أن يبيعها. (¬2) ز: للغريمين الذين. (¬3) ف - ثلثي القيمة. (¬4) ز: ضمن. (¬5) ز - له. (¬6) ف: فإذا. (¬7) ز: قاضي. (¬8) ز: نصيبه. (¬9) ز: الغريم. (¬10) ز: قاضي. (¬11) ز: يبيع. (¬12) ف - الغريم. (¬13) ز: قاضي. (¬14) ز: مستوقيا.

الثلاثة الأولين الذين كانوا قبل التدبير لو اختاروا جميعاً ضمان المولى فضمنوه القيمة فدفعها إليهم المولى بقضاء قاض، ثم ادعى غريم آخر على المدبر ألف درهم كانت له عليه قبل التدبير وصدقه المدبر والمولى في ذلك، أنه لا (¬1) سبيل للغريم المقر له على القيمة التي أخذها الغرماء الأولون، ولا سبيل له على المولى؛ لأنه دفع القيمة بقضاء قاض (¬2). ولا يبطل حق الغريم وإن اختار ضمان المولى؛ لأن اختياره ضمان المولى باطل. ألا ترى أنه لا يأخذ من المولى باختياره ضمانه قليلاً ولا كثيراً. فكذلك إذا اختار الغريم المقر له ضمان المولى في الباب الأول، وأخذ سدس القيمة وقد كان له ربع القيمة، فليس له أن يرجع على المدبر بشيء من ثلثي حقه حتى يعتق. ويرجع عليه بثلث حقه فيستسعى فيه مع الغريم الذي اختار استسعاء العبد. واتبع الغرماء الذين أدانوه بعد التدبير. فما سعى فيه المدبر من شيء كان بينهم بالحصص على قدر دينهم. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين ثلاثة آلاف درهم لثلاثة نفر (¬3) لكل رجل منهم ألف درهم وأعتقه المولى وهو موسر أو معسر فذلك سواء، والغرماء بالخيار، إن شاؤوا اتبعوا المولى بقيمته وأخذوا من العبد ما بقي من دينهم، وإن شاؤوا أخذوا جميع دينهم من العبد وأبرؤوا المولى. فإذا اختاروا ضمان المولى واتباع العبد بما بقي ثم أرادوا أن يتبعوا العبد بجميع دينهم فذلك لهم، ولا يكون اختيارهم ضمان المولى إبراء للعبد (¬4) من شيء من الدين، ولكنهم يتبعون (¬5) العبد بجميع دينهم، ويتبعون (¬6) المولى من ذلك بقدر قيمة العبد، فيأخذون بذلك أيهما شاؤوا، وما أخذوا من ذلك اقتسموه بينهم بالحصص على قدر دينهم. ولو أنهم اختاروا اتباع العبد بدينهم ولم يبرئوا المولى من شيء لم يكن هذا إبراء (¬7) منهم للمولى. ألا ترى أن لهم أن يتبعوا (¬8) العبد بجميع دينهم وإن اختاروا ضمان المولى. ¬

_ (¬1) م - لا، صح هـ. (¬2) ز: قاضي. (¬3) ز: آلاف. (¬4) م ف ز: العبد. (¬5) ز: يبيعون. (¬6) ز: ويبيعون. (¬7) م ف ز: براه. (¬8) ز: أن يبيعوا.

فكذلك اختيارهم للعبد، ولا يكون براءة للمولى. ولا يشبه هذا المدبر في هذا الوجه. ولو أن بعض الغرماء اختاروا العبد وأبرؤوا المولى من أن يتبعوه (¬1) بشيء من القيمة لم يكن لهم بعد ذلك أن يتبعوه بشيء. وتكون القيمة كلها لأصحاب الدين الذين اختاروا ضمان المولى يأخذون بها أيهم شاؤوا. إن شاؤوا المولى وإن شاؤوا العبد. فإن أخذوا المولى لم يرجع على العبد بقليل ولا كثير. وما أخذ واحد من الغرماء من القيمة التي على المولى اشترك فيها جميع من اختار ضمان المولى؛ لأنهم شركاء في القيمة التي على المولى. وما أخذ واحد من الغرماء من العبد بعدما يعتق من دينه فهو له خاصة، لا يشاركه فيه الغرماء. ولا يشبه هذا المدبر في هذا الوجه؛ لأن المدبر عبد، فما (¬2) اكتسب من شيء كان بين غرمائه، وهذا حر وعليه دين، فله أن يؤدي من ذلك ما بدا له إلى من أحب. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير وفي يديه مال أو رقيق أو غير ذلك فأعتقه المولى وقبض ما في يديه فاستهلكه ثم جاء الغرماء فإن لهم أن يضمنوا المولى قيمة العبد وقيمة ما استهلكه (¬3) المولى من ماله حتى يستوفوا دينهم. فإن فضل شيء عن دينهم اتبعوا العبد المعتق فأخذوه منه. وإن شاؤوا أخذوا جميع دينهم من العبد. فإن أخذوا دينهم من العبد كان للعبد أن يرجع على مولاه من الدين الذي أدى بقدر ما استهلك من المال الذي كان في يديه. فأما ما سوى ذلك من الدين فليس له أن يرجع عليه بشيء منه. ألا ترى أن المال الذي قبضه (¬4) المولى من العبد لو كان قائما بعينه لم يستهلكه المولى وقضى العبد الدين بعد العتق رجع بدينه فيما كان في يدي المولى مما قبض، فبيع في ذلك له حتى يستوفي ما أدى. فإن فضل شيء من ثمن ما كان في يديه كان ذلك للمولى لا حق للعبد فيه. وإن كان الدين (¬5) أكثر مما في يدي المولى من مال العبد لم يرجع عليه العبد ¬

_ (¬1) ز: أن يبيعوه. (¬2) ز: فيما. (¬3) ف ز: ما استهلك. (¬4) ف ز: قبض. (¬5) م ز: الذي.

من ذلك الفضل بقليل ولا كثير. وليس للعبد أن يرجع على المولى من الدين الذي أداه (¬1) بقدر قيمته التي كان المولى ضمنها للغرماء؛ لأنها ليست بمال كان في يد العبد فأخذه المولى. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. ولو كان الغرماء لم يأخذوا من العبد من دينهم شيئاً ولكنهم وهبوا دينهم للعبد وأبرؤوه منه سلم للمولى ما أخذ من مال العبد، ولا يرجع عليه العبد من ذلك بقليل ولا كثير؛ لأن العبد لم يؤد (¬2) شيئاً من الدين. ولو كان مكان العبد المأذون له أمة فولدت ولداً بعدما لحقها الدين أو قطعت يدها فأخذ المولى أرشها ثم إن المولى أعتق الأمة المأذون لها فإن الغرماء بالخيار، إن شاؤوا رجعوا على المولى بقيمة الأمة، وباعوا ولدها في دينهم وأخذوا من المولى الأرش الذي أخذه (¬3) من القاطع، واتبعوا الأمة بما بقي من دينهم. وإن شاؤوا اتبعوا الأمة بدينهم كله فأخذوه. فإن اتبعوا الأمة بدينهم فأخذوه منها سلم للمولى ولد الأمة وما أخذ من أرشها، ولم يكن للأمة أن ترجع على المولى [في] (¬4) ولدها ولا في أرش يدها بقليل ولا كثير. ولا يشبه هذا ما أخذ منها من المال. ألا ترى أن المولى يرد عليها جميع ما أخذ منها (¬5) من المال حتى تقضي غرماءها إن لم يكن أعطاهم شيئاً، ولا يجبر على أن يدفع إليها ولدها، وكذلك أرش يدها. ولو كان على المولى أن يدفع إليها أرش يدها أو ولدها إذا قضت الغرماء لكان عليه أن يدفع إليها قيمتها إذا أعتقها. وكذلك لو باعها للغرماء (¬6) بإذنهم وإجازتهم وقبض الثمن ثم أعتق المشتري الجارية فالغرماء بالخيار. إن شاؤوا اتبعوا الثمن وأخذوه واتبعوا الجارية بما بقي من دينهم. وإن شاؤوا اتبعوا الجارية بدينهم كله (¬7). فإن اتبعوا بدينهم كله فأخذوه منها سلم للمولى الثمن الذي قبض، ولم يكن للجارية على الثمن سبيل. وكذلك لو كان المولى كاتبها بإذن الغرماء كان لهم أن يأخذوا جميع ما يقبض المولى من المكاتبة ¬

_ (¬1) م ز: من الدين الذين إذا أداه. (¬2) ف: لم يرد. (¬3) ف ز: أخذ. (¬4) الزيادة مستفادة من الكافي، 3/ 67 ظ. (¬5) ز - منها. (¬6) م ف ز: الغرماء. (¬7) ف: كلهم.

فيقسموه بينهم بالحصص. وليس لهم أن يرجعوا عليها بشيء من دينهم ما دامت مكاتبة. فإن قبض المولى منها جميع المكاتبة وعتقت لم يأخذ الغرماء من المكاتبة شيئاً (¬1). والغرماء بالخيار. إن شاؤوا أخذوا المكاتبة من السيد واتبعوا الأمة بما بقي من دينهم. وإن شاؤوا أخذوا الأمة بجميع دينهم (¬2). فإن أخذوا الأمة بجميع دينهم واستوفوه (¬3) منها سلم للمولى المكاتبة. وهذا والأرش والبيع والولد سواء. ولا يشبه شيء من هذا المال يكون في يديها فيأخذه منها المولى بعدما يلحقها (¬4) الدين. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير ثم إن المولى كاتبه فللغرماء (¬5) أن يردوا المكاتبة ويبيعوه في دينهم. فإن لم يردوه ولم يعلموا بذلك حتى أدى العبد المكاتبة إلى مولاه فإن العبد يعتق بأداء المكاتبة. وللغرماء أن يأخذوا المكاتبة من المولى، فيقتضونها (¬6) من دينهم بالحصص. فإن بقي شيء من دينهم بعد ذلك اتبعوا به العبد فأخذوه منه. وإن شاؤوا رجعوا بدينهم كله على العبد فأخذوه منه. فإن رجعوا بدينهم على العبد فأخذوه منه برئ المولى من قيمة العبد وسلمت له المكاتبة. وليس للعبد (¬7) أن يرجع على مولاه بشيء مما أداه. ولو كان العبد أدى بعض المكاتبة وبقي بعض ثم جاء الغرماء فإنهم يبطلون (¬8) المكاتبة، ويباع للغرماء في دينهم، ويأخذون ما قبض المولى من المكاتبة أيضاً، فيقتسمون ذلك بينهم بالحصص (¬9). فإن لم يبطلوا المكاتبة ولكنهم أجازوها فالمكاتبة جائزة، وما قبض المولى من المكاتبة قبل الإجازة فهو بينهم بالحصص، وما بقي بينهم بالحصص. فإن كان ما قبض المولى قد هلك قبل إجازتهم في يد المولى ثم أجاز الغرماء المكاتبة فالمكاتبة جائزة، والمولى والمكاتب بريئان ¬

_ (¬1) ز: شيء. (¬2) ز: الأمة. (¬3) م ز: فاستوفوه. (¬4) ف: يلحقه. (¬5) ز: وللغرماء. (¬6) ز: فيقبضونها. (¬7) م: العبد. (¬8) ز: يبطلوا. (¬9) ز + وإن لم يبطلوا.

مما قبض المولى. وليس للغرماء شيء غير ما بقي من المكاتبة. فيأخذون ما بقي من المكاتبة على النجوم، فيقتسمونه بينهم بالحصص. فإن أجاز المكاتبة بعضهم وردها بعضهم لم تجز المكاتبة حتى يجيزوها جميعاً. ولو أنهم أرادوا رد المكاتبة فأعطاهم المولى دينهم وأعطاهم ذلك المكاتب فأبوا أن يقبلوا وأرادوا رد المكاتبة لم يكن لهم ذلك، وكانت المكاتبة جائزة إذا أعطاهم دينهم المولى أو المكاتب. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فاستعار دابة إلى مكان فخالف فركبها إلى مكان آخر فعطبت فهو ضامن لقيمتها، يباع فيها إلا أن يفديه مولاه. وإن لم (¬1) يخالف وركبها إلى الموضع الذي استعارها إليه فعطبت تحته فلا ضمان عليه. ولو استعار جارية أو غلاماً ليخدمه فعطب الغلام في خدمته أو الجارية لم يكن عليه ضمان. وإن استعملهما في غير الخدمة فعطبا فقيمتهما في عنقه يباع فيهما (¬2) إلا أن يفديه المولى. ولو قتلهما خطأ أو فقأ عينهما قيل لمولاه: ادفع العبد بجنايته أو افده. ولا تشبه (¬3) الجناية في هذا الوجه الخلاف؛ لأنه في الخلاف غاصب، فالقيمة في الخلاف دين عليه، وأما (¬4) الجناية فإنما يدفع بها أو يفديه. فإن أعتقه وقد لزمه قيمة العبد بالخلاف والمولى يعلم بذلك أو لا يعلم فهو سواء، والمولى ضامن للأقل من قيمة المعتق ومن قيمة المستهلك. ولو كان العبد قتل الذي استعار قتلاً (¬5) فأعتقه مولاه (¬6) وهو يعلم بالجناية أو لا يعلم فإن كان يعلم فعليه قيمة النفس كاملة (¬7) بالغة ما بلغت. فإن كان لا يعلم فعليه الأقل من قيمة القاتل ومن قيمة المقتول دين في ماله حالاً في جميع ما وصفت لك. ... ¬

_ (¬1) ز - لم. (¬2) م ز: فيها. (¬3) ز: يشبه. (¬4) ف: وإنما (مهملة). (¬5) ز: قيلا. (¬6) ف - مولاه. (¬7) م - كاملة.

باب العبد بين الرجلين يلحقه الدين

باب العبد بين الرجلين (¬1) يلحقه الدين وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا كان العبد بين رجلين فأذنا له في التجارة وأدانه كل واحد منهما مائة درهم وأدانه رجل أجنبي مائة درهم ثم إن العبد مات وترك مائة درهم أو بيع العبد بمائة درهم فإن المائة تقسم بين الأجنبي وبين الموليين نصفين فيكون للأجنبي نصفها وللموليين نصفها بينهما نصفين؛ لأن الموليين حين أدانه كل واحد منهما مائة درهم كان نصفها في نصيبه فبطل، وكان نصفها في نصيب صاحبه فثبت. وأما المائة التي أدانه الأجنبي (¬2) فإنها كلها ثابتة في جميع العبد، في نصيب كل واحد منهما (¬3) خمسون درهماً. ولو كان أحد الموليين أدانه مائة درهم وأدانه أجنبي مائة درهم (¬4) ولم يدنه المولى الآخر شيئاً حتى مات العبد وترك مائة درهم [أو] بيع بمائة درهم فإن أبا حنيفة كان يقول: المائة بين الأجنبي وبين المولى الذي أدانه على ثلاثة أسهم، سهمان للأجنبي وهو الثلثان، وسهم للمولى الذي أدانه وهو الثلث. وأما في قول أبي يوسف فإن المائة بينهما على أربعة أسهم، ثلاثة أرباعها للأجنبي وربع للمولى الذي أدانه؛ لأن نصيب المولى الذي أدانه من العبد لا حق للمولى الذي أدانه فيه، وهو خمسون درهماً، فيسلم ذلك للأجنبي. وأما نصيب المولى الذي لم يدنه فإن للأجنبي فيه خمسين (¬5) درهماً، وللمولى الذي (¬6) أدانه فيه خمسون درهماً (¬7). فهو بين الأجنبي وبين المولى الذي أدانه نصفان (¬8). فتصير المائة بينهما على أربعة أسهم، سهم للمولى الذي أدانه وثلاثة أسهم للأجنبي. وهذا القول أحب إلي من قول أبي حنيفة. ¬

_ (¬1) ز: رجلين. (¬2) ف: الآخر. (¬3) ز - منهما. (¬4) ز: دراهم مائة. (¬5) ز: خمسون. (¬6) ف - الذي. (¬7) ز - وللمولى الذي آدانه فيه خمسون درهماً. (¬8) ز: نصفين.

وإذا كان الرجلان مشتركين (¬1) شركة مفاوضة أو شركة عنان بينهما عبد ليس من شركتهما فأدانه أحدهما مائة درهم من شركتهما وأدانه أجنبي مائة درهم، ثم إن العبد (¬2) مات وترك مائة درهم أو بيع بمائة درهم، فإن المائة بين الشريكين وبين الأجنبي على ستة أسهم، للأجنبي من ذلك أربعة أسهم وهو ثلثا الدين، وللشريكين (¬3) الثلث من ذلك؛ لأن الشريك حين أدان العبد مائة من شركتهما جاز ذلك على شريكه خاصة، فبطل من المائة خمسون درهماً، وبقي خمسون درهماً، لكل واحد من الشريكين خمسة وعشرون درهماً في نصيب صاحبه وبطل ما كان في نصيبه من ذلك، وصار للأجنبي مائة درهم في جميع العبد، فصار له في كل نصيب خمسون درهماً، يضرب به في جميع ذلك النصف، وصار لكل واحد من الشريكين في نصف صاحبه خمسة وعشرون درهماً، يضرب بها في جميع النصف، فصار لكل واحد من الشريكين ثلث نصيب صاحبه، وصار للأجنبي ثلثا نصيب كل واحد منهما، فقسمت المائة على ستة أسهم، ثلثاها للأجنبي، وثلثها (¬4) للموليين بينهما نصفين. ولو كان العبد من شركتهما فأدانه أحدهما مائة درهم من شركتهما وأدانه الأجنبي مائة درهم ثم مات العبد وترك مائة درهم أو بيع (¬5) بمائة درهم فإن المائة كلها للأجنبي. ولا شيء لواحد من الشريكين فيها؛ لأن العبد كان من شركتهما، والمال من شركتهما، فهو باطل لا يلحق العبد منه قليل ولا كثير. فصار ثمن العبد وجميع ما ترك للأجنبي حتى يستوفي حقه. ولو كان الموليان شريكين شركة عنان والعبد من شركتهما فأداناه مائة درهم من غير شركتهما وأدانه أجنبي مائة درهم، ثم مات العبد وترك مائة درهم أو بيع العبد بمائة درهم، فإن المائة تقسم بين الموليين وبين الأجنبي على ستة أسهم، ثلثها بين الموليين نصفان (¬6) والثلثان للأجنبي. وإذا أذن الرجلان لعبدهما في التجارة فأدانه أحد الموليين ¬

_ (¬1) ز: مشتركان. (¬2) ز + مائة. (¬3) م ز: والشريكين. (¬4) م ف ز: وثلثا. (¬5) ز: أو نيع. (¬6) ز: نصفين.

مائة درهم وأدانه رجل أجنبي مائة درهم ثم إن المولى الذي لم يدن العبد غاب (¬1) وحضر الأجنبي فأراد بيع نصيب المولى الذي أدان العبد في دينه فإن للقاضي (¬2) أن يبيعه له (¬3) إلا أن يفديه مولاه. فإن (¬4) باعه له بخمسين درهماً فأخذها ثم جاء المولى الآخر فإنه يبيع نصيبه له وللمولى الذي أدانه. فيقتسمان ذلك بينهما نصفين (¬5)؛ لأن الأجنبي قد استوفى من حقه خمسين، وبقي له خمسون، وللمولى الذي أدان خمسون، فيقتسمون هذا النصف نصفين. ولو كان ثمن نصيب المولى الذي أدان العبد تَوَى (¬6) على المشتري وبيع نصيب هذا المولى الذي لم يدن بخمسين أو بأكثر من ذلك أو بأقل، فإن جميع ثمن هذا النصيب يقسم بين الأجنبي وبين المولى الذي أدان العبد على ثلاثة أسهم. سهمان من ذلك للأجنبي، وسهم للمولى الذي أدان؛ لأن (¬7) الأجنبي له على العبد مائة درهم. فله أن يضرب بها كلها في كل واحد من النصيبين (¬8) إلا أن يستوفي منها شيئاً، فلا يضرب إلا بما بقي. وأما المولى الذي أدان العبد مائة درهم فقد بطل نصف حقه؛ لأنه كان له نصف العبد. فإنما يضرب في هذا النصف بخمسين درهماً. فلذلك اقتسما ثمن هذا النصف على ثلاثة أسهم؛ لأن الأجنبي يضرب فيه بمائة درهم، ويضرب فيه المولى الذي أدان العبد بخمسين درهماً. فإن كان هذا النصف بيع بخمسين درهماً، وأخذ الأجنبي ثلثيها ثلاثة وثلاثين وثلث، وأخذ المولى الذي أدان ثلثها (¬9) ستة عشر وثلثين (¬10)، ثم خرج الذي كان تَوَى على المشتري الأول وهو خمسون درهماً أو أقل، فإن ذلك كله للأجنبي، ولا يحاسب بشيء مما قبض؛ لأنه لم يقبض جميع ما كان له في النصيب الذي بيع لهما. ألا ترى أن له في كل نصيب خمسين (¬11) درهماً. فإنما أخذ ¬

_ (¬1) ز: غائب. (¬2) م: القاضي. (¬3) ف - له. (¬4) ز: فإنه. (¬5) ز: نصفان. (¬6) أي: هلك وضاع، كما تقدم. (¬7) ف: لأجل. (¬8) م ز: من النصفين. (¬9) ز: ثلثهما. (¬10) ز: وثلثي. (¬11) ز: خمسون.

من النصيب الذي بيع لهما جميعاً أقل من خمسين درهماً (¬1). فيأخذ جميع الثمن الذي بيع به نصيب الذي أدان. فإن كان ذلك الثمن أكثر من خمسين درهماً سلم ذلك أيضاً للأجنبي، ولا حق لواحد من الموليين فيه حتى يزيد على ستة وستين وثلثين (¬2). فإذا زاد على ستة وستين وثلثين (¬3) كانت الزيادة للمولى الذي أدان، ولا يرجع أحد من (¬4) الموليين على صاحبه بقليل ولا كثير. وإذا كان العبد بين رجلين فأذنا له في التجارة ثم إن كل واحد منهما أدانه مائة درهم لرجل آخر بأمر صاحبها وأدانه رجل أجنبي مائة درهم، ثم مات العبد وترك مائة درهم أو بيع العبد بمائة درهم، فإن هذه المائة بين الأجنبي وبين الموليين على ثلاثة أسهم، ثلث للأجنبي، ولكل مولى من المائة الثلث. ولا يطرح على العبد من دين الموليين قليل ولا كثير؛ لأن المال لم يكن لهما، إنما كان لغيرهما (¬5)، فلا يبطل منه شيء عن العبد وإن (¬6) كان الموليان هما وليا إدانته. ولو كان المال الذي أدان العبدَ الموليان كل واحد من المالين بين المولى الذي أدانه وبين أجنبي (¬7) قد أمره بإدانته، والمسألة على حالها، فبيع العبد بمائة درهم أو مات وترك مائة درهم، فإن المائة تقسم بينهما على عشرة أسهم، أربعة أسهم من ذلك للأجنبي الذي أدان العبد، وأربعة أسهم من ذلك للأجنبيين اللذين شاركا (¬8) الموليين في المائتين لكل واحد منهما سهمان، وللموليين سهمان، لكل واحد منهما سهم، لأن للأجنبي (¬9) الذي أدان العبد مائة كاملة على العبد، وكان للموليين مائة درهم على العبد. فبطل ¬

_ (¬1) ف - فإنما أخذ من النصيب الذي بغ لهما جميعاً أقل من خمسين درهماً. (¬2) ز: وثلثي. (¬3) ز: وثلثي. (¬4) م - من. (¬5) ف + إنما كان لغيرهما. (¬6) م ف ز: فإن. (¬7) م ف ز: الأجنبي. والتصحيح من الكافي، 3/ 69 و. (¬8) م ف ز: للأجنبي الذي شارك. والتصحيح من الكافي، 3/ 69 و. (¬9) ف: الأجنبي.

منها خمسون درهماً من حصة كل واحد (¬1) من الموليين خمسة وعشرون؛ لأن ما أصاب نصيب أكل واحد منهما، من دينه يبطل [باعتبار نصيبه من] (¬2) العبد. فبطل من نصيبهما خمسون درهماً وصار لهما خمسون درهماً، لكل واحد منهما خمسة وعشرون درهماً (¬3) يضرب بها في جميع نصيب صاحبه. فصارت المائة ثمن العبد. وما ترك العبد بينهما يضرب فيه الأجنبي الذي أدان العبد بمائة درهم، ويضرب فيه الشريكان الأجنبيان بمائة درهم، ويضرب فيه الموليان بخمسين درهماً. فتكون المائة بينهما على عشرة أسهم. أربعة منها للأجنبي، وأربعة منها للشريكين الأجنبيين، وسهمان منها (¬4) للموليين بينهما نصفان. وإذا كان العبد بين رجلين وقيمته مائتا درهم فأذنا له في التجارة فأدانه رجل أجنبي مائة درهم، فحضر الذي أدانه وغاب أحد مولييه، فطلب صاحب الدين دينه، فإن نصف العبد الذي للمولى الغائب لا يقضى فيه بشيء حتى يحضر مولاه، ويباع نصيب المولى الحاضر في جميع الدين. فإن بيع بمائة درهم أخذها الغريم كلها. فإذا حضر المولى الآخر كان للمولى الذي بيع نصيبه للغريم أن يبيع هذا المولى الغائب بخمسين درهماً. فيبيع فيهما حصة المولى الذي كان غائباً إلا أن يفديه المولى بخمسين درهماً، لأن نصيب المولى الذي كان حاضراً أخذه كله الغريم. ¬

_ (¬1) ز - منهما سهمان وللموليين سهمان لكل واحد منهما سهم لأن للأجنبي الذي أدان العبد مائة كاملة على العبد وكان للموليين مائة درهم على العبد فبطل منها خمسون درهماً من حصة كل واحد. (¬2) الزيادتان مستفادتان من السرخسي حيث يقول: لأن كل واحد من الموليين نائب عن شريكه في نصف ما أدانه، فيثبت على العبد جميع نصيب كل واحد من الشريكين، وفي النصف كل واحد منهما دائن لنفسه، فيثبت نصف ذلك النصف باعتبار نصيب شريكه من العبد، ولا يثبت نصفه باعتبار نصيبه من العبد. انظر: المبسوط، 24/ 65. (¬3) ز + من الموليين خمسة وعشرين لأن ما أصاب نصيب من دينه يبطل العبد فبطل من نصيبهما خمسون درهماً وصار لهما خمسون درهماً لكل واحد منهما خمسة وعشرون درهماً. (¬4) م ف ز: منهما.

وكذلك لو لم يبع العبد ولكن قتله رجل فغرم نصف قيمته للمولى الحاضر فإن للغريم أن يأخذ جميع ما أخذ المولى الحاضر. فإذا قدم المولى الغائب فأخذ حصته من القاتل أخذ المولى الذي كان حاضراً منهما (¬1) خمسين درهماً؛ لأن الدين كان في جميع العبد. فلما أخذ كله من نصيب أحد الموليين رجع على صاحبه بنصفه. ألا ترى أن العبد لو كان لرجل واحد وقيمته مائتا درهم وعليه من الدين مائة درهم فقتله رجل أو قتله رجلان، فأخذ المولى نصف قيمته من الرجل الذي قتله وأخذ (¬2) المولى ما على أحد القاتلين وتَوَى (¬3) ما على الآخر، أن ذلك كله يأخذه الغريم من حقه، ولا يكون للمولى منه قليل ولا كثير حتى يستوفي الغريم (¬4) جميع دينه. وكذلك إذا كان العبد بين اثنين فهو بمنزلة هذا في جميع ما وصفت لك. وإذا كان العبد بين رجلين فأذنا له في التجارة فلحقه ألفا درهم من الدين لرجلين (¬5) لكل رجل ألف درهم وفي يديه ألف درهم، فأخذها أحد الموليين فاستهلكها ومات العبد، فإن للغريمين أن يأخذا (¬6) الذي استهلك الألف حتى يؤديها، فيقتسمانها نصفين. فإن رفع الغريمان الموليين إلى القاضي فقضى على الذي استهلك المال بدفعه (¬7) إلى الغريمين بينهما نصفين، أو لم يقض بشيء حتى أبرأ أحد الغريمين العبد من الدين والموليين (¬8) من دينه، فإن الغريم الآخر يأخذ جميع الألف من المولى الذي استهلكها حتى يستوفي حقه. ولا يضمن للموليين من الألف الذي استهلكها (¬9) المولى قليلاً ولا كثيراً ببراءة (¬10) الغريمِ العبدَ والموليين من دينه؛ لأن العبد قد بقي عليه من الدين مثل الألف التي استهلك المولى. ¬

_ (¬1) ف: منها. (¬2) ف ز: أو أخذ. (¬3) أي: هلك وضاع، كما تقدم. (¬4) ف + من حقه. (¬5) ف - لرجلين. (¬6) ز: أن يأخذ. (¬7) ز: يدفعه. (¬8) م ف ز: فالموليين. والتصحيح من الكافي، 3/ 69 و. (¬9) ز - حتى يستوفي حقه ولا يضمن للموليين من الألف الذي استهلكها. (¬10) أي: بإبراء.

فبراءة الغريم لا توجب للموليين في الألف قليلاً ولا كثيراً (¬1). وكذلك لو كان مولى العبد واحداً (¬2) فاستهلك له ألف (¬3) درهم كان هذا بمنزلة هذا سواء. ألا ترى أن رجلاً حراً لو مات وعليه ألفا درهم لرجلين لكل رجل ألف درهم وترك ألف درهم، فقضى القاضي بقسمتها بين الغريمين فلم يقتسماها ولم يقبضاها حتى أبرأ أحد الغريمين الميت من دينه، فإن جميع هذه الألف للغريم الباقي، وليس للورثة منها قليل ولا كثير. ولو كان الغريمان اقتسماها وقبضاها ثم أبرأ أحدهما الميت من دينه سلم له ما أخذ ولم يكن لصاحبه مما قبض قليل ولا كثير. وكذلك غريما (¬4) العبد لو أخذا (¬5) الألف من المولى الذي استهلكها (¬6) فاقتسماها بينهما وقبضاها (¬7) ثم أبرأ أحدهما العبد من دينه، سلم لكل واحد منهما ما قبض، ولم يكن لواحد منهما على صاحبه سبيل، ولم يكن للموليين على الغريمين سبيل. وإذا كان العبد بين رجلين فأذن له أحدهما في التجارة ولم يأذن له الآخر، فاشترى وباع فلحقه دين كثير، فإن نصف العبد الذي للمولى الذي أذن له يباع في جميع الدين ويقتسمه الغرماء بالحصص، ولا حق للغرماء في نصف المولى الذي لم يأذن للعبد. فإن عتق العبد بعد ذلك اتبعه الغرماء بجميع ما بقي من دينهم. ولو لم يبع الغرماء نصف العبد في دينهم ولكن كان في يد العبد مال لا يدرى من أين هو فقال العبد: هذا المال مما لحقني (¬8) من الدين، وقال المولى الذي لم يأذن له: هذا مال وهب لك أو كسبته من غير (¬9) التجارة التي لحقك فيها هذا الدين (¬10)، فإن القياس في هذا أن يكون نصف هذا المال للمولى الذي لم يأذن للعبد، ونصف للغرماء. ولكنا تركنا القياس في هذا. فإذا كان ¬

_ (¬1) ز: قليل ولا كثير. (¬2) ز: واحد. (¬3) ف: الألف. (¬4) م ف ز: غرما. (¬5) ز: لو أخذوا. (¬6) ز: استهلكه. (¬7) ز: وقبضها. (¬8) ف: ما لحقني. (¬9) ف: من عين. (¬10) ف: هذا المال.

المال لا يدرى من أين أصله فهو كله للغرماء. ألا ترى أن العبد لو كان في يده (¬1) ألف درهم وعليه لرجل ألف درهم دين أقرضها إياه قرضاً بمعاينة الشهود لقبض العبد إياها من المقرض، فقال العبد: الألف التي في يدي هي الألف التي أقرضني هذا الرجل، وقد شهدت الشهود على معاينة قبض العبد الألف التي أقرضها إياه هذا الرجل، إلا أنهم لا يدرون أهي هذه الألف أو غيرها، والعبد يقول: هى هذه الألف، أن القياس في هذا أن لا يصدق العبد على ذلك. ولكن هذا قبيح. والعبد مصدق، والألف للغريم. أرأيت لو كان العبد اشترى من رجل عبداً بألف درهم وعاين الشهود قبض العبد ثم إن المولى الذي لم يأذن قال: هذا العبد كسبته (¬2) من غير هذا الدين، وقد شهدت (¬3) الشهود على معاينة القبض إلا أنهم قد أشكل عليهم العبد الذي قبض، والعبد مأذون له يقول: هو هذا العبد، أكنت أعطي المولى الذي لم يأذن له نصف هذا العبد. فهذا قبيح. ولكن أنظر إلى ما كان في يديه من شيء فأقبض منه الدين، وما بقي جعلته بين الموليين نصفين، إلا أن يُعلم شيء (¬4) مما في يد العبد وُهب له أو تُصدق به عليه قبل الدين أو بعده أو كسبه من غير (¬5) التجارة التي وجب عليه هذا الدين منها، فإذا عرفت شيئاً من ذلك بعينه أخذ المولى الذي لم يأذن له نصفه لا حق للغرماء فيه، وكان نصفه للغرماء حتى يستوفوا، فإن بقي شيء من ذلك كان للمولى الذي أذن له. وإذا كان العبد بين رجلين فأذن له أحدهما في التجارة فأقر العبد بألف درهم في يديه أنها وديعة لرجل وأنكر ذلك الموليان جميعاً فإن القياس في هذا أن يأخذ المولى الذي لم يأذن للعبد نصف الألف، ويكون نصف الألف مستودعاً (¬6). ولا يصدق المولى الذي لم يأذن للعبد على شيء مما ¬

_ (¬1) ز: في يديه. (¬2) ف: كسبه. (¬3) م ز + هذا. (¬4) ز: شيئاً. (¬5) ف: من عين. (¬6) ز: مستودع.

قال. ولكنا نستحسن فنجيز قول العبد، ونجعل الألف كلها للمستودع. ألا ترى أن البينة لو قامت على أن المستودع قد أودع العبد ألف درهم بمحضر منهم وقبضها بمعاينة منهم لذلك إلا أنهم لا يعرفون الألف بعينها، أني أصدق العبد أنها هذه الألف التي في يديه. فكذلك الباب الأول. ولو كان العبد لم يقر بالوديعة حتى قبض الموليان منه الألف ثم أقر بعد القبض أنها وديعة لفلان وكذبه الموليان جميعاً، فإنه لا يصدق على الألف، والألف للموليين بينهما نصفين، ولا شيء عليه من الوديعة؛ لأنه لم يتلفها، إنما أتلفها من أخذها. ألا ترى أن رجلاً أجنبياً لو أخذها منه ثم جحد أن يكون أخذها منه وادعى العبد أنه أخذها منه أنه لا ضمان على العبد؛ لأنه لم يستهلك شيئاً. فكذلك أخذ الموليين إياه فهو بمنزلة هذا. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. وإذا كان العبد بين رجلين فأذن له أحدهما في التجارة ولم يأذن له الآخر وأدانه رجل (¬1) أجنبي مائة درهم وأدانه مولاه الذي أذن له مائة درهم، ثم إن الأجنبي أراد أخذ دينه وأن يباع العبد له، فإن العبد يباع للأجنبي منه نصفه خاصة وهو حصة الذي أذن له، فيستوفي الأجنبي من ذلك دينه. ولا يكون للمولى الذي (¬2) أدانه (¬3) من ثمن ذلك النصف قليل ولا كثير؛ لأنه لا يكون له دين في نصفه. ولو كان الذي أذن له لم يدنه (¬4) وأدانه المولى الذي لم يأذن له مائة درهم، فإن كان أدانه المولى الذي لم يأذن له قبل إدانة الأجنبي إياه فإن إدانة المولى الذي لم يأذن له إذن منه للعبد في التجارة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. فإن أدانه الأجنبي بعد ذلك كان دينه في جميع العبد. فيباع العبد كله، فيقتسم ثمنه المولى الذي أدانه والأجنبي على ثلاثة أسهم. سهم للمولى وسهمان للأجنبي في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإن الأجنبي يأخذ نصف الثمن خاصة وهو ثمن حصة المولى الذي أدانه؛ لأن المولى الذي أدانه لا ¬

_ (¬1) م ز - رجل. (¬2) ف - الذي. (¬3) ز: أذن له. (¬4) ز: لم يدينه.

باب العبد يأذن له مولاه في التجارة ويدفع إليه ما يعمل أو يبيعه شيئا أو يشتري منه

حق له ولا دين في نصيبه، وأما نصف الثمن فهو حصة المولى الذي لم يدنه (¬1)، فهو بين الأجنبي وبين المولى الذي أدانه نصفان، يضرب فيه المولى الذي أدانه بنصف حقه؛ لأن نصف حقه بطل، لأن حقه كان على عبد له نصفه، فبطل ما كان في نصفه من ذلك، فيضرب بنصف دينه في حصة شريكه في العبد، ويضرب الأجنبي أيضاً في (¬2) ذلك بنصف دينه (¬3)؛ لأنه قد استوفى نصف دينه من حصة الآخر. ولو كان مولاه الذي لم يأذن له أدانه مائة درهم بعد إدانة الأجنبي إياه فإن العبد يباع منه نصفه، وهو حصة المولى الذي كان أذن له. فيضرب فيه الأجنبي بجميع حقه، وهو مائة درهم. ويضرب فيها المولى الذي أدانه بنصف حقه (¬4). فيقتسمان من ذلك النصف على ثلاثة أسهم. ولا يلحق حصة المولى الذي أدانه من دين الأجنبي قليل ولا كثير؛ لأن دين الأجنبي لحق العبد، ولم يأذن له المولى الذي أدانه، وإنما أذن له بعد ما لحقه دين الأجنبي. ... باب العبد يأذن له مولاه في التجارة ويدفع إليه ما يعمل أو يبيعه شيئاً أو يشتري منه وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا دفع الرجل إلى عبده مالاً (¬5) يعمل به وأذن له في التجارة فباع واشترى فلحقه دين، ثم مات العبد وفي يديه مال ولا يعرف منه مال المولى بعينه، فإن جميع ما بقي في يدي (¬6) العبد بين الغرماء، ولا شيء للمولى منه إلا أن يعرف شيئاً منه بعينه للمولى، فيأخذه دون الغرماء. وكذلك لو كان في ¬

_ (¬1) ز: لم يدينه. (¬2) ف + نصف. (¬3) ز - شريكه في العبد ويضرب الأجنبي أيضاً في ذلك بنصف دينه؛ صح هـ. (¬4) ف - وهو مائة درهم ويضرب فيها المولى الذي أدانه بنصف حقه. (¬5) ز: ما. (¬6) م ز: في يد.

يدي العبد شيء قد عرف بعينه اشتراه بمال المولى أو ثمن شيء باعه العبد للمولى مما اشترى بماله. فإن عرف شيء من ذلك بعينه كان المولى أحق به، وإن لم يعرف لم يكن للمولى مما في يديه قليل ولا كثير؛ لأن المال الذي دفع إليه المولى إنما هو في يد العبد بمنزلة الوديعة والبضاعة. فإذا مات العبد ولم تعرف بعينها صارت ديناً. فإذا صار ما دفع المولى إلى العبد ديناً على عبده بطل؛ لأن المولى لا يكون له على عبده دين. ألا ترى أن العبد لو استهلك ذلك المال الذي دفعه إليه مولاه لم يلحقه منه شيء. وإذا مات العبد فعرف شيء بعينه لمولاه أخذه المولى. ولو أقر العبد في حياته وصحته بعدما لحقه الدين أن هذا المال الذي في يديه هو مال مولاه الذي أودعه، وقد عرف المال (¬1) الذي دفع المولى إلى عبده، وعاينت الشهود دفع ذلك إلى العبد، إلا أنهم لا يعرفون أنه هذا المال بعينه، فإن العبد لا يصدق على هذا أنه لمولاه. والغرماء أحق به حتى يستوفوا دينهم إلا أن تقوم البينة أن هذا المال بعينه هو المال الذي دفعه المولى إلى عبده أو يقر بذلك الغرماء، فيكون المولى أحق به من الغرماء. أرأيت لو كان المولى دفع إلى عبده عبداً أو عرضاً من العروض وعاينت الشهود ذلك ولحق (¬2) العبد دين كثير، فأقر (¬3) العبد بعدما لحقه الدين بعبد (¬4) في يديه أنه هو العبد الذي دفعه إليه مولاه، أكنت أصدقه وأدفع العبد إليه. لست أصدقه في شيء من ذلك. إلا أن أبا حنيفة وأبا يوسف كانا يقولان: لو أن عبداً أذن له مولاه في التجارة فلحقه دين ثم إن العبد أقر بشيء في يديه أنه لمولاه لم يصدق على شيء من ذلك، ولم يجز (¬5) إقراره على الغرماء إلا أن تقوم بينة أو يقر بذلك الغرماء. وكانا يجعلان إقرار العبد بعد لحاق الدين لمولاه بمنزلة إقرار المريض للرجل الأجنبي بوديعة في يديه وعليه دين كثير في الصحة. وكذلك قول محمد. أفلا ترى أن رجلاً لو حضره الموت وعليه دين كثير (¬6) في الصحة فأقر في ¬

_ (¬1) ز: المولى. (¬2) ز: ثم لحق. (¬3) م ف: فإقرار. (¬4) ف ز: لعبد. (¬5) ز: يجيز. (¬6) ز - كثير.

مرضه بعبد بعينه أنه لرجل لم يصدق عليه. ولو أقام الرجل البينة أنه أودعه عبداً وقبضه المريض منه إلا أن الشهود لا يشهدون أنه هذا العبد بعينه فأقر المريض أنه هذا العبد، فقسم بين الغرماء وبين المستودع، يضرب المستودع في ذلك بقيمة عبده. والقول في تلك القيمة قول الغرماء مع أيمانهم على علمهم. وقد صارت وديعة المستودع ديناً. وكذلك العبد المأذون له في التجارة إذا أقر (¬1) بعين (¬2) أن المولى أودعه إياه وعليه دين كثير وقد قامت البينة على معاينة الوديعة إلا أنهم لا يشهدون أنه هذا العبد بعينه فإن الوديعة قد صارت ديناً، ولا يصدق العبد أنه هذا العبد بعينه. فإذا صارت (¬3) الوديعة ديناً بطلت، ولا يلحق العبد المأذون له ديناً. ولو كان العبد أقر بهذه الوديعة لأجنبي (¬4) كان إقراره جائزاً وكان ذلك الأجنبي أحق بها من الغرماء إن قامت البينة على معاينة الوديعة أو لم تقم؛ لأن العبد مسلط على أن يقر لغير (¬5) مولاه، وليس له أن يقر لمولاه إذا كان عليه دين. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة ودفع إليه مالاً وأمره أن يشتري به الطعام خاصة واشترى به رقيقأ فإن الرقيقَ شراءَه (¬6) إياهم جائز (¬7) عليه في عنقه ولا يكون ثمنهم في ذلك المال؛ لأن المولى إنما أمره أن يشتري له بماله طعاماً فليس له أن يشتري له بغير ذلك. ولكن ما اشترى به من شيء غير الطعام فإن ذلك جائز على العبد، وثمنه في عنق العبد، وليس للبائع أن يأخذ من هذا العبد من هذا المال الذي دفع إليه المولى قليلاً ولا كثيراً (¬8)، ولكن البائع يتبع العبد فيبيعه في دينه، ويبيع (¬9) ما في يديه مما ليس من مال المولى الذي أعطاه العبد (¬10) حتى يستوفي دينه. ولو أن المولى لم يأذن ¬

_ (¬1) ف: وإذا أقر. (¬2) ز: بعبد. (¬3) ز: صات. (¬4) م ف: الأجنبي؛ ز: للأجنبي. (¬5) ز: لغيره. (¬6) م ف ز: بشرائه. والتصحيح مستفاد من الكافي، 3/ 70 ظ. (¬7) ز: جائزاً. (¬8) ز: قليل ولا كثير. (¬9) م ز: وبيع. (¬10) ز: المولى.

لعبده في التجارة ولكنه دفع إليه مالاً وأمره أن يشتري به الطعام كان هذا والباب الأول سواء، وكان كالعبد (¬1) المأذون له في التجارات، فما اشترى منها وباع فهو جائز عليه، ولا يجوز على مولاه ولا في مال مولاه. ولو أنه اشترى بمال مولاه شيئاً سوى ما أمره به مولاه ونقده الثمن من مال مولاه الذي دفع إليه كان للمولى أن يتبع البائع، فيأخذه بالثمن حتى يرده عليه، ويرجع بذلك البائع في رقبة العبد وفيما كان في يده من مال لم يدفعه إليه مولاه. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير ثم إن العبد باع من مولاه (¬2) طعاماً أو عبداً أو بزاً فيما في يده بمثل ثمنه فذلك جائز، ويؤخذ المولى بالثمن حتى ينقده ويقبض ما اشترى. وكذلك لو كان العبد دفع إلى المولى ما اشترى قبل أن ينقد منه الثمن فإن المولى يتبع بالثمن فيؤخذ (¬3) منه (¬4)، فيقتسمه الغرماء بينهم. ولو كان العبد باع المولى شيئاً مما في يديه فحاباه فيه فباعه إياه بأقل من ثمنه بما يتغابن الناس (¬5) فيه أو بما لا يتغابن الناس (¬6) في مثله فذلك سواء، ويقال للمولى: إنك بالخيار، إن شئت فانقض البيع، وإن شئت فأتم (¬7) الثمن حتى يكون مثل قيمة (¬8) ما اشتريت وخذ ما شئت. وليس للعبد أن يحابي المولى إذا كان عليه دين فيما باعه بقليل أو كثير. ألا ترى أن إقراره له بالدين لا يجوز على الغرماء. فكذلك محاباته إياه بقليل أو كثير، ولا يجوز على الغرماء. فإن كان المولى قد قبض ما اشترى من عبده فاستهلكه وقد كان العبد حاباه فيه بقليل أو كثير فلا ضمان على المولى في هذا البيع؛ لأنه قد استهلكه. وعليه أن يؤدي الثمن وتمام قيمة ما اشترى إلى الغرماء حتى لا يكون له من المحاباة قليل ولا كثير. فإن كانت القيمة لا تعرف إلَّا أنه يعرف أنها أكثر من الثمن ¬

_ (¬1) م ز: العبد. (¬2) ز: من مولا. (¬3) ز: فيأخذ. (¬4) ز - منه. (¬5) ز + الناس. (¬6) ف - فيه فباعه إياه بأقل من ثمنه بما يتغابن الناس فيه أو بما لا يتغابن الناس. (¬7) ف ز: فأتمم. (¬8) ف: قيمته.

فالقول في فضل القيمة قول المولى مع يمينه، إلَّا أن يقيم الغرماء البينة على أكثر من ذلك فيؤخذ ببينتهم. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه (¬1) دين كثير ثم إن المولى باع من العبد طعاماً أو بزاً أو رقيقاً بمثل قيمتهم أو أقل فبيعه جائز، وللمولى أن يمنع العبد مما اشترى حتى يقبض منه الثمن. فإن دفع العبد إليه الثمن وقبض منه ما اشترى فذلك جائز على الغرماء. وليس للغرماء أن يتبعوا المولى بشيء مما قبض. ولو أن المولى دفع ما اشترى منه العبد إلى العبد قبل أن يقبض منه الثمن والثمن دين على العبد فقبض العبد جائز، وما قبض العبد فهو للغرماء، لا شيء للمولى فيه، ولا شيء للمولى على عبده؛ لأن الثمن دين، ولا يلحق العبد دين لمولاه. ولو كان الثمن عروضاً وليس بدين على العبد كان المولى أحق بذلك الثمن من الغرماء، إن دفع ما اشترى منه العبد إلى العبد قبل أن يقبض أو بعد ذلك؛ لأن المولى إذا كان الثمن الذي باع به عروضاَ فقد وجبت له بعينها قبل أن يقبضها وقبل أن يدفع ما اشترى، فلا يضره دفع ما باع إلى عبده قبل أن يقبض (¬2) الثمن أو بعده. وإذا كان الثمن ديناً على العبد والذي اشترى العبد من سيده لا يأخذه إلَّا بدفع الثمن، فإذا دفع الثمن قبل أن يقبضه من سيده كان دفعه جائزاً، وقبض من سيده ما اشترى منه، وكان (¬3) للغرماء. وإذا كان المولى قد دفع ما اشترى منه عبده إلى عبده قبل أن يقبض ثمنه وثمنه دين على عبده فقد صار ما اشترى العبد من سيده للغرماء لا حق لسيده فيه، وصار الثمن ديناً على العبد لسيده يبيعه به. فإذا صار ديناً يتبع به بطل؛ لأن المولى لا يكون له على عبده دين. ولو كان المولى باع عبده شيئاً بأكثر من قيمته بقليل أو كثير فالمولى بالخيار، إن شاء أخذه من عبده من الثمن قدر قيمة ما باعه وأبطل الفضل، وإن شاء نقض البيع. فإن لم يجز (¬4) شيئاً من ذلك حتى يدفع ما باع إلى عبده سلم جميع ما دفع إلى ¬

_ (¬1) ز: فتلحقه. (¬2) م ز: قبل قبض. (¬3) ف ز: فكان. (¬4) ز: يجيز.

عبده للغرماء، وبطل حق المولى على عبده. وإذا خرج عبد الرجل إلى مصر من الأمصار فباع فيه واشترى ولحقه دين كثير وفي يديه عروض ورقيق، فقال العبد بعد ذلك: أنا عبد فلان ولم يأذن لي في التجارة فليس علي من دينكم قليل ولا كثير، وقالت الغرماء: أنت عبد لفلان وقد أذن لك في التجارة، فإن القاضي يبيع جميع ما في يديه ويقضيه (¬1) الغرماء. فإن بقي في يديه شيء كان لمولاه. وإن لم يبق في يديه شيء وبقي من دينهم شيء فأرادوا بيع العبد في دينهم لم يبع حتى يحضر مولاه. وكان ينبغي في القياس أن لا يباع شيء مما في يديه حتى يحضر المولى فتقوم عليه البينة بالإذن، ولكنا ندع القياس في هذا ونستحسن، فنبيع ما كان في يديه من ذلك ولا نبيع العبد. ولو أن الغرماء أقاموا البينة أن العبد مأذون له في التجارة والعبد يجحد ذلك والمولى غائب كان هذا والأول سواء، ولا أقبل البينة على المولى على الإذن والمولى غائب. ولو أن العبد أقر بالإذن ولم يُقم على (¬2) ذلك بينة وفي يد العبد عروض ورقيق كان هذا والأول سواء، ويبيع ما في يده حتى يقضيه (¬3) الغرماء، ولم يبع رقبته. وإن حضر مولاه بعدما باع القاضي ما في يده وقضى الغرماء فأنكر أن يكون أذن له في التجارة فإن القاضي يسأل الغرماء البينة على الإذن من المولى. فإن أقاموا على ذلك البينة، وإلا رد عليه جميع ما قبضوا، وأبطل دينهم حتى يعتق الغلام، فيأخذونه بما كان لهم من دين. وإذا اشترى العبد من رجل عبداً أو أمة أو متاعاً أوطعاماً أو شيئاً فقال الرجل للعبد: أنت محجور عليك فلا أدفع إليك شيئاً مما اشتريت مني، وقال العبد: أنا مأذون لي، فالقول في ذلك قول العبد، ولا يمين عليه، ويجبر البائع على دفع ما باع إلى العبد، ويأخذ (¬4) من العبد الثمن. وكذلك لو أن العبد باع رجلاً متاعاً أو رقيقاً أو شيئاً مما في يده فقال ¬

_ (¬1) ز: ويقبضه. (¬2) ز - على. (¬3) ف: حتى يقضياه؛ ز: حتى يقضاه. (¬4) ز: وياذ.

المشتري: أنت محجور عليك، وقال العبد: أنا مأذون لي، فالقول قول العبد، ويجبر المشتري على أخذ ما اشترى، ولا يمين على العبد في ذلك. فإن قال المشتري: أنا أقيم البينة أنه محجور عليه، لم يلتفت إلى ذلك، ولم تقبل منه بينة على ذلك. وكذلك لو قال المشتري: أنا أقيم البينة أنه أقر أنه محجور عليه (¬1) قبل أن يتقدم إلى القاضي بعد الشراء، فإن القاضي لا يقبل البينة على ذلك. ولكن العبد لو أقر بذلك عند القاضي أمضى ذلك عليه ورد البيع. فإن حضر المولى بعد ذلك فقال: قد (¬2) كنت أذنت للعبد في البيع والشراء وقد كذب فيما قال (¬3)، جاز النقض الذي كان فيما بين العبد والمشتري، ولم يلتفت إلى قول المولى؛ لأن المولى قد زعم أن عبده مأذون له في التجارة، فنقضه جائز. ألا ترى أنه لو أقال (¬4) المشتري البيع جازت إقالته. فكذلك إقراره له (¬5) بذلك. وكذلك لو قال المولى بعد نقض القاضي البيع: لم آذن لعبدي في التجارة ولكني قد أجزت بيعه، كان قوله هذا باطلاً وكان النقض جائزاً. ولو أن العبد أقر أنه محجور (¬6) عليه فلم يقض القاضي بنقض البيع حتى حضر المولى فقال: قد كنت أذنت له، أو قال: لم آذن له ولكن قد أجزت البيع، جاز البيع ولزم المشتري. وإذا باع العبد من رجل ثوباً أو متاعاً ثم قال العبد بعد البيع: هذا الذي بعتك لمولاي لم (¬7) يأذن لي في بيعه وأنا محجور علي، وقال المشتري: كذبت وأنت مأذون لك، فالقول في ذلك قول المشتري ويجبر (¬8) العبد على دفع ما باع وأخذ الثمن. وكذلك لو أن العبد اشترى شيئاً من رجل حر فقال العبد: أنا محجور علي، وقال البائع: أنت مأذون لك، فإن البيع جائز على العبد ويجبر على دفع الثمن. فإن حضر ¬

_ (¬1) ز - لم يلتفت إلى ذلك ولم تقبل منه بينة على ذلك وكذلك لو قال المشتري أنا أقيم البينة أنه أقر أنه محجور عليه. (¬2) ز - قد. (¬3) م - قال، صح هـ. (¬4) ف: لو قال. (¬5) م ز - له. (¬6) ز: محجورا. (¬7) ز: لمن. (¬8) ز: ويجيز.

المولى بعد ذلك فقال: لم آذن له في شيء من هذا، فالقول قوله ويرد البيع والشراء ويأخذ المولى الثمن من الذي أخذه. وكذلك لو أن عبداً (¬1) ابتاع من عبد شيئاً فقال أحدهما: أنا محجور علي، وقال الآخر: أنت مأذون لك وأنا مأذون، فالقول قول الذي يدعي جواز البيع منهما والشراء، ولا يصدق الآخر على إبطال ذلك، ولا تقبل منه بينة على ذلك، ولا يمين على صاحبه في شيء من ذلك. فإن قامت البينة على إقرار الذي يدعي جواز البيع أن صاحبه محجور عليه وأنكر ذلك عند القاضي فإن القاضي لا يسمع من هذا (¬2) البينة. ولو أقر بذلك إقراراً (¬3) عند القاضي أخذه بإقراره وأبطل البيع فيما بينهما (¬4). فإن جاء مولاه فقال: قد كنت أذنت لك، لم يلتفت إلى قوله وكان نقضه جائزاً. وإذا اشترى الرجل وباع ولا يُدْرَى ما هو عبد هو (¬5) أو حر فلحقه دين كثير ثم قال بعد ذلك: أنا عبد لفلان، وصدقه فلان وقال: هو عبدي محجور عليه، وقال الغرماء: هو حر، فإن الدين لازم للعبد يباع فيه إلَّا أن يفديه مولاه؛ لأن الدين قد لزمه فلا يصدق (¬6) على إبطاله. ولو أن العبد كان جنى جناية بإقرار أو ببينة وقال (¬7): أنا عبد لفلان، وصدقه فلان (¬8) بذلك وقال أصحاب الجناية: بل هو حر (¬9)، فهو (¬10) عبد لفلان ولا حق لأصحاب الجناية في رقبته؛ لأنهم ادعوا أنه حر وأقر هو أنه عبد (¬11)، فهم يقرون أن الحق على غيره وأنهم (¬12) لا حق لهم في رقبته. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير فقال الغرماء للمولى: قد أعتقته فلنا عليك القيمة، وقال المولى: لم أعتقه، فإن العبد ¬

_ (¬1) ز: العبد ا. (¬2) ز: من هذه. (¬3) ز: إقرار. (¬4) ز - فيما بينهما. (¬5) ز - هو. (¬6) ف: فلا نصدقه. (¬7) م: فقال. (¬8) ف: لفلان. (¬9) ف + وقال. (¬10) م ز: وهو، ف: أنا. والتصحيح من الكافي، 3/ 72 و. (¬11) ز - عبد. (¬12) ف: وأنه.

باب إقرار العبد المأذون له بالدين يلزمه أو لا يلزمه

يباع للغرماء، ولا يلتفت إلى قولهم. ولو كان العبد جنى جناية فقال أصحاب الجناية: قد أعتقت العبد فلنا عليك الدية لأنك قد اخترته (¬1)، وقال المولى: لم أفعل، فإن العبد عبد للمولى على حاله، ولا سبيل لأصحاب الجناية في رقبة العبد، ولا شيء لهم على المولى حتى يقيموا البينة على ما ادعوا من ذلك. ... باب إقرار العبد المأذون له بالدين يلزمه أو لا يلزمه وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فما أقر به من دين من قرض أو دين أو غصب أو وديعة استهلكها أو مضاربة أو بضاعة استهلكها فذلك جائز عليه، يباع فيه إلَّا أن يفديه مولاه، إن صدق المولى بذلك أو لم يصدق. وكذلك لو أقر أنه اشترى جارية هذا الرجل فوطئها وهي بكر فإن العقر يلزمه؛ لأنه (¬2) عقر من شراء. ألا ترى أن رجلاً لو باع هذا العبد جارية فجاء رجل فاستحقها فأخذها فقال المستحق: قد كانت بكراً (¬3)، فصارت ثيباً (¬4) في يد العبد وأقر العبد بذلك أن ذلك جائز (¬5) عليه. أرأيت لو أن هذا العبد غصب جارية بكراً فافتضها رجل في يده ثم هرب فجاء مولى الجارية فأخذها ألم يكن يأخذ العبد بعقرها. فكذلك الباب الأول، إن كان بإقرار أو بغير إقرار فهو سواء، وذلك جائز عليه. ولو أقر العبد المأذون له في التجارة وعليه دين كثير أنه وطئ جارية هذا الرجل بنكاح بغير إذن مولاها فافتضها فإن العبد لا يصدق على هذا، لأن هذا ليس من التجارة. فإن صدقه مولاه بذلك بدئ بدين الغرماء. فإن بقي شيء بعد ذلك أخذه مولى الجارية من عقرها. ¬

_ (¬1) ف - لأنك قد اخترته، صح هـ. (¬2) ف: لأن. (¬3) ز: بكر. (¬4) ز: ثلثا. (¬5) ز: جائزاً.

وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير ثم إنه تزوج حرة بأمر مولاه فالنكاح جائز، والمهر عليه، تضرب به المرأة مع الغرماء. وكذلك كل نفقة وجبت لها عليه فإنها تضرب به مع الغرماء (¬1) في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولو كان العبد أقر أنه وطئها بنكاح وجحد المولى أن يكون أذن له في ذلك وعلى العبد دين أو لا دين عليه فليس عليه من المهر قليل ولا كثير حتى يعتق، ولو أقر (¬2) بوطء أمة بنكاح فافتضها بإذن مولاها أو بغير إذن مولاها ومولاه يجحد ذلك وعليه دين أو لا دين عليه فإن إقراره في هذا باطل لا يلحقه فيه (¬3) قليل ولا كثير حتى يعتق. وكذلك لو أقر أنه افتضها بإصبعه غاصبها كان إقراره باطلاً في قياس قول أبي حنيفة ومحمد، وهذا بمنزلة الجناية. وأما في قول أبي يوسف فإقراره جائز عليه إن كان عليه دين أو لم يكن، ويضرب مولاها بمهرها مع الغرماء؛ لأن هذا دين وليس بجناية. ألا ترى أنه يباع فيه ولا يدفع به. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير ثم أقر بعد ذلك بدين اشتركوا جميعاً فيما كان في يده وفي رقبته، ولا يكون أحد منهم أولى برقبته ولا بما في يده من صاحبه. ولو أنه أقر بمال في يده بعينه أنه لفلان غصبه منه أو أودعه إياه وعليه دين كثير يحيط برقبته وبجميع ما في يده فإن إقراره جائز، ويبدأ بالذي أقر له بعينه، فيعطى ما أقر له به وإن أتى ذلك على جميع ما في يده. وكذلك البضاعة والمضاربة وكل شيء أقر به بعينه. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير ثم أقر بعبد في يده أنه ابن فلان أودعه إياه وقال (¬4): هذا حر (¬5) لم يملك قط، فالقول قوله، ولا سبيل للغرماء على ذلك العبد. ولو أن هذا العبد المأذون له اشترى من رجل عبداً ونقده الثمن وعلى العبد المأذون له في التجارة دين أو لا دين ¬

_ (¬1) ف - وكذلك كل نفقة وجبت لها عليه فإنها تضرب به مع الغرماء. (¬2) ف ز: وكذلك لو أقر. (¬3) ز - فيه. (¬4) ف: أو قال. (¬5) ز - حر.

عليه، فأقر العبد المأذون له أن البائع قد كان أعتق هذا العبد قبل أن يبيعه إياه فاشتراه منه وهو حر، وأنكر ذلك البائع فإن العبد مملوك على حاله، ولا يصدق المأذون له على ما أقر به من ذلك. وكذلك لو أقر العبد أن (¬1) البائع قد كان دبر العبد الذي اشترى منه قبل أن يبيعه منه، أو كانت أمة فأقر أنها قد كانت ولدت منه قبل أن يبيعها، فإن العبد لا يصدق على شيء من ذلك إلَّا أن يصدقه البائع. فإن صدقه البائع انتقض البيع فيما بينهما ورد البائع الثمن. ولو أن العبد المأذون له لم يقر في العبد الذي اشترى بشيء من هذا، ولكنه أقر أن العبد الذي اشترى من البائع باعه البائع قبل أن يبيعه منه من فلان، وقبضه فلان منه ونقده الثمن، وجاء فلان يدعي ما قال العبد المأذون له فإن العبد المأذون له مصدق، ويدفع العبد إلى المقر له، ولا سبيل له على الثمن الذي على البائع إلَّا أن يقيم بينة على ما ادعى من ذلك، أو يقر بذلك البائع، أو يأبى اليمين. وكذلك لو أن البائع باع غلاماً من هذا العبد المأذون له بمحضر من الغلام، ودفع الغلام إلى العبد المأذون له، وادعى الغلام بعد ذلك أنه حر لم يملك قط، وصدقه بذلك العبد المأذون له، فإن هذا باطل، والغلام عبد على حاله، إن كان على المأذون له دين بيع في دينه، وإن لم يكن عليه دين كان لمولاه. وإذا أذن الرجل لعبده (¬2) في التجارة فلحقه دين كثير فباع العبد (¬3) جارية من رجل، وقبضها منه ذلك الرجل بمحضر من الجارية ولا يدرى ما حال الجارية فادعى رجل أنها ابنته وصدقه بذلك المشتري والعبد فإن الجارية ابنة الرجل ترد وينتقض (¬4) البيع فيما بينهما. ولو كان العبد اشتراها من رجل وقبضها منه فأقر (¬5) البائع الذي باع العبد المأذون له بذلك أيضاً فإن هذا يرد كله وينتقض، ويترادون البيع فيما بينهم، فيأخذ المشتري الثمن من العبد، ويأخذ العبد الثمن من البائع الأول، ويثبت نسب الجارية من أبيها (¬6)، وترد عليه. ولو كان العبد المأذون له اشتراها من رجل ¬

_ (¬1) ف - أن. (¬2) ف: العبد هـ. (¬3) ف + من. (¬4) ز: ولا ينتقض. (¬5) م ف ز + أن. (¬6) ز: من ابنها.

بمحضر منها وقبضها وهي ساكتة لا تنكر، ثم باعها من رجل وقبض الثمن، ثم ادعى رجل أجنبي أنها ابنته وصدقه في ذلك العبد المأذون له والجارية والمشتري وأنكر (¬1) ذلك الذي باعها العبد، فإن الجارية لا ترد بيعها الذي كان بين المشتري الآخر وبين العبد المأذون له، وتكون الجارية ابنة الذي ادعاها بإقرار المشتري (¬2)، وتكون (¬3) حرة لا سبيل عليها، ولا يبطل البيع الذي بين العبد وبين المشتري الآخر وإن كانا قد اجتمعا على أنه قد باعه حرة؛ لأنا لا نصدق العبد على عتقها. وكذلك لو ادعى المشتري الآخر أن البائع الذي باعها من العبد (¬4) قد كان أعتقها قبل أن يبيعها أو دبرها أو ولدت منه وصدقه العبد بذلك، فإن البيع لا ينتقض فيما بين المشتري الآخر وفيما بين العبد بإقرار العبد أنه باعه ما لا يجوز بيعه، ولا يصدق العبد على شيء من ذلك، وتعتق الجارية إن كان المشتري الآخر أقر بعتقها من مال المشتري الآخر. وإن كان أقر فيها بتدبير أو أنها أم ولد (¬5) صارت موقوفة من ماله. فإذا مات البائع الأول عتقت، ولا يرجع على العبد بشيء من الثمن الذي أعطاه حتى يعتق العبد. فإذا عتق رجع عليه بالثمن وأخذه منه؛ لأنه قد أقر بما قال المشتري الآخر. ولو أن المشتري الآخر ادعى أن البائع الذي باعها للعبد (¬6) كان كاتبها قبل أن يبيعها من العبد وصدقه المأذون له في ذلك وادعت ذلك الأمة فإن البيع جائز فيما بين المشتري الآخر وفيما بين العبد، وهي أمة للمشتري ولا تكون مكاتبة. ولا يشبه هذا العتق والتدبير والولادة من (¬7) السيد؛ لأن البائع حين باعها من العبد وأنكر أن يكون كاتبها بطلت الكتابة، وما أقر أنه من التدبير والعتاقة والولادة فذلك (¬8) لازم أبداً. ولو كان المشتري الآخر قد أقر ببعض ما ذكرنا وكذبه العبد والبائع ¬

_ (¬1) ف: فأنكر. (¬2) ز - وتكون الجارية ابنة الذي ادعاها بإقرار المشتري. (¬3) ز: ويكون. (¬4) ز: من البائع. (¬5) ز: ولدت. (¬6) ف: العبد. (¬7) ز: بين. (¬8) ف: فذاك.

الأول في ذلك كان جميع ما أقر به لازماً (¬1) له. فإن أقر بعتق كانت الجارية حرة. وإن كان أقر بتدبير أو بولادة من سيدها الأول كانت موقوفة لا تخدم أحداً. فإذا مات البائع الذي باعها من العبد عتقت. وأما إقراره بالكتابة فباطل، وله أن يبيعها في هذا. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير ثم أقر بشيء في يده أنه لمولاه أودعه إياه، أو أقر لابن مولاه أو لأبيه (¬2) أو لعبد له آخر مأذون له، وعليه دين أو لا دين عليه، أو لمكاتب له أو لأم ولد له أو لمدبرة له، فإن إقراره بذلك لمولاه أو لمكاتب مولاه أو لأم ولد مولاه باطل. وكذلك إقراره لعبد مولاه، إن كان على العبد دين أو لم يكن. فأما إقراره لابن مولاه أو لأبيه (¬3) فهو جائز، ويبدأ بذلك قبل الغرماء؛ لأنه أقر لهم بشيء بعينه. فيأخذونه قبل الغرماء. ولو كان أقر لأحد ممن ذكرنا بدين عليه كان بمنزلة هذا إلَّا أن إقراره لابن مولاه أو لأبيه (¬4) بالدين يشاركان به غرماء العبد فيما كان في يده وفي رقبته. ولو لم يكن على العبد المقر دين كان إقراره جائزاً (¬5) في ذلك كله. فإن لحقه بعد ذلك دين فإن كان أقر بشيء بعينه لأحد منهم أخذه، وكان أحق به من غرماء العبد. وإن كان أقر بالدين لأحد منهم ثم لحقه دين بعد ذلك لم يرجع صاحب الدين الأول المقر له بشيء وإن كان المقر له هو المولى أو مدبره أو أم ولده أو عبده إذا لم يكن عليه دين. فإن كان أقر لعبده مولاه قبل أن يلحقه الدين بدين وعلى العبد المقر له دين، أو كان إقراره لمكاتب المولى أو لأبيه أو لابنه ثم لحقه دين بعد ذلك، فإقراره جائز، ويشتركون جميعاً هم والغرماء في رقبته وفي جميع ما في يديه في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فأقر لابنه بدين وابنه حر، أو لأبيه ¬

_ (¬1) ز: لازم. (¬2) م ز: أو لابنه. (¬3) م ز: أو لابنه. (¬4) م ز: أو لابنه. (¬5) ز: جائز.

أو لزوجته وهي حرة، أو لمكاتب أبيه أو لمكاتب ابنه أو لعبد ابنه، وعليه دين أو لا دين عليه، فإن إقراره لجميع ما ذكرت لك في قياس قول أبي حنيفة باطل. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإقراره في ذلك كله جائز، ويشاركون الغرماء. وكذلك لو أقر لأحد ممن ذكرنا بمال قائم بعينه في يده وديعة أو مضاربة أو بضاعة، وعليه دين أو لا دين عليه، فإقراره في قياس قول أبي حنيفة باطل. وإقراره في قول أبي يوسف ومحمد جائز، ويبدأ بهم قبل الغرماء. ألا ترى أن أبا حنيفة كان يقول: لو أقر أحد المتفاوضين لابنه بدين أو لأبيه أو بوديعة لم يجز ذلك على شريكه، وجاز عليه. وقال أبو يوسف: هو جائز عليه وعلى شريكه. وكذلك العبد المأذون له في التجارة. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فأذن العبد لجاريته في التجارة وعلى العبد دين كثير أو لا دين عليه فإذنه جائز. فإن لحق الجارية دين كثير يحيط برقبتها وبما في يدها ثم إن العبد الأول أقر بألف مما في يده أنها (¬1) وديعة أودعتها إياه الجارية، فإن كان على العبد دين كثير أو لم يكن فإقراره جائز على الغرماء وعلى المولى، ويأخذ الجارية فيقضي بها (¬2) ديناً (¬3) ويكون أحق بها من الغرماء. وإن كان أقر لها بدين ألف درهم شاركت غرماء العبد في رقبة العبد وفيما في يده، فيأخذ حصتها من ذلك غرماؤها. وكذلك لو أقر لها بدين ولا دين عليه بيع في الدين الذي أقر لها به إلَّا أن يفديه مولاه حتى يأخذ ذلك غرماؤها. ولو كان على العبد دين كثير فأقرت الجارية بألف درهم في يديها أنها وديعة العبد فإن الجارية لا تصدق على ذلك؛ لأنها أقرت لعبد مولاها (¬4) وعليه (¬5) دين. ألا ترى أنها لو أقرت بذلك لمولاها لم يجز. فكذلك إقرارها لعبده. ولا يشبه إقرارها للعبد وعليه (¬6) دين إقراره لها وعليه دين. إذا أقر لها جاز إقراره. ألا ترى أنه لو لم يكن عليها دين جاز إقراره لها وكانت الجارية وما أقر لها به يقضى به ¬

_ (¬1) ز: أنه. (¬2) ف: فنقصانها؛ ز: فيقضيها بها. (¬3) ز: دين. (¬4) ف: لمولاها. (¬5) م ز: وعليها. (¬6) م ف ز: وعليها.

دين العبد. فالإقرار لها جائز؛ لأن جميع ما أقر لها به يعود إليه إلا أن يكون عليها دين، فيجوز إقراره لها [أيضاً]؛ لأنه إنما أقر لغرمائها. ألا ترى أنه لو أقر لغرمائها جاز إقراره. فكذلك إذا أقر لها وعليها دين بوديعة أو دين فإقراره لها جائز. ولو كان بعض غرمائها مكاتباً (¬1) للمولى أو عبداً (¬2) له آخر مأذوناً له في التجارة وعليه دين، فأقر لها العبد الذي أذن لها في التجارة بألف درهم وديعة في يده أنها أودعتها إياه وأقر لها بدين ألف درهم، فإن كان العبد المقر لا دين عليه فإقراره لها جائز. وإن كان عليه دين فإقراره لها باطل، ولا يأخذ غرماؤها مما أقر لها به قليلاً ولا كثيراً؛ لأن الإقرار لو جاز شارك الغرماء مكاتب المولى وعبده. فإذا كانا يشاركان الغرماء فيما أقر به العبد المأذون له كان إقراره لها باطلاً؛ لأن إقراره بالوديعة والدين لمكاتب مولاه ولعبده باطل. فكذلك إقراره لها (¬3) إذا كان لمكاتب المولى ولعبده في ذلك نصيب. ولا يكون ما أقر به العبد لها من وديعة أو دين لغرمائها سواء مكاتب المولى وعبده؛ لأنهما شريكان في مالها. فينبغي إذا جعل الإقرار جائزاً (¬4) أن يدخلا مع الغرماء. ألا ترى أن رجلاً لو مات وعليه دين لأقوام (¬5) شتى وهو دين متفرق، ثم حضر رجلاً (¬6) آخرَ الموتُ فأقر للميت بوديعة ألف درهم في يده أو بدين ألف درهم، ثم مات وبعض غرماء الميت أحد (¬7) ورثة الآخر فإن إقراره باطل (¬8)؛ لأن الغرماء يأخذون ما أقر به فيشتركون فيه، وأحدهم وارث المقر، فلا يجوز إقراره لأحد منهم. فكذلك ما وصفت من إقرار العبد للجارية إذا كان بعض غرمائها مكاتباً للمولى أو عبداً (¬9) له مأذوناً له في التجارة وعليه دين. ولو كان بعض غرمائها أبا للمولى أو ابنه فأقر لها العبد بوديعة ألف درهم في يده أو بدين وعلى العبد المقر دين فإن إقراره جائز. فإن كان أقر لها بوديعة بدئ بذلك ¬

_ (¬1) ف: يكاتب؛ ز: مكاتب. (¬2) ز: أو عبد. (¬3) ز - باطلاً لأن إقراره بالوديعة والدين لمكاتب مولاه ولعبده باطل فكذلك إقراره لها. (¬4) ز: جاز. (¬5) ف ز: لقوم. (¬6) م ف ز: رجل. (¬7) ف: أخذ. (¬8) ز: باطلاً. (¬9) ز: أو عبد.

قبل غرمائه. وإن كان أقر لها بدين شاركت غرماءه (¬1) في رقبته وفيما في يده وأخذ حصتها من ذلك غرماؤها. ولو كان بعض غرمائها أبا (¬2) العبد أو أمه أو ابنه أو زوجته وعلى العبد المقر دين أو لا دين عليه كان إقراره في قياس قول أبي حنيفة باطلاً، وهو جائز في قول أبي يوسف ومحمد. وكذلك لو كان بعض غرمائها مكاتباً لأبي العبد أو لابنه أو لزوجته في قولهما جميعاً على ما وصفت لك. ولو كان بعض غرمائها أخاً للعبد أو عمه أو خاله أو ذا (¬3) رحم محرم منه كان إقراره لها جائزاً في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولا يشبه هذا في قول أبي حنيفة الوالد والمولود والزوجة؛ لأن هؤلاء ممن لا تجوز شهادة العبد له لو كان حراً. وأما الأخ والعم والخال وكل ذي رحم محرم سوى الوالد والولد فإن شهادة العبد إذا كان حراً له جائزة، فكذلك إقراره له. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين أو لم يلحقه ثم أقر بدين كان عليه وهو محجور (¬4) عليه من قرض أو غصب أو وديعة استهلكها أو عارية خالف فيها أو مضاربة استهلكها، فصدقه رب المال بذلك أنه كان وهو محجور عليه، أو كذبه وقال: كان ذلك بعدما أذن لك مولاك في التجارة، فإن كذبه رب المال المقر له أن يكون فعل ذلك في حال الحجر وقال: فعلت ذلك وأنت مأذون لك، وقال العبد: فعلت ذلك وأنا محجور علي، فالقول في ذلك قول المقر له مع يمينه، ويلزم العبد (¬5) المقر جميع ما أقر به من ذلك. فإن صدقه رب المال المقر له بجميع ما قال وأقر (¬6) أن ذلك كان من العبد وهو محجور عليه فلا شيء على العبد من ذلك على وجه من الوجوه إلا في خصلة واحدة: بأن يقر أنه غصب شيئاً في حال الحجر عليه فاستهلكه وصدقه بذلك رب المال، فإن المال يلزمه ويباع فيه إلا أن يفديه مولاه. فإن عتق العبد يوماً من الدهر اتبعه رب المال المقر له ¬

_ (¬1) ز: غرماؤه. (¬2) ز: أبو. (¬3) ز: أو ذو. (¬4) ز: محجورا. (¬5) ف + قول المقر له مع يمينه ويلزم العبد. (¬6) م: فأقر.

بجميع ما أقوله من قرض أو وديعة استهلكها أو عارية خالفها أو مضاربة استهلكها. وإن كان بقي على العبد من المال الذي أقر أنه اغتصبه (¬1) واستهلكه شيءٌ (¬2) اتبعه به أيضاً بعد العتق. وكذلك الصبي الذي يعقل الشراء والبيع إلا أنه لم يبلغ أو المعتوه الذي يعقل الشراء والبيع (¬3) يأذن له أبوه أو وصيه في التجارة فيقر ببعض ما ذكرنا أنه فعله قبل أن يأذن له أبوه أو وصيه (¬4). فإن صدقه بذلك رب المال المقر له لم يلزمه من ذلك شيء غير الغصب، فإنه يؤخذ به، فأما ما سوى ذلك فإنه لا يلزمه منه قليل ولا كثير. وإن كبر الصبي وبلغ وأفاق المعتوه لم يلزمهما مما أقرا به أيضاً قليل ولا كثير (¬5) غير الغصب الذي أقرا به. وكذلك لو أقرا بذلك بعد البلوغ والإفاقة لم يلزمهما من ذلك قليل ولا كثير إلا الغصب. فإن كانا أقرا ببعض ما ذكرنا بعد الإذن لهما في التجارة أو بعد الإفاقة (¬6) أو البلوغ، وادعيا أنهما فعلا ذلك وهما غير مأذون لهما في حال الصغر والجنون، وكذبهما رب المال بذلك وقال: إنما فعلتما ذلك بعد الإذن، فالقول قول رب المال، والمال لازم لهما يأخذهما به؛ لأنهما قد أقرا بأمر يلزمهما. فهما يدعيان البراءة بقولهما: فعلنا ذلك ونحن غير مأذون لنا، فهما لا يصدقان على ذلك إلا أن تقوم لهما بينة على ما ادعيا من ذلك. فإن أقاما بينة على ذلك أخذ ببينتهما. وإن لم يقيما على ذلك بينة فعلى المدعي المقر له بالمال اليمين أنه لم يأخذ ماله منهما. فإن أقاما جميعاً البينة أنهما فعلا ذلك قبل أن يؤذن لهما في التجارة، وأقام (¬7) رب المال المقر له البينة أنهما فعلا ذلك بعدما أذن لهما في التجارة، فالبينة بينة رب المال المقر له, لأنه هو المدعي ¬

_ (¬1) م: اعتصمه. (¬2) م ف ز: شيئاً. (¬3) ف - إلا أنه لم يبلغ أو المعتوه الذي يعقل الشراء والبيع. (¬4) ز - في التجارة فيقر ببعض ما ذكرنا أنه فعله قبل أن يأذن له أبوه أو وصيه. (¬5) ف - وإن كبر الصبي وبلغ وأفاق المعتوه لم يلزمهما مما أقرا به أيضاً قليل ولا كثير. (¬6) ز - لم يلزمهما من ذلك قليل ولا كثير إلا الغصب فإن كانا أقرا ببعض ما ذكرنا بعد الإذن لهما في التجارة أو بعد الإفاقة. (¬7) م: فأقام.

للمال، فالقول في هذا الوجه (¬1) [قوله] (¬2) والبينة بينته. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة ثم حجر عليه ثم أذن له، فأقر بعد ذلك أنه كان استقرض من هذا الرجل ألف درهم في حال إذنه الأول وقبضها منه، وأقر أن هذا الرجل كان استودعه في حال إذنه الأول وديعة فاستهلكها، أو أبضعه بضاعة فاستهلكها، أو مضاربة فاستهلكها، فصدقه بذلك رب المال أو كذبه، وقال: فعلت هذا به في حال الإذن الآخر، فإن المال لازم للعبد في الوجوه كلها. ولا يشبه هذا الوجه الأول، لأن هذا أقر وهو مأذون له أنه كان فعل بعض ما ذكرنا وهو مأذون (¬3)، وذلك لازم له، فلزمه ما أقر به؛ لأنه مأذون له. وكذلك الصبي والمعتوه يأذن له أبوه في التجارة ثم يحجر عليه ثم يأذن له فيقر ببعض ما ذكرنا، فهو بمنزلة العبد في جميع ما ذكرنا. ولو كان على العبد أو على الصبي أو على المعتوه مال ببينة معروفة (¬4)، فأقر واحد منهم ببعض ما ذكرنا، فالمال الذي أقر به لازم له، ويحاصّ المقر له غرماء العبد بدينه الذي أقر به العبد، بمنزلة ما أقر أنه استهلكه في حال إذنه الآخر. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة ثم حجر عليه، فأقر بعدما حجر عليه بغصب اغتصبه في حال إذنه فاستهلكه، أو بقرض استقرضه في حال إذنه أو بوديعة أو عارية أو مضاربة استهلكها في حال إذنه، وكذبه (¬5) المولى بذلك، ولا (¬6) مال له في يدي (¬7) العبد، فلا شيء على العبد من ذلك حتى يعتق. فإذا عتق لحقه جميع ما أقر به. فإن لم يعتق حتى أذن له المولى في التجارة مرة أخرى فإن القاضي يسأله عما أقر به. فإن أقر به بعد الإذن لزمه ¬

_ (¬1) ز: الفرجه. (¬2) ولفظ الحاكم: قول المقر له. انظر: الكافي، 3/ 74 ظ. (¬3) م - وهو مأذون، صح هـ. (¬4) م ف: معروف. (¬5) ف ز: وكذب. (¬6) م ف ز: فلا. والتصحيح من الكافي، 3/ 75 و. (¬7) م ز: في يد.

جميع ما أقر به. وإن لم يقر بما كان أقر به في حال الحجر عليه وأنكر ذلك بعدما أذن له وقال: لم يكن إقراري ذلك بحق، وقد كنت أقررت له (¬1) في تلك الحال، فإن المال لا يلزمه قليل ولا كثير؛ لأنه أقر في حال لا يجوز إقراره عليه حتى يقضى الدين الذي كان عليه وهو مأذون له. فإن بقي شيء كان لمن أقوله به وهو محجور عليه. إنما كان أبو حنيفة يصدقه فيما في يده ما دام المال في يده ولا دين عليه. فإذا أخذه المولى أو أخرجه العبد من ملكه لم يصدق العبد على شيء من ذلك. وأما في قول أبي يوسف ومحمد في جميع ما وصفت لك فإن العبد إذا حجر عليه مولاه لم يصدق في شيء مما في يده، إن أخذه المولى أو لم يأخذه، وإن (¬2) باع المولى العبد أو لم يبعه. فهذا القياس، ولكن أبا حنيفة كان يستحسن ما وصفت لك. وإذا حجر المولى على عبده فأقر بدين أو أقر بوديعة استهلكها أو مضاربة أو بضاعة استهلكها، وليس في يدي (¬3) العبد مال، لم يصدق في شيء من ذلك في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. فإن عتق جاز عليه جميع ما أقر به من ذلك، وكان ديناً (¬4) عليه يؤخذ به. وإذا أذن الرجل لعبده وهو صغير في التجارة وهو يعقل الشرى والبيع، ثم حجر عليه، فأقر بعد الحجر بدين أو بوديعة استهلكها أو مضاربة أو ببضاعة استهلكها، فإن كان في يده مال صدق في قياس قول أبي حنيفة، وكان في ذلك بمنزلة الكبير، ولم يصدق في قول أبي يوسف ومحمد في شيء من ذلك. ولو لم يكن في يده مال لم يصدق في شيء من ذلك في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. فإن أعتقه مولاه بعد ذلك فإقراره باطل. وإن بلغ بعدما عتق لم يؤخذ بشيء من ذلك الإقرار. ولا يشبه الصبي في هذا الكبير. وكذلك الصبي الحر يأذن له أبوه في التجارة ثم يحجر عليه فيقر ببعض ما ذكرنا وفي يده مال ثم يكبر بعد ذلك، فهو ¬

_ (¬1) ف: لك. (¬2) ف: فإن. (¬3) م ز: في يد. (¬4) م: دينه؛ ز: دين.

في جميع ما وصفت لك بمنزلة العبد الصغير في جميع أمره. وكذلك المعتوه. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة ثم حجر عليه وفي يده ألف درهم فأخذها المولى، ثم أقر العبد بعدما أخذها المولى أنها كانت وديعة في يده لفلان وكذب المولى، فإنه لا يصدق في شيء من ذلك في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. فإن عتق بعد ذلك لم يلحقه من تلك الوديعة قليل ولا كثير، لأن أصل المال كان أمانة (¬1) في يده، فلا يلحقه من ذلك شيء. وكذلك البضاعة والمضاربة. ولو كان أقر بها بعينها أنه اغتصبها من فلان ثم أعتق لزمته، وكانت ديناً عليه يؤخذ بها. ولا يشبه المال المضمون في هذا المال الذي لا ضمان فيه. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة ثم حجر عليه وفي يده ألف درهم وعليه دين ألف درهم، فأقر أن هذه الألف الدرهم (¬2) التي في يده بعينها لفلان وديعة عنده أو مضاربة أو قرضاً أو غصباً، فإنه لا يصدق على شيء من ذلك، وصاحب الدين أحق به من المقر له. فإن أخذها صاحب الدين اقتضاء من حقه ثم أعتق بعد ذلك كانت الألف التي أقر بها ديناً عليه يؤخذ بها وإن كان أقر أنها في يديه وديعة أو مضاربة أو بضاعة. ولا يشبه أخذ المولى إياها اقتضاء الغرماء، لأن الغرماء إذا اقتضوا من دينهم فقد اقتضوا من دين كان على العبد يتبع به في حال الرق ويتبع به إذا عتق، فلذلك كانت على العبد. ألا ترى أن العبد قد برئ من الألف (¬3) درهم التي كانت عليه (¬4). فأما إذا لم يكن على العبد دين فأخذها المولى لم يضمن العبد شيئاً، لأن العبد لم يتلفها، وإنما المولى بمنزلة الغاصب لها. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة ثم حجر عليه وفي يده ألف درهم، ¬

_ (¬1) م ب: أمانا؛ ز: أمان. (¬2) ز: درهم. (¬3) م ز ب: من ألف. (¬4) ز + بها.

فأقر بدين ألف درهم عليه، ثم أقر بعد ذلك أن هذه الألف درهم وديعة لفلان عنده، فإن قياس قول أبي حنيفة في هذا أن الألف لصاحب الدين، وليس لصاحب الوديعة شيء؛ لأنه بدأ بالدين قبل الوديعة. ولو أنه كان أقر بالوديعة أولاً ثم أقر بالدين بعد ذلك كان صاحب الوديعة أحق بالألف، ولا يصدق العبد في الدين. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإن العبد لا يصدق في شيء من ذلك، والألف التي في يد العبد للمولى. فإن أعتق العبد بعد ذلك فإن قياس قول أبي حنيفة إن كان أقر بالدين أولاً اتبعه أصحاب الوديعة بالألف درهم، لأن وديعته قضيت في دين العبد. وإن أقر بالوديعة أولاً ثم بالدين فالوديعة لصاحبها، ويتبع العبد بالدين؛ لأنه قد أعتق. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فلا شيء على العبد في الوديعة إذا أعتق، وهو ضامن الدين الذي أقر به. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة ثم حجر عليه وفي يده ألف درهم، فأقر إقراراً متصلاً، فقال: لفلان علي ألف درهم، وهذه الألف وديعة لفلان، فإنه لا يصدق على الوديعة (¬1)، وتكون الألف بينهما نصفين في قول أبي حنيفة. فإن أعتق العبد بعد ذلك لحقه ما بقي مما أقر به من دين أو وديعة. ولو كان بدأ بالوديعة فقال: هذه الألف وديعة لفلان، ولفلان علي ألف درهم، فأقر بذلك إقراراً متصلاً، كانت الألف لصاحب الوديعة، ولا شيء لصاحب الدين في قياس قول أبي حنيفة، فإذا عتق اتبعه صاحب الدين. ولو ادعى عليه رجل ألف درهم، وادعى آخر أن هذه الألف درهم التي في يده وديعة له عنده، فقال العبد لهما جميعاً معاً: صدقتما، فإن الألف التي في يده بينهما نصفان في قياس قول أبي حنيفة، ولا شيء على العبد حتى يعتق، فإذا أعتق لزمه ما بقي من الدين والوديعة، فكان ديناً عليه يؤخذ به. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فالألف التي في يد العبد للمولى في هذه الوجوه كلها، ولا يصدق العبد عليها، فإن عتق العبد اتبعه الدين الذي أقر به، ولم يتبعه من الوديعة قليل ولا كثير. ¬

_ (¬1) م: على الوديعتين.

وإذا أذن الرجل لعبده الصغير أو لابنه الصغير الذي لم يبلغ في التجارة، ثم حجر عليه، فأقر بدين ألف درهم، ثم أقر بألف بعينها في يده أنها وديعة لفلان، فإن قياس قول أبي حنيفة في هذا أن صاحب الدين أولى بالألف التي في يده. فإن عتق بعد ذلك وكبر الصغير لم يلحقهما (¬1) من ذلك الدين ولا من تلك الوديعة قليل ولا كثير، ولا يشبه الصغير في هذا الكبير. ولو كانا أقرا بالوديعة أولاً ثم أقرا بالدين كان صاحب الوديعة في قول أبي حنيفة أولى بما في يده. فإن عتق الغلام وكبرا جميعاً لم يلحقهما مما أقرا به قليل ولا كثير، وليس يلزمه من ذلك قليل ولا كثير حتى يعتق. وكذلك الصبي والمعتوه إذا أذن لهما أبواهما في التجارة ثم حجر عليهما فأقرا (¬2) ببعض ما ذكرنا ثم أذن لهما في جميع ما وصفت لك. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة، ثم حجر عليه، ثم أذن له في التجارة، فأقر في حال إذنه الآخر أنه قد كان أقر وهو محجور عليه أنه قد اغتصب من هذا الرجل ألف درهم في حال إذنه الأول فاستهلكها، وأقر أنه كان أقر وهو محجور عليه أنه أخذ من هذا الرجل في حال إذنه الأول ألف درهم وديعة أو مضاربة أو بضاعة فاستهلكها، فصدقه رب المال المقر له بذلك، فإن العبد لا يلزمه من هذا قليل ولا كثير حتى يعتق. ولو قال المقر له: قد أقررت لي بما ذكرت في حال إذنك الآخر، أو لم تقر (¬3) لي بذلك وأنت محجور عليك، فإن القول في هذا قول رب المال المقر له مع يمينه، وعلى العبد المأذون له وعلى مولاه البينة بما ادعيا من ذلك. فإن أقاما على ذلك البينة وإلا بيع العبد فيما أقر به إلا أن يفديه المولى. ولو أقام العبد والمولى (¬4) البينة على ما ادعيا من ذلك، وأقام رب المال البينة على ما ادعى (¬5) من ذلك، فالبينة بينة المدعي المقر له بالمال، ويلزم العبد المال، ¬

_ (¬1) ف - لم يلحقهما، + هذا. (¬2) ز: فأقر. (¬3) ف: لم تقرر. (¬4) م: المولى. (¬5) ز: ما ادعيا.

لأني أجعل هذا كأنه كان من العبد كله، لأن العبد قد (¬1) يقر في غير موطن، فالقول في هذا الوجه قول المقر له بالمال، والبينة بينته. فأما الصبي والمعتوه يأذن له أبوه في - التجارة ثم يحجر (¬2) عليه ثم يأذن له ثم يقر ببعض ما ذكرنا في جميع ما وصفت لك فليس يلزمهما من ذلك قليل ولا كثير، إلا أن تقوم البينة أنهما أقرا بذلك في حال الإذن فيؤخذان بذلك. ولا يشبه إقرار هذين إذا لم تقم البينة إقرار العبد. ألا ترى أن العبد إذا أقر وهو محجور عليه لزمه ما أقر به إذا عتق، وأن الصبي والمعتوه إذا أقرا ثم بلغ الصبي وعقل المعتوه أنهما لا يؤخذان بذلك، فهذا ليس بإقرار. وكذلك العبد الصغير يأذن له مولاه ثم يحجر (¬3) عليه ثم يأذن له فيقر ببعض ما ذكرنا، فهو بمنزلة الصبي الحر في جميع ما وصفت لك. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة، ثم حجر عليه، ثم أذن له، وفي يده ألف درهم، يعلم أنها كانت في حال الإذن الأول في يده، فأقر أنها كانت وديعة لفلان، فإن قول أبي حنيفة في هذا أنه مصدق في الألف. وكذلك لو أقر بألف في يديه أنه غصبها من فلان في حال الإذن الأول فهو مصدق فيها فيأخذها المقر له، ويكون أحق بها من المولى. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فلا يصدق العبد على الألف، والألف للمولى، ويتبع المقر له العبد (¬4) بما أقوله به في رقبته، فيبيعه بذلك إلا أن يفديه مولاه؛ لأن العبد حين حجر عليه مولاه ولا دين عليه فقد صار ما في يده لمولاه. فإذا أذن له بعد ذلك لم يجز ما أقر به العبد فيما في يده- وهو قول أبي يوسف ومحمد - وجاز ذلك في رقبته. وأما في قول أبي حنيفة فهو جائز؛ لأن إقراره بما في يده بعد الحجر جائز في قول أبي حنيفة. ولو كان العبد أقر ببعض ما ذكرنا بعدما لحقه دين كثير بعدما أذن له الإذن (¬5) الآخر كان هذا والباب الأول سواء في قياس قول أبي حنيفة (¬6)، وكان المقر له أحق ¬

_ (¬1) ف - قد. (¬2) م ف ز: ثم حجر. (¬3) ز: ثم حجر. (¬4) ف - العبد. (¬5) ز + له الإذن. (¬6) م ز: في قياس قول أبي حنيفة سواء.

بها من الغرماء. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإن الألف للمولى لا حق للغرماء ولا للمقوله فيها، ويتبع الغرماء والمقوله رقبة العبد فيبيعونه (¬1) في دينهم إلا أن يفديه المولى. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فأقر لرجل أنه قد كان أقر له وهو محجور عليه بألف درهم وقال المقر له: قد أقررت لي بها بعد الإذن، فالقول قول المقر له، ويلزم المال العبد فيباع فيه إلا أن يفديه مولاه؛ لأن العبد قد أقر بمال يلزمه (¬2) لو أعتق. ألا ترى أن رجلاً لو ضمن هذا المال عن العبد جاز ضمانه. فهذا إقرار لازم. فإذا أقر العبد أنه كان أقر بذلك وهو محجور عليه لم يصدق، أو، لزمه ما أقر به وبيع فيه إلا أن يفديه مولاه. ولو كان العبد المأذون له غلاماً صغيراً أذن له مولاه في التجارة أو صبياً حراً أذن له أبوه أو وصيه في التجارة أو معتوه أذن له أبوه أو وصيه في التجارة، فأقر واحد منهم أنه قد (¬3) أقر لهذا الرجل بألف درهم وهو محجور عليه، وقال المقر له: أقررت لي بذلك بعدما أذن لك في التجارة، فإن إقراره في هذا باطل، ولا يلزم واحداً (¬4) منهم من هذا المال قليل ولا كثير؛ لأن هؤلاء أقروا بما لا يلزمهم. ألا ترى أن واحداً من هؤلاء لو أقر بمال وهو محجور عليه ثم كبر الصبي وبلغ الحنث وعقل المعتوه وبلغ الصبي المأذون له وأعتقه مولاه لم يلزم واحداً (¬5) منهم من هذا الإقرار قليل ولا كثير، ولم يكن (¬6) ذلك بإقرار. فهذا لا يشبه إقرار العبد الكبير؛ لأن إقرار العبد الكبير إقرار لازم، وهذا ليس بإقرار، إنما هو بمنزلة قول أحدهم: أقررت لك بألف درهم قبل أن أولد أو قبل أن أخلق. وهذا ليس بإقرار. وكذلك إقرار الصبي والمعتوه. ¬

_ (¬1) ز: فينيعونه. (¬2) م ف ز: يلزم. (¬3) ف - قد. (¬4) ز: واحد. (¬5) ز: واحد. (¬6) ف: ولو لم يكن.

الأَصْلُ للإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَنْ الشَّيْبَانِيِّ (189 هـ - 805 م) تحقيق وَدرَاسَة الدكتور محمَّد بوينوكالن الجُزْء التاسع إصَدارَات وَزَارَة الأَوقاف وَالشّؤون الإسْلاَمية إدارَة الشّؤون الإسْلاَمّية دَولة قَطَر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ طبعه خاصة بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية دولة قطر الطبعَة الأولى 1433 هـ - 2012 م دار ابن حزم بيروت - لبنان - ص - ب 6366/ 14 هاتف وفاكس: 701974 - 300227 (009611) البريد الإلكتروني: [email protected] الموقع الإلكتروني: www.daribnhazm.com

الأَصْلُ للإمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَن الشَّيْبَانِيِّ (9)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

باب إقرار العبد المحجور عليه والصبي والمعتوه وما يلحقهم من الدين

باب إقرار العبد المحجور عليه والصبي والمعتوه وما يلحقهم من الدين وإذا حجر الرجل على عبده المأذون له في التجارة فباع بعد ذلك أو اشترى أو استأجر أو آجر بعض رقيقه أو آجر نفسه أو أقر بدين أو أقر بوديعة أو أقر (¬1) ببضاعة استهلكها، فكل شيء من ذلك صنعه وأقر به فهو باطل لا يلزمه منه قليل ولا كثير ما دام عبداً، ما خلا الإقرار بالدين والوديعة والبضاعة. فإن أبا حنيفة كان يقول: إن أقر بشيء من ذلك استهلكه وفي يده مال مثل ما أقر به صدق فيما في يده من المال، ولم يصدق في شيء من ذلك في استهلاك رقبته. ولو أقر بوديعة أو بضاعة (¬2) أو مضاربة قائمة بعينها في يده صدق فيها في قول أبي حنيفة. فإن كان لم يقر بشيء من ذلك من (¬3) وديعة ولا دين ولا غير ذلك حتى أخذ المولى ما في يده ثم أقر ببعض ما ذكرنا لم يصدق في شيء من ذلك. وكذلك لو كان المولى باع العبد أو أخرجه من ملكه على وجه من الوجوه ثم أقر ببعض ما ذكرنا لم يصدق في شيء من ذلك أقر به من دين ولا في شيء قائم بعينه. وكذلك لو كان عليه دين في حال إذنه بإقرار كان منه أو ببينة ثم أقر بعدما حجر عليه بوديعة في يده قائمة بعينها أو بدين لم يصدق في شيء من ذلك. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة ثم حجر عليه وفي يده ألف درهم فأقر لرجل بدين ألف درهم أو بوديعة ألف درهم بعينها فضاع المال بعدما أقر العبد بما أقر (¬4)، فإن العبد لا يلحقه شيء من ذلك في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد حتى يعتق العبد (¬5). فإذا عتق العبد (¬6) لزمه الدين وبطلت عنه الوديعة. فإن كان العبد صغيراً فكبر وأعتق والمسألة على حالها ¬

_ (¬1) م: وأقر. (¬2) ف - أو بضاعة. (¬3) ف - من. (¬4) ف - العبد بما أقر. (¬5) ز - العبد. (¬6) ف - فإذا عتق العبد.

لم يلزمه من الوديعة التي أقر بها قليل ولا كثير. وكذلك الدين الذي أقر به لا يلزمه منه قليل ولا كثير. ولو أقر بذلك بعد الحجر ثم ضاع المال الذي في يده بعد الحجر ثم كبير بعد ذلك وعتق جاز عليه الدين وبطلت الوديعة في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد جميعاً. وكذلك الصبي الحر يأذن له أبوه في التجارة ثم يحجر عليه ثم يكبر في جميع ما وصفت لك. وكذلك المعتوه يأذن له أبوه في التجارة ثم يفيق (¬1) بعدما يحجر عليه في جميع ما وصفت لك. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة ثم حجر عليه وفي يده ألف درهم وعليه دين ألف درهم ثم أذن له فأقر بدين ألف درهم لرجل آخر، فإن الألف التي في يده لصاحب الدين الأول، ولا شيء لصاحب الدين الآخر فيها. وإن كان العبد أقر أن دينه هذا كان في حال الإذن الأول لم يصدق أيضاً فيما في يده من ذلك، ولزمه الدين الآخر في رقبته، فيباع فيه إلا أن يفديه مولاه. وكذلك لو أقر بها بعينها أنها وديعة لرجل عنده أودعها إياه في حال الإذن الأول فإنه لا يصدق على ذلك، وصاحب الدين الأول أحق بها. فإذا اقتضاها من دينه اتبع صاحب الوديعة العبد بوديعته، فبيع فيه إلا أن يفديه المولى. ولو لم يكن عليه في الإذن الأول دين والمسألة على حالها فإن في قياس قول أبي حنيفة أنه يصدق العبد في الألف التي في يده، فيدفعها إلى الذي أقر له بها. ولا يصدق في قول أبي يوسف ومحمد والألف للمولى ولا ضمان على العبد فيها؛ لأن المولى استحقها ولم يقض منها دين على العبد. ولو كان المولى أخذها قبل أن يقر بها العبد ثم أقر العبد بعدما أذن له في التجارة بالألف (¬2) التي أخذ المولى كانت وديعة لفلان في حال الإذن الأول، فإن العبد لا يصدق على الألف في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، فلا يتبع (¬3) صاحب الوديعة العبد بشيء من وديعته. فإن أعتق العبد بعد ذلك لم يلحقه من تلك الوديعة قليل ¬

_ (¬1) ز: ثم يعتق. (¬2) م ف ز: إلى الألف. (¬3) ف: لا يتبع.

ولا كثير في قولهم جميعاً (¬1). ولو لم يكن أقر بالألف وديعة ولكنه أقر أنه غصبها في حال الإذن الأول والمسألة على حالها، فإن العبد لا يصدق على الألف التي أخذ المولى في قولهم جميعاً (¬2)، ويتبع العبد بالألف الغصب التي أقر بها، فيباع (¬3) فيها إلا أن يفديه مولاه. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة ثم حجر عليه وفي يده ألف درهم ثم أذن له فأقر بدين ألف درهم كانت عليه في حال الإذن الأول فإنه مصدق في قياس قول أبي حنيفة في المال الذي في يده وفي رقبته. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فالمال الذي في يده لمولاه ولا يصدق عليه، ويتبع العبد فيباع فيما أقر به إلا أن يفديه مولاه. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين ثم حجر عليه وفي يده ألف درهم ثم أذن له فلحقه دين بعد الإذن، فإن الألف الأولى لأصحاب الدين الأول، ولا شيء لصاحب الدين الآخر (¬4) فيه، وما بقي من الدين الأول وجميع الدين الآخر في رقبة العبد يباع فيه إلا أن يفديه مولاه. وإن كان الدين الآخر ببينة قامت عليه باستهلاك استهلكه أو بإقرار فهو سواء في جميع ما وصفت لك. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة ثم حجر عليه وفي يده ألف درهم وعليه دين خمسمائة درهم فأقر بعد الحجر بدين ألف درهم، ثم أذن له بعد ذلك وأقر أن تلك الألف التي كانت في يده وديعة أودعها إياه هذا الرجل، فإنه لا يصدق على الوديعة، والألف التي في يده لصاحب الدين الأول منها خمسمائة، والخمسمائة الباقية في قياس قول أبي حنيفة للذي أقر له العبد بألف درهم وهو محجور عليه، ثم يتبع صاحب الوديعة رقبة العبد بوديعته ¬

_ (¬1) ز + في قولهم جميعاً. (¬2) ف - ولو لم يكن أقر بالألف وديعة ولكنه أقر أنه غصبها في حال الإذن الأول والمسألة على حالها فإن العبد لا يصدق على الألف التي أخذ المولى في قولهم جميعاً. (¬3) م ز: فباع. (¬4) ز - الآخر.

كلها، فيباع في ذلك إلا أن يفديه المولى. وأما في قياس قول أبي يوسف وهو قول محمد (¬1) فخمسمائة من الألف التي كانت في يد العبد لصاحب الدين الأول، وخمسمائة للمولى. ويتبع صاحب الوديعة رقبة العبد بخمسمائة درهم من وديعته فيباع العبد في ذلك إلا أن يفديه المولى. ويبطل من وديعة صاحب الوديعة خمسمائة وهي الخمسمائة التي أخذها المولى؛ لأن العبد لم يستهلكها. وأما الخمسمائة التي قضى بها دين العبد وهي في رقبة العبد فإن لم ينتقد صاحب الدينين شيئاً من الألف حتى هلك منها خمسمائة وبقيت خمسمائة فإن قياس قول أبي حنيفة في هذا وقول أبي يوسف ومحمد أن الخمسمائة الباقية لصاحب الدين الأول لا يشاركه فيه صاحب الدين الثاني، ويلزم (¬2) رقبة العبد من الوديعة خمسمائة، ويبطل من الوديعة خمسمائة (¬3). وإذا وهب الرجل للعبد المحجور عليه ألف درهم وقبضها العبد فلم يأخذها منه المولى حتى استهلك لرجلٍ ألف (¬4) درهم ببينة (¬5) ثم استهلك ألفاً أخرى ببينة، فإن الألف الهبة للمولى، ويتبع صاحبا (¬6) الألفين رقبة العبد بدينهما، فيبيعانه في ذلك إلا أن يفديه المولى. ولو كان الدين الأول قبل الهبة والدين الثاني بعد الهبة (¬7) فإن الهبة لصاحب الدين الأول لا يشاركه فيها صاحب الدين الآخر، ويتبع صاحب الدين الآخر العبد، فيباع في ذلك إلا أن يفديه المولى. ولو كان العبد مأذوناً (¬8) له في التجارة في المسألتين جميعاً وقد كانت الهبة قبل الدين الأول أو بعده، فإن الهبة بين صاحبي الدينين نصفان، ثم يتبعان العبد بما بقي لهما فيبيعانه في ذلك إلا أن يفديه المولى. ولا يشبه العبد المأذون له المحجور عليه في هذا. والله أعلم وأحكم. ¬

_ (¬1) ف + بن الحسن. (¬2) ف: ويلزمه. (¬3) ز - ويبطل من الوديعة خمسمائة. (¬4) ز + لرجل ألف. (¬5) ف + أخرى. (¬6) م ف ز: صاحب. (¬7) ف - بعد الهبة. (¬8) ز: مأذون.

باب العبد المحجور عليه ييع ويكون خصما فيما ادعى ويشتري وهو محجور عليه والصبي والمعتوه

باب العبد المحجور عليه ييع ويكون خصماً فيما ادعى (¬1) ويشتري وهو محجور عليه والصبي والمعتوه وإذا اشترى العبد المحجور عليه عبداً أو شيئاً من التجارات بغير إذن مولاه فشراؤه باطل. فإن أجازه المولى بعد الشراء جاز. وكذلك جميع ما باع من مال مولاه أو مما وهب له فبيعه في ذلك باطل. فإن أجازه المولى جاز، وكانت العهدة على العبد. وكذلك جميع ما استأجر أو أجر أو ارتهن أو رهن أو استقرض أو أقرض في جميع ما وصفت لك. وكذلك الصبي يفعل بعض هذا بغير إذن أبيه أو وصيه. وكذلك المعتوه الذي يعقل الشراء والبيع يفعل مثل هذا فهو مثل ما وصفت لك (¬2)، وهو محجور عليه بغير إذن أبيه ولا وصيه. وإذا اشترى العبد المحجور عليه عبداً بألف درهم (¬3) بغير إذن مولاه (¬4) ثم أذن له مولاه بعد ذلك في التجارة، فإن أجازه العبد بعد ذلك الشراء جاز. وكذلك لو أجازه المولى. ولو لم يكن (¬5) المولى أذن لعبده في التجارة ولكنه أعتقه لم يجز الشراء بعتق المولى إياه. فإن أجاز العبد الشراء بعد العتق لم يجز أيضاً؛ لأنه يكون للمولى إن أجاز البيع فيه. وكذلك إن أجازه المولى بعد العتق (¬6) ولم يجزه (¬7) العبد المعتق (¬8) لم يجز أيضاً؛ لأنه يلزم العبد العهدة بإجازته، فلذلك لا يجوز. ولو أجاز ذلك المولى والعبد المعتق جميعاً لم يجز (¬9) ذلك أيضاً. ولا يشبه هذا النكاح. لو أن عبداً تزوج بغير إذن مولاه ثم أعتقه المولى جاز النكاح بعتقه؛ لأن النكاح إنما كان أصله للعبد، فلما عتق كان عتقه بمنزلة إجازته. وأما الشراء فإنما وقع أصله ¬

_ (¬1) ز: أدى. (¬2) ف - لك. (¬3) ف - درهم. (¬4) ز: مولا. (¬5) ف: فإن لم يكن. (¬6) ف - بعد العتق. (¬7) ف - ولم يجزه، صح هـ. (¬8) ز - المعتق. (¬9) ف + لم يجز.

للمولى، فلما عتق لم يجز. ألا ترى أن عبداً محجوراً عليه لو اشترى جارية بألف درهم ثم إن المولى باع عبده من رجل فأجاز المشتري شراء الجارية لم يَجُزْ؛ (¬1) لأنه إن جاز (¬2) البيع كان للذي باع العبد؛ لأن عقدة البيع إنما كانت في ملك الذي باع العبد. ولو أن الذي باع العبد (¬3) أجاز البيع لم يجز؛ لأنه يريد أن يلزم العهدة العبد بعدما باعه فلا يجوز. وكذلك لو أن مولى العبد لم يبعه ولكنه مات فورثه وارثه فأجاز البيع لم يجز؛ لأن العبد وقع للميت، فلما مات (¬4) قبل أن يتم بيع الجارية بطل بيعها. فلا يجوز بيعها (¬5) بإجازة الوارث ولا بإجازة العبد بعد موت المولى؛ لأن البيع إنما وقع للمولى، فلم يتم حتى مات، فلما مات قبل أن يتم بطل. وإذا اشترى العبد المحجور عليه عبداً من رجل بألف درهم فقبض العبد ولم ينقد الثمن حتى مات العبد في يده فلا ضمان عليه في العبد حتى يعتق. فإذا عتق لزمه قيمة العبد الذي قبض بالغة ما بلغت؛ لأن البيع كان فاسداً. ولو كان العبد المشتري حين قبض العبد من البائع قتله قيل للمولى القاتل: ادفع عبدك أو افده بقيمة العبد المقتول. ولا يشبه القتل في هذا هلاك العبد في يدي الذي اشتراه. ولو كان مكان العبد ثياب أو عروض أو متاع أو دواب واستهلك ذلك العبد الذي اشتراه لم يكن عليه في ذلك ضمان حتى يعتق. فإذا عتق ضمن قيمة ذلك بالغة ما بلغت. ولا يشبه قتل العبد في هذا استهلاك غيره من الثياب والمتاع وغير ذلك؛ لأن قتل العبد والجارية جناية يدفع بها العبد أو يفدى، وأما ما سوى ذلك فليس بجناية. ألا ترى أن العبد لا يدفع بها، إنما يباع فيها. فلذلك اختلفا. فليس يلحق العبد شيء استهلكه مما (¬6) اشتراه حتى يعتق إلا أن يقتل عبداً اشتراه أو جارية. ولو كان الذي اشترى العبد ذلك منه عبداً مأذوناً له في التجارة أو معتوهاً مأذوناً له ¬

_ (¬1) م ف ز: لم يجزيه. ولعل الصواب ما ذكرنا، وانظر الجملة السابقة والتالية. (¬2) ف: إن أجاز؛ ز: لأنه أجاز. (¬3) م - ولو أن الذي باع العبد، صح هـ. (¬4) ز: فما أمات. (¬5) م ز - بيعها. (¬6) ف: فما.

في التجارة كان بمنزلة ما وصفت لك. وكذلك لو كان مكان الذي اشترى صبي حر أو معتوه محجور عليه كان بمنزلة العبد المحجور عليه إذا اشترى في جميع ما وصفت لك، إلا أنهما إذا قتلا العبد أو الجارية كانت القيمة على العاقلة ولم يلحقهما إذا كبر الصبي وعقل المعتوه شيء مما استهلكا. ولو كان الذي اشترى عبداً محجوراً عليه والذي باع عبداً محجوراً عليه فاشترى العبد المحجور عليه من العبد المحجور عليه عبداً أو جارية أو متاعاً أو ثياباً (¬1) فهلكت في يده فإنه يباع في ذلك كله إلا أن يفديه المولى. ولو كان استهلك ذلك استهلاكاً كان بهذه المنزلة إلا في قتل العبد والجارية، فإن مولاهما بالخيار. إن شاء باع (¬2) العبد في قيمتهما. وإن شاء أخذه (¬3) بالجناية عليهما فدفعه مولاه بذلك أو فداه. وكذلك لو كان الذي باع صبياً محجورأ عليه أو معتوهاً كان بهذه المنزلة في جميع ما وصفت لك. وإذا اشترى العبد المحجور عليه (¬4) من الرجل عبداً بألف درهم وقيمته ألف درهم وقبض العبد فباعه وربح فيه (¬5)، ثم باع بثمنه (¬6) واشترى فربح مالاً وصار في يده ألفا (¬7) درهم، ثم حضر الذي باعه العبد فأراد أن يأخذ الثمن مما في يد العبد، فإن كان يعلم أن الذي في يد العبد أصله من العبد الذي اشترى وأن ما (¬8) أصابه من ذلك العبد استوفى رب العبد البائع الثمن مما في يده وكان ما بقي للمولى. وإن لم يعلم أن المال الذي في يد العبد من ثمن العبد الذي باع العبد المحجور عليه فالمال كله للمولى (¬9)، ولا شيء للبائع على العبد المشتري حتى يعتق. فإن اختلف المولى والبائع (¬10) في المال الذي في يد العبد فقال (¬11) المولى: هذا المال ¬

_ (¬1) ز: أو شيئاً. (¬2) ز: باعا. (¬3) ز: شاءا أخذاه. (¬4) ف - عليه، (¬5) م - وربح فيه. (¬6) ز: ثمنه. (¬7) ف: ألف. (¬8) م ز: وإنما؛ ف: واما. (¬9) ز - وإن لم يعلم أن المال الذي في يد العبد من ثمن العبد الذي باع العبد المحجور عليه فالمال كله للمولى. (¬10) ف: البائع والمولى. (¬11) م ز: وقال.

وهب لعبدي أو تصدق به عليه أو أصابه من غير ثمن عبدك الذي بعته، وقال (¬1) البائع: بل أصابه من ثمن عبدي، وصدقه العبد بذلك فالقول قول المولى، ولا يصدق العبد (¬2) والبائع (¬3) على ذلك. ولو أقام البائع البينة على ما ادعى من ذلك وأقام مولى العبد البينة على ما ادعى من ذلك أخذ ببينة البائع، فاستوفى من هذا المال حقه، وكان ما بقي للمولى. وعلى (¬4) هذا جميع هذا الوجه وقياسه. وهذا استحسان وليس بقياس. والقياس فيه أنه لا سبيل له على ما في يدي (¬5) العبد ولا على العبد حتى يعتق، ولكنا تركنا القياس في هذا وأخذنا بالاستحسان. فإذا كان أصل المال الذي في يد العبد من العبد الذي باعه البائع أخذ البائع الثمن من ذلك. فإن كان المال الذي في يد البائع (¬6) أقل من ثمن العبد (¬7) الذي باعه أخذه البائع كله ولم يتبع العبد بما بقي حتى يعتق. فإن كان المال الذي في يد العبد لا يعلم من أين هو (¬8) فهو للمولى لا سبيل للعبد ولا للبائع عليه. وكذلك لو أن عبداً محجوراً عليه استقرض من رجل ألف درهم فاشترى بها وباع (¬9) فربح ربحاً فصار في يده مائتا دينار، فإن علم أن هذه الدنانير أصلها من الدراهم القرض أخذ المقرض منها حقه ألف درهم وكان ما بقي للمولى. وكذلك لو كان العبد أودعه رجل ألف درهم واشترى (¬10) بها وباع فصار في يده مائتا دينار كان بهذه المنزلة. وكذلك لو أودعه ثياباً أو متاعاً فباعه واشترى بثمنه فأصاب مالاً أخذ صاحب الثياب وصاحب المتاع قيمة متاعه مما في يدي العبد. فإن كان الذي في يد العبد أقل من قيمة المتاع أخذ رب المتاع جميع ما في يد (¬11) العبد ولم يتبعه بما بقي حتى يعتق. وإذا كان المتاع بضاعة أبضعها الرجل العبد المحجور عليه ¬

_ (¬1) ف: فقال. (¬2) ز + والمولى. (¬3) ف ز: البائع. (¬4) ف: على. (¬5) م ز: في يد. (¬6) م ز: العبد. (¬7) م - العبد. (¬8) ف - هو. (¬9) ز - وباع. (¬10) ف: اشترى. (¬11) ز - يد.

فباعه العبد جاز البيع وكان الثمن للآمر وكانت العهدة عليه. وكذلك لو كانت البضاعة عبداً أو جارية أوطعاماً أو غير ذلك فباعه العبد فالبيع جائز والثمن للآمر والعهدة عليه ولا عهدة على العبد حتى يعتق. فإن وجد المشتري بالعبد الذي اشترى عيباً فأراد الخصومة فيه فالخصم في ذلك الآمر. ولا يكون العبد في ذلك خصماً؛ لأن مولاه لم يأذن له في البيع. والآمر هو الخصم. وإن أقام المشتري البينة على العيب أنه دلس له رده على الآمر وأخذ من الآمر (¬1) الثمن. وإن لم تكن (¬2) له بينة استحلف الآمر على علمه. فإن حلف برئ. وإن نكل عن اليمين رد عليه العبد وأخذ منه الثمن. وكذلك لو أقر بالعيب أنه دلس للمشتري قبل أن يستحلف. ولوطعن المشتري بالعيب فلم يقم بينة عليه حتى أعتق العبد فالعبد الخصم في ذلك، ولا خصومة بين الآمر وبين المشتري، والعبد هو الخصم في هذا الوجه. وكذلك لو لم يعتقه المولى ولكنه أذن له في التجارة فهو بمنزلة المعتق (¬3) وهو الخصم في ذلك. ولو أن المشتري أقام البينة على العيب قبل أن يعتق العبد البائع ثم إن العبد أعتق فهو خصم في ذلك، وإقامة البينة على الآمر بمنزلة إقامتها عليه. فإن كان شهد شاهد قبل العتق ثم أعتق كان العبد المعتق هو الخصم. فإن جاء المشتري بشاهد آخر على العبد قبل الشاهدان جميعاً عليه وكان هو الخصم في ذلك، ولا يكلف المشتري أن يعيد الشاهد الأول حتى يشهد على العبد؛ لأنه قد شهد على الآمر؛ فشهادته (¬4) على الآمر شهادة (¬5) على العبد. ولا يكلف المشتري إعادة الشاهد الذي شهد على الآمر. وإذا قضى القاضي بشهادة الشاهدين على العبد بالعيب ونقض البيع، فإن كان الثمن قبضه من المشتري الآمر لزم الثمن الآمر ولم يتبع العبد من ذلك قليل ولا كثير؛ لأن العبد لم يقبض الثمن (¬6) فيلزمه رده على ¬

_ (¬1) ز - الآمر. (¬2) ز - يكن. (¬3) ف: العتق. (¬4) ف: بشهادته. (¬5) ف: شهادته. (¬6) ف - الآمر ولم يتبع العبد من ذلك قليل ولا كثير لأن العبد لم يقبض الثمن.

المشتري، والمال يرد على من قبض الثمن. ولو كان العبد الذي باع قبض الثمن وهو محجور عليه كان قبضه جائزاً على الآمر؛ لأنه أمره بالبيع، وأمره إياه بالبيع إذن له في قبض الثمن. فإذا قبضه فهلك في يديه (¬1) ثم أعتق العبد فطعن المشتري فيما اشترى بعيب فخاصم فيه العبد فرد عليه العبد (¬2) فإن الثمن يلزم العبد ويرجع به على الآمر. وإذا دفع الرجل إلى الصبي الحر وهو يعقل الشراء والبيع عبداً وأمره (¬3) ببيعه فباعه وقبض الثمن فبيعه جائز، وقبض الثمن على الآمر جائز. فإن هلك في يده قبل أن يقبضه الآمر هلك من مال الآمر؛ والعهدة في العبد المشترى (¬4) على الآمر، ولا عهدة على الصبي والخصم في العبد، وفي جميع خصومة المشتري الآمر؛ ولا خصومة بين الصبي وبين المشتري في هذا العبد ولا عهدة له عليه. فإن كبير الصبي بعد ذلك وأدرك ما يدرك الرجال ثم وجد المشتري بالعبد عيباً فلا خصومة بينه وبين الصبي في ذلك والخصم في ذلك الآمر. فإن أقام بينة على العبد أنه دلس له رده على الآمر وأخذ منه الثمن. وإن لم تكن (¬5) له بينة استحلف الآمر على علمه بالله لقد باعه فلان الصبي وما يعلم هذا العيب به. فإن نكل عن اليمين رد عليه وأخذ منه الثمن ولا يكون الصبي في هذا خصماً إن بلغ وإن لم يبلغ. وكذلك المعتوه إذا أفاق في جميع ما وصفنا. ولا يشبه العبد الكبير المحجور عليه في هذا الصبي والمعتوه، لأن العبد يلزمه (¬6) ما أقر به من دين ويؤخذ به إذا عتق، ولا يلزم الصبي والمعتوه شيء من إقرارهما إذا (¬7) بلغ الصبي وأفاق المعتوه. فلذلك اختلفا في (¬8) هذا. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فباع وأخذ (¬9) فوجب له دين أو ¬

_ (¬1) ز: في يده. (¬2) م ز - العبد. (¬3) م ف: أو أمره. (¬4) ز: للمشتري. (¬5) ز: يكن. (¬6) ز: يلزم. (¬7) م ف ز: فإذا. (¬8) م ز - في. (¬9) ز: واحد.

استهلك (¬1) له رجل مالاً أو أقرض رجلاً مالاً، أو وجب (¬2) له دين على رجل بوجه من الوجوه، ثم إن المولى حجر على عبده، فالخصم في المال الذي وجب للعبد وفي أخذه العبد، ولا يبطل ذلك الحجر عليه. فإن دفع الذي عليه المال ما عليه إلى العبد برئ إن كان على العبد دين أو لم يكن. وإن دفعه إلى السيد برئ إن لم يكن على العبد دين. فإن كان عليه دين لم يبرأ بدفعه إلى السيد (¬3) إلا أن يقضي السيد الدين. فإن قضاه برئ المطلوب من الدين. فإن مات العبد بعدما حجر عليه ولا دين عليه فالخصم في ذلك المولى، وله أن يقبض ما وجب للعبد من دين على الناس إن لم يكن على العبد دين. فإن لم يمت العبد ولكن المولى أخرجه من ملكه فليس للعبد أن يقبض شيئاً من دينه. وإن قبضه لم يبرأ الغريم بقبضه. ولا يكون العبد (¬4) خصماً في شيء من دينه إذا أخرجه المولى من ملكه إن كان على العبد دين أو لم يكن. والمولى هو الخصم في دينه إن لم يكن عليه دين. وله أن يقبضه إن كان عليه دين. فالمولى (¬5) الخصم في دينه وودائعه ومضاربته وجميع ما كان له عند الناس من دين أو غيره. وإذا قضي بذلك لم يكن للمولى أن يقبض ذلك حتى يقضي الغرماء دينهم. وإن حضر الغرماء مع (¬6) المولى أخذوا دينهم، وكان ما بقي للمولى، ولا يكون العبد خصماً في شيء من ذلك بعدما يخرج من ملك المولى. وإن دفع إليه شيء من ذلك لم يبرأ الذي دفعه إليه. فإن حجر المولى على عبده وله دين على الناس وله عندهم ودائع ومضاربات فله أن يقبض ذلك كله. وكذلك إن أعتقه مولاه. فإن باعه المولى فأعتقه المشتري فللعبد أن يقبض دينه وودائعه ومضارباته، وهو الخصم في ذلك إن كان عليه دين أو لم يكن؛ لأنه قد رجع إلى حال هو فيها بمنزلة المأذون له في التجارة، وهو الذي كان ولي الإدانة والدفع وهو الخصم. فأما إذا لم يعتقه (¬7) ¬

_ (¬1) ف: فاستهلك. (¬2) ف: أو أوجب؛ ز: أو وجبت. (¬3) ز - برئ إن لم يكن على العبد دين. فإن كان عليه دين لم يبرأ بدفعه إلى السيد. (¬4) م ز: للعبد. (¬5) ز + هو. (¬6) ف: بيع. (¬7) ف - لم يعتقه، صح هـ.

الذي (¬1) اشتراه فله أن يمنعه من الخصومة ومن القبض، فلذلك لا يكون خصماً في شيء من ماله. وهذا قول أبي يوسف ومحمد وقياسه. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فباع من رجل عبداً بألف درهم وقبض الرجل منه العبد ودفع إليه الثمن، ثم إن المولى حجر على عبده فوجد المشتري بالعبد عيباً فأراد الخصومة فيه، فإن الخصم في ذلك العبد المحجور عليه إن كان عليه دين أو لم يكن عليه. فإن خاصمه المشتري فأقام عليه البينة أنه دلس له هذا العيب رده عليه، وكان له، لا يدفع العبد المردود حتى يقبض الثمن. فإن لم يكن في يد العبد المحجور عليه مال وعليه دين كثير بدئ بالعبد المردود بالعيب فبيع وأعطي ثمنه المشتري. فإن بقي من المال الذي اشترى به شيء شارك غرماء المحجور عليه في (¬2) رقبته فبيع لهم جميعاً، فاقتسموا الثمن بينهم بالحصص إلا أن يفديه المولى بالدين. وإن جهل المشتري فرد العبد الذي وجد به العيب وقبضه منه العبد المحجور عليه ثم جاء بعد ذلك يطلب الثمن فهو أسوة الغرماء في العبد المبيع وفي (¬3) العبد المحجور عليه، يباعان في الدين كله إلا أن يفديهما المولى بالدين. ولو أن المشتري لم تقم له بينة على العيب وطلب يمين العبد استحلف العبد المحجور عليه. فإن حلف برئ من العيب ولا يمين على مولاه. وإن (¬4) نكل عن اليمين العبد المحجور عليه رد المشتري عليه العبد بالعيب، وكان (¬5) حاله بمنزلة حاله إذا أقام عليه البينة بالعيب. ولو أن العبد المحجور عليه أقر عند القاضي أنه دلس هذا العيب للمشتري، فإن كان ذلك العيب عيباً لا يحدث مثله فهو بمنزلة ما وصفت لك من البينة وإباء (¬6) اليمين. وإن كان العيب عيباً يحدث مثله فأقر به العبد المحجور عليه أنه دلسه فإن القاضي لا يرده عليه بإقراره ولا يصدقه ولا يكون خصماً؛ لأنه قد أقر بالعيب، والمولى هو الخصم في هذا العيب. فإن ¬

_ (¬1) ف - الذي. (¬2) ف: وفي. (¬3) م - في العبد المبيع وفي، صح هـ. (¬4) ف: فإن. (¬5) ز: وكانت. (¬6) ز: وأبيا.

أقام المشتري على المولى بينة بالعيب رد العبد وكانت حاله بمنزلة إقامته البينة على العبد. وإن لم تقم للمشتري (¬1) البينة على العبد استحلف المولى على علمه ولم يستحلف البتة؛ لأن الذي ولي البيع غيره. فإن حلف برئ. وإن نكل عن اليمين أو أقر بالعيب رد العبد الذي به العيب. فإن كان على العبد المحجور عليه دين فكذب الغرماء العبد والسيد بما أقرا به من العيب بيع العبد المردود في ثمنه وأعطي ثمنه المشتري. فإن فضل من ثمنه الآخر شيء على ثمنه الأول كان لغرماء العبد المحجور عليه. فإن نقص ثمنه الآخر شيئاً (¬2) عن ثمنه الأول كان الفضل في رقبة العبد المحجور عليه في دينهم. فإن بقي شيء من ثمنه بعد دينهم كان للمشتري. وإن لم يفضل شيء فلا شيء له؛ لأن العبد وسيده لا يصدقان على الغرماء. وإن لم يكن على العبد المحجور عليه دين كان ثمن العبد المردود في رقبة العبد المحجور عليه وفي رقبة العبد المردود، فيباعان في ذلك إلا أن يفديهما (¬3) المولى؛ لأن المولى إذا أقر بالعيب أو أبى (¬4) اليمين (¬5) لزمه الثمن في رقبة عبده؛ لأنه أقر بذلك على عبده ولا دين على عبده. ولو كان المولى حلف على العيب أن عبده لم يدلسه ولم يقم (¬6) المشتري البينة على العيب وقد أقر به العبد ومثله يحدث، فإن العبد الذي به العيب لا يرد على العبد إن كان على العبد دين أو لم يكن. فإذا أعتق المولى عبده المحجور عليه بعد ذلك لزمه إقراره بالعيب، ورد العبد عليه، ولزمه الثمن، وكان العبد للعبد المعتق. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فباع عبداً بألف درهم فضاعت من يدي العبد، ثم حجر السيد على عبده (¬7) وفي يدي (¬8) العبد ألف درهم، ثم إن (¬9) المشتري طعن بعيب في العبد الذي اشترى، فإن العبد المحجور عليه ¬

_ (¬1) ف: الشتري. (¬2) ز: شيء. (¬3) ز: أن يفديهم. (¬4) ز - أبى. (¬5) ز: باليمين. (¬6) ز: تقم. (¬7) م ف ز: على يده. (¬8) م: وفي يد. (¬9) م + ان.

هو الخصم في ذلك. فإن أقر العبد المحجور عليه بالعيب ومثله يحدث فإن العبد في قياس قول أبي حنيفة يصدق على إقراره، لأن في يده مالاً (¬1) مثل الثمن، فهو مصدق فيما كان في يده من ذلك. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإنه لا يصدق، وهذا والذي ليس في يده مال سواء. فإن كان المولى قد قبض المال من يد العبد قبل الإقرار بالعيب فقول أبي حنيفة وقول (¬2) أبي يوسف (¬3) ومحمد في ذلك سواء، وهو بمنزلة من لا مال له في يده. وكذلك لو كان في يده مال وعليه دين مثله كان قولهم في ذلك سواء، ولا يصدق العبد على إقراره، وهو بمنزلة من لا مال له في يده. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فباع عبداً ثم حجر عليه ثم باعه المولى ثم طعن المشتري بعيب كان في العبد الذي اشترى فليس العبد المحجور عليه بخصم في شيء من أمر العبد الذي باع في عيب ولا غيره، والخصم في ذلك المولى إن كان على العبد المحجور عليه دين حين باعه سيده أو لم يكن. فإن قامت البينة على العيب رده المشتري على المولى فبيع له العبد المردود في دينه وكان أحق به من الغرماء. فإن بقي شيء من دينه شارك أصحاب الدين فيما قبضوا من الثمن فاقتسموا ذلك بالحصص. فإن لم يقم البينة على العيب ولكن المولى أبى اليمين أو أقر بالعيب فإن العبد يرد ويباع في دين المشتري. فإن بقي شيء لم يكن للمشتري على الغرماء الذين قضوا ثمن العبد المحجور عليه سبيل؛ لأن المولى لا يصدق عليهم بإبائه اليمين ولا بإقراره. ولو كان العبد المحجور عليه لا دين عليه رد العبد على المولى بالعيب، وكان دين المشتري في العبد المردود وفي قيمة العبد المحجور عليه حتى يستوفي دينه. فإن بقي شيء من دينه لم يكن على المولى منه قليل ولا كثير. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فباع عبداً بألف درهم وقبض الثمن ودفع العبد، ثم إن المولى حجر (¬4) على عبده فطعن المشتري بعيب في ¬

_ (¬1) ز: مال. (¬2) ف - وقول. (¬3) ف: وأبي يوسف. (¬4) ز: حجز.

العبد، فصدقه بذلك العبد وناقضه البيع بغير قضاء قاض والعيب يحدث مئله أو لا يحدث مثله فإن مناقضته إياه باطل. وكذلك لو أقاله البيع لغير عيب كان ذلك باطلاً. ولا يشبه قبول (¬1) العبد بالعيب بغير قضاء قاض قضاء (¬2) القاضي بذلك؛ لأن قبوله بغير قضاء قاض إقالة من العبد المحجور عليه. وليس له أن يقبل بعدما يحجر عليه إن كان في يده الثمن أو لم يكن في قياس قول أبي حنيفة وفي قول أبي يوسف ومحمد؛ لأن الإقالة بمنزلة الشراء، وليس له أن يشتري بعد الحجر شيئاً. فإن أذن المولى للعبد المحجور عليه بعد ذلك قبل أن يفسخ الإقالة لم تجز تلك الإقالة. فإن أقاله إقالة مستقبلة أو أجاز تلك الإقالة جازت إقالته. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فباع عبداً وقبضه المشتري وقبض الثمن فاستهلكه، ثم حجر المولى على عبده فطعن المشتري بعيب في العبد فأقر به العبد المحجور عليه وليس في يده مال، فإنه لا يصدق على إقراره. فإن أذن له المولى بعد ذلك في التجارة فخاصمه المشتري في العيب وأقام البينة على إقراره بذلك فإن القاضي لا يلتفت إلى إقراره ذلك ويسأله. فإن أقر بذلك العيب إقراراً مستقبلاً رد العبد عليه وألزمه الثمن. وإن أنكر أن يكون باع العبد وبه هذا العيب وأقر بأنه قد كان أقر وهو محجور عليه بالعيب، فإن القاضي لا يلتفت إلى ذلك ولا يرده عليه بإقراره في حال الحجر عليه. فإن قال المشتري: إنما أقر لي بالعيب بعد الإذن الآخر، وقال العبد: أقررت له في حال الحجر، فإن القاضي يلزمه الإقرار ولا يصدقه بأنه أقر به في حال الحجر ويرده عليه. ولو كان العبد المأذون له لم يبلغ والمسألة على حالها (¬3) كان القول قوله إلا أن يقيم المشتري بينة أنه أقر بعد الإذن الآخر أو أنه أقر في الإذن الأول. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فدفع إليه رجل أجنبي عبداً له يبيعه بغير إذن مولاه فباعه له فهو جائز، والعهدة على العبد إن كان ¬

_ (¬1) م: قول. (¬2) ز: قضى. (¬3) م: على بحالها.

عليه دين أو لم يكن. وكذلك لو أن مولاه دفع إليه عبداً من عبيده يبيعه له وعليه دين كثير كان بيعه جائزاً، وكانت العهدة على العبد في ذلك كله. فإن حجر المولى على عبده ثم طعن المشتري بعيب في العبد الذي اشترى فالعبد المحجور عليه خصم في ذلك، فإن قامت البينة على العيب أو كان عيباً لا يحدث مثله أو أبى العبد اليمين، رد العبد الذي اشتراه على العبد المحجور عليه فبيع في الثمن الذي كان المشتري أعطاه العبد المحجور عليه. فإن بقي من الثمن شيء كان في عنق العبد المحجور عليه، ويرجع بذلك على الرجل الأجنبي إن كان العبد الذي باعه للأجنبي، وإن كان للمولى رجع به على المولى. فإن كان المولى والأجنبي معسرين لا يقدران على شيء حاصّ المشتري الغرماء في رقبة العبد المحجور عليه بما بقي من دينه، فيباع (¬1) العبد لهم فيقتسمون ثمنه بينهم بالحصص على قدر دينهم، ثم يرجع المشتري بما بقي من دينه (¬2) على الذي بيع العبد له إن كان المولى والأجنبي [معسرين]. ويرجع عليه الغرماء أيضاً بما أخذ المشتري من ثمن العبد حتى يستوفوا ذلك منه. فإن كان العيب الذي طعن به المشتري عيباً يحدث مثله فلم يقم (¬3) بينة فأقر به العبد المحجور عليه فإن إقراره باطل، لا يلزمه بإقراره من العيب قليل ولا كثير، ولا يكون خصماً في العيب بعد إقراره، ولكن رب العبد الذي أمره ببيعه هو الخصم في العيب إن كان هو المولى أو الأجنبي (¬4). فإن أبى اليمين أو قامت على العيب بينة أو أقر بالعيب رد عليه العبد، وأخذ منه الثمن إن كان قبضه من العبد المحجور عليه أو لم يكن قبضه منه حتى هلك في يده. فإن لم يقر (¬5) المولى ولا الأجنبي بالعيب في العبد الذي أمره ببيعه ولم تقم بينة على العيب وحلفا على (¬6) ذلك وقد كان العبد المحجور عليه أقر بالعيب ثم إن العبد أعتق فإن ¬

_ (¬1) م: يباع. (¬2) ز - فيباع العبد لهم فيقتسمون ثمنه بينهم بالحصص على قدر دينهم ثم يرجع المشتري بما بقي من دينه. (¬3) ز: تقم. (¬4) م ف ز: والأجنبي. (¬5) ز + المقر. (¬6) ز - على.

باب إقرار المولى على عبده المأذون له في التجارة

المشتري يرد العبد على العبد (¬1) المعتق بإقراره الذي كان في حال الحجر، ويأخذ منه الثمن، ويكون العبد المردود للعبد المعتق. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. ... باب إقرار المولى على عبده المأذون له في التجارة وقال أبو يوسف ومحمد: إذا أذن الرجل لعبده في التجارة ثم أقر عليه بدين أكثر من قيمته وأنكر ذلك العبد فإن الدين يلزمه، ويباع فيه إن أراد ذلك الغرماء. فإن أرادوا استسعاءه (¬2) استسعوه. وكذلك لو أقر عليه بكفالة بمال فقال: كفل لفلان عني بأمري بكذا وكذا، وأنكر ذلك العبد، فإن المال يلزمه كله يباع فيه إلا أن يفديه المولى. وإن شاء الغرماء استسعوه في دينهم. وقال أبو يوسف ومحمد: لو أقر عليه مولاه بعشرة آلاف درهم فأنكرها وقيمته ألف ثم إن مولاه أعتقه، فإن مولاه ضامن لقيمة العبد للغرماء يقتسمونها بينهم، ويرجعون على العبد بما بقي من الدين بقدر قيمته وهو ألف درهم، ولا يرجعون بأكثر من قيمته. وكذلك لو كانوا أبرؤوا المولى (¬3) من القيمة قبل أن يأخذوها منه أو مات المولى قبل أن يدفع إليهم شيئاً وقد أعتق العبد في صحته، فإن الغرماء يرجعون على العبد من دينهم بقدر قيمته. وكذلك لو أن العبد سعى لهم من دينهم في خمسة آلاف درهم قبل أن يعتقه المولى ثم أعتقه المولى في صحته ثم مات المولى ولم يدع شيئاً، فإن العبد يسعى لهم فيما (¬4) بقي من دينهم في قدر قيمته، لا يسعى لهم في أكثر من ذلك بعد العتق. ولو كان ما بقي من الدين بعد العتق أقل من قيمته سعى في جميع ما بقي من الدين. فإن كان أعتق وعليه من الدين ¬

_ (¬1) ف - العبد. (¬2) ز: استسعاؤه. (¬3) م: للمولى. (¬4) ف: بما.

الذي أقر به المولى عليه أكثر من قيمته، فإن كان العبد أقر بالدين الذي أقر به عليه المولى لزمه الدين كله. ولا يشبه إقرار العبد بالدين الذي أقر به عليه مولاه إنكاره إياه في قول أبي يوسف ومحمد. إذا أنكر الدين ثم أعتق لم يلزمه في قول أبي يوسف ومحمد إلا الأقل مما بقي من الدين ومن قيمته يوم أعتق. فإذا أقر بالدين لزمه كله. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة وقيمته ألف درهم فأقر عليه مولاه بعشرة آلاف درهم وأنكرها العبد، فبيع في الدين فاقتسم الغرماء ثمنه، فلا سبيل للغرماء على العبد [عند المشتري، فإن أعتقه المشتري رجعوا عليه] بقيمته. [ولو لم يُبَعْ في الدين حتى دبّره المولى فللغرماء أن يضمنوا المولى قيمته، ولا شيء لهم على العبد حتى يعتق، فإذا عتق] (¬1) يأخذوها (¬2) منه إلا أن يكون ما بقي من الدين أقل منها، فيأخذون منه الأقل من ذلك. وإنما لزم العبد بإقرار المولى عليه بالدين القيمة بعد العتق؛ لأن الدين قد لزمه في حال الرق. ألا ترى أن رجلاً لو رهن عبده بعشرة آلاف درهم وقبضه المرتهن وقيمته ألف درهم، ثم أعتقه المولى ثم مات المولى ولا مال له، أن العبد يسعى في قيمته ولا يكون عليه ما زاد على قيمته من الدين. فكذلك ما أقر عليه به (¬3) مولاه من الدين (¬4) وهو ينكره لزمه منه بعد العتق قيمته يوم أعتقه مولاه، إلا أن تكون (¬5) قيمته أكثر مما بقي عنده من الدين فيلزمه ما (¬6) بقي من الدين كله. أرأيت رجلاً أقر على عبده أنه رهنه من هذا الغريم بعشرة آلاف درهم وقيمة العبد ألف درهم وأقر المولى أن الغريم قد قبضه فأنكر العبد ذلك، ولا يعرف ذلك المرتهن إلا أن يقول المولى، ثم إن المولى أعتق عبده ثم مات المولى ولم يدع مالاً، لم يكن على العبد أن يسعى من الدين في قدر قيمته بإلزام المولى إياه الرهن بقوله. ألا ترى أن العبد يلزمه بقول المولى بعد العتق من الدين قدر قيمته. فكذلك ¬

_ (¬1) الزيادتان السابقتان من الكافي، 3/ 80 ظ. وانظر: المبسوط، 25/ 101. (¬2) م ز: فأخذوها. (¬3) ف: ما أقر به عليه. (¬4) م - الدين، صح هـ. (¬5) ز: أن يكون. (¬6) م ف ز: مما.

ما أقر به عليه من دين يلزمه منه (¬1) بعد العتق قدر قيمته. وما وصفت لك من الرهن هو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة وقيمته ألف درهم فأقر عليه المولى بعشرة آلاف درهم ثم إن المولى دبره والعبد ينكر الدين، فإن الغرماء بالخيار، إن شاؤوا اتبعوا المولى بقيمة (¬2) العبد ولا حق لهم على العبد حتى يعتق. فإذا أعتق اتبعوه من الدين بقدر قيمته (¬3). وإن شاؤوا لم يضمنوا المولى شيئاً من القيمة، واستسعوا العبد في جميع دينهم. فإن أدى من الدين خمسة آلاف ثم أعتقه المولى اتبعوه بعد العتق فيما بقي من الدين بقدر قيمته (¬4) وذلك ألف درهم، وبطل ما بقي (¬5) من الدين. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة وقيمته ألف درهم فأقر عليه المولى بعشرة آلاف درهم في صحته ثم مرض المولى وأعتق العبد في مرضه ثم مات ولا مال له غير العبد، فإن العبد يسعى في قيمته وهي ألف درهم فيأخذها غرماء العبد دون الورثة؛ لأن المولى ضمن القيمة حين أعتقه. ثم يأخذ الغرماء العبد بعد ذلك من الدين الذي بقي بقدر قيمته وهو ألف درهم، ويبطل ما بقي من الدين، ولا شيء للورثة على العبد. ولو كان على الميت (¬6) دين كثير في صحته والمسألة على حالها فهذا والباب الأول سواء، ولا شيء لغرماء المولى فيما يسعى فيه العبد. ولو كان المولى إنما أقر على العبد بالدين في المرض والمسألة على حالها سعى العبد في قيمته (¬7)، فأخذها غرماء المولى، وكانوا أحق بذلك من غرماء العبد، ويسعى العبد لغرمائه في قدر قيمته من دينه، وبطل ما بقي من دينه. ¬

_ (¬1) ف - منه. (¬2) ف: بقيمته. (¬3) ف - العبد ولا حق لهم على العبد حتى يعتق فإذا أعتق اتبعوه من الدين بقدر قيمته. (¬4) ز - وإن شاءوا لم يضمنوا المولى شيئاً من القيمة واستسعوا العبد في جميع دينهم فإن أدى من الدين خمسة آلاف ثم أعتقه المولى اتبعوه بعد العتق فيما بقي من الدين بقدر (¬5) م ف ز: مما بقي. (¬6) ز - الميت. (¬7) ز: في قيمتها.

وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة ثم أقر عليه بجناية خطأ جناها فإقراره عليه جائز يدفع بها أو يفدى. وكذلك لو أقر بذلك على أمة أو على عبد في يدي عبده المأذون له في التجارة ولا دين عليه كان بمنزلة إقراره على عبده. وكذلك لو أقر على الأمة أو على العبد بالدين كان إقراره عليهما بمنزلة إقراره على عبده (¬1) المأذون له في التجارة. وكذلك إن أعتقهما بعد الإقرار كانا بمنزلة عبده المأذون له في التجارة. وإذا أذن الرجل لابنه في التجارة وهو صغير أو معتوه إلا أنه يعقل الشراء والبيع، أو أذن له وصيه ثم إن الأب أو الوصي أقر على أحدهما بدين أو بيع أو شراء أو تجارة أو وديعة في يده أو مضاربة في يده أو رهن أو غير ذلك مما في يده، فإن الأب والوصي لا يصدقان عل شيء من ذلك إذا كذبهما الصبي أو المعتوه. ولو كان مكان الصبي والمعتوه عبد مأذون (¬2) له في التجارة للصبي أو للمعتوه أذن له في التجارة الأب أو الوصي، فأقر عليه الأب أو الوصي ببعض ما ذكرنا وهو يجحد ما أقرا به (¬3) عليه، كان إقراره عليهما باطلاً (¬4). ولو كان العبد المأذون له عبداً للأب أو للوصي كان إقراره في جميع ما ذكرنا على العبد جائزاً وإن أنكر ذلك العبد. وإذا أذن الرجل لابنه وهو صغير في التجارة فاشترى الغلام المأذون له عبداً فأذن له في التجارة ثم إن الصبي أقر على عبده ذلك بدين أو وديعة في يده أو مضاربة أو رهن أو غصب أو إجارة أو بيع أو شراء أو جناية خطأ فجحد العبد ذلك كله، فإن إقرار الغلام على عبده في ذلك كله جائز، وهو في ذلك بمنزلة الرجل الكبير يقر على عبده ببعض ما ذكرنا في جميع ما وصفت لك. وإذا أذن المكاتب لعبده في التجارة ثم أقر عليه ببعض ما ذكرنا لك ¬

_ (¬1) ز + وكذلك لو أقر على الأمة أو على العبد بالدين كان إقراره عليهما بمنزلة إقراره على عبده. (¬2) ز: مأذونا. (¬3) ز: أقر أنه. (¬4) ز: باطل.

وأنكر ذلك العبد فإقراره عليه جائز، وهو في ذلك بمنزلة الرجل الحر. وكذلك العبد المأذون له في التجارة يأذن لعبده في التجارة ثم يقر العبد الأول على العبد الثاني ببعض ما ذكرنا وينكر ذلك العبد الثاني، فإن إقراره عليه في ذلك كله (¬1) جائز بمنزلة إقرار الرجل الحر على عبده. وإذا اشترى المكاتب ابنه أو أباه أو وُلِدَ وَلَدٌ له في مكاتبته فهو مأذون له في التجارة وإن لم يأذن له المكاتب؛ لأنه مكاتب معه (¬2) فبيعه وشراؤه وإقراره جائز عليه بمنزلة العبد المأذون له في التجارة. فإن أقر عليه المكاتب بدين لم يصدق عليه. فإن اكتسب المقر عليه مالاً بعد إقرار المكاتب بالدين عليه كان الغرماء أحق بما اكتسب من المكاتب، لأن المكاتب أقر عليه بالدين، وما اكتسب من كسب فهو للمكاتب، فلما أقر عليه المكاتب بالدين صار ما اكتسب لأصحاب الدين الأول؛ لأن المكاتب يزعم أن ذلك لهم وأنهم أحق به منه. وكذلك ما كان في يدي المقر عليه (¬3) من مال اكتسب فلم يأخذه المولى المكاتب منه حتى أقر عليه بالدين كان ذلك المال الذي في يدي المقر عليه للغرماء، هم أحق به من المكاتب. وكل مال اكتسبه المقر عليه قبل الإقرار فأخذه المكاتب منه ثم أقر المكاتب بالدين بعد ذلك على المقر عليه (¬4) فإن ذكر المكاتب أن الدين كان على المقر عليه قبل أن يقبض منه المال الذي كان (¬5) في يده فالغرماء أحق بما قبض المكاتب من ذلك المال من المكاتب؛ لأنه قبضه والغرماء أحق به منه. وإن ذكر المكاتب أن المال الذي أقر به على المقر عليه لزم المقر عليه بعد قبض المكاتب المال من المقر عليه فليس للغرماء من ذلك المال قليل ولا كثير. فإن اختلف في ذلك [المكاتب مع الغرماء فقالوا: كان الدين الذي أقررتَ به عليه قبل القبض، وقال] (¬6) المكاتب: كان الدين الذي أقررتُ به عليه بعد ¬

_ (¬1) ف - في ذلك كله، صح هـ. (¬2) ف - معه. (¬3) م - عليه، صح هـ. (¬4) ز - قبل الإقرار فأخذه المكاتب منه ثم أقر المكاتب بالدين بعد ذلك على المقر عليه. (¬5) ف - كان. (¬6) الزيادة مستفادة من المبسوط، 25/ 103.

القبض، فالقول قول المكاتب في ذلك (¬1) مع يمينه على علمه. وإذا اشترى المكاتب ابنه أو أباه ثم أقر عليه بدين والمقر عليه يجحد ذلك ثم أدى المكاتب وعتق فإن الأب والابن يعتقان بعتق المكاتب، ولا شيء عليهما ولا شيء على المكاتب من الدين. ولو كان اشترى أخاه أو أخته أو عمته أو خالته ثم أقر على واحد منهم بدين وهم يجحدون ثم أدى المكاتب المكاتبة عتق وعتقوا جميعاً بعتقه، وضمن المكاتب من الدين الذي أقر به قدر قيمته (¬2) المقر عليه يوم أعتق، ثم ينظر فيما بقي من الدين، فيكون على المقر عليه الأقل من قيمته ومما بقي من الدين، وينظر ما بقي (¬3) في قياس قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فجميع من ذكرت لك بمنزلة الأب والابن إذا أقر عليهم المكاتب بدين وهم يجحدون ثم أدى عتق وعتقوا (¬4) جميعاً، ولا شيء عليهم ولا على المكاتب من ذلك الدين. وإذا اشترى المكاتب أباه أو ابنه ثم أقر عليه بجناية فجحد ذلك فإقراره عليه (¬5) باطل. فإن اكتسب مالاً أخذه المكاتب فاستعان به على مكاتبته، ولا شيء لأصحاب الجناية منه؛ لأن الجناية في قول أبي حنيفة لا تكون مالاً حتى يقضى بها. فإن اكتسب المقر عليه مالاً فلم يأخذه المكاتب من يده حتى مات المقر عليه فإن صاحب الجناية يأخذ من المال الأقل من قيمة (¬6) المقر عليه ومن أرش الجناية؛ لأن المقر عليه حين مات صارت جنايته مالاً؛ لأنه مات غير عاجز؛ لأن المكاتب يسعى في المكاتبة على حاله. ولو كان المكاتب قبض المال الذي اكتسبه المقر عليه قبل أن يموت المقر عليه ثم مات المقر عليه بعد ذلك كان ما اكتسب المقر عليه مما أخذ المكاتب (¬7) منه للمكاتب لا حق لأصحاب الجناية فيه؛ لأن المال أخذه المكاتب من المقر عليه قبل أن تصير الجناية مالاً. ولو أن المقر عليه لم ¬

_ (¬1) م - في ذلك. (¬2) ز: قيمة. (¬3) ف: فيما بقي. (¬4) م ف ز: يعتق عتقوا. (¬5) ز: عليهم. (¬6) ف: من قيمته. (¬7) ز + بعد ذلك.

يمت واكتسب مالاً فلم يأخذه منه المكاتب حتى أدى المكاتبة فعتق، فإن جميع ما اكتسب المقر عليه قبل أداء المكاتبة للمكاتب، لا حق لأصحاب الجناية فيه، وقد عتق المقر عليه بأداء المكاتبة. ولا شيء على المقر عليه من الجناية ولا على المكاتب؛ لأن الجناية إنما صارت مالاً بعد عتق المقر عليه. فلا يجب على المقر عليه من ذلك قليل ولا كثير؛ لأن المكاتب لا يصدق على المقر عليه بعد العتق. وكذلك كل والد ووالدة أو ابن أو ابنة أو جد أو جدة اشتراهم المكاتب ثم أقر عليهم ببعض ما ذكرنا في جميع ما ذكرت لك في قياس قول أبي حنيفة وقول أبي يوسف ومحمد. وكذلك ما اشترى من أخ أو أخت أو ذي رحم محرم (¬1) منه في قول أبي يوسف ومحمد. فأما في قول أبي حنيفة (¬2) فما اشترى من أخ أو أخت أو ذي رحم محرم فأقر عليهم بدين فإنهم يباعون في ذلك إلا أن يفديهم المكاتب، وما أقر عليهم به من جناية دفعهم المكاتب بذلك (¬3) أو فداهم بأرش الجناية. وإذا اشترى المكاتب أباه أو ابنه فأقر عليه المكاتب بجناية وأنكرها المقر عليه فإقراره باطل. فإن أقر عليه المكاتب أيضاً بدين فأنكره المقر عليه فإقراره باطل (¬4). فإن اكتسب المقر عليه بعد ذلك مالاً كان لأصحاب الدين دون أصحاب الجناية، وكان أصحاب الدين أولى به من المكاتب؛ لأن المكاتب أقر بالدين وأصحاب الدين أحق منه (¬5) بما اكتسب المقر عليه. ولا شيء لأصحاب الجناية؛ لأن الجناية لم تصر مالاً. فإذا لم يأخذ الغرماء المال من يدي المقر عليه حتى مات المقر عليه فإن القاضي يقضي لأصحاب الجناية على المقر عليه بالأقل من قيمته ومن أرش الجناية ديناً، ¬

_ (¬1) م ز - محرم. (¬2) ف - وقول أبي يوسف ومحمد وكذلك ما اشترى من أخ أو أخت أو ذي رحم محرم منه في قول أبي يوسف ومحمد فأما في قول أبي حنيفة. (¬3) م: ذلك. (¬4) ف - فإن أقر عليه المكاتب أيضاً بدين فأنكره المقر عليه فإقراره باطل. (¬5) ف: به.

فيقسم ما كان في يده من مال (¬1) بين الغرماء وبين أصحاب الجناية بالحصص، فيضرب فيه أصحاب الجناية بما قضى لهم به القاضي، ويضرب فيه الغرماء بجميع دينهم، فيقتسمون ما كان في يده على الحصص. فإن كان المولى قبض ما اكتسب المقر عليه بعدما أقر عليه بالجناية والدين كان هذا والباب الأول سواء، يقسم (¬2) ما أخذ المولى من ذلك بين الغرماء وأصحاب الجناية على ما وصفت لك؛ لأن المولى أخذ المال وعلى المقر عليه دين، فأخذه إياه باطل. ولو كان المقر عليه لم يمت ولكن المكاتب أدى المكاتبة فعتقوا جميعاً، فإن المال الذي كان في يد المقر عليه للغرماء دون أصحاب الجناية، ولا حق لأصحاب الجناية فيه، ولا شيء لأصحاب الجناية على المقر عليه ولا على المكاتب؛ لأن الجناية إنما صارت مالاً بعد العتق فبطلت؛ لأن المقر عليه يجحدها. ولا شيء للمكاتب من المال الذي كان في يدي المقر عليه حتى يستوفي الغرماء الدين الذي (¬3) أقر لهم به المكاتب. فإن بقي شيء بعد ذلك كان للمكاتب دون المقر عليه. وإذا اشترى المكاتب أباه وابنه ثم أقر عليه بدين وهو يجحد ذلك ثم أقر عليه بجناية وهو يجحد ذلك (¬4) ثم مات المقر عليه وفي يده مال، فإن القاضي يبدأ بالدين الذي أقر به المكاتب فيقضيه (¬5) الغرماء مما ترك المقر عليه (¬6) ويبدأ (¬7) بهم قبل أصحاب الجناية. فإن بقي من المال بعد ذلك شيء قضى القاضي به لأصحاب الجناية (¬8) منه بالأقل من قيمة المقر عليه ومن أرش الجناية. فإن بقي شيء بعد ذلك كان للمكاتب. ولا يشبه إقرار المكاتب عليه بالدين قبل الجناية. فقد صار الغرماء أحق بما اكتسب المقر عليه من المكاتب. فإذا صاروا أحق بذلك من المكاتب لم يجز إقرار المكاتب فيه بجناية. ¬

_ (¬1) ف - من مال. (¬2) ز: يقتسم. (¬3) ف - الذي. (¬4) م ز - ذلك. (¬5) ز: فيقتضيه. (¬6) ز + فإن القاضي يبدأ بالدين الذي أقر به. (¬7) ف ز: وبدأ. (¬8) ف - الجناية.

وإذا أقر عليه المكاتب بالجناية قبل الدين ثم أقر بالدين فقد أقر بالجناية فلم يصير (¬1) مالاً بإقراره حتى يقضى بها. فإذا أقر بالدين قبل أن تصير الجناية مالاً صدق في ذلك، وتحاصّ الغرماء وأصحاب الجناية فيما ترك المقر عليه. ولو أن المكاتب أقر على المقر عليه (¬2) بالدين ثم الجناية بعد ذلك وفي يدي المقر عليه مال (¬3) ثم أدى المكاتب فعتقا جميعاً فإن الكسب الذي في يد المقر عليه للغرماء. فإن بقي شيء كان للمولى، ولا شيء لأصحاب الجناية. وإذا اشترى المكاتب أباه أو ابنه ثم أقر عليه بدين وهو يجحد ذلك ثم أقر عليه بجناية وهو يجحد ذلك ثم أقر عليه بدين وهو يجحد ذلك (¬4) ثم مات المقر عليه وفي يده مال كثير، فإن القاضي يبدأ بالدين الأول فيقضيه. فإن فضل شيء بعد ذلك كان لأصحاب الجناية ولأصحاب الدين الآخر، يضرب فيه (¬5) أصحاب الدين الآخر بجميع دينهم، ويضرب فيه أصحاب الجناية بالأقل من أرش الجناية ومن قيمة المقر عليه. ولو كان المقر عليه (¬6) لم يمت ولكن المكاتب أدى فعتقا جميعاً والمسألة على حالها، فإن الغرماء الذين أقر لهم المكاتب بالدين قبل الجناية يبدأ بهم، فيعطون دينهم كله مما كان في يدي (¬7) المقر عليه من المال. فإن بقي شيء بعد ذلك كان لأصحاب الدين الآخر، فما بقي شيء بعد ذلك كان (¬8) للمكاتب، ولا شيء لأصحاب الجناية في هذا المال ولا على المكاتب ولا على المقر عليه وقد بطلت الجناية. ¬

_ (¬1) ز: تصير. (¬2) ز - ولو أن المكاتب أقر على المقر عليه. (¬3) ز: مالاً. (¬4) ز - ثم أقر عليه بدين وهو يجحد ذلك. (¬5) ف - فيه. (¬6) م - ولو كان المقر عليه، صح هـ. (¬7) ف: في يد. (¬8) ف - لأصحاب الدين الآخر فما بقي شيء بعد ذلك كان.

وإذا اشترى المكاتب أباه أو ابنه فأقر عليه بجناية وهو يجحد ثم بدين وهو يجحد ثم بجناية وهو يجحد (¬1) والجنايتان (¬2) سواء، ثم مات المقر عليه وفي يده مال كثير، فإنه يبدأ بأصحاب الجناية الأولى وبأصحاب الدين (¬3)، فيقتسمون (¬4) ما كان في يدي المقر عليه من مال، يضرب في ذلك أصحاب الجناية الأولى بالأقل من أرش الجناية ومن قيمة المقر عليه، ويضرب أصحاب الدين بجميع دينهم. فإن لم يبق (¬5) مما كان في يدي المقر عليه من المال شيء (¬6) دخل صاحب الجناية الأخرى (¬7) مع صاحب الجناية الأولى فيما أخذه (¬8) فيقتسمانه (¬9) نصفين. فإن كان بقي شيء بعدما استوفى أصحاب الدين وأصحاب الجناية الأولى أضيف ما بقي إلى ما أخذ صاحب الجناية الأولى فاقتسم ذلك أصحاب الجنايتين نصفين حتى يستوفيا جميع الأقل من أرش جنايتهما أو من قيمة المقر عليه. فإن بقي شيء بعد ذلك كان للمكاتب. ولو أن المقر عليه لم يمت ولكن المكاتب أدى فعتقا جميعاً فإن الغرماء أحق بما كان في يدي المقر حتى يستوفوا حقهم. فإن بقي شيء كان للمكاتب، ولا شيء لأصحاب الجنايتين. وإذا اشترى المكاتب أباه أو ابنه ثم أقر عليه بجناية وجناية (¬10) فوصل كلامه أو قطعه فكذبه المقر عليه بذلك ثم مات المقر عليه وقد ترك مالاً، فإن القاضي يقضي لأصحاب الجنايتين (¬11) بالأقل من أرش الجنايتين ومن قيمة المقر عليه. ولو كان لم يقر عليه بجنايتين ولكنه أقر عليه بدينين والمسألة على حالها، فإن كان إقراره متصلاً كان جميع الدين فيما ترك المقر عليه يقتسمه الغريمان بالحصص. وإن كان إقراره منقطعاً فأقر لغريم ثم قطع الكلام ثم أقر لغريم آخر، فإن الغريم الأول أحق بما ترك المقر عليه حتى ¬

_ (¬1) م - ثم بدين وهو يجحد ثم بجناية وهو يجحد، صح هـ. (¬2) ز: والجنايتين. (¬3) ز + الذين. (¬4) ز: يقتسمون. (¬5) م + شيء. (¬6) ف - شيء. (¬7) ز: الآخر. (¬8) ف ز: أخذوا. (¬9) ف: فيقسمانه؛ ز: فيقسماه. (¬10) ز: وجنانة. (¬11) ف - الجنايتين.

يستوفي دينه. فإن بقي (¬1) شيء كان للغريم الآخر حتى يستوفي. فإن بقي شيء كان للمكاتب. وكذلك لو كان المقر عليه لم يمت ولكن كان الميت أدى فعتقا. فإن كان إقراره بالدين متصلاً تحاصّا (¬2) فيما كان بقي في يدي المقر عليه قبل العتق. فإن بقي شيء كان للمكاتب. وإن لم يف (¬3) ذلك بدينهم لم يكن للغرماء على المكاتب ولا على المقر عليه سبيل. ولو كان إقراره منقطعاً كان الغريم الأول أحق بما في يدي المقر عليه حتى يستوفي حقه. فإن بقي شيء كان للغريم الآخر. وإن لم يبق شيء لم يكن للغريم الآخر قليل ولا كثير. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة وقيمته ألف درهم فادّان (¬4) ألف درهم (¬5) ثم أقر عليه بدين ألف درهم وهو يجحد ذلك ثم إن المولى أعتقه فإن الغريم الذي أدان العبد بالخيار. إن شاء ضمن المولى قيمة العبد. وإن شاء أخذ دينه من العبد. فإن أخذ ذلك من المولى فاستوفاه منه فلا شيء للذي أقر له المولى على العبد ولا على المولى؛ لأن العبد أقر عليه المولى بذلك ولا فضل في رقبته (¬6)، فكان إقراره عليه بذلك باطلاً. ولو كان الذي أدان العبد المال أخذه من العبد وأبرأ منه المولى كان للذي أقر له المولى أن يرجع على المولى فيأخذ منه قيمة العبد؛ لأن المولى قد أقر بدينه، فيصدق على نفسه ولا يصدق على عبده. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة وقيمته ألف درهم فأقر عليه المولى بألفي درهم والعبد يجحد ذلك، ثم صار على العبد ألف درهم بإقرار من العبد أو ببينة، فإن العبد يباع فيقتسمون ثمنه، يضرب فيه الأول بألفي درهم ويضرب فيه الآخر بألف درهم. ولو كان الدين الذي أقر به العبد قبل إقرار ¬

_ (¬1) م: فا بقي؛ ف: فما بقي. (¬2) ز: تخاصما. (¬3) ز: لم يفي. (¬4) ادان بتشديد الدال على وزن افتعل من الدين، أي: استدان. انظر: لسان العرب، "دين". (¬5) ف - فأدان ألف درهم. (¬6) ز: في قبته.

المولى عليه بالألفين بِيع العبد فكان صاحب الألف التي أقر بها العبد أحق بثمن العبد حتى يستوفي. فإن بقي شيء كان للذي أقر له المولى. وإن لم يبق شيء لم يكن للذي أقر له المولى قليل ولا كثير. ولو أن العبد بيع بألفي درهم فخرج من ذلك ألف درهم وتَوَى (¬1) ألف درهم كان الذي أقر له العبد بالدين أحق بهذه الألف، ولا شيء لأصحاب الدين الذين أقر لهم المولى. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة وقيمته ألف درهم وأقر العبد بدين ألف درهم، ثم أقر المولى عليه بدين ألف درهم وهو يجحد، ثم أقر العبد بدين ألف درهم، فإن العبد يباع، فيكون أصحاب الدين الذين أقر لهم العبد الأولون والآخرون أحق بالثمن، يقتسمونه بينهم بالحصص حتى يستوفوا حقهم. فإن بقي شيء بعد ذلك كان لأصحاب الدين الذين أقر لهم المولى. فإن لم يبق شيء لم يكن لهم قليل ولا كثير. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة وقيمته ألف درهم فأقر عليه المولى بدين ألف درهم وأقر لآخر عليه بدين ألف درهم والعبد يجحد ذلك كله فإن العبد يباع. فإن كان المولى أقر بالدينين إقراراً متصلاً فقال: لفلان على عبدي هذا ألف درهم ولفلان ألف درهم، فوصل كلامه، فإن ثمن العبد يقسم بينهما بالحصص. وإن كان إقراره (¬2) منقطعاً (¬3) أقر بالأول ثم قطع الكلام ثم (¬4) أقر بالآخر بدئ بالأول فأخذ حقه. فإن بقي من ثمن العبد شيء كان للآخر. ولو كان العبد صدقه في أحدهما فإن كان الأول وكان إقراره متصلاً تحاصّا؛ لأنه صدّق بعدما وجب الدينان في رقبته. وإن كان إقراره منقطعاً فصدقه في الأول فالأول أحق بالثمن حتى يستوفي. فإن بقي شيء كان للباقي. وإن صدقه في الآخر والإقرار متصل أو منقطع فهو سواء، ويتحاصّ الغريمان جميعاً في ثمن العبد. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة وقيمته ألف درهم وخمسمائة درهم ¬

_ (¬1) أي: هلك وضاع، وقد تقدم. (¬2) م: إقراراً. (¬3) ف + أو. (¬4) ز - ثم.

فأقر العبد بدين ألف درهم، ثم أقر عليه المولى بدين ألف درهم ثم أقر العبد بدين ألف درهم ثم بيع العبد بألفي درهم، فإن الثمن يقسم بين أصحاب الدين الأول وبين أصحاب الدين الآخر وبين أصحاب الدين الذين أقر لهم المولى على خمسة أسهم، يضرب فيه أصحاب الدين الأول بجميع دينهم؛ لأن العبد أقر به. ويضرب فيه أصحاب الدين الآخر بجميع دينهم؛ لأن العبد أقر به (¬1). وأما الدين الذي أقر به المولى على العبد فإنما يلزمه خمسمائة؛ لأن المولى أقر بذلك عليه وليس فيه من فضل القيمة على الدين (¬2) الأول إلا خمسمائة. فإنما يلحقه من الدين بقدر ما بقي من قيمته، فلحقه من الدين الذي أقر به عليه المولى خمسمائة، فيضرب صاحب الدين بذلك مع الغرماء غرماء العبد الذين (¬3) أقر لهم العبد بدينهم، فيقتسمون الثمن على خمسة. فيضرب فيه صاحب الدين الأول بألف درهم، ويضرب فيه صاحب الدين (¬4) الأوسط الذي أقر لهم المولى بخمسمائة، ويضرب فيه صاحب الدين الآخر بألف درهم، فيكون الخمسان من الثمن لأصحاب الدين الأول، ويكون الخمسان لأصحاب الدين الآخر، ويكون الخمس لصاحب الدين الذي أقر له المولى. ولو كان المولى لم يبعه ولكنه أعتقه وقيمته ألف وخمسمائة، فإن القيمة يضمنها المولى، فتقسم (¬5) بين الغرماء على خمسة أسهم. لصاحب الدين الأول الذي أقر له العبد الخمسان، ولصاحب الدين الآخر الخمسان، ولصاحب الدين الذي أقر له المولى الخمس. ثم يرجعون على العبد، فيأخذ منه الغريمان اللذان (¬6) أقر لهما العبد جميع (¬7) ما بقي لهما من دينهما، ويأخذ منه الغريم الذي أقر له المولى تمام ما بقي له من الخمسمائة التي لزمت العبد، وذلك مائتا درهم. ويبطل (¬8) من دين الغريم الذي أقر له المولى خمسمائة درهم. ولا يتبع العبد ¬

_ (¬1) ز - ويضرب فيه أصحاب الدين الآخر بجميع دينهم لأن العبد أقر به. (¬2) ف - الدين. (¬3) ز: الذي. (¬4) ز - الأول بألف درهم ويضرب فيه صاحب الدين. (¬5) ز: فيقسم. (¬6) ز: اللذين. (¬7) م ف ز: بجميع. (¬8) ز: وتبطل.

ولا المولى من ذلك بقليل ولا كثير. فإن شاء الغرماء اتبعوا العبد وتركوا المولى. فإن اتبعوا العبد أخذ منه الغريمان اللذان أقر لهما العبد ألفي درهم وهو جميع دينهم، وأخذ منه الغريم الذي أقر له المولى خمسمائة درهم لا يأخذ منه غير ذلك؛ لأن العبد لم يلحقه من الدين الذي أقر له المولى في حال الرق إلا خمسمائة درهم. فإنما يؤخذ منه من ذلك بعد العتق ما لحقه في حال الرق. وللغريم (¬1) الذي أقر له المولى أن يتبع المولى بخمسمائة درهم فيأخذها منه من قيمة العبد؛ لأنه أعتق العبد فضمن قيمته. فلما أبرأه الغريمان اللذان أقر لهما العبد كان للغريم الذي أقر له المولى أن يتبع المولى (¬2) بما بقي له (¬3) من دينه؛ لأن المولى مقر بأن ذلك الدين (¬4) على عبده وأنه استهلك رقبة عبده وذلك الدين فيه. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة وقيمته ألف درهم فأقر العبد بدين ألف درهم، ثم أقر عليه المولى بدين ألف درهم، ثم زادت (¬5) قيمة العبد حتى صارت تساوي ألفي درهم، ثم أقر العبد بدين ألف درهم، ثم بيع العبد للغرماء بألفي درهم، فإن الثمن بين الغريمين اللذين أقر لهما العبد الأول والآخر يقتسمانه نصفين، ولا شيء للغريم الذي أقر له المولى؛ لأن المولى أقر على العبد بذلك الدين يوم أقر ولا فضل في قيمته على الدين الأول، فإقراره عليه (¬6) باطل. وكذلك لو أعتقه فضمن المولى قيمته ألفي درهم أخذها الغريمان اللذان أقر لهما العبد فاقتسما ذلك نصفين (¬7). ولا حق للغريم الذي أقر له المولى في القيمة ولا على المولى ولا على العبد؛ لأن العبد لا يلزمه شيء من دينه في حال رقه. فإذا عتق لم يلحقه من دينه قليل ولا كثير. ولو أن الغريمين اللذين أقر لهما (¬8) العبد اختارا اتباع العبد بدينهما ¬

_ (¬1) م ف ز: والغريم. (¬2) ز + بخمسمائة درهم فيأخذها منه. (¬3) ف - له. (¬4) ز + الذي. (¬5) ف: ثم ترادت. (¬6) م ز - عليه. (¬7) ز: نصفان. (¬8) اختلط ترتيب الأوراق في نسخة ز اعتباراً من هنا.

وأبرآ المولى من القيمة كان لهما ذلك، ويتبعان (¬1) العبد بجميع دينهما، ويأخذ الغريم الذي أقر له المولى من المولى (¬2) جميع دينه؛ لأن المولى قد أقر بذلك الدين على عبده وقد أعتق العبد. فاستهلك رقبته وقد أبرأه الغريمان من دينهما (¬3). فللغريم الذي أقر له المولى بالدين أن يتبع المولى فيأخذ منه الأقل من دينه ومن قيمته. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة وقيمته ألف درهم وخمسمائة فأقر عليه المولى بدين ألف درهم، ثم أقر عليه المولى بعد ذلك بدين ألف درهم، ثم أقر عليه بألف درهم، ثم بيع العبد بألف درهم، فإن الثمن يقسم بين الغريمين الأولين على ثلاثة أسهم، يضرب فيه الغريم الأول بجميع دينه، ويضرب فيه الغريم الثاني بخمسمائة؛ لأن الغريم الثاني أقر له المولى بألف درهم وليس في قيمته من الفضل عن (¬4) الدين الأول إلا خمسمائة. فلا يشارك الغريم الثاني الغريم الأول إلا بخمسمائة. فإذا بيع العبد بالألف ضرب فيه الغريم الأول بجميع دينه وهو ألف، ويضرب فيه الثاني بخمسمائة، ولا شيء للغريم الثالث؛ لأن المولى أقر عليه بالدين الثالث ولا فضل فىِ قيمته. فإن لم يبع العبد ولكن المولى أعتق العبد وقيمته ألف درهم، فإن الغريمين يضمنان المولى القيمة وهي ألف درهم، فيقتسمانها أثلاثاً، ثلثاها للغريم الأول وثلثها للغريم الثاني. ويرجع الغريمان الأولان على العبد بخمسمائة، فيقتسمانها على ثلاثة أسهم حتى يصير لهما ألف وخمسمائة، ويبطل ما سوى ذلك من الدين. ولو أن الغريمين طلبا أخذ (¬5) العبد بدينهما كان لهما أن يرجعا عليه بألف درهم قيمته لا يزادان على ذلك قليلاً ولا كثيراً (¬6). فإذا أخذوا ذلك من العبد كان لهما أيضاً أن يتبعا المولى، فيأخذان منه القيمة حتى يسلم لهما دينهما كله؛ لأن المولى إذا أخذت منه القيمة أولاً فإنما بقي (¬7) من دينهما الذي (¬8) لحق قبل العتق ¬

_ (¬1) ز: ويبيعان. (¬2) ف - من المولى. (¬3) ز: من دينهم. (¬4) ز - الفضل عن؛ صح هـ. (¬5) م: أخذا. (¬6) ز: قليل ولا كثير. (¬7) ز - بقي. (¬8) م ف ز: للذي.

خمسمائة، ولا يتبعان العبد بأكثر منها. وإذا اتبعا العبد بدينهما أولاً (¬1) لم يكن لهما عليه أكثر من قيمته؛ لأن هذا الدين دين أقر به على المولى ولم يقر العبد بشيء منه، فلا يأخذان منه بعد العتق أكثر من قيمته (¬2). فإذا أخذا (¬3) القيمة من العبد اقتسما ذلك أثلاثاً، ثم يرجعان على المولى، فيأخذان منه القيمة، فيقتسمان ما يأخذان منها أثلاثاً حتى يخرج (¬4). منها خمسمائة. فإذا خرج منها خمسمائة صار الغريم الأول مستوفياً لجميع دينه، وبقي من الدين الثاني الذي أقر به المولى خمسمائة، فيأخذ الغريم الثاني هذه الخمسمائة من دينه؛ لأن المولى مقر بها فيصدق على نفسه. ولا يشاركه صاحب الدين الآخر فيها وإن كان المولى قد أقر به؛ لأن إقراره للثاني كان قبل إقراره للثالث. ولو كان المولى أقر بهذه الديون كلها إقراراً متصلاً كانوا جميعاً شركاء في ثمن العبد. فإن أعتق العبد ولم يبعه اتبعوا المولى بالقيمة ثم رجعوا على العبد فيما بقي من دينهم بقدر قيمته أيضاً؛ لأنه لا يضمن بعد العتق إلا قدر قيمته. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة ثم أقر عليه بدين ألف درهم (¬5) وقيمة العبد ألف درهم، ثم أن المولى بعد ذلك أقر عليه بدين ألف درهم (¬6) ثم زادت قيمة العبد بعد ذلك حتى صارت تساوي ألفين، ثم أقر عليه المولى بدين ألف درهم ثم بيع العبد في الدين بألفي درهم، فإن الثمن يقسم بين المقر له الأول وبين المقر له (¬7) الآخر نصفين، ولا شيء للمقر له الأوسط؛ لأنه (¬8) أقر له يوم أقر له ولا فضل في العبد، فكان إقراره له باطلاً. فلما زادت قيمته ألفاً ثم أقر لآخر كان إقراره هذا جائزاً؛ لأنه أقر وفي قيمة العبد فضل ألف درهم مثل الدين الذي أقر له. فإذا بيع بألفي درهم كانت بين الغريم الأول وبين الغريم الآخر نصفين ولا شيء للغريم ¬

_ (¬1) ز: أو. (¬2) م: من القيمة. (¬3) ز: أخذ. (¬4) ف: حتى يرجع. (¬5) م ف - درهم. (¬6) ز - ثم أن المولى بعد ذلك أقر عليه بدين ألف درهم. (¬7) م ف - له. (¬8) م ف ز: أنه.

الأوسط. ولو كان العبد بيع بألفين وخمسمائة أخذ الغريم الأول والغريم الآخر من الثمن ألفي درهم فاقتسما ذلك نصفين، والخمسمائة الباقية للغريم الأوسط. فإن تَوَى (¬1) على المشتري شيء من الثمن وخرج بعضه كان ما خرج بين الغريم الأول والغريم الآخر نصفين (¬2) حتى يستوفيا دينهما، ثم يكون ما بقي للغريم الأوسط. وما تَوَى من ذلك على الغريم الأوسط لا حق له حتى يستوفي الغريمان الأول والآخر. ولو كان المولى أعتق العبد وقيمته ألفا درهم أخذ الغريم الأول والغريم الآخر من المولى القيمة فاقتسماها نصفين، ولا شيء للغريم الأوسط على المولى ولا على العبد؛ لأن دينه لم يلحق العبد منه (¬3) شيء في حال الرق. وكذلك لو كان المولى أعتق العبد وقيمته ألفان وخمسمائة غرم المولى القيمة ألفين وخمسمائة، فأخذ الغريم الأول والآخر من ذلك ألفين، فاقتسما ذلك بينهما نصفين، وكانت الخمسمائة الباقية للغريم الأوسط، ولا يرجع أحد من الغرماء على العبد بقليل ولا كثير. ولو كانت القيمة التي ضمن المولى تَوَى بعضها كان التَّوَى من نصيب الغريم الأوسط. فإن كان خرج من القيمة ألف درهم وتَوَى ما بقي كانت الألف التي خرجت بين الغريم الأول والآخر نصفيق. ويرجعان على العبد فيأخذان منه تمام دينهما وذلك ألف درهم؛ لأن ذلك أقل من قيمته. وليس للغريم الأوسط على العبد قليل ولا كثير؛ لأن العبد لم يلزمه من دين الأوسط قليل ولا كثير. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة وقيمته ألف درهم وخمسمائة درهم فأقر عليه المولى بدين ألف درهم، ثم أقر عليه بعد ذلك بدين ألف درهم (¬4)، ثم أقر عليه بعد ذلك بألفي درهم، ثم بيع العبد بثلاثة آلاف درهم، فإن الأول يستوفي جميع دينه وهو ألف درهم، والثاني أيضاً يستوفي جميع دينه وهو ألف درهم (¬5)، ويبقى للغريم الآخر ألف فيستوفيها من دينه، ¬

_ (¬1) أي: هلك وضاع، كما تقدم. (¬2) ز - نصفين. (¬3) م ف ز + في. (¬4) م ز - درهم. (¬5) ف - والثاني أيضاً يستوفي جميع دينه وهو ألف درهم.

ويبقى من دينه ألف درهم. فإن تَوَى بعض الثمن على المشتري وخرج بعضه، فإن كان الذي خرج ألف درهم اقتسمه الغريم الأول والغريم الثاني على ثلاثة أسهم، للغريم الأول ثلثاه وللغريم (¬1) الثاني ثلثه. وكذلك كل شيء خرج بعد ذلك اقتسماه على ثلاثة أسهم (¬2) حتى يستوفي الغريم الأول جميع دينه، ويستوفي الغريم الثاني خمسمائة. فإذا (¬3) استوفيا ذلك كان ما خرج بعد ذلك للغريم الثاني حتى يستوفي خمسمائة تمام دينه، ولا شيء للغريم الثالث حتى يستوفي الغريم الثاني؛ لأن الإقرار للغريم الثاني كان قبل الإقرار للغريم الثالث، فيكون التَوَى على الغريم الثالث. ولو كان المولى أقر بالدين كله جميعاً متصلاً كان ما تَوَى على قدر دينهم وما خرج على قدر دينهم. ولو كان المولى أقر بدينهم إقراراً منقطعاً ثم أقر العبد بذلك بدين ألف درهم ثم بيع العبد بثلاثة آلاف درهم فقبضت من المشتري، فإن الغريم الأول يأخذ منها ألف درهم، والغريم الآخر الذي أقر له العبد يأخذ منها ألف درهم، ويأخذ منها الغريم الثاني ألف درهم، ولا شيء للغريم الثالث. فإن تَوَى من الثمن ألف درهم (¬4) وخرج منها ألفا درهم اقتسمه الغريم الأول والثاني والآخر الذي أقر له العبد على خمسة أسهم، فيكون للغريم الأول من ذلك الخمسان وللغريم الثاني الخمس وللغريم الآخر الذي أقر له العبد الخمسان. وكذلك ما خرج بعد ذلك اقتسموه على هذا حتى (¬5) يخرج من الدين خمسمائة أخرى. فإذا خرجت خمسمائة استوفى صاحب الدين الأول دينه، واستوفى صاحب الدين الثاني من دينه خمسمائة، واستوفى صاحب الدين الآخر الذي أقر له العبد جميع دينه وهو خمسمائة. وما بقي بعد ذلك وهو خمسمائة فهو لصاحب الدين الثاني؛ لأن الإقرار له كان قبل الإقرار لصاحب الدين الثالث. ¬

_ (¬1) ف: والغريم. (¬2) ف - ثلثه وكذلك كل شيء خرج بعد ذلك اقتسماه على ثلاثة أسهم. (¬3) ز: فإ. (¬4) ز + ألف درهم. (¬5) ف - حتى.

وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة وقيمته ألف درهم فاشترى العبد وباع فصار في يديه (¬1) ألف درهم، ثم إن العبد أقر بألف درهم، ثم أقر عليه المولى بألف درهم، فإن الألف التي في يد العبد تقسم بين الغريمين نصفين، ثم يباع العبد فيقسم ثمنه بين الغريمين أيضاً نصفين. ولو كان المولى أقر عليه بألفين معاً قسم المال الذي في يده بين الغريم الذي أقر له العبد وبين الغريم الذي أقر له المولى نصفين، ويباع العبد فيقسم ثمنه بين الغريمين نصفين. ولا يجوز إقرار المولى على عبده من الألفين اللتين أقر بهما عليه إلا بألف واحدة؛ لأن العبد إنما فضل قيمته وفضل ما في يده ألف درهم، فلا يجوز إقرار المولى عليه بأكثر من الفضل الذي على الدين. ولو كان المال الذي في يدي العبد خمسمائة درهم وقيمة العبد ألف درهم فأقر العبد لرجل بدين ألف درهم ثم أقر عليه المولى بدين ألفي (¬2) درهم ثم أقر العبد بعد ذلك بدين ألف (¬3) درهم (¬4)، فإن الخمسمائة التي في يد العبد تقسم بين الغريم الأول والغريم الثاني الذي أقر له المولى وبين الغريم الآخر على خمسة أسهم، سهمان من ذلك للغريم الأول وسهمان من ذلك للغريم الآخر وسهم للغريم الذي أقر له المولى. ثم يباع العبد فيقتسمون ثمنه على خمسة أسهم، سهمان من ذلك للغريم الأول وسهمان من ذلك للغريم الآخر وسهم من ذلك للغريم الذي أقر له المولى؛ لأن المولى أقر له على عبده بألفي درهم ولا فضل في العبد ولا فيما في يده إلا خمسمائة درهم، فإنما يضرب مع غريمي العبد بخمسمائة درهم. ولو كان إقرار المولى قبل إقرار العبد بالدين الأول قسم ما في يد (¬5) العبد على أربعة أسهم، سهمان من ذلك للغريم الذي أقر له المولى وسهمان من ذلك للغريمين اللذين (¬6) أقر لهما العبد. ثم يباع العبد فيقسم ثمنه بينهم على أربعة أسهم، سهمان من ذلك للغريم الذي أقر له المولى وسهمان من ذلك ¬

_ (¬1) ز: في يده. (¬2) ف: بألفي. (¬3) ف: ألفي. (¬4) ز - ثم أقر عليه المولى بدين ألفي درهم ثم أقر العبد بعد ذلك بدين ألف درهم. (¬5) ف: في يدي. (¬6) ز: الذين.

باب إقرار العبد بقبض المال من المولى والوكالة في ذلك

للغريمين اللذين (¬1) أقر لهما العبد بينهما نصفين؛ لأن الغريم الذي أقر له المولى يضرب بجميع دينه؛ لأن المولى (¬2) أقر له بدينه على عبده ولا دين على (¬3) العبد، ولزمه جميع ما أقر به وإن كان ذلك أكثر من قيمة العبد ومن جميع ما في يده. وإذا كان إقرار المولى بعدما لزم العبد شيء من الدين فإنما يلحق العبد مما أقر به عليه المولى بقدر ما في قيمته وفيما في يده من الفضل على الدين. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. ... باب إقرار العبد بقبض المال من المولى والوكالة في ذلك وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير ثم باع عبداً مما في يده من المولى بقدر قيمة العبد أو بأكثر فبيعه جائز، ويقبض المولى العبد، ويدفع الثمن فيكون بين الغرماء. فإن قبض المولى العبد الذي اشترى وأقر العبد المأذون له أنه قد (¬4) قبض الثمن من مولاه فإقراره بقبض الثمن باطل، ولا يصدف على ذلك إلا بمحضر من الشهود حتى يشهدوا على معاينة القبض. والمولى بالخيار إن كان العبد قائماً بعينه. إن شاء رد البيع ولم يكن له أن يرجع على عبده من الثمن بقليل ولا كثير. وإن شاء نقد الثمن مرة أخرى. فإن كان العبد الذي اشترى قد مات في يدي المولى فعلى المولى أن يؤدي الثمن، ولا خيار له في شيء من ذلك. وكذلك إن كان العبد الذي اشترى حدث به عيب عند المشتري فالثمن له لازم، ولا خيار له في رد ما اشترى. وكذلك كل دين وجب للعبد على مولاه من غصب أو قرض أو دين أو استهلاك شيء من متاعه فوجب عليه فيه قيمته فقال العبد: قد قبضت ما وجب لي من دين على المولى، فإن العبد لا يصدق على ذلك، ولا يبرأ المولى من ذلك حتى يعاين الشهود قبض الدين. ¬

_ (¬1) ز: الذي. (¬2) ف + الذي. (¬3) م - على، صح هـ. (¬4) م - قد.

وكذلك لو أن العبد وكل وكيلاً بقبض دين وجب له على سيده فقال الوكيل: قد قبضت الدين ودفعته إلى العبد، لم يصدق الوكيل على شيء من ذلك إن صدقه العبد المأذون له في التجارة أو لم يصدقه؛ لأن وكيله بمنزلته. وإذا أذن الرجل لابنه وهو صغير في التجارة ثم لحقه دين كثير فباع عبداً من أبيه فبيعه جائز إن باع بالقيمة أو بأكثر من ذلك. فإن باع بأقل من ذلك وذلك أمر يتغابن الناس فيه فهو جائز. وإن كان شيئاً (¬1) لا يتغابن الناس فيه فلا يجوز في قياس قول أبي حنيفة ولا يجوز في قول أبي يوسف ومحمد. فإن قال: قد قبضت الدين الذي وجب لي على أبي، فإقراره باطل إن لم يعاين الشهود القبض. ألا ترى أن إقرار العبد لمولاه بدين وعليه دين لا يجوز. وكذلك إقراره له بمال في يديه بعينه، فإن ذلك لا يجوز. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير ثم إن العبد وكل وكيلاً أن يبيع عبداً له من مولاه فباعه منه بقدر قيمته أو بأكثر فبيعه جائز. فإن قال البائع: قد قبضت الثمن من المولى فدفعته إلى العبد المأذون له وصدقه العبد بذلك أو كذبه، فإن الوكيل لا يصدق على قبض المال إلا أن يعاين الشهود القبض. والمولى بالخيار. إن شاء نقض البيع إن كان العبد قائماً بعينه. وإن شاء أدى ثمناً آخر؛ لأن وكيل العبد المأمور بالبيع في هذا بمنزلة العبد الآمر. فإن اختار المشتري رد العبد أو أخذه ونقده الثمن بمعاينة الشهود فإن المشتري يبرأ من الثمن. وللمشتري أن يرجع على الوكيل البائع بما أقر أنه قبض منه من (¬2) الثمن؛ لأنه هو الذي ولي عقدة البيع وقد أقر بقبض الثمن، فيلزمه ما أقر به من ذلك. ولا يرجع الوكيل البائع بما لزمه من ذلك على العبد الذي وكله. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير ثم إن العبد أودع مولاه ألف درهم أو أَبْضَعَها (¬3) معه أو دفعها إليه مضاربة فذلك جائز. فإن ¬

_ (¬1) ز: شيء. (¬2) ف - من. (¬3) أي: دفعها بضاعة ليتجر بها،

قال العبد بعد ذلك: قد قبضت من المولى ما دفعت إليه من ذلك، فالقول قوله (¬1) ولا ضمان على المولى. ولا يشبه هذا المال المضمون؛ لأن هذا كان أمانة في يدي المولى، فالقول قول العبد في ذلك. وكذلك لو أن المولى قال: دفعت ذلك إلى العبد، وكذبه العبد كان القول قول المولى مع يمينه. وإذا دفع العبد المأذون له في التجارة إلى مولاه ألف درهم مضاربة بالنصف وعلى العبد دين كثير، فربح المولى في المال ألف درهم فالمضاربة جائزة. فإن قال العبد: قد أخذت رأس المال من المولى وقاسمته الربح فقبضت منه رأس المال وحصتي من الربح، وكذبه الغرماء أو ادعى ذلك المولى وكذبه العبد والغرماء، فلا ضمان على المولى مع يمينه. وللعبد أن يأخذ من المولى حصته من الربح الذي صار له، فيكون للعبد من رأس ماله؛ لأن المولى والعبد لا يصدقان على أن تسلم (¬2) للمولى حصته التي قبضها (¬3) من الربح. ولا يضمن ما ادعى أنه دفع إلى العبد؛ لأنه كان في ذلك أميناً. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير ثم إن العبد شارك مولاه بخمسمائة مما في يديه (¬4) وخمسمائة من مال مولاه شركة عنان على أن يشتريا ويبيعا فذلك جائز. فإن اشتريا وباعا فلم يربحا شيئاً فأقر العبد أنه قد قاسم مولاه المال فاستوفى منه نصفه ودفع إلى مولاه نصفه وصدقه المولى بذلك، فإن العبد لا يصدق على القسمة، وللغرماء أن يأخذوا من المولى نصف ما قبض. وكذلك كل شركة وقعت بين المولى وعبده في طعام أو ثياب أو عروض أو غنم أو غير ذلك فأقر العبد أنه قد قاسمه فأخذ نصفاً ودفع إلى المولى نصفاً فصدقه المولى بذلك، فإن العبد لا يلحقه مما أقر أنه قبض قليل ولا كثير، ويأخذ الغرماء من المولى نصف ما قبض؛ لأن العبد لا يصدق على القسمة والقبض إلا أن يعاين الشهود ذلك. ¬

_ (¬1) ز: قول العبد. (¬2) ز: أن يسلم. (¬3) ف ز: قبض. (¬4) ز: في يده.

وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير ثم إن العبد وكل رجلاً ببيع عبد (¬1) له من مولاه فباعه بأكثر من قيمته، ثم إن المولى حجر على عبده فأقر الوكيل أنه قد قبض الثمن وكذبه الغرماء وصدقه العبد أو كذبه، فإن الوكيل لا يصدق على شيء من ذلك، وهذا بمنزلة لو كان العبد المأذون له في التجارة على حاله. ولو كان الآمر قد باعه القاضي للغرماء في دينهم ثم إن الوكيل البائع أقر بعدما بيع العبد الآمر أنه قد قبض الثمن من المولى فضاع في يده فهو مصدق مع يمينه. ولا شيء على المولى من الثمن؛ لأن العبد الآمر خرج من ملكه وصار الوكيل وكيلاً للغرماء. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير ثم إن المولى أخذ جارية من رقيق العبد فباعها وقبضها المشتري وتَوَى الثمن على المشتري، فإن أقر العبد المأذون له أنه أمر مولاه بذلك فإقراره جائز، ولا ضمان على المولى وإن كان الأمر من العبد لا يعرف إلا بقوله بعد تَوَى الثمن. ولو كان العبد أنكر أن يكون أمر (¬2) المولى ببيعه ضمن المولى قيمة العبد فكانت بين الغرماء. ولو أن العبد قال: لم آمر المولى بشيء من ذلك ولكن قد أجزت البيع، فإن كانت الجارية قائمة بعينها أو لا يدرى ما فعلت فالبيع جائز، وقد برئ المولى من ضمان الجارية. وإن كانت الجارية قد ماتت فإجازته باطل، وعلى المولى قيمة الجارية للغرماء. ولو كان العبد لم يقر بشيء من ذلك حتى حجر المولى عليه ثم إن العبد أقر بأنه هو الذي أمره بالبيع، فإن العبد لا يصدق على شيء من ذلك (¬3)، والمولى ضامن لقيمة الجارية. وكذلك لو كان العبد المأذون له بيع للغرماء في دينهم فأقر أنه هو الذي أمر المولى بذلك، فإنه لا يصدق على ذلك والمولى ضامن لقيمة العبد. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير ثم إنه باع عبداً من ¬

_ (¬1) ز: يبيع عبدا. (¬2) ف: أقر. (¬3) ز - حتى حجر المولى عليه ثم إن العبد أقر بأنه هو الذي أمره بالبيع فكان العبد لا يصدق على شيء من ذلك.

ابن مولاه أو من أبيه أو من مكاتبه أو من عبد له (¬1) آخر تاجر عليه دين كثير أو لا دين عليه، فباعه بأكثر من قيمته ودفع العبد إلى المشتري، ثم أقر العبد البائع أنه قد (¬2) قبض الثمن من المشتري، فإن كان ابن المولى أو أباه أو أخاه (¬3) أو أخته أو ذا (¬4) رحم محرم منه فالعبد مصدق على ما أقر به من قبض الثمن. وإن كان الذي اشترى مكاتب المولى أو عبده وعليه دين أو لا دين عليه فأقر العبد أنه قبض الثمن منه لم يصدق وكان شراؤه بمنزلة شراء المولى. وكذلك لو أن العبد وكل (¬5) وكيلاً فباعه الوكيل من مكاتب المولى أو من عبده وعليه دين أو لا دين عليه فهو بمنزلة الوكيل ببيع المولى في جميع ما وصفت لك (¬6). وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير ثم إن ابناً للعبد استهلك للعبد ألف درهم وهو حر، أو امرأة للعبد (¬7)، أو استهلك ذلك أبو العبد وهو حر (¬8)، أو مكاتب لابنه، أو عبد له تاجر عليه دين أو لا دين عليه، فأقر العبد المأذون له في التجارة أنه قبض الألف التي استهلكت من الذي استهلكها، فإن قياس قول أبي حنيفة في هذا أن العبد لا يصدق على ذلك إلا أن يعاين الشهود القبض. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإنه يصدق في ذلك. وكذلك لو لم يكن على العبد المأذون له في التجارة دين كان (¬9) بهذه المنزلة في قولهم جميعاً. ولو كان الذي استهلك المال أخاً للعبد المأذون له في التجارة أو عماً (¬10) أو ذا رحم محرم منه سوى الوالد والولد والزوجة (¬11) فأقر العبد المأذون له في التجارة أنه (¬12) قد قبض الألف التي استهلكت من الذي استهلكها فالقول قول العبد، وهو ¬

_ (¬1) م ف + أو من عبد له. (¬2) ز - قد. (¬3) في: أو أبوه أو أخوه. (¬4) ز: أو ذو. (¬5) ز: وكيلاً. (¬6) ز - لك. (¬7) ز - للعبد. (¬8) ف - أو امرأة للعبد أو استهلك ذلك أبو العبد وهو حر. (¬9) ز - كان. (¬10) ف + أو أخا. (¬11) ف: والزوجية. (¬12) ف - أنه.

مصدق على ذلك، ولا يمين على الذي (¬1) استهلك المال؛ لأن العبد قد أقر بقبضه إن كان على العبد دين أو لم يكن في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير ثم إنه دفع عبداً إلى مولاه وأمره أن يبيعه، فباعه من رجل بألف درهم ودفع العبد إليه وأقر المولى أنه قبض الثمن من المشتري ودفعه إلى العبد، فصدقه العبد بذلك أو كذبه، وكذبه الغرماء في جميع ذلك، فإن المولى يصدق على ذلك مع يمينه، ولا شيء على المشتري من الثمن، ولا يمين عليه. وكذلك لو أن العبد حجر عليه مولاه من قبل إقراره بقبض الثمن ثم أقر بقبض الثمن بعدما حجر على عبده. وكذلك لو أن المولى باع عبداً له في الدين ثم أقر بقبض الثمن بعد بيع العبد المأذون له، فإن إقراره جائز، والمشتري بريء من الثمن. ويسأل المولى عن الثمن الذي قبض. فإن ادعى أنه ضاع صدق، وكانت عليه اليمين على ما ادعى من ذلك. ولو كان العبد هو الذي (¬2) باع من المشتري فأقر بقبض الثمن وعليه دين كثير صدق في ذلك، ولا يمين على المشتري في شيء من ذلك. وكذلك لو كان العبد أقر بقبض (¬3) الثمن بعدما حجر عليه مولاه. فإن كان بيع في الدين ثم أقر بعد ذلك بقبض الثمن أو عاينت الشهود دفع الثمن إليه بعدما بيع، فإن الثمن على المشتري على حاله، وليس للعبد أن يقبض الثمن بعد البيع. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير ثم إن العبد أمره مولاه ببيع جارية له، فباعها من رجل أجنبي وضمن المولى الثمن (¬4) على المشتري لعبده، فإن ضمانه باطل والبيع جائز. فإن قال المولى: قد قبض العبد الثمن من المشتري، وادعى ذلك المشتري وكذبه ¬

_ (¬1) ز: على العبد ي. (¬2) ز - هو الذي. (¬3) ز + وعليه دين كثير صدق في ذلك ولا يمين على المشتري. (¬4) ف - بعد البيع وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير ثم إن العبد أمره مولاه ببيع جارية له فباعها من رجل أجنبي وضمن المولى الثمن.

العبد بذلك وكذبته بذلك الغرماء، فإن المشتري بريء من الثمن ولا يمين عليه، وعلى المولى اليمين على ما ادعى من ذلك، فإن حلف برئ، وإن نكل عن اليمين لزمه المال. وكذلك لو أن العبد أقر أن المولى قد قبض الثمن وجحد ذلك المولى فإن المشتري بريء من الثمن ولا يمين عليه، ولا ضمان على المشتري ولا على المولى (¬1). وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير ثم إن رجلاً استهلك للعبد ألف درهم فضمنها المولى عنه فإن ضمانه جائز لازم. فإن أقر العبد أنه قبض المال من الذي استهلكه لم يصدق حتى يعاين الشهود القبض. وكذلك لو أقر أنه قبض ذلك من المولى كان إقراره باطلاً إن كان المولى كفل بأمر الغريم أو بغير أمره. وكذلك لو كان المال على المولى فكفل به رجل أجنبي بأمره أو بغير أمره (¬2) فإن كفالته جائزة. فإن أقر العبد أنه قبض المال من الكفيل أو من المولى فإقراره باطل، والمال عليهما جميعاً على حاله. ولو كان العبد أبرأ الكفيل بغير قبض كان إبراؤه باطلاً؛ لأن العبد ليس له أن يبرئ. ولو كان الغريم مكاتب المولى فكفل به رجل أجنبي وكان (¬3) الكفيل مكاتب المولى بما كان عليه للمكفول عنه كان بمنزلة المولى وكفيله (¬4)، الأمر فيه على ما وصفت لك في ذلك. ولو كان الغريم أبا المولى أو ابنه أو كان الكفيل أبا المولى أو ابنه فأقر العبد بقبض الدين من الكفيل أو من الغريم كان مصدقاً في جميع ما وصفت لك، وبرئ الغريم والكفيل من مال العبد. ... ¬

_ (¬1) ز - وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير ثم إن العبد أمره مولاه ببيع جارية له فباعها من رجل أجنبي وضمن المولى الثمن على المشتري لعبده ... وكذلك لو أن العبد أقر أن المولى قد قبض الثمن وجحد ذلك المولى فكان المشتري بريء من الثمن ولا يمين عليه ولا ضمان على المشتري ولا على المولى. (¬2) ز - وكذلك لو كان المال على المولى فكفل به رجل أجنبي بأمره أو بغير أمره. (¬3) ف ز: أو كان. (¬4) ف: وكفله.

باب وكالة الأجنبي العبد بقبض الدين من المولى ووكالة المولى بقبض الدين من عبده

باب وكالة (¬1) الأجنبي العبد بقبض الدين من المولى ووكالة المولى بقبض الدين من عبده وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة ثم إن مولاه لحقه دين ألف درهم لرجل، فوكل ذلك الرجل العبد المأذون له بقبض دينه من مولاه فأقر العبد أنه قد قبض الألف من مولاه فضاعت فكذبه رب المال، فإن المولى بريء من الدين، والعبد مصدق فيما قال، ولا يمين على المولى، ويستحلف العبد على ما ذكر من القبض والهلاك. فإن حلف برئ. وإن نكل عن اليمين لزمه المال في عنقه إن كان عليه دين أو لم يكن. فبيع في ذلك وفي دينه، فاقتسموا بينهم (¬2) بالحصص. ولو كان المولى هو الذي وكله الأجنبي بقبض الدين له على عبده وعلى العبد دين كثير أو لا دين عليه (¬3)، فأقر المولى أنه قد (¬4) قبض الدين من عبده وكذبه رب المال، فإن العبد لا يبرأ من المال، وإقرار (¬5) المولى بذلك باطل. وكذلك لو عاينت الشهود قبض المولى للدين وقد ضاع المال في يدي (¬6) المولى كان قبضه باطلاً، ولا يبرأ العبد بقبض المولى، ولا يكون المولى وكيلاً في قبض دين على عبده. ألا ترى أن عبده يسلم له بقبضه الدين الذي عليه، وعبده ماله، فلا يسلم له ماله بقبضه؛ لأنه إن سلم له كان وكيل نفسه. فأما العبد إذا وكل بقبض دين على مولاه فإن وكالته جائزة؛ لأن مال المولى ليس بمال عبده. ولو كان لرجل عبدان مأذون لهما في التجارة وعلى أحدهما لرجل أجنبي ألف درهم، فوكل الأجنبي العبد الآخر بقبض دينه على العبد فأقر بقبضه وأنكر ذلك رب المال، فالعبد الذي عليه الدين بريء، ولا ضمان عليه ولا يمين، ويستحلف العبد الآخر على ما ادعى من القبض. فإن حلف برئ. فإن نكل عن اليمين لزمه ما أقر بقبضه في عنقه، فيباع فيه إلا أن يفديه ¬

_ (¬1) أي: توكيل. (¬2) م ز: ثمنهم. (¬3) ز - عليه. (¬4) ف - قد. (¬5) م ف: أو إقرار. (¬6) ف - المال في يدي، صح هـ.

المولى. وكذلك لو كان الوكيل مكاتباً للمولى أو ابن المولى أو أباه أو زوجته أو أخاه أو أخته. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير ثم إن العبد أراد أن يرهن عبداً من عبيده بعض غرمائه فأبى ذلك بقيتهم، فللغرماء أن يمنعوه ذلك ولا يجوز رهنه. وكذلك إن أراد أن يقضي بعضهم دون بعض لم يكن له ذلك إذا كان الدين بإقرار من العبد. فإن لم يكن عليه إلا ألف (¬1) درهم فرهن صاحبها بها عبداً ووضعاه على يدي المولى وتراضيا بذلك وقيمة الرهن ألف درهم فضاع الرهن في يدي المولى، فإن الدين على العبد على حاله، ويضيع الرهن من مال العبد، ولا يكون المولى وكيلاً للمرتهن في شيء من ذلك. ولو كان الذي وضعا الرهن على يديه عبداً آخر للمولى أو مكاتباً أو كان أبا المولى أو ابنه فهلك الرهن في يدي الذي وضعا الرهن على يديه، فإن الرهن بما فيه وقد بطل دين الأجنبي. ولو كان الذي وضع الرهن على يديه عبداً للعبد المأذون له في التجارة فهلك في يديه كان من مال الرجل الأجنبي. ولو كان المال للأجنبي على المولى فرهنه به رهناً ووضعاه على يدي العبد المأذون له فضاع (¬2) ذهب بما فيه وبرئ المولى من الدين. وكذلك لو قال العبد: قد هلك الرهن، ولا يعرف إلا بقوله كان القول قوله ويبرأ المولى من الدين. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين ثم أذن العبد لعبد (¬3) مما في يديه في التجارة (¬4)، فلحقه دين فوكل بعض غرماء الأول العبد الآخر بقبض دينه فأقر بقبضه وكذبه رب المال، فإن إقراره جائز على رب المال، والذي عليه الدين بريء. ولو أن بعض غرماء العبد الآخر وكل العبد الأول بقبض دينه على العبد الآخر فأقر بقبضه كان إقراره باطلاً. وكذلك لو عاينت الشهود القبض لم يبرأ العبد الآخر من الدين؛ لأن العبد الأول لا يكون وكيلاً فيما على عبده. ولو كانت الغرماء لم يوكلوا بقبض دينهم وكان على ¬

_ (¬1) ز: عليه الألف. (¬2) ف: بصاع. (¬3) ف - لعبد. (¬4) ز - في التجارة.

العبد دين على كل واحد منهما ألف درهم، وفي يدي كل واحد منهم عبد (¬1) له يساوي ألف درهم، فرهن كل واحد منهما غريمه عبده بدينه، ووضع كل واحد منهما العبد الذي رهن على يدي العبد الآخر، فضاع الرهنان جميعاً، فإن الرهن الذي رهنه الآخر يضيع من مال الغريم، ويبرأ العبد الأعلى من الدين. وأما العبد الذي رهنه الأسفل فإنه يضيع من مال العبد الأسفل، ولا يضيع من مال الغريم. ويبيع (¬2) العبد الأسفل بالدين على حاله؛ لأن العبد الأسفل من مال العبد الأعلى، فلا يكون العبد الأعلى وكيلاً للغريم (¬3) في قبض الرهن. وأما العبد الأعلى فليس للعبد الأسفل فيه حق ولا في ماله. فالعبد الأسفل وكيل للآخر (¬4) الغريم (¬5) في الرهن، وقبضه للغريم قبض. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير فأحال العبد أحد الغرماء بدينه على رجل آخر، فإن كان أحاله بمال كان للعبد على الرجل الحر فالحوالة باطل؛ لأن على العبد ديناً (¬6) غير هذا، فلا يجوز أن يحيل بعضهم دون بعض. فإن لم يكن للعبد على الرجل الحر مال فأحال عليه أحد الغرماء بألف درهم، فإن الحوالة جائزة والمحتال عليه ضامن للمال، والعبد (¬7) بريء من الدين الذي أحال به صاحب المال. فإن وكل (¬8) الغريم بقبض الدين (¬9) العبد الذي كان عليه أصل الدين أو مولاه فأقر بالقبض أو عاينت الشهود ذلك، فإن القبض في ذلك باطل (¬10). ولا يكون المولى ولا عبده وكيلاً في ذلك؛ لأن أصل المال على العبد؛ لأن العبد يبرأ بقبضه (¬11)، فإذا كان يبرأ بقبضه لم يكن وكيلاً. فإن كانت الألف التي في يدي القابض ردت على صاحبها. وإن كانت قد ضاعت فلا ضمان ¬

_ (¬1) ز: عبدا. (¬2) ز: وبتبع. (¬3) ز - للغريم. (¬4) ف - للآخر، صح هـ. (¬5) ف: للغريم. (¬6) ز: دين. (¬7) ز: وللعبد. (¬8) م ز: وكيل. (¬9) م ف ز: دين. (¬10) ز: باطلاً. (¬11) م ف ز + العبد. وانظر: المبسوط، 25/ 123.

على الذي ضاعت في يديه؛ لأن الذي ضاعت في يديه كان فيها أميناً ولم يكن فيها وكيلاً، وكان الدافع قد دفع إلى غير الوكيل. ولو كان الذي وكل بقبض الدين عبداً للمولى آخر أو مكاتباً للمولى أو ابن المولى أو أباه أو عبداً للعبد المأذون له في التجارة الذي كان عليه الدين، فأقر الذي وكل بقبض الدين من المحتال عليه، فإن إقراره جائز على الغريم ويبرأ الغريم من الدين ولا يمين عليه. فإن كان الدين على المولى فأحال به على رجل ثم إن الغريم وكل عبداً للمولى بقبض دينه فأقر بقبضه أو عاينت الشهود القبض فإن إقراره وقبضه جائز، ولا يشبه هذا المال الذي كان على المولى فأحال به المولى المال الذي كان على العبد فأحال به؛ لأن المال الذي كان على المولى يكون العبد فيه وكيلاً، ولا يكون المولى وكيلاً فيما على عبده. ألا ترى أن المال لو كان على العبد فكفل به رجل فوكل الغريم المولى بقبض الدين من عبده أو من كفيله لم تجز وكالته ولم يكن وكيلاً في ذلك. ولو كان الدين (¬1) على المولى وبه كفيل فوكل الغريم عبد المولى بقبضه من مولاه أو من كفيله كانت وكالته جائزة، وكان وكيلاً في قبض المال إن أقر أو قامت بينة على معاينة القبض. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير ثم أذن العبد لعبد من عبيده في التجارة فلحقه دين كثير، فوكل بعض غرماء الأول أو بعض غرماء الآخر المولى بقبض دينه فقبضه، فإن قبضه باطل. ولا يكون المولى وكيلاً في شيء من ذلك؛ لأن العبدين جميعاً مال المولى، ولا يكون المولى وكيلاً (¬2) في ماله. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير ثم إن الغرماء وكلوا (¬3) بقبض الدين ابن العبد المأذون له في التجارة والابن حر، أو أباه أو أخاه أو ذا رحم محرم منه أو مكاتباً لابنه أو عبداً لابنه ¬

_ (¬1) ف ز: المال. (¬2) ف - في شيء من ذلك لأن العبد ين جميعاً مال المولى ولا يكون المولى وكيلاً. (¬3) ز - وكلوا.

مأذوناً له في التجارة أو محجوراً (¬1) عليه، فأقر الوكيل بقبض الدين وجحد ذلك الغرماء، فإن الوكيل مصدق في ذلك كله في قياس قول أبي حنيفة وفي قول أبي يوسف ومحمد. وإذا أذن (¬2) الرجل لعبده في التجارة فغصب العبد من رجل ألف درهم فغصبها (¬3) منه رجل آخر فضاعت في يديه، ثم إن المغصوب أقام البينة على حقه فهو بالخيار. إن شاء اتبع بماله العبد. وإن شاء اتبع الرجل الأجنبي. فإن اتبع الرجل الأجنبي برئ العبد من المال الغصب. فإن وكل رب المال العبد أو (¬4) مولاه (¬5) بقبض المال من الأجنبي الغاصب فأقر الوكيل بأنه (¬6) قد قبض المال من الغاصب الأجنبي وكذبه رب المال، فإن القبض جائز على رب المال، وقد برئ الغاصب من المال، ولا شيء عليه بعد إقرار الوكيل بالقبض. ولو كان المغصوب منه لم يختر (¬7) ضمان الأجنبي [لم يكن له بعد ذلك أن يتبع الأجنبي] (¬8) بشيء من هذا المال أبداً. وإنما حقه على العبد. فإذا أخذ المال من العبد اتبع العبد الأجنبي بما أخذ منه. فإن لم يأخذ المغصوب من العبد شيئاً حتى وكل مولى العبد أو الأجنبي بقبض المال من العبد، فأقر الوكيل بالقبض أو عاينت ذلك الشهود، فإن كان الوكيل هو المولى فوكالته باطل ولا يكون قبضه قبضاً. وإن كان الأجنبي هو الوكيل فوكالته جائزة وإقراره بالقبض جائز على رب المال. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير ثم إن المولى دبر عبده فإن الغرماء بالخيار. إن شاؤوا اتبعوا المولى بالقيمة ولا شيء لهم على العبد مما بقي من دينهم حتى يعتق. وإن شاؤوا اتبعوا العبد بجميع دينهم وأبرؤوا المولى من القيمة. فإن اختاروا اتباع (¬9) المولى بالقيمة ووكلوا (¬10) العبد بقبضها من المولى فأقر أنه قبضها فضاعت في يده أو عاينت الشهود ¬

_ (¬1) ز: أو محجور. (¬2) ز: أذ. (¬3) م: فقبضها. (¬4) م - أو، صح هـ. (¬5) م ف: لمولاه. (¬6) ز: أنه. (¬7) ف: لم يجز. (¬8) الزيادة من الكافي، 3/ 88 و. (¬9) م ف ز: اتبع. (¬10) م ف ز: وكلوا.

القبض، فإن قبضه باطل لا يجوز على الغرماء ولا يكون وكيلاً في شيء من ذلك؛ لأن أصل المال عليه. ألا ترى أنه لو أعتق كان للغرماء أن يأخذوه بجميع دينهم. أفلا ترى أنه يبرئ نفسه مَن يَقْبِضُ دينه بقبضه (¬1). ولو كان الغرماء اختاروا اتباع العبد بدينهم ثم (¬2) وكلوا المولى بقبض دينهم من عبده كان هذا باطلاً أيضاً، وكان هذا والأول سواء. فإن أعتق المولى عبده المدبر بعدما اختاروا اتباع العبد فلا ضمان لهم على المولى. فإن وكلوا المولى بقبض الدين من العبد بعد العتق أو قبل العتق وأقر المولى بعد العتق أنه قد (¬3) قبض منه دينهم بعدما أعتقه، فإن كانت الوكالة من الغرماء قبل العتق فقبض المولى باطل لا يجوز عليهم؛ لأنه حين وكل غير وكيل، فلا يكون وكيلاً بعد العتق بتلك الوكالة. فإن كانوا وكلوه بعدما أعتقه فوكالتهم جائزة، وإقراره بالقبض جائز عليهم إن صدقوه أو كذبوه. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير وقيمة العبد ألف درهم فأعتقه المولى، فإن الغرماء يتبعون العبد بدينهم كله ويتبعون المولى بقيمة العبد، ولا يكون اتباعهم العبد بجميع دينهم إبراء للمولى، ولا يكون اتباعهم المولى بالقيمة إبراء (¬4) للعبد. فإن أبرؤوا العبد من دينهم كله كان بريئاً وبرئ المولى أيضاً من القيمة. وإن أبرؤوا المولى أيضاً من القيمة كان لهم أن يتبعوا العبد بجميع دينهم. فإن وكلوا المولى بعدما أبرؤوه بقبض دينهم من العبد فأقر بقبضه كان إقراره جائزاً على الغرماء؛ لأنهم وكلوه ولا دين لهم عليه. ولو كانوا وكلوا المولى قبل أن يبرئوه من القيمة لم يكن وكيلاً في قبض الدين الذي على العبد المعتق. وكذلك لو أبرؤوا المولى بعد الوكالة لم يكن وكيلاً في قبض الدين (¬5) إلا أن يوكلوه بعد البراءة. ولو كانوا أبرؤوا العبد من دينهم على أن يتبعوا المولى بقدر القيمة من دينهم وتراضوا على ذلك جميعاً كان جائزاً، ويبرأ العبد من الدين، ويتبعون المولى بالقيمة. ¬

_ (¬1) اْي: أن الذي يقبض دينه يبرئ نفسه عن الدين، والإنسان لا يكون وكيلاً في قبض دين على نفسه. انظر: المبسوط، 25/ 124. (¬2) ز - ثم. (¬3) ز - قد. (¬4) ف - إبراء. (¬5) ز + الذي على العبد المعتق.

فإن تَوَى ما على المولى رجعوا على العبد من دينهم بقدر القيمة، وكان هذا بمنزلة الحوالة. فإن لم يَتْوَ (¬1) ما على المولى حتى وكلوا العبد بقبض المال من المولى فأقر العبد بقبضه أو قامت البينة، فإن القبض (¬2) في هذا باطل ولا يكون وكيلاً؛ لأن أصل المال عليه فلا يكون وكيلاً في دين أصله عليه. وإذا أذن الرجل لعبده (¬3) في التجارة فلحقه دين كثير ثم مات المولى وعليه دين كثير يحيط بماله كله أو لا دين عليه، فوكل غرماء العبد الوارث بقبض دينهم من العبد فأقر (¬4) الوارث بقبضه أو عاينت الشهود القبض، وقد ضاع المال في يدي الوارث، فإن الوكالة في هذا باطل، ولا يكون الوارث وكيلاً في ذلك؛ لأن العبد مال الوارث. ألا ترى أنه لو أعتقه ثم قضى الغرماء جميع دينهم عتق العبد. أفلا ترى أنه عبده وأنه يبرأ بقبضه فلا يكون وكيلاً في شيء من ذلك. ولو كان غرماء العبد وكلوا بعض غرماء السيد بقبض دينهم من العبد كان هذا والباب الأول سواء، ولم يكن وكيلاً في شيء من ذلك (¬5). ولو كان الميت لا دين عليه وقد ترك ثلاثمائة درهم سوى العبد المأذون له، وقد أوصى بثلثي (¬6) الثلاثمائة أو نصفها لرجل، فوكل غرماء العبد الموصى له بقبض دينهم من العبد، فأقر بقبضه أو عاينت الشهود ذلك، فإن إقراره بالقبض باطل، وكذلك معاينة الشهود. ولا يكون الموصى له وكيلاً في الدين على العبد المأذون له؛ لأن له شِرْكاً في مال الميت والعبد من مال الميت. ألا ترى أني لو جعلته وكيلاً وأجزت (¬7) إقراره على الغرماء ثم (¬8) لحق الميت دين كان ذلك الدين في رقبة العبد وسلمت له وصيته. أوَلا ترى أنه شريك في مال الميت بمنزلة الوارث. وقد قال أبو يوسف ومحمد: لو أن رجلاً أوصى لرجل بألف درهم من مال بعينه (¬9) ثم ¬

_ (¬1) ز: لم يتوى. (¬2) م ز: قبض. (¬3) ز: لعبد. (¬4) ز: فإقرار. (¬5) ف - ولو كان غرماء العبد وكلوا بعض غرماء السيد بقبض دينهم من العبد كان هذا والباب الأول سواء ولم يكن وكيلاً في شيء من ذلك. (¬6) ف: بثلث. (¬7) م: فأجزت. (¬8) ف - ثم. (¬9) ز: بعينها.

مات (¬1) الموصي وله مال كثير يخرج (¬2) الألف من ثلثه، ثم إن الموصى له شهد ورجل آخر للميت على رجل بدين، أن شهادة الموصى له باطل؛ لأنه شريك في المال. ألا ترى أن مال الميت كلما كثير كان في ذلك منفعة للموصى له. ولو أن العبد المأذون له في التجارة مات مولاه ولا دين على المولى وعلى العبد دين كثير وقد ترك المولى ثلاثمائة درهم وقد أوصى لرجل بثلثها فأعتق الوارث العبد فإن عتقه جائز. فإن اختار الغرماء اتباع العبد وأبرؤوا الوارث من القيمة ثم إنهم وكلوا الموصى له بقبض دينهم من العبد فأقر بقبضه وكذبه الغرماء، فإن الوكالة جائزة، والإقرار جائز على الغرماء. وكذلك لو وكلوا الوارث المعتق بذلك. ولو كانوا لم يبرئوا الوارث من القيمة حتى وكلوا الموصى له بقبض الدين من العبد أو بقبض القيمة من الوارث، فأقر الموصى له بالقبض أو عاينت ذلك الشهود وقد ضاع المال، فإن الوكالة في هذا باطل، ولا يجوز قبض الموصى له على الغرماء؛ لأن القيمة التي على الوارث من مال المولى (¬3)، فالموصى له شريك في تلك القيمة. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير ثم إن المولى باع العبد للغرماء برضاهم بألف درهم وقبض الثمن المولى فاستهلكه، فإن البيع جائز، ولا حق للغرماء على العبد حتى يعتق. فإن وكل الغرماء العبد وهو مأذون له في التجارة أو محجور عليه بقبض الثمن الذي استهلك المولى فأقر العبد بقبضه أو قامت به بينة، فإن الوكالة في هذا باطل، ولا يكون العبد في هذا وكيلاً؛ لأن أصل الدين على العبد. ألا ترى أن العبد لو أعتق وتَوَى الثمن على البائع المستهلك أنهم يأخذون العبد بجميع دينهم. فلذلك لا يكون وكيلاً في شيء من ذلك. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير ثم إن العبد دفع ألفاً مما في يده مضاربة إلى رجل بالنصف فذلك جائز على غرماء العبد ¬

_ (¬1) ز - مات. (¬2) ز: تخرج. (¬3) ف - المولى، صح هـ.

وعلى مولاه. فإن اشترى المضارب بالألف عبداً وقبضه (¬1) ولم ينقد الثمن حتى وكل الذي باع العبد من المضارب العبد المأذون له بقبض الثمن، أو وكل مولى العبد بقبض ذلك، أو وكل بعض غرماء العبد بقبض ذلك، فأقر الوكيل بالقبض أو قامت البينة على معاينة القبض، فإن الوكالة في ذلك كله باطل، ولا يجوز القبض على البائع، ولا يكون العبد (¬2) ولا مولاه ولا أحد من غرماء العبد وكيلاً في شيء من ذلك. ولو كان الثمن قد دفعه المضارب إلى الذي باعه العبد، ولم يدفع العبد إلى المضارب حتى وكل المضارب بعض من ذكرنا بقبض العبد من البائع، فأقر الوكيل بالقبض وكذبه المضارب، فإن إقراره جائز، والوكالة في هذا جائزة. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير أو لم يلحقه حتى وجب للعبد ولرجل أجنبي على رجل دين ألف درهم هما فيه شريكان، ثم إن الشريك وكل العبد بقبض نصيبه فقبضه وأشهد على ذلك وعاينت الشهود القبض، فهلك المال في يدي العبد قبل أن يدفعه، فإن المال الذي قبض لا يكون حصة الأجنبي، ولكن الذي قبض يهلك من حصتيهما جميعاً، وتكون الخمسمائة التي بقيت على الغريم بين العبد وشريكه نصفين؛ لأن العبد لو كان وكيلاً في ذلك وكان ما قبض للأجنبي كانت قسمته جائزة لنفسه على الأجنبي، فلا يكون الرجل مقاسماً لنفسه. ولكن كل شيء قبضه العبد للأجنبي فهو من مالهما جميعاً، وقبضه لنفسه يكون قبضاً لنفسه، إن (¬3) هلك هلك من مال العبد، وإن لم يهلك كان للأجنبي أن يأخذ نصفه. ولو أن الأجنبي لم يوكل العبد بقبض نصيبه من الدين ولكنه وكل مولى العبد بذلك، فإن كان العبد لا دين عليه فهذا ووكالة العبد سواء، وما قبض المولى من نصيب الأجنبي فهو من نصيبهما جميعاً، إن تَوَى توى من مالهما جميعاً. وإن كان على العبد دين كان قبض المال جائزاً على الأجنبي، إن توى المال في يدي المولى توى من مال الأجنبي. وكذلك لو أقر المولى ¬

_ (¬1) ف ز: وقبض. (¬2) ف: للعبد. (¬3) ف: وإن.

بالقبض ولم يعاين الشهود ذلك كان إقراره جائزاً على الذي وكله؛ لأنه وكله في ذلك، فإقراره ومعاينة الشهود سواء. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير أو لم يلحقه ثم إن رجلاً دفع إلى المولى عبداً وأمره ببيعه فباعه المولى من عبده فبيعه باطل في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. فإن كان الرجل أمره أن يبيعه من عبده فباعه منه، فإن كان العبد لا دين عليه فالبيع (¬1) باطل (¬2)؛ لأنه إنما باع العبد لنفسه. وإن كان باعه من عبده وعلى عبده (¬3) دين فالبيع جائز (¬4)، والعهدة في هذا على الآمر؛ ولا عهدة على المولى، والذي يلي قبض الثمن من العبد المأذون له ودَفْعَ العبد إلى العبد المأذون له (¬5) الآمرُ؛ لأني لا أجعل على المولى عهدة، وهو لو أقر بقبض الثمن لم يصدق، فإذا كان لا يصدق على ذلك لم يكن وكيلاً، وكان الآمر هو الذي يلي دفع العبد وقبض الثمن. وكذلك لو أن الآمر دفع إلى المولى ألف درهم وأمره أن يشتري له بها جارية مما في يدي العبد المأذون له في التجارة وعلى العبد دين أو لا دين عليه، فإن لم يكن عليه دين فالشراء باطل. فإن كان عليه دين فالشراء جائز. والذي يلي دفع الثمن وقبض الجارية الآمر؛ ولا يجوز قبض المولى للجارية على الآمر؛ لأن الجارية جارية المولى. ولو كان الآمر دفع جارية له إلى العبد المأذون له في التجارة وأمره أن يبيعها من مولاها فباعها منه، وعلى العبد المأذون له (¬6) دين أو لا دين عليه، فإن بيعه جائز، ويدفع العبد الجارية إلى مولاه، ويقبض منه الثمن، والعهدة في هذا على العبد؛ لأن العبد يكون وكيلاً فيما وجب للآمر على المولى، ولا يكون المولى وكيلاً فيما وجب للآمر على العبد. ولو كان الآمر دفع إلى العبد ألف درهم وأمره أن يشتري له بها جارية من المولى فاشترى له جارية بها، ¬

_ (¬1) ف - فالبيع، صح هـ. (¬2) ز - باطل. (¬3) ز: عبد. (¬4) ز: جاز. (¬5) م - له. (¬6) ف - في التجارة وأمره أن يبيعها من مولاها فباعها منه وعلى العبد المأذون له.

وعلى العبد دين أو لا دين عليه، فإن الشراء جائز، ويدفع العبد الألف التي في يديه إلى المولى فيأخذ منه الجارية، وقبضه (¬1) الجارية جائز على الآمر إن أقر بذلك العبد إقراراً أو قامت به البينة. وكذلك لو أن الآمر لم يدفع إلى العبد شيئاً من الثمن كان البيع (¬2) جائزاً، وأخذ الثمن من الآمر فدفعه إلى المولى. فإن قبض العبد الجارية كان قبضه جائزاً على الآمر. فإذا دفع العبد المأذون له في التجارة إلى رجل ألف درهم مضاربة بالنصف، فربح فيها ألفاً أو لم يربح فيها شيئاً حتى دفع رجل إلى العبد أو إلى مولاه أو إلى بعض غرمائه عبداً وأمره (¬3) ببيعه فباعه من المضارب، فإن بيعه منه باطل في قياس قول أبي حنيفة وفي قول أبي يوسف ومحمد. فإن كان أمره أن يبيعه من المضارب بعينه فباعه منه بجميع ما في يديه من المال فبيعه جائز، والعهدة في هذا على الآمر؛ والذي يلي دفع العبد إلى المضارب وقبض الثمن (¬4) الآمر؛ ولا يكون المولى ولا عبده المأذون له ولا أحد من غرمائه وكيلاً في ذلك. ألا ترى أن المال الذي في يدي المضارب للعبد أو لمولاه أو لغرمائه، فلا يكون أحد (¬5) منهم وكيلاً في شيء من ذلك. وكذلك لو كان المضارب اشترى بالمضاربة عبداً يساوي ألفاً أو يساوي ألفين، ثم إن رجلاً دفع إلى بعض من ذكرنا مالاً وأمره أن يشتري له به العبد الذي في يد المضارب، كان شراؤه جائزاً، والذي يلي القبض ودفع الثمن في هذا الآمر؛ لأن قبض بعض ما ذكرنا من المضارب لا يجوز على الآمر. وكل من جعلناه في جميع هذه الأبواب غير وكيل وأبطلنا قبضه فإن الذي عليه الدين إن رهن صاحب الدين بذلك رهناً ووضعاه (¬6) على يدي هذا الوكيل برضاهم جميعاً (¬7)، فضاع الرهن في يدي الوكيل، فإنه يضيع من مال الذي عليه الدين، ولا يضيع من مال الذي له الدين؛ لأنه لم يكن وكيلاً في ذلك. وكل من كان وكيلاً في قبض الدين في جميع هذه الأبواب ¬

_ (¬1) ز: فقبضه. (¬2) ز: العبد. (¬3) م ف ز: أو أمره. (¬4) ز - الثمن. (¬5) م ف ز: لأحد. (¬6) ف: ووصفاه. (¬7) ز - جميعاً.

باب بيع القاضي العبد المأذون له للغرماء أو بيع المولى إياه

فإنه إذا وضع الرهن على يديه برضى المرتهن (¬1) فضاع في يديه فإنه (¬2) يضيع من مال المرتهن. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. ... باب بيع القاضي العبد المأذون له للغرماء أو بيع المولى (¬3) إياه وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا أذن الرجل لعبده في التجارة فباع العبد واشترى فصار عليه من ذلك دين كثير، فقدمه الغرماء إلى القاضي وذلك (¬4) بحضرة المولى فأرادوا بيعه، فإن القاضي لا يعجل ببيعه ولكنه ينظر. فإن كان عنده مال حاضر نظر (¬5) هل له من مال غائب يرجو قدومه أو دين يرجو أخذه عاجلاً. فإن كان له شيء من ذلك يلزم (¬6) به القاضي لم يعجل (¬7) ببيعه. وإن لم يكن عنده شيء من ذلك باعه في الدين إلا أن يفديه مولاه. ولا يباع إلا بمحضر من المولى. فإذا باعه القاضي قسم ثمنه بين الغرماء بالحصص، فضرب كل غريم منهم بجميع دينه في الثمن إن كان أكثر من الثمن أو أقل. ولا سبيل لهم على العبد فيما بقي من دينهم حتى يعتق. فإن اشتراه مولاه الذي باعه القاضي عليه للغرماء من بعد ذلك لم يتبعه مما بقي من ذلك الدين قليل ولا كثير في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إن أذن له مولاه الذي باعه عليه القاضي بعدما اشتراه فلحقه دين كثير فبيع لغرمائه لم يشارك الغرماء الأولون بما بقي من دينهم هؤلاء الغرماء الآخرين؛ لأن القاضي قد كان باع للأولين مرة، فلا سبيل لهم على الثمن الثاني، وإنما الثمن الثاني لغرماء الآخرين. ¬

_ (¬1) ف - برضى المرتهن، صح هـ. (¬2) ز: فإن. (¬3) ف: العبد. (¬4) ز + وذلك. (¬5) ز - نظر. (¬6) ز: تلزم. (¬7) ف ز: ولم يعجل.

وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا أذن الرجل لعبده في التجارة فاشترى وباع ثم إن المولى باع العبد، فإن كان العبد لا دين عليه فبيع المولى جائز. وإن كان عليه دين فبيع المولى باطل إلا أن يقضي المولى الدين أو يكون في الثمن وفاء بالدين فيعطيه المولى الغرماء. فإن لم يقض (¬1) المولى الدين ولم يكن في الثمن وفاء فالبيع مردود إلا أن يجيزه الغرماء. فإن أجازه الغرماء فهو بمنزلة بيع القاضي العبد للغرماء في جميع ما وصفت لك. وقال أبو حنيفة ومحمد: إذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير فباعه المولى بغير أمر من الغرماء وقبضه المشتري، ثم جاء الغرماء يطلبون العبد بدينهم فوجد الغرماء المشتري والعبد في يديه حاضرين ولم يقدروا على البيع، فلا خصومة بينهم حتى يحضر البائع، ولا يكون المشتري خصماً في نقض (¬2) البيع؛ لأن الغرماء إنما ادعوا أن دينهم كان على العبد في يد البائع، ولم يكن لهم على العبد دين في يد المشتري، فلا خصومة بين الغرماء وبين المشتري في ذلك حتى يحضر البائع. وكذلك لو حضر البائع وغاب المشتري وقد قبض المشتري العبد، فلا خصومة بين البائع وبين الغرماء في رقبة العبد حتى يحضر المشتري. وقال أبو يوسف إذا حضر البائع ولم يحضر المشتري وقد قبض المشتري العبد كما قال أبو حنيفة في ذلك. فإن حضر المشتري ولم يحضر البائع فالمشتري خصم؛ لأنه يدعي رقبة العبد. فيباع للغرماء في دينهم إلا أن يقبضهم المشتري. فإذا بيع (¬3) لهم في دينهم رجع المشتري على البائع بالثمن. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إن لم يقدروا على المشتري وقدروا على البائع ولم يقدروا على العبد وأرادوا أن يضمنوا المولى قيمة العبد كان لهم ذلك، وكان البائع خصماً في ذلك. فإن ضمنوا البائع القيمة اقتسموها بينهم بالحصص، يضرب كل رجل منهم بجميع دينه في تلك ¬

_ (¬1) ز: لم يقضي. (¬2) ف: في بعض. (¬3) ف: وإذا بيع.

القيمة، وكان الثمن الذي باع به البائع العبد للبائع لا حق للغرماء فيه، وجاز البيع في العبد للمشتري، ولم يكن للغرماء على العبد سبيل. وكذلك لو أجازوا البيع كان لهم الثمن، ويبرأ البائع من القيمة، وأخذوا الثمن فاقتسموه بينهم بالحصص. فإن هلك الثمن في يدي البائع قبل أن يقبضه الغرماء من البائع هلك من مال الغرماء، وبرئ البائع من القيمة والثمن، وسلم العبد للمشتري، ولا سبيل للغرماء على العبد حتى يعتق. فإذا عتق اتبعوه بجميع دينهم. وكذلك لو أن الغرماء أجازوا البيع بعدما هلك الثمن في يد البائع كان بمنزلة هلاكه بعد إجازتهم البيع. وكذلك لو أقر البائع أنه قبض الثمن (¬1) من المشتري وهلك في يده قبل إجازتهم للبيع أو بعده فكذبوه في ذلك وقالوا للبائع: لم يقبض من الثمن شيئاً قليلاً ولا (¬2) كثيراً، وقد أجازوا البيع بعد إقراره بذلك أو قبل إقراره، فإن البيع جائز، والبائع مصدق فيما ذكرت من ذلك مع يمينه، ولا شيء للغرماء على العبد حتى يعتق، فإذا عتق اتبعوه بجميع دينهم. فإن اختاروا بعض الغرماء ضمان القيمة واختار بعضهم الثمن كان للذين اختاروا ضمان القيمة حصتهم من القيمة، وللذين اختاروا ضمان الثمن حصتهم من الثمن على قدر الدين. تقسم القيمة على الدين كله، فيأخذ الذين اختاروا ضمان القيمة من البائع حصتهم من القيمة، ويقسم الثمن على الدين كله، فيأخذ الذين اختاروا ضمان الثمن حصتهم من الثمن، ويكون ما بقي من الثمن للبائع بما ضمن من القيمة. ولو كان العبد والمشتري حاضرين مع البائع فأجاز بعض الغرماء البيع وأبطله بعضهم لم يجز من البيع قليل ولا كثير، وباع القاضي العبد لجميع الغرماء في دينهم فقسم ثمنه بينهم (¬3). وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير ثم إن القاضي باع العبد للغرماء في دينهم، فضاع الثمن في يدي الأمين الذي باعه للغرماء ثم ¬

_ (¬1) ف - الثمن. (¬2) م: أو لا. (¬3) ف + لم يجز من البيع قليل ولا كثير وباع القاضي العبد لجميع الغرماء في دينهم فقسم ثمنه بينهم.

وجد به المشتري عيباً فرده، فإن القاضي يأمر الأمين أن يبيعه مرة أخرى ويبين عيبه ويأخذ الثمن، فيبدأ بالمشتري الأول الذي اشترى العبد فرده بالعيب فيوفيه الثمن. فإن كان الثمن الآخر أقل من الثمن الأول غرم الغرماء للمشتري الأول الفضل على الثمن الآخر حتى يوفوه جميع الثمن الذي نقد الأمين للأول (¬1)، ولا غرم على الأمين. وإن كان الثمن الآخر أكثر من الثمن الأول بدأ بالمشتري الأول فأعطي (¬2) جميع حقه، وقسم ما بقي بين غرماء العبد. فإن لم يكن القاضي باعه للغرماء ولكن رب العبد باع العبد للغرماء برضاهم وأمرهم، وقبض الثمن فضاع في يده، ثم وجد المشتري بالعبد عيباً فرده على البائع بإباء (¬3) اليمين أو ببينة قامت على العيب أو بعيب لا يحدث مثله، فإن القاضي يبيع العبد فيوفي المشتري ثمنه. فإن كان الثمن الآخر ينقص عن الثمن (¬4) الأول غرم المولى (¬5) البائع الفضل من ماله فدفعه إلى المشتري الأول ثم رجع به على الغرماء؛ لأنه باعه لهم بأمرهم. وإن كان الثمن الآخر أكثر من الثمن الأول بدئ بالمشتري الأول، فأخذ بجميع ماله، وقسم ما بقي بين غرماء العبد. وإن كان العبد رد على المولى البائع بإقراره بعيب يحدث مثله بيع العبد ودفع الثمن إلى المشتري الأول. وإن كان الثمن الأول أكثر ضمن البائع الفضل للمشتري الأول، ولم يرجع على الغرماء بما ضمن من فضل الثمن بقليل ولا كثير، إلا أن تقوم له بينة على العيب أنه قد كان بالعبد قبل أن يقبضه المشتري الأول. فإن أقام بينة على ذلك رجع على الغرماء بما ضمن من فضل الثمن. وإن لم تكن له (¬6) بينة استحلف الغرماء على علمهم. فإن حلفوا لم يرجع عليهم بشيء مما ضمن. وإن لم يحلفوا رجع عليهم بما ضمن من الفضل. ولو كان العبد حين رد على أمين القاضي أو على المولى البائع بالعيب في جميع هذه الوجوه مات قبل أن يباع البيع الثاني، رجع المشتري إن كان أمين القاضي هو الذي باع العبد على الغرماء بالثمن وأخذه منهم، ولا ضمان على الأمين ¬

_ (¬1) ف ز: الأول. (¬2) ز: فأعطا. (¬3) ز: بإيبا. (¬4) ز: عن اليمين. (¬5) ف - المولى، صح هـ. (¬6) ف - له.

في شيء من ذلك. وإن كان المولى هو الذي باع العبد فرده القاضي عليه فمات في يده قبل أن يباع البيع الثاني، ضمن المولى البائع الثمن للمشتري، ورجع به على الغرماء إلا أن يكون القاضي رده عليه بإقراره بعيب يحدث مثله. فإن كان رده عليه بذلك كان الثمن على البائع ولم يرجع به على الغرماء إلا أن تقوم له بينة على العيب أو يأبى الغرماء اليمين. ولو كان (¬1) أمين القاضي والمولى البائع قبل أحدهما العبد بعينه بغير قضاء قاض فمات في يديه غرم الثمن للمشتري، ولم يرجع به على الغرماء. إن رده (¬2) عليه بعيب يحدث مثله أو بعيب لا يحدث مثله فهو سواء؛ لأن هذه إقالة. فإنما يلزم الثمن (¬3) المردود عليه العبد، ولا يلزم الغرماء شيء من ذلك. وكذلك لو كان العبد لم يمت كان للمردود عليه، ولا شيء للغرماء فيه، ويغرم المردود عليه الثمن للمشتري. فإن أراد الغرماء بيع العبد فكان فيه فضل على الثمن الأول لم يكن لهم ذلك؛ لأن العبد لم يرد عليهم، إنما رد على البائع بغير قضاء قاض، فصار بمنزلة الإقالة. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير، ثم إن المولى باع العبد بألف درهم وقبضه المشتري ونقده الثمن وغَيَّب العبد، فحضر الغرماء فهم بالخيار. إن شاؤوا ضمنوا المشتري قيمة العبد. وإن شاؤوا ضمنوا البائع القيمة. فإن ضمنوا المشتري قيمة العبد يرجع المشتري على البائع بالثمن الذي دفعه إليه إن كان الثمن أكثر من القيمة أو أقل. وإن اختار الغرماء أن يضمنوا البائع القيمة سلم البيع فيما بين البائع والمشتري، ولا سبيل للغرماء على العبد ولا على الثمن، ويأخذون القيمة فيقتسمونها بينهم بالحصص على قدر دينهم. وأيهم اختار (¬4) الغرماء ضمانه برئ الآخر. فإن تَوِيَت (¬5) القيمة على الذي اختاروا ضمانه لم يرجعوا على الآخر بقليل ولا كثير. ¬

_ (¬1) ز: ولو كاكان. (¬2) م ز: إن رد. (¬3) ز: اليمين. (¬4) ز: وأنهم اختاروا. (¬5) تَوِي وتَوَى أي: هلك، وقد تقدم.

وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إن اختار الغرماء أن يضمنوا البائع القيمة أو المشتري ثم ظهر العبد بعد ذلك فلا سبيل لهم عليه، إن كان القاضي قضى لهم بقيمة العبد على الذين اختاروا ضمانه ببينة قامت لهم على قيمة العبد (¬1) أو بإباء يمين من الذي ضمن القيمة. وإن كان القاضي ضمن الذين اختاروا ضمانه قيمة (¬2) العبد (¬3) بقوله في القيمة وقد ادعى الغرماء أكثر من ذلك، فإن الغرماء بالخيار. إن شاؤوا أخذوا القيمة وسلموا العبد. وإن شاؤوا ردوا القيمة وأخذوا العبد فباعوه في دينهم. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إن اختاروا أن يضمنوا البائع قيمة العبد فضمنوه ذلك وأخذوا القيمة فاقتسموها فيما بينهم بالحصص على قدر دينهم، ثم إن العبد ظهر في يدي المشتري فوجد به المشتري عيباً فرده على البائع بالعيب الذي دلس له بقضاء قاض، فإن البائع بالخيار. إن شاء أخذ من الغرماء القيمة التي دفع إليهم وبيع لهم العبد في دينهم. وإن شاء سلم لهم القيمة وكان العبد له على حاله. فإن كان البائع قد علم بالعيب قبل أن يبيعه المشتري فرده على المشتري بذلك العيب (¬4)، فإن كان الغرماء ضمنوا البائع قيمته وبه العيب سلمت القيمة للغرماء، ولم يكن للبائع عليها سبيل. وإن كان الغرماء ضمنوا البائع قيمة العبد صحيحاً كان للبائع أن يأخذ منهم القيمة، وسلم لهم العبد فيبيعونه في دينهم. وإن شاء البائع سلم لهم القيمة وأمسك العبد؛ لأن الغرماء حين ضمنوا المولى القيمة كان بمنزلة بيعهم العبد. ألا ترى أن رجلاً لو غصب رجلاً عبداً فباعه فضمن مولى العبد الغاصب قيمته فأخذها، ثم إن المشتري (¬5) رد العبد (¬6) على البائع بعيب، له أن يرده بذلك العيب على مولاه ويأخذ منه القيمة؛ لأنه حين ضمنه القيمة صار بمنزلة البيع. فكذلك الأول. ولو أن المولى باع عبده ¬

_ (¬1) ف: لهم قيمة على العبد. (¬2) م: بقيمة. (¬3) ز - أو بإباء يمين من الذي ضمن القيمة وإن كان القاضي ضمن الذين اختاروا ضمانه قيمة العبد. (¬4) ف: العبد. (¬5) ز: إن المولى. (¬6) ف - العبد.

المأذون له في التجارة وعليه دين كثير فقبضه المشتري بغير أمر من الغرماء فغيبه، فضمن الغرماء المشتري القيمة فاقتسموها بينهم بالحصص، ورجع المشتري على البائع بالثمن الذي أعطاه، ثم إن العبد ظهر في يدي المشتري، فهو للمشتري لا سبيل للبائع عليه. فإن وجد به المشتري عيباً قد دلس له رده على الغرماء وأخذ منهم القيمة، وبيع العبد للغرماء وقسم ثمنه بينهم بالحصص إلا أن يشاء المشتري أن يسلم لهم القيمة ويأخذ العبد بعينه. وإن كان الغرماء اختاروا أن يضمنوا البائع القيمة (¬1) ولم يضمنوا المشتري، ثم إن المشتري وجد بالعبد عيباً قد (¬2) دلسه البائع فرده القاضي عليه بإقرار من البائع بالعيب، والعيب يحدث مثله، فلا سبيل للبائع على الغرماء في القيمة التي أخذوا، إلا أن يقيم البائع البينة أن العيب كان بالعبد قبل أن يبيعه. فإن لم تكن (¬3) له بينة على العيب استحلف الغرماء البتة. فإن حلفوا سلمت لهم القيمة التي ضمنوه، وبيع العبد للغرماء في دينهم. وإن كان المشتري رد العبد على البائع بذلك العيب بغير قضاء قاض وذلك العيب يحدث مثله أو لا يحدث مثله، فإن العبد للبائع، ولا سبيل للبائع على القيمة التي ضمنه الغرماء، ولا خصومة بين الغرماء ولا بين البائع في شيء من أمر هذا العبد. وكذلك لو كان البائع أقال المشتري البيع. وكذلك لو كان المشتري بالخيار في العبد ثلاثاً فرده بخيار بعدما ضمن الغرماء البائع القيمة لم يكن للبائع (¬4) أن يرجع عليهم من القيمة بقليل ولا كثير. وكذلك لو كان المشتري أرسل رسولاً فقبض العبد من البائع ولم يكن المشتري رآه فضمن الغرماء البائع القيمة، ثم رأى المشتري العبد فلم يرضه (¬5) فرده على البائع ¬

_ (¬1) ف - وياخذ العبد بعينه وإن كان الغرماء اختاروا أن يضمنوا البائع القيمة. (¬2) ز - له رده على الغرماء وأخذ منهم القيمة وبيع العبد للغرماء وقسم ثمنه بينهم بالحصص إلا أن يشاء المشتري أن يسلم لهم القيمة ويأخذ العبد بعينه وإن كان الغرماء اختاروا أن يضمنوا البائع القيمة ولم يضمنوا المشتري ثم إن المشتري وجد بالعبد عيبا قد. (¬3) ز: يكن. (¬4) م + البائع. (¬5) ز: يرضاه.

بخيار الرؤية، لم يكن للبائع أن يرجع على الغرماء بشيء من القيمة التي غرم لهم، ولكن العبد يسلم للبائع. وكذلك لو كان البائع بالخيار وقد دفع العبد إلى المشتري، فضمن الغرماء البائع القيمة، لم إن البائع اختار رد العبد. ولا يشبه هذا (¬1) العيب. ألا ترى لو أن رجلاً غصب رجلاً عبداً فباعه الغاصب من رجل ودفعه إليه والمشتري فيه بالخيار، ثم إن رب العبد ضمن البائع القيمة، فإن البيع يسلم للمشتري ويكون على خياره. فإن رد العبد على البائع بالخيار (¬2) وأجاز (¬3) البيع سلمت القيمة لرب العبد، ولم يكن للبائع الغاصب عليها سبيل. وكذلك كل ما وصفت لك من العبد المأذون له في التجارة إذا باعه مولاه. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير ثم إن المولى باع عبده بغير أمر من الغرماء فأعتقه المشتري قبل أن يقبضه فإن العتق موقوف. فإن قضى المولى الغرماء دينهم أو كان في الثمن وفاء فأخذ الغرماء دينهم من الثمن وأجاز (¬4) الغرماء البيع عتق العبد على المشتري، وجاز البيع فيما بين المشتري والبائع. وإن كان الغرماء لم يأخذوا دينهم ولم يكن في الثمن وفاء، أو كان في الثمن وفاء فهلك الثمن في يدي البائع وأبى الغرماء أن يجيزوا البيع، وأبى البائع أن يقبض الدين عن عبده (¬5)، فإن القاضي يبطل العتق ويبيع العبد للغرماء؛ لأن البيع كان فاسداً، ولا يجوز حتى يجيزه الغرماء أو يقضي (¬6) الغرماء الدين. فإن كان المشتري قبض العبد ثم أعتقه ولم يكن في الثمن وفاء ولم يقض المولى ولا المشتري الغرماء الدين، فإن العتق ماض لا يرد، والغرماء بالخيار. إن شاؤوا أجازوا البيع وأخذوا (¬7) الثمن. وإن شاؤوا ضمنوا البائع القيمة. فإن ضمنوا البائع القيمة سلم الثمن (¬8) للبائع (¬9). وإن ضمنوا المشتري القيمة رجع المشتري على البائع بالثمن. ولو كان المشتري ¬

_ (¬1) ز - هذا. (¬2) م: الخيار. (¬3) ف: أو أجاز. (¬4) م: وأجازوا؛ ز: أو أجازوا. (¬5) ز: على عبده. (¬6) ز: أو يقضا. (¬7) ز: وأخذا. (¬8) ز - الثمن. (¬9) ز: البائع.

باع العبد بعدما قبضه أو وهبه وقبضه الموهوب له ثم حضر الغرماء، فإن أجازوا البيع جاز وكان الثمن للغرماء وجاز بيع المشتري وهبته. وكذلك لو أبرأ الغرماء العبد من دينهم أو ضمنوا البائع القيمة أو ضمنوها المشتري، فإن البيع الذي باع المشتري والهبة التي (¬1) وهب المشتري جائزة. ولو أن البائع وهب العبد لرجل وقبضه ثم إن الغرماء ضمنوا البائع القيمة ثم إن البائع رجع في هبته بقضاء قاض (¬2) أو بغير قضاء قاض (¬3) فلا سبيل له على القيمة، والعبد للبائع، ولا سبيل للغرماء عليه في شيء من دينهم حتى يعتق. فإذا عتق اتبعوه بدينهم الذي بقي لهم. ولو كان رب العبد حين رجع في هبته بقضاء قاض أو بغير قضاء قاض ثم وجد بالعبد عيباً ينقصه من القيمة التي ضمنه الغرماء فإن رب العبد بالخيار. إن شاء أخذ منهم القيمة التي دفع إليهم وبيع العبد لهم في دينهم. وإن شاء سلم لهم القيمة وكان له العبد على حاله ولم يرجع عليهم من القيمة بقليل ولا كثير. فإن علم بالعيب ثم أعتق العبد بعد ذلك أو عرضه على بيع أو كانت جارية فوطئها سلمت القيمة للغرماء، ولم يكن للبائع أن يرجع على الغرماء من تلك القيمة بقليل ولا كثير. فإن كان البائع أعتق العبد قبل أن يعلم بالعيب أو دبره أو كانت أمة فوطئها أو حدث به عيب عنده، فإن البائع لا يقدر على أخذ القيمة من الغرماء، ولكن العبد يقوّم صحيحاً ويقوّم وبه ذلك العيب الذي وجده البائع به فيرجع البائع على الغرماء بقدر ذلك العيب من القيمة التي أخذوا. فإن وجد بعضهم ولم يجد بعضاً أخذ الذين وجد بحصتهم من ذلك النقصان. فإن قالت الغرماء حين أراد البائع أن يرجع عليهم بالنقصان: نحن ندفع إليه القيمة ونبيع العبد في ديننا، فذلك لهم إلا أن يكون البائع أعتق العبد أو دبره. فإن كان إنما حدث به عيب أو كانت جارية فوطئها فلهم أن يدفعوا إليه القيمة، ويبيعون العبد والأمة (¬4) في دينهم إلا أن يشاء البائع أن يسلم القيمة كلها. فإن اختار ذلك لم يكن للغرماء على العبد ولا على الجارية سبيل. وإن كان وطئ ¬

_ (¬1) ز: الذي. (¬2) ز: قاضي. (¬3) ز: قاضي. (¬4) م: وللأمة.

باب بيع المولى عبده المأذون له في التجارة الذي يجوز بغير إذنهم

الجارية غير البائع رجع البائع على الغرماء بنقصان العيب من القيمة، ولم يكن للغرماء أن يدفعوا إلى البائع القيمة ويأخذوا منه الجارية؛ لأن البائع قد وجب له عقر على الواطئ، فإذا وجب له عقر أو أرش من قبل الجارية لم يكن للغرماء على الجارية سبيل. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير ثم إن البائع باع العبد بغير أمر الغرماء وقبضه المشتري، ثم إن الغرماء ضمنوا البائع القيمة، ثم إن العبد ظهر في يدي المشتري فوجد به المشتري عيباً لا يحدث مثله، فلم يرده بذلك العيب حتى حدث عند المشتري عيب آخر فإن المشتري لا يقدر على رد العبد بالعيب على البائع بالعيب (¬1) الذي حدث عنده، ولكن المشتري يرجع على البائع بفضل ما بين الصحة والعيب من الثمن الذي قبض البائع. فإذا رجع علمِه بذلك لم يكن للبائع أن يرجع على الغرماء من القيمة التي ضمنوه بقليل ولا كثير. فللبائع أن يرجع بحصة العيب من القيمة التي غرم للغرماء (¬2). ولو كان البائع حين أراد المشتري أن يرجع عليه بنقصان العبد رضي أن يأخذ العبد بعيبه الذي حدث عند المشتري كان له ذلك. فإذا قضى به القاضي فأراد البائع أن يرجع على الغرماء (¬3) بالقيمة أو بشيء منها ويدفع إليهم العبد لم يكن له ذلك، وسلمت القيمة للغرماء. ولا سبيل للبائع (¬4) على الغرماء في قليل ولا كثير. ... باب بيع المولى عبده المأذون له في التجارة الذي يجوز بغير إذنهم وإذا أذن (¬5) الرجل لعبده في التجارة فاشترى وباع فلحقه دين كثير إلا ¬

_ (¬1) م ف: العيب. (¬2) ف: الغرماء. (¬3) ز: على البائع. (¬4) م: البائع. (¬5) ف: فإذا أذن.

أن دينه ذلك إلى أجل، وليس منه شيء حال (¬1)، فباعه المولى بأكثر من قيمته أو بأقل، فبيعه جائز. وليس للغرماء أن يردوا من ذلك قليلاً ولا كثيراً إلا أنه لا سبيل لهم على العبد حتى يحل دينهم. فإذا حل دينهم ضمنوا المولى قيمة العبد. ولا سبيل لهم على الثمن إن أجازوا (¬2) البيع أو لم يجيزوه؛ لأن البيع كان جائزاً فإجازتهم فيه وغير إجازتهم سواء. فإذا أخذوا القيمة من المولى قسموها بينهم بالحصص. وكذلك لو أن المولى وهب العبد قبل أن يحل الدين وقبضه الموهوب له فالهبة جائزة، ولا سبيل للغرماء على الموهوب له ولا على العبد حتى يعتق، وللغرماء أن يضمنوا المولى القيمة، فيقتسمونها بينهم. فإن تَوَى ما على المولى من القيمة لم يكن لهم على العبد سبيل حتى يعتق ولا على الموهوب له. ألا ترى أن رجلاً لو (¬3) وهب لرجل في مرضه عبداً لا مال له غيره وعليه دين كثير ثم مات الواهب أن الغرماء أحق بالعبد من الموهوب له. فإن لم يمت الواهب حتى باعه الموهوب له أو وهبه وقبضه الموهوب له الآخر أو تصدق به وقبضه المتصدق عليه ثم مات الواهب الأول فلا (¬4) سبيل لغرماء الواهب الأول على العبد، ولا على الذي العبد في يده، وإنما سبيلهم على الموهوب له الأول، فيضمنونه القيمة. فإن تَوَى ما عليه لم يكن لهم على العبد ولا على الذي العبد في يده سبيل. أرأيت لو أن عبداً مأذوناً له في التجارة عليه دين إلى أجل أراد مولاه أن يستخدمه أكان للغرماء أن يمنعوه من ذلك. أرأيت لو أراد أن يسافر به سفراً أكان (¬5) لهم أن يمنعوه من ذلك. أرأيت لو كان دينهم إلى سنة وآجره شهراً أو شهرين وأخذ غلته (¬6) أكان لهم أن ينقضوا (¬7) الإجارة أو كان لهم عليه سبيل. ولو كان دينهم حالاً لمنعوه من ذلك كله. أرأيت لو كان دينهم إلى سنة فرهنه بدين له حال أكان يكون الرهن (¬8) باطلاً. هذا كله جائز في الإجارة والرهن وغير ذلك؛ ¬

_ (¬1) ز: حالاً. (¬2) ف: إن أختاروا. (¬3) م: له. (¬4) م ز: ولا. (¬5) ز: كان. (¬6) م ز: عليه. (¬7) ز: أن ينقضون. (¬8) ز - الرهن.

لأن (¬1) الدين إذا حل على العبد ولم تتم (¬2) الإجارة كان هذا عذراً (¬3)، وكان للغرماء أن ينقضوا الإجارة فيما بقي من العهدة، ويبيعوا العبد في دينهم. وإن حل دينهم والعبد رهن على حاله فلا سبيل لهم على العبد إلا أن يقضوا الدين، ويبيعونه في دينهم. وإن شاؤوا ضمنوا المولى قيمته وسلم الرهن للمرتهن. فإن أرادوا أن يضمنوا المولى القيمة فافتك المولى العبد ودفعه إليهم فذلك لهم ولا ضمان عليه. فإن كان القاضي قد قضى عليه بضمان القيمة ثم افتكه بعد فلا سبيل للغرماء على العبد، ولا سبيل للمولى على القيمة التي وجبت للغرماء. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلم يلحقه (¬4) دين حتى أمره مولاه أن يكفل على رجل بألف درهم فقال العبد للمكفول له: إن لم يعطك (¬5) فلان مالك الذي لك عليه وعليه ألف درهم فهو علي، فالضمان جائز على ما ضمن العبد. وكذلك لو قال العبد المكفول له: إن مات فلان الذي لك عليه هذا المال ولم يعطك (¬6) مالك عليه فهو علي، فهذا جائز، وهو على ما قال. فإن باعه المولى أو وهبه وقبضه الموهوب له أو تصدق به وقبضه المتصدق عليه ثم إن المكفول عنه مات قبل أن يعطي المكفول له حقه، فإن المكفول له يرجع على المولى، فيضمنه قيمة العبد إلا أن يكون المال الذي ضمنه العبد أقل من القيمة، ولا يبطل الضمان ما مضى من البيع والهبة والصدقة. وهذا يبين لك الوجه الذي قبله. أرأيت لو أن المولى أمر عبده أن يضمن دركاً في دار باعها المولى فضمن العبد ذلك ألم يكن الضمان جائزاً (¬7). فإن باعه مولاه أو وهبه وقبضه الموهوب له أو تصدق به وقبضه المتصدق عليه ثم إن الدار استحقت من يدي المشتري كان للمشتري أن يضمن المولى الأول من القيمة ومن الثمن ولا سبيل له على العبد ولا على الذي العبد في يديه. فهذا يبين لك ما قبله. ولو أن ¬

_ (¬1) ف ز: إلا أن. (¬2) ز: يتمم. (¬3) م ف ز: عقداً. والتصحيح من الكافي، 3/ 93 و. (¬4) ز - يلحقه. (¬5) ز: لم يعطيك. (¬6) ز: يعطيك. (¬7) ز: جائز.

المولى لم يبع العبد ولم يهبه ولم يتصدق به حتى لحق العبد دين يحيط برقبته ثم استحقت الدار من يدي المشتري، فإن العبد يلزمه الضمان الذي ضمن مع الدين الذي في عنقه. أوَلا ترى أن الضمان قد كان لازماً للعبد يوم ضمن وأنه قد كان في عنقه. ولو كان الضمان إنما لزم العبد يوم استحقت الدار كان غرماء العبد الذي وجب لهم الدين عليه قبل استحقاق الدار أحق برقبته حتى يستوفوا دينهم. أفلا ترى أن الضمان إنما وجب يوم ضمن وأنه يشارك الغرماء في رقبة العبد. ولو لحق العبد (¬1) دين حال فباعه المولى لجاز بيعه فيه. فكذلك يجوز بيعه إذا كان عليه دين إلى أجل. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فاحتفر بئراً في الطريق، ثم إن مولاه باعه أو وهبه وقبضه الموهوب له أو تصدق به وقبضه المتصدق عليه، ثم وقع في البئر دابة تساوي ألفي درهم فنفقت، فإن البيع والهبة والصدقة جائزة، ولا سبيل لرب الدابة على العبد ولا على الذي العبد في يديه، ولكن رب الدابة يرجع على المولى بالأقل من قيمة الدابة ومن قيمة العبد، ولا سبيل لرب الدابة على الثمن إن أجاز البيع أو لم يجزه. فإن تَوَى ما على المولى من ذلك فلا سبيل لهم على العبد حتى يعتق. فإذا عتق (¬2) العبد اتبعه رب الدابة بجميع قيمة الدابة. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير ودينه ذلك إلى أجل، فباعه المولى ثم اشتراه، أو استقال البيع (¬3)، أو وجد المشتري به عيباً فرده بعدما قبضه بغير قضاء قاض، ثم إن الدين الذي كان على العبد حل، فإن الغرماء يضمنون المولى (¬4) قيمة العبد، ولا سبيل لهم على العبد في شيء من ذلك الدين حتى يعتق. ولو كان الذي اشترى العبد رده على المولى بالعيب بقضاء قاض (¬5) أو بخيار رؤية أو بخيار اشترطه في أصل البيع (¬6) ثم حل الدين (¬7)، فإن الغرماء يتبعون العبد بدينهم، فيبيعونه ¬

_ (¬1) م - ولو لحق العبد، صح هـ. (¬2) م ز: فإذا أعتق. (¬3) م: الجميع. (¬4) ز - المولى. (¬5) ز: قاضي. (¬6) ز: الدين. (¬7) ز: البيع.

فيه، ولا سبيل لهم على المولى؛ لأن العبد رجع إلى المولى على الملك (¬1) الأول، فإذا رجع على الملك الأول برئ المولى من القيمة. وكذلك لو كان العبد حين رد على المولى قبل أن يحل الدين مات في يديه ثم حل الدين فلا ضمان للغرماء على المولى. وكذلك لو أن المولى كان وهبه وقبضه الموهوب له ثم إن المولى رجع فيه قبل أن يحل الدين بقضاء قاض أو بغير قضاء قاض، فإن المولى يبرأ من القيمة، ويتبع العبد بالدين فيباع فيه. فإن مات العبد بعدما رجع فيه المولى قبل أن يحل الدين فلا ضمان على المولى في شيء من ذلك. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير إلى أجل ثم باعه المولى فمات العبد قبل أن يقبضه المشتري، فإن البيع ينتقض (¬2) ويبرأ المولى من القيمة. ولو كان العبد مات بعدما قبضه المشتري قبل أن يحل أجل (¬3) الدين، فإن الدين قد حل على الميت (¬4) بموته، ويكون على المولى قيمة العبد إلى أجل الدين؛ لأنه إنما كان ضمن لهم القيمة إلى الأجل، ولا يحل عليه بموت العبد. ألا ترى أن العبد لو لم يكن المولى باعه ولكنه أعتقه ثم إن العبد مات بعد العتق قبل أن يحل الأجل أن المال يحل على العبد المعتق، ولا يؤخذ المولى بقيمة العبد إلا إلى أجل. فكذلك البيع. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه من الدين ألفا درهم ألف حالة وألف إلى أجل، فباعه المولى أو وهبه أو تصدق به عليه (¬5) وقبضه الموهوب له والمتصدق عليه، فإن لصاحب الدين الحال أن ينقض ذلك كله إلا أن يقضيه مولاه دينه. فإن قضاه دينه جاز ما صنع المولى من ذلك. فإذا حل دين الآخر لم يشارك الأول فيما أخذ من المولى، ولكنه يتبع المولى بالأقل من دينه ومن جميع قيمة العبد (¬6)، ولا يبطل عن المولى من القيمة قليل ولا كثير؛ لأنه كان متطوعاً فيما قضى الأول. ألا ترى أن العبد ¬

_ (¬1) ز: على ملك. (¬2) ف: ينقض. (¬3) م - أجل، صح هـ. (¬4) م: على الموت. (¬5) ف ز - عليه. (¬6) ف ز + ذلك.

لو كان على حاله لم يبعه مولاه ولم يتصدق به ولم يهبه ثم إن المولى قضى الغريم دينه الحال ثم حل الدين الآخر، أن العبد يباع كله في دين الآخر إلا أن يفديه المولى. وكذلك الباب الأول. ولو أن المولى حين باع عبده (¬1) [وعلى عبده دين] كالرجل (¬2) ألفا درهم ألف (¬3) حالة وألف إلى أجل لم يقض الدين الحال لصاحبه كان لصاحب الدين الحال أن ينقض البيع. فإذا نقضه ورفع (¬4) العبد إلى القاضي فأراد بيعه فإن القاضي يبيعه، فيدفع إلى الغريم صاحب الدين الحال نصف الثمن، ويدفع نصف الثمن إلى المولى. فإذا حل الدين الآخر دفع المولى الذي في يديه إلى صاحب الدين، فإن هلك الدين في يد (¬5) المولى فلا ضمان على المولى في ذلك، ويتبع صاحب الدين الذي إلى أجل إذا حل دينه ما أخذ شريكه فيأخذ (¬6) منه نصفه؛ لأن الثمن كان بينهما نصفين. فلما هلك ما في يدي المولى قبل أن يقبضه صاحبه رجع صاحبه فيما قبض الآخر فيأخذ نصفه؛ لأن الدينين جميعاً في رقبة العبد، فهما شريكان في ثمنه. فإن كان المال لم يهلك في يدي المولى ولكن الغريم الذي دينه إلى أجل أبرأ العبد من دينه، فإن الغريم الذي قبض الخمسمائة يأخذ أيضاً الخمسمائة التي في يد (¬7) المولى حتى تسلم له الألف كلها. ولو أن الغريم الذي كان دينه إلى أجل وهبه للعبد هبة كان هذا والبراءة سواء، وكان جميع ما في يد (¬8) المولى يأخذه صاحب الدين الحال كله. ولو أن المال لم يهلك من (¬9) المولى ولم يبرئ الغريمان العبد من الدين ولكن المولى نقد غريماً له الخمسمائة التي في يده فإن ذلك جائز. فإذا حل (¬10) دين الغريم الذي كان إلى الأجل اتبع المولى ¬

_ (¬1) ف بياض. (¬2) م ف ز: رجل. والتصحيح مع الزيادة مستفاد من الكافي، 3/ 94 و؛ والمبسوط، 25/ 140. (¬3) ف - ألف. (¬4) ز: ودفع. (¬5) ز: في يدي. (¬6) ز: فأخذ. (¬7) ز: في يدي. (¬8) ف ز: في يدي. (¬9) ف - من. (¬10) م: احل.

بالخمسمائة التي قضى غريمه. فإن تَوَى ما على المولى من ذلك أو كان مفلساً لا يقدر على شيء رجع الغريم الذي حل دينه على الغريم الذي قبض الخمسمائة بنصف ما أخذ. ثم يرجعان جميعاً على الغريم الذي اقتضى الخمسمائة (¬1) من المولى بالخمسمائة التي قبضها، فيأخذانها منه بينهما نصفين. ويرجع الغريم الذي قضاه المولى بدينه على المولى؛ لأن الخمسمائة لم تسلم له. ولو أن القاضي لم يبع العبد للغريم ولكن المولى باع العبد برضى الغريم صاحب الدين الحال فبيعه جائز. ويأخذ صاحب الدين الحال نصف الثمن، ويسلم للمولى نصف الثمن. فإذا حل الدين الآخر أخذ صاحبه نصف القيمة من المولى، ولا سبيل له على الثمن؛ لأن القاضي لم يبع العبد، فيجوز بيعه على أصحاب الدين جميعاً. فإن تَوَى ما على المولى من نصف القيمة لم يرجع على الذي أخذ نصف الثمن بقليل ولا كثير. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير إلى آجال مختلفة بعضها دون بعض فباعه المولى قبل أن يحل منها شيء ثم حل الدين الأول، فإن قيمة العبد تقسم على الدين كله ما حل منه وما لم يحل. فما أصاب حصة الدين الذي حل من القيمة أخذه صاحب الدين الحال من المولى. فإذا حل دين آخر أخذ صاحب ذلك الدين حصته من القيمة حتى يستكملوا (¬2) جميع القيمة، ولا سبيل لهم على الثمن. ولو كان الدين الذي وجب على العبد ثلاثة آلاف درهم لثلاثة نفي أحدهم له على العبد ألف درهم إلى سنة والآخر (¬3) له ألف درهم إلى سنتين والآخر (¬4) له ألف درهم إلى ثلاث سنين، فحل الدين الأول فطلب (¬5) بيع العبد ورفع (¬6) العبد إلى القاضي، فإن القاضي يبيع العبد ويعطي صاحب الدين ثلث الثمن ويقف ¬

_ (¬1) ز - بنصف ما أخذ ثم يرجعان جميعاً على الغريم الذي اقتضى الخمسمائة؛ صح هـ. (¬2) ز: حتى يستكمل. (¬3) ز: إلى سنتين وآخر. (¬4) م ف: وآخر؛ ز - له ألف درهم إلى سنتين والآخر. (¬5) ف: بطلب. (¬6) م ز: ودفع.

الثلثين في يد المولى. فإذا حل الدين الآخر أخذ صاحب الدين الثلث الباقي. فإن تَوَى الثلث الباقي قبل أن يقبضه صاحبه من المولى رجع صاحب الدين الآخر على الغريمين الأولين، فأخذ منهما (¬1) ثلث ما أخذا (¬2). فإن لقي أحدهما ولم يلق الآخر أخذ منه نصف ما أخذ. فإن لقيا بعد ذلك الآخر أخذا منه ثلث ما في يديه. فإن لقي أحدهما الآخر ولم يلقه صاحبه أخذ منه ربع ما في يديه. فإن لقيهما بعد ذلك الآخر أخذ منهما تسع ما في أيديهما. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلم يلحقه دين حتى أمره المولى فضمن عن رجل ألف درهم فقال العبد للمكفول (¬3) له: إن مات فلان ولم يعطك ألفك التي لك عليه فأنا ضامن لها حتى أدفعها إليك، ثم إن العبد ادّان (¬4) ألف درهم حالة فرفعه صاحب الدين الحال إلى القاضي فباعه القاضي بألف درهم، فإنه يدفعها كلها إلى الغريم صاحب الدين الحال ويستوثق منه. فإن مات الغريم الذي ضمن عنه العبد قبل أن يعطي ما عليه من الدين لزم. العبد الضمان، واتبع المكفول له الغريم الذي قبض الثمن بنصف الثمن الذي أخذ؛ لأن الضمان كان واجباً على العبد قبل أن يلحقه الدين إلا أن الضمان كان عليه إلى أجل. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير ثم إن المولى وهبه لرجل وقبضه منه، فإن كان الدين حالاً فالهبة باطل إلا أن يجيزها الغرماء. فإن أجازوها فهي جائزة، وقد بطل دينهم، ولا ضمان لهم على المولى، ولا شيء لهم على العبد حتى يعتق، فإذا عتق اتبعوه بجميع دينهم. ولو كان الدين كله إلى أجل كانت هبة المولى جائزة (¬5) إن أجاز الغرماء أو لم يجيزوا. فإذا حل الدين أخذوا من المولى القيمة فاقتسموها بينهم. فإذا أخذوها من المولى أو قضى (¬6) بها القاضي عليه ثم إن المولى رجع في هبته فلا سبيل لهم على العبد. فإن أذن المولى لعبده في التجارة بعد ذلك فلحقه ¬

_ (¬1) م ز: منها. (¬2) ز: ما أخذ. (¬3) ف: المكفول. (¬4) أي: استدان، كما تقدم. (¬5) ف - جائزة. (¬6) ف: وقضى.

دين حال بيع في ذلك الدين خاصة، ولم يكن للغرماء الأولين على الثمن سبيل، ولم يكن للغرماء الآخرين على القيمة سبيل. فإن مات المولى قبل أن يباع العبد للغرماء ولا مال له غير العبد بيع العبد فبدئ بدين الغرماء الآخرين قبل دين الأولين. فإن بقي من الثمن شيء كان للغرماء الأولين. فإن كان على المولى دين سوى هذا وقد بقي من الثمن شيء بعد دين الغرماء الآخرين اقتسمه أصحاب دين المولى (¬1) والغرماء (¬2) الأولون، يضرب فيه أصحاب دين المولى بجميع دينهم، ويضرب فيه الغرماء الأولون بقيمة العبد، فيقتسمون ذلك بينهم بالحصص. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة وقيمته ألف فلحقه من الدين ألفا فى رهم ألف حالة وألف إلى أجل فوهبه المولى لرجل وقبضه منه، فإن لصاحب الألف الحالة أن يرد العبد ويبيعه القاضي في دينه. فإن أجاز الهبة فهي جائزة. فإذا حل دين الغريم الآخر (¬3) ضمن المولى جميع القيمة حتى يستوفي دينه كله (¬4)، ولا يكون للمولى من القيمة قليل ولا كثير. ولو أن صاحب الدين الحال لم يجز الهبة ولكنه لم يقدر على العبد كان له أن يضمن المولى نصف قيمة العبد. فإن ضمنه نصف قيمه العبد ثم إن العبد ظهر فالهبة جائزة، ولا سبيل للمولى ولا لأحد من الغريمين على العبد. فإن حل دين الغريم الآخر فأراد نقض الهبة لم يكن له (¬5) ذلك، ولكنه (¬6) يتبع المولى (¬7) بنصف القيمة. وإن شاء اتبع الغريم الذي أخذ من المولى نصف القيمة بنصف ما أخذ، ثم يتبعان جميعاً المولى بنصف القيمة فيأخذانها منه. ولو أن الدين الذي كان إلى أجل لم يحل حتى رجع المولى في هبته كان للغريم الذي دينه إلى أجل إذا حل أن (¬8) يتبع ¬

_ (¬1) ف - هذا وقد بقي من الثمن شيء بعد دين الغرماء الآخرين اقتسمه أصحاب دين المولى. (¬2) ف: الغرماء. (¬3) ف: حل الدين الآخر. (¬4) ز - كله. (¬5) م ز - له. (¬6) ف: ولكن. (¬7) ز: العبد. (¬8) ف - أن.

بدينه ذلك نصف العبد فيبيعه (¬1) في دينه. وإن شاء اتبع نصف القيمة التي أخذها الغريم الآخر فأخذ نصف ذلك، ثم يرجعان جميعاً فيبيعان (¬2) نصف العبد في دينهما (¬3). فإن كان العبد اعورّ في يدي الموهوب له قبل أن يرجع فيه الواهب، فإن المولى يضمن ربع قيمة العبد، فيكون ذلك في دين العبد، ويباع نصف العبد في دينه أيضاً (¬4). ولو كان العبد اعورّ بعدما رجع إلى الواهب [لم يكن عليه] (¬5) من عوره قليل ولا كثير وبيع نصف العبد أعور في دينه؛ لأن الواهب إذا رجع في العبد فقد رجع العبد على حاله الأول، وبرئ من الضمان. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة، ثم أذن له [أن] يكفل عن رجل بألف درهم، ثم إن المولى باعه، فللمكفول له أن ينقض البيع إلا أن يفديه المولى بما كفل به. ولو كان أذن له فكفل بنفس رجل كفالة حالة أو إلى أجل ثم باعه فالبيع جائز، ولا يستطيع المكفول له أن ينقض البيع، ولكن المكفول له يتبع العبد بكفالته حيث ما كان. فإن كان المشتري لم يعلم بالكفالة حتى اشتراه فهذا عيب، وهو بالخيار. إن شاء رده. وإن شاء أمسكه بعيبه. وكذلك لو كانت كفالة (¬6) العبد بالنفس على أنه كفيل بنفس المطلوب إن لم يعط المطلوب الطالب ماله إلى كذا وكذا من الأجل، فإن الكفالة جائزة على هذا. فإن باعه مولاه فالبيع جائز، وليس للمولى المشتري أن يرده بهذه الكفالة ما لم يجئ الأجل (¬7). فإذا حل الأجل ولم يعط الطالب المطلوب حقه وجبت الكفالة على العبد، وكان للمشتري (¬8) أن يرد العبد بذلك على البائع (¬9) إن لم يكن علم بالكفالة حتى اشتراه. فإن كان علم ¬

_ (¬1) ز: فيتبعه. (¬2) ز: فيتبعان. (¬3) ف - نصف العبد في دينهما. (¬4) ف - أيضاً. (¬5) الزيادة مستفادة من الكافي، 3/ 95 ظ؛ والمبسوط، 25/ 145. (¬6) ز: كفالته. (¬7) م: للأجل. (¬8) ز - أن يرده بهذه الكفالة ما لم يجئ الأجل فإذا حل الأجل ولم يعط الطالب المطلوب حقه وجبت الكفالة على العبد وكان للمشتري. (¬9) ف: على الغائب.

بالكفالة فليس له أن يرده إن حلت الكفالة أو لم تحل. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فاشترى وباع فصار في يده رقيق من كسبه، ولحقه دين كثير إلى أجل يأتي على جميع ما في يده وعلى جميع رقبته، فباع المولى بعض رقيقه، فبيعه جائز، وهو بمنزلة بيعه العبد المأذون له. وكذلك لو باع العبد جميع (¬1) رقيقه أو وهبهم وقبضهم الموهوب له فذلك جائز كله. فإذا حل الدين ضمن المولى جميع العبد وجميع قيمة رقيقه فأخذ ذلك الغرماء قضاء من حقهم، ولا سبيل للغرماء على العبد ولا على الرقيق، وكذا لو (¬2) قضي لهم بذلك عليه (¬3) وإن تَوَى ما على المولى أو لم يَتْوَ (¬4). أرأيت لو أن المولى لم يهب من ذلك شيئاً ولكنه أعتق رقيق العبد قبل أن يحل دين العبد ألم يجز عتقه في قول أبي حنيفة. فينبغي لمن زعم أن البيع لا يجوز إذا كان الدين إلى أجل أن (¬5) لا يجوز عتقه في الرقيق إذا كان الدين إلى أجل؛ لأن الدين لو كان حالاً لم يجز بيع المولى في رقيق عبده ولا عتقه في قول أبي حنيفة إذا كان الدين مثل قيمة العبد وما في يديه. أرأيت لو أن المولى حجر (¬6) على عبده وعليه هذا الدين إلى هذا (¬7) الأجل فأراد المولى بيع الرقيق ألم يكن له أن يبيعهم. أرأيت إن لم يكن له أن يبيعهم فمن ذا الذي ينفق عليهم. بيع المولى في هذا كله جائز، والرقيق للمولى، أمره فيهم جائز حتى يحل الدين. فإذا حل الدين ضمن قيمة ما استهلك، وبيع ما بقي منهم في دين العبد. وإذا أقر العبد المحجور عليه لرجل بدين ألف درهم استهلكها له لم يلزمه من ذلك شيء حتى يعتق. فإذا عتق لزمه جميع ما أقر به. فإن ضمن عنه رجل هذا الدين قبل أن يعتق لزم الكفيل الضمان فأخذ به حالاً قبل أن يعتق (¬8) العبد. فإن اشترى العبد الرجل الذي له الدين فأعتقه بطل دينه عن ¬

_ (¬1) م ز: وجميع. (¬2) ز: وكذللو. (¬3) م - وكذا لو قضي لهم بذلك عليه، صح هـ. (¬4) ز: لم يتوا. (¬5) ف - أن. (¬6) ز: حجز. (¬7) ف - هذا. (¬8) ز + لزم الكفيل الضمان فأخذ به حالاً قبل أن يعتق.

العبد، ولم يكن للمشتري على الثمن سبيل، ويضمن الكفيل للمكفول له الأقل من الثمن ومن المال الذي ضمن. ولو كان رب العبد لم يبعه، ولكن وهبه لرب المال وقبضه منه، بطل الدين عن الكفيل أبداً. فإن أعتق العبد بعد ذلك لم يلزمه من ذلك (¬1) الدين قليل ولا كثير. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير حال أو إلى أجل، ثم إن رب العبد وهب العبد لصاحب الدين، فالهبة جائزة وقد بطل الدين. فإن رجع المولى بعد ذلك في هبته لم يعد الدين أبداً. ولو كان بعض الدين حالاً والدين لرجلين هما فيه شريكان العاجل منه والآجل، فوهب المولى العبد لأحد الغريمين وقبضه، فأراد الشريك الآخر نقض الهبة، فله ذلك. فإن نقضها بيع العبد فاستوفى الغريم الذي نقض الهبة (¬2) حقه، وما بقي من الثمن فهو للمولى. ولا سبيل للموهوب له على العبد ولا على المولى ولا على الشريك؛ لأن الموهوب له حين قبض العبد بالهبة ملكه، فلما ملكه بطل دينه، فلا يعود أبداً. ولو عتق العبد بعد ذلك لم يلحقه من ذلك الدين (¬3) قليل ولا كثير. ولو كان المولى لم يهبه للغريم ولكنه باعه منه بألف درهم وقيمته ألفا درهم فلم يقبضه حتى حضر الغريم الآخر فأبطل البيع، فإن الغريمين يباع لهم (¬4) العبد، فيقتسمان ثمنه على دينهما. وكذلك (¬5) لو كان المشتري صاحب الدين قد قبض العبد حين ابتاعه، ثم إن الشريك الآخر نقض البيع، فإن العبد يباع لهما جميعاً، فيضربان فيه بجميع دينهما، ولا يبطل من دين (¬6) المشتري قليل ولا كثير إن (¬7) كان اشتراه بأقل من دينه أو بأكثر. ألا ترى أن البيع لو أجازه شريكه ضرب بجميع دينه في العبد. فكذا (¬8) إذا نقض البيع فيه. ¬

_ (¬1) ف - ذلك. (¬2) ز - فله ذلك فإن نقضها بيع العبد فاستوفى الغريم الذي نقض الهبة. (¬3) ز - الدين. (¬4) ز: لهما. (¬5) ز: ولذلك. (¬6) ف - من دين، صح هـ. (¬7) ف: وإن. (¬8) ف: فكذ؛ ز - فكذا.

وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير إلى أجل فباعه المولى من صاحب الدين بأقل من قيمته أو بأكثر ودين الغريم أكثر من الثمن، فإن الثمن للمولى وهو أحق به من الغريم حتى يحل دين الغريم. فإذا حل دين الغريم أخذ الثمن من المولى إن كان أقل من القيمة أو أكثر. وإن تَوَى الثمن في يد المولى بغير إستهلاك من المولى لم يكن للغريم على المولى سبيل. فإن كان على العبد دين (¬1) سوى دين المشتري وهو مثل دين المشتري فحل ضمن المولى نصف القيمة لصاحب الدين الذي لم يشتر (¬2) العبد. فإذا (¬3) أخذ نصف القيمة سلم ذلك له، ولم يرجع عليه صاحب الدين من ذلك بقليل ولا كثير؛ لأن حق المشتري صار في الثمن، فلما تَوَى بطل حقه، وصار (¬4) حق الآخر في القيمة. فإذا أخذ حقه من القيمة لم يكن لصاحب الدين الآخر في ذلك قليل ولا كثير، إن كان شريكاً في الدين الذي على العبد أو لم يكن فهو سواء (¬5). وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة، ثم أمره فكفل لرجل (¬6) بألف درهم على رجل على أن الغريم إن مات ولم يدفع المال إلى رب المال فالعبد ضامن حتى يؤديه إلى رب المال، فإن الكفالة على هذا جائزة. فإن باعه المولى من رب المال بألف درهم أو بأكثر من ذلك أو بأقل فبيعه جائز، ويقبض منه الثمن فيكون في يديه، يصنع به ما بدا له. فإن مات المكفول عنه قبل (¬7) أن يؤدي المال كان (¬8) للذي (¬9) اشترى العبد من المولى أن يرجع بالثمن على الموّلى فيأخذه منه قضاء من دينه، إن كان الثمن أقل من القيمة أو أكثر، إذا كان مثل الدين أو أقل منه (¬10). فإن كان أكثر من الدين أخذ صاحب الدين منه مقدار الدين، وكان للمولى ما بقي. فإن كان ¬

_ (¬1) ف - دين. (¬2) ز: لم يشتري. (¬3) ز: فإ. (¬4) ز: فصار. (¬5) ف - فهو سواء. (¬6) ف: يكفل الرجل. (¬7) م - قبل، صح هـ. (¬8) ف - كان. (¬9) م ف: الذي. (¬10) ف - منه.

باب وكالة العبد المأذون له في التجارة في الخصومة والإقرار عليه

المولى لم يستهلك الثمن ولكنه ضاع بعضه (¬1) في يديه وقد كان الثمن أكثر من الدين، فإن للغريم أن يأخذ دينه مما بقي من الثمن حتى يستوفي. فإن بقي شيء كان للمولى. وإن نقص شيء كان النقصان على الغريم لا يلحق المولى من ذلك قليل ولا كثير. وكذلك لو كان الثمن هلك في يدي (¬2) المولى كله بطل دين الغريم على العبد، ولم يكن له على المولى من الثمن (¬3) قليل ولا كثير. ولو كان الثمن هلك في يدي (¬4) المولى كله ثم وجد المشتري بعد هلاك الثمن في العبد عيباً فأراد رده على المولى رده عليه إن شاء، ولم يكن له من الثمن قليل ولا كثير (¬5)؛ لأنه إنما باعه له وقبض ثمنه له، فإن رده عليه بيع العبد حتى يستوفي المشتري الثمن الذي نقد (¬6) البائع. فإن بقي شيء بعد ذلك من ثمن العبد كان في دين المشتري الأول. كان نقص الثمن الآخر عن الثمن (¬7) الأول أخذ المشتري الأول (¬8) الثمن الآخر كله، ولم يكن للمشتري الأول على البائع قليل ولا كثير. ... باب وكالة العبد المأذون له في التجارة في الخصومة والإقرار عليه (¬9) وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فادعى رجل في يديه جارية أو متاعاً أو داراً أو ادعى ديناً على العبد فأنكر العبد ذلك فخاصمه المدعي إلى ¬

_ (¬1) م: بعده. (¬2) ف: في يد. (¬3) ف: من الثمن على المولى. (¬4) ف: في يد. (¬5) ز - ولو كان الثمن هلك في يدي المولى كله ثم وجد المشتري بعد هلاك الثمن في العبد عيبا فأراد رده على المولى رده عليه إن شاء ولم يكن له من الثمن قليل ولا كثير. (¬6) ف: الذي على. (¬7) ز: عن اليمين. (¬8) ز - الأول. (¬9) ز: باب بيع المولى عبده المأذون له في التجارة الذي يجوز بغير إذنهم. وهذا عنوان الباب السابق.

القاضي فأراد العبد أن يوكل بخصومته وكيلاً فليس له أن يوكل بذلك وكيلاً إلا أن يرضى بذلك الخصم أو يكون العبد مريضاً لا يستطيع خصومته (¬1) أو يريد (¬2) سفرًا مسيرة ثلاثة أيام فصاعداً. فإن أراد مسيرة يوم أو يومين لم يكن له أن يوكل وكيلاً بخصومة المدعي (¬3) إلا أن يرضى بذلك المدعي. وكذلك لو كان الذي وكله العبد بذلك مولاه وعليه دين أو لا دين عليه. وكذلك لو كان العبد هو المدعي والحر هو المدعى عليه فأراد العبد أن يوكل بعض من ذكرنا فهو على ما وصفت لك. وكذلك لو كان مكان العبد أمة مأذون (¬4) لها في التجارة كانت بهذه المنزلة في جميع ما وصفت لك في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإنه يقبل منها ومن العبد وكيل في جميع ما وصفت لك (¬5)، إن كانا مريضين أو لم يكونا (¬6)، إن رضي بذلك الخصم أو لم يرض (¬7)، إن أراد سفرا أو لم يرد. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فادعى العبد دعوى مالاً أو جارية أو داراً في يدي رجل وجحد ذلك الرجل فوكل العبد وكيلاً بخصومته والعبد (¬8) مريض أو غائب فالوكالة جائزة. فإن خاصمه فأقر (¬9) الوكيل (¬10) عند القاضي أنه لا حق للعبد فيما ادعى في يد هذا الرجل فإقراره جائز على العبد وعلى مولاه إن لم يكن عليه دين وعلى الغرماء إن كان عليه دين. وكذلك لو كان المدعي قبل العبد فوكل وكيلاً بالخصومة فأقر الوكيل عند القاضي بأن (¬11) الذي في يدي العبد للمدعي فإن إقراره جائز، والذي في يدي العبد للمدعي على ما أقر به الوكيل. ويجوز إقرار الوكيل على غرماء العبد إن كان على العبد دين، وعلى مولى العبد إن كان على العبد دين (¬12) أو لم يكن. ¬

_ (¬1) ف: خصومة. (¬2) ز: أو يزيد. (¬3) ف: بخصومته للمدعي. (¬4) ز: مأذونا. (¬5) ز - لك. (¬6) ف + مريضين. (¬7) ز: لم يرضا. (¬8) ف: بخصومة العبد. (¬9) ز - فأقر. (¬10) ز: فالوكيل. (¬11) ف: فإن. (¬12) ف - وعلى مولى العبد إن كان على العبد دين.

وكذلك لو كان وكيل العبد مولاه أو بعض غرمائه كان بهذه المنزلة أيضاً. وكذلك لو كان (¬1) وكيل العبد ابنه أو أباه. وكذلك لو كان وكيل العبد ابن المدعي أو أباه كان إقراره جائزاً على العبد، لأنه وكيله بعينه (¬2). وكذلك لو كان وكيل العبد مكاتباً للمدعي أو عبداً مأذونا له في التجارة، وعليه دين أو لا دين عليه. ولو كان إقرار (¬3) الوكيل في جميع ما وصفت لك عند غير قاض فادعى الحر أن الوكيل قد أقر له عند غير قاض، فإن القاضي يسأل الوكيل عن ذلك. فإن أقر أنه قد كان أقر بذلك قبل أن يتقدم إليه بعدما وكله صاحبه فذلك جائز على الموكل، وهو بمنزلة إقرار الوكيل عند القاضي. ولو قال الوكيل: أقررت بذلك قبل أن يوكلني وكان إقراري بذلك باطلاً، وصدقه الخصم أخرجه القاضي من الخصومة، ولم يقض على الموكل بإقرار الوكيل. فإن قال الخصم: إنما أقر بعد الوكالة، وقال الوكيل: أقررت قبل الوكالة، جاز إقرار الوكيل (¬4) على الموكل في جميع ما وصفت لك. وإن جحد الوكيل أن يكون أقر بشيء من ذلك قبل الوكالة أو بعدها (¬5) فالقول قوله، ولا يمين عليه في شيء من ذلك. وإن قامت (¬6) البينة للخصم أن الوكيل قد أقر بما ادعى قبل الوكالة أو بعدها، فإن القاضي يخرج الوكيل من الوكالة، ولا يجوز إقرار الوكيل عند غير القاضي على الذي وكله إلا أنه يخرج بذلك من الوكالة. ولو كان المدعي على العبد هو الذي وكل بخصومة العبد رجلاً كانت وكالته في ذلك كله بمنزلة وكالة (¬7) العبد. فإن كان المدعي على العبد وكل بخصومة العبد مولى العبد وعلى العبد دين أو لا دين عليه فوكالته باطل. فإن أقر المولى عند القاضي أن ¬

_ (¬1) م ز: إن كان. (¬2) أي: لأن ذلك مثل وكالته في الأمور الأخرى. انظر: المبسوط، 25/ 151. (¬3) م ف ز: أقر أن. (¬4) ز - فإن قال الخصم إنما أقر بعد الوكالة وقال الوكيل أقررت قبل الوكالة جاز إقرار الوكيل. (¬5) ف: وبعدها. (¬6) م ز: وإن أقامت. (¬7) ف ز - وكالة.

الذي يدعي (¬1) الذي وكله في يدي هذا العبد باطل لا حق له فيه، كان إقراره ذلك باطلاً لا يجوز للعبد؛ لأن العبد وما في يده مال السيد، فلا يكون وكيلاً في خصومة ولا قبض. ولو كان الوكيل الذي وكله المدعي على العبد غريما للعبد كان بهذه المنزلة، ولم يجز إقراره على الذي وكله؛ لأن غريم العبد بمنزلة مولاه في ذلك. ولو كان الوكيل ابن الغريم أو أباه أو مكاتباً له أو عبداً له وعليه دين أو لا دين عليه، أو كان ابن المولى أو أباه (¬2) أو مكاتباً له أو عبداً له (¬3) وعليه دين أو لا دين عليه (¬4)، كان إقراره على الذي وكله جائزاً (¬5)، بمنزلة إقرار الرجل الأجنبي في جميع ما وصفت لك. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فأفاد العبد مالاً أو أمة أو داراً ولا دين عليه، فادعى رجل ما في يد (¬6) العبد من ذلك فوكل العبد بخصومته رجلاً وقد (¬7) قبض (¬8) المولى ما في يد (¬9) العبد من ذلك، فإن الوكالة في هذا باطل، ولا يجوز إقرار الوكيل في شيء من ذلك. وكذلك (¬10) لو كان المولى قبض ما في يد (¬11) العبد من ذلك قبل إقرار الوكيل وبعد الوكالة كان بهذه المنزلة. ولو كان المولى قبض ما في يد (¬12) العبد من ذلك وعلى العبد دين فوكل العبد وكيلاً يخاصم في ذلك فأقر الوكيل جاز إقراره على العبد وعلى سيده وعلى الغرماء. ولو كان المولى حجر على عبده وقبض ما في يده، ثم (¬13) إن رجلاً ادعى بعض ما كان في يد العبد فوكل العبد بذلك وكيلاً ولا دين عليه، فإن وكالته في ذلك باطل. فإن أقر الوكيل عند القاضي ¬

_ (¬1) ف + أن. (¬2) ز: أو أبوه. (¬3) م ف - له. (¬4) ف - أو كان ابن المولى أو أباه أو مكاتباً له أو عبداً له وعليه دين أو لا دين عليه. (¬5) ز: جائز. (¬6) ف ز: في يدي. (¬7) ز - وقد. (¬8) ز: وقبض. (¬9) ز: في يدي. (¬10) ف - كذلك. (¬11) ز: في يدي. (¬12) ز: في يدي. (¬13) ز - ثم.

كان إقراره باطلاً. ولو كان الذي وكل بالخصومة في ذلك المولى كان الوكيل وكيلاً في ذلك وكان إقراره جائزاً (¬1)؛ لأن المال مال المولى وهو الخصم في ذلك. ولو أن العبد ادعى ديناً على رجل فجحده ذلك الرجل ما ادعى من ذلك فوكل العبد وكيلاً بالخصومة في ذلك بعدما حجر عليه المولى فالوكالة جائزة. فإن أقر الوكيل عند القاضي أن العبد قد استوفى دينه هذا كان إقرار الوكيل جائزاً (¬2) على العبد وعلى سيده وعلى غرمائه إن كان عليه دين. وإن كان الوكيل لم يقر عند القاضي بالاستيفاء، ولكنه أقر عند القاضي أنه لا حق (¬3) للعبد قبل الخصم كان بهذه المنزلة، وجاز إقراره إن كان على العبد دين أو لم يكن. ولو كان الرجل هو الذي ادعى على العبد ديناً وقد كان حجر عليه المولى فوكل العبد بخصومة الرجل وكيلاً فالوكالة جائزة. فإن أقر الوكيل بما ادعى الخصم كان إقرار الوكيل جائزاً (¬4) فيما في يدي العبد من مال، ولا يصدق في رقبة العبد في قياس قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإنه لا يصدق في شيء من ذلك، وقد خرج من الوكالة بإقراره في قولهما جميعاً. ولو كان على العبد دين كانت الوكالة جائزة. فإن أقر الوكيل لم يجز إقراره على الغرماء حتى يستوفوا دينهم مما في يد (¬5) العبد. فإن بقي شيء مما في يدي العبد كان للذي أقر له الوكيل في قياس قول أبي حنيفة. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة، فوجب له ولشريك له دين (¬6) ألف درهم على رجل، فجحد المدعى عليه المال، فخوصم في ذلك، فوكل العبد وشريكه بخصومة الغريم مولى العبد، وعلى العبد دين أو لا دين عليه، فأقر المولى عند القاضي أن الغريم أو في عبده وشريك العبد جميع المال، فإن إقرار المولى جائز عليهما إن كان على العبد دين أو لم يكن، وقد برئ الغريم من جميع الدين. فإن جحد الغريم (¬7) وشريكه أن يكونا ¬

_ (¬1) ز: جائز. (¬2) ز: جائز. (¬3) ف + له. (¬4) ز: جائز. (¬5) ز: في يدي. (¬6) ز - دين. (¬7) ز: العبد.

قبضا من المال قليلاً أو كثيراً لم يلتفت إلى جحودهما. فإن ادعى الشريك على العبد أنه قد قبض نصيبه، وأنكر الشريك أن يكون قبض شيئاً، فإن كان العبد لا دين عليه، فإن الشريك يرجع في رقبة العبد بنصف دينه، وذلك مائتا درهم وخمسون درهماً، فيباع في ذلك العبد إلا أن يفديه المولى. وإن كان على العبد دين لم يرجع الشريك على المولى ولا في رقبة العبد بقليل ولا كثير حتى يقضى الدين الذي على العبد. فإن بقي شيء من رقبة العبد ومما في يد العبد من مال كان للشريك أن يرجع فيما بقي من رقبة العبد ومما (¬1) في يد (¬2) العبد ومما في يده حتى يستوفي من ذلك نصف دينه، وذلك مائتا درهم وخمسون درهماً. ولو كان الشريك صدق المولى الوكيل (¬3) بما أقر عليهما وكذبه العبد، وعلى العبد دين أو لا دين عليه، لم يرجع واحد منهما على صاحبه بقليل ولا كثير. ولو كان الشريك هو الذي وكل العبد بالخصومة في دينه لم يوكل بذلك المولى، فأقر العبد (¬4) عند القاضي أنه لا حق للشريك قبل الغريم، أو أقر أن الشريك قد استوفى من الغريم نصيبه، وجحد ذلك الشريك، فإن الغريم يبرأ من نصف الدين، وذلك حصة الشريك، ولا يكون للشريك على الغريم قليل ولا كثير، ويتبع العبد الغريم بنصف الدين. فإذا (¬5) ثبت له ما أخذ (¬6) العبد من ذلك شاركه فيه شريكه فأخذ منه نصفه إن كان على العبد دين أو لم يكن؛ لأن العبد إنما صدق على إبطال حق الشريك على الغريم حين وكله الشريك بالخصومة، ولا يصدق على أن يسلم له حصته مما يأخذ، ولكن ما أخذ من شيء كان للشريك نصفه. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة، فوجب للعبد ولشريك له دين ألف درهم على رجل والرجل مقر لهما، ثم إن الغريم غاب وادعى العبد أن ¬

_ (¬1) ف: وفيما. (¬2) ز: في يدي. (¬3) الوكيل صفة المولى، فهو وكيل العبد وشريكه كما تقدم. (¬4) ف: للعبد. (¬5) ز - فإذا. (¬6) م ز: فما أخذ.

شريكه قد قبض حقه، وأراد أن يرجع عليه بنصف ما أخذ، فجحد ذلك الشريك، فأراد العبد خصومة الشريك في ذلك، فوكل الشريك بخصومة العبد في ذلك مولى العبد، وعلى العبد دين أو لا دين عليه، أو وكل الشريك بعض غرماء العبد بخصومة العبد، فأقر وكيل الشريك أن الشريك قد استوفى جميع نصيبه من الغريم، فإن إقرار الوكيل في هذا باطل؛ لأن إقراره يجر به إلى نفسه مالاً، فلا يصدق، ولا يكون وكيلاً في ذلك. ولو كان العبد هو الذي ادعى عليه الاستيفاء، فوكل العبد بالخصومة في ذلك مولاه أو بعض غرمائه، فأقر الوكيل على العبد بالاستيفاء عند القاضي، فإن إقراره جائز على العبد، ويرجع الشريك على العبد بنصف حقه فيأخذه منه. فإذا حضر الغريم فادعى أن العبد قد قبض ما قال الوكيل لم يصدق على ذلك، وكان للعبد (¬1) أن يرجع عليه بجميع دينه، إلا أن يكون العبد لا دين عليه والوكيل المولى، فيصدق في ذلك على عبده؛ لأن العبد إنما وكل الوكيل في خصومة شريكه ولم يوكله في خصومة الغريم. فإذا أقر الوكيل أن العبد قد استوفى حقه جاز ذلك على العبد فيما بينه وبين الشريك، لا فيما بينه وبين (¬2) الغريم. فإذا أخذ الشريك من العبد نصف ما أقر به الوكيل، ثم حضر الغريم فادعى على العبد مثل ما ادعى الشريك من القبض، لم يصدق على ذلك، وبرئ الغريم من نصف حق الشريك؛ لأنه قد قبضه من العبد. ويرجع العبد بجميع حقه على الغريم، ويرجع الشريك بنصف حقه على الغريم. فما أخذ واحد منهما من الغريم من شيء كان بينهما على ثلاثة أسهم، حتى يستوفيا سبع مائة وخمسين، وهو ثلاثة أرباع حقهما، وذلك سوى ما قبض الشريك من العبد. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فوجب لرجلين عليه ألف درهم، فادعى العبد على أحدهما أنه قد استوفى نصيبه وجحد المدعى عليه، فاختصما في ذلك، فوكل المدعى عليه بذلك مولى العبد، فأقر مولى العبد ¬

_ (¬1) م: العبد. (¬2) م - الشريك لا فيما بينه وبين، صح هـ.

عند القاضي بأن المدعى عليه قد استوفى ما ادعى العبد من ذلك، فإن إقراره باطل. ولا يكون المولى خصماً لعبده في ذلك إن كان على العبد دين أو لم يكن عليه دين. فإن حضر الشريك الآخر فادعى على شريكه ما أقر به عليه المولى من القبض، وأراد أخذ نصف ذلك منه بالشركة، فجحد أن يكون قبض شيئاً، فالقول قوله؛ لأن إقرار المولى كان عليه باطلاً. فكذلك إقراره عليه فيما بينه وبين شريكه. وكذلك لو كان الوكيل غريماً للعبد كان بمنزلة هذا. ولو كان الغريمان (¬1) الشريكان في المال وكل أحدهما صاحبه بخصومة العبد فيما ادعى من الاستيفاء، فأقر الغريم عند القاضي أن صاحبه قد استوفى من العبد حصته، فإن ذلك جائز عليه وعلى شريكه، ويبطل من الدين خمسمائة، وما أخذ الشريك الوكيل من الخمسمائة الباقية أخذ صاحبه نصف ذلك. ولو كان الوكيل غريماً للعبد ليست (¬2) بينه وبين الموكل شركة في المال الذي على العبد لم يكن إقراره جائزاً (¬3) على الذي وكله؛ لأني لو أجزت (¬4) إقراره أبرأت العبد (¬5) من دين الموكل، وصار العبد سالماً للوكيل في دينه. ولا يشبه الشريك في الدين إذا كان وكيلاً الغريم (¬6) الذي ليس بشريك؛ لأن الوكيل إذا كان شريكاً فجميع ما يبطل من الدين عن العبد يبطل من مالهما جميعاً، وما يبقى [يبقى] من مالهما جميعاً. وإذا كان الغريم ليس بشريك فوكله لم يجز إقراره؛ لأني لو أجزت إقراره جاز ذلك على الذي وكله خاصة، وسلم العبد للوكيل. فإذا كان العبد يسلم للوكيل دون الموكل بطل إقراره على الموكل، ولم يكن وكيلاً في الخصومة. فلذلك اختلفا. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فوجب على العبد دين ألف درهم لرجلين، فادعى أحدهما على صاحبه أنه قد قبض حصته من الدين، فأنكر ذلك شريكه، فأراد خصومته، فوكل المدعى عليه بالخصومة في ذلك مولى ¬

_ (¬1) ز + للعبد كان بمنزلة هذا ولو كان الغريمان. (¬2) ز: وليست. (¬3) ز: جائز. (¬4) ف: قد أجزت. (¬5) ز - العبد. (¬6) م ف ز: للغريم.

باب شراء العبد المأذون له في التجارة وبيعه

العبد، فأقر المولى عند القاضي أن الذي وكله قد قبض ما ادعى عليه شريكه، فإن إقراره باطل، ولا يكون المولى وكيلاً في ذلك. ألا ترى أن المولى لو أجاز إقراره على الذي وكله كان للمدعي أن يأخذ نصف ما قبض المدعى عليه، وبرئ (¬1) العبد من ذلك. فإذا كان العبد يبرأ بقول مولاه لم يصدق مولاه على ذلك إن كان على العبد دين أو لم يكن. وكذلك لو كان المدعى عليه وكل بذلك العبد نفسه كان بمنزلة مولاه في ذلك. وكذلك لو كان الوكيل غريماً له على العبد دين كان بهذه المنزلة، وكانت وكالته بمنزلة وكالة المولى. ولو كان الذي وكل المولى أو وكل العبد أو وكل غريماً من غرماء العبد المدعي، فأقر الوكيل عند القاضي على المدعي أن المدعى عليه لم يقبض من الدين قليلاً ولا كثيراً، كان ذلك جائزاً على المدعي، وكان حقهما على العبد (¬2) على حاله. وليس يرجع واحد منهما على صاحبه بقليل ولا كثير. ... باب شراء العبد المأذون له في التجارة وبيعه وقال أبو حنيفة وأبو (¬3) يوسف ومحمد: إذا أذن الرجل لعبده في التجارة فاشترى وباع (¬4) فشراؤه جائز في جميع الأشياء وبيعه. إن اشترى شيئاً بما يتغابن الناس فيه أو باع فذلك جائز في قولهم جميعاً. وإن اشترى شيئاً بما لا يتغابن الناس فيه أو باع شيئاً فحط من ذلك ما لا يتغابن الناس فيه، وعلى العبد دين أو لا دين عليه، فذلك جائز في قول أبي حنيفة. ولا يجوز في قول أبي يوسف ومحمد، وشراؤه وبيعه في ذلك باطل مردود، إلا أن يشتري ويبيع بما يتغابن الناس فيه. ألا ترى أن عبداً مأذوناً له لو وهب هبة أو تصدق بصدقة لم يجز. فإذا باع عبداً له ¬

_ (¬1) م ز: ويبرأ. (¬2) م + على العبد. (¬3) ز - حنيفة وأبو. (¬4) ف: أو باع.

يساوي ألف درهم بعشرة دراهم كان هذا باطلاً، وكان بمنزلة الهبة والصدقة. وكل من لا يجوز هبته ولا صدقته مثل العبد المأذون له ومثل المكاتب، ومثل الصبي الذي يأذن له أبوه في التجارة ومثل المعتوه الذي يأذن له أبوه في التجارة فإن باع أحدهم شيئاً أو اشتراه بما لا يتغابن الناس في مثله فذلك باطل كما تبطل هبته وصدقته. وأما في قول أبي حنيفة فذلك جائز كله إذا كان بيعاً أو شراء. وإن كان هبة أو صدقة لم يجز. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فاشترى عبداً بألف درهم وقبضه ونقد الدراهم، ثم باع العبد بجارية أو بشيء سوى ذلك من العروض، فبيعه جائز كما يجوز بيعه بالدراهم والدنانير. وكذلك بيعه في الحنطة والشعير وجميع ما يكال أو يوزن مثل الزيت والسمن وأشباه ذلك، إن باعه بشيء من ذلك بعينه أو بغير عينه، بعد أن يصف ضرباً معلوماً أو كيلاً معلوماً. وكذلك لو أسلم شيئاً مما في يده من عروض وغيره (¬1) في طعام أو غير ذلك مما يجوز فيه السلم بين الحرين فذلك جائز فيما بين العبد (¬2) وبين الذي أسلم إليه فيه. وكذلك لو كان المسلم إليه عبداً أو مكاتباً أو حراً أو صبياً تاجرأ مأذوناً له في التجارة أو معتوهاً مأذونًا له كان ذلك كله جائزاً (¬3). وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فصار في يده عبد فباعه بجارية ودفع العبد ولم يقبض الجارية حتى هلكت في يدي المشتري، فإن البيع ينتقض ويرد العبد على المأذون له. وكذلك لو أن الجارية لم تهلك ولكن حدث بها عيب كان المأذون له بالخيار. إن شاء أخذ الجارية بعيبها. وإن شاء رد البيع. وكذلك لو لم يحدث بالجارية عيب ولكن العبد أقال المشتري البيع كانت إقالته جائزة. وكذلك لو تقابضا ثم تقايلا البيع كان ذلك جائزاً. وكذلك لو تقابضا ثم وجد أحدهما عيباً فرده على صاحبه بذلك العيب بإباء يمين أو ببينة (¬4) قامت أو بإقرار عند القاضي (¬5) كان ذلك جائزاً. ¬

_ (¬1) ز: أو غيره. (¬2) ف: فيما في يدي العبد. (¬3) ز: جائز. (¬4) ز: أو بينة. (¬5) ز - القاضي.

وكذلك لو قبل ذلك أحدهما عند غير قاض بعيب يحدث مثله أو لا يحدث مثله كان ذلك جائزاً إن كان على العبد دين أو لم يكن في جميع ما وصفت لك. ولو كان في يدي العبد المأذون له جارية فباعها من رجل حر بغلام ودفع العبد الجارية ولم يقبض الغلام حتى حدث بالجارية عيب في يدي المشتري وهلك (¬1) الغلام (¬2) قبل أن يقبضه المأذون له فإن المأذون له بالخيار. إن شاء أخذ جاريته بنقصانها ولا يتبع (¬3) المشتري من نقصانها [بشيء]. وإن شاء ضمن المشتري قيمة جاريته يوم قبضها. ولو كان العيب الذي حدث بها بعد موت الغلام أخذ العبد المأذون له جاريته وأخذ ما نقصها. فإن كان ذلك العيب عوراً أو شللاً أخذ الجارية وأخذ نصف قيمتها. وإن كان العيبان حدثا بالجارية جميعاً أحدهما قبل هلاك الغلام والآخر بعد هلاك الغلام (¬4) في يدي المشتري فالعبد البائع بالخيار. إن شاء أخذ جاريته واتبع المشتري بنقصان العيب الآخر. وإن شاء أخذ من المشتري قيمة الجارية يوم دفعها إليه. فإن كان الشراء (¬5) وقع وقيمة الجارية ألف درهم (¬6)، ودفع العبد الجارية إلى المشتري وقيمتها ألفان، فأراد المأذون له أن يضمن المشتري قيمة الجارية، فإنه يضمنه قيمتها يوم دفعها إليه، ولا ينظر (¬7) في ذلك إلى قيمتها يوم وقع الشراء. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فباع جارية مما في يديه بعبد وقبض المشتري الجارية، فقطع رجل يدها أو فقأ عينها أو وطئها أو ولدت الجارية ولداً من غير سيدها، ثم إن الغلام مات في يد (¬8) المشتري قبل أن يقبضه العبد المأذون له (¬9)، فإن العبد المأذون له يرجع على المشتري بقيمة جاريته يوم قبضها منه، ولا سبيل له على الجارية ولا على أرشها ولا على ولدها ¬

_ (¬1) ز: وهلاك. (¬2) م - وهلك الغلام، صح هـ. (¬3) م ف ز: يبع. والتصحيح من الكافي، 3/ 99 و. (¬4) ز - الغلام. (¬5) ز: المشتري. (¬6) ف ز - درهم. (¬7) ف ز: ولا أنظر. (¬8) ف: في يدي. (¬9) م ز - له.

ولا على عقرها. ولو (¬1) كان هذا كله بعد موت الغلام أخذ العبد المأذون له جاريته وأخذ عقرها وأخذ ولدها وأخذ نقصان عيبها (¬2). فإن شاء أخذ نقصان العيب من المشتري. وإن شاء اتبع بذلك الجاني. هإن كانت الجارية ولدت قبل موت الغلام، ثم مات الغلام بعد ذلك، فأراد العبد المأذون له أخذها وأخذ ولدها، لم يكن له (¬3) ذلك، وكانت له قيمة الجارية يوم قبضها منه المشتري. فإن لم يخاصمه ولم يقض القاضي عليه بالقيمة حتى هلك الولد فإن العبد المأذون له بالخيار. إن شاء أخذ الجارية ولم يكن له على المشتري شيء غير ذلك. وإن شاء (¬4) سلم الجارية للمشتري بنقصان الولادة وضمنه قيمتها يوم دفعها إليه. ولو كان مكان الجارية شاة أو فرس (¬5) أو غير ذلك مما لا تنقصه الولادة لم يكن للعبد المأذون له على ذلك سبيل ما دام الولد حياً. فإن مات الولد قبل أن يقضى للعبد بالقيمة أخذ العبد الذي دفع إلى المشتري، ولم يكن له في ذلك خيار؛ لأن الولادة لا تنقص الشاة ولا الفرس ولا غير ذلك من البهائم كما تنقص (¬6) الجارية. فإن كانت الجارية ولدت ولداً فأعتقه المشتري، ثم إن الغلام مات في يدي المشتري، فإن العبد المأذون له يضمن المشتري قيمة الجارية يوم قبضها منه، ولا سبيل له على الجارية؛ لأن الولد هاهنا له ولاء ثابت. فإذا كان له ولاء لم يكن للعبد على الجارية سبيل. فإن لم يكن القاضي قضى للعبد على المشتري بالقيمة حتى مات ولد الجارية المعتق فأراد العبد المأذون له أخذ جاريته، فإن كان (¬7) العبد المعتق ترك ولداً قد جر ولاءه (¬8) إلى المشتري، فليس للعبد على الجارية سبيل. وإن كان لم يدع ولداً جر ولاءه إلى المشتري (¬9). فالعبد (¬10) المأذون له بالخيار. إن شاء أخذ جاريته بنقصانها ولا ¬

_ (¬1) م - ولو، صح هـ. (¬2) ز: عينها. (¬3) ز - له. (¬4) ز - شاء. (¬5) ز: أو فرسا. (¬6) ف: تنقصه. (¬7) م - كان؛ صح هـ. (¬8) ز: ولاؤه. (¬9) ف - فليس للعبد على الجارية سبيل وإن كان لم يدع ولدا جر ولاءه إلى المشتري. (¬10) ز: والعبد.

شيء له غير ذلك. وإن شاء أخذ قيمتها يوم دفعها إلى المشتري. ولو كان المشتري قبض الجارية من العبد فقطع المشتري يدها أو وطئها أو كانت بكرًا فافتضها أو ولدت ولداً فقتله المشتري، ثم إن الغلام مات في يد البائع، فالعبد المأذون له بالخيار. إن شاء أخذ الجارية (¬1)، ولم يتبع المشتري بشيء من أرشها ولا بشيء من قيمة ولدها ولا بشيء من عقرها. وإن شاء أخذ قيمتها يوم دفعها إليه. ولو كان مكان الجارية شاة فولدت فقتل المشتري ولدها ولم تنقص الولادة الشاة شيئاً (¬2)، فإن العبد المأذون له بالخيار. إن شاء أخذ الشاة ولم يرجع على المشتري بشيء من قيمة ولدها. وإن شاء أخذ قيمة الشاة يوم دفعها إليه. وكذلك لو كان مكان الشاة جارية ثيب فوطئها المشتري فلم ينقصها الوطء قليلاً ولا كثيراً، ثم مات الغلام في يدي المشتري فالعبد المأذون له بالخيار. إن شاء أخذ الجارية. وإن شاء أخذ قيمتها يوم دفعها إلى المشتري، ولا عقر له على المشتري في الوجهين جميعاً. وإن كان الذي وطئها غير المشتري ولم ينقصها ذلك كان للعبد (¬3) المأذون له أن يرجع على المشتري بقيمتها (¬4) يوم دفعها (¬5) إليه، وليس له (¬6) على الجارية سبيل؛ لأنه قد وجب له عقر. ولو كان وطء المشتري الجارية ووطء الأجنبي لها بعد هلاك الغلام في يدي المشتري كان للعبد المأذون له أن يأخذ الجارية ويأخذ عقرها، ولا يشبه الوطء قبل هلاك الغلام الوطء بعد هلاكه، لأن الجارية إذا وطئت قبل هلاك الغلام فإنما وطئت والبيع صحيح والجارية للمشتري، وإنما انتقض البيع بعد ذلك. وإذا وطئت بعد هلاك الغلام فإنما وطئت بعدما فسد البيع. وللعبد المأذون له أن ¬

_ (¬1) ت + جاريته بنقصانها ولا شيء له غير ذلك وإن شاء أخذ قيمتها يوم دفعها إلى المشتري ولو كان المشتري قبض الجارية من العبد فقطع المشتري يدها أو وطئها أو كانت بكرا فافتضها أو ولدت ولدا فقتله المشتري ثم إن الغلام مات في يد البائع فالعبد المأذون له بالخيار إن شاء أخذ الجارية. (¬2) ف - شيئاً. (¬3) م ت: العبد. (¬4) م: فقيمتها. (¬5) ف: دفع. (¬6) ت - له.

يأخذ الجارية وعقرها. وكذلك أرشها وقيمة ولدها الذي ولدته بعد هلاك الغلام. وكذلك الولد. ولو كانت الجارية زادت في بدنها قبل هلاك الغلام أو بعده أخذها الغلام المأذون له بزيادتها، ولم يكن له شيء غير ذلك إن كانت الزيادة قبل هلاك الغلام أو بعده. ولا يشبه الزيادة في البدن شيئاً (¬1) من الجارية التي وقع عليها البيع، والولد شيء بائن عنها. ألا ترى أنه لم يبعه ولداً. أرأيت رجلاً اشترى شاة فقبضها فزادت في بدنها عنده ثم رأى بها عيباً ألم يكن له أن يردها. ولو ولدت عنده ولم تنقصها الولادة شيئاً ثم وجد بها عيباً لم يكن له أن يردها، ولكنه يرجع بنقصان العيب. فإن قال البائع: أنا أقبلها، لم يكن له ذلك؛ لأن الولد يبقى في يد (¬2) المشتري بغير ثمن. وإن قال المشتري: أنا أردها وأرد ولدها، لم يكن له ذلك؛ لأني لا أجبر البائع على قبض الولد ولم يبعه، إنما هو شيء حدث به (¬3) البيع (¬4). وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة، فباع العبد من رجل جارية مما في يده بغلام، ودفع الجارية إلى المشتري، ولم يقبض الغلام حتى حدث به عيب عند المشتري، فرده العبد المأذون له بذلك العيب على المشتري، وأراد أخذ جاريته، فإن كان حدث بالجارية عيب قبل أن يرد العبد المأذون له العبد بعيبه (¬5) أو حدث بها عيب بعدما رده من قطع يد أو وطء أو غير ذلك، فهذا بمنزلة موت العبد في يد (¬6) المشتري قبل أن يقبضه العبد المأذون له في التجارة في جميع ما وصفت لك. فما كان للعبد المأذون له فيه الخيار بين (¬7) أن يأخذ جاريته أو قيمتها فله في هذا الخيار أيضاً، وما كان لا خيار له فيه إنما له فيه قيمة الجارية يوم دفعها فكذلك هو في هذا. وما (¬8) كان له في ذلك أن يأخذ جاريته وما نقصها فكذلك (¬9) له في هذا. وهذا وموت الغلام في يدي المشتري قبل أن (¬10) يقبضه العبد ¬

_ (¬1) ز: شيء. (¬2) ف ز: في يدي. (¬3) كذا في الأصول. ولعل الصواب: بعد. (¬4) ز: العيب. (¬5) م: بعينه. (¬6) ف: في يدي. (¬7) م ز - بين؛ صح م هـ (¬8) م: ومان. (¬9) م: فلذلك. (¬10) ف - أن.

المأذون له سواء. وكذلك لو لم يحدث بالعبد عيب في يدي المشتري، ولكن العبد المأذون له (¬1) لم يكن رآه، فلما رآه لم يرضه وناقضه البيع. وكذلك لو كان العبد المأذون له قبض الغلام الذي اشترى، ثم وجد به عيباً فرده عليه بقضاء قاض أو بغير قضاء قاض، كان هذا كله (¬2) بمنزلة موت الغلام في يدي المشتري قبل أن يقبضه العبد المأذون له في جميع ما وصفت (¬3) في هذا الكتاب. ولو كان العبد المأذون له اشترط الخيار ثلاثة أيام في الغلام الذي اشترى، فقبض الغلام ودفع الجارية، فذهبت عين الجارية عند المشتري من فعل المشتري أو من غير فعل أحد، أو وطئها المشتري أو غيره، أو ولدت ولداً في يدي المشتري، ثم إن العبد المأذون له في التجارة رد الغلام الذي اشترى بخياره، فإنه يأخذ جاريته ويأخذ عقرها ويأخذ ولدها، ويأخذ نصف قيمتها. [و] إن (¬4) كان عينها (¬5) ذهبت عند المشتري من فعل رجل غير المشتري أخذها العبد وأخذ نصف قيمتها من المشتري. وإن شاء أخذ نصف قيمتها من الذي فقأ عينها. فإن أخذ ذلك من المشتري رجع به المشتري على الفاقئ. وإن أخذ ذلك من الفاقئ لم يرجع به على المشتري. وكذلك لو قتلها غير المشتري وقد كانت زادت في يد المشتري بعدما قبضها المشتري فإن العبد المأذون له بالخيار. إن شاء ضمن المشتري (¬6) قيمتها يوم قبضها منه في ماله حالة، ويرجع المشتري على القاتل بقيمتها (¬7) يوم قتلها على عاقلته في ثلاث سنين، فيستوفي من ذلك المشتري مثل ما ضمن للعبد المأذون له، ويتصدق (¬8) بما بقي. وجميع ما ¬

_ (¬1) ز - سواء وكذلك لو لم يحدث بالعبد عيب في يدي المشتري ولكن العبد المأذون له. (¬2) ف - كله. (¬3) ز + لك. (¬4) زيادة الواو من الكافي، 3/ 100 و. (¬5) م ف: عينا. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق. (¬6) م - المشتري، صح هـ. (¬7) ف - يوم قبضها منه في ماله حالة ويرجع المشتري على القاتل بقيمتها. (¬8) ز: وتصدق.

وصفت لك من هذا كله إن كان قبل أن يختار العبد المأذون له نقض البيع أو بعده فهو سواء. ولا يشبه اشتراط الخيار في البيع خيار (¬1) الرؤية ولا العيب يوجد بالغلام بعد وقوع البيع؛ لأن الخيار إذا كان شرطاً في أصل البيع اشترطه العبد على المشتري في الغلام أو في الجارية فهو سواء، لأن البيع لم يتم ما دام للعبد خيار في البيع. ألا ترى لو (¬2) أن المشتري أعتق الغلام الذي باع أو أعتق الجارية التي اشترى لم يجز عتقه ما دام للعبد المأذون له الخيار في شيء من البيع. ولو كان المشتري أعتق الجارية في خيار الرؤية فيما وصفت لك من العيب يوجد بالغلام أو من موت الغلام قبل أن يقبضه العبد المأذون له فأعتق المشتري الجارية التي اشتراها قبل نقض البيع كان عتقه جائزاً (¬3). فإن نقض العبد البيع بعد ذلك لم يبطل العتق، وكان على المشتري قيمة الجارية للعبد. أفلا ترى أن العتق إنما جاز في هذا البيع [لأن البيع] قد تم (¬4) للمشتري، وإنما بطل في البيع الذي فيه شرط الخيار لأن البيع لم يتم، ولم تخرج الجارية من ملك المأذون له، فلذلك اختلفا. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فباع جارية مما في يديه من رجل بغلام فقبض الرجل الجارية ولم يدفع الغلام حتى هلك الغلام في يدي المشتري، ثم إن المشتري بعد ذلك أعتق الجارية، فعتقه جائز، وهو ضامن لقيمة الجارية يوم قبضها، ولا ينظر (¬5) إلى قيمتها يوم أعتقها إن كانت زادت أو نقصت. وكذلك لو قتلها المشتري أو قتلها رجل أجنبي وقد زادت قيمتها كان بهذه المنزلة، ويضمن المشتري للعبد قيمتها يوم قبضها، ولا سبيل للعبد المأذون له على القاتل في هذا، ويرجع المشتري بالقيمة على عاقلة الأجنبي، فيأخذها (¬6) منهم في ثلاث سنين، فيستوفي منها مثل ما أدى إلى العبد المأذون له، ويتصدق بما بقي. ولو كان المشتري لم يقبض الجارية من ¬

_ (¬1) م ت ز: بخيار. (¬2) ز - لو. (¬3) ز: جائز. (¬4) ز: قديم. (¬5) ز: ننظر. (¬6) م ف: فيأخذ؛ ز: فتأخذ.

العبد المأذون له حتى أعتقها فعتقه جائز إن كان أعتقها قبل موت الغلام. وإن كان أعتقها بعد موت الغلام فعتقه باطل؛ لأن البيع انتقض وصار فاسداً والجارية في يد البائع على حالها لم تدفع إلى المشتري، فعتق المشتري فيها باطل. ولو كان الغلام لم يمت في يدي (¬1) المشتري، ولكن المشتري قبض الجارية ولم يدفع الغلام حتى حدث به عيب، فرده العبد المأذون له على المشتري بعينه (¬2) بقضاء قاض (¬3) أو بغير قضاء قاض (¬4)، ثم إن المشتري بعد ذلك أعتق الجارية، فعتقه باطل. وكذلك لو كان العبد المأذون له لم ير (¬5) الغلام الذي اشتراه، فلما رآه لم يرضه فرده بالخيار، ثم إن المشتري أعتق الجارية، فعتقه باطل. وكذلك لو كان العبد المأذون له قد قبض الغلام فرأى به عيباً بعدما قبضه، فرده على المشتري بقضاء قاض (¬6) أو بغير قضاء قاض (¬7)، ثم إن المشتري أعتق الجارية بعد ذلك فعتقه باطل؛ لأن البيع قد انتقض. وكذلك لو كان المشتري (¬8) أقال العبد البيع، ثم أعتق الجارية (¬9) المشتري بعد ذلك كان عتقه باطلاً. ولا يشبه هذا موت الغلام في يدي المشتري؛ لأن الغلام إذا مات في يدي المشتري وقد قبض المشتري الجارية فسد البيع بغير نقض منهما له، فصارت الجارية في يدي المشتري (¬10) على بيع فاسد، فجاز عتقه فيها وبيعه فيها وتدبيره وجميع ما صنع فيها كما يجوز في البيع الفاسد. وإذا رد العبد بخيار رؤية أو بعيب أو بإقالة فهذا نقض للبيع، ولا يجوز عِتْقُه عِتْقُ (¬11) المشتري في الجارية ولا بيعه. ¬

_ (¬1) ف ز: في يد. (¬2) ز: بعيبه. (¬3) ز: قاضي. (¬4) ز: قاضي. (¬5) ز: لم يرى. (¬6) ز: قاضي. (¬7) ز: قاضي. (¬8) ف + قد. (¬9) ز - بعد ذلك فعتقه باطل لأن البيع قد انتقض وكذلك لو كان المشتري أقال العبد البيع ثم أعتق الجارية. (¬10) ف - لأن الغلام إذا مات في يدي المشتري وقد قبض المشتري الجارية فسد البيع بغير نقض منهما له فصارت الجارية في يدي المشتري. (¬11) "عتق" عطف بيان أو بدل من "عتقه".

باب هبة الثمن في البيع قبل القبض وبعده للعبد المأذون له في التجارة

باب هبة الثمن في البيع قبل القبض وبعده للعبد المأذون له في التجارة وإذا باع العبد المأذون له في التجارة جارية بألف درهم فدفع الجارية ولم يقبض الدراهم حتى وهبها للمشتري فهبته باطل (¬1) لا تجوز. وكذلك لو قبضها ثم وهبها بعدما قبضها. وكذلك لو وهب بعضها قبل أن يقبضها أو بعدما قبضها. وكذلك لو حط بعضها قبل أن يقبضها أو بعدما يقبضها. فإن كان حط بعضها أو وهب بعضها بعد القبض أو قبل القبض بعيب طعن فيه المشتري، فصالحه العبد المأذون له من ذلك على أن وهب له بعض الثمن أو حط عنه بعض الثمن، فذلك جائز. ولو كان وهب له الثمن كله أو حط عنه الثمن كله (¬2) لذلك العيب لم يجز. وإنما يجوز حطه وهبته في بعض الثمن للعيب. فأما لغير عيب فإن حطه وهبته باطل. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فاشترى عبده من رجل جارية بألف درهم وقبضها، ثم إن البائع وهب للعبد الثمن وقبل ذلك العبد، فهبته جائزة. وكذلك لو وهبه للمولى وقبله (¬3) كانت هبته جائزة، وكانت هبة البائع للمولى بمنزلة هبته للعبد إن كان على العبد دين أو لم يكن عليه دين. وإن لم يقبل العبد الهبة التي وهبت له أو كانت الهبة للمولى فلم يقبلها المولى كانت الهبة باطلاً (¬4)، وكان المال على العبد على حاله. ألا ترى لو أن رجلاً مات (¬5) وترك عليه ديناً (¬6) فوهب بعض الغرماء دينه لورثة الميت وقبلوا ذلك كان ذلك جائزاً، وكان بمنزلة الهبة للميت. فكذلك المولى فيما بينه وبين عبده. ولو كان البائع وهب الثمن وهو ألف درهم للعبد أو لمولاه قبل أن يقبضه، ثم إن العبد وجد بالجارية التي اشترى عيباً فأراد ردها، فليس له ذلك؛ لأنه إن ردها ردها بغير شيء، فليس له أن يرد ¬

_ (¬1) ز: باطلة. (¬2) ز - كله. (¬3) م: وقتله. (¬4) ز: باطل. (¬5) ف: ألا ترى أن رجلاً لو مات. (¬6) ز: دين.

جارية (¬1) بغير شيء؛ لأن هذا الرد بمنزلة الهبة. ولو كان البائع قبض الثمن وهو ألف درهم من العبد ثم وهبه للعبد أو لمولاه بعد القبض، وعلى العبد دين أو لا دين عليه فهبته جائزة. فإن كان وهب ذلك (¬2) للعبد فالهبة للغرماء. وإن كان وهب ذلك للسيد (¬3) فالهبة للسيد لا حق للغرماء فيها. فإن وجد العبد بالجارية عيباً فأراد ردها على البائع فله ذلك، ويرجع على البائع بالثمن وهو ألف درهم فيأخذه منه. ولا يشبه هبة الثمن بعد قبضه هبته قبل قبضه؛ لأنه إذا وهبه قبل قبضه فلم يأخذ شيئاً يضمنه. وإذا وهبه بعد قبضه فهو ضامن له حتى يرده. وهبته للعبد (¬4) وللمولى بعد قبضه بمنزلة هبته لرجل أجنبي. وكذلك لو كان الثمن دنانير أو حنطة أو شعيراً أو شيئاً (¬5) مما يكال أو يوزن إلا أنه بغير عينه فهو بمنزلة الدراهم في جميع ما وصفت لك قبل القبض وبعده. وإذا باع العبد المأذون له في التجارة رجلاً جارية مما في يديه بغلام فالبيع جائز. فإن وهب العبد الغلام للمشتري قبل أن يقبضه العبد المأذون له فقبله المشتري فهبة العبد المأذون له جائزة، وهذا نقض للبيع، وقد رجعت الجارية إلى العبد المأذون له، وهذا بمنزلة إقالة البيع. فإن لم يقبل المشتري الهبة فهبة العبد باطل، والبيع على حاله. فإن كان المشتري هو الذي وهب الجارية قبل أن يقبضها للعبد (¬6) أو لمولاه فقبلها الموهوبة له، فإن كان لا دين على العبد فالهبة جائزة، وهذا نقض للبيع بمنزلة الإقالة. فإن كان على العبد دين وكانت (¬7) الهبة للمولى فقبلها وقبض الجارية فالهبة جائزة، ولا يكون هذا نقضاً للبيع، ويرجع العبد فيأخذ الغلام الذي اشترى من المشتري. ولو كان المشتري لم يهب شيئاً من ذلك حتى قبض الجارية وقبض العبد المأذون له الغلام، ثم إن العبد وهب الغلام للمشتري فقبل ذلك المشتري، فهبته باطل. ولو كان المشتري هو الذي وهب الجارية للعبد ¬

_ (¬1) ف: رية. (¬2) ز - ذلك. (¬3) م ف: السيد. (¬4) م: العبد. (¬5) ز: أو شعير أو شيء. (¬6) ف: العبد. (¬7) ز: فكانت.

المأذون له أو لمولاه كانت هبته جائزة. فإن وجد العبد المأذون له بالجارية عيباً فأراد ردها ولا دين على العبد المأذون له فليس له أن يردها بالعيب؛ لأنه إن ردها بالعيب ردها بغير شيء، فيكون هذا بمنزلة الهبة، ولا يجوز للعبد الهبة. وإن كان على العبد المأذون له دين وكان المشتري وهب الجارية للعبد فكذلك أيضاً. وإن كان (¬1) وهب الجارية لمولى العبد، ثم وجد العبد المأذون له بالغلام عيباً فأراد رده، فله ذلك، ويرده على المشتري، ويضمنه قيمة الجارية يوم قبضها. وكذلك لو كان مكان الجارية عِدْل زُطِّي (¬2) أو جِراب هَرَوي (¬3) أو شيء مما يكال أو يوزن بعد أن يكون بعينه وليس بدين. فلا يشبه العين في هذا الدين في جميع ما وصفت لك. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فباع العبد المأذون له رجلاً جارية مما في يديه بغلام فتقابضا، ثم إن الجارية حدث بها عيب عند المشتري من غير فعل أحد أو من فعل المشتري أو من فعل رجل أجنبي، أو كانت ولدت ولداً أو وطئها المشتري وهي ثيب أو بكر أو وطئها رجل أجنبي، ثم إن المشتري وهب الجارية بعد ذلك للعبد أو لمولاه، وعلى العبد دين أو لا دين عليه، وقبضها الموهوب له، ثم إن العبد المأذون له وجد بالغلام عيباً فأراد رده (¬4) فله أن يرده، ويضمن المشتري قيمة الجارية في جميع ما وصفت لك. ولا يشبه هذا الوجه الأول؛ لأن هذا لو كان لم يهب له الجارية حتى وجد العبد المأذون له بالغلام عيباً كان له أن يأخذ قيمة الجارية، ويسلم الجارية للمشتري. فإذا كان (¬5) المشتري قد وهبها للعبد أو لمولاه أو لأجنبي، فللعبد أن يضمن المشتري قيمة الجارية كما كان له أن يضمنه قيمتها وهي في يده لم يهبها لأحد. ¬

_ (¬1) ف - كان. (¬2) العِدل: وعاء يوضع إلى جنب الدابة، والزطي: نوع من الثياب. وقد تقدم. (¬3) الهروي نوع من الثياب، والجراب وعاء. وقد تقدم. (¬4) ف - فأراد رده. (¬5) ف: فإن كان.

باب الإقالة في البيع بين العبد المأذون له وبين البائع

وإذا اشترى العبد المأذون له جارية من رجل بغلام مما في يده قيمتها ألف درهم وبألف درهم فتقابضا، ثم إن البائع وهب الألف التي قبض والغلام من العبد المأذون له في التجارة وقبضها العبد، ثم إن العبد المأذون له في التجارة أراد رد الجارية بعيب وجده فيها فليس له أن يردها بالعيب؛ لأن حصة الغلام من الجارية يردها (¬1) بغير شيء فليس له أن يردها بغير شيء. وليس له أن يرد النصف الآخر؛ لأن في ذلك ضرراً (¬2) على البائع. يقول البائع: إن رد علي الجارية كلها فليس له أن يرد علي (¬3) بعضها دون بعض. وكذلك لو كانت الهبة للمولى ولا دين على العبد. ولو كان على العبد دين والهبة للمولى كان للعبد أن يرد الجارية على البائع، ويأخذ منه ألف درهم وقيمة الغلام وهي ألف درهم. فإن رد القاضي البيع وضمن البائع ألف درهم وقيمة الغلام، ثم إن الغرماء أبرؤوا العبد المأذون له في التجارة من الدين أو وهبوا الدين للمولى أو لعبده، فذلك جائز، والرد بالعيب نافذ، والمال الذي ضمن البائع للمولى لا يرد على البائع منه قليل ولا كثير؛ لأن الرد كان جائزاً، فلما قضى به القاضي وأنفذه صار نافذاً لا يرد أبداً. وكذلك لو كان الغريم الذي له الدين على العبد مات والمولى وارثه وبطل الدين عن العبد كان بهذه المنزلة؛ لأن الدين إنما بطل بشيء حدث بعد نقض القاضي للبيع، ولا يبطل نقض القاضي وضمانه وما حدث بعد ذلك. ... باب الإقالة في البيع بين العبد المأذون له وبين البائع وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فاشترى جارية أو شيئاً أو باعه، ثم أقال فيه البيع وعليه دين أو لا دين عليه، فالإقالة جائزة. وإن كانت إقالته بعدما زادت السلعة في يده فذلك جائز. وإن كان الثمن أقل من قيمة الجارية ¬

_ (¬1) ز - بعيب وجده فيها فليس له أن يردها بالعيب لأن حصة الغلام من الجارية يردها. (¬2) م: ضرورا. (¬3) م ف ز: عليه.

بما يتغابن الناس في مثله فذلك جائز (¬1) في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإن كان الثمن أقل من قيمة الجارية التي اشترى بما لا يتغابن الناس في مثله فذلك جائز في قول أبي حنيفة. ولا يجوز في قول أبي يوسف ومحمد؛ لأن هذا بمنزلة البيع. وليس للعبد المأذون له في التجارة أن يبيع شيئاً مما في يديه (¬2) بأقل من قيمته بما لا يتغابن الناس فيه. وأما في قول أبي حنيفة فذلك جائز. وإذا باع العبد المأذون له في التجارة من العبد المأذون له في التجارة شيئاً، ثم استقاله فأقاله، فذلك جائز. وكذلك (¬3) لو كان المشتري مكاتباً أو صبياً صغيراً حراً قد أذن له أبوه أو وصيه في التجارة. وكذلك لو كان المشتري معتوهاً أو صبياً صغيراً حراً قد أذن له أبوه في التجارة أو وصيه في التجارة. وإذا باع العبد المأذون له في التجارة عبداً، ثم إن مولاه حجر عليه فأقال البيع بعد الحجر، فإقالته باطل؛ لأنه لا يجوز بيعه ولا شراؤه في هذا الحال، فكذلك إقالته. وكذلك العبد المحجور عليه يأمره مولاه أن يبيع له شيئاً، ثم يقيل العبد المشتري البيع، فإقالته باطل. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فباع عبداً واشترى جارية، ثم إن المولى أقال البائع أو المشتري (¬4) البيع، فإن كان العبد المأذون له لا دين عليه فجميع ما صنع المولى من ذلك على عبده جائز. وإن كان العبد عليه دين فجميع ما صنع المولى من ذلك باطل (¬5) إلا أن يقضي المولى الدين أو يبرئ العبد الغرماء من دينهم قبل أن يفسخ القاضي الإقالة. فإن كان كذلك فالإقالة جائزة. وإن فسخ القاضي الإقالة (¬6) قبل أن يبرئ الغرماء العبد، ثم ¬

_ (¬1) م + وإن كان الثمن أقل من قيمة الجارية بما لا يتغابن الناس في مثله فذلك جائز؛ ز + وإن كان الثمن أقل من قيمة الجارية بما يتغابن الناس في مثله فذلك جائز. (¬2) ز: في يده. (¬3) م - كذلك، صح هـ. (¬4) ز: والمشتري. (¬5) ز: باطلاً. (¬6) ز - فإن كان كذلك فالإقالة جائزة وإن فسخ القاضي الإقالة.

أبرأ الغرماء العبد من الدين، فالفسخ جائز ولا تجوز الإقالة. ولو كان العبد باع أو اشترى ولا دين عليه، ثم لحقه دين بعد ذلك، ثم أقال المولى المشتري أو البائع الشراء، فإن ذلك باطل. ولو كان العبد يوم باع أو اشترى (¬1) عليه دين وأقال (¬2) المولى الشراء ولا دين على العبد فالإقالة (¬3) جائزة، وإنما ينظر في هذا إلى حال الإقالة. فإن كان على العبد دين بطلت إقالة المولى. وإن كان لا دين عليه جازت إقالة المولى عليه. وإذا باع العبد المأذون له في التجارة من رجل جارية بألف درهم، فدفع الجارية إلى المشتري وقبض الألف، فماتت (¬4) الجارية والألف قائمة بعينها، ثم إن العبد أقال المشتري البيع، فالإقالة غير جائزة. ولو كانت الألف هي التي هلكت في يدي العبد والجارية على حالها في يدي المشتري، ثم إن العبد أقال المشتري البيع (¬5)، فالإقالة جائزة، ويرد المشتري الجارية على العبد، ويأخذ منه ألف درهم. وكذلك لو كان مكان الألف مائة دينار أو عشرة أكرار (¬6) حنطة أو شعير أو شيء مما يكال أو يوزن، بعد أن يكون الشراء وقع عليه بغير عينه، فهو بمنزلة الألف درهم فيما وصفت لك. ولو كان مكان الألف الدراهم عبد (¬7) أو كُرّ حنطة بعينه أو كر (¬8) شعير بعينه أو ثوب بعينه أو عرض (¬9) من العروض بعينه، فقبض العبد ما اشترى وقبض المشتري الجارية، فماتت الجارية وبقي الذي (¬10) قبض العبد، ثم إن العبد أقال المشتري البيع، فإقالته جائزة، وعلى المشتري قيمة الجارية، ويأخذ من العبد ما دفع إليه. وكذلك الجارية (¬11) لو كانت الجارية ¬

_ (¬1) ز + ولا دين عليه ثم لحقه دين بعد ذلك ثم أقال المولى المشتري أو البائع الشراء فإن ذلك باطل ولو كان العبد يوم باع أو اشترى. (¬2) ف: أو أقال. (¬3) م ف ز: والإقالة. (¬4) ز: فمات. (¬5) ف: البائع. (¬6) جمع كُرّ: وهو مكيال قدره أربعون قفيزاً، وقيل فيه غير هذا. وقد تقدم. (¬7) ز: عبدا. (¬8) ف - كر. (¬9) ز: أو عرضا. (¬10) م ف: الدين. (¬11) ز - الجارية.

لم تهلك، ولكن هلك ما قبض العبد، ثم تقايلا البيع بعد ذلك، فالإقالة جائزة، ويأخذ العبد الجارية، ويرد قيمة ما قبض إن كان قبض عرضاً أو ثوباً أو عبداً. وإن كان قبض شيئاً مما يكال أو يوزن رد مثله، فإن كان لم يتقايلا البيع حتى هلك الذي قبض العبد، وهلكت الجارية في يدي المشتري، ثم تقايلا البيع، فالإقالة باطل لا تجوز، لأنه لم يبق مما وقع عليه الشراء شيء تجوز عليه الإقالة. ولو أن العبد أقال المشتري البيع ولم يهلك واحد منهما، ثم هلك أحدهما بعد (¬1) الإقالة في يدي الذي قبضه قبل أن يقبضه المستقيل، فإن الإقالة لا تبطل بهلاكه، ولكن الآخر يدفع ما في يده، ويأخذ من الآخر من قيمة ما هلك في يده. ولو هلكا جميعاً بعد الإقالة انتقضت الإقالة. ولو كان الثمن دراهم أو دنانير أو شيئاً (¬2) مما يكال أو يوزن بغير عينه، فقبض المشتري الجارية ودفع الثمن إلى العبد، فلم يهلك (¬3) واحد منهما حتى تقايلا البيع، فالإقالة جائزة، ويجبر المشتري على دفع الجارية إلى العبد، والعبد بالخيار. إن شاء دفع ما قبض من المشتري بعينه. وإن شاء دفع غيره مثله. فإن لم يتقابضا بعد الإقالة حتى هلك الثمن الذي قبضه العبد، فإن الإقالة على حالها، وعلى العبد مثل ذلك الثمن الذي هلك في يده. وإن كان الذي هلك منه الجارية (¬4) والثمن على حاله في يدي المشتري كانت الإقالة منتقضة. وإذا باع العبد المأذون له في التجارة جارية بألف درهم، فقبضها المشتري ونقد العبد الثمن، ثم إن الجارية قطع المشتري يدها أو وطئها أو ذهبت عينها من غير فعل أحد، ثم إن المشتري أقال العبد البيع ولا يعلم العبد بذلك، ثم علم بعد الإقالة بذلك فالعبد بالخيار. إن شاء أخذ الجارية بعينها لا شيء له غير ذلك. وإن شاء ردها. وإن كان يعلم بالعيب فلا خيار له. فإن كان الذي قطع يدها أجنبيًا وكان الذي وطئها أجنبيًا فوجب عليه العقر والأرش، ثم إن العبد أقال البيع وهو يعلم بذلك أو لا يعلم بذلك، ¬

_ (¬1) ز: بغير. (¬2) ز: أو شيء. (¬3) ز: تهلك. (¬4) م ف ز: هلك الجارية منه.

فالإقالة باطل في قياس قول أبي حنيفة، وأما في قول أبي يوسف ومحمد فالإقالة جائزة، وهو بمنزلة البيع المستقبل. وإذا اشترى (¬1) العبد المأذون له في التجارة جارية من رجل وقبض الجارية ولم يدفع الثمن حتى وهب البائع الثمن للعبد، ثم إن العبد أقال البائع البيع، فإقالته باطل في قياس قول أبي حنيفة ومحمد؛ لأنه إن رد العبد رده بغير شيء. وأما في قول أبي يوسف فالإقالة جائزة، وهو بمنزلة البيع المستقبل، ويأخذ العبد المشتري من البائع ألف درهم، ويدفع إليه الجارية. وكذلك لو كان أقاله البيع بمائة دينار أو بجارية أخرى أو بألفي درهم كانت الإقالة في قياس قول أبي حنيفة باطلاً (¬2) لا تجوز؛ لأنها على الثمن. وأما في قياس قول أبي يوسف ومحمد فهي جائزة بما سمي في الإقالة من الثمن، وهو بمنزلة البيع المستقبل. ولو كان العبد المأذون له لم يقبض الجارية التي اشترى حتى وهب له البائع ثمنها، ثم إن العبد أقال البائع في الجارية، فإقالته باطل في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك لو أقاله الجارية بمائة دينار أو بألفي درهم وكانت الإقالة باطلاً (¬3) وكانت الجارية للعبد على حالها؛ لأن الجارية إن لم تقبض لم يستقم (¬4) أن تكون الإقالة بيعاً مستقبلاً؛ لأن بيع ما لم يقبض فاسد. ولو لم يكن العبد أقال البائع البيع حتى رأى بالجارية عيباً قبل أن يقبضها فلم يرضها، أو لم يكن رآها فلما رآها لم يرضها ونقض البيع فيما بينه وبين البائع، وقد كان البائع وهب له الثمن، فإن الجارية للعبد المأذون له، ونقضه البيع فيها ورده باطل لا يجوز؛ ألا ترى أنها قد وجبت له وأنه يردها بغير شيء فليس له ردها. فإن كان العبد حين اشتراها اشترط الخيار ثلاثة أيام، ثم إن البائع وهب له الثمن، ثم إن العبد رد الجارية بالخيار فإن رده جائز في قياس قول أبي حنيفة؛ لأن الجارية لم تجب للعبد بعد. ألا ¬

_ (¬1) ز: اشتر. (¬2) ز: باطل. (¬3) ز: باطل. (¬4) ف: إذا لم تقبض لا يستقيم؛ ز: إذا لم يقبض لم يستقيم.

ترى أن الجارية لو كانت امرأة العبد وكان العبد حراً لم يفسد النكاح حتى يستوجب. وأما في قياس قول أبي يوسف ومحمد فالبيع جائز على العبد. وليس له أن يرد الجارية، لأنها قد وهبت (¬1) له، وهو يريد أن يردها بغير شيء فليس ذلك له (¬2)، لأن هذا بمنزلة الهبة. وكذلك المكاتب في جميع ما وصفنا (¬3) من هذا. وإذا باع العبد المأذون له في التجارة جارية من رجل بألف درهم فتقابضا، ثم تقايلا فلم يقبض العبد الجارية حتى قطع رجل يدها أو فقأ عينها أو وطئها فنقصها الوطء، فإن العبد بالخيار. إن شاء أخذها واتبع الجاني والواطئ بجنايته وعقره. وإن شاء نقض الإقالة وكان (¬4) العقر والجناية للمشتري. ولو كان مكان الألف جارية أو عرض من العروض كان العبد بالخيار. إن شاء أخذ الجارية واتبع الواطئ والفاقئ (¬5) بالجناية والعقر. وإن شاء أخذ من المشتري قيمة الجارية يوم قبضها منه وسلم الجارية وعقرها وأرشها للمشتري. وكذلك لو كان الجاني قتلها كان العبد بالخيار. إن شاء اتبع الجاني بقيمتها على عاقلته في ثلاث سنين. وإن شاء اتبع المشتري بقيمتها حالة ورجع المشتري على الجاني بقيمتها على عاقلته في ثلاث سنين. ولو كانت الجارية ماتت بعد الإقالة كان للعبد أن يرجع على المشتري فيأخذ منه قيمتها. ولو كان حدث بها عيب من فعل المشتري بعد الإقالة كان العبد بالخيار. إن شاء أخذ الجارية واتبع المشتري بنقصان العيب الذي أحدث. وإن شاء ضمنه قيمتها يوم قبضها منه وسلم له الجارية. ولو كان العيب الذي أحدثه فيها المشتري قبل الإقالة، ثم أقاله البيع ولا يعلم العبد بالعيب، ثم علم بعد ذلك فالعبد بالخيار. إن شاء أخذ الجارية ¬

_ (¬1) م ف: قد وجب؛ ز: قد وجبت. (¬2) ف: فليس له ذلك. (¬3) م: ما وصفت. (¬4) ز: أو كان. (¬5) ز + بجنايته وعقره وإن شاء نقض الإقالة وكان العقر والجناية للمشتري ولو كان مكان الألف جارية أو عرض من العروض كان العبد بالخيار إن شاء أخذ الجارية واتبع الواطئ والفاقئ.

بعيبها (¬1) ولا شيء له غير ذلك. وإن شاء أخذ قيمتها يوم قبضها منه المشتري. وكذلك لو كان العيب حدث بالجارية قبل الإقالة من غير فعل أحد. ولو كان العيب أحدثه فيها رجل (¬2) أجنبي قبل الإقالة فوجب في ذلك أرش، ثم أقال العبد البيع فالإقالة جائزة، ولا سبيل للعبد على الجارية ولا على أرشها، ولكنه يرجع على المشتري بقيمة الجارية يوم قبضها. وإذا باع العبد من رجل إبريق فضة فيه مائة درهم بعشرة دنانير وتقابضا، ثم التقيا فتقايلا البيع، ثم افترقا قبل القبض، فإن (¬3) الإقالة منتقضة، ولا سبيل لواحد منهما على صاحبه في ذلك؛ لأنهما لم يتقابضا (¬4) حتى افترقا. وكذلك لو كان الذي اشترى الإبريق وجد به عيباً دلسه له العبد، فرده على العبد بذلك العيب بغير قضاء قاض (¬5) وقبله العبد، ثم افترقا قبل أن يتقابضا، فإن الرد باطل، والبيع الأول على حاله، وللمشتري أن يرد عليه الإبريق بذلك العيب، ولا يكون ما صنعا من ذلك رضى من المشتري بالعيب. ولو كانا تخاصما إلى القاضي في ذلك العيب فرده القاضي على العبد بذلك العيب (¬6) ببينة قامت على العيب (¬7) أو بإباء يمين أو بإقرار من العبد، فلم يقبض العبد الإبريق من المشتري ولم يدفع إليه الثمن حتى افترقا، فمن الرد ماض (¬8) نافذ لا ينقضه افتراقهما. ولا يشبه قضاء القاضي في هذا ردهما بالعيب (¬9) بغير قضاء قاض ولا إقالتهما، لأن ردهما بغير قضاء قاض (¬10) وإقالتهما بمنزلة البيع المستقبل. وأما نقض القاضي فليس بمنزلة البيع المستقبل. ألا ترى أن العبد له أن يرد الإبريق على من كان اشتراه منه إذا كان القاضي هو الذي رده عليه بذلك العيب. وإن كان قبله بذلك العيب ¬

_ (¬1) م ف ز: بعينها. (¬2) ز - رجل. (¬3) ز - القبض فإن. (¬4) ز: لم يقابضا. (¬5) ز: قاضي. (¬6) ز - العيب. (¬7) ف: على العبد. (¬8) ز: ماضي. (¬9) ز - بالعيب. (¬10) ز - ولا إقالتهما لأن ردهما بغير قضاء قاض.

بغير قضاء قاض (¬1) لم يكن له أن يرده على من اشتراه منه بذلك العيب ولا غيره. فلذلك اختلفا. وإذا باع العبد المأذون له جارية من رجل بجارية وتقابضا، ثم تقايلا فلم يتقابضا بعدما تقايلا حتى ولدت كل واحدة من الجاريتين ولداً يساوي ألفاً، والجاريتان كل واحدة منهما تساوي ألفين (¬2)، فإن للعبد أن يأخذ الجارية وولدها، وللمشتري أن يأخذ الجارية وولدها. فإن لم يأخذهما (¬3) حتى ماتت الأمان وبقي الولدان فأراد أخذ الولدين، فإن كل واحد منهما يأخذ الولد الذي في يد صاحبه، ويأخذ منه مع الولد نصف قيمة أمه، فيصير في يد (¬4) كل واحد منهما الولد الذي ولد في يد صاحبه ونصف قيمة أم ذلك الولد. ولو كان الولدان قيمة كل واحد منهما خمسمائة والمسألة على حالها كان لكل واحد منهما أن يأخذ الولد الذي في يد صاحبه، ويرجع على صاحبه بثلث قيمة الأم التي هلكت في يده. ولو لم تهلك واحدة من الأمتين، ولكنه هلك الولدان والمسألة على حالها، أخذ (¬5) كل (¬6) واحد منهما الجارية التي في يد صاحبه، ولم يتبع كل واحد منهما صاحبه بشيء من قيمة الولدين (¬7). ولو هلكت الأمتان جميعاً وأحد الولدين والمسألة على حالها، فإن الذي في يده الولد الحي يدفعه إلى صاحبه، ويأخذ منه ثلث قيمة الأم التي هلكت في يدي الآخر، لأن الولد الحي كان ثمنه ثلث قيمة الأم وثلث قيمة ولدها. فلما هلكا ضمن الذي هلكا في يده ثلث قيمة الأم (¬8) من ذلك، ولا يضمن من قيمة الولد شيئاً؛ لأنه زيادة. ... ¬

_ (¬1) ز - ولا إقالتهما لأن ردهما بغير قضاء قاض. (¬2) ز: ألفا. (¬3) ز: لم يأخذوهما. (¬4) ف - يد. (¬5) م - أخذ. (¬6) ز: كان لكل. (¬7) ز - الولدين. (¬8) ز - وثلث قيمة ولدها فلما هلكا ضمن الذي هلكا في يده ثلث قيمة الأم؛ صح هـ.

باب تأخير العبد المأذون له في التجارة

باب تأخير العبد المأذون له في التجارة وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فوجب له دين على رجل حر أو عبد أو مكاتب من ثمن بيع أو غصب أو غير ذلك، فأخره (¬1) العبد المأذون له عنه سنة، فتأخيره جائز؛ لأن هذا من فعل التجارة. ولو كان صالحه على أن أخر ثلثاً سنة وقبض ثلثاً وحط ثلثاً كان التأخير جائزاً والحط باطلاً (¬2)، وكان له أن يأخذ (¬3) الثلث الذي حط حالاً. ولا يشبه الحط التأخير؛ لأن الحط هبة والتأخير صلح. ألا ترى (¬4) أنه إذا أخره (¬5) لم يبطل من ماله قليل ولا كثير. ولو كان المال الذي وجب له قرضًا أقرضه فأخره عن صاحبه سنة كان له أن يرجع به عليه حالاً، وهو في ذلك بمنزلة الحر. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فوجب له ولرجل آخر على رجل ألف درهم هما فيه شريكان، فأخر العبد نصيبه سنة وقد كان المال حالاً، فإن التأخير في هذا باطل في قول أبي حنيفة، والمال حال (¬6) على حاله. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فالتأخير جائز، وما أخذ الذي لم يؤخر قبل أن يحل الأجل فهو له خاصة لا (¬7) يشاركه فيه العبد. وإن حل الأجل وقد استوفى الذي لم يؤخر حقه كان العبد بالخيار. إن شاء أخذ من شريكه نصف ما أخذ. وإن شاء أخذ حقه (¬8) من الغريم. فإن أخذ نصف ما أخذ شريكه رجعا جميعاً على الغريم فأخذاه نصفين. ولو كان الذي اقتضى قبل حل الأجل هو العبد الذي أخر دينه كان لشريكه أن يأخذ منه نصف ما أخذ من قليل أو كثير. ولو كان دينهما في الأصل كان كله إلى سنة فأخذ أحدهما شيئاً قبل حل الأجل دخل معه صاحبه فأخذ منه نصف ما أخذ. ولو ¬

_ (¬1) ز: فأجره. (¬2) ز: باطل. (¬3) ز - أن يأخذ. (¬4) ز: تر. (¬5) ز: إذا أجره. (¬6) م - حال. (¬7) ز: ولا. (¬8) ف - كان العبد بالخيار إن شاء أخذ من شريكه نصف ما أخذ وإن شاء أخذ حقه.

كان المال كله لهما على الغريم إلى سنة فأخره العبد (¬1) سنة أخرى كان تأخيره جائزاً في قول أبي يوسف ومحمد. فإن أخذ شريك العبد نصيبه في السنة الأولى (¬2) أو في السنة الثانية بعد حل الأجل الأول لم يكن للعبد أن يرجع فيما أخذ شريكه من ذلك بقليل (¬3) ولا كثير حتى يحل دينه. فإذا حل دينه أخذ من شريكه نصف ما أخذ. وإن شاء اتبع الغريم بجميع دينه. وهذا كله قياس قول أبي يوسف ومحمد. وأما في قول أبي حنيفة (¬4) فتأخير العبد السنة الثانية باطل، وما أخذ (¬5) شريكه قبل حل الأجل أو بعد حله فللعبد أن يأخذ من شريكه نصفه. وإذا وجب للعبد ولشريك له على رجل ألف درهم حالة من متاع باعاه إياه فأخره العبد بنصيبه سنة، ثم إن الشريك قبض (¬6) حصته من الغريم، فلا سبيل للعبد (¬7) على ما قبض الشريك في قول أبي يوسف ومحمد. فإن أبطل الغريم الأجل الذي أجله العبد وتراضيا العبد والغريم على إبطاله قبل أن يحل الأجل فالأجل باطل، ولا سبيل للعبد على ما قبض الشريك حتى يحل الأجل الذي كان أجله العبد. فإذا حل كان للعبد أن يأخذ نصف ما قبض الشريك، ولا يجوز نقضهما الأجل على الشريك بعد قبضه حقه. ألا ترى أنه قد قبض حقه. ولا سبيل للعبد عليه حتى يحل الأجل. فإذا انقضى الأجل لم يكن ذلك بجائز على الشريك فيما قبض. ولو كان لم ينقضا الأجل (¬8)، ولكن الغريم مات قبل حل الأجل، وقد كان الشريك قبض منه حقه، فإن للعبد أن يأخذ من الشريك نصف ما أخذ قبل أن يحل الأجل، ولا يلتفت في هذا إلى الأجل. ولا يشبه هذا نقضهما الأجل فيما بينهما. ألا ترى أن هذا لا ينتقض (¬9) فيه الأجل بغير فعلهما، فصار ذلك بمنزلة حل الأجل. ولو أن الغريم لم يمت ولكنهما ¬

_ (¬1) ز - العبد. (¬2) ز - الأولى. (¬3) ز: قليل. (¬4) ز: أبي يوسف. (¬5) ز: أخذه. (¬6) ز: اقتض. (¬7) ف - بنصيبه سنة ثم إن الشريك قبض حصته من الغريم فلا سبيل للعبد. (¬8) ز - الأجل. (¬9) ف ز: لا ينقض.

تناقضا الأجل قبل أن يقبض الشريك شيئاً من حقه ثم قبض من الغريم حقه بعد ذلك كان للعبد أن يأخذ من شريكه نصف ما قبض؛ لأن الأجل انتقض وعاد الأمر على حاله الأول قبل أن يقبض الشريك شيئاً من المال. ولو كان المال كله حالاً فقبض شريك العبد حقه من الغريم، ثم إن العبد أخر الغريم بحقه وهو يعلم بقبض الشريك أو لا يعلم، فإن تأخيره في قياس قول (¬1) أبي يوسف (¬2) ومحمد جائز (¬3)، ولا سبيل للعبد على ما أخذ شريكه حتى يحل الأجل (¬4)، [فإذا حل الأجل] (¬5) أخذ منه نصف ما أخذ. وكذلك لو كان مالهما إلى سنة فقبض الشريك حقه حالاً قبل مجيء السنة، ثم إن العبد أخر الغريم بحقه سنة أخرى، وهو يعلم بقبض الشريك أو لا يعلم، كان تأخيره جائزاً (¬6) في قول أبي يوسف ومحمد، ولا سبيل له على ما قبض شريكه حتى تحل السنتان جميعاً. فإذا حلت (¬7) السنتان (¬8) كان للعبد أن يرجع عل شريكه فيأخذ منه نصف ما أخذ، ثم يتبعان الغريم بما بقي لهما، فيأخذانه نصفين. ولو كان مالهما حالاً فأخذ شريك العبد حقه فسلمه له العبد كان له جائزاً (¬9) في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وليس للعبد أن يرجع عليه بشيء (¬10) مما قبض حتى يَتْوَى ما على الغريم. فإذا تَوَى ما على الغريم رجع العبد فأخذ من شريكه نصف ما أخذ من الغريم. والحر في ذلك والعبد سواء. وإذا وجب للعبد المأذون له ولشريك له ألف درهم على رجل إلى سنة، فاشترى العبد من الغريم جارية بحصته من الدين، فالشراء جائز، ولشريك العبد أن يرجع على العبد بنصف حصته، وليس له على الجارية سبيل. فإن رجع الشريك على العبد فأخذ منه نصف حصته، ثم إن العبد وجد بالجارية عيبا فردها على البائع بقضاء قاض، فإن المال يعود على حاله ¬

_ (¬1) ف + أبي حنيفة. (¬2) ف: وأبي يوسف (¬3) ز: جائز. (¬4) ز: الاخل. (¬5) الزيادة مستفادة من الكافي، 3/ 104 و. (¬6) ز: جائز. (¬7) ز: خلت. (¬8) ف: السببان. (¬9) ز: جائز. (¬10) م: أن يرجع بشيء عليه.

على الغريم إلى الأجل، ويرجع العبد فيأخذ من شريكه ما قبض منه. ولو كان العبد رد الجارية على البائع بالعيب بغير قضاء قاض (¬1) أو بإقالة من العبد كان ذلك جائزاً، ولم يكن له على الشريك سبيل فيما قبض منه؛ لأن إقالته ورده بالعيب بغير قضاء قاض (¬2) لا تجوز (¬3) على شريكه؛ لأنه شيء فعله هو وصاحبه، فلا يجوز ذلك على شريكه. ويكون للعبد ولشريكه على الغريم خمسمائة درهم إلى أجلها. ويكون للعبد على الغريم خمسمائة درهم حالة يأخذه بها؛ لأنه إذا أقاله البيع أو رده عليه بغير قضاء قاض فهو بمنزلة البيع المستقبل. فالثمن الذي كان اشترى به العبد الجارية حال؛ لأنه بمنزلة البيع المستقبل إلا أن يكون حين أقاله البيع أو رده عليه بعيب بغير قضاء قاض اشترط البائع أن الثمن عليه إلى أجله. فإن كان اشترط ذلك عليه فهو إلى أجله كما اشترط. ألا ترى أن رجلاً لو كان له دين على رجل ألف درهم إلى أجل فاشترى بها منه عبداً فقبضه المشتري، ثم وجد به عيباً فرده عليه بقضاء قاض، أن المال يعود على حاله إلى الأجل؛ لأن القاضي حين نقض البيع عاد المال على الأصل الذي كان عليه. ولو كان المشتري رده على البائع بعيب بغير قضاء قاض كان هذا بمنزلة الإقالة، وكان للمشتري أن (¬4) يأخذ البائع بالثمن حالاً، إلا أن يكون البائع اشترط على المشتري حين رده عليه بالعيب أو أقاله أن يكون الثمن إلى أجله. ألا ترى لو أن رجلاً ولى رجلاً عبداً اشتراه بألف درهم نسيئة سنة فولاه إياه بما اشترى ولم يسم أجلاً ولا غيره، أن التولية تكون بألف درهم حالة إن كان المشتري علم أنه (¬5) قد اشتراه بألف درهم نسيئة. وإن كان لا يعلم أنه اشتراه بألف نسيئة سنة كانت التولية بألف حالة، وكان المشتري بالخيار إن لم يكن علم. إن شاء رد البيع. وإن شاء أمضاه بألف درهم حالة. وكذلك الباب الأول في الإقالة إذا أقاله، فالمال حال، ولا خيار له في ذلك إلا أن يكون اشترط أن المال إلى أجله، فيكون إلى أجله بما (¬6) اشترط. ¬

_ (¬1) ز: قاضي. (¬2) ز: قاضي. (¬3) ز: لا يجوز. (¬4) م ز - أن. (¬5) م ز: أن. (¬6) م ز: ثم.

باب وكالة العبد المأذون له في التجارة بالبيع ووكالة الحر إياه

وإذا وجب للعبد المأذون له ولشريك له على رجل ألف درهم نسيئة سنة فاشترى بها العبد كلها من الغريم جارية وقبض الجارية، فإن لشريكه أن يرجع عليه فيأخذ منه نصف الألف؛ لأنه كان (¬1) قبضها حين اشتراها (¬2) ولا سبيل للشريك على الجارية. فإن أخذ الشريك منه خمسمائة، ثم إن العبد وجد بالجارية عيباً فردها بقضاء قاض على البائع، أخذ العبد من شريكه ما أخذ منه، ورجعا جميعاً بدينهما على الغريم إلى أجله. فشراء العبد الجارية من الغريم بجميع دينهما (¬3) بمنزلة شرائه الجارية بحصته على نحو ما وصفت لك، إلا أن شريكه يرجع عليه إذا اشترى بحصته مائتين (¬4) وخمسين. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. ... باب وكالة العبد المأذون له في التجارة بالبيع ووكالة الحر إياه وقال أبو يوسف ومحمد: إذا أذن الرجل لعبده في التجارة فأمره رجل أن يشتري جارية أو عبداً (¬5) أو متاعاً أوطعاماً أو غير ذلك بألف درهم نقدًا، ولم يدفع إليه الدراهم أو دفعها إليه، فاشترى له العبد ما أمره به، فالشراء جائز وإن كان العبد يلحقه من ذلك ضمان الثمن وتكون عليه العهدة. ولا يشبه هذا في قول أبي يوسف ومحمد الكفالة. وقال أبو يوسف ومحمد: ضمان الثمن والكفالة من العبد في القياس سواء، وينبغي أن لا يجوز واحد منهما إلا أن يأذن له المولى في ذلك، ولا دين على العبد. ولكنا نستحسن (¬6) في الشراء؛ فنجيزه إذا كان الآمر أمره أن يشتري له بالنقد، ونبطل الكفالة ونأخذ (¬7) في ذلك بالقياس. ¬

_ (¬1) ز: كأنه. (¬2) م: اشترى بها. (¬3) م + على الغريم إلى أجله فشراء العبد الجارية من الغريم بجميع دينهما. (¬4) ز: مائتي. (¬5) ز - أو عبدا. (¬6) م ف ز: ولكني أستحسن. (¬7) ز: ويأخذ.

وقال أبو يوسف ومحمد: لو كان الآمر أمر العبد أن يشتري له عبداً أو جارية أوطعاماً بألف درهم نسيئة سنة فاشترى العبد ذلك كما أمره الموكل، كان جميع ما اشترى العبد من ذلك للعبد، ولا شيء للآمر في ذلك. وقالوا: لا تشبه (¬1) النسيئة في هذا النقد، نستحسن في النقد، وندع (¬2) القياس؛ لأن العبد له أن يأخذ الثمن من الآمر قبل أن يعطيه العبد. فيكون العبد الذي اشتراه المأذون له في يدي العبد المأذون له حتى يدفع إليه الآمر الثمن. فهذا بمنزلة العرض يكون في يديه بالثمن. وإذا اشتراه له بنسيئة كان للآمر أن يأخذ ما اشترى له العبد المأذون له من العبد المأذون له قبل أن يحل الأجل وقبل أن يعطيه المال، فيصير ما اشترى العبد (¬3) من ذلك للآمر، ليس للعبد أن يمنعه من ذلك قليلاً ولا كثيراً، ويصير الثمن للعبد يتبعه (¬4) به (¬5) البائع. فهذا بمنزلة الكفالة سواء ولا يجوز. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا أذن الرجل لعبده في التجارة فوكل وكيلاً يبيع شيئاً مما في يديه أو يشتري شيئاً فذلك جائز، وهو في ذلك بمنزلة الحر في جميع ما أمره به من بيع أو شراء، فما (¬6) جاز على الحر من ذلك جاز عليه، وما بطل من ذلك عن الحر بطل عنه. وقال أبو حنيفة وأيو يوسف ومحمد: إذا أذن الرجل لعبده في التجارة فدفع إليه رجل جارية أو متاعاً أو غير ذلك وأمره ببيعه بنسيئة أو بنقد فالبيع جائز؛ لأن العبد لا يلحقه في هذا ضمان. فإن باع العبد الجارية التي دفع إليه الآمر فلم يقبضها المشتري حتى قتلها (¬7) الآمر فالبيع منتقض، ولا سبيل للمشتري على العبد ولا على الآمر. وإن كان (¬8) الذي قتلها العبد المأذون له قيل لمولاه: ادفعه بالجناية أو افده. فإن فداه فَدَاهُ (¬9) بقيمة الجارية. وإن دفعه ¬

_ (¬1) ز: لا يشبه. (¬2) م ف ز: وأدع. (¬3) ف ز: للعبد. (¬4) ف: ببيعه (¬5) ف - به. (¬6) ف ز: فيما. (¬7) ف ز: حتى قبلها. (¬8) ف: فإن كان. (¬9) ف - فداه.

صار بمنزلة الجارية، والمشتري بالخيار إن دفع أو فدى. إن شاء أخذ العبد إن كان دفع، وإذا دفع الثمن [أخذ الثمن] (¬1). وإن شاء نقض البيع. وكذلك إن كان مولاه فداه بقيمة الجارية، فإن شاء المشتري أخذ قيمة الجارية وأدى الثمن، وتصدق بما كان من فضل في قيمة الجارية على الثمن. وإن شاء نقض البيع وكان الفداء (¬2) للآمر. ولو كان مولى العبد (¬3) هو الذي قتل العبد (¬4) وعلى العبد (¬5) دين أو لا دين عليه كان المشتري بالخيار. إن شاء أعطاه (¬6) الثمن واتبع عاقلة مولى العبد بالقيمة في ثلاث سنين. وإن شاء نقض البيع وكانت القيمة للآمر. ولو كان العبد المأذون له باع جارية مما في يديه (¬7) من رجل بجارية، ثم قتلها العبد قبل أن يقبضها المشتري، فإن البيع منتقض فيما بين العبد والمشتري إن كان على العبد دين أو لم يكن. وإن كان مولى العبد هو الذي قتلها ولا دين على العبد فكذلك أيضاً. وإن كان قتلها وعلى العبد دين ضمن المولى قيمتها في ماله إن كان قتلها خطأً أو عمداً، والمشتري بالخيار. إن شاء أخذ القيمة وأدى الثمن وتصدق بفضله (¬8) إن كان في القيمة على الثمن [فضل]. وإن شاء نقض البيع، وكانت القيمة لغرماء العبد. ولو كان المولى دفع إلى عبده جارية له ليست من تجارة العبد وأمره ببيعها فباعها العبد فلم يقبضها المشتري حتى قتلها مولى العبد، فإن البيع منتقض فيما بين المشتري وبين العبد، ولا شيء للمشتري على العبد ولا على المولى. فلو كان العبد هو الذي قتلها، فإن اختار رب العبد دفع العبد بالجارية فالمشتري بالخيار. إن شاء أخذ العبد وأدى الثمن. وإن شاء نقض البيع. ولو كان (¬9) المولى اختار الفداء انتقض البيع. فإن اختار المشتري الأخذ (¬10) فالبيع [جائز] أو اختار الترك [فالبيع ¬

_ (¬1) الزيادة مستفادة من الكافي، 3/ 104 ظ. (¬2) ف: الفد. (¬3) م ز: للعبد. (¬4) ز: للعبد. (¬5) ف: وعلى الدين. (¬6) ز: أعطاها. (¬7) ز: في يده. (¬8) م ف ز: بفضل. (¬9) ف: وإن كان. (¬10) م ز: للأخذ.

منتقض] (¬1)؛ لأن المولى إذا اختار الفداء صار الضمان عليه، وإذا صار الضمان عليه بطل الشراء؛ لأن الضمان إذا وجب عليه صار بمنزلة العبد الذي قتله المولى (¬2). وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فباع واشترى، فصار بينه وبين رجل جارية، فأمره الرجل ببيع نصيبه، فباعها كلها بألف درهم، فالبيع جائز، وما أخذ العبد من الثمن فهو بين العبد وبين شريكه نصفان، وما تَوَى من الثمن فهو عليهما نصفان. فإن قال العبد المأذون له لشريكه: قد قبضت أنت جميع الثمن من المشتري، أو قال له: قد قبضت نصف الثمن من المشتري، وكذبه الشريك في ذلك وادعى المشتري ذلك، فإن العبد المأذون له يحلف على ذلك. فإن حلف برئ العبد والمشتري من نصف الثمن. وإن نكل عن اليمين برئ المشتري من نصف الثمن، ولزم العبد نصف الثمن ديناً عليه، ولا يمين على المشتري في شيء من ذلك. فإن حلف العبد برئ من نصف الثمن وبرئ منه المشتري، ثم إن العبد أخذ من المشتري نصف الثمن الذي بقي عليه شاركه الآمر فيما أخذ من ذلك حتى يكون للآمر ربع الثمن وللعبد ربع الثمن. ويكون النصف الذي تَوَى من مالهما جميعاً؛ لأن العبد لا يصدق على أن يسلم له ما أخذ من (¬3) المشتري. ولو كان العبد لم يدّع (¬4) قبض الآمر، ولكن الآمر أقر أن العبد قد قبض جميع الثمن من المشتري، وكذبه العبد في ذلك، وادعى ذلك المشتري، فإن المشتري بريء من نصف الثمن، ولا يمين عليه في ذلك، ويحلّف الآمر العبد على ما ادعى من القبض. فإن نكل عن اليمين لزمه نصف الثمن للآمر. وإن حلف برئ من نصيب الآمر، ووجب للعبد على المشتري نصف الثمن. فإذا أخذه لم يشاركه فيه الآمر وسلم ذلك ¬

_ (¬1) الزيادتان مستفادتان من السياق. وانظر: المبسوط، 25/ 175. (¬2) ولفظ الحاكم: صار بمنزلة قتله إياها. انظر: الكافي، 3/ 105 و. وانظر للشرح: المبسوط، الموضع السابق. (¬3) ف - من. (¬4) ز: لم يدعي.

كله للعبد؛ لأن الآمر هو الذي أتلف حقه بإقراره أن العبد قد قبض الثمن. ألا ترى أن المشتري إنما برئ بقول الآمر. ولو أن الآمر لم يقر بأن العبد قد قبض الثمن كله، ولكنه أقر أن العبد قبض نصف الثمن وأنكر ذلك العبد، فإن المشتري يبرأ (¬1) من ربع الثمن وهو نصف نصيب الآمر؛ لأن الآمر حين أقر أن العبد قبض الثمن فقد أقر به أنه قبض ذلك النصف من نصيبهما جميعاً، فبرئ المشتري من نصف نصيب الآمر، وذلك مائتان وخمسون، ويبقى على المشتري سبعمائة وخمسون، فما (¬2) قبض منها العبد (¬3) من شيء كان للامر الثلث من ذلك وللعبد الثلثان. ولو كان الآمر لم يقر بشيء من ذلك، ولكنه أقر أن العبد أبرأ المشتري من جميع الثمن بغير قبض أو أقر أن العبد وهب الثمن للمشتري وجحد ذلك العبد وادعاه المشتري، فإن إقرار (¬4) الآمر في ذلك باطل في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، والمال على حاله بين الآمر وبين العبد نصفان. وكذلك لو كان العبد هو الذي أقر على الآمر أنه أبرأ المشتري من جميع الثمن، وأقر العبد أن الآمر وهب جميع الثمن للمشتري وأنكر ذلك الآمر وادعاه المشتري، فإن إقرار العبد بذلك باطل، والمال على حاله بين العبد والآمر نصفان. ولو كان شريك العبد هو الذي ولي بيع الجارية بأمر العبد كان البيع جائزاً، وكان ذلك بمنزلة بيع العبد. فإن أقر الحر البائع على العبد بقبض الثمن أو بقبض حصته من الثمن كان ذلك بمنزلة إقرار العبد عليه. ولو كان (¬5) العبد هو الذي ولي البيع أقر على العبد بأنه أبرأ المشتري من الثمن أو وهبه له كان إقراره باطلاً، وكان الثمن على حاله بينهما نصفين (¬6)، ولا يمين على العبد في ذلك. ولو كان العبد هو الذي أقر على شريكه البائع بأنه وهب الثمن وأبرأ المشتري منه بغير قبض وادعى ذلك المشتري وأنكره البائع، فإن المال على ¬

_ (¬1) ز: يبرى. (¬2) ز: فيما. (¬3) ف: فما قبض العبد منها. (¬4) ف: إقراره. (¬5) ف: لو كان. (¬6) ز: نصفان.

المشتري كله على حاله، ولا يصدق العبد على شيء من ذلك، والمال على المشتري بينهما نصفان بعدما يحلف البائع على ما ادعى المشتري والعبد من ذلك. فإن حلف برئ. وإن نكل عن اليمين برئ المشتري من جميع الثمن. وكان للعبد أن يضمن شريكه البائع نصف الثمن في قول أبي حنيفة ومحمد. وأما في قول أبي يوسف فإن المشتري إن نكل البائع عن اليمين برئ من نصف الثمن وذلك حصة البائع، وأما حصة العبد الآمر فهي على حالها على المشتري. ولو كان المشتري هو العبد المأذون له في التجارة، والشريكان في الجارية رجلان حران أمر أحدهما صاحبه أن يبيع الجارية، فباعها من العبد المأذون له بألف درهم، فأقر الآمر أن المأمور أبرأ العبد من جميع الثمن أو وهب ذلك له، وجحد ذلك المأمور، وادعى ذلك العبد، فإن العبد بريء من حصة الآمر من الثمن، ولا يمين عليه في شيء من ذلك في قول أبي حنيفة ومحمد. ويتبع (¬1) المأمور العبد (¬2) بنصف الثمن فيسلم له، ويحلف الآمر المأمور على ما ادعى من البراءة والهبة. فإن حلف برئ. وإن نكل عن اليمين لزمه نصف الثمن للآمر. وأما في قول أبي يوسف فإن الثمن على العبد على حاله بينهما نصفان، ولا يمين على البائع في شيء من ذلك، لأن هبة البائع وبراءته جائزة في قول أبي حنيفة ومحمد؛ لأنه هو الذي ولي البيع وهو (¬3) الذي يقبض الثمن. وليس للآمر أن يقبض الثمن إلا بأمر البائع. وإذا وهب البائع الثمن أو أبرأ (¬4) المشتري منه فمن الذي يقبض الثمن من المشتري وقد أبرأه البائع منه. ولو كان أحد الشريكين الحرين باع الجارية من العبد المأذون له في التجارة بأمر شريكه، ثم أقر (¬5) البائع على شريكه أنه قد أبرأ العبد المشتري من حصته من الثمن بغير قبض، أو أقر أنه وهب حصته من الثمن وجحد ذلك الآمر وادعى العبد المشتري، فإن العبد يبرأ من نصف الثمن بقول ¬

_ (¬1) ز: وبيع. (¬2) ف: ويتبع العبد المأمور. (¬3) ف: هو. (¬4) ف: وأبرأ. (¬5) ف - أقر.

باب البيع الفاسد من العبد المأذون له في التجارة

البائع، ولا يمين على العبد في شيء من ذلك، ويرجع الآمر على البائع بحصته من الثمن وهو نصف الثمن ويضمنها إياه، فيكون للبائع على العبد المشتري نصف الثمن في قول أبي حنيفة ومحمد؛ لأن البائع حين أقر أن الآمر قد أبرأ المشتري من حصته من الثمن بغير قبض، أو أقر أن الآمر وهب حصته للمشتري فقد أتلف البائع حصة الآمر بقوله، فصار ذلك بمنزلة هبة البائع حصة الآمر للمشتري، فتجوز (¬1) هبة الآمر للمشتري، ويضمن البائع للآمر. وكذلك إذا أقر البائع على الآمر بالبراءة وبالهبة فذلك بمنزلة هبة البائع. وأما في قول أبي يوسف فإن جميع الذي قال البائع من ذلك باطل، والمال على العبد المشتري على حاله بينهما نصفان، ولا ضمان على البائع في شيء من ذلك، ولا يمين على البائع، ولكن العبد المشتري يحلف الآمر على ما ادعى من الهبة والبراءة. فإن حلف برئ. وإن نكل عن اليمين لزمه ما قال البائع، وبرئ المشتري من نصف الثمن. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فدفع إلى رجل جارية وأمره ببيعها، فباعها المأمور له من رجل له على العبد المأذون له ألف درهم ديناً ودفع الوكيل الجارية إلى المشتري، فإن البيع جائز وصار (¬2) الثمن بالدين قصاصاً. ولو كان الدين على المأمور ولا دين على العبد كان بهذه المنزلة في قول أبي حنيفة ومحمد. ولا يكون قصاصاً في قول أبي يوسف. ولو كان للمشتري على العبد ألف درهم وعلى المأمور ألف درهم كان الثمن قصاصاً بدين العبد، ولا يكون قصاصاً بين المأمور في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ... باب البيع الفاسد من العبد المأذون له في التجارة وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا أذن الرجل لعبده في التجارة، فباع جارية أو غلاماً أو متاعاً أو غير ذلك بيعاً فاسداً، وقبضه ¬

_ (¬1) ز: فيجوز. (¬2) ف ز: صار.

المشتري فأعتق الجارية أو الغلام أو باع ذلك كله، فبيعه جائز، وعليه القيمة في ذلك كله. والعبد المأذون له فيما باع من بيع فاسد بمنزلة الحر في بيعه الفاسد. وكذلك ما اشترى العبد من جارية أو غلام أو متاع بيعاً فاسداً فقبضه فباعه فبيعه جائز، وهو ضامن لقيمته بالغة ما بلغت، وهو في ذلك بمنزلة الحر. وإذا اشترى العبد جارية أو غلاماً بيعاً فاسداً فقبضه فأَغَلَّ الغلامُ والجارية عند العبد المأذون له غَلَّة، ثم إن العبد المأذون له باع الجارية والغلام، فإن الغلة تسلم للعبد المأذون له إن كان عليه دين أو لم يكن. فإن لم يبع العبد المأذون له الجارية والغلام حتى ردهما على البائع ونقض البيع فيهما، فإن الغلة ترد على البائع، وينبغي للبائع أن يتصدق بها؛ لأنها غلة كانت من الجارية والغلام، وليسا في ملك البائع. ولو كان العبد هو الذي باع الجارية والغلام بيعاً فاسداً، وقبضهما المشتري، فأغلا عنده غلة، ثم إن المشتري باعهما، فالبيع جائز، والغلة للمشتري، وآمره أن يتصدق بها. ولو كان المشتري (¬1) لم يبع الجارية والغلام، ولكنه ردهما على العبد المأذون له في التجارة، فإنه يرد معهما الغلة، ولا يتصدق العبد بشيء من الغلة. فإن كان على العبد دين أخذ الغرماء الغلة قضاء من دينهم، ولم يتصدقوا بشيء من ذلك. وإن لم يكن على العبد دين فالغلة للمولى، وأحب له أن يتصدق بها. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة، فباع العبد جارية من تجارته بيعاً فاسداً من رجل، وقبضها الرجل، ثم إن الرجل باعها من مولى العبد بيعاً صحيحاً، وقبضها منه المولى، فإن كان العبد المأذون له في التجارة لا دين عليه، فالبيع الثاني باطل (¬2)، لا يكون بيعاً، وهو نقض للبيع الفاسد الذي كان بين العبد وبين المشتري. وإن كان على العبد المأذون له في التجارة دين فالبيع الثاني جائز فيما بين المشتري وبين المولى، وعلى المولى الثمن ¬

_ (¬1) ز - باعهما فالبيع جائز والغلة للمشتري وآمره أن يتصدق بها ولو كان المشتري. (¬2) ز: باطلاً.

للمشتري، وعلى المشتري القيمة للعبد المأذون له، ولو كان المشتري لم يبع الجارية من المولى، ولكنه باعها من عبد للمولى آخر مأذون له في التجارة، فبيعه الجارية من ذلك العبد بمنزلة بيعه من المولى إن باعه وعلى العبد المشتري دين، فبيعه جائز، وللمشتري الأول الثمن على العبد الذي اشترى منه الجارية، وللعبد البائع الأول القيمة على المشتري الأول. وكذلك لو كان الدين على العبد البائع، ولا دين على العبد المشتري (¬1). وكذلك لو كان عليهما جميعاً دين. ولو كانا لا دين عليهما كان بيع المشتري الحر من العبد الآخر باطلاً لا يكون بيعاً؛ لأنه إنما اشتراه لمولاه. فإن رد العبد على العبد المأذون له الأول أو على مولاه وقبضه فهذا نقض للبيع الأول الذي كان بين العبد المأذون له في التجارة الأول وبين المشتري. وإن كان لم يرد الجارية على العبد المأذون له في التجارة الأول ولا على المولى فالجارية في ضمان المشتري الأول على حالها. ولو كان المشتري الحر لم يبع الجارية من العبد الآخر ولا من المولى، ولكنه باعها من العبد الذي اشتراها منه بعدما قبضها وعلى العبد دين أو لا دين عليه، فباعها منه بيعاً صحيحاً ودفعها إليه، فإن بيعه باطل، وهذا نقض منه للبيع الأول، وقد برئ المشتري من ضمان الجارية بدفعه إياها إلى العبد الذي باعها إياه. ولو كان باعها إياه ولم يدفعها إليه حتى ماتت في يدي المشتري ضمن المشتري قيمتها، ولا يبرئ المشتري من ضمانها بيعه من العبد الجارية حتى يدفعها إليه. ولو كان العبد المأذون دفع إلى رجل ألف درهم مضاربة بالنصف كان ذلك جائزاً. وإن باع العبد المأذون له في التجارة (¬2) من رجل جارية بيعاً فاسداً فقبضها المشتري فباعها من مضارب العبد المأذون له في التجارة بيعاً صحيحاً بالألف المضاربة (¬3) فالبيع جائز، ويأخذ المضارب الجارية فتكون ¬

_ (¬1) ف - وكذلك لو كان الدين على العبد البائع ولا دين على العبد المشتري. (¬2) م ز - في التجارة. (¬3) م + به.

على المضاربة، وينقد المضارب الألف للمشتري (¬1)، ويضمن المشتري قيمة الجارية للعبد المأذون له في التجارة. وكذلك لو كان المشتري باعها من مضارب للمولى وعلى العبد دين أو لا دين عليه. وكذلك لو باعها من ابن المولى أو من أبيه أو من مكاتبه. وكذلك لو باعها من المولى لابن له صغير في عياله كان الشراء جائزاً، وكان الثمن على المولى للمشتري، وكانت الجارية لابن المولى، وكان للعبد على المشتري قيمة الجارية. وكذلك لو أن رجلاً أجنبياً وكل العبد المأذون له بشرائها من المشتري فاشتراها له منه بيعاً صحيحاً كانت الجارية للآمر، وكان الثمن على العبد للمشتري، ويرجع به العبد على الآمر، وللعبد على المشتري قيمة الجارية، فتكون القيمة قصاصاً بالذي وجب للمشتري على العبد من الثمن، ويرجع العبد على الآمر بما أدى عنه من الثمن. ولو أن العبد لم يشتر (¬2) الجارية من المشتري، ولكن العبد وكل رجلاً بأن يشتريها له من المشتري، فاشتراها له المأمور من المشتري بيعاً صحيحاً وقبضها فهلكت عنده، فإن الشراء الثاني باطل، وهو نقض للبيع (¬3) الفاسد حين (¬4) قبضها المأمور. وقد برئ المشتري الأول من ضمانها؛ لأن المأمور قبضها بأمر من العبد على وجه الشراء، فصار بمنزلة قبض العبد إياها على وجه الشراء لنفسه، أو قبضها وكيله، فبرئ (¬5) المشتري من ضمانها. فإن ماتت مَاتت من مال العبد البائع. وكذلك لو كان المولى هو الذي أمر رجلاً بشرائها من المشتري فاشتراها له وقبضها (¬6) فماتت في يده برئ المشتري الأول من ضمانها، وصار قبض وكيل المولى على وجه الشراء بمنزلة قبض المولى. وإن كان على العبد دين فوكل المولى رجلاً بشرائها له، فاشتراها بيعاً صحيحاً وقبضها من المشتري فماتت (¬7) في يده، فإن شراءه جائز، وعلى المشتري الآخر الثمن للمشتري الأول، ويرجع المشتري الآخر بذلك الثمن على المولى، ويغرم المشتري ¬

_ (¬1) م ف ز: المشتري. (¬2) ز: لم يشتري. (¬3) ف: للتبايع. (¬4) ز: حتى. (¬5) م ف ز: برئ. (¬6) ز: وقبض. (¬7) ز: فمات.

الأول قيمة الجارية للعبد المأذون له في التجارة. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فباع جارية من رجل بيعاً فاسداً وقبضها المشتري، ثم إن العبد قتلها وعليه دين أو لا دين عليه، فهذا نقض للبيع، والمشتري بريء (¬1) من ضمانها. وكذلك لو أن العبد حفر بئراً في الطريق قبل البيع أو بعده فوقعت الجارية في البئر فماتت، أو ذهبت عينها أو انكسر رجلها أو حدث فيها عيب ينقصها شيئاً (¬2) من الثمن، فلم يبعها المشتري بعد ذلك حتى ماتت من غير ذلك، فإن هذا نقض (¬3) للبيع، والمشتري بريء من ضمانها. وكذلك المولى هو في ذلك بمنزلة العبد في جميع ما وصفت لك إن كان على العبد دين أو لا دين عليه. فإن كان على العبد دين ضمن المشتري قيمتها للعبد، ورجع (¬4) المشتري على المولى بقيمة الجارية إن كان قتلها خطأ على عاقلته في ثلاث سنين. وكذلك إن كانت ماتت من وقوعها في بئر حفرها المولى في طريق المسلمين. وإن كانت (¬5) ذهبت عينها أو أصابها عيب من وقوعها في البئر التي حفرها المولى، ثم ماتت من غير ذلك، فالمشتري ضامن لجميع قيمتها للعبد المأذون له، ويرجع على المولى فيضمنه ما نقصها ذلك العيب في ماله حالاً. ولو كانت الجارية وقعت في بئر حفرها العبد المأذون له في دار من تجارته فماتت من وقوعها، كان على المشتري جميع قيمتها للعبد المأذون له، ولا شيء على العبد المأذون له للمشتري. وكذلك لو وقعت في بئر حفرها المولى في ملكه فعَطِبت (¬6) الجارية فيها كان بمنزلة هذا، وكان على المشتري القيمة للعبد، ولا يرجع على المولى بقليل ولا كثير إن كان على العبد دين أو لم يكن. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. ... ¬

_ (¬1) م ف ز - بريء؛ صح ف هـ. (¬2) ز: شيء. (¬3) ز: نقضا. (¬4) م: ويرجع. (¬5) ز: كان. (¬6) أي: هلكت، كما تقدم.

باب القبض في البيع من العبد المأذون له في التجارة

باب القبض في البيع من العبد المأذون له في التجارة وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا اشترى العبد المأذون له في التجارة عبداً أو جارية أو شيئاً غير ذلك فقبضه فيه جائز بمنزلة قبض الحر. وكذلك إن جنى عليه جناية كان ذلك قبضًا منه. فإن هلك من تلك الجناية أو من غيرها ولم يمنعه البائع ما اشترى (¬1) منه بعد الجناية فعلى العبد جميع الثمن، وهو في ذلك بمنزلة الحر. وكذلك لو كانت جارية فوطئها فنقصها الوطء أو لم ينقصها، ثم ماتت بعد ذلك من غير الوطء، فعلى العبد المشتري جميع الثمن. وكذلك لو كان العبد أقر بالوطء إقراراً ولم يعلم ذلك إلا بقوله وكذبه المولى في ذلك، كان القول قول العبد، وعليه جميع الثمن. وإذا اشترى العبد المأذون له في التجارة من رجل كُرّ حنطة يساوي مائة بثمانين درهماً، فصب فيه العبد قبل أن يقبضه ماء فأفسده فصار يساوي ثمانين درهماً، ثم إن البائع صب فيه بعد ذلك ماء فأفسده فصار يساوي ستين درهماً، فإن العبد المأذون له في التجارة بالخيار. إن شاء أخذ الكر بأربعة وستين درهماً. وإن شاء تركه. فإن تركه لم يكن عليه مما أفسده من الكر قليل ولا كثير؛ لأن الكر إذا رجع إلى البائع لم يكن للبائع أن يأخذ مع الكر شيئاً من الثمن، فيكون قد أخذ الكر وأخذ معه دراهم (¬2). ولو كان البائع هو الذي صب فيه الماء أولاً (¬3) فأفسده فنقصه ذلك عشرين درهماً، ثم إن المشتري بعد ذلك صب فيه الماء فأفسده فنقصه ذلك عشرين درهماً، فإن المشتري يجبر على قبض الكر، ويلزمه من الثمن أربعة وستون درهماً، ولا خيار له في ذلك. وكذلك (¬4) كل (¬5) شيء اشتراه مما يكال أو يوزن فهو سواء بهذه المنزلة. ولو كان مكان الكيل والوزن شيء من ¬

_ (¬1) ز: ما اشتر. (¬2) ز: دراهما. (¬3) ز: أولاً. (¬4) ف - وكذلك. (¬5) ف: وكل.

العروض فكان الذي أفسده المشتري، ثم إن البائع أفسده بعد ذلك، فإن المشتري بالخيار. إن شاء أخذ ذلك العروض الذي اشترى، وسقط عنه من الثمن بحساب ما نقصه البائع. وإن شاء نقض البيع وأدى من الثمن بحساب ما نقص (¬1) المشتري من العروض. وإن كان المشتري هو الذي أفسده بعد البائع لزمه، وبطل عنه من الثمن بحساب (¬2) ما نقصه البائع. فالعروض (¬3) والرقيق مخالفة للكيل (¬4) والوزن. وإذا اشترى العبد (¬5) المأذون له في التجارة كُرّا من تمر جيد بعينه بكر من تمر رديء بعينه فصب العبد في الكر الذي اشترى ماء فأفسده، ثم إن البائع بعد ذلك صب فيه أيضاً ماء فأفسده فالمشتري بالخيار. إن شاء أخذه ودفع الكر الذي باع ولا يحط عنه لنقصان البائع قليلاً ولا كثيراً. وإن شاء نقض البائع البيع وكان الكر للذي باعه ولا يرجع (¬6) على المشتري من ذلك النقصان قليل ولا كثير. أيهما صار له الكرم لم يرجع على صاحبه من ذلك النقصان بقليل ولا كثير (¬7). ولو كان البائع هو الذي بدأ فأفسد الكر، ثم (¬8) ثَنَّى المشتري فأفسده أيضاً، لزم الكر المشتري بجميع الكر الذي باع، ولم يكن له أن يرد الكر الذي اشترى بعيب (¬9) إن وجده فيه قبل القبض أو بعده. وكذلك كل شيء من الكيل اشترى بمثله من الكيل. وكذلك كل شيء من الوزن اشترى (¬10) بمثله من الوزن؛ لأن هذا لا يكون إلا مثلاً بمثل. فإذا كان لا يجوز إلا مثلاً بمثل لم يستقم (¬11) للمشتري أن يرجع بحصة العيب إن ¬

_ (¬1) ز: ما نقض. (¬2) ز + ما نقص المشتري من العروض وإن كان المشتري هو الذي أفسده بعد البائع لزمه وبطل عنه من الثمن بحساب. (¬3) ز - فالعروض. (¬4) م ف ز: الكيل. (¬5) ف - العبد. (¬6) ف: لا يرجع؛ ز: لا يشتري. (¬7) ف - أيهما صار له الكرم لم يرجع على صاحبه من ذلك النقصان بقليل ولا كثير. (¬8) ز - ثم. (¬9) ز: لعيب. (¬10) ف - من الكيل وكذلك كل شيء من الوزن اشترى. (¬11) ز: لم يستقيم.

وجده به؛ لأنه إن رجع بحصة العيب كان الكر الذي قبض بأقل (¬1) كيله، فيكون ذلك فاسداً. وإذا اشترى العبد المأذون له في التجارة من رجل عشرة أرطال زيت بدرهم، وأمره (¬2) أن يكيله في قارورة جاعه بها، فكال (¬3) البائع الزيت في القارورة، فلما كال (¬4) فيها رطلاً انكسرت، والمشتري والبائع لا يعلمان بالكسر، فكال (¬5) البائع بعد ذلك جميع ما اشترى منه من الزيت فسال ذلك كله، فإن العبد لا يلزمه من الثمن إلا (¬6) حصة الرطل الأول؛ لأنه كال الأول والقارورة صحيحة، فكان العبد قابضاً لذلك الرطل (¬7) حين صار في قارورة، فلما انكسرت خرجت القارورة من أن تكون وعاء، فلما كال (¬8) ما بقي كان ما (¬9) كال من ذلك من مال البائع. فإن كان الرطل لم يسل كله حتى صب البائع الرطل الثاني فالبائع ضامن لما بقي من الرطل الأول في القارورة؛ لأنه خلطه بزيته. فإن كان بقي نصف الرطل الأول في القارورة ضمن (¬10) نصف رطل مثل ذلك. وكذلك إن كان ما بقي منه ثلثاً أو ربعًا (¬11) كان بهذه المنزلة. ولو كان العبد المأذون له في التجارة أمره أن يكيل في القارورة وهي مكسورة ولا يعلم واحد منهما بذلك، فكال البائع فيها عشرة أرطال فسالت الأرطال كلها، فإن العبد ضامن لجميع الثمن حتى يدفعه إلى البائع؛ لأنه أمره حين أمره والإناء مكسور، فلم يخالف أمره. وإذا أمره والإناء صحيح ثم انكسر فقد خالف أمره حين صب فيه بعد انكساره؛ لأنه لم يأمره أن يصب فيه وهو مكسور، ولا نبالي علم كسره أو لم يعلم. وكذلك شراء الحر (¬12) في ذلك من الحر أو من العبد المأذون له أو من المكاتب، فهو بمنزلة هذا في جميع ما وصفت لك. ¬

_ (¬1) ف: بأكل. (¬2) ف -. وأمره. (¬3) ز: فكان. (¬4) ز: كان. (¬5) ز: فكان. (¬6) ز: من ثمار لا. (¬7) ز: الرجل. (¬8) ز: كان. (¬9) ف - كان ما. (¬10) ز - ضمن. (¬11) ز: ثك أو ربع. (¬12) ف - شراء الحر، صح هـ.

وإذا اشترى العبد المأذون له في التجارة من رجل جارية ولم ينقده (¬1) الثمن حتى قبضها بغير أمر البائع، فللبائع أن يأخذها منه حتى ينقده الثمن، فإن كانت قد (¬2) ماتت عند المشتري أو كان المشتري قتلها أو قتلها مولاه ولا دين على العبد أو أعتقها، فأراد البائع أن يأخذ قيمتها فتكون عنده حتى يعطى الثمن، فليس له ذلك، ولا يكون على المولى في ذلك ضمان، ويقال للبائع: اتبع العبد بالثمن، فيباع (¬3) في ذلك. فإن نقص من الثمن شيء (¬4) كان على المولى تمام ذلك من قيمة الجارية التي استهلك. ولو كان العبد وكل بقبضها رجلاً (¬5) فقبضها فماتت في يديه كان للبائع أن يضمن الوكيل قيمتها، فتكون في يده حتى يدفع إليه العبد الثمن. فإن دفع العبد الثمن إلى البائع أخذ منه القيمة فكانت للوكيل. وإن هلكت القيمة في يد البائع أو استهلكها البائع بطل البيع فيما بين المشتري وبين (¬6) البائع، وكان للوكيل أن يرجع على العبد الذي وكله (¬7) بجميع القيمة فيأخذها منه إن كانت أقل من (¬8) الثمن أو أكثر. وكذلك لو كان المشتري حراً والبائع عبد كان بهذه المنزلة. فإن كان المشتري أعتقها وهو حر قبل أن يقبضها كان العتق (¬9) جائزاً، ولا شيء على المشتري من القيمة، ويقال للبائع: اتبع المشتري بالثمن. ولو كان المشتري وكل رجلاً بعتقها فأعتقها قبل أن يقبضها المشتري فإن أبا يوسف قال: عتقه جائز، والوكيل ضامن لقيمة الجارية، فتكون في يد البائع حتى يعطيه المشتري الثمن. وقال: هذا بمنزلة أخذ الوكيل إياها؛ لأنه استهلكها بقوله، واستهلاكه إياها بالقول والأخذ سواء. وكذلك لو كان المشتري أمر الوكيل بقتلها فقتلها كان بهذه المنزلة الأخرى. وعلى هذا جميع هذا الوجه. رجع أبو يوسف عن العتق، وقال: لا ضمان على الوكيل، وعلى المشتري الثمن. وهو قول محمد. ¬

_ (¬1) م ز: فلم ينقده. (¬2) ز - قد. (¬3) م ز: فباع. (¬4) ز: شيئاً. (¬5) ف: وكل رجلاً بقبضها. (¬6) ف ز: وفيما بين. (¬7) ف ز: وكل. (¬8) ز: أقل أقل. (¬9) ف ز: عتقه.

باب الرد بالعيب على العبد المأذون له في التجارة

باب الرد بالعيب على العبد المأذون له في التجارة وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا باع العبد المأذون له في التجارة بيعاً (¬1) فطعن فيه المشتري بعيب بعدما قبضه، بعيب يحدث مثله أو لا يحدث مثله، فأراد المشتري خصومة العبد في ذلك، فقبله العبد بغير قضاء قاض (¬2) ولا يمين ولا بينة قامت على ذلك العيب، فقبوله جائز، والبيع منتقض، وهو في ذلك بمنزلة الحر في جميع أمره. وكذلك (¬3) إن رد عليه بقضاء قاض ببينة قامت على ذلك أو بإباء (¬4) [يمين] أو بإقرار منه بالعيب. ولو أن عبداً مأذوناً له في التجارة باع من رجل جارية وقبضها منه المشتري فوجد بها عيباً، فخاصم العبد فيه إلى القاضي فأقام المشتري البينة أن العيب كان عند العبد، فرد القاضي الجارية على العبد وأخذ منه الثمن، ثم إن العبد بعد ذلك وجد بالجارية عيباً قد كان حدث عند المشتري ولم يعلم به، فالعبد بالخيار. إن شاء رد الجارية على المشتري وأخذ منه الثمن، ورجع المشتري على العبد بحصة العيب الأول من الثمن. وإن شاء العبد أمسك الجارية ولم يكن له على المشتري قليل ولا كثير. فإن أراد العبد رد الجارية على المشتري بذلك العيب فلم يردها حتى حدث بها عيب عنده لم يكن له أن يردها على المشتري، ولكنه يرجع بنقصان العيب الذي حدث عند المشتري من الثمن (¬5)، إلا أن يشاء المشتري أن يأخذها بعيبها (¬6) الذي حدث عند العبد. فإن أراد ذلك أخذها بعيبها ودفع إلى العبد الثمن، ورجع المشتري على العبد بنقصان العيب الأول من الثمن، ولم يكن (¬7) له أن يرجع من نقصان العيب الآخر بقليل ولا كثير. فإن كان العيب الآخر جناية من العبد أو وطء من العبد فهو بهذه المنزلة. وإن كان جناية من رجل أجنبي أو وطء (¬8) من رجل أجنبي فوجب المهر والأرش، فإن ¬

_ (¬1) ز - بيعا. (¬2) ز: قاضي. (¬3) ز: ولذلك. (¬4) ز: بإيبا. (¬5) م ف ز + الذي حدث منه المشتري. (¬6) ز: بنفسها. (¬7) ز: تكن. (¬8) ز: أو وطئا.

العبد يرجع على المشتري بنقصان العيب الذي حدث عند المشتري من الثمن الذي قبض المشتري. وليس للمشتري أن يأخذ الجارية للأرش والعقر الذي وجب. ولو كان المشتري رد على العبد الجارية أولاً بعيب فقبضها العبد، ثم وجد المشتري قد كان قطع يديها أو وطئها، فأراد ردها (¬1) عليه بذلك فلم يردها حتى حدث بها عيب عند العبد، فالمشتري بالخيار. إن شاء أخذها وأعطى العبد جميع الثمن ورجع المشتري على العبد بنقصان العيب الأول من الثمن. وإن شاء دفع إلى العبد نقصان العيب الذي حدث عنده من الثمن. فإن كان المشتري وطئها وهي ثيب (¬2) فلم ينقصها الوطء شيئاً لم يرجع العبد على المشتري من الثمن بقليل ولا كثير، ولزم العبد الجارية للعيب الذي حدث عنده فيها. ولو كان رجل أجنبي هو الذي قطع يد الجارية عند المشتري أو وطئها فوجب الأرش أو المهر (¬3)، ثم إن القاضي رد الجارية على العبد بالعيب الذي كان عنده ولم يعلم (¬4) بما صنع الأجنبي، ثم إن الجارية حدث بها عيب عند العبد، ثم اطلع العبد على فعل المشتري، فإن الجارية ترد على المشتري ويرد عليه معها نقصان العيب الذي حدث عند المشتري من قيمتها، ويأخذ العبد الثمن من المشتري إن كان قبضه منه، ويرجع المشتري على العبد بنقصان العيب الأول من الثمن. ولا يلزم العبد الجارية بالعيب الذي حدث عنده؛ لأن الجارية إذا وجب فيها أرش أو مهر (¬5) عند المشتري لم يستطع ردها أبداً بعيب، ولم يستطع البائع أخذها إن أراد المشتري أن يرجع عليه بنقصان العيب الذي فيها. فإذا كان الأمر هكذا فردها القاضي وهو لا يعلم فرده باطل. فإن حدث بها عيب عند الآخر من جنايته أو من جناية غيره فذلك سواء كله، ويرجع المشتري فيأخذ جاريته بنقصان عيبها من قيمتها. فإن كان الذي نقصها بذلك العيب ¬

_ (¬1) ف: دها. (¬2) ز - ثيب. (¬3) ف ز: والمهر. (¬4) م - ولم يعلم، صح هـ. (¬5) م: ومهر.

باب الخيار في البيع من العبد المأذون له في التجارة

رجلاً أجنبياً فالمشتري بالخيار. إن شاء أخذ ذلك النقصان من العبد، ويرجع به العبد على الأجنبي. وإن شاء أخذه من الأجنبي. فإن كان العبد قتلها (¬1) أو رجل أجنبي في يدي العبد فذلك سواء، ويرجع المشتري فيأخذ من العبد قيمتها، ولا سبيل له على الأجنبي إن (¬2) كان الأجنبي هو الذي قتلها، ولكن العبد يرجع على الأجنبي بالقيمة التي ضمنها. ولا يشبه النفس في هذا ما دونها. ولو كان باعها بعدما قبضها من المشتري كان بيعه جائزاً وكان عليه قيمتها يوم قبضها من المشتري، ويرجع على المشتري بالثمن الذي أخذ منه، ويرجع عليه المشتري بنقصان العيب الأول من الثمن. وكذلك لو كان الرد بهذا العيب كان منهما بغير قضاء قاض (¬3). وكذلك لو كان بإقالة من أحدهما لصاحبه في قياس قول أبي حنيفة. وكذلك لو كان (¬4) البائع حراً والمشتري عبداً. وكذلك لو كانا عبدين جميعاً أو حرين فهو بهذه المنزلة في جميع ما وصفت لك. ... باب الخيار في (¬5) البيع من العبد (¬6) المأذون له في التجارة وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا أذن الرجل لعبده في التجارة فاشترى شيئاً على أنه بالخيار ثلاثة أيام، فذلك جائز على ما اشترطا. وكذلك لو اشترطا الخيار يوماً أو يومين. فإن اشترط (¬7) الخيار أكثر من ثلاثة أيام واشترط (¬8) الخيار (¬9) أربعة أيام أو أكثر من ذلك فهو فاسد في قول أبي حنيفة إلا أن يبطل الخيار ويوجب البيع في الثلاثة الأيام، فإن فعل فالبيع ¬

_ (¬1) ز: قبلها. (¬2) ز - إن. (¬3) ز: قاضي. (¬4) ز - بإقالة من أحدهما لصاحبه في قياس قول أبي حنيفة وكذلك لو كان. (¬5) ف - في. (¬6) م: البيع للعبد. (¬7) ز: اشترطا. (¬8) م ز: أو اشترط. (¬9) ف: خيار؛ ز: خياطه.

جائز. وقال أبو يوسف ومحمد: البيع جائز وإن اشترط الخيار أكثر من ثلاثة أيام. والعبد في ذلك بمنزلة الحر في قولهما جميعاً. فإن اشترط الخيار ولم يسم أياماً فالبيع فاسد في قولهما جميعاً. فإن اختار إمضاء البيع وإبطال الخيار في الثلاثة الأيام فالبيع فاسد في قول أبي حنيفة لا يجوز أبداً. والبيع جائز في قول أبي يوسف ومحمد. وإذا اشترى العبد المأذون له في التجارة من رجل جارية بألف درهم واشترط الخيار ثلاثة أيام، فأبطل المولى البيع في الثلاثة الأيام بمحضر من البائع ونقضه، فإن نقضه باطل والجارية على حالها، والخيار للعبد على حاله إن كان على العبد المأذون له دين أو لا دين عليه. وكذلك لو كان العبد باع من رجل جارية على العبد بالخيار ثلاثة أيام وعلى العبد دين أو لا دين عليه، فنقض المولى البيع بمحضر من المشتري، فنقضه باطل، والبيع على حاله، ولا يلتفت إلى ما صنع المولى في ذلك. ولو اشترى العبد المأذون له في التجارة من رجل جارية على أن العبد بالخيار ثلاثة أيام، فأجاز المولى البيع، أو كان العبد هو البائع للجارية على أن العبد بالخيار ثلاثة أيام، وعلى العبد دين، فأجاز المولى البيع، فإجازته باطل، والعبد على خياره. وإن كان العبد لا دين عليه فإجازة المولى جائز في ذلك. ولو كان العبد باع من رجل جارية من تجارته على أن المشتري بالخيار ثلاثة أيام، فنقض المشتري البيع بمحضر من المولى، وعلى العبد المأذون له دين أو لا دين عليه، فنقض المشتري باطل، والخيار على حاله. فإن مضت الثلاثة الأيام قبل أن ينقض المشتري البيع بمحضر من البائع فالبيع لازم للمشتري. وكذلك لو كان العبد اشترى من رجل جارية على أن البائع بالخيار ثلاثة أيام، فنقض البائع البيع بمحضر من المولى، ولم يحضر ذلك العبد، فنقضه باطل، والبيع على حاله. فإن مضت الثلاثة الأيام قبل أن ينقض البائع البيع بمحضر من العبد فالبيع جائز. وهذا قول محمد، وهو قياس قول أبي حنيفة وقول أبي يوسف الأول. وقال أبو يوسف بعد ذلك: إذا نقض صاحب الخيار خياره بغير محضر من صاحبه فنقضه جائز. وإذا باع العبد المأذون له جارية من رجل على أن العبد بالخيار ثلاثة

أيام، فأخذ المولى الجارية فباعها أو وطئها أو فقأ عينها أو لمسها لشهوة (¬1) أو قبلها لشهوة (¬2) بغير محضر من المشتري وذلك بعدما أخذها، فإن كان العبد المأذون له لا دين عليه فهذا نقض للبيع، والجارية للمولى، وقد خرجت من تجارة العبد. فإن باعها بعد ذلك لم يجز بيعه. وكذلك لو قبضها المولى ثم قال بعدما قبضها: قد نقضت البيع بمحضر من المشتري، فإن البيع منتقض، والجارية للمولى، ولا سبيل للعبد ولا للمشتري عليها. وإن كان المولى نقض البيع بمحضر من المشتري ولم يقبض الجارية فنقضه باطل، والبيع على حاله. ولا يشبه قبضه الجارية غير القبض؛ لأنه إذا لم يقبضها فإجازته على حالها من مال العبد يجوز بيعه فيها. فنقض المولى فيها باطل؛ لأنه من تجارة العبد على حالها (¬3) الأول. وإذا قبضها ثم نقض البيع بمحضر من المشتري فقد نقض (¬4) البيع (¬5)، وخرجت الجارية من تجارة العبد فصارت للمولى. ولو قبضها المولى ولم ينقض البيع حتى مضت الأيام الثلاثة جاز البيع، وصار الثمن للعبد على المشتري. وإن كان على العبد دين في جميع ما وصفت لك فنقض المولى وأخذه الجارية باطل، والبيع والخيار على حاله، إذا مضت الأيام الثلاثة جاز البيع. وإذا اشترى العبد المأذون له في التجارة جارية من رجل بألف درهم، واشترط الخيار لمولاه ثلاثة أيام، فالبيع جائز، والخيار على ما اشترط. فإن نقض المولى البيع بمحضر من البائع فنقضه جائز. وإن أوجب البيع فإيجابه (¬6) [جائز] على العبد (¬7) إن كان على العبد دين أو لم يكن. وكذلك ¬

_ (¬1) ز: بشهوة. (¬2) م: الشهوة؛ ز: بشهوة. (¬3) ز - من مال العبد يجوز بيعه فيها فنقض المولى فيها باطل لأنه من تجارة العبد على حالها. (¬4) م ز: نقضت. (¬5) ف - بمحضر من المشتري فقد نقض البيع. (¬6) م ف ز: فايجرابه (مهملة). (¬7) ف: على البائع.

لو كان العبد هو الذي نقض البيع بمحضر من البائع كان نقضه جائزاً (¬1) وإن كان اشترط الخيار لمولاه. وكذلك لو أوجب العبد البيع جاز وصار واجبًا وبطل الخيار الذي جعله العبد المأذون له للمولى، لأن اشتراط الخيار لمولاه اشتراط لنفسه، فأيهما نقض كان نقضه جائزاً، وأيهما أجاز كان إجازته جائزة. وكذلك لو كان العبد اشترط الخيار لغير مولاه كان بهذه المنزلة. ولو أن العبد اشترط الخيار لمولاه فنقض المولى البيع بمحضر من البائع (¬2) وأجاز العبد البيع، فإن كان المولى نقض قبل إجازة العبد فالنقض أولى من الإجازة. وإن كان العبد أجاز قبل نقض المولى فالإجازة أولى. وإن كان النقض من المولى والإجازة (¬3) من (¬4) العبد كانا جميعاً معاً فالنقض أولى من الإجازة، لأن البيع لم يكن تم، فالنقض أولى من الإجازة، لأنه لا (¬5) يكون تاماً وقد نقض. ألا ترى لو (¬6) أن رجلاً اشترى جارية بعبد على أنه بالخيار في الجارية التي اشترى ثلاثة أيام وتقابضا، ثم إن المشتري أعتق الجارية التي اشترى كان عتقه جائزاً، وكان (¬7) هذا (¬8) منه تسليماً (¬9) للبيع. ولو لم يعتق الجارية ولكنه أعتق العبد كان عتقه جائزاً، وكان هذا منه (¬10) فسخًا للبيع، ويرد (¬11) الجارية التي (¬12) في يده إلى الذي اشتراها منه. ولو أعتقهما المشتري جميعاً معاً (¬13) كان عتقه فيهما جميعاً جائزاً، وكان النقض (¬14) في هذا أولى من الإجازة، فيكون البيع منتقضاً، وتكون عليه قيمة الجارية التي اشترى أولاً. ألا (¬15) ترى أن الإجازة والنقض ¬

_ (¬1) ز: جائز. (¬2) ف - ولو أن العبد اشترط الخيار لمولاه فنقض المولى البيع بمحضر من البائع. (¬3) ز: فالإجازة. (¬4) م ز: بين. (¬5) م - لا. (¬6) م ز - لو. (¬7) ف - وكان. (¬8) ف: وهذا. (¬9) ز + منه. (¬10) ف - تسليما للبيع ولو لم يعتق الجارية ولكنه أعتق العبد كان عتقه جائزاً وكان هذا منه. (¬11) ف: ورد. (¬12) ف - التي. (¬13) م - معا. (¬14) ز: القبض. (¬15) م ز - ألا.

إذا وقعن (¬1) فقُدِر (¬2) على الإجازة والنقض فالنقض أولى؛ لأن البيع لا يتم حتى يبطل الخيار ويلزم البيع. فإذا نقض البيع قبل أن يتم كان أولى من الإجازة. ولو كان العبد المأذون له في التجارة باع من رجل جارية فاشترط الخيار ثلاثة أيام للمولى (¬3) كان للمولى أن ينقض البيع وأن يجيزه، وكان للعبد أيضاً أن ينقضه وأن يجيزه. فإن نقضه العبد وأجازه المولى جميعاً معاً كان النقض أولى من الإجازة، لأن البيع لم يكن (¬4) وجب للمشتري (¬5) حتى وقع النقض والإجازة معاً. فكيف يجوز البيع بإجازة (¬6) المولى وقد نُقض البيع ممن يجوز نقضه مع إجازة المولى. وإذا اشترى العبد المأذون له جارية قد رآها مولى العبد ولم يرها (¬7) العبد وعلى العبد دين أو لا دين عليه فرآها العبد المأذون (¬8) فهو بالخيار. إن شاء أخذها، وإن شاء تركها. ولا يبطل خياره برؤية المولى الجارية. وإن كان العبد هو الذي رآها قبل أن يشتريها ولم يرها المولى فأراد المولى أن يردها لم يكن له ذلك إن كان على العبد دين أو لم يكن. ولو لم يرها واحد منهما ثم رآها المولى والعبد جميعاً فالعبد بالخيار. إن شاء أخذها، وإن شاء تركها. فإن رضيها المولى جازت على العبد إن لم يكن عليه دين. وإن كان عليه دين فرضى المولى باطل والعبد على خياره. وإن لم يرضها المولى ولكنه نقض البيع وردها بمحضر من البائع فرده باطل إن كان على العبد دين أو لم يكن. وإن ردها العبد أو رضيها قبل رضى المولى فجميع ما صنع العبد من ذلك جائز. ولو رضيها المولى وردها المولى والعبد جميعاً معاً فإن رد العبد أولى من رضى المولى. وكذلك إن كان العبد والمولى قد نظرا (¬9) إلى الجارية قبل أن يشتريها العبد، ثم اشتراها العبد فلم يقبضها حتى وجد بها عيباً قد دلس له أو حدث بها عيب عند البائع، فإن العبد بالخيار. إن ¬

_ (¬1) م: إذا وقعهن؛ ز: إذا أوقعهن. (¬2) م ف ز: يقدر (مهملة). والتصحيح من ع. (¬3) م ز - للمولى، صح هـ. (¬4) ز - يكن. (¬5) ف: على المشتري. (¬6) م: إجازة. (¬7) ز: يراها. (¬8) م ز - المأذون. (¬9) م ف: قد نظر.

شاء أخذها، وإن شاء تركها. فإن لم يرضها ولم ينقض البيع حتى رضي المولى بعيبها، فإن كان على العبد دين فرضى المولى باطل، وللعبد أن ينقض البيع. وإن كان العبد لا دين عليه إلا ثمن الجارية فرضى المولى جائز، والجارية لازمة للعبد، وعليه ثمنها. فإن كان المولى لم يرض بالعيب ولكنه نقض البيع فنقضه باطل، والبيع على حاله إن كان على العبد دين أو لم يكن. ولا يشبه هذا رضى المولى في هذا نقضه؛ لأنه إذا رضي فإنما رضي لنفسه ولعبده ولا دين عليه. فإذا نقض فإنما ينقض (¬1) بيعاً قد أذن له فيه، ولا يكون نقضاً. ألا ترى أن رجلاً لو أمر رجلاً أن يشتري له جارية بألف درهم فاشتراها فلم يقبضها الوكيل حتى وجد بها عيبا فرضيها الآمر بذلك العيب أن ذلك جائز، ولو نقض الآمر البيع لم يجز نقضه، لأن المشتري له أن يأخذها إن أحب ذلك (¬2)، لأنه هو الذي ولي عقدة البيع. فكذلك (¬3) العبد المأذون له في التجارة. وإذا اشترى العبد المأذون له في التجارة من رجل جاريتين بألف درهم، فلم يقبضهما حتى قتلت إحداهما صاحبتها، فالعبد بالخيار، إن شاء أخذ الباقية بجميع الثمن، لا يطرح عنه منه قليل ولا كثير، وإن شاء نقض البيع (¬4)، ورجعت الجارية الباقية إلى البائع. ولو كانت إحدى الجاريتين ماتت موتًا ولم تقتلها صاحبتها كان العبد بالخيار، إن شاء أخذ الباقية بحصتها من الثمن، وإن شاء تركها. ولا يشبه الموت من هذا (¬5) الوجه قتل إحداهما (¬6) صاحبتها. ألا ترى أن العبد لو أراد أخذ القاتلة بحصتها قيل له بعد أخذها: قد انتقض البيع في المقتولة ورجعت إلى البائع فادفع القاتلة بها أو افدها (¬7). فإن دفعها أو فداها قيل له: قد صار ما أخذ منك مكان المقتولة بمنزلة المقتولة، فخذ ذلك بما بقي من الثمن أو دع، فإذًا الثمن قد (¬8) وجب للبائع كله. فلذلك يقال له: إذا قتلت إحدى الجاريتين صاحبتها خذ الباقية بجميع ¬

_ (¬1) م: ينقض. (¬2) ز: بذلك. (¬3) ف: وكذلك. (¬4) ف: البائع. (¬5) ف - الموت من هذا، صح هـ. (¬6) ز: أحدهما. (¬7) م ف ز: افدهما. (¬8) م - قد.

الثمن أو دع. ولا يكون الموت في هذا بمنزلة القتل، لأن الموت ليس بجناية. وكذلك لو كان المشتري حراً والبائع (¬1) عبداً أو كان المشتري والبائع عبدين أو حرين (¬2) جميعاً كان (¬3) بهذه المنزلة. وإذا اشترى العبد المأذون له في التجارة جارية من رجل فقبضها ودفع الثمن، واشترط الخيار في الثمن الذي دفع ثلاثة أيام، فذلك جائز، واشتراطه الخيار في الثمن بمنزلة اشتراطه الخيار في الجارية. وإنما ذلك بمنزلة قوله: إن رضيت أن أسلم لك الثمن فيما بينه وبين ثلاثة أيام سلمت، وإن شئت أخذت الثمن ولم أسلم لك، فهذا بمنزلة الخيار في الجارية. وكذلك لو كان الثمن مائة دينار أو عشرة أكرار حنطة وسطاً أو شيئاً مما يكال أو يوزن بعينه أو بغير عينه إن كان نقد الثمن أو لم ينقده. وكذلك لو كان الثمن عرضاً من العروض فاشتراطه الخيار فيما أعطى اشتراط منه للخيار فيما اشترى. وإذا اشترى العبد المأذون له في التجارة من رجل ثوبين كل ثوب بعشرة، على أن يأخذ أيهما شاء ويرد الآخر، وهو في الآخر أمين إن هلك في يده، لم يكن عليه يمين ولا بينة. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. فإن لم يقبض العبد الثوبين حتى هلك أحدهما في يدي البائع فالمشتري على خياره. إن شاء أخذ الباقي بعشرة دراهم، وإن شاء ترك. وكذلك لو حدث في أحدهما عيب عند البائع كان المشتري على خياره، إن شاء أخذ أيهما شاء بعشرة دراهم، وإن شاء ترك. ولو كان المشتري قبضهما ثم حدث بأحدهما عيب عنده لزمه الذي حدث به العيب، ولا يشبه القبض في هذا غير القبض؛ لأنه إذا قبض فقد صار الذي اشترى في ضمانه. فإذا هلك أو حدث به عيب وجب فيه البيع. فإذا (¬4) لم يقبض فإنما يهلك في ضمان البائع. والمشتري على خياره. فإن شاء أخذه، وإن شاء ترك. ¬

_ (¬1) م: أو البائع. (¬2) ز: حرين أو عبدين. (¬3) ز: كانا. (¬4) ف ز: وإذا.

وإذا باع (¬1) العبد المأذون له في التجارة من رجل ثوبين على أن البائع بالخيار، يلزم أيهما شاء بعشرة ويرد الآخر، فإن القياس في هذا أن البيع باطل. وكذلك القياس في المشتري. ولكنا نستحسن أن نجيزه، ونجعله على ما اشترطا. فإذا ألزم (¬2) العبد البائع المشتري أحدهما بعشرة دراهم (¬3) جاز ذلك ولزمه ورد الآخر على البائع. فإن كان المشتري قبضهما قبل أن يلزمه البائع أحدهما فهلك أحدهما (¬4) عند المشتري فالمشتري فيه أمين، ولا ضمان عليه فيه، والبائع بالخيار. إن شاء ألزمه الباقي بعشرة. وإن شاء نقض البيع. فإن قال البائع: إنما ألزمه الهالك، لم يكن له ذلك؛ لأن الهالك حين هلك قبل أن يجب فيه بيع فإنما صار البيع في الباقي. فإذا صار البيع (¬5) في الباقي وصار الخيار فيه إلى البائع، إن شاء أمضى البيع، وإن شاء رده، وكان (¬6) المشتري في الهالك أميناً؛ لأن المشتري قبضهما على أنه أمين في أخذهما. ولو كان الثوبان لم يهلك أحدهما، ولكن حدث بأحدهما عيب عند المشتري، كان البائع بالخيار. إن شاء ألزم (¬7) المشتري أحدهما (¬8) أيهما شاء بعشرة دراهم وأخذ الآخر. وإن شاء نقض البيع في جميعهما. فإن ألزم البائع المشتري الذي به العيب منهما لزمه بجميع الثمن. فإن أخذهما البائع جميعاً كان له في القياس أن يرجع بنصف قيمة العيب على المشتري. إن كان الثوب الذي حدث به العيب هو الذي كان فيه أميناً لم يلزم المشتري من العيب قليل ولا كثير. وإن كان الثوب الذي حدث به العيب هو الذي وقع عليه البيع (¬9) غرم المشتري نقصان العيب من الثمن (¬10)، فهو في حال يغرم جميع العيب، وفي حال لا غرم عليه، فينبغي في القياس نصف نقصان العيب من قيمة ¬

_ (¬1) م ف ز: فإذا باع. (¬2) م ف: لزم. (¬3) ف - دراهم. (¬4) ف - فهلك أحدهما. (¬5) ف: إليه. (¬6) م + وكان. (¬7) م: لزم. (¬8) م: أخذهما. (¬9) ف + لا. (¬10) م ز: من العلم؛ ف: من العدل.

باب البيع يبيعه العبد أو الحر على أنه إن لم ينقده الثمن فلا بيع بينهما

الثوب، ولكني أدع القياس في هذا وأستحسن، فلا يضمن (¬1) المشتري من نقصان العيب قليلاً ولا كثيراً. ولو كان الثوبان لم يقبضهما المشتري حتى هلك أحدهما في يدي البائع فالبائع على خياره. إن شاء أمضى البيع في الباقي وألزمه المشتري. وإن شاء نقض البيع فيه. ولو كان أحد الثوبين لم يهلك، ولكنه حدث فيه عيب فالبائع فيه بالخيار. إن شاء ألزم المشتري الثوب الذي لم يحدث فيه العيب بعشرة دراهم، ولا خيار للمشتري في رده. وإن شاء ألزم الثوب الذي حدث فيه العيب، والمشتري بالخيار للعيب الذي حدث فيه عند البائع. إن شاء أخذه، وإن شاء تركه. فإن أخذه لزمه جميع الثمن وهو عشرة دراهم لا ينقص من ذلك العيب الذي حدث فيه قليل ولا كثير. وإن رده بالعيب فأبى أن يأخذه فقال البائع: أنا ألزمه الثوب الآخر، فليس له ذلك. إنما كان له أن يلزمه أحدهما. فإذا ألزمه (¬2) أحدهما انتقض البيع في الآخر، فليس له أن يلزمه البيع في الذي انتقض البيع فيه أبداً. وكذلك لو كان البائع (¬3) والمشتري في جميع ما وصفت لك حرين أو عبدين كانا بهذه المنزلة في جميع ذلك. ... باب البيع يبيعه العبد أو الحر على أنه إن لم ينقده الثمن فلا بيع (¬4) بينهما وقال أبو حنيفة: إذا اشترى العبد المأذون له في التجارة أو الحر جارية بألف درهم، على أنه إن لم ينقد البائع الثمن إلى ثلاثة أيام فلا بيع بينهما كان البيع جائزاً، والشرط (¬5) على ما اشترطا، وقالوا: هذا والخيار سواء. فإن اشترطا أنه إن لم ينقد الثمن إلى أربعة أيام فلا بيع بينهما ¬

_ (¬1) م: فلا ضمن. (¬2) م ف: فإذا لزمه. (¬3) ف - البائع، صح هـ. (¬4) م ز: ولا بيع؛ ف: لا بيع. (¬5) ف + باطل.

فإن أبا حنيفة قال: البيع في هذا فاسد، وجعله بمنزلة الخيار في ذلك. وقال محمد: البيع جائز، وهو على ما اشترطا. وقال أبو يوسف ومحمد: إن باع العبد أو الحر (¬1) من رجل جارية وقبض المشتري الجارية ونقد البائع الثمن، على أن البائع إن رد الثمن على المشتري ما بينه وبين ثلاثة أيام فلا بيع بينهما، أن البيع جائز، والشرط على ما شرطا في قياس (¬2) قولهم جميعاً. وقال أبو يوسف ومحمد: هذا بمنزلة اشتراط الخيار البائع لنفسه ثلاثة أيام. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا اشترى العبد المأذون له في التجارة أو الحر من رجل جارية بألف درهم، على أن المشتري إن لم ينقد البائع (¬3) الثمن إلى ثلاثة أيام فلا بيع بينهما (¬4)، فقبض المشتري الجارية في الأيام الثلاثة فباعها، ثم إن الأيام الثلاثة مضين قبل أن ينقده الثمن، فإن البيع الثاني جائز، ولا سبيل للبائع على جاريته، ويتبع الثاني المشتري فيأخذ منه الثمن. وكذلك لو كان المشتري قتلها أو ماتت في يده أو قتلها أجنبي في يده فغرم قيمتها قبل أن تمضي (¬5) الأيام الثلاثة، فالبيع جائز ولا ينتقض. وإن لم ينقد المشتري الثمن حتى تمضي الأيام الثلاثة، فإن كان المشتري وطئ الجارية وهي بكر أو ثيب في الأيام الثلاثة، أو فقأ عينها أو شجّها مُوضِحَة (¬6) أو ذهبت (¬7) من غير فعل أحد، فمضت الأيام الثلاثة قبل أن ينقد المشتري الثمن، فإن البائع بالخيار. إن شاء أخذها بنقصانها ولا شيء له غير ¬

_ (¬1) ز: الحر أو العبد. (¬2) ز - قياس. (¬3) ف - البائع، صح هـ. (¬4) ف + أن البيع جائز والشرط على ما شرطا في قياس قولهم جميعاً وقال أبو يوسف ومحمد إذا اشترى العبد المأذون له في التجارة أو الحر من رجل جارية بألف درهم على أن المشتري إن لم ينقد البائع الثمن إلى ثلاثة أيام فلا بيع بينهما. (¬5) ز: أن يمضي. (¬6) أي: جرحها جرحاً يبين ويتضح منه العظم. وقد تقدم. (¬7) ف + عينها.

ذلك من عقر ولا نقصان. وإن شاء سلم المبيع للمشتري (¬1) وأخذ منه جميع الثمن. ولو كان الذي وطئها رجلاً أجنبياً (¬2) أو فقأ عينها أو شجها موضحة فوجب أرشها أو عقرها (¬3)، ثم مضت الأيام الثلاثة قبل أن ينقد المشتري الثمن، فإن الجارية وعقرها وأرش الجناية للمشتري، وعليه الثمن، ولا خيار للبائع في ذلك؛ لأن الجارية وجب فيها أرش أو عقر قبل أن ينتقض البيع وقد كان البيع صحيحاً، فلما وجب الأرش أو العقر لم يكن للبائع عليها ولا على ما وجب من أرشها وعقرها سبيل. ولو كان الذي حدث فيها من ذلك بعدما مضت الأيام الثلاثة، فقأ (¬4) عينها رجل أجنبي أو قطع يدها أو كانت بكرًا فافتضها، فالبائع بالخيار. إن شاء أخذ الجارية واتبع الأجنبي بعقرها وأرشها. وإن شاء سلم البيع للمشتري بجميع ذلك الثمن، وكانت الجارية وأرشها وعقرها للمشتري. وإن كانت الجارية ثيباً (¬5) فوطئها الأجنبي فلم ينقصها وطؤها شيئاً أخذها البائع، وأخذ عقرها من الأجنبي، ولا خيار له في تركها. ولو كان المشتري هو الذي قطع يد الجارية أو فقأ عينها أو افتضها بعد مضي الثلاثة الأيام ولم ينقد الثمن فالبائع بالخيار. إن شاء سلم الجارية للمشتري وأخذ منه جميع ثمنها. وإن شاء أخذ الجارية وأخذ نقصانها من الثمن. فإن كان المشتري قطع يدها أو فقأ عينها أخذ البائع الجارية ونصف ثمنها. وإن كان افتضها لم ينظر في ذلك إلى عقرها، ولكنه ينظر إلى ما نقصها الوطء من قيمتها، فيكون على المشتري حصة ذلك من ثمنها في قياس قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فينظر إلى الكثير من عقرها وما نقصها الوطء من قيمتها، فيكون على المشتري حصة ذلك من قيمتها. فإن كان المشتري وطئها وهي ثيب بعدما مضى الثلاثة الأيام فلم ينقصها وطؤه شيئاً، فإن البائع يأخذها، ولا شيء له على المشتري في وطئه إياها في قياس قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإن الثمن يقسم على قيمتها وعلى عقرها، فيأخذ البائع ¬

_ (¬1) ف: البيع المشتري. (¬2) ز: رجل أجنبي. (¬3) ز: عقرها أو أرشها. (¬4) ز: ففقأ. (¬5) ز: بيتا.

جاريته وحصة العقر من ثمنها؛ لأن العقر في هذا بمنزلة ولد ولدته، فاستهلكه المشتري، فيقسم الثمن على قيمة الولد وقيمة الأم، فيأخذ البائع ما أصاب الولد من الثمن باستهلاك المشتري إياه مع جاريته. وأما في قول أبي حنيفة فإن الولد لا يشبه العقر (¬1)؛ لأن الولد الذي ولدته وقد وقع له حصة من الثمن فصار في ذلك بمنزلة أمه. وأما العقر (¬2) فلم يكن شيئاً قائماً (¬3) بعينه فلا حصة له في الثمن، فإنما كانت الجارية في ضمان المشتري بثمنها. ولو كانت الجارية ولدت ولداً في الأيام الثلاثة، ثم مضت الأيام الثلاثة وهي وولدها حيان، ولم ينقد المشتري الثمن (¬4)، فلا خيار (¬5) للبائع فيها ولا في ولدها، والجارية وولدها للمشتري وعليه الثمن. ولو كانت لم تلد ولكنها زادت في بدنها كان للبائع أن يأخذها (¬6) بزيادتها. ولو كانت ولدت الولد بعدما مضت (¬7) الثلاثة الأيام ونقصتها الولادة فإن البائع بالخيار. إن شاء أخذها وأخذ ولدها وبرئ المشتري من ثمنها. وإن شاء سلم الجارية وولدها للمشتري وأخذ الثمن. وإن كانت الجارية ماتت بعد مضي الأيام الثلاثة ولم تلد ولداً لزم (¬8) المشتري الثمن، ولم يكن عليه من قيمتها قليل ولا كثير. فإن كانت ولدت بعد مضي الأيام الثلاثة فماتت وبقي ولدها فالبائع بالخيار. إن شاء (¬9) سلم الولد للمشتري وضمنه جميع الثمن. وإن شاء أخذ الولد ورجع على المشتري بحصة الأم من الثمن. وكذلك لو كان الثمن مائة دينار أو شيئاً مما يكال أو يوزن بغير عينه كان كما وصفت لك في جميع هذه الوجوه كلها. ¬

_ (¬1) م ز: للعقر. (¬2) ز - لأن الولد الذي ولدته وقد وقع له حصة من الثمن فصار في ذلك بمنزلة أمه وأما العقر. (¬3) ز: قائمة. (¬4) م: ولم ينقد الثمن المشتري. (¬5) م ز: ولا خيار. (¬6) م: أن يأخذ. (¬7) ز: بعد مضي. (¬8) ف ز: ألزم. (¬9) ز - شاء.

ولو أن المشتري اشترى الجارية بعبد أو بعرض من العروض، على أنه إن لم يعط ذلك البائع إلى ثلاثة أيام فلا بيع بينهما، فالبيع جائز على هذا. فإن حدث بالجارية عيب أو فقأ المشتري عينها أو وطئها وكانت ثيباً أو بكراً، ثم مضت الأيام الثلاثة قبل أن يعطيه المشتري ما باعه، فإن هذا والذي وصفت لك من الثمن في الدراهم والدنانير سواء. ولو كان رجل أجنبي هو الذي وطئها أو فقأ عينها، ثم مضت الأيام الثلاثة قبل أن يعطيه المشتري ما باعه، فإن هذا والذي وصفت لك من الثمن في الدراهم والدنانير سواء (¬1). ولو كانت الأيام الثلاثة مضت قبل أن يعطي المشتري البائع ما اشترطه له (¬2)، ثم إن الجارية هلكت في يدي المشتري أو قتلها، كان للبائع أن يرجع على المشتري بقيمتها، وليس له على ثمنها سبيل. وكذلك لو ذهبت عينها عند المشتري من غير فعل أحد وكان (¬3) المشتري هو الذي فقأ عينها، فإن البائع يأخذ الجارية ونصف قيمتها من المشتري ولا سبيل له على الثمن. ولو كان رجل أجنبي هو الذي فقأ عينها أو قتلها كان البائع بالخيار. إن شاء رجع بقيمتها إن كانت قتلت على المشتري في ماله حالة. وإن شاء رجع بها على القاتل على عاقلته (¬4) في (¬5) ثلاث سنين. فإن رجع بها على المشتري رجع المشتري بها على عاقلة القاتل في ثلاث سنين. ولو كان الأجنبي هو الذي (¬6) فقأ عينها أخذها البائع واتبع البائع بأرش عينها إن شاء المشتري، وإن شاء الجاني. فإن اختار أخذ الأجنبي أخذ منه نصف القيمة في ماله حالة، ورجع المشتري بما أخذ منه على الجاني، ولا سبيل للبائع على الثمن في شيء من هذه الوجوه. ولا يشبه الثمن إذا كان عرضاً من العروض بعينه الثمن إذا كان بغير عينه في هذا؛ ¬

_ (¬1) ف ز - ولو كان رجل أجنبي هو الذي وطئها أو فقأ عينها، ثم مضت الأيام الثلاثة قبل أن يعطيه المشتري ما باعه فإن هذا والذي وصفت لك من الثمن في الدراهم والدنانير سواء. (¬2) ف - له. (¬3) ز: أو كان. (¬4) ف: في عاقلته. (¬5) ف - في. (¬6) م ز - هو الذي.

لأن الثمن إذا كان بغير عينه فهلكت الجارية في يدي (¬1) المشتري فلم يبق مما وقع عليه البيع شيء قائم بعينه. وإذا كان الثمن عرضاً فقد بقي شيء (¬2) مما وقع عليه البيع قائماً (¬3) بعينه وهو الثمن؛ لأنه عرض. ألا ترى لو (¬4) أن رجلاً اشترى من رجل عبداً بألف درهم، ثم تقابضا، ثم تقايلا البيع، فهلك العبد في يدي المشتري قبل أن يدفعه إلى البائع، أن الإقالة منتقضة، ولا سبيل لواحد منهما على صاحبه، وكان العبد حيث (¬5) هلك في يدي المشتري هلك بالثمن، ولا يرجع واحد منهما على صاحبه. ولو أن رجلاً اشترى من رجل جارية بغلام فتقابضا، ثم تقايلا، فلم يقبض صاحب الجارية حتى هلكت الجارية في يدي الذي أقال البيع، فإن (¬6) للذي العبد في يديه أن يدفع العبد إلى الذي أقاله البيع فيه ويأخذ منه قيمة الجارية. أوَلا ترى أن العرض بالعرض لا يشبه الإقالة. العرض بالدراهم، والإقالة نقض (¬7) البيع. وكذلك الباب الأول لا يشبه العرض بالعرض فيه العرض بالدراهم؛ لأنه نقض بيع بمنزلة الإقالة. ألا ترى أن الأيام الثلاثة حين مضت قبل أن يقبض البائع الثمن انتقض البيع، فصار بمنزلة الإقالة. وإذا باع العبد المأذون له في التجارة أو الحر من رجل جارية بألف درهم، وقبض المشتري الجارية وقبض البائع. الثمن، على أن البائع إن رد الثمن على المشتري إلى ثلاثة أيام فلا بيع بينهما، ثم إن المشتري وطئ الجارية أو فقأ عينها في الأيام الثلاثة، فإن رد البائع الثمن على المشتري في الأيام الثلاثة كان له أن يأخذ جاريته، ويضمن المشتري عقرها إن كان وطئها ونصف قيمتها إن كان فقأ عينها. فإن مضت الأيام الثلاثة قبل أن يرد البائع الثمن كان البيع جائزاً، ولا شيء على المشتري من العقر ولا من أرش الجناية. ولو كان الذي وطئها أو فقأ عينها رجلاً أجنبياً في الأيام ¬

_ (¬1) ف: في يد. (¬2) ز: شيئاً. (¬3) ز: قائم. (¬4) م ز - لو. (¬5) ز: حين. (¬6) م ز: قال. (¬7) ف: بعض.

باب الشفعة في بيع العبد المأذون له في التجارة

الثلاثة، فإن رد البائع الثمن في الأيام الثلاثة أخذ جاريته وأخذ نصف قيمتها إن كان عينها فقئت، إن شاء أخذ ذلك من الأجنبي. وإن شاء أخذ ذلك من المشتري واتبع المشتري الفاقئ بما أخذ منه البائع. وإن كان الأجنبي وطئها وهي بكر فهو بمنزلة الجناية. وإن كانت الجارية ثيبًا فلم ينقصها الوطء شيئاً أخذها البائع، واتبع الواطئ بعقرها، ولا سبيل له على المشتري. فإن لم يرد البائع الثمن في الأيام الثلاثة حتى مضت فإن البيع جائز لازم للمشتري، وتبع المشتري الجاني والواطئ بأرش الجناية والعقر. ولو كان الذي وطئها أو فقأ عينها البائع فإن البيع قد انتقض إن رد البائع الثمن على المشتري في الأيام الثلاثة أو لم يرده، ويأخذ البائع الجارية، ولا شيء له على المشتري من أرشها ولا من عقرها، ويدفع البائع الثمن إلى المشتري؛ لأن البيع قد انتقض حين وطئها البائع في الأيام الثلاثة أو جنى عليها. ولو كانت جناية البائع أو وطؤه بعد مضي الأيام الثلاثة ولم يرد الثمن فالبيع جائز، وعلى البائع (¬1) عقرها إن كان وطئها، وأرشها إن كان جنى عليها. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. ... باب الشفعة في بيع العبد (¬2) المأذون له في التجارة وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا أذن الرجل لعبده في التجارة فاشترى العبد داراً وشفيعها (¬3) المولى (¬4) في دار له من غير تجارة العبد، فإن كان العبد لا دين عليه فلا شفعة للمولى فيها؛ لأنه إنما اشتراها للمولى. وإن كان على العبد دين فللمولى أن يأخذها من عبده بشفعته. ولو كان المولى هو المشتري والعبد الشفيع بدار للعبد من تجارته، فإن كان العبد لا ¬

_ (¬1) ز - البائع. (¬2) م ف ز - العبد. والزيادة من ع. (¬3) ف ز: وشفعتها. (¬4) م - المولى، صح هـ.؛ ف: للمولى.

دين عليه فلا شفعة للعبد فيها، إن (¬1) أخذها فإنما أخذها لمولاه. وإن كان على العبد دين فللعبد أن يأخذها من المولى بشفعته فيها في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: لو أن المولى باع داراً له وشفيعها عبده المأذون له بدار من تجارته، فإن كان العبد لا دين عليه فليس له أن يأخذها بشفعته، لأنه إنما يأخذها لمولاه، فليس له أن ينقض بيع مولاه. وإن كان على العبد دين فله أن يأخذها بالشفعة ويدفع الثمن. ولو أن عبداً باع داراً من تجارته ومولاه شفيعها بدار له من غير تجارة العبد فأراد المولى أن يأخذها بالشفعة، فإن كان العبد لا دين عليه فليس للمولى أن يأخذها بالشفعة؛ لأن العبد إنما باعها للمولى. وإن كان على العبد دين فللمولى أن يأخذها بالشفعة (¬2) إن كان باعها بقيمتها أو بأكثر من ذلك. وإن كان باعها بأقل من قيمتها بما يتغابن الناس فيه أو بغير ذلك لم يكن للمولى فيها شفعة. ولو أن العبد باع من مولاه داراً ولها شفيع أجنبي فأراد الأجنبي أن يأخذها بالشفعة، فإن كان العبد لا دين عليه فليس للشفيع أن يأخذها. وإن كان العبد عليه دين، فإن كان باع الدار من مولاه بمثل قيمتها أو أكثر فالبيع جائز، وللشفيع أن يأخذها بالشفعة. ولو كان باعها من مولاه بأقل من قيمتها فللشفيع أن يأخذها (¬3) بقيمتها أو يدع. فإن رأى أن يأخذها فالمولى بالخيار. إن شاء أدى تمام قيمتها وكانت الدار له. وإن شاء نقض البيع. وهذا قياس قول أبي (¬4) يوسف ومحمد في المريض يبيع من وارثه داراً ولها شفيع أجنبي. وأما في قياس قول أبي حنيفة فلا شفعة في الدار التي اشتراها المولى من عبده. ولا يجوز البيع فيما بين المولى وبين عبده؛ لأنه حاباه فيها، والمحاباة في البيع فيما بين العبد ومولاه إذا كان ¬

_ (¬1) م ف ز: انه. (¬2) ف - لأن العبد إنما باعها للمولى وإن كان على العبد دين فللمولى أن يأخذها بالشفعة. (¬3) ف - بالشفعة ولو كان باعها من مولاه بأقل من قيمتها فللشفيع أن يأخذها. (¬4) ز + حنيفة.

عليه دين لا يجوز. ألا ترى أن إقراره لمولاه بوديعة أو بشيء بعينه في يده لا يجوز إذا كان عليه دين. فكذلك محاباته (¬1) فيما اشترى منه. ولو أن المولى باع من عبده داراً بمثل قيمتها أو بأقل ولها شفيع أجنبي فأراد الشفيع أخذها بالشفعة (¬2)، فإن كان العبد لا دين عليه فليس للشفيع في الدار شفعة. وإن كان على العبد دين فالبيع جائز فيما بينه وبين عبده، فللشفيع أن يأخذها بالشفعة. فإن كان المولى باعها من عبده بأكثر من قيمتها فإن البائع بالخيار. إن شاء سلمها للعبد بقدر قيمتها من الثمن، وبطل الفضل الذي حاباه به عبده. فإن اختار ذلك وسلم الدار للعبد بذلك كان للشفيع أن يأخذها بما سلم البائع (¬3) الدار لعبده. فإن أبى المولى أن يسلمها لعبده إلا بجميع الثمن انتقض البيع فيما بين العبد وبين مولاه ولم يكن للشفيع فيها شفعة إلا أن يأخذها بجميع الثمن الذي اشتراها به العبد. فإن أراد أخذها بذلك أخذها، وكانت العهدة في ذلك على المولى البائع، وهذا قياس قول أبي يوسف ومحمد في هذا. وأما في قياس قول أبي حنيفة فإن البيع فيما بين العبد وبين مولاه (¬4) باطل، ولا شفعة للأجنبي في شيء من ذلك. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا اشترى العبد المأذون له في التجارة داراً أو باع داراً ولها شفيع أخذها الشفيع (¬5) بالشفعة، وكان في ذلك بمنزلة الحر. وكذلك إذا اشترى رجل داراً أو باعها وشفيعها عبد مأذون له في التجارة كان للعبد أن يأخذها بالشفعة، وكان في ذلك بمنزلة الحر (¬6). فإن سلم المولى البيع للمشتري وأبطل شفعة عبده، فإن كان العبد لا دين عليه فتسليمه جائز، ولا شفعة للعبد. وإن كان على العبد دين فتسليم المولى باطل، والعبد على شفعته. فإن لم يأخذ العبد بشفعته حتى اقتضى الغرماء ¬

_ (¬1) ف + فيه. (¬2) ز: بالنفقة. (¬3) ف: للبائع. (¬4) ف ز: بين العبد ومولاه. (¬5) ف - الشفيع. (¬6) ف - وكذلك إذا اشترى رجل داراً أو باعها وشفيعها عبد مأذون له في التجارة كان للعبد أن يأخذها بالشفعة وكان في ذلك بمنزلة الحر.

دينهم أو أبرؤوا العبد من دينهم سلمت الدار للمشتري، وبطلت الشفعة بتسليم المولى المبيع للمشتري. ولو كان العبد هو الذي سلم الشفعة وعليه دين أو لا دين عليه كان التسليم جائزاً على غرمائه وعلى المولى. ولو أن العبد حجر عليه مولاه بعدما وقع الشراء قبل أن يأخذه بالشفعة فأراد أن يأخذه بالشفعة بعدما حجر عليه مولاه وفي يده مال أو لا مال (¬1) في يده وعليه دين أو لا دين عليه فليس له أن يأخذه بالشفعة؛ لأن الأخذ بالشفعة بمنزلة الشراء، وليس له أن يشتري بعد ما حجر عليه. ولو أن العبد لم يحجر عليه فأراد المولى أن يأخذ بالشفعة ولم يسلم العبد الشفعة، فإن كان العبد لا دين عليه فللمولى أن يأخذ بالشفعة. وإن كان على العبد دين فليس للمولى أن يأخذ بالشفعة إلا أن يقضي الغرماء دينهم. فإن كان قضاهم كان للمولى أن يأخذها بالشفعة. وإن كان على العبد دين فأراد الغرماء أن يأخذوا (¬2) بالشفعة فليس لهم ذلك. وإن كان المولى حجر على عبده بعد الشراء، ثم أراد المولى أن يأخذ الدار (¬3) بالشفعة، فإن كان العبد (¬4) لا دين عليه فللمولى أن يأخذ بالشفعة، إن سلم العبد الشفعة بعدما يحجر عليه أو لم يسلم. وإن كان العبد عليه دين فأراد مولاه أن يأخذ الدار بالشفعة فليس له ذلك إلا أن يقضي المولى (¬5) الغرماء دينهم. فإن قضاهم كان له أن يأخذ بالشفعة، إن سلم العبد الشفعة بعد الحجر أو لم يسلم. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فاشترى داراً ولها شفيع فأراد الشفيع أخذها بالشفعة، فوكل بأخذها له وبالخصومة في ذلك مولى العبد المأذون له في التجارة، فإن كان (¬6) على العبد دين أو لا دين عليه فالوكالة باطل. وإن كان العبد عليه دين فسلمها العبد للمولى بالشفعة صارت الدار للشفيع، ولا يجوز قبض المولى الدار من العبد على الشفيع حتى يقبضها الشفيع من ¬

_ (¬1) م ز: ولا مال. (¬2) ز: أن يأخذ. (¬3) ز - الدار. (¬4) ف - العبد. (¬5) ف - المولى. (¬6) ف: فلو كان.

المولى، والعهدة فيما بين الشفيع والعبد، ولا عهدة فيما بين المولى وعبده. ولو كان العبد هو الشفيع فوكل مولاه أن يأخذها (¬1) بالشفعة كانت الوكالة جائزة، وكان للمولى أن يأخذها بالشفعة إن كان على العبد دين أو لم يكن. وكذلك لو كان العبد وكل بشفعته بعض غرمائه كانت وكالته جائزة. وإن سلم المولى الشفعة للمشتري عند القاضي فإن تسليمه جائز إن كان على العبد دين أو لم يكن (¬2). فإن سلم الشفعة عند غير القاضي فإن كان العبد لا دين عليه فتسليمه جائز. وإن كان عليه دين فتسليمه باطل، وليس له أن يأخذ بالشفعة، ولكن العبد يأخذ بشفعته. وهذا قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: تسليم الوكيل الشفعة باطل وإن (¬3) كان الوكيل هو المولى إذا كان على العبد دين. ولو كان وكل بالأخذ بالشفعة والخصومة في ذلك بعض غرمائه فسلم الشفعة، فإن كان سلمها عند القاضي جاز ذلك على العبد، وكان التسليم جائزاً في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وكذلك إن أقر عند القاضي بأن العبد قد سلمها. ولو سلمها (¬4) قبل أن يتقدم، فإن قامت عليه بينة أنه قد سلمها قبل أن يتقدم إلى القاضي لم يجعل القاضي ذلك تسليماً على العبد (¬5)، ولكنه يخرج الوكيل من الوكالة، ولا يجعل له أن يأخذها بالشفعة. وكذلك إن كان المولى هو الوكيل في جميع ما وصفت لك. وإذا كان العبد هو الذي اشترى الدار فوكل شفيعها بأخذها بالشفعة بعض غرماء العبد، فإن سلمها العبد بالشفعة بغير خصومة كانت ¬

_ (¬1) ز: مولاه أيأخذها. (¬2) ز - وكذلك لو كان العبد وكل بشفعته بعض غرمائه كانت وكالته جائزة وإن سلم المولى الشفعة للمشتري عند القاضي فإن تسليمه جائز إن كان على العبد دين أو لم يكن. (¬3) م ف ز: فإن. والتصحيح من الكافي، 3/ 114 و. (¬4) م ز - ولو سلمها؛ صح م هـ (¬5) ز - على العبد.

الدار للموكل، وكان هو الذي يقبضها (¬1) من العبد، ويدفع إليه الثمن، ولا يجوز قبض الغريم على الشفيع. ولا عهدة بين الغريم وبين العبد في ذلك، والعهدة فيما بين الشفيع والعبد؛ لأن ما في يدي العبد من الملك من دار أو غيرها لغرمائه، هم أحق بها من غيرهم. ولا يكون الغريم وكيلاً في الأخذ بالشفعة إلا أن يسلمها (¬2) العبد بغير خصومة. فإن سلمها للشفيع بغير خصومة جاز ذلك، وكان الذي (¬3) يلي قبضها الشفيع (¬4). ألا ترى أن رجلاً لو مات وعليه دين، فباع الوصي داراً للميت ولها شفيع، فوكل الشفيع بعض غرماء الميت أن يأخذها له، لم يكن وكيلاً في الخصومة في ذلك؛ لأن الدار إنما بيعت له. وكذلك لو أن الميت اشترى في حياته داراً وقبضها، ثم مات وعليه دين، وطلب الشفيع شفعته في الدار التي اشترى الميت، ووكل بعض غرماء الميت بالأخذ بالشفعة والخصومة في ذلك، لم يكن وكيلاً في الخصومة في ذلك. فإن سلم الوصي الشفعة للوكيل بغير خصومة وجبت الدار للشفيع، ولم يكن للغريم أن يقبضها حتى يحضر الشفيع والوصي. ألا ترى أنه لو وكل وارثاً لم يكن وكيلاً. وكذلك الغريم. وإذا باع العبد المأذون له في التجارة داراً ولها شفيع فوكل الشفيع بخصومة المشتري مولى العبد، وعليه دين أو لا دين عليه، أو وكل بذلك بعض غرماء العبد، فالوكالة باطل. وليس للوكيل أن يخاصم في ذلك؛ لأنه إنما بيعت للوكيل. فإذا كان الوكيل هو الذي يريد أن يأخذها بالشفعة وإنما بيعت له لم يكن له ذلك. ألا ترى أن رجلاً لو أمر رجلاً أن يبيع له داراً فباعها وقبضها المشتري ولها شفيع فوكل الشفيع بأخذ الشفعة والخصومة في ذلك الآمر بالبيع لم يكن وكيلاً في ذلك. فكذلك العبد إذا باع داراً لم يكن مولاه ولا أحد من غرمائه وكيلاً في أخذها بالشفعة. ألا ترى أن رجلاً لو دفع إلى رجل مالاً مضاربة فاشترى به داراً (¬5) وسلم الشفيع الشفعة (¬6)، ثم ¬

_ (¬1) ف: وهو الذي كان يقبضها. (¬2) م ز: أن تسليمها. (¬3) ز: للذي. (¬4) ف: للشفيع. (¬5) ز - دارا. (¬6) م: بالشفعة.

باب بيع العبد المأذون له في التجارة في الكيل والوزن من صنفين

باع المضارب الدار وقبضها المشتري، فجاء الشفيع يطلب شفعته، فوكل بالأخذ بالشفعة والخصومة في ذلك الذي دفع المال مضاربة، أنه لا يكون وكيلاً في ذلك. فإن سلم المشتري الشفعة للشفيع من غير خصومة جاز ذلك، وكان الذي قبض الدار ونقد الثمن الشفيع. ولا عهدة بين المشتري وبين الذي دفع المال مضاربة في شيء من ذلك. ... باب بيع (¬1) العبد المأذون له في التجارة (¬2) في الكيل والوزن من صنفين (¬3) وإذا باع العبد المأذون له في التجارة من رجل عشرة أقفزة شعير وعشرة أقفزة حنطة فقال: أبيعك هذه العشرة الأقفزة حنطة وهذه الأقفزة شعير كل قفيز بدرهم، فاشترى على ذلك فالبيع جائز. فإن قبض ذلك المشتري ونقد الثمن عشرين درهماً، ثم وجد بالحنطة عيباً فأراد ردها، فإنه يردها بنصف الثمن على حساب كل قفيز منها بدرهم. ولو قال: أبيعك هذه العشرة الأقفزة حنطة وهذه العشرة الأقفزة شعير (¬4) كل قفيز منها بدرهم، فاشترى على هذا وقبض، ثم وجد بالحنطة عيباً، فإنه يردها على حساب كل قفيز بدرهم نصف قفيز من (¬5) الشعير (¬6) ونصف قفيز من الحنطة. فإذا أراد أن يرد الحنطة قوّم الحنطة والشعير، فإن كانت قيمة الحنطة عشرين درهماً والشعير عشرة دراهم، رد الحنطة بثلثي (¬7) الثمن. ولا يشبه قوله: كل قفيز، ولم يقل: منهما؛ لأنه إذا قال: كل قفيز منهما، وقع كل قفيز منهما نصف على الحنطة ونصف على الشعير. وإذا قال: كل قفيز، ولم يقل: ¬

_ (¬1) ف - بيع. (¬2) ف ز - في التجارة. (¬3) م ف ز: في صفقتين. والتصحيح من الكافي، 3/ 114 ظ؛ والمبسوط، 26/ 11. (¬4) ز - شعير. (¬5) ز - من. (¬6) ز: شعير. (¬7) ز - بثلثي.

منهما، فهذا على كل قفيز من الحنطة بدرهم. وكذلك لو قال: أبيعك من هذه الحنطة والشعير قفيزاً بدرهم، فاشترى على هذا كان هذ الشراء جائزاً، وكان له نصف القفيز من الحنطة ونصف القفيز من الشعير بدرهم. ولو أنه قال: أبيعك هذه الحنطة وهي عشرة أقفزة وهذا الشعير وهو عشرة أقفزة القفيز بدرهم، فاشترى على هذا كان هذا (¬1) جائزاً، وكان هذا بمنزلة قوله: كل قفيز بدرهم. ولو قال: أبيعك هذه الحنطة وهي عشرة أقفزة وهذا الشعير وهو عشرة أقفزة القفيز منها بدرهم، فاشترى على هذا كان هذا جائزاً، وهذا بمنزلة قوله: كل قفيز منها بدرهم. ولو قال: أبيعك هذه الحنطة (¬2) وهذا الشعير (¬3)، ولم يسم كيلها (¬4) كل قفيز بدرهم فالبيع في قياس قول أبي حنيفة فاسد حتى يعلم الكيل كله. فإذا علم فهو بالخيار. إن شاء أخذ كل قفيز من حنطة بدرهم وكل قفيز من شعير بدرهم. وإن شاء ترك. ولو قال: أبيعك هذه الحنطة وهذا الشعير كل قفيز منها بدرهم، فإن البيع واقع في قياس قول أبي حنيفة على قفيز نصفه من الشعير ونصفه من الحنطة بدرهم. فإن علم بالكيل بعد ذلك كان بالخيار. إن شاء أخذ كل قفيز من الشعير والحنطة (¬5) بدرهم. وإن شاء ترك. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإذا قال: أبيعك هذه الحنطة وهذا الشعير كل قفيز بدرهم، فالبيع جائز على كل قفيز من الحنطة بدرهم، وكل قفيز من الشعير بدرهم. فإذا قال: أبيعك هذه الحنطة وهذا الشعير كل قفيز منها بدرهم، ولم يسم جميع الكيل فهو جائز أيضاً في قول أبي يوسف ومحمد، ولزمه جميع الحنطة وجميع الشعير كل قفيز منها بدرهم نصفه من الشعير ونصفه من الحنطة. وكذلك لو كان المشتري عبداً والبائع حراً أو كانا عبدين جميعاً مأذونًا لهما في التجارة أو كانا حرين جميعاً فهو سواء في جميع ما وصفت (¬6) لك. ¬

_ (¬1) ز - كان هذا. (¬2) م ز + وهي عشرة أقفزة وهذا الشعير وهو عشرة أقفزة القفيز منها بدرهم فاشترى على هذا كان هذا جائزاً وهذا بمنزلة قوله كل قفيز منها بدرهم ولو قال أبيعك هذه الحنطة. (¬3) ز - الشعير. (¬4) ف: كلها. (¬5) ز - والحنطة. (¬6) ز - ما وصفت.

وإذا قال الرجل حراً كان أو عبداً (¬1) مأذوناً له في التجارة لرجل: أبيعك هذه الحنطة على أنها أقل من كُرّ، فاشتراها على ذلك، فإن وجدها أقل من كر فالبيع جائز. وإن وجدها كرًّا أو أكثر من ذلك فالبيع فاسدة لأنه قال: على أنها أقل من غير. فإذا وجدها كزا أو أكثر من ذلك لم يدر ما اشترى. وكذلك لو قال: أبيعك هذه الحنطة على أنها أكثر من كر. فإن وجدها أكثر من غير قليلاً أو كثيراً (¬2) فالبيع جائز. وإن وجدها كرًّا أو أقل منه فالبيع فاسد، لأنه لا يدرى ما حصة ما نقص منها مما شرط له. ولو قال: أبيعك هذه الحنطة على أنها غير (¬3) أو أقل منه، فاشتراها على هذا، فإن وجدها كرًّا أو أقل منه (¬4) فالبيع جائز لازم للمشتري. وإن وجدها أكثر من غير لزم المشتري من ذلك كر (¬5)، ليس للبائع أن ينقصه من ذلك شيئاً، وكانت الزيادة على الكر للبائع. ولو قال: أبيعك هذه الحنطة على أنها كر (¬6) أو أكثر من كر (¬7)، فوجدها كرًّا كذلك فالبيع جائز. وإن وجدها أقل فالمشتري بالخيار. إن شاء أخذها بحصتها من الثمن. وإن شاء تركها، ثم يقسم الثمن على كر، فما نقص من الكر طرح حصته من الثمن. ولو قال له: أبيعك هذه الدار على أنها أقل من ألف ذراع، فاشتراها فوجدها كما قال، أو وجدها ألف ذراع أو أكثر، فالبيع جائز لازم للمشتري. ولو قال: أبيعك هذه الدار على أنها أكثر من ألف ذراع، فاشتراها على هذا، فإن وجدها أكثر من ألف ذراع كما قال بقليل أو كثير فالبيع لازم للمشتري، ولا خيار له فيه. وإن وجدها ألف ذراع أو أقل من ذلك فالمشتري بالخيار. إن شاء أخذها بجميع الثمن. وإن شاء تركها. ولا يشبه هذا الحنطة وشبهها مما يكال أو يوزن؛ لأن الدار ونحوها مما لا يتبعض (¬8)، وإنما وقع البيع على الجميع، وأما الكيل والوزن فإنما وقع البيع فيه على تسمية الكيل والوزن. ¬

_ (¬1) ف: حراً أو كان عبدا. (¬2) ز: قليل أو كثير. (¬3) ز: كرا. (¬4) ف: فإن وجدها أكثر من غير قليل أو كثير. (¬5) ز: كرا. (¬6) ز: كرا. (¬7) ف: من ذلك. (¬8) ف: لا ينقض (مهملة).

وإذا اشترى الرجل حراً كان أو عبداً مأذوناً له في التجارة من رجل ثوباً بعشرة دراهم فقال المشتري: اشتريت هذا الثوب منك بعشرة دراهم على أنه عشرة أذرع، فوجده ثمانية أذرع، فقال البائع: بعتك هذا الثوب بعشرة دراهم على أنه ثمانية أذرع، ولا بينة بينهما، فالقول قول البائع مع يمينه، وعلى المشتري البينة على ما ادعى من الشرط. ولو قال المشتري: اشتريت منك هذا الثوب بعشرة دراهم على أنه عشرة أذرع كل ذراع بدرهم، فوجده ثمانية أذرع، فقال البائع: بعتك هذا الثوب على أنه ثمانية أذرع بعشرة دراهم ولم أشترط لك كل ذراع بدرهم، ولا بينة بينهما، فإنهما يتحالفان ويترادان، ويبدأ باليمين في ذلك المشتري. فإن حلف المشتري على ما ادعى البائع حلف البائع. فإن نكل عن اليمين فالمشتري بالخيار. إن شاء أخذ الثوب بثمانية دراهم. وإن شاء ترك. وإن حلف البائع على ما ادعى المشتري ترادا البيع. وإن نكل المشتري عن اليمين لزمه الثوب بعشرة دراهم، ولا يشبه قول المشتري: شرطت في أنه عشرة أذرع كل ذراع بدرهم؛ لأنه إذا قال: كل ذراع بدرهم، فقد اختلفا في أصل الثمن؛ لأن الثوب إذا كان ثمانية أذرع لم يلزم المشتري إلا ثمانية دراهم، فقد اختلفا في أصل الثمن (¬1)؛ لأن المشتري يقول: هو لي بثمانية دراهم (¬2)، والبائع يقول: هو لازم للمشتري بعشرة دراهم، فقد اختلفا في أصل الثمن. وإذا قال المشتري: اشتريته بعشرة دراهم على أنه عشرة أذرع، ولم يقل: كل ذراع بدرهم، فلم يختلفا في أصل الثمن. وإنما ادعى المشتري شرطاً شرطه (¬3) له البائع، ولا يصدق على الشرط الذي ادعى إلا ببينة. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. ... ¬

_ (¬1) ف - لأن الثوب إذا كان ثمانية أذرع لم يلزم المشتري إلا ثمانية دراهم فقد اختلفا في أصل الثمن. (¬2) ف + فقد اختلفا في أصل الثمن لأن المشتري يقول هو لي بثمانية دراهم. (¬3) ف ز: شرط.

باب عتق المولى عبده المأذون له ورقيقه والدعوة في ذلك

باب عتق المولى عبده المأذون له ورقيقه والدعوة في ذلك وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين فأعتقه المولى فعتقه جائز. وإن كان الدين أقل من قيمته غرم الدين لغرماء العبد. وإن كان أكثر من قيمته غرم قيمته للغرماء. وإن كان قيمته عشرين ألفاً أو ثلاثين ألفاً غرم ذلك كله إن علم بالدين أو لم يعلم، واتبع الغرماء العبد بما بقي من دينهم فأخذوه (¬1) منه. وكذلك لو كان هذا الدين الذي لزم العبد من غصب اغتصبه أو من وديعة جحدها أو من دابة عقرها أو قتلها. ولو كان قتل (¬2) عبداً أو حراً فأعتقه مولاه وهو يعلم بذلك كانت عليه قيمة العبد المقتول بالغة ما بلغت وإن كانت قيمته أكثر من قيمة عبده، إلا أن تكون قيمة العبد المقتول عشرة آلاف أو أكثر، فيغرم المولى عشرة آلاف إلا عشرة دراهم. فإن كان المقتول حراً وقد أعتق المولى عبده وهو يعلم بالجناية غرم المولى دية الحر. وإن كان المولى أعتق عبده وهو لا يعلم الجناية فإنما يغرم المولى قيمة عبده لأولياء الحر. فإن كانت قيمته عشرة آلاف أو أكثر (¬3) غرم عشرة آلاف إلا عشرة دراهم. وإن كان المقتول عبداً فأعتق المولى عبده وهو لا يعلم بالجناية، غرم المولى الأقل من قيمة عبده ومن قيمة المقتول إلا أن يكون أقل القيمة عشرة آلاف أو أكثر، فيغرم عشرة آلاف إلا عشرة دراهم. ولا يشبه قتل العبد ولا قطع يده ولا الجناية عليه ولا قتل الحر والجناية عليه قتل الدابة وغصب الأموال والدين يلحق في قول (¬4) أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ¬

_ (¬1) م ف ز: فيأخذوه. (¬2) م ز - قتل. (¬3) ز - فيغرم المولى عشرة آلاف إلا عشرة دراهم. فإن كان المقتول حراً وقد أعتق المولى عبده وهو يعلم بالجناية غرم المولى دية الحر وإن كان المولى أعتق عبده وهو لا يعلم الجناية فإنما يغرم المولى قيمة عبده لأولياء الحر فإن كانت قيمته عشرة آلاف أو أكثر. (¬4) ز - قول.

وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا أذن الرجل لعبده في التجارة وقيمته عشرون (¬1) ألفاً، فادّان (¬2) ديناً كثيراً يحيط بقيمته وجنى جناية تحيط بقيمته، فأعتقه المولى وهو لا يعلم بالجناية، فإن المولى يغرم لأصحاب الدين قيمته كاملة عشرين ألفاً إن علم بالدين أو لم يعلم، ويغرم لأصحاب الجناية عشرة آلاف إلا عشرة دراهم إذا لم يعلم بالجناية، ولا يدخل أصحاب الجناية في قيمة أصحاب الدين، ولا أصحاب الدين في قيمة أصحاب الجناية. فإن كان المولى أعتق العبد وهو يعلم بالجنايات ضمن المولى الجنايات كلها، ولا يدخل في قيمة أصحاب الدين. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا أذن الرجل لعبده المدبر في التجارة أو أذن لأم ولده فلحقها دين كثير أو لحق المدبر دين كثير، ثم إن المولى أعتق المدبر أو أم الولد فعتقه جائز، ولا ضمان عليه من الدين ولا من قيمة المدبر وأم الولد، لأن المولى لم يفسد على الغرماء بعتقه شيئاً. ألا ترى أنه لا يباع لهم في دينهم وإن عتق (¬3)، لأنه صار حراً فارغًا للغرماء، فلا ضمان على المولى في ذلك، ولا تشبه (¬4) أم الولد والمدبر العبد الذي يباع في هذا. وقال أبو حنيفة: إذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين قليل أو كثير، ثم إن المولى أعتق رقبة من رقيق العبد فعتقه باطل وإن كان الدين قليلاً أو كثيراً (¬5). ثم رجع أبو حنيفة بعد ذلك عن هذا (¬6) وقال: إن كان الدين كثيراً (¬7) يحيط برقبة العبد المأذون له وبجميع ما في يده فعتقه باطل، وإن كان في رقبته وفيما في يده فضل عن دينه عتقت الجارية التي أعتقها المولى وضمن المولى قيمة الجارية المعتقة. فإن كان معسراً كانت القيمة دينا على الجارية المعتقة، ويرجع بذلك على المولى الذي أعتقها في قياس قول ¬

_ (¬1) ز: عشرين. (¬2) أي: استدان. وقد تقدم. (¬3) م ف ز: وإن العتق. (¬4) ز: يشبه. (¬5) ز: قليل أو كثير. (¬6) ز: عن هذا بعد ذلك. (¬7) ز: كثير.

أبي حنيفة. وكذلك المدبر. وقال أبو يوسف ومحمد: عتقه وتدبيره جائزان إن كان الدين الذي على العبد قليلاً أو كثيراً، ويضمن المولى (¬1) قيمة الجارية المعتقة للغرماء إن كان موسراً. فإن كان معسراً فللغرماء أن يضمنوا الجارية، وترجع (¬2) بذلك على المولى. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد في رجل هلك وترك جارية ولم يدع مالاً غيرها وترك عليه من الدين أقل من قيمتها فأعتقها الوارث، فإن عتقه جائز. فإن كان (¬3) موسراً أخذ الدين من الوارث. وإن كان معسراً ضمنت الجارية الدين ورجعت بذلك على الوارث، لأن هذا عندنا (¬4) بمنزلة الجارية الرهن، تعتق ومولاها معسر، فتضمن (¬5) الأقل من قيمتها ومن الدين، وترجع (¬6) على المولى. وكذلك ما وصفت لك من عتق جارية المأذون له في التجارة. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا أذن الرجل لعبده في التجارة وعليه دين يحيط برقبته وبجميع ما في يده، ثم إن المولى وطئ جارية من رقيق العبد فجاءت بولد فادعاه، فالولد ولد المولى، ويضمن المولى قيمة الجارية، ولا يلزم من عقرها قليل ولا كثير. وقال أبو حنيفة: لا تشبه الدعوة في هذا العتق والتدبير. ألا ترى أن رجلاً لو أعتق جارية ابنه أو دبرها كان عتقه وتدبيره باطلاً (¬7). ولو وطئها فجاءت بولد كانت أم ولد له، وغرم قيمة الجارية، وكانت الجارية أم ولد للأب، ولا عقر عليه، والولد (¬8) ثابت النسب من الأب، ولا ضمان عليه فيه (¬9). فكذلك جارية (¬10) المأذون له (¬11) في التجارة. ولأن المولى أملك بمال عبده وإن كان عليه دين منه بمال ابنه. ¬

_ (¬1) ز - المولى. (¬2) ز: ويرجع. (¬3) م - كان، صح هـ. (¬4) م: عنده. (¬5) م ف ز: فيضمن. (¬6) ز: ويرجع. (¬7) ز: باطل. (¬8) ف: والوالد. (¬9) ف - فيه. (¬10) م ف: الجارية؛ ز: العبد. (¬11) ف: لها.

وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير يحيط بقيمته (¬1) وبجميع ما في يده، ثم إن المولى أعتق جارية من رقيق عبده، فعتقه باطل في قول أبي حنيفة. وإن قضى العبد الغرماء دينهم أو أبرأ الغرماء العبد من دينهم أو أبرأه بعضهم حتى صار في قيمته وفيما في (¬2) يده فضل عن الدين، فعتق المولى جائز وقع عن الجارية؛ لأن العبد حين برئ من الدين صار ماله لمولاه (¬3) يوم ملكه العبد، فجاز عتقه الذي مضى. ألا ترى أن رجلاً لو مات وترك ابناً وترك جارية لا مال له غيرها وعليه دين يحيط بقيمة الجارية فأعتق الوارث (¬4) الجارية أن عتقه باطل في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. فإن أبرأ الغرماء الميت من دينهم جاز عتق الوارث للجارية الذي مضى؛ لأن العتق وقع من الوارث بعد موت أبيه، فلما أبرأ الميت الغرماء من دينهم كان الميراث واجباً (¬5) للوارث يوم مات أبوه، فجاز العتق الذي كان من الوارث قبل إبراء الغرماء من دينهم. فكذلك. رقيق العبد المأذون له في التجارة. وكذلك التدبير هو بمنزلة العتق في جميع ما وصفت لك. فهذا كله قياس قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فهو على ما وصفت لك (¬6). وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير يحيط بقيمته وبجميع ما في يده، ثم إن المولى أعتق جارية من رقيق عبده فبطل عتقها في قول أبي حنيفة (¬7)، ثم إن المولى (¬8) وطئها بعد ذلك فجاءت بولد فادعاه، فدعوته جائزة، والولد حر، والمولى ضامن لقيمة الجارية للغرماء، والجارية حرة بالعتق الذي كان من المولى قبل الوطء، وعلى المولى العقر ¬

_ (¬1) ز: برقبته. (¬2) م - في. (¬3) ف: صار مولاه لماله. (¬4) ز: للوارث. (¬5) ز: واجب. (¬6) ز - فهذا كله قياس قول أبي حنيفة وأما في قول أبي يوسف ومحمد فهو على ما وصفت لك. (¬7) ف - ثم إن المولى أعتق جارية من رقيق عبده فبطل عتقها في قول أبي حنيفة. (¬8) ز - أعتق جارية من رقيق عبده فبطل عتقها في قول أبي حنيفة ثم إن المولى.

باب جناية العبد المأذون له وجناية عبده والجناية [عليه]

للجارية؛ لأن العتق وقع قبل الوطء، فصار المولى كأنه وطئ جارية حرة. ألا ترى أن العتق قد وقع عليها قبل الوطء، فلما جعلناها حرة قل الوطء جعلنا العقر للجارية (¬1) على المولى. ولو كان المولى ادعى بعض رقيق العبد أنه ابنه ولم يكن ذلك العبد ولد في ملك عبده المأذون له فدعوة المولى باطل في قياس قول أبي حنيفة. ودعوته جائزة في (¬2) قول أبي يوسف ومحمد، ويضمن المولى قيمة الولد للغرماء. فإن كان المولى معسراً رجعت الغرماء بالقيمة على الولد (¬3)، ويرجع الولد بذلك على أبيه. ... باب جناية العبد المأذون له وجناية عبده والجناية (¬4) [عليه] (¬5) وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد (¬6): إذا أذن الرجل لعبده في التجارة فجنى جناية وعليه دين من تجارة أو غصب (¬7) غصبه فقتل رجلاً حراً أو عبداً خطأ فإنه يقال لمولاه: ادفعه بالجناية أو افده. فإن دفعه اتبعه الغرماء في يدي أصحاب الجناية فباعوه في دينهم إلا أن يفديه أولياء الجناية. وإن فداه المولى باعه الغرماء في دينهم أيضاً إلا أن يفديه المولى بالدين. وكذلك كل جناية في إنسان عبد أو حر فإنه يدفع بها أو يفدى. وإذا كانت جناية في ¬

_ (¬1) ز - لأن العتق وقع قبل الوطء فصار المولى كأنه وطع جارية حرة ألا ترى أن العتق قد وقع عليها قبل الوطء فلما جعلناها حرة قل الوطء جعلنا العقر للجارية. (¬2) ف + قياس. (¬3) ف - فإن كان المولى معسرا رجعت الغرماء بالقيمة على الولد. (¬4) ز - باب جناية العبد المأذون له وجناية عبده والجناية. (¬5) الزيادة من الكافي، 3/ 117 و. (¬6) توجد في جميع النسخ هنا زيادة الترحم على الأئمة. ولا شك أن ذلك مزيد من قبل الراوي أو الناسخ. (¬7) ز: أو غصبا.

دار أفسده (¬1) أو متاع أفسده (¬2) فهو دين في عنقه بالغة (¬3) ما بلغت يباع فيه. ألا ترى أنه لو استقرضه قرضًا دراهم أو دنانير أو غير ذلك كان ذلك ديناً عليه في عنقه. وكذلك إذا اغتصبه. وكذلك إذا اشترى به بيعاً فاسداً أو جارية اغتصبها فهذا كله سواء، وإنما ذلك دين في عنقه يباع فيه، ولا يشبه هذا الجناية في بني آدم. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا أذن الرجل لعبده في التجارة فاشترى وباع فصار في يده جارية فقتلت قتيلاً خطأ، فإن شاء العبد دفعها. وإن شاء فداها إن كان عليه دين أو لم يكن. وإن كانت الجناية على نفس وقيمة الجارية ألف ففداها العبد بعشرة آلاف (¬4) فذلك جائز في قياس قول [أبي حنيفة، ولا يجوز في قول] (¬5) أبي يوسف ومحمد؛ لأن هذا مما لا يتغابن الناس فيه. وليس للعبد في قول أبي يوسف ومحمد [أن يشتري بما لا يتغابن الناس في مثله. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد:] (¬6) إذا قتلت جارية العبد المأذون له في التجارة أو عبده رجلاً عمداً وجب القصاص على القاتل منهما، لو كان على العبد المأذون له دين أو لم (¬7) يكن. فإن صالح العبد المأذون له في التجارة عن جاريته القاتلة (¬8) أو عن عبده (¬9) القاتل وعليه دين أو لا دين عليه فصلحه جائز. وإن كان العبد المأذون له هو الذي قتل رجلاً عمداً فصالح عن نفسه لم يجز ذلك عنه إن كان على العبد دين أو لم يكن. ألا ترى أن مولاه قد سلطه في بيع متاعه وعبده ولم يسلطه على بيع نفسه، ¬

_ (¬1) ز - أفسده. (¬2) ز: أفسد. (¬3) ز: بالغ. (¬4) م: الألف. (¬5) الزيادة مستفادة من الكافي، 3/ 117 ظ؛ والمبسوط، 26/ 18. (¬6) الزيادة مستفادة من المبسوط، 26/ 18؛ وكذلك من السياق. (¬7) ز - لم. (¬8) م ف ز: عن جارية القاتل. والتصحيح مستفاد من المصدرين السابقين. (¬9) م ف ز: من عبده.

فجاز (¬1) صلحه على عبده ولم يجز على نفسه. فإن صالحه على نفسه فأبطل القاضي الصلح فليس لولي القتيل أن يقتل العبد، ولا يرجع بشيء مما صالحه عليه حتى يعتق. فإذا عتق رجع عليه بما صالحه عليه. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا كان للعبد المأذون له في التجارة دار من تجارته فوجد فيها قتيلاً وعليه دين أو لا دين عليه فالدية على عاقلة المولى. وقال أبو حنيفة: ينبغي في القياس إذا كان على العبد دين أن لا تكون على عاقلة المولى، ولكني أستحسن أن أجعل الدية على عاقلة المولى إن كان على العبد دين (¬2) أو لم يكن. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا كان للعبد المأذون له في التجارة دار (¬3) من تجارته وعليه دين أو لا دين عليه فأشهد عليه في حائط مائل أو متصدع مخوفاً فلم ينقضه حتى وقع على إنسان فقتله فالدية على عاقلة المولى. وقالا: هذا (¬4) بمنزلة القتيل يوجد في دار العبد المأذون له في التجارة. فإن وقع على دابة فقتلها أو على متاع فأفسده وعلى العبد دين أو لا دين عليه فقيمة الدابة والمتاع دين في عنقه يباع فيه أو يفدى. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا كان على العبد المأذون له في التجارة دين فجنى جناية فباعه مولاه من أصحاب الدين بدينهم ومولاه لا يعلم بالجناية فعليه قيمته لأصحاب الجناية. وإن كان يعلم بالجناية فعليه أرش الجناية بالغاً ما بلغ، ويكون بيعه للغرماء اختياراً منه للعبد. فإن لم يبع المولى من الغرماء حتى جاء أصحاب (¬5) الجناية بغير قضاء قاض فإن أبا حنيفة قال: القياس في هذا أن يضمن المولى قيمته للغرماء، ولكني (¬6) أستحسن أن لا أضمنه المولى شيئاً، وأجيز (¬7) دفع المولى العبد إلى ¬

_ (¬1) م ف ز: جاز. (¬2) ز - أن لا تكون على عاقلة المولى ولكني أستحسن أن أجعل الدية على عاقلة المولى إن كان على العبد دين. (¬3) ز: دارا. (¬4) ف: هدر. وانظر: المسوط، 26/ 19. (¬5) ف: صاحب. (¬6) م ز: ولكن. (¬7) ز: وأخبر.

أصحاب الجناية، وآمر الغرماء يتبعونه (¬1) بدينهم، فيتبعون في ذلك إلا أن يفديه أصحاب الجناية بالدين. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إن حضر الغرماء فطلبوه بدينهم وهو عند مولاه لم يدفعه بالجناية ولم يحضر أصحاب الجناية بطلب حقهم، وقد أقر المولى والغرماء بالجناية وأخبروا بها القاضي، لم يبعه لأصحاب الدين حتى يحضر أصحاب الجناية، فيدفعه المولى بدينهم أو يفديه، ثم يباع للغرماء بعد ذلك حتى يستوفوا دينهم. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إن قضى القاضي أن يباع العبد للغرماء وصاحب الجناية غائب فالبيع جائز، ولا شيء لأصحاب الجناية على المولى ولا على العبد؛ لأن القاضي هو الذي باعه بالدين. فإن عتق العبد بعد ذلك لم يتبعه أصحاب الجناية بشيء من جنايتهم. وإن باعه القاضي من أصحاب الدين أو من غيرهم بأكثر من الدين استوفى أصحاب الدين دينهم، وكان (¬2) ما بقي لأصحاب الجناية. فإن كان الذي بقي أكثر من قيمة العبد كان ذلك كله لأصحاب الجناية إلا أن يكون أرش الجناية أقل مما بقي، فيستوفي أصحاب الجناية أرش جنايتهم، ويرد ما بقي على المولى. وإن كان المولى هو الذي باعه بأمر القاضي فكذلك أيضاً. فإن كان المولى باعه بغير أمر القاضي بخمسة آلاف درهم وهو لا يعلم بالجناية، وقيمة العبد ألف ودينه ألف، وجنايته قتل رجل خطأ، فقبض (¬3) المولى الثمن، فإنه يدفع إلى أصحاب الدين بدينهم ألف درهم، وإلى أصحاب الجناية قيمة العبد ألف درهم، وما بقي فهو للمولى. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا كان العبد المأذون له في التجارة، وعليه دين أو لا دين عليه، فقتله رجل عمداً، فعلى قاتله القصاص للمولى، ولا شيء للغرماء. فإن صالح المولى القاتل من الدم على دراهم أو دنانير أو شيء من العروض قليل أو كثير فصلحه جائز على الغرماء، ¬

_ (¬1) ز: يبيعونه. (¬2) ز: فكان. (¬3) ف: قبض.

ويتبع (¬1) الغرماء ما صالح المولى عليه، فيأخذونه بدينهم (¬2). فإن كان ذلك دراهم أو دنانير قبضوه من دينهم. وإن كان عرضاً أو عبداً بيع لهم في دينهم إلا أن يفديه المولى بجميع الدين. فإن كان العبد المأذون له في التجارة لم يقتل ولكن المقتول جارية أو عبد للعبد المأذون له في التجارة، فإن كان العبد (¬3) لا دين عليه فعلى القاتل القصاص للمولى. وليس للعبد المأذون له على القاتل قصاص، إنما ذلك إلى مولى العبد المأذون له. فإن كان العبد المأذون له عليه دين قليل أو كثير فلا (¬4) قصاص على القاتل وإن اجتمع المولى والعبد المأذون له والغرماء على ذلك أو لم يجتمعوا، وعلى القاتل قيمة (¬5) العبد في ماله في ثلاث سنين في كل سنة ثلث القيمة، قلت القيمة أو كثرت، إلا أن تكون (¬6) قيمة العبد عشرة آلاف أو أكئر من ذلك، فتكون (¬7) على القاتل قيمة العبد عشرة آلاف إلا عشرة دراهم في ثلاث سنين كما وصفت لك، فتكون القيمة لغرماء العبد. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا جنى عبد الرجل جناية: قتل (¬8) رجلاً خطأ، فأذن له مولاه بعد ذلك في التجارة، وهو يعلم بالجناية أو لا يعلم، فاشترى العبد (¬9) بعد ذلك وباع فلحقه دين، فهذا ليس باختيار (¬10) من المولى للعبد من الجناية، ولكن المولى يقال له: ادفع العبد أو افده. فإن فداه بأرش الجناية سلم الأرش لأولياء الجناية، وبيع (¬11) العبد في دين الغرماء إلا أن يفديه المولى بالدين (¬12). فإن دفعه المولى إلى أصحاب الجناية اتبعه الغرماء في يدي أصحاب الجناية، فباعوه في دينهم إلا أن يفديه ¬

_ (¬1) م ز: ويبيع. (¬2) ز: بينهم. (¬3) ز - المأذون له في التجارة لم يقتل ولكن المقتول جارية أو عبد للعبد المأذون له في التجارة فإن كان العبد. (¬4) م ف ز: ولا. والتصحيح من الكافي، 3/ 118 ظ؛ والمبسوط، 26/ 21. (¬5) ز: قيمته. (¬6) ز: أن يكون. (¬7) ز: فيكون. (¬8) ف: فقتل. (¬9) ز - العبد. (¬10) م ز: باحتيال. (¬11) م: ويبيع. (¬12) ز: بالذين.

أصحاب الجناية بالدين. فإن فداه أصحاب الجناية بالدين أو باعوه لأصحاب الدين بدينهم رجع أصحاب الجناية على المولى بقيمة العبد، فيأخذون ذلك منه فيسلم لهم؛ لأن العبد إنما بيع بالدين عند أصحاب الجناية بإذن المولى له في التجارة بعد الجناية. وكذلك (¬1) لو كان المولى أذن لعبده في التجارة فلم يلحقه دين حتى جنى جناية، ثم لحقه الدين بعد (¬2) ذلك، كان بمنزلة ما وصفت لك من إذن المولى له في التجارة بعد الجناية. وكذلك لو رآه يشتري ويبيع بعد الجناية فلم ينهه كان ذلك بمنزلة إذنه في التجارة بعد ذلك. ولو كان المولى أذن لعبده في التجارة وقيمته ألف درهم فلحقه دين ألف درهم ثم جنى جناية، فإن المولى يدفع عبده بالجناية. فإذا دفعه اتبعه أصحاب الدين فباعوه في دينهم إلا أن يفديه أصحاب الجناية بالدين. ولا يرجع أصحاب الجناية على المولى بشيء من قيمة العبد؛ لأن الدين قد كان لحق العبد قبل الجناية، وإنما وجب العبد لأصحاب الجناية وعليه هذا الدين الذي بيع فيه. ولو كان العبد لحقه دين ألف درهم قبل الجناية وألف درهم بعد الجناية ثم دفع العبد بعد الجناية (¬3) بيع العبد في الدينين جميعاً. فإن بيع في الدينين أو فداه أصحاب الجناية بالدينين فإن أصحاب الجناية يرجعون على المولى من قيمة العبد بنصف القيمة، وهو (¬4) حصة أصحاب الدين الآخر؛ لأن الدين الذي لحق بعد الجناية إذا صارت له حصة من ثمن العبد غرم المولى ذلك لأصحاب الجناية؛ لأنه إنما هلكت تلك الحصة لا دين (¬5) المولى، لأن المولى لو شاء لحجر على عبده بعد الجناية فلم يلحقه الدين (¬6) الآخر، فلما لم يحجر عليه كان ما لحقه من دين بعد الجناية بإذن المولى، فصار المولى ضامناً (¬7) لما صار لأصحاب الدين الآخرين. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. ¬

_ (¬1) م: ولذلك. (¬2) ف: بغير. (¬3) ف ز: العبد بالجناية. (¬4) ف ز: وهم. (¬5) ز: لاذن. (¬6) ف ز: دين. (¬7) ز: ضامن.

وقال أبو يوسف ومحمد: إذا جنى (¬1) العبد جناية فقتل رجلاً خطأ والعبد مأذون له أو محجور عليه، ثم إن المولى أقر على عبده بين يستغرق رقبته (¬2)، فليس هذا باختيار من المولى لعبده. ألا ترى أنه لم يمنع عبده من الدفع، ولكن المولى بالخيار. إن شاء دفع. وإن شاء فداه. فإن فداه بيع في الدين الذي أقر به عليه. وإن دفع بيع في الدين في يدي أصحاب الجناية إلا أن يفديه بالدين. ويرجع أصحاب الجناية على المولى بقيمة العبد فيأخذونها منه فتسلم لهم. ولو كان المولى أقر عليه بقتل رجل خطأ ثم أقر عليه بعد ذلك أيضاً بقتل رجل خطأ وكذب المولى في [ذلك] (¬3) أصحاب الجناية الأولى (¬4)، فإن المولى يقال له: ادفع العبد إلى أولياء الجنايتين جميعاً أو افده. فإن دفعه دَفعه نصفين، ورجع أولياء الجناية الأولى على المولى بنصف قيمة العبد فيأخذونها منه. ولو كان العبد عليه دين مستغرق لرقبته (¬5) ولم يجن جناية فأقر عليه المولى بجناية لم يجز عليه إقراره إلا أن يفديه المولى بالدين (¬6). فإن فداه المولى بالدين قيل له: ادفعه بالجناية الأولى (¬7) أو افده. وإن لم يفده (¬8) بالدين بيع لأصحاب الدين في دينهم، وبطل حق أصحاب الجناية. ولو كان العبد قتل رجلاً عمداً وعليه دين فصالح المولى أصحاب الجناية من جنايتهم على أن جعل لهم العبد لحقهم كان ذلك باطلاً، ولا يجوز على أصحاب الدين. وليس لأصحاب الجناية بعد ذلك أن يقتلوه؛ لأن الصلح قد وقع وصار بمنزلة العفو، ولكن العبد يباع في الدين. فإن بقي من ثمنه شيء (¬9) بعد الدين كان لأصحاب الجناية. وإن لم يبق من ثمنه شيء فلا شيء لأصحاب الجناية على المولى ¬

_ (¬1) ز: إذا اختار. (¬2) م ف ز: يسترق فيه. والتصحيح من الكافي، 3/ 118 ظ؛ والمبسوط، 26/ 23. (¬3) الزيادة من الكافي، 3/ 119 و؛ والمبسوط، 26/ 23. (¬4) م ف ز: الأول. والتصحيح من المصدرين السابقين. (¬5) م ز: مسترق برقبته. (¬6) م - بالدين. (¬7) م: للأولى. (¬8) ز: لم تفده. (¬9) ز: شيء من ثمنه.

ولا على العبد. وإن أعتق العبد لم يتبعه أصحاب الجناية بشيء من حقهم. ولو لم يصالح أصحاب الجناية من جنايتهم على العبد، ولكن أصحاب الجناية كانا رجلين فعفا أحدهما عن الجناية، فإن المولى يقال له: ادفع نصف العبد إلى ولي الجناية الذي لم يعف أو افده (¬1) بنصف الدية. فإن دفع أو فدى اتبع الغرماء جميع العبد فباعوه في دينهم إلا أن يفدوا العبد بجميع الدين. ولو كان العبد أقر أنه قتل رجلاً عمداً وعليه حق كان مصدقاً في ذلك إن صدقه المولى أو كذبه. فإذا عفا أحد وليي (¬2) الجناية بطلت الجناية كلها وبيع للغرماء (¬3) في دينهم إلا أن يفديه المولى بجميع الدين. فإن فداه المولى بجميع الدين وقد صدق العبد الجناية (¬4) قيل له: ادفع (¬5) نصف العبد إلى ولي الجناية الذي لم يعف، أو افده بنصف الدية. وإن كان كذبه في ذلك لم يكن على العبد سبيل في الجناية، وسلم العبد كله للمولى بالدين. وإذا وجد العبد المأذون له قتيلاً في دار مولاه فإن كان العبد لا دين عليه فدمه هدر، ولا شيء على عاقلة المولى من قيمته. وإن كان العبد عليه دين يستغرق رقبته فعلى المولى قيمته حالة في ماله لأصحاب الدين. وكذلك لو (¬6) لم يكن الدين يستغرق رقبته كان على المولى الدين الذي على عبده في ماله حالاً (¬7). ألا ترى لو (¬8) أن المولى قتله خطأ أو عمداً وعليه دين غرم المولى الأقل من قيمة العبد ومن الدين في ماله حالاً. وكذلك إن وجد قتيلاً في دار مولاه. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فوجد عبداً من عبيد (¬9) المأذون له قتيلاً في دار مولى العبد المأذون له، فإن كان العبد المأذون له لا دين عليه فدم عبده هدر ولا شيء على عاقلة المولى من قيمته. وإن كان على العبد المأذون دين يحيط بقيمته وبجميع ما في يده فإن على المولى قيمة العبد ¬

_ (¬1) م: وافده. (¬2) ز: ولي. (¬3) م ف ز: الغرماء. (¬4) ز: بالجناية. (¬5) م ز: دفع. (¬6) م ز - لو. (¬7) م ف ز: حالة. (¬8) - ز - لو. (¬9) ز: من عبد.

القتيل في ماله في ثلاث سنين في قياس قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فعلى المولى قيمة العبد القتيل في ماله حالاً؛ لأن أبا حنيفة كان يقول: ليس للمولى من مال عبده إذا كان عليه دين يحيط برقبته وبجميع ما في يده قليل ولا كثير. وقال أبو يوسف ومحمد: جميع ما في يده للمولى إلا أن الغرماء أحق به حتى يستوفوا دينهم، فلذلك اختلفا. وكذلك إن لم يوجد العبد المأذون له قتيلاً ولكن المولى قتل عبداً من عبيد المأذون له في التجارة وعلى المأذون دين يحيط برقبته وبجميع ما في يده، فإن على المولى في ماله قيمة العبد المقتول في ثلاث سنين في قياس قول أبي حنيفة. وفي قياس قول أبي يوسف ومحمد عليه قيمته في ماله حالة. ولو كان الدين الذي على العبد لا يحيط برقبته وبجميع ما في يده كان قولهم في ذلك واحداً (¬1)، وكان على المولى القيمة حالة في ماله؛ لأن الدين في قول أبي حنيفة إذا لم يحط (¬2) بجميع رقبة المأذون له وجميع ما في يده (¬3) جاز عتق المولى في رقبته. فإذا جاز عتق المولى في رقبته صار قتله لبعض الرقيق بمنزلة عتقه، فصار ذلك منعاً منه للذي قتل، فيغرم قيمة ذلك حالاً في ماله. إذا لم يجز عتقه في العبد صار قتله إياه جناية. وإذا كان القتل جناية كانت القيمة في مال المولى في ثلاث سنين. ألا ترى أن رجلاً لو قتل عبداً لمكاتب له عمداً أو خطأ غرم قيمته في ماله في ثلاث سنين (¬4). وكذلك عبد (¬5) العبد المأذون له على ما وصفت (¬6) لك في قياس قول أبي حنيفة. وكذلك لو أن المولى قتل المكاتب خطأً أو عمداً كانت عليه قيمته في ماله في ثلاث سنين. وكذلك لو وجد المكاتب أو عبداً له قتيلاً في دار لمولاه كان على المولى قيمة القتيل في ماله في ثلاث سنين. وهذا كله قياس قول أبي حنيفة، وهو قول أبي يوسف ومحمد. وإذا أذن (¬7) الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين أو لم ¬

_ (¬1) ز: واحد. (¬2) ز: لم يحيط. (¬3) م ف ز + إذا لم. (¬4) ز: نسنين. (¬5) م ز + عبد؛ صح م هـ (¬6) ف ز: المأذون له الذي وصفت. (¬7) م + أذن.

يلحقه حتى وجد المولى قتيلاً (¬1) في دار (¬2) من ورثة العبد المأذون له كان على عاقلة المولى دية المولى لورثة المولى في ثلاث سنين في قياس قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإن دمه هدر، ولا يكون على العبد ولا على العاقلة من ديته قليل ولا كثير. ولو وجد العبد قتيلاً في دار من دور العبد نفسه، فإن كان العبد لا دين عليه فدمه هدر، ولا شيء على عاقلة المولى من قيمته. وإن كان على العبد دين فعلى المولى الأقل من قيمة العبد ومن ديته في ماله حالاً؛ لأن دار العبد في هذا الوجه دار المولى. ألا ترى أن رجلاً أجنبياً لو وجد قتيلاً في هذه الدار كانت ديته على عاقلة المولى (¬3)، وكان الأمر في ذلك بمنزلة القتيل يوجد في دار المولى. وكذلك ما وصفت لك في هذا. ولو وجد الغريم الذي له الدين قتيلاً في دار العبد المأذون له كانت ديته على عاقلة المولى في ثلاث سنين، ولا يبطل دينه الذي على العبد. وكذلك لو كان القتيل عبد الغريم كانت قيمته على عاقلة المولى في ثلاث سنين قلت قيمته أو كثرت. وإذا أذن المكاتب لعبده في التجارة فوجد في دار من دور العبد المأذون له قتيلاً وعلى العبد المأذون له دين يستغرق قيمته وجميع ما في يده أو لا دين عليه، فإن على المكاتب قيمة رقبته لأولياء القتيل، يغرمها في ماله حالة. ولو كان الذي وجد قتيلاً في دار العبد المأذون له هو العبد نفسه كان على المكاتب الأقل من قيمة رقبته ومن قيمة رقبة العبد المأذون له حالاً في ماله لغرماء (¬4) العبد؛ لأن الدار دار المكاتب وإن كانت للعبد. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. ... ¬

_ (¬1) ز: قتيل. (¬2) ز: في داره. (¬3) ف - ألا ترى أن رجلاً أجنبياً لو وجد قتيلا في هذه الدار كانت ديته على عاقلة المولى. (¬4) م: الغرماء.

باب ما يجوز للعبد المأذون له في التجارة أن يفعله وما لا يجوز

باب ما يجوز للعبد المأذون له في التجارة أن يفعله وما لا يجوز وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: ليس للعبد المأذون له في التجارة أن يكاتب عبداً من عبيده ولا أمة من إمائه إن كان عليه دين أو لم يكن. فإن كاتب عبداً من عبيده أو أمة من إمائه فأجاز ذلك المولى، فإن كان العبد لا دين عليه فالمكاتبة جائزة، وهي للمولى، ولا سبيل للعبد على قبضها. وإن دفع المكاتب المكاتبة إلى العبد لم يبرأ منها إلا أن يوكل المولى عبده بقبضها. وإن لحق العبد دين بعد إجازة المولى للمكاتبة كانت المكاتبة للمولى، وليس للغرماء منها قليل ولا كثير؛ لأن المكاتبة ليست من التجارة. ألا ترى أنه لا يجوز إلا بإجازة المولى. ولو كانت من التجارة لجازت بغير إجازة المولى. فإذا أجازها المولى وليست من التجارة فالمكاتبة للمولى لا حق للغرماء فيها. ألا ترى أن المولى لو قبض من العبد مكاتبته، ثم لحق العبد المأذون له بعد ذلك دين، لم يكن للغرماء على المكاتبة سبيل، فكذلك هذا. ولو كان العبد المأذون له كاتب (¬1) عبداً من عبيده أو أمة من إمائه وعليه دين كثير فمكاتبته باطل إن أجاز المولى ذلك أو لم يجز. فإن لم يرد المكاتبة حتى أدى المكاتب جميع الكتابة، فإن كان المولى لم يجز المكاتبة لم يعتق المكاتب ويرد رقيقاً، وكان جميع ما أخذ العبد المأذون له من المكاتبة يقضى بها دينه، والمكاتب عبد على حاله، يباع في دين المأذون له. فإن كان المولى أجاز المكاتبة وأمر العبد بقبضها فقبضها، وعلى العبد دين يحيط برقبته وبجميع ما في يده، فأدى المكاتب جميع المكاتبة، فهذا والأول سواء في قياس قول أبي حنيفة، والمكاتب عبد على حاله يباع في الدين. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فالمكاتب حر، والمولى ضامن لقيمته للغرماء، والمكاتبة التي (¬2) قبض العبد ¬

_ (¬1) ز - بعد ذلك دين لم يكن للغرماء على المكاتبة سبيل فكذلك هذا ولو كان العبد المأذون له كاتب. (¬2) ز: الذي.

أيضاً للغرماء، يستوفون ذلك كله من دينهم. ولو كان الدين الذي على المأذون له لا يحيط برقبته وبجميع ما في يده والمسألة على حالها كان في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد في ذلك سواء، ويكون على المولى قيمة المكاتب للغرماء، ويأخذ الغرماء أيضاً المكاتبة التي أداها المكاتب إلى المأذون له، فيستوفون من ذلك (¬1) دينهم (¬2). وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: ليس للعبد المأذون له في التجارة أن يكفل بكفالة بنفس ولا مال إن كان عليه دين أو لم يكن؛ لأن هذا غرم يدخل عليه ومعروف يصنعه، وهو لا يملك نفسه ولا ماله (¬3). وكذلك لو وهب هبة وقبضها الموهوب له أو تصدق بصدقة وقبضها المتصدق عليه فإن ذلك باطل (¬4)؛ لأنه معروف صنعه وتطوع به. فإن أجاز المولى الكفالة والهبة والصدقة، فإن كان العبد لا دين عليه فذلك جائز. وإن كان عليه (¬5) دين فإجازة المولى باطل. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا كان العبد المأذون له [أهدى] هدية أو دعا رجلاً إلى منزله فغداه، وأعار (¬6) رجلاً دابة ليركبها أو ثوباً يلبسه، فذلك جائز لا بأس، ولا ضمان على الرجل (¬7) في شيء من ذلك إن عَطِبَت الدابة تحته أو تخزق الثوب من لباسه. ولا بأس بأن يقبل الرجل ذلك من العبد إن كان على العبد دين أو لم يكن. وهذا استحسان من أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، وليس بقياس. محمد عن إسرائيل بن يونس عن منصور عن إبراهيم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يجيب دعوة المملوك (¬8). وبلغنا أن سلمان الفارسي - رضي الله عنه - أهدى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مملوك، فقبل وأكل، وأكل أصحابه، وأتاهم بصدقة فأمر أصحابه فقبلوها ¬

_ (¬1) م + من. (¬2) ف: فيستوفون ذلك من دينهم. (¬3) ز: مال له. (¬4) ز: باطلاً. (¬5) م + وإن كان عليه. (¬6) م: وأجار؛ ز: وأجر. (¬7) م ز + الحر. (¬8) تقدم في أول هذا الكتاب.

ولم يأكل منها شيئاً (¬1). وبلغنا عن عمر - رضي الله عنه - أنه سئل عن العبد يتصدق بالشيء، قال: بالرغيف ونحوه (¬2). ولا بأس بصدقة العبد المأذون له في التجارة بالطعام. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: ليس ينبغي للعبد المأذون له في التجارة أن يهب درهماً ولا يتصدق به، ولا يكسو ثوباً. وإنما استحسنا ذلك في الطعام ونحوه. وليس ينبغي للرجل الذي يعطيه العبد الدرهم والثوب أن يقبله منه إلا أن يأذن له مولاه في ذلك ولا دين عليه. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: ليس للعبد المأذون له في التجارة أن يقرض مالاً. وليس ينبغي للرجل المستقرض أن يقبل ذلك منه. وكذلك المكاتب في جميع ما وصفت لك من القرض والصدقة والعطية والهدية والعارية والكفالة، وهو في ذلك بمنزلة العبد، ما جاز للعبد من ذلك بغير إذن مولاه جاز للمكاتب، وما لم يجز إلا بإذن مولاه لم يجز للمكاتب، إن أذن له المكاتب أو لم يأذن. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إن أعتق العبد المأذون له في التجارة عبداً من عبيده وأمة من إمائه على مال لم يجز ذلك إن كان على المأذون له دين أو لم يكن. فإن أجاز ذلك المولى ولا دين على العبد المأذون له فذلك جائز، والمعتق حر بإجازة المولى، والمال (¬3) دين على المعتق للمولى. فإن دفعه المعتق إلى المأذون له لم يجز دفعه، ولم يبرأ بذلك. والذي يلي (¬4) قبض ذلك من المعتق المولى. فإن لحق المأذون له دين بعد عتق هذا لم يجب للغرماء من المال الذي على المعتق ¬

_ (¬1) ز: شيء. والحديث تقدم في أول هذا الكتاب. (¬2) عن عبد الله بن نافع عن أبيه وكان مملوكاً لبني هاشم أنه سأل عمر: أيتصدق؟ قال: بالدرهم والرغيف. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 391. (¬3) ز: المال. (¬4) ز - يلي.

قليل ولا كثير. فإن كان على العبد المأذون له دين لا يحيط برقبته وبجميع ما في يده فإجازة المولى العتق على المال الذي وصفت لك في ذلك جائز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وعلى [المولى] (¬1) قيمة المعتَق لغرماء المأذون له، والمال الذي على المعتق للمولى، ولا سبيل للغرماء عليه. ولا يشبه هذا المكاتبة؛ لأن المكاتب إنما وجب [عليه دفع المكاتبة قبل العتق] (¬2) ووقع العتق بعد أدائها، فهذا إنما وجب المال فيه بعد العتق. ولو كان المولى أجاز العتق على المال وعلى العبد المأذون له دين يحيط برقبته وبجميع ما في يده كان هذا والأول سواء في قول أبي يوسف ومحمد. وأما في قول أبي حنيفة فإجازة المولى باطل، والعبد المعتق رقيق على حاله يباع للغرماء. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا تزوج العبد المأذون له في التجارة امرأة حرة بغير إذن مولاه ودخل بها كان النكاح باطلاً لا يجوز، وينبغي للقاضي أن يفرق بينهما. وليس للمرأة على العبد مهر تأخذه (¬3) حتى يعتق. فإذا عتق أخذته بمهرها؛ لأن هذا ليس من التجارة، وليس مما أذن له مولاه فيه. وقال أبو حنيفة ومحمد: ليس للعبد المأذون له أن يزوج أمته ولا عبده؛ لأن هذا ليس من التجارة بين كان يأخذ للأمة مهراً. وقال أبو يوسف: يجوز نكاح المأذون له لأمته، ولا يجوز نكاحه لعبده. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد في العبد المأذون له في التجارة يدفع المال مضاربة بالنصف أو الثلث أو بأقل من ذلك أو بأكثر: هو في ذلك بمنزلة (¬4) الحر. ¬

_ (¬1) مستفاد من الكافي، 3/ 120؛ والمبسوط، 26/ 28. (¬2) مستفاد من المبسوط، الموضع السابق. (¬3) ز: يأخذه. (¬4) ز - بمنزلة.

وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا شارك العبد المأذون له رجلاً حراً أو عبداً مثله شركة عنان في جميع التجارة، أو أخرج كل واحد منهما مالاً مثل مال صاحبه واشتركا على أن فضل أحدهما صاحبه في الربح، فذلك جائز، والربح على ما اشترطا، والوضيعة على المال. ولا يفسد الشركة أن يفضل العبد (¬1) صاحبه في الربح وإن كان مالهما واحداً أو كان العبد أكثرهما مالاً. وقالوا: ليس للعبد المأذون له في التجارة أن يشارك رجلاً حراً أو عبداً مثله شركة مفاوضة وإن أذن لهما الموليان في ذلك. فإن فاوض العبد لم يكن له ذلك شركة مفاوضة، وكان ذلك شركة عنان في جميع التجارات. والعبد المأذون له إذا أذن لعبد (¬2) له في التجارة فعبده بمنزلته في جميع ما وصفت لك. وإذا اشترك العبدان (¬3) المأذون لهما في التجارة شركة عنان على أن يشتريا بالنقد والنسيئة على أن (¬4) ما اشتريا بالنقد والنسيئة فهو بينهما نصفان لم يجز من ذلك النسيئة وجاز النقد؛ لأن أحدهما إذا اشترى متاعاً بالنسيئة كان الضمان كله عليه ولشريكه نصف المتاع، فهذا بمنزلة الكفالة، والعبد لا تجوز كفالته. فإن أذن لهما الموليان في الشركة في هذا ولا دين عليهما فهو جائز. وإذا اشترى العبد المأذون له في التجارة ثوباً بعشرة دراهم وعليه دين أو لا دين عليه فباعه من مولاه (¬5) بخمسة عشر درهماً فليس ينبغي لمولاه أن يبيعه مرابحة إلا على عشرة دراهم. وكذلك إذا اشترى المولى ثوباً بعشرة فباعه من عبده بخمسة عشر درهماً لم يكن للعبد أن يبيعه مرابحة إلا على عشرة دراهم على أقل الثمن (¬6) إن كان على العبد دين أو لم يكن. وكذلك لو باعه المولى من أمة المأذون (¬7) له في التجارة. وكذلك لو أن العبد ¬

_ (¬1) م ز: للعبد. (¬2) ف: العبد. (¬3) م ف ز: العبد. والتصحيح من الكافي، 3/ 121 و. (¬4) ف - أن. (¬5) ف: فباعه لمولاه. (¬6) ز: الثمنين. (¬7) م ف ز: من أمته للمأذون.

باب الغرور في العبد المأذون له في التجارة

المأذون له في التجارة (¬1) اشترى ثوباً بعشرة دراهم وعليه دين أو لا دين عليه فباعه من مكاتب للمولى بخمسة عشر درهماً، أو من عبد للمولى مأذون له في التجارة، أو من (¬2) مكاتب، أو من عبد لمكاتب (¬3) المولى مأذون له في التجارة، أو من مضارب المكاتب (¬4)، فأراد المشتري أن يبيعه مرابحة، فليس ينبغي له أن يبيعه مرابحة إلا على أقل الثمن (¬5) على عشرة دراهم. ولو باعه العبد من ابن المولى أو من أبيه (¬6) أو من امرأته كان كذلك (¬7) في قياس قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإن المشتري يبيعه مرابحة على جميع الثمن الذي اشترى به الثوب وذلك خمسة عشر درهماً. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. ... باب الغرور في العبد المأذون له في التجارة وقال أبو حنيفة (¬8) وأبو يوسف ومحمد: إذا جاء الرجل بالعبد إلى السوق فقال: هذا عبدي فبايعوه فقد أذنت له في التجارة، فبايعه أهل السوق، ثم (¬9) لحقه دين، ثم علم بعد ذلك أنه كان حراً أو استحقه رجل، ضمن (¬10) الذي أمرهم بمبايعته الأقل من قيمة العبد ومن الدين. وإن شاؤوا رجعوا بدينهم على الذي ولي مبايعتهم إن كان حراً. وإن كان عبداً لم يكن لهم أن يرجعوا عليه بشيء حتى يعتق. فإذا عتق تبعوه ببقية دينهم. وإن اختاروا ضمان ذلك المولى ثم تَوَى (¬11) ما عليه اتبعوا هذا ¬

_ (¬1) م ز - في التجارة. (¬2) ز - من. (¬3) م ف ز: للمكاتب. (¬4) ف: لمكاتب. (¬5) ف ز: الثمنين. (¬6) م ز: من اشترا؛ ف: من اسرى. والتصحيح من الكافي، 3/ 121 و؛ والمبسوط، 26/ 29. (¬7) ز: ذلك. (¬8) ف - أبو حنيفة، صح هـ. (¬9) ف ز - ثم. (¬10) م ز: فإن. (¬11) أي: هلك. وقد تقدم.

بجميع دينهم إذا عتق. وإن كان حراً اتبعوه بدينهم كلهم إن شاؤوا. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إن لم يستحقه رجل ولم يكن حراً، ولكن العبد أقام البينة أن مولاه الذي أذن له دبره قبل أن يأذن له، أو كانت (¬1) أمة فأقامت البينة أنها أم ولد للمولى، أو كان عبداً فأقام البينة أنه مكاتب للمولى، فهذا بمنزلة الحر والمستحق في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. فإن اختار الغرماء أن يضمنوا المولى قيمة المدبر وأم الولد فلا (¬2) سبيل لهم على المدبر وأم الولد فيما بقي من دينهم حتى يعتقا. وإذا جاء الرجل (¬3) بعبد إلى السوق فلحقه دين كثير، ثم إن العبد استحق أو كان حراً أو مدبراً للذي أذن له لم يكن هذا غروراً من الذي أذن له، ولم يلحق الذي أذن له من دينه قليل ولا كثير؛ لأنه لم يأمرهم بمبايعته. وإذا جاء الرجل بالعبد إلى السوق فقال: إن هذا عبدي فبايعوه فقد أذنت له في التجارة، أو لم يقل: قد أذنت له في التجارة، فذلك سواء. فإن كان ذلك القول من الذي أمر بمبايعته في سوقه عند حضرة أهل السوق ولم يَصْمُد (¬4) لأحد بعينه، ولكنه إنما أمر بمبايعته أهل السوق عامة، فبايعه من سمع ذلك، أو بايعه من لم يسمع، أو بايعه (¬5) من علم بذلك القول أو من لم يعلم، فلحقه دين، ثم إن العبد استحق أو كان حراً أو كان مدبراً للذي أمر بمبايعته، فإن للغرماء أن يضمنوا الذي أمر بمبايعته الأقل من دينهم ومن قيمة العبد. فإن قال الآمر: بايعه من لم يعلم بأمره فليس له علي قليل ولا كثير لأني لم أغره في شيء، لم يلتفت إلى قوله، وكان من لم يعلم بذلك ومن علم به سواء؛ لأن الذي أمر بمبايعته لم يأمر إنساناً بعينه، إنما أمر أهل السوق عامة بأمر عام، فمن علم ومن لم يعلم سواء. ألا ترى أنه لو ¬

_ (¬1) م ز: أو كاتب. (¬2) م ف ز: ولا. (¬3) ز - الرجل. (¬4) ز: ولا يصمد. صمد من باب طلب، أي قصد. انظر: المغرب، "صمد". (¬5) ز: أو باعه.

جاء إلى أهل (¬1) السوق بعدما أمر بمبايعته فنهاهم عن مبايعته فلم يشهد نهيه ذلك الذين (¬2) سمعوه حين أمر بالمبايعة، فبايعه الذين سمعوا الأمر بالمبايعة (¬3) ولم يسمعوا بالنهي، فلحق العبد دين، أن الآمر بالمبايعة لم يلحقه من ذلك (¬4) قليل ولا كثير؛ (¬5) لأن النهي إنما كان عاماً حين أتى أهل سوقه فنهاهم عن مبايعته، فكذا الأمر إذا كان عاماً فهو بمنزلة النهي إذا كان عاماً. ولو أن رجلاً جاء بعبده إلى السوق فقال لأهل السوق: هذا عبدي فبايعوه في البز، فإني قد أذنت له في التجارة، فبايعه أهل السوق (¬6) في غير البز فلحقه دين، ثم إن ذلك العبد استحقه رجل أو كان مدبراً للذي أمر بالمبايعة فإن (¬7) الذي أمر بالمبايعة يغرم للغرماء الأقل من دينهم ومن قيمة العبد. فإن قال الذي أمر بالمبايعة: (¬8) إنما أمرتكم أن تبايعوه (¬9) في البز فبايعتموه في غير ذلك فلم أغركم في شيء، لم يلتفت إلى قوله، وكان عليه الضمان بمنزلة أمره لهم بمبايعته في جميع التجارات. أرأيت لو بايعوه في البز واستقرض ثمن البز من رجل فقضاه الذين بايعوه أما كان للمقرض أن يرجع بدينه على الذي أمر بالمبايعة (¬10) ويكون المقرض مغروراً (¬11). أرأيت لو اشترى العبد بزًا على أن يضمن عنه رجل الثمن فكان ذلك شرطاً ¬

_ (¬1) م ز - أهل. (¬2) ز: بذلك الذي. (¬3) ز - فبايعه الذين سمعوا الأمر بالمبايعة. (¬4) ز: بذلك. (¬5) ف + ولا كثير. (¬6) ز - عبدي فبايعوه في البز فإني قد أذنت له في التجارة فبايعه أهل السوق. (¬7) ف + كان. (¬8) ز - يغرم للغرماء الأقل من دينهم ومن قيمة العبد فإن قال الذي أمر بالمبايعة. (¬9) ز: أن يبايعوه. (¬10) ز: بالجناية. (¬11) ز: مغرور.

في أصل العقد (¬1) فأدى الكفيل المال إلى (¬2) الذي باعه البز أما كان للكفيل أن يرجع بما أدى على المولى الذي غيره من العبد. له أن يرجع عليه في جميع ما وصفت لك. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة ولم يأمره بمبايعته أحداً، ثم إن المولى أمر رجلاً بعينه بمبايعته أو أمر بذلك رجلين بأعيانهما أو قوماً (¬3) بأعيانهم، فبايعه أولئك الذين أمرهم بمبايعته أو باعه قوم آخرون قد علموا بأمر المولى فلحقه دين، ثم إن العبد استحق أو كان (¬4) حراً أو كان مدبراً للمولى، فإن للذين (¬5) أمرهم المولى بمبايعته أن يضمنوا المولى الأقل من حصتهم من قيمته ومن دينهم. وأما الذين لم يأمرهم المولى بمبايعته فلا (¬6) ضمان لهم على المولى في شيء من ذلك. ولا يشبه قول المولى لقوم بأعيانهم الأمر العام. ألا ترى أنه لو أمر بالمبايعة أمراً عاماً، ثم نهى واحداً أو اثنين عن مبايعته فبايعاه فلحقه لهما دين لم يضمن هذا الذي أمر بالمبايعة من دينهم قليلاً ولا كثيراً (¬7)، ومن يبايعه (¬8) من الناس سوى الذين نهاهم (¬9) المولى عن مبايعته إن لحق العبد لهم دين ضمن المولى الأقل من دينهم ومن قيمته. أفلا ترى أن النهي الخاص لا يكون نهياً لجميع (¬10) من يبايعه (¬11). ولو كان المولى أمر رجلاً بعينه أو قوماً بأعيانهم بمبايعته في البز فبايعوه في غير ذلك كان ذلك بمنزلة مبايعتهم إياه في البز، وكان المولى ضامناً للأقل من قيمة العبد ومن دينهم. ألا ترى أن المولى لو أمر قوماً بأعيانهم بمبايعته في جميع التجارات فأقرضوه قرضًا أو ضمنوه عنه ضمانًا أن لهم أن يرجعوا على المولى بالأقل من دينهم ومن قيمته. فكذلك إذا أمرهم بنوع من التجارة خاصة فأقرضوه قرضاً أو بايعوه شيئاً من غير ¬

_ (¬1) ف: العبد. (¬2) ف -إلى. (¬3) ز: أو قوم. (¬4) ف: لو كان. (¬5) م ز: الذين. (¬6) ز: افلا. (¬7) م ف ز: قليل ولا كثير. (¬8) م ز: ومن مبايعة؛ ف: ومن مبايعته. (¬9) م ز + عن. (¬10) ف: للجميع. (¬11) م: من مبايعه؛ ف: من مبايعته.

ذلك الصنف. ألا ترى أنه إذا أمرهم أن يبيعوه البز فباعوه غير ذلك أن ذلك (¬1) جائز كما يجوز بيعه إياه البز (¬2). فلذلك يجوز الغرور في ذلك. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا أتى الرجل بالعبد إلى السوق فقال: بايعوا هذا، ولم يقل: إنه عبدي، فبايعوه فلحقه دين، ثم إن رجلاً استحق ذلك العبد أو كان ذلك العبد حراً أو كان مدبراً، فإن كان الذي أمرهم بالمبايعة لا يلحقه من ذلك الدين قليل ولا كثير فليس هذا بغرور؛ لأنه لم يخبرهم أنه عبده. وإذا أتى الرجل بالعبد إلى السوق فقال: إن هذا عبدي فبايعوه فقد أذنت له في التجارة، ثم إن المولى دبر عبده بعد ذلك، ثم لحق بعد ذلك المدبر دين لم يضمن المولى من ذلك الدين قليلاً ولا كثيراً (¬3)؛ لأنه أمرهم بمبايعته وهو عبد يجوز البيع فيه. فإذا دبره بعد ذلك لم يكن هذا غرورًا (¬4) من المولى، ولكن للغرماء أن يتبعوا العبد فيستسعوه في دينهم. ولا يشبه هذا أمره إياهم بمبايعته وهو مدبر. أرأيت لو أمرهم بمبايعته وهو عبد له، ثم أعتقه، ثم بايعوه بعد ذلك فلحقه دين أكان المولى (¬5) يضمن من ذلك الدين شيئاً. ليس على المولى من ذلك ضمان. وكذلك لو باعه (¬6) بعدما أمرهم بمبايعته، ثم إنهم بايعوه بعد ذلك فلحقه دين، لم يكن (¬7) على من أمرهم بمبايعته قليل ولا كثير، ولم يكن على العبد من الدين شيء حتى يعتق. فإذا عتق (¬8) لحقه الدين كله. وإذا أتى الرجل بالعبد إلى السوق فقال: هذا عبدي فبايعوه فقد أذنت له في التجارة، فبايعوه ثم استحق أو كان حراً والذي أمرهم بمبايعته عبد مأذون له في التجارة، أو كان مكاتباً أو صبياً حراً (¬9) قد أذن له أبوه في التجارة، فلا ¬

_ (¬1) ز - الصنف ألا ترى أنه إذا أمرهم أن يبيعوه البز فباعوه غير ذلك أن ذلك. (¬2) ز - البز. (¬3) ز: قليل ولا كثير. (¬4) ز: غرور. (¬5) م ز: للمولى. (¬6) م ف ز: بايعوه. والتصحيح من الكافي، 3/ 122 و. وانظر: المبسوط، 26/ 32. (¬7) م + هذا. (¬8) م ز: أعتق. (¬9) ز: مكاتب أو صبي حر.

ضمان على الآمر في ذلك إن كان الذين بايعوه علموا أن الآمر عبد أو مكاتب أو صبي (¬1) أو لم يعلموا؛ لأن الغرور في هذا الموضع لا يلزم العبد المأذون له (¬2) والمكاتب به الضمان. وهذا بمنزلة الكفالة. ولا تجوز كفالة العبد المأذون له (¬3) في التجارة ولا كفالة المكاتب. ألا ترى أن الذي اشتراه المغرور منه لو كان (¬4) فيه ربح لم يكن للآمر من ذلك قليل ولا كثير. وكذلك إن كانت فيه وضيعة لم يكن على المكاتب والعبد من الوضيعة قليل ولا كثير. فإذا أدى المكاتب فعتق أو عتق العبد المأذون له كان للغرماء أن يرجعوا عليهما بالأقل من دينهم ومن قيمة العبد الذي أمر الغرماء بالمبايعة. وإذا أتى الرجل إلى السوق بأمة فقال: هذه أمتي فبايعوها فقد أذنت لها في التجارة، فبايعوها فلحقها دين، ثم إن الغرماء علموا أن الآمر مكاتب وأن الجارية أم ولد له في مكاتبته قبل أن يأذن لها، فإن للغرماء أن يرجعوا على المكاتب بالأقل من قيمتها أمة غير أم ولد ومن دينهم، فيأخذون ذلك منه. ولا تشبه (¬5) أم ولد المكاتب في هذا العبد إذا استحق أو كان حراً؛ لأن (¬6) المكاتب لو ضمن عن أم ولده مالاً لزمها جاز ضمانه، ولو ضمن ذلك عن رجل حر أو عبد لغيره لم يجز. فكذلك (¬7) كان المكاتب غاراً في أم ولده، ولم يكن غارًا في عبد (¬8) غيره وفي الحر حتى يعتق. وإذا أتى الرجل بالعبد إلى السوق فقال: إن هذا عبدي فبايعوه فقد أذنت له في التجارة، فبايعوه (¬9) فلحقه دين، ثم إن العبد استحقه رجل آخر فأقام عليه البينة أنه عبده، وقد كان المستحق أذن له في التجارة قبل أن يأذن له الذي كان العبد (¬10) في يده [بمبايعة] (¬11) أهل السوق، فإن العبد ¬

_ (¬1) ز: عبداً أو مكاتباً أو صبياً. (¬2) ف - له. (¬3) ز - والمكاتب به الضمان وهذا بمنزلة الكفالة ولا تجوز كفالة العبد المأذون له. (¬4) ف: ولو كان. (¬5) ز: يشبه. (¬6) ف: الا ان. (¬7) م: فلذلك. (¬8) ز: في عبده. (¬9) ف - فبايعوه، صح هـ. (¬10) م: للعبد. (¬11) الزيادة مستفادة من الكافي، 3/ 122 و؛ والمبسوط، 26/ 33.

يتبع (¬1) بالدين فيباع فيه، ولا ضمان على الرجل الذي أمر بمبايعته؛ لأن العبد يباع لهم في دينهم، فلم يكن (¬2) أمره إياهم غرورًا. وإن كان العبد مدبراً للذي استحقه المأذون (¬3) له في التجارة كان لهم أن يضمنوا الذي غرهم الأقل من دينهم ومن قيمة العبد عبداً (¬4) غير مدبر، كما يضمن في مدبر (¬5) نفسه إذا غرهم (¬6)؛ لأنهم لا يستطيعون (¬7) بيعه. وإذا أتى الرجل بالعبد إلى السوق فقال: إن هذا عبدي فبايعوه فقد أذنت له في التجارة، والعبد لغيره وهو محجور عليه، فأذن له مولاه في التجارة بعد ذلك فلحق العبد دين كثير بعد ذلك، فإن الذي أمرهم بمبايعته لا يلحقه من ذلك الدين قليل ولا كثير؛ لأن العبد يباع فيه. ألا ترى أن العبد إنما لحقه الدين (¬8) بعدما أذن له مولاه في التجارة. ولو كان لحقه من الدين ألف درهم قبل أن يأذن له مولاه في التجارة ولحقه من الدين ألف درهم بعدما أذن له مولاه في التجارة لم يكن على الذي أمر بمبايعته من الدين الآخر قليل ولا كثير، وكان عليه الأقل من الدين الأول ومن نصف قيمة العبد؛ لأن (¬9) الذي أمرهم بمبايعته إنما غرهم في نصفه. ألا ترى أن الإذن من المولى لو كان قبل أن يلحقه من الدين شيء لم يغرم الذي أمرهم بمبايعته شيئاً. فإذا كان بعض الدين قبل الإذن من المولى وبعضه بعد الإذن غرم الذي أمرهم بمبايعته الأقل من دين الأول ومن حصته ومن قيمة العبد؛ لأنه لم يغرهم إلا بما أتلف لهم من قيمة العبد. وإذا أتى الرجل بالعبد إلى السوق فقال (¬10): إن (¬11) هذا عبد لفلان قد وكلني بأن (¬12) آذن (¬13) له في التجارة، وإني آمركم بمبايعته فقد أذنت له في ¬

_ (¬1) ف - يتبع. (¬2) م ز: لم يكن. (¬3) م ف ز: مأذون. (¬4) م ف ز: عبد. (¬5) ز: في مدبره. (¬6) ز: إذا غرم. (¬7) م: لا مستطيعون. (¬8) م: يلحقه من الدين؛ ز: لحقه من الدين. (¬9) ف: كان. (¬10) ف: وقال. (¬11) ف - إن. (¬12) ز - بأن. (¬13) ز: بإذن.

التجارة، فبايعوه فاشترى من أهل السوق وباع فلحقه دين كثير، ثم إن مولاه حضر فأنكر أن يكون وكل الوكيل بشيء من ذلك، فإن المولى مصدق مع يمينه، ولا يلحق عبده من ذلك الدين شيء (¬1) حتى يعتق، ويرجع الغرماء على الوكيل، فيضمنونه الأقل من دينهم ومن (¬2) قيمة العبد. والغرور من الرجل في عبد نفسه وعبد (¬3) غيره سواء. ألا ترى لو (¬4) أن رجلاً باع أرضاً له فبناها المشتري، ثم استحقها رجل ضمن البائع قيمة البناء بالغرور. ولو قال البائع: إن هذه الأرض أرض فلان وليست في، ولكنه وكلني ببيعها، فاشتراها منه رجل فبناها، ثم إن رب الأرض أنكر الوكالة وأخذ الدار، رجع المشتري على البائع بقيمة البناء، وكان ذلك غروراً من البائع للمشتري بمنزلة أرضه، فكذلك هذا ما وصفت لك من أمره إياهم بمبايعة العبد (¬5). ولو أن رجلاً أتى السوق فقال: هذا الغلام لفلان وقد وكلني بأن آذن (¬6) له في التجارة، ووكلني (¬7) بأن آمركم بمبايعته، فبايعوه فلحقه دين، ثم ظهر أن العبد كان حراً أو استحقه رجل أو كان مدبراً لمولاه، فإن الغرماء يضمنون الوكيل الأقل من قيمة العبد ومن دينهم. فإن أقر الموكل بما ادعى الوكيل من ذلك رجع الوكيل بما ضمن على الموكل. وإن أنكر لم يرجع عليه بشيء من ذلك. وإذا أتى الرجل بالعبد إلى السوق فقال: إن هذا عبد ابني وهو صغير في عيالي، فبايعوه فلحقه دين، ثم استحق العبد مستحق أو كان حراً، ضمن الأقل من قيمة العبد ومن الدين. وكذلك الوصي وصي الأب. وكذلك الجد أبو الأب إذا لم يكن له أب ولا وصي أبي. وأما الأم والأخ وكل ذي رحم محرم إذا فعلوا شيئاً من ذلك لم يكن (¬8) غروراً، ولم يلحق الذين أمرهم بمبايعته من ذلك قليل ولا كثير؛ لأن (¬9) أمر هؤلاء لا يجوز على العبد ولا على مولاه، فليس ذلك بغرور. ¬

_ (¬1) ز: شيئاً. (¬2) ف: من. (¬3) ف: أو عبد. (¬4) ف ز - لو. (¬5) ف: بمبايعته للعبد. (¬6) م: وكلني بإذن؛ ز: وكلني يأذن. (¬7) ف ز: وكلني. (¬8) ز + ذلك. (¬9) ف: أن.

وإذا جاء الرجل بالغلام الصغير إلى السوق فقال: هذا ابني فبايعوه، والصبي يعقل الشراء والبيع، فبايعوه فلحقه دين، ثم إن رجلاً أقام البينة أن الغلام ابنه، فإن الدين يبطل عن الصبي ولا يرجع عليه بقليل ولا كثير في صغره. وكذلك إذا بلغ الصبي لم يلحقه من الدين قليل ولا كثير (¬1)، ولكن الغرماء يرجعون على الذي غرهم (¬2) بجميع الدين؛ لأنه غرهم من دينهم. ولا يبطل حق الغرماء أن يكون الذي غرهم أخبرهم بأنه حر؛ لأن الصبي لا يجوز عليه شيء من الدين إلا بإذن أبيه (¬3). والغرور من الحر بمنزلته في العبد. ألا ترى أن رجلاً لو زوج رجلاً امرأة على أنها حرة فوطئها الزوج فجاءت بولد، ثم إن رجلاً استحقها فقضي له بها وبعقرها وبقيمة ولدها على زوجها، رجع الزوج بذلك على الذي زوجه وغيره. فكذلك الأب إذا غير (¬4) الغرماء من الغلام فقال: هذا ابني فبايعوه فقد أذنت له في التجارة، فلحقه دين، ثم جاء رجل فاستحقه وأقام البينة أنه ابنه، فإن الغرماء يرجعون على الأب بدينهم؛ لأنه غرهم منه. وكذلك وصي الأب إذا غرهم. وكذلك الجد أبو الأب إذا لم يكن له أب ولا وصي أب (¬5). وإذا أتى الرجل بعبد إلى السوق فقال: هذا عبدي فبايعوه، وهو مدبر فلحقه دين، ثم إن رجلاً أقام البينة أنه عبد له مدبر فاستحقه، فإن الدين يبطل عن العبد حتى يعتق، ولا ضمان على الذي غرهم من قيمة العبد؛ لأنه أخبرهم أنه مدبر. فإن وهب للعبد مال أو أَغَلَّ غَلَّة أو اكتسب مالاً لم يكن للغرماء على الذي غرهم قليل ولا كثير؛ لأنه لم يغرهم من كسبه؛ لأن كسبه يوم غرهم ليس بمال. ألا ترى أن رجلاً لو قال لقوم: بايعوا عبدي هذا فقد أذنت له في التجارة، فبايعوه وذهب للعبد مال واستحق العبد رجل فأخذه وأخذ ماله، أن الغرماء لا يضمنون الذي غرهم قليلاً ولا كثيراً (¬6). ولو قتل المدبر في يدي مولاه الذي استحقه ضمن الذي غرهم ¬

_ (¬1) ف - في صغره وكذلك إذا بلغ الصبي لم يلحقه من الدين قليل ولا كثير. (¬2) ز: غرم. (¬3) ز: ابنه. (¬4) ف: إذا اغر. (¬5) ف - أب. (¬6) ز: قليل ولا كثير.

للغرماء قيمته مدبراً إلا أن يكون دينهم أقل من ذلك فيضمن الأقل من ذلك. ولو أن رجلاً أتى بالجارية إلى السوق فقال: إن هذه أمتي قِنّة فبايعوها (¬1)، فبايعوها فلحقها دين كثير يحيط برقبتها، ثم إنها ولدت ولداً فاستحقها رجل فأخذها وأخذ ولدها، فإن للغرماء أن يضمنوا الذي غرهم الأقل من دينهم ومن قيمة الأم وولدها. ولا يشبه الولد في هذا ما وهب لها أو ما اكتسب مالاً إذا أخذ ذلك مولاها معها؛ لأن الولد منها والغرور كالغرور في الجارية، وأما ما وهب لها فليس منها. ولو أنه أمرهم بمبايعتها وقيمتها ألف درهم فلحقها دين أكثر من قيمتها، ثم إن رجلاً استحقها وقيمتها ألفان، فإن الذي غرهم يغرم للغرماء قيمتها يوم استحقها مولاها؛ لأنها كانت تباع للغرماء حتى يأخذوا قيمتها يوم يختصمون، فلذلك يغرم الذي غرهم قيمتها يوم يستحق (¬2). ولو أن الذي أمرهم بالمبايعة أمرهم بذلك وقيمتها ألفان، فلحقها دين ألفا (¬3) درهم، فنقصت (¬4) قيمتها من عيب أو من غير عيب حتى بلغت ألفاً، ثم استحقها رجل، فإن المولى يغرم قيمتها يوم استحقها ولا ينظر إلى قيمتها قبل ذلك؛ لأن الغرماء إنما يبيعونها في دينهم يوم يختصمون، فكذلك يغرم الذي غرهم (¬5) قيمتها يوم يستحق. وإذا أتى الرجل بالعبد إلى السوق فقال: هذا عبدي فبايعوه، فلحقه دين، ثم إن رجلاً استحقه، فأقام الذي غرهم (¬6) فيه البينة على مولاه الذي استحقه أنه قد أذن له في التجارة قبل أن يغرهم منه، فإن العبد يباع في الدين للغرماء، ولا ضمان على الذي غرهم فيه (¬7)؛ لأن العبد لو لم يستحق لم يكن لهم إلا أن يبيعوه (¬8) عند الذي [غرهم فيه، فإذا باعوه عند الذي] استحقه لم يضمن الذي غرهم من ذلك قليلاً ولا كثيراً (¬9). وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. ¬

_ (¬1) م ف: فبيعوها. (¬2) ز: تستحق. (¬3) ز: ألفي. (¬4) ف: فقبضت (مهملة). (¬5) ز: غرم. (¬6) ز: غرم. (¬7) ف ز: منه. (¬8) ز: أن يتبعوه. (¬9) ز: قليل ولا كثير.

باب الشهادة على العبد في الدين والغصب والتجارة وغير ذلك

باب الشهادة على العبد في الدين والغصب والتجارة وغير ذلك وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا أذن الرجل لعبده في التجارة فشهد عليه شاهدان (¬1) بغصب اغتصبه أو بوديعة استهلكها أو جحدها أو بمضاربة أو بضاعة استهلكها أو جحدها، أو شهدوا (¬2) عليه بإقراره بذلك، أو شهدوا عليه ببيع أو شرإء أو إجارة فأنكر العبد ذلك ومولاه غائب، فشهادة الشاهدين عليه جائزة في جميع ذلك، ويقضي عليه (¬3) القاضي بذلك كله، ولا يلتفت إلى غيبة (¬4) المولى، فيلزمه جميع ما شهد عليه به الشاهدان. وكذلك الصبي إذا أذن له أبوه في التجارة أو وصي أبيه أو جده أبو أبيه إذا لم يكن له وصي ولا أب. وكذلك المعتوه الذي يعقل الشراء والبيع يأذن له أبوه أو وصي أبيه أو جده أبو أبيه (¬5) فهو في ذلك بمنزلة الصبي، والشهادة عليهما جائزة، وجميع ما شهد به (¬6) عليهما الشاهدان لهما لازم، فلا ينظر في ذلك إلى غيبة الأب والوصي والجد. ولو كان العبد محجورًا عليه فشهد عليه شاهدان بغصب اغتصبه أو بوديعة استهلكها أو بمضاربة استهلكها أو ببضاعة استهلكها، وجحد ذلك كله، فشهد عليه الشاهدان بمعاينة ذلك ولم يشهدا على الإقرار، فإن كان المولى غائباً فإن القاضي لا يقضي على العبد بشيء من ذلك حتى يحضر المولى. فإذا حضر المولى قضى القاضي على العبد بالغصب فبيع فيه إلا أن يفديه مولاه. وأما المضاربة والبضاعة والوديعة، فإن القاضي لا يقضي عليه بشيء من ذلك إن حضر مولاه حتى يعتق؛ لأن مولاه لم يأذن له في قبض ذلك. فإذا عتق لزمه ما استهلك من ذلك وما جحد. فإن كان الشاهدان شهدا عليه ¬

_ (¬1) وقعت كلمة "شاهدان" مقطعة، "شاهد" في آخر الصفحة السابقة، و"ان" في أول الصفحة التالية. وهذا أي تقطيع الكلمة أمر مشاهد في الكتب القديمة. (¬2) ز: أو شهدا. (¬3) ف - عليه. (¬4) ف: إلى غصبه. (¬5) ف + أو جده أبو أبيه. (¬6) ز: ما شهدته.

بإقرار ببعض ما وصفت لك ولم يشهدا بمعاينة شيء من ذلك، فإن كان مولاه حاضراً أو غائباً لم يقض (¬1) على العبد بشيء مما أقر به حتى يعتق. فإذا عتق لزمه جميع ما شهد به الشاهدان مما أقر به (¬2) من وديعة أو مضاربة أو بضاعة استهلكها أو جحدها أو غصب اغتصبه (¬3) إذا شهد الشاهدان على إقراره به. وقال أبو حنيفة ومحمد: إذا أذن الرجل لعبده في التجارة فشهد عليه الشهود (¬4) بقتل رجل عمداً أو بقذف أو بزنى أو بشرب خمر فأنكر العبد ذلك فإن كان مولاه حاضراً يقضي (¬5) القاضي عليه بذلك كله. وإن كان غائباً والعبد يجحد ذلك لم يقض عليه من ذلك بشيء حتى يحضر مولاه. وكذلك لو كان الشهود شهدوا عليه بإقراره ببعض ما ذكرنا والمولى غائب، فإن القاضي لا يقضي عليه بشيء من ذلك ومولاه غائب. فإن شهدوا عليه بإقراره ببعض ما ذكرنا ومولاه حاضر والعبد يجحد ذلك لزمه القود إن كانوا شهدوا عليه بإقراره بالعبد (¬6). وكذلك القذف. ولا يلزمه ما شهدوا به عليه مما أقر به من زنى أو شرب الخمر؛ لأن العبد لو أقر بذلك عند القاضي ثم رجع عنه قبل منه. وكذلك العبد المحجور عليه هو في ذلك بمنزلة العبد المأذون له. ولو شهد (¬7) الشهود على صبي مأذون له أو معتوه مأذون له بقتل عمد أو بقذف أو بشرب خمر (¬8) أو بزنى، فإن كان أبوه الذي أذن له أو وصيه أو جده حاضراً لم يلزمه من ذلك قليل ولا كثير غير القتل، فإن على عاقلة الصبي في ذلك دية المقتول في ثلاث سنين. فإن كان أبوه أو وصيه أو جده غائباً لم يقض عليه بشيء من ذلك. ولو كان الشهود شهدوا عليه بإقراره ببعض ما ذكرنا، والأب والوصي أو الجد (¬9) حاضر أو غائب (¬10)، فالشهادة ¬

_ (¬1) ز: لم يقضى. (¬2) ز - حتى يعتق فإذا عتق لزمه جميع ما شهد به الشاهدان مما أقر به. (¬3) م ز - اغتصبه. (¬4) ز: الشهود عليه. (¬5) م ز: فقضى. (¬6) ز: بالعمد. (¬7) ز: شهدوا. (¬8) ز: أو بشرب خمر أو بقذف. (¬9) ز: والجد. (¬10) ز: أو غائباً.

باطل، ولا يلزم الصبي ولا المعتوه ولا عاقلتهما من ذلك قليل ولا كثير. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فشهد عليه شاهدان بسرقة عشرة دراهم أو أكثر من ذلك وهو يجحد ذلك، فإن كان مولاه حاضراً قطع، ولم يضمن من السرقة شيئاً إلا أن تكون قائمة بعينها، فترد على صاحبها. وإن كان المولى غائباً ضمن العبد السرقة ولم يقطع؛ لأن القاضي لا يقضي على العبد بحد في سرقة ولا غيرها والعبد يجحد ذلك إلا ومولاه حاضر. ولو كان الشاهدان شهدا عليه أنه سرق أقل من عشرة دراهم ضمنه القاضي السرقة ولم يقطعه، ولا ينظر في ذلك إلى غيبة المولى ولا إلى حضوره. ولو أن صبياً مأذوناً له في التجارة أو معتوهاً شهد عليه شاهدان بسرقة عشرة دراهم أو أكثر أو أقل والذي أذن له حاضر أو غائب، فإن القاضي يقضي عليه بضمان السرقة ولا يقطعه، ولا ينظر في ذلك إلى غيبة الذي أذن له ولا إلى حضوره. ولو كان الشاهدان شهدا على العبد المأذون له بإقراره بسرقة عشرة دراهم أو أكثر أو أقل والعبد يجحد ذلك، فإن القاضي يلزمه ضمان السرقة ولا يقطعه، ولا ينظر في ذلك إلى غيبة المولى ولا إلى حضوره. وكذلك الصبي المأذون له والمعتوه المأذون له في جميع ما وصفت لك. ولو كان العبد محجوراً عليه فشهد عليه شاهدان بسرقة عشرة دراهم أو أكثر وهو يجحد ذلك، فإن كان المولى غائباً لا يقضي عليه القاضي بشيء حتى يحضر مولاه. فإن كان المولى حاضراً فشهد على العبد شاهدان بذلك والمولى يجحد ذلك (¬1)، فإن القاضي يقضي بقطع يد الغلام ولا يضمنه السرقة. فإن كانت السرقة قائمة بعينها ردها القاضي عليه. فإن كان الشاهدان شهدا على العبد بإقراره بالسرقة وهو يجحد ذلك فالشهادة باطل، ولا يقضي عليه القاضي بشيء من ذلك من قطع ولا ضمان إن كان المولى حاضراً أو غائباً. وكذلك الصبي والمعتوه، إذا شهد عليهما الشاهدان بإقرارهما بالسرقة فهما بمنزلة العبد المحجور عليه في ذلك. وإذا أذن الرجل المسلم لعبده الكافر في التجارة فاشترى وباع فذلك جائز في جميع ما اشترى وباع، وهو في ذلك بمنزلة المسلم. وإن اشترى ¬

_ (¬1) م ز - ذلك.

العبد الكافر خمراً أو خنازير (¬1) فشراؤه جائز، إن (¬2) كان عليه دين أو لم يكن؛ لأن الذي ولي صفقة البيع كافر، فشراؤه الخمر والخنزير (¬3) جائز. فإن اشترى ميتة أو دماً أو بايع رجلاً كافراً بربا فذلك باطل. وهو في جميع ما اشترى أو باع بمنزلة العبد المسلم، ما جاز من ذلك على العبد [المسلم جاز على العبد، الكافر] وما بطل عن المسلم بطل عن الكافر إلا في الخمر والخنازير، فإن بيعه وشراءه في ذلك جائز. وإذا أذن الرجل الكافر لعبده المسلم في التجارة فاشترى وباع فشراؤه وبيعه جائز، وهو في ذلك بمنزلة العبد المسلم يكون للرجل المسلم. ولو أن عبداً مسلماً لرجل كافر أذن له في التجارة فاشترى خمراً أو خنازير فشراؤه باطل إن كان عليه دين أو لم يكن؛ لأن الذي (¬4) ولي صفقة البيع مسلم، فلا يجوز بيعه للخمر ولا للخنزير ولا شراؤه. وإن كان العبد لرجل كافر إنما ينظر في ذلك إلى الذي ولي عقدة البيع. فإن كان مسلماً كان البيع باطلاً. وإن كان كافراً كان البيع جائزاً وإن كان العبد لرجل مسلم. وإذا أذن الرجل المسلم لعبده الكافر في التجارة، فشهد عليه شاهدان كافران بغصب اغتصبه، أو بوديعة استهلكها أو جحدها، أو مضاربة أو بضاعة استهلكها، أو شهدوا عليه بإقراره بذلك، أو شهدوا عليه ببيع أو شراء أو إجارة أو رهن أو قرض، فأنكر العبد ذلك ومولاه، فإن شهادتهم جائزة على العبد في جميع ما وصفت لك؛ لأن المولى قد أذن له في التجارة، فصار بمنزلة الحر الكافر فيما شهد عليه. وكذلك الصبي الكافر يأذن له وصيه المسلم في التجارة، أو يأذن له جده أبو أبيه في التجارة، فشهد عليه شاهدان كافران ببعض ما ذكرنا، فشهادتهما عليه جائزة. ولو أن رجلاً كافراً أذن لعبد له مسلم في التجارة فشهد عليه شاهدان كافران ببعض ¬

_ (¬1) ز: أو خنزيرا. (¬2) م ف ز: وإن. (¬3) ز: والخنازير. (¬4) ف - الذي.

ما ذكرنا فشهادتهما عليه (¬1) باطل إن كان على العبد دين أو لم يكن؛ لأن شهادتهما على مسلم، فلا يجوز أن يشهدا على مسلم إن كان مولاه كافراً (¬2). وكذلك الصبي المسلم يأذن له وصيه الكافر في التجارة، فهو بمنزلة العبد المسلم في جميع ما وصفت لك. وهذا قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإذا شهد الشاهدان الكافران على العبد المحجور عليه الكافر بغصب اغتصبه، فإن كان مولاه مسلماً فشهادتهما باطل. وإن كان كافراً فشهادتهما جائزة، والمال لازم للعبد، يباع فيه إلا أن يفديه مولاه. وإذا أذن الرجل المسلم (¬3) لعبده الكافر (¬4) في التجارة فشهد عليه شاهدان كافران بجناية خطأ، أو بقتل رجل عمداً، أو بشرب خمر أو بقذف، أو شهد عليه أربعة كفار بالزنى، ومولاه حاضر ينكر ذلك، والعبد ينكر ذلك، فالشهادة على هذا باطل، ولا يشبه هذا التجارة والغصب والقرض ونحوه. ألا ترى أن القاضي لا يقضي على العبد بشيء من الجناية والحد حتى يحضر المولى فيخاصم. وإذا كان المولى هو الخصم في ذلك فالشهادة فيه باطل؛ لأنهم إنما يشهدون على مسلم. ولو كان العبد مسلماً ومولاه كافراً فشهد عليه شاهدان كافران ببعض ما ذكرنا من حد أو جناية فالشهادة (¬5) باطل في ذلك كله. وإذا أذن الرجل لعبده الكافر في التجارة، فشهد عليه شاهدان كافران بسرقة عشرة دراهم أو أكثر أو أقل، فإن القاضي يقضي على العبد بضمان السرقة ولا يقطعه إن كان المولى حاضراً أو غائباً؛ لأن الحد في السرقة والخصم فيه المولى مع عبده، والمولى مسلم، فلا يقضى بحد على عبده والخصم فيه مسلم، والضمان إنما (¬6) القضاء فيه على العبد. ألا ¬

_ (¬1) ز - جائزة ولو أن رجلاً كافراً أذن لعبد له مسلم في التجارة فشهد عليه شاهدان كافران ببعض ما ذكرنا فشهادتهما عليه. (¬2) ز: كافر. (¬3) ف - المسلم. (¬4) ف - الكافر. (¬5) ز + فيه. (¬6) م + فيه.

ترى أن المولى لو كان غائباً لم ينتظر حضوره في ضمان السرقة، فلذلك يقضى على العبد بالسرقة ولا يقطع. وكذلك لو كانا شهدا عليه بإقراره بالسرقة كان بهذه المنزلة أيضاً. ولو كان العبد مسلماً والمولى كافراً فشهد عليه شاهدان كافران بسرقة أو بإقراره بسرقة فشهادتهما باطل؛ لأنهما شهدا على فعل مسلم وقول مسلم، فلا تجوز شهادتهما في ذلك. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا أذن الرجل المسلم لعبده الكافر في التجارة، فشهد عليه شاهدان كافران لرجل كافر أو مسلم بدين ألف درهم، وعليه دين ألف درهم لرجل مسلم أو كافر، والعبد يجحد ما شهد عليه به الشاهدان، فشهادة الشاهدين عليه جائزة. فإن كان صاحب الدين الأول مسلماً بيع العبد وما في يده في دين الأول حتى يستوفي جميع دينه. فإن بقي شيء بعد ذلك كان لصاحب الدين الذي شهد له الشاهدان الكافران. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: لو أن رجلين مسلمين ادعيا على عبد كافر مأذون له في التجارة ديناً، ومولى العبد مسلم، فادعى كل رجل منهما على العبد ألف درهم، والعبد يجحد ذلك (¬1)، فشهد لأحد الرجلين رجلان مسلمان، وشهد للآخر رجلان كافران، فإن القاضي يقضي بالدين كله على العبد، فيبدأ بدين الذي شهد له المسلمان فيقضي دينه. فإن بقي شيء كان للذي شهد له الكافران. ولو أن العبد المأذون له صدق الذي شهد له الكافران بما ادعى من ذلك شارك الذي شهد له المسلمان في جميع رقبة العبد وفي جميع ما في يده فبيع ذلك كله، فيُقسم بينهما نصفين. ولو كان الذي شهد له الكافران مسلماً (¬2) والذي شهد له المسلمان كافراً (¬3) والعبد يجحد ذلك كله فقضى القاضي بالدين كله على العبد بيع (¬4) العبد وما في يده واقتسمه الغريمان نصفين. ولو كان الغرماء ثلاثة كل واحد منهم يدعي ¬

_ (¬1) ز - ذلك يجحد. (¬2) ز: مسلم. (¬3) ز: كافر. (¬4) م ف ز: فبيع. والتصحيح من الكافي، 3/ 124 ظ.

ألف درهم، رجل منهم مسلم شهد له كافران، ورجل منهم مسلم شهد له شاهدان مسلمان، ورجل منهم كافر شهد له مسلمان، فإن القاضي يقضي بدينهم كله على العبد، فيبيع العبد وما في يده، فيقسمه بين المسلم الذي شهد له المسلمان وبين الكافر الذي شهد له المسلمان نصفين (¬1)، فيأخذ المسلم الذي شهد له المسلمان نصف المال فيسلم له، ويكون النصف الذي صار للكافر والذي شهد له المسلمان بين الكافر وبين المسلم الذي شهد له الكافران نصفين؛ لأن شهادة الكافر على الكافر جائزة، فلذلك دخل الرجل المسلم مع الكافر فيما صار له من ذلك بشهادة الكافرين. ولو كان أحد الغرماء مسلماً (¬2) شهد له كافران والآخران كافران شهد لكل واحد منهما كافران فإن القاضي يبدأ بالمسلم فيقضيه دينه. فإن بقي شيء بعد ذلك كان [بين] الكافرين (¬3) نصفين. ولو كان العبد مسلماً والمولى كافراً (¬4) والغرماء رجلان أحدهما مسلم شهد له كافران، والآخر كافر شهد له مسلمان، والعبد يجحد ذلك، فإن القاضي يبطل دعوى المسلم الذي شهد له الكافران، ويقضي بشهادة المسلمين اللذين (¬5) شهدا للكافرين، ويبيع العبد الكافر (¬6) في دينه حتى يستوفى. فإن بقي شيء لم يكن للمسلم المدعي منه قليل ولا كثير، ويسلم للكافر ما أخذ من دينه، ولا يدخل المسلم معه في ذلك بقليل ولا كثير؛ لأن شهادة الكافرين (¬7) على العبد المسلم لا تجوز في شيء من فعل فعله ولا إقرار ولا غير ذلك. وكذلك لو كان العبد محجوراً عليه كان بمنزلة هذا (¬8) في جميع ما وصفت لك. ولو كان العبد كافراً (¬9) محجوراً عليه ومولاه مسلم والغرماء رجلان، أحدهما مسلم شهد له كافران بأن العبد (¬10) غصبه ألف درهم، وشهد عليه مسلمان لرجل كافر أنه غصبه ذلك، والعبد يجحد ذلك، فإن القاضي يقضي على ¬

_ (¬1) ز: نصفان. (¬2) ز: مسلم. (¬3) ز: للكافرين. (¬4) ز: كافر. (¬5) ف: للذين. (¬6) ف: للكافر. (¬7) م: للكافرين. (¬8) م - هذا، صح هـ. (¬9) م - كافراً. (¬10) ز: شهد له كان بالعبد.

العبد بدين الكافر ولا يقضي عليه بين المسلم حتى يعتق، وما أخذ الكافر من دينه شاركه (¬1) فيه المسلم فاقتسما ذلك نصفين. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا أذن الرجل المسلم لعبده الكافر في التجارة فشهد عليه رجلان كافران لمسلم (¬2) أو كافر بدين ألف درهم بإقرار أو غصب، فقضى القاضي بذلك وباع العبد في الدين (¬3) بألف درهم فقضاها الغريم، ثم إن رجلاً مسلماً ادعى على العبد دين ألف درهم كانت عليه قبل أن يباع، وجاء على ذلك بشاهدين مسلمين، فإن القاضي يأخذ الألف التي أخذها الغريم الذي شهد له الكافران من الغريم الذي قبضها، فيدفعها إلى هذا الغريم الذي شهد له المسلمان؛ لأن هذا [أحق] بثمنه من الأول. ولو كان هذا الغريم الثاني كافراً أخذ من الأول نصف ما أخذ، فاقتسما (¬4) ما قبض الغريم الأول نصفين. ولو كان الذي شهد له الأولان كافراً (¬5) وشاهداه مسلمان فأعطاه القاضي ثمن العبد قضاء (¬6) من دينه، ثم إن رجلاً مسلماً أو كافراً أقام شاهدين كافرين على العبد بدين ألف درهم، فإن القاضي يقضي على الكافر الذي قبض (¬7) الثمن بنصف ما أخذ، فيدفعه إلى هذا الغريم حتى يكون الثمن بينهما نصفين، لأن شهادة الكافرين على الكافر الذي قبض الثمن جائزة. ألا ترى أن رجلاً كافراً [لو] هلك وترك ألف (¬8) درهم فأسلم وارثه فأقام رجل كافر شاهدين مسلمين على الميت بألف درهم، فإن القاضي يقضي بالألف لهذا الكافر؛ لأن الشاهدين مسلمان، فشهادتهما جائزة على الوارث. فإذا قضى القاضي للكافر بالألف درهم التي تركها الكافر قضاء من دينه وقضى بذلك على الوارث المسلم، ثم إن رجلاً. كافراً أو مسلماً أقام على الميت شاهدين (¬9) كافرين بدين ألف درهم، فإن هذا الغريم الثاني يشارك الغريم الأول فيما أخذ، ¬

_ (¬1) ز: شارك. (¬2) م ز: المسلم. (¬3) م ف ز + وإن باعه. والتصحيح من الكافي، 3/ 125 و. (¬4) م ت ز: فاقتسمه. (¬5) ز: كافر. (¬6) ز: قضى. (¬7) ز: أخذ. (¬8) ز + ألف. (¬9) ف ز: بشاهدين.

فيقتسمان ذلك نصفين على قدر دينهما. وكذلك ما وصفت لك من العبد وما لحقه من دين بعد البيع. وإذا أذن الرجل لعبده الكافر في التجارة فباع واشترى، ثم إنه أسلم فادعى عليه رجلان ديناً، فجاء أحدهما بشاهدين كافرين عليه بدين ألف درهم كانت عليه في حال كفره، وجاء المدعي الآخر عليه بشاهدين مسلمين، فشهدا عليه بدين ألف درهم كانت عليه في حال كفره، والمدعيان مسلمان أو كافران، والمولى مسلم أو كافر، فإن شهادة المسلمين على العبد جائزة، ويباع العبد في دين الذي شهد له المسلمان، كافراً كان المشهود له أو مسلماً، حتى يستوفي حقه ويبطل حق الذي شهد له الكافران، ولا يشارك الذي شهد له المسلمان في قليل ولا كثير وإن كان الذي شهد له المسلمان كافراً؛ لأن الشهادة إنما كانت على عبد مسلم فبطلت، فلم يلزم العبد من ذلك قليل ولا كثير، فلذلك لم يشارك الذي شهد له الكافران صاحبه في قليل ولا كثير. ولو أن العبد كان مسلماً ومولاه كافر أو مسلم، فارتد العبد عن الإسلام، فشهد عليه شاهدان مسلمان لرجل كافر أو مسلم بمال، وشهد عليه كافران لرجل كافر أو مسلم بمال (¬1)، فشهادة المسلمين جائزة، وشهادة الكافرين باطل لا تجوز. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة ومولاه مسلم أو كافر، فلحقه (¬2) دين والعبد كافر ذمي، فشهد عليه شاهدان مسلمان لرجل مسلم بدين ألف درهم، وشهد عليه شاهدان كافران ذميان لمسلم بدين، وشهد عليه لمسلم بدين شاهدان كافران (¬3) حربيان مستأمنان في دار الإسلام بدين لمسلم، فإن القاضي يبطل شهادة الحربيين، ويقضي عليه بشهادة المسلمين فيقضيه حقه. فإن بقي شيء كان للذي شهد له الذميان. فإن بقي شيء بعد ذلك كان ¬

_ (¬1) م - وشهد عليه كافران لرجل كافر أو مسلم بمال. (¬2) م ف ز - فلحقه. والزيادة من ع. (¬3) م - ذميان لمسلم بدين وشهد عليه لمسلم بدين شاهدان كافران، صح هـ.

للمولى. ولا شيء للذي شهد له الحربيان. وكذلك لو كان المولى حربياً (¬1) دخل إلينا بأمان فاشترى عبداً ذمياً فأذن له في التجارة كان بهذه المنزلة؛ لأن شهادة الحربيين لا تجوز على الذمي (¬2) في قليل ولا كثير. ولو كان المولى وعبده حربيين دخلا بأمان والمسألة على حالها قضي بالدين كله على العبد، فبيع العبد وما في يده، فبدئ بصاحب الدين الذي شهد له المسلمان. فإن بقي شيء استوفى الذي شهد له الذميان. فإن بقي شيء كان للذي شهد له الحربيان. فإن كان أصحاب الدين أهل ذمة كلهم والمسألة على حالها فإن القاضي يقضي بالدين كله على العبد، ويبيع العبد وما في يده، فيبدأ بصاحبي (¬3) الدين اللذين (¬4) شهد لهما المسلمان والذميان، فيتحاصّان في الثمن حتى يستوفيا حقهما. فإن بقي شيء بعدما استوفيا حقهما كان ذلك للذي شهد له الحربيان. ولو كان أصحاب الدين قوماً من أهل الحرب دخلوا إلينا بأمان والمسألة على حالها فقضى القاضي بالدين كله على العبد، فيياع العبد وما في يده، فيقسمه (¬5) بين الغرماء بالحصص. ولو كان المولى مسلماً أو ذمياً والعبد كافراً حربياً دخل بأمان فاشتراه المولى فأذن له في التجارة والمسألة على حالها، فإن القاضي يبطل شهادة الحربيين، ويبطل دين الذي شهد له بالدين، ويقضي عليه بدين الذي شهد له المسلمان وبدين الذي شهد له الذميان، فيبيع (¬6) العبد وما في يده، فيتحاصّ فيه هذان الغريمان. فإن بقي شيء بعد ذلك كان للمولى، ولا شيء للغريم الذي شهد له الحربيان؛ لأن العبد حين اشتراه المسلم أو الذمي صار (¬7) ذمياً، وبطلت عنه شهادة أهل الحرب. وإذا دخل الكافر إلى دار الإسلام بأمان ومعه عبد له كافر فأذن له في التجارة، فادعى عليه أربعة مسلمون ديناً (¬8)، فشهد لكل رجل ¬

_ (¬1) ز: حربي. (¬2) ز - على الذمي. (¬3) م ف ز: بصاحب. (¬4) م ف ز: الذي. (¬5) ف: يقسمه؛ ز: فقسمه. (¬6) م ز: فبيع. (¬7) م: كان. (¬8) ز: دين.

منهم شاهدان حربيان (¬1) دخلا بأمان، فإن القاضي يقضي بالدين كله على العبد، فيبيع العبد وما في يده، فيقسمه بين الغرماء بالحصص. ولو كان الغرماء ثلاثة أحدهم مسلم شهد له حربيان بدين ألف درهم، وأحدهم ذمي شهد (¬2) له ذميان بدين ألف درهم، وأحدهم حربي شهد له مسلمان بدين ألف درهم، فإن القاضي يقضي بالدين كله، فيبيع العبد وما في يده. فإن باع ذلك كله بألف درهم اقتسمه [الذمي] الذي شهد له الذميان والحربي الذي شهد له المسلمان بينهما نصفين على قدر دينهم، ثم إن المسلم يأخذ من الحربي نصف ما صار له من ذلك حتى يصير ما كان للحربي من ذلك بينهما نصفين؛ لأن شهادة أهل الحرب لا تجوز على الذمي وشهادة الذمي تجوز على الحربي. ولو كان شهود الذمي حربيين وشهود المسلم من أهل الذمة والمسألة على حالها، كان الثمن للحربي الذي شهد له المسلمان وللمسلم الذي شهد له الذميان بينهما نصفين (¬3)، ثم يكون للذمي الذي شهد له الحربيان نصف ما أصاب الحربي الذي شهد له المسلمان. ولو كان الذي شهد له المسلمان الذمي والذي شهد له الذميان الحربي والذي شهد له الحربيان المسلم كان الثمن بين الحربي والذمي (¬4) نصفين، وأخذ المسلم نصف ما أخذ الحربي حتى يكون ما وصل إلى الحربي بين المسلم والحربي نصفين. وإذا لحق العبد دين فقال مولاه: عبدي محجور (¬5) عليه، وادعى الغرماء أن العبد مأذون له في التجارة، فالقول قول (¬6) المولى (¬7) أن العبد محجور عليه، وعلى الغرماء البينة. فإن جاء الغرماء بشاهدين فشهدا على ¬

_ (¬1) ز: شاهدين حربيين. (¬2) م ف ز: وشهد. (¬3) ز - من ذلك حتى يصير ما كان للحربي من ذلك بينهما نصفين لأن شهادة أهل الحرب لا تجوز على الذمي وشهادة الذمي تجوز على الحربي ولو كان شهود الذمي حربيين وشهود المسلم من أهل الذمة والمسألة على حالها كان الثمن للحربي الذي شهد له المسلمان وللمسلم الذي شهد له الذميان بينهما نصفين. (¬4) ز: الذمي والحربي. (¬5) ز: محجورا. (¬6) ز: قولي. (¬7) ز - المولى.

الإذن، فشهد أحدهما أن مولاه أذن له في شراء البز، وشهد له (¬1) الآخر أنه أذن له في شراء الطعام، فإن شهادتهما جائزة وإن كان الدين من غير هذين الصنفين؛ لأنه إذا أذن له في البز أو في الطعام فقد أذن له في جميع التجارات. وإذا شهد أحدهما أنه أذن له في شراء البز وشهد الآخر أنه رآه يشتري البز فلم ينهه فشهادتهما باطل؛ لأنهما قد اختلفا (¬2)، فشهد أحدهما على معاينة والآخر على قول. ولو شهد أحدهما أنه رآه يشتري البز فلم ينهه وشهد الآخر أنه رآه يشتري الطعام فلم ينهه فشهادتهما باطل؛ لأنهما شهدا على فعل واختلفا فيه. ولو شهدا (¬3) أنه رآه يشتري البز ولم (¬4) ينهه كان الشراء جائزاً، وكان العبد مأذوناً له في التجارة، ولا يشبه اجتماعهما على البز (¬5) في هذا شهادتهما على البز والطعام. ألا ترى أني لو جعلت العبد مأذوناً (¬6) له (¬7) بشهادتهما أنه رآه يشتري البز والطعام فلم ينهه أنه ينبغي أن أجيز عليه البز والطعام (¬8) بشهادة (¬9) رجل يشهد على البز وشهادة آخر يشهد على الطعام، ولا يستقيم أن أجيز على شراء البز شهادة واحد وعلى الطعام شهادة واحد. فإذا لم أجز ذلك ولم أجعله مأذوناً له في التجارة بشيء لم أجعله مشترياً فيه. فأما إذا شهدا عليه بقول فشهد أحدهما أنه أذن له في ذلك في البز وشهد الآخر أنه أذن له في الطعام فهذا جائز؛ لأنهما لم يلزما العبد بشهادتهما شراء شيء (¬10) بعينه ولا بيعه، وإنما شهدا بقول قاله المولى، وإذنه في أحد الأمرين إذن فيهما جميعاً، فجازت شهادتهما لذلك، وهذا لا يشبه ما وصفنا من شراء البز والطعام إذا شهد أن المولى رآه يشتري فلم ينهه. ... ¬

_ (¬1) ز - له. (¬2) ز + فقد. (¬3) ز: شهد. (¬4) ز: فلم. (¬5) ز - البز. (¬6) ز: مأذون. (¬7) ز + في التجارة. (¬8) ز - والطعام. (¬9) م: فشهادة. (¬10) ز: شيئاً.

باب الاختلاف بين العبد المأذون له في التجارة وبين مولاه وفيما في يديه وغيرهم

باب الاختلاف بين العبد المأذون له في التجارة وبين مولاه وفيما (¬1) في يديه (¬2) وغيرهم وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا كان في يدي العبد المأذون له مال فقال المولى: هو مالي، وقال العبد: هو مالي (¬3)، وعلى العبد دين، فالقول للعبد، ولا يصدق المولى على ذلك المال حتى يقضي الدين. فإن كان هذا المال في يدي المولى وفي يدي العبد فادعى كل واحد (¬4) منهما أن المال ماله فهو بينهما نصفين. فإن كان هذا المال في يدي المولى والعبد (¬5) وفي يد (¬6) أجنبي، فادعى المال كل واحد منهم، فإن أبا حنيفة قال: هو بينهم للمولى (¬7) ثلثه، وللعبد ثلثه يقضي به دينه، وللأجنبي ثلثه. وهو قول أبي يوسف ومحمد. فإن كان العبد لا دين عليه والمسألة على حالها، فإن أبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا قالوا في ذلك: المال بين المولى وبين الأجنبي نصفين، وليس للعبد شيء ولا يستحق المولى شيئاً (¬8) من المال لمكان عبده؛ لأن ما في يد العبد وما في يد مولاه شيء واحد إذا لم يكن عليه دين. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: لو كان ثوب في يدي رجل وعبد مأذون له في التجارة كل واحد منهما يدعيه فهو بينهما نصفان. فإن كان في يدي أحدهما بعضه وفي يدي الآخر بعضه فهو بينهما نصفان (¬9). وإن لم يكن أحدهما إلا متعلقاً (¬10) بطرفه، فإن كان أحدهما مؤتزراً به أو مرتدياً به أو كان قميصاً [فكان أحدهما] لابسه والآخر متعلق به، أو كانت دابة فكان أحدهما راكباً عليها وكان الآخر ممسكاً باللجام، ¬

_ (¬1) ف: وما. (¬2) ز: في يده. (¬3) ف: مال. (¬4) ز - واحد. (¬5) م - والعبد، صح هـ. (¬6) ز: يدي. (¬7) م - للمولى. (¬8) ف: بشيء؛ ز: شيء. (¬9) ز: نصفين. (¬10) ز: إلا متعلق.

فهي للراكب واللابس. ولو أن رجلاً حراً أو عبداً مأذوناً له في التجارة أو مكاتباً آجر نفسه من رجل تاجر يبيع معه البز أو آجر نفسه من خياط يخيط معه، فكان في يدي الأجير ثوب، فقال المستأجر: هو لي، وقال الأجير: هو لي، فإن كان في حانوت التاجر أو الخياط الذي استأجره فهو له (¬1). وإن كان في السكة أو في منزل الأجير فهو للأجير. والصغير في هذا والكبير (¬2) سواء. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد في الحر (¬3) صغيراً كان أو كبيراً. وكذلك المكاتب والعبد المأذون له في التجارة في قياس قولهم. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: لو أن عبداً محجوراً عليه أجره مولاه من رجل فكان مع العبد ثوب فقال المستأجر: هو لي، وقال مولاه: هو لي، كان ذلك الثوب للمستأجر؛ لأن مولاه قد أجره منه، والعبد (¬4) في يدي المستأجر. [وسواء كان في السكة] (¬5) أو في السوق وفي يده (¬6) ثوب، أو كان راكباً على دابة، فادعى ذلك المولى، وادعى ذلك المستأجر، فهو للمستأجر، ولا يصدق المولى في شيء من ذلك؛ لأن العبد في يدي المستأجر. رقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: لو كان على العبد قميص أو قباء، فقال الآجر (¬7) للمستأجر (¬8): هو لي، وقال المولى: هو لعبدي، فإن هذا للعبد، والقول في ذلك قول المولى، وهذا والأول مفترقان. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: لا ينظر إلى العبد في شيء من ذلك. وقالوا: لو كان العبد في منزل المولى وفي يديه ثوب فقال المستأجر: هو لي، وقال المولى: هو لي، فهو (¬9) للمولى؛ لأنه في منزل المولى. ولو ¬

_ (¬1) م - فهو له، صح هـ. (¬2) ز: والكبير في هذا. (¬3) ز - في الحر. (¬4) م ف ز: فالعبد. والتصحيح مستفاد من الكافي، 3/ 127 و. (¬5) الزيادة من الكافي، الموضع السابق. (¬6) م ف ز: وفي ردنه. (¬7) ز - الآجر. (¬8) ز: المستأجر. (¬9) م ز: وهو.

باب في العبد المأذون له في التجارة يأسره العدو وعليه دين والحر يرتد عن الإسلام

كان العبد المأذون له في التجارة وعليه دين في منزل مولاه وفي يده ثوب فقال المولى: هو لي، وقال العبد: هو لي (¬1)، فإن كان (¬2) ذلك الثوب من تجارة العبد فهو له. وإن كان ليس من تجارة العبد فهو لمولاه؛ لأنه في ملك المولى. وإن كان راكباً على دابة ولابساً ثوباً فقال العبد: هو لي، وقال المولى: هو لي، فهو للعبد يقضي به دينه، ولا شيء للمولى في ذلك إن كان ذلك من تجارة العبد (¬3) أو لم يكن. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. ... باب في العبد المأذون له في التجارة يأسره العدو وعليه دين والحر يرتد عن الإسلام وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير، ثم إن المشركين أسروه فأحرزوه (¬4) في دار الشرك، ثم إن المسلمين ظهروا على العبد، فإن وجده مولاه قبل أن يقسم أخذه. وإن وجده بعدما قسم فهو أحق به بالقيمة إن أراد ذلك. فإن أخذه المولى قبل أن يقسم أو أخذه بعدما قسم اتبعه أصحاب الدين بدينهم فباعوه في دينهم إلا أن يفديه المولى. وكذلك لو كان العبد جنى جناية فقتل رجلاً خطأ قبل أن يؤسر، ثم أسر ولم يكن عليه دين، فأخذه مولاه قبل أن يقسم أو بعد القسمة بالقيمة، فإن الجناية تلحق العبد الذي رجع إلى مولاه على الملك الأول فقال (¬5) لمولاه: ادفع العبد بالجناية (¬6) أو افده. ولو كان العبد وقع في قسم رجل من المسلمين فلم يأخذه مولاه بالقيمة، فإن كان العبد جنى جناية قبل أن يؤسر لم تلحقه (¬7) ¬

_ (¬1) ف - وقال العبد هو لي. (¬2) م - كان، صح هـ. (¬3) ف: للعبد. (¬4) ز: فأعزروه. (¬5) ز: فيقال. (¬6) ز: بالجناية العبد. (¬7) ز: لم يلحقه.

الجناية إلا أن يعود إلى مولاه بالملك الأول. وإن كان العبد لم يكن جنى جناية، ولكنه ادّان (¬1) ديناً قبل أن يؤسر ثم وقع في سهم فلم يأخذه مولاه بالقيمة اتبعه الدين حيثما كان، فيباع (¬2) فيه إلا أن يفديه مولاه الذي صار في سهمه بالدين الذي عليه. ولو أن العبد أسره العدو وقد ادّان ديناً أو قتل خطأ فاشتراه رجل مسلم من أهل الحرب فأخرجه إلى دار الإسلام فمولاه بالخيار. إن شاء أخذه بالثمن الذي اشتراه به المسلم من أهل الحرب. وإن شاء تركه. ويأخذه المولى بالثمن على الملك الأول، فتلحقه (¬3) الجناية، فيقال لمولاه: ادفعه أو افده بالجناية. وكذلك لو كان عليه دين يباع فيه إلا أن يفديه المولى، لأن مولاه إذا أخذه بالثمن عاد إلى الملك الأول. وإذا عاد إلى الملك (¬4) الأول فكأنه لم يخرج من ملك المولى فيعود على الجناية والدين. ولو أن المولى لم يأخذ العبد من المشتري بالثمن الذي اشتراه به بطلت الجناية عن العبد، ولزم الدين العبد، فيباع فيه إلا أن يفديه المولى؛ لأن مولاه إذا أخذه بالثمن الذي اشتراه به بطلت الجناية عن العبد وألزم الدين العبد فبيع (¬5) فيه (¬6) إلا أن يفديه المشتري الذي اشتراه من أهل الحرب، ولا يشبه الدين الجناية في هذا. ألا ترى أن العبد لو جنى جناية فباعه مولاه أو أعتقه (¬7) لم يلحق العبد من الجناية قليل ولا كثير. ولو أن العبد ادّان ديناً فباعه المولى أو أعتقه كان للغرماء أن يتبعوا (¬8) العبد بدينهم بعد العتق وبعد الشراء ويبطل البيع. وكذلك ما وصفت لك في الباب الأول. ولو أن عبداً مأذوناً له في التجارة ادّان ديناً أو قتل رجلاً خطأ فأسره المشركون فأحرزوه في دارهم، ثم إن المشركين أسلموا، فإن العبد الذي أسروه (¬9) لهم لا حق لمولاه فيه، وليس لمولاه أن يأخذه منهم بقيمة ولا بثمن، وقد بطلت الجناية عن العبد. وأما الدين فإن العبد يباع فيه إلا أن ¬

_ (¬1) أي: استدان، كما تقدم. (¬2) م ف: فيبيع؛ ز: فبيع. (¬3) م ف ز: لحقه. (¬4) ز: على الملك. (¬5) ف: فيباع. (¬6) ز - وألزم الدين العبد فبيع فيه. (¬7) م ف ز + ثم قال المولى. والتصحيح مستفاد من المبسوط، 26/ 46 - 47. (¬8) ز: أن يبيعوا. (¬9) ز: أسره.

يفديه مولاه الذي هو له بالدين. وكذلك لو أن صاحبه الذي صار له جاء بالعبد مسلماً إلى دار الإسلام كان بهذه المنزلة لا سبيل لمولاه الذي كان له عليه، وتبطل الجناية عن العبد، ويثبت الدين. فإن اشتراه مولاه الذي كان له وقد كان جنى جناية لم تلحقه الجناية عند مولاه؛ لأنه لم يأخذه على الملك الأول. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فادّان (¬1) ديناً أو قتل رجلاً خطأ، ثم إن العبد ارتد عن الإسلام ولحق بدار الحرب، ثم إن المسلمين أسروه (¬2)، فإن مولاه أحق به قبل القسمة وبعدها بغير شيء، ويلحقه الدين والجناية؛ لأن العبد لم يحرزه المشركون وإنما هو آبق. وإذا أخذه المسلمون ردوه على مولاه واتبعه الدين والجناية. وإذا ادّان المسلم ديناً، ثم ارتد عن الإسلام ولحق بالدار ولم يدع مالاً في دار الإسلام، فأسره المسلمون، فإن الإمام يعرض عليه الإسلام، فإن أسلم فهو حر لا سبيل عليه، والدين لازم في عنقه يؤخذ به. وإن أبى (¬3) قتل وبطل الدين إلا أن يوجد له مال في دار الإسلام فيقضى منه دينه. وإذا ادّانت المرأة المسلمة ديناً، ثم إنها ارتدت عن الإسلام ولحقت بالدار فأسرها المسلمون فإنهم يجبرونها على الإسلام ولا تقتل. فإذا أسلمت فهي أمة للذي أسرها وقد بطل دينهم عنها؛ لأن الدين كان عليها وهي حرة، فلما صارت أمة بطل كل دين وكل حد وقصاص فيما دون النفس وجب عليها قبل الردة؛ لأن الحكم تغير حين صارت أمة. وأما القصاص في النفس فإنه على حاله عليها؛ لأن الأمة والحرة فيه سواء. وكذلك الرجل الذمي والمرأة الذمية يستدين أحدهما ديناً، ثم ينقض العهد ويلحق بدار الحرب وأخذه المسلمون بعد ذلك، فهو رقيق لمن أخذه وقد بطل عنه الدين وكل حد وجب عليه أو قصاص فيما دون النفس قبل أن ينقض العهد. فأما القصاص في النفس فهو واجب عليه؛ لأن الحر والعبد فيه سواء. وهذا كله قول أبي يوسف قاسه على قول أبي حنيفة. وهو قول محمد. ¬

_ (¬1) أي: استدان، كما تقدم. (¬2) ز: أسره. (¬3) م ز - أبى؛ صح م هـ.

باب إقرار العبد المأذون له في مرض مولاه وما يلحقه من الدين في ذلك

وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: لو أن رجلاً من أهل الحرب دخل دار الإسلام بأمان فاشترى وباع فلحقه دين، ثم رجع في بلاده، ثم جاء بعد ذلك مسلماً أو ذمياً (¬1) أو دخل بعد ذلك دار الإسلام بأمان، أخذ بذلك الدين، ولا يبطل عنه بدخوله إلى دار الحرب. ولو أن هذا الحربي لم يرجع إلى دار الإسلام حتى أسره المسلمون فصار عبداً فإن أبا حنيفة قال: يبطل عنه الدين؛ لأن حكمه قد تغير فصار عبداً وقد كان حراً. وعلى هذا قاس أبو يوسف ومحمد على ما وصفت لك قبل هذه المسألة (¬2). ولو أن مسلماً دخل دار الحرب بأمان فأدان بعضهم ديناً، ثم إن الحربي أسره المسلمون فصار عبداً بطل عنه الدين. وكذلك لو جاء إلى دار الإسلام بأمان لم يؤخذ (¬3) شيء من الدين. فإن أسلم أو صار ذمياً أخذ بالدين الذي للمسلم عليه حتي يرده إلى صاحبه. ولو كان هذا الحربي أهو، الذي أدان المسلم في دار الحرب (¬4) ديناً، ثم إن الحربي أسره المسلمون فصار عبداً بطل عن المسلم الدين. وكذلك لو دخل الحربي إلى دار الإسلام بأمان لم يؤخذ المسلم بالدين الذي له عليه حتى يسلم الحربي أو يصير ذمياً. فإن أسلم الحربي أو صار ذمياً أخذ المسلم بدين الحربي حتى يؤديه (¬5). وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. ... باب إقرار العبد المأذون له في مرض مولاه وما يلحقه من الدين في ذلك وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة، ثم إن مولاه مرض مرضًا مات فيه، وأقر في مرض مولاه بين من غصب أو بيع أو قرض أو وديعة قائمة بعينها أو استهلكها أو مضاربة قائمة بعينها أو استهلكها أو غير ¬

_ (¬1) ز: مسلم أو ذمي. (¬2) م: المسلمة. (¬3) م ز: لم يوجد له. (¬4) م ف ز + أدان. والتصحيح مع الزيادة مستفاد من الكافي، 3/ 128 و. (¬5) ز + إليه.

ذلك من الدين من التجارات، فإن كان المولى لا دين عليه فإقراره في جميع ذلك جائز. وإن كان على المولى دين في صحته يحيط بجميع ماله وبرقبة العبد وبجميع ما في يده فإقرار العبد بذلك باطل. فإن العبد إنما يجوز إقراره بإذن مولاه، فلم (¬1) يجز إقراره على غرماء المولى. فإن كان في العبد وفاء وفيما في يديه فضل عن دين المولى فقضى من مال المولى ومن رقبة العبد ومما في يديه، فإن بقي شيء من رقبة العبد ومما في يديه أخذه غرماء العبد. وإن كان مال (¬2) المولى غائباً والعبد (¬3) وما في يديه حاضراً (¬4) فإن القاضي يبيع العبد وما في يديه، فيبدأ بدين المولى فيقضيه. فإن لم يبق من ثمن العبد ولا مما في يديه شيء ثم إن مال الميت الغائب حضر فإن القاضي يقضي غرماء المولى ما بقي (¬5) من دينهم. فإن بقي شيء بعد ذلك نظر القاضي فيما بقي، فأخرج منه قدر ثمن العبد وثمن ما كان في يديه، ثم قضى من ذلك دين العبد. فإن بقي شيء كان لورثة المولى. ولو كان دين العبد أكثر من ثمن العبد ومن ثمن ما كان في يديه لم يرجع غرماء العبد على مال الميت بأكثر من ثمن العبد ومن ثمن ما كان في يديه (¬6). وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة، ثم إن المولى مرض وعليه دين يحيط بجميع ماله، وعلى عبده دين يحيط برقبته وبجميع ما في يديه، وذلك الدين كله في صحة المولى، ثم إن العبد أقر بدين من غصب أو بيع أو قرض أو غير ذلك، أو أقر بمال في يده أنه وديعة لفلان بعينه أو مضاربة بعينها أو دابة أقر بها عارية لفلان في يده بعينها، ثم إن المولى مات من ذلك المرض، فإن العبد وجميع ما في يده لغرماء العبد المأذون له في التجارة الذين كان دينهم في صحة المولى، ولا (¬7) يصدق العبد بإقراره في ¬

_ (¬1) م ف ز: لم. (¬2) م ف - مال، صح هـ. (¬3) ز: غائب أو العبد. (¬4) ز: حاضر. (¬5) ف: مما بقي. (¬6) ز - لم يرجع غرماء العبد على مال الميت بأكثر من ثمن العبد ومن ثمن ما كان في يديه. (¬7) ز: أو لا.

مرض المولى على شيء مما أقر به من دين ولا وديعة ولا غير ذلك. داقرار العبد إنما يجوز بإقرار المولى. فإذا مرض المولى وعليه دين يحيط بماله لم يجز للعبد شيء (¬1) مما وصفت لك. ولو كان دين (¬2) العبد الذي كان في صحة المولى لا يحيط برقبة العبد وبجميع ما في يده فإن القاضي يبيع العبد وجميع ما في يده، فيبدأ بدين العبد (¬3) الذي كان في صحة المولى، فيقضيه أصحابه. فإن بقي شيء بعد ذلك قضاه غرماء المولى. فإن بقي شيء بعد ذلك كان للذين أقر لهم العبد في مرض المولى. ولو كان المولى لا دين عليه وعلى العبد دين في صحة مولاه يحيط برقبته وبجميع ما في يديه (¬4) فأقر العبد في مرض مولاه (¬5) بدين من قرض (¬6) أو بيع أو غيره من أنواع االتجارات، ثم إن المولى مات من ذلك المرض، فإن القاضي يبيع العبد وما في يديه، فيقسم بين غرماء الصحة وبين غرماء المرض (¬7) بالحصص يتحاصون في ذلك؛ لأن المولى لا دين عليه. وإذا كان المولى لا دين عليه فمرضه وصحته سواء في دين العبد. ولو كان العبد أقر بشيء في يده بعينه أو وديعة لفلان أو عارية أو بضاعة فإن القاضي يبدأ بذلك، فيدفعه إلى المقر له، ويبيع العبد وما في يديه، فيقسمه بين غرماء العبد في الصحة والمرض بالحصص، ولا يلتفت إلى مرض المولى في هذا ولا إلى صحته. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة، ثم إن المولى مرض وعليه دين كثير في الصحة يحيط بماله وبرقبة العبد وبما كان في يده، واستقرض العبد في مرض مولاه من رجل آخر ألف درهم وقبضها منه بمعاينة الشهود وحضورهم، أو قبض وديعة أو مضاربة أو عارية أو نحو ذلك بمعاينة الشهود فجحدها، ثم إن المولى مات من مرضه ذلك، فإن القاضي يبيع ¬

_ (¬1) م ف ز: العبد بشيء. (¬2) ف - دين. (¬3) ف - وبجميع ما في يده فإن القاضي يبيع العبد وجميع ما في يده فيبدأ بدين العبد. (¬4) ز: في يده. (¬5) ز: مولا. (¬6) م ز: ثم قرض. (¬7) م + فإن القاضي يبيع العبد وما في يديه فيقسم بين غرماء الصحة وبين غرماء المرض.

العبد وجميع ما في يده، فيبدأ في ذلك بما كان لزم العبد من الدين، وما استهلكه فيقضيه (¬1) أصحابه. فإن بقي شيء كان لغرماء السيد. ولا يشبه ما عاينت الشهود من ذلك ما أقر به العبد. وكذلك لو كان على العبد دين في الصحة يحيط برقبته وبجميع ما في يده شارك أصحاب الدين الذين عاينوا في المرض أصحاب الدين الذين قد كانوا في الصحة بالحصص. ولا يشبه إقرار العبد في هذا معاينة الشهود. ولو كان المولى لا دين عليه اشترك (¬2) أصحاب الدين الأولون والآخرون في ثمن العبد وثمن ما في يده بالحصص. وكذلك مع هذا االدين القرض الذي يقر به العبد إقراراً، أو دين من ثمن بيع أو غير ذلك وأقر به إقراراً في مرض المولى ولا دين على المولى، فإن الغرماء جميعاً الأولون منهم والآخرون المقر لهم وغيرهم يتحاصّون في ثمن العبد وفي ثمن ما في يديه بالحصص على قدر دينهم؛ لأن المولى إذا لم يكن عليه دين كان مرضه وصحته في ذلك سواء. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة وقيمة العبد ألف درهم، ثم إن المولى بعد ذلك مرض مرضاً مات فيه، وأقر المولى بدين ألف درهم، ولا مال له سوى العبد حاضر، ثم إن هذا العبد أقر على نفسه بدين ألف درهم (¬3)، ثم بعد ذلك مات المولى، فإن القاضي يبيع العبد، فيقسم ثمنه بين غريم الميت وبين غريم العبد بالحصص؛ لأن دين المولى قد كان لزم قبل دين العبد، فلا يصدق العبد على إبطال دين المولى بعدما وجد؛ لأن العبد إنما جاز قوله على نفسه بإذن مولاه. فإذا كان إنما يجوز بإذن المولى لم يبطل إقرار العبد إقرار مولاه. ولو كان العبد أقر بدين ألف درهم قبل إقرار المولى، ثم إن مولاه أقر على نفسه بعد ذلك بدين ألف درهم، ثم مات المولى من مرضه ذلك، فإن القاضي يبيع العبد، ويبدأ بدين العبد فيقضيه للغرماء. فإن كان بقي شيء من الدين بعد ذلك فإن ذلك يكون ¬

_ (¬1) ف: فيقتضيه. (¬2) ز: اشرك. (¬3) ف - ولا مال له سوى العبد حاضر ثم إن هذا العبد أقر على نفسه بدين ألف درهم.

لغريم المولى؛ لأن دين العبد وجب قبل دين مولاه، فصار أحق من دين المولى. ولو كان المولى أقر قبل إقرار العبد بدين ألف درهم، ثم أقر بدين ألف درهم (¬1)، وقيمة العبد ألف درهم، ثم مات المولى ولا مال له غير العبد، فإن القاضي يبيع العبد فيقسمه بين غرماء المولى وبين غريم العبد بالحصص، فيقسمونه يضرب كل واحد منهم بجميع دينه. وكذلك لو أن العبد أقر بدين ألف درهم (¬2) وأقر بذلك إقراراً متصلاً أو منقطعاً، فإن القاضي يبيع العبد فيقسم ثمنه بين غرماء العبد وبين غرماء المولى بالحصص. ولو كان المولى لم يقر من الدين (¬3) إلا بألف درهم، ثم أقر (¬4) العبد بعد ذلك بدين ألف درهم، ثم مات المولى ولا مال له غير العبد وقيمة العبد ألف درهم، فإن القاضي يبيع العبد فيقسم ثمنه بين غرماء العبد وبين غرماء المولى بالحصص أثلاثاً. ولو كان العبد أقر قبل إقرار (¬5) المولى بدين ألف درهم ثم أقر المولى على نفسه بدين ألف درهم ثم أقر العبد بعد ذلك بدين ألف درهم ثم مات المولى ولا مال له غير العبد وقيمته ألف درهم فإن القاضي يبيع العبد فيقسم ثمنه بين غرماء العبد، ولا شيء لغريم المولى في ذلك؛ لأن المولى أقر بالدين ولا فضل في عبده، فلم يكن للمولى مال يجوز فيه إقراره، فبطل إقرار المولى، وصار غرماء العبد أحق بثمن العبد. ولو كان العبد قيمته ألفي (¬6) درهم فأقر العبد بدين ألف درهم، ثم أقر المولى في مرضه بدين ألف درهم، ثم مات المولى من مرضه ذلك ولا مال له غير العبد، فإن القاضي يبيع العبد فيوفي غريم العبد حقه، ويعطي غريم المولى ما بقي. وإن كان العبد نقص فباعه القاضي بألف درهم فالثمن (¬7) لغرماء العبد دون غرماء المولى. وكذلك لو كان باعه القاضي بألف درهم وخمسمائة استوفى غريم العبد ألف درهم، وما بقي فهو ¬

_ (¬1) ف + ثم أقر بدين ألف درهم. (¬2) م هـ + وأقر بدين ألف درهم؛ ف ز + وأقر بدين ألف درهم. (¬3) ز: بالدين. (¬4) ز: ثم إقرار. (¬5) ف - إقرار. (¬6) ز: ألفا. (¬7) م ز: والثمن.

لغريم المولى. ولو كان العبد أقر بدين ألف درهم وقيمته ألفان، ثم أقر المولى على نفسه بدين ألف درهم، ثم أقر العبد بدين ألف درهم، ثم مات المولى من مرضه ذلك ولا مال له غير العبد، فإن القاضي يبيع العبد. فإن باعه بألفي درهم اقتسمه الغرماء بالحصص يضرب فيه غريم العبد الأول بألف درهم، وغريم المولى بألف درهم، وغريم العبد الآخر بألف درهم، فيقتسمون ذلك أثلاثاً. فإن كان القاضي باع العبد بألف درهم وخمسمائة والمسألة على حالها فإن الثمن يقسم بينهم على خمسة أسهم، يضرب فيه غريم العبد الأول بألف درهم، ويضرب فيه (¬1) غريم المولى بخمسمائة درهم بقية ثمن العبد بعد دين الغريم الأول، ويضرب فيه غريم العبد الآخر بجميع دينه، فيكون لغريم العبد الأول خمسا الثمن وهو ستمائة درهم، ويكون لغريم المولى خمس الثمن وهو ثلاثمائة درهم، ويكون لغريم العبد الآخر خمسا الثمن وهو ستمائة. ولو كان العبد بيع بألف درهم والمسألة على حالها قسمت الألف بين غرماء العبد ولم يكن لغريم المولى قليل ولا كثير. ولو كان المولى أقر قبل إقرار العبد بدين ألف درهم على نفسه وقيمة العبد ألفا درهم، ثم أقر (¬2) العبد بدين ألف درهم، ثم أقر المولى بدين ألف درهم، فإن القاضي يبيع العبد فيقسمه (¬3) بين الغرماء بالحصص، لأن إقرار المولى كان قبل إقرار العبد، فلما كان قبل إقرار العبد صار دين العبد بمنزلة دين المولى، فيتحاصّون جميعاً. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة، ثم مرض مولاه وقيمة العبد ألفا درهم، فأقر العبد بدين ألف درهم (¬4)، ثم أقر مولاه بدين ألف درهم لرجل، ثم أقر لآخر بألف درهم دين، ثم أقر لآخر بدين ألف درهم، فأقر بذلك إقراراً متصلاً أو متفرقاً، ثم إن العبد أقر بعد ذلك بدين ألف درهم، ثم مات المولى من مرضه ذلك ولا مال له غير العبد، فإن القاضي يبيع العبد في الدين. فإن باعه بألفي درهم اقتسم ذلك الغرماء بينهم ¬

_ (¬1) ز: فيها. (¬2) ف: وأقر. (¬3) ز: فيقتسمه. (¬4) ف + فأقر العبد بدين ألف درهم.

بالحصص، يضرب فيه غريم العبد الأول بألف درهم، ويضرب غريم العبد الآخر بألف درهم، ويضرب فيه غرماء السيد جميعاً بألف درهم، وذلك بقية ثمن العبد بعد دين غريم العبد الأول، فيقتسمون ثمن العبد على ثلاثة أسهم، ثلث لغريم العبد الأول، وثلث لغريم العبد الثاني، وثلث لغرماء السيد بالحصص. ولو كان القاضي باع العبد بألف وخمسمائة والمسألة على حالها ضرب في الثمن غريم العبد الأول بجميع دينه وهو ألف درهم، ويضرب فيه غرماء السيد بخمسمائة درهم وذلك بقية ثمن العبد بعد دين العبد الأول، وضرب فيه غريم العبد الآخر بجميع دينه بألف درهم، فاقتسموا الثمن على خمسة، خمساه لغريم العبد الأول، وخمساه لغريم العبد الآخر، وخمسه (¬1) لغرماء السيد بينهم بالحصص. فإن خرج بعد ذلك دين (¬2) كان للسيد على الناس فخرج من (¬3) ذلك ألف درهم كان غرماء السيد أحق بها. وكذلك لو كان الذي خرج ألفي درهم وخمسمائة درهم. فإن كان الذي خرج ثلاثة آلاف درهم أخذ غرماء السيد من ذلك ألفي درهم وسبعمائة درهم، وأخذ غرماء العبد من ذلك ثلاثمائة درهم. فإن كان الذي خرج ألفي درهم وستمائة درهم أخذ غرماء السيد من ذلك ألفي درهم وخمسمائة درهم وخمسين درهماً، وأخذ غرماء العبد من ذلك خمسين درهماً؛ لأن الذي خرج من دين السيد لغرماء السيد دون غرماء العبد. ألا ترى (¬4) أن دين السيد لو خرج قبل أن يقسم الغرماء ثمن العبد وهو ألف درهم وخمسمائة درهم فخرج من دين السيد ألفا درهم وستمائة درهم كان غرماء المولى أحق بها (¬5). فإذا قبضوها بقي من دينهم أربعمائة درهم، فيضربون بها في ثمن العبد، فيقسم ثمن العبد، يضرب فيه غريم العبد الأول بألف درهم، ويضرب فيه غريم السيد بما بقي، ويضرب فيه غريم العبد الآخر بألف درهم، ويضرب (¬6) فيه غرماء السيد بما بقي من دينهم وهو أربعمائة درهم، فيكون لغرماء السيد سدس من ثمن ¬

_ (¬1) م - وخمسه، صح هـ. (¬2) ز: دينا. (¬3) ز - فخرج من. (¬4) ز: يرى. (¬5) ز: بهما. (¬6) ز - ويضرب.

العبد (¬1)، وذلك مائتان وخمسون درهماً مع ما صار لهم من دين السيد الذي خرج، فيكون لهم ألفا درهم (¬2) وثمانمائة درهم وخمسون درهماً، ويكون لغريمي العبد ألف درهم ومائتا درهم وخمسون درهماً بينهما نصفين، وفي يديهم ألف ومائتان، فيستوفون (¬3) تمام ذلك. ولو كان العبد لم يقر بالدين الأول والمسألة على حالها أخذ غرماء السيد جميع ما خرج من دين السيد وهو ألفان وستمائة درهم، فكانوا أحق بذلك من غريم العبد، لأن غريم العبد لا حق له في مال السيد إلا في العبد خاصة، ثم يباع العبد بعد ذلك. فإن بيع بألف درهم اقتسمه غرماء السيد (¬4) وغريم العبد، يضرب فيه غرماء السيد بما بقي من دينهم وهو أربعمائة درهم، ويضرب فيه غريم العبد بجميع دينه وهو ألف درهم، فيقتسمان الثمن على ذلك. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة وقيمة العبد ألفا درهم فأقر العبد في مرض المولى بدين ألف درهم، ثم أقر المولى بدين ألف درهم، ثم أقر العبد بعد ذلك بدين ألف درهم، ثم إن العبد اشترى عبداً يساوي ألف درهم بألف درهم، فقبضه بمعاينة من الشهود فمات في يدي العبد المأذون له، ثم مات السيد في مرضه ذلك ولا مال له غير العبد المأذون له، فإن باعه بألفي درهم اقتسمه غرماء العبد، فيضرب فيه الأول بجميع دينه والثاني بجميع دينه والثالث بجميع دينه (¬5)، ولا شيء لغريم المولى؛ لأن العبد حين اشترى عبداً وقبضه بمعاينة الشهود صار الثمن لازماً للعبد، وصار البائع أحق برقبة العبد من غريم السيد ولو كان دينه إنما لحق بعد إقرار المولى. فلما صار البائع أحق برقبة العبد من دين المولى صار دينه بمنزلة دين كان على العبد في صحة المولى، وصار العبد لا فضل في ثمنه عن دين البائع وعن دين الذي أقر له العبد قبل إقرار المولى. فلما صار ثمن العبد لا فضل ¬

_ (¬1) ز - العبد. (¬2) ز - درهم. (¬3) ز: ومائتي فيستوفوا. (¬4) م - السيد، صح هـ. (¬5) ز - دينه.

فيه عن دينهما بطل دين المولى؛ لأنه لم يدع مالاً يكون فيه دينه، فلذلك بطل دين المولى، وصار ثمن العبد بين غرماء العبد بالحصص. ولو كان العبد المأذون له لم يشتر شيئاً، ولكن المولى هو الذي اشترى عبداً يساوي ألفاً (¬1) بألف درهم فقبضه بمعاينة الشهود فمات في يده، ثم مات المولى في مرضه ذلك والمسألة على حالها، فإن القاضي يبيع العبد. فإن باعه بألفي درهم بدأ (¬2) بدين البائع؛ لأنه بمنزلة دين كان (¬3) على المولى في صحته. فيقضي (¬4) القاضي للبائع ثمن العبد، وذلك ألف درهم، فيبقى بعد ذلك من ثمن العبد ألف درهم، فيكون بين غرماء العبد بالحصص، ولا شيء لغريم المولى الذي أقر له؛ لأن الثمن لم يبق منه إلا قدر دين العبد الذي أقر به قبل إقرار المولى، فلما لم يبق من الثمن غير ذلك كان غرماء العبد أحق بذلك من غريم المولى الذي أقر له. وكل دين لحق المولى في مرضه بمعاينة الشهود فهو بمنزلة دين المولى في الصحة. وأصحاب دين المولى في الصحة أحق برقبة العبد من أصحاب الدين الذي أقر لهم العبد في مرض المولى؛ لأن العبد إنما جاز إقراره بإذن المولى. وسواء إن كان (¬5) أذن المولى للعبد في التجارة في الصحة أو في المرض إذا كان إقرار العبد بالدين في مرض المولى. ألا ترى أن رجلاً لو أذن لعبد له في التجارة في صحته (¬6)، ثم مرض المولى ولا دين على عبده، فأقر العبد لبعض ورثة المولى بدين، ثم مات المولى من ذلك المرض أن إقرار العبد باطل؛ لأنه أقر لوارث، وإنما يجوز إقراره على نفسه، وإذن المولى صار بمنزلة إقرار المولى عليه. ولو كان العبد أقر لوارث للمولى (¬7) بدين في مرض المولى وعلى العبد دين يحيط برقبته وبجميع ما في يده بطل (¬8) إقراره (¬9)؛ لأن إقراره إنما يجوز في هذا الوجه بإذن المولى. ألا ترى أن العبد وماله جميعاً ¬

_ (¬1) ز: ألف. (¬2) ز: بدى. (¬3) ز - دين كان. (¬4) م ف: فيقص؛ ز: فيقض. (¬5) ز: أكان. (¬6) م: في مرضه. (¬7) ف: المولى. (¬8) ز - بطل. (¬9) ز: قراره.

باب بيع العبد المأذون له في مرض المولى وشرائه وإقراره بقبض الثمن

للمولى وإن كان غرماؤه أحق به من ورثة المولى، فلما كان كذلك بطل إقرار العبد لبعض ورثة المولى عن غرماء العبد. فإن كان في رقبة العبد وما في يده فضل عن دين العبد فأقر العبد لبعض ورثة المولى بدين، ثم مات المولى من ذلك المرض، فإقرار العبد باطل؛ لأن دين الوارث يكون فيما بقي من رقبة العبد وفيما في يده. فلذلك بطل. وهذا والباب الأول سواء. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقة دين كثير، ثم مات المولى وترك ابناً لا وارث له غيره، فقد صار العبد محجوراً عليه بموت المولى. فإن أقر (¬1) العبد بعد موت (¬2) المولى بدين لم يجز إقراره؛ لأنه محجور (¬3) عليه. فإذا أذن الوارث له في التجارة كان إذنه له جائزاً. فإن أقر (¬4) العبد بعد إذن الوارث بدين جاز إقراره، وشارك المقر له أصحاب الدين الأولين. ولو كان على المولى الميت دين والمسألة على حالها بطل إذن الوارث، وبطل إقرار العبد بالدين بعد إذن الوارث؛ لأن المولى إذا كان عليه دين فليس للوارث أن يأذن للعبد في التجارة وإن كان غرماء المولى لا حق لهم في رقبة العبد. ... باب بيع (¬5) العبد المأذون له في مرض المولى وشرائه وإقراره بقبض الثمن وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة، ثم إن مولاه مرض، فباع العبد بعض ما في يديه من تجارته (¬6)، أو اشترى شيئاً ببعض المال الذي في يديه، فحابى في ذلك، ثم مات المولى من ذلك المرض، ولا مال له غير العبد وما في يده، فإن جميع ما باع العبد أو اشترى إن حابى في ذلك بما ¬

_ (¬1) م ز: فإن إقرار. (¬2) ف - موت. (¬3) ز: محجورا. (¬4) م ف ز: فإن إقرار. (¬5) م ف ز - بيع. والزيادة من ع. (¬6) ز: من تجارة.

يتغابن الناس فيه جائز في قياس قول أبي حنيفة من ثلث مال المولى. فإن كان العبد حابى بأكثر من الثلث رد ذلك إلى الثلث، وخير الذي اشترى. فإن شاء نقض البيع. وإن شاء أدى ما زاد على الثلث من المحاباة. وكذلك قول أبي يوسف ومحمد في جميع ما وصفت لك إن كان العبد حابى بما يتغابن الناس فيه. وإن كان حابى بما لا يتغابن الناس فيه في بيع أو شراء فذلك باطل، إن كان يخرج من الثلث أو لم يكن يخرج من الثلث. وكذلك لو كان على العبد دين لا يحيط برقبته ولا بجميع ما في يده كان قولهم في ذلك على ما وصفت لك في إمضاء المحاباة للعبد بعد الدين من ثلث مال المولى. وكذلك لو كان الدين على المولى ولم يكن على العبد دين وفي العبد وما في يده فضل عن دين المولى، فإن كان على المولى دين يحيط برقبة العبد وبجميع ما في يده ولا مال للمولى غير ذلك فإن العبد لا تجوز له محاباة بقليل ولا كثير، ويقال للذي اشترى: أنت بالخيار، فإن شئت نقضت البيع ورددت ما قبضت. وإن شئت سلم لك ما اشتريت وأديت المحاباة كلها؛ لأن العبد لا تجوز (¬1) له محاباة وعلى مولى (¬2) العبد (¬3) دين يحيط برقبة العبد وبجميع ما في يده؛ لأن بيع العبد وشراءه إنما يجوز بإذن المولى، فصار بيعه وشراؤه بمنزلة بيع المولى وشرائه. ولو لم يكن على المولى دين وكان على العبد دين يحيط برقبته وبجميع ما في يده فباع العبد شيئاً مما في يديه فحابى فيه أو اشترى شيئاً فحابى (¬4) فيه جاز ذلك كله على غرمائه من ثلث مال المولى، أن (¬5) المحاباة في هذا الوجه وإن جازت على الغرماء فإنما هي من مال المولى. ولو كان على المولى دين كثير يحيط برقبة العبد وبما في يده وعلى العبد دين يحيط برقبته وبما في يده كانت محاباة العبد باطلاً، ويقال للمشتري: أنت بالخيار. فإن شئت نقضت البيع. وإن شئت أديت المحاباة وسلم لك ما اشتريت. ولو كان الذي باعه العبد فحابى بعض ورثة المولى وقد مات المولى من ذلك المرض، ¬

_ (¬1) ز: لا يجوز. (¬2) ز: المولى. (¬3) ز - دين. (¬4) م ز: فحاربا. (¬5) أي: لأنه وانظر: المبسوط، 26/ 54.

فإن كان العبد لا دين عليه أو كان (¬1) عليه دين لا يحيط برقبته ولا ما في يده كانت محاباة العبد لوارث المولى باطلاً (¬2)؛ لأنها وصية فلا تجوز وصية لوارث (¬3). وكذلك لو كان على العبد دين كثير يحيط برقبته وبجميع ما في يده (¬4) فباع العبد من بعض ورثة المولى فحاباه أو اشترى منه شيئاً فحاباه فيه كان بهذه المنزلة أيضاً. ولو أن رجلاً دفع إلى هذا العبد جارية يبيعها في مرض المولى فباعها من وارث المولى فحاباه فيها جاز ذلك؛ لأنه إنما يجوز على غير ورثة المولى وفي غير مال المولى. فإذا كان ذلك يجوز على غير ورثة المولى وفي غير مال المولى جاز. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة، ثم مرض المولى ولا دين على العبد ولا على مولاه، فباع العبد شيئاً مما في يده أو اشتراه فلم يحاب (¬5) في ذلك بقليل ولا كثير، ثم أقر العبد بعد ذلك أنه قبض الثمن وما اشترى ولا يعلم ذلك (¬6) إلا بقوله، فإقراره جائز إن مات المولى من ذلك المرض أو لم يمت. وكذلك لو كان على العبد دين يحيط برقبته وبما في يده أو كان عليه دين لا يحيط فذلك، فإن كان العبد لا دين عليه وعلى المولى دين يحيط برقبة العبد وبما في يده والمسألة على حالها وقد مات المولى من ذلك المرض، فإن العبد لا يصدق على قبض ما اشترى إلا ببينة، ولا يصدق على قبض الثمن (¬7) إلا ببينة (¬8)، ويقال للمشتري من العبد: أنت بالخيار. فإن شئت فأد (¬9) الثمن مرة أخرى. وإن شئت فانقض البيع ورد ما اشتريت؛ لأن العبد لا يصدق على قبض الثمن إذا كان على المولى دين (¬10). ولو كان على العبد دين كثير (¬11) يحيط برقبته وبجميع ما في يده والمسألة على حالها لم يجز إقرار العبد بالقبض على غرمائه، وكان ¬

_ (¬1) م ز: وكان. (¬2) ز: باطل. (¬3) ز: الوارث. (¬4) ف: في يديه. (¬5) ز: يحابي. (¬6) ز: بذلك. (¬7) ف + ولا يصدق على قبض الثمن. (¬8) ف - إلا ببينة. (¬9) ز: فأدي. (¬10) ف - دين. (¬11) ف - كثير.

باب إقرار العبد في مرضه وبيعه وشرائه وقبضه للدين وقضائه

بمنزلة إقراره ولا دين عليه. ولو كان الذي باعه بعض ورثة المولى (¬1) وعلى العبد دين كثير يحيط برقبته وبجميع ما في يده ولا دين على المولى فأقر العبد بقبض الثمن من الوارث لم يجز إقراره في ذلك. ولو كان على المولى دين كثير يحيط برقبة العبد وبجميع ما في يده والمسألة على حالا لم يجز إقرار العبد بالقبض من الوارث أيضاً؛ لأن المولى إذا كان عليه دين لم يجز إقراره بالقبض في شيء باعه ولا في شيء اشتراه، فكذلك إقرار العبد به. وأما إذا لم يكن على الميت دين وكان الدين على العبد فإن إقرار العبد جائز على الغرماء إذا أقر بذلك لغير وارث. فأما إذا أقر بذلك لوارث لم يجز؛ لأن المال الذي أقر العبد بقبضه مال المولى وإن كان غرماء العبد أحق به. فإذا أقر بقبضه من وارث لم يجز، لأنه مال المولى (¬2). ألا ترى أن العبد لو كان فيه وفيما في يده فضل عن دينه قليل أو كثير كان إقرار العبد بالقبض من الوارث باطلاً. وكذلك إذا لم يكن فيه فضل. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. ... باب إقرار العبد في مرضه وبيعه وشرائه وقبضه للدين وقضائه وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا أذن الرجل لعبده في التجارة، ثم مرض العبد فأقر في مرضه بدين أو بوديعة أو بعارية أو بمضاربة أو بإجارة أو بغير ذلك من وجوه التجارات، ثم مات من مرضه ذلك ولا دين عليه في الصحة، فإقراره بذلك كله جائز، وهو في ذلك بمنزلة الحر. فإن كان أقر بدين بيع ما كان في يديه حتى يستوفي الغرماء. فإن بقي شيء كان للمولى. وكذلك إن كان إقراره بوديعة بغير عينها أو ¬

_ (¬1) ف - المولى. (¬2) ز - وإن كان غرماء العبد أحق به فإذا أقر بقبضه من وارث لم يجز لأنه مال المولى.

بعارية بغير عينها أو بمضاربة بغير عينها أو بغصب بغير عينه، ثم مات من مرضه ذلك فهو بمنزلة إقراره بالدين في جميع ما وصفت لك. وإن كان إقراره بوديعة بعينها أو بعارية بعينها أو بمضاربة بعينها أو بغصب شيء بعينه، ثم مات من مرضه ذلك كان جميع ما أقر به من ذلك للمقر له دون المولى، وكان أحق بذلك من المولى. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: (¬1) إذا أذن الرجل لعبده في التجارة، ثم مرض العبد وعليه دين في الصحة، فأقر في مرضه بدين أو بوديعة بعينها أو بغير عينها فاستهلكها أو بمضاربة بعينها أو بغير عينها أو بعارية بعينها أو بغير عينها أو بغصب شيء بعينه أو بغير عينه، ثم مات العبد من مرضه ذلك، فإن القاضي يبيع ما في يده، فيبدأ بدين الصحة فيقضيه. فإن بقي شيء كان للمقر لهم في المرض حتى يستوفوا حقهم. فإن بقي شيء كان للمولى. فإن لم يف ما كان في يديه بدين الصحة بدئ بدين الصحة ولم يكن لدين المرض من ذلك قليل ولا كثير. ولو كان الغصب الذي أقر به العبد في مرضه قد عاينت الشهود غصب العبد إياه في مرض العبد، أو عاينت الشهود عارية العبد في مرضه أو الوديعة أو المضاربة، ثم مات العبد في مرضه، فإن كان شيء من ذلك قائماً (¬2) بعينه يعرفه الشهود بعينه (¬3) فصاحبه أحق به من غرماء الميت في الصحة. وإن كان (¬4) ذلك لا يعرف بعينه إلا أن الشهود قد عاينت أخذ العبد ذلك من صاحبه فإن القاضي يبيع جميع ما كان في يد (¬5) العبد، ثم يقسمه بين غرماء الصحة وبين صاحب الغصب والوديعة والعارية والمضاربة بالحصص. وكذلك كل دين لحقه في مرضه من بيع أو شراء أو قرض بمعاينة من الشهود لذلك (¬6) فإنه يشارك أصحاب دين الصحة بالحصص دون المقر لهم بالدين في المرض. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة، ثم مرض العبد وفي يده مال فأقر ¬

_ (¬1) ف - وأبو يوسف ومحمد. (¬2) ز: قائم. (¬3) ف - يعرفه الشهود بعينه. (¬4) ف: فإن كان. (¬5) ف - يد. (¬6) م ز: بذلك.

العبد بدين ألف درهم، ثم أقر بوديعة ألف درهم بعينها لرجل، ثم مات العبد ولا مال في يدي العبد غير الوديعة التي أقر بها (¬1) بعينها، فإن الألف تقسم بين الغرماء وبين صاحب الوديعة نصفين. ولو كان العبد أقر بعد ذلك أيضاً بدين ألف درهم فكان إقراره بالوديعة بين إقراره بالدينين، ثم مات العبد ولا مال له غير الألف الوديعة، فإن القاضي يقسم الألف بين صاحبي الدين وصاحب الوديعة بالحصص، فيكون لكل واحد منهما الثلث من الألف. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين في الصحة بإقرار منه، ثم مرض العبد فأقر بدين، ثم اشترى عبداً بألف درهم يساوي ألفاً، فقبضه بمعاينة من الشهود، فمات في يده، ثم مات العبد المأذون له في مرضه ذلك، ولا مال في يده إلا ألف (¬2) درهم، فإن القاضي يقضي (¬3) بهذه (¬4) الألف بين غرماء الصحة وبين البائع في مرضه بالحصص، ولا يكون للذين أقر لهم العبد بالدين في المرض قليل ولا كثير. ولو لم يكن على العبد دين في الصحة والمسألة على حالها كان البائع الذي باع العبد في المرض بمعاينة الشهود أحق بالألف التي ترك من الذين أقر لهم العبد بالدين في المرض. ولو كان العبد المأذون له مرض ولا دين عليه فأقر بوديعة ألف درهم لرجل بعينها ولا مال في يده غيرها، ثم اشترى عبداً يساوي ألف درهم بألف فقبضه بمعاينة الشهود، فمات العبد الذي اشترى في يدي (¬5) العبد المأذون له، ثم مات العبد المأذون له في مرضه ذلك، فإن الألف التي كانت في يدي العبد المأذون له (¬6) للبائع، ولا شيء للذي أقر له العبد بالوديعة؛ لأن دين البائع بمنزلة دين الصحة، ودين الصحة أحق من إقرار العبد بالوديعة والدين في المرض. ¬

_ (¬1) م - بها. (¬2) م ز: في يده الألف. (¬3) م - يقضي؛ ز: يقسم. (¬4) م ز: هذه. (¬5) ف: في يد. (¬6) م ز + في مرضه ذلك فإن الألف التي كانت في يدي العبد المأذون له.

وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فمرض وعليه دين في الصحة وله دين على رجل في الصحة، فأقر العبد في مرضه أنه قد استوفى دينه الذي كان له على ذلك الرجل ولا يعلم ذلك إلا بقوله، ثم مات العبد من مرضه (¬1) ذلك، فإن القول قول العبد وهو مصدق في ذلك، ولا شيء على الغريم من دين العبد. ولو كان الدين الذي لحق الغريم للعبد كان في مرض العبد من بيع أو شراء أو نحو ذلك فأقر العبد أنه قد استوفى دينه من الغريم ومات العبد من ذلك المرض وعليه دين في الصحة فإن العبد لا يصدق على ما أقر به من ذلك، ويؤخذ الغريم بالدين حتى يؤديه إلى الغرماء. وكذلك لو كان الدين الذي للغرماء لحق (¬2) العبد في مرضه، ثم إن العبد أقر باستيفاء الدين من غريم العبد، فإن كان الدين الذي على غريم العبد كان في صحة العبد جاز إقرار العبد في ذلك، ولم يكن لغرماء العبد على الذي عليه دين العبد (¬3) قليل ولا كثير. ولو كان الدين الذي كان للعبد (¬4) على الغريم لحق الغريم في مرض العبد من بيع أو شراء أو نحو ذلك لم يصدق العبد على قبضه من الغريم، ولكن الغريم يقسم ما كان عليه بين غرماء العبد وبينه. يضرب غرماء العبد في ذلك، ويضرب الغريم الذي أقر له العبد بقبض الدين منه بالدين الذي أقر العبد بقبضه. فما أصاب الغريم بطل عنه، وما أصاب الغرماء الذين لهم الدين على العبد أخذوه من الغريم الذي كان للعبد عليه الدين. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة، ثم لحقه دين في صحته لقوم شتى، ثم مرض فقضى بعض غرمائه دون بعض، ثم مات من مرضه ذلك، فإن قضاءه باطل، ويؤخذ من الغريم ما اقتضى، ويقسم ذلك بين جميع غرماء العبد. وكذلك لو كان العبد قضى بعض (¬5) غرمائه في صحته لم يجز ذلك، وكان لمن بقي من الغرماء أن يرجعوا فيقبضوا (¬6) جميع ما اقتضى، ¬

_ (¬1) ف: في مرضه. (¬2) ف: يلحق. (¬3) ف - العبد. (¬4) ف - للعبد. (¬5) ز: بعن. (¬6) ز: فيقتضوا.

فيقتسمونه بينهم بالحصص. وكذلك لو كان العبد المأذون له اشترى في مرضه جارية بألف درهم تساوي ألفاً فقبض الجارية، ثم نقد الدراهم فماتت الجارية في يده، ثم مات العبد في مرضه وعليه دين كثير في الصحة، فإن البائع والذي اقتضى الثمن أحق بما اقتضى من جميع الغرماء؛ لأن العبد قد قبض من البائع مثل الثمن الذي نقده. وكذلك لو كان هذا في صحة من العبد كان بهذه المنزلة. ولو كان استأجر أجيراً في صحته أو في مرضه، أو زوجه مولاه امرأة في صحته أو في مرضه، فقضى العبد الأجير وأعطى المرأة مهرها دون غرمائه كان للغرماء أن يرجعوا على الأجير والمرأة حتى يحاصّوهم في جميع ما قبضوا فيكون بينهم بالحصص. ولا يشبه هذا الشراء، لأن الشراء قد قبض فيه العبد مثل ما أعطى. وأما الأجير والزوجة فإن العبد لم يقبض مثل ما أعطى، لأنه لم يقبض مالاً، وهو في الشراء قد قبض مالاً، فلذلك اختلفا. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة، ثم مرض عبده ولا دين عليه، فباع شيئاً أو اشترى أو استأجر أجيراً فحاباه في ذلك، ثم مات العبد من (¬1) مرضه ذلك، فإن محاباته تلك (¬2) من جميع المال؛ لأن ذلك مال المولى والمولى صحيح، فجميع ما حابى العبد فيه من ذلك فهو من جميع المال (¬3). ولو كان على العبد دين فمات من مرضه ذلك فإن كان في يد العبد وفاء بالدين أخذ الغرماء دينهم، وجازت المحاباة فيما بقي من المال. ولو كان على العبد دين يحيط بما في يده قيل للمشتري: أد (¬4) جميع المحاباة وإلا فاردد البيع، وأما ما حابى (¬5) فيه العبد الأجير فإنه يبطل من ذلك الفضل، ويحاصّ الغرماء بقدر أجر مثله مما استأجره به. وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة، ثم مرض العبد فأدان في مرضه ¬

_ (¬1) ف - من. (¬2) ف: بذلك. (¬3) ز - لأن ذلك مال المولى والمولى صحيح فجميع ما حابى العبد فيه من ذلك فهو من جميع المال. (¬4) ز: أدي. (¬5) ز: حاباه.

رجلاً ألف درهم من بيع أو غير ذلك، فأقر العبد باستيفائها من الغريم، ثم أقر العبد بعد ذلك بدين ألف درهم لرجل، ثم مات ولا مال له غير ما كان للعبد من الدين الذي أقر بقبضه، فإن إقراره جائز. ولا شيء للغريم الذي أقر له العبد بالدين؛ لأنه أقر له بالدين بعدما أقر بالاستيفاء من الغريم الذي كان له عليه الدين. ولو كان الدين (¬1) الذي لحق العبد بعد الإقرار بالاستيفاء من شراء أو بيع أو إجارة أو غير ذلك بمعاينة من الشهود بغير إقرار بطل إقرار (¬2) العبد بالاستيفاء من غريمه، وأخذ المال الذي كان للعبد على الغريم حتى يقضي غرماء العبد. ولا يصدق العبد على إقراره بالاستيفاء إذا لحقه دين معروف بمعاينة من (¬3) الشهود إلا أن يعاين الشهود الاستيفاء من العبد بدينه. فأما إذا أقر العبد بذلك لم يصدق بإقراره إذا لحقه دين معروف بعد إقراره بالاستيفاء. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه (¬4). ¬

_ (¬1) ف: الذي. (¬2) ف - بطل إقرار. (¬3) ف - من. (¬4) م + تم كتاب المأذون الكبير بعون الله وحسن توفيقه كتبه العبد الضعيف أبو بكر بن أحمد بن محمد الطلحي الأصفهاني في يوم الأربعاء الحادي والعشرون شوال سنة سبع وثلاثين وستمائة والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليما كثيراً؛ ف + تم كتاب المأذون الكبير بعون الله وحسن توفيقه والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد وآله وصحبه وأزواجه وسلم تسليما كثيراً.

كتاب الشفعة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب الشفعة محمد بن الحسن عن أبي يوسف عن أبي حنيفة عن عبدالكريم البصري عن المسور (¬2) بن مخرمة عن رافع بن خديج أن سعد بن مالك عرض بيتاً له على جار له، فقال (¬3): خذه (¬4) بأربعمائة درهم. فقال: أما إني قد أعطيت به ثمانمائة، ولكني أعطيكه لأني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الجار أحق بسَقَبه" (¬5). محمد عن أبي يوسف عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن البصري قال في الشفعة لليتيم: وصيه بمنزلة أبيه، إن شاء أخذ له، والغائب على شفعته. ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) م ز: عن المستور. (¬3) ز: فقام. (¬4) م ف ز: اخذه. (¬5) روي نحو ذلك. انظر: صحيح البخاري، الشفعة، 2. وروي قوله: "الجار أحق بسقبه" فقط في سنن ابن ماجه، الشفعة، 2؛ وسنن أبي داود، البيوع، 73؛ وسنن النسائي، البيوع، 109. وانظر للتفصيل: نصب الراية للزيلعي، 4/ 172 - 175.

محمد عن أبي يوسف عن عطاء بن عجلان عن أبي نضرة (¬1) عن أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الخليط أحق من الشفيع، والشفيع أحق من غيره" (¬2). محمد عن أبي يوسف عن عبدالملك بن أبي سليمان عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الجار أحق بشفعته، ينتظر بها إن كان غائباً إذا كان طريقهما واحداً" (¬3). محمد عن أبي يوسف عن يونس بن إسحاق عن الشعبي أنه قال: من بيعت شفعته وهو حاضر فلم يطلب فلا شفعة له (¬4). وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. محمد عن أبي يوسف عن أشعث بن سوار عن ابن (¬5) سرين عن شريح أنه قال: الشريك أحق من الخليط، والخليط أحق من الجار، والجار أحق من غيره (¬6). محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن يحيى [بن] الجزار (¬7) عن علي؛ والحسن عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس ¬

_ (¬1) ف ز: أبي نضر. (¬2) روي عن شريح من قوله. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 78؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 519. وروي عن الشعبي قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الشفيع أولى من الجار، والجار أولى من الجنب". انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 79؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 518. (¬3) سنن ابن ماجه، الشفعة، 2؛ وسنن أبي داود، البيوع، 73؛ وسنن الترمذي، الأحكام، 32. (¬4) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 83؛ والمصنف لابن أبى شيبة، 4/ 521. (¬5) ز - أبي. (¬6) روي دون الجملة الأولى. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 78؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 519. (¬7) التصحيح من تهذيب التهذيب لابن حجر، 11/ 168.

- رضي الله عنهما - أنهما قالا: لا شفعة إلا لشريك لم يقاسم (¬1). وهذا قول أهل المدينة، ولسنا نأخذ بهذا. محمد عن أبي يوسف عن الحجاج بن أرطأة عن عمرو بن شعيب عن عمرو بن الشريد (¬2) عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الجار أحق بسقبه ما كان" (¬3). وبهذا (¬4) يأخذ أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد. محمد عن أبي يوسف عن الحسن (¬5) بن عمارة عن الحكم عن شريح أنه قضى لنصراني بالشفعة وكتب في ذلك إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فأجازها (¬6). محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن شريح أنه قال: الشفعة بالأبواب، أقرب الباب إلى الدار أحق بالشفعة (¬7). ولسنا نأخذ بهذا. محمد عن أبي يوسف عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن قال: قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة بالجوار (¬8). ¬

_ (¬1) روي عن ابن عباس: الشريك شفيع. انظر: السنن الكبرى للبيهقي، 6/ 109؛ والدراية لابن حجر، 2/ 203. وروي مرفوعاً عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة في كل ما لم يُقْسَم، فإذا وقعت الحدود وصُرِّفَت الطرق فلا شفعة. انظر: صحيح البخاري، الشفعة، 1؛ وصحيح مسلم، المساقاة، 133 - 135. (¬2) ز: الرشيد. (¬3) مسند أحمد، 4/ 389، 390. وروي دون قوله: ما كان. وقد تقدم تخريجه قريباً. (¬4) م ز + كان. (¬5) م ز: عن الحكم. (¬6) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 519. (¬7) روي عن شريح أنه كان يقضي في الجار الأول فالأول يعني الجدر. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 81. وعن شريح قال: الشفعة بالحيطان. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 502. (¬8) عن الحسن عن سمرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الجار أحق بالجوار". انظر: مسند أحمد، 5/ 17، 22. وعن الحسن عن سمرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "جار الدار أحق بالدار".=

محمد عن أبي يوسف عن بن سعيد (¬1) عن عامر الشعبي عن شريح أنه قال: لا شفعة ليهودي ولا لنصراني (¬2) ولا لمجوسي (¬3). وقال أبو يوسف ومحمد: ولسنا نأخذ بهذا (¬4) الحديث نحن ولا أبو حنيفة. إنما نأخذ بالحديث الأول حديث الحسن بن عمارة (¬5). محمد عن أبي يوسف عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن قال: إذا اقتسم القوم الأرضين ورفعوا شربها بينهم فهم شفعاء. محمد عن أبي يوسف عن عبدالملك بن أبي سليمان عن عطاء عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الجار أحق بشفعة جاره (¬6)، وإن كان غائباً ينتظر به، إذا كان طريقهما واحداً" (¬7). وإذا اشترى الرجل النصيب من المنزل فشريكه في المنزل أحق بالشفعة. فإن سلم الشفعة فإن الشريك في الدار وفي الطريق خاصة أولى من الجار. فإن سلم الشريك في الطريق خاصة فالجار أحق بالشفعة. والجار عندنا الذي له الشفعة الملاصق الذي داره لِصْق (¬8) الدار التي فيها الشراء. فإن كان بينهما طريق نافذ فلا حق له في الشفعة. وإذا كان فناء مُنْعَرِج (¬9) عن الطريق الأعظم زائغ عن الطريق أو زقاق ¬

_ = وصححه الترمذي، انظر: سنن الترمذي، الأحكام، 31. وانظر: سنن أبي داود، البيوع، 73. وعن جابر - رضي الله عنه - قال: قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة والجوار. انظر: سنن النسائي، البيوع، 109. وعن علي وابن مسعود - رضي الله عنهما - قالا: قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالجوار. انظر: مسند أحمد، 1/ 114. (¬1) كذا في م ف ز. (¬2) م ز: ولا النصراني. (¬3) للآثار في ذلك انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 519 - 520 (¬4) ز: بها. (¬5) مر قريباً أن شريحاً قضى لنصراني بالشفعة. (¬6) ز: جازه. (¬7) تقدم قريباً. (¬8) لِصْقه ولَصِيقه أي: بجنبه. انظر: القاموس المحيط، "لزق، لصق". (¬9) انعرج عن الطريق: مال عنه. انظر: المغرب، "عرج".

أو درب غير نافذ فيه دور فبيعت منها دار فأصحاب الدرب شفعاء جميعاً؛ لأنهم شركاء في الفناء والطريق. فإن سلم هؤلاء شفعتهم فالجار الملاصق بعد هؤلاء أحق بالشفعة. والشفعة عندنا على عدد أصحاب الأنصباء والدور. ولو كانت دار بين رجلين أو ثلاثة ودار لرجل واحد وكلهم شفيع أخذوا الشفعة بينهم أرباعاً إن كانوا أربعة، وإن كانوا ثلاثة فالشفعة بينهم أثلاثاً. وإن كانا رجلين لكل واحد منهما دار (¬1) كانت الشفعة بينهما نصفين. ولا شفعة لغير شريك ولا لغير جار. ولا شفعة في شيء غير الأرضين والدور. فأما ما سوى ذلك فليس فيه شفعة من الرقيق والسفن والدواب والمتاع. والعروض كلها ليس فيها شفعة لشريك ولا لغيره. والشفعة لأهل الإسلام وأهل الذمة والمرأة والمكاتب والعبد قد عتق بعضه وهو يسعى في بعض قيمته والعبد التاجر الذي عليه الدين أو لا دين عليه سواء. ولكل واحد من هؤلاء الشفعة. والصبي الصغير له الشفعة يأخذها له أبوه أو جده. فإن لم يكن له أب ولا وصي أب أخذ له الجد أبو أبيه. فإن لم يكن له أب ولا وصي ولا جد ولا وصي أب فهو على شفعته إذا علم. بلغنا عن شريح أنه قضى لنصراني على مسلم بالشفعة (¬2). وإذا اشترى الرجل داراً بألف درهم وقبضها ونقد الثمن، ثم اختلف الشفيع والمشتري في الثمن، فالقول قول المشتري في الثمن مع يمينه، وعلى الشفيع البينة. فإن أقام الشفيع البينة أخذها بذلك. وإن أقام المشتري البينة على أكثر من ذلك لم تقبل بينته؛ لأنه قد أقام كل واحد منهما بينة على إقرار المشتري بما ادعى من الثمن، فبينة المدعى عليه أحق منه؛ لأنا نجعله قد أقر بالأمرين جميعاً، فإقراره بما عليه أولى من إقراره بما له. وهذا ¬

_ (¬1) ز: دارا. (¬2) تقدم عند المؤلف بإسناده في أوائل كتاب الشفعة. انظر: 6/ 203 ظ.

قول أبي حنيفة ومحمد. وإن أقاما جميعاً البينة على دعواهما فالبينة بينة الشفيع. وفيها قول آخر، وهو قول أبي يوسف: إنه تقبل (¬1) بينة المشتري، والقول قوله والبينة بينته؛ لأنه أقام البينة على الفضل. وإذا أخذ الشفيع الدار من المشتري فعهدته وضمان ماله على المشتري الذي قبض ماله. وإن أخذها من البائع ونقده الثمن كانت عهدته وضمان ماله على البائع. ولو غاب المشتري والدار في يديه لم تكن (¬2) بين الشفيع وبين البائع خصومة حتى يقدم المشتري. ولو غاب البائع والدار في يديه لم تكن (¬3) بين الشفيع وبين المشتري (¬4) خصومة حتى يقدم البائع (¬5). وإن كانت الدار في يد (¬6) المشتري فهو الخصم يخاصمه الشفيع في الشفعة. وإذا أخذ الشفيع داراً من المشتري بالشفعة فأراد أن يكتب بذلك كتاباً كتب: "هذا كتاب لفلان بن فلان من فلان بن فلان، إني (¬7) اشتريت من فلان بن فلان الدار التي في يد فلان بن فلان، أحد حدودها والثاني والثالث والرابع، اشتريت منه هذه الدار المحدودة في كتابنا هذا بحدودها كلها وأرضها وبنائها وطرقها ومَرَافِقِها وكل قليل وكثير هو فيها ومنها وكل حق هو لها داخل فيها وخارج منها، بكذا وكذا درهماً وزن سبعة، ونقدته الثمن كله وبرئت إليه منه، وكنت أنت شفيع هذه الدار وأحق بها مني، فطلبت أخذها مني بشفعتك فيها بالثمن الذي اشتريتها به، وهو كذا وكذا درهماً وزن سبعة، فسلمت لك هذه الدار المحدودة في كتابنا هذا بحدودها كلها وأرضها وبنائها وكل حق هو لها، بشفعتك فيها بكذا وكذا درهماً وزن سبعة، وقبضت منك الثمن وبرئت إلي منه، ودفعت إليك هذه الدار وقبضتها وبرئت إليك منها، وضمنت لك ما أدركك فيها من درك حتى أخلصك من ذلك أو أرد (¬8) عليك الثمن، وهو كذا وكذا درهماً. شهد". ¬

_ (¬1) ز: يقبل. (¬2) ز: لم يكن. (¬3) ز: لم يكن. (¬4) ز: البائع. (¬5) ز: المشتري. (¬6) ف: في يدي. (¬7) ف: إنني. (¬8) م: أو أراد.

فإذا كتب هذا الكتاب فليأخذ كتاب الشراء الذي عند المشتري. فإن أبى ذلك المشتري أشهد على شهادة الشهود الذين فيه وكتبوا شهادتهم، وكتب: "هذا ما شهد عليه فلان بن فلان وفلان بن فلان، شهدوا أن فلان بن فلان كان اشترى من فلان بن فلان الدار التي في يد فلان بن فلان، أحد حدودها والثاني والثالث والرابع، اشترى منه هذه الدار المحدودة في كتابنا هذا بحدودها كلها وكل حق هو لها بكذا وكذا درهماً، وقد نقد فلان بن فلان الثمن كله تاماً وافياً وبرئ إليه منه". فإن كان الشهود كثيراً كتب: "وكتبوا شهادتهم جميعاًا وختموا فيه". وإن كان الشهود قليلاً (¬1) كتب: "وأشهدوا على شهادتهم بذلك فلاناً وفلانًا وفُلانًا". فإذا أراد أخذ الدار من البائع كتب عليه مثل النسخة الأولى غير أنه يكتب: "إني بعت من فلان [الدار] التي في بنى فلان، أحد حدودها والثاني والثالث والرابع، وكنت (¬2) أنت شفيعها وأحق بها من فلان". فإذا فرغ (¬3) من الكتاب على مثل تلك (¬4) النسخة كتب: "وقد سلم فلان بن فلان المشتري جميع ما في هذا الكتاب، وأجازه، وأقر أنه لا حق له في هذه الدار ولا في ثمنها". وإذا اشترى رجل (¬5) داراً بألف درهم إلى سنة، فطلبها الشفيع بذلك الثمن إلى الأجل، وقال البائع: لا أرضى أن يكون مالي عليك، فإنه يقال للشفيع: امكث كما أنت، فإذا حل الأجل فخذها وانقد الثمن. فإن قال الشفيع: أنا أعجل المال (¬6) ولا أبغي الأجل، فله ذلك. فإن أخذ الدار من البائع عجل له المال. وإن أخذها من المشتري [و] عَجَّلَ (¬7) له (¬8) المال فإنه يكون على المشتري المال إلى الأجل للبائع الأول. وإذا اشترى الرجل داراً ولها شفيعان فسلم أحدهما الشفعة فللآخر أن ¬

_ (¬1) ز: قليل. (¬2) م ز: وكتب. (¬3) ز: فإذا غ. (¬4) ف: هذه. (¬5) ز: رجلاً. (¬6) ز: الثمن. (¬7) التصحيح من الكافي، 1/ 187 و. (¬8) ز: لها.

يأخذها كلها. فإن قال: لا آخذها (¬1) كلها، لم يكن له أن يأخذ بعضها دون بعض. وكذلك لو كان باعها رجلان صفقة واحدة أو ثلاثة والمشتري واحد كان للشفيع أن يأخذها كلها أو يترك. ولو كان البائع واحداً والمشتري اثنين (¬2) فقال الشفيع: آخذ حصة فلان وأسلم حصة فلان، فذلك له. ألا ترى أن الشفيع لو أخبر أن فلاناً قد اشترى الدار فقال: سلمت له، فإذا الذي اشترى الدار غير ذلك الرجل أن له الشفعة. ولو كان المشتري هو الذي سلم له ومعه آخر بطلت شفعته في نصيب الذي سلم له وأخذ نصيب الآخر. وكذلك لو أخبر بثمن فسلم الشفعة به ثم وجد الثمن أقل من ذلك كان له الشفعة. وكذلك لو سلم الشفعة قبل الشراء كان له أن يأخذ بالشفعة إذا وجب الشراء. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا كانت الدار بين ثلاثة نفر إلا موضع بئر أوطريق فيها لرجلين منهم شريكان في جميع الدار، والثالث له شركة في بعض الدار، فباع الشريك في الجميع نصيبه من جميع الدار، فالشريك الذي له في جميع الدار نصيب أحق من الآخر الذي له في بعض الدار نصيب. وقال في المسألة الأولى (¬3): وكذلك لو أُخبر أن الثمن عبد أو دار أو متاع أو شيء مما يكال أو يوزن فسلم الشفعة، ثم وجد الثمن من صنف آخر كان له أن يأخذ بالشفعة وإن كان ذلك الصنف أقل مما سمى له أو أكثر. ولو قيل له: إنه (¬4) اشتراها بعبد أو ثياب قيمتها ألف درهم فسلم فإذا الثمن دراهم أو دنانير أقل من قيمته كان له أن يأخذ بالشفعة. وكذلك كل شيء يخبر به أن الثمن هو فإذا الثمن غيره كان له أن يأخذ بالشفعة وإن كان ذلك الصنف أقل مما سمى أو أكثر. ولو قيل له: اشتراها بعبد أو بدار أو بثوب قيمته ألف درهم فسلم الشفعة فإذا قيمته أكثر من ذلك، فإن تسليمه ¬

_ (¬1) م ف ز: لا خذها. (¬2) ز: اثنان. (¬3) أي: المسألة التي قبل الفقرة السابقة، فهذه تتمة للمسائل التي قبل الفقرة السابقة. فالمسألة السابقة ذكرت استطراداً في غير موضعها. (¬4) م ف ز: إن. والتصحيح من المبسوط، 14/ 106.

جائز. وإن كان قيمته أقل من ألف درهم كان له أن يأخذ بالشفعة. وإذا اختلف البائع والمشتري والشفيع في الثمن، والدار في يدي البائع أو في يدي المشتري ولم ينقد الثمن، فإن القول (¬1) في ذلك (¬2) قول البائع مع يمينه، إن كان أكثر مما قالا جميعاً أو أقل فإن القول قوله. فإن كان أكثر فإن الدار لا تؤخذ منه إلا بما قال، أو يترادان البيع. وإن كان الذي يدعي البائع أقل مما قالا فهو شيء قد أبرأ (¬3) منه المشتري، فلا يأخذها الشفيع إلا بما قال البائع. وإذا كانت الدار في يدي (¬4) المشتري فقال البائع: بعتها إياه بألف درهم واستوفيت الثمن، وقال المشتري: اشتريتها بألفين، فإن الشفيع يأخذها بألف درهم، ولا يلزم المشتري الألف التي أقر بها. وإن قال البائع: بعتها إياه واستوفيت الثمن وهو ألف درهم، وقال المشتري: اشتريتها بألفين (¬5) ونقدته الثمن، فإن الشفيع لا يأخذها إلا بالألفين (¬6) إلا أن يقيم البينة أنه اشتراها بأقل من ذلك. ألا ترى أنه لو باعها إياه بألف درهم ثم حط عنه تسعمائة درهم ثم جاء الشفيع أخذها بمائة درهم. ولو حط عنه تسعمائة بعدما أخذها الشفيع ونقد المال كان للشفيع أن يرجع بالتسعمائة التي حط عنه البائع. ولو أن البائع وهب الثمن كله للمشتري قبل القبض أو بعد القبض لم يكن للشفيع أن يأخذها إلا بجميع الثمن أو يدع. وإذا اشترى الرجل داراً ونقد (¬7) الثمن، ثم اختلف البائع والمشتري والشفيع في الثمن، فقال البائع: بعتها بألفين ولم تنقد إلا ألفاً (¬8)، وقال ¬

_ (¬1) ف: فالقول. (¬2) ف - في ذلك. (¬3) م ف: قد أبرى؛ ز: قد أبزى. (¬4) ف: في يد. (¬5) ف ز - فإن الشفيع يأخذها بألف درهم ولا يلزم المشتري الألف التي أقر بها وإن قال البائع بعتها إياه واستوفيت الثمن وهو ألف درهم وقال المشتري اشتريتها بألفين. (¬6) ف: بألفين. (¬7) م ف ز: أو نقد. (¬8) م: ولم انتقد الألف؛ ز: ولم انتقد إلا ألف.

المشتري: أخذتها بألف، فإن المشتري يأخذها بالألفين بعد أن يستحلف البائع أو يردها، ويأخذها (¬1) بذلك الشفيع إن أراد. وإذا اشترى الرجل سهاماً غير مقسومة في دار، ثم قسمها بأمر القاضي أو بغير أمره، ثم جاء الشفيع، فإن شاء أخذها مقسومة (¬2) بذلك الثمن، وإن شاء تركها. وإذا قسمها بغير أمر القاضي، ثم جاء الشفيع، فإن شاء أخذها بذلك الثمن، وإن شاء تركها (¬3)؛ لأنه إنما أخذ حقه وما اشترى. وإذا اشترى الرجل داراً بألف درهم، ثم وهب له البائع الثمن كله بعد القبض أو قبله، فليس للشفيع أن يأخذها إلا بجميع الثمن أو يدع. ألا ترى أنه يبيعها مرابحة على ألف درهم. وإن حط عنه بعض الثمن قبل القبض أو بعده أخذها الشفيع بما بقي؛ لأنه إنما يبيعها مرابحة على ذلك. فإن زاد المشتري البائع في الثمن بعد عقدة البيع فللشفيع أن يأخذها بالثمن الأول، ولا تلزمه (¬4) الزيادة. وكذلك لو باعها المشتري من آخر بثمن أكثر من ذلك كان للشفيع أن يأخذها بالثمن الأول من يدي المشتري الأخير، ويرجع المشتري الأخير على البائع الثاني (¬5) بما بقي له من الثمن؛ لأن الدار استحقت من يديه. وعهدة الشفيع على المشتري الأول؛ لأنه لم يأخذها بالشراء الأخير. وإذا وهبها المشتري الأول أو تصدق بها أو أعمرها أو نحلها أو رهنها أو تزوج عليها أو كانت امرأة فاختلعت بها فللشفيع أن يبطل ذلك كله، ويأخذها بالشفعة الأولى، غير أن المرأة ترجع إذا تزوجت عليها بقيمتها على زوجها. وإذا اختلعت بها رجع الزوج بقيمتها عليها. ولا يكون لواحد ممن ذكرنا على الشفيع من الثمن شيء، إنما الثمن للمشتري، وليس للشفيع أن يأخذ الدار من المشتري حتى ينقده الثمن. وإذا قضى له القاضي بالشفعة بثمن مسمى فهي لازمة له ليس له أن يتخلص ¬

_ (¬1) ز: أو يأخذها. (¬2) ز - مقسومة. (¬3) ز - وإذا قسمها بغير أمر القاضي ثم جاء الشفيع فإن شاء أخذها بذلك الثمن وإن شاء تركها. (¬4) ز: يلزمه. (¬5) ز - الثاني.

منهما (¬1) إلا برضى من المشتري الأول. فإن تغيرت في يدي (¬2) المشتري بعيب فللشفيع أن يدعها، وهي في هذه الحال بمنزلة المشتراة. وإذا كانت الدار في يدي البائع فطلب الشفيع الإقالة فأقاله البائع، وقد كان القاضي قضى له بالشفعة وألزمها إياه، فالإقالة جائزة وهي للبائع، وقد برئ منها المشتري والشفيع. وكذلك لو كانت الدار في يدي (¬3) المشتري فقضي بها للشفيع فردها الشفيع على البائع فهو جائز، والشفيع والمشتري بريئان منها في قول أبي حنيفة. غير أن المشتري إن كان نقد الثمن لم يخرج من يديه حتى يرد عليه البائع الثمن. ألا ترى أن الشفيع لو (¬4) باعها بعدما قضى القاضي (¬5) له بها جاز البيع في قول أبي حنيفه، غير أنها لا تؤخذ من يدي (¬6) المشتري حتى يأخذ الثمن. وأما في قول محمد بن الحسن فلا يجوز البيع حتى يقبضها الشفيع. وإذا اشترى الرجل نصيباً في دار ولم ينقد الثمن ولم يقبض النصيب، فأخذه رجل بالشفعة شريك في الدار فأراد أن يكتب عليهما كتاباً كتب: "هذا كتاب لفلان من فلان وفلان، أن فلاناً اشترى من فلان جميع نصيبه من الدار التي في فلان التي لك ثلثها، أحد حدود هذه الدار والثاني والثالث والرابع، اشترى منه جميع نصيبه من هذه الدار المحدودة في كتابنا هذا، وهو كذا كذا سهماً من جميع هذه الدار بكذا وكذا درهماً، ولم ينقده فلان شيئاً ولم يكتب عليه الشراء، وكنت (¬7) أنت شفيع هذا النصيب من هذه (¬8) الدار المحدودة في كتابنا هذا وأحق به مني، وطلبت أنت أخذه بشفعتك فيها، فسلمنا لك جميع هذه السهام المسماة في هذه الدار المحدودة في كتابنا هذا بشفعتك فيها بحدودها كلها وأرضها وبنائها وطريقها ومرافقها وكل قليل أو كثير هو فيها ومنها وكل حق لها داخل فيها أو ¬

_ (¬1) ز: منها. (¬2) ف: في يد. (¬3) ف: في يد. (¬4) ف ز + أنه. (¬5) م ز - القاضي. (¬6) ف: من يد. (¬7) ز: وكتب. (¬8) ف - هذه.

خارج (¬1) منها، بالثمن المسمى في كتابنا هذا، وقبض فلان منك الثمن كله، وهو كذا وكذا برضانا جميعاً وتسليمنا، وبرئت إليه منه، وضمن لك فلان ما أدركك في ذلك من درك حتى يخلصك منه أو يرد عليك الثمن. وهو كذا وكذا". وإذا اشترى الرجل داراً لرجل والرجل غائب فللشفيع أن يأخذها بالشفعة. وكذلك لو كان البائع لا يملك الدار وكان وصياً أو وكيلاً في بيعها. وكذلك إذا أخذها أبو الصبي (¬2) بشفعة الصبي أو أخذها وصي اليتيم بشفعة اليتيم. وإذا اشترى الرجل منزلاً في دار مقسومة فأخذه رجل لابنه (¬3) بالشفعة وأراد أن يكتب بذلك على البائع ويكتب على المشتري بالتسليم كتب: "هذا كتاب لفلان (¬4) من فلان وفلان (¬5) أن فلاناً اشترى من فلان المنزل الذي في الدار التي في فلان، وهي الدار التي لابنك (¬6) فيها منزل سوى هذا وطريق في ساحتها وحق". وكذلك يكتب وصي اليتيم إذا أخذ له بالشفعة. وكذلك يكتب على وصي اليتيم "فأخذت منه بالشفعة"، أو وكيل باع داراً، وكذلك أيضاً يكتب عليه، غير أنه ينبغي أيضاً أن يكتب كتاباً آخر بشهادة الشهود على وصية الميت (¬7) وعلى وكالة الآخر الذي وكله. ويكتب بشهادة الشهود: "هذا ما شهد عليه فلان وفلان وفلان، شهدوا أن فلاناً أوصى عند موته إلى فلان بن فلان (¬8) بكل (¬9) قليل أو كثير تركه، وأشهدوا على شهادتهم بذلك فلاناً وفلانًا". وإن كان ورثة الميت كباراً كلهم وليس على الميت دين ولم يوص بشيء يباع فيه الدار حتى ينفذ (¬10) ذلك لم يجز بيع الوصي. وإن كان فيهم صغير جاز بيع الوصي في الدار كلها. وكذلك إن ¬

_ (¬1) ف: وخارج. (¬2) ف: أبو الوصي. (¬3) م ز: لأبيه. (¬4) أي: أبو الشفيع. (¬5) أي: البائع والمشتري. (¬6) ز: لأبيك. (¬7) ف: وصية اليتيم. (¬8) م ز + بن فلان. (¬9) ز: كل. (¬10) ف ز: حتى ينقد.

كان عليه دين. وكذلك إن أوصى بوصية تنفذ (¬1) من ثمن الدار. وهو قول أبي حنيفة. وإذا كتب وكالة الوكيل (¬2) كتب: "هذا ما شهد عليه فلان وفلان وفلان، شهدوا أن فلان بن فلان وكيل فلان بن فلان ببيع الدار التي في فلان، وبَيَّن (¬3) الحدود أربعة حدود، وأجاز ما باع له من شيء وما صنع في ذلك من شيء، وأشهدوا على شهادتهم بذلك كله فلاناً وفلاناً وفلاناً (¬4)، وكتبوا شهادتهم جميعاً، وختموا في شهر كذا من سنة كذا". وإذا اشترى الرجل داراً لرجل بأمره فأخذها الشفيع بالشفعة فأراد أن يكتب على المشتري وعلى الآمر كتابا كتب: "هذا كتاب لفلان بن فلان من فلان بن فلان، إني كنت أمرت فلان بن فلان فاشترى لي من فلان بن فلان الدار التي في بني فلان "، ويبين الحدود، ثم يكتب النسخة على مثل ما كتبت لك. وإذا وكل الشفيع وكيلاً في أخذ الدار بالشفعة وسلم الدار للمشتري (¬5) له كُتب كتاب الشفعة مثل كتاب الأب لابنه غير أنك لا تكتب "صغيراً في عياله"، وتكتب في أول الكتاب: "أن فلان بن فلان وكلك بأخذ هذه الدار بالشفعة، وكان هو شفيعها وأحق بها من غيره (¬6)، فسلمتها لفلان بشفعته فيها"، ثم تكتب (¬7) على مثل ذلك الكتاب. وإذا اشترى الرجل داراً فبلغ الشفيع أن فلاناً اشترى نصف دار فلان فسلم ذلك، ثم علم بعد أنه اشترى الدار كلها، فله الشفعة، لأنه لم يسلم الدار كلها ولم يعلم شراءها. ألا ترى أنه لو قيل له: إنما اشترى من الدار بيتا واحداً فسلم ذلك، ثم علم أنه اشترى الدار كلها، له الشفعة (¬8). ولو ¬

_ (¬1) ز: تنقد. (¬2) ف - الوكيل. (¬3) م ز: ويبين. (¬4) ف - وفلاناً. (¬5) ف: المشتري. (¬6) ز: من غير. (¬7) ز: ثم يكتب. (¬8) ز: بالشفعة.

اشترى نصف دار فقيل له: قد اشترى الدار كلها فسلم (¬1) الشفعة، كان تسليمه جائزاً عليه؛ لأن تسليم الدار كلها تسليم النصف. ولو قيل له: قد اشترى الدار كلها، فقال: قد سلمتها أو سلصت نصف الشفعة، كان مسلماً للدار كلها؛ لأنه لم يغره من شيء ولم يكتمه شيئاً. وهذا قول أبي يوسف. وقال محمد: هو على شفعته في النصف؛ لأنه لم يسلم الدار كلها. وإذا اشترى الرجل داراً (¬2) فغرق بناؤها أو احترق، وبقيت الأرض، ثم جاء الشفيع يطلبها، كان له أن يأخذها بالثمن كله أو يترك، ولا يحط عنه من الثمن شيئاً. ألا ترى أن المشتري لو باعها مرابحة جاز له ذلك، ولم يحط له من ثمنها شيئاً. فكذلك الشفعة. ألا ترى أنه لو احترق منها جذع أو باب (¬3) أو وهن منها حائط (¬4) كان له أن يبيعها مرابحة. فكذلك (¬5) الشفعة. وليس هذا عندنا كالذي يهدمه هو بيدهـ إذا هدم البناء هو ثم جاء الشفيع قسم الثمن على قيمة الأرض يوم اشترى وقيمة البناء يوم اشترى، ثم أخذها الشفيع (¬6) بما أصاب الأرض، ولا حق للشفيع في البناء؛ لأنه قد زايل الأرض. وكذلك لو نزع الأبواب والخشب فباعها أو لم يبعها لم يكن للشفيع فيها حق، ولكن للشفيع أن يأخذ ما بقي من الدار بالذي يصيبها من الثمن. وإذا اشترى الرجل داراً فكسر رجل بناءها فأخذ منه قيمة ذلك البناء فللشفيع أن يأخذ الأرض بما أصابها من الثمن. فإن اختلفا في ذلك فقال (¬7) المشتري: كان قيمة البناء ألفاً وقيمة الأرض ألفاً والثمن ألف، فصدقه الشفيع في ذلك كله غير أنه [قال:] كان قيمة البناء ألفين، فإن القول قول المشتري مع يمينه، ويأخذ الشفيع الأرض بخمسمائة أو يترك. ولو أقاما ¬

_ (¬1) م: فلتسلم. (¬2) ز: اشترى الدار رجل. (¬3) ز: أو بابا. (¬4) ز: حائطا. (¬5) م ز: فلذلك. (¬6) ف - قسم الثمن على قيمة الأرض يوم اشترى وقيمة البناء يوم اشترى ثم أخذها الشفيع. (¬7) ز - فقال.

جميعاً البينة أخذت ببينة الشفيع. وفيه قول آخر، وهو قول أبي يوسف، إن البينة بينة المشتري؛ لأنه (¬1) يدعي الفضل. وقال محمد: إن قياس قول أبي حنيفة أن البينة بينة المشتري، ولا يشبه هذا الثمن؛ لأن الثمن إنما هو إقرار من المشتري في موطنين، فإقراره عليه أجوز (¬2) من إقراره لنفسه، وفضل قيمة البناء ليس بإقرار، إنما هو دعوى من المشتري في فضل الثمن، فهو أولى به، لأنه مدعي. وهو قول محمد. وإذا اشترى الرجل داراً فوهب بناءها لرجل وهدمه الموهوب له أو تصدق به أو نحله أو تزوج (¬3) عليه أو باعه فهدم لم يكن للشفيع سبيل على البناء؛ لأنه قد زايل الأرض، ويأخذ الأرض بحصتها من الثمن أو يترك. فإن كان (¬4) البناء كما هو أبطل الشفيع كل هبة وصدقة ومهر وعمرى وشراء وغيره وأخذ الدار كلها بالبناء بالشفعة؛ لأنه أحق بالبناء ما لم يزايل الأرض. وإذا اشترى الرجل داراً فسلم رجل هو شفيعها له الشفعة ولا يعلم بالشراء فهو تسليم، ولا يصدق أنه لم يعلم. ولو صدقه المشتري أنه لم يعلم كان ذلك تسليماً أيضاً. وإذا اشترى (¬5) الرجل داراً فبنى فيها مسجداً كان للشفيع أن يأخذها بالشفعة، ويكون له أن ينقض المسجد، ويكون نقض المسجد للمشتري. ألا ترى أن الشفيع لو استحق عشر الدار كان له أن يأخذ ما بقي منها بالشفعة ويهدم المسجد. ألا ترى أنه حق له واجب. وإذا اشترى الرجل داراً فهدم البناء وبنى فيها فأعظم النفقة فإن الشفيع يأخذها بالشفعة، ويقسم الثمن على قيمة الأرض والبناء الذي كان فيها يوم اشترى، ثم يأخذها بما أصابها من الثمن، وينقض المشتري بناءه المحدث. فإن اختلفا في قيمة البناء والأرض يوم وقع الشراء فقال المشتري: قيمة ¬

_ (¬1) م ف ز: ولأنه. (¬2) ف: أجود. (¬3) ز: أو ترح. (¬4) ف ز: وإن كان. (¬5) ز: اشتر.

الأرض ألف درهم يوم اشتريت وقيمة البناء يومئذ خمسمائة، وكذبه الشفيع وقال: قيمة الأرض خمسمائة وقيمة البناء ألف، فأما الأرض فإني أقوّمها الساعة بقيمة فأجعلها قيمة يوم اشترى، ولا ألتفت إلى قول واحد منهما. وأما البناء فالقول فيه قول المشتري (¬1). ثم يقسم الثمن على ذلك، فيأخذها الشفيع بما أصابها من الثمن. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال عبد الرحمن بن أبي ليلى (¬2) والحسن بن زياد: الأولى أن (¬3) يأخذ (¬4) الشفيع عرصة (¬5) الدار بما أصابها من الثمن، ويأخذ البناء المحدث بقيمته أو يدع. وإذا اشترى الرجل داراً فغرق نصفها أو أقل أو أكثر من ذلك فصار مثل الفرات يجري فيه الماء لا يستطيع رد ذلك عنه ولا ينتفع به فطلب (¬6) الشفيع أخذ ما بقي منها، فإن اختلفا فقال المشتري: ذهب الثلث منها (¬7)، وقال الشفيع: ذهب النصف، فالقول في ذلك قول المشتري، ويأخذها الشفيع إن شاء بثلثي الثمن أو يترك. وكذلك لو استحق رجل منها ثلثاً أو نصفاً وسلم المستحق الشفعة فطلبها الجار بالشفعة أخذ ما بقي بحصته من الثمن، والقول في ذلك قول المشتري، إن قال: إنما استحق فلان الثلث، فهو كما قال، إلا أن تقوم بينة أنه إنما استحق النصف. ولو استحق رجل منها قطعة معلومة فطلب الشفيع أخذ ما بقي قسم الثمن على قيمة ما بقي وقيمة ما استحق، فأخذها الشفيع بما أصابها من ذلك. وكذلك لو استحق رجل بناء الدار فأقام البينة على أن البناء كله له أخذ الشفيع ما بقي بحصته من الثمن، وليس استحقاق البناء كذهابه من غير هدم ¬

_ (¬1) م ف ز + فيه. (¬2) لعل الصحيح أنه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، فهو المقصود بابن أبي ليلى في هذا الكتاب عند ذكر آرائه، وهو الذي دون أبو يوسف اختلافه مع أبي حنيفة، وكان من شيوخ أبي يوسف كما هو معروف. أما عبد الرحمن والد محمد فهو معروف بالعلم أيضاً، لكنه متقدم من حيث الطبقة، ولم تشتهر آراؤه الفقهية كشهرة ابنه. (¬3) ز - أن. (¬4) ز: يأخذها. (¬5) ز: عرضة. (¬6) ف: فيطلب؛ ز: فطلب. (¬7) ف: ذهب منها الثلث.

ولا استحقاق. وكذلك لو هدم البناء رجل فأخذ المشتري قيمته منه؛ لأنه لا يستطيع أن يبيع ما بقي مرابحة على أصل الثمن. وإذا اشترى الرجلان داراً فأخبر الشفيع أن أحدهما اشترى الدار كلها فسلم الدار كلها له ثم علم بعد ذلك كان له أن يأخذ حصة الذي لم يسلم له. وإذا اشترى الرجل داراً بيعاً فاسداً فليس فيها شفعة. فإن سلمها المشتري للشفيع بالثمن الذي أخذها به وسماه له جاز ذلك له، وكان على المشتري قيمة الدار؛ لأن هذا بيع من المشتري؛ لأن الشفيع لم يكن له شفعة. ألا ترى لو أن رجلاً ورث داراً فسلمها للشفيع بألف درهم كان بيعاً منه. ولا تورث الشفعة. إذا مات الشفيع قبل أن يأخذ بالشفعة لم يكن لولده فيها شفعة. ولو كان الشراء والبيع وقع بعد موته كان لهم فيها الشفعة. وإذا مات المشتري والشفيع حي فإن للشفيع الشفعة. فإن كان على الميت دين لم يبع (¬1) الدار في دينه وأخذها الشفيع بالشفعة وبطلت الوصية. ولو باعها القاضي أو وصي الميت في دين الميت ثم جاء الشفيع يطلب الشفعة أبطل الشفيع البيع، وأخذها بشفعته. وإذا اشترى الرجل داراً فعلم الشفيع فلم يطلب مكانه فلا شفعة له فيها. وإن طلب الشفعة فأبى المشتري أن يدفعها إليه فخاصمه وجاء الشفيع بشهود على طلب الشفعة كان على شفعته وإن طالت الخصومة بينهما. فإن أثبت ذلك في ديوان القضاء أنه قد طلب الشفعة فهو أجود وأبلغ في العذر. فإن شغله شيء أو عرض له سقم بعد شهادته وخصومته فهو على شفعته. وإن سلم الشفعة على مال فالتسليم جائز عليه، والمال مردود إلى صاحبه؛ لأنه أخذه بغير شيء. وكذلك لو باعها هو؛ لأنه لا قيمة ¬

_ (¬1) ز: لم تباع.

للشفعة على حال (¬1)، ولا يجوز (¬2) له (¬3) أن يأخذ لها عوضاً على كل (¬4) حال. وكذلك الكفالة بالنفس؛ لأن كل حق لا يؤخذ به عوض (¬5) على حال أبطله صاحبه على جعل فالجعل باطل، والبراءة منه جائزة. ولو قضى له القاضي بالدار بشفعته وقبل ذلك ثم إنه مات قبل النقد (¬6) والقبض كان البيع لازماً لورثته، يؤخذون بالمال إن كان ترك شيئاً، ويدفع إليهم الدار. فإن لم يكن ترك شيئاً ورضي الذي في يديه الدار أن يدفعها إليهم (¬7) ثم تباع له في دينه الذي على الميت فيقضي من ثمنها فله ذلك. فإن فضل منها شئ فهو ميراث لهم. وإن كان نقص (¬8) فهو دين على الميت. وإذا اشترى الرجل داراً والشفيع غائب فعلم بالشراء فله من الأجل بعد أن يعلم على قدر المسير. فإن مضى ذلك الأجل قبل أن يطلب أو يبعث من يطلب فلا شفعة له. وإن قدم فطلب الشفعة فتغيب المشتري عنه أو خرج من البلد فأشهد هذا على طلبه بالشفعة فهو على شفعته وإن طالت المدة في ذلك. وإن كان الشفيع في البلد وظهر المشتري ببلد ليس فيها الدار فليس على الشفيع أن يطلبه في سوى (¬9) البلد الذي فيه الدار. وإن كانا في بلد ليس فيه الدار فاشترى الدار وأشهد أنه يأخذها بالشفعة فتغيب (¬10) المشتري عنه فهو على شفعته متى ما لقيه وإن طال ذلك، مِن قِبَل أنه قد لقيه فأشهد أنه يأخذها بالشفعة. وإذا اشترى الرجل داراً من امرأة فلم يجد من يعرفها إلا من له الشفعة فإن شهادتهم لا تجوز عليها إن أنكرت ذلك بعد أن يطلبوا بالشفعة، وإن سلموا جاز (¬11) شهادتهم عليها. ¬

_ (¬1) ز: على حالاً. (¬2) ز: تجوز. (¬3) م ز - له. (¬4) م ز - كل. (¬5) ز: عوضا. (¬6) م ز: النقده. (¬7) ز + الدار. (¬8) م ز: نقضا؛ ف: نقصا. (¬9) وعند الحاكم: في غير. انظر: الكافي، 1/ 187 ظ. (¬10) ز: فتغيت. (¬11) م ف ز: سلم اجاز.

باب الشهادة في الشفعة

وإذا اشترى الرجل داراً والقاضي شفيعها أو ابنه أو أبوه أو زوجته فطلب الشفعة فأبى عليهم المشتري فإن القاضي لا يجوز قضاؤه بالشفعة لأحد من هؤلاء؛ لأنه لو قضى لهم بدين لم يجز. وإذا قضى للشفيع بالشفعة فطلب إليه المشتري الذي في يديه الدار أن يردها عليه، على أن يزيده في الثمن كذا وكذا، ففعل ذلك وردها عليه، فإن ذلك رد، ولا تكون (¬1) له الزيادة. وكذلك المناقضة في قول أبي حنيفة ومحمد وفيها قول آخر، وهو قول أبي يوسف، إن الزيادة كلها له إذا قبض قبل المناقضة؛ لأنه جعله بيعاً. وكذلك لو قضى للشفيع فطلب المشتري إليه فسلم للبائع البيع على أن يرد عليه من الثمن شيئاً سماه له (¬2) فهذا مثل الأول. ... باب الشهادة في الشفعة وإذا شهد شفيعان بدار أن صاحبهما قد باعها من فلان بكذا وكذا، والبائع يجحد والمشتري يطلب ويدعي، فإن طلبا الشفعة فشهادتهما باطل لا يجوز (¬3)، وإن سلما الشفعة (¬4) وادعى المشتري الشراء فشهادتهما جائزة. وإن جحد المشتري الشراء وادعى البائع الشراء فشهادتهما (¬5) باطل إن طلبا الشفعة، ولهما أن يأخذاها من البائع بالشفعة من قبل إقراره بالبيع. فإن سلما الشفعة جازت شهادتهما على المشتري. ألا ترى أن رجلاً لو ادعى أنه باع داره من فلان بألف درهم وجحد فلان ذلك ولا بينة له عليه وحلف كان للشفيع أن يأخذها بألف. ¬

_ (¬1) ز: يكون. (¬2) ف - سماه له. (¬3) ز: لا تجوز. (¬4) ف - فشهادتهما باطل لا يجوز وإن سلما الشفعة. (¬5) ف: بشهادتهما.

ولو شهد (¬1) ابنا الشفيع أو ابنه وأبوه أو رجل وأبوه أو أبوه وامرأته كانت شهادتهم في ذلك باطلاً (¬2) إذا طلب الشفيع الشفعة. فإن جحد المشتري الشراء وادعى البائع وطلب الشفيع الشفعة فشهادة هؤلاء باطل، وللشفيع أن يأخذها بإقرار البائع. وإن سلم الشفيع الشفعة فشهادة هؤلاء جائزة على أنهما جحدا البيع (¬3). ولو شهد ابنا الشفيع عليه بالتسليم جاز ذلك. وكذلك لو شهد أبوه وامرأته وأمه أو شهد على امرأة زوجها وابنها وابنتها (¬4) بتسليم الشفعة كانت شهادتهم جائزة. وكذلك المكاتب (¬5) له شفعة شهد له رجل ومولاه على تسليمه الشفعة. وكذلك العبد التاجر عليه دين أو لا دين عليه. ولو شهد مولى المكاتب أو مولى العبد على أصل الشراء وآخر معه والمكاتب والعبد التاجر يطلب الشفعة كانت شهادتهم باطلاً. وإن كان على العبد دين (¬6) أو لم يكن عليه دين فهو سواء. وكذلك شهادة ابني مولاه وأبوه وزوجته وأمه وجده لا تجوز في شيء من ذلك. وإذا كانت الدار لثلاثة نفر فشهد اثنان منهم أنهم جميعاً باعوها من فلان وادعى ذلك فلان وجحد الشريك لم يجز على الشريك مِن قِبَل أن شهادتهم تسليم لبيعهم. ألا ترى أن المشتري له الخيار إذا لم (¬7) يسلم الدار كلها له. فإن أنكر المثشري الشراء كله وطلب الشركاء الشراء وأقروا به فشهادتهم أيضاً باطل. وللشفيع أن يأخذ الدار كلها في هذا الباب بالشفعة. ولا يأخذها في الباب الأول إن شاء إلا ثلثيها (¬8). فإن وكل رجل رجلاً ببيع دار له فاشتراها منه رجل والبائع هو الشفيع فليس للبائع أن يأخذها بالشفعة؛ لأنه هو البائع. ولو شهد الآمر ورجل أجنبي أن المشتري ردها على البائع بالشفعة كانت شهادتهما باطلاً، لا ¬

_ (¬1) ف: ولو أشهد. (¬2) ز: باطل. (¬3) ز: هلع. (¬4) ز: وابنتها وابنها. (¬5) ف ز: مكاتب. (¬6) ف - دين. (¬7) ز - لم. (¬8) ز: إلا ثلثها.

تجوز (¬1) في ذلك شهادة الآمر. فإن شهد مع الأجنبي آخر جازت شهادتهما. وإذا أمر رجل رجلاً بأن يشتري له داراً والوكيل شفيعها فله أن يأخذها بالشفعة، وليس المشتري (¬2) في هذا كالبائع؛ لأن البائع يأخذ ما باع وينقضه. ولا يحسن ذلك (¬3)؛ لأن عليه العهدة، والمشتري إنما وجبت له بعد ما اشترى. ولو شهد ابنا الآمر على الشفيع أنه قد سلم والدار في يد الأب لم تجز شهادتهما؛ لأن أباهما هو الآمر. وإذا باع رجل داراً وله عبد تاجر وهو شفيع الدار، فإن كان على العبد دين فله أن يأخذ الدار بالشفعة. وإن لم يكن عليه دين فليس له شفعة؛ لأن ماله (¬4) لمولاه إذا لم يكن عليه دين. وأما إذا كان على العبد دين فليس ماله لمواليه. وكذلك لو كان البائع هو العبد ومولاه شفيعها. فإن كان على العبد دين أخذ المولى الدار بالشفعة. وإن لم يكن عليه دين فليس له شفعة. وإن شهد ابنا المولى على العبد أنه سلم الدار للمولى بالشفعة فشهادتهما باطل. وكذلك لو شهدا أنه سلم الشفعة والدار في يدي العبد. وإذا باع الرجل داراً ومكاتبه شفيعها فله الشفعة. فإن شهد ابنا البائع أن المكاتب قد سلم الشفعة للمشتري فشهادتهما باطل. وكذلك لو كان البائع مكاتباً (¬5) ومولاه شفيعها والدار في يدي (¬6) البائع كان له أن يأخذها بالشفعة. فإن شهد ابنا المولى أنه قد سلم الشفعة للمشتري جاز ذلك عليه، ولا تجوز شهادة ابني المولى لمكاتب أبيهم (¬7) ولا لعبده في كل شيء يكون الأب خصماً فيه والبائع فيه والمدعى قبله؛ لأن الدار في يديه. وإذا باع رجل داراً ولم يقبض المشتري الثمن فشهد ابنا البائع أن الشفيع سلم الشفعة للمشتري فشهادتهما باطل؛ لأن أباهما هو البائع وهو الخصم في ذلك. ألا ترى أن الشفيع إذا أخذها من الأب ¬

_ (¬1) ف: ولا تجوز. (¬2) م: للمشتري. (¬3) ف + عليه. (¬4) ز: مولاه. (¬5) ز: مكاتب. (¬6) ف: في يد. (¬7) ز: ابنهم.

وأعطاه المال كانت عهدته عليه. فهما يدفعان ذلك بشهادتهما عن الأب. فإن كان المشتري قد قبض الدار فخاصمه الشفيع ثم شهد ابنا البائع أنه قد سلم الشفعة للمشتري فشهادتهما جائزة؛ لأنهما لا يدفعان عنه هاهنا شيئاً. وكذلك العبد والمكاتب إذا باعا داراً وقبضها المشتري، ثم شهد ابنا المولى أو أبوه وجده أو امرأته وابنه ورجل أجنبي على الشفيع بالتسليم، فهو جائز. وإذا شهد رجلان للبائع والمشتري على الشفيع أنه قد سلم الشفعة، وشهد رجلان للشفيع أن البائع والمشتري (¬1) سلما له الدار، قضيت بها للذي هي (¬2) في يديه. وهذا بمنزلة رجلين اختصما في دار، كل واحد منهما يدعي أنه اشتراها من صاحبه بألف درهم وقبض الثمن، فإنني (¬3) أقضي بها للذي هي في يديه. وإذا اشترى الرجل داراً وقبضها فطلبها الشفيع فشهد ابنا البائع أن المشتري قد سلمها للشفيع وهي في يدي المشتري، وشهد شاهدان آخران أن الشفيع سلمها إلى المشتري، فإني أسلمها للمشتري وأدعها في يدي المشتري، وأجيزها له بشهادة شهوده على تسليم الشفيع الشفعة. ولا أجيز شهادة ابني البائع على تسليم المشتري؛ لأنهما يدفعان عن أبيهما الخصومة والعهدة. وكذلك شهادة أبي (¬4) البائع أو أمه أو امرأته ورجل أجنبي. ولو وجد المشتري بالدار عيباً فردها بالعيب وقد سلم الشفيع الشفعة له فللشفيع أن يأخذها بالشفعة إن كان البائع قبلها بغير قضاء قاض (¬5). ألا ترى أنه لو أقاله البائع البيع كان للشفيع أن يأخذها بالشفعة في الإقالة. وكذلك العيب. فإن قبلها بقضاء قاض فليس للشفيع (¬6) فيها شفعة (¬7) مِن قِبَل أن للبائع أن ¬

_ (¬1) م ف ز + على الشفيع بالتسليم فهو جائز وإذا شهد رجلان للبائع والمشتري على الشفيع أنه قد سلم الشفعة وشهد رجلان للشفيع أن البائع والمشتري. (¬2) ف - هي. (¬3) ز: فإني. (¬4) م - أبي. (¬5) ز: قاضي. (¬6) م + أن يأخذها بالشفعة في الإقالة وكذلك العيب فإن قبلها بقضاء قاض فليس للشفيع؛ ز + أن يأخذها بالشفعة. (¬7) ز - فيها شفعة.

يردها بذلك العيب على الذي باعه الدار. وليس له أن يردها في الإقالة ولا في قبولها بعيب بغير قضاء قاض على الذي باعه. فلذلك اختلفا. وإذا كان لرجل (¬1) على رجل دين يقر به أو يجحده فصالحه من ذلك على دار أو اشترى به منه داراً وقبض الدار، ثم طلبها الشفيع بالشفعة، واختلف الشفيع والمشتري، فقال المشتري: كان ديني عليه ألف درهم، وقال الشفيع: بل كان لك عليه خمسمائة درهم، أو قال: لا أدري ما كان لك عليه، فإن القول في ذلك قول المشتري مع يمينه، ولا ينظر في ذلك إلى قول الشفيع ولا إلى قول الذي كان عليه الحق. وكذلك لو قال المشتري: كان حقي عليك عشرة أكرار (¬2) من الحنطة أو عشرة أكرار شعير أو مائة فَرَق من سمن أو زيت أو مائة ثوب، كان القول في ذلك قوله مع يمينه. فإن أقام الشفيع البينة على ما قال أخذت ببينة الشفيع. وإن أقام المشتري البينة على ما (¬3) قال أخذت ببينة (¬4) الشفيع؛ لأن الشفيع هو المدعي. ولأنه قد أقام بينة على المشتري؛ لأنه قد أقر أنه اشتراها بما يدعي الشفيع، والمشتري يقيم البينة على إقرار (¬5) نفسه لنفسه، فإقراره على نفسه أحق أن يؤخذ به من إقراره لنفسه. وهذا قياس قول أبي حنيفة ومحمد. وفيها قول آخر، قول أبي يوسف، إن البينة بينة المشتري؛ لأنه يدعي الفضل. ولا ألتفت إلى بينة الشفيع. وكذلك لو اشتراها بألف درهم ونقد الثمن فقال الشفيع: أخذتها بخمسمائة درهم، وأقاما جميعاً البينة فهو مثل الباب الأول. وإذا أقر الرجل أنه اشترى داراً بألف درهم فأخذها الشفيع بذلك، ثم ادعى البائع أن الثمن ألفان (¬6) وأقام البينة، فإنه يؤخذ ببينته، ويتبع (¬7) المشتري بما بقي عليه، ويحتسب له بما تقدم من ذلك، ويرجع المشتري ¬

_ (¬1) م: الرجل؛ ز: للرجل. (¬2) ز: أقراز. جمع كُرّ، نوع من الأوعية. انظر: المغرب، "كرر". (¬3) م ز - ما. (¬4) م ز - ببينة. (¬5) ز: على إقراز. (¬6) ز: ألفين. (¬7) ز: ويبيع.

على الشفيع بألف أخرى. وكذلك لو ادعى البائع أنه باعها إياه بمائتي دينار (¬1) أو بعرض بعينه قيمته أكثر من ألف درهم وأقام البينة فإن ذلك تسليم للبيع، ويقضى بها على الشفيع (¬2)، وتسلم (¬3) الدار للشفيع بذلك. ولو ادعى البائع عرضاً أقل من ذلك وأقام عليه البينة قضي بها للشفيع بذلك، ويقضى بها على المشتري، وتسلم (¬4) الدار، فيقضى بها للشفيع. وللشفيع أن يرجع على المشتري بالفضل على قيمة العرض. وإذا اشترى الرجل داراً فاختلف المشتري (¬5) والبائع في الثمن فالقول قول البائع مع يمينه، ثم يترادان البيع بعد أن يحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه. ويبدأ بالمشتري في اليمين، فأيهما نكل عن اليمين لزمه بذلك البيع (¬6) وأخذها الشفيع به إن شاء. وإن حلفا جميعاً بطل البيع وأخذها الشفيع بما قال البائع إن شاء. وإن أقاما جميعاً البينة كانت البينة بينة البائع وألزمت (¬7) المشتري بذلك، وأخذها الشفيع به إن شاء في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولا يشبه هذا قول المشتري: اشتريتها بألفين، وقول الشفيع: بألف، وقد استوفى البائع الثمن وأقاما بينة في قول أبي حنيفة ومحمد. وهما (¬8) سواء في قول أبي يوسف. لأن أبا حنيفة كان يفرق بينهما، ومن حجته أن يقول: إذا كانت الدار في يدي المشتري أو في يدي البائع [وقامت] البينة على فضل الثمن فهذا بيع يلزمه القاضي إياه إن شاء وإن أبى، بمنزلة الرجل إذا اشترى جارية من رجل وأقر أنها له فاستحقت، فإن القاضي يرده بالثمن على البائع؛ لأن القاضي قد أكذبه حين قضى عليه بها للذي يستحقها. فكذلك (¬9) القاضي في هذا قد أكذبه في الدار حين قضى عليه بفضل الثمن، فلا يأخذها الشفيع (¬10) إلا بألفين. وكذلك لو قال البائع: الثمن هذا العبد، وقال المشتري: بل الثمن هذه الجارية، وأقاما ¬

_ (¬1) ف: درهم. (¬2) ف ز: على المشتري. (¬3) ز: ويسلم. (¬4) ز: ويسلم. (¬5) ز: المشتر. (¬6) ف: لزمه البيع بذلك. (¬7) م: وللزمت. (¬8) ف: هما. (¬9) م: فلذلك. (¬10) ف: للشفيع.

جميعاً البينة (¬1) وجبت الدار بالعبد، وأخذها الشفيع بقيمة العبد إن شاء. وكذلك لو قال البائع: بعتها بهذه الدار الأخرى، وقال المشتري: بل اشتريتها منك بهذا العبد أو بهذا العرض، وأقاما جميعاً البينة، أخذت ببينة البائع، وأخذها الشفيع بقيمة الدار. فإن كان الشفيع (¬2) شفيع الدارين جميعاً أخذ كل واحدة منهما بقيمة الأخرى. وإذا اشترى الرجل داراً وقبضها فبنى فيها، ثم اختلفا في الثمن، فالقول قول المشتري مع يمينه؛ لأن هذا استهلاك. فإذا وجب البيع أخذها الشفيع بذلك. وكذلك لو سلمها الشفيع قبل أن يبني ثم اختلفا في الثمن كان القول قول المشتري مع يمينه؛ لأنها قد تغيرت حين بناها. وكذلك لو وهبها المشتري أو تصدق بها على رجل وقبضها المتصدق بها عليه أو الموهوبة له، فإن القول قول المشتري في الثمن، ويأخذها الشفيع بذلك، وتبطل (¬3) الصدقة والهبة. وكذلك لو باعها أو تزوج عليها كان القول قوله في الثمن، ويأخذها الشفيع بذلك (¬4). فإن أقام البائع في هذا كله شاهدين أخذت بشهادتهما (¬5). وكذلك لو اختلفا في الأيام والبلدان (¬6)؛ لأن البيع ليس بعمل. ولا يفسد البيع اختلاف الشاهدين، يقول هذا: أقر عندي اليوم، ويقول هذا: أقر عندي أمس. ولو شهد أحدهما على إقرار البائع وشهد الآخر على إقرار الشفيع (¬7) كان ذلك باطلاً. ولو شهد ابنا الشفيع على الثمن وهو أكثر مما أخذها به أبوهما أجزت ذلك على الشفيع، ويرجع المشتري على الشفيع بالفضل. وكذلك لو شهد أبوه وجده أو ابنه وزوجته وأمه (¬8). ¬

_ (¬1) ز + بينة البائع. (¬2) ز: بالشفيع. (¬3) ز: ويبطل. (¬4) ز + ويبطل الصدقة وكذلك لو باعها أو تزوج عليها كان القول قوله في الثمن ويأخذها الشفيع بذلك. (¬5) ز: بشهادتهم. (¬6) ف: في البلدان والأيام. (¬7) ف - وشهد الآخر على إقرار الشفيع. (¬8) ف - وكذلك لو شهد أبوه وجده أو ابنه وزوجته وأمه، صح هـ.

وكذلك لو كان مكاتباً أو عبداً (¬1) تاجراً عليه دين فشهد عليه مولاه وآخر جاز ذلك عليه. وإذا كان للدار شفيعان فشهدت الشهود أن أحدهما قد سلم الشفعة ولا يدرى (¬2) أيهما هو، فإن شهادتهما باطل، وللشفيعين أن يأخذا بالشفعة. فإن سلم أحدهما (¬3) فقال الآخر: لا آخذ (¬4) إلا النصف الذي وجب لي، فرضي بذلك المشتري، فذلك له. وإن لم يرض المشتري بذلك لم يكن للشفيع أن يقطع الدار وقيل للشفيع: إن شئت فخذ الدار كلها أو دعها. وإذا قال المشتري للشفيع: لا أعطيك إلا نصف الدار لأن صاحبك قد سلم لي نصف الدار، وطلب الشفيع الدار كلها، فله أن يأخذ الدار كلها. ولو كان للدار عشرة شفعاء فغاب تسع منهم كان للواحد الشاهد أن يأخذ الدار كلها، وليس للمشتري أن يمنعه شيئاً منها لغيبة أولئك. وكذلك لو سلم التسعة الشفعة كان لهذا الواحد (¬5) أن يأخذ الدار كلها. فإن أراد الشفيع أن يأخذ عشر الدار (¬6) وأبى ذلك المشتري فليس للشفيع إلا أن يأخذها كلها أو يدع. وإذا اشترى الرجل داراً وأخذ من صاحبها كفيلاً بما أدركه فيها من دَرَك، ثم جاء الشفيع فأخذها منه بالشفعة ونقد المشتري المال، أو نقده البائع وأخذ الدار منه، فلا ضمان للشفيع على الكفيل إن استحقت الدار؛ لأن الكفيل لم يكفل للشفيع بشيء. وإن أخذ الشفيع الدار من المشتري وقبض الدار ولم ينقده الثمن فلا ضمان على الكفيل. ولو تَوَى المال عند الشفيع فلا ضمان على الكفيل؛ لأن الشفعة ليس بدَرَك (¬7) وليس بحق يستحق من الدار. ألا ترى أن المشتري لو كان بنى فيها فنقض بناءه لم يرجع على الذي باعه بقيمة البناء. ولو كان أخذ الشفيع الدار استحقاقاً كان للمشتري أن يرجع على البائع بقيمة البناء. ¬

_ (¬1) ف + أو حراً. (¬2) ز: يدزى. (¬3) ز: اخدهما. (¬4) ز: لاخذ. (¬5) ف: كان لواحد. (¬6) ز: الداز (¬7) ز: تدرك. .

وإذا كفل رجلان للمشتري بما أدركه من دَرَك في الدار، ثم شهدا على المشتري أنه قد سلم الدار للشفيع فشهادتهما باطل؛ لأنهما يخرجان أنفسهما من الضمان. وكذلك لو شهد أبواهما أو ابناهما أو أزواجهما. وإذا شهد الكفيلان أن الشفيع قد سلم الشفعة فشهادتهما باطل؛ مِن قِبَل أنهما خصمان (¬1). وكذلك لو كانا بَيِّعَين (¬2) فشهدا على تسليم الشفعة كانت شهادتهما باطلاً لا تجوز؛ لأنهما خصمان للشفيع. وإذ اشترى الرجل داراً فأشهد الشفيع في بيته أنه أخذها (¬3) بالشفعة ولم يجئ إلى البائع ولا إلى المشتري ولا إلى الدار ولم يطلبها فلا شفعة له. فإن طلبها قِبَلهما فأشهد أنه يطلب الشفعة ولم يسم له الثمن فهو بالخيار إذا علم الثمن، إن شاء أخذ، وإن شاء ترك. وإذا شهد البَيِّعَان على المشتري أن الشفيع قد طلب الشفعة حين علم بالشراء، والشفيع يقر أنه قد علم بها منذ أيام، وقال المشتري: ما طلبت الشفعة، فشهادة البيعين في ذلك باطل. وكذلك شهادة أولادهما وأبويهما وجديهما (¬4) وأزواجهما. وإذا قال الشفيع: لم أعلم بالشراء إلا الساعة، فإن القول قوله مع يمينه. فإن حلف أخذها بالشفعة. وإن نكل عن اليمين بطلت الشفعة. فإن شهد البيعان (¬5) أنه قد علم منذ ثلاثة (¬6) أيام (¬7) فشهادتهما باطل إذا كانت الدار في أيديهما؛ لأنهما خصمان للشفيع. ألا ترى أن الشفيع يأخذها من أيديهما. وكذلك لو كانت الدار في يدي المشتري كانت شهادتهما باطلاً (¬8)؛ لأنهما كانا خصمين فيها قبل أن يدفعاها إلى المشتري. ¬

_ (¬1) ز: حضران. (¬2) وعند السرخسي: بائعين. انظر: المبسوط، 14/ 127. (¬3) وعند الحاكم والسرخسي: يأخذها. انظر: الكافي، 1/ 188 ظ؛ والمبسوط، 14/ 127. (¬4) ز: وجدتهما. (¬5) ز: البائعان. (¬6) ز - ثلاثة. (¬7) م: أنه أقر منذ أيام. (¬8) ز: باطل.

باب الشفعة بالعروض

وإذا كان الشفعاء ثلاثة فشهد اثنان منهم على أحدهم أنه قد سلم، فإن قالا: قد سلمنا معه، فشهادتهما جائزة. وإن قالا: نحن نطلب بالشفعة، فشمهادتهما باطل. وإن قالا: قد سلمنا معه، ولأبي أحدهما شفعة أو لابنه أو لمكاتبه أو لزوجته، فشهادتهما باطل؛ لأنهما يجران إلى من ذكرت الشفعة. ... باب الشفعة بالعروض وإذا اشترى الرجل داراً بعبد بعينه فهو جائز. فإن مات العبد قبل أن يقبضه انتقض البيع، وتكون للشفيع (¬1) فيها الشفعة بقيمة العبد. وكذلك لو عمي العبد أو أصابه عيب ينقصه من ثمنه فإن للبائع أن يبطل البيع، والشفعة على حالها. ولو لم يصب العبد شيء (¬2) من ذلك وكان (¬3) قائماً بعينه كان للشفيع شفعته قبل قبض البائع العبد أو بعده، وإنما وجبت الشفعة للشفيع حين وقع الشراء بقيمة العبد. فإن أخذ الشفيع الدار من البائع وأعطاه قيمة الدار (¬4) فله ذلك، وتلك القيمة للبائع، والعبد لصاحب العبد على حاله. وإن أخذ الدار من المشتري دفع إليه قيمة العبد، وأيهما أخذ ماله فعهدته عليه. وإن مات العبد أو دخله عيب (¬5) قبل أن يقبضه البائع فتركه بعينه وقد أخذ الشفيع الدار من المشتري بقيمة العبد فإن تلك القيمة للبائع ليس له غيرها؛ مِن قِبَل أن الدار قد خرجت من ملك المشتري ولا يضمن المشتري قيمة الدار، ولأن هذا ليس ببيع منه. ألا ترى أن الشفيع لو قدمه إلى القاضي أخذها بالشفعة. وكذلك إذا دفعها المشتري بغير قضاء قاض (¬6). ولو كان العبد استحق بطلت الشفعة وأخذ البائع الدار من الشفيع؛ لأن أصل البيع كان باطلاً. وليس هذا كالعيب إذا كان المشتري قد دفع الدار إلى ¬

_ (¬1) ز: الشفعة. (¬2) ز: شيئاً. (¬3) ف: أو كان. (¬4) ف ز: العبد. (¬5) ز: مال. (¬6) ز: قاضي.

الشفيع بقضاء قاض (¬1). فأما إذا كان دفعها بغير قضاء قاض (¬2) بقيمة العبد وسمى القيمة وقبضها الشفيع فهذا بمنزلة البيع، وهي جائزة للشفيع بالقيمة، وعلى المشتري للبائع قيمة الدار. وأما قيمة العبد الذي أخذه المشتري فهو للمشتري؛ لأن البيع كان فاسداً لا شفعة فيه. فلما أعطى المشتري الشفيع الدار بغير قضاء قاض (¬3) بقيمة العبد كان هذا بيعاً منه، فليس للبائع على الدار سبيل. وإن كان المشتري باع الدار أو وهبها (¬4) أو تصدق بها وقبضها الموهوبة له أو (¬5) المتصدق بها عليه أو تزوج عليها، ثم استحق العبد، ضمن المشتري قيمة الدار؛ لأنه أحدث فيها ما ذكرت، وليس هذا كالشفعة. وإذا اشترى الرجل داراً بعرض بعينه لا يكال ولا يوزن ودفع العرض وقبض الدار فللشفيع فيها شفعة بقيمة العرض. فإن اختلفا في قيمة العرض فالقول في ذلك قول المشتري إلا أن يكون ذلك العرض فيما بينهم قائماً بعينه فيقوّم. فإن كان مستهلكاً كان القول قول المشتري مع يمينه، ولا يصدق البائع على شيء من ذلك. فإن أقام الشفيع البينة على ما ادعى أجزتُ شهادة شهوده، وأَخَذَها بذلك. فإن أقام المشتري البينة على أكثر مما أقام عليه الشفيع لم يقبل ذلك منه؛ لأن الشفيع هو المدعي في قياس قول أبي حنيقة الذي قاسه أبو يوسف عليه. وفيها قول آخر وهو قول أبي يوسف ومحمد أن البينة بينة المشتري؛ لأنه مدعي الفضل. وإن كان (¬6) اشترى الدار بحنطة بعينها أو بشعير بعينه أو بزيت بعينه أو بسمن بعينه أو بشيء مما يكال أو يوزن فهو جائز، وللشفيع أن يأخذها بمثل ذلك الكيل والوزن، وليس هذا كالعبد والثوب وشبههما مما لا يكال ولا يوزن. ولو هلك ذلك العرض الذي اشترى به الدار قبل أن يقبضه البائع وقبل أن يأخذها الشفيع بالشفعة كانت الشفعة على حالها للشفيع بقيمة ذلك العرض إن كان مما لا يكال ولا يوزن. وكذلك لو دخله عيب. ولو كان اشتراها بكُرّ ¬

_ (¬1) ز: قاضي. (¬2) ز: قاضي. (¬3) ز: قاضي. (¬4) ف: ووهبها. (¬5) ز - أو. (¬6) ف: فإن كان.

حنطة جيدة أو بمائة رطل زيت جيد بغير عينه فأوفاه ذلك، ثم استحق، كان له أن يعطيه مثل ذلك، ويأخذ الدار، ويأخذها الشفيع بالشفعة بمثل ذلك؛ لأن هذا بمنزلة الدراهم لأنه كان بغير عينه. وإذا اشترى الرجل داراً بعبد وقبض كل واحد منهما ثم وجد بالعبد عيباً فرده وأخذ الدار، فإن للشفيع (¬1) أن يأخذها بالشفعة بقيمة العبد صحيحاً؛ لأن البيع قد وقع ولزم. ولو استحق العبد بطلت الشفعة والبيع. ولو كان الشفيع سلم الشفعة ثم رد عليه العبد بعيب فقبله بغير قضاء قاض (¬2) أو استقاله البيع فأقاله كان للشفيع أن يأخذها بالشفعة إن قبض الدار أو لم يقبض؛ لأن هذا بمنزلة البيع المستقبل. ولو رده بعيب بقضاء قاض لم يكن للشفيع أن يأخذها بالشفعة (¬3). وكذلك لو كان العيب في الدار وكان المشتري هو ردها كان هذا والأول سواء. وإذا اشترى الرجل داراً بعبد ولم يقبضها حتى تتاركا (¬4) البيع فللشفيع أن يأخذها من البائع بقيمة العبد، وهو بمنزلة البيع المستقبل. وإذا اشترى الرجل عبداً بدار وكانت الدار هي الثمن كان للشفيع أن يأخذها بالشفعة. وكذلك لو زاد معها دراهم، غير أن العبد يقسم قيمته على قيمة الدار والدراهم، فيأخذها الشفيع بما أصابها من ذلك. وإن كانت الدراهم مع العبد أخذها الشفيع بقيمة العبد والدراهم. وكذلك كل عرض يشتري به داراً أو يشترى بدار. وإذا اشترى الرجل بناء دار على أن يقلعه فلا شفعة فيه من قبل أنه لم يشتر الأرض معه. ألا ترى أن رجلاً لو اشترى خشباً أو أبواباً أو جصاً أو آجراً لم يكن للشفيع فيه شفعة، فكذلك البناء. وكذلك لو اشترى نصيب ¬

_ (¬1) م: الشفيع. (¬2) ز: قاضي. (¬3) ز - إن قبض الدار أو لم يقبض لأن هذا بمنزلة البيع المستقبل ولو رده بعيب بقضاء قاض لم يكن للشفيع أن يأخذها بالشفعة. (¬4) ز: تتارك.

البائع من البناء وهو النصف لم يكن فيه شفعة، وكان البيع فاسداً؛ مِن قِبَل أنه يريد أن ينقضه فيضر ذلك بالشريك. وإذا اشترى الرجل داراً بنصف خادم أو بنصف سفينة جاز ذلك وللشفيع الشفعة بقيمة ذلك، ولا شفعة للشريك في السفينة ولا في الجارية. وكذلك الحيوان والعروض كلها ما خلا الدور والأرضين. وكذلك قال أبو حنيفة: إنه لا شفعة إلا في دار أو أرض (¬1). وإذا أراد الرجل أن يشتري داراً بخادم فخاف (¬2) عليها الشفيع وقيمة الخادم ألف درهم فباع الخادم بألفين من رب الدار، ثم اشترى الدار بالألفين، كان ذلك جائزاً، ولا يأخذها الشفيع إلا بالألفين. ولو أنه اشتراها بألف ثم أعطاه بذلك خمسين ديناراً كان مثل ذلك. ولو أعطاه من ذلك (¬3) ألف درهم وأعطاه أثوابًا لا تساوي ألف درهم بألف أخرى كان مثل ذلك، ولا يأخذها الشفيع إلا بالألفين. ولو كان لرجل دار فأراد أن يتصدق على رجل بقطعة منها صغيرة وبطريقها إلى باب الدار ويقبض ذلك ويحوز القطعة للمتصدق بها عليه، ثم يشتري ما بقي من الدار، لم تكن للشفيع فيها شفعة، فإن ذلك جائز. إنْ يَتصدَّقْ بالقطعة عليه وقبضها بطريقها، ثم اشترى بقية الدار لم يكن للشفيع فيها شفعة؛ لأنه قد صار شريكاً في الدار، والشريك أحق بالشفعة من الجار. ألا ترى أنه لو اجتمع شريك وجار يطلبان الشفعة قضمت بها للشريك. بلغنا نحو من ذلك عن علي بن أبي طالب وابن عباس (¬4). ¬

_ (¬1) ز: أو أض. (¬2) م ز: يخاف. (¬3) م + من ذلك. (¬4) لعله يقصد ما رواه في أول كتاب الشفعة بإسناده عن علي وابن عباس - رضي الله عنهما - أنهما قالا: لا شفعة إلا لشريك لم يقاسم. انظر: 6/ 203 ظ. لكنه ليس بظاهر في هذا المعنى. وقدر روى المؤلف بإسناده عن شريح ما يفيد ذلك. انظر الموضع السابق. كما روي عن إبراهيم النخعي قال: الشريك أحق بالشفعة، فإن لم يكن له شريك فالجار. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 519.

وإذا اشترى الرجل داراً بعبد ولها شفيعان فطلباها جميعاً بالشفعة كان لكل واحد منهما أن يأخذ نصفها بنصف قيمة العبد. ولو شهد أحدهما ورجل أجنبي على صاحبه بالتسليم لم تجز شهادتهما؛ لأنهما يجران إلى نفسه (¬1). وكذلك شهادة ابن أحدهما وأبيه (¬2) وجده (¬3) أو ابنته (¬4) وزوجته وأجنبي. ولو كان الذي شهد ابناه غائباً لم يطلب الشفعة لم تجز شهادة ابنيه. ولو شهد ابنا (¬5) أحدهما على تسليم أبيهما الشفعة جازت شهادتهما إذا كان الأب حاضراً. وكذلك لو شهد أبوه وجده أو أبوه وأجنبي، لأنه يطلب الدار كلها. وإذا اشترى الرجل داراً بعبده فاستحق العبد قبل أن يقبض الدار فلا شفعة له فيها. وكذلك لو قبض المشتري الدار وقبض الآخر العبد (¬6) فاستحق العبد وقضى بالدار كلها لصاحبها فلا شفعة له (¬7) في الدار؛ لأن البيع فاسد، وليس هذا كالعيب. ولو اختصموا جميعاً قبل أن يرد الدار أبطلت الشفعة وقضيت بها لرب الدار؛ لأن البيع وقع على الفساد. ولو قضيت بالدار للشفيع فأخذها بالشفعة ثم إن العبد استحق بعد ذلك رددت الدار إلى رب الدار ولم يكن للشفيع فيها حق. وإذا اشترى الرجل داراً بثوب أو بعبد أو بدابة أو بدار فقد وجب (¬8) للشفيع أن يأخذها بقيمة ذلك، وله أن يأخذها من يدي أيهما وجدها في يديه (¬9). فإن أخذها من البائع كانت عهدته عليه، ولا سبيل للبائع على العبد. وإن أخذها من المشتري كانت عهدته عليه، لأن الدار لم تجب للشفيع إلا ببيع البائع، فصار أحق بها بالقيمة. وإذا اشترى الرجل داراً بعبد ثم وجد العبد حراً فلا شفعة للشفيع ¬

_ (¬1) ز: إلى أنفسهما. (¬2) ز: وأبوه. (¬3) ف - وجده. (¬4) م ف ز: أو ابنه. (¬5) ز: ابني. (¬6) ز - العبد. (¬7) ز - له. (¬8) ز: وجبت. (¬9) ف: في يده.

باب الشفعة في الأرضين والأنهار والأرحاء

فيها؛ لأن البيع فاسد (¬1). ولو اشتراها بعبد غيره فأجاز رب العبد الشراء كانت الدار له، وكان فيها الشفعة للشفيع. وكذلك لو اشتراها بحنطة أو بشيء مما يكال أو يوزن أو بشيء من العروض. وإذا اشترى الرجل داراً بدار ولكل (¬2) واحد (¬3) منهما شفيع فلكل واحد منهما شفعة، ويأخذ كل واحد منهما الدار بقيمة الدار الأخرى، وتكون عهدته على من أعطاه الدار وأخذ منه المال. وإن كان أحد الرجلين شفيعًا (¬4) أيضاً أخذ الشفيع نصف الدار بنصف القيمة. وإذا اشترى الرجل بيتاً من دار علوه لآخر (¬5) وسفله لآخر وطريق البيت الذي (¬6) اشترى في دار أخرى فإنما الشفعة للذي في داره الطريق. وصاحب العلو إنما له الشفعة بالجوار، وليس له شفعة بالشركة. فصاحب الدار التي فيها طريق البيت أولى بالشفعة؛ لأنه شريك. ... باب الشفعة في الأرضين والأنهار والأرحاء وإذا اشترى الرجل أرضاً ولرجل فيها نصيب غير مقسوم فهو أحق بالشفعة من الشريك في الشرب؛ لأن الشريك في الشرب مثل الشريك في الطريق. وصاحب النصيب في جوف المنزل أحق بالشفعة من صاحب الطريق. وصاحب الشرب (¬7) أحق بالشفعة - إن سلم الشريك - من الجار. والشركاء في النهر الصغير كلهم له فيه شرب أحق من الجار الملازق (¬8). فإن كان نهر كبير تجري فيه السفن فإن الجار الملاصق أحق بالشفعة؛ لأن ¬

_ (¬1) ز: فاسداً. (¬2) ف: وكل. (¬3) ز: واحدة. (¬4) ز: شفيع. (¬5) م: لآخره. (¬6) ز + البيت الذي. (¬7) ف: الطريق. (¬8) ف: الملاصق.

هؤلاء (¬1) ليسوا (¬2) بشركاء (¬3) في الشرب إذا كان نهراً عظيماً تجري فيه السفن. وإذا كان جار ليس بملاصق للأرض فلا شفعة له. وإذا اشترى الرجل أرضاً فزرع فيها زرعاً ثم جاء الشفيع فله أن يأخذها بالشفعة ويقلع الزرع في القياس. ولكني أدع القياس وأستحسن أن لا يأخذها حتى يحصد الزرع، ثم يأخذها. وإن كان غرس في ذلك كرماً أو نخلاً أو شجراً أو رَطْبة فللشفيع أن يقلع ذلك كله، وللشفيع فيها الشفعة. وإذا اشترى الرجل نخلاً ليقطعه فلا شفعة فيه. وإذا اشتراه بأصوله ومواضعه في الأرض ففيه الشفعة. وإذا اشترى الرجل زرعاً ليجزه أو رَطْبة ليجزها لم يكن في ذلك شفعة. فإن كان اشتراها بالأرض كانت فيها الشفعة. وإذا اشترى الرجل أرضاً فيها نخل ليس فيه ثمر فأثمر (¬4) بعد الشراء في يده فأكل من ثمرته بعد الشراء سنين ثم جاء الشفيع فله أن يأخذها بالشفعة، ولا يحط عنه شيء بما أكل من ثمرته. وإذا أراد المشتري أن يبيعها مرابحة لم يبعها حتى يبين ما أكل من الثمرة. والشفعة في هذا الباب مخالفة للبيع المرابحة. وإذا كان فيها ثمرة يوم اشتراها فأكله أبطلت عنه من الثمن بحساب ذلك، وليس هذا كالذي يحدث فيها بعد القبض. فإن كان قد أنفق في سقيه والقيام عليه مثل تلك (¬5) الثمرة التي كانت بعد القبض فلا بأس أن يبيعها مرابحة. وإن كانت النفقة أقل فلا يبيعها حتى يبين. وإذا اشترى الرجل أرضاً فيها نخل أو شجر من غير أن ينبته أحد وكان فيها فكبر وأدرك وكان فيها شجر صغار فأدرك وكبر ثم جاء الشفيع فله أن يأخذ ذلك كله بالشفعة. وكذلك لو حمل النخل فجاء الشفيع ¬

_ (¬1) ف: من هؤلاء. (¬2) ف ز: ليس. (¬3) ف: بشريك. (¬4) م ز: فاثم. (¬5) ز: ذلك.

وفيه حمله أخذه بحمله. ألا ترى أن رجلاً لو اشترى أرضاً فيها زرع فأدرك ثم جاء الشفيع كان له أن يأخذ الأرض والزرع بالشفعة. وإذا اشترى الرجل بيتاً ورحى ماء فيه ونهرها ومتاعها فللشفيع الشفعة في ذلك كله إلا ما كان من متاعها ليس في البناء، لأن الرحى في البناء. ألا ترى أن الحمام يباع فيأخذ الشفيع الشفعة بقدر الحمام لأنها في البناء، ويأخذ الدار والأبواب والخشب لأنها في البناء. وكذلك الرحى. وإذا اشترى الرجل عيناً أو بئراً أو نهراً بأصلها فللشفيع فيها الشفعة. وإذا اشترى الرجل (¬1) شرباً من نهر بغير أرض ولا أصل في نهر فلا شفعة فيه، والبيع فاسد؛ لأنه اشترى ما ليس بمعلوم. وكذلك لو اشترى شرب يوم من الشهر أو يومين. ولو اشترى نخلاً على أن يقطعه أو شجرًا أو زرعاً على أن يحصده لم تكن (¬2) فيه شفعة. وكذلك لو اشترى الثمرة في رؤوس النخل فلا شفعة فيه. وإذا اشترى الرجل ما في هذه الأرض من النخل أو الشجر أو الزرع على أن يحصده فإنه ليس في ذلك شفعة. وإذا اشترى الرجل أرضاً فله ما فيها من النخل أو الشجر، وليس له ما يحدث فيها من ثمر أو زرع؛ (¬3) مِن قِبَل أن النخل أو الشجر بمنزلة البناء والزرع بمنزلة الثمر. وقد جاء في الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من اشترى أرضاً فيها نخل فالثمرة للبائع إلا أن يشترط المشتري أنه له" (¬4). فأخذنا بذلك، وللشفيع الشفعة في ذلك. وإذا اشترى الرجل الأرض بكل قليل أو كثير هو فيها أو منها فله الثمرة، وفيها الشفعة على ذلك. وقال أبو يوسف: إذا قال: أشتريها (¬5) بكل ¬

_ (¬1) ز: اشتر بالرجل. (¬2) ز: لم يكن. (¬3) ز: من زرع أو ثمر. (¬4) روي نحو ذلك من حديث ابن عمر. انظر: صحيح البخاري، البيوع، 90؛ وصحيح مسلم، البيوع، 77 - 80. (¬5) ز: اشتريتها.

قليل أو كثير هو فيها أو منها من حقوقها فله ما فيها من الثمرة. وهو خلاف ما في كتاب الشفعة (¬1). وقال محمد: إذا (¬2) قال: بكل قليل أو كثير (¬3) هو ¬

_ (¬1) كذا في الأصول. وليس محل هذه الجملة هنا. والظاهر أن قول أبي يوسف المذكور قبل هذه الجملة وقول محمد المذكور بعدها كان في كتاب آخر من كتب الأصل مثل كتاب الشروط أو المزارعة أو القسمة ثم وضع هاهنا. ويمكن أن يكون قوله "وهو خلاف ما في كتاب الشفعة" من كلام الإمام محمد، ويقصد بكتاب الشفعة كتاب أبي يوسف؛ أو هو من كلام راوي الكتاب عن محمد بن الحسن. ويؤيد الاحتمال الأول قصة ذكرها السرخسي من أن محمد بن الحسن قد سمع هذه المسألة من أبي يوسف في حلقته واعترض عليها. انظر: المبسوط، 30/ 131. وقال السرخسي: ولو اشترى الأرض بكل قليل أو كثير هو فيها أو منها فله الثمر والزرع. وفي غير هذا الموضع يقول: لا يدخل الثمر والزرع بهذا اللفظ. وتأويل ما قال هناك: إذا اشتراها بكل قليل أو كثير هو فيها أو منها بحقوقها فعند هذا التقييد لا تدخل الثمرة والزرع؛ لأنهما ليسا من حقوقها. وتأويل ما ذكر هنا أنه لم يقيد بقوله من حقوقها. وعند الإطلاق يتناول لفظ الثمر والزرع؛ لأنهما من القليل والكثير الذي هو فيها أو منها لاتصاله في الحال. انظر: المبسوط، 14/ 137. وقال: وإذا أصاب بعضهم بستان وكرم وبيوت وكتبوا في القسمة بكل حق هو لها أولم يكتبوا ذلك فله ما فيها من الشجر والبناء، ولا يدخل في ذلك الثمر والزرع. وقد بينا هذا في كتاب الشفعة في البيع، فهو كذلك في القسمة. وإن كتبوا بكل قليل وكثير هو فيها أو منها دخل ذلك في القسمة. وفي كتاب المزارعة قال: لا يدخل الزرع والثمر بهذا اللفظ. ولكن قال هناك: بكل قليل وكثير هو فيها ومنها من حقوقها فيما ذكر في آخره. يتبين أن المراد إدخال الطريق والشرب دون الزرع والثمر. وهناك أطلق بكل قليل وكثير هو فيها أو منها. والثمر والزرع من هذه الجملة. فعند إطلاق اللفظ تدخل في القسمة. ومن جعل المسألة على روايتين فقد بينا وجه الروايتين في كتاب الشفعة. انظر: المبسوط، 15/ 29. وقال: ولو لم يذكر البائع التمر والزرع في البيع لم يدخل شيء من ذلك فيه سواء ذكر في البيع كل حق هو لها أو مرافقها أو لم يذكر إلا في ر واية عن أبي يوسف -رحمه الله-، فإنه يقول: بذكر الحقوق والمرافق يدخل التمر والزرع. وإن قال بكل قليل أو كثير هو فيها أو منها دخل الزرع والتمر إلا أن يكون قال من حقوقها. وقد بينا هذأ في كتاب الشفعة. انظر: المبسوط، 23/ 154 - 155. وقد وردت هذه المسألة في كتاب القسمة وكتاب المزارعة. انظر: 2/ 67 و - 67 ظ؛ 7/ 119 و. (¬2) ز: وإذا. (¬3) م ز: وكثير.

فيها أو منها، ولم يقل: من حقوقها، دخل (¬1) الثمر والزرع في ذلك. وإذا قال: من حقوقها، خرج الثمر والزرع (¬2) من ذلك، وصار قوله: كل قليل أو كثير على الحقوق، دون ما فيها من الزرع والثمر. وإذا اشترى الرجل الأرض وقال: بكل حق هو لها، فله ما فيها إلا الثمرة (¬3)، وللشفيع الشفعة في ذلك كله. وإذا اشترى الرجل داراً واشترط كل حق هو لها أو لم (¬4) يشترط فله البناء. وكذلك المنزل له العلو إذا اشترط كل حق هو له. وإن لم يشترط كل حق هو له فلا علو له، وله الكنيف الشارع في الدار. وإن لم يشترط كل حق هو له فليست (¬5) له الظلة (¬6) التي تكون له على ظهر الطريق عليها منزل إلى الدار، إلا أن يشترط كل حق هو له، فتكون له الظلة إذا كان مفتحها إلى الدار في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فله الظلة أيضاً وإن لم يقل: كل حق هو لها، إذا كان مفتحها إلى الدار. وإذا اشترى الرجل بيتاً وعليه بيت آخر فاشترط العلو فله علوه. وإن كان عليه بيت ولم يشترط العلو لم يكن له. وإن اشترط كل حق هو له لم يكن له العلو أيضاً. وإذا اشترى الرجل منزلاً في دار لم يكن له علوه إذا لم يشترط كل حق هو له، وللشفيع الشفعة في ذلك كله على ما اشترى عليه. فإن كان للدار طريقان أحدهما في سكة والآخر في دار ولم يشترط كل حق هو لها لم يكن له الطريق الذي في الدار. وإن اشترط كل حق هو لها (¬7) كان له الطريق الذي في الدار. وكذلك لو اشترط المرافق في ذلك كله. ولا شيء له من مرافق المنزل إلا الطريق ومسيل الماء، فأما المخرج والمربط والمطبخ وبئر الماء فلا حق له فيه إلا أن يسمي شيئاً من ذلك. والدور والقرى على ¬

_ (¬1) ز: دخلت. (¬2) ف: خرج الزرع والثمر. (¬3) ز: إلا الثمر. (¬4) ز - لم. (¬5) م ف ز: وليست. (¬6) م ز: ان ظله. (¬7) ز - لم يكن له الطريق الذي في الدار وإن اشترط كل حق هو لها.

مثل هذه الصفة. وإن كان (¬1) في الدار والقرية باب موضوع أو خشب موضوع أو لبن أو آجر أو جص لم يدخل ذلك في البيع وإن اشترط كل قليل أو كثير هو فيها أو منها واشترط كل حق هو لها؛ لأن ذلك مثل متاع موضوع فيها. وإذا اشترى الرجل أرضاً بعبد فأخذها الشفيع بقيمة العبد ثم استحق العبد فإن لرب الأرض البائع أن يأخذ الأرض من يدي الشفيع؛ لأن البيع كان باطلاً منتقضًا، كأنه باعه إياها برجل حر. ألا ترى أنه لو باعه عبداً بألف درهم، ثم أخذ قيمته دنانير، ثم تفرقا، ثم استحق العبد كان له أن يرجع بالدنانير، وكان هذا مثل الحر. ولو اشترى منه أرضاً بعبد فأخذها الشفيع بالشفعة بقيمة العبد، ثم وجد بالعبد عيباً فرده، كان له القيمة، ولا سبيل له على الأرض؛ لأن الشفعة وجبت للشفيع بذلك؛ لأن البيع صحيح. ألا ترى أنه لو باعه أرضاً بأرض فوجد كل واحد منهما عيباً بالأرض التي أخذ كان للشفيع لكل واحد منهما أن يأخذها بالشفعة بقيمة الأرض (¬2) الأخرى صحيحة تقابضا أو لم يتقابضا؛ لأن كل واحد منهما لو اختار حيث رأى العيب رد الدار أخذها الشفيع بذلك. وكذلك إذا رضي بها وبها العيب. ألا ترى أن رجلاً لو اشترى عبداً بألف درهم فقبضه أو لم يقبضه ثم رأى به عيباً فرضي أنه يبيعه مرابحة على ألف درهم فالمرابحة أشد من ذلك. وإذا اشترى الرجل أرضاً بعبد فأعطاه المشتري للشفيع بقيمة العبد فباعها الشفيع من غيره ثم وجد بالعبد عيباً كان له أن يرده ويأخذ قيمة العبد؛ لأن هذا ليس باستهلاك من المشتري. وإذا اشترى الرجل داراً بعبد فاستحق نصفها فإن للشفيع أن يأخذ نصف الباقي بنصف قيمة العبد. وإذا اشترى الرجل أرضاً فاستأجرها الشفيع منه أو أخذها مزارعة أو ¬

_ (¬1) ز: وإن كا. (¬2) ف - الأرض.

كانت نخلاً فأخذها معاملة وذلك كله بعد علمه بالشراء فلا شفعة له فيها. وكذلك لو ساوم بها. وإذا اشترى الرجل نخلاً ليقطعه ثم اشترى بعد ذلك الأرض فترك النخل فيها (¬1) فلا شفعة للشفيع في النخل. وكذلك لو اشترى الثمرة ليحرزها أو اشترى (¬2) النخل ليقطعه أو اشترى البناء ليهدمه، ثم اشترى بعد ذلك الأرض، ثم ترك النخل، لم يكن للشفيع الشفعة إلا في الأرض خاصة دون الثمر والنخل والبناء. وإذا اشترى الرجل قرية فيها بيوت ونخل وشجر، ثم باع المشتري نخلها وشجرها ليقطعه، ثم جاء الشفيع وقد قطع بعضه وبقي بعضه، فللشفيع أن يأخذ الأرض وما بقي من النخل والشجر فيها ما لم يقطع بحصته من الثمن الأول. وليس له أن يأخذ ما قطع من ذلك؛ لأنه ليس له فيه شفعة. وإذا اشترى الرجل نهراً أو بئراً أو قناة أو عيناً فاشترى شيئاً من ذلك بأصله فللشفيع فيها الشفعة. فإن كان لرجل فيها عين إلى جنب العين أو بئر (¬3) إلى جنب البئر أو نهر إلى جنب النهر فليس له أرض فطلب الشفعة فله ذلك. فإن كان بين النهرين والعينين والبئرين أرض لغير الشفيع لم يدخل في الشراء فصاحب الأرض هو الشفيع دون صاحب النهر؛ لأنه هو الملاصق وليس الآخر (¬4) بملاصق. ألا ترى أن هذا دونه. وإذا اشترى الرجل نهراً بأصله ولرجل أرض في أعلاه إلى جنبه ولآخر في أسفله أرض إلى جنبه فطلبا جميعاً الشفعة فلهما ذلك، ويكون النهر بينهما من أعلاه إلى أسفله. وكذلك القناة والعين والبئر. وإذا اشترى الرجل نهراً من رجل فطلب الشفعة شريك في النهر وله فيه نصيب فطلبه جارٌ له، مجرى النهر في أرضه، فصاحب النصيب في ¬

_ (¬1) ز - فيها. (¬2) م ف ز: لم واشترى. (¬3) ز: أو بئرا. (¬4) م: للآخر.

النهر أولى بالشفعة؛ لأنه شريك والآخر جار، فالشريك أولى. وإذا كان نهر أعلاه لرجل ومجراه في أرض رجل آخر وأسفله لرجل آخر، فاشترى رجل نصيب صاحب أعلى النهر، فطلب صاحب الأرض وصاحب أسفل (¬1) النهر الشفعة، فإن الشفعة لهم جميعاً بالجوار، وليس لصاحب مسيل الماء حق لمسيل الماء. وكذلك لو باع صاحب أسفل النهر لم يكن صاحب أعلى النهر بأولى بالشفعة. وإذا كان نهر (¬2) لرجل فطلب رجل إليه ليُجري منه نهراً إلى أرضه عارية، ثم بيع النهر الأول ومجراه في أرض رجل، فصاحب الأرض أولى بالشفعة؛ لأنه لا حق للمستعير فيه. وإذا كان لرجل أرض، لرجل عليه رحى ماء في بيت صاحب النهر فباع النهر والرحى والبيت فطلب صاحب الأرض الشفعة في ذلك كله فله الشفعة. فمان كان بين أرضه (¬3) وبين موضع الرحى أرض لرجل آخر وكان جانب النهر لرجل آخر فطلبا الشفعة جميعاً فلهما أن يأخذا ذلك بالشفعة؛ لأنهما سواء في الجوار (¬4) من النهر وإن كان بعضهم أقرب إلى الرحى؛ لأن الرحى لا تستقيم إلا بالنهر، فهو الآن شيء واحد (¬5). ألا ترى أن موضع الرحى لو كانت أرضاً لها في ذلك النهر شرب فبيعت كانوا شركاء في الشرب سواء في الشفعة، ولا يكون أقربهم إليها أولى بالشفعة. وإن كان نهر لرجل خالصاً له عليه أرض ولآخرين عليه أرضون (¬6) ولا شرب لهم فيها فباع رب الأرض النهر خاصة فهم شركاء في الشفعة فيه. وإن كان باع الأرض خاصة دون النهر فالذي (¬7) هو ملاصق للأرض منهم أولى بالشفعة؛ لأنه لا شرك بينهم في النهر، وإنما الشفعة هاهنا بالجوار، فهو لأقربهم. وإذا باع الأرض والنهر جميعاً كانوا جميعاً شفعاء في النهر، وكان الذي هو ملاصق الأرض أولاهم بالشفعة في الأرض؛ بمنزلة الطريق ¬

_ (¬1) م ف ز: السفل. (¬2) ز: نهراً. (¬3) ز: انضه. (¬4) ز: في الجواز. (¬5) ز: شيئاً واحدا. (¬6) م ف ز: أرضين. (¬7) ف: النهر فالنهر الذي.

باب الشفعة في الهبة

في دار رجل، فباع الدار بالطريق (¬1) والطريق خالص له، فجار الطريق أولى به من جار الأرض دون الطريق؛ وهذا بمنزلة الدارين، لأن جوار هذا غير جوار هذا. ولو كان شريكاً في الطريق أخذ شفعته من الدار. وكذلك إذا كان شريكاً في النهر أخذ بحصته من الأرض، وكان أحق بهما جميعاً من جيران الأرض. والطريق والنهر سواء في كل شيء. وإذا باع الرجل قناة مطوية مبنية فلشفيعها أن يأخذها. فإن هدم المشتري بناءها وقطع الماء عنها فليس للشفيع أن يأخذ أرضه بحصته من الثمن. ... باب الشفعة في الهبة وإذا وهب الرجل للرجل داراً على أن يهب له الآخر ألف درهم شرطاً، فإن لم يتقابضا فذلك باطل لا شفعة له. وإذا قبض أحدهما ولم يقبض الآخر فله أن يرجع فيها (¬2) إلا أن يدفع إليه ما اشترط. فإذا تقابضا جاز ذلك. وليس هذا ببيع، ولكنه مثل البيع، فللشفيع فيها شفعة. وكذلك الصدقة على هذه الصفة والنحلى والعمرى والعطية. وأما الوصية على هذا الشرط، إذا قبل الموصى له ومات الموصي فهو بيع لازم له (¬3) وإن لم يقبض إذا قال: قد أوصيت أن داري بيع لفلان بألف درهم، ومات الموصي، فقال الموصى له: قد قبلت. فإن قال: قد أوصيت بأن توهب له على عوض ألف درهم، فهو مثل الهبة. وإذا وهب الرجل شقصاً في دار مسمى غير مقسوم ولا محوز وأشترط عوضاً وقبضا جميعاً فهو باطل مردود لا شفعة فيه. وكذلك النحلى والعمرى والعطية والصدقة. ¬

_ (¬1) ف: والطريق. (¬2) م ز: فيما. (¬3) ف - له.

وإذا وهب رجل داراً على أن يعوضه نصف خادم مسماة معروفة وقبضا جميعاً فهو جائز وللشفيع الشفعة في الدار؛ لأن الخادم (¬1) لا تقسم، فما كان لا يقسم فهبة نصفه جائز. وكذلك لو لم تكن (¬2) هبة ولكنه كان عوضاً، والعوض يجري مجرى الهبة. وكذلك العبد والدابة والدار (¬3) والثوب والبعير والناقة وما أشبه ذلك مما لا يقسم. فإن اشترط (¬4) من العوض نصف هذه الدراهم أو نصف هذه الدنانير أو نصف هذا الطعام أو نصف هذا الشعير أو الزيت أو السمن أو الغنم أو البقر أو نصف هذا العدل الزُّطّي (¬5) فإن هذا باطل لا يجوز؛ لأن هذا يقسم، فلا تجوز الهبة فيه ولا العوض، فلا شفعة في ذلك. وإن وهب له داراً واشترط (¬6) عوضاً نصف (¬7) حمام أو نصف بيت صغير لا يقسم أو نصف حائط فهذا جائز إذا قبضا جميعاً، ولشفيع الدار أن يأخذها بنصف قيمة الحمام، ولشفيع الحمام أن يأخذ نصف الحمام بقيمة الدار. وكل حمام اشترى أو حائط أو بيت صغير لا يقسم إذا اشترى بعضه فإن فيه الشفعة كما تكون في الدار التي تقسم. وإذا وهب رجل لرجل داراً بغير شرط يعوضه إياه، ثم عوضه بعد ذلك داراً أخرى وقبضها أو مالاً أو غير ذلك، فلا شفعة في شيء من ذلك؛ مِن قِبَل أنه وقعت الهبة على غير شرط عوض، وليس لواحد منهما أن يرجع. وإذا وهب رجل لرجل نصف حمام أو نصف (¬8) حائط أو نصف بيت صغير أو سهماً (¬9) من كذا وكذا سهماً منه وقبض، على عوض مسمى وقبض العوض، فللشفيع الشفعة؛ لأن هذا لا يقسم، والهبة فيه جائزة ولو ¬

_ (¬1) ز - مسماة معروفة وقبضا جميعاً فهو جائز وللشفيع الشفعة في الدار لأن الخادم. (¬2) ز: لم يكن. (¬3) م - والدار. (¬4) ف: فإن لم يشترط. (¬5) ز: النطي. (¬6) ف: وشرط. (¬7) م - نصف. (¬8) ز + حمام. (¬9) ز: أو سهم.

كانت بغير عوض (¬1). ولا يجوز هذا في الدار حتى يجوز ما وهب منها. وإذا وهب رجل لرجل داراً وقبضها على أن يعوضه منها عوضاً وقد قبضه ولم (¬2) يسمه فهو جائز، ويأخذ الشفيع الدار، والقول في العوض قول الذي عوّض إلا أن تكون (¬3) للشفيع (¬4) بينة على أقل من ذلك. وكذلك لو وهبها له على أن يبرئه مما يدعي في هذه الدار الأخرى وقبضها فهو مثل ذلك سواء. وإذا وهب رجل لرجل داراً أو تصدق بها عليه أو نَحَلَها إياه أو أعمرها إياه وقبضها فليس فيها شفعة. وكذلك لو عوّضه بعد ذلك عوضاً فلا شفعة فيها؛ لأن العوض لم يكن شرطاً في أصل الهبة. وكذلك هذا في العوض في المنزل. وإذا وهب له نصف حمام أو نصف حائط أو نصف بيت صغير ولا يقسم على أن عوّضه عوضاً معروفاً وقبضا جميعاً فهو جائز؛ لأن هذا لا يقسم. وللشفيع في ذلك الشفعة. قلت: أرأيت رجلاً وهب داراً له لصبي صغير والصبي في عيال أبيه على أن يهب له أبو الصبي ألف درهم من مال الصبي؟ قال (¬5): الهبة باطل، ولا شفعة للشفيع فيها. وهذا قول أبي يوسف الذي رجع إليه. وكان يقول: إن ذلك جائز، وللشفيع فيها الشفعة. وهذا قول محمد. ولو وهب لامرأته أو وهبت له امرأته فهو جائز، وللشفيع فيها الشفعة إذا قبض العوض. وكذلك لو كان ابنه كبيراً فرضي وقبضا جميعاً. وكذلك المكاتب في هذا والعبد التاجر؛ لأن هذا بمنزلة البيع. وكذلك المفاوض والمضارب يهب على أن يعوض وتقابضا كان في ذلك الشفعة، وهو جائز. وهذا قول يعقوب الأول. وهو قول محمد. رجع يعقوب عن هذا ¬

_ (¬1) ف + مسمى وقبض العوض فللشفيع الشفعة لأن هذا لا يقسم والهبة فيه جائزة ولو كانت بغير عوض. (¬2) م ف ز: أو لم. (¬3) ز: أن يكون. (¬4) م: الشفيع. (¬5) م ف ز: فإن.

وقال (¬1): لو أن رجلاً وهب داراً لابنه وهو صغير في عياله لرجل على أن يعوضه ألف درهم فهذا (¬2) باطل وإن تقابضا؛ لأن أصله هبة ولا يجوز (¬3) وإن (¬4) أخذ له عوضاً. وهو قوله الآخر. وكذلك الوصي يهب داراً ليتيم على عوض. وكذلك المكاتب والعبد التاجر والأب يهب مال ابنه والوصي يهب مال اليتيم فإنه إذا وهب على عوض ولم يُحَابِ (¬5) وتقابضا فهو جائز. وهو قول أبي يوسف الأول. وهو قول محمد. وفيه الشفعة. ولا يجوز (¬6) في قول أبي يوسف الآخر، ولا شفعة فيه (¬7). قلت: فإن كانت الدار للصبي فوهبها أبوه لرجل أجنبي على أن يعوضه الأجنبي للصبي ألف درهم؟ قال (¬8): الهبة باطل. قلت: فإن وهب الأب داراً له لابنه على أن يعوض نفسه من مال الابن ألف درهم؟ قال: لا يجوز. قلت: وكذلك لو كانت الدار للصبي فوهبها الأب لنفسه على أن يعوض الابن ألف درهم؟ قال: لا يجوز. قلت: لم؟ قال: لأنه ليس للأب أن يهب من مال ابنه شيئاً وإن أخذ له عوضاً. قلت: فإن لم يكن للصبي أب وكان له وصي فوهب الوصي دار الصبي لرجل على أن يعوض الصبي ألف درهم؟ قال: لا يجوز. قلت: وكذلك لو كانت الدار لرجل فوهبها لليتيم على أن يعوضه الوصي من مال اليتيم ألف درهم؟ قال: لا يجوز. قلت: فهل في شيء من هذا شفعة؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن هذا ليس ببيع وليست بهبة جائزة على عوض فيكون فيها شفعة. إنما هذه هبة فاسدة فلا يجوز شيء من هذا، ولا شفعة في شيء منه. قلت: وكذلك لو كان مكان الوصي جد؟ قال: نعم. والوصي والجد والأب سواء. ¬

_ (¬1) م ف ز + أبو يوسف. (¬2) ف ز: فإن هذا. (¬3) ز: تجوز. (¬4) ف: فإن. (¬5) ز: يحابي. (¬6) ز: تجوز. (¬7) م ز - فيه؛ ف ز + قلت أرأيت رجلاً وهب داراً له لصبي صغير في عيال أبيه على أن يهب له أبو الصبي ألف درهم من مال الصبي فإن الهبة باطل في قول أبي يوسف الآخر. (¬8) م ف ز: فإن.

باب الخيار في الشفعة

قلت: أرأيت مكاتباً وهب لرجل داراً على أن يعوضه منها (¬1) ألف درهم؟ قال: الهبة باطل لا تجوز. قلت: وكذلك العبد التاجر الذي عليه دين أو لا دين عليه؟ قال: نعم. قلت: فإن كانت الدار لرجل فوهبها للمكاتب أو للعبد على أن يعوضه منها ألف درهم؟ قال: لا يجوز. قلت: وكذلك المضارب يهب داراً من المضاربة لرجل على أن يهبه (¬2) ألف درهم؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الشريك المفاوض يهب داراً من المفاوضة لرجل على أن يهمب له ألف درهم؟ قال: نعم، لا يجوز شيء مما ذكرت. قلت: وهل في شيء منه شفعة؟ قال: لا. وهذا قول أبي يوسف الآخر. وكان يقول قبل هذا بأن الهبة (¬3) بالعوض جائزة إذا تقابضا على من جاز بيعه عليه في ذلك كله. وبه يأخذ محمد. وكل من لا تجوز هبته بغير عوض نحو المكاتب والعبد والأب يهب مال ابنه والوصي يهب مال اليتيم فإنه إذا وهب على عوض ولم يُحَابِ (¬4) فتقابضا فهو جائز (¬5) في قول أبي يوسف الأول. وهو قول محمد. وفيه الشفعة. ولا يجوز في قول أبي يوسف الآخر، ولا شفعة فيه. ... باب الخيار في الشفعة وإذا اشترى الرجل داراً واشترط الخيار يوماً أو يومين أو ثلاثة فللشفيع فيها شفعة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وقال أبو يوسف ومحمد في المرتد يشتري داراً: إن للشفيع فيها شفعة قتل على ردته أو أسلم؛ لأن البيع قد وجب. وهو قياس قول أبي حنيفة. ألا ترى أنها لو كانت جارية فأعتقها المشتري جاز عتقه. ولو كان المشتري ¬

_ (¬1) م ز: مثلها. (¬2) ز: أن يهب له. (¬3) م ف ز: قبل هذا بالهبة. (¬4) ز: يحابي. (¬5) ز - جائز.

بالخيار (¬1) شهراً لم يكن فيه شفعة في قول أبي حنيفة؛ لأن البيع فاسد. فإن أبطل المشتري خياره قبل أن تمضي الثلاثة الأيام واستوجب البيع جاز البيع، ووجبت الشفعة للشفيع. وإذا اشترى الرجل داراً وهو بالخيار ثلاثة أيام فأخذها الشفيع من البائع بعدما مضى يوم من الخيار فقد وجب له البيع ولا خيار للشفيع. ألا ترى أنه لم يشتر (¬2). ولو اختار (¬3) أخذها من المشتري أخذها ولا خيار له. وإن كان المشتري قد شرط الخيار فكذلك الخيار له إذا أخذها من البائع. ولو أن البائع كان بالخيار لم يكن للشفيع فيها الشفعة حتى يوجب البيع (¬4). وإذا اشترى الرجل داراً وهو فيها بالخيار ثلاثة أيام فبيعت دار إلى جنبها (¬5) فأخذها الشفيع بالشفعة كان هذا اختياراً منه للدار الأولى. وكذلك لو كان البائع بالخيار فأخذ داراً بشفعتها (¬6) كان قد أبطل البيع والخيار ونقض البيع. ولو كان المشتري بالخيار فأخذ الدار الثانية ووجبت له الدار الأولى، فإن جاء الشفيع فأخذ الدار الأولى فلا شفعة له في الدار الثانية إلا أن تكون (¬7) له دار إلى جنبها؛ مِن قِبَل أن الدار الأولى لم تجب له يوم بيعت الدار الثانية. وإذا اشترى (¬8) الرجل داراً بعبد بعينه أو بعرض بعينه واشترط الخيار ثلاثة أيام، فإن كان الذي اشترى الدار اشترط الخيار ثلاثة أيام (¬9) فقد وجبت الشفعة للشفيع؛ لأن الدار قد وجبت للمشتري غير أنه اشترط فيها الخيار. فإن أخذها الشفيع من يد (¬10) المشتري فقد وجب له البيع ووجب العبد (¬11) ¬

_ (¬1) ز: يالخيا. (¬2) ز: لم يشتري. (¬3) ف - اختار. (¬4) ز: البائع. (¬5) ف: إلى جانبها. (¬6) ف: فشفعتها. (¬7) ز: أن يكون. (¬8) م: فإذا اشترى. (¬9) ف - فإن كان الذي اشترى الدار اشترط الخيار ثلاثة أيام. (¬10) ف ز: من يدي. (¬11) ز - ووجب العبد.

والعرض لرب الدار. فإن سلم المشتري البيع وأبطل خياره سلم العبد للبائع. كان أبى المشتري أن يسلم البيع أخذ عبده ودفع قيمة العبد الذي يأخذ من الشفيع إلى البائع. ولو كان المشتري هو باعها كان ذلك منه اختياراً. وكذلك لو كان حدث بها عيب عنده أو غرقت فذلك كله بمنزلة اختياره. وإن أخذها الشفيع منه فليس ذلك باختيار منه؛ لأن الشفعة قد وجبت عند عقدة البيع قبل القبض. فإذا قبض فأخذها الشفيع فإنما أخذها بحق وجب فيها (¬1) عند البائع، فلا يكون ذلك اختياراً منه. وكذلك لو انهدمت في يديه أو ساوم بها أو وهبها أو تزوج عليها أو رهنها فذلك كله اختيار منه. فإن كان المشتري لم يقبضها (¬2) من البائع وطلبها الشفيع بالشفعة فله ذلك، يأخذها من يد البائع بقيمة ذلك العبد أو ذلك العرض، ويكون ذلك العبد أو ذلك العرض (¬3) للمشتري على حاله. ولو كانت الدار في يد المشتري فهلك العرض في يدي (¬4) البائع لم يكن للمشتري سبيل على الدار أن يردها على البائع، وكان للشفيع أن يأخذها بقيمة العرض؛ لأن البيع قد وجب يوم باعها، ووجبت (¬5) الشفعة للشفيع بقيمة ذلك العرض، فيأخذ الدار من يدي الذي هي في يديه أيهما كان. ولو نقصت الدار في يدي المشتري بعيب دخلها والعرض قائم بعينه في يد (¬6) البائع وجب البيع له ووجبت الشفعة للشفيع. وإن كان البائع في هذا كله بالخيار لم يكن للشفيع فيها شفعة حتى ينظر ما يصنع البائع. فإن أوجب البيع وجبت الشفعة للشفيع، وإن رد البيع لم تكن للشفيع فيها شفعة. وإن هلك ذلك العبد أو ذلك العرض في يدي البائع والخيار له فقد وجب البيع. وكذلك لو باعه أو وهبه أو ساوم (¬7) به أو رهنه أو تصدق به فقد وجب البيع ووجبت الشفعة في الدار. ولو لم يهلك (¬8) العرض ولكن الدار دخلها عيب ينقصها كان البائع بالخيار، إن شاء اختار البيع، ووجبت ¬

_ (¬1) ز + فيها. (¬2) م: لو يقبضها. (¬3) ز: ذلك العرض أو ذلك العبد. (¬4) ف: في يد. (¬5) ف: فوجبت. (¬6) ز: في يدي. (¬7) ز: أو سام. (¬8) ز: لم تهلك.

باب النكاح والخلع وما لا تجب فيه الشفعة

الشفعة للشفيع. وإن شاء اختار الدار وضمن للمشتري ما نقصها. فإن اختار الدار لم تكن (¬1) فيها شفعة. وإذا كان في البيع خيار شهر أو أربعة أيام فهو فاسد في قول أبي حنيفة. قال: وبلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه جعل رجلاً بالخيار في الشراء والبيع ثلاثة أيام (¬2). فبهذا يأخذ أبو حنيفة. وإن (¬3) مضى ثلاثة أيام قبل أن يبطل الذي له الخيار خياره فلا شفعة في ذلك؛ لأنه بيع فاسد. وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر وهو قول أبي يوسف ومحمد: إن البيع جائز كما اشترط ثلاثة أيام وشهراً (¬4) وسنة وأكثر من ذلك سواء. فإن كان الخيار للمشتري فقد وجبت الشفعة للشفيع بغير خيار. وإن كان الخيار للبائع فلا شفعة فيها حتى ينظر أيوجب البيع أو يرد؛ لأنه بلغنا عن عمر بن الخطاب أنه أجاز الخيار في ناقة شهرين. ... باب النكاح والخلع وما لا تجب فيه الشفعة وإذا تزوجت المرأة على دار فلا شفعة فيها. وكذلك لو تزوجت على شقص في دار مسمى. وكذلك لو تزوجت على منزل أو على أرض أو على (¬5) نصيب مسمى في أرض فلا شفعة في شيء من ذلك؛ لأنها لم تأخذ ¬

_ (¬1) ز: لم يكن. (¬2) عن محمد بن يحيى بن حبان قال: هو جدي منقذ بن عمرو، وكان رجلاً قد أصابته آمّة في رأسه، فكَسَرَتْ لسانَه، وكان لا يدع على ذلك التجارة، وكان لا يزال يُغْبَن، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له، فقال له: "إذا أنت بايعت فقل: لا خِلَابة، لُم أنت في كل سلعة ابتعتها بالخيار ثلاث ليال، فإن رضيت فأمسك، وإن سخطت فارددها على صاحبها". انظر: سنن ابن ماجه، الأحكام، 24. وانظر: الدراية لابن حجر، 2/ 148. (¬3) ز: فإن. (¬4) ف - وشهرا؛ ز: وشهر. (¬5) ز - على.

ذلك بمال. وكذلك الخلع في ذلك. وكذلك الصلح على دار من دم عمد أو جراحة عمد فيها قصاص. وكذلك لو استأجر رجل إبلاً أو أجر شيئاً بدار أو شقص فيها مسمى لم يكن فيها شفعة؛ مِن قِبَل أنه ليس بشراء بمال. ولو تزوج رجل امرأة على دار على أن ترد عليه ألف درهم لم يكن فيها شفعة في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإنه يقسم (¬1) الدار على مهر مثلها وعلى (¬2) ألف درهم، فما أصاب مهر مثلها فلا شفعة فيها، وما أصاب الألف ففيها الشفعة. وكذلك لو خلع رجل امرأته على دار على أن يرد عليها ألف درهم فلا شفعة فيها في قول أبي حنيفة. وفي قول (¬3) أبي (¬4) يوسف ومحمد يقسم (¬5) الدار على مهرها الذي أخذته وعلى ألف درهم، فما أصاب المهر فلا شفعة فيه، وما أصاب الألف ففيه الشفعة. فإن اختلف الشفيع والزوج في مهرها فالقول قول الزوج مع يمينه وعلى الشفيع البينة؛ لأن الشفيع هو المدعي. فإن أقام الزوج البينة أن مهرها ألف درهم وأقام الشفيع البينة أن مهرها خمسمائة أخذت ببينة الزوج. ولو تزوج رجل امرأة بغير مهر ففرض لها داره مهراً أو صالحها على أن جعلها لها مهراً أو أعطاها إياها مهراً لم تكن (¬6) في هذا شفعة؛ لأنها لم تأخذ الدار مكان المال. ولو كانت صالحت من مهرها على دار أو صالحت عن ما يجب لها من المهر على الدار فذلك كله سواء، ويأخذها الشفيع بالشفعة؛ لأنها أخذتها مكان مال، والأول ليس كذلك. ولو تزوجها على مهر مسمى فباعها به هذه الدار كان للشفيع فيها الشفعة؛ لأن هذا بيع، وليس هذا كالباب الأول. ألا ترى أنه في الأول لو طلقها قبل الدخول أخذ ¬

_ (¬1) ز: تقسم. (¬2) م ز: أو على. (¬3) ز - وفي قول. (¬4) ز: وأبي. (¬5) ز: تقسم. (¬6) ز: لم يكن.

منها الدار وأعطاها المتعة (¬1). ولو فرض لها القاضي مهراً مسمى (¬2) فاشترت به الدار أخذها الشفيع بالشفعة. وإن طلقها قبل الدخول رجع عليها بتلك الدراهم وأعطاها المتعة؛ لأن أصل النكاح كان بغير فريضة. ولو صالح من دم عمد على الدار وزاد على ذلك ألف درهم لم تكن (¬3) فيه شفعة. ولو صالح على دار (¬4) على أن يرد عليه القاتل ألف درهم فلا شفعة (¬5) في قياس قول أبي حنيفة. وفي قول أبي يوسف ومحمد يأخذ منها جزء من أحد عشر جزء من الدار بألف درهم. وكذلك الجراحة العمد. ولو كانت الجراحة شجة عمد موضحة فيها القصاص فافتدى ذلك بداره وزاد مع الدار مائتي درهم لم يكن في ذلك شفعة. وإن رد المشجوج مائتي درهم لم يكن في ذلك شفعة في قياس قول أبي حنيفة. وفي قول أبي يوسف ومحمد تقسم الدار على سبع مائة، فيأخذ الشفيع سبعي الدار بمائتي درهم. وإذا صالح الرجل من كفالة بنفس رجل على دار فلا شفعة فيها، والصلح باطل؛ لأنه أخذها بغير حق ولا مال. وكذلك لو كانت - الكفالة بنفس رجل في قصاص من نفس أو فيما (¬6) دونها- أو في حد أو في مال فلا يجوز ذلك ولا شفعة فيه. ولو صالحه على دار من المال الذي يطلب به فإن قال: على أن تبرئ فلاناً من المال كله، فهو جائز، وللشفيع فيها الشفعة. وإن قال: أقضيكها عنه، فالصلح باطل؛ لأنه لم يقع على كله ولا على بعضه. ولا شفعة فيها مِن قِبَل الفساد الذي دخل في الصلح. وإذا زوج الرجل ابنته (¬7) وهي صغيرة على دار وطلبها الشفيع بالشفعة فسلمها له الأب بثمن مسمى بمهر مثلها أو بقيمة الدار فهذا بيع من الأب بعد أن يسمى الثمن، وهذا جائز، وللشفيع فيها الشفعة. وكذلك لو كانت الابنة كبيرة فسلمت فهو بيع. ¬

_ (¬1) ز: المتعقة. (¬2) م - مسمى. (¬3) ز: لم يكن. (¬4) م + أو. (¬5) م - ولو صالح على دار أو على أن يرد عليه لقابل ألف درهم فلا شفعة، صح هـ. (¬6) ف + في. (¬7) ز: أمته.

باب الشفعة في البيوع الفاسدة

وإن شج رجل رجلاً موضحة عمداً وأخرى خطأ فصالحه على دار من الشجتين جميعاً فلا شفعة فيها في قياس قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فللشفيع أن يأخذ نصفها بخمسمائة درهم. ... باب الشفعة في البيوع الفاسدة وإذا اشترى الرجل داراً بيعاً فاسداً فقبضها أو لم يقبضها فلا شفعة فيها؛ لأن البيع فاسد مردود، والبائع أحق بها من غيره. وكذلك إذا بيعت بوصيف إلى أجل أو بخمر أو بخنزير. وكذلك إذا بيعت بالخيار أربعة أيام أو أكثر - في قول أبي حنيفة - ولم يبطل الذي له الخيار خياره في ثلاثة أيام فلا شفعة فيها؛ لأن البيع فاسد. وكذلك لو باعها بميتة أو بدم أو خنزير أو ما يشبه ذلك مما لا يحل بيعه ولا شراؤه. وإذا اشترى الرجل داراً بوصيف (¬1) إلى أجل (¬2) وقبضها، ثم بيعت إلى جانبها دار أخرى، فكان المشتري شفيع الدار الأخرى بالدار الأولى التي اشتراها شراء فاسداً، فإن له الشفعة في الدار الثانية؛ لأنه يملك الدار التي له فيها الشفعة. ألا ترى أنه لو باعها جاز بيعه. ولو لم يأخذ الدار الثانية بشفعته حتى رد الدار التي بيعها فاسد لم يكن له شفعة في الدار الثانية؛ لأنه يخاصم يوم يخاصم ولا شفعة له. وليس للبائع في الدار الثانية شفعة؛ لأن الشفعة وقعت يوم وقعت ولم تكن الدار له. ألا ترى أن رجلاً لو كانت له شفعة بدار له فباع داره قبل أن يخاصم في الشفعة أبطلت شفعته؛ لأنه ليس بشفيع يوم يخاصم. ولصاحب الدار الأولى المشتري الأول أن يأخذ هذه الدار الآخرة بالشفعة؛ لأنه شفيعها. ¬

_ (¬1) م ز: بوصف. والتصحيح من كلام المؤلف في الفقرة السابقة. (¬2) ف - أو ما يشبه ذلك مما لا يحل بيعه ولا شراؤه وإذا اشترى الرجل داراً بوصيف إلى أجل.

وإذا اشترى الرجل داراً بيعاً فاسداً وقبضها المشتري فبناها فإن للبائع قيمتها. فإذا جاء الشفيع أخذها بالشفعة في قياس قول أبي حنيفة وهدم المشتري بناءه. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإن الدار ترد على البائع ويهدم المشتري بناءه ولا شفعة فيها. أرأيت لو لم يبن (¬1) فيها بناء إلا حائطاً واحداً أما كان للبائع أن يأخذها. أرأيت لو كانت أرضاً فغرس فيها نخلاً أو شجراً أما كان للبائع أن يأخذها. أرأيت لو هدم المشتري ونزع غرسه هل للبائع أن يأخذها، وهل للمشتري أن يردها إن وجد بها عيباً. فكيف يكون للمشتري أن يردها ولا يكون للبائع أن يأخذها. وإذا اشترى الرجل داراً بيعاً فاسداً ثم باعها بيعا صحيحاً بألف درهم بعدما قبض فللشفيع الشفعة في البيع الثاني بألف درهم. وإن شاء أخذها بالقيمة في البيع الأول. وإذا اشترى الرجل داراً بيعاً فاسداً فلم يقبض المشتري الدار حتى بيعت دار إلى جنبها فللبائع أن يأخذ هذه (¬2) الدار بالشفعة؛ لأن الدار الأولى في ملكه بعد. فلا تكون (¬3) للمشتري الشفعة؛ لأنه (¬4) لم (¬5) يقبضها فتكون في ملكه. وإذا اشترى الرجل داراً بيعاً فاسداً بخمر أو بخنزير وشفيعها نصراني والبائع مسلم والمشتري كافر، أو المشتري مسلم والبائع كافر، أو هما مسلمان، فإن البيع فاسد، ولا شفعة فيها لكافر ولا لغيره؛ لأن الذي ولي عقدة البيع مسلم أو هما جميعاً، فلا تجوز الشفعة في هذا. وكذلك لو اشتراها عبد مسلم من كافر أو مكاتب مسلم ومولى المكاتب كافر ومولى العبد كافر لم تكن في ذلك شفعة؛ لأن البيع فاسد. ولو أن كافراً اشترى داراً (¬6) من كافر بخمر بعينها أو بخنزير أو بخمر بغير عينها أرطالاً (¬7) مسماة ¬

_ (¬1) ز: لم يبني. (¬2) ز: بهذه. (¬3) ز: يكون. (¬4) ز - لأنه. (¬5) م - لم. (¬6) ف - دارا. (¬7) م ز: ابطالا.

باب الشفعة في المرض للوارث والجراحات

وصفة من ذلك مسماة كان البيع جائزاً بينهما وكان للشفيع فيها الشفعة. فإن (¬1) كان الشفيع كافراً أخذها بخمر مثل ذلك وأخذها بقيمة الخنزير. وإن كان (¬2) مسلماً أخذها بقيمة ذلك. وكذلك لو كان الشفيع مكاتباً مسلماً ومولاه كافر أو عبد (¬3) تاجر مسلم ومولاه كافر فله أن يأخذها بقيمة ذلك. وإذا اشترى الرجل أرضاً بيعاً فاسداً فزرعها واتخذ فيها الشجر فنقصها ذلك فجاء الشفيع وجاء البائع فإن للشفيع أن يأخذها في قياس قول أبي حنيفة بقيمتها، ويطرح عنه من ذلك بقدر ما نقصت الأرض من عمل المشتري. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإنها ترد على البائع ولا شفعة فيها؛ لأن البيع فاسد. ألا ترى أني أقلع الشجر للشفيع، فرب الأرض البائع أحق بقلع الشجر وأخذ أرضه من هذا، ويأخذ ما نقصها. وإذا اشترى الرجل أرضاً بيعا فاسداً فاتخذها (¬4) مسجداً ثم خاصمه البائع فيها فإن في (¬5) قياس قول أبي حنيفة أن على المشتري القيمة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإنه يردها على البائع. وإذا اشترى الرجل داراً بيعاً فاسداً فباع نصفها من رجل بيعاً صحيحاً ثم جاء الشفيع فإنه يرد على البائع الأول نصف الدار، ويأخذ الشفيع النصف الآخر بالثمن الآخر، ويتصدق المشتري بفضل نصف الثمن على نصف القيمة، ويضمن نصف القيمة للبائع الأول. ... باب الشفعة في المرض للوارث والجراحات وإذا باع رجل (¬6) داراً وهو مريض بألفي درهم وقيمتها ثلاثة آلاف ¬

_ (¬1) ف: وإن. (¬2) م - كان. (¬3) ز: كافراً وعبد. (¬4) م: فاتخذ. (¬5) م - في. (¬6) ف: الرجل.

درهم ولا مال له غيرها ثم مات وابنه شفيع الدار فلا شفعة للابن فيها؛ لأنه وارث، ولا وصية لوارث. [وقالوا (¬1) في كتاب الوصايا: للوارث الشفعة، يأخذها بجميع القيمة. وهو قول أبي يوسف ومحمد] (¬2). ولو كان الابن هو الذي اشترى الدار من أبيه لم يكن للشفيع فيها شفعة؛ مِن قِبَل أن البيع فاسد ولا تقع فيه الشفعة. وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر وهو قول أبي يوسف ومحمد: إن للشفيع أن يأخذها بثلاثة آلاف درهم؛ لأنها تكون للابن بذلك. وإذا اشترى الرجل داراً وهو مريض بألفي درهم وقيمتها ألف درهم وله سوى ذلك ألف درهم ثم مات من ذلك المرض فإن البيع جائز، وللشفيع فيها الشفعة؛ لأن المريض إنما حابى (¬3) بقدر الثلث. وكذلك لو كان باع داراً فأغلى فيها أو باعها بالقيمة كان للشفيع فيها شفعة. فإن كان للشفيع وارث (¬4) فلا شفعة له في قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر: إن له الشفعة؛ لأنه لا محاباة في هذا البيع. وهو قول أبي يوسف ومحمد (¬5). وإذا باع المريض داراً بألفي درهم وهي تساوي ثلاثة آلاف درهم وشفيعها غير وارث فللشفيع أن يأخذها بالشفعة بألفي درهم، وتكون الوصية هاهنا للشفيع. وإذا كان للدار شفيعان أحدهما وارث لم يكن للوارث فيها الشفعة، ¬

_ (¬1) كذا. ولعل الصواب: وقال. (¬2) يظهر أن ما بين المعقوفتين من تعليق أحد الرواة على أن في المسألة قولاً آخر أو رواية أخرى. وهو كلام صادر من فقيه له معرفة بكتاب الأصل. فالمسألة مذكورة في كتاب الوصايا. انظر: 3/ 247 ظ. قال السرخسي: وذكر في كتاب الوصايا أن على قولهما له أن يأخذها بقيمتها إن شاء. والأصح ما ذكرنا هنا. فإنه نص في الجامع على أنه قولهم جميعاً. انظر: المبسوط، 14/ 150. وقد ذكر الإمام محمد في الجامع الكبير أنه لا شفعة للوارث على قولهم جميعاً. انظر: الجامع الكبير، 312. (¬3) ف: إنما جا. (¬4) ز: وارثا. (¬5) انظر ما تقدم قريباً نقلاً عن المبسوط.

وكان للآخر فيها الشفعة. وإذا باع المريض داراً بألف درهم تساوي ألفي درهم وليس له مال غيرها فإنه يقال للمشتري: أنت بالخيار، إن شئت فخذها بألف وثلاثمائة وثلاثين وثلث، وإن شئت فدعها. فأي ذلك ما فعل كان للشفيع فيها الشفعة؛ لأن الخيار للمشتري. وإذا اشترى المريض داراً بدار فأغلى وأرخص غير أن ما أرخص به يخرج من ثلثه فالبيع جائز، وللشفيع (¬1) كل واحدة منهما أن يأخذها (¬2) بقيمة الأخرى. وإذا باع المريض داراً بألف درهم تساوي ستة آلاف درهم ولا مال له غيرها فإن المشتري بالخيار، إن شاء أخذها بأربعة آلاف درهم، وإن شاء تركها. وللشفيع الشفعة في ذلك أي ذلك ما صنع. فإن كان المريض باعها بأربعة آلاف درهم وأخر الثمن عن المشتري فتأخيره باطل، والمال حال يأخذ بذلك أو يدع. وإن باعها بثلاثة آلاف إلى سنة وهي تساوي ألفين فإنه يقال للمشتري: أنت بالخيار، فإن شئت فعجل الألفين، وتؤخَّر (¬3) عنك الألف إلى الأجل، وإن شئت فدع. وهو قول أبي يوسف. وأما في قول محمد فإن شاء (¬4) المشتري عجل ثلثي القيمة قيمة الدار ويكون ما بقي إلى الأجل، وإن شاء ترك. وإن شاء الشفيع عجّل المال كله وأخذها، وإن شاء كفّ. فإذا حل المال وأدى المشتري أخذ الشفيع بالشفعة إن شاء ذلك. وإذا باع المريض داراً بقيمتها ولا مال له غيرها وأخر (¬5) الثمن عن المشتري إلى سنة فإن المشتري بالخيار. إن شاء عجل ثلثي الثمن وأخر عنه الثلث إلى أجل، وإن شاء تركها. وللشفيع فيها الشفعة أي ذلك ما صنع. وإن شاء الشفيع عجل الثمن كله وأخذها، وإن شاء كف عن ذلك. فإذا حل المال وأدى المشتري أخذها بالشفعة إلا أن يرضى الورثة أن ¬

_ (¬1) ز: للشفيع. (¬2) ز: أن تأخدها. (¬3) ز: ويؤخر. (¬4) ف: فإن بناها (مهملة). (¬5) م ز: وأخذ.

باب الشفعة في القناة وعين النفط وعين القير والآجام

يحتالوا عليه بثلث ذلك المال إلى الأجل. وإذا باع المريض داراً فحابى فيها بالثلث ثم باع داراً أخرى فحابى فيها بالثلث (¬1) فإن المحاباة بينهما نصفان (¬2)، ولشفيع كل واحدة من الدارين أن يأخذها بذلك. وإذا باع المريض داراً وحابى فيها بالثلثين ثم برأ وصح من مرضه والشفيع وارث وقد علم بالبيع وسلم ثم طلب الشفعة حين برأ (¬3) من مرضه فلا شفعة في ذلك؛ لأنها وقعت يوم الشراء. ولو لم يسلم كانت له الشفعة. ألا ترى أنه لو مات قبل أن يأخذ بالشفعة لم يكن لوارثه فيها شفعة مِن قِبَل أنها لا تورث. ... باب الشفعة في القناة وعين النِّفْط وعين القِير والآجام (¬4) وإذا كانت القناة مفتحها في الأرض لا يظهر ماؤها فيها ويظهر ماؤها في أرض أخرى فاشتراها رجل فإن الشفعة لجيرانها من مفتحها إلى مصبها سواء بينهم بالحصص، ولا يكون لبعضهم دون بعض؛ لأنهم جيران. ألا ترى أنه لو كان فيها شريك كان أحق بالشفعة، وكانت الشفعة فيها كلها. وإذا كانت قناة بين رجلين مفتحها إلى مكان معلوم بينهما وكان ما أسفل من ذلك لأحدهما خاصة فباع صاحب الأسفل ماله خاصة في أسفلها ¬

_ (¬1) م ف ز + ثم باع داراً أخرى فحابى فيها بالثلث. (¬2) ز: نصفين. (¬3) ز: برى. (¬4) القير والقار: هو الزفت، وهو أسود يطلى به السفن يمنع الماء. انظر: لسان العرب، "قير". والًاجام جمع أَجَمَة وهي الشجر الملتف، وقولهم بيع السمك في الأجمة يريدون البطيحة التي هي منبت القصب أو اليراع. انظر: المغرب، "أجم". والأخير هو المراد هنا كما سيتبين من المسائل المذكورة في الباب.

فالجيران فيها والشريك سواء، وهي بينهم بالحصص. فإن كان للشريك حق في ذلك الذي باع فهو أحق منهم بالشفعة؛ لأنه شريك. ولو باع أحد الشريكين نصيبه من أعلى القناة كان للشريك الآخر الشفعة، وكان أولى بها من الجيران إذا كان له فيها حق. فإن لم يكن له فيها (¬1) حق إلا مسيل الماء فهو والجيران سواء. وإذا كانت أجمة محظوراً عليها محصوراً فيها سمك وقصب فاشتراها رجل بما فيها من القصب والسمك، فإن كان السمك لا يؤخذ إلا بصيد، فإن (¬2) البيع (¬3) فاسد، ولا شفعة فيه ولا في الأجمة. وإن كان السمك يؤخذ بغير صيد فإنه يقسم الثمن على قيمة الأجمة والقصب وقيمة الصيد، فيطرح ما أصاب قيمة الصيد، وتؤخذ الأجمة والقصب بما أصابها؛ لأن الصيد ليس من الأرض، ولا يشبه الصيد القصب ينبت فيها. ألا ترى لو أن رجلاً باع عبداً أو داراً بألف درهم صفقة واحدة أن للشفيع أن يأخذ الدار بحصتها من الثمن. وإذا اشترى الرجل عيناً يخرج منها نفط أو عين قير أو موضعاً من الأرض ينبت فيه الملح وطلب ذلك الشفيع بالشفعة فله ذلك. فإن كان المشتري قد أصاب من ذلك الملح ومن ذلك القير والنفط شيئاً فباعه، فإن كان ذلك فيها يوم اشتراها قسم الثمن على قيمة العين وقيمة ما أصاب فيها، فأخذ العين بما أصابها. وإن لم يكن ذلك فيها يوم اشتراها أخذها بجميع الثمن. فإن وجد فيها شيئاً من ذلك أخذه الشفيع بالشفعة مع العين بالثمن؛ لأنه منها. فإن كان المشتري قد أخذه منها فلا سبيل للشفيع عليه. وكذلك أجمة يشتريها رجل وليس فيها قصب، ثم أصاب من قصبها سنين، ثم جاء الشفيع فإنه يأخذها (¬4) بجميع الثمن، ولا يحط عنه من ذلك شيء. وإذا اشترى الرجل أجمة فيبس ماؤها وقصبها وذهب صيدها ثم جاء الشفيع فإنه يأخذها بجميع الثمن أو يدع. وكذلك العين والقناة والبئر والنهر ¬

_ (¬1) ف ز - فيها. (¬2) ز - فإن. (¬3) ز: فالبيع. (¬4) ز: يأخذ.

باب تسليم الشفيع الشفعة

يشتريه الرجل فيذهب ماؤه ثم جاء الشفيع. فإن شاء أخذها بجميع الثمن، وإن شاء ترك. وكذلك بستان اشتراه رجل فاحترق نخله أو دار (¬1) اشتراها رجل فغرق بناؤها. وكل شيء من هذا لم يستهلكه المشتري فليس يحط عن الشفيع به شيء. ولو كان المشتري استهلك شيئاً من ذلك أو استهلكه أحد فأخذ منه قيمته كان للشفيع (¬2) أن يأخذ ما بقي بحصته من الثمن. وإن بنى المشتري القناة أو البئر وطواها أو العين ثم جاء الشفيع فأخذها بالثمن فإنه يقال للمشتري: اقلع بناءك إلا أن يصالحه الشفيع عليه، على تراض (¬3) منهما جميعاً بذلك. ... باب تسليم الشفيع (¬4) الشفعة وإذا سلم الشفيع الشفعة في دار أو أرض (¬5) أو شقص من دار مسمى أو منزل فتسليمه جائز إن كان المشتري غائباً أو حاضراً بعد أن يكون التسليم بعد عقدة البيع. فإن كان (¬6) التسليم قبل عقدة البيع فإن التسليم باطل. وإذا ساوم الشفيع بالدار المشتري وسأله أن يوليه إياها فقد بطلت شفعته. وإذا قال المشتري للشفيع: اشتريت الدار بكذا (¬7) وكذا، وأنفقت عليها في بنائها كذا وكذا، وأنا أوليكهما (¬8) بذلك، فقال الشفيع: نعم، بطلت شفعته وكان هذا تسليماً منه. ¬

_ (¬1) ز: أو دارا. (¬2) ز - به شيء ولو كان المشتري استهلك شيئاً من ذلك أو استهلكه أحد فأخذ منه قيمته كان للشفيع. (¬3) ز: على تراضي. (¬4) ز - الشفيع. (¬5) ز: في أرض أو دار. (¬6) م - كان. (¬7) م: فكذا. (¬8) ز: أوليكها.

وإذا علم الشفيع بالشراء فلم يطلب مكانه فقد سلم ولا شفعة (¬1) له. فإن كان غائباً فعلم بالشراء ولم يقدم أو يبعث وكيلاً (¬2) فيطلب بالشفعة [فلا شفعة له] (¬3). والأجل في ذلك قدر المسير مِن (¬4) بعد علمه. فإن مضى ذلك قبل أن يقدم هو أو وكيله فلا شفعة له. وإذا وكل الشفيع بطلب الشفعة فسلم الوكيل (¬5) عند القاضي الشفعة فهو تسليم. وإن سلم عند غير قاض (¬6) فليس (¬7) بتسليم. وكذلك لو قامت عليه البينة وهو يجحد. فإن أقر عند القاضي أنه قد سلم الشفعة فهو جائز عليه؛ لأنه قد وكله بالخصومة. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: لا يجوز إقراره ولا تسليمه. ثم رجع أبو يوسف بعد ذلك وقال: إقرار الوكيل بتسليم الشفعة عند القاضي وغيره جائز على الذي وكله. وإذا سلم الوصي شفعة اليتيم أو الوالد شفعة الولد الصغير فالتسليم جائز. وكذلك لو سلم الجد شفعة ولد ولده إذا لم يكن له أب ولا وصي فتسليمه جائز، وقد بطلت الشفعة إذا أدرك الغلام. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وأما في قول محمد وزفر فتسليمه باطل. وكذلك تسليم الوصي على اليتيم وتسليم الوالد (¬8) على الولد الصغير الشفعة باطل، إنما لهما أن يأخذا للصغيرين الشفعة، وليس لهما أن يسلما عليهما الشفعة، فإذا (¬9) كبر الصغيران فهما على شفعتهما. وإذا كان المتفاوضان شفيعين بدار من تجارتهما فتسليم أحدهما جائز على الآخر. ولو كان أحدهما شفيعًا بدار من ميراث له دون الآخر فتسليم الآخر جائز عليه؛ مِن قِبَل أنه لو أخذ الدار بالشفعة كان الثمن عليهما ¬

_ (¬1) م ز: شفعته. (¬2) م - وكيلاً، صح هـ. (¬3) انظر كلام المؤلف السابق: 6/ 209 و. (¬4) م ف ز: قدر المشترى. والكلمة مهملة في ف. والتصحيح مستفاد من كلام المؤلف السابق. انظر الموضع السابق. (¬5) ز + الشفعة. (¬6) ز: قاضي. (¬7) م ف ز: وليس. (¬8) ف: الولد. (¬9) م ف ز: ثم.

وكانت (¬1) بينهما. ولو كان الشفيع مضارباً له الشفعة بدار من المضاربة وليس في يده من مال المضاربة غير الدار فسلم المضارب الشفعة وفي الدار ربح على رأس المال كان لصاحب الدار أن يأخذها لنفسه بالشفعة. وإن سلم رب المال الشفعة كان للمضارب أن يأخذها لنفسه بالشفعة، ولا يجوز تسليم أحدهما على صاحبه. وإذا باع المضارب داراً من المضاربة ورب المال شفيعها فلا شفعة له فيها. وكذلك لو باعها رب المال وهي من المضاربة وفي يدي الشفيع دار (¬2) أخرى من المضاربة وهو شفيعها لم يكن له فيها شفعة. ولو باع المضارب داراً من غير المضاربة كان لرب المال أن يأخذها بشفعته بدار من المضاربة، ويكون له خاصة دون المضاربة. ولو باع رب المال داراً ليست من المضاربة والمضارب شمفيعها بدار من المضاربة (¬3)، فإن كان له ربح في الدار فأخذها لنفسه فهو جائز عليه. وإن لم يكن له ربح في الدار فليس له أن يأخذها لنفسه. فإن كان في يديه بقية من مال (¬4) المضاربة لم يأخذها بذلك؛ لأنه إنما يأخذها لرب المال. ولو باع الدار غير رب المال كان للمضارب أن يأخذها فتكون (¬5) من المضاربة. وإذا باع المفاوض داراً من المفاوضة فلا شفعة لشريكه المفاوض فيها؛ لأنه إذا أخذها كانت بينهما، ولأنه هو البائع حيث باع صاحبه، فكأنه هو الذي باع (¬6). وكذلك لو كان شفيعها بدار ميراث. ولو كان المفاوض باع داراً له من الميراث لم يكن للمفاوض الآخر فيها شفعة بدار ميراث ولا غيرها؛ مِن قِبَل أنه لو أخذها كانت بينهما وكان الثمن عليهما. ولو كان العبد تاجراً وله شفعة في دار فسلم الشفعة فهو جائز، إن ¬

_ (¬1) م: وكا تب. (¬2) ز: دارا. (¬3) ز - ويكون له خاصة دون المضاربة ولو باع رب المال داراً ليست من المضاربة والمضارب شفيعها بدار من المضاربة. (¬4) م ز: من المال. (¬5) ز: فيكونه (¬6) ز: باعه.

كان عليه دين أو لم يكن عليه دين. وإن سلم مولاه الشفعة فإن كان على العبد دين فتسليم المولى باطل، وإن لم يكن عليه دين (¬1) فتسليم المولى عليه (¬2) جائز. ولو سلم العبد الشفعة ولا دين عليه ثم طلب المولى بتلك الشفعة لم تكن (¬3) له شفعة؛ لأن العبد مسلط على ذلك وتسليمه جائز. وكذلك المكاتب إذا كان له شفعة في دار فسلمها فهو جائز. وكذلك لو سلّمها له مُسْلِم فهو جائز (¬4)، وكذلك مرتد سلم شفعة له أو سلمت له، ثم أسلم فذلك كله جائز. وإن مات على ردته أو قتل أو لحق بدار الحرب فذلك كله باطل لا يجوز في قياس قول أبي حنيفة. وكذلك لو أن امرأة لها شفعة في دار فسلمت ذلك أو سلم لها كان ذلك جائزاً. وتسليم صاحب النصيب الصغير والكبير والدار العظيمة للشفعة جائز. وإذا اشترى الرجل داراً فسلم الشفيع الشفعة ثم وجد المشتري بالدار عيباً بعد ما قبضها المشتري فردها (¬5) على البائع، وقبلها البائع بغير قضاء قاض (¬6)، فطلبها (¬7) الشفيع بالشفعة فله ذلك؛ لأن ردها بمنزلة الإقالة. ولو كان البائع قبلها بالعيب بقضاء قاض (¬8) لم تكن (¬9) للشفيع فيها شفعة. ولو وجد المشتري بها عيباً قبل أن يقبضها فردها على البائع بقضاء قاض (¬10) أو بغير قضاء قاض (¬11) لم تكن للشفيع فيها شفعة؛ لأن هذا بمنزلة الخيار. ألا ترى أن المشتري حين رأى العيب لو قال: اشهدوا أني قد نقضت البيع، كان نقضاً. ولو قبضها ثم قال: قد نقضت البيع، لم يكن نقضاً (¬12) إلا أن ¬

_ (¬1) ز + وإن سلم مولاه. (¬2) ز - عليه. (¬3) ز: لم يكن. (¬4) ف - وكذلك لو سلمها له مسلم فهو جائز. (¬5) ف ز: ردها. (¬6) ز: قاضي. (¬7) ف: وطلبها. (¬8) ز: قاضي. (¬9) ز: لم يكن. (¬10) ز: قاضي. (¬11) ز: قاضي. (¬12) ز: بقضا.

يرضى البائع. وأما إذا لم يقبض فهو نقض، رضي البائع أو لم يرض، وليس للمشتري أن يأخذها بعد نقضه. وإن لم يجد المشتري فيها عيباً ولكنه لم يكن رأى الدار فردها بخيار رؤية لم تكن (¬1) للشفيع فيها شفعة إذا كان قد سلم الشفعة الأولى. ألا ترى أن هذا الرد بخيار. ألا ترى أنه لو اشترط الخيار ثلاثة أيام فردها بالخيار لم تكن (¬2) للشفيع فيها شفعة. فكذلك الباب الأول. وإذا اشترى الرجل داراً بعبد (¬3) ولم ير (¬4) رب الدار العبد، وقد رأى المشتري الدار، فلم يرض البائع العبد حين رآه فرده وأخذ داره، وقد كان دفعها أو لم يدفعها، فنقض البيع فيها، وقد كان الشفيع سلم الشفعة، ثم أراد أخذ الدار بالشفعة، لم يكن له ذلك؛ لأن الخيار كان هاهنا للبائع فلم يجب البيع بعد. وإذا كان الخيار للبائع فردها فلا شفعة للشفيع. وكذلك الخيار إذا كان بشرط. وليس الخيار في هذا كالبيع بغير خيار، ولا يشبه أيضاً خيار (¬5) العيب. وإذا اشترى المضارب دارين بمال المضاربة بألف درهم، تساوي كل واحدة من الدارين ألف درهم، ورأس المال ألف درهم، فبيعت إلى جانب إحداهما دار أخرى، فلا شفعة للمضارب فيها؛ مِن قِبَل أنه لا ربح له في واحدة منهما، والشفعة هاهنا لرب المال. ولو كان في إحدى الدارين فضل على رأس المال كله كان له شفعة بها مع رب المال. وإذا باع المضارب داراً من المضاربة فلا شفعة لرب المال فيها، لأنه بائع بوكالة رب المال. وإذا باع المضارب داراً من غير المضارب (¬6) فلرب المال الشفعة فيها إن كان جاراً (¬7) لها. وإذا باع رب المال داراً والمضارب شفيعها فله أن يأخذها. وإن كان شفيعها بدار من المال المضاربة ¬

_ (¬1) ز: لم يكن. (¬2) ز: لم يكن. (¬3) ز - بعبد. (¬4) ز: يرى. (¬5) م ف ز: الخيار. (¬6) ز: المضاربة. (¬7) ز: جائزاً.

ولا فضل فيها عن رأس المال فأراد أن يأخذها بالمال فليس له ذلك إذا كان في يديه مال من المضاربة؛ لأنه إنما يأخذها لرب المال. وإذا أراد أن يأخذها لنفسه لم يكن له ذلك إلا أن يكون في تلك الدار فضل عن رأس المال كله. ولو كان غير رب المال هو البائع كانت الشفعة في ذلك كله لرب المال. وإذا سلم الشفيع الشفعة على أن يعطى شيئاً من الدار نصفاً أو ثلثاً فالتسليم جائز، وما اشترط من ذلك أو نصف أو ثلث فهو له. وإن اشترط مالاً جاز عليه التسليم، ولا يكون له من المال شيء. فإن كان اشترط بيتاً أو شيئاً غير مسمى فالشرط باطل؛ مِن قِبَل أنه لا يدري ما ثمن البيت من ثمن الدار (¬1). ويأخذ الدار كلها إن شاء أو يدع. وإذا اشترى الرجل داراً فشهد شاهدان على تسليم الشفيع فاختلفا في ذلك، فسمى أحدهما يوماً والاخر يوماً غير ذلك، أو سمى أحدهما بلدًا (¬2) والآخر بلداً (¬3) غير ذلك (¬4)، فإن ذلك جائنا. ولا يُفسد الشهادة اختلاف الأيام والبلدان؛ مِن قِبَل أن التسليم كلام وليس بفعل. وإذا سلم على مال جعل له فالتسليم جائز، والجعل باطل؛ لأنه لم يبع شيئاً. ألا ترى أن الشفعة لا تكون ميراثاً. ولو سلم الشفيع في منزل وهو شريك في الطريق على أن يأخذ نصفه بنصف الثمن فإن للشريك أن يأخذ نصف المنزل، وللجار (¬5) أن يأخذ النصف (¬6) الباقي؛ لأن الشريك قد سلم هذا النصف. ألا ترى أن الشريك لو سلم هذا المنزل كله كان للجار أن يأخذه (¬7). فكذلك إذا سلم النصف. وإذا اشترى الرجل داراً أو أرضاً فسلم الشفيع ذلك ثم أقر المشتري أن البيع كان تلجئة أو كان رهناً فطلب الشفيع أن يأخذها بالشفعة لم يكن ¬

_ (¬1) ز - الدار. (¬2) ف: بكذا. (¬3) ف: بكذا. (¬4) ف - غير ذلك. (¬5) ز: وللجاز. (¬6) ف: نصف. (¬7) م: أن يأخذ.

ذلك كله، وليس هذا بمنزلة البيع من المشتري ولا بمنزلة الإقالة في البيع الأول. وإذا اشترى الرجل داراً بثمن مسمى فسلم الشفيع الشفعة ثم علم أنها كانت هبة على عوض منه بمثل ذلك الثمن فلا شفعة له؛ لأن البيع هاهنا والهبة سواء. وإذا وهب رجل لرجل داراً على عوض وسلم الشفيع ثم أقر البائع والمشتري أنها كانت بيعاً بذلك العوض ولم تكن هبة فطلب الشفيع الشفعة فليس له شفعة؛ لأن الهبة بالعوض بمنزلة البيع. وكذلك الصدقة والنحلى والعمرى والعطية بالعوض بمنزلة الهبة في الشفعة. ولو وهبه داراً فسلم الشفيع الشفعة (¬1) ثم عوضه الآخر مالاً فليس في الدار شفعة. فان أقر المشتري والبائع أنها كانت بيعاً بذلك وإنما كان ذلك منهم مخافة الشفيع فللشفيع أن يأخذها بالشفعة؛ لأن أصل الهبة لم تكن (¬2) فيه شفعة، فكان تسليمه ذلك باطلاً لا يجوز. ألا ترى أن رجلاً لو سلم الشفعة قبل أن يجب البيع كان تسليمه باطلاً. وإذا تصدق الرجل بدار أو وهبها أو نحلها رجلاً أو أعطاه إياها عطية أو عمرى (¬3) على عوض ألف درهم، فقبض الألف ولم يقبض الآخر الدار، أو قبض هذا الدار ولم يقبض الآخر العوض، فسلم الشفيع الشفعة ثم قبض الآخر، فالتسليم باطل؛ لأنه سلم قبل أن يجب الأمر فيما بينهما. ألا ترى أنه إذا قبض أحدهما فللآخر أن يمنع ما في يديه ويرجع الآخر فيما دفع، فالتسليم باطل حتى يكون بعدما قبضا جميعاً. وإذا وهب الرجل داراً لرجلين على عوض ألف درهم وقبضا الدار وقبض هذا الألف درهم وسلم الشفيع الشفعة فذلك كله باطل لا يجوز في قول أبي حنيفة. ويجوز في قول أبي يوسف ومحمد. لأنها هبة غير مقسومة ¬

_ (¬1) م - ولو وهبه داراً فسلم الشفيع الشفعة، صح هـ. (¬2) ز: لم يكن. (¬3) ز: أو عمر.

في قول أبي حنيفة. ألا ترى أنه لو وهب شقصاً في دار غير مسمى ولا مقسوم على عوض كان ذلك باطلاً، فكذلك الباب (¬1) الأول في قول أبي حنيفة. وإذا وهب رجلان لرجل داراً وقبضها على عوض ألف درهم بغير عينها وقبضا (¬2) منه الألف مقسومة بينهما كان لكل واحد منهما خمسمائة درهم، وللشفيع فيها شفعة؛ لأن هذا بمنزلة البيع، فإن سلم الشفيع الشفعة فتسليمه جائز. وكذلك الأرض. ولو كانت الألف غير مقسومة بينهما كان ذلك كله باطلاً لا يجوز في قول أبي حنيفة، وليس للشفيع فيها الشفعة. وقال أبو يوسف ومحمد: هذا جائز، والهبة على العوض بين الرجلين جائزة، وللشفيع في ذلك الشفعة. فإن سلم فلا شفعة له. وإذا وهب الرجل للرجل نصيباً في نهر أو عين أو بئر أو حائط أو حمام وسماه (¬3) وقبض الموهوب له ذلك على عوض دراهم مسماة وقبض العوض فإن للشفيع في هذا الشفعة؛ لأن الهبة جائزة إذا سميت في هذا؛ لأن هذا لا يقسم (¬4). وإذا وهب رجل لرجل داراً على عوض نصيب من عبد أو حمام مسمى وهو غير مقسوم وقبضا جميعاً فالهبة جائزة، وللشفيع الشفعة في ذلك. فإن سلم الشفعة فتسليمه جائز. وإذا اشترى الرجل دارين صفقة واحدة وشفيعها واحد، فإن أراد أخذ إحداهما دون الأخرى فليس له ذلك. وكذلك لو كانت أرضين أو قرية وأرضها أو قريتين وأرضيهما وهو شفيع ذلك كله بأرض واحدة أو بأرضين أو بدار واحدة أو بدارين فإنما له أن يأخذهما جميعاً أو يتركهما (¬5) جميعاً؛ لأنه شفيع في (¬6) ذلك كله، ولا يأخذ بعضه دون بعض وإن كانا متفرقين في ¬

_ (¬1) م ز - الباب. (¬2) م ف ز: وقبضها. والتصحيح من الكافي، 1/ 191 و. (¬3) ز: أو سماه. (¬4) ف: لا يستقيم. (¬5) م ز: أو يترك. (¬6) م ز - في.

باب شفعة أهل البغي

مصرين أو في (¬1) قريتين بعد أن يكون ذلك صفقة واحدة. فإن كانت صفقتين فله أن يأخذ إحداهما ويسلم الأخرى. وإن كانا رجلين اشتريا جميعاً فله أن يأخذ حصة أحدهما، ويسلم حصة الأخرى (¬2). وإن كانا رجلين فباعا جميعاً من رجل واحد صفقة فليس للشفيع أن يأخذ حصة ويدع حصة الآخر، إنما له أن يأخذ ذلك (¬3) كله أو يدع. ألا ترى أنه لو اشترى عبداً لم يره من رجلين أو اشترى دارين أو عبدين من رجل واحد ثم رأى عيباً بذلك قبل قبضه أو رآه فأراد أن يرد بعضه دون بعض لم يكن له ذلك. وكذلك الشفيع هو بمنزلة المشتري فيما لم يقبضه المشتري. ... باب شفعة أهل البغي وإذا اشترى الرجل داراً أو أرضاً والبائع والمشتري في عسكر أهل البغي والشفيع في عسكر أهل العدل فله الشفعة. وكذلك لو كان البائع والمشتري في عسكر أهل العدل والشفيع (¬4) في عسكر أهل (¬5) البغي كان (¬6) له الشفعة. فإن لم يجئ بطلب أو يبعث وكيلاً فلا شفعة له فيه، وهو في هذا بمنزلة الغائب. وإذا لم يعلم بالشفعة حتى صالح أهل البغي أهل العدل أو تفرقوا فلم تكن لهم جماعة فهو على شفعته. ولو كان العسكران كلاهما في مصر واحد والدار في مصر آخر ليست بحضرة العسكر فلم يدخل إلى ¬

_ (¬1) ز - في. (¬2) ز: الآخر؛ ف - وإن كانا رجلين اشتريا جميعاً فله أن يأخذ حصة أحدهما ويسلم حصة الأخرى. (¬3) ف - ذلك. (¬4) ف - في عسكر أهل العدل والشفيع. (¬5) ز - العدل فله الشفعة وكذلك لو كان البائع والمشتري في عسكر أهل العدل والشفيع في عسكر أهل. (¬6) ف: لكان.

عسكرهم يطلب الشفعة أو يبعث من يطلب له الشفعة لم تكن له شفعة. ولو جاء إلى المصر الذي فيه الدار وطلب (¬1) الشفعة كان على شفعته، وليس عليه أن يطلبهم في العسكر ولا في (¬2) مصر غير ذلك المصر لو كانا فيه. إنما عليه أن يطلب حيث كانت الدار، ولا يطلب حيث كان (¬3) المشتري. وإذا اشترى الرجل داراً أو أرضاً وهو بالسواد والدار في الكوفة فطلب (¬4) الشفيع (¬5) الشفعة (¬6) بالسواد حيث المشتري فإن ذلك له. ولو طلب بالكوفة ولم (¬7) يأت السواد (¬8) فهو على شفعته، والشفعة في الدور والأرضين بالأمصار وغيرها سواء. وإذا كان الشفيع حيث الدار والبائع والمشتري بالسواد فلم يشهد على طلبه وشخص إلى المشتري فهذا تسليم منه حيث ترك أن يشهد على طلبه. وكذلك لو كان بحضرة البائع والمشتري فشخص إلى موضع الدار ولم يشهد على البائع ولا على المشتري أنه على شفعته فهذا تسليم. وإذا كان في غير مصر البائع والمشتري والدار فإلى أيهما شخص بطلب (¬9) شفعته إلى البائع أو إلى المشتري أو إلى الدار فهو على شفعته. وكذلك الشفعة في الأنهار والعيون والآبار إذا اشتريت بأصولها. وإذا اشترى الرجل من أهل العدل وهو في عسكرهم داراً لرجل من أهل البغي، وهو في عسكر أهل البغي، وكانوا متوافقين، فاشتراها منه، فسلم الشفيع الذي في عسكر أهل البغي، وسلم الشفيع الذي في عسكر أهل العدل، فإن التسليم جائز. وإن سلما جميعاً فهو جائز. وإن لم يسلما فلهما أن يأخذا بالشفعة جميعاً وإن لم يعلما. وكذلك لو كان المشتري من أهل البغي والبائع من أهل العدل. ¬

_ (¬1) م ز: فطلب. (¬2) ز - في. (¬3) م - كان. (¬4) ف: وطلب. (¬5) ز - الشفيع. (¬6) ز + وهو. (¬7) ز: لم. (¬8) ف: بالسواد. (¬9) ز: يطلب.

باب الوكالة في الشفعة والشفعة في العروض

وإذا اشترى الرجل داراً من رجل وهما جميعاً في عسكر أهل البغي والشفيع في عسكر أهل العدل لا يستطيع أن يدخل في عسكر أهل البغي فعلم بالشراء فلم يطلب وهو يقدر على أن يوكل فلم يبعث وكيلاً فلا شفعة له. فإن كان لا يقدر على أن يوكل ولا على (¬1) أن يدخل فلا شفعة له (¬2). ألا ترى أنهم لو كانوا في (¬3) غير عسكر ولا حرب غير أن الشفيع في بلد آخر وبينهما قوم محاربون فلم يقدم (¬4) وهو يقدر على أن يبعث وكيلاً يأخذ الشفعة أبطلت شفعته. أرأيت لو كان بينهما نهر مخوف أو أرض مَسْبَعَة (¬5) أكنت أجعله على شفعته. وإذا اشترى الرجل من أهل البغي داراً من رجل منهم ثم مات الشفيع ودخل أهل البغي في الصلح فطلب ورثة الشفيع الشفعة لم تكن (¬6) لهم شفعة؛ لأنها وجبت لأبيهم ولا يرثون الشفعة. ألا ترى أنه لو كان سلم الشفعة لم يكن لورثته الشفعة. وإذا اشترى الرجل من أهل البغي داراً من رجل منهم ثم أقاله البيع ثم طلب الشفيع الشفعة فله ذلك. ولو قُتل المشتري والبائع كان للشفيع الشفعة، فلا يبطلها موتهما (¬7). ... باب الوكالة في الشفعة والشفعة في العروض وإذا وكل رجل رجلاً بطلب شفعة له في دار وبالخصومة في ذلك ¬

_ (¬1) ف - على أن يوكل ولا على. (¬2) م ز + فإن كان لا يقدر أن يدخل فلا شفعة؛ ف - له. (¬3) ز - في. (¬4) ز: يقدر. (¬5) أي: كثيرة السباع. انظر: المصباح المنير، "سبع". (¬6) ز: لم يكن. (¬7) م ف ز: بموتهما.

وأشهد على ذلك كتب: "هذا ما أشهد عليه فلان وفلان، ثلاث مرات، شهدا أن فلان بن فلان وكل فلان بن فلان بطلب شفعته في الدار التي في بني فلان، وبأخذها له بالشفعة وبالخصومة في ذلك، أحد حدود هذه الدار والثاني والثالث والرابع، وأشهدوا على شهادتهم بذلك فلاناً وفلاناً (¬1)، وكتبوا شهادتهم جميعاً، وختموا في شهر كذا من سنة كذا. شهد". وإذا خاصم الوكيل في الشفعة فأقر عند القاضي أن صاحبه قد سلم الشفعة أو أنه قد (¬2) سلمها فذلك جائز، وقد بطلت الشفعة. فإذا أقر عند غير القاضي أن صاحبه قد سلم فإن ذلك لا يجوز وإن قامت به عليه بينة. وهذا سواء. ينبغي إن جاز عند القاضي أن يجوز عند غيره أو لا يجوز شيء من ذلك. ولكنا تركنا القياس في هذا وأخذنا بالاستحسان. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: أجيز ذلك كله عند القاضي وعند غير القاضي (¬3) إذا قامت به البينة. وهو قوله الآخر. وليس ينبغي للقاضي أن يقبل من الوكيل بينة على الوكالة إلا وخصمه معه. وإذا أقر المشتري أنه (¬4) اشترى الدار وهي في يديه وجبت شفعة الشفيع فيها وخصومة الوكيل. ولا أسأل المشتري بينة أنه اشتراها من صاحبها إذا كان صاحبها غائباً؛ لأني لا أقضي على غائب، وإنما أقضي على هذا بإقراره. فإذا جاء رب الدار فأنكر ذلك أبطلت البيع والشفعة، ورددت عليه الدار بعد أن يحلف بالله ما باع إلا أن تقوم عليه بينة. وإذا طلب وكيل الشفعة بالشفعة فقال المشتري: يحلف الشفيع ما سلم لي، فإني أقضي عليه بالدار بهذا (¬5)، ويقال له: انطلق فاطلب يمين الآمر. ¬

_ (¬1) ز: فلان وفلان. (¬2) ف - قد. (¬3) ز - أن صاحبه قد سلم فإن ذلك لا يجوز وإن قامت به عليه بينة وهذا سواء ينبغي إن جاز عند القاضي أن يجوز عند غيره أو لا يجوز شيء من ذلك ولكنا تركنا القياس في هذا وأخذنا بالاستحسان وهذا قول أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف أجيز ذلك كله عند القاضي وعند غير القاضي. (¬4) م - أنه. (¬5) ف ز: لهذا.

وإذا قضى القاضي للوكيل بالشفعة فأراد أن يشهد على قضائه فأبى المشتري أن يكتب له كتاباً فإن القاضي يشهد له ويكتب هو له كتاباً: "هذا ما شهد (¬1) عليه فلان وفلان، شهدوا أن فلان بن فلان أشهدهم، وهو يومئذ قاضي أهل الكوفة، أنه قضى لفلان بن فلان، وهو الوكيل على فلان بن فلان، بالدار التي في بني فلان، أحد حدودها والثاني والثالث والرابع، بشفعة فلان فيها، ببينة قامت لفلان عنده على ذلك، فأجاز (¬2) شهادتهم (¬3)، وقضى بهذه الدار المحدودة في كتابنا هذا بالشفعة لفلان بن فلان على فلان بن فلان بكذا وكذا درهماً، وهو الثمن الذي اشتراها به فلان بن فلان ببينة قامت عنده بذلك على فلان بن فلان البائع". وإن كان بإقرار كتب: "بإقرار فلان البائع بذلك (¬4)، وأمر فلان بن فلان وكيل فلان فدفع (¬5) الثمن إلى فلان بن فلان، وقبضه فلان بن فلان منه، وهو كذا وكذا، من مال فلان بن فلان، وبرئ إليه منه، وهو يومئذ قاضي أهل الكوفة، وأشهدوا على شهادتهم بذلك كله فلاناً وفلاناً وفلاناً" (¬6). وإذا تقدم (¬7) الوكيل والبائع والمشتري للخصومة فأنكر البائع الشراء وادعى ذلك المشتري سأله البينة. فإن أنكر المشتري ذلك فراراً (¬8) من الشفعة سأل الوكيل البينة على الشراء. فإن جاء ببينة فقال المشتري: ليس لفلان فيها شفعة، سألت الوكيل البينة على الحق الذي وجبت به الشفعة. فإن قال: لفلان فيها نصيب، وأقام البينة على أن لفلان داراً (¬9) إلى جنبها وأقام البينة على ذلك قبلت ذلك (¬10) منه. وإن قال: الدار التي إلى جنبها في يدي فلان، وأقام البينة (¬11) أنها في يده، لم أقبل ذلك منه حتى يشهدوا أنها له. ¬

_ (¬1) ف: ما أشهد. (¬2) ز: فإجازتهم. (¬3) ف: بشهادتهم؛ ز - شهادتهم. (¬4) ز - بذلك. (¬5) ف: بدفع. (¬6) ز: فلان وفلان وفلان. (¬7) ز: تقده. (¬8) ف: إقرار. (¬9) ز: دار. (¬10) ف - ذلك. (¬11) ز + على ذلك قبلت البينة.

ولا أقبل في ذلك شهادة ابني الوكيل ولا أبويه ولا زوجته ولا شهادة ابني الذي وكله ولا أبويه ولا زوجته. فإن كان الوكيل عبداً أو مكاتباً لم أقبل شهادة مواليه. و [إن] (¬1) أقام البينة أن لفلان نصيباً من الدار التي إلى جنب هذه الدار ولم يبينوا كم هو لم أقض له بالشفعة. وإذا قال المشتري: حَلِّف الوكيل ما يعلم صاحبه سلم (¬2) الشفعة، فلا (¬3) يمين عليه. وكذلك لو قال: حَلَّفه هو ما سلم، لم يكن عليه يمين؛ لأن تسليمه باطل عند غير القاضي. ولو شهد رجلان على الوكيل أنه قد سلم عند غير قاض (¬4) أو عند قاض (¬5) ثم عزل قبل أن يقضى (¬6) عليه فإن ذلك لا يجوز عليه. ولو أقر هو بأنه قد سلم عند قاض (¬7) أو عند غيره جاز عليه. وإنما صارت الشهادة لا تجوز عليه لأنه ليس بتسليم من الوكيل إلا أن يكون عند قاض (¬8) يقضي عليه، ولأنه كالرجوع عن الشهادة في قول أبي حنيفة. ألا ترى أن رجلين لو شهدا فرجعا عند قاض (¬9) قد عزل أو عند غير قاض (¬10) عن الشهادة أن ذلك جائز عليهما وأنه رجوع منهما (¬11). ولو شهد ابنا الوكيل أن الموكل قد سلم الشفعة أجزت (¬12) ذلك كله. وكذلك أبواه وامرأته. وكذلك شهادة ابني الوكيل (¬13) على الوكالة. ولو وكل المشتري وكيلاً بالخصومة في ذلك وغاب أو مرض أجزت ذلك، ولا أجيز شهادة ابني الموكل على الوكالة، ولا شهادة ابني الوكيل ولا أبويه. وليس للوكيل أن يخاصم في شفعة أخرى وجبت بهذه الدار؛ لأنه إنما وكله بالدار الأولى، فليس له وكالة في خصومة ولا بيع ولا شراء ولا تقاضي دين ولا صلح فيه. ولو وكله بالخصومة في ¬

_ (¬1) الزيادة من الكافي، 1/ 191 ظ. (¬2) ف + له. (¬3) م ف ز: ولا. (¬4) ز: قاضي. (¬5) ز: قاضي. (¬6) ز + ذلك. (¬7) ز: قاضي. (¬8) ز: قاضي. (¬9) ز: قاضي. (¬10) ز: قاضي. (¬11) ز: منها. (¬12) م: أخرت. (¬13) ز: الموكل.

كل شفعة تكون له كان ذلك جائزاً، وكان يخاصم في كل شفعة تحدث، ولا يكون خصماً في دين ولا حق سوى شفعته، إلا أن يطلب حقاً في دار تجب (¬1) به الشفعة، وقد جحد أهل الدار ذلك الحق، فله أن يقيم عليه البينة حتى تجب له الشفعة. ألا ترى أنه لو وكله بدين يتقاضاه لم يكن له أن يبيع الرقيق. ولو وكله ببيع رقيقه لم يكن له أن يتقاضى دينه. وإذا وكل الرجل الرجل (¬2) ببيع داره فأشهد عليه وكتب كتاباً كتب: "هذا ما شهد (¬3) عليه فلان (¬4) وفلان (¬5)، شهدوا أن فلان بن فلان وكل فلان بن فلان ببيع الدار التي في بني فلان، أحد حدودها والثاني والثالث والرابع، وأجاز ما باع به (¬6) من شيء، وشهد (¬7) على شهادتهم بذلك فلان وفلان". وإذا باع الوكيل هذه الدار بشيء قليل أو كثير بنسيئة أو بنقد أو باعها بعروض أو بغيرها فهو جائز، ويأخذها الشفيع بالشفعة. ولو لم يكتب في الوكالة: أجاز ما باع به من شيء، كان هذا وذلك سواء في قول أبي حنيفة. وأما في قول أيي يوسف ومحمد فلا يجوز أن يبيعها بشيء يسير (¬8) لا يتغابن الناس في مثله، وليس له أن يبيع شيئاً من ماله غير ذلك. ولو مات رب الدار فقال الوكيل: قد كنت بعتها في حياته، لم يصدق إلا ببينة ولم تكن (¬9) فيها شفعة. وكذلك لو كانت خادم أو عبد. فإن كان العبد مستهلكاً (¬10) فالقول قوله فيه، وهو مصدق في قوله: قد بعته في حياته، بعد أن يستحلف. أستحسن ذلك وأدع القياس فيه. وإذا وكل (¬11) رجل رجلاً بأخذ شفعة له في دار ولم يعلم ما الثمن ¬

_ (¬1) ز: يجب. (¬2) ف - الرجل. (¬3) م ف ز: ما اشهد. (¬4) ز + بن فلان. (¬5) م + وفلان. (¬6) ف ز: فيه. (¬7) م ف ز: واشهد. (¬8) م - يسير. (¬9) ز: يكن. (¬10) م ز: مستهلكها. (¬11) م ز: وإذا كان.

فأخذها الوكيل بثمن كثير لا يتغابن الناس في مثله بقضاء قاض فإنها تلزم الموكل. وإن سلمها المشتري بغير قضاء قاض فأخذها الوكيل منه فهي للموكل أيضاً إن كان أخذها بما لا (¬1) يتغابن الناس في مثله؛ لأن الوكيل لم يشتر له شيئاً ولم يسلم له شيئاً، وإنما سلمها المشتري للشفيع. وإذا وكل رجل غير شفيع الشفيع أن يأخذ له الدار بالشفعة فأظهر الشفيع (¬2) ذلك فليس له أن يأخذها؛ لأنه قد أقر أنه يأخذها لغيره. وإن أسرّ ذلك حتى يأخذها ثم علم بذلك وقد سلمها المشتري له فذلك جائز على المشتري بمنزلة البيع منه، وهي للآمر. وإن كان القاضي قضى بها فإنها (¬3) ترد على المشتري الأول؛ لأنه لم يسلم له، ولأن طلب الشفيع لغيره تسليم من الشفيع للشفعة، إذا كان المشتري حاضراً أو غير حاضر فهو سواء إذا كان ذلك بعد البيع. وإذا كان للدار شفيعان فوكلا رجلاً واحداً يأخذها لهما فأخذها (¬4) لهما فهو جائز. فإن سلم شفعة أحدهما عند القاضي وأخذ للآخر (¬5) بالشفعة فهو جائز. وإن قال عند القاضي (¬6): قد سلمت شفعة أحدهما، ولم يبين أيهما هو (¬7)، ثم إنه قال: أنا أطلب بالشفعة للآخر، لم يكن له ذلك حتى يبين أيهما سلم نصيبه (¬8) ولأيهما يأخذ. وإذا وكل أحد الشفيعين المشتري ووكل أحدهما وكيلاً آخر فإن المشتري لا يكون وكيلاً في الشفعة؛ لأنه يأخذ من نفسه، فلا يكون آخذاً من نفسه. ولو كان وكل البائع بأخذ الشفعة (¬9) لم يكن له ذلك؛ لأنه هو الذي باع، فلا يكون وكيلاً في نقض (¬10) ما باع ولا في أخذه. أدع القياس في هذا وأستحسن. ¬

_ (¬1) ز - لا. (¬2) ف + في. (¬3) ز: فا. (¬4) ز: فأخذ. (¬5) م ف: الآخر. (¬6) ز - وأخذ للآخر بالشفعة فهو جائز وإن قال عند القاضي. (¬7) ز: ولم بين أحدهما هو. (¬8) ف: نصيب صاحبه. (¬9) ز: يأخذ بالشفعة. (¬10) ف: في بعض.

باب الوكالة في الشفعة

باب الوكالة في الشفعة وإذا وكل رجل رجلاً بطلب الشفعة والشفيع حاضر فإن ذلك باطل غير مقبول منه إلا أن يكون مريضاً أو يرضى بذلك الخصم أو يكون غائباً. وكذلك المرأة توكل بكراً كانت أو ثيباً. وقال أبو يوسف ومحمد: أما نحن فنقبل من المرأة والرجل الوكالة في كل شيء وإن كانت حاضرة، فإذا بلغت اليمين أرسلتُ إليها من يستحلفها. وإذا وكل الذمي المسلم بطلب الشفعة فهو جائز، ولا يقبل على المسلم بتسليم الشفعة شهود من أهل الذمة. وإذا شهدوا على وكيله وهو من أهل الذمة وقد أجاز الشفيع ما صنع الوكيل قبلت شهادتهم وأبطلت الشفعة؛ لأن الوكيل لو أقر بالإجازة والتسليم أجزت ذلك. وكذلك لو شهد عليه أهل الذمة؛ لأن شهادتهم عليه جائزة. ولو كان الموكل ذمياً والوكيل مسلم لم أقبل على الوكيل إلا شهوداً (¬1) مسلمين، وقبلت (¬2) على الذمي شهوداً من أهل الذمة. وإذا وكل رجل رجلاً بطلب شفعة (¬3) له فأخذها له ثم جاء مدع يدعي في الدار شيئاً فإن الوكيل ليس بخصم (¬4) له. ولو وجد بالدار عيباً كان له أن يردها ويخاصم (¬5) في ذلك العيب ولا ينظر إلى الذي وكله. وإذا وكل رجل رجلاً بطلب شفعة في أرض أو في دار أو في شيء مما تجب فيه الشفعة فقال: قد جعلتك وكيلاً في طلب الشفعة بكذا وكذا درهماً (¬6)، فإن كان المشتري اشتراها بكذا وكذا كما قال فهو وكيل، وإن كان اشترى بأكثر فلا وكالة له. وكذلك لو قال: قد وكلتك إن كان فلان اشتراها، فإذا الدار قد اشتراها غيره فإنه لا يكون وكيلاً. ¬

_ (¬1) ز: إلا شهود. (¬2) ز: وقلت. (¬3) ف: شفعته. (¬4) ز: يخاصم. (¬5) ف: وهو يخاصم. (¬6) ز: درهم.

باب الوكالة في الشفعة والخصومة في ذلك

وإذا وكله بطلب الشفعة في كل شفعة تجب له وبالخصومة في ذلك قبل أن يباع شيء فهو وكيل، متى ما بيع شيء له فيه شفعة فهو وكيله بالخصومة فيه، ويأخذه وكيله بأداء الثمن وقبض الدار. وإذا اشترى الرجل داراً وشفعاؤها ورثة منهم الصغير والكبير والحمل الذي لم يولد، فهم في الشفعة سواء. فإن كان وكل الكبير من يأخذ له الشفعة كان للصغير أن يشركه في ذلك إذا كبر. وكذلك الحمل إذا وضعته لأقل من ستة (¬1) أشهر منذ يوم وقع الشراء وقد مات أبوه قبل ذلك فورثه من أبيه جعلت له الشفعة أيضاً؛ لأني قد جعلت الحبل قبل البيع. وإذا اشترى الرجل داراً بجارية وتقابضا جميعاً ثم ولدت الجارية بعد الشراء لأقل من ستة أشهر فادعى البائع الولد أثبت نسبه وأبطلت البيع. وإن كنت قد قضيت بالشفعة قبل ذلك أو لم أقض بها فإنها باطل لا تجوز. وكذلك الاستحقاق. وللبائع أن يأخذ الدار من يدي الشفيع. وليس هذا كالعيب يوجد بالجارية فيردها؛ لأن البيع كان في العيب صحيحاً في الأصل. وأما الاستحقاق والتي جاءت بالولد لم يكن بيعاً، فلذلك رددت الدار إلى البائع. وأما في العيب فإنه لا يؤخذ من يدي الشفيع، وترد (¬2) على رب الدار قيمة (¬3) الجارية صحيحة. ... باب الوكالة في الشفعة والخصومة في ذلك وإذا وكل الرجل الرجل بطلب كل دين له وبالخصومة فيه (¬4) فله أن يتقاضى ما كان له من دين وما حدث له بعد ذلك. ألا ترى أنه لو وكله ¬

_ (¬1) ز: من نسة. (¬2) ز: ويرد. (¬3) ف: وقيمة. (¬4) ف - فيه.

بتقاضي كل غلة له (¬1) أو ببيعها أو بقبضها كان له أن يبيع غلة أرضه كل سنة ويقبض، وهذا شيء يحدث بعد الشيء. وكذلك إذا وكله بالخصومة في كل ميراث له فهو خصمه في كل ميراث له وما يحدث له بعد ذلك. وإذا وكله بماله لم يزد على هذا فليس بوكيل في بيع ولا شراء ولا خصومة ولا تقاضي دين، إنما هذا وكيل في الحفظ، وإنما هو قيم. وإن قال: تقاض (¬2) ديني أو أرسله يتقاضى له أو وكله، فهو سواء، وهو كله باب واحد، وله أن يتقاضى. وليس يجوز له (¬3) أن يشتري به شيئاً ولا يأخذ به عوضاً ولا يوكل بقبضه أحداً من غير عياله، وله أن يوكل به عبده أو أمته أو ابنه أو أجيره الذي هو (¬4) في عياله. وهو بمنزلة وديعة استودعها إياه رجل. فإن دفعها إلى أحد من عياله لم يضمن. وإن دفعها إلى أحد من غير عياله ضمن. وإذا وكله بتقاضي دين له من رجل بعينه يسمي ما عليه فحدث عليه دين بعد ذلك قبل أن يقضي الأول أو بعدما قضى الأول فليس الوكيل بوكيل في تقاضي ذلك الدين المحدث؛ لأنه وكله في شيء واحد محدود معروف، وليس هذا كالباب الأول. ألا ترى أنه قد جمع له في الباب الأول في ذلك كل شيء. وإذا وكل رجل رجلاً بطلب شفعة له فجاء الوكيل وقد غرق البناء أو احترق نخل الأرض فذهب فأخذها بجميع الثمن فلم يرض الذي وكله وقال: لا حاجة له (¬5) فيها وقد ذهب منها ما ذهب، فإن ذلك جائز عليه لا يستطيع رده. وكذلك لو سلم وكيله الشفعة عند القاضي كان ذلك جائزاً عليه. وكذلك لو جعله جَرِيًّا (¬6) أو وصياً في الخصومة في حياته يطلب له ¬

_ (¬1) ف - له. (¬2) ز: تقاضي. (¬3) ف - له. (¬4) ز - هو. (¬5) م ف ز - له. والزيادة من ع. (¬6) الجَرِيّ بوزن الوصي: الوكيل، لأنه يجري في أمور موكله، أو يجزي مجرى الموكل. والجمع أجرياء. انظر: المغرب، "جري".

الشفعة فله أن يقبض ذلك وينقد الثمن. ويرجع بالثمن كله على الذي وكله؛ لأنه حيث أمره بالأخذ بالشفعة والخصومة فيها فقد أمره بنقد الثمن وبقبض الشفعة. وإذا وكل رجل رجلين بالشفعة فلأحدهما أن يخاصم دون الآخر وليس له أن يأخذ بالشفعة دون الآخر؛ لأن هذا بمنزلة البيع والشراء، وأما الخصومة فلأحدهما أن يخاصم فيها دون الآخر (¬1). فإن سلم أحدهما الشفعة عند القاضي جاز ذلك على الذي وكله وعلى الآخر معه. ولو لم يسلم أحدهما الشفعة ولكنهما جميعاً أخذا الشفعة وطلب المشتري يمين الشفيع كانت له يمينه متى ما لقيه، لا يستطيع المشتري أن يمنع (¬2) هذين من أخذ الدار بطلبه يمين الآمر (¬3). ولو أخذاها جميعاً ونقداه الثمن (¬4) كان لهما أن يرجعا بالثمن على الذي وكلهما (¬5). وإذا وكل رجل رجلاً بطلب الشفعة فوكل الوكيل وكيلاً آخر كانت وكالة الوكيل الآخر باطلة لا تجوز، إلا أن يكون الآمر وكله وأجاز ما صنع من شيء فله أن يوكل غيره. وليس للوكيل الأول أن يقول للثاني: ما صنعت من شيء فهو جائز؛ لأنه لم يفوض ذلك إليه. وإذا طلب المشتري إلى الوكيل أن يكف (¬6) عنه شهراً أو سنة على أنه على خصومته وعلى شفعته فله ذلك، ولا يبطل ذلك شفعة صاحبه. وإن مات الوكيل قبل الأجل ولم يعلم صاحبه بموته فصاحبه على شفعته. فإذا مضى الأجل وعلم بموته فلم يطلب أو يبعث وكيلاً آخر يطلب له فلا شفعة له. ومقدار ذلك قدر المسير من حيث هو غائب. ¬

_ (¬1) ز - لأن هذا بمنزلة البيع والشراء وأما الخصومة فلأحدهما أن يخاصم فيها دون الآخر. (¬2) ز: أن يمتنع. (¬3) أي: الموكل. (¬4) م: اليمين. (¬5) ز: أن يرجعا على الذي وكلهما بالثمن. (¬6) م ف ز: أن يكون. والتصحيح من الكافي، 1/ 192 و.

باب شفعة أهل الذمة

باب شفعة أهل الذمة وإذا اشترى الذمي داراً أو أرضاً من ذمي أو من مسلم فللشفيع فيها شفعة. بلغنا عن شريح أنه قضى بالشفعة لنصراني على مسلم (¬1). وبلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الجار أحق بشفعته ما كان" (¬2). وكذلك لو كان المشتري مسلماً وكان الشفيع ذمياً كانت له الشفعة. وأهل الكتاب وأهل الشرك وجميع أهل الكفر والنساء والرجال والمكاتب والعبد التاجر هم في الشفعة سواء كالمسلم. وإذا اشترى النصراني داراً بميتة أو بدم فإن الشراء باطل لا يجوز، وليس فيها الشفعة. وإذا اشترى داراً بخمر أو بخنزير أجزت الشراء وجعلت فيها الشفعة. وهذا لا يشبه الأول؛ لأن الخمر والخنزير من أموال أهل الذمة له ثمن، وأما الميتة والدم فليس له ثمن. وإذا وجبت الشفعة لكافر في ذلك أخذها بقيمة الخنازير وأخذها بخمر مثل تلك الخمر في كيلها؛ لأن الخمر مخالف للخنازير، الخمر يكال ويستقرض فيما بينهم ويسلمون فيها ويجوز ذلك، والخنازير ليس كذلك. وإذا كان للدار شفيعان مسلم وكافر والثمن خمر أخذ الكافر نصف الدار بمثل نصف تلك (¬3) الخمر، وأخذ المسلم نصفاً بمثل قيمة نصف الخمر. ولو كان الثمن خنازير أخذ كل واحد منهما نصف الدار بنصف قيمة الخنازير. وإذا اشترى نصراني داراً بخمر بعينها من نصراني فلم يتقابضا حتى أسلما جميعاً أو أسلم أحدهما فإن البيع منتقض باطل لا يجوز. وكذلك لو كان أحدهما قبض الدار ولم يقبض الخمر. فإن كان الذي له الخمر قد قبض ¬

_ (¬1) تقدم بإسناد المؤلف في أوائل كتاب الشفعة. انظر: 6/ 203 ظ. (¬2) تقدم بإسناد المؤلف في أوائل كتاب الشفعة. انظر الموضع السابق. (¬3) ف - تلك.

الخمر ولم يقبض الذي له الدار فالبيع لازم له جائز عليه (¬1)؛ لأن صاحب الخمر قد قبض الخمر قبل أن يسلم وصارت من ماله، فصارت الدار للآخر. وللشفيع في جميع هذه الخصال الشفعة قبض أو لم يقبض؛ لأن إسلامهما انتقاض للبيع بعدما كان صحيحاً، كالمسلم يشتري الدار بعبد بعينه فيموت العبد قبل أن يقبض. ألا ترى أن في هذه الشفعة إن كان الشفيع مسلماً أخذها بقيمة الخمر. وإن كان كافراً أخذها بمثل ذلك الخمر إن كان الذي يؤخذ منه الدار لم يسلم. فإن كان الذي يؤخذ منه الدار قد أسلم أخذها الشفيع منه بقيمة الخمر للكافر (¬2). وإن كان المشتري والبائع كافرين وقد قبض الدار والشفيع كافر أخذها من المشتري بخمر مثلها. وإذا اشترى نصراني داراً فجعلها بِيعة فللشفيع أن يهدم البِيعة ويأخذها بالشفعة. وإن كان الشفيع نصرانياً (¬3) أو غير نصراني فهو سواء. وإذا اشترى يهودي داراً فجعلها كنيسة أو مجوسي اشترى داراً فجعلها بيت نار فللشفيع أن يأخذها بالشفعة ويهدم ذلك كله؛ لأن هذا كله (¬4) معصية فلا يبطل حق الشفيع. وإذا اشترى الرجل داراً ولها شفيع ثم مات المشتري فبيعت في دين الميت فللشفيع أن يأخذها بالبيع الأول ويبطل ذلك كله. وإذا اشترى الدار رجل نصراني بخمر ودفعها وقبض الدار والبائع ذمي ثم مات المشتري فأسلم وارثه ثم جاء الشفيع وهو ذمي كان له أن يأخذ الدار من الوارث بقيمة الخمر. وإسلام الوارث في هذا بمنزلة إسلام المشتري. وكذلك لو أسلم المشتري وأسلم الشفيع أو كان الشفيع مسلماً يوم وقع البيع إن (¬5) كان مما يكال أو يوزن؛ لأن الإسلام لا يبطل حق رجل ولا يزيده الإسلام إلا شدة، فيأخذ الدار بقيمة الخمر. وهو بمنزلة رجل ¬

_ (¬1) م ز: له. (¬2) ف: الكافر. (¬3) ز: نصراني. (¬4) ف - كله. (¬5) م ف ز: فإن.

اشترى داراً بِكُرّ رطب، ألا ترى أنه يأخذها برطب مثله، فإن ذهب الرطب أخذها بقيمته، فكذلك الأول. وإذا اشترى الذمي داراً (1) بخمر وتقابضا، ثم صارت الخمر خلًّا، ثم أسلم البائع والمشتري، ثم استحق نصف الدار، وجاء الشفيع يطلب النصف الباقي، كان له أن يأخذ النصف الباقي (¬2) بنصف قيمة الخمر، وكان للمشتري أن يرجع بنصف الخل على البائع. فإن كان البائع قد استهلكها رجع عليه بخل مثله. فإن لم لقدر على خل مثله رجع عليه بالقيمة. وإنما كان له أن يرجع بنصف الخل على البائع مِن قِبَل أن له عند البائع الدار، فلا يصير لبائع (¬3) الدار قيمة ذلك، وهو غير ثمن. ألا ترى أن الدار لو استحقت كلها أخذ الخل كله. وإذا اشترى الذمي داراً بميتة أو بدم أو بشيء مما ليس له ثمن سوى الخمر والخنازير فإن ذلك لا يجوز، ولا شفعة فيه؛ لأن البيع فاسد. وإذا اشترى الذمي كنيسة أو بِيعة فللشفيع فيها شفعة، وهي بمنزلة الدار، والبيع فيهما جائز؛ لأن صلاتهم فيها معصية، وليست البِيعة والكنيسة كالمسجد. ولو أن رجلاً باع مسجد جماعة أو أهل خطة باعوا مسجدهم أبطلت ذلك ولم أجزه (¬4)؛ لأنهم لا يملكون ذلك. ولو أن قوماً من المجوس باعوا بيت نار لهم أو قوماً من اليهود باعوا كنيسة لهم أو قوماً من النصارى باعوا بِيعة لهم أجزت البيع، وجعلت للشفيع فيها الشفعة وإن كان الشفيع مسلماً؛ لأنه يجعلها منزلاً يسكنه (¬5). وإذا اشترى الذمي من الذمي أو من مسلم أرضاً أو داراً، ورجل جار لها، ورجل آخر له فيها طريق، كان صاحب (¬6) الطريق أولى بالشفعة من ¬

_ 11) ز: شيئاً. (¬2) م ز: الثاني. (¬3) ز: للبائع. (¬4) ز: أجيزه. (¬5) ف - وإن كان الشفيع مسلماً لأنه يجعلها منزلاً يسكنه. (¬6) ز: لصاحب.

صاحب المسيل (¬1)، وهو بمنزلة الجار. وكذلك لو كان له بيت في علو أو جذع في حائط من حيطان الدار أو حَرَادِيّ (¬2) أو جذوع كان بمنزلة الجار. وكذلك لو كان له بيت في علو الدار أو سفلها غير أن طريقه في دار أخرى كان له (¬3) الشفعة بالجوار، وهو (¬4) بمنزلة الجار الملازق، وليس بمنزلة الشريك. وإذا اشترى المسلم أرضاً من ذمي فإن عليه الخراج على حالها. وكذلك لو اشتراها ذمي فأخذها مسلم بالشفعة. وكذلك لو كانت الأرض لمسلم فاشتراها مسلم كان كذلك. فإن كانت الأرض من أرض العشر فاشتراها مسلم من مسلم فعليها العشر، ولا يوضع عليها الخراج. فإن أخذها ذمي بالشفعة وضع عليها الخراج (¬5). فإن أخذها نصراني تغلبي ضوعف عليه العشر، فيكون بمنزلة الخراج. وكذلك لو كان التغلبي هو الذي اشتراها كان مثل أخذه بالشفعة. وإذا اشترى ذمي (¬6) أرضاً من أرض العشر وضع عليها (¬7) الخراج. فإن أخذها (¬8) مسلم بالشفعة وضع (¬9) عليها العشر. وإذا اشترى مسلم من مسلم أرضاً ولها ثلاثة شفعاء مسلم وذمي وتغلبي نصراني فأخذوها جميعاً بالشفعة فإنه (¬10) يكون على المسلم العشر ويضاعف على التغلبي العشر، فيكون عليه الخمس، ويؤخذ من الذمي ¬

_ (¬1) لم يذكر صاحب المسيل في تصوير المسألة، ولعل المقصود بالجار صاحب المسيل، أو سقط ذلك سهواً. وعبارة الحاكم: وصاحب الطريق الأولى بالشفعة من صاحب مسيل الماء، وصاحب المسيل بمنزلة الجار. انظر: الكافي، 1/ 129 و. (¬2) الحَرَادِيّ ما يلقى على خشب السقف من أطنان القصب، الواحد: حُرْدِيّ. انظر: المغرب، حرد. (¬3) ز - له. (¬4) ف: هو. (¬5) ف ز - فإن أخذها ذمي بالشفعة وضع عليها الخراج. (¬6) ف - ذمي. (¬7) ز + عليها. (¬8) ز - أخذها. (¬9) ز: بماضع. (¬10) ز: فا.

الخراج في حصته. وإذا اشترى الذمي من المسلم أرضاً من أرض العشر فوضع عليها الخراج ثم وجد بها عيباً يرد (¬1) منه لم يره (¬2) لم يكن له أن يردها، إن كانت قد وضع عليها الخراج أو لم يوضع، ولكنه يرجع بنقصان ما بينهما. فإن كان البيع فاسداً كان له أن يردها وتعود إلى العشر كما كانت، وليس هذا كالعيب. وإذا اشترى الرجل داراً فوجد فيها حائطاً واهياً أو ساقطاً أو جذعًا منكسراً أو شيئاً (¬3) ينقص الثمن فله أن يردها بالعيب، وللشفيع فيها الشفعة. وإذا اشترى الرجل أرضاً فوجد فيها نخلاً من نخلها متكسراً أو صاويًا (¬4)، أو وجد فيها سبخة لا ينبت فيها شيء ولم يكن رآها، أو وجد فيها شيئاً ينقص الثمن بعد أن يكون عيباً، فله أن يردها من ذلك وللشفيع فيها الشفعة. وقال أبو يوسف: إذا اشترى الذمي أرضاً من أرض العشر جعل عليها العشر مضاعفاً، وإن وجد بها عيباً ردها وعاد (¬5) عليها العشر كما كان. ألا ترى أنة في قوله: ولو باعها من مسلم رددتُها إلى العشر (¬6)، وهذا ليس بعيب. وقال محمد: إذا اشترى النصراني الأرض من أرض العشر (¬7) فعليها العشر كما كان، ولا يلتفت في هذا إلى النصراني. ألا ترى أني آخذ العشر من أرض المكاتب والصبي، فإنما العشر على الأرض لمن كانت (¬8)، ولا يلتفت إلى مالكها. ¬

_ (¬1) ز: ترد. (¬2) ز: لم يرده. (¬3) ز: أو جذع منكسر أو شيء. (¬4) الصاوي من النخل اليابس، يقال: صَوِيَت النخلة إذا عطشت وضَمِرت ويبست. انظر: لسان العرب، "صوي". (¬5) م - عاد. (¬6) وعبارة الحاكم: ألا ترى أنه في قوله لو باعها من مسلم ردها إلى عشر واحد. انظر: الكافي، 1/ 192 ظ. (¬7) م + وهذا ليس بعيب وقال محمد إذا اشترى النصراني الأرض من أرض العشر. (¬8) ز: كاتب.

باب شفعة المرتد

باب شفعة المرتد (¬1) وإذا اشترى المرتد داراً ثم قتل في ردته أو مات أو لحق بدار الحرب فالبيع باطل لا يجوز، وللشفيع فيها الشفعة. ألا ترى أن المرتد لو أسلم جاز بيعه، فكأنه بالخيار. ولو كان البائع هو المرتد فقتل أو مات أو لحق بدار الحرب بطل البيع، ولم يكن فيها شفعة، كأن البائع بالخيار. ولو أسلم البائع ولم يلحق بدار الحرب جاز البيع، وكان للشفيع (¬2) فيها الشفعة. ولو لحق بدار الحرب ثم رجع فأسلم وكان إسلامه بعد لحاقه بدار الحرب وقسمة ميراثه لم يكن للشفيع فيها شفعة؛ لأن البيع انتقض حين لحق بدار الحرب. وقال أبو يوسف ومحمد: أما نحن فنرى بيع المرتد وشراعه جائزاً (¬3) إن قتل أو مات أو لحق بدار الحرب، وللشفيع فيها الشفعة (¬4). وإذا اشترى مسلم من مسلم داراً وشفيعها مرتد فقتل في ردته أو لحق بدار الحرب أو مات فلا شفعة له ولا لورثته؛ مِن قِبَل أن الشفعة كانت للمرتد يوم وقع الشراء، فلا يجب للورثة. ولو كان المشتري ذمياً واشتراها من ذمي والشفيع مرتد والثمن أرطال من خمر مسماة فأسلم المرتد كان له الشفعة بقيمة الخمر. وإذا كان الشفيع امرأة مرتدة فلها الشفعة في حال ردتها. وكذلك لو كانت هي التي باعت كان للشفيع الشفعة وإن ماتت أو لحقت بدار الحرب؛ لأن بيع (¬5) المرأة المرتدة وشراءها جائز، وليست المرأة كالرجل. وإذا كان الشفيع مرتداً فطلب أخذ الدار بالشفعة وهو مرتد لم يقض (¬6) له القاضي بذلك إلا أن يسلم. فإن أبطل القاضي شفعته ثم أسلم بعد ذلك فلا شفعة له. وإن وقفها القاضي حتى ينظر ثم أسلم فهو على شفعته. وإن ¬

_ (¬1) م: المرتدة. (¬2) ز: لشفيع. (¬3) ز: جائز. (¬4) م ز: شفعة. (¬5) م ف ز: البيع. (¬6) م ز: لم يكن يقضي.

لم يطلب الشفعة ثم أقام أياماً ثم أسلم فلا شفعة له؛ مِن قِبَل أنه قد علم بالشراء (¬1). وإذا اشترى الرجل داراً وشفيعها مرتد فسلم ورثته الشفعة ثم قتل المرتد أو مات قبل أن يسلم فليس لورثته أن يأخذوا بالشفعة، مِن قِبَل أن المرتد كان حياً (¬2) يوم وقعت الشفعة، ولم تقع الشفعة لورثته، فإذا قتل المرتد أو مات بطلت الشفعة. ولو كان المرتد قد لحق بدار الحرب ثم بيعت الدار قبل قسمة (¬3) ميراثه ثم قسم ميراثه كان لورثته الشفعة؛ مِن قِبَل أن الميراث قد وجب لهم يومئذ. ألا ترى أنه لو كان للمرتد ابن كافر فأسلم الابن بعد لحاق أبيه بدار الحرب لم يكن له ميراث، وإنما الميراث لورثته يوم يلحق بالدار، فكذلك الشفعة لهم. وإذا باع المرتد داراً من مسلم بخمر ثم قتل فإن البيع باطل، ولا شفعة فيها. وكذلك لو ماتد وكذلك لو لحق بدار الحرب. وإذا اشترى المرتد داراً من مسلم بخمر أو من ذمي بخمر فالبيع باطل، ولا شفعة فيها، وليس المرتد في هذا كأهل الذمة. وإذا اشترى الرجل داراً وشفيعها مرتد فسلم الشفعة ثم أسلم فلا شفعة له. وكذلك لو لم يسلم ولحق بدار الحرب قبل أن يسلم بطلت شفعته، ولا تكون (¬4) لورثته؛ لأنها إنما وجبت له. فإن جاء بعد ذلك مسلماً لم تكن (¬5) له شفعة؛ لأنها قد بطلت. وكذلك المرأة المرتدة إذا لحقت بدار الحرب بطلت شفعتها. وإذا باعت المرأة المرتدة داراً أو اشترت وهي مرتدة فذلك جائز. وكذلك لو كان لها الشفعة كان لها أن تأخذ بالشفعة، وليس المرأة في هذا كالرجل في قول أبي حنيفة. فإن أخذت بالشفعة ثم ماتت في ردتها أو ¬

_ (¬1) م: الشراء. (¬2) ف: كان جا. (¬3) م - قسمة. (¬4) ز: يكون. (¬5) ز: لم يكن.

باب شفعة الحربي المستأمن

لحقت بدار الحرب فالدار لورثتها. فإن كانت لم تنقد الثمن فهو دين في مالها، يبدأ به قبل الميراث. ... باب شفعة الحربي المستأمن وإذا اشترى الحربي المستأمن أرضاً أو داراً فللشفيع فيها الشفعة. فإن كان لها شفيعان مسلم وذمي أو حربي مستأمن فهما في الشفعة سواء. وكذلك لو كان معهما مكاتب أو امرأة أو عبد تاجر كانوا في الشفعة سواء. ولو كان رجل له شقص في دار (¬1) وللآخر بقية الدار أو كانت دار (¬2) واحدة لرجل ولآخر (¬3) داران (¬4) كانت الشفعة بينهما سواء. إنما الشفعة على عدد الرجال، وليست على قدر الأنصباء. وكذلك لو أن داراً بيعت ولها شفيعان أحدهما له ثلاث دور وللآخر (¬5) دار واحدة كانت الشفعة بينهما نصفين. وإذا اشترى الحربي المستأمن أرضاً فزرعها فجاء الشفيع يطلب الأرض بالشفعة فإن له أن يأخذ الأرض، ويقلع المشتري زرعه في القياس، ولكني أستحسن أن أترك زرعه فيها حتى يحصد، ثم يأخذها الشفيع. وكذلك لو كان المسلم هو المشتري والشفيع حربي مستأمن أو ذمي. وإذا اشترى الرجل داراً في دار الحرب وهو مسلم وإلى جنبها دار مسلم ثم أسلم أهل الدار جميعاً فلا شفعة للشفيع؛ لأن المشتري والشراء كان بحيث لا يجري عليه حكم المسلمين. وكذلك لو ظهر على الدار أو صارت ذمة. وإذا اشترى الرجل المستأمن داراً، ثم لحق بدار الحرب فللشفيع ¬

_ (¬1) ف - في دار. (¬2) ز: دارا. (¬3) ف: والآخر. (¬4) ز: دارين. (¬5) ف: والآخر.

الشفعة متى ما لقي المشتري. فإن كان المشتري وكل بالدار من يقوم عليها ويحفظها فلا خصومة بينه وبين الوكيل. وكذلك لو كان الشفيع ذمياً. فإن كان الشفيع هو الحربي فلا شفعة له حيث لحق بدار الحرب وانقطع الحكم عنه، علم بالشفعة أو لم يعلم. وإذا اشترى الحربي المستأمن (¬1) داراً وشفيعها حربي مستأمن فدخلا جميعاً دار الحرب فهو على شفعته إذا علم. وإن دخل وهو يعلم بالشفعة ولم يطلبها بطلت شفعته حين غاب وترك طلب الشفعة. وإذا طلب الشفيع الشفعة ثم عرض له سفر إلى دار الحرب أو غيرها فخرج فهو على شفعته إذا كان قد أشهد على طلبها. وكذلك لو كان المشتري هو أخره وضرب له أجلاً معلوماً بعد أن يكون الشفيع قد أشهد على طلبه الشفعة. وكذلك لو كان المشتري هو سأله أن يؤخره شهراً أو سنة كان الشفيع على شفعته في ذلك كله ما خلا خصلة: أن يكون من أهل الحرب مستأمناً فيلحق بالدار فتنقطع عنه الأحكام فلا تكون له شفعة في شيء من ذلك. وإن كان الشفيع مستأمناً من أهل الحرب فوكل بطلب الشفعة ولحق بدار الحرب فلا شفعة له. وإذا كان الشفيع مسلماً أو ذمياً فوكل رجلاً مستأمناً من أهل الحرب فدخل الحربي دار الحرب فالشفيع على شفعته وبطلت وكالة الحربي. أرأيت إن كان وكيله مات أليس الشفيع على شفعته. ليس هذا كالباب الأول. ألا ترى أن الشفيع مقيم في دار الإسلام ليس هو في دار الحرب تجري عليه الأحكام. وإذا سلم وكيل الشفيع الشفعة عند القاضي فذلك جائز على صاحبه ذمياً كان أو مسلماً أو حربياً مستأمناً فهو سواء. ... ¬

_ (¬1) ف - المستأمن.

باب الشفعة في الصلح

باب الشفعة في الصلح وإذا ادعى رجل في دار (¬1) دعوى أو ميراثاً أو (¬2) حقاً أو غيره ولم يسمه فصالحه بعض أهل الدار على صلح بمال على أن جعل ذلك له خاصة فطلب بقية أهل الدار الشفعة وقد كان الصلح على إقرارهم فلهم الشفعة في ذلك. ولو صالحه بغير إقرار سئل المصالح بينة على دعوى الذي صالحه. فإذا أقام بينة على ذلك أخذه وكان لهم أن يطلبوا بحصتهم من الشفعة. ولو صالحه على عروض أو على شيء مما يكال أو يوزن كان مثل ذلك أيضاً، وأخذوها بقدر قيمة العروض على الحصص. ولو صالحه على سكنى دار له أخرى سنين مسماة لم يكن في ذلك شفعة؛ لأنه لم يعطه مالاً. ألا ترى أنه لو استأجره سنة بدار لم يكن فيها شفعة. ولو صالحه من دم عمد على دار لم يكن فيها شفعة، لأن هذا ليس بمال، إنما هو بمنزلة النكاح والخلع. وإذا ادعى رجل على رجل حقاً في دار أو أرض فصالحه على دار فللشفيع فيها الشفعة بقيمة ذلك الحق، والقول قول المصالح الذي أخذ الدار في قيمته. وكذلك لو ادعى مالاً ديناً أو وديعة أو مضاربة أو ميراثاً (¬3). وكذلك لو ادعى جراحة خطأ أو دماً (¬4) خطأ يجب فيه أرش أو ادعى استهلاك حيوان من رقيق أو غير ذلك فصالح على دار ففي ذلك كله الشفعة. القول في قيمة ذلك قول الآخذ إلا أن يقيم الشفيع البينة فيؤخذ ببينة الشفيع. ولا يؤخذ ببينة المصالح وإن شهدوا على أكثر من ذلك في قياس قول أبي حنيفة ومحمد. وفيها أقول آخر، قول أبي يوسف: إنه يؤخذ بها. وإذا صالح الرجل على سكنى دار أوصي له بها أو على خدمة عبد ¬

_ (¬1) ف - في دار، صح هـ. (¬2) ف ز - أو. (¬3) ف - وكذلك لو ادعى مالاً دينا أو وديعة أو مضاربة أو ميراثا. (¬4) ز: أو دم.

أوصي له به فصالحه من ذلك على بيت أو حائط فلا شفعة في ذلك؛ مِن قِبَل أن دعواه لم تكن (¬1) مالاً، إنما كانت بمنزلة القصاص والنكاح والخلع. وإذا ادعى رجل مالاً فصالح على حائط من دار فللشفيع أن يأخذه بالشفعة. ولو صالح على أن توضع له جذوع في حائط أو يكون له موضعها أبداً أو سنين معلومة كان للشفيع في القياس الشفعة، ولكن القياس يفحش، فلا نقول فيه بالقياس، ويبطل (¬2) الصلح والشفعة. أرأيت لو صالحه على أن يضع على حائط له حَرَادِيّ (¬3) أكان يكون (¬4) فيه الشفعة، أو صالحه على أن يضع (¬5) جذعاً له في حائط أكان يكون فيه الشفعة. وكذلك لو صالحه على أن صرف مسيل مائه إلى دار لم يكن لجار الدار الشفيع أن يأخذ مسيل مائه بالشفعة. ألا ترى أن هذا المسيل لا يحوّل عن حاله، وأن هذا الشفيع لو كان له أن يأخذه بالشفعة لم يستطع (¬6) أن يسيل فيه إلا (¬7) من حيث وجب فيه أول مرة. وقد كان ينبغي في القياس أن يأخذه بالشفعة، ولكنا تركنا القياس، ونبطل الصلح. ولو صالحه على أن أجرى له طريقاً محدوداً معروفاً في دار كان للجار الملازق (¬8) أن يأخذ ذلك بالشفعة، وليس الطريق في هذا كمسيل الماء. ألا ترى أن الرجل يكون شفيعاً بالطريق شريكاً به ولا يكون شريكاً بوضع (¬9) الجذع في الحائط والحَرَادِيّ (¬10) ولا مسيل الماء. والقياس في هذا كله أنه سواء، ولكنا نستحسن. وإذا صالح الرجل من مال له على سكنى دار سنين مسماة فلا شفعة في هذا؛ لأن هذا إجارة. وكذلك لو صالحه على أن يزرع أرضه سنين فلا شفعة في شيء من ذلك. ¬

_ (¬1) ز: لم يكن. (¬2) ز: وتبطل. (¬3) تقدم تفسيره قريباً. (¬4) ف - يكون. (¬5) م ف ز: أن يدع. وكذلك الكافي، 1/ 193 و. والتصحيح من المبسوط، 14/ 175. (¬6) ز: لم يستطيع. (¬7) ز: ولا. (¬8) ف: الملاصق. (¬9) م ز: بموضع. (¬10) م ز: والجرادي. وقد تقدم تفسيره قريبا.

باب شفعة اللقيط

وإذا ادعى رجل على رجل ألف درهم فأقر أو أنكر (¬1) فصالحه منها على دار فسلم الشفيع ثم أقر (¬2) أنهما تصادقا أنه لم يكن (¬3) عليه شيء فرد الدار عليه بقضاء قاض (¬4) أو بغير قضاء قاض (¬5) فلا شفعة فيها. ألا ترى أن الرجل لو اشترى داراً فسلم الشفيع الشفعة ثم أقر أنها تلجئة وأن الشراء كان باطلاً رددت الدار على البائع ولم يكن فيها شفعة. ولكن الشفيع لو لم يعلم ولم يسلم كان له أن يأخذ بالشفعة، ولا يصدقان عليه في شيء من ذلك وإن قضى به القاضي. وإذا ادعى رجل على رجل طعاماً أو شيئاً (¬6) مما يكال أو يوزن فصالحه من ذلك على دار ثم تصادقا أنه لم يكن عليه شيء فهذا مثل الباب الأول؛ إن كان الشفيع قد سلم فلا شفعة له، وإن لم يكن سلم فله أن يأخذ بالشفعة. ولو أن رجلاً ادعى على رجل ألف درهم فأنكر أو أقر ثم باعه بها داراً فسلم (¬7) الشفيع الشفعة ثم تصادقا أنه لم يكن له (¬8) عليه شيء ضمن الألف ولم يرجع الدار إلى البائع. ولو لم يكن الشفيع سلم الشفعة كان له أن يأخذها بالشفعة. ... باب شفعة اللقيط وإذا اشترى الرجل داراً ولقيط صغير جار لها بدار (¬9) له واللقيط في حجر الذي التقطه فليس للذي هو في حجره أن يأخذ له بالشفعة؛ لأن هذا شراء. ولا يجوز أن يشتري له؛ لأن هذا ليس بوصي ولا والد. ولكن لو وهب له شيء فقبضه (¬10) جاز ذلك عليه. وكذلك ليس له أن ¬

_ (¬1) ز: فأقروا وأنكر. (¬2) ف ر- أقر. (¬3) ز: لم تكن. (¬4) ز: قاضي. (¬5) ز: قاضي. (¬6) ر: أو شي. (¬7) ز: فلسلم. (¬8) م - له. (¬9) ز: بداز. (¬10) ز: يقبضه.

ينفق عليه ولا يشتري له بدرهم مما (¬1) سواه شيئاً ولا يبيع له شيئاً. فإن كان أمره القاضي أن يشتري له ما لا بد له منه (¬2) من طعامه وكسوته فذلك جائز عليه؛ لأن القاضي قد جعله قَيِّماً عليه. ولو أن القَيِّم أراد أن يشتري له داراً ويبيع له داراً ويأخذ له بالشفعة بعد أن يكون القاضي قد جعله وصياً في ذلك فإن ذلك جائز؛ لأن القاضي قد ولاه ذلك وأمره به. فإذا لم يجعل له القاضي وصياً في ذلك واللقيط صغير فهو على شفعته إذا أدرك. وإن سلم الذي هو في (¬3) حجره الشفعة فتسليمه غير جائز. فإن كان له وصي قد جعله القاضي وأمره بالشراء له (¬4) والبيع فتسليمه الشفعة عليه جائز. وكذلك وصي اليتيم. وكذلك الأب يسلم شفعة (¬5) ابنه الصغير في قول أبي حنيفة وأبي يوسف (¬6). وقال محمد: تسليم هؤلاء جميعاً للشفعة على الصغير باطل، إنما لهم أن يأخذوا لهم بالشفعة، وليس لهم أن يسلموا. وهو قول زفر. وإذا كان اللقيط في حجر مكاتب أو ذمي أو امرأة أو يهودي أو نصراني فليس يجوز له أن يبيع شيئاً من ذلك ولا يشتري له ولا يأخذ له بالشفعة ولا يسلم عليه شفعة. وإذا وهب للقيط (¬7) هبة فقبضها الذي (¬8) هو في (¬9) حجره فإنه أستحسن ذلك وأدع القياس فيه، فأجيزه استحساناً. وكذلك الصدقة والنحلى والعمرى والعطية فهو بمنزلة الهبة في هذا الباب كله. وإذا كان اللقيط جارية فليس للذي هي في (¬10) حجره أن يزوجها. فإن زوجها لم يجز ذلك عليها. ألا ترى أن الوصي لا يجوز له أن ينكح اليتيم يكون في حجره، إذا كان الولي غيره فاللقيط أبعد (¬11) من الذي هو في حجره. بلغنا عن شريح وإبراهيم أنهما قالا: ليس النكاح إلى الأوصياء (¬12). وإن أوصى ¬

_ (¬1) م ز: فما. (¬2) ف - منه. (¬3) ز - في. (¬4) ز - له. (¬5) ز: الشفعة. (¬6) ز + ومحمد. (¬7) ز: اللقيط. (¬8) ف: للذى. (¬9) ز - في. (¬10) ز - فى. (¬11) ز: بعد. (¬12) روي عن إبراهيم كذلك، لكن روي عن شريح عكسه. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 478.

أبو اليتيم إليهم بذلك؛ لأنه مأمور ليس بولي، فإذا مات الآمر خرج المأمور من الأمر، إنما النكاح إلى الأولياء. وإذا وهب الذي (¬1) اللقيط في حجره للقيط (¬2) هبة فأعلنها وأراها الشهود وأبانها فهو جائز؛ لأنه في حجره ولأن قبضه له قبض. وكذلك لو كان اللقيط قد عقل ولم يحتلم فهو سواء. وكذلك لو كانت جارية. وإذا كان للقيط (¬3) مال فاشترى به الذي هو في حجره للقيط (¬4) داراً فهو ضامن للمال، والدار له، وللشفيع فيها الشفعة. فإن لم (¬5) يأخذها الشفيع وأدرك اللقيط وأراد أخذها فمنعه المشتري فذلك له؛ لأنه إنما اشترى الدار بالمال لنفسه، ويضمن المال. فإن كان للقيط دار إلى جانبها فله أن يأخذها بالشفعة. فإن كان للدار شفيعان أحدهما اللقيط فأخذها الشفيع فإن للقيط أن يأخذ منه نصف الدار. وإذا اشترى الرجل الذي اللقيط في حجره للقيط داراً بعبد للقيط أو بجارية فإن ذلك لا يجوز على اللقيط. وإن قبض الدار ودفع الجارية أو العبد فلا شفعة في ذلك بعد أن يكون العبد والجارية للقيط فلا شفعة في ذلك؛ لأن البيع فاسد. وإذا اشترى الرجل داراً فأشهد عليه في حائط منها مائل فلم ينقضه حتى أخذها اللقيط بشفعته فلا شيء على المشتري ولا على اللقيط. فإن تقدم إلى اللقيط فلم يهدم حتى وقع فأصاب إنساناً فهو على بيت المال. فإن لم يسقط الحائط حتى يأخذ شفيع آخر نصف الدار بشفعته ثم سقط الحائط لم يكن على الشفيع الآخر ضمان، وضمن الأول النصف، ولا شيء على الشفيع الآخر؛ لأنه لم يتقدم إليه. فإن سلم الشفيع شفعته فأخذ الدار شفيع آخر فلا شيء عليه أيضاً. ¬

_ (¬1) ف - الذي. (¬2) ز: اللقيط. (¬3) ز: اللقيط. (¬4) ز: اللقيط. (¬5) ز - لم.

باب الشفعة في البناء وغيره

باب الشفعة في البناء وغيره (¬1) وإذا اشترى الرجل داراً بألف درهم ونقدها وقبض الدار (¬2) ثم جاء الشفيع فقال المشتري: أحدثت فيها هذا البناء، وكذبه الشفيع وقال: كان هذا البناء فيها، فإن القول في ذلك قول المشتري، ويقلع بناءه، ويأخذ الشفيع ما بقي بالشفعة. فإن أقام الشفيع البينة أنه اشترى هذا البناء مع الدار فأقام المشتري البينة أنه أحدث هذا البناء بعد الشراء فإني آخذ ببينة الشفيع؛ لأنه هو المدعي، ولأن المشتري قد أقر بأنه قد اشتراه مع الدار، فإقراره يبطل شهادة شهوده. وكذلك لو اشترى أرضاً بثمن مسمى وقبضها ونقد الثمن فجاء الشفيع فقال المشتري: أحدثت (¬3) هذا النخل فيها والشجر والكرم والزرع، وقال الشفيع: بل اشتريتها وهذا فيها، فالقول في ذلك قول المشتري مع يمينه، وعلى الشفيع البينة، ولا يصدق البائع على شيء من ذلك، ولا يقبل قوله في ذلك. فإن أقام الشفيع والمشتري بينة أخذت (¬4) ببينة الشفيع، وهذا والبناء سواء. وإن أقر المشتري أنه اشتراها قبل ذلك بيوم وقال (¬5): قد (¬6) أحدثت هذا النخل والشجر فيها، لم يصدق على ذلك؛ لأن مثل هذا لا يحدث في يوم. وكذلك (¬7) كل ما أشبه هذا من البناء وغيره. وإن قال المشتري: اشتريتها منذ عشر سنين وأحدثت (¬8) فيها هذا البناء، وقال الشفيع: بل اشتريتها وهذا فيها، فإن القول قول المشتري مع يمينه، وعلى الشفيع البينة. وإذا اشترى الرجل داراً ونقد الثمن فجاء الشفيع يطلب الشفعة وقد قبض المشتري الدار فقال المشتري: اشتريت البناء بخمسمائة درهم، ¬

_ (¬1) ز - باب الشفعة في البناء وغيره. (¬2) ز: وقبضها لدار. (¬3) ز: أحدث. (¬4) ز: أخذ. (¬5) ز: قال. (¬6) ز - قد. (¬7) م ز: فكذلك. (¬8) ف: عشرين سنة أو أحدثت؛ ز: وأحدث.

واشتريت الأرض بغير بناء بخمسمائة درهم، ثم اشتريت البناء بعد ذلك، فلا شفعة لك في البناء، وقال الشفيع: بل اشتريتهما جميعاً معاً، فإن القول في ذلك قول الشفيع، ويأخذها جميعاً بألف درهم، ولا يصدق البائع على شيء من ذلك. وهذا استحسان. وأما القياس فإن القول قول المشتري، ولكني استحسنت ذلك. ولو قال المشتري: وهب لي البناء (¬1) هبة، ثم باع الأرض بعد ذلك مني بألف درهم، أو قال: باعني الأرض بألف درهم بغير بناء، ثم وهب لي (¬2) البناء بعد ذلك، وقال الشفيع: بل اشتريتهما جميعاً بألف درهم، فمان القول قول المشتري مع يمينه، ويأخذ الشفيع الأرض بغير بناء بألف درهم إن شاء أو يتركء ولا يصدق المشتري على رب الدار البائع. إن قال البائع: لم أهب لك البناء، فإن القول قوله مع يمينه، ويأخذ البناء. ولو قال البائع: قد وهبته لك، كانت الهبة جائزة. وكذلك الأرض والنخل والزرع والشجر. وإن قال المشتري: وهب لي هذا البيت بطريقه إلى باب الدار، وباعني ما بقي من الدار بألف درهم، وقال الشفيع: بل اشتريت الدار كلها بألف درهم، فإن القول قول المشتري مع يمينه، ويأخذ الشفيع الدار كلها غير البيت وطريقه. وإن جحد الواهب هبة البيت فالقول قوله مع يمينه، ويأخذ البيت وطريقه. فإن أقر (¬3) بالهبة كان البيت للموهوب له، ولا يصدقان على الشفيع، ولا يبطل بقولهما؛ لأن الموهوب له يقول: أنا شريك وأنت جار فلا شفعة لك معي، فإنهما لا يصدقان على إبطال الشفعة، ولكنهما يصدقان في الهبة على أنفسهما في البيت وطريقه. ولو قامت البينة على الهبة قبل الشراء كان صاحبهما أولى بالشفعة من الجار. ولو ادعى الشفيع أن المشتري قد هدم طائفة من بناء الدار وكذبه (¬4) المشتري فإن القول قول المشتري مع يمينه. فإن أقاما (¬5) جميعاً البينة أخذت ببينة الشفيع وألقيت عنه من الثمن بحساب ذلك. ¬

_ (¬1) ز: ذلك. (¬2) ز - لي. (¬3) ف - أقر. (¬4) ز: أو كذبه. (¬5) ف: فإن أقا.

وإذا اشترى الرجل أرضاً فيها نخل وشجر وزرع وقبضها ونقد الثمن فجاء الشفيع يطلب بالشفعة (¬1) فقال المشتري: اشتريت النخل والزرع والشجر (¬2) بخمسمائة درهم على أن أقلعه، ثم اشتريت الأرض بعد ذلك بخمسمائة درهم (¬3)، وقال الشفيع: بل اشتريتهما جميعاً بألف درهم، فإن القول قول المشتري مع يمينه في القياس. ولكني أدع القياس وأستحسن أن يأخذها الشفيع بألف درهم كلها. ولو قال الشفيع: اشتريت النخل والشجر والزرع بخمسمائة درهم على أن تقلعه، واشتريت الأرض بعد ذلك بخمسمائة درهم، وقال المشتري: اشتريتهما جميعاً بألف درهم، فإن القول قول المشتري مع يمينه، ويأخذها الشفيع بألف درهم أو يدع. ولو كان المشتري هو الذي (¬4) ادعى هذا وكذبه الشفيع فطلب المشتري يمين الشفيع كان له أن يستحلفه على علمه. فإن حلف أخذهما (¬5) جميعاً. وإن نكل عن اليمين أخذ الآخر بخمسمائة درهم. وإذا اختصم رجلان فأقام أحدهما البينة أنه اشترى هذه الدار من فلان بألف درهم ونقده الثمن، وأقام الآخر البينة أنه اشترى منها هذا البيت بطريقه من فلان بمائة (¬6) درهم ونقده الثمن منذ شهر، فإني أقضي بالبيت لصاحب الشهر، وأجعله أولى، وأقضي له بالشفعة فيما بقي من الدار؛ لأنه وقت، ولم يوقت الآجر. ولو لم يوقت واحد منهما قضيت بالبيت بينهما نصفين، وبقية الدار للذي أقام البينة على الدار كلها، ولا شفعة لواحد منهما قِبَلَ صاحبه. وإذا كانت داران ملتزقتين فأقام رجل البينة أنه اشترى إحداهما منذ شهر من فلان بألف درهم، وأقام الآخر البينة أنه اشترى الدار الأخرى من فلان بألف درهم منذ شهرين، قضيت للأول (¬7) بالدار (¬8)، وقضيت ¬

_ (¬1) ف: الشفعة. (¬2) ز: والشجر والزرع. (¬3) ف - على أن أقلعه ثم اشتريت الأرض بعد ذلك بخمسمائة درهم. (¬4) م - الذي. (¬5) ز: أخذها. (¬6) ف: بألف. (¬7) ز: بالأول. (¬8) ز: بالداز.

له بالشفعة بالدار (¬1) الأخرى. ولو لم توقت واحدة منهما قضيت لكل (¬2) واحد منهما بداره (¬3)، ولم أقض له بالشفعة. وكذلك لو كان أحدهما قد قبض ولم يقبض الآخر فإني لا أقضي (¬4) لواحد منهما بالشفعة. ولو وقت أحدهما شهراً ولم يوقت الآخر شيئاً قضيت لصاحب الشهر بالشفعة. وكذلك لو كان أقام البينة على هبة أو صدقة وعلى القبض منذ شهر وأقام الآخر البينة أنه اشترى الدار الأخرى ولم يوقتوا (¬5) وقتاً فإني أقضي بالشفعة لصاحب الوقت. وإذا كان الدرب غير نافذ وفيه دور لقوم فباع رجل من أرباب تلك الدور بيتاً شارعاً في السكة العظمى ولا طريق له في الدرب فإن لأصحاب الدرب أن يأخذوا ذلك البيت بالشفعة. فإن سلموا الشفعة فهو جائز. وإن باع المشتري البيت بعد ذلك فلا شفعة لأهل الدرب؛ لأنه لا طريق للبيت في الدرب. ولا شفعة لأهل الدرب؛ لأن الشرك (¬6) قد انقطع. ولصاحب الدار أن يأخذ البيت بالشفعة بالجوار. وكذلك لو باع قطعة من الدار بغير طريق لها فلهم الشفعة. وإن سلموا ثم باع المشتري القطعة فلا شفعة لأهل الدرب، ولصاحب الدار الشفعة بالجوار. وهذا بمنزلة البيت حيث لم يكن له طريق في الدار ولا في الدرب، فقد انقطع شرك ما بينه وبين أهل الدرب. وإذا كان درب غير نافذ في أقصاه مسجد خطة وباب المسجد في الدرب وظهر المسجد وجانبه الآخر في الطريق الأعظم فباع رجل من أهل الدرب داره فلا شفعة لأهل الدرب فيها إلا للجار الملازق؛ لأن المسجد بمنزلة الطريق الأعظم النافذ. ألا ترى أن المسجد لا يملكه أحد وأنه بمنزلة فناء في موضعه نافذ إلى السكة العظمى. ولو كان حول المسجد دور تحول بينه وبين الطريق الأعظم كان لأهل الدرب شفعة بالشرك؛ لأن المسجد الآن ليس بطريق نافذ. ألا ترى أن المسجد لو لم يكن في موضعه كان فناء غير ¬

_ (¬1) ف: في الدار؛ ز: بالداز. (¬2) م: لكيل. (¬3) ز: بدازه. (¬4) ز: لم أقض. (¬5) م: ولم يوقتول. (¬6) ف: الشريك.

نافذ. ولو كان موضع المسجد دار (¬1) فيها طريق إلى الدرب يخرج من باب آخر فيها إلى الطريق الأعظم، فإن كان طريقاً للناس ليس لأهل الدرب أن يمنعوه فلا شفعة لأهل الدرب إلا بالجوار. وإن كان طريقاً لأهل الدرب خاصة ليس (¬2) للعامة فإن أهل الدرب شفعاء في الشرك بالطريق. وإذا كان الدرب غير نافذ ليس فيه مسجد، فاشترى أهل الدرب من رجل داره وهو من أهل الدرب، وظهر الدار إلى الطريق الأعظم، فاتخذوها مسجداً وجعلوا بابه في الدرب، ولم يجعلوا له في الطريق الأعظم باباً، أو جعلوا له باباً في الطريق الأعظم ثم باع رجل من أهل الدرب داره، فإن أهل الدرب أولى بها بالشفعة بالشرك (¬3) في الطريق؛ لأنهم كانوا شركاء قبل المسجد، ولا ينقص المسجد شركهم وحقهم. وليس هذا كالمسجد الخطة الذي كان في الأصل، إذا كان بينهم خطة فلم يكن بينهم شرك قط. وإذا كان محدثًا فقد كان شركهم في الدرب تاماً قبل المسجد؛ لأن الطريق قد كان لهم، وهو غير نافذ. وقال أبو حنيفة: لو أن رجلاً اشترى داراً واتخذها مقبرة أو خاناً ينزلها الناس أو جعلها كلها طريقاً فهذا كله باطل، وهو كله ميراث ما خلا المسجد. وإذا اشترى الرجل داراً وهو شفيعها ولها شفيع غائب ثم إن هذا المشتري تصدق ببيت منها وطريقه على رجل وقبضه، ثم باعه ما بقي منها، ثم قدم الشفيع الأول فطلب الشفعة الأولى، فإنه ينقض الصدقة وينقض البيع الآخر، ويأخذ نصف الدار جميعاً بالبيع الأول، ويكون النصف الباقي للمشتري (¬4) الأول. ولا تجوز الصدقة؛ لأن الشفيع قد استحق نصف الدار ¬

_ (¬1) ز: دارا. (¬2) ز - يخرج من باب آخر فيها إلى الطريق الأعظم فإن كان طريقا للناس ليس لأهل الدرب أن يمنعوه فلا شفعة لأهل الدرب إلا بالجوار وإن كان طريقا لأهل الدرب خاصة ليس. (¬3) ف - بالشرك، صح هـ. (¬4) م: المشتري.

ونصف البيت بالشفعة، فلا يجوز البيع الثاني، لأن الشفيع الأول قد استحق نصف الدار. ولو أن داراً بين رجلين باع أحدهما موضعا فيها (¬1) محوزًا لم يجز ذلك، فكذلك هذه المسألة. فإن باع ما بقي من الدار كلها جاز جميع نصيبه إن كان باع ذلك من المشتري الأول. وإن كان من غيره فبيع الأول والثانى (¬2) باطل. ألا ترى أنه لو باع جذعًا في حائط على أن يقلعه ويسلمه له أن البيع باطل. فإن سلمه هو للمشتري جاز البيع، وإلا فهو باطل. وإذا كان لرجل إلى جنبها دار فتصدق أحدهما بالحائط الذي يلي دار جاره على رجل وقبضه ثم اشترى منه ما بقي من الدار فليس للجار (¬3) شفعة؛ لأن صاحب الحائط أقرب جواراً (¬4) منه. ولو اشترى رجل حائطاً بأرضه كانت فيه شفعة لجاره. (¬5) وكذلك رجل اشترى نخله بأصلها فإن فيها الشفعة. [قلت:] وإذا كان منزل لرجل في دار إلى جنبه في تلك الدار منزل آخر (¬6) لرجل آخر، وحائط بين المنزلين بين الرجلين نصفين، وفي الدار منازل سوى هذين المنزلين، وللمنازل كلها طريق في الدار إلى باب الدار (¬7) الأعظم، والدار في درب غير نافذ، وفي الدرب دور أخرى (¬8) غير هذه الدار، فباع رب أحد المنزلين منزله، أيهم أحق بالشفعة؟ قال: الشريك في الحائط أحق بالشفعة في جميع المنزل؛ لأنه أقرب شركة. فإن سلم الشفعة فالشركاء في الطريق الذي في الدار أحق بالشفعة (¬9). فإن سلم الشركاء في الطريق الذي في الدار الشفعة فالشركاء في الطريق الذي في الدرب أحق بالشفعة. فإن سلم الشركاء في الدرب فالجيران الملازقون (¬10) للدار التي (¬11) ¬

_ (¬1) ف: منها. (¬2) ف: فبيع الثاني والأول. (¬3) ز: للجاز. (¬4) ز: جوازا. (¬5) ز: لجازه. (¬6) ف - آخر. (¬7) م ف ز: دار. (¬8) ز: أخر. (¬9) ف هـ + في جميع المنزل لأنه أقرب شركة؛ ف + فإن سلم الشفعة فالشركاء في الطريق الذي في الدار أحق بالشفعة. (¬10) ف: الملاصقين؛ ز: الملازقين. (¬11) ز: الذي.

هذا المنزل فيها أحق بالشفعة، وهم (¬1) شركاء فيه، الملازق للمنزل (¬2) منهم والملازق لأقصى الدار سواء، إذا كانوا ملازقين (¬3) للدار التي فيها هذا المنزل فهم شركاء في الشفعة ولو كان بعضهم أقرب إلى المنزل من بعض. وقال أبو يوسف: قال أبو حنيفة في سكة ليس لها منفذ، باع رجل منهم داراً منها، قال: هي بينهم بالشفعة، هم فيها سواء. وإن كان زقاق فيه عَطْف (¬4) مُدَوَّر فكذلك أيضاً هو بينهم جميعاً بالشفعة. وإن كان العِطْف مُرَبَّعاً فباع رجل منهم داره كان لأصحاب العِطْف دون أصحاب السكة. وإن بيع في السكة دار (¬5) كانوا هم فيه شركاء. [قلت:] رجل ذكر أنه باع داره من فلان بألف درهم ولم يأخذ الثمن، فقال فلان: ما اشتريتها منك بشيء، هل للشفيع أن يأخذها بالشفعة؟ قال: نعم، للشفيع أن يأخذها بالشفعة من البائع، ويدفع إليه الثمن، ويكتب عليه العهدة. [قلت:] أرأيت إن قال البائع: قد بعتها منه وقد قبضت الثمن فجحد المشتري الشراء، أو قال البائع: بعتها منه (¬6) وقبضها ثم أودعنيها، وجحد المشتري ذلك، ما القضاء (¬7) فيه؟ قال: للشفيع أن يأخذها بالشفعة من البائع وينقده الثمن. [قلت:] أرأيت إن قال البائع: بعتها من رجل غائب بألف درهم، ما عليه وما القول فيه؟ قال: لا خصومة بين الشفيع وبين البائع حتى يحضر المشتري. [قلت:] رجل ادعى أنه باع من هذه الأرض خمسين جريباً من رجل فلم يدع الشفيع شفعة (¬8)، ثم خاصم إلى القاضي فأبطل شفعته، فاختلف المشتري والبائع فيها، فقال البائع: بعتك خمسين ¬

_ (¬1) ز: وهو. (¬2) م ف: المنزل. (¬3) ف: ملاصقين. (¬4) زقاق فيه عطف أي: اعوجاج، وقد روي بالفتح والكسر تسمية بالمصدر أو فَعْلًا بمعنى مفعول. انظر: المغرب، "عطف". (¬5) ف - دار؛ ز: ,وإن. (¬6) ز - منه. (¬7) م ز: للقضا. (¬8) ف - فلم يدع الشفيع شفعة.

جريباً، وقال المشتري: بعتني ستين جريباً، فاختصما إلى القاضي، فقضى للمشتري أو للبائع ببينتهما أو ببينة أحدهما، ثم ادعى الشفيع الذي أبطل القاضي شفعته، هل له شفعة وقد وقعت القصة على ما كان بلغ الشفيع أو غير ذلك بزيادة أو بنقصان؟ قال: إن وقعت القصة على ما بلغ الشفيع أو لا فلا شفعة له. وإن كانت القصة وقعت على أكثر كان الشفيع على شفعته، وكان له أن يأخذها بالشفعة في قول أبي يوسف ومحمد. وقال في أرض اشتراها قوم فاقتسموها وتركوا من أرضهم سكة ممشى لهم، وتركوا سكة غير نافذة ممدودة، فبيعت دار في أقصى السكة، هل لأعلاها داراً (¬1) أن يأخذها بالشفعة؟ قال: إذا كانت السكة رفعوها (¬2) جميعاً بينهم فلأقصاهم داراً (¬3) ولأدناهم داراً (¬4) في الدار التي بيعت الشفعة بالسوية، ليس أحدهم أحق بها من أحد. قلت: أرأيت إن كانت (¬5) دار إلى جنبها فادعى صاحبها الشفيع مع صاحب العليا أيهما أحق بها، أو هما جميعاً سواء، ومن أين جعلت للعليا شفعة مِن قِبَل أن مدخلهم من السكة واحد أو غيره، بَيِّنْ لنا الحجة فيها؟ فقال: صاحب الدار الملازق والذي في أعلى السكة (¬6) إن كانوا جميعاً رفعوا السكة بينهم فالشفعة بينهم سواءثمِن قِبَل أنهم شركاء في الطريق في أقصاه وأدناه. فهو وإن بعدت داره شريك بمنزلة الملازق (¬7). والشريك أحق بالشفعة من الجار. [قلت:] أرأيت إن كان (¬8) هؤلاء ورثوا الدور عن أبيهم لا يعلمون كيف كان أصلها فكانت هذه حالهم أهو سواء؟ قال: نعم، وهو والأول سواء؛ لأنهم شركاء في الفناء وفي الشفعة وفي الطريق الذي غير نافذ. قلت: أرأيت إن كانت الدار فيها حُجَر (¬9)، وحجرة منها بين رجلين، ¬

_ (¬1) ز: دار. (¬2) ز: ذفعوها. (¬3) ز: دار. (¬4) ز: دار. (¬5) ز: إن كان. (¬6) ف - بين لنا الحجة فيها فقال صاحب الدار الملازق والذي في أعلى السكة. (¬7) ف: الملاصق. (¬8) م ز: إن كانوا. (¬9) ز: حجرة.

باع أحدهما نصيبه، فادعى شريكه الشفعة أو بعض أهل الدار، مَن أحق بها ونصيب الذي باع بَيِّن من نصيب صاحبه والحجرة بينهما غير مقسومة؟ فإن كان شريكه أحق فلم هذا ومدخلهم من باب الدار واحد؟ ولم لا يكونون شركاء كلهم وممشاهم واحد؟ ولم يكون (¬1) صاحبه في حجرته أولى؟ فبَيِّنْ لنا الأمر فيه؟ قال: إذا كان حقهما في الحجرة متبايناً (¬2) ليسوا بشركاء في شيء من الحجرة في (¬3) طريق ولا غيره. إنما شركة ما بينهما مع عامة أهل الدار في طريق أهل الدار. فجميع أهل الدار شفعاء فيما باع هذا. وإذا كانت الحجرة غير مقسومة فباع أحدهما نصيبه منها خاصة فشريكه أحق بالشفعة من بقية أهل الدار؛ لأنا نزعم أن أقرب الشركاء شِرْكاً أحق بالشفعة. الشريك في الحجرة أحق من الشريك في الطريق في الدار. والشريك بالطريق في الدار أحق من الشريك بالطريق في الفناء. والشريك بالطريق في الفناء (¬4) أحق من الجار الذي لا طريق له في الفناء. قلت: أرأيت رجلاً اشترى داراً من رجلين غير مقسومة فادعى الشفيع نصيب أحدهما هل له ذلك؟ قال: لا، ليس له ذلك، إنما له أن يأخذ جميعها أو يترك، ليس له أن يأخذ بعضه دون بعض. [قلت:] أرأيت إن لم يكن له ذلك هل تبطل شفعته إن كانمت مقسومة؟ قال: لا يُبطل شفعته ما صنع، له أن يأخذ بالشفعة. وإن كانت الدار مقسومة لم يكن له أن يأخذ نصيب أحدهما ويدع نصيب الآخر إذا كان البيع صفقة. [قلت:] أرأيت لو اشترى رجلان من رجل داراً فأراد أن يأخذ نصيب أحدهما هل له ذلك، فإن لم يكن له ذلك هل تبطل شفعته حين ادعى نصيب أحدهما دون الآخر؟ قال: له أن يأخذ نصيب أحدهما ويسلم نصيب الآخر، ولا يبطل ذلك شفعته في النصيب الذي أراد أخذه. قلت: أرأيت رجلاً باع داراً فرضي الشفيع ثم جاء يدعي أنه لم يعلم ¬

_ (¬1) م: ولم يكن. (¬2) ز: متباين. (¬3) ف - الحجرة في، صح هـ. (¬4) ف - في الدار أحق من الشريك بالطريق في الفناء والشريك بالطريق في الفناء.

أن حدها إلى موضع كذا وكذا فظن أنها أقرب أو أبعد ويدعي شفعته حين علم؟ قال: لا شفعة له علم أو لم يعلم، ولا ألتفت إلى قوله هذا. [قلت:] رجل أقام البينة أنه اشترى من رجل كل حق هو له في هذه الدار، ولا يدري أعلما جميعاً ما في الدار للبائع أو علم المشتري ولم يعلم الآخر؟ قال: إذا علم المشتري كم هو فالبيع جائز وإن لم يعرفه البائع (¬1)، بعد أن يقر البائع أنه كما قال المشتري. فإن لم يعرفه المشتري فإن البيع فاسد في قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: البيع جائز، والمشتري بالخيار إذا علم، وللشفيع الشفعة. وإذا اشترى الرجل من الرجل داراً قد رآها المشتري قبل المثراء فلا خيار له فيها. فإن كان له فيها شفيع ولم يرها فأخذها من البائع قبل أن يقبضها المشتري فقد انتقض البيع فيما بين المشتري والبائع، وصار البيع للشفيع، فيأخذها الشفيع من البائع، وتكون العهدة على البائع، والشفيع بالخيار إذا رآها، إن شاء أخذها، وإن شاء تركها. وكذلك لو كان المشتري قبضها أخذها منه الشفيع بالشفعة، وكانتا عهدة الشفيع على المشتري، وكان للشفيع الخيار إذا رآها، إن شاء أخذها، وإن شاء تركها. ولو أن رجلاً اشترى من رجل داراً على أن برئ (¬2) البائع إلى المشتري من كل عيب في عقدة البيع فالشراء جائز. فإن أخذها الشفيع من البائع أو من المشتري كانت عهدته على الذي يأخذها منه. فإن وجد بها عيباً ردها على الذي أخذها منه، ولا يبطل ذلك إبراء المشتري البائع من العيوب، وكذلك لو كان المشتري رأى بالدار عيباً قبل أن يشتريها ثم اشتراها وهو يعلم بذلك، فأخذها الشفيع من المشتري أو من البائع بالشفعة فرأى بها بعض تلك العيوب، فله أن يردها بتلك العيوب إن شاء، ولا يبطل حقه رؤية المشتري تلك العيوب (¬3). ¬

_ (¬1) ز: فالبائع. (¬2). ز: أن يبرئ. (¬3) ف - إن شاء ولا يبطل حقه رؤية المشتري تلك العيوب.

ولو أن رجلاً اشترى من رجل داراً فقبضها أو لم يقبضها حتى حضر الشفيع فأخذها بالشفعة من البائع أو من المشتري (¬1) فعهدته على الذي يأخذها منه. فإن بنى فيها بناء ثم استحقت من يده أخذها المستحق ورجع الشفيع بالثمن على الذي (¬2) كانت عهدته عليه، ولا يرجع بقيمة بنائه على البائع ولا على المشتري؛ لأنهما لم يغراه من شيء ولم يدخلاه فيها بغرور، ولكنه يهدم بناءه فينقله حيث أحب. ولو أن رجلاً له جارية أسرها العدو فأخذها المسلمون فوقعت في سهم رجل منهم فأخذها مولاها الأول بالقيمة فوطئها فولدت منه أولاداً، ثم أقام رجل البينة أنها جاريته دبرها قبل أن يأسرها العدو، ردت (¬3) عليه وضمن الذي وطئها للمستحق عقرها وقيمة أولادها، ورجع على الذي وقعت في سهمه بالقيمة التي أعطاها، ولم يرجع عليه بعقرها ولا بقيمة ولدها مِن قِبَل أنه لم يغره، ويعوض الذي وقعت في سهمه قيمتها من بيت المال. ولو أقام رجل البينة أنها كانت جاريته قبل أن يأسرها العدو وقد ولدت من الذي أخذها بالقيمة ولم يقم (¬4) بينة على تدبير لم يكن عليها سبيل؛ مِن قِبَل أن أسر العدو أخرجها من ملكه وقد ولدت من هذا الذي أخذها بالقيمة. وقال محمد بن الحسن: لا شفعة في دار ولا عقار يخلع عليه امرأته، أو ينكح عليه امرأة، أو يصالح من دم عمد عليه، أو يستأجر به شيئاً فيكون العقار أجر (¬5) ذلك الشيء، فلا شفعة في شيء من هذا. وهذا قولهم جميعاً (¬6). ¬

_ (¬1) ز: من المشتري أو من البائع. (¬2) ز - يأخذها منه فإن بنى فيها بناء ثم استحقت من يده أخذها المستحق ورجع الشفيع بالثمن على الذي. (¬3) م ز: وردت. (¬4) ز: تقم. (¬5) م ز: اخر. (¬6) م + آخر كتاب الشفعة عن محمد بن الحسن والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وأصحابه أجمعين؛ ف + آخر كتاب الشفعة عن محمد بن الحسن والحمد لله رب العالمين.

مسائل نوادر في الشفعة

بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مسائل نوادر في الشفعة وإذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم مضاربة بالنصف فاشترى بها داراً تساوي ألفين، ورب المال شفيعها، فباع رب المال داره، فأراد المضارب أن يأخذها بالشفعة لنفسه بنصيبه من الدار التي اشترى، فله أن يأخذها بالشفعة؛ لأن له في الدار التي بالمضاربة ربعها، فله أن يأخذها بالشفعة لنفسه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالاً مضاربة بالنصف فاشترى ببعضه داراً في قيمتها فضل عن رأس المال، فباع رجل داراً إلى جنبها، وفي يدي المضارب من مال المضاربة مثل ثمن الدار التي بيعت إلى جانب الدار التي من المضاربة، فأراد المضارب أن يأخذ الدار التي بيعت بالشفعة لنفسه، فليس له ذلك، وإنما يأخذها بالشفعة على المضاربة أو يدع. فإن سلم المضارب الشفعة فأراد رب المال أن يأخذها بالشفعة لنفسه فليس له ذلك. ولو كان المضارب ليس في يديه من مال (¬1) المضاربة شيء يأخذ به الدار التي بيعت فأراد المضارب أن يأخذها لنفسه بالشفعة بالفضل الذي له في الدار فله ذلك؛ لأن له في الدار التي من المضاربة فضل. ولو كانت الدار ¬

_ (¬1) ز: من المال.

التي من المضاربة لا فضل فيها عن رأس المال فأراد رب المال أن يأخذ الدار التي بيعت إلى جانب الدار المضاربة بالشفعة لنفسه فله ذلك؛ لأن الدار التي من المضاربة لرب المال لا حق للمضارب فيها. فإن سلم المضارب الشفعة وأراد رب المال أخذ الدار بالشفعة فتسليم المضارب باطل، ورب المال على شفعته. فإن كان في الدار التي من المضاربة فضل عن رأس (¬1) المال وليس في يدي المضارب من المضاربة شيء فأراد المضارب ورب المال جميعاً أن يأخذا (¬2) الدار التي بيعت إلى جانب الدار التي من المضاربة لأنفسهما فلهما ذلك أن يأخذا بالشفعة لأنفسهما نصفين؛ لأنهما شريكان في الدار التي من المضاربة. وإن كان لأحدهما أكثر من نصيب صاحبه في الدار التي من المضاربة لم يلتفت إلى ذلك، وأخذ الدار التي بيعت بالشفعة بينهما نصفين. فإن سلم أحدهما الشفعة كان للآخر أن يأخذ الدار كلها بالشفعة، فإن كان بقي في يدي (¬3) المضارب من المال المضاربة قدر ثمن الدار التي بيعت، فأراد رب المال أن يأخذ الدار بالشفعة لنفسه فليس له ذلك، لأن في المضاربة وفاء بالثمن للدار التي بيعت، فإنما يأخذ المضارب الدار بالمضاربة أو يدع. فإن سلم المضارب الشفعة سلمت الدار للمشتري، ولم تكن (¬4) للمضارب ولا لرب المال بعد ذلك فيها شفعة؛ لأن تسليم المضارب في هذا الوجه جائز على نفسه وعلى رب المال. ولو لم يعلم المضارب بالشفعة حتى تناقضا المضاربة واقتسما الدار التي من المضاربة على قدر رأس المال وعلى قدر ما لهما من الربح، ثم أرادا أن يأخذا (¬5) الدار التي بيعت إلى جانب الدار المضاربة بالشفعة لأنفسهما فلهما ذلك؛ لأن المضاربة قد انتقضت. وأيهما سلم الشفعة أخذ الآخر الدار كلها بالشفعة أو ترك. وليس لأحدهما إذا سلم الآخر أن يأخذ بعض الدار دون بعض، إنما يأخذها كلها أو يدع (¬6). ¬

_ (¬1) ف: على رأس. (¬2) ز: أن يأخذ. (¬3) ف: في يد. (¬4) ز: يكن. (¬5) ز: ثم أراد أن يأخذ. (¬6) ز + تمت المسائل النوادر في الشفعة.

كتاب الخنثي

بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب الخنثي (¬2) محمد بن الحسن عن أبي يوسف عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه سئل عن مولود ولد لقوم (¬3) له ما للمرأة وما للرجل كيف يورث؟ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من حيث يبول" (¬4). محمد عن أبي يوسف قال: حدثنا الحجاج بن أرطأة (¬5) عن رجل من بني فزارة عن علي بن أبي طالب مثله (¬6). محمد قال: حدثنا الحسن بن كثير عن أبيه عن علي مثله. وهذا قول أبي حنيفة وقول (¬7) أبي (¬8) يوسف ومحمد (¬9). ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) م ف ز + والمفقود. (¬3) ز: في قوم. (¬4) السنن الكبرى للبيهقي، 6/ 261؛ والدراية لابن حجر، 2/ 295. (¬5) م ف ز + عن رجل من عير (الكلمة الأخيرة مهملة). والتصحيح مستفاد من السنن لسعيد بن منصور، 1/ 81؛ فقد رواه من طريق الحجاج قال حدثني شيخ من فزارة. (¬6) المصنف لعبد الرزاق، 10/ 308 والمصنف لابن أبي شيبة، 6/ 277. (¬7) ز - وقول. (¬8) ز: وأبي. (¬9) ز + بن الحسن.

محمد بن الحسن (¬1) قال: أخبرنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن جابر بن زيد أنه قال في الخنثى: يورث من حيث يبول. قال قتادة: فذكرت لسعيد بن المسيب. فقال: صدق، وإن بال منهما جميعاً ورث من أولهما (¬2). وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمر بن بشير الهمداني (¬3) أنه سمع عامرًا (¬4) الشعبي سئل عن مولود ليس له قبل ولا ذكر يخرج من سرته ماء غليظ. قال (¬5): يورث نصف ميراث جارية ونصف ميراث غلام (¬6). وليس يأخذ بهذا أبو يوسف. ولم يكن يأخذ بهذا أبو حنيفة. وقال أبو يوسف: سألت أبا حنيفة عن خنثى يبول منهما جميعاً (¬7)؛ فقال: لا علم لي بهذا. وقال أبو يوسف: يورث من أكثرهما بولاً إن كان ذلك يعرف. فإن كان ذلك (¬8) مشكلاً فلا علم لي به. في قياس قول الشعبي إذا كان مشكلاً أن يورث نصف ميراث رجل ونصف ميراث امرأة. وسألت (¬9) أبا (¬10) يوسف عن هذا الخنثى الذي يبول منهما جميعاً معاً (¬11) ولا يعرف أيهما أكثر إذا أدرك ما حاله؟ قال: إن جامع بذكره فهو رجل. وإن لم يجامع بذكره فخرجت له لحية فهو رجل. فإن لم يجامع بذكره ولم تكن له لحية وكانت له ثديان مثل ثدي المرأة فهو امرأة، وحاله حال النساء. وإن لم تكن (¬12) له ثديان فرأى (¬13) الحيض كما ترى (¬14) النساء فهو امرأة. وإن لم ير (¬15) الحيض ولم يكن له ثديان ولا لحية وكان يجامع ¬

_ (¬1) ز - محمد بن الحسن. (¬2) المصنف لعبد الرزاق، 10/ 308؛ والمصنف لابن أبى شيبة، 6/ 277. (¬3) م ف ز: العبداني. (¬4) ز: عامر. (¬5) ز: فقال. (¬6) المصنف لابن أبي شيبة، 6/ 277. (¬7) ز - جميعاً. (¬8) ف - ذلك. (¬9) ف: وسأل. (¬10) م ز + حنيفة. (¬11) ز - معا. (¬12) ز: لم يكن. (¬13) ز: فرأ. (¬14) ز: يرى. (¬15) ز: لم يرى.

كما تجامع المرأة فهو امرأة. وإن لم يكن له ذلك ولم يكن له ثديان كثدي المرأة ولا لحية فهو رجل. ولو احتلم كما يحتلم الرجل كان بمنزلة الرجل في جميع أمره. وليس يخلو إذا بلغ من بعض هذه المعالم التي وصفت لك. وإن كان لم يبلغ حتى مات وقد كان (¬1) يبول منهما جميعاً معاً ولا يعرف أكثرهما فإن أبا يوسف ومحمداً قالا (¬2): لا علم لنا بأمر هذا. وسُئل أبو يوسف: قلت: أرأيت هذا الخنثى كيف يكفن إذا مات وقد راهق ولم يبلغ، ومن يغسله، وكيف يحمل أفي نعش كنعش المرأة أو كما يحمل الرجل؟ قال: ييمم بالصعيد ولا يغسله امرأة ولا رجل، وإن حمل على السرير مقلوباً فهو أحب إلي. قلت: فمن يدخل قبره، وهل (¬3) يسجّى قبره بثوب أم لا؟ قال: إن سجي فهو أحسن، وإن يدخل قبره ذو رحم محوم فهو أحب إلي، وأن يكفن كما تكفن الجارية أحب إلي. قلت: أرأيت هذا الخنثى إن لم يمت ولكنه حي وأمره كما وصفت لك هل يلبس الحلي كما تلبس (¬4) الجواري؟ قال: أكره له ذلك، آخذ له بالثقة حتى يستبين أمره. قلت: أرأيت رجلاً قبل هذا الخنثى من شهوة هل له أن يتزوج أمه؟ قال: لا، حتى يستبين أمره. قلت: أرأيت هذا الخنثى إن زوجه أبوه رجلاً هل يجوز؟ قال: إن وصل إليه كما يوصل إلى المرأة فهو جائز، وإن لم يوصل إليه فلا علم لي بذلك. قلت: فإن زوجه أبوه امرأة؟ قال: لا علم لي بنكاحه. فإن بلغ فكان على ما وصفت لك من أمر الرجال فالنكاح جائز. وإن لم يصل إليها أجل كما يؤجل العنين. قلت: أرأيت هذأ الخنثى إذا راهق ولم يبلغ ولم يستبن (¬5) أمره إذا ¬

_ (¬1) ف: مات وكان. (¬2) ز: ومحمد قال. (¬3) م ف ز: وهو. (¬4) ز: يلبس. (¬5) ز: يستبين.

أحرم هل يلبس ثياب الجارية أو ثياب الغلام؟ قال: لا علم لي بذلك. وقال محمد بن الحسن: يلبس لباس المرأة، ولا شيء عليه، لأنه لم يبلغ. وإن كان قد بلغ فلا بد أن يستبين أمره. قلت: فهل يصلي بقناع أو بغير قناع؟ قال: أحب إلي أن يصلي بقناع. قلت: فيقوم في صف الرجال أم في صف النساء؟ قال: يقوم قدام النساء وخلف الرجال. قلت: فإن قام في صف النساء؟ قال: أحب إلي أن يعيد الصلاة. قلت: فإن قام في صف الرجال؟ قال: صلاته تامة، ويعيد الذي عن يمينه وعن (¬1) يساره والذي خلفه بحذائه. قلت: أرأيت إن مات فصلي عليه وعلى رجل وامرأة كيف يوضع؟ قال: يوضع الرجل مما يلي الإمام، والخنثى مما يلي خلف الرجل، والمرأة خلف الخنثى. قلت: أرأيت إن دفن في قبر واحد مع رجل من حاجة إلى ذلك؟ قال: يجعل الخنثى خلف الرجل، ويجعل بينهما حاجزاً من الصعيد. قلت: فإن دفن مع المرأة؟ قال: يقدم الخنثى، ويجحل بينهما (¬2) حاجزاً من الصعيد. قلت: أرأيت هذا الخنثى المشكل أمره إن قذف رجلاً أو قذفه رجل قبل أن يبلغ؟ قال: لا حد عليه ولا على قاذفه، ولا حد (¬3) عليه فيما قذف، وهو بمنزلة المجنون إذا كان أمره مشكلاً (¬4). قلت: أرأيت إن سرق بعدما يدرك؟ قال: عليه حد السرقة. قلت: وكذلك لو سرق منه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت هذا الخنثى إن صلى قبل أن يدرك كيف يقعد في صلاته؟ قال: يقعد قعود الجارية كأستر ما يقدر (¬5) ويتقنع كما تتقنع الجارية في صلاتها (¬6). قلت: أرأيت هذا الخنثى إن قطع رجل يده قبل أن يبلغ أو يستبين (¬7) ¬

_ (¬1) ز: والذي عن. (¬2) ز + قلت فإن دفن مع المرأة قال يقدم الخنثى ويجعل بينهما. (¬3) م ف ز: ولا يحد. (¬4) ز: مشكل. (¬5) ف: ما يقعد عليه. (¬6) ز: في صلاتها. (¬7) ز: أو تستبين.

أمره؟ قال: ليس على قاطعه قصاص؛ لأني لا أدري أرجل هو أم (¬1) امرأة (¬2). وكذلك لو قطعت امرأة يده، ولا إذا كان القطع عمداً، حتى أعلم أذكر هو أم أنثى. قلت: أرأيت الخنثى إن قطع يد رجل أو يد امرأة؟ قال: على عاقلته أرش ذلك؛ لأنه صغير لم يبلغ. والخطأ والعمد في ذلك سواء. قلت: أرأيت هذا الخنثى إن صلى بغير قناع بعدما بلغ؟ قال (¬3): آمره أن يعيد. قلت: فهل تكره أن يتكشف قدام الرجال أو قدام النساء إذا كان قد راهق ولم يستبن؟ (¬4) قال: نعم (¬5)، أكره ذلك. قلت: فهل تكره أن يخلو به رجل غير محرم منه وأن يخلو هو بامرأة غير محرم منه؟ قال: نعم، أكره له ذلك، وليس ينبغي أن يسافر إلا مع محرم من الرجال ثلاثة أيام فصاعداً. قلت: فهل تجوز شهادته؟ قال: لا، حتى يدرك. قلت: فهل تكره له أن يلبس الذهب واللؤلؤ؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن نزل له لبن في الثديين؟ قال: هو امرأة. قلت: وكذلك الحبل؟ قال: نعم. قلت: فهل يرث من المولى (¬6) ما دام صغيراً حتى يستبين أمره؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن كان للرجل ولدان (¬7) من هذا الضرب فمات الأب ما حال الميراث؟ قال: الميراث موقوف (¬8) حتى يستبين أمرهما في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً أوصى لما في بطن امرأة بألف درهم إن كان غلاماً وبخمسمائة إن كانت جارية فولدت هذا الخنثى المشكل؟ قال: فضل الوصية موقوف، لا يعطى [من] الخمسمائة (¬9) الفاضلة شيء في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد حتى يستبين أمره. ¬

_ (¬1) ز - أم. (¬2) ف - قال ليس على قاطعه قصاص لأني لا أدري أرجل هو أم امرأة. (¬3) م ف ز: هذا. (¬4) ز: يستبين. (¬5) ف - نعم. (¬6) أي: هل يرث الخنثى بسبب الولاء. (¬7) ز: ولدين. (¬8) ذكر السرخسي أن ما زاد على نصيب البنتين فهو موقوف. انظر: المبسوط، 30/ 109. (¬9) ز: الخمس المائة.

قلت: أرأيت رجلاً حلف بطلاق امرأته فقال: إن كان أول ولد تلدينه غلاماً (¬1) فأنت طالق، أو قال لأمته: إن كان (¬2) أول ولد تلدينه غلاماً (¬3) فأنت حرة (¬4)، فولدت هذا الخنثى المشكل؟ قال: لا تطلق امرأته ولا تعتق الأمة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد حتى يستبين. فإن كان غلاماً (¬5) عتقت الأمة (¬6) وطلقت المرأة. وإن كانت (¬7) جارية فلا تعتق الأمة ولا تطلق المرأة. قلت: أرأيت هذا الخنثى إن افترض (¬8) في المقاتلة؟ قال: لا يجوز فيهم حتى يدرك أو يستبين (¬9) أمره. قلت: فإن شهدها؟ (¬10) قال: يرضخ له بشيء، ولا يضرب له بسهم. قلت: فإن أخذ أسيراً في أرض العدو؟ قال: لا يُقْتَل. قلت: فإن ارتد عن الإسلام قبل أن يدرك؟ قال: لا يقتل. قلت: فإن كان من أهل الذمة؟ قال: لا يوضع عليه الخراج خراج رأسه حتى يدرك ويستبين أمره. قلت: أرأيت رجلاً قال: كل عبد لي حر، وله هذا الخنثى، أو قال: كل أمة لي حرة؟ قال: لا يعتق مع العبيد ولا الإماء حتى يستبين أمره. قلت: فإن قال القولين جميعاً؟ قال: يعتق الخنثى؛ لأنه لا يخلو من أن يكون رجلاً (¬11) أو امرأة. قلت: أرأيت رجلاً قال: إن ملكت عبداً فامرأته طالق، فاشترى هذا الخنثى؟ قال: لا تطلق امرأته حتى يستبين أمره. قلت: وكذلك لو قال: إن ملكت أمة، فملك هذا الخنثى؟ قال: نعم، هو والأول سواء، لا تطلق امرأته حتى يستبين أمره. قلت: فإن قال القولين جميعاً؟ قال: تطلق امرأته. ¬

_ (¬1) ز: غلام. (¬2) م ز - كان. (¬3) ز: غلام. (¬4) م + فأنت حرة. (¬5) ز: غلام. (¬6) ز - الأمة. (¬7) ز: كان. (¬8) ف: إن افرض. (¬9) ز: أو تستبين. (¬10) ز: شهدهما. (¬11) ز: رجل.

قلت: أرأيت إن قال هذا الخنثى المشكل: أنا ذكر، أو قال: أنا أنثى؟ قال: لا يقبل قوله إلا أن يعرف ذلك. وقعوده في الصلاة مثل قعود النساء حتى يدرك. قلت: أرأيت هذا الخنثى هل تكره له أن يختنه رجل أو امرأة؟ قال: نعم، حتى يستبين (¬1) أمره ويبلغ. قلت: فإن أدرك الختان قبل ذلك؟ قال: يشترى له جارية عالمة بذلك، فتكون التي تلي ذلك منه من الأمرين جميعاً. وقال محمد بن الحسن: إن كان معسراً اشترى له الإمام جارية فختنته ثم باعها وجعل ثمنها في بيت المال. قلت: أرأيت إن زوجه أبوه وهو صغير قبل أن يبلغ رجلاً أو زوجه امرأة؟ قال: ذلك موقوف، لا نجيزه ولا نبطله، ولا يتوارثان حتى يستبين أمره. قلت: أرأيت إن قَتل خطأ قبل أن يستبين أمره؟ قال: عليه في قول الشعبي نصف دية رجل ونصف دية امرأة. وأما في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد فالقول في ذلك قول القاتل، وعلى أولياء القتيل البينة. قلت: أرأيت إن أقروا جميعاً أنه خنثى مشكل؟ قال: أقضي في ذلك بدية الجارية، وأوقف الفضل حتى أعلم. وكذلك ما دون النفس من جراحاته في الخطأ. قلت: أرأيت رجلاً مات وترك ابناً وامرأة وترك ولداً من هذه المرأة خنثى مشكل، فمات الولد الخنثى بعد موت أبيه، فادعت أمه أنه كان غلاماً (¬2)، وادعى أخوه (¬3) أنه كان جارية، والابن ليس من أم الخنثى؟ قال (¬4): القول قول الابن مع يمينه على علمه. قلت: أرأيت إن أقامت (¬5) المرأة البينة أن الصبي كان يبول من حيث يبول الغلام؟ قال: أورثه ميراث ¬

_ (¬1) ز: تستبين. (¬2) ز: غلام. (¬3) م: اخره؛ ف ز: آخر. (¬4) م ف ز: كان. (¬5) م ف ز: إن قامت.

غلام، وأورثها (¬1) منه ميراث الأم من الغلام، وأقبل بينتها على ذلك. قلت: فإن أقام الابن البينة أنه كان يبول من حيث تبول الجارية؟ قال: لا أقبل بينة الابن، والبينة هاهنا بينة الأم؛ لأنها هي المدعية لفضل الميراث. قلت: أرأيت إن أقام (¬2) رجل البينة على هذا الخنثى أن الأب الميت زوجها إياه على ألف درهم وطلب ميراثه (¬3) منها، وأقام (¬4) بينة على أنها كانت تبول من حيث تبول النساء، وكذبته الأم، وصدقه الابن، ولم يقم الابن (¬5) البينة أنه كان يبول من حيث يبول الرجل؟ قال: آخذ ببينة (¬6) الزوج، وأجعل عليه المهر، وأورثه (¬7) ميراث (¬8) زوج، وأورث (¬9) الأم وابن الميت أخا الخنثى ميراثهم من الصداق وما ترك. قلت: فإن أقامت الأم البينة أنه كان يبول من حيث يبول الغلام مع بينة الزوج والشهود كلهم عدول؟ قال: آخذ ببينة الزوج هاهنا؛ لأنه المدعي للميراث. والأم تريد أن تمنعه وتدفعه عن ذلك، فلا أقبل بينتها. قلت: فإن أقام الأخ البينة أنه كان يبول من حيث يبول الرجل ولم يكن (¬10) يبول من مبال النساء، وأقام الزوج البينة أنه كان يبول من مبال النساء ولم يكن يبول من مبال الرجال؟ قال (¬11): هذا والأول سواء، والبينة بينة الزوج. قلت: أرأيت هذا الخنثى المشكل الذي مات وهو صغير إن أقامت امرأة بينة أن أباه زوجها إياه في حياته ولم يكن يبول من حيث يبول (¬12) النساء وصدقتها الأم وكذبها الأخ ابن الميت؟ قال: آخذ ببينة المرأة، وأجعله غلاماً، وأجعل صداقها في ميراثه، وأورثها منه الربع، وأورث أمه (¬13) منه الثلث، وأجعل ميراثه في (¬14) ميراث أبيه ميراث غلام. قلت: فإن ¬

_ (¬1) م: ووارثها. (¬2) ز: إن قال. (¬3) ز - ميراثه. (¬4) ف: فأقام. (¬5) م ز: ولم تقم للابن. (¬6) ز: بينة. (¬7) م ف ز: ووارثه. (¬8) ز: ميرارث. (¬9) م ف ز: ووارث. (¬10) ف - يكن. (¬11) م ف ز: فإن. (¬12) ز: تبول. (¬13) م ز: أمته. (¬14) ف - ميراثه في.

أقام الأخ ابن الميت البينة أنه كان جارية تبول من مبال النساء؟ قال: لا أقبل بينته على ذلك؛ لأن امرأة الصبي الخنثى في هذا الموضع هي (¬1) المدعية، وعليها دين الميت، فتريد أن تدفعها عن ذلك، فلا أقبل بينته، والبينة بينة المرأة. قلت: أرأيت إن أقام الزوج الذي ذكرنا في المسألة التي قبلها [البينة] على (¬2) ما ذكرنا وأقامت هذه المرأة البينة على ما ذكرنا وبينة المرأة هي الأولى؟ قال: آخذ بالبينة (¬3) الأولى؛ لأنها هي (¬4) المدعية الصداق، ولا أقبل بينة الزوج وإن كان يدعي الميراث؛ لأن المرأة تدعي الصداق والميراث جميعاً. قلت: فإن وقتت إحدى البينتين وقتاً قبل الأخرى؟ [قال:] نظرت (¬5) في ذلك، فجعلت الوقت الأول أحق بذلك، وإن لم أعرف الأول (¬6) منهما أبطلت البينتين (¬7) جميعاً. قلت: فإن كان (¬8) الصبي حياً والمسألة على حالها؟ قال: أبطل ذلك كله ولا أقضي بشيء منه. وليس الموت عندي في هذا كالحياة. ألا ترى لو أن أجنبيين ادعيا ميراث ميت كل واحد منهما يقيم البينة أنها ميراثه ورّثتهما (¬9) ميراث المرأة إذا لم أعرف أيهما الأول. ولو كان الرجل حياً ينكر ذلك أبطلت نكاحهما جميعاً. قلت: أرأيت هذا الخنثى المشكل الذي يبول منهما جميعاً إذا بلغ وأدرك؟ قال: إذا بلغ وأدرك استبان أمره على ما وصفت لك، وليس يكون مشكلاً بعدما (¬10) يدرك؛ لأنه لا يخلو من أن تخرج له لحية فيعرف أنه رجل، فإن لم تخرج له لحية وكان له ثدي كثدي المرأة فيعرف أنه امرأة، فإن لم يكن له ذلك فهو رجل. إنما يستدل على هذا بهذا وأشباهه. قلت: ¬

_ (¬1) ف ز: من. (¬2) م ف ز: غير. (¬3) ف: ببينة؛ ز: بينة. (¬4) م ز - هي. (¬5) ف ز: نظرنا. (¬6) ز: الأولى. (¬7) ز: البينتان. (¬8) ز - كان. (¬9) ز: ورثتها. (¬10) م ف ز: وحدما.

فهل (¬1) يكون في حال مشكل وهو كبير؟ قال: ليس يكون مشكلاً إذا أدرك على حال من الحالات. قلت: أرأيت هذا الخنثى إن كان أبوه حراً (¬2) حياً فقال: هو غلام، ولا يعرف ذلك إلا بقوله؟ قال: القول قوله. قلت: وكذلك لو قال: هو جارية؟ قال: نعم. قلت (¬3): فإن كان مشكلاً يبول منهما جميعاً فقال أبوه هذه المقالة هل يقبل قوله؟ قال: لا، إنما يقبل قوله إذا لم يعرف حاله. فإذا عرف حاله أنه مشكل لم يقبل قول أبيه ولا قول الخنثى نفسه. قلت: أرأيت خنثى مات بعد أبيه وهو مراهق، فأقام رجل البينة أن أباه زوجه إياه على هذا الوصف، وأمره فدفعه إليه، وأنه كان يبول من حيث يبول النساء ولا يبول من حيث يبول الرجل (¬4)، وأنه طلقها في حياتها قبل أن يدخل بها، فوجب له نصف هذا العبد، وأقامت المرأة البينة أن أباه زوجها إياه في حياته على ألف درهم، وأنه كان يبول من حيث يبول الغلام ولم يكن يبول من حيث تبول النساء؟ قال: إن كانت إحدى البينتين وقّتت وقتاً قبل الأخرى قضيت لصاحب الوقت الأول، وأبطلت حق صاحب الوقت الآخر. وإن لم يعرف أيهما أول فإني أبطل ذلك كله؛ مِن قِبَل أن كل واحد منهما يدعي الميراث، وأن المرأة تدعي ديناً (¬5)، وأن الرجل يدعي نصف مهر، فكل دعوى تنقض (¬6) الأخرى. قلت: أرأيت هذا الخنثى المشكل إن بلغ ثم مات قبل أن يظهر أمره فاقام رجل البينة أن أباها زوجها إياه بألف درهم برضاها وأنها ولدت منه هذا الولد؟ قال: آخذ ببينته، وأجعلها امرأته، وأجعل الولد ابنها. قلت: فإن لم يقم (¬7) هذا الرجل البينة على ما ذكرت لك، ولكن المرأة أقامت البينة أن أباها زوجها إياه برضى منه، وأنه دخل بها وولدت هذا الغلام منه؟ قال: ¬

_ (¬1) ز: فهو. (¬2) ز: حر. (¬3) ف - قلت. (¬4) ز: تبول الرجال. (¬5) ز: دين. (¬6) م ف ز: نقض. (¬7) ز: لم يقيم.

أجيز ذلك، وأجعله رجلاً، وألزمه الولد. قلت: فلو اجتمعت هذه الدعوتان (¬1) جميعاً على ما ذكرت لك؟ قال: أبطل ذلك كله؛ لأن هذا لا يكون. فإذا عرفت أن بعضه باطل (¬2) أبطلته كله؛ لأني لا أعرف الحق منه. قلت: فإن قامت إحدى هاتين البينتين أولاً وقضى القاضي بشهادتهم ثم جاءت البينة الأخرى بعد؟ قال: شهادتهما باطل ولا آخذ بها، والبينة الأولى جائزة. قلت: أرأيت إن جاءت هاتان البينتان (¬3) على ما وصفت لك وليس في ذلك ولد، وجاءت البينتان (¬4) إحداهما قبل الأخرى؟ قال: إن كنت قضيت بالبينة الأولى أبطلت البينة الآخرة، وإن كنت لم أقض بالأولى حتى جاءت الأخرى نظرت في الوقت، فإن كانت إحداهما وقّتت وقتاً قبل الأخرى أخذت بالوقت الأول، وإن لم توقّت إحدى البينتين وقتاً قبل الأخرى وكان فيها واحد بطل ذلك كله. قلت: أرأيت هذا الخنثى المشكل إن كان من أهل الكتاب فادعى (¬5) رجل مسلم أن أباها زوجها إياه على مهر مسمى برضاها، وأقام (¬6) بينة من أهل الكتاب على ذلك (¬7)، وادعت امرأة من أهل الكتاب أنه تزوجها، وأقامت على ذلك بينة من أهل الكتاب؟ (¬8) قال: أقضي ببينة المسلم وأجعلها امرأته، وأبطل بينة المرأة؛ لأني لا أجيز شهادة أهل الذمة على المسلم. قلت: وكذلك لو كان الرجل من أهل الكتاب وبينته من أهل الإسلام وبينة المرأة من أهل الكتاب؟ قال: نعم. قلت: أرأيت خنثى أقر أنه رجل ولم يعرف منه خلاف ذلك؟ قال: هو كذلك، وهو رجل حتى يعلم منه خلاف ذلك. قلت: فإن أقر أنه امرأة ولم يعرف منها خلاف ذلك؟ قال: القول قولها، وهي امرأة ما لم يعرف منها خلاف ذلك. ¬

_ (¬1) ز: الدعوتين. (¬2) ز: باطلاً. (¬3) ز: هاتين البينتين. (¬4) ز: البينتين. (¬5) ف: وادعى. (¬6) ز + على ذلك. (¬7) ز - على ذلك. (¬8) ز - وادعت امرأة من أهل الكتاب أنه تزوجها وأقامت على ذلك بينة من أهل الكتاب.

قلت: أرأيت إن كان هذا الخنثى مراهقاً وليس له أب وله وصي فأقر وصيه أنه جارية؟ قال: القول قول الوصي، وهي جارية ما لم يعرف منها خلاف ذلك. قلت: وكذلك لو أقر هذا الوصي أنه غلام؟ قال: نعم، ما لم يعرف منه خلاف ذلك (¬1). قلت: أرأيت إن مات هذا الخنثى فادعت أمه (¬2) ميراث غلام وأقر الوصي بذلك، وجحد الورثة وقالوا: هو جارية؟ قال: إذا جاءت الدعاوي والأموال لم أصدق الوصي ولا الأم ولا الأب على ما ادعوا إلا ببينة (¬3)، وجعلت القول قول المدعى عليهم. قلت: أرأيت هذا الخنثى حياً لم يمت فقال: أنا غلام، وطلب ميراث غلام من الوصي، فصدقه الوصي وأنكر الورثة ذلك وقالوا: بل أنت جارية؟ قال: لا أصدقه، ولا أعطيه ميراث غلام حتى أعلم أنه كذلك. قلت: فإن كان وصيه أخاه فزوجه امرأة ثم مات الخنثى فطلبت المرأة ميراثها وقال الوصي: كان هو غلاماً (¬4)، وقال بقية الورثة: كان جارية؟ قال: لا يلزم الورثة الذين أنكروا ميراث غلام في حقهم، ويلزم الوصي المقر ميراث غلام في نصيبه، وترث المرأة ميراث زوجة بعدما تستوفي المهر من حقه. قلت: فإن كان له أخ [آخر] (¬5) من أبيه وأمه فأقر أنه جارية وزوجه رجلاً، ثم مات الخنثى وقد راهق قبل أن يعرف أمره وقد زوجه رجلاً وزعم أنه امرأة ثم مات قبل أن يعرد حاله؟ قال: نكاح الأول على ألزوج الأول جائز، ولا أجيزه على من أنكر من بقية الورثة، وأبطل النكاح الآخر كله ولا أجيزه على من أقر به ولا على من أنكره. فإن لم يعرف أي النكاحين أول أبطلتهما جميعاً، ولا أورث شيئاً منهما. قلت: فإن كان الذي أقر أنه امرأة الأول فزوجه على ذلك؟ قال: ألزمه ميراث الزوج في نصيبه، ولا ألزم غيره، وأبطل النكاح الثاني. ¬

_ (¬1) ز - قلت وكذلك لو أقر هذا الوصي أنه غلام قال نعم ما لم يعرف منه خلاف ذلك. (¬2) ز: امرأة. (¬3) ز: بالبينة. (¬4) ز: غلام. (¬5) الزيادة من الكافي، 3/ 310 ظ.

قلت: أرأيت هذا الخنثى المشكل هل يجزئ من الرقبة الواجبة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت هذا الخنثى المشكل إذا راهق هل يحضر النساء في غسل امرأة أو يحضر الرجال في غسل رجل؟ قال: أكره ذلك كله. قلت: أرأيت هذا الخنثى المشكل المراهق وخنثى مثله مشكل (¬1) زوج أحدهما صاحبه على أن أحدهما رجل والآخر امرأة؟ قال: إذا علم أن كل واحد منهما مشكل على ما وصفنا فإني لا أجيز ذلك ولا أبطله، ولا أدري ما هو حتى يستبين أمرهما. وإن ماتا أو مات أحدهما لم يتوارثا (¬2). قلت: فإن كان كل واحد منهما لا يعرف أنه مشكل؟ قال: أجيز (¬3) ذلك إذا كان الأبوان (¬4) هما اللذان (¬5) زوجا. قلت: أرأيت إن ماتا بعد الأبوين فأقام كل واحد من ورثتهما البينة أنه هو الزوج وأن الآخر هي الزوجة؟ قال: لا أقضي بشيء من ذلك؛ لأن كل واحدة من البينتين تنقض الأخرى. [قلت: فإن قامت إحدى البينتين أولاً وقضى بها القاضي ثم قامت البينة الأخرى؟] (¬6) قال: أبطلها ولا أقضي بشيء منها، والقضاء ماض على الأولى على حاله (¬7). قلت: أرأيت خنثى شهدت عليه شهود أنه غلام وشهد عليه شهود أنه جارية وهو مراهق مشكل ولم يظهر منه شيء يعرفه الحاكم؟ قال: أنظر في ذلك. فإن كان يطلب ميراثاً قضيت بشهادة الشهود الذين شهدوا أنه غلام، لأنه مدعي، وأبطلت البينة الأخرى. وإن كان لا يطلب ميراثاً وكان رجلاً يدعي أنه امرأته فإني أقضي بأنه جارية، وأجعله امرأة له، وأبطل البينة ¬

_ (¬1) ف: المراهق ومثله خنثى مشكل مثله. (¬2) ز: لم يتوارثان. (¬3) م + قال أجيز. (¬4) ز: الأبوين. (¬5) ز: اللذين. (¬6) الزيادة مستفادة من المبسوط، 30/ 114. (¬7) م ز + وسئل.

الأخرى. قلت؛ فإن كانت المرأة تدعي أنه زوج وبطلت (¬1) تلك (¬2) البينة؟ قال: أوقف له الأمر حتى يستبين، ولا أقضي بشيء من ذلك حتى أعرف حق ذلك من باطله. قلت: فإن كان هذا الخنثى على هذه الحال لا يطلب شيئاً ولا يطلب قِبَلَه شيء؟ قال: لا أسمع من البينة فيه على شيء من ذلك، وأوقف أمره حتى يستبين أمره أغلام هو أم جارية. وإذا كبر الخنثى فخرجت له لحية وثديا امرأة وله ما للرجل وما للمرأة فإني أنظر إلى مباله. فإن بال من الذكر فهو رجل. وإن بال من القبل فهو امرأة. وإن بال منهما جميعاً فهو على الأكثر. فإن كانا (¬3) سواء فلا علم به. وإن حاض فهو امرأة. وكذلك إن جومعت في القبل أو حبلت (¬4). وإن لم تحض ولم تجامع في القبل وجامع بذكره فهو رجل. وإن لم يجامع بذكره فهو على الحال التي وصفنا لا علم لي به حتى يستبين أمره (¬5). ¬

_ (¬1) ز: وتطلب. (¬2) م ز: بتلك. (¬3) ز: فإن نا. (¬4) ز: أو جبلت. (¬5) ف - لا علم لي به حتى يستبين أمره؛ ز - حتى يستبين أمره.

[كتاب فرائض الخنثى في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد في قياس قول الشعبي]

[كتاب فرائض الخنثى في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد في قياس قول الشعبي] محمد بن الحسن قال: أخبرني عمر بن بشير بن قيس الهمداني عن عامر الشعبي أنه سئل عن مولود ولد، ليس بذكر ولا أنثى، وله ما للذكر، يخرج من سرته كهيئة البول الغليظ، فسئل عن ميراثه. فقال عامر: له نصف حظ الذكر ونصف حظ الأنثى (¬1). قال محمد: هذا عندنا والخنثى المشكل أمره سواء. رجل ترك ابنة خنثى وعصبة، فماتت ابنته الخنثى قبل أن يستبين أمرها - ومن الاستبانة أن يبول (¬2) الخنثى، فإن (¬3) بال من حيث يبول الغلام ورث ميراث غلام، وإن بال من حيث تبول الجارية ورث ميراث جارية، وإن كان يبول منهما جميعاً فمن أيهما سبق - فإن خرجا معاً فإن أبا حنيفة قال: أورثه ميراث جارية حتى أعلم أنه غلام، فإن مات قبل أن أعلم لم أزده على ميراث جارية شيئاً. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد في جميع ذلك من أمر الخنثى إلا في خصلة واحدة: فإن أبا يوسف ومحمداً (¬4) قالا: إذا بال منهما جميعاً فمن أكثرهما خرج البول ورث على ذلك. ثم رجع أبو يوسف إلى قول الشعبي. ¬

_ (¬1) تقدم قريبا. (¬2) ز: أن تبول. (¬3) م ف ز: وإن. (¬4) ز: ومحمد.

فإن مات الخنثى قبل أن يستبين أمره وهو بنت خنثى وعصبته فللبنت الخنثى النصف، وما بقي للعصبة في قول أبي حنيفة وقول أبي يوسف الأول ومحمد. وأما في قياس قول الشعبي فإنه يورثه نصف ميراث غلام ونصف ميراث جارية. فللبنت الخنثى ثلاثة أرباع المال وما بقي فللعصبة؛ لأن له في قياس قول الشعبي نصف ميراث غلام النصف، ونصف ميراث جارية الربع. فإن ترك الميت مع الابنة الخنثى ابناً معروفاً فإن قول أبي حنيفة وقول أبي يوسف الأول ومحمد في ذلك أن المال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين. وأما في قياس قول الشعبي فإن أبا يوسف قال في ذلك: يقسم المال على سبعة أسهم، للابن المعروف من ذلك أربعة أسهم، وللخنثى ثلاثة أسهم، جعل الخنثى ثلاثة أرباع ابن. وأما قول محمد على قياس قول الشعبي فإن للابنة الخنثى خمسة أسهم من اثني عشر سهماً، وللابن المعروف سبعة أسهم؛ لأن الخنثى إن كانت ابنة فلها أربعة أسهم وإن كانت ابناً فلها ستة، فلها نصف ميراث الابنة ونصف ميراث الابن، فلها خمسة. وأما الابن فإن كانت الخنثى بنتاً فله ثمانية، وإن كان ابناً فله ستة، فجعلنا سبعة أسهم من اثني عشر سهماً. ثم رجع أبو يوسف بعد ذلك إلى هذا القول. فإن لم يكن مع الخنثى ابن وكان معها بنت معروفة وعم فإن قول أبي حنيفة في ذلك وقول أبي يوسف الأول ومحمد: إنهما ابنتان لهما الثلثان، وللعم الثلث. وأما في قياس قول الشعبي فللابنة المعروفة الثلث، لا تزاد (¬1) على ذلك، وللابنة الخنثى نصف المال، وما بقي فللعم. فإن لم يكن له عم ولا عصبة رد ذلك عليهما على قدر مواريثهما. فيصير المال في قول أبي حنيفة وقول أبي يوسف الأول ومحمد بينهما نصفان. ويصير في (¬2) قول الشعبي بينهما على خمسة أسهم، للخنثى ثلاثة أخماس، وللابنة المعروفة خمسا (¬3) المال. ¬

_ (¬1) ز: لا يزاد. (¬2) م - في. (¬3) ز: خمسي.

فإن ترك الميت بنتاً خنثى وأباً فإن في قول أبي حنيفة وقول أبي يوسف الأول ومحمد للابنة الخنثى النصف، وللأب ما بقي، فصار المال بينهما نصفين. وأما في قياس قول الشعبي فالمال بينهما، للابنة الخنثى ثلثا المال، وللأب ثلث المال؛ لأن الخنثى لها النصف لا شك فيه، وللأب السدس لا شك فيه. فإن كان الخنثى غلاماً فله ما بقي، وإن كان جارية فللأب ما بقي، فصار ما بقي بينهما نصفين؛ لأنه لأحدهما. رجل ترك ابنة خنثى وبنت ابن خنثى مشكل أمرهما وعصبة، فإن في قياس قول الشعبي الفريضة على ستة وثلاثين سهماً، للابنة الخنثى العليا خمسة وعشرون (¬1) سهماً من ستة وثلاثين سهماً، ولابن (¬2) الابن الخنثى سبعة أسهم من ستة وثلاثين سهماً، وللعصبة أربعة أسهم من ستة وثلاثين سهماً؛ لأن الابنة العليا لها النصف لا شك فيه، ولا تدعيه ابنة الابن ولا العصبة. والسدس لا تدعيه العصبة (¬3) والعليا تدعيه وابنة الابن تدعيه، فهو بينهما نصفان. ولا ألتفت إلى دعوى ابنة الابن ذلك من وجهين؛ لأنها إنما تأخذه من وجه واحد. والثلث الباقي تدعيه العصبة إن كانت الخنثيان أنثيين، وتدعيه ابنة الابن إن كانت ذكراً والعليا أنثى (¬4)، وتدعيه العليا إن كانت ذكراً، فلا يفضل فيه بعضهم بعضاً؛ لأنا (¬5) إنما نأخذ في هذه الأشياء بأكثر الأشياء وأقلها. فيكون الثلث بينهم أثلاثاً، فتصير الفريضة على ما وصفت لك. وإن لم يكن للميت عصبة ولا وارث غير الخنثيين فإن الفريضة من اثني عشر سهماً. للعليا من ذلك تسعة أسهم، وهو ثلاثة أرباع المال، وللابنة السفلى ثلاثة أسهم وهو ربع المال، لأن ستة أسهم وهو نصف المال ¬

_ (¬1) ز: وعشرون. (¬2) ز: وللابنة. (¬3) ز + العصبة. (¬4) م + وتدعيه ابنة الابن إن كانت ذكرا والعليا أنثى؛ ف + تدعيه ابنة الابن إن كانت ذكرا والعليا أنثى. (¬5) م: لأنه.

للعليا (¬1) لا شك، والثلث (¬2) بينهما نصفين (¬3)، والثلث الباقي إن كانا ذكرين فهو للعليا (¬4). وإن كانا أنثيين فللعليا ثلاثة أرباع بالرد. وإن كانت العليا أنثى والسفلى ذكراً (¬5) فالثلث للذكر. والثلث للعليا في حال، وثلاثة أرباع في حال، ولا شيء لها منه في حال. وإنما نأخذ في هذا بأكثره وأقله، فلها النصف. والسفلى هو (¬6) لها في حال إن كانت ذكراً والعليا أنثى. وإن كانتا أنثيين (¬7) فلها ربع الثلث بالرد. وإن كانا (¬8) ذكرين فلا شيء لها، فلها في حال الثلث كله، ولها في حال ربعه، ولا شيء لها منه في حال. وإنما نأخذ بأكثر ذلك وأقله. فلها نصف الثلث. فصارت الفريضة على ما وصفت لك. للعليا ثلاثة أرباع، وللسفلى ربع المال. رجل ترك ابنة أخ خنثى (¬9) وابنة ابن أخ خنثى مشكل أمرهما، وأسفل منهما ابن ابن ابن أخ معروف، فإن قول أبي حنيفة (¬10) في ذلك وقول أبي يوسف الأول ومحمد: إن المال لابن ابن ابن الاخ، وسقط ما سوى ذلك؛ لأن العليين أنثيان حتى يعلم أن فيهما ذكراً (¬11). وأما في قياس قول الشعبي فالمال بينهما جميعاً أثلاثاً، لكل واحد الثلث، لأن العليا إن كانت أنثى فلا ميراث لها، وإن كانت ذكراً فلها (¬12) الميراث. والثانية إن كانت ذكراً والعليا أنثى فلها الميراث، وإن كانت أنثى فلا ميراث لها. فإن كانت ذكراً والعليا ذكر فلا ميراث لها أيضاً. وإن كانتا (¬13) أنثيين (¬14) جميعاً فالميراث للذكر الأسفل. وإنما يؤخذ في هذا بأكثره وأقله. فالذي يسقط من وجهين ويرث من وجه والذي يسقط من وجه ويرث من وجهين سواء. ¬

_ (¬1) م ز: العليا. (¬2) م ف ز: والسدس. والتصحيح من المبسوط، 30/ 96. (¬3) ز: نصفان. (¬4) ز: العليا. (¬5) ز: ذكر. (¬6) أي: الثلث. (¬7) ز: كانت اثنتين. (¬8) ز: كانتا. (¬9) ز: وخنثى. (¬10) ز: قول الإمام الأعظم. (¬11) ز: ذكر. (¬12) ز: قلها. (¬13) ز: كانت. (¬14) م ز: ابنتين.

فالميراث بينهم جميعاً بالسوية أثلاثاً. فإن لم يكن معهم الأسفل ولم يكن للميت عصبة ولا وارث غيرهما فالمال كله للعليا في قول أبي حنيفة وقول أبي يوسف الأول ومحمد. وأما في قياس (¬1) قول الشعبي فالمال بينهما نصفان؛ لأن العليا إن كانتا أنثيين فالمال لها (¬2). وإن كانا ذكرين فالمال له. وإن كانت العليا أنثى والسفلى ذكراً (¬3) فالمال للسفلى. فالعليا ترث من وجهين ولا ترث (¬4) من وجه. والسفلى تسقط من وجهين وترث من وجه. وإنما يؤخذ في هذا بأكثره وأقله. فالذي يرث (¬5) من وجهين والذي يرث (¬6) من وجه واحد سواء. وإن ترك ثلاث بنات أخ خناثي بعضهن أسفل من بعض وأسفل من السفلى ابن أخ فإن في قياس قول الشعبي أن المال بينهم جميعاً أرباعاً، لكل واحد ربع. والعليا والوسطى والسفلى والأسفل سواء؛ لأن العليا إن كانت ذكراً ورث دونهم، وإن كانت أنثى والثانية ذكر ورث دونهم. وإن كانت العليا والثانية أنثيين (¬7) والسفلى ذكر ورث دونهم. وإن كن إناثاً جميعاً ورث ابن الأخ الأسفل، والمال بينهم أرباعاً (¬8). فلو لم يكن أسفل منهم ذكر ولم يكن للميت عصبة ولا وارث فالمال بينهم أثلاثاً؛ لأن كل واحد منهن يرث المال كله في حال دون من بقي. وإنما يؤخذ بأكثر هذه الأشياء وأقلها. رجل ترك ابنة خنثى وأختاً (¬9) خنثى مشكل أمرهما (¬10) ماتا قبل أن يستبين أمرهما وقد ورثا ولا عصبة معهما ولا وارث (¬11) غيرهما، فإن قول أبي حنيفة في ذلك وقول أبي يوسف الأول (¬12) ومحمد: إن للابنة الخنثى النصف، وللأخت النصف؛ لأنهما أنثيان (¬13) حتى يستبين أمرهما. وأما في ¬

_ (¬1) م - قياس، صح هـ. (¬2) ز: بينهما. (¬3) ز: ذكر. (¬4) ز: تورث. (¬5) ز: ترث. (¬6) ز: ترث. (¬7) ز: اثنتين. (¬8) ز: أرباع. (¬9) ز: وأخت. (¬10) ز: أمرها. (¬11) ز: وارث. (¬12) ز: والأول. (¬13) ز: ابنتان.

قياس قول الشعبي فللابنة الخنثى ثلاثة أرباع (¬1) المال، وللأخت ربع المال؛ لأن النصف للابنة لا شك فيه، والنصف الباقي كلتاهما تدعيه، فهو بينهما نصفان. رجل ترك أختاً (¬2) خنثى وابنة أخ خنثى وللميت عم ولا وارث (¬3) له ولا عصبة غيرهما، فإن في قول أبي حنيفة وقول أبي يوسف الأول ومحمد: إن للأخت النصف وللعم النصف. فإن لم يكن للميت عم ولا عصبة فالمال للأخت كله؛ لأن ذا السهم أحق ممن لا سهم له. وأما في قياس قول الشعبي فإن للأخت الخنثى الثلثين (¬4) ولابنة الأخ الخنثى السدس (¬5) وللعم السدس؛ لأن الأخت لها النصف لا شك فيه، وتزاحمهم (¬6) في النصف الباقي، فهي ترث ما بقي في حال وفي حال لا ترث، وكل واحد منهم يرث (¬7) في حال ولا يرث في حال (¬8)، فهو بينهم (¬9) أثلاثاً. وإن لم يكن للميت عم ولا عصبة فللأخت ثلاثة أرباع المال ولبنت الأخ ربع المال؛ لأنهما إن كانا ذكرين فالمال للعليا، وإن كانتا أنثيين (¬10) فالمال للعليا، وإن كانت العليا أنثى والسفلى ذكر فللعليا النصف وللسفلى النصف. فالنصف للعليا لا شك فيه. والنصف الباقي بين العليا والسفلى نصفين؛ لأنا إنما نورث بأقل الأشياء وأكثرها. والذي يسقط من وجه واحد ومن وجهين سواء. والذي يرث من وجهين ومن وجه واحد سواء. رجرل ترك ابنة خنثى وابنة أخ خنثى ولا وارث له ولا عصبة غيرهما، ¬

_ (¬1) ز: أباع. (¬2) ز: أخت. (¬3) ف ز: أو لا وارث. (¬4) ز: الثلثان. (¬5) ف: سدس. (¬6) م ف ز: وتعاملهم. والتصحيح مستفاد من المبسوط، 30/ 97. (¬7) ز: ترث. (¬8) ز - ولا يرث في حال. (¬9) ز: بينهما. (¬10) ز: كانا ابنتين.

فإن في قول أبي حنيفة في هذا وقول أبي يوسف الأول (¬1) ومحمد: إن المال للابنة كله؛ لأن ذا السهم أحق ممن لا سهم له. وأما في قياس قول الشعبي فللابنة ثلاثة أرباع المال ولبنت الأخ ربع المال؛ لأن الابنة لها النصف لا شك فيه، والنصف الباقي أيهما كان ذكراً ورثه دون صاحبه، فهو بينهما نصفان. رجل ترك ابنة خنثى وابنة ابن خنثى وابنة ابن أسفل منهما خنثى وعصبة، فإن في قول أبي حنيفة في هذا وأبي (¬2) يوسف ومحمد أن للابنة العليا النصف، ولابنة الابن التي تليها السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللعصبة. فإن لم يكن للميت عصبة ولا وارث غير هؤلاء البنات فللابنة العليا النصف، ولابنة الابن التي تليها السدس، وما بقي من المال فهو رد عليهما على قدر مواريثهما. فيكون ثلاثة أرباع المال للابنة، وربعه لابنة الابن التي تليها. وأما في قياس قول الشعبي فالفريضة من اثني عشر سهماً. للابنة العليا الثلثان ثمانية أسهم، ولابنة (¬3) الابن التي تليها سدس المال. وللسفلى نصف سدس المال سهم من اثني عشر سهماً، وللعصبة سهم؛ لأن الابنة العليا لها النصف لا شك، والسدس بينها وبين ابنة الابن التي تليها نصفين، وبقي ثلث المال، فكل واحدة من البنات تدعيه تقول: أنا ذكر وأنتن إناث، والعصبة تقول: أنتن إناث جميعاً، فهؤلاء كلهم يدعيه (¬4). فالثلث بين البنات الثلاث والعصبة أرباعاً (¬5). فإن لم يكن للميت عصبة ولا وارث (¬6) فللابنة العليا النصف، ولها وللتي تليها السدس بينهما نصفين، والثلث بين العليا والتي تليها والسفلى أثلاثاً. رجل ترك ابنة وثلاث بنات ابن بعضهن أسفل من بعض خناثي كلهن، فإن في قول أبي حنيفة وقول أبي يوسف الأول ومحمد في ذلك أن للابنة العليا النصف، وللتي تليها من بنات الابن السدس تكملة الثلثين، وما بقي ¬

_ (¬1) ف - الأول. (¬2) ز: وقول أبي. (¬3) ف: وللابنة. (¬4) ز: تدعينه. (¬5) ز: أرباع. (¬6) ز + له.

فللعصبة إن كان له عصبة. فإن لم يكن له عصبة ولا وارث غيرهن فإن المال كله بين الابنة وابنة الابن العليا على أربعة أسهم، ثلاثة أسهم للابنة، وسهم لابنة الابن العليا، ويسقط (¬1) من سوى ذلك. هذا إذا كان أمرهن مشكلاً (¬2)، وقد متن قبل أن يبلغن؛ لأنهن إذا بلغن لم يشكل أمرهن، إما أن تخرج لحية أو يعظم ثدي أو تجيء بعض العلامات التي يعرف بها الذكر من الأنثى. وأما في قياس قول الشعبي فإن كان له عصبة فالفريضة من مائة وثمانين سهماً. للابنة مائة واثنان وعشرون سهماً، ولابنة الابن العليا اثنان وثلاثون سهماً، ولابنة الابن الوسطى سبعة عشر سهماً (¬3)، ولابنة الابن السفلى اثنا (¬4) عشر سهماً، وللعصبة سبعة عشر سهماً؛ لأن الابنة العليا لها النصف لا شك فيه، والسدس بينها وبين ابنة الابن التي تليها نصفين. وبقي ثلث المال. فإن كانت الابنة العليا ذكراً فهو لها. وإن كانت الابنة العليا أنثى وكانت ابنة الابن التي تليها ذكراً فهو لها. وإن كانتا أنثيين (¬5) وكانت ابنة الابن الوسطى ذكراً فهو لها. وإن كن إناثاً وكانت ابنة (¬6) الابن السفلى ذكراً فلها ثلثاه؛ لأنها ترد ثلثه (¬7) على أخته التي (¬8) فوقه. وإن كن إناثاً كلهن فالثلث كله للعصبة. فثلث هذا (¬9) الثلث الباقي لا تدعي فيه ابنة الابن السفلى شيئاً. والابنة العليا وابنة الابن التي تليها وابنة الابن الوسطى والعصبة كلهم يدعيه، فهو بينهم أرباعاً. وأما ثلثا الثلث فإن الابنة العليا وبنات الابن كلهن والعصبة يدعونه كلهم، حالهم فيه حال واحدة، فهو بينهم أخماساً (¬10). رجل ترك ابنة وثلاث بنات ابن بعضهن أسفل من بعض خناثي كلهن مشكل أمرهن وأسفل من بنات الابن ابن ذكر معروف، فإن قول أبي حنيفة ¬

_ (¬1) م ز: وسقط. (¬2) ز: مشكل. (¬3) ف - ولابنة الابن العليا اثنان وثلاثون سهما ولابنة الابن الوسطى سبعة عشر سهما. (¬4) ز: اثنى. (¬5) ز: ابنتان. (¬6) ف: الابنة. (¬7) ف: ثلاثة. (¬8) ز: أعلى. (¬9) ف: بهذا. (¬10) ز: أخماس.

في ذلك وقول أبي يوسف الأول ومحمد: للابنة النصف، ولابنة الابن العليا السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللابن الذكر الأسفل، يرد على الخنثيين اللذين فوقه للذكر مثل حظ الأنثيين. وأما في قياس قول الشعبي فإن نصف المال كامل للبنت لا ينازعها فيه أحد. والسدس من المال بين الابنة وابنة الابن العليا نصفين لا ينازعهما فيه أحد. وثلثا (¬1) سدس المال بين البنت وابنة الابن العليا وابنة الابن الوسطى لا ينازعهن فيه أحد. وثلث سدس المال بين الابنة وابنة الابن العليا والوسطى والسفلى أرباعاً لا ينازعهن في ذلك الابن الذكر الأسفل. وسدس المال الباقي بين البنت وبنات الابن الثلاث والابن الذكر الأسفل أخماساً؛ لأن نصف المال للابنة لا يدعيه أحد غيرها، وسدس المال بين البنت وبنت الابن العليا نصفين؛ لأنه لا يدعيه أحد غيرهما مِن قِبَل أن البنت تدعيه إن كانت ذكراً. وإن كانت أنثى وابنة الابن العليا ذكر فهو له دون البنت. فكلتاهما دعواهما في ذلك السدس وأحد. وليس يدعيه أحد ممن هو أسفل منهما؛ لأنهم لو كانوا ذكورة (¬2) كلهم وهاتان (¬3) ابنتين غير مشكل أمرهما كان الثلثان لهما دونهم. فذلك السدس بينهما خاصة نصفين. وبقي الثلث الباقي والابنة تدعيه في وجه إن كانت ذكراً، وابنة (¬4) الابن العليا منهن (¬5) تدعيه إن كانت ذكراً، وابنة الابن الوسطى تدعيه إن كانت ذكراً. وأما السفلى فإنها تدعي ثلثه، تقول: أنا ذكر، والوسطى التي فوقي (¬6) أنثى، وكذلك ابنة الابن العليا وابنة الصلب هما ابنتان، فلا شيء لهما من هذا الثلث في زعم السفلى، وأما الوسطى التي فوقي (¬7) فإن لها (¬8) ثلث هذا الثلث؛ لأن الثلث بيني وبينها (¬9) أثلاثاً، ثلثاه لي وثلثه (¬10) لها؛ لأني أرد عليها. فالسفلى تدعي ثلثي الثلث الباقي وهو ثمانية؛ لأني جعلت الثلث الباقي اثني عشر. وأما الذكر الأسفل فيدعي ¬

_ (¬1) م ف ز: وثلثي. (¬2) ز. ذكور. (¬3) ز: وهاتين. (¬4) م ف ز: أو ابنة. (¬5) ف ز: بهن. (¬6) م ف ز: فوق. (¬7) ف: فوق. (¬8) ف ز: لهما. (¬9) ف ز: وبينهما. (¬10) ف: وثلثاه.

نصفه ويقول: ابنة (¬1) الصلب أنثى فلها (¬2) النصف، والعليا من بنات الابن أنثى فلها السدس، والوسطى والسفلى أنثيين، فالثلث بيني وبينهما (¬3)، أرد عليهما، فلي نصف الثلث ستة، ولهما (¬4) ستة. فهاهنا (¬5) ستة أسهم، وهي سدس لا يدعي (¬6) الذكر الأسفل منها شيئاً، وتدعيها البنت وابنة الابن العليا وابنة الابن الوسطى. وأما ابنة الابن السفلى فتدعي من الستة اثنين؛ لأنها تدعي ثمانية من جميع الثلث، فعزلنا ستة التي فيها (¬7) دعواها (¬8) ودعواهم أجمعين سواء. وبقي من دعواها في هذه الستة الباقية اثنتان (¬9). وأربعة منها لا تدعيها (¬10). فهذه الأربعة هي ثلثا السدس. [و] سدس المال بين الابنة وابنة الابن وبنات الابن أرباعاً؛ مِن قِبَل أن كل واحدة منهن تدعيه. ولا يشركهن فيه الذكر الأسفل؛ لأنه لا يدعيه. وأما السدس الباقي فكلهم يدعيه، فهو بينهم أخماساً. وإن كانت ابنة الابن الوسطى وابنة الابن السفلى معروفتين أنهما أنثيان (¬11) والمسألة على حالها (¬12) في قياس قول الشعبي، فإن للابنة نصف جميع المال، وسدس المال بين البنت وبنت الابن العليا نصفين، والثلث الباقي للابنة ثلثه، ولبنت الابن العليا ثلثه (¬13)، ولابنتي الابن الوسطى والسفلى سدسه بينهما نصفان، وللابن الذكر الأسفل سدسه. فصار الثلث الباقي يقسم على اثني عشر سهماً. للابنة أربعة أسهم، ولابنة الابن العليا أربعة أسهم، ولابنتي الابن الوسطى والسفلى (¬14) سهمان. لكل واحدة منهما سهم. وللابن الذكر (¬15) الأسفل سدسه سهمان. ¬

_ (¬1) ف - ابنة. (¬2) م: لها. (¬3) ز: بينهما. (¬4) ف: ولها. (¬5) ز: فلها هاهنها. (¬6) ز: لا تدعي. (¬7) ف: التي في. (¬8) ز: تدعى. (¬9) ز: اثنتين. (¬10) ز: لا يدعينها. (¬11) ز: ابنتان. (¬12) ز: على حالهما. (¬13) ف: ثلاثه. (¬14) ز: والسفل. (¬15) ز: للذكر.

فإن كن بنات الابن كلهن خناثي مشكلات غير السفلى من بنات الابن فإنها أنثى معروفة، وابنة الميت أيضاً مشكلة، والمسألة على حالها في قياس قول الشعبي، فإن للابنة النصف، والسدس بين الابنة وبين ابنة الابن العليا نصفين، ونصف السدس بين (¬1) البنت وابنة الابن العليا وابنة الابن الوسطى أثلاثاً. ويبقى من المال سدس ونصف سدس، فهو بين البنت وابنة الابن العليا وابنة الابن الوسطى وابنة الابن السفلى والذكر الأسفل. يكون للبنت ربع ذلك، ولابنة الابن العليا ربع ذلك، ولابنة الابن السفلى (¬2) ربع ذلك، والربع الباقي بين ابنة الابن السفلى وبين الذكر الأسفل للذكر مثل حظ الأنثيين. فللذكر (¬3) الثلثان من ذلك، ولابنة الابن السفلى الثلث؛ لأنها لا ترث إلا بالذكر الأسفل؛ لأن النصف لا يدعيه أحد إلا البنت فهو لها. والسدس لا يدعيه أحد (¬4) غير البنت وابنة الابن العليا فهو بينهما نصفان. وأما الثلث الباقي فإن البنت تدعيه وابنة (¬5) الابن العليا تدعيه وابنة الابن الوسطى تدعيه. وأما ابنة الابن السفلى والذكر الأسفل فإنما (¬6) يدعيان منه ثلاثة أرباعه. وليس ترث السفلى إلا بالذكر فدعواهما واحدة. يقول الذكر: [لي [الثلث الباقي، وأرد على من فوقي، فأرد على الوسطى؛ لأنها أنثى فيما تدعي. وأرد على السفلى؛ لأنها أنثى معروفة. فيكون لي نصف الثلث، ولهما نصف الثلث، لكل واحدة نصف سدس، فإنما يدعي هو والسفلى ثلاثة أرباع هذا الثلث، فأعزله، وبقي ربع الثلث، وهو نصف سدس الجميع، لا يدعيه الذكر الأسفل (¬7) ولا الأنثى السفلى المعروفة. فهذا نصف السدس بين البنت وابنة الابن العليا وابنة الابن الوسطى بينهم أثلاثاً. وبقي سدس ونصف سدس، وهو ثلاثة أرباع الثلث الباقي، فالبنت تدعيه، وابنة الابن العليا تدعيه، وبنت الابن الوسطى تدعيه، والذكر الأسفل والأنثى التي فوقه تدعيه، وهي المعروفة أنها أنثى (¬8)، كلاهما يدعيه، دعواهما فيه ¬

_ (¬1) ز + بنت. (¬2) ف ز: الوسطى. (¬3) ز + مثل حظ. (¬4) م ز + إلا. (¬5) م ف ز: هو ابنة. (¬6) م ف ز: وإنما. (¬7) م - الأسفل. (¬8) م ز: نثى.

مثل دعوى واحد ممن فوقهما؛ لأنهما يزعمان أنه بينهما أثلاثاً. وأما من فوقهما فكل واحد منهم يدعي ذلك لنفسه كله خالصاً، فهو بينهم أرباعاً: ربع للابنة، وربع لابنة الابن العليا، وربع لابنة الابن الوسطى، وربع (¬1) بين ابنة الابن السفلى المعروفة أنها أنثى وبين الذكر الأسفل، للذكر ثلثاه وللأنثى ثلثه. امرأة توفيت وتركت زوجها وأمها وأختاً لأب وأم خنثى مشكل أمرها لا يدرى أذكر هي أم أنثى، فماتت الأخت بعدها قبل أن يستبين أمرها، قال: فإن قول أبي حنيفة وقول أبي يوسف الأول ومحمد في ذلك: إن للزوج النصف، وللأم الثلث، وللأخت الخنثى ما بقي، وهو السدس. يرث ذلك السدس ورثة الخنثى؛ لأنهم جعلوا الخنثى في هذا الوجه بمنزلة الأخ الذكر. ولم يجعلوه بمنزلة الأخت الأنثى؛ لأنهم إن جعلوا الخنثى بمنزلة الأخت كان ميراثه أكثر. وإنما يجعلون الخنثى المشكل أمره على أقل الميراثين. فإن كانوا إذا جعلوه ذكراً كان أقل لميراثه جعلوه ذكراً. وإن كانوا إذا جعلوه أنثى كان أقل لميراثه جعلوه أنثى؛ لأنهم لا يجعلونه في الحكم ذكراً ولا أنثى. إنما يعطونه أقل الميراثين؛ لأن ذلك هو الذي يستيقنونه، فيعطونه الأقل الذي يستيقنون (¬2) حتى يعلموا أن له الأكثر فيعطونه الأكثر. وأما في قياس قول عامر الشعبي فإن الفريضة من ثمانية وأربعين سهماً، للخنثى من ذلك ثلاثة عشر سهماً، وللزوج من ذلك واحد وعشرون سهماً، وللأم من ذلك أربعة عشر سهماً، لأن الزوج إذا كان الخنثى ذكراً فله نصف المال أربعة وعشرون سهماً، وإذا كان أنثى فله ثلاثة أثمان المال (¬3) ثمانية عشر سهماً، وله واحد وعشرون سهماً، وللأم إن كانت الخنثى أنثى فلها (¬4) الربع اثني عشر سهماً، وإن كان ذكرا فلها (¬5) الثلث ستة عشر سهماً. فللأم أربعة عشر سهماَ. وأما الخنثى فإن كان ذكراً فله السدس ¬

_ (¬1) ز - لابنة الابن العليا وربع لابنة الابن الوسطى وربع. (¬2) ز: يستيقنونه. (¬3) ف - المال. (¬4) م ز: ولها. (¬5) م ف ز: ولها.

ثمانية أسهم، وإن كانت أنثى فلها ثلاثة أثمان المال ثمانية عشر سهماً، فلها ثلاثة عشر سهماً. فإن كانت الميتة تركت زوجها وأمها وأخاها لأمها وأختاً لأب وأم خنثى مشكل أمرها، فإن هذا في قول (¬1) أبي حنيفة (¬2) وأبي (¬3) يوسف الأول ومحمد للزوج النصف، وللأم السدس، وللأخ للأم السدس، وللخنثى السدس، وهو بمنزلة الأخ للأب والأم؛ لأنه إذا كان ذكراً كان أقل لنصيبه. وأما في قياس قول عامر فله في هذه الفريضة مثل ما له في الأولى، وللزوج مثل ما كان له في الأولى. ويجمع نصيب الأم والأخ للأم، فيكون لهما مثل ما كان للأم في الفريضة الأولى بينهما نصفين. رجل مات وترك امرأته وأخويه (¬4) لأمه وأختاً لأب وأم خنثى مشكل أمرها ماتت (¬5) قبل أن يستبين أمرها، فإن قول أبي حنيفة وقول أبي يوسف الأول ومحمد في هذا: إن للمرأة الربع، وللأخوين للأم الثلث، وما بقي فهو للأخت الخنثى، وهو في هذا الموضع (¬6) بمنزلة الذكر؛ لأنه أقل النصيبين. وميراث الخنثى لورثته. وأما في قياس قول الشعبي فإن الفريضة من مائة سهم وستة وخمسين سهماً. للمرأة في حال الربع تسعة وثلاثون سهماً إن كان الخنثى ذكراً، وإن كانت أنثى فللمرأة ستة وثلاثون سهماً، فلها سبعة وثلاثون سهماً ونصف سهم. وأما الأخوان فلهما (¬7) اثنان وخمسون سهماً إن كان الخنثى ذكراً، وإن كانت أنثى (¬8) فلها (¬9) ثمانية وأربعون سهماً، ¬

_ (¬1) ز: في هول. (¬2) ز + وفي قول. (¬3) ز: أبي. (¬4) ز: وإخوته. (¬5) ز: مات. (¬6) ف - الموضع. (¬7) ز: فلها. (¬8) ف - فللمرأة ستة وثلاثون سهما فلها سبعة وثلاثون سهما ونصف سهم وأما الأخوان فلهما اثنان وخمسون سهما إن كان الخنثى ذكرا وإن كانت أنثى؛ ز + فللمرأة ستة وثلاثون سهما فلها سبعة وثلاثون سهما ونصف سهم وأما الأخوان فلها اثنان وخمسون سهما إن كان الخنثى ذكرا وإن كانت أنثى. (¬9) ف: فلهما.

فلهما خمسون سهماً. وأما الخنثى فإن كان ذكراً فله خمسة وستون سهماً، وإن كان أنثى فله اثنان وسبعون سهماً، فله ثمانية وستون سهماً ونصف سهم. وإن كان الميت ترك مع ذلك أما فإن قول أبي حنيفة في هذا وقول أبي يوسف الأول ومحمد: إن للأم السدس سهمان من اثني عشر سهماً، وللمرأة الربع ثلاثة أسهم، وللأخوين للأم الثلث أربعة أسهم، وللخنثى ما بقي، وهو ثلاثة أسهم؛ لأنهم جعلوه ذكراً. وأما في قياس قول عامر الشعبي فإن الفريضة من ستين. فإن كان الخنثى ذكراً فللمرأة الربع خمسة عشر سهماً (¬1)، وإن كانت أنثى فللمرأة الخمس اثنا (¬2) عشر سهماً، فللمرأة (¬3) ثلاثة عشر سهماً ونصف (¬4). وللأم السدس عشرة أسهم إن كان الخنثى ذكراً، وإن كانت أنثى فلها ثمانية أسهم، فللأم تسعة أسهم. وللأخوين من الأم إن كان الخنثى ذكراً الثلث عشرون سهماً، وإن كانت أنثى فلها ستة عشر سهماً، فلها ثمانية عشر سهماً. والخنثى إن كان ذكراً (¬5) فله خمسة عشر سهماً، وإن كانت أنثى فلها أربعة وعشرون سهماً، فللخنثى (¬6) تسعة عشر سهماً ونصف. وإن أردت تصحيحها للكسور التي فيها فأضعفها فتكون من مائة وعشرين سهماً. للأم ثمانية عشر، وللمرأة سبعة وعشرون، وللأخوين ستة وثلاثون، وللخنثى تسعة وثلاثون سهماً. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. رجل ترك أبنة وثلاث بنات ابن بعضهن أسفل من بعض خناثي كلهن مشكل أمرهن، وليس له وارث ولا عصبة غيرهن، فإن قياس قول الشعبي في ذلك: إن الفريضة من مائة سهم وثمانية أسهم. للابنة (¬7) من ذلك ثلاثة ¬

_ (¬1) ف ز - سهما. (¬2) م ف ز: اثني. (¬3) م ف ز: وللمرأة. (¬4) م - ونصف، صح هـ. (¬5) ر - الثلث عشرون سهما وإن كانت أنثى فلها ستة عشر سهما فلها ثمانية عشر سهما والخنثى إن كان ذكرا. (¬6) م ف ز: وللخنثى. (¬7) م: للأمة.

وسبعون (¬1) سهماً، ولابنة الابن العليا تسعة عشر سهماً، ولابنة الابن الوسطى عشرة (¬2) أسهم، ولابنة الابن السفلى ستة أسهم. وذلك أن للابنة النصف، وهو أربعة وخمسون سهماً لا يدعيه أحد، والسدس من ذلك ثمانية عشر سهماً لا يدعيه أحد إلا الابنة وابنة الابن العليا، فهو بينهما نصفان. وبقي الثلث. فابنة الابن السفلى تقول: أنا ذكر والتي فوقي أنثى، فهو بيني وبينها، للذكر مثل حظ الأنثيين. وقد زعم أن ثلث هذا الثلث الباقي لابنة الابن الوسطى، وليس له فيه شيء، وهو اثنا (¬3) عشر سهماً؛ لأن الثلث ستة وثلاثون سهماً من مائة وثمانية أسهم. فالابنة الوسطى تدعيه وتقول: أنا ذكر وأنتن إناث فهو لي، والابنة تدعيه وتقول: أنا ذكر وأنتن إناث فهو لي (¬4)، وكلهن قد استوت دعواه فيه، فهو بينهن أثلاثاً، لكل واحدة أربعة أسهم. وبقي ثلثا الثلث، وهو أربعة وعشرون، ابنة الابن السفلى تدعيه، والوسطى تدعيه، والعليا تدعيه، والابنة تدعيه، فهو بينهم أرباعاً، لكل واحدة ستة أسهم (¬5). ¬

_ (¬1) ز: وسبعين. (¬2) ز: عشر. (¬3) م ف ز: اثني. (¬4) ز - والابتة تدعيه وتقول أنا ذكر وأنتن إناث فهو لي. (¬5) م ف + آخر كتاب الخنثى.

كتاب المفقود وما يصنع به

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب المفقود وما يصنع به محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن علي بن أبي طالب أنه قال في امرأة المفقود: إنها امرأة ابتليت (¬2)، فلتصبر حتى يستبين موتاً أو طلاقاً (¬3). محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال في المفقود: قد سمعنا أن امرأته تَرَبَّصُ (¬4) أربع سنين، وليس ذلك بشيء، هي ابتليت (¬5) فلتصبر (¬6). ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) ز: ابتلت. (¬3) وروي ذلك عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أيضاً. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 7/ 90؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 3/ 521. (¬4) أي: تتربص، كما ورد في الكافي، 1/ 131 و؛ والمبسوط، 11/ 35. (¬5) ز: ابتلت. (¬6) المصنف لعبد الرزاق، 7/ 90؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 3/ 521. وروي القول بأن المرأة تتربص أربع سنين عن عمر وعثمان - رضي الله عنهما - وغيرهما. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 7/ 85، 88، 89؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 3/ 521.

محمد عن يعقوب عن ابن أبي ليلى عن عيسى (¬1) بن عبد الرحمن عن عبدالرحمن بن أبي ليلى قال: أنا لقيت المفقود نفسه، فحدثني حديثه، قال: أكلت خَزِيراً (¬2) في أهلي ثم خرجت فأخذني نفر من الجن، فمكثت فيهم زماناً، ثم بدا لهم في عتقي فأعتقوني، ثم أتوا بي قريباً من المدينة (¬3)، فقالوا: أتعرف النخل؟ قلت: نعم. فخلوا عني، فجئت، فإذا عمر بن الخطاب قد أبان امرأتي مني بعد أربع سنين، وحاضت فانقضت عدتها وتزوجت، فخيرني عمر بن الخطاب بين أن يردها علي وبين المهر (¬4). محمد قال: حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أن أبا كَنَف طلق امرأته فأعلمها وراجعها قبل انقضاء (¬5) العدة ولم (¬6) يعلمها، فجاء وقد تزوجت، فأتى عمر بن الخطاب فقص عليه القصة، فقال له عمر: إن وجدته لم يدخل بها فأنت أحق بها، وإن كان قد دخل بها (¬7) فليس لك عليها سبيل. فقدم وقد وضعت القُصَّة (¬8) على رأسها، فقال: إن لي حاجة فأخلوني. ففعلوا، فوقع عليها وبات عندها. ثم غدا إلى الأمير بكتاب عمر. فعرفوا أنه قد جاء بأمر بين (¬9). محمد قال: حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن علي بن أبي ¬

_ (¬1) ف: عن علي. (¬2) قال المطرزي: في حديث المفقود "أكلت خزيراً"، الخزيرة مَرَقَة تُطبَخ بما يُصفَّى به من بُلالة النُّخالة. انظر: المغرب، "خزر". وقيل: أكلة تصنع من اللحم. وقيل غير ذلك. انظر: لسان العرب، "خزر". (¬3) ز: من النخل. (¬4) المصنف لعبد الرزاق، 7/ 86 - 87؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 3/ 521 - 523، والدراية لابن حجر، 2/ 142. (¬5) م: القضا. (¬6) ز: فلم. (¬7) ز: عليها. (¬8) القُصّة بالضم الطُرَّة، وهي الناصية تُقَصّ حذاء الجبهة، وقيل: كل خُصْلَة من الشعر. انظر: المغرب، "قص". (¬9) المصنف لعبد الرزاق، 6/ 314، والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 160.

طالب أنه قال في الرجل يطلق امرأته فيُعْلِمُها ويراجعها، ويُشْهِدُ ولا يُعْلِمُها: إنها امرأته أعلمها أو لم يعلمها. وقال أبو حنيفة: قال إبراهيم: قول علي بن أبي طالب في امرأة أبي كَنَف: إنها امرأته، أبا إلي من قول عمر بن الخطاب (¬1). محمد قال: حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن علي بن أبي طالب أنه قال في المرأة يُنعى إليها زوجها فتتزوج ثم يقدم (¬2): إنها ترد إلى زوجها الأول ويفرق بينها وبين الآخر، ولها المهر بما استحل من فرجها، ولا يقربها زوجها الأول حتى تنقضي عدتها من الآخر؛ وأن عمر بن الخطاب قال فيها: إن (¬3) زوجها الأول بالخيار، إن شاء أخذ مهرها وتركها عند الآخر، وإن شاء أخذ امرأته (¬4). قال حماد: قال إبراهيم: قول علي في هذا أحب إلينا من قول عمر. وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد يأخذون في هذا كله بقول علي بن أبي طالب. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا فقد الرجل فارتفع ورثته إلى القاضي فأرادوا قسمة ماله فإنه لا يقسم ماله حتى تقوم البينة على موته إذا أقروا أنه فقيد. وتفسير المفقود: الرجل يخرج في وجه فيفقد ولا يعرف موضعه ولا يعلم بمكانه ولا يستبين أمره ولا موته، أو يأسره العدو فلا يستبين موته ولا قتله، فهذا مفقود، ولا يقسم (¬5) ماله ولا تُزوَّج امرأته ولا يحكم القاضي في شيء من أمره حتى تقوم البينة أنه قد مات أو قتل. ألا ترى أن القاضي لو قسم مال هذا كان قد قضى على غائب. ولو أمر امرأته أن تتزوج كان قد فرق بينها وبين زوج لا يدري لعله حي. فكيف تُزوَّج امرأة لم يستبن (¬6) لها من زوجها موت أو طلاق. فإن احتاج ورثة المفقود إلى نفقة من ماله فإن القاضي ينبغي له أن ¬

_ (¬1) المصنف لعبد الرزاق، 6/ 314؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 160. (¬2) ف: لم يقدم. (¬3) ف - إن. (¬4) المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 522. (¬5) ف: لا يقسم؛ ز: ولا تقسم. (¬6) ز: لم يستبين.

ينظر في ذلك. فإن كانت زوجة وأولاد إناث (¬1) أو ذكورة (¬2) صغار أنفق عليهم من ماله بالمعروف. وإن استوثق منهم بكفيل فحسن. وإن ضمنهم ذلك ولم يأخذ منهم كفيلاً فهو مستقيم. أي ذلك ما فعل فحسن. وإن كان ورثته كباراً ليس بهم زمانة ولا فيهم امرأة أو كانوا إخوة أو بني عم لم ينفق عليهم من ماله شيئاً. إنما ينفق على الولد الإناث والذكورة من الصغار والزوجة والأبوين إذا كانوا محتاجين. فأما من كان منهم غنياً فلا نفقة له، ما خلا الزوجة فإنه ينفق عليها وإن كانت غنية. وكل (¬3) ابن رجل به زمانة لا يستطيع معها حرفة فإنه ينفق عليه من ماله بعد أن يكون محتاجاً. فإن كان غنياً لم ينفق عليه من ماله شيئاً (¬4). ولا يباع شيء من عقاره الدور والأرضون (¬5) ولا شيء من ثيابه (¬6) ومتاعه ولا شيء من رقيقه في شيء من ذلك. فإن كان له غلة جعل القاضي فيها من يحتفظ بها ويقبضها. وما كان يخاف عليه الفساد من ذلك فإن القاضي يبيعه. ولا يبيع ما لا يخاف عليه الفساد في نفقة ولا غيرها. فإن لم يكن له مال إلا دار واحتاج ولده وزوجته إلى نفقة لم يبع (¬7) الدار لهم. وكذلك لو كانت له خادم لم تُبَع لهم. وقال أبو حنيفة: إذا غاب الرجل وأبوه محتاج فلأبيه أن يبيع من ماله ما يأكل من المتاع وغيره ما خلا العقار. وكذلك قياس قوله في المفقود. وقال أبو يوسف ومحمد: يبطل بيعه في ذلك كله، ولا نجيزه إلا بقضاء قاض (¬8). وإن كان له دنانير أو دراهم أنفق على ولده وزوجته من ذلك. وكذلك ¬

_ (¬1) م ف ز: نسا. ويأتي لفظ المؤلف بعد أسطر "الولد الإناث". (¬2) ز: أو ذكور. (¬3) ز: وكذا. (¬4) ز: شيء. (¬5) ز: والأرضين. (¬6) ف: من بنائه. (¬7) ز: لم تبع. (¬8) ز: قاضي.

الذهب التبر والفضة التبر. وكذلك كل ما يخاف عليه الفساد من غلته ومتاعه فإنه يباع ذلك وينفق عليهم منه. فإن باعته الزوجة أو الولد فبيعهما (¬1) باطل. وإن باعه القاضي فهو جائز. وكذلك الوديعة تكون له عند رجل فإنه ينفق عليهم منها. وكذلك الدين يكون له على رجل وهو مقر به. فإن أعطاهم الرجل منه شيئاً بغير أمر قاض (¬2) لم يبرأ منه، وكان الدين عليه على حاله. وكذلك لو أعطاهم صاحب الوديعة بغير أمر قاض (¬3) كان ضامناً. ولو كان الذي عليه الدين جاحداً للدين فطلبت امرأة المفقود خصومته وأحضرت البينة عليه لم أقبل منها البينة؛ لأنها ليست بخصم ولا بوكيلة ولا وارثة. وكذلك الولد والأبوان. وإنما أستحسن إذا أقر أن ينفق عليهم. فإذا جحد لم يكونوا خصماء في ذلك. ولو (¬4) طلب ولده وزوجته إلى القاضي أن يجعل وكيلاً في ماله يتقاضى دينه ويجمع غلته ويؤاجر رقيقه فإن القاضي ينبغي له أن يجعل وكيلاً في ذلك. فإن جحد غريم ديناً ولي بيعه الوكيل فإن الوكيل في هذا الوجه خصم يقبل (¬5) منه البينة. [وأما إن كان الذي ولي بيعه المفقود] (¬6) وهو يجحد ذلك لم يكن بينه وبين الوكيل خصومة. إنما للوكيل أن يتقاضى ما كان صاحبه مقراً به وما ولي هو بيعه. ولو كان للمفقود نصيب في دار وصاحب الدار يجحده أو نصيب في عبد في يدي (¬7) رجل وهو يجحد ذلك لم يكن الولد ولا الزوجة ولا الوكيل خصماً في ذلك، ولا يقبل من أحد منهم البينة. ولو مات غريم للمفقود عليه دين قد أوصى به الميت في وصيته مع دينه الذي عليه عزلت حصة المفقود من ذلك على يدي (¬8) وكيله. فإن لم ¬

_ (¬1) م ف ز: فبيعه. والتصحيح من المبسوط، 11/ 40. (¬2) ز: قاضي. (¬3) ز: قاضي. (¬4) م ف ز + أن. (¬5) ز: تقبل. (¬6) ما بين المعقوفتين مستفاد من الكافى، 1/ 131 ظ؛ والمبسوط، 11/ 41. (¬7) ف: في يد. (¬8) ف: على يد.

يوص به الميت وكان عليه دين لغير واحد فطلب ورثة المفقود أو وكيله الخصومة في ذلك لم يكن بينهم وبين وارث (¬1) الميت خصومة، ولم أقبل منهم البينة. وإنما وقفت حصة المفقود في الباب الأول لإقرار الميت والورثة. فإذا جحد الورثة ذلك لم أجعل (¬2) أحداً من هؤلاء خصماً في ذلك. ولو أن القاضي جَعَلَ [أحداً منهم] خصماً في ذلك (¬3) وفي كل حق للمفقود يجحد أو يقر به وأنفذ الخصومة بينهم في ذلك (¬4) أجزت ذلك عليهم وأنفذته؛ لأن في هذا اختلافاً (¬5) بين القضاة (¬6). ولو كان على المفقود دين (¬7) فطلب غريمه أن يأخذ من ماله لم يقض (¬8) له بذلك ولم يسمع من شهوده. وكذلك إن ادعى رجل في دار المفقود أو في عبده أو في شيء من متاعه دعوى لم أقبل منه البينة؛ لأنه ليس معه خصم. وكذلك لو ادعى وديعة عنده أو عارية أو عبداً ذكر أنه أجره إياه أو دابة لم يسمع القاضي من شهوده في شيء من ذلك؛ لأنه لا خصم له. وهذا يبين لك أنه لا خصومة بين ولده وبين من طلبوا قِبَلَه حقاً للمفقود وهو يجحد. ولو أن المفقود جاء حياً وقد أُنْفِقَ على زوجته وولده من ماله أو من دين كان له أمر (¬9) به القاضي أن يُنْفَقَ عليهم فإن ذلك جائز عليه، وليس له ¬

_ (¬1) ف: وارثه. (¬2) م: لو أجعل. (¬3) م - ولو أن القاضي جعل خصما في ذلك، صح هـ. (¬4) ز - وفي كل حق للمفقود يجحد أو يقر به وأنفذ الخصومة بينهم في ذلك. (¬5) ز: اختلاف. (¬6) م ف ز: من القضا. والتصحيح مستفاد من الكافي، 1/ 131 ظ؛ والمبسوط، 11/ 41. (¬7) م ز + وطلب؛ ف - دين. (¬8) ز: لم يقضى. (¬9) ز: أمره.

باب المدة التي لا يبلغها المفقود ويعد فيها ممن قد مات

أن يرجع فيه. وكذلك ما أُنْفِقَ عليهم من غلته (¬1) وأَرَضِيه ورقيقه إذا كان بأمر القاضي. وما كان من ذلك بغير أمر القاضي (¬2) فإنه لا يجوز بيع شيء من ذلك. وما كانوا أنفقوا من دنانير أو دراهم لم يضمنوا ذلك، وجاز لهم إذا كان بالمعروف وكانوا إليه محتاجين. وكذلك الذهب التبر (¬3) والفضة التبر. وكذلك لو كانت ثياباً فلبسوها في كسوتهم أو طعاماً فأكلوه. وإذا آجر المفقود داراً أو أرضاً قبل أن يفقد (¬4) سنين مسماة ثم فقد قبل أن تنقضي الإجارة فإني لا أبطل الإجارة وأمضيها لصاحبها؛ لأني لا (¬5) أعرف موت المفقود. فإن أراد المستأجر أن يبرأ من الأجر وأن يدفعه إلى ولده أو زوجته فإنه لا يدفعه إليهم إلا أن يأمره القاضي بذلك. فإن أمره فهو جائز. وإن كان القاضي جعل له وكيلاً فقبض ذلك فهو جائز. وإن احتاج ولده أنفق عليه من ذلك بالمعروف. ... باب المدة التي لا يبلغها المفقود ويعد فيها ممن قد (¬6) مات وإذا فقد الرجل بصفين أو بالجمل (¬7) أو الزمان الأول ثم لم يعرف خبره ولم يعرف موته ثم اختصم ورثته في ماله في يومك هذا وقد كان ماله مالاً موقوفاً أو لم يكن (¬8) موقوفاً فإن هذا قد مات. ألا ترى ¬

_ (¬1) م ف ز: من غله. (¬2) ز - وما كان من ذلك بغير أمر القاضي. (¬3) م ز - التبر. (¬4) م: أن ينفد؛ ز: أن ينقد. (¬5) م ز - لا. (¬6) ف - قد. (¬7) كانت وقعة الجمل سنة 36، ووقعة صفين سنة 37. (¬8) م ز: ولم يكن.

أنه لم يبق أحد أدرك ذلك الزمان. فإذا بلغ المفقود هذه المدة فهو ميت، ويقسم (¬1) ميراثه بين ورثته. فإذا كان له ابن مات زمن خالد بن عبد الله (¬2) وترك أخاً لأمه، وللمفقود الأول عصبة أحياء، فخاصمهم الأخ من الأم، فإني أنظر في الزمان الذي مات فيه الابن، وكم بينه وبين مفقد الرجل، وأنظر إلى سن (¬3) الرجل يوم فقد، فأجمع تلك السنين، فإن كان مثله يعيش إلى ذلك الزمان لم أورث الأخ (¬4) من الأم منه ولم أورثه من أبيه، وجعلت الميراث لعصبة المفقود. وإن كان مثله لا يعيش إلى مثل تلك المدة جعلت الميراث لابنه (¬5)، وجعلت لأخي (¬6) الابن الذي لأمه السدس (¬7)، وجعلت ما بقي لعصبة الابن. فإن كانت العصبة واحدة فهو له. وإن كان الأب مولى لقوم والابن مولى لقوم آخرين وكانت عصبتهما شتى جعلت الميراث لعصبة الأب في الباب الأول، وأجعل الميراث لعصبة الابن في هذا الباب. وإذا بلغ المفقود من السنين ما لا يعيش مثله في مثل سنه جعلته ميتاً، وورثت منه كل وارث كان حياً. وإن مات أحد من ورثته قبل ذلك لم أورثه منه؛ لأني لا أدري لعله كان (¬8) حياً يوم مات (¬9) وارثه. ولا أورث المفقود من ذلك الوارث الميت إن كان المفقود يعيش إلى مثل تلك المدة. فإذا بلغ مدة لا يعيش مثله إليها جعلته ميتاً (¬10). ولا أقسم ما وقفت للمفقود من ميراث غيره حتى أنظر (¬11) مات قبلهم (¬12) أو بعدهم (¬13). فإذا تطاولت المدة ¬

_ (¬1) ز: وتقسم. (¬2) هو خالد بن عبد الله القسري، كان والي العراق في عهد الخليفة الأموي هشام بن عبدالملك بين سنتي 105 - 120، ثم عزل وسجن، وقتل سنة 126 هـ انظر: وفيات الأعيان لابن خلكان، 2/ 226؛ وشذرات الذهب لابن العماد، 1/ 169؛ والأعلام للزركلي، 2/ 297. (¬3) ز: إلى بين. (¬4) ز + الابن. (¬5) م: لأبيه. (¬6) ز: لأخ. (¬7) ز: الدس. (¬8) ف - كان. (¬9) م - مات. (¬10) ف: مالاً. (¬11) ز: أنقر. (¬12) م ف ز: قبلهما. (¬13) م ف: وبعدهم.

باب المكاتب المفقود

على المفقود حتى يبلغ (¬1) من السنين ما لا يعيش مثله إلى تلك المدة جعلته ميتاً وورثته ورثته الأحياء يومئذ. وإن كان له ورثة غير هؤلاء قد ماتوا في حال لا يدرى لعله كان فيها حياً لم أورثهم منه ولم أورثه منهم. ... باب المكاتب المفقود وإذا فقد المكاتب وله مال وولد ولد له في المكاتبة فإنه يوقف ماله، ولا تؤدى مكاتبته (¬2)، ولا يستسعى ولده في شيء من المكاتبة، وينفق على ولده الصغار وبناته الذين ولدوا (¬3) في المكاتبة وعلى امرأته إن كانت له امرأة. وإن كان للمكاتب ابنة حرة أو ابن (¬4) حر لم ينفق عليه من ماله. وكذلك لو كان ابنه عبداً لغيره أو أمة لغيره. ولو مات ابن له حر وله ورثة قسم ماله بين ورثته ولم يحبس من ماله على المكاتب من ذلك شيء. ولو مات ابن له ولد في مكاتبته وترك مالاً كان ماله موقوفاً حتى يعلم حال المفقود. فإن كان مال الابن الميت في يد أخيه لم أخرجه من يده ولم أقسمه ولم أقفه (¬5) ولم أعرض له؛ لأني لا أدري لمن هو. ولو أن ولد هذا المكاتب الذين ولدوا في المكاتبة وهم كبار أقروا أن أباهم قد مات وماله في أيديهم وأقر لهم بذلك المولى، فأدوا المكاتبة وقسموا ما بقي بين الورثة، ثم اختلفوا وجحد بعضهم بعضاً، فارتفعوا إلى القاضي، جاز ذلك عليهم. ولو أقروا بذلك ولم يقسموا ثم ارتفعوا إلى القاضي فأقروا عنده بذلك فإنه يجيز إقرارهم بذلك عليهم، ويقسم ميراثه ¬

_ (¬1) ز: تبلغ. (¬2) ف: مكلتبه. (¬3) م ز: ولده؛ ف: ولدن. وهو على الجادة في الكافي، 1/ 131 ظ؛ والمبسوط، 11/ 44. (¬4) م: وابن. (¬5) ز: أوقفه.

باب المدبر يفقد والعبد والخادم يفقد

بينهم بعد أداء المكاتبة. وكذلك لو أقروا بدين عليه بدأت به قبل المكاتبة وقبل الميراث. وكذلك الحر (¬1) إذا أقر ورثته أنه قد مات والمال في أيديهم وأقروا عليه بدين قضيت الدين وقسمت الميراث. وإذا كان المال في يد غيرهم فأقر بذلك أنفذته عليه وقضيت به. ولو جحد موته لم أنزع شيئاً مما في يديه حتى تقوم البينة على موته. ولو أن مولى المفقود أعتق المكاتب المفقود، ثم مات ابن للمكاتب حر وماله في يدي رجل أجنبي، فأراد ولد المكاتب أن يأخذوا ميراثه، لم يقض لهم بشيء من ذلك (¬2) حتى تقوم البينة أن كان (¬3) المكاتب مات قبله. وكذلك العبد يفقد (¬4) فيعتقه مولاه ثم يموت ابن له حر وله إخوة أحرار، وماله في يدي رجل أجنبي، فإن القاضي لا يدفع إليهم شيئاً من ذلك حتى تقوم البينة أن العبد قد مات قبل موته أو بعده. ولا ينفق على ولد العبد الصغار من هذا المال شيئاً (¬5)؛ لأني لا أدري لمن هذا المال. ... باب المدبر يفقد والعبد والخادم يفقد وإذا كان المفقود قد باع خادماً قبل أن يفقد فطعن المشتري بعيب فلا خصومة بينه وبين ولده. وكذلك لو كان (¬6) اشترى خادماً قبل أن يفقد لم يكن لهم أن يخاصموا البائع في شيء من (¬7) ذلك. ولو كان على المفقود دين حال أو إلى أجل لم يكن لأصحاب الدين أن يقبضوا ذلك من ماله؛ لأنه لا خصم لهم. ولو كان المفقود باع خادماً قبل أن يفقد ثم ¬

_ (¬1) م ز: الجد؛ ف: الحد. والتصحيح من الكافي، 1/ 132 و؛ والمبسوط، 11/ 45. (¬2) ف - من ذلك. (¬3) ف ز - كان. (¬4) ف - يفقد. (¬5) ز: شيء. (¬6) ف - كان. (¬7) م ز - شيء من.

باب هل يرث المفقود من أحد شيئا

فقد ثم استحقت الخادم من يدي (¬1) المشتري لم يكن للمشتري على ماله سبيل. ولو كان المفقود اشترى خادماً فجاء رجل يدعيها لم يكن بينه وبين أهله خصومة. ولو ادعى عبد من عبيد المفقود أو أمةٌ عِتْقاً وأقام على ذلك بينة لم تقبل بينته ولم يعتق. ولو أراد ولده بيع شيء من ذلك لم يكن لهم أن يبيعوا. ولو ادعت امرأته الطلاق وأقامت بينة لم يقبل ذلك منها (¬2). ولو ادعت امرأة أنه تزوجها فأقامت البينة لم يقبل ذلك منها. ولو أوصى رجل للمفقود بوصية لم أقض (¬3) بها له، ولم أبطلها، ولم أنفق على ولده منها شيئاً؛ (¬4) لأني لا أدري جازت الوصية أم لا. ... باب هل يرث المفقود من أحد شيئاً وإذا مات الرجل وترك ابنتين وابن ابن وابنة (¬5) ابن، وترك ابناً مفقوداً، وترك مالاً في يدي (¬6) الابنتين، فقال ابن الابن وأخته: أبونا مفقود، فأقر بذلك الابنتان، واختصموا إلى القاضي، فإن القاضي لا ينبغي له أن يحرك المال من موضعه ولا يقف منه شيئاً للمفقود؛ لأنه لا يعلم يرث أو لا يرث. فلا يقف شيئاً وهو لا يعلم أنه له. وليس هذا بمنزلة مال المفقود الذي يعلم (¬7) أنه له. ولو كان الابنتان قالتا: قد مات أخونا وليس بمفقود، وقال ابن الابن ¬

_ (¬1) ف: من يد. (¬2) ز - منها. (¬3) ز: لم أقضي. (¬4) ز: شيء. (¬5) ز: ابنة. (¬6) ف: في يد. (¬7) ف ز: يعرف.

وابنة الابن: بل هو مفقود، فإن القول فيه على ما وصفت لك في المسألة الأولى. ولو كان ميراث الجد في يدي ولد الابن المفقود فطلب بناته (¬1) ميراثه، وقلن: أخونا مفقود، وأقر بذلك الابن، فإنه يعطي البنات النصف، وذلك أقل ما يكون؛ لأني لا أدري لعل المفقود حي (¬2) يرث معهن، ولا أدري لعله ميت قد (¬3) مات قبل أبيه، فأعطيهم أقل النصيبين وهو النصف. وأترك النصف في يدي ولد الابن من غير أن أقضي به لهما ولا لأبيهما؛ لأني لا أعرف لمن هو. ولو كان مال الميت في يدي أجنبي فقالت ابنتا الميت: قد مات أخونا قبل الأب، وقال ولد الابن: أبونا مفقود، فإن أقر الذي هو في يديه المال أنه مفقود والمال لأبي (¬4) هاتين، أعطيت هاتين النصف، ووقفت (¬5) النصف على يديه حتى تقوم البينة على موته، ولم أدفع إلى ولده شيئاً. وإن أقر الذي في يديه المال أن المفقود قد مات قبل أبيه وجحد ذلك ولد المفقود فإن (¬6) الذي في يديه المال يجبر على دفع الثلثين إلى بنات الميت، ويوقف الثلث على يديه، ولا يدفع إلى ولد المفقود؛ لأنهم لا يدعون فيه لأنفسهم شيئاً. ولو كان الذي في يديه المال جحد المال أن يكون لهذا الميت فأقامت ابنتا (¬7) الميت البينة أن أباهم مات وترك هذا المال ميراثاً لهما ولأخيهما المفقود فإن كان حياً فهو الوارث معهما. وإن كان ميتاً فولده الورثة معهما ولا يعلم له وارث غير هؤلاء وزكي الشهود فإنه يدفع ¬

_ (¬1) أي: البنتان، والمثنى قد يعبر عنه بصيغة الجمع. (¬2) ف - حي؛ ز: حيا. (¬3) ف - قد. (¬4) م ف ز: لابني. والتصحيح مستفاد من الكافي، 1/ 132 و؛ والمبسوط، 11/ 46. (¬5) م ز: أو وقعت؛ ف: أو وقفتد والتصحيح مستفاد من المصادر السابقة. (¬6) ف + المال. (¬7) ف: ابنة؛ ز: ابنتي.

إلى الابنتين النصف، ويوقف النصف (¬1) على يدي عدل؛ لأن الذي في يديه المال جحد المال، فهو غير مؤتمن عليه. ولو ادعى ولد المفقود أن المفقود مات بعد شهادة شهودهم لم أصدقهم، ولم أدفع إليهم شيئاً حتى تقوم البينة على موته قبل أبيه أو بعده، ولا أنفق عليهم من ذلك المال شيئاً ولو كانوا محتاجين؛ لأني لا أدري لمن هو. وإذا كان هذا المال أرضاً (¬2) في يدي الابنتين وولد الابن فأقروا جميعاً أن الابن قد مات قبل أبيه، واقتسموا الأرض بينهم على ذلك، ثم ادعوا بعد ذلك أنه مفقود، فإن القاضي يقضي بالقسمة عليهم، ويجيزها، ولا يقبل قولهم: إنه مفقود. ولو كان في ولد الابن رجل غائب ولم يكن في يديه من هذه الأرض شيء ولم يشهد القسمة ثم قدم فقال: إن والدي مفقود، وأراد نقض القسمة فليس (¬3) له ذلك، ولا يخرج شيء مما في أيدي القوم بدعوى الابن. ألا ترى أنه مقر أنه (¬4) ليس بوكيل ولا وارث. وكذلك لو كان صغيراً فأدرك فادعى مثل ذلك. ولو ادعى أن أباه قد مات قبل جده كان له أن ينقض القسمة، فيقسمها (¬5) القاضي بينهم قسمة مستقبلة بإقرارهم على أنفسهم. ولو ماتت ابنة هذا المفقود نظرت في ميراثها. فإن كان في يد أخيها أو أختها لم أعرض له ولم أوقف منه شيئاً للمفقود؛ لأني لا أدري أوارث (¬6) هو أم لا. فكيف أقف ما لا أدري هو له أم لا. وإن كان ميراثها في يدي رجل أجنبي لم أدفع إلى أخيها وأختها من ذلك شيئاً؛ لأني لا أدري أهو للأب أم هو لهم. ولو كان في أيديهما فأرادوا قسمته ¬

_ (¬1) ف - ويوقف النصف. (¬2) ز: أرض. (¬3) م ف ز: وليس. ولا بد من التصحيح. (¬4) ف - أنه. (¬5) ف: فقسمها. (¬6) ز: أوارثا.

وهم مقرون بأن الأب مفقود لم أقسمه بينهما حتى أعلم لمن هو أو تقوم البينة على موت المفقود. ولو كان للمفقود امرأة فماتت وميراثها في يدي ولدها لم أقسم للمفقود من ذلك نصيباً ولم أقف له من ذلك شيئاً؛ لأني لا أعرف له ميراثاً فأقفه. ولو أراد ولدها قسمة ميراثها وهو في أيديهم لم أقسمه حتى تقوم البينة على موت المفقود. ويعزل من ذلك مثل نصيب المفقود فيوقف، ويقسم ما بقي بينهم. ولو كان في يد غيرهم قضيت لهم (¬1) بثلاثة أرباعه وأوقفت ربعه على يدي الذي هو في يديه حتى أعلم أهو للمفقود أم لغيره. وإذا فقد المرتد عن الإسلام فلم يعلم لحق بدار الحرب أم لا فإنه يوقف ميراثه كما يوقف ميراث المسلم الذي لم يرتد. وإن مات أحد من ولده قسم ميراثه بين ورثته ولم يحبس على المفقود شيء. وإن كان ميراث الآخر (¬2) في يدي رجل أجنبي فقامت البينة على ورثة (¬3) هؤلاء ولا يعلمون له وارثاً غيرهم وغير المفقود المرتد فإنه يقضى بميراثه كله لهم، ولا يوقف على المرتد شيء. ألا ترى أنه لو كان حاضراً لم يرث. فكيف يرث إذا كان مفقوداً. أرأيت لو كان الأب عبداً مفقودا أكنت أحبس عليه من ميراث الابن شيئاً. لا أحبس عليه شيئاً من ذلك. وكذلك المرتد المفقود. وكذلك المرأة المرتدة والأمة. وكذلك الرجل من أهل الذمة يفقد وله بنون مسلمون فمات أحد بنيه (¬4) فإنه يقسم ميراثه بين إخوته، ولا يوقف على الأب من ذلك شيء. ولو كان الأب مسلماً ففقد (¬5) وله بنون كفار فمات أحدهم قسم ميراثه بين إخوته، ولم أقف على أبيه شيئاً (¬6). ¬

_ (¬1) ز: له. (¬2) أي: الآخر من ولد المرتد. (¬3) ز: على ورثته. (¬4) ز: بينه. (¬5) ز: فقد. (¬6) م ف ز + آخر كتاب الخنثى والمفقود.

كتاب جعل الآبق

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب جُعْل الآبق أخبرنا أبو سليمان قال: أخبرنا محمد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة عن سعيد بن المرزبان عن أبي عمرو الشيباني قال: كنت قاعداً عند عبد الله بن مسعود، فجاء رجل فقال: إن (¬2) فلاناً (¬3) قدم بأُبَّاق (¬4) من الفَيُّوم (¬5) فقال القوم: لقد أصاب أجراً. فقال عبد الله: وجُعْلا إن شاء، من (¬6) كل رأس أربعين درهماً (¬7). ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) م ف ز: انا. والتصحيح من الكافي، 1/ 130 و؛ والمبسوط، 11/ 17. (¬3) ز: فلان. (¬4) الأباق جمع الآبق. انظر: المغرب، "أبق". (¬5) الفيوم: اسم لموضعين أحدهما: بمصر، والآخر: موضع قريب من هيت بالعراق. انظر: معجم البلدان لياقوت، 4/ 286. ولعل المقصود هنا الموضع الذي في العراق، لأن ابن مسعود - رضي الله عنه - كان في الكوفة. وهِيت بلدة على الفرات من نواحي بغداد فوق الأنبار. انظر: معجم البلدان لياقوت، 5/ 420. ووقع في الآثار لأبي يوسف، 166: البحرين. وأظنه تحريفاً. وفي المبسوط، 11/ 17: القوم. وهو تحريف. (¬6) ف - من. (¬7) الآثار لأبي يوسف، 166؛ والآثار لمحمد، 149؛ والمصنف لعبد الرزاق، 8/ 208؛ والسنن الكبرى للبيهقىِ، 6/ 200؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 470.

محمد عن يعقوب بن إبراهيم عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي أنه سئل عن رجل أخذ غلاما آبقاً فأبق من عنده. قال: لا ضمان عليه (¬1). محمد عن أبي يوسف عن شيخ من خَثْعَم يقال له (¬2) حَزْن بن بشير (¬3) عن أشياخ من قومه قال: أخذ مولى للَخْم (¬4) آبقاً بجَوْخَى (¬5) فكتب إلى مولاه أن يأتي أهله فيجتعل له منهم. قال: ففعل ذلك، ثم كتب إليه. فأقبل بالعبد فأبق منه. فاختصموا إلى شريح، فضمنه إياه. فاختصموا إلى علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، فقال: أخطأ شريح وأساء القضاء، يحلف العبد الأحمر للعبد الأسود بالله أنه أبق منه، ولا ضمان عليه (¬6). محمد عن أبي يوسف (¬7) أنه جعل في جعل الآبق ديناراً أو اثني عشر درهماً. محمد عن أبي يوسف عن الحجاج (¬8) بن أرطأة عن عمرو بن حصين (¬9) بن عبد الرحمن عن الشعبي عن الحارث عن علي أنه جعل في ¬

_ (¬1) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 209؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 385. (¬2) ز - له. (¬3) وقع اسمه محرفاً في المصنف لعبد الرزاق، 8/ 209. وانظر لترجمة حزن: التاريخ الكبير للإمام البخاري، 3/ 111، 313. (¬4) ولخم قبيلة معروفة. ووقع في المبسوط، 11/ 19: للحي. (¬5) قال المطرزي: في الإباق جَوْخَى بوزن فَوْضَى موضع بالسواد. انظر: المغرب، "جوخ". (¬6) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 209؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 385. (¬7) قد يكون هذا من تمام الأثر السابق، أي: أن علياً - رضي الله عنه - جعل في الآبق ديناراً أو اثني عشر درهماً. ويؤيده ما في الكافي، 1/ 130 و. ووقع هذا القول منسوباً إلى عمر - رضي الله عنه - في المبسوط، 11/ 17. وقد روى ابن أبي شيبة عن عمر وعلي - رضي الله عنهما - في جعل الآبق أنه دينار أو اثنا عشر درهماً. انظر: المصنف، 4/ 442. (¬8) ز: أن الحجاج. (¬9) ف: بن الحصين.

جعل الآبق ديناراً أو عشرة دراهم (¬1). محمد عن أبي يوسف عن أبي بكر بن عبد الله عن عامر الشعبي أنه قال في جعل الآبق ديناراً إذا أخذ خارجاً من المصر (¬2). محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه كان يستحب أن يرضخ للذي يرد الآبق بشيء حتى يرد الناس بعضهم على بعض (¬3). محمد عن يعقوب عن أبي إسحاق عن ناجية بن كعب الأسدي عن عمار بن ياسر أنه قال في جعل الآبق: إذا أخذ في المصر فله عشرة دراهم، وإذا أخذ خارجاً من المصر فله أربعون (¬4) درهماً. محمد عن أبي يوسف عن أبي إسحاق عن شريح القاضي مثله (¬5). قلت: أرأيت الرجل إذا أتى بالعبد فأخذه السلطان فسجنه، ثم جاء رجل فادعاه وأقام البينة أنه عبده، هل يستحلفه بالله ما بعته ولا وهبته، ثم يدفعه إليه؟ قال: نعم. قلت: فهل يأخذ منه كفيلاً؟ قال: نعم، أحب إلي أن يأخذ منه كفيلاً. وإن لم يأخذ منه كفيلاً وسعه ذلك. قلت: فإن أخذ القاضي منه كفيلاً أتراه أساء؟ قال: لا (¬6). قلت: أرأيت إن لم تقم له بينة أن العبد عبده ولكن العبد أقر أنه عبده هل يدفعه إليه ويأخذ منه كفيلاً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن لم يجئ للعبد طالب (¬7) ما تصنع به؟ ¬

_ (¬1) روي على أنه دينار أو اثنا عشر درهماً. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 442؛ ونصب الراية للزيلعى، 3/ 470 - 471. (¬2) م: خارج المصر. (¬3) أخرجه أبو يوسف أيضاً عن أبي حنيفة بإسنادهـ انظر: الآثار لأبي يوسف، 165. (¬4) ز: أربعين. (¬5) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 208. (¬6) قال الحاكم الشهيد: ولا أحب إن أخذ منه كفيلاً، وإن أخذ منه القاضي كفيلاً لم يكن مسيئاً، ولكن الأصح أن لا يأخذه أحب إلي. هذا رواية أبي حفص. قال: ورأيت في بعض روايات أبي سليمان قال: أحب إلي أن يأخذ منه كفيلاً، وإن لم يأخذ منه كفيلاً وسعه ذلك. انظر: الكافي، 1/ 130 و. وانظر للتفصيل والشرح: المبسوط، 11/ 20. (¬7) ز: طالبا.

قال: إذا طال ذلك باعه الإمام وأمسك الثمن حتى يجيء له طالب (¬1). فإذا جاء له طالب وأقام البينة دفع إليه الثمن. قلت: فإن لم يأت له طالب ولم يبعه (¬2) الإمام شهراً أو أياماً على من تكون (¬3) نفقته؟ قال: ينفق عليه الإمام من بيت المال. فإذا جاء صاحبه (¬4) ضمنه (¬5) النفقة. وإن باعه أخذ تلك النفقة من الثمن. قلت: أرأيت إذا باعه الإمام ثم جاء صاحب العبد وأقام البينة أنه عبده هل يرد الإمام البيع؟ قال: لا، ولكن يعطيه الثمن. قلت: لم؟ قال: لأن بيع الإمام عليه جائز. قلت: فإن وجد العبد نفسه أيأخذه؟ قال: لا. قلت: فإن كان العبد في يدي الإمام لم يبعه بعد فادعاه رجل وأقام البينة (¬6) عليه شاهدين من النصارى هل يقضي به الإمام له؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن العبد في يدي إمام المسلمين، فلا تجوز عليه شهادة النصارى. قلت: أرأيت إن كان الإمام قد باع العبد فأقام عليه رجل البينة أنه عبده ثم قال: قد كنت دبرته، هل يصدق على ذلك ويرد المال؟ قال: لا. قلت: فإن كانت جارية فقال: قد ولدت مني، وليس عنده منها ولد هل يصدق عليها؟ قال: لا. قلت: فإن كان في يديه لها ابن ولد عنده فزعم أنه ابنه وأثبت نسبه هل يرد البيع ويقضى له بجاريته ويأخذ المشتري الثمن؟ قال: نعم. قلت: لم صدقته في هذا؟ قال: لأن عنده منها ولد وقد ثبت نسبه، فلذلك صدقته فيها وجعلتها أم ولد له. قلت: أرأيت الغلام أو الأمة إذا أبق فأخذه رجل فرده إلى مولاه أتجعل (¬7) له جعلاً؟ قال: إذا كان أخذه خارجاً من المصر أو في المصر فإني أستحسن أن أجعل له من ذلك على قدر المكان الذي تَعَنَّى (¬8) إليه وعلى قدر المكان الذي أخذه فيه، إلا أن يكون أخذه على ¬

_ (¬1) ز: طالبا. (¬2) ز: يبيعه. (¬3) ز: يكون. (¬4) ف - صاحبه. (¬5) ز + ضمنه. (¬6) م ز - البينة. (¬7) ز: أيجعل. (¬8) تعني مأخوذ من العناء أي: التعب. انظر: لسان العرب، "عنا".

مسيرة ثلاثة أيام فصاعداً. فإن كان كذلك جعلت له أربعين درهماً كلها (¬1). قلت: أرأيت الآبق إذا أخذه الرجل فمات عنده هل يضمن شيئاً؟ قال: لا، إن كان حين أخذه أشهد أنه إنما أخذه ليرده فلا ضمان عليه، وإن كان حين أخذه لم يشهد فهو ضامن. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: إذا أخذه فمات عنده (¬2) لم يضمن أشهد أو لم يشهد إذا علم أنه كان آبقاً. قلت: فإن كان حين أخذه قال: هذا عبد أبق قد وجدته، فمن وجد له طالباً فليدله علي، فشهد (¬3) له شهود بهذا؟ قال: إذاً يبرأ من الضمان. قلت: أرأيت الرجل إذا أخذ عبداً فقال: وجدته آبقاً، فقال مولاه: كذبت ولكنك أردت أن تأخذ مني الجعل، أتجعل له جعلاً؟ قال: لا. قلت: فإن شهدت الشهود أنه أبق من مولاه أو أن (¬4) مولاه أقر بذلك وقد جاء به من مسيرة ثلاثة أيام فصاعداً ألا تجعل (¬5) له جعلاً أربعين درهماً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت العبد إذا أبق فأعتقه مولاه أو دبره وهو آبق هل يجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: فإن باعه وهو آبق؟ [قال:] لا يجوز (¬6) بيعه؛ لأن هذا غرر. وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الغرر (¬7)، ونهى عن بيع الآبق (¬8). قلت: فإن وهبه لرجل؟ قال: لا تجوز هبته؛ لأنه لم يقبضه، ولا يدري ¬

_ (¬1) ف - كلها. (¬2) ز - هل يضمن شيئاً قال لا إن كان حين أخذه أشهد أنه إنما أخذه ليرده فلا ضمان عليه وإن كان حين أخذه لم يشهد فهو ضامن وهذا قول أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف إذا أخذه فمات عنده. (¬3) م ف ز: يشهد. (¬4) ف: وأن. (¬5) م ف ز: لا تجعل. (¬6) م ف ز: فلا يجوز. (¬7) صحيح مسلم، البيوع، 4؛ وسنن أبي داود، البيوع، 24؛ وسنن الترمذي، البيوع، 17. (¬8) سنن ابن ماجه، التجارات، 24. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 4/ 14؛ والدراية لابن حجر، 2/ 150.

أهو حي (¬1) أم ميت. قلت: فإن وهبه لابن له صغير وأشهد على ذلك؟ قال: هو جائز، إعلامه بمنزلة القبض. قلت: أرأيت العبد إذا أبق فباع أو اشترى في حال إباقه وقد كان مأذوناً (¬2) له في التجارة أيجوز ذلك؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه آبق. قلت: فإن جنى جناية أو جني عليه أو سرق أو قذف أو زنى أو شرب خمراً؟ قال: هذا كله يقام عليه، ويؤخذ لمولاه بما كان له في ذلك كما يؤخذ له وهو مقيم في المصر. إذا رد إلى مولاه فإنه يدفعه بجنايته أو يفديه (¬3) ويؤخذ له بجنايته إن كان جنى عليه أحد. قلت: فإن أخذ في سرقة وهو آبق فقامت عليه البينة هل يقطعه الإمام قبل أن يحضر مولاه؟ قال: لا، وهو قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: يقطع ولا ينتظر مولاه. قلت: فإن حضر مولاه ذلك هل يقطعه الإمام؟ قال: نعم. قلت: أرأيت العبد إذا أبق فبلغ مولاه أنه قد أخذ في أرض وحبس، فتقدم إلى قاضي البلد الذي هو فيه، فأقام الشهود عليه أنه عبده وعلى حليته (¬4) وصفته، وكتب له القاضي إلى قاضي البلد الذي هو فيه محبوس وبما شهدت به (¬5) شهوده ووافق العبد حليتهم وصفتهم، هل ينبغي لقاضي البلد الذي هو فيه محبوس (¬6) أن يدفعه (¬7) إليه، ويأخد منه كفيلاً، ويختم في عنقه، ثم يبعث به إلى البلد الذي فيه شهوده، ويكتب معه كتاباً بذلك، فيرفعه إلى القاضي الأول، ويرفع شهوده إليه إن كان عنده شهود (¬8) ¬

_ (¬1) ف ز: أحي هو. (¬2) ز: مأذون. (¬3) ز: أو يقديه. (¬4) ز: حلته. (¬5) ف ز - به. (¬6) م ف ز + بما شهدت به شهوده وقد وافق العبد حليتهم وصفتهم. والتصحيح من الكافي، 1/ 130 ظ. (¬7) م ف ز: وأن يدفعه. والتصحيح من المصدر السابق. (¬8) ز: شهودا.

له بأن العبد (¬1) عبده، وإن كان غيرَ عبده لم يَشهدوا، فإن شهدوا أنه عبده كتب معه إلى القاضي الذي بعث معه بالعبد بما شهدت به شهوده وما ثبت من حقه، فيبرئ القاضي كفيله؟ قال: أما القضاة فيعملون (¬2) اليوم ذلك. وأما نحن فلا نأخذ بهذا. وهو عندنا قبيح. ألا ترى أنه يستخدم العبد ويأكل من غلته لو شاء زماناً وهو لغيره. أرأيت لو كانت جارية جميلة أينبغي للقاضي أن يبعث بها مع رجل ويأمنه عليها ولم يثبت فيها حق، والحلية قد توافق الحلية، والرجلان مختلفان. فلا ينبغي للقاضي أن يقبل كتاباً في جارية ولا غلام ولا يدفع إليه حتى يجيء بالشهود أن الخادم خادمه وأن الجارية جاريته وأن العبد عبده بعينه. قلت: وكذلك لو كانت جارية (¬3) ضلت من رجل؟ قال: نعم. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: أجيز الكتاب في العبد ولا أجيز في الأمة. قلت: أرأيت إذا كان عبداً آبقاً قد حبسه القاضي فأطال حبسه، ثم باعه القاضي وأخذ الثمن، فهلك العبد عند المشتري، فأقام صاحب العبد البينة أن العبد اسمه فلان، وكان من حليته كذا وكذا، فوافق ذلك حلية العبد الذي اشتراه (¬4) هذا المشتري، أيدفع إليه الثمن؟ قال: لا. قلت: لم؟ (¬5) قال: لأن شهوده شهدوا (¬6) بحلية، [والحلية] (¬7) قد توافق الحلية. قلت: فإن شهدوا أن العبد الذي باعه القاضي من هذا الرجل عبد فلان هل يقضي له القاضي بالثمن؟ قال: نعم. قلت: فإن كان القاضي لم يبعه ولكن إنسان قتله أتقضي له بقيمته؟ (¬8) قال: لا. قلت: ولم؟ قال: حتى يقيم البينة أنه عبده. ¬

_ (¬1) م ف ز: بانه باعه. والتصحيح من المصدر السابق. (¬2) م ز: فيعلمون. (¬3) م ز + من. (¬4) ف: اشترى. (¬5) ز: ولم. (¬6) م ف ز: يسروا. والتصحيح مستفاد من المبسوط، 11/ 25. (¬7) الزيادة مستفادة من المصدر السابق. (¬8) م ز: بقيمة.

قلت: أرأيت العبد إذا أبق فعمد رجل فباعه ثم إن مولاه جاء فأقام البينة أنه عبده، هل يجوز بيع الذي باعه؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه باعه بغير إذن اقاضي. قلت: فإن كان قد هلك عند المشتري ما لصاحبه؟ قال: هو بالخيار، إن شاء ضمن البائع قيمة عبده، وإن شاء ضمن المشتري القيمة. قلت: فإن ضمن المشتري القيمة أيرجع المشتري على البائع بالثمن الذي نقده إياه؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يضمن المشتري وضمن البائع القيمة هل يكون الثمن للبائع؟ قال: نعم (¬1). قلت: ويتصدق بما كان (¬2) فيه من فضل على القيمة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت العبد إذا أبق فأخذه الرجل فطلب صاحبه ولم يقدر عليه، فرفعه إلى القاضي وأخبره أنه عبد آبق أخذه وسأل القاضي أن يقبضه منه والعبد مقر بذلك، هل ينبغي للقاضي أن يقبل منه العبد؟ قال: إن شاء قبله، وإن شاء لم يقبله. قلت: فإن قبله فماذا يصنع به القاضي؟ قال: يحبسه ويتلوّم صاحبه، فإن جاء وإلا باعه. فإن جاء صاحبه بعد ذلك دفع إليه الثمن. قلت: أرأيت إن أقام (¬3) صاحبه البينة عند قاض من القضاة بأن العبد الذي باعه قاضي كذا وكذا من فلان عبده، فأخذ كتاباً من هذا القاضي إلى ذلك القاضي الذي باع العبد بما شهدت به الشهود (¬4)، أيدفع إليه الثمن؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن لم يشهدوا أنه عبده ولكنهم شهدوا على حلية ذلك العبد هل يقضي له بالثمن؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن الحلية توافق الحلية. قلت (¬5): أرأيت الرجل إذا وجد عبداً آبقاً أو أمة أيسعه أن يتركه ولا يعرض له (¬6) وهو قوي على أخذه؟ قال: نعم، يسعه ذلك، ولكنه (¬7) يأخذه فيرده على أهله فهو أحب إلي. ¬

_ (¬1) ز - قلت فإن لم يضمن المشتري وضمن البائع القيمة هل يكون الثمن للبائع قال نعم. (¬2) ف: ما كان. (¬3) ف + على. (¬4) م: شهدت بالشهود. (¬5) م ف ز - قلت؛ صح ز هـ. (¬6) ز - له. (¬7) ز: ولكن.

قلت: أرأيت الرجل إذا أخذ عبداً فجاء رجل فادعى (¬1) أنه عبده فدفع إليه بغير أمر القاضي، فجاء رجل فادعى أنه صاحبه وأقام البينة أنه عبده وقد هلك العبد عند الذي أخذه أول مرة؟ قال: فالذي أقام البينة أنه عبده بالخيار، إن شاء ضمن الأول قيمته، وإن شاء ضمن الآخر. فإن ضمن الآخر لم يرجع الأول على الآخر بشيء. قلت: أرأيت إن ضمن الأول قيمته هل يرجع الأول على الآخر بشيء؟ قال: نعم، يرجع عليه بتلك القيمة التي ضمنها. قلت: لم؟ قال: لأنه يقول: قد قبضت مني عبداً استحقه غيرك، وضمنته. قلت (¬2): ولو أقام رجل شاهدين أنه عبده فدفع (¬3) إليه الذي هو في يديه بغير أمر القاضي ثم جاء آخر فأقام البينة عند القاضي أنه عبده والعبد قائم بعينه؟ قال: يقضي به للمدعي، ولا أقبل من الذي في يديه بينةً (¬4) أنه عبده؛ لأنه في يديه. قلت: أرأيت العبد إذا أبق أو الأمة (¬5) فأخذه رجل فأبق منه هل عليه ضمان؟ قال: إن كان حين أخذه أظهر أنه أخذه ليرده وسُمع (¬6) ذلك منه فلا ضمان عليه. وإن كان لم يُسمع منه أنه يرده إن جاءه طالب فهو ضامن. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: لا يضمن إذا عُلم أنه آبق. قلت: أرأيت العبد إذا أبق ثم اكتسب كسباً ثم أخذه مولاه أيكون ذلك الكسب لمولاه؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنه اكتسبه عبده. قلت: أرأيت إن كان ذلك الكسب من شيء اشتراه أو باعه فربح فيه، أو أجر نفسه في عمل فأخذ أجره؟ قال: ذلك كله سواء، وهو لمولاه كله. قلت: فإن كان رجل قد أجره وأخذ أجره، فجاء مولاه والأجر في يدي (¬7) ذلك الآخر، لمن يكون ذلك المال؟ قال: يكون للذي هو في يديه، ويؤمر أن يتصدق به. قلت: ولم جعلته له؟ قال: لأنه كان ضامناً للعبد، فلا يكون ¬

_ (¬1) ف ز: فادعاه. (¬2) م ف ز - قلت؛ صح زهـ. (¬3) م ز: فيدفع. (¬4) ف - بينة. (¬5) م: والأمة. (¬6) م ف ز: ويسمع. (¬7) ف: في يد.

الأجر لمولاه وهو في ضمان هذا. قلت: أرأيت إذا لم يؤاجره هذا وأجر العبد نفسه من رجل وهو آبق أليس (¬1) هذا الرجل المستأجر ضامناً للعبد؟ قال: بلى. قلت: ولم (¬2) جعلت لمولاه ما اكتسب وهو في ضمان هذا الرجل؟ قال: لأن الأجر قد دفع إلى العبد، فلا أنزعه منه وأرده على ذلك الرجل. أستحسن ذلك (¬3) وأدع القياس فيه. وكذلك لو لم يكن دفعه فإني آخذ منه وأدفعه (¬4) إلى مولاه. قلت: ولو أن ذلك الذي أخذ العبد آجره فاجتمع عنده من غلته مال (¬5) فدفع المال إلى مولى العبد فقال: هذه غلة عبدك قد سلمتها لك، أتجعلها (¬6) لمولى (¬7) العبد (¬8) وتأمره بأكلها؟ قال: نعم (¬9)، أستحسن ذلك وأدع القياس فيه. قلت: أرأيت المكاتب إذا أبق هل يبطل ذلك مكاتبته؟ (¬10) قال: لا. قلت: فإن كان ليس بمكاتب ولكنه عبد مأذون له (¬11) في التجارة فأبق هل يبطل ذلك إذنه ويكون بمنزلة المحجور عليه؟ قال: نعم. قلت: من أين اختلفا؟ قال: ليسا بسواء. المأذون له في التجارة عبد يحجر عليه مولاه إذا شاء. والمكاتب (¬12) لا يستطيع مولاه أن يحجر عليه ولا يبيعه. قلت: فإذا كانت أم ولد ومدبر مأذون لهما في التجارة فأبقا هل ينقطع إذنهما؟ قال: نعم. قلت: فما أقرا به من دين في حال إباقهما فهو باطل؟ قال: نعم. قلت: فما أقر به المكاتب في حال إباقه فهو حال جائز عليه لازم له؟ قال: نعم، لازم له. قلت: أرأيت العبد إن أبق فأعتقه مولاه عن ظهاره هل يجزئ (¬13) ¬

_ (¬1) م ت ز: ليس. (¬2) م ت: ولو. (¬3) ف ز: هذا. (¬4) م: وأدفع. (¬5) ز: مالاً. (¬6) ز: أتحفلها. (¬7) م ت: المولى. (¬8) ت: للعبد. (¬9) ف - قال نعم. (¬10) ز: مكاتبه. (¬11) ف - له. (¬12) ف: المكاتب. (¬13) ز: هل تجزئ.

عليه؟ قال: إن كان حياً (¬1) يوم أعتقه أجزأ عنه. قلت: لم وهو (¬2) آبق؟ قال: لأنه (¬3) أعتقه وهو في ملكه. قلت: فإن باعه ولم يعتقه هل يجوز البيع؟ (¬4) قال: لا. قلت: فإن أتاه رجل فقال (¬5): هو عندي (¬6) فبعنيه، فباعه هل يجوز بيعه؟ قال: نعم. قلت: ولم وهذا غرر؟ قال: ليس بغررة لأنه باعه شيئاً (¬7) عنده. قلت: فإن قال: ليس هو عندي ولكن قد علمت مكانه فبعنيه، فباعه هل يجوز؟ قال: لا، حتى (¬8) يكون عنده. قلت: فإن قال: ليس هو عندي؟ قال: فشراؤه باطل. قلت: ولم لا تجيز (¬9) بيعه وشراءه إذا قال: قد علمت مكانه؟ قال: لأن بيع الآبق من الغرر. وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الغرر، وعن بيع الآبق فيما بلغني (¬10). قلت: أرأيت العبد الآبق إذا تزوج امرأة ثم أخذ في حال إباقه فرد على مولاه وأجاز مولاه النكاح هل يجوز؟ قال: نعم. قلت: أرأيت العبد إذا أبق فاستودعه إنسان مالاً فأكله وأنفقه ثم أتى به مولاه هل لصاحب الوديعة على العبد سبيل؟ قال: لا. قلت: فإن عتق يوماً من الدهر أيتبعه صاحب الوديعة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت العبد إذا كان رهناً فأبق ثم أخذ فأتى به أيعود إلى حاله ويكون رهناً كما كان؟ قال: نعم. قلت: فإن أخذ بعدما مات مولاه أيكون رهناً ويكون أحق به من الغرماء؟ قال: نعم. قلت: فإن أراد الذي جاء به الجعل وقد جاء به من مسيرة ثلاثة أيام فصاعداً والجعل والدين سواء على ¬

_ (¬1) م ف ز: حر. والتصحيح من الكافي، 1/ 130 ظ؛ والمبسوط، 11/ 28. (¬2) ف: ولم قال هو. (¬3) م ف: لأن. (¬4) م ز - البيع. (¬5) م: يقال؛ ز + له. (¬6) م ف ز + ولكن قد علمت مكانه؛ ف: عبدي. وهذه الزيادة لا معنى لها هنا، وقد وردت في السؤال الآتي، فلعل الناسخ زادها هنا سهوا. (¬7) ز: شيء. (¬8) م ف: حق. (¬9) ز + قال لا حتى يكون عنده قلت فإن. (¬10) تقدم قريباً.

من يكون الجعل؟ قال: على المرتهن. قلت: لم؟ قال: لأن هذا عندي بمنزلة جناية جناها، فعليه أن يفتكه. قلت: ويكون للذي جاء به أن يمسك العبد حتى يأخذ جعله؟ قال: نعم. قلت: فإن مات العبد عند الذي جاء به بعدما قضى القاضي أن يمسكه بالجعل هل يكون عليه ضمان العبد؟ قال: لا. قلت: فهل يكون (¬1) له جعل الآبق؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن العبد قد مات في يديه من قبل أن يدفعه إلى مولاه. قلت: وكذلك لو جاء به ليرده ولم يختصم فيه إلى القاضي بعد حتى مات العبد في يديه ثم جاء ليرده وقبل أن يدفعه إلى مولاه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت العبد إذا أبق وذهب بمتاع فأخذه رجل وجاء به إلى مولاه وقال: لم أجد معه من المتاع شيئاً هل عليه من المتاع شيء؟ قال: لا. قلت: فإن اتهمه صاحب المتاع كان له أن يستحلفه؟ قال: نعم. قلت: فإن حلف برئ من المتاع ولم يكن عليه منه شيء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت العبد إذا أبق إلى دار الحرب فأخذه المشركون أسيراً فاشتراه رجل منهم فما لمولاه الأول إذا وجده؟ قال: يأخذه بغير شيء. قلت: لم؟ قال: لأن المشركين (¬2) لم يحرزوه، إنما أبق إليهم. قلت: فإن أعتقه المشتري؟ قال: عتقه باطل. وقال أبو يوسف ومحمد: نرى (¬3) عتقه جائزاً، ولا يأخذه مولاه إن كان لم يعتقه إلا بالثمن، والآبق إليهم إذا أخذه العدو بمنزلة الأسير. قلت: فإن لم يشتره (¬4) هذا، ولكن المسلمين (¬5) أصابوه في غنيمة، هل يأخذه مولاه بغير شيء؟ قال: نعم، في قول أبي حنيفة. قلت: فإن كانت أمة فأبقت إلى دار (¬6) الحرب فاشتراها رجل من المسلمين فوطئها فولدت منه ثم جاء مولاها أله أن يأخذها ويأخذ عقرها من الذي وطئها ويأخذ قيمة الولد؟ قال: نعم. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا أبقت إلى ¬

_ (¬1) ز: تكون. (¬2) ز: المشركون. (¬3) م ز: لدى؛ ف: أرى. (¬4) ز: لم يشتريه. (¬5) ز: المسلمون. (¬6) ف ز: إلى أرض.

أرض الحرب فأسروها (¬1) ثم اشتراها رجل فولدت منه فذلك كله جائز، ولا سبيل لمولاها عليها، وإذا وجدها (¬2) قائمة بعينها لم تعتق - وكذلك لو لم تلد - كان له أن يأخذها بالثمن الذي اشتراها به الذي هي في يديه. قلت: أرأيت العبد إذا أبق وهو مدبر ثم إن مولاه مات ثم جاء به رجل بعد ذلك هل يكون له جعل الآبق؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه إنما جاء برجل حر. قلت: فإن كانت عليه سعاية؟ قال: وإن كان، فإنما جاءهم برجل حر لهم عليه دين. قلت: وكذلك لو كان جاء به قبل أن يموت مولاه فلم يلتق هو والمولى حتى مات المولى؟ قال: ليس عليه جعل. قلت: أرأيت المكاتب إذا أبق فجاء به رجل هل يكون له جعل؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه (¬3) ليس لمولاه عليه سبيل، إنما هو مكاتب. قلت: أرأيت العبد الصغير إذا أبق أيكون هو والكبير في الجعل سواء إذا جاء به الرجل من مسيرة ثلاثة أيام أو أكثر؟ قال: نعم. قلت: فإذا جاء به من أقل من ذلك (¬4) فإنما يرضخ له بقدر عنائه؟ قال: نعم. قلت: ويرضخ له في الكبير أكثر مما يرضخ له في الصغير (¬5) إن كان أشدهما مؤنة؟ قال: نعم. قلت: فإن كانت مؤنتهما سواء فالذي يرضخ له فيهما سواء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت العبد إذا أبق فأخذه رجل فجاء به وهو لرجلين كيف يكون الجعل بينهما؟ قال: نصفين. قلت: فإن كان لواحد ثلثاه وللآخر ثلثه فالجعل بينهما على قدر ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان العبد لإنسان واحد فلما جاء به إلى صاحبه أعتقه حين نظر إليه أيكون للذي جاء به الجعل على مولاه؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) ز: فأسرها. (¬2) ف ز: فإذا وجدها. (¬3) ف - لأنه. (¬4) م ز + قال؛ ف - من ذلك. (¬5) م ز: من الصغير.

قلت: لم؟ قال: لأنه (¬1) جاء به إليه وقبضه منه حين أعتقه. قلت: أرأيت إن لم يعتقه ولكنه باعه من الذي جاء به أيجب (¬2) له الجعل؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأن هذا بمنزلة قبض (¬3) صاحبه (¬4) إياه. قلت: فإن جاء به من مسيرة شهرين أو أكثر من ذلك وقد أنفق عليه أكثر من أربعين درهماً هل (¬5) يعطيه جعله أكثر من أربعين درهماً؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه كان ينبغي له أن يرفعه إلى قاضي البلد حتى يبيعه. قلت: أرأيت لو أنفق عليه أكثر من ثمنه أكنت تعطيه ذلك؟ قال: لا (¬6). أفلا ترى أنه لا يعطى ما أنفق عليه (¬7)، إنما له جعل أربعين درهماً. قلت: أرأيت الآبق جاء به رجل فأدخله المصر فأبق منه فأخذه رجل آخر غيره فجاء به من مسيرة ثلاثة أيام أو أكثر حتى دفعه إلى مولاه لأيهما يكون الجعل، للأول أو للآخر؟ قال: لا، بل للآخر، وليس للأول شيء؛ لأنه لم يدفعه إلى مولاه حين جاء به. قلت: أرأيت إن كان دفعه إلى مولاه ثم أبق من عند مولاه أيجب الجعل للأول أم للآخر؟ قال: بل يجب للأول؛ لأنه قد دفعه إلى مولاه. فإن أبق ثانية فجاء به رجل فله الجعل أيضاً. قلت: أرأيت الرجلين (¬8) يأخذان الآبق فيجيئان به جميعاً أيكون الجعل لهما نصفين؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن كان أحدهما عبداً؟ قال: ثعم. قلت: فإن كان غير مأذون له في التجارة أتجعل له الجعل؟ قال: نعم. قلت: فإن كان عبد مأذون (¬9) له في التجارة ومكاتب أبق لكل واحد منهما عبد فأخذهما (¬10) رجل فجاء بهما أيكون على كل واحد منهما الجعل؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) ز + قد. (¬2) ف: أتجعل. (¬3) ز: قبضه. (¬4) ز - صاحبه. (¬5) ف: قال. (¬6) م + قال. (¬7) ز - أكثر من ثمنه أكنت تعطيه ذلك قال لا أفلا ترى أنه لا يعطى ما أنفق عليه. (¬8) ز: الرجلان. (¬9) ز: عبداً مأذونا. (¬10) ز: فأخذها.

قلت: فإن كان العبد ليتامى أبق منهم فجاء به أتجعل له الجعل عليه في أموال اليتامى؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان العبد لغلام صغير له أب أتجعل الجعل له (¬1) عليه أم على أبيه؟ قال: يجعل الجعل في مال الغلام. قلت: فإن كان في عنقه جناية قيل لمولاه: ادفعه بها إليه أو افده، فأبق فجاء به رجل هل له الجعل على مولاه؟ قال: نعم، إن اختار أن يفديه. وإن اختار أن يدفعه فجعله على أصحاب الجناية. قلت: ولم لا يكون الجعل على أصحاب الجناية؟ قال: لأنهم لم يملكوا العبد (¬2) بعد. قلت: فإن اختار دفعه إلى أصحاب الجناية؟ قال (¬3): الجعل على أصحاب الجناية. قلت: أرأيت العبد إذا أبق فأتى أفقاً من الآفاق فأخذه رجل فاشتراه رجل آخر منه هل تجعل للمشتري جعلاً (¬4)؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه لم يأخذه ليرده، إنما اشتراه لنفسه. قلت: وكذلك لو وهب له هبة؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو تصدق به عليه صدقة وقبضه؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو أوصى له به وصية (¬5) أو ورثه؟ قال: نعم. قلت: فإن كان (¬6) حين اشتراه قال (¬7): اشهدوا أني إنما اشتريته لأرده على صاحبه لأني لا أقدر عليه إلا بشراء، فاشتراه ثم جاء به إلى صاحبه، هل يكون له الجعل والثمن الذي نَقَدَه فيه أقلُّ من الجعل؟ قال: نعم (¬8). قلت: أرأيت إن كان العبد أبق حتى لحق بأرض العدو فأخذه رجل فجاء به هل تجعل له جعلاً؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو اشتراه منهم شراء كان له الجعل؟ قال: لا يكون لهذا جعل (¬9). ¬

_ (¬1) ز: أتجعل له الجعل. (¬2) م: للعبد. (¬3) ز + يجعل. (¬4) ز: جعل. (¬5) م + أو وهبه. (¬6) م ز + قال؛ ف: قال. (¬7) ف - قال. (¬8) أي: يكون له الجعل، ولا يكون له الثمن. انظر: المبسوط، 11/ 31. (¬9) ز: جعلا.

قلت: فلو أن عبداً أبق فأخذه رجل ليرده إلى أهله فجاء به إلى أهله وقد مات مولاه فصار العبد ميراثاً بين الورثة هل يكون له الجعل في مال الميت؟ قال: نعم، ويكون أحق به. قلت: لم؟ قال: لأنه لا يؤخذ منه العبد حتى يعطى الجعل. قلت: فيؤخذ منه العبد ويعطى الجعل من جميع ما ترك الميت ثم يقسم ثمن العبد بين الغرماء بالحصص؟ قال: نعم. قلت: ويكون العبد رهنأ حتى يعطى جميع الجعل؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يكن للميت مال غير هذا العبد وعليه دين أيباع (¬1) العبد ثم يبدأ بصاحب الجعل فيعطى جعله ثم يقسم ما بقي بين الغرماء بالحصص؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان الذي جاء به هو وارث الميت وقد أخذه في حياة الميت وجاء به في حياة الميت أو سار به ثلاثة أيام في حياة الميت ثم مات الميت أيكون الوارث وغير الوارث في الجعل في ذلك كله سواء؟ قال: نعم (¬2). قلت: أرأيت الرجل إذا وجد عبد أخيه أو عبد أخته أو عبد ابنه أو عبد امرأته أو امرأة وجدت عبد زوجها؟ قال: أما في القياس فهو واحد كله. ولكني أدع القياس وأستحسن. فإذا وجد الرجل عبد ابنه وهو في عياله أو ليس في عياله لا يكون له الجعل. وإذا وجد عبد امرأته فليس له شيء. وإذا وجد عبد أبيه وهو في عيال أبيه فليس له شيء، وإن لم يكن في عياله فله الجعل. إنما يطلب عبد الرجل إذا أبق ابنه وأبوه وأهل بيته (¬3). وأما الأخ إذا كان بائناً (¬4) عنه ولم يكن في عياله فإني أجعل له الجعل. قلت: أرأيت اليتامى إذا أبق عبدهم فجاء به وصيهم أيكون له جعل؟ (¬5) قال: لا، ليس له جعل. قلت: وكذلك اليتيم يكون في حجر ¬

_ (¬1) م: ابتاع؛ ف: اباع. والتصحيح من الكافي، 1/ 131 و؛ والمبسوط، 11/ 32. (¬2) سيذكر المؤلف قريباً أن أبا يوسف لا يرى للوارث جعلاً إذا جاء به بعد موته. انظر: 6/ 262 و. وانظر: الكافي، 1/ 130 و؛ والمبسوط، 11/ 32. (¬3) ز: وأهل بيته وأبوه. (¬4) وفي الكافي، 1/ 131 و: نائياً. (¬5) ز: جعلا.

الرجل يعوله فأبق عبده (¬1) فأخذه؟ قال: نعم، لا أجعل له جعلاً. قلت: أرأيت العبد المرتفع (¬2) والجارية المرتفعة والشَّفَق (¬3) في الجعل سواء؟ قال: نعم. قلت: فإن أوجبت للذي جاء به أربعين درهماً فصالحه صاحب العبد على عشرين وحط عنه عشرين أيجوز ذلك؟ (¬4) قال: نعم. قلت: فإن صالحه على خمسين ولا يعلم أن الجعل أربعين هل يجوز ذلك؟ قال: لا، ولكني أجيز من ذلك أربعين وأطرح ما سوى ذلك؛ لأن الأثر جاء بأربعين. قلت: أرأيت الأمة إذا أبقت ومعها (¬5) ابن لها رضيع فجاء بها رجل أيكون له جعل واحد أو اثنين؟ قال: لا يكون له إلا جعل واحد (¬6)؛ لأن الرضيع ليس بآبق. قلت: فإن كان الذي جاء به غلاماً (¬7) قد راهق الحلم أتجعل له جعلاً؟ قال: نعم. وقال أبو يوسف: لا أرى للوارث جعلاً إن جاء به بعد موت مولاه. قلت: أرأيت الرجل يأخذ الآبق فيجيء به من مسيرة ثلاثة أيام وهو لا يساوي أربعين درهماً كم جعله؟ قال: أقل من قيمته بدرهم. وهذا قول محمد. قلت: فإن كان على العبد دين فجعله على مولاه؟ قال: نعم إذا أراد ذلك مولاه، وإن أبى بيع العبد فاستوفى صاحب الجعل جعله وكان ما بقي من الثمن لأصحاب الدين. وقال أبو يوسف: أما أنا فأرى على رب العبد أربعين درهماً الجعل وإن كانت قيمة العبد درهماً (¬8). وهو قوله الآخر. قلت: أرأيت رجلاً وهب له عبد فأبق العبد عند ¬

_ (¬1) ز: عنده. (¬2) أي: المرتفع القيمة. (¬3) م ف: الشفقة؛ ز: والشفعة. والشَّفَق الرديء من الأشياء. انظر: لسان العرب، "شفق". (¬4) م - أيجوز ذلك، صح هـ. (¬5) ز: وتبعها. (¬6) ز + أو اثنين قال لا يكون له إلا جعل واحد. (¬7) ز: غلام. (¬8) ز: درهم.

الموهوب له فجاء به رجل فسلمه إلى الموهوب له فرجع الواهب في هبته على من جُعْل الآبق؟ قال: على الموهوب له (¬1). ¬

_ (¬1) م + تم كتاب جُعْل الآبق لمحمد بن الحسن والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد وآله أجمعين كتبه أبو بكر بن أحمد بن محمد الطلحي الأصفهاني في ئالث عشر ذي القعدة سنة سبع وثلاثين وستمائة؛ ف + تم كتاب جُعْل الآبق لمحمد بن الحسن والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين؛ ز + والله تعالى أعلم. تم كتاب جُعْل الآبق لمحمد بن الحسن رحمة الله عليه والحمد لله رب العالمين وصلواته على نبيه محمد وآله وصحبه وعترته وسلم على يد الفقير إلى غنى الملك العالم سلام بن قاسم عفي عنهما.

كتاب العقل

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب العقل (¬2) باب (¬3) من عقل الجنايات متى تؤخذ وفي كم تؤخذ ويتحول أو لا يتحول قال محمد بن الحسن: بلغنا أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فرض العقل على أهل الديوان، لأنه أول من وضع الديوان، فجعل فيه العقل (¬4). وكان العقل قبل ذلك على عشيرة الرجل في أموالهم. فالعقل على أهل الديوان من المقاتلة. ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) ف: باب كتاب العقل. عَقَلَ البعيرَ عَقْلا، شدّه بالعِقال، ومنه العَقْل والمَعْقُلة: الدية. وعقلت القتيل: أعطيت ديته، وعقلت عن القاتل، لزمته دية فأديتها عنه. ومنه الدية على العاقلة، وهي الجماعة التي تغرم الدية، وهم عشيرة الرجل أو أهل ديوانه، أي الذين يرتزقون من ديوان على حدة. انظر: المغرب، "عقل". (¬3) ف - باب. (¬4) الموطأ، 2/ 870؛ والآثار لأبي يوسف، 221؛ والمصنف لعبد الرزاق، 11/ 100، 102؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 396، 6/ 452، 455، 457، 7/ 251؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 334، 398 - 399.

محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم في دية الخطأ وشبه (¬1) العمد في (¬2) النفس على العاقلة على أهل الديوان في ثلاثة أعوام، في كل عام الثلث. وما كان من جراحات الخطأ فعلى العاقلة على أهل الديوان إذا بلغت (¬3) الجراحة ثلثي الدية ففي عامين. [وإن كان النصف ففي عامين] (¬4). وإن كان الثلث ففي عام. وذلك كله على أهل الديوان. وليس على الذرية والنساء ممن كان له عطاء (¬5) في الديوان عقل؛ لأنه بلغنا أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: لا يعقل مع العاقلة صبي ولا امرأة. محمد قال: أخبرنا محمد بن عمر الأسلمي قال: أخبرنا عمر بن عثمان بن سليمان بن أبي حثمة عن عبد الله بن السائب بن يزيد عن أبيه قال. سمعت عمر بن الخطاب يقول: لا يعقل مع العاقلة صبي ولا امرأة. وإنما جعل (¬6) العقل فيما نرى - والله أعلم - على عشيرة الرجل ولم يجنوا ولم يحدثوا حدثا على وجه العون لصاحبهم؛ لأنهم أهل يد واحدة على غيرهم، وأهل نصرة واحدة على غيرهم. ولم يوضع ذلك على النسب؛ لأن القوم قد (¬7) كان يعقل معهم حليفهم وعديدهم ويعقلون عنه وليس بينه وبينهم ولاء ولا قرابة. فلما صارت الدواوين صار أهل الديوان يتناصرون دون ذوي القرابات (¬8) وصاروا يداً على غيرهم، وصارت أموالهم الأَعْطِيَة، ففرض العقل على أهل الديوان لذلك. فهو على أهل الديوان دون ¬

_ (¬1) م ف: شبه؛ ز: سنه. والواو من ط؛ والآثار لمحمد، 100. (¬2) ف ز - في. (¬3) ف ز: إن بلغت. (¬4) زيادة من ط، والآثار للإمام محمد، 100. (¬5) العطاء اسم ما يعطى، والجمع أَعْطِيَة وأَعْطِيَات، فالعطاء ما يخرج للجندي من بيت المال في السنة مرة أو مرتين. انظر: المغرب، "عطو". (¬6) ف: اجعل. (¬7) ط - قد. (¬8) ز: القربات.

القرابات؛ لأن الأخوين أحدهما يكون ديوانه بالكوفة، والآخر ديوانه (¬1) بالشام. فلا يعقل واحد (¬2) منهما عن صاحبه؛ لأنهما وإن اجتمع نسبهما فإن نصرتهما ويدهما مختلفة. فإنما جعل التعاقل على النصرة واليد الواحدة. ألا ترى أن أهل ديوان الشام لا يعقلون عن أهل ديوان البصرة، وأهل ديوان البصرة لا يعقلون عن أهل ديوان الشام وإن قربت أنسابهم؛ لأنهم ليسوا بأهل نصرة ولا يد واحدة. وإنما وضعت المَعَاقِل على ما وصفت لك من النصرة واليد الواحدة والحيطة، فجعل العقل رفداً لبعضهم من بعض وعوناً لبعضهم من بعض. قال محمد بن الحسن: إذا قتل الرجل قتيلاً خطأ قضي عليه بالدية على عاقلته في ثلاث سنين. فلو مضى للقتيل سنتان أو ثلاث أو أكثر ثم رفع (¬3) إلى القاضي فإنه يحكم بالدية في ثلاث سنين من يوم يقضى بذلك، ولا يلتفت إلى ما مضى. فإن كانت العاقلة أهل ديوان قضي بذلك في أَعْطِيَاتهم، فجعل الثلث في أول عطاء يخرج (¬4) لهم بعد (¬5) قضائه وإن كان ليس بين القتل (¬6) وقضائه وبين خروج العطاء إلا شهر (¬7) أو أقل من ذلك (¬8). ويجعل الثلث في العطاء الآخر إذا خرج إن أبطأ بعد الحول أو عجل قبل السنة. ويجعل الثلث في العطاء الثالث. فإن عجل للقوم (¬9) العطاء فأخرجت لهم ثلاثة أعطية بمرة واحدة وهي أعطية إنما استحقوها بعد قضاء القاضي بالدية فإن الدية كلها تؤخذ من تلك الأعطية الثلاثة. فيقضى بالدية على القوم حتى يصيب الرجل في عطائه من الدية كلها ¬

_ (¬1) ز: دونه. (¬2) ز: واحدا. (¬3) ف: ثم دفع. (¬4) ز: فخرج. (¬5) ز: بعض. (¬6) ز: القتيل. (¬7) ز: إلا شهرا. (¬8) ط + فالثلث الأول فيه. وزاد ذلك من المختصر. انظر: الكافي، 3/ 189 و. (¬9) ف: القوم.

أربعة دراهم أو ثلاثة أو أقل من ذلك. فإن قلت العاقلة فكان الرجل يصيبه من الدية أكثر من أربعة دراهم ضم إليهم أقرب القبائل إليهم في النسب من أهل الديوان، حتى يصيب الرجل في عطائه من الدية ما وصفت لك أو أقل من ذلك. ولا يستحق (¬1) العطاء عندنا إلا بآخر السنة، فلذلك قلنا: إن الرجل إذا قضي بديته على العاقلة ثم خرج العطاء (¬2) بعد ذلك بشهر أو أقل من ذلك كان ذلك العطاء فيه ثلث الدية. وإذا قتل رجل رجلاً خطأ فلم يقض بذلك حتى مضت سنون ثلاث (¬3) أو أكثر، ثم قضي على العاقلة بالدية ولم يخرج للناس عطاء، ثم أمر للناس بأَعْطيَاتهم الماضية لم يكن فيها من الدية قليل ولا كثير، واستقبل لصاحب الدية الأَعْطِيَة المستقبلة بعد القضاء بالدية. ولو أن رجلاً كانت عاقلته أصحابَ رِزْقِ (¬4) يأخذونه في كل شهر، قضي على عاقلته بالدية في أرزاقهم في ثلاث سنين، في كل سنة ثلث الدية. فإذا قضى القاضي بذلك ثم خرجت لهم الأرزاق لأشهر ماضية كانت قبل القضاء بالدية لم يكن كليهم من الدية في تلك الأرزاق قليل ولا كثير. وإنما الدية فيما تجب من الأرزاق بعد قضاء القاضي بالدية على العاقلة. فإن خرج رزق شهر من الشهور (¬5) بعد قضاء القاضي، وقد قضى القاضي بالدية في ثلاث سنين، وقد بقي من ذلك الشهر يوم (¬6) أو ¬

_ (¬1) ف: ولا استحق. (¬2) ز - عندنا إلا بآخر السنة فلذلك قلنا إن الرجل إذا قضي بديته على العاقلة ثم خرج العطاء. (¬3) ز: ثلثا. (¬4) الرزق: ما يخرج للجندي عند رأس كل شهر، وقيل: يوماً بيوم، والمرتزقة: الذين يأخذون الرزق وإن لم يُثبَتوا في الديوان، وفي مختصر الكرخي: العطاء ما يفرض للمقاتلة، والرزق للفقراء. انظر: المغرب، "رزق". والذي يفهم من كلام المؤلف أنه قد يؤخذ في كل شهر أو في كل ستة أشهر كما سيأتي بعد أسطر. (¬5) ز: من الشهر. (¬6) ز: يوما.

أكثر، أخذ منهم من أرزاقهم التي رُزِقُوها (¬1) لذلك الشهر؛ لأن الرزق الذي يأخذونه لا يجب (¬2) إلا بكمال الشهر. فإن كانوا يأخذون الأرزاق في كل ستة أشهر أو في كل شهر ولم تكن (¬3) لهم أَعْطِيَة أخذ من أرزاقهم كلما خرجت على حساب ذلك. فإن خرجت لكل ستة أشهر أخذ من أرزاقهم في كل ستة أشهر سدس الدية. وإن كانت الأرزاق تخرج لهم في كل شهر أخذ منهم في كل رزق نصف سدس ثلث الدية. وإن كان قوم لهم أرزاق في كل شهر (¬4) ولهم (¬5) أَعْطِيَة في سنة فرضت عليهم الدية في أعطياتهِم، ولا يعرض لأرزاقهم. وإنما تفرض الدية في الأرزاق إذا لم تكن (¬6) لهم أعْطِيَة. ومن جنى من أهل البادية وأهل اليمن (¬7) الذين لا ديوان لهم فرضت الدية على عَوَاقِلهم في أموالهم في ثلاث سنين، على الأقرب فالأقرب منهم، من يوم يقضي القاضي بالدية عليهم. ولا ينظر القاضي إلى ما مضى من السنين بعد القتل قبل القضاء بالدية. فيؤخذ الدية من أموالهم (¬8) في كل سنة ثلث الدية عند رأس كل حول من يوم يقضي. ويضم إليهم أقرب القبائل في النسب حتى يصيب الرجل في ماله من الدية في السنين الثلاثة ثلاثة دراهم أو أربعة دراهم. ومن أقر بقتل خطأ جعلت الدية عليه في ماله في ثلاث سنين. فإن لم ¬

_ (¬1) ف ز: ارزقوها. (¬2) ف ز: لأن الرزق لا يأخذونه ولا يجب. (¬3) ز: يكن. (¬4) ف - أخذ منهم في كل رزق نصف سدس ثلث الدية وإن كان قوم لهم أرزاق في كل شهر. (¬5) ز - ولهم. (¬6) ز: لم يكن. (¬7) الكلمة في م ف والكافي مهملة الأول. انظر: الكافي، 3/ 189 ظ. وفي المبسوط، 27/ 130: الثمن. (¬8) ز + ولا ينظر القاضي إلى ما مضى من السنين بعد القتل قبل القضاء بالدية فيؤخذ الدية من أموالهم.

يرتفعوا إلى القاضي حتى يمضي سنون (¬1) ثم ارتفعوا إلى الحاكم قضى بها الحاكم في ماله في ثلاث سنين مستقبلة من يوم يقضي؛ لأن الرجل إنما (¬2) كانت عليه النفس ولم يصر مالاً حتى قضى بها. وكذلك العمد الذي لا قصاص فيه: الوالد يقتل الولد أو العمد يخالطه الخطأ. وإن اجتمعت القتلة (¬3) فكانوا مائة كانت الدية على عواقلهم في ثلاث سنين. والقاتل الواحد والجماعة في هذا سواء. وليس يعقل أهل مصر (¬4) عن أهل مصر. لا يعقل أهل البصرة عن أهل الكوفة، ولا يعقل أهل (¬5) الشام عن أهل الكوفة (¬6)؛ لأن عاقلتهم على الديوان، فالدواوين مختلفة. وأهل الكوفة يعقلون عن أهل سوادهم وقراهم. وأهل البصرة يعقلون عن أهل سوادهم وقراهم (¬7). وكذلك أهل الشام. ومن كان منزله البصرة وديوانه بالكوفة فأهل الكوفة يعقلون عنه ويعقل عنهم وإن كان أهل البصرة أقرب إليه في النسب. ولو أن أخوين لأب وأم أحدهما ديوانه بالكوفة والآخر ديوانه بالبصرة لم يعقل أحدهما عن صاحبه، وعقل عنه أهل ديوانه. وأهل (¬8) الديوان يتعاقلون على الدواوين وإن تفرقت أنسابهم. ولو أن قوماً من أهل خراسان أهل ديوان واحد مختلفين في أنسابهم، ومنهم من له ولاء (¬9)، ومنهم من العرب، ومنهم من لا ولاء له، جنى بعضهم جناية، عقل عنه أهل رايته وأهل قيادته، وإن كان غيرهم أقرب إليه في النسب. فإن كان أهل رايته وقيادته قليلاً (¬10) ضم إليهم الإمام من رأى ¬

_ (¬1) ز: ستون. (¬2) ط: بما. (¬3) ز: القبيلة. (¬4) ز: البصرة. (¬5) ف - أهل. (¬6) ف + ولا يعقل أهل الكوفة عن أهل الشام. (¬7) ز - وأهل البصرة يعقلون عن أهل سوادهم وقراهم. (¬8) ز: أهل. (¬9) ف: من لا ولا. (¬10) ز: قليل.

من أهل الديوان حتى يجعلهم عاقلة واحدة، حتى يصيب الرجل في أرزاقه من الدية أربعة دراهم أو ثلاثة (¬1) دراهم أو أقل من ذلك. وأهل الديوان يتعاقلون دون أهل الأنساب. لو كان رجل من العرب أو من الموالي معروف (¬2) ديوانه مع قوم لا ولاء لهم عقل عنهم وعقلوا عنه دون بني عمه ومواليه، ومن كان لا ديوان له من أهل البادية ونحوهم فإنهم يتعاقلون (¬3) على الأنساب. أقربهم نسباً يعقل عنه وإن كان بعيد المنزل منه وإن اختلفت الباديتان. ولا يعقل أهل البادية عن أهل الأمصار الذين عواقلهم في العطاء (¬4)، ولا يعقل أهل العطاء عنهم وإن كانوا إخوة لأب وأم. ومن جنى جناية من أهل مصر وليس في عطاء وأهل البادية أقرب إليه ومسكنه في المصر عقل عنه أهل الديوان من ذلك المصر وإن لم يكن له (¬5) فيهم عطاء (¬6). كما أن صاحب العطاء لا يعقل عنه أهل البادية إذا كان فيهم نازلا. وأصحاب الأرزاق الذين لا أعطيات (¬7) لهم مثل أهل العطاء في العقل في ذلك. ومن كان من أهل الذمة يتعاقلون لهم عواقل معروفة فقتل (¬8) أحدهم قتيلاً خطأ فديته على عاقلته في ثلاث سنين. وهو في ذلك بمنزلة المسلم. ومن لم يكن منهم له عاقلة أو لم يكونوا يتعاقلون فالدية في ماله في ثلاث سنين من يوم يقضي بها القاضي، ولا يلتفت إلى ما مضى من السنين بعد القتل وإن مضى سنون (¬9) كثيرة. ¬

_ (¬1) ز: وثلاثة. (¬2) ف - معروف. (¬3) ز: معاقلون. (¬4) ز + ولا يعقل أهل البادية عن أهل الأمصار الذين عواقلهم في العطاس (¬5) ف - له. (¬6) ف - عطاء. (¬7) ز: لا عطيات. (¬8) ز: فقيل. (¬9) ز: ستون.

ولا يعقل كافر عن مسلم ولا مسلم عن كافر. والكفار يتعاقلون فيما بينهم وإن اختلفت مللهم. ومن قتل قتيلاً (¬1) وهو من أهل الكوفة وله بها عطاء، فلم يقض (¬2) على عاقلته بالدية في ثلاث سنين حتى حول ديوانه فجعل عطاؤه واسمه في ديوان أهل البصرة، ثم رفع ذلك إلى القاضي، فإنه يقضي بالدية على عاقلته (¬3) من أهل البصرة. ولو قضى القاضي بالدية على عاقلة أهل الكوفة في ثلاث سنين، وأُخِذَ منهم ثلثُ الدية لسنة، أو لم يُؤْخَذْ إلا أنه قد (¬4) قضى بها، ثم حُوِّلَ اسمُه عنهم فجعل في ديوان أهل البصرة، كانت الدية على العاقلة الذين قضى عليهم، لا ينتقل ذلك عنهم، ويؤخذ منه في عطائه بالبصرة بحصته. ولو قلوا بعد ما قضى القاضي عليهم بالدية في ثلاث سنين وأخذ منهم الثلث أو الثلثين ضم (¬5) إليهم أقرب القبائل منهم في النسب حتى يعقلوا عنهم. ولا يشبه قلة العاقلة بعد القضاء تحول الرجل بعطائه من بلد إلى بلد؛ لأن الذين يضافون إليهم عاقلة واحدة، وهذه عاقلة منتقلة (¬6). وكذلك لو أن رجلاً لم يكن له عطاء وكان مسكنه الكوفة، فقتل رجلاً خطأ (¬7)، فلم يقض (¬8) القاضي (¬9) على العاقلة بالدية حتى تحول عن الكوفة وأتى البصرة فاتخذها داراً وأَوْطَنَها (¬10)، ثم رفع إلى القاضي، فإن القاضي يقضي على عاقلته الذين بالبصرة بالدية في ثلاث سنين، ولا يلتفت إلى عاقلته بالكوفة. ولو كان قضى بالدية في الكوفة في ثلاث سنين على عاقلته ¬

_ (¬1) ز - قتيلا. (¬2) ز: يقضي. (¬3) ف: على العاقلة. (¬4) ز - قد. (¬5) ز: اضم. (¬6) ز: مستقتلة؛ ط: مستقلة. (¬7) ز + لم يكن له عطاء وكان مسكنه الكوفة فقتل رجلاً خطأ. (¬8) ز: يقضي. (¬9) ز - القاضي. (¬10) أَوْطَنَ أرضَ كذا واستوطنها وتَوَطَّنَها: اتخذها محلاً ومسكناً يقيم فيه. انظر: المغرب، "وطن".

بالكوفة ثم انتقل (¬1) بعد ذلك قبل أن يؤخذ الدية إلى البصرة فاتخذها داراً لم تبطل الدية عن عاقلته بالكوفة. وكذلك صاحب العطاء المنتقل بعطائه إلى البصرة. وكذلك لو أن رجلاً من أهل البادية قتل رجلاً خطأ، فلم يقض (¬2) عليه بشيء حتى قدم مصراً من أمصار المسلمين فالتحق في الديوان (¬3)، واتخذه مسكناً وترك البادية، ثم رفع إلى القاضي، فإن القاضي يقضي على عاقلته بالدية (¬4) من أهل المصر من أهل الديوان، ولا يقضي على أهل البادية بشيء. ولو كان القاضي قضى على عاقلته بالبادية بالدية في ثلاث سنين في أموالهم، ثم صارت حاله إلى ما وصفت لك، لم يتحول ذلك عن أهل البادية بتحويل الرجل إلى المصر؛ لأن الجناية لم تجنها العاقلة، إنما جناها الرجل (¬5)، فإنما تكون (¬6) على العاقلة إذا قضي بها عليهم. ولو أن قوماً من أهل البادية قضي عليهم بالدية في أموالهم في ثلاث سنين، فأدوا الثلث لسنة أو الثلثين (¬7) وبقيت بقية، أو قضي عليهم ولم يؤدوا شيئاً حتى جعلهم الإمام في العطاء، صارت الدية في أعطياتهم وإن كان القاضي قد قضى بها أول مرة في أموالهم، لأن العطاء من أموالهم، وهو مال للمقاتلة (¬8)، ولكنه يقضي عليهم في أعطياتهم بما كان قضى به عليهم في البادية. إن كان قضي عليهم بالإبل لم يتحول ذلك. ولا يشبه هذا تحول (¬9) العقل عن العاقلة إلى عاقلة أخرى بعد قضاء القاضي. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه في قياس قول أبي حنيفة وقول (¬10) محمد بن الحسن. ... ¬

_ (¬1) ز: ثم انقل. (¬2) ز: يقضى. (¬3) م ف ز: في الدين. والتصحيح من ط. (¬4) ف: بالدين؛ ز + واتخذه. (¬5) م ف ز: للرجل. والتصحيح من ط. (¬6) ز: يكون. (¬7) م ز: أو للثلثين. (¬8) ف - وهو مال للمقاتلة. (¬9) ز: يحول. (¬10) ز: وقال.

باب من الولاء المنتقل والعقل معه أو ينتقل الولاء ويبقى العقل معه لا ينتقل

باب من الولاء المنتقل والعقل معه أو ينتقل (¬1) الولاء ويبقى العقل معه (¬2) لا ينتقل وقال محمد بن الحسن في رجل لاعن امرأته بولد، ولزم الولد أمه، فجنى الولد جنايةً: قَتَلَ قتيلاً خطأ، فقضى به القاضي على عاقلة الأم في ثلاث سنين، فأخذ (¬3) أولياء الجناية الدية من عاقلة الأم، ثم إن الأب ادعى الولد، فإنه يكون ابنه، ويضرب الحد، وترجع (¬4) عاقلة الأم على عاقلة الأب بما أدوا (¬5) من الدية، وهذا أيضاً قول أبي حنيفة. وقال محمد بن الحسن: ترجع عاقلة الأم على عاقلة الأب بالدية (¬6) في ثلاث سنين من يوم يقضي القاضي لعاقلة الأم على عاقلة الأب بذلك، ولا يلتفت إلى ما مضى من السنين منذ ادعى الأب الولد. وكذلك هذا في مكاتب له امرأة حرة مولاة لبني تميم، والمكاتب (¬7) مكاتب لهمدان، فمات المكاتب وترك وفاء وفضلاً، فلم يؤد (¬8) مكاتبته حتى جنى ابنه جناية: قتل قتيلاً خطأً، فقضى به القاضي على عاقلة الأم بالدية في ثلاث سنين، فأخذت منهم، ثم إن المكاتب أدى ما عليه، فإن ولاء الولد يتحول إلى مولى المكاتب، وترجع (¬9) عاقلة الأم على عاقلة الأب بما أدوا في ثلاث سنين من يوم يقضي القاضي. ولو أن رجلاً أمر صبياً أن يقتل رجلاً فقتله، فإن القاضي يقضي على عاقلة الصبي بالدية في ثلاث سنين، وترجع (¬10) بها (¬11) عاقلة الصبي على ¬

_ (¬1) ز: أن ينتقل. (¬2) م ف - معه. (¬3) ز: فأخذوا. (¬4) ز: ويرجع. (¬5) ز: أودوا. (¬6) ف ز: الدية. (¬7) ف ز: المكاتب. (¬8) ز: يؤدي. (¬9) ز: ويرجع؛ ط: ورجع. (¬10) ز: ويرجع؛ ط: ورجع. (¬11) ز + على.

عاقلة الآمر (¬1) في ثلاث سنين (¬2). فإن اجتمعت العاقلتان وأولياء الجناية جميعاً عند القاضي فقضى القاضي لأولياء الجناية على عاقلة الصبي، وقضى لعاقلة الصبي على عاقلة الآمر (¬3)، فكلما (¬4) أخذ أولياء الجناية من عاقلة الصبي شيئاً أخذت عاقلة الصبي من عافلة الآمر (¬5) مثله. فإن قضى القاضي على عاقلة الصبي ولم يخاصموا عاقلة الآمر (¬6) حتى أدوا (¬7) جميع الدية، ثم خاصموا عاقلة الآمر (¬8) بعد الأداء وبعد ما مضى بعد الأداء سنون (¬9)، فإن القاضي يقضي لعاقلة الصبى على عاقلة الآمر (¬10) بالدية في ثلاث سنين منذ يوم يقضي (¬11) لهم عليهم، ولا يلتفت إلى ما مضى قبل ذلك من السنين. ولو كان الآمر (¬12) أقر أنه أمر (¬13) الصبي ولم يعلم ذلك إلا بقوله قضى القاضي على الآمر في ماله لعاقلة (¬14) الصبي بالدية (¬15) في ثلاث سنين من يوم يقضي بالدية، ولا يلتفت إلى ما مضى قبل ذلك من السنين. ولو أن ابن ملاعنة (¬16) جنى جناية: قتل قتيلاً خطأ، فقضى به القاضي على عاقلة الأم في ثلاث (¬17) سنين، ثم أدت عاقلة الأم الثلث في أول سنة، ثم إن الأب ادعى الولد، فألزم الولد، وضرب (¬18) الحد، وحضرت أولياء الجناية والعاقلتان جميعاً، فإن القاضي يقضي لعاقلة الأم بالثلث الذي أدوا على عاقلة الأب في سنة مستقبلة من يوم يقضي (¬19)، ويبدأ بهم على أولياء الجناية، ويبطل العقل الذي بقي عن عاقلة الأم، ويقضي به القاضي على عاقلة الأب في سنتين مستقبلتين (¬20) بعد السنة الأولى التي قضى لعاقلة ¬

_ (¬1) ف: الام. (¬2) ز - سنين. (¬3) ف: الام. (¬4) ز: فكأنما. (¬5) ف: الام. (¬6) ف: الام. (¬7) ز: أدا. (¬8) ط: الأم. (¬9) ز: ستون. (¬10) ف: الام. (¬11) ز: تقضي. (¬12) ف: الأب. (¬13) ف: أم. (¬14) ز: العالقة. (¬15) ف: في الدية. (¬16) ط: ابن الملاعنة. (¬17) ز: في الثلث. (¬18) ز: ويضرب. (¬19) ف: مضى. (¬20) ز: مستقبلين.

الأم فيها بثلث الدية على عاقلة الأب، فيقضي بالدية مستقبلة على عاقلة الأب في ثلاث سنين، الثلث الأول لعاقلة الأم، والثلثان لأولياء الجناية. ولا يؤخذ من أولياء الجناية ما أخذوا من عاقلة الأم، ولكنه يبطل عن عاقلة الأم ما بقي، ويقضى به لأولياء الجناية محلى عاقلة الأب كما وصفت. وكذلك ابن المكاتب من المرأة الحرة إذا مات المكاتب وترك وفاء فجنى ابنه جناية ثم أديت المكاتبة فهو بمنزلة ولد الملاعنة في جميع ما وصفت لك من هذا (¬1) الوجه. وإذا كانت المرأة حرة وهي مولاة لبني تميم تحت عبد لرجل من همدان فولدت له غلاماً فعاقلة الغلام عاقلة أمه بنو (¬2) تميم. فإن جنى جناية فلم يقض (¬3) بها القاضي (¬4) على عاقلة الأم حتى أعتق الأب فإن القاضي يحول ولاء الغلام إلى موالي (¬5) أبيه، ويجعل عاقلته عاقلة أبيه، ويقضي بالجناية التي جناها على عاقلة أمه، ولا يحولها إلى عاقلة أبيه. وكذلك لو كان الغلام حفر بئرأً قبل أن يعتق أبوه ثم عتق أبوه فإن القاضي يقضي بالدية على عاقلة الأم، ولا يجعل على عاقلة الأب من ذلك شيئاً. والخصم في ذلك - حتى تثبت الدية على عاقلة الأم - الجاني إن كان قد بلغ مبلغ الرجال. فإن كان صغيراً فالخصم في ذلك أبوه المعتق؛ لأنه القيم بأمره. ولا يشبه هذا ابن الملاعنة ولا (¬6) ابن المكاتب الذي وصفت لك؛ لأن هذا ولاء حادث حدث بعد (¬7) الجناية، وابن الملاعنة وابن المكاتب لما ادعى ابن الملاعن أبوه وأديت المكاتبة حكمنا بأن الولد كان ولده يوم جنى، وأن المكاتب كان حراً يوم مات يورث كما يورث الحر. ولو أن رجلاً من أهل الحرب أسلم ووالى (¬8) رجلاً من هل الإسلام ¬

_ (¬1) ز + من هذا. (¬2) ز: بني. (¬3) ز: يقضي. (¬4) ف - القاضي. (¬5) ط: إلى مولى. (¬6) ز + ولا. (¬7) ز:. به. (¬8) ز: وإلا.

في دار الإسلام ثم جنى جناية عقلت (¬1) عنه عاقلة الذي والاه. فإن عقلت عنه لم يقدر على أن يتحول بولائه بعد الجناية. فإن عقلت عنه العاقلة أو لم يقض (¬2) به ثم إن أباه أسر من دار الحرب فاشتراه رجل فأعتقه كان ولاؤه له، وجر ولاء ولده من الذي والاه، حتى يصير الولد مولى (¬3) لموالي أبيه. ولا يرجع عاقلة المولى الذي كان والاه على عاقلة مولى الأب بشيء؛ لأن هذا ولاء حدث جر ولاء الولد. وهذا مثل الذي أعتق أبوه وأمه مولاة لقوم آخرين في جميع ما وصفت لك. ولو كان الابن الذي أسلم على يدي الرجل ووالاه جنى جناية فلم يقض (¬4) بها، أو حفر بئراً فلم يقع فيها أحد، حتى أسر أبوه فاشتراه رجل فأعتقه، ثم قضي بالجناية أو وقع في البئر التي حفر رجل فمات، فإن القاضي يقضي بذلك على عاقلة الذي أسلم على يديه ووالاه، ولا يقضي بها على عاقلة مولى أبيه، والذي يلي الخصومة في ذلك الجاني وإن كان قد صار مولى لقوم آخرين. ولو أن رجلاً من أهل الذمة أسلم فلم يوال (¬5) أحداً حتى قتل قتيلاً خطأ فلم يقض (¬6) القاضي بذلك حتى والى رجلاً من بني تميم وعاقده فجنى جناية أخرى، ثم إن أولياء الجنايتين الأولى والآخرة رفعوا ذلك إلى القاضي، فإن القاضي يقضي بالجنايتين جميعاً (¬7) على بيت المال، ويجعل ولاءه لجماعة المسلمين، ويبطل موالاة الرجل الذي والى؛ لأنه حين جنى أول مرة فقد وجب عقل جنايته على بيت المال، فقد ثبت (¬8) ولاؤه لجماعة المسلمين، فليس له أن يجعله لإنسان واحد بعينه. وإن مات ورثة جماعة المسلمين، وجعل ميراثه في بيت مالهم. ¬

_ (¬1) ز: علقت. (¬2) ز: لم يقضي. (¬3) ز: مالاً. (¬4) ز: يقضي. (¬5) ز: يوالي. (¬6) ز: يقضي. (¬7) ف + ويبطل. (¬8) ف: ويجعل؛ ز: بيت.

وكذلك لو رمى بسهم أو بحجر خطأ قبل أن يوالي أحداً فلم تقع (¬1) الرمية حتى والى رجلاً وعاقده ثم وقعت الرمية فقتلت رجلاً (¬2) كان هذا والأول سواء، وكانت موالاته باطلاً. ولو أنه حفر بئرأ في طريق المسلمين فلم يقع فيها أحد حتى والى رجلاً وعاقده، ثم وقع في البئر رجل ومات، فإن عليه في ماله دية القتيل في ثلاث سنين من يوم يقضي القاضي بذلك، ويكون ولاؤه للذي والاه، ولا يعقل عنه بيت المال، ولا تعقل (¬3) عنه عاقلة الرجل الذي والاه. ولا يشبه هذا ما (¬4) مضى قبله من الرمية والجناية؛ لأن البئر ليست بجناية يجب بها (¬5) أرش حتى يقع فيها الرجل فيعطب (¬6). فقد والى الرجل وليس في عنقه (¬7) جناية، فالموالاة جائزة. ولا تعقل (¬8) عنه عاقلة الرجل الذي والى، ولا يعقل عنه بيت المال؛ لأنه إن عقل عنه بيت المال رد ولاؤه إلى جماعة المسلمين ولم يكن وجب عليهم عقل ولا جناية قبل خروجه بولائه إلى هذا الرجل فيجعل جنايته في ماله. وكذلك الرجل يسلم فيوالي رجلاً ثم يجني أو يرمي أو يحفر بئراً ثم ينتقل بولائه إلى رجل فهو بمنزلة هذا. فما كان يكون الولاء فيه في الأول لجماعة المسلمين فهو في هذا الرجل الآخر للمولى الأول، فلا ينتقل عنه أبداً. وأما حفر البئر فالجناية فيها عليه في ماله، وولاؤه للآخر. ألا ترى أن حافر البئر لو لم يقع في البئر أحد حتى يتحول بولائه إلى رجل آخر فوالاه وعاقده ثم جنى جنايات كثيرة كان عقلها على عاقلة المولى الآخر علم بحفر البئر أو لم يعلم؛ لأن الجناية لم تجب، ولم يجب بها عقل. أرأيتم إن عقل عنه عاقلة المولى الآخر جنايات كثيرة وعقل هو عنهم أيضاً ثم وقع في البئر ¬

_ (¬1) ز: يقع. (¬2) ز - وعاقده ثم وقعت الرمية فقتلت رجلاً. (¬3) ز: يعقل. (¬4) ف: مما. (¬5) ط: لها. (¬6) م ف ز ط: فعطب. (¬7) ز: في عتقه. (¬8) ز: يعقل.

رجل أيتحول ولاؤه إلى المولى الأول أو إلى (¬1) بيت المال ويبطل. هذا كله. هذا (¬2) لا يستقيم. والأمر فيه على ما وصفت لك. فإن قال قائل: فكيف لم يشبه الولاءَ الذي (¬3) ينتقل بعتق الأب - يعني الرجلَ الذي والى رجلاً ثم يحفر بئراً ثم يحوّل بولائه، وهذا ما لم يقض (¬4) القاضي بالجناية على العاقلتين اللتين تكون (¬5) إحداهما عاقلة له ثم يتحول إلى العاقلة الأخرى - وقد قلت (¬6): لو أن رجلاً من أهل الكوفة له عطاء بالكوفة وعاقلته أهل ديوان الكوفة جنى جناية فلم يقض (¬7) بها القاضي حتى حول الإمام ديوانه إلى أهل البصرة فصار معهم، ثم رفعه أولياء الجناية إلى القاضي، إنه يقضي بذلك على عاقلته بالبصرة؟ فكيف لم يكن الولاء المنتقل مثل هذا؟ قيل لهم: لا يشبه هذا الولاء؛ لأن الرجل انتقل من ولاء إلى ولاء، فصارت حاله (¬8) الثانية غير حالته الأولى، فصارت (¬9) حاله حالتين. فما كان في الحال الأولى من الجناية فعلى العاقلة الأولى، وما كان في الحال الثانية من الجناية (¬10) فعلى العاقلة الثانية. وإن صاحب العاقلتين لم يتحول حاله، إنما حاله حالة واحدة، وإنما تحولت عاقلته. وإنما مثل الولاء المنتقل مثل امرأة مسلمة مولاة لبني تميم جنت جناية أو حفرت بئراً فلم يقض (¬11) القاضي بالجناية حتى ارتدت عن الإسلام ولحقت بدار الحرب مرتدة، ¬

_ (¬1) ف: وإلى. (¬2) ف - هذا. (¬3) ف ز ط: للذي. والتصحيح مستفاد من المبسوط، 27/ 139. (¬4) ز: لم يقضي. (¬5) ز: يكون. (¬6) وفي ب جار: فكيف لا يشبه الولاء الذي ينتقل بعتق الأب وينتقل بموالاة المولى آخر بعدما حفر بئراً لمن جنى وله عاقلة فلم يقض بالجناية حتى تحول إلى عاقلة أخرى وقد قلت ... (¬7) ز: يقضي. (¬8) ز: حالت. (¬9) ز: فضارت. (¬10) ز - من الجناية. (¬11) ز: يقضي.

فسبيت فصارت أمة، ثم اشتراها رجل من همدان فأعتقها، ثم وقع في البئر رجل فمات، فرفع ذلك إلى القاضي، فقضى بذلك وبالجناية التي كان لم يقض (¬1) بها، فإنه يقضي بذلك على بني تميم، ولا يتحول العقل عنهم بتحول ولاء المرأة إلى همدان، فصارت حال المرأة حالين (¬2) في الولاء الأول والولاء الثاني، فكذلك الولاء هو بمنزلة هذا إذا انتقل، والخصم في الجناية حتى تثبت على بني تميم المرأة أنها هي الجانية (¬3). قالوا: فلم لا تجعل العاقلتين هكذا؟ فنقول (¬4): إذا جنى وعاقلته أهل عطاء الكوفة ثم حول إلى عطاء البصرة قبل أن يقضى فالجناية لم تتحول عن أهل الكوفة؛ لأنه جنى وهو من أهل الكوفة. قيل لهم: لا يشبه هذا الولاء؛ لأن الرجل إذا قتل القتيل وجبت عليه نفس القتيل، فصارت عليه النفس، ولم يجب على العاقلة حتى يقضى بها ببينة (¬5). ولو كانت وجبت على العاقلة قبل أن يقضى بها عليهم ببينة لكان الرجل إذا أقر بقتل خطأ لم يجب عليه بذلك شيء؛ لأنه إنما أقر على العاقلة إلا أن يكون له معهم ديوان، فيكون عليه بالحصة. فهذا (¬6) ليس بشيء؛ لأن العقل إنما يجب على العاقلة بالبينة. أرأيتم لو أقر أنه قتل ولي هذا الرجل خطأ وأنه خاصم هذا الرجل إلى قاضي كُورَة (¬7) كذا وكذا فقامت بذلك البينة فقضى به القاضي على عاقلته من أهل ديوان الكوفة فقال ولي الجناية: صدقت قد كان هذا، وكذب بذلك العاقلة أكان يجب على الرجل في ماله شيء. ليس يجب عليه في ماله قليل ولا كثير إلا أن يكون له عطاء معهم، فيكون عليه بحصته. أفلا ترون أن الدية إنما تجب ¬

_ (¬1) ز: لم يقضي. (¬2) ز: حالتين. (¬3) ز: الجناية. (¬4) ز: فيقول. (¬5) ز: بينة. (¬6) م ز: فلهذا. (¬7) الكُورَة: المدينة والصُّقْع، والجمع كُوَر، وقيل: الكُورَة من البلاد المِخْلاف وهي القرية من قرى اليمن. انظر: لسان العرب، "كور". والصُّقْع: الناحية من البلاد والجهة والمحلة. انظر: المصباح المنير، "صقع".

على العاقلة بقضاء القاضي بالبينة، وأن الإقرار منه يختلف قبل قضاء القاضي وبعده (¬1). وقد كان أبو حنيفة يقول: لو أن رجلاً قتل رجلاً خطأ فلم يقض (¬2) عليه القاضي بالدية حتى صالحه على عشرين ألف درهم، أو على مائتي بعير، أو على ألفي دينار، أو ثلاثة آلاف شاة، أو ثلاثمائة بقرة، لم يجز ذلك، ورد ذلك إلى الدية. وكان يقول: لو قضى القاضي بألف دينار فصالح على عشرين ألف درهم كان جائزاً. وكذلك لو صالح على مائتي بعير بأعيانها كان جائزاً؛ لأنه يقول: النفس لم تصر مالاً من هذه الأموال حتى يقضي بها القاضي. أولا (¬3) ترون أيضاً لو أن رجلاً أقر عند القاضي بقتل رجل خطأ وأقام ولي الجناية عليه البينة بالدية قضينا بالدية على العاقلة، ولم نلتفت (¬4) إلى إقرار الجاني. فإن قال ولي الجناية (¬5): إني لا أعلم أن لي بينة فاقض لي عليه في ماله، فقضيت عليه بالدية في ماله مال الجاني بإقراره ثم أصاب ولي الجناية بينة وأراد أن يحول (¬6) ذلك إلى العاقلة عاقلة الجاني لم يكن له ذلك؛ لأني قضيت به في ماله فلا أحوله إلى غيره. ولو أنه أقر فقال ولي الجناية للقاضي: لا تعجل بالقضاء لي في ماله لعلي أجد بينة، فأخره (¬7) القاضي ثم وجد بينة قضى له القاضي على العاقلة. ولا يشبه قضاء القاضي على العاقلة غير قضائه؛ لأن الحق لا يلزم العاقلة إلا بالقضاء. قالوا: هذا كما تقول (¬8)، لا يلزم العاقلة العقل إلا بالقضاء (¬9). والولاء المنتقل لا يلزم العاقلة (¬10) العقل فيه إلا بالقضاء. ولكنك تقضي به على ¬

_ (¬1) ف: أو بعده. (¬2) ز: يقضي. (¬3) ز: ألا. (¬4) ز: يلتفت. (¬5) ز + عليه البينة بالدية على العاقلة ولم نلتفت إلى إقرار الجاني فإن قال ولي الجناية. (¬6) ف: أن يتحول. (¬7) ز: فأجزه. (¬8) ز: يقول. (¬9) ف - قالوا هذا كما تقول لا يلزم العاقلة العقل إلا بالقضاء. (¬10) ز - العاقلة.

الأولين، فكيف لم تقض (¬1) بهذا على الأولين وتجعله مثل الولاء المنتقل؟ فأما الولاء المنتقل فقد وضح بالمرأة المرتدة، فاجعل هذا بمنزلة ذلك. قيل لهم: هذا لا يشبه ذلك. أرأيتم رجلاً من أهل البادية حفر بئراً في البادية ثم إن الإمام أمر بأهل البادية فنقلوا إلى الأمصار، فتفرقوا فيها، فصاروا أصحاب أَعْطِيَة، وعقلوا زماناً طويلاً، ثم إن رجلاً وقع في تلك البئر، أيعود العقل إلى أن يكون على أهل البادية كما كان على الأنساب في الأموال، وتكون عليهم الإبل إن كانوا من أهل الإبل أو من أهل الغنم أو من أهل البقر دون الأَعْطِيَات وهي الدراهم والدنانير. أرأيتم إن كان (¬2) رجل من أهل العطاء في مصر من الأمصار فحفر بئراً ثم إن الإمام أبطل عطاء ذلك المصر وردهم إلى أنسابهم، فتعاقلوا عليها (¬3) زمانأ طويلاً، ثم وقع في البئر رجل فمات، أيبطل دمه لأن تلك العاقلة قط بطلت حين ذهب الديوان. إن العاقلة إنما جعلوا عوناً للرجل على جنايته، ولم تجن (¬4) العاقلة شيئاً. فإنما يكون ذلك عليهم يوم يجب المال الذي ينبغي لهم أن يعينوا فيه. والرجل لم يخرج من نسبه ولم يتحول إلى غير ذلك، إنما جعلت عاقلته قوماً، ثم صرفت تلك العاقلة بعينها إلى عاقلة أخرى. وأنا (¬5) أقول أيضاً أشد من هذا (¬6): لو أن أهل عطاء الكوفة جنى رجل منهم جناية فقضي بها على عاقلته، ثم أُلحق قومٌ (¬7) من قومه من أهل البادية ومن أهل المصر لم يكن لهم عطاء في الديوان، وجعلوا مع قومهم، عقلوا معهم، ودخلوا معهم فيما لم يقض (¬8) به من الجناية وفيما قضي به، فإن كان الذي قضي به قد أدى بعضه دخلوا فيما بقي. قالوا: وكيف أفترق هذا والعاقلتان المختلفتان (¬9) في قضاء القاضي؟ ¬

_ (¬1) ز: لم يقضي. (¬2) ف: لو كان. (¬3) م ط: عليهم. (¬4) ز: تجني. (¬5) ز: وإنما. (¬6) ف: من ذلك. (¬7) ط: قوما. (¬8) ز: لم يقضي. (¬9) ز: المختلقتان.

قيل لهم: لا يشبه قضاء القاضي في العاقلتين (¬1) العاقلة الواحدة. ألا ترى أن القاضي لو قضى بالعقل على قومه من أهل العطاء، فأدوا ثلثي الدية، ثم ماتوا أو قتلوا (¬2)، فأجحف [بهم] (¬3) أخذ ما بقي منهم، ضم (¬4) إليهم أقرب القبائل منهم في النسب ممن في العطاء حتى يعقلوا معهم، وقد كانوا قبل ذلك ليسوا معهم. وكذلك الذين ألحقوا في الديوان وجعلوا معهم يدخلون معهم فيما قضي به وفيما (¬5) لم يقض (¬6) به؛ لأنها عاقلة واحدة. وأصل هذا (¬7): إذا كانت عاقلتان مختلفتان (¬8) لا تعقل (¬9) إحداهما عن صاحبتها فانتقل (¬10) من عاقلة إلى عاقلة قبل القضاء، فرفع إلى القاضي وهو من أهل هذه العاقلة الآخرة، قضى على عاقلته الذين هم عاقلته يوم يقضي. فإن كان قد قضى على الأولين لم يحول قضاؤه على الآخرين وقد لزم الأولين. وهذا بمنزلة إقرار الرجل إذا قضي عليه في ماله لم يتحول على العاقلة ببينة (¬11) تقوم على ذلك. وما لم يقض (¬12) به القاضي في مال المقر فإن ولي الجناية إن أقام البينة قضى بذلك القاضي على العاقلة. وإذا كانت عاقلة واحدة فالقضاء فيها وغير القضاء سواء، يقضي بذلك عليهم في أعطياتهم الذين ألحقوا وغيرهم. ومما يُبَيِّن (¬13) لك أيضاً أمر (¬14) العاقلتين أن رجلاً لو جنى جناية وهو وقومه من أهل البادية من أهل الإبل فلم يقض بالجناية حتى نقل الإمام الرجل وقومه نجعلوا أهل عطاء وجعل (¬15) عطاءهم ¬

_ (¬1) ز - العاقلتين. (¬2) ز: وقلوا. (¬3) الزيادة من ب جار. (¬4) ز: ضمن. (¬5) ف: ومما. (¬6) ز: لم يقضى. (¬7) ز: ذلك. (¬8) ز: عاقلتين مختلفتين. (¬9) ز: لا يعقل. (¬10) م ف ز ط: أتعقل. والتصحيح من ب جار. (¬11) ف ز: بينة. (¬12) ز: لم يقضى. (¬13) ط: تبين. (¬14) م ف ز ط: من. وفي ب جار: يوضح ذلك أن رجلاً لو جنى ... (¬15) ز: وجعلوا.

الدنانير، ثم رفع ذلك إلى القاضي، فقضى عليهم بالدية ألف دينار، ولم يقض عليهم بالإبل ولا بقيمة الإبل. ولو كان قضى عليهم بالإبل بمائة في ثلاث سنين ثم إن الإمام نقل الرجل وقومه ففرض لهم وجعلوا أهل عطاء وجعلت أعطياتهم الدنانير قضى القاضي عليهم بالإبل أو بقيمتها على حالها التي كانت عليه. فإن لم يكن لهم مال (¬1) غير العطاء أخذ منهم قيمة الإبل من أعطياتهم إن قلت قيمة الإبل أو كثرت ولم يحولهم إلى الدنانير. وكذلك الدراهم والغنم والبقر والحلل إذا لم يقض (¬2) القاضي بذلك حتى يتحولوا من مال إلى مال آخر قضي عليهم بالدية من المال الذي تحولوا إليه. وإذا قضى عليهم بالدية من مال ثم تحولوا قبل أن يؤدوها حتى يصيروا أهل مال آخر لم يتحولوا (¬3) إلى غير ما قضى به عليهم. أفلا ترى (¬4) أن النفس إنما هي على الجاني، ولم تصر على العاقلة حتى يقضي بها عليهم على حالهم يوم يقضي، فكذلك الأول. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه في قياس (¬5) قول أبي حنيفة وقول محمد بن الحسن. [هذا آخر كتاب أبي نصر زكريا بن يحيى [في] (¬6) المعاقل (¬7). وهذا الباقي زيادة في كتاب ابن سنان:] (¬8). قال محمد بن الحسن: ولو أن رجلاً من أهل الذمة أسلم فوالى رجلاً وعاقده كان مولاه. فإن جنى المولى الذي أسلم جناية (¬9) خطأ ببينة (¬10) فلم ¬

_ (¬1) ط - مال. (¬2) ز: لم يقضي. (¬3) ف ز: لم يحولوا. (¬4) ز: ترون. (¬5) ف - قياس. (¬6) الزيادة من ط. (¬7) ف: المعاقلي. (¬8) لعل هذا من كلام الرواة أو الناسخين للكتاب. وقد بحثنا عن ترجمة للراويين المذكورين، فلم نستطع تعيينهما تماما. وانظر المقدمة. (¬9) ز: الجناية. (¬10) ز: بينه.

يقض (¬1) بها القاضي على (¬2) العاقلة (¬3) حتى أبرأ (¬4) أولياء المجني عليه الجاني من الجناية فللجاني أن يتحول بولائه عن الذي والى. [وإن] (¬5) كان القاضي قضى على العاقلة بالدية فلم يؤدوها حتى أبرأ (¬6) الأولياء العاقلة من الدية لم يكن للمولى أن يتحول بولائه عن الذي والى؛ لأن المال لما صار على العاقلة كان أخذه منهم وهبته لهم سواء، ولذلك (¬7) لم يكن له أن يتحول بولائه عن الذي والى. ولو أقر الجاني بالجناية إقراراً (¬8) ولم يقم بينة بها فقضى بها القاضي على الجاني في ماله في ثلاث سنين فأداها ثم أراد أن يتحول بولائه عن الذي والاه فله أن يتحول؛ لأن العاقلة لم تعقل عنه شيئاً ولم يجب عليها بجنايته شيء. ولو لم يجن (¬9) ولكنه التحق معهم في ديوانهم، فصار العاقلة معهم، فجنى بعضهم جناية، فعقل عنهم معهم، ثم أراد أن يتحول بولائه عنهبم فليس له أن يتحول بولائه عنهم. ألا ترى أن مولاه الذي والاه ليس يحوله (¬10) إذا عقل عنهم، فكذلك ليس له أن يتحول. ألا ترى أن المولى لو عقل عنه (¬11) لم يكن له أن يحوله عنه (¬12) بولائه كما ليس له أن يتحول، وقد كان لكل واحد منهما قبل العقل أن يحول الولاء عن صاحبه. فإذا لم يكن لأحدهما أن يحول الولاء لم يكن للآخر أن يحوله، وإذا كان لأحدهما أن يحول الولاء كان للآخر أن يحوله. وقد قال (¬13) أبو حنيفة: إذا والى الرجل رجلاً وعاقده فلكل (¬14) واحد ¬

_ (¬1) ز: يقضي؛ ز + عليه. (¬2) ز - القاضي على. (¬3) ز: القاقلة. (¬4) ز: أبري. (¬5) من ط. وفي ب جار: ولو. (¬6) ز: أبري. (¬7) ط: وكذلك. (¬8) ز: إقرار. (¬9) ز: يجني. (¬10) ز: تحوله. (¬11) ز: عنهم. (¬12) ف - فكذلك ليس له أن يتحول ألا ترى أن المولى لو عقل عنه لم يكن له أن يحوله عنه. (¬13) ف: وقال. (¬14) ز: فكل.

منهما أن يحول الولاء عن نفسه ما لم يعقل المولى الأسفل. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. وقالا: ليس لواحد منهما أن يخرج من ولاء صاحبه إلا بمحضر منه إلا في خصلة واحدة: المولى (¬1) الأسفل إن والى غير مولاه الأعلى كان خارجاً من ولاء الأول وإن لم يحضر ذلك الأول. وهذا ما لم يعقل عن المولى الأسفل أو يعقل الأسفل عن مولاه الأعلى. فإذا عقل أحدهما عن صاحبه أو معه لم يكن لواحد منهما أن يحول الولاء عن صاحبه. ولكن المولى الأسفل لو اكتتب مع عاقلة الأعلى في الديوان وأخذ معهم العطاء، إلا أنه لم يعقل عن أحد منهم ولا هم أيضاً عقلوا عنه، فلكل (¬2) واحد من الموليين أن يحول الولاء؛ لأن العقل لم يجب على واحد منهما (¬3). ¬

_ (¬1) م ف ط: للمولى؛ ز: فللمولى. وانظر: المبسوط، 8/ 97. وقد ذكر الإمام محمد هذه المسألة في كتاب الولاء أيضاً. انظر: 4/ 152 ظ. (¬2) ز: فكل. (¬3) م + آخر كتاب العقل والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد وآله كتبه أبو بكر بن محمد بن أحمد الطلحي الأصفهاني في صفر سنة تسع وثلاثين وستمائة؛ ف + آخر كتاب العقل والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيراً إلى يوم الدين؛ ز + آخر كتاب العقل والحمد لله وحده تم.

كتاب الحيل

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب الحيل أخبرنا محمد بن حمدان قال: أخبرنا أبو ساهر قال: أخبرني محمد بن هارون الأنصاري عن محمد بن الحسن قال: حدثنا سلمة بن صالح عن يزيد الواسطي عن عبد الكريم عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن آية من كتاب الله، فقال: "لا أخرج من المسجد حتى أخبرك بها". فقام (¬2) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما أخرج إحدى رجليه أخبره بالآية قبل أن يخرج الرجل الأخرى (¬3). محمد عن قيس بن الربيع عن سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: في معاريض الكلام لما يغني المسلم عن الكذب (¬4). ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية؛ في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) م ف: فقال. والتصحيح من ل. (¬3) السنن الكبرى للبيهقي، 10/ 62. (¬4) المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 282؛ والأدب المفرد للبخاري، 297، 305. والسنن الكبرى للبيهقي، 10/ 199؛ والجامع لشعب الإيمان له، 4/ 203. وروي عن علي وعمران بن الحصين وغيرهما من الصحابة - رضي الله عنهم -. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 282؛ والمعجم الكبير للطبراني، 18/ 106؛ والسنن الكبرى للبيهقي، =

محمد عن قيس عن حماد عن إبراهيم في رجل أخذه رجل فقال: إن لي معك حقاً. فقال: لا. فقال (¬1): احلف بالمشي إلى بيت الله -عَزَّ وَجَلَّ-، [قال: احلف] (¬2) واعن مسجد حيك (¬3). محمد عن قيس عن الأعمش عن إبراهيم (¬4) قال لى رجل: إن فلاناً أمرني أن آتي مكان كذا وكذا، وأنا لا أقدر على ذلك، فكيف الحيلة لي؟ قال: قل له: والله ما أبصر إلا ما سدّدني غيري، أعْنِي: إلا ما بصّرك ربك. محمد عن قيس عن هشام بن حسان عن ابن سيرين قال: كان رجل من باهلة (¬5) عَيُوناً (¬6)، فرأى (¬7) بغلة لشريح، فأعجبته. فقال له شريح: أما إنها إن رَبَضَت (¬8) لم تقم حتى تقام، يعني أن الله هو الذي يقيمها بقدرته، فمّال الرجل: أف أف. محمد عن مِسْعَر بن كِدَام (¬9) عن عبد الملك بن ميسرة عن النزّال بن سَبْرة (¬10) قال: جعل حذيفة بن اليمان يحلف لعثمان بن عفان على أشياء (¬11) ¬

_ = 10/ 199؛ وكشف الخفاء للعجلوني، 1/ 270 - 271. وقال الهيثمي في رواية عن عمران بن الحصين - رضي الله عنه -: رجاله رجال الصحيح. انظر: مجمع الزوائد، 8/ 130. (¬1) م ف + لي. (¬2) الزيادة من الكافي، 3/ 329 و؛ والمبسوط، 30/ 213. (¬3) وقد وردت هذه الرواية في نسخة ل هكذا: قال: وحدثنا يعقوب عن قيس بن الربيع عن حماد عن إبراهيم أنه سئل عن رجل ادعى عليه رجل دعوى وهو ظالم له، فقال: احلف بالمشي إلى بيت الله، كيف الحيلة في ذلك؟ قال له إبراهيم: احلف بالمشي إلى بيت الله واعن مسجد حيك، فإنك لا تحنث. (¬4) م + قال. (¬5) ف: من أهله. (¬6) رجل عَيُون ومِعْيَان أي شديد الإصابة بالعين. انظر: القاموس المحيط، "عين". (¬7) م: فأجرى. (¬8) أي: جلست. انظر: مختار الصحاح، "ربض". (¬9) ف: عن كدام. (¬10) م: النزاك بن سمرة. (¬11) م: عن أشياء.

بالله ما قالها، وسمعناها منه يقولها، فسمعناه بعد ذلك يقول: إني لأشتري ديني بعضه ببعض مخافة أن يذهب كله (¬1). محمد عن مِسْعَر بن كِدَام عن وبرة عن عبد الله (¬2) بن عمر أنه قال: لأن أحلف بالله كاذباً أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقاً (¬3). محمد عن قيس بن الربيع عن الأعمش عن إبراهيم قال: قال له رجل: إني ذكرت من رجل شيئاً، فبلغه، فكيف المخرج من ذلك، أم كيف أعتذر إليه؟ فقال له إبراهيم: قل: والله إن الله ليعلم ما قلت لك من ذلك من شيء. فإن الله يعلم حين قلت ما قلت، خيراً قلت أم شراً أم لم تفعل. محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم قال: إن اليمين على نية الحالف إذا كان مظلوماً، وإذا كان (¬4) ظالماً فهي على نية المستحلف (¬5). محمد عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس أنه (¬6) قال: ما يسرني (¬7) بمعاريض الكلام حمر النعم (¬8). بعض أصحابنا (¬9) عن عمر قال: إن في معاريض الكلام لمندوحة عن الكذب (¬10). ¬

_ (¬1) المصنف لابن أبي شيبة، 6/ 474. (¬2) م ف - عن عبد الله. والزيادة من ل. وهي كذلك في الكافي، 3/ 329 و. وانظر المصادر التالية. (¬3) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 469؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 3/ 79. (¬4) ف: وإن كان. (¬5) المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 113. (¬6) ف - أنه. (¬7) م: ما يشرى؛ ف: ما نشتري. (¬8) ف ع + قلت أرأيت رجلاً استأجر من رجل داراً سنين معلومة. وانظر: المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 282. (¬9) م ف: الصحابة؛ والتصحيح من ل. (¬10) رواه المؤلف بإسناده قريباً، وتقدم تخريجه هناك.

محمد عن عقبة بن أبي العَيْزار (¬1) قال: كنا نأتي إبراهيم النخعي وهو متغيب من الحجاج بن يوسف. فكنا إذا خرجنا من عنده يقول لنا: إن أنتم سئلتم عني وحلفتم فاحلفوا بالله: ما ندري أين هو ولا لنا به علم ولا في أي موضع هو. وانووا (¬2) أنكم لا تدرون في أي موضع أنا فيه، قائم ولا قاعد ولا نائم. قال عقبة بن أبي العيزار (¬3): وأتاه رجل، فقال: يا أبا عمران، رزقي في الديوان، وإني اعترضت (¬4) على دابة، وإن دابتي نفقت، وإنهم يريدون أن يحلّفوني بالله أنها الدابة التي اعترضت عليها، فكيف المخرج من ذلك؟ فقال إبراهيم: اذهب فاركب دابة، فاعترض عليها على بطنك (¬5). قال عقبة: وأتاه رجل، فقال له: يا أبا عمران، إن الأمير يريد أن يضرب علي البعث، وقد أخبرته أني لا أبصر، وأنا أبصر قليلاً، وإنه يريد أن يحلّفني بالله ما أبصر، فما المخرج؟ فقال له إبراهيم: احلف بالله ما تبصر إلا ما سدّدك (¬6) غيرك، وَاعْنِ أن الله الذي يسدّدك (¬7). أبو عبد الله عن الأعمش عن خيثمة بن (¬8) عبد الرحمن عن سويد بن غَفَلَة قال: قال علي: إذا حدثتكم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو كما حدثتكم، فو الله أن أَخِرَّ من السماء أحب إلي من أن أكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإذا سمعتموني أحدثكم فيما بيني وبينكم فإن الحرب خدعة (¬9). ¬

_ (¬1) م ف ز: عقبة بن الغيران. وتحرفت أيضاً إلى "عقبة بن الغرار". انظر: المبسوط، 30/ 214. والتصحيح من التاريخ الكبير للبخاري، 6/ 443. (¬2) م: واتوا. (¬3) م ف: أبي الغيران. (¬4) أي: ركبت الدابة وقت العَرْض. انظر: القاموس المحيط، "عرض". (¬5) غريب الحديث للقاسم بن سلام، 4/ 288. (¬6) م: ما شددك. (¬7) م: شددك؛ ف: سددك. (¬8) م ف: عن. والتصحيح من مصادر الرواية. (¬9) المصنف لعبد الرزاق، 10/ 157؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 6/ 539.

محمد عن داود (¬1) عن شهر بن حوشب رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كل كذب مكتوب (¬2) لا محالة، إلا الرجل يَعِد امرأته وولده، والرجل يصلح بين اثنين، والحرب، فإن الحرب خدعة" (¬3). محمد عن أبي العَطُوف عن الزهري عن حميد بن عبدالرحمن عن أمه أم كلثوم (¬4) وكانت من المهاجرات اللاتي هاجرن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت: سمعته يقول: "ليس بالكذاب الذي يصلح بين الناس فيَنْمِي (¬5) خيراً أو ينوي خيراً". وقال: "ليس يرخص في شيء مما يقول الناس من الكذب إلا في ثلاث: الإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها" (¬6). محمد عن جرير عن منصور عن إبراهيم قال: كان لهم كلام يدرؤون به عن أنفسهم العقوبة والبلاء (¬7). ... ¬

_ (¬1) هو ابن أبي هند، كما بينه إسحاق بن راهويه. انظر: مسند إسحاق بن راهويه، 5/ 171 - 172. وداود هذا توفي سنة 139 أو 140 أو 141 هـ, ثلاثة أقوال ذكرها ابن حجر. انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر، 3/ 204. فبينه وبين الإمام محمد المولود سنة 132 هـ واسطة ولا بد. ولعل ذلك سقط بسبب سهو الناسخين. (¬2) م ف: بمكذوب. (¬3) مسند إسحاق بن راهويه، 5/ 171 - 172؛ ومجمع الزوائد للهيثمي، 8/ 81. (¬4) لعلها بنت عقبة بن أبي معيط. (¬5) م ت: فيلتمس. (¬6) مسند أحمد، 6/ 403؛ وصحيح مسلم، البر والصلة، 101؛ وسنن أبي داود، الأدب، 50؛ وسنن الترمذي، البر والصلة، 26. وقد ورد قوله: "ليس الكذاب. . ." في صحيح البخاري، الصلح، 2. (¬7) المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 282.

باب الحيل في إجارة الدور

باب الحيل في إجارة الدور قلت: أرأيت رجلاً استأجر من رجل داراً (¬1) سنين معلومة، فخاف أن يغدر به رب الدار، فكيف الثقة له في ذلك؟ قال: فليسم لأول سنة مين السنين أجراً قليلاً، ويجعل للسنة (¬2) الآخرة أجراً كثيراً، فيكون في ذلك ثقة للمستأجر. قلت: أرأيت إن كان (¬3) رب الدار هو الذي يخاف غدر المستأجر، فخاف أن يسكن بعض السنين، ويعطل الدار بعد ذلك، فكيف الثقة له في ذلك؟ قال: فليؤاجرها (¬4) إياه سنين مسماة، ويجعل عُظْم (¬5) أجر هذه السنين في السنة الأولى، ويجعل ما بقي بعد ذلك من الأجر لما بقي من السنين. قلت: فيكون ذلك ثقة عندكم لرب الدار؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً أراد أن يؤاجر رجلاً داره، فخاف رب الدار أن يغيب المستأجر، ويحتاج رب الدار إلى (¬6) داره، فلا يدفعها إليه أهل المستأجر الغائب، هل في ذلك وجه ثقة؟ قال: نعم. قلت: فما الوجه في ذلك؟ قال (¬7): يؤاجرها رب الدار مين امرأة المستأجر الذي يخاف غيبته، ويُضمّن الزوج أن يرد عليه الدار متى ما احتاج إلى تفريغها إن جحدت المرأة أو أنكرت الإجارة. قلت: ويجوز هذا؟ قال: نعم. قلت: فإن غاب الزوج فللمؤاجر أن يخرج المرأة وعيال الغائب من الدار؟ قال؛ نعم إن أراد ذلك. قلت: وكذلك إن مات الزوج؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن ماتت المرأة، أو جحدت الإجارة أو ادعت أن الدار دارها، أيضمن الزوج للمؤاجر أن يسلم الدار إليه كما اشترط رب الدار عليه؟ قال: نعم إذا قامت عليه البينة (¬8) بالضمان كما وصفت. ¬

_ (¬1) ف - دارا. (¬2) م: السنة. (¬3) ف - إن كان، صح هـ. (¬4) م ف: وليؤاجرها. (¬5) أي: معظم. انظر: لسان العرب، "عظم". (¬6) ف - إلى. (¬7) ف - قال. (¬8) م: بينة.

قلت: أرأيت إن كان المستأجر ليس بمليء بأجر الدار، كيف الثقة لرب الدار؟ قال: يأخذ منه كفيلاً بأجر الدار ما سكنها أبداً، ويسمي أجر كل شهر للضمين، ويشهد عليه بذلك. قلت: أرأيت رجلاً استأجر من رجل داراً وليس فيها بناء، وأذن له رب الدار أن يبنيها، ويحسب له رب الدار ما أنفق في البناء من أجر الدار ما بينه وبين كذا وكذا درهماً، أيجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: فإن أنفق المستأجر وبنى الدار فقال: أنفقت كذا وكذا درهماً، وأنكر ذلك رب الدار وقال: أنفقت أقل من ذلك؟ قال: القول قول رب الدار مع يمينه. قلت: فإن كان رب الدار قد أشهد أن المستأجر مصدق على ما قال: إنه أنفقه؟ قال: ليس ذلك بشيء، ولا يصدق المستأجر أنه أنفق شيئاً إلا ببينة، والقول قول رب الدار. قلت: أرأيت إن جحد رب الدار أن يكون المستأجر بنى فيها شيئاً، وقال: آجرته داري على حالها وبنائها؟ قال: القول قوله مع يمينه، ولا يصدق المستأجر إلا ببينة. قلت: فكيف الثقة للمستأجر حتى يصدق فيما قال: إني قد أنفقته، ولا يلتفت إلى قول رب الدار؟ قال: يسلف المستأجر رب الدار من أجرة الدار بقدر ما يكتفي به من نفقة الدار، ويشهد على رب الدار بقبض ذلك من أجر الدار، ثم يدفع رب الدار إلى المستأجر ما أخذ منه، ويوكله بالنفقة على داره. قلت: فيصدق المستأجر حينئذ على أنه قد أنفق ما دفع إليه من الدراهم على الدار؟ قال: نعم إن كان ذلك نفقة بقَصْد، وهذا ثقة للمستأجر. قلت: فإن قال المستأجر: قد ضاعت الدراهم التي دفعت إلي (¬1) وأمرتني بنفقتها؟ قال: القول قوله مع يمينه. قلت: أرأيت رجلاً أراد أن يؤاجر داراً له من رجل سنة، وخاف رب الدار إن طلب داره فلا يدفعها المستأجر إليه ويَشْغَب (¬2) عليه، كيف الثقة ¬

_ (¬1) م ف - إلي، والزيادة من ل. (¬2) م: ويشهد، صح هـ.؛ ف: ويشهد؛ ز: ويسغب. الشَّغْب والتشغيب تهييج الشر. انظر: القاموس المحيط، "شغب".

للمؤاجر؟ قال: يؤاجرها إياه سنة من يومه، على أن أجر كل يوم بعد مضي السنة دينار أو أكثر من ذلك إن شاء رب الدار. قلت: ويجوز هذا على هذا الشرط؟ قال: نعم، وهو ثقة لرب الدار فيما أراد. قلت: أرأيت رجلاً أراد أن يستأجر من رجل داراً، فأخذ رب الدار من المستأجر كفيلاً بأجر (¬1) ما سكن الدار، فاجتمع على المستأجر من أجر الدار مال كثير، فأخذ المؤاجر الكفيل بالأجر، فأراد الكفيل مصالحة رب الدار على بعض الأجر، وأعطاه بعض (¬2) الأجر، وحط عنه وعن المستأجر ما بقي، أيجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: فإن أراد رب الدار أن يكون ما حط من ذلك على المستأجر، ويبرأ الكفيل منه، كيف الثقة في ذلك؟ قال: يصالح الكفيل على ما ذكرت من الدراهم على أن يبرأ الكفيل خاصة من الذي بقي من أجر الدار، على أن الذي يبقى لرب الدار على المستأجر على حالته. قلت: ويجوز هذا؟ قال: نعم. قلت: فإن أراد الكفيل أن يكون هو الذي يعطي بعض ما ضمنه، ويبرأ هو وصاحبه المستأجر، وأراد أن يرجع على المستأجر بما أعطى عنه وما حط عنه رب الدار، هل في ذلك وجه ثقة؟ قال: نعم؛ يعطي الكفيل رب الدار ما وجب له من أجر الدار دنانير، ويقر له رب الدار بالدنانير، فيكون للكفيل جميع ما وجب من أجر الدار على المستأجر دراهم، يأخذه بجميعها. قلت: ويطيب ذلك للكفيل ويسعه فيما بينه وبين الله تعالى؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان الكفيل إنما ضمن عنه شيئاً سوى أجر الدار من دين أو صداق أو غير ذلك فهو سواء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان إنما استأجر المستأجر الدار كل سنة بكُرّ حنطة، فأخذ الكفيل المستأجر بما ضمن عنه، فأدى إليه على وجه الاقتضاء كر حنطة، فباعه المؤاجر (¬3) الكفيل، وأعطاه الكفيل دراهم أقل من ثمن الكر بالكر، وقبل ذلك منه المؤاجر؟ قال: ذلك جائز، والفضل حلال للكفيل. ¬

_ (¬1) م ف ع: بالأجر. (¬2) م ف: بعد. (¬3) ل - المؤاجر.

ولو كان الكفيل إنما أخذ الكر على وجه الرسالة، فباع الكر، ثم رخص الطعام، فاشترى لرب الدار طعاماً مثله، فقضاه إياه، لم يطب (¬1) الفضل للكفيل، وعليه أن يتصدق به. ولو كان الكفيل حيث أخذ الطعام على وجه الرسالة، فباعه في حال الغلاء، ثم رخص الطعام، فأعطى الكفيل رب الدار بالكر الذي وجب له عليه دراهم أقل من ثمن الكر الذي باعه الوكيل، جاز ذلك، وبرئ الكفيل من ضمان الكر الذي باعه (¬2). قلت: فإن كان استفضل من ثمن الكر شيئاً أيطيب ذلك له؟ قال: لا؛ لأنه غاصب له حيث باعه ولم يؤمر ببيعه. قلت: وكذلك لو كان أجر الدار دراهم، فاقتضاها الكفيل من المستأجر، ثم اشترى بها وباع وربح، أيطيب له الفضل؟ قال: نعم. قلت: فإن كان الكفيل إنما أخذ الدراهم على وجه الرسالة فاشترى به وباع وربح؟ قال: يتصدق بالفضل في قياس قول أبي حنيفة. وأما في قياس قول أبي يوسف فإن الربح له طيب. قلت: فهل عندكم في هذا وجه ثقة يطيب له ربح الأجر الذي يرسل به مع الكفيل؟ قال: نعم؛ يشتري الكفيل متاعاً لا ينوي أن يعطي ثمنه من أجر الدار. فإن أعطاه بعد ذلك لم يفسد ذلك عليه ربح متاعه ولم يحرمه عليه. قلت: ويستقيم هذا؟ قال: نعم. وقال أبو يوسف: سألت أبا حنيفة عنْ وجه الثقة في ذلك، فأجابني بما وصفت لك. قلت: فهل في هذا وجه هو أوفق من هذا؟ قال: نعم؛ يعطي الكفيل أجر الدار دنانير بما كان (¬3) عليه. قلت: يشتري الكفيل بذلك؟ قال: نعم (¬4)؛ ثم يشتري الكفيل بمال نفسه متاعاً، فيطيب له فضل مال نفسه. قلت: أرأيت رجلاً تكارى إبلاً (¬5) بمتاع له إلى مصر بمائة دينار، فإن قصر عنها إلى الرملة فكراء الجَمّال سبعون ديناراً، فإن قصر عن الرملة إلى ¬

_ (¬1) م ف: لم يطلب. (¬2) م ف - الوكيل جاز ذلك وبرئ الكفيل من ضمان الكر الذي باعه؛ والزيادة من ل. (¬3) م ف ع: ان كان. (¬4) م ف - قلت يشتري الكفيل بذلك قال نعم؛ والزيادة من ل. (¬5) م: أجلا؛ ف: رجلاً؛ والتصحيح من ل.

باب إجارة الأرضين والثقة في ذلك

أذرعات فكراء الجمال خمسون (¬1) ديناراً، فاستأجر على هذا الشرط؟ قال: الإجارة على هذا الشرط فاسدة، فإن حمل الجمال إلى مصر فإني أستحسن أن أجيز ذلك (¬2). قلت: فكيف الثقة للجمال وللمستأجر (¬3) حتى يجوز ذلك على هذا الشرط وحتى لا يفسد ما أخذ؟ قال: يستأجر رب المتاع من الجمال إلى أذرعات (¬4) بخمسين ديناراً، ويستأجر منه من أذرعات (¬5) إلى الرملة بعشرين ديناراً، ويستأجر منه من الرملة (¬6) إلى مصر بثلاثين ديناراً، فإذا فعل هذا جاز على ما سمينا، ولم يفسد هذا الشرط أحد. قلت: أرأيت إن أراد صاحب المتاع أن لا يحمل من أذرعات إلى الرملة؟ قال: ذلك له، وليس لصاحب الإبل إن أراد صاحب المتاع أن يحمل إلى الرملة من أذرعات (¬7) أن يمنع من ذلك. ... باب إجارة الأرضين والثقة في ذلك قلت: أرأيت رجلاً أراد أن يؤاجر أرضاً له وفيها زرع هل في ذلك وجه ثقة؟ قال: لا؛ إلا في خصلة واحدة: أنه يبيعه رب الأرض الزرع، ثم يؤاجره الأرض ما أحب من السنين. قلت: ويكون ذلك جائزاً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت لو كان الزرع إنما هو لغير رب الأرض، ولا يقدر رب الأرض على أن يسلم المستأجر الزرع؟ قال: فليؤاجره الأرض كل سنة بكذا وكذا (¬8)، كذا وكذا سنة بعد مضي السنة التي فيها الزرع، فيجوز ذلك. ¬

_ (¬1) م ف ز: ستين. والتصحيح من الكافي، 3/ 330 و. وانظر تتمة العبارة. (¬2) ل: فإني أستحسن أن أجعل له أجر مثله لا أجاوز به المائة. (¬3) ف: والمستأجر. (¬4) م: إلى ادرغان. (¬5) م ف - بخمسين ديناراً ويستأجر منه من أذرعات؛ والزيادة من ل؛ والكافي، 3/ 330 و. (¬6) م ف ع: إلى الرملة. (¬7) م هـ: في نسخة عن الرملة إلى أذرعات. (¬8) م ف - كل سنة بكذا وكذا؛ والزيادة من ل.

قلت: أرأيت إن أراد رب الأرض أن يشترط على المستأجر أن عليك خراج الأرض مع أجرها؟ قال: لا يجوز ذلك. قلت: فهل في هذا وجه ثقة حتى يجوز ولا تفسد الإجارة؟ قال: نعم؛ يؤاجرها إياه بأجر، ويزيد فيه قدر ما يرى أنه يلزم الأرض من الخراج، ويشهد للمستأجر أنه قد أذن له أن يؤدي عنه من أجر الأرض في خراجها كذا وكذا درهماً. قلت: فهل في هذا وجه أوثق من هذا؟ قال: نعم يدفع المستأجر إلى رب الأرض جميع أجر (¬1) الأرض، ثم يدفع (¬2) ذلك رب الأرض إلى المستأجر، ويوكله أن يؤديه عنه إلى ولاة الخراج، فيكون المستأجر أميناً مصدقاً أنه أداه بغير بينة يسألها إياه. قلت: أرأيت إجارة النخل والشجر هل تجوز؟ قال: لا. قلت: فكيف الحيلة في ذلك؟ قال: يستأجر الأرض المستأجر بأجر مسمى، ويزيده فيها، ويدفع (¬3) إليه النخل معاملة، ويشترط رب الأرض مما أخرج النخل جزء من ألف جزء، فيجوز ذلك. قلت: أرأيت الرجل يريد أن يؤاجر أرضاً له، ويجعل أجرها زراعة أرض أخرى له (¬4)، أيجوز ذلك؟ قال: لا؛ كان أبو حنيفة وغيره يكرهون ذلك. قلت: فهل في ذلك وجه ثقة حتى يجوز ويستقيم؟ قال: نعم؛ يؤاجر أحدهما أرضه من صاحبه بكذا (¬5) وكذا درهماً، ثم يستأجر المؤاجر أرض صاحبه بمثل تلك الدراهم، فيجوز ذلك، ويصير ما وجب على كل واحد منهما من أجر الأرض خاصة قصاصاً بما عليه لصاحبه. قلت: وكذلك لو كان مكان الأرضين (¬6) داران أو دابتان؟ قال: نعم. قلت: فلو كان لأحدهما أرض وللآخر عبد فأراد صاحب الأرض أن يؤاجر أرضه سنة من صاحب العبد بخدمته سنة؟ قال: هذا جائز لا بأس به. ¬

_ (¬1) ف ع - أجر. (¬2) م: لم يدفع. (¬3) ع: ويدخل. (¬4) م ف ع - له. (¬5) م: فكذا. (¬6) م ع: الأرض.

باب الوجه في الخدمة وفضول أجورهم والثقة في ذلك

قلت: أرأيت الرجل يستأجر أرضاً بألف درهم سنة (¬1)، فأراد المستأجر أن يجعل لرب الأرض دنانير بالأجر، يجوز ذلك؟ قال: نعم؛ أخبرني مالك بن مِغْوَل عن القاسمٍ بن صفوان قال: أكريت عبد الله بن عمر إبلاً بوَرِق، فأرسل معي رسولاً بذهب، وقال له: اعرضه على السوق، فإذا قامت على ثمن فإن شاء فأعطه إياه بأجره، وإن شاء فبعه له، فأعطه وَرِقه. فقلت: يا أبا عبد الرحمن (¬2)، أيصلح هذا؟ قال: نعم؛ إنك ولدت وأنت صغير (¬3). ... باب الوجه في الخدمة وفضول أجورهم والثقة في ذلك شعبة (¬4) بن الحجاج عن حماد عن إبراهيم في رجل استأجر داراً فآجرها بأكثر من أجرها، أنه قال: ذلك ربا (¬5). وقال أبو حنيفة: إذا استأجر الرجل عبداً يخدمه فأراد أن يؤاجره من غيره ليخدمه كان ذلك له، ولا يكون مخالفاً، وإن كان (¬6) استفضل (¬7) في أجره شيئاً لم يطب له الفضل إلا أن يعينه ببعض متاعه، أو يعينه (¬8) المستأجر الأول في عمله بشيء قليل، أو بشيء بنفسه أو ببعض أجرائه، فإن فعل ذلك طاب له الفضل. ¬

_ (¬1) م ف ع: بمنه. (¬2) ع: أبا عبد الله. (¬3) روي نحوه. انظر: السنن الكبرى للبيهقي، 6/ 65. قال السرخسي: ... إنك ولدت وأنت صغير، أي: جاهل لا تَعْلَم حتى تُعَلَّم، وهكذا حال كل واحد منا، فإنه لا يَعْلَم حتى يُعَلَّم، فكأنه مازحه بهذه الكلمة وكنى بالصغر عن الجهل. انظر: المبسوط، 14/ 9. (¬4) م ف ز: سعيد. والتصحيح من مصادر الرواية. (¬5) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 223؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 17. (¬6) م ف - وإن كان؟ والزياة من ل. (¬7) م ف: واستفضل. (¬8) ع: ويعينه.

قلت: أرأيت إن استأجر دابة فأسرجها المستأجر من عنده بسَرْج، أو وَكَّفَها (¬1)، ثم آجرها، هل يطيب له الفضل؟ قال: نعم؛ إلا أن يكون استأجر الدابة ليركبها هو أو رجل (¬2) غيره بعينه. وإن كان كذلك لم يطب له الفضل؛ لأنه ليس له أن يؤاجرها من غيره. قلت: أرأيت رجلاً تكارى داراً ولم يرها، أيكون له الخيار إذا رآها؟ قال: نعم. قلت: فإن رآها فرضي، ثم أصاب بها عيباً، أله أن ينقض الإجارة؟ قال: لا؛ إلا أن يكون العيب ينقص من سكناها. قلت: أرأيت رجلاً استأجر داراً فكنسها من التراب، ثم آجرها بأكثر من أجرها، أيطيب له الفضل؟ قال: لا. قلت: فإن طين سطوحها أيطيب له الفضل؟ قال: نعم؛ بلغنا نحو (¬3) من ذلك عن إبراهيم (¬4). قلت: أرأيت إذا استأجر الرجل دابة بكذا وكذا درهماً إلى بغداد على أن علفها على المستأجر أيجوز ذلك؟ قال: لا. قلت: فكيف وجه الثقة في ذلك حتى يجوز ويصلح؟ قال: يسمي قدر علف الدابة، ويزيد ذلك في الأجر، ويوكله رب الدابة أن يعلفها بتلك الزيادة. قلت: وكذلك لو استأجر أجيراً يخدمه بكذا وكذا درهماً وطعامه لم يجز إلا على ما ذكرت لك في الباب الأول؟ قال: نعم؛ إلا في الظئر خاصة. فإن أبا حنيفة استحسن أن يجبز ذلك في الظئر خاصة إن استأجرها رجل ترضع صبيه كل شهر بكذا وكذا درهماً وطعامها. قلت: أرأيت رجلاً استأجر دابة أو داراً أو عبداً أو أمة كل شهر بكذا وكذا درهماً، وسكنها شهراً، ثم مضى من الشهر الداخل يوم ¬

_ (¬1) أي: جعل عليها الإكاف. انظر: القاموس المحيط، "وكف". (¬2) م ع: ورجل. (¬3) م ع: يجوز. (¬4) عن إبراهيم والشعبي ومجاهد أنهم كانوا يكرهونه إلا أن يحدث فيه عملاً. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 222.

باب الحيلة فيى الوكالة والثقة في ذلك

أو (¬1) يومان أو أكثر من ذلك، ثم أراد أن يتحول إلى دار له أخرى، فأبى صاحبه أن يدعه حتى يستوفي ذلك الشهر؟ قال: ذلك لصاحب الدار أن يأخذه بالشهر كله، إن شاء سكن، وإن شاء لم يسكن. قلت: فهل في ذلك وجه ثقة حتى يكون المستأجر متى ما أحب خرج ولا يلزمه إجارة بقية الشهر؟ قال: نعم؛ والثقة في ذلك أن يستأجرها كل يوم بأجر معلوم، فيكون له أن يخرج متى ما أحب، وينقض الإجارة متى ما شاء. ... باب الحيلة فيى الوكالة والثقة في ذلك قلت: أرأيت رجلاً وكل رجلاً يشتري له جارية بعينها بكذا وكذا درهماً، فلما رآها الوكيل أراد أن يشتريها لنفسه ولا يدخل عليه إثم فيما بينه وبين الله تعالى، فأراد وجهاً يجوز له؟ قال: يشتريها الوكيل لنفسه بدنانير، فتكون له ولا شيء للآمر فيها. قلت: فإن كان اشتراها بما سمى الآمر من الدراهم أو أقل من ذلك غير أن الوكيل نوى أن يكون الشرى لنفسه؟ قال: نيته باطلة، والجارية للآمر. قلت: فإن كان أشهد على ذلك قبل أن يشتريها وقال: إني لست أبتاعها لفلان، وإنما أشتريها لنفسي، فاشهدوا، ثم اشتراها ساعتئذ؟ قال: الجارية للآمر، وما صنع الوكيل باطل. قلت: أرأيت إن كان اشتراها بدراهم أكثر مما سمى له الآمر؟ قال: الجارية للوكيل، ولا شيء للآمر. قلت: أرأيت إن كان الآمر قال للوكيل: اشتر لي هذه الجارية، ولم يسم له ثمناً، فاشتراها بحنطة بعينها أو بغير عينها؟ قال: الوكيل مخالف، ولا يلزم (¬2) الآمر، والشرى للوكيل. قلت: أرأيت إن وكله بشرى هذه الجارية، فأمر الوكيل رجلاً غيره ¬

_ (¬1) م ف - يوم أو؛ والزيادة من ل. (¬2) م: ولا يلومن؛ ف: ولا يكون. والتصحيح من ع ز.

ليشتريها للوكيل الأول، فاشتراها الوكيل (¬1) الثاني بغير محضر من الوكيل الأول؟ قال: فالشرى للوكيل الأول دون الآمر الأول. قلت: أرأيت إن كان (¬2) الآمر الأول أمر الوكيل الأول (¬3) أن يعمك في ذلك برأيه، فوكل الوكيل الأول هذا الوكيل (¬4) الثاني فاشتراها؟ قال: الشرى للآمر الأول إذا كان على ما وصفت. قلت: أرأيت إن كان الوكيل الأول قد اشترى الجارية وقبضها، ثم وجد بها عيباً قبل أن يدفعها إلى الآمر، فردها الوكيل على البائع بالعيب بقضاء قاض، ثم أراد الوكيل أن يشتري هذه الجارية بعد ذلك لنفسه؟ قال: لا يكون الشرى الثاني إلا للآمر، إلا أن يشتريها الوكيل بعرض من العروض بعينه أو بغير عينه، سوى الدراهم والدنانير. فإن اشتراها بعرض من العروض كان الشرى للوكيل خاصة ولا يكون للآمر. قلت: أرأيت الرجل يوكل الرجل ببيع جارية أو عرض من العروض، فأراد الوكيل أن يشتري ذلك لنفسه من نفسه، هل في ذلك وجه يستقيم؟ قال: نعم؛ الوجه في ذلك أن يبيع ذلك الوكيل بما يساوي من رجل يثق به، ثم يدفعه إلى المشتري، ثم يشتريه (¬5) بعد ذلك الوكيل لنفسه. قلت: أرأيت إن كان اشتراها من المشتري قبل أن يقبضها المشتري أو استقاله الوكيل البيع، أو سأله أن يولّيه إياه (¬6)، ففعل ذلك المشتري (¬7)، وذلك كله من قبل أن يقبض المشتري البيع، أيجوز ذلك للوكيل؟ قال: نعم؛ المبيع في ذلك كله للوكيل، ولا يكون للآمر. قلت: أرأيت إن كان المشتري وجد بالمبيع عيباً قبل أن يقبضه، فرده على الوكيل بغير قضاء قاض، لمن يكون البيع، للآمر أو للوكيل؟ قال: بل يكون للآمر، ولا يكون للوكيل. قلت: فإن كان المشتري قد قبض المبيع ثم رده (¬8) بهذا العيب بغير قضاء قاض؟ ¬

_ (¬1) ف: للوكيل. (¬2) ف ع + أمر. (¬3) م ف - أمر الوكيل الأول؛ والزيادة من ل. (¬4) م ف - هذا الوكيل؛ والزيادة من ل. (¬5) ع: يشتري به. (¬6) م ف - إياه، والزيادة من ل. (¬7) ع + قبل أن يقبضها المشتري أو استقاله الوكيل البيع أو سأله أن يوليه ففعل ذلك المشتري. (¬8) م ف: ثم رد؛ والتصحيح من ل.

قال: إذاً يكون المبيع للوكيل، ولا يكون للآمر. قلت: أرأيت إن أراد الوكيل أن يعود إلى ملك الآمر ولا يلزمه، وإنما أراد ذلك بعدما قبل الجارية بالعيب بغير قضاء قاض، هل في ذلك وجه يستقيم؟ قال: لا. قلت: أرأيت الوكيل إذا ابتاع المبيع ثم أراد المشتري أن يحط عنه الوكيل، فخاف المشتريَ (¬1) أن لا يجيز له ذلك، كيف يصنع؟ قال: يهب الوكيل للمشتري دراهم أو دنانير، فإذا قبضها المشتري قضاها البائع من ثمن المبيع، فيكون ذلك بمنزلة الحط. قلت: أرأيت لو أن الوكيل حط عن المشتري شيئاً من الثمن قبل أن يقبض الثمن أما كان يجوز؟ قال: أما أبو حنيفة فإنه كان يجيز الحط ما لم يقبض الوكيل الثمن، وكان (¬2) يضمن الوكيل ما حط، ويبرئ المشتري منه (¬3)، ولو كان إنما حط عن المشتري بعدما قبض الثمن لم يجزه. وأما أبو يوسف فإنه لا يجيز الحط قبل القبض ولا بعده. والذي وصفت لك حيلة في قول من لم يجز الحط. قلت: أرأيت الوصي أله (¬4) أن يشتري من متاع الميت شيئاً من نفسه لنفسه؟ قال: لا. وأما الوجه في ذلك (¬5) والثقة أن يصنع في أمره كما يصنع (¬6) الوكيل في أمره. قلت: أرأيت الأب هو بمنزلة الوصي في متاع ابنه الصغير إذا أراد أن يشتريه لنفسه؟ (¬7) قال: لا؛ الأب له أن يشتري لنفسه من نفسه من متاع ابنه الصغير. وكذلك الجد أبو الأب (¬8) له أن يشتري إذا كان الأب ميتاً ولم يكن له وصي. ولا يشبه هذا الوصي ولا الوكيل في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. قلت: أرأيت من أراد أن يحتاط حتى لا يدخل عليه شيء في قول أحد من الناس إذا اشترى متاع ابنه الصغير، كيف الثقة له والوجه في ذلك؟ قال: يفعل مثل الذي وصفت لك في أمر الوصي والوكيل، فيكون للوكيل. ¬

_ (¬1) أي: فخاف الوكيل من المشتري. (¬2) م ف ع: وإن كان. (¬3) م ف - منه؛ والزيادة من ل. (¬4) ف: أراد. (¬5) م ف ع + على الوجه في ذلك. (¬6) ف: صنع. (¬7) ف + قال لا الأب له أن يشتري لنفسه. (¬8) م ف: للأب.

قلت: أفتكره للوكيل إذا أمر أن يبيع شيئاً مما ذكرت لك، فباعه على ما وصفت، ثم اشتراه لنفسه؟ قال: لا؛ لست أكره ذلك. قلت: فإن كان نوى حين باع المتاع أن يشتريه لنفسه؟ قال: وإن نوى ذلك، ما لم يشترط عند عقده البيع أن يشتريه لنفسه. فإن اشترط (¬1) على المشتري أن يشتريه له فذلك لا يجوز، والبيع فاسد مردود. قلت: أرأيت ما وصفت من أمر الوكيل إذا أمر أن يشتري جارية بعينها، فوكل بذلك، ثم أراد بعد ذلك أن يشتري الجارية لنفسه، فأراد وجه ثقة ببعض ما ذكرت مما وصفت، أيسعه ذلك؟ قال: نعم؛ يسعه ذلك فيما بينه وبين ربه. ولولا أن ذلك واسع لم يكن الذي وصفت وجه ثقة ولا احتياط ولا حيلة؛ لأن كل من احتال (¬2) بأمر يدخل عليه في دينه مكروهاً لم يحتط، ولم يعد ذلك منه نظراً ولا حيلة. إنما الحيلة فيمن احتاط في الدخول في الحلال (¬3) وترك الحرام، فذلك الاحتياط النافع. قلت: أرأيت رجلاً وكله رجل ببيع جاريته، ووكله رجل آخر أن يشتري له الجارية، ففعل ذلك كله، هل يجوز أن يبيعها (¬4) من نفسه للذي وكله بالشرى؟ قال: لا يجوز ذلك. قلت: فكيف الوجه في ذلك حتى يجوز؟ قال: يبيعها ممن يثق به بما يساوي، ثم يبتاعها بعدما يدفعها إلى الذي كان وكله أن يشتريها، فيجوز ذلك للموكلين جميعاً وللوكيل. قلت: أرأيت امرأة وكلت رجلاً أن يزوجها، ووكل (¬5) رجل (¬6) هذا الوكيل أن يزوجه امرأة، للوكيل أن يزوج هذه المرأة من هذا الرجل الذي وكله، ويكون الوكيل هو المتكلم وحده لهما جميعاً؟ قال: نعم؛ ذلك جائز عندنا. قلت: ولم وقد وصفت في البيع ما وصفت؟ قال: لا يشبه النكاح البيع. ألا ترى أن الرجل قد يجوز له أن يزوج ابنه الصغير ابنة أخيه الصغيرة وهو وحده الخاطب المتكلم لهما. أوَلا ترى أن المرأة توكل ابن عمها أن ¬

_ (¬1) ف + ذلك. (¬2) ف - احتال، صح هـ. (¬3) ف - في الحلال. (¬4) م: بأن يبيعها. (¬5) م - أن يزوجها ووكل، صح هـ. (¬6) م - رجل.

يزوجها (¬1) فيتزوجها هو بشهادة الشهود وبمهر (¬2) مسمى، فيكون ذلك جائزاً. قلت: أرأيت المرأة توكل الرجل بخلعها من زوجها أيجوز (¬3) ذلك؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يكن للوكيل بينة يشهدون له بالوكالة، فأراد الزوج أن يستوثق (¬4) مما أدركه من درك فيما شرط (¬5) له وكيل المرأة، كيف يصنع؟ قال: يضمن الوكيل أو غيره ما أدركه من درك فيما يشترطه له وكيل المرأة (¬6). قلت: أرأيت إن لم تكن المرأة وكلت أحداً بخلعها من زوجها، ولكن أبا المرأة أراد أن يخلعها من زوجها، أيجوز ذلك؟ قال: لا يجوز إلا أن يخلعها الأب من زوجها بشيء من مال نفسه. قلت: أرأيت إن خلعها بما على الزوج من صداق الابنة؟ قال: لا يجوز ذلك، ولا تطلق الابنة إلا أن ترضى إذا بلغها ذلك. قلت: فكيف الوجه والثقة حتى يقع الطلاق وتبين المرأة؟ قال: يضمن الأب أو غيره ما أدركه من درك فيما خلعها به من الصداق. قلت: فإذا فعل ذلك جاز الخلع ووقع الطلاق؟ قال: الخلع واقع من الزوج على كل حال. وإنما نظرنا للزوج أن لا تكون امرأته قد (¬7) سألت الخلع (¬8) ولم يصر في يديه من المال شيء، فاحتطنا له بما وصفت لك. قلت: وسواء إن كانت الابنة صغيرة أو كبيرة ضمنت الأب وغيره الدرك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الوكيل يوكل بشرى المتاع من بلد إلى بلد، فخاف الوكيل أن يبعث بالمتاع مع غيره فيضمن، أو خاف أن يستودع المتاع ¬

_ (¬1) م: أن يتزوجها. (¬2) ع: وبالمهر. (¬3) م ف: فيجوز. (¬4) ع: أن يستوفي. (¬5) ف: يشترطه. (¬6) ف - كيف يصنع قال يضمن الوكيل أو غيره ما أدركه من درك فيما يشترطه له وكيل المرأة. (¬7) ف - قد. (¬8) م ع: لخلعه.

غيره (¬1) فيضمن، كيف الوجه في الثقة في ذلك حتى لا يضمن؟ قال: يستأذن رب المال أن يعمل فيه برأيه، فإن أذن له في العمل برأيه جاز له أن يصنع ما ذكرت. قلت: فإن قال له: اعمل برأيك، أيجوز للوكيل أن يوكل بالشراء غيره ويدفع المال إليه؟ قال: نعم؛ ذلك جائز له. قلت: أرأيت الوكيل إذا وكل بالبيع فخاف أن يرد عليه بعيب، كيف يصنع حتى لا يرد عليه البيع بالعيب؟ قال: الوجه في ذلك أن يكون الذي يتولى البيع غيره وهو حاضر، ويضمن الوكيل ما أدرك المشتري من درك. قلت: فإذا ضمن ما أدرك المشتري من درك لم يكن بخصم في عيب؟ قال: لا؛ لأن الدرك هو الاستحقاق. قلت: فإن رد على البائع (¬2) بالعيب أيرجع (¬3) المشتري على الضمين للدرك بالثمن؟ قال: لا، وليس الرد بالعيب من الدرك. قلت: أرأيت رجلاً مسلماً أوصى إليه ذمي وقد ترك الميت خمراً كيف يصنع المسلم بالخمر وهو يخاف عليها الفساد إن لم تبع؟ قال: يوكل الذميَّ المسلمُ يبيعها من أهل الذمة. قلت: فإذا فعل ذلك جاز ذلك (¬4) للوصي؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان الخمر لنصراني فأسلم وهي عنده كيف يصنع؟ قال: يخللها، ولا يسعه أن يبيعها ولا يهبها لأحد. وقد بلغنا عن إبراهيم النخعي أنه قال: لا يهدى لليهودي (¬5) الميتة. وقد بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن عائشة سألته عن أكل شيء فنهاها، فذهبت لتتصدق به فقال: "يا عائشة، لا تطعميهم مما لا تأكلين" (¬6). قلت: فإن أراد الذمي أن ¬

_ (¬1) م ف - غيره؛ والزيادة من ل. (¬2) م ف: على البيع. (¬3) م ف + على. (¬4) ف - ذلك. (¬5) ع ط: المهدي. (¬6) قد أخرجه المؤلف بإسناده في كتاب الصيد والذبائح. انظر: 3/ 193 و. والمسئول عن أكله هو الضب. وقد مر تخريجه هناك. وعن عائشة أنها أرادت أن تتصدق بلحم منتن، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أتتصدقين بما لا تأكلين". رواه الطبراني في الأوسط، وفيه خالد القسري، وفيه كلام. انظر: المعجم الأوسط للطبراني، 2/ 231؛ ومجمع الزوائد، 3/ 113.

باب الصلح والحيلة في ذلك

يسلم وعنده خمر كثير فباعه من رجل من أهل الذمة ثم أسلم أيجوز له ما صنع في ذلك؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان عصير فخاف أن يصير خمراً بعد إسلامه فباعها من رجل من أهل الذمة ثم أسلم جاز ذلك؟ قال: نعم؛ ولا بأس له بذلك، إنما فر من الإثم (¬1). ... باب الصلح والحيلة في ذلك قلت: أرأيت رجلاً له على رجل ألف درهم فصالحه منها على مائة درهم يؤديها إليه في هلال شهر كذا من سنة كذا فإن هو لم يفعل فعليه مائتا درهم؟ قال: ذلك جائز عندنا وجائز في قول أبي يوسف. قلت: فهل يبطل هذا (¬2) الصلح غيركم؟ قال: نعم. قلت: فكيف الحيلة في ذلك والثقة في قولكم وقول غيركم حتى يكون احتياطاً ولا يفسده غيركم؟ قال: يعجل (¬3) رب المال حط ثمانمائة درهم؛ لأنه قد حطها على كل حال. فإذا هو حط الثمانمائة صالح المطلوب من المائتين الباقيتين على مائة درهم يؤديها إليه ما بينه وبين هلال (¬4) شهر (¬5) كذا من سنة كذا على أنه إن أخرها عن هذا الوقت فلا صلح بينهما. قلت: فإذا فعل هذا فقد استوثق في قول كل أحد؟ قال: نعم؛ ليس يبطل هذا الصلح والشرط أحد (¬6). قلت: أرأيت رجلاً أراد أن يكاتب عبداً له على ألف درهم يؤديها إليه في سنة، فإن لم يفعل فعليه ألف أخرى، فكاتبه على هذه الصفة، هل ¬

_ (¬1) ستتكرر نفس العبارة بتغيير طفيف من قوله: "قلت: أرأيت رجلاً مسلماً أوصى إليه ذمي وقد ترك الميت خمراً ... قال: نعم ولا بأس له بذلك إنما فر من الإثم" في آخر كتاب الحيل. انظر: 7/ 36 و. (¬2) م ف - هذا؛ والزيادة من ل. (¬3) م ف ع: جحل. (¬4) ع: هلاك. (¬5) م ف ع - شهر. (¬6) ع - أحد.

يجوز (¬1) ذلك؟ قال: لا. قلت: فكيف الوجه والثقة حتى يكون ذلك جائزاً؟ قال: يكاتب عبده على ألفي درهم ويكتب عليه بذلك كتاباً، ثم إنه بعد ذلك يصالح عبده مما كاتبه عليه على ألف درهم يؤديها إليه في سنة، فإن لم يفعل فلا صلح بينهما. قلت: فإذا فعل السيد هذا فقد استوثق من العبد واستوثق المكاتب من السيد؟ (¬2) قال: نعم (¬3). قلت: أرأيت إن كان السيد قد كاتب عبده على ألفي درهم إلى سنة، فأراد العبد أن يصالح سيده على النصف يعجله، هل يجوز ذلك؟ قال: نعم، ذلك جائز عندنا، ولست آمن عليه أن يبطل ذلك غيرنا. قلت: فكيف الوجه والثقة في ذلك حتى يجوز في قولكم وقول غيركم؟ قال: يأخذ السيد من المكاتب بجميع ما له عليه ثلاثين ديناراً، أو يأخذ بها منه عروضاً من البز وغير ذلك، ويغلي له في ثمنه. قلت: فإذا فعل ذلك جاز في قولكم وقول غيركم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً اشترى من رجل داراً بألف درهم، فجاء الشفيع يطلب الدار بالشفعة، فصالحه المشتري على أن أعطاه نصف الدار بنصف الثمن، هل يجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: فإن صالحه على بيت من الدار بعينه بحصته من الثمن؟ قال: فلا يجوز ذلك؛ لأنه صالحه على شيء مجهول. لأن حصة البيت من الثمن لا تعرف إلا بالظن والحزر. قلت: أرأيت إن أرادا أن يستوثقا (¬4) جميعاً، ويسلم البيت للشفيع، ويسلم ما بقي من الدار للمشتري، كيف التوثق (¬5) في ذلك؟ قال: يشتري الشفيع هذا البيت من المشتري بثمن مسمى، ثم يسلم الشفيع المشتري ما بقي من الدار. قلت: أرأيت إن اشترى منه هذا البيت، أليس ذلك منه تسليماً لجميع الدار؟ قال: بلى، ومساومته إياه تسليم (¬6) منه (¬7) للشفعة. قلت: فكيف وجه الحيلة في ذلك حتى يأخذ منه هذا البيت بهذا (¬8) الثمن المسمى ¬

_ (¬1) م ف ع: هل يجزى. (¬2) ف + بينهما. (¬3) ت - قال نعم. (¬4) ع: ان تسويقا. (¬5) ع: التويق. (¬6) ع: تسليما. (¬7) م ف - منه؛ والزيادة من ل. (¬8) م: فهذا.

من غير أن يكون مسلماً للشفعة حتى يجب له البيت؟ قال: الحيلة في ذلك أن يبدأ المشتري فيقول للشفيع: يا فلان، هذا البيت لك بكذا وكذا درهماً، فيقول الشفيع: قد استوجبت ورضيت. قلت: فإذا فعل ذلك فقد وجب البيع وسلمت شفعته لبقية الدار للمشتري؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً ادعى في دار رجل دعوى من قبل ميراث أو غير ذلك، فصالحه المدعى عليه من دعواه على دراهم، ولم يقر الذي في يديه الدار بما ادعى المدعي؟ قال: ذلك جائز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقد كان بعض الفقهاء يبطل كل صلح ليس فيه إقرار بدعوى المدعي. قلت: فكيف يستوثق الذي في يده الدار حتى يأمن (¬1) من دعوى المدعي ولم يقر له بشيء من دعواه؛ لأنه يخاف أن يقر بشيء (¬2) فيجيء شركاء هذا المدعي فيأخذون الذي في يديه (¬3) الدار بإقراره. ويخاف (¬4) الذي في يديه الدار أن يكون المدعي قد باع نصيبه من هذه الدار من رجل، وأشهده على نفسه بذلك، ثم يصالحه بعد ذلك وبعدما يقر له بحقه ودعواه، فيجيء المشتري فيأخذ الذي في يديه الدار بتسليم ما أقر به من الدار؛ لأنه قد اشتراه قبل الصلح؟ قال: فالثقة في ذلك أن يصالح عن الذي في يده الدار رجل أجنبي، ويقر له الأجنبي بما ادعى صن لدار، ويكتب عليه بذلك كتاباً، ويضمن المصالح ما أدرك الذي في يديه الدار (¬5) من درك فيما صالحه عليه، فهذا ثقة. قلت: أرأيت إن صالح هذا الأجنبي عن الذي في يديه الدار المدعي من دعواه على صلح في هذه الدار، وهو النصف من جميع هذه الدار، على مائة درهم بعد إقرار من الأجنبي بدعوى المدعي، ثم استحق بعد ذلك نصف الدار، هل يرجع الأجنبي الذي صالح عن الذي في يديه الدار على المدعي المصالح؟ قال: لا. قلت: وكذلك لو استحقت ثلث الدار أو ربعها لم يرجع الأجنبي المصالح على المدعي بشيء من المائة ¬

_ (¬1) ع: حتى يا؛ ط: حتى يبرأ. (¬2) م ف - بشيء؛ والزيادة من ل. (¬3) ف: في يده. (¬4) م ف: أو يخاف. (¬5) م ف - الدار؛ والزيادة من ل.

درهم؟ قال: لا يرجع عليه بشيء (¬1). قلت: فهل له حيلة أن يرجع عليه من المائة الدرهم (¬2) بقدر ما استحق؟ قال: نعم. قلت: فما الحيلة في ذلك حتى يستوثق الذي في يديه الدار؟ (¬3) قال: أن يقر المدعي أن للذي في يده الدار النصف الثاني، ويصالحه على هذا الإقرار، ويكتب هذا الإقرار في كتاب الصلح. قلت: فإذا كتب هذا على ما وصفت ثم استحق من الدار نصفها بكم يرجع الأجنبي المصالح على المدعي؟ قال: يرجع عليه بنصف المائة. قلت: فإن استحق ربع الدار يرجع المصالح على المدعي (¬4) بربع المائة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت لو أن الأجنبي كان صالح المدعي من دعواه (¬5) نصف هذه الدار على مائة درهم بعد (¬6) إقرار الأجنبي بدعوى المدعي، ولم (¬7) يقر المدعي (¬8) في الكتاب أن للذي في يديه الدار النصف، فاستحق بعد ذلك ثلاثة أخماس الدار، هل يرجع المصالح على المدعي بشيء من المائة؟ قال: نعم؛ يرجع عليه بخمس المائة درهم. قلت: فإن استحق الثلثان بكم يرجع؟ قال: يرجع عليه (¬9) بثلث المائة التي أخذها المدعي (¬10). قلت: فإن استحق النصف أو أقل من النصف ولم يقر المدعي أن للذي في يديه الدار من الدار شيء حيث صالحه الأجنبي، هل يرجع الأجنبي المصالح على الآخر بشيء؟ قال: لا يرجع (¬11) حتى يكون ما استحق من الدار أكثر من النصف. ¬

_ (¬1) م ف - قال لا يرجع عليه بشيء؛ والزيادة من ل. (¬2) م - قلت فهل له حيلة أن يرجع عليه من المائة الدرهم، صح هـ.؛ ع ط - قلت فهل له حيلة أن يرجع عليه من المائة الدرهم. (¬3) ف - قلت فهل له حيلة أن يرجع عليه من المائة الدرهم بقدر ما استحق قال نعم قلت فما الحيلة في ذلك حتى يستوثق الذي فى يديه الدار. (¬4) م ف - على المدعي؛ والزيادة من ل. (¬5) م ف ع + على. (¬6) م ف ع: بقدر. (¬7) م: ولا لم. (¬8) ف. المدعيين. (¬9) م ف - عليه، والزيادة من ل. (¬10) ف - قلت فإن استحق الثلثان بكم يرجع قال يرجع بثلث المائة التي أخذها المدعي. (¬11) م ف - يرجع؛ والزيادة من ل.

قلت: أرأيت إن كانت هذه الدار في يدي رجل فمات وتركها في يدي ابنه وامرأته، فادعى رجل هذه الدار أنها له، فصالحه ابن الميت وامرأته على غير إقرار منهما على مائة درهم ودفعاها إليه (¬1)، كيف تكون المائة بينهما، ما يلزم الابن منها وما يلزم المرأة؟ قال: يلزم المرأة الثمن من هذه المائة إذا كان الصلح من غير إقرار منهما، وتكون الدار بين المرأة والابن على ميراثهما من الميت. قلت: أرأيت إن كانا صالحاه بعد إقرار منهما، فأرادا بالإقرار أن يصح الصلح، فصالحاه على مائة درهم، كم على المرأة، وكم على الابن في هذه الحال؟ (¬2) قال (¬3): المائة على المرأة وعلى الابن نصفين. قلت: فكيف الدار بين المرأة والابن؟ قال: نصفين. قلت: لم؟ قال: لأنهما حيث أقرا للمدعي بالدار في الصلح وصالحاه بعد الإقرار، فكأنهما اشتريا منه الدار لأنفسهما. قلت: فكيف وجه الثقة في ذلك حتى تكون الدار بين المرأة والابن على مواريثهما من الميت، ويكون غرم المائة عليهما على قدر ذلك؟ قال: يصالح عن الابن والمرأة على الرجل المدعي رجل أجنبي على ما سميناه (¬4) من الدراهم بعد إقرار المدعي، على تسليم المرأة ثمن جميع الدار، وعلى أن يسلم للابن سبعة أثمان الدار. فإذا صالحه على ما سميت كان ذلك ثقة، وكانت الدار بين المرأة والابن على مواريثهما من الميت. قلت: أرأيت رجلاً مات وترك دراهم أو دنانير أو عروضاً، فأراد ورثة الزوج أن يصالحوا المرأة من ميراثها من زوجها على دراهم مسماة، وعلى ما ترك الميت من الدراهم لا يدرى ما وزنها؟ قال: لا يجوز الصلح. قلت: وكذلك لو صالحوها على دنانير ولا يدرى كم وزن الدنانير وما ترك الميت من الدنانير؟ قال: نعم (¬5). قلت: فهل عندك في هذا وجه ثقة حتى يجوز؟ قال: نعم؛ يصالحونها من جميع نصيبها من الذهب على دينار ودرهم، فيجوز ذلك. قلت (¬6): وكذلك لو صالحوها من ذلك على ثوب بعينه ودفعوه إليها؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) م ف - ودفعاها إليه؛ والزيادة من ل. (¬2) ع: في هذه المائة درهم. (¬3) ف: فإن. (¬4) ع: ما سميت. (¬5) م ف - قال نعم؛ والزيادة من ل. (¬6) م ف - قلت؛ والزيادة من ل.

قلت: أرأيت إن كان للميت دين على الناس والمسألة على حالها فصالحوها من جميع ما سمينا من تركة الميت من المتاع والمال العين الدنانير والدراهم من الدين الذي على الناس على دينار ودرهم وعلى ثوب أيجوز ذلك؟ قال: لا. قلت: فكيف وجه الثقة في ذلك حتى يسلم الدين للورثة ويجوز الصلح وتخرج منه المرأة؟ قال: الوجه في ذلك أن يعجل للمرأة حصتها من الدين، يقرضونها إياه، وتوكلهم بتقاضي الدين، ويصالحونها من المال العين والدنانير (¬1) والمتاع على ثوب أو على دينار ودرهم، فيجوز ذلك كله. قلت: أرأيت إن لم يقرضوا (¬2) المرأة حصتها من الدين فهل في ذلك وجه ثقة؟ قال: نعم؛ تقر لهم المرأة أن الدين كان لسائر الورثة من ثمن متاع كان لهم فباعه الميت لهم بإذنهم، فيكون هذا وجه ثقة للورثة، تبرأ فيه المرأة بإقرارها من الدين بأنه للورثة، ثم يصالحونها مما ترك الميت من العروض والعقار والمال الصامت (¬3) على ما سمينا لك في الباب الأول، فإن ذلك ثقة. قلت: أرأيت رجلاً ادعى في دار رجل دعوى فصالح رب الدار المدعي من دعواه على عبد فوجد المدعي بالعبد عيباً؟ قال: يرده ويكون على دعواه وحجته. قلت: أرأيت إن أراد رب الدار أن يستوثق من المدعي حتى لا يرجع عليه بشيء ولا يرد عليه العبد بالعيب كيف وجه الثقة في ذلك؟ قال: يصالح على هذا العبد الذي ذكرت، ثم يقر (¬4) المدعي أنه قبض العبد وأنه بعدما قبضه قد تصدق به على رجل ودفعه إليه وخرج من يده. قلت: فإذا فعل هذا لم يكن للمدعي أن يرد العبد بعيب ولا يبطل الصلح؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً ادعى في دار لرجل دعوى فصالحه رب الدار على مائة ذراع من الدار؟ قال: ذلك جائز. قلت: فإن صالحه على مائة ذراع (¬5) ¬

_ (¬1) ف - والدنانير. (¬2) م ف: لم تعرف؛ والتصحيح من ل. (¬3) هو الذهب والفضة كما تقدم. (¬4) ف + به. (¬5) م ف - ذراع؛ والزيادة من ل.

من دار له أخرى؟ قال: كان أبو حنيفة يقول: لا يجوز ذلك، ولا يشبه هذا الباب الأول. وقال أبو يوسف: هو جائز. قلت: فكيف يستوثق رب الدار حتى يسلم المائة ذراع للمدعي ويجوز الصلح؟ قال: الوجه في ذلك والثقة أن يذرع الدار التي يأخذها المدعي مائة ذراع، فإذا ذرعت فبلغت ألف ذراع صالح رب الدار المدعي من دعواه على عشر الدار الأخرى. قلت: أرأيت إن كانت حين ذرعت فبلغ ذرعها خمسمائة؟ قال: إن كانت (¬1) خمسمائة صالحه (¬2) من دعواه على خمس الدار؛ لأن خمس الدار (¬3) يكون مائة ذراع. قلت: وكذلك لو أن رجلاً اشترى (¬4) مائة ذراع من دار جعل ذرع الدار سهاماً ثم اشترى بقدر مائة ذراع من السهام (¬5) على ما وصفت لك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً ادعى قبل رجل حقاً فصالحه المطلوب على دار له أخرى وعلى ضيعة ولم يرها المدعي أيكون للمدعي الخيار إذا رأى الدار والضيعة؟ قال: نعم (¬6)؛ إذا رآها فهو بالخيار، إن شاء أخذها وإن شاء أمضى الصلح، وإن شاء ردها وكان على دعواه وحقه. قلت: فكيف وجه الثقة للمطلوب حتى لا يكون للمدعي ردها ولا يرجع عليه بشيء؟ قال: وجه الثقة في ذلك أن يقر المدعي أنه قد قبض هذه الدار والضيعة وتصدق به على بعض ولده أو على رجل أجنبي ودفعها إليه. قلت: أرأيت رجلاً أوصى بخدمة عبده لرجل سنة فأراد الوارث أن يشتري من الموصى له وصيته في العبد أيجوز ذلك؟ قال: لا. قلت: فكيف ¬

_ (¬1) ف - حين ذرعت فبلغ ذرعها خمسمائة فال إن كانت. (¬2) م ف ع: وصالحه. (¬3) م ف - لأن خمس الدار؛ والزيادة من ل. (¬4) م ف ع: لو أراد رجل يشتري. (¬5) ف: من السما. (¬6) ف + قلت أرأيت رجلاً ادعى قبل رجل حقاً فصالحه المطلوب على دار له أخرى وعلى ضيعة ولم يرها المدعي أيكون للمدعي الخيار إذا رأى الدار والضيعة قال نعم.

باب الصلح في الجنايات ووجه الثقة في ذلك

وجه الثقة في ذلك حتى يجوز؟ قال: الوجه في ذلك (¬1) أن يصالح الوارث الموصى له من وصيته في العبد على دراهم مسماة فيجوز ذلك. قلت: وكذلك لو أوصى له بما في بطن أمة للميت فاشترى ابن الميت من الموصى له ما أوصى له بدراهم لم يجز الشرى في ذلك؟ قال: نعم. قلت: فإن صالحه ابن الميت من وصيته على شيء مسمى كان جائزاً؟ قال: نعم. ... باب الصلح في الجنايات ووجه الثقة في ذلك حدثنا أبو يوسف قال: حدثنا قيس بن الربيع عن حماد عن إبراهيم أنه سئل عن رجل شج رجلاً شجة (¬2)، فطلب إليه، فعفا عنه، ثم مات بعد ذلك من الشجة. قال: يضمن الشاج الدية؛ لأنه إنما عفا عن الشجة ولم يعف عن الدية. حدثنا سلمة عن حماد عن إبراهيم مثله. حدثنا أبو يوسف عن أبي حنيفة مثله. وقال أبو يوسف: أرى أنه إذا عفا عن الشجة ولم يعف عن النفس فهو مثل عفوه عن النفس (¬3). ولو صالحه عن الشجة على عرض من العروض ثم مات المشجوج منها قال: يبطل الصلح، وعلى الشاج الدية في ماله إن كان عمداً، وعلى عاقلته إن كان خطأ، وهذا قول أبي حنيفة. قلت: أرأيت إن كان الضارب إنما صالحه من الشجة وما يحدث منها على هذا العرض الذي ذكرت ثم مات؟ قال: إن كان الضرب كان عمداً بحديدة فالصلح جائز، وإن كان خطأ فإن على عاقلة الضارب الدية، يرفع (¬4) عنهم من ذلك بقدر قيمة العرض الذي أخذ المشجوج وثلث ما يفضل من الدية ¬

_ (¬1) ف - حتى يجوز قال الوجه في ذلك. (¬2) ل + موضحة. (¬3) ع: عن الشجة. (¬4) ع: وقع.

إن لم يكن للمشجوج مال. قلت: ومن أين افترق الخطأ والعمد؟ (¬1) قال (¬2): ألا ترى أن رجلاً لو ضرب رجلاً بحديدة عمداً فعفا المضروب عن الضارب وعفا له عن الضربة وما يحدث منها والمضروب مريض أن ذلك جائز ولا يكون في ذلك ثلث؛ لأنه لم يدع له مالاً، د نما ترك له قصاصأ. ولو عفا له عن ضربة خطأ وما يحدث فيها وهو مريض ثم مات لم يجز للعاقلة له من ذلك إلا الثلث؛ لأنه إنما ترك له مالاً. قلت: أرأيت إن كانت الضربة خطأ فعفا المضروب عن الضربة في مرضه وما يحدث فيها وللمريض مال كثير تخرج الدية من ثلثه أيجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو صالحه الضارب من جنايته وما يحدث منها (¬3) على دراهم مسماة (¬4) يسيرة (¬5) جاز إذا كان له مال؟ قال: نعم (¬6). قلت: أرأيت إن صالحه الضارب وللمضروب المريض (¬7) مال كثير تخرج الدية من ثلثه، ثم مات المضروب من مرضه، وقال الورثة: لم يدع الميت مالاً، وقد حاباك أبونا، وترك لك ما لا يجوز تركه لك؟ قال (¬8): القول قول الورثة، ويرجعون على عاقلة الضارب بثلثي الدية بعدما يرفع من (¬9) ذلك ما أخذ الميت في الصلح. قلت: فكيف وجه الثقة للضارب حتى لا يكون لورثة الميت عليه سبيل بعد موته في قليل ولا كثير من الدية؟ قال: وجه الثقة في ذلك أن يصالح الضارب المضروب على ما ذكرت من اليسير، ثم يشهد المضروب على نفسه بإقراره أن فلاناً لم يضربه هذه الضربة التي به، وأن غيره هو الضارب (¬10). فإن أشهد على نفسه بذلك ثم مات لم يكن للورثة أن يبطلوا شيئأ من هذه المعاملة والصلح، ولا يقبل قولهم على هذا الرجل الضارب أنه هو قاتله. قلت: لم؟ ¬

_ (¬1) ع: العمد والخطأ. (¬2) م ف - قال؛ والزيادة من ل. (¬3) م: فيها. (¬4) م ف - مسماة. (¬5) م ف: كثيرة. (¬6) ف - قلت وكذلك لو صالحه الضارب من جنايته وما يحدث منها على دراهم كثيرة جاز إذا كان له مال قال نعم. (¬7) ف - المريض. (¬8) ف: فإن. (¬9) م ف - من؛ والزيادة من ل. (¬10) م + قلت.

قال: لأن المريض قد كذب (¬1) في حياته بإقراره قول الورثة والبينة التي تقوم. قلت: وكذلك لو ادعى رجل على رجل مالاً فصالح المطلوب الطالب من المال في مرضه على صلح، وأشهد المطلوب على إقرار الطالب بأنه لم يكن له على هذا المطلوب شيء قط، جاز ذلك في القضاء، ولم يكن لورثة الطالب على المطلوب حجة ولا سبيل بعد الموت؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً اشترى من رجل جارية وقبضها المشتري فوجد بها عيباً ولم يكن نقد الثمن، فصالح البائع من العيوب على أن قبل البائع من المشتري جاريته بأقل من الثمن الذي باعها به؟ قال: لا يجوز ذلك. قلت: أرأيت إن حدث بالجارية عند المشتري عيب؟ (¬2) قال: ذلك إذا جائز. ألا ترى أن للبائع إذا حدث بالجارية عند المشتري عيب (¬3) أن يشتريها (¬4) باقل من الثمن الذي باعها به إن (¬5) كان لم يقبض الثمن، فكذلك الصلح. قلت: أرأيت إن كانت الجارية قد خرجت من ملك المشتري ثم وجد بالجارية عيباً، فصالح الذي في يديه الجارية بائع الجارية على أن قبل الجارية بدون الثمن الذي اشتريت به منه، على أن يجعل هذا الثمن الذي باع الجارية به قضاء من ما له على المشتري منه الجارية؟ قال: ذلك جائز. قلت: لم؟ قال: ألا ترى لو أن رجلاً اشترى جارية بمائة دينار نسيئة فوهبها المشتري بعدما قبضها لرجل كان للبائع أن يشتري هذه الجارية بخمسين ديناراً نقداً من الموهوب له، فكذلك الصلح يجوز فيه ما يجوز في البيع. ... ¬

_ (¬1) ف: قد أكذب. (¬2) في السؤال اختصار، والمعنى مفهوم من السؤال السابق، أي لو حدث بالجارية عند المشتري عيب فصالح البائع من العيب على أن قبل من المشتري جاريته باقل من الثمن الذي باعها به. (¬3) م ف - قال ذلك إذا جائز ألا ترى أن للبائع إذا حدث بالجارية عند المشتري عيب؛ والزيادة من ل ونسخة ملا جلبي من كتاب الحيل. وانظر: 1/ 252 ظ - 253 و. (¬4) م ف: يشتري لها. (¬5) م ف: وإن.

باب الصلح من حق على رهن أو كفيل

باب الصلح من حق على رهن أو كفيل وقال أبو حنيفة: إذا كان لرجل على رجل دين فضمنه له رجل أو كفل له به فللطالب أن يأخذ أيهما شاء بجميع المال. وقد قال بعض الفقهاء: الكفالة والضمان بمنزلة الحوالة، ليس للطالب على صاحب الأصل سبيل بعد رضى الطالب (¬1) بضمان الضمين وكفالة الكفيل، إلا أن يكون الطالب (¬2) اشترط في أصل الكفالة والضمان أن كل واحد منهما كفيل ضامن عن صاحبه. فإن اشترط ذلك فله شرطه وهو جائز في قول كل واحد. قلت: أرأيت رجلاً له على رجل دين (¬3) فصالحه من الدين وهو حال (¬4) على أن ينجّمه عليه (¬5) نجوماً وأخذ منه بالمال كفيلاً على أن كل واحد منهما كفيل ضامن عن صاحبه على أنهما إن أخرا نجماً عن محله فالمال حالّ، أيجوز ذلك عليهم؟ قال: نعم. قلت أرأيت إن كان الطالب إنما أخذ من المطلوب كفيلاً بنفسه على أنه إن لم يواف به عند كل نجم فالكفيل ضامن لجميع المال على النجوم التي سميا؟ قال: ذلك جائز في قولنا. وبعض الفقهاء يبطل ذلك. قلت: فكيف وجه الثقة في ذلك حتى يجوز في قول كل أحد؟ قال: يضمن الكفيل المال على أنه بريء من كل نجم بدفع المطلوب عند محله إلى الطالب، فيجوز ذلك في قول كل أحد. قلت: أرأيت رجلاً يصالح غريماً له على أن يؤخره بما عليه، على أن يضمن له رجل آخر المال إلى ذلك الأجل، فإن لم يفعل فلا صلح بينهما والمال حال، أيجوز ذلك؟ قال: نعم، ولست آمن أن يبطل ذلك بعض الفقهاء. قلت: فكيف الثقة في ذلك حتى يجوز في قول كل أحد؟ قال: يكون الكفيل حاضراً فيضمن ويؤخر (¬6) الطالب فيجوز ذلك. قلت: فإن لم ¬

_ (¬1) م: للطالب. (¬2) م ع: للطالب. (¬3) م ف: ديناراً. (¬4) م ف: حلاله. (¬5) ف - عليه. (¬6) م ف: ولا يؤخر؛ والتصحيح من ل.

يكن الكفيل حاضراً فكيف وجه الثقة في ذلك؟ قال: وجه الثقة أن يصالحه على ما ذكرت على إن ضمن فلان هذا المال ما بينه وبين كذا من شهر كذا، وإلاّ فلا صلح بينهما. قلت (¬1): فلما فعل ذلك أيجوز؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الكفيل إذا أراد أن يكفل بنفس المطلوب على أنه إن لم يواف به إلى يوم كذا فالمال عليه فأراد أن يتوثق من المطلوب برهن يأخذه منه أيجوز الرهن في ذلك؟ قال: لا. قلت: فكيف وجه الثقة في ذلك؟ قال: ليس في ذلك وجه ثقة إلا أن يبدأ الكفيل بضمان المال فيقول: أنا ضامن لما على فلان، فإن وافيتك به إلى كذا وكذا من الأجل فأنا بريء. قلت: فإذا فعل ذلك وارتهن بما ضمن رهناً جاز ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً ضمن لرجل ما أدركه من درك في دار اشتراها من رجل فأراد الضمين أن يأخذ من البائع رهناً بالذي ضمن أيجوز ذلك؟ قال: لا. قلت: أفيجوز أن يأخذ منه بذلك (¬2) كفيلاً؟ قال: نعم. قلت: فإن أراد الكفيل الذي ضمن عن البائع الدرك أن يستوثق من البائع برهن يأخذه يكون عنده كيف وجه الثقة في ذلك؟ قال: يقر البائع أنه باع الدار وليست له أو لإنسان فيها حق وأنه أمر هذا الضمين أن يضمن عنه ما أدرك المشتري من درك فقضي عليه برد الثمن في الدار وأنه قد رهن الضمين بضمانه الرهن وقد دفعه إلى الضمين وقبضه منه. قلت: ويجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً كفل بنفس رجل وأخذ الكفيل من المطلوب بما كفل عنه رهناً أيجوز ذلك؟ قال: لا، ولا يكون هذا رهناً. قلت: فكيف وجه الثقة للكفيل من المطلوب؟ قال: يأخذ منه كفيلاً بنفسه، فمتى أخذ الكفيل الأول بنفس المطلوب أخذ الكفيل الأول الكفيل الثاني حتى يدفع إليه صاحبه. قلت: أرأيت رجلاً حلف لا يكفل عن فلان بشيء أبداً فكفل بنفسه؟ قال: لا يحنث. قلت: أرأيت إن لم يكفل بنفسه ولكن الحالف اشترى له ¬

_ (¬1) م ف - قلت؛ والزيادة من ل. (¬2) ف - بذلك.

متاعاً بأمره ولم يكن الآمر أعطاه الثمن أيكون (¬1) حانثاً لأنه مأخوذ عنه بثمن ما اشترى؟ قال: لا. قلت: أرأيت رجلاً أخذ من رجل كفيلاً بنفسه وعليه دين على أن الكفيل إن لم يواف بالمطلوب يوم كذا فالكفيل ضامن لنفس فلان غريم آخر للطالب أيجوز ذلك؟ قال: نعم، ذلك عندنا جائز. وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقول محمد: لا يجوز. ولست آمن أن يبطل ذلك بعض الفقهاء. قلت: فكيف وجه الثقة للطالب حتى يجوز ذلك في قولكم وقول غيركم؟ قال: يأخذ الطالب (¬2) الكفيل كفيلاً بنفس فلان وفلان على أنه إن وافاه بنفس فلان لأحدهما ما بينه وبين يوم كذا فهو بريء من كفالة فلان للآخر. قلت: ويجوز هذا؟ قال: نعم. قلت: في قولكم وقول غيركم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان الطالب أخذ من المطلوب كفيلاً بنفس المطلوب، على أنه إن لم يواف به إلى يوم كذا فما على المطلوب هو على كفيله، فلم يواف به الكفيل، أيضمن المال والنفس؟ قال: نعم؛ ولست آمن أن بعض الفقهاء يبرئه من النفس ويجعل عليه المال. قلت: فكيف وجه الثقة في ذلك؟ قال (¬3): أن يضمنه المال والنفس على أنه إن وافاه بنفسه ما بينه وبين كذا من الأجل فهو بريء من النفس والمال، وإن لم يوافه به إلى ذلك الأجل فالنفس والمال عليه جميعاً، فيكون قد استوثق. قلت: أرأيت إن كان المطلوب ينكر ما عليه فأخذ منه الطالب كفيلاً بنفسه ووكيلاً (¬4) في خصومته إن غاب كان ذلك جائزاً؟ (¬5) [قال: نعم]. قلت: أرأيت إن كان أخذ منه كفيلاً بنفسه وكيلاً (¬6) في جميع ما بينهما من ¬

_ (¬1) ف: أيجوز أن يكون. (¬2) م ف: للطالب. (¬3) م ف - قال؛ والزيادة من ل. (¬4) م: وكفيلا، وفي هامشه: في نسخة ووكيلاً. (¬5) م ف - إن غاب كان ذلك جائزاً؛ والزيادة من ل ونسخة ملا جلبي. (¬6) م ف - قلت أرأيت إن كان أخذ منه كفيلاً بنفسه وكيلاً؛ والزيادة من ل ونسخة ملا جلبي.

الخصومة على أنه إن غاب المطلوب فالكفيل ضامن لجميع ما كان عليه أيجوز ذلك؟ قال: نعم؛ وغير هذا أوثق للطالب من هذا وأحرى أن لا يرده أحد من القضاة. قلت: وما هو، وما وجه الثقة في ذلك؟ قال: يأخذ منه الطالب كفيلاً بنفسه ضامناً لما وجب عليه من حق الطالب على أنه إن وافاه إلى كذا (¬1) وكذا من الأجل فهو بريء من ذلك كله، وإن لم يوافه به فذلك كله عليه، وعلى أن الكفيل إن لم يواف به إلى ما سمينا من الأجل فهو وكيل المطلوب في جميع ما يطالبه به الطالب، ويقر بذلك كله الكفيل بالمال. قلت: فإذا فعل ما وصفت فقد استوثق الطالب في قول كل أحد؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان المطلوب ينكر المال (¬2)، فأخذ الطالب من المطلوب كفيلاً بنفسه على أنه إن لم يواف به في مكان كذا وكذا فعلى الكفيل ألف درهم، والمدعي يدعي أكثر من ذلك؟ قال: هذا جائز في قول أبي حنيفة، ولا يجوز في قول أبي يوسف. قلت: فكيف الثقة في ذلك حتى يجوز في قول أبي حنيفة وغيره؟ قال: ليس الثقة في هذا إلا أن يقر الكفيل أن دعوى الطالب حق، ثم يضمن له النفس والمال على أنه إن وافاه بنفسه إلى كذا وكذا من الأجل فهو بريء من ذلك (¬3) كله. قلت: فإن كان المطلوب يجحد والكفيل مقر بما وصفت لك جاز ذلك على الكفيل؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً ادعى رقبة عبد لرجل فأخذ الطالب من المولى كفيلاً بنفسه وبنفس العبد أيكون ذلك للطالب؟ قال: نعم إن ثبت له حق وبعده (¬4). قلت: أفله أن يأخذ منه وكيلاً بالخصومة؟ قال: نعم. قلت: وله مع هذا أن يأخذ (¬5) كفيلاً بنفسه ونفس العبد ووكيلاً في خصومته إن غاب ضامناً لما وجب عليه؟ قال: ليس له أن يأخذ ضميناً لما وجب عليه، وله أن يأخذ سائر ذلك فيما وصفت. ¬

_ (¬1) م ف: على كذا. (¬2) م ف: لما. (¬3) ف: في ذلك. (¬4) كذا في الأصول، ولعل الصواب: وجحده. (¬5) ف - وكيلاً بالخصومة قال نعم قلت وله مع هذا أن يأخذ.

قلت: أرأيت إن أخذه كفيل بنفس المولى وبنفس العبد وكيلاً في خصومته عن المولى إن غاب، ولم يأخذه ضميناً لما ذاب عليه، فغاب المولى، فجعل القاضي وكيلاً، فقامت البينة للطالب أن العبد عبده، وقد مات العبد، فقضى القاضي على المطلوب الغائب بالقيمة، أيكون الكفيل بنفسى هذا العبد ضامناً لهذه لقيمة التي قضى (¬1) القاضي بها؟ قال: نعم؛ هو في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ضامن لقيمة العبد. قلت: ولم وإنما كفل بالنفس وقد مات العبد، فلو كان كفل بنفس حر ثم مات برئ، فلم لا تكون كفالته بنفس العبد بمنزلة كفالته بنفس الحر؟ قال: لأن العبد مال ادعاه الطالب فضمنه الكفيل، فلما قامت البينة وقد مات العبد على أنه عبد للطالب علمنا أن الكفيل قد ضمن مالاً للطالب، ولا بد من أن يؤديه إليه أو يؤدي قيمته. قلت: فهل يجعل غيركم الكفيل بريئاً إذا مات العبد؟ قال: لست آمن أن يكون بعض الفقهاء يشبه كفالة الكفيل بنفس الحر والعبد، ويجعل الكفيل في ذلك بريئاً بموتهما. قلت: فكيف الحيلة والثقة للطالب حتى يكون الكفيل ضامناً لقيمة العبد إن هو مات إذا قامت بينته وقضي له؟ قال: ليست الثقة في هذا إلا ما وصفت لك: أن الطالب يأخذ كفيلاً بنفس المطلوب وبنفس العبد، ويكون وكيلاً للمطلوب في الخصومة، ويكون ضامناً لما قضي به على المطلوب. قلت: فإذا أخذ كفيلاً ووكيلاً ضميناً لما ذكرت فقد استوثق الطالب؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً كفل بنفس رجل اليوم إلى الليل أو قال (¬2): إلى رأس الشهر، فمضى هذا الأجل، أيبرأ الكفيل؟ قال: لا؛ ليس. ولست آمن غيرنا أن يبرئه. قلت: فكيف وجه الثقة للكفيل حتى يبرأ إذا جاء الأجل؟ قال: يبين فيقول: أنا كفيل لك بنفس فلان إلى كذا كذا من الأجل، ثم لا كفاله لك به علي، وأنا بريء. قلت: أرأيت الكفيل إذا دفع المكفول به إلى الطالب في موطنين مختلفين، فأنكر أن يكون دفع إليه، فأقام المطلوب البينة شاهدين، فشهد أحدهما أن الكفيل دفعه إليه في يوم ¬

_ (¬1) ع: قضاها. (¬2) ف ع: وقال.

باب النكاح ووجه الثقة فيه

كذا في مكان كذا، وشهد الآخر أنه دفعه في موطن (¬1) آخر في يوم آخر؟ قال: أما أبو حنيفة وأصحابه لا يجيزون هذه الشهادة، وغيرهم يجيزها. قلت: أرأيت إن سكت الشاهدان عن تسمية الموطنين واليومين اللذين دفع الكفيل فيهما (¬2) المطلوب إلى الطالب أيجوز ذلك؟ قال: نعم؛ إذا سكتا عن تسمية الموطنين واليومين جاز ذلك وبرئ الكفيل. ... باب النكاح ووجه الثقة فيه حدثنا القاسم بن معن عن داود الصفار عن سالم بن عبد الله بن عمر قال له: رجل طلق امرأته ثلاثاً فانقضت عدتها، فجاء رجل فتزوجها ليحلها لزوجها الأول، لم يأمره بذلك الزوج ولا المرأة. قال: فقال سالم: هذا مأجور. وهذا قول أبي حنيفة، وبه نأخذ. قلت: أرأيت رجلاً أراد أن يتزوج امرأة وشرط لها أن لا يخرجها من دارها ويوثّق لها، كيف الوجه في ذلك والثقة من غير أن يُستوثَق بطلاق ولا عتاق؟ قال: الثقة في ذلك أن يتزوجها على مهر مسمى، ويشرط لها (¬3) أنه تزوجها على هذا المهر، على أن لا يخرجها من مصرها، فإن هو فعل فعليه تمام مهر نسائها، ويشرط أنه تزوجها على ذلك، ومهر نسائها كذا وكذا بشيء أكثر مما تزوجها عليه، فيكون ذلك ثقة. قلت: أرأيت إن كانوا يخافون أن يتزوج عليها وأنه إنما يتزوجها بهذا المهر الذي سمينا على أن لا يتزوج عليها، فإن فعل الزوج فلها مهر مثلها وهو كذا وكذا وهو مهر نسائها ويقر الزوج بذلك؟ قال: هذا الشرط جائز على ما وصفت، وهو ثقة. قلت: أرأيت رجلاً زوج ابنة له من عبد له فمات السيد أليس ينفسخ النكاح؟ قال: بلى. قلت: لم؟ قال: لأن الابنة قد ملكت من زوجها شقصاً. ¬

_ (¬1) ع: إلى مواطن. (¬2) م ف ع: منهما. (¬3) م ف ع: لهم.

قلت: فإن أراد الأب أن لا ينفسخ نكاح ابنته بعد موته كيف وجه الثقة في ذلك؟ قال: الوجه في ذلك أن يبيع العبد إن شاء من رجل ويقبض الثمن، فإذا مات لم يفسد النكاح. قلت: أرأيت إن كان السيد لا يريد بيع عبده وأراد وجهاً غير هذا؟ قال: يكاتبه، فإن مات السيد لم يفسد النكاح. قلت: أرأيت (¬1) الرجل يقول: إذا خطبت فلانة أو تزوجتها فهي طالق ثلاثاً؟ قال: فله أن يخطبها ثم يتزوجها بعد ذلك ولا يحنث. قلت: فإن أراد الحالف وجهاً غير ذا ولا يخطبها؟ قال: ليس في ذا غير ذا. قلت: أفترى هذا وجهاً إن كان الحالف تزوجها قبل أن يخطبها ثم بلغها فأجازت النكاح؟ قال: إذا فعل (¬2) هذا طلقت ثلاثاً، وكان لها نصف الصداق الذي سمى لها (¬3). قلت: أرأيت الرجل يريد شراء الجارية ويطؤها ولا يستبرئها فأراد وجهأ يطؤها (¬4) قبل أن يستبرئ؟ قال: يزوجها البائع من رجل ولا يدخل بها الزوج حتى يستبرئها المشتري، فإذا قبض طلق الزوج المرأة، فإن للمولى أن يطأ هذه الأمة قبل أن يستبرئها. قلت: لم؟ قال: لأنه اشتراها وهي تحت زوج ولم يك دخل بها، فلا عدة عليها منه. وقال أبو حنيفة: إذا أراد الرجل أن يشتري جارية ويطأ قبل أن يستبرئها (¬5) فإن الثقة في ذلك إن أراد أن يتزوجها قبل أن يستبرئها ثم يشتريها فيطؤها قبل أن يستبرئها. قلت: فإن كان الزوج طلق امرأته بعد الشرى قبل أن يقبض المشتري الجارية لم يكن للمشتري أن يقربها حتى يستبرئها بحيضة. قلت: فإن أراد المشتري وجهاً غير هذا؟ قال: يشتريها (¬6) ولا يقبضها حتى يزوجها (¬7) عبداً له، ثم يقبضها المشتري. فإن طلق العبد الجارية من قبل أن يدخل بها فإن للمشتري أن ¬

_ (¬1) ع - إن كان السيد لا يريد بيع عبده وأراد وجها غير هذا قال يكاتبه فإن مات السيد لم يفسد النكاح قلت أرأيت. (¬2) ف: إذا فعلت. (¬3) ف: والذي سمينا لها. (¬4) م ف: يطأ. (¬5) ع: أن يشتريها. (¬6) ع: يستبرئها. (¬7) م ع: حتى يتزوجها.

يطأها من قبل أن يستبرئها في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف. قلت: أرأيت الرجل إذا أراد أن يتزوج المرأة وهو وليها وليس للمرأة ولي غيره وليست تبرز للرجال؟ (¬1) قال: الوجه في ذلك أن توكله بتزويجها (¬2) من نفسه ثم يخرج إلى الشهود فيشهدهم على النكاح. قلت: أرأيت رجلاً طلق امرأته ثلاثاً وانقضت عدتها، فجاء رجل يتزوج هذه المطلقة بعدما انقضت العدة، ومن نيته أن يحللها لزوجها، فدخل بها وجامعها ثم طلقها وانقضت عدتها؟ قال: فللزوج الأول أن يتزوجها ثانية، ونيته لا تفسد هاهنا شيئاً. قلت: أرأيت إن كانت المرأة قالت للزوج الثاني: تزوجني فحللني، وقال الزوج الأول للثاني: تزوج هذه المرأة فحللها لي، أو قال الزوج الثاني للمرأة: أتزوجك فأحللك لزوجك الأول؟ قال: إن كان هذه المقالة من واحد منهما لم تحل للزوج الأول بهذا النكاح الثاني. قلت: أرأيت رجلاً أقام البينة على المرأة أنه تزوجها على رضى منها، فأثبت القاضي نكاحها إياه وجعلها امرأته، والزوج يعلم أن الشهادة باطل، هل يسعه المقام معها بهذا النكاح؟ قال: نعم؛ لا بأس له بالمقام معها. وإنما الذي حرم عليه ما يدخل فيه من الكذب وإقامة البينة بما لم يكن، فأما إذا جعله القاضي زوجها فلا بأس له بالمقام معها. وقد بلغنا عن علي بن أبي طالب أن رجلاً أقام عنده بينة على امرأة أنه تزوجها، فأنكرت، فقضى له بالمرأة. فقالت: إنه لم يتزوجني، فأما إذا قضيت علي فجدد نكاحي. فقال: لا أجدد نكاحك، الشاهدان زوجاك. وبهذا نأخذ. قلت: أرأيت رجلاً حلف أن لا يتزوج امرأة بالكوفة فزوجه وكيله بالكوفة؟ قال: يحنث. قلت: كيف وجه الثقة له؟ قال: توكل المرأة رجلاً يزوجها، ثم يخرج الوكيل والزوج إلى الحيرة أو غير ذلك بعد أن يخرجا من أبيات الكوفة، ثم يتزوجها فلا يحنث. ¬

_ (¬1) م ع + فلا. (¬2) م ف: بتزوجها.

قلت: أرأيت المرأة يخطبها الرجل وليس للمرأة ولي حاضر والخاطب كفؤ للمرأة هل ترى بأساً بأن توكل المرأة رجلاً فيزوجها من هذا الخاطب؟ قال (¬1): لا بأس بذلك. بلغنا (¬2) عن علي بن أبي طالب أنه أجاز نكاحاً بغير ولي (¬3). وبهذا نأخذ. قلت: أرأيت رجلاً خطب امرأة فخافت أن يتزوج عليها أو خافت أن يخرجها من مصرها فتزوجته على مال كثير، وأشهدت به عليه، ودفع إليها بعضه وبقي عليه بعضه، ثم أراد أن يخرجها من مصرها أو يتزوج عليها، فأخذته بما بقي لها عليه من الصداق؟ قال: لها ذلك. قلت: أرأيت رجلاً خاف أن يكون قال: إن تزوجت فلانة فهي طالق، ولم يقل: ثلاثاً، ثم أراد أن يتزوجها، كيف وجه الثقة في ذلك حتى لا يدخلها شك؟ قال: يتزوجها، ثم يتزوجها مرة أخرى. فإن كان قد حلف فقد جدد نكاحها بعدما حنث، فلا يحنث في التزويج الثاني، وإن لم يكن حنث فلا يضره التزويج الثاني. قلت: أرأيت رجلاً له جارية أراد السيد أن يكاتبها ويطأها بعد الكتابة ما لم تؤد أيحل له وطؤها بعدما يكاتبها؟ قال: لا. قلت: فكيف يصنع حتى يحل له ذلك؟ قال: يتصدق بهذه الجارية على ابن له صغير أو كبير، ويدفعها (¬4) إليه، ثم يزوج الابن جاريته أباه، ثم يكاتبها بعد ذلك. قلت: فإن كان الابن صغيراً أيكون للأب أن يزوج (¬5) جارية ابنه الصغير من نفسه؟ قال: نعم. قلت: وللأب بعد التزويج أن يكاتبها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان تزوج (¬6) جارية ابنه الصغير ثم كاتبها (¬7) فولدت له ولداً ما حال ولدها أيكونون رقيقاً أم أحراراً (¬8)؟ قال: بل أحرار. قلت: أرأيت إن عجزت المكاتبة بعدما ولدت أتكون أم ولد لأبي السيد؟ قال: لا؛ وللابن أن يبيع ¬

_ (¬1) م ف ع: على. (¬2) م ف + ذلك. (¬3) المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 457. (¬4) ع: أو يدفعها. (¬5) م ف: أن يتزوج. (¬6) ف: يتزوج. (¬7) م ع: ثم يكاتبها. (¬8) م: امراحرله؛ ف بياض.

جاريته ممن شاء. قلت: أرأيت النكاح بعدما تعجز أيكون صحيحاً على حاله؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يكون له الجارية فيريد أن يطأها فيخاف أن يطأها فتلد منه ولا يقدر على بيع أم ولده كيف يصنع؟ قال: يبيع الجارية من ابن له صغير أو كبير ثم يتزوج البائع جارية ابنه. قلت: فإن ولدت منه أيكون ولده أحراراً؟ قال: نعم؛ يعتقون بالقرابة. قلت: أفتكون أم ولد؟ قال: لا؛ ولكنها أمة تباع. قلت: أرأيت رجلاً أذن لعبده أن يتسرى أيكون للعبد ذلك؟ قال: لا؛ لا يحل لعبد أن يطأ فرجاً إلا بنكاح. قلت: فإن كان (¬1) استأذن مولاه؟ قال: لاوإن أذن له. قلت: فكيف وجه الثقة في ذلك؟ قال: إن قال له المولى: قد أذنت لك أن تتزوج كل أمة تشتريها، فاشترى العبد أمة فتزوجها كان ذلك جائزاً، والنكاح صحيح. قلت: أرأيت إن كان عليه دين؟ قال: إذا صار دين لم يجز. قلت: أرأيت عبداً تزوج بغير إذن مولاه امرأة ثم أذن له المولى أن يتزوج فأجاز المولى النكاح الذي كان تزوج قبل أن يأذن له المولى؟ قال: ذلك جائز. قلت: أرأيت رجلاً وطئ أمة حراماً فأولدها (¬2) ولم يك شبهة ثم اشترى الواطئ الجارية وولدها منه؟ قال: أما الابن فإن أقر أنه ابنه من الفجور عتق ولم يثبت نسبه، وأما أم الولد فلا تصير أم ولد المشتري، وله أن يبيعها ممن شاء. قلت: أرأيت رجلاً أراد أن يزوج أمة له من ابن له (¬3)، فخاف السيد أن يفسد النكاح إذا مات لأن ابنه إذا ملك بعضها فسد النكاح وحرمت عليه، فكيف وجه الثقة في ذلك؟ قال: يبيع السيد جاريته من بعض إخوة هذا الابن، ثم يتزوج هذا الابن هذه الجارية بعد ذلك. قلت: أرأيت إن ولدت الجارية من زوجها هذا ما حال ولدها؟ قال: يعتقون بقرابتهم من ¬

_ (¬1) م ع: لك. (¬2) م: فوجد بها. (¬3) م ف: أن يتزوج أمة ابنه.

باب آخر في النكاح ووجه الثقة فيه

سيد الجارية. قال أبو حنيفة في رجل له جارية يطؤها وتخرج في حوائجه فجاءت بولد، قال: يسع المولى أن لا يدعي ولدها، ويسعه أن يبيعهم ويبيع الأم معهم. وقال أبو حنيفة: لو كان (¬1) السيد حصّن الجارية ولم يدعها تخرج فجاءت بولد لم يسع المولى أن يبيعه. قلت: فإن كان السيد كان يعزل عن الجارية ولا يطلب ولدها؟ قال: وإن عزل عنها لم يسعه أن يبيع ولدها إذا كان قد حصنها ومنعها من الخروج. حدثنا قيس بن الربيع عن جابر عن عبد الله بن نُجَيّ (¬2) عن علي بن أبي طالب أن رجلاً أتاه فقال: إن لي أمة كنت أطؤها وأعزل عنها، فجاءت بولد. فقال له علي: أنشدك بالله أكنت تعود في جماعها قبل أن تبول؟ قال: نعم. قال: هو ولدك. وهذا عندنا في النسب. قلت (¬3): وإذا حلف الرجل لا يزوج عبده أمته هذه أبداً ثم بدا له أن يزوجها إياه ولا يحنث كيف وجه الثقة في ذلك؟ قال: يبيع العبد والجارية جميعاً من رجل ويدفعهما إليه ثم يزوجهما المشتري ثم يشتريهما الحالف بعد ذلك، وتكون الجارية امرأة العبد على حالها ولا يحنث الحالف في يمينه. ... باب آخر في النكاح ووجه الثقة فيه (¬4) حدثنا القاسم بن معن عن داود الصفار عن سالم بن عبد الله قال: قلت له: رجل طلق امرأته ثلاثاً، فانقضت عدتها، فجاء رجل فتزوجها ¬

_ (¬1) م - لو كان، صح هـ. (¬2) م ف ز: جابر بن عبد الله بن يحيى. والتصحيح من كتب الرجال. وليس هناك جابر بن عبد الله بن يحيى في كتب الرجال. وجابر هو جابر بن يزيد الجعفي، ويروي عن عبد الله بن نجي. انظر: تهذيب الكمال للمزي، 4/ 466. وعبدالله بن نجي روى عن علي - رضي الله عنه -. انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر، 6/ 50. (¬3) م ف - قال؛ والزيادة من ل. (¬4) ف - فيه.

ليحلها لزوجها الأول، ولم يأمره بذلك الزوج ولا المرأة. فقال: هذا مأجور. وهذا قول أبي حنيفة، وبه نأخذ (¬1). حدثنا موسى بن مطير عن أبيه قال: طلق رجل امرأته ثلاثاً، فانقضت عدتها، فتزوجها (¬2) رجل يريد أن يحللها لزوجها الأول، ولم يأمره الرجل ولا المرأة بذلك، وتزوجها بشهود ومهر ودخل بها، ثم طلقها، فأراد الأول أن يتزوجها، فسئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فقال: "أليس تزوجها بولي وشهود ومهر مسمى فدخل بها [حتى ذاق عُسيلتها وذاقت عسيلته] "؟ (¬3) قالوا: نعم. قال: "فلا بأس، هي امرأته، إن شاء طلقها" (¬4). وبهذا الحديث كان يأخذ أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد. قال: سئل أبو حنيفة عن امرأة قال لها زوجها: أنت طالق ثلاثاً إن سألتيني الخلع إن لم أخلعك، وقالت المرأة: أمتي حرة إن لم أسألك ذلك قبل الليل، قال (¬5): فجاؤوا جميعاً إلى أبي حنيفة يلتمسون المخرج. فقال أبو حنيفة للمرأة: سليه الخلع، فقالت لزوجها: إني أسألك الخلع. فقال أبو حنيفة لزوجها: قل: قد خلعتك على ألف درهم تعطينيها، فقال لها الزوج ذلك. فقال أبو حنيفة للمرأة: قولي: لا أقبل. فقالت: لا أقبل. فقال لها أبو حنيفة: قوما جميعاً، فقد بر كل واحد منكما، ولم يحنث في شيء. قال: وسئل أبو حنيفة عن أخوين تزوجا أختين، فزُفّت امرأة هذا إلى هذا، وامرأة هذا إلى هذا، ولم يعلموا حتى أصبحوا. فجاؤوا إلى أبي حنيفة، فذكروا ذلك له، فطلبوا وجه المخرج. فقال أبو حنيفة: ليطلق كل واحد من الأخوين امرأته بطلقة، ثم يتزوج كل واحد منهما المرأة التي دخل بها مكانه. ¬

_ (¬1) تقدم هذا الأثر بنفس الإسناد قريبا. (¬2) م ف: فزوجها. (¬3) الزيادة من العلل لابن أبي جاتم، 1/ 427. (¬4) العلل لابن أبي حاتم، 1/ 427. (¬5) م - قال.

باب الوجه في الطلاق والثقة في ذلك

قلت: أرأيت امرأة أرادت أن (¬1) تتزوج برجل فخافت أن يُغِيرها (¬2) وأرادت أن تستوثق منه إن أغارها بانت منه فأرادت وجه الثقة كيف يصنع؟ قال: يقول الزوج: إذا تزوجتك فأمرك بيدك إذا شئت، فإن أغارها كان أمرها إليها. قلت: وكذلك إن خافت أن يغيب عنها فلا يدرى أين هو أترى هذا وجه ثقة؟ قال: نعم. وقال أبو يوسف في رجل قال: إن تزوجت امرأة فهي طالق ثلاثاً أو أمرت (¬3) أحداً يزوجني فأمر رجلاً فزوجه، قال: لا يطلق. قلت: ولم؟ قال: لأنه حيث أمر رجلاً بتزويجه فقد حنث، فوقعت اليمين عنه، ولا يقع الطلاق إن تزوجها أو زوجها إياه غيره. قلت: أرأيت رجلاً قال لامرأته في رمضان: إن لم أجامعك نهاراً فأنت طالق، كيف وجه الثقة له في ذلك حتى لا يحنث ولا يفطر يوماً من رمضان؟ قال: يسافر بها سفراً يكون ثلاثة أيام، ثم إذا جاوز المصر جامعها نهاراً في رمضان، ولا يحنث في يمينه، ولا تكون عليه الكفارة للجماع؛ لأنه له أن يفطر في رمضان إذا خرج من المصر وهو يريد سفراً ثلاثة أيام فصاعداً. باب الوجه في الطلاق والثقة في ذلك قلت: أرأيت رجلاً طلق امرأته ثلاثاً أو واحدة هل في ذلك وجه حتى لا يقع الطلاق عليها؟ قال: نعم. قلت: فما هو؟ قال (¬4): إذا قال: أنت طالق ثلاثاً أو واحدة، وقال: إن شاء الله، فوصل يمينه بالاستثناء لم يقع عليه شيء. قلت: وكذلك إن قال لعبده: أنت حر إن شاء الله؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) م ف - أن؛ والزيادة من ل. (¬2) أغار أهله أي تزوج عليها فغارت. انظر: القاموس المحيط، "غير". (¬3) ع: مرات. (¬4) م ف - قال؛ والزيادة من ل.

قلت: ويقول هذا غيركم؟ قال: نعم؛ قد جاءت به الآثار عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن غير واحد. حدثنا أبو حنيفة (¬1) عن الحكم بن عتيبة عن ابن مسعود وعلي (¬2) أنهما قالا: من حلف بطلاق أو عتاق فاستثنى (¬3) فله استثناؤه (¬4). وقد قال شريح: إن قدم الطلاق وأخر الاستثناء وقع الطلاق، وإن قدم الاستثناء وأخر الطلاق لم يقع الطلاق (¬5). ولسنا نأخذ بحديث شريح، وإنما نأخذ بحديث علي وعبد الله. حدثنا محمد بن عبيد الله (¬6) لعَرْزَمي عن عطاء عن ابن عباس قال: من حلف بعتاق أو طلاق فقال: إن شاء الله، لم يقع طلاقه ولا عتاقه (¬7). ¬

_ (¬1) م ف ز: أبو طيبة. والتصحيح من نسختي شهيد علي وملا جلبي. ولم أجد فيمن يروي عن الحكم من كنيته أبو طيبة. وقد روى الإمام أبو حنيفة عن الحكم. انظر: تهذيب الكمال، 29/ 418. وهناك أبو شيبة إبراهيم بن عثمان العبسي وهو ابن أخت الحكم، ويروي عنه، توفي سنة 169 هـ انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر، 1/ 144. والله أعلم. (¬2) بين الحكم وبين علي وابن مسعود - رضي الله عنهما - انقطاع. (¬3) م ف: فاستثناه. (¬4) م ف - فله استثناؤه؛ والزيادة من ل. عن ابن عمر وابن مسعود قالا: من حلف فقال إن شاء الله فلم يحنث. انظر: الآثار لمحمد بن الحسن، 123؛ والموطأ برواية محمد، 3/ 167. وانظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 516؛ والسنن الكبرى للبيهقي،. 10/ 46. وقال ابن مسعود: الاستثناء جائز في كل يمين. انظر: السنن الكبرى للبيهقي،. 10/ 46. وروى عبدالرزاق والدارقطني عن معاذ بن جبل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما خلق الله أحب إليه من العتاق ولا أبغض إليه من الطلاق، فمن أعتق واستثنى فالعبد حر ولا استثناء له، وإذا طلق واستثنى فله استثناؤه ولا طلاق عليه". وهو ضعيف. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 6/ 390؛ وسنن الدارقطني، 4/ 35؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 234 - 235. (¬5) كتاب السنن لسعيد بن منصور، 2/ 33 - 34. (¬6) م: بن عبد الله. (¬7) عن ابن عباس قال: من استثنى فلا حنث عليه. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 516. وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قال لامرأته: أنت طالق إن شاء الله،=

الحسن بن عمارة عن الحكم عن إبراهيم مثله. أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم قال: من حلف بطلاق أو عتاق ثم قال: إن شاء الله، فقد بر (¬1). عبد الله بن طاوس عن أبيه مثله (¬2). شيخ له عن مجاهد مثله (¬3). فمن حلف بشيء من هذه الأيمان فقال: إن شاء الله، فقد بر ولا يحنث. ومن حلف بنذر أو بغير نذر من الأيمان فقال: إن شاء الله، فقد بر (¬4) وخرج من يمينه. قلت: فكيف جاء حديث أبي بكر الهذلي عن الحسن وابن سيرين أنهما قالا في ذلك: يقع الطلاق؛ لأن الله قد شاء الطلاق؟ (¬5) فقال: بلغنا حديث (¬6) الحسن وابن سيرين في ذلك، ولسنا نأخذ به. وقد جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يوافق قول علي وعبد الله وابن عباس وإبراهيم وعطاء وطاوس ومجاهد. حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: ما من شيء أحله الله أكره إليه من الطلاق (¬7). ¬

_ = أو لغلامه: أنت حر، أو قال: علي المشي إلى بيت الله إن شاء الله، فلا شيء عليه". وهو معلول بإسحاق الكعبي، وهو ضعيف. انظر: الكامل لابن عدي، 1/ 338؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 234 - 235. (¬1) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 516 - 519. (¬2) كتاب السنن لسعيد بن منصور، 2/ 35؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 81. (¬3) كتاب السنن لسعيد بن منصور، 2/ 35؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 81. (¬4) ف - ولا يحنث ومن حلف بنذر أو بغير نذر من الأيمان فقال إن شاء الله فقد بر. (¬5) عن الحسن أنه كان يقول: ليس في الطلاق والعتاق استثناء. انظر: كتاب السنن لسعيد بن منصور، 2/ 36. وعن الحسن قال: إذا قال لأمرأته: هي طالق إن شاء الله، فهي طالق وليس استثناؤه بشيء. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 82 ـ (¬6) ع: حدثنا. (¬7) الآثار لأبي يوسف، 128.

حدثنا معروف بن واصل عن محارب بن دثار (¬1) رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أتاه رجل، فسأله النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أتزوجت؟ " قال: نعم. قال: "ثم ماذا؟ " قال: طلقتها (¬2). فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من ريبة؟ " (¬3) فقال: لا. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "قد يكون ذلك". ثم جاءه بعد ذلك، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬4): "أتزوجت؟ " قال: نعم. فقال: "ثم ماذا؟ " قال: طلقتها. قال: "من ريبة؟ (¬5) قال: لا. ثم جاءه الثالثة فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل ذلك. ثم قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما من بيت يبنى على الإسلام أحب إلى الله من النكاح، ولا (¬6) شيء أحله الله (¬7) كره إليه من الطلاق" (¬8). فكيف نأخذ بحديث الحسن وابن سيرين مع حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم أصحابه ثم التابعين من بعدهم. ثم أحاديث في الاستثناء في غير الطلاق: حدثنا عبد الله بن عمرو بن مرة عن ليث بن أبي سليم عن طاوس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من حلف على يمين فقال: إن شاء الله، فقد خرج من يمينه". فقلت لطاوس: في الطلاق والعتاق؟ قال: نعم؛ في الطلاق والعتاق. إلا أنه لم يرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في الطلاق والعتاق (¬9). ¬

_ (¬1) ع: بن زياد. (¬2) ع: طلقها. (¬3) م ف: للامر رايته؛ ع: فلأمر رأيته. (¬4) ع + أنه قال. (¬5) م: لامر رايته؟ ف: بأمر رأيته. (¬6) ف - بيت يبنى على الإسلام أحب إلى الله من النكاح ولا. (¬7) م - الله. (¬8) ف + وقد جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ما من بيت يبنى على الإسلام أحب الى الله من النكاح ولا شيء أحله أكره اليه من الطلاق". وللحديث انظر: السنن الكبرى للبيهقي، 7/ 322. واقتصرت أكثر الروايات على القسم الثاني من الحديث. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 6/ 390؛ وسنن أبي داود؛ الطلاق، 3؛ وسنن الدارقطني، 4/ 35؛ والمستدرك للحاكم، 2/ 214. وانظر للنقد: تلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 205. (¬9) روي القسم المرفوع منه عن أبي هريرة وابن عمر وابن عباس. فعن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من حلف على يمين فقال: إن شاء الله، فلا حنث عليه". هذا=

حدثنا الحسن بن عمارة عن الحكم عن عبد الله بن عباس (¬1) أنه قال: من حلف على يمين فقال: إن شاء الله، فلا حنث عليه ولا كفارة (¬2). حدثنا أبو يحيى عن أبيه عن البراء بن عازب قال: من استثنى فلا حنث عليه. حدثنا أبو حنيفة عن القاسم بن عبدالرحمن عن ابن مسعود أنه قال: من حلف على يمين فقال: إن شاء الله، فقد استثنى ولا حنث عليه (¬3). حدثنا عبد الله بن سعيد (¬4) المقبري عن أبيه عن عبد الله بن عمر أنه قال: لا حنث عليه (¬5). حدثنا أبو حنيفة عن حماد أنه قال إبراهيم في ذلك: خرج من يمينه (¬6). قلت: أرأيت الرجل يستحلف فيريد أن يحلف وهو ينوي شيئاً آخر ظالماً كان أو مظلوماً؟ قال: حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: إذا استحلف الرجل وهو مظلوم فيمينه على ما نوى، وإذا استحلف وهو ظالم فيمينه على نية الذي استحلفه (¬7). قلت: فما ترى في هذه الأيمان التي يحلف بها الرجل فينوي في يمينه غير ما يستحلف عليه وهو لا يريد أن يذهب بحق أحد ولا يظلم أحداً، غير أنه يخاف على نفسه أو يدفع عن نفسه أو يجبر على ذلك؟ قال: له نيته. ¬

_ = لفظ الترمذي، وقال: حديث حسن. انظر: سنن الترمذي، النذور، 7. وانظر: سنن ابن ماجه، الكفارات، 6؛ وسنن أبي داود، الأيمان، 9؛ وسنن النسائي، الأيمان، 18. وروي معناه في حديث آخر. انظر: صحيح البخاري، النكاح، 119؛ وصحيح مسلم، الأيمان، 22 - 25. وروي موقوفا أيضاً عن عدد من الصحابة والتابعين كما ذكر المؤلف. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 516 - 519. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 3/ 234، 301؛ والدراية لابن حجر، 2/ 72، 92. (¬1) بين الحكم وابن عباس انقطاع. (¬2) تقدم تخريجه قريباً. (¬3) تقدم تخريجه قريباً. (¬4) م: بن مسعود. (¬5) تقدم تخريجه قريباً. (¬6) تقدم تخريجه قريباً. (¬7) تقدم تخريجه قريباً.

باب وجه الثقة في الشركة في التجارة

باب وجه الثقة في الشركة في التجارة قلت: أرأيت شريكين شركة عنان أرادا أن يضمنا عن رجل مالاً بأمره على أنه إن أدى (¬1) المال أحد الشريكين وهو عبد الله رجع به على صاحبه الآخر وهو زيد وعلى صاحب الأصل، وإن أدى المال زيد إلى (¬2) الطالب وصاحب الأصل لم يرجعا على عبد الله بشيء، كيف وجه الثقة في ذلك؟ قال: يضمن زيد عن (¬3) الذي عليه الأصل ما عليه للمطلوب (¬4)، ثم يجيء عبد الله، فيضمن عن زيد وصاحب الأصل ما للطالب عليهما بأمرهما، فإذا أدى عبد الله المال رجع به على زيد وصاحب الأصل، فإن أداه زيد وصاحب الأصل لم يُرجَع على عبد الله. قلت: أرأيت رجلين اشتركا على أن جاء أحدهما بمائة دينار وجاء الآخر بألف درهم يشتريان بها ويبيعان؟ قال: ذلك جائز. قلت: أرأيت إن ضاع أحد المالين بعد الشركة؟ قال: هلك ما هلك من مال صاحبه خاصة، ولا يضمن صاحبه مما ذهب شيئاً. قلت: أرأيت إن كانا اشتركا وأرادا إن ضاع أحد المالين ضاع من مالهما جميعاً كيف وجه الثقة في ذلك لهما؟ قال: يشتري صاحب الدراهم من صاحب الدنانير نصف دنانيره بنصف الدراهم، ويتقابضان، ثم يشتركان بعد ذلك، فإن ضاع شيء ضاع من مالهما. قلت: أرأيت رجلين لأحدهما متاع يساوي خمسة آلاف، وللآخر متاع يساوي ألفاً، فأرادا أن يشتركا بهذا (¬5) المتاع الذي لهما، أتجوز الشركة بالعروض؟ قال: لا. قلت: فكيف وجه الثقة في ذلك أيضاً حتى يجوز ويكونان شريكين بهذا المال الذي لهما؟ قال: يشتري صاحب المتاع الذي قيمته خمسة آلاف درهم من صاحبه خمسة أسداس متاعه بسدس المتاع ¬

_ (¬1) ف ع: أنه اراد. (¬2) م ف ع + صاحب. (¬3) م + على. (¬4) م هـ: في نسخة للطالب. (¬5) م ف: هذا.

باب شركة الرجلين في العبد ووجه الثقة في ذلك

الذي (¬1) يساوي خمسة آلاف، فإذا فعلا ذلك كانا شريكين على قدر رؤوس أموالهما، وصار للذي (¬2) يساوي متاعه ألفاً (¬3) سدس جميع المال، وللآخر خمسة أسداسه. قلت. أرأيت رجلين اشتركا في جارية على أنه إن اشتراها أحدهما فهي بينه وبين الآخر نصفين أيجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: فإن أراد أن يشتريها ولا يكون صاحبه شريكاً فيها فأمر غيره فاشتراها له بغير محضر له أيكون لصاحبه الذي شاركه فيها شرك؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه إنما شاركه إن هو اشتراها، فإذا اشتراها غيره ولم يشتر له بمحضر منه فلا شرك له. قلت: أرأيت إن كان (¬4) شاركه على إن اشتراها واحد منهما أو أمر من يشتري له فصالحه شريكه فيها لم هل في هذا وجه ثقة؟ قال: نعم؛ يطلب أحدهما إلى صاحب الجارية أن يهبها له على عوض مسمى ويتقابضا، فيجوز ذلك. قلت: أفيكون الآخر شريكه؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: ألا ترى أنه لم يشترها وإنما وهبت له وأنه لا يبيعها مرابحة، فلذلك لا يكون شريكه فيها. ... باب شركة الرجلين في العبد ووجه الثقة في ذلك قلت: أرأيت رجلين بينهما جارية فاشتراها رجل منهما وقبضها، ثم إن المشتري أراد أن يصالح أحدهما من جميع الثمن على نصفه، على أنه ضامن لما أدرك المشتري من درك من صاحبه حتى يخلصه منه، أو يرد عليه جميع المال الذي كان اشترى منهما به الجارية، أيجوز ذلك؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لا يكون ضامناً لما لم يقبض. قلت: فكيف وجه الثقة للمشتري حتى يكون له أن يرجع على أحدهما، إن أدركه درك من قبل ¬

_ (¬1) ع - قيمته خمسة آلاف درهم من صاحبه خمسة أسداس متاعه بسدس المتاع الذي. (¬2) م ف: الذي. (¬3) م ف ع: ألف. (¬4) ف - كان.

صاحبه رجع بما أدركه على الذي ضمن له صاحبه؟ قال أبو حنيفة: الثقة (¬1) في هذا أن يحط حق هذا الشريك الحاضر عن المشتري نصيبه من الثمن، ثم يدفع إليه نصيب صاحبه، فيصالحه على أنه ضامن لما أدركه فيه من درك من قبل الشريك الغائب حتى يخلصه من ذلك، أو يرد عليه نصف ما قبض وهو نصف جميع الثمن. قلت: وكذلك لو كان هذا الحق بين هذين الرجلين من دم خطأ فصالح أحدهما القاتل على ما ذكرت لك كان قد استوثق؟ قال: نعم إذا كان الضامن ثقة. قلت: أرأيت عبداً بين رجلين أراد أحدهما أن يدبر نصيبه عن نفسه؟ قال: إن دبره أحدهما قبل صاحبه ثم دبر الآخر بعد صاحبه نصيبه (¬2) فهو مدبر على القولين في قول أبي حنيفة. وفي قول عامة الفقهاء لا يكون مدبراً إلا عن الذي دبره أول مرة. قلت: فكيف وجه الثقة في ذلك حتى يكون مدبراً لهما في قول كل أحد وحتى لا يضمن أحد من الموليين لصاحبه شيئاً حتى يموت؟ قال: يوكل الموليان رجلاً يدبره عنهما في كلمة واحدة، فيقول: أنت مدبر عن فلان وفلان، أو يقول: قد جعلت نصيب كل واحد من مولييك مدبراً عنه. قلت: أرأيت عبداً بين رجلين أراد كل واحد منهما أن يكاتب نصيبه فخاف (¬3) إن هو فعل أن يضمنه الآخر كيف وجه الثقة في ذلك؟ قال: الثقة أن يوكلا رجلاً يكاتب نصيب كل واحد منهما. قلت (¬4): فإن كاتب الوكيل نصيب أحدهما أليس قد صار في قول بعض الفقهاء مكاتباً كله، وللشريك الآخر أن ينقض المكاتبة ويبطلها، ولا يقدر الذي لم يكاتب أن يكاتب نصيبه؟ قال: بلى. قلت: فكيف الثقة لهما حتى يكون (¬5) نصيب كل واحد منهما مكاتباً لصاحبه، ولا يشرك واحد منهما صاحبه (¬6) في شيء ¬

_ (¬1) م ف - الثقة؛ والزيادة من ل. (¬2) ف - نصيبه. (¬3) م ف ع: فحلف. (¬4) م ف - قلت؛ والزيادة من ل. (¬5) م ف + لهما حتى يكون. (¬6) م ف: وصاحبه.

مما قبض من المكاتب؟ (¬1) قال: يوكلان رجلاً يكاتب هذا العبد، فيقول أحدهما: كاتب نصيبي على كذا وكذا، ويقول له الآخر: كاتب نصيبي على كذا وكذا، فيختلفان (¬2) بتسمية المال، ثم يجيء المكاتب، فيقول للوكيل: قد كاتبت حصة فلان مني على كذا وكذا، ونصيب فلان على كذا وكذا، فيقول (¬3) له الوكيل: قد كاتبتك على ذلك، فيجوز، ولا يضمن واحد من الموليين لصاحبه شيئاً، ولا يشرك واحد منهما لصاحبه (¬4) في شيء مما قبض من مكاتبة نصيبه. قلت: وكذلك لو باعا رجلاً عبداً بينهما من رجل، فباع أحدهما نصيبه بثمن مسمى، وباع الآخر نصيبه بثمن مسمى، فقبل المشتري ذلك كله في كلمة واحدة، ثم قبض (¬5) أحدهما من المشتري لنفسه شيئاً، لم يشركه الآخر فيما قبض؟ قال: نعم. قلت: أرأيت عبداً بين رجلين قال أحدهما لصاحبه: قد أعتقت نصيبك يا فلان، وأنكر الآخر ذلك، والشاهد منهما على العتق موسر، والمشهود عليه معسر، أيضمن الشاهد شيئاً؟ قال: لا؛ ولكن العبد (¬6) يسعى في قيمته بينهما. ولست آمن بعض الفقهاء أن يضمنوه (¬7). قلت: أرأيت إن قال هذا الموسر: قد أعتق الذي باعنا هذا العبد قبل أن يبيعناه، أيضمن للشريك من العبد شيئاً؟ قال: لا؛ ولكن هذا وجه هو أبعد من أن يضمن في قولنا (¬8). قلت: أرأيت إن كان إنما قال: عبدنا هذا حر الأصل، أيضمن؟ قال: لا يضمن في قولنا (¬9)، ولكن العبد يسعى للآخر في نصيبه، ولست آمن أن يضمنه غيرنا. ¬

_ (¬1) ف: من الكتاب. (¬2) م ف: فيخالفان؛ ع: فتحالفا. (¬3) م ف - للوكيل قد كاتبت حصة فلان مني على كذا وكذا ونصيب فلان على كذا وكذا فيقول؛ والزيادة من ل. (¬4) ع - شيئاً ولايشرك واحد منهما لصاحبه. (¬5) م ف: ثم يقبض. (¬6) م ف - العبد؛ والزيادة من ل. (¬7) ع: أن يضمنوا له. (¬8) م هـ: في نسخة قول غيرنا. (¬9) ف - قلت أرأيت إن كان إنما قال عبدنا هذا حر الأصل أيضمن قال لا يضمن في قولنا.

باب في نقض الموالاة والوكالة في ذلك

قلت: أرأيت الشريكين المتفاوضين إذا غاب أحدهما فأراد الباقي منهما أن يبطل الشركة فيما بينه وبين الغائب، وأراد أن يشهد بذلك على ذلك، أيكون مناقضة للشركة وصاحبه غائب؟ قال: لا. قلت: فكيف الحيلة في ذلك حتى يكون مناقضاً للشركة؟ قال: يرسل إليه رسولا (¬1) ويأمره أن يخبره أن فلاناً قد فارقه ونقض ما بينهما من الشركة، فإذا فعل ذلك وأشهد الرسول على هذه المقالة فقد انتقضت الشركة فيما بينهما. ... باب في نقض الموالاة (¬2) والوكالة (¬3) في ذلك قلت: أرأيت رجلاً والى رجلاً ثم إنهما غابا فأراد العربي أن ينقض موالاة المولى والمولى غائب أيكون ذلك له؟ قال: لا. قلت: فكيف يصنع حتى يكون مناقضاً لموالاته؟ قال: يوكل العربي وكيلاً يبلغ هذا المولى أنه قد نقض موالاته (¬4). قلت: فإن كان الذي أراد نقض هذه الموالاة هو هذا الذي أسلم (¬5)، ومولاه (¬6) العربي غائب، كيف الوجه في ذلك؟ قال: إن شاء هذا المولى والى رجلاً غير مولاه الأول فجاز ذلك، وكان مناقضاً لموالاة الأول، ولا موالاة بينه وبين الأول، وهو مولى للثاني. قلت: أرأيت إن لم يكن يريد أن يوالي أحداً ويريد (¬7) مناقضة موالاة الأول كيف الوجه في ذلك ومولاه العربي غائب؟ قال: يوكل رجلاً يبلغه أنه قد ناقضه موالاته ويشهد على ذلك، فيكون ذلك جائزاً. قلت: أرأيت هذا الذي أسلم ووالى ¬

_ (¬1) م ف - رسولا؛ والزيادة من ل. (¬2) ف + لله. (¬3) م ف ز: ونكاحه. (¬4) ف - قال يوكل العربي وكيلاً يبلغ هذا المولى أنه قد نقض موالاته. (¬5) م ف ع + أن ينقض موالاته. (¬6) م ف: وموالاه. (¬7) ف: أو يريد.

باب الوجه فيى الضمان والثقة فيى ذلك

إن كان له ولد صغار يوم والى أيكون أولاده الصغار موالي لمولى أبيهم؟ قال: نعم؛ إلا أن يكون قد عقل عنهم. ... باب الوجه فيى الضمان والثقة فيى ذلك قلت: أرأيت رجلين ضمنا رجلاً بنفسه فدفعه أحدهما أيبرأ الذي ليم يدفع الرجل إلى الطالب؟ قال: نعم؛ هذا بمنزلة رجلين ضمنا لرجل مالاً مسمى فدفعه إليه أحدهما. قلت: فإن خاف الذي لم يدفع المطلوب إلى الطالب أن يأخذه بعض القضاة (¬1) بنفس المطلوب ولا يجعل دفع الآخر براءة للذي لم يدفع؟ قال: نعم؛ لست آمن عليه ذلك. قلت: كيف يصنع حتى إذا دفعه أحدهما فهما بريئان؟ قال: يقولان: إذا دفعه أحدنا إليك فالآخر بريء، فإذا دفعه أحدهما كانا بريئين جميعاً. قلت: أرأيت إن كان هذان الكفيلان ضمنا هذا الرجل بنفسه ولم يشترطا ما وصفت لك من البراءة إذا دفعه أحدهما برئا جميعاً؟ قال: يشهد هذان الكفيلان على أنفسهما أن كل واحد منهما كفيل وكيل لصاحبه في دفع هذا الرجل المكفول به بنفسه (¬2) إلى صاحبه الطالب ووكيله في التبري إليه منه، فإذا دفع أحد الكفيلين المطلوب إلى الطالب برئ إليه منه لنفسه وصاحبه، فيجوز ذلك لهما جميعاً. قلت: أرأيت رجلين ضمنا عن رجل ما باعه (¬3) فلان بن فلان ما بين درهم إلى ألف درهم أيجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كانا ضمنا ما وصفت لك على أن على أحدهما الثلث وعلى الآخر الثلثين أيجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان أحد الكفيلين أراد أن يضمن الكفيل الذي معه ما لزمه فيما ضمن من الغريم أيجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: فكيف ¬

_ (¬1) م ف: القضا. (¬2) ف: لنفسه. (¬3) م + به.

باب وجه شركة المفاوضة ونقضها

الحيلة في ذلك؟ قال: يشهد له الضمين أنه ما لزمه فيما كفل به من غرم أنه عليه فيجوز ذلك. ... باب وجه شركة المفاوضة ونقضها قلت: أرأيت رجلين اشتركا شركة مفاوضة أو غير ذلك فخرج أحدهما بمال لهما إلى بلد من البلدان في تجارة، فخاف الذي خرج منهما أن يحدث لصاحبه المقيم حدث الموت، ثم يشتري بعد ذلك بالمال متاعاً فيضمن، كيف الحيلة حتى لا يضمن شيئاً؟ قال: يشهد هذا المقيم أن المال الذي بينه وبين شريكه الذي شخص أنه مال ولده الصغار، وأنه قد أوصى إلى هذا الشريك بجميع ما ترك، وأمر له أن يشتري لهم ما أحب في حياته وبعد وفاته، فيجوز ذلك له. قلت: أرأيت إن كان الورثة كباراً كيف تأمره أن يصنع في ذلك؟ قال: يشهد الشريك المقيم أن هذا المال الذي في يدي صاحبه الذي شخص أنه إنما هو مال ولده هؤلاء (¬1) الكبار ثم يأمر ولدُه الكبار هذا الشريك الذي شخص أن يعمل لهم (¬2) برأيه ويشتري لهم (¬3) ما أحب ويشاركونه، فلا يضمن هذا الشاخص إن مات المقيم أو عاش. قلت: أرأيت الشريكين المتفاوضين إذا غاب أحدهما وأراد الثاني منهما أن يبطل الشركة فيما بينه وبين الغائب، وأراد أن يشهد على ذلك، أتجوز مناقضة الشركة وصاحبه غائب؟ قال: لا (¬4). قلت: فما وجه الثقة في ذلك حتى يكون مناقضاً للشركة؟ قال: يرسل إليه رسولاً ويأمره أن يخبره أن فلاناً قد فارقه ونقض ما بينهما من الشركة. قلت: فإذا فعل ذلك وأشهد الرسول على هذه المقالة فقد انقضت هذه الشركة فيما بينهم؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) م ف ز + ثم ولي. (¬2) م ف ز: لهما. (¬3) م ف ز: لهما. (¬4) ع: قالا.

باب الثقة في الرجلين يكون لهما على امرأة مال

باب الثقة في الرجلين يكون لهما على امرأة مال قلت: أرأيت رجلين لهما على امرأة مال وهما شريكان فتزوجها أحدهما على نصيبه من المال الذي عليه هل يشاركه صاحبه فيضمنه نصف ما سمى لها؟ قال: لا؛ ولست آمن عليه بعض الفقهاء أن يضمنه. قلت: فكيف يصنع حتى لا يضمن الزوج لشريكه من الدين في قول جميع الناس؟ قال: الوجه في ذلك أن يهب لشريكه (¬1) الذي يريد أن يتزوج هذه المرأة نصيبه مما عليها، ثم يتزوجها على عشرة دراهم، وتهب المرأة للزوج العشرة التي تزوجها عليها. قلت: أرأيت إذا فعل الزوج ما وصفت هل يضمن لشريكه شيئاً؟ قال: لا. ... باب الوجه في الرجلين يكون لهما العبد فيأذن أحدهما في التجارة في نصيبه والثقة في ذلك قلت: أرأيت عبداً بين رجلين أذن أحدهما لنصيبه في التجارة ولم يأذن له (¬2) الآخر فرآه الذي لم يأذن له (¬3) يشتري ويبيع فسكت عنه أيكون سكوته رضى منه وإذناً منه له في التجارة؟ قال: نعم. قلت: فكيف يصنع حتى لا يكون سكوته إذناً للعبد في التجارة؟ قال: يشهد على العبد في سوقه أنه قد حجر على نصيبه منه، وأنه ليس برضى أن يشتري ويبيع (¬4)، وأنه إن سكت بعد رؤيته يومه هذا أنه إنما سكت لأنه لا يقدر على أن يمنع شريكه أن يأذن لنصيبه في التجارة. قلت: فإذا قال ما وصفت ثم رآه بعد ¬

_ (¬1) م ف: الشريك. (¬2) ف + في. (¬3) ف ع + ان. (¬4) م ف ع: ولا يبيع.

باب الوجه في اليمين في الضمان والثقة في ذلك

يشتري ويبيع فسكت فليس ذلك بإذن (¬1) منه للعبد في التجارة؟ قال: نعم. ... باب الوجه في اليمين في الضمان والثقة في ذلك قلت: أرأيت رجلاً حلف لا يضمن عن رجل شيئاً وله شريك اشترى بينه وبين شريكه متاعاً أيكون المشتري (¬2) ضامناً؟ قال: نعم. قلت: أفيحنث الحالف الذي اشترى في يمينه؟ قال: لا. قلت: وكذلك لو لم يكن المشتري الحالف شريك صاحبه ولكن صاحبه وكله المشتري أن يشتري له جارية فاشتراها بعد ذلك أيكون المشتري ضامناً للثمن على الآمر؟ قال: نعم. قلت: أفيحنث في يمينه التي حلف فيها؟ قال: لا يحنث في يمينه. ... باب الوجه في الأيمان في الكسوة واللبس قلت: أرأيت رجلاً حلف لا يشتري ثوباً، فاشترى فراشاً أو بساطاً أو شيئاً مما لا يلبس لم يحنث. وإنما اليمين في هذا أن يشتري شيئاً مما (¬3) يلبس، إلا أن ينوي نوعاً من الأمتعة، فيحنث إن هو اشتراه. قلت: أرأيت إن اشترى هذا الحالف فرواً؟ قال: يحنث. قلت: وما الحجة في ذلك؟ قال: أرأيت لو حلف لا يكسو فلاناً أبداً فوهب له بساطاً أو فراشاً أو ستراً يحنث في شيء من ذلك؟ قلت: لا. قال: هذا (¬4) الحجة. قلت: أرأيت الرجل يحلف لا يكسو فلاناً شيئاً ففعل؟ قال: يحنث. ¬

_ (¬1) م: فليس في ذلك إذن. (¬2) ع: المشروط. (¬3) م + لا. (¬4) م ف: وبهذا.

قلت: فكيف يصنع حتى لا يحنث؟ قال: يهب له دراهم ويأمره أن يكتسي بهذا، فإذا فعل لم يحنث. قلت: أرأيت رجلاً حلف لا يلبس هذا القميص فجعله سراويل وقباء ثم لبسه؟ قال: لا يحنث. قلت: أرأيت رجلاً حلف لا يلبس ثوباً نسجه فلان فنسج فلان وآخر معه ثوباً فلبسه الحالف؟ قال: لا يحنث. قلت: وكذلك لو حلف لا يلبس ثوباً غزلته فلانة فلبس ثوباً غزلته فلانة وامرأة أخرى معها؟ قال: لا يحنث. قلت: أرأيت رجلاً حلف لا يلبس قطناً أبداً فلبس ثوب كتان حشوه قطن؟ قال: لا يحنث. وإنما اليمين في هذا أن يلبس ثوباً غزله قطن. قلت (¬1): وكذلك لو حلف لا يلبس الخز (¬2) أو القز أبداً فاشترى ثوب خز سَداه (¬3) حرير أو قز أو لبس ثوب قطن حشوه قز لم يحنث؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً حلف لا يكسو فلاناً ثوباً أبداً فكسا فلاناً وأمه (¬4) ثوباً؟ قال: لا يحنث. قلت: أرأيت إن حلف لا يلبس ثوباً لفلان أبداً فمات صاحب الثوب وله ورثة فلبس الحالف هذا الثوب وهو لورثته؟ قال: لا يحنث. قلت: أرأيت إن كان حلف أن لا يلبس ثوباً لفلان (¬5) أبداً فلبس ثوباً بينه وبين آخر؟ قال: لا يحنث. قلت: أرأيت إن كان حلف أن لا يلبس هذا القميص بعينه فارتدى به؟ (¬6) قال: هذا يحنث. قلت: أرأيت رجلاً حلف لا يلبس من ثياب فلان شيئاً أبداً، وليس للمحلوف عليه ثوب، ثم اشترى المحلوف عليه (¬7) ثوباً، فلبسه هذا الحالف؟ قال: يحنث. ولو حلف لا يلبس ثوباً لفلان أبداً (¬8) واشترى ¬

_ (¬1) م ع - قلت. (¬2) ع: الحرير. (¬3) السدى من الثوب خلاف اللُّحمة، وهو ما يمد طولاً في النسيج. انظر: المعجم الوسيط، "سدى". (¬4) ع: وابنه. (¬5) م ف - لفلان؛ والزيادة من ل. (¬6) م ف - به؛ والزيادة من ل. (¬7) م ف - عليه؛ والزيادة من ل. (¬8) م - أبداً.

الحالف من فلان المحلوف عليه (¬1) ثوباً فلبسه الحالف لم يحنث؛ لأنه قد خرج من ملك المحلوف عليه. [قلت:] وإن حلف لا يكسو فلاناً شيئاً إلا أن ينسى فنسي الحالف فكسا المحلوف عليه ثوباً ثم ذكر بعد ذلك فكساه مرة أخرى وهو ذاكر ليمينه؟ قال: لا يحنث في يمينه. قلت: أرأيت إن كان حلف لا يكسوه إلا ناسياً فكساه مرة أخرى وهو ذاكر ليمينه؟ قال: لا يشبه هذا الباب الأول. هذا إن كساه مرة أخرى حنث. قلت: أرأيت إن كان حلف لا يكسوه قميصاً أبداَ فوهب له ثوباً صحيحاً فأمره أن يقطع منه قميصاً أيحنث؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن كان حلف لا يكسوه قميصاً أبداً فوهب له تسعة أعشار قميص أيحنث؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن كان حلف لا يكسوه قميصاً أبداً (¬2) فكساه هو ورجل آخر قميصاً؟ قال: لا يحنث. قلت: أرأيت إن كان حلف لا يكسوه ثوباً فكساه أقل من نصف ثوب؟ قال: لا يحنث. قلت: أرأيت رجلاً حلف لا يلبس قميصاً لفلان أبداً فلبس قميصاً لعبد له؟ [قال:] أما أبو حنيفة فقال: لا يحنث. وأما أبو يوسف فقال (¬3): يحنث. قلت: أرأيت إن حلف لا يكسو فلاناً فكسا ابنه أو امرأته (¬4) أو مكاتباً أو مدبراً له؟ قال: لا يحنث. قلت: فما الحجة في ذلك؟ قال: ألا ترى أنه لو حلف لا يبيع من فلان شيئاً فبدا له فباع من عبده لم يحنث. وكذلك الهبة مثل الشراء في هذا الموضع. قلت: أرأيت رجلاً حلف لا يشتري من فلان ثوباً أبداً فأمر رجلاً فاشترى له منه أيحنث؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن كان المحلوف عليه وهب الثوب للحالف واشترط عليه عوضاً أيحنث؟ قال: لا. ... ¬

_ (¬1) م ف: عنه. (¬2) ف - فوهب له تسعة أعشار قميص أيحنث قال لا قلت أرأيت إن كان حلف لا يكسوه قميصا أبداً. (¬3) م ف: قال. (¬4) م ف: وامرأته.

باب الوجه في الحلف وبيع الثياب

باب الوجه في الحلف وبيع الثياب قال أبو يوسف في رجل حلف لا يبيع ثوباً بمائة درهم حتى يزداد وأراد وجهاً (¬1) أن يبيعه ولا يحنث، قال: يبيعه بتسعين (¬2) درهماً، فإنه لا يحنث. قلت: لم؟ قال: لأنه لم يبعه بمائة درهم. قلت: وكذلك لو باعه بمائة وعشرين درهماً لم يحنث؟ قال: نعم. قلت: ومتى يحنث؟ قال: إذا باعه بمائة درهم سواء. قلت: أرأيت رجلاً حلف لا يبيع هذا الثوب بمائة درهم فباعه بتسعين درهماً؟ قال: يحنث في قول أبي يوسف. قلت: أرأيت إن حلف لا يبيعه بمائة وأراد وجهاً حتى (¬3) لا. يحنث؟ قال: يبيعه بتسعين درهماً وقفيز حنطة أو شعير أو أفلس يسيرة (¬4). قلت: فإذا فعل ذلك لم يحنث؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو باعه بعشرة دراهم ودينار أو بخمسة دنانير وليس معها دراهم أو شيء من العروض لم يحنث في شيء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن حلف لا يبيع ثوبه هذا من فلان أبداً فأراد وجهاً أن يبيعه ولا يحنث؟ قال: يبيعه من فلان ورجل آخر معه فإنه لا يحنث. قلت: أرأيت إن حلف لا يشتري ثوباً بمائة فأراد وجهاً أن يشتريه ولا يحنث؟ قال: يشتريه بأقل من مائة. وإن اشترى بأقل من مائة لم يحنث في قول أبي يوسف. ... باب الوجه في شرى الرقيق وبيعه والثقة فى ذلك قلت: أرأيت رجلاً حلف لا يشتري من فلان جارية أبداً فاشترى من فلان ورجل معه آخر جارية؟ قال: لا يحنث. قلت (¬5): أرأيت إن كان ¬

_ (¬1) ع - وأراد وجها. (¬2) م: تسعين. (¬3) ف - حتى. (¬4) ف: سموه. (¬5) م ف - من فلان ورجل معه آخر جارية قال لا يحنث قلت؛ والزيادة من ل.

يمينه (¬1) على هذه الجارية للمحلوف عليه خاصة؟ قال: لا يحنث أيضاً. قلت: أرأيت إن كان هذا الحالف اشترى هذه الجارية من رجل أجنبي وأجاز المحلوف عليه البيع وضمن الدرك أيحنث الحالف؟ قال: لا. قلت: أرأيت رجلاً حلف لا يبيع خادماً (¬2) له أبداً (¬3) فأراد وجهاً أن يبيع خادماً له ولا يحنث؟ قال: الوجه في ذلك أن يأمر رجلاً فيبيعها. قلت: فإذا فعل لم يحنث؟ قال: نعم. قلت: فهل في هذا غير ذا؟ قال: نعم؛ يبيع هذه الجارية رجل بغير أمر سيدها، فيجيز السيد البيع ولا يحنث. قلت: أرأيت رجلاً قال: إن اشتريت هذا العبد فهو حر، فأراد وجهاً أن يشتريه ولا يحنث؟ قال: الوجه أن يأمر غيره، فإذا فعل ذلك لم يحنث. قلت: وكذلك إن كان الحالف إنما اشترى هذا العبد لابن له صغير؟ قال: نعم، لا يحنث إن أشهد عند عقده البيع أنه إنما اشتراه لابنه فلان. قلت: أرأيت إن حلف على عتق (¬4) عبد بعينه إن اشتراه أبداً وحلف بطلاق امرأته ليشترينه (¬5) وأراد وجهاً يشتريه (¬6) فلا يعتق ولا تطلق (¬7) امرأته؟ قال: يشتريه (¬8) بيعاً فاسداً ثم يقبضه، لم يحنث ولم يعتق. قلت: ولم؟ (¬9) قال: لأنه حنث وهو في يدي البائع. وعتق (¬10) المشتري لا يجوز فيه من قبل أن يقبضه؛ لأنه بيع فاسد. قلت: وكذلك إن كان العبد وديعة في يدي المشتري ثم اشتراه أيحنث؟ قال: لا (¬11). قلت: أرأيت إن كان العبد في يدي البائع والبائع هو الحالف بعتقه إن باعه أيحنث إن باعه بيعاً فاسداً؟ قال: نعم. قلت (¬12): فإن كان العبد الذي بيع هذا البيع ¬

_ (¬1) ف - كان يمينه. (¬2) م ف - خادما؛ ل: جارية. (¬3) م: لزايدا. (¬4) م ف - عتق؛ والزيادة مستفادة من ل. وعبارة ل: حلف بعتق. (¬5) م ف ز: ليشتريه. (¬6) ع - وأراد وجها يشتريه. (¬7) ع - تطلق. (¬8) م ف: ليشتريه. (¬9) م ف - قلت ولم. (¬10) م ف ع: وعتاق. (¬11) م ف: قال نعم؛ والتصحيح من ل. (¬12) ع: قال.

باب الوجه في الرجل يحلف على أول شيء يملكه هو في المساكين

الفاسد (¬1) في يدي المشتري أيحنث البائع الحالف؟ قال: لا ... باب الوجه في الرجل يحلف على أول شيء يملكه هو في المساكين قلت: أرأيت رجلاً قال: أول كُرّ (¬2) حنطة أملكه فهو في المساكين، كيف يصنع حتى يشتري كُرَّا (¬3) ولا يحنث؟ قال: يشتري كرَّا ونصفاً ولا يحنث. قلت: وكذلك إن ملك قفيزاً بعد قفيز فجعل يأكل الأول فالأول (¬4) أيحنث إذا ملك ستين قفيزاً؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن قال: أول عبد أملكه فهو حر، فملك عبداً ونصفاً صفقة واحدة أيحنث؟ قال: نعم (¬5)؛ ولا يشبه (¬6) هذا الباب الأول. قلت: أرأيت إن قال: أول عبد أملكه فهو حر، فأراد وجها أن يشتري ولا يحنث؟ قال: يشتري عبدين صفقة واحدة ولا يحنث. قلت: لم؟ قال: لأنه لا يعرف لهما أول (¬7). قلت: أرأيت إن قال: أول عبد أملكه فهو حر، فاشترى نصف عبد ثم باعه ثم اشترى النصف الآخر أيحنث؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن قال: أول عبد أشتريه (¬8) فهو حر؟ قال: يشتري نصف عبد ثم باعه ببيعة، ثم اشترى النصف الآخر (¬9). ... ¬

_ (¬1) م ع - الفاسد. (¬2) الكر: مكيال كبير، قيل فيه: أربعون قفيزاً. وقيل غيره ـ وقد تقدم. ويظهر أن المؤلف يقصد به ستين قفيزا. (¬3) م ف: كر. (¬4) م ف - فالأول؛ ل: في الأول، ملا جلبي: بالأول. وهي على الصواب في المطبوعة. (¬5) م ف + قلت. (¬6) م ف ع: ولم لا يشبه. (¬7) ع + إن قال أول عبد. (¬8) م ف: يشتريه. (¬9) م + أيحنث قال نعم.

باب الوجه في الشرى والبيع في الدور وما أشبهها والثقة في ذلك

باب (¬1) الوجه في الشرى والبيع في الدور وما أشبهها والثقة في ذلك قلت: أرأيت الرجل يريد أن يشتري داراً من رجل ولا يعلم أنها للذي يريد بيعها ولا يأمن أن يقيم رجل البينة أنها له فيأخذها من يدي المشتري كيف يصنع حتى يستوثق؟ قال: يشتريها من البائع رجل غريب، ويكتب اسمه، ثم يشهد المشتري أنه آجرها (¬2) من الذي اشتراها باسمه كل سنة بشيء، ويدفعها إليه، ويشهد بعد ذلك من يثق به أنه إنما اشتراها لساكنها (¬3)، وأنها داره لا حق له فيها. قلت: أرأيت إن لم يؤاجرها منه ولكنه وكله بالاحتفاظ بها والمَرَمَّة (¬4) لها أيكون هذا صحيحاً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلين يدعيان هذه الدار هل يكون الذي في يديه الدار خصمه؟ قال: لا. قلت: أرأيت رجلاً أمر رجلاً يشتري له داراً بألف وأخبره إن هو فعل اشتراها منه الآمر بألف درهم ومائة، وأراد المأمور أن يشتريها، فخاف إن هو اشتراها أن يبدو للآمر فلا يشتريها (¬5) وتبقى الدار في يدي المأمور؟ قال: يشتري المأمور الدار على أنه بالخيار فيها ثلاثة أيام، ويقبضها، ويجيء الآمر إلى المأمور، فيقول: قد أخذت منك هذه الدار بألف ومائة، فيقول له المأمور: هي لك بذلك، فيكون ذلك للآمر لازماً، ويكون المأمور قد تخلص (¬6). ... ¬

_ (¬1) م ف - باب؛ والزيادة من ل. (¬2) م ف ع: أجازها. (¬3) م ف: لمساكنه. (¬4) م ف: والزمه. (¬5) ف + فخاف إن هو اشتراها أن يبدو للآمر فلا يشتريها. (¬6) م ف - قد تخلص.

باب الوجه في بيع الدور والحزم والثقة في ذلك

باب الوجه في بيع الدور والحزم والثقة في ذلك قلت: أرأيت الرجل يبيع الدار والجارية وغير ذلك ويبرأ من كل عيب إلا من سَرِق (¬1) أو جزية (¬2)، ولا يأمن البائع أن يردها المشتري بعيب، ويقول: لم يسمه بعينه، ويقول: لم تضع يدك عليه (¬3)، فأراد البائع وجها من ذلك؟ قال: يأمر البائع رجلاً غريباً لا يعرف فيبيعها من المشتري على أن مولى الجارية ضامن لما أدرك المشتري فيها من درك مِن قِبَل سَرِق أو جزية خاصة، ويغيب (¬4) البائع. قلت: أرأيت إن لم يصنع مولى الجارية ما ذكرت ولكنه أشهد على المشتري أنه تصدق بالجارية على بعض ولده أو على أجنبى ودفعها إليه؟ قال: هذا أمر صحيح مستقيم. قلت: أرأيت الرجل يريد شراء الدار من رجل وخاف أن يكون البائع قد تصدق بها على بعض ولده أو غيره قبل ذلك فأراد أن يستوثق كيف الحيلة في ذلك؟ قال: يكتب بالشرى من البائع، ويكتب في الشرى التسليم من الولد وضمانهم للدرك. قلت: فهل في هذا شيء أوثق من هذا؟ قال: نعم؛ يكتب الشرى باسم رجل غريب مجهول، ويوكل بالدار المشتري ثم يشهد في السر أن الدار (¬5) له لا حق له فيها، فيكون أوثق، قلت: وكذلك كل شيء يخاف منه المشتري التبعة (¬6) أيجوز هذا فيه؟ قال: نعم (¬7) ... ¬

_ (¬1) سَرِق مصدر سَرَقَ، مثل سرقة. انظر: المغرب، "سرق". (¬2) م ف ز: أو عتق. والتصحيح من تتمة العبارة؛ وكذلك الفتاوى الهندية، 6/ 406. (¬3) هو قول ابن أبي ليلى أنه لا بد من وضع اليد على العيب. انظر المصدر السابق. (¬4) م: وبيعت؛ ف: ويبعث. والتصحيع من ل؛ والفتاوى الهندية، 6/ 407. (¬5) م: في الشرا والدار؛ ف: في السرى والدار. (¬6) م ف ع: الثقة. (¬7) م ف + باب المساكنة ودخول الدار. ويوجد بعده بياض قدر عشرة أسطر تقريبا في م ف. ولا يوجد هذا العنوان في ز. وهو الصحيح لأن هذا العنوان سيأتي قىريباً.

باب الوجه في شرى العبد نفسه من مولاه والثقة في ذلك

باب الوجه في شرى العبد نفسه من مولاه والثقة في ذلك قلت: أرأيت عبداً اشترى نفسه من مولاه ثم جحد المولى الشرى وللمولى في يدي العبد مال بعضه دين وبعضه عين، فأراد مولى العبد (¬1) أن يشهد أن المال ماله ليس للعبد فيه شيء على أن يقر (¬2) المولى أنه باعه من نفسه وقبض الثمن (¬3)، فخاف العبد أن يقر بالمال للمولى ثم لا يشهد له المولى بالشرى بعد ذلك في العلانية، كيف يصنع؟ قال: يشهد العبد في السر (¬4) أن المال الذي في يديه لرجل يثق به، ثم يشهد أن المال العين والدين للمولى، فإن وفى له المولى وأشهد للعبد بشراه نفسه منه (¬5) وفى له العبد، وإلا جاء المشهود له بالمال، فكان (¬6) أحق بالمال من المولى. قلت: أرأيت إن كان المولى هو الذي يخاف من العبد أن لا يفي (¬7) له بالمال، والعبد يريد أن يقر له المولى أنه (¬8) قد باع العبد من نفسه، وأراد الحيلة؟ قال: الحيلة في ذلك أن يشهد المولى أنه قد باع العبد من رجل في السر، ثم يظهر بعد ذلك أنه قد باع العبد من نفسه، فإن وفى له العبد وأقر له وفى له المولى. ... باب الوجه في الشراء بالشرط والثقة في ذلك قلت: أرأيت الرجل يبيع جاريته نَسَمَة (¬9) وخاف البائع أن (¬10) لا ¬

_ (¬1) م ف + على. (¬2) م ف ع + المقر. (¬3) ف - الثمن. (¬4) م: في الشرا؛ ف: في السرى. (¬5) ف - منه. (¬6) م ف ع: كان. (¬7) ع: لا يقر. (¬8) ف: بأنه. (¬9) أي: ليعتقها المشتري. انظر: المغرب، "نسم". (¬10) م ف - أن؛ والزيادة من ل.

يعتقها المشتري، وإن اشترط عليه فسد البيع، كيف الوجه في ذلك؟ قال: يقول المشتري: إذا اشتريت من فلان هذه الجارية فهي حرة، فإذا اشتراها عتقت. قلت: فإن كان إنما باعها لموضع لا تباع ولا توهب ولا تمهر، وكره أن يشترط ذلك فيفسد البيع؟ قال: يقول المشتري: إذا اشتريتها من فلان فهي حرة من بعد موتي. قلت: أرأيت إن أبى ذلك المشتري وقال: أخاف أن لا أرزق ولدها ولا توافقني؟ قال: ليس في هذا وجه (¬1) إلا أن يستوثق منه بالأيمان: لئن كرهها (¬2) ليبيعنها على ما اشتراها له في الموضع والاستيثاق (¬3). وهذا لا ينبغي ولا يصلح. قلت: أرأيت رجلاً أضر بولده حتى يبيعه منزله وكره الابن بيع منزله؟ قال: يبيع الابن منزله من رجل يثق به أو امرأة، ثم يتصدق بالمنزل بعد ذلك على أبيه، فإن حدث بالأب بعد ذلك حدث أخذ المشتري المنزل فرده على صاحبه. قلت (¬4): فإن خاف الابن بعد ما كتب الشرى للأجنبي أن يحدث (¬5) بالأجنبي حدث فيصير منزله ميراثا فأراد التوثق من ذلك كيف يصنع؟ قال: يشتري منه المنزل الذي باعه بعدما تصدق به على أبيه. قلت: أرأيت رجلاً أراد أن يهب لرجل عبداً والعبد غائب عنه؟ قال: لا يجوز ذلك حتى يقبضه. قلت: فكيف وجه الثقة في ذلك؟ قال: الوجه في ذلك يكتب له به شرى ويهب له الثمن (¬6) فإذا قدم كان له العبد بالثمن. قلت: أرأيت إن استحلف المشتري أنه قد أدى إليه ثمن العبد أيصدق؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً اشترى من رجل داراً أو ثوباً ثم جحد البائع البيع وقبض منه الثمن فدفع إلى المشتري ما باعه فقدمه إلى القاضي فقال: سل هذا عن هذه الدار والثوب، أو قال: سله اشتراها مني، وليس للمشتري بينة على الشرى، وليس للبائع بينة أن هذا البيع (¬7) كان له؟ قال: ¬

_ (¬1) م ف ع: الوجه. (¬2) م ف ز: لتوكدها (مهملة في م ف). والتصحيح من ل. (¬3) م: ولاستيثا (مهملة). (¬4) م ف - قلت؛ والزيادة من ل. (¬5) م ف: ان حدث. (¬6) م: اليمين. (¬7) م ف ز + لك؛ والتصحيح من ل.

باب الوجه في الرجل يكون له الداران يريد بيع أحدهما ولا يريد بيع الأخرى والوجه فى الرجل يشتري من رجل غريب

ليس للقاضي أن يسأله عن ذلك، ولكن يقول: ألهذا عندك حق أو في يديك حق. قلت: فإن كان من رأي القاضي أن يسأله (¬1): هل كان شيء (¬2) مما في يديك (¬3) لهذا المدعي، ويحلفه على ذلك، فلينكر (¬4) المطلوب. قلت: فإن حلفه؟ قال: يحلف وينوي شيئاً غير ذلك. قلت: وهل يسعه ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً ادعى ثوباً في يدي رجل والرجل يعلم أنه مبطل كيف الوجه في ذلك؟ قال: الوجه في ذلك أن يعرضه على الطالب، وهو لا يعرفه (¬5) ليساومه، فإن ساومه به وقامت عليه بذلك بينة بطلت دعواه فيه (¬6). قلت: أرأيت إن جاء المدعى عليه فعرضه عليه فيشتريه المدعي ويعلم أنه الثوب الذي يدعيه هل في ذلك وجه؟ قال: نعم؛ يبعث بالثوب مع غيره فيعرضه عليه حتى يساومه به، فإذا ساومه فلا دعوة له فيه. قلت: أرأيت إن صبغه فعرضه عليه أكان يبطل دعواه إن ساومه؟ قال: نعم. ... باب الوجه في الرجل يكون له الداران يريد بيع أحدهما ولا يريد بيع الأخرى والوجه فى الرجل يشتري من رجل غريب قلت: أرأيت رجلاً له داران أراد بيع إحداهما ولا يريد بيع الأخرى، فأراد رجل أن يشتري منه الدار على أنها إن استحقت رجع عليه (¬7) في الدار الأخرى أو يبيعها، كيف الوجه في ذلك؟ قال: يشتري منه الدار التي لا يريد بيعها أبداً بدراهم (¬8)، ثم يبيعها إياه بالدار الأخرى التي قد همّ ¬

_ (¬1) م ف ع: أيسأله. (¬2) م ف: بينكما؛ ف + أو هل كان. (¬3) ف + بيع بيع. (¬4) ف: وأنكر. (¬5) ع: ولا يعرضه. (¬6) م ع - فيه. (¬7) م ف - عليه؛ والزيادة من ل. (¬8) ع: بداره.

باب الرجل يجعل غلة داره في المساكين صدقة بعد موته ويكتب بذلك كتابا يجوز

ببيعها (¬1)، فإن استحقت من يدي المشتري رجع على (¬2) البائع بالدار التي اشتراها أولاً. قلت: أرأيت رجلاً أراد أن يشتري جارية من رجل أو داراً أو غير ذلك، والبائع غريب، وخاف المشتري إن استحق المبيع أن يذهب ماله، غير أن البائع قد جاء برجل (¬3) يضمن للمشتري ما أدركه في البيع من درك، فيوكل البائع بالخصومة في ذلك وفي عيب إن وجده المشتري بالبيع، فخاف المشتري أن يوكله ثم يخرجه من الوكالة، كيف الوجه في ذلك؟ قال: الوجه والثقة في ذلك أن يكون الوكيل الضمين هو الذي يبيعها من المشتري ومولى الجارية (¬4) يسلم ويضمن ما أدرك، فيجوز ذلك ويستقيم. ... باب الرجل يجعل غلة داره في المساكين صدقة بعد موته ويكتب بذلك كتاباً يجوز قلت: أرأيت رجلاً أراد أن يجعل غلة داره في المساكين صدقة بعد موته وأراد أن يكتب بذلك كتاباً وخاف أن يبطل ذلك القاضي (¬5) كيف الوجه في ذلك؟ قال: الوجه في ذلك أن يكتب: إني قد جعلت غلة داري للمساكين أبداً بعد موتي ويشهد، فإن رد ذلك قاض أو سلطان أو وارث (¬6) بيعت وتصدق بثمنها على المساكين. قلت: أرأيت رجلاً أراد (¬7) أن يجعل داره في حياته صدقة على المساكين وبعد موته ولا يقدر أحد على رد ذلك؟ قال: هذا عندنا لا يجوز إلا في الوصية خاصة، وأهل الحجاز وغيرهم يجوّز ذلك. قلت: أرأيت لو أن بعض أهل الحجاز أراد أن يجعل داره صدقة على المساكين في حياته ¬

_ (¬1) ع: قد تم بيعها. (¬2) م - على، صح هـ. (¬3) ع: رجل. (¬4) م ف - الجارية؛ والزيادة من ل. (¬5) م ف - ذلك القاضي؛ والزيادة من ل. (¬6) م ف: أو ولدت. (¬7) م ف ع + رجل.

باب الوجه في الصلح من دعوى في دار ادعاها رجل لنفسه أو لابنه والثقة في ذلك

وبعد وفاته وخاف أن يرفع ذلك إلى قاض غير أهل بلاده فيبطل ذلك كيف يصنع؟ قال: يتصدق بها ويدفعها إلى وكيل له ويشهد بصدقتها، ثم يبيعها المتصدق من رجل من الناس، ثم يأبى المتصدق أن يدفعها إلى المساكين حتى يقدمه إلى القاضي قاضي الحجاز، فيبطل البيع، ويمضيها صدقة على ما كان رب الدار صنع. قلت: أرأيت إن استقضي بعد هذا قاض ممن يرى الصدقة على ما وصفت لك باطلاً؟ قال: إذن يمضي (¬1) هذا؛ لأن هذا قد قضى به قاض، فهذا مما يختلف فيه القضاة. ... باب الوجه (¬2) في الصلح من دعوى في دار ادعاها رجل لنفسه أو لابنه والثقة في ذلك قلت: أرأيت رجلاً في يديه دار ادعى رجل فيها دعوى له ودعوى لابن له صغير من قبل ميراث ادعى أبو الوصي أنه كان لامرأته أم (¬3) الصبي، وأنكر المطلوب أن تكون الدار في يديه، وأراد المطلوب أن يصالح أبا الصبي من دعواه ودعوى ابنه (¬4) على مال، على أن الغلام إن اتبع المطلوب ضمن الأب (¬5) خلاص ذلك، ولا يقر المطلوب أنه قبض من الدار شيئأ (¬6)، فخاف الأب أن يقال له: رد ما أخذت، وإلا سلم للمطلوب ما ادعيت من الدار، وخاف المطلوب أن يكون قد أقر بشيء من الدار، ويكون الأب قد باع حصته وحصة شريكه قبل الصلح، فيجيء المشتري فيأخذ ما اشترى من يدي المطلوب، كيف يصنع؟ قال: يجيء رجل ¬

_ (¬1) م ف ب: ارى ينقض (مهملة)؛ والتصحيح من ل. (¬2) ف - الوجه. (¬3) ع: أو. (¬4) م ف: لابنه. (¬5) م ف: على أن للغلام أن يتبع المطلوب وعلى الأب؛ والتصحيح من ل. (¬6) ع + من الدار.

باب الوجه في الأجرة إذا أراد أن يلجئ بعضهم إلى بعض أو المرأة إلى ابنها والورثة بعضهم إلى بعض والثقة في ذلك

يصالح الطالب على مال على أن المطلوب قد قبض ما ادعى الطالب (¬1)، على أنه إن أدرك المطلوب درك من قبل الصبي فالأب ضامن، ويقول المصالح: إن المطلوب قد قبض ما يدعي الطالب (¬2) من الدار، دانه في يده. قلت: أرأيت لو أن المطلوب لم يقر بقبض شيء وصالح الطالب على أنه ليس على الطالب دفع ما ادعى قبله ولكنه ضامن لما أدرك المطلوب من قبل الصبي، فإن سلم الصبي فهو بريء (¬3)، وليس عليه دفع شيء من الدار؟ (¬4) قال: هذا فاسد لا يجوز. ... باب الوجه في الأجرة إذا أراد أن يلجئ بعضهم إلى بعض أو المرأة إلى ابنها (¬5) والورثة بعضهم إلى بعض والثقة (¬6) في ذلك قلت: أرأيت رجلاً ليس له وارث غير أمه وعصبة وليس لأمه وارث غيره، فخاف الابن أن يموت فيشرك (¬7) العصبة أمه في عقاره وماله، كيف يصنع حتى يكون ثقة لهما؟ قال: الوجه في ذلك أن يبيع ذلك من أمه في حياته ويقبض منها الثمن ويتصدق بالثمن عليها، فإن مات قبل الأم كانت قد ملكت ما كان له في حياته، وإن ماتت الأم رجع مال الأم إلى ابنها. قلت: أرأيت إن كان للأم ورثة مع ابنها بنون وبنات، فأراد الابن إن مات أن يكون ماله لأمه خاصة، وأرادت الأم إن ماتت أن يكون مالها لابنها خاصة دون ولدها، كيف وجه الثقة في ذلك؟ قال: الوجه في ذلك أن يبيعها الابن ما يملك بثمن طفيف، ويقبض منها الثمن، ثم يتصدق به (¬8) عليها، على أنه ¬

_ (¬1) م ف - على مال على أن المطلوب قد قبض ما ادعى الطالب؛ والزيادة من ل. (¬2) ف - الطالب. (¬3) م ف - بريء؛ والزيادة من ل. (¬4) م ف - شيء من الدار؛ والزيادة من ل. (¬5) ف: إلى أبيها. (¬6) م: والبينة؛ ف: والبنة (مهملة). (¬7) م: فيشترك. (¬8) م ف - به؛ والزيادة من نسخة ملا جلبي.

باب شرى الدور وغير ذلك والثقة في ذلك

بالخيار في البيع أربعين سنة أو نحو ذلك، وتبيعه الأم ما تملك، وتصنع في ذلك مثل ما صنع من الحيلة وهبة الثمن، فأيهما مات في الأربعين سنة سلم له المبيع (¬1) لانقطاع خياره فيما باع، وينقض الباقي (¬2) بيع ما كان باعه. وكان أبو حنيفة لا يجوّز الخيار في البيع أكثر من ثلاثة أيام. وكان يعقوب ونحن من بعده نجيز الخيار إذا سمى ووقّت وقتاً. قلت: أرأيت رجلاً له بنون وله إخوة وله أخت، فأرادت الأخت أن تجعل نصيبها من دار ورثها جميع الإخوة عن أبيهم لأخيها الذي له البنون إن هي ماتت قبله، فخافت أن تجعله له فيموت الأخ فيرثه بنوه ولا يكون في يدها من الدار شيء، فأرادت إن مات قبلها أن يرجع إليها ميراثها من الدار؟ قال: الوجه في ذلك أن تبيعه نصيبها من الدار ثم يوصي لها بثلث نصيبه من الدار (¬3) وهو مثل ما باعته (¬4)؛ لأن الأخ له سهمان ولها سهم، فإذا باعته ذلك السهم ثم أوصى لها بثلث الدار صار السهم يرجع إليها كله (¬5). ... باب شرى الدور وغير ذلك والثقة في ذلك (¬6) قلت: أرأيت رجلاً أرافى أن يشتري من رجل داراً فخاف المشتري أن يكون رب الدار قد باعها من بعض ولده قبل أن يعرضها على البيع، فأراد المشتري إن استحقها أحد بعد شراه إياها أن يرجع على البائع باكثر مما ¬

_ (¬1) م ف: الربع. (¬2) م ف: البائع في. (¬3) م ف - ثم يوصي لها بثلث نصيبه من الدار؛ والزيادة من ل. (¬4) م ع: ما باعها. (¬5) م ف - لأن الأخ له سهمان ولها سهم فإذا باعته ذلك السهم ثم أوصى لها بثلث الدار صار السهم يرجع إليها كله؛ والزيادة من ل. (¬6) ف: والثقة فيه.

باب السمسار وغير ذلك والوجه فيه

يريد أن يشتريها بالضعف ويكون ذلك حلالاً، كيف يصنع؟ قال: يبيعه المشتري بالثمن ثوباً، ثم يبيعه رب الدار ذلك الثوب من مشتري الدار بالثمن الذي كان يريد بيع الدار به. قلت: أرأيت رجلاً أراد أن يشتري من صيرفي دراهم بمائة دينار، وليس عند الصيرفي إلا خمسمائة درهم، والصيرفي ثقة ولا يكره أن يكون عليه مال؟ قال: يشتري منه بخمسين ديناراً، ويتقابضان، ثم يقرضه الدراهم التي أخذها من الصيرفي، ثم يشتري الخمسمائة (¬1) بالخمسين ديناراً الباقية. ... باب السمسار وغير ذلك والوجه فيه قلت: أرأيت السمسار أتكره له ما يأخذ؟ قال: نعم. قلت: فكيف يصنعون إذا أرادوا أن يطيب لهم كسبهم؟ قال: يشتري أحدهم المتاع لنفسه ويقبضه، ثم يبيعه بربح مثل ما كان يأخذ (¬2) وهو سمسار. قلت: أرأيت رجلاً من أهل الري يكتب إلى رجل من أهل الكوفة يشتري له متاعاً قد سماه، والمتاع عند المأمور، ولغيره (¬3) ممن قد أمره ببيعه، وهو رخيص لا يجد مثله لصاحبه، كيف يصنع؟ قال: يبيع المتاع بثمن صحيح من رجل يثق به، ويدفعه إليه، ثم يشتريه منه للآمر (¬4). ... باب إجارة الخدم والكراء إلى مكة والثقة في ذلك قلت: أرأيت رجلاً أراد أن يستأجر غلاماً يخدمه سنة كل ¬

_ (¬1) ع: مائة. (¬2) م ف: أخذ. (¬3) أي: المتاع ملك لغيره. (¬4) ف: الآمر.

باب إكراه اللصوص والثقة فيه والرجل يحلف بالعتق

شهر (¬1) بعشرة دراهم، فخاف أن يخرجه مولاه في بعض الشهر؟ قال: يجعل كل شهر بدرهم أحد عشر شهراً، وبقية الأجر في الشهر الثاني عشر. قلت: أرأيت رجلاً يتكارى إلى مكة من جمّال ولا يثق بجماله؟ قال: يتكارى منه بكذا وكذا درهماً إلى انسلاخ المحرم، فإن وفى له أعطاه، وإلا لم يكن أخذ منه شيئاً. ... باب إكراه اللصوص والثقة فيه والرجل يحلف بالعتق سئل أبو حنيفة -رحمه الله- عن رجل من جيرانه دخل عليه اللصوص وأخذوا ماله واستحلفوه بالطلاق والعتاق أن لا يخبر عنهم بأنهم سرقوه أبداً، والرجل يعرفهم، فشكا ذلك إلى أبي حنيفة. فأرسل أبو حنيفة إلى رجل من جيران الحي الذي هو فيهم، فقال لهم: إن لصوصاً دخلوا على هذا الرجل، وقد حلف أن لا يذكرهم. فإن رأيتم أن تؤجروا ويرد الله على هذا ماله ولا يحنث فلا (¬2) تدعوا رجلاً من الحي الذي أنتم فيه إلا أدخلتموهم أنتم مسجدكم هذا أو داراً، ثم تخرجون واحداً واحداً، ثم تقولون للمسروق منه: هذا منهم؟ فإن كان منهم سكت، وإن لم يكن منهم فليقل: ليس منهم. ففعلوا ذلك، فظفر بماله. قلت: أرأيت رجلاً حلف بعتق كل مملوك يملكه إلى ثلاثين سنة وعليه كفارة ظهار فأراد أن يعتق كيف يصنع؟ قال: يقول لرجل: أعتق عبدك عني على ألف، فيجوز ذلك ويجزيه. قلت: أرأيت رجلاً أراد أن يعير رجلاً مالاً ويصح (¬3) ويصحح أترى بذلك بأساً؟ قال: لا بأس بذلك. قلت: أرأيت إن أراد أن يبيعه ويجعل ¬

_ (¬1) م ف - كل شهر؛ والزيادة من ل. (¬2) م: ولا. (¬3) ف: وصح؛ ع - ويصح.

الدين دراهم أو دنانير؟ (¬1) قال: يشتري منه داره بألف درهم وينقده الثمن، ثم يشتري البائع منه الدار بمائة دينار إلى سنة. قلت: فهل في هذا غير هذا الوجه؟ قال: نعم يبيعه داره بمائة دينار (¬2) ويقبض الثمن، ثم يشتريها بمائة دينار (¬3) إلى سنة. قلت: فإن لم يكن عند المشتري الأول مائة دينار؟ قال: يبيعه بها ألف درهم إن شاء، فيجوز ذلك. قلت: أرأيت امرأة طلقها زوجها ولها عليه دين ليس لها به بينة، فحلف ما لها عليه شيء عند القاضي، فأرادت أن تأخذه بذلك الدين، فأنكرت أن تكون عدتها قد انقضت، تريد بذلك أن تأخذ منه نفقة بقدر ما لها عليه من الدين؟ قال: يسعها ذلك. قلت: فإن حلفها القاضي بالله الذي لا إله إلا هو ما انقضت عدتك، فحلفت تعني بذلك شيئاً غير ذلك؟ قال: يسعها. قلت: أرأيت رجلاً حلف لا يشتري هذا العبد، فأمر رجلاً فاشتراه رجل لنفسه ثم وهبه (¬4) للحالف بعدما قبضه، أيحنث؟ قال: لا يحنث. قلت: أرأيت إن كان الحالف قال: إن اشتريته أو أمرت من يشتريه لي فهو حر، وقد أراد أن يملكه ولا يعتق؟ قال: فإن وكل رجلاً يشتريه ففعل لم يحنث. ألا ترى أنه حيث أمره إياه بالشرى فلم يقع عتق؛ لأنه لم يملكه (¬5). وقال أبو يوسف في رجل قال: إن لم أشتر بهذا الدرهم لحماً، واشترى بها تمراً، لا يحنث. قلت: ولم؟ قال: لأنه لا يدري لعل الدرهم (¬6) يرجع إلى ملكه فيشتري به لحماً كما حلف. وإن قال: إن ¬

_ (¬1) ف: ودنانير؛ ل: قلت أرأيت إن أراد أن يعيره دراهم ويجعل ذلك الدين دنانير. (¬2) ف - غير هذا الوجه قال نعم يبيعه داره بمائة دينار. (¬3) م ع + غير هذا الوجه قال نعم يبيعه داره بمائة دينار؛ ف - ويقبض الثمن ثم يشتريها بمائة دينار. (¬4) م: ثم رهنه. (¬5) م ف: لو ملكه. (¬6) م ف + منا.

باب المساكنة ودخول الدار والوجه في ذلك

اشتريت به لحماً، فاشترى به لحماً وتمراً، فإنه لا يحنث؛ لأنه لم يشتر به لحماً وحده، فلذلك لا يحنث. ... باب المساكنة ودخول الدار والوجه في ذلك قال: سألت أبا حنيفة (¬1) عن رجل حلف لا يساكن فلاناً في بلد، ولا نية له، فسكن معه في دار كل واحد منهما في مقصورة على حدة. قال: لا يحنث حتى يكونا جميعاً في مقصورة واحدة. وفيها قول آخر أنه يحنث، وإنما كلام الناس في هذا على أن لا يسكن مصراً هو فيه. وسألته عن رجل حلف أن لا يساكن رجلاً في منزله، ثم أخذ في النقلة ساعة حلف. قال: لا يحنث في هذا. قلت: أرأيت رجلاً حلف لا يسكن هذا البيت بعينه، فهُدم ثم بُني ثم سكنه؟ قال: لا يحنث (¬2). قلت: وكذلك لو حلف لا يسكن هذه الدار، فجُعلت مسجداً، فسكنه الحالف لم يحنث. قلت: وكذلك لو جُعل بستاناً لم يحنث. قلت: إن جُعلت هذه الدار التي حلف لا يسكنها بستاناً ثم جُعلت دأراً ثم سكنها الحالف أيحنث؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن حلف لا يسكن داراً لفلان أبداً، فسكن داراً بين فلان وبين رجل آخر؟ قال: لا يحنث في ذلك. قلت: أرأيت رجلاً حلف لا يسكن بيتاً لفلان، فسكن صُفَّة له؟ قال: يحنث إلا أن يكون نوى بيتاً دون الصُّفَّة. ... ¬

_ (¬1) م فوق السطر: في نسخة أبو يوسف. (¬2) م ف - قلت أرأيت رجلاً حلف لا يسكن هذا البيت بعينه، فهدم ثم بني ثم سكنه قال لا يحنث؛ والزيادة من ل.

باب الدخول والوجه في ذلك والخروج والمساكنة

باب الدخول والوجه في ذلك والخروج والمساكنة قلت: أرأيت رجلاً حلف لا يدخل الكوفة إلا عابر سبيل، فدخلها ماراً ثم بدا له فأقام بها (¬1) زماناً؟ قال: لا يحنث. قلت: أرأيت رجلاً حلف لا يدخل على فلان، ولا نية له فدخل عليه صحن داره؟ قال: لا يحنث. قلت: وكذلك لو دخل عليه دهليزاً أو مسجداً لم يحنث، وإنما يحنث إذا دخل عليه بيتاً أو صُفّةّ. قلت: أرأيت إن دخل عليه الكعبة؟ قال: لا يحنث. قلت (¬2): ولو حلف لا يدخل على فلان منزلاً أبداً، فدخل الحالف بيتاً ثم جاء المحلوف عليه حتى دخل ذلك المنزل؟ قال: لا يحنث. قلت: أرأيت رجلاً حلف لا يدخل على فلان منزلاً أبداً، ثم حلف المحلوف عليه لا يدخل على فلان منزلاً أبداً، فأرادا أن يجتمعاً في منزل جميعاً ولا يحنثان، كيف الوجه في ذلك؟ قال: يدخل الحالفان جميعاً معاً، ولا يسبق واحد منهما صاحبه بالدخول. قلت: أرأيت رجلاً حلف لا يدخل دار فلان أبداً، فأدخل مكرهاً وهو لا يقدر على الامتناع أيحنث؟ قال: لا؛ لأنه إنما أدخل ولم يدخل هو. قلت: أرأيت إن حلف لا يطأ منزل فلان بقدمه أبداً، يعني بذلك لا يضع قدمه على أرض منزله، أيحنث إن دخلها وعليه نعلان؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن دخلها راكباً وقد نوى ما وصفت لك؟ قال: لا يحنث. قلت: أرأيت إن لم يكن له نية أيحنث في جميع ما ذكرت لك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً حلف لا تدخل امرأته على أبيها أبداً، فدخلت امرأته دأراً ثم دخل (¬3) أبوها عليها أيحنث؟ قال: لا. قلت: فإن كان الموضع الذي دخل الأب فيه على ابنته هو منزل للابنة (¬4) أيحنث؟ قال: لا. ¬

_ (¬1) ف: نهارا. (¬2) م ف - قلت؛ والزيادة من ل. (¬3) ف: ثم أدخل. (¬4) ل: الأب.

قلت: أرأيت الرجل يحلف لا تدخل امرأته دار فلان إلا أن يأذن الزوج لها، فإن أذن لها الزوج مرة فدخلت مرة أخرى بغير أمره أيحنث؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن قال لها: إن دخلت دار أبيك إلا بإذني، فأذن لها فدخلت ثم دخلت مرة بغير إذنه أيحنث؟ قال: نعم. قلت: فكيف الوجه في ذلك حتى تدخل الدار كلما (¬1) شاءت ولا تستأمر ولا يحنث؟ قال: يقول لها الزوج: قد أذنت لك في دخول هذه الدار كلما شئت، فتدخل كلما شاءت ولا يحنث الزوج. قلت: أرأيت رجلاً حلف لا يخرج من باب هذه الدار، كيف الوجه حتى يخرج ولا يحنث؟ قال: إن شاء صعد إلى حائط من حيطان الدار ثم نزل إلى الطريق أو إلى دار قوم آخرين فخرج من باب الدار التي ينزل إليها فلا يحنث. قلت: أرأيت رجلاً قال لامرأته: إن خرجت من بيتي فأنت طالق، ولا نية له فخرجت من البيت إلى الحجرة؟ قال: لا يحنث. قلت: أرأيت لو حلف لا يدخل أعلى، (¬2) فلان بيته، فدخل الحجرة أيحنث؟ قال: لا (¬3). قلت: أرأيت إن حلف لا يساكن فلاناً أبداً، فزاره فلان في منزله فبات عنده ليلة أو ليلتين أيحنث؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن حلف لا يسكن منزلاً يشتريه فلان أبداً، فسكن داراً اشتراها فلان وآخر معه؟ قال: لا يحنث. قلت: وكذلك إن حلف لا يأكل طعاماً يشتريه له فلان أبداً، فاشترى فلان ورجل آخر معه طعاماً فأكل منه لم يحنث. قلت: أرأيت إن حلف فقال: كل مال له في المساكين صدقة إن دخل دار فلان، فدخلها فحنث ما عليه؟ قال: عليه أن يتصدق بجميع ماله من الدنانير والدراهم والمتاع الذي للتجارة. قلت: فليس عليه أن يتصدق بقيمة منزله؟ قال: لا. قلت: أرأيت ¬

_ (¬1) م ف: كلها. (¬2) الزيادة من المبسوط، 30/ 234. (¬3) م ف ز: قال نعم. والتصحيح من ل. وهو مستفاد أيضاً من الكافي، 3/ 334 و؛ والمبسوط، الموضع السابق. وقد بين السرخسي أن الحجرة تكون في أسفل الدار، وأن اعتبار دخول الحجرة في مسمى البيت أو عدم دخولها مبني على العرف.

باب اليمين في التقاضي

إن أراد أن يدخل منزل فلان ولا يحنث كيف الوجه في ذلك؟ قال: يتصدق بماله الذي وصفت لك من الأمتعة التي للتجارة والمال الصامت (¬1) على بعض من يثق به ويدفعه إليه، ثم يدخل الدار التي حلف لا يدخلها، فإذا فعل ذلك (¬2) لم يحنث. قلت: فإن عاد إلى دخول هذه الدار بعدما وهب له ماله أيحنث؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن قال: امرأتي (¬3) طالق إن ساكنت فلاناً في دار بالكوفة، واقتسما داراً وضربا بينهما حائطاً وفتح (¬4) كل واحد منهما باباً في نصيبه على حدة ثم سكن كل واحد منهما في نصيبه؟ قال: لا حنث عليه. قلت: فإن كان إنما حلف لا يساكنه في هذه الدار بعينها، ففعل ما وصفت لك ثم ساكنه؟ قال: يحنث إذاً في هذا الوجه. قلت: أرأيت إن حلف لا يضع رجله في منزل فلان أبداً، وهو يعني لا يدخل منزله حافياً فدخل المنزل منتعلاً أو راكباً؟ قال: لا يحنث، ولو لم تكن له نية حنث. قلت: أرأيت رجلاً قال لامرأته: أنت طالق ثلاثاً إن ساكنت فلاناً بالكوفة، ولا نية له فسكنا جميعاً بالكوفة كل واحد منهما في دار؟ قال: لا يحنث حتى يجتمعاً في منزل واحد. ... باب اليمين في التقاضي قلت: أرأيت رجلاً حلف لا يأخذ ماله الذي على فلان إلا جميعاً فأخذه جميعاً (¬5) إلا درهماً وهبه للمطلوب أيحنث؟ قال: لا. قلت (¬6): أرأيت لو أخذ جميع حقه فوجد فيها درهماً سَتُّوقاً (¬7) أيحنث؟ قال: لا حتى يستبدله. قلت: أرأيت لو حلف أن لا يتقاضى فلاناً فلزمه ولم ¬

_ (¬1) أي: الذهب والفضة، وقد تقدم. (¬2) م ف - ذلك؛ والزيادة من ل. (¬3) م ف: امرأته. (¬4) م: ودفع؛ ع: ورفع. (¬5) م - فأخذه جميعاً، صح هـ. (¬6) م ع + لم قال. (¬7) أي: مطلي بالفضة، مغشوش، كما تقدم.

يتقاضه أيحنث؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن حلف المطلوب لا يعطي فلاناً حقه درهماً دون درهم فأعطاه بعض حقه أيحنث؟ قال: لا؛ إلا أن يعطيه بعد ذلك بقية حقه. قلت: فإن حلف المطلوب ليعطين الطالب ماله رأس الشهر، ولا نية له، فإنه في سعة من يمينه الليلة التي يهل فيها الهلال والغد إلى الليل، فإذا جاء الليل ولم يعطه حنث. ولو حلف ليعطينه صلاة الظهر كان له وقت الظهر كله، فإن دخل وقت العصر ولم يعطه حنث. ولو حلف ليعطينه حقه طلوع الشمس كان له من حين تطلع الشمس إلى أن تبيض، فإن ابيضت قبل أن يعطيه حنث. قلت: أرأيت لو حلف لا يفارق المطلوب حتى يستوفي ما له، وحلف (¬1) المطلوب لا يعطي الطالب شيئاً، كيف الوجه في ذلك حتى لا يحنثا؟ قال: يدخلان بينهما رجلاً فيعطي الطالب حقه فيبرآن جميعاً ولم يحنث واحد منهما. قلت: أرأيت إن جاء قوم فأخذوا الطالب فحبسوه عن لزوم المطلوب، وحالوا بينه وبينه، وأمروا المطلوب بالذهاب إلى أهله، فذهب والطالب لا يقدر على حبسه لمكان الذين منعوه وحبسوه عن لزومه؟ قال: لا يحنث. قلت: أرأيت إن حلف لا يفارقه حتى يستوفي ما عليه، فنام (¬2) الطالب وهرب المطلوب والطالب نائم لم يحنث الطالب؟ (¬3) قال: لا. قلت: وكذلك لو لم ينم الطالب ولكنه غفل (¬4) عن المطلوب فهرب المطلوب وقد كان معه حيث يراه؟ قال: هذا والباب الأول سواء. قلت: أرأيت رجلاً تقاضى (¬5) رجلاً فقال له: ما لي عليك صدقة في المساكين إن فارقتك حتى أستوفيه منك، ففارقه ولم يستوف أيحنث؟ قال: لا (¬6)؛ ولا يشبه قوله: ما لي عليك صدقة في المساكين، قوله (¬7): مالي في المساكين صدقة. قلت؛ أرأيت إن كان المطلوب معسراً مسكيناً أيجب (¬8) ¬

_ (¬1) م ف: أو حلف. (¬2) م ف: فقام. (¬3) ع - الطالب. (¬4) ف: يجعل. (¬5) ع + له. (¬6) م هـ: في نسخة قال نعم؛ ل: نعم. (¬7) ع: قاله. (¬8) م ف: أيحنث. والتصحيح من نسخة ملا جلبي.

على (¬1) الحالف وقد فارقه أن يتصدق عليه بماله؟ قال: لا. قلت: فإن قال الطالب: فهي للمساكين صدقة إن فارقتك حتى أستوفيها، يعني أن ثيابك أيها المطلوب في المساكين صدقة، وهو يريد أن يوقع في قلب المطلوب أنه إنما حلف على ما له عليه، ففارقه ولم يقبض منه شيئاً، أيحنث؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن حلف لا يفارقه، فأمره السلطان أن لا يَعْرِض له وحال بينه وبين لزومه، فذهب المطلوب إلى أهله ولم يقدر الآخر على إمساكه، أيحنث الطالب؟ قال: لا، قلت: أرأيت رجلاً قال لرجل: كل شيء أبايع به فلاناً فهو في المساكين صدقة، فباعه بعد ذلك متاعاً، أيحنث؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه إنما حنث والمتاع ليس في ملكه. قلت: أرأيت رجلاً حلف لا يفارق غريماً له حتى يستوفي ما له عليه، وليس عند المطلوب شيء، فأقرض الطالب المطلوب مالاً مثل ما له عليه (¬2)، فلما قبضه المطلوب قضاه الطالب بماله الأول عليه، أيخرج الحالف من يمينه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً حلف لا يأخذ ما له على فلان اليوم إلا جميعاً، فأخذ منه جميع ما له، فوجد فيها درهماً سَتُّوقاً فاستبدله من يومه أو بعد يومه؟ قال: إن استبدله في يومه لم يحنث، وإن استبدله بعد ذلك حنث. قلت: أرأيت رجلاً له على رجل دراهم، فحهلف المطلوب أن لا يعطي الطالب شيئاً، ثم أمر المطلوب رجلاً فأعطاه، أيحنث؟ قال: نعم؛ لأن رسوله بمنزلته في هذا. قلت: فإن كان عنى أن لا يعطي شيئاً من يده إلى يده؟ قال: فله نيته، ولا يحنث. قلت: أرأيت المطلوب إذا حلف لا يعطيه مما عليه درهماً فما فوقه، فأعطاه بحقه كله دنانير، وإنما عنى الدرا هم، أيحنث؟ قال: لا. ¬

_ (¬1) م ف - على؛ والزيادة من ل. (¬2) ف - وليس عند المطلوب شيء فأقرض الطالب المطلوب مالاً مثل ما له عليه.

باب الطعام والشراب

قلت: أرأيت رجلاً حلف لا يعطي فلاناً حقه اليوم، فقضاه اليوم بعضه أو كله إلا شيئاً يسيراً؟ قال: لا يحنث. ... باب الطعام والشراب قلت: أرأيت رجلاً حلف لا يذوق طعاماً ولا شراباً، يعني لا يذوق خبزاً بعينه أو طعاماً بعينه، أو ما يعني لا أشرب (¬1) يعني نبيذاً، أو لبناً أو نوى شيئاً من الأشربة، فأكل عنباً أو شرب من غير الصنف الذى حلف عليه؟ قال: لايحنث. قلت: أرأيت رجلاً حلف لا يذوق لفلان طعاماً أبداً، ولا نية له، فأهدى فلان الحالف له هدية فأكلها أيحنث؟ قال: لا. قلت: أرأيت رجلاً حلف لا يأكل له طعاماً أبداً، فاشترى منه طعاماً وأكله أيحنث؟ قال: لا. قلت: أرأيت رجلاً حلف لا يذوق طعام فلان؟ (¬2) قال: هما سواء. وإذا حلف فقال: إن أكلت عندك طعاماً أبداً فهو علي حرام، وينوي بذلك اليمين، فأكل عنده لم يحنث. قلت: أرأيت رجلاً حلف فقال: إن أكلت طعامي هذا فهو في المساكين صدقة، فأكل منه أيحنث؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن حلف فقال: إن أكلت هذا الطعام فهو حرام، فأكله، لم لا يكون حانثاً وتكون (¬3) عليه الكفارة؟ قال؛ لأنه إنما صار حراماً بعدما أكله، فمن ثم لا يصير حانثاً. قلت: أرأيت رجلاً حلف لا يذوق طعاماً لفلان، فأكل من طعام بينه ¬

_ (¬1) م ف ع + أو. (¬2) م ع: لا يذوق طعاما. (¬3) أي: لا تكون.

وبين آخر أيحنث؟ قال: نعم؛ ولو كان حلف لا يلبس ثوباً لفلان، فلبس ثوباً بين فلان وبين رجل آخر لم يحنث. قلت: أرأيت رجلاً حلف لا يأكل لفلان لقمة أبداً، فأكل طعاماً بين المحلوف عليه (¬1) وبين آخر؟ قال: لا يحنث. قلت: ولم لا يحنث؟ قال: لأن كل لقمة لو (¬2) أكلها فهي بين المحلوف عليه وبين آخر (¬3)، فكل لقمة أكلها فليست للمحلوف عليه، فلا يحنث إلا أن تكون لقمة لفلان ليس فيها حق لأحد. قلت: أرأيت رجلاً حلف لا يأكل، وهو ينوي اللحم ولم يتكلم بالذي نوى من ذلك؟ قال: ليست نيته بشيء، وأي طعام أكله حنث. قلت (¬4): فإن كان حلف لا يأكل شيئاً أبداً، ومن نيته اللحم؟ قال: له نيته، ولا يشبه هذا الباب الأول. قلت: أرأيت رجلاً حلف لا يشرب الشراب، ولا نية له؟ قال: إنما هذا على الخمر، وإن شرب (¬5) غيرها لم يحنث. قلت: أرأيت رجلاً حلف لا يركب حراماً أبداً، فشرب خمراً أيحنث؟ قال: لا؛ وإنما هذا على الفجور إذا لم يكن له نية (¬6). قلت: أرأيت رجلاً حلف لا يشرب هذا الماء، فجُعل نبيذاً فشرب منه؟ قال: لا يحنث (¬7). قلت: أرأيت إن كان حلف لا يشرب هذا الماء، فصبه في سَوِيق ثم شربه أيحنث؟ قال: لا إذا كان السويق هو الغالب. ¬

_ (¬1) م ف - عليه. والزيادة من ع. (¬2) ع: هو. (¬3) م ف: آخر. (¬4) م ف - قلت؛ والزيادة من ل. (¬5) ف: ولو شرب. (¬6) م ف - قلت أرأيت رجلاً حلف لا يركب حراما أبداً فشرب خمرا أيحنث قال لا وإنما هذا على الفجور إذا لم يكن له نية؛ والزيادة من ل. والمسألة مذكورة في الكافي، 3/ 334 ظ. (¬7) ف - قلت أرأيت رجلاً حلف لا يشرب هذا الماء فجعل نبيذا فشرب منه قال لا يحنث.

قلت: أرأيت رجلاً حلف لا يأكل هذا السمن، فجُعل في خَبِيص فصار الخبيص هو الغالب؟ قال: لا يحنث. قلت: أرأيت رجلاً حلف لا يشرب هذا العصير، فجعل بُخْتُجاً (¬1) فشرب منه؟ قال: لا يحنث. قلت: أرأيت رجلاً حلف لا يأكل هذا الحَمَل، فكبر فصار تيساً فأكله؟ قال: يحنث، ولا يشبه هذا الباب الأول. قلت: أرأيت رجلاً حلف لا يبيت عند فلان، فمكث عنده حتى مضى أقل من نصف الليل ثم خرج من عنده؟ قال: لا يحنث، وإن مكث عنده أكثر من نصف الليل حنث. وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق إذا أمسيت (¬2) ولم أطعم، ولا نية له، فإذا غربت الشمس ولم يطعم حنث. قلت: أرأيت رجلاً أخذ لقمة ليأكلها فأدخلها في (¬3) فيه فقال له رجل: امرأتي (¬4) طالق ثلاثاً إن أكلتها، وقال له رجل آخر (¬5): امرأتي (¬6) طالق ثلاثاً إن ألقيتها في فيك، أو قال: إن أخرجتها من فيك، هل في هذا وجه ثقة (¬7) حتى لا يحنث واحد من الحالفين؟ قال: ياكل الذي حلف عليه بعض اللقمة ويلقي بعضها، ولا يحنث واحد من الحالفين. قلت: فإن لم يفعل ولكن جاء إنسان آخر حتى أخذ بفم المحلوف عليه وأخرج اللقمة فالقاها؟ قال: إن أخرجها والمحلوف عليه مطاوع له حنث الذي حلف لا يلقيها من فيه، وإن أخرجها والمحلوف عليه جاهد عليه أن لا يفعل (¬8) ¬

_ (¬1) الكلمة مهملة في م ف. وفي ط: تخيخاً. والبُخْتُج هو العصير المطبوخ، فارسي معرب. انظر: المغرب، "بختج"؛ ولسان العرب، "بختج". (¬2) ع + إذا أمسيت. (¬3) م ف - في؛ والزيادة من ل. (¬4) م ف: امرأته. (¬5) ف - آخر. (¬6) م ف: امرأته. (¬7) ف - ثقة. (¬8) م ف ع: والمحلوف عليه هذا لا يعقل.

باب المضاربة ووجه الثقة في ذلك

ممتنع (¬1) بجهده مغلوب على ذلك فلا (¬2) حنث على واحد من الحالفين. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل مالاً ثم قال الواهب: امرأتي (¬3) طالق ثلاثاً إن أنفقت هذا المال الذي وهبته لك إلا على أهلك، فأراد الموهوب له أن يقضي ببعض ذلك ديناً عليه، أو يصل بذلك بعض قرابته، أو يحج (¬4) ببعض (¬5) ما وهب له، ولا يحنث الحالف (¬6) إن أنفق المحلوف عليه بعض الهبة على أهله وقضى (¬7) ببعضها دينه أو حج منه؟ قال: لا يحنث حتى تكون الهبة كلها تنفق على غير أهله. ... باب المضاربة ووجه الثقة في ذلك قلت: أرأيت رجلاً أراد أن يدفع إلى رجل مالاً مضاربة وأراد رب المال أن يكون المضارب ضامناً كيف يصنع؟ قال: يقرض رب المال المضارب كله إلا درهماً، ثم يشاركه بعد ذلك بذلك الدرهم وبجميع ما أقرضه، على أن يعملا بالمالين جميعاً، فما رزقهما الله في ذلك من شيء فهو بينهما نصفان أو كيف شاء، فيجوز ذلك. قلت: فإن عمل أحدهما بالمال دون صاحبه بأمر صاحبه؟ قال: ذلك جائز، والربح بينهما على ما اشترطا. قلت: أرأيت رجلاً أراد أن يدفع إلى رجل مالاً مضاربة وليس عنده إلا متاع كيف يصنع؟ قال: يبيع المال المتاع من رجل يثق به، ويقبض المال، ويدفعه إلى المضارب مضاربة، ويكون المضارب هو الذي يشتري المتاع الذي باعه رب المال. قلت: أرأيت إن أراد أن يدفع إليه مالاً مضاربة على أنه إن تَوَى (¬8) المال ضمنه المضارب كله؟ قال: يقرض رب المال ¬

_ (¬1) ف: ممنعا. (¬2) م ف: قال لا. (¬3) م ف: امرأته. (¬4) ف: ويحج. (¬5) م ف - ببعض؛ والزيادة من ل. (¬6) م ف: الحالفان. (¬7) م: وقبضا؛ ف: وقضيا. (¬8) اْي: هلك، كما تقدم.

باب الدين والثقة في ذلك

المضارب المال كله، ثم يدفعه (¬1) المستقرض إلى رب المال مضاربة بالنصف أو بما (¬2) شاء، ثم يدفعه رب المال إلى المستقرض بضاعة، فيجوز ذلك في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال زفر: الربح في هذا كله للذي عمل به. ... باب الدين والثقة في ذلك قلت: أرأيت الرجل يكون له المال على الرجل فأراد المطلوب أن يحيل الطالب على رجل، فقال الطالب له: أنا أخاف أن يَتْوَى ما يحيلني به على هذا الرجل، وأنت (¬3) عندي أوثق منه، كيف يصنع؟ قال: يشهد المطلوب أن الطالب وكيله في قبض ما له على غريمه فلان ويقر له (¬4) فلان بالوكالة. قلت: أرأيت إن قال المطلوب: أنا أخاف أن يقبض المال من غريمي ويقول: ضاع قبل أن أقبضه لنفسه، فيرجع بالمال (¬5) علي مرة أخرى، فهل في ذلك وجه؟ قال: نعم (¬6). قال: لا يتوكل الطالب للمطلوب (¬7)، ولكن يضمن غريم المطلوب، ويجعل كل واحد منهما كفيلاً ضامناً لجميع المال. قلت: أرأيت إن قال المطلوب: لا أرضى أن يكفل عني أحد بشيء لأن ذلك إضرار (¬8) في تجارتي، كيف يصنع الطالب؟ قال: يحيل الطالب بالمال على غريم المطلوب، على أن غريم المطلوب إن لم يوف المطلوب (¬9) ما أحال به عليه إلى كذا وكذا من الأجل فالمطلوب المحيل ضامن لهذا المال على حاله. قلت: ويجوز هذا؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) م: ثم يدفع. (¬2) م ف: وبما. (¬3) م ف ع: قال أنت. (¬4) م ف - له؛ والزيادة من ل. (¬5) ف: فرجع المال. (¬6) م ف + قال. (¬7) م ف: قال إن شاء الطالب أن يوكله المطلوب؛ والتصحيح من ل. (¬8) م ف ز: ضمنوني؛ والتصحيح من ل. (¬9) ف: الطالب.

قلت: أرأيت الرجل يكون له على الرجل مال من ثمن متاع، والمال حال، وأراد المطلوب أن يؤخره الطالب بالمال سنة على أن يؤدي إليه كل شهر كذا وكذا شيئاً مسمى، فخاف الطالب أن لا يفي بذلك، كيف الحيلة بذلك؟ قال: يشهد أنه قد أخره بالمال الذي عنده كذا كذا شهراً، على أن يؤدي إليه كل شهر كذا (¬1)، فإن أخر نجماً (¬2) عن محله فجميع المال على المطلوب حال. قلت: فيجوز ذلك على ما وصفت لك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً أراد أن يقرض رجلاً مالاً، ويرتهن منه بالمال عبداً، وخاف المقرض أن يموت العبد في يديه، فيَتْوَى (¬3) ماله؟ قال: يشتري العبد بالمال الذي أقرضه، ويشهد له أنه لم يقبض العبد، فإذا أدى المستقرض المال أقاله البائع، وإن مات العبد مات من مال المستقرض، ورجع المقرض عليه بماله. قلت: أرأيت إن قال المستقرض: أنا أخاف أن أجيئك بمالك وأستقيلك فلا تقيلني، فكيف يصنع؟ قال: يشترط عليه أن يبيعه العبد على أنه فيه بالخيار إلى شهر كذا وكذا من سنة كذا، فإن رد (¬4) المشتري ماله إلى ذلك الأجل، وإلا فلا خيار له، والبيع لازم. قلت: أرأيت رجلاً أقرض رجلاً مالاً وارتهن منه داره، فخاف المرتهن أن يستحق بعضها فيبطل الرهن في جميعها، كيف يصنع؟ قال: يشتريها، ويجعل له الخيار على ما وصفت لك. قلت: أرأيت رجلاً له على رجل مال، فجحده المطلوب ذلك المال، وحلفه عند القاضي، والمطلوب محتاج، فأحب الطالب أن يدع له المال ويحتسب بذلك من زكاته، كيف يصنع؟ قال: يتصدق الطالب على ¬

_ (¬1) م ف - شيئاً مسمى فخاف الطالب أن لا يفي بذلك كيف الحيلة بذلك قال يشهد أنه قد أخره بالمال الذي عنده كذا كذا شهراً على أن يؤدي إليه كل شهر كذا؛ والزيادة من ل. (¬2) م ف ز: كفيل؛ والتصحيح من ل. (¬3) أي: يهلك، كما تقدم. (¬4) ف + إلى.

المطلوب بمثل ما له عليه ويدفعه إليه ويحتسب بذلك من الزكاة، ثم يقبض الطالب ذلك المال مما كان له عليه. قلت: أرأيت إن كان للطالب في المال الذي له على المطلوب شريك، فخاف الطالب أن يشركه فيما يقبض من هذا المطلوب، هل في هذا حيلة؟ قال: نعم؛ يهب المطلوب للطالب مالاً بقدر حصة الطالب مما عليه، ويقبضه منه الطالب، ثم يتصدق الطالب على المطلوب بما وهب له المطلوب، ويحتسب بذلك من الزكاة، ثم يهب للمطلوب ما عليه. قلت: وهذا عندك صحيح يجزئ من الزكاة؟ قال: نعم؛ ولا يُضمَّن الطالبَ شريكُه شيئاً. قلت: أرأيت رجلاً له على رجل مال فجحده المطلوب ذلك المال وحلف عليه عند القاضي، فوقع للمطلوب عند الطالب مال وديعة أو دين ليس له به بينة، أيسع الطالب أن يقبض من ذلك بقدر ما كان له (¬1) عليه؟ قال: نعم. قلت: فإن قدمه إلى القاضي فاستحلفه ما أودعه هذا مالاً أو ما كان لهذا عندك شيء، وينوي بذلك شيئاً آخر، أيسعه ذلك؟ قال: نعم؛ حدثنا (¬2) أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم قال: إذا استحلف وهو مظلوم فاليمين على ما نوى (¬3). قلت: أرأيت رجلاً كان له على رجل مائة دينار (¬4) من ثمن جاريتين، ثمن كل جارية خمسون (¬5) ديناراً، وعلى المطلوب صك آخر بخمسين، وقد جحد المطلوب الخمسين التي لا صك بها، فأراد الطالب أن يأخذ المطلوب بجميع المائة (¬6)، هل في ذلك وجه؟ قال: نعم؛ يوكل الطالب رجلاً غريباً لا يعرف بقبض المال من المطلوب، ويشهد على ذلك في العلانية، ثم يدعو الوكيل في السر، ويشهد عليه من يثق به أنه قد أخرجه من (¬7) الوكالة، ويتغيب الطالب (¬8). فإذا تغيب (¬9) قبض الوكيل المال، وقدم الطالب، فأقام ¬

_ (¬1) م ف - له؛ والزيادة من ل. (¬2) م ف - حدثنا؛ والزيادة من ل. (¬3) تقدم تخريجه قريباً. (¬4) م ف: مال دنانير. (¬5) م ف: خمسين. (¬6) م ف: ماله. (¬7) ف - من. (¬8) م: للطالب. (¬9) م ف - تغيب؛ والزيادة من ل.

بينة على إخراج الوكيل من الوكالة، فيأخذ المطلوب بالخمسين ديناراً الباقية مرة أخرى. قلت: أرأيت الرجل يكون له على الرجل مال فيجحده وأراد المطلوب أن يتغيب؟ (¬1) قال: يأخذ منه كفيلاً بنفسه، فإن لم يواف به مع كفيله فالكفيل وكيل المطلوب في خصومة الطالب ضامن لما أدرك (¬2) للمطلوب للطالب (¬3). قلت: أرأيت لو أنه كفل بنفس (¬4) المطلوب على أنه إن لم يواف به الطالب غداً عند القاضي فالمال الذي يدعيه الطالب وهو كذا وكذا درهماً على الكفيل؟ (¬5) قال: هذا أيضاً جائز. قلت: أرأيت إن اختلفا فقال الوكيل: قد وافيت به فلم تجئ، وقال الطالب: بل قد جئت فلم تواف به؟ قال: القول قول الطالب، والمال للكفيل لازم. قلت: أرأيت إن كانت الكفالة على ما وصفت، غير أن الكفيل قد اشترط على الطالب إن لم (¬6) يواف المطلوب فالكفيل بريء، ثم اختلفا في الموافاة؟ قال: فالكفيل ضامن للنفس (¬7) بريء من المال. قلت: فلو لم يكن هذا كما وصفت، ولكنه كفل بنفسه، فإن لم يواف فالكفيل بريء، ثم اختلفا في الموافاة؟ قال (¬8): فالقول فيه قول الكفيل. قلت: فهل في هذا شيء أوثق مما وصفت؟ قال: نعم؛ يضمن الكفيل المال الذي يدعيه الطالب على أنه إن (¬9) وافاه المطلوب غداً في مكان القاضي فهو من المال بريء. قلت: وجائز هذا؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً أراد أن يرهن نصف دار غير مقسومة أو نصف عبد؟ قال: يبيع من المرتهن نصف داره، ويقبضه المرتهن ثم يقيله إياه، ولا يدفعه إليه حتى يستوفي منه الثمن. قلت: فإن كان عبداً فمات في يدي المشتري؟ قال: يبطل عن المستقرض الثمن (¬10). ¬

_ (¬1) م ف ع: وأراد أن يتغيب المطلوب. (¬2) ع: أدركه. (¬3) ع - للطالب. (¬4) م ف: بنفسه. (¬5) م ف - على الكفيل. والزيادة من ع. (¬6) م ف: إذ لم. (¬7) م ف: بالنفس. (¬8) م ف - قال؛ والزيادة من ل. (¬9) م ف - إن؛ والزيادة من ل. (¬10) ل: الدين.

باب الوجه في الشفعة والثقة في ذلك

قلت: أرأيت رجلاً تكفّل بنفس رجل على أنه إن لم يواف به غداً فهو ضامن للألف التي للطالب على المطلوب فلم يواف به؟ قال: فهو ضامن. قلت: فهل يبطل هذا غيركم من القضاة؟ قال: نعم؛ بعض الفقهاء يبطل ذلك. قلت: وما الوجه في ذلك حتى يجوز ذلك في قولكم وقول غيركم؟ قال: يشهد عليه أنه ضامن للألف التي على المطلوب على أنه إن وافاه غداً فهو بريء، فيجوز ذلك في قول كل أحد. ... باب الوجه في الشفعة والثقة في ذلك قلت: أرأيت الرجل إذا أراد أن يشتري داراً وخاف أن يأخذها جارها بالشفعة، فكره أن يمنعه من ذلك فيظلمه، وكره أن يعطيه الدار فيدخل عليه ما يكره، كيف يصنع حتى لا يأثم في ذلك؟ قال: يتصدق البائع على المشتري ببيت في الدار (¬1) بطريقه، ثم يشتري منه بعد ذلك ما بقي من الدار، فلا يكون للشفيع فيها شفعة. قلت: أرأيت إن استحلفه القاضي ما دالست ولا والست؟ (¬2) قال: يحلف وهو صادق. قلت: فكيف يصدق وإنما يصدق (¬3) على المشتري؟ قال: لأنه إنما (¬4) فرّ من أن يظلم الشفيع حقه فصنع ما وصفت لك. قال: وسألت أبا يوسف عن رجل يريد شرى دار بألف وخاف أن ياخذها جارها بالشفعة فاشتراها بألف دينار من صاحبها وأعطاه بالألف دينار ألف درهم. قال: ذلك (¬5) جائز. قلت: فإن حلفه القاضي ما دالست ولا والست؟ قال: يحلف صادقاً. قلت: فهل في الشفعة ثقه غير ¬

_ (¬1) ف: بثلث الدار. (¬2) والس أي: خان. انظر: لسان العرب، "ولس". (¬3) م هـ + عليه بشرى. (¬4) م - إنما. (¬5) ف: هذا.

هذا؟ قال: نعم؛ يهب البائع الدار للمشتري بحدودها ويعوضه المشتري ألف درهم فلا تكون للشفيع فيها شفعة. قلت: أرأيت إن جاء الشفيع وقد اشترى المشتري (¬1) الدار ولم يلتمس المخرج في الشفعة شيئاً فأراد الشفيع أخذها، فقال المشتري للشفيع: إن أحببت أن أوليك هذه الدار فعلت (¬2)، فقال الشفيع: فإني أحب ذلك، فقال المشتري: لست أفعل، فقد سلمت الدار بطلبك إلي أن أوليك؟ قال: هو كما قال، قد سلم الشفعة بما طلب من التولية. قلت: أرأيت إن لم يفعل ذلك الطالب (¬3) ولكن أرسل إليه بذلك فقال ما وصفت؟ قال: هو إبطال لحقه في الشفعة. قلت: أرأيت إن كره المشتري الخصومة وأحب أن لا يخاصم جاره هل في ذلك وجه؟ قال: نعم؛ يأمر رجلاً أن يتولى الصفقة والشراء على ما وصفت لك من الأمر، ويوكله الآمر بقبض ما تصدق به عليه، فيعامله، ويظهر ذلك (¬4) الوكيل، ويتغيب الآمر، ويشهد الوكيل أن الدار للآمر وأنه لا حق له فيها. قلت: فإن جاء الشفيع يطلب من الذي في يديه الدار حقه من الشفعة؟ قال: ليس له ذلك. قلت: أرأيت إن كان الشرى صحيحاً ليس فيه صدقة وسلم الشفيع، غير أن المشتري خاف أن يبدو له فيطلب بالشفعة ويجحد التسليم، هل في ذلك وجه؟ قال: نعم؛ يبيع الدار من رجل غريب لا يعرف، ويتغيب المشتري ويوكل البائع بالاحتفاظ بها، ويشهد من يثق به أن الدار للبائع (¬5) وأن الشراء كان باطلاً. قلت: أرأيت إن كان (¬6) إنما باع الدار بعد ما خاصمه الشفيع في الشفعة؟ قال: لا يجوز ذلك (¬7). وقال أبو يوسف في رجل اشترى داراً وقبضها، ثم باعها هذا المشتري من رجل وقبضها (¬8) هذا المشتري الثاني، ثم دفعها إلى البائع الذي باعها منه بوكالة أو بإجارة وأشهد له على ذلك شهوداً وغاب، ثم جاء رجل ¬

_ (¬1) م ف - المشتري؛ والزيادة من ل. (¬2) ف: ففعلت. (¬3) م ف: للطالب. (¬4) ف + من. (¬5) م ف: للشافع. (¬6) م ف - إن كان؛ والزيادة من ل. (¬7) م: ذلك لا يجوز. (¬8) ف - ثم باعها هذا المشتري من رجل وقبضها.

يخاصم هذا البائع الذي الدار في يديه في شفعة الدار بالبيع الأول واستحق الدار ببينة؛ قال: أجعله خصماً، ولا يدفع عنه الخصومة إقامة البينة أنه قد باع ودفع ووكله المشتري بعد ذلك أو أجره؛ لأني لو (¬1) قضيت بأن الغائب اشترى وقبض ودفعها بوكالة أو بإجارة كنت (¬2) قد قضيت على الغائب بالشرى وألزمته ذلك وهو غائب، فهذا قبيح لا يستقيم. وقال أبو يوسف: إذا اشترى هذه الدار ثم باعها من رجل وقبضها المشتري ثم وكل بها (¬3) غير البائع ببينة لم يكن الوكيل خصماً لأحد في شفعة ولا استحقاق ولا غير ذلك. قلت: أرأيت الرجل يشتري الدار ولا يحب أن تؤخذ منه بالشفعة فوصفت له ما وصفت من الصدقة بالبيت والطريق ثم يشتري بعد ذلك ما بقي من الدار فخاف أن يستحلف ما دالست ولا والست؟ قال: يحلف ولا يضره؛ لأنه صادق وإنما فر من الظلم إذا صنع ما صنع. قلت: فهل تجد في هذا (¬4) وجهاً أوثق من هذا حتى لا يكون عليه يمين وحتى لا تؤخذ منه بالشفعة؟ قال: نعم (¬5)؛ يشتريها لولد (¬6) له صغير، ويجعل ثمن الدار دراهم، ويبيع بالثمن دنانير يعطي له البائع فيها، فلا يكون عليه يمين (¬7)، لأنه لو أبى (¬8) اليمين وقد قامت البينة على ¬

_ (¬1) م - لو؛ ف: لأني قد. (¬2) ف: كيف. (¬3) م ف: بهما. (¬4) م: من هذا. (¬5) ف ع + قال لا يحنث وهو صادق قلت فإن قال والله ما أبصر إلا ما سددني غيري يعني إلا ما بصرني ربي قال هو صادق لا يحنث قلت أرأيت رجلاً قال لأمته لا ذقت طعاما ولا شرابا حتى أضربك فلما سمعت ذلك الأمة أبقت كيف يصنع حتى لا يحنث قال يهب الرجل الجارية لابن له صغير أو ابنة له صغيرة ولا يحنث قلت فإن وهبها لابن له كبير أو باعها منه ثم أكل قال لا يحنث قلت أرأيت الرجل يشتري الدار ولا يحب أن تؤخذ منه بالشفعة فوصفت له ما وصفت من الصدقة بالبيت والطريق ثم يشتري بعد ذلك ما بقي من الدار فخاف أن يستحلف ما دالست ولا والست فقلت إنه يحلف ولا يضره لأنه إنما فر من الظلم فيصنع ما صنع قلت فهل تجد له حيلة حتى لا يكون عليه يمين ولا يؤخذ بالشفعة قال نعم. (¬6) م: لوان. (¬7) م ف - يمين؛ والزيادة من ل. (¬8) م: لو الى.

الثمن الذي (¬1) به اشترى الدار لم أصدقه على إبطال حق ابنه الصغير وقد قامت البينة على أصل الثمن. قلت: أرأيت إن لم يكن له ولد صغير هل في ذلك حيلة؟ قال: نعم؛ يوكل رجلاً بشراء هذه الدار (¬2) بثمن مسمى، ثم يشتريها الوكيل (¬3) بذلك الثمن وهو ضعف ما تساوي، ويبيعه بالثمن عروضاً، ويعطي بها دنانير، ويغلي له البائع. قلت: فإذا فعل هذا لم يلزمه يمين؟ قال: لا يلزمه اليمين إذا قامت البينة على أن الغائب وكله وأنه (¬4) اشتراها بهذا الثمن المسمى. قلت: أرأيت رجلاً ادعى قبل رجل في دار في يديه دعوى وهو يعلم أن المدعي مبطل، غير أن المدعي أحب أن يستحلفه متعنتاً، وليس للمدعي بينة على دعواه، فأحب الذي في يديه الدار أن لا يكون عليه يمين، هل في هذا حيلة؟ قال: نعم؛ يقر أن هذه الدار لابن له صغير، فإن كانت للمدعي بينة على دعواه قضي له، وإلا فلا يمين على الأب؛ لأنه لو أقر أنها للمدعي بعد إقراره لابنه لم يصدق، ولا تؤخذ منه الدار بإقراره. قلت: أرأيت رجلاً أراد أن يشتري داراً من رجل بعشرة آلاف درهم، فإن أخذ الشفيع الدار أخذها (¬5) بعشرين ألف درهم، وإن استحقت لم يرجع المشتري على البائع إلا بعشرة آلاف، هل عندك في هذا حيلة؟ قال: نعم؛ يشتري الدار بعشرين ألف درهم، وينقده تسعة آلاف درهم وتسعمائة وتسعة وتسعين درهماً (¬6)، وينقده ديناراً (¬7) بما بقي (¬8) من العشرين الألف درهم، فإن جاء الشفيع يطلب في الدار شفعة أخذها بعشرين ألفاً، وإلا فلا سبيل له على الدار. وإن استحق رجل هذه الدار رجع المشتري على البائع بما دفع ¬

_ (¬1) م ف - الذي؛ والزيادة من ل. (¬2) م ف ع + ببينة. (¬3) م: للوكيل. (¬4) م ف: فان. (¬5) م ف - بعشرة آلاف درهم فإن أخذ الشفيع الدار أخذها؛ والزيادة من ل. (¬6) ف + ودرهماً. (¬7) م ف - وينقده ديناراً؛ والزيادة مستفادة من ل. وعبارة ل: وينقد دينار. وهي على الصواب في المطبوعة. (¬8) م ف: ما بقي؛ والتصحيح من ل.

إليه، وهو تسعة آلاف وتسعمائة وتسعة وتسعون درهماً وديناراً. قلت: لم لا يرجع عليه بعشرين ألف درهم؟ قال: لأن البيع حيث استحق ونقض انتقض الصرف في الدينار. قلت: أرأيت لو لم يستحق هذه الدار ولكن المشتري وجد بهذه الدار عيباً فأراد ردها على البائع بكم يردها عليه؟ قال: يردها عليه بعشرين ألف درهم. قلت: أرأيت الرجل (¬1) يشتري الدار لغيره ويكتب في الشراء: وقد نقد فلان فلاناً الثمن كله وافياً من مال فلان الآمر، هل يضر هذا البائع؟ قال: نعم؛ أخاف عليه أن يجيء الآمر فيقول: أخذت مالي ولم آمر فلاناً أن يشتري شيئاً منها لي، فيأخذ منه المال الذي أقر بقبضه من المشتري. قلت: فإن ترك المشتري هذا الموضع في كتاب الشراء فكتب: وقد نقد فلان فلاناً الثمن كله وافياً، ولم يذكر أنه من مال فلان الغائب؟ قال: هذا ليس فيه ثقة (¬2) للغائب. قلت: فإن خاف أن يأخذه المشتري بما نقد فيقول: نقدت عنك من مالي، فأنا أرجع عليك بذلك؟ قال: إذاً (¬3) يكون للوكيل. قلت: فكيف الحيلة في هذا حتى لا يكون فيه ضرر على البائع ولا على الآمر بشراء الغائب؟ قال: يكتب: قد نقد فلان فلاناً الثمن كله وافياً، ولا يكتب من مال من هو، فإذا ختم الشهود وشهدوا على الشرى وقبض الثمن (¬4) أقر المشتري بعد ذلك أن ما نقد من الثمن إنما هو من مال الآمر، فهذا عدل بينهم، وهو ثقة للغائب الآمر بالشرى والبائع الحاضر إذا شهدت على ذلك الشهود (¬5). قلت: أرأيت لو كان مكان الدينار ثوب أو دار أو عبد ¬

_ (¬1) م ع: الرجلين. (¬2) م ف: منه نقد. (¬3) م ف ع: أولاً. (¬4) م ف - كله وافيا ولا يكتب من مال من هو فماذا ختم الشهود وشهدوا على الشرى وقبض الثمن؛ والزيادة من ل. (¬5) م ف + وإذا أراد رجل شرى دار من رجل بعشرين ألف درهم وأراد إن استحقت الدار من المشتري أن لا يرجع المشتري على البائع إلا بعشرة آلاف درهم وإذا أراد الشفيع أخذ هذه الدار بالشفعة من المشتري أخذها منه بعشرين ألف درهم قال يشتريها المشتري بعشرين ألف درهم ويعطيه جميع الثمن تسعة آلاف وتسعمائة وتسعة وتسعين=

باب الأيمان التي تستحلف النساء أزواجهن بها وغير ذلك

أو عرض من العروض أكان يكون صحيحاً مستقيماً على ما يستقيم فيه الدينار؟ قال: لا؛ لو كان مكان الدينار عرض من العروض فاستحق رجع المشتري على البائع بعشرين ألف درهم. ألا ترى أن رجلاً لو ادعى أن له على رجل مائة درهم فباعه بذلك ديناراً، ثم تصادقا على أنه لم يكن عليه شيء، رد الطالب على المطلوب ديناراً. ولو كان المطلوب باع الطالب بالمائة الدرهم عرضاً من العروض ثم تصادقا على أنه لم يكن له شيء رجع المطلوب (¬1) على الطالب (¬2) بمائة درهم. ... باب الأيمان التي تستحلف النساء أزواجهن بها وغير ذلك قلت: أرأيت الرجل يريد أن يغيب فتقول له امرأته: كل جارية تشتريها فهي حرة (¬3) حتى ترجع إلى الكوفة، كيف يصنع الزوج؟ قال: يقول: نعم، يعني نعم (¬4) بني تغلب، أو يعني نعم (¬5) بعض أحياء العرب. قلت: فإن أبت إلا أن يكون الزوج هو الذي يقول: كل جارية أشتريها فهي حرة؟ قال: {وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ} فليفعل ذلك وليعن بذلك كل سفينة جارية، فإن الله يقول: (¬6)، وذلك السفن. قلت: أرأيت رجلاً قال لامرأته: كل امرأة أتزوجها عليك فهي طالق، يعني بذلك كل امرأة أتزوجها على رقبتك؟ قال: إذاً لا يحنث ¬

_ = درهماً وديناراً فيكون الشفيع إن شاء أخذها بعشرين ألف درهم وإن شاء ترك وإن استحقت الدار من يدي المشتري لم يرجع على البائع إلا أنه أعطى وهو تسعة آلاف وتسعمائة وتسعة وتسعين درهماً وديناراً لأن البيع غير مبطل واستحق انتقض الصرف في الدينار. (¬1) ع - المطلوب. (¬2) م: رجع الطالب على المطلوب. (¬3) م: حرم. (¬4) م ف - نعم؛ والزيادة من ل. (¬5) م - نعم. (¬6) سورة الرحمن، 55/ 24.

إن تزوج على غير رقبتها. قلت (¬1): فإن كان إنما عنى أن لا أتزوج على طلاقك؟ قال (¬2): فإن فعل (¬3) لم يحنث فيما بينه وبين الله. قلت: أرأيت لو قال: كل جارية أطؤها فهي حرة حتى أرجع إليك (¬4)، وكل امرأة أطؤها فهي طالق؟ قال: فإن تزوجها ووطئ واشترى لم يحنث بذلك عندنا في القضاء ولا فيما بينه وبين الله. قلت: فإن قال: كل (¬5) امرأة أتزوجها فأطؤها فهي طالق حتى أرجع إلى الكوفة؟ قال: هذا حانث إلا أن يعني: فأطؤها بقدمي. قلت: فإن عنى به ذلك؟ قال: يدين فيما بينه وبين الله تعالى. قلت: أرأيت إن قال: كل امرأة أتزوجها طالق حتى أرجع إليكم (¬6)، كيف يصنع؟ قال: يقول: أكل (¬7) امرأة أتزوجها فهي طالق حتى أرجع إليكم، فيكون ذلك من الحالف استفهاماً للألف التي زادها من عنده (¬8). قلت: فإن قال: كل امرأة أتزوجها (¬9) طالق حتى أرجع إليكم (¬10)، [وعنى: حتى أرجع إليكم] (¬11) من الولاية؟ (¬12) قال: هذا مخرج جيد. قلت لأبي يوسف: فإن قال: حتى أرجع إليكم، عَنَى لزومه (¬13) إليكم؟ قال: جيد، وهذا مخرج (¬14). قال أبو يوسف (¬15): قلت: فإن قالت هي له: كل امرأة تتزوجها فهي طالق (¬16) حتى ¬

_ (¬1) م ف - قلت؛ والزيادة من ل. (¬2) م ف - قال؛ والزيادة من ل. (¬3) ف: فإن لم يفعل. (¬4) م ف - حتى أرجع إليك؛ والزيادة من نسخة ملا جلبي. وعبارة ل: حتى أرجع البلد. (¬5) م ف - كل؛ والزيادة من ل. (¬6) م ف: إليهم. (¬7) م ف ل: كل. والتصحيح من دوام العبارة. (¬8) ل: زادها في أول حلفه. (¬9) م ف: يتزوجها. (¬10) م ف - حتى أرجع إليكم؛ والزيادة من ل. (¬11) الزيادة من المطبوعة. (¬12) أي: أراجعكم في شانه وأسألكم رأيكم فيه. (¬13) م ف: لزمه؛ ط: لزمة. والكلمة غير واضحة تماماً في نسخة ل. وهي ساقطة من نسخة ملا جلبي. ولعل الصواب ما أثبتناه ـ (¬14) ط: قال أبو يوسف وهذا مخرج جيد. (¬15) ط - قال أبو يوسف. (¬16) م ف - من الولاية قال هذا مخرج جيد قلت لأبي يوسف فإن قال حتى أرجع إليكم عنى لزومه إليكم قال جيد وهذا مخرج قال أبو يوسف قلت فإن قالت هي له كل امرأة تتزوجها فهي طالق؛ والزيادة من ل.

ترجع إلينا، فقال: نعب (¬1)، وظنت المرأة أنه يقول: نعم؟ قال (¬2): هذا أيضاً مخرج جيد. قلت: فإن قالت: احلف لي بالمشي إلى بيت الله؟ قال: إن قال: أنا أمشي إلى بيت الله إن فعلت كذا وكذا، يعني (¬3) بقوله: أنا أمشي، عنده (¬4)، وليس ينوي إيجاباً، لم يحنث إن فعل. قلت: فإن فعل ما وصفت لك يعني (¬5) مسجد حيه؟ قال: لا يضره ذلك (¬6). قلت: أرأيت الرجل يتهم خادمه (¬7) أنها سرقت مالاً، فقال: أنت حرة إن لم تَصْدُقيني، وخاف المولى أن لا تصدقه فتعتق، ما الحيلة في ذلك؟ قال: تقول الجارية: قد سرقته، ثم تقول بعدُ: لم أسرقه، فلا يكون بد من أن تكون قد صدقته في أحد الكلامين. قلت: أرأيت رجلاً قال لامرأته: أنت طالق إن بدأتك بالكلام (¬8)، وقالت له المرأة: وإن ابتدأتك بالكلام ففلانة جاريتي حرة، أو قالت: فكل مملوك أملكه إلى ثلاثين سنة حر، هل في هذا حيلة؟ قال: نعم؛ يبدأ الزوج المرأة بالكلام، ثم تجيبه المرأة، فلا يحنث واحد منهما. قلت: ولم صار هذا هكذا؟ قال: لأن الزوج حين حلف ثم حلفت المرأة فقد كلمته بالحلف، وصارت مبتدئة له، فصارت حالفة لابتدائها، فلما كلمها الزوج لم يحنث، وصار الزوج قد كلمها بعد حلفها (¬9). قلت: أرأيت الرجل يقول لامرأته: إن خرجت من داري أبداً فأنت طالق ثلاثاً، كيف يصنع؟ قال: يطلقها واحدة، فإذا انقضت عدتها خرجت، ثم يتزوجها بعد ويدخل عليها وتخرج متى ما شاءت فلا تطلق. قلت: فإن ¬

_ (¬1) ف: نعم. (¬2) م ف - قال؛ والزيادة من ل. (¬3) م ف - يعني؛ والزيادة من ل. (¬4) ط: استفهاما. والمقصود بقوله "عنده" أي أنه يستطيع أن يمشي إلى بيت الله في ظنه. وقد يكون المقصود به الاستفهام. وقد سبق استعمال كلمة "عنده" قريبا من هذا المعنى. انظر: 7/ 33 ظ. (¬5) ف: ينوي. (¬6) م - ذلك. (¬7) ع: جارية. (¬8) م ف: الكلام. (¬9) م ف - بعد حلفها؛ والزيادة من ل.

باب الوصي والوصية والثقة في ذلك

قال: أنت طالق إن خرجت من الدار إلا بإذني، فخاف أن يأذن لها ثم تخرج مرة أخرى بغير إذنه فيحنث؟ قال: يقول: قد أذنت لك في الخروج أبداً كلما شئته. قلت: أرأيت الرجل يبلغ صديقه أو أخاه أنه يشكوه ويقع فيه، وقد فعل، فقال المبلغ عنه لأخيه: والله الذي لا إلله إلا هو إن الله ليعلم ما قلت لك من شيء، يعني: إن الله يعلم كل شيء يقوله؟ قال: هو صادق ولا شيء عليه (¬1). قلت: أرأيت إن قال: والله إني لأجلس فما أقوم حتى أقام، يعني: يقويني الله على ذلك فيقيمني؟ قال؛ لا يحنث وهو صادق. ... باب الوصي والوصية والثقة في ذلك (¬2) قلت: أرأيت الوصي إذا كان للميت عنده شهادات هل تجوز شهادة الوصي بذلك؟ قال: لا. قلت (¬3): وكذلك الوكيل لا تجوز شهادته للموكل فيما وكل به؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان الورثة حيث شهد الوصي كباراً (¬4) لم تجز شهادته مع آخر عدل؟ قال: نعم؛ شهادته في شيء من ذلك لا تجوز. قلت: ولو شهد الوصيان وهما ابنا ابن (¬5) الميت بدين أدانه لابن ابن الميت كبيراً أجزت ذلك؟ قال: نعم؛ وإن كان الابن صغيراً لم يجز. قلت: فكيف ينبغي للقاضي أن يصنع إذا جاءه الوصيان فقالا: إن للميت عندنا شهادات في حقوق له، وما الوجه في ذلك؟ قال: إن كانا لم يقبلا الوصية بعد فإنه يخرجهما من الوصية ويجعل مكانهما غيرهما، ثم تجوز شهادة (¬6) الوصيين بعد ذلك للميت وإن كان الورثة صغاراً أو كباراً (¬7). ¬

_ (¬1) م ف: له. (¬2) م ع - والثقة في ذلك. (¬3) م ف - قلت؛ ووقع في ل ونسخة ملا جلبي: قال. وهي على الصواب في المطبوعة. (¬4) م ف: كان. (¬5) ع - ابن. (¬6) م ف: شهادته. (¬7) ف: وكبارا.

وإن كانا قد قبلا الوصية لم تجز شهادتهما ولم يخرجهما. قلت: أرأيت إذا كانا الوصيان يعلمان أن لرجل (¬1) أجنبي على الميت ديناً (¬2) فقضياه، ثم جاءا يشهدان أن ذلك الدين الذي قضياه للطالب كان على الميت؟ (¬3) قال: لا تجوز شهادتهما في ذلك، وهما ضامنان للمال. ولو كانا شهدا قبل أن يدفعا المال جازت شهادتهما. قلت: وكذلك لو شهدا أن الميت أوصى لرجل بوصية كان مثل شهادتهما والدين؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الوصيين إذا قبلا الوصية ثم أرادا أن يخرجا منها ألهما ذلك؟ قال: لا. قلت: فكيف يصنعان حتى يخرجا منها إن أرادا؟ قال: ليس لهما في ذلك وجه، غير أنهما إن اختارا رجلاً وكيلاً لهما في وصية الميت يقوم مقامهما فيجوز ذلك. قلت: أرأيت المريض إذا أراد أن يجعل فلاناً وصيه بالكوفة وفلاناً رجل آخر وصيه بالشام وفلاناً رجل آخر وصيه بالحجاز أيجوز ذلك؟ (¬4) قال: نعم؛ كل هؤلاء الثلاثة أوصياء في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وليس لواحد من هؤلاء الثلاثة أن يقتضي ولا يبيع ولا يشتري ولا يتقاضى شيئاً للميت إلا بوكالة من صاحبيه أو بمحضر منهما أو برضى منهما. وقال محمد: كل واحد منهما وصي فيما جعل فيه خاصة. وقال أبو حنيفة: ليس لواحد منهم أن يبيع شيئاً حتى يجتمعوا، فإن وكل بعضهم بعضاً جاز ذلك. وقال أبو يوسف: بيع كل واحد من الوصيين وشراه وحده جائز. قلت: فكيف الوجه للمريض ولهؤلاء الأوصياء الثلاثة المتفرقين في هذه البلدان وأمواله بها وقد أراد أن يكونوا أوصياء له كل واحد منهم في البلد التي هو بها وصي على حدة؟ (¬5) قال: ليس في ذلك وجه إلا وجه واحد: أن يشهد أن هؤلاء الثلاثة أوصياءه في جميع ما ترك في هذه ¬

_ (¬1) م ف: أن الرجل. (¬2) م ف - دينا؛ والزيادة من ل. (¬3) م ف ع + فقضاه ثم جاءا يشهدان أن ذلك الدين الذي قضياه للطالب كان على الميت. (¬4) م ف - أيجوز ذلك؛ والزبادة من ل. (¬5) ع: على حدته.

البلدان (¬1) كلها، وأنه إن غاب منهم واحد أو اثنان أو مات واحد أو اثنان أن الباقي منهم وصي في جميع تركة الميت وفي جميع هذه البلدان، وأنه كلما حضر واحد من هؤلاء الأوصياء فهو (¬2) وصي وحده، وله أن يقبض ويقبّض ويبيع للورثة ويشتري. فإذا فعل ذلك كان لكل واحد منهم أن يقبض (¬3) مال الميت في البلد الذي هو فيه وبغيره (¬4) وحده، ويبيع ما أحب من تركة الميت وحده. قلت: أرأيت الرجل يوصي فيقول: اشهدوا أن فلاناً وصيي إن حدث بي حدث الموت، فإن لم يقبل فلان ففلان رجل آخر وصيي؟ قال: هذا جائز عندنا على ما سمى، ولست آمن بعض القضاة أن يبطل ما ذكرت. قلت: فكيف يصنع المريض ويستوثق حتى لا يرد ذلك أحد من القضاة؟ قال: يشهد أنهما وصيان جميعاً على أنه إن لم يقبل وقبل الآخر فالذي قبل منهما وصي وحده، ويشهد إن أحب. قلت: أرأيت إن قبلا جميعاً؟ قال: هما وصيان. قلت: ولكل واحد منهما أن يتقاضى وحده ويبيع وحده ويقضي ويخاصم ويوكل وحده ويجوز على ما سميت؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل إذا كان قد أوصى (¬5) إلى رجل بأنه وصيه بالكوفة وأوصى إلى آخر أنه وصيه بالحجاز فمات المريض على ذلك؟ قال: هما وصيان في جميعِ تركة الميت بالكوفة وغيرها، وليس لواحد منهما أن يحدث في الوصية شيئا ببيع ولا اقتضاء ولا إنفاذ وصية إلا بمحضر من صاحبه في قول أبي حنيفة. وقول أبي يوسف: لكل واحد منهما أن يحدث ما شاء وحده بما أمر به الميت. قلت: أرأيت إن وكل أحدهما (¬6) صاحبه بان يعمل برأيه ويتقاضى ويبيع ما رأى بيعه بالكوفة، ووكل هذا الكوفي ¬

_ (¬1) ع + وأمواله بها وقد أراد أن يكونوا أوصياء له كل واحد منهم في البلاد التي هو لها وصي على حدته قال ليس في ذلك وجه ثقة إلا وجه واحد أن يشهد أن هؤلاء الثلاثة أوصياء. (¬2) م: وهو. (¬3) م ف: أن يقتضي. (¬4) م: ويعيده ـ وصُحح فوق السطر. (¬5) م ف + أنه أوصى. (¬6) م: ان كل احداهما.

الحجازي بأن يعمل برأيه ويبيع ويتقاضى ما كان بالحجاز، أيجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً أوصى إلى رجل ثم أتى على ذلك زمان ثم أوصى إلى آخر بعد ذلك؟ قال: هما وصيان جميعاً الأول والآخر. قلت؛ فهل يقول غيركم: الآخر وصيه وحده؟ قال: نعم. قلت: وكيف يصنع حتى يكون ثقة إذا أراد الرجل أن يوصي إلى رجل وقد كان له قبل ذلك وصي وأوصى إلى غير هؤلاء، وأراد أن يبطل كل وصية كانت له قبل اليوم؟ (¬1) قال (¬2): يوصي بما أحب، ويسمي أوصياءه (¬3)، ويكتب في وصيته أنه قد أبطل كل وصية كانت منه قبل ذلك، وأخرج كل وصي أوصى إليه من وصيته إلا هذا الذي سمى في كتابه هذا، ويشهد على ذلك، ويكتب تاريخ الوصية. قلت: أرأيت رجلاً أوصى بعتق عبد له إن مات في سفره هذا كيف يصنع؟ قال: يقول: إن مت في سفري هذا ففلان حر. قلت: فيكون للمولى أن يبيع عبده قبل أن يرجع من سفره؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الوصي إذا خاف بعض الفقهاء أن يسأله عن بعض ما وصل إليه من مال الميت ثم يسأله البينة على ما أنفق على الورثة وما قضى من الدين كيف يصنع؟ قال: يكون الوارث يتولى بيع التركة وقضاء الدين والنفقة، فلا يسأل الوصي عن شيء؛ لأنه لم يله. والثقة غير ذلك أيضاً للوصي أن لا (¬4) يشهد على نفسه بوصول شيء إليه، فلا يكون عليه سبيل. قلت: أرأيت إن كان إنما بيع المتاع بأمره وقضاء الدين بأمره، وأراد أن يستحلف الوصي ما قبضت ديناً، ولا وصل إليك من تركة الميت، ولا ¬

_ (¬1) م ف - وأوصى إلى غير هؤلاء وأراد أن يبطل كل وصية كانت له قبل اليوم؛ والزيادة من ل. (¬2) م ع - قال. (¬3) م ف - يوصي بما أحب ويسمي أوصياءه؛ والزيادة من ل. (¬4) ع: ولا.

بعت، ولا أمرت بشيء من ذلك يباع، ولا وكلت به رجلاً، كيف يصنع؟ قال: إن كان مظلوماً وكان قد وضع التركة موضعها على حقوقها وسعه أن يحلف وينوي غير ما استحلف عليه، وإن كان ظالماً لم يضع الأشياء مواضعها لم يسعه أن يحلف على شيء من ذلك. وكذلك حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم (¬1). قلت: أرأيت الوصي أله أن يزكي مال اليتيم صغيراً أو كبيراً؟ قال: لا. قلت: فإن فعل ضمن ما زكى؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن أعطى عنه صدقة الفطر؟ قال: نعم في القياس، ولكن أبا حنيفة استحسن أن يعطي صدقة الفطر ولا يضمن. وقال محمد: هذا ضامن. قلت: أرأيت إن ضحى عنه والوارث صغير؟ قال: لا يكون ضامناً كذلك، وهذا والباب الأول سواء في القياس، غير أني أستحسن في هذا أن لا أضمنه؛ لأنه طعام كله. قلت: وكذلك الأب في هذا مثل الوصي؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الوصي إذا أراد أن يدفع إلى الورثة (¬2) أموالهم ويكتب عليهم البراءة من كل قليل وكثير أيهما أوثق له، أن يسمي ما جرى على يديه وما أنفق وما أعطاهم، أو يكتب "كل قليل وكثير" ولا يسمي شيئاً؟ قال: بل يكتب البراءة من كل قليل وكثير ولا يسمي شيئاً، فإنه أوثق. قلت: لم؟ قال: لأني لا آمن أن يلحق الميت دين أو يجيء وارث أو صاحب وصية فيضمن الوصي ما دفع إلى الورثة. قلت: أرأيت رجلاً أوصى إلى رجل في تقاضي دينه على الناس ويصالحهم ويكتب عليهم الصكاك وله ورثة فأراد أن يسمي وصيه (¬3) في كل صك بعينه كيف يكتب؟ قال: يكتب (¬4) في آخر الصك "أن فلان بن فلان وصيه في (¬5) تقاضي جميع ما له من الدين في هذا الصك وغيره", وإن أراد ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه قريباً. (¬2) م: إلى الوارثة. (¬3) م: وصيته. (¬4) م ف - يوصي بما أحب ويسمي أوصياءه؛ والزيادة من ل. (¬5) م ف + كل.

أن يجعله وكيله في حياته كتب "ووكيله أيضاً في قبض ذلك والخصومة في حياته". قلت: أرأيت إن كان الصك لرجلين فكتبا "وقد أقر (¬1) فلان وفلان أنه إن غاب واحد منهما أو حدث به (¬2) حدث الموت (¬3) أن الباقي منهما وكيله في قبض هذا الدين وغيره والخصومة فيه، ووصيه في الدين وغيره بعد موته"؟ قال: جائز. قلت: أرأيت رجلاً له على رجل مال فمرض الطالب فأحب أن يوصي للمطلوب بما عليه من الدين، فخاف المريض أن لا يجيز ورثته ذلك، وله مال كثير يخرج الدين من الثلث، وخاف أن يقول الورثة: لم يدع الميت شيئاً غير هذا الدين، كيف يصنع الذي عليه الدين؟ قال: يشهد المريض أنه قد استوفى ما له على فلان منه، فيجوز ذلك. قلت: أرأيت إن قال المريض: لم يكن لي على فلان شيء قط، أيجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن أراد أن يعتق عبداً له وله مال يخرج العبد من الثلث وخاف أن يقول الورثة: لم يدع الميت شيئاً غير هذا العبد، كيف يستوثق المريض لعبده المعتق؟ قال: إن شاء المريض باع العبد من رجل يثق به وقبض الثمن ثم وهبه للمشتري (¬4) ويعتق المشتري العبد. قلت: أرأيت إن كان على الميت دين وله وفاء وفضل يخرج العبد من ثلثه، فخاف (¬5) المريض أن يغيب ماله ثم يقول الورثة: أعتق العبد، ولا مال له غيره ولا يجوز له إقراره للعبد أنه قد قبض منه الثمن؟ قال: إن خاف ذلك سيده على عبده باعه من نفسه بثمن وقبض الثمن بمحضر من الشهود وأشهدهم على ذلك المريض، ثم يهب المريض للعبد في السر ما قبض منه من الثمن. قلت: أرأيت إن لم يكن للعبد ما يدفعه إلى سيده كيف يصنع؟ قال: يهب السيد لعبده في السر مالاً فيقبضه منه، ثم يدفعه إليه، ثم يبيعه بمال نفسه ويقبض منه الثمن بمحضر من الشهود، ويبرئ السيد العبد مما عليه من الثمن (¬6) ¬

_ (¬1) م ف: أمر. (¬2) م ف - به؛ والزيادة من ل. (¬3) م ف: موت. (¬4) م ف: ثم يبيعه المشتري. (¬5) م ف: يخاف. (¬6) م ف: من نفسه.

باب الوجه في الذمي يوصي إلى المسلم

فيما بينه وبينه. قلت: أرأيت السيد إن أراد لا يعتق عبده، وأراد أن يجعله لورثته كيف يصنع ويستوثق من أمره؟ قال: يعطي المريض وارثه مالاً في السر، ثم يبيع العبد من هذا الوارث، ويشهد له بيعاً ظاهراً بثمن مسمى، ويقبض الثمن بمحضر من الشهود، فيجوز ذلك. ... باب الوجه في الذمي يوصي إلى المسلم قلت: أرأيت رجلاً مسلماً أوصى إليه ذمي وقد ترك خمراً كيف يصنع المسلم بالخمر وهو يخاف عليها الفساد إن لم تبع؟ قال: يوكل الوصي المسلم رجلاً من أهل الذمة ليبيعها من أهل الذمة. قلت: فإذا فعل ذلك جاز ذلك للوصي؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كانت الخمر لنصراني فأسلم وهي عنده كيف يصنع؟ قال: يخللها، ولا يسعه أن يبيعها ولا يهبها لأحد. وقد بلغنا عن إبراهيم أنه قال: لا يهدى إلى اليهودي الميتة. وبلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن عائشة سألته عن أكل شيء، فنهاها، فذهبت تصدق به، فقال: "يا عائشة، لا تعطينهم (¬1) ما لا تكلين" (¬2). قلت: أرأيت الذمي إن أراد أن يسلم وعنده خمر كثير كيف يصنع؟ قال: يبيعها من رجل من أهل الذمة ثم يسلم، فيجوز ما صنع من ذلك. قلت: وكذلك إن كانت عصيراً فخاف أن تصير خمراً فباعها من رجل من أهل الذمة ثم أسلم؟ قال: نعم؛ لا بأس بذلك؛ لأنه فر من الإثم فأحرز دينه (¬3). ¬

_ (¬1) ف: لا تطعميهم. (¬2) تقدم تخريجه قريباً. (¬3) م ف + آخر الكتاب والحمد لله رب العالمين. تكررت نفس العبارة بتغيير طفيف من قوله: "قلت: أرأيت رجلاً مسلماً أوصى إليه ذمي وقد ترك الميت خمراً ... قال: نعم ولا بأس له بذلك إنما فر من الإثم" فيما مضى من كتاب الحيل. انظر: 7/ 7 ظ.

كتاب اللقطة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب اللقطة محمد بن الحسن عن أبي يوسف عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال في اللقطة: يُعَرِّفُها حولاً، فإن جاء صاحبها وإلا تصدّق بها، فإن جاء صاحبها فهو بالخيار، إن شاء أنفذ الصدقة، وإن شاء ضمّنه (¬2). قال: وحدثنا ليث بن أبي سليم عن عامر بن شقيق عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود أنه اشترى جارية بسبعمائة أو بثمانمائة، فذهب صاحبها فلم يقدر عليه، فخرج ابن مسعود بالثمن في صرة، فجعل يتصدق به، ويقول: لصاحبها، فإن (¬3) أبى فَلَنَا، وعلينا الثمن. فلما فرغ قال: هكذا يصنع باللقطة (¬4). محمد عن أبي يوسف عن داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) روي نحوه عن عمر وعلي - رضي الله عنهما -. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 10/ 139. وهناك عدة أحاديث مرفوعة في اللقطة. انظر: صحيح البخاري، اللقطة؛ 1 - 4، 9 - 11؛ وصحيح مسلم، اللقطة، 1 - 10؛ والدراية لابن حجر، 2/ 140 - 141. (¬3) ز: إن. (¬4) المصنف لعبد الرزاق، 10/ 139؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 335.

سعيد مولى أبي أَسِيد (¬1) قال: وجدت خمسمائة درهم بالحرة، وأنا مكاتب. قال: فذكرت ذلك لعمر بن الخطاب. فقال: اعمل بها وعرفها. قال: فعملت بها حتى أديت مكاتبتي، ثم أتيته فأخبرته بذلك. فقال: ادفعها إلى خزان بيت المال. قلت: أرأيت الرجل يجد اللقطة كيف يصنع بها؟ قال: يعرفها حولاً، فإن جاء صاحبها دفعها إليه، وإن لم يجئ فهو بالخيار، إن شاء أمسكها حتى يجيء صاحبها، وإن شاء تصدق بها على أن صاحبها بالخيار إذا جاء (¬2)، إن شاء اختار الصدقة، وإن شاء اختار الضمان. قلت: فإن اختار الضمان فله أن يضمن الذي تصدق بها؟ قال: نعم. قلت: فهل بلغك في هذا أثر؟ قال: بلغني عن ابن مسعود الحديث الأول. قلت: أرأيت إذا وجد اللقطة فجاء صاحبها، وهي دنانير أو دراهم، فسمى رجل وزنها وعددها ووكاءها ووعاءها، فأصاب ذلك كله، هل ينبغي للذي هي في يديه أن يدفعها إليه؟ قال: إن شاء دفعها إليه وأخذ بها منه كفيلاً. قلت: فإن أبى أن يدفعها إليه حتى يقيم البينة أنها له هل يجبر الذي هي في يديه على أن يدفعها إليه؟ قال: لا. قلت: أوَلا ترى أن الطالب قد استحقها حين أصاب صفتها فصدقه؟ (¬3) قال: لا، لم يستحقها بذلك. قلت: فإن (¬4) صدقه فدفعها إليه، ثم جاء آخر فأقام البينة أنها له، هل هل يضمن الذي كان التقطها؟ قال: نعم. قلت: فإذا ضمنه أيرجع بها على من دفعها إليه؟ قال: نعم. قلت: ولصاحب البينة أن يضمن الذي التقطها إن شاء وإن شاء الذي قبضها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل إذا التقط اللقطة مما لا يبقى، إذا أتى عليها يوم ¬

_ (¬1) م ز: بني أسيد؛ ف: بني أسد. وفي الكافي، 1/ 129 ظ: أبي سيد. وعند السرخسي: أسيد. انظر: المبسوط، 11/ 4. والصحيح ما ذكرناه. انظر لترجمة هذا الراوي: الطبقات الكبرى لابن سعد، 7/ 128؛ والكنى والأسماء لمسلم بن الحجاج، 1/ 368. (¬2) ف - إذا جاء. (¬3) ز: فتصدقه. (¬4) ز: إن.

أو يومان فسدت؟ قال: يعرفه، حتى إذا خاف أن يفسد تصدق به. قلت: فإن وجد شاة أو بقرة أو بعيراً أو حماراً (¬1) أو بغلاً فحبسه وعرّفه، فأنفق عليه، فجاء صاحبه فأقام عليه البينة أنه له، هل عليه نفقته؟ (¬2) قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه قد أنفق عليه بغير أمر السلطان. قلت: أرأيت إن دفعها الذي التقطها إلى القاضي، فقال للقاضي: هذه دابة قد وجدتها وأنا أكره أن أنفق عليها، وأقام البينة أنه التقطها، فأمره القاضي أن ينفق عليها، كم يأمر أن ينفق عليها (¬3) وكم يحبسها؟ قال: يأمره على قدر ما يرى يوماً أو يومين أو ثلاثة، ويأمره أن ينفق عليها بقدر ما يصلحها، فإن جاء صاحبها الذي هي له دفعها إليه، وإلا فإنه يبيعها. وهذا في الشاة ونحوها. وأما الغلام والدابة فيؤاجره وينفق عليه، فإذا باعها فإن جاء صاحبها كان له الثمن. قلت: فما حال نفقة ذلك الرجل؟ قال: الذي أنفق في اليومين والثلاثة دين في الثمن. [قلت:] يعطيه إياه القاضي من الثمن؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن أنفق عليها يومين أو ثلاثة أو أكثر من ذلك بأمر القاضي، ثم جاء صاحبها فأقام البينة أنها له، فقضى القاضي له، هل يقضي (¬4) على صاحب الدابة بتلك النفقة التي أنفقها على دابته؟ قال: نعم. قلت: فإن قال الذي في يديه الدابة: لا أدفعها إليك حتى تعطيني النفقة، أله ذلك؟ قال: نعم. قلت: فإن التقط الرجل اللقطة أو وجد الدابة ضالة أو وجد صبياً حراً أو ضالاً فرد ذلك كله إلى أهله، هل يكون في ذلك جُعْل (¬5) كما يكون في الآبق؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن (¬6) الآبق (¬7) يذهب متعمداً وليس هو كمن ضل. قلت: فهل يرضخ لصاحب اللقطة والضالة؟ قال: إن ¬

_ (¬1) م ف: أو جملا؛ ز - أو حمارا. والتصحيح من الكافي، 1/ 129 ظ؛ والمبسوط، 11/ 9. (¬2) ز: نفقة. (¬3) ز - كم يأمر أن ينفق عليها. (¬4) ز: هل يقضا. (¬5) ز: جعلا. (¬6) م + الابن الضال. (¬7) ز + الضال.

عوضتَ (¬1) صاحبه شيئاً فما أحسن ذلك. ولست أجبره على ذلك في قليل ولا كثير. قلت: فإن وجد الرجل بعيراً ضالاً أيأخذه فيعرفه أو يتركه؟ قال: بل يأخذه فيرده إلى اهله، ولا يتركه فيضيع. قلت: أرأيت الرجل إذا التقط صبياً لا يدري هو (¬2) حر أم مملوك، كيف حاله وليس يعرف أهله ولا يدري (¬3) لمن هو، وكيف يصنع به؟ قال: هو حر. قلت: لم؟ قال: لأنه بلغنا عن علي بن أبي طالب وعن عمر بن الخطاب أنهما جعلا اللقيط حراً. محمد عن أبي يوسف عن الأشعث بن سوار عن الحسن أن علياً أتاه إنسان باللقيط (¬4)، فأعتقه، وقال: لأن أكون وليت منه مثل الذي وليت أحب إلي من كذا وكذا (¬5). أبو يوسف عن الحجاج عن الزهري عن سُنَيْن أبي جميلة (¬6) قال: أتي (¬7) عمر بن الخطاب بمنبوذ، فأعتقه (¬8). قلت: أرأيت ما أنفق عليه هل يكون ذلك ديناً؟ قال: لا، ولكنه متطوع فيما أنفق. قلت: فإن أنفق عليه ذلك بأمر القاضي هل يكون ذلك ديناً عليه؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) وعبارة الحاكم والسرخسي: إن عوضه انظر: الكافي، 1/ 129 ظ؛ والمبسوط، 11/ 10. (¬2) ز: لا يدر أهو. (¬3) ز: يدرا. (¬4) ز: بلقيط. (¬5) نحوه في المصنف لعبد الرزاق، 7/ 450، ولم يذكر قوله. وانظر للتفصيل: نصب الراية للزيلعي، 3/ 465؛ والدراية لابن حجر، 2/ 140. (¬6) م ف: سفين بن أبي جميلة؛ ز: سفيان بن أبي جميله. والتصحيح من كتاب العتق. انظر: 3/ 156 ظ. وانظر كتب الرجال. (¬7) ز: أوتي. (¬8) روي مطولاً في المصنف لعبد الرزاق، 7/ 449 - 450.

قلت: أرأيت الرجل إذا التقط ثوباً أو دابة فأمره القاضي ببيعه فباعه ثم إن صاحبها جاء بعد ذلك (¬1) فأقام البينة أنها له، هل يجيز البيع ويقضي له بالثمن؟ قال: نعم. قلت: فإن كان الرجل باعها بغير أمر القاضي، هل يبطل بيعه ويردها إلى صاحبها؟ (¬2) قال: نعم. قلت: فإن لم يقدر (¬3) على السلعة؟ قال: فصاحبها بالخيار، إن شاء ضمن البائع القيمة، وإن شاء اختار البيع (¬4)، وإن اختار أن يضمنه القيمة كان الثمن للبائع، ويتصدق بما فضل على القيمة. قلت: أرأيت إذا أخذ عبداً فجاء به إلى أهله فقال: هذا عبد قد أبق وقد وجب لي الجعل عليكم، فقال مولى العبد: إنما هو ضال وليس بآبق، فالقول قول مولى العبد، وليس للذي جاء به الجعل، وكذلك لو قال: هو عبدي ولم يكن آبقاً ولا ضالاً وإنما أرسلته في حاجة لي؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا وجد لقطة فأخذها فهلكت منه هل يضمنها إياه؟ قال: إن كان حين أخذها قال: إنما أخذتها لأردها إلى أهله، فشهد (¬5) له على ذلك شاهدان بمقالته لم أضمنه. قلت: فإن كان لم يسمع له في هذا مقالة ولم يشهد له على شيء، ولكنه حين جاء صاحبها قال: ما أخذتها إلا لأردها عليك، فقال صاحب المال: كذبت بل أخذتها لتذهب بها، هل تضمنه؟ قال: نعم (¬6). قلت: فإن قال هذا: التقطته لقطة أو ضالة، أو قال: عندي شيء فمن سمعتموه يُنْشِدُه له فدلوه علي، فلما جاء صاحب اللقطة قال الذي التقطها: قد هلكت لقطتك أو ضالتك؟ قال: هو مصدق في ¬

_ (¬1) ف - فأمره القاضي ببيعه فباعه ثم إن صاحبها جاء بعد ذلك. (¬2) ز: وتردها إلى صاحبه. (¬3) ز: لم تقدر. (¬4) ف - وإن شاء اختار البيع. وإذا اختار إجازة البيع فإنه يضمن المشتري. انظر: المبسوط، 11/ 11. (¬5) ز: إلى أهلها فشهدا. (¬6) هذا في قول أبي حنيفة ومحمد، أما أبو يوسف فلا يضمنه كما يأتي.

ذلك، ولا ضمان عليه. قلت: ولم يقر أن عنده لقطة ولا ضالة (¬1). قلت: أرأيت لو وجد لقطتين (¬2) فقال: من سمعتموه يريد شيئاً فدلوه علي، ولم يقل: عندي لقطتان (¬3)، ثم هلكت اللقطتان من عنده، ثم جاء صاحبها، هل يضمن له شيئاً؟ قال: لا. قلت: وكذلك إذا قال: عندي لقطة، برئ من الضمان، وإن كانت عنده عشراً فلا (¬4) ضمان عليه. وقال أبو يوسف: لا ضمان عليه وإن لم يُشْهِد وإن لم يُعَرِّف. قلت: أرأيت إذا التقط لقطة فأخذها ليعرفها، ثم أعادها في المكان الذي وجده فيه، ثم إن رجلاً جاء فأخذها فأهلكها، ثم ذهب فلم يقدر عليه، هل يضمن الرجل الذي كان أخذها أول مرة؟ قال: لا. قلت: فإن كان الثاني هو استهلكها هل يضمن الأول ولا يقدر على الثاني؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه أعادها ووضعها في مكانه الذي أخذها منه. قلت: فإن كان إنما أخذها ليأكلها، ولم يأخذها ليردها، ثم بدا له فوضعها في المكان الذي أخذها منه، فجاء رجل فأخذها فاستهلكها ولا يقدر عليه؟ قال: الأول ضامن؛ لأنه حيث أخذها وهو يريد استهلاكها فقد صار ضامناً، ولا يبرأ حتى يدفعها إلى صاحبها. قلت: وكذلك رجل أخذ من رجل دابة فذهب بها إلى داره؟ قال: نعم، هو ضامن، إن كان اغتصبها منه فإنه لا يبرأ حتى يدفعها إلى صاحبها. قلت: أرأيت لو كانت مربوطة فجاء رجل فحلها ولم يذهب بها، ثم إن الدابة ذهبت بعد ذلك، هل يضمن الذي حلها؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه قد (¬5) حلها ولم يذهب بها. ألا ترى أنه لم يحولها من مكانها. ¬

_ (¬1) لعله يقصد أنه لا يضره أن لا يسمي جنس اللقطة ولا صفتها، لأنه يقصد بذلك حفظ اللقطة لصاحبها حتى لا يدعيها غيره. انظر: المبسوط، 11/ 12. (¬2) ز: لقيطتين. (¬3) ز: لقطتين. (¬4) م: فلان. (¬5) ز - قد.

قلت: وكذلك لو فتح باب رجل وفي داره دواب فذهبت؟ قال: نعم، لا ضمان عليه. قلت: وكذلك لو كان بازي لرجل في قفص أو صقر أو حمام ففتح رجل باب القفص وطار البازي والصقر والحمام؟ (¬1) قال: نعم، لا ضمان عليه؛ لأنه لم يحوله عن حاله ولم يمسكه. قلت: فلو كان زقاً فيه سمن أو زيت فشقه فسال ضمنته؟ قال: نعم. قلت: من أين اختلف هذا والقفص؟ قال: لأن الزق لا يستمسك ما فيه، وإنما سال الذي فيه من شق هذا، والبيت إذا فتحه والدار فخرجت الدابة فلم يهلكها الذي فتح الباب؛ لأنها هي التي خرجت. ألا ترى أنها لو قامت مكانها لم تبرح من مكانها لم يكن الرجل أحدث (¬2) شيئاً. قلت: وكذلك رجل جاء إلى عبد رجل فحل قيوده فذهب العبد؟ قال: نعم، لا ضمان عليه؛ لأن العبد هو الذي ذهب. ألا ترى لو أن العبد شاء أقام ولم يذهب. قلت: أرأيت إن كانت دابة قد قيدها صاحبها، فجاء رجل فحل القيد، فذهبت الدابة؟ قال: هذا والأول سواء. قلت: أرأيت الشيء إذا كان معلقاً بحبل، فجاء رجل فحل الحبل أو قطعه، فوقع ذلك الشيء فسال، أو انكسر الوعاء (¬3) الذي كان فيه؟ قال: هذا ضامن؛ لأن هذا لا يستمسك إذا قطع الحبل الذي كان به معلقاً. قلت: أرأيت إذا وجد اللقطة فأخذها فعَرَّفَها، فلم تُعْرَف، فلما رأى ذلك تصدق بها، فلما جاء صاحبها أراد أن يضمن المسكين الذي تصدق بها عليه وقد أكلها، أله ذلك؟ قال: نعم، هو بالخيار، إن شاء ضمن المسكين الذي تصدق بها عليه وأكلها. قلت: فإن هو ضمن المسكين هل يرجع على الذي تصدق عليه بشيء؟ قال: لا. قلت: ولم لا يرجع كل واحد منهما على صاحبه؟ قال: أما المسكين فإذا ضمن لم يرجع على غيره بما استهلكه وأكله. وإذا ضمن الذي تصدق بها عليه فلا يرجع هو بها على المسكين؛ لأنه تصدق عليه وأحله له (¬4). ¬

_ (¬1) ز: أو الحمام. (¬2) ف: أخذ. (¬3) ز - الوعاء. (¬4) ز: فله.

وقال أبو يوسف: من وجد لقطة فهلكت منه فلا ضمان عليه وإن هو لم يشهد ولم يعرفها، وخالف أبا حنيفة. وقال أبو يوسف: عليه اليمين بالله ما أخذها إلا ليعرفها. قلت: أرأيت اللقطة إذا وجدها رجل فجاء رجل فوصف وعاءها ووكاءها ووزنها وعدتها، فقال الذي هي في يديه: ليست لك ولا أعطيكها إلا ببينة، هل يجبره القاضي على أن يدفعها إليه؟ قال: لا. قلت: فإن جاء بشاهدين (¬1) كافرين يشهدان عليه والذي في يديه مسلم والذي يدعيها كافر أو مسلم؟ قال: شهادتهما باطل، لا أفضي بها للذي ادعاها؛ لأن هذا الذي هي في يديه مسلم، ولا أجيز شهادة الكافر على المسلمين. قلت: فإن كان الذي في يديه كافراً (¬2) والمسألة على حالها؟ قال: أما في القياس فلا أقضي له بها أيضاً؛ لأني لا أدري لعل الذي هي له مسلم. ولكن أدع القياس وأستحسن فأقضي بشهادتهما وأدفعها إليه. قلت: أرأيت إن كانت اللقطة في يدي مسلم وكافر، فأقام عليه شاهدين كافرين، هل تجيز شهادتهما فيما في يدي النصراني منهما؟ قال: أما في القياس فينبغي أن لا أجيزها على واحد منهما، ولكني أدع القياس في هذا وأستحسن، فأجيزها على النصراني على ما في يديه، ولا أجيزها على المسلم على ما في يديه. قلت: أرأيت إذا التقط الرجل لقطة فادعاها رجلان، فأقام أحدهما البينة أنها له، غير أن الذي هي في يديه أقر للذي لم يقم له بينة؟ قال: أقضي بها للذي أقام البينة، ولا ألتفت إلى قول الذي هي في يديه. قلت: فإن لم تقم لهذا بينة وأقر الذي اللقطة في يديه أنها لهذا الآخر هل تدفعها إليه؟ قال: نعم. قلت: فإن كان أقام الآخر البينة بعد ذلك أنها له وقد استهلكها الذي كان (¬3) أخذها أتضمنه قيمتها لصاحبه؟ قال: نعم. قلت: فإن ¬

_ (¬1) ز: شاهدين. (¬2) ز: كافر. (¬3) ز - كان.

كان الذي التقطها قد دفعها إليه بغير أمر قاض فأراد صاحب البينة أن يضمنها الذي التقطها أله ذلك؟ قال: نعم. قلت: فإن ضمنها إياه هل يرجع على الذي أخذها بشيء؟ قال: لا. قلت: فإن كان الذي التقطها لم يدفعها إلا بقضاء قاض هل عليه ضمان؟ قال: لا (¬1). قلت: فإن أقر الذي في يديه أنها لهذا ودفعها (¬2) بغير قضاء قاض (¬3) ثم أقام الآخر البينة أنها له؟ قال: الذي التقطها ضامن، لأنه هو أتلفها بإقراره. قلت: أرأيت الرجل يجد الدابة في الطريق فيأخذها فتمكث عنده ويعلفها ويعرفها (¬4)، فجاء صاحبها فأقام البينة أنها دابته، فأبى الذي هي في يديه أن يدفعها إليه حتى يعطيه ما أنفق عليها، هل له ذلك؟ قال: إن كان الذي الدابة في يديه أنفق عليها بأمر قاض (¬5) فله أن يمنعها صاحبها حتى يعطيه نفقته، وإن كان أنفق عليها بغير أمر قاض (¬6) فهو متطوع في النفقة، ولا سبيل له على الدابة، ويأخذها صاحبها. قلت: أرأيت الرجل يلتقط الشيء مما لا يبقى؟ قال: يعرفه، فإذا ¬

_ (¬1) وعبارة الحاكم موافقة لما هو مذكور هنا. انظر: الكافي، 1/ 130 و. لكن ذكر السرخسي أنه قال هنا: ليس له أن يضمن الدافع، ثم قال مرة أخرى: له أن يضمن الدافع، وأن التضمين قول أبي يوسف، وعدم التضمين قول محمد، وقاس ذلك على قولهما في مسألة في الوديعة بنفس الصورة. انظر: المبسوط، 11/ 16. ولعل ذلك من اختلاف النسخ، فإن العبارة في نسخة ب هكذا: قلت: فإن كان الذي التقطها لم يدفعها إلا بقضاء قاض ثم أقام الآخر البينة أنها له؟ قال: الذي التقطها ضامن؛ لأنه هو أتلفها بإقراره. لكن يمكن اعتبار ذلك خطأ من الناسخ حيث انتقل نظره من كلمة "قاض" الأولى إلى "قاض" الثانية وأسقط ما بين الكلمتين سهوا. ومسألة الوديعة لم أقف عليها في كتاب الوديعة. (¬2) م ف: ايدفعها. (¬3) ز - هل عليه ضمان قال لا قلت فإن أقر الذي في يديه أنها لهذا ودفعها بغير قضاء قاض. (¬4) ز: ويعلقها وتعرفها. (¬5) ز: قاضي. (¬6) ز: قاضي.

خاف عليه الفساد فإن شاء تصدق به على أن صاحبه بالخيار، إن شاء ضمنه، وإن شاء اختار الأجر، وإن شاء باعه وأمسك الثمن عنده، فإن جاء صاحبه دفعه إليه (¬1). ¬

_ (¬1) م + تم كتاب اللقطة والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد وآله وسلم؛ ف + تم كتاب اللقطة والحمد لله رب العالمين؛ ز + تم كتاب اللقطة والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد نبيه وآله وصحبه وسلم تسليماً وحسبنا الله ونعم الوكيل.

كتاب المزارعة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب المزارعة محمد بن حمدان قال: حدثنا أبو سليمان قال: حدثنا محمد بن الحسن عن أبي العَطُوف عن الزهري قال: حدثني من لا أتهم (¬2) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لليهود حين عاملهم على خيبر: "أقركم ما أقركم الله". وأن بني عُذْرَة جاؤوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين افتتح خيبر، وجاءته يهود وادي القرى شركاء بني عذرة بالوادي، فأعطوا بأيديهم، وخشوا أن يغزوهم، فلما أعطوا بأيديهم - والوادي حين فعلوا ذلك نصفان: نصف لبني عذرة ونصف لليهود - فجعل رسول الله الوادي أثلاثاً: ثلثاً له وللمسلمين، وثلثاً لخاصة بني عذرة، وثلثاً لليهود. فكان الوادي على ذلك حتى إذا أجلى عمر اليهود من خيبر أمر (¬3) يهود الوادي أن يتجهزوا بالجلاء (¬4) إلى الشام. فقالت له يهود الوادي: إنما نحن في أموالنا قد أقرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقاسمنا. فقال لهم عمر: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لكم: "أقركم ما أقركم الله". وإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد عهد أن لا يجتمع في أرض العرب دينان. ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) ز: لا أتهمه. (¬3) م: امن. (¬4) ز: بالخلا.

وإني (¬1) مجلي من لم يكن معه عهد من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وأنا مقوّم أموالكم هذه، فمعطيكم (¬2) أثمانها. فقوّمت تسعين ألف دينار فدفعها عمر إليهم وأجلاهم وقبض أموالهم. ثم قال لبني عُذْرَة: إنا لن نظلمكم ولن نستأثر عليكم، أنتم شفعاء معنا في أموال اليهود، إن شئتم أديتم نصف ما أعطيتم، وأعطيناكم نصف أموالهم، وإن شئتم سلمتم لنا البيع فتولينا الذي لهم. فقال بنو عذرة: ألا، بل نعطيكم نصف ما أعطيتم من المال وتقاسموننا أموالهم، فباعت بنو عذرة، (¬3) في ذلك الرقيق والإبل والغنم حتى دفعوا إلى عمر خمسة وأربعين ألف دينار. وقسم عمر الوادي نصفين بين الإمارة وبين عذرة. وذلك زمان التحظير (¬4) حين حَظَّر (¬5) عمر الوادي نصفين. وقال الزهري: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين صالح أهل خيبر أعطاهم النخل على أن يعملوا ويقاسمهم نصف الثمار، وكان يبعث لقسمة ذلك عبد الله بن رواحة، فيَخْرُص (¬6) عليهم، ثم يقول: إن شئتم فلكم وإن شئتم فلنا (¬7). ¬

_ (¬1) ف: وأنا. (¬2) م ف ز: فيعطيكم. (¬3) الزيادة من الكافي، 2/ 304 و. ونحو ذلك في المبسوط، 23/ 5. (¬4) ف: التحصين (مهملة). والتحظير تفعيل من الحَظْر، بمعنى المنع، من حَظَرَ يَحْظُرُ. والمقصود أن عمر - رضي الله عنه - قسم الوادي نصفين وجعل بين القسمين فاصلا للتمييز بينهما. انظر: طلبة الطلبة للنسفي، 307؛ والمغرب، "حظر". (¬5) م ف ز: حصن. والتصحيح من الكافي، 2/ 304 و؛ والمبسوط، 23/ 5. (¬6) ز: فيخرجن. خرص يخرص من باب قتل أي حَزَرَ وقدر. انظر: المصباح المنير،، "خرص". (¬7) روي عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أجلى اليهود والنصارى من أرض الحجاز. وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما ظهر على خيبر أراد إخراج اليهود منها. وكانت الأرض حين ظهر عليها لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - وللمسلمين. وأراد إخراج اليهود منها- فسألت اليهود رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لِيُقِرهم بها أن يَكْفُوا عَمَلَها ولهم نصف الثمر. فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نُقِركم بها على ذلك ما شئنا". فقَرُوا بها حتى أجلاهم عمر إلى تَيْمَاء وأَرِيحَاء. انظر: صحيح البخاري، الحرث والمزارعة، 17؛ وصحيح مسلم، المساقاة، 6. وورد خرص عبد الله بن رواحة لثمار خيبر في حديث آخر. انظر: الموطأ، المساقاة، 1، 2؛ وسنن أبي داود، الزكاة، 14.

محمد قال: حدثنا محمد بن راشد عن مكحول أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دفع خيبر إلى أهلها الذي كانت لهم يعملونها، فإذا بلغت الثمرة كان لهم النصف، وللمسلمين النصف، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن رواحة، فخَرَصَ عليهم (¬1). محمد عن عبدالرحيم (¬2) بن سليمان الكناني عن الحجاج بن أرطأة (¬3) قال: سألت محمد بن علي عن المزارعة بالثلث والنصف، فقال: أعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر بالشطر (¬4)، وأبو بكر وعمر وعلي وعثمان (¬5) وأهلوهم إلى يومهم هذا يفعلونه (¬6). محمد عن مالك بن أنس عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين فتح خيبر قال لليهود: "أقركم ما أقركم الله على أن الثمر (¬7) بيننا وبينكم". قال: فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبعث عبد الله بن رواحة فيَخْرُص بينهم، ثم يقول: إن شئتم فلكم وإن شئتم فلي، قال: فكانوا يأخذونه (¬8). محمد عن مالك بن أنس عن ابن شهاب عن سليمان بن يسار أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يبعث عبد الله بن رواحة، فيَخْرُص بينه وبين اليهود، قال: فجمعوا له حلياً من حلي نسائهم، فقالوا له: هذا لك وخفف عنا وتجاوز في القسم. فقال: يا معشر (¬9) اليهود إنكم لمن أبغض خلق الله إلي، ¬

_ (¬1) المصادر السابقة. (¬2) م ف: عبدالرحمن. وهو خطأ. ويأتي في إسناد آخر قريبا صحيحا. وله ترجمة في تقريب التهذيب لابن حجر، "عبد الرحيم بن سليمان ". (¬3) ز: أرضاه. (¬4) ز: بالشرط. (¬5) ز: وعثمان وعلي. (¬6) ز: ففعلونه. المصنف لعبد الرزاق، 8/ 100؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 377. (¬7) م ز: أن الثمن. (¬8) الموطأ، المساقاة، 1؛ والموطأ برواية محمد، 3/ 308 - 310. (¬9) ز: يا معاشر.

وما ذاك بحاملي على أن أخفف عنكم. أما الذي عرضتم علي (¬1) من الرشوة فإنها سُحْت وإنا لن نأكلها. فقالوا: بهذا تقوم السماء والأرض (¬2). محمد عن عبدالرحيم بن سليمان الكناني عن أشعث عن محمد بن سيرين قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابن رواحة إلى خيبر، فقال: بعثني إليكم من هو أحب إلي من نفسي، ولأنتم أهون علي من الخنازير، ولا يمنعني ذلك من أن أقول الحق. فقالوا: بهذا قامت السماوات والأرض. قال: قد خَرَصْتُ عليكم نخلكم، فإن شئتم فخذوه ولي عندكم الشطر، وإن شئتم أخذته ولكم عندي الشطر، فخذوه فإن لكم فيه منافع. فأخذوه فوجدوا فيه فضلاً قليلاً (¬3). محمد عن حماد بن زيد [عن علي بن زيد] (¬4) بن جُدْعَان (¬5) عن حسين بن علي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطى خيبر بالشطر، وقال: "لكم (¬6) السواقط". محمد عن عثمان بن مِقْسَم قال: حدثنا نافع قال: حدثنا (¬7) عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث ابن رواحة إلى خيبر، فخَرَصَ عليهم مائة وَسْق. فقالت اليهود: شططتم علينا. فقال عبد الله بن رواحة: نحن نأخذه ونعطيكم خمسين وسقاً. فقالت اليهود: بهذا تُنْصَرون (¬8). محمد عن سفيان الثوري عن الحارث بن حَصِيرة (¬9) عن رجل قد سماه عن عمرو بن صُلَيْع عن علي بن أبي طالب أنه قال: لا بأس بالمزارعة بالثلث والربع (¬10). ¬

_ (¬1) م - علي؛ ز - عرضتم علي. (¬2) الموطأ، المساقاة، 2؛ والموطأ برواية محمد، 3/ 310 - 311. (¬3) نحوه في السنن الكبرى للبيهقي، 6/ 114 - 115. (¬4) الزيادة لا بد منها لتصحيح السند. وانظر: تهذيب التهذيب لابن حجر، "علي بن زيد". (¬5) م: اجدعان. (¬6) م: لكلم. (¬7) ف - نافع قال حدثنا. (¬8) م: تبصرون. (¬9) ز: حصرة. (¬10) نحوه في المصنف لعبد الرزاق، 8/ 99؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 378.

محمد عن عبدالرحيم بن سليمان عن ليث عن طاوس قال: قدم علينا معاذ اليمن ونحن نعطي أراضينا بالثلث والربع، فلم يعب ذلك علينا (¬1). محمد عن حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن طاوس قال: قدم (¬2) معاذ بن جبل اليمن، فكان يُكري الأرض والمزارع على الثلث والربع (¬3)، أو وجدهم يُكرونها فأمضى ذلك. محمد عن حنظلة بن أبي سفيان الجُمَحي قال: سمعت طاوس يُسأل عن المخابرة (¬4) في الأرض. فقال: نعم، خابِروا (¬5) على الشطر والثلث والخمس والربع، ولا تخابروا على كيل معلوم (¬6). محمد عن حماد بن زيد قال: حدثنا عمرو (¬7) بن دينار وأيوب عن طاوس أنه كان (¬8) لا يرى بكراء الأرض بالثلث والربع بأساً. محمد عن قيس بن الربيع عن إبراهيم بن المهاجر عن موسى بن طلحة قال: أقطع عثمان خمسة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أَرَضِين: عبد الله وسعداً (¬9) والزبير وخَبّاباً (¬10) أوأسامة بن زيد، (¬11). قال: فرأيت جاري هذين يعطيان أرضيهما بالثلث والربع (¬12): عبد الله (¬13) وسعداً (¬14). ¬

_ (¬1) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 377. (¬2) ف - معاذ اليمن ونحن نعطي أراضينا بالثلث والربع فلم يعب ذلك علينا محمد عن حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن طاوس قال قال. (¬3) ز: أو الربع. (¬4) هي المزارعة. انظر: المصباح المنير، "خبر". (¬5) ز: جايزوا. (¬6) نحوه في المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 378. (¬7) ز: عمر. (¬8) ز + كان. (¬9) م ف ز: وسعيد. وانظر مصادر الرواية. (¬10) ز: وخباب. (¬11) انظر مصادر الرواية. (¬12) ف - وخباب قال فرأيت جاري هذين يعطيان أرضيهما بالثلث والربع. (¬13) ف: وعبد الله. (¬14) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 99؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 377.

محمد عن قيس بن الربيع قال: أخبرنا أبو إسحاق وأبو حصين عن ابن الأسود قال: إن كنا لنزارع على عهد علقمة والأسود بالثلث والربع، فما يعيبان ذلك علينا (¬1). محمد عن إسرائيل بن يونس (¬2) عن أبي إسحاق قال: حدثنا إبراهيم بن عبدالأعلى عن إسحاق بن الحَكَم (¬3) الأسدي عن محمد بن رافع بن خَدِيج قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى قوم يَطْمِس (¬4) عليهم نخلاً. فجاء أرباب النخل فقالوا: يا رسول الله، إن فلاناً قد طَمَسَ (¬5) علينا نخلنا (¬6). فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "قد بعثت رجلاً في نفسي أميناً (¬7)، فإن أحببتم أن تاخذوا نصيبكم بما طمس، وإلا أخذنا وأعطيناكم نصيبكم (¬8). فهذا الحق، وبالحق قامت السماوات والأرض" (¬9). محمد عن عبدالعزيز بن [أبي] (¬10) رَوّاد عن الضحاك أن عمر كان يُكري الأرض الجُرُز (¬11) بالثلث والربع، وكان لا يرى بذلك بأساً. أو نحو هذا. محمد (¬12) عن عثمان بن مِقْسَم قال: حدثنا نافع قال: كنت قد أخذت بيد عبد الله بن عمر إذ أتانا رافع بن خديج، فقال ابن عمر: ما حديث بلغني عن عمومتك في كراء المزارع؟ فقال رافع: دخل عمومتي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم خرجوا إلينا، فأخبرونا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ¬

_ (¬1) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 99؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 378. (¬2) ز: عن يونس. (¬3) م: بن الحكيم. (¬4) أي: يحزر ويقدر. انظر: لسان العرب، "طمس". (¬5) أي: استأصله وذهب به. انظر: لسان العرب، "طمس". فالكلمة مستعملة في المعنيين. (¬6) م ف: نخالنا. (¬7) ز: في نصيبي أمنينا. (¬8) ز + قالوا. (¬9) مسند الحارث (زوائد الهيثمي)، 1/ 383؛ والمطالب العالية لابن حجر، 5/ 566. (¬10) من كتب الرجال. انظر مثلا: تقريب التهذيب لابن حجر، 357. (¬11) ز: بالحرز. أي التي لا نبات بها. انظر: المغرب، "جرز". (¬12) ز - محمد.

كراء المزارع. فقال عبد الله: إنا كنا نكري الأرض على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن لرب الأرض ما في الرَّبِيع الساقي (¬1) الذي ينفجر منه الماء وطائفة من التبن. فقال نافع: لا أدري كم هو (¬2). وهذا عندنا الذي نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كراء المزارع أنهم كانوا يُكرونها بشيء لا يدرون كم هو ولا ما يخرج. محمد عن عبدالحميد بن جعفر الأنصاري عن أبيه عن رافع بن أُسَيْد (¬3) بن ظُهَير قال؛ جاء ذات (¬4) يوم إلى قومه، فقال: يا بني حارثة، قد دخلت عليكم اليوم مصيبة. قالوا: ما هي؟ قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كراء الأرض (¬5). قال: قلت: يا رسول الله، إنا كنا نكريها بشيء من الحب (¬6). قال:: "لا". قال: قلنا: يا رسول الله، كنا نكريها بالتبن. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا). قال: قلنا: يا رسول الله، إنا (¬7) كنا نكريها بما يكون على الربيع الساقي من الزرع. قال: "لا. ازرعها، أو امنحها أخاك" (¬8). فهذا عندنا مكروه كله، لا ينبغى المزارعة عليه، وهذا الذي نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنه فيما نرى. محمد عن الحسن بن عمارة عن محمد بن عبيد الله عن عبدالرحمن بن سابط عن يعلى بن أمية وكان عاملاً لعمر بن الخطاب على نجران، فكتب إليه يذكر له أراضي نجران. فكتب إليه عمر ما كان من أرض بيضاء سقتها (¬9) ¬

_ (¬1) الربيع هو الجدول، والساقي صفته. انظر: طلبة الطلبة للنسفي، 308. (¬2) روي نحو ذلك. انظر: صحيح البخاري، الحرث والمزارعة، 18؛ وصحيح مسلم، البيوع، 109 - 112. (¬3) ز: بن أسد. (¬4) ز: ذلت. (¬5) ف - عن كراء الأرض. (¬6) ز - من الحب. (¬7) ز - إنا. (¬8) سنن النسائي، الاْيمان، 45. وروي قريباً من ذلك عن ظُهَير بن رافع. انظر: صحيح البخاري، الحرث والمزارعة، 18؛ وصحيح مسلم، البيوع، 113 - 114. (¬9) ز: سقيها؛ ز + سقيها.

السماء أو يسقى سَيْحاً (¬1) فادفعها إليهم، لهم الثلث ولنا الثلثان. وما كان من أرض تسقى بالغَرْب (¬2) فادفعها إليهم، لهم الثلثان ولنا الثلث. وما كان من كَرْم تسقيه السماء أو تسقى (¬3) سَيْحاً (¬4) فادفعها إليهم، لنا الثلثان ولهم الثلث. وما كان يسقى بالغَرْب فادفعه إليهم، لهم الثلثان ولنا الثلث (¬5). محمد عن سفيان بن عيينة عن عمرو (¬6) بن دينار عن طاوس قال: قلت له: يا أبا (¬7) عبدالرحمن، لو تركت المخابرة، فإنهم يزعمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عنها. قال (¬8): أخبرني أعلمهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم ينه عنها، ولكنه قال: "يمنح أحدكم أخاه خير من أن يأخذ منه خراجاً معلوماً" (¬9). محمد عن سفيان بن عيينة عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: لم ينه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى تَظَلَّمُوا (¬10) كان الرجل يُكري أرضه ويشترط ما يَسقي الربيعُ والنُّطَف (¬11)، فلما تظلّموا نهى عنها (¬12). محمد عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار أنه سمع ابن عمر ¬

_ (¬1) م ف ز: فيحا. وسَيحا يعني ماء الأنهار والأودية، من ساح الماء أي جرى على وجه الأرض. انظر: المغرب،"سيح". (¬2) هو الدلو العظيم من مسك ثور. انظر: المغرب، "غرب". (¬3) ز: أو يستقى. (¬4) م ف ز: فيحا. (¬5) ف - وما كان من كرم تسقيه السماء أو تسقى سيحا فادفعها إليهم، لنا الثلثان ولهم الثلث وما كان يسقى بالغرب فادفعه إليهم لهم الثلثان ولنا الثلث. (¬6) ز: عن عمر. (¬7) ز: يا با. (¬8) ز + عبد الرحمن. (¬9) صحيح البخاري، الحرث والمزارعة، 9؛ وصحيح مسلم، البيوع، 120 - 123. (¬10) أي: شكا بعضهم من ظلم بعض. انظر: لسان العرب، "ظلما". (¬11) قال السرخسي: هي جوانب الأرض. انظر المبسوط، 23/ 13. وعارضه المطرزي ائلاً: إنما النطف جمع نطفة، وهي الماء الصافي قل أو كثر. انظر: المغرب، "نطف". (¬12) روي معنى ذلك عن زيد بن ثابت وسعد بن أبي وقاص - رضي الله عنهما -. انظر: سنن أبي داود، البيوع، 30؛ وسنن النسائي، الأيمان، 45.

يقول: كنا نُخابر ولا نرى بذلك بأساً حتى زعم رافع بن خديج أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كراء المزارع. قال نافع: وكان عبد الله بن عمر قبل ذلك يُكريها (¬1). محمد عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن سالم بن عبد الله بن عمر قال: أكثر رافع بن خديج على نفسه، لنُكرينها كراء الإبل (¬2). محمد عن إبراهيم بن محمد الأسلمي عن عبد الله بن دينار لمحال: كان ابن (¬3) عمر إذا أجر أرضه اشترط على صاحبها أن لا يدخلها كلباً ولا يَعُزها. يعني بالعُرَّة العَذِرَة (¬4). محمد عن حماد بن سلمة عن خالد الحذاء قال: كنت عند مجاهد فذكر حديث رافع بن خديج في كراء الأرض. فرفع طاوس يده، فضرب (¬5) صدره، ثم قال: قدم علينا معاذ اليمن فكان يعطي الأرض على الثلث والربع، فنحن نعمل به إلى اليوم (¬6). محمد عن سَلَّام بن سُلَيْم الحنفي قال: أخبرنا إبراهيم بن المهاجر عن موسى بن طلحة قال: كان عبد الله بن مسعود وسعد بن مالك يزارعان بالثلث والربع (¬7). محمد عن سَلَّام بن سُلَيْم الحنفي قال: أخبرنا كُلَيْب بن وائل قال: قلت لعبدالله بن عمر: رجل له أرض وليس له بَذْر ولا بقر، أعطاني أرضه بالنصف، فزرعتها ببذري وبقري (¬8)، ثم قاسمته. قال: حسن (¬9). محمد عن سَلَّام بن سُلَيْم الحنفي قال: أخبرنا زيد بن جُبَيْر قال: ¬

_ (¬1) سنن ابن ماجه، الرهون، 7؛ وسنن النسائي، الأيمان، 45. (¬2) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 93؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 378. (¬3) ز - ابن. (¬4) السنن الكبرى للبيهقي، 6/ 139. وليس فيه اشتراط عدم دخول الكلب. (¬5) ز. يضرب. (¬6) تقدم تخريج حديث رافع - رضي الله عنه -. (¬7) تقدم. (¬8) ز: وببقري. (¬9) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 377.

كنت قاعداً عند عبد الله بن عمر (¬1). فقال (¬2) رجل له (¬3): أَرْض (¬4) أَتَى (¬5) رَبُّها فيعطيها (¬6) أعمل فيها على أن لي مما يخرج منها نصيباً معلوماً. قال: ما أرى (¬7) عليك في ذلك شيئاً (¬8). محمد عن إبراهيم بن محمد الأسلمي عن أبي عمرو بن محمد بن حُرَيْث (¬9) عن أُحَيْحَة (¬10) العذري أنه سأل عمر بن الخطاب عن الازدراع بأرض الحجر، فقال: إن أناساً (¬11) يكرهون ذلك. فقال عمر: لا بأس بالأرض، إنما البأس (¬12) بالناس. محمد عن إبراهيم بن محمد الأسلمي عن صفوان (¬13) عن أبي سعيد مولى الفهري (¬14) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ازدرع (¬15) بالجُرْف (¬16). محمد عن إبراهيم بن [يزيد] الخُوزِي (¬17) المكي قال: سمعت أبا ¬

_ (¬1) ز + إذا رجل له أرض. (¬2) م - فقال. (¬3) ز: له رجل. (¬4) ز - أرض (¬5) ف: الى. (¬6) م ف: فيعطينا؛ ز: فيعطيني. والتصحيح من الحجة على أهل المدينة لمحمد بن الحسن، 4/ 163. (¬7) م: ما رى. (¬8) ز: شي. (¬9) م ف: حرث. (¬10) كذا في الأصول. ولم أجده في كتب الرجال. (¬11) ز: إن أناسيا. (¬12) ز: اليأس. (¬13) ز: عن صفران. (¬14) ف ز: الفهدي. وفي الكافي، 2/ 306 و: المازني. ولعله أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -، فإن صفوان بن محرز يروي عن أبي سعيد الخدري. والله أعلم. (¬15) اْي: زرع أو اْمر غيره بالزراعة، والظاهر هنا هو الثاني. انظر: طلبة الطلبة للنسفي، 309. (¬16) م: بالحرز؛ ف ز: بالحرر. والتصحيح من الكافي، 6/ 302 و؛ والمبسوط، 23/ 14. والجُرْف موضع قرب المدينة على ثلاثة أميال منها. انظر: المغرب، "جرف"؛ وتاج العروس، "جرف". (¬17) م ف ز: الحرري. والتصحيح من كتب الرجال.

الزبير يقول: سمعت جابر بن عبد الله يقول: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أم مُبَشِّر (¬1) وهي في نخل لها. فقال: "يا أم مُبَشِّر (¬2)، من غرس هذا النخل، أمؤمن (¬3) أم كافر؟ " قالت: بل مسلم. قال: "فلا يغرس المسلم غرساً ولا يزرع زرعاً فياكل منه إنسان ولا دابة ولا سَبُع ولا طير إلا كان له صدقة (¬4) يوم القيامه" (¬5). محمد عن هشام الدَّسْتَوائي (¬6) عن قتادة عن سعيد أنه كان لا يرى بأساً بكراء الأرض البيضاء بالذهب أو بالفضة (¬7). محمد عن زياد بن أبي مسلم (¬8) أبو عمر الصفار (¬9) قال: سمعت سعيد بن جبير (¬10) لا يرى بأساً بإجارة الأرض بدراهم أو طعام مسمى. وقال: هل (¬11) ذلك إلا مثل دار أو بيت (¬12). محمد عن سَلَّام بن سُلَيْم الحنفي عن طارق بن عبدالرحمن عن سعيد بن المسيب عن رافع بن خديج قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المحُاَقَلَة (¬13) والمُزَابَنَة (¬14)، وقال: "إنما يزرع ثلاثة: رجل له أرض فهو ¬

_ (¬1) م: أم ميسر. (¬2) م: أم ميسر. (¬3) ز: مسلم. (¬4) ز: حيدقه. (¬5) مسند أحمد، 6/ 362؛ وصحيح مسلم، المساقاة، 8. وروي القسم الأخير منه عن أنس - رضي الله عنه - وغيره. انظر: صحيح البخاري، المزارعة، 1؛ وصحيح مسلم، المساقاة، 12 - 13. (¬6) ز: الرستواني. (¬7) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 95. (¬8) ز + عن. (¬9) ز: الصيعاني؛ وهي مهملة تماما في م ف. والتصحيح من كتب الرجال. (¬10) ز + أنه كان. (¬11) م ز: هلم؛ ف + في. والتصحيح من الكافي، 2/ 306 ظ. (¬12) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 91، 92؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 381. (¬13) هي بيع الطعام في سنبله بالبر، من الحَقْل وهو الزرع، وأَحْقَلَ أي طلع رأسه ونبت وقيل في تفسيره غير ذلك. انظر: المغرب، "حقل". (¬14) هي بيع الثمر في رؤوس النخل بتمر كيلاً. انظر: المصباح المنير، "زبن".

يزرعها، أو رجل منح أخاه فهو يزرع ما منح، أو رجل استكرى (¬1) أرضاً بذهب أو فضه" (¬2). محمد عن سَلَّام (¬3) بن (¬4) سُلَيْم الحنفي عن عبدالكريم عن (¬5) مجاهد قال: قال ابن عباس: أفضل ما أنتم صانعون أن يستكري أحدكم الأرض البيضاء بذهب أو فضة عاماً بعام (¬6). محمد عن عبدالرحمن بن عمرو الأوزاعي عن واصل بن أبي جَمِيل عن مجاهد قال: اشترك أربعة نفر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال أحدهم: من عندي البذر، وقال الآخر: من عندي العمل، وقال أحدهم: من عندي الفَدَّان (¬7)، وقال أحدهم: من عندي الأرض. قال: فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن جعل لصاحب الفَدَّان أجراً (¬8) مسمى، وجعل لصاحب العمل درهماً (¬9) كل يوم، وألحق الزرع كله لصاحب البذر، وألقى صاحب الأرض (¬10). وإنما نضع (¬11) الأمر من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين جعل لصاحب العمل درهماً (¬12) كل يوم أنه رأى أن جعل له أجر مثله في عمله (¬13). وكذلك قضى في الفدان أن (¬14) جعل له أجراً (¬15) مسمى. وهذا عندنا أنه جعل له ¬

_ (¬1) م ف: استكراه. (¬2) سنن ابن ماجه، الرهون، 7؛ وسنن أبي داود، البيوع، 31؛ وسنن النسائي، الأيمان، 45. (¬3) م ف: عن سلم. (¬4) ز - سلام بن. (¬5) م ف: بن. (¬6) ذكره البخاري تعليقاً، ووصله النسائي. انظر: صحيح البخاري، المزارعة، 19؛ وسنن النسائي، الأيمان، 46. (¬7) هو آلة الحرث، ويطلق على الثورين يحرث عليهما. انظر: مختار الصحاح، "فدن". (¬8) ز: أجر. (¬9) ز: درهم. (¬10) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 504؛ وشرح معاني الآثار للطحاوي، 4/ 119؛ وسنن الدارقطني، 3/ 76. (¬11) ز: نصنع. (¬12) ز: درهم. (¬13) ف: أجر مثل بقره. (¬14) ز - أن. (¬15) ز: أجر.

باب المزارعة من يجيزها بالنصف والثلث وهو قول أبي يوسف ومحمد

أجر مثل بقره. وعلى هذا نقيس (¬1) كل أمر من هذا فاسد، فنجعل (¬2) لصاحب العمل أجر مثله، ولصاحب البقر أجر مثله. ونلحق الزرع كله لصاحب البذر؛ لأنه خرج من بذره. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد بن الحسن في هذه المسألة بعينها التي قضى فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنهم (¬3) جعلوا الزرع كله لصاحب البذر كما جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وجعلوا على الزارع مثل أجر البقر، وأجر مثل الرجل العامل، وأجر مثل الأرض، فجعلوا ذلك كله على رب البذر حين سلموا الزرع كله له، وهو القضاء فيه عندهم. وأمروا صاحب الزرع فيما بينه وبين ربه من غير أن يجبروه على ذلك أن ينظر إلى الزرع، فيخرج منه مثل ما بذر، فيسلم له طيباً (¬4)، ثم ينظر إلى قدر ما يغرم من الأجر لصاحب الأرض ولصاحب العمل ولصاحب البقر، فيأخذ مثل ذلك مما بقي من ربع الزرع، فإن بقي شيء بعد ذلك (¬5) تصدق به ولم يأكله. [وهذا قولنا فيه وقول الشيخ -رحمه الله-] (¬6). ... باب المزارعة من يجيزها بالنصف والثلث وهو قول أبي يوسف ومحمد وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضه وبذره على أن يعمل الأجير في ذلك بنفسه وأعوانه وبقره سنة من يومه ذلك، فما (¬7) أخرج الله تعالى في ذلك من شيء فلصاحب العمل النصف، ولصاحب الأرض (¬8) والبذر ¬

_ (¬1) ف: فقس؛ ز: نقس. (¬2) ز: فيجعل. (¬3) م ف ز: أنهم. (¬4) ز: طيب. (¬5) ف - بعد ذلك. (¬6) لعل هذا من كلام محمد بن حمدان راوي كتاب المزارعة عن أبي سليمان عن محمد بن الحسن. (¬7) ز: مما. (¬8) ز - الأرض.

النصف، فعمل صاحب العمل على هذا، فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً، فإن (¬1) هذا فاسد لا يجوز في قول أبي حنيفة، وهو جائز في قول أبي يوسف وقولنا على ما اشترطا. وإنما أفسد أبو حنيفة هذا لأنه كان يرى المزارعة بالثلث والربع فاسدة، وكان يكره أن يستأجر الأرض بشيء منها. وقال أبو حنيفة: من أجاز المزارعة فينبغي أن يجيز هذا. ولو كان صاحب الأرض دفع أرضه إلى صاحب العمل، على أن يعمل صاحب العمل بالبذر من قبله والبقر، فما أخرج الله في ذلك من شيء فلصاحب الأرض نصفه، ولصاحب العمل والبذر نصفه، فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً، فهذا جائز، والزرع بينهما على ما اشترطا في قول أبي يوسف وقولنا. وقال أبو حنيفة: هذا جائز في قول من أجاز المزارعة. ولو لم تخرج الأرض شيئاً في المسألتين جميعاً لم يكن لها أجر ولا لصاحب العمل والبقر. ولو أن صاحب الأرض دفع أرضه وبقره وبذره إلى رجل، على أن يعمل الرجل في الأرض، فما أخرج الله منها من شيء فهو بينهما نصفان، كان هذا أيضاً جائزاً (¬2) في قول أبي يوسف وقولنا. وكذلك لو شرط صاحب العمل على صاحب الأرض أن يستأجر له البقر ولم يكن لرب الأرض بقر فهذا جائز أيضاً في قول من أجاز المزارعة. فإن خرج شيء فهو بينهما على ما اشترطا. وإن لم يخرج شيء فلا شيء لوأحد منهما على صاحبه؛ لأن صاحب العمل إنما هو أجير فيها ببعض ما يخرج. ولو أن صاحب الأرض دفع الأرض إلى صاحب العمل، على أن البذر والعمل من عند صاحب العمل، والأرض (¬3) والبقر من عند صاحب الأرض، على أن ما أخرج الله من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فعمل على هذا فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً، فإن هذا فاسد في قول أبي يوسف وقولنا. وجميع الزرع لصاحب البذر والعمل. ولصاحب ¬

_ (¬1) ز: قال. (¬2) ز: جائز. (¬3) ف - إلى صاحب العمل على أن البذر والعمل من عند صاحب العمل والأرض.

الأرض والبقر أجر مثل أرضه وبقره على صاحب البذر. يستوفي صاحب البذر من ذلك ما بذر وما غرم، ويتصدق بالفضل. ولو لم تخرج الأرض شيئاً غرم صاحب البذر أجر مثل الأرض وأجر مثل البقرة لأن المزارعة كانت فاسدة فلا نبالي (¬1) أخرجت شيئاً أو لم تخرج. ولا يشبه هذا الباب الأول إذا أعطى صاحبه أرضه مزارعة ولم (¬2) يكن البذر من عنده، وإنما أجر أرضه إجارة والأرض إجارتها جائزة. وإذا كان البذر من عند رب الأرض فإنما صاحب العمل أجير لرب الأرض. فإذا (¬3) اشترط البقر على صاحب العمل فهو جائز؛ لأنه من العمل. وإن اشترط البقر على رب الأرض فهو جائز. وكذلك عبد (¬4) رب الأرض؛ لو كان البذر من عند رب الأرض، فاشترط رب (¬5) الأرض على صاحب العمل أن يأخذ الأرض مزارعة، على أن البذر والبقر من عند رب الأرض، وعلى أن يعمل في الأرض صاحب العمل وعبد (¬6) صاحب الأرض، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فلصاحب العمل الثلث، ولصاحب البذر والأرض (¬7) الثلث، ولعبد رب الأرض الثلث، كان هذا جائزاً. فإن خرج من الأرض شيء (¬8) اقتسموه على ما اشترطا، وكان (¬9) نصيب العبد لرب الأرض. ولو كان البذر من عند صاحب العمل والمسألة على حالها كان هذا فاسداَ. فإن أخرجت الأرض شيئاً كان كله لصاحب العمل والبذر، وكان عليه أجر مثل الأرض وأجر مثل البقر وأجر مثل العبد لرب الأرض (¬10)، يستوفي من الزرع ما بذر وما غرم، ويتصدق بالفضل. وكذلك لو اشترط (¬11) ¬

_ (¬1) ز: تبالي. (¬2) ز: ولو لم. (¬3) ز: وإذا. (¬4) م ز: عند. (¬5) ز - رب. (¬6) ز: عند. (¬7) ف: ولصاحب الأرض. (¬8) ز: شيا. (¬9) ز: اشترط أو كان. (¬10) ف - لرب الأرض. (¬11) ز: لو شرط.

على رب الأرض أن يعمل معه بنفسه كان له أيضاً أجر مثله فيما عمل على صاحب البذر. ولو كان البذر من عند رب الأرض، فاشترط على صاحب العمل أن يعمل بنفسه وبقره، على أن يعمل رب الأرض في الأرض بنفسه وبقره وبذره (¬1)، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، كان هذا فاسداً. فإن عملا على هذا فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً، كان جميع الزرع لصاحب البذر. وعلى صاحب البذر أجر مثل صاحب العمل وأجر مثل (¬2) بقره، يستوفي من الزرع بذره وما غرم من أجر صاحب العمل وأجر بقره. فإن بقي شيء لم يتصدق به وطاب له. يشبه هذا الوجه الأول، لأن الأول إجارة فاسدة كانت في الأرض. فعليه أن يتصدق بالفضل إن كان؛ لأن الأرض هي (¬3) أخرجت الزرع. وهذا الوجه إنما الفاسد فيه (¬4) إجارة العامل، لا يتصدق صاحب البذر بشيء من الزرع. ولو دفع صاحب الأرض أرضه وبذره إلى صاحب العمل، على أن يعمل صاحب العمل بنفسه وبقره، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فلصاحب الأرض ثلثه، ولصاحب العمل ثلثه لعمله، وحظ البقر الثلث من ذلك، كان هذا جائزاً. وما أخرجت الأرض من شيء فثلثاه (¬5) لصاحب العمل، لأن ما اشترط لبقره فإنما يشترط لنفسه. ولو كان البقر من قبل صاحب الأرض فاشترط (¬6) صاحب الأرض الثلث لنفسه حظ أرضه والثلث لبقره والثلث لصاحب العمل كان هذا جائزاً أيضاً. فما أخرجت الأرض من شيء فثلثاه لصاحب الأرض وثلثه لصاحب العمل. ولو كان البذر من عند صاحب العمل، والمسألة على حالها، كانت الإجارة فاسدة، والزرع كله لصاحب البذر، ولصاحب الأرض والبقر أجر مثل أرضه ومثل أجر بقره، أخرجت الأرض زرعاً كثيراً أو لم تخرج. ¬

_ (¬1) ز: وبزره. (¬2) ف - مثل. (¬3) ز + التي. (¬4) ز: منه. (¬5) م ف ز: فثلثا. (¬6) م ف ز: اشترط.

ولو كان البذر من قبل صاحب العمل، والبقر من عند صاحب العمل، فاشترط صاحب العمل أن له الثلث مما تخرج الأرض بعمله، وله الثلث الآخر حظ البقر، والثلث الباقي لصاحب الأرض حظ الأرض، كان هذا جائزاً. فإن أخرجت (¬1) الأرض شيئاً فالثلثان من ذلك لصاحب البذر، والثلث لصاحب العمل. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له مزارعة، على أن يزرعها صاحب العمل ببذره ونفسه وبقره، فما أخرج الله منها من شيء فلصاحب الأرض الثلث، ولم يسم ما لصاحب العمل، أو قال: فما أخرج الله منها من شيء فالثلث لصاحب الأرض، والثلث للمساكين، فهذا جائز، وما أخرج الله تعالى منها من شيء فالثلث لصاحب الأرض، والثلثان لصاحب البذر والعمل (¬2). ولو كان البذر من قبل صاحب الأرض، فاشترط عليه صاحب العمل أن ما أخرج الله تعالى منها من شيء فلصاحب العمل الثلث، ولم يسم ما لصاحب البذر والأرض، فهذا جائز، والثلث لصاحب العمل، والثلثان لصاحب الأرض والبذر. ولو كان صاحب العمل قال لصاحب الأرض والبذر: آخذ الأرض مزارسة، والبذر مزارعة، على أن ما أخرج الله تعالى منها من شيء فلك منه الثلثان، ولم يسم ما لنفسه، فالقياس في هذا أنه فاسد، ولكني أستحسن أن أجيزه، وأجعل الثلثين لصاحب الأرض والبذر، والثلث لصاحب العمل. وكذلك لو كان البذر من عند صاحب العمل، فقال له صاحب الأرض: خذ الأرض مزارعة، على أن ما أخرج الله تعالى منها من شيء فلك منه الثلثان، فأخذها على هذا، قالوا: القياس فيه أنه فاسد؛ لأنه لم ¬

_ (¬1) م: خرجت. (¬2) ف: لصاحب العمل.

يسم للأرض (¬1) أجراً. ولكني أستحسن أن أجيزه، وأجعل الثلث الباقي لصاحب الأرض. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذراً، على أن يزرعه صاحب العمل بنفسه وأجرائه وبقره، فما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو كله لصاحب الأرض والبذر، فزرع على هذا، فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً أو لم تخرج، فهذا جائز. وما أخرجت الأرض فهو لصاحب الأرض والبذر، والآخر (¬2) فيما عمل متطوع؛ لأنه لم يشترط لنفسه شيئاً (¬3). ولو كان صاحب الأرض قال له: اعمل ببذري في أرضي، على أن ما أخرج الله تعالى منه من شيء فهو لك كله، فعمل صاحب العمل، فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً أو لم تخرج شيئاً، فهذا جائز. وما أخرجت الأرض من شيء فهو لصاحب العمل، ولا أجر لرب الأرض على صاحب العمل. وعلى صاحب العمل بذر مثل بذر صاحب البذر دين عليه أخرجت الأرض شيئاً أو لم تخرج؛ لأنه حين اشترط أن ما أخرجت الأرض من شيء فهو لصاحب العمل، وإنما صاحب الأرض معير (¬4) لأرضه مقرض (¬5) لبذره. ولو أن صاحب الأرض دفع الأرض إلى صاحب العمل، على أن يزرع فيها كُرّاً من طعام، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو كله لصاحب الأرض، فزرع، فأخرجت الأرض زرعاً، فهو لصاحب البذر. ولصاحب الأرض أجر مثل أرضه على صاحب الزرع. يستوفي صاحب الزرع ما بذر وما غرم من الزرع، ويتصدق بالفضل. وإن لم تخرج الأرض شيئاً كان لصاحب الأرض على صاحب البذر أجر مثل أرضه. ولو كان رب الأرض قال له: ازرع لي كرًّا من طعامك في أرضي هذه، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو لي كله، ففعل، ¬

_ (¬1) م ز: الأرض. (¬2) ز: والاجر. (¬3) ز - شيئاً. (¬4) ز: معيرا. (¬5) ز: مقرضاً.

كان هذا جائزاً (¬1). وما خرج من شيء فهو لرب الأرض، وما زرع رب البذر فهو قرض له على صاحب الأرض. وإن لم تخرج الأرض شيئاً رجع صاحب البذر على صاحب الأرض ببذره الذي بذره. ولو كان قال له: ابْذُرْ لي فيها كُرًّا من طعامك، على أن ما أخرج الله تعالى منها من شيء فلك منه (¬2) النصف، ولي منه النصف، ففعل، كان هذا جائزاً. وما خرج منها من شيء فهو بينهما نصفان. ويرجع صاحب البذر على صاحب الأرض بطعام مثل الكر الذي بذر له؛ لأنه قال له: ابذر لي. فهذا جائز. إنما قال له: أقرضني كرًّا، وابذره لي في أرضي، على أن تعمل في ذلك، فما أخرج الله تعالى منه من شيء فهو بيني وبينك نصفين. فهذا جائز؛ لأن بذره له الطعام (¬3) في أرضه بأمره بمنزلة قرض المستقرض الطعام من المقرض. أرأيت لو قال له: أقرضني مائة درهم، واشتر لي بها كرّاً، ثم ابذره لي في أرضي (¬4)، على أن ما أخرج الله تعالى منها من شيء فلك منه النصف، ولي منه النصف، لم يكن جائزاً؟ فكذلك هذا. إلا أن هذا مكروه؛ لأنه قرض جر منفعة. وإذا دفع الرجل إلى الرجل كُرًّا من طعام، على أن يَبْذر رب الأرض في أرضه، ويعمل في سنته هذه، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فهذا فاسد في قول أبي يوسف وقولنا (¬5). فإن عمل رب الأرض على هذا فأخرجت الأرض زرعا كثيراً فالزرع كله لصاحب البذر، ولصاحب الأرض والعمل أجر مثله وأجر مثل أرضه على صاحب الزرع. يستوفي صاحب الزرع بذره وما غرم من الأجر من الزرع، ويتصدق بالفضل إن كان في الزرع فضل. ولو لم تخرج الأرض شيئاً كان على صاحب البذر أجر مثل الأرض، وأجر مثل عمل صاحب الأرض؛ لأنه عمل له. ¬

_ (¬1) ز: جائز. (¬2) ز: منها. (¬3) م ف: والطعام. (¬4) م ف: في أرض. (¬5) ز: وأما قولنا.

ولو لم يكن الأمر على هذا ولكنه دفع إليه كُرًّا من طعام على أن يزرعه رب الأرض، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فكل (¬1) ذلك لرب الأرض، فزرع رب الأرض، فأخرت الأرض زرعاً كثيراً، فإن هذا جائز. وما أخرت الأرض فهو لصاحب الأرض. وعلى صاحب الأرض كر (¬2) من طعام البذر ديناً عليه لصاحب البذر أخرجت الأرض شيئاً أو لم تخرجه (¬3). ولو كان قال: ازرعه لي (¬4) في أرضك، على أن ما أخرج الله تعالى منه من شيء فهو لك كله، فزرع على هذا، فهذا فاسد. وما خرج من شيء فهو لصاحب البذر. ولصاحب الأرض أجر مثل الأرض وأجر مثل عمله على صاحب البذر، ويتصدق بالفضل. ولو دفع إليه صاحب البذر كُرًّا من طعام، على أن يزرعه في أرضه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو كله لصاحب البذر، فزرعه رب الأرض، فأخرجت (¬5) زرعاً كثيراً أو لم (¬6) تخرج شيئاً فهو جائز، وما خرج من شيء فهو كله لصاحب البذر، ولا شيء للعامل في أرضه ولا في عمله؛ لأنه معين له بنفسه ومعين له في أرضه. ولو كان قال له: ابْذُرْ هذا الكُرّ في أرضك لنفسك، على أن ما أخرج الله منه من شيء فهو لي كله، كان ما أخرج الله منه من شيء لصاحب (¬7) الأرض، ولصاحب البذر طعام مثله، ولا يتصدق صاحب الأرض بشيء من الزرع؛ لأن الأرض أرضه وهي التي أخرجت الزرع. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذراً على أن يَبْذُره، فما أخرج الله تعالى منه من شيء فهو لصاحب الأرض، فهو جائز. وما خرج من شيء فهو لصاحب الأرض. والعامل معين له فيما عمل. ¬

_ (¬1) م ف ز: فكان. (¬2) ز: كرا. (¬3) ز: لم تخرج. (¬4) ف - لي. (¬5) ز: فأخرج. (¬6) ز - لم. (¬7) م ف ز: فلصاحب.

ولو دفع إليه أرضاً وبذراً على أن يزرعها، فما أخرج الله منه (¬1) من شيء فهو كله للزارع، فزرع، فأخرجت الأرض، فهو كله للزارع، وعليه مثل البذر لصاحب الأرض. ولا أجر لرب الأرض؛ لأنها عارية في يديه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذراً، على أن يعمل المدفوع إليه في ذلك هذه السنة، ويعمل معه صاحب البذر والأرض، فما أخرج الله من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فعملا على هذا، فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً، فإن هذه مزارعة فاسدة. وما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو كله لصاحب الأرض والبذر. ولصاحب العمل أجر مثل عمله فيما عمل. ولا يتصدق صاحب الزرع بشيء من الزرع؛ لأنه زرع في أرضه. ولو دفع رجل أرضه إلى رجل، على أن يزرعها ببذره وبقره، ويعمل فيها معه هذا الرجل الآخر، فما أخرج الله تعالى منها من شيء فالثلث من ذلك لرب الأرض، والثلث لصاحب البذر والعمل، والثلث لصاحب العمل الآخر، فإن هذا فاسد. فإن زرعا الأرض على هذا فأخرجت زرعاً كثيراً فالثلث من ذلك لرب الأرض (¬2)، والثلثان من ذلك لصاحب البذر. وعلى صاحب البذر أجر مثل صاحب العمل الذي عمل معه. ولا يتصدق صاحب البذر ولا صاحب الأرض بشيء من الفضل؛ لأن الفساد إنما جاء من قبل صاحب العمل الآخر، ولم يكن من قبل رب (¬3) الأرض. ولو كان البذر من قبل رب الأرض، والمسألة على حالها، كانت هذه المزارعة (¬4) جائزة، والثلث مما أخرجت الأرض لصاحب الأرض، والثلثان للعاملين. وهذا كله قول أبي يوسف وقول محمد. ¬

_ (¬1) ز - منه. (¬2) ف - والثلث لصاحب البذر والعمل والثلث لصاحب العمل الآخر فإن هذا فاسد فإن زرعا الأرض على هذا فأخرجت زرعاً كثيراً فالثلث من ذلك لرب الأرض؛ ز + والثلث لصاحب البذر والعمل والثلث لصاحب العمل الآخر فإن هذا فاسد فإن زرعا الأرض على هذا فأخرجت زرعاً كثيراً فالثلث من ذلك لرب الأرض. (¬3) ز - رب. (¬4) ز: مزارعة.

باب ما للمزارع أن يمتنع عنه بعدما تجب المزارعة وما ليس له أن يمتنع عنه

باب ما للمزارع أن يمتنع عنه (¬1) بعدما تجب المزارعة وما ليس له أن يمتنع عنه (¬2) وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً مزارعة، على أن يزرعها المدفوعة إليه هذه السنة ببذره وبقره، فما أخرج الله منها من شيء فهو بينهما نصفان، فلما تراضيا على هذا قال الذي أخذ الأرض مزارعة: لست أريد أن أزرع هذه الأرض، وقد بدا لي في ترك الزرع هذه السنة، وقال رب الأرض: ليس لك ذلك، فإن الأمر في ذلك إلى المدفوعة إليه الأرض مزارعة: إن شاء زرع، وإن شاء لم يزرع. وكذلك لو قال: لست أريد ترك الزرع سنتي هذه، ولكني أريد أن أزرع في هذه الأرض الأخرى، وأترك هذه الأرض فلا أزرع فيها، وقال رب الأرض: ليس لك ذلك (¬3)، أما إذا أردت أن تزرع فازرع أرضي التي أخذتها مزارعة، فإن الذي أخذ الأرض مزارعة لا يجبر على شيء من ذلك، ويقال له: ازرع أي أرض شئت. ولا يشبه هذا استئجار الأرض ليزرعها بالدراهم والدنانير وغير ذلك مما ليس يخرج منها. إذا استأجر الرجل أرضاً بشيء مما ليس يخرج منها بدراهم أو دنانير أو غير ذلك سنة كاملة، ثم بدا له أن يدع (¬4) الزرع فلا يزرع الأرض في تلك السنة ولا غيرها، فهذا عذر، وله أن يترك الأرض، ولا يجب عليه من أجرها شيء. ولو قال: أريد أن أزرع هذه الأرض الأخرى، ولا أزرع الأرض التي استأجرت، فليس له أن يتركها، ولكنها ¬

_ (¬1) ز: منه. (¬2) ز: منه. (¬3) ز: ليس ذلك إليك؛ ف - فإن الأمر في ذلك إلى المدفوعة إليه الأرض مزارعة إن شاء زرع وإن شاء لم يزرع وكذلك لو قال لست أريد ترك الزرع سنتي هذه ولكني أريد أن أزرع في هذه الأرض الأخرى وأترك هذه الأرض فلا أزرع فيها وقال رب الأرض ليس لك ذلك. (¬4) م ف ز: أن يزرع. والتصحيح من الكافي، 2/ 308 ظ.

تدفع إليه، ويقال له: لا نجبرك على زرعها، ولكنها في يديك (¬1)، فإن شئت فازرع، وإن شئت فدع، فإذا انقضت الإجارة وهي في يدك وجب عليك أجر ما زرعت أو تركت. وهذا لا يشبه المزارعة التي وصفت لك؛ لأن في المزارعة إذا لم يزرعها لم تجب لصاحب الأرض، وليس يجبر الذي أخذها ليزرعها بنصف ما يخرج على أن يزرعها، وليس يكون عليه إن لم يزرعها شيء. فإذا لم يكن عليه بكينونتها في يديه شيء حتى يزرعها ولم يجبر على زرعها كان له أن يتركها في أول السنة، إن أراد أن يزرع غيرها أو لم يرد. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذراً، على أن يزرعها هذه السنة ببذره وبقره، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فلما وقعت عُقْدَة المزارعة قال الذي أخذ الأرض مزارعة ليزرعها: لا أريد أن أزرع هذا الأرض ولا غيرها، وأنا (¬2) أريد ترك الزرع سنتي هذه، فليس له ذلك، ويجبر على أن يزرع؛ لأن البذر في هذا الوجه من قبل رب الأرض، وإنما العامل في هذا أجير، وليس للأجير أن يأبى (¬3) العمل، أبل، يجبر على أن يعمل. ولا يكون قوله: أريد ترك الزرع سنتي هذه، بعذر في هذه المزارعة. ولو كان رب الأرض والبذر هو الذي قال: لست أريد أن أعمل أرضي (¬4) هذه السنة، ولكني أريد أن أعمل هذه الأرض الأخرى، أو قال: لست أريد أن أعمل هذه الأرض في سنتي هذه ولا غيرها، وأراد العامل أن يعمل، فإن رب الأرض والبذر لا يجبر على زرع هذه الأرض إن أراد عمل أرض أخرى أو لم يرد؛ لأنه لا يجبر على أن يبذر (¬5) بذره في هذه الأرض وهو لا يريد ذلك. ولو أن رجلاً دفع أرضه إلى رجل ليزرعها سنته ببذره وبقره ونفسه، ¬

_ (¬1) ز: في يدك. (¬2) ز: ولا. (¬3) ز: أن يأتي. (¬4) م ف ز: أرض. (¬5) ز: أن يبذره.

فما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو بينهما نصفان، فلما وقعت عُقْدَة المزارعة قال: قد بدا لي أن لا أزرع (¬1) في أرضي هذه في هذه السنة شيئاً، وقال الذي أخذها مزارعة: أنا أعمل فيها، فليس (¬2) لرب الأرض أن يمنع المزارع من زرعها إلا من عذر. والعذر هاهنا الدين الفادح (¬3) يكون على رب الأرض ولا يقدر على قضائه إلا من ثمن هذه الأرض، فيبيعها فيه، فهذا العذر الذي لرب الأرض أن يمنع الزارع من زرعها من أجله. ولا يشبه هذا الوجه الأول؛ لأن الأرض هاهنا هي التي استؤجرت بنصف ما يخرج. وليس لصاحبها أن يمنع الزارع من زرعها إلا على ما وصفت لك. وإذا دفع الرجل إلى الرجل نخلاً له معاملة، على أن يقوم عليه ويسقيه ويلقّحه (¬4) بنفسه وأجرائه وأعوانه، فما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو بينهما نصفان، فهذا جائز في قول أبي يوسف ومحمد. فإن (¬5) وقعت عُقْدَة المعاملة بتراضي منهما (¬6)، ثم قال الذي أخذ النخل معاملة: لا أعمل في هذا النخل ولا في غيره، أريد ترك هذا العمل وأعمل عملاً غيره، أو قال: أريد ترك كل عمل وأسافر، وأبى صاحب النخل أن يدعه، فإنه يجبر على العمل، وليس شيء مما ذكرت بعذر. وكذلك إن قال صاحب النخل: أريد أن أعمل في نخلي وأخرجك منه فأكون أنا القيّم (¬7) على النخل وعلى تلقيحه وعلى علاجه، وقال الذي أخذ النخل معاملة: أنا أعمله، فله أن يعمله، وليس لصاحب النخل أن يخرجه منه؛ لأنه أجيره في هذا النخل. وليس له أن يمنعه من العمل إلا أن يبيع صاحب النخل النخلَ في دين فادح ولا وفاء عنده به، فيكون ¬

_ (¬1) م: لا ان زرع. (¬2) م ف ز: وليس. (¬3) أي: الثقيل، من فَدَحَه الأمرُ إذا عاله وأثقله، ويقال: خطب فادح ودين فادح. انظر: المغرب، "فدح". (¬4) م ز: ويلحقه. (¬5) م ف: قال؛ ز: وإذا. (¬6) ز: منها. (¬7) ف: المقيم.

باب الأرض التي تكون بين الرجلين فيدفعها أحدهما إلى صاحبه مزارعة

هذا عذراً (¬1)، وتنقض المعاملة. وهذا قياس قول أبي يوسف، وهو (¬2) قول (¬3) محمد. ... باب الأرض التي تكون بين الرجلين فيدفعها أحدهما إلى صاحبه مزارعة وإذا كانت الأرض بين الرجلين، فيدفعها أحدهما إلى صاحبه مزارعة، على أن يزرعها هذه السنة ببذره وبقره وبنفسه وأعوانه، فما أخرج الله تعالى من ذلك منها من شيء فهو بينهما نصفان، فعمك المزارع على هذا، فأخرجت طعاماً كثيراً، فإن هذه مزارعة فاسدة، والزرع كله للمزارع، وللذي دفع الأرض إلى صاحبه (¬4) أجر مثل نصف الأرض على صاحبه. يستوفي الزارع نصف جميع ما خرج من الزرع، فيطيب له، وينظر إلى النصف الباقي، فيستوفي (¬5) منه نصف بذره وما غرم في نصف الزرع من غرم، ويتصدق بالفضل. ولو كان البذر من عند الشريك الذي لم يعمل، فدفع إليه الأرض والبذر على أن يعمل بنفسه وبقره، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فعمل الزارع على هذا فأخرجت طعاماً كثيراً، فإن الزرع كله لصاحب البذر، وللذي عمل أجر مثله فيما عمل، وله أجر مثل نصف الأرض. فينظر الذي صار له الزرع إلى نصف ما أخرجت الأرض، فيطيب له. وينظر إلى نصفه (¬6) الآخر (¬7)، فيُخرج (¬8) منه نصف بذره، ونصف أجر ¬

_ (¬1) ز: عذر. (¬2) ز - وهو. (¬3) ز: وقول. (¬4) ز - إلى صاحبه. (¬5) م ف ز: يستوفي. (¬6) م ف ز: إلى نصف. (¬7) ف: الأرض؛ ز: الاجر. (¬8) ولفظ الحاكم: ويأخذ. انظر: الكافي، 2/ 309 و.

مثل الأرض الذي غرم، ونصف أجر مثل الرجل العامل الذي عمل، ويتصدق بالفضل. ولو أن أرضاً بين رجلين دفعها أحدهما إلى صاحبه على أن يزرعها ببذره وبقره ونفسه وأعوانه هذه السنة، فما أخرج الله تعالى منها من شيء فللذي عمل الثلثان، وللذي دفع الأرض الثلث، فعمل على هذا، فأخرجت الأرض طعاماً كثيراً، فهذا جائز، والثلثان من ذلك للعامل، والثلث للآخر. ولو كان البذر من قبل دافع الأرض إلى صاحبه، والمسألة على حالها، أو كان الذي اشترط الثلثين الدافع، كان هذا فاسداً، وكان الزرع كله لصاحب البذر، وللذي عمل أجر مثله (¬1) ونصف أجر مثل الأرض. فيكون نصف الزرع لصاحب البذر طيباً (¬2)، وينظر إلى النصف الباقي فيستوفي منه نصف بذره الذي أعطى، ونصف أجر مثل العامل الذي عمل، ونصف أجر مثل الأرض، ويتصدق بالفضل. ولو أن رجلين بينهما أرض، فدفعها أحدهما إلى صاحبه على أن يزرعها هذه السنة ببذر الذي دفعها إليه، وعمل المدفوع إليه الأرض ببقره ونفسه، فما أخرج الله تعالى منها فثلثه للذي عمل والثلثان للدافع، فعمل على هذا وأخرجت طعاماً كثيراً، فإن هذا فاسد أيضاً، والزرع كله لصاحب البذر، ولصاحب العمل أجر مثله في عمله، ونصف أجر مثل الأرض، ويستوفي صاحب الزرع نصف الزرع فيكون له طيباً، والنصف الآخر يستوفي منه نصف البذر الذي (¬3) بذر ونصف أجر مثل الأرض وأجر مثل العامل، ويتصدق بالفضل. ولو أن رجلين بينهما أرض، فدفعها أحدهما إلى صاحبه، على أن يزرعها هذه السنة ببقره ونفسه، والبذر منهما نصقين، على أن ما أخرج (¬4) الله من ذلك من شيء فثلثاه للعامل وثلثه لصاحبه، فعمل الذي ¬

_ (¬1) ز + فيما عمل. (¬2) ز: طيب. (¬3) م ز: والذي. (¬4) م: ما خرج.

أخذ الأرض مزارعة على هذا فأخرجت الأرض طعاماً كثيراً، فإن هذا فاسد كله. وما أخرجت الأرض فهو بينهما نصفين. وذلك كله طيب لهما، لا يتصدق واحد منهما بشيء مما كان له، ولا أجر لواحد منهما على صاحبه. ولو أن الذي دفع الأرض هو الذي اشترط الثلثين على العامل كان هذا فاسداً (¬1) أيضاً، وكان ما أخرجت الأرض بينهما نصفين، ولم يكن لواحد منهما على صاحبه أجر. ولو أن رجلين بينهما أرض، فدفعها أحدهما إلى صاحبه (¬2) مزارعة هذه السنة، على أن يزرعها بنفسه وبقره، على أن البذر بينهما نصفين، على أن ما أخرجت الأرض من شيء فهو بينهما نصفان، فهذا جائز، وما أخرجت الأرض فهو بينهما نصفان، والعامل الذي عمل الأرض معين لشريكه بعمله. ولو أن رجلين بينهما أرض دفعها أحدهما إلى صاحبه، على أن يزرعها بنفسه وبقره، وعلى أن يكون البذر على الدافع ثلثاه (¬3) وعلى المدفوع إليه الثلث، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فعمل الذي أخذها مزارعة على هذا، فأخرجت طعاماً كثيراً، فالمزارعة على هذا فاسدة، وما خرج من الزرع فثلثاه لصاحب ثلثي البذر، وثلثه لصاحب ثلث البذر. ولا أجر للعامل في عمله؛ لأنه عمل في شيء هو فيه شريك. ويكون ثلث الزرع للعامل طيباً (¬4) لا يتصدق منه بشيء، ويكون نصف الزرع للدافع طيباً لا يتصدق منه بشيء، ويكون على الدافع أجر مثل سدس الأرض للزارع، فيستوفي الدافع (¬5) من سدس الزرع الذي صار له مثل ربع البذر الذي بذر وما غرم من أجر الأرض، ويتصدق بالفضل. ¬

_ (¬1) ز: فاسد. (¬2) م: إلى صاحب. (¬3) م ف ز: ثلثيه. (¬4) ز: طيب. (¬5) م: الرابع.

ولو أن رجلين بينهما أرض، فدفعها أحدهما إلى صاحبه مزارعة هذه السنة، على أن يزرعها سنته هذه بنفسه وبقره، على (¬1) أن البذر عليهما، على الدافع ثلثه، وعلى المدفوعة إليه ثلثاه، وعلى أن ما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو بينهما نصفان، فعمل المدفوع إليه الأرض على هذا، فأخرجت طعاماً كثيراً، فإن هذا فاسد. وما أخرجت الأرض فلصاحب ثلثي (¬2) البذر المدفوعة إليه الأرض ثلثاه، ولصاحب [ثلث البذر] الثلث. ويكون على المدفوعة إليه الأرض سدس أجر مثل الأرض للدافع (¬3). ويطيب للدافع (¬4) ثلث الزرع، ولا يتصدق منه بشيء. ويطيب للعامل نصف الزرع (¬5). ويبقى سدس الزرع يدفع منه العامل (¬6) ربع حصته من البذر وما غرم من الأجر، ويتصدق بالفضل. وإذا كانت الأرض بين رجلين، فدفعها أحدهما إلى صاحبه، على أن يزرعها سنته هذه ببذره وعمله، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، وعلى أن البقر من قبل الآخر، فإن هذه مزارعة فاسدة. وما أخرجت (¬7) من شيء فهو لصاحب البذر، ولصاحب البقر (¬8) أجر مثل بقره وأجر مثل نصف الأرض. يستوفي الزارع نصف ما خرج من الزرع، فيطيب له، ويأخذ من النصف الآخر نصف البذر ونصف أجر البقر ونصف أجر الأرض ونصف النفقة التي أنفق، ويتصدق بالفضل. وإن (¬9) كان صاحب البذر اشترط الثلثين، واشترط الآخر الثلث، فهو مثل هذا، وهو (¬10) على ما وصفت لك، وهذا فاسد أيضاً. وإنما فسد هذا في هذا الموضع للبقر الذي اشترط على رب الأرض الذي لا بذر له؛ لأنه ¬

_ (¬1) ز: وعلى. (¬2) ز - ثلثي. (¬3) ز: للرافع. (¬4) ز: للرافع. (¬5) م ز - ويطيب للعامل نصف الزرع؛ صح م هـ. (¬6) ف: للعامل. (¬7) ع + الأرض. (¬8) م ز - البقر. (¬9) ز: فإن. (¬10) م ف ز: فهو.

باب المزارعة تكون الأرض من الرجل والعمل من آخر والطعام منهما جميعا والعمل منهما جميعا

اشترط عليه عمل بقره وحصته من الأرض بثلث ما تخرج الأرض، فإذا وقعت إجارة البقر بشيء مما تخرج الأرض فسدت المزارعة. ... باب المزارعة تكون الأرض من الرجل والعمل من آخر والطعام منهما جميعاً والعمل منهما جميعاً وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً على أن يعمل المدفوعة إليه فيها بنفسه وبقره (¬1) سنته هذه، على أن البذر منهما نصفين، فعمل على هذا، فأخرجت الأرض طعاماً كثيراً، فإن هذه مزارعة فاسدة، وما أخرجت الأرض من شيء فهو بينهما نصفان. ولا أجر للعامل في عمله؛ لأنه عمل في شيء هو فيه شريك. ولصاحب الأرض على العامل أجر مثل نصف أرضه. ويطيب نصف ما أخرجت الأرض من شيء لصاحب الأرض لا يتصدق منه بشيء. وأما نصف الزرع الذي صار للعامل يستوفي منه بذره ونفقته والأجر الذي غرم لصاحبه، ويتصدق بالفضل فيما بينه وبين ربه، ولا يجبر على ذلك في القضاء. ولو أن رجلاً دفع أرضه إلى رجل، على أن يعملها سنته هذه، ويَبْذُرها كُرًّا من طعام بينهما نصفين، على أن للعامل ثلثي ما تخرج الأرض، ولرب الأرض الثلث، كان هذا فاسداً، وكان بمنزلة الوجه الأول؛ لأن العامل أخذ بعمله أجراً، وهو نصف أجر أرض رب الأرض يزرعها لنفسه، وثلث زرع رب الأرض يكون له بعمله، فهذا لا يستقيم. ولو كان الذي اشترط ثلثي ما تخرج الأرض رب الأرض، واشترط العامل الثلث، كان هذا فاسداً؛ لأن رب الأرض اشترط على العامل أن يعمل له في نصف أرضه، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك النصف من ¬

_ (¬1) ز - وبقره.

شيء فهو له خاصة، واشترط مع ذلك لنصف أرضه الباقي حصة من زرع (¬1) العامل، فقد اشترط على العامل أن يعمل له فى نصيبه بغير أجر، على أن يعطيه بإجارة نصفِه (¬2) الآخر (¬3) ثلثَ ما يخرج، فهو لا يجوز. وهذا والوجه الأول سواء. والزرع نصفان في جميع هذا الوجه؛ لأن البذر كان بينهما نصفين. فما حصل لرب الأرض من الزرع وهو نصف الزرع فهو له طيب لا يتصدق بشيء منه. وما حصل للعامل الذي عمل في الأرض من الزرع وهو النصف أخذ (¬4) منه مثل البذر الذي بذر لنفسه ومقدار نفقته، وأخذ أجر مثل نصف الأرض الذي غرم لصاحب الأرض، ويتصدق بالفضل. ولا أجر للذي عمل على صاحب الأرض في عمله؛ لأنه عمل في شيء هو فيه شريك، ولا أجر له فيه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً، على أن يزرعها سنته هذه بنفسه وبقره، على أن البذر منهما جميعاً، من أحدهما الثلثان (¬5) ومن الآخر الثلث، وسميا صاحب الثلثين وصاحب الثلث، على أن ما أخرجت الأرض من شيء فهو بينهما على ما زرعا، فهذه مزارعة فاسدة، وما أخرجت الأرض من شيء فهو بينهما على ما بذرا، يطيب لصاحب الأرض خاصة ما أصاب له من ذلك، ويتصدق الذي عمل بما زاد (¬6) زرعه على بذره وعلى نفقته وعلى ما خرج من إجارة الأرض. ولو لم يشترطا (¬7) أن ما أخرجت الأرض بينهما على قدر ما بذرا، ولكنهما اشترطا أن ما أخرجت الأرض بينهما نصفين، كان ذلك أيضاً فاسداً، وما أخرجت الأرض من شيء فهو بينهما على ما بذرا في الأرض، يطيب لرب الأرض ما صار له من ذلك، ولا أجر عليه للذي عمل في أرضه، وله على الذي عمل (¬8) أجر مثل (¬9) ما صار له من الأرض ¬

_ (¬1) م ف ز: من الزرع. (¬2) م ف ز: إجارة نصف. (¬3) ز: الاجر. (¬4) م ف ز: أخذه. (¬5) ز: الثلثين. (¬6) م ف ز: ما زاد. (¬7) ز: لم يشترط. (¬8) م ز + في أرضه وله على الذي عمل. (¬9) ف - مثل.

التي (¬1) زرع فيها حصته من البذر، ويتصدق الذي عمل بما زاد زرعه على حصته من البذر ونفقته والأجر (¬2) الذي غرم. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له، على أن يعمل فيها رب الأرض والمدفوعة إليه سنته هذه ببذر بينهما نصفين، على أن ما أخرجت الأرض فهو بينهما نصفان، [فهذا جائز] (¬3). ولو كان رب الأرض اشترط أن له الثلثين وللذي يعمل معه الثلث كان هذا فاسداً، وما أخرجت الأرض من شيء فهو بينهما نصفان على قدر بذرهما الذي بذرا فيها، وما صار لصاحب الأرض من الزرع فهو له طيب لا يتصدق منه (¬4) بشيء، ويأخذ الذي عمل مع صاحب الأرض من الزرع الذي صار له مثل بذره ونفقته، وعليه أجر مثل نصف الأرض لصاحب الأرض، فيأخذه أيضاً من الزرع الذي خرج له مع بذره ونفقته (¬5)، ويتصدق بالفضل. ولا أجر لواحد منهما في عمله على صاحبه؛ لأنه عمل في شيء هو فيه شريك فلا أجر له. ولو كان الذي عمل مع صاحب الأرض هو الذي اشترط الثلثين مما تخرج الأرض، واشترط صاحب الأرض الثلث، كان هذا فاسداً، وما أخرجت الأرض من شيء فهو بينهما نصفان على قدر بذرهما الذي بذرا، ولا أجر لواحد منهما على صاحبه في عمله، ولا أجر لصاحب الأرض على صاحب العمل في شيء من أرضه. وما خرج من الزرع فهو بينهما نصفان طيب لهما جميعاً لا يتصدق واحد منهما بشيء منه؛ لأن صاحب الأرض لم يشترط لنفسه فضلاً، إنما اشترط (¬6) الفضل لصاحب العمل الذي يعمل معه. ¬

_ (¬1) ز: الذي. (¬2) ز: والاخر. (¬3) الزيادة من الكافىِ، 2/ 309 ظ. (¬4) م ز: به. (¬5) م ف + وعليه أجر مثل نصف الأرض لصاحب الأرض فيأخذه أيضاً من الزرع الذي خرجِ له مع بذره ونفقته؛ ز + وعليه أجر مثل نصف الأرض لصاحب الأرض فيأخذه أيضاً من الزرع الذي خرج له مع بذره ونفقته وعليه أجر مثل نصف الأرض لصاحب الأرض فيأخذه أيضاً من الزرع الذي خرج له مع بذره ونفقته. (¬6) م ف ز: إنما يشترط.

باب المزارعة التي يشترط أحدهما لصاحبه شيئا مما تخرج الأرض بعمله فيه بعينه أو شيئا في جميع الزرع أو يشترط على حصة السلطان

وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضه، على أن يزرعها المدفوعة إليه سنته هذه ببذره وبقره ونفسه، على أن ما أخرجت الأرض من شيء فهو بينهما نصفان، على أن يعمل صاحب الأرض مع صاحب البذر، فيعملان فيها جميعاً، أو عمل صاحب البذر وحده على أن الشرط وقع على ما وصفت لك، فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً، فإن هذا فاسد، وما أخرجت الأرض من شيء فهو لصاحب البذر، ولصاحب الأرض أجر مثل أرضه، وأجر مثل نفسه في عمله على صاحب البذر إن كان عمل. ... باب المزارعة التي يشترط أحدهما لصاحبه شيئاً مما تخرج الأرض بعمله (¬1) فيه بعينه أو شيئاً في جميع الزرع أو يشترط على حصة (¬2) السلطان وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له، فزرعها سنته ببذره وبقره ونفسه، على أن ما أخرج الله تعالى منها من شيء أخذ صاحب البذر بذره، فكان له، وكان ما بقي بينهما نصفان، فهذه مزارعة فاسدة. فإن عمل على هذا فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً فهو كله لصاحب البذر، ولصاحب الأرض أجر مثل أرضه، ويأخذ صاحب الزرع بذره ونفقته وما خرج من أجر الأرض، ويتصدق بالفضل. ولو كان البذر من قبل صاحب الأرض، فدفع صاحب الأرض أرضه وبذره إلى رجل، على أن يزرع ذلك بنفسه وبقره، فما أخرج الله تعالى في ذلك من شيء استوفى صاحب الأرض بذره، وكان ما بقي بينهما نصفين، فإن هذا فاسد أيضاً، وما أخرجت الأرض من قليل أو كثير فهو كله لصاحب الأرض والبذر طيب لا يتصدق بشيء منه، وعلى صاحب الأرض أجر مثل الرجل في عمله وعمل بقره؛ لأن المزارع إذا اشترط شيئاً من الطعام معلوماً كان ذلك فاسداً؛ لأنه لا يدري أتخرج ¬

_ (¬1) ز: يعمله. (¬2) ز: على حصته.

الأرض ذلك أم لا. وكذلك رب الأرض. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له، على أن يزرعها سنته هذه ببذره (¬1) وبقره ونفسه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فعشره (¬2) لصاحب البذر، وما بقي فهو بينهما نصفان، فهذا جائز (¬3)، وما أخرجت الأرض من شيء أخذ صاحب البذر عشره، وكان ما بقي بينهما نصفان. ولا يشبه هذا الوجه الأول، الأول اشترط شيئاً بعينه، وهذا اشترط عشراً في جميعه، فما أخرجت الأرض من قليل أو كثير فإنما له عشره. وكذلك لو كان البذر من قبل صاحب الأرض، فاشترط عشر ما أخرجت الأرض، وما بقي فهو بينهما نصفان، كان هذا جائزاً، وهذا والأول سواء. وإذا أراد صاحب البذر أن يتفضّل على شريكه بقدر بذره، فلينظر مقدار البذر مما تخرج الأرض، فيشترط فضلاً على صاحبه من جميع (¬4) ما تخرج الأرض، فيشترط عشر ما تخرج الأرض، أو ربع ما تخرج الأرض فضلاً على صاحبه، ولا يشترط طعاماً معلوماً كُرَّا من طعام أو نصف كر، فإن هذا لا يجوز. ولو كان [الذي] اشترط (¬5) عشر ما تخرج الأرض على صاحبه ليس بصاحب (¬6) البذر كان هذا جائزاً، فلا يضرك أيهما اشترط: صاحب الأرض أو صاحب العمل، كان البذر من قبله أو لم يكن. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له، يزرعها سنته هذه ببذره وبقره ونفسه، على أن ما أخرجت الأرض (¬7) أُخرج (¬8) من ذلك خراج الأرض، وكان ما بقي بينهما نصفين، كان هذا فاسداً أيضاً؛ لأن خراج الأرض دراهم مسماة أو حنطة مسماة، ولا يدري أتخرج الأرض ذلك أم لا، فهذا فاسد. وما أخرجت الأرض من شيء فهو لصاحب البذر، ولصاحب الأرض مثل أجر أرضه على صاحب البذر، يأخذ صاحب الزرع من الزرع مثل بذره ¬

_ (¬1) م: ببذه؛ ز: بيده. (¬2) م: بعشره. (¬3) ز: جائزاً. (¬4) ز: في جميع. (¬5) م ف ز + على. (¬6) م ف ز: لصاحب. (¬7) م + من. (¬8) ز - أخرج.

الذي بذره ونفقته والأجر الذي غرم، ويتصدق بالفضل، ويكون (¬1) الخراج على صاحب الأرض. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له من أرض العشر، يزرعها سنته هذه ببذره وبقره ونفسه، على أن ما أخرجت الأرض من شيء دفع من ذلك العشر حظ السلطان إن كانت تشرب سَيْحاً (¬2)، أو نصف العشر إن كانت تشرب بدَلْو، وما بقي بينهما نصفان، فهذه مزارعة جائزة. فإن عمل على هذا فأخرجت الأرض طعاماً كثيراً أخذ السلطان من ذلك حقه، وكان (¬3) ما (¬4) بقي بينهما (¬5) نصفين. ولا يشبه هذا الوجه الأول؛ لأن هذا اشترط شيئاً في جميع ما تخرج الأرض، لم يشترط أَكْرَاراً (¬6) معلومة ولا دراهم (¬7) معلومة. فإن لم يأخذ السلطان منهم شيئاً أو أخذوا بعض طعامهم سراً من السلطان فإن العشر من ذلك الذي شرط للسلطان يكون لصاحب الأرض؛ لأن العشر عليه في قول أبي حنيفة على قياس قول من أجاز المزارعة. وأما في قياس قول من يزعم أن العشر فيما أخرجت الأرض ليس على صاحب الأرض إذا أجرها شيء (¬8) من العشر، وهو قول محمد. فإنه يجعل ما ترك السلطان لهم من ذلك وما أخذوه من طعامهم سراً (¬9) بينهما نصفين. وكذلك لو كان البذر من قبل رب الأرض، فدفعها مزارعة على أن البذر من عنده. وهذا والباب الأول سواء. وما أخرجت الأرض أخذ السلطان حقه منه، وكان ما بقي بينهما على ما اشترطا، وما ترك لهما من العشر كان لصاحب الأرض في قياس قول أبي حنيفة. وأما القول الآخر فهو بينهما نصفان. ¬

_ (¬1) م ف ز: أو يكون. (¬2) م ف ز: فيحا. (¬3) م ع: وما كان؛ ز - وكان. (¬4) ع - ما؛ ز: وما. (¬5) ز: منها. (¬6) جمع كُرّ: وهو أربعون قفيزاً، وفيه أقوال أخرى، وقد مر قبل هذا كثيراً. (¬7) ز: دراهما. (¬8) ز: إذا أخرها شيئاً. (¬9) ز: شرا.

ولو كان قال صاحب الأرض لصاحب العمل: لست أدري ما يأخذ السلطان منا، عشر جميع ما تخرج الأرض أو نصف العشر، فأنا أُعاملك (¬1) على أن لي النصف مما تخرج الأرض بعد الذي يأخذ السلطان ولك النصف، فهذا فاسد في قول أبي حنيفة. وجميع ما تخرج الأرض لصاحب البذر أيهما كان. فإن كان البذر من قبل صاحب الأرض فهو كله له، وعليه أجر مثل صاحب العمل لعمله. والعشر على صاحب الأرض. ويطيب الفضل من الزرع لصاحب الأرض. فإن كان البذر من قبل صاحب العمل فالزرع كله له، وعليه أجر مثل الأرض لصاحب الأرض. وعلى صاحب الأرض عشر (¬2) ما أخرجت الأرض للسلطان، ليس على صاحب البذر من ذلك قليل ولا كثير. ويأخذ صاحب الزرع من الزرع مثل بذره ونفقته ومثل ما غرم من أجر الأرض، ويتصدق بالفضل. وأما في قول من يقول: إن العشر فيما أخرجت الأرض - وهو قول محمد - فالمزارعة جائزة وإن لم يبين ما (¬3) يأخذ السلطان، وما أخرجت الأرض فهو بينهما نصفان، وما أخذ السلطان فهو بينهما نصفان قليلاً كان أو كثيراً. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً من أراضي الخراج، يزرعها سنته هذه ببذره وبقره ونفسه، فما أخرج الله تعالى منها من شيء دفع منه حظ السلطان، وهو النصف مما يخرج، وكان ما بقي بينهما لرب الأرض ثلثه وللمزارع الثلثان (¬4)، فهذا جائز. وما أخرجت الأرض من شيء فهو على ما اشترطا، يأخذ السلطان نصفه، ويكون ما بقي بينهما على ما اشترطا. فإن أخرجت الأرض طعاماً كثيراَ، ثم إن السلطان أخذ من رب الأرض الخراج كما كان يأخذ، وترك المقاسمة (¬5)، فإن النصف الذي شرط للسلطان لرب ¬

_ (¬1) م ف ز: عاملك. (¬2) م ف: عنه. (¬3) م ف ز: مما. (¬4) م ف ز: الثلثين. (¬5) الخراج نوعان: خراج وظيفة وخراج مقاسمة، فخراج الوظيفة مقدار مقطوع من المال، أما خراج المقاسمة فهو جزء شائع مما يخرج كالعشر أو الربع. انظر: المبسوط، 23/ 34.

باب ما يفسد المزارعة من الشروط وما لا يفسدها والمعاملة أيضا

الأرض، وما بقي فهو بينهما على ما اشترطا. وكذلك لو أن السلطان ترك ذلك، ولم يأخذ منه خراجاً ولا مقاسمة، كان النصف الذي شرط للسلطان لصاحب الأرض. وكذلك لو أخذ من الطعام شيئاً سراً من السلطان قبل المقاسمة، ثم إن السلطان قاسمهم ما بقي وأخذ نصفه، فإن ما أخذ سراً يكون لصاحب الأرض ثلثاه وللمزارع ثلثه، وما بقي من الطعام الذي قاسمهم إياه السلطان فأخذ نصفه فإن لصاحب الأرض ثلثه وللمزارع ثلثاه. وكذلك لو كان البذر من قبل صاحب الأرض، والمسألة على حالها، كان الأمر كما وصفت لك في جميع ذلك. ولو أن صاحب الأرض قال للمزارع: إني لست أدري أيأخذ السلطان في هذه السنة المقاسمة أو الخراج، فأعاملك على أن ندفع (¬1) مما تخرج الأرض حظ السلطان مقاسمة كان أو خراجاً، ويكون ما بقي بيننا لي الثلث ولك الثلثان، فرضي المزارع بذلك، فهذه مزارعة فاسدة. وما أخرجت الأرض من شيء فهو لصاحب البذر أيهما كان، والخراج والمقاسمة أيهما كان على رب الأرض. فإن كان البذر من قبل رب الأرض فالزرع كله له طيب، وعليه أجر مثل المزارع في عمله. فإن كان البذر من قبل المزارع فالزرع كله له، وعليه أجر مثل الأرض لصاحب الأرض، ويرفع من الزرع مثل بذره ونفقته والأجر الذي غرم، ويتصدق بالفضل. ... باب ما يفسد المزارعة من الشروط وما لا يفسدها والمعاملة أيضاً وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له سنته هذه، على أن يَبْذُرها ويعملها، فما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو بينهما نصفان، واشترط ¬

_ (¬1) ز: أن تدفع.

رب الأرض على المزارع الحصاد، فإن هذه مزارعة فاسدة؛ لأن الحصاد ليس مما يجب على المزارع (¬1)، وإنما عليه أن يقوم حتى ينتهي إلى الغاية التي يبلغ فيها الزرع وييبس (¬2)، فإذا بلغ الحصاد كان أجر الحصاد عليهما على قدر ما لهما من الزرع. فإن اشترط رب الأرض على المزارع الحصاد فقد اشترط عليه شيئاً ليس من المزارعة، فهذه مزارعة فاسدة، والزرع كله لصاحب البذر. ألا ترى أنه لو اشترط عليه مع الحصاد رفعه إلى البَيْدَر (¬3) كان هذا فاسداً، وقد اشترط عليه ما ليس عليه. ألا ترى أنه لو اشترط عليه مع ذلك الدِّيَاس (¬4) كان قد اشترط عليه ما ليس عليه وما يفسد (¬5) المزارعة. أرأيت لو اشترط عليه تنقيته (¬6) وحمله إلى أهله أكان ذلك جائزاً. ليس يجوز شيء (¬7) من هذا. وإن اشترط من هذه الشروط شرطاً في المزارعة أفسد المزارعة. وكذلك لو كان البذر من قبل رب الأرض كان مثل هذا أيضاً، وفسدت به المزارعة، إن اشترط شيئاً من ذلك في أصل المزارعة كانت المزارعة فاسدة (¬8). ولو لم يشترط شيئاً من ذلك في أصل المزارعة فالمزارعة (¬9) جائزة، ولم يكن على المزارع شيء من هذه الشروط. وكذلك لو كان البذر من أحدهما أيهما كان، واشترط المزارع على رب الأرض شيئاً من هذه الشروط، أفسد ذلك المزارعة، وكانا في هذه الشروط سواء. ولو لم يشترطا شيئاً من ذلك (¬10) في المزارعة لم يكن لواحد منهما ¬

_ (¬1) ز - الحصاد فإن هذه مزارعة فاسدة لأن الحصاد ليس مما يجب على المزارع. (¬2) ز: وتيبس. (¬3) البيدر الموضع الذي يداس فيه الطعام. انظر: المغرب، "بدر". (¬4) من داس يدوس دوسا، وهو دوس الحنطة. انظر: المغرب، "دوس". (¬5) ز: يقسد. (¬6) ف: تبقيته. (¬7) ز: شيئاً. (¬8) م - فاسدة. (¬9) م - ولو لم يشترط شيئاً من ذلك في أصل المزارعة فالمزارعة، صح هـ. (¬10) ز - في أصل المزارعة كانت المزارعة فاسدة ولو لم يشترط شيئاً من ذلك في أصل المزارعة فالمزارعة جائزة ولم يكن على المزارع شيء من هذه الشروط وكذلك لو كان البذر من أحدهما أيهما كان واشترط المزارع على رب الأرض شيئاً من هذه الشروط أفسد ذلك المزارعة وكانا في هذه الشروط سواء ولو لم يشترطا شيئاً من ذلك.

على صاحبه من هذه الشروط شيء (¬1). ألا ترى أن رجلاً لو جاء إلى رجل وقد خرج زرعه في أرضه فصار بَقْلاً (¬2)، فعامله عليه على أن يقوم عليه ويسقيه حتى يستحصد، فما أخرج الله تعالى منه من شيء كان بينهما نصفان كان ذلك جائزاً. ولو جاء إليه وقد استحصد زرعه وبلغ، فعامله على أن يحصده بالنصف، كان ذلك فاسداً. فإن حصده كان له أجر مثله، ولم يكن له من الزرع شيء. وكذلك لو قال له: تحصده وتنقله إلى البَيْدَر وتدوسه وتَذْرِيه (¬3) وتُنقيه وتحمله إلى منزلي في موضع كذا وكذا بالنصف، كان هذا فاسداً لا يجوز؛ لأن هذا ليس يجوز فيه ما يجوز في الزرع. إنما جاء الأثر في المزارعة والمضاربة، فأخذنا فيهما (¬4) بما جاءت به الآثار، وأخذنا فيما سواهما بالقياس، فلم نجز من ذلك شيئاً. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذراً، على أن يزرع ذلك ويعمل فيه سنته هذه بنفسه وأعوانه، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء (¬5) فهو بينهما نصفان، فبَذَرَ فخرج زرعاً كثيراً، فصار قَصِيلاً (¬6) ولم يستحصد، فقال المزارع: الحفظ علينا جميعاً، وقال رب الأرض والزرع: الحفظ عليك، فإن الحفظ على المزارع الذي اشترط عليه العمل حتى يستحصد. فإن استحصد فمنعهم السلطان من حصاده، أو لم يقدروا على حصاده، فإن حفظه على المزارع وصاحب الأرض نصفان، على قدر ما لهما من الزرع. وكذلك حفظه بعدما يحصد وحفظه في البَيْدَر وحفظه في الدِّيَاسة. وكذلك لو كان البذر من قبل المزارع الذي يعمل كان بمنزلة هذا في جميع ما وصفت لك في هذا الوجه. ¬

_ (¬1) ز: شيئاً. (¬2) المقصود بالبقل هنا أنه أخضر لمّا يدرك. انظر: المغرب، "بقل". (¬3) ز: وتدرسه وتذره. ذَرَوْت الطعام تَذْرُوه وذَرَيْته تَذْرِيه لغتان، إذا خلّصته من تبنه في الريح. انظر: تاج العروس، "ذرا". (¬4) ز: فيها. (¬5) م - من شيء. (¬6) القَصْل: قطع الشيء. ومنه القَصِيل، وهو الشعير يجز أخضر لعلف الدواب. والفقهاء يسمون الزرع قبل إدراكه قصيلاً، وهو مجاز. انظر: المغرب، قصل.

ولو أن رجلاً دفع إلى رجل أرضاً له وبذراً، على أن يَبْذُرَه سنته هذه، على أن ما رزق الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فصار قَصِيلاً، فأراد (¬1) أن يَقْصِلاه ويبيعاه (¬2) قَصِيلاً (¬3)، فقال صاحب البذر والأرض: عليك أن تَقْصِله وتبيعه، [فإن حصاد القَصِيل وبيعه يكون] (¬4) عليهما على قدر ما لهما من الزرع، ليس يكون ذلك على واحد منهما دون صاحبه. وكذلك لو كان البذر من قبل الذي يعمل، وليس من قبل صاحب الأرض بذر. ولو أن رجلاً دفع إلى رجل نخلاً له معاملة (¬5)، على أن يقوم عليه ويسقيه ويلقحه (¬6) على أن ما أخرج الله تعالى من شيء فهو بينهما نصفان، فهو جائز، و [على] (¬7) الذي اشترط القيام عليه تلقيحه وسقيه وتزكيته والقيام عليه وحفظه بالليل والنهار حتى يصير تمراً، [فإذا صار تمراً] (¬8) فأراد جِزَازه (¬9)، فقال صاحب الأرض للعامل: عليك الجِزَاز، وقال العامل: ليس علي الجِزَاز، فالجِزَاز عليهما نصفان على قدر ما لهما من التمر. وحفظ التمر بعدما يبلغ ويصير تمراً وإن (¬10) كان في رؤوس (¬11) النخل لم يجزَّز كان عليهما نصفين على قدر ما لهما من التمر. ولو أن صاحب النخل اشترط في أصل المعاملة الجِزَاز والحفظ بعدما يبلغ ويصير تمراً على العامل (¬12) كانت المعاملة فاسدة. فإن عمل العامل على هذا فله أجر مثله فيما عمل، والتمر كله لصاحب النخل. وإنما على العامل (¬13) في المعاملة الصحيحة حفظ النخل (¬14) والقيام عليه حتى يصير تمراً. وإذا ¬

_ (¬1) ف: فأرادا. (¬2) م ف ز: أن يقصلانه ويبيعانه. وقد ورد صحيحا فى الكافي، 2/ 311 و. (¬3) ف - قصيلا. (¬4) الزيادة مستفادة من الكافي، 2/ 311 و. (¬5) ف: فعامله. (¬6) ز: ويلحقه. (¬7) الزيادة من الكافي، 2/ 311 و. (¬8) الزيادة مستفادة من المصدر السابق. (¬9) أي: قطع التمر كما تقدم. (¬10) ز: فإن. (¬11) م ز: من رءوس. (¬12) ز: على المعامل. (¬13) ز: على المعامل. (¬14) ف - كله لصاحب النخل وإنما على العامل في المعاملة الصحيحة حفظ النخل.

باب الشروط فيما تخرج من الحنطة وغيرها وما يشرط فيها رب الأرض من الكراب وغيره

أرادا (¬1) أن يجزِّزا بُسْراً فيبيعاه، أو يلتقطاه (¬2) رُطَباً فيبيعاه (¬3)، فإن الالتقاط والجِزَاز عليهما نصفين، على قدر ما لهما من البُسْر والرُّطَب؛ لأن جِزَاز البُسْر والتقاط الرُّطَب ليس على من يعمل النخل والقيام عليه، ولكن على العامل حفظه ما دام في رؤوس النخل حتى يصير تمراً. ... باب الشروط فيما تخرج من (¬4) الحنطة وغيرها وما يشرط (¬5) فيها رب الأرض من الكِرَاب (¬6) وغيره وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له مزارعة بالنصف سنته هذه، على أن البذر والعمل من قبل العامل (¬7) الذي يعمل، فيأخذها (¬8) على ذلك، فقال صاحب الأرض: اكْرُبْها ثم ازرعها، وقال الآخر: أَزْرَعُها بغير كِرَاب، فإني أنظر في ذلك. فإن كانت تزرع بغير كراب ويخرج زرعها إلا أن الكراب أجود فذلك للمزارع الذي يعمل، إن شاء كَرَبَها وإن شاء لم يَكْرُبْها. فإن كانت لا تخرج زرعاً (¬9) إلا أن يكربها لم يكن له أن يزرعها إلا بكراب، إلا أن يشاء أن يدع الزرع فلا يزرع. فإن كان يخرج شيئاً قليلاً فإني أنظر في ذلك، فإن كان ما يخرج للناس مثله أجزت ذلك للمزارع، وإن كان ليس ¬

_ (¬1) ز: أراد. (¬2) م ف: أو يلقطاه؛ ز: فيبيعانه أو يلقطانه. (¬3) ز: فيبيعانه. (¬4) ز - من. (¬5) ز: يشترط. (¬6) كرب الأرض كراباً: قلبها للحرث، من باب طلب، وتكريب النخل: تشذيبه. انظر: المغرب، "كرب". (¬7) ز: المعامل. (¬8) ز: فأخذها. (¬9) ز: زرعها.

مما يعمل الناس أجبرت المزارع العامل على الكراب. وكذلك إن زرع ثم قال: لا أسقي، أدعها حتى تسقيها السماء، فإن كان يسقى (¬1) بماء السماء إلا أنه [إن] يسق (¬2) كان أجود للزرع لم أجبره على السقي. وإن (¬3) كان شيئاً لا يكفيه سقي السماء أجبرت (¬4) المزارع على أن يسقي. وكذلك لو كان البذر من قبل صاحب الأرض كان مثل (¬5) هذا في جميع ما وصفت لك. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذراً، على أن يَكْرُبَها ويزرعها سنته هذه، فما رزق الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فهذا جائز. فإن أراد أن يزرعها بغير كِرَاب لم يكن له ذلك، ويجبر على الكراب. وكذلك لو كان البذر من قبله فأراد أن يزرع بغير كراب لم يكن له ذلك؛ لأن الكراب أجود للأرض وأكثر لزرعها. ولو أن رجلاً دفع إلى رجل أرضاً وبذراً على أن يَكْرُبها ويَثْنِيَها (¬6)، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فهذه مزارعة فاسدة؛ لأنه اشترط أن يكرب ويثني، والتثنية فيها منفعتها في الأرض بعد مضي السنة، والكراب بغير تثنية إنما هو لسنتها. فإذا اشترط عليه شيئاً تبقى منفعته بعد انقضاء المزارعة فالمزارعة فاسدة. وكذلك لو اشترط عليه أن يكربها ويَكْرِي (¬7) أنهارها كان هذا أيضاً فاسداً (¬8)؛ لأن كَرْيَ الأنهار تبقى منفعته بعد انقضاء المزارعة. وكذلك لو اشترط عليه إصلاح مُسَنَّاتِها (¬9) كان ¬

_ (¬1) ز: تسقى. (¬2) ز: يسقا. (¬3) ز: فإن. (¬4) ز: أجرت. (¬5) م ف ز: من. (¬6) ثَنَيْت الأرض ثنيا: كربتها مرتين، وثَلَثْتها: كربتها ثلاثاً، فهي مَثْنِيّة ومَثْلُوثَة. وقد جاء في كلام محمد -رحمه الله- التثنية والثنيان بمعنى الثني كثيراً. ومن فسر التثنية بالكراب بعد الحصاد أو برد الأرض إلى صاحبها مكروبة فقد سها. انظر: المغرب، "ثني". (¬7) كرى النهر يكريه أي: حفرها لإصلاحها، وقد تقدم مراراً. (¬8) ز: فاسد. (¬9) ز: مسنياتها. المُسَنّاة ما يبنى للسيل ليرد الماء. انظر: المغرب، "سنو".

هذا أيضاً فاسداً؛ لأنه (¬1) اشترط عليه عملاً يبقى بعد انقضاء المزارعة. وكذلك في هذا كله لو كان البذر من قبل المزارع الذي يعمل. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذراً على أن يعملها سنته هذه، على أنه إن زرع بغير كِرَاب، فما أخرج الله تعالى من شيء فهو بينهما، لصاحب الأرض والبذر ثلاثة أرباعه، وللمزارع ربعه. وإذا كَرَبَها ثم زرعها فما أخرجت من شيء فهو بينهما، لصاحب الأرض والبذر ثلثاه، وللمزارع ثلثه. وإن كَرَبَ (¬2) وثَنَى وزرع، فما أخرجت الأرض من شيء فهو بينهما نصفان، فقبضها على هذا، فهذه مزارعة جائزة، وهي على ما اشترطا. فإن زرعها بغير كِرَاب فهو بينهما أرباعاً على ما اشترطا. وإن (¬3) كَرَبَها فهو بينهما أثلاثاً على ما اشترطا. وإن كَرَبَها ثم ثَنَى ثم زرعها فهو بينهما نصفان على ما اشترطا، فهذا كله جائز على ما اشترطا. فإن زرع بعضها بغير كِرَاب فهو بينهما أرباعاً، وما زرع بكراب فهو بينهما أثلاثاً، وما زرع بكراب وثُنْيَان (¬4) فهو بينهما نصفان، ولم يخالف من هذا في شيء. وكذلك لو كان البذر من قبل المزارع الذي يعمل كان بمنزلة هذا في جميع ما وصفت لك. ولو أن رجلاً دفع إلى رجل أرضاً وبذراً، على أن يزرعها سنته هذه، على أن ما زرع منها بغير كِرَاب فللمزارع الذي يعمل ربعه، ولصاحب الأرض ثلاثة أرباعه، وما كَرَبَ منها ثم زرعه فللمزارع العامل ثلثه، ولصاحب الأرض ثلثاه، وما زرع منها بكِرَاب وثُنْيَان فهو بينهما نصفان، وهذا جائز كله. فهذه والمسألة الأولى سواء كله في جميع ما وصفت لك. وكذلك لو كان البذر من قبل المزارع العامل كان بهذا (¬5) في جميع ما وصفت لك. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً على أن يزرعها سنته هذه ببذره ونفقته وعمله، على أن يزرعها حنطة، فما خرج فهو بينهما نصفان، وإن ¬

_ (¬1) ف: الا انه. (¬2) ز: لرب. (¬3) ز: فإن. (¬4) من ثنى يثني، تقدم قريبا. (¬5) ف ز: بهذه.

زرعها شعيراً فما خرج لصاحب الأرض ثلثاه، وللمزارع العامل ثلثه، فإن زرعها سمسماً فلصاحب الأرض ثلاثة أرباع ما أخرجت الأرض، وللمزارع العامل الربع، فرضي (¬1) بذلك المزارع وقبضها على هذا، فهو جائز، وهي مزارعة على ما اشترطا. فإن زرعها حنطة كان ما خرج على ما اشترطا في الشعير. وإن زرعها سمسماً كان ما خرج على ما اشترطا في السمسم. فإن زرعها بعضها حنطة وبعضها شعيراً وبعضها سمسماً كان ذلك جائزاً، وكان ما خرج من الحنطة على ما اشترطا في الحنطة، وما خرج (¬2) من الشعير على ما اشترطا في الشعير، وما خرج من السمسم على ما اشترطا في السمسم، ولم يكن شيء مما (¬3) صنع بخلافه؛ لأنه إذا أذن له أن يزرعها (¬4) كلها شيئاً فقد أذن أن يزرع بعضها ذلك الشيء. وقد (¬5) أذن له أن يزرعها إن شاء حنطة وإن شاء شعيراً وإن شاء سمسماً، وليس فعله (¬6) الذي فعل بخلاف، وهو جائز كله على ما فعل. وكذلك لو دفع إليه الأرض مزارعة سنته هذه، على أن يزرعها ببذره وبقره وعمله، على أنه إن (¬7) زرع فيها حنطة فما خرج فهو بينهما نصفان، [وإن غرس فيها] من نخل أو شجر فلصاحب الأرض ثلثاه وللمزارع العامل ثلثه، وإن زرع فيها سمسماً فلصاحب الأرض ثلاثة أرباعه، وللمزارع العامل (¬8) ربعه، فهذا جائز أيضاً، [وهو] والمسألة الأولى سواء. فإن زرعها أحد هذه الأصناف أو زرع فيها هذه الأصناف (¬9) كلها فهذا جائز مثل المسألة الأولى في جميع ما وصفت لك. ولو أن رجلاً دفع إلى رجل أرضاً ثلاثين سنة، على أن ما زرع فيها ¬

_ (¬1) م: فرض. (¬2) ز: خرجا. (¬3) م ز: ما. (¬4) ز: أن يزرع. (¬5) م: وفقد؛ ف: فقد. (¬6) ز - فعله. (¬7) ز - إن. (¬8) ز - ثلثه وإن زرع فيها سمسما فلصاحب الأرض ثلاثة أرباعه وللمزارع العامل. (¬9) م + أو زرع فيها هذه الأصناف.

من حنطة أو شعير أو شيء (¬1) من غلة الشتاء والصيف فهو بينهما نصفان، وما غرس فيها من نخل أو شجر أو كرم فهو بينهما أثلاثاً، لصاحب الأرض الثلث وللمزارع الثلثان (¬2)، فهذا (¬3) جائز على ما اشترطا وسميا. فما كان من زرع فهو بينهما نصفان، وما كان من نخل أو شجر أو كرم فهو بينهما أثلاثاً على ما اشترطا. وكذلك لو زرع بعضها وجعل في بعضها نخلاً وجعل في بعضها كرماً كان ذلك جائزاً على ما اشترطا. ولا يشبه هذا البيوع. والإجارات تجوز في مثل هذا. محمد قال: حدثنا محمد (¬4) بن أبان بن صالح القرشي عن حماد عن إبراهيم قال: سألته عن أجير قيل (¬5) له: إن عملت كذا وكذا فبكذا وكذا، وإن عملت كذا فبكذا، فقال: لا بأس، إنما كان يكره ذلك في البيع. وقال أبو يوسف: قال أبو حنيفة: لو أن رجلاً استأجر بيتاً من رجل على أنه إن أقعد فيه طحاناً فأجره (¬6) عشرة دراهم كل شهر، وإن أقعد بائع (¬7) الطعام فأجره (¬8) خمسة دراهم، فهذا فاسد. وقال أبو يوسف: قال أبو حنيفة هذا القول زماناً، ثم رجع فقال: جائز، وهو قول أبي حنيفة الأول. وقال أبو يوسف: لو أن رجلاً دفع إلى رجل ثوباً على أن يخيطه له قميصاً، على أنه إن خاطه خياطة رومية فأجره درهم، وإن خاطه خياطة فارسية فأجره نصف درهم، إن هذا جائز. فأفسده أبو يوسف في البيت الذي وصفت لك قبل هذه المسألة، وفرّق بين هذا وبين البيت. قال: لو أن البيت (¬9) قبضه فلم يجعل فيه طحاناً ولا غير ذلك وجب أجره عليه، فلا يدري أي الأجرين يعطيه. والقميص إن لم يخطه لم يجب عليه أجره، إنما الأجر على الخياطة. فالخياطة قياس المزارعة عندنا؛ لأنه لو لم يزرع لم ¬

_ (¬1) ز: أو شيئاً. (¬2) ز + كان. (¬3) م ز: هذا. (¬4) ز - محمد. (¬5) م: قول. (¬6) ز: فأجرته. (¬7) م ف ز: بيع. (¬8) ز: فأجرته. (¬9) ز + لو.

يجب عليه شيء. قال: هذا أحسن القولين عندنا على ما وصفت لك من مسائل المزارعة قبل هذا القياس. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً مزارعة سنته هذه، على أن يزرعها ببذره وبقره وعمله، على أن يزرع بعضها حنطة وبعضها شعيراً وبعضها سمسماً، فما زرع منها حنطة فأخرج شيئاً فهو بينهما نصفان، وما زرع منها شعيرأ فأخرج شيئاً فللمزارع ثلثاه ولصاحب الأرض ثلثه، وما زرع منها سمسماً فأخرج شيئاً فلصاحب الأرض ثلثاه وللمزارع العامل ثلثه، فرضي بذلك المزارع العامل وقبضها على هذا وزرعها على ما شرط عليه، فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً، فهذا فاسد كله، والمزارعة فاسدة. فما أخرجت الأرض من شيء فهو لصاحب البذر، ولصاحب الأرض أجر مثل أرضه على صاحب البذر، يستوفي المزارع صاحب البذر بذره ونفقته وما غرم من الأجر من الزرع، ويتصدق بالفضل. ولا يشبه هذا الوجه الأول؛ لأن هذا قبض الأرض ولا يدري ما يزرع منها حنطة، ولا ما يزرع منها شعيراً، ولا ما يزرع منها سمسماً. وليس له أن يزرعها كلها (¬1) أحد الأصناف؛ لأنه إنما شرط له أن يزرع بعضها حنطة وبعضها شعيراً وبعضها سمسماً. وكذلك لو قال له (¬2): خذ هذه الأرض على أن ما زرعت منها حنطة فما خرج من ذلك فهو بيني وبينك نصفان، وما زرعت منها شعيراً فما خرج فهو بيني وبينك لي الثلث ولك (¬3) الثلثان، وعلى أن ما زرعت منها سمسماً فما خرج من شيء فلي ثلثاه ولك ثلثه، وعلى أن تزرع هذه الأصناف كلها، فرضي المزارع بذلك، كان هذا أيضاً فاسداً، وكان هذا والمسألة الأولى سواء؛ لأن المزارع قبض الأرض وليس له أن يزرعها كلها حنطة (¬4) ولا يزرعها كلها شعيراً ولا يزرعها كلها سمسماً؛ لأنه قال: على أن ما زرعت منها حنطة وما زرعت منها شعيراً وما زرعت منها ¬

_ (¬1) م ف: كله. (¬2) ز - له. (¬3) م: وكذلك. (¬4) ز - أن يزرعها كلها حنطة.

سمسماً (¬1). فهذا إنما قبضها على أن يزرع بعضها أحد هذه الأصناف ولا يزرعها كلها (¬2) صنفاً من هذه الأصناف. فلذلك فسد هذا وصار هذا على ما وصفت لك في المسألة الأولى. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضه على أن يزرعها ببذره وعمله، وعلى أنه إن زرعها حنطة (¬3)، فما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو بينهما نصفان، وعلى أنه إن زرعها شعيراً فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو (¬4) للمزارع، فرضيا جميعاً بذلك، وقبضها المزارع العامل، فهذا جائز. فإن زرعها حنطة فهو بينهما نصفان، وإن زرعها شعيراً فهو كله للمزارع. إنما هذا بمنزلة قوله: إن زرعتها شعيراً فهي لك مِنْحَة بغير أجر. ولو قال: خذ هذه الأرض على أن تزرعها ببذرك وعملك، على أنك إن زرعتها حنطة فما أخرج الله تعالى منها (¬5) من شيء فهو بينهما نصفان، وعلى أنك إن زرعتها شعيراً فما أخرج الله من ذلك من شيء فهو كله لي، فهذا جائز في الحنطة خاصة. فإن زرعها حنطة فأخرجت شيئاً فهو بينهما على ما اشترطا. وإن زرعها شعيراً فهذا فاسد، وما زرع العامل المزارع فيها من شعير فهو له، وعليه أجر مثل الأرض، يستوفي مما أخرجت الأرض بذره ونفقته وما غرم من الأجر، ويتصدق (¬6) بالفضل. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له، وكُرًّا من حنطة، وكراً من شعير، على أنه إن زرع الحنطة في الأرض وعمل في ذلك فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، والكر الشعير مردود على صاحبه، وعلى أنه إن زرع (¬7) الكر (¬8) الشعير فما أخرج الله تعالى منها ¬

_ (¬1) ز - لأنه قال على أن ما زرعت منها حنطة وما زرعت منها شعيرا وما زرعت منها سمسما. (¬2) ز - كلها. (¬3) ز - حنطة. (¬4) ف - بينهما نصفان وعلى أنه إن زرعها شعيرا فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو. (¬5) ز: من ذلك. (¬6) م ف ز: يتصدق. (¬7) م ف ز: إن زرعها. (¬8) م ف: للكر.

من شيء فهو كله لصاحب الأرض، والكر الحنطة مردود على صاحبه، فرضي العامل بذلك وقبض الأرض على ذلك، فهذا كله جائز. فإن زرعها حنطة فما أخرج الله تعالى من شيء فهو بينهما نصفان. وإن (¬1) زرعها شعيراً فما أخرج الله تعالى من شيء فهو كله لصاحب الأرض، والعامل معين لصاحب (¬2) الأرض في زرعه الشعير. ولو كان صاحب (¬3) الأرض قال للعامل: خذ هذه الأرض والحنطة والشعير على أن تزرع الأرض، فإن زرعتها الحنطة فما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو بيننا (¬4) نصفان، وإن زرعتها الشعير فما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو (¬5) كله لك، فهذا جائز. إن يزرعها الحنطة فما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو بينهما نصفان. وإن زرعها شعيراً فما أخرج (¬6) من شيء فهو كله للعامل الذي زرع، ولصاحب الأرض عليه كر شعير مثل كره الذي أعطاه؛ لأنه كأنه أقرضه إياه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً (¬7) على أنه إن زرعها (¬8) حنطة فما خرج من شيء فهو بينهما نصفان، وعلى أنه إن زرعها شعيراً فما خرج (¬9) من شيء فهو كله للمزارع العامل، وعلى أنه إن زرعها سمسماً فما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو كله لصاحب الأرض، فإن زرعها حنطة فأخرجت زرعاً فهو بينهما نصفان على ما اشترطا. وإن زرعها شعيراً فهو كله للمزارع العامل بغير أجر. وإن زرعها سمسماً فما أخرجت (¬10) فهو كله للمزارع العامل، ولصاحب الأرض أجر مثل أرضه. ¬

_ (¬1) م ف ز: فإن. (¬2) ف - الله تعالى من شيء فهو كله لصاحب الأرض والعامل معين لصاحب. (¬3) م ف ز: لصاحب. (¬4) م ف ز: بينهما. (¬5) ف - بينهما نصفان وإن زرعتها الشعير فما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو. (¬6) ز ع + الله. (¬7) ز + له. (¬8) ز: إن يزرعها. (¬9) ز: أخرج. (¬10) ع + الأرض.

باب العذر في المزارعة ما يكون فيها عذرا وما لا يكون كيها عذرا

ولو كان البذر كله من قبل صاحب الأرض، والمسألة على حالها، فإن زرعها حنطة فهو بينهما على ما اشترطا. وإن زرعها شعيراً فهو كله للمزارع العامل، وعليه مثل بذر صاحب الأرض من الشعير ديناً عليه. وإن زرعها سمسماً فجميع ذلك لصاحب الأرض بغير أجر، والمزارع العامل معين له في ذلك. ... باب العذر في المزارعة ما يكون فيها عذراً وما لا يكون كيها عذراً وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً سنته هذه، على أن يزرعها العامل ببذره ونفقته، فما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو بينهما نصفان، فلما تراضيا على هذا أراد صاحب الأرض أخذ أرضه قبل أن يعمل فيها الذي قبضها شيئاً، فليس له ذلك. وكذلك إن كَرَبَها العامل أو حفر أنهارها أو سوّى مُسَنَّاتَها فليس لصاحب الأرض أخذ أرضه إلا في خصلة واحدة: إن كان عليه دين ليس عنده به وفاء إلا أن يبيع أرضه فيوفي (¬1) الغرماء دينهم فإن هذا عذر لصاحب الأرض، ويأخذها فيبيعها في دينه، فيقبض غرماؤه ثمنها. فإن قال صاحب العمل: رد علي ما أنفقت فيها من الكِرَاب وحفر أنهارها وإصلاح المُسَنَّيَات (¬2) لم يكن على صاحب الأرض من هذا قليل ولا كثير؛ لأنه لم يزد فيها شيئاً من عنده. فإن لم يأخذها صاحبها من الذي قبضها حتى زرعها ونبت زرعها ولم يبلغ الحصاد، ثم أراد أخذ الأرض ليبيعها في دينه الذي حبسه القاضي فيه، ولم يكن عنده وفاء بدينه غير ثمنها، وقد علم ذلك القاضي، فإن القاضي ¬

_ (¬1) ز: فيعرفي. (¬2) ز: المسنات.

يخرجه من السجن، ولا تباع الأرض في الدين حتى يستحصد الزرع؛ لأن هذا عذر، ولأن الأرض إن بيعت بالدين أضر ذلك بزرع الزارع. فيخرج القاضي صاحب الأرض من السجن؛ لأنه لا يقدر على بيع أرضه. ولا يحول بين أصحاب الدين وبين لزومه. ويكون في يدي الذي زرعها حتى يستحصد الزرع. فإن استحصد الزرع رده القاضي في السجن حقى يبيع الأرض ونصيبه من الزرع ويوفي القوم حقوقهم التي (¬1) عليه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً على أن يزرعها ثلاث سنين ببذره وبقره وعمله، على أن ما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو بينهما نصفان، فزرعها، فلما نبت الزرع لم يستحصد حتى مات رب الأرض، فأراد ورثته أخذ أرضهم، فليس لهم ذلك، ولكن الأرض تترك في يدي المزارع حتى يستحصد الزرع الذي فيها، فإذا استحصد اقتسموه بينهم، للمزارع العامل نصفه، ولورثة الميت نصفه، وقد انقضت الإجارة فيما بقي من السنين. فإن قال المزارع: أريد أن أعملها فيما بقي، لم يكن له ذلك؛ لأن صاحب الأرض حين مات انتقضت المزارعة فيما بقي من السنين. وكان ينبغي في القياس أن تنتقض المزارعة حين مات رب الأرض والزرع قائم في الأرض لم يستحصد، ولكنا استحسنا تركها حتى يستحصد الزرع. فإذا استحصد الزرع انتقضت الإجارة فيما بقي من السنين. ولو أن رب الأرض مات قبل أن يزرع المزارع بعدما كَرَبَ (¬2) وحفر الأنهار وأصلح المُسَنيّات (¬3) انتقضت الإجارة، وأخذ ورثة الرجل الأرض، ولم يكن عليهم من نفقة المزارع قليل ولا كثير (¬4)؛ لأنه لم يزد في الأرض شيئاً من عنده. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له على أن يزرعها سنته هذه ببقره وبذره، فما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو بينهما نصفان، فأخر الزرع ¬

_ (¬1) ز: الذي. (¬2) ز: المزارع ما ذكرت. (¬3) ز: وإصلاح المسنات. (¬4) ز: قليلاً ولا كثيراً.

حتى زرع في آخر السنة، فانقضت السنة والزرع بَقْل لم يستحصد، فالزرع بين المزارع وصاحب الأرض نصفين، والعمل فيما بقي حتى يستحصد نصفان، وعلى المزارع العامل أجر مثل نصف الأرض يغرمه لصاحب الأرض. فإن أراد رب الأرض أن يأخذ الزرع بَقْلاً لم يكن له ذلك؛ لأن في (¬1) هذا ضرراً (¬2) على صاحب. ولكنه يترك في الأرض حتى يستحصد على ما وصفت لك. وإن أراد المزارع أخذ الزرع بقلاً قيل لصاحب الأرض: اقلع الزرع فيكون بينكما، أو أعطه قيمة حصته من الزرع، أو أنفق أنت على الزرع كله وارجع بما تنفق في حصته. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذراً على أن يزرعها ببذره هذا سنته هذه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فكَرَبَها المزارع وحفر أنهارها، ثم إن رب الأرض بدا له أن لا يزرعها، فذلك له؛ لأنه لا يجبر على أن يزرع حنطته (¬3) هذه في الأرض، ولا شيء للعامل في عمله الذي عمل من الكراب وغيره. ولو أراد العامل أن لا (¬4) يزرع الأرض أو لا (¬5) يزرع تلك السنة (¬6) شيئاً لم يكن له ذلك. فإن كان قد زرع العامل الأرض، وخرج الزرع إلا أنه لم يستحصد، فأراد رب الأرض إخراج المزارع العامل، فليس له ذلك. وإن (¬7) كان عليه دين لا وفاء عنده إلا بثمن هذه الأرض لم يبع هذه الأرض حتى يستحصد (¬8) الزرع. ويخرجه القاضي من السجن إن كان حبسه في الدين، ثم لا يعيده في السجن حتى يستحصد الزرع. فإذا استحصد الزرع أعاده القاضي في السجن، يبيع الأرض (¬9) ويقضي الدين. ولو مات رب الأرض في بعض السنة عمل المزارع على حاله، ¬

_ (¬1) ز - في. (¬2) ز: ضرر. (¬3) م ف ز: أن يزرعها حنطة. وانظر: المبسوط، 23/ 47. (¬4) م ز - لا. (¬5) ز: ولا. (¬6) ز: النفسة. (¬7) ز: إن. (¬8) ز: تستحصد. (¬9) م - الأرض.

وتكون المزارعة صحيحة على هذا حتى يستحصد، وتكون نفقة الزرع حتى يستحصد عليهما نصفين؛ لأن الزرع بينهما نصفان. فإن أنفق أحدهما بغير أمر صاحبه ولا أمر القاضي فهو متطوع في النفقة. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له وبذراً على أن يزرع الأرض سنته هذه، فما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو بينهما نصفان، فزرعها المزارع العامل، فخرج الزرع ولم يستحصد، ثم إن المزارع العامل (¬1) هرب وبقيت الأرض والزرع، فأنفق صاحب الأرض بأمر القاضي على الزرع في سنته والقيام عليه حتى يستحصد، ثم قدم المزارع، فلا سبيل للمزارع على الزرع حتى يوفي صاحب الأرض والبذر نفقته. فإن اختلفا في النفقة فالقول قول المزارع مع يمينه على عمله، ولا يصدق صاحب الأرض على ما أنفق إلا ببينة. ولو لم يهرب المزارع العامل، ولكن انقضى وقت المزارعة قبل أن يستحصد الزرع، فالزرع بين صاحب الأرض (¬2) وبين المزارع نصفان، والنفقة عليهما (¬3) نصفان. فإذا (¬4) استحصد الزرع اقتسماه بينهما نصفين، نصفه لصاحب الأرض، ونصفه للمزارع، وعلى المزارع أجر مثل نصف الأرض من يوم انقضت المزارعة إلى يوم استحصد الزرع لرب الأرض. ولا يتصدق واحد ممن ذكرت لك في شيء من هذه المسائل من الزرع (¬5) الذي صار له. فإن كان المزارع غائباً (¬6) قال القاضي (¬7) لصاحب الأرض (¬8): أنفق عليه إن شئت، فإذا استحصد لم يصل إلى الزرع حتى يعطيك نفقتك، فإن أبى أن يعطيك النفقة بيع نصيبه من الزرع، وأعطيت نفقتك التي أنفقت على ¬

_ (¬1) ف - العامل. (¬2) ف: الزرع. (¬3) ز: عليها. (¬4) ز: وإذا. (¬5) ز: بين الزرع. (¬6) ز: غلاما. (¬7) م ف: قاضي. (¬8) ز - لصاحب الأرض.

حصته، فإن وفى بنفقتك وبقي فضل رد إليه، وإن لم تف (¬1) حصته بنفقتك فلا شيء عليه لك. فكل نفقة أنفقها أحد الشريكين على حصة صاحبه بغير أمره ولا أمر القاضي لم يرجع بشيء منها، وهو متطوع فيها. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً على أن يزرعها ببذره وبقره، فما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو بينهما نصفان، فزرع الأرض ولم يستحصد حتى مات المزارع، وقال ورثته: نحن نعملها على حالها حتى يستحصد الزرع على المزارعة، وأبى (¬2) ذلك رب الأرض، فالأمر في ذلك إلى ورثة المزارع، فما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو بينهما على ما اشترطا في أصل المزارعة، ولا أجر عليهم في الأرض إن عملوها بقضاء قاض أو بغير قضاء قاض (¬3). فإن قال الورثة: لا نعملها، نحن نقلع زرعنا، لم يجبروا على عمل، وقيل لصاحب الأرض: اقلع الزرع فيكون بينك وبينهم نصفين، أو أعط قيمة حصتهم من الزرع ويكون الزرع كله لك، أو أنفق على حصتهم فتكون (¬4) نفقتك تلك في حصتهم مما تخرج الأرض. وكذلك لو كان الذي مات رب الأرض وبقي المزارع كان الأمر فيه كما وصفت لك في جميع ما وصفت لك. وكذلك لو كان البذر من قبل رب الأرض ثم مات أحدهما فالأمر فيه كما وصفت لك، إن شاء المزارع إن كان حياً أو ورثته إن كان ميتاً أن يمضوا (¬5) على المزارعة فذلك لهم، ولا أجر عليهم للأرض. وإن أبوا خير رب الأرض أو ورثته، فإن شاؤوا قلعوا الزرع فكان بينهم، وإن شاؤوا أعطوهم قيمة حصتهم، وإن شاؤوا أنفقوا على حصتهم ورجعوا بذلك عليهم في حصتهم مما تخرج الأرض. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له على أن يزرعها ببذره وعمله سنته ¬

_ (¬1) ز: لم تفي. (¬2) ز: وأمر. (¬3) ز - أو بغير قضاء قاض. (¬4) ز: فيكون. (¬5) ز: أن يمضرا.

هذه، على أن ما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو بينهما نصفان، فزرع المزارع العامل أرضه، فلما صار الزرع بَقْلاً انقضى وقت المزارعة، فالزرع بين المزارع ورب الأرض نصفان على ما اشترطا، وتكون النفقة على الزرع في سقيه وحفظه والقيام عليه نصفها (¬1) على المزارع العامل، ونصفها (¬2) على رب الأرض، وعلى المزارع العامل أجر مثل نصف الأرض على الزرع حتى يستحصد. فلو أنفق عليه حتى يستحصد (¬3) رب الأرض (¬4) فهو متطوع في النفقة، ولا شيء له على المزارع من أجر الأرض؛ لأن رب الأرض هو الذي عمل ولم يعمل المزارع. ولو كان المزارع حاضراً وغاب (¬5) رب الأرض فأنفق على الزرع حتى بلغ فهو متطوع في النفقة، وليس عليه من أجر الأرض قليل ولا كثير (¬6). فإذا (¬7) رفع الأمر إلى القاضي (¬8) ورب الأرض غائب فإن القاضي يكلفه (¬9) أن يأتي بالبينة على ما ادعى، ولا يأمر بالنفقة حتى يأتي بالبينة على ما ادعى. فإن أتى بالبينة على الزرع أنه بينه وبين فلان الغائب وشهدت الشهود على ذلك أمر القاضي المزارع بالنفقة. فإن أنفق حتى يستحصد الزرع ثم حضر رب الأرض أفإن المنفق أحق بما أخرجت الأرض، (¬10) من الزرع حتى يستوفي نفقته. فإن بقي من الزرع شيء كان لرب الأرض. وإن كانت نفقته أكثر من ذلك لم يرجع على رب الأرض بشيء. وكذلك يقول له القاضي: أنفق على أن تكون نفقتك في حصته مما تخرج الأرض، ويجعل عليه القاضي أجر مثل نصف الأرض حتى يستحصد، ولا يكون عليه للأرض (¬11) أجر إن أنفق عليها بغير أمر القاضي؛ لأن المزارعة انقضى ¬

_ (¬1) م ف ز: نصفه. (¬2) م ف ز: ونصفه. (¬3) ف: حتى استحصد. (¬4) م ز - فلو أنفق عليه حتى يستحصد رب الأرض؛ صح م هـ. (¬5) ز: أو غاب. (¬6) ز: قليلاً ولا كثيراً. (¬7) ز: وإذا. (¬8) م ز: على القاضي. (¬9) ز: يكلف. (¬10) الزيادة مستفادة من الكافي، 2/ 314 و. (¬11) ز: في الأرض.

وقتها، فلا يجب عليه أجر إلا بأمر القاضي أو رضى صاحب الأرض. ولو كانوا حضروا جميعاً فقال المزارع: نحن نقلع الزرع ولا ننفق عليه، وقال رب الأرض: أنفق عليه أنا وأنت وآخذ منك أجر مثل نصف الأرض، لم يكن له ذلك، ولكن القاضي يقول لصاحب الأرض: إن شئت فاقلع الزرع مع المزارع، وإن شئت فأعطه نصف قيمة الزرع ويكون الزرع لك، وإن شئت فأنفق على الزرع كله ويكون ما أنفقت على حصتهم من الزرع فيما تخرج الأرض من حصته، فإن وفى ذلك بنفقتك وإلا لم يكن له غير ذلك. ولا يجبر المزارع على نفقة ولا أجر (¬1). وإن قال المزارع: نحن ننفق على الزرع [أنا] وأنت حتى يستحصد، وأبى صاحب الأرض أن يفعل، وقال: اقلع الزرع، أمر القاضي المزارع أن ينفق (¬2) على الزرع حتى يستحصد، وتكون له نفقته على حصة صاحب الأرض في حصته من الزرع، وعليه أجر مثل نصف الأرض (¬3). ولا يشبه إباء (¬4) صاحب الأرض إباء (¬5) المزارع؛ لأن المزارع يغرم في ذلك أجراً (¬6) ولا يجبر على غرم الأجر، وصاحب الأرض لا يغرم في ذلك أجراً. وكل شيء أمر القاضي أحدهما أن ينفق النفقة كلها فإنه لا يأمره بالنفقة وصاحبه غائب إلا ببينة تقوم على ذلك من شركته في الزرع، ولا يقبل قوله إن فلاناً شريكه في الزرع وفلان غائب حين يأمره بالنفقة إلا ببينة تقوم على ذلك (¬7). وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذراً سنته هذه على أن يزرعها بنفقته، فما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو بينهما نصفان، فلما زرعه ¬

_ (¬1) م ف: على نفقة الاجر. (¬2) ز: حتى ينفق. (¬3) م ف ز: الأجر. والتصحيح من الكافي، 2/ 314 ظ. (¬4) ز: ابنا. (¬5) ز: ابنا. (¬6) ز: أجر. (¬7) ف - من شركته في الزرع ولا يقبل قوله أن فلاناً شريكه في الزرع وفلان غائب حين يأمره بالنفقة إلا ببينة تقوم على ذلك.

وصار بقلا قال (¬1): لا أنفق عليه ولا أسقيه، وليس عندي ما أنفق عليه، فإن القاضي يجبره على أن ينفق عليه ويسقيه. وإن لم يفعل ولم يكن عنده أمر صاحب الأرض (¬2) والبذر أن ينفق عليه ويسقيه، على أن يرجع بذلك كله على صاحبه. فإن أنفق عليه حتى استحصد كان (¬3) نفقته مما أخرجت الأرض (¬4) بينهما نصفان على ما اشترطا. وجميع النفقة بالغة ما بلغت على المزارع؛ لأن ذلك شيء يجبر على أن ينفقه. فإذا أبى أن ينفقه فأنفق صاحبه كان عليه جميع النفقة بالغة ما بلغت. ولا يشبه هذا ما مضى قبله من النفقات. كل نفقة لا يجبر القاضي عليها صاحبها فأنفقها شريكه بأمر القاضي فإنما (¬5) تكون النفقة في حصة الآخر من الزرع فإن وفت حصته من الزرع بالنفقة وإلا لم يكن للمنفق (¬6) غير ذلك. ولو أصاب الزرع آفة فأهلكته بعد النفقة لم يكن لصاحب النفقة على صاحبه قليل ولا كثير. وكل نفقة كان صاحبه يجبر عليها فلم ينفق، وأمر القاضي صاحبه بالنفقة فأنفق، فإن ذلك كله يكون على شريكه الذي أنفق عليها، بالغاً ما بلغ، هلكت الغلة أو بقيت. ألا ترى (¬7) أن عبداً صغيراً لو كان بين رجلين، فقال أحدهما: ما عندي ما أنفق عليه ولا ما أسترضع له به، أجبره القاضي على أن يسترضع له مع صاحبه. فإن لم يقدر على ذلك وأمر القاضي شريكه فاسترضع له رجع عليه بحصته من أجر الرضاع بالغاً ما بلغ إذا كان رضاع مثله وإن كان ذلك أكثر من قيمة الصبي. وكذلك إن مات الصبي لم يبطل ذلك شيئاً من حق شريكه. ولو أن رجلاً أوصى لرجل بنخل، وأوصى (¬8) لآخر بغلته، فأحال (¬9)، فلم يخرج شيئاً، لم يجبر واحد منهما على ¬

_ (¬1) م + على. (¬2) م: البذر. (¬3) م ف ز: فكان. (¬4) ز + فما أخرجت الأرض. (¬5) ف ز: وإنما. (¬6) م ف ز: لينفق. والتصحيح من الكافي، 2/ 314 ظ. (¬7) ز + لو. (¬8) ز: وأرضاً. (¬9) أَحَالَ النخلُ وحَالَ أي: حمل عاماً ولم يحمل عاماً. انظر: المغرب، "حال".

النفقة (¬1) عليه. فإن أنفق صاحب النخل حتى حَصَّلَ (¬2) لم يكن لصاحب الغلة شيء حتى يستوفي (¬3) هذا نفقته من الغلة. وإن لم يخرج من الغلة فيما يستقبل (¬4) مثل نفقة (¬5) الذي أنفق عليه لم يكن على صاحب الغلة من نفقة صاحب النخل غرم. إنما نفقته فيما أخرتجما الأرض. وكذلك الزرع الذي لا يجبر صاحبه على النفقة عليه إنما نفقة شريكه في حصته من الزرع. فإن وفى بذلك فلا شيء له على شريكه الذي أنفق على حصته. ولو أنفق عليه بأمر صاحب الزرع رجع عليه بذلك بالغاً ما بلغ، ولم يكن له على حصة صاحبه من الزرع سبيل. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً عشر سنين، على أن يزرعها ما بدا له من غلة الشتاء والصيف، ويغرسها ما بدا له من النخل أو الشجر أو الكرم، فما أخرج الله تعالى من شيء فهو بينهما نصفان، فهذا (¬6) جائز. فإن غرسها نخلاً أو شجراً أو كرماً (¬7) فأثمر، فلم يبلغ الثمر حتى مات المزارع أو رب الأرض، فالثمر بمنزلة الزرع الذي لم يبلغ في جميع ما وصفت لك. فإن مات رب الأرض وليس في النخل والشجر والكرم ثمر فقد انقضت المزارعة، وصار النخل والشجر والكرم بين ورثة الميت وبين المزارع نصفين. وكذلك لو مات المزارع وبقي صاحب الأرض. فإن قال المزارع: أنا آخذ من ورثة رب الأرض نصف قيمة الشجر والنخل والكرم، لم يكن له ذلك. والخيار في هذا إلى صاحب الأرض، أو ورثته إن كان ميتاَ. إن شاؤوا قلعوا النخل والشجر والكرم، فكان بينهما وبين المزارع - أو ورثته إن كان ميتاً - نصفين. وإن شاء رب الأرض أو ورثته أعطوا المزارع أو ورثته نصف قيمة الشجر والنخل والكرم. والخيار في ذلك إلى رب ¬

_ (¬1) م ف ز: من النفقة. (¬2) حَصَّلَ النخلُ تحصيلا أي خرج ثمره واشتد واصفر. انظر: القاموس المحيط، "حصل". (¬3) ز + من. (¬4) ز + منه. (¬5) ف: نفقته. (¬6) م ف ز: وهذا. (¬7) ز: نخل أو شجر أو كرم.

باب الاستحقاق في المزارعة

الأرض أو ورثته إن كان ميتاً. وليس للمزارع ولا لورثته خيار. وكذلك لو كان المزارع ورب الأرض حيين، فلحق رب الأرض دين (¬1) لا وفاء عنده به إلا بثمن الأرض وهذا النخل وهذا الكرم، والشجر والنخل لا ثمر (¬2) فيه، فإن القاضي ينقض الإجارة، ثم يخير رب الأرض. فإن شاء غرم للمزارع (¬3) نصف قيمة النخل والشجر والكرم، وإن شاء قلع وكان بينه وبين المزارع نصفين. فأي ذلك اختار فذلك له. ويبيع الأرض فيوفي الغرماء حقوقهم. وكذلك لو أن المزارعة انقضت وفيها نخل أو شجر أو كرم كان الخيار في ذلك إلى صاحب الأرض. إن شاء أعطى المزارع نصف قيمة ذلك، وإن شاءا قلعاه فكان بينهما نصفين. والخيار في ذلك إلى صاحب الأرض، وليس للمزارع في ذلك خيار. ولو لم يكن المزارع أخذ الأرض مزارعة، ولكنه أخذها إجارة بدراهم مسماة، والمسألة على حالها، لم يكن له في هذه الوجوه كلها خيار، ولا لصاحب الأرض، ويقال للمستأجر: اقلع نخلك وشجرك وكرمك. فإن قال رب الأرض: أنا أعطي قيمة ذلك، وأبى (¬4) المستأجر، وأراد قلع ذلك، فللمستأجر أن يقلع، ولا ينظر في ذلك إلى قول المؤاجر. إلا أن يكون قلع ذلك يضر بالأرض إضراراً شديداً، فيكون استهلاكاً لها (¬5) وفساداً، فيكون للمؤاجر أن يغرم القيمة للمستأجر. ... باب الاستحقاق في المزارعة وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً مزارعة، على أن يزرعها سنته هذه ببذره وبقره، على أن ما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو بينهما نصفان، ¬

_ (¬1) ز: دينا. (¬2) م ف: لا نمو. (¬3) ز: المزارع. (¬4) ز: وأنا. (¬5) ف - لها.

فقبضها المزارع على ذلك، ثم كَرَبَها وثَنَاها وحفر أنهارها، وأصلح مُسَنَّاتَها (¬1)، فلم يزرعها حتى استحقها رجل، فإنه يأخذها، ولا شيء للمزارع على الذي دفعها إليه من نفقته ولا من عمله، لأنه لم يزد فيها شيئاً من عنده. ولو كان زرعها مع ذلك فلم يستحصد الزرع حتى استحقها رجل، فإنه يأخذ الأرض، ويؤمر المزارع والذي دفع إليه الأرض مزارعة أن يقلع الزرع. والمزارع بالخيار، إن شاء أخذ نصف الزرع (¬2) على حاله هذه، فكان الزرع بينه وبين الذي دفع إليه الأرض نصفين. وإن شاء ضمن الذي دفع إليه الأرض مزارعة (¬3) نصف قيمة الزرع نابتاً في الأرضى، وسلم الزرع كله. ويضمن في قول أبي حنيفة الزارع (¬4) ما نقص الأرض زراعته لصاحبها، ويرجع بذلك على الذي دفع إليه الأرض. ولا يضمن الدافع لرب الأرض شيئاً من ذلك. وقال أبو يوسف: وقَوْلُنَا: إن (¬5) شاء رب الأرض ضمن الدافع الأرض ما نقصتها الزراعة، وإن شاء ضمن المزارع. فإن ضمن الدافع لم يرجع على المزارع، وإن ضمن المزارع رجع على الدافع بما ضمن. ولو كان المزارع غرسها نخلاً وشجراً وكرماً، وقد كان أذن له الذي دفع إليه الأرض في ذلك، فخرج ذلك، فلما بلغ وأثمر استحقها رجل، فإنه يأخذ أرضه، ويقلع النخل والشجر والكرم المزارع والذي دفع إليه الأرض جميعاً. فإن قلعا ذلك فنقص الأرض قلعها، ونقصها غرس المزارع، فإن قياس قول أبي حنيفة (¬6) أن ما نقص الأرض الغرس على المزارع لرب الأرض، ويرجع بذلك على الذي دفع إليه الأرض، وما نقص القلع الأرض فهو عليهما نصفان، ويرجع المزارع على الذي دفع إليه ¬

_ (¬1) ز: مسنياتها. (¬2) ف: الأرض. (¬3) ز - أن يقلع الزرع والمزارع بالخيار إن شاء أخذ نصف الزرع على حاله هذه فكان الزرع بينه وبين الذي دفع إليه الأرض نصفين وإن شاء ضمن الذي دفع إليه الأرض مزارعة. (¬4) ز: المزارع. (¬5) م ف: فإن. (¬6) م فوق السطر: يوسف؛ ف ز ع: أبي يوسف.

باب العذر في المعاملة

الأرض بما ضمن [من] ذلك. وأما في قول أبي يوسف وقولنا فإن شاء رب الأرض ضمن دافع (¬1) الأرض جميع ذلك، ولم يرجع منه بشيء على المزارع. وإن شاء ضمن المزارع كما ضمنه أبو حنيفة، ورجع بذلك على الذي دفع إليه الأرض مزارعة. ... باب العذر في المعاملة وإذا دفع الرجل إلى الرجل نخلاً له معاملة على أن يقوم عليه ويسقيه ويلقّحه (¬2)، فما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو بينهما نصفان، فهذا جائز. فإن قام عليه ولقّحه حتى إذا صار بُسْراً أخضر مات صاحب الأرض، فقد انقضت المعاملة وصار البُسْر بين ورثة رب النخل وبين العامل (¬3) نصفين في القياس، ولكنا نستحسن، فإن قال العامل (¬4): أنا أقوم عليه كما كنت أقوم عليه، وقال ورثة رب الأرض: نحن نَصْرِمُه (¬5) بُسْراً فنبيعه، فللعامل أن يقوم عليه كما كان يقوم عليه حتى يبلغ، على المعاملة التي كان عليها. فإن قال العامل: قد انتقضت المعاملة، فأنا آخذ نصف البسر وأنتم نصفه، فورثة رب الأرض بالخيار، إن شاؤوا صَرَمُوا البسر وأخذوا نصفه، وأعطي العامل نصفه. وإن شاؤوا أعطوا نصف قيمة البسر، وصار البسر لهم. وإن شاؤوا أنفقوا على النخل حتى يبلغ، ورجعوا بنصف نفقتهم في حصة العامل (¬6) من التمر. ولو لم يمت صاحب الأرض ومات العامل (¬7)، والمسألة على حالها، وقال ورثة العامل (¬8): نحن نقوم عليه ونسقيه حتى يبلغ، وقال صاحب ¬

_ (¬1) م ف ز: الدافع. (¬2) م ز: ويلحقه. (¬3) ز: المعامل. (¬4) ز: المعامل. (¬5) صَرَمَ أي: قطع، من باب ضرب. انظر: مختار الصحاح، "صرم". (¬6) ز: المعامل. (¬7) ز: المعامل. (¬8) ز: المعامل.

الأرض: أنا أَصْرِمُه بُسْراً، فيكون بيني وبينكم، فذلك إلى ورثة العامل، ولهم أن يقوموا عليه كما كان العامل (¬1) يصنع، ثم يكون ما خرج لهم نصفه ولرب الأرض نصفه. ولو قال ورثة العامل: نحن نصرمه بسراً، ولا نقوم عليه، وأبى ذلك رب الأرض، فرب الأرض بالخيار، إن شاء أعطاهم قيمة نصيبهم من البسر وسلم البسر له، وإن شاء صَرَمَ البُسْر فكان بينهم نصفين: نصفه له ونصفه لورثة العامل (¬2)، وإن شاء أنفق كما وصفت لك النفقة. ولو مات العامل (¬3) وصاحب الأرض جميعاً كان الخيار في هذا إلى ورثة العامل. فإن شاؤوا قاموا (¬4) عليه كما كان العامل يقوم عليه حتى يبلغ، فيأخذون نصفه، ويعطون ورثة صاحب الأرض النصف. فإن قالوا: لا نقوم عليه، ولكنا نَصْرِم البُسْر، فنأخذ نصيبنا منه، وقال ورثة صاحب الأرض: لا نصرمه، فورثة صاحب الأرض بالخيار، إن شاؤوا أعطوا ورثة العامل قيمة حصتهم من البسر. وإن شاؤوا صَرَموه، وكان بينهم نصفين. وإن شاؤوا أنفقوا كما وصفت لك النفقة. ولو لم يمت صاحب الأرض ولا صاحب العمل ولكن انقضت المعاملة والبسر أخضر، فهذا والأول سواء. والخيار في هذا إلى العامل (¬5). إن شاء عمل (¬6) على ما كان يعمل حتى يبلغ الثمر، ويكون بينهما نصفين. فإن (¬7) أبى ذلك كان بينهما نصفين وصُرِم، إلا أن يشاء صاحب النخل أن يعطيه قيمة حصته من البسر ويكون البسر له، أو ينفق كما وصفت لك النفقة. ولو كانت المعاملة لم تنقض (¬8) ولكن لحق صاحب الأرض دين فادح لا وفاء عنده به إلا بَيْع النخل، وفي النخل بُسْر أو طَلْع (¬9) لم يبلغ، لم ¬

_ (¬1) ز: المعامل. (¬2) ز: المعامل. (¬3) ز: المعامل. (¬4) ز: أقاموا. (¬5) ز: إلى المعامل. (¬6) م - إن شاء عمل. (¬7) ز: وإن. (¬8) ز: لم تنقضي. (¬9) الطَّلْع: ما يطلع من النخل، وهو الكِمّ قبل أن ينشق. ويقال لما يبدو من الكِمّ: طلع أيضاً. وهو شيء أبيض يشبه بلونه الأسنان. انظر: المغرب، "طلع".

يجبر (¬1) على بيع النخل وإخراجه من السجن حتى يبلغ الثمر، ثم تنقض الإجارة ويباع في الدين. ولو مات أحدهما أو انقضت المعاملة أو لحق الميت دين فافىح لا وفاء عنده به إلا بيع النخل، أو استحقت الأرض، وقد سقى العامل (¬2) النخل وقام عليه وحفظه وسقاه (¬3) إلا أنه لم يخرج شيئاً، انتقضت (¬4) المعاملة، ولم يكن له (¬5) من النفقة على الذي دفع إليه النخل معاملة قليل ولا كثير. ولو كان الطَّلْع خرج (¬6) أو صار بُسْراً ثم استحقت الأرض كان له النخل، وما فيه لصاحب النخل الذي استحقه، ورجع العامل (¬7) على الذي دفع إليه النخل معاملة بأجر مثله فيما (¬8) عمل؛ لأنه استأجره بشيء ولم يسلم له. وإذا دفع الرجل إلى الرجل زرعاً في أرض له قد صار بَقْلاً معاملة، على أن يقوم عليه ويسقيه حتى يستحصد، فما أخرج الله تعالى منه من شيء فهو بينهما نصفان، فهذا (¬9) جائز. فإن قام عليه حتى عَقَدَ (¬10) حَبُّه ولم يستحصد ثم مات أحدهما فالعامل (¬11) أو ورثته بالخيار. إن شاؤوا عملوا على حالهم على المعاملة حتى يستحصد الزرع. وإن شاؤوا نقضوا المعاملة. فإن عملوا على حالهم فما أخرج الله تعالى من شيء فهو بينهم على ما اشترطوا. وإن أبوا أن يعملوا خير صاحب الزرع إن كان حياً أو ورثته إن كان ميتاً. فإن شاؤوا أعطوا المعامل إن كان حياً أو ورثته إن كان ¬

_ (¬1) ز: ولم يجبر. (¬2) ز: المعامل. (¬3) ز - وسقاه. (¬4) ف: استحقت. (¬5) ف - له. (¬6) ز - خرج. (¬7) ز: المعامل. (¬8) ز: وبما. (¬9) م ف ز: وهذا. (¬10) ولفظ الحاكم والسرخسي: انعقد. انظر: الكافي، 2/ 316 ظ؛ والمبسوط، 23/ 58. وعَقَدَ وانعقد يأتي بمعنى غَلُظَ وصَلُب. انظر: مختار الصحاح، "عقد"؛ وتاج العروس، "عقد". (¬11) ز: فالمعامل.

ميتاً (¬1) قيمة حصتهم من الزرع نابتاً في الأرض على حاله هذه، وصار الزرع لهم يصنعون به ما شاؤوا. وإن شاؤوا أنفقوا على الزرع حتى يستحصد، ورجعوا بنصف نفقة الزرع في حصة المعامل وورثته من الزرع. وكذلك لو مات العامل (¬2) ورب الأرض وبقي ورثتهما كان بمنزلة هذا. ولو لم يمت واحد منهما ولكنه كان دفع إليه أشهراً معلومة، فانقضت الأشهر قبل أن يستحصد الزرع، فالزرع بين المزارع وبين رب الأرض نصفان، والنفقة عليهما نصفان، ولرب الأرض على العامل (¬3) أجر مثل نصف أرضه. فإن قال العامل (¬4): لا أريد أن أنفق، وأنا أريد أن أقلع الزرع على هذه (¬5) الحال، كان صاحب الأرض بالخيار. إن شاء قلع الزرع، وإن شاء أنفق، وإن شاء أعطى قيمة حصته، وكان الزرع كله له. فإن قال رب الأرض: أنا أقلع الزرع ولا أنفق عليه، وقال العامل (¬6): أنا أنفق عليه، قال (¬7) القاضي للعامل (¬8): أنفق عليه حتى يستحصد، وعليك أجر مثل نصف الأرض لصاحب الأرض، فإذا استحصد فخذ نصف نفقتك من حصته من الزرع. ولو لم تنقض المعاملة ولم يمت واحد منهما حتى استحصد الزرع، ثم إن رجلاً استحق الأرض بزرعها (¬9) أخذه كله، ورجع العامل (¬10) على الذي دفع إليه الزرع معاملة بأجر مثله فيما عمل، ولا يرجع عليه بقيمة حصته من الزرع؛ لأنه كأنه استأجره بشيء بعينه، فاستحق، فيرجع بأجر مثله بالغاً ما بلغ. ¬

_ (¬1) ف - فإن شاءوا أعطوا العامل إن كان حيا أو ورثته إن كان ميتا. (¬2) ز: المعامل. (¬3) ز: على المعامل. (¬4) ز: المعامل. (¬5) ز: على هذا. (¬6) ز: المعامل. (¬7) م ف ز: فقال. والتصحيح مستفاد من الكافي، 2/ 317 و. (¬8) ز: للمعامل. (¬9) ز: يزرعها. (¬10) ز: المعامل.

وإذا دفع الرجل إلى الرجل نخلاً (¬1) فيها طَلْعُ كُفَرَّى (¬2)، على أن يقوم عليه ويلقّحه ويسقيه، فما أخرج الله تعالى منه من شيء فهو بينهما نصفان، ولم يضرب له غاية ينتهي إليها، أو ضرب له غاية فسمى أشهراً مسماة، فذلك جائز كله. فإن قام عليه حتى صار بُسْراً ثم مات أحدهما أو انقضى وقت المعاملة أو ماتا جميعاً فالعامل (¬3) أو ورثته بالخيار. إن شاؤوا مضوا على المعاملة على حالها. وإن شاؤوا لم يفعلوا. وإن أبوا فصاحب النخل أو رثته بالخيار. إن شاؤوا أخذوا البُسْر فاقتسموه بينهم على ما اشترطوا. وإن شاؤوا أنفقوا كما وصفت لك النفقة. وإن شاؤوا أعطوهم قيمة حصتهم من ذلك، وكان البسر لهم. ولو لم يمت واحد منهم فاستحق رجل الأرض ونخلها كان التمر كله له، ورجع العامل (¬4) على الذي دفع إليه النخل معاملة بأجر مثله فيما عمل. ولو استحق شيء (¬5) من ذلك بعدما سقى وقام عليه وأنفق إلا أنه لم يزد شيئاً أخذ ذلك المستحق كله، ولم يرجع العامل (¬6) على صاحبه بشيء. ولو لم يستحق ومات أحدهما انتقضت المعاملة، ولم يرجع واحد منهما على صاحبه بشيء، وكان الكُفَرَّى كله لصاحب النخل (¬7) والأرض (¬8). ... ¬

_ (¬1) ز: نخل. (¬2) الطَّلْع تقدم تفسيره آنفاً. وقوله: طَلْع الكُفَرَّى إضافة بيان. انظر: المغرب، "طلع". والكافور والكُفَرَّى بضم الكاف وفتح الفاء وتشديد الراء كِمّ النخل، لأنه يستر ما في جوفه أي: إنه مأخوذ من الكَفْر، وهو في الأصل: الستر، يقال كَفَرَه وكفّره إذا ستره. انظر: المغرب، "كفر". (¬3) ز: فالمعامل. (¬4) ز: المعامل. (¬5) ز: شيئاً. (¬6) ز: المعامل. (¬7) ز - النخل. (¬8) م ز: الأرض؛ ف - والأرض.

باب ما يجوز لأحد المزارعين أن يستثنيه وما لا يجوز له من ذلك

باب ما يجوز (¬1) لأحد المزارعين أن يستثنيه وما لا يجوز له من ذلك وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً على أن يزرعها سنته هذه المدفوعة إليه ببذره وعمله، على أن ما أخرج الله تعالى منها من شيء فللمزارع منه ما أخرجت هذه الناحية لناحية من الأرض محدودة معروفة، ولرب الأرض ما أخرجت هذه الناحية الأخرى لناحية من الأرض محدودة، فإن هذه مزارعة فاسدة. فإن عمل على هذا فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً فهو كله للمزارع؛ لأنه صاحب البذر. ويكون لصاحب الأرض أجر مثل أرضه، ويتصدق الزارع بما فضل من الزرع بعدما يستوفي بذره ونفقته وما غرم من الأجر. وكذلك لو كان البذر من قبل رب الأرض كانت المزارعة على هذا فاسدة. فإن عمل على هذا فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً فهو كله لصاحب الأرض. وللعامل (¬2) أجر مثله فيما عمل. ولا يتصدق صاحب الأرض بشيء من الزرع. وكذلك لو دفع إليه أرضاً وبذراً على أن يعمل في هذه الأرض، على أن ما أخرج الله تعالى من الزرع على السواقي (¬3) فهو (¬4) للزارع، وما خرج في الأبواب (¬5) أو الأواعر (¬6) فهو لرب الأرض، أو كان البذر من قبل ¬

_ (¬1) ز: ما لا يجوز. (¬2) ز: وللعاقل. (¬3) الساقية واحدة السواقي، وهي فوق الجدول ودون النهر. انظر: المغرب، "سقي". (¬4) ف ز: فهذا. (¬5) قال المطرزي: الأبواب في المزارعة: مَفاتِح الماء، جمع باب على الاستعارة انظر: المغرب، "بوب". (¬6) كذا في م ز. وفي ف: والافاعر (مهملة). وفي المبسوط، 23/ 60: والأواعي. والكلمة غير موجودة في الكافي. ولعله جمع وعر أو واعر بمعنى المكان الصعب بخلاف السهل. وهو مناسب من حيث المعنى، لكن لم أجده في المصادر. وإنما ذُكر جمع وعر على أَوْعُر ووُعُور وأوعار. انظر: لسان العرب، "وعر".

الزارع، فهو سواء (¬1) وهو فاسد كله. وهو مثل ما وصفت لك في الوجه الأول. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذراً، على أن يزرعها سنته هذه، فما أخرج الله تعالى منها من شيء فالتبن للعامل، والحب لصاحب الأرض، فهذا فاسد، وما أخرجت الأرض من تبن أو حب فهو كله لصاحب الأرض؛ لأنه صاحب البذر. وللعامل أجر مثل (¬2) ما عمل. ويطيب الزرع كله حبه وتبنه لرب الأرض. ولو كان البذر من قبل المزارع والمسألة على حالها كان هذا فاسداً، والحب والتبن كله للعامل، وعليه أجر مثل صاحب النخل والأرض، يدفع (¬3) من الزرع بذره ونفقته وما غرم من الأجر، ويتصدق بالفضل. وأخبرنا عبدالحميد بن جعفر (¬4) الأنصاري قال: أخبرني أبي عن رافع بن أُسَيْد بن ظُهَيْر (¬5) أنه رجع يوماً إلى قومه من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا بني حارثة قد دخلت عليكم اليوم مصيبة. قالوا: ماذا؟ قال: نهى (¬6) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كراء الأرض. قال: قلنا: يا رسول الله، إنا كنا نكريها بشيء من الحب. فقال: "لا". قالوا (¬7): كنا نكريها بالتبن. قال: "لا". قالوا (¬8): كنا نكريها بما يكون على الرَّبيع الساقي من الزرع. قال: "لا. ازرعها أو امنحها أخاك" (¬9). وتفسير هذا الحديث ما وصفت لك في صدر هذا الباب. لا خير في أن يشترط أحدهما التبن والآخر الحب. ولا خير في أن يشترط أحدهما ما يكون على السواقي من الزرع؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد نهى في هذا الحديث أن يكري الأرض بما يكون على الربيع الساقي من الزرع. والربيع الساقي هو ¬

_ (¬1) ف: فاسد. (¬2) م ف ز: مثله. (¬3) ع + إليه. (¬4) ز: عن جعفر. (¬5) ز: عن ظهير. (¬6) ف ز: نهانا. (¬7) م - قالوا؛ ف ز: قال. (¬8) م ز: قال. (¬9) تقدم في أوائل كتاب المزارعة بنفس الإسناد. انظر: 7/ 41 و.

الجدول الذي يسقي الأرض. ونهى أن تكرى بشيء من الحب. وإنما تفسير هذا إذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً على أن يزرعها سنته هذه ببذره ونفقته وعمله، على أن ما أخرج الله تعالى منها من شيء فلصاحب الأرض منه عشرة أقفزة حنطة مما يخرج (¬1)، فهذا فاسد؛ لأنه لا يدري أيخرج (¬2) ذلك أو لا يخرج (¬3). وهذا تفسير هذا الحديث. وكذلك لو كان البذر من قبل صاحب الأرض فاشترط أحدهما أقفزة مسماة مما تخرج الأرض كان ذلك فاسداً كله، ويكون الزرع كله لصاحب البذر، أيهما كان. وكل شيء أفسدنا فيه المزارعة في هذا الباب كان البذر من قبل رب الأرض فجعلنا (¬4) الزرع لصاحب الأرض؛ لأنا لا نجعل (¬5) عليه أجر مثل صاحب العمل في عمله. وإن كان لم يعمل ببذره ولكنه استأجر من يعمل له أو عمل له غلمانه أو استعان من يعمل له بغير أجر فإنا نجعل أجر مثل ذلك للعامل، ويكون ذلك له، فلا نبالي عمل هو بنفسه أو استعان من يعمل له. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً عشرين سنة على أن يزرعها ما بدا له من غلة الشتاء والصيف، ويغرسها ما بدا له من نخل أو شجر أو كرم أو رِطَاب (¬6)، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، ثمرته (¬7) وشجره وحنطته وشعيره وجميع حبوبه وتبنه ورَطْبَتُه وأصول الرَّطْبَة وعنبه (¬8) وكرمه وأصول الكرم وحطبه وعيدانه، فهذا جائز. ولو كان قال: على أن تغرس (¬9) فيها ما بدا لك (¬10) من نخل أو شجر أو كرم، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فثمرته بيني وبينك ¬

_ (¬1) ز: تخرج. (¬2) ز: أتخرج. (¬3) ز: أم لا تخرج. (¬4) م: فجعلت. (¬5) م ز: لأنا نجعل. (¬6) جمع رَطْبَة: وهي نوع من العلف، كما تقدم. (¬7) ز: تمره. (¬8) م: وعينه. (¬9) ز: أن يغرس. (¬10) م ف ز: له.

نصفان، كان هذا جائزاً، وكانت الثمرة بينهما نصفان، وما كان من نخل أو شجر أو كرم أو أصول الرَّطْبَة فهو للغارس، إذا انقضت المعاملة قلعه فكان له. وكذلك لو كان بيّن (¬1) في المزارعة فقال: على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فثمرته بيني وبينك نصفان (¬2)، والنخل (¬3) والشجر والكرم وأصول الرَّطْبَة للمزارع خاصة، كان هذا جائزاً، وكان هذا على ما وصفت لك. ولو قال له في المزارعة: فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فثمرته بيني وبينك نصفان، وما كان من نخل أو شجر أو كرم أو أصول رَطْبَة فهو لرب الأرض، كانت هذه المزارعة فاسدة، وما خرج من ذلك من شيء ثمرة أو غيرها فهو كله للمزارع العامل (¬4)، ولرب الأرض أجر مثل أرضه. ولا يشبه اشتراط صاحب الأرض والنخل والشجر والكرم وأصول الرَّطْبَة لنفسه اشتراط (¬5) المزارع ذلك لنفسه (¬6)؛ لأن المزارع هو صاحب الغرس، فلذلك طاب له اشتراط ذلك، ولم يطب لصاحب الأرض. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاَ له وغَرْساً (¬7) له وبذراً له، على أن يزرع ويغرس في أرضه (¬8) هذه عشرين سنة، على أن يكون البذر والغَرْس من قبل صاحب الأرض، على أن ما أخرج الله تعالى في ذلك من شيء من ثمرة فهو بينهما نصفان، فهو جائز أيضاً، وما أخرج الله تعالى في ذلك من ثمرة فهو بينهما نصفان، والنخل والشجر والكرم وأصول الرَّطْبَة لرب الأرض، فهو جائز؛ لأن البذر والغَرْس والنخل من قبله. ¬

_ (¬1) ز: تبن. (¬2) ع + وما كان من نخل أو شجر أو كرم. (¬3) ع: فالنخل. (¬4) ز: المعامل. (¬5) م: فاشتراط؛ ز: فاشترط. (¬6) ف - اشتراط المزارع ذلك لنفسه. (¬7) أي: ما يغرس. انظر: المغرب، "غرس". (¬8) ز - أرضه؛ صح هـ.

وكذلك لو سمى ذلك في المعاملة، فقال: على أن ما أخرج الله تعالى في ذلك من ثمرة فهو بينهما نصفان، وما كان في ذلك من نخل أو شجر أو كرم أو أصول رَطْبَة فهو لصاحب الأرض، فهذا جائز أيضاً؛ لأنه صاحب الغَرْس. ولو شرطا أن الثمرة بينهما نصفان، وما كان في ذلك من نخل أو شجر أو كرم أو أصول رطبة فهو للغارس، كان (¬1) هذا معاملة فاسدة؛ لأن الذي اشترط النخل والشجر والكرم وأصول الرطبة (¬2) ليس بصاحب (¬3) الغرس. ويكون ذلك كله وثمرته لصاحب الأرض طيباً (¬4) لا يتصدق منه بشيء. ويكون للعامل أجر مثله فيما عمل. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً على أن يزرعها سنته هذه ببذره وعمله، على أن يكون عليه سقيه وحفظه، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فالحب بينهما نصفان، والتبن للمزارع، فهذا جائز، وهو على ما اشترطا. ولو شرط على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فالحب بينهما نصفان، والتبن لرب الأرض، كانت هذه مزارعة فاسدة. فإن عمل على هذا فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو للمزارع (¬5)، ولصاحب الأرض مثل أجر أرضه. ولو كان البذر من قبل صاحب الأرض، اشترطا على أن ما أخرج الله تعالى فيها من شيء فالحب بينهما نصفان، والتبن لصاحب الأرض، كان هذا جائزاً على ما اشترطا. وإن اشترطا أن الحب بينهما نصفان والتبن (¬6) للمزارع كانت هذه مزارعة فاسدة، وكل شيء أخرجت الأرض من حب أو تبن فهو لرب الأرض طيب، وللزارع أجر مثله فيما عمل. ¬

_ (¬1) م ف ز: وكان. (¬2) ز + فهو للغارس وكان هذا معاملة فاسدة لأن الذي اشترط النخل والشجر والكرم وأصول الرطبة. (¬3) ز: لصاحب. (¬4) ز: طيب. (¬5) ف ز: للزارع. (¬6) م - التبن، صح هـ.

وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً يزرعها سنته هذه، على أن البذر من أحدهما، ويزرعها حنطة، على أن ما أخرج الله تعالى منها من حنطة فحبها وتبنها بينهما نصفان، وما خرج من ذلك من شعير فهو لصاحب الأرض يُشَرِّقُه (¬1) فيأخذه، فهذه مزارعة فاسدة، وما خرج من ذلك فهو لصاحب البذر كله. وكذلك لو شرط الشعير الذي شُرِّقَ (¬2) منها للذي (¬3) ليس له من قبله البذر كان ذلك فاسداً، وكانت المزارعة مردودة فاسدة. فإن عمل على هذا فالزرع كله لصاحب البذر أيهما كان. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وزرعاً قد بذره وصار بقلاً، على أن يقوم عليه ويسقيه حتى يستحصد، فما أخرج الله تعالى منه من شيء فهو بينهما نصفان، فهذا جائز. وما أخرج الله تعالى من حب أو تبن فهو بينهما نصفان فهذا جائز (¬4) أيضاً على ما اشترطا، والتبن لصاحب الأرض. وكذلك لو كان اشترطا أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من حب فهو بينهما نصفان، والتبن لرب الأرض، كان هذا جائزاً على ما اشترطا. ولو كانا اشترطا أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء من حب فهو بينهما نصفان، والتبن كله للعامل، كان هذا فاسداً، والزرع والتبن كله لرب الأرض، وللعامل أجر مثله فيما عمل. وإذا (¬5) دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذراً، على أن يزرعها سنته هذه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فالتبن بينهما نصفان، والحب لصاحب الأرض، كانت هذه مزارعة فاسدة، وما أخرجت الأرض من شيء ¬

_ (¬1) م ف ز: يسرف وهي مهملة في الكافي، 2/ 317 ظ. وفي المبسوط، 23/ 62: يستوفيه. وذكر المطرزي أن تشريق الشعير هو إلقاؤه في المَشْرُقَة أي الشمس ليجف. انظر: المغرب، "شرق". وقد قال السرخسي: والمراد من هذا أنه قد يكون في الحنطة حبات شعير فتقلع، وذلك إذا اشتد حبه قبل أن تدرك الحنطة وتجف. فإذا شرطا ذلك لأحدهما بعينه فسد العقد. انظر: المبسوط، الموضع السابق. (¬2) م ف ز: سرق. وهو كذلك في المبسوط، الموضع السابق. وانظر الحاشية السابقة. (¬3) ز: الذي. (¬4) ز: جائزاً. (¬5) ز: ولو.

من تبن أو غيره فهو لرب الأرض، وللعامل أجر مثله فيما عمل. وكذلك لو كان الذي اشترط الحب العامل (¬1) كان بمنزلة هذا. وكذلك لو كان البذر من العامل فاشترط التبن نصفين والحب لأحدهما وسماه (¬2) فهذه مزارعة فاسدة، والزرع كله لصاحب البذر، ولصاحب الأرض أجر مثل أرضه على صاحب الأرض. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له عشرين سنة، على أن يغرسها نخلاً وشجراً وكرماً، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فثمرته للغارس، والنخل والشجر والكرم بينهما نصفان، فهذا فاسد كله. وكذلك لو اشترط الثمرة لرب الأرض كان هذا أيضاً فاسداً، وما أخرجت الأرض من شيء فهو للغارس الذي عمل، ولرب الأرض أجر مثل أرضه. وكذلك لو كان الغَرْس (¬3) من (¬4) قبل رب الأرض، والمسألة على حالها، فاشترط الثمر لرب الأرض أو العامل أن يكون له خاصة، كان هذا فاسداً كله، وجميع ما أخرجت الأرض من غَرْس أو ثمرة لصاحب الغَرْس رب الأرض، وللعامل أجر مثله فيما عمل. ولا يشبه هذا اشتراط الثمرة بينهما نصفين (¬5)؛ لأن الغرس إذا كان بينهما نصفين (¬6) قبل أن يخرج الثمرة لم يستقم (¬7) أن تكون الثمرة لأحدهما. ولا بأس بأن يكون الغرس لصاحبه والثمرة بينهما نصفين (¬8)؛ لأن الثمرة إنما تخرج بعد خروج الغرس. ¬

_ (¬1) م ت ز: للعامل. (¬2) م: ومسماه؛ ز: وسمياه. (¬3) أي: المغروس كما تقدم. (¬4) ز: نبل. (¬5) ز: نصفان. (¬6) ز: نصفان. (¬7) ز: لم يستقيم. (¬8) ز: نصفان.

الأَصْلُ للإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَنْ الشَّيْبَانِيِّ (189 هـ - 805 م) تحقيق وَدرَاسَة الدكتور محمَّد بوينوكالن الجزء العاشر إصَدارَات وَزَارَة الأَوقاف وَالشّؤون الإسْلاَمية إدارَة الشّؤون الإسْلاَمّية دَولة قَطَر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ طبعه خاصة بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية دولة قطر الطبعَة الأولى 1433 هـ - 2012 م دار ابن حزم بيروت - لبنان - ص - ب 6366/ 14 هاتف وفاكس: 701974 - 300227 (009611) البريد الإلكتروني: [email protected] الموقع الإلكتروني: www.daribnhazm.com

الأَصْلُ للإمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَن الشَّيْبَانِيِّ (10)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

باب ما يجوز من المزارعة على شرطين وما لا يجوز منها

باب ما يجوز من المزارعة على شرطين وما لا يجوز منها وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً على أن يزرعها سنته هذه ببذره وعمله، على أنه إن عجّل الزرع فزرعها في أول يوم من جمادى الأولى فما أخرج الله تعالى فهو بينهما نصفان، وعلى أنه إن أخّر الزرع حتى يزرعها في أول يوم من جمادى الآخر فالثلثان من الزرع لرب الأرض والثلث للمزارع، فرضي المزارع بذلك وزرعها، فإن في (¬1) هذا قولين: أما أحدهما: فإن الشرط الأول جائز، والشرط الآخر فاسد. فإن زرعها في أول يوم من جمادى الأولى فما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو بينهما نصفان على ما اشترطا. وإن زرعها في أول يوم من جمادى الآخر فالزرع كله للمزارع، وعليه أجر مثل الأرض لصاحبها، يستوفي المزارع من الزرع بذره ونفقته وما غرم من الأجر، ويتصدق بالفضل. وهذا قياس قول أبي حنيفة على قياس قول من أجاز المزارعة. وأما القول الآخر- وهو قياس قول أبي يوسف ومحمد - فالشرطان جميعاً (¬2) جائزان (¬3). فإن زرعها في أول يوم من جمادى الأولى فما أخرجت الأرض فهو بينهما نصفان، وإن (¬4) زرعها في أول يوم من جمادى الآخر فما أخرجت الأرض فهو بينهما: لرب الأرض الثلثان وللمزارع الثلث. وكذلك لو كان البذر من قبل رب الأرض والمسألة على حالها كان فيها قولان على ما وصفت لك إلا في خصلة واحدة في القول الأول: إن زرعها في الوقت الثاني كانت المزارعة فاسدة، وما أخرجت الأرض من شيء فهو لرب الأرض، ولصاحب العمل أجر مثله فيما عمل، ويطيب ما أخرجت الأرض لصاحب الأرض، ولا يتصدق من ذلك بشيء. وكل شيء في هذا الكتاب أفسدنا فيه المزارعة فالزرع فيه لصاحب ¬

_ (¬1) ز - في. (¬2) ز + واحدا. (¬3) ز: جائزاً. (¬4) م ف ز: فإن.

البذر. فإن كان صاحب البذر الزارع فلرب الأرض أجر مثل أرضه، أخرجت الأرض أو لم تخرج. وإن كان البذر فيه لصاحب الأرض فللزارع أجر مثله فيما عمل، أخرجت الأرض شيئاً أو لم تخرجه. وقياس هذه المسألة رجل (¬1) دفع إلى رجل ثوباً فقطعه قميصاً، على أنه إن خاطه اليوم كما قال فله درهم، فإن (¬2) خاطه غداً فله نصف درهم. قال أَبو حنيفة: إن خاطه اليوم كما قال فله درهم، وإن خاطه غداً فله أجر مثله، لا ينقص من نصف درهم ولا يزاد على درهم. وقال أَبو يوسف ومحمد: الشرطان جميعاً (¬3) جائزان. محمد قال: أخبرنا مخبر (¬4) عن حماد عن إبراهيم أنه قال: إن خاطه، اليوم فبدرهم، وإن خاطه غداً فله أجر مثله. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً سنته هذه، على أن يزرعها ببذره وعمله، على أن ما زرع في هذه الأرض في أول يوم من جمادى الأولى فما أخرج الله تعالى من ذلك فهو بينهما نصفان، وعلى أن ما زرع في هذه الأرض من أول يوم من جمادى الآخر فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو [بينهما: الثلثان من الزرع لرب الأرض والثلث للمزارع، فرضي المزارع بذلك وزرعها فهو] للزارع كله، [والمزارعة فاسدة] (¬5) ولرب الأرض أجر مثل أرضه؛ لأنه أخذ الأرض على غير أجر معروف؛ لأنه لا يدري ما يزرع فيها في جمادى الأولى ولا ما يزرع منها في جمادى الآخر. وكذلك لو كان البذر من قبل رب الأرض كانت المزارعة فاسدة، والزرع كله لصاحب الأرض، وللعامل أجر مثله فيما عمل. ألا ترى أن رجلاً لو دفع إلى خياط ثوباً على أن ما خاط منه اليوم فعلى حساب درهم، وما خاط منه ¬

_ (¬1) ز: رجلاً. (¬2) ز: وإن. (¬3) ف - جميعاً. (¬4) م ز: مجير. والكلمة مهملة في ف. ولعل الصواب ما أثبتناه. أي أخبرنا رجل. ولم يذكر الإمام محمد اسم الراوي. وهو شائع في الأسانيد كما يقولون: حدثنا رجل، أو حدثني من أثق به ... وهو قد يكون لنسيان اسم الراوي أو لأسباب أخرى. (¬5) الزيادتان السابقتان استفدناهما من السياق. انظر المسألة السابقة والمسألة التالية.

غداً فعلى حساب نصف درهم، كان هذا فاسداً كله. وكذلك المزارعة التي وصفت لك. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له على أن يزرعها سنته هذه ببذره، وعلى أنه إن زرعها في أول يوم من جمادى الأولى فما أخرجت الأرض من شيء فهو بينهما نصفان، وعلى أنه إن زرعها في أول يوم من جمادى الآخرة فما أخرجت الأرض منها من شيء فهو بينهما: الثلثان لرب الأرض والثلث للمزارع، فزرع بعضها في أول يوم من جمادى الأولى وبعضها من جمادى الآخرة، ففي هذا قولان (¬1)؛ أما أحدهما: فما زرع في أول يوم من جمادى الأول (¬2) فهو بينهما على ما اشترطا، وما زرع في جمادى الآخر: فهو لصاحب البذر، وعليه أجر مثل الموضع من الأرض. وأما القول الآخر: فهو على ما اشترطا في الشرطين جميعاً، فما زرع في أول يوم من جمادى الأول فهو بينهما نصفان، وما زرع في أول يوم من جمادى الآخر فالثلثان لرب الأرض، والثلث للمزارع. وكذلك إن كان البذر من قبل رب الأرض والمسألة على حالها كان بمنزلة هذا إلا في خصلة واحدة في الجواب الأول: ما زرع في الوقت الثاني فهو كله لرب الأرض، وللعامل أجر مثله فيما عمل. وإنما هذا بمنزلة رجل دفع إلى خياط ثوباً ليقطعه (¬3) قميصاً، على أنه إن خاطه اليوم فله درهم، وإن خاطه غداً فله نصف درهم، فخاطه النصف اليوم ونصفه غداً، فهذا في قياس قول أبي حنيفة له فيما خاطه اليوم نصف درهم، وفيما (¬4) خاطه من الغد أجر مثله لا ينقص عن ربع درهم ولا يزاد على نصف درهم. وأما في القول الآخر فله فيما عمل ثلاثة أرباع درهم. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له سنته هذه يزرعها ببذره، على أنه ¬

_ (¬1) م ز: قولين. (¬2) م ز: الأولى. (¬3) م ف ز: فقطعه. (¬4) ز: وقيما.

إن زرعها بدَالِيَة (¬1) أو سَانِيَة (¬2) فالثلثان للمزارع، والثلث لرب الأرض، وإن زرعها بماء سَيْح (¬3) أو سَقْي السماء فما أخرجت الأرض فهو بينهما نصفان، فهذا جائز، وهو على ما اشترطا. وكذلك لو كان البذر من عند رب الأرض والمسألة على حالها فهذا جائز، وهو على ما اشترطا. فإن زرع بعضها بماء سَيْح (¬4) وزرع بعضها بدالية أو سانية فهو بينهما، للزارع (¬5) الثلثان والثلث لرب الأرض على ما اشترطا. وإنما هذا بمنزلة رجل دفع إلى خياط ثوباً ليقطعه له قميصاً، على أنه إن خاطه خياطة رومية فأجره درهم، وإن خاطه خياطة فارسية فأجره نصف درهم، فهذا جائز على ما اشترطا، فإن خاطه خياطة رومية فأجره درهم، وإن خاطه خياطة فارسية فله نصف درهم. محمد بن الحسن عن الحسن بن عمارة عن محمد بن عبيد الله (¬6) الثقفي عن يعلى بن أمية وكان عامل عمر بن الخطاب على نجران، فكتب إليه يذكر له أرض نجران، فكتب عمر: ما كان من أرض بيضاء سقته السماء أو سُقي (¬7) سَيْحاً فادفعها إليهم، فلنا الثلثان، ولهم الثلث، وما سقي بالغَرْب (¬8) فلهم الثلثان ولنا الثلث (¬9). فإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له على أن يزرعها سنته هذه، على ¬

_ (¬1) الدالية جِذْع طويل في رأسه مِغْرَفة كبيرة يُستقَى بها. انظر: المغرب، "دلب". (¬2) السانية البعير يُسْنَى عليه، أي: يُستقَى من البئر، ويقال للغَرْب مع أدواته: سانية أيضاً. انظر: المغرب، "سنو". (¬3) م ف ز: فيح. (¬4) م ف ز: فيح. (¬5) ف: للمزارع. (¬6) م ف ز: عبد الله. والتصحيح من نفس الرواية السابقة في أوائل كتاب المزارعة. انظر: 7/ 41 و. وانظر: تهذيب التهذيب لابن حجر، 9/ 286. (¬7) م ز: وسقي. (¬8) هو الدلو الكبير كما تقدم. (¬9) تقدم هذا الأثر أوائل هذا الكتاب. وفي إسناده هناك عبد الرحمن بن سابط بين محمد بن عبيد الله ويعلى بن أمية. انظر: 7/ 41 و.

أن يزرع بعضها بدَلْو وبعضها بسَيْح (¬1)، على أن ما زرع منها بدلو فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما: الثلثان للزارع (¬2) والثلث لرب الأرض، وعلى أن ما زرع منها بسَيْح (¬3) فما خرج من شيء فهو بينهما نصفان، فهذه مزارعة فاسدة؛ لأنه لم يأحذهما كللها على أحد الزرعين، إنما أخذها على غير شيء معروف ما زرع منها بالسَّيْح (¬4) وما زرع منها بالدَّلْو، فهذه مزارعة فاسدة. وأيهما (¬5) كان البذر من قبله فالزرع كله له. وإن كان البذر من قبل الزارع فعليه أجر مثل الأرض. وإن كان البذر من قبل رب الأرض فعليه أجر مثل الزارع. وإنما هذا بمنزلة رجل دفع إلى خياط خمسة أثواب يقطعها قُمْصَاناً، على أن ما خاط منها رومية فله في كل ثوب منها درهم، وما خاط منها فارسياً فله في كل ثوب نصف درهم، فهذا فاسد؛ لأنه لا يدري ما يخيط رومياً ولا ما يخيط فارسياً. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له خمس سنين يزرعها (¬6) ما بدا له من غلة الشتاء والصيف، على أن ما زرع فيها في أول سنة من السنين فهو بينهما نصفان، والسنة الثانية لرب الأرض الثلث وللزارع الثلثان، والسنة الثالثة لرب الأرض الربع وللزارع ثلاثة أرباعه، والسنة الرابعة لرب الأرض السدس وللزارع خمسة أسداس، وفي السنة الخامسة لرب الأرض الثمن وللزارع سبعة أثمان، فهذا جائز كله على (¬7) ما اشترطاه. وكذلك لو اشترطا أن البذر في هذه السنين كلها من قبل صاحب الأرض كان جائزاً. وكذلك إن اشترطا أن البذر في السنة الأولى من قبل الزارع، وفي السنة الثانية من قبل رب الأرض، وفي السنة الثالثة من قبل الزارع، وفي السنة الرابعة من قبل صاحب الأرض، وفي السنة الخامسة من قبل صاحب الزرع، كان هذا جائزاً (¬8) كله، وهو على ما اشترطا. وإنما هذا بمنزلة عبد دفعه (¬9) إلى حائك ¬

_ (¬1) م ز: بفيح. (¬2) ف: للمزارع. (¬3) م ز: بفيح. (¬4) م ز: بالفيح. (¬5) م ف ز: وإنما. (¬6) م ف: زرعها. (¬7) م ف ز: وعلى. (¬8) م ز: جائز. (¬9) ز + رجل.

يقوم عليه في تعليم الحياكة خمسة أشهر، على أن يعطيه مولى العبد في كل شهر خمسة دراهم، على أن يعطيه الحائك [بعد ذلك] (¬1) في كل خمسة أشهر كل شهر عشرة دراهم، فهذا جائز على ما اشترطا. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له ثلاث سنين، على أن يزرعها في السنة الأولى ما بدا له من غلة الشتاء والصيف ببذره وعمله، على أن ما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو بينهما نصفان، وعلى أن يزرعها في السنة الثانية ببذره وعمله على أن ما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو له، وعليه أجر الأرض درهم، وعلى أن يزرعها في السنة الثالثة ببذر رب الأرض على أن ما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو لرب الأرض، وللزارع أجر مائة درهم، فهذا جائز كله على ما اشترطا في جميع ما وصفت لك. وكذلك (¬2) لو كان البذر في السنة الأولى من قبل صاحب الأرض والمسألة على حالها كان هذا جائزاً، وكان على ما اشترطا في جميع ما وصفت لك. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له على أن يزرعها أرزاً عشر سنين، ويغرسها تُوتاً (¬3) ببذره وعمله، على أن يحوله من موضع إلى موضع آخر من الأرض ويسقيه ويقوم عليه، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فهذا جائز. وكذلك لو كان البذر والغرس من قبل رب الأرض كان هذا جائزاً. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضين له على أن يزرع هذه أرزاً وهذه أرزاً ببذره، على أن يحول مما يزرع في هذه إلى هذه ومما يزرع في هذه (¬4) إلى هذه ويقوم عليه ويسقيه، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك ¬

_ (¬1) الزيادة مستفادة من الكافي، 2/ 318 ظ. (¬2) م ف ز: فكذلك. (¬3) وفي ز: توثا. وهو صحيح فالتوث والتوت بنفس المعنى. انظر: المغرب، "توت". (¬4) ز: من هذه.

من شيء فهو بينهما نصفان (¬1)، فهذه مزارعة فاسدة، وما خرج من ذلك من شيء فهو للزارع كله، وعليه أجر مثل الأرضين. ولو كان البذر من قبل رب الأرض كانت المزارعة أيضاً فاسدة، وما أخرجت الأرض ان من شيء فهو لرب الأرض، وللعامل أجر مثله فيما عمل. وكذلك لو دفع إليه أرضين على أن يغرس هذه وهذه، على أن يحول ما يغرس في هذه (¬2) في هذه وما يغرس في هذه في هذه، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فهذا فاسد أيضاً. وكذلك لو كان الغرس من قبل رب الأرض. إلا أن الغرس والبذر إذا كان من قبل رب الأرض كان ما أخرجت الأرض له، وللعامل أجر مثله، ويطيب كله لرب الأرض. وإذا كان الغرس والبذر من قبل المزارع والغارس فما أخرجت الأرض فهو له، يدفع من ذلك بذره وغرسه ونفقته، ويتصدق بالفضل. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضين له عشر سنين على أن يغرس هذه الأرض نوى (¬3) ويزرعها أرزاً عشر سنين، على أن يحول ما خرج من ذلك الأرض في هذه الأرض الأخرى، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان (¬4)، فهذه مزارعة فاسدة. وكذلك لو كانت أرضاً (¬5) واحدة، فاشترط أن يزرع أو يغرس ناحية (¬6) منها معلومة، على أن يحول ذلك في ناحية أخرى منها معلومة، كان بهذه المنزلة، والمزارعة فاسدة، كان البذر والغرس من قبل رب الأرض أو من قبل العامل. ولو دفع إليه أرضاً على أن يزرعها أرزاً أو يغرسها نوى على أن يحول ذلك منها، فما أخرج الله تعالى منها من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان (¬7)، فهو جائزة لأن هذا لم يشترط مكاناً معلوماً. فلذلك افترق هذا والأول. وكذلك ¬

_ (¬1) م ز: نصفين. (¬2) ز: من هذه. (¬3) م: نوا؛ ز ب: برا (مهملة). ويحتمل أن يكون "توتا" كما سبق قريبا. والنوى يكون للتمر وغيره. انظر: المغرب، "نوى". (¬4) م ز: نصفين. (¬5) ز: أرطا. (¬6) م ف + ناحية. (¬7) م ز: نصفين.

الزعفران. وكل ما يحول فهو بمنزلة هذا في جميع ما وصفت لك. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له سنته هذه، على أن يزرعها ببذره وعمله، على أن يكون زرعه إياها قُرْطُماً (¬1)، فما أخرج الله تعالى منها من عُصْفُر (¬2) فهو للزارع، وما خرج من قُرْطُم فهو لرب الأرض فهذا فاسد. وكذلك لو كان الذي اشترط القُرْطُم الزارع، واشترط رب الأرض العُصفُر، كان ذلك باطلاً أيضاً. وكذلك لو كان البذر من العامل، والمسألة على حالها، كان هذا مثل الأول، وكان فاسداً كله. وكذلك لو كان البذر بَزْر كتّان (¬3)، فاشترط أحدهما أن الكتان والبزر (¬4) للآخر، وسمى صاحب البزر (¬5) من صاحب الكتان، فذلك كله فاسد، ومن أيهما ما كان البذر فهو سواء. وكذلك الرَّطْبَة (¬6) لو اشترط أحدهما بَزْر الرطبة واشترط (¬7) الآخر القَتّ (¬8) كان (¬9) فاسداً كله. وإذا (¬10) دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له يزرعها سنته هذه قُرْطُماً (¬11) ببذره وعمله، على أن ما أخرج الله تعالى منها من عُصْفُر فهو للزارع والقُرْطُم بينهما نصفان (¬12)، أو كانا اشترطا أن القرطم للمزارع والعصفر بينهما نصفان (¬13)، أو كانا اشترطا العصفر لرب الأرض خاصة والقرطم ¬

_ (¬1) م ز: قرطم. القرطم بالضم والكسر: حب العُصْفُر. انظر: المغرب، "قرطم". (¬2) هو نبت يصبغ به. انظر: لسان العرب، "عصفر". (¬3) البَزْر من الحب ما كان للبقل، وبزر الكتان حب معروف. انظر: المغرب، "بزر". (¬4) ز: والبر. (¬5) ز: البرز. (¬6) الرَّطْبَة بالفتح: الإسْفَسْت. انظر: المغرب، رطب. والإسفست: هي الفصفصة التي تأكلها الدواب. انظر: لسان العرب، "فصص". (¬7) ز: وااشترط. (¬8) القَتّ اليابس من الإسفست. انظر: المغرب، "قتت". (¬9) م ز + ذلك. (¬10) ز: ولو. (¬11) م ز: قرطم. (¬12) م ز: نصفين. (¬13) م ز: نصفين.

باب المزارعة والمعاملة يشترط أحدهما فيها على صاحبه عمل عبده أو بقره أو مكاتبه أو ابنه في جميع ذلك

بينهما نصفين، فهذا كله فاسد، وما أخرجت الأرض من شيء فهو للمزارع (¬1) صاحب البذر، ولرب الأرض أجر مثل أرضه، يستوفي صاحب البذر بذره ونفقته وما غرم من أجر الأرض، ويتصدق بالفضل. ولو كان البذر من قبل رب الأرض والمسألة على حالها في جميع ما وصفت لك كان هذا أيضاً فاسداً كله، والزرع (¬2) لرب الأرض طيب لا يتصدق بشيء منه، وعلى رب الأرض أجر مثل الزارع في عمله. ولا يشبه هذا ما وصفت لك قبل من اشتراط أحدهما النخل؛ لأن هذا كله من العصفر والقرطم، والكتان والبزر، والرطبة وبزرها، بمنزلة الثمر (¬3)، فليس له أن يشترط من ذلك شيئاً دون شيء. ... باب المزارعة والمعاملة يشترط أحدهما فيها على صاحبه عمل عبده أو بقره أو مكاتبه أو ابنه في جميع ذلك وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذراً، على أن يزرعها سنته هذه هو وعبده هذا، على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فللزارع الثلث ولعبده الثلث ولرب الأرض الثلث، فهذا جائز، وكل شيء أخرجت الأرض فللزارع ثلثاه نصيبه ونصيب عبده، ولرب الأرض الثلث (¬4). وكذلك لو لم يشترط (¬5) أن يزرع عبده معه، ولكنه دفع إليه أرضاً مزارعة، على أن له ثلث ما تخرج الأرض، ولعبده فلان الثلث، ولرب الأرض الثلث، فهذا جائز ¬

_ (¬1) م ز: للزارع. (¬2) م ز + كله. (¬3) م: التمر. (¬4) ز - فهذا جائز وكل شيء أخرجت الأرض فللزارع ثلثاه نصيبه ونصيب عبده ولرب الأرض الثلث. (¬5) ز: لم يشترطا.

أيضاً، والثلثان للزارع، ولرب الأرض الثلث (¬1). ولو لم يكن شرط الثلث لعبده ولكنه شرط الثلث لبقره كان هذا أيضاً جائزاً، وكان الثلثان للزارع. ولو لم يكن شرط الثلث لعبده ولا لبقره ولكنه شرط الثلث لمكاتب الزارع أو لامرأته أو لابنه أو لأبيه (¬2): فإن كان اشترط على المكاتب أو على المرأة أو على الأب أو على الابن (¬3) أن يعمل مع الزارع فهذا جائز أيضاً، وهو مزارع مع الزارع. فما أخرجت الأرض فللزارع الثلث، وللمكاتب أو للمرأة أو للابن أو للأب الثلث، ولرب الأرض الثلث. فإن لم يكن اشترط على المكاتب ولا على الزوجة ولا على الابن ولا على الأب العمل، وشرط له ثلث ما أخرجت الأرض، فإن المزارعة جائزة، والشرط باطل، وما أخرجت الأرض من شيء فثلثه للزارع، والثلثان لرب الأرض، ولا شيء للمكاتب ولا للزوجة ولا للأب ولا للابن. ولو كان البذر من قبل الزارع واشترط أن الثلث مما تخرج الأرض له، والثلث (¬4) لرب الأرض، والثلث لعبد الزارع، واشترط عمله معه أو لم يشترط، فهو جائز، والثلثان للزارع، والثلث لرب الأرض. ولو كان مكان العبد مكاتبه أو امرأته أو أبوه أو ابنه، فاشترط لأحد منهم الثلث، وله الثلث، ولرب الأرض الثلث، واشترط (¬5) أن يعمل معه الذي شرط له الثلث أو لم يشترط عليه عملاً، فذلك على ما وصفت لك: الثلثان من الزرع للزارع العامل، والثلث لرب الأرض، ولا شيء للمكاتب ولا للمرأة ولا للأب وللابن من الزرع إن لم يكن عمل معه. فإن اشترط عليه أن يعمل معه فعمل معه فله أجر مثله فيما عمل، وجميع ما يصيب الزارع من الزرع فهو له طيب لا يتصدق بشيء منه. ¬

_ (¬1) ز + وكذلك لو لم يشترط أن يزرع عبده معه ولكنه دفع إليه أرضاً مزارعة على أن له ثلث ما تخرج الأرض ولعبده فلان الثلث ولرب الأرض الثلث فهذا جائز أيضاً والثلثان للزارع ولرب الأرض الثلث. (¬2) ف - أو لأبيه. (¬3) م ز + على. (¬4) ز: والثلثان. (¬5) م ف ز: ويشرط.

ولو كان البذر من قبل رب الأرض فاشترط عليه الزارع أن يعمل معه رب الأرض، أو بقر رب الأرض، على أن الثلث للزارع، والثلث لرب الأرض، والثلث لعبد رب الأرض أو للبقر إن كان اشترط البقر، فهذا أيضاً جائز على ما اشترطا (¬1)، وللزارع الثلث، ولرب الأرض الثلثان. ولو كانا اشترطا لعبد رب الأرض الثلث ولم يشترطا أن يعمل في الأرض كان هذا جائزاً أيضاً والثلثان لرب الأرض والثلث للزارع. ولو كانا اشترطا الثلث لمكاتب رب الأرض أو لامرأته أو لابنه أو لأبيه (¬2)، ولم يشترط عليه عملاً، فهذا جائز أيضاً، والثلثان لرب الأرض، والثلث للزارع. ولو اشترط على المكاتب أو على الزوجة أو على الأب أو على الابن العمل مع الزارع كان جائزاً، والثلث للزارع، والثلث لرب الأرض، والثلث للذي اشترطوا عليه العمل؛ لأنه مزارع مع العامل. ولو كان البذر من قبل الزارع فاشترط الثلث لنفسه، والثلث لرب الأرض، والثلث لأخي (¬3) رب الأرض أو لمكاتبه أو لامرأته أو لأبيه أو لابنه، ولم يشترط عليه عملاً، فالثلثان للزارع، والثلث لرب الأرض. ولو اشترط على المكاتب أو على المرأة أو على الأب أو على الابن عملاً فهذا فاسد، والثلثان مما أخرجت الأرض للزارع، والثلث لرب الأرض. والعبد بمنزلة المكاتب، وله أجر مثله فيما عمل. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً على أن يزرعها سنته هذه ببذره وعمله، على أن له ثلث الزرع، ولرب الأرض ثلث الزرع، وعلى أن يَكْرُبها ويعالجها ببقر فلان، على أن لفلان ثلث الزرع (¬4)، فرضي بذلك فلان، فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً، فإن ثلث الزرع لرب الأرض، والثلثان للزارع، ولصاحب البقر أجر مثل بقره على الزارع، فما أصاب الزارع من الزرع فهو له طيب لا يتصدق منه بشيء. ¬

_ (¬1) ز: ما اشترط. (¬2) ز - أو لأبيه. (¬3) م ز: لأخ. (¬4) ز - ولرب الأرض ثلث الزرع وعلى أن يكربها ويعالجها ببقر فلان على أن لفلان ثلث الزرع.

ولو كان البذر من قبل رب الأرض، والمسألة على حالها، كان الثلث للزارع، والثلثان لرب الأرض، ولصاحب البقر أجر مثل بقره على رب الأرض. ولو كان اشترط عليه رب الأرض أن يعمل بنفسه مع بقره بالثلث حتى استحصد الزرع كان هذا جائزاً، وكانا مزارعين جميعاً، ولرب الأرض الثلث، ولصاحب البقر لنفسه (¬1) ولبقره الثلث، وللزارع الآخر الثلث. ولو كان البذر والبقر من أحدهما والعمل من الآخر والأرض من الآخر كانت هذه مزارعة فاسدة، وما أخرجت الأرض من شيء فهو لصاحب البقر والبذر، وللزارع أجر مثله فيما عمل، ولصاحب الأرض أجر مثل أرضه، ويأخذ صاحب البذر من الزرع بذره ونفقته وما غرم من أجر الزارع والأرض، ويتصدق بالفضل. ولو كان البذر من أحدهم والبقر من الآخر والأرض والعمل من الآخر كان هذا فاسداً أيضاً، وكان الزرع كله لصاحب البذر، وعليه لصاحب البقر أجر مثل بقره، وعليه أيضاً لصاحب الأرض والعمل أجر مثل أرضه وعمله، يأخذ صاحب الزرع بذره ونفقته وما غرم من أجر البقر وأجر الأرض وأجر عمل صاحبها، ويتصدق بالفضل. ولو كانت الأرض والبقر من واحد والبذر من واحد والعمل من واحد على أن لكل واحد الثلث، فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً، فالزرع لصاحب البذر، ولصاحب العمل أجر مثله في عمله، ولصاحب الأرض والبقر أجر مثل بقره وأرضه على صاحب البذر. ولو كان الأرض والبقر من واحد والبذر والعمل (¬2) من واحد، على أن ما أخرجت الأرض فهو بينهما نصفان (¬3)، كانت هذة مزارعة فاسدة، لأن ¬

_ (¬1) م ف ز: بنفسه. (¬2) ز - والعمل؛ صح هـ. (¬3) م ز + ان.

صاحب البذر استأجر البقر والأرض بنصف ما يخرج [من] الزرع من الأرض (¬1)، والزرع كله لصاحب البذر، ولصاحب الأرض أجر مثل أرضه وأجر مثل بقره. ولو كان لصاحب الأرض ثلث (¬2) لأرضه وثلث (¬3) للبقر وثلث (¬4) للزارع صاحب البذر، فأخرجت الأرض شيئاً، فهذا والأول سواء، والإجارة كلها فاسدة. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً يزرعها سنته هذه ببذره وبقره وعمله، على أن يستأجر فيها أجراء من مال صاحب الزرع، فما أخرج الله من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان (¬5)، فهو جائز، وهو على ما اشترطا. ولو كان اشترط أن يستأجر الأجراء من مال رب الأرض كانت هذه مزارعة فاسدة، وما أخرجت الأرض فهو للزارع، ولصاحب الأرض أجر مثل أرضه. ولو شرط (¬6) أن يستأجر الأجراء من مال الزارع على أن يرجع بذلك فيما أخرجت الأرض، ثم يقتسمان ما بقي نصفين، كان هذا فاسداً، وكان الزرع كله للزارع، ولرب الأرض أجر مثل أرضه. ولو كان البذر من قبل رب الأرض فاشترط على الزارع أجر الأجراء من ماله كان ذلك جائزاً، وكانت المزارعة جائزة. ولو كان الزارع اشترط على رب الأرض أجر الأجراء من ماله كانت هذه مزارعة فاسدة، والزرع كله لصاحب الأرض، وللعامل أجر مثله فيما عمل. فإن اشترط أجر الأجراء على المزارع على أن يرجع فيما أخرجت كان هذا فاسداً، والمزارعة فاسدة، والزرع كله لصاحب البذر، وللعامل أجر مثله فيما عمل (¬7)، وأجر مثل أجرائه فيما عملوا. ولا يشبه هذا الوجه المضارب؛ لو دفع رجل إلى رجل (¬8) مالاً ¬

_ (¬1) م ف ب: والأرض. (¬2) م ز: ثلثا. (¬3) م ز: وثلثا. (¬4) م ز: وثلثا. (¬5) م ز: نصفين. (¬6) م ز: اشترط. (¬7) ز - فإن اشترط أجر الأجراء على المزارع على أن يرجع فيما أخرجت كان هذا فاسداً والمزارعة فاسدة والزرع كله لصاحب البذر وللعامل أجر مثله فيما عمل. (¬8) ز: ولو دفع الرجل إلى الرجل.

مضاربة بالنصف على أن أجر الأجراء من المال كان هذا جائزاً، ويبدأ بأجر الأجراء، فإن بقي شيء من الربح كان بينهما نصفين. ولو كانا اشترطا أن أجر الأجراء على المضارب في ماله وعلى رب المال كان هذا باطلاً لا يجوز؛ لأن أجر الأجراء إنما هو في مال المضاربة، ولا يكون على واحد منهما. فإن اشترطا على أن يكون على أحدهما ولا يكون في المال المضاربة كانت المضاربة فاسدة، والمال وربحه لرب المال، وللمضارب أجر مثله فيما عمل. وهذا لا يشبه المزارعة في اشتراط أجر الأجراء على العامل؛ لأن ذلك لو لم يكن فيه شرط كان أجر الأجراء على الزارع. والمضاربة إنما أجر الأجراء (¬1) في العمل بها في المال المضاربة دون الذي يعمل بها. فإن بقي بعد ذلك ربح كان بينهما على ما اشترطا. فلذلك اختلفا. وإذا دفع الرجل إلى الرجل بذراً على أن يزرعه في أرضه بعمله، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فنصفه لصاحب البذر ونصفه (¬2) لصاحب الأرض، أو اشترط أن ثلثه لصاحب البذر لبذره، وثلثه لصاحب الأرض لأرضه (¬3)، وثلثه لرب الأرض بعمل رب الأرض فيها، كان فاسداً، جَمَع (¬4) حصةَ صاحب الأرض فيه بأرضه وعمله أو فَرَّق؛ لأنه لا يكون العمل والأرض من واحد، ولا يجوز هذا. فيكون الزرع كله في هذه الوجوه لصاحب البذر، وعليه أجر مثل صاحب الأرض في أرضه وعمله، ويأخذ من الزرع بذره وما غرم من الأجر، ويتصدق بالفضل. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. ... ¬

_ (¬1) ف + على العامل لأن ذلك لو لم يكن فيه شرط كان أجر الأجراء على الزارع والمضاربة إنما أجر الأجراء. (¬2) م ز: ونصف. (¬3) ز - لأرضه. (¬4) م ز: جميع.

باب الرجل يأخذ الأرض مزارعة فيوليها أو يشترك فيها أو يدفعها مزارعة والبذر من رب الأرض وقد قال له: اعمل في ذلك برأيك أو لم يقل

باب الرجل يأخذ الأرض مزارعة فيُوَلِّيها أو يشترك فيها أو يدفعها مزارعة والبذر من رب الأرض وقد قال له: اعمل في ذلك برأيك أو لم يقل وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذراً على أن يزرعها سنته هذه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفين، ولم يقل له: اعمل في ذلك برأيك، فله أن يستأجر فيها الأجراء بماله. وليس له أن يُوَلِّيَها رجلاً / فيدفعها إليه ويدفع إليه البذر على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان. فإن فعل فدفعها إلى (¬1) رجل (¬2) ووَلاَّه العمل، على أن يعملها ذلك الرجل ويزرعها بذلك البذر، على أن ما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو بينهما نصفان (¬3)، فعملها الرجل الآخر على ذلك، فأخرجت زرعاً كثيراً، فالزرع بين الآخر والأوسط نصفين، ولا شيء لرب الأرض من الزرع؛ لأنه خالفه حين دفعها إلى غيره بنصف ما يخرج. ولرب الأرض أن يضمن أيهما شاء البذر وما نقص الأرض في قولنا وقياس قول أبي يوسف. فإن ضمن ذلك الآخر رجع بما ضمن من ذلك على الذي دفع إليه. وإن ضمن ذلك الدافع لم يرجع على المدفوعة إليه بشيء. وأما في قول أبي حنيفة فهو على مثل هذا إلا في خصلة واحدة: ليس لرب الأرض أن يضمن نقصان الأرض إلا الذي زرعها. فإن ضمنه رجع على الذي دفع إليه الأرض بما ضمن من ذلك. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذراً على أن يزرعها سنته هذه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان (¬4)، وقال: اعمل في ذلك برأيك، فوَلَّاها المدفوعةُ إليه رجلاً، على أن يعمل فيها (¬5) ببذر رب الأرض، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما ¬

_ (¬1) م ف ز - إلى. والزيادة من ع. (¬2) ز: رجلاً. (¬3) م ز: نصفين. (¬4) م ز: نصفين. (¬5) م ز: فيه.

نصفان (¬1)، فهو جائز، وما أخرجت الأرض فنصفه لرب الأرض، ونصفه للمزارع، وليس للأوسط من ذلك شيء. ولا يشبه هذا الوجه الأول، لأنه في الوجه الأول لم يقل له (¬2): اعمل فيه برأيك، فليس له أن يدفعه شركة إلى غيره، ولا يشارك فيه (¬3) غيره. وهذا الوجه قد قال له: اعمل فيه برأيك، فله أن يدفعه شركة إلى من أحب. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذراً على أن يزرعها سنته هذه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان (¬4)، ولم يقل له: اعمل في ذلك برأيك، فأشرك فيه رجلاً ببذر من قبل ذلك الرجل، فاشتركا على أن يعملا جميعاً بالبذرين جميعاً، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فعملا على هذا، فأخرجت زرعاً كثيراً، فجميع ما أخرجت الأرض بين المزارعين نصفان (¬5)، ولا شيء لرب الأرض، وهما ضامنان لما نقصت الأرض من زرعها. والمزارع الأول الذي دفع إليه رب الأرض البذر ضامن للبذر الذي قبض من رب الأرض لرب الأرض (¬6). يأخذ المزارع الأول من النصف الذي صار له من الزرع بذره الذي ضمن، ونفقته، وما غرم من نقصان الأرض، ويتصدق بالفضل. ولو كان رب الأرض دفع إليه البذر والأرض، وأمره أن يعمل في ذلك برأيه، وأن يشارك في زراعة الأرض من أحب، والمسألة على حالها، كان هذا جائزاً، وما أخرجت الأرض من شيء فنصفه للمزارع الآخر، ونصفه للمزارع الأول، يقاسمه رب الأرض نصفين، ولا شيء لرب الأرض على واحد منهما. ولو لم يكن المزارع الأول شارك المزارع الآخر على ما وصفت لك، ولكنه دفع إليه البذر، على أن يعمل به وببذر مثله من عنده في الأرض، ¬

_ (¬1) م ز: نصفين. (¬2) ز - له؛ صح هـ. (¬3) م ز + إلى. (¬4) م ز: نصفين. (¬5) م ز: نصفين. (¬6) ز + أن.

على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان (¬1)، والمسألة على حالها، فإن هذه مزارعة فاسدة. فإن أخرجت (¬2) الأرض شيئاً أخذ نصفه المزارع الآخر، وغرم مثل نصف أجر الأرض، فيكون لرب الأرض، والذي يلي قبضه منه المزارع [الأول] (¬3). ونصف الزرع بين المزارع الأول وبين رب الأرض على ما اشترطا يطيب لهما، ولا يتصدقان بشيء منه. وأما المزارع الآخر فإنه يأخذ من الزرع الذي صار له بذره ونفقته وما غرم من الأجر، ويتصدق بالفضل. ولو كان رب الأرض لم يقل للمزارع الأول: اعمل في ذلك برأيك، ولا يشارك في زراعة أرض، والمسألة على حالها، كان الزرع بين المزارع الأول وبين المزارع الآخر نصفين، وكان للمزارع الأول على المزارع الآخر أجر مثل نصف الأرض، ويضمنهما (¬4) رب الأرض ما نقص أرضه من زرعهما في قولنا وقول أبي يوسف. فما ضمن المزارع الآخر من ذلك رجع به على المزارع الأول. وأما في قياس قول أبي حنيفة فيضمن رب الأرض المزارع الآخر جميع نقصان الأرض، ويرجع بذلك المزارع الآخر على المزارع الأول، ويتصدقان بما زاد الزرع على ما ضمنا وما بذرا وما غرسا. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذراً على أن يزرعها. سنته هذه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، ولم يقل له: اعمل في ذلك برأيك، فدفعها المزارع إلى رجل آخر، على أن يزرعها سنته هذه بذلك البذر، على أن ما أخرج الله تعالى منها من شيء فله الثلث، وللمزارع الأول الثلثان، فعملها على هذا، فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً، فجميع ما أخرجت الأرض للمزارع الآخر ثلثه، وللمزارع الأول ثلثاه، ولا شيء لرب الأرض، ولرب الأرض أن يغرم بذره ونقصان الأرض أيهما شاء، إن شاء المزارع الأول، وإن شاء المزارع الآخر. فإن ضمن المزارع الآخر رجع على المزارع الأول بما غرم من نقصان الأرض ومن البذر ¬

_ (¬1) م ز: نصفين. (¬2) ز: أجرجت. (¬3) الزيادة من الكافي، 2/ 320 ظ. (¬4) م ز: ويضمنها.

جميعاً. وهذا قولنا وقياس قول أبي يوسف. ويأخذ المزارع الأول بذره الذي ضمن وما غرم، ويتصدق بالفضل. ولا يتصدق المزارع الآخر بشيء، لأنه إنما كان أجيراً بنصف ما تخرج الأرض. ولو كان رب الأرض حين دفع إلى المزارع الأول البذر والأرض قال له: اعمل في ذلك برأيك، والمسألة على حالها، كان هذا جائزاً، وما أخرجت الأرض من شيء فثلثه للمزارع الآخر، والثلثان للمزارع الأول، يستوفي رب الأرض نصف الزرع الذي خرج، ويبقى للمزارع الأول سدس الزرع. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذراً على أن يزرعها سنته هذه، فما رزقه (¬1) الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، وقال له: اعمل في ذلك برأيك، فدفعها المزارع والبذر معها إلى رجل بالنصف، فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً، فإن هذا جائز، يأخذ المزارع الآخر نصف ما أخرجت الأرض، والنصف الباقي بين المزارع الأول وبين رب الأرض نصفان؛ لأنه قال له في هذه المسألة: إن ما رزقك الله في ذلك من شيء. فالذي رزق الله تعالى المزارع الأول من ذلك ما صار له الزرع. وكذلك لو قال له رب الأرض: على أن ما أصيب في ذلك من شيء فهو بيننا نصفان، كان بمنزلة هذا. وكذلك لو قال له رب الأرض: على أن ما أخرج الله تعالى من شيء فهو بيننا نصفان، كان بمنزلة هذا. وإذا قال: على أن ما رزق الله تعالى في ذلك أو على أن ما أخرج الله تعالى في ذلك من شيء فهو بيننا نصفان (¬2)، فهذا نصفه لرب الأرض ونصفه للمزارع الآخر، ولا شيء للمزارع الأول. ولو لم يكن رب الأرض قال للمزارع الأول: اعمل في ذلك برأيك، والمسألة على حالها في جميع (¬3) ما وصفت لك، كان المزارع الأول مخالفاً ضامناً حين زرعها المزارع الآخر، وما أخرجت الأرض من ¬

_ (¬1) م ف ز: رزق. والتصحيح من الكافي، 2/ 321 و. وانظر تتمة العبارة. (¬2) ز - كان بمنزلة هذا وكذلك لو قال له رب الأرض على أن ما أخرج الله تعالى من شيء فهو بيننا نصفان كان بمنزلة هذا وإذا قال على أن ما رزق الله تعالى في ذلك أو على أن ما أخرج الله تعالى في ذلك من شيء فهو بيننا نصفان. (¬3) م ف ز: وجميع.

شيء فهو بين المزارعين نصفان، ولا شئ لرب الأرض، ويضمن رب الأرض بذره وما نقص أرضه أيهما شاء، فإن ضمن الآخر (¬1) رجع به على (¬2) الأول، وإن ضمن الأول لم يرجع به على الآخر. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذراً على أن يزرعها سنته هذه، فما أخرج اللِّه تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، ولم يقل له: اعمل في ذلك برأيك، فدفع المزارع الأرض والبذر إلى رجل بالنصف، فلم يزرع المزارع الآخر شيئاً حتى ضاع البذر من يديه وغرقت الأرض في يديه ففسدت ونقصت ودخلها عيب ينقصها، فلا ضمان على واحد منهما في شيء من ذلك؛ لأنه لم يخالف ما أمره حتى يزرع؛ لأنه إنما يضمن بالشركة. فلم يصر المزارع الآخر شريكاً بعد في الأرض ولا في البذر ولا في الزرع؛ لأنه لم يزرع بعد. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذراً على أن يعملها بزرعها سنته هذه، فما أخرج الله تعالى منها من شيء/ فهو بينهما نصفان، وقال له: اعمل في ذلك برأيك، فدفعها (¬3) المزارع إلى رجل آخر مزارعة، على أن للمزارع الآخر الثلثان مما تخرج الأرض، وللمزارع الأول الثلث، فهذا فاسد. فإن عمل المزارع الآخر على هذا فأخرجت (¬4) زرعاً كثيراً، فجميع الزرع بين رب الأرض وبين المزارع الأول نصفان، طيب لا يتصدقان بشيء منه. وللمزارع الآخر أجر مثله فيما عمل على المزارع، ولا شيء له من الزرع. ولا يشبه هذا المضاربة؛ لأن المضاربة دراهم ودنانير، وهذا طعام. فإذا وفعت الإجارة بشيء من الطعام بعينه لم يستقم أن يعطي غيره. ولو لم يكن رب الأرض قال للمزارع الأول: اعمل فيه برأيك، والمسألة على حالها، كان الزرع بين المزارعين، للمزارع الآخر ثلثاه، وللمزارع الأول ثلثه. ويضمنهما (¬5) رب الأرض بذره وما نقص من أرضه ¬

_ (¬1) م: الأجر. (¬2) ز - على. (¬3) ز + فدفعها. (¬4) ع + الأرض. (¬5) م ز: ويضمنها.

باب الرجل يأخذ الأرض مزارعة فيوليها أو يشرك فيها والبذر من قبله

على ما وصفت لك. ولو كان رب الأرض قال للمزارع الأول: اعمل في ذلك برأيك، على أن ما رزق الله تعالى من شيء فهو بيننا نصفان، والمسألة على حالها، كان ثلثا الزرع للمزارع الآخر، والثلث بين المزارع الأول وبين رب الأرض نصفان. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. ... باب الرجل يأخذ الأرض مزارعة فيُوَلِّيها أو يشرك فيها والبذر من قبله وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً على أن يزرعها سنته هذه ببذره، على أن ما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو بينهما نصفان، وقال له: اعمل في ذلك برأيك أو لم يقل، فأخذها المزارع، فدفعها وبذراً معها إلى رجل على أن يزرعها سنته هذه ببذره، على أن ما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو بينهما نصفان، فهذا كله جائز، وما أخرجت الأرض من شيء فنصفه للمزارع الآخر، ونصفه لرب البذر (¬1)، ولا شيء لصاحب الأرض. وكذلك لو كان البذر من المزارع الآخر، فدفع إليه المزارع الأول الأرض على أن يَبْذُرها، فما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو بينهما نصفان، فهذا جائز أيضاً، ونصف الزرع للمزارع الآخر، ونصفه لرب الأرض، ولا شيء للمزارع الأول. ولو كان المزارع الأول شرط للمزارع الآخر ثلث الزرع في المسألتين جميعاً كان جائزاً أيضاً، وكان للمزارع الآخر الثلث، ولرب الأرض النصف، و [للمزارع] الأول (¬2) السدس. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً (¬3) على أن يزرعها سنته ببذره، على أن ما رزقه الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، ولم ¬

_ (¬1) م ز: الأرض؛ صح م هـ. (¬2) م: وللأول. (¬3) ز - أرضاً.

يقل له: اعمل في ذلك برأيك، فدفعها المزارع (¬1) وبذراً معها إلى رجل بالنصف، فزرعها، فأخرجت زرعاً كثيراً، فنصفه للمزارع الآخر، ونصفه بين المزارع الأول وبين رب الأرض نصفان؛ لأنه قال في هذا: ما رزق الله تعالى. وكذلك لو قال: على أن ما أصبته في ذلك، أو ما (¬2) أخرج الله تعالى لك في ذلك. وكذلك في هذه الوجوه لو كان البذر من قبل المزارع الآخر كان بمنزلة هذا في جميع ما وصفت لك. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً على أن يزرعها ببذره سنته هذه، فما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو بينهما نصفان، فدفعها المزارع إلى رجل على أن يزرعها سنته هذه ببذره، فما أخرج الله تعالى منها من شيء فثلثاه للمزارع الآخر، وثلثه للمزارع (¬3) الأول، فعملها المزارع الآخر ببذره كما شرط عليه، فأخرجت زرعاً كثيراً، فالثلثان من ذلك للمزارع الآخر، والثلث لرب الأرض. ولرب الأرض على المزارع الأول أجر مثل أرضه؛ لأنه استأجرها بنصف ما تخرج، فلم يسلم لصاحبها إلا ثلث ما أخرجت. ولو كان البذر من قبل المزارع الأول، والمسألة على حالها، كان الثلثان من الزرع للمزارع الآخر، والثلث لرب الأرض، ولرب الأرض على المزارع الأول أجر مثل أرضه. ولو كان المزارع الأول دفعها إلى رجل مِنْحَة على أن يزرعها لنفسه، فزرعها، فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً، فهو لصاحب الزرع كله، ولرب الأرض أجر مثل أرضه على المزارع الأول. ولو كان البذر من قبل المزارع الأول، فاستعان إنساناً أو استأجره يعمل له فيها فعمل له، فأخرجت زرعاً كثيراً، فنصفه لرب الأرض، ونصفه للمزارع الأول. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً، على أن يزرعها ببذره، فما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو بينهما نصفان، ولم يقل له: اعمل فيها برأيك، فشارك فيها رجلاً آخر، فأخرجا جميعاً بذراً على أن يعملا، فما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فهذا جائز. فإن ¬

_ (¬1) ز: الزارع. (¬2) ز: وما. (¬3) ف - الآخر وثلثه للمزارع.

باب المزارعة يدفعها المزارع إلى صاحبه يزرعها أو إلى عبده أو مكاتبه بأجر أو بغير أجر

أخرجت الأرض زرعاً كثيراً فنصفه للشريك، ونصفه بين المزارع ورب الأرض نصفان، وعلى المزارع الأول لرب الأرض نصف أجر مثل أرضه. ولو كان البذر من الشريك والمزارع نصفان، على أن يعمل في ذلك الشريك دون المزارع، فما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو بينهما نصفان، فهذا فاسد، والزرع نصفه للشريك الآخر، وعليه أجر مثل نصف الأرض للمزارع الأول، ونصف الزرع بين المزارع الأول وبين رب الأرض نصفان، وعليه أيضاً لرب الأرض أجر (¬1) مثل نصف أرضه، ويَطِيب للمزارع الأول ورب الأرض ما صار لهما، لا يتصدقان منه بشيء، ويتصدق الشريك الآخر بما صار له من الزرع بعدما يدفع بذره ونفقته وما غرم. ... باب المزارعة يدفعها المزارع إلى صاحبه يزرعها أو إلى عبده أو مكاتبه (¬2) بأجر أو بغير أجر قال محمد: وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذراً على أن يزرعها سنته هذه، فما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو بينهما نصفان، فرضي بذلك المزارع، وقبضها على هذا، ثم استعان المزارع رب الأرض أن يزرعها ويقوم عليها، ففعل ذلك رب الأرض، فأخرجت زرعاً كثيراً، فهو بينهما نصفان. ولا يفسد ذلك عمل رب الأرض فيها؛ لأنه لم يكن اشترطه (¬3) عليه في أصل المزارعة. وكذلك لو كان استأجره على ذلك بدراهم معلومة كانت الإجارة باطلة، وكانت المزارعة بينهما على ما اشترطا. وكذلك لو كان دفعها إليه ليزرعها على أن له من نصفه الثلث من ذلك، وهو سدس الجميع، فعملها على هذا، كان الأمر بينهما على المزارعة ¬

_ (¬1) م ز - أجر؛ صح م هـ. (¬2) م ف ز: أو مكاتب. (¬3) ز: اشترط.

الأولى، ولا يفسدها ما صنعا، والشرط الثاني باطل، لا يكون لرب الأرض مما شرط له قليل ولا كثير. وكذلك لو استأجر عبده، ولا دين عليه، بدراهم مسماة، فعمل فيها، كانت الإجارة باطلة، ولا أجر لعبده، وكانت المزارعة الأولى على حالها. فإن كان على عبده دين والإجارة جائزة لازمة له يكون (¬1) للغرماء. وكذلك مكاتبه، كان عليه دين أو لم يكن. وكذلك ابنه وأبوه وزوجته. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً على أن يزرعها ببذره سنته هذه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فتراضيا على ذلك، ثم إن المزارع دفعها إلى رب الأرض، ودفع إليه بذراً على أن يَبْذُره فيها، ففعل، فأخرجت زرعاً، فهو بينهما على ما اشترطا. وكذلك لو استأجره كانت المزارعة جائزة والإجارة باطلة، ولا أجر له. وكذلك لو دفع إليه مزارعة ثانية على أن شرط له من حصته شيئاً كانت المزارعة الآخرة باطلة وكانا على المزارعة الأولى. وكذلك عبده في هذا، إذا لم يكن عليه دين فهو بمنزلته، وإذا كان عليه دين جازت إجارته. وكذلك مكاتبه وأبوه وابنه وزوجته. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذراً على أن يزرعها سنته هذه، فما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو بينهما نصفان، فتراضيا على ذلك (¬2)، ثم أخذ صاحب الأرض البذر، وبَذَرَه بغير أمر الزارع، فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً، فذلك كله لرب الأرض، ولا شيء للمزارع، وقد انقضت المزارعة. ولو كان البذر من قبل المزارع، والمسألة على حالها، كان الزرع كله لرب الأرض، وهو ضامن لبذر (¬3) مثل البذر الذي كان للمزارع؛ لأنه أخذه بغير إذنه فزرعه، فصار ضامناً له. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. ¬

_ (¬1) ز: تكون. (¬2) ف - وبذرا على أن يزرعها سنته هذه فما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو بينهما نصفان فتراضيا على ذلك. (¬3) م ف ز: البذر.

باب الشروط التي تفسد المزارعة والتي لا تفسدها

باب الشروط التي تفسد المزارعة والتي لا تفسدها قال محمد: وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً مزارعة على أن يزرعها سنته هذه ببذره وبقره وعمله، فما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، على أن يَكْرِي (¬1) المزارع العامل أنهارها، فهذه مزارعة فاسدة. فإن عمل المزارع على هذا وكَرَى الأنهار فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً، فهو كله لصاحب البذر، ولصاحب الأرض أجر مثل أرضه، ولصاحب البذر أجر مثل عمله، وكَرْي الأنهار على رب الأرض؛ لأنه إنما أكرى الأنهار لصاحب الأرض، ولم يكرها لنفسه. ولو كان كَرَاها لنفسه بغير شرط كان من رب الأرض كانت المزارعة جائزة، ولم يكن له أجر في كَرْيِها. وكذلك لو كان رب الأرض اشترط على المزارع العامل إصلاح مُسَنَّيَاتِها (¬2) كان هذا واشتراطه كَرْي الأنهار سواء. ولو كان البذر من قبل رب الأرض، والمسألة على حالها في اشتراط رب الأرض على المزارع العامل كَرْي الأنهار وإصلاح المُسَنَّيَات، كانت هذه مزارعة فاسدة، والزرع كله لصاحب البذر، ولصاحب العمل أجر مثله في عمله في الزرع، وأجر مثله في عمله في كَرْي الأنهار وإصلاح المُسَنَّيَات. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً يزرعها سنته هذه ببذره وعمله فما أخرج الله تعالى من شيء فهو بينهما نصفان، واشترط المزارع العامل على رب الأرض كَرْي الأنهار حتى يأتيه الشِّرْب وإصلاح المُسَنَّيَات فهذا جائز، والمزارعة على ما اشترطا عليه، وما أخرجت الأرض من شيء فهو بينهما نصفان على ما اشترطا عليه، وعليه كَرْي الأنهار حتى يأتيه الشِّرْب وإصلاح المُسَنَّيَات. ولا يشبه اشتراط المزارع هذا على (¬3) رب ¬

_ (¬1) كرى النهر كرياً: حفرها للإصلاح، كما تقدم. (¬2) هي السدود، كما تقدم. (¬3) ز - على.

الأرض اشتراط رب الأرض هذا على المزارع. إذا اشترط هذا المزارع على رب الأرض جاز ذلك، وإذا اشترطه رب الأرض (¬1) على المزارع بطل ذلك. وكذلك لو كان البذر من قبل رب الأرض كان بهذه المنزلة. ألا ترى لو أن رجلاً استأجر من رجل داراً بدراهم مسماة، على أن يطيّن رب الدار سطوح (¬2) بيوت الدار، وعلى أن يصلح مَيَازِيبَها (¬3) لمسيل الماء، جاز ذلك؛ لأن هذا إن لم يفعله رب الدار فوَكَفَت (¬4) البيوت وجاء من ذلك ضرر بَيِّن كان للمستأجر أن يخرج من الدار. فلذلك أجزته إذا اشترط المستأجر على رب الدار. ولو اشترط ذلك رب الدار على المستأجر كانت الإجارة فاسدة. وكذلك ما وصفت لك من المزارعة. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً سنته هذه، على أن يزرعها ببذره وعمله، فما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو بينهما نصفان، على أن كِرابها على رب الأرض، فهذه مزارعة فاسدة. فإن كَرَبَها رب الأرض، وزرعها المزارع ببذره وعمله، فأخرجت زرعاً كثيراً، فهو كله لصاحب البذر، ولرب الأرض أجر مثل أرضه وأجر مثل كِرابه. وكذلك لو اشترط الكِراب والثُّنْيان (¬5) كان بهذه المنزلة. ولو كان البذر من قبل رب الأرض والمسألة على حالها في الكراب أو في الكراب والثنيان كان هذا جائزاً، والمزارعة على ما اشترطا. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً يزرعها سنته هذه ببذره وعمله، على أن ما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو بينهما نصفان، واشترط أحدهما ¬

_ (¬1) ز - هذا على المزارع إذا اشترط هذا المزارع على رب الأرض جاز ذلك وإذا اشترطه رب الأرض. (¬2) ز: السطوح. (¬3) ميازيب وموازيب جمع ميزاب، من وَزَبَ الماء إذا سال، أو أصله أَزَبَ وجمعه مآزيب. انظر: المغرب، "أزب". (¬4) وَكَفَ البيتُ وَكِيفاً أي: قَطَرَ سقفُه. انظر: المغرب، "وكف". (¬5) تقدم تفسير هذه الألفاظ.

على صاحبه أن يُسَرْقِنَها (¬1) أو يَعُرَّها (¬2) كانت هذه مزارعة فاسدة. فإن عملا على هذا فأخرجت زرعاً كثيراً، فجميع ذلك لصاحب البذر الزارع، وعليه أجر مثل الأرض لصاحبها. فإن كان الشرط في السِّرْقِين والعُرّة على صاحب الأرض كان له أجر مثله فيما عمل من ذلك وقيمة السرقين. وإن كان ذلك من قبل العامل (¬3) المزارع فلا شيء له؛ لأنه إنما عمل لنفسه وإن كانت في ذلك منفعة لرب الأرض فيما بقي. وإن كان البذر من قبل رب الأرض والمسألة على حالها، فإن كان اشترط ذلك على (¬4) رب الأرض فالمزارعة جائزة. وإن كان اشترط ذلك على المزارع العامل فهذه مزارعة فاسدة، وما أخرجت الأرض من شيء فهو لرب الأرض، وللعامل أجر مثله فيما عمل وقيمة ما طرح من السرقين. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً سنته هذه، على أن يزرعها ببذره وعمله، وعلى أن ما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو بينهما نصفان، واشترط صاحب الأرض على المزارع أن لا يَعُرَّها أو لا يُسَرْقِنَها (¬5)، فهذه مزارعة جائزة، والشرط باطل. وله أن يعرها وأن يسرقنها. وليس هذا الشرط مما يفسد (¬6) المزارعة؛ لأن في هذا منفعة للأرض، وليس فيه مضرة. فالمزارعة جائزة، والشرط باطل. محمد قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد الأسلمي عن عبد الله بن دينار أن ابن عمر كان إذا أجر أرضه اشترط على صاحبها أن لا يدخلها كلباً (¬7) ولا يَعُرّها (¬8). ¬

_ (¬1) ز: أن يشرقها. (¬2) من السرقين والعُرّة وهي العذرة، أي: استعمالهما في الأرض للخصوبة، كما تقدم. (¬3) م ز: المعامل. (¬4) ز - على. (¬5) ز: لا يسرقها. (¬6) م ز: ما يفسد. (¬7) م ز: كلب. (¬8) تقدمت هذه الرواية أوائل هذا الكتاب أيضاً. انظر: 7/ 41 ظ.

وإنما نضع هذا من (¬1) ابن عمر على أنه تقذّر (¬2) ذلك. ولو كان هذا من الشروط التي تفسد الإجارة ما اشترطه ابن عمر على الذي استأجر منه. ولو كان البذر من قبل رب الأرض فاشترط رب الأرض على المزارع أن لا يَعُرَّها ولا يسرقنها (¬3) فالمزارعة جائزة. فإن شاء المزارع سرقنها (¬4) وعَرّها، وإن شاء ترك. وليس هذا من الشروط التي تفسد الإجارات. أرأيت لو اشترط أن لا يدخلها كلباً (¬5) كما اشترط ابن عمر كان هذا يفسد المزارعة؟ ليس يفسد هذا المزارعة. إن شاء أدخلها كلباً، وإن شاء ترك. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً سنته هذه، على أن يزرعها ببذره وعمله، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، واشترط المزارع العامل على رب الأرض دولاباً أو دالية (¬6) بأداتها، وذلك بعينه عند رب الأرض أو لم يكن عنده، فاشتراه فأعطاه إياه، فعمل على هذا فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً، فإن هذه مزارعة فاسدة. وما أخرجت الأرض من شيء فهو كله لصاحب البذر. ولصاحب الأرض أجر مثل أرضه وأجر مثل داليته أو دولابه (¬7). ولو كان اشترط ذلك رب الأرض على المزارع العامل كان ذلك جائزاً (¬8)، وكان ذلك على المزارع العامل (¬9) وإن لم يشترط رب الأرض؛ لأنه مما يسقى به الأرض، والسقي على المزارع العامل. وكذلك الدواب التي يسقى عليها بالدولاب، إن اشترط على رب الأرض فالمزارعة فاسدة، وإن اشترطه على المزارع العامل فالمزارعة جائزة. وكذلك لو اشترط الدواب والدالية على المزارع العامل، وشرط علف ¬

_ (¬1) ز - من. (¬2) م ز: تعذر. (¬3) ز: يسرقها. (¬4) ز: سرقها. (¬5) م ز: كلب. (¬6) م: ودالية. الدولاب بفتح الدال أو ضمها شكله كالناعورة لكن تديره الدابة وليس الماء ويُستقى عليه. انظر: المغرب، "دلب"؛ والقاموس المحيط، "دلب". أما الدالية فتقدمت. (¬7) ز: ودولابه. (¬8) م، وكان ذلك جائزاً. (¬9) ف - كان ذلك جائزاً وكان ذلك على المزارع العامل.

الدواب كذا وكذا مختوماً (¬1) من شعير وسط، في كل شهر كذا وكذا من القَتّ (¬2)، وكذا وكذا (¬3) من التبن، شيء من ذلك معروف. ولو (¬4) شرط (¬5) على رب الأرض فالمزارعة فاسدة. فإن عمل على هذا فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً فالزرع كله لصاحب البذر، ولصاحب الأرض أجر مثل أرضه، ومثل ما أخذ منه المزارع العامل من الشعير والقَتّ والتبن. وكذلك لو شرط ذلك كله (¬6) على المزارع الأول العامل كان ذلك جائزاً في جميع ذلك. ولو كان البذر من قبل صاحب الأرض، والمسألة على حالها، فاشترط ذلك على صاحب العمل كله، فهو جائز، والمزارعة على ما اشترطا. فإن اشترط ذلك على رب الأرض كله فالمزارعة أيضاً جائزة على ما اشترطا. وإن اشترط الدولاب على رب الأرض والعلف على المزارع العامل فهو جائز أيضاً (¬7). وإن اشترط الدواب والدولاب على رب الأرض والعلف على المزارع العامل (¬8)، واشترط من ذلك علفاً معروفاً، فهذا فاسد والمزارعة فاسدة، لأنه اشترط على المزارع علف دواب غيره، فهذا بمنزلة اشتراط رب الأرض على المزارع طعام غلام له أعانه في عمل المزارعة، وقد سمى ذلك طعاماً معروفاً، فهذا باطل، وهذه مزارعة فاسدة. ولو كانا اشترطا في المزارعة البذر (¬9) من قبل رب الأرض والدولاب (¬10) والدواب من قبل المزارع العامل وعلف الدواب على رب الأرض وقد سمى ذلك علفاً معروفاً كان هذا باطلاً أيضاً، وكانت المزارعة فاسدة في جميع ذلك. ولو كان اشترط الدابة والعلف من عند أحدهما، والدولاب من عند الآخر، ¬

_ (¬1) أي: صاعا، كما تقدم. (¬2) تقدم تفسيره قريباً. (¬3) ز: كذا. (¬4) ز - ولو. (¬5) ز: وشرط. (¬6) ف - كله. (¬7) ف - وإن اشترط الدولاب على رب الأرض والعلف على المزارع العامل فهو جائز أيضاً. (¬8) ز - فهو جائز أيضاً وإن اشترط الدواب والدولاب على رب الأرض والعلف على المزارع العامل. (¬9) م ف ز: والبذر. (¬10) ف - والدولاب.

باب المزارعة يشترط فيها العامل ما يجوز من ذلك وما لا يجوز

فعملا على هذا، والبذر من قبل رب الأرض، كان هذا جائزاً، وكانت المزارعة جائزة على ما اشترطا. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. ... باب المزارعة يشترط فيها العامل ما يجوز من ذلك وما لا يجوز قال محمد: وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً بيضاء مزارعة، وفيها نخل، على أن يزرعها ببذره وعمله، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، على أن يقوم المزارع على النخل ويسقيه ويلقّحه (¬1) على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، واشترطا من ذلك سنين معلومة، فهذه مزارعة فاسدة. فإن عمل المزارع على هذا فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً، وأخرج النخل ثمراً كثيراً، فجميع ما أخرجت الأرض من الزرع لصاحب البذر، وجميع ما أخرج النخل من الثمر لصاحب النخل، ولرب الأرض أجر مثل أرضه على المزارع العامل، وللمزارع العامل أجر مثله فيما عمل في النخل على رب الأرض، ويطيب ما أخرج النخل من الثمر لرب الأرض، ويأخذ المزارع العامل من الزرع الذي خرج مثل بذره ونفقته وما غرم من أجر الأرض، ويتصدق بالفضل. وكذلك لو كان الشرط فيما بينهما في النخل، على أن لصاحب النخل الثلثين، وللعامل الثلث، كان مثل هذا. وكذلك لو كانا اشترطا (¬2) الزرع فيما بينهما الثلثان للمزارع والثلث لرب الأرض، وثمر النخل نصفين، كان هذا أيضاً باطلاً، وكان مثل الوجه الأول. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً بيضاء فيها نخل، على أن يزرعها ¬

_ (¬1) ز: ويلحقه. (¬2) م ز: شرطا.

المزارع ببذر من عند رب الأرض، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء (¬1) فهو بينهما نصفان، واشترط من ذلك سنين معلومة، فهذا جائز كله على ما اشترطا، وما أخرجت الأرض والنخل فهو بينهما. وكذلك لو كان الشرط في النخل على أن لرب الأرض العشر وللمزارع تسعة أعشار، والزرع نصفان، كان ذلك جائزاً. وكذلك لو كان الزرع لرب الأرض منه العشر، وللمزارع تسعة أعشار، والثمر نصفان، كان هذا جائزاً، وهو على ما اشترطا في جميع ما وصفت لك. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وكرماً، على أن يزرع الأرض ببذر من قبل المزارع العامل، فما أخرج الله تعالى في ذلك (¬2) من شيء فهو بينهما نصفان، على أن يقوم على الكرم ويَكْسَحه (¬3)، فما أخرج الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما لرب الأرض الثلث وللآخر الثلثان، واشترط من ذلك سنين معلومة، فهذا فاسد كله. فإن عمل على هذا فما أخرجت الأرض من شيء فللمزارع (¬4) العامل، وعليه أجر (¬5) مثل الأرض، وما أخرج الكرم فهو لصاحب الكرم، وعليه أجر مثل العامل في عمله. ولو كان البذر من قبل صاحب الأرض والمسألة على حالها كان هذا جائزاً مستقيماً، وما أخرجت الأرض من الزرع فهو بينهما على ما اشترطا، وما أخرج الكرم من شيء فهو بينهما على ما اشترطا. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً بيضاء فيها نخل، فقال له: أدفع إليك هذه الأرض، تزرعها ببذرك وعملك، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بيننا (¬6) نصفان، وأدفع إليك ما فيها من النخل معاملة، على أن تقوم عليه وتسقيه وتلقّحه (¬7)، فما أخرج الله تعالى من ¬

_ (¬1) ز - من شيء. (¬2) ز: من ذلك. (¬3) كسح البيت: كنسه، وهو هنا بمعنى تنظيف تراب جداول الكرم بالمسحاة انظر: المغرب، "كسح". (¬4) م ز: فهو للمزارع. (¬5) م ز - أجر. (¬6) م ف ز: بينهما. (¬7) م ز: وتلحقه.

باب الخلاف في المزارعة وما يجوز منها وما لا يجوز

ذلك من شيء فهو بيننا (¬1) نصفان، أو قال: هو بيننا (¬2) لصاحب النخل الثلث وللآخر الثلثان، فتراضيا على هذا، وقد سميا سنين معلومة، فهذا جائز، وهو على ما اشترطا. ولا يشبه هذا الوجه الأول؛ لأن هذا لم يجعل أحدهما شرطاً في صاحبه، والأول جعل أحدهما شرطاً في صاحبه (¬3). فإذا لم يجعل أحدهما شرطاً في صاحبه لم يفسد شيئاً من ذلك. ألا ترى أن رجلاً لو قال لصاحبه (¬4): أبيعك هذه الدار بألف درهم، على أن تستأجر مني هذه الدار الأخرى شهراً بخمسة دراهم، فتراضيا على هذا، كان هذا فاسداً؛ لأنه بيع شرطت فيه الإجارة. ولو كان قال: أبيعك هذه الدار بألف درهم، وأؤاجرك هذه الدار شهراً بدرهم، فتراضيا على هذا، كان جائزاً؛ لأنه لم يجعل أحدهما شرطاً في صاحبه. فكذلك ما وصفت لك من المزارعة. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضين، أحدهما بيضاء والأخرى كرماً، فقال له: ازرع هذه الأرض ببذرك وعملك، على أن ما أخرج الله تعالى في ذلك من شيء فهو بيننا (¬5) نصفان، وقم على هذا الكرم فاكْسَحْه واسْقِه، فما أخرج الله تعالى من ذلك فهو بيننا، لك الثلث ولي الثلثان، وسمى له سنين معلومة، فتراضيا على هذا، كان هذا جائزاً كله؛ لأن هذا لم يكن أحدهما شرط في هذا. وهذا وما (¬6) وصفت لك في الأرض الواحدة سواء. ... باب الخلاف في المزارعة وما يجوز منها وما لا يجوز قال محمد: وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً مزارعة بالنصف سنته هذه، ولم يبينا غير هذا، فهذه مزارعة فاسدة؛ لأنهما لم يسميا البذر من ¬

_ (¬1) م ف ز: بينهما. (¬2) م ف ز: بينهما. (¬3) ف - والأول جعل أحدهما شرطا في صاحبه. (¬4) ز: صاحبه. (¬5) م ف ز: بينهما. (¬6) ز: ما.

أحدهما. أرأيت إن قال رب الأرض للمزارع (¬1): البذر من قبلك، وقال الآخر: البذر من قبلك، من أيهما يكون؟ فالمزارعة (¬2) على هذا فاسدة إذا لم يسميا شيئاً غير ذلك. وكذلك لو قال له: قد دفعت إليك أرضي هذه، على أن تزرعها سنتك هذه، على أن ما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو بيننا (¬3) نصفان، ولم يسميا شيئاً غير ذلك، فهذا فاسد أيضاً؛ لأنه لم يسم البذر من واحد منهما. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً، على أن يزرعها سنته هذه لنفسه بالنصف، فهذا جائز في الاستحسان، والبذر من قبل الزارع؛ لأنه قال له: تزرعها لنفسك. وينبغي في القياس أن لا يجوز حتى يسمي ما يزرعها؛ لأن الزرع قد يتفاضل ويكون بعضه أضر على الأرض من بعض. ولكنا نستحسن أن نجيزه، ونجعل البذر من قبل المزارع. وله أن يزرعها ما بدا له من غلة الشتاء والصيف من الحنطة والرَّطْبَة (¬4) والسمسم والشعير ونحو (¬5) ذلك، وليس له أن يغرس فيها نخلاً ولا شجراً ولا كرماً. فإن فعل ذلك كان مخالفاً، وضمن ما نقص الأرض، وكان ما أخرجت الأرض من شيء فهو له، وهو في ذلك بمنزلة الغاصب. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً على أن يزرعها سنته هذه لصاحب الأرض بالنصف، فهذا جائز، والبذر في هذا من قبل رب الأرض، ولرب الأرض أن يستعمل الزارع فيما بدا له من زرع غلة الشتاء والصيف، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان. وهذا استحسان. وكان ينبغي في القياس أن لا يجوز هذا حتى يبين ما زرع، أو يقول في المزارعة: على أن تزرع في فيها ما بدا في من غلة الشتاء والصيف؛ لأن العمل يتفاضل في الزرع، بعضه أشد عملاً من بعض. ولكني أستحسن أن أجيزه على ما وصفت لك. ¬

_ (¬1) م ز: المزارع. (¬2) ز: المزارعة. (¬3) م ف ز: بينهما. (¬4) ز: والرطب. (¬5) م ز: ويجوز.

وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً على أن يزرعها سنته هذه ما بدا للمزارع (¬1) من غلة الشتاء والصيف، فإن هذا جائز، وأجعل البذر في هذا من قبل المزارع العامل؛ لأنه قال له: على أن تزرع فيها ما بدا لك. فلما (¬2) قال له ذلك كان هذا دليلاً على أن البذر من قبل المزارع، فيزرعها ما بدا له من غلة الشتاء والصيف، وليس له أن يغرس فيها غرساً من نخل ولا شجر ولا كرم. فإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً على أن يزرعها سنته هذه ما بدا لرب الأرض من غلة الشتاء والصيف، فهذه مزارعة جائزة، والبذر في هذا الوجه من قبل رب الأرض. وكذلك لو قال رب الأرض: على أن تزرعها ما أحببت أنا، أو ما شئت أنا، أو ما أردت أنا، كان هذا جائزاً دليلاً على أن البذر من قبل رب الأرض. وهذا استحسان. وكان ينبغي في القياس أن يكون فاسداً حتى يبينا البذر من قبل أيهما هو. ولو قال رب الأرض للمزارع: على أن تزرعها (¬3) ما شئت أنت، أو قال: ما أحببت أنت، أو قال: ما أردت أنت، كان هذا جائزاً، وكان البذر في هذا من قبل الزارع العامل. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذراً على أن يزرعها سنته هذه بالربع، ولم يسميا شيئاً، فالمزارعة جائزة. فإن زرعها فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً ثم اختلفا، فقال المزارع: لك الربع ولي ثلاثة أرباع، وقال رب الأرض: لك الربع ولي ثلاثة أرباع، وقد تصادقا أنهما لم يسميا شيئاً غير ما وصفت لك، فهذه مزارعة جائزة، والربع للمزارع، ولصاحب الأرض ثلاثة أرباع. ولو كان البذر من قبل الزارع والمسألة على حالها، فقال له رب الأرض: قد دفعت إليك هذه الأرض هذه السنة على أن تزرعها (¬4) ببذرك وعملك بالربع، فالربع لرب الأرض، وثلاثة أرباعه للمزارع العامل؛ لأنه صاحب البذر، وإنما الأرض إجارة بالربع. ¬

_ (¬1) ز: له. (¬2) م: فلها؛ ز: فإن. (¬3) ز: أن يزرعها. (¬4) ز: أن يزرعها.

وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً على أن يزرعها سنته هذه بحنطته (¬1)، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فتراضيا على ذلك، فليس للمزارع العامل أن يزرعها غير الحنطة، إن كان غير ذلك أضر على الأرض في زرعها أو أهون. ولا يشبه هذا الإجارة بالدراهم. ولو استأجر رجل من رجل أرضاً يزرعها سنته هذه حنطة بدراهم (¬2) معلومة، فزرعها شعيراً أو شيئاً هو أقل ضرراً على الأرض من الحنطة، لم يضمن، وكان عليه الأجر. وإن زرعها ما هو أضر على الأرض من الحنطة (¬3) كان بمنزلة الغاصب، وهو ضامن لما نقص الأرض (¬4)، ولا أجر عليه. وأما المزارع فليس له أن يعدو إلى الحنطة، لأن أجر الأرض إنما هو بعض ما يخرج منها، فليس له أن يعدو ما شرط عليه. وإن كان شرط عليه أن يزرعها (¬5) حنطة فليس له أن يعدو ذلك إلى غيره. وكذلك ما شرط عليه فليس له أن يعدو ذلك إلى غيره وإن كان أقل ضرراً على الأرض أو أكثر قيمة وأفضل مما شرط عليه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً على أن يزرعها سنته هذه ببذره، فقال له: خذ هذه الأرض هذه السنة تزرعها الحنطة، فأخذها على ذلك، فهذا شَرْط، [و] ليس له أن يزرعها غير الحنطة. وكذلك لو قال: خذ هذه الأرض هذه السنة على أن تزرعها الحنطة، وقد سمى في ذلك كله أن ما خرج بينهما نصفان، فهذه مزارعة جائزة، وليس له أن يزرع غير ما سمى له؛ لأن هذا كله شرط في أصل المزارعة. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذراً على أن يزرعها سنته هذه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فللمزارع ربعه، فهذا جائز، وللمزارع ربعه، ولرب الأرض والبذر ثلاثة أرباعه. ولو كان قال: ¬

_ (¬1) ز: بحنطه. (¬2) ز: خنطة بذراهم. (¬3) ف - لم يضمن وكان عليه الأجر وإن زرعها ما هو أضر على الأرض من الحنطة. (¬4) م - الأرض. (¬5) ز: أن يرعها.

على أن ما أخرج الله تعالى في ذلك من شيء (¬1) فلرب الأرض ثلاثة أرباعه، ولم يزد على هذا شيئاً، كان هذا فاسداً في القياس، ولكن أستحسن أن أجيزه، وأجعل لرب الأرض ثلاثة أرباعه (¬2) وللمزارع الربع. وإذا (¬3) دفع الرجل إلى الرجل أرضاً على أن يزرعها سنته هذه ببذره وعمله، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فلرب الأرض ربعه، فهذا أيضاً جائز، ولرب الأرض ربعه، وللمزارع ثلاثة أرباعه. ولو كان قال: على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء (¬4) فللمزارع ثلاثة أرباعه، ولم يزد على هذا شيئاً، كان هذا فاسداً في القياس، ولكني أستحسن أن أجيزه، فأجعل ثلاثة أرباعه للمزارع، وربعه لرب الأرض. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذراً على أن يزرعها سنته هذه، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فللمزارع ربعه، ولرب الأرض نصفه، ولم يسميا شيئاً غير ذلك، فهذا جائز، وما أخرجت الأرض من شيء فللمزارع ربعه، ولرب الأرض ثلاثة أرباعه؛ لأنه صاحب البذر. ولو كان البذر من قبل المزارع، فقال: ما أخرجت الأرض فللمزارع نصفه، ولرب الأرض ربعه، فالربع (¬5) لرب الأرض، وللمزارع ثلاثة أرباعه. إذا سكتا عن شيء من الزرع فلم يذكرا لواحد منهما، فهو لصاحب البذر أيهما كان. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً، فقال: قد أجرتك هذه الأرض هذه السنة مزارعة بالنصف، فتراضيا على هذا، ولم يزيدا (¬6) على هذا، فهذا ¬

_ (¬1) ز: من شيء في ذلك. (¬2) ز - ولم يزد على هذا شيئاً كان هذا فاسداً في القياس ولكن أستحسن أن أجيزه وأجعل لرب الأرض ثلاثة أرباعه. (¬3) ز: ولو. (¬4) ز + فلرب الأرض ربعه وللمزارع ثلاثة أرباعه ولو كان قال على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء. (¬5) ز: فالزرع. (¬6) م ز: يزدا.

جائز، والبذر من قبل المزارع العامل. وكذلك لو قال: أجرتك هذه الأرض هذه السنة على أن تزرعها بالنصف، فهذا جائز أيضاً، والبذر من قبل المزارع العامل. وكذلك لو قال: قد أجرتك هذه الأرض تزرعها (¬1) معاملة بالنصف. ولو قال: قد أجرتك هذه الأرض هذه السنة بالنصف، فهذه إجارة فاسدة؛ لأنه لم يسم زرعاً ولا غرساً ولا غير ذلك. وإن لم يتفاسخا ذلك حتى زرعها المزارع العامل، فأخرجت (¬2) زرعاً كثيراً حنطة أو شعيراً أو سمسماً أو أرزاً أو غير ذلك من الحبوب، أو غرس فيها شجراً أو كرماً أو نخلاً، وقد (¬3) أجره إياها سنين مسماة، فأخرجت ثمراً كثيراً، فجميع ما خرج بينهما نصفان. أستحسن ذلك وأدع القياس فيه. وكان ينبغي في القياس أن يكون جميع ما خرج للمزارع العامل، ولرب الأرض أجر مثل أرضه، ولكني أستحسن ما وصفت لك. وإذا قال الرجل للرجل: قد استأجرتك هذه السنة تزرع هذه الأرض بالنصف، ولم يسميا شيئاً غير ذلك، ولم يسميا البذر من قبل واحد منهما، فهذا جائز، والبذر من قبل رب الأرض، فما أعطاه رب الأرض من بذر من رَطْبَة أو سمسم أو حنطة أو شعير أو أرز أو غير ذلك من الحبوب فعليه أن يزرعه له، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان. فإن (¬4) أراد رب الأرض أن يدفع إليه كرماً أو نخلاً أو شجراً يغرسه، فأبى ذلك عليه الزارع العامل، فله أن يأبى ذلك؛ لأن هذا لا يقع عليه اسم المزارعة، إنما هذا غرس. وإذا قال الرجل للرجل: قد استأجرتك تعمل في هذه الأرض عشر سنين بالنصف، تراضيا بذلك، ولم يسم له زرعاً ولا غيره، فهذا فاسد كله، ولهما أن يتفاسخا الإجارة. فإن لم يتفاسخا الإجارة حتى أعطاه رب الأرض بذراً فبذره، أو غرساً [فغرسه وعمله] (¬5)، حتى أخرجت الأرض زرعاً كثيراً ¬

_ (¬1) ز: بزرعها. (¬2) ع + الأرض. (¬3) ز: أو. (¬4) ز: وإن. (¬5) الزيادة من الكافي، 2/ 325 ظ.

باب الاختلاف في المزارعة فيما شرط كل واحد منهما لصاحبه واختلافهما فيما يزرع بالبينة واليمين

أو ثمراً كثيراً، فجميع ما أخرجت الأرض من ذلك من شيء (¬1) بينهما نصفان. وهذا استحسان، ليس بقياس. ينبغي في القياس أن يكون جميع ما أخرجت الأرض لرب الأرض، وللعامل أجر مثله فيما عمل. ... باب الاختلاف في المزارعة فيما شرط كل واحد منهما لصاحبه واختلافهما فيما يزرع بالبينة واليمين قال محمد: وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذراً على أن يزرعها سنته هذه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً، فقال رب الأرض: شرطت لك الثلث، وقال المزارع: شرطت لي النصف، فالقول ما قال رب الأرض مع يمينه، وعلى المزارع البينة على ما ادعى. فإن أقاما (¬2) جميعاً البينة على دعواهما فالبينة بينة المزارع العامل؛ لأنه يدعي الفضل. وإن اختلفا قبل أن يزرع شيئاً تحالفا وترادا المزارعة. والذي يبدأ في اليمين المزارع، يحلف بالله على دعوى رب الأرض. فإن حلف استحلف رب الأرض بعد ذلك على دعوى صاحبه. فإن حلفا جميعاً ترادا المزارعة. وأيهما نكل عن اليمين لزمه دعوى صاحبه. وإن حلفا ثم أقام أحدهما البينة قبل ذلك أو بعد ذلك أخذ ببينته. وإن أقاما جميعاً البينة أخذ ببينة المزارع العامل؛ لأنه يدعي الفضل. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً على أن يزرعها سنته هذه ببذره وعمله، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فزرعها فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً، ثم اختلفا، فقال المزارع صاحب البذر: شرطت لك ثلث الزرع، وقال رب الأرض: شرطت لي نصف الزرع، فالقول ما قال المزارع صاحب البذر مع يمينه. فإن أقاما جميعاً البينة ¬

_ (¬1) ع + فهو. (¬2) م ز: قامت.

أخذ ببينة رب الأرض؛ لأنه المدعي للفضل. فإن اختلفا في ذلك قبل أن يزرع تحالفا وترادا (¬1) المزارعة، والذي يبدأ به في اليمين رب الأرض، فإن حلف على دعوى المزارع استحلف المزارع على دعوى صاحب الأرض، فإن حلف ترادا المزارعة، وأيهما نكل عن اليمين لزمه دعوى صاحبه. وإن أقام أحدهما البينة بعد حلفهما جميعاً أو قبل ذلك أخذ ببينته. وإن أقاما جميعاً البينة أخذ ببينة رب الأرض؛ لأنه يدعي الفضل. وإذا دفع الرجلان إلى الرجل أرضاً وبذراً على أن يزرعها سنته هذه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهم، للمزارع الثلث من ذلك، ثلثه [من] (¬2) نصيب أحدهما بعينه، والثلثان من نصيب الآخر، فهذا جائز على ما اشترطوا. فإن أخرجت الأرض زرعاً كثيراً فهو بينهم على ثمانية عشر سهماً، للمزارع من ذلك ستة أسهم، أربعة أسهم من ذلك من نصيب الذي شرط له الثلثين، وسهمان من نصيب الآخر. وما بقي قسم بين صاحبي الأرض على اثني عشر سهماً، خمسة أسهم من ذلك للذي (¬3) شرط له الثلثين، وسبعة أسهم من ذلك للآخر. ولو كانا اشترطا للمزارع الثلث ولم يزيدا (¬4) على هذا شيئاً، كان هذا جائزاً أيضاً، والزرع بينهم أثلاثاً، لكل واحد الثلث. ولو كانوا اشترطوا للمزارع الثلث، ثلثان من نصيب هذا بعينه، والثلث (¬5) من. نصيب الآخر، وما بقي فهو بين صاحبي الأرض نصفان، فعمل على هذا المزارع، فأخرجت زرعاً كثيراً، فما أخرجت الأرض من شيء فثلثه للمزارع، والثلثان يقسم على اثني عشر سهماً، خمسة أسهم من ذلك للذي (¬6) شرط الثلثين من نصيبه، وسبعة أسهم للآخر، واشتراطهما ما بقي بينهما نصفين (¬7) باطل. ¬

_ (¬1) م: وتزادا؛ ز: وترداد. (¬2) من الكافي، 2/ 325 ظ. (¬3) م: الذي. (¬4) م ف ز: ولم يزد. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق. (¬5) ز: والثلثان. (¬6) م ز: الذي. (¬7) م ز: نصفان.

وإذا دفع الرجلان إلى الرجل أرضاً على أن يزرعها سنته هذه ببذره وعمله، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهم أثلاثاً، فهو جائز، وما أخرجت الأرض من شيء فهو بينهم أثلاثاً. وإذا دفع الرجل إلى الرجلين (¬1) أرضاً بينهما نصفان، على أن يزرعاها ببذرهما وعملهما نصفان، فما (¬2) أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهم، الثلث من ذلك لصاحب الأرض، ثلثه من نصيب أحدهما بعينه، والثلثان من نصيب الآخر، فعملا على هذا، فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً، فهو جائز. وما أخرجت الأرض من شيء فثلثه لرب الأرض، والثلثان يقسم على اثني عشر سهماً، خمسة أسهم من ذلك للذي شرط الثلثين، وسبعة أسهم من ذلك للذي شرط الثلث. فإن كان المزارعان اشترطا أن ما بقي بعد الثلث الذي أخذه رب الأرض فهو بينهما نصفان، فهذه مزارعة فاسدة، وما أخرجت الأرض من شيء فهو بين المزارعين نصفان، ولرب الأرض أجر مثل أرضه، أخرجت الأرض شيئاً أو لم تخرجه؛ لأنهما استأجرا الأرض بثلث ما تخرج، على أن على أحدهما أجر نصف الأرض ثلثي ذلك، وعلى الآخر أجر نصف الأرض ثلث ذلك، على أن ما بقي بينهما نصفان، فاشترط صاحب الثلثين في الإجارة فضلاً من نصيب الآخر خاصة (¬3)، فهذا يفسد الإجارة. وإذا دفع الرجلان إلى الرجل أرضاً وبذراً، على أن يزرعها سنته هذه، فما أخرج الله من ذلك من شيء فهو بينهم، للمزارع ثلثه، والثلثان من ذلك لأحد صاحبي الأرض ثلاثة أرباعه، وللاخر ربعه، فعمل المزارع على هذا، فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً، فثلث جميع ما أخرجت الأرض للمزارع، وما بقي من الزرع فهو بين صاحبي الأرض نصفان، واشتراطهما الذي اشترطا باطل؛ لأن البذر بينهما نصفان، فلا يكون لأحدهما على صاحبه فضل. ولو كان البذر من قبل المزارع والمسألة على حالها كان هذا جائزاً، وكان ¬

_ (¬1) م ز - إلى الرجلين؛ ع: إلى الرجل. (¬2) م: ما. (¬3) م ز: صاحبه.

للمزارع الثلث، والثلثان على ما اشترطا: ثلاثة أرباع ذلك للذي شرطهما، وربع ذلك للآخر. وإذا دفع الرجل إلى الرجلين أرضاً على أن يزرعاها (¬1) ببذرهما وعملهما، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهم، لصاحب الأرض الثلث، وللمزارعين الثلثان، الربع من ذلك لأحدهما بعينه، وثلاثة أرباعه للآخر، فهذا فاسد كله؛ لأنهما جعلا لرب الأرض الثلث من نصيبهما نصفين، فلا يستقيم أن يتفضل أحدهما على الآخر فيما بقي. فلما شرط أحدهما على صاحبه فضلاً فسدت المزارعة، وصار جميع ما أخرجت الأرض للمزارعين، ولرب الأرض أجر مثل أرضه، أخرجت الأرض شيئاً أو لم تخرج. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً على أن يزرعها ببذره وعمله سنته هذه، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فزرعها، فأخرجت زرعاً كثيراً، فاختلفا، فقال المزارع صاحب (¬2) البذر: شرطت لك عشرين قفيزاً مما تخرج الأرض، وقال رب الأرض: شرطت لي النصف مما تخرج الأرض، فالقول قول المزارع مع يمينه وإن كان يدعي أن المزارعة فاسدة؛ لأنه لم يقر بما قال رب الأرض. فإن حلف المزارع على ما قال رب الأرض أعطاه أجر مثل الأرض، وإن أَبى اليمين أعطي رب الأرض ما ادعى. فإن أقاما جميعاً البينة على ما ادعيا أخذ ببينة رب الأرض؛ لأنه المدعي. وإن لم تخرج الأرض شيئاً فقال المزارع: شرطت لك نصف ما تخرج الأرض، فلم تخرج شيئاً، وقال رب الأرض: شرطت في عشرين قفيزاً مما تخرج الأرض، فالقول قول المزارع مع يمينه، ولا شيء عليه. فإن أقاما جميعاً البينة أخذ ببينة المزارع صاحب البذر أيضاً. والقول قول المزارع إذا لم تكن بينة، والبينة بينته أيضاً إذا أقاما جميعاً البينة. ولو لم يزرع حتى اختلفا كان القول قول رب الأرض إن ادعى أنه دفعها بأقفزة معلومة مما تخرج مع يمينه على دعوى صاحبه. فإن ادعى رب ¬

_ (¬1) م ز: أن يزرعها. (¬2) ز: لصاحب.

الأرض أنه دفعها بالنصف وادعى المزارع أنه أخذها بعشرين قفيزاً مما تخرج الأرض، فالقول قول المزارع مع يمينه على ما ادعى رب الأرض. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له وبذراً على أن يزرعها سنته هذه، على أن ما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو بينهما نصفان، فزرعها، فأخرجت زرعاً كثيراً، فاختلفا، فقال المزارع: شرطت لي النصف، وقال رب الأرض: شرطت لك عشرين قفيزاً مما تخرج الأرض، فالقول قول رب الأرض مع يمينه وإن كان يدعي الفساد؛ لأنه لم يقر بما ادعى صاحبه. فإن حلف رب الأرض أعطى المزارع (¬1) أجر مثله فيما عمل. وإن أقاما جميعاً البينة على ما ادعيا فالبينة بينة من (¬2) يدعي النصف منهما؛ لأنه هو المدعي. وإن لم تخرج الأرض شيئاً فقال المزارع: شرطت لي عشرين قفيزاً، فلي أجر مثلي فيما عملت، وقال رب الأرض: شرطت لك نصف ما تخرج الأرض، فالقول قول رب الأرض مع يمينه (¬3). فإن أقاما جميعاً البينة على ما ادعيا فالبينة بينة الذي يدعي النصف أيهما كان؛ لأنه يدعي جواز المزارعة، فالبينة بينته، فأيهما أقام البينة وحده أخذ له ببينته. وإن لم يزرع (¬4) حتى اختلفا فإن القول قول الذي ينفي الفساد منهما مع يمينه، وعلى الآخر البينة. فإن أقام البينة أخذت له ببينته (¬5). وإن أقاما جميعاً البينة آخذ (¬6) ببينة الذي يدعي المزارعة بالنصف أيهما كان. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذراً على أن يزرعها سنته هذه، فما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو بينهما نصفان، فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً، فاختلفا، فقال صاحب البذر: شرطت لك النصف وزيادة عشرة أقفزة، فهذه مزارعة فاسدة، فلك أجر مثلك، وقال المزارع: شرطت لي النصف، فالقول قول المزارع مع يمينه؛ لأنه أقر له بالنصف وادعى فضلاً ¬

_ (¬1) ز: الزارع. (¬2) م ز - فالبينة بينة من؛ صح م هـ. (¬3) ز: يميته. (¬4) ز: لم يعرف. (¬5) م ز: بينته. (¬6) ز: أخذت.

يفسد به المزارعة، فلا يصدق على ذلك. فإن أقاما جميعاً البينة على ما ادعيا آخذ ببينة رب الأرض؛ لأنه (¬1) يدعي فساد المزارعة. فإن ادعى رب الأرض أنه شرط له نصف ما تخرج الأرض إلا خمسة أقفزة، وقال المزارع: لم يستثن علي شيئاً، فالقول قول رب الأرض مع يمينه. فإن حلف كان للمزارع أجر مثله فيما عمل، والزرع كله لرب الأرض. وإن أقاما جميعاً البينة على ما ادعيا آخذ ببينة المزارع؛ لأنه يدعي صحة المزارعة، وهو المدعي للفضل مع ذلك. كان لم تخرج الأرض شيئاً فقال المزارع: شرطت في نصف ما تخرج الأرض وزيادة عشرة أقفزة فلي أجر مثلي فيما عملت، وقال رب الأرض (¬2): شرطت لك نصف ما تخرج فلا شيء لك، فالقول قول رب الأرض مع يمينه. فإن أقاما جميعاً البينة آخذ ببينة المزارع؛ لأن شهوده شهدوا على النصف وزيادة. ويقضي القاضي للمزارع بأجر مثله. ولو كان المزارع قال: شرطت في النصف مما تخرج الأرض إلا عشرة أقفزة، وقال رب الأرض: شرطت لك النصف كاملاً ولم تخرج الأرض شيئاً فلا شيء لك، فالقول في هذا قول رب الأرض مع يمينه. فإن أقاما جميعاً البينة آخذ ببينة رب الأرض؛ لأنه يدعي جواز المزارعة، فالقول قوله، والبينة بينته. ولو لم يعمل حتى اختلفا فقال المزارع: شرطت لي النصف وزيادة عشرة أقفزة، وقال رب الأرض: شرطت لك النصف مما تخرج الأرض، ففي هذا قولان؛ أما أحدهما: فإن القول قول رب الأرض؛ لأنه يدعي جواز المزارعة، فلا يصدق الآخر على الفساد إلا ببينة. وهذا قياس قول أبي حنيفة على قياس قول من أجاز المزارعة بالنصف والثلث. وأما في قول أبي يوسف وقولنا فالقول قول المزارع مع يمينه على دعوى رب الأرض، ويتناقضان المزارعة. فإن أقاما جميعاًا لبينة على ما ادعيا آخذ ببينة المزارع؛ لأنه يدعي فساد المزارعة وفضلاً في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقولنا. [ولو قال المزارع: شرطت في النصف إلا عشرة أقفزة، وقال رب الأرض: شرطت لك النصف، فالقول قول رب الأرض في قولهم ¬

_ (¬1) م ف: ولأنه. (¬2) ز + وقال رب الأرض.

جميعاً] (¬1)، لأن المزارع ليس يدعي فضلاً، إنما يدعي الفساد بالنقصان، فلا يصدق. فإن أقاما جميعاً البينة على ما ادعيا آخذ ببينة رب الأرض أيضاً، فالقول قوله والبينة بينته. ولو لم يعمل المزارع حتى قال المزارع: شرطت في النصف كاملاً، وقال رب الأرض صاحب البذر: شرطت لك النصف وزيادة عشرة أقفزة، فالقول قول المزارع مع يمينه؛ لأن رب الأرض إنما يريد فساد المزارعة. فإن أقاما جميعاً البينة اخذ ببينة رب الأرض؛ لأنه المدعي لفساد المزارعة. ولو قال رب الأرض للمزارع: شرطت لك النصف مما تخرج الأرض إلا عشرة أقفزة، وقال المزارع: شرطت لي النصف كاملاً، ولم يعمل المزارع في الأرض شيئاً، فالقول قول رب الأرض مع يمينه. فإن حلف تناقضا المزارعة. فإن أقاما جميعاً البينة على ما ادعيا آخذ ببينة المزارع؛ لأنه المدعي للفضل في المزارعة. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً على أن يزرعها ببذره وبقره وعمله، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فزرع المزارع، فأخرجت زرعاً كثيراً، فاختلفا، فقال المزارع لرب الأرض: شرطت لك النصف وزيادة عشرة أقفزة مما تخرج الأرض فهذه مزاعة فاسدة، وقال رب الأرض: شرطت في النصف ولم تشترط لي شيئاً غيره، فالقول قول رب الأرض مع يمينه، وما أخرجت الأرض من شيء فهو بينهما نصفان. فإن أقاما جميعاً البينة اخذ ببينة المزارع؛ لأنه يدعي فساد المزارعة ونقضها، وقد شهدت شهوده بفضل على (¬2) ما شهدت به شهود رب الأرض. ولو قال المزارع لرب الأرض: شرطت لك النصف إلا عشرة أقفزة، وقال رب الأرض: شرطت في النصف كاملاً، ولا بينة بينهما، فالقول قول المزارع مع يمينه، وعلى رب الأرض البينة. فإن أقاما جميعاً البينة آخذ ببينة رب الأرض؛ لأنه يدعي الفضل. ولو كان المزارع زرع الأرض ولم تخرج شيئاً فقال رب الأرض: شرطت في النصف وزيادة عشرة أقفزة، فلي مثل أجر أرضي، وقال الآخر: شرطت لك النصف لم أزد عليه شيئاً، فالقول ¬

_ (¬1) الزيادة من الكافي، 2/ 326 ظ. (¬2) ز - على.

قول المزارع مع يمينه. فإن أقاما جميعاً البينة آخذ ببينة رب الأرض؛ لأنه المدعي للأجر (¬1). ولو كان المزارع زرعها ببذره، فأخرجت زرعاً كثيراً، فقال رب الأرض: شرطت في النصف مما تخرج، وقال المزارع: شرطت لك النصف إلا عشرة أقفزة، فالقول قول المزارع مع يمينه، وعلى رب الأرض البينة. فإن أقاما جميعاً البينة اخذ ببينة رب الأرض، وأخذ النصف كاملاً. كان زرعها فلم تخرج الأرض شيئاً، فقال رب الأرض: شرطت في النصف إلا عشرة أقفزة، فلي مثل أجر أرضي، وقال المزارع: شرطت لك النصف كاملاً، فالقول قول المزارع مع يمينه. فإن أقاما جميعاً البينة آخذ ببينة المزارع أيضاً، فالقول (¬2) قوله والبينة بينته. كان قال المزارع: شرطت لك النصف، وقال رب الأرض: شرطت في النصف وزيادة عشرة أقفزة (¬3)، فالقول قول المزارع مع يمينه. فإن أقاما جميعاً البينة فالبينة بينة رب الأرض، وله أجر مثل أرضه؛ لأنه أقام البينة على فضل لم يقم عليه الآخر البينة. ولو اختلفا قبل أن يزرع المزارع، فقال المزارع: شرطت لك النصف وزيادة عشرة أقفزة، وقال الآخر: كان الشرط على النصف، فالقول قول رب الأرض مع يمينه. فإن أقاما جميعاً البينة فالبينة بينة المزارع (¬4). ولو قال رب الأرض: شرطت في النصف وزيادة عشرة أقفزة، وقال المزارع: شرطت لك النصف، فالقول قول رب الأرض في قولنا وقول أبي يوسف. فإن حلف ناقضه المزارعة. فإن أقام الآخر البينة آخذ ببينته. فإن أقاما جميعاً البينة آخذ ببينة رب الأرض، وانتقضت المزارعة. ولو لم يعمل المزارع حتى قال رب الأرض: شرطت في النصف إلا عشرة أقفزة، وقال المزارع: شرطت لك النصف، وما استثنيت شيئاً منه، فالقول قوله المزارع مع يمينه. فإن أقاما جميعاً البينة اخذ ببينة المزارع أيضاً، فصار القول قوله، والبينة بينته. ولو قال رب الأرض: شرطت في النصف كاملاً، وقال الزارع: شرطت لك النصف إلا عشرة أقفزة، ولم يعمل المزارع شيئاً، فالقول قول ¬

_ (¬1) م: الأجر، ز: الآخر. (¬2) ز: والقول. (¬3) ز، فلي مثل أجر أرضي وقال المزارع شرطت لك النصف كاملا. (¬4) م ز: الزارع.

المزارع مع يمينه. فإن حلف تناقضا المزارعة. كان أقام أحدهما البينة آخذ ببينته. فإن أقاما جميعاً البينة آخذ ببينة رب الأرض؛ لأنه المدعي. وإذا دفع الرجل إلى الرجلين أرضاً وبذراً، على أن يزرعاها سنتهما هذه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فلأحدهما بعينه الثلث، ولرب الأرض الثلثان، وللآخر على رب الأرض أجر مائة درهم، فهذا جائز، وهو على ما اشترطوا. فإن أخرجت الأرض زرعاً كثيراً، فاختلف المزارعان، فقال أحدهما: أنا صاحب الثلث، وقال الآخر: أنا صاحب الثلث، وأنت صاحب الأجر، ولا بينة بينهما، فالقول في هذا قول رب الأرض مع يمينه، فأيهما ذكر أنه (¬1) صاحب الثلث فهو صاحب الثلث، وأيهما زعم أنه صاحب الأجر فهو صاحب الأجر. فإن أقام كل واحد منهما بينة أنه صاحب الثلث أخذ الذي أقر له رب الأرض الثلث بإقراره له، وأخذ الآخر الثلث ببينته، وكان لصاحب الأرض الثلث، وبطل عنه الأجر. وإن كان زرعا فلم تخرج الأرض شيئاً، فادعى كل واحد من المزارعين أنه صاحب الأجر، ولا بينة بينهما، فالقول قول صاحب الأرض، فأيهما ذكر أنه صاحب الأجر فله الأجر، ولا شيء للآخر إذا حلف له على دعواه. كان أقام كل واحد منهما البينة أنه صاحب الأجر كان لكل واحد منهما على صاحب الأرض الأجر مائة درهم، يغرم لكل واحد منهما مائة درهم. فإن أقام كل واحد منهما البينة على ما ادعى، وقد أخرجت الأرض زرعاً كثيراً أو لم تخرجه، وأقام رب الأرض البينة على ما ادعى، فالبينة بينة المزارعين؛ لأنهما المدعيان للحق إن ادعيا ثلث الأرض أو ادعيا الأجر. وإذا دفع الرجل إلى الرجلين أرضاً على أن يزرعاها سنتهما هذه ببذرهما وعملهما، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فلأحدهما بعينه نصف ذلك، ولرب الأرض عليه أجر مائة درهم، وللآخر ثلث الزرع، ولرب الأرض سدس الزرع، فهذا جائز. فإن قبضاها على هذا فزرعاها فلم تخرج الأرض شيئاً، فقال كل واحد منهما لصاحب الأرض؛ أنا الذي شرطت لك سدس الزرع، وشرط لك صاحبي الأجر (¬2)، فإن ¬

_ (¬1) م ز: أن. (¬2) م ز: الآخر.

القول قول كل واحد منهما فيما زعم أنه شرط. فإن قال رب الأرض لأحدهما: أنت شرطت في الأجر منها، وقال اللآخر: أنت شرطت لي السدس، لم يصدق رب الأرض على ما أراد أن يضمن الذي ادعى عليه الأجر. فإن أقام كل واحد منهما البينة على ما ادعى آخذ ببينة رب الأرض، ويضمن الذي ادعى عليه الأجر (¬1) جميع الأجر الذي (¬2) ادعى. ولو كانت الأرض أخرجت زرعاً كثيراً، فادعى كل واحد منهما أنه هو الذي شرط له الأجر، وادعى صاحب الأرض على أحدهما الأجر، وادعى على الآخر سدس الزرع، فإنه يأخذ رب الأرض من الذي ادعى عليه الأجر (¬3)، ويقال له: أقم البينة على ما ادعيت من سدس الزرع. فإن أقام على ذلك البينة أخذ له ببينته، كان أقام كل واحد منهما البينة على ما ادعى أخذ ببينة رب الأرض؛ لأنه المدعي. وإذا دفع الرجلان إلى الرجل أرضاً على أن يزرعها ببذره وعمله، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فثلثاه للمزارع، والثلث لأحد صاحبي الأرض بعينه، وللآخر مائة درهم أجر نصيبه من الأرض، فهو جائز، وهو على ما اشترطا. فإن أخرجت الأرض زرعاً كثيراً، فادعى كل واحد من صاحبي الأرض أنه صاحب الثلث، فالقول قول المزارع في ذلك، فأيهما أقر [له] بالثلث فهو له، وأيهما أقر له بالأجر فهو له مع يمينه على ذلك. فإن أقام كل واحد من صاحبي الأرض البينة على ما ادعى أخذ ببينته، فكان لكل واحد منهما ثلث الزرع، وللمزارع الثلث. فإن أقام المزارع أيضاً البينة على ما ادعى لم يلتفت إلى بينته، وكانت البينة لصاحبي (¬4) الأرض على ما ادعيا. وإذا دفع الرجل إلى الرجلين أرضاً وبذراً على أن يزرعاها سنتهما (¬5) ¬

_ (¬1) ز: الآخر. (¬2) ز - الذي. (¬3) م ز، وادعى على الآخر سدس الزرع فإنه يأخذ رب الأرض من الذي ادعى عليه الأجر. (¬4) م: صاحبي. (¬5) م ز: سنتها.

هذه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فلأحدهما بعينه ثلث الزرع، وللآخر عشرون (¬1) قفيزاً مما تخرج الأرض، ولرب الأرض ما بقي، فزرعاها، فأخرجت زرعاً كثيراً، فالثلث من ذلك للذي (¬2) شرط له الثلث، وما بقي من الزرع وهو الثلثان فهو لرب الأرض، وللآخر أجر مثله فيما عمل، أخرجت الأرض شيئاً أو لم تخرجه، والقول (¬3) قول رب الأرض في الذي شرط له الثلث منهما. فإن أقام كل واحد منهما البينة أنه هو الذي شرط له الثلث، وأقام رب الأرض البينة على ما ادعى أخذ ببينة كل واحد من المزارعين على ما ادعى. ولو زرعا فلم تخرج الأرض شيئاً فالقول قول رب الأرض في الذي له أجر مثله منهما. فإن أقام كل واحد من المزارعين البينة أنه هو الذي شرط له عشرين قفيزاً، وأقام رب الأرض البينة على ما ادعى، فالبينة بينة رب الأرض فيما أقام عليه البينة من ذلك. وإذا دفع الرجلان إلى الرجل أرضاً على أن يزرعها سنته هذه ببذره وعمله، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فلأحدهما بعينه الثلث، وللآخر عشرون (¬4) قفيزاً، وما بقي فللمزارع صاحب البذر، فعمل على هذا، فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً، فللذي شرط له ثلث ما تخرج الأرض من صاحبي الأرض الثلث كاملاً، وما بقي فللمزارع العامل، وللذي شرط له عشرين قفيزاً أجر مثل نصف الأرض. فإن قال كل واحد من صاحبي الأرض: أنا الذي شرط في ثلث الزرع، فالقول قول المزارع في ذلك مع يمينه. فإن أقاموا جميعاً البينة على ما ادعوا من ذلك أخذ كل واحد من صاحبي الأرض ثلث ما أخرجت الأرض، وكان للمزارع الثلث. وإن لم تخرج الأرض شيئاً فادعى كل واحد من صاحبي الأرض أنه هو الذي شرط له عشرين قفيزاً، فالقول قول المزارع في ذلك. فإن أقام كل واحد منهما البينة على ما ادعى من ذلك، وأقام المزارع البينة على ما ادعى من ذلك، ¬

_ (¬1) م ز: عشرين. (¬2) م: الذي. (¬3) م ف ز: فالقول. (¬4) م ز: عشرين.

باب العشر في المزارعة والمعاملة

أخذ ببينة المزارع، وأعطى الذي أقر له منهما أنه شرط له عشرين قفيزاً أجر مثل نصف الأرض. ... باب العشر في المزارعة والمعاملة قال محمد: وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً سنته هذه على أن يزرعها ببذره وبقره وعمله، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فزرعها، فأحزجت (¬1) زرعاً كثيراً، والأرض من أرض العشر، فأراد السلطان أن يأخذ العشر، فإن في هذا قولين؛ أما أحدهما: فهو على قياس قول أبي حنيفة في قول من أجاز المزارعة: يكون للمزارع العامل نصف ما أخرجت الأرض كاملاً، ويكون لرب الأرض النصف الباقي، ويأخذ السلطان عشر جميع ما أخرجت الأرض من صاحب الأرض إن (¬2) كانت الأرض تشرب سَيْحاً (¬3) أو تسقيها السماء. وإن كانت تسقى بغَرْب أو دَالِيَة أو سَانِيَة (¬4) فعلى صاحب الأرض نصف عشر ما أخرجت الأرض. كان سُرق الطعام بعدما حصداه أو غرق قبل أن يأخذ السلطان العشر فإن ذلك كله (¬5) لا يبطل العشر كله عن صاحب الأرض؛ لأن العشر كله ليس فيما أخرجت الأرض. ولكن العشر على رب الأرض نصفه فيما أخرجت الأرض، وذلك عشر حصته من الزرع، ونصفه عليه في ماله، فيبطل نصفه بسرقة الطعام، ويجب عليه في ماله نصفه؛ لأن الطعام إنما سرق بعدما حصداه وقبضاه. ونصف العشر (¬6) الذي يبطل عنه عشر حصته. ونصف العشر الذي يجب عليه من ماله عشر حصة شريكه؛ لأنه أخذ لذلك عوضاً، فصار بمنزلة الإجارة. ¬

_ (¬1) ز + الأرض. (¬2) ز: كان. (¬3) م ز: فيحا. (¬4) تقدم تفسير هذه الألفاظ. (¬5) م - كله. (¬6) م ف ز: عشر.

وقال أبو حنيفة في رجل أجر أرضاً له من رجل بمائة درهم، على أن يزرعها سنته هذه، فما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو للمزارع، فأخرجت زرعاً كثيراً، فإن جميع ما أخرجت الأرض من قليل أو كثير للذي زرعها، وعشر (¬1) الأرض على رب الأرض، وإن تَوَى (¬2) الأجر لم يبرأ رب الأرض من عشر الأرض. وكذلك بلغنا عن إبراهيم النخعي أنه قال: إذا أجر الرجل أرضاً له من أرض العشر فالعشر على رب الأرض. وأما القول الآخر: فإن العشر فيما أخرجت الأرض، وليس على المؤاجر ولا على المستأجر قليل ولا كثير. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً على أن يزرعها سنته هذه ببذره وعمله، فما أخرج الله تعالى منها (¬3) من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فزرعها، فأخرجت زرعاً كثيراً، فالعشر في القول الأول على رب الأرض، والعشر في القول الآخر فيما أخرجت الأرض إن كانت تسقى سَيْحاً (¬4) أو تسقيها السماء. وإن كانت تسقى بغَرْب أو بدَالِيَة أو سَانِيَة فنصف العشر فيما أخرجت الأرض. فإن سُرق مما أخرجت الأرض فليس على المزارع ولا على رب الأرض قليل ولا كثير. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذراً على أن يزرعها سنته هذه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فزرعها، فأخرجت زرعاً كثيراً، ففي هذا أيضاً قولان؛ أما أحدهما: فيكون الزرع بين المزارع وبين رب الأرض نصفين (¬5)، ويكون على رب الأرض عشر جميع ما أخرجت الأرض إن كانت تسقى سَيْحاً (¬6) أو تسقيها السماء. وإن كانت تشرب بغَرْب أو دَالِيَة أو سَانِيَة فعلى رب الأرض نْصف عشر جميع ما ¬

_ (¬1) م: وغشم. (¬2) أي: هلك، كما تقدم. (¬3) م ز - منها. (¬4) م ز: فيحا. (¬5) م ز: نصفان. (¬6) م ز: فيحا.

أخرجت الأرض. فإن سُرق الطعام بعد ما حصداه أو غرق فليس على المزارع العامل قليل ولا كثير، ويكون على رب الأرض عشر حصة الزارع من الطعام، وليس عليه عشر حصته من الطعام. إنما كان عشر ما فيها، فإذا سُرقت بطل عشرها. وحصة المزارع العامل كان عشرها على رب الأرض. فلا يلتفت إليها (¬1) سرقت أو لم تسرق. وأما في القول الآخر وهو قول أبي ويوسف ومحمد فالعشر مما أخرجت الأرض عليهما نصفان، فإذا سُرق الطعام فلا عشر عليهما فيه؛ لأن العشر إنما كان فيما أخرجت الأرض، فإذا سُرق ما أخرجت الأرض لم يكن عليهما عشر. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً من أراضي العشر على أن يزرعها ببذره وعمله، فما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو بينهما نصفان، فزرعها، فأخرجت زرعاً كثيراً، ثم إن الأرض غرقت فذهب ما فيها من الزرع بعدما استحصد ولم يحصد، وقد تمت السنة، فإن في القولين جميعاً في هذا أن العشر لا يكون على واحد منهما، ولا يجب على الأرض من العشر قليل ولا كثير؛ لأن الغلة لم تتم للزارع ولا لرب الأرض. فلما لم يتم لهما كان ذلك بمنزلة من لم يزرع قليلاً ولا كثيراً. وكذلك لو أن رجلاً أجر رجلاً أرضاً له سنته هذه يزرعها، فزرعها، فلما استحصد الزرع لم يحصد حتى أصابته آفة فأهلكته، أو غرقت الأرض فذهب الزرع، لم يكن على رب الأرض ولا على المستأجر عشر، وكان على المستأجر أجر الأرض إن كانت السنة (¬2) تمت؛ لأن العشر ليس يكون في الأجر (¬3). إنما يجب عشر ما أخرجت الأرض على رب الأرض إذا أجر أرضه، وأخذ لها عوضاً قليلاً أو كثيراً. وإذا أعارها عارية كان العشر (¬4) فيما أخرجت الأرض إذا سلم الطعام فلم تصبه آفة. فأما إذا أصابته الله أو غرق فلا عشر فيه على ¬

_ (¬1) ف + ما. (¬2) م ز: البينة. (¬3) ز: في الآخر. (¬4) م ز: العيش.

رب الأرض ولا على المزارع في الإجارة، ولا في المزارعة، ولا في العارية. كانما اختلفت الإجارة والعارية في العشر لأن الرجل إذا أجر أرضه وزرعت فكأنه زرعها لنفسه، وإذا أعارها فإنما زرعت لغيره؛ لأنه لم يأخذ للزراعة عوضاً. وهذا قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فالعشر فيما أخرجت الأرض في ذلك كله في العارية والإجارة والمزارعة وغيرها. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذراً على أن يزرعها سنته هذه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فزرعها المزارع، فأخرجت (¬1) زرعاً كثيراً، فاستحصد ولم يحصد حتى أصابته الله وغرق الزرع فهلك، فلا عشر على واحد منهما في القولين جميعاً. وإذا دفع الرجل إلى الرجل نخلاً له معاملةً أو كرماً، على أن يقوم في ذلك كله ويسقيه ويلقّح نخله ويَكْسَح كرمه سنته هذه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فأخرج ذلك ثمراً كثيراً، فهو بينهما نصفان، وعشر جميع ما خرج من ذلك كله (¬2) على صاحب النخل والكرم في القول الأول، وليس على العامل قليل ولا كثير. فإن جزّزاه (¬3) جميعاً ثم سرق ذلك أو استهلكه رجل وهو مقر به وليس عنده به وفاء فإن على صاحب النخل والكرم عشر (¬4) حصة العامل (¬5) من ذلك. فإن كانت تشرب سَيْحاً (¬6) أو تسقيها السماء فعليه عشر جميع حصة العامل (¬7)، وليس عليه من حصته عشر حتى يقبض قيمة ما استهلك من الذي اغتصبه. فإن قبض لك أدى القيمة، كان (¬8) قبض بعض القيمة أدى عشر ما قبض. وإن كان النخل والكرم أصابت ثمرته آفة قبل أن تجزّز، فأهلكته، فذهب كله، فلا عشر عليه في شيء من ذلك في القول الأول والآخر. ¬

_ (¬1) ع + الأرض. (¬2) ز - كله. (¬3) أي: قطعاه وحصداه، كما تقدم. (¬4) م ز: عتد. (¬5) م ز: المعامل. (¬6) م ف ز: فيحا. (¬7) م ز: المعامل. (¬8) م ز: فإن.

وإذا صالح الإمام قوماً من أهل الحرب على أن صاروا ذمة له على أن يوضع على رؤوسهم شيء معلوم، وجعل خراج أرضهم ونخلهم وشجرهم وكرمهم المُنَاصفَة، فما خرج من شيء كان نصفه لأصحاب الأرضين، ونصفه خراجاً للمسلمين، كان هذا جائزاً على ما صالحهم عليه. فإن دفع رجل منهم إلى رجل أرضاً له على أن يزرعها ببذره وعمله، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فهذا جائز. فإن زرعها فأخرجت زرعاً كثيراً، فللمزارع العامل نصفه، ولرب الأرض نصفه. وعلى رب الأرض نصف ما أخرجت الأرض خراجاً (¬1) عليه في القول الأول، وأما في القول الآخر فإن الخراج يؤخذ مما (¬2) أخرجت الأرض. وما بقي فهو بين المزارع وبين رب الأرض نصفان. وهذا والعشر سواء في القياس في القولين جميعاً. وكذلك لو أن رب الأرض أجر أرضه من رجل بدراهم مسماة، فزرعها المستأجر، فأخرجت زرعاً كثيراً، فإن جميع ما أخرجت الأرض للمستأجر، وعلى رب الأرض مثل نصف ذلك خراج عليه للمسلمين، وسلم له الأجر في القول الأول. وأما في القول الآخر فإن الإمام يأخذ نصف ما أخرجت الأرض، والنصف الباقي للمستأجر (¬3)، وسلم الأجر لرب الأرض. ولو أن أرضاً من هذه الأرضين التي وصفت لك دفعها رجل إلى رجل، ودفع إليه مع (¬4) ذلك بذراً على أن يزرعها ويعملها سنته هذه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فزرعها، فأخرجت زرعاً كثيراً، فهو بين المزارع وبين رب الأرض نصفان، وعلى رب الأرض نصف ما أخرجت الأرض خراج عليه في أرضه للمسلمين، وما بقي بعد ذلك فهو بين رب الأرض وبين المزارع نصفان. وسواء في هذا إن كان البذر من قبل رب الأرض أو من قبل المزارع. ¬

_ (¬1) م ز: خراج. (¬2) م: ما. (¬3) ز: للمستأخر. (¬4) م ف ز: من.

ولو أن رب الأرض أعار أرضه رجلاً فزرعها كان نصف ما أخرجت الأرض خراجاً (¬1) للمسلمين، ونصفه للمزارع في القولين جميعاً. ولو عطّلها (¬2) صاحبها فلم يزرعها ولم يُعِرْها أحداً يزرعها فلا شيء عليه فيها. كذلك النخل والشجر في هذه الأرضين إن دفعه صاحبه إلى رجل يقوم عليه ويسقيه ويلقّح نخله سنته هذه بنصف ما تخرج، فأخرج ثمراً كثيراً، فهو بينهما نصفان، وعلى صاحب النخل والشجر نصف ما أخرج ذلك، خراج عليه في نخله وشجره في القول الأول. وأما في القول الآخر فنصف ما أخرج النخل والشجر خراج للمسلمين، يأخذه الإمام، وما بقي فهو (¬3) بين صاحب النخل والشجر وبين العامل نصفان. وهذا قياس أرض العشر. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً من أرض العشر وبذراً، على أن يزرعها سنته هذه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فللمزارع منه عشرون قفيزاً، ولرب الأرض ما بقي، فزرع المزارع على هذا، فأخرجت زرعاً كثيراً، فجميع ما أخرجت الأرض من قليل أو كثير لرب الأرض، وللمزارع أجر مثله فيما عمل، وعلى رب الأرض عشر جميع ما أخرجت الأرض إن كانت تشرب سَيْحاً (¬4) أو تسقيها السماء، فإن كانت تشرب بغَرْب أو دَالِيَة أو سَانِيَة فنصف العشر في القولين جميعاً. ولا يرفع (¬5) مما أخرجت الأرض نفقة ولا أجر عامل. يؤخذ عشر الطعام، ولا يحسب من ذلك أجر عامل ولا عشر (¬6). وإن كان البذر من قبل العامل والمسألة على حالها، فجميع ما أخرجت الأرض من شيء للمزارع العامل صاحب البذر، ولرب الأرض أجر مثل أرضه، وعليه مثل عشر ما صار للمزارع العامل من الطعام في القول الأول. وأما في القول (¬7) الآخر فالعشر مما أخرجت الأرض من ¬

_ (¬1) م ز: خراج. (¬2) ز: أعطاها. (¬3) ز - فهو. (¬4) م ف ز: فيحا. (¬5) ز: يدفع. (¬6) م ز: عشره. (¬7) ز - القول؛ صح هـ.

الطعام (¬1)، وما بقي من الطعام فهو للمزارع العامل، وعلى المزارع أجر مثل الأرض. وإذا دفع الرجل إلى الوجلين أرضاً من أرض العشر، على أن يزرعاها جميعاً ببذرهما وعملهما، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، وعشر ما أخرجت الأرض في الطعام، يؤخذ من ذلك ما وجب فيه من العشر، وما بقي فهو بينهما نصفان في القولين جميعاً. ولو كانت الأرض من أحدهما، والعمل من الآخر، والبذر منهما جميعاً، فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً، فإن هذه مزارعة فاسدة، وما خرج من الزرع فهو بينهما نصفان، وعشر الطعام على رب الأرض، وله أجر مثل نصف أرضه على العامل، وليس للعامل أجر في القول الأول. وأما في القول الآخر فالعشر فيما أخرجت الأرض، وما بقي فهو بينهما نصفان، ولرب الأرض على العامل أجر مثل نصف الأرض، ولا أجر (¬2) للعامل (¬3). وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً من أرض العشر، على أن يزرعها ببذره وعمله سنته هذه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فلما استحصد الزرع لم يحصد حتى سرقه رجل أو استهلكه، وهو مقر به، فلا عشر على واحد منهما حتى يؤدي السارق والمستهلك ما عليه من ذلك. فما أدى السارق والمستهلك من ذلك من شيء كان على رب الأرض عشر حصته من ذلك وحصة المزارع. وكذلك لو كان البذر من قبل رب الأرض، والمسألة على حالها، لم ¬

_ (¬1) ف - في القول الأول وأما في القول الآخر فالعشر مما أخرجت الأرض من الطعام. (¬2) ز - أجر؛ صح هـ. (¬3) م ف ز + وإذا دفع الرجل إلى الرجلين أرضاً من أرض العشر على أن يزرعاها جميعاً ببذرهما وعملهما فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان ... وأما في القول الآخر فالعشر فيما أخرجت الأرض وما بقي فهو بينهما نصفان ولرب الأرض على العامل أجر مثل نصف الأرض ولا أجر للعامل.

يكن على واحد منهما عشر حتى يخرج شيء مما على السارق والمستهلك، فما خرج من ذلك من شيء كان بينهما نصفان، وكان على رب الأرض عشر حصته، وعشر حصة صاحبه مما خرج، ولا عشر عليه فيما لم يخرج حتى تخرج، فإذا خرج كان عليه عشره. وهذا قياس قول أبي حنيفة فيمن أجاز المزارعة في المسألتين جميعاً إن كان البذر من قبل رب الأرض أو من قبل المزارع العامل. وأما في القول الآخر وهو قول أبي يوسف ومحمد فلا (¬1) عشر عليهما حتى يخرج شيء مما على السارق والمستهلك. فإذا خرج من ذلك شيء أخذ السلطان عشره، وكان ما بقي بينهما نصفان. ولو أن رجلاً أجر أرضاً له من أرض العشر رجلاً بدراهم مسماة سنته هذه على أن يزرعها كان هذا جائزاً. فإن زرعها فاستحصد زرعها ولم يبلغ حتى استهلكه مستهلك (¬2)، وهو مقر به، لم يكن على المستأجر ولا على رب الأرض عشر في شيء مما أخرجت الأرض. فإن أدى المستهلك شيئاً مما عليه للمستأجر كان على رب الأرض عشر ما وصل إلى المستأجر حتى يستكمل المستأجر جميع ما استهلك في قياس قول أبي حنيفة. وأما في القول الآخر فإن كل شيء أداه المستهلك مما استهلك يأخذ السلطان عشره، ويكون ما بقي للمستأجر، ويكون للمؤاجر الأجر (¬3) على المستأجر. وكذلك الأرض التي صولح أهلها (¬4) على أن يجعل خراجها (¬5) نصف ما تخرج. وإذا دفعها رجل (¬6) إلى رجل على أن يزرعها ببذره وعمله، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فزرعها الزارع، فأخرجت زرعاً كثيراً، فاستحصد ولم يحصد حتى استهلكه رجل، وهو مقر به، فلا خراج على رب الأرض ولا على المزارع حتى يؤدي المستهلك. ¬

_ (¬1) م ف ز: ولا. (¬2) ف: مهلك. (¬3) م: الآخر. (¬4) ز - أهلها. (¬5) م ف ز: أن جعل خراجا. (¬6) ز: الرجل.

فإن أداه كان ما أدى بين المزارع ورب الأرض (¬1) نصفين، وكان نصف ما خرج على رب الأرض خراجاً (¬2) عليه للمسلمين، وليس (¬3) عليه شيء فيما لم يخرج. وكذلك لو كان البذر من قبل رب الأرض كان بمنزلة هذا في جميع ما وصفت لك. وكذلك لو كان رب الأرض أجر الأرض بدراهم، فزرعها المستأجر، فلما استحصد الزرع لم يحصد حتى استهلكه رجل، فلا خراج على واحد منهما حتى يؤدي المستهلك ما عليه. فكلما أدى المستهلك شيئاً مما عليه كان على رب الأرض مثل نصف ذلك خراجاً (¬4) عليه للمسلمين. فهذا قياس قول أبي حنيفة. وأما القول الآخر وهو قول أبي يوسف ومحمد فليس على واحد منهما خراج حتى يخرج شيء مما على الذي استهلك الزرع. فإذا خرج منه شيء كان نصفه خراجاً (¬5) للمسلمين، وكان نصفه إن كان (¬6) مزارعة بالنصف بينهما نصفين (¬7). فإن كانت إجارة بدراهم كان ما بقي للمستأجر، ولرب الأرض أجر أرضه. وإذا اغتصب الرجل أرضاً من أرض العشر أو من أرض الخراج، فزرعها وأخرجت زرعاً كثيراً، ولم تنقصها الزراعة (¬8) شيئاً، فإن الخراج على الزارع والعشر فيما أخرجت الأرض. وإن كانت الزراعة نقصت الأرض شيئاً، فغرم (¬9) الزارع ما نقصها، فإن أبا يوسف قال في هذا على قياس قول أبي حنيفة: على رب الأرض عشر ما أخرجت الأرض من قليل أو كثير إن كانت أرض عشر، وكذلك أرض الخراج عليه خراجها. وأما قول محمد فإن كان نقصان الأرض يكون مثل الخراج كان الخراج في ذلك النقصان الذي غرمه غاصب الأرض لصاحبها، فإن كان النقصان أكثر من الخراج كان فضل ¬

_ (¬1) م ف ز: ورب المال. (¬2) م ز: خراج. (¬3) م ف - وليس. (¬4) م ز: خراج (¬5) م ز: خراج. (¬6) م ز: إن كانت. (¬7) م ز: نصفان. (¬8) ز: المزارعة. (¬9) ز: فعرض.

باب المعاملة في النخل والشجر والكرم والرطاب والثمار

النقصان بعد الخراج لرب الأرض، وإن كان الخراج أكثر من النقصان كان الخراج على الذي غصب الأرض وزرعها، يدخل في ذلك نقصان الأرض، ولا يضمن من نقصان الأرض (¬1) بعد أداء العشر أو الخراج قليلاً أو كثيراً. ... باب المعاملة في النخل والشجر والكَرْم والرِّطَاب والثمار قال محمد: وإذا دفع الرجل إلى الرجل نخلاً له معاملة، على أن يقوم عليه ويلقّح نخله ويسقيه سنين معلومة، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فهذا جائز، وهو على ما اشترطا. وكذلك إن اشترطا (¬2) أن للعامل الثلث، أو اشترطا (¬3) أن لصاحب النخل الثلث، أو اشترطا (¬4) أن لأحدهما الربع وللآخر ما بقي، فهذا جائز كله على ما اشترطا. وكذلك معاملة الشجر والكرم والرِّطَاب يدفعها رجل إلى رجل معاملة سنين مسماة فهذا جائز على ما اشترطا في جميع ذلك. وإذا دفع الرجل إلى الرجل نخلاً له (¬5) معاملة، على أن يقوم عليه ويسقيه ويلقّحه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، وسمى له سنين معلومة، فهذا جائز كله. فإن أراد صاحب النخل أن يخرج العامل من نخله لم يكن له ذلك إلا من عذر (¬6). والعذر في ذلك أن يلحق صاحب النخل دين فادح لا وفاء عنده به إلا بيع النخل. فإذا كان هذا هكذا كان له أن يبيع النخل ويقضي الدين. فإن كان قد خرج من النخل ثمر ولم يبلغ، فلحق صاحب النخل دين فادح لا وفاء عنده إلا ببيع النخل لم يبع النخل، ولم ينقض فيه المعاملة حتى يبلغ ¬

_ (¬1) ز + شيئاً. (¬2) م ز: إن اشترط. (¬3) م ز: أو اشترط. (¬4) م ز: أو اشترط. (¬5) ز - له. (¬6) م ز: من عذره.

الثمر (¬1)، فيباع نصيب صاحب النخل من الثمر والنخل، ويستوفي الغريم الثمر، ثم ينقض المعاملة فيما بقي. فهذا من العذر الذي ينقض المعاملة فيه. ومن العذر أيضاً أن يكون العامل سارقاً معروفاً (¬2) بالسرقة، يخاف على فساد النخل وأخذ سَعَفه (¬3) وسرقته، فيكون (¬4) هذا عذراً أيضاً، ويكون لصاحب النخل أن يخرجه. فإن لم يرد صاحب النخل إخراج العامل (¬5) من نخله، وأراد العامل (¬6) أن يدع النخل بعدما قد أوجب المعاملة فيما بينهما، لم يكن له أن يخرج إلا من عذر: أن يمرض مرضاً لا يقدر على العمل، أو يضعف عنه فيخرج من المعاملة، أو يريد سفراً وترك ذلك العمل، فيكون هذا عذراً. وإذا دفع الرجل إلى الرجل نخلاً معاملة بالنصف، أو شجراً أو كرماً، ولم يسم له سنين معلومة، فهذا جائز، وهذا على أول ثمرة تخرج في أول سنة. أستحسن ذلك وأدع القياس فيه؛ لأن هذا له غاية ينتهي إليها. فإن لم يخرج (¬7) له ثمرة في تلك السنة انقضت المعاملة. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أصول رَطْبَة (¬8) له نابتة في أرض له معاملة، ولم يسم له سنة ولا أكثر منها، فهذا فاسدة لأن الرطبة ليست (¬9) لها غاية ينتهي إليها في نباتها كما ينتهي ثمر النخل والشجر حتى يقطع ثم تخرج بعد ذلك فهذه معاملة جائزة. والمعاملة في ذلك على أول جزء. وكل شيء من هذا أجزناه فليس لواحد منهما أن ينقض المعاملة وإن لم يسميا سنة معلومة إلا من عذر كما وصفت لك. وإذا دفع الرجل إلى الرجل نخلاً له فيه طَلْعٌ معاملة بالنصف، فهذا جائز. كان لم يسميا شيئاً فهو على المعاملة حتى يبلغ. فإذا بلغ فهو بينهما ¬

_ (¬1) ز: حتى لا يبلغ الثمن. (¬2) م ز: المعامل سارق معروف. (¬3) ز: سفعه. (¬4) م ف ز: وكون. (¬5) م ز: المعامل. (¬6) م ز: المعامل. (¬7) ز: لم تخرج. (¬8) نوع من العلف، كما تقدم. (¬9) ز: ايست.

نصفان. وكذلك لو دفعه إليه وقد صار بُسْراً أخضر. وكذلك لو دفعه إليه وقد احمرّ إلا أنه لم (¬1) ينته عِظَمُه (¬2). ولو كان انتهى عِظَمُه (¬3) فليس يزيد بعد ذلك قليلاً ولا كثيراً (¬4) إلا أنه لم يُرْطِب (¬5) فالمعاملة (¬6) فاسدة. فإن قام عليه وحفظه حتى صار تمراً فجميع الثمر لصاحب النخل، وللعامل أجر مثله فيما عمل. وكذلك العنب وجميع الفواكه في الأشجار يدفعها معاملة فهو مثل ما وصفت لك من ثمر النخل. وقال أبو يوسف ومحمد: لو أن رجلاً اشترى من رجل طَلْعاً في نخل (¬7) أو بُسْراً أخضر، فلم يأذن له صاحبه في تركه في النخل، فتركه حتى صار تمراً، تصدق المشتري بما زاد على الذي اشتراه. ولو اشترى بُسْراً أحمر (¬8) قد انتهى عِظَمُه فلم يقبضه حتى صار رُطَباً لم يتصدؤا بشيء؛ لأنه لم يزد فيه شيئاً لم يكن (¬9)، فكذلك ما وصفت لك من المعاملة. وإذا دفع الرجل إلى الرجل رَطْبَة له في الأرض وقد صارت قِدَاحاً (¬10) ولم ينته إلى أن يُجَزّ فدفعها إليه معاملة على أن يقوم عليها ويسقيها بالنصف ولم يسم سنة معلومة ولا أشهراً معلومة فهذا فاسد كله؛ لأن الرَّطْبَة ليس لها منتهى ينتهي (¬11) إليه لا (¬12) كما يكون الثمر في النخل والشجر. فإن كانت الرطبة [لها غاية] (¬13) تنتهي إليها أو سمى سنة معلومة أو أشهراً معلومة فهذا جائز، وما أخرجت الأرض من شيء فهو بينهما نصفان. ¬

_ (¬1) ز: ينته. (¬2) عَظُم الشيء عِظَماً، أي: كبر. انظر: مختار الصحاح، "عظم". (¬3) م ز - ولو كان انتهى عظمه؛ صح م هـ (¬4) م ز: قليل ولا كثير. (¬5) أي: لم يتحول إلى رُطَب، وهو ثمر النخل الناضج. انظر: المصباح المنير، "رطب". (¬6) م ف ز: والمعاملة. (¬7) ز: من نخل. (¬8) م ز: أحمرا. (¬9) ز - لم يكن. (¬10) جمع قِدْح وهو العود إذا بلغ. انظر: لسان العرب، "قدح". (¬11) ز: تنتهي. (¬12) م ز، يحافره. (¬13) من الكافي، 2/ 330 و.

وإذا دفع الرجل إلى الرجل رَطْبَة قد انتهى جِزازها معاملة، على أن يقوم عليها ويسقيها حتى تخرج بَزْرها، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من بزر فهو بينهما نصفان، فهذا جائز على ما اشترطا؛ لأن البزر له غاية ينتهي إليها. فالبزر بينهما على ما اشترطا، وجميع الرطبة لصاحبها، ليس للعامل منها قليل ولا كثير. ولو كان دفع إليه الرطبة وقد تناهت [إلى] غايتها فليس تزيد إلا أنها لم يخرج لها بزر، فقال: اسقها وقم عليها حتى يخرج (¬1) بزرها، على أن ما أخرج الله منها من بزر فهو بينهما نصفان، وعلى أن الرطبة بينهما نصفان، فهذا فاسد كله، والرطبة والبزر كله لصاحب الرطبة، وللعامل أجر مثله فيما عمل، أخرجت الرطبة شيئاً أو لم تخرجه. ولو كان دفع إليه الرطبة وهي قِدَاح (¬2) لم تتناه (¬3)، على أن يسقيها ويقوم عليها حتى يَخرج (¬4) بزرها، على أن الرطبة بينهما نصفان، والبزر بينهما نصفان، ولم يوقتا شهراً، فهذا جائز + وهو على ما اشترطاث لأن لهذا غاية ينتهي إليها لا يجاوزها. وإذا دفع الرجل إلى الرجل غَرْس (¬5) نخل أو شجر أو كرم قد عَلِقَ (¬6) في الأرض ولم يبلغ الثمر (¬7)، وعلى أن يقوم عليه ويسقيه ويلقّح نخله، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فهذه معاملة فاسدة؛ لأنه لا يدري كم تحمل هذه النخل والشجر والكرم. فإن عمل على هذا فأخرج ذلك ثمراً كثيراً فجميع ذلك لصاحب النخل والشجر والكرم، وللعامل أجر مثله فيما عمل، أخرج (¬8) شيئاً أو لم يخرجه. ولو ¬

_ (¬1) ز: تخرج. (¬2) م ف ز: قراح. والتصحيح من أول العبارة؛ ومن المبسوط، 23/ 103. وقِدَاح جمع قِدْح وهو العود كما تقدم. (¬3) م ز: لم تتناها. (¬4) ز: تخرج. (¬5) الغرس بمعنى المغروس كما تقدم. (¬6) عَلِقَ الغَرْسُ بالأرض وتعلّق بها، أي: ثبت ونبت. انظر: المغرب، "علق". (¬7) م ز: الثمن. (¬8) م ف ز + ذلك.

كان دفع إليه سنين مسماة على أن يقوم عليه ويسقيه ويلقّح نخله ويَكْسَح كرمه، على أن يكون ذلك كله بينهما نصفين، وعلى أن يكون أيضاً ما خرج من الثمر بينهما نصفان، فهذا جائز كله، وما كان من النخل وثمره والكرم وثمره فهو بينهما نصفان. وإذا دفع الرجل إلى الرجل نخلاً أو شجراً أو كرماً قد أطعم وبلغ سنين معلومة، على أن يقوم عليه ويسقيه ويلقّح نخله ويَكْسَح كرمه، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، وعلى أن النخل والشجر والكرم بينهما نصفان، فهذا فاسد كله، وما خرج منه (¬1) من ثمرة لصاحب الكرم والشجر والنخل (¬2)، وللعامل أجر مثله فيما عمل إن أخرج النخل والشجر والكرم شيئاً أو لم يخرجه. ولا يشبه هذا الوجه الأول؛ لأن الوجه الأول لم يكن النخل والشجر والكرم بلغ. فهذا بمنزلة البُسْر الأخضر يدفعه معاملة على أن يكون للعامل نصفه. إنما يجوز أن يدفعه على أن يكون الثمر (¬3) بينهما. فأما أن يكون النخل والشجر بينهما فهذا لا يجوز. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أصول رَطْبَة معاملة، على أن يسقيها ويقوم عليها حتى تذهب أصولها وينقطع نَبْتُها (¬4)، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فهذه معاملة فاسدة، وما خرج من شيء فهو لصاحب الرطبة، وللعامل أجر مثله فيما عمل، أخرجت شيئاً أو لم تخرجه. وكذلك النخل والشجر والكرم إذا اشترط ذلك معاملة بالنصف حتى ينقطع ثمره فلا يخرج شيء (¬5)، فهذا فاسد أيضاً. وكل شيء خرج من ذلك فهو لصاحب الشجر والكرم، وللعامل أجر مثله فيما عمل، أخرج النخل والشجر والكرم شيئاً أو لم يخرجه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل نخلاً وشجراً وكرماً معاملة أشهراً معلومة، ¬

_ (¬1) ف - منه. (¬2) ز - والنخل. (¬3) م ز: الثمن. (¬4) م: نبتهما؛ ز: بينهما. (¬5) ز: شيئاً.

باب المزارعة والمعاملة التي يكون الغرس فيها من قبل أحدهما ويصير للآخر

فعلم أن النخل والشجر والكرم لا يخرج ثمره في تلك المدة، فهذه معاملة فاسدة. فإن عمل العامل على هذا فله أجر مثله فيما عمل. وإن اشترط من ذلك وقتاً قد تبلغ الثمرة في مثل تلك المدة وقد تتأخر بعد تلك (¬1) المدة فهذا جائز. فإن خرج الثمر في تلك المدة فهو بينهما على ما اشترطا. وإن تأخر عن تلك المدة فللعامل أجر مثله فيما عمل إن كان تأخره في تلك السنة. فإن كان أحال (¬2) في تلك السنة فلم يخرج شيئاً (¬3) فهذه معاملة جائزة، ولا أجر للعامل في عمله، ولا شيء له. وإن كان قد خرج في تلك السنة ولم يُحِل إلا أن الوقت الذي وقّت انقضى قبل أن تطلع الثمرة (¬4) فللعامل أجر مثله فيما عمل، وهذا بمنزلة الوقت الذي يعلم أنه ينقضي قبل أن تخرج الثمرة. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً بيضاء، على أن يزرعها ببذره وبقره، فما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو بينهما نصفان، ولم يوقّتا وقتاً، فهذه مزارعة فاسدة؛ لأنه لم يشترط له سنته هذه ولا غيرها، وهذا يتقدم ويتأخر، فلا يجوز إلا أن يبين. ... باب المزارعة والمعاملة التي يكون الغرس فيها من قبل أحدهما ويصير للآخر قال محمد: وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً بيضاء سنين (¬5) مسماة، على أن يغرسها نخلاً وشجراً وكرماً، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك ¬

_ (¬1) م ز: ذلك. (¬2) قال المطرزي: حالت النخلة: حملت عاماً وعاماً لا، وأحالت لغة، ومنه قول محمد -رحمه الله-: فإن أحال فلم يخرج شيئاً. انظر: المغرب، "حال". (¬3) ز - فلم يخرج شيئاً؛ صح هـ. (¬4) ز + طلعا. (¬5) م ز: سنينا.

من نخل أو شجر أو كرم أو ثمر فهو بينهما نصفان، وعلى أن الأرض بينهما نصفان، فهذا فاسد كله. فإن قبضها على هذا، فغرسها نخلاً وشجراً وكرماً، فأخرجت ثمراً كثيراً، فجميع النخل والشجر والكرم لرب الأرض، وللغارس قيمة غرسه وأجر مثله فيما عمل؛ لأنه حين اشترط شيئاً من الأرض يغرسه صار ما غرس لصاحب الأرض. وكذلك لو لم يشترط له من الأرض شيئاً ولكن رب الأرض قال له: اغرسها شجراً أو كرماً أو نخلاً (¬1)، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، وعلى أن لك علي مائة درهم، أو شرط عليه كُرّ حنطة، أو شرط له نصف أرض أخرى بعينها معروفة سوى الأرض التي غرسها فيها، فإن هذا فاسد كله. فإن غرسها على هذا فجميع ما غرس وما خرج لرب الأرض، وللغارس قيمة غرسه وأجر مثله فيما عمل؛ لأنه عمل ذلك لصاحب الأرض. وكذلك الزرع في هذا لو (¬2) أن رجلاً دفع إلى رجل أرضاً بيضاء على أن يزرعها سنته هذه كرًّا من حنطة ويقوم عليه ويسقيه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، وعلى أن للزارع على رب الأرض مائة درهم، فإن هذا فاسد. فإن زرع الزارع على هذا فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً، فجميع ما أخرجت الأرض من ذلك لرب الأرض، وعليه كر حنطة مثل الكر الذي بذره الزارع، وأجر مثل الزارع فيما زرع، أخرجت الأرض شيئاً أو لم تخرج. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً بيضاء سنين (¬3) مسماة، على أن يغرسها نخلاً وشجراً وكرماً، والغرس عند رب الأرض، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، وعلى أن للعامل على رب الأرض مائة درهم أو كُرّ حنطة وسط، فهذا فاسد. وللعامل أن ينقض المعاملة؛ لأنه شرط له فيها شرطاً فاسداً. فإن عمل العامل على هذا، فغرسها نخلاً وشجراً وكرماً، فأخرجت ثمراً كثيراً، فهو لرب الأرض، ¬

_ (¬1) م ز: ونخلا. (¬2) ز: ولو. (¬3) م ز: سنينا.

وللغارس أجر مثله فيما عمل. والدراهم والطعام الذي شرط رب الأرض للعامل باطل؛ لأنه جعله شريكاً فيما أخرجت الأرض، فلا يكون له مع ذلك أجر. وكذلك لو كان رب الأرض شرط له أن جميع ما أخرجت الأرض من قليل أو كثير فهو بينهما نصفان، والأرض بينهما نصفان (¬1)، كان هذا وذاك سواء. إن عمل على هذا فجميع (¬2) ما (¬3) أخرجت الأرض لرب الأرض، وللغارس أجر مثله فيما عمل، ولا يكون له من الأرض قليل ولا كثير، ولا مما أخرجت الأرض. وكذلك الزرع من الحنطة والشعير والحبوب هو بمنزلة الغرس في جميع ما وصفت لك. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً سنين (¬4) مسماة، على أن يغرسها نخلاً أو شجراً أو كرماً، ويزرعها ما بدا له من غلة الشتاء والصيف، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، وعلى أن لرب الأرض على الزارع مائة درهم، فهذه معاملة فاسدة. فإن عمل الزارع (¬5) على هذا، فأخرجت (¬6) زرعاً كثيراً وثمراً كثيراً، فجميع ما أخرجت من ذلك لصاحب الغرس والزرع (¬7)، ولرب الأرض أجر مثل أرضه. ويأخذ الغارس مما أخرجت الأرض قيمة غرسه وبذره ونفقته وما غرم من الأجر، ويتصدق بالفضل؛ لأنه استأجر أرضه منه بنصف ما تخرج وبدراهم. فهذا لا يستقيم؛ لأني لو أجزت هذا كان بعض الزرع الذي يصير لرب الأرض مزروعاً في حصة الدراهم من الأرض، فيصير يأخذ أجر ذلك دراهم وزَرْعُه نابت فيه، فهذا لا يجوز. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وغَرْساً وبذراً، على أن يغرسها ويزرع البذر، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، وعلى أن على الزارع (¬8) لرب الأرض مائة درهم، واشترطا من ذلك ¬

_ (¬1) ز - والأرض بينهما نصفان. (¬2) ز - فجميع. (¬3) ز: فما. (¬4) م ز: سنينا. (¬5) م ف: الزرع. (¬6) ز + الأرض. (¬7) ز: والزارع. (¬8) ف: على الغارس.

سنين (¬1) معلومة، فهذا فاسد كله. كان غرس الغارس الغَرْس (¬2) وبذر البذر، فخرج زرع كثير وثمر كثير، فجميع ما خرج من ذلك للذي غرس وزرع، ولرب الأرض أجر مثل أرضه وقيمة غرسه وبذر مثل بذره على الزارع؛ لأنه حين شرط له مائة درهم صار كأنه اشترى غرسه وبذره واستأجر أرضه بمائة درهم ونصف ما تخرج الأرض، فهذا فاسد كله. فلما قبضه على هذا فغرس وزرع كان ما صنع من ذلك إنما صنعه لنفسه، فصار ذلك كله له، ووجب عليه قيمة ذلك الغرس، وبذر مثل ذلك البذر، وأجر مثل الأرض لرب الأرض. يأخذ الغارس الزارع (¬3) مما خرج من الأرض ما غرم ونفقته وأجر الذي غرم، ويتصدق بالفضل. وكذلك لو شرط له الغارس مكان المائة درهم كُرّ حنطة وسط، أو جارية بعينها، أو غلاماً بعينه، أو شيئاً من العروض أو الحيوان بعينه، أو بغير عينه، كان مثل الدراهم في جميع ما وصفت لك. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له سنين (¬4) معلومة، على أن يغرسها المدفوعة إليه ما بدا له لنفسه من الزرع، ويزرعها (¬5) لنفسه ما بدا له من غلة الشتاء والصيف، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، وعلى أن للغارس على رب الأرض مائة درهم، فهذه مزارعة فاسدة. فإن غرس على هذأ وؤرع، فخرج زرع كثير وثمر كثير، فجميع ما خرج من ذلك للغارس الزارع، ولرب الأرض أجر مثل أرضه، يستوفي الغارس مما خرج غرسه وبذره ونفقته وما غرم من الأجر، ويتصدق بالفضل. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وغرساً وبذراً سنين (¬6) مسماة، على أن يغرسه ويَبْذُره المدفوعة إليه لرب الأرض، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، وعلى أن على (¬7) ¬

_ (¬1) م ز: سنينا. (¬2) ف - الغرس. (¬3) م ف ز: الزرع. (¬4) م ز: سنينا. (¬5) ف: فزرعها. (¬6) م ز: سنينا. (¬7) ف - على.

الغارس مائة درهم لرب الأرض، فهذه مزارعة (¬1) فاسدة (¬2). فإن غرس الغارس وزرع على هذا، فأخرجت الأرض ثمراً وزرعاً كثيراً، فجميع ما أخرجت الأرض من ذلك لرب الأرض، لا يتصدق منه بشيء، وللغارس أجر مثله فيما عمل. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً بيضاء سنين (¬3) مسماة، على أن يغرسها المدفوعة إليه لنفسه، ويزرعها ما بدا له من غلة الشتاء والصيف، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، وعلى أن الأرض بينهما نصفان، فهذه معاملة فاسدة. فإن غرسها الغارس على هذا وزرعها، فأخرجت ثمراً كثيراً، فجميع ما أخرجت الأرض من ذلك للغارس الزارع (¬4)، ولصاحب الأرض أجر مثل أرضه. وكذلك لو كان شرط له مكان نصف الأرض جارية بعينها أو غلاماً بعينه، أو نصف أرض أخرى بعينها، كان هذا كله على ما وصفت لك. وإذا دفع الرجل إلى الرجل نخلاً وشجراً وكرماً معاملة سنين (¬5) معلومة، على أن يقوم عليه ويسقيه ويلقّح نخله ويَكْسَح كرمه، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، وعلى أن على العامل لرب الأرض مائة درهم، أو كان اشترط أن للعامل على رب الأرض مائة درهم، فهذه معاملة فاسدة، وما خرج من ذلك من ثمرة فهو لصاحب النخل والشجر والكرم، وللعامل أجر مثله فيما عمل. فإن كان صاحب النخل والشجر والكرم قال للعامل: اعمل ذلك لنفسك (¬6)، أو قال له: اعمل ذلك في، أو قال: اعمل، ولم يقل: "لي" ولا "لك"، فهذا كله فاسد. وإنما يعمل العامل في مثل (¬7) هذه الوجوه كلها لصاحب النخل والشجر والكرم. فجميع ما خرج من ذلك لصاحب النخل والشجر والكرم، وللعامل أجر مثله فيما عمل. ¬

_ (¬1) ز: معاملة. وهو كذلك في نسخة م فوق السطر. (¬2) ز - فاسدة. (¬3) م ز: سنينا. (¬4) م ف ز: الزرع. (¬5) م ز: سنينا. (¬6) م ف ز: لنفسه. (¬7) م ز - مثل.

باب الأرض تكون بين الرجلين يشترطان العمل منهما جميعا ويفضل أحدهما صاحبه أو يشترطان ذلك سواء

باب الأرض تكون بين الرجلين يشترطان العمل منهما جميعاً ويُفضِّل أحدهما صاحبه أو يشترطان ذلك سواء قال محمد: إذا كانت الأرض بين رجلين، فاشتركا على أن يعملا فيها جميعاً سنتهما (¬1) هذه ببذرهما وبقرهما وأنفسهما، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فهذا جائز. وما أخرجت الأرض (¬2) من شيء فهو بينهما نصفان على ما اشترطا. ولو اشترطا أن يكون ما أخرجت الأرض بينهما، لأحدهما بعينه من ذلك الثلث، وللآخر الثلثان، فعملا على هذا، فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً، فهذه مزارعة فاسدة؛ لأنه اشترط فضل شيء هو فيه شريك بعمله فيه، فلا يكون له أجر في عمله في شيء هو فيه شريك. وكذلك لو اشترط أحدهما ثلاثة أرباع، واشترط الآخر الربع. ولو كانت الأرض بين رجلين فاشتركا فيها (¬3) سنتهما هذه، على أن يكون البذر منهما (¬4) جميعاً، من عند أحدهما بعينه الثلثان من البذر، ومن عند الآخر الثلث، على أن يعملا في الأرض جميعاً، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فهذه مزارعة فاسدة. فإن عملا على هذا، فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً، فكل (¬5) شيء أخرجت الأرض فهو بينهما على قدر بذرهما، للذي بذر ثلثي البذر من ذلك ثلثا ما أخرجت الأرض، وللآخر الثلث، وعلى صاحب ثلثي البذر (¬6) أجر مثل سدس الأرض لشريكه، ويكون له (¬7) نصف الربع طيباً (¬8) لا يتصدق منه بشيء. وأما سدس الزرع الذي بقي فإنه يأخذ منه ربع البذر الذي بذر وما غرم من ¬

_ (¬1) م ف ز: سنته والتصحيح من المبسوط، 23/ 107. (¬2) م + الأرض. (¬3) ف - فيها. (¬4) ز - منهما. (¬5) ف: وكل. (¬6) م ف ز + من ذلك ثلثا ما أخرجت الأرض وللآخر الثلث وعلى صاحب ثلثي البذر. (¬7) ف: ويكون ثلث. (¬8) م ز: طيب.

الأجر وما غرم فيه من النفقة، ويتصدق بالفضل. ولو كان (¬1) اشتركا (¬2) على أن ما أخرجت الأرض فهو بينهما على قدر ما بذرا، لصاحب الثلثين الثلثان مما أخرجت الأرض، وللآخر الثلث، كان هذا جائزاً، وكان صاحب الثلث معيناً (¬3) لصاحب الثلثين بسدس (¬4) الأرض. وإذا كانت الأرض بين رجلين، فاشتركا على أن يعملا سنتهما هذه، على أن يكون البذر منهما جميعاً نصفين، وعلى أن يكون العمل منهما جميعاً نصفين، إلا البقر، فإنهما (¬5) اشترطاه على أحدهما خاصة دون صاحبه، فعملا على هذا، فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً، فكل شيء خرج (¬6) فهو بينهما نصفان، وصاحب البقر معين لصاحبه ببقره. ولو كان الذي اشترطا عليه البقر شرطا له الثلثين مما يخرج (¬7)، كانت هذه مزارعة فاسدة. فإن عملا على هذا، فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً، فجميع ما خرج (¬8) من ذلك بينهما نصفان، ولصاحب البقر أجر مثل بقره فيما كَرَبَتْ، لأنها كربت الأرض قبل أن تقع الشركة في الزرع. وإذا كانت الأرض بين رجلين فاشتركا على أن يزرعاها سنتهما هذه، على أن يكون البذر من عند أحدهما بعينه (¬9)، والبقر من عند الآخر، وعلى أن العمل بينهما نصفان، فهذه مزارعة فاسدة. فإن كَرَبا (¬10) وبذرا وعملا على هذا، فأخرجت زرعاً كثيراً (¬11)، فجميع ما أخرجت الأرض (¬12) من ذلك لصاحب البذر. ولصاحب البقر أجر مثل بقره، وأجر ¬

_ (¬1) ز: كانا. (¬2) م ف ز: اشترطا. (¬3) م ز: معتبرا (مهملة)؛ ف: معسرا. (¬4) م ف ز: سدس. (¬5) م ز: فأيهما. (¬6) ز: فجميع ما أخرج من ذلك. (¬7) م ز: الثلثان مما تخرج. (¬8) م ف ز: ما أخرج. (¬9) ز: يعينه. (¬10) م ز: كربها. (¬11) م ز + فجميع ما خرج من ذلك بينهما نصفان ولصاحب البقر أجر مثل بقره فيما كربت ... فهذه مزارعة فاسدة فإن كربا وبذرا وعملا على هذا فأخرجت زرعاً كثيراً. (¬12) م: للأرض.

مثله في عمله، وأجر مثل حصته من الأرض. يستوفي صاحب البذر نصف الزرع، فيكون له طيباً (¬1). ويأخذ من النصف الآخر نصف الأجر الذي غرم للبقر، ولصاحب البقر في عمله، وأجر حصة صاحب البقر من الأرض، ونصف البذر، وما غرم في نصف البذر من النفقة، ويتصدق بالفضل من نصف الزرع. ولو اشترط صاحب البذر الثلثين مما تخرج الأرض، واشترط صاحب البقر الثلث، كانت هذه مزارعة فاسدة. وما أخرجت الأرض من شيء فهو لصاحب البذر خاصة. والأمر فيه كما وصفت لك في المسألة التي قبل هذا. وإذا دفع الرجل إلى الرجلين أرضاً، على أن يزرعاها ببذرهما وعملهما هذه السنة، فما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو بينهم أثلاثاً، فهذا جائز. وإن شرطا له من حصة أحدهما أكثر مما له من حصة الآخر، حتى يكون ذلك أكثر من الثلث، فهذا جائز أيضاً. وإذا كانت الأرض بين رجلين، فدفعاها إلى رجل، على أن يزرعها (¬2) سنته هذه ببذره (¬3) وعمله، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهم أثلاثاً، فهذا جائز على ما اشترطوا. ولو كان البذر من قبل صاحبي الأرض، والمسألة على حالها، كان هذا جائزاً، وهو على ما اشترطوا. وإذا دفع الرجلان أرضاً لهما إلى رجل وبذراً، على أن يزرعها (¬4) سنته هذه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فنصفه لأحد صاحبي الأرض، وللآخر الثلث، وللعامل السدس، فهذه مزارعة فاسدة. وما خرج من شيء فهو بين صاحبي الأرض نصفان. وللعامل أجر مثله فيما عمل. ولو كان العامل حين اشترط السدس سمى أن ذلك السدس من حصة أحدهما خاصة، وللذي (¬5) اشترط السدس من حصته (¬6) الثلث، وللآخر النصف، ¬

_ (¬1) م ز: طيب. (¬2) ز: أن يزرعاها. (¬3) م: ببذه. (¬4) ز: أن يزرعاها. (¬5) م ت ز: والذي. (¬6) م ف ز: من حصة.

كان هذا فاسداً أيضاً وكان كما وصفت لك في المسألة الأولى. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له على أن يزرعها سنته هذه ببذره وعمله، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، وعلى أن الكِرَاب على رب الأرض، فهذه مزارعة فاسدة. فإن عمل على هذا، فأخرجت زرعاً كثيراً، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو لصاحب البذر، ولصاحب الأرض أجر مثل أرضه وكرابه، يستوفي صاحب الزرع بذره ونفقته وما غرم من الأجر، ويتصدق بالفضل. وكذلك لو لم يشترط الكراب على رب الأرض (¬1)، ولكنه اشترط عليه حفظ الزرع، كان هذا والأول سواء على ما وصفت لك. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذراً على أن يزرعها سنته هذه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، وعلى أن الكِرَاب على رب الأرض، فهذا جائز على ما اشترطا. فإن كَرَبَها رب الأرض وزرعها المزارع فأخرجت زرعاً كثيراً فهو بينهما على ما اشترطا. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذراً على أن يزرعها (¬2) سنته هذه، فما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو بينهما نصفان، وعلى أن حفظ الزرع حتى يستحصد على رب الأرض، فهذه مزارعة فاسدة. فإن (¬3) عمل المزارع على هذا، فأخرجت زرعاً كثيراً، فجميع ما أخرجت من ذلك لرب الأرض، لا يتصدق منه بشيء. وللزارع أجر مثله فيما عمل. ولا يشبه الكِرَاب في هذا الوجه الحفظ، لأن الحفظ من عمل الزرع، ولم يُخَلِّ صاحب الأرض والبذر بين المزارع وبين العمل، والكراب عمل يكون قبل الزرع. ألا ترى أن رب الأرض لو دفع الأرض مكروبة مزارعة لم يكن بذلك بأس؟ (¬4) فكذلك هذا. ¬

_ (¬1) ف - على رب الأرض. (¬2) ز - فأخرجت زرعاً كثيراً فهو بينهما على ما اشترطا وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذرا على أن يزرعها. (¬3) ز + كان. (¬4) م ز: بأسا.

باب المعاملة في النخل والشجر يكون بين الرجلين ويدفع أحد الرجلين الأرض مزارعة

باب المعاملة في النخل والشجر يكون بين الرجلين ويدفع أحد الرجلين الأرض مزارعة قال محمد: وإذا كان النخل بين الرجلين (¬1)، فدفعه أحدهما إلى صاحبه سنته هذه، على أن يقوم عليه ويسقيه ويلقّحه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما، للعامل ثلثاه وللآخر الثلث، فهذه معاملة فاسدة. فإن عمل العامل على هذا فأخرج النخل ثمراً كثيراً، فجميع ما خرج من النخل بينهما نصفان، لا يتصدق واحد منهما بشيء منه. ولا أجر للعامل على شريكه في عمله؛ لأنه عمل في شيء هو فيه شريك. ولو كانا اشتركا [على] أن ما أخرج الله تعالى من شيء فهو بينهما نصفان، كان هذا جائزاً على ما اشترطا، وكان العامل معيناً لشريكه بعمله. وإن كان الشريك الذي لم يعمل أمر العامل أن يشتري ما يلقّح به النخل فاشتراه، رجع به عليه بنصف من ذلك في المسألتين جميعاً، في الأولى والأخرى (¬2)، ولا يشبه هذا العمل. وكذلك الشجر والكرم والقصب والرَّطْبَة يكون (¬3) بين الرجلين يدفعه أحدهما إلى صاحبه معاملة في جميع ما وصفت لك. وإذا كان النخل بين الرجلين، فاشتركا على أن يعملا فيه جميعاً ويسقياه ويلقّحاه هذه السنة طس فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فلأحدهما من ذلك بعينه الثلثان وللآخر الثلث، فهذه معاملة فاسدة. فإن عملا على هذا فأخرج النخل ثمراً كثيراً، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان (¬4)، لا يتصدقان منه بشيء. ولا أجر لواحد منهما على صاحبه؛ لأنهما شريكان في النخل. فلا يكون لواحد منهما على صاحبه فضل من الثمر لفضل (¬5) عمله. وكذلك الشجر والكرم والرَّطْبَة والقصب ¬

_ (¬1) ز: رجلين. (¬2) م ز: والاخر. (¬3) ز - يكون؛ صح هـ. (¬4) ز: تصفان. (¬5) ف: أفضل من.

يكون بين الرجلين. وذلك بمنزلة النخل في جميع ما وصفت (¬1). وإذا دفع الرجل إلى الرجلين نخلاً له، على أن يقوما عليه ويسقياه (¬2) ويلقّحاه بتلقيح من عندهما هذه السنة، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء (¬3) بينهما أثلاثاً، فهو جائز. وكذلك لو اشترطوا أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء (¬4) فنصفه لصاحب النخل، ونصفه للعاملين بينهما نصفان. وكذلك لو اشترطوا لأحد العاملين بعينه النصف، وللعامل الآخر السدس، ولصاحب النخل الثلث، كان هذا جائزاً كله على ما اشترطوا. ولو اشترطوا أن لأحد العاملين أجر مائة درهم على رب الأرض، وللآخر الثلث مما تخرج النخل، والثلثان لرب النخل، كان هذا جائزاً على ما اشترطوا. ولو اشترطوا أن لصاحب النخل الثلث، ولأحد العاملين بعينه الثلثان، وللآخر أجر مائة درهم على العامل الذي اشترط الثلثين، كان هذا فاسداً، لأن هذا بمنزلة رجل دفع إلى رجل نخلاً له معاملة هذه السنة على أن لصاحب النخل الثلث وللعامل الثلثان، وعلى أن يستأجر العامل فلاناً يعمل معه بمائة درهم هذه السنة، فكان (¬5) شرطاً فاسداً [و] هذه معاملة فاسدة؛ لأنه اشترط إجارة في إجارة. وكأن هذا استأجر رجلاً هذه السنة بمائة درهم يقوم على نخله هذا ويسقيه ويلقّحه، على أن يستأجر فلاناً يكون معه ويعمل معه هذه السنة بخمسين درهماً، فهذا فاسد؛ لأنه اشترط إجارة في إجارة (¬6). ولو أن رجلاً دفع إلى رجل أرضاً له مزارعة سنته على أن يزرعها سنته هذه ببذره وبقره، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، وعلى أن يستأجر فلاناً يعمل معه بمائة درهم، كان هذا أيضاً ¬

_ (¬1) ز + لك. (¬2) م ز: ويسقيانه. (¬3) ع، فهو. (¬4) ز - بينهما أثلاثاً فهو جائز وكذلك لو اشترطوا أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء. (¬5) م ف - فكان؛ ز هـ: كان. (¬6) ز - في إجارة.

فاسداً. ولو كان البذر من قبل صاحب الأرض فأخذها الزارع مزارعة على أن يزرعها سنته هذه فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، وعلى أن لفلان على الزارع مائة درهم في هذه السنة، على أن يعمل معه، كان هذا فاسداً أيضاً. فإن عملوا على هذا فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً، فجميع ما أخرجت (¬1) من ذلك فهو لصاحب البذر. فإن كان صاحب الأرض هو صاحب البذر فعليه مثل أجر الزارع، وأجر (¬2) مثل الذي عمل معه فيما عمل، لا يزاد على مائة درهم شيء. ولو كان البذر من قبل الزارع فعليه مثل أجر الأرض بالغا ما بلغ، وأجر مثل الذي عمل معه، لا يزاد على مائة درهم شيء. والزرع كله لصاحب البذر، يأخذ من ذلك بذره وما غرم من الأجر، ويتصدق بالفضل. وكذلك الشجر والقصب والكرم والرَّطْبَة يدفعها الرجل إلى الرجلين معاملة هذه السنة، على أن نصف ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء لصاحب الشجر من ذلك، ولأحد (¬3) العاملين بعينه النصف الباقي، وللعامل الثاني على شريكه الذي عمل معه أجر مائة درهم في عمله معه هذه السنة، فهذه معاملة فاسدة. فإن عمل العاملان على هذا فأخرج ذلك غلة كثيرة أو لم يخرج (¬4) شيئاً، فعلى صاحب ذلك أجر مثل العاملين فيما عملا للذي اشترط بالنصف مما يخرج (¬5) الشجر والقصب والكرم والرَّطْبَة، وللعامل الآخر الذي اشترط (¬6) مائة درهم أجر مثله فيما عمل على شريكه الذي عمل معه، لا يزاد على مائة درهم شيء. وليس له على صاحب الشجر والكرم والقصب والرِّطَاب شيء. إنما حقه على شريكه؛ لأنه هو الذي استأجره. وإذا كان النخل بين الرجلين (¬7)، فدفعاه إلى رجل هذه السنة على أن يقوم عليه ويسقيه ويلقح نخله، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو ¬

_ (¬1) ع + الأرض. (¬2) م ف ز: أجر. (¬3) ف: لأحد. (¬4) ز: لم تخرج. (¬5) م ز: مما تخرج. (¬6) م ف ز: اشترطه. (¬7) ز: رجلين.

بينهم أثلاثاً، فهذا جائز على ما اشترطوا. وإن اشترطوا أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فنصفه للعامل، والنصف الباقي بين صاحبي النخل نصفان، فهذا جائز أيضاً. ولو اشترطوا أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فنصفه للعامل: ثلث النصف من نصيب أحدهما، وثلثاه من نصيب (¬1) الآخر، وما بقي بين صاحبي (¬2) النخل ثلثاه للذي شرط الثلثين، كان هذا جائزاً على ما اشترطوا. وإذا دفع الرجلان نخلاً لهما إلى رجل معاملة هذه السنة، على أن يقوم عليه ويسقيه ويلقّحه، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فنصفه لأحد صاحبي النخل بعينه نصيبه الذي هو له من النخل، لا ينقص منه شيء، والنصف الآخر للعامل ثلثاه، ولصاحب النخل ثلثه، فهذه معاملة فاسدة. وما أخرج النخل من شيء فهو بين صاحبي النخل نصفان، لا يتصدقان منه بشيء، وعليهما أجر مثل عمله لهما. وإذا دفع الرجلان إلى رجل نخلاً لهما هذه السنة، على أن يقوم عليه ويسقيه ويلقّحه، فما أخرج الله تعالى منه من شيء فللعامل نصفه، ثلثه من نصف أحدهما، وثلثاه من نصيب الآخر، على أن النصف الباقي بين صاحبي النخل نصفان، [فهو فاسد، وما خرج فهو بين صاحبي النخل نصفان] (¬3)، وللعامل أجر مثله فيما عمل. وإذا كان النخل بين رجلين، فدفعاه إلى رجل على أن يقوم عليه ويسقيه ويلقحه هو وأحد صاحبي النخل بعينه هذه السنة، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهم أثلاثاً، فهذا فاسد. وما أخرج النخل من شيء فهو بين صاحبي النخل نصفان، وللعامل أجر مثله فيما عمل. ولو كان (¬4) أحد صاحبي النخل الذي عمل اشترط له (¬5) نصف ما تخرج الأرض، ¬

_ (¬1) م ف ز: من نصف. (¬2) ز: صاحب. (¬3) الزيادة مستفادة من المسائل السابقة، ومن الكافي، 2/ 332 ظ وانظر للشرح: المبسوط، 23/ 112. (¬4) ف - كان. (¬5) م ز - له.

وما بقي بين العامل وبين أحد صاحبي النخل الآخر الذي لم يعمل نصفان، كان هذا جائزاً على ما اشترطوا؛ لأن أحد صاحبي النخل الآخر (¬1) الذي عمل اشترط حصته من النخل، فلم يفسد شيئاً، ويكون نصيب صاحب النخل الذي لم يعمل بينه وبين العامل الذي لا شيء له من أصل النخل على ما اشترطا. وكذلك الشجر في هذا والقصب والرَّطْبَة والكرم فهو بمنزلة النخل في جميع ما وصفت لك. وإذا كان النخل بين الرجلين، فاشتركا فيه هما ورجل آخر (¬2)، على أن يعملوا جميعاً ويسقوه ويلقّحوه، فما أخرج الله تعالى منه من شيء فهو بينهم أثلاثاً، واشتركوا سنين (¬3) معلومة، [فهذه معاملة] (¬4) فاسدة، وما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو لصاحبي (¬5) النخل نصفان، وللعامل عليهما أجر مثله فيما عمل. وإذا دفع الرجلان إلى رجل نخلاً لهما معاملة، على أن يقوم عليه ويسقيه ويلقحه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما أثلاثاً، واشترطوا ذلك في السنة التي بعد هذه السنة التي هم فيها، أو اشترطوا ذلك بعد ثلاث سنين بعد هذه السنة التي هم فيها فقالوا: سنة كذا وكذا، فهو جائز كله، وهو على ما اشترطوا. وكذلك هذا في مزارعة الأرض: لو أن رجلاً شرط لرجل في أرض له بيضاء، على أن يزرعها سنة كذا وكذا للسنة التي بعد السنة (¬6) التي هم فيها ببذره وعمله، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، كان هذا جائزاً على ما اشترطوا. وكذلك لو كان البذر من قبل رب الأرض كان بمنزلة هذا أيضاً. وإذا دفع الرجلان إلى الرجلين نخلاً لهما معاملة هذه السنة، على أن ¬

_ (¬1) م ز - الآخر، ف، الذي لم يعمل نصفان كان هذا جائزاً على ما اشترطوا لأن أحد صاحبي النخل الآخر. (¬2) ز: أجر. (¬3) م ز: سنينا. (¬4) الزيادة مستفادة من الكافي، 2/ 332 ظ. (¬5) ز: لصاحب. (¬6) م ز - التي بعد السنة؛ صح م هـ

يقوما عليه ويسقياه ويلقّحاه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهم أرباعاً، فهذا جائز + وهو على ما اشترطوا. فإن اشترطوا أن للعاملين الثلثان، ولصاحبي النخل الثلث بينهما نصفان، فهذا جائز أيضاً على ما اشترطوا. فإن اشترطوا أن للعاملين النصف بينهما، لواحد منهما بعينه ثلثاه، وللآخر الثلث، والنصف الباقي بين صاحبي النخل نصفان، فهذا جائز أيضاً على ما اشترطوا. فإن اشترطوا أن النصف بين العاملين نصفان، والباقي بين صاحبي النخل، ثلثه لأحدهما بعينه، وثلثاه للآخر، فهذه معاملة فاسدة، وجميع ما أخرج النخل فهو لصاحبي (¬1) النخل، وللعاملين أجر مثلهما فيما عملا. ولو كانوا اشترطوا أن النصف للعاملين، من نصيب أحدهما بعينه ثلثي النصف، ومن نصيب الآخر الثلث، والنصف الباقي بين صاحبي النخل، ثلثاه للذي شرط الثلث، وثلثه للذي شرط الثلثين، كان هذا جائزاً على ما اشترطوا. ولو كانوا اشترطوا أن النصف للعاملين، ثلثاه من نصيب أحدهما بعينه، والثلث من نصيب الآخر، والنصف الباقي لصاحبي (¬2) النخل، ثلثاه للذي شرط الثلثين، والثلث للذي شرط الثلث، كانت هذه معاملة فاسدة. فإن عملا على هذا فأخرج النخل ثمراً كثيراً، فجميع ما خرج من ذلك لصاحبي النخل، وللعاملين أجر مثلهما فيما عملا. وإذا دفع الرجلان إلى الرجلين نخلاً لهما هذه السنة معاملة، على أن يقوما عليه ويسقياه ويلقحاه، فما أخرج الله تعالى منه من شيء فثلثه لأحد العاملين بعينه، والثلثان لصاحبي النخل بينهما نصفان، وللعامل الآخر أجر مائة درهم على صاحبي النخل، فهذا جائز, وهو على ما اشترطوا. ولو كانوا اشترطوا أن المائة درهم على أحد صاحبي النخل بعينه، كانت هذه معاملة فاسدة. فإن عملوا على هذا فأخرج النخل (¬3) ثمراً كثيراً، فجميع ما أخرج من ذلك لصاحبي (¬4) النخل، وللعامل الذي له ثلث الثمر أجر مثله بالغاً ما بلغ فيما عمل على صاحبي النخل، وللعامل الآخر أجر ¬

_ (¬1) ز: لصاحب. (¬2) ز: لصاحب. (¬3) ز: الثمر. (¬4) ز: لصاحب.

مثله فيما عمل، لا يجاوزونه أجر المائة (¬1) درهم، على الذي شرط له المائة درهم. ويرجع الذي شرط له المائة درهم بنصف ما لزمه من ذلك على شريكه في النخل. ولو كانوا اشترطوا أن المائة درهم (¬2) على العامل (¬3) الذي شرطوا له ثلث الثمر (¬4) كان هذا أيضاً معاملة فاسدة. فإن عملوا على هذا فأخرج النخل ثمراً كثيراً، فإن جميع ما خرج من ذلك لصاحبي النخل، وللعامل الذي شرط له ثلث الثمر (¬5) على صاحبي النخل أجر مثله، وأجر مثل صاحبه بالغاً ما بلغ. ولصاحبه عليه أجر مثله فيما عمل، لا يجاوز مائة درهم؛ لأنه شرطها له. وكذلك لو لم يخرج النخل (¬6) شيئاً كان الأمر في ذلك على ما وصفت لك. وإذا دفع الرجل إلى الرجلين نخلاً له معاملة هذه السنة، على أن يقوما عليه ويسقياه ويلقّحاه، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فنصفه لأحد العاملين بعينه، والثلث للآخر، ولصاحب النخل السدس، فهذا جائز على ما شرطوا. وكذلك لو اشترطوا أن جميع ما أخرج الله تعالى بينهم أثلاثاً كان هذا جائزاً أيضاً. وكذلك المزارعة (¬7). ولو أن رجلاً دفع أرضاً له وبذراً إلى رجلين على أن يزرعاها هذه السنة، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهم، لأحد المزارعين بعينه النصف مما تخرج الأرض، وللآخر الثلث (¬8)، ولصاحب الأرض السدس، كان هذا جائزاً على ما اشترطوا. وكذلك لو اشترطوا أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فلأحد المزارعين بعينه الثلثان، وللآخر مائة درهم على صاحب الأرض، ولصاحب الأرض ثلث ما تخرج الأرض، كان هذا جائزاً على ما اشترطوا. ¬

_ (¬1) م ف ز: لمائة. (¬2) ف - بنصف ما لزمه من ذلك على شريكه في النخل ولو كانوا اشترطوا أن المائة درهم. (¬3) م ز: على المعامل. (¬4) م ف ز: الثمن. (¬5) م ز: الثمن؛ ف: ثلثي الثمن. (¬6) ز: الأرض. (¬7) ف - وكذلك المزارعة. (¬8) ز: ثلثه.

وإذا دفع الرجل إلى الرجلين أرضاً له هذه السنة، على أن يزرعاها ببذرهما وعملهما، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فنصفه لأحد المزارعين بعينه، وثلثه للمزارع الآخر، والسدس لرب الأرض، كانت هذه مزارعة فاسدة؛ لأنهما استأجرا أرضه (¬1) جميعاً، فالذي شرط (¬2) لنفسه النصف قد استوفى جميع ما خرج له، فلا يجوز أن يكون أجر الآخر كله من نصيب صاحبه. ولو كانوا اشترطوا أن جميع ما خرج من الأرض بينهم أثلاثاً كان هذا جائزاً؛ لأن كل واحد منهما قد شرط له من نصيبه شيئاً. وكذلك لو اشترط أحدهما لنفسه أربعة أعشار ما تخرج الأرض، واشترط الآخر الثلث، وشرطوا لرب الأرض ما بقي، كان هذا جائزاً أيضاً؛ لأن كل واحد من المزارعين قد اشترط أقل من النصف. وإذا دفع الرجل إلى الرجلين أرضاً له، على أن يزرعاها هذه السنة ببذرهما وعملهما (¬3)، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فنصفه لأحدهما بعينه، ولرب الأرض عليه مائة درهم، وللآخر الثلث مما تخرج الأرض، ولرب الأرض السدس، كان هذا جائزاً، وهو على ما اشترطوا؛ لأن رب الأرض أخذ من صاحب النصف أجر نصف أرضه دراهم. ولو اشترطوا أن ما أخرجت الأرض بينهم أثلاثاً، ولرب الأرض على أحدهما بعينه مائة درهم، كان هذا فاسدأة لأنه اشترط على أحدهما (¬4) بعض ما يخرج بذره، وأخذ دراهم مع ذلك، فهذا فاسد. فإن عملا على هذا فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً، فجميع ذلك للمزارعين، ولرب الأرض مثل أجر (¬5) أرضه عليهما. ولو لم تخرج الأرض شيئاً كان لصاحب الأرض عليهما أيضاً مثل أجر ¬

_ (¬1) ز: أرضاً. (¬2) ز - شرط. (¬3) ز: وعملها. (¬4) ف - مائة درهم كان هذا فاسداً لأنه اشترط على أحدهما. (¬5) م ز - أجر.

باب المزارعة والمعاملة يدفع ذلك إلى الرجل ويأمر أن يعمل ذلك برأيه أو لا يأمره

أرضه. ولو كانوا اشترطوا أن جميع ما تخرج الأرض بينهم أثلاثاً، على أن يعطيهما رب الأرض مائة درهم، فهذه مزارعة فاسدة، وجميع ما أخرجت الأرض لصاحبي البذر، ولرب الأرض عليهما مثل أجر أرضه. وأما القول الآخر فالمزارعة بين رب الأرض وبين المزارع الذي لم يشترط عليه المائة درهم جائزة (¬1)، ويأخذ المزارع الثلث، ويأخذ رب الأرض السدس، ويكون نصف ما أخرجت الأرض للمزارع الآخر، ولرب الأرض عليه أجر (¬2) مثل نصف أرضه. وهذا القول الآخر قياس قول أبي يوسف. وهذا قول محمد بن الحسن. والقول الأول قياس قول أبي حنيفة على قول من أجاز المزارعة. ... باب المزارعة والمعاملة يدفع ذلك إلى الرجل ويأمر أن يعمل ذلك برأيه أو لا (¬3) يأمره وإذا دفع الرجل إلى الرجل نخلاً (¬4) معاملة هذه السنة، على أن يقوم عليه ويسقيه ويلقح نخله، فما أخرج الله تعالى من شيء فهو بينهما نصفان، ولم يأمره أن يعمل في ذلك برأيه، فدفعه العامل (¬5) إلى رجل آخر على أن يقوم عليه ويسقيه ويلقّح نخله هذه السنة، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء (¬6) فللعامل الآخر الثلث، فعمل العامل (¬7) الثاني على هذا، فأخرج النخل ثمراً كثيراً، فجميع ما خرج من ذلك فهو لصاحب النخل، وللعامل (¬8) الآخر على العامل (¬9) الأول أجر مثله فيما عمل، بالغاً ما بلغ. ولا أجر للعامل الأول؛ لأنه خالف حين دفع ذلك إلى غيره. فإن كان ¬

_ (¬1) م ز: جائز. (¬2) ز - أجر. (¬3) م ز: ولا. (¬4) ع + له. (¬5) م ز: المعامل. (¬6) ز + فهو بينهما نصفان. (¬7) م ز: المعامل. (¬8) م ز: وللمعامل. (¬9) م ز: على المعامل.

الثمر هلك في يدي العامل (¬1) الآخر من غير عمله وهو في رؤوس النخل، أصابته آفة فأهلكته، فلا ضمان على واحد من العاملين (¬2) في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. كان (¬3) كان الثمر هلك من عمل العامل (¬4) الآخر من (¬5) أمر خالف (¬6) فيه فيما أمر به، فالضمان (¬7) فيه لصاحب النخل على العامل (¬8) الآخر، ولا ضمان على العامل (¬9) الأول. وإن كان الثمر هلك في يدي العامل الآخر من عمله من أمر لم يخالفه فيه فيما (¬10) أمره به العامل الأول (¬11)، فلصاحب النخل أن يضمن أي العاملين (¬12) شاء (¬13). فإن ضمن الأول لم يرجع على الآخر بشيء، كان ضمن الآخر رجع على الأول بما ضمن. وإذا دفع الرجل إلى الرجل نخلاً معاملة هذه السنة، على أن يقوم عليه ويسقيه ويلقّحه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، وأمره أن يعمل في ذلك برأيه، فدفعه العامل إلى عامل (¬14) آخر بالثلث، فهذا جائز, وما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فثلثه للعامل (¬15) الآخر، وسدسه للعامل (¬16) الأول، والنصف لصاحب النخل. ولو كان قال صاحب النخل للعامل (¬17) الأول حين دفع النخل معاملة: على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بيننا نصفان، أو قال: ما كان في ذلك من ثمر فهو بيننا نصفان، وقال: اعمل برأيك، كان هذا والأول سواء، ¬

_ (¬1) م ز: المعامل. (¬2) م ز: من المعاملين. (¬3) ز: ولو. (¬4) م ز: المعامل. (¬5) م ف ز - من. والزيادة من ع. (¬6) ف ز: أم خالف. (¬7) م ف ز: والضمانه والتصحيح من ع. (¬8) م ز: على المعامل. (¬9) م ز: على المعامل. (¬10) م ف: ما. (¬11) ز - وإن كان الثمر هلك في يدي العامل الآخر من عمله من أمر لم يخالفه فيه فيما أمره به العامل الأول. (¬12) م ز: أي المعاملين. (¬13) ز: شيئاً. (¬14) م ز: المعامل إلى معامل. (¬15) م ز: للمعامل. (¬16) م ز: للمعامل. (¬17) م ز: للمعامل.

والمعاملة فيه جائزة على ما وصفت لك. ولو كان رب الأرض قال للعامل الأول حين دفع إليه النخل معاملة: ما رزقك (¬1) الله تعالى فيه من ثمر فهو بيننا نصفان، أو قال: ما أخرج الله تعالى لك فيه من شيء فهو بيننا نصفان، وقال له: اعمل برأيك، فدفعه العامل (¬2) إلى رجل آخر معاملة بالثلث، كان هذا جائزاً، وما أخرج الله تعالى من ذلك (¬3) من ثمر فثلثه للعامل الآخر، وما بقي بين العامل (¬4) الأول وبين صاحب النخل نصفان؛ لأن ذلك هو الذي رزقه الله تعالى للعامل الأول من الثمر (¬5). وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذراً على أن يزرع هذه السنة، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فللمزارع منه عشرون (¬6) قفيزاً، ولرب الأرض ما بقي، وقال له رب الأرض: اعمل فيه برأيك، أو لم يقل، فدفع المزارع الأرض والبذر إلى رجل آخر، على أن يزرع في هذه الأرض هذه السنة، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فعمل المزارع الآخر، فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً، فجميع ما أخرجت الأرض لرب الأرض، وللمزارع الأول على رب الأرض أجر مثل ذلك العمل، وللمزارع الآخر على المزارع الأول أجر مثله فيما عمل. وإن لم تخرج الأرض شيئاً كان للمزارع الأول على رب الأرض أجر مثل ذلك العمل الذي عمله المزارع الآخر، وللمزارع الآخر على المزارع الأول أجر مثله فيما عمل. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذراً على أن يزرعها سنته هذه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، وقال له: اعمل في ذلك برأيك، أو لم يقل، فدفع (¬7) المزارع الأرض والبذر إلى رجل آخر مزارعة، على أن يزرعها سنته هذه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء ¬

_ (¬1) ز: ما رزق. (¬2) م ز: المعامل. (¬3) م ز: في ذلك. (¬4) م ز: المعامل. (¬5) م ز: من الثمن. (¬6) م ز: عشرين. (¬7) م ف ز: فدفعها.

فللمزارع الآخر منه عشرون قفيزاً، فالمزارعة الأخرى فاسدة. وجميع ما أخرجت الأرض من شيء فهو بين رب الأرض والمزارع الأول نصفان، وللمزارع الآخر على المزارع الأول أجر مثله فيما عمل. ولا يضمن المزارع الأول بدفع الأرض والبذر إلى المزارع الآخر كان لم يقل له رب الأرض: اعمل فيه برأيك؛ لأن المزارع الآخر لا يكون شريكاً فيما أخرجت الأرض. فلما لم يكن (¬1) شريكاً وكان أجيراً له أجر مثله لم يضمن المزارع الأول شيئاً؛ لأنه لم يخالف. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً على أن يزرعها المدفوعة إليه سنته هذه ببذره وبقره وعمله، فما أخرج الله تعالى من ذلك فلرب (¬2) الأرض منه عشرون قفيزاً، وللمزارع ما بقي، أو كان الذي اشترط العشرين قفيزاً المزارع، ولرب الأرض ما بقي، فدفعها المزارع إلى رجل (¬3) مزارعة بالنصف، والبذر من عند المزارع الأول أو المزارع (¬4) الآخر، فعمل المزارع الآخر على هذا، فأخرجت (¬5) زرعاً كثيراً، فجميع ما أخرجت من ذلك بين (¬6) المزارعين نصفان، ولرب الأرض أجر مثل أرضه على المزارع الأول. ولو لم يعمل المزارع الآخر في الأرض حتى أراد رب الأرض أخذ أرضه، وقد عقد المزارع الأول والمزارع الآخر المزارعة فيما بينهما، فله أن يأخذ أرضه، وينقفما تعاقدا عليه من المزارعة ويأخذ الأرض؛ لأن هذا عذر. فإن كان المزارع قد زرع فليس له أن ينقض المزارعة، فلا يقبض أرضه حتى يستحصد الزرع. وإذا دفع الرجل أرضاً له إلى رجل على أن يزرعها سنته هذه ببذره وبقره وعمله، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، وقال له: اعمل برأيك، أو لم يقل، فدفعها المزارع وبذراً معها إلى رجل ¬

_ (¬1) م ف ز: لم يترك. (¬2) ز: فكرب. (¬3) م ف ز: إلى الرجل. (¬4) ف: والمزارع. (¬5) ع + الأرض. (¬6) م: من.

مزارعة، على أن للمزارع الآخر عشرين (¬1) قفيزاً مما تخرج الأرض، أو كان الذي اشترط العشرين القفيز المزارع الأول، فالمزارعة الأخيرة فاسدة. فإن عمل العامل الآخر على ذلك، فأخرجت زرعاً كثيراً، فجميع ما أخرجت الأرض من ذلك بين رب الأرض والمزارع الأول نصفان، وللمزارع الآخر على المزارع الأول أجر مثله فيما عمل. ولو كان البذر من قبل المزارع الآخر، والمسألة على حالها، كان جميع ما أخرجت الأرض للمزارع الآخر، وللمزارع الأول على المزارع الآخر أجر مثل الأرض، ولرب الأرض على المزارع الأول أجر مثل الأرض. وإذا دفع الرجل إلى الرجل نخلاً له معاملة هذه السنة بالنصف، وقال له: اعمل فيه برأيك، أو لم يقل، فدفعه العامل (¬2) إلى رجل آخر معاملة هذه السنة بعشرين قفيزاً مما يخرج، فالمعاملة الثانية فاسدة. فإن عمل العامل (¬3) الآخر على هذا، فأخرج (¬4) النخل ثمراً كثيراً، فجميع ما خرج من ذلك بين صاحب النخل والعامل (¬5) الأول نصفان على ما اشترط، وللعامل (¬6) الآخر على العامل (¬7) الأول أجر مثله فيما عمل. وإذا دفع الرجل إلى الرجل نخلاً له معاملة هذه السنة، على أن يسقيه ويقوم عليه ويلقّحه، فما أخرج الله تعالى من شيء فلصاحب النخل منه عشرون قفيزاً، وللعامل (¬8) ما بقي، أو كان العامل (¬9) اشترط مما تخرج عشرين قفيزاً، ولصاحب النخل ما بقي، وقال له: اعمل في ذلك برأيك، أو لم يقل، فدفع العامل (¬10) النخل معاملة إلى رجل آخر بالنصف، فعمل في النخل، فخرج منه ثمر كثير (¬11)، فجميع ما خرج من ذلك لصاحب ¬

_ (¬1) م ز: عشرون. (¬2) م ز: المعامل. (¬3) م ز: المعامل. (¬4) ز: فأخرجت. (¬5) م ز: والمعامل. (¬6) م ز: وللمعامل. (¬7) م ز: على المعامل. (¬8) م ز: وللمعامل. (¬9) م ز: المعامل. (¬10) م ز: المعامل. (¬11) م ز: تمراً كثيراً.

باب مزارعة المرتد ومعاملته

النخل، وللعامل الآخر على العامل الأول أجر مثله فيما عمل بالغاً ما بلغ، وللعامل (¬1) الأول على صاحب النخل أجر مثل ما عمل العامل الآخر بالغاً ما بلغ. ولا ضمان في شيء من هذا كان لم يقل له صاحب النخل: اعمل فيه برأيك؛ لأن إحدى المعاملتين إذا كانت فاسدة لم يكن العامل (¬2) الآخر شريكاً في ثمر النخل، فإذا لم يكن شريكاً في ثمر النخل لم يضمن العامل (¬3) [الأول] (¬4) ولا العامل (¬5) الآخر شيئاً. ... باب مزارعة المرتد ومعاملته وإذا ارتد الرجل عن الإسلام، ثم أعطى أرضاً له وبذراً رجلاً مزارعة هذه السنة على أن يزرعها، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فعمل (¬6) المزارع على هذا، فأخرجت زرعاً كثيراً، وقتل المرتد على ردته، ففي هذا قولان؛ أما أحدهما: فجميع ما أخرجت الأرض من شيء فهو للمزارع، وعليه ما نقص الأرض، وبذر مثل بذر الذي قبض؛ لأن عمله بغير أمره. وكذلك لو لم تخرج الأرض شيئاً لم يكن للمزارع قليل ولا كثير، وكان عليه بذر مثل البذر الذي زرع وما نقص الأرض لورثة المرتد. وهو على قياس قول أبي حنيفة في المرتد على قول من أجاز المزارعة. وأما القول الآخر - وهو قول أبي يوسف ومحمد -: فجميع ما صنع المرتد من ذلك جائز, وهي مزارعة جائزة، وما خرج من الأرض فهو بين ورثة المرتد والمزارع على ما اشترط المزارع والمرتد. ولو كان المرتد لم يقتل على ردته ولم يمت عليها حتى ¬

_ (¬1) م ز: وللمعامل. (¬2) م ز: المعامل. (¬3) م ز: المعامل. (¬4) الزيادة مفهومة من السياق. ولفظ الحاكم: ولا ضمان عليهما في ذلك. انظر: الكافي، 2/ 334 ظ؛ والمبسوط، 23/ 118. (¬5) م ف ز: للعامل. (¬6) م: يعمل.

أسلم بعدما حصد الزرع فالمزارعة جائزة في القولين جميعاً على ما اشترطوا. وإذا دفع الرجل المرتد إلى الرجل المسلم أو الذمي أرضاً له مزارعة، على أن يزرعها هذه السنة ببذره وبقره، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فزرعها المزارع فأخرجت زرعاً كثيراً، ثم قتل المرتد على ردته أو مات أو لحق بدار الحرب مرتداً، ففي هذا قولان؛ أما أحدهما: فإن كان الزرع نقص (¬1) الأرض شيئاً فالمزارع ضامن لما نقص الأرض، ويكون جميع ما أخرجت الأرض للمزارع، يستوفي من ذلك بذره ونفقته وما غرم، ويتصدق بالفضل. وإن كان الزرع لم ينقص شيئاً فهذا والأول في القياس سواء، ينبغي أن يكون جميع ما أخرجت الأرض للمزارع، ولا شيء عليه من الأجر ولا غيره. وفي الاستحسان إذا لم يَنقص الأرضَ شيئاً كان ما خرج بين المزارع وبين ورثة المرتد نصفين. وهذا قياس قول أبي حنيفة في قول من أجاز المزارعة. وأما القول الآخر- وهو قول أبي يوسف -: فجميع ما صنع المرتد والمزارع من ذلك جائز, وهو على ما اشترطوا. فإن كان المرتد أسلم بعدما انقضت المزارعة فجميع ما صنع المزارع من ذلك جائز, وهو على ما اشترطا، نقص الأرض شيئاً أو لم ينقصها. وإذا دفع الرجل المسلم إلى الرجل المرتد أرضاً مزارعة هذه السنة، على أن يزرعها ببذره وبقره وعمله، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فعمل المزارع على هذا، فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً، ثم قتل المرتد على ردته أو مات أو لحق بدار الحرب، ففي هذا قولان (¬2)؛ أما أحدهما: فجميع ما أخرجت الأرض فهو لورثة المرتد، ولا شيء لرب الأرض، نقص الأرض أو لم ينقصها. وأما القول الآخر - وهو قول أبي يوسف ومحمد -: فجميع ما أخرجت الأرض فهو بينهما نصفان على ما اشترطوا. ولو أسلم المرتد بعدما استحصد الزرع كان جائزاً في ¬

_ (¬1) ز: نقض. (¬2) م: قولين؛ ز: القولين.

القولين جميعاً، وجميع ما أخرجت الأرض بينهما نصفان (¬1) على ما اشترطا. وإذا دفع الرجل المسلم إلى الرجل المرتد أرضاً له وبذراً على أن يزرعها هذه السنة، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فزرعها المرتد فأخرج زرعاً كثيراً، ثم قتل المرتد على ردته أو مات أو لحق بدار الحرب، فجميع ما أخرجت الأرض من ذلك من شيء فهو بين رب الأرض وبين ورثة المرتد نصفان على ما اشترطوا في القولين جميعاً. وإذا دفع الرجل المرتد إلى الرجل المرتد أرضاً وبذراً على أن يزرعها هذه السنة ويعملها، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فزرعها فأخرجت زرعاً كثيراً، ثم قتلا على ردتهما أو ماتا عليها أو لحقا بدار الحرب، فجميع ما أخرجت الأرض فهو للمزارع، وعليه بذر مثل البذر الذي زرع وما نقص الأرض في ماله الذي ترك. وكذلك لو لم تخرج الأرض شيئاً كان في مال المزارع البذر الذي زرع وما نقص من (¬2) الأرض في قياس قول أبي حنيفة على قياس أقول، من أجاز المزارعة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فجميع ذلك جائز، وهو على ما اشترطا. ولو كانا أسلما أو أسلم صاحب الأرض والبذر كان جميع ما أخرجت الأرض بينهما على ما اشترطوا. وهذا قياس قول أبي حنيفة في المرتد في قول من أجاز المزارعة. والقول الآخر إن جميع ما خرج من ذلك إن قتلا على ردتهما أو ماتا أو لحقا بدار الحرب أو أسلم أحدهما بينهم على ما اشترطوا. وهذا قول أبي يوسف. وإذا دفع الرجل المرتد إلى الرجل المرتد أرضاً له على أن يزرعها ببذره وعمله هذه السنة، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما، فزرع المزارع فأخرجت زرعاً كثيراً، ثم قتلا على الردة أو ماتا أو ¬

_ (¬1) ز + على ما اشترطوا ولو أسلم المرتد بعدما استحصد الزرع كان جائزاً في القولين جميعاً وجميع ما أخرجت الأرض بينهما نصفان. (¬2) ز - من؛ صح هـ.

لحقا بدار الحرب، فجميع ما أخرجت الأرض من ذلك للمزارع، وعليه ما نقص الأرض لورثة رب الأرض. فإن لم ينقصها شيء فلا شيء لورثة رب الأرض. كان أسلما جميعاً فجميع ما وصفنا (¬1) من ذلك جائز، وهو على ما اشترطوا. ولو أسلم رب الأرض ولم يسلم الآخر حتى قتل أو مات أو لحق بدار الحرب فجميع ما خرج من ذلك لورثة المرتد، ولا شيء للمسلم. كان أسلم المزارع وقتل رب الأرض على ردته أو مات أو لحق بدار الحرب، فإن كان نقص الأرض الزرع (¬2) شيئاً ضمن الزارع ما نقص الأرض والزرع له. كان لم ينقصها شيء فالقياس فيه أن جميع ما خرج (¬3) للمزارع، ولا شيء لرب الأرض ولا لورثته (¬4)، ولكني أستحسن أن أجعل ما خرج بينهما نصفين على ما اشترطوا. وهذا قياس قول أبي حنيفة في المرتد في قول من أجاز المزارعة. وأما القول الآخر - وهو قول أبي يوسف - فإن قتلا على ردتهما أو أسلم أحدهما فجميع ما صنعا من ذلك جائز، وهو بينهم على ما اشترطوا. وكذلك إن ماتا على الردة أو لحقا بدار الحرب مرتدين. وإذا دفعت المرأة المرتدة إلى المرأة المرتدة (¬5) أرضاً وبذراً مزارعة هذه السنة بالنصف، فزرعتها (¬6) فأخرجت زرعاً كثيراً، فجميع ما خرج بينهما نصفان، والمزارعة جائزة على ما اشترطوا. وكذلك لو كان البذر من قبل المزارِعة كان هذا أيضاً مزارعة جائزة على ما اشترطوا في القولين جميعاً إن ماتتا على الردة أو لحقتا بدار الحرب مرتدتين (¬7). وإذا دفع الرجل المرتد إلى الرجل المسلم أو إلى الرجل المرتد نخلاً له معاملة، على أن يقوم عليه ويسقيه ويلقّحه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، وشرط له سنة معلومة، فعمل العامل في ¬

_ (¬1) ع: ما صنعا. (¬2) ز: الزارع. (¬3) م ف ز: ما أخرج. (¬4) م: لورثه. (¬5) ز: إلى الرجل المرتد. (¬6) م ز: فزرعها. (¬7) م ز: مرتدين.

باب المسلم يدفع الأرض مزارعة أو النخل معاملة ثم يرتد بعد ذلك أو يدفع ذلك إليه

ذلك، فأخرج النخل ثمراً كثيراً، ثم قتل رب النخل على ردته أو مات أو لحق بدار الحرب، فجميع ما خرج من ذلك لورثة صاحب النخل، ولا شيء للعامل مرتداً كان أو مسلماً، قتل على ردته أو لم يقتل. وهذا قول أبي حنيفة في المرتد على قياس من أجاز المعاملة. وأما القول الآخر وهو قول أبي يوسف: المعاملة جائزة على ما اشترطوا. وإذا دفع الرجل المسلم إلى الرجل المرتد نخلاً له معاملة هذه السنة، على أن يقوم عليه ويسقيه ويلقحه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فعمل فيه المرتد فأخرج ثمراً كثيراً، ثم قتل المرتد على ردته أو مات عليها أو لحق بدار الحرب أو أسلم، فجميع ما خرج من النخل فهو بينهما نصفان على ما اشترطوا في القولين جميعاً؛ لأن المرتد ليس عليه في هذا غرم. وإذا دفعت المرأة المرتدة إلى المرأة المرتدة نخلاً لها معاملة، على أن تقوم عليه وتسقيه وتلقّحه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فهذا جائز في القولين جميعاً، وما خرج من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، إن ماتتا (¬1) على الردة أو لحقتا (¬2) بدار الحرب مرتدتين (¬3) أو أسلمتا فذلك كله سواء، وهو على ما وصفت لك. ... باب المسلم يدفع الأرض مزارعة أو النخل معاملة ثم يرتد بعد ذلك أو يدفع ذلك إليه وإذا دفع المسلم إلى الرجل المسلم أرضاً وبذراً مزارعة، على أن ¬

_ (¬1) ز: إن ماتا. (¬2) ز: أو لحقيا. (¬3) م ز: مرتدين.

يزرعها هذه السنة بعمله، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فلما وقعت عقدة المزارعة ارتد صاحب الأرض والبذر عن الإسلام، وعمل المزارع، فلما استحصد الزرع قتل المرتد على ردته أو مات أو لحق بدار الحرب فإن هذا على قياس قول أبي حنيفة في المرتد في قول من أجاز المزارعة وقول أبي يوسف ومحمد سواء (¬1): جميع ما أخرجت الأرض فهو بين المزارع وبين ورثة المرتد نصفين على ما اشترطا. وكذلك لو كان الدافع صاحب البذر ارتد عن الإسلام بعدما زرع المزارع الزرع قبل أن يستحصد ثم قتل على ردته بعدما استحصد الزرع أو مات أو لحق بدار الحرب. وكذلك لو كان البذر من قبل الزارع، فلم يزرع المزارع حتى ارتد رب الأرض عن الإسلام، فزرعها المزارع، فأخرجت زرعاً كثيراً، ثم قتل المرتد على ردته أو مات أو لحق بدار الحرب، كان الزرع بين المزارع وبين ورثة المرتد نصفين على ما اشترطوا؛ لأن المزارعة وقعت والمسلم مسلم فلا تبطلها (¬2) ردته. وإذا دفع المسلم إلى الرجل المسلم أرضاً وبذراً على أن يزرعها سنته هذه بعمله، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فلما وقعت عقدة المزارعة لم يزرعها المزارع حتى ارتد عن الإسلام، ثم زرعها بعدما ارتد وعملها حتى استحصد الزرع، ثم قتل على ردته أو مات أو لحق بدار الحرب، فهذا جائز، وما أخرجت الأرض من شيء فهو بينهما نصفان، يأخذ حق المرتد من ذلك ورثته، فيكون لهم ميراثاً. ولو كان البذر من قبل الزارع، والمسألة على حالها، كان هذا والأول سواء، وجميع ما أخرجت الأرض بينهم على ما اشترطوا. وكذلك المرأة المسلمة ترتد عن الإسلام بعد عقدة المزارعة، وهي الدافعة للأرض أو التي زرعت، في جميع ما ذكرت لك. وهذا كله قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد في المرتد في قول من أجاز المزارعة. والمعاملة في جميع ما وصفت لك بمنزلة المزارعة. ولا يشبه هذا في قياس قول أبي حنيفة من دفع أرضه مزارعة أو ¬

_ (¬1) ف + في. (¬2) ز: يبطلها.

باب الحربي يدفع الأرض مزارعة أو يدفع إليه مسلم في دار الحرب أو في دار الإسلام

نخله (¬1) معاملة وهو مرتد (¬2)؛ لأنه عقد عقد المزارعة والمعاملة وهو مسلم، فليس يقدر على (¬3) إبطال ذلك، ولا يكون مبطلاً بارتداده. ... باب الحربي يدفع الأرض مزارعة أو يدفع إليه مسلم في دار الحرب أو في دار الإسلام وإذا دخل الحربي دار الإسلام بأمان، فدفع إليه رجل أرضاً وبذراً على أن يزرعها هذه السنة، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فعمل الحربي على ذلك فأخرجت زرعاً كثيراً، فجميع ما أخرجت الأرض من ذلك فهو بينهما نصفان على ما اشترطا. وينبغي للوالي أن لا يدع الحربي في دار الإسلام حتى يزرع ويبلغ زرعه. ينبغي له إن فعل أن يتقدم إليه في الخروج. فإن أقام سنة بعدما تقدم (¬4) إليه وضع عليه الخراج وجعل ذمياً، ولم يدعه يخرج (¬5) إلى دار الحرب. وإذا دخل الحربي دار الإسلام بأمان، فاشترى أرضاً من أراضي العشر أو من أراضي الخراج، فدفعها إلى رجل مسلم مزارعة، على أن يزرعها ببذره وبقره وعمله، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فهذا جائز. فإن أخرجت (¬6) الأرض زرعاً كثيراً فجميع ما خرج بينهما نصفان. والأرض في قياس قول أبي حنيفة خراج، يوضع على الحربي الخراج في أرضه، ويوضع الخراج على رأسه، ونجعله ذمياً، ولا ندعه يخرج إلى دار الحرب. وكذلك قول أبي يوسف ومحمد إلا في أرض ¬

_ (¬1) ز: أو على. (¬2) م ز: يرتد. (¬3) م ف: وعلى. (¬4) م ز: يتقدم. (¬5) ز: فخرج. (¬6) ز: أخرج.

العشر. فإن أبا يوسف قال: يكون على الحربي فيه العشر مضاعفاً، ولا يوضع عليه الخراج. وقال محمد: هي أرض عشر على حالها، لا يتحول (¬1) عنها العشر بتحويل (¬2) الملك. وإن كان البذر من قبل المزارع أو من قبل صاحب الأرض فهو سواء في جميع ما وصفت لك. وإذا دخل المسلم دار الحرب بأمان، فاشترى أرضاً من أراضي أهل الحرب في دار الحرب، فدفعها إلى رجل من أهل الحرب مزارعة هذه السنة، على أن يقوم عليها ويزرعها ببذره وعمله وبقره، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فعمل على هذا فأخرجت زرعاً كثيراً، فجميع ما خرج بينهما نصفان في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك لو كان البذر من قبل المسلم رب الأرض كان ذلك جائزاً في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإذا دخل المسلم دار الحرب بأمان، واشترى أرضاً من أراضيهم، فدفعها إلى رجل من أهل الحرب مزارعة هذه السنة، على أن يزرعها ببذره وبقره وعمله، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فللمزارع من ذلك عشرون قفيزاً (¬3)، ولرب الأرض ما بقي، أو كان (¬4) البذر من قبل رب الأرض، فعمل على هذا، فأخرجت زرعاً كثيراً، فهو جائز في قياس (¬5) قول أبي حنيفة، يأخذ المزارع من ذلك عشرين قفيزاً، وما بقي فهو لرب الأرض. وكذلك لو كان رب الأرض اشترط عشرين قفيزاً (¬6) كان هذا جائزاً في قولهما، يأخذ رب الأرض من ذلك عشرين قفيزاً، وما بقي فهو للمزارع. وأما في قول أبي يوسف فجميع ما خرج من ذلك لصاحب البذر. فإن كان رب الأرض صاحب البذر أعطي المزارع أجر مثله فيما عمل. وإن كان البذر من قبل المزارع أعطي صاحب الأرض أجر مثل أرضه. وهذا إذا ¬

_ (¬1) ف: لا يحول. (¬2) ف: تحويل. (¬3) ز: عشرين ققيزا. (¬4) ف: وإن كان. (¬5) ز + في. (¬6) ز - وما بقي فهو لرب الأرض وكذلك لو كان رب الأرض اشترط عشرين قفيزا.

أسلموا وخرجوا إلينا يحكم (¬1) في ذلك على ما وصفت لك. وإذا دخل المسلم دار الحرب بأمان، فدفع إليه رجل من أهل الحرب أرضاً له، على أن يزرعها ببذره وعمله هذه السنة، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، أو كان البذر من قبل رب الأرض، والمسألة على حالها، فهذا جائز في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. فإن زرعها المسلم على هذا، فأخرجت زرعاً كثيراً، فهو بينهما على ما اشترطا. ولو كان لم يشترط له نصف ما تخرج، ولكنه شرط له صاحب الأرض عشرين قفيزاً مما تخرج، ولرب الأرض ما بقي، أو كان رب الأرض شرط لنفسه عشرين قفيزاً، وللمزارع ما بقي، كان هذا جائزاً في قياس قول أبي حنيفة. فإن عمل على هذا فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً فهو بينهما على ما اشترطا. وإن لم تخرج شيئاً لم يكن لواحد منهما شيء في قياس قول أبي حنيفة أخرجت الأرض عشرين قفيزاً أو أقل من ذلك. و [إن] لم تخرج شيئاً غير ذلك كان ذلك للذي اشترط عشرين قفيزاً ولم يكن للذي اشترط مما بقي قليل ولا كثير. وهذا كله قياس قول أبي حنيفة ومحمد. وأما قول أبي يوسف فجميع ذلك لصاحب البذر، وللآخر أجر مثله فيما عمل إن كان هو العامل، وأجر مثل أرضه إن كان صاحب البذر رب الأرض، أخرجت الأرض شيئاً أو لم تخرجه. وإذا دخل المسلمان دار الحرب بأمان، فاشترى أحدهما أرضاً، فدفعها إلى صاحبه مزارعة بالنصف هذه السنة، واشترط البذر من عند (¬2) أحدهما بعينه، فهذا فاسد في قياس قول أبي حنيفة؛ لأنه كان يفسد المزارعة بين المسلمين في دار الإسلام، فكذلك في دار الحرب. وأما في قياس قول أبي يوسف ومحمد فهذا جائز، وهو على ما اشترطا. ولو كان أحدهما اشترط عشرين قفيزاً مما تخرج الأرض، واشترط الآخر ما بقي، كان فاسداً في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. فإن عمل على هذا فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً، فجميع ما أخرجت الأرض من ذلك ¬

_ (¬1) ز: نجكم. (¬2) ز - عند.

لصاحب البذر، وللآخر أجر مثله فيما عمل إن كان هو العامل، وأجر مثل أرضه إن كان صاحب الأرض. وإذا دخل المسلم دار الحرب بأمان، فدفع إليه رجل مسلم من أهل الحرب أرضاً له مزارعة، على أن يزرعها هذه السنة، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، واشترط البذر من عند أحدهما بعينه، فهذا جائز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد وقولنا (¬1). فإن زرعها على هذا فأخرجت زرعاً كثيراً، فجميع ما أخرجت (¬2) من ذلك بينهما نصفان على ما اشترطا. ولو كان أحدهما اشترط على صاحبه أن له عشرين قفيزاً مما تخرج الأرض، وللآخر ما بقي، فزرعها فأخرجت زرعاً كثيراً، فإن هذا جائز في قياس قول أبي حنيفة على ما اشترطا. فإن لم تخرج فلا شيء لواحد منهما. كان أخرجت عشرين قفيزاً أو أقل فهو للذي اشترط عشرين (¬3) قفيزاً، وليس لآخر شيء. وأما في قياس قول أبي يوسف ومحمد فإن جميع ما أخرجت الأرض من شيء فهو لصاحب البذر، وللآخر (¬4) أجر مثله فيما عمل إن كان هو العامل، وأجر مثل الأرض إن كان صاحب الأرض. وإذا دخل المسلم دار الحرب بأمان، فاشترى أرضاً من أراضيهم، فدفعها إلى رجل من أهل الحرب مزارعة هذه السنة، على أن يزرعها ببذره وبقره وعمله، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فزرعها المزارع فأخرجت زرعاً كثيراً، فاستحصد ولم يحصد حتى ظهر المسلمون على تلك الدار، فصارت دار الإسلام، فالأرض (¬5) وجميع ما فيها من قليل أو كثير فهو فيء لمن افتتحها، وليس للمسلم من ذلك قليل ولا كثير. ولو كان الزرع حصد ولم يحمل من الأرض حتى ظهر المسلمون على ¬

_ (¬1) كذا وقع هنا في جميع النسخ. ولعل هذا خطأ من الناسخين. فإن الإمام محمداً يقول في مواضع كثيرة من كتاب المزارعة: وقولنا. فيكون أحد الرواة أو الناسخين ذكر اسم الإمام محمد تصريحاً ولم يحذف قوله: "وقولنا"، فاجتمعت اللفظتان. (¬2) ع + الأرض. (¬3) م ز: العشرين. (¬4) ز: وللآجر. (¬5) م ف ز: والأرض.

تلك الدار فصارت دار إسلام، فالأرض (¬1) فيء لجميع من ظهر على تلك الدار، والزرع نصفان، نصفه للمسلم، ونصفه فيء لمن ظهر على الدار، وذلك نصيب الحربي من الزرع؛ لأن الحربي صار فيئاً، فصار نصيبه من ذلك فيئاً. ولو كان البذر في جميع هذه المسألة من قبل رب الأرض كان بمنزلة هذا في جميع ما وصفت لك. وإذا دخل المسلم دار الحرب بأمان، فدفع إليه رجل منهم أرضاً له على أن يزرعها هذه السنة بعمله، فما أخرج الله تعالى منها فهو بينهما نصفان، واشترطا (¬2) أن البذر من أحدهما بعينه، فهذا جائز. فإن عمل على هذا فأخرجت زرعاً كثيراً، فاستحصد ولم يحصد حتى ظهر المسلمون على تلك الدار، فهذه والمسألة الأولى سواء، والأرض وجميع ما فيها من زرع فيء لمن افتتح الأرض. فإن كان الزرع قد حصد وهو في الأرض لم يخرج بعد منها فالأرض ونصيب صاحب الأرض فيء، ونصيب المسلم له. فإن كان الزرع لم يحصد فبدا للإمام أن يجعل الأرض بيد أهلها ليؤدوا الخراج ولا يقسم أراضيهم (¬3) كما فعل عمر بن الخطاب بأرض السواد (¬4) فللإمام أن يفعل ذلك. فإن فعل كانت الأرض لصاحبها، والزرع بينهما نصفان على ما اشترطا (¬5). وكذلك لو كانت الأرض للمسلم، والمزارع من أهل الحرب، كانت (¬6) بمنزلة هذا في جميع ما وصفت لك. وإذا دخل المسلمان دار الحرب بأمان، فاشترى أحدهما أرضاً من أراضيهم، فدفعها إلى صاحبه مزارعة هذه السنة، على أن يزرعها ويعملها، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، واشترطا البذر على أحدهما بعينه دون الآخر، فهذا جائز. فإن عمل على هذا فأخرجت زرعاً كثيراً، فاستحصد ولم يحصد حتى ظهر المسلمون على تلك الدار، ¬

_ (¬1) ز - فالأرض. (¬2) م ز: واشترطان. (¬3) م: أرضيهم؛ ز: أرضهم. (¬4) الطبقات الكبرى لابن سعد، 3/ 282؛ والدراية لابن حجر، 2/ 119. (¬5) م ز: ما اشترطوا. (¬6) ز: كان.

فالأرض وما فيها من زرع فيء لمن افتتح تلك الدار، ولا شيء للرجلين المسلمين - المزارع ورب الأرض- في ذلك. فإن أراد الإمام أن يجعل الأرض بيد أهلها يؤدون الخراج ولم يرد قسمتها فذلك له، وتكون هذه الأرض للمسلم صاحب الأرض، يؤدي عنها الخراج، والزرع بينهما نصفان. وإن كان الزرع قد حصد قبل أن يفتتحها المسلمون فالأرض فيء، والزرع بين الرجلين المسلمين نصفان، ولا يكون الزرع فيئاً؛ لأنه قد حصد وأحرز قبل أن يظهر المسلمون على الدار. وإذا دخل المسلم دار الحرب بأمان، فاشترى أرضاً من أراضيهم، فدفعها إلى رجل من أهل الحرب مزارعة هذه السنة بالنصف، واشترط أحدهما البذر على صاحبه، أو اشترطا أن يعملا جميعاً في الأرض، فعملا فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً، ثم إن أهل الدار أسلموا، وقد استحصد الزرع ولم يحصد، كان هذا في قياس قول أبي حنيفة ومحمد جائزاً (¬1)، وجميع (¬2) ما خرج من ذلك فهو بينهما نصفان على ما اشترطا. وأما في قول أبي يوسف فجميع ما خرج لصاحب البذر، وللآخر أجر مثله فيما عمل، وله أيضاً أجر مثل الأرض إن كان هو صاحب الأرض. ولو لم يسلم أهل الدار، ولكن المسلمين ظهروا على الدار، كانت الأرض وما فيها فيئاً (¬3) للذين ظهروا على الدار، ولا شيء للمسلم ولا للحربي من أجر ولا غيره في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإن لم يقسمهم الإمام ولم يجعلهم فيئاً وتركهم يؤدون الخراج في أرضهم كما ترك عمر بن الخطاب أهل السواد فهذا بمنزلة إسلامهم عليها في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد على ما وصفت لك. والمعاملة في النخل والشجر والكرم في دار الحرب بمنزلة المزارعة في جميع ما وصفت لك. ما جاز في المزارعة جاز في المعاملة، وما بطل في المزارعة بطل في المعاملة في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ¬

_ (¬1) م ز: جائز. (¬2) ف: في جميع. (¬3) م ز: فيء.

باب مزارعة الصبي الذي يعقل ولم ييلغ والعبد الكبير وهما مأذون لهما أو محجور عليهما أو معاملتهما

وإذا دفع الرجل من أهل الحرب أرضاً له (¬1) إلى رجل من أهل الحرب مزارعة بالنصف، واشترط أحدهما البذر على صاحبه، واشترط سنة معلومة، فعمل هذا، فأخرج زرعاً كثيراً، فاستحصد ولم يحصد حتى أسلم أهل الدار، فهذا جائز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإن كان أحدهما اشترط لنفسه عشرين قفيزاً مما تخرج الأرض، وللآخر ما بقي، فعمل المزارع على هذا، فأخرج زرعاً، فاستحصد ولم يحصد حتى أسلم أهل الدار، أو حصد ثم أسلموا، فهذا جائز أيضاً في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقول محمد. ولو لم تخرج الأرض شيئاً لم يكن لواحد منهما على صاحبه شيء. ولو لم تخرج الأرض عشرين قفيزاً أو أقل (¬2) من ذلك كان جميع ما خرج من ذلك للذي اشترط العشرين قفيزاً، وليس للآخر شيء. ولو كان الشرط فيما وصفت ولم يزرع المزارع شيئاً حتى أسلم أهل الدار، ثم زرع على هذا الشرط، فهذا فاسد في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، وجميع ما أخرجت الأرض من شيء فهو لصاحب البذر، وللآخر أجر مثله فيما عمل إن كان هو العامل، وأجر مثل أرضه إن كان هو صاحب الأرض. ولو كان زرع ثم أسلم أهل الدار وهو بقل لم يُسَنْبِل (¬3)، ثم عمل فيه بعد ذلك حتى استحصد، كان هذا والأول سواء، وكان هذا فاسداً، وجميع ما أخرجت الأرض لصاحب البذر، وللآخر أجر مثله فيما عمل إن كان هو العامل، وأجر مثل الأرض إن كان صاحب الأرض. ... باب مزارعة الصبي الذي يعقل ولم ييلغ والعبد الكبير وهما مأذون لهما أو محجور عليهما أو معاملتهما وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة، فاشترى أرضاً، فدفعها مزارعة إلى ¬

_ (¬1) ف - له. (¬2) م ز: وأقل. (¬3) سَنْبَلَ الزرعُ، أي: خرج سنبله. انظر: المغرب، "سبل".

رجل، على أن يزرعها هذه السنة، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، واشترط أحدهما (¬1) البذر على صاحبه، فذلك جائز على ما اشترطا. وكذلك لو أن العبد أخذ أرضاً من رجل مزارعة، على أن يزرعها العبد هذه السنة، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، واشترط أحدهما البذر على صاحبه، فهذا جائز كله. وكذلك الصبي الذي يعقل الشرى والبيع يأذن له أبوه في التجارة، أو يأذن له وصي (¬2) أبيه وقد مات أبوه، فيدفع أرضاً مزارعة أو يدفع إليه أرض (¬3) مزارعة على ما وصفت لك، فهو بمنزلة العبد المأذون له. [ولو كان العبد المأذون له] دفع إلى رجل أرضاً له مزارعة على أن يزرعها سنته هذه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما (¬4) نصفان، واشترط العبد البذر على المزارع، فهذا جائز. وإن حجر المولى على عبده حين وقعت عقدة المزارعة قبل أن يزرع المزارع، فإن للمزارع أن يزرع الأرض على حاله، ليس لمولى العبد ولا للعبد أن يمنعه. وكذلك لو كان العبد أخذ (¬5) وهو مأذون له من رجل أرضاً وبذراً مزارعة، على أن يزرعها هذه السنة، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فهذا جائز. فإن حجر المولى على عبده بعدما وقعت عقدة المزارعة، فليس للعبد أن يترك المزارعة، وليس (¬6) للمولى أن يمنعه من ذلك؛ لأن العبد قد لزمته المزارعة وهو مأذون له، فليس للمولى (¬7) أن يبطلها. ولو كان العبد المأذون له دفع إلى رجل أرضاً وبذراً على أن يزرعها هذه السنة بالنصف فهذا جائز. فإن وقعت عقدة (¬8) المزارعة فلم يزرع ¬

_ (¬1) م ز: أحدهم. (¬2) ز - وصي؛ صح هـ. (¬3) م ز: أرضاً. (¬4) م ز: بيننا. (¬5) ز: آجر. (¬6) ف: ولا. (¬7) ز - أن يمنعه من ذلك لأن العبد قد لزمته المزارعة وهو مأذون له في التجارة فليس للمولى. (¬8) م: عقد.

المزارع حتى حجر المولى على عبده ومنعه من المزارعة فذلك للمولى؛ لأن البذر من قبل العبد، فإذا حجر على العبد كان عذراً، وكان للمولى أن يمنع المزارع من (¬1) أن يزرع البذر. وكذلك لو كان المأذون له أخذ من رجل أرضاً على أن يزرعها هذه السنة ببذره وبقره، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فلما وقعت عقدة المزارعة حجر المولى على عبده ومنعه من الزراعة (¬2)، فذلك للمولى؛ لأن البذر من قبل العبد، فللمولى (¬3) أن يمنع العبد من المزارعة (¬4)، وحجره عليه منع منه المزارعة (¬5). وكذلك الصبي الذي يعقل الشراء والبيع يأذن له أبوه أو وصي أبيه في التجارة، فدفع أرضاً مزارعة أو يأخذ مزارعة، ثم يحجر (¬6) عليه أبوه أو وصي أبيه، فهو بمنزلة العبد المأذون له إذا حجر عليه في جميع ما وصفت لك. وإذا كان للعبد (¬7) المأذون له أو الصبي (¬8) المأذون له نخل، فدفعها إلى رجل معاملة بالنصف هذه السنة، فذلك جائز. فإن وقعت عقدة المعاملة ولم يعمل العامل (¬9) في النخل حتى حجر المولى على عبده، أو الأب (¬10) على ابنه، فالمعاملة على حالها، لا تنتقض بالحجر. وكذلك لو كان النخل من قبل الرجل الأجنبي، فدفعها إلى هذا العبد أو إلى هذا الصبي معاملة بالنصف هذه السنة، فذلك جائز. فإن حجر المولى على عبده أو الأب (¬11) على ابنه وأخذهما صاحب النخل بالعمل، فإنهما يجبران على العمل، ليس لهما أن يمتنعا من ذلك. ¬

_ (¬1) ز - من. (¬2) ف: من المزارعة. (¬3) ز - لأن البذر من قبل العبد فللمولى. (¬4) م: من الزارعة؛ ز: من الزراعة. (¬5) م ز: الزراعة. (¬6) م ز: لم يحجر. (¬7) ز: العبد. (¬8) م ز: أو للصبي. (¬9) ف: للعامل؛ م ز: المعامل. (¬10) ز: والأب. (¬11) م ف ز: والأب.

وإذا كان للعبد المأذون له أرض فدفعها إلى رجل مزارعة وبذراً معها على أن يزرعها هذه السنة، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فلما وقعت عقدة المزارعة نهى المولى المزارع عن الزراعة (¬1) وفسخ المزارعة إلا أنه لم يحجر على عبده، ومضى المزارع على المزارعة، فذلك جائز، وليس للمولى أن يفسخ شيئاً من ذلك. وكذلك لو نهى المولى العبد قبل أن تقع عقدة المزارعة أن يزارع أحداً فزرع على ما وصفت لك فذلك جائز، ونهي المولى باطل. وكذلك لو كانت الأرض من الرجل الأجنبي والبذر والعمل من قبل العبد كان بمنزلة هذا في جميع ما وصفت لك. وكذلك الصبي يأذن له أبوه أو وصي أبيه في التجارة فهو بمنزلة العبد فيما (¬2) ما وصفت لك من هذا. وإذا أذن الرجل لابنه في التجارة فاشترى أرضاً، ثم حجر عليه، فدفعها إلى رجل مزارعة، على أن يزرعها ذلك الرجل هذه السنة ببذره وعمله، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فهذا باطل. فإن عمل المزارع على هذا فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً، وقد نقص الأرض أو لم ينقصها: فإن كان الزرع نقص (¬3) الأرض فعلى المزارع ما نقص الأرض، وجميع ما أخرجت الأرض فهو للمزارع صاحب البذر. وإن كانت الأرض لم ينقصها الزرع شيئاً فينبغي في القياس أن يكون جميع ما خرج من الأرض للمزارع، ولا يكون لصاحب الأرض قليل ولا كثير. ولكني أستحسن إذا لم ينقص الأرض الزرع شيئاً أن يكون ما خرج من الأرض بين المزارع وصاحب الأرض نصفين، ولا يتصدق واحد منهما بشيء. ولو كان البذر من قبل الذي دفع الأرض، والمسألة على حالها، كان جميع ما خرج من الأرض للمزارع، وعليه بذر مثل البذر الذي بذر لصاحب البذر، وما نقص الأرض إن كان نقصها شيء. وإن (¬4) لم يكن نقصها شيء فليس عليه إلا مثل ذلك البذر. وكذلك لو لم تخرج الأرض ¬

_ (¬1) ز: عن المزارعة. (¬2) م - فيما؛ ز: ما. (¬3) ز: ينقص. (¬4) ز: أو.

شيئاً كان على المزارع بذر مثل ذلك البذر (¬1)، ونقصان الأرض إن كان نقصها شيء. وإذا دفع الرجل الحر إلى العبد المحجور عليه، أو الصبي الحر الذي يعقل المحجور عليه، أرضاً وبذراً على أن يزرعها هذه السنة، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فزرعها المزارع على ذلك، فأخرجت زرعاً، وسَلِمَ العبد والصبي فلم يصبهما شيء، فإني أستحسن أن أجعل جميع ما خرج من ذلك بينهما نصفان على ما اشترطا. فإن مات العبد وهو في عمل الأرض بعدما استحصد الزرع، فصاحب الأرض والبذر ضامن لقيمة العبد لصاحب العبد، والزرع كله له (¬2) ليس لمولى العبد من ذلك قليل ولا كثير؛ لأنه حين ضمن قيمة العبد لم يكن لمولى العبد من الزرع شيء، ويطيب الزرع كله لصاحب البذر. ولو كان المزارع الصبي مات من عمل المزارعة (¬3) بعدما استحصد الزرع، فالزرع بين صاحب البذر وبين الصبي نصفان، وعلى عاقلة صاحب الأرض والبذر دية الصبي لورثته، ويطيب لصاحب الأرض ما أخذ من الزرع، ويطيب لورثة الصبي ما أخذوا من ذلك أيضاً. وإذا دفع (¬4) الرجل الحر إلى العبد المحجور عليه، أو الصبي المحجور عليه، أرضاً له مزارعة هذه السنة، على أن يزرعها ببذره وعمله، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فزرعها العبد أو الصبي ببذر من قبلهما، فأخرجت زرعاً كثيراً، فجميع ما أخرجت الأرض من ذلك فهو للعبد أو للصبي، ولا شيء لصاحب الأرض من أجر ولا زرع ولا نقصان الأرض إن كان الزرع نقص الأرض. فإن أعتق العبد بعد ذلك رجع عليه رب الأرض بأجر مثلها. وإن كبر الصبي لم يرجع عليه رب الأرض بشيء. وإن مات العبد أو الصبي في عمل الأرض لم يضمن رب ¬

_ (¬1) ف - وكذلك لو لم تخرج الأرض شيئاً كان على المزارع بذر مثل ذلك البذر. (¬2) ف - له. (¬3) ف: مات على المزارعة. (¬4) ز - دفع.

الأرض من ذلك شيئاً؛ لأنهما إنما عملا لأنفسهما. وإن كان العبد المحجور عليه أو الصبي المحجور عليه زرع الأرض ببذره فلم تخرج شيئاً، فلا شيء لواحد منهما على صاحبه، ولا ضمان على رب الأرض في شيء من البذر؛ لأن قوله لهما: أدفع إليكما الأرض على أن تَبْذُراها بذراً من قبلكما، ليس بغصب منه البذر، إنما هذا شرط شرطه عليهما في المزارعة (¬1)، وليس (¬2) عليه (¬3) في البذر ضمان. وإذا دفع الرجل الحر إلى العبد المحجور عليه أو الصبي المحجور عليه نخلاً له معاملة هذه السنة، على أن يقوما عليه ويسقياه ويلقّحاه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فعملا على هذا الوجه، فأخرج النخل ثمراً كثيراً، فجميع ما أخرج بين العامل (¬4) وبين صاحب النخل نصفان. فإن عَطِبَ العبد في عمل النخل بعدما أثمر النخل، فجميع الثمر لصاحب النخل، ولرب العبد على صاحب النخل قيمة العبد. ولو كان العامل (¬5) هو الصبي، فمات من عمل النخل، أو أصابته آفة في ذلك من عَقْر (¬6) أو جرح (¬7) فمات من ذلك، فجميع ما خرج من النخل بين ورثة الصبي وصاحب النخل نصفان، وعلى عاقلة صاحب النخل دية الصبي. ولو أن عبداً حجر عليه مولاه أو صبياً حجر عليه أبوه وفي يده نخل، فدفعه إلى رجل معاملة بالنصف هذه السنة، فعمله العامل (¬8) فأخرج ثمراً كثيراً، فإن جميع ما خرج من ذلك لصاحب النخل، وليس للعامل (¬9) ¬

_ (¬1) م - المزارعة، صح هـ. (¬2) م ز: فليس. (¬3) ف - عليه. (¬4) م ز: المعامل. (¬5) م ز: المعامل. (¬6) العقر هو الجرح. انظر: لسان العرب، "عقر". (¬7) م: أو خرج. وإن كان المقصود الخُرَاج بالضم فهو البَثْر. الواحدة خُرَاجَة وبَثْرَة. وقيل: هو كل ما يخرج على الجسد من دُمَّل ونحوه. انظر: المغرب، "خرج". وجمعه أَخْرِجَة. انظر: لسان العرب، "خرج". (¬8) م ز: المعامل. (¬9) م ز: للمعامل.

فيه قليل ولا كثير. فإن أعتق العبد رجع عليه العامل (¬1) فأخذ منه أجر مثله فيما عمل. وإن كبر الصبي لم يكن للعامل (¬2) عليه قليل ولا كثير. وإذا دفع العبد المحجور عليه أرضاً في يده مما كان من تجارته، أو أرضاً أخذها من أرض مولاه، فدفعه إلى رجل مزارعة، على أن يزرعها ببذره وبقره وعمله هذه السنة، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فزرعها المزارع، فأخرجت زرعاً كثيراً ونقص الأرض الزرع، فجميع ما خرج من ذلك للمزارع، وعلى المزارع ما نقص الأرض لرب الأرض. فإن عتق العبد بعد ذلك رجع عليه المزارع بما أدى إلى مولاه من نقصان الأرض، ثم أخذ من المزارع نصف ما أخرجت الأرض وبيع، فاستوفى العبد منه مثل ما غرم للمزارع. فإن كان فيه فضل كان لمولاه. وإن قال المولى قبل أن يعتق العبد: إنما آخذ نصف ما أخرجت الأرض، ولا أضمن المزارع ما نقص الأرض، فذلك له، ويكون ما أخرجت الأرض بين المولى وبين المزارع نصفين (¬3)، إن أعتق العبد أو لم يعتق. فإن كانت الأرض لم تنقصها الزراعة شيئاً فجميع ما خرج بين المولى وبين المزارع نصفان. وإذا دفع العبد المحجور عليه إلى رجل أرضاً من أراضي مولاه، وبذراً من بذر المولى، أو مما كان من تجارته قبل أن يحجر عليه، على أن يزرعها هذه السنة، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فزرعها المزارع، فأخرجت زرعاً كثيراً أو لم تخرج شيئاً، وقد نقص الأرض الزرع أو لم ينقصها، فللمولى أن يضمن الزارع بذراً مثل البذر الذي أخذ من عنده وما نقص أرضه. فإن ضمنه ذلك ثم إن العبد أعتق رجع عليه المزارع بما ضمن من ذلك، وكان نصف ما أخرجت الأرض للعبد، والنصف الآخر للمزارع، يستوفي العبد (¬4) من النصف الذي ¬

_ (¬1) م ز: المعامل. (¬2) م ز: للمعامل. (¬3) م ز: نصفان. (¬4) م: للعبد.

باب الكفالة في المزارعة والمعاملة

صار له ما ضمن من البذر والنقصان، ويكون الفضل لمولاه. وإن شاء المولى أخذ نصف الزرع فكان له، وكان للمزارع النصف الآخر، ولم يغرم المزارع من البذر ولا من نقصان الأرض شيئاً. ... باب الكفالة في المزارعة والمعاملة وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له مزارعة، على أن يزرعها هذه السنة ببذره، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، وضمن له رجل الزراعة عن المزارع، فإن كان الضمان شرطاً في أصل المزارعة فالمزارعة فاسدة، وما أخرجت الأرض من شيء فهو للمزارع، ولصاحب الأرض أجر مثل أرضه على المزارع، وليس على الكفيل من ذلك قليل ولا كثير. وإن كانت الكفالة ليست بشرط في أصل المزارعة فالمزارعة جائزة على ما اشترطا، والكفالة باطل. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذراً على أن يزرعها هذه السنة، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، وكفل له رجل بالزراعة (¬1) عن المزارع (¬2)، فإن (¬3) كانت الكفالة شرطاً في أصل المزارعة أو بعد ذلك، فالكفالة والمزارعة جائزتان (¬4)، فإن تغيّب المزارع أخذ الكفيل بالزراعة (¬5) والعمل حتى يزرع. فإن زرع وعمل حتى استحصد الزرع، ثم ظهر المزارع، فجميع ما خرج من الزرع بين المزارع وبين رب الأرض نصفان، وللكفيل (¬6) على المزارع أجر مثله فيما عمل. ولو كان رب الأرض اشترط على المزارع أن يزرع الأرض بنفسه ويعملها بنفسه، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، وكفل رجل عن ¬

_ (¬1) ف: بالمزارعة. (¬2) م ز: على المزارع. (¬3) ز: وإن. (¬4) ز: جائزة. (¬5) ف: بالمزارعة. (¬6) م: والكفيل.

المزارع (¬1) بالزراعة، فالكفالة باطل. فإن كانت الكفالة شرطاً (¬2) في أصل المزارعة فالمزارعة فاسدة، وللمزارع أجر مثله فيما عمل، والزرع كله لصاحب الأرض والبذر. وإن كانت الكفالة ليست في أصل المزارعة فالمزارعة جائزة، والكفالة باطل. وإذا دفع الرجل إلى الرجل نخلاً له معاملة هذه السنة على النصف، وكفل رجل لصاحب النخل على العامل (¬3) بالعمل فهما جائزان وإن (¬4) كانت الكفالة في أصل المعاملة. فإن تغيّب العامل (¬5) أخذ الكفيل بالعمل حتى يعمله. فإن أخرج النخل ثمراً كثيراً فجميع ما أخرج بين العامل (¬6) وبين صاحب النخل نصفان. وللكفيل على العامل أجر مثل عمله أخرج النخل شيئاً أو لم يخرجه. ولو كان صاحب النخل اشترط على العامل (¬7) أن يعمله ويسقيه ويلقّحه بنفسه، فأعطاه كفيلاً بالعمل، فهذه الكفالة باطل. فإن كان اشترط (¬8) في أصل المعاملة أبطلت المعاملة، وكان ما خرج من النخل (¬9) لصاحب النخل، وللعامل (¬10) أجر مثله فيما عمل. وإن كانت ليست في أصل المعاملة فالمعاملة جائزة، والكفالة باطل. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذراً على أن يزرعها هذه السنة بالنصف، وكفل رجل لرب الأرض عن المزارع بحصته مما تخرج الأرض، فهذه الكفالة باطل. فإن كانت الكفالة شرطاً (¬11) في أصل المزارعة فالمزارعة فاسدة. فإن عمل المزارع (¬12) على ذلك فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً فجميع ما أخرجت الأرض لرب الأرض، وللمزارع أجر مثله فيما عمل. وإن كانت الكفالة ليست في أصل المزارعة فالكفالة باطل، والمزارعة جائزة، وما أخرجت الأرض فهو بين المزارع وبين رب الأرض نصفان. فإن هلك ما ¬

_ (¬1) م ف ز: على المزارع. (¬2) م ز: شرط. (¬3) م ز: على المعامل. (¬4) ز: إن. (¬5) م ز: المعامل. (¬6) م ز: المعامل. (¬7) م ز: على المعامل. (¬8) م ز: شرط. (¬9) ز - النخل. (¬10) م ز: وللمعامل. (¬11) م ز: شرط. (¬12) ز: المرابح.

أخرجت في يدي المزارع قبل أن يقبض رب الأرض نصيبه من ذلك، فلا ضمان على الكفيل ولا على المزارع من ذلك (¬1). وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له على أن يزرعها هذه السنة ببذره وعمله، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، وكفل رجل لرب الأرض على المزارع بحصته مما تخرج الأرض، فالكفالة باطل. فإن كانت الكفالة شرطاً (¬2) في أصل المزارعة فسدت المزارعة (¬3)، وكان ما أخرجت الأرض للمزارع، وعليه أجر مثل الأرض لرب الأرض. وإن لم تكن الكفالة في أصل المزارعة فالمزارعة جائزة، والكفالة باطل، وما أخرجت الأرض فهو بينهما نصفان. فإن هلك ذلك في يدي المزارع قبل أن يقبض رب الأرض نصيبه فلا ضمان على المزارع ولا على الكفيل من ذلك. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له على أن يزرعها هذه السنة، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فاشترط أحدهما البذر على صاحبه، وكفل رجل لأحدهما بعينه عن صاحبه (¬4) بحصته مما تخرج الأرض إن استهلكها صاحبه، فإن كان هذا شرطاً (¬5) في أصل المزارعة فالمزارعة فاسدة، وإن كان ذلك ليس (¬6) في أصل المزارعة فالمزارعة جائزة، والكفالة جائزة. وإن استهلك ذلك المضمون عنه ضمن ذلك الكفيل عنه، يأخذ الطالب بذلك أيهما شاء. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له مزارعة بالنصف والبذر من عند أحدهما، وكانت المزارعة فاسدة، وضمن رجل لصاحب الأرض بحصته مما تخرج الأرض، فعمل المزارع، فأخرجت زرعاً كثيراً، فلا ضمان على الكفيل في شيء من ذلك. وإن كان البذر من قبل المزارع، فوجب للأرض أجر مثلها، لم يضمنه الكفيل؛ لأنه إنما ضمن حصة رب الأرض من ¬

_ (¬1) ز + شيء. (¬2) م ز: شرط. (¬3) ف: فالمزارعة فاسدة. (¬4) ز: على صاحبه. (¬5) م ز: شرط. (¬6) ف - ليس.

باب ما يستهلكه المزارع والمعامل فيجب عليه مثله أو أجر مثله

الطعام، والذي وجب لرب الأرض غير ذلك، فلا يضمن شيئاً من الطعام ولا غيره. وإذا دفع الرجل إلى الرجل نخلاً له معاملة بالنصف هذه السنة، وضمن رجل لصاحب النخل بحصته مما تخرج النخل عن العامل (¬1)، فالضمان باطل. فإن كان ذلك شُرِط في أصل المعاملة فالمعاملة فاسدة، وما أخرج النخل من شيء فهو لصاحب النخل، وللمعامل على المعامل (¬2) أجر مثله فيما عمل. وإن كانت الكفالة لم تكن في أصل المعاملة فالمعاملة جائزة، والكفالة باطل، وجميع ما أخرج النخل من شيء فهو بين العامل (¬3) وصاحب النخل نصفان. فإن هلك ذلك في يدي المعامل فلا ضمان على الكفيل في شيء من ذلك. ... باب ما يستهلكه المزارع والمعامل فيجب عليه مثله أو أجر مثله وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له على أن يزرعها هذه السنة، بكُرّ من طعام بعينه في يدي المزارع، فهذا جائز. فإن زرعها الزارع سنته كلها، فلما ذهب وقت الزراعة استهلك المزارع الكُرّ الذي في يديه الذي استأجر به الأرض، فعليه أجر مثل الأرض بالغاً ما بلغ، ولا يكون عليه طعام مثل ذلك الطعام. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً مزارعة هذه السنة، على أن يزرعها ببذره وبقره وعمله، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فزرعها المزارع، فأخرجت زرعاً كثيراً، فلما استحصد استهلكه ¬

_ (¬1) م ز: عن المعامل. (¬2) م: على المعامل. والمقصود بالمعامل الثاني صاحب النخل. (¬3) م ز: المعامل.

المزارع كله، فإن المزارع ضامن لحصة رب الأرض مما استهلك، ولا يكون عليه أجر مثل الأرض كما يكون عليه في الوجه الأول؛ لأن الطعام في الوجه الأول لو هلك من غير أن يستهلكه المستأجر كان عليه أجر مثل الأرض لرب الأرض؛ لأنه في ضمانه. ولو هلك جميع ما خرج من الأرض في المسألة الثانية قبل أن يستهلكه المزارع لم يكن على المزارع ضمان، وإنما يضمن المزارع إذا استهلك ما تخرج الأرض باستهلاكه، ولم يكن في ضمانه قبل ذلك، فعليه ضمان ما استهلك. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له على أن يزرعها ببذره وبقره، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فزرعها، فلما استحصد زَرْعُها باع رب الأرض نصيبه قبل أن يقبضه من المزارع أو من غيره فالبيع جائز. ولو كان المزارع استأجر الأرض من صاحبها بكُرّ من طعام بعينه على أن يزرعها هذه السنة، فزرعها فمضت السنة، فباع رب الأرض الطعام قبل أن يقبضه من مستأجر (¬1) الأرض أو من غيره فبيعه باطل. وهذا يبين لك أن المستأجر إذا استهلك الكر الذي استأجر به الأرض كان عليه أجر مثلها. وإذا كان أخذها بنصف ما تخرج فاستهلك ما أخرجت ضمن حصة رب الأرض مما أخرجت. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذراً على أن يزرعها هذه السنة بعمله، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فلما استحصد الزرع استهلكه المزارع فعليه حصة رب الأرض من ذلك. وكذلك لو استهلكه رب الأرض ولم يستهلكه المزارع كان على رب الأرض ضمان حصة المزارع مما أخرجت الأرض. ولو كان رب الأرض استأجر المزارع بكُرّ من طعام بعينه على أن يزرعها المزارع ببذر رب الأرض، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء كان لرب الأرض، فزرعها، فلما استحصد ومضت الزراعة (¬2) استهلك رب الأرض الكر الذي عنده الذي استأجر به المزارع، فجميع ما أخرجت الأرض لرب الأرض، وللزارع أجر ¬

_ (¬1) م ف ز: من المستأجر. (¬2) ف: المزارعة.

باب مزارعة المريض ومعاملته

مثله على رب الأرض بالغاً ما بلغ؛ لأن الزارع لو لم يستهلك رب الأرض الكر الذي عنده لم يكن له أن يبيعه حتى يقبضه. ولو أخذ الأرض مزارعة بالنصف مما تخرج والبذر من قبل رب الأرض، فباع نصيبه بعدما استحصد من رب الأرض أو من غيره، لم يكن بذلك بأس، فهذا فرق ما بينهما. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً مزارعة هذه السنة، على أن يزرعها ببذره وبقره وعمله، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فزرعها المزارع وأخرجت (¬1) زرعاً كثيراً، فلما استحصد الزرع استهلكه رب الأرض كله، فعليه ضمان حصة المزارع مما استهلكه. وإذا دفع الرجل إلى الرجل نخلاً له معاملة على أن يقوم عليه ويسقيه ويلقّحه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فأخرج النخل ثمراً كثيراً، فلما بلغ استهلكه أحدهما المعامل أو صاحب النخل، فأيهما استهلك ذلك فعليه ضمان حصة صاحبه مما استهلك. فإن لم يستهلك ذلك واحد منهما فلا بأس أن (¬2) يبيع أحدهما حصته قبل أن يقبضها؛ لأن ذلك لو هلك من غير أن يستهلكه أحد لم يكن فيه ضمان لواحد منهما على صاحبه. ... باب مزارعة المريض ومعاملته وإذا دفع الرجل إلى الرجل وهو مريض (¬3) أرضاً له مزارعة، على أن يزرعها ببذره وبقره وعمله هذه السنة، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما لصاحب الأرض جزء من مائة جزء (¬4)، وللآخر ما بقي، وليس لرب الأرض مال غير أرضه، وعليه دين كثير يحيط بالأرض وأجرها، ¬

_ (¬1) ز: فأخرجت. (¬2) م ز: بأن. (¬3) ف - وهو مريض. (¬4) ف - من مائة جزء.

فزرعها المزارع، فأخرجت زرعاً كثيراً، وكان أجر مثل الأرض أكثر من حصة صاحب الأرض من الزرع أضعافاً مضاعفة، فمات رب الأرض في مرضه ذلك، فجميع ما أخرجت الأرض بينهما على ما اشترطا، يستوفي المزارع من ذلك حقه، وينظر إلى حق صاحب الأرض، ويكون ميراثاً بينهما. فإن كان عليه دين بيع حصته من ذلك، وبيعت الأرض حتى يستوفي الغرماء حقهم (¬1). فإن بقي شيء بعد ذلك كان ميراثاً لورثة صاحب الأرض. فإن كانت الزراعة نقصت الأرض أكثر من أجر مثلها ومما (¬2) أصاب رب الأرض من الزرع لم يغرم المزارع من ذلك قليلاً ولا كثيراً؛ لأنه عمل بأمر رب الأرض. وكذلك لو كان المزارع صاحب البذر أحد ورثة رب الأرض كان بمنزلة هذا في جميع ما وصفت لك. وإذا دفع الرجل المريض إلى رجل أرضاً وبذراً على أن يزرعها هذه السنة، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما، للمزارع تسعة أعشار، ولرب الأرض عشره، فزرعها المزارع، فأخرجت طعاماً كثيراً، ثم مات المريض، ولا مال له غير الأرض والطعام، ولا دين عليه، فإنه ينظر إلى الزرع يوم خرج من الأرض وقد صارت له قيمة، كم تساوي تسعة أعشاره. فإن كانت تسعة أعشاره مثل أجر مثل الأرض أو أقل من ذلك، فلما قام عليه حتى استحصد صارت تسعة أعشار (¬3) ما خرج أكثر من أجر مثل المزارع، أو أكثر من ثلث مال رب الأرض والبذر، فإن للمزارع تسعة أعشار ما خرج من الأرض كله، لا حق لورثة رب الأرض فيه، والعشر مما أخرجت (¬4) الأرض لورثة رب الأرض. فإن كان الزرع حين خرج من الأرض كان تسعة أعشاره أكثر من أجر مثل المزارع، فقام عليه وسقاه حتى استحصد، وكان (¬5) تسعة أعشار ما خرج أكثر من أجر مثل المزارع، أو أكثر من ثلث ما ترك الميت، فأبى الورثة أن يجيزوا ذلك، ¬

_ (¬1) ف: حصتهم. (¬2) ز: وما. (¬3) م ف ز: أعشاره. (¬4) ف: ما أخرجت. (¬5) م ز: وكانت.

فإن المزارع يأخذ (¬1) من حصته مما أخرجت الأرض مثل أجر مثله، ويأخذ مما بقي مثل ثلث ما ترك الميت وصية، ويكون ما بقي مما أخرجت الأرض لورثة رب الأرض؛ لأن الزرع إذا خرج من الأرض فصار في حصة المزارع فضل عن أجر مثله، فكان ذلك وصية من الثلث، فإنما ينظر إلى قيمة ما أخرجت الأرض يوم تقع القسمة. وإذا لم يكن فيه فضل يوم خرج الزرع كان ما زاد من ذلك للمزارع. وإنما مثل هذا مثل رجل استأجر في مرضه رجلاً يخدمه سنة بجارية له بعينها، ليس له مال غيرها، فدفعها إليه، وخدمه الرجل السنة حتى أكملها، وولدت الأمة أولاداً، وزادت في بدنها حتى صارت تساوي مالاً عظيماً أكثر من أجر الرجل، ثم مات المريض من مرضه ذلك، فإنه ينظر إلى قيمة الخادم يوم وقعت الإجارة وقبضها الأجير. فإن كانت تكون قيمتها مثل أجر الأجير أو أقل من ذلك (¬2) كان (¬3) جميع أولادها وجميع زيادتها للأجير، لا شيء للميت ولا لورثته في ذلك؛ لأنه لم يكن في ذلك وصية. فإن كانت قيمة الجارية أكثر من [أجر] مثل الأجير يوم وقعت الإجارة وقبض الجارية، والمسألة على حالها، فإن الأجير يعطى من الجارية مقدار أجر مثله، وثلث ما ترك الميت بعد ذلك من الجارية وولدها وصية له، وترد قيمة البقية على الورثة. وكذلك المزارعة التي وصفت لك. وإذا دفع الرجل المريض إلى الرجل أرضاً وبذراً على أن يزرعها هذه السنة، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، وليس للمريض مال غير ذلك، والمزارع أحد ورثة المريض، فزرع المزارع الأرض، فأخرجت زرعاً كثيراً، ثم مات المريض من ذلك المرض، فأبى الورثة أن يجيزوا للوارث المزارعة، فإنه ينظر إلى الزرع يوم خرج من الأرض، وصارت له قيمة، فإن كانت حصة المزارع الوارث من ذلك مثل أجر مثله أو أقل فالمزارعة جائزة، ونصف ما أخرجت الأرض من قليل أو ¬

_ (¬1) ز: أخذ. (¬2) م + فان. (¬3) ز: فإن.

كثير فهو للمزارع الوارث وإن (¬1) زاد ذلك حتى يصير أكثر من أجر مثله أضعافاً مضاعفة. وإن كانت حصة (¬2) المزارع من الزرع حين يخرج من الأرض أكثر من أجر مثله، ثم سقى المزارع الزرع، وقام عليه حتى استحصد، فصارت حصته أكثر من أجر مثله أضعافاً مضاعفة، فإن للوارث المزارع من ذلك مقدار أجر مثله من الزرع، وما بقي فهو ميراث بين الورثة على فرائض الله تعالى. وإذا دفع الرجل المريض إلى الرجل أرضاً وبذراً على أن يزرعها هذه السنة، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فزرعها المزارع، فأخرجت زرعاً كثيراً، ثم مات رب الأرض وليس له مال غير ذلك، وعليه دين كثير يأتي على جميع ماله، فإنه ينظر إلى حصة المزارع من الزرع يوم خرج من الأرض وكانت له قيمة. فإن كانت حصته من ذلك مثل أجر مثله (¬3) أو أقل من ذلك كان جميع حصته مما خرج من الزرع، ولا وصية له فيه، ولكنه لا يسلم له. يؤخذ جميع ما أخرجت الأرض، فيباع هو والأرض، فيقسم ذلك كله بين الغرماء، يضرب فيه الغرماء بدينهم، ويضرب فيه المزارع (¬4) بقيمة حصته مما أخرجت الأرض. فما أصاب المزارع كان له مما أخرجت الأرض. وما أصاب الغرماء بيع فقسم بينهم بالحصص، ولا يكون أحق بحصته مما أخرجت الأرض من الغرماء؛ لأنه لم يعط (¬5) لها عوضاً. وإنما مثل هذا مثل رجل مريض (¬6) استأجر رجلاً يخدمه سنة بجارية بعينها، ودفعها إليه، وقيمتها مثل أجر مثله، فخدمه (¬7) الرجل حتى انقضت السنة، وزادت الجارية في بدنها وولدت أولاداً حتى صارت قيمتها أكثر من أجر مثل الأجير، ثم مات المريض من مرضه ذلك، وترك عليه ديناً كثيراً, ولم يدع مالاً غير الجارية وولدها، فإن الجارية ¬

_ (¬1) ز: فإن. (¬2) م ز + المزارعة. (¬3) ف: مثل أجره. (¬4) م ف ز: المضارب. (¬5) م ز: لم يعطي. (¬6) ف - مريض. (¬7) م ز: يخدمه.

وولدها يضرب في قيمتها الغرماء (¬1) بجميع دينهم، ويضرب في ذلك الأجير بقيمة الجارية وولدها. فكذلك المزارعة. وإذا دفع الرجل المريض إلى الرجل أرضاً له وبذراً على أن يزرعها هذه السنة، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فزرعها المزارع، فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً، ثم مات المريض وليس له مال غير ذلك، وعليه دين كثير، وحصة المزارع من الزرع حين خرج من الأرض أكثر من أجر مثله، فإن الأرض والزرع يقسم بين الغرماء، يضرب فيه الغرماء بدينهم، ويضرب فيه المزارع بقدر أجر مثله، فما أصاب المزارع أخذ من الطعام، وما أصاب الغرماء بيع فقسم بينهم بالحصص؛ لأن هذا كانت فيه وصية، وإنما ينظر إلى قيمته يوم يختصمون قلت الوصية أو كثرت، ولا يشبه هذا المضاربة. لو أن رجلاً مريضاً دفع إلى رجل ألف درهم مضاربة على أن الربح بينهما نصفان، فعمل الرجل (¬2)، فربح عشرة آلاف درهم، ثم مات المريض وليس له مال غير ذلك، وأجر مثل المضارب فيما عمل مائة درهم، فإن الورثة يأخذون رأس المال، وما بقي فهو بينهم وبين المضارب نصفان، ولا ينظر في هذا إلى أجر مثله؛ لأن رأس المال قد رجع إلى ورثة المضارب، والربح مال لم يكن لرب المال، فالشرط فيه جائز على ما اشترطوا. والبذر في الأرض ليس يرجع إلى رب الأرض فيه رأس ماله ويكون ما بقي بينهما، إنما يكون ما خرج بينهما، فلا بد من أن يكون ذلك وصية. ولو كان يرجع إلى صاحب البذر رأس ماله ويكون ما بقي بينهما كما يكون في المضاربة لجاز ذلك على ما جازت عليه المضاربة. فلذلك اختلفا. ولا ينظر في هذا (¬3) إلى قيمة البذر أيضاً؛ لأن البذر لم يصر للمزارع فيه شيء بعمله، إنما يكون له النصف مما يخرج منه. إنما ينظر إلى ما يخرج منه؛ لأنه هو الذي صار للمزارع بعمله. فإن كان مثل أجر المزارع أو أقل فلا وصية له. وإن كان أكثر من أجر المزارع كانت ¬

_ (¬1) م ف ز: للغرماء. (¬2) ف: الربح. (¬3) ز: إلى هذا.

فيه وصية، ولا ينظر في ذلك أيضاً إلى زيادته بعد خروجه إذا كان يوم خرج مثل أجر المزارع أو أقل (¬1)؛ لأنه إنما زاد بعدما ملك حصته منه، فكل شيء زاد بعد ذلك فإنما زاد في ملكه ولم يزد في ملك رب الأرض والبذر، فلذلك نظر إلى قيمة حصة المزارع يوم خرج الزرع. وإذا دفع الرجل الصحيح (¬2) إلى الرجل المريض أرضاً على أن يزرعها المريض (¬3) هذه السنة ببذره، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فزرعها المريض ببذره من قبله ليس له مال غيره، فأخرجت زرعاً كثيراً، ثم مات المريض من مرضه ذلك، فإنه ينظر إلى حصة رب الأرض مما أخرجت الأرض يوم صار زرعاً كم قيمته. فإن كان حصة رب الأرض (¬4) من ذلك مثل أجر الأرض أو أقل فجميع ما خرج من الزرع من شيء فبين ورثة المزارع وبين رب الأرض نصفان، نصفه لرب الأرض، ونصفه بين ورثة المزارع، ولا يلتفت إلى زيادة الزرع بعد خروجه ولا إلى نقصانه. وإن كانت حصة رب الأرض من الزرع يوم خرج الزرع من الأرض أكثر من أجر مثل الأرض نظر (¬5) إلى حصة رب الأرض مما أخرجت الأرض يوم تقع القسمة، وأعطي من ذلك رب الأرض مقدار أجر مثل أرضه، وثلث جميع ما ترك الميت بعد ذلك مما بقي من حصته له وصية، ويرد ما بقي على ورثة الميت. فإن كان رب الأرض أحد ورثته (¬6) نظر إلى قيمة حصته من الزرع يوم خرج من الأرض، فإن كان مثل أجر الأرض أو أقل من ذلك كانت له حصته كلها بزيادتها لا ينقص من ذلك شيء، فإن كانت حصته من الزرع يوم خرج من الأرض وصار بَقْلاً أكثر من أجر مثل أرضه لم يكن له من ذلك الزرع إلا مقدار أجر مثله، ويرد ما بقي على الورثة، فيكون ميراثاً بينهم جميعاً على مواريثهم إن أبى الورثة أن يجيزوا له الوصية. وإن (¬7) أجازوا له الوصية سلمت له حصته كلها. ولو كان رب الأرض ليس بوارث للميت، ¬

_ (¬1) ز - أو أقل. (¬2) ز: الصيح. (¬3) م - المريض. (¬4) ف + أكثر. (¬5) ز - نظر. (¬6) ز: ورثة الميت. (¬7) ز: فإن.

وعلى الميت دين كثير (¬1) يحيط بجميع ما ترك، نظر في قيمة حصة رب الأرض من الزرع يوم خرج من الأرض. فإن كان يكون مثل أجر الأرض أو أقل كانت له حصته من الزرع كلها، إلا أنها لا تسلم له، ولكن يضرب بها (¬2) مع الغرماء في جميع الزرع، فما أصابه من ذلك أخذ (¬3) من حصته من الزرع، وما أصاب الغرماء بيع فقسم بينهم بالحصص. فإن كان في قيمة حصة رب الأرض من الزرع فضل يوم خرج الزرع على أجر مثل رب (¬4) الأرض ضرب رب الأرض مع الغرماء بقدر أجر مثل أرضه، فما أصابه أخذ من حصته من الزرع، وما أصاب الغرماء بيع فقسم بينهم بالحصص. و [إن] كان الدين لم يكن على الميت في الصحة، ولكنه أقر به في المرض بدئ بحق رب الأرض، وكان ما بقي لغرماء المريض، ولا يكون لرب الأرض وصية؛ لأن الدين الذي يقر به المريض أولى من الوصية. فإن كانت قيمة حصته من الزرع يوم خرج من الأرض لا فضل له فيها (¬5) عن أجر مثل أرضه سلمت له حصته كلها، وكان الدين فيما بقي. وإن كان فيها فضل يوم خرج الزرع على أجر مثل الأرض بدئ برب الأرض فأعطي من ذلك مقدار أجر مثل أرضه، وكان الفضل للغرماء، يباع فيكون بينهم بالحصص. وإذا دفع الرجلا المريض إلى الرجل نخلاً له (¬6) معاملة، على أن يقوم عليه ويسقيه ويلقِّحه هذه السنة، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فقام عليه المزارع ولقّحه وسقاه حتى صار تمراً، ثم مات رب النخل وليس له مال غير النخل وثمره (¬7)، فإنه ينظر إلى ما أثمر النخل يوم طلع من النخل وصار (¬8) كُفَرَّى (¬9) وصار له قيمة. فإن كان نصف قيمته ¬

_ (¬1) ف - كثير. (¬2) م ف ز: يضربها. (¬3) ف ز: أخذه. (¬4) ف ز - رب. (¬5) م - فيها. (¬6) ز - له. (¬7) ز - وثمره. (¬8) ف - وصار. (¬9) الكُفَرَّى بضم الكاف وفتح الفاء وتشديد الراء كِمّ النخل، لأنه يستر ما في جوفه. أي: إنه مأخوذ من الكَفْر، وهو في الأصل: الستر، يقال: كَفَرَه وكفّره إذا ستره انظر: المغرب، "كفر".

مثل أجر العامل أو أقل فللعامل من الثمن نصفه، والنصف الباقي للورثة. وإن كان نصف قيمته (¬1) أكثر من أجر العامل (¬2) أنظر إلى مقدار مثل أجر العامل (¬3) من الثمن فكان للعامل (¬4)، وثلث جميع ما ترك الميت مما بقي من حصته وصية له (¬5)، وما بقي فللورثة ورثة الميت. وإن كان المعامل من ورثة الميت، ونصف قيمة الكُفَرَّى مثل أجر مثله أو أقل، فله نصف الثمر، لا ينقص منه قليل ولا كثير. وإن كان قيمة نصف الكفرى أكثر من أجر مثل العامل (¬6) فله من الثمر (¬7) مقدار أجر مثله، وما بقي فهو بينه وبين الورثة جميعاً على فرائض الله تعالى. وهذا إذا لم تجز الورثة الوصية. فإن أجازوها (¬8) أخذ العامل (¬9) نصف الثمر فكان له، وكان النصف (¬10) الباقي (¬11) بينه وبين بقية الورثة على فرائض الله تعالى. وإذا دفع الرجل المريض إلى الرجل نخلاً له معاملة هذه السنة، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فأخرج ثمراً كثيراً، ثم مات صاحب النخل وعليه دين كثير يحيط بماله (¬12)، فإنه ينظر في قيمة حصة العامل (¬13) من الكُفَرَّى حين طلع وحصته من ذلك النصف. فإن كانت (¬14) قيمة ذلك مثل أجر مثله فيما عمل أو أقل من ذلك ضرب مع الغرماء بنصف الثمر (¬15)، وضرب الغرماء بدينهم كله، ما (¬16) أصاب العامل (¬17) أخذه من حصته من الثمر (¬18)، وما أصاب الغرماء بيع فقسم ¬

_ (¬1) ز - مثل أجر العامل أو أقل فللعامل من الثمن نصفه والنصف الباقي للورثة وإن كان نصف قيمته. (¬2) ز: المعامل. (¬3) ز: المعامل. (¬4) ز: للمعامل. (¬5) ز - له. (¬6) ز: المعامل. (¬7) ز: الثمن. (¬8) ز: أجازها. (¬9) ز: المعامل. (¬10) م ف ز: نصف. (¬11) ف: الثاني. (¬12) ف ز: بجميع ماله. (¬13) ز: المعامل. (¬14) ز: وإن كان. (¬15) ز: الثمن. (¬16) ز: فما. (¬17) ز: المعامل. (¬18) م ز: من الثمن.

بينهم على مقدار دينهم. فإن كان نصف قيمة الكُفَرَّى أكثر من أجر مثل العامل (¬1) قسم الثمر (¬2) وجميع ما ترك الميت بين العامل (¬3) والغرماء، يضرب (¬4) فيه العامل (¬5) بمقدار أجر مثله، ويضرب فيه الغرماء بدينهم. فما أصاب العامل (¬6) كان له من حصته من الثمر، وما أصاب الغرماء بيع فقسم بينهم بالحصص. وإذا دفع الرجل الصحيح إلى الرجل المريض نخلاً له معاملة على أن يقوم عليه هذه السنة، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فللمريض منه جزء من مائة جزء، ولصاحب النخل ما بقي، فقام عليه العامل (¬7) المريض وأعوانه وأجراؤه (¬8) وسقاه ولقّحه (¬9) حتى صار ثمراً، ثم مات وليس له مال وعليه دين كثير، ورب النخل بعض ورثته، وأجر مثل العامل (¬10) فيما عمل هو وأجراؤه وأعوانه أكثر من حصته من الثمر (¬11)، فإن للعامل (¬12) مما أخرج النخل جزء من مائة جزء، وليس له غير ذلك، وما بقي فلصاحب النخل، ولا يشبه هذا ما قبله؛ لأن هذا المريض إنما أجر نفسه ببعض ما تخرج الأرض. ألا ترى أنه لو أعانه بنفسه لم يكن له شيء، فكذلك إذا أجر نفسه بشيء قليل أو كثير فهو له، وليس له غيره. وإذا دفع الرجل (¬13) المريض إلى الرجل زرعاً له في أرض قد صار بَقْلاً لم يستحصد، أو كُفَرَّى في رؤوس النخل، أو ثمر في شجر حين طلع (¬14) أخضر لم يبلغ، على أن يقوم عليه حتى يبلغ، فما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فقام عليه العامل (¬15) حتى بلغ وخرج ¬

_ (¬1) ز: المعامل. (¬2) م ف ز ب: الثمن. (¬3) ز: المعامل. (¬4) ز: نضرب. (¬5) ز: المعامل. (¬6) ز: المعامل. (¬7) ز: المعامل. (¬8) ز: وأجرائه. (¬9) ز: ولحقه. (¬10) ز: المعامل. (¬11) م ز: من الثمن. (¬12) ز: للمعامل. (¬13) ف - الرجل. (¬14) ف: حتى طلع. (¬15) ز: المعامل.

منه طعام كثير وثمر كثير، ثم مات صاحب النخل والشجر والزرع ولم يدع مالاً غير ذلك، فإنه ينظر إلى حصة المعامل من ذلك يوم قام عليه فزاد في يديه. فإن كانت قيمة حصته من ذلك يومئذ تكون مثل أجر مثله أو أقل فله نصف (¬1) ما خرج من ذلك بالغاً ما بلغ، زاد على الثلث أو لم يزد. وإن كانت قيمة حصته من ذلك في تلك الحال التي وصفت لك أكثر من أجر مثله فيما عمل كان له من حصته مما خرج من ذلك بمقدار أجر مثله، وثلث جميع ما ترك الميت وصية، ويرد ما بقي على ورثة الميت. فإن (¬2) كان العامل (¬3) بعض ورثة الميت، وكانت قيمة حصته من ذلك يوم عمل فيه وزاد من عمل مثل أجر مثله أو أقل، فله نصف ما خرج من ذلك كاملاً بزيادته، ويكون ما بقي ميراثاً بينه وبين بقية الورثة على فرائض الله تعالى. وإن كانت قيمة حصته من ذلك في الحال التي وصفت لك أكثر من أجر مثله كان له من حصته من الثمر والزرع مقدار أجر مثله، وكان ما بقي ميراثاً بينه (¬4) وبين من بقي من الورثة على فرائض الله تعالى. وإن لم يكن العامل (¬5) من الورثة (¬6) وكان على الميت دين كثير يأتي على جميع ماله، ولم يكن في حصة العامل (¬7) من ذلك يوم عمل وزاد من عمله فضل على أجر مثله، فله نصف جميع ما خرج من ذلك، يضرب به مع الغرماء في جميع مال الميت. فما أصابه كان له في حصته من ذلك، وما أصاب (¬8) الغرماء بيع فقسم بينهم بالحصص. وإن كان في تلك الحال التي وصفت لك فضل على أجر (¬9) مثله ضرب مع الغرماء بمقدار أجر مثله، فما ¬

_ (¬1) م - نصف. (¬2) ز: وإن. (¬3) ز: المعامل. (¬4) ز - وبين بقية الورثة على فرائض الله تعالى وإن كانت قيمة حصته من ذلك في الحال التي وصفت لك أكثر من أجر مثله كان له من حصته من الثمر والزرع مقدار أجر مثله وكان ما بقي ميراثا بينه. (¬5) ز: المعامل. (¬6) م ز - من الورثة؛ صح م هـ (¬7) ز: المعامل. (¬8) ف: ما أصاب. (¬9) ز: عن أجر.

أصاب العامل (¬1) من ذلك أخذه من حصته مما خرج من ذلك، وما أصاب الغرماء بيع فقسم بينهم بالحصص. وإذا استأجر الرجل في مرضه رجلاً يخدمه هذه السنة بجارية بعينها، فلما وقعت الإجارة لم يخدمه حتى زادت الأمة، فكانت قيمتها يوم وقعت الإجارة مثل أجر مثل الأجير، وقيمتها يوم زادت تزيد على مثل أجر الأجير (¬2)، فخدم الأجير المريض سنته (¬3) كلها، فدفع إليه الجارية، فولدت عند الأجير أولاداً، ثم مات المريض من ذلك المرض، ولا مال له غير الجارية، فللأجير (¬4) من الجارية وأولادها مقدار أجر مثله، والثلث مما بقي وصية، يعطى وصية من الجارية. فإن بقي شيء كان له في أولادها في قياس قول أبي حنيفة، ويقال له: أد (¬5) قيمة ما بقي دراهم أو دنانير، أو رد الجارية وولدها، ويكون لك أجر مثلك في مال الميت. ولو كانت الجارية حين وقعت الإجارة دفعها المريض إلى الأجير، فلم يخدمه الأجير حتى زادت الجارية في يدي الأجير، فصارت قيمتها أكثر من أجر مثل الأجير، وكان قيمتها يوم وقعت الإجارة وقبضها الأجير مثل أجر مثله، وخدم الأجير المريض بعد ذلك حتى كملت السنة، ومات المريض ولم يدع مالاً غيرها، وقد ولدت الجارية أولاداً، فالجارية وجميع أولادها للوصي (¬6)، ولا شيء للورثة من ذلك. وإن كان الأجير بعض ورثة الميت فهو بمنزلة هذا أيضاً إلا أن يكون ولداً أو زوجة، فيرد (¬7) الجارية وولدها، فيكون (¬8) بينهم ميراثاً؛ لأن الولد والزوجة لا أجر لهم في خدمتهم. ولا يشبه هذا المزارع والعامل (¬9) بالمزارعة والمعاملة: إن كان المزارع فيها والعامل (¬10) ولد المريض أو زوجه كان بمنزلة غيره من الورثة ممن ليس بولد ولا زوجة. ولو لم يكن الأجير الذي وصفت لك وارثاً، وكان على الميت دين كثير ¬

_ (¬1) ز: المعامل. (¬2) ز: الأخير. (¬3) م ز: سنة. (¬4) ز؛ وللأجير. (¬5) ز: أدي. (¬6) ف ز: للأجير. (¬7) ز: فترد. (¬8) ز: فتكون. (¬9) ز: والمعامل. (¬10) ز: والمعامل.

يحيط بجميع ماله، فإن كانت الجارية يوم قبضها الأجير لا فضل فيها عن أجر مثله، قسمت هي وأولادها بينه وبين الغرماء (¬1)، يضرب الأجير في ذلك بقيمتها وقيمة ولدها، فما أصابه كان له في الجارية وولدها، وما أصاب الغرماء قيل له: أد قيمتها دراهم أو دنانير، فقسم بين الغرماء بالحصص. فإن أبى أن يؤدي بيعت الجارية وولدها فقسم بينه وبين الغرماء، يضرب الغرماء بدينهم، ويضرب الأجير بأجر مثله. وإن كان في قيمة الجارية يوم قبضها الأجير فضل عن أجر مثل الأجير، وكانت قيمتها يوم وقعت الإجارة مثل أجر الأجير، إلا أن الأجير لم يخدم المريض حتى قبض الجارية، ضرب الأجير في الجارية وولدها بمقدار أجر مثله. فما أصابه كان له في الجارية وولدها. وما أصاب الغرماء قيل له: أد قيمته دراهم أو دنانير، فقسمه (¬2) الغرماء بالحصص بينهم. فإن أبى أخذت الجارية وولدها، فتباع، فيقتسم (¬3) الغرماء الثمن، والأجير يضرب في ذلك بأجر مثله، ويضرب فيه الغرماء بدينهم. وإذا استأجر الرجل في مرضه رجلاً يخدمه بجارية قيمتها ثلاثمائة درهم، وأجر مثل الرجل في خدمته مائة درهم، فخدمه الأجير حتى أكمل الخدمة وقبض الجارية، ثم مات المريض ولا مالى له غير الجارية، وأبى الورثة أن يجيزوا المحاباة للأجير، فالأجير بالخيار. إن شاء أخذ الجارية كلها، وأعطى الورثة أربعة أتساع قيمتها دراهم أو دنانير. وإن شاء نقض الإجارة ورد الجارية على الورثة، وكان له في مال الميت أجر مثله مائة درهم، تباع الجارية فيه حتى يستوفي ذلك. ولا يشبه هذا المزارعة والمعاملة التي وصفت لك بالجارية (¬4). والمعاملة إذا كان فيها محاباة أخذ من ذلك مقدار أجر مثله، والثلث مما بقي وصية ميت، ورد الفضل. فإن قال: أعطني (¬5) قيمة الفضل دراهم أو دنانير، لم يكن له ذلك. ¬

_ (¬1) ف: وأولادها بين الغرماء. (¬2) ف ز: فيقسمه. (¬3) ز: فيقسم. (¬4) م ف ز: الجارية. (¬5) ز: أعطى.

وإذا استأجر الرجل المريض رجلاً يخدمه سنته هذه بجاريته هذه، وقيمتها ثلاثمائة درهم، وأجر مثل الأجير في السنة ثلاثمائة درهم، فدفع إليه المستأجر أجر (¬1) الجارية، وخدمه الأجير حتى أكمل السنة، ثم مات المستأجر من مرضه ذلك، وقد زادت الجارية في بدنها أو في السعر، أو ولدت ولداً في يدي الأجير قبل موت المستأجر، بعدما كملت السنة أو قبل أن تكمل السنة، وعلى المستأجر دين كثير يحيط بجميع ماله، وليس له مال غير الجارية، فالجارية (¬2) بزيادتها وولدها لا يسلم ذلك للأجير. ولكن ذلك يقسم بين الأجير وبين غرماء الميت، يضرب في ذلك الأجير بقيمة الجارية يوم يختصمون، وبقيمة ولدها، ويضرب الغرماء بجميع دينهم، فما أصاب الأجير كان له من الجارية (¬3)، وما أصاب الغرماء قيل للأجير: أد قيمته دراهم أو دنانير للغرماء. فإن أبى أخذت الجارية وولدها فبيعا، فاقتسم ثمن (¬4) ذلك الأجير والغرماء، يضرب في ذلك الأجير بأجر مثله، ويضرب فيه الغرماء بدينهم. ولو كانت الجارية لم تزد في يدي الأجير ولم تلد، ولكنها نقصت في السعر حتى صارت تساوي مائة درهم، والمسألة على حالها، فلا ضمان على الأجير في نقصان الجارية، ويقسم الجارية بين الأجير وبين الغرماء، يضرب في ذلك الأجير بقيمة الجارية مائة درهم، ويضرب في ذلك الغرماء (¬5) بدينهم، فما أصاب الأجير كان له من الجارية، وما أصاب الغرماء قيل للأجير: أد إلى الغرماء قيمة ذلك دراهم أو دنانير، فإن أبى أخذت الجارية وبيعت، فضرب الأجير في ثمنها بأجر مثله ثلاثمائة درهم، ويضرب الغرماء بدينهم. ولو كانت الجارية لم تنقص في السعر، ولكنها نقصت في البدن (¬6) حتى صارت تساوي مائة درهم، والمسألة على حالها، فإن قيمة الجارية يوم قبضها الأجير - وهي ثلاثمائة درهم - تقسم بين الأجير وبين الغرماء، فما أصاب الأجير كان له، وما أصاب الغرماء ضمنه ¬

_ (¬1) ز - أجر. (¬2) ز: فإن. (¬3) ز + وولد بها. (¬4) ف: من؛ ز: فمن. (¬5) ز - يضرب في ذلك الأجير بقيمة الجارية مائة درهم ويضرب في ذلك الغرماء. (¬6) ز: من البدن.

لهم الأجير في ماله، وتسلم له الجارية. فإن أبى أن يضمن ذلك فقال: أرد الجارية فأقسمها (¬1)، لم يكن له ذلك؛ لأنها نقصت في بدنها، دخلها عيب، فصار الأجير لا يستطيع أن يردها، وصار ضامناً لحصة الغرماء من قيمة الجارية يوم قبضها. وإذا دفع الرجل المريض إلى الرجل نخلاً له (¬2) معاملة هذه السنة، على أن يقوم عليه ويسقيه ويلقّحه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فأخرج النخل كُفَرَّى يكون نصفه مثل أجر العامل أو أقل، فقام عليه وسقاه حتى صار بُسْراً يساوي مالاً عظيماً، ثم صار حَشَفاً (¬3) قيمته أقل من قيمة الكُفَرَّى حين خرج، ثم مات صاحب النخل وعليه دين كثير يحيط بماله، فإن جميع ما ترك الميت يقسم بين العامل (¬4) وبين الغرماء، يضرب فيه الغرماء بدينهم، ويضرب فيه العامل (¬5) بقيمة نصف الحَشَف، ولا يضرب بغير ذلك. فما أصاب العامل (¬6) كان له في حصته من الحشف، وما أصاب الغرماء بيع فقسم ثمنه بينهم بالحصص، ولا يضمن العامل من قيمة الكُفَرَّى والبُسْر شيئاً، لم يكن ضامناً له حين خرج فصار حشفاً، فلم يكن عليه (¬7) ضمان قيمته (¬8). وإنما هذا بمنزلة ولد الجارية التي ولدت (¬9) في يدي الأجير الذي وصفت لك قبل هذه المسألة: لو مات أو حدث به عيب لم يضمنه الأجير. وكذلك الكُفَرَّى والبسر إنما خرج في يدي العامل (¬10)، فإذا صار بعد ذلك حشفاً لم يضمنه العامل (¬11). ولو كان الميت لا دين عليه والمسألة على حالها كان للعامل (¬12) نصف ¬

_ (¬1) ف ز: فيقسمها. (¬2) ف - له. (¬3) الحشف هو أردأ أنواع التمر، وهو الذي يبس من غير نضج. انظر: المصباح المنير،"حشف". (¬4) ز: المعامل. (¬5) ز: المعامل. (¬6) ز: المعامل. (¬7) م ف ز: ولكن عليه. (¬8) م ف ز: قيمة ضمان. (¬9) ز: ولد. (¬10) ز: المعامل. (¬11) ز: المعامل. (¬12) ز: للمعامل.

باب الوكالة في المزارعة والمعاملة

الحشف، وللورثة نصفه، ولا ضمان على العامل (¬1) فيما صار من ذلك حشفاً. ... باب الوكالة في المزارعة والمعاملة (¬2) وإذا وكَّل الرجل الرجل بأرض له أن يدفعها مزارعة هذه السنة، فدفعها الوكيل مزارعة إلى رجل هذه السنة بالثلث أو بالربع أو بالخمس أو بأقل من ذلك أو بأكثر من ذلك، فهو جائز إلا أن يدفعها بشيء يعلم أنه قد حابي في ذلك المزارع بشيء لا يتغابن الناس في مثله. فإذا دفعها مزارعة بشيء لا يتغابن الناس فيه فالمزارعة باطل. فإن زرعها المزارع على ما وصفت لك فأخرجت طعاماً، فإن كان دفعها مزارعة بشيء لا يتغابن الناس (¬3) في مثله، فجميع ما أخرج الله تعالى بين المزارع وبين الوكيل على ما اشترطا، ولا شيء لرب الأرض من ذلك. فإن كانت الأرض نقصت من الزرع شيئاً ضمن ذلك المزارع، ورجع به على الوكيل. وإن شاء رب الأرض ضمن ذلك الوكيل في قول أبي يوسف وقولنا. وإن كان الوكيل دفع الأرض مزارعة بشيء يتغابن الناس فيه فهو جائز. فإن أخرجت شيئاً كثيراً (¬4) فإن ذلك بين رب الأرض وبين المزارع على ما اشترط المزارع والوكيل، والذي يقبفحصة رب الأرض من ذلك الوكيل، يقبضه فيدفعه إلى رب الأرض. وليس لرب الأرض أن يقبضه إلا بوكالة من الوكيل. وإن دفع المزارع إلى رب الأرض برئ. ولو أن رجلاً دفع إلى رجل أرضاً وأمره أن يدفعها إلى رجل مزارعة ولم يسم له السنة ولا السنتين ولا غير ذلك جاز للوكيل أن يدفعها مزارعة أول سنة. فإن دفعها مزارعة أكثر من ذلك لم يجز. وهذا استحسان. ولو أن رجلاً دفع إلى رجل أرضاً وبذراً ووكَّله أن ¬

_ (¬1) ز: على المعامل. (¬2) ز - والمعاملة. (¬3) م ف + فيه. (¬4) ز - كثيراً.

يدفعه مزارعة هذه السنة فدفعها الوكيل مزارعة إلى رجل يعمل في ذلك بالثلث أو بالربع أو بالخمس أو بأقل من ذلك أو بأكثر فهو جائز إذا دفعه بما يتغابن الناس فيه. وهو على ما اشترطا. فإن أخرجت الأرض زرعاً كثيراً كان الزرع بين المزارع وبين رب الأرض على ما اشترط المزارع والوكيل. والذي يلي قبض نصيب رب الأرض رب الأرض (¬1). ليس للوكيل (¬2) أن يقبضه إذا كان رب الأرض غائباً إلا بوكالة من رب الأرض. وإن قبضه من المزارع لم يبرأ المزارع منه. فإن (¬3) كان الوكيل دفع الأرض والبذر مزارعة بما لا يتغابن الناس فيه فزرع المزارع فأخرجت زرعاً كثيراً فجميع ما خرج من ذلك بين الوكيل وبين المزارع على ما اشترطا. ويضمن الوكيل لصاحب البذر بذراً مثل بذره. ولو كانت الأرض نقصها الزرع شيئاً ضمن ذلك المزارع ورجع به على الوكيل. فإن شاء رب الأرض ضمن الوكيل ما نقص من الأرض. ولا يضمن المزارع شيئاً. فإن ضمن الوكيل لم يرجع على المزارع بشيء. ولا يتصدق المزارع بشيء مما صار له في هذه المسألة ولا في المسألة الأولى. ولكن الوكيل يأخذ مثل ما غرم من نقصان الأرض وبذراً مثل البذر الذي غرم، ويتصدق بالفضل. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذراً فوكله بأن يدفع ذلك مزارعة ولم يسم له سنة ولا سنتين ولا أكثر من ذلك ولا أقل فهذا على أول سنة. فإن أخر ذلك حتى تمضي تلك السنة ثم دفع ذلك مزارعة في السنة الثانية فقد خالف. فما خرج من شيء فهو بين المزارع والوكيل على ما اشترطا (¬4). والوكيل ضامن لبذر الآمر. وإن نقصت الأرض من الزرع ضمن ذلك المزارع ورجع به على الوكيل. وإن شاء رب الأرض ضمن ذلك الوكيل ولم يرجع به على المزارع. ولا يشبه هذا الإجارة في الرقيق والدور. ولو أن رجلاً وكَّل رجلاً أن يؤاجر عبده هذا أو داره هذه فآجرها ذلك الشهر أو بعده بأشهر كان ذلك جائزاً، لأن السكنى والخدمة ليس لهما وقت لا ¬

_ (¬1) ف - رب الأرض. (¬2) م ز: الوكيل. (¬3) ز: وإن. (¬4) م + والوكيل على ما اشترطا.

يكونان إلا فيه كما تكون المزارعة. إنما المزارعة بمنزلة رجل وكَّل رجلاً أن يكري إبله هذه إلى مكة ليحج عليها فلم يكرها في ذلك الموسم حتى مضى، فليس له أن يكريها من قابل، لأن وقت الحج قد مضى وجاء وقت آخر. فكذلك المزارعة قد مضى وقت الزراعة (¬1) الأولى وجاء وقت مزارعة ثانية. وهذا استحسان وليس بقياس. وإذا وكل الرجل الرجل (¬2) أن يأخذ له هذه الأرض مزارعة هذه السنة على أن يكون البذر من قِبَل الموكل فأخذ له الوكيل أرضاً مزارعة بالثلث أو بالربع أو بالخمس أو بأقل من ذلك أو بأكثر فهذا جائز إذا أخذها له بما يتغابن الناس فيه. فإن أخذها بما لا يتغابن الناس فيه لم يجز ذلك على الذي وكله إلا أن يرضى بذلك الموكل ويزرعها عليه. فإن زرعها المزارع في جميع ما وصفت لك فأخرجت زرعاً كثيراً فهذا جائز على ما اشترط رب الأرض والوكيل. فإذا خرج الزرع كان الذي (¬3) يلي قبض حصة رب الأرض والمأخوذ بذلك حتى يسلمه له الوكيل. كان أخذ ذلك رب الأرض بغير محضر من الوكيل برئ الوكيل وجاز قبض رب الأرض. وإن أخذها الوكيل بما لا يتغابن الناس في مثله فأخذها بأكثر مما يستأجر به الأرض أضعافاً مضاعفة فلم يخبر بذلك المزارع حتى زرعها المزارع فأخرجت زرعاً كثيراً وقد أمره الوكيل بزراعتها فجميع (¬4) ما أخرجت من شيء فهو للمزارع، وعلى الوكيل لرب الأرض أجر مثل أرضه مما أخرجت الأرض. ولو دفع إليه الأرض ولم يأمره بزراعتها ولم يخبره بما أخذها به فزرعها المزارع فأخرجت زرعاً كثيراً فجميع (¬5) ما أخرجت من ذلك للمزارع ولا شيء على الوكيل. فإن كانت الأرض نقصت من الزراعة ضمن المزارع ما نقصت الأرض لرب الأرض ولا يرجع به على الوكيل. ولا ضمان على الوكيل (¬6) ¬

_ (¬1) ز: المزارعة. (¬2) ف، على. (¬3) ف: فإذا خرج الزرع الذي كان. (¬4) م: بجميع. (¬5) م: بجميع. (¬6) ز - ولا ضمان على الوكيل.

في شيء من ذلك. ويتصدق المزارع بما زاد الزرع على بذره ونفقته وما ضمن من نقصان الأرض. وإذا وكَّل الرجل الرجل أن يأخذ هذه الأرض مزارعة، ولم يسم له سنة ولا سنتين ولا أكثر من ذلك، فهذا عندنا على أول سنة وأول زراعة. وإذا وكَّل الرجل الرجل أن يأخذ له أرض فلان وبذراً مزارعة، على أن يزرعها هذه السنة، فأخذ ذلك له بأمر الرجل على ما أمره له بالثلث أو بالربع أو بالخمس أو بأقل من ذلك أو بأكثر، فهذا جائز على المزارع؛ لأنه لازم له (¬1) إذا كان أخذ ذلك له بما يتغابن الناس فيه. كان كان أخذ ذلك له على ما لا يتغابن الناس فيه جعل للموكل له حصة من الزرع يسيرة لا يتغابن (¬2) الناس فيها لم يجز ذلك على الموكل إلا أن يرضى. فإن عمل المزارع على جميع ما وصفت لك فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً فهو بينهما على ما اشترطا: الوكيل ورب الأرض، وجميع ما خرج يستوفي منه المزارع حقه، ويأخذ رب الأرض حقه، والذي يلي (¬3) حق رب الأرض من ذلك رب الأرض؛ لأنه هو الذي أعطى الوكيل ذلك. وإنما كان الوكيل في هذا وكيلاً للمزارع. فإن كان الوكيل أخذ ذلك من صاحب الأرض والبذر بما لا يتغابن الناس فيه من قلة حصة المزارع، فأمر المزارع، فعمل ولم يبين ذلك له، فالمزارع متطوع فيما عمل من ذلك في القياس، وجميع ما أخرجت الأرض لرب الأرض والبذر، ولكني أستحسن أن أجعل للمزارع ما شرط له وإن كان لم يعلم بذلك. وإذا وكَّل الرجل الرجل أن يأخذ له أرض فلان وبذراً مزارعة ولم يسم سنة ولا غير ذلك، فهذا عندنا على أول سنة وأول زراعة، فإن مضت السنة قبل أن يأخذ له وأخذ له بعد ذلك، لم يجبر الموكل على العمل، فإن عمل كان له ما شرط له. ¬

_ (¬1) ف - له. (¬2) ف: ولا يتغابن. (¬3) ز - يلي.

وإذا دفع الرجل إلى الرجل نخلاً له، ووكله بأن يدفعه معاملة هذه السنة، ولم يسم له سنة ولا غيرها، فهذا عندنا على أول سنة. فإن دفعها إلى رجل بالثلث أو بالربع أو بأكثر من ذلك أو بأقل فهو جائز، إلا أن يدفعه بما لا يتغابن الناس في مثله من كثرة نصيب العامل (¬1). فإن دفعه بما يتغابن الناس فيه فذلك جائز على صاحب النخل. فإن عمل العامل (¬2) فأخرج النخل ثمراً كثيراً، فجميع ما خرج من ذلك بين العامل (¬3) وصاحب النخل نصفان، على ما اشترط العامل (¬4) والوكيل، والذي يلي قبض نصيب صاحب النخل من الثمر صاحب النخل، ليس الوكيل من ذلك في شيء. وإن كان الوكيل دفع النخل معاملة بما لا يتغابن الناس فيه من كثرة نصيب العامل (¬5)، فعمل العامل (¬6) على ذلك، فأخرج ثمراً كثيراً، فجميع ما خرج من ذلك لصاحب النخل، وللعامل (¬7) أجر مثله على الوكيل. وإذا وكَّل الرجل الرجل أن يأخذ له نخلاً بعينه معاملة، فسمى له هذه السنة، ولم يسم له شيئاً، فهو على أول سنة وأول ثمرة، فإن أخذ له ذلك النخل معاملة بالثلث أو بالربع أو بأقل من ذلك أو بأكثر، فإن أخذ بما يتغابن الناس فيه، فإن ذلك جائز (¬8) على الموكل. فإن عمل على هذا فأخرج النخل ثمراً كثيراً فجميع ما خرج بين العامل (¬9) وصاحب النخل على ما اشترط الوكيل وصاحب النخل. والذي يلي قبض حصة صاحب النخل من الثمرة صاحب النخل، ليس الوكيل في ذلك من شيء. وإن كان الوكيل أخذ النخل معاملة بما يتغابن الناس فيه من قلة نصيب العامل (¬10) لم يلزم ذلك الموكل إلا أن يشاء. فإن عمل على ذلك وقد علم بنصيبه منه أو لم يعلم كان له نصيبه الذي سمى له. ¬

_ (¬1) ز: المعامل. (¬2) ز: المعامل. (¬3) ز: المعامل. (¬4) ز: المعامل. (¬5) ز: المعامل. (¬6) ز: المعامل. (¬7) ز: وللمعامل. (¬8) ز: جائزاً. (¬9) ز: المعامل. (¬10) ز: المعامل.

وإذا وكَّل الرجل الرجل فقال: خذ في أرضاً مزارعة، ولم يسم له الأرض، فهذه الوكالة باطلة. فإن أخذ الأرض مزارعة بالنصف أو بالثلث أو بالربع أو بأقل من ذلك (¬1) أو بأكثر (¬2)، لم يلزم الموكل، ولزمت الوكيل. وكذلك لو أن (¬3) رجلاً وكَّل رجلاً بأن يأخذ له أرضاً وبذراً مزارعة ولم يسم له الأرض، فأخذ له أرضاً وبذراً، لم يجز على الموكل حتى يسمي (¬4) الأرض. وإذا وكل الرجل الرجل يأخذ نخلاً له معاملة ولم يسم له نخلاً بعينه، فأخذ له نخلاً معاملة بالنصف أو بالثلث أو بأقل من ذلك أو بأكثر، لم يجز له ذلك حتى يسمي له نخلاً معلوماً. وإذا وكل الرجل الرجل بأن يعطي نخلاً له معاملة، والنخل له معلوم، ولم يسم الرجل، فهذا جائز، وأي رجل أعطاه ذلك النخل معاملة فهو جائز. وكذلك لو أعطاه أرضاً، فقال: أعطها مزارعة، ولم يسم له رجلاً ولا بذراً، فأعطاها رجلاً، وشرط عليه أن يزرعها حنطة أو شعيراً (¬5) أو سمسماً أو نحو ذلك، فهو جائز كله. وإذا وكَّل رجل رجلاً بأن يأخذ له هذه الأرض، وبذراً معها مزارعة، فأخذها له من صاحبها، وبذراً حنطة أو شعيراً أو بذر سمسم أو أرزاً، أو غير ذلك من الحبوب (¬6)، فهذا (¬7) جائز لازم للموكل. وإذا وكل الرجل الرجل أن يأخذ له هذه الأرض مزارعة، فأخذها من صاحبها للموكل على أن يزرعها حنطة أو شعيراً أو سمسماً أو أرزأ أو غير ذلك، فهو جائز ولازم (¬8)، وليس له أن يزرع إلا ما شرط عليه رب الأرض. ¬

_ (¬1) ف ز - من ذلك. (¬2) م: أو أكثر. (¬3) م: لو كان. (¬4) ز: يسم. (¬5) م ف ز: وشعيرا. (¬6) ز - من الحبوب. (¬7) ز: فهو. (¬8) ز - للموكل وإذا وكل الرجل الرجل أن يأخذ له هذه الأرض مزارعة فأخذها من صاحبها للموكل على أن يزرعها حنطة أو شعيرا أو سمسما أو أرزا أو غير ذلك فهو جائز ولازم.

ألا ترى أني لو دفعت إلى رجل أرضاً مزارعة سنة على أن يزرعها شعيراً بالنصف، لم يكن له أن يزرعها غير ذلك حنطة ولا سمسماً ولا أرزاً (¬1)، إن كان أكثر ثمناً من الشعير أو أقل. فكذلك هذا؛ لأن الأجر وقع على ما يخرج الأرض، فليس له أن يزرعها غير ذلك. ألا ترى أن رجلاً لو استأجر من رجل أرضاً بشعير لم يكن له أن يعطيه حنطة وإن كان أجود من الشعير، ولا يجبر الأجير (¬2) على قبولها. وإذا وكل الرجل الرجل أن يدفع أرضاً له هذه السنة مزارعة، فأجرها الوكيل بكُرّ من حنطة وسط، فذلك جائز، يزرعها (¬3) المستأجر ما بدا له من الزرع من الحنطة والشعير وغير ذلك. وكذلك لو أجرها بكُرّ من شعير وسط. وكذلك لو أجرها بكر من سمسم وسط. وكذلك إن أجرها بِرُزّ (¬4) أو بشيء مما يزرع في الأرض. فإن أجرها بدراهم أو بدنانير (¬5) أو بثياب بعينها أو برقيق بعينه أو بمتاع بعينه لم يجز ذلك على رب الأرض؛ لأنه إنما أمره بأن يدفعها مزارعة. فأستحسن إذا أجرها بشيء مما تخرج الأرض أن أجيزه، وإن أجرها بشيء مما لا تخرج الأرض فهو باطل. وإذا وكَّل الرجل الرجل بأن يدفع أرضه هذه السنة مزارعة بالحنطة خاصة، فأجرها من رجل بكُرّ من حنطة وسط، فهو جائز، ويزرعها المزارع ما بدا له من الزراعات مما هو في الضرر على الأرض مثل حنطته أو أقل ضرراً. كان أجرها بكُرَّين (¬6) من شعير أو بكر من سمسم أو أرز لم يجز على رب الأرض. وإذا وكَّل الرجل الرجل أن يدفع أرضه هذه السنة مزارعة بالثلث فهو جائز. فإن دفعها الوكيل على أن لرب الأرض الثلث وللمزارع الثلثان فقال ¬

_ (¬1) م: ارزرا. (¬2) ز: الأجر. (¬3) ف: فزرعها. (¬4) م: بزر؛ ف: بذر. الأَرُزّ والرُّزّ معروف، وفيه ست لغات انظر: المصباح المنير، "أرز". (¬5) ز: أو دنانير. (¬6) ز: بكر.

رب الأرض: إنما عنيت أن الثلث للمزارع، لم يلتفت إلى قوله. ولو كان دفع إلى الوكيل أرضاً وبذراً فقالماله: ادفع هذه الأرض والبذر هذه السنة إلى رجل مزارعة بالثلث، فدفع الوكيل ذلك إلى رجل على أن لرب الأرض الثلث وللمزارع الثلثان فقال رب الأرض: إنما عنيت أن الثلث للمزارع، فالقول قوله، لأن المزارع هاهنا هو الأجير، وإنما وقع ذلك على أجره. والأرض في المسألة الأولى هي المستأجرة، فإنما وقع الثلث عليها. وإذا وكَّل الرجل الرجل أن يدفع هذه الأرض هذه السنة مزارعة بالثلث، فأجرها الوكيل من رجل بكُرّ من حنطة وسط، فعملها المستأجر، فأخرجت زرعاً كثيراً (¬1) يكون الكر ثلثه أو أقل أو أكثر، فذلك كله سواء، وجميع ما أخرجت الأرض للمزارع، وعلى المزارع للمؤاجر كر من حنطة وسط، ويضمن المزارع ما نقص الأرض لرب الأرض، ويرجع بذلك على المؤاجر، وإن شاء رب الأرض ضمن ذلك المؤاجر في قول أبي يوسف وقولنا، ويأخذ المؤاجر من الكر الذي أخرجت الأرض ما ضمن، ويتصدق بالفضل، والوكيل في هذا الوجه مخالف لما أمر به. وإذا وكَّل الرجل الرجل أن يؤاجر أرضه هذه السنة بكُرّ من حنطة وسط، فدفعها مزارعة بالنصف على أن يزرعها صاحبها حنطة، فزرعها المزارع، فأخرجت زرعاً كثيراً، فهذا والأول سواء، فهذا مخالف لما صنع وإن كان النصف الذي شرط لرب الأرض أكثر من أجر المثل للأرض أضعافاً مضاعفة؛ لأني لو أجزت هذا ولم تخرج الأرض شيئاً لم يكن لرب الأرض شيء، فهذا لا يجوز. وإذا وكل الرجل الرجل (¬2) أن يأخذ له هذه الأرض مزارعة هذه السنة، فاستأجرها له الوكيل بكُرّ من حنطة وسط، لم تلزم (¬3) هذه الإجارة ¬

_ (¬1) ف ز - كثيراً. (¬2) م ز - الرجل. (¬3) ز: لم يلزم.

المزارع إلا أن يرضى بذلك؛ لأنه لم يوكله أن يستأجرها له بشيء يلزمه، إنما (¬1) أمره أن يأخذها له بشيء، إن خرج كان لرب الأرض، وإن لم يخرج لم يكن على المزارع شيء. وكذلك لو قال: خذها في مزارعة بالثلث، لم يجز أن يستأجرها بشيء من الحنطة ولا من غيرها بقليل ولا كثير. وإذا وكَّل الرجل الرجل أن يأخذ له هذه الأرض مزارعة بالثلث، فأخذها الوكيل على أن يزرعها المزارع، فما أخرج الله تعالى من شيء فللمزارع الثلث، ولرب الأرض الثلثان، لم يلزم هذا المزارع؛ لأن الكلام الذي قاله (¬2) المزارع لوكيله إنما يقع على أن المزارع قال للوكيل: خذ الأرض على أن لرب الأرض الثلث؛ لأن الإجارة إنما (¬3) وقعت على الأرض ولم تقع على المزارع. وإذا وكَّل الرجل الرجل أن يأخذ له هذه الأرض وبذراً معها على الثلث، فأخذ له ذلك على أن للمزارع الثلث، ولرب الأرض الثلثان (¬4)، فقال المزارع: إنما عنيت أن يكون الثلث لرب الأرض، فإن المزارعة جائزة على المزارع؛ لأنه هو الأجير في هذا. إنما هو بمنزلة رجل قال لرجل: أجرني أعمل في هذه الأرض بهذا البذر بالثلث، فإنما يقع الكلام في هذا أن الثلث للأجير، والثلثان لصاحب الأرض والبذر. وإذا وكَّل الرجل الرجل أن يدفع نخله هذه السنة معاملة بالثلث، فدفعها الوكيل معاملة، على أن لصاحب النخل الثلث، وللعامل (¬5) الثلثان، فقال صاحب النخل: إنما عنيت أن الثلثين في، والثلث للعامل (¬6)، فهذا على ما قال صاحب النخل، ولا يجوز عليه هذا. ولو أن رجلاً وكَّل رجلاً أن يأخذ له نخل فلان هذه السنة معاملة بالثلث، فأخذ على أن لصاحب ¬

_ (¬1) ز: وإنما. (¬2) م ف ز: قال له. (¬3) م: فإنما. (¬4) ز: الثلثين. (¬5) ز: وللمعامل. (¬6) ز: للمعامل.

النخل الثلثين، والثلث (¬1) للعامل (¬2)، فقال العامل (¬3): إنما عنيت أن لي الثلثين، والثلث للعامل (¬4)، فقال العامل (¬5): إنما عنيت أن في الثلثين ولصاحب النخل الثلث، فالمعاملة جائزة على ما صنع الوكيل، وإنما يقع الكلام في هذا على أن للعامل (¬6) الثلث؛ لأنه أجير في النخل، إنما هو بمنزلة رجل قال لرجل: استأجرني أعمل في هذا النخل هذه السنة بالثلث، فالثلث للأجير، والثلثان لصاحب النخل. وإذا وكَّل الرجل الرجل أن يأخذ له هذه الأرض هذه السنة وبذراً معها مزارعة، فأخذ الوكيل الأرض والبذر، على أن يزرعها هذا المزارع هذه السنة، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو كله لصاحب الأرض، وعلى صاحب الأرض للمزارع كُرّ حنطة وسط، فهو جائز لازم للمزارع، وإن كان البذر حنطة أو شعيراً. وكذلك لو كان اشترط له أن له كرين من شعير. وإن اشترط أن (¬7) له أجر دراهم أو دنانير أو عبداً بعينه أو أمة أو متاعاً بعينه أو ثياباً بعينها لم يجز ذلك عليه، إنما أستحسن إن اشترط (¬8) شيئاً مما تخرج الأرض أن أجيزه. وإذا وكَّل الرجل الرجل أن يأخذ له هذه الأرض هذه السنة وبذراً معها مزارعة (¬9)، على أن للمزارع الثلث، فأخذ له الأرض وحنطة معها، على أن للمزارع على رب الأرض ثلاثة أكرار حنطة وسط، فهذا باطل، وهذه إجارة لا تلزم المزارع؛ لأني لا أدري أتخرج الأرض أكثر من ذلك أو أقل. وإذا وكَّل الرجل الرجل أن يأخذ له هذا النخل هذه السنة معاملة، فأخذه له، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو لصاحب النخل، وللعامل (¬10) كُرّ من تمر فارسي، فهذا جائزة لأنه اشترط أفضل مما ¬

_ (¬1) ف - والثلث. (¬2) ف: وللمعامل؛ ز: للمعامل. (¬3) ز: المعامل. (¬4) ف: وللمعامل؛ ز: للمعامل. (¬5) ز: المعامل. (¬6) ز: للمعامل. (¬7) ز - أن. (¬8) م ف ز: ان الشرط. (¬9) ز - مزارعة. (¬10) ز: وللمعامل.

باب الزيادة في المعاملة والمزارعة والحط فيهما

يخرج من النخل. وإن كان شرط له كرًّا من تمر دَقَل (¬1) جيد نظر في النخل، فإن كان دقلاً فهو جائز، وإن كان ليس بدقل لم يجز ذلك على المعامل، ولا يلزمه ما صنع الوكيل. وكذلك إن اشترط الوكيل للمعامل كرًّا من حنطة جيدة (¬2) أو شعير أو دراهم أو دنانير لم يجز ذلك على المعامل إلا أن يرضى ذلك. وإذا وكَّل الرجل الرجل أن يأخذ نخل فلان معاملة بالثلث، فأخذه له بكرّ من تمر فارسي جيد، فإن هذا لا يلزم المعامل إلا أن يشاء؛ لأنه لم يسم له الثلث. وأقل الثلث يكون أكثر مما شرط. فإن كان من ذلك شيء يعلم أن الثلث يكون أقل منه فهو جائز. ... باب الزيادة في المعاملة والمزارعة والحط فيهما وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له مزارعة، على أن يزرعها هذه السنة ببذره وعمله، فما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو بينهما نصفان، فعملها المزارع، فأخرجت زرعاً كثيراً، ثم إن المزارع زاد رب الأرض في حصته السدس، فجعل له الثلثين مما أخرجت الأرض، فرضي بذلك رب الأرض، فهذا باطل، وجميع أما أخرجت، الأرض بينهما نصفان على الشرط الأول. ولو أن المزارع لم يزد رب الأرض شيئاً، ولكن رب الأرض زاد المزارع السدس، أو اصطلحا على أن يكون لرب الأرض الثلث، وللمزارع الثلثان، فهذا جائز، ولا يشبه هذا الوجه الأول؛ لأن الوجه الأول زيادة، وهذا حط. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذراً على أن يزرعها هذه السنة، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فزرعها المزارع، ¬

_ (¬1) نوع من التمر، كما تقدم. (¬2) م ف: بيده؛ ز: ببذره.

فأخرجت زرعاً كثيراً، ثم إن أحدهما زاد صاحبه في نصيبه، واصطلحا على أن يكون لأحدهما الثلث، وللآخر الثلثان، فإن كان الذي جعلا له الثلثين المزارع فهو باطل، وما أخرجت الأرض فهو بينهما نصفان، وإن كان الذي جعلا له الثلثين رب الأرض فهو جائز؛ لأن هذا حط عنه المزارع بعض أجره؛ لأنه هو الأجير في هذا. وإذا دفع الرجل إلى الرجل نخلاً له معاملة هذه السنة على أن يسقيه ويلقّحه ويحفظه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فأخرج النخل ثمراً كثيراً وبلغ، ثم إن أحدهما زاد صاحبه السدس، واصطلحا على أن يكون لأحدهما الثلثان، وللآخر الثلث، فإن كان الذي جعلا له الثلثين صاحب النخل فهو جائز، وإن كان الذي جعلا له الثلثين العامل (¬1) فهذا باطل؛ لأن هذا زيادة، والأول حط. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له على أن يزرعها هذه السنة ببذره وعمله، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فزرعها المزارع، فلما خرج الزرع لم يستحصد حتى زاد أحدهما صاحبه السدس، واصطلحا على أن يكون لأحدهما الثلث، وللآخر الثلثان، والذي سمى له الثلثين معروف، فهذا جائز وهو على ما اشترطا. وكذلك إن كان البذر من قبل رب الأرض والمسألة على حالها فهو جائز أيضاً. وإذا دفع الرجل إلى الرجل نخلاً له معاملة هذه السنة بالنصف، فعمل فيه العامل (¬2) وسقاه ولقّحه، فلما صار بُسْراً أخضر ولم ينته عِظَمُه فزاد أحدهما صاحبه السدس (¬3)، واصطلحا على أن يكون لأحدهما الثلثان، وللآخر الثلث، والذي سمى له الثلثين معروف، فهذا جائز أيضاً، وهو على ما اشترطا وتراضيا عليه. وإن كان البُسْر قد تناهى عِظَمُه ولم يصر (¬4) رُطَباً حتى زاد أحدهما صاحبه السدس، واصطلحا على أن يكون ¬

_ (¬1) ز: المعامل. (¬2) ز: المعامل. (¬3) ز: الثلث. (¬4) ز: يصير.

لأحدهما الثلثان (¬1)، وللآخر الثلث، فإن كان (¬2) الذي شرط له الثلث العامل (¬3)، فهذا جائز. وإن كان الذي شرط له الثلث رب الأرض فهذا باطل، والمعاملة بينهما على الأمر (¬4) الأول، وما أخرج النخل من شيء فهو بينهما نصفان. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له على أن يزرعها هذه السنة ببذره وعمله، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء (¬5) فهو بينهما نصفان، وعلى أن زاد المزارع رب الأرض عشرين درهماً، فهذه مزارعة فاسدة. فإن زرعها المزارع على هذا، فأخرجت زرعاً كثيراً (¬6)، فجميع ما خرج من ذلك للمزارع، وعليه مثل أجر (¬7) الأرض لرب الأرض، وليس لرب الأرض من الزرع قليل ولا كثير. ولو كان رب الأرض هو الذي زاد المزارع عشرين درهماً، ولم يزده المزارع شيئاً، كان هذا أيضاً مزارعة فاسدة. فإن زرعها على هذا، فأخرجت زرعاً كثيراً، فجميع ما أخرجت (¬8) من ذلك لصاحب البذر، ولرب الأرض أجر مثل أرضه، والزيادة التي زاد أحدهما صاحبه باطل. وكذلك لو كان البذر من قبل صاحب الأرض كان بهذه المنزلة في جميع ما وصفت لك، وكان هذا كله مزارعة فاسدة، إلا أن الزرع في هذا الوجه يكون لرب الأرض، ويكون للمزارع أجر مثله. وإذا دفع الرجل إلى الرجل نخلاً له معاملة هذه السنة بالنصف، على أن زاد أحدهما صاحبه (¬9) عشرين درهماً، فهذه معاملة فاسدة. فإن عمل العامل (¬10) على هذا فأخرج النخل ثمراً كثيراً، فجميع ما أخرج من ذلك لصاحب (¬11) النخل، وللعامل (¬12) أجر مثله فيما عمل. ¬

_ (¬1) م ف ز: الثلثين. (¬2) م ف ز - كان؛ صح زهـ (¬3) ز: المعامل. (¬4) ف ز: على أمر. (¬5) ز - من شيء. (¬6) م ف؛ فهذه مزارعة فاسدة فإن زرعها المزارع على هذا فأخرجت زرعاً كثيراً. (¬7) ف: وعليه أجر مثل. (¬8) ع، الأرض. (¬9) م: صا حب. (¬10) ز: المعامل. (¬11) م ز: صاحب. (¬12) ز: وللمعامل.

باب التزويج والخلع على المزارعة والمعاملة

باب التزويج والخلع على المزارعة والمعاملة وإذا تزوج الرجل امرأة بزراعة أرضه هذه السنة على أن يزرعها ببذرها وعملها، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فالنكاح جائز، والمزارعة فاسدة. وقال أبو يوسف: الصداق مثل نصف أجر الأرض. وقال محمد: يكون للمرأة من الصداق الأقل من مهر مثلها ومن جميع أجر مثل الأرض. فإن كان صداقها أقل فهو لها، وإن كان مثل أجر الأرض (¬1) أقل فهو لها. وإن طلقها قبل أن يدخل بها فللمرأة في قول أبي يوسف ربع أجر مثل الأرض، ولها في قول محمد المتعة. فإن زرعت المرأة الأرض، فأخرجت زرعاً كثيراً أو لم تخرج شيئاً، ولم يطلقها زوجها، فجميع ما أخرجت الأرض للمرأة، وعليها في قياس قول أبي يوسف مثل نصف أجر الأرض، ولا صداق لها على الزوج. وعليها في قول محمد أجر مثل الأرض، ولها على الزوج الأقل من مهر مثلها ومن أجر مثل الأرض، فتُقاصّ الزوج بذلك، وتدفع (¬2) إليه فضلاً إن كان له عليها. وإذا تزوج الرجل المرأة على ألف درهم، ودخل بها، ودفع إليها صداقاً، ثم اختلعت منه بزراعة أرضها هذه السنة، على أن يزرعها ببذره وعمله، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فالخلع جائز، والمزارعة فاسدة، وللزوج على المرأة في قول أبي يوسف نصف أجر مثل الأرض، وعليها للزوج في قول محمد الأقل مما تزوجها عليه ومن أجر مثل الأرض (¬3). فإن كان الزوج قد زرع الأرض، فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً أو لم تخرج شيئاً، فجميع ما أخرجت الأرض للزوج، وعلى الزوج في قياس قول أبي يوسف في الوجهين جميعاً نصف أجر مثل الأرض، وعليه في قول محمد أجر مثل الأرض، وله على المرأة الأقل مما ¬

_ (¬1) ف، أو. (¬2) ز: ويدفع. (¬3) ز: الأجر.

تزوجها عليه (¬1) ومن أجر مثل الأرض يقاصّها بما لها عليه، فإن فضل لها عليه فضل أعطاها إياه. وإذا تزوج الرجل المرأة على أن تدفع إليه (¬2) أرضها (¬3) هذه السنة، يزرعها ببذره وعمله، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فهذه مزارعة فاسدة، والنكاح جائز، وللمرأة على الزوج صداق مثلها بالغاً ما بلغ. وإن زرع الزوج على هذا، فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً أو لم تخرج شيئاً، فجميع ما أخرجت الأرض من ذلك للزوج، وعليه أجر مثل الأرض بالغاً ما بلغ، وصداق مثل المرأة بالغاً ما بلغ. وإذا اختلعت المرأة من زوجها على أن تأخذ منه أرضه هذه السنة، فتزرعها ببذرها وعملها، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فهذه مزارعة فاسدة، والخلع واقع جائز، وعلى المرأة أن ترد صداقها الذي أخذت منه على زوجها. فإن زرعت المرأة الأرض، فأخرجت زرعاً كثيراً أو لم تخرج شيئاً، فجميع ما خرج (¬4) من ذلك للمرأة، وعلى المرأة مثل أجر الأرض بالغاً ما بلغ، وصداقها الذي تزوجها زوجها (¬5) عليه من ذلك ترد كله على زوجها. وإذا تزوج الرجل المرأة على أن تدفع إليه أرضها هذه السنة وبذراً (¬6) معها، على أن يزرعها، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فهذه مزارعة فاسدة، وللمرأة في قياس قول أبي يوسف من الصداق نصف أجر مثل الزوج في الأرض في عمله هذه السنة. وأما في قول محمد فلها من الصداق الأقل من أجر مثل الزوج ومن صداق مثلها. فإن زرع ¬

_ (¬1) م ز + من أجر مثل الأرض وعليه في قول محمد أجر مثل الأرض وله على المرأة الأقل مما تزوجها عليه. (¬2) م: يدفع إليها. (¬3) ف ز: أرضاً. (¬4) م ف ز: ما أخرج. (¬5) ز - زوجها. (¬6) م ف ز: وببذر.

الزوج الأرض ببذر المرأة، فأخرجت زرعاً كثيراً أو لم تخرج شيئاً، فجميع ما أخرجت الأرض من ذلك للمرأة، وللزوج نصف أجر مثله على المرأة في عمله في قياس قول أبي يوسف، ولها في قول محمد الأقل من أجر مثل الزوج ومن صداق (¬1) مثلها، وللزوج عليها أجر مثله في عمله، تقاصّه بذلك، وتعطيه فضلاً إن كان له. ولو أن امرأة اختلعت من زوجها على أن تزرع أرضه ببذر من قبله (¬2) هذه السنة، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فهذه مزارعة فاسدة، وترد عليه المرأة في قياس قول أبي يوسف نصف أجر مثلها في عملها في هذه الأرض هذه (¬3) السنة. فإن عملت المرأة في الأرض، فأخرجت زرعاً كثيراً أو لم تخرج شيئاً، فجميع ما خرج (¬4) من ذلك للزوج، وللمرأة على الزوج في قياس قول أبي يوسف مثل نصف أجر مثلها في عملها (¬5)، ولها في قول محمد أجر مثلها على الزوج (¬6)، وللزوج عليها الأقل من الصداق الذي تزوجها عليه ومن أجر مثلها، فيقاصِّها بتلك ويعطيها فضلاً إن كان لها. وإذا تزوج الرجل المرأة على أن تعمل في نخله هذا هذه السنة، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فهذه معاملة فاسدة، والنكاح جائز، وللمرأة صداق مثلها بالغاً ما بلغ. فإن عملت المرأة في النخل فأخرجت ثمراً كثيراً أو لم تخرج شيئاً، فجميع ما خرج من ذلك لصاحب النخل، وللمرأة صداق مثلها وأجر مثلها في عملها. ولو كان النخل لها فتزوجته على أن يقوم عليه ويسقيه ويلقّحه ويحفظه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فهذه معاملة فاسدة، ولها في قياس ¬

_ (¬1) م ز: من صداق؛ ف: في صداق. (¬2) ف: من قبلها. (¬3) م ف ز: وهذه. (¬4) م ف ز: ما أخرج. (¬5) م - في عملها. (¬6) م ف + وفي قياس قول أبي يوسف مثل نصف أجر مثلها في عملها ولها في قول محمد أجر مثلها على الزوج.

قول أبي يوسف على زوجها من الصداق نصف أجر مثله، ولها في قول محمد الأقل من أجر مثله ومن صداق مثلها. فإن كان قد عمل في النخل، فأخرج النخل ثمراً كثيراً أو لم يخرج شيئاً، فجميع ما خرج من ذلك للمرأة، وللزوج على المرأة في قياس قول أبي يوسف نصف (¬1) أجر مثله في عمله، وللمرأة على الزوج في قول محمد الأقل من صداق مثلها ومن أجر مثل الزوج، وللزوج عليها أجر مثله، فتقاضه بذلك وتعطيه فضلاً إن كان له. وإذا اختلعت المرأة من زوجها على أن تعمل (¬2) في نخلها هذه السنة، فما أخرج الله تعالى من ذلك (¬3) من شيء فهو بينهما نصفان، فهذه معاملة فاسدة، والخلع جائز، وعلى المرأة أن ترد الصداق الذي أخذت. فإن عمل الزوج في النخل، فأخرج ثمراً كثيراً أو لم يخرج شيئاً، فجميع ما خرج من ذلك للمرأة، وعلى المرأة أيضاً أن تعطي الزوج أجر مثله فيما عمل بالغاً ما بلغ مع الصداق الذي ترد عليه. وإن كانت المرأة اختلعت من زوجها على أن تعمل في نخله هذه السنة بنصف ما تخرج فهذا باطل أيضاً، وللزوج عليها في قول محمد الأقل من الصداق الذي تزوجها عليه ومن أجر مثلها. فإن عملت على هذا فأخرج النخل ثمراَ كثيراً أو لم يخرج (¬4) شيئاً فجميع ما خرج من ذلك للزوج، وللمرأة على الزوج في قياس قول أبي يوسف نصف أجر مثلها، وللزوج عليها الأقل من أجر مثلها ومن مهرها الذي تزوجها عليه، فيقاصّها بذلك ويعطيها فضلاً إن كان لها. ... ¬

_ (¬1) م: ونصف. (¬2) ز: أن يعمل. (¬3) م + فيها. (¬4) ز: لم تخرج.

باب الصلح من الدم العمد مع المزارعة والمعاملة في الخطأ

باب الصلح من الدم العمد مع المزارعة والمعاملة في الخطأ قال محمد: وإذا قتل الرجل الرجل عمداً، فصالح القاتل ولي الدم، على أن يدفع إليه أرضه مزارعة هذه السنة، على أن يزرعها الولي ببذره وعمله، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، على أن عفا ولي الدم عن القاتل، فهذه مزارعة فاسدة، وقد جاز العفو عن الدم، ولولي الدم في قياس قول أبي يوسف على القاتل نصف أجر مثل الأرض. وأما في قول محمد فلولي القتيل الأقل من أجر مثل الأرض ومن الدية. فإن عمل الولي الأرض وزرعها فأخرجت زرعاً كثيراً فللقاتل على ولي الدم نصف أجر مثل الأرض، ولا شيء على القاتل (¬1)، وجميع ما أخرجت الأرض لولي الدم، وقد جاز العفو عن الدم، فهذا قياس قول أبي يوسف. وأما في قول محمد فلولي الدم على القاتل الأقل (¬2) من الدية ومن أجر مثل الأرض، وللقاتل على ولي الدم أجر مثل الأرض، فيقاصّ الولي القاتل بذلك، ويرد عليه فضلاً إن كان له. ... وإذا كان (¬3) للرجل قبل رجل دم عمد أو جناية عمد فيها قصاص، فصالحه ولي الجناية على أن عفا عنه، على أن يدفع إليه ولي الجناية أرضاً له، يزرعها الجاني ببذره وعمله هذه السنة، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فهذه مزارعة فاسدة، والعفو جائز، وعلى الجاني أرش الجناية بالغاً ما بلغ. وإن زرع الأرض الجاني، فأخرجت زرعاً كثيراً أو لم تخرج شيئاً، فجميع ما أخرجت من ذلك للجاني، وعلى الجاني أجر مثل الأرض بالغاً ما بلغ، يغرمه مع أرش الجناية. وإذا كان للرجل قبل رجل دم عمد أو جناية عمد فيها قصاص، ¬

_ (¬1) ز: على العامل. (¬2) ز - الأقل. (¬3) م: وإن كان.

فصالحه ولي الجناية على أن عفا عنه، على أن يدفع إليه (¬1) الجاني أرضاً وبذراً على أن يزرعها هذه السنة، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، والعفو (¬2) جائز، والمزارعة فاسدة، ولولي الجناية على الجاني أرش الجناية بالغاً ما بلغ. فإن زرع ولي الجناية الأرض على هذا فأخرجت زرعاً كثيراً أو لم تخرج فجميع ما خرج من ذلك للجاني، ولولي الجناية على الجاني أجر مثله فيما عمل بالغاً ما بلغ مع ما يغرم من أرش الجناية. وإذا كان للرجل قبل رجل دم عمد أو جناية عمد فيها قصاص، فصالحه ولي الجناية على أن عفا عنه ولي الجناية، وعلى أن دفع إليه أرضاً وبذراً على أن يزرعها الجاني هذه السنة، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، والعفو جائز، والمعاملة فاسدة، ولولي الجناية على الجاني في قياس قول أبي يوسف نصف أجر مثله مكان الجناية التي كانت عليه. وأما في قول محمد فعلى الجاني لولي الجناية الأقل من أرش الجناية ومن أجر مثل الجاني في عمله في الأرض في هذه السنة. فإن زرعها الجاني على هذه المزارعة الفاسدة فأخرجت زرعاً كثيراً أو لم تخرج شيئاً فجميع ما خرج من ذلك لولي الجناية، وللجاني على ولي الجناية في قول أبي يوسف نصف أجر مثله. وأما في قول محمد فللجاني على ولي الجناية أجر مثله فيما عمل، ولولي الجناية على الجاني الأقل من أجر مثل الجاني ومن أرش الجناية، فيقاصّه بما له، ويرد فضلاً إن كان له. وإذا كان للرجل قبل رجل دم عمد أو جناية عمد فيها قصاص، فدفع إليه الجاني نخلاً له معاملة هذه السنة، على أن يقوم عليه ¬

_ (¬1) ز - ولي الجناية أرضاً له يزرعها الجاني ببذره وعمله هذه السنة فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان فهذه مزارعة فاسدة ... وإذا كان للرجل قبل رجل دم عمد أو جناية عمد فيها قصاص، فصالحه ولي الجناية على أن عفا عنه، على أن يدفع إليه. (¬2) ز: فالعقو.

ويسقيه ويلقّحه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، وعلى أن عفا ولي الجناية عن الجاني (¬1)، فالعفو جائز، والمعاملة فاسدة، وعلى الجاني أرش الجناية بالغاً ما بلغ. فإن عمل ولي الجناية على هذه المعاملة الفاسدة، فأخرج النخل ثمراً كثيراً أو لم يخرج شيئاً، فجميع ما خرج من ذلك لصاحب النخل، ولولي الجناية على الجاني أجر مثله فيما عمل بالغاً ما بلغ، مع ما يغرم الجاني من أرش الجناية. وإذا كان للرجل قبل رجل دم عمد أو جناية عمد فيها قصاص، فصالحه ولي الجناية على أن عفا عنه، وعلى أن أعطاه نخلاً له معاملة هذه السنة، على أن يقوم عليه ويسقيه ويلقّحه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فالعفو جائز، والمعاملة فاسدة، ولولي الجناية على الجاني في قياس قول أبي يوسف نصف أجر مثل الجاني مكان جنايته. وأما في قول محمد فلولي الجناية على الجاني الأقل من أجر مثل الجاني ومن أرش الجناية. فإن عمل الجاني على هذا فأخرج النخل ثمراً كثيراً أو لم يخرج شيئاً، فجميع ما خرج من ذلك لصاحب النخل، وللجاني على ولي الجناية نصف أجر مثله في قياس قول أبي يوسف. وأما في قول محمد فلولي الجناية على الجاني الأقل من أرش الجناية ومن أجر مثل الجاني، وللجاني على ولي الجناية أجر مثله فيما عمل، فيقاصّه، ويرد عليه ولي الجناية فضلاً إن كان له. وإذا كان للرجل قبل رجل جناية خطأ أو عمد لا يستطاع فيها القصاص، فصالح أحدهما صاحبه من ذلك، على أن أبرأه منه على أن دفع إليه أرضاً له على أن يزرعها ببذره الآخر (¬2) وعمله هذه السنة، فما أخرج الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فهذا فاسد كله، وأرش الجناية على الجاني على حاله. فإن عمل المزارع على هذا، فأخرجت الأرض الزرع الكثير، فجميع ما خرج من ذلك لصاحب البذر، ولصاحب الأرض أجر مثل أرضه على صاحب البذر. ولو كان البذر من قبل ¬

_ (¬1) م ف ز: على الجاني. (¬2) ز: الأجر.

باب العتق والمكاتبة مع المزارعة والمعاملة

صاحب الأرض، والمسألة على حالها، كان هذا والأول سواء، وجميع ما خرج من الزرع لصاحب البذر، وللمزارع أجر مثله فيما عمل. ولو كان أحدهما دفع إلى صاحبه نخلاً معاملة بالنصف، والمسألة على حالها، كان هذا أيضاً فاسداً، وكان لولي الجناية أرش الجناية على حالة. فإن عمل على هذا فأخرج النخل ثمراً كثيراً أو لم تخرج شيئاً، فجميع ما خرج من ذلك لصاحب النخل، وللعامل (¬1) أجر مثله فيما عمل لصاحب النخل. ... باب العتق والمكاتبة مع المزارعة والمعاملة وإذا أعتق الرجل عبده على أن يزرع أرضه هذه السنة ببذر العبد وعمله، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فرضي العبد بذلك، فهذا فاسد كله، والعبد حر، وعلى العبد قيمة رقبته بالغاً ما بلغ في قول أبي يوسف ومحمد. فإن زرع العبد على هذا الشرط الأرض، فأخرجت زرعاً كثيراً، فجميع ما خرج من ذلك للعبد، وعليه أجر مثل الأرض مع قيمة رقبته التي يغرم للمولى. ولو كان البذر من قبل المولى، والمسألة على حالها، كان هذا أيضاً مزارعة فاسدة، والعبد حر، وعلى العبد قيمة رقبته بالغة ما بلغت في قول أبي يوسف ومحمد. فإن زرعها العبد، فأخرجت زرعاً كثيراً، فجميع ما خرج من ذلك للمولى، وللعبد أجر مثله فيما عمل بالغاً ما بلغ، يقاصّه المولى بالقيمة التي له عليه، ويترادان الفضل. وإذا أعتق الرجل عبده على أن يعمل له في نخله هذا هذه السنة، ويلقّحه ويسقيه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فهذا فاسد كله، والعبد حر، وعليه قيمة رقبته بالغة (¬2) ما بلغت، فإن عمل في النخل على هذا الشرط، فأخرج ثمراً كثيراً أو لم يخرج شيئاً، فللعبد أجر مثله فيما عمل، وجميع ما خرج من ذلك للمولى، يقاصّه المولى من ¬

_ (¬1) ز: وللمعامل. (¬2) ز: بالغا.

أجره بالقيمة التي له عليه، ويترادان الفضل. وإذا كاتب الرجل عبده على أن يزرع العبد أرضه هذه السنة ببذر المولى، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فهذه مزارعة فاسدة ومكاتبة فاسدة، وللمولى أن ينقض المكاتبة ويرده (¬1) عبداً. فإن لم يفعل حتى زرع المكاتب فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً أو لم تخرج شيئاً، فجميع ما خرج من ذلك للمولى، ويعتق المكاتب، ويحسب له أجر مثله من قيمته، فيرد الفضل. فإن كان أجر مثله فيما عمل أكثر من قيمة رقبته أو مثل قيمة رقبته لم يكن لواحد منهما على صاحبه شيء. وإذا كاتب الرجل عبده على أن يزرع العبد أرض المولى هذه السنة ببذر من قبل العبد، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فهذه مزارعة فاسدة ومكاتبة فاسدة، وللمولى أن يرد المكاتبة. فإن لم يفعل حتى زرع المكاتب فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً أو لم تخرج شيئاً، فإن (¬2) المكاتب لا يعتق بشيء من هذه، ويرده المولى رقيقاً، ويكون له ما أخرجت الأرض من قليل أو كثير. وإذا كاتب الرجل عبده على أن يعمل في نخله هذه السنة ويسقيه ويلقّحه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فهذه معاملة فاسدة، وللمولى أن ينقض المكاتبة، فيرد المكاتب في الرق. فإن لم يفعل وعمل المكاتب حتى بلغ الثمر وكملت السنة، فأخرج النخل ثمراً كثيراً أو لم يخرج شيئاً، فجميع ما خرج من ذلك للمولى، والعبد حر لا سبيل عليه، وينظر إلى أجر مثل المكاتب في عمله، فيرفع له من قيمة رقبته، ويؤدي الفضل. فإن كان ذلك أكثر من قيمة رقبته أو مثل قيمة رقبته فلا شيء لواحد منهما على صاحبه. وهذا كله قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقولنا. ... ¬

_ (¬1) م ز: ويرد. (¬2) م ز + كان؛ ف: كانت (مهملة).

باب المزارعة والمعاملة يعمل فيها صاحب النخل والبذر والأرض بأمر صاحبه أو بغير أمره

باب المزارعة والمعاملة يعمل فيها صاحب النخل والبذر والأرض بأمر صاحبه أو بغير أمره وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له وبذراً على أن يزرعها هذه السنة ويعمل فيها، فما أخرج الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فلما قبض ذلك المزارع رده على صاحب الأرض والبذر، واستعانه أن يلي زرع ذلك والقيام عليه، فزرعه صاحب الأرض والبذر وسقاه، وقام عليه بأمر المزارعة (¬1) بنفسه، أو استأجر عليه أجراء، فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً، فجميع ما خرج من ذلك فهو بينهما على ما اشترطا فيه. فإن كان الذي ولي العمل (¬2) في ذلك صاحب الأرض بنفسه فهو متطوع في ذلك، ولا أجر (¬3) له، فإن كان استأجر في ذلك أجراء فأجر أولئك الأجراء على صاحب الأرض في ماله. فإن كان المزارع استأجر صاحب الأرض والبذر بأجر معلوم، على أن يزرع ويسقي، ففعل، فجميع ما خرج من ذلك فهو بينهما نصفان على ما اشترطا، ولا أجر لصاحب الأرض والبذر على المزارع في شيء من ذلك. ولو كان صاحب الأرض والبذر أجر ذلك بغير أمر المزارع، فزرع الأرض وسقاه وقام عليه حتى استحصد الزرع، كان جميع ما خرج من ذلك لصاحب الأرض والبذر، ولا شيء له من ذلك. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له على أن يزرعها هذه السنة ببذره وعمله، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فلما قبض المزارع الأرض دفعها وبذراً معها إلى رب الأرض، وأمره أن يزرعها، ففعل ذلك، فأخرجت (¬4) زرعاً كثيراً، فجميع ما خرج (¬5) من ذلك فهو بينهما على ما اشترطا. وكذلك لو أمره أن يستأجر في ذلك أجراء، ففعل، فما أخرجت الأرض فهو بينهما نصفان على ما اشترطا، ¬

_ (¬1) ز: الزراعة. (¬2) م ف: العامل؛ ز: المعامل. (¬3) ز: والأجر. (¬4) ع + الأرض. (¬5) م ز: ما أخرج.

وأجر الأجراء على المزارع. وإن كان المزارع استأجر رب الأرض بدراهم مسماة وزرعها فجميع ما أخرجت الأرض فهو بينهما نصفان على ما اشترطا، ولا أجر لرب الأرض على عمله. ولو كان رب الأرض أخذ البذر بغير أمر المزارع، فزرعه في الأرض وسقاه وقام عليه حتى خرج من ذلك زرع كثير، فجميع ما خرج من ذلك لرب الأرض، وهو ضامن لبذر مثل بدر المزارع يدفعه إلى المزارع. وإذا دفع الرجل إلى الرجل نخلاً (¬1) معاملة على أن يلقّحه ويسقيه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فلما قبضه العامل (¬2) رده على صاحبه واستعانه على سقيه وتلقيحه وحفظه، ففعل ذلك صاحب النخل بأمر العامل (¬3)، فأخرج النخل ثمراً كثيراً، فجميع ما خرج من ذلك فهو بينهما نصفان على ما اشترطا. وكذلك لو كان العامل (¬4) أمر صاحب النخل أن يستأجر فيه أجراء (¬5) ففعل كان ما أخرج النخل بينهما على ما اشترطا، وأجر الأجراء على العامل (¬6). ولو كان العامل (¬7) استأجر صاحب النخل على ذلك بأجر معلوم كان ما خرج من ذلك بينهما على ما اشترطا، ولا أجر لصاحب النخل في هذا؛ لأنه عمل في شيء هو فيه شريك. ولو كان صاحب النخل قبض بغير أمر العامل (¬8)، فقام عليه وسقاه ولقّحه وحفظه، كان ما خرج من ذلك لصاحب النخل، ولا شيء للعامل (¬9)؛ لأنه لم يعمل (¬10) ذلك بأمره. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له وبذراً على أن يزرعها هذه السنة ويسقيه ويقوم عليه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما، فلما قبض ذلك المزارع دفعه إلى رب الأرض على (¬11) أن يزرعه، فما ¬

_ (¬1) ع + له. (¬2) ز: المعامل. (¬3) ز: المعامل. (¬4) ز: المعامل. (¬5) م ز: أرضاً. (¬6) ز: على المعامل. (¬7) ز: المعامل. (¬8) ز: المعامل. (¬9) ز: للمعامل. (¬10) ف + في. (¬11) ز: وعلى.

أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما، لرب الأرض الثلثان وللمزارع الثلث، فعمل رب الأرض على ذلك بنفسه، فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً، فجميع ما خرج من ذلك فهو بينهما نصفان على المزارعة الأولى، والمزارعة الثانية باطل، ورب الأرض متطوع فيما عمل. ولو كان استأجر على ذلك أجراء يعملون له كان أجر الأجراء على المزارع، وما أخرجت الأرض فهو بينهما نصفان على المزارعة الأولى. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له على أن يزرعها هذه السنة ببذره وعمله، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فلما قبض المزارع الأرض دفعها إلى رب الأرض وبذراً معها، على أن يزرع ذلك رب الأرض هذه السنة، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما، لرب الأرض الثلثان وللمزارع الثلث، فعملها رب الأرض بنفسه، فأخرجت زرعاً كثيراً، فجميع ما خرج من ذلك فهو بينهما نصفان على المزارعة الأولى، ورب الأرض متطوع فيما عمل. وإن كان استأجر في ذلك أجراء كان أجرهم على المزارع؛ لأنه استأجرهم له في عمله بأمره. وإذا دفع الرجل إلى الرجل نخلاً له معاملة على أن يقوم عليه ويسقيه ويلقّحه، على أن لصاحب النخل الثلثين وللعامل (¬1) الثلث، فعمل صاحب النخل على ذلك (¬2)، فأخرج النخل ثمراً كثيراً، فجميع ما أخرج الله تعالى من ذلك فهو بينهما نصفان على المعاملة الأولى، ولا شيء لصاحب النخل في عمله. وإن كان صاحب النخل استأجر في ذلك أجراء رجع (¬3) بأجرهم على العامل (¬4)؛ لأنه استأجرهم في عمله. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذراً على أن يزرعها هذه السنة، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فبذره المزارع وسقاه، فلما نبت قام عليه رب الأرض بنفسه وأجرائه وسقاه حتى استحصد بغير أمر المزارع، فجميع ما خرج من ذلك فهو بينهما نصفان على ما ¬

_ (¬1) ز: وللمعامل. (¬2) ز: على هذا. (¬3) ز: فرجع. (¬4) ز: على المعامل.

اشترطا، ورب الأرض متطوع فيما صنع. ولو كان المزارع بذر البذر ولم ينبت ولم يسقه حتى سقاه رب الأرض بغير أمر المزارع، فنبت ولم يزل يقوم عليه ويسقيه حتى استحصد، فإن القياس في هذا أن جميع ما خرج لرب الأرض، ولا شيء للمزارع، ولكني أستحسن أن أجعله بينهما على ما اشترطا، وأجعل رب الأرض متطوعاً فيما عمل، وأجعل عمل ذلك للمزارع. ألا ترى أن رجلاً لو بذر أرضاً له فلم ينبت حتى سقاه رجل بغير أمره فنبت كان في القياس أن الزرع كله للذي سقاه، ولكني أستحسن أن أجعله لصاحبه. فكذلك هذا. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذراً على أن يزرعها هذه السنة بالنصف، فلما قبضه أخذ ذلك رب الأرض فبذره في الأرض وسقاه فنبت، ثم إن المزارع بعد ذلك (¬1) لم يزل يسقيه ويقوم عليه حتى استحصد، فإن جميع ما خرج من ذلك لرب الأرض، والمزارع متطوع فيما عمل، ولا شيء له فيما أخرج الأرض. ولو أن رب الأرض بذره ولم يسقه، فلم ينبت شيئاً (¬2) حتى سقاه المزارع، فنبت وقام عليه حتى استحصد، فجميع ما خرج بينهما على ما اشترطا. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له (¬3) على أن يزرعها هذه السنة ببذره وعمله، فما أخرج الله تعالى منها من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فبذر المزارع البذر، ولم يسقه ولم ينبت حتى سقاه رب الأرض وقام عليه حتى استحصد، فجميع ما خرج من ذلك بينهما على ما اشترطا. ولو أن رب الأرض أخذ البذر فبذره ولم يسقه ولم ينبت حتى سقاه المزارع، فنبت وقام عليه حتى استحصد، فجميع ما خرج من ذلك بينهما على ما اشترطا. ولو أن رب الأرض أخذ البذر وبذره وسقاه فنبت، ثم إن المزارع سقاه بعد ذلك، وقام عليه حتى استحصد، كان جميع ما خرج من ¬

_ (¬1) ف - بعد ذلك. (¬2) م ز - شيئاً. (¬3) ف - له.

باب المزارع والعامل يكتبان الشروط على صاحب النخل والأرض ويكتب ذلك عليهما صاحب النخل والبذر

ذلك لرب الأرض، وهو ضامن لبذر (¬1) مثل بذر المزارع الذي أخذ، والمزارع فيما عمل وسقاه متطوع، ولا أجر له. وإذا دفع الرجل إلى الرجل نخلاً معاملة بالنصف، فقام عليه العامل (¬2) وسقاه وحفظه، فلما خرج (¬3) طَلْعُه أخذ صاحب النخل النخل بغير أمر العامل (¬4)، فقام عليه وسقاه ولقّحه، فأخرج ثمراً كثيراً، فجميع ما خرج من ذلك بينهما على ما اشترطا، ولا أجر لصاحب النخل في تلقيحه ولا في عمله. وإذا دفع الرجل إلى الرجل نخلاً له معاملة بالنصف، فلما قبضه العامل (¬5) أخذه صاحب النخل بغير أمر العامل (¬6)، ولقّحه وسقاه ثم قام عليه حتى صار تمراً، فجميع ذلك لصاحب النخل، ولا شيء للعامل (¬7). ولو كان صاحب النخل قبضه وسقاه وقام عليه فلم يخرج طَلْعُه حتى قبضه العامل (¬8) بغير أمر صاحب النخل، فسقاه وقام عليه حتى خرج طلعه، ثم لقّحه وقام عليه حتى صار ثمراً كثيراً، فجميع ما خرج من ذلك بينهما على ما اشترطا؛ لأنهما على المعاملة الأولى على حالها. ... باب المزارع والعامل (¬9) يكتبان الشروط على صاحب النخل والأرض ويكتب ذلك عليهما صاحب النخل والبذر وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذراً على أن يزرعها هذه السنة بالنصف، وأراد صاحب الأرض والبذر أن يكتب بذلك كتاباً على المزارع كيف يكتب؟ ¬

_ (¬1) ف: البذر. (¬2) ز: المعامل. (¬3) ز: أخرج. (¬4) ز: المعامل. (¬5) ز: المعامل. (¬6) ز: المعامل. (¬7) ز: للمعامل. (¬8) ز: المعامل. (¬9) ز: والمعامل.

قال: يكتب: هذا كتاب لفلان بن فلان من فلان بن فلان: إنك دفعت إلي أرضاً (¬1)، يقال (¬2) لها كذا وكذا، من قرية كذا وكذا (¬3)، من طَسُّوج (¬4) كذا وكذا، وكُرًّا من حنطة وسط معها مزارعة، أحد حدود هذه الأرض والثاني والثالث والرابع، دفعت إلي الأرض المحدودة في كتابنا هذا أرضاً، وكرًّا من حنطة وسط معها، وهو أربعون قفيزًا بالمختوم الكامل أو الهاروني أو الهاشمي، مزارعة، بحدود هذه الأرض كلها، ومسيل مائها وطريقها وكل حق هو لها، على أن يزرعها هذه السنة أولها من شهر كذا من سنة كذا، بهذه الحنطة المسماة في كتابنا هذا، وأقوم عليه وأسقيه وأحفظه بنفسي وأجرائي وأعواني، وأعمل في ذلك كله برأيي، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فلي منه كذا وكذا بعملي فيه، ولك منها ما بقي، وهو كذا وكذا، وقد دفعت إلي هذه الأرض المحدودة في كتابنا هذا، وهذه الحنطة المسماة في كتابنا هذا، أربعون قفيزًا بالمختوم الكامل، وقبضت ذلك كله منك في غرة شهر كذا من سنة كذا، فهي معي بما سمينا في كتابنا هذا من المزارعة. شهد. قلت: فإن أراد المزارع أن يكتب على رب الأرض بذلك كتاباً كتب: هذا كتاب لفلان بن فلان من فلان بن فلان: إني دفعت إليك أرضي التي يقال لها كذا من قرية كذا من طَسُّوج كذا من رَسْتَق (¬5) كذا وكذا (¬6)، وكُرًّا مش حنطة معها مزارعة، أحد حدود هذه الأرض والثاني والثالث والرابع، دفعت إليك هذه الأرض المحدودة في كتابنا هذا أرضاً بيضاء، وكرًّا من ¬

_ (¬1) م ف ز + التي. (¬2) م: فقال. (¬3) ز - وكذا. (¬4) قال المطرزي: الطَّسُّوج الناحية كالقرية ونحوها، معرَّب، يقال: أردبيل من طساسيج حُلْوان. انظر: المغرب، "طسج". (¬5) الرستق: الصف من البيوت والسطر من النخل. ويقال له: الرُّسْتاق والرُّزْداق والزَّزْدَق. وأصله بالفارسية: رَسْتَة. ويستعمل بمعنى السواد، أي: سواد العراق. انظر: المغرب، "رزدق"؛ ولسان العرب، "رزدق"، "رستق"، "رسدق". (¬6) ز - وكذا.

حنطة وسط معها، وهو أربعون قفيزاً بالمختوم الكامل مزارعة، بحدود الأرض كلها وشربها ومسيل مائها وطرقها وكل حق هو لها، على أن تزرعها (¬1) هذه السنة، أولها شهر كذا من سنة كذا، بهذه الحنطة المسماة في كتابنا هذا، وتقوم على ذلك وتسقيه وتحفظه بنفسك وأجرائك وأعوانك، وتعمل في ذلك كله برأيك، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فلك (¬2) كذا وكذا لعملك فيه، ولي منه ما بقي، وهو كذا وكذا، وقد دفعت إليك هذه الأرض المحدودة في كتابنا هذا، وهذه الحنطة المسماة في كتابنا هذا، وهو أربعون قفيزاً بالمختوم الكامل، وقبضت ذلك كله مني في غرة شهر كذا من سنة كذا، وهو (¬3) معك بما سمينا في كتابنا هذا من المزارعة. شهد. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له على أن يزرعها ببذره وعمله وبقره عشر سنين، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان (¬4)، فأراد رب الأرض أن يكتب كتاباً بتلك المزارعة على المزارع، فإنه يكتب: هذا كتاب لفلان بن فلان من فلان بن فلان: إنك دفعت إلي أرضك هذه التي يقال لها كذا وكذا من قرية كذا من طَسُّوج كذا من رَسْتَق كذا مزارعة، أحد حدودها والثاني والثالث والرابع، دفعت إلي أرضك هذه المحدودة في كتابنا هذا أرضاً بيضاء مزارعة، بحدودها كلها وشربها ومسيل مائها وطرقها في حقوقها وكل حق هو لها، عشر سنين أولها شهر كذا من سنة كذا، على أن أزرعها ما بدا لي من غلة الشتاء والصيف، وأقوم عليها بنفسي وأجرائي وأعواني، وأعمل في ذلك كله برأيي، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فلك منه كذا وكذا، حظ الأولى (¬5) الأرض، ولي منه كذا وكذا ببذري وقيامي عليه وعملي فيه، وقد دفعت إلي الأرض المحدودة في كتابنا هذا، وقبضتها منك في غرة شهر كذا من سنة كذا، فهي في يدي بما ¬

_ (¬1) ز: أن يزرعها. (¬2) م ف: فله. (¬3) م + ما. (¬4) م ز - نصفان. (¬5) كذا في م ف ز. ولعله "لولي" أي لصاحب.

سمينا في كتابنا هذا من المزارعة، حتى تنقضي هذه السنون، شهد. فإن أراد المزارع أن يكتب كتاباً على رب الأرض كتب: هذا كتاب لفلان بن فلان من فلان بن فلان (¬1): إني دفعت إليك الأرض التي يقال لها كذا وكذا من طَسُّوج كذا من رَسْتَق كذا مزارعة، أحد حدودها والثاني والثالث والرابع، دفعت إليك هذه الأرض المحدودة في كتابنا هذا أرضاً بيضاء مزارعة، بحدودها كلها وشربها ومسيل مائها وطرقها في حقوقها (¬2) وكل حق هو لها، عشرين سنة أولها شهر كذا من سنة كذا، على أن تزرعها ببذرك ما بداً لك من غلة الشتاء والصيف، وتقوم عليها بنفسك وأجرائك وأعوانك، وتعمل في ذلك برأيك كله، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فلي منه كذا وكذا حظ الأرض، ولك منه كذا ببذرك فيها وقيامك عليها وعملك فيها، وقد دفعت إليك هذه الأرض المحدودة في كتابنا هذا، وقبضتها مني في غرة شهر كذا من سنة كذا، فهي في يدك بما سمينا في كتابنا من المزارعة، حتى تنقضي هذه السنون. وإذا دفع الرجل إلى الرجل شجراً ونخلاً وكرمًا معاملة، فأراد أن يكتب كتاباً على العامل (¬3) بذلك كتب: هذا كتاب لفلان بن فلان من فلان بن فلان: إنك دفعت إلي جميع ما في الأرض التي يقال لها كذا وكذا من قرية كذا من طَسُّوج كذا من رَسْتَق (¬4) كذا من نخل وشجر وكرم معاملة، أحد حدود هذه الأرض والثاني والثالث والرابع، دفعت إلي جميع ما في (¬5) هذه الأرض المحدودة في كتابنا هذا من نخل أو شجر أو كرم معاملة، عشر سنين أولها شهر كذا من سنة كذا، أقوم عليه وأسقيه وأحفظه وألقّح نخله وأَكْسَح كرمه بنفسي وأجرائي وأعواني، وأعمل في ذلك كله برأيي، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فلك منه كذا وكذا (¬6)، ولي منه كذا لقيامي عليه وعملي فيه، وقد دفعت إلي جميع ما في ¬

_ (¬1) ز - من فلان بن فلان. (¬2) ز: في حقوها. (¬3) ز: على المعامل. (¬4) م: من درستق. (¬5) ز - ما في. (¬6) ز - وكذا.

هذه الأرض المحدودة في كتابنا هذا من نخل أو كرم أو شجر، وقبضته منك في غرة شهر كذا من سنة كذا، فهو في يدي بما سمينا في كتابنا هذا من المعاملة، حتى تنقضي هذه السنون. شهد. فإن أراد العامل (¬1) أن يستوثق من رب الأرض، وأراد أن يكتب عليه كتاباً، كتب: هذا كتاب لفلان بن فلان من فلان بن فلان: إني دفعت إليك جميع ما في الأرض التي يقال لها كذا من قرية كذا من طَسُّوج كذا من رَسْتَق (¬2) كذا من نخل وشجر وكرم معاملة، أحد حدود جماعة (¬3) هذه والثاني والثالث والرابع، دفعت إليك جميع ما في هذه الأرض المحدودة في كتابنا هذا من نخل وشجر وكرم معاملة، عشر سنين أولها شهر كذا من سنة كذا، تقوم عليه وتسقيه وتحفظه (¬4) وتلقّح نخله وتَكْسَح كرمه بنفسك وأجرائك وأعوانك، وتعمل في ذلك كله برأيك، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فلي منه كذا، ولك منه كذا، لقيامك عليه وعملك فيه، وقد دفعت إليك جميع ما في هذه الأرض المحدودة في كتابنا هذا من نخل أو شجر أو كرم، وقبضته مني في غرة شهر كذا من سنة كذا، وهو في يدك بما سمينا في كتابنا هذا من المعاملة، حتى تنقضي هذه السنون. وإذا كان للرجل زرع قد طلع، فدفعه إلى رجل معاملة فهو جائز، فإن أراد أن يكتب بذلك كتاباً كتب: هذا كتاب لفلان بن فلان من فلان بن فلان: إنك دفعت إلي جميع ما في الأرض التي يقال لها كذا من قرية كذا من طَسّوج كذا من رَسْتَق (¬5) كذا من زرع معاملة، أحد حدود هذه الأرض والثاني والثالث والرابع، دفعت إلي جميع ما في الأرض المحدودة في كتابنا من زرع معاملة، وهو بَقْل لم يبلغ، أقوم عليه وأحفظه وأسقيه بنفسي وأجرائي وأعواني، وأعمل في ذلك كله برأيي حتى يدرك هذا الزرع، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فلك (¬6) منه كذا، ولي منه ¬

_ (¬1) ز: المعامل. (¬2) م ز: من درستق. (¬3) ز - جماعة. (¬4) ز: وبحفظه. (¬5) م ف ز: من درستق. (¬6) ف: فله.

كذا لقيامي عليه وعملي فيه، وقد دفعت إلي جميع ما في هذه الأرض المحدودة في كتابنا هذا من الزرع، وقبضته منك في غرة شهر كذا من سنة كذا، فهو في يدي بما سمينا في كتابنا هذا من المعاملة حتى يستحصد الزرع. شهد. فإن أراد (¬1) أن يكتب العامل (¬2) على صاحب الزرع كتاباً يستوثق منه كتب: هذا كتاب لفلان بن فلان من فلان بن فلان (¬3): إني دفعت إليك جميع ما في الأرض التي يقال لها كذا من قرية كذا من طَسُّوج كذا من رَسْتَق (¬4) كذا من زرع معاملة، وهو بَقْل لم يبلغ، أحد حدود هذه الأرض والثاني والثالث والرابع، دفعت إليك جميع ما في هذه الأرض المحدودة في كتابنا هذا من زرع معاملة، تقوم عليه وتحفظه (¬5) وتسقيه بنفسك وأجرائك وأعوانك، وتعمل في ذلك كله برأيك، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فلي منه كذا، ولك منه كذا (¬6) لقيامك عليه وعملك فيه، وقد دفعت إليك جميع ما في هذه الأرض المحدودة في كتابنا هذا من زرع، وقبضته مني في غرة شهر كذا من سنة كذا، فهو في يديك بما سمينا في كتابنا هذا من المعاملة حتى يستحصد الزرع. شهد. وإذا كان للرجل نخل قد طلع فيه طَلْع ولم يصر بُسْراً، فأراد أن يدفعه معاملة، فهو جائز. فإن أراد أن يكتب كتاباً كتب: هذا كتاب لفلان بن فلان من فلان بن فلان: إنك دفعت إلي جميع ما في النخل الذي في الأرض التي (¬7) يقال لها كذا من قرية كذا من طَسُّوج كذا من رَسْتَق (¬8) كذا من طَلْع معاملة، أحد حدود هذه الأرض التي فيها هذا النخل والثاني والثالث والرابع، دفعت إلي جميع ما في هذا النخل الذي سميناه (¬9) في هذه ¬

_ (¬1) م: فإذا أراد؛ ز: وإذا أراد. (¬2) ز: المعامل. (¬3) ز - بن فلان. (¬4) م ف: من درستق؛ ز: من تدرستق. (¬5) ف - وتحفظه. (¬6) ز - ولك منه كذا. (¬7) ز: الذي. (¬8) م: من بدستق؛ ز: من تدرستق. (¬9) ز: سمينا.

الأرض المحدودة في كتابنا هذا من طَلْع معاملة، أقوم عليه وأحفظه وأسقيه وألقّحه بنفسي وأجرائي وأعواني، وأعمل في ذلك كله برأيي (¬1)، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فلك منه كذا، ولي منه كذا لقيامي عليه وعملي فيه، وقد دفعت إلي جميع ما في هذا النخل الذي سمينا في هذه الأرض المحدودة في كتابنا هذا من طَلْع معاملة، وقبضته منك في غرة شهر كذا من سنة كذا، فهو في يدي بما سمينا في كتابنا هذا (¬2) من المعاملة حتى يصير تمراً. شهد. فإن أراد العامل (¬3) أن يكتب على صاحب النخل يستوثق منه كتب: هذا كتاب لفلان بن فلان من فلان بن فلان، إني دفعت إليك جميع ما في هذا النخل الذي في الأرض التي يقال لها كذا من قرية كذا من طَسُّوج كذا من رَسْتَق (¬4) كذا من طَلْع معاملة، أحد حدود هذه الأرض والثاني والثالث والرابع، دفعت إليك جميع ما في هذا النخل الذي سمينا في هذه الأرض المحدودة في كتابنا هذا من طَلْع معاملة، تقوم عليه وتسقيه وتلقّح نخله وتحفظه بنفسك وأجرائك وأعوانك، وتعمل في ذلك كله برأيك، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فلي منه كذا، ولك منه كذا لقيامك عليه وعملك فيه، وقد دفعت إليك جميع ما في هذا النخل الذي سمينا في هذه الأرض المحدودة في كتابنا هذا من طَلْع، وقبضته مني في غرة شهر كذا من سنة كذا، فهو في يديك بما سمينا في كتابنا هذا من المعاملة حتى يصير تمراً. شهد. ... ¬

_ (¬1) م: وأعمل في ذلك برأي كله. (¬2) ف - من طلع معاملة وقبضته منك في غرة شهر كذا من سنة كذا فهو في يدي بما سمينا في كتابنا هذا. (¬3) ز: المعامل. (¬4) م ف: من درستق؛ ز: من بدستق.

باب المزارعة والمعاملة يشترط على المزارع والعامل فيها بعض العمل

باب المزارعة والمعاملة يشترط على المزارع والعامل (¬1) فيها بعض العمل فإذا دفع الرجل إلى الرجل نخلاً له معاملة على أن يلقّحه، على أن ما أخرج الله تعالى من شيء فهو بينهما نصفان، ولم يشترط صاحب النخل على العامل (¬2) من الحفظ ولا من السقي ولا من العمل قليلاً ولا كثيراً غير التلقيح، فإني أنظر في ذلك. فإن كان النخل يحتاج في ذلك إلى الحفظ أو إلى السقي فالمعاملة فاسدة. فإن لقّحه العامل (¬3) فله أجر مثله فيما عمل وقيمة ما لقّحه (¬4) به، وجميع ما أخرج النخل لصاحب النخل. وإن كان النخل لا يحتاج إلى الحفظ ولا إلى السقي وليس يحتاج (¬5) من العمل إلا إلى التلقيح فالمعاملة جائزة، وجميع ما خرج من النخل فهو بينهما على ما اشترطا. وإن كان لا يحتاج إلى سقي ولكنه إن سقى كان أجود لثمرته وأفضل من ترك السقي إلا أن ترك السقي لا يضره فالمعاملة أيضاً جائزة على ما اشترطا. وإن كان ترك السقي يضره وينقصه إلا أنه لا يفسد كله، ولكنه يفسد بعضه ويبقى بعضه، فهذه معاملة فاسدة، وجميع ما أخرج النخل فهو لصاحب النخل، وللعامل (¬6) أجر مثله في تلقيحه وقيمة ما لقّحه. وإن كان صاحب النخل اشترط على العامل (¬7) حفظه وسقيه ولم يشترط عليه تلقيحه فهذه أيضاً معاملة فاسدة؛ لأن التلقيح يضر تركه بالنخل ويفسده. فقد بقي بعض العمل على صاحب النخل، ولا تستقيم المعاملة وبعض العمل على صاحب النخل. ألا ترى أن رجلاً لو دفع نخلاً له معاملة إلى رجل على أن يلقّحاه جميعاً ويحفظاه ويسقياه (¬8)، على أن ما أخرج النخل من شيء فهو بينهما، لصاحب النخل ثلثاه وللعامل ثلثه (¬9)، كان ذلك ¬

_ (¬1) ز: والمعامل. (¬2) ز: على المعامل. (¬3) ز: المعامل. (¬4) م: ما لحقه. (¬5) م ز: يخرج. (¬6) ز: وللمعامل. (¬7) ز: على المعامل. (¬8) ز - ويسقياه. (¬9) ز + إن.

فاسداً؛ لأن صاحب النخل لم يُخَلّ بين العامل (¬1) وبين العمل. فكذلك إذا بقي من عمل النخل ما (¬2) لم يشترط صاحب النخل على العامل (¬3)، وليس يصلح النخل إلا به، فالمعاملة فاسدة؛ لأن الذي بقي من العمل على صاحب النخل وإن [كان النخل لا يصلح إلا به إلا أنه] لم يشترط عليه، فهذه معاملة فاسدة. ولو كان النخل لا يحتاج إلى التلقيح وكان التلقيح (¬4) أجود له إلا أنه يَعْقِدُ (¬5) كلّه بغير تلقيح فالمعاملة جائزة وإن لم يشترط صاحب النخل على العامل (¬6) التلقيح. وإذا دفع الرجل إلى الرجل نخلاً له معاملة قد أَطْلَعَ طَلْعَه (¬7)، على أن يسقيه ويحفظه وقد لقّحه صاحب النخل، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فذلك جائز؛ لأن التلقيح قد فرغ منه قبل المعاملة. ولو كان صاحب النخل دفعه إليه معاملة وقد أطلع النخلُ طَلْعاً ولم يلقّح (¬8)، على أن حفظه وسقيه وتلقيحه على صاحب النخل، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، كانت هذه معاملة فاسدة؛ لأنهما قد عقدا المعاملة قبل تلقيح صاحب النخل، وقد اشترط بعض العمل بعد عقدة (¬9) المعاملة على صاحب النخل، فالمعاملة فاسدة. فإن عمل العامل (¬10) وصاحب النخل على هذا، فأخرج النخل ثمراً كثيراً، فجميع ما خرج من ذلك لصاحب النخل، وللعامل (¬11) أجر مثله فيما عمل. ولو كان صاحب النخل دفع النخل معاملة إلى عامل (¬12)، وقد أطلع طَلْعاً ولم يلقّح، على أن يلقّحه صاحب النخل، ثم يحفظه العامل (¬13) بعد ذلك ¬

_ (¬1) ز: المعامل. (¬2) م ف ز - ما. والزيادة من ع. (¬3) ز: على المعامل. (¬4) م - وكان التلقيح، صح هـ. (¬5) أي: ينعقد ويشتد، كما تقدم. (¬6) ز: على المعامل. (¬7) أطلع النخل الطلع إطلاعًا، أخرج طلعه. انظر: لسان العرب، "طلع". وقد تقدم تفسير الطلع. (¬8) ف: لم يلقح. (¬9) م: بعد عقد. (¬10) ز: المعامل. (¬11) ز: وللمعامل. (¬12) ز: إلى معامل. (¬13) ز: المعامل.

ويسقيه ويقوم عليه بالنصف مما يخرج، كان أيضاً معاملة فاسدة؛ لأن وقت عمل العامل (¬1) لا يدري متى يكون. وإن كان الشرط بينهما على أن يلقّحه صاحب النخل في هذا الشهر على أن يحفظه العامل (¬2) ويسقيه في غرة الشهر الداخل حتى يبلغ، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فهذه معاملة جائزة، وهو على ما اشترطا؛ لأن المعاملة إنما وقعت بعد التلقيح بوقت معروف. وإذا دفع الرجل إلى الرجل نخلاً له معاملة على أن يلقّحه ويسقيه، فما أخرج الله تعالى من ذلك (¬3) من شيء فهو بينهما نصفان، وعلى أن حفظه على رب النخل، فهذه معاملة فاسدة، وما أخرج الله تعالى من النخل من شيء فهو لصاحب النخل، وللعامل (¬4) أجر مثله فيما عمل، وقيمة ما لقّح به (¬5). وكذلك لو اشترطا تلقيحه وحفظه على العامل (¬6)، وسقيه على صاحب النخل، فهو مثل هذا أيضاً. فإن كان سقيه لو ترك (¬7) لم يضر النخل شيئاً ولكنه أفضل للثمر أن يسقى فهذه أيضاً معاملة فاسدة؛ لأن السقي [مما] قد اشترطا على صاحب (¬8) النخل. ولو كان سقيه لا يضره (¬9) تركه ولا يزيد سقيه فيه شيئاً فالمعاملة جائزة على ما اشترطا، والشرط باطل. وكذلك حفظه إن كان في موضع لا يحتاج إلى الحفظ فالمعاملة جائزة، وشرط الحفظ على صاحب النخل باطل. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له وبذراً على أن يبذره هذه السنة، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، ولم يشترط عليه من العمل غير البذر، ولم يشترط عليه سقيا ولا حفظًا، فإن كانت الأرض أرضاً تسقيها السماء لا يحتاج فيه إلى سقي ولا حفظ، مثل أرض الجزيرة ونحوها، فالمعاملة جائزة، وما أخرج الله تعالى من ذلك من ¬

_ (¬1) ز: المعامل. (¬2) ز: المعامل. (¬3) ف: في ذلك. (¬4) ز: وللمعامل. (¬5) ز - به. (¬6) ز: على المعامل. (¬7) ز: لم ترك. (¬8) م ز: على صاحبه. (¬9) ف: لا يره.

شيء فهو بينهما نصفان على ما اشترطا. وإن كانت لا تستغني عن الحفظ أو عن السقي (¬1) فالمزارعة فاسدة، وليس على المزارع حفظها ولا سقيها، وذلك على رب الأرض، وما أخرجت الأرض من شيء فهو لرب الأرض، وللمزارع أجر مثله فيما عمل. ولو كان الزرع لا يحتاج إلى السقي ولكنه لو سقي كان أجود للزرع فالمزارعة جائزة على ما اشترطا. ولو كان الزرع لا يحتاج إلى السقي (¬2)، إلا أنه لو ترك هلك بعضه وخرج بعضه، وكان الذي يخرج منه حباً ضامراً عطشاناً (¬3)، فهذه مزارعة فاسدة، وما خرج من ذلك من شيء فهو لرب الأرض، وللمزارع أجر مثله فيما عمل. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذراً على أن يزرعه هذه السنة ويسقيه، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، وعلى أن الحفظ على رب الأرض، فالمزارعة فاسدة. فإن عملاً على هذا فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو لرب الأرض، وللمزارع أجر مثله فيما عمل. وكذلك لو كان المزارع اشترط على رب الأرض أن يَبْذُرها ويحفظها، واشترط على رب الأرض السقي، فإن هذه مزارعة فاسدة. وكذلك لو اشترط المزارع السقي والحفظ واشترط على رب الأرض أن يَبْذُر كان هذا أيضاً فاسداً. فإن كان المزارع شرط أن يَبْذُر ويحفظ واشترط على رب الأرض السقي (¬4)، والسقي لو ترك لم يضر ذلك بالزرع، ولكنه أجود للزرع أن يسقى، فالمزارعة (¬5) فاسدة، وجميع ما ¬

_ (¬1) ز: عن الشي. (¬2) ز - ولكنه لو سقي كان أجود للزرع فالمزارعة جائزة على ما اشترطا ولو كان الزرع لا يحتاج إلى السقي. (¬3) ضامر، أي: دقيق لطيف. انظر: المغرب، "ضمر". وحب عطشان، أي: محتاج إلى الماء. وقد قال المطرزي: حباً ضامراً عطِشاً، ويروى عطشاناً، والأول أوجه انظر: المغرب، "عطش". (¬4) ز - فإن هذه مزارعة فاسدة وكذلك لو اشترط المزارع السقي والحفظ واشترط على رب الأرض أن يبذر كان هذا أيضاً فاسداً فإن كان المزارع شرط أن يبذر ويحفظ واشترط على رب الأرض السقي. (¬5) ف ز: فإن المزارعة.

أخرجت الأرض لرب الأرض، وللمزارع أجر مثله فيما عمل. وإن كان السقي لا يزيده خيراً فالمزارعة على ما اشترطا، والشرط باطل. وإن كان المطر ربما قل فزاد السقي خيراً، وربما كثر فلم يزده السقي خيراً، فالمزارعة (¬1) فاسدة، وجميع ما أخرجت الأرض لرب الأرض، وللمزارع أجر مثله فيما عمل. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً، وقد بذر فيها رب الأرض ولم يطلع شيء، على أن يسقيه المزارع ويحفظه، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فهذا جائز، وما خرج (¬2) من شيء فهو بينهما نصفان. ولو كان دفع إليه الأرض قبل أن يَبْذُرها على أن يَبْذُر رب الأرض ويسقيه المزارع ويحفظه (¬3)، على أن ما أخرج (¬4) الله تعالى من ذلك من شيء فهو [بينهما نصفان، فهذه مزارعة فاسدة، وما خرج من شيء فهو] (¬5) لرب الأرض، وللمزارع أجر مثله فيما عمل. ولو كان رب الأرض شرط له أن يَبْذُر على أن يحفظه المزارع بعد ذلك ويسقي، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فهذه مزارعة فاسدة؛ لأنه لا يدري كم يحفظه، ولا كم شهراً (¬6) يسقيه. ألا ترى أن رب الأرض لو أخر الزرع لم يدر (¬7) المزارع كم يسقيه وكم يحفظه، ولو عجل كان ذلك، فكان حفظه وسقيه ليس له وقت معلوم. ولو كان شرط على رب الأرض أن يزرع هذا الشهر وعلى أن يحفظه ويسقيه من غُرَّة (¬8) هذا الشهر الداخل حتى يستحصد، فما أخرج الله تعالى من ذلك من ¬

_ (¬1) ز - على ما اشترطا والشرط باطل وإن كان المطر ربما قل فزاد السقي خيراً وربما كثر فلم يزده السقي خيراً فالمزارعة. (¬2) ز: أخرج. (¬3) م ف ز: ويحفظ. (¬4) ف: ما خرج. (¬5) مستفاد من السياق؛ والكافي، 2/ 346 ظ. (¬6) ز: شهر. (¬7) ز: لم يدري. (¬8) م: من غيره؛ ز: من غير. ولفظ الكافي، 2/ 346 ظ: مستهل.

باب الشفعة في المزارعة والمعاملة

شيء فهو بينهما نصفان، فهذا جائز؛ لأن معاقدة هذه المعاملة وإن كان قبل البذر فقد وقّتا لها وقتاً يكون بعد البذر، فكأنهما عقدا عقدة المعاملة بعد البذر. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً على أن يزرعها المزارع ببذره هذه السنة ما بدا له من غلة الشتاء والصيف، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، وعلى أن الذي يلي طرح البذر في الأرض رب الأرض، وقد اشترطا (¬1) للبذر وقتاً يكون الحفظ والسقي بعده أو لم يشترطا (¬2) ذلك، فالمزارعة فاسدة. فإن عملاً على هذا فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً، فجميع ما خرج من ذلك لصاحب البذر، وليس لرب الأرض من ذلك قليل ولا كثير، ولرب الأرض أجر مثل أرضه، وأجر مثل عمله في طرح البذر، يستوفي المزارع من الزرع بذره ونفقته وما غرم من الأجر، ويتصدق بما بقي. وكذلك لو اشترط المزارع على رب الأرض الحفظ خاصة دون ما سواه. وكذلك لو اشترط المزارع على رب الأرض السقي خاصة دون ما سواه، فهو بمنزلة هذا في جميع ما وصفت لك. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له على أن يزرعها هذه السنة ببذره، فما أخرج الله تعالى من شيء فهو بينهما نصفان، ولم يشترط السقي والحفظ على واحد منهما، فهذا جائز على ما اشترطا، والسقي والحفظ على المزارع؛ لأنه زرعة. وليس على رب الأرض منه شيء؛ لأن رب الأرض إنما أجر (¬3) أرضه، فليس عليه من العمل قليل ولا كثير. ... باب الشفعة في المزارعة والمعاملة وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له مزارعة، على أن يزرعها المزارع ¬

_ (¬1) ز: اشترط. (¬2) م ز: لم يشترطه. (¬3) ز: أجرا.

ببذره وعمله سنته هذه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فزرعها المزارع، فلما صار الزرع بَقْلًا لم يستحصد حتى باع رب الأرض ما (¬1) فيها من زرع، وأجاز ذلك المزارع، فالبيع جائز، وللشفيع أن يأخذ الأرض بما فيها من الزرع أو يدع. فإن قال: آخذ الأرض دون الزرع، لم يكن له ذلك. وإن قال: آخذ الأرض (¬2) وحصة رب الأرض من الزرع دون حصة المزارع لم يكن له ذلك. فإما أن يأخذ الأرض بالزرع كله، وإما أن يدع. فإن أخذهما قسم الثمن على قيمة الأرض والزرع، فأخذ رب الأرض من الثمن حصته ونصف الزرع فكان ذلك له، وأخذ المزارع حصة نصف الزرع من الثمن فكان له. وكذلك لو كان البذر من قبل رب الأرض والمسألة على حالها كان بهذه المنزلة أيضاً. وكذلك لو كان الزرع قد استحصد ولم يحصد كان بهذه المنزلة. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً مزارعة هذه السنة على أن يزرعها ببذره وعمله، فما أخرج الله تعالى من ذلك (¬3) من شيء فهو بينهما نصفان، فباع رب الأرض الأرض بعدما استحصد الزرع وكملت السنة، إلا أن الزرع لم يحصد، فباع الأرض وما فيها من الزرع (¬4) جميعاً، فأبى المزارع أن يجيز البيع، فالبيع جائز في الأرض وحصة صاحب الأرض من الزرع، ولا يجوز في حصة صاحب الزرع من الزرع. فإن أراد أخذ ذلك بالشفعة فله أن يأخذ الأرض وحصة رب الأرض من الزرع بالشفعة، ليس له أن يأخذ بعض ذلك دون بعض، وتسلم حصة المزارع من الزرع للمزارع. وكذلك لو كان البذر من قبل رب الأرض والمسألة على حالها كان بهذه المنزلة في جميع ما وصفت لك. وإذا دفع الرجل إلى الرجل نخلاً له معاملة على أن يقوم عليه ويلقّحه ويسقيه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فأخرج ¬

_ (¬1) م ف: بما. (¬2) ف - دون الزرع لم يكن له ذلك وإن قال آخذ الأرض. (¬3) م - من ذلك. (¬4) م + من الزرع.

النخل ثمراً كثيراً، فلما صار بُسْراً أخضر باع صاحب النخل (¬1) الأرض والنخل (¬2) وما فيه من الثمر، فأجاز ذلك العامل (¬3)، فالبيع جائز، ويأخذ ذلك الشفيع بالشفعة كله أو يدع، ليس له أن يأخذ بعضه دون بعض. فإن أخذ ذلك الشفيع كان لبائع الأرض والنخل من الثمن، وكان حصة البسر من الثمن بينهما نصفان. ولو كان البسر قد صار تمراً وبلغ ثم إن رب الأرض باع الأرض بما فيها من الثمر فبيعه جائز في ذلك كله إلا حصة العامل (¬4) من الثمر، وهو النصف من ذلك. فإن أجاز البيع العامل (¬5) جاز البيع أيضاً في جميع الثمر. وإن لم يجز البيع أخذ نصف الثمر، وكان ما بقي من الثمر والنخل والأرض للمشتري، ويأخذ ذلك الشفيع كله أو يدع، ليس له أن يأخذ بعضاً دون بعض. فإن (¬6) جزّز (¬7) النخل وحصد الزرع في جميع هذه المسائل بعدما وقع الشراء قبل أن يأخذ ذلك الشفيع لم يكن للشفيع على الزرع ولا على الثمر سبيل، وأخذ النخل والأرض بحصته من الثمن أو يدع، ليس له غير ذلك. ولو كان البائع في جميع هذه المسائل باع الأرض والنخل، ولم يذكر الزرع والثمر في ذلك، لم يدخل الثمر والزرع في البيع، وكان للشفيع أن يأخذ الأرض والنخل بجميع الثمن أو يدع. ولو كان البائع ذكر في البيع أنه باع الأرض والنخل بكل حق هو لها أو بمرافقها، لم يدخل في ذلك الثمر ولا الزرع. وإن كان ذكر في البيع أنه باع ذلك بكل قليل أو كثير هو فيها أو منها، دخل في ذلك الثمر والزرع. وإن كان قال: بكل قليل أو كثير هو فيها أو منها من حقوقها، لم يدخل في ذلك الزرع ولا الثمر (¬8). وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً مزارعة هذه السنة، على أن يزرعها ¬

_ (¬1) ز: الأرض. (¬2) ز - والنخل. (¬3) ز: المعامل. (¬4) ز: المعامل. (¬5) ز: المعامل. (¬6) ز: وإن. (¬7) أي: قطع، كما تقدم. (¬8) تقدم نظير هذه المسألة في كتاب القسمة وكتاب الشفعة. انظر: 2/ 67 و - 67 ظ؛ 6/ 215 ظ.

المزارع ببذره وعمله، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فزرعها، فلما صار بَقْلًا باع رب الأرض الأرض بزرعها، أولم يسم زرعها، فالبيع موقوف. فإن أجاز المزارع فالبيع جائز، وإن لم يجزه حتى مضت السنة واستحصد الزرع فالبيع جائز. وإن كان رب الأرض باع الأرض دون الزرع فالزرع بين المزارع ورب الأرض نصفان. وإن باع الأرض بالزرع فللمشتري أن يأخذ الأرض ونصف الزرع بحصته من الثمن، وللمزارع نصف الزرع، يقسم الثمن على قيمة الأرض وعلى قيمة الزرع يوم وقع البيع، ولا يلتفت إلى زيادة الزرع؛ لأنه إنما زاد بعدما وجب البيع. ولو اختلف البائع والمشتري في البيع قبل أن يستحصد الزرع، وقبل أن يكمل (¬1) السنة، وأراد أحدهما نقض البيع، وأبى الآخر أن ينقضه، وأبى المزارع أن يجيز البيع، واختصما في ذلك إلى القاضي، فإن كان الذي أراد نقض البيع البائع فليس له ذلك. وإن كان الذي أراد نقض البيع المشتري فله أن ينقض البيع، إلا أن يسلم له البائع ما باعه. فإن لم يرد نقض البيع واحد منهما وحضر الشفيع فأراد أن يأخذ ذلك بالشفعة فله أن يأخذ ذلك بالشفعة إن أحب، ويكون في ذلك بمنزلة المشتري إن يسلم له البيع، وإلا نقضه. فإن قال المشتري والبائع: لا يسلم لك حتى يسلم (¬2) للمشتري لم يكن لهما ذلك، والأمر في ذلك إلى الشفيع، فيكون للشفيع أن يأخذ بالشفعة، ويصير في ذلك بمنزلة المشتري في جميع ما وصفت لك من أمره، ويخرج المشتري من الشراء، فلا يكون له فيه قليل ولا كثير. وإن علم الشفيع بهذا الشراء (¬3) فلم يطلبه فقد بطلت شفعته. فإن سلم الشراء بعد ذلك للمشتري فأراد الشفيع أن يأخذ ذلك بالشفعة، فقال المشتري: إنك علمت بالشفعة فلم تطلب، فقال الشفيع: إن البيع لم يتم فلذلك لم أطلبه، فأما إذا تم الشراء فأنا آخذ بالشفعة، فليس له شفعة. فإن كان طلب بالشفعة حين وقع البيع قبل أن يسلم البيع للمشتري (¬4)، فقال له البائع: هات الثمن ¬

_ (¬1) ز: أن تكمل. (¬2) ز: تسلم. (¬3) ف: المشتري. (¬4) ز: المشتري.

باب ما يموت بعدما يستحصد ولا يؤخذ منه واليمين في المعاملة وإقراره في ذلك بما شرط وإنكاره

وخذ بالشفعة وإلا فلا شفعة لك، فإن سلم البائع الأرض للشفيع فعليه أن يعطيه الثمن، وإن لم يسلم له الأرض فللشفيع أن يمنعه الثمن حتى يعطيه الأرض، ولا يبطل ذلك شفعته؛ لأنه قد طلبها حين علم. وكذلك في هذه المزارعة والبيع والشفعة. ولو كان (¬1) البذر من قبل رب الأرض والمسألة على حالها كان بهذه المنزلة، وكان للمزارع أن يمنع المشتري والشفيع من قبض (¬2) الأرض حتى يستحصد الزرع وتكمل السنة. وكذلك هذا في النخل يدفعه صاحبه إلى رجل معاملة فيبيعه منه وهو بُسْر أخضر قبل أن يبلغ في جميع ما وصفت لك. ... باب ما يموت (¬3) بعدما يستحصد (¬4) ولا يؤخذ منه واليمين في المعاملة وإقراره في ذلك بما شرط وإنكاره وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له مزارعة على أن يزرعها هذه السنة ببذره وعمله، فما أخرج الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فزرعها المزارع فنبت زرعها واستحصد، فمات المزارع (¬5)، فلم يوجد في ذلك من الزرع قليل ولا كثير، ولم يدر ما فعل، فقال صاحب الأرض: استهلكه المزارع، وقال ورثة المزارع: سرق، فإن على المزارع في ماله نصف قيمة الزرع، ولا يلتفت إلى قول ورثته أنه سرق؛ لأنه بمنزلة وديعة في يده لم يدر (¬6) ما فعل (¬7) [بها]. وكذلك لو كان البذر من قبل رب الأرض كان بمنزلة هذا في جميع ما وصفت لك. وإذا دفع الرجل إلى الرجل نخلاً له معاملة على أن يلقّحه ويسقيه ¬

_ (¬1) ف: لو كان. (¬2) ز: في قبض. (¬3) أي: من يموت، واستعمال "ما" في موضع "من" جائز. (¬4) م ف ز: يستحصده. (¬5) م ز - فمات المزارع؛ صح م هـ. (¬6) م ف ز + على. (¬7) م ف ز: ما فعلت.

ويحفظه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فعمل فيه حتى أخرج ثمره، فبلغ أو لم يبلغ حتى مات العامل (¬1)، فلم توجد الثمرة ولم يدر ما فعل، فهذا والأول سواء، وتكون حصة صاحب النخل من الثمر ديناً (¬2) في مال العامل (¬3). فإن ترك العامل (¬4) مالاً من دراهم أو دنانير، وكان عليه دين كان في الصحة فلصاحب النخل أسوة الغرماء فيما ترك من المال؛ لأن حصة صاحب النخل من الثمر بمنزلة الوديعة في يدي العامل (¬5). وكذلك لو كان في النخل طَلْع فذهب به ولا يدري ما فعل كان ذلك أيضاً ديناً (¬6) في مال العامل (¬7)؛ لأنه بمنزلة الوديعة في يدي العامل (¬8). وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً له هذه السنة مزارعة بالنصف، فلما استحصد الزرع مات المزارع أو رب الأرض، فاختلفوا في الزرع، فقال ورثة الميت: كان لصاحبنا الثلثان، وللباقي (¬9) الثلث، وقال الباقي: كان لي الثلثان وللميت الثلث، فإن تصادقوا أن البذر من عند أحدهما فالقول قول أصحاب البذر إن كانوا هم الورثة أو كانوا هم الباقين. فإن اختلفوا أيضاً في البذر فقال أحد الفريقين (¬10): البذر من قبلنا ولنا الثلثان، وقال الفريق الآخر: البذر من قبلنا ولنا الثلثان، ولا بينة بينهما، فالقول قول المزارع مع يمينه. فإن كان قد مات كان القول قول ورثته مع أيمانهم بالله على علمهم. وإن قامت البينة أن البذر بذر الفريق الآخر فالقول قول صاحب البذر: إن لهم الثلثين من الزرع مع أيمانهم. وإن كان حيا حلف البتّة. فإن كان قد مات حلف ورثته على علمهم. وكذلك لو كان رب الأرض والمزارع قد ماتا جميعاً واختلف الورثة في ذلك كان القول فيه كالقول في هذا، إن (¬11) علم ¬

_ (¬1) ز: المعامل. (¬2) ز: دين. (¬3) ز: المعامل. (¬4) ز: المعامل. (¬5) ز: المعامل. (¬6) ز: دين. (¬7) ز: المعامل. (¬8) ز: المعامل. (¬9) م ز: والباقي. (¬10) ز: الفرقين. (¬11) ز: فإن.

صاحب البذر فالقول قول ورثته فيما شرط للآخر من الزرع. ولو اختلفوا في البذر ممن كان فالقول فيه قول ورثة المزارع مع أيمانهم. وأيهما (¬1) وجبت عليه اليمين فاليمين عليه على علمه (¬2). ولو اختلف في ذلك المزارع أيضاً ورب الأرض وهما حيان فإن عرف صاحب البذر أو قامت له بينة فالقول قوله فيما شرط لصاحبه من الزرع مع يمينه البتّة. فإن لم يعرف صاحب البذر واختلفا في ذلك فالقول قول المزارع مع يمينه البتّة. فإن أقام صاحب الأرض البينة أنه صاحب البذر، وأنه اشترط الثلثين (¬3)، وشرط لصاحبه الثلث، وأقام المزارع البينة أنه صاحب البذر، وأنه اشترط لصاحبه الثلث، ولنفسه الثلثين (¬4)، فالبينة بينة رب الأرض في ذلك كله. وإن علم أن البذر من رب الأرض فأقاما جميعاً البينة على ما وصفت لك من الثلث والثلثين، فالبينة بينة المزارع في ذلك؛ لأن القول لو لم تكن (¬5) بينة كان القول قول رب الأرض؛ لأن البذر من قبله، فالبينة بينة المزارع. وكذلك (¬6) لو مات المزارع ورب الأرض فاختلف في ذلك ورثتهم كان بمنزلة اختلافهما في حياتهما في جميع ما وصفت لك. وإذا مرض الرجل وفي يده أرض لرجل قد أخذها مزارعة، وعليه دين في الصحة، وأقر أن البذر كان من قبله، وأنه شرط لصاحب الأرض الثلثين وله الثلث، ثم مات، وأنكر ذلك الغرماء، فإن كان أقر بذلك بعدما استحصد الزرع بدئ بدين الغرماء، فقضي. وإن بقي شيء [كان] لصاحب الأرض من ذلك مقدار أجر مثلها من الثلثين الذي أقر له به. فإن بقي شيء بعد ذلك من الثلثين الذي أقر له به كان ذلك من الثلث. فإن (¬7) كان (¬8) أقر بذلك حين طلع الزرع وهو مريض، [و] في [ثلثي] (¬9) طَلْع الزرع فضل عن أجر مثل الأرض يوم أقر بذلك، فلم يمت حتى استحصد الزرع، فإن ¬

_ (¬1) ف: وإنما. (¬2) ز: في عمله. (¬3) ز: الثلثان. (¬4) ز: الثلثان. (¬5) ز: لم يكن. (¬6) ف: كذلك. (¬7) ز: وإن. (¬8) ف - كان. (¬9) الزيادتان من الكافي، 2/ 348 و.

صاحب الأرض يضرب مع غرماء الصحة بمقدار أجر مثل الأرض من الثلثين، فيتحاصّون في ذلك. وإن كان الدين كان بإقرار من المريض (¬1) في مرضه، فإن كان أقر بما وصفت لك بعدما استحصد الزرع، حاصّ الغرماء بمقدار أجر مثل الأرض من ثلثي الزرع الذي ذكر أنه شرط. وإن كان أقر بذلك حين طلع الزرع بدئ بمقدار أجر مثل الأرض من الثلثين، فأخذه رب الأرض من ثلثي الزرع الذي ذكر أنه شرط له، وأخذ الغرماء ما بقي. وإن كان البذر من قبل رب الأرض، فأقر المزارع في مرضه بعدما استحصد الزرع أو حين زرع أنه أخذ الأرض مزارعة، على أن لرب الأرض الثلثين وللمزارع الثلث، ثم مات من مرضه ذلك، وعليه دين في الصحة، فهو يتصدق (¬2) على ما قال من ذلك (¬3)؛ لأن البذر من قبل رب الأرض، فالقول قول رب الأرض في هذا. ولو كان المريض رب الأرض وعليه دين في الصحة، فأقر في مرضه بعدما استحصد الزرع أنه شرط للمزارع الثلثين وله الثلث، ثم مات من مرضه ذلك، بدئ بدين الصحة، فإن بقي شيء كان للمزارع منه مقدار أجر مثله من ثلثي الزرع. فإن بقي شيء من مال رب الأرض أخذ منه المزارع تمام ثلثي الزرع مع أجر مثله وصية له من الثلث. وإن كان رب الأرض أقر بما وصفت لك حين زرع المزارع، وفي ثلثي الزرع يومئذ فضل عن أجر مثل المزارع، ثم مات من مرضه ذلك بعدما استحصد الزرع، حاصّ المزارع غرماء الصحة بمقدار أجر مثله من ثلثي ما أخرجت الأرض. فإن بقي شيء كان له من الثلث. وإن كان رب الأرض لم يكن عليه دين في الصحة، ولكنه أقر بدين في المرض وأقر المزارع بالثلثين من الزرع بعد الفراغ من العمل في مرضه، ثم مات من ذلك المرض، فإن أصحاب الديون يحاصّون المزارع من مال المريض، يضربون بدينهم (¬4)، ويضرب المضارب بمقدار أجر مثله. فإن بقي شيء من ثلثي الزرع بعد مقدار أجر مثله كان للمزارع من ثلث مال الميت. وإن كان ¬

_ (¬1) م ف: كان باقي له من المرض؛ ز: كان باقي له في المرض. (¬2) ز: مصدق. (¬3) ز - من ذلك. (¬4) م: أيديهم.

رب الأرض أقر بذلك للمزارع حين طلع الزرع بدئ بمقدار أجر مثله من ثلثي الزرع، فاستوفى ذلك المزارع، ثم أخذ الغرماء بدينهم، فإن بقي من مال الميت شيء أخذ المزارع منه تمام ثلثي الزرع من ثلث ما ترك الميت. وإذا دفع الرجل إلى الرجل نخلاً معاملة، فلما صار تمراً مرض العامل (¬1)، فقال: شرط لي صاحب النخل السدس، وله خمسة أسداس، فصدقه بذلك صاحب النخل، ثم مات من مرضه ذلك، فكذبه بذلك غرماء العامل (¬2) أو ورثته، فالقول قول رب الأرض. فإن قال الغرماء أو ورثة العامل (¬3): نحن نقيم البينة أنه شرط للعامل (¬4) النصف، لم (¬5) تقبل منهم (¬6) بينة؛ لأن العامل (¬7) قد كذب (¬8) البينة فيما أقر به. فإن قال الغرماء والورثة للقاضي: قد كان صاحب النخل شرط للعامل (¬9) الثلثين، فاستحلفه على ذلك، لم يكن عليه يمين؛ لأن العامل (¬10) قد أقر بخلاف ما ادعت الورثة والغرماء. وإن كان صاحب النخل أحد ورثة العامل (¬11) فالقول قوله أيضاً: إنه شرط للعامل (¬12) السدس مما يخرج النخل. فإن قالت الورثة والغرماء: إنه كان شرط للعامل (¬13) نصف ما تخرج الأرض، فنحن يزيد يمينه (¬14) على ذلك، وقد كان العامل (¬15) أقر أنه إنما شرط له السدس، فللغرماء والورثة أن يستحلفوا صاحب النخل على ما ادعوا. وكذلك إن أقاموا بينة على ما ادعوا قبل ذلك منهم، لأن هذا وارث. فلا يصدق المريض على ما أقر به إذا كانت لهم بينة على خلاف ما أقر به المريض. ولا يشبه هذا الوجه الأول؛ لأن الأول لم يكن وارثاً، وهذا وارث. وإذا دفع الرجل إلى الرجل نخلاً معاملة، فقام عليه حتى صار تمراً، ¬

_ (¬1) ز: المعامل. (¬2) ز: المعامل. (¬3) ز: المعامل. (¬4) ز: للمعامل. (¬5): فلم. (¬6) ف + بلا. (¬7) ز: المعامل. (¬8) ف ز: قد أكذب. (¬9) ز: للمعامل. (¬10) ز: المعامل. (¬11) ز: المعامل. (¬12) ز: للمعامل. (¬13) ز: للمعامل. (¬14) ز: ثمنه. (¬15) ز: المعامل.

ومرض صاحب النخل، فأقر في مرضه بعدما بلغ التمر أنه شرط للعامل (¬1) الثلثين وله الثلث، ثم مات وعليه دين في الصحة، فإن غرماء الصحة يُبدأ بهم فيُقضون ديونهم، فإن بقي منه (¬2) شيء أخذ منه العامل (¬3) مقدار أجر مثله من ثلثي الثمر (¬4)، فإن بقي شيء من ثلثي الثمر (¬5) أخذه العامل (¬6) من ثلث ما بقي من مال المريض. وإن لم يكن عليه دين في الصحة، وكان ذلك الدين بإقرار كان منه في المرض، حاصّ العامل (¬7) الغرماء بمقدار أجر مثله من ثلثي الثمر (¬8) فيما ترك الميت. وإن كان المريض أقر أنه شرط للعامل (¬9) الثلثين حين (¬10) ابتدأ العمل في النخل حين طلع الكُفَرَّى، وفي ثلثي الطلع فضل على أجر مثل العامل (¬11)، فلما صارت تمراً مات صاحب النخل من مرضه، وعليه دين في الصحة، فإن العامل (¬12) يحاصّ أصحاب دين الصحة بمقدار أجر مثله من ثلثي الثمر، فإن كان دين المريض كان بإقرار منه في المرض بدئ بالعامل (¬13)، فأخذ مقدار أجر مثله من ثلثي الثمر (¬14)، ثم يأخذ أصحاب دين المرض (¬15) دينهم. فإن بقي شيء أخذ العامل (¬16) تمام ثلثي الثمر (¬17) من ثلث ما بقي من مال المريض. وإن كان العامل (¬18) بعض ورثة صاحب النخل، وقد أقر له بما وصفت بعدما بلغ الثمر، ثم مات من مرضه ذلك، فإقراره باطل لا شيء له. وإن كان على الميت دين في الصحة أو في المرض أو لم يكن له فليس له شيء إلا ميراثه مما ترك الميت. وإن كان الميت أقر له بذلك حين ابتدأ ¬

_ (¬1) ز: للمعامل. (¬2) ف - منه. (¬3) ز: المعامل. (¬4) م ف ز: الثمن. (¬5) م ف ز: الثمن. (¬6) ز: المعامل. (¬7) ز: المعامل. (¬8) م ف ز: الثمن. (¬9) ز: للمعامل. (¬10) م ف: حتى؛ ز - حين. والتصحيح من الكافي، 2/ 348 و. (¬11) ز: المعامل. (¬12) ز: المعامل. (¬13) ز: بالمعامل. (¬14) م ف ز: الثمن. (¬15) ز: المريض. (¬16) ز: المعامل. (¬17) م ف ز: الثمن. (¬18) ز: المعامل.

باب المزارعة والمعاملة في الرهن

العمل في النخل وطلع (¬1) الكُفَرَّى، فلما بلغ الثمر مات صاحب النخل من مرضه ذلك، أخذ العامل (¬2) مقدار أجر مثله من ثلثي الثمر (¬3)، يبدأ به قبل الذين أقر لهم المريض بالدين في مرضه. وإن كان على الميت دين في صحته حاصّ العامل (¬4) أصحاب دين الصحة بمقدار أجر مثله من ثلثي الثمر، ولا شيء له غير ذلك إلا ميراثه، إن بقي له شيء كان له ميراثه، وإلا فلا شيء له. وإن أراد الوارث استحلاف الورثة على شيء مما بقي من ثلثي الثمر بعدما يضرب بمقدار (¬5) أجر مثله مع دين أصحاب الصحة، وقد بقي من مال الميت بقية، فإن (¬6) أقر أن المعاملة قد كانت في المرض فلا يمين عليهم. وإن ادعى أن المعاملة كانت في الصحة وأنه أقر بما له في المرض استحلفهم على علمهم (¬7). فإن حلفوا فلا شيء له عليهم. وإن أبوا أن يحلفوا لزمهم ما بقي من ثلثي الثمر فيما ورثوا عن الميت. ... باب المزارعة والمعاملة في الرهن وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً ونخلاً رهناً له بمال للمرتهن على الراهن، فلما قبضه رهناً بحقه فقال له صاحب النخل: أحفظه واسقه ولقّحه (¬8) على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فعمل فيه المرتهن العامل على هذا، فأخرج ثمراً كثيراً، فالأرض والنخل والثمر رهن للمرتهن على حالة، وهذه معاملة فاسدة، وللعامل (¬9) على رب الأرض أجر مثله فيما لقّح وسقى، وليسى له عليه أجر في حفظه؛ لأن حفظ الرهن على المرتهن وإن لم يشترط الراهن عليه. ولو أن رجلاً رهن رجلاً أرضاً ¬

_ (¬1) م ز: وبلغ. (¬2) ز: المعامل. (¬3) م ف ز: الثمن. (¬4) ز: المعامل. (¬5) ز: تضرب مقدار. (¬6) ز: وإن. (¬7) ز: على عملهم. (¬8) م ف: وتلقحه؛ ز: والقحه. (¬9) ز: وللمعامل.

فيها زرع قد صار بَقْلاً ولم يستحصد، فرهنه الأرض بما فيها من الزرع، ثم أمره أن يقوم على الزرع ويسقيه ويحفظه، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فقام عليه وحفظه وسقاه، فأخرج زرعاً كثيراً، فالأرض وجميع ما أخرجت الأرض رهن للمرتهن بدينه، والمعاملة فاسدة، وللعامل (¬1) أجر مثله في سقيه إياه، وليس له أجر في حفظه إياه؛ لأن حفظ الرهن على المرتهن؛ لأنه إنما يحفظه لنفسه. وإذا رهن الرجل (¬2) عند الرجل أرضاً بيضاء بمال له عليه، وقبض ذلك المرتهن، ثم إن الراهن أمر المرتهن أن يزرعها سنته هذه ببذره وعمله، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فهذه مزارعة جائزة على ما اشترطا، وقد خرجت الأرض من الرهن. فإن (¬3) أخرجت شيئاً فهو بينهما على ما اشترطا. وإن لم تخرج شيئاً فلا شيء للراهن على المرتهن. وإن انقضت المزارعة، وقد أخرجت سنبلًا فاقتسماه أولم تخرج شيئاً، فأراد الراهن أخذ الأرض، وأبى المرتهن أن يدفعها إليه، وأراد أن يعيدها رهناً كما كانت، فليس ذلك للمرتهن، وعلى المرتهن أن يرد الأرض إلى الراهن، ويبيعه بدينه. فإن مات الراهن وهي في يدي المرتهن وقد انقضت المزارعة، وعلى الراهن دين، فالمرتهن أسوة الغرماء في الأرض، ولا يكون له دون أصحاب الدين؛ لأنها قد خرجت من الرهن. ولو كان البذر من قبل صاحب الأرض، وقد كانت الأرض رهناً في يدي المرتهن، فأمره صاحب الأرض أن يزرعها ببذر صاحب الأرض هذه السنة، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، كان هذا والمسألة الأولى التي كان البذر فيها من قبل المزارع سواء في خروجها من الرهن في جميع ما وصفت لك. وإذا رهن الرجل عند الرجل أرضاً بيضاء فيها نخل، فرهنه الأرض والنخل، وقبضه ذلك المرتهن، ثم إن صاحب الأرض والنخل أمر المرتهن أن يزرع الأرض ببذره هذه السنة، على أن ما أخرج الله تعالى في ذلك (¬4) ¬

_ (¬1) ز: وللمعامل. (¬2) م ف ز: كذا رهن الرهن لرجل. (¬3) ز: وإن. (¬4) ف ز: من ذلك.

باب الشروط الفاسدة التي تبطل فتجوز المزارعة فيها أو لا تجوز

من شيء فهو بينهما نصفان، ويلقّح النخل ويسقيه ويحفظه على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فعمل المرتهن على هذا، فأخرجت زرعاً كثيراً، وأخرج النخل ثمراً كثيراً، فقد خرجت الأرض من الرهن لا تعود فيه، وما خرج من الأرض (¬1) فهو بينهما على ما اشترطا، وأما النخل والثمر فهو رهن على حالة، إن هلك النخل والثمر هلك بقيمة حصة (¬2) النخل من الدين مع قيمة الأرض، ولا يفتكّه الراهن حتى يؤدي جميع ما عليه من الدين، ويكون للعامل (¬3) أجر مثله فيما عمل في النخل من التلقيح والسقي، وليس له أجر في حفظه إياه. ولو كان البذر من قبل الراهن والمسألة على حالها كان الأمر على ما وصفت لك. فإذا انقضت المزارعة عادت الأرض في الرهن، وللمرتهن أن يعيدها في الرهن كما كانت، وليس للراهن أن يأخذها منه حتى يعطيها ما عليه (¬4) من الدين. وإن مات الراهن وعليه دين فالمرتهن أحق (¬5) بها من الغرماء إذا مات بعدما انقضت المزارعة أو قبل أن تنقضي. وإن نقصها الزرع منه شيئاً ذهب ذلك من مال الراهن إذا انقضت المزارعة في جميع ما وصفت لك. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه في قياس قول أبي يوسف وقولنا. ... باب الشروط الفاسدة التي تبطل فتجوز المزارعة فيها أو لا تجوز وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً مزارعة، على أن يزرعها المزارع ببذره وعمله هذه السنة، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، وعلى أن يزيد المزارع رب الأرض عشرين درهماً، فهذه مزارعة ¬

_ (¬1) ز: من النخل. (¬2) ف - بقيمة حصة. (¬3) ز: للمعامل. (¬4) ز: يعطيه ما عليها. (¬5) م ز - أحق؛ صح م هـ.

فاسدة. فإن قال الذي اشترط زيادة عشرين درهماً: إنما (¬1) أبطل شرطي هذا وأجيز المزارعة، فالمزارعة فاسدة، ولا يجوز بإبطاله شرطه. وكذلك لو اشترط المزارع على رب الأرض بعض العمل فالمزارعة فاسدة لا تجوز. وكذلك لو اشترط أحدهما على صاحبه الحصاد أو الدِّيَاس (¬2) أو التنقية (¬3) فالمزارعة فاسدة. فإن قال الذي شرط ذلك: أنا أجيز المزارعة وأبطل الشرط، لم أجز المزارعة بإبطال (¬4) الشرط. ولو كان اشترط أحدهما على صاحبه خياراً (¬5) في المزارعة، فإن كان اشترط خياراً (¬6) أياماً (¬7) معلومة، فالمزارعة جائزة على ما اشترطا من الخيار. فإن (¬8) كان اشترط خياراً ولم يسم أياماً معلومة، أو اشترط الخيار إلى وقت مجهول، فالمزارعة فاسدة (¬9). فإن أبطل صاحب الخيار خياره وأجاز المزارعة فالمزارعة جائزة، ولا يشبه هذا الشروط التي قبل هذا؛ لأن الشروط التي قبل هذا من أصل المزراعة، وهذا إنما شرط في المزارعة [ما] ليس من أصل المزارعة. فإذا أبطل صاحب الخيار خياره [و] أجاز (¬10) المزارعة (¬11)، فالمزارعة جائزة. وكذلك المعاملة (¬12) في النخل والشجر بمنزلة المزارعة فيما اشتُرط من الخيار وغيره في جميع ما وصفت لك. وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً مزارعة بالنصف، والبذر من عند أحدهما، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فاشترط أحدهما على صاحبه أن ما صار له مما أخرجت الأرض لم يبعه ولم يهبه، فالمزارعة جائزة، والشروط باطلة؛ لأن هذا الشرط ليست فيه ¬

_ (¬1) ز: أنا. (¬2) هو من داس الحنطة يدوسها، كما تقدم. (¬3) ز: أو السقية. (¬4) ز: بإطال. (¬5) ز - خيارا. (¬6) ز: خيار. (¬7) ف: خيار ثلاثة أيام. (¬8) ز: وإن. (¬9) م + فإن أبطل صاحب الخيار خياره وأجاز المزارعة فالمزارعة فاسدة. (¬10) الواو من الكافي، 2/ 349 و. (¬11) م - أجاز المزارعة. (¬12) م ف ز: المعامل. والتصحيح من الكافي، 2/ 349 و.

منفعة لواحد منهما. وكذلك المعاملة في هذا. فإن اشترط أحدهما على صاحبه أن ما صار له مما أخرجت الأرض والنخل باعه إياه بمائة درهم، فهذه مزارعة فاسدة. فإن عمل على هذا فأخرجت الأرض شيئاً، فجميع ما أخرجت الأرض لصاحب البذر. وكذلك النخل، ما أخرج (¬1) من شيء فهو لصاحب النخل، وللآخر أجر مثله فيما عمل. فإن قال صاحب الشرط قبل العمل: قد أبطلت الشرط وأجزت المزارعة، لم تجز المزارعة؛ لأن لكل واحد منهما منفعة في البيع. وإن كان اشترط أحدهما على صاحبه أن يهب له نصيباً (¬2) مما تخرج الأرض، كانت هذه مزارعة فاسدة. فإن أبطل (¬3) صاحب الشرط شرطه قبل العمل جازت المزارعة وبطل الشرط؛ لأن المنفعة في هذا لصاحب الشرط خاصة (¬4). [قال أبو حفص: قال (¬5) أبو (¬6) يوسف: تجوز (¬7) المزارعة في الأرض (¬8) من أربعة أوجه: ثلاثة (¬9) منها إجارة وواحدة منحة. فأما المنحة فالرجل يعطيك أرضه تزرعها، ولا يشاركك فيه بشيء (¬10) أو يشاركك، فيخرج نصف البذر ونصف البقر ونصف العمل، فهذا قد منحك أرضه، وليس في هذا إجارة؛ لأنه لم يشترط عليك شيئاً يكون فيه إجارة. ولو اشترط أن يكون البقر من عندك والعمل من عندك (¬11) دونه كان هذا فاسداً؛ لأنه (¬12) إنما منحك أرضه بهذه الأرض التي اشترط عليك. فليس هذا منحة ولا بإجارة. ولو أعطاك الأرض وحدها، وما سوى ذلك من عندك بالنصف أو بالثلث، كان هذا جائزاً، وكنت بمنزلة الأَكَّار (¬13). ولو اشترط بقرة عليك مع هذا واحدة أو البقر كله كان هذا ¬

_ (¬1) م ز: ما خرج. (¬2) ز: نصيب. (¬3) م: إبطال. (¬4) م ف ز + آخر كتاب المزارعة. (¬5) ز - قال. (¬6) ز: وأبو. (¬7) ز + الأرض. (¬8) ف ز + على المزارعة. (¬9) م ف ز: بثلاثة. (¬10) م ف ز: شي. (¬11) ز - والعمل من عندك. (¬12) م ز - لأنه. (¬13) الأكّار هو المزارع الذي يعمل في الأرض، من أكَرَ الأرض إذا حرثها. انظر: المصباح المنير، "أكر".

فاسداً، وكان لك أجر مثلك (¬1)، ومثل أجر بقرك. ولو أجزت هذا لأجزت (¬2) أن يعطيك ثورًا تعمل عليه لرب (¬3) الأرض بالعشر، ونحو ذلك في الزَّبِيل (¬4) والمَرّ (¬5) وأشباه ذلك، ولكنه لا يجوز. ولو استأجر أرضاً بيضاء بدراهم مسماة أو بدنانير أو بشيء مما يكال أو يوزن فهذا جائز] (¬6). [أرأيت رجلاً] أمر رجلاً فباع له متاعاً أو سلعة، فوجد به المشتري عيباً، [أ] يخاصم البائع في ذلك، أو تكلفه أن يُحْضِرَ الآمرَ ربَّ المتاع؟ ألا ترى أن خصمه في هذا المتاع لا يكلف أن يحضر الآمر ولا خصومة بينه وبينه. وكذلك لو أمره فاشترى له؛ وهذا مثل الذي أمره بالبيع له. وقال أبو يوسف: إذا كان الإكراه في موضع بطل فيه الدم قبلت (¬7) منه البينة على الإكراه. وتفسير ذلك لو أن رجلاً شَهَرَ على رجل سيفاً (¬8)، فقال: لتقرن أو لأقتلنك، فهذا أقبل منه البينة على ذلك، وأبطل (¬9) له الإقرار. وقال ابن أبي ليلى بعد ذلك: إذا اتهمته سألته البينة على الوكالة، فإن لم يقم بينة جعلته خصما] (¬10). ¬

_ (¬1) م ف ز: منه لك. (¬2) ز: الأجزت. (¬3) ف ز: رب. (¬4) الزبيل والزنبيل بمعنى واحد وهو المكتل. انظر: لسان العرب، "زبل". (¬5) المر هو الحبل. انظر: لسان العرب، "مرر". (¬6) ز: جائزاً. ما بين المعقوفتين زيادة من أبي حفص على كتاب الأصل كما يظهر. وقد تكون من زيادة نسخة أبي حفص من كتاب الأصل على نسخة أبي سليمان. (¬7) ز: قبل. (¬8) ز: سيف. (¬9) م ز: أو أبطل. (¬10) م + والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله؛ ف + والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله أجمعين، ز + وأعلم آخر كتاب الزراعة يتلوه كتاب النكاح والحمد لله وحده وصلواته على سيدنا محمد نبيه وآله وصحبه وسلم. ما بين المعقوفتين ليس من كتاب الأصل على ما يظهر. وهذه المسائل لا علاقة لها بالمزارعة، وهي غير مرتبطة فيما بينها أيضاً. ولعلها ضمت إلى هنا من قبل بعض الناسخين. وقد تكون من كتاب الأصل من رواية أبي حفص.

كتاب النكاح

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب النكاح أبو سليمان قال: سمعت محمد بن الحسن يقول: بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا تُنْكَح المرأة على عمتها ولا خالتها، ولا على ابنة أخيها ولا على ابنة أختها، ولا تَسْأَل طلاق أختها لِتَكْفَأَ (¬2) ما في صحفتها، فإن الله تعالى هو رازقها" (¬3). قال: وبلغنا عن عمر بن الخطاب أنه قال: لأَمْنَعَنَّ النساءَ فروجَهن إلا من الأَكْفَاء (¬4). ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) م ف ز: لتكتفئ. (¬3) ورد النهي عن الجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها من حديث أبي هريرة وجابر - رضي الله عنهما - في الصحيحين. انظر: صحيح البخاري، النكاح، 27؛ وصحيح مسلم، النكاح، 33 - 40. وورد قوله: "ولا تسأل المرأة طلاق أختها. . ." في صحيح مسلم، النكاح، 38. وفي حديث آخر في صحيح البخاري، النكاح، 53. وانظر للتفصيل: نصب الراية للزيلعي، 3/ 169؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 167. (¬4) روي بلفظ: "لأمنعن فروج ذوات الأحساب إلا من الأكفاء". انظر: المصنف لعبد الرزاق، 6/ 152؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 52. وفي ذلك أحاديث مرفوعة ضعفها الحفاظ. انظر: نصب الراية للزيلعي، 3/ 196 - 199.

قال: وبلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "البكر تُستأمر في نفسها، وإذنها صمتها، والثيب تُشاوَر" (¬1). قال: وبلغنا عن إبراهيم أنه قال في البكر: تستأمر في نفسها، فلعل بها داء لا يعلمه غيرها (¬2). وبلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا تنكح الأمه على الحرة" (¬3). وقال علي مثل ذلك (¬4). وقال علي: وتنكح الحرة على الأمة، وللحرة الثلثان (¬5) من القَسْم، وللأمة الثلث (¬6). وقال: وبلغنا عن عبد الله بن عباس أنه قال: إن بعض العرب كانوا في الجاهلية يستحل الرجل نكاح امرأة أبيه، فإذا مات أبوه ورث نكاحها، فأنزل الله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا} (¬7). وأنزل: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ ¬

_ (¬1) روي نحو ذلك. انظر: صحيح البخاري، النكاح، 41؛ وصحيح مسلم، النكاح، 64 - 68. (¬2) محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم قال: لا تنكح البكر حتى تستأمر، ورضاؤها سكوتها، وقال: وهي أعلم بنفسها، لعل بها عيباً لا يستطيع لها الرجال معه. انظر: الآثار، 72. (¬3) رواه المؤلف بإسناده عن الحسن مرسلاً فيما يأتي. انظر: 7/ 185 و. وروي بلفظ: "وتتزوج الحرة على الأمة ولا تتزوج الأمة على الحرة"؛ رواه الدارقطني من حديث عائشة مرفوعاً. وفيه مظاهر بن أسلم وهو ضعيف. وأخرجه عبد الرزاق وابن أبي شيبة مثله عن الحسن مرسلاً. وعن جابر: "لا تنكح الأمة على الحرة، وتنكح الحرة على الأمة". أخرجه عبد الرزاق من طريقه بإسناد صحيح. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 7/ 265، 267، 268؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 3/ 467؛ وسنن الدارقطني، 4/ 39. وانظر للتفصيل والنقد: تلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 171، 202؛ والدراية لابن حجر، 2/ 57. (¬4) المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 467؛ وسنن الدارقطني، 3/ 284. (¬5) م ز: ثلث ان؛ ف: ثلثان. (¬6) المصنف لعبد الرزاق، 7/ 265؛ وسنن الدارقطني، 3/ 284. (¬7) سورة النساء، 4/ 22.

وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} (¬1). فأم المرأة حرام على زوج ابنتها؛ لأنها مبهمة إن كان دخل بها أو لم يدخل بها (¬2). قال: وبلغنا عن عبد الله بن عباس أنه قال: أبهموا ما أبهم الله (¬3). فابنة المرأة حرام على زوج أمها إن كان قد دخل بالأم، إن كانت الأم عنده أو لم تكن. وإن لم يكن (¬4) دخل بها فلا يحل له أن يجمع بينهما. وإن (¬5) كانت الأم قد ماتت أو طلقت قبل أن يدخل بها فإن ابنتها له حلال لقول الله تعالى: {اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ} (¬6). فامرأة الابن حرام على أبيه وعلى جده إن كان دخل بها أو لم يدخل بها. وإن كان جده من قبل النساء والرجال فهو سواء في ذلك. وكذلك هي حرام ع ل ى ابنه وعلى ولده وولد ولده من قبل النساء والرجال. وقال الله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} (¬7). والأختان حرام أن ينكحهما الرجل جميعاً في عقدة واحدة. وإن نكح إحداهما قبل الأخرى فنكاح الأولى جائز، ونكاح الأخرى فاسد، يفرق بينه وبينها. فإن كان دخل بها كان لها المهر، وعليها العدة، ويعتزل امرأته حتى تنقضي عدة أختها الآخرة، إن كان دخل بالأولى (¬8) أو لم يدخل بها. فإن لم يكن دخل بأختها الآخرة فلا مهر لها ولا عدة عليها (¬9)، وله أن يَقرب أختها الأولى التي تزوجها قبلها. ولا يتزوج الرجل المرأة في عدة ¬

_ (¬1) سورة النساء، 4/ 23. (¬2) روي نحو ذلك. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 485؛ وتفسير الطبري، 4/ 318؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 7/ 160؛ والدر المنثور للسيوطي، 2/ 273. (¬3) انظر المصادر السابقة. (¬4) ف - وإن لم يكن. (¬5) ز: وإذا. (¬6) الآية السابقة. (¬7) الآية السابقة. (¬8) م: الأولى. (¬9) م - عليها.

أختها إذا كانت أختها تعتد منه نكاحاً فاسداً أو جائزاً بائناً (¬1) [أو غير بائن] (¬2) أمة (¬3) كانت أو حرة أو مكاتبة أو من أهل الكتاب أو من غيرهم لم تحل له. وكذلك لو كانت فرقة بينهما بلعان (¬4) أو فرقة بالإيلاء لا تحل لى أن يتزوج أختها ما دامت في العدة. ولو كانت أختها أيضاً أمة أو أم ولد أو مدبرة أو من أهل الكتاب لم تحل له أن يتزوجها حتى تنقضي عدة الأولى. وكذلك لا يحل له أن يتزوج أربعة نسوة في عقدة ما دامت تلك المرأة تعتد منه. ولا يصلح للرجل أن يجمع بين امرأتين ذو محرم أو محرم من رضاع. وإن تزوجهما في عقدة واحدة فرق بينه وبينهما، وهو خاطب، ثم يتزوج أيهما شاء إن كان لم يدخل بهما. فإن كان قد دخل بهما لم تحل له واحدة منهما حتى تنقضي عدة الأخرى. فإن كان قد دخل بإحداهما حل له أن يتزوج التي دخل بها في عدتها، ولا يحل له أن يتزوج الأخرى حتى تنقضي عدة المدخول بها. وكذلك لا يحل للرجل أن يتزوج امرأة وأختها تعتد منه أو عمتها أو خالتها أو ابنة أختها أوابنة أخيها. وإذا تزوج إحداهما بعد الأخرى فرق بينه وبين الأخرى، ولا مهر لها لو لم (¬5) يكن دخل بها، ولا يعتزل امرأته. وإن كان دخل بها فلها المهر ويعتزل امرأته (¬6) حتى تنقضي عدة التي فرق بينه وبينها. وإذا وطئ الرجل المرأة بنكاح أو بملك أو فجور (¬7) أو قبّلها لشهوة أو لمسها لشهوة (¬8) أو نظر إلى فرجها لشهوة فإنها لا تحل لوالده (¬9) ولا لأحد ¬

_ (¬1) ز: أو جائز بائن. (¬2) الزيادة من الحاكم والسرخسي. انظر: الكافي، 1/ 43 و؛ والمبسوط، 4/ 202. (¬3) ف + منه. (¬4) ز: لعان. (¬5) ز: إن لم. (¬6) م ز - وإن كان دخل بها فلها المهر ويعتزل امرأته؛ صح م هـ. (¬7) ز: أو تملكا وفجور. (¬8) م: شهوة. (¬9) م ف ز: لولده.

من آبائه من قبل النساء والرجال، ولا لأحد من ولده ولا ولد ولده من قبل النساء والرجال. قال: وبلغنا عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه خلا بجارية له وجردها، فاستوهبها منه (¬1) ابن (¬2) له، فقال له: إنها لا تحل لك (¬3). قال: وبلغنا عن مسروق أنه قال: بيعوا جاريتي هذه، أما أني لم أصب منها إلا ما يحرمها على ولدي من اللمس والنظر (¬4). قال: وبلغنا عن إبراهيم أنه قال: إذا جامع الرجل المرأة أو قبّلها لشهوة أو لمسها لشهوة أو نظر إلى فرجها من شهوة حرمت على ابنه وعلى أبيه، وحرمت عليه أمها وابنتها. وكذلك ولد ولدها وأمهاتها (¬5). وكذلك عندنا ولد ولده وأجداده. وإذا جامع الرجل أم امرأته حرمت عليه امرأته. بلغنا ذلك عن أبي بن كعب (¬6). ولا تحل له امرأته، ولا شيء من ولد التي جامع ولا من ولد ولدها، ولا أمها، ولا أحد من أمهاتها أبداً، والتي جامع حرام على ولده، وعلى ولد ولده، وعلى أبيه، وعلى أجداده. وإذا طلق الرجل امرأة من أربع نسوة وقد دخل بها فلا تحل (¬7) له أن ينكح الأخرى حتى تنقضي عدة (¬8) التي طلق. وكل ذي رحم محرم منها وغيره سواء من رضاع أو نسب. فلا يحل له أن ينكح شيئاً من أولئك حتى ¬

_ (¬1) ف - منه. (¬2) ز: ابنا. (¬3) رواه المؤلف بإسناده فيما يأتي. انظر: 7/ 170 ظ. وانظر: المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 479. (¬4) الآثار لمحمد، 78، والمصنف لابن أبي شيبة، 3/ 480. (¬5) الآثار لمحمد، 78؛ والمصنف لابن أبي شيبة،3/ 481. (¬6) ورد عن عمران بن الحصين - رضي الله عنه - وعدد من التابعين. انظر: المصنف لعبد الرزاق؛ 7/ 197 - 200؛ والمصنف لابن أبى شيبة، 3/ 481. (¬7) ز: يحل. (¬8) م ف - عدة.

تنقضي العدة. فإن انقضت العدة حل له أن ينكح واحدة من جميع ما ذكرنا لك إذا لم يكن من ولد المطلقة ولا من أمهاتها. وإذا قال الرجل: قد أخبرتني أن عدتها قد انقضت، وذلك في مدة (¬1) تنقضي في مثلها العدة حل له أن يتزوج أخرى، ولا يصدق على نفقتها. ولو مات لم يكن لها ميراث، والميراث للأخرى (¬2). وكذلك لو ماتت حل له أن يتزوج بعض ما ذكرنا لك. وكذلك لو لحقت بدار الحرب مرتدة؛ لأن ارتدادها ولحاقها بدار الحرب انقطاع للعصمة (¬3) بمنزلة الموت. ألا ترى أن طلاقه لا يقع عليها. ولا بأس بأن يتزوج الرجل المسلم المرأة من أهل الكتاب الحرة لقول الله تعالى في كتابه: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} (¬4). وكذلك الحرة المسلمة يتزوجها على التي من أهل الكتاب، والقَسْم بينهن سواء. قال: وبلغنا أن حذيفة بن اليمان تزوج يهودية (¬5). قال: ولا بأس بأن يتزوج الرجل المرأة وابنة زوج قد كان لها قبله يجمع بينهما؛ لأنه لا قرابة بينهما ولا رحم. وكذلك لا بأس بأن يتزوج الرجل المرأتين كانتا قبله عند رجل واحد. ولا بأس بأن يتزوج الرجل المرأة، ويتزوج ابنه ابنتها أو أمها أو أختها أو عمتها أو خالتها أو ذات رحم محرم منها. وكذلك لا بأس أن يتزوج ذلك أبوه مكان ابنه. ... ¬

_ (¬1) ز: من مدة. (¬2) م: للآخر؛ ز: للإخوة. (¬3) ز + انقطاع. (¬4) سورة المائدة، 5/ 5. (¬5) الآثار لمحمد، 74 - 75.

باب نكاح الصغير والصغيرة

باب نكاح الصغير والصغيرة بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه تزوج عائشة وهي صغيرة ابنة (¬1) ست سنين، وبنى (¬2) بها وهي ابنة تسع سنين، وكانت عنده تسعاً (¬3). قال: وبلغنا عن إبراهيم وشريح أنهما قالا: نكاح الآباء جائز على الصغار، فإذا أدركوا فلا خيار لهم (¬4). قال: وبلغنا عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أن رجلاً وهب ابنته وهي صغيرة لعبيد الله بن الحر بشهادة شهود، فأجاز ذلك علي (¬5). قال: وبلغنا عن عبد الله بن مسعود أن امرأة زوجت ابناً لها صغيراً من ابنة للمسيب (¬6) بن نَجْبَة (¬7) وهي صغيرة، فأجاز ذلك عبد الله بن مسعود. قال: وبلغنا عن الزبير بن العوام أنه زوج ابنة له صغيرة قدامة بن مظعون (¬8). قال: وبلغنا عن إبراهيم أنه كان يقول: إذا أنكح الوالد (¬9) الصغير والصغيرة فذلك جائز عليهما، وكذلك سائر الأولياء. ¬

_ (¬1) م: انة. (¬2) ز: ودخل. (¬3) صحيح البخاري، النكاح، 38؛ وصحيح مسلم، النكاح، 69 - 72. (¬4) المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 46. (¬5) روي بلفظ آخر مطولاً. انظر: سنن سعيد بن منصور، 1/ 178، 179؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 7/ 413. (¬6) م: للمسيت. (¬7) ف: بن يحية؛ ز: بن تحية. والكلمة كانت مهملة في م. وفي الكافي، 1/ 43 و: سحبة؛ وفي المبسوط، 4/ 212: نخبة. والمسيب بن نجبة تابعي مترجم في تهذيب التهذيب لابن حجر، 10/ 139. (¬8) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 17. (¬9) ز: إذا نكح الولد.

قال: وبلغنا عن عروة بن الزبير أنه زوج ابن أخ له صغيراً (¬1) ابنة أخ له صغيرة (¬2). وقال (¬3) إبراهيم: وكذلك سائر الأولياء. وإذا زوج الرجل ابنه وهو صغير، أو ابنته وهي صغيرة، فالنكاح جائز لازم لكل واحد منهما، ولا خيار لهما إذا أدركا. وإذا زوج المولى (¬4) عبد الولد الصغير أو الصغيرة فهو جائز، والنكاح لازم، غير أن للصغير (¬5) والصغيرة (¬6) الخيار إذا أدركا. فإن كان الذي زوّج أخاً أو عماً أو ابن عم أو ما كان من الأولياء فهو سواء. والميراث بينهما ما لم يقع الخيار أو الفرقة. فإذا (¬7) وقع الخيار فليس تكون الفرقة إلا عند قاض (¬8)، وليس هذا كخيار الطلاق ولا كخيار العتق. ألا ترى أن خيار الطلاق وخيار العتق هو لها ما دامت في ذلك المجلس، وأن خيار التزويج هو لها ساعة تعلم بالنكاح؛ لأنهم قالوا: سكوتها رضاها. فإذا مضى بعد العلم شيء (¬9) قليل قبل أن تختار لم يكن لها (¬10) خيار؛ لأن سكوتها بمنزلة الإذن منها. وإذا أدركت الجارية فلم تختر فسخ النكاح ساعتئذ (¬11) فلا خيار (¬12) لها إن علمت أن لها الخيار أو لم تعلم. وكذلك الزوج. ألا ترى أن البكر إذا أخبرت بالنكاح فسكتت كان ذلك رضاها. وإذا اختارت التي قد أدركت الفرقة ولم يدخل بها الزوج فلا مهر لها. وكذلك إذا كان الزوج هو الذي أدرك فاختار الفرقة. ليس هذا كالطلاق. وإذا اختار الفرقة بعد الدخول بها فلها المهر الذي سمى كله، إن (¬13) كان ذلك أكثر من مهر مثلها أو أقل؛ ¬

_ (¬1) ز: صغير. (¬2) المصنف لعبد الرزاق، 6/ 164 - 165؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 17. (¬3) ز: قال. (¬4) ف ز: الولى. (¬5) م: أن الصغير. (¬6) ز: للصغيرة والصغير. (¬7) ز: وإذا. (¬8) ز: قاضي. (¬9) م: متى. (¬10) ز: له. (¬11) ز: ساعة علمت. (¬12) م ف ز: ولا خيار. (¬13) ز: وإن.

لأن هذا نكاح جائز يتوارثان فيه، وليس هذا كالنكاح الفاسد. ألا ترى أن الزوج إذا دخل بامرأته وهي أمة ثم أعتقت فإن اختارت نفسها كان لها المهر الذي سمى لها كله لازم للمولى. وهذا كله قول أبي حنيفة ومحمد بن الحسن. وهو قول أبي يوسف الأول. ثم رجع عن ذلك وقال: إذا زوج الولي الصغير أو الصغيرة (¬1) ثم أدركا فلا خيار لهما، وهو في ذلك بمنزلة الوالد. ولو أن امرأة ارتدت عن الإسلام بعد دخول زوجها بها (¬2)، فوقعت الفرقة فيما (¬3) بينهما، كان لها المهر الذي سمي لها كاملاً، ولا ينقص منه شيئاً وإن كان مهر مثلها أقل من ذلك. فإذا مات زوج الصغيرة عنها وقد كان دخل بها أو لم يدخل بها فأراد أبوها أن يزوجها بعد انقضاء العدة، فإنه يزوجها كما يزوج الصغيرة، لأنها لم تدرك. وليس دخول الزوج والتزويج بالذي يخرجها من الصغر. وكذلك الأخ والعم إذا كان هو الذي زوج. وإذا اجتمع في الصغيرة أخوان فأيهما ما زوج قبل صاحبه فهو جائز. وكذلك العمان. وإن كان أحدهما أخاً (¬4) لأب وأم وأحدهما (¬5) أخ لأب، فإن الأخ من الأب والأم أولاهما، ولا يجوز ما صنع أخوها لأبيها إذا لم يسلم ذلك أخوها لأبيها وأمها. وكذلك العمان إذا كان أحدهما عماً لأب وأم والآخر عم لأب، فإن العم من الأب والأم أولى من العم من الأب. فإن (¬6) كان العم من الأب والأم أو الأخ من الأب والأم غائباً في أرض منقطعة قد طالت بها غيبته فنكاح الأخ من الأب والعم من الأب جائز عليهما. وإن رجع العم من الأب والأم أو الأخ (¬7) من الأب والأم بعد (¬8) ¬

_ (¬1) ز: الصغيرة أو الصغير. (¬2) ز - بها. (¬3) م - فيما. (¬4) ز: أخ. (¬5) ز: وإحداهما. (¬6) ز: وإن. (¬7) م ف ز: والأخ. (¬8) م ف: بغير.

ذلك فأنكرا (¬1) لم يلتفت إلى إنكارهما. وإن كان في بعض السَّوَاد (¬2) أو شبه ذلك فهو بمنزلة الحاضر في المصر. وإن كان ذاهب العقل فليس له ولاية، والآخر (¬3) أولى. وكذلك لو كان الوالد (¬4) ذاهب (¬5) العقل معتوهاً كان أخوها وليها. ولا يجوز أن يزوج الوصي الصغير أو الصغيرة إذا كان غير ولي. قال: بلغنا ذلك عن شريح وعن إبراهيم (¬6). وكذلك اليتيم واليتيمة، ولا يجوز تزويجهما إذا كان لهما ولي حاضر. وإذا زوج الولي الصغير أو الصغيرة وهو وليهما فهو جائز، ولهما الخيار إذا أدركا. ولو لم يكن لهما ولي ولم يكن الوصي بولي لم يكن النكاح بجائز من الوصي؛ لأنه ليس بولي. وكذلك لو كانا في حجر رجل يعولهما (¬7) لهما لم يكن (¬8) نكاحه عليهما بجائز. ليس يجوز على الصغير والصغيرة إلا نكاح الولي. والولي (¬9) ابن العم إذا لم يكن أقرب منه، ومولى العتاقة إذا لم يكن أقرب منه، والرجل من عُرْض العشيرة إذا لم يكن أقرب منه، والمولى الذي أسلم أبو الجارية (¬10) على يديه [و] وإلا [هـ] (¬11) إن لم يكن أقرب منه. وإذا لم يكن لها عصبة وكان لها ذو رحم محرم أو أم أو أخ من أم أو خال أو خالة أو عم أو عمة فإني أجيز نكاح هؤلاء على الصغير ¬

_ (¬1) ز: فأنكر. (¬2) أي: سواد العراق كما هو مشهور. (¬3) أي: الذي يليه في القرب. (¬4) ز: الولد. (¬5) م: واهب. (¬6) لقول إبراهيم انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 478. (¬7) ز: يعرلهما. (¬8) ف - الوصي بولي لم يكن النكاح بجائز من الوصي لأنه ليس بولي وكذلك لو كانا في حجر رجل يعولهما لهما لم يكن. (¬9) م ف ز: والوالي. (¬10) أي: الصغيرة، وليس المقصود بها الأمة. انظر: الكافي، 1/ 43 ظ. (¬11) التصحيح مستفاد من الكافي، 1/ 43 ظ.

والصغيرة (¬1) إذا لم يكن أقرب منهم، أستحسن ذلك وأدع القياس فيه. بلغنا نحو من ذلك عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - (¬2). وحديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - في امرأته حيث زوجت ابنها ابنة المسيب بن نَجْبَة (¬3). وقال محمد بن الحسن: لا يجوز نكاح الصغير والصغيرة إلا أن يزوجهما ولي. والولي من العصبة. فأما الأم ونحوها فلا ولاية لها (¬4) في هذا. وإذا كان أبو الصبية ذمياً وكانت مسلمة لإسلام أمها فليس الوالد هاهنا بولي في النكاح. وكذلك إذا كان الوالد عبداً أو مكاتباً أو مدبراً أو مرتداً أو عبداً قد أعتق بعضه وهو يسعى في بعض قيمته، ليس لأحد من هؤلاء ولاية في أن يزوج صغيراً ولا صغيرة. هذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن، إلا في الذي يسعى في بعض قيمته فإنه بمنزلة الحر يجوز أمره كما يجوز أمر الحر (¬5). وإذا زوج الوالد الصغير بأكثر من مهر مثل امرأته أو الصغيرة بأقل من مهر مثلها فهو جائز. وإذا كان (¬6) ما حط من ذلك أو ما زاد مما يتغابن (¬7) ¬

_ (¬1) ف: هؤلاء على الصغيرة؛ ز: على الصغيرة والصغير. (¬2) عن هزيل أن امرأة زَوَّجَتها أمها وخالها فأجاز على نكاحها. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 6/ 197؛ والمصنف لابن أبى شيبة، 3/ 457. (¬3) ز: بن نجية. تقدم قريباً. (¬4) ز: لهما. (¬5) أي: في قول أبي يوسف ومحمد بن الحسن كما سيأتي ما يؤيده. انظر: 7/ 132 و، 154 و، 155 ظ. (¬6) م ف ز: إذا كان. (¬7) ف ز: وما زاد ما يتغابن.

الناس في مثله فهو جائز في قول أبي حنيفة في النكاح خاصة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فلا يجوز. وأما في البيوع فلا يجوز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد أن يشتري لولده الصغار ولا يبيع لهم (¬1) إلا بما يتغابن الناس في مثله. وكذلك الوصي في البيوع في قولهم جميعاً. فأما الوكيل بالبيع فإنه يجوز ما باع به من شيء في قول أبي حنيفة، ولا يجوز في قول أبي يوسف ومحمد إلا بما يتغابن الناس في مثله. وفرق أبو حنيفة بين الوصي والأب والرجل يوكل الرجل. قال: لأن الأب والوصي يجوز أمرهما على الصبي بغير أمر من القاضي ولا رضي منه بهما، والرجل إذا وكَّل الرجل ببيع شيء فهو الذي رضي ببيعه وأمره به، فما باع به من شيء فهو جائز. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يجوز إذا زوج ابنه وزاد على المهر مما لا يتغابن الناس في مثله. وإذا زوج ابنته ونقص من المهر مما لا يتغابن الناس في مثله فإنه لا يجوز على واحد منهما إذا كانا صغيرين. وإذا قال أبو [الصغير أو] الصغيرة: قد كنت زوجته (¬2) أمس، فلا يصدق على ذلك إلا أن يشهد الشهود، أو يدرك (¬3) الصغير أو (¬4) الصغيرة فيصدقونه (¬5)، من قبل أن النكاح لا يجوز إلا بشهود، وإقرار الوالد على ولده بشيء ماض لا يجوز. وكذلك جميع الأولياء. وهذا (¬6) قول أبي حنيفة. وأما في قولي أبي يوسف ومحمد بن الحسن فهو جائز. وإذا زوج الصغيرة وليان كل واحد منهما من رجل، فإن عُلم أيهما الأول فهو الزوج، وإن لم يعلم فرق بينهما. وإذا زوج الصغيرة وليها ثم كرهت ذلك، فإن كان (¬7) قبل أن تدرك، فإنه لا ينظر إلى قولها، والنكاح جائز عليها حتى تدرك فتختار. ولو كان الأب زوجها وأخوها (¬8) ولا يدري أيهما أول كان نكاح الأب هو ¬

_ (¬1) ز: له. (¬2) ز: زوجتها. (¬3) ز: أو تدرك. (¬4) ز - الصغير أو. (¬5) ز: فتصدقه. (¬6) م: هذا. (¬7) م ز: فأبت. (¬8) م: أخوها؛ ف: أو أخوها.

الجائز الثابت، ولا خيار لها، وليس للأخ ولا لغيره مع الأب ولاية. وكذلك إذا كان أبوها قد مات فإن جدها أبو أبيها (¬1) في ذلك بمنزلة الأب، لا خيار لها إذا زوجها. فأما ما دام أبوها حياً (¬2) فهو أولى الناس بها، ولا يجوز نكاح الجد والأب حي إلا أن يجيز ذلك الأب. وإذا تزوج الغلام الصغير امرأة بغير إذن أبيه فأجاز ذلك أبوه فهو جائز. وكذلك الصبية إذا تزوجت بغير إذن أبيها فأجاز أبوها ذلك فهو جائز. ولو لم يكن لها أبي فأجاز وليها كان النكاح جائزاً، ولها الخيار في ذلك إذا أدركت، ما خلا الأب، فإنه لا خيار لها إذا رضي أبوها. وإذا زوج الرجل ابنته وهي صغيرة وضمن لها المهر عن زوجها فهو جائز، لأن البنت إذا بلغت أخذت صداقها دون الأب. فالأب ما دامت صغيرة بمنزلة وكيلها في قبض صداقها. وللابنة أن تأخذ الأب بالضمان. وإن شاءت أخذت الزوج. ولا يرجع الزوج على أبيها بشيء من قبل أنه الضامن عنه. وإذا زوج الرجل ابنه وضمن عنه المهر وابنه صغير فهو جائز. فإن أدى الأب المهر لم يرجع على ابنه بشيء، وكان هذا منه صلة لابنه. وإن لم يؤد (¬3) شيئاً حتى مات فهو صلةٌ وَصَلَه بها لم يُجِزْها له، فالمرأة بالخيار، إن شاءت اتبعت الزوج، وإن شاءت اتبعت مال الأب. ويرجع بقية الورثة على الابن بذلك إذا أخذف من مال الأب. وإذا زوج الرجل ابنه وهو صغير في مرضه (¬4) وضمن المهر ثم مات في مرضه ذلك فضمانه باطل لا يجوز؛ لأنه ضمن عن وارث. وإذا زوج الرجل ابنته وهو مريض وهي صغيرة أو كبيرة فضمن المهر عن زوجها ثم مات من ذلك المرض فضمانه باطل. لا يجوز أن يضمن عن وارث في مرضه. ولا يجوز لوارث الضمان له وعنه سواء. في كل ذلك له ¬

_ (¬1) ز: أبوها. (¬2) ز: حي. (¬3) ز: لم يؤدي. (¬4) ز - في مرضه.

باب نكاح البكر إذا بلغت

منفعة. والكبيرة في ذلك والصغيرة سواء، لا يجوز إذا مات الأب من ذلك المرض. وإذا صح من ذلك المرض جاز الضمان عليه في ذلك كله على ما وصفت لك. وكذلك إن كان الذي زوج الولي، والزوج وارثه مع ورثته، وضمن عنه الولي في مرضه، أو صبية ضمن لها الولي في مرضه، فالضمان باطل لا يجوز إذا كانت ممن ترثه. وإذا زوج الوصي اليتيم وهو وليه وضمن عنه المهر فإنه يرجع في ماله إذا أداه في حياة منه. وإذا أداه بعد موته أخذنا في هذا بالقياس ولا أجعله متطوعاً، وأخذت في الأب بالاستحسان وأجعله متطوعاً إذا أداه في حياته. والمجنون المغلوب بمنزلة الصبي في ذلك كله. ... باب نكاح البكر إذا بلغت وإذا زوج الرجل ابنة له وهي بكر رشيدة قد أدركت فبلغها ذلك فسكتت فهو رضاها، والنكاح جائز عليها. وكذلك إذا زوجها ولي من الأولياء غير الأب فسكتت فهو جائز، وإن أبت وأنكرت لم يجز عليها. ولو قال قبل النكاح: إن فلاناً يخطبك وأنا مزوجك إياه، فسكتت ثم ذهب فزوجها كان ذلك عليها جائزاً (¬1)، وليس لها أن ترد النكاح. قال: وبلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا خُطب إليه ابنة من بناته دنا من خدرها فقال: "إن فلاناً يخطبك"، ثم ذهب فزوّجها (¬2). ¬

_ (¬1) ز: جائز. (¬2) وفي بعض روايات الحديث: فإن هي سكتت زوّجها، وإن كرهت نَقَرَت السِّتْر، فإذا نقرته لم يزوّجها. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 6/ 144؛ ومسند أحمد، 6/ 78. وللحديث شواهد عديدة ذكرها الهيثمي. انظر: مجمع الزوائد، 4/ 277 - 278.

وإذا قالت البكر: لم أطب نفساً ولم أرض (¬1)، وادعى الزوج طيبة نفسها ورضاها، فالقول قول البكر، وعلى الزوج البينة. فإن لم تقم (¬2) له بينة فلا نكاح بينهما، ولا يمين على البكر في هذا؛ لأن هذا نكاح، ولا يقبل يمين في النكاح. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد بن الحسن: أما نحن فنرى فيه اليمين. فإن نكلت عن اليمين لزمها النكاح. ولو كانت البكر دخل بها زوجها ثم قالت: لم أرض، لم تصدق (¬3) على ذلك، وكان (¬4) الدخول بها رضي منها. فإن أدخلت عليه مكرهة فقالت: لم أرض (¬5)، فالقول قولها، وعلى الزوج البينة، ولا يصدق الولي أبوها كان أو غيره أنها قد رضيت. وإذا زوج الرجل ابنه وقد أدرك فلا يكون رضاه سكوته، وليس ذلك كسكوت (¬6) البكر. لا بد من أن يرضى (¬7) بكلام. فإن لم يفعل ذلك فلا نكاح بينهما. والوالد إذا زوجه هو أو غيره في هذا سواء. وإذا زوج الرجل ابنته البكر فمات عنها زوجها قبل أن يدخل بها فلأبيها أن يزوجها ثانية (¬8) كما يزوج البكر إذا انقضت العدة. ولو خلا بها زوجها ووجب عليه المهر ولم يدخل بها ووجبت عليها العدة، وأقرت أنه لم يدخل بها، ثم أراد أبوها أن يزوجها بعد انقضاء العدة، زوجها كما يزوج (¬9) البكر. فلا تكون بمنزلة الثيب حتى يجامعها الزوج (¬10) وتقر بذلك. ولو جامعها غير الزوج رجل بشبهة أو بفجور فإن (¬11) فيها قولين؛ أما أحدهما: فإنها إذا لم يجب لها الصداق والعدة فهي بمنزلة البكر، وإذا وجب لها المهر والعدة فهي بمنزلة الثيب. وهذا قول أبي حنيفة. وأما القول الآخر إذا جومعت حلالاً أو حراماً وقد أدركت فهي ثيب، تنكح ¬

_ (¬1) ز: أرضي. (¬2) ز: لم يقم. (¬3) ز: لم أرضاً لم يصدق. (¬4) م ف ز: فكان. (¬5) ز: لم أرضاً. (¬6) ز: كسوت. (¬7) ز: أن ترضا. (¬8) ف - ثانية. (¬9) ز: تزوج. (¬10) ف: زوجها. (¬11) ف ز: قال.

كما تنكح الثيب. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. ولو لم تكن تجامع ثم أتى عليها خمسون سنة، وورثت عشرة أزواج لم يدخل بها أحد (¬1) منهم، كانت في نكاحها بمنزلة البكر. وإذا زوج البكر وليان بغير أمرها كل واحد منهما على حِيَاله فأيهما ما رضيت به -كان الأول أو الآخر (¬2) - فهو زوجها؛ لأن النكاح لم يقع إلا بعدما رضيت. ولو زوجها أبوها ثم زوجها أخوها بعد ذلك كله (¬3) بغير أمرها فأجازت نكاح الأخ وهو الآخر كان ذلك جائزاً، ولم يجز عليها نكاح أبيها. قال: بلغنا (¬4) عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "البكر تستأمر" (¬5). ولو أمرت أخويها أن يزوجاها كل واحد منهما على حدة، فزوجاها كل واحد منهما رجلاً، كان الأول هو الزوج، وكان نكاحه جائزاً، ولا يجوز نكاح الآخر (¬6). فإذا زوج البكر وليها بغير أمرها، فلم يبلغها النكاح حتى مات الزوج أو ماتت (¬7) هي، فإنهما لا يتوارثان؛ لأن النكاح لم يقع. ولا يشبه هذا الصغيرة (¬8)؛ لأن نكاح الأب على الصغيرة (¬9) جائز لا (¬10) خيار لها، والكبيرة (¬11) لا يجوز نكاحه عليها حتى ترضاه. وإذا زوج البكر أبوها وهو عبد (¬12) أو مدبر أو مكاتب أو حر أو مرتد، فرضيت به فهو جائز. ألا ترى أنها لو زوجت نفسها رجلاً كان ذلك جائزاً إذا كان كفؤًا، ولا يكون رضاها إلا بكلام، ولا يكون سكوتها ¬

_ (¬1) ز: أحداً. (¬2) ز: والآخر. (¬3) ز - كله. (¬4) ز: وبلغنا. (¬5) تقدم قريباً. (¬6) م: الآخره. (¬7) م ف ز: وماتت. والتصحيح من الكافي، 1/ 44 و؛ والمبسوط، 5/ 8. (¬8) ز: الصغير. (¬9) ز: على الصغير. (¬10) ز: ولا. (¬11) ز: والكبير. (¬12) ز: أو عبد.

باب نكاح الثيب

رضاها؛ لأنه ليس بولي ما دام عبداً. وكذلك الرجل إذا زوجه أبوه وهو عبد أو كبعض من سميت لك من الطبقات فأجاز ذلك الابن فهو جائز. وإذا زوج البكر وليها بأمرها وزوجت هي نفسها فأيهما ما قالت هو الأول فالقول قولها، وهو الزوج. وإن قالت: لا أدري أيهما الأول، ولا يُعْلَم ذلك فإنه يفرَّق بينها وبينهما. وكذلك إذا زوجها وليان بأمرها. ولو كان أحدهما أبوها، وكل واحد منهما قد زوجها بأمرها، ولا يعلم أيهما الأول، فإنه يفرق بينها وبينهما، من قبل أنه لا يجوز عليها نكاح واحد منهما إلا أن يعلم أيهما الأول. وإذا زوج البكر وليها فأخبرها بذلك، فقالت: لا أرضى، ثم قالت بعد ذلك: قد رضيت، فلا نكاح بينهما؛ لأنها قد ردت ما كان وقع من ذلك. ألا ترى أنها لو أنكرت ثم أجازت بعد أيام لم يكن ذلك نكاحاً (¬1). وكذلك إذا أجازت في مجلسها ذلك. وإذا استؤمرت البكر في رجل خطبها فأبت ذلك، فزوجها الولي إياه فسكتت، فهو رضى منها، والنكاح جائز عليها، وسكوتها (¬2) هذا يهدم ما كان قبل ذلك من الإباء (¬3) والإنكار. ... باب نكاح الثيب قال محمد: بلغنا عن رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن رجلاً زوج ابنته وهي كارهة وهي تريد عم صبيانها، ففرق رسول الله بينها وبين الذي زوجها أبوها، ثم زوجها عم ولدها (¬4). ¬

_ (¬1) ز: نكاح. (¬2) ف ز: سكوتها. (¬3) ز: من الإيبا. (¬4) المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 457. وروي من وجه آخر قريباً من ذلك. انظر: الموطأ، النكاح، 25؛ وصحيح البخاري، النكاح، 42؛ وسنن أبي داود، النكاح، 24 - 25؛ وسنن النسائي، النكاح، 35.

وإذا زوج الثيب أبوها أو وليها فبلغها ذلك فسكتت، فليس سكوتها ذلك برضى، ولا يثبت به النكاح حتى تقر ذلك بكلام منها. ليست الثيب في هذا كالبكر. قال: وبلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الثيب تشاوَر في نفسها" (¬1). والمشاورة ها هنا لا تكون إلا بكلام منها ومن الولي. وإذا زوج الولي المرأة وهي ثيب بأمرها فهو جائز. وإن زوجها وليان كل واحد منهما رجلاً فأيهما ما أقرت أنها أمرته (¬2) فنكاحه جائز. وإن جحدت ذلك كله لم يجز عليها شيء (¬3) من ذلك، ولا يمين عليها. لأنه (¬4) لا يكون يمين في النكاح في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد بن الحسن فإنهما يستحلفانها، فإن نكلت عن اليمين فهي امرأته. ولو زوجها بغير أمرها فأجازت نكاح أحدهما دون الآخر جاز ذلك عليها. وإذا زوج الثيب أبوها وهو عبد أو مكاتب أو مدبر أو بعض من ذكرنا من الطبقات فالنكاح جائز إذا رضيت. وكذلك لو زوجها رجل (¬5) من عُرْض الناس أو زوجت هي نفسها (¬6) كفؤًا كان النكاح جائزاً (¬7). وإذا زوج الثيب الولي أو غير الولي فهو سواء، ولا يجوز عليها إلا بمشاورة منها. فإذا أقرت ورضيت فهو جائز عليها، وإن أنكرت فلا نكاح بينهما. وإن ماتت قبل الإقرار والإنكار فلا ميراث بينهما. ... ¬

_ (¬1) روي بلفظ: "الثيب تشاوَر نفسها". انظر: كتاب السنن لسعيد بن منصور، 1/ 181؛ ومسند أحمد، 2/ 229. وهو بلفظ آخر في الصحيح، وقد تقدم تخريجه. (¬2) ز: امرأته. (¬3) ز: شيئاً. (¬4) ز - لأنه. (¬5) م ف ز: رجلاً. (¬6) ف: في نفسها. (¬7) ز: جائز.

باب النكاح بغير ولي

باب النكاح بغير ولي قال: بلغنا عن علي بن أبي طالب أن امرأة زوجت ابنتها برضى منها، فجاء أولياؤها فخاصموها إلى علي بن أبي طالب، فأجاز النكاح (¬1). وإذا زوجت المرأة بكراً كانت أو ثيبًا نفسها زوجاً بشاهدين وهو كفؤ لها فهو جائز. ألا ترى أنهما يتوارثان؛ لأن النكاح قد لزمها. وإنما يبطل النكاح إذا كان غير كفء لها، فأما إذا كان كفؤًا لها فهو جائز. ألا ترى أنها لو رفعت ذلك إلى القاضي وقد حال الأولياء بينها وبين النكاح كان يحق (¬2) على القاضي أن يزوجها، ولا يلتفت إلى الأولياء إذا أبوا أن يزوجوها، وكان القاضي في هذا مأجوراً (¬3). فإذا صنعت هي ذلك دون القاضي أكان يكون النكاح (¬4) باطلاً. النكاح جائز لا يبطله أن يغيب عنها ولي بعد أن يكون كفؤًا لها. فإن كان قد قصّر بها في مهرها فإن للولي أن يَلْحَقَ (¬5) مثل مهر نسائها (¬6)، ويخاصم الزوج في ذلك حتى يكمله لها أو يفرق بينهما. وإن طلقها قبل أن يدخل بها كان لها التسمية، فيكون لها نصف ما سمى لها. وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر: إنه لا يكون لها إلا ما سمى لها (¬7) ورضيت به. وهو قول أبي يوسف. ألا ترى أن امرأة لو طلقها زوجها وقد كان تزوجها بغير ولي وقع الطلاق عليها، ولو ظاهر منها وقع الظهار، ولو آلى منها وقع الإيلاء، ولو قذفها وجب اللعان، ولو أغلق عليها باباً أو أرخى عليها حجاباً ثم طلقها وجب المهر، فكيف لا (¬8) يجوز وهو كالنكاح ¬

_ (¬1) يأتي بإسناده في كتاب النكاح. انظر: 7/ 149 و -149 ظ. وروي باختصار في المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 457. (¬2) ز: يجب. (¬3) ز: مأجور. (¬4) م ز - النكاح. (¬5) أي: بمعنى يطالب الولي الزوج بذلك. (¬6) ز: مثل المهر من نسائها. (¬7) ف - وهذا قول أبي حنيفة وفيها قول آخر إنه لا يكون لها إلا ما سمى لها. (¬8) ز - لا.

الصحيح في كل شيء. إنما يكون للولي أن يفرق بينهما إذا وضعت نفسها فتزوجت غير كفؤ. بلغنا عن عمر بن الخطاب أنه قال: لأمنعن النساء فروجهن إلا من الأكفاء (¬1). وإذا تزوجت المرأة فولت أمرها رجلاً من المسلمين فزوجها كفؤًا فهو جائز، وذلك بمنزلة تزويجها نفسها، وكذلك لو تزوجت رجلاً فأجازت ذلك. وكذلك لو زوجتها امرأة أو عبد (¬2) أو مدبر -أبوها كان أو غيره - فزوجها فأجازت ذلك كان جائزاً. وقال محمد بن الحسن: لا يجوز النكاح إلا بولي. وإن تزوجت بغير أمر الولي. فالنكاح موقوف حتى يجيزه الولي أو القاضي، إلا أن لا يكون (¬3) لها ولي فيجوز. ... ¬

_ (¬1) روي بلفظ: "لأمنعن فروج ذوات الأحساب إلا من الأكفاء". انظر: المصنف لعبد الرزاق، 6/ 152؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 52. وفي ذلك أحاديث مرفوعة ضعفها الحفاظ. انظر: نصب الراية للزيلعي، 3/ 196 - 199. (¬2) ز: أو عبدا. (¬3) ز: إلا أن يكون. وهو كذلك في الكافي، 1/ 44 ظ؛ والمبسوط،5/ 14. ويظهر من الخط في نسختي م ف أن "لا" زيدت فيما بعد. لكن الزيادة هي المناسبة للسياق. وعبارة الحاكم هكذا: وفي رواية عن أبي حفص زيادة وهو قوله إلا أن يكون لها ولي فيجوز. وعبارة السرخسي: إلا أن يكون لها ولي فحينئذ يجوز. ثم قال السرخسي: وهذا شيء رواه أبو رجاء بن أبي رجاء عن محمد -رحمهما الله تعالى- أنه قال: سألته عن النكاح بغير ولي، فقال: لا يجوز. قلت: فإن لم يكن لها ولي؟ قال: يرفع أمرها إلى الحاكم ليزوجها. قلت: فإن كانت في موضع لا حاكم في ذلك الموضع؟ قال: يفعل ما قال سفيان -رحمه الله تعالى-. قلت: وما فعل سفيان؟ قال: تولي أمرها رجلاً ليزوجها. انظر: المبسوط، 5/ 14 - 15.

باب الوكالة في النكاح وغيره في الكتاب

باب الوكالة في النكاح وغيره في (¬1) الكتاب وإذا خطب الرجل امرأة على رجل غائب لم يأمره، فزوجته نفسها وهو كفؤ لها، أو زوجها أبوها برضى منها، فقدم الغائب أو بلغه ذلك، فأجاز النكاح فهو جائز؛ لأن هاهنا من يخاطب عنه وإن لم يأمره. وكذلك لو (¬2) كتب الغائب بكتاب (¬3) يخطب إلى (¬4) المرأة نفسها، فدعت شهوداً، فأقرأتهم كتابه، وأشهدتهم أنها قد تزوجته، فهذا جائز؛ لأن الكتاب بمنزلة المخاطبة (¬5). وإن كان الزوج جاء بالكتاب مختوماً، فقال: هذا كتابي إلى فلانة، فاشهدوا على ذلك، فهو جائز في قياس قول أبي يوسف. وإن لم يكن مختوماً فقال: اشهدوا بما في هذا الكتاب، فهذا في قياس قول أبي حنيفة ومحمد بن الحسن لا يجوز، مختوماً كان (¬6) أو غير مختوم. وفي قول أبي يوسف جائز. وهكذا قال (¬7) في كتاب القاضي (¬8). وإن لم تُخْبِر هي بأن الكتاب أتاها فقالت للشهود: اشهدوا أني زوجت فلاناً نفسي، لم يكن هذا نكاحاً. فإن قالت: إن فلاناً كتب إلي، ثم أشهدتهم بعد ذلك على النكاح (¬9) فإخبارها بما في الكتاب بمنزلة المخاطبة، فهو جائز. وكذلك هذا في البيع. ألا ترى أنه لو قال: اشهدوا أني قد بعت فلاناً عبدي، فبلغ فلاناً، فقال: قد (¬10) اشتريته، لم يجز ذلك. ولو كتب ¬

_ (¬1) ز: وفي. (¬2) ز: ولو. (¬3) ز. كتابا. (¬4) ز - إلى. (¬5) م ف ز: المخاطب. (¬6) ز - كان. (¬7) م ف: ولا. والتصحيح من الكافي، 1/ 44 ظ. أي هكذا قال أبو يوسف في كتاب القاضي إلى القاضي. وانظر للشرح: المبسوط، 5/ 17. (¬8) ز - وهكذا قال في كتاب القاضي. (¬9) م ف ز: بالنكاح. والتصحيح من الكافي، 1/ 44 ظ. (¬10) ف - قد.

إليه: بعني عبدك، فقال: اشهدوا أني قد بعته، كان جائزاً. ولا يشبه النكاح إذا وكَّلا (¬1) رجلاً واحداً فزوجهما. فهذا جائز؛ لأنه وكيل لهما في النكاح؛ لأنه إذا زوج فليس هو الذي يقبض المهر. وهو [الذي يقبض] في البيع. فعلى البائع أن يسلم المبيع (¬2)، وعلى (¬3) المأمور أن يقبض الثمن. فكيف يكون دافعًا وقابضًا من نفسه الثمن. وإنما يشبه البيع في الكتاب النكاح في الذي كتب إذا قالت الشهود: رأيناه حيث كتب، وقالوا (¬4): قرأه علينا، ثم جحد أن يكون كتبه، واختلفوا (¬5) في الذي جاء إليه الكتاب؛ لأن [في] النكاح لا بد من أن يَسمع الشهود ما في الكتاب ويسمعوا (¬6) إجازتها للنكاح، فأما البيع فلا يحتاجون إلى سماع ما في الكتاب. وتعبير (¬7) ما في الكتاب بمنزلة قراءته (¬8) الكتاب. وإن جحد الكتاب لم يكن بينهما نكاح. فإن مات وقد جحد الكتاب ولم يُسْمَعْ منه إقرار ولا إنكار فلا ميراث لها. فإن قامت البينة على أنه كتب إليها الكتاب وَرَّثْتُها منه. وإن كان حياً لزمه النكاح، وليس للأولياء أن يفرقوا بينهما إذا كان كفؤًا. وكذلك إذا أرسل إليها رسولاً عبداً كان أو حراً أو امرأة أو رجلاً صغيراً أو كبيراً بعد أن تبلغ الرسالة: إن فلاناً يخطبك ويسألك أن تزوجيه نفسك، فأشهدت أنها قد (¬9) تزوجته كان ذلك جائزاً إذا أقر بالرسالة وكان كفؤًا. وإن جحد الرسالة فقامت عليه البينة لزمه النكاح. فإن لم تقم عليه بينة وأنكر الرسالة فلا نكاح بينهما. ولو كان الرسول قد خطبها وضمن لها المهر وزوّجها إياه فقال: قد أمرني بذلك، فالنكاح لازم للزوج، والضمان لازم للرسول. وكذلك إن جحد الزوج وقامت عليه البينة. فإن لم تكن (¬10) عليه بينة بالأمر ولم يقر ¬

_ (¬1) ز: وإذا وكل. (¬2) ز: البيع. (¬3) ز: وفي. (¬4) م ف: وقال. (¬5) م ف ز: واختلفا. (¬6) ز: ويسمعون. (¬7) م ف: وتعيين. وانظر: المبسوط، 5/ 18. (¬8) م ف ز: قراءتها. (¬9) ز - قد. (¬10) ز: لم يكن.

وقال: لم آمره، فلا نكاح بينهما، ولها على الرسول نصف المهر مِن قِبَل أنه مقر بأنه قد أمره وأن النكاح قد لزمه ولزم المهر. ولو خطبها الرسول عليه وقال: لم يأمرني ولكني أزوجه وأضمن عنه، فتزوجته على ذلك ثم أجاز الزوج النكاح فهو جائز، والضمان على الرسول لازم واقع. ولو أبى الزوج أن يجيز لم يكن بينهما نكاح، ولا ضمان على الرسول من قبل أنه قد زوجه بغير أمره، فلم يقع النكاح بعده. وإذا أمر الرجل الرجل أن يزوجه امرأة بعينها على مهر قد سماه له، فزوجها إياه، وزاد عليه في المهر، فإن الزوج بالخيار، إن شاء أجاز النكاح بالمهر الذي وقع عليه عقدة النكاح، وإن شاء رد النكاح. وإن لم يعلم بذلك حتى يدخل بها فهو بالخيار أيضاً، إن شاء أقام معها وأجاز النكاح على ما سمى لها، وإن شاء فارقها وكان لها مهر مثلها، إلا أن يكون ما سمى لها أقل من ذلك، فيكون ما سمى لها. ولو لم يدخل بها وضمن الرسول المهر للمرأة وأخبرهم أنه أمره بذلك، فقدم الزوج، فأنكر ذلك، وقال: قد زاد علي فلا حاجة لي في النكاح، فإنه لا نكاح بينهما، ويلزم الرسول نصف ما ضمن لإقراره على نفسه؛ لأنه أقر أنه بهذا أمره وأن النكاح قد وقع بهذا. وإذا قال الرسول: أنا أغرم المهر وألزمك النكاح، فإنه لا يلزم النكاح الزوج إلا أن يشاء لما أدخل فيه الرسول من الخلاف. وإذا أشهدت (¬1) المرأة أنها قد زوجت نفسها فلاناً، وفلان غائب لم يخطبها ولم يرسل إليها رسولاً، فإن ذلك باطل لا يقع به النكاح. ولو علم فلان بذلك فأجازه كان باطلاً لا يقع به النكاح (¬2)؛ لأنه لم يخطبها على فلان أحد. ألا ترى أن رجلاً لو قال: قد تزوجت فلانة وهي غائبة، لم يزوجها إياه أحد كان ذلك باطلاً وإن أجازت. ولو قال: قد زوجت فلانة فلاناً وهما جميعاً غائبان، كان هذا باطلاً لا يجوز ولا يقع، ولو أجازاه فهو ¬

_ (¬1) ز: شهدت. (¬2) ف - ولو علم فلان بذلك فأجازه كان باطلاً لا يقع به النكاح.

باطل. وهذا كله قول أبي حنيفة ومحمد بن الحسن. وهو قول أبي يوسف الأول. ثم رجع عنه فقال: إذا بلغ الرجل فأجاز، أو بلغت المرأة فأجازت، أو زوجهما رجل واحد فبلغهما فأجازا، فهو جائز. ولو خطب رجل على رجل إلى رجل (¬1) فقال: زَوِّجْ فلانة فلاناً، ففعل، فأجاز الزوج والمرأة كان ذلك جائزاً. إذا (¬2) ولي النكاح أحدهما ومن يخطب على الآخر أو يخطب على هذا ويجيب آخر عن الآخر فهو جائز إذا أجازا ذلك. وإذا لم يكن أحد يجيب عن واحد منهما فالنكاح باطل لا يقع فيه. وإذا زوج المرأة أبوها، أو ولي غير الأب، أو وكيل غير ولي، أو رجل غير وكيل ولا ولي، فأجازت نكاحه، ثم قبض مهرها، فإنه لا يجوز قبض واحد من هؤلاء عليها ما خلا الأب. فإن قبض الأب إذا كانت بكراً فهو جائز عليها، ولا يجوز قبضه عليها إذا كانت ثيبًا. أستحسن هذا وأدع القياس فيه إذا كانت بكراً. وإذا زوج الوكيلُ الرجلَ أو أبوه أو وليُّه الرجلَ وضَمِنَ عنه المهرَ فضمانه لازم له، ولا يرجع به على الزوج؛ لأن الزوج لم يأمره بالضمان. ولو كان أمره بالضمان رجع به عليه. والوالد في هذا وغيره سواء. وأما الصغير فإذا زوّجه وصيُّه - فهو وليه - وضمن عنه المهر، فإنه يرجع به عليه. وكذلك لو زوجه أبوه، وضمن عنه المهر، ثم مات الأب قبل أن ينقد المهر، أُخِذَ من مال الأب، ويَرجع به الورثة في حصة الصغير. فإن كان نقد في حياته وصحته قبل أن يموت فهو متطوع عن ابنه، لا يرجع به عليه. وإذا زوّج الوكيل وأشهد فالنكاح جائز. إذا أقر الموكل بالوكالة في النكاح فلا يفسده ترك الإشهاد على الوكالة. وإذا زوج الوكيل أو الولي (¬3) امرأة، فأدخل على الزوج غيرها، فدخل بها، فعلى الزوج مهر التي دخل بها، ولا يرجع بذلك على الذي أدخلها ¬

_ (¬1) ف - إلى رجل. (¬2) ز: وإذا. (¬3) ف: أو الوالي.

باب الأكفاء

عليه؛ لأنه هو الذي جامعها. وتُدْخَل عليه امرأته بالمهر الذي سمى لها. فإن (¬1) كانت هذه التي دخل بها أخت امرأته اعتزل امرأته حتى تنقضي عدة أختها هذه التي دخل بها. وإن كانت التي دخل بها أم امرأته أو ابنتها فقد حرمت عليه امرأته، ولها عليه نصف الصداق، ولا ترجع بشيء من ذلك على التي أدخلت (¬2) عليه، ولا على الذي أدخلها عليه؛ لأنه هو الذي جامع، والنكاح فاسد، ولا تحل له امرأته أبداً إذا دخل بأمها أو بابنتها. فإن كانت التي دخل بها أم امرأته فلا يحل له أن يتزوجها أبداً؛ لأنه قد كان تزوج ابنتها (¬3). فإن كان الذي دخل بها (¬4) ابنة امرأته فله أن يتزوج هذه التي دخل بها، وهو خاطب من الخطاب، ولا تحل له امرأته أبداً؛ لأنه قد وطئ ابنتها. وإن كانت التي دخل بها عمة امرأته أو خالتها (¬5) أو ابنة أخيها أو ابنة أختها أو ذات محرم (¬6) منها من رضاع أو نسب سوى الابنة والأم والجدة وولد الولد فإنه يعتزل امرأته حتى تنقضي عدة التي دخل بها، ثم تُدْخَل عليه امرأته، ويثبت نسب ولد التي دخل بها منه، وعليها العدة، ولا ميراث لها إن مات، ولا تتقي في عدتها ما تتقي المطلقة ولا المتوفى عنها زوجها؛ لأن هذه عدة من غير نكاح صحيح. ... باب الأكفاء قال محمد: قريش بعضها أكفاء لبعض، والعرب بعضهم أكفاء لبعض. وكل من كان من الموالي (¬7) له أبوان أو ثلاثة في الإسلام فبعضم لبعض ¬

_ (¬1) ز: وإن. (¬2) ز: أدخل بها. (¬3) ف - ابنتها. (¬4) ز - أم امرأته فلا يحل له أن يتزوجها أبداً لأنه قد كان تزوج ابنتها فإن كان الذي دخل بها. (¬5) ز: وخالتها. (¬6) ز: رحم. (¬7) م ز: من المولى.

أكفاء. ومن لم يقدر منهم على مهر امرأة ونفقتها فليس بكفء لها، ويفرق بينهما (¬1) إن لم يكن زوّجها الولي (¬2). وإذا أعتق عبد أو أسلم ذمي فإنه ليس بكفء لمن كان (¬3) لها أبوان أو ثلاثة في الإسلام من الموالي، فإن تزوجها بغير ولي فرق بينهما. وإذا تزوجت المرأة بشهادة شاهدين واستوفت (¬4) المهر فليس للولي أن يفرق بينهما. ألا ترى أن القاضي والحاكم لو رُفعت هذه المرأة (¬5) إليه وقد أبى الأولياء أن يزوجوها كان يحق عليه أن يزوجها، وكان القاضي في ذلك مأجوراً، وكان آثماً إن عضلها ومنعها النكاح الأولياء (¬6). فإن (¬7) أنكحت نفسها ولم تقصّر في شيء فهو جائز. وإن قصّرت بنفسها في المهر فللأولياء أن يبلغوا بها مهر مثلها. وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر: إنها لا تزاد على ما سمى لها ورضيت به. وهذا قول أبي يوسف. قال: وبلغنا عن عمر بن الخطاب أنه قال: لأمنعن النساء فروجهن (¬8) إلا من الأكفاء (¬9). وإذا زوجت المرأة نفسها غير كفء فللأولياء أن يفرقوا بينها وبينه. لا يكون ذلك إلا عند قاض (¬10). وأيهما ما مات قبل الفرقة فإن الباقي يرثه، ولها ما سمي لها من المهر. وكذلك (¬11) لو فرق القاضي بينهما وقد دخل ¬

_ (¬1) ز: بينها. (¬2) ز: المولى. (¬3) م - كان؛ ز: بكفء إلا من. (¬4) ز: فاستوفت. (¬5) ف: المنزلة. (¬6) ز - أن يزوجوها كان يحق عليه أن يزوجها وكان القاضي في ذلك مأجورا وكان آثما إن عضلها ومنعها النكاح الأولياء. (¬7) ز: فإذا. (¬8) ز: زوجهن. (¬9) روي بلفظ: "لأمنعن فروج ذوات الأحساب إلا من الأكفاء". انظر: المصنف لعبد الرزاق، 6/ 152؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 52. وفي ذلك أحاديث مرفوعة ضعفها الحفاظ. انظر: نصب الراية للزيلعى، 3/ 196 - 199. (¬10) ز: قاضي. (¬11) ز: فكذلك.

بها كان لها (¬1) ما سمي من المهر، ولا ينقص من ذلك من شيء. وليس هذا كالنكاح الفاسد. ألا ترى أنهما يتوارثان، وأن طلاقه وإيلاءه وظهاره يقع عليها. وإنما هذه كأمة أعتقت فاختارت نفسها، وكامرأة ارتدت عن الإسلام ففارقت زوجها. وإذا فرق القاضي بينهما قبل الدخول فلا مهر لها، ولا تكون هذه الفرقة بطلاق، ولا عدة عليها. فإن كان أغلق باباً أو أرخى حجاباً فلها المهر كاملاً، وهو في هذا كالنكاح الصحيح، وعليها العدة. ولا يكون أحد من العرب بكفء لقريش. ولا يكون أحد من الموالي كفء للعرب. ولا يكون أحد من العبيد كفء للأحرار. وكذلك المكاتب والمدبر. وكذلك المستسعى في بعض قيمته لا يكون كفء للحرة (¬2) في قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر: إن الذي يسعى في بعض قيمته بمنزلة الحر المعتق كله. وهذا قول أبي يوسف ومحمد بن الحسن. وإذا تزوجت المرأة غير كفء فسَلَّمَ أحدُ الأولياء فليس لمن بقي من الأولياء أن يفرقوا بينهما. ألا ترى أن أباها لو زوّجها غير كفء (¬3) برضاها لم يكن لأخيها أن يفرق بينهما. ولو زوجها وليٌ غيرَ كفء لها لم يكن لغيره أن يفرق بينهما إذا رضيت، فكذلك (¬4) إذا سَلَّمَ (¬5) أحدُ الأولياء. ولكن لو زوّجها أخوها غير كفء كان لأبيها أن يفرق بينهما، ولا يكون الأخ ولياً مع الأب. وإذا زوجت المرأة نفسها غير كفء، فعلم الولي بذلك فسكت حتى ولدت أولاداً، ثم بداً له أن يخاصم في ذلك، فله أن يفرق بينهما، وليس سكوته عن ذلك برضى للنكاح ولا تسليم. ¬

_ (¬1) ز - لها. (¬2) ز: للحر. (¬3) ز - فسلم أحد الأولياء فليس لمن بقي من الأولياء أن يفرقوا بينهما ألا ترى أن أباها لو زوجها غير كفء. (¬4) م: فلذلك. (¬5) ز: إذا زوج.

وإذا زوج الولي المرأة غير كفء ففارقها الزوج فرقة بائنة ثم تزوجها الثانية بغير ولي كان للولي أن يفرق بينهما، ولا يجوز النكاح الثاني لما كان الولي صنع في المرة الأولى، من قبل أن النكاح الأول قد مضى، وهذا غير ذلك. وإذا تزوجت المرأة غير كفء ثم جاء الولي فقبض مهرها وجهّزها فهذا منه رضي وتسليم، وليس له أن يخاصم بعد هذا. ولو لم يفعل هذا ولكنه خاصم زوجها في نفقتها أو في بعض المهر قد بقي عليه بوكالة منها عند القاضي، ثم جاء بعد ذلك يريد أن يفرق بينهما فإن له في القياس أن يفرق، ولكن أدع القياس في هذا وأجعل هذا تسليماً منه ورضى. وإذا تزوجت المرأة غير كف فدخل بها، فرفع ذلك الولي إلى القاضي وفرق بينهما، لم يكن ذلك بطلاق، ولها المهر كاملاً، وعليها العدة. فإن تزوجها الزوج أيضاً في عدتها بغير ولي فرفعت ذلك إلى القاضي وفرق (¬1) بينهما قبل أن يدخل بها كان عليه المهر، وكان عليها (¬2) العدة مستقبلة. ألا ترى أن رجلاً لو تزوج امرأة في عدتها منه (¬3) من طلاق بائن ثم ارتدت عن الإسلام كان لها المهر كاملاً. ولو تزوج أمة في عدتها منه (¬4)، وقد كان طلقها قبل ذلك تطليقة بائنة، ثم أعتقت في النكاح الثاني قبل أن يدخل بها، فاختارت نفسها، كان لها المهر كاملاً، وعليها العدة مستقبلة. ولو تزوج هؤلاء بعد انقضاء العدة، ثم جاء ما ذكرنا من الفرقة، كان لها نصف المهر، ولا يشبه هذا النكاح في العدة. ألا ترى أنه إذا زوجها في عدتها فقد أبطل هذه العدة عنها، وصار عليها عدة مستقبلة، ولا تكون عليها العدة مستقبلة إلا ولها المهر. وإذا انقضت عدتها فهذه ليس عليها عدة، فمن ثم كان لها نصف المهر. وهذا كله (¬5) قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد بن الحسن: إذا تزوجها في عدتها منه ثم ¬

_ (¬1) م: فرق. (¬2) ز: عليه. (¬3) ز: بائنة. (¬4) ز - منه. (¬5) ف - كله.

طلقها فإنما عليه نصف المهر الذي تزوجها عليه، وتستكمل عدتها الأولى، ولا عدة عليها غير ذلك. وإذا تزوج الرجل المرأة وهي غير كفء له بغير ولي والزوج خير منها فالنكاح جائز، وليس للولي أن يفرق بينهما. وإذا خطب الرجل المرأة فانتسب لها إلى غير أبيه وتسمى لها بغير اسمه، وتزوجته على ذلك ثم علمت بعد ذلك (¬1)، فإن لها الخيار في هذا؛ لأنه قد (¬2) غرها. فإن شاءت أقامت معه، وإن شاءت فارقته، ولا تكون فرقة في هذا إلا عند السلطان. فإن شاءت المقام معه وهو غير كفء فليس لها المقام معه إلا أن يشاء الأولياء. وإن كان كفء فلها أن تقيم معه إن شاءت بغير إذن الأولياء. وإن أخبرها بنسب فكان على غيره، وهو كفء لها في النسبين جميعاً، إلا أن الذي أخبرها به أفضل النسبين، فلها الخيار. وإن كان الذي كتمها أفضل النسبين فلا خيار لها. ألا ترى أنه لو أخبرها أنه مولى من الموالي، فإذا هو رجل من قريش مولى الذي انتسب إلى ولائه أن النكاح جائز، ولا خيار لها. فكذلك الأول. وإذا تزوج المرأة وقد انتسبت له إلى غير أبيها وإلى غير قبيلتها، فإذا هي من غير تلك القبيلة، أو ذكرت له أنها من قريش فإذا هي من غيرهم، أو قالت: أنا عربية، فإذا هي من الموالي، أوإذا هي أمة قد أذن لها مولاها في النكاح، أوإذا هي امرأة من أهل الكتاب، فإن النكاح لازم للزوج، وليس تشبه المرأة في هذا الزوج؛ لأن الزوج في يديه الطلاق، إن شاء طلق، وإن شاء أمسك، والمرأة ليس في يديها من الطلاق شيء. وكذلك لوكانت رَتْقَاء (¬3) مِن قِبَل أن ذلك إليه، إن شاء أمسك، وإن شاء طلق. وقال محمد بن الحسن في هذا الباب: لا نكاح إلا بولي. فإذا زوجها ¬

_ (¬1) ز + غيره. (¬2) ز - قد. (¬3) الرتق هو انسداد فرج المرأة. انظر: لسان العرب، "رتق".

باب النكاح بشهود وغير شهود

الولي الذي ليس ولي أقرب منه رجلاً كفء أو غير كفء برضاها فهو جائز. وإن زوجت نفسها فأبى الأولياء أن يجيزوا (¬1) رُفِعَ ذلك إلى القاضي فنظر فيه. فإن كان الولي (¬2) أراد بذلك أن يعضلها أجازه القاضي، فكان جائزاً. وإن لم ير القاضي إجازته أبطله. وإن تزوجت بغير ولي وطلقها الزوج ثلاثاً فهذا رد (¬3) منه للنكاح، وأكره له أن يتزوجها ثانية. وإن تزوجها بعد (¬4) بولي لم أفرق بينهما. ... باب النكاح بشهود وغير شهود وقال محمد: بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا نكاح إلا بشهود" (¬5). وإذا تزوج الرجل بشهادة شاهدين فهو جائز ولو كانا أعميين (¬6) أو محدودين في قذف، بعد أن لا تجحد المرأة والزوج فهو جائز. وكذلك الفاسقَيْن. فإن جحد الزوج أو المرأة لم تجز شهادة أحد من هؤلاء عليها. وإذا تزوج الرجل بشهادة ابنيه أو بشهادة ابني المرأة فهو جائز ما لم يتجاحدا. فإن جحدت المرأة لم تجز شهادة ابني الزوج عليها. وإن جحد الزوج جاز شهادة ابنيه عليه. وإن كانا ابنا المرأة هما الشاهدين (¬7) فجحدت ¬

_ (¬1) ز: أن تجيز. (¬2) م ف ز: الوالي. (¬3) ز: ردا. (¬4) ز + ذلك. (¬5) روي بهذا اللفظ موقوفاً على عمر وعلي - رضي الله عنهما -. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 455، والسنن الكبرى للبيهقي، 7/ 111. وروي عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "البغايا اللاتي ينكحن أنفسهن بغير بينة". انظر: سنن الترمذي، النكاح، 15؛ ورجح الترمذي وقفه. وروي عن عائشة مرفوعاً: "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل". انظر: صحيح ابن حبان، 9/ 386؛ والدراية لابن حجر، 2/ 55. (¬6) ز: أعمين. (¬7) م: الشهادين.

المرأة جاز ذلك عليها. وإن جحد الزوج وادعت المرأة لم تجز شهادة ابنيها على الزوج. وإذا تزوج المسلم نصرانية بشهادة نصرانيين فهو جائز إذا لم يتجاحدا. فإن جحد الزوج فلا تجوز شهادتهما على المسلم، وإن جحدت المرأة وأقر الزوج فشهادتهما جائزة على المرأة؛ لأنها نصرانية، في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد بن الحسن: لا يجوز نكاح المسلم بشهادة نصرانيين وإن كانت الزوجة نصرانية؛ لأن نكاح المسلم لا ينعقد إلا بشهود، والمسلم لا يُعْقَدُ عليه نكاحه إلا بشهود مسلمين. وإذا تزوج الرجل المرأة بشهادة ابنيه منها فهو جائز، فإن جحد أحدهما وأقر الآخر فهو باطل، لا تجوز شهادتهما أيهما ما جحد. وإذا تزوج الرجل امرأة (¬1) بشهادة أخويها فهو جائز، أيهما ما أقر وأيهما ما جحد. فإن كان أبوها هو ولي عقدة النكاح فشهادتهما جائزة، والنكاح جائز إن أقرا جميعاً. فإن جحدت المرأة النكاح فشهادتهما جائزة إن (¬2) أنكر الأب. وإن جحد الزوج (¬3) النكاح وادعى الأب والمرأة فشهادتهما باطل مردود؛ لأنهما يشهدان على فعل أبيهما، فشهادتهما باطل أيهما ما أنكر. وإن جحد الزوج النكاح فشهادتهما باطل بعد أن يكون الأب مقرًا بالنكاح مدعيًا له؛ لأنهما يشهدان على فعل أبيهما، وهو يدعي ذلك وإن (¬4) لم تكن فيه منفعة؛ لأنه ولي العقد. وهذا قول يعقوب. وفيها قول آخر قول محمد بن الحسن: إن كل شيء للأب فيه منفعة جحد أو ادعى فشهادة ابنيه فيه لا تجوز. وكذلك كل شيء وَلِيَه الأبُ أو كان (¬5) هو الخصم فيه دون مَن فَعَلَه. فأما النكاح والعتق والطلاق إذا وكل به الأب ¬

_ (¬1) ز: المرأة. (¬2) ز: وإن. (¬3) م - الزوج، صح هـ. (¬4) م ف: فإن. والتصحيح من ب؛ والكافي، 1/ 45 ظ. (¬5) ف: ولو كان؛ م ز: وكان؛ صح م هـ.

وكيلاً من كان، إذا فعله الأب له، وكان المفعول له هو الخصم فيه، فشهادته فيه جائزة إذا كان ممن تجوز شهادة الابنين له. وهو مثل قول الأب إذا حلف رجل بعتق عبده إن كلم هذا الأب عبده، فشهادة الابنين فيه جائزة إذا ادعى الأب أو جحد. وقال يعقوب في جميع (¬1) فِعَال (¬2) الأب: لا تجوز شهادة ولد (¬3) على فعله إذا ادعى ذلك. وقال ... (¬4). للأب: لا تجوز شهادة الأب فيه، ولا تجوز شهادة ولده على فعله (¬5). وكذلك لو زَوَّجَ امرأةً أبوها زوجاً فقالت: لم أرض (¬6)، فشهد أبوها وأخوها أنها قد رضيت كان ذلك باطلاً لا يجوز؛ لأن الأب هو ولي عقدة النكاح. ولا تجوز شهادة من ولي عقدة النكاح ولا ولده على المرأة وعلى (¬7) الزوج في كل شيء من نكاح ولا مهر. وإذا تزوج الرجل المرأة بشهادة رجل واحد فلا يجوز. وإن (¬8) أشهد عليها بعد ذلك رجلاً آخر فلا يجوز أيضاً. ولا بأس بأن يتزوجها بشهادة رجل وامرأتين. قال: حدثنا محمد بن الحسن عن محمد بن أبان بن صالح القرشي عن حماد عن إبراهيم أن عمر بن الخطاب أجاز شهادة رجل وامرأتين في النكاح والفرقة (¬9). فإذا (¬10) تزوجها بغير شهود وأشهد على ذلك بعد ذلك فلا يجوز. وإن استقبل نكاحها بشاهدين فهو جائز. ¬

_ (¬1) ز + ذلك. (¬2) ز: قال. (¬3) ز: ولده. (¬4) م ف: بياض قدر ثلاث كلمات. (¬5) ز - ذا ادعى ذلك وقال للأب لا تجوز شهادة الأب فيه ولا تجوز شهادة ولده على فعله. (¬6) ز: لم أرضاً. (¬7) م + على؛ ز: ولا على. (¬8) ز: فإن. (¬9) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 331؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 156. (¬10) ز: وإذا.

ولو تزوج بشهادة عبدين أو كافرين أو صبيين والمرأة مسلمة كان ذلك باطلاً لا يجوز. فإن كان معهم شاهدان مسلمان (¬1) فماتا، ثم عتقا العبدان (¬2) أو أدرك الصبيان أو أسلم الكافران، فشهدا أنه تزوجها في تلك الحال، فشهادة هؤلاء على تلك الحال جائزة. إذا كان معهما شهادة رجلين مسلمين كان هذا جائزاً أيضاً (¬3). ولو قالا: لم يكن معنا رجلان مسلمان، كان النكاح باطلاً. ألا ترى أنهما لو شهدا الآن وهما حران (¬4) مسلمان أنها أقرت أنها تزوجته بشهادة شاهدين مسلمين كان ذلك جائزاً. وإذا شهد شاهد عليها أنها تزوجته أمس، وشهد آخر أنها تزوجته اليوم، كان ذلك باطلاً. وكذلك لو ادعت هي وجحد الزوج. فإذا جحد الزوج (¬5) النكاح وأقامت المرأة عليه البينة بذلك فإنها امرأته، ولا يكون جحوده النكاح بمنزلة الطلاق، ولا بمنزلة الفرقة. ألا ترى أنه إنما يقول: لم يكن بيني وبينها نكاح. والطلاق والفرقة إنما يكونان بعد ثبات النكاح. وإذا تزوج الرجل بشهادة نساء ليس معهن رجل فالنكاح باطل. وإذا جحد الزوج النكاح فأقامت المرأة عليه البينة بإقراراه بالنكاح فإن النكاح ثابت. وكذلك لو جحدت المرأة وأقام الزوج البينة على إقرارها. وإذا زوج الرجل عبده أمته بغير شهود فلا يجوز. وكذلك لو زوج ابنه وهو صغير ابنة أخيه وهي صغيرة. وكذلك المكاتب. وكل نكاح في أهل الإسلام في عبد أو حر أو صغير أو كبير بغير شهود فإنه لا يجوز ولا يصلح ولا يحل. فإن طلقها فيه الزوج وهو حر مسلم كبير لم يقع عليها الطلاق، ولكنه متاركة للنكاح. وإذا لم يكن دخل بها فلا عدة عليها ولا مهر لها. وإن كان دخل بها فلها المهر وعليها العدة، ¬

_ (¬1) ز: شاهدبن مسلمين. (¬2) ز: العبد ين. (¬3) ف ز - أيضاً. (¬4) م: أخوان. (¬5) ز - فإذا جحد الزوج.

ويثبت نسب الولد. وإن تزوجها ثانية في العدة بشهود ثم طلقها قبل الدخول فلها المهر في قول أبي حنيفة وأبي يوسف؛ لأنه نكحها في عدة من نكاح فاسد. والنكاح في هذه العدة كالنكاح في العدة من النكاح الصحيح. وإذا أقر أنه تزوج امرأة بغير شهود، وقالت هي: كذبتَ بل تزوجتَني بشهود، فإنه يفرق بينهما. وإن كان دخل بها فلها المهر وعليها العدة. وإن لم يدخل بها فلها نصف المهر (¬1)، ولا يصدق على المهر. ولو كان دخل بها وقد كان سمى لها أكثر من مهر مثلها كان لها ما سمى لها كله، ولا يصدق على أن يردها إلى مهر مثلها. وكذلك لو قال: تزوجتها ولها زوج، أو وهي (¬2) في عدة من غيري، أو هي مجوسية، أو أمة تزوجتها بغير إذن مولاها. وكذلك المرأة لا تصدق في ذلك كله إذا ادعته، وأنكر الزوج، وليس بينهما بينة. فهذا والباب الأول سواء، كله واحد. وإذا قالت المرأة: تزوجتَني بغير شهود، وقال الزوج: كذبتْ بل تزوجتُها بشهود، فالقول قول الزوج، ولا تصدق المرأة. وكذلك إذا قالت: تزوجتني وأنا أمة (¬3) مجوسية، وهي الساعة حرة مسلمة، أو قالت: تزوجتني ولي زوج، وأنا في عدة من زوج، وكذبها الزوج، ولا يَعْلَم بذلك، ولم يقر الزوج بشيء من ذلك، فإن القول قول الزوج في ذلك، ولا تصدق المرأة عليه. وإذا قال الزوج: تزوجتك وأنا صبي، فقال هذا حين أدرك، فكذبته (¬4) هي، فإن القول قول الزوج، لأن نكاح الصبي لا يجوز. وليس هذا كنكاح الكبير. وكذلك لوقالت المرأة: تزوجتني وأنا صبية، فقالت ذلك حين أدركت، وكذبها الزوج، كان القول قولها، ولا نكاح بينهما. أيهما ادعى هذا عند الإدراك وبعده إذا لم يكن دخل بها بعدما أدركت (¬5) فإن القول قوله، لأن نكاح الصبي لا يجوز. أرأيت لو قال: تزوجتها (¬6) قبل أن ¬

_ (¬1) ز: فلها النصف من المهر. (¬2) ف ز: هي. (¬3) م + وأنا. (¬4) ز: وكذبته. (¬5) ز: أدرك. (¬6) م: تزوجت.

تولد، أو قبل أن أولد، وقالت هي مثل ذلك، ألم يكن هذا (¬1) النكاح فاسداً. وليس عليه في شيء من هذا مهر، إلا أن يكون دخل بها قبل أن يدرك، فيكون لها مهر مثلها. وإذا دخل بها بعدما أدركا فهذا رضي منهما وتسليم للذي كان من النكاح وهما صغيران، والنكاح جائز. وإذا زوّج الرجلَ وكيلُه بأمره فقال الوكيل: قد أشهدتُ، وقال الزوج: ما أشهدتَ على النكاح، فإنه يفرق بينهما، وعليه نصف الصداق، ولا يصدق في المهر. وكذلك إذا زوّج المرأةَ وكيلُها فقال: قد أشهدتُ على النكاح، وقالت هي: ما أشهدتَ عليه، وقال الزوج: بلى قد أشهدتُ، فالقول قول الزوج وقول الوكيل (¬2)، ولا تصدق المرأة، لأنها قد أقرت بالنكاح والوكالة، فلا (¬3) تصدق على الفرقة. ولو كانت قالت: لم تزوجني، لم يلزمها إقرار الوكيل، ولا يصدق عليها. وكذلك الزوج. ولو أن رجلاً أمر رجلاً أن يزوجه امرأة بعينها، فقال الوكيل: قد فعلت، زوجتها إياه، وقال الزوج: ما فعلت، كان القول في ذلك قول الزوج، ولا أُلْزِمُه النكاح إلا ببينة، وهذا قول أبي حنيفة (¬4). وإذا تزوج الرجل المسلم امرأة من أهل الكتاب بغير بينة فإن ذلك لا يجوز وإن كان ذلك حلالاً في دين أهل الكتاب، لأن هذا حرام على المسلم. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا وكلت المرأة رجلاً فزوّجها فأقر وكيل المرأة والزوج أنه قد زوجها ببينة، وقالت المرأة: لم تزوجني، فالقول قول الوكيل وإن لم تكن (¬5) على ذلك بينة، لأنها قد سلطته على ذلك وأمرته، فقوله (¬6) عليها جائز (¬7). ¬

_ (¬1) م ز - هذا. (¬2) م: المرأة. (¬3) م ف ز: ولا. (¬4) ويأتي قول أبي يوسف ومحمد في الفقرة بعد التالية. (¬5) ز: لم يكن. (¬6) ز: فقولها. (¬7) مر قول أبي حنيفة في الفقرة قبل السابقة.

باب نكاح أهل الذمة

باب نكاح أهل الذمة وإذا تزوج الرجل من أهل الذمة امرأة منهم بغير شهود، وذلك نكاح بينهم، فهو جائز، وليس هذا كالمسلم. وإذا تزوج الذمي امرأة في عدة من زوج كافر قد مات عنها أو طلقها، وذلك في دينهم جائز، فهو نكاح. وكذلك (¬1) إذا (¬2) تزوج الرجل أخته أو أمه أو ذات رحم محرم، وذلك في دينهم جائز فيما بينهم، يخلَّى بينهم وبين ذلك، لأن هذا من دينهم، وليس هذا بأشد من تركهم على عبادة غير الله. وكذلك إذا تزوج الرجل من أهل الذمة امرأة (¬3)، وقد طلقها ثلاثاً قبل أن تنكح زوجاً غيره. وكذلك إذا تزوج خمساً في عقدة واحدة، أو أختين في عقدة واحدة، أو أماً وابنة (¬4) في عقدة واحدة. فكل شيء من هذا كان في دينهم جائزاً فإنه يخلى بينهم وبينه، وهو جائز فيما بينهم. وإن رفعت المرأة الزوج إلى قاضي المسلمين (¬5) والزوج لذلك كاره لا يريد أن يحكم بينهما، فلا ينبغي له أن يعرض فيما بينهما بشيء، ولا يفرق بينهما إلا أن يجمعا على التراضي بحكمه. إذا اجتمعا على التراضي بذلك حكم بينهما كما يحكم بين أهل الإسلام في جميع ذلك، ما خلا باباً واحداً (¬6): إذا نكحها بغير شهود أو نكحها وهي في عدة. وهذا قول أبي حنيفة. وفي هذا كله قول آخر، وهو قول أبي يوسف ومحمد: إنه إذا رفعت المرأة ذلك إلى السلطان فرق بينهما، وإن كان الزوج كارها، ¬

_ (¬1) ز - وكذلك. (¬2) ز: وإذا. (¬3) ز - امرأة. (¬4) ز: أو ابنتا. (¬5) ز: إلى القاضي من قضاة المسلمين. (¬6) ز: باب واحد.

لقول الله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} (¬1)، مَا خلا النكاح بغير شهود، فإنه يجوز ذلك عليهم. فأما إذا لم يرتفعوا (¬2) إلى حاكم المسلمين، فإنه لا يعرض لهم في شيء (¬3) من هذا كله. وإذا تزوج الرجل من أهل الكتاب المرأة منهم على خمر أو خنزير فإنه جائز، ولا مهر لها غير ما سمى. وإن كان ذلك قائماً بعينه (¬4) أو بغير عينه فهو جائز لازم له. وإذا تزوجها بميتة أو بدم أو بغير شيء فالنكاح جائز (¬5)، ولها مهر مثلها. وإذا تزوج الذمي امرأة ثم طلقها ثلاثاً ثم أقام عليها، ثم رافعته المرأة إلى السلطان فإنه يفرق بينهما، لأن هذا حق لازم للزوج بعد النكاح. أرأيت لو اختلعت منه أكنت أدعه يقيم عليها. أرأيت لو تزوجت غيره أكنت أدع الأول يقيم عليها وقد طلقها وانقضت عدتها، بل يفرق بينها وبين الأول في هذا كله. وإذا تزوج الذمي امرأة ذمية في عدة (¬6) من زوج مسلم قد طلقها أو مات عنها، فإني أفرق بينها وبينه، ولا أجيز النكاح حتى تنقضي عدتها؛ لأنها (¬7) تعتد من زوج مسلم. وكذلك لو تزوجها مسلم في تلك العدة فرقت بينهما. وإذا تزوج الذمي الذمية على خمر بعينها، ثم أسلمت المرأة، فليس لها غير ذلك الخمر وإن كان قد دخل بها. وكذلك لو تزوجها على خنزير بعينه كان مثل ذلك. وهذا قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف الآخِر فلها فيهما (¬8) جميعاً مهر مثلها. وفي قول محمد لها قيمتهما يوم تزوجها عليهما. ¬

_ (¬1) سورة المائدة، 5/ 49. (¬2) ف + ذلك. (¬3) ز: بشيء. (¬4) ز: بعينها. (¬5) ف - لازم له وإذا تزوجها بميتة أو بدم أو بغير شيء فالنكاح جائز. (¬6) م ف ز: في هذه. (¬7) ز: لا. (¬8) ز: قيمتهما.

وإذا تزوج المسلم المسلمة على خمر أو خنزير أو شيء مما لا يحل كان النكاح جائزاً، وكان ما سمى لها من المهر باطلاً، ولها مهر مثلها إن دخل بها، والمتعة إن طلقها قبل الدخول. وإذا تزوج اليهودي النصرانية أو النصراني اليهودية أو المجوسي اليهودية أو النصرانية فذلك كله جائز. وما كان بين المجوس من ذلك وأهل الكتاب من ولد فأولادهم من أهل الكتاب تحل ذبائحهم ومناكحة النساء منهم، وأي الوالدين كان من أهل الكتاب فالولد على ملته. وإذا أسلمت المرأة وقد تزوجها رجل (¬1) بخمر بغير عينها، فإنه يُعْرَض على الزوج الإسلام، فإن أسلم فهي امرأته، وتكون عليه قيمة الخمر. وإن أبى أن يسلم فُرِّقَ بينهما. فإن كان دخل بها فعليه قيمة الخمر. وإن لم يكن دخل بها فلها نصف قيمتها. فإن كان المهر خنزيراً ليس بعينه فعليه في هذا كله مهر مثلها إن كان دخل بها، والمتعة إذا وقعت الفرقة إذا لم يدخل بها. والخمر والخنزير في القياس سواء غير أني أستقبح أن أجعل عليه قيمة خنزير، في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف الآخِر فلها في ذلك مهر مثلها إن دخل بها (¬2)، والمتعة إن طلقها قبل الدخول. وأما في قول محمد بن الحسن فلها فيهما (¬3) جميعاً القيمة إن دخل بها، ونصف القيمة إن طلقها قبل الدخول. وإذا أسلم الرجل والمرأة نصرانية على حالها وقد تزوجها على خمر، فإن كانت بعينها فهي لها تصنع (¬4) بها ما شاءت، وإن كانت بغير عينها فلها القيمة. وكذلك الخنزير إن كان (¬5) قائماً بعينه فهو لها، وإن كان بغير عينه فلها مهر مثلها. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: إذا تزوج النصراني النصرانية على خمر بعينها أو بغير عينها أو خنزير بعينه أو بغير عينه ثم ¬

_ (¬1) م: دخل. (¬2) ز - إن دخل بها. (¬3) ز: قيمتهما. (¬4) ز: له يصنع. (¬5) م: إن شاء.

أسلم أحدهما فلها مهر مثلها. وقال محمد بن الحسن: لها قيمة ذلك في هذه الوجوه كلها يوم تزوجها عليه. وإذا تزوج الصبي الذمي الصبية الصغيرة من أهل الذمة، زوجها إياه أبوها أو وليها، فالنكاح جائز. فإذا أدركت وأبوها الذي زوّجها فلا خيار لها، وإن كان زوّجها غير أبيها فلها الخيار في قول أبي حنيفة ومحمد. وإذا تزوج الذمي الذمية بغير أمر وليها، فأراد (¬1) وليها أن يفرق بينهما، فقال الولي: ليس بكفء لها، فإن أهل الذمة وأهل الشرك كلهم سواء بعضهم أكفاء لبعض، فلست أفرق بينهما مِن قِبَل هذا. ألا ترى أنهما لو أسلما جميعاً كان كفء لها، ولو سُبِيا جميعاً أو أُعْتِقا كان كفء لها. ولست أنظر إلى فضل بعضهم على بعض في الشرك، إلا أن يكون شيء مشهور (¬2)، فلا يجوز. وإذا تزوج الذمي المسلمة حرة كانت أو أمة بإذن الولي أو المولى أو بغير إذنهما كان ذلك كله سواء، ويفرَّق بينه وبينها، ويوجع (¬3) عقوبة إن كان دخل بها، ولا يَبْلُغ به أربعين سوطاً، ويعزّر الذي زوجه، وتعزر المرأة. ولو أسلم الذمي أيضاً بعد النكاح لم يترك على نكاحه، وفرّق بينه وبينها؛ لأنه لا ينبغي للذمي أن يتزوج مسلمة. ولو تزوج ذميةً، فأسلم الزوج، والمرأة من أهل الكتاب، كانت امرأته، وكانا على النكاح. وإن كانت من غير أهل الكتاب فهي امرأته أبداً حتى يعرض عليها الإسلام، فإن أسلمت وإلا فرق بينهما. فإن دخل بها فلها المهر الذي سمى لها، وإن لم يكن دخل بها فلا مهر لها عليه؛ لأن الفرقة جاءت من قبلها حين أبت الإسلام. قال: وبلغنا ذلك عن إبراهيم (¬4). وليست ¬

_ (¬1) م: فإن أراد. (¬2) ومثل له السرخسي بابنة ملك خدعها حائك وسايس ونحوه انظر: المبسوط، 5/ 44. (¬3) م: ويرجع؛ ز + عليه. (¬4) الآثار لمحمد بن الحسن، 75، 76.

هذه (¬1) الفرقة بطلاق. وإذا أسلمت امرأة الذمي من أهل الكتاب أو من غيرهم فهي امرأته حتى يعرض عليه السلطان الإسلام، فإن أسلم فهي امرأته، وإن أبى فرق بينهما. بلغنا نحو من ذلك عن عمر بن الخطاب وإبراهيم النخعي (¬2). فإن كان دخل بها فلها المهر الذي سمى لها. وإن كان لم يدخل بها فلها نصف المهر، وهي تطليقة بائنة. بلغنا ذلك عن إبراهيم (¬3). وهو قول أبي حنيفة ومحمد بن الحسن. وأما أبو يوسف فلا يراها تطليقة، فهي فرقة بغير طلاق، وعليها العدة وإن كان دخل بها في ذلك كله، لأنها إن كانت مسلمة فعليها أن تعتد (¬4)، وإن كانت كافرة حصّنت ماء المسلم، وجَعَلْتُ عليها العدة، وطلاقه يقع عليها ما دامت في العدة، ولها النفقة ما دامت في العدة إذا كانت هي المسلمة. وإذا زوج الذمي ابنه وهو صغير جارية صغيرة زَوَّجَها أبوها فهما على نكاحهما. فأيهما ما أسلم في صغره وهو يعقل فإسلامه جائز بمنزلة الكبير. فإن كان الآخر يعقل عرض عليه الإسلام. فإن أسلم فهو إسلام أيضاً. وإن أبى أن يسلم فإنه في القياس ينبغي أن لا يفرق بينهما، لأنه صغير، ويعزل عنه حتى يبلغ، فإن أسلم وإلا فرق بينهما. ولكني أدع القياس إذا كانا يعقلان، وأفرق (¬5) بينهما، إلا أن تكون امرأة من أهل الكتاب، فأدعها معه. وإذا تزوج النصراني النصرانية ثم إنها دخلت في دين المجوس وتركت النصرانية فهما على نكاحهما. فإن أسلم الزوج فإنه يعرض عليها الإسلام، فإن أسلمت وإلا فرق بينهما. وإن تنصرت أو تهوّدت كانا على نكاحهما. وإن كان أسلم الزوج قبل (¬6) أن تصير المرأة مجوسية ثم إنها ¬

_ (¬1) ف - هذه. (¬2) انظر لقول عمر - رضي الله عنه -: المصنف لعبد الرزاق، 7/ 174. وانظر لقول إبراهيم: الآثار لمحمد، الموضع السابق. (¬3) الآثار لمحمد، الموضع السابق. (¬4) ز: أن تعيد. (¬5) ز: وفرق. (¬6) ز: قيل.

باب نكاح المرتد

دخلت في دين المجوس فإنه يفرق بينه وبينها، ولا يعرض عليها الإسلام، مِن قِبَل أنه أسلم وهي نصرانية وكان النكاح جائزاً ثانياً، فلما دخلت في دين المجوس فسد النكاح (¬1). وإذا تزوج النصراني النصرانية بشهادة يهود أو مجوس فهو جائز. وكذلك لو تزوجها بشهود عبيد كان ذلك جائزاً إذا كان ذلك في دينهم (¬2) جائزاً. ألا ترى أنه لو نكحها بغير شهود أجزت ذلك. ... باب نكاح المرتد وإذا ارتد الرجل عن الإسلام ثم تزوج في حال ردته امرأة مرتدة أو من أهل الكتاب أو مسلمة فإن ذلك باطل، لا يجوز النكاح؛ وكذلك المرأة المرتدة إذا تزوجها مسلم أو ذمي فالنكاح باطل لا يجوز؛ مِن قِبَل أنهما لا يتركان على دينهما، وأن الخراج لا يؤخذ منهما، وأن ذبائحهما لا تؤكل، وليسا يشبهان أهل الذمة في ذلك. وإن ارتد الرجل عن الإسلام بانت منه امرأته مسلمة كانت أو من أهل الكتاب. فإن (¬3) ارتدت هي وهو جميعاً في كلمة واحدة عن الإسلام فهما على نكاحهما. فأيهما تاب قبل صاحبه وقعت الفرقة بينهما. فإن تابا جميعاً في كلمة واحدة فهما على نكاحهما (¬4). وإذا تزوج المرتد في دار الحرب ثم خرج مسلماً هو وامرأته فإن النكاح باطل لا يجوز؛ لأنه نكح (¬5) في الردة. ¬

_ (¬1) انظر للشرح: المبسوط، 5/ 48. (¬2) ز: من دينهم. (¬3) ز: وإن. (¬4) ز - فأيهما تاب قبل صاحبه وقعت الفرقة بينهما فإن تابا جميعاً في كلمة واحدة فهما على نكاحهما. (¬5) ز: نكاح.

وإذا ارتد الرجل قبل أن يدخل بامرأته بانت منه امرأته (¬1)، وكان لها نصف المهر عليه. وإن ارتدت المرأة هي قبل أن يدخل بها الزوج، والزوج على الإسلام، بانت (¬2) المرأة منه، ولا يكون لها مهر. وإذا ارتد الرجل المسلم وامرأته نصرانية فقد بانت (¬3) منه، والنصرانية في هذا والمسلمة سواء. ألا ترى أن المرتد لو نكح النصرانية أبطلتُه. وإذا أسلم الذمي وامرأته مجوسية أو نصرانية، ثم ارتد الذمي عن الإسلام، وامرأته مجوسية أو نصرانية قبل أن يعرض على امرأته الإسلام، فقد بانت (¬4) منه، وقد وقعت الفرقة بينهما. فإن كان دخل بها فلها المهر كاملاً، وإن كان لم يدخل بها فلها نصف المهر عليه؛ لأن الفرقة جاءت من قبله. ولو أسلم الذمي بعدما تمجّست امرأته فتحولت من النصرانية إلى المجوسية كانا على النكاح. ألا ترى أنها لو كانت مجوسية من الأصل كانا على النكاح حتى يعرض عليها الإسلام. فإن أسلمت فهي امرأته. وإن ارتدت بعد الإسلام وقعت الفرقة فيما (¬5) بينهما. ولو كان الرجل أسلم وهي على النصرانية كانت امرأته على حالها وإن تحولت إلى اليهودية. فإن ارتدت وتحولت إلى المجوسية وقعت الفرقة فيما بينهما من قبل أنه أسلم ونكاحهما جائز. وليس هذا كالذمي (¬6) يسلم وهي مجوسية. وإذا أسلم الذمي وامرأته مجوسية، ثم إن الذمي ارتد عن الإسلام، فقد وقعت (¬7) الفرقة فيما بينهما. وكذلك لو كانت امرأته مسلمة (¬8) وهو مجوسي، ثم ارتدت عن الإسلام، فقد وقعت الفرقة فيما بينهما. فإن كان ¬

_ (¬1) ز + مسلمة كانت أو من أهل الكتاب فإن ارتدت هي وهو جميعاً في كلمة واحدة عن الإسلام فهما على نكاحهما وإذا تزوج المرتد في دار الحرب ثم خرج مسلماً هو وامرأته فإن النكاح باطل لا يجوز لأنه نكح في الردة وإذا ارتد الرجل قبل أن يدخل بامرأته بانت منه امرأته. (¬2) ز: بابت. (¬3) ز: باتت. (¬4) ز: بابت. (¬5) م - فيما. (¬6) ف ز: كالذي. (¬7) ز - وقعت. (¬8) ز: أسلمت.

باب نكاح أهل الحرب

دخل بها فلها المهر كاملاً، وإن كان لم يدخل بها حتى أسلمت ثم ارتدت قبل أن يعرض على الرجل الإسلام بانت (¬1) منه امرأته، ولا مهر لها عليه؛ لأن الفرقة جاءت من قبلها. وإن كانت المرأة أسلمت ولم ترتد ولم يعرض على الزوج الإسلام حتى مات، فإن لها المهر كاملاً إن كان دخل بها أو لم يدخل؛ لأنه مات وهي امرأته. وإنما تكون الفرقة بينهما بعدما يعرض السلطان عليه الإسلام. فأما ما لم يعرض الإسلام على الباقي فهي امرأته [وَ] إن مكثا عشرين سنة. ولا يشبه هذا الحربي. وإذا ارتد العبد أو الأمة عن الإسلام ثم زوّجهما (¬2) مولاهما في حال ردتهما فإن ذلك لا يجوز. وكذلك المدبر وأم الولد فهما بتلك المنزلة. ... باب نكاح أهل الحرب قال محمد: وبلغنا عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه سئل عن مناكحة أهل الحرب من أهل الكتاب، فكره ذلك (¬3). وإذا تزوج المسلم امرأة من أهل الكتاب من أهل الحرب في دار الحرب فهو جائز، ولكنا نكرة ذلك له (¬4). فإن خرج بها إلى دار الإسلام فهما على نكاحهما إن أسلمت وإن كانت ذمية. وإن خرج وتركها في دار الحرب فقد وقعت الفرقة بينهما، من قبل أن الدار ليست بدار إسلام. ألا ترى أن طلاقه لا يقع عليها إذا خرج من دار الحرب. ولو خرجت المرأة مسلمة أو ذمية قبل أن يخرج الزوج كانا على نكاحهما. وإن خرجت المرأة من دار الحرب من أهل الكتاب ليس لها زوج، وتزوجها (¬5) ذمي في دار الإسلام أو مسلم، كان ذلك جائزاً، وكانت (¬6) ذمية إن كانت ¬

_ (¬1) ز: بابت. (¬2) ز: ثم تزوجهما. (¬3) المصنف لعبد الرزاق، 6/ 84. (¬4) ز - له. (¬5) ز: فتزوجها. (¬6) ز: أو كانت.

خرجت بأمان. وإذا تزوج الرجل من أهل الإسلام امرأة من أهل الحرب من غير أهل الكتاب في دار الحرب، أو كانت في دار الإسلام مستأمنة فتزوجها، فإن النكاح باطل لا يجوز، ولا يلزم الزوج النكاح. وإذا تزوج الرجل من أهل الحرب امرأة بينهم بغير شهود، وكان (¬1) ذلك منهم نكاحاً جائزاً، ثم أسلما على ذلك، فالنكاح جائز. وكذلك إذا صارا ذميين. وإذا أسلم الرجل من أهل الحرب وعنده خمس نسوة قد أسلمن معه، وقد نكحهن (¬2) في عُقْدَة واحدة، فالنكاح فاسد، ويفرق بينه وبينهن. فإذا كن في عُقَد (¬3) متفرقة فإن الأربع الأولى نكاحهن جائز، ونكاح الأخرى فاسد. وكذلك إذا كانتا (¬4) أختين فنكاح الأخيرة (¬5) فاسد، ونكاح الأولى (¬6) جائز. وإذا كانت أم وابنة في عقدة واحدة فالنكاح فاسد. وإن كانا في عقدتين متفرقتين ولم يدخل بواحدة منهما فالأولى جائز نكاحها، والأخيرة (¬7) فاسد نكاحها. وإن كان قد دخل بهما فلا نكاح بينه وبينهما (¬8). وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: إذا تزوج خمساً في عُقَد متفرقة، أو في عقدة واحدة، أو أختين في عقدة أو عقدتين، ثم أسلموا جميعاً خُيِّرَ بين الأختين، فاختار أيتهما (¬9) شاء وفارق الأخرى، وكذلك الخمس يختار أربعاً منهن أيتهن شاء، ويفارق الباقية. وإذا أسلم هو وامرأته، وقد كان نكحها بعد أن طلقها ثلاثاً قبل أن تنكح زوجاً غيره، فإنه يفرق بينه وبينها. وكذلك لو كان جامع أمها أو ابنتها أو قَبَّلَ أمها أو ابنتها (¬10) لشهوة. ¬

_ (¬1) ز: فإن. (¬2) م ف ز: انكحهن. (¬3) م ف ز: في عقدة. (¬4) ز: إذا كانت. (¬5) ز: الآخر. (¬6) ز: الأولة. (¬7) ز: والآخرة. (¬8) ز: وبينها. (¬9) ز: أيهما. (¬10) ف - أو قبل أمها أو ابنتها.

وكل ما يحرم على المسلم نكاحه من ذوي الأرحام والرضاع وما أشبه ذلك فإني أفرق بين الحربي وبين من كان عنده من أولئك إذا أسلموا جميعاً. فأما إذا صاروا ذمة فإني أجيز من ذلك بينهم ما أجيز بين أهل الذمة. وإذا أسلم الحربي أو الحربية أيهما ما كان، بعد أن يكونا من غير أهل الكتاب، وهما مقيمان في دار الحرب، فهما على النكاح ما لم تحض ثلاث حيض، دخل بها أو لم يدخل بها. فإذا حاضت ثلاث حيض فقد انقطعت العصمة فيما بينهما. وإن كانا من أهل الكتاب وكانت المرأة هي المسلمة فكذلك أيضاً. وإذا أسلم الباقي منهما قبل أن تحيض ثلاث حيض فهما على النكاح. وإذا كان الرجل هو المسلم وامرأته من أهل الحرب من أهل الكتاب فهما على النكاح وإن حاضت ثلاث حيض. وإذا خرج الحربي مسلماً أو ذمياً، فخلّف امرأته في دار الحرب كافرة فقد بانت (¬1) منه، وقد انقطعت العصمة فيما بينهما (¬2). وكذلك لو كان إسلامه في دار الإسلام إذا خرج. وكذلك إذا كانت هي المسلمة وخرجت، وخلّفته في دار الحرب، أو صارت ذمية، فقد انقطعت العصمة فيما بينهما، ولا عدة عليها، ولها أن تتزوج إن لم تكن حاملاً. فإن كانت حاملاً فلا تتزوج حتى تضع. وكذلك إذا كان هو الخارج مسلماً فلا بأس بأن يتزوج أربعاً وأختها إحداهن. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد بن الحسن: لا تتزوج المرأة إذا خرجت مسلمة حتى تنقضي عدتها. وإذا خرج الزوج مستأمناً لحاجة وهو على دين الكفر، وقد خلّف امرأته في دار الحرب على دينه، فهما على النكاح. وكذلك إن كانت المرأة هي الخارجة. فإن أسلم الذي خرج منهما (¬3) أو صار ذمياً فقد وقعت الفرقة فيما بينهما وانقطعت العصمة. وكذلك أيهما ما سُبِيَ وبقي الآخر. فإن خُرِجَ به إلى دار الإسلام فقد انقطعت العصمة فيما بينهما. ألا ترى أن للرجل أن ¬

_ (¬1) ز: بابت. (¬2) ز: بينها. (¬3) م ف ز: بينهما.

باب الهبة

يطأ أمته من السبي بعد أن يستبرئها بحيضة إذا أسلمت أو كانت من أهل الكتاب وإن كان لها زوج في دار الحرب. وإذا أسلمت المرأة وخرج الزوج مستأمناً لحاجة فهما على النكاح ما لم تحض ثلاث حيض. فإن صار الزوج من أهل الذمة من قبل أن تحيض ثلاث حيض فهما على النكاح. فإن خرجت إليه امرأته [كانت امرأتَه] (¬1) حتى يعرض عليه السلطان الإسلام (¬2) بمنزلة أهل الذمة. وكذلك لو كان الزوج هو الذي أسلم في دار الحرب، ثم خرجت المرأة إلينا فصارت ذمية قبل أن تحيض ثلاث حيض، فهما على النكاح، والحكم فيهم كالحكم في أهل الذمة. ... باب الهبة وإذا وهبت المرأة نفسها لرجل بشهود وقَبِلَها فهذا نكاح. بلغنا أن هذه (¬3) الآية: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} (¬4) [نزلت في ذلك]. قال: وبلغنا أن (¬5) هذا كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة بغير مهر (¬6). ولا بد فيما بين الناس إذا وهبت نفسها لرجل وقَبِلَها بشهود أنه يلزمه مهر مثلها إن مات عنها أو دخل بها. وإن طلقها قبل الدخول بها فلها المتعة. وإن وهبت له نفسها بمهر مسمى وقَبلَها فهو جائز، وهو نكاح. وكذلك إذا تصدقت بنفسها عليه فقَبِلَها فهو نكاح بمنزلة الهبة. وكذلك إذا وهبت نفسها بشهادة الشهود فهذا كله سواء. ¬

_ (¬1) الزيادة من الكافي، 1/ 47 ظ. (¬2) ز + فهو. (¬3) ز: عن هذه. (¬4) سورة الأحزاب، 33/ 50. (¬5) ز - أن. (¬6) روي ذلك عن مجاهد. انظر: تفسير الطبري، 22/ 21.

وكذلك الرجل إذا وهب ابنته وهي صغيرة لرجل أو لابن أخيه وهو وليه. وكذلك إذا وهبها لصبي وقَبِلَ أبوه له ذلك فهو جائز بمنزلة النكاح. وكذلك العم إذا وهب ابنة أخيه لصبي وقبل ذلك عمه فهو نكاح. وأيهما ما أدرك فله الخيار في قول أبي حنيفة ومحمد بن الحسن. وإذا تصدقت المرأة بنفسها على الرجل فقبل ذلك فهو جائز، وهو بمنزلة الهبة. وإذا أحلّت (¬1) المرأة نفسها لرجل فليس هذا بنكاح (¬2). ولا يجوز هذا. ولو أشهد على ذلك وفرض لها مهراً (¬3) فإنه لا يجوز. وكذلك لو أعارته نفسها، أو قالت: تمتع مني شهراً بكذا وكذا، فهذا كله باطل فاسد، يفرق بينهما، وعليه مهر مثلها إن كان دخل بها، إلا أن يكون ما رضيت به أقل من ذلك، فيكون لها ما رضيت به. وإذا تزوجها شهراً فهو غير جائز، وهو مثل الأول، أشهد على ذلك أو لم يشهد. ولو قال: أتزوجك ساعة من نهار بكذا وكذا أو يوماً (¬4) بكذا وكذا، فهذا كله فاسد. وكذلك كل نكاح إلى أجل فلا يكون نكاحاً وإن سمى مائة سنة. وإذا قال: أتزوجك بكذا وكذا، فقالت (¬5): قد فعلت، فهو بمنزلة قولها: قد تزوجتك، وليس يحتاج في هذا إلى أن يقول الزوج: قد قبلت. وكذلك إذا قال: زوجيني نفسك وأنكحيني نفسك، فهذا كله نكاح جائز إذا كان عليه شهود؛ لأن هذا كلام الناس، وهو استحسان وليس بقياس. ... ¬

_ (¬1) م ف ز: حلت. (¬2) ز: نكاح. (¬3) ز: مهر. (¬4) ز: أو يوم. (¬5) ز: فقال.

باب المهور

باب المهور وإذا تزوج الرجل المرأة بغير مهر مسمى وأشهد شاهدين فالنكاح جائز، ولها مهر مثلها من نسائها لا وَكْس ولا شَطَط (¬1) إن دخل بها أو مات عنها. ونساؤها أخواتها لأبيها وأمها أو لأبيها وعماتها وبنات عمها. وليس أمها ولا خالتها من نسائها إلا أن تكون من عشيرتها وبنات عمها. ألا ترى أن المرأة قد تكون أم ولد وابنتها من قريش، فلا تكون أمها من نسائها ولا خالتها. وإن كان من نسائها من هو أفضل منها في المال والجمال فإنما لها مهر مثلها منهن في مثل حالها. ولا ينظر إلى نسائها إذا كن من غير أهل بلادها، إنما ينظر إلى نسائها من أهل بلادها؛ لأن مهور البلدان مختلفة. ألا ترى أن المرأة من أهل البادية تتزوج على ما لا يتزوج عليه أهل القرى. وإذا تزوجها بغير مهر ثم سمى لها مهراً أو فرضه لها، أو رافعته إلى القاضي ففرض لها مهراً فهو سواء، وذلك لها (¬2) إن دخل بها أو مات عنها. فإن طلقها قبل الدخول فإنما لها المتعة، لأن أصل الفريضة لم تكن (¬3) في عقدة النكاح. فهذا الذي سمى لها بعد فهو لازم له أو مثله لو لم يسمه إذا دخل بها أو مات عنها قبل الطلاق. ألا ترى أنه إذا تزوجها على غير مهر مسمى ثم طلقها قبل أن يدخل بها فلها المتعة. وتسميته (¬4) مهر مثلها وفرض القاضي سواء؛ لأنه قد كان واجباً عليه قبل الطلاق. وإذا اختلف الزوج والمرأة في المهر، فقال الزوج: ألف درهم، وقالت المرأة: ألفين، فإنه ينظر إلى مهر نسائها. فإن كان أقل من ألف درهم كان لها ألف. وإن كان أكثر من ألف كان لها ذلك الذي يزيد على ¬

_ (¬1) أي: لا نقصان ولا زيادة. انظر: لسان العرب، "شطط، وكس". (¬2) ز: مهرا سوا ذلك فذلك لها. (¬3) ز: لم يكن. (¬4) م ف: لتسميته؛ ز: لتسميه. وانظر لهذه المسألة وشرحها: المبسوط، 5/ 64 - 65.

الألف. وإن كان أكثر من ألفين لم يجاوز بها ذلك، لأنها ادعته (¬1)، إن دخل بها أو مات عنها. وإن طلقها قبل الدخول كان لها نصف ما سمى لها الزوج. وإن قامت بينة لهما جميعاً أخذت ببينة المرأة؛ لأنها المدعية للفضل. وإن كان الاختلاف في المهر بعد موت الزوج مع ورثة الزوج فالقول في ذلك مثله في الباب الأول. وكذلك لو كانت المرأة التي ماتت والزوج حي فاختلف الزوج وورثتها في المهر فهو مثل ذلك، إن كان مهر مثلها أقل مما أقر به الزوج فلها ما قال الزوج. وإن كان أكثر مما قال ورثتها فلها ما قال ورثتها لا تزاد (¬2) على ذلك. وإن كان أقل مما قال ورثتها (¬3) وأكثر مما قال الزوج فلها ذلك. وإذا مات الزوج والمرأة جميعاً، ثم ادعى (¬4) ورثة المرأة المهر، وجحد ورثة الزوج، فإني أستحسن في هذا (¬5)، أبطل المهر، ولا أقضي لهم بشيء إن كان دخل بها أو لم يدخل بها إلا أن تقوم بينة على أصل المهر، فآخذهم. ألا ترى أن ولد علي بن أبي طالب لو ادعوا على ورثة عمر بن الخطاب مهر أم كلثوم بنت علي لم أقض (¬6) لهم بذلك في ميراث عمر إلا أن تقوم بينة على مهر مسمى. ولو قضيت بها لقضيت بما هو أبعد مما كان في الجاهلية (¬7). وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد بن الحسن: نرى لها المهر، إلا أن أبا يوسف قال: القول قول الزوج أو ورثته من بعده في الصداق، إلا أن يجيء من ذلك شيء قليل جداً، فيتهمون عليه. ¬

_ (¬1) ز: لأنها إن دعته. (¬2) ز: لا يزاد. (¬3) ف + فلها ما قال ورثتها لا تزاد على ذلك وإن كان أقل مما قال ورثتها. (¬4) ز: ثم ادعيا. (¬5) ز + أن. (¬6) ز: لم أقضي. (¬7) أي: أن هذا يفوت بعد تقادم العهد. انظر: المبسوط، 5/ 67.

وإذا تزوج الرجل المرأة على خادم وبيت ولم يسم لذلك ثمناً، فإن لها من ذلك خادم وسط وبيت وسط، قال أبو حنيفة: أربعين ديناراً للبيت، وأربعين ديناراً للخادم. وقال أبو يوسف ومحمد بن الحسن: هو على قدر الغلاء والرخص في كل بلد. ولو تزوجها على وصيف أبيض كان لها خمسون ديناراً في قول أبي حنيفة. وإن أعطاها وصيفًا (¬1) أبيض لا يساوي ذلك فهو جائز. وإن أعطاها في الباب الأول خادماً وسطًا فهو جائز عندنا. والوسط عندنا السِّنْدِية. إذا كان رجل من أهل البادية، فتزوج (¬2) امرأة من أهل البادية على بيت وخادم، فلها بيت من شعر من بيوت أهل البادية، وخادم وسط على ما وصفت لك. وإذا كان رجل (¬3) من أهل الشام أو من أهل الحجاز تزوج في بلاده امرأة من أهلها على بيت وخادم، فلها بيت وسط مما تجهّز به هناك، وخادم وسط مما يعرف هناك. وإذا تزوج الرجل المرأة على الخادم ولم ترها بعينها، ثم رأتها فكرهتها، فلا خيار لها فيها. وليس هذا كالبيع، وليس لها أن ترد من عيب إلا أن يكون شيئاً فاحشاً، فتردها (¬4) منه وتأخذ قيمتها صحيحة. ولو استحقت الخادم قبل أن يقبضها أو ماتت كان لها على الزوج قيمتها. ولو ولدت الخادم عند الزوج قبل أن تقبضها المرأة أو اكتسبت (¬5) مالاً فإن الولد مع الأم، وما اكتسبت فهو للمرأة. وإن كان الزوج هو أجّرها فالأجر للزوج يتصدق به. ولوطلقها قبل أن يدخل بها وقبل أن تقبض (¬6) الخادم والولد كانت الخادم بينهما، للمرأة نصف الخادم ونصف الولد، وللزوج مثل ذلك، لأنها لم تكن قبضت. وكذلك الغنم والبقر والإبل لو تزوجها عليها فولدت عند الزوج، ثم طلقها قبل أن يدخل بها، كان لها نصف الأمهات ونصف الأولاد، وكان للزوج مثل ذلك. وكذلك لو تزوجها على نخل أو كرم أو شجر، فأثمر عنده النخل قبل أن يقبض. ولو قبضت المرأة جميع ما ذكرنا ¬

_ (¬1) ز: وصيف. (¬2) ز: فيتزوج. (¬3) ز: رجلاً. (¬4) ز: فيردها. (¬5) ز: أو اكتسب. (¬6) ز: أن يقبض.

قبل أن يلد (¬1) شيء منه أو يثمر شيء منه، فولدت عندها الخادم والإبل والبقر والغنم، وأثمر عندها النخل والشجر ثم طلقها قبل أن يدخل بها، فإن ذلك كله لها لا شيء للزوج منه، وللزوج عليها نصف قيمة الخادم والإبل والبقر والغنم (¬2) والنخل والشجر يوم دفعه إليها. فإن أراد أن يأخذ نصف الخادم بغير ولد فليس له ذلك من قبل أنها ولدت ذلك في ملكها. وليس هذا كالباب الأول؛ لأن الأول ولدت في ضمان الزوج. ولو كان مات الولد وهلك الثمر ثم طلقها الزوج قبل أن يدخل بها، ثم أراد أن يأخذ نصف الخادم ونصف البستان ونصف الكرم، كان له ذلك. إذا لم يكن الأولاد والثمر معهن كان له أن يأخذ نصف ذلك إن شاء وإن كان قد تغير بنقصان لما حدث فيه من الولادة (¬3)؛ وإن (¬4) شاء أن يأخذ نصف قيمته ويترك الخادم يوم دفعه إليها فعل. وإنما افترق القول في هذا إذا كان معها ولد وإذا (¬5) لم يكن لأني لا أستطيع أن أقضي له بنصف الأم إلا أن أبيعها ولدها إذا أوجبت (¬6) لها نصف الأم، فأما إذا مات الولد فلم (¬7) يكن ولد معها أقضي له بشيء، فإن له أن يأخذ نصف الخادم إن شاء. وإذا تزوجها على خادم فأصابها بلاء فدخلها من ذلك عيب فاحش قبل أن تقبضها المرأة، ثم طلقها قبل أن يدخل بها، فالمرأة بالخيار، إن شاءت أخذت نصف قيمتها يوم تزوجها عليها، وإن شاءت أخذت نصفها ناقصاً. ولا شيء لها من النقصان؛ لأنه حدث من غير فعله. وهذا بمنزلة البيع. ألا ترى لو أن رجلاً اشترى جارية فولدت عند البائع كان ذلك ¬

_ (¬1) ز: أن تلد. (¬2) ز - وأثمر عندها النخل والشجر ثم طلقها قبل أن يدخل بها فإن ذلك كله لها لا شيء للزوج منه وللزوج عليها نصف قيمة الخادم والإبل والبقر والغنم. (¬3) ز: من الأولاد. (¬4) م ف ز: فإن. والتصحيح من الكافي، 1/ 48 و. (¬5) ز: وإذ. (¬6) ز: إذا وجبت. (¬7) ز: لم.

للمشتري، وكان البيع وقع عليهما. ولو ولدت عند المشتري لم يكن الولد مما وقع عليه البيع، فكذلك (¬1) إذا ولدت في يدي الزوج فكان الولد مما وقع عليه النكاح. وإذا ولدت في بيت (¬2) المرأة فليس مما وقع عليه النكاح، فلذلك لا سبيل للزوج عليها إذا طلقها قبل أن يدخل بها. وإذا أصابها ذلك العيب عند الزوج بفعله فالمرأة بالخيار. فإن (¬3) شاءت أخذت نصف الخادم ناقصة بها ذلك العيب، وضمّنت الزوج نصف ما نقصها العيب. وإن شاءت ضمّنت الزوج نصف قيمتها صحيحة، ولم تلتفت (¬4) إلى الخادم. ألا ترى لو أن رجلاً باع جارية فذهبت عينها من غير فعل أحد كان يأخذها بالثمن كله إن شاء. ولو كان البائع هو الذي فعل ذلك كان يطرح عنه بقدر النقصان من الثمن. فكذلك (¬5) هو في النكاح إذا كان ذلك عند الزوج. وما كان الزوج يضمن للمرأة إذا كان من فعله فالمرأة تضمن للزوج إذا كان في يدها نصف قيمتها. وما لم يكن للمرأة فيه النقصان مع نصف العبد (¬6) فكذلك الزوج ليس يكون له (¬7) على المرأة إذا أَحَبَّ أَخْذُ نصف ذلك. فإن كان الذي أصابها بالعيب الزوج فالمرأة بالخيار. إن شاءت أخذت نصفها ناقصة، واتبعت الزوج بنصف نقصان العيب. وإن شاءت أخذت نصف قيمتها يوم تزوجها عليه. فإن كان الذي أصابها بالعيب غير الزوج فالمرأة بالخيار. إن شاءت أخذت نصف الخادم، واتبعت الجاني بنصف الأرش. وإن شاءت لم تأخذ الخادم، وأخذت نصف قيمتها يوم تزوجها عليها من الزوج. وللزوج أن يتبع الجاني بالأرش. وكل مهر من العروض والحيوان حدث فيه عند الزوج هذا فهو هكذا. وإذا قبضت المرأة المهر وهي خادم فأصابها بلاء دخلها من ذلك ¬

_ (¬1) ز: فلذلك. (¬2) ز: في يدي. (¬3) ز: إن. (¬4) ز: يلتفت. (¬5) ز: فلذلك. (¬6) ينبغي أن يكون: الخادم. (¬7) ف - له.

عيب، ثم طلقها الزوج قبل أن يدخل بها، فإن الزوج بالخيار. إن شاء أخذ نصف الخادم بعيبها (¬1)، ولا يضمّن المرأة شيئاً. وإن شاء (¬2) ضمّن المرأة نصف قيمتها يوم دفعها إليها، وكانت (¬3) الخادم للمرأة. ولو كان العيب الذي أصابها (¬4) كانت المرأة هي التي أصابتها كان مثل ذلك أيضاً. ولو كان أصابها إنسان بعيب فأخذت المرأة لذلك أرشًا (¬5) لم يكن للزوج إلا نصف قيمتها يوم أعطاها إياها؛ لأن مع الخادم دراهم، فلا أستطيع (¬6) أن أقضي له (¬7) ببعض الخادم، ولا أتبعها الدراهم. والأرش هاهنا بمنزلة الولد. وليست المرأة في هذا كالزوج يملك رقبة الخادم، والزوج لا يملكها. وكذلك لو كان الأرش على الجاني ولم تأخذه المرأة كان بمنزلة أخذها إياه على ما وصفت لك. وإذا تزوج الرجل امرأة (¬8) على خادم فوطئها فعلقت، ثم ادعى الولد، فإنه لا يصدَّق؛ لأنه لا يملكها. فإن طلقها قبل أن يدخل بها بعد الولادة فإن الخادم بينهما نصفان، ولا تكون أم ولد بذلك الكلام (¬9). وأما الولد (¬10) فيسعى في نصف قيمته للمرأة، ولا يسعى للزوج في شيء. ولو أغلت الخادم عند المرأة غلة ثم طلقها الزوج كانت الخادم بينهما نصفين، وكانت (¬11) الغلة كلها للمرأة؛ لأنها أغلتها وهي تملكها. وإذا قبضت المرأة الخادم ثم ماتت عندها، ثم طلقها الزوج قبل أن يدخل بها، وقد ماتت الخادم عندها، فإنها ضامنة لنصف قيمتها يوم أخذتها. ¬

_ (¬1) م ز: بعينها. (¬2) م ف ز: كان. والتصحيح من الكافي، 1/ 48 و. (¬3) ز: إليه أو كانت. (¬4) ف + يوم دفعها إليها وكانت الخادم للمرأة ولو كان العيب الذي أصابها. (¬5) م ز: إن شاء. (¬6) ز: يستطيع. (¬7) ز. به. (¬8) ز: المرأة. (¬9) وذكر الحاكم أن الإمام محمداً قال في كتاب الدعوى والبينات بثبوت نسب الولد منه وأن الجارية تصير أم ولد. انظر: الكافي، 1/ 48 و. وقد ذكر الإمام المسألة بالتفصيل في كتاب الدعوى والبينات. انظر: 5/ 204 ظ. (¬10) ف - الولد. (¬11) م ز: فكانت.

فإن كانت (¬1) الخادم إنما قُتِلَت قتلًا (¬2) فهي ضامنة لنصف قيمتها يوم أخذتها (¬3)، والأرش لها. وإن كانت الخادم قائمة بعينها قد ازدادت خيراً في بدنها (¬4) فهي للمرأة، وللرجل نصف قيمتها يوم أعطاها إياه. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. قال (¬5) محمد بن الحسن: يأخذ الزوج نصفها زائدة. ولا تشبه (¬6) الزيادة في البدن الولد والثمر (¬7). ولو كانت الخادم عند الزوج فازدادت خيراً في يده ثم طلقها قبل أن يدخل بها، كان للمرأة نصف الخادم على حالها في الزيادة. وإن كان (¬8) لها ولد ولدته عنده بعد النكاح فمات معها ثم طلقها قبل أن يدخل بها، فإنما (¬9) يضمن للمرأة نصف قيمة الخادم خاصة يوم تزوجها عليه، ولا يضمن الزيادة ولا الولد، لأنه لم يتزوجها عليه. ولو كان هو قتل الجارية وولدها كان ضامناً لنصف قيمتها بالزيادة لنصف قيمة الولد؛ لأنه استهلكها. وليس استهلاكه إياها كموتها. ولا يكون هذا أشد من رجل اغتصب من رجل جارية وقيمتها ألف ثم صارت قيمتها (¬10) ألفين ثم قتلها، فإن شاؤوا ضمنوه في الغصب ألفاً (¬11)، وإن شاؤوا ضمنوه بالقتل ألفين، إلا أن ذلك يكون على العاقلة في القتل، ولو ماتت (¬12) لم يضمن الزيادة. فكذلك هذا في النكاح في الضمان. ولو كانت قائمة بعينها فأعتقها قبل الطلاق أو وطئها فحملت، ثم طلق امرأته قبل أن يدخل بها، كان عتقه إياها باطلاً؛ لأنه أعتق ما لا يملك، وكانت الخادم بينهما وولدها. فإن أَوْقَعَ الولدَ في ملكه عتق نصيبه منها، ¬

_ (¬1) ز: كان. (¬2) ز: قتيلا. (¬3) ف - فإن كانت الخادم إنما قتلت قتلا فهي ضامنة لنصف قيمتها يوم أخذتها. (¬4) م: ثم بدلها. (¬5) ز: وقال. (¬6) ز: يشبه. (¬7) ف: والثمن. (¬8) ف ز: أو كان. (¬9) ز: فأيما. (¬10) ز - ألف ثم صارت قيمتها. (¬11) ز: ألف. (¬12) ز: مات.

ويسعى الولد للمرأة في نصف قيمته، ولا يثبت نسبه، وعلى الزوج العُقْر كله، للمرأة نصفه، وللزوج نصفه. فإن كانت المرأة قد قبضت الخادم فلم تلد عندها، ولم تتغير (¬1) عن حالها، حتى طلقها الزوج قبل أن يدخل بها، ثم أعتق الزوج نصيبه منها، كان عتقه باطلاً؛ لأنه لا يجب (¬2) له منها شيء حتى يقضي به القاضي له. فإذا قضى القاضي له بنصفها (¬3) لم يجز ذلك العتق؛ لأنه أعتق قبل الملك، وهو بمنزلة البيع الفاسد. ألا ترى لو أن رجلاً باع عبداً بيعاً فاسداً ودفعه لم يجز عتقه حتى يقبضه. فكذلك إذا طلقها قبل الدخول فهو في يديها (¬4) بمنزلة البيع الفاسد. وإذا دفعت إليه المرأة (¬5) نصف الخادم بقضاء القاضي أو بغير قضاء القاضي ثم أعتقها فعتقه جائز في نصيبه، كأمة بين اثنين أعتقها أحدهما. ولو أعتقها (¬6) بعدما قضى القاضي بأن تدفع إليه جاز عتقه وإن لم يقبض؛ لأن الملك قد صار له وإن لم يقبض. وإن أعتقتها المرأة وهي في يدي الزوج فعتقها جائز، لأن الملك لها. وإذا أعتقتها المرأة قبل أن يُقضى للزوج فيها بشيء وهي في يديها (¬7) فعتقها جائز، وعليها نصف قيمتها يوم تزوجها عليها، موسرة كانت أو معسرة. وإذا تزوج الرجل امرأة على خادم فوطئها فعلقت منه وادعى الولد فإنه لا يصدق؛ لأنه لا يملكها. فإن طلقها قبل أن يدخل بها بعد الولادة فإن الخادم بينهما نصفين، ولا تكون أم ولد بذلك الكلام. وأما الولد فيسعى في نصف قيمته للمرأة ولا يسعى للزوج في شيء (¬8). وإذا تزوج الرجل المرأة على دار فلم يدفعها إليها حتى انهدمت ثم ¬

_ (¬1) ز: يتغير. (¬2) ز: لم يجب. (¬3) ز: بنقصها. (¬4) ز: في يدها. (¬5) ز: المرأة إليه. (¬6) ز + أحدهما. (¬7) ز: في يدها. (¬8) تقدمت هذه الفقرة بلفظها قريباً. انظر: 7/ 40 أظ.

طلقها قبل أن يدخل بها، فإن كانت انهدمت من عمله فهي بالخيار. إن شاءت ضمّنته نصف الهدم وأخذت نصف ما بقي من الدار، وإن شاءت ضمّنته نصف قيمة الدار صحيحة ولم تأخذ من الدار شيئاً (¬1). وإن كانت انهدمت من غير عمله فهي بالخيار. إن شاءت أخذت نصف الدار ناقصة، ولا ضمان على الزوج. وإن شاءت أخذت نصف قيمتها صحيحة، ولم تَعْرِضْ لشيء من الدار. وإن كانت الدار هدمها رجل فهي بالخيار. إن شاءت ضمنته نصف قيمة الدار صحيحة، ولم تعرض لشيء من الدار (¬2). وإن شاءت أخذت نصفها ناقصاً، واتبعت الهادم بنصف الهدم. وكذلك هذا في الجناية: إذا كان من عمله فَقْءُ عين (¬3) أو قطع يد فهي بالخيار. إن شاءت ضمّنته نصف القيمة صحيحاً. وإن شاءت أخذت نصفها ونصف ما نقصها. إن كان ذلك من غير عمله لم يكن لها أن تأخذ النقصان. وإذا كانت المرأة قد قبضت الدار قبل الطلاق، ثم طلقها الزوج قبل الدخول، وقد أصاب الدارَ هذا الهدمُ (¬4) قبل الطلاق (¬5)، فإن كان من غير عمل أحد فالزوج بالخيار. إن شاء أخذ نصف الدار ناقصة، وإن شاء تركها فلم يعرض لها، وأخذ نصف قيمتها يوم دفعها إليها. وإن كان هدمها رجل أجنبي فلا سبيل للزوج على الدار، ولكن يضمن للمرأة نصف قيمتها يوم دفعها إليها؛ لأنه لو أخذ من الدار شيئاً كان له من قيمة الهدم النصف، فليس ينبغي أن يعطيه من الدار النصف وأَمْنَعه نصف (¬6) قيمة الهدم وليس له في نصف قيمة الهدم نصيب. ألا ترى أنه لو كان عبداً فقتل لم يكن (¬7) له في قيمته شيء. وإنما كان له على المرأة نصف (¬8) قيمته يوم دفعه وقيمة ¬

_ (¬1) ز: شي. (¬2) ز - صحيحة ولم تعرض لشيء من الدار. (¬3) ز: في عين. (¬4) ف - وقد أصاب الدار هذا الهدم. (¬5) م ز + ثم طلقها الزوج قبل الدخول وقد أصاب هذا الهدم قبل الطلاق. (¬6) ز - نصف. (¬7) ز: لم تكن. (¬8) ز - نصف.

العبد كلها للمرأة إن تَوِيَت (¬1) وإن خرجت (¬2). وكذلك الهدم. وإن كانت المرأة هي التي هدمتها فالزوج بالخيار: إن شاء أخذ نصفها ناقصة، وإن شاء أخذ نصف قيمتها يوم دفعها إليها. وكذلك هذا في العبد إذا قطعت المرأة يده أو فقأت عينه. وإذا تزوجها على أمة فوطئها رجل بشبهة قبل أن يقبضها ثم طلقها قبل أن يدخل بها فإن الأمة بين الزوج والمرأة نصفان، والعُقْر كله بينهما نصفان. ولو وهب رجل للأمة مالاً ثم طلقها الزوج قبل أن يدخل بها كانت الأمة بينهما نصفين (¬3)، وكان المال كله للمرأة في قياس قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد بن الحسن فالهبة بينهما نصفين. وكذلك قال أبو حنيفة في رجل باع من رجل أمة فوُهِبَت لها هبةٌ وهي في يدي البائع ثم إنها ماتت، قال: تكون الهبة للمشتري. وإذا وطئها الزوج بشبهة فهو كوطء غيره غير أن القول فيه كالقول في الباب الأول. ولا شفعة في الدار يتزوج عليها المرأة وإن زادت على ذلك مالاً. وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد بن الحسن: إن للشفيع حصة ما زادت على ذلك من المال الذي (¬4) في الدار، ويقسم الدار على مهر مثلها وعلى الزيادة، فما أصاب الزيادة أخذها الشفيع، وما أصاب المهر فلا شفعة له فيه. وإذا تزوج الرجل المرأة على كذا وكذا من الإبل فلها العدد الذي سمى لها وسطاً من ذلك. وكذلك الغنم والبقر. وكذلك (¬5) إذا تزوجها على ثلاثة أثواب هروية أو يهودية أو طيالسة وسمى جنساً من الثياب غير هذا، ¬

_ (¬1) توي وتوى، أي: هلك. انظر: لسان العرب، "توي". (¬2) كذا في م ف ز. (¬3) ز: فإن الأمة بين الزوج والمرأة نصفان. (¬4) م ز - الذي. (¬5) ز: ولذلك.

فلها ما سمى لها من ذلك بالمعروف وسطاً لا وَكْسَ ولا شَطَط (¬1) إن دخل بها أو مات عنها أو ماتت هي. وإن طلقها قبل الدخول كان لها نصف ذلك. وإن جاء بقيمة ذلك دنانير أو دراهم أُجْبِرَتْ على قبولها. وإذا تزوج الرجل على شيء مما يكال أو يوزن فسمى من ذلك أرطالًا معلومة وأقفزة معلومة (¬2) من صنف مسمى فهو جائز. لها ما سمى من ذلك إن مات عنها أو ماتت هي أو دخل بها. فإن طلقها الزوج قبل الدخول فلها نصف ذلك. وإن جاء بقيمة ذلك دراهم أو دنانير لم تجبر على قبولها. وإذا تزوج الرجل المرأة على دراهم أو على شيء من العروض لا تبلغ قيمته عشرة دراهم فإنه يكمّل لها عشرة دراهم، لأنه لا يكون المهر أقل من عشرة دراهم. وإن كان قيمته خمسة أعطاها أيضاً خمسة دراهم أخرى. فإن طلقها قبل الدخول كان لها نصف الثوب ونصف الدراهم. وإن كان (¬3) قيمته ثلثي (¬4) عشرة ثم طلقها رجع بنصف الدراهم ونصف الثوب. بلغنا نحو ذلك عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن عمر وعامر الشعبي وإبراهيم النخعي (¬5). وإذا تزوج الرجل على غير مهر مسمى ثم طلقها قبل الدخول بها فلها المتعة. وأدنى ما أجبره عليه من ذلك درع وملحفة يهودية أو زُطِّي وخمار (¬6) إلا أن يكون مهر مثلها أقل من ذلك، فيكون لها نصف مهر مثلها لا ينقص من خمسة دراهم. إنما يكون لها الأقل من نصف مهر مثلها ومن المتعة. وإن كان مهر مثلها عشرة دراهم والمتعة عشرة دراهم جعلت لها خمسة دراهم، لأنه أقل من المتعة. وإن كانت المتعة مثل نصف مهر ¬

_ (¬1) أي: لا نقصان ولا زيادة كما تقدم. (¬2) ف - معلومة. (¬3) ف - كان. (¬4) ف: ثلث. (¬5) روي مرفوعاً عن جابر: "ولا مهر دون عشرة دراهم". وروي عن علي موقوفاً. وفي الحديث والأثر كلام. انظر: سنن الدارقطني، 3/ 244؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 7/ 133، 240؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 199؛ وفتح القدير لابن الهمام، 3/ 292. ولأثر علي وإبراهيم النخعي أيضاً انظر: المصنف لعبد الرزاق، 6/ 179. (¬6) م: أو خمار.

مثلها جعلت لها المتعة، لأنها فريضة في كتاب الله. وإذا تزوج الرجل المرأة على ثوب ولم يسم من أي صنوف الثياب هو أو تزوجها على دار ولم ينسب ذلك إلى دار معلومة أو على دابة غير مسماة فهذا لا يكون مهراً، لأنه يختلف أي الدواب أو أي الثياب أو أي الدور يعطيها. فلها مهر مثلها إن دخل بها أو مات عنها أو ماتت هي عنه. ولها المتعة إن طلقها قبل الدخول. وإذا تزوج الرجل المرأة على ما في بطن جاريته أو على ما في بطون غنمه أو على ما تحمل نخله أو على ما تخرج أرضه العام أو على ما (¬1) يكسب غلامه فإنه لا يكون شيء من هذا مهراً، والنكاح جائز عليه، ولها مهر مثلها إن دخل بها أو مات عنها أو ماتت هي. ولها المتعة إن طلقها قبل الدخول. وإذا تزوج الرجل المرأة على عبد بعينه فاستُحِقّ ذلك العبد أو مات فإن لها عليه القيمة يوم تزوّجها عليه. وكذلك لو استحق عندها. وإن كان حراً فإن في هذا قولين. أما أحدهما فإن لها مهر مثلها إن دخل بها، والمتعة إن طلقها قبل الدخول. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وكذلك إن تزوجها على دنّ من خل فإذا هو خمر فلها مهر مثلها في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإن لها مثل (¬2) هذا الدنّ خل وسط. ولا يشبه هذا الباب الأول في قولهما مِن قِبَل (¬3) أن العبد جنس واحد، والخلَّ والخمرَ جنسان مختلفان (¬4)، فمن ثم اختلفا. وفي قول أبي حنيفة لها مهر مثلها. وقال أبو يوسف بعد ذلك: لها في الحر قيمته عبداً. وإذا تزوجها على أمة فولدت عنده، ثم مات أولادها، ثم دخل بها، فلها الأمة، ولا تضمنه ما نقصها من الولادة؛ لأن هذا ليس بعيب فاحش. فإن كان نقصان الولادة عيباً فاحشاً فهي بالخيار. إن شاءت أخذتها ناقصة. ¬

_ (¬1) م ف - ما. والتصحيح من ب. (¬2) م ز: ملأ؛ ف: مثلاً. (¬3) م ف ز: من رجل. (¬4) ز: جنسين مختلفين.

وإن شاءت أخذت قيمتها يوم تزوجها عليه صحيحاً. وكذلك لو أصابها عيب غير الولادة من عمله ضمّنته ما نقصها ذلك العيب. ولا يضمن لها (¬1) قيمة الولد؛ لأنه لم يحدث فيه شيئاً. ولو قتل الولد هو أو باعه أو استهلكه ضمن لها قيمته مع الخادم إذا كان ذلك خطأ. فإن كان في قيمته وفاء بنقصان (¬2) الولادة فلا شيء عليه من النقصان للولادة. وإن لم يكن فيه وفاء فعليه تمام ذلك، وهو مثل الباب الأول (¬3). وإذا أخذت المرأة رهناً بصداقها، وقيمة الرهن والصداق سواء، فهلك الرهن عندها، فهو بما فيه من الصداق، وهي بمنزلة من استوفى. وإن طلقها قبل الدخول، وقد هلك الرهن عندها (¬4) قبل أن يطلق، ضمنتها نصف صداقها. ولو لم يكن سمى لها صداقاً، ثم أعطاها به رهناً، فمات (¬5) الرهن (¬6) عندها، نظر إلى مهر مثلها من نسائها. فإن كان في الرهن وفاء بذلك فهو لها. وإن كان (¬7) في الرهن فضل فهي في الفضل مؤتمنة، وقد بطل صداقها. فإن كان في صداقها فضل على الرهن رجعت بذلك الفضل على الزوج. وإن طلقها قبل الدخول بها (¬8) وقد ضاع الرهن عندها قبل ذلك، وقيمة الرهن والصداق سواء، فهي ضامنة لصداق مثلها. يرفع لها من ذلك المتعة، ويضمن ما بقي. فإن كان الرهن هلك بعد الطلاق فلا ضمان عليها في الرهن ولا متعة لها في قول يعقوب الأول. وهو قول محمد. قال يعقوب بعد ذلك: لها المتعة على الزوج، فإن كان الرهن (¬9) قائماً بعينه أعطاها المتعة وأخذ الرهن. ولا سبيل له على الرهن حتى يوفيها ¬

_ (¬1) ز: له. (¬2) م ف ز: لنقصان. (¬3) بين الحاكم أن هذا الجواب ليس بسديد، ووافقه السرخسي. انظر: الكافي، 1/ 49 و؛ والمبسوط، 5/ 84. (¬4) ز - فهو بما فيه من الصداق وهي بمنزلة من استوفى وإن طلقها قبل الدخول وقد هلك الرهن عندها. (¬5) ز: فضاع. (¬6) ف: والرهن. (¬7) م - كان. (¬8) ز: بمال. (¬9) م: الراهن.

المتعة في قول أبي يوسف الأول. وهو قول محمد. وكذلك إذا وضع الرهن على يدي عدل لها فهو بمنزلة قبضها إياه. وإذا تزوجها على غير مهر مسمى ثم فرض لها داره مهراً وعبداً له فهو جائز، ولا شفعة فيها. وإن طلقها قبل أن يدخل بها رجع في ذلك كله وكان لها المتعة، لأنه لم يسم لها مهراً. ولو كان سمى لها مهراً عند عقدة النكاح ثم باعها داراً له بذلك، كان للشفيع أن يأخذها بالشفعة. ولوطلقها قبل أن يدخل بها لم يرجع الزوج في الدار بشيء، وكان البيع في الدار جائزاً، وللشفيع الشفعة، ويأخذ منها الزوج نصف ما سمى لها. ولو تزوجها على أن يشتري لها هذه الدار ويعطيها إياها مهراً، وقال (¬1): أتزوجك على هذه الدار على أن أشتريها فأسلمها، فإن هذا كله سواء، وكان لها أن تأخذه بذلك كله حتى يسلمها لها. فإن لم يفعل فعليه قيمة ذلك كله. وإن طلقها قبل أن يدخل بها كان لها نصف قيمة ذلك. ولا يشبه هذا إذا كاتب عبده على عبد في يدي رجل، مِن قِبَل أن الكتابة تنتقض، والنكاح لا يرد. ألا ترى أنه لو كاتبه على غير شيء لم تكن كتابة، ولو تزوجها على غير شيء جاز ذلك. فمن ثم اختلفا. وإذا تزوج الرجل المرأة على دار فاستُحِقّ نصفه فهي بالخيار. إن شاءت أخذت ما بقي ونصف قيمتها. وإن شاءت أخذت قيمتها تامة يوم تزوجها (¬2)، ولا شيء لها من العبد والدار. فإن طلقها قبل الدخول كان لها النصف الذي في يديه، لا شيء لها غيره. وإذا تزوج الرجل المرأة على مهر مسمى، ثم زادها فيه شيئاً مسمى معروفاً (¬3)، فهو جائز. وكذلك (¬4) لو كان زادها قبل الدخول أو بعدُ إذا مات أحدهما. فإن طلقها قبل الدخول فلا شيء لها من الزيادة، ولها نصف ما فرض لها في عقدة النكاح. ¬

_ (¬1) ف ز: أو قال. (¬2) ف ز + عليه. (¬3) م ف: معرفا. والتصحيح من ب. (¬4) ز: ولذلك.

وإذا تزوجها على مهر مسمى في السر، وسَمَّعَ في العلانية بأكثر منه، فإنه يؤخذ لها بالعلانية. فإن كان أشهد أن المهر هو الذي في السر وأن الذي (¬1) سَمَّعَ في العلانية سُمْعَةٌ، فأشهد عليها بذلك، أو أشهد على وليها الذي زوجه إياها بذلك، فهو جائز، وهو المهر الذي سمى لها في السر. وإذا تزوج الرجل المرأة على ألف درهم على أن رَدَّتْ عليه عبداً فالنكاح جائز. إن كانت قيمة العبد أقل أو أكثر كان لها ما سمى لها، ويأخذ العبد الذي سمت له. فإن طلقها قبل أن يدخل بها قُسِمَت الألف على قيمة العبد وعلى مهر مثلها، فما (¬2) أصاب قيمة العبد فهو لها ثمناً (¬3) بالعبد، وما أصاب المهر فهو مهر، تَرُدّ نصف ذلك إن كانت قد قبضت. وإذا تزوجها على أبيها وقيمته ألف على أن رَدَّتْ عليه أمة قيمتها ألفان قبضت أو لم تقبض عَتَقَ العبد، فإن طلقها قبل أن يدخل بها قُسِمَت (¬4) قيمة الأب على قيمة الأمة وعلى مهر مثلها. فما أصاب الأمة من قيمة الأب فهو لها بيعاً (¬5) بذلك، وما أصاب مهر مثلها ردت عليه نصف ذلك من قيمة الأب. وإن كان مهر مثلها ألفين ردت عليه ربع قيمة الأب. وإن كان مهر مثلها ألف درهم ردت عليه سدس قيمة الأب. وإن كان مهر مثلها ثلاثة آلاف ردت عليه ثلاثة أعشار قيمة الأب. وإن كان مهر (¬6) مثلها (¬7) أربعة آلاف ردت عليه ثلث قيمة الأب. وإذا تزوجها على ألف درهم على أن ترد عليه ألف درهم فالنكاح جائز، ولها مهر مثلها إن دخل بها أو مات جميعاً، والمتعة إن طلقها قبل الدخول. وهذا بمنزلة من لم يسم لها (¬8) مهراً؛ لأنه اشترط مثل ما يعطي. ولا يشبه زيادة العين زيادة العرض إذا كان العرض الذي أُعْطِيَت قيمتُه مثلُ ما أعطى أو أكثر من ذلك؛ لأني أقسم ما أعطاها على مهر مثلها وعلى ¬

_ (¬1) ز: للذي. (¬2) ز: فإن. (¬3) م: ثمن؛ ف - ثمنا. (¬4) م ف: قسمة. (¬5) ز: تبعا. (¬6) ز: مهرها. (¬7) ز - مثلها. (¬8) م - لها.

العرض، فما أصاب العرض جعلته شراء، وما أصاب مهر مثلها جعلته مهراً لها. فإن كانت إذا قسمت هذه كان نصيب مهر مثلها أقل من عشرة أكملت لها عشرة. وإذا تزوجها على ألف درهم على أن ترد عليه مائة دينار فالنكاح جائز. وإن قبضت الألف وقبض هو المائة دينار قبل أن يتفرقا فهو جائز، لكل واحد منهما ما أخذ. فإن طلقها قبل الدخول ومهر مثلها مائة دينار فإن الألف تقسم على المائة دينار التي أعطته وعلى مهر مثلها، وهو مائة دينار. فما أصاب المائة التي أعطته فهو لها، وذلك نصف الألف. وما أصاب مهر مثلها وهو نصف الألف (¬1) ردت عليه نصفه، فصار لها سبعمائة وخمسون درهماً، وصار للزوج مائتان وخمسون درهماً (¬2) والمائة دينار. ولو تفرقا قبل أن يقبض كل واحد منهما أو قبض أحدهما ولم يقبض الآخر فإن النكاح جائز، ولها خمسمائة درهم مهرها، والخمسمائة حصة الدنانير باطل لا يجوز البيع بينهما فيها (¬3)؛ لأنه صرف. وإن تفرقا قبل أن يقبضا جميعاً فليس عليهما في تلك الدنانير (¬4) شيء، وليس عليه من الخمسمائة شيء (¬5). وإن كان الزوج قبض المائة دينار ردها إليها. وإن كانت هي قبضت الألف ردت عليه خمسمائة. وإذا تزوجها على ألف، وعلى أن يطلق عنها (¬6) امرأته فلانة، وعلى أن رَدَّتْ عليه عبداً، ففعلا ذلك، ثم طلقها قبل أن يدخل بها، فإن الألف تقسم على مهر مثلها وعلى قيمة العبد. فإن كانا سواء كان لها خمسمائة درهم ثمن العبد، وكان النكاح بخمسمائة، فترد عليه مائتين وخمسين درهماً؛ لأنه طلقها قبل الدخول. وصار طلاق الأخرى بمنزلة الألف التي أعطاها، يقسم مع الألف على قيمة العبد، وكان مهر مثلها نصفين، فيكون ¬

_ (¬1) م: الأب. (¬2) ز - درهماً. (¬3) ز: فيه. (¬4) ز: للدنانير. (¬5) ف - وليس عليه من الخمسمائة شيء. (¬6) ف: عليها.

طلاقاً بائناً قد أخذ على (¬1) بعضه جعلًا؛ لأن نصف طلاق تلك ونصف الألف بالعبد ونصف طلاق تلك ونصف الألف بنفسها. فإذا طلق التي تزوجها قبل الدخول رجع عليها بمائتين وخمسين درهماً، ولا يرجع بشيء من طلاق تلك التي اشترط طلاقها، وطلاق تلك بائن؛ لأنه أخذ نصف العبد جُعْلًا بطلاق تلك (¬2). ألا ترى أنه لو أبى أن يطلق تلك وقد دخل بالتي تزوج (¬3) كان لها مهر مثلها بالغاً ما بلغ؛ لأنه قد اشترط مع التسمية شيئاً مجهولاً (¬4) أبى أن يعطيها. فإذا طلقها فقد أوفاها. فإن طلق التي تزوج قبل الدخول وأبى أن يطلق هذه رجع عليها بمائتين وخمسين؛ لأني لست أجعل لها في الطلاق قبل الدخول تمام نصف مهر مثلها. إنما أجعل لها بالدخول إذا أبى أن يطلق التي شرط لها. فإن استُحِق العبد رجع عليها بخمسمائة درهم حصة العبد من الألف وبنصف قيمته أيضاً؛ لأن نصفه حصة التي طلق. وإذا تزوج الرجل المرأة على مهر مسمى ثم وجد بها عيباً أو كان بها عيب (¬5) فإن النكاح جائز، ولا يرد في النكاح من عيب وإن عظم وكبر. ألا ترى أنه لا يشبه البيوع. وإن تزوج الرجل المرأة فإذا مات عنها قبل أن يدخل بها كان لها المهر. ولو اشترى بَيْعاً (¬6) فهلك قبل أن يقبض لم يكن عليه ثمن. ولو تزوجها على غير (¬7) مهر أو على خادم أو على بيت أو على وصيفين أو على كذا وكذا من الغنم كان ذلك جائزاً. ولو اشترى شيئاً من هذا بغير عينه أو بغير ثمن مسمى كان ذلك باطلاً لا يجوز. ولو اشترى بَيْعاً بخمر أو خنزير كان فاسداً. ولا يكون نكاح إلا بشهود، والبيوع جائزة بغير ¬

_ (¬1) ز - على. (¬2) ف - التي اشترط طلاقها وطلاق تلك بائن لأنه أخذ نصف العبد جعلا بطلاق تلك. (¬3) ف: وقد دخل بها أي تزوج. (¬4) ز: شي مجهول. (¬5) ز: عيبا. (¬6) أي: مبيعاً كما تقدم غير مرة. (¬7) ز - غير.

شهود. والقياس في هذا كثير. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. إلا أن محمداً قال في خصلة واحدة: إذا تزوج الرجل المرأة فوجدته على حال لا تطيق المقام معه من جذام أو نحوه فهي بالخيار. إن شاءت أقامت معه (¬1)، وإن شاءت فارقته. ولا يكون العنين الذي جاء فيه الأثر أسوأ حالاً من هذا. وقد جاء فيه التخيير. وإذا تزوج الرجل المرأة على خمر أو خنزير وهما مسلمان أو على شيء مما لا يحل كان النكاح جائزاً، وكان لها مهر مثلها إن طلقها أو مات عنها، والمتعة إن طلقها قبل الدخول. وإذا تزوج الرجل المرأة على حكمه أو على حكمها كان (¬2) النكاح جائزاً، ولها مهر مثلها إن مات عنها أو ماتت هي أو دخل بها، والمتعة إن طلقها قبل الدخول. وإذا تزوج الرجل المرأة على ألف درهم إن لم يكن له امرأة، وعلى ألفي درهم إن كانت له امرأة، أو تزوجها على ألف درهم على (¬3) أن لا يخرجها من الكوفة، وعلى ألفين إن أخرجها من الكوفة، فالنكاح جائز، ولها ألف درهم إن لم تكن له (¬4) امرأة وإن لم يكن يخرجها من الكوفة. فإن كانت له امرأة أو أراد أن يخرجها من الكوفة فلها مهر مثلها؛ لأن الشرط الثاني في المهر فاسد. فلها مهر مثلها، ولا يجاوز بها (¬5) ألفين، ولا ينقص من ألف. وكذلك إذا تزوجها على ألفين إن كانت له امرأة، وإن لم تكن له امرأة فعلى ألف، فكانت له امرأة، فلها ألف درهم، وإن لم تكن له امرأة فلها مهر مثلها، ولا ينقص من الألف شيئاً، ولا يجاوز بها ألفين (¬6). الشرط ¬

_ (¬1) ف - معه. (¬2) ز: فإن. (¬3) م ز - على. (¬4) م ف - له. (¬5) ز: يجاوزنها. (¬6) ز - ولا ينقص من ألف وكذلك إذا تزوجها على ألفين إن كانت له امرأة وإن لم تكن له امرأة فعلى ألف فكانت له امرأة فلها ألف درهم وإن لم تكن له امرأة فلها مهر مثلها ولا ينقص من الألف شيئاً ولا يجاوز بها ألفين.

الأول والمهر الأول جائز، والشرط (¬1) الثاني (¬2) فاسد، يكون لها فيه مهر مثلها، ولا يجاوز بها أكثر مما سمى لها، ولا ينقص بأقل مما سمى لها. وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر: إن لها جميع ما سمى لها كما سمى، لا ينقص منه شيئاً ولا يزاد عليه في الشرط الأول ولا في الشرط الآخر على ما سمى. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وليس هذا بمنزلة قوله: هذا أو هذا. وإذا تزوج الرجل المرأة على ألف درهم وكَرَامَتِها، أو على ألف درهم وعلى أن يهدي لها هدية، فالنكاح جائز. فإن كان مهر مثلها أقل من ألف درهم لم ينقص من الألف. وإن كان مهر مثلها أكثر من ألف درهم كان لها مهر مثلها. وإن طلقها قبل الدخول فلها نصف الألف لا تزاد عليه. وكذلك هذا في الباب الأول. فإن طلقها قبل الدخول فلها نصف الألف التي سمى لها أول مرة. فإن كان سمى لها أول مرة ألفين وله امرأة فطلقها قبل الدخول بها (¬3) فلها نصفها. وإن لم تكن له امرأة وقد سمى لها ألفين أول مرة ثم طلقها قبل الدخول فلها خمسمائة. وإذا تزوج الرجل المرأة على ألف درهم أو على ألفين فإن النكاح جائز، وينظر إلى مهر مثلها. فإن كان أقل من ذلك فلها ألف إن دخل بها أو مات عنها أو ماتت هي. ولها نصف الألف إن طلقها قبل الدخول (¬4). وإن كان مهر مثلها أكثر من ألفين كان لها ألفان إن دخل بها (¬5) أو مات أحدهما (¬6). وكذلك إن كان مهر مثلها أكثر من ألف أو أقل من ألفين فلها ¬

_ (¬1) م - والشرط. (¬2) م: والثاني. (¬3) م - بها. (¬4) م + وكذلك إن كان مهر مثلها أكثر من ألفين كان لها ألفان إن دخل بها أو مات أحدهما. (¬5) ف: عليها. (¬6) ز + وكذلك إن كان مهر مثلها أكثر من ألفين كان لها ألفان إن دخل بها أو مات أحدهما.

ذلك إن دخل بها أو مات أحدهما (¬1). ولو (¬2) طلقها في هذا كله قبل الدخول كان لها نصف الألف؛ لأن ما زاد على الألف ليس بتسمية (¬3). ألا ترى لها أن تسمى (¬4) فيه إلى مهر مثلها. وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر قول يعقوب ومحمد: إن مهرها ألف إن كان أكثر من ذلك أو أقل، لا تزاد (¬5) عليه ولا تنقص منه، بمنزلة من قد فرض لها ألفاً لم يفرض لها غيره. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. وإذا تزوجها على هذا العبد الأبيض أو على هذا العبد الحبشي (¬6)، فإن طلقها قبل أن يدخل بها فلها نصف هذا الحبشي (¬7)، إن كان مهر مثلها أكثر أو أقل، فإنها لا تزاد (¬8) على ذلك؛ لأن الحبشي (¬9) الأوكس (¬10) هو الفريضة، وما زاد عليه فليس بفريضة، مِن قِبَل أن ذلك يرجع إلى مهر مثلها. وهو قول أبي يوسف ومحمد وأبي حنيفة في هذا سواء. وإذا طلق قبل الدخول فإن لها نصف الأوكس (¬11). إنما اختلفوا إذا دخل أو مات أحدهما. وإذا مات أحدهما قبل الطلاق أو الخلوة أو دخل بها فإنه ينظر إلى مهر مثلها. فإن كان أقل من الحبشي كان لها الحبشي (¬12). وإن كان أكثر من الحبشي وأقل من ثمن الأبيض كان لها مهر مثلها، مِن قِبَل أن الفريضة لم يقع على شيء من هذا معروف في قول أبي حنيفة. وفيها قول ¬

_ (¬1) م + وكذلك إن كان مهر مثلها أكثر من ألف أو أقل من ألفين فلها ذلك إن دخل بها أو مات أحدهما. (¬2) م ز: أو لو. (¬3) م ف ز: بنسيه وهي مهملة في بعضها. (¬4) م ف ز: أن تنسب. وهي مهملة في بعضها. وانظر للشرح عموما: المبسوط، 5/ 91. (¬5) ز: لا يزاد. (¬6) ز: الجبشي. (¬7) ز: الجبشي. (¬8) ز: لا يزاد. (¬9) ز: الجبشي. (¬10) ز: الأكوس. (¬11) ز: الأكوس. (¬12) ز: الجبشي.

آخر: إنه يعطيها الحبشي الأوكس (¬1) على كل حال، لا تزاد (¬2) عليه إلا أن يطيب نفس الزوج أن يعطيها الأبيض. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. ألا ترى أنه لو قال: قد تزوجتك على أن أعطيك أيهما شئت، كان له أن يعطيها أيهما شاء (¬3)؛ ولو أنه قال: هذا حر أو هذا، كان له أن يعتق أيهما شاء؛ ولو قال: أتزوجك على أن أعطيك أيهما شئت، أنه (¬4) كان لها أن تأخذ أيهما شاءت لا يستطيع أن يمنعها إياه. وإذا تزوج الرجل المرأة على حكمها فهو جائز. وإن حكمت حكماً نظرت (¬5) إلى ما حكمت وإلى مهر مثلها. وإن كانا (¬6) سواء أو كان حكمها أقل فلها ما حكمت به (¬7). وإن كان (¬8) الحكم أكثر (¬9) فلها مهر مثلها. وكذلك إذا تزوجها على حكم الزوج أو على حكم رجل ثم حكم مهر مثلها فهو لها. وإن حكم أكثر (¬10) من ذلك فهو لها إن (¬11) كان الحاكم هو الزوج. وإن كان الحاكم غيره كان لها مهر مثلها إلا أن يرضى الزوج. وإن حكم أقل من مهر مثلها فإن رضيت بذلك فهو جائز، وإلا فلها مهر مثلها (¬12). وإذا زوج الرجل ابنه وهو صغير فلا مهر على الأب، والمهر على الابن. وكذلك إذا زوجه وهو كبير بإذنه. وكذلك إذا زوجه الرجل بوكالة فإنما المهر على الزوج. وكذلك إذا زوج الرجل عبده فإنما المهر على العبد في رقبته، وليس على المولى شيء. وكذلك إذا زوج المولى مكاتبه فإنما المهر على المكاتب. وإذا تزوج الرجل الحربي الحربية على غير مهر ثم أسلما فلا مهر لها عليه (¬13). وكذلك لو كان صار من أهل الذمة؛ لأنهما قد أسلما ولا شيء ¬

_ (¬1) ز: الأكوس. (¬2) ز: لا يزاد. (¬3) ز: شاءت. (¬4) ز - أنه. (¬5) ز: نظر. (¬6) ز: كان. (¬7) ف ز - به. (¬8) ف: إن كان. (¬9) ز: الثر. (¬10) ز: الثر. (¬11) ز: وإن. (¬12) ف - وإلا فلها مهر مثلها. (¬13) ز - عليه.

لها عليه قبل الإسلام. وكذلك إذا تزوجها على ميتة أو على شيء لا يساوي شيئاً فلا شيء لها عليه. وإذا تزوجها على (¬1) مهر مسمى ثم أسلما أو صارا ذمة فهو دين لها عليه يؤخذ به. وإذا تزوج الذمي الذمية على غير مهر وذلك نكاح في دينهم جائز على أن لا يكون لها عليه مهر فإنهما يتركان على ذلك، ولا مهر لها عليه. وكذلك لو أسلما وهما كذلك. وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر، وهو قول أبي يوسف ومحمد، أن يؤخذ لها مهر مثلها. وإذا تزوج الحربي الحربية على خمر أو خنزير بغير عينه ثم أسلما فإن لها في الخمر عليه قيمتها، وأما الخنزير فلها فيه مهر مثلها إن مات أحدهما أو دخل بها. وإن طلقها قبل الدخول كان لها في الخنزير المتعة وكان لها في الخمر نصف قيمتها. وكذلك الذميان (¬2) إذا أسلما. فإن كان تزوجها على خمر بعينه أو خنزير ثم أسلما فليس لها إلا ذلك. والحربيان والذميان في ذلك سواء. وهذا كله قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: لها في هذا كله مهر مثلها. وهو قوله الآخِر. وقال محمد: في هذا كله في الذي بعينه والذي بغير عينه قيمة الخمر والخنزير يوم تزوجها عليه. وإذا طلق الحربي امرأته قبل أن يدخل بها وكان سمى لها مهراً ثم أسلما فإن لها (¬3) أن تأخذ نصف ذلك المهر. فإن لم يكن سمى لها مهراً فليس لها (¬4) عليه متعة؛ لأنه ليس بدين. وإنما أخذته (¬5) بنصف ذلك المهر لأنه دين. ولو كانا ذميين كان القول فيهما مثل هذا. وهذا قول أبي حنيفة. وفي الذميين قول آخر: إنه يؤخذ لها بالمتعة؛ لأن أحكام المسلمين تجري على الذمي ولا تجري على الحربي. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. ¬

_ (¬1) م - على. (¬2) ز: الذميين. (¬3) م - لها. (¬4) ز - لها؛ صح هـ. (¬5) ز: أحدثه.

وإذا تزوج الرجل امرأتين على ألف درهم فهو جائز، والألف بينهما على قدر مهر كل واحد منهما. فإن طلقها قبل الدخول كان لها نصف ذلك بينهما على قدر مهورهما. وإن دخل بهما أو ماتت إحداهما قبل الدخول فإن لهما الألف بينهما على قدر مهورهما. وإن كانت إحداهما في عدة أو لها زوج أو نكاح فاسد بوجه من الوجوه فإن الألف كلها للتي نكاحها صحيح، ولا شيء لهذه الأخرى الفاسدة النكاح. فإن دخل بها كان لها مهر مثلها، وليس لها من الألف شيء. هو بمنزلة رجل تزوج امرأة وضم معها ما لا يتزوج، فلا تحل ولا يقع عليها النكاح، ومهرها ألف، والمهر للمرأة، ولا شيء للتي ضم (¬1) معها. وهذا قول أبي حنيفة. وفي هذا قول آخر: إن الألف بينهما على قدر مهورهما. فما أصاب التي نكاحها صحيح فهو لها إن دخل بها أو مات عنها. ولها نصفه إن طلق قبل الدخول. وما أصاب الأخرى فهو لها إن دخل بها. وإن ماتت (¬2) إحداهما قبل الدخول فلا شيء لها أي التي نكاحها فاسد. وإن طلقها قبل الدخول فلا شيء لها، وطلاقه إياها رد للنكاح. ولا ميراث بينهما إن طلقها إن مات (¬3) عنها قبل ذلك أو دخل بها أو لم يدخل بها. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. وإذا تزوج الرجل المرأة على عبد بعينه فدفعه إليها ثم طلقها قبل أن يدخل بها، وجنى العبد عندها جناية قبل الطلاق، فإن الزوج يخير. فإن شاء أخذ نصفه على هذه الحال، ثم يدفعانه أو يفديانه، ولا شيء لها غير ذلك. وكذلك لو لم تقبضه هي حتى يجني كانت بالخيار. إن شاءت أخذت نصفه، ثم يدفعان أو يفديان (¬4). وإن شاءت أخذت نصف قيمته، وتركته في يدي الزوج حتى يدفع أو يفدي. ولا يؤاخذ واحد منهما بالجناية. ولكل واحد منهما أن يدع ذلك. وكذلك إذا كانت الجناية في يد صاحبه، ويأخذ نصف قيمته. وإن دخل الزوج بالمرأة والعبد عبده فجنى العبد جناية، فإنه يدفع إلى المرأة إن شاءت، ثم تخير. فإن شاءت دفعته، ¬

_ (¬1) ز: للذي ضمن. (¬2) ز: أو ماتت. (¬3) ز: أو مات. (¬4) ز: ثم تدفعان أو تفديان.

باب الخيار في النكاح

وإن شاءت فدته بالجناية، ولا ترجع على الزوج بشيء. وإن شاءت تركته وأخذت قيمته صحيحاً يوم تزوجها عليه. ... باب الخيار في النكاح وإذا تزوج الرجل المرأة واشترط الخيار لنفسه أو للمرأة يوماً أو أقل أو أكثر، فإن النكاح جائز والخيار باطل. ليس يكون في النكاح خيار على هذا الوجه، ولا يشبه البيع. ألا ترى أن رجلاً لو تزوج امرأة لم يرها ثم رآها فلم (¬1) يرض لم يكن له خيار، ولزمه النكاح، ولو وجد بها عيباً لم يستطع ردها له. وكذلك المرأة إذا رأت الزوج لم يكن لها خيار، وليس لها أن تفسد النكاح لو كان بالزوج عيب. قال: بلغنا عن علي بن أبي طالب أنه قال: إذا تزوج الرجل المرأة فدخل بها ثم وجد بها قَرْناً (¬2) أو بَرَصاً أو جُذاماً أو جنوناً (¬3) فإن النكاح جائز لازم له، إن شاء طلق وإن شاء أمسك (¬4). وكذلك لو علم بذلك قبل الدخول. قال: وبلغنا عن إبراهيم النخعي أنه قال: لا يرد (¬5) في النكاح من عيب (¬6). ألا ترى أنه لا يشبه البيع والشرى، وأنه لو اشترى متاعاً لم يره كان له الخيار إذا رآه، وكان له أن يرده بالعيب، ولو هلك المتاع قبل أن يقبضه برئ المشتري من الثمن وكان له أن يرجع فيما قبض منه. ¬

_ (¬1) ز: لم. (¬2) القَرْن في الفرج مانع يمنع من سلوك الذكر فيه إما غدة غليظة أو لحمة مرتتقة أو عظم، وامرأة قرناء بها ذلك. انظر: المغرب، "قرن". (¬3) ف - أو جنونا. (¬4) السنن الكبرى للبيهقي، 7/ 215. (¬5) ز: لا يزد. (¬6) المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 486. كما روي من طريقه عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 487.

وإذا تزوج الرجل امرأة فماتت قبل أن يدخل بها كان عليه المهر، وكان له الميراث. وكذلك لو مات الرجل (¬1) قبل أن يدخل بها كان لها المهر والميراث؛ ولو طلقها قبل أن يدخل بها كان (¬2) لها نصف المهر إن كان سمى لها مهراً، والمتعة إن لم يكن سمى لها مهراً. ولا يقع هذا في شيء من البيوع. ألا ترى أن الرجل قد يتزوج المرأة بغير مهر فيجوز، ويتزوجها على بيت وخادم بغير أعيانهما (¬3) فيجوز، أو على وصيف أو على شيء من الحيوان بغير عينه فيجوز. ولو اشترى عبداً بغير ثمن مسمى أو وصيف بغير عينه لم يجز ذلك. والنكاح لا يشبهه (¬4) البيع. وإذا قال الرجل للمرأة: زوجيني (¬5) نفسك، فقالت: قد فعلت، وعلى ذلك شهود، فقد وقع النكاح، وليس لواحد منهما خيار. ولو قال: بعني (¬6) هذا الثوب بكذا وكذا، فقال: قد فعلت، لم يلزمه البيع إلا أن يقول المشتري: قد قبلت؛ لأن النكاح من فِعَال الناس، وهما في القياس سواء. وإذا تزوج الرجل المرأة واشترط أنها جميلة فوجدها على غير ذلك فلا خيار له. وكذلك لو اشترط أنها صحيحة فوجدها على غير ذلك عمياء أو قَطْعَاء (¬7) فهو جائز عليه. وكذلك لو كانت المرأة هي التي اشترطت عليه ذلك كان الشرط باطلاً. وكذلك لو اشترط أنها بكر فوجدها ثيباً كان النكاح له لازماً، ولا خيار له فيه. وإذا تزوج الرجل امرأة فوجدها رتقاء (¬8) فهي امرأته، إن شاء أمسك وإن شاء طلق، ولا خيار له. ... ¬

_ (¬1) ف ز: الزوج. (¬2) م ف - كان. والتصحيح من ب. (¬3) ز: أعيانها. (¬4) ز: لا يشبه. (¬5) ز: زوجتيني. (¬6) ز: بعتني. (¬7) رجل أَقْطَع، وامرأة قَطْعاء، أي مقطوع اليد. انظر: المصباح المنير، "قطع". (¬8) الرتقاء هي المرأة التي انسدّ فرجها إلا المبال. انظر: المغرب، "رتق"؛ المصباح المنير، "رتق".

باب ما يقع فيه الخيار في النكاح

باب ما يقع فيه الخيار في النكاح وإذا زوج الرجل الرجل امرأة بغير أمره ولم يكن أمره فإن الزوج بالخيار إذا بلغه ذلك، إن شاء قبل ذلك، وإن شاء رده. وكذلك الرجل يزوج امرأة غائبة لم تكن أمرته وليس هو لها بولي فهي بالخيار إذا بلغها، إن شاءت قبلت، وإن شاءت لم تقبل. وكذلك لو كان الولي هو زوّجها أو زوّج الوكيل. وكذلك لو كان الولي هو زوّجها بعد أن يكون قد أدركا أو لم يكونا أمرا بذلك ولا أذنا فيه، فإن الخيار لكل واحد منهما. وأما الزوج فإنه إن قبل ذلك بكلام أو رده بكلام فهو جائز. وكذلك المرأة الثيب فإن قبولها وردها بكلام. فإن البكر سكوتها (¬1) إذا زوّجها الولي رضاها. وإذا زَوَّجَ الصبيَ والصبيةَ وليُّهما (¬2) كائناً من كان ما خلا الوالد (¬3) فلهما الخيار إذا أدركا. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وهو قول أبي يوسف الأول. ثم رجع عن ذلك وقال: لا خيار لهما في شيء من هذا إذا زوّجهما (¬4) ولي يجوز نكاحه عليهما (¬5). وإذا تزوجت الأمة بإذن مولاها أو كان هو زوّجها والمدبرة وأم الولد والمكاتبة ثم عتقن (¬6) فلهن الخيار، فإن شئن أقمن مع أزواجهن وإن شئن فارقنهن. وكل شيء وقع فيه الخيار، للزوج كان أو للمرأة، فاختار الفرقة قبل الدخول فلا مهر على الزوج، وليس هذا بطلاق. ولو تزوجها نكاحاً مستقبلاً كانت عنده على ثلاث تطليقات مستقبلات (¬7). ... ¬

_ (¬1) ز - سكوتها؛ صح هـ. (¬2) ز - وليهما. (¬3) ف: الولد. (¬4) ز: إذا زوجها. (¬5) ز: عليها. (¬6) ز: ثم عتقهن. (¬7) م ز: مستقبلا.

باب نكاح العنين

باب نكاح العنين قال: وبلغنا عن عمر بن الخطاب أنه قال: يؤجل العنين سنة، فإن وصل إلى امرأته فهي امرأته، وإن لم يصل إليها فرق بينهما، وجعلها تطليقة بائنة، وجعل لها مهراً كاملاً، وجعل عليها العدة (¬1). قال: وبلغنا عن علي بن أبي طالب نحو ذلك (¬2). ولا يكون أجل العنين إلا عند سلطان. فإذا أجله سلطان أجله سنة مستقبلة (¬3) من يوم يرتفعان إليه، ولا يحتسب بما مضى. فإذا كملت السنة فإن ادعى الزوج أنه قد وصل إليها وأنكرت المرأة ذلك فإن كانت بكراً فإنه ينظر إليها النساء، امرأتان أو ثلاثة. وواحدة عدلة تجزئ إذا كانت ممن تجوز شهادتها. والثلاث والثنتان (¬4) أفضل. وكل هذا في كل شيء تجوز فيه شهادة النساء بغير رجال معهن. فإن قلن: هي بكر، لم يصدق الزوج، وخير السلطان المرأة، إن شاءت أقامت معه وإن شاءت اختارت فرقته. فإن فارقته كانت تطليقة بائنة، وكان لها المهر كاملاً. وإن كانت ثيباً فقال الزوج: قد وصلت إليها، حلف على ذلك، ثم أمسكها بعد أن يحلف أنه وصل إليها. وإن نكل عن اليمين خيرت المرأة، فإن شاءت اختارت المقام معه. وإن شاءت فارقته، وكان لها المهر كاملاً، وكانت تطليقة بائنة. وعلى البكر والثيب في ذلك عدة المطلقة. وإن كان العنين يصل إلى غير امرأته من جواريه وليس إلى امرأته فإنه يؤجل فيها، ويكون الأمر فيما بينهما على ما وصفت لك، وليس ينفعه غشيان غيرها. ¬

_ (¬1) الآثار لأبي يوسف، 141؛ والآثار لمحمد، 87؛ والمصنف لعبد الرزاق، 6/ 253؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 3/ 503 - 504. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 3/ 254. (¬2) المصنف لعبد الرزاق، 6/ 254؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 3/ 503. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 3/ 254. (¬3) ف - مستقبلة. (¬4) ز: والثنتين.

ولو كان غشيها مرة واحدة ثم انقطع ذلك لم يقع (¬1) لها خيار أبداً، وليس هذا كالذي لم يغشها (¬2). وإذا تزوج المرأة وهو مجبوب، فخلا بها، فعَلِمْتُ بذلك، فإني أجعل لها نصف المهر في قول أبي يوسف ومحمد. ويُستحسن أن تُجعل عليها عدة. والقياس أن لا تكون (¬3) عليها عدة؛ لأن المجبوب لا يجامع. وإنما جعلتُ (¬4) [لها] نصف المهر؛ لأني قد علمتُ أنه لا يستطيع أن يجامعها. ولا يشبه هذا العنين؛ لأن العنين قد يجامع، والمجبوب لا يصل إلى الجماع أبداً. وإنما كان أبو حنيفة يقول: عليه المهر بالخلوة، وقد علم أنه لا يستطيع أن يجامع؛ لأن العجز من قبله، فمن ثم جعلتُ عليه المهر في قول أبي حنيفة. وإذا كان مجبوباً (¬5) وهي لا تعلم فعلمت بذلك فإن السلطان يخيرها ساعتئذ، فإن شاءت أقامت معه وإن شاءت فارقته؛ لأن هذا لا يقدر على الجماع. وإن كان خلا بها فعليها العدة، ولها المهر كاملاً. وهو قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر وهو قول أبي يوسف ومحمد: إن لها نصف المهر، وعليها العدة، وإن (¬6) لم يكن خلا (¬7) بها فإن لها نصف المهر ولا عدة عليها أيضاً، وفرقته هذه تطليقة بائنة؛ لأنه بمنزلة العنين. وإذا تزوجت المرأة الخصي وهي لا تعلم ثم علمت بذلك، فإنه يؤجل مثل ما يؤجل العنين؛ لأن ذكره غير مقطوع، فلا يدرى لعله يصل إليها. وإذا تزوجت المرأة المجبوب أو الخصي أو العنين (¬8) وهي (¬9) تعلم بذلك، فلا خيار لها ولا يؤجل. ¬

_ (¬1) ز: لم يكن. (¬2) ز: لم يغشاها. (¬3) ز: لا يكون. (¬4) ف: جعل. (¬5) ز: مجبوب. (¬6) ف: إن. (¬7) ز: إن كان خلا. (¬8) ز: أو الغبين. (¬9) ف + لا.

وإذا تزوجت المرأة الرجل وعلمت بعد النكاح أنه عنين، فأقامت معه ولم ترافعه، فإن ذلك ليس برضى منها. ومتى ما رافعته أجل سنة على ما وصفت لك ما لم تقل: قد رضيت بالمقام معه، عند السلطان أو عند غيره، فليس لها خيار، ولا يؤجل الزوج. وليس هذا كالأمة تعتق. هذا لا تكون الفرقة فيه إلا بعد أجل السلطان، والفرقة في هذا الطلاق. والفرقة في الأمة (¬1) إذا أعتقت فاختارت نفسها ليس بطلاق، ولها أن تفارقه عند غير السلطان. وليس يكون أجل العنين إلا عند قاضي مصر أو مدينة يجوز قضاؤه، ولا يكون عند من هو دون هؤلاء. كل فرقة تكون من قبل الزوج فهي طلاق إلا الردة في قول أبي حنيفة. وقال محمد: والردة من قبل الزوج أيضاً طلاق. وفي قول أبي يوسف الردة وإباء (¬2) الزوج الإسلام إذا أسلمت فرق بينهما ولم يكن ذلك طلاقاً. لم يكن ذلك (¬3) إلا عند السلطان. فإذا قالت: قد رضيت، عند غير السلطان، فكأنها تزوجته وهي تعلم أنه عنين. وإنما جعلتُ لها الخيار لأن في خيارها فرقة. فمن ثم لم أجعله إلا عند السلطان. ورضاها ليس بفرقة. وإذا تزوج الرجل المرأة فوصل إليها ثم فارقها، ثم تزوجها بعد نكاحها مستقبلاً، فلم يصل إليها فرافعته إلى السلطان، فإنه بمنزلة العنين يؤجل سنة، ولا يغني عنه وصوله في النكاح الأول، لأن هذا النكاح غير النكاح الأول. وإذا زُوجت المرأة رجلاً (¬4) خنثى، له ما للمرأة وله ما للرجل وهو يبول من الذي للرجال، فهو رجل، والنكاح جائز. فإن وصل إليها فهي امرأته (¬5). وإن لم يصل إليها أُجّل كما يؤجل العنين. وإن كانت المرأة هي الخنثى فكانت تبول من الذي للنساء فهي امرأته، والنكاح جائز، ¬

_ (¬1) ف: للأمة. (¬2) ز: وإيباء. (¬3) أي: الحكم بتأجيل العنين. (¬4) ز: رجل. (¬5) ف + والنكاح جائز.

باب نكاح الشغار

ولا خيار للزوج. وكذلك الرتقاء، لا خيار للزوج فيها؛ لأن الطلاق في يده، فإن شاء طلق وإن شاء أمسك. قال: وبلغنا عن علي بن أبي طالب أنه قال في الخنثى: يورّث من حيث يبول (¬1). وبلغنا عن جابر بن زيد [أبي] الشعثاء (¬2). وبلغنا ذلك عن سعيد بن المسيب، وقال سعيد: إن بال منهما جميعاً فمن أولهما يورث به (¬3). ... باب نكاح الشغار قال محمد: بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن نكاح الشغار (¬4). والشغار عندنا أن يقول الرجل للرجل: أزوجك أختي على أن تزوجني أختك، يكون مهر كل واحدة منهما نكاح الأخرى. فإذا وقع النكاح على هذا الوجه فالنكاح جائز، ولكل واحدة منهما مهر مثلها إن دخل بها. ولا يحل له فرجها بغير مهر. فإنما النهي عندنا في هذا أن يُستحَل الفرج بغير مهر. وإن طلقها قبل أن يدخل بها كان لها المتعة. وكذلك هذا النكاح في غير الأختين. ولو أن رجلاً زوج أمته رجلاً على أن يزوجه الآخر أمتة وجعلا مهر ¬

_ (¬1) ز: تبول. رواه المؤلف بإسناده في أول كتاب الخنثى. انظر: 6/ 242 ظ وانظر: المصنف لعبد الرزاق، 10/ 308؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 6/ 277. (¬2) رواه المؤلف بإسناده في أول كتاب الخنثى. انظر: 6/ 242 ظ. وانظر: المصنف لابن أبي شيبة، 6/ 277. (¬3) رواه المؤلف بإسناده في أول كتاب الخنثى. انظر: 6/ 242 ظ. وانظر: المصنف لعبد الرزاق، 10/ 308؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 6/ 277. (¬4) صحيح البخاري، النكاح، 28؛ وصحيح مسلم، النكاح، 57 - 62.

كل واحدة منهما نكاح الأخرى كان النكاح جائزاً، لكل واحدة منهما مهر مثلها إن دخل بها، والمتعة إن طلقها قبل الدخول. وكذلك المدبرون (¬1) وأمهات الأولاد والمكاتبون. وكذلك لو زوّج كل واحد منهما صاحبه امرأة هو وليها ذات محرم منه أو غير ذات محرم منه، أو امرأة ليس هو لها بولي غير أنها قد أجازت النكاح. وهذا كله واحد يجري مجرى واحداً (¬2). وكذلك لو كانت لكل واحد (¬3) منهما ابنة وابن وهما صغيران فهو سواء. ولو زوج (¬4) أحدهما ابنة الآخر على مهر على أن يزوج الآخر بمثل ذلك المهر كان النكاح جائزاً، وكان لكل واحدة منهما من المهر ما سمى لها إن دخل بها، ونصف ذلك إن طلقها قبل الدخول. فإن كان مهر إحداهما أكثر (¬5) ولم يزوجه صاحبه جعلتُ لها مهر مثلها. وإن زوجه (¬6) فكان مهر مثلها أقل أو أكثر لم يكن لواحدة (¬7) منهما على صاحبه شيء، لأن ما شرط له قد تم. وإنما جعلتُ لها تمام مهر مثلها لأن الشرط لم يتم. ولو قال أحدهما لصاحبه: قد زوجتك فلانة على ألف درهم على أن تزوجني فلانة على خمسمائة، فقال الآخر: قد فعلت ذلك، وأجازت المرأتان النكاح، كان ذلك جائزاً، وكان لكل واحدة (¬8) منهما من المهر ما سمي لها. ولو تزوجت امرأة على أن مهرها طلاق أخرى كان النكاح جائزاً، ولا ¬

_ (¬1) ز: المديون. (¬2) ز: واحد. (¬3) ز: واخذ. (¬4) ز: تزوج. (¬5) ز: ألثر. (¬6) ز: زوجها. (¬7) ز: لواحد. (¬8) ز: لواحد.

باب نكاح الاكفاء بغير ولي

يكون الطلاق مهراً، ولها مهر مثلها إن دخل بها، والمتعة إن طلقها قبل الدخول. ولو تزوجت المرأة على جناية فيها قصاص (¬1) على المرأة كان النكاح جائزاً، ولا تكون الجناية مهراً؛ لأنها ليست بمال. وقد وقع العفو في الجناية. فإن دخل بها الزوج كان لها مهر مثلها. وإن طلقها قبل الدخول كان لها المتعة وبطلت الجناية وصار التزويج عليها عفواً (¬2) من الذي له الجناية. وكذلك لو تزوجها على عتق أبيها فقد وقع العتق على التزويج. وكذلك إذا قال: على طلاق امرأة (¬3) له أخرى، أو على عفو، فقد وقع بجميع ذلك التزويج. ولو قال: على أن أطلق أو أعتق، فقد وقع (¬4) النكاح، ولا يجب شيء (¬5) مما شرط حتى يفعل. ولو زوج واحد ولم يزوج الآخر كان على الذي تزوج ولم يزوج مهر مثل تلك التي تزوج إن كان مهر مثلها أكثر (¬6). وإن كان أقل فلها ما سمي مِن قِبَل أن كل واحد منهما اشترط شرطاً، فإذا لم يكن يفي أحدهما كان عليه مهر التي تزوج بالغاً ما بلغ. ... باب نكاح الاكفاء بغير ولي أبو يوسف قال: حدثنا محمد بن إسحاق عن أبي جعفر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوج أم حبيبة بنت أبي سفيان، وكان الذي وَلِيَ عُقْدَةَ النكاح ¬

_ (¬1) ز: القصاص. (¬2) ز: عفو. (¬3) ز - امرأة؛ صح هـ. (¬4) ز - بجميع ذلك التزويج ولو قال على أن أطلق أو أعتق فقد وقع. (¬5) ز: شيئاً. (¬6) ز: ألثر.

النجاشي صاحب الحبشة، ومَهَرَها (¬1) عنه أربعمائة دينار (¬2). يحيى بن سعيد الأنصاري عن القاسم بن محمد عن عائشة أنها زوّجت حفصةَ بنت عبد الرحمن بن أبي بكر المنذرَ بن الزبير وعبد الرحمن غائب. فقدم عبد الرحمن فقال: مثلي يُفتات (¬3) عليه ببناته؟ فقالت عائشة: ترغب عن المنذر؟ (¬4)، ولَيُمَلّكَنَّ (¬5) عبد الرحمنَ أمرَها. فملّكه. فقال: ما بي عنه رغبة (¬6). أبو إسحاق الشيباني عن عبد الرحمن بن ثروان قال: زَوَّجَت امرأةٌ معنا في الدار (¬7) ابنتَها وأولياؤها غُيَّب، فجاء أولياؤها، فخاصموا إلى علي، فأجاز علي بن أبي طالب النكاح (¬8). أبو إسحاق الشيباني عن أمه عن بحرية (¬9) بنت هانئ قالت: زوجت ¬

_ (¬1) مَهَرَ المرأةَ، أي: أعطاها المهر. انظر: المغرب، "مهر". (¬2) ورد من طريق ابن إسحاق في السيرة النبوية لابن هشام، 2/ 52؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 3/ 494. وروي عن أم حبيبة - رضي الله عنها -. انظر: سنن أبي داود، النكاح، 27 - 28؛ وسنن النسائي، النكاح، 66؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 50. (¬3) قال المطرزي: الافتيات الاستبداد بالرأي، افتعال من الفوت السبق، وفي حديث عبد الرحمن بن أبي بكر: أمثلي يُفتات عليه في بناته؟ مبنياً للمفعول، أي: لا يُصلَحُ أمرُهن بغير إذني. انظر: المغرب، "فوت". (¬4) ز: من المنذر. (¬5) أي: إن المنذر سيُملّك أمر ابنتك لك، بمعنى أنه سيجعل أمرها بيدك. وهو ما فعله المنذر عندما كلمته عائشة - رضي الله عنها -. انظر المصادر التالية. (¬6) الموطأ، الطلاق، 15؛ والمصنف لعبد الرزاق، 6/ 517، 7/ 3. وانظر للتفصيل: نصب الراية للزيلعي، 3/ 186. (¬7) م ف ز: في دار. والتصحيح من الكافي، 1/ 51 و؛ والمبسوط، 5/ 107. (¬8) روي باختصار في المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 457. (¬9) كذا في النسخ. وورد هكذا عند الدارقطني والبيهقي. انظر: سنن الدارقطني، 3/ 323؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 7/ 112. وضبطه المطرزي على أنه بَحِيرة نقلاً عن البحيرة المعروفة في الجاهلية. انظر: المغرب، "بحر". وورد على شكل بحيرة في طلبة الطلبة، 138. وورد كذلك عند ابن أبي شيبة. انظر: المصنف، الموضع السابق. ولم أجد لها ترجمة. وقال البيهقي: بحرية مجهولة. انظر: السنن الكبرى، الموضع السابق.

نفسي القعقاع بن شَوْر (¬1)، فجاء أبي فخاصم إلى علي في ذلك، فأجاز علي النكاح (¬2). عبيدة الضبي عن إبراهيم النخعي أنه قال: إذا تزوجت المرأة كفء بغير ولي فليس للولي أن يفرق. مطرف بن طريف عن عامر أن امرأة تزوجت، فقدم أبوها، فخاصم في ذلك، فقال عامر: دخل بها؟ قالوا: نعم. قال عامر: فليسكت (¬3). وقال أبو حنيفة: إذا تزوجت المرأة بغير ولي فإني أنظر في ذلك. فإن كان غير كفء فرقت بينهما. وإن كان كفء وكان قد قصر بها في المهر فإن بلغ بها مهر مثلها أجزت النكاح. وإن أبى فرقت بينهما؛ لأنه يدخل (¬4) على أوليائها (¬5) عيب في نقصان المهر. وقال أبو حنيفة: إذا زوجت نفسها كفء بشهود، واستوفت المهر بشهود، فهو جائز وإن لم يكن (¬6) بأمر الولي. أرأيت لو عضلها الولي فأتت السلطان أليس كان الحق على الحاكم أن يزوجها إذا أبى وكان مأجوراً في ذلك؟ فإذا صنعت هي ذلك دون الحاكم كيف يكون باطلاً؟ وقال أبو يوسف: أرأيت امرأة ليس لها حسب ولا مال، تزوجها رجل ذو حسب ومال وجمال، وسمى لها مهراً مرتفعاً، وشهد على ذلك (¬7)، هل قصرت هذه بنفسها أو هل (¬8) أدخلت (¬9) على أهلها عيباً؟ أرأيت رجلاً أعتق ¬

_ (¬1) م ز: شورب. وانظر: المغرب، "شور". (¬2) رواه ابن أبي شيبة مطولاً، وفي إسناده: عن أمه بحيرة بنت هانئ. انظر: المصنف، الموضع السابق. وليس في إسناد الدارقطني ولا البيهقي "عن أمه". انظر: سنن الدارقطني، الموضع السابق؛ والسنن الكبرى للبيهقي، الموضع السابق. (¬3) روي عن الشعبي أنه إذا كان الذي تزوجها كفؤاً جاز النكاح. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 6/ 197. (¬4) ف: دخل. (¬5) ز: على أولياوها. (¬6) ز: لم يلن. (¬7) ز: في ذلك. (¬8) ز - هل. (¬9) ز: دخلت.

أم (¬1) ولده ولها ولد (¬2)، فزوجها (¬3) من غير أن يُعلِم ولدها منه، أما يجوز (¬4) ذلك، لأن الولد هو الولي (¬5). أرأيت إن كان لها أخ وقد أعتقه المولى قبل ذلك أو أب أو ابن عم فزوجها (¬6) المولى على مهر مثلها وأشهد على ذلك هل يجوز، وهل يكون المولى ولياً مع الأخ والأب وابن العم؟ أرأيت امرأة أعتقت أمها وابنتها وأختها أتكون ولية لهن في تزويجهن لأنها مولاتهن، وهل يجوز نكاحهن بغير محضر منها؟ أرأيت إن أعتقت أباها وهو مغلوب معتوه فزوّجته أما يجوز؟ فهذا جائز. فكيف تملك أن تزوج (¬7) أباها وأمها وأختها وابنتها لو أعتقتها (¬8) معهم ولا تملك أن تزوج نفسها؟ فكيف تملك غيرها وهي لا تملك نفسها؟ أرأيت إن كان العم هو الذي زوج ابنة أخيه وهي بكر برضاها، ولها أخ قد احتلم وحضر النكاح وهو فاسد محجور عليه، والنكاح علانية (¬9)، واستوفى المهر، ولم يسلم (¬10) الأخ، وقد حضر، هل يجوز هذا النكاح، وهل يسع الزوج أن يطأها؟ وإن طلقها ثلاثاً فأراد أن يتزوجها برضى الأخ بعد ذلك هل له ذلك لأن الأول لم يكن نكاحاً صحيحاً؟ والمولى الذي وصفنا قبله إن طلق أم ولده ثلاثاً هل له أن يتزوجها، أو ظاهر كل واحد منهما من امرأته هل يكون مظاهراً، أو هل تكون عليه الكفارة؟ أرأيت إن آلى منها هل يقع عليها الإيلاء؟ أرأيت إن طلقها قبل الدخول أيكون لها نصف المهر؟ أرأيت إن خيرها فاختارت نفسها أو اختلعت منه بمال هل يجوز؟ أرأيت رجلاً زوج أخته لأبيه رجلاً وهي ثيب برضاها، واستوفى لها المهر، وأشهد على النكاح، وحضر ذلك أخوها لأبيها وأمها، وقد احتلم وهو فاسد، مالُه عند (¬11) أخيه، وهو وصيه الذي ¬

_ (¬1) م - أم؛ صح هـ. (¬2) ز: رجل. (¬3) م ف: ولها رجل تزوجها. (¬4) م ف ز: هل يجوز. والتصحيح من المبسوط، 5/ 108. (¬5) م ز: هم الولاة؛ ز هـ: في نسخة الولي. (¬6) م ز: فتزوجها. (¬7) م ز: أن تزوجه. (¬8) ز: لو أعتقها. (¬9) ف: علامه. (¬10) ف ز: ولم يسم. (¬11) ز: يحيد.

زوج أخته، وقد أمره القاضي بذلك أن ينفق عليه وقد حضر النكاح ولم يسلِّم، هل يجوز هذا النكاح، وهل يحل للزوج وطؤها، وهل يقع طلاقه عليها؟ أرأيت امرأة زوّجها أخوها لأبيها برضاها، ولها أخ لأبيها وأمها عبد قد حضر ذلك ولم يسلم، فإذا (¬1) كان مولاه قد كان أعتقه قبل ذلك وهو لا يعلم، أو كان غائباً وهو حر، فزوجها الأخ من الأب، هل يجوز؟ أرأيت جارية بين رجلين ولدت ابنة فادعياها (¬2) جميعاً فكبرت فزوجها أحدهما بغير رضى (¬3) صاحبه، ورضيت الجارية، هل يجوز (¬4) النكاح، وهل يحل للزوج أن يطأها؟ أرأيت إن كانوا عشرة رجال (¬5) أعتقوا أمة، فزوجها تسعة منهم، هل يجوز، وهل يحل للزوج أن يطأها؟ أرأيت إن كان الشريك العاشر نصرانياً أو كان مسلماً فارتد عن الإسلام، فزوجوها في ردته، ثم أسلم؟ (¬6) أرأيت إن كان العاشر صبياً (¬7) صغيراً (¬8) فكاتبوها جميعاً أو وصي الصبي معهم فأدت فعَتَقَتْ (¬9) ثم زوجها التسعة الكبار هل يجوز ذلك؟ أرأيت إن كان العاشر رجلاً وحضر ذلك وسكت، أو اشترى بعض الجهاز، أو دعي إلى الوليمة (¬10) فأجاب فأكل، هل يجوز النكاح وهل يحل الوطء بأكل هذا وبشربه أم لا؟ أرأيت امرأة ارتد أبوها عن الإسلام فزوجها أخوها برضاها ثم أسلم أبوها هل يجوز النكاح؟ أرأيت إن كان زوجها أبوها في تلك الحال ثم أسلم أبوها هل يجوز النكاح؟ أرأيت الولي إذا لم يحضر ذلك النكاح أيكون (¬11) بمنزلة نكاح بغير شهود؟ أرأيت إن أجاز بعد ذلك ولم يكن حضر النكاح هل يجوز؟ أرأيت إن زوج القاضي امرأة وأولياؤها ¬

_ (¬1) ز: فإن. (¬2) م: فادعيا. (¬3) ف: رضاها. (¬4) ز: هل نجوز. (¬5) م ز: حبال. (¬6) قوله: "أرأيت إن كان الشريك ... ثم أسلم" كان في نسخ م ف ز قبل قوله: "أرأيت إن كانوا عشرة ... أيطأها". وقد قمنا بتقديم وتأخير بين الجملتين لأن السياق يقتضي ذلك. (¬7) ز + مغلوبا. (¬8) ز: أو صغيراً. (¬9) م ف: فأعتقه. (¬10) م ف ز: في الوليمة. (¬11) م ف: ليكون؛ ز: أيلون.

باب نكاح العبيد والإماء

حضور ولم يَدْعُهم ولم يَعْلَمْ هل يفعلون (¬1) أم لا هل يجوز، وهل يحل للزوج أن يطأها على هذا الحال؟ أرأيت إن زؤجها القاضي مِن نفسِه بغير أمر الأولياء أو زوّجها ابنَه (¬2) بغير أمر الأولياء هل يجوز (¬3) ذلك كله؟ ... باب نكاح العبيد والإماء بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تنكح الأمه على الحرة، وتنكح الحرة على الأمة" (¬4). وبلغنا عن علي بن أبي طالب مثل ذلك (¬5). وقال علي: للحرة يومان وللأمة يوم (¬6). والمرأة من أهل الكتاب إذا كانت حرة بمنزلة الحرة المسلمة. والأمة وأم الولد والمدبرة والمكاتبة والأمة تسعى في بعض قيمتها، من أهل الكتاب كن أو مسلمات، فهن في هذا بمنزلة الأمة. ¬

_ (¬1) م ف: ولم يعلموا يفعلون. والمقصود بقوله: يفعلون أي: يزوّجون. (¬2) ز: ابنها. (¬3) م ف ز + قال نعم يجوز. (¬4) "وتتزوج الحرة على الأمة ولا تتزوج الأمة على الحرة" رواه الدارقطني من حديث عائشة مرفوعاً. وفيه مظاهر بن أسلم وهو ضعيف. وأخرجه عبدالرزاق وابن أبي شيبة مثله عن الحسن مرسلاً. وعن جابر: لا تنكح الأمة على الحرة، وتنكح الحرة على الأمة. أخرجه عبد الرزاق من طريقه بإسناد صحيح. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 7/ 265، 267، 268؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 3/ 467؛ وسنن الدارقطني، 4/ 39. وانظر للتفصيل والنقد: تلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 171، 202؛ والدراية لابن حجر، 2/ 57. (¬5) ز + مثل ذلك. المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 467؛ وسنن الدارقطني، 3/ 284. (¬6) المصنف لعبد الرزاق، 7/ 265؛ وسنن الدارقطني، 3/ 284.

وللرجل الحر أن يتزوج إذا لم تكن (¬1) عنده حرة من الإماء أربعاً أو أقل من ذلك. ولو تزوج أمة (¬2) بغير إذن مولاها، ثم لم يدخل بها حتى تزوج حرة، ثم أجاز مولى الأمة النكاح، لم يجز مِن قِبَلْ أنه أجازه بعد نكاح الحرة (¬3). ألا ترى أنه إنما وقع وثبت بعد نكاح الحرة، فلذلك (¬4) لا يجوز. ألا ترى أنه لو طلقها قبل أن يجيز المولى كان طلاقه باطلاً، غير أنه رد للنكاح، ولا يقع موقع الطلاق. ولو ظاهر منها قبل أن يجيز المولى كان ظهاره باطلاً. ولو آلى منها لم يكن مولياً. وإذا تزوج أمها أو ابنتها وهي حرة قبل أن يجيز المولى كان نكاحه جائزاً. ولو أجاز (¬5) المولى نكاح الأمة بعد هذا لم يجز. وإذا تزوج الحر الأمة بغير إذن مولاها، ثم إن المولى أعتق أمته، ولم يعلم بالنكاح، فإن هذا العتق إمضاء (¬6) للنكاح وإجازة له وتسليم (¬7). ولا خيار للأمة مِن قِبَل أن النكاح إنما جاز بعد العتق. ولو لم (¬8) يعتقها المولى ولكنه مات فورثها ابنه أو باعها أو وهبها وقبضها الموهوبة له، ثم أجاز المشتري أو الوارث أو الموهوبة له، فإن النكاح باطل غير جائز حيث ملكها غيره. فإذا ملكها غيره بطل النكاح، وليس هذا كالعتق، مِن قِبَل أنها قد حلت للأزواج. ولو باع الرجل أمة لا يملكها ثم اشتراها لم يجز ذلك البيع، فإن باعها بعد الشرى جاز ذلك. وكذلك النكاح. وإن زوجها بعد الملك الثاني جاز ذلك. وإذا دخل بها الزوج بعد إجازة النكاح في العتق فالمهر للخادم. وإذا دخل بها بعد إجازة النكاح في البيع أو في الميراث فإنه ينظر إلى الذي سمى لها وإلى مهر مثلها، فيكون على الذي دخل بها الأقل من ذلك للوارث أو للمشتري أو للموهوبة له، مِن قِبَل أن النكاح فاسد، وإنما وقع ¬

_ (¬1) ز: لم يكن. (¬2) م: أمته. (¬3) ز: النكاح من الحرة. (¬4) ز: فكذلك. (¬5) ز: جاز. (¬6) ز: مضا. (¬7) ز: وتسليما. (¬8) ز - لم.

عليها في ملك هذا. وإنما وطئ خادمه ولم يقع النكاح في ملك الأول، فلا يجب للمولى الأول مهر، ولم يقع نكاح في ملكه، ولم يكن من الزوج وطء لخادمه في ملكه، فكيف يأخذ المهر؟ ولو كان الزوج قد جامع الخادم في ملك الأول ثم أجاز الآخر النكاح فإنه (¬1) يُجعل عليه مهر واحد (¬2) للأول، لأنه نكاح فاسد، وليس للآخر شيء؛ لأن النكاح لم يقع بإجازة للآخر (¬3)؛ لأنه قد فسد حين ملكها، فلا يجوز أبداً إلا نكاحٌ مستقبل. ولو دخل بها قبل أن يجيز المولى النكاح ثم أعتقها المولى كان النكاح جائزاً بعد العتق، وللمولى المهر، ولا مهر لها مِن قِبَل أنه أجاز النكاح الذي وجب به المهر. وكذلك إذا باعها المولى بعد دخول الزوج ثم أجاز المشتري النكاح، فلا يجوز النكاح، والمهر للمولى الأول. ولو لم يشهد الزوج على إجازة النكاح من المولى الأول من الخادم إلا بعدما يعتق، فإن ذلك لا يفسد نكاحه إذا كان قد أشهد على عقدة النكاح. وهذا يبين لك أن المهر إذا دخل بها في ملك الأول فهو للأول، ويبين لك أن إجازة النكاح في العتق ليس بنكاح مستقبل. ولو كان نكاحاً مستقبلاً لم يكن بد من أن يكون عليه شاهدان، إنما هو إجازة نكاح قبل ذلك، فجاز اليوم ذلك النكاح الذي كان قبله. إنما كان نكاح الأول. ألا ترى أن الأول لم يكن بغير شهود. والإجازة بشهود لم تُجِز النكاح. ولو تزوج هذا الحر هذه الأمة بغير إذن مولاها، ولم يدخل بها حتى تزوج أمها، وهي حرة أو أمة، وزوجها إياه مولاها، كان نكاح الأم جائزاً، وكان هذا منه ردا للنكاح الأول. وكذلك لو تزوج أربعاً أختها أو ابنتها إحداهن كان هذا رداً للنكاح، ولا مهر عليه مِن قِبَل أن النكاح لم يجز فيها. وإذا أجاز المولى نكاحها بعد هذا كانت إجازته باطلاً. ولو زوج المولى أمته (¬4) وهي كارهة (¬5) كان ذلك جائزاً عليها، ولا ¬

_ (¬1) م ف: وانه. (¬2) ز: مهرا واحدا. (¬3) ز: الآخر. (¬4) ز: ابنته. (¬5) ز: كاره.

ينظر في ذلك إلى سخطها ولا إلى رضاها. ولو قال: قد كنت زوجتك أمتي هذه أمس، وأنكرت ذلك الأمة، أو قالت: زوجتني بغير شهود، فإنها لا تصدق، ولا قول لها مع قول مولاها في قول أبي حنيفة. كان أبو حنيفة (¬1) يقول: لأنه قد يحل فرجها بالبيع، فكذلك النكاح. وقال في العبد: لا يجوز إذا أنكر النكاح. وكذلك كل نكاح حكاه مما (¬2) مضى مما لا يكون إلا بشهود. وأما البيع وما سوى ذلك فهو جائز. وهذا قول أبي يوسف ومحمد سواء كله. وهو جائز. ولو قال المولى: قد زوجتكِ فلاناً بغير شهود، وقال فلان: بل قد (¬3) زوجتنيها بشهود، كان القول قول الزوج، ولا يصدق المولى على ما يريد أن يفسد من النكاح. وكذلك هذا في الحرة إذا أقرت بذلك وادعى الزوج أنه بشهود فالقول قول الزوج. وإذا زوج المولى أمته ثم أعتقها قبل أن يدخل بها الزوج فإن لها الخيار، حراً كان زوجها أو عبداً. وكذلك لو أعتقها بعد الدخول. بلغنا عن عائشة أنها قالت: إن زوج بريرة كان حراً، وإن بريرة قد خيرت نفسها حين أعتقت (¬4). فإن اختارت هذه المعتدة (¬5) نفسها قبل أن يدخل بها زوجها فلا مهر لها ولا لسيدها. وإن اختارت زوجها فلسيدها المهر، إن كان الزوج دخل بها وإن لم يكن دخل بها؛ لأن أصل النكاح كان وهي أمة للسيد. وإن كان لم يعتقها وطلب أخذ مهرها فله ذلك. وإن أراد الزوج أن لا يدفع ذلك إليه ¬

_ (¬1) ز - كان أبو حنيفة. (¬2) م ز: هما. (¬3) ز - قد. (¬4) روي عن عائشة - رضي الله عنها - أن بريرة عتقت فخيرها النبي - صلى الله عليه وسلم - من زوجها. واختلفت الروايات في زوجها هل كان حراً أو عبداً. انظر: صحيح البخاري، الطلاق، 17؛ الفرائض، 20، وصحيح مسلم، العتق، 9 - 13. وانظر للتفصيل والترجيح: نصب الراية للزيلعي، 3/ 205؛ والدراية لابن حجر، 2/ 64. (¬5) ز: المعتقة.

حتى يدخل بها فليس ذلك له، ولكنه يجبر (¬1) على أن يدفعه إليه، ثم يؤخذ المولى حتى يُدخِلها عليه. إن أراد الزوج أن يبوئها بيتاً وأن يقطعها عن مولاها فليس له ذلك، ولكنها تترك على حالها في يدي مولاها، فمتى ما وجد منها فراغاً وخلوة قضى منها حاجته؛ لأنه قد تزوجها وهو يعلم أنها (¬2) أمة. فإن لم يدخل بها حتى قتلها (¬3) المولى فلا مهر للمولى على الزوج. إن كان المولى قد أخذه رد عليه؛ لأنه حال بينه وبينها. وكذلك لو باعها المولى في مكان لا يقدر عليها الزوج. وهذا بمنزلة عتقها إذا أعتقت فاختارت نفسها قبل أن يدخل بها. وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد: إنها مثل الحرة في هذا، وإن للمولى أن يأخذ المهر إذا قتلها (¬4)، كما أن للحرة مهرها على زوجها وإن قتلت نفسها. ألا ترى (¬5) لو أنه ضربها ثم أعتقها قبل موتها ثم وهب لها مالاً ثم ماتت في ذلك الضرب كان لزوجها ميراثه منها. فكيف يكون له منها ميراثه ولا يكون عليه المهر؟ ولو كان الزوج مات في هذه الحال قَبْلَها بعد العتق كان لها الميراث وعليها العدة، فكيف لا يكون عليه المهر؟ وإذا أراد الرجل أن يتزوج امرأة فأخبره رجل أنها حرة ولم يزوجها إياه، ولكن الرجل تزوجها من نفسها على أنها حرة، فإذا هي أمة، وقد ولدت له، فإنه يضمن الزوج قيمة الولد، ولا يرجع على الذي أخبره بشيء، لأنه لم يزوجه ولم يغره (¬6). وإذا تزوج الرجل أمة وقد عتق بعضها وهي تسعى في بعض قيمتها ثم أدت ما بقي فإنها تخير. وإنما وقع العتق عليها بعدما أدت في قول أبي حنيفة. ¬

_ (¬1) م ز: يجهر؛ ف: يجهد. (¬2) ز: أنه. (¬3) ز: حتى قبلها. (¬4) ز: إذا قبلها. (¬5) م + أنها. (¬6) سيذكر المؤلف مسألة شبيهة بهذه فيما يأتي قريباً. انظر: 7/ 125 ظ. وقد زاد الحاكم هنا: ولكنه يرجع بقيمة الولد على الأمة إذا أعتقت. انظر: الكافي، 1/ 51 ظ. والولد يكون حراً. انظر للشرح: المبسوط، 5/ 116.

وإذا تزوج الرجل مكاتبة بإذن مولاها ثم أعانها الزوج وسعى معها فإنها تخير إذا أدت؛ لأنها تزوجته وهي أمة. وإذا تزوج الرجل أمة في عدة حرة من طلاق بائن أو فرقة بائنة فإن ذلك لا يجوز. وهي بمنزلة لو نكح أخت التي تعتد منه كما لا يجوز أن ينكح عليها أختها. وكذلك لا يتزوج أمة في عدة حرة، من أهل الذمة كانت أو مسلمة. والعبد في هذا بمنزلة الحر. والأمة والمدبرة وأم الولد والمكاتبة في هذا سواء. وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد: إنه إذا تزوجها في عدة حرة من طلاق بائن أو فرقة بائنة فالنكاح جائز مِن قِبَل أن الحرة ليست له بامرأة. وإنما نكره له أن يتزوج أمة على حرة، فهذه ليست كذلك. هذه قد بانت (¬1) عنه (¬2) وخرجت عن ملكه (¬3). ألا ترى أنها لو كانت تعتد منه حرةٌ من نكاح فاسد أو شبهة أو امرأةٌ بينها وبينه رضاع فُرّق بينهما لذلك فإن هذه ليست له بامرأة. فإنه (¬4) لا بأس بأن ينكح أمة في عدة هذه الحرة. وإن نكح أمة وهذه عنده لم يفرق بينهما؛ لأن الحرة نكاحها فاسد. فأجزنا نكاح الأمة. وكذلك لو تزوج رجل خمس نسوة حرائر وأربع إماء في عقدة واحدة جاز نكاح الإماء، وبطل نكاح الحرائر، من قبل أن نكاح الحرائر لا يجوز إذا كن خمساً. فهو كرجل تزوج أمة وحرة في عقدة واحدة (¬5)، والحرة لها زوج، فنكاح الحرة باطل، ونكاح الأمة جائز. ولو لم يكن للحرة زوج كان نكاح الحرة جائزاً، ونكاح الأمة باطلاً. وإذا تزوج الرجل الأمة أو المدبرة أو أم الولد فدخل بها، وبوّأها بيتاً، ثم بدا للمولى أن يأخذها فيستخدمها، فله ذلك. وكذلك لو كان شرط ذلك للزوج كان هذا الشرط باطلاً، لا يمنعه من أن يستخدم أمته. وإذا تزوج الرجل أمة على أنها (¬6) حرة أخبرته بذلك عن نفسها، ثم ¬

_ (¬1) ز: قد ماتت. (¬2) ف ز: منه. (¬3) ف ز: من ملكه. (¬4) م ف ز: إنه. (¬5) ف: في عقد واحد. (¬6) ز: أنه.

علم بعد ذلك أنها أمة قد أذن لها المولى في النكاح، فهي امرأته، إن شاء أمسك، وإن شاء طلق، غير أن ما ولد له فيما مضى وما كان في بطنها فهو حر، وعلى الأب قيمة الولد لمولى الجارية يوم يختصمون، ويرجع الأب على الأمة بذلك إن أعتقت يوماً من الدهر. وكذلك لو زوجها رجل من رجل وأخبره أنها حرة فإذا هي أمة فإن الولد حر، وعلى الأب قيمته، ويرجع بذلك على الذي غرّه وزوّجه (¬1). بلغنا عن علي بن أبي طالب وعن عمر - رضي الله عنهما - نحو هذا (¬2). وإذا مات شيء من الولد قبل أن يختصموا فيهم فلا ضمان على أبيهم فيمن مات منهم؛ لأن الولد زيادة حدثت عند الأب. وإنما يكون للمولى قيمتهم يوم يطلب من الأب، فلما ماتوا لم يصر مانعاً (¬3) لشيء، إنما يكون إليه (¬4) بعد الطلب. ولو قُتِلَ أحد منهم فأخذ أبوه ديته كان للمولى قيمته على الأب؛ لأنه قد أخذ له أرشاً، فصار الأرش بمنزلة الولد. ولو ضرب إنسان (¬5) بطن الأمة (¬6) فألقت ولداً ميتاً كان على الفاعل بها ذلك خمسمائة درهم؛ لأن الولد حر. وكان على الأب في هذه الحال إن كان الولد غلاماً نصف عشر قيمته للمولى. وإن كانت (¬7) جارية فعشر قيمتها. إذا أخذ لهم أرشاً وجب على الأب ما يجب في مثلهم من الرقيق. وإذا ماتوا وتركوا مالاً فهو للأب، ولا شيء للمولى على الأب فيهم مِن قِبَل أن ما تركوا من مال ليس بمنزلة ما خرج من الأرش. ولو مات الأب وبقي الولد ثم جاء المولى فخاصم أخذ قيمة الولد من ¬

_ (¬1) هناك مسائل شبيهة ذكرها المؤلف. انظر: 7/ 152 و، 156 ظ، 164 و - 164 ظ. (¬2) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 361؛ والمحلى لابن حزم، 8/ 138؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 7/ 219، 9/ 74. (¬3) ز: لم يصير مانوا. (¬4) لعله: المنع. (¬5) م ز + في. (¬6) م ف ز: أمة. والتصحيح من الكافي، 1/ 52 و. (¬7) ف: ولو كانت.

ميراث الأب، لا يرجع بقية الورثة على الولد بشيء؛ لأن الضمان إنما كان على الوالد (¬1). ولو لم يترك شيئاً كان ديناً على الأب، وليس على الولد من ذلك شيء، وهم أحرار. ولو كان مولى الجارية عما للولد كانت له القيمة على أبي الولد، مِن قِبَل أنهم لم يعتقوا بقرابتهم (¬2) من العم، إنما أعتقوا من قبل الأب. ولو كانوا أعتقوا من قبل العم كانوا موالي له. أرأيت إن كان أبوه رجلاً من العرب أو قريش (¬3)، وكان عمهم رجلاً من الموالي أخو أبيهم من أمه، أكانوا موالي للعم؟ فهذا باطل، لا يكونون موالي للعم. وإذا (¬4) كانت الأمة مدبرة أو أم ولد (¬5) أو مكاتبة غرّت رجلاً من نفسها أو غرّه منها الذي زوّجه فزوّجه إياها على أنها حرة كان القول في ولدها كالقول في ولد الأمة. ولو كانت كافرة من أهل الذمة وزوجها من (¬6) أهل الذمة أو مسلم كان القول فيه كذلك. ولو كان الذي غره منها عبداً أو مدبراً أو مكاتباً كان القول فيه كذلك أيضاً، غير أنه لا يرجع على العبد والمدبر بشيء وإن كان مأذوناً لهما حتى يعتقا، إلا أن يكونا حرين فيرجع عليهما. فأما المكاتب فإنه لا يرجع عليه بقيمة الولد حتى يعتق. فإن كان المولى أمرهم بذلك لزم العبد، ولم يلزم المكاتب حتى يعتق؛ لأن المولى لا يملك مال مكاتبه. وإذا كان المتزوج المغرور عبداً أو مكاتباً أو مدبراً فإن في هذا قولين؛ أما أحدهما فإن أولاده رقيق لا يعتقون، ولا يكون العبد مغروراً. وهذا قول أبي حنيفة. وأما القول الآخر وهو قول محمد فإن أولاده أحرار، وعليه قيمتهم إذا أعتق، ويرجع (¬7) بذلك على الذي غره؛ لأن المهر لا (¬8) يلزمه، وكذلك قيمة الولد. ولو كان تزوج بإذن سيده كان عليه قيمة الولد الساعة والمهر جميعاً. ¬

_ (¬1) ف: على الولد. (¬2) ز: بقرايبهم. (¬3) ز: أو من قريش. (¬4) م ف: فإذا. (¬5) م ز: الولد. (¬6) ف - من. (¬7) ف: ورجع. (¬8) ف - لا.

وإذا تزوجها وهو يعلم أنها أمة فإن أولاده رقيق؛ لأنه لم يغره فيها أحد. وإن كان يحسب أنها حرة فإن أولاده رقيق؛ لأنه لم يغره منها (¬1) أحد. وإذا كانت الأمة بين رجلين فزوّجها (¬2) أحدهما ودخل بها الزوج فإن للآخر أن يبطل النكاح. فإن فعل كان له نصف مهر مثلها، وكان للذي زوّج نصف ما سمى لها الزوج؛ إلا أن يكون نصف مهر مثلها أقل من ذلك، فيكون له الأقل (¬3). وكل (¬4) نكاح أمة (¬5) انتقض وفسد ووقعت الفرقة (¬6) بينهما قبل الدخول بفساد النكاح فلا مهر على الزوج إن لم يكن دخل بها، ولو كان أغلق باباً وأرخى (¬7) حجاباً (¬8). ليس يوجَب بالخلوة المهر إلا في النكاح الصحيح. وإذا فُرِّقَ بينهما بعد الدخول فعلى الزوج المهر الذي سمى لها، إلا أن يكون مهر مثلها أقل من ذلك، فيكون عليه الأقل. وإذا زوج الرجل أمة ابنه وابنه صغير فهو جائز. وكذلك إذا زوج الوصي لأمة (¬9) اليتيم. وكذلك إذا زوج المكاتب أمته فهو جائز؛ لأنه يأخذ لها مهراً. وإذا زوج العبد المأذون له في التجارة أمة فإن في هذا قولين؛ أما أحدهما فإنه لا يجوز. وهو قول أبي حنيفة ومحمد. قالا: لأن هذا ليس من التجارة ولا المضاربة (¬10) ولا الشركة (¬11) شركة (¬12) عنان. وأما القول الآخر فإنه يجوز، وهو (¬13) قول أبي يوسف. يقول: لأن هذا من التجارة، ولأنه يأخذ مالاً (¬14). ¬

_ (¬1) ز: فيها. (¬2) ف: فتزوجها. (¬3) م: للأقل. (¬4) م ف ز: وكان. (¬5) ف: أمته. (¬6) م - الفرقة. (¬7) ف ز: أو أرخى. (¬8) ف: سترا. (¬9) ف: لابنه. (¬10) م ف: المضارب. (¬11) م ف: الشريك. (¬12) ز - شركة؛ صح هـ. (¬13) ز: وهذا. (¬14) ز: مال.

وإذا تزوج الرجل وهو حر أو عبد أمة ابنه بعد أن يأذن للعبد مولاه فهو جائز. وإن ولدت عتق الولد، ولا تكون أم ولد الأب وإن كان حراً، مِن قِبَل أنه تزوجها تزويجاً. ولو أخذها بغير تزويج فوقع عليها فعَلِقَت (¬1) منه كانت أم ولد للأب (¬2) إذا كان حراً، وكان عليه قيمتها أقر بذلك الابن أو جحد. وإذا كانت دعوة الأب بعدما ولدت فهو جائز، ولا يصدَّق الابن أنه لم يطأها ولم تَعْلَقْ منه. وإذا تزوج الرجل أمة أبيه (¬3) فالنكاح جائز. وإن ولدت منه عتق ولده (¬4)؛ لأنه ابن ابن المولى (¬5). ولا تكون أم ولد. ولو أخذها بغير نكاح لم تكن (¬6) أم ولد. ولا يشبه الابن (¬7) الأب (¬8). ولا يثبت نسب ولد الابن إذا أخذها غصباً. ولا حد عليه إذا ادعى شبهة. فإن أقر الأب به عتق ولا يثبت نسبه، لأنه من زنى. وإنما صار يعتق بإقرار الأب لأنه ابن الابن. وإنما فرق ما بين الأب (¬9) إذا وطئ على وجه التزويج وعلى غير وجه التزويج أنه إذا وطئ على غير وجه التزويج فهذا استهلاك منه. ألا ترى أنه تكون عليه قيمة الأم ولا تكون عليه قيمة الولد؛ لأن قيمته قد دخلت في قيمة الأم. وفي التزويج ليس تكون (¬10) عليه قيمة الولد (¬11)، ولا قيمة الأم، ولكنه يعتق بالقرابة (¬12). ... ¬

_ (¬1) ز: فحبلت. (¬2) ف: الأب. (¬3) ز: ابنه. (¬4) ز - ولده؛ صح هـ. (¬5) م ز - المولى؛ صح م هـ. (¬6) ز: لم يكن. (¬7) ز: اللابن. (¬8) م ف ز: للأب. (¬9) م: للأب. (¬10) ز: يكون. (¬11) م + لأن وفي التزويج ليس قيمة الولد. (¬12) م ف ز: بشي. والتصحيح مستفاد من المبسوط، 5/ 123.

باب نكاح العبد

باب نكاح العبد وقال محمد بن الحسن: لا يتزوج العبد إلا اثنتين، لا يتزوج أكثر (¬1) من ذلك. بلغنا ذلك عن عمر بن الخطاب وغيره (¬2). والحرتان (¬3) في ذلك والأمتان (¬4) سواء. وكذلك المكاتب والمدبر. وهو بمنزلة العبد في ذلك. وكذلك العبد الذي قد عتق (¬5) بعضه وهو يسعى في بعض قيمته في قول أبي حنيفة. والذمية والحرة المسلمة في ذلك سواء. ولا ينبغي للعبد أن يتزوج أمة على حرة. وإن فعل ذلك فُرّق بينه وبين الأمة. ولكنه يتزوج الحرة على الأمة. ويكون للحرة الثلثان من القَسْم وللأمة الثلث. وأما النفقة لكل واحدة ما يكفيها إذا بوّأ الأمة بيتاً. ولو زوج رجل عبد (¬6) ابنه وابنه صغير لم يجز ذلك عليه؛ لأنه يغرم المهر. وكذلك الوصي في عبد اليتيم. وكذلك المكاتب والعبد المأذون له في التجارة. ليس لأحد من هؤلاء أن يزوج عبداً له لما يدخل على العبد من غرم المهر ونفقة (¬7) المرأة (¬8). والعبد الذي يسعى في بعض قيمته بمنزلة المكاتب في قول أبي حنيفة. وفيه قول آخر قول أبي يوسف ومحمد: إنه بمنزلة الحر في النكاح. ¬

_ (¬1) ز: ألثر. (¬2) لقول عمر - رضي الله عنه - انظر: المصنف لعبد الرزاق، 7/ 274؛ وكتاب السنن لسعيد بن منصور، 1/ 344؛ والسنن الكبرى للبيهقي 7/ 158. وروي عن علي وعبد الرحمن بن عوف وغيرهما من الصحابة. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 7/ 274؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 3/ 464 - 465؛ والسنن الكبرى للبيهقي 7/ 158؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 173. (¬3) ز: والحرتين. (¬4) ز: والأمتين. (¬5) ز: قد أعتق. (¬6) م ز - عبد؛ صح م هـ. (¬7) ز + العبد. (¬8) ز: والمرأة.

وإذا تزوج العبد بغير إذن مولاه فنكاحه باطل. وكذلك المدبر والمكاتب. فإن أجاز المولى النكاح فهو جائز. وإن طلق العبد المرأة ثلاثاً قبل أن يجيز المولى النكاح فهو متاركة للنكاح ورد (¬1) له، وليس يقع موقع الطلاق. فإذا أجاز المولى النكاح بعد الطلاق فإجازته باطلة، لأن الطلاق بيد العبد والفرقة. ألا ترى لو أنه (¬2) أقر أن النكاح فاسد فرقتُ بينهما. وإن أذن له السيد أن يتزوجها بعد ذلك فإني أكره له ذلك، ولا أفرق بينهما. وهو قول أبي حنيفة ومحمد. وفيها قول آخر: إن نكاحه الآخِر إياها جائز لا أكرهه، لأن الطلاق لم يقع موقع الطلاق الذي يحرّم، ولا أكرهه. وهذا قول أبي يوسف. ولو لم يُجِز مولى (¬3) النكاح ثم أذن له أن ينكحها ثانية كان له أن يتزوجها ثانية في القولين جميعاً. وإذا تزوج العبد الحرة بغير إذن مولاه، ثم أعتقه (¬4) المولى، فقد أجاز نكاحَه. عِتْقُه (¬5) بمنزلة إذنه له في النكاح. وكذلك لو باعه فأجاز (¬6) المشتري النكاحَ فإنه جائز. وكذلك لو وهبه وقبضه الموهوب له أو مات فورثه وارثه فأجاز الذي يصير له العبد النكاح (¬7) فهو جائز. وإذا أذن المولى للعبد في النكاح فتزوج امرأتين في عقدة فإنه لا يجوز عليه واحدة منهما، ولا أضع الإذن إلا على واحدة. ألا ترى لو أن رجلاً أمر رجلاً أن يشتري له ثوباً هروياً بعشرة فاشترى ثوبين (¬8) أن (¬9) الآمر لا يلزمه واحدة (¬10) منهما؛ لأنه لا يقدر أن يُمَلِّك (¬11) الآمرَ ما شاء، ويمسك هو ما شاء لنفسه. فكذلك العبد إلا أن يقول المولى: عنيت ¬

_ (¬1) ز: وردا. (¬2) ز + إذا. (¬3) ز: المولى. (¬4) م ف: ثم أعتق. (¬5) ز + وهو. (¬6) م ف ز: فأجازه. والتصحيح من الكافي، 1/ 52 ظ. (¬7) ف - النكاح. (¬8) م ف + الا. (¬9) ز: فإن. (¬10) ز: واحد. (¬11) ز: أن يسلك.

امرأتين، فإذا قال ذلك جاز ذلك. وإذا قال: لم أعن امرأتين، فإنه لا يجوز عليه واحدة منهما. وإذا أذن له المولى أن يتزوج واحدة، فتزوجها نكاحاً فاسداً، فإنه يفرق بينهما. فإن كان (¬1) دخل بها فعليه المهر في حال الرق. وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر قولى أبي يوسف ومحمد: إنه لا مهر لها عليه حتى تعتق؛ لأن المولى لم يأذن له في النكاح الفاسد، وله أن ينكح نكاحاً مستقبلاً صحيحاً. وهذا قول أبي يوسف ومحمد (¬2). وإذا تزوج العبد بغير إذن مولاه، فدخل بها، ثم أذن له المولى في ذلك، وسلّمه له، فإنما عليه مهر واحد، وهو الذي سمى لها. وكذلك لو لم يأذن له المولى، ولكنه أعتقه، جاز النكاح، ولم يكن عليه إلا ما سمى لها (¬3)، وكان ينبغي في القياس أن يكون عليه مهران (¬4)، ولكنا ندع القياس. وإذا تزوج المكاتب بغير إذن السيد، ودخل بها، ثم فَرَّقَ بينهما السيد، فلا مهر عليه حتى يعتق. وكذلك العبد والمدبر. فإن كان العبد أعطى امرأته مهرا [كان] للسيد أن يأخذه منها ويُضَمِّنها ما استهلكت من ذلك. وكذلك المكاتب لا يجوز ما أعطاها. وإذا تزوج الرجل أمة عبده بشهود بغير مهر فهو جائز، ولا مهر عليه؛ لأنه مال على عبده. وإن كَرِهَ ذلك واحد منهما (¬5) فهو جائز عليهما. وكذلك لو قال لعبده: قد زوّجتك أمس، فقال العبد: صدقت، ولكني لا أريد ذلك، فإن النكاح له لازم. فإن كذبه العبد لم يلزمه النكاح في قول أبي ¬

_ (¬1) ز - كان. (¬2) ز - إنه لا مهر لها عليه حتى تعتق لأن المولى لم يأذن له في النكاح الفاسد وله أن ينكح نكاحاً مستقبلا صحيحا وهذا قول أبي يوسف ومحمد. (¬3) ز - وكذلك لو لم يأذن له المولى ولكنه أعتقه جاز النكاح ولم يكن عليه إلا ما سمى لها. (¬4) ف - مهران. (¬5) ز: واحدة منها.

حنيفة. أما في قول أبي يوسف ومحمد فهو سواء، وهو جائز. ولا يشبه العبد الأمة في قول أبي حنيفة. أستحسن في الأمة أن أصدّقه عليها، وأجيز النكاح إن كَرِهَت ذلك. وإذا تزوج العبد حرة وأمة في عقدة واحدة بإذن مولاها جاز نكاح الحرة وفسد نكاح الأمة. وكذلك الحر (¬1). وقال أبو يوسف ومحمد: إذا قال المولى لعبده: قد زوجتك أمس، وكذبه العبد، فهو جائز على العبد (¬2). وكذلك الأمة. وكذلك الابنة الصغيرة والابن الصغير (¬3). وكذلك قول الولي على الصغير. وكذلك قول الوكيل على من وكله. القول في ذلك كله سواء في قول أبي يوسف ومحمد. وفي قول أبي حنيفة لا يجوز إلا في الأمة وحدها. ولو تزوج العبد بإذن مولاه ذمية من أهل الكتاب أمة أو حرة بإذن مولاها كان ذلك جائزاً. وإذا تزوج العبد الكافر أمة كافرة على حرة كافرة، وذلك في دينهم نكاح جائز، وقد أذن لهم المولى، فإن ذلك جائز فيما بينهم بمنزلة نكاح الأم والأخت. وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد: إن ذلك لا يجوز إلا كما يجوز بين المسلمين. إذا طلب ذلك أحدهما فرقتُ بينهما. فأما ما لم يطلبا فهما على النكاح. كان أبو حنيفة يقول: لا أحكم بينهما إلا أن يتراضيا جميعاً. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا رضي أحدهما حكمت بينهما. ولو أن عبداً نصرانياً مولاه مسلم أذن له في التزوج، فأقامت عليه امرأة من النصارى شاهدين أنه قد تزوجها، وهو يجحد، أجزت النكاح عليه؛ لأن إقراره جائز. فكذلك الشهادة عليه؛ لأن الشهادة على كافر. وكذلك لو شهدوا عليه ببيع أو شرى إذا كان المولى قد أذن له. ألا ترى أنه لو كان مكاتباً وأذن له مولاه في النكاح جاز هذا عليه، ولو شهدوا ¬

_ (¬1) ز: الحرة. (¬2) انظر الفقرة قبل السابقة. (¬3) ف - والابن الصغير.

عليه في بيع أو شرى جاز ذلك. ولو كان المولى كافراً والمكاتب مسلماً لم تجز على المكاتب شهادة أهل الكفر. وكذلك العبد إذا كان مسلماً لا تجوز عليه شهادة أهل الكفر في بيع ولا شراء ولا نكاح إذا جحد ذلك. ولا يحل للعبد أن يَتَسَرَّى (¬1) وإن أذن له في ذلك مولاه، لقول الله تعالى في كتابه: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6)} (¬2). وليست (¬3) هذه بزوجة، ولا ملك يمين. وكذلك المكاتب والمدبر والعبد يسعى في بعض قيمته في قول أبي حنيفة، لا يحل لأحد من هؤلاء أن يَتَسَرَّى وإن أذن له مولاه. بلغنا عن عبد الله بن عمر أنه قال: لا يحل فرج (¬4) مملوكة إلا لمن إذا أعتق جاز أو وهب جاز (¬5). والعبد لا يجوز هبته (¬6) ولا عتقه. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: العبد (¬7) يسعى في بعض قيمته هو (¬8) بمنزلة الحر. ولو كان العبد بين رجلين فزوجه أحدهما لم يجز ذلك إلا أن يأذن له الآخر. ولا يحل لعبد أن يتزوج مولاته ولو زوّجته نفسها، ولا امرأةً لها في رقبته شِقْص. وكذلك المكاتب لا يحل له أن يتزوج واحدة من هاتين (¬9). وكذلك الحر لا يحل له أن يتزوج أمة له (¬10) فيها شقص، لا تكون امرأته وهو يملك بعض رقبتها. ولو تزوج الرجل أمته لم يكن ذلك نكاحاً، ¬

_ (¬1) أي: يتخذ سُرِّيّة وهي الجارية المملوكة للاستمتاع. انظر: لسان العرب، "سري". (¬2) سورة المؤمنون، 23/ 5 - 6. (¬3) ز: وليس. (¬4) ف + امرأة. (¬5) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 13؛ وشرح معاني الآثار للطحاوي، 4/ 47. (¬6) م: هبه. (¬7) م ف ز: والعبد. (¬8) ز: وهو. (¬9) ز: من ماتين. (¬10) ف - له.

وليس تعتق منه، وهي أمة على حالها. وكذلك أم ولده ومدبرته. ولو تزوج مكاتبته كان النكاح باطلاً. فإن وطئها كان لها المهر تستعين به في المكاتبة. ولو أُعتقت لم يجز ذلك النكاح. وكذلك المكاتب إذا تزوج مولاته فإنه لا يجوز، مِن قِبَل أنها تملك رقبته. ولو دخل بها كان لها عليه المهر. ولو أُعتق لم يجز ذلك النكاح. ولو أن مكاتباً تزوج ابنة مولاه برضى منه كان ذلك جائزاً، مِن قِبَل أنه ليس له (¬1) في رقبته ملك. وكذلك الرجل يزوّج ابنته عبده. وكذلك المرأة تُزَوِّج ابنتَها عبدَها برضى ابنتها (¬2) وأولياءِ الابنة إذا كانت كبيرة، أو مكاتبَها أو مدبرَها. وكذلك الرجل يزوّج أم ولده عبده أو مدبره أو مكاتبه أو عبداً قد أُعتق بعضه وهو يسعى في بعض قيمته، فذلك كله جائز. وإذا مات المولى بعد أن زوّج ابنتَه (¬3) مكاتبَه فالنكاح جائز على حاله، مِن قِبَل أنها لا تملك من رقبته شيئاً، إنما لها عليه دين. ولو لم يتزوجها في حياة المولى ولكنه تزوجها بعد موته برضى منها ومن جميع الورثة كان ذلك باطلاً. وإن تزوجها قبل موت السيد ثم مات السيد (¬4) كان ذلك جائزاً. وهذا بمنزلة رجل كفل عن المكاتب بمال لابن المولى، فهو جائز، فإن مات أبوه كانت الكفالة على حالها. ولو كفل عنه له بمال مستقبل بعد موت أبيه (¬5) لم يجز؛ لأنه في هذه الحال كأنه مكاتبه. وإن عتق كان على نكاحه. وإن عجز فرُدَّ في الرق بطل النكاح على كل حال، لأنها ملكت بعض رقبته. فإن كان لم يدخل بها فلا مهر لها عليه، مِن قِبَل أن الفرقة جاءت مِن قِبَلها. وإن كان قد دخل بها كان المهر عليه كله، يباع فيه، ويُرفَع عنه من المهر بحصة ما يصيبها من رقبته. وإذا تزوج العبد ابنة مولاه أو ابنة مولاته برضى من المولى، ثم مات ¬

_ (¬1) ف - له. (¬2) ف - عبدها برضى ابنتها. (¬3) م ف ز: ابنه. والتصحيح مستفاد من الكافي، 1/ 52 ظ. (¬4) ف - ثم مات السيد. (¬5) م ز: ابنه.

المولى، فورثت الابنة (¬1) شقصاً منه، فقد وقعت الفرقة بينهما، وانتقض النكاح. فإن كان قد دخل بها فالمهر دين في عنقه، يُرفَع عنه بقدر (¬2) حصتها منه، ويباع ما بقي منه. وإن كان لم يدخل بها فلا مهر لها عليه، مِن قِبَل أن الفرقة جاءت مِن قِبَلها. وكذلك الرجل يتزوج الأمة ثم يشتري بعضها قبل أن يدخل بها، أو يملكها بوجه من الوجوه فقد فسد النكاح، ولا مهر لها عليه. فإن كان قد دخل بها قبل ذلك فعليه المهر لمولاها، وقد انتقض النكاح حين ملكها أو ملك بعضها. وإذا أتى العبد المرأة الحرة فأخبرها أنه حر، فتزوجها على ذلك، ثم علمت أنه عبد، فهي بالخيار، إن شاءت أقامت معه إن كان (¬3) المولى قد (¬4) أذن له. وإن شاءت فارقته دخل بها أو لم يدخل بها، ولا مهر لها عليه إن (¬5) لم يكن دخل بها. وإن كان دخل بها فلها المهر الذي سمى لها عليه في رقبته. ولا تكون هذه الفرقة إلا عند قاض (¬6). وهو بمنزلة نكاح الأكفاء، لا تكون الفرقة إلا عند قاض (¬7)، إذا تزوجها غير كفء لم يكن للأولياء أن يفرقوا إلا عند القاضي. وإن فرقوا لم تكن (¬8) فرقة، وهما يتوارثان. ولو أن أمة أمرها مولاها بالنكاح، فأخبرت رجلاً أنها حرة، فتزوجها على ذلك، ثم علم أنها كانت أمة، كان النكاح جائزاً لازماً له، مِن قِبَل أن الطلاق بيده. وليس الزوج في هذا كالمرأة، غير أنه يكون (¬9) له أولاده بالقيمة، ويرجع به على الأمة إن أُعتقت يوماً بالغرور. ولو أن عبداً أتى قوماً يخطب إليهم فزوجوه ولم يخبرهم أنه حر ولا أنه عبد، وقد أذن له المولى في النكاح، ثم اطلعوا على أنه عبد، فإن كان ¬

_ (¬1) م ز: للابنة. (¬2) م: فقدر. (¬3) م ز - كان. (¬4) ز - قد. (¬5) ز: وإن. (¬6) ز: قاضي. (¬7) م ف ز: قاضي. (¬8) ز: لم يكن. (¬9) ز - يكون؛ صح هـ.

باب الرضاع

الأولياء هم زوجوها برضاها فلا (¬1) خيار لهم ولا لها، وإن كانت هي زوجت نفسها دون الأولياء فللأولياء أن يفرقوا بينهما؛ لأنه غير كفء. ... باب الرضاع (¬2) بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" (¬3). ولا ينبغي للرجل أن يتزوج امرأة ابنه من الرضاع. يقول: إذا أُرضع صبي (¬4) بلبن رجل، ثم تزوج ذلك الصبي امرأة، فليس ينبغي لذلك الرجل أن يتزوجها إذا طلقها الصبي. هذا معنى الحديث. ولا امرأة أبيه من الرضاعة لهذا الحديث الذي (¬5) جاء. وكذلك امرأة ولد ولده أو بعض أجداده من الرضاعة. وقال أبو يوسف: إن أبا حنيفة قال: إذا كان للمرأة لبن من زوج، فطلقها، فتزوجها آخر، فحبلت من الآخر، ثم نزل لها لبن، فإن اللبن من الأول بعدُ حتى تلده. وقال أبو يوسف: إذا عرف أن هذا اللبن من الحبل الثاني فهو من الآخر، وقد انقطع لبن الأول. وقال محمد: أستحسن أن يكون منهما جميعاً حتى تضع (¬6)، فيكون من الآخر. وقال أبو حنيفة: لا ¬

_ (¬1) م ف: ولا. (¬2) وهناك كتاب الرضاع ضمن كتب الأصل. ويتكلم فيه المؤلف عن المحرمات عموماً وليس عن المحرمات بالرضاع فقط. (¬3) رواه الإمام محمد بإسناده. انظر: الآثار، 78. وانظر: صحيح البخاري؛ الشهادات، 7؛ وصحيح مسلم، الرضاع، 1، 2، 9؛ ومسند أبي حنيفة لأبي نعيم، 71، 72. (¬4) ز: الصبي. (¬5) م - الذي. (¬6) ز: حتى يضع.

ينقطع لبن الأول حتى تلد، فإذا ولدت فاللبن من الآخر. وكذلك امرأة ولد ولده أو بعض أجداده من الرضاعة. ولا يحل له أن يتزوج امرأة أرضعته رضاعاً كثيراً أو قليلاً. وكذلك لو كانت مصة أو مصتين أو سَعُوطاً (¬1) أو وَجُوراً (¬2). ولا تحل له أخته من الرضاعة (¬3)، ابنة (¬4) التي أرضعته كانت أو ابنة زوجها الذي أرضع بلبنه. ولا تحل له عمته من الرضاعة ولا خالته ولا ابنة زوجها التي أرضع بلبنه (¬5). ولا ابنة أخيه ولا ابنة أخته. ولا تحل له امرأة من ولد التي أرضعته وإن كانت ابنة ابنة أو ابنة ابن. وكذلك الرجل إذا أرضع بلبنه فلا يحل له أحد من ولد ولده أبداً (¬6). ولا يحل للرجل أن يتزوج من ولد المرأة التي أرضع بلبنها إن كانت جارية، ولا شيئاً من ولد تلك الجارية، ولا ولد ولدها. وكذلك رجل من ولد الرجل الذي أرضعت الجارية بلبنه. ولا تحل له تلك الجارية ولا شيء من ولد ولدها أبداً. ولا رضاع بعد الفصال. بلغنا ذلك عن علي بن أبي طالب، وعن عبد الله بن مسعود (¬7). ولو أن رجلاً أو غلاماً شاباً (¬8) شرب من لبن امرأة أو استَعَطَ به لم ¬

_ (¬1) ما أدخل من الأنف. انظر: لسان العرب، "سعط". (¬2) ما أدخل من الفم. انظر: لسان العرب، "وجر". (¬3) م ف ز + ولا. والتصحيح من الكافي، 1/ 53 و. (¬4) ز: لبنه. (¬5) ف - ولا تحل له عمته من الرضاعة ولا خالته ولا ابنة زوجها التي أرضع بلبنه. (¬6) م هـ: في نسخة أخرى هاهنا تقديم وتأخير معناه ولا يحل للرجل من ولد المرأة أن يتزوج الرضيع التي أرضع بلبنها وإن كانت جارية. (¬7) روي مرفوعاً وموقوفاً عن علي - رضي الله عنه -. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 6/ 416، 7/ 464؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 3/ 550؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 219؛ والدراية لابن حجر، 2/ 68. وروي موقوفاً عن عمر. وروي عن ابن مسعود بلفظ: لا رضاع إلا ما كان في الحولين. انظر: المصنف لابن أبي شيبة, 3/ 550. (¬8) ف - شابا.

تحرم عليه تلك المرأة، ولا أحد من ولدها؛ لأن هذا ليس برضاع، إنما الرضاع ما كان في الحولين، لقول الله تعالى في كتابه: {حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} (¬1). وكذلك ما بعد الحولين إلى ستة أشهر، فهذا رضاع في قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد: إذا زاد يوماً على الحولين (¬2) فليس برضاع. ولو كان لم يُفْطَم وقد تم الحولان والستة الأشهر لم يكن بعد (¬3) ذلك رضاعاً؛ لأنه لا رضاع بعد هذه المدة، إن كان قد فُطِم أو لم يُفْطَم. ولا بأس بأن يتزوج الرجل أم ابنه التي أرضعته (¬4). ولا بأس بأن يتزوج الرجل (¬5) ابنة هذه المرأة. وكذلك أخو الغلام، لا بأس بأن يتزوج التي أرضعت أخاه أو ما بدا له من ولدها أو ما بدا له من ولد الرجل الذي أُرضع أخوه بلبنه؛ لأنه لا رضاع بينه وبينهم. ولا بأس بأن يتزوج أبو الغلام المرأة التي أرضعت ابنه. ولا بأس بأن يتزوج الابنُ (¬6) الذي أرضع الغلامُ بنت عمه من الرضاعة (¬7) أو ابنة عمه أو ابنة خاله أو ابنة خالته. ولا ينبغي للرجل أن يجمع بين الأختين من الرضاع، ولا بين امرأة وبين ابنة أخيها أو ابنة أختها أو عمتها أو خالتها من الرضاعة. وكذلك أمها. وكذلك امرأة ذات محرم من الرضاعة منها هو بمنزلة النسب. ولا يحل للرجل أن يتزوج ابنته من الرضاع (¬8). والعبد والأمة والمكاتبة وأم الولد والمدبر والحر في هذا كله سواء. ولا ابنة أخيه ولا ابنة اخته ولا ابنة ابنته ولا ابنة ابنه ولا ابنة ابن ابنه. ولا يحل لصبي (¬9) أرضع بلبن رجل أن يتزوج شيئاً من ولده من غير المرأة التي أرضعته. وكذلك لو كان الرضيع جارية لم يحل لأحد من ولد ذلك الرجل أن يتزوجها. ¬

_ (¬1) سورة البقرة، 2/ 233. (¬2) ز: من الحولين. (¬3) ز: يعد. (¬4) أي: يجوز للرجل أن يتزوج المرأة التي أرضعت ابنه. (¬5) ز - أم ابنه التي أرضعته ولا بأس بأن يتزوج الرجل. (¬6) م ف ز: ابن. (¬7) ز: من الرضاع. (¬8) ز: من الرضاعة. (¬9) م ف ز: الصبي.

وإذا ولدت المرأة من الرجل، ثم مات عنها أو طلقها أو انقضت عدتها، وتزوجها آخر، ولها لبن من الأول، فأرضعت بلبن ذلك غلاماً أو جارية، فلا يحل ذلك الغلام ولا الجارية لأحد من ولد الأول؛ لأنه أخوهم من الرضاعة. ولا بأس أن يتزوجهم ولد الآخر من غير المرأة وأن يتزوج الغلام من ولد الزوج الآخر من غير المرأة من شاء. ولا يتزوج من ولد المرأة شيئاً. ولو لم ترضعهما (¬1) حتى تحمل وتلد وينزل لها اللبن من الآخر ثم أرضعتهما (¬2) فإن الرضاع رضاع الآخر والحمل والولادة جميعاً. إذا كان انقطع اللبن (¬3) الأول فلا ينبغي للصبي والصبية أن يتزوجوا من ولد الآخر من تلك المرأة ولا من غيرها شيئاً، لأنها أرضعتهم بلبن الآخر (¬4) فصارا بمنزلة ولده. ولا بأس بأن يتزوجوا من ولد الأول من غير هذه المرأة ما أرادوا. ولا يتزوجوا من ولد هذه المرأة من الأول شيئاً، لأنهم إخوتهم من أمهم من الرضاعة. وإذا تزوج الرجل امرأة فشهدت امرأة أنها قد أرضعتهما جميعاً فإنها لا تصدّق عليهما. وكذلك إن كانت أم الزوج أو أم المرأة فإنها لا تصدّق على الرضاع بينهما ليَفْسُد النكاح. وكذلك لو شهدت معها امرأة أخرى فإن ذلك باطل لا يجوز حتى يشهد رجلان أو يشهد رجل وامرأتان. فإذا شهد هؤلاء وهم عدول فليس يسعهما أن يقيما على هذا النكاح، ولا يحل لهما ذلك. وإن رفعا إلى السلطان فرّق (¬5) بينهما. وما كان بينهما من ولد فهو ثابت النسب. والصداق لها إن كان دخل بها إلا أن يكون صداق مثلها أقل من ذلك، فيكون لها صداق مثلها. وإن لم يكن دخل بها فلا صداق لها. وهو في سعة ما لم يشهد شاهدان عدلان أو رجل وامرأتان عدول من المقام معها. وكذلك الرجل يخطب [امرأة فتشهد] (¬6) امرأة قبل أن تقع عقدة النكاح أنها قد أرضعتهما، فهو في سعة من تكذيبها وأن يتزوج المرأة. وكذلك لو ¬

_ (¬1) ز: لم ترضعها. (¬2) ز: ثم أرضعتها. (¬3) م ف ز: إذا كانا قطع للبن. (¬4) م ز: للآخر. (¬5) ز: ففرق. (¬6) الزيادة مستفادة من الكافي، 1/ 53 و.

كانت عدلة غير متهمة. وكذلك لو شهد معها رجل آخر كان في سعة من تكذيبهما. وإن تنزه (¬1) عن هذا وأخذ (¬2) بالثقة فهو أفضل (¬3). وإذا شهد شاهدان عدلان رجلان أو رجل وامرأتان فليس يحل له أن يتزوجها. وإذا تزوجها فرق بينهما. وإذا نزل للمرأة لبن وهي بكر لم تتزوج قط فأرضعت به فهو رضاع كرضاع التي قد تزوجت وولدت. وإذا حَلبت المرأة من ثديها لبناً ثم ماتت فأُوجِرَ بذلك اللبن صبي فهو رضاع. وكذلك لو حُلبت بعد موتها فأُوجِرَ منها صبي (¬4) كان رضاعاً. ولو جامعها بعد الموت حَلَّ له أمها وابنتها. ألا ترى أنها لو حَلبت قبل (¬5) الموت في قدح ثم شربه صبي كان يحرم، فكذلك إذا خرج من ثديها بعد الموت. واللبن لا يموت. والجماع بعد الموت ليس بجماع. ألا ترى أن البيضة قد تخرج من الطير الميت فتؤكل، لأن البيضة لا تموت. فكذلك اللبن. ولو أن صبيين أُرْضِعَا من شاة أو بهيمة غير الشاة لم يكن ذلك رضاعاً، ولا يحرم ذلك عليهما، لأن هذا بمنزلة طعام أكلاه جميعاً من إناء واحد. ولو صُنِعَ لبن امرأة في طعام لهما (¬6) فأكلا منه جميعاً فإن هذا على وجوه: إن كانت النار قد مست اللبن فأنضجت الطعام حتى تغير فليس ذلك برضاع ولا يحرم. وإن كانت النار لم تمسه وكان (¬7) الطعام هو الغالب فإنه لا يكون رضاعاً. فإن كان اللبن هو الغالب فإن في هذا قولين: أما أحدهما فإنه لا يكون رضاعاً، وهو قول أبي حنيفة. وأما القول الآخر وهو قول أبي يوسف ومحمد فإنه يكون رضاعاً. ¬

_ (¬1) ز: يتنزه. (¬2) ز: وأخذنا. (¬3) م ف ز: الفضل. والتصحيح من الكافي، 1/ 53 و. (¬4) ز: صبياً. (¬5) ف: بعد. (¬6) أي: للصبيين. (¬7) ز: فكان.

وإذا جُعِلَ لبن في دواء فأُوجِرَ منه الصبي أو استَعَطَ منه واللبن الغالب فهذا رضاع. والرضاع في دار الحرب والشرك كهيئته في دار الإسلام. وإذا أسلم القوم حَرُمَ عليهم في ذلك ما يَحْرُم على المسلمين، وجاز من ذلك ما يجوز عليهم. وإذا جامع الرجل المرأة لم تحل لابنه (¬1) من الرضاعة ولا لأبيه (¬2)، ولا تحل له أمها من الرضاعة ولا ابنتها. وإن قبّلها لشهوة أو مسّها لشهوة (¬3) أو نظر إلى فرجها لشهوة فإن ابنتها وأمها (¬4) من الرضاعة حرام عليه. وكذلك المرأة نفسها هي حرام على أبيه وابنه من الرضاعة. وإذا فارق الرجل المرأة فلا يصلح له (¬5) أن يتزوج في عدتها أختها من الرضاعة ولا ابنة أخيها ولا ابنة أختها من الرضاعة ولا عمتها ولا خالتها. والرضاع في هذا والنسب سواء. وكذلك الأمتان الأختان من الرضاعة، ولا يحل للرجل أن يطأهما جميعاً إذا كانتا أمتين (¬6). وكذلك الأمة وعمتها أو خالتها أو ابنة أخيها أو ابنة أختها من الرضاعة، فلا يطؤهما جميعاً إن كانتا أمتين (¬7). وكذلك هذا في النسب. ولا بأس بأن يتزوج الرجل المرأة وامرأة ابنها من الرضاعة. وكذلك هذا في النسب (¬8). وكذلك أم ولد ابنها من الرضاعة، فهو جائز لا بأس به، لأنه لا قرابة بينهما ولا حرمة ولا رضاع. ولكنه لو تزوج أم ابنتها من الرضاعة والنسب لم يجز ذلك؛ لأنها أمها. وإذا تزوج الرجل الصبية، فأرضعتها أمه من الرضاعة، أو أمه التي ¬

_ (¬1) ز: لانه. (¬2) ز: لابنه. (¬3) م - أو مسها لشهوة؛ صح هـ. (¬4) ز: وابنها. (¬5) ز: لها. (¬6) ز: أمتان. (¬7) ف: اثنتين. (¬8) ف - ولا بأس بأن يتزوج الرجل المرأة وامرأة ابنها من الرضاعة وكذلك هذا في النسب.

ولدته، أو أخته من الرضاعة أو من النسب، أو امرأة أبيه بلبن أبيه من الرضاعة [أو من النسب] (¬1)، أو امرأة ابنه من الرضاعة [أو من النسب] (¬2) بلبن ابنه، فهي حرام عليه، ويفرق بينهما، وعليه نصف المهر. ويرجع الزوج بذلك على التي أرضعها (¬3) إن كانت أرادت الفساد أو تعمدت ذلك. وإن كانت أخطأت ذلك أو أرادت به الخير ولم تتعمد الفساد لم يكن عليها في هذا شيء. والقول في ذلك قولها إن لم يظهر منها تعمّد للفساد. ولا تحل له الصبية أبداً. وإذا تزوج الرجل صبية ثم تزوج عمتها، فإن أرضعت أم العمة الصبية لم يفرق بينها وبين زوجها؛ لأن الصبية قد كانت ذات (¬4) محرم من العمة (¬5). وإذا تزوج الرجل صبيتين، فأرضعت إحداهما امرأة ليست من الزوج في شيء، ثم أرضعت الأخرى، فقد صارتا أختين، وحرمتا عليه، ولكل واحدة منهما عليه نصف المهر، ويرجع على المرأة التي أرضعتها إن كانت تعمدت الفساد. ولو تزوج ثلاث صبيات، فأرضعتهن امرأة بعضهن قبل بعض، حرمت عليه الاثنتان الأوليان، والآخرة امرأته، مِن قِبَل أن الأوليين صارتا أختين معاً فحرمتا عليه جميعاً، وصارت (¬6) الثالثة أختاً لهما بعدما ما بانتا، فلا يفرق بينها وبينه. ولو أرضعتهن معاً جميعاً حرمن عليه جميعاً، ويتزوج أيتهن شاء (¬7). ¬

_ (¬1) الزيادة من الكافي، 1/ 53 ظ. (¬2) الزيادة من المبسوط، 5/ 141. لم يذكر في الكافي امرأة ابنه، ولم يذكر السرخسي امرأة أبيه. (¬3) ز: أرضعتها. (¬4) ز: ذا. (¬5) تأتي هذه المسألة مرة أخرى آخر الباب. انظر: 7/ 159 ظ - 160 و. (¬6) م ز: أو صارت. (¬7) م: شيا.

وإذا تزوج الرجل المرأة وصبيتين، فأرضعت المرأة الصبيتين إحداهما قبل الأخرى، ولم يدخل بالمرأة، فإنه يفرّق بينه وبين المرأة والصبيةِ الأولى، والصبيةُ الآخرة (¬1) امرأته، ولا مهر للمرأة؛ لأنها أفسدت على نفسها. وللصبية الأولى على الزوج نصف المهر، ويرجع بذلك على المرأة إن كانت أرادت الفساد بذلك. ولا تحل الأم أبداً. فأما الصبية فإنها تحل له إذا مات (¬2) التي عنده أو ماتت (¬3). فإن كان قد دخل بالمرأة فإنه يفرّق بينه وبين الصبيتين جميعاً، ولكل واحدة منهما نصف المهر على الزوج، ويرجع بذلك على المرأة إن كانت أرادت الفساد بذلك، وللمرأة المهر بما استحل من فرجها، ولا تحل له واحدة منهن أبداً. وأما الأم فإنها أم امرأته، فلا تحل له أبداً. وأما الابنة فإنها ابنة امرأته، وقد دخل بها، فلا تحل له (¬4). ولا تحل له أم امرأته من الرضاعة إذا كان قد دخل بامرأته أو لم يدخل بها. ولا تحل له ابنة امرأته من الرضاعة إن كان قد دخل بها، فإن كان لم يدخل بها فله أن يتزوجها إذا ماتت امرأته أو فارقها. وإذا أقر الزوج أن امرأة هي أخته من الرضاعة أو أمه من الرضاعة، ثم أراد بعد ذلك أن يتزوجها، وقال: إنما أوهمت أو أخطأت، أو نسيت، فصدقته المرأة، فإنهما يصدقان، وله أن يتزوجها إن شاء. وإن ثبت على قوله الأول فقال: هو حق كما قلت، ثم تزوجها، فإنه يفرق بينهما، ولا مهر لها عليه إن لم يكن دخل بها. وكذلك إذا قال: هي ابنتي من الرضاعة. وإذا (¬5) أقرت المرأة بذلك وأنكر الزوج، ثم أكذبت (¬6) المرأة نفسها، وقالت: أخطأت، وتزوجها الرجل، فهو جائز. ولو أقرا جميعاً بذلك ثم ¬

_ (¬1) ز هـ + ليست. (¬2) ز: إذا ماتت. (¬3) ز - أو ماتت. (¬4) ف - فلا تحل له أبداً وأما الابنة فإنها ابنة امرأته وقد دخل بها فلا تحل له. (¬5) م ف ز: وإنما. (¬6) ز: ثم ألذبت.

أكذبا (¬1) أنفسهما وقالا: أخطأنا، ثم تزوجها، فإن النكاح جائز، ولا (¬2) يفرق بينهما. وكذلك هذا الباب الأول كله في النسب. ليس يلزم من هذا إلا ما ثبتا عليه. ولو قالت المرأة: هو ابني من الرضاعة أو أخي أو أبي، ثم تزوجها الرجل قبل أن تُكذب نفسها، كان (¬3) النكاح جائزاً، ولا تصدق المرأة على هذه المقالة، لأن المرأة ليس في يدها من الفرقة شيء، إنما الفرقة في يدي الزوج. وإذا أقر الزوج بهذه (¬4) المقالة، وثبت عليها، وأشهد الشهود، ثم تزوجته المرأة، ولا تعلم بذلك، ثم جاءت بهذه الحجة بعد النكاح، فرقت بينهما. ولو أن رجلاً تزوج امرأة، ثم قال بعد النكاح: هي أختي من الرضاعة أو ابنتي أو أمي من الرضاعة، ثم قال: أوهمت أو أخطأت، وليس الأمر كما قلت، استحسنت أن لا أفسد نكاحهما، والقياس أن يفسد النكاح. ألا ترى أنة لو كان أعمى وعنده امرأته وأخته من الرضاعة فأراد أخته فأخطأ بامرأته فقال: هي أختي من الرضاعة، ثم (¬5) قال: أوهمت أو نسيت، صدقته على مقالته. والأعمى والصحيح في هذا سواء. ولو ثبت على هذا النطق وقال: هو حق، وشهدت عليه الشهود فرقت بينهما. ولو جحد ذلك لم ينفعه (¬6) جحوده وفُرِّقَ بينهما. إنما أستحسن إذا قال: أختي، ثم قال: أوهمت، فإني أصدقه. فأما إذا أقر أنه لم يوهم وأنه حق ثم جاء بعد ذلك فقال: أوهمت، فإني لا أقبل منه. وكذلك رجل قال لامرأته: هي أختي أو أمي، ثم قال: قد أوهمت، فإني أصدقه إن لم يكن لها نسب معروف، ولو ادعت هي عليه وأرادت أن تفارقه وادعت أنها أخته فإنه ينبغي في القياس أن يفرق بينهما، ولكني أستحسن في هذا أن لا أفرق (¬7) بينهما إذا (¬8) قال أوهمت أو نسيت. ولو قال ¬

_ (¬1) ز: ثم أنكرا. (¬2) ز: لا. (¬3) ز: فإن. (¬4) م ف: هذه. (¬5) م ف - ثم. (¬6) م: لم يقعه. (¬7) م: لا فرق. (¬8) م ف ز: وإذا.

لعبد له أو لأمة: هذه ابنتي أو هذا (¬1) ابني، أوقعتُ العتق وأخذتُ في هذا بالقياس (¬2) وتركتُ الاستحسان. ولو قال لامرأته: يا بُنَيَّة، لم يكن هذا شيئاً، ولم يفرق بينهما. ولو قال لامرأة له معروفة النسب: هذه ابنتي من نسب، وثبت على ذلك، لم أفرق بينهما. وكذلك لو قال: هي أمي، إذا كان له أم غيرها معروفة. وكذلك إذا قال: هي أختى لأبى، وكان لها أب معروف غير أبيه. فإن هذا ليس بشيء، ولست أثبت بهذا شيئاً ولا أوقع به طلاقاً. ولو قال: هي ابنتي، وليس لها نسب معروف ومثلها يولد لمثله (¬3) وثبت على ذلك فإني أفرق بينهما. فإن أقرت المرأة أنها ابنته أَثبتُّ النسب. وإن كان مثلها لا يولد لمثله لم أثبت النسب ولم أفرق بينهما. ألا ترى أنه لو قال لامرأته وهي صبية: هي أمي أو ولدتني، علمتُ أن هذا باطل ولم أفرق بينهما (¬4). وكذلك إذا قال: أرضعتني (¬5)، إذا كان مثلها لا ترضع ولا يكون لها لبن، فإني لا أفرق بينهما ولو ثبت على ذلك. ولو تزوج رجل صبية ثم تزوج عليها عمتها فدخل بعمتها فإنه يفرق بينه وبين عمتها. وإن أرضعت أم العمة الصبية لم أفرق بينه وبين الصبية من قبل أن العمة قد كانت ذات رحم محرم منها قبل الرضاع (¬6). ... ¬

_ (¬1) ف: أم هذا. (¬2) م: القياس. (¬3) م: المثله. (¬4) ف - ألا ترى أنه لو قال لامرأته وهي صبية هي أمي أو ولدتني علمت أن هذا باطل ولم أفرق بينهما. (¬5) ز: أرضعتينى. (¬6) تقدمت هذه المسألة. انظر: 7/ 158 ظ.

باب الإحصان

باب الإحصان لا تُحصن الرجل المسلم إلا المرأة الحرة المسلمة إذا دخل بها. بلغنا ذلك عن عامر وإبراهيم النخعي (¬1). ولا تحصنه الصبية وإن كان مثلها يجامَع، ولا الأمة وإن كانت مسلمة. ولا تحصنه المغلوبة العقل. وكذلك المرأة المسلمة لا يحصنها الزوج العبد، ولا الزوج الصبي وإن كان مثله يجامِع. وإن جامع الصبي والعبد ثم ماتا وانقضت عدتها فإن ذلك الجماع يُحلها للزوج إن كان طلقها ثلاثاً. وكذلك المعتوه المغلوب إذا زوّجه وليُّه فدخل بالمرأة وجامعها فإنه لا يحصنها، ويُحلها لزوج قد طلقها ثلاثاً، لأن جماع هؤلاء يقع موقع الجماع في التحريم والتحليل. ألا ترى أنه لا يَحل لواحد منهما أن يتزوج ابنة هذه المرأة ولا أمها، وأن هذه المرأة لا تحل لابن أحد منهم ولا أبيه. ولكن هذا الزوج لا يحصن (¬2) المرأة، مِن قِبَل الرق الذي في العبد، ولأن الصبي لم يدرك، ولأن المعتوه بمنزلة الصبي. ولا يُحصن الرجلُ المسلم إذا كانت امرأته ذمية للكفر الذي فيها. وإذا أسلمت امرأة الذمي ثم دخل بها قبل أن يسلم فإن ذلك لا يحصنها وقد أحلها (¬3) ذلك لزوج قد كان طلقها ثلاثاً. وإذا أُعتقت الأمة ثم دخل بها زوجها وهو عبد فإن ذلك لا يحصنها. وكذلك إذا أعتق الزوج وهي أمة ثم دخل بها فإن ذلك لا يحصنه. وكذلك إذا دخل الصبي بامرأته فإنه لا يحصنه ولا يحصنها. وإذا أغلق الرجل المسلم الحر (¬4) على امرأته باباً أو أرخى ستراً ثم ¬

_ (¬1) المصنف لعبد الرزاق، 7/ 308؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 536. (¬2) و: لا يحض. (¬3) م ف ز: حلها. والتصحيح من الكافي، 1/ 54 و. (¬4) ز: الحر المسلم.

فارقها وهو يقول: لم أدخل بها، فإن عليه المهر كاملاً، وعليها العدة كاملة، ولا تحصنه، مِن قِبَل أنه منكر للدخول. ولو ادعت المرأة الدخول (¬1) لم يحصن ذلك الزوج. وكذلك لو ادعى الزوج وأنكرت المرأة لم يحصنها ذلك، وكان لها المهر، وعليها العدة، مِن قِبَل أن العجز جاء مِن قِبَلِه، فلذلك وجب المهر عليه، وألزمناها العدة بالثقة والهِمّة (¬2). والإحصان ليس يؤخذ فيه (¬3) بقول واحد منهما على صاحبه. فإن أقرا جميعاً بالدخول فقد أحصنا ولزمهما من ذلك ما يلزم المحصن في الزنى. ولا يحصن الخصي إذا كان لا يجامع امرأته. وكذلك المجبوب، وكذلك العنين، لا يحصن واحد منهما صاحبه مِن قِبَل أنه لا يجامع. وإذا كان الخصي يجامع فجامعها فقد أحصن كل واحد منهما. ولا يحصن رجل مسلم بامرأة مسلمة وإن دخل بها بعد أن يكون نكاحاً فاسداً، وإن كان بينهما ولد ثبت نسبه. ولا يحصن الرجل بالرَّتْقاء إذا لم يجامعها. وكذلك الرجل الخنثى يتزوج المرأة، أو المرأة الخنثى تتزوج الرجل ولا يدخل بها، فليسا بمحصنين. فإن (¬4) دخل بها فهما (¬5) محصنان. ولو أن رجلاً مسلماً تزوج امرأة مسلمة فدخل بها كان محصناً، فإن ارتدا جميعاً عن الإسلام سقط الإحصان عنهما. فإن أسلما جميعاً معاً وقد كانا ارتدادهما وإسلامهما جميعاً معاً فهما على نكاحهما، وليسا بمحصنين حتى يجامعها بعد الإسلام. ¬

_ (¬1) م ف ز: بالدخول. (¬2) كذا في م ف ز. ولعل المقصود بالهمة النية والعزم على المسيس، وأن المرأة قد قامت بما يجب عليها من عدم الامتناع عنه. انظر: المبسوط، 5/ 149. (¬3) م ز: منه. (¬4) ز: وإن. (¬5) م: بينهما؛ ز: فإنهما.

وكذلك الرجل وامرأته من أهل الذمة يسلمان جميعاً، فإنهما لا يكونان محصنين حتى يجامعها بعد الإسلام. وكذلك العبد وامرأته إذا كانخا أمة فأُعتقا جميعاً. فإن كان قد دخل بها في حال الرق فإنهما لا يكونان محصنين بذلك الدخول حتى يدخل بها بعد العتق. فإذا دخل بها بعد العتق فهما محصنان وإن كانا لا يعلمان بالعتق وإن كانت المرأة لا تعلم أن لها الخيار. وكذلك لو علمت بالخيار فاختارت نفسها إذا كان قد دخل بها بعد العتق قبل أن تختار نفسها فإنهما محصنان. وإذا ولدت المرأة الحرة المسلمة من الحر المسلم أولاداً، ثم أنكر الدخول بها والإحصان، فهما محصنان، ولا ينظر في ذلك إلى إنكار أحدهما، ولا إلى إنكارهما (¬1) جميعاً. الولادة أصدق من قولهما جميعاً، وهو شاهد عليهما. وكذلك لو شهد عليهما شهود بالإحصان بإقرارهما بالجماع كانا محصنين. ولو أُدخلت عليه امرأته فأقام معها زماناً ثم مات عنها أو طلقها، ولم يكن أقر بالجماع، ولم يكن بينهما ولد، لم (¬2) يكونا محصنين إلا أن تقر المرأة بالجماع. وإذا دخل الزوج بامرأته وأقر بالجماع هو وهي، فأيهما ما مات فإن الباقي منهما محصن، يجري عليه ما يجري على المحصن. وإذا أقرت المرأة أنه قد جامعها ثم طلقها ثلاثاً أو مات عنها وانقضت عدتها، فإنها تحل لزوجها الذي طلقها ثلاثاً أن يتزوجها وأن يصدقها بقولها، وتكون بذلك محصنة. ولو تزوجها زوجها الأول وأنكرت الدخول بعد إقرار منها لم يصدق (¬3) على زوجها الآخر. ولو لم تكن أقرت بالدخول الأول الذي تحل به للذي قبله، ولكن الزوج أقر بذلك، فإن الزوج الأول لا يحل ¬

_ (¬1) ف - ولا إلى إنكارهما. (¬2) ز: ولم. (¬3) ز: لم تصدق.

باب نكاح المتعة

له أن يتزوجها (¬1) بإقرار هذا الآخر بعد. ولو كان أغلق باباً أو أرخى حجاباً ثم طلقها، ثم قال (¬2): قد كنت دخلتُ، وأنكرت هي ذلك حتى انقضت عدتها، فإنه (¬3) لا يحل لزوجها الأول أن يتزوجها، ولا يصدق عليها الزوج الذي خلا بها. ألا ترى أنها لا تكون محصنة بهذه الخلوة إن (¬4) لم يكن الأول دخل بها. ولو أقرت المرأة في هذه الحال بالدخول، وأنكر الزوج ذلك، حَلَّ (¬5) لزوجها الأول أن يتزوجها، ولم يكن بذلك بأس وإن أنكر ذلك الزوج الذي خلا بها. وكذلك لو لم يَخْلُ بها فقالت هي: قد كان دخل بي، وأنكر الزوج الدخول والخلوة، وذلك مجهول، فإن الزوج الأول يَحِلّ لها أن يتزوجها، ويصدقها على ذلك بقولها. فإن لم يشافهها مشافهة بذلك فأرسلت إليه بذلك رسولاً، بعد أن يكون الرسول ثقة، حل له أن يتزوجها. ألا ترى أن المرأة لو قالت: طلقني زوجي أو مات عني وانقضت عدتي، حل للخاطب أن يتزوجها، ويصدقها بقولها (¬6) ذلك. وكذلك التي أقرت بالدخول. ولو لم يكن هذا هكذا ما استقام لرجل أن يتزوج امرأة قد كان لها زوج قبله حتى تقوم البينة عنده (¬7) بالطلاق أو الموت. فهذا فاحش قبيح لا يستقيم. والدخول أشد من هذا، لأنه شيء لا يعاينه الرجال. ... باب نكاح المتعة بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أحل المتعة ثلاثة أيام من الدهر في غزاة غزاها، اشتد على الناس فيها العزوبة، ثم نهى عنها (¬8). ¬

_ (¬1) ز: يتزوج بها. (¬2) م ف ز: ثم قالت. (¬3) ز: فإنها. (¬4) م ف ز: وإن. (¬5) ز: حلت. (¬6) م ف: قولها؛ ز: على قولها. (¬7) ز: عند القاضي. (¬8) روي عن سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - أن رخص رسول الله عام أوطاس في المتعة ثلاثاً ثم نهى عنها. انظر: صحيح مسلم، النكاح، 18.

وبلغنا عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه ذكر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن المتعة (¬1). وبلغنا عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال: لو كنت تقدمت فيها لرجمت (¬2). بلغنا عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: نسختها آية الطلاق والعدة والميراث (¬3). وكيف تحل امرأة ليست بزوجة، ترث ما ترث الزوجة، وتورث كما تورث الزوجة، ولا يقع عليها الطلاق ولا الظهار ولا الإيلاء. ألا ترى إلى قول الله تعالى في كتابه: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6)} (¬4). فإن كانت هذه زوجة فحالها حال الزوجة. وإن كانت غير زوجة فلا تحل؛ لأنها ليست بملك يمين. هل رأيت زوجة تقع (¬5) بينها وبين زوجها الفرقة بغير طلاق ولا إيلاء (¬6) ولا خلع ولا مبارأة ولا بوجه من وجوه الفرقة المعروفة. وهل يلاعنها إن قذفها، وكيف يلاعنها وليست له بامرأة. أرأيت إن مات أحدهما قبل أن يدخل أيكون لها الأجر كاملاً. فإن كانت زوجة فأجرها مهرها فلها أجرها، ولها الميراث، وعليها عدة المتوفى عنها زوجها. وإن كانت إجارة فهل يحل فرج بإجارة. وينبغي أن لا يكون لها أجر مِن قِبَل أنه لم ¬

_ (¬1) صحيح البخاري، النكاح، 31؛ وصحيح مسلم، النكاح، 29 - 32. وانظر للتفصيل: نصب الراية للزيلعي، 3/ 176 - 181؛ والدراية لابن حجر، 2/ 57 - 59؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 154 - 156. (¬2) الموطأ، النكاح، 42؛ وسنن ابن ماجه، النكاح، 44؛ والمصنف لعبد الرزاق، 7/ 503؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 3/ 551. (¬3) الآثار لأبي يوسف، 152؛ والمصنف لعبد الرزاق، 7/ 505. وروي عن أبي هريرة مرفوعاً وعن علي موقوفاً. انظر: سنن الدارقطني، 3/ 259. (¬4) سورة المؤمنون، 23/ 5 - 6. (¬5) ز: يقع. (¬6) م: الإيلاء.

يستوف (¬1) منها (¬2) الشرط. وهل تحل لأبي (¬3) زوجها أو لابنه. فإن كانت زوجة فليست تحل، لقول الله تعالى في كتابه: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} (¬4)، وقولِه (¬5) تعالى (¬6): {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ} (¬7). وحالها إذن حال الزوجة في اللعان (¬8) والظهار والميراث والإيلاء والعدة إن كانت زوجة. فإن كانت غير زوجة فإنما هي إجارة، فهي حلال لأبي (¬9) زوجها ولابنه (¬10) أيهما شاء؛ لأنه لم يدخل بها (¬11). وكيف يحل الفرج بالإجارة. ما أعظم هذا. أرأيت إن أعطاها جُعْلاً على أن ينظر إلى فرجها من غير أن يجامعها أياماً معدودة أيحل هذا. فإن كان هذا لا يحل فهل يحل إذا اشترط معه الجماع. أرأيت لو اشترط المباشرة دون الجماع، هل كان يحل. وهل يحل (¬12) للزوج وعنده أربع نسوة أن يتمتع من خامسة والأربع الاَن عنده نكاحهن صحيح. وهل يحل أن يتمتع من أخت امرأته. وهل يحل أن يتمتع من خمس نسوة في عقدة واحدة ومن أختين في عقدة واحدة. وهل يحل أن يتمتع من أمة بغير إذن مولاها. وهل يحل للعبد أن يتمتع من مولاته. وهل يحل للرجل أن يتمتع (¬13) من امرأة (¬14) طلقها ثلاثاً. وكيف (¬15) وجه المتعة إذا أراد أن يُقاطِع ¬

_ (¬1) ز: لم تستوف. (¬2) م: بينها؛ ز: بينهما. (¬3) ز: لأب. (¬4) سورة النساء، 4/ 22. (¬5) ز: وقول الله. (¬6) ز + في كتابه؛ ف - ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف وقوله تعالى. (¬7) سورة النساء، 4/ 23. (¬8) م ز: في الحان. (¬9) ز: لأب. (¬10) م ف: والابنه. (¬11) لكن إذا دخل بها الرجل فلا تحل لأبي الرجل ولا لابنه كما هو معروف من أن الوطء وإن كان حراماً لكنه يكون سبباً لتحريم الأصول والفروع. (¬12) ف - وهل يحل. (¬13) ف - من أمة بغير إذن مولاها وهل يحل للعبد أن يتمتع من مولاته وهل يحل للرجل أن يتمتع. (¬14) ز + قد. (¬15) م ف ز: أو كيف.

المرأة عليها، ماذا يقول: أستأجرك لأجامعك أم أتزوجك (¬1). فإن قال: أتزوجك (¬2)، فهذا النكاح الصحيح. وإن قال: أستأجرك، فإن الفروج لا تستأجر. ولا بأس إن كان هذا جائزاً أن يستأجرها رجلان في عقدة واحدة (¬3) كما يستأجر (¬4) الرجلان المرأة للخدمة. أو يقول: أتمتع منك وتمتعي مني، أي شيء هو. وما معنى هذا. من يحلله. أتمتع منك [في] الجماع أو في الخدمة. وما معنى أتمتع منك، أي شيء هو، إجارة هي أم نكاح. هذا كله باطل، لا يصلح ولا يحل. ولو أن رجلاً قال لامرأة: قد تزوجتك شهراً أو يوماً، بشهود ومهر تراضيا به، كان هذا قبيحاً عندنا (¬5) أيضاً، ولا يجوز بينهما. وهل يحل للرجل أن يتمتع من امرأة قد وطئ أمها أو ابنتها بمتعة أو نكاح أو ملك يمين. وهل يحل التمتع بغير شهود أم لا بأس. فإن النكاح لا يكون (¬6) إلا بشهود. وما عدتها إذا مضى الأجل ووقصت الفرقة بينهما إذا كانت تحيض أو لا تحيض. وعدة الأمة وعدة الحرة سواء أو مختلفة. وهل يصلح له أن يعطيها جُعْلاً على أن يزيد (¬7) في الأجل، وهل يستقيم في ذلك لو فَعَلا. وكيف لو انقضى الأجل وهو يجامعها فجعل لها (¬8) جُعْلاً (¬9) على أن زادت في المدة. وما حال الولد الذي بينهما، أثبت (¬10) نسبه أم لا. وكيف القول (¬11) إن نفاه الأب وزعم أنه من زنى، هل يثبت نسب الولد منه أم يلاعن. وهل يحل للرجل أن يتمتع من جارية (¬12) صغيرة مثلها يجامَع بغير إذن أبيها. وإن تمتع رجل (¬13) من امرأة يوماً، وآخَرُ من الغد، ثم جاءت بولد، أيهما يلزم الولد. ولو قاطعت رجلاً وهي تحت آخر على أجل معلوم ¬

_ (¬1) ز: ولا أجامعك أم أزوجك. (¬2) ز: أزوجك. (¬3) ف - واحدة. (¬4) ز: استأجر. (¬5) ف - عندنا. (¬6) ز: لا يلون. (¬7) ز: أن تزيد. (¬8) ز: له. (¬9) م: اجعلا. (¬10) ز: أيثبت. (¬11) ز + في. (¬12) ز: من جاربته. (¬13) ز: الرجل.

بعد انقضاء أجل الذي هي عنده، أكان هذا يصلح. ولو اشترط أحدهما الخيار على صاحبه أيجوز الخيار في هذا. ولو تمتع منها إلى أجل مجهول من نحو العطاء أو إلى الدِّيَاس (¬1) أو إلى الحصاد وأشباه ذلك مما لا (¬2) يعرف، من نحو قدوم فلان أو موت فلان أو إلى موتها أو إلى موت المتمتع، أيجوز هذا. وإن قال: أتمتع منك على أن المشيئة في الأجل إلي أو إليك (¬3) أو إلى غيرهما، أيجوز هذا. وإن تمتع من امرأتين بدراهم مسماة، فكيف (¬4) تقسم المرأتان الدراهم وأجلهما مختلف، إحداهما شهر والأخرى شهران، والدراهم التي جعل لهما عشرة دراهم. وكيف إن كان الأجل سواء. وكذلك إن تمتع منهما إلى أجل معلوم بغير شيء مسمى أو إلى أجل مسمى بغير شيء معلوم، فدخل بها بغير (¬5) شيء مسمى، أيكون (¬6) لها مهر مثلها أم إجارة مثلها. وكيف إن طلقها ثلاثاً قبل الأجل، وقد سمى لها أجراً، وقبل (¬7) أن يدخل بها، أيحل له أن يطأها بعد ذلك، أم تكون هذه فرقة، وما يكون لها من الأجر نصفه أو كله. وإذا تمتع رجل من امرأة إلى أجل معلوم، فلم يدخل بها حتى مضى الأجل [و] وقعت الفرقة، هل يحل له أن يتزوج أمها أو ابنتها أو يتمتع منهما جميعاً. وهل تكون من أمهات نسائه. فإن كان نكاحاً فهي من أمهات نسائه، ولا تحل له، وقد وقع عليها إذاً ما يقع على المرأة من العدة والميراث. وإن كان غير نكاح فما هو، إجارة أم لا. فما أعظم من هذا وأقبح أن يقول قائل: يستأجر الفرخ بالإجارة. ¬

_ (¬1) قال المطرزي: الدِّيَاسة في الطعام أن يوطأ بقوائم الدواب أو يكرّر عليه المِدْوَس يعني الجَرْجَر حتى يصير تبناً. والدِّيَاس صَقْل السيف. واستعمال الفقهاء إياه في موضع الدياسة تسامُح أو وهم. وأصل الدوس شدة وطء الشيء بالقدم. انظر: المغرب، "دوس". لكن ذكر غيره أن الدياس والدياسة سواء. انظر: المصباح المنير، "دوس"؛ والقاموس المحيط، "دوس". (¬2) م ف: هم الا؛ ز: بهم الا. (¬3) م ف: الى اوليك؛ ز: أتمتع منك إلى المشيئة في الأجل أو إلى أوليك. (¬4) م ف ز: وكيف. (¬5) م ف ز: غير. (¬6) ز: أيلون. (¬7) ز: أو قبل.

باب نكاح الادعاء من قبل الرجال

وقال أبو حنيفة: إذا قال: أتزوجك شهراً، فالنكاح فاسد، وهو متعة. وهو قول أبي يوسف ومحمد بن الحسن. ... باب نكاح الادعاء من قبل الرجال قال: وإذا ادعى رجل نكاح امرأة وأقام عليه البينة وصدقته أو لم تصدقه (¬1)، وأقامت أختها عليه البينة أنها امرأته وأنه إياها تزوج، فالقول قول الزوج والبينة بينته. أُثْبِتُ نكاح التي أقام عليها البينة، وأُبْطِلُ نكاح الأخرى، ولا أجعل لها مهراً إن كان لم يدخل بها. ولو لم يكن الأمر هكذا، ولكن الزوج أقام البينة أنه تزوج إحداهما ولا تُعرَف بعينها، غير أن الزوج يقول: هي هذه، فإن أقرت المرأة بذلك فهي امرأته، وإن جحدت ذلك فلا نكاح بينه وبين واحدة منهما؛ لأن الشهود لم يشهدوا على شيء بعينه. ولا يمين للزوج على التي يدعي عليها النكاح في قول أبي حنيفة. ويفرَّق بينهم بغير مهر يلزم الزوج إن (¬2) كان لم يدخل بها. وكذلك لو قامت (¬3) البينة لامرأة بعينها أن أحد هذين الرجلين تزوجها، ولا يَعرفون أيهما هو، والرجلان ينكران ذلك، فهذا كله باطل، ولا مهر على واحد منهما. وإذا ادعت المرأة على أحدهما فلا يمين عليه في النكاح في قول أبي حنيفة. فإن ادعت أنه طلقها قبل الدخول وأن لها عليه نصف المهر استحلفته على المهر. فإن نكل عن اليمين لزمه ذلك، ولا يثبت النكاح. وإن حلف برئ. وإن ادعت أختان أن رجلاً تزوجهما، وكل واحدة منهما تقيم البينة أنه تزوجها أول، فإن ذلك إلى الزوج. فأيهما ما قال: هي الأولى، فهي الأولى وهي امرأته، ويفرَّق بينه وبين الأخرى بغير مهر إن كان لم يدخل بها. وإن ¬

_ (¬1) ف - أو لم تصدقه. (¬2) م ف ز: وإن. (¬3) ف + عليه.

جحد الزوج ذلك كله وقال: لم أتزوج واحدة منهما، أو قال: تزوجتهما جميعاً، ولا يُدْرَى أيهما الأولى، فهو سواء يفرَّق بينه وبينهما. فإن كان لم يدخل بهما فنصف المهر بينها وبين الآخرة مِن قِبَل أنه قد كان يقدر على أن يثبت نكاح إحداهما (¬1). فإذا تجاهل ذلك ليبرأ من (¬2) المهر لم يبرأ من ذلك (¬3). فإن كان (¬4) دخل بإحداهما كان لها المهر، وكانت هي امرأته. فإن قال: هي الآخرة وتلك الأولى، فُرِّق بينه وبينها، ولزمه المهر الذي سمى لها. [قلت:] فإن كان مهر مثلها أقل من ذلك؟ [قال:] وإن (¬5) كان، لها (¬6) ما سمى لها، ولا يصدَّق (¬7) في أن ينقصها من ذلك شيئاً بأن يقول: كان نكاحها فاسداً (¬8)، وكانت الأخرى امرأته. ولو أن رجلين تنازعا في امرأة، كل واحد منهما يدعي أنها امرأته ويقيم البينة، فإن كانت في بيت أحدهما (¬9) أو كان أحدهما قد دخل بها فهي امرأته، إلا أن يقيم الآخر البينة أنه تزوجها قبله. فإن لم تكن في بيت واحد منهما فأيهما ما (¬10) أقام البينة أنه أول فهو أحق بها. فإن لم تكن (¬11) لهما على ذلك بينة فإن المرأة تسأل عن ذلك. فأيهما ما أقرت به أنه تزوجها فهي امرأته. فإن لم تقر بشيء من ذلك فرق بينها وبينهما جميعاً. فإن كانا لم يدخلا بها جميعاً فلا مهر لها ولا عدة عليها. وإن كانا قد دخلا بها جميعاً ولا يُدرَى أيهما أول فعلى كل واحد منهما مهر مثلها، إلا أن ¬

_ (¬1) م ف: أحدهما. (¬2) م ز: مرامن؛ ف: من؛ وفي ف بياض قدر كلمة. والتصحيح مستفاد من الكافي، 1/ 54 ظ؛ والمبسوط، 5/ 155. (¬3) ز: لم ينزه ذلك. (¬4) ف - كان. (¬5) ز - وإن. (¬6) ف - لها. (¬7) م ف: ولا نصف؛ ز: ولا يصل. (¬8) ز: فاسد. (¬9) ز: إحداهما. (¬10) ف - ما. (¬11) ز: لم يكن.

يكون ما سُمي لها أقل من ذلك. فإن جاءت بولد لزمهما جميعاً، وكان ابنهما، يَعْقِلان عنه، ويرث من كل واحد منهما ميراث ابن كامل، ويرثانه جميعاً كل واحد منهما نصف ميراث. فإن مات أحدهما قبل الغلام أحرز الباقي ميراث الغلام إن لم يكن له ولد ولا أم. فإن كان للغلام ولد وأم ورث الباقي ميراثاً كاملاً. ولو كانت المرأة أقرت أن أحد الرجلين الأول كان هو الزوج، لزمه (¬1) الولد خاصة، ويفرق بينها وبين الآخر. ولو لم يفرق بينهما ولم يدخل بها ولم تقل: هذا الأول، ولا غيره، حتى ماتت، كان على كل واحد منهما نصف ما سمى لها من المهر، وكان ميراث زوج من تركتها (¬2) بينهما نصفين. ولو لم تمت ولكن أحد الرجلين مات، فإن قالت المرأة: الميت هو الأول، فهو الأول، ولها في ماله المهر، ولها الميراث. ولو قالت: ليس هو الأول وهذا الباقي هو الأول، كان الباقي هو الزوج، ولا ميراث لها من الأول ولا مهر. وإذا تزوجت المرأة زوجين في عقدة واحدة كان النكاح فاسداً (¬3) لا يجوز، ويفرق بينها وبينهما، وليس لها في هذا خيار. وكذلك لو كانت من أهل الذمة أو من المسلمين أو من أهل الحرب ثم أسلم الحربيان. ولو تزوجت زوجين في عقدة واحدة، وأحدهما له أربع نسوة، كان نكاح الذي ليس له نسوة منهما جائزاً (¬4)، ولا يفسده نكاح الآخر معه؛ لأن الآخر ليس بزوج، ولم يقع نكاحه قط. ألا ترى أن الآخر لو كان أباها أو أخاها (¬5) أو ابنها كان نكاح ذلك الآخر جائزاً (¬6)، لا يفسده ما ضم معه مما لا يحل. ولا يجوز نكاح أحد من هؤلاء. ولها على هذا الزوج ما سميا (¬7) لها جميعاً إذا كانا قد تزوجاها جميعاً على ألف. فإن سمى كل واحد لنفسه خمسمائة درهم لم يلزم زوجها إلا خمسمائة درهم. ¬

_ (¬1) ز: ولز مه. (¬2) ز: من تركها. (¬3) ز: فاسد. (¬4) ز: جائز. (¬5) ز: أبوها أو أخوها. (¬6) ز: جائز. (¬7) ز: ما سمينا.

وإذا تزوجت المرأة رجلاً وابنه في عقدة واحدة، فإن النكاح فاسد يفرق بينها وبينهما. فإن لم يكونا دخلا بها فلا مهر عليهما، وكل واحد منهما خاطب من الخطاب، فيتزوجها (¬1) أيهما شاء بعد أن تشاء هي ذلك؛ لأن النكاح الأول كان فاسداً لم يقع قط، ولم يكن نكاحاً. وكذلك الرجل إذا تزوج أختين في عقدة واحدة أو ثلاثاً في عقدة فإنه يفرق بينه (¬2) وبينهما. فإن لم يكن دخل بهما كان له أن يتزوج أيتهن شاء بعد أن تشاء هي ذلك؛ لأنه لم يقع النكاح الأول قط، ولم تكن واحدة منهما فيها امرأته. وكذلك لو تزوج خمساً في عقدة واحدة، ثم فرق بينه وبينهن قبل أن يدخل بواحدة منهن، لم يكن عليه مهر، وكان له أن يتزوج أم إحداهن أو ابنتها إن شاء ذلك. وكذلك لو تزوج امرأة لها زوج أو في عدة أو بغير شهود أو بوجه من وجوه النكاح (¬3) الفاسد وفرق (¬4) بينه وبينها قبل الدخول، كان له أن يتزوج أم (¬5) إحداهن (¬6) أو ابنتها مِن قِبَل أن النكاح لم يقع بينه وبين التي فارق قط. فإن دخل بامرأة منهن (¬7) ثم فرق بينه وبينها لم تحل له أمها ولا ابنتها، ولا تحل لأبيه (¬8) ولا لابنه (¬9). وكذلك إن قبلها لشهوة أو نظر إلى فرجها لشهوة لم تحل له أمها ولا ابنتها، ولا تحل لأبيه ولا لابنه. ولو لم يكن شيء من ذلك ولم يدخل بشيء منهن ولم ينظر إلى شيء منهن حل له أن يتزوج أمها وابنتها أيهما ما شاء وإن لم يكن فُرِّقَ بينه وبينها، مِن قِبَل أن النكاح كان فاسداً، وحل لابنه أن يتزوجها ولأبيه (¬10)، أيهما تزوجها فهو جائز، لأنها ليست له بامرأة. ألا ترى أنه لو تزوج امرأة لها زوج وفرق بينه وبينها قبل أن يدخل بها حل لأبيه ولابنه أيهما شاء أن يتزوجها بعدما يموت زوجها أو يطلقها إذا انقضت العدة، ¬

_ (¬1) ز: فتزوجهما. (¬2) ز: بينها. (¬3) ز: نكاح. (¬4) م ف ز: فرق. (¬5) ز: أمها. (¬6) ز - إحداهن. (¬7) ز - منهن. (¬8) ف: لابنه. (¬9) م: ولابنه؛ ف: ولأبيه. (¬10) م: ولابنه.

باب الأمة يتزوجها الرجل لغيره

وحل له أن يتزوج ابنتها أو أمها أيهما شاء مِن قِبَل أن النكاح للتي تزوجها ولها زوج لم يثبت قط ولم يقع (¬1). وإذا ادعت المرأة النكاح على الزوج فجحد (¬2) ذلك، فأقامت البينة عليه، ثبت نكاحه، ولا يكون جحوده فساداً للنكاح ولا رداً (¬3) له. وكذلك لو جحدت المرأة وادعى الزوج. ... باب الأمة يتزوجها الرجل لغيره قال: وإذا أَبَقَت الأمة (¬4) فزوّجت نفسها رجلاً، وأخبرته أنها حرة، فولدت له أولاداً، ثم جاء المولى فأقام البينة أنها أمته، أخذها وأخذ عقرها، وأخذ قيمة أولادها من أبيهم، وأولادهم أحرار (¬5). وبلغنا نحو ذلك عن عمر بن الخطاب، وعن علي بن أبي طالب (¬6). وكذلك لو زوجها إياه رجل غيره، وأخبره أنها حرة. غير أن المولى يرجع على الأب بقيمة الولد، ويرجع به الأب على الذي غره بقيمة الولد. ولو لم يغره هذا الرجل وغرته هذه الأمة كان يرجع عليها إذا أعتقت بقيمة (¬7) ولده، وأولاده لا سبيل عليهمٍ، ولا قيمة عليه فيمن مات منهم قبل الخصومة وإن كان قد ترك الولد مالا. ولو جاء المولى يخاصم بعد موت الأب ولم يترك مالاً لم يكن له على الولد سبيل، وكانوا أحراراً (¬8). ولو كان ¬

_ (¬1) م ف: لم يقع. (¬2) ز: وهو يجحد. (¬3) م ف ز: درأ. (¬4) ز: المرأة. (¬5) انظر لمسألة شبيهة: 7/ 152 ظ. (¬6) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 361؛ والمحلى لابن حزم، 8/ 138؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 7/ 219، 9/ 74. (¬7) م ف: لقيمة. (¬8) ز: أحرار.

الأب حياً ثم مات بعض الورثة فليس على الأب قيمة من مات منهم. فإن قتل بعضهم فأخذ ديته كان على الأب قيمته. ولو ضرب إنسان بطن الأمة فألقت جنيناً ميتاً فغرم الضارب خمسمائة درهم للأب فخاصم المولى أخذ الجارية وأخذ قيمة من كان من الولد حياً، وقيمة من قتل منهم، وأخذ نصف عشر قيمة الجنين الذي سقط إن كان غلاماً، وعشر قيمته إن كانت جارية. ولو كان مولى الجارية عم الولد أخذ قيمتهم؛ لأنهم لم يُعْتَقُوا بقرابتهم من عمهم، إنما أُعْتِقُوا بالغرور. ولو كانوا أُعْتِقُوا (¬1) بالقرابة كانوا موالي (¬2) للعم. أرأيت لو كان أبوهم رجلاً من قريش أو من العرب، وعمهم أخو أبيهم لأمة رجل من الموالي، أكانوا يكونون موالي (¬3) لعمهم، لا يكونون موالي (¬4) لعمهم. ومتى ما ملك أبوهم أمهم فهي أم ولد له. وإذا تزوج الرجل امرأة على أنها حرة فولدت أولاداً فإذا هي مكاتبة أو أم ولد قد أذن لها مولاها في النكاح أو مدبرة، فإن مولاها يأخذها ويأخذ عقرها إذا كانت مدبرة أو أم ولد، وقيمة ولدها. فإن كانت مكاتبة فقيمة الولد لها، ويرجع الأب على الذي غره. وإن كانت المكاتبة هي التي غرته فلا شيء لها عليه؛ لأنه يرجع به عليها وإن عجزت. رجع يعقوب بعد ذلك عن هذا، وقال: ترجع المكاتبة بقيمة الولد، ولا يرجع عليها بذلك إن عجزت، ولكنه يرجع بذلك عليها إن أعتقت. وكذلك قول محمد بن الحسن. وإن كانت المدبرة وأم الولد هما (¬5) غرتا فالقيمة عليه، ويرجع الأب عليهما إذا أعتقا. ومتى ما ملك المكاتبة بعد أن تعجز فإنها تصير أم ولد له. وإن مات مولاها وهي مكاتبة، فورثها أبو الولد، فإنها تخير. فإن شاءت أن تكون أم ولد له وتُبطل المكاتبة [فعلت]. وإن شاءت مضت على كتابتها. فإن أدت عتقت وكان الولاء للأول. وإن مات المولى قبل أن تؤدي فإنها تعتق، وتبطل المكاتبة عنها، وتكون في هذا بمنزلة لو ¬

_ (¬1) م: عتقوا. (¬2) ز: مواليا. (¬3) ز: مواليا. (¬4) ز: مواليا. (¬5) ف - هما.

باب النكاح في عقدة واحدة وفي عقد متفرقة وما يجوز من ذلك وما لا يجوز

وهب لها المكاتبة. وإن كان معه شريك في الميراث سعت في مكاتبتها على حالها، وكان الولاء للأول إذا أدت. ألا ترى أن المكاتبة لو ورثها رجلان، فأعتقها أحدهما، كان عتقه باطلاً؛ لأنه إنما ورث مالاً. ولو أن المكاتبة حيث ورثها رجلان خيرت، فاختارت أن تكون أم ولد وتبطل المكاتبة، كانت تكون أم ولد وبطلت المكاتبة، ويضمن أبو (¬1) الولد نصف قيمتها (¬2) لشريكه. ولو أن أمة غرت رجلين من نفسها، فتزوجاها على أنها حرة، فولدت لهما أولاداً، ثم إنهما جميعاً اشترياها أو ملكاها بوجه من الوجوه غير ذلك، كانت أم ولد لهما. فإن كان ملكها أحدهما فهي أم ولد له، وأما ولدها من غيره فهم رقيق له؛ لأنهم ولدوا في غير ملكه. وإذا غرت الأمة رجلاً من نفسها، وأخبرته أنها أمة هذا الرجل اشتراها منه، فولدت له أولاداً، فاستحقها رجل آخر، فأخذها وأخذ العقر وأخذ قيمة الولد، كان لأبي (¬3) الولد أن يرجع بالثمن وبقيمة الولد على الذي باعه، ومتى ما ملكها فهي أم ولد له. ... باب النكاح في عقدة واحدة وفي عقد (¬4) متفرقة وما يجوز من ذلك وما لا يجوز وقال: لا يحل للرجل أن يجمع بين أكثر من أربع نسوة، لقول الله تبارك وتعالى في كتابه: {مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} (¬5). ¬

_ (¬1) ز: أب. (¬2) ز: نصف القيمة منها. (¬3) ز: لأب. (¬4) ز: عقدة. (¬5) سورة النساء، 4/ 3.

وإذا تزوج الرجل أربع نسوة في عُقدة واحدة أو عُقَد (¬1) متفرقة، ثم طلق إحداهن بعد الدخول بها، فإنه (¬2) لا يحل (¬3) له أن يتزوج الخامسة، أختها كانت أو عمتها أو خالتها أو ابنة أختها أو ابنة أخيها من الرضاعة أو النسب (¬4) أو امرأة لا قرابة بينه وبينها ولا رضاع. وكذلك لو كان الطلاق بائناً أو بَتَاتاً أو خلعاً (¬5) أو مبارأةً أو لعاناً (¬6) أو فرقة بينهما مِن قِبَل الرجل (¬7) أو المرأة بأي وجه ما كان. ما فإنه لا يحل له أن يتزوج الخامسة (¬8) وإن كانت أمة وكانت التي فارق أيضاً أمة والتي هن عنده إماء حتى تنقضي عدة (¬9) التي وقعت بينه وبينها الفرقة. وكذلك لو كان نكاحها فاسداً فُرِّقَ بينهما بنكاح فاسد بعد أن يكون قد دخل بها، فإني (¬10) لا أجيز نكاح الخامسة ما دامت هذه في عدتها. ولو تطاولت العدة، فإن قال الزوج: قد أقرت عندي بانقضاء العدة، فإنه لا يصدق عليها في نفقة إن كان لها عليه، ولكنه يصدق في أن يتزوج الخامسة متى ما شاء. وله أن يتسرى على الأربع ما بدا له من السراري، وأن يتسرى في عدة التي طلق ما بدا له من السراري، ما خلا أختها أو امرأة ذات محرم منها من رضاع أو نسب، فإنه لا يتسرى شيئاً من هؤلاء حتى تنقضي عدتها. قال: وبلغنا عن عمار أنه قال: ما حرم الله تبارك وتعالى من الحرائر شيئاً إلا وقد حرم من الإماء مثله، إلا رجل يجمعهن (¬11). ومعنى هذا عندنا أنه لا يحل أن يجمع بين أمتين أختين، أو أمة وأخرى ذات محرم منها من ¬

_ (¬1) ز: أو عقدة. (¬2) م ز: فإنها. (¬3) ز: لا تحل. (¬4) م ف ز: أو نسب. (¬5) ز: أو بتات أو خلع. (¬6) ز: أو لعان. (¬7) ز: الرجال. (¬8) ز: أن يتزوجها وهي الخامسة. (¬9) ز: عدته. (¬10) ز: فإنه. (¬11) روي نحوه، ولفظه: ... إلا أن الرجل قد يجمع ما شاء من الإماء. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 482. وروي عن عثمان - رضي الله عنه - أنه قال: أحلتهما آية وحرمتهما آية، فأما أنا فلا أحب أن أصنع ذلك. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 7/ 189؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 3/ 483.

نسب أو رضاع. وأما قوله: إلا رجل يجمعهن، فإنه لا بأس أن يجمع خمساً من السراري أو عشراً أو أكثر من ذلك (¬1). وإذا تزوج الرجل أربع نسوة في عقدة (¬2) ثم خرج من الكوفة حتى أتى مكة فطلق إحدى الكوفيات ولم يكن دخل بها، ثم تزوج مكية ثم إنه طلق إحدى نسائه ولم يدخل بالمكية، ثم تزوج بالطائف أخرى ثم مات ولم يدخل بشيء منهن، فإن للطائفية مهراً كاملاً، من قبل أنه لم يحدث طلاقاً بعدما تزوجها، ولها ربع ميراث النساء كَمَلاً (¬3) من قبل أنه ليس معها إلا ثلث، وللمكية ربع ما بقي من ميراثهن وسبعة أثمان المهر من قبل أن الطلاق الآخر وقع عليها وعلى ثلاث معها فأصابهن نقصان وأصابها من ذلك ربعه فكان ذلك ثُمن مهر، وللكوفيات الأربع ما بقي من ميراث النساء بعد الذي أخذت الطائفية (¬4) والمكية، فلهن ثلاثة مهور وثُمن مهر بينهن سواء، أصابهن بالطلاق الأول نقصان نصف مهر (¬5)، وبالطلاق الثاني نقصان ثلاثة أثمان مهر، لأن نصف مهر وقع عليهن وعلى المكية. وعليهن كلهن عدة المتوفى عنها زوجها. ولو كان أحدث طلاقاً بعد تزوجه الطائفية (¬6)، فطلق إحدى نسائه ولا تعرف، كان للطائفية (¬7) سبعة أثمان مهر، ولها من الميراث مثل ما كان لها في الباب الأول، وللمكية من المهر ستة أثمان وربع ثمن مهر، مِن قِبَل أن الطلاق وقع على الطائفية (¬8) وعلى الثلاث معها، فأصاب (¬9) الطائفية من النقصان الثمن، وأصابهن ثلاثة أثمان ما بقي بين النساء، فكانت المكية وثلاث من الكوفيات، فقسمنا ذلك بينهن، ¬

_ (¬1) م - من ذلك. (¬2) ف: في عقد. (¬3) قال المطرزي: يقال: أعطيته حقه كَمَلاً، قال الليث: هكذا يُتكلم به، وهو في الجميع والوحدان سواء، وليس هذا بمصدر ولا نعت، إنما هو كقولك: أعطيته كله. انظر: المغرب، "كمل". (¬4) ز: الطايفة. (¬5) ز: المهر. (¬6) ز: الطايفة. (¬7) ز: للطايفة. (¬8) ز: على الطايفة. (¬9) م: فما أصاب.

فأصاب الكوفيات الثلاث مهران (¬1) وسبعة أثمان مهر غير ربع (¬2) ثمن مهر (¬3) بينهن سواء، وللمكية من الميراث مثل ما لها في الباب الأول. وإذا تزوج الرجل امرأتين في عقدة واحدة، وامرأة في عقدة، وثلاثاً في عقدة، ولا يعلم أيتهن أول، فأما الواحدة فنكاحها ثابت، أولهن كانت أو آخرهن؛ لأنها الرابعة مع الثلاث، وثالثة مع الاثنتين (¬4). والقول قول الزوج في الثلاث والاثنتين (¬5)، فأيهن قال: أول، فالقول قوله، وهي الأولى، ويفرق بينه وبين الأواخر، وليس عليه في التي فارق مهر إذا لم يكن دخل بهن. فأي الفريقين ما مات والزوج (¬6) حي فقال: هي الأولى، ورثهن وأعطاهن مهورهن، وفرق بينه وبين الأواخر. وإن قال: اللاتي متن هن الأواخر، فلا مهر لهن عليه، ولا ميراث له منهن. فإن كان قد دخل بهن كلهن ثم قال [في] إحدى الفريقين: هؤلاء الأوليات، فهن الأوليات، ويفرق بينه وبين الأواخر (¬7)، ولكل واحدة منهن المهر تاماً بما استحل من فرجها مهور مثلهن، إلا أن يكون ما سمى لهن أقل من ذلك، فيكون لهن ذلك. فإن قال الزوج: لا أدري أيتهن أول، حُجِبَ عنهن إلا الواحدة، ويجبر على أن يقول ويبين الأول من الأواخر. فإن كان الزوج قد مات وقد (¬8) دخل (¬9) بهن فلكل واحدة منهن المهر. فإن كان لم يبين أيهن أول فللواحدة من ميراث النساء سبعة أسهم من أربعة وعشرين سهماً، مِن قِبَل أنها إن كانت ثالثة فلها ثمانية أسهم، وإن كانت رابعة فلها ستة أسهم، فدخل الشك في سهمين. فأعطيناها سهماً وحرمناها سهماً، وما ¬

_ (¬1) ز: مهرين. (¬2) م ف ز + مهر. والتصحيح من الكافي، 1/ 55 ظ؛ والمبسوط، 5/ 162. (¬3) ف - مهر. (¬4) م ف: الاثنين. (¬5) م ف ز: والاثنين. (¬6) ز: والزوحى. (¬7) ز - وإن قال اللاتي متن هن الأواخر فلا مهر لهن عليه ولا ميراث له منهن فإن كان قد دخل بهن كلهن ثم قال إحدى الفريقين هؤلاء الأوليات فهن الأوليات ويفرق بينه وبين الأواخر. (¬8) م ز - وقد. (¬9) ز: ودخل.

بقي فللثلاث نصفه وللاثنتين نصفه؛ لأن كل فريق منهن يدعيه. وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد: إن للثلاث تسعة أسهم مِن قِبَل أن لهن ثمانية عشر سهماً أو لا شيء لهن، فلهن تسعة، وللاثنتين ثمانية أسهم من قبل أن لهن (¬1) ستة عشر سهماً أو لا شيء. وعلى كلهن عدة المتوفى عنها زوجها غير أن على الثلاث وعلى الاثنتين أن يستكملوا في ذلك ثلاث حيض من قبل أن نكاح إحدى الفريقين فاسد وعليهن الحيض. فأخذت لهن في ذلك بالثقة. وينبغي للتي نكاحها فاسد أن يكون لها مهر مثلها إلا أن يكون ما سمى لها أقل من ذلك. فإن كان مهر مثلها أقل مما (¬2) سمى فلكل واحدة منهن مهر مثلها، فينظر إلى فضل ما سمى لها على ذلك، فتعطى نصفه لأنه لها كله أو لا شيء. وإن كان مهر مثلها أكثر مما سمى لهن فلهن ما سمى لها. فأما الواحدة فلا تنقص من مهرها الذي سمى لها ولا تزاد (¬3) عليه. وإن كان الزوج قد بين أيهن أول فلهن الميراث مع الواحدة، ولهن ما سمى لهن من المهور، ولا يزدن عليه ولا ينقص منه شيء (¬4)، وعليهن عدة المتوفى عنها زوجها، وللأواخر (¬5) التي فارق منهن مهور مثلهن، إلا أن يكون ما سمى لهن أقل من ذلك، فيكون لهن الأقل، وليس لها ميراث، وعليهن من العدة ثلاث حيض. وإن كان الزوج لم يدخل بهن وقد بين الأُوَل من الأواخر فللأُوَل المهور التي سمى لهن (¬6) مع الواحدة، وعليهن عدة المتوفى عنها زوجها، ولا مهر للأواخر، ولا ميراث لهن، ولا عليهن عدة. فإن كان الزوج لم يبين أيتهن الأولى ولم يدخل بشيء منهن جميعاً فالميراث بينهن على ما وصفت لك، وعلى كلهن عدة ¬

_ (¬1) ز - ثمانية عشر سهما أو لا شيء لهن فلهن تسعة وللاثنتين ثمانية أسهم من قبل أن لهن. (¬2) ز. ما. (¬3) ز: يزاد. (¬4) ز: شيئاً. (¬5) ز: والأواخر. (¬6) ز - أقل من ذلك فيكون لهن الأقل وليس لها ميراث وعليهن من العدة ثلاث حيض وإن كان الزوج لم يدخل بهن وقد بين الأول من الأواخر فللأول المهور التي سمى لهن.

المتوفى عنها زوجها، ولا حيض عليهن في ذلك مِن قِبَل أنه لم يدخل بهن، وللواحدة التي سمى لها من المهر، وللثلاث مهر ونصف بينهن سواء، وللاثنتين مهر بينهما سواء. داقراره بالأول عند الموت وفي صحته سواء، وهو مصدق في ذلك. فإن كان الزوج حياً ولم تمت واحدة منهن ثم واقع امرأة منهن فهي والتي معها الأولى. وهذا إقرار منه بأنهن الأُوَل. وكذلك لو طلق امرأة منهن أو ظاهر كان هذا إقراراً (¬1) بأنها والتي معها هن الأُوَل (¬2)، ويفرق بينه وبين الأواخر. فإن كانت إحدى الثلاث أم إحدى الاثنتين (¬3) غير أنه لم يدخل بشيء منهن كان القول في ذلك على ما وصفت لك من المواريث والمهور. والقول قول الزوج في الأولى منهن والأواخر. ولو كانت مع الثلاث أمة (¬4) كان نكاح الأمة فاسداً على كل حال، الأولى (¬5) كانت أو الآخرة. وكذلك لو كانت الاثنتان (¬6) أمة فإن نكاح الأمة فاسد (¬7)، الأولى كانت أو الآخرة. فإن (¬8) مات الزوج قبل أن يدخل بهن وقبل أن يبين أيتهن الأولى، وإحدى الثلاث أمة، وإحدى الاثنتين أمة، فإن نكاح الأمتين جميعاً فاسد (¬9)، ولا مهر لهما، ولا عدة عليهما، ونكاح الحرائر جائز صحيح مِن قِبَل أنهن أربع، لهن ما سمى لهن من المهور، ولهن الميراث، وعليهن العدة. وإن كانت إحدى الثلاث أمة والاثنتان حرتين (¬10) ليس بينهما أمة فإن نكاح الأمة فاسد، ولا مهر لها، ولا عدة عليها، وللحرة التي تزوج (¬11) وحدها المهر، وثلث ميراث النساء، ولكل فريق نصف ما بقي من الميراث، ومهران بينهن (¬12) جميعاً سواء، وعليهن كلهن عدة المتوفى عنها زوجها. فإن كانت إحدى الثنتين أمة، والثلاث حرائر، فإن نكاح الأمة فاسد، ولا ميراث لها ولا مهر، ولا عدة عليها، ¬

_ (¬1) ز: إقرار. (¬2) ز: هي الأولى. (¬3) م ف: الاثنين. (¬4) ز: أنه. (¬5) ز: للأولى. (¬6) ز: الاثنتين. (¬7) ز: فاسداً. (¬8) ز: وإذا. (¬9) ز: فاسداً. (¬10) ز: والاثنتين حرتان. (¬11) ز: تزوجها. (¬12) ز: ومهرين بينهما.

وميراث النساء بين الخمس كلهن، ولهن ثلاثة مهور بينهن سواء، للثلاث (¬1) من ذلك مهر ونصف، وللاثنتين مهر ونصف، وميراث النساء بينهن على أربعة، للثلاث من ذلك سهم ونصف بينهن، وعليهن كلهن عدة المتوفى عنها زوجها. إنما هذا رجل تزوج ثلاثاً في عقدة، وواحدة في عقدة، وواحدة في عقدة (¬2)، ثم مات ولا يعلم أيتهن أول (¬3). وإذا تزوج الرجل ثلاث نسوة في عقدة، واثنتين في عقدة، وواحدة في عقدة، وأربعاً في عقدة، ولا تُعرَف أيتهن أول، ثم مات ولم يدخل بشيء منهن، ولم تعرف أيتهن الأولى (¬4)، فإن ميراث النساء بينهن، لكل فريق ثلثه ما خلا الواحدة، ثم تدخل الواحدة مع الثنتين، فتأخذ سدس ما أصابهما (¬5) من ذلك، وتدخل مع الثلاث، فتأخذ ثمن ما أصابهن من ذلك، لأنها مع الاثنتين في حال ومع الثلاث في حال، ولا تكون مع الأربعة. وإن (¬6) كانت مع الثلاث كان لها ربع ما أصابهن. وإن لم تكن معهن فلا شيء لها. فأعطيناها ثمن ما أصابهن. ولهن جميعاً من المهور [ثلاثة مهور] (¬7) ونصف، مِن قِبَل أن أكثر ما يكون لها أربعة مهور، فنظرنا إلى الواحدة والذي يشك فيه، فقسمناه نصفين، فجعلنا نصفه لهن ونصفه للورثة، ثم تقسم تلك المهور بينهن على ما أصف (¬8) لك. أما نصف مهر مثلها فللأربعة ثلاثة أرباعه، وللثلاث ربعه، من قبل أن الثلاث إن كانت الواحدة معهن فهن يدعينه كلهن؛ لأنهن أربع كما تدعيه هؤلاء الأربع. وإن لم يكن معهن فلا شيء لهن فيه، فكان يكون لهن في حال نصفه، وفي حال لا شيء، فأعطيناهن ربعه. وأما مهر من ذلك، فللأربع منهن سدسان ونصف، وللثلاث من ذلك سدسان ونصف، وللثنتين السدس. وذلك أن الواحدة إن كانت مع الثنتين فهي ثلاث، فلهن ثلثا (¬9) ¬

_ (¬1) ز: الثلث. (¬2) م ز - وواحدة في عقدة؛ صح م هـ. (¬3) ز: الأول. (¬4) ز: يفرق أيهن الأول. (¬5) ز: ما أصابها. (¬6) ز: فإن. (¬7) الزيادة من الكافي، 1/ 55 ظ. (¬8) ز: ما وصفت. (¬9) ف ز: ثلث.

المهر. وإن لم تكن معهن فلا شيء لهن، فأعطيناهن (¬1) السدس، ولا حجة للثنتين في نصف المهر الأول ولا دعوى. وأما المهران الباقيان فكل فريق يدعينه فهو بينهن أثلاثاً (¬2)، ثم تدخل الواحدة مع الثلاث، فتأخذ ثمن ما أصابهن؛ لأنها مع هؤلاء في حال، ومع هؤلاء في حال، وعليهن كلهن عدة المتوفى عنها زوجها. وهذا قول أبي يوسف. وأما في قول محمد فللأربع مهر وثلث، وللثلاث مهر، وللثنتين (¬3) ثلثا (¬4) مهر، وللواحدة نصف مهر، مِن قِبَل أن الأربع يصح نكاحهن في حال، فلهن في حال الصحة أربعة مهور، ويفسد نكاحهن في حالين، فلا شيء لهن، فلهن ثلث ذلك، وهو مهر وثلث (¬5). وكذلك الثلاث يصح نكاحهن في حال، فلهن في حال الصحة ثلاثة مهور، ويفسد نكاحهن في حالين، فلا شيء لهن، فلهن ثلث ذلك، وهو مهر. وكذلك الثنتان (¬6) يصح نكاحهما في حالين فلا شيء لهما، فلهما ثلث ذلك، وهو ثلثا (¬7) المهر. وأما الواحدة فنكاحها صحيح في الأحوال كلها إلا في حال واحدة (¬8)، فلها نصف المهر، فذلك ثلاثة مهور ونصف. وإذا تزوج الرجل أربع نسوة في عقدة، وثلاثاً في عقدة، وثنتين في عقدة، وواحدة في عقدة، ولا يُعْلَم أيهن أول، وإحدى الأربع أمة، ولم يدخل بشيء منهن، ولا يعلم أيهن أول (¬9)، فإن نكاح الأمة فاسد، ولا مهر لها، ولا عدة عليها، وأما الواحدة فنكاحها جائز صحيح مع الثلاثة (¬10) كانت أو مع الأربعة، لأن إحدى الأربع أمة، أو مع الثنتين كانت (¬11). وأكثر ما يكون من المهور أربعة مهور، وأقل ما يكون لها ثلاثة ¬

_ (¬1) ز: فأعطيناعن. (¬2) م + فهو بينهن أثلاثاً. (¬3) م ف ز + من. والتصحيح من الكافي، 1/ 56 و. (¬4) ز: ثلثي. (¬5) م ز - وثلث؛ صح م هـ. (¬6) ز: الثنتين. (¬7) ز: ثلثي. (¬8) ز: واحد. (¬9) ز - ولا يعلم أيهن أول. (¬10) ز: مع الثلث. (¬11) ز: أو كانت مع الثنتين.

مهور، وفضل ما بين ذلك مهر. فجعلنا (¬1) لهن نصفه، وطرحنا نصفه، فصار لهن ثلاثة مهور ونصف، لا ينقص منه شيئاً ولا يزدن عليه. وللواحدة مهر كامل إن كانت مع الثلاث أو مع الأربعة، لأن فيهن أمة، فللواحدة المهر كاملاً، لأن نكاحها صحيح ثابت، وبقي مهران ونصف، فنصف مهر بين الثلاث والأربع سواء الأمة، والمهران الباقيان (¬2) لكل فريق ثلثه. وعلى كلهن عدة المتوفى عنها زوجها. وهذا قول أبي يوسف. وأما في قول محمد بن الحسن فللأربع التي إحداهن أمة مهر بينهن غير الأمة، وأما الثلاث فلهن مهر، والثنتان (¬3) لهن ثلثا (¬4) مهر، وأما الواحدة فلها المهر كاملاً، لأن نكاحها صحيح في الوجوه كلها، فذلك ثلاثة مهور وثلثا (¬5) مهر. وتفسير هذه المسألة على تفسير المسألة الأولى، ولا مهر للأمة ولا عدة عليها، وميراث النساء بينهن، للواحدة من ذلك سبعة أسهم من أربعة وعشرين سهماً، وسهم بين الثلاث والثلث، وما بقي فلكل فريق ثلثه (¬6). فإن طلق اثنتين من نسائه ثم مات ولا يعلم أيهن الأولى، ولا أيهن طلق، فإن أكثر ما يكون لهن من المهور ثلاثة مهور، وأقل ما يكون لهن مهران، فجعلنا لهن مهرين ونصفاً، أبطلنا (¬7) نصف الفضل الذي بين الأكثر والأقل، فأعطيناهن نصفه، فيكون (¬8) للواحدة من ذلك أكثر ما يكون لها ربع ثلاثة مهور، وأقل ما يكون لها ثلث مهرين (¬9)، والفضل فيما بين ذلك نصف سدس مهر، فأبطلنا نصفه، وجعلنا لها النصف، فيكون لها ثلثا (¬10) مهر وربع سدس، وبقي مهر وثلثا (¬11) مهر وثلاثة أرباع سدس مهر، للثلاث ثلث مهر وثلاثة ¬

_ (¬1) ز: جعلناها. (¬2) ز: والمهر بين الباقيين. (¬3) م ف ز: والثنتين. (¬4) ز: فلهن ثلثي. (¬5) ز: وثلثي. (¬6) قال الحاكم الشهيد: وهذا الجواب على مذهب أبي يوسف ومحمد في الميراث. انظر: الكافي، 1/ 56 و. وأما الجواب على قول أبي حنيفة فهو مختلف. انظر للشرح: المبسوط، 5/ 168 - 169. (¬7) ز: ونصف وأبطلنا. (¬8) ز: فيلون. (¬9) ز: مهران. (¬10) ز: ثلثي. (¬11) ز: وثلثي.

أرباع سدس مهر، وما بقي فلكل فريق ثلثه، والميراث بينهن على مثل المسألة الأولى، وليس للأمة مهر ولا ميراث، وعلى كلهن عدة المتوفى عنها زوجها (¬1). وإذا تزوج الرجل امرأة وابنتين لها في عُقَد متفرقة ثم مات ولا يعلم أيهن أول ولم يدخل بشيء منهن فإنما يكون لهن من المهور مهر واحد، نصفه للأم، ونصفه بين الابنتين، مِن قِبَل أنه لا يثبت إلا إحداهما أو الأم، فإنها تحاجّ (¬2) الأم (¬3) في المهر (¬4) إحدى الابنتين، وكذلك (¬5) الميراث نصفه [للأم] (¬6)، ونصفه للابنتين. وهذا قول أبي حنيفة - رضي الله عنه -. وفيها قول آخر: إن مهراً واحداً بينهن أثلاثاً، من قبل أن حجة كل واحدة مثل حجة صاحبتها إنما يثبت نكاحها هي أو نكاح غيرها منهن، والميراث بينهن أثلاثاً. وعلى كلهن عدة المتوفى عنها زوجها. وهو قول أبي يوسف ومحمد. ألا ترى أنه لو تزوج امرأة وأمها وابنتها كانت حجة كل واحدة منهن على حالها. فإن كنتَ (¬7) جمعتَ اثنتين (¬8) فجعلتَ حجتهما واحدة أضررتَ بهما، فأيهما (¬9) تجمع: الابنة وابنة الابنة أو الأم (¬10) والجدة (¬11). فكل واحدة منهن تقول: اجمع حجتي مع حجة صاحبتي. أرأيت لو تزوج امرأة وأمها وأخت أمها حجةَ (¬12) أيتِهن كنتَ تجمع مع حجة صاحبتها. وإذا كان الرجل حياً فالقول قوله في الأولى منهن، وهي امرأته، ¬

_ (¬1) قال الحاكم الشهيد: هذ الجواب ليس بسديد في حكم الميراث على مذهب أبي يوسف. انظر: الكافي، 1/ 56 و. وقال السرخسي: "في حكم المهر"، وشرح المسألة. انظر: المبسوط، 5/ 169. (¬2) ف ز: تحتاج. (¬3) ف: ايلام (مهملة). (¬4) ز: في مهر. (¬5) م ف ز: ولهن. والتصحيح من الكافي، 1/ 56 و؛ والمبسوط، 5/ 170. (¬6) الزيادة من المصدرين السابقين. (¬7) م ز: كان؛ ف: كانت. (¬8) ز: ابنتين. (¬9) ز: فأيهن. (¬10) ز: والأم. (¬11) م ف ز: أو الجدة. (¬12) ز - حجة.

ويفارق الآخرة بغير مهر، وليست هذه الفرقة بطلاق. وإن لم يَقْرَبْ واحدةً منهن حتى يطلق إحداهن أو يجامعها أو يظاهر منهن أو يولي منها أو يخلعها فإنما هي الأولى، وهذا إقرار منه بذلك. وإن متن جميعاً قبل أن يكون شيء تبين من ذلك فالقول قول الزوج. فأيهن قال: هي الأولى، أُوَرِّثُها (¬1) وأُعطيها (¬2) المهر، ولا ميراث له من الأخراوين (¬3)، ولا مهر عليه. وإن (¬4) مات الزوج بعدهن من قبل أن يبين فله ثلث ميراث الزوج من كل واحدة منهن، وعليه ثلث ما سمى لكل واحدة منهن من المهر. وكذلك لو كن ثلاث أخوات تزوجهن في عقد (¬5) متفرقة كان مثل ذلك. وإذا تزوج الرجل امرأة في عقدة، وابنتيها (¬6) في عقدة أخرى، ولا يُعْلَم أيهن أول، ثم مات الزوج قبل أن يدخل بهن فإن الميراث والمهر للأم، وعليها العدة، ولا مهر للابنتين ولا ميراث، ولا عدة عليهن. ولا يضرك أكانت الأم هاهنا قبل أو بعد، مِن قِبَل أن نكاح الابنتين إذا كانت (¬7) في عقدة واحدة فهو فاسد، فلا يفسد ما كان بعده، ولا يضر ما كان قبله. ولو كان دخل بهن جميعاً كان للأم المهر الذي سمى، ولا ميراث لهاة لأنها قد ماتت (¬8) حين دخل بابنتها. فإن كان دخل بابنتها قبلها فلها نصف مهر مع المهر، فإن كان وطئها قبلهن فإنما لها مهر واحد، فلها في حال مهر (¬9) ونصف، وفي (¬10) حال مهر. فكان ينبغي أن يكون لها في قياس هذا (¬11) القول مهر وربع، ولكنا تركنا القياس في ذلك، ونجعل لها مهراً واحداً حتى يستبين حِينُ ذلك، ولكل واحدة من الابنتين ما سمى لها إلا أن يكون مهر مثلها أقل من ذلك، فيكون لها الأقل. ولا ميراث لواحدة منهن. وعلى كل واحدة منهن ثلاث حيض. ولو لم يكن دخل بالأم، وقد ¬

_ (¬1) ز: أورثه. (¬2) م ف: وأعطاها. (¬3) ز: من الأخرى وبن. (¬4) ز: فإن. (¬5) ز: في عقدة. (¬6) ز: وابنتها. (¬7) ز: إذا كانا. (¬8) ز: قد بانت. (¬9) ز - فلها في حال مهر. (¬10) م ف ز: في. (¬11) ز: في القياس في هذا.

دخل بالابنتين أو بإحداهما، كان للأم نصف المهر الذي سمى لها، ولا عدة عليها، ولا ميراث لها، وللابنة المدخول بها ما سمى لها إلا أن يكون مهر مثلها أقل من ذلك، فيكون لها الأقل. وكذلك الأخرى إن كان دخل بها، وعلى المدخول بها منهن ثلاث حيض، وإن لم يكن دخل بها فلا مهر لها. وإذا تزوج الرجل المرأة وابنتيها (¬1) في عقد متفرقة، ثم طلق إحداهن ولم يسمها، أو طلق إحدى نسائه ثم مات ولا يُعْلَم المطلقة والأولى ولم يدخل بهن، فإنه حيث (¬2) قال: إحداهن طالق، فليس ينقص من المهر شيء (¬3)، والميراث على ما وصفت لك والعدة. وأما إذا قال: إحدى نسائي طالق، فإنما يقع هذا على امرأة منهن، نِصفُ مهر بينهن على ما وصفت لك من المهر، ولا ميراث لواحدة منهن. وإذا تزوج الرجل امرأة في عقدة، وابنتيها (¬4) جميعاً في عقدة، ولا تُعْرَف الأولى منهن، ثم طلق إحدى نسائه، ثم مات قبل أن يدخل بهن، فإنما يقع الطلاق على الأم؛ لأنها هي امرأته. ولها نصف المهر، ولا عدة عليها، ولا ميراث لها. ولا ميراث للابنتين، ولا عدة عليهما، لأنهما ليستا بامرأتين له. ولو قال: إحداهن طالق، لم يقع الطلاق على الأم، وكان لها الميراث والمهر كاملاً، وعليها العدة. ألا ترى أن رجلاً لو (¬5) قال لامرأته وامرأة غيره: إحداكما طالق، لم يقع الطلاق على امرأته إلا أن يقول: إياها نويت. وإذا تزوج الرجل امرأة وابنتيها (¬6) في عقدة واحدة فإن نكاحهن كلهن فاسد، يفرق بينه وبينهن جميعاً، ولا مهر لهن. وهو خاطب يخطب أيتهن شاء، ويتزوج من شاء منهن إذا شاءت ذلك. ويتزوج أبوه أيهن شاء وابنه، وليس يحرمن على أبيه، وعلى (¬7) ابنه. ولا ¬

_ (¬1) ز: وابنتها. (¬2) ز - حيث؛ صح هـ. (¬3) ف ز + والمهر. (¬4) ز: وابنتها. (¬5) ز - لو. (¬6) ز: وابنتها. (¬7) ز: ولا على.

تحرم عليه أم إحداهن ولا ابنة (¬1) لهن من قبل أن نكاح الأولى (¬2) كان فاسداً، لم يكن نكاحاً. ولو كانت إحداهن أمة كان نكاح الأمة منهن جائزاً (¬3)، ويفرق بينه وبين الحرتين، مِن قِبَل أن نكاح الأمة لا يثبت مع الحرائر فأفسدت (¬4) الحرتان كل واحدة منهما نكاح صاحبتها، ولم يفسد نكاح الأمة، مِن قِبَل أن نكاحهن لم يكن صحيحاً، فأيتهن ما كانت الأمة فنكاحها جائز. ولو كانت فيهن أمتان كان نكاح الحرة (¬5) جائزاً، ونكاح الأمتين (¬6) باطل، مِن قِبَل أن الأمتين (¬7) أفسدت كل واحدة منهما نكاح صاحبتها. وكذلك (¬8) لو كانت اثنتان (¬9) منهن لهما أزواج أو كن في عدة بطل نكاحهما، وجاز (¬10) نكاح التي ليست لها زوج وليست في عدة. وإذا تزوج الرجل خمس نسوة حرائر، وأربع إماء في عقدة واحدة، جاز نكاح الإماء وبطل نكاح الحرائر، مِن قِبَل أنهن أكثر من أربع (¬11). ولو كن أربعاً فقط (¬12) جاز نكاح الحرائر، وبطل نكاح الإماء. وكذلك لو كانت حرة وأمة نكحهما في عقدة واحدة جاز نكاح الحرة وبطل نكاح الأمة. وكل نكاح من الحرائر والإماء يجتمع جميعاً في عقدة واحدة فأنظر في أصل (¬13) نكاح الحرائر، فإن كان جائزاً لو كن (¬14) وحدهن فأجيزه، وأبطل نكاح الإماء. وإذا كان لا يجوز إذا كن وحدهن فأبطل نكاح الحرائر، وأجيز نكاح الإماء (¬15) إن كن يجزن إذا كن وحدهن. وتفسير ذلك خمس حرائر وأربع إماء. ولو كن خمس إماء بطل نكاحهن أيضاً مع نكاح الحرائر. ¬

_ (¬1) ز: أثبت. (¬2) ز: الأول. (¬3) ز: جائز. (¬4) م: فاسدت. (¬5) م ف ز: الأمة. والتصحيح من الكافي، 1/ 56 و؛ والمبسوط، 5/ 172. (¬6) ز: الأمتان. (¬7) ز: أن الأمتان. (¬8) ز: ولذلك. (¬9) ز: اثنتين. (¬10) ز: وجا. (¬11) ز: من الأربع. (¬12) م: قط. (¬13) م - أصل؛ صح هـ. (¬14) ز: أو كن. (¬15) ز - وإذا كان لا يجوز إذا كن وحدهن فأبطل نكاح الحرائر وأجيز نكاح الإماء.

وإذا تزوج الرجل ثلاث نسوة حرائر في عقدة، وثلاث إماء معهن، وإحدى الحرائر ابنة إحدى الإماء، وقد كان النكاح كله في عقدة واحدة، فإن نكاح الحرائر جائز ونكاح الإماء فاسد. وكذلك لو كانت أمة وحره في عقدة وإحداهما ابنة الأخرى جاز نكاح الحرة، وبطل نكاح الأمة. لا يجوز نكاحها مع الحرة، ولا يُفْسِد عليها. وإذا تزوج الرجل امرأتين في عقدة واحدة، أو ثلاثاً في عقدة أو أربعاً، ليس بينهن قرابة ولا نسب، فالنكاح جائز. وكذلك لو كان بينهن قرابة ونسب بعد أن لا يكون محرماً (¬1). وإذا كان ذا رحم محرم أو رضاع محرم (¬2) فإن النكاح فاسد. وتفسير ذلك: لو كن كلهن أخوات من نسب أو رضاع، أو امرأة وعمتها، أو امرأة وخالتها أو ابنة أخيها أو ابنة أختها من رضاع أو نسب، فإن ذلك لا يصلح أيضاً (¬3). ولو طلق امرأة قد دخل بها وهي تعتد منه لم يتزوج امرأة ذات محرم منها من رضاع أو نسب، ولو فعل ذلك فرق بينهما. وكذلك لو تزوج أربعاً في عقدة واحدة لا قرابة بينها وبينهن ولا نسب فُرِّقَ بينه وبينهن (¬4)، مِن قِبَل أنهن خمس: هؤلاء الأربع والتي تعتد منه. ولو تطاولت العدة فإن ادعى الزوج أنها قد أقرت بانقضاء العدة عنده، وكذبته المرأة، فالزوج مصدق في ذلك في أن يتزوج ما شاء من ذوات المحرم والرضاع والنسب أو غيرهن، ما لم تكن أماً (¬5) لها أو ابنة. وإن (¬6) شاء أن يتزوج أربعاً في عقدة فعل. ولا يصدق عليها في إبطال النفقة. ولو لم يدع (¬7) عليها وأقر أنها في عدتها ثم تزوج أمة أو اثنتين (¬8) في عقدة أو ثلاثاً في عقدة فإن نكاحهن فاسد، مِن قِبَل أن حرة تعتد منه، فلا ينبغي أن يتزوج أمة في قول أبي حنيفة - رضي الله عنه -. وفيها قول آخر: إن كان الطلاق بائناً فإن نكاحهن جائز (¬9)، مِن قِبَل أن ¬

_ (¬1) ز: محرم. (¬2) ف - أو رضاع محرم. (¬3) ف - فإن ذلك لا يصلح أيضاً. (¬4) م ز: وبين. (¬5) ز: أم. (¬6) ز: فإن. (¬7) ز: يدعي. (¬8) ز: أو ثنتين. (¬9) م ف - جائز.

الحرة قد بانت، لأن نكاح الإماء ليس عليها، وهذا قول أبي يوسف ومحمد بن الحسن. ولا بأس بأن يتزوج الرجل المرأة في عدة امرأة قد كانت تحت ابنها (¬1) أم ولد، أو امرأة ابن لها من غيره، مِن قِبَل أنه لا رحم بينها وبين هؤلاء ولا محرم من رضاع ولا نسب. أرأيت لو تزوج امرأة قد قبّلها أبوها لشهوة، أو لمسها، أو أتاها، ألم يجز ذلك. ولو أن رجلاً قبّل امرأة لشهوة، أو جامعها، وقبّل ابنُهُ امرأة أخرى لشهوة، أو لمسها، أو جامعها، أما كان يحل لرجل آخر أن يتزوجها ويجمع بينهما، فهذا وذاك سواء، ولا بأس بهذا ولا بذاك، إذا لم يكن بين المرأتين حرمة من نسب أو رضاع فلا بأس بأن يجمعهما (¬2) رجل. ألا ترى أن رجلاً لو تزوج امرأة ففارقها قبل أن يدخل بها حل له أن يتزوج ابنتها، ويحل له أن يتزوج امرأة ابنها. فكيف لا تحل (¬3) له امرأة ابنها (¬4) وقد حلت له الابنة. وكذلك يحل له أن يتزوج امرأة أبيها أو امرأة ابنها. ولو جمع رجل بين امرأة وبين امرأة أبيها بعدما فارقها أبوها فتزوجهما (¬5) جميعاً لم يكن بذلك بأس (¬6). أرأيت لو كان هذا أباها من رضاع أيضاً أما كان يصلح أن يضم امرأته معه، لا بأس بهذا، وهذا جائز. وإذا لمس الرجل المرأة لشهوة أو قبّلها (¬7) حرمت عليه أمها وابنتها، وحرمت (¬8) على ابنه وعلى أبيه وعلى جده، وحرمت عليه جدتها وابنة ابنتها وابنة ابنها (¬9). وكذلك إذا جامعها أو نظر إلى فرجها لشهوة. محمد عن أبي يوسف عن الحجاج عن مكحول أن عمر بن الخطاب ¬

_ (¬1) ز: أبيها. (¬2) ز: يجامعها. (¬3) ز: لا يحل. (¬4) م ز: أبيها. (¬5) ز: فيتزوجهما. (¬6) ز: بأسا. (¬7) ز + لشهوة. (¬8) م ز: أو حرمت. (¬9) ز: أبيها.

جرد جارية له وخلا بها، فاستوهبها له (¬1) ابن له، فقال: إنها لا تحل لك (¬2). وبلغنا عن مسروق بن الأجدع أنه قال: بيعوا جاريتي هذه، أما إني لم أصب منها إلا ما يحرمها (¬3) على ولدي من اللمس والنظر (¬4). وبلغنا عن إبراهيم النخعي أنه قال: إذا قبّل الرجل امرأة لشهوة حرمت على أبيه وعلى ابنه، وحرمت عليه أمها وابنتها (¬5). وبلغنا عن عَبِيدَة السلماني وعن إبراهيم النخعي (¬6) أنهما كانا يقولان: إذا كان عند الرجل أربع نسوة فطلق إحداهن فلا يتزوج خامسة حتى تنقضي عدتها (¬7). ولو تزوج رجل امرأة نكاحاً فاسداً ودخل بها وفُرِّقَ بينهما، لم يكن ينبغي له أن يتزوج أختها ولا امرأة ذات محرم منها من نسب أو رضاع ولا أربعاً في عقدة ما دامت تلك (¬8) تعتد منه، وأمها عليه حرام وابنتها. وإذا كان عند الرجل أربع نسوة فتزوج الخامسة عليهن ودخل بها، فإنه يفرَّق بينه وبين الخامسة، ويترك الأربع عنده كما هن، ولا يقربهن حتى تنقضي عدة الخامسة. وكذلك لو كان عنده امرأة فتزوج أختها عليها ودخل بها، ثم فُرِّقَ بينه ¬

_ (¬1) ز - له. (¬2) تقدم بلاغاً في أوائل الكتاب. انظر: 7/ 125 و. وانظر: المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 479. (¬3) م ف ز: ما يحرم. (¬4) المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 480. (¬5) المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 481. (¬6) ز - أنه قال إذا قبل الرجل امرأة لشهوة حرمت على أبيه وعلى ابنه وحرمت عليه أمها وابنتها وبلغنا عن عبيدة السلماني وعن إبراهيم النخعي. (¬7) المصنف لعبد الرزاق، 7/ 400؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 3/ 524. 525. (¬8) م: لك.

وبينها، ولا يقرب أختها حتى تنقضي العدة. ولا بأس بأن يتزوج الرجل أخت أم ولده، أو أخت مدبرته، أو أخت أمة له قد كان يطؤها، والنكاح جائز، غير أنه لا ينبغي له أن يطأ امرأته التي تزوج حتى يملك فرج الأمة وأم الولد والمدبرة غيرُه إذا كان يطؤها. فإن لم يكن يطأ أمته (¬1) ولا مدبرته فلا بأس بأن (¬2) يطأ امرأته. ولو زوج أم ولده وأمته ومدبرته وقد كان يطأ أمته ومدبرته حل له أن يطأ امرأته ما دامت أم ولده وأمته ومدبرته في العدة عدة الزوج. فإذا انقضت عدتها فلا ينبغي له أن يطأ امرأته حتى يملك فرج أم ولده وأمته ومدبرته غيره. فإن عتقت أم ولده فعليها ثلاث حيض، ولا ينبغي لة أن يقرب امرأته ما دامت أم ولده تعتد منه. ولو أن رجلاً أعتق أم ولده ثم تزوج أختها وأم ولده تعتد منه كان نكاح أختها فاسداً (¬3) لا يجوز. محمد قال: حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم بذلك. وقال أبو يوسف: نرى نكاح أختها جائزاً. ولا يقرب امرأته حتى تنقضي عدة أم ولده الذي أعتق. ولو تزوج أربعاً في عقدة واحدة كان ذلك جائزاً، وليست أختها كغيرها. وقال أبو يوسف ومحمد: نكاح أختها جائز، ولا يقربها حتى ينقضي عدتها. ألا ترى أنه لو لم يعتقها كان له أن يتزوج عليها أربعاً ويقربهن. وإذا تزوج أختها لم يقربها حتى يملك فرج أم ولده غيره. وقال أبو يوسف ومحمد: نرى نكاح أخت أم ولده في عدة أم الولد جائزاً (¬4)، ولا يقربها حتى تنقضي عدة أم الولد. وإنما أجزنا النكاح [لأن] العدة عدة ملك وليس بعدة نكاح. وكذلك كل ذات محرم منها من نسب أو رضاع إذا تزوجها عليها لم يقرب امرأته ولا أم ولده حتى يملك فرج أم ¬

_ (¬1) م ف ز: امرأته. والتصحيح من الكافي،1/ 56 ظ؛ والمبسوط، / 174. (¬2) ز: أن. (¬3) ز: فاسد. (¬4) ز: جائز.

ولده غيره. وقال أبو يوسف ومحمد: نكاح أختها جائز في عدتها مثل نكاح الأربع لو تزوجهن. وإذا تزوج الرجل أربع نسوة في عقدة، وثلاثاً في عقدة، ولا يعلم أيهن أول، ثم طلق إحدى نسائه قبل أن يدخل بهن، ولا يعلم أيهن طلق أول، ولا أيهن تزوج أول، ثم مات قبل أن يعلم ذلك، فإن لهن جميعاً ثلاثة مهور، مِن قِبَل أن أكثر ما يكون لهن ثلاثة مهور ونصف، وأقل ما يكون لهن مهران ونصف. نظرنا في الفضل فيما بين ذلك، فأبطلنا نصفه، وجعلنا لهن النصف منه. فأما نصف المهر من ذلك فهو للأربع خاصة؛ لأن أكثر ما يكون للثلاث مهران ونصف. وأما مهران ونصف فللثلاث نصفه وللأربع نصفه. وميراث النساء لكل فريق منهن نصفه. وعلى كلهن عدة المتوفى عنها زوجها. ولو طلق اثنتين من نسائه ولم يدخل بهن، ولا يعلم أيهن أول، وقد مات الرجل، كان أكثر ما يكون لهن ثلاثة مهور، وأقل ما يكون لهن مهران، فلهن مهران (¬1) ونصف، للأربع من ذلك نصف مهر بينهن سواء، ويبقى مهران، فللأربع نصفه وللثلاث نصفه. ولهن ميراث النساء، لكل فريق نصفه، وعلى كلهن عدة المتوفى عنها زوجها. ولو طلق ثلاثاً من نسائه كان أكثر ما يكون لهن مهران ونصف، وأقل ما يكون لهن مهر ونصف، فأجعل لهن مهرين (¬2)، فأما نصف مهر فللأربع (¬3)، وبقي مهر ونصف، فلكل فريق نصفه، وعلى كلهن عدة المتوفى عنها زوجها. وإذا تزوج الرجل ثلاث نسوة في عقدة، فدخل بواحدة منهن ولم يدخل بالثنتين، ثم طلق واحدة من نسائه تطليقة وطلق أخرى ثلاثاً، ثم مات ولا يعلم أيهن طلق، فإن للمدخول بها مهراً تاماً بما استحل من فرجها، ولها من ميراث النساء خمسة أسهم من اثني (¬4) عشر سهماً، وللاثنتين اللتين لم يدخل بهما سبعة أسهم من اثني (¬5) عشر سهماً، ولهما من المهر مهر ¬

_ (¬1) ف - فلهن مهران. (¬2) ز: مهران. (¬3) م ف: فلاربع. (¬4) ز: من اثنا. (¬5) ز: من اثنا.

وربع بينهما سواء؛ لأن أكثر ما يصيبهما مهر ونصف، وأقل ما يصيبهما مهر (¬1). وهذا قول أبي يوسف. وقال محمد: للتين لم يدخل بهما مهر وثلث، لكل واحدة منهما ثلثا مهر؛ لأن النسوة جميعاً لو لم يدخل بهن نقص مهراً واحداً، من كل واحدة (¬2) ثلث مهر. فلما دخل بواحدة أتم لها مهرها وبقيت الاثنتان على حالهما (¬3)، ولا ينقص اللتين لم يدخل بهما بدخوله بالثالثة، ولا يزدن شيئاً. وعلى الاثنتين اللتين لم يدخل بهما عدة المتوفى عنها زوجها، وعلى التي دخل بها عدة المتوفى عنها زوجها، تستكمل في ذلك ثلاث حيض. ولو كان دخل بالاثنتين ولم يدخل بواحدة والمسألة على حالها كان لكل واحدة منهما (¬4) المهر، وللتي لم يدخل بها ثلاثة أرباع المهر، مِن قِبَل أن لها مهراً (¬5) في حال، وفي حال نصف مهر. ولها من الميراث الثلث في حال، ولا شيء لها في حال، فلها السدس. وعليها عدة المتوفى عنها زوجها. وللتين دخل بهما (¬6) خمسة أسداس ميراث النساء بينهما. وهذا قول أبي يوسف. وقال محمد مثل ذلك في جميع المسألة إلا فيما وصفت التي لم يدخل بها، فإن لها ثلثي مهر، لا يزاد على ذلك بدخوله بغيرها. وإذا تزوج الرجل امرأتين في عقدة، وثلاثاً في عقدة، ثم قال: قد دخلت بإحدى الفريقين كلهن، ثم مات (¬7) ولا يعلم أيهن دخل بهن، فإن أكثر ما يكون لهن ثلاثة مهور، وأقل ما يكون لهن مهران، فلهن مهران ونصف بينهن، فأما الاثنتان فلهما مهر بينهما، وللثلاث مهر ونصف. وميراث النساء للاثنين (¬8) النصف، وللثلاث النصف، مِن قِبَل أنه لإحدى الفريقين. وعليهن كلهن عدة المتوفى عنها زوجها. ولو كان طلق إحدى نسائه ثلاثاً، ولا يعلم أيتهن هي، كان الميراث (¬9) بينهن على ما ¬

_ (¬1) م + ونصف وأقل ما يصيبهما مهر؛ ز + ونصف. (¬2) م ف ز: واحد. (¬3) ز: على حالها. (¬4) ز: منهن. (¬5) ز: مهر. (¬6) ز: بها. (¬7) ز: ثم ت. (¬8) ز: للاثنتين. (¬9) م: المهر؛ صح هـ.

وصفت لك. ولو لم يكن دخل بشيء منهن، ولكنه طلق إحدى نسائه ثلاثاً، ولا يعلم أيتهن هي كان المهر والميراث بينهن سواء على ما وصفت لك. ولو لم يكن طلق إحدى نسائه ثلاثاً كان أكثر ما يكون لهن من المهور مهران ونصف، وأقل ما يكون لهن مهر ونصف، فلهن مهران كاملان، للثلاث من ذلك مهر وربع، وللاثنتين من ذلك ثلاثة أرباع مهر، مِن قِبَل أن الأكثر للثلاث مهران ونصف وأقل ما يكون لهن لا شيء، فيكون لهن مهر وربع. وأكثر ما يكون للثنتين مهر ونصف وأقل ما يكون لهن لا شيء، فلهن ثلاثة أرباع مهر. وأما الميراث فهو بينهن لكل فريق نصفه. وعليهن كلهن عدة المتوفى عنها زوجها. ولو كن ثلاث نسوة ليس غيرهن ثم دخل بإحداهن ولا يعرف، ثم طلق إحدى نسائه ثلاثاً والأخرى واحدة، ثم مات ولا يعلم أيهن طلق، ولا يعرف المدخول بها، فإن لهن من المهور مهران وربع، مِن قِبَل أن أكثر ما يكون لهن مهران ونصف، وأقل ما يكون لهن مهران، فصار لهن مهران وربع بينهن أثلاثاً. والميراث بينهن أثلاثاً. وعلى كل واحدة منهن عدة المتوفى عنها زوجها، تستكمل في ذلك ثلاث حيض، مِن قِبَل أن إحداهن قد طلقت ثلاثاً لا يدري أيهن هي، فآخذ لها في ذلك بالثقة في قول أبي يوسف. ولو كان المدخول بها معروفة بعينها كان لها المهر كاملاً، وكان للأخريين اللتين (¬1) لم يدخل بهما مهر وربع في قول أبي يوسف. فأما الميراث فللمدخول بها من ميراث النساء خمسة أسهم من اثني عشر سهما، مِن قِبَل أنهن في التطليقات الثلاث سواء، أيتهن وقعت عليها بانت بها (¬2)، مِن قِبَل أن التطليقة الواحدة إذا وقعت على المدخول بها لم أحرمها الميراث. إذا لم تنقض (¬3) العدة كان لها الميراث مع النساء؛ لأنها لا تبينها. وإن وقعت على إحدى الأخريين (¬4) بانت وكان للمدخول (¬5) بها نصف ¬

_ (¬1) ز: للآخرين التين. (¬2) ف - من قبل أنهن في التطليقات الثلاث سواء أيتهن وقعت عليها بانت بها. (¬3) ز: لم تنقضي. (¬4) ز: الآخرتين. (¬5) ز: المدخول.

ميراث النساء فلها في حال ثلث وفي حال نصف، فأعطيناها خمسة أسهم. وللتين لم يدخل بهما سبعة أسهم من اثني (¬1) عشر سهماً، مِن قِبَل أن لها في حال ثلثين وفي حال نصفاً (¬2)، فجعلنا لها سبعة أسهم. وعلى كل واحدة منهما عدة المتوفى عنها زوجها، غير أن المدخول بها تستكمل في ذلك ثلاث حيض، من قبل أني أخاف أن تكون (¬3) التطليقات الثلاث وقعن عليها. ولو كانت التطليقة الواحدة بائنة كان الميراث بينهن سواء، لأن الطلاق على أيتهن وقع أخرجها من الميراث، وكان للمدخول بها المهر تاماً. وللاثنتين اللتين لم يدخل بهما مهر وربع مهر. وعليهن كلهن عدة المتوفى عنها زوجها، غير أن المدخول بها تستكمل في ذلك ثلاث حيض في قول أبي يوسف. وإذا تزوج العبد اثنتين في عقدة وثلاثاً في عقدة، ثم أعتق ثم مات ولم يدخل بشيء منهن، فإن الثلاث نكاحهن باطل لا يجوز، مِن قِبَل أن العبد لا ينكح أكثر من اثنتين، فللاثنتين المهر والميراث، ولا مهر للثلاث ولا ميراث. ولا نبالي (¬4) أكن أُوَل أو أواخر، هن في ذلك سواء. وإذا تزوج العبد بأمر مولاه اثنتين في عقدة، وثلاثاً في عقدة أخرى، وإحدى الثلاث أمة، والثنتان حرتان (¬5)، ولا يعلم أيتهن (¬6) أول، ثم أعتق ثم مات ولم يدخل بشيء منهن، فإن الأمة نكاحها فاسد، ولا مهر لها، وللحرتين اللتين معها مهر بينهما، وللأخريين (¬7) مهر بينهما. وميراث النساء للاثنتين نصفه، وللاثنتين الأخريين (¬8) نصفه. وعلى كل واحدة منهن عدة المتوفى عنها زوجها. وإن كان العبد تزوج بغير إذن مولاه، ثم أعتق ثم مات، فإن القول فيه كما قلت لك من أن النكاح جاز حين عتق في الأخريين (¬9). ¬

_ (¬1) ز: من اثنا. (¬2) ز: نصف. (¬3) ز: أن يكون. (¬4) ز: يبالي. (¬5) ز: والثنتين حرتين. (¬6) ز: أيهن. (¬7) ز: وللآخرتين. (¬8) ز: الآخرتين. (¬9) ز: في الآخرتين.

باب النفقة

وإذا تزوج العبد امرأتين في عقدة بألف درهم، فإذا إحداهما لها زوج، أو نكاحها فاسد بوجه من وجوه الفساد، فإنه يفرق بينه وبينها، والألف كلها (¬1) للأخرى، لأن الفاسد النكاح بمنزلة من لم ينكح، وبمنزلة الرجل (¬2). هذا على (¬3) قول أبي حنيفة - رضي الله عنه -. وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد: إنه يقسم الألف عليهما، فما أصاب الجائزة النكاح (¬4) من مهر مثلها فهو (¬5) لها، وما أصاب التي نكاحها فاسد من مهر مثلها فهو باطل يحط عنه. وإذا أمر الرجل الرجل (¬6) أن يزوجه امرأة، فزوجه امرأتين في عقدة واحدة، فإن نكاحهما باطل، ولا (¬7) يجوز عليه نكاح واحدة منهما إلا أن يجيزه. وإذا قال: زوجني فلانة، فزوجه (¬8) فلانة وأخرى في عقدة واحدة، فنكاح التي سمى له جائز، ونكاح الأخرى فاسد، لا يجوز إلا أن يجيزه. ... باب النفقة قال: وإذا خاصمت المرأة زوجها في النفقة، فإنه يفرض عليه من النفقة كل شهر ما يكفيها بالمعروف، ويفرض لها ما يصلحها من الكسوة للشتاء والصيف، فإن كان لها خادم فرض لخادمها. فإن كان لها أكثر من ذلك من الخدم لم يفرض إلا لخادم واحدة. وفريضة النفقة في ذلك على الموسع قدره وعلى المقتر قدره، على قدر غلاء السعر ورخصه، يقوّم ذلك قيمة المعروف (¬9) فيفرض عليه. ¬

_ (¬1) ز: كله. (¬2) كذا في النسخ. (¬3) ز - على. (¬4) م + النكاح. (¬5) م ف: مهر. (¬6) ز - الرجل. (¬7) ز: لا. (¬8) م: فزوجني. (¬9) ز: بالمعروف.

إن كان معسراً فرض عليه لامرأته من النفقة كل شهر أربعة دراهم أو خمسة دراهم أو ما يكون بين ذلك، ولخادمها ثلاثة أو أقل من ذلك قليلاً أو أكثر من ذلك. وإنما يفرض على الموسع القوت الذي ليس فيه فضل. يقوّم الدقيق بقيمة ما يكفيها (¬1) كل يوم وما لا بد لها منه من الإدام والدهن ولخادمها، ثم يفرض ذلك عليه. فإن لم يكن لها خادم لم تفرض (¬2) عليه نفقة الخادم. والكسوة على المعسر في الشتاء درع يهودي، وملحفة زُطّي (¬3)، وخمار سابري (¬4)، وكساء كأرخص ما يكون. وللخادم في الصيف قميص مثل ذلك وإزار. وللمرأة درع مثل ذلك وملحفة وخمار. قلت: فإن كان الرجل موسراً؟ قال: (¬5) فالنفقة عليه للمرأة ثمانية أو سبعة أو أقل من ذلك قليلاً أو نحو ذلك. يوسع عليها في الطعام والإدام. ولخادمها ثلاثة أو أربعة أو أقل من ذلك بقليل. والكسوة فللمرأة في الشتاء درع يهودي أو هروي وملحفة دَيْرَزُورِية (¬6) وخمار إبريسم وكساء أَنْبَجَاني (¬7). ولخادمها قميص زُطّي أو إزار كِرْباس وكساء رخيص. وفي الصيف للمرأة درع سابري وخمار إبريسم وملحفة كتّان. وكل ما بقي من كسوتها فإنه لا يجدد لها كسوة ما دامت عندها حتى تُخَرَّق أو يَبلغ الوقت الذي يكسوها (¬8). ولخادمها قميص مثل ذلك وإزار. ¬

_ (¬1) م ف ز: قيمه وما يكفيها. والتصحيح من الكافي، 1/ 57 و. (¬2) ز: لم يفرض. (¬3) نوع من الثياب، وقد تقدم مراراً. (¬4) قال المطرزي: السابري ضرب من الثياب يعمل بسابور موضع بفارس، وعن ابن دريد: ثوب سابري رقيق. انظر: المغرب، "سبر". (¬5) ز - قال. (¬6) م ز: ديردوزية. وهي مهملة في ف. وفي الكافي، 1/ 57 و: ديروزية. وفي المبسوط، 5/ 183: دينورية. وكل ذلك تحريف. والتصحيح من المطرزي حيث يقول: ودَيْرَزُور موضع، وإليه ينسب فيقال: ملحفة ديرزورية. انظر: المغرب، "دير". (¬7) كساء أَنْبَجَاني ومَنْبَجاني بفتح الباء، وكلاهما منسوب إلى مَنْبِج بكسر الباء، موضع بالشام. انظر: المغرب، "نبج". (¬8) انظر لمسائل متعلقة بالكسوة: 7/ 175 ظ.

فإن كان الرجل من أهل الغنى المشهورين بذلك فلامرأته خمس عشرة درهماً كل شهر، ولخادمها خمسة دراهم. وللمرأة من الكسوة في الشتاء درع هروي، وملحفة هروية، وجبة فِرَاء (¬1) جيدة، ودرع خَزّ (¬2)، وخمار إبريسم. ولخادمها قميص يهودي، وإزار وجُبّة وكساء وخفين. قال محمد: لا ينبغي أن تُوَقَّت النفقةُ على الدراهم؛ لأن السعر يغلو أو يرخص. ولكن (¬3) تُجْعَل النفقة على الكفاية في كل زمان. فيُنْظَر قيمة ذلك فيُفْرَض (¬4) لها عليه دراهم (¬5) شهراً شهرا. وأما فريضة الكسوة فكما سمي في الكتاب. ولا يؤخذ من الزوج كفيل بشيء من النفقة. ولو خاصمته امرأته في نفقة ما مضى من الزمان قبل أن يَفرض عليه لها القاضي لم يكن لها من ذلك شيء. ولو استدانت عليه وهو غائب لم يَفرض لها عليه شيئاً إذا كان غائباً. وقال أبو حنيفة - رضي الله عنه -: لا أجيز الفرض عليه إذا كان غائبأ. وكذلك بلغنا عن شريح أنه قال: أيما امرأة استدانت على زوجها وهو غائب فإنما استدانت على نفسها (¬6). أرأيت لو أنفقت من مالها أو أنفق عليها رجل تطوعاً أليس (¬7) هذا مثل الدين سواء. ¬

_ (¬1) م: قزا؛ ز: قرا. وهي مهملة في ف. والضبط من الكافي، 1/ 57 و. وفي المبسوط: 5/ 183: فرو. وفراء جمع فرو كما هو معروف. أما القز فقد قال المطرزي: هو ضرب من الإبريسم، معرَّب، قال الليث: هو ما يسوّى منه الإبريسم، وفي جمع التفاريق: القَزّ والإبريسم كالدقيق والحنطة. انظر: المغرب، "قزز". (¬2) الخَزّ: اسم دابة، ثم سمي الثوب المتخذ من وَبَره خزاً. انظر: المغرب، "خزز". (¬3) ز: وللن. (¬4) ز: فيقرض. (¬5) ز: دراهما. (¬6) رواه الإمام محمد بإسناده في الحجة على أهل المدينة، 4/ 381. (¬7) م ف: ليس.

وإذا كانت المرأة قد صالحت زوجها على النفقة كل شهر، أو فُرِضَ لها عليه، فغاب عنها أشهراً، أو حبس عنها النفقة، فاستدانت عليه أو لم تستدن (¬1)، فإنها تأخذه (¬2) بنفقة تلك الأشهر وإن لم يأمرها بذلك. وإن كان للمرأة ولد (¬3) منه (¬4)، فأرادت أن يَفْرِض الزوجُ لها نفقة معها، فإنها تُفْرَض عليه للصغار وللنساء وللرجال الزمنى. وأما الذين لا زمانة بهم من الرجال فإنه لا تُفرَض (¬5) لهم نفقة. ومن كان منهم [مِن] رجل به زمانة أو امرأة غير زمنة دفعت نفقته إليه (¬6)، ومن كان صغيراً جارية أو غلاما دفع نفقته إلى أمه. وإن كان معسراً فنفقة الصبيان والجواري كل شهر لكل إنسان درهمان (¬7) إلى ثلاثة، قيمة ذلك (¬8) على قدر ما يكفيه بالقُوت (¬9) طعامه وإدامه ودهنه كل شهر. وتُقوَّم (¬10) الكسوة كأدنى ما يلبس مثله منها (¬11) في الصيف والشتاء، قميص زُطِّي أو يهودي، وفي الشتاء قَبَاء محشو أو فرو غليظ وخفان (¬12)، وفي الصيف إزار. ونفقة الابنة الكبيرة أربعة دراهم في الشمهر أو زيادة قليلاً (¬13) أو نحو ذلك. ولها في الشتاء قميص يهودي أو درع وملحفة زُطّية وكساء أو لحاف. ولها في الصيف درع وملحفة كذلك وخمار. وللرجل الزمن (¬14) أربعة دراهم كل شهر بنقصان (¬15) قليل أو ¬

_ (¬1) ز: لم تستدين. (¬2) م ف ز: تأخذ. وفي الكافي، 1/ 57 و: أخذته. وكذلك في المبسوط، 5/ 185. (¬3) ز: أولاد. (¬4) م ف: نه (مهملة)؛ ز - منه. والتصحيح من المصدرين السابقين. (¬5) ز: لا يفرض. (¬6) أي: إذا كان مستحق النفقة كبيراً دفعت نفقته إليه وليس إلى أمه. انظر: المبسوط، 5/ 185. (¬7) ز: درهمين. (¬8) م ف ز: ذلك قيمة. (¬9) وفي الكافي، 1/ 57 ظ: لقوت. (¬10) ز: ويقوم. (¬11) ف: مثلها. (¬12) م ف ز: وخفين. (¬13) ز: قليل. (¬14) ف: أكثر من. (¬15) ز: نقصان.

زيادة قليل، وقميص زُطِّي أو يهودي وإزار وكساء أو لحاف، وله في الصيف إزار وملحفة. وللصبيان في الشتاء من الخف ما يكفيهم (¬1). فإن (¬2) كان الوالد (¬3) موسراً وَسَّعْتُ (¬4) عليهم في النفقة، وأسبغت عليهم، وجعلت الكسوة أفضل (¬5) من هذه على ما يرى الحاكم بالمعروف. ولو صالحت المرأة زوجها على نفقة لا تكفيها، ثم رافعته إلى الحاكم، زادها (¬6) عليه شيئاً حتى ينتهي بها إلى ما يكفيها، وأبطلت الصلح. ولو فرض عليه الحاكم نفقة وهو معسر ثم أيسر ثم رافعته المرأة فرض عليه ما يكون على الموسر. وإذا تغيبت المرأة عن زوجها وأبت أن تحوّل معه إلى منزله أو حيث يريد من البلدان فلا نفقة لها إن كان أعطاها مهرها. [وإن كان لم يوفها مهرها فأبت عليه ذلك حتى يوفيها] (¬7) فلها النفقة عليه، ولها أن تأخذه بالمهر. ولا نفقة للمرأة الصغيرة التي لا يجامَع مثلها؛ لأن الحبس جاء من قبلها. وقال محمد: حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: إذا كان الحبس من قبل المرأة فلا نفقة لها، وإذا جاء الحبس من قبل الرجل فلها النفقة (¬8). وإذا كانت المرأة كبيرة مما (¬9) يجامَع مثلها فإنه يفرض لها على زوجها النفقة صغيراً كان أو كبيراً. فإن كان (¬10) صغيراً ليس له مال وله والد له مال ¬

_ (¬1) ف: ما يصلح لهم؛ ز: ما يصلحهم. (¬2) ز: إن. (¬3) م: الولد. (¬4) ز: أوسعت. (¬5) ز: وأفضل. (¬6) م ف ز: فزادها. (¬7) الزيادة من الكافي، 1/ 57 ظ؛ والمبسوط، 5/ 186. (¬8) وكذلك أخرجه الإمام محمد بنفس الإسناد في الحجة، 3/ 487. (¬9) ز: ما. (¬10) ز - كان.

فلا نفقة على (¬1) أبيه لها إلا أن يكون ضَمِن (¬2) ذلك لها. وكل امرأة يُقْضَى لها نفقة (¬3) على زوجها صغيراً كان أو كبيراً إذا كان معسراً لا يقدر على شيء (¬4) فإنها تؤمر أن تستدين عليه، ثم يلزم الزوج النفقة. فإن كان القاضي لا يعلم من الرجل العسر فسألته المرأة أن تحبسه بالنفقة فإنه لا يحبسه، ولكنه يأمره، ويخبره أنه حابسه إن لم يفعل. فإذا عادت إليه مرتين أو ثلاثة حبسه بالنفقة. فإن علم أنه محتاج خلى سبيله ولم يحبسه. وينبغي للقاضي إذا حبس الرجل شهرين أو ثلاثة في نفقة أو دين أن يسأل (¬5) عنه، فإن كان معسراً خلى سبيله، ولا يحول بين الطالب وبين لزومه. وإن كان غنياً لم يخرج من السجن أبداً حتى يؤدي النفقة والدين. فإن كان له مال حاضر عَيْن أخذ القاضي ذلك فأداه في دينه. والنفقة والدنانير والدراهم في ذلك سواء. ولكنه لا يبيع من عروضه شيئاً إلا برضى منه وتسليم. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: يبيع العروض في الدين والنفقة، وليس للحبس عندي وقت. هو الأبد أو يؤدي المال. وإذا كان للرجل أربع نسوة أو ثلاث، فخاصمنه في النفقة، فإنه يفرض عليه لهن من النفقة لكل واحد منهن ما يكفيها. ولا تزاد الحرة المسلمة على الأمة والذمية شيئاً. إنما يفرض لكل (¬6) واحدة ما يكفيها. فإن عجز عن ذلك وهو معسر قد علم القاضي بذلك أمر النساء أن يَستدِنّ عليه. ¬

_ (¬1) ز - على. (¬2) ز: ضامن. (¬3) وفي الكافي، 1/ 57 ظ: بالنفقة. وكذلك المبسوط، 5/ 187. (¬4) ز - شيء. (¬5) م ف ز: أو دين سأل. (¬6) ز - واحد منهن ما يكفيها ولا تزاد الحرة المسلمة على الأمة والذمية شيئاً إنما يفرض لكل.

فإن لم يقدر على ذلك ولا على ما يعطيهن فإنه لا يفرق (¬1) بينه وبينهن، ولا يجبر على طلاقهن. والتبوئة أن يخلي الرجل بين أمته وبين زوجها، ولا يستخدمها. فإن استخدمها بعد ذلك فلا نفقة لها؛ لأنه لم يخل (¬2) بينه وبينها. وإن كانت تجيء فتخدمهم من غير أن يستخدموها فلها النفقة، ولا نُبطلها (¬3) في ذلك. وإن جاءت في وقت والزوج ليس في البيت فاستخدموها (¬4) فلا نفقة لها. إنما ينظر في هذا إلى استخدامهم إياها ولا ينظر إلى غيره. وإذا دخل الرجل بامرأة ثم مرضت، فأراد أن لا ينفق عليها، فليس له ذلك، وعليه أن ينفق عليها. وليس هذه كالصغيرة. ولو لم تمرض ولكنها هربت منه لم يكن لها نفقة ما دامت هاربة. وليست الهاربة كالمريضة. المريضة غير عاصية، والهاربة عاصية. وكذلك (¬5) لو ذهب عقلها أو صارت معتوهة مغلوبة على عقلها أو مجنونة جُبِرَ (¬6) على نفقتها. وكذلك المرأة إذا (¬7) دخلت في السن وكَبِرَت حتى لا يستطيع زوجها جماعها أو أصابها بلاء لا يستطيع الزوج معه الجماع (¬8) بعدما يدخل بها فإنه يجبر على نفقتها. وكل نكاح فاسد فلا نفقة (¬9) فيه على الزوج ما دامت معه وبعد الفرقة من قبل أنه حرام لا يصلح. ألا ترى أني أجعل للرتقاء نفقة وهي لا تستطاع أن تجامع. وكذلك المريضة، فإن (¬10) النفقة لها دخل بها أو لم يدخل بها، زفت إليه أو لم تزف، لها النفقة منذ يوم تزوج إذا كانت كبيرة قد (¬11) فُرِضَ لها. ¬

_ (¬1) ز: لا يعرف. (¬2) ز: لم يخلي. (¬3) ز: نبطله. (¬4) زاد الحاكم والسرخسي: ومنعوها من الرجوع إلى بيتها. انظر: الكافي، 1/ 57 ظ؛ والمبسوط، 5/ 192. (¬5) ز + وكذلك. (¬6) جبر وأجبر بمعنى واحد. انظر: المغرب، "جبر"؛ والمصباح المنير، "جبر". (¬7) ز + كانت. (¬8) م: الجماعه. (¬9) ز: لا نفقة. (¬10) ز: وقال. (¬11) ز: وقد.

وإذا اختلف الزوج والمرأة، فقال الرجل: أنا فقير، وقالت المرأة: بل هو غني، فإن القول قول الزوج مع يمينه، وعلى المرأة البينة. فإن لم تكن لها بينة وسألت القاضي أن يسأل عن يساره في السر فإن ذلك ليس على القاضي. فإن فعل ذلك فأتاه عنه أنه موسر فإنه ليس يفرض عليه ما يفرض على الموسر، إلا أن يخبره بذلك رجلان عدلان فيكونان بمنزلة الشاهدين يخبران أنهما قد علما (¬1) ذلك. [فإن أخبراه أنهما قد علما ذلك] (¬2) من وراء وراء وقالا: بلغنا بأنه موسر (¬3)، لا يؤخذ بقولهما. ولو أقامت البينة أن زوجها موسر (¬4) وأقام زوجها البينة أنه محتاج أَخذتُ ببينة المرأة، وفَرضتُ عليه نفقة الموسر. فإن أعسر بعد ذلك وأقرت المرأة به فَرضتُ (¬5) عليه نفقة المعسر. وإن كان للزوج على المرأة دين، فقال: احسبوا لها نفقتها من الدين الذي لي عليها، كان ذلك يجب له ويقاصّها به. وإن لم يكن له عليها دين وكان للمرأة على الزوج مهر، وقد فَرَضَ لها عليه القاضي نفقة فأعطاها الزوج طائفة من ذلك فاختلفا، فقال الزوج: هو من المهر، وقالت المرأة: هو من النفقة، فإن القول قول الزوج؛ لأنه هو الدافع. وله أن يجعل ذلك من أيهما شاء، ويؤخذ بالباقي. وكذلك هذا في قضاء الديون (¬6)، إذا كانت من وجوه مختلفة فقال الدافع: هو مثل كذا وكذا، فالقول قول الدافع. ولو اختلف الزوج والمرأة، فقال الزوج: صالحتيني على خمسة دراهم كل شهر، وقالت المرأة: بل صالحتني على ستة دراهم، فإن القول قول الزوج مع يمينه. فإذا أقاما البينة جميعاً أخذت ببينة المرأة؛ لأنها هي المدعية (¬7) للفضل. ولو لم تكن (¬8) لها بينة وحلف الزوج على خمسة ¬

_ (¬1) ز: قدعلم. (¬2) الزيادة من الكافي، 1/ 58 و؛ والمبسوط، 5/ 194. (¬3) م ز - موسر؛ صح م هـ. (¬4) ز: موسرا. (¬5) م: وفرضت. (¬6) م ز: الديوان. (¬7) م ف - المدعية. (¬8) ز: لم يكن.

دراهم، وقالت المرأة: لا يكفيني وهو موسر ولي خادم، فإن كان الأمر كذلك فإنها تزاد حتى يبلغ بها ما يكفيها بالمعروف. ولو اختلفا في قضية (¬1) القاضي، فقال الزوج: قضى علي بخمسة كل شهر، وقالت المرأة: بل قضى لي كل شهر بستة دراهم، فإن القول في هذا كالقول في الباب الأول. ولو أخذت المرأة كفيلاً من زوجها بالنفقة كل شهر لم يكن على الكفيل إلا شهر واحد من قبل أنه لم يوقت وقتاً. فإنما يلزمه من ذلك نفقة شهر واحد. ولو ضمن لها النفقة للسنة كان ذلك ضامناً (¬2). ولو قال: أنا ضامن لنفقتك أبداً ما عشت، كان الضمان عليه كما قال. ولو لم تكن (¬3) أخذت بالنفقة كفيلاً، وفرض لها القاضي على الزوج النفقة كل شهر، فمكث أشهراً لا يعطيها شيئاً، ثم مات الزوج أو ماتت المرأة، فإن النفقة التي كانت في تلك الأشهر لا تلزم الزوج بعد الموت، مِن قِبَل أنه ليس بدين لازم يؤخذ به بعد الموت، إنما هو بمنزلة الخراج. ألا ترى أن نصرانياً [لو] كان عليه خراج (¬4) ثم أسلم أو مات بطل ذلك عنه. ألا ترى أنه دين لجميع المسلمين، وهو لازم ما دام على تلك الحال. فكذلك الزوج هو لازم له ما دام حياً، فإذا مات بطل. ولو كانا حيين فاختلفا، فقال الزوج: قضى علي القاضي منذ شهر، وإنما لك نفقة شهر واحد، وقالت المرأة: بل قضى لي بنفقة ثلاثة أشهر، فإن القول قول الزوج في ذلك مع يمينه، وعلى المرأة البينة، فإن أقامت البينة أن القاضي قد فرض عليه نفقة ثلاثة أشهر فإن الزوج يؤخذ بذلك. وإذا بعث الرجل إلى امرأته بثوب، فقال: هو من الكسوة، وقالت ¬

_ (¬1) ز: في قضاء. (¬2) قال الحاكم والسرخسي: جائزاً. انظر: الكافي، 1/ 58 و؛ والمبسوط، 5/ 195. (¬3) ز: لم يكن. (¬4) وفسره الحاكم بخراج الرأس. انظر: الكافي، الموضع السابق. والمقصود به الجزية.

المرأة: بل هو هدية، أو بعث بدراهم، فقال الزوج: هي نفقة، وقالت المرأة: بل هي هدية (¬1)، فالقول قول الزوج مع يمينه بالله، وعلى المرأة البينة. فإن أقامت البينة المرأة (¬2) على ذلك فهو هدية، وعليه البينة. [فإن أقاما جميعاً البينة فالبينة بينة الزوج. وكذلك إن أقام كل واحد منهما البينة على إقرار الآخر بما ادعاه] (¬3)؛ لأن الزوج قد أقام بينة على إقرارها بأنه قد قضاها مما عليه، وأقامت هي البينة بأنه هدية، فبينة كل واحد منهما تكذب الآخر، وكل واحد قد أقر بالأمرين جميعاً، فالبينة بينة المدعي، وهو الزوج، لأنه يدعي الفضل. (¬4) وما بقي من كسوة المرأة على الزوج أن يكسوها حتى تُخَرِّقَ تلك الكسوة أو يمضي الوقت الذي لا تبقى إليه الكسوة (¬5). وإن عجّلت بتخريقها قبل (¬6) الكسوة فليس عليه أن يكسوها. وكذلك لو هلكت منها شيء (¬7) فليس عليه كسوة حتى يأتي الوقت. ولو أقام الزوج البينة أنه من نفقتها وكسوتها، وأنه أعطاها ذلك منه، وأقامت المرأة البينة أنه كساها إياها ووهب لها الدراهم هبة، آخذ (¬8) ببينة الزوج، فالقول (¬9) قول الزوج، والبينة بينته؛ لأنه قضاها ما عليه، فلا يجعل ذلك عليه مرة أخرى. وإذا بقيت الثياب لم تُخَرّقها فلا كسوة لها حتى تتخرق. ولو اكتست سوى تلك الثياب ورفعت تلك الثياب التي فَرَضَ لها القاضي لم تكن (¬10) لها كسوة حتى تتخرق (¬11) تلك التي ¬

_ (¬1) ز - أو بعث بدراهم فقال الزوج هي نفقة وقالت المرأة بل هي هدية. (¬2) ز: المرأة البينة. (¬3) الزيادة من الكافي، 1/ 58 و؛ والمبسوط، 5/ 195 - 196. (¬4) كان ما بين المعقوفتين في آخر الفقرة التالية في نسخ م ف ز، فنقلناها إلى هنا؛ لأن السياق يقتضي ذلك. انظر: نسخة م، 7/ 176 سطر 7 - 10. وانظر المصدرين السابقين. (¬5) ز - على الزوج أن يكسوها حتى تخرق تلك الكسوة أبى يمضي الوقت الذي لا تبقى إليه الكسوف انظر ما تقدم قريبا مما يتعلق بالكسوة: 7/ 173 و. (¬6) ز + وقت. (¬7) ز: شيئاً. (¬8) ز: أخذت. (¬9) ز: والقول. (¬10) ز: لم يكن. (¬11) ز: حتى تخرق.

فرض لها القاضي أو يمضي الوقت الذي تخرّق فيه. وقال: لا تشبه (¬1) هذه الدراهم. ألا ترى أن الدراهم قد يستطيع أن ينفقها في ساعة واحدة، والثياب ليست كذلك. إذا (¬2) أنفقت الدراهم أو أنفقت مثلها من غيرها وفضل معها من تلك الدراهم شيء قضي (¬3) لها عليه في الشهر الداخل بمثلها، والكسوة لا تستطيع أن تخرّقها باللبس في ساعة كما تنفق الدراهم. وإذا فرض القاضي للمرأة النفقة فجعلت تنفق على نفسها من مالها ولا تأخذ منه شيئاً، ثم أرادت أن تأخذ لما (¬4) مضى، فإن لها ذلك، مِن قِبَل أن هذا دين لازم في الحياة. ولا يشبه هذا ذا الرحم المحرم إذا فُرِضَ له ثم أنفق على نفسه من ماله (¬5) لم يكن له أن يرجع على الذي فرض عليه، من قبل أن المرأة لو كانت موسرة كان لها النفقة، ولو كان المحرم موسراً لم تكن له نفقة، فمن ثم اختلفا. إنما منزلة قضائه (¬6) إذا فرض لها ثم مات بمنزلة الذمي إذا مات وعليه الخراج. ألا ترى أن ذلك الخراج مال للمسلمين، فإذا مات بطل. وكذلك المرأة إذا فرض لها ثم مات الزوج (¬7). وإذا (¬8) كان الزوج غائباً وله مال حاضر فطلبت المرأة النفقة فإنه يُفْرَض لها من النفقة من ذلك، ويؤخذ منها كفيل (¬9) بالنفقة. فإن قَدِمَ زوجُها كان على حجته إن كان أرسل إليها بشيء. فكذلك الدين له على الرجل والوديعة بعد أن يقر بذلك (¬10). فإن جحد لم يقبل من المرأة البينة عليهما، لأنها ليست بوكيل في الخصومة، وإنما يفرض (¬11) لها إذا أقر. ولو لم يكن له مال حاضر لم أفرض لها نفقة، لأنه لا خصم معها، ولا أقضي على رجل غائب، وإذا كان له مال حاضر فهذا خصم. ولا أبيع في ذلك عروضاً. ¬

_ (¬1) ز: لا يشبه. (¬2) ز: وإذا. (¬3) ز: فضل. (¬4) ز: ما. (¬5) ف + أن؛ ز: في ماله. (¬6) ز: قضاه. (¬7) كانت هنا عبارة غريبة على السياق، وذلك من خطأ الناسخين، فنقلناها إلى موضعها في الفقرة السابقة. انظر: نسخة م، 7/ 176 سطر 7 - 10. (¬8) ز: إذا. (¬9) ز: كفيلا. (¬10) انظر للشرح: المبسوط، 5/ 197. (¬11) م ز: فرض.

باب نفقة العبد

باب نفقة العبد قال: وإذا كان للعبد امرأة أو للمكاتب أو للمدبر، حرة كانت أو أمة، بعد أن يكون قد بوّأها بيتاً، فإنه يجبر على النفقة، ويُفْرَض عليه من ذلك ما يكفيها بالمعروف، ويكون (¬1) ذلك ديناً في عنقه. فإن اجتمع عليه من ذلك ما يعجز عنه بِيعَ في ذلك، أو يؤدي عنه سيده. ولا يباع المدبر ولا المكاتب في ذلك، ولكنهما (¬2) يسعيان في ذلك. وإذا كان للعبد أو للمكاتب أو للمدبر من امرأته ولد فليس يجبر على نفقة ولده، حرة كانت أمهم أو أمة، مِن قِبَل أنها إن كانت أمة فهم عبيد، يجبر مولاهم على نفقتهم، وإن كانت حرة فلا نفقة عليه لهم، لأن مال العبد لسيده، فلا ينفقه على الأحرار. فإن كان للمكاتب امرأة مكاتبتهما واحدة، ومولاهما واحد، فولد لهما في المكاتبة ولد، فإن نفقة الولد على الأم، لأنهم منها. ألا ترى أنهم إن ماتوا كان لها ميراثهم، وإن جنى أحد عليهم جناية كان أرش ذلك لها. وإذا كان للمكاتب أمة فوطئها فولدت منه في مكاتبته فإنه يجبر هاهنا على نفقة ولده، مِن قِبَل أنه لو قُتِلَ منهم قتيل كان له أرشه، ولو مات منهم إنسان عن (¬3) مال كان له ماله. وإذا تزوج العبد بغير إذن مولاه أو المكاتب أو المدبر (¬4) فلا نفقة عليه ولا مهر. وإن أُعتِق وهي عنده لم يفرّق بينهما، وجاز النكاح حتى يعتق، ووجب عليه المهر والنفقة لما يستقبل. وكذلك العبد يعتق بعضه وهو يسعى في بعض قيمته. ... ¬

_ (¬1) ز: ويلون. (¬2) ز: ولكنها. (¬3) ز: وله. (¬4) م ف ز: أو مكاتب أو مدبر.

باب نفقة الأمة

باب نفقة الأمة وإذا كانت الأمة تحت حر أو عبد أو مكاتب أو مدبر ولم يبوّئها بيتاً ولم يخلّها (¬1) مولاها معه وقد دخل بها فإنه لا يُفْرَض لها عليه نفقة. وكذلك أم الولد والمدبرة. فإن بوّأها بيتاً وخلاّها المولى معه فإن عليه النفقة. فإن انتزعها المولى بعد ذلك واحتاج إلى خدمتها فلا نفقة على الزوج ما دامت عند مولاها. فإذا أعادها إليه وبوّأها بيتاً أنفق عليها الزوج أيضاً من عنده. فإن كان له منها ولد لم يكن عليه نفقة الولد، ونفقة الولد على مولاها. ولو كانت امرأةً مكاتبةً قد (¬2) بوّأها بيتاً أو لم يبوّئها فهو سواء، والمكاتبة لا تحتاج إلى التبوئة، لأن السيد ليس له أن يستخدمها، ولا تشبه الأمة والمدبرة وأم الولد. هؤلاء للسيد أن يستخدمهن، والمكاتبة ليست كذلك. فلذلك كان عليه أن ينفق عليها، وليس عليه أن ينفق على أولادها منه. ونفقة أولادها على المكاتبة؛ لأنهم لو ماتوا عن مال كان لها. ... باب نفقة أهل الذمة وإذا كان للرجل امرأة من أهل الذمة، فإنه يجبر على نفقتها بالمعروف، ويُفْرَض لها عليه كل شهر من ذلك ما يصلحها. فإن كانت امرأةً ذات محرم، وذلك في دينهم نكاح جائز، فطلبت نفقتها منه مِن قِبَل النكاح، فإنه يُفْرَض لها عليه في ذلك كما يفرض في النكاح الصحيح. وهذا (¬3) قياس قول أبي حنيفة - رضي الله عنه -. وفيها قول آخر: إنه لا يُفْرَض لها عليه في ذلك نفقة، ويُفَرَّق بينهما إذا طلب أحدهما، ولا يجوز عليهم ¬

_ (¬1) ز: يخلعها. (¬2) ز: وقد. (¬3) ز + في.

باب النفقة في الطلاق والفرقة

من ذلك إلا ما يجوز على أهل الإسلام ما خلا النكاح بغير شهود، فإني (¬1) أجيزه فيما بينهم، وأقضي بالنفقة فيه. وهو قول أبي يوسف ومحمد بن الحسن. وإذا أسلم الذمي وامرأته على دينها فإن كانت من أهل الكتاب فهما على النكاح الأول. وإن كانت من غير أهل الكتاب عرض عليها السلطان (¬2) الإسلام. فإن أسلمت فهي امرأته. وإن أبت فرّق بينهما، ولم يكن لها نفقة، إن كان دخل بها أو لم يدخل بها، مِن قِبَل أن الفرقة جاءت مِن قِبَلها بمعصية. وإذا كانت المرأة هي المسلمة، والزوج على دينه، يعرض عليه السلطان الإسلام، فإن أبى فإني أفرق بينهما وألزمه النفقة والسكنى ما دامت في العدة؛ لأن الفرقة جاءت من قِبَله. فإذا لم يكن (¬3) دخل بها فلا نفقة لها. وإذا أسلم الرجل من أهل الحرب وخرج إلى دار الإسلام ثم خرجت امرأته بعده مسلمة فلا نفقة لها (¬4). وكذلك لو كانت هي خرجت قبله ثم هو بعدها مِن قِبَل أن العصمة انقطعت فيما بينهما، فلا نفقة لها. ... باب النفقة في الطلاق والفرقة وقال: لكل مطلقة النفقة والسكنى حتى تنقضي العدة، ولا تخرج من بيتها ليلاً ولا نهاراً، لقول الله تبارك وتعالى في كتابه: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ} (¬5). ولقول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ ¬

_ (¬1) ز: فإنه. (¬2) ز - السلطان؛ صح هـ. (¬3) ز: لم يلن. (¬4) ز - وإذا أسلم الرجل من أهل الحرب وخرج إلى دار الإسلام ثم خرجت امرأته بعده مسلمة فلا نفقة لها. (¬5) سورة الطلاق: 1.

حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} (¬1). والمطلقة طلاقاً بائناً أو ثلاثاً أو واحدة بائنة أو بملك الرجعة في ذلك سواء. بلغنا عن عمر بن الخطاب أنه كان يجعل للمطلقة ثلاثاً السكنى والنفقة (¬2). والمختلعة والتي تبين بالإيلاء وباللعان في ذلك كله سواء، لها السكنى والنفقة (¬3). وإن اشترط الزوج في الخلع أن لا سكنى عليه ولا نفقة فعليه السكنى ولا نفقة عليه؛ لأن خروجها من بيتها معصية، ولا نفقة عليه لها. وإذا طلق الرجل امرأته طلاقاً بائناً وهي أمة قد كان بوّأها بيتاً وضمّها إليه فإن النفقة على الزوج. فإن أخرج المولى أمته إليه للخدمة فلا نفقة لها على الزوج. فإن كان الزوج قد (¬4) طلقها بعدما أخرجها لم تكن للمولى نفقة عليه ولا سكنى. فإن طلقها قبل أن يخرجها المولى فللمولى أن يعيدها إليه، ويأخذ منه نفقتها. وكذلك كل من كانت له نفقة يوم طلق ثم صارت إلى حال لا نفقة لها فلها أن تعود فتأخذ النفقة. وإن كان يوم طلقها لا نفقة لها فليس لها أن تأخذه بنفقتها أبداً؛ إلا المرأة الحرة إذا هربت من زوجها فإن هذه مانعة لنفسها من نفقة واجبة لها، فلها أن تأخذ (¬5) الزوج إذا رجعت إليه، وأما غيرها فلم تكن (¬6) لها نفقة في الأصل (¬7). ... ¬

_ (¬1) سورة الطلاق: 6. (¬2) انظر: الآثار لأبي يوسف، 132؛ وصحيح مسلم، الطلاق، 46؛ وسنن الترمذي، الطلاق، 5. وانظر للتفصيل: نصب الراية للزيلعي، 3/ 273؛ والدراية لابن حجر، 2/ 83. (¬3) ف - والمختلعة والتي تبين بالإيلاء وباللعان في ذلك كله سواء لها السكنى والنفقة. (¬4) ز - قد. (¬5) ز + من. (¬6) ز: يكن. (¬7) انظر للشرح: المبسوط، 5/ 203.

باب نفقة ذوي الأرحام

باب نفقة ذوي الأرحام وقال: يجبر الرجل على نفقة أبويه إذا كانا محتاجين. وكذلك الجد أبو (¬1) الأب والجدة أم الأم والجدة أم الأب إذا كانوا محتاجين. ويجبر على نفقة ولده الصغار غلاماً (¬2) كان أو جارية. فإن كانوا كباراً أجبر على نفقة [النساء، ولم يجبر على نفقة] (¬3) الرجال. فإن كان رجل به زمانة أعمى أو مُقْعَد أو أَشَلّ اليدين لا ينتفع بهما أو مفلوج أو معتوه مغلوب ذاهب العقل فإنه يجبر على نفقتهم. وكذلك ذوي رحم محرم من الصبيان والرجال والنساء الذين هم أهل (¬4) زمانة إذا كانوا ذوي حاجة. فأما من (¬5) لم يكن به زمانة من الرجال فإنه لا يجبر على نفقتهم (¬6). ولا يجبر الرجل على النفقة إلا وهو موسر إلا على الولد الصغير والزوجة، فإنه يجبر عليها بالقُوت. وكذلك المرأة إذا كانت موسرة فإنها تجبر على النفقة على ما يجبر (¬7) عليها الرجال مما ذكرنا. ومن كان له مسكن أو خادم ليس له مال غيره فهو محتاج تحل له الصدقة، وعلى الموسر من ذوي قرابته (¬8) إذا كان ذا (¬9) رحم محرم منه (¬10) النفقة له. ولا يجبر الرجل ولا المرأة. على نفقة ابن عمه، ولا على نفقة مولاه الذي أعتقه وإن كان هو وارثه، مِن قِبَل أنهما ليسا بذي رحم. ¬

_ (¬1) ز: أب. (¬2) ز: غلام. (¬3) الزيادة من الكافي، 1/ 60 ظ. وهو بمعناه في المبسوط، 5/ 223. (¬4) م ف: به؛ ز: بهم. والتصحيح من الكافي، 1/ 60 ظ. (¬5) م ف ز: فأما إذا. (¬6) ز: على نفقته. (¬7) ز: ما تجبر. (¬8) ز: ذوي الأرحام. (¬9) ز: ذو. (¬10) م ف ز: من. والتصحيح من الكافي، 1/ 60 ظ.

ولا يقضى بالنفقة في مال أحد مِن مَن ذكرنا إذا كان رب المال غائباً، ما خلا الوالدين والولد والزوجة، فإني أقضي بالنفقة لهؤلاء في مال الغائب، ولا أقضي لمن سواهم. ولو أعطى من زكاة ماله جميع من ذكرنا أجزاه ما خلا الوالدين والولد والزوجة. وقال أبو حنيفة - رضي الله عنه -: لو أعطت المرأة من زكاتها زوجَها لم يجزها ذلك. وقال أبو يوسف ومحمد: يجزي عنها. وكان أبو حنيفة يقول: لأن شهادتها لا تجوز له، فكل من لا تجوز له شهادة فليس ينبغي له أن يعطيه من زكاته. ولو باعت امرأة متاع أخيها وهو غائب لتستنفق به أبطلتُه (¬1). وكذلك لو باعت متاع أبيها أو ذي رحم محرم منها. وكذلك الأم لو باعت شيئاً من متاع ابنها. فأما الأب فإني أجيز بيعه في ذلك إذا كان باع بقدر ما ينفق على نفسه في ذلك كله، ما خلا العقار. ولو كان ابنه صغيراً أجزت البيع في العقار. وفي قول أبي يوسف ومحمد لا يجوز بيع الأب على ابنه الكبير في العقار وغيره. وكان (¬2) أبو حنيفة استحسن ذلك في غير العقار. ولو كان عند الوالد أو الوالدة أو الزوجة مال للرجل الغائب، فأنفق أحد من هؤلاء من ذلك المال على نفسه، أجزتُ ذلك، ولم أضمّنه إذا كان الوالدان محتاجين (¬3) والولد محتاجين. أرأيت لو كان طعاماً فأكلوا منه أكنت أضمّنهم. ولو كان مال لذلك الرجل الغائب عند رجل فأعطى أحداً (¬4) ممن ذكرنا بغير أمر القاضي وأنفق على نفسه كان ذلك الرجل ضامناً، لأن رب المال لم يأمره بذلك ولم يقض (¬5) عليه القاضي. محمد عن أبي يوسف عن الحجاج بن أرطأة عن عمرو (¬6) بن شعيب عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب أن امرأة خاصمت عَمَّ صبيٍ لها في النفقة وقد مات أبوه، ففَرَضَ لها عليه عمر النفقة، وقال: لو لم يبق من العشيرة إلا واحد جَبَرْتُه على نفقته (¬7). ¬

_ (¬1) م: مابطلته؛ ف: بطلبه؛ ز: ما تطلبه. (¬2) ف ز: وقال. (¬3) ز: محتاجان. (¬4) ز: أحد. (¬5) ز: يقضي. (¬6) ز: عن عمر. (¬7) المصنف لعبد الرزاق، 7/ 59, 60؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 183؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 7/ 478.

باب ما يجلو النفقة في الطلاق وفي الفرقة من نفقة أهل الإسلام

وإذا اجتمع أخ وأخت وهما موسران، ولهما أخت معسرة أو أخ معسر به (¬1) زمانة، فإن النفقة عليهما له على قدر ميراثهما منه، الثلثين على الأخ، والثلث على الأخت. ألا ترى إلى قول الله تعالى في كتابه: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} (¬2). ولو كان للرجل عمة والرجل زَمِن وعمته موسرة كان على عمته أن تنفق عليه وإن كان وارثه غيرها، لأني (¬3) أجبر كل ذي رحم محرم على النفقة. ولا أجبر الرجل على نفقة أحد من ذوي قرابته إذا كانوا على الكفر وكان هو مسلماً، وكذلك إذا كانوا هم مسلمين وكان هو كافراً (¬4)، ما خلا الوالدين والولد والزوجة، فإني أجبر الرجل على النفقة على هؤلاء وإن كانوا كفاراً وكان هو مسلماً (¬5). ... باب ما يجلو (¬6) النفقة في الطلاق وفي الفرقة من نفقة أهل الإسلام قال: وإذا ارتدت المرأة عن الإسلام وبانت (¬7) من زوجها ثم أسلمت أو لم تسلم فلا نفقة لها على زوجها ما دامت في عدتها مِن قِبَل أن الفرقة جاءت مِن قِبَلها بمعصية. ألا ترى أنها لو قبّلت ابن زوجها أو لمسته لشهوة أو جامعها برضى منها (¬8) حرمت على زوجها إذا أقر بذلك الزوج، ولم يكن لها نفقة؛ لأنها جاءت الفرقة من قبلها بمعصية. فأما السكنى فإنها لا تخرج ¬

_ (¬1) ز - به. (¬2) سورة البقرة: 233. (¬3) ز + لا. (¬4) ز: كافر. (¬5) ز: مسلم. (¬6) م ف ز: يجلوا. والمعنى باب ما يبين النفقة ... انظر: المغرب، "جلو". (¬7) م ف: وانت. (¬8) م: برضا فيها.

من بيتها حتى تنقضي عدتها؛ لأن خروجها معصية لله تعالى. ولو أن الأمة تحت رجل حر قد بوّأها بيتاً، فاختارت نفسها، وقد كان زوجها دخل بها، فإن لها النفقة والسكنى على زوجها وإن كانت الفرقة جاءت من قبلها، من قبل أن ذلك لم يكن معصية الله (¬1)، فالخيار هاهنا سنة. فهذا مخالف للباب الأول. ولو أن امرأة طلقها زوجها ثلاثاً أو واحدة بائنة لم تخاصمه في النفقة حتى انقضت عدتها ثم خاصمته بعد ذلك لم يكن لها نفقة، ولم يكن هذه أوجب من نفقة التي لم تطلق (¬2). وإذا استدانت على زوجها ديناً وهو غائب، ثم قدم بعد انقضاء العدة، فإنه يقضى لها عليه بنفقة مثلها. رجع أبو حنيفة وقال: لا يقضى عليه. ولو لم تستدن (¬3) عليه ولم يغب الزوج ولكنه طلقها فخاصمته المرأة (¬4) فإنه يقضى لها عليه بنفقتها ما كانت في العدة. وإن تطاولت العدة حتى تيأس (¬5) من المحيض وتبلغ سناً (¬6) لا تحيض مثلها فيه فعدتها ثلاثة أشهر، والنفقة (¬7) جارية عليها حتى تنقضي العدة. فإذا مضت الثلاثة الأشهر قطعت عنها النفقة. ولو اختلفا قبل ذلك، فقالت المرأة: لم (¬8) تنقض (¬9) عدتي (¬10)، وقال الزوج: قد انقضت عدتك، فإن القول قول المرأة مع يمينها. فإن ادعى الزوج أنها قد أقرت بانقضاء العدة لم يصدق عليها، وله أن يستحلفها بالله ما انقضت عدتها. فإن حلفت ألزمنا الزوج النفقة. وإن نكلت عن اليمين برئ الزوج من النفقة. فإن أقام الزوج البينة أنها قد أقرت بانقضاء العدة برئ الزوج من النفقة (¬11). ¬

_ (¬1) ز: بمعصية لله. (¬2) ز: لم يطلق. (¬3) ز: لم تستدين. (¬4) ز + في النفقة. (¬5) ز: حتى تأيس. (¬6) ز: شيا. (¬7) م ف: النفقة. (¬8) م: ولم. (¬9) ز: انقضت. (¬10) ز + بعد. (¬11) ز - فإن أقام الزوج البينة أنها قد أقرت بانقضاء العدة برئ الزوج من النفقة.

وإن قبلت في عدتها ابناً له بشهوة أو لمسته أو جامعها وهي مطاوعة له فإن ذلك لا يبطل نفقتها، مِن قِبَل أنها قد بانت وأوجبتُ (¬1) لها النفقة من قبل أن يصيبها ذلك. ولو ارتدت في عدتها لم يكن لها نفقة؛ لأني أحبسها في السجن. وإنما أجعل لها النفقة ما دامت في بيته. ألا ترى أنه لو طلقها فخرجت من بيته لم أجعل لها نفقة. فكذلك إذا حبستُها. ولو (¬2) ارتدت عن الإسلام في عدتها ثم رجعت إليه بعد هذا كله كانت لها النفقة والسكنى في هذا كله بعد أن تتوب من الردة. ولو لحقت بدار الحرب مرتدة وانقطعت العصمة، فإن أسلمت بعد ذلك وأتت أو سبيت (¬3) فأعتقت أو لم تعتق فلا نفقة لها. ألا ترى لو أن حربياً تزوج ذمية عندنا ودخل بها وطلقها أن لها النفقة في قول من يوجب على الذمية العدة. وكذلك الأول. ولا (¬4) يشبه هذا الذمي [له أبوان حربيان دخلا بأمان، هذان لا نفقة لهما] (¬5). ولو أن رجلاً موسراً مسلماً له أبوان حربيان دخلا بأمان، وهما معسران، فلا نفقة لهما؛ لأن (¬6) ذلك بمنزلة صلة، فلا تجب إلا لأب مسلم أو لأب ذمي. و [في] القياس [لا] ينبغي أن يكون للأب [الذمي على الولد المسلم نفقة] (¬7). ولكن أبا حنيفة استحسن للأب استحساناً. وإنما كان القياس أن لا يكون له شيء لقول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} (¬8). ¬

_ (¬1) ف: وأوجب. (¬2) ز: وإذا. (¬3) م ف: واتتا وسبيت؛ ز: وباتتا وسبيت. (¬4) ز: لا. (¬5) الزيادة من الكافي، 1/ 59 و. وانظر للشرح: المبسوط، 5/ 205. (¬6) ز: فلأن. (¬7) الزيادات الثلاث من الكافي، 1/ 59 و. (¬8) سورة البقرة: 233. وانظر للشرح: المبسوط، 5/ 206.

وإذا أسلم الزوج وبقيت المرأة المجوسية على دينها فإنه يعرض عليها الإسلام، فإن أسلمت فهي امرأته، وإن أبت الإسلام فرّق بينهما، ولا نفقة لها إن كان دخل بها أو لم يدخل بها، مِن قِبَل أن الفرقة جاءت بمعصية. ولو كانت هي التي أسلمت وأبى الزوج أن يسلم فوقعت الفرقة بينهما كان على الزوج النفقة إن كان قد دخل بها ما دامت في العدة؛ لأن الفرقة جاءت مِن قِبَلِه. وإن كان لم يدخل بها فلا عدة عليها ولا نفقة لها. وإذا ارتد الزوج عن الإسلام وامرأته مسلمة قد دخل بها ثم أسلم الزوج فإن لامرأته النفقة ما كانت في العدة؛ لأن الفرقة جاءت من قبل الزوج. وكذلك لو جامع الرجل أم امرأته أو ابنتها أو (¬1) قبل إحداهما لشهوة أو لمسها وقعت الفرقة بينهما، وألزمتُه النفقة لامرأته ما دامت في عدتها. فإن لم يكن دخل بها لم يكن عليها عدة، ولا نفقة لها. إنما أجعل النفقة لمن وجبت عليها العدة، فأما من لم تجب عليها العدة فلا نفقة لها. وإذا لاعن الرجل امرأته وفرّق بينهما فإن لها النفقة ما دامت في العدة. وكذلك العنين (¬2) يفرّق بينه وبين امرأته. وكذلك الموُلَى منها إذا بانت بالإيلاء فإن لها النفقة ما دامت في العدة. ولو أعتق رجل أم ولده لم يكن لها نفقة وإن كانت في العدة، مِن قِبَل أنها ليست بزوجة. وإذا أقر الرجل أن نكاح امرأته حرام عليه وقد دخل بها ففُرِّقَ (¬3) بينهما فلها النفقة ما دامت في عدتها، ولا يصدَّق على إبطال نفقتها. وكذلك لا يصدَّق (¬4) على ما سمى لها من المهر إذا كان أكثر من مهر مثلها. وإذا أنكح (¬5) الصبيةَ عمُّها ودخل (¬6) بها زوجها فاختارت الفرقة بعد ¬

_ (¬1) ز: فإن. (¬2) ز: للعنين. (¬3) م ف ز: فرق. والتصحيح من الكافي، 1/ 59 و؛ والمبسوط، 5/ 206. (¬4) ز: لو يصدق. (¬5) ز: نكح. (¬6) م ف ز: أو دخل.

الكبر وفَرَّقَ بينهما القاضي (¬1) فلها النفقة (¬2) ما دامت في عدتها. وكذلك إذا كان الزوج هو الصبي فدخل بها الصبي ثم اختار الفرقة بعدما أدرك فإن عليه النفقة ما دامت [في العدة] (¬3). وكذلك الرجل يتزوج المرأة وهو غير كفء فدخل بها ثم فُرِّقَ (¬4) بينهما فإن لها عليه النفقة والسكنى ما دامت في العدة، لأن النكاح وقع وهو (¬5) صحيح يتوارثان لو مات أحدهما، ويقع الطلاف فيه والإيلاء والظهار قبل الفرقة. وإذا غاب الرجل عن امرأته وله مال وديعة عند رجل، فاستَعْدَتْ عليه المرأة وطلبت النفقة، فإن القاضي يسأل المرأة، هل ترك لها من النفقة (¬6) وأعطاكها (¬7)، فإن قالت: لا، حلفت على ذلك، ثم أمر المستودع إن أقر أنها امرأته أن ينفق عليها، وفرض لها شيئاً معلوماً من ذلك، وأمره أن يأخذ منها كفيلاً، ولا يسأل المرأة البينة، ولا يُحَلِّفها حتى يسأل المستودع هل عندك وديعة لفلان، فإن أقر صنع (¬8) ما قلتُ لك في المرأة، وإن جحد ذلك لم يسألها البينة أنها امرأة فلان وأن لفلان عندك وديعة، ولا يضره بأي ذلك بدأ. وقال أبو يوسف بعد ذلك: لا يفرض عليه نفقة حتى يقر الذي في يديه المال أنها امرأة فلان، ويقر بالوديعة جميعاً، فإن جحد أحدهما لم يقبل منهما البينة. وكذلك الدين. والدراهم والدنانير في ذلك سواء. وكذلك العبد له الغلة (¬9) أو الدار لها الغلة، فإنه يفرض لها من غلة ذلك العبد أو الدار (¬10) النفقة، ولا يبيع لها في نفقتها عروضاً إن كانت أو دوراً. فإن كانت له ثياب تصلح لكسوتها كساها منها، ولا يشتري (¬11) لها من الدراهم كسوة. ¬

_ (¬1) ز: القاضي بينهما. (¬2) م ف - فلها النفقة. (¬3) م ف - في العدة. (¬4) م ف: ثم يفرق. (¬5) م: فهو. (¬6) ز + شيئاً. (¬7) ز: أو أعطاكها. (¬8) ز: فعل. (¬9) ز: للغلة. (¬10) م + أو. (¬11) م ف: ولا اشترى؛ ز: وإلا اشترى.

وكذلك لو كان له طعام أعطاها منه ما تأكل، ويأخذ (¬1) منها كفيلاً بجميع تلك الكسوة وغيرها من النفقة. فإذا قدم الزوج فإن قال: قد كنت أرسلت إليها بالنفقة، سئل على ذلك (¬2) البينة، فإن شهد له شاهدان أنه أعطاها نفقة، أو خلّفها عندها، أو أرسل إليها فوصلت إليها، لهذه الشهور التي أنفق عليها من ماله (¬3)، فإن الكفيل ضامن لما أنفق عليها. وإن لم تقم له بينة على ذلك استحلفت (¬4) المرأة ما أعطاها نفقة تلك الشهور ولا جاءها له بذلك رسول، فإن حلفت لم يكن له على الكفيل شيء ولا عليها. وإن نكلت عن اليمين ونكل الكفيل أيضاً لزمها وألزمنا الكفيل تلك النفقة. فإن (¬5) أرسل إليها بنفقة فلم تصل (¬6) إليها وأقر بذلك الزوج فهو بمنزلة من لم يعطها شيئاً (¬7). وإذا فرض القاضي على رجل (¬8) نفقة لامرأته فأعطاها المرأة فسُرِقَت من المرأة فليس على الزوج أن يعطيها ما سُرِقَ منها مرة أخرى. ولو كان يلزمه ذلك للزمه في الشهر الواحد ثلاث مرات أو أكثر. ولو أرسل بها الزوج إليها فقال الرسول: قد أعطيتها إياها، وجحدت هي ذلك (¬9)، فالقول قولها مع يمينها. وكذلك إن قال الزوج: قد أعطيتها، وجحدت هي، فالقول قولها مع يمينها (¬10)، وعلى الزوج البينة. فإن قامت (¬11) له البينة على ذلك لزمها. ولو أعطاها نفقة شهر (¬12) أو سنة ثم ماتت المرأة حين قبضتها، والدراهم معروفة بعينها قائمة عندها، فهي ميراث للمرأة، لأنها نفقة لها. وكذلك لو مات الزوج كانت الدراهم لها. ولو كساها ثوباً من كسوتها ثم ¬

_ (¬1) ز: وأخذ. (¬2) م ف: عن ذلك. (¬3) ز - لهذه الشهور التي أنفق عليها من ماله. (¬4) م ف ز: استحلفته. (¬5) ز: وإن. (¬6) م: فضل. (¬7) انظر: 7/ 173 ظ، 176 و، 178 و. (¬8) ز - رجل. (¬9) ز - ذلك. (¬10) ف ز - وكذلك إن قال الزوج قد أعطيتها وجحدت هي فالقول قولها مع يمينها. (¬11) ز: أقامت. (¬12) ز: شهرا.

باب الولد إذا فارق الأب أمهم في النفقة

ماتت جعلت الثوب في ميراثها، أستحسن ذلك وأدع القياس فيه. وأجعل هذه [وَ] الدراهم سواء، كلها ميراث للمرأة. وهذا قول أبي يوسف. وقال محمد: إذا أخذت المرأة دراهم (¬1) لنفقتها أو كسوتها، لشهرها أو لسنتها، ثم ماتت (¬2) في بعض الشهر أو في بعض السنة، والدراهم أو الكسوة قائمة بعينها، فإنه يُنْظَر إلى ما مضى من الشهر والسنة، فيكون (¬3) قدر ذلك من النفقة والكسوة ميراثاً (¬4) لورثتها، وما بقي ردّ على زوجها، لأن الذي بقي لم يجب لها. أرأيت لو أعطاها النفقة لعشر سنين أو لوقت يُعْلَم أنها لا تبلغه ثم ماتت لكُنَّا (¬5) نسلّم ذلك لها، ليس هذا بشيء. يكون لها بقدر (¬6) ما مضى، استهلكته أو لم تستهلكه، وترد (¬7) ما بقي على الزوج، استهلكته أو لم تستهلكه، يكون ديناً في مالها. ... باب الولد إذا فارق الأب أمهم في النفقة قال: وإذا كان للرجل ولد وقد فارق أم ولده فإن المرأة أحق بالولد (¬8) أن يكون عندها حتى يستغني عنها. فإن كان غلاماً فحتى يأكل وحده ويشرب وحده ويلبس وحده. قال (¬9) محمد: حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم بذلك (¬10). فإن كانت جارية فهي أحق بها حتى تحيض. والنفقة في ذلك على الوالد. فإن كان رضيعاً فالرضاع على الوالد. وإن ¬

_ (¬1) ز: دراهما. (¬2) ز: في مات. (¬3) ز: فيلون. (¬4) ز: ميراث. (¬5) ز: أكنا. (¬6) ز: بعده. (¬7) ز: ويرد. (¬8) ز - بالولد. (¬9) ز: وقال. (¬10) محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم قال: الولد لأمه حتى يستغني، وقال إبراهيم: إذا استغنى الصبي عن أمه في الأكل والشرب فالأب أحق به. انظر: الآثار، 122.

كان يجد من يرضع بأقل مما ترضع المرأة فلم تأخذ المرأة الولد بذلك أتاها (¬1) بالظئر فأرضعته (¬2) عندها في بيتها. وإن أخذته المرأة بذلك فهي أحق به. وليس امرأة الرجل التي لم (¬3) يفارقها كهذه. تلك إن أرضعت ولدها فليس لها أجر، وإن أبت (¬4) أن ترضعه لم يكرهها على ذلك. فإن كان أبوه (¬5) قد مات وكان له عم وأم كانت الأم أحق به، وكان الرضاع عليهما جميعاً. وإن كانت الأم غنية والعم غني فالرضاع عليهما على قدر ميراثهما. والأم أحق أن يكون (¬6) عندها حتى يبلغ ما وصفت لك. فإن كان عمه فقيراً وأمه غنية فالرضاع كله على الأم. فإن كان له أخ وعم (¬7) غنيين (¬8) وأم غنية فالرضاع كله على أخيه وأمه على قدر الميراث، ولا شيء على عمه، مِن قِبَل أنه ليس بوارث مع الأخ. وليس يضم مع الأب (¬9) أحد ينفق معه، فإذا مات الأب فهذا على المواريث، الأم (¬10) وغيرها في هذا سواء، غنياً كان الأب أو فقيراً فهو سواء. فإن كانت له [أم غنية و] (¬11) أخت غنية وأخ غني فهو على الأخ والأخت والأم على قدر ميراثهم. وأي هؤلاء كان فقيراً لم يجبر على النفقة. فإن كانت أمه فقيرة وكانت له عمة وخالة غنيتان وليس لأمه لبن فالرضاع على عمته وخالته أيهما ما كانت. وإن اجتمعتا (¬12) كان على العمة الثلثان (¬13) وعلى الخالة الثلث. وإذا طلق الرجل امرأته وله منها ولد فخاصمته في نفقتهم، فقال: أنا ¬

_ (¬1) م ف ز: وأتاها. والتصحيح من الكافي، 1/ 59 و. (¬2) ز: باظئر فأرضعتها. (¬3) ز - لم. (¬4) م ز: تابت. (¬5) ز: أبوها. (¬6) ز: أن تكون. (¬7) م ف: أو عم؛ ز + وأم. (¬8) ز: غنينة (¬9) م ف ز: من الأخ. والتصحيح من الكافي، 1/ 59 ظ. (¬10) ز: الأ. (¬11) يدل على الزيادة آخر الجملة. (¬12) ز: أجمعا. (¬13) ز: الثلثين.

معسر، فالقول قوله، وعليه من النفقة لكل غلام (¬1) إذا كان فطيماً (¬2) وكان ابن ثلاث سنين أو أربع أو خمس درهمان (¬3) أو زيادة على ذلك نصف درهم. وكذلك لكل جارية. فإن كان الغلام أو الجارية ابن عشر سنين أو أكثر ما بينه وبين أن يحتلم أو تحيض الجارية فإنه يُفْرَض له ثلاثة دراهم أو أقل من ذلك شيئاً أو أكثر كل شهر. يقوّم عليه طعامهم بالقوت على قدر الغلاء والرخص، فيفرض ذلك عليه في كل شهر. فإن زاد على ما وصفت لك زيدوا، وإن نقص من ذلك نقصوا. وتفرض (¬4) عليه لهم الكسوة (¬5) في الشتاء والصيف أدنى ما يكون (¬6) ذلك بالقيمة. وإن كان موسراً فأقر بذلك أو قامت عليه البينة وسّع عليهم في الطعام والإدام. فيزاد لكل (¬7) واحد منهم درهم (¬8) أو أقل من ذلك شيئاً أو أكثر على قدر ما يرى القاضي. فإن كان مشهورًا في الغنى (¬9) جعل لكل واحد ستة دراهم أو سبعة، ويزاد في الكسوة على قدر ذلك. وأدنى ما يكون من ذلك من الكسوة الزُّطّي والحشو من الزُّطّي أو الفرو (¬10) الغليظ وكساء وخفين. والوسط من الكسوة على الموسر اليهوديُّ والفرو (¬11) الرقيق والخفان (¬12) والكساء والأَنْبَجَاني (¬13) في الشتاء، و [في] الصيف إزار كتّان للغلام وقميص سابري (¬14) حسن أو هروي للجارية. وأدنى ذلك إزار غليظ للغلام، وقميص للجارية غليظ من الرطّي. والوسط من ذلك اليهودي. ويؤخذ من الموسر الوسط والفائق في اليسار لولده إذا كانوا أكثر من واحد بخادم (¬15)، فإن لم يكفهم (¬16) ¬

_ (¬1) ز - لكل غلام. (¬2) ز: فطيم. (¬3) ز: درهمين. (¬4) ز: ويفرض. (¬5) ز: اللسوة. (¬6) ز + من. (¬7) ز: كل. (¬8) ز: درهماً. (¬9) ز: في الغناء. (¬10) ز: أو الفرق. (¬11) ز: والفروا. (¬12) ز: والخفين. (¬13) كذا في الأصول. ولعله بدون واو "الأنبجاني". (¬14) نوع من الثياب كما مر. (¬15) م: لخادم. (¬16) م ف ز: يحريهم.

باب الولد إذا فارق الأب أمه أيهما أحق

فخادمان (¬1) يقومان عليهم في خدمتهم ومعالجة مؤنتهم. وهذه النفقة من الدراهم في الرخص، فإذا كان غلا السعر فعلى قدر الغلاء والرخص. ... باب الولد (¬2) إذا فارق الأب أمه أيهما أحق (¬3) قال: وإذا فارق الرجل امرأته ولها ولد منه فهي أحق بالغلام حتى يأكل وحده ويشرب وحده ويلبس وحده. قال محمد: وحدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم بذلك (¬4). والأم أحق بالجارية حتى تحيض. فإذا انتهوا إلى ذلك الوقت فأبوهم أحق بهم. وإن تزوجت أمهم غير ذي رحم محرم قبل أن ينتهوا إلى هذا الوقت فأبوهم (¬5) أحق بهم (¬6). وجدتهم أم أمهم في ذلك مثل أمهم. فإن كانت أمهم يهودية أو نصرانية أو مجوسية فهي بمنزلة المسلمة في ذلك. وكذلك كل قرابة من النساء فهي أحق بالولد (¬7) أن يكون عندهن مسلمات كن أو غير مسلمات أو ذميات. فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - قال: هن (¬8) سواء، ولا يبطل حقهن في الولد على كل حال (¬9) حتى تتزوج (¬10) الأم أو يبلغ الوقت الذي وصفنا لك. وإذا اجتمعت الجدتان أم الأم وأم الأب والأم ميتة أو لها زوج فإن أم الأم أحق بهم وإن كان لها زوج، بعد أن يكون زوجها هو الجد. فإن كان زوجها (¬11) غير الجد، فلا حق لها (¬12) فيهم، وأم الأب (¬13) أحق بهم. ¬

_ (¬1) ز: فخادمين. (¬2) م ف ز - الولد. والزيادة من ع. (¬3) ز - به. (¬4) تقدم قريباً. (¬5) ز: فأمهم. (¬6) ف - وإن تزوجت أمهم غير ذي رحم محرم قبل أن ينتهوا إلى هذا الوقت فأبوهم أحق بهم. (¬7) ز: فهي في حق الولد. (¬8) ز: هم. (¬9) م ف ز + واحده. (¬10) ز: حتى يتزوج. (¬11) م ز - هو الجد فإن كان زوجها؛ صح م هـ. (¬12) ز: لهم. (¬13) م ف ز: الأم. والتصحيح من الكافي، 1/ 59 ظ؛ والمبسوط، 210.

وإذا اجتمعت أم الأب والخالة والعمة والأخت لأب أو لأب وأم أو لأم فالجدة أم الأب أحق بهم، لأنها والدة. وكذلك لو كان لها زوج بعد أن يكون الجد. وإن كان زوجها غير الجد أو كانت ميتة فالأخت من الأم أولى بهم. فإن كان لها زوج أو كانت ميتة فالخالة أولى بهم من العمة. فإن كانت الخالتان إحداهما (¬1) لأب (¬2) وأم والأخرى لأب فالتي للأب والأم أولى. فإن كانت خالة لأب (¬3) وخالة لأم فالتي للأم أولى بهم. فإن لم تكن خالة لأب وأم فالخالة للأب (¬4) أولى بهم من العمة مِن قِبَل (¬5) الأم. فما كان (¬6) مِن قِبَل الأم فهي أولى مما كان مِن قِبَل الأب. ولو كانت خالة وابنة أخت لأم كانت ابنة الأخت للأم أولى بهم، لأنها أقرب. وإذا لم يكن للولد ذو رحم مِن قِبَل النساء وكانت له عمة لأب وأم، وعمة لأبيه، وعمة لأمه، فالعمة من الأب والأم أولى بهم. فإن لم يكن لهم عمة لأب وأم فالعمة للأم أولى بهم، لأن قرابة الأب من الأم أولى بهم (¬7). وابنة الأخ أولى بهم من العمات لأب وأم. وابنة الأخ من الأب والأم والخالة أولى بهم من ابنة الأخ من الأب، لأنها أقرب إلى الأم. وابنة الأخ من الأب والأم وابنة الأخت من الأب والأم أولى بهم من الخالة ومن العمة. وليس لأحد من هؤلاء حق في الولد إذا أكل وحده وشرب وحده ولبس وحده (¬8)، جارية كانت أو غلاماً (¬9)، ما خلا الأم والجدتين أم الأم ¬

_ (¬1) م ف ز: إحداهم. (¬2) م: الأب؛ ف: للأب. (¬3) م ف ز + وأم. والتصحيح من الكافي، 1/ 59 ظ. وانظر للشرح: المبسوط، 5/ 210 - 211. (¬4) ز + والأم. (¬5) ز + أنها. (¬6) ز - الأم فما كان. (¬7) ز - فإن لم يكن لهم عمة لأب وأم فالعمة للأم أولى بهم لأن قرابة الأب من الأم أولى بهم. (¬8) ز - وحده. (¬9) ز: أو غلام.

وأم الأب. فإن الجارية تكون عند أي هؤلاء كانت (¬1) حتى تحيض، ثم الوالد أحق بها. والأخ بمنزلة الوالد (¬2) في ذلك كله. و (ذا اجتمع الأخ والعم فالأخ أولى به، أخاً (¬3) لأب وأم كان أم لأب. فإذا اجتمع إخوة فإن الأخ (¬4) من الأب والأم أولى بهم. فإن كانوا لأب (¬5) وأم كلهم فأفضلهم صلاحًا وأبينهم (¬6) ورعًا. فإن كانوا في ذلك كله سواء فالأكبر أحق بهم. والأعمام إذا اجتمعوا بمنزلة الإخوة. وإن كانت امرأة ثيبة ثقة مأمونة على نفسها لا تريد أن تكون (¬7) مع أمها ولا مع أخيها (¬8) ولا مع عمومتها فلها ذلك، ولها أن تنزل (¬9) حيث شاءت. وأما البكر فإن لوالدها أن يضمها إليه ولا يخلي عنها. وكذلك الأخ والعم إذا لم يكن والدٌ. فإن كان أخوها مخوفاً عليها أو عمها فإنه لا يخلَّى بينهما وبينها، ويُنْظَر امرأة من المسلمين ثقة لها فتوضع عندها. فإن كانت البكر قد دخلت في السن واجتمع لها عقلها ورأيها، وإخوتها وعمومتها مخوفان عليها، فلها أن تنزل (¬10) حيث أحبت في مكان لا يتخوف عليها ولا تكون (¬11) مع أخيها ولا مع عمها. وأم (¬12) الولد إذا أعتقها مولاها في الولد بمنزلة الحرة المطلقة. وكل ذي رحم محرم منها في ذلك بمنزلة الحرة. وكذلك الحرة وإن كان زوجها عبداً أو مكاتباً أو مدبراً. وكذلك الكافرة وهي (¬13) بمنزلة المسلمة الحرة في ذلك كله. فأما الأمة إذا فارقها زوجها فإن كان حراً فإن ولدها للمولى ¬

_ (¬1) ز: كان. (¬2) م ف: الولد. (¬3) ز: أخ. (¬4) ز: للأخ. (¬5) ز: فإن كان ابو الاب. (¬6) ز: وأثبتهم. (¬7) ز: أن تلون. (¬8) ز: أختها. (¬9) م: أن تترك. (¬10) م: أن تترك. (¬11) ز: يكون. (¬12) ز: وإن أم. (¬13) ز: هي.

باب متاع البيت

رقيق، وليس القضاء فيهم كالقضاء في الأحرار، إن (¬1) العبيد يأخذهم (¬2) الموالي، وهم أولى بهم ولو كان الزوج لم يفارق امرأته. ... باب متاع البيت قال: وإذا اختلف الرجل وامرأته في متاع البيت فما كان للنساء فهو للمرأة، وما كان (¬3) للرجال فهو للرجل، وما كان يكون للرجال والنساء فهو للباقي منهما في الموت. وأما في الطلاق والفرقة فهو للرجل، لأن الرجل هو الباقي في الطلاق والفرقة. قال: أخبرنا محمد عن أبي حنيفة عن جماد عن إبراهيم بنحو من ذلك. وإذا كان طلقها فبانت أو لم تبن (¬4) فاختلفا في متاع البيت فهو كما وصفت لك القول فيه. وإذا مات أحدهما فاختلف الباقي وورثة الميت فما كان يكون للرجال فهو للرجل، وما كان يكون للنساء فهو للمرأة، وما كان يكون للرجال والنساء (¬5) فهو للباقي منهما. قال: وحدثنا محمد قال: حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم بذلك. وهذا قول أبي حنيفة - رضي الله عنه -. [قال محمد:] (¬6) وما (¬7) كان يكون للرجال (¬8) فهو للرجل، وما كان يكون للنساء فهو للمرأة، وما كان يكون للرجال والنساء فهو للرجل على كل حال مات أو لم يمت. وقال أبو يوسف: يعطى للمرأة من متاع البيت ما تُجَهَّز (¬9) به مثلها، وما بقي فهو للرجل. وإذا أقام واحد منهم البينة على شيء أنه لصاحبه وأنه اشتراه منه فهو للذي اشتراه. ¬

_ (¬1) ز: لأن. (¬2) ز: تأخذهم. (¬3) ز - كان. (¬4) ز: لم تبين. (¬5) ز: وللنساء. (¬6) الزيادة من الكافي، 1/ 60 و. (¬7) ز: ما. (¬8) ز: للرجل. (¬9) ز: ما يجهز.

وما كان من سلاح أو أَقْبيَة أو قلانس (¬1) أو منطقة فهو للرجل. وكذلك الطيلسان وكذلك السراويل والعمامة والمصحف والفرس (¬2) والبرذون. وما كان من درع أو خمار أو رَبْعَة (¬3) أو حَجَلَة (¬4) أو بساط (¬5) أو قُبّة أو تابوت (¬6) أو سرير أو صندوق أو حلي فهو للمرأة. والمنزل والخادم والعبد والشاة وسَقَط البيت، هذا يكون للنساء والرجال. وما كان من متاع التجارة والرجل معروف بتلك التجارة فهو للرجل. والجبة المحشوة والجبة الفِراء وجبة الخَزّ والبرود (¬7) فهو للرجل إذا كان ذلك (¬8) لبسه (¬9). والمُسْتُقَة (¬10) والبَرَّكَان (¬11) المعلَّم مما يكون للنساء والرجال. والغنم السائمة والبقر مما يكون للنساء والرجال. وكذلك الإبل. وإذا كان أحدهما حراً (¬12)، والآخر مملوكاً أو مكاتباً أو مدبراً (¬13) أو ¬

_ (¬1) ف ز + أو موارح. (¬2) ز: والقوس. (¬3) قال المطرزي: الربعة الجُونة، وهي سُليلة تكون للعطارين مغشّاة أَدَماً، وبها سميت رَبْعَة المصحف، وذِكْرُها فيما يصلح للنساء من أمتعة البيت فيه نظر. انظر: المغرب، "ربع". ولعل ذلك كان معروفاً في زمن الإمام محمد أنه من متاع النساء. (¬4) الحَجَلَة بفتحتين ستر العروس في جوف البيت. انظر: المغرب، "حجل". (¬5) ف: أو فسطاط. (¬6) التابوت هو الصندوق الذي يحرز فيه المتاع. انظر: لسان العرب، "تبت". (¬7) ع: الحر والبرد. (¬8) ز: ذات. (¬9) ز م: لينه؛ صح م هـ. (¬10) قال المطرزي: المُسْتقة بضم التاء وفتحها فرو طويل الكُمين. عن ابن الأعرابي والأصمعي. وعن ابن شميل: هي الجبة الواسعة، وجمعها مَسَاتِق. انظر: المغرب، "ستق". (¬11) قال المطرزي: البَرْنَكَان ضرب من الأكسية بوزن الزعفراند عن الغوري والجوهري. وعن الفَرَّاء: يقال للكساء الأسود بَرَّكَان وبَرَّكَاني، ولا يقال: بَرْنَكان ولا برنكاني. ولم يذكر أحد منهم بَرَكَان بالتخفيف. انظر: المغرب، "برك". (¬12) ز: حر. (¬13) ز: مملوك أو مكاتب أو مدبر.

أم ولد، فإن المتاع كله للحر إن كانت هي أمة وإن كان هو الرجل (¬1). فإن كان الزوج مسلماً والمرأة من أهل (¬2) الكتاب فهما في المتاع بمنزلة الحرين المسلمين. وكذلك لو كانت المرأة من المجوس فأسلم زوجها وأبت أن تسلم ففرق بينهما، أو أسلمت المرأة وأبى الزوج، فإن المتاع بينهما على ما وصفت لك في الطلاق. وكذلك المختلعة والمبارئة والتي تبين بالإيلاء. وكل فرقة وقعت بين الزوج والمرأة، من قبل النساء كانت أو من قبل الرجال، فالمتاع بينهما كما ما وصفت لك في الطلاق. وكذلك أمة أعتقت فاختارت نفسها، فما كان من متاع البيت الذي كان فيه قبل أن تعتق فهو كله للرجل، وما (¬3) أحدثا من المتاع بعدما أعتقت قبل أن تختار نفسها فهو بينهما على ما وصفت لك في الطلاق. وإذا زوج (¬4) الرجل ابنة أخيه أو ابنة أخته وهي صغيرة فكبرت فاختارت الفرقة فإن القول في متاع البيت فيما بينهما مثله في الطلاق. وكذلك الخيار لو كان مِن قِبَل الزوج زوّجه عمُّه فاختارت الفرقة بعدما أدرك. وكذلك العنين إذا فارقته امرأته. وإذا كانت المرأة قد حاضت أو لم تحض أو كان الزوج قد احتلم أو لم يحتلم فمات أحدهما أو وقعت بينهما الفرقة فإن القول في المتاع على ما وصفت لك. وأهل الإسلام وأهل الذمة في هذا سواء. وإذا كان للرجل امرأتان أو ثلاث أو أربع فاختلفوا في المتاع فما كان يكون للرجال فهو للرجل، وما كان يكون للنساء فهو بين النساء كلهن، وما ¬

_ (¬1) يعني أن المتاع للحر منهما أيهما كان. انظر: الكافي، 1/ 60 و؛ والمبسوط، 5/ 215. لكن ذكر في الجامع الصغير أن هذا قول الإمام أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد -رحمهما الله-: العبد المأذون له في التجارة والمكاتب بمنزلة الحر. انظر: الجامع الصغير لمحمد بن الحسن، 240. وذكر السرخسي أنه على قول الصاحبين لا دخل للحرية والمملوكية في الاستحقاق. انظر: المبسوط، الموضع السابق. (¬2) م ز - أهل. (¬3) م ف: ولما. (¬4) ز: تزوج.

كان يكون بين (¬1) النساء (¬2) والرجال فهو للزوج (¬3). فإن كان الزوج قد مات فهو للنساء بينهن سواء. إذا كن في بيوت مختلفة فما كان في بيت كل امرأة (¬4) فهو بينها وبين زوجها على ما وصفت لك، ولا يدخل بعضهن فيما (¬5) في بيت بعض. وإذا أقرت المرأة بمتاع أن الرجل اشتراه فهو للزوج. وإذا ادعت أنه وهبه لها فعليها البينة. وإن مات الزوج فقال (¬6) ورثته: قد كان طلقكِ في حياته ثلاثاً، وأرادوا أن يأخذوا ما كان من متاع الرجال والنساء فإنهم لا يصدَّقون على ذلك، والقول في ذلك قول المرأة بعد أن تحلف بالله ما تعلم أنه طلقها. فإن قامت البينة على أنه طلقها في صحته فمتاع النساء للمرأة، ومتاع الرجال للرجل، وما كان للرجال والنساء فهو لورثة الرجل مِن قِبَل أنه قد طلق فقد وجب له قبل أن يموت. وإذا كان الطلاق في مرضه فمات بعد انقضاء العدة فهو كذلك. وإن مات (¬7) قبل أن تنقضي العدة فإن القول في المتاع مثل ما هو في الموت، فما كان للرجال والنساء فهو للمرأة (¬8). وإذا كانت أمةٌ أو مكاتبة أو مدبرة تحت حر أو كانت حرةٌ تحت مملوك فأُعْتِق المملوك منهما ثم مات الزوج فإن القول في المتاع كما وصفت لك في الموت، إلا ما كان من متاع يُعْرَف أنه كان في أيديهما قبل العتق، فيكون ذلك للحر منهما. وإذا ماتت المرأة وبقي الزوج فما كان للنساء فهو لورثة المرأة، وما كان للرجال فهو للرجل، وما كان يكون للنساء والرجال فهو للزوج، إلا أن يقيم ورثة المرأة (¬9) البينة عليه (¬10). ¬

_ (¬1) ز - بين. (¬2) ز: للنساء. (¬3) ف: وما كان يكون للنساء فهو للزوج. (¬4) ز: في كل بيت امرأة. (¬5) م - فيما. (¬6) ز: فقالت. (¬7) م - مات، صح هـ. (¬8) انظر أول الباب: 7/ 182 ظ. (¬9) ز: الميتة. (¬10) انظر أول الباب: الموضع السابق.

باب القسمة بين النساء

وإذا كان المنزلُ منزلَ الزوج له ملكَ رقبةٍ، أو منزلَ المرأة لها ملكَ رقبةٍ، فإن القول في المتاع كما وصفت لك. وإذا دخل الزوج بالمرأة والرجل قد بلغ والمرأة (¬1) لم تبلغ غير أنه قد يجامَع مثلها أو كانت قد أدركت والزوج لم يدرك غير أن مثله يجامِع فإن القول في المتاع على ما وصفت لك. وأيهما أقام البينة على متاع بعينه أنه اشترى (¬2) أو أنه وُهِبَ له أو تُصُدِّقَ به عليه أو أنه وَرِثَه فهو له دون الآخر. وإن كان الزوج والمرأة مملوكين جميعاً فمات أو طلق فالقول في المتاع مثله في الحرين. وكذلك أهل الذمة والمكاتبين. ... باب القسمة بين النساء قال: وإذا كان للرجل امرأتان حرتان مسلمتان (¬3) فإنه يكون لكل واحدة منهما يوم (¬4) وليلة. وإن شاء أن يجعل لكل واحدة منهما ثلاثة أيام فعل. بلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لأم سلمة حين دخل بها: "إن شئتِ سَبَّعْتُ لكِ وسَبَّعْتُ لهن" (¬5). وإذا تزوج الرجل المرأة بكراً كانت أو ثيباً وله امرأة غيرها فإنه لا يقعد عند التي عرّس بها (¬6) إلا كما يقعد عند التي كانت عنده. والبكر في ¬

_ (¬1) ف + التي. (¬2) ز: اشتراه. (¬3) ز: امرأتين حرتين مسلمتين. (¬4) ز: دوما. (¬5) محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة عن الهيثم، فذكره. انظر: الآثار لمحمد، 147. وانظر: صحيح مسلم، الرضاع، 41 - 43. والمعنى إن أردت جلست عندك سبعة أيام، وعند زوجاتي الأخريات سبعة أيام. (¬6) ز: لها.

ذلك والثيب سواء. ولا ينبغي أن يجوز ذلك ولا يقيم عند إحداهن أكثر مما يقيم عند الأخرى إلا أن تأذن له في ذلك. فإنه بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه استأذن نساءه في مرضه أن يكون في بيت عائشة، فأَذِنَّ له، فكان في بيت عائشة حتى قُبِضَ - صلى الله عليه وسلم - (¬1). والصحيح والمريض في ذلك سواء. والمرأة الحرة المسلمة والمرأة (¬2) من أهل الكتاب إذا كانت تحت رجل مسلم في ذلك كله سواء. فأما الأمة والمكاتبة وأم الولد والمدبرة يتزوجها الرجل ويتزوج بعدها أخرى حرة مسلمة أو حرة من أهل الكتاب فإنه (¬3) يجعل للحرة يومين وللأمة يوماً. بلغنا نحو ذلك عن علي بن أبي طالب (¬4). وإذا سافر الرجل مع إحدى نسائه أو حج بها فخاصمته الأخرى بعد ما يقدم الرجل من سفره إلى القاضي في المقام عندها عَدَدَ ما سافر مع تلك الأخرى فإنه لا يقضي (¬5) لها بذلك، ولكن يقضي (¬6) لها بأن يعدل بينهما فيما يستقبل. وكذلك لو أقام عند إحداهما شهراً ثم خاصمته جميعاً قضى عليه أن يستقبل العدل فيما بينهما، وما مضى من ذلك فهو هدر، غير أنه فيه آثم. فإن عاد للجور فيما بعد النهي بينهما أُوجِعَ عقوبة وأمر أن يعدل. ولو كان عند رجل امرأة قد خلا (¬7) من سنها، فأراد أن يستبدل بها شابة وأن يفارقها، فطلبت إليه أن يمسكها وأن يتزوج عليها، وأن يقيم (¬8) عند التي يتزوج بها (¬9) أياماً، ثم يعود عندها يوماً ¬

_ (¬1) صحيح البخاري، النكاح، 104؛ وصحيح مسلم، الصلاة، 91، 92. (¬2) م ز: والمسلمة. (¬3) م ز: فإن. (¬4) المصنف لعبد الرزاق، 7/ 265؛ وسنن الدارقطني، 3/ 284. (¬5) ز: لا يقضا. (¬6) ز: يقضا. (¬7) م ف ز: فدخل. والتصحيح من الكافي، 1/ 60 ظ. وقال السرخسي: فدخلت في سنها أي كبرت. انظر: المبسوط، 5/ 219. (¬8) ز: تقيم. (¬9) ف ز - بها.

واحداً، فتزوج (¬1) على هذا الشرط، كان ذلك جائزاً لا بأس، لقول الله تعالى في كتابه: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا} (¬2). [بلغنا ذلك عن علي بن أبي طالب] (¬3). وبلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لسودة بنت زمعة: "اعتدي". فسألته بوجه الله أن يراجعها، وأن يجعل يومها لعائشة لأن تحشر يوم القيامة مع أزواجه. قال محمد: حدثنا أبو حنيفة عن الهيثم بذلك غير أنه لم يذكر عائشة (¬4). ولا بأس بأن يقيم الرجل عند إحدى امرأتيه أكثر مما يقيم عند الأخرى إذا أذنت له. قال: بلغنا عن عبد الله بن عباس أنه قال في هذه الآية: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} (¬5)، إن هذا في الحب، وأما في القسمة فينبغي أن يعدل (¬6). وبلغنا عن ابن عباس أنه (¬7) قال (¬8) في قوله تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} (¬9)، مثل قول علي بن أبي طالب (¬10). ¬

_ (¬1) م ف ز: فيتزوج. (¬2) سورة النساء، 4/ 128. (¬3) الزيادة من الكافي، 1/ 60 ظ؛ والمبسوط، 5/ 220. ولا بد من هذه الزيادة، لأنه أشار إلى قول علي بن أبي طالب فيما يأتي أسفله. وانظر لقول علي: تفسير الطبري، 5/ 306. (¬4) رواه محمد بنفس إسناده في الآثار، 90. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 146. وروي نحوه عن عروة بن الزبير مرسلاً. انظر: السنن الكبرى للبيهقي، 7/ 75. وعن عائشة أن سودة لما كبرت قالت: قد جعلت يومي منك يا رسول الله لعائشة فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقسم لعائشة يومين: يومها ويوم سودة. ولم تذكر طلاقاً. انظر: صحيح البخاري، النكاح، 98؛ وصحيح مسلم، الرضاع، 47. وانظر للتفصيل: نصب الراية للزيلعي، 3/ 216 - 217؛ والدراية لابن حجر، 2/ 67؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 203. (¬5) سورة النساء، 4/ 129. (¬6) نحو ذلك في تفسير الطبري، 5/ 314. (¬7) م ف: أنها. (¬8) م ف - قال. (¬9) سورة النساء، 4/ 128. (¬10) تفسير الطبري، 5/ 307.

وإذا أقام الرجل عند امرأته وهي أمة يوماً ثم أُعْتِقَت فإنه لا ينبغي له أن يقيم عند الحرة إلا يوماً واحداً. ولو أقام عند الحرة يوماً ثم أعتقت (¬1) فإنه ينبغي له أن يتحول من عندها (¬2) إلى المعتقة فيقيم عندها يوماً؛ لأنها قد صارت حرة. وإذا كانت للرجل امرأة واحدة فكان يقوم الليل ويصوم النهار فاستَعْدَت عليه امرأته فإنه يؤمر أن يبيت معها وأن يفطر (¬3) لها. بلغنا عن عمر بن الخطاب أنه قال لكعب بن سوار (¬4): اقض (¬5) بينهما. فقال: أراها إحدى نسائه الأربع، لهن ثلاثة أيام ولياليهن، ولها يوم وليلة (¬6). أرأيت لو كانت له أربع نسوة فأراد أن يصوم أو أن يصلي أما كان يكون له شيء، فليس في هذا شيء موقّت. وإذا كانت قد دخل بها زوجها وجامعها ولم تدرك فإن القسم بينها وبين التي قد أدركت سواء. والعبد إذا كان تحته الحرة والأمة قسم بينهما كما يقسم الحر (¬7). وكذلك المكاتب. وكذلك الذمي يكون تحته امرأتان (¬8) إحداهما مجوسية والأخرى من أهل الكتاب كان القسم (¬9) بينهما على هذا. وإذا تزوج الرجل امرأتين على أن يقيم عند إحداهما يوماً وعند الأخرى يومين ثم طلبت التي لها اليوم أن يعدل عليها فإن ذلك لها من قبل أن هذا ليس بحق لازم. ¬

_ (¬1) ز + الأمة. (¬2) ز: من عند الحرة. (¬3) ف: وأن ينظر. (¬4) ف: سور. (¬5) ز: اقضي. (¬6) المصنف لعبد الرزاق، 7/ 148 - 149. (¬7) م ز: الحره؛ ف: للحرة. (¬8) ز: امرأتين. (¬9) ز: القسمة.

باب نفقة ذوي الأرحام

والمجنونة والمغلوبة والصحيحة في القسمة سواء. والمجبوب والخصي والعنين في القسمة بين النساء سواء. والصبي الذي لم يحتلم إذا كان قد دخل بامرأتين له فإنه يقسم بينهما سواء. وإذا جعلت المرأة لزوجها جعلاً على أن يزيدها في القسمة يوماً ففعل ذلك فإنه لا يجوز، ولها (¬1) أن ترجع (¬2) في مالها. وكذلك لو حطّت عنه من المهر على ذلك الشرط كان لها أن ترجع فيما حطت. ولا يجوز الجعل على هذا الشرط ولا الوضيعة. فإن زادها هو في مهرها أو جعل لها جعلاً على أن تجعل (¬3) يومها لفلانة فإن الجعل التي جعل لها باطل من قبل أنه لم (¬4) يشتر (¬5) منها شيئاً ولم يبع. قال: وحدثنا محمد قال: حدثنا هشام الدستوائي عن رجل عن الحسن قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تنكح الأمة على الحرة (¬6). ... باب نفقة ذوي الأرحام قال: وإذا كان للغلام الصغير أبوان موسران وهو معسر فنفقته على الأب دون الأم. ولا نفقة على الأم ما دام الأب حياً. ألا ترى أن الأب لو طلق الأم والغلام رضيع كان رضاعه على الأب وكانت الأم تأخذ من الأب الأجر على رضاع الصبي. ألا ترى إلى قول الله تبارك وتعالى في كتابه: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (¬7). فإن كان الأب معسراً والأم موسرة فإن أبا يوسف ومحمداً (¬8) قالا: ¬

_ (¬1) م ف ز: لها. (¬2) ز + في ذلك. (¬3) ز: أن يجعل. (¬4) ز - لم. (¬5) ز: يشتري. (¬6) ذكره المؤلف بلاغاً في أوائل كتاب النكاح. انظر: 7/ 124 ظ. (¬7) سورة البقرة: 233. (¬8) ز: ومحمد.

نأمر الأم أن تنفق عليه، ويكون ذلك ديناً على الأب. وإنما نفقة الصبي على الأب ما دام صغيراً. فإن كان له ابن كبير صحيح فلا نفقة على الأب له ولا على الأم. فإن كان معسراً فإن (¬1) كان (¬2) كبيراً زمناً أو معتوهاً أو به زمانة لا يقدر على الكسب فعلى الأب نفقته دون الأم. وهو بمنزلة الصبي في ذلك. وكذلك لو كان الولد جارية صغيرة أو كبيرة صحيحة أو زمنة إلا أنها معسرة فنفقتها على أبيها إن كان موسراً. فإن كان الأب ميتاً وله جد موسر والأم موسرة فإن نفقة الولد على الجد والأم (¬3) على قدر ميراثهما من الولد، يكون على الأم من ذلك الثلث، وعلى الجد الثلثان. وكذلك لو كان مكان الجد عم أو عم أبي. فإن كان مكان عم الأب ابن عم فالنفقة (¬4) على الأم خاصة (¬5) دون ابن العم وإن كان ابن العم وارثاً مع الأم؛ لأنه ليس بذي رحم محرم. ولا تكون النفقة إلا على ذي رحم محرم وإن كان [ليس] (¬6) وارثاً. ولو كان للولد خال موسر وابن عم موسر جُبِرَ الخال على نفقته وإن كان ميراثه لابن عمه؛ لأن الخال ذو رحم (¬7) وإن كان ليس بوارث. وإذا كان للرجل ولد صغير معسر أو ولد (¬8) كبير زمن معسر أو ابنة صغيرة أو كبيرة زمنة أو صحيحة معسرة، والأب زمن معسر لا يستطيع الكسب، وله ثلاثة إخوة أحدهم لأب وأم والآخر لأب والآخر لأم، والإخوة أهل يسار، فإن كان الولد ذكراً فإن نفقة الأب على الأخ من الأب والأم والأخ من الأم على ستة أسهم. سهم من ذلك على الأخ من الأم، وخمسة أسهم على الأخ من الأب والأم، وليس على الأخ من الأب من النفقة شيء. ألا ترى أن هذين هما الوارثان لو لم يكن ولد دون الأخ من الأب. وأما نفقة الولد فعلى الأخ من الأب والأم خاصة؛ لأنه هو وارث ¬

_ (¬1) ز - فإن. (¬2) ز: وكان. (¬3) ز + قد. (¬4) م: بالنفقة. (¬5) م: بخاصة. (¬6) انظر آخر الجملة التالية. (¬7) ز + محرم. (¬8) ز: وولد.

الولد لو لم يكن له أبي دون الأخوين الباقيين، فالنفقة عليه خاصة. ولو كان الولد امرأة كان نفقة الأب كلها على أخيه لأبيه وأمه دون الأخوين الباقيين؛ لأن الإخوة في هذا الوجه لا يرث منهم مع (¬1) الولد إذا كان امرأة إلا الأخ من الأب والأم. ألا ترى أن الأب لو مات ورثته (¬2) ابنته النصف وورثه إخوته لأبيه وأمه ما بقي. ولو كان مكان الإخوة أخوات متفرقات على ما وصفنا فإن كان الولد ذكراً فنفقة الأب على أخواته على (¬3) خمسة أسهم، على الأخت من الأب والأم من ذلك ثلاثة أسهم، وعلى الأخت من الأب سهم، [وعلى الأخت من الأم سهم،] (¬4) على قدر مواريثهم منه. وأما نفقة (¬5) الولد في قول أبي حنيفة - رضي الله عنه - وأبي يوسف ومحمد فعلى الأخت من الأب والأم خاصة دون الأخريين (¬6)؛ لأنها عمة لأب وأم. والعمة للأب والأم في قولهم أولى بالميراث من الأخريين (¬7). وأما في قول من يورث العمات على وجه ما يورث الأخوات المتفرقات فإنه يجعل نفقة الولد على العمات على خمسة أسهم كما يجعل نفقة الولد عليهن (¬8). ومن قال بقياس قول (¬9) عبد الله بن مسعود في المواريث فإنه يقول في نفقة الوالد على الأخوات المتفرقات إذا لم يكن وارث غيرهم أن على الأخت من الأب السدس من نفقة الولد، وما بقي من النفقة فعلى الأخت [الأخت من الأب والأم والأخت، (¬10) من الأم على أربعة أسهم، ثلاثة أسهم من ذلك على الأخت من الأب والأم، وسهم على الأخرى؛ لأنه كان لا يرد على الأخت من الأب مع الأخت من الأب والأم. فإن كان الولد في هذه المسألة امرأة فإن ¬

_ (¬1) ز - مع. (¬2) ز: وورثته. (¬3) ز: نه. (¬4) الزيادة مستفادة من المبسوط، 5/ 227. ويدل عليه أول الجملة. (¬5) ف: بقية. (¬6) ز: الآخرتين. (¬7) ف: من الأخوين. (¬8) ز: عليهم. (¬9) ز - قول. (¬10) الزيادة من الكافي، 1/ 61 و. ويدل عليه باقي الجملة.

نفقة الأب في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن - رضي الله عنهم - على الأخت من الأب والأم دون الأخريين (¬1)؛ لأنها هي الوارثة منهن مع الابنة، والنفقة عليها خاصة دون الأخريين (¬2). وأما في القول (¬3) الآخر فنفقة الولد على خمسة أسهم على ما وصفت لك. وإذا كانت المرأة معسرة ولها ولد موسر ولها أم موسرة فنفقتها على الولد دون الأم. وكذلك الأب. ألا ترى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في الولد: "أنت ومالك لأبيك" (¬4). فلا يشارك الولد في النفقة على الوالدين أم ولا جد. وإذا كان الرجل موسراً وهو مسلم وأخته نصرانية معسرة لم يجبر على نفقتها. وكذلك عمته وخالته وكل ذي رحم محرم منه إلا الولد والوالد. فإن كان رجلاً مسلماً وكان له أبي معسر وهو على غير دين الإسلام جَبَرْتُه على نفقته. وكذلك لو كان [له] (¬5) جد أبو أم وجدة أم [أب] أو جدة من قبل الأم أو ولد ولد (¬6) مِن قِبَل النساء أو مِن قِبَل الرجال جَبَرْتُه على نفقته؛ لأنه ولده، ولا تجوز له شهادة (¬7). ولست أجبر النصراني على المسلم إلا مثل ما أجبر فيه المسلم على النصراني. إذا اختلف الدينان من أهل الإسلام والكفر لم أجبر على النفقة إلا ولداً أو والداً (¬8) على ما وصفت لك. فأما من اختلف دينه من أهل الكفر فإني أجبر بعضهم على نفقة بعض كما أجبر أهل الإسلام. ¬

_ (¬1) ز: الأخويين. (¬2) ز: الآخرتين. (¬3) م ف: في قول. (¬4) سنن أبي داود، البيوع، 77؛ وسنن ابن ماجه، التجارات، 64؛ وصحيح ابن حبان، 2/ 142، 10/ 75؛ ومجمع الزوائد للهيثمي، 4/ 154 - 156. وانظر للتفصيل: نصب الراية للزيلعي، 3/ 337 - 339؛ والدراية لابن حجر، 2/ 102؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 189 - 190. (¬5) م ف ز - له. (¬6) ف - ولد. (¬7) أي: لا تجوز شهادته له لأنه قريب له حميم. (¬8) ز: ولد أو والد.

وإذا كان الرجل موسراً وله ذو رحم محرم معسر (¬1)، وهو رجل صحيح إلا أنه لا يقدر على الكسب، لم أجبره على نفقته إلا في الوالد (¬2) خاصة أو الجد أبي (¬3) الأب، إذا مات أبو (¬4) الولد فإني أجبره على نفقة هذا وإن كان صحيحاً. ألا ترى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أنت ومالك لأبيك" (¬5). فإن كان (¬6) الولد هو المعسر وهو صحيح رجل قد بلغ لم أجبر الوالد على نفقته وإن كان الرجل موسراً. وأما المرأة من ذوات الرحم المحرم (¬7) فإني أجبر على نفقتها كل ذي رحم محرم وإن كانت امرأة قد بلغت صحيحة لا علة بها وهي معسرة. ولا تشبه المرأة في هذا الرجل. ولست أجبر أحداً من ذوي الرحم المحرم إذا كان معسراً على من (¬8) كان ذا رحم محرم منه غير الوالد خاصة، فإني أجبره على نفقة ولده الصغار خاصة بالقوت. فأما من سوى ذلك فإني لا أجبره على نفقتهم إذا كان معسراً. وإذا كانت المرأة معسرة ولها ثلاث أخوات إحداهن لأب وأم، والأخرى لأب، والأخرى لأم، وهن (¬9) موسرات، والمرأة معسرة، ولها ابن رجل صحيح معسر، فإن نفقة المرأة على أخواتها على خمسة أسهم في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. على الأخت من الأب والأم من ذلك ثلاثة أسهم، وعلى الأخريين (¬10) على كل واحدة منهما سهم، ولا شيء عليهن من نفقة الابن؛ لأنه كبير صحيح. فإن كان مكان هذا الابن ابنة كبيرة صحيحة معسرة فإن نفقتها ونفقة أمها في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد على الأخت من الأب والأم خاصة دون الأخريين (¬11)؛ لأنها هي التي ترث الأم مع الابنة دون الأخريين (¬12)، وهي التي ترث مع (¬13) ¬

_ (¬1) ز: معسرا. (¬2) ف: في الولد. (¬3) ز: أب. (¬4) ز: أب. (¬5) تقدم قريباً. (¬6) ز - كان. (¬7) ز - المحرم. (¬8) ز: على ما. (¬9) ز: وهم. (¬10) ز: الآخرتين. (¬11) ز: الآخرتين. (¬12) ز: الأخوين. (¬13) م ف ز - مع. والزيادة من ع.

الابنة المال كله لو (¬1) لم تكن الأم حية؛ لأنها أقرب الخالات الثلاث إلى الولد وأولى بالميراث. وأصل هذا الباب أنك تنظر إلى وارث المرأة والرجل. فإن كان يحرز الميراث كله وهو معسر جعلته كأنه ميت، ثم نظرت من يرثها من الأخوات بعده، فجعلت النفقة عليهم على قدر مواريثهم. وإن كان الذي يرث المرأة أو الرجل لا يحرز الميراث مثل الابنة ونحوها جعلت النفقة كلها على من يرث مع الابنة من الأخوات والإخوة؛ لأنها هي الوارثة دون من سواها (¬2). وعلى هذا جميع ما وصفتُ لك من ذوي الرحم المحرم. كل من كان منهم معسراً وله وارث يحرز الميراث جميع ميراثه، وذلك الوارث معسر، وله سوى ذلك ذوي رحم محرم يرثونه لو لم يكن ذلك الوارث، فإنك تجعل ذلك الوارث كأنه ميت، وتكون (¬3) نفقة هذا على الإخوة (¬4) اللذين كانوا يرثونه لو لم يكن ذلك الوارث على قدر مواريثهم منه. فإن كان ذلك الوارث لا يحرز جميع ميراث هذا غير أنه يحرز بعض الميراث فإنك تنظر إلى من كان يرث معه من ذوي الرحم المحرم (¬5)، فتكون النفقة عليهم على قدر مواريثهم؛ لأنهم هم الورثة مع ذلك الوارث دون من سواهم من ذوي الرحم المحرم. وكذلك هذا الوجه في جميع ذوي الرحم المحرم (¬6) من الإخوة والأخوات والعمات وغيرهم (¬7) من الإخوة والأخوات من ذوي الرحم المحرم، وهم على هذا القياس كله. ولا يجبر أحد من ذوي الرحم المحرم على ذي رحم محرم منه إذا كان أحدهما عبداً أو مكاتباً أو مدبراً أو أم ولد أو عبداً قد أعتق بعضه في قول أبي حنيفة. إن كان هو الموسر أو كان هو المعسر فإنه لا يجبر واحد منهما على نفقة صاحبه على وجه من الوجوه والد ولا غير ذلك. وإذا ولد للمكاتب ولد من زوجة مكاتبة معه أو حرة فإنما نفقة الولد ¬

_ (¬1) م ف ز: ولو. (¬2) ز: ما سواها. (¬3) ز: ويكون. (¬4) ز: الابن على الأخوين. (¬5) ز - المحرم. (¬6) ز - المحرم. (¬7) القسم الذي بعد هذا إلى آخر كتاب النكاح لا يوجد في نسخة ز.

على أمه دون أبيه، ولا نفقة له على أبيه. وإن ولد للمكاتب ولد من زوجة له أمة قد اشتراها أو أمة له غير زوجة فإن نفقة الولد على المكاتب، وليس على الأمة من ذلك شيء؛ لأن أمه أمة لأبيه، فما كسبت أمه من كسب أو كسبه الولد فهو للأب المكاتب. وكذلك هذا في قياس قول أبي حنيفة في العبد يعتق بعضه وهو يسعى في بعض قيمته؛ لأنه بمنزلة المكاتب في قوله. وإذا كان الرجل من المسلمين أو من أهل الذمة موسراً، وله والد (¬1) [معسر] من أهل الحرب أو والدة معسرة من أهل الحرب، فدخلت دار الإسلام بأمان، لم يجبر ولدها على نفقتها. وكذلك لو كان الولد من أهل الحرب فدخل بأمان وهما معسران مسلمان لم يجبر على نفقتهما. وكذلك كل ذي رحم محرم. ولا يجبر على نفقة ذي الرحم المحرم إذا كان أحدهما من أهل الحرب دخل بأمان والآخر مسلم أو ذمي، فإني لا أجبر واحداً منهما على صاحبه في نفقة. ألا ترى أنهما لا يتوارثان. فإن كانا على ملة من الكفر واحدة فكذلك أيضاً لا نفقة لواحد منهما على صاحبه. وإذا كان الرجل معتوهاً فقيراً وله أب موسر وابن موسر جُبِرَ الابن على نفقته دون الأب. ألا ترى أن المعتوه لو كان صحيحاً معسراً فالنفقة على الابن دون الأب. وكذلك إذا كان معتوهاً (¬2). ¬

_ (¬1) م ف: وله ولد ووالد. (¬2) م + تم الكتاب والحمد لله رب العالمين وصلواته على محمد النبي وآله كتبه أبو بكر بن أحمد بن محمد الطلحي الأصفهاني في ربيع الآخر من سنة ثمان وثلاثين وستمائة؛ ف + تم الكتاب والحمد لله رب العالمين وصلواته على محمد النبي وآله وصحبه وسلم تسليما كثيراً إلى يوم الدين.

كتاب الحوالة والكفالة

بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب الحوالة والكفالة باب الكفالة بالنفس بغير مال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد قال: سمعت أبي يقول: عن محمد بن الحسن قال: قال أبو يوسف: حدثنا أبو إسحاق الشيباني عن حبيب الذي كان يقوم على رأس شريح عن شريح أنه حبس ابنه بكفالة نفس رجل، قال: حتى طلبنا الرجل فأخذناه فدفعناه إلى صاحبه (¬2). محمد بن سالم وهشام بن المغيرة كلاهما ذكراه عن الشعبي في رجل كفل بنفس رجل، فمات المكفول به، فقال الشعبي: الكفيل بريء. محمد عن أبى يوسف قال: سألت أبا حنيفة عن الرجل يكفل بنفس الرجل، هل تحبسه حتى يجيء به؟ قال: نعم، إذا لم يأت به حبسته، ولا يكون ذلك في أول ما يتقدم. ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) عن الشعبي أن ابن شريح كفل بنفس رجل، فحبسه شريح في السجن، وقال: ابعثوا له طعاماً وشرابًا. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 173.

وقال أبو حنيفة (¬1): إذا مات المكفول به برئ الكفيل. وقال أبو حنيفة: إذا ارتد المكفول به عن الإسلام ولحق بدار الحرب لم يبرأ الكفيل بنفسه؛ لأنه لم يمت. وقال أبو حنيفة: إذا حبس المكفول به (¬2) بدين أو غيره أخذت الكفيل. ألا ترى أنه يقدر على أن يفكه مما حبس فيه، إن كان ديناً قضاه عنه، أو حبس في حق لأحد أوفاه إياه (¬3). وقال أبو حنيفة: إذا كان المكفول به غائباً في بلاد أخرى قد علم ذلك (¬4) القاضي أو قامت له بذلك البينة أجلت الكفيل أجلاً مقدار الذهاب والجيئة. فإن جاء به وإلا حبسه (¬5). وإذا كفل رجل بنفس رجل فمات الكفيل والمكفول به حي فإن أبا حنيفة قال: لا سبيل على ورثة الكفيل ولا في شيء من تركته، مِن قِبَل أنه لم يكفل بمال. وإذا كفل الرجل بنفس الرجل، ثم أقر الطالب أنه لا حق له قِبَلَ المكفول به، وأراد أخذ الكفيل به، فإن أبا حنيفة قال: له أن يأخذه به. ألا ترى أنه يكون وصياً للميت له عليه حق، أو وكيل رجل في خصومة له قِبَلَ ذلك الرجل حق، فيأخذ الكفيل بذلك. وإذا كفل رجل بنفس رجل، ثم إن الطالب لقي المكفول به فخاصمه ولزمه، وأخذ منه كفيلاً آخر أو لم (¬6) يأخذ، فإن أبا حنيفة قال: الكفيل الأول على كفالته مِن قِبَل أنه لم يدفعه ولم يبرئه الطالب. ¬

_ (¬1) ف - ولا يكون ذلك في أول ما يتقدم وقال أبو حنيفة. (¬2) ز - عن الإسلام ولحق بدار الحرب لم يبرأ الكفيل بنفسه لأنه لم يمت وقال أبو حنيفة إذا حبس المكفول به. (¬3) ف: به. (¬4) ف - ذلك. (¬5) ز: حبسته. (¬6) م ف ز: ولم.

وإذا كفل الرجل بنفس الرجل (¬1) ثم إن الطالب أخذ الكفيل حتى أتاه بصاحبه (¬2) فدفعه إليه فإن أبا حنيفة قال: هذه براعة للكفيل (¬3) من قبل أنه قد أخذه به ودفعه إليه. وإذا كفل الرجل بنفس الرجل على أن يوافي به في المسجد الأعظم فدفعه إليه بالكُنَاسة (¬4) أو في السوق أو في غير ذلك من المصر فإن أبا حنيفة قال: الكفيل بريء من قِبَل أنه دفعه في المصر وأن المكفول به لا يستطيع أن يمتنع من الطالب. وكذلك لو كان شرط عليه أن يدفعه إليه في المسجد عند مكان القاضي فدفعه إليه في غير ذلك المكان من المسجد أو في السوق فهو جائز. وإذا كفل رجل برجل وهو غائب أو محبوس فهذا جائز وهو ضامن له. وإذا طلب رجل إلى رجل أن يكفل له بنفس آخر ففعل فإن الكفيل يؤخذ، ولا يرجع على الآمر ولا على المكفول به من قبل أن المكفول به لم يأمره، ومن قبل أن الآمر لا يضمن (¬5) شيئاً. وإذا كفل رجل بنفس رجل (¬6) إلى شهر فهو جائز. فإن دفع الكفيل المكفول به إلى الطالب قبل الشهر وبرئ إليه منه فإن أبا حنيفة قال: الكفيل بريء. ألا ترى أنه لو كان له عليه حق إلى أجل فدفعه إليه قبل الأجل برئ منه. وكذلك الكفالة بالنفس. وإذا دفع الكفيل بالنفس المكفول به إلى الطالب وبرئ منه فأبى ¬

_ (¬1) ز - بنفس الرجل. (¬2) ف: صاحبه. (¬3) م ف ز: الكفيل. (¬4) الكُنَاسَة: ما كُنِس بالمِكْنَسَة من الوسخ في البيت، يقال: كنس البيت، أي: كسحه، بالمِكْنَسَة كَنْسًا، من باب ضرب. وبها سمي كُنَاسَة كُوفَان، وهي موضع قريب من الكوفة، وهي المرادة في أبواب الإجارات والكفالة من كتب الفقه الحنفي، والصواب ترك حرف التعريف. انظر: المغرب، "كنس". (¬5) ز: لم يضمن. (¬6) ز - بنفس رجل.

الطالب أن يقبله أو أن يبرئه منه فإن أبا حنيفة قال: الكفيل بريء من الكفالة. وكذلك قول أبي يوسف ومحمد في جميع ما ذكرنا. وإذا حبس رجل المكفول به في دين له وقد كفل رجل بنفسه لآخر فأخذه به فإنه يؤخذ له به. ألا ترى أنه يقدر أن يقضي دينه ويخرجه فيدفعه. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد جميعاً. وكذلك لو حبس في غير دين. وإذا دفع الكفيل المكفول به إلى الطالب في السجن وقد حبسه غيره فإنه لا يبرأ منه من قبل أنه لا يستطيع أن يخرجه. وكذلك لو دفعه إليه في مفازة أو موضع يستطيع المكفول به أن يمتنع (¬1) من الطالب. وهو قول أبي حنيفة. وإذا دفعه إليه في مصر فيه سلطان غير المصر الذي كفل له به فإنه يبرأ منه في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإنه لا يبرأ حتى يدفعه في المصر الذي كفل به فيه. وإذا كفل رجل بنفس رجل فدفعه إلى صاحبه وبرئ منه فلزمه الطالب فقال الكفيل: دعه وأنا على كفالتي، أو قال: على مثل كفالتي، ففعل فهو لازم له، وهو كفيل بنفسه على مثل ما كان عليه. وإذا كفل الرجل بنفس الرجل والطالب يدعي قبله دم عمد أو قصاص دون النفس أو حدًا (¬2) في قذف أو سرقة أو خصومة في دار أو دين أو وديعة أو عارية أو إجارة أو كفالة بنفس أو بمال أو شركة فالكفالة بالنفس في ذلك جائزة. وكذلك لو ادعى قبله وكالة أو وصية. ولو لم يدع (¬3) شيئاً من ذلك غير أنه (¬4) كفل له بنفسه فإن ذلك جائز. وكذلك لو ادعى قبله غصب مال أو حيوان أو دواب أو عروض أو دار أو أرض فإن الكفالة ¬

_ (¬1) ز: أن يمنع. (¬2) ف: أو وحد؛ ز: أو حد. (¬3) ز: لم يدعي. (¬4) ز: ابنه.

بالنفس جائزة في ذلك كله. فإن خاصم الكفيل بالنفس الطالب إلى القاضي وقال الكفيل: إنه لا حق لهذا قِبَلَ الذي كفلت به، فإن القاضي لا ينبغي له أن يسأله عن ذلك، ولكنه يأخذه بالكفالة. فإن أقر (¬1) الطالب أنه لا حق له قبل المكفول به، وأنه ليس بوصي لميت له قبله حق أو خصومة، وأنه (¬2) ليس بوكيل لأحد له قبله حق أو خصومة، وأنه لا حق له قبله على وجه من الوجوه، فإن الكفيل بريء من كفالته. وكذلك لو جحد الطالب هذه المقالة وشهد على ذلك شاهدا عدل فإن الكفيل بريء من كفالته. وإذا ضمن الرجل لرجل رجلاً فهو جائز. وكذلك (¬3) لو كفل به. وكذلك (¬4) لو قال: هو إلي أو هو علي، فهذا كله سواء وهو كفيل بنفسه. وإذا أبرأ الكفيل الطالب من الكفالة، أو قال: قد برئ إلي من صاحبي، أو قد دفعه إلي، أو قال: قد أبرأته منه، فإن الكفيل بريء من الكفالة. وكذلك لو قال الطالب: لا حق لي قبل الكفيل من هذه الكفالة، فإنه بريء من كفالته من قبل أن الكفالة حق من الحقوق. وإذا دفع المكفول به نفسه إلى الطالب فقال: اشهدوا أني قد دفعت نفسي إليه من كفالة فلان، فالكفيل بريء وإن لم يقر الطالب بذلك. وكذلك لو كان الكفيل هو دفع المكفول به على هذا الوجه. وكذلك لو دفعه رسول له أو كفيل (¬5) له فهو بريء وإن لم يبرئه الطالب (¬6). وكفالة المرأة والكفالة بها ولها جائزة، وهي مثل الرجل في ذلك كله. وكفالة أهل الذمة والحربي والمستأمن والكفالة به وله جائزة مثل كفالة الرجل المسلم. وإذا كفل ثلاثة رهط بنفس رجل على أن بعضهم كفيل (¬7) على بعض، ¬

_ (¬1) م ف ز: أقره. والتصحيح من ب. (¬2) ز: فإنه. (¬3) ز + يعني المطالب مكفول به. (¬4) ز - لو كفل به وكذلك. (¬5) ز + به أو وكيل. (¬6) ز + المطالب. (¬7) ز: كفيلا.

فللطالب أن يأخذ أيهم شاء (¬1) بنفس الأول أو بنفس صاحبيه (¬2)، فأيهم دفع الأول وأشهد بالبراءة فهو بريء، وصاحباه بريئان. و [لو] لم يكن بعضهم كفيلاً عن بعض كان للطالب (¬3) أن يأخذ أيهم شاء بنفس الأول، وليس له أن يأخذه بصاحبيه، وأيهم دفع الأول برئوا (¬4) جميعاً. وإذا كفل رجل بنفس رجل، ثم إن آخر كفل به أيضاً، ثم كفل به آخر أيضاً، فدفعه الأول إلى الطالب، فالذي دفعه بريء، والآخران على كفالتهما. وكذلك لو دفعه الأوسط أو الآخر فالذي دفعه بريء، والآخران على كفالتهما (¬5). وكذلك لو دفعه الأول أو الأوسط كان الآخر على كفالته. وكذلك لو دفعه الآخر أو الأوسط (¬6) فالآخران على كفالتهما، ولا يشبه هذا الذين كفلوا جميعاً. وإذا كفل رجل بنفس رجل وكفل آخر بنفس الكفيل فهو جائز. فإن مات الأول برئ الكفيلان جميعاً. وإن مات الأوسط برئ الآخر. وإن مات (¬7) الآخر فالأوسط على كفالته. وكذلك إذا دفع الأول نفسه إلى الطالب برئا جميعاً. وقال أبو حنيفة: كل كفالة بنفس كانت والطالب غير حاضر فإنها باطل لا تجوز. وكذلك المال غير أنه قال: أستحسن في خصلة واحدة: إذا أوصى الرجل بوصية وقال لولده أو لبعضهم: اضمنوا عني ديني، في مرضه فضمنوه والغرماء غُيَّب عن ذلك فإن هذا جائز وإن لم يسم الدين (¬8)، أستحسن ذلك. وقال: لو كان هذا في الصحة لم يجز ولم يلزم الكفيل شيء. وهذا قول محمد. وهو (¬9) قول أبي يوسف الأول، ثم رجع فقال: الكفالة في ذلك كله جائزة وإن لم يحضر المكفول له. ¬

_ (¬1) ز: يشاء. (¬2) ز: صاحبه. (¬3) م ز: الطالب. (¬4) ز: بروا. (¬5) م ز + وكذلك لو دفعه الأوسط والآخر فالذي دفعه بريء والآخران على كفالتهما. (¬6) م ز: والأوسط. (¬7) ز: ماتت. (¬8) ز: يسمي الذين. (¬9) ف - قول محمد وهو.

وإذا كفل رجل لرجل برأس رجل أو بوجهه أو برقبته (¬1) أو بجسده أو ببدنه (¬2) أو بنصفه أو بثلثه أو بجزء منه فهو جائز، وهو كفيل به كله. وإن كفل بغير ذلك من جسده فهو باطل لا يجوز. ولو كفل بروحه (¬3) كان جائزاً ويؤخذ به (¬4). ولو قال: هذا إلي أو هو علي أو أنا كفيل به أو أنا ضامن له أو أنا قبيل به أو زعيم به، كان هذا جائزاً كله يؤخذ به الكفيل. وقال أبو يوسف ومحمد: وكذلك إن قال: على أن أوفيك به أو على أن ألقاك به، فهو جائز (¬5). وكذلك إذا قال: هو علي حتى يجتمعا أو حتى يوافيا أو حتى يلتقيا. فإن لم يقل: هو علي، وقال: أنا ضامن لك أن يجتمعا أو يلتقيا، فهو غير ضامن. ولو قال: أنا ضامن لك لوجهه، فإنه يؤخذ به حتى يوافي به. وإن قال: أنا ضامن لمعرفته، فباطل، وهو مثل قوله: أنا ضامن بأن أدلك عليه، وأنا ضامن لأَقِفَك (¬6) على منزله، فهذا باطل. وإن قال: أنا كفيل بوجهه، فهو ضامن. وإن سمى عضواً من أعضائه يداً أو رجلاً فالكفالة بذلك باطل. وإذا كفل وصي الميت غريماً للميت بنفسه من رجل فدفعه به الكفيل إلى ورثة الميت أو إلى غرمائه لم يبرأ منه؛ لأنه كفيل لغيرهم. وإذا كفل رجل لامرأة بنفس زوجها بحق تطلبه قبله من مهر أو نفقة أو دين فهو جائز. وكذلك الرجل يكفل بنفس الرجل (¬7) لأخيه أو لأخته أو لأبيه أو لأمه أو بوالد أو بولد أو بجد أو بجدة فإن الكفالة بالنفس في ذلك جائزة. وكذلك كل ذي رحم محرم فإنه جائز. ¬

_ (¬1) ز: أو بزقية. (¬2) ز: أو بندنه. (¬3) ز: بزوجه. (¬4) ز: ويؤخذنه. (¬5) ز - وكذلك إن قال على أن أوفيك به أو على أن ألقاك به فهو جائز. (¬6) م ف ز: لأقعد. وهي مهملة في ف. ولفظ ب: لأقعد لك. والتصحيح من الكافي، 2/ 109 و. (¬7) ز - يكفل بنفس الرجل.

وإذا كفل رجل بنفس رجل إلى الحصاد أو إلى الدِّياس (¬1) أو إلى الجِزَاز (¬2) أو إلى النيروز أو إلى المهرجان فإن الكفالة (¬3) جائزة إلى هذا الأَجل في قول أبي حنيفة. ولا يشبه هذا البيع. وكذلك لو كفل بنفس رجل إلى العطاء أو إلى أن يقدم المكفول به من سفره أو إلى صوم النصارى (¬4) أو إلى فطرهم فهو جائز. وهو قول أبي يوسف ومحمد. ولو كفل بنفسه إلى أن تمطر السماء أو إلى أن يمس السماء أو شبه ذلك مما لا يشبه عمل التجارة فالكفالة جائزة، والأجل باطل. وكذلك إن قال: [إلى] قدوم فلان، غير المكفول به. فإن كان (¬5) فلان ذلك معه في الدين فقال: أنا كفيل بنفس هذا إلى قدوم فلان ذلك، فالكفالة جائزة إلى هذا الأجل. وإذا قال رجل لقوم: اشهدوا أني كفيل لفلان بنفس فلان، والمكفول به حاضر والطالب غائب فإن هذه الكفالة باطلة في قول أبي حنيفة ومحمد. وإن قدم الطالب فأجاز ذلك فإنه لا يجوز، مِن قِبَل أنه لم يكن له مخاطبًا (¬6) حين كفل. فإن قدم الطالب فادعى: إنك كنت كفلت لي به، وإنما شهدت على نفسك بشيء كان منك قبل ذلك كنت كفلت لي به وأنا حاضر، فإن القول قول الطالب، ويأخذه بالكفالة، مِن قِبَل أن الكفالة على وجهين: قد يكون إقراراً بشيء ماض (¬7) منها، وتكون (¬8) مستقبلة. فإن قال الطالب: هي ماضية، فهي ماضية وهي جائزة. وإن قال: هي مستقبلة، فهي باطل في قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: الماضي منها والمستقبل كان له مخاطب أو لم يكن جائز لازم. ¬

_ (¬1) داس الرجل الحنطة يدوسها دوسًا ودياسًا مثل الدراس، ومنهم من ينكر كون الدياس من كلام العرب، ومنهم من يقول: هو مجاز، وكأنه مأخوذ من داس الأرض دوسًا إذا شدد وطأه عليها بقدمه. نظر: المصباح المنير، "دوس". (¬2) أي: قطع ثمر النخل، أو قطع الزرع. انظر: لسان العرب، "جزز". (¬3) ز + بالنفس. (¬4) ز - أو إلى صوم النصارى. (¬5) ز + فإن كان (¬6) ز: مخاطب. (¬7) ز: ماضي. (¬8) ز: ويكون.

وإذا كفل رجل بنفس رجل على أنه إن لم يواف (¬1) به غداً فهو كفيل بنفس فلان لرجل آخر للطالب قبله حق فإن ذلك جائز، إن لم يواف (¬2) بالأول كان عليه الثاني. ولو قال: أنا كفيل بفلان أو فلان، كان جائزاً، يدفع (¬3) أيهما شاء الكفيل فيبرأ. فإذا دفع أحدهما برئ من الكفالة. وإذا قال الرجل (¬4) للرجل: إن لفلان على فلان مالاً (¬5) فاكفل له بنفسه، فكفل له بنفسه، وفلان الطالب غائب، ثم قدم فلان، فرضي بذلك، فهو جائز، ويأخذه به، لأنه قد خاطبه مخاطبة وإن لم يكن وكيلاً. وللكفيل أن يخرج من الكفالة قبل قدوم الطالب. وليس للمخاطب أن يخرجه حتى يحضر الطالب. وإذا وكل رجل رجلاً بأن يأخذ له من فلان كفيلاً بنفسه، فأخذ منه كفيلاً بنفسه، فإن كان الكفيل كفل للوكيل، فإنه يأخذه الوكيل بذلك، ولا يأخذه الموكل. وإذا كان كفل به للموكل أخذ الموكل، ولا يأخذه الوكيل. وإن دفعه في الوجهين جميعاً إلى الموكل فهو بريء من الكفالة. وإذا كفل رجل لرجل بنفس رجل فجحده فخاصمه الطالب إلى القاضي وليس له بينة فإنه يستحلفه. فإن حلف برئ. وإن لم يحلف أخذه به. وإن نكل عن اليمين فأخذ به فاستعدى الكفيل على المكفول به حتى يحضر معه فيبرئه من الكفالة، فإن كان المكفول به مقراً أنه (¬6) أمره أن يكفل به عنه أمر بأن يحضر معه فيبرئه، وإن قال: كفل بي ولم آمره، فحلف على ذلك لم يجبر على الحضور معه، إلا أن يقيم الكفيل بينة أنه كفل به بأمره فيؤمر بالحضور معه. وإذا كفل رجل بنفس رجل فمات الطالب فالكفالة على الكفيل على حاله، يأخذه بها وصي الميت. فإن لم يكن له وصي أخذه الورثة. وأيهم أخذه فله ذلك. ويبرأ الكفيل بدفعه إليه، ولا يبرأ من بقية ¬

_ (¬1) ز: لم يوافي. (¬2) ز: لم يوافي. (¬3) ز: يد. (¬4) ز: رجل. (¬5) ز: مال. (¬6) ز: أيه.

باب الكفالة بالنفس فإن لم يواف به فعليه المال

الورثة. ولو كان عليه دين يحيط بماله ولم يوص (¬1) إلى أحد فدفعه الوكيل (¬2) إلى الغرماء أو إلى الورثة لم يبرأ. ولو كان في ماله فضل عن الدين وقد أوصى الميت بالثلث فدفع الكفيل المكفول به إلى الغرماء والورثة والموصى له لم يبرأ إلا أن يدفعه إلى الوصي. فإن أدى الورثة الدين والوصية جاز ذلك الدفع إلى الورثة وبرئ الكفيل من كفالته. ولو كفل رجل برجل لرجلين بنفسه فدفعه إلى أحدهما برئ من كفالة هذا الذي قبضه، ولم يبرأ من الآخر. وكذلك لو كان للميت وصيان فكفلا وصيا الميت، يكفلان رجلاً (¬3) بنفسه عليه حق للميت، فإن دفعه إلى أحدهما برئ منه، وكان للآخر أن يأخذه به. وكذلك لو كفلاه متفرقين أو في صفقة واحدة. وقال أبو حنيفة: كل كفالة بنفس كانت (¬4) والطالب غير حاضر فإنها باطل لا تجوز. وكذلك المال غير أنه قال: أستحسن إذا أوصى الرجل بوصية وقال لولده أو لبعضهم: اضمنوا عني ديني، فضمنوه والغرماء غُيَّب عن ذلك فإن هذا جائز وإن لم يسم (¬5) الدين، أستحسن ذلك. وقال: لو كان هذا في الصحة لم يجز ولم يلزم الكفيل شيء. ... باب الكفالة بالنفس فإن لم يواف (¬6) به فعليه المال وإذا كان لرجل على رجل دين دراهم أو دنانير أو شيء مما يكال أو يوزن إلى أجل أو حال، سلم أو قرض أو ثياب معلومة بذرع معلوم من سلم، فكفل رجل بنفس المطلوب، فإن لم يواف (¬7) به إلى أجل كذا وكذا لأجل المال الذي هو إليه أو (¬8) كان حالاً فجعله إلى أجل مسمى، فعليه ما ¬

_ (¬1) ز: يوصي. (¬2) ز: الكفيل. (¬3) ز: رجل. (¬4) ز: كاتب. (¬5) ز: يسمي. (¬6) ز: لم يوافي. (¬7) ز: لم يوافي. (¬8) م ف ز: فإن.

ذكر عليه، وهو (¬1) كذا وكذا، فمضى الأجل قبل أن يوافي به، فإن أبا حنيفة قال: إن (¬2) المال له لازم. وكذلك قول أبي يوسف ومحمد. وإذا لم يسم (¬3) المال فقال: أنا كفيل لك بنفسه (¬4)، فإن لم أوافك (¬5) به غداً فعلي ما لك عليه، ولم (¬6) يسم كم هو، فمضى غدا ولم يوافك (¬7) به، فإن أبا حنيفة قال: المال عليه وهو لازم (¬8) له. وكذلك قول أبي يوسف ومحمد. ألا ترى أنه لو قال: قد كفلت لك بما لك على فلان من الدراهم، كان جائزاً وإن لم يسمها. ألا ترى أنه لو قال: قد كفلت لك بما أدركك في هذه الجارية التي اشتريت من درك، كان جائزاً وإن لم يسمه. ولو قال: قد كفلت لك بما أصابك من هذه الشجة التي شجك فلان، وهي خطأ، كان جائزاً وإن (¬9) بلغت النفس وإن لم يسم النفس. فكذلك الباب الأول. وإذا كفل بالمال الذي عليه وسماه وقال: وإن وافيتك به غداً فأنا بريء من هذا المال، فوافاه به من الغد، فهو بريء. وإن مضى غد قبل أن يوافيه فعليه المال. وهذا قول أبي حنيفة. وتقديم المال وتأخيره سواء في قول أبي حنيفة وقول أبي يوسف ومحمد. وإذا كفل رجل بنفس رجل على أنه لم يواف (¬10) به غداً فعليه المال الذي عليه وهو ألف درهم فمضى غد ولم يواف (¬11) به فلزمه المال فإنه لا يبرأ من كفالته بالنفس (¬12) أيضاً مع كفالته بالمال (¬13). وإذا كفل رجل بنفس رجل وقال: إن لم أوافك (¬14) به غداً فعلي ألف ¬

_ (¬1) ز + ما. (¬2) ز -إن. (¬3) ز: لم يسمي. (¬4) ز - بنفسه. (¬5) ز: لم أوفيك. (¬6) م ف ز: وإن لم. (¬7) ز: يوافيك. (¬8) ز: لانم. (¬9) ز: فإن. (¬10) ز: أنه إن لم يوافي. (¬11) ز: يوافي. (¬12) ز. من كفالة النفس. (¬13) ز: المال. (¬14) م ز: لم أوفيك.

درهم، ولم يقل: التي لك على فلان، فمضى غد ولم يواف (¬1) به وفلان ينكر أن يكون عليه شيء والطالب يدعي ألف درهم على فلان فإن أبا حنيفة قال: المال لازم للكفيل، وإن أنكر الكفيل أن يكون لفلان على فلان شيء لم ينفعه إنكاره. وهذا قول أبي يوسف الآخر. وقال محمد: لا أرى على الكفيل من المال شيئاً. وإذا ادعى الطالب مالاً وجحد المطلوب فكفل له رجل بنفس المطلوب فإن لم يواف (¬2) به غداً فعليه المال الذي ادعى على المطلوب فمضى الغد ولم يوافه (¬3) به فإن المال يلزم الكفيل في قول أبي حنيفة وقول أبي يوسف ومحمد بن الحسن. فإن أدى الكفيل المال وأراد أن يرجع على المطلوب فإن كان المطلوب أمره أن يكفل بالمال رجع به عليه. فإن لم يكن أمره أن يكفل بالمال وأمره أن يكفل بالنفس لم يرجع عليه بشيء من المال. وإذا كفل رجل بنفس رجل فإن لم يوافه (¬4) به غداً فعليه ما عليه، وهو كذا كذا فسمى دراهم أو دنانير أو حنطة أو زيتًا أو شيئاً (¬5) مما يكال أو يوزن سلمًا أو قرضًا أو كفالة أو غصباً أو وديعة جحدها أو صنفًا من الثياب معلومة، فمضى غد ولم يوافه (¬6) فهو ضامن للمال الذي سمى كائناً (¬7) ما كان في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك لو كفل لامرأة بنفس زوجها فإن لم يوافها (¬8) غداً فعليه صداقها وهو وصيفان (¬9) فهو جائز مثل الأول. وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم فكفل له رجل بنفسه على أن يوافيه إذا ادعاه (¬10) به، فإن لم يفعل فعليه الألف درهم التي له عليه، فسأله الرجل أن يدفعه إليه بنفسه فدفعه إليه مكانه، فإنه بريء من المال. وإن لم ¬

_ (¬1) ز: يوافي. (¬2) ز: لم يوافي. (¬3) ز: يوافيه. (¬4) ز: لم يوافيه. (¬5) ز: أو زيت أو شيء. (¬6) ز: يوافيه. (¬7) ز: كائن. (¬8) ز: لم يوافيها. (¬9) م ف ز: وصفين. والتصحيح من ب. (¬10) ز: إذا دعاه.

يدفعه إليه فالمال عليه. وإن قال (¬1): ائتني به العشية أو غدوة، فلم يوافه (¬2) به على ما قال فالمال له لازم. فإن قال الطالب: ائتني به غدوة، وقال الكفيل: آتيك به بعد غد، فأبى الطالب أن يفعل فلم يواف (¬3) به الكفيل غدوة فالمال عليه. وإن أخره الطالب إلى بعد غد كما قال فوافاه به فهو بريء من المال. وإن مضى بعد الغد ولم يوافه (¬4) به فعليه المال. فإن كان شرط عليه في الكفالة أن يوافيه به غداً عند مكان القاضي فدفعه الكفيل إلى الطالب الغد في السوق فهو بريء من المال. وكذلك الكُنَاسة (¬5). وكذلك ناحية (¬6) من المسجد عند غير مكان القاضي. وكذلك لو كان الأجل شهراً واشترط عند مكان القاضي فدفعه في مصر آخر عند قاضيها أو في سوقها فهو بريء من المال في قول أبي حنيفة. وفي قول أبي يوسف ومحمد: لا يبرأ. وكذلك لو دفعه إليه قبل الأجل وبرئ إليه منه فهو بريء من المال في قولهم جميعاً. ولو دفعه إليه (¬7) في السواد أو في كُورة (¬8) من كُوَر الجبل في غير مصر ولا مدينة وعند غير سلطان لم يبرأ منه، وكان المال للكفيل لازماً إذا مضى الأجل قبل أن يدفعه إليه عند السلطان. ولو شرط له أن يدفعه إليه عند الأمير فدفعه إليه عند القاضي أو شرط له أن يدفعه إليه عند القاضي فدفعه إليه عند الأمير (¬9) أو عند هذا القاضي فاستعمل قاضياً غيره فدفعه إليه عنده فإنه يبرأ من الكفالة. وهذا كله قول أبي حنيفة. وهو قول أبي يوسف ومحمد (¬10) إلا في خصلة: إن كفل به له على أن يدفعه في مصر فدفعه في غيره لم يبرأ. ¬

_ (¬1) ف - قال. (¬2) ز: يوافيه. (¬3) ز: يوافي. (¬4) ز: يوافيه. (¬5) ز: الكياسة. (¬6) ز. باحية. (¬7) ف - قبل الأجل وبرئ إليه منه فهو بريء من المال في قولهم جميعاً ولو دفعه إليه. (¬8) الكورة هي الصقع والمدينة والبقعة التي يجتمع فيها قرى ومحال. انظر: المصباح المنير، "كور"؛ والمعجم الوسيط، "كور". (¬9) ز - فدفعه إليه عند القاضي أو شرط له أن يدفعه إليه عند القاضي فدفعه إليه عند الأمير. (¬10) ز: قول أبي يوسف ومحمد وهو قول أبي حنيفة.

ولو كفل رجل لرجل بوجه رجل فإن لم يواف (¬1) به (¬2) غداً فعليه ما (¬3) عليه وهو ألف درهم فإن هذا جائز، والوجه والنفس في هذا والبدن والجسد والروح والرأس (¬4) واحد كله. ولو كفل برقبته فإن لم يواف (¬5) به فعليه المال كان هذا مثل ذلك. وإن (¬6) سمى المال في شيء من ذلك كانت (¬7) الكفالة أيضاً جائزة، لأن هذا مثل ذلك. ولو لم يسم المال في شيء من ذلك كانت (¬8) الكفالة أيضاً جائزة؛ لأن (¬9) كل ما ذكرنا من هذا والنفس سواء. ولو كفل بشيء (¬10) من الجسد سمى غير ما ذكرنا مثل اليد والرجل كان هذا باطلاً؛ لأن هذا ليس من حقوق الناس، ولا يشبه عمل التجار، ولا يلزمه المال في هذا. ولو لم يكن فيه ذكر مال لم تلزمه (¬11) به كفالة. ألا ترى أنه لو قال: أكفل لك بكذا كذا - لشيء لا يكون ولا يشبه فَعَال التجار - فإن لم أوافك (¬12) به غداً فعلي ألف درهم التي لك على فلان، كان هذا باطلاً، ولا يلزمه المال. وإذا كفل رجل بنفس رجل فإن لم يوافه (¬13) به غداً فالمال الذي للطالب على فلان رجل آخر وهو ألف درهم على الكفيل فإن هذا جائز في قول أبي يوسف. وقال محمد: الكفالة بالنفس جائزة، والكفالة بالمال باطل. ألا ترى أنه لو (¬14) قال: إن لم أوافك (¬15) به غداً فالمال الذي لك عليه وهو مائة درهم، والمال الذي لك على فلان وهو عشرة دنانير علي، كان ذلك عليه كله (¬16) في قول أبي يوسف. ألا ترى أنه لو كان عليهما ¬

_ (¬1) ز: لم يوافي. (¬2) م ز: له. (¬3) ز: بما. (¬4) ز - والرأس. (¬5) ز: لم يوافي. (¬6) ز: فإن. (¬7) ز: كاتب. (¬8) ز: كاتب. (¬9) م + هذا مثل ذلك ولو لم يسم المال في شيء من ذلك كانت الكفالة أيضاً جائزة لأن. (¬10) ز: شيء. (¬11) ز: لم يلزمه. (¬12) ز: لم أوافيك. (¬13) ز: لم يوافيه. (¬14) م ز - لو. (¬15) ز: لم أوافيك. (¬16) م - كله.

مال واحد (¬1) كل واحد (¬2) منهما كفيل ضامن له فكفل بنفس أحدهما على أنه إن لم يواف (¬3) به غداً فالمال الذي على فلان وهو كذا كذا علي، فلم يواف (¬4) به، أن ذلك عليه. إذا كان المال واحداً (¬5) وكل واحد (¬6) منهما كفيل عن صاحبه فهو جائز. ولو أن رجلاً كفل بنفس رجل للطالب عليه مال فلزم الطالب الكفيل وأخذ منه كفيلاً بنفسه على أنه إن لم يواف به فالمال الذي له على فلان (¬7) المكفول به الأول عليه فهذا جائز؛ لأن الكفيل كفل بكفيل (¬8) عن صاحب المال الذي هو عليه، وليس هذا كالذي عليه مال ولم يكفل. وإذا كفل رجل لرجل بنفس رجل أو بمال عليه وهو مائة درهم فوقعت الكفالة على هذا كان جائزاً، وكان عليه أي ذلك شاء الكفيل، وأيهما دفع فهو بريء. وإذا كفل بنفس فلان أو بما عليه أو بنفس فلان آخر أو بما عليه فهو جائز، وأي ذلك ما دفع الكفيل فهو بريء. ولو كفل به رجل فقال: إن لم أوافك (¬9) به غداً فالذي تدعي (¬10) عليه لك علي، ولم يقر بذلك المطلوب، فإن الكفالة بالنفس والمال جائزة، ويلزم الكفيل المال إن لم يواف (¬11) به، ولا يلزم المطلوب المال إن لم يواف (¬12) به؛ لأنه لم يقر به إلا أن يكون المطلوب أمر الكفيل بالكفالة على هذا الشرط، فما لزم الكفيل لزمه، وهذا مثل الأول، ويلزم الكفيل. ولو كفل رجل بنفسه فإن لم يواف (¬13) به غداً فالألف درهم التي لك [هي] على فلان كفيل آخر سوى ¬

_ (¬1) م ز: وأخذ. (¬2) م + واحد. (¬3) ز: لم يوافي. (¬4) ز: يوافي. (¬5) ز: واحد. (¬6) ف - وكل واحد. (¬7) ز - الطالب الكفيل وأخذ منه كفيلا بنفسه على أنه إن لم يواف به فالمال الذي له على فلان. (¬8) ز: يكفيك. (¬9) ز: لم أوافيك. (¬10) ز: يدعي. (¬11) ز: لم يوافي. (¬12) ز: لم يوافي. (¬13) ز: لم يوافي.

الكفيل بالنفس، وأقر الكفيل بالمال بذلك، فإن هذا جائز على هذا الشرط. ولو قال رجل: المال الذي لك على فلان وهو ألف درهم لك علي، فإن وافاك فلان بنفسه غداً فأنا بريء من المال، أو قال: إن وافاك به فلان آخر فأنا بريء من المال، فهذا جائز على هذا الشرط، والكفيل بريء من المال (¬1) الذي وافاه [به] الرجل (¬2) بنفسه أو وافى به الآخر. وإذا كفل رجل بنفس رجل فإن لم يواف (¬3) به غداً فعليه المال الذي عليه وهو ألف، فلم (¬4) يواف (¬5) به الكفيل، ولكن الرجل لقي الطالب وخاصمه وتلازما في المسجد حتى الليل، فإن المال لازم للكفيل من قبل أنه لم يدفعه ولم يبرأ منه. ولو كان الرجل قال للطالب: قد دفعت نفسي إليك من كفالة فلان، برئ الكفيل من المال. وكذلك لو دفعه الكفيل. وإذا كفل رجل بنفس رجل على أنه إن لم يواف (¬6) به يوم كذا وكذا فعليه الألف درهم التي عليه، ثم كفل آخر بنفس الكفيل على أنه إن لم يواف (¬7) به (¬8) يوم كذا كذا (¬9) فالمال الذي كفل به عن فلان وهو ألف درهم عليه، فوافى الكفيل الأول بالمطلوب الأول ودفعه في ذلك اليوم، فالكفيلأَنَّ جميعاً بريئان من الكفالة. فإن لم يواف (¬10) به الأول ولكن الآخر وافى بالكفيل الأول في ذلك اليوم فإن الكفيل الآخر يبرأ، ويلزم المال الكفيل الأول من قبل أنه لم يواف (¬11) بصاحبه. وإذا كفل الرجل بنفس الرجل فإن لم يواف (¬12) به إلى شهر فالمال الذي له عليه وهو مائة درهم (¬13) عليه، ثم لقي الطالب المكفول به قبل الأجل، فأخذ منه كفيلاً آخر بنفسه على أن يوافي به إلى أجل كذا وكذا، ¬

_ (¬1) ز - فهذا جائز على هذا الشرط والكفيل بريء من المال. (¬2) م ف: وافاك لرجل. (¬3) ز: لم يوافي. (¬4) م ف ز: فإن لم. (¬5) ز: يوافي. (¬6) ز: لم يوافي. (¬7) ز: لم يوافي. (¬8) ف + كذا. (¬9) ز: وكذا. (¬10) ز: لم يوافي. (¬11) ز: لم يوافي. (¬12) ز: لم يوافي. (¬13) ز - درهم.

[فإن لم يواف به إلى أجل كذا وكذا] فالمال الذي عليه وهو مائة درهم عليه، فوافى (¬1) به أحدهما في الأجل ولم يواف (¬2) به الآخر، فإن الذي وافى به (¬3) بريء من المال والكفالة، ولا يبرأ الآخر. ألا ترى أنه لو كان أجلين مختلفين فوافى به (¬4) الأول منهما لم يبرأ الآخر؛ لأن كفالتهما مختلفة وليست بواحدة (¬5). فإن قال الكفيل الذي وافى به: قد دفعته عن نفسي وعن فلان، فإنه عن نفسه ولا يكون (¬6) عن فلان. ولو جاء رجل ليس بكفيل فقال: قد دفعته إليك عن فلان، فإنه لا يبرأ إلا أن يبرئه الطالب أو يقول المكفول به: قد دفعت نفسي إليك عن فلان. فإن قال ذلك فهو بريء (¬7)؛ لأن المكفول به هو الخصم في ذلك. أرأيت لو كان المكفول به قاعداً مع الطالب يحدثه فقال رجل للطالب: قد دفعت هذا إليك عن فلان فسكت الطالب أو قال: لا، أن (¬8) الكفيل لا يبرأ؛ لأن الذي قال هذه المقالة ليس بخصم في ذلك. فإن قال الطالب: نعم، قد قبلته (¬9)، فالكفيل بريء. ولو قال المتكلم: أنا وكيل فلان في ذلك، وأقر الطالب بذلك فإنه بريء من كفالته بالنفس والمال. وإذا كفل ثلاثة رهط بنفس رجل فإن لم يوافوا به يوم كذا فعليهم المال الذي عليه وهو ألف درهم فإن هذا جائز. وإن لم يوافوا به يومئذ فعلى كل واحد منهم الثلث من قِبَل أنه لم يشترط أن بعضهم كفلاء عن بعض. وإن وافى به أحدهم في ذلك اليوم فدفعه وبرئ منه فهم جميعاً برآء من كفالة النفس والمال، مِن قِبَل أن الكفالة كانت واحدة بإنسان واحد، فأيهم دفع عنهم برئوا (¬10) جميعاً بدفعه (¬11). ألا ترى أنه لو لم يدفعه فوجب ¬

_ (¬1) ز: افوافا. (¬2) ز: يوافي. (¬3) م ف + أحدهما في الأجل ولم يواف به الآخر فإن الذي وافى به. (¬4) ز - بريء من المال والكفالة ولا يبرأ الآخر ألا ترى أنه لو كان أجلين مختلفين فوافى به. (¬5) ز: يواخذه. (¬6) ز: يكونوه. (¬7) ز: يبرئ. (¬8) ف: أو قال لأن. (¬9) ز: قد قلت. (¬10) ز: بروا. (¬11) ز + بدفعه.

المال عليهم فقضى أحدهم المال كله وقبضه الطالب كان قضاه عنهم جميعاً. وإذا كفل ثلاثة رهط بنفس رجل (¬1) على أنه إن لم يواف (¬2) به غداً فعليهم الألف التي عليه وبعضهم كفلاء عن بعض بها فإن ذلك جائز. وإن لم يوافوا به غداً فالمال عليهم. فإن وافى به أحدهم يومئذ برئوا (¬3) جميعاً. وإن لم يوافوا به فلزمهم المال فأداه أحدهم رجع على الكفيلين بما (¬4) معه، على كل واحد منهم (¬5) بالثلث، ثم اتبعوا الذي عليه الأصل. وإن (¬6) شاء الكفيل الذي أدى أن يأخذ أحد الكفيلين بالنصف فعل، ثم يتبعان الكفيل الآخر بالثلث، ثم يتبعون الذي عليه الأصل بالمال. وإذا كفل رجل بنفس رجل فإن لم يواف (¬7) به غداً فعليه الألف التي عليه، والألف التي للطالب على آخر على الكفيل، فإن لم يواف (¬8) به غداً فعليه الألفان جميعاً في قول أبي يوسف. وفي قول محمد لا يلزمه المال الذي على الرجل الآخر. وإذا كفل رجل بنفس رجل على أنه إن لم يواف (¬9) به غداً فعليه الألف درهم التي عليه فلم يواف (¬10) به الغد فوجب عليه المال، فأقر الطالب أنه إنما له عليه خمسمائة وقال: قضاني خمسمائة، فإن على الكفيل خمسمائة. فإن قال الطالب: قضاني (¬11) الألف كلها وأديته ألفاً أخرى، فليس عليه من ذلك شيء. فإن قال الطالب: لم يكن لي عليه شيء يومئذ ولكني أديته ألفاً قبل محل الأجل، فإنه لا شيء على الكفيل من ذلك. ولو كفل بنفسه فإن لم (¬12) يواف به إلى كذا وكذا (¬13) من الأجل فالمائة درهم التي ¬

_ (¬1) ز - رجل. (¬2) ز: لم يوافي. (¬3) ز: بروا. (¬4) ف ز - بما. (¬5) ز - منهم. (¬6) ز: فإن. (¬7) ز: لم يوافي. (¬8) ز: لم يوافي. (¬9) ز: لم يوافي. (¬10) ز: يوافي. (¬11) ز - خمسمائة فإن على الكفيل خمسمائة فإن قال الطالب قضاني. (¬12) م ف ز: بنفسه فلم. والتصحيح من ب؛ والكافي، 2/ 113 و. (¬13) ز: كذى.

للطالب على المطلوب عليه، وما بايعه به من شيء ما بينه وبين أن يمضي هذا الأجل فهو عليه، فضمن له الكفيل ذلك ولم يواف (¬1) به حتى مضى الأجل، وبايعه الطالب بألف درهم قبل أن يمضي الأجل، فإن على الكفيل الألف درهم المحدثة والمائة الأولى. وإذا كفل رجل بنفس رجل فإن لم يواف (¬2) به إلى كذا كذا من الأجل فعليه المال الذي عليه وهو مائة درهم، فمات المكفول به قبل الأجل ثم مضى الأجل، فإن المال على الكفيل. ولو لم يمت المكفول به ولكن الكفيل مات قبل الأجل، فإن مضى الأجل قبل أن يوافي ورثة الكفيل الطالب بالرجل، فإن المال دين في مال الكفيل. وإن وافوه به في الأجل فدفعوه أو دفع المكفول به نفسه فالكفيل بريء من المال والكفالة. ولو لم يمت واحد منهما ولكن الكفيل لحق بدار الحرب مرتداً فهو مثل موته. فإن لم يلحق الكفيل بدار الحرب ولكن لحق المكفول به بدار الحرب مرتداً فإن مضى الأجل قبل أن يوافي به فالمال لازم للكفيل. ولو كان المكفول به امرأة فارتدت ولحقت بدار الحرب وسبيت فوافى بها وهي أمة في الأجل برئ الكفيل من الكفالة والمال. وكذلك لو كان رجلاً فارتد ولحق بدار الحرب فأسر فوافى (¬3) به الكفيل وهو حلال الدم ثم قتل في يدي الطالب كان الكفيل بريئًا من الكفالة بالنفس والمال. ولو لم يقتل بالردة ولكنه قتل بدم عمد كان مثل ذلك أيضاً. ولو لم يقتل ولكن الطالب مات فوافى به الكفيل وصيه في الأجل برئ من المال والكفالة. فإن لم يكن له وصي فوافى به الورثة فإنه بريء من المال والكفالة. ولو وافى به واحداً من الورثة وبقي واحد غائب فإنه يبرأ من الكفالة للشاهد ولا يبرأ من الغائب. ولو كفل رجل بنفس رجل لرجلين فإن وافاهما به إلى أجل مسمى وإلا فعليه ما لهما عليه فوافى به (¬4) أحدهما وغاب الآخر برئ من كفالة الشاهد ¬

_ (¬1) ز: يوافي. (¬2) ز: يوافي. (¬3) م ف ز: فوا. (¬4) ز - إلى أجل مسمى وإلا فعليه ما لهما عليه فوافى به.

منهما ولزمه نصيب الغائب من المال. وما أخذ الغائب من هذا المال كان بينه وبين شريكيه (¬1). ولو كان المكفول له واحداً (¬2) فمات وعليه دين كثير ولم يوص (¬3) فوافى الكفيل بالمكفول به الورثة لم يبرأ من الكفالة؛ لأن الورثة ليسوا بخصمائه. ولو وافى به واحداً منهم لم يبرأ من الكفالة أيضاً؛ لأن الواحد منهم في هذه المنزلة مثل جماعتهم؛ لأن على الميت ديناً (¬4) يستغرق ماله. وكذلك لو لم يكن عليه دين فدفعه إلى أحد منم برئ من حصته من الكفالة ولا يبرأ من حصة البقية. وإذا كفل رجل بنفس رجل على أنه إن لم يواف (¬5) به إلى كذا كذا من الأجل فعليه المائة درهم التي عليه، فتغيب الطالب عند الأجل فطلبه الكفيل وأشهد على طلبه ولم يدفع إليه الرجل، فإن المال لازم للكفيل. ولو كان اشترط عليه مكانًا فوافى به ذلك المكان وأشهد وتغيب الطالب حتى مضى الأجل فإن المال لازم للكفيل. ولو كان الكفيل اشترط في الكفالة أنه بريء منه إذا وافى به المسجد الأعظم وأشهد على ذلك يوم كذا وكذا، فوافاه به الكفيل المسجد يومئذ وأشهد وغاب الطالب أو لم يحضر، فإن الكفيل بريء من الكفالة بالنفس والمال. وكذلك هذه الكفالة لو كانت في النفس بغير مال. وإذا كفل رجل بنفس رجل إلى غد فإن لم يواف (¬6) به غداً في المسجد فعليه المائة درهم التي عليه، واشترط الكفيل على الطالب أن يوافي به غداً المسجد فيقبضه منه فإنه (¬7) بريء منه، فالتقيا بعد الغد فقال الكفيل: قد وافيت، وقال الطالب: قد وافيت، فإنه لا يصدق واحد (¬8) منهما على الموافاة، والكفالة على الكفيل على حالها، والمال له لازم. فإن جاء كل واحد منهما بالبينة على الموافاة في المسجد (¬9) ولم يشهدوا على ¬

_ (¬1) ز: شريكاه. (¬2) ز: واحد. (¬3) ز: يوصي. (¬4) ز: دين. (¬5) ز: لم يوافي. (¬6) ز: لم يوافي. (¬7) ز: فأنا. (¬8) ز: واحدا. (¬9) م ز: إلى المسجد.

دفع الكفيل، فإن أقام المطلوب البينة على موافاة المسجد ولم يقم الطالب البينة فالكفيل بريء من كفالته بالنفس والمال، ولا يصدق الطالب على الموافاة. ولو كفل بنفسه (¬1) على أن يدفعه إليه غداً فإن لم يفعل فالمال عليه واشترط الكفيل: إن لم توافني فتقبضه (¬2) مني فأنا بريء من الكفالة والمال، فلم يلتقيا من الغد، فإن الكفيل بريء، والقول قول الكفيل: إن الطالب لم يواف مع يمينه، وعلى الطالب البينة. ولا يشبه هذا الباب الأول؛ لأن الكفيل هاهنا لم يشترط عليه الموافاة به في مكان كما اشترط عليه في الباب الأول. وإذا كفل رجل بنفس رجل على أنه إن لم يواف به غداً فعليه ما للطالب عليه من شيء فلم يواف (¬3) به الغد وقال الكفيل: لا شيء لك عليه، وادعى الطالب مالاً فالقول قول الكفيل مع يمينه على علمه، وعلى الطالب البينة. وإذا ضمن رجل رجلاً بنفسه لفلان فإن لم يواف (¬4) به إلى شهر فعليه ما عليه وهو ألف درهم، فمات الكفيل قبل الشهر وعليه دين ثم مضى الشهر قبل أن يدفع ورثة الكفيل المكفول به إلى الطالب، فإن المال يلزم الكفيل ويضرب الطالب به مع الغرماء، مِن قِبَل أنه قد لزمه يوم كفل. وكذلك لو مات المكفول به ثم مات الكفيل (¬5) قبل الشهر. وإذا ضمن رجل رجلاً لرجل وقال (¬6): هو علي، أو قال: هو إلي وأنا كفيل به، فإن لم أوافك (¬7) به غداً فعلي ما لك عليه، فذلك جائز وهو سواء كله. وكذلك لو قال: على أن أوافيك به غداً أو إلى أن أوافيك به غداً، أو قال: أنا ضامن أن أدفعه إليك غداً، فهذا كله سواء وهو باب واحد. ¬

_ (¬1) ز - بنفسه. (¬2) ز: لم توافيني فيقبضه. (¬3) ز: يوافى. (¬4) ز: لم يوافي. (¬5) ف - ثم مات الكفيل. (¬6) ز: أو قال. (¬7) م ف: لم يوافك؛ ز: لم يوافيك. والتصحيح من ب.

وإذا كفل الرجل بنفس الرجل على أن يوافي به غداً، فإن لم يواف (¬1) به فعليه الدين الذي عليه ولم يسمه، فلم يواف (¬2) به الغد فجاء به بعد ذلك، فإن عليه المال الذي عليه (¬3). فإن قال الكفيل: هو مائة درهم، وادعى الطالب مائتي (¬4) درهم، وأقر الذي عليه الأصل بمائتي درهم، فإن القول قول الكفيل مع يمينه على علمه، وعلى الذي عليه الأصل مائة أخرى بإقراره. وكذلك لو كان الذي عليه الأصل امرأة. فإن قامت البينة على مائتي درهم أخذ به الكفيل، وإن لم تقم (¬5) بينة وأبى الكفيل أن يحلف على علمه فإنه يلزمه مائتا (¬6) درهم. ولو كفل رجل بنفس رجل على أنه إن لم يواف (¬7) به غداً فعليه من المال ما أقر به المطلوب، فإن لم يواف (¬8) به من الغد فأقر المطلوب أن عليه خمسمائة درهم فإن الكفيل لها ضامن. ولو كفل رجل بنفس رجل على أن يوافي به غداً فإن لم يفعل فعليه ما ادعى الطالب، فلم يواف (¬9) به فادعى الطالب ألف درهم وأقر المطلوب له بها أو جحدها، فإنهما لا يصدقان على الكفيل، ويسأل الكفيل. فإن أقر بشيء كان القول قوله مع يمينه على علمه، وإن لم يقر بشيء حلف على دعوى الطالب على علمه. فإن حلف برئ، وإن نكل عن اليمين لزمه ذلك كله. وإذا كفل رجل بنفس رجل على أن يوافي إذا جلس القاضي، فإن لم يواف (¬10) به فعليه الألف درهم التي للطالب عليه، فلم يقعد القاضي أياماً ولم يواف (¬11) به، وطلبه صاحبه فلم يأته به، فلا شيء علية من المال مِن قِبَل أن القاضي لم يقعد، وقعود القاضي أجل، فما لم يقعد القاضي فلم يمض الأجل، فإذا قعد القاضي ولم يواف (¬12) به فعليه الألف درهم. ¬

_ (¬1) ز: لم يوافي. (¬2) ز: يوافي. (¬3) ف - ولم يسمه فلم يواف به الغد فجاء به بعد ذلك فإن عليه المال الذي عليه. (¬4) ز: مائتين. (¬5) ز: لم يقم. (¬6) ز: مائتي. (¬7) ز: لم يوافي. (¬8) ز: لم يوافي. (¬9) ز: يوافي. (¬10) ز: لم يوافي. (¬11) ز: يوافي. (¬12) ز: يوافي.

وإذا كفل الرجل بنفس الرجل على أنه إن لم يواف (¬1) به غداً فقد احتال الطالب عليه بألف درهم التي له على المطلوب، فلم يواف (¬2) به الغد، فإن المال على الكفيل. والحوالة في هذا والكفالة والضمان سواء. وكذلك لو قال: فإلي المال. وكذلك لو قال: فعلي المال (¬3). وكذلك لو قال: فعندي له هذا المال، كان هذا جائزاً. تجوز الكفالة بالنفس وتجوز بالمال. ولو كفل رجل بنفس رجل على أن يوافي به غداً، فإن لم يواف (¬4) به غداً فعليه المال الذي عليه وهو ألف درهم، فلم يواف (¬5) به الغد فلزمه المال، فأداه وأخذه الطالب بكفالة النفس (¬6)، وقال: لي عليه مال آخر، أو لي قبله خصومة أو حق في دار أو عبد، فإنه كفيل بنفسه لا يبرأ (¬7) منه حتى يدفعه (¬8) إليه. وإذا كفل بنفس رجل على أنه (¬9) متى ما طلبه الطالمب فلم يوافه (¬10) به فعليه المال الذي عليه وهو كذا وكذا (¬11)، فطلبه منه فلم يدفعه إليه، فإن عليه المال. فإن طلبه غدوة فلم يدفعه إليه حتى العشي فعليه المال إلا أن يدفعه (¬12) إليه ساعة طلبه إليه. لا يبرئه من المال إلا ذلك. وإذا كفل رجل بنفس رجل على أنه إن لم يواف (¬13) به غداً فعليه ما للطالب عليه من شيء، فلم يواف (¬14) به الغد، وقال الكفيل: لا شيء لك عليه، وادعى الطالب مالاً، فالقول قول الكفيل مع يمينه على علمه، وعلى الطالب البينة. ... ¬

_ (¬1) ز: لم يوافي. (¬2) ز: يوافي. (¬3) ز - وكذلك لو قال فعلي المال. (¬4) ز: لم يوافي. (¬5) ز: يوافي. (¬6) ز: النصيب. (¬7) ز: لا جراء. (¬8) ز: ايدفعه. (¬9) م ف: أن. (¬10) ز: يوافيه. (¬11) م ف: كذا. (¬12) ز: أن يدفعها. (¬13) ز: لم يوافي. (¬14) ز: يوافي.

باب الكفالة بالنفس ووكيل بالخصومة ضامن لما قضي به عليه

باب الكفالة بالنفس ووكيل بالخصومة ضامن لما قضي به عليه سمعت محمداً قال: وإذا ادعى رجل قبل رجل دعوى فأخذ منه كفيلاً بنفسه ووكيلًا في خصومته ضامن لما ذاب (¬1) عليه فهو جائز. وإن وافى به ودفعه إليه وبرئ منه فهو بريء من ذلك. وإن لم يفعل فللطالب أن يأخذه بالكفالة ويخاصمه في دعواه قِبَل المكفول به، فما قضي به له على فلان المكفول به فالكفيل له ضامن. هذا قول أبي حنيفة وقول أبي يوسف ومحمد بن الحسن. وإن وقّت للكفالة وقتاً فقال: إن لم أوافك (¬2) به غداً فأنا وكيل في خصومته ضامن لما ذاب عليه، ورضي بذلك المطلوب فهو جائز على ما سميا به، وإن وافى به الغد برئ من ذلك. وإن لم يوقّت لذلك وقتاً غير أنه قال: متى ما دعوتني به فلم أوافك (¬3) به فأنا وكيل في خصومته ضامن لما ذاب عليه، ورضي بذلك المطلوب فهو جائز (¬4). ولو كفل رجل بنفسه فإن لم يواف (¬5) به غداً ففلان - رجل آخر- وكيل في خصومته، فما قضي به عليه ففلان له ضامن - رجل آخر- ورضي بذلك المطلوب وأشهد على ذلك فهو جائز في ذلك كله. ولو قدم الوكالة فقال: هذا وكيل في خصومة ما بيني وبينك ضامن لما ذاب علي أو لما قضي به لك علي (¬6) أو لما لزمني لك أو لما لحقني لك أو لما كان لك علي، فإن وافاني غداً حتى يدفعني إليك فهو من ذلك بريء، فهذا جائز. وتقديم ¬

_ (¬1) أي: وجب وثبت. انظر: لسان العرب، "ذاب". (¬2) ز: لم أوافيك. (¬3) ز: أوافيك. (¬4) ف - على ما سميا به وإن وافى به الغد برئ من ذلك وإن لم يوقت لذلك وقتا غير أنه قال متى ما دعوتني به فلم أوافك به فأنا وكيل في خصومته ضامن لما ذاب عليه ورضي بذلك المطلوب فهو جائز. (¬5) ز: لم يوافي. (¬6) ف - علي.

الوكالة وتأخير الكفالة مثل تقديم الكفالة وتأخير الوكالة. هذا كله واحد، إن قدمت بعضه قبل بعض فهو جائز، ليس يفسد ذلك شيء قدمته قبل شيء. وإذا كفل رجل بنفس رجل إلى أجل فإن لم يواف (¬1) به فهو وكيل في الخصومة التي بينهما ضامن لما ذاب عليه ولم يشهد المطلوب على ذلك فإن الكفالة بالنفس والمال جائزة، والوكالة باطل؛ لأن المطلوب المكفول به لم يرض (¬2) بذلك ولم يشهد عليه. وإذا كفل رجل بنفس رجل على أنه إن لم يواف (¬3) به غداً فهو وكيل في خصومته ورضي المطلوب، فإن لم يواف (¬4) به الغد فهو وكيل في الخصومة، فإن قضي عليه بشيء لم يلزم الكفيل من ذلك شيء، ولكن الطالب يأخذ الكفيل بالكفالة بالنفس حتى يدفعه إليه. ولو أن الكفيل قضى الطالب حقه وقبضه الطالب منه فهو جائز، وليس للكفيل أن يرجع بذلك على المكفول به؛ لأنه لم يأمره بذلك. ولو أبى الطالب أن يقبل ذلك القضاء كان له ذلك، وكان له أن يأخذ الكفيل بنفس المطلوب، لأن الكفيل لم يكفل بالمال. فيجبر الطالب على قبضه. ولو كان كفيلاً بالمال كان الطالب يجبر على قبضه. ولو قضاه إياه على أن يبرئه من الكفالة أو قضاه بعضه على أن يبرئه من الكفالة كان جائزاً. ولو قضاه إياه على أن يرده (¬5) على المطلوب وقبضه منه على ذلك فإن هذا لا يجوز. ولو كان أبرأه من الكفالة على هذا كان للكفيل أن يرجع بما قضاه عليه، ولا يرجع الطالب عليه بالكفالة بالنفس. وإذا كفل رجل بنفس رجل إلى أجل مسمى، فإن لم يواف (¬6) به فهو ضامن لما ذاب عليه وكيل في خصومته في ذلك، وأشهد المكفول به على ذلك، فأراد الطالب أن يأخذ الكفيل بالكفالة بالنفس قبل الأجل، فليس له ¬

_ (¬1) ز: لم يوافي. (¬2) ز: لم يرضا. (¬3) ز: لم يوافي. (¬4) ز: لم يوافي. (¬5) م ف ز + به. والتصحيح من الكافي، 2/ 115 ظ. (¬6) ز: لم يوافي.

ذلك. وكذلك لو أراد خصومته قبل الأجل لم يكن بينهما خصومة حتى يحل الأجل. وكذلك الكفالة بالنفس بغير وكالة. ولو كفل رجل بنفس رجل وجعله المكفول به وكيلاً ضامناً (¬1) لما ذاب عليه، ثم مات الكفيل وله مال، فلا خصومة بين الطالب وبين ورثة الكفيل؛ لأن الوكالة قد انقطعت. ولكنه لو وجد الطالب المكفول به فخاصمه وقضي به عليه بشيء كان في مال الكفيل. وإن كان على الكفيل دين ضرب الطالب بدينه مع الغرماء في مال الكفيل. وكذلك لو كان المكفول به قد مات فخاصم الطالب ورثة المكفول به أو وصيه فقضي عليه بالمال كان له أن يبيع بالمال ميراث أيهما شاء، فيضرب مع (¬2) غرماء الأول منهما بجميع ماله، ويضرب مع غرماء الآخر بما بقي من ماله. فإن كان بدأ فضرب مع غرماء الكفيل رجع ورثة الكفيل بما أدوا في مال المكفول به، فيكون بين الغرماء أيضاً إن بقي لهم شيء. وإن (¬3) بدأ (¬4) فضرب (¬5) مع غرماء المكفول به لم يرجع ورثة المكفول به على ورثة المكفول بشيء. وإذا كفل الرجل بنفس رجل إلى أجل مسمى، فإن لم يواف (¬6) به فهو ضامن لما ذاب عليه ووكيل في خصومته في ذلك، وأشهد المكفول به على ذلك، فأراد الطالب أن يأخذ الكفيل بالنفس قبل الأجل، فليس له ذلك. وكذلك لو أراد خصومته قبل الأجل لم تكن (¬7) بينهما خصومة حتى يحل الأجل. وكذلك الكفالة بالنفس بغير مال. وإذا كفل رجل بنفس رجل إلى أجل، فإن لم يواف (¬8) به فهو وكيل في الخصومة بينهما ضامن لما ذاب عليه، فإن الكفالة بالنفس والمال جائزة، والوكالة باطلة (¬9). ولو أشهد المكفول به على ذلك ولم يبين أي خصومة هي ¬

_ (¬1) ز: ضامن. (¬2) ز - مع. (¬3) ز - وإن. (¬4) ز: وبدأ. (¬5) م ز: قصرت. (¬6) ز: لم يوافي. (¬7) ز: لم يكن. (¬8) ز: لم يوافي. (¬9) ز: باطل.

باب كفالة الصبي والمجنون المغلوب

فإن الكفالة بالنفس والمال جائزة، ولا يكون وكيلاً في الخصومة؛ لأنه لم يبين أي خصومة هي. ولو أن الطالب خاصم المكفول به فقضي له عليه بمال لزم الكفيل المال، ولا خصومة بينه وبين الكفيل في شيء حتى يحضر المطلوب. ... باب كفالة الصبي والمجنون المغلوب سمعت محمداً قال: وإذا كفل الصبي بنفس رجل أو بنفس صبي فإنه لا يجوز كفالة الصبي. ولو كان غلاماً قد راهق تاجراً (¬1) في السوق قد أذن له أبوه في التجارة يشتري ويبيع فكفل بنفس رجل لم يجز ذلك. وكذلك لو كفل بمال فإن ذلك لا يجوز مِن قِبَل أن الكفالة معروف. وليس يملك الصبي ذلك. وكذلك المغلوب على عقله وإن كان رجلاً. وكذلك المختلط العقل والرجل (¬2) المريض الذي يهذي. وكذلك الجارية التي لم تحض فإن كفالتها باطل لا تجوز. ولو أن رجلاً كان له قبل رجل مال فأدخل المطلوب ابنه في كفالة ذلك المال أو بنفسه وهو مراهق (¬3) ولم يحتلم كان ذلك باطلاً لا يجوز، ولا يلزم الابن من ذلك شيء. ولو كبر الابن وأدرك لم يؤخذ بشيء من ذلك. فإن جدد الكفالة بعدما (¬4) يدرك جاز ذلك عليه، وإن لم يجددها ولكنه أقر بها بعدما (¬5) يدرك فإنه لا يؤخذ بها ولا تلزمه (¬6). ولو أن رجلاً أقر أنه كفل وهو صبي لرجل بنفس رجل أو بمال عليه لم يلزمه ذلك، وكان القول قوله مع يمينه. وإن ادعى الطالب أنه كفل به وهو رجل لم يصدق الطالب، وكان عليه البينة. ¬

_ (¬1) ز: تاجر. (¬2) ز: أو الرجل. (¬3) م ف: راهق؛ ز: ذالقواه. (¬4) م ز: بغير ما. (¬5) م: بغير ما. (¬6) ز: يلزمه.

وكذلك المرأة لو أقرت أنها كفلت وهي صبية بنفس أو بمال لم يجز ذلك ولم يلحقها منه شيء. وكذلك الرجل لو أقر أنه كفل وهو مغمى عليه وقد كان عرف أنه قد أغمي عليه فالقول قوله. وكذلك لو أقر أنه كفل وهو مجنون أو مُبَرْسَم (¬1) يهذي وقد كان عرف ذلك منه فإن القول قوله مع يمينه، ولا يلزمه من ذلك شيء. وإن لم يعرف منه ذلك لزمه ذلك كله. وإذا أقر الرجل أنه كفل وهو مبرسم يهذي أو هو (¬2) مجنون ولم يعرف منه ذلك فالكفالة لازمة. وإن كان أخرس يكتب ويعقل فكتب كفالة بنفس عليه أو بمال أو كفل له رجل بشيء من ذلك في كتاب وقبل ذلك فهو جائز كله. ولو أن يتيماً قد راهق الحلم أذن له وصيه في كفالة بنفس أو مال لم يلزمه من ذلك شيء. ولو أن وصيه استدان ديناً في نفقة اليتيم وأمر اليتيمَ فضمنها أو أمر اليتيمَ الوصي أن يضمن الوصيَّ بنفسه فإن ضمان النفس باطل وضمان الدين جائز. وكذلك الأب لو استدان على الابن ديناً يلزم الابن في بعض ما لا بد منه، وأمر الابن فضمن ذلك الدين (¬3) قبل أن يحتلم، كان ذلك جائزاً عليه. وإن أمره أن يكفل بنفسه ففعل لم يلزم الابن الكفالة. وكذلك الوصي إن استدان على اليتيم ديناً (¬4). وإن كان اليتيم تاجراً أو غير تاجر (¬5) فهو سواء في ذلك. ولا تجوز كفالة الصبي الذي يتكلم ويعقل، ولا كفالة المعتوه، ولا كفالة المُبَرْسَم في حال (¬6) هذيانه، ولا كفالة المغمى عليه الذي يتكلم، ولا كفالة المجنون في حال جنونه. ولا تجوز كفالة الأخرس الذي لا يعقل. ¬

_ (¬1) أي: مصاب بالبرسام، وهو ذات الجنب كما تقدم مراراً. والمقصود ذهاب عقله بسبب المرض. (¬2) ز - هو. (¬3) ز: الابن. (¬4) ز: دين. (¬5) ز: تاجراً. (¬6) ز: في حالة.

باب الكفالة بنفس الرجل ضامنا لما ذاب عليه

وكذلك لا تجوز الكفالة لأحد من هؤلاء ما خلا الصبي إذا كان تاجراً، فإن الكفالة جائزة له. والكفالة بالنفس والمال في جميع ذلك سواء (¬1). والصغير من أهل الذمة مثل الصغير من أهل الإسلام. وكذلك المعتوه المغلوب. وكذلك الحربي المستأمن إذا أصابه مرض (¬2) فذهب عقله أو هذى فلا تجوز كفالته ولا الكفالة له. والمرأة في ذلك كله مثل الرجل. ولو أدرك الصبي فأقر أنه كفل وهو صبي لم يجز عليه. فإن كفل [المجنون] بعد الإفاقة وكفل الصبي بعد الإدراك فهو جائز. ولو أقر رجل أنه كفل وهو مُبَرْسَم يهذي أو مجنون ولم يعرف ذلك منه فالكفالة لازمة. وإن كان أخرس يكتب ويعقل وكتب كفالة بنفس عليه أو مال أو كفل له رجل بشيء من ذلك في كتاب وقبل ذلك فهو جائز كله. وإذا أقر وهو رجل أنه كفل وهو صبي لم يلزم؛ لأنه يعرف أنه قد كان صغيراً. ولا يشبه هذا الذي قال: كفلمت وأنا مجنون، ولا يعرف ذلك منه. ... باب الكفالة بنفس الرجل ضامناً (¬3) لما ذاب عليه سمعت محمداً قال: وإذا كفل الرجل بنفس رجل على أن يوافي به إلى أجل، فإن لم يواف (¬4) به إلى ذلك الأجل فهو ضامن لما ذاب عليه فهو جائز. فإن وافى به في الأجل برئ من الكفالة. وإن مضى الأجل قبل أن يوافيه به فهو ضامن له بنفسه ضامن لما ذاب عليه. فإن ادعى الطالب على ¬

_ (¬1) ز: أبوا. (¬2) ز: مرضا. (¬3) م ف ز: ضامن. (¬4) ز: لم يوافي.

المكفول به مالاً وأحضر بينته (¬1) بذلك لم يقبل منه ذلك؛ لأنه ليس معه خصم. وإنما يلزم الكفيل المال إذا قضي به على المكفول به، وكان للطالب أن يأخذ الكفيل بنفسه حتى يدفعه إليه. فإن (¬2) قضي له عليه بمال لزم الكفيل ما قضي به عليه. فإن مات المكفول به قبل أن يقضى عليه بشيء فخاصم الطالب ورثته أو وصيه فقضي له عليه بحق، فإنه يلزم الكفيل ذلك. ولو كان الكفيل قد مات أيضاً لحقه ذلك في تركته. ولو كان للكفيل (¬3) دين (¬4) لهذا أن يخاصم الغرماء بذلك، مِن قِبَل أنه قد كفل له به. ولا يبطله موت الكفيل ولا موت المكفول به. وكذلك لو كفل بنفسه على أنه ضامن لما قضي به عليه أو لما ثبت عليه من حق أو بما قامت به بينة عليه فهذا كله واحد، وهو كله جائز عليه في الكفالة بالنفس. ولا يلزمه من المال شيء حتى يحضر المكفول به فيخاصم (¬5)، فما لزمه من شيء من ذلك أخذ به الكفيل. ولو مات الطالب كان وارثه على حقه في ذلك لا يبطله عنه موت الطالب. وإن كان له وصي فله أن يأخذه بذلك. وإن حضر وصي له من أوصيائه كان له أن يخاصم في ذلك. وكذلك كل وارث واحد من الورثة. وإن كان المكفول به عبداً تاجراً أو مكاتباً أو ذمياً أو حربياً مستأمناً والكفيل حر مسلم فهو سواء. وإن كان الكفيل امرأة أو ذمياً (¬6) كفل عن مسلم أو امرأة ذمية كفلت عن ذمي فهو سواء. وكذلك لو كفل بنفسه على أنه ضامن لما قضي عليه أو لما (¬7) قضى ¬

_ (¬1) ز: بيته. (¬2) م ف ز: فا. (¬3) ز: الكفيل. (¬4) ز + كان. (¬5) م ز: فخاصم. (¬6) ز: أو ذمي. (¬7) ز: أو بما.

عليه به قاضي أهل الكوفة، فقضى بذلك قاضي غير قاضي الكوفة، فهو جائز لازم للكفيل. وإذا كفل رجل بنفس رجل على أنه ضامن لما قضي به على أبي المكفول به وهو ميت والمكفول به وارثه فهو جائز وهو مستقيم. وكذلك وصي الميت يكفل رجلاً (¬1) بنفسه على أنه ضامن لما قضي به على الميت فهو جائز. ولا يكون الكفيل خصماً في شيء مما على الميت، ولكن الوصي خصم، والوارث خصم واحداً (¬2) كان أو أكثر (¬3). ولو أن وصي ميت أخذ غريماً من غرماء الميت يَدعي قِبَلَه للميت مالاً والغريم يجحد، فأخذ كفيلاً بنفسه ضامناً لما قضي به عليه، كَان جائزاً. وكذلك الأب يأخذ غريماً لابنه وهو (¬4) صغير في عياله فيأخذ منه كفيلاً بنفسه ضامناً (¬5) لما قضي به عليه فذلك جائز كله. ولو أن رجلاً أخذ غريماً لأخيه أو لزوجته (¬6) أو بعض أهله بغير وكالة من صاحب المال فأخذ منه كفيلاً بنفسه ضامناً (¬7) لما ذاب عليه فرضي بذلك مدعي المال كان جائزاً، ويضمن الكفيل ذلك. ولو فسخ الكفيل الكفالة وبرئ منها قبل أن يرضى صاحب المال فهو منها بريء، لأنها لم تكن (¬8) كفالة لازمة. ولو أن رجلاً وكَّل رجلاً يأخذ له كفيلاً (¬9) من غريم له بنفسه ضامناً (¬10) لما قضي به عليه كان جائزاً. فإن كفل (¬11) الكفيل للوكيل فدفعه إليه برئ من الكفالة بنفسه. وليس للموكل أن يأخذ الكفيل حتى يحضر الوكيل. فإن كفل به للموكل لم يكن للوكيل أن يأخذه به، وكان الموكل هو الذي يأخذه. وإن دفعه الكفيل إلى الوكيل لم يبرأ مق كفالته. وإن دفعه إلى الموكل في كلا الوجهين برئ من كفالته. ¬

_ (¬1) ز: رجل. (¬2) ز: واحد. (¬3) ز: أو أكثرا. (¬4) ز - وهو. (¬5) ز: ضامن. (¬6) ز: ولزوجه. (¬7) ز: ضامن. (¬8) ز: لم يكن. (¬9) ز: كفيل. (¬10) ز: ضامن. (¬11) ز: كفيل.

باب كفالة الرجل بالصبي بنفسه

وإذا وكل رجل رجلاً بأن يعطي فلاناً كفيلاً (¬1) بنفس الموكل (¬2) ضامناً (¬3) لما ذاب عليه على الموكل فأعطاه الوكيل كفيلاً (¬4) بذلك فقضي على الموكل (¬5) بما للطالب فإنه يأخذ به الكفيل، وليس للكفيل أن يأخذ الوكيل بذلك إلا أن يكون ضمن له شيئاً. ألا ترى أن رجلاً لو أمر رجلاً أن يضمن رجلاً بنفسه وأن يضمن ما ذاب عليه لم يكن على الآمر شيء ولم يرجع الكفيل على الآمر ولا على المكفول له بشيء، ولكن الباب الأول يرجع الكفيل على المكفول به بما أدى من المال، لأن وكيله أمره بذلك، وأمر وكيله كأمره في ذلك. ولو أن رجلاً كفل بنفس رجل لرجل أو بمال عليه والطالب غير حاضر وخاطبه عنه رجل ليس بوكيل فرجع الكفيل عن كفالته قبل أن يرضى الطالب فذلك جائز، وهو رجوع عنهما في قول أبي حنيفة ومحمد. ... باب كفالة الرجل بالصبي بنفسه وإذا ادعى رجل قِبَلَ صبي دعوى، وكفل به رجل بغير إذن أبيه، فإن الكفيل ضامن له، والكفالة عليه جائزة، يؤخذ به. وإن طلب الكفيل أن يحضر الصبي معه لم يؤخذ له الصبي، مِن قِبَل أنه كفل به (¬6) بغير أمر أبيه وإن كان الصبي هوطلب ذلك إليه، لأن أمر الصبي لا يجوز. ولو كان غلاماً قد راهق الحلم تاجراً قد أذن له أبوه في البيع والشرى، فادعى رجل قِبَلَه ديناً (¬7)، فطلب إلى رجل فكفل به، فإن (¬8) ذلك جائز، يؤخذ به الكفيل، ويؤخذ الغلام للكفيل حتى يبرئه من الكفالة. ولو ¬

_ (¬1) ز: كفيل. (¬2) ف - الموكل. (¬3) ز: ضامن. (¬4) م ف ز: كفل. والتصحيح من ب. (¬5) ف: للموكل. (¬6) ف - به. (¬7) ز: دين. (¬8) م ف ز: قال.

كان غير تاجر فطلب أبوه إلى رجل أن يضمنه فضمنه كان جائزاً، وأخذ به الكفيل، وكان للكفيل أن يأخذ الغلام حتى يدفعه. فإن تغيب الغلام، فأخذ الكفيل أباه، فقال: أنت أمرتني أن أضمنه فخلّصني، فإن الأب يؤخذ له حتى يحضر ابنه، فيدفعه إليه، أو يخلّصه، مِن قِبَل أن أمر الأب على الولد مثل هذا جائز، كأنه طلب إليه أن يكفل بنفسه هو. ولو أمره أن يكفل بنفس غلام يتيم هو وصيه كان مثل هذا أيضاً. ولو أمره أن يكفل بنفس غلام يتيم (¬1) ليس هو وصيه، لم يؤخذ الآمر بشيء، وأخذ الكفيل بنفسه، ولا يتبع الآمر، مِن قِبَل أن أمر الآمر لا يجوز على الغلام. ولو أحدث المعتوه حدثاً: جناية جناها أو مالاً أفسده، فضمنه (¬2) رجل بنفسه، فهو جائز عليه. والمعتوه في هذا بمنزلة الصبي. وكذلك المرأة إذا كانت معتوهة. وكذلك الصبية. وإذا كفل رجل بنفس صبي على أن يوافي به غداً، فإن لم يواف (¬3) به غداً فعليه ما ذاب عليه، فالكفالة بالنفس جائزة، يؤخذ بها الكفيل، ولا يكون خصماً فيما يُدعى قِبَلَ الصبي. وكذلك الصبي لا يكون خصماً فيما يَدعي (¬4) قِبَلَه أحدٌ (¬5) حتى يحضر أبوه فيخاصم. فإن كان يتيماً أحضر وصيه. وإن لم يكن له وصي جعل له القاضي وكيلاً. فإذا قضى بمال لزم الكفيل ذلك، ولا يرجع به على الصبي، لأنه كفل به بغير أمر أبي ولا وصي ولا قاض (¬6). ولو كفل به بأمر قاض (¬7) رجع بذلك على الصبي. ولو كان للصبي ولي أخ (¬8) أو عم، فأمر أحد من هؤلاء رجلاً (¬9) فكفل بنفسه أو بمال عليه، ضمن الكفيل ذلك، ولم يرجع به على الصي، ¬

_ (¬1) م ف + هو. (¬2) ف: ضمنه. (¬3) ز: لم يوافي. (¬4) ز - قبل الصبي وكذلك الصبي لا يكون خصما فيما يدعي. (¬5) ف ز - أحد. (¬6) ز: قاضي. (¬7) ز: قاضي. (¬8) م ف ز + رجل. والتصحيح من ب. (¬9) ز: رجل.

باب كفالة العبد عن سيده بنفسه أو بمال

لأن أمر هؤلاء لا يجوز عليه، ولا يرجع به على أحد من هؤلاء، لأنه لم يضمن له شيئاً. والولي في ذلك كالرجل من عُرْض الناس ما خلا الأب والوصي والجد أبو (¬1) الأب إذا كان الأب ميتاً. فإن كان له وصيان، فأمر أحدهما بذلك دون الآخر، لم يرجع الكفيل على الصبي حتى يأمره الوصيان جميعاً بذلك في قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: يجوز ذلك بأمر أحدهما. ... باب كفالة العبد عن سيده بنفسه أو بمال سمعت محمداً قال: وإذا كفل عبد عن سيده بمال بغير أمره فإنه لا يجوز. وكذلك إن كفل بنفسه. وكذلك لو كان العبد تاجراً أو يؤدي الغلة فإن كفل بالنفس بإذن سيده فهو جائز. وإن أذن له سيده فكفل عنه بألف درهم فهو جائز تاجراً كان أو محجوراً عليه (¬2) بعد أن لا يكون عليه دين. فإن عتق يوماً ثم أدى المال لم يرجع على سيده بشيء من ذلك، مِن قِبَل أنه كفل وهو عبده. ولا يكون للعبد على مولاه دين. وكذلك أم الولد والأمة والمدبرة. فإن كان على أم الولد أو على العبد دين يستغرق القيمة ثم أمرهما السيد فضمنا عنه ديناً عليه لم يلزمهما من الكفالة شيء ما وإما رقيقا. فإن عتقا لزمهما ذلك. وإن مات السيد وترك مالاً وأعتق العبد عند موته فإن غرماء العبد يستسعونه في قيمته، ولا شيء لغرماء السيد من قيمة العبد، ويتبعون مال السيد. وإن شاء غرماء العبد اتبعوا مال السيد بقيمة العبد. وإن شاء المكفول له اتبع مال السيد، وإن شاء اتبع العبد، غير أنه لا يشرك غرماءه (¬3) في القيمة، ولكنه يتبعه (¬4) بدينه. فأما أم الولد إذا أعتقت فإن صاحب الكفالة يستسعيها في ذلك مع غرمائها. فأما المدبرة فهي في ¬

_ (¬1) ز: أب. (¬2) ز - عليه. (¬3) ز: غرماوه. (¬4) ز: يبيعه.

باب كفالة العبد بالنفس وبالمال

ذلك بمنزلة العبد. ولا يرجع واحد منهم على السيد بشيء مما أدى عنه من الكفالة عنه. وإذا كفل العبد عن سيده بأمره بمال عليه وهو دراهم أو دنانير أو شيء مما يكال أو يوزن قرضًا كان عليه أو من ثمن بيع أو من كفالة أو من غصب فهو جائز. فإن أداه العبد وهو من كفالة كفل بها السيد كان للسيد أن يتبع (¬1) الذي كفل عنه بأمره إن كان كفل عنه بأمره حتى يستوفي ذلك منه. وليس للعبد أن يتبع الذي (¬2) أمره سيده بالكفالة، ولكن السيد هو يتبعه. ... باب كفالة العبد بالنفس وبالمال قال: أخبرنا محمد قال: أخبرنا قيس بن الربيع عن عياش العامري عن شريح أنه قال: لا كفالة للعبد. وإذا كفل العبد بنفس رجل عبد أو حر أو أمة أو حرة أو أم ولد أو مكاتبة أو مكاتب فإن كفالة العبد لا تجوز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، مِن قِبَل أن الكفالة معروف، ولا يملك العبد ذلك. وكذلك لو كان تاجراً يشتري ويبيع في السوق كانت كفالته باطلاً لا تجوز. وكذلك لو كفل بمال لم تجز كفالته. وكذلك الأمة لا تجوز كفالتها. وكذلك أم الولد والمدبرة والمدبر فإنه لا تجوز كفالة أحد من هؤلاء بنفس ولا مال. وإن كان عبداً يؤدي الغلة لم تجز كفالته بنفس ولا بمال. فإن أذن له مولاه في الكفالة فكفل بنفس فهو جائز يؤخذ به، ويباع فيه إن لم يكن عليه دين. فإن كان عليه دين يحيط به بيع في الدين الذي عليه، فإن فضل شيء من ثمنه كان لصاحب الكفالة، وإن لم يفضل فلا شيء له من ثمنه. وإذا كفلت أم الولد بمال بإذن سيدها فهو جائز ¬

_ (¬1) ز: أن يبيع. (¬2) ز - الذي.

عليها، تسعى فيه وإن مات سيدها. [ولو كفل العبد بإذن سيده] (¬1) بنفس رجل فهو جائز عليه، فإن أعتقه سيده فعتقه جائز، ويؤخذ بالكفالة. ولا يضمن سيده شيئاً للعتق الذي أحدث؛ لأن الكفالة بالنفس ليس بمال. ولو كفل بمال بإذن سيده ولا دين عليه فأعتقه سيده ضمن سيده (¬2) الأقل من قيمته ثم الدين. فإن شاء الغريم اتبع العبد بذلك. وإن شاء اتبع السيد. فإن اتبع العبد كان للعبد أن يتبع المكفول به إن كان كفل بأمره. وإن اتبع الغريم السيد كان للسيد أن يتبع المكفول به (¬3) إن كان المكفول به طلب إلى السيد أن يأمره عبده. وإن كان لم يطلب إليه ولا إلى العبد لم يتبع واحد منهما المكفول به بشيء. ولو كفل عبد بنفس رجل بغير أمر سيده لم يجز عليه. فإن عتق كان للطالب أن يأخذه بالكفالة. وكذلك لو كفل بمال لم يجز عليه إذا لم يكن السيد أذن له. فإن عتق يوماً أخذ بذلك. فإن أداه كان له أن يرجع على المكفول به إن كان كفل بأمره. وإن كان كفل بغير أمره لم يكن له أن يرجع عليه. وإذا كان على العبد دين يحيط بقيمته فأمره مولاه أن يكفل بنفس أو مال فإن ذلك لا يجوز ولا يلزمه منه (¬4) شيء. فإن أدى دينه لزمته الكفالة. وإذا كان العبد تاجراً قيمته ألفان، وعليه ألف دين، فأمره مولاه فكفل بألفين بإذن مولاه، ثم استدان العبد بعد ذلك ألفين سوى (¬5) ذلك، ثم باعه القاضي في الدين بألف درهم، فإن ثمنه يضرب (¬6) فيه الغرماء الأولون والآخرون (¬7) بدينهم كله، ويضرب فيها أصحاب الكفالة بألف درهم بالذي لزمه من الكفالة؛ لأنه كفل له يوم كفل له ولا فضل فيه عن قيمته إلا ألف درهم، فإنما يلزمه من قيمته ما كان فارغًا يوم كفل، ولا يلزمه ما كان قد استغرق في الدين. ¬

_ (¬1) الزيادة مستفادة من ب. (¬2) ز - ضمن سيده. (¬3) ف - إن كان كفل بأمره وإن اتبع الغريم السيد كان للسيد أن يتبع المكفول به. (¬4) ف - منه. (¬5) ز: سواء. (¬6) م ز: فضرب. (¬7) ز: الأولين والآخرين.

وإذا كفل العبد وهو صبي قد راهق ولم يحتلم بغير إذن سيده بمال أو بنفس ثم أعتق لم يلحقه من ذلك شيء. وإن كان كفل بأمر سيده فهو جائز عليه في الرق وبعد العتق. وإن كفل بدين بإذن سيده يستغرق قيمته فهو جائز. فإن كفل بدين آخر يستغرق قيمته بإذن سيده لم يجز الدين الثاني. فإن قضى المكفول له الأول المال جازت الكفالة الثانية. وإن كان عبداً تاجراً عليه دين قد استغرق قيمته فكفل بكفالة بإذن سيده لم يلزمه. فإن قضى دينه لزمته الكفالة. فإن أعتق قبل أن يقضي دينه لزمته (¬1) الكفالة. وإن كانت بنفس (¬2) أو مال فهو سواء. وإذا كان العبد محجوراً عليه أو تاجراً (¬3) فهو في كفالة النفس والمال سواء، لا يجوز عليه شيء من ذلك إلا أن يأذن له المولى. فإن كان المولى امرأة أو رجلاً أو ذمياً (¬4) أو حربياً (¬5) فهو سواء. فإن كان المولى صغيراً لم تجز الكفالة. وإن كان أذن لعبده في التجارة فإن كان للمولى أبي فأذن أبو المولى للعبد في الكفالة لم يجز ذلك. وكذلك لو كان يتيم له وصي فأذن وصيه للعبد في الكفالة فإن ذلك لا يجوز؛ لأن هذا معروف، وليس للأب ولا للوصي ولا للجد أن يصنع المعروف في مال الصبي. وإن أدرك الصبي فأجاز تلك الكفالة فهو باطل. والذاهب العقل والمعتوه والذي به ريح في حال جنونه في ذلك كله بمنزلة الصبي لا تجوز كفالة عبده، ولا يجوز إذنه له في ذلك. وإذا كان العبد تاجراً وله عبد فأذن العبد لعبده في التجارة فكفل بنفس أو بمال لم تجز كفالته؛ لأنه لا يملك ذلك. وكذلك لو أن العبد الأول أذن لعبده في ذلك. فإن أذن مولى العبد الأول للعبد الثاني أن يكفل بنفس أو بمال فإن كان عليه دين لم تجز كفالته. وإن لم يكن عليه دين ولا على العبد الأول جازت كفالته. ¬

_ (¬1) ز + فإن أعتق قبل أن يقضي دينه لزمته. (¬2) ز: نفس. (¬3) ز: أو تاجر. (¬4) م ز: أو ذما. (¬5) ز: أو حربي.

باب الكفالة بمال على فلان

وإذا أمر السيد عبده أن يكفل بثلاثة آلاف درهم، [فكفل] (¬1) بأمر سيده ثم استدان مثلها ثم باعه القاضي بألفي درهم، ضرب فيها أصحاب الكفالة بدينهم كله وأصحاب الدين بدينهم كله، لأن الكفالة لزمته قبل الدين. وإذا كفل العبد وهو يساوي ألفاً فكفل بإذن مولاه بألف درهم فهو جائز إذا لم يكن عليه [دين] (¬2). فإن كفل بألف أخرى بإذن مولاه لم تجز الكفالة الثانية. فإن زادت قيمة العبد حتى بلغت ألفي درهم ثم كفل بألف درهم أخرى بإذن مولاه فإنها جائزة؛ لأنه كفل [و] في (¬3) قيمته فضل ألف أخرى. فإن باعه القاضي في دينهم بألفي درهم فإنها تقسم (¬4) بين المكفول له الأول والمكفول له الآخر نصفين، ولا شيء للمكفول له (¬5) الأوسط مِن قِبَل أنه كفل له وليس في قيمته فضل. وكذلك لو باعه بألف وخمسمائة أو بألفين. ولو باعه القاضي بألفين وخمسمائة استوفى الأول والآخر ألف درهم، وكانت الخمسمائة الفضل للأوسط. وكذلك لو كان القاضي باعه بثلاثة آلاف درهم استوفى الأول ألف درهم والآخر ألف درهم والثالث ألف درهم. ولو باعه القاضي بألف درهم كانت بين الأول والآخر نصفين، ولا شيء للأوسط. ... باب الكفالة بمال على فلان قال: سمعت محمداً قال: وإذا قال الرجل للرجل: ما ذاب (¬6) لك على فلان فهو علي، ورضي الطالب بذلك، فقال المطلوب: لك علي ألف درهم، وقال الطالب: بل لي عليك ألفا (¬7) درهم، وقال الكفيل: ما لك ¬

_ (¬1) الزيادة من ب. (¬2) الزيادة مستفادة من ب؛ والكافي، 2/ 118 ظ. (¬3) زيادة الواو من ب. (¬4) ز: يقسم. (¬5) ف + للأول. (¬6) أي: ما وجب وثبت، كما تقدم. (¬7) ز: ألفي.

باب كفالة المولى عن عبده

عليه شيء، فإن القول في ذلك قول المطلوب، وعلى الكفيل ألف درهم. وكذلك لو قال: ما أقر به لك فلان من شيء فهو علي، أو ما صار لك عليه (¬1) فهو علي، أو ما قضي به لك عليه فهو علي، فما أقر به المكفول عنه فهو لازم للكفيل. وإن جحد ما خلا قوله: ما قضي لك عليه، فإنه لا يلزم الكفيل حتى يقضي به القاضي على المكفول عنه. وإن قال الكفيل: إنما لك عليه كذا كذا، لشيء أقل من ذلك، فإنه لا يصدق، ويلزم الكفيل ما أقر به المكفول عنه. وهذا قول أبي حنيفة. وهذا استحسان، وليس بالقياس. ولو قال: ما لك عليه فهو علي، فقال الطالب: لي عليك ألفان، وقال المطلوب بذلك: علي ألف درهم، وقال الكفيل: ليس لك عليه شيء، فلا شيء على الكفيل، وعلى المطلوب ما أقر به. وكذلك لو قال: ما كان أقر به لك فلان أمس فهو علي، فقال المطلوب: قد أقررت له بألف أمس، وجحد الكفيل ذلك، فإنه لا شيء على الكفيل. ولو قال: ما أقر لك به من شيء فهو علي، فقامت عليه بينة أنه قد أقر قبل الكفالة بألف درهم، فإنها لا تلزم الكفيل إلا أن يقر بها بعد الكفالة. ولو جحد المطلوب ذلك فقال له القاضي: احلف، فأبى أن يحلف فقضى عليه القاضي لم يلزم الكفيل ذلك؛ لأنه لم يقر بذلك. وهذا يلزم المطلوب خاصة دون الكفيل. ... باب كفالة المولى عن عبده سمعت محمداً قال: وإذا ادعى رجل قبل (¬2) عبد دعوى، فكفل مولى العبد بنفسه، فهو جائز. وإن كان العبد تاجراً أو محجوراً عليه فهو سواء. وإن كان كفل مولاه عنه بمال فهو جائز، يؤخذ به المولى. فإن أداه المولى لم يرجع على عبده بشيء مِن قِبَل أنه لا يكون له على عبده دين. وإن أعتق ¬

_ (¬1) ز - عليه. (¬2) ز - قبل.

العبد فأدى المولى المال بعد ذلك لم يرجع به على العبد مِن قِبَل أنه ضمن عن عبده، ولا يكون له على عبده دين. وإذا كان عبده تاجراً عليه دين كثير، فطلب إلى مولاه، فضمن عنه لغريم من غرمائه ما له عليه وسماه، فهو جائز. وإن أداه المولى لم يرجع به على العبد. وكذلك أم الولد والمدبرة. ولو أحال العبد غريمه ذلك على مولاه بالمال على أن أبرأ (¬1) العبد، فمات المولى ولا مال له إلا العبد، وعلى العبد (¬2) دين كثير، فإن للغريم أن يرجع على العبد مِن قِبَل أن ما له قبل المولى قد تَوَى (¬3)، ولا تَوَى على ماله. وإذا كفل الرجل عن عبده بمال عليه من قرض قد أذن له فيه أو من ثمن بيع قد أذن له فيه أو غصب فهو جائز. وكذلك أم الولد والمدبرة (¬4). فإن كان العبد صغيراً أو كبيراً فهو سواء. وإذا كفل الرجل عن عبده بمال فأبرأ الطالب المولى فإن للطالب أن يأخذ العبد بالمال مِن قِبَل أنه قد كان له أن يأخذه قبل أن يبرئ المولى. فإن أبرأ الطالب العبد من المال ولم يبرئ المولى فهما جميعاً بريئان من المال. وإن كان الدين شيئاً (¬5) مما يكال أو يوزن أو ذهباً (¬6) أو فضة أو دنانير أو دراهم فهو سواء. وإن كفل المولى بنفس عبده وضمن ما ذاب عليه وغاب العبد وهو تاجر فإن المولى يؤخذ بنفسه، ولا يكون خصماً فيما على العبد حتى يحضر العبد فيخاصم. فإن قضي عليه بمال لزم المولى. وإن كان على العبد دين أو لم يكن فهو سواء. ... ¬

_ (¬1) ز: أن أثر. (¬2) ز - وعلى العبد. (¬3) أي: قد هلك وذهب، كما تقدم. (¬4) ز: والمدبر. (¬5) ز: شيء. (¬6) ز: أو ذهب.

باب العبد التاجر يكفل بالمال عليه والضمان عن العبد

باب العبد التاجر يكفل بالمال عليه والضمان عن العبد قال: سمعت محمداً قال: وإذا كان لرجل على عبد تاجر ألف درهم، ولامرأة على ذلك الرجل ألف درهم، فأحالها بذلك على العبد، أو ضمن العبد ذلك لها عنه بأمره، فهو سواء، وهو جائز كله مِن قِبَل أنه إنما ضمن مالاً عليه. وليس هذا بمنزلة العبد الذي يضمن ما ليس عليه؛ لأن ضمان ما ليس عليه معروف منه، وليس يملك ذلك. وإذا ادعى الرجل قبل العبد التاجر مالاً (¬1) فجحده العبد، ثم أعطاه كفيلاً بنفسه، فهو جائز. فإن اشترط على الكفيل [فقال:] إنك إن لم توافني (¬2) به فأنت (¬3) ضامن لما ادعيت عليه، وهو ألف درهم، فضمن (¬4) على ذلك بأمر العبد، فهو جائز. فإن لم يواف (¬5) به فعليه المال، ويتبع به العبد. وكذلك لو أعطاه العبد كفيلاً بنفسه وكيلاً فِى خصومته ضامناً (¬6) لما ذاب عليه فإن ذلك جائز كما يجوز على الحر. ولو أن رجلاً طلب إلى عبد تاجر أن يشتري له متاعاً بمال مسمى ولم يدفع إليه شيئاً، فاشترى له العبد ذلك على ما قال، كان ذلك جائزاً على العبد لازماً له، يؤخذ بالمال ويتبع (¬7) الآمر. وهذا بمنزلة الكفالة في القياس، غير أنا نستحسن هذا. وإذا كفل الرجل بنفس العبد وجعله وكيلاً في الخصومة ضامناً لما ذاب عليه فهو جائز إذا كان العبد تاجراً. وإذا كان محجوراً عليه لم يكن وكيلاً في الخصومة، ولكنه يؤخذ بكفالته بالنفس، وليس له أن يتبع (¬8) العبد بذلك إلا أن يعتق (¬9)، [فإن عتق] اتبعه (¬10) بكفالته حتى يبرئه. ¬

_ (¬1) ز: مال. (¬2) ز: لم توافيني. (¬3) ز: قالت. (¬4) ف: يضمن؛ ز: ضمن. (¬5) ز: لم يوافي. (¬6) ز: ضامن. (¬7) ز: ويبيع. (¬8) ز: أن يبيع. (¬9) ز + العبد. (¬10) ف: اتبع.

باب كفالة المكاتب

وإذا كفل الحر بنفس العبد التاجر على أنه ضامن لما ذاب عليه فهو جائز، ولا يكون الكفيل خصما فيما يُدعى قبل العبد. ... باب كفالة المكاتب قال: سمعت محمداً قال: وإذا كفل المكاتب بنفس رجل أو بمال عليه فهو باطل لا يجوز من قبل أنه عبد (¬1). ولو أذن له مولاه في ذلك لم يجز. وهكذا قول أبي حنيفة من قبل أن مولاه لا يملك ماله فيصنع (¬2) فيه المعروف. ولا يكون بمنزلة العبد في ذلك. ولو كان عليه مال لرجل فكفل به عنه لآخر كان هذا جائزاً (¬3)، مِن قِبَل أن هذا ليس بكفالة، إنما هو مال عليه، فلا يضره لمن (¬4) ضمنه. ولو كفل المكاتب بنفس أو بمال ثم أدى فعتق فإنه يؤخذ بالنفس وبالمال. ولو كفل المكاتب وهو صغير لم (¬5) يحتلم بنفس أو بمال ثم أدى فعتق لم يجز ذلك، مِن قِبَل أنه كفل به وهو صبي، ولا يشبه هذا المكاتب الكبير. وكذلك المكاتبة، هي في جميع ما ذكرنا بمنزلة المكاتب. وكذلك أم الولد المكاتبة أو المدبرة المكاتبة. وقال أبو حنيفة: وكذلك العبد يعتق بعضه ويسعى في بعض قيمته فهو بمنزلة المكاتب في ذلك. وقال أبو يوسف ومحمد: كفالة هذا جائزة بالنفس وبالمال بمنزلة الحر. وإذا كفل ابن المكاتب وقد ولد في مكاتبته من أمة له أو اشتراه أو اشترى أباه وأمه فكفل واحد من هؤلاء فهو باطل لا يجوز. فإن أعتق جاز ذلك إذا كان الابن كبيراً (¬6) يوم كفل. والمال والنفس في ذلك سواء. ¬

_ (¬1) ز: عبده. (¬2) ز: فيضع. (¬3) ز: جائز. (¬4) م ف ز: ثمن (الكلمة في م فهملة). (¬5) م ز: ثم. (¬6) ز: كبير.

ولا تجوز كفالة أخي المكاتب ولا أخته إذا كان عبداً للمكاتب أو كانت (¬1) الأخت أمة للمكاتب. وكذلك كل ذي رحم محرم منه إذا كانوا في ملكه لم يجز كفالة أحد منهم في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإن أعتق المكاتب عتقوا معه، وجازت الكفالة بالنفس والمال. ولا تجوز كفالة عبد المكاتب، وهو في ذلك بمنزلة عبد الحر. فإن أمره المكاتب أن يكفل بمال على المكاتب فهو جائز. وإن أمره المكاتب أن يكفل عن غيره لم يجز من قبل أن المكاتب لا تجوز كفالته، وكذلك لا يجوز أمره في عبده. وكذلك أمته وأم ولده والمكاتب الذمي إن كان مولاه مسلماً (¬2) وهو كافر أو كان مولاه كافراً مثله، فهو سواء، لا تجوز كفالته أذن له المولى في ذلك أو لم يأذن له، لأن المولى لا يملك مال المكاتب ولا يجوز ما صنع فيه. وكذلك المكاتب لا يجوز له المعروف في ماله، لأنه بمنزلة العبد. وإن عتق وقد كفل بمال أو بنفس جاز ذلك عليه بعد العتق إن كان المولى أذن له أو لم يأذن له، لأنه كفل وهو رجل، وإنما بطل ذلك عنه للرق، فإذا عتق لزمه ذلك. وكذلك المكاتبة، والمدبرة إذا كانت مكاتبة، وأم الولد إذا كانت مكاتبة. وكذلك أم ولد الذمي إذا أسلمت فاستسعيت في قيمتها فهي في ذلك بمنزلة المكاتب. وكذلك أمه وابنه المولود (¬3) في مكاتبته. وكذلك لو اشترى ابنه أو أباه لم تجز كفالة أحد منهم بنفس ولا مال بإذن المكاتب ولا بغير إذنه. وكذلك عبده وإن كان تاجراً. وكذلك العبد يعتق بعضه ويسعى فيما بقي من قيمته، فهو في قول أبي حنيفة بمنزلة المكاتب في كل شيء من أمره، وهو (¬4) [في] قول أبي يوسف ومحمد بمنزلة الحر في كل شيء من أمره. وإذا كفل مكاتب عن مكاتب (¬5) أو عبد تاجر بمال أو نفس فهو باطل لا يجوز. ¬

_ (¬1) ز: وكاتب. (¬2) ز: مسلم. (¬3) م ف ز: المولد. (¬4) ف - هو. (¬5) ف - عن مكاتب.

باب كفالة الرجل عن المكاتب لمولاه

وإذا كفل مكاتب عن مكاتب (¬1) بمال إلى أجل فإن أدى فعتق قبل محل الأجل ثم جاء الأجل فالمال له لازم. وكذلك لو كفل بنفس رجل ضامناً (¬2) لما ذاب عليه فأدى المكاتب فعتق ثم قضي على الرجل بمال فإن المكاتب له ضامن. ... باب كفالة الرجل عن المكاتب لمولاه سمعت محمداً قال: حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: لا تجوز كفالة الرجل عن المكاتب بالمكاتبة لمولاه، لأنه عبده وماله. وكذلك قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولو كان له عليه دين سوى المكاتبة فكفل به رجل لم يجز ذلك. ولو كان المكاتب كفل للمولى بمال عن مكاتب له آخر لم يجز. وكذلك لو كفل بمكاتبته. وكذلك لو كانا مكاتبين كل واحد منهما كتابة على حدة ثم كفل كل واحد منهما بما على صاحبه لمولاه فإن ذلك لا يجوز. ولو كاتبهما مكاتبة واحدة وجعل نجومهما واحدة إن أديا عتقا وإن عجزا ردا رقيقاً كان ذلك جائزاً، وكان للمولى أن يأخذ كل واحد منهما بجميع مكاتبته. ولو أدان المولى بعضهم ديناً بعد المكاتبة فكفل له المكاتب الآخر به لم يجز، وليس هذا كالمكاتبة، لأن المكاتبة لا تعتق (¬3) إلا بأدائها كله. وإذا كان للمكاتب مال على رجل فأمره فضمنه لمولاه من المكاتبة أو من دين له سوى (¬4) ذلك فهو جائز، لأن هذا كفل بشيء عليه. سمعت محمداً قال: حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال في الرجل يكاتب عبيده مكاتبة واحدة ويجعل نجومهم واحدة: إن ذلك ¬

_ (¬1) م ز - عن مكاتب. (¬2) ز: ضامن. (¬3) ز: لا يعتق. (¬4) ز: شي؛ صح هـ.

جائز. وكذلك قول أبي حنيفة وقول أبي يوسف ومحمد. ولا يعتق واحد منهم حتى يؤدي جميع المال. ولو أن مكاتباً اشترى من مولاه بيعاً بثمن مسمى جاز ذلك، فإن كفل له به رجل لم يجز. وكذلك ابن المكاتب وأبوه إذا كان عبداً له. وكذلك كل مملوك للمكاتب كان ذا (¬1) رحم محرم من المكاتب أو لم يكن، إذا كان بغير إذن المكاتب أو لم يكن. وكذلك أم ولد المكاتب. فإن كل هؤلاء إذا كان للمولى على أحد منهم مال فكفل به رجل لم يجز. فإن كفل به المكاتب فهو على وجهين. إن كان كفل له عن عبد من عبيده فهو جائز. وإن كفل به عن ابنه (¬2) المولود في مكاتبته لم يجز. وكذلك ابنه إذا اشتراه أو أباه (¬3) وأمه، مِن قِبَل أنه ليس له أن يبيعهم؛ لأنهم يعتقون بعتقه، والابن مكاتب مثله. وكذلك الأب (¬4). وليس العبد هكذا، له أن يبيع العبد. وإن كان للمولى على أم ولد المكاتب مال (¬5) من شيء أفسدته له فضمن له المكاتب عنها فهو جائز. ولو ضمن ذلك رجل آخر حر (¬6) لم يجز وإن كان المكاتب هو أمره. ألا ترى أنه لو كان على المكاتب مال أقر [به] عند ابنه (¬7) - يعني دين - فكفل به رجل لم يجز. وإذا مات مولى المكاتب فكفل رجل بما عليه من المكاتبة للورثة فهو باطل لا يجوز. وكذلك لو كفل بدين لهم عليه أو بنفسه؛ لأن الورثة في هذا بمنزلة الميت. ولو كان للمكاتب دين حنطة أو شعير على بعض الورثة فكفل به رجل له أو كفل له بنفس المطلوب كان جائزاً. وإن كان للمكاتب مال على رجل فأمره فضمنه لمولاه من المكاتبه أو من دين له سوى ذلك فهو جائز؛ لأن هذا (¬8) كفل بشيء عليه. وإن أداه من مال كان له في الرق برئ الكفيل من الكفالة، ويرجع المكاتب عليه بالمال الذي كان عليه. ... ¬

_ (¬1) م ف ز: ذي. (¬2) ز: عن أبيه. (¬3) ز: أو أبوه. (¬4) ز + وكذلك الأب. (¬5) ز: مالاً. (¬6) ف - حر. (¬7) م ز: عند الله. (¬8) ز - هذا.

باب كفالة الرجل عن الرجل لسيده

باب كفالة الرجل عن الرجل لسيده (¬1) وإذا كان العبد تاجراً فأدان (¬2) مولاه ديناً وأخذ من مولاه (¬3) كفيلاً بذلك ولا دين على العبد فإن الكفالة باطل لا تجوز، مِن قِبَل أنه لا يكون للعبد دين (¬4) على مولاه. وإن كان على العبد دين فإن الكفالة جائزة مِن قِبَل أن مال العبد لغرمائه. ولو كفل له رجل بنفس مولاه كان مثل هذا أيضاً. إذا كان عليه دين جازت الكفالة. وإن لم يكن عليه دين بطلت الكفالة. وكذلك أم الولد والمدبرة حالهم في ذلك (¬5) كحال العبد. وإذا كان بين العبد وبين مولاه خصومة في شيء يدعيه (¬6) قبله وأخذ من مولاه كفيلاً بنفسه وكيلاً (¬7) في خصومته فهو جائز إن كان على العبد دين. وإن لم يكن على العبد دين فالكفالة والوكالة باطل. وكذلك لو كفل بنفسه وضمن ما ذاب عليه كان مثل هذا أيضاً. وكذلك لو كفل بنفسه وضمن ما ذاب عليه وهو مائة درهم فهو مثل هذا أيضاً. فإذا (¬8) مات المولى وعلى العبد دين فإن للعبد أن يستوفي المال من الكفيل، ويرجع الكفيل بذلك فيما ترك المولى. وإن كان المولى (¬9) صغيراً له أبي قد أذن أبوه للعبد في التجارة، ثم إن الصغير أفسد للعبد شيئاً، وعليه دين، فأخذ منه كفيلاً بذلك المال برضى الأب، فهو جائز. وإن أدى الكفيل المال إلى العبد رجع به على الصبي. ولو كان الأب ميتاً وكان للصبي وصي (¬10) كان مثل هذا أيضاً. وإن كان الكفيل قد كفل بذلك بغير أمر الأب والوصي فأداه لم يرجع على الصبي بشيء (¬11). ¬

_ (¬1) ز - باب كفالة الرجل عن الرجل لسيده. (¬2) ز: فأذان. (¬3) ز: من مولا. (¬4) م ز: دينا. (¬5) ز: في هذا. (¬6) ز: يدعته. (¬7) ز: وكيل. (¬8) ز: فا. (¬9) ز - وإن كان المولى. (¬10) ز: وصيا. (¬11) م: شيء.

باب كفالة الرجل عن الرجل لمكاتبه

وإذا كفل الكفيل للعبد بمال عن مولاه وعلى العبد دين فأدى العبد دينه (¬1) فإن الكفيل بريء من كفالته. فإن عتق العبد قبل أن يؤدي دينه ثم أدى دينه من مال اكتسبه بعد العتق فإنه يؤخذ الكفيل بالمال. وإن أداه من مال كان له في الرق برئ الكفيل من الكفالة. ... باب كفالة الرجل عن الرجل لمكاتبه وإذا كان للمكاتب على مولاه دين ولم تحل مكاتبته فأخذ من مولاه كفيلاً بذلك فإنه جائز. وكذلك إن كفل بنفسه مِن قِبَل أن المولى لا يملك مال المكاتب، ومِن قِبَل أن المكاتب إذا عتق كان ماله له. ولا تشبه الكفالة عن المولى للمكاتب الكفالة عن المكاتب للمولى، وهو مختلف. الكفالة للمولى عن المكاتب باطل؛ لأنه عبده فلا تجوز الكفالة عنه للمولى. وكذلك دين المكاتب (¬2) على مولاه من دراهم أو دنانير أو شيء مما يكال أو يوزن غصب أو قرض أو من ثمن بيع، إن كان على المكاتب دين أو لم يكن علية، كفل به رجل عن مولاه، فهو جائز. وكذلك لو كفل له بنفسه كان جائزاً. وكذلك لو كفل له بنفسه وضمن ما ذاب عليه فإنه جائز، ولا يكون الكفيل خصماً في ذلك. وكذلك لو جعله كفيلاً بنفسه وكيلاً في خصومته كان ذلك جائزاً. فإن جعل ضامناً لما ذاب عليه جاز ذلك، وضمن ما قضي به عليه. وإذا كان للمولى مكاتب ولمكاتبه عليه دين فكفل به رجل له فهو جائز. وإذا حل نجم على المكاتب ومكاتبته دراهم والذي له على مولاه دراهم وقد كفل بها رجل فهي قصاص، والكفيل منها بريء. وإن كان الدين ¬

_ (¬1) ز + ثم أدى العبد دينه. (¬2) م ف ز: للمكاتب.

باب الكفالة عن العبد يعتق بعضه ويسعى في بعض قيمته فكفل لمولاه عنه رجل

الذي (¬1) على المولى دنانير أو طعاماً أو شعيراً أو شيئاً (¬2) مما يكال أو يوزن فهو لازم للكفيل، ولا يكون ذلك قصاصاً؛ لأن المكاتبة دراهم والدين غير ذلك، فهو لازم للكفيل. وإذا كفل الرجل عن مولى المكاتب لعبد للمكاتب تاجر بدين أو بنفسه فهو جائز. وكذلك إن كان الدين لأبي المكاتب أو لابنه أو لعبده فهو سواء. ... باب الكفالة عن العبد يعتق بعضه ويسعى في بعض قيمته فكفل لمولاه عنه رجل وإذا كان العبد بين رجلين فأعتقه أحدهما وهو (¬3) موسر (¬4)، فاستسعى العبد الآخر، فكفل به رجل بالسعاية لمولاه، فإنه لا يجوز في قول أبي حنيفة؛ لأنه بمنزلة العبد ما دام عليه شيء من السعاية. فهو جائز في قول أبي يوسف ومحمد؛ لأنه بمنزلة الحر. فإن كفل عنه أحد لمولاه أو كفل عن مولاه فهو جائز في قول أبي يوسف ومحمد كله. ولا يجوز في قول أبي حنيفة أن يكفل لمولاه عنه، ويجوز له عن مولاه. وإذا كفل رجل لهذا العبد بمال عن مولاه الذي استسعاه أو عن مولاه الآخر فهو جائز. وفي قياس قول أبي حنيفة تجوز الكفالة عن مولاه الذي يستسعيه، ولا تجوز لمولاه عنه. وكذلك الكفالة بالنفس. وكذلك لو كان العبد لواحد فأعتق نصفه وهو يسعى في نصف القيمة في قول أبي حنيفة، فهو بمنزلة المكاتب في الكفالة عنه وله، ورقيقه بمنزلة رقيق المكاتب إن كانوا ذوي رحم محرم منه أو غير ذوي محرم. وأما في قول أبي يوسف ¬

_ (¬1) ز - الذي. (¬2) ز: أو طعام أو شعير أو شيء. (¬3) ز + معسر. (¬4) م: معسر، صح فوق السطر؛ ز: وموسر.

باب العبد التاجر بين رجلين يكون لأحدهما عليه دين يكفل به رجل

ومحمد فلا سعاية عليه، وهو بمنزلة الحر، كفالته لمولاه والكفالة عنه وكفالة مولاه له وكفالة مولاه عنه جائزة في ذلك كله. وكذلك الأمة لو كانت بهذه الحال، وولدها بمنزلتها، في القولين جميعاً. وإذا أعتق الرجل عبده على ألف درهم أو باعه نفسه بألف درهم فإنه حر، فإن كفل رجل بذلك للمولى فهو جائز في قول أبي حنيفة، لأنه حر، وكفالته (¬1) إن كفل عنه بدين لمولاه عليه أو له على مولاه فهو جائز، وكذلك ابنه ورقيقه. ولو أعتق رجل عبداً له عند الموت ولا مال له غيره، فقُوِّم قيمةً، فسعى في ثلثي (¬2) قيمته، ورفع له الثلث، فكفل عنه رجل بثلثي القيمة للورثة، لم يجز ذلك في قول أبي حنيفة. وكذلك لو أدانوه ديناً فكفل لهم رجل عنه. وكذلك الكفالة بالنفس. وهو في قول أبي يوسف ومحمد جائز كله. ولو كان لهذا العبد على بعض الورثة دين (¬3) حنطة أو شعير فكفل له به رجل جاز ذلك. وكذلك لو كفل له بنفسه. وكذلك لو كفل للعبد بنفسه بعضهم. ... باب العبد التاجر بين رجلين يكون لأحدهما عليه دين يكفل به رجل وإذا كان العبد بين رجلين وهو تاجر يشتري ويبيع، فأدانه أحد الموليين ديناً وأخذ به منه كفيلاً، وأخذ كفيلاً بنفسه، فهو جائز، غير أنه لا يلزم الكفيل إلا نصف المال. وكذلك لو كان العبد هو أدان أحد مولييه فأخذ منه كفيلاً بالمال أو بنفسه فإنه جائز ويؤخذ (¬4) به. وكذلك ابن المولى وأبو المولى وزوجة المولى وولد ولد المولى وأخوه وكل ذي رحم محرم منه. وكذلك شريك المولى شركة مفاوضة. ولو أدان العبد ديناً فأخذ به منه ¬

_ (¬1) ز: وكذلك. (¬2) ز - قيمة فسعى في ثلثي. (¬3) ز - دين. (¬4) ز: يؤخذ.

باب العبد بين اثنين تاجر يكون له دين على أحد مولييه فيكفل عنه به كفيل

كفيلاً بنفسه أو بالدين فإنه جائز غير أنه يبطل من حصة المولى من الدين نصفها. وإذا كان للمولى شريك عنان أدان العبد ديناً وأخذ منه كفيلاً بنفسه فهو جائز. ولو أن الموليين جميعاً أدانا العبد ديناً واحداً في صفقة واحدة أو واحد بعد واحد فأخذا منه كفيلاً بالمال أو بنفسه فهو جائز، غير أنه يبطل نصف دين كل واحد منهما. ... باب العبد بين اثنين تاجر يكون له دين على أحد مولييه فيكفل عنه به كفيل وإذا كان العبد تاجراً بين اثنين فأدان أحدهما ديناً وأخذ منه كفيلاً بنفسه أو بالدين فهو جائز، غير أنه يبطل عنه نصف الدين. فإن كان على العبد دين له لم يبطل عنه من الدين شيء؛ لأن مال العبد بين الغرماء. وإذا كان العبد تاجراً بين اثنين فأدان مولييه جميعاً ديناً وأخذ منهما كفيلاً بأنفسهما أو بالدين فهو جائز، غير أنه يبطل عن كل واحد منهما نصف الدين. وإذا كان للعبد دين (¬1) على رجل فكفل به أحد مولييه له أو كفل بنفس الرجل فهو جائز، يؤخذ المولى بذلك. إن كان على العبد دين أخذ بالدين كله. وإن لم يكن على العبد دين أخذ بنصف الدين. وإذا كان لهذا العبد دين على أبي أحد مولييه أو ابنه أو جده أو ذي رحم محرم منه أو زوجته فكفل له المولى به فهو مثل ذلك. وإن كفل مولياه جميعاً له بمال وكل واحد منهما كفيل ضامن، وعليه دين، فهو جائز، ¬

_ (¬1) ز: دينا.

باب كفالة أهل الذمة

وأيهما ما أدى إليه المال رجع على صاحبه بنصفه. وإن لم يكن (¬1) عليه دين بطل عنهما نصف هذا الدين، ولا يكون كل واحد منهما كفيلاً ضامناً (¬2)، مِن قِبَل أن كل واحد منهما إنما يضمن حصة صاحبه. ... باب كفالة أهل الذمة وإذا كفل رجل من أهل الذمة بنفس رجل منهم أو بمال عليه ذهب أو فضة أو دراهم أو دنانير أو حنطة أو شعير أو زيت (¬3) أو شيء (¬4) مما يكال أو يوزن قرض أو غصب أو من ثمن بيع أو سلم فهو جائز. وكذلك ثياب معلومة الطول والعرض والرُّقْعة (¬5) من سلم فهو جائز. وكذلك مهر المرأة فذلك جائز بين أهل الذمة كما يجوز بين أهل الإسلام. ولو كفل رجل من أهل الذمة بنفس مسلم أو بمال عليه كان جائزاً. وكذلك المسلم يكفل بنفس ذمي أو بمال (¬6) على واحد منهم فهو جائز. وكذلك الذمي يكفل بخمر للذمي عن ذمي من قرض أو سلم أو من بيع فهو جائز. فإن أسلم الكفيل فهو بريء من ذلك. وكذلك إن أسلم الطالب فالكفيل بريء، والمكفول عنه بريء من الخمر. وإن أسلم المكفول عنه فهو بريء من الخمر، والكفيل بريء أيضاً منه. أيهم ما أسلم فقد بطل هذا الدين، غير أنه إذا أسلم الكفيل ولم يسلم الطالب ولا المكفول عنه فإن الطالب يرجع على المكفول عنه بالخمر. والقرض (¬7) والغصب في جميع ذلك سواء. وإن كان باع متاعاً بخمر أرطالاً معلومة ¬

_ (¬1) ف + له. (¬2) ز: كفيل ضامن. (¬3) م: أو زبيب؛ ز: أو زبيبا. (¬4) ز: أو شيئاً. (¬5) رقعة الثوب غلظه وثخانته، كما تقدم. (¬6) م ف ز + عليه كان جائزاً وكذلك المسلم يكفل بنفس ذمي أو بمال. (¬7) ز: والعرض.

وأجلاً معلوماً فأسلم الطالب فله أن يأخذ متاعه. وإن لم يقدر عليه أخذ قيمته من المكفول به، ولا شيء على الكفيل. وكذلك لو أسلم المكفول به، ولا شيء على الكفيل (¬1). وكذلك لو أسلم المكفول عنه ولم يسلم الطالب فإن الكفيل بريء من الخمر، ويأخذ الطالب المكفول به بالبيع (¬2) إن قدر عليه. وإن لم يقدر عليه (¬3) أخذه بقيمته. ولو أن امرأة نصرانية تزوجت نصرانياً على خمر أو خنازير مسماة وليس شيء من ذلك بعينه وكفل بذلك لها نصراني فهو جائز. فإن أسلم الكفيل فهو بريء من ذلك، والذي لها على زوجها على حاله عليه. وإن لم يسلم المكفول ولكن أسلم الزوج المطلوب فإن عليه في الخمر قيمة الخمر، وعليه في الخنازير مهر مثلها، ولا يضمن الكفيل شيئاً من ذلك؛ لأنه قد تحول عن حاله في قياس قول أبي حنيفة. ولو أن النصراني كان على حاله وقد دخل بها وأسلمت النصرانية وفرق بينهما لم يكن لها على الكفيل شيء؛ لأن الخمر والخنازير قد تحولت عن حالها. وكان لها في الخمر قيمتها على زوجها، وفي الخنازير مهر مثلها (¬4). ولو أن مسلماً كفل عن ذمي لذمي بخمر عليه لم تجز الكفالة. وكذلك لو كان الكفيل ذمياً والمكفول عنه مسلماً. وكذلك لو كان الكفيل ذمياً فإن الكفالة باطل لا تجوز. ولا يكون على المسلم خمر. وكذلك لو كان الكفيل ذمياً والمكفول عنه ذمياً والطالب مسلماً، له خمر قرض أو غصب، لم يكن له على واحد منهم شيء؛ لأن المسلم لا يقضى (¬5) له بالخمر إذا كانت ديناً ¬

_ (¬1) ف - وكذلك لو أسلم المكفول به ولا شيء على الكفيل. (¬2) ز: بالمبيع. (¬3) م ز + أخذ قيمته من المكفول به ولا شيء على الكفيل وكذلك لو أسلم المكفول به ولم يسلم الطالب فإن الكفيل بريء من الخمر ويأخذ الطالب المكفول به بالبيع إن قدر عليه وإن لم يقدر عليه. (¬4) م ف + لكفيل. (¬5) ز: لانقضاء.

له، ولا يكون الخمر عليه ديناً (¬1) للذمي، ولكن تكون (¬2) عليه قيمتها إن أفسدها أو استقرضها أو استهلكها (¬3)، والكفالة باطل فيه. ولو أن مكاتباً نصرانياً ومولاه مسلم [وٍ] كانت (¬4) للمكاتب خمر (¬5) على نصراني فكفل به ذمي له كان جائزاً. وكذلك لو كانت الخمر على المكاتب النصراني. وكذلك العبد الكافر التاجر ومولاه مسلم. ولو أن نصرانياً كاتب عبدين له على خمر وكل واحد منهما كفيل ضامن عن صاحبه وهما نصرانيان جاز ذلك. فإن أسلم أحدهما بطلت الخمر وصار عليهما قيمتها، وكل واحد منهما كفيل ضامن لها، ولولا أنهما مكاتبان (¬6) لأبطلت الكفالة. ولكن لا يستقيم إبطال (¬7) الكفالة في المكاتبة؛ لأن كل واحد منهما لا يعتق إلا بأداء المكاتبة كلها. ولو كان عبداً بين رجلين وهما من أهل الذمة فكاتباه على خمر ثم أسلم أحدهما كان عليه قيمة الخمر لهما جميعاً. ولو أن نصرانياً كاتب عبدين له مسلماً ونصرانياً على خمر وكفل كل واحد منهما عن صاحبه كانت المكاتبة باطلاً لا تجوز. ولو أن يهودياً ادعى خمراً بعينها في يدي يهودي فأخذ منه كفيلاً بنفسه يهودياً (¬8) وكيلاً في خصومته ضامناً للخمر إن قضي بها عليه كان ذلك جائزاً. وكذلك الحربي. ولو كان الكفيل هاهنا مسلماً جازت كفالته بالنفس ولم تجز كفالته بالخمر والخنزير ولا وكالته (¬9). ولا ينبغي للحاكم أن يقبل ذلك. ولكن [لو] أقام النصرأني على الخمر والخنزير بينة من المسلمين أن ذلك له وقد هلك ذلك في يدي المدعى عليه كان على المدعى عليه خمر (¬10) مثلها وقيمة الخنزير، ولا يضمن المسلم من ذلك شيئاً. وفي الخنزير قيمته، وكان على المدعى عليه قيمة الخنزير. وكذلك لو كان المطلوب بذلك (¬11) مسلماً (¬12) ¬

_ (¬1) ز: دين. (¬2) ز: يكون. (¬3) ز: أو استهلكوا. (¬4) ز: كاتب. (¬5) ز: خمرا. (¬6) ز: مكاتبين. (¬7) ز: إبطاله. (¬8) ز: يهودي. (¬9) ز: وكتالته. (¬10) ز: خمرا. (¬11) ز: فذلك. (¬12) ز - مسلماً.

باب الرجل يكون عليه المال فيكفل به غيره

فكفل (¬1) به مسلم على ذلك لم تجز الكفالة على المسلم. وإن ثبت على المطلوب حق في ذلك أخذت منه ما وجدت عنده منها قائماً بعينه، وضمنته قيمة ما كان مستهلكاً. فإذا وجبت عليه القيمة ضَمَّنَ المسلمُ الكفيلَ ذلك إن كان كفل بعد هلاك الخمر والخنزير. وكذلك الكفيل المسلم يضمن عن الذمي خنزيراً غصباً عنده فيهلك عنده، وكان على المسلم قيمته إن كان هلك قبل الضمان. ولو كان خمراً لم يضمن المسلم، لأن على النصراني خمراً مثلها كيلا، ولا يضمن المسلم ذلك (¬2). ... باب الرجل يكون عليه المال فيكفل به غيره قال محمد بن الحسن: حدثني إسماعيل بن عياش الحمصي قال: سمعمت شرحبيل (¬3) بن مسلم الخولاني قال: سمعت أبا أمامة الباهلي يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "العارية مؤداة، والمنحة مردودة، والدين مقضي، والزعيم غارم" (¬4). وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم إلى أجل فقال رجل: إذا حل مالك على فلان فلم يوفك مالك (¬5)، أو إن حل مالك فهو لك علي، فهو جائز. وكذلك إن قال: إن مات فلان قبل أن يوفيك مالك فهو علي، فهذا كله باب واحد، وهو جائز. فإن لم يوفه على ما قال فالمال لازم للكفيل. ولو كان المال حالاً فقال: إن لم يعطك فلان مالك فهو علي، فتقاضاه (¬6) الطالب المطلوب (¬7)، فلم يعطه ساعة تقاضاه، فهو لازم للكفيل. ¬

_ (¬1) م ف ز: يكفل. (¬2) ز - ذلك. (¬3) ز: سيرحيبل. (¬4) انظر: سنن أبي داود، البيوع، 88؛ وسنن الترمذي، البيوع، 39؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 6/ 88. (¬5) ز + على. (¬6) م ف: فتقضاه؛ ز: فينقضانه. (¬7) ف: للمطلوب.

وحدثنا أشعث (¬1) بن سوار عن محمد بن سيرين عن شريح أنه قضى بكفالة، وقال: إن الكفيل غارم. وقال أبو حنيفة: إذا كفل الرجل عن الرجل بمال فإنه يؤخذ به، وللطالب أن يأخذ أيهما شاء، لأنه لا يبرئ الأول. ألا ترى أن المال عليه وهذا كفيل. ألا ترى أنه لو كتب ذِكْرَ حَقِّ (¬2) فلان على فلان، عليه كذا وكذا، وفلان كفيل بذلك، أن هذا مستقيم. فإذا كان الأصل عليه لم يبرأ منه بعد. فإن له أن يأخذه به ويحبسه. وإن شاء أخذ الكفيل. فإن أخذ الكفيل (¬3) كان للكفيل أن يأخذ المكفول به ويلزمه ويحبسه حتى يخلّصه مما أدخله فيه. وليس للكفيل أن يأخذ المال من الذي عليه الأصل حتى يؤديه. فإن قضاه الكفيل فهو جائز. وللكفيل أن يضارب (¬4) به، ويكون له فضله، من قبل أنه أخذه على وجه الاقتضاء. ولو اقتضاه الطالب من الذي عليه الأصل وغاب الكفيل ثم قدم فإن للذي عليه الأصل أن يرجع بذلك على الكفيل، مِن قِبَل أنه أداها إلى الكفيل أول مرة ثم أداها إلى الذي له الأصل. ولو أن الذي عليه الأصل لم يؤدها إلى أحد ولكنه دفعها إلى الكفيل فقال: أنت رسولي بها إلى فلان الطالب، فهلكت من الكفيل، كان الكفيل مؤتمناً (¬5) في ذلك، ويرجع بها على الذي عليه الأصل. ولو لم تهلك (¬6) من الكفيل ولكنه عمل بها فربح كان له الربح، وإن وضع كانت (¬7) عليه الوضيعة، ويتصدق بالربح، مِن قِبَل أن المال عليه وهو غاصب له. ولو كان الدين طعاماً (¬8) فأرسل به الذي عليه الأصل مع الكفيل إلى الطالب فباعه الكفيل ثم اشترى طعاماً مثله بدون ذلك فقضاه عن الذي عليه الأصل فإن الربح له في قول أبي حنيفة. وقال ¬

_ (¬1) ز: أشعب. (¬2) هو بمعنى الصك كما تقدم. (¬3) ز - فإن أخذ الكفيل. (¬4) م ف ز: أن يضطرب, ولفظ ب: أن يتجر. ولفظ الحاكم: أن يتصرف فيه. انظر: الكافي، 2/ 122 و. ونحوه في المبسوط، 20/ 29. (¬5) ز: للكفيل مؤتمن. (¬6) ز: لم يهلك. (¬7) ز: كاتب. (¬8) ز: طعام.

أبو حنيفة ومحمد: لو تصدق به كان أحب إلي. وأما أبو يوسف فقال: لا يتصدق به. ولو أن رجلاً كفل عن أخيه أو أخته أو عن أبيه أو عن أمه أو عن زوجته أو عن ولدٍ: ابنةٍ (¬1) أو ابنٍ أو ولدِ ولدٍ بمال كان جائزاً. وإن كان الكفيل امرأة عن بعض من سمينا أو عن ذي رحم محرم كان جائزاً. وإن كان الدين دراهم أو دنانير أو ذهباً (¬2) أو فضة أو شيئاً (¬3) مما يكال أو يوزن فهو سواء، وهو جائز. ولو كان أسلم رجل إلى رجل فقال الذي أسلم إليه لرجل: اكفل عني لفلان بكذا وكذا، وكفل عنه، وأدى الكفيل المال، فإنه يرجع إلى الذي عليه الأصل. ولو قال له: اكفل لفلان عني بالمال الذي له علي، ففعل وقضاه المال كان له أن يرجع بالمال على المكفول عنه. ولو جحد المكفول عنه المال فقامت عليه البينة بأنه طلب إلى هذا أن يكفل عنه فإن هذا إقرار بالمال. ولوطلب إليه أن يكفل عنه لفلان بألف درهم فأبى الكفيل أن يكفل وجحد الذي عليه أصل المال فإن هذا القول إقرار (¬4) منه، إن كانت عليه بينة أخذ بذلك. وإذا قال له: إن لفلان علي ألفاً فاضمنها له، وأبى الكفيل أن يضمن، وجحد المطلوب أن للطالب عليه شيئاً (¬5)، فقامت البينة على هذا، فإنه إقرار من المطلوب بالمال. ولو كان على رجل ألف درهم إلى أجل فكفل بها رجل ولم يسم (¬6) في الكفالة إلى الأجل فإن الكفيل لها ضامن إلى ذلك الأجل وإن (¬7) لم يسمه. فإن مات الكفيل قبل الأجل فهي عليه حالة، يؤخذ من ماله، ولا يرجع ورثته على الذي عليه الأصل حتى يحل الأجل. ولو مات الذي عليه الأصل قبل الأجل حلت عليه ولم تحل على الكفيل إلا إلى الأجل. ولو ¬

_ (¬1) م ف ز: ابنته. (¬2) ز: أو ذهب. (¬3) ز: أو شيء. (¬4) ز: إقراراً. (¬5) ز: شيء. (¬6) ز: يسمى. (¬7) ف: فإن.

كان على رجل ألف درهم حالة من ثمن بيع فكفل بها رجل إلى سنة فهو جائز إلى ذلك الأجل، وليس للطالب أن يأخذ الذي عليه الأصل بها حتى يحل الأجل. وهذا من الطالب تأخير عن الذي عليه الأصل. ألا ترى أنه لو كان له عليه ذِكْرُ حَقّ بألف درهم وفلان كفيل بها إلى سنة كانت عليهما جميعاً إلى سنة. وإذا كفل رجل بألف درهم إلى العطاء أو إلى خروج الرزق أو إلى الجِزاز أو إلى الحصاد أو إلى الدِّياس أو إلى النيروز أو إلى المهرجان أو إلى صوم النصارى أو إلى فطرهم فهو جائز، والمال عليه إلى هذا الأجل. ولا تشبه الكفالة في هذا البيع. ولو كان على رجل ألف درهم فقال رجل: إن مات قبل أن يعطيكها فأنا بها كفيل، فإن ذلك جائز على الكفيل في قول أبي حنيفة. فإن ادعى الكفيل بعد موت الرجل وبعد مضي الأجل أنه كان أعطاه المال لم يصدق، والقول قول الطالمب مع يمينه، وعلى الكفيل البينة. وإن كفل له بألف درهم عن فلان على أن يعطيها إياه من وديعة لفلان عنده فهو جائز. وإن هلكت الوديعة فلا ضمان على الكفيل. ولو كان لرجل عند رجل وديعة ألف درهم، وعلى رب الوديعة لرجل ألف درهم، فطلب إلى الذي عنده الوديعة أن يضمن الوديعة حتى يدفعها إلى فلان قضاء بدينه هذا ففعل، كان ذلك جائزاً، ولم يكن لصاحب الوديعة أن يأخذها من الكفيل. فإن هلكت برئ الكفيل. وإن اغتصبها إياه رب الوديعة برئ الكفيل. وإن اغتصبها إياه إنسان آخر فاستهلكها برئ الكفيل. وكذلك لو ضمن له ألف درهم على أن يعطيها إياه من ثمن هذه الدار فلم يبعها لم يكن على الكفيل ضمان. ولو كفل رجل عن رجل بمال عليه على أن جعل له جعلاً فإن الضمان جائز عليه؛ إذ لم (¬1) يشترط الجعل في الضمان حين يضمن. فإن اشترطه فالضمان والجعل باطلان جميعاً. محمد قال: أخبرنا بذلك أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم. ¬

_ (¬1) ز: إذا لم.

وإذا كفل الرجل عن الرجل بألف درهم إلى أجل مجهول لا يشبه آجال الناس مثل الريح والمطر وأشباه ذلك فإن الكفالة جائزة، والشرط باطل، والمال حال على الكفيل. ولو أن رجلاً كفل بوديعة لرجل عنده حتى يدفعها إلى غريم لرب الوديعة يطلبه من الدين بمثلها، فقال الكفيل: قد هلكت، وكذبه الطالب، فإن القول قول الكفيل مع يمينه، ولا ضمان عليه في قول أبي حنيفة. ولو أن رجلاً كفل عن رجل بمال عليه فاختلف الكفيل والطالب والمكفول عنه في المال، فأقر الكفيل أنه مائة درهم، وادعى الطالب أكثر من ذلك، وأقر المكفول عنه بما قال الطالب، فإن القول في ذلك قول الكفيل مع يمينه على علمه، ويؤخذ بما أقر به، ويؤخذ المكفول عنه بالفضل الذي أقر به. ولو أقر الكفيل بمائة درهم، وادعى المكفول عنه عشرين ديناراً، وأقر المكفول عنه بكُرّ حنطة، فإن للطالب أن يحلّف الكفيل على العشرين ديناراً. فإن حلف برئ منها، وإن نكل عن اليمين لزمته، ويحلف المكفول له عليها. فإن حلف برئ، وإن نكل عن اليمين لزمته، وهما جميعاً بريئان من الدراهم والطعام؛ لأن الطالب لم يدع شيئاً من ذلك على واحد منهما. ولو كفلت (¬1) امرأة عن زوجها بمال لرجل (¬2) ثم قالت: أكرهني، فأرادت أن تبرأ (¬3) من الكفالة، فإنها لا تصدق، والمال لها لازم. ولو جاءت على ذلك ببينة فإن الكفالة تلزمها في قول أبي حنيفة، ولا يبطل إكراه الزوج إياها في الكفالة، لأنه ليس بسلطان. وقال أبو حنيفة: يبطل الإكراه في مثل هذا إلا إكراه (¬4) السلطان. ... ¬

_ (¬1) م ز - كفلت. (¬2) م ز: الرجل. (¬3) ز: أن يبرأ. (¬4) ز: هذا الإكراه.

باب كفالة المرتد بالمال والنفس

باب كفالة المرتد بالمال والنفس (¬1) وإذا كفل المرتد عن الإسلام لرجل بنفس رجل أو بمال عليه ثم قتل (¬2) على ردته فإن أبا حنيفة قال: لا تجوز كفالته بالمال ولا بالنفس. وقال أبو يوسف: كفالته بالمال (¬3) جائزة، يؤخذ من ماله مثل الحر المسلم. وقال أبو حنيفة: لو أسلم قبل أن يقتل كانت كفالته كلها جميعاً جائزة. وقال أبو يوسف ومحمد مثل ذلك أيضاً. وكفالته عن مسلم وعن مرتد وعن ذمي سواء. وأما المرأة المرتدة (¬4) فإن كفالتها بالمال جائزة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد وإن ماتت على الردة، مِن قِبَل أنها لا تُقتَل (¬5). وإن لحقت بدار الحرب فسبيت كانت كفالتها بالنفس باطلاً (¬6)، بمنزلة أمة كفلت بنفس. فأما كفالتها بالمال فهي دين في مالها الذي خلّفت. فإن عتقت يوماً لم تؤخذ (¬7) بالكفالة بالنفس ولا بالمال. أَبْطَلَ السبيُ (¬8) كل كفالة وكل حق قِبَلَها، لأنها قد صارت فيئاً، ولكن الكفالة بالمال تؤخذ (¬9) من مالها حيث لحقت بالدار. ولو أن مرتداً كفل بمال أو بنفس ثم لحق بالدار على ردته بطل ذلك كله في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف (¬10) فإنه يؤخذ المال من جميع ماله. وأما في قول محمد فإنه يؤخذ ذلك من الثلث ككفالة (¬11) المريض، وهو على كفالته بالنفس. فإن قتل بطلت الكفالة بالنفس ¬

_ (¬1) ز - باب كفالة المرتد بالمال والنفس. (¬2) ز: ثم قل. (¬3) ز + ولا بالنفس. (¬4) ز: المرتد. (¬5) ز: لا تقبل. (¬6) ز: باطل. (¬7) ز: لم يؤخذ. (¬8) ز: السبا. (¬9) ز: يؤخذ. (¬10) م ف ز + ومحمد. والتصحيح من ب. (¬11) م ف ز: فكفالة. والتصحيح من ب.

في قولهما جميعاً. وإن رجع مسلماً فالكفالة بالنفس له لازمة في قولهم جميعاً. وفي قول أبي حنيفة يعود (¬1) على الكفالة بالمال حتى يؤديه. ولو أن مسلماً كفل بنفس مرتد في دين عليه فلحق المرتد بدار الحرب على ردته، أو كان المرتد مسلماً ثم ارتد بعد الكفالة فلحق بدار الحرب، كان الكفيل على كفالته، يؤخذ به حتى يجيء به، مِن قِبَل أنه حي (¬2) لم يمت، بمنزلة رجل غائب. فإن مات برئ الكفيل من الكفالة بالنفس. وكذلك لو كانت امرأة. وإن سبيت المرأة بطلت الكفالة بالنفس (¬3). وإن كانت الكفالة عنها بمال فهي ثابتة على الكفيل، ويرجع بذلك إذا أداه فيما تركت في دار الإسلام من المال. فإن لم تكن تركت شيئاً وأدى الكفيل ذلك ثم عتقت يوماً لم يتبعها بشيء من ذلك، مِن قِبَل السبي الذي سبيت (¬4) والفيء الذي دخل فيها، فأبطل كل دين. وفي كفالة النفس إذا عُرف أن المكفول به مرتد (¬5) في دار الحرب أُجِّل الكفيل بقدر المسافة ذاهباً وجائياً والمقام عنده، يجعل لذلك أجلاً، فإن أحضره لذلك الأجل وإلا أُخِذ به. وقال محمد: إذا قدر الكفيل على أن يأتي بالمكفول عنه على وجه من الوجوه أُخِذ حتى يأتي به، وإن لم يقدر على ذلك تُرِك ولم يحبس حتى يقدر على ذلك. بمنزلة رجل كفل بمال فأعسر فلم يقدر على ذلك فإنه يخلّى سبيله حتى يقدر على ذلك. وكذلك الذمي والذمية يكفل عنهما بمال أو بنفس ثم نقضا العهد ورجعا عن الذمة ولحقا بالدار فإن الكفيل يؤخذ بالمال وبالنفس. وإن سبيا أو ماتا بطلت الكفالة بالنفس، ويؤخذ بالكفالة بالمال. ولا يرجع إن أدى في ¬

_ (¬1) ز: تعود. (¬2) ز: حيا. (¬3) ف - وكذلك لو كانت امرأة وإن سبيت المرأة بطلت الكفالة بالنفس. (¬4) ز - المرأة بطلت الكفالة بالنفس وإن كانت الكفالة عنها بمال فهي ثابتة على الكفيل ويرجع بذلك إذا أداه فيما تركت في دار الإسلام من المال فإن لم تكن تركت شيئاً وأدى الكفيل ذلك ثم عتقت يوماً لم يتبعها بشيء من ذلك من قبل السبي الذي سبيت. (¬5) ز: مرتدا.

باب كفالة الحربي المستأمن

ذلك على واحد منهما بشيء إن أعتق يوماً. ولا تجوز كفالة المرتد عن الذمي بخمر ولا خنازير، وهو (¬1) في ذلك كالمسلم. ولو استهلك خمراً كان عليه قيمتها، ولا تكون (¬2) عليه خمر (¬3) مثلها. ولو كفل بها عنه مسلم لزمت قيمتها المسلم. ولا يشبه المرتد في هذا الذمي. ولو أن مرتداً كفل بكفالة عن مسلم بمال ثم ارتد المكفول عنه (¬4) ثم أسلما جميعاً أو أسلم (¬5) الكفيل فإن المال له لازم. ولو أن رجلاً مسلماً (¬6) كفل لمرتد بنفس أو مال ثم لحق المرتد بالدار كان ورثته على حقه من الكفالة. فإن رجع المرتد تائبًا كان له أن يأخذ الكفيل له بالنفس والمال. وإن كان الورثة قد استوفوا بقضاء قاض فالكفيل من ذلك بريء. ... باب كفالة الحربي المستأمن سمعت محمداً قال: وإذا دخل الحربي بأمان إلى دار الإسلام تاجراً فكفل بمال أو بنفس (¬7) أو كفل له مسلم أو ذمي بمال أو بنفس فهو جائز. فإن لحق بالدار ثم خرج مستأمناً فهو على كفالته في ماله وفيما عليه في النفس وفي المال. وكذلك المرأة المستأمنة من أهل الحرب في جميع الكفالات من الخمر والخنازير والأموال على مثل ما عليه أهل الذمة والحربي. وشهادة أهل الذمة على الحربي في ذلك جائزة. ولا تجوز شهادة أهل الحرب في ذلك على أهل الذمة. ولا تجوز شهادة أهل الحرب وأهل ¬

_ (¬1) ز: هو. (¬2) ز: يكون. (¬3) ز: خمرا. (¬4) ف ز: به. (¬5) ز: لو أسلم. (¬6) م - مسلماً. (¬7) ف + له.

باب الرجل عليه ألف درهم كفل بها عن ثلاثة رهط وبعضهم كفلاء عن بعض

الذمة على المرتد. والمرتد في ذلك بمنزلة المسلم. ومكاتب الحربي إذا كان مستأمناً في دار الإسلام وعبده بمنزلة عبد أهل الذمة ومكاتبهم في جميع ذلك. ... باب الرجل عليه ألف درهم كفل بها عن ثلاثة رهط وبعضهم كفلاء عن بعض سمعت محمداً قال: وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم من ثمن متاع باعه إياه، وكفل بها عنه ثلاثة نفر، وبعضهم كفلاء (¬1) عن بعض ضامنون لذلك، فإذا أخذ الكفلاء المال فإن له أن يرجع على الذي عليه الأصل بالمال كله، وله أن يرجع على شريكه (¬2) في الكفالة إن شاء بثلثي المال، ويترك صاحب الأصل (¬3). وإن شاء ترك الكفيلين وأخذ أحدهما بالنصف، ثم يتبعه هو والذي أدى إليه النصف الكفيل الآخر بالثلث، ثم يتبعون الذي عليه الأصل بالمال كله. ولو كان ثلاثة نفر عليهم ألف درهم جميعاً وبعضهم كفلاء عن بعض فأدى المال أحدهم كله، فإنه إن شاء رجع على كل واحد منهما بالثلث، وإن شاء رجع على أحدهما بالثلث وبالسدس حتى يكون قد أدى حصته ويشركه (¬4) في الغرم، ثم يتبعان الآخر بالثلث. قال: أخبرنا محمد عن أبي يوسف عن أبي عبد الله الجلاب أنه باع قوماً غنماً على أن يأخذ أيهم شاء بحقه، فأتى (¬5) شريحاً في ذلك، فقال: اختر (¬6) أملأهم فخذه حتى تستوفي (¬7) منه حقك. ¬

_ (¬1) م: كفيل؛ ز: كفيلا. (¬2) ز: على شريكيه. (¬3) ف + بالمال كله. (¬4) ز: وشركه. (¬5) ز: فأبا. (¬6) ز: أخير. (¬7) ز: يستوفي.

وقال أبو حنيفة: إذا اشترط عليهم أن بعضهم كفلاء على بعض بالمال فإنه يأخذ أيهم شاء، ويرجع على أيهم شاء، ويختار أيهم شاء، ثم يختار الآخر بعد ذلك. وكذلك إذا اشترط أنه يأخذ أيهم شاء بحقه. وكذلك إذا قال (¬1): بعضهم كفلاء على بعض، ولم يقل: بالمال، فهو بالمال. وكذلك إذا قال: وكل واحد منهم كفيل ضامن عن صاحبه، فإنه يأخذ أيهم شاء. إن شاء أخذ واحداً (¬2)، وإن شاء جميعاً. فإن كان عليهم ألف درهم وهم ثلاثة ولم يكفل كل واحد منهم عن صاحبه فعلى كل واحد منهم الثلث، لا يؤخذ بأكثر من ذلك. فإن قال: مَلِيئهم (¬3) على مُعْدِمهم (¬4) أو قال: حيهم على ميتهم، فإن هذا ليس بشيء. وإذا كان لرجل على أربعة نفر ألف درهم ومائتا (¬5) درهم، وكل اثنين منهم كفيلان (¬6) عن اثنين بجميع المال، فإنه يأخذ أيهم شاء واحداً (¬7) بسبع مائة وخمسين (¬8)، ويأخذ اثنين أيهم شاء منهم بجميع المال. فإن أدى أحدهم نصف المال فحصته من ذلك الربع، ولا يرجع بها على أصحابه، وحصة أصحابه الربع، إن شاء رجع على كل واحد منهم بالثلث من الربع، وهو مائة درهم. وإن غاب اثنان (¬9) منهم ولقي الذي أدى الشاهدَ - أحد (¬10) الثلاثة - أخذه بمائتين. فإذا أداها إليه كان الغرم عليهما سواء على كل واحد منهما مائة. فإن (¬11) لقوا آخر كل لكل واحد منهما أن يرجع عليه بستة وستين وثلثين (¬12) حتى يكون الغرم عليهم أثلاثاً. فإن لقوا الرابع بعد ذلك فإنهم يرجعون عليه، يرجع كل واحد منهم عليه بثلاثة وثلاثين ودانقين. وإذا كان الأمر على غير ذلك فأدى أحدهم ستمائة، ثم لقي ¬

_ (¬1) ز - إذا قال. (¬2) ز: واحد. (¬3) ز: عليهم. (¬4) م ف ز + أو على مليئهم. والتصحيح من ب؛ والكافي، 2/ 124 و. (¬5) ز: ومائتي. (¬6) ز: كفيلا. (¬7) ز: واحد. أي وحده. (¬8) انظر للشرح: المبسوط، 20/ 35. (¬9) ز: اثنين. (¬10) ز: أخذ. (¬11) ز + فإن. (¬12) ز: وثلثي.

آخر (¬1) فأخذ منه مائتين، ثم لقي صاحب المائتين الآخر فإنه يأخذه بخمسة وسبعين. فإن لقي الأول الآخر الثالث أخذه باثنين وستين ونصف، خمسون (¬2) منها أداها عنه، واثنا عشر ونصف حتى يكون الغرم عليهما (¬3) سواء. فإن لقيا هما الأوسط رجعا عليه بثمانية وثلث بينهما نصفين. فإن لقوا الآخر أخذوه بمائة. ولو لم يكن ذلك (¬4) على ما ذكرنا ولكن الأول الذي أدى النصف لقي الذي قبض الخمسة والسبعين فإنه يأخذ منه نصفها، ثم يتبعان الذي (¬5) أدى الخمسة والسبعين بثمانية وخمسين وثلث بينهما نصفين، ثم يتبعون جميعًاا لرابع، كل واحد منهما بثلاثة وثلاثين وثلث، لا يتبعه واحد منهم بأكثر من ذلك (¬6). وإذا كان لرجل على ثلاثة رهط ألف درهم ومائتا (¬7) درهم، وبعضهم كفلاء على بعض ضامنون لهم (¬8)، فأدى أحدهم المال، فإنه يرجع على كل واحد بالثلث، فإن لقي أحدهما دون الآخر رجع عليه بالثلث وبنصف ما غرم عن الغائب حتى يستويا في الغرم. فإن لقي أحدهما الغائب بعد ذلك فأخذ منه شيئاً كان لصاحبه نصفه، يشركه فيما أخذ حتى يكون الغرم بينهما سواء. وإذا كان لرجل ألف درهم على رجل فكفل (¬9) بها عنه رجل، ثم إن (¬10) آخر كفل بها عن الذي عليه الأصل، فهو جائز، يأخذ الطالب أيهم شاء بجميع المال. فإن أخذ أحد الكفيلين فأداها لم يرجع على الكفيل الآخر بشيء (¬11)؛ لأنه لم يكفل عنه، إنما كفل عن الذي عليه الأصل. فإن لم يؤد (¬12) شيئاً حتى قال الكفيلان (¬13) للطالب: كل واحد منا كفيل عن صاحبه ¬

_ (¬1) ز: أخذ. (¬2) ز: خمسين. (¬3) ز: عليها. (¬4) ز - ذلك. (¬5) ز - قبض الخمسة والسبعين فإنه يأخذ منه نصفها ثم يتبعان الذي. (¬6) انظر للشرح: المبسوط، 20/ 35 - 36. (¬7) ز: ومائتي. (¬8) ز: لهما. (¬9) ز: كفل. (¬10) ز - إن. (¬11) ز: شيء. (¬12) ز: لم يؤدي. (¬13) ز: الكفيلين.

ضامن لهذا المال، فأدى أحدهما المال، كان له أن يرجع على صاحبه بالنصف. وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم فكفل بها رجل عنه بأمره، ثم إن الطالب أخذ الكفيل بها فأعطاه هذا كفيلاً (¬1) آخر بها، وأداها الآخر (¬2) إلى الطالب، فإنه لا يرجع بها على الذي عليه الأصل؛ لأنه لم يكفل عنه بشيء ولم يأمره بشيء (¬3)، ولكن يرجع بها على الكفيل الأول (¬4)، ويرجع بها (¬5) الكفيل الأول (¬6) إذا (¬7) أداها على الذي عليه الأصل. وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم فكفل بها عنه (¬8) رجلان (¬9)، ولم يُقَل: كل واحد كفيل عن صاحبه، فإن كل واحد منهما يؤدي النصف ولا يرجع على صاحبه بشيء. فإن لم يؤد (¬10) واحد منهما شيئاً حتى قالا للطالب: أينا شئت أخذت بها، أو (¬11) كل واحد منا كفيل ضامن لها، فهو جائز ويأخذ أيهما شاء بالمال كله. فإذا أداه رجع على صاحبه بالنصف. فإن كانت هذه الكفالة متفرقة أو مجتمعة أو قالا هذه المقالة حين كفلا فهو سواء. وإن لقي أحدهما فاشترط ذلك عليه بأمر صاحبه ولقي الآخر فاشترط عليه مثل ذلك بأمر صاحبه فهو سواء، وأيهما أدى المال رجع على الكفيل معه بالنصف. ولو كتب ذِكْر حَقّ على رجل بألف درهم وفلان وفلان كفيلان (¬12) بها وأيهما شاء أخذه بها، فأقر المطلوب والكفيلان (¬13) بذلك فهو جائز. وإن أدى أحد الكفيلين المال رجع على الذي عليه الأصل به كله. وإن شاء رجع على الكفيل معه بنصفه. وإقرارهما بهذا الصك بمنزلة طلب الذي عليه الأصل إليهما أن يكفلا عنه. ¬

_ (¬1) ز: كفيل. (¬2) ز - بها وأداها الآخر. (¬3) ز - ولم يأمره بشيء. (¬4) ف - الأول. (¬5) ف + على. (¬6) ز - ويرجع بها الكفيل الأول. (¬7) م ف ز: وإذا. (¬8) ز - عنه. (¬9) ز + ألف درهم. (¬10) ز: لم يؤدي. (¬11) ز - أو. (¬12) ز: كفيلين. (¬13) ز: والكفيلا.

وإذا كان لرجل على عشرة رهط ألف درهم، وجعل كل أربعة كفلاء على أربعة بجميع المال، فهو جائز. ويأخذ كل أربعة بالألف كلها. فإن أراد أخذ واحد أخذه بربع ما بقي من الألف بعد حصته. وإن أخذ اثنين أخذهما بنصف ما بقي من الألف بعد حصتهما. وإن أخذ ثلاثة أخذهم بثلاثة أرباع ما بقي من الألف بعد حصتهم (¬1). فإن أخذ واحداً (¬2) فأدى ربع الألف فإن مائة منها حصته لا يصرفها إلى غيره، ومائة وخمسين عن أصحابه حصة كل واحد من ذلك التسع، يرجع به عليه إن لقيه دون أصحابه، ويرجع عليه بنصف ما بقي حتى يشاركه في الغرم، فيكون الغرم عليهما نصفين. فإن أدى ذلك إليه ثم لقي الآخر منهما أحد العشرة أخذه بنصف تسع الخمسين والمائة، ويأخذه أيضاً بنصف ثلاثة أتساع ونصف حتى يكونا في الغرم سواء. فإن لقي الأول الأوسط بعدما قبض هذا رجع عليه بنصف ما أخذ كله. فإن لقيا الآخر بعد ذلك رجعا عليه جميعاً بتمام ثلاثة أتساع وثلث تسع (¬3) حصته وتسعين وثلث، غرم مثل ما غرم كل واحد منهما. وإذا كان لرجل على ثلاثة رهط ألف درهم وبعضهم كفلاء على بعض بها فأدى أحدهم مائة درهم فإنه لايرجع على صاحبه بشيء منها؛ لأنها من حصته. وكذلك ما أدى حتى يبلغ الثلث فهو من حصته. ولو قال: هذا المال عن صاحبي أو عن أحدهما، لم يكن ذلك على ما قال؛ لأن المال واحد، فكل شيء أدى من ذلك فهو عن نفسه خاصة ما بينه وبين الثلث. فإن زاد على الثلث شيئاً فالزيادة عن صاحبه، لا يستطيع أن يصرفها إلى أحدهما دون الآخر، ولكن عن كل واحد منهما النصف من ذلك، إن لقيه أخذه بذلك وبنصف ما غرم عن الآخر. وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم فكفل له بها عنه رجلان على أنه يأخذ أيهما شاء بها، فأدى أحدهما مائة فقال: هذه من حصة صاحبي الكفيل معي، فإنه لا يكون على ما قال، ولكنها من جميع المال، ويرجع ¬

_ (¬1) ف - وإن أخذ ثلاثة أخذهم بثلاثة أرباع ما بقي من الألف بعد حصتهم. (¬2) ز: واحد. (¬3) ز + وثلث تسع.

على صاحبه بالنصف حتى يشاركه في الغرم. وإذا كان لرجل على رجلين ألف درهم، وكل واحد منهما كفيل عن صاحبه، فلزم أحدهما، فأعطاه كفيلاً بها، فأخذ الكفيل فأداها، فإن الكفيل يرجع على الذي طلب إليه بالألف درهم (¬1) كلها، ولا يرجع على الآخر منها بشيء؛ لأنه لم يطلب إليه أن يكفل عنه بشيء (¬2). فإذا أداها الذي طلب إليه أن يكفل رجع على صاحبه بالنصف. وإذا كان لرجل على رجلين ألف درهم، وكل واحد كفيل عن صاحبه، فطلبا إلى رجل فضمنها عنهما، ولم يشترطا عليه أن بعضهم كفلاء عن بعض، فأداها الكفيل عنهما، فإنه يرجع على كل واحد منهما بالنصف؛ لأنه بذلك كفل عنه. ولو كان في الشرط حين كفل أن بعضهم كفلاء على بعض فأدى الألف رجع على أحدهما بالنصف حصته (¬3)، ورجع عليه بنصف الغرم، فيكون ذلك ثلاثة أرباع، ثم يتبعان الباقي بالنصف. وإذا كان لرجل على رجلين ألف درهم فكل (¬4) واحد كفيل ضامن لها، فأخذ الطالب أحدهما بالمال فأعطاه كفيلاً بالمال كله، ثم أخذ الآخر فأعطاه ذلك الكفيل كفيلاً بالمال، ثم أدى الكفيل المال، فإن الكفيل يرجع على أيهما (¬5) شاء بالألف كلها؛ لأنه كفل عن كل واحد منهما على حدة. فإن لزمهما (¬6) الطالب بعد ذلك حتى جعل بعضهم كفلاء على بعض بها ثم أداها الكفيل رجع على كل واحد بالنصف. فإن أخذ أحدهما دون الآخر رجع عليه بثلاثة أرباع. وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم، فكفل بها عنه رجلان على أن بعضهم كفلاء على بعض، ثم إن الطالب لزم أحد الكفيلين فأعطاه كفيلاً بالمال، ثم لزم الآخر فأعطاه هذا الكفيل كفيلاً بالمال أيضاً، ¬

_ (¬1) ز - درهم. (¬2) ز: شيء. (¬3) أي: بالنصف الذي هو حصته. ولفظ ب: بحصته وهي النصف. (¬4) ولفظ الحاكم: كل. انظر: الكافي، 2/ 126 و. (¬5) ز: إلى أيهما. (¬6) ز: لزمها.

فأدى الكفيل الآخر المال، فإنه يرجع به على أيهما شاء، ولا يرجع على (¬1) صاحب الأصل بشيء. ولو لم يؤد (¬2) المال حتى أخذ الكفلاء فجعل بعضهم كفلاء على بعض، ثم أدى الآخر المال، كان له أن يرجع على أحد الكفيلين (¬3) بثلاثة أرباع. ولو لم يؤد (¬4) المال حتى لقي الكفلاء الثلاثة والذي عليه الأصل فلزمهم حتى جعل بعضهم كفلاء على بعض بالمال، ثم أدى الكفيل الآخر المال كله، رجع على صاحبيه بالثلثين. وإن لقي أحدهما رجع عليه بالنصف. وكذلك لو أدى المال أحد الكفيلين الأولين رجع على كل واحد منهما بالثلث. وإن لقي أحدهما دون الآخر أخذه بالنصف. وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم فكفل بها (¬5) عنه ثلاثة رهط وبعضهم كفلاء على بعض ضامنون لهذه الألف، فأدى أحد الكفلاء المال ثم لقي أحدهم فأخذ منه النصف، ثم إن الأول لقي الذي لم يؤد (¬6) شيئاً فأخذ منه خمسين ومائتين، فإنهما يؤديان إلى الأوسط مائة (¬7) وستة وستين وثلثين حتى يكون الغرم على كل واحد منهم الثلث: ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون (¬8) وثلث. وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم، وكفل بها عنه رجل، ثم إن الكفيل طلب إلى رجل فضمنها عنه للطالب، ثم إن الطالب (¬9) أخذهم جميعاً حتى جعل بعضهم كفلاء على بعض، ثم إن الكفيل الأول أدى المال، فإنه يرجع على الكفيل الآخر بنصف المال، من قبل أن الكفالة الآخرة نقضت الكفالة الأولى. ولو كان على رجلين ألف درهم لرجل، وكل واحد منهما كفيل ضامن لذلك، ثم إن الطالب أخذ أحدهما فأعطاه كفيلاً بالمال، ثم أخذ ¬

_ (¬1) ز - على. (¬2) ز: لم يؤدي. (¬3) ز - الكفلين. (¬4) ز: لم يؤدي. (¬5) ز: فكفل ها. (¬6) ز: لم يؤدي. (¬7) ز + وستون. (¬8) ز: وثلثين. (¬9) ز: إن للطالب.

الآخر فأعطاه (¬1) ذلك الكفيل نفسه كفيلاً بالمال، ثم إن الكفيل أدى المال، فإنه يرجع بالألف على أيهما شاء، من قبل أنه كفل عن كل واحد منهما بالألف تامة. ولو لم يؤد (¬2) المال حتى أخذهم الطالب جميعاً حتى جعل بعضهم كفلاء على بعض بالمال، ثم إن الكفيل أدى الألف، فإنه يرجع على أيهما شاء بثلاثة أرباع الألف، خمسمائة من ذلك حصته، ومائتان وخمسون (¬3) نصف الغرم، وقد نقضت الكفالة الاخرة الكفالة الأولى. فإن لقي الكفيل الآخر الذي لم يؤد (¬4) شيئاً فأخذ منه خمسين ومائتين كان للذي أدى السبعمائة (¬5) والخمسين أن يرجع على الكفيل بنصف ذلك. ولو لم يؤد (¬6) الكفيل الآخر المال إلى الطالب، ولكن أداه إلى (¬7) أحد الأولين (¬8)، فإن له أن يرجع على الكفيل الآخر بمائتين وخمسين نصف الغرم. فإن لقي الأول صاحبه الذي كان معه في الألف فأخذ منه مائتين وخمسين أخرى رد على الكفيل نصفها، ثم اتبع هو والكفيل الآخر الأول بمائتين (¬9) وخمسين أخرى. وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم وكفل بها عنه رجلان (¬10) أحدهما عبد أو مكاتب، فإنه لا يجوز على المكاتب ولا على العبد، ويجوز على الآخر النصف. فإن عتق المكاتب أو العبد يوماً جاز عليه النصف. ولو كان اشترط أن كل واحد منهما كفيل ضامن عن صاحبه فعتق العبد فأخذه بالمال فأداه كان للعبد أن يرجع على الكفيل معه بالنصف، ثم يتبعان الذي عليه الأصل. فما (¬11) أدى إلى واحد منهما شركه فيه الآخر. وكذلك لو كان الكفيلان حرين، أو رجلاً (¬12) وامرأة، مسلماً أو كافراً (¬13)، ¬

_ (¬1) ز + كفيلا بالمال ثم أخذ الآخر فأعطاه. (¬2) ز: لم يؤدي. (¬3) ز: وخمسين. (¬4) ز: لم يؤدي. (¬5) م ف ز: البيع مائة. (¬6) ز: لم يؤدي. (¬7) م ز - إلى. (¬8) ز: الأوليين. (¬9) ز: ثمانين. (¬10) ز: رجلين. (¬11) ز: مما. (¬12) ز: حران أو رجل. (¬13) ز: مسلم أو كافر.

فهو في هذا سواء. وكذلك لو كان المكفول عنه ذمياً (¬1) فهو سواء في ذلك. وكل ما يكال أو يوزن فهو سواء في ذلك. وإن أدى أحد الكفيلين الكفالة وهي طعام رجع على الكفيل معه بنصفها، ثم يتبعان الذي عليه الأصل، فما أدى إلى واحد منهما شركه الآخر فيه. ولو أن ثلاثة نفر كفلوا على رجل بألف درهم وبعشرة أكرار حنطة وبمائة دينار، وبعضهم كفلاء على بعض ضامنون لذلك، فلقي الطالب أحد الكفلاء فأخذ منه خمسمائة درهم، ولقي كفيلاً (¬2) آخر فأخذ منه خمسة أكرار حنطة، ثم غاب الطالب وغاب الذي عليه الأصل، ولقي الكفيلان اللذان (¬3) أديا الكفيل (¬4) الذي لم يؤد (¬5) فأرادا أخذه بما (¬6) أديا وأراد كل واحد منهما أخذ صاحبه، فإن للذي أدى الخمسمائة أن يرجع على كل واحد من صاحبيه بمائة وستة وستين وأربعة دوانق، ويرجع صاحب الطعام على كل واحد منهما حتى يغرم (¬7) مثل ما غرم صاحبه. ولو لقيا صاحب الطعام وصاحب الدراهم ولم يلقيا الكفيل الآخر كان لكل واحد منهما أن يأخذ صاحبه بنصف ما أدى. وكذلك لو التقوا جميعاً كان لكل واحد منهما أن يأخذ صاحبه بنصف ما أدى (¬8)، ثم يتبعان جميعًاا لذي لم يؤد (¬9) شيئاً. فإن لقيه أحدهما (¬10) دون الآخر كان له أن يأخذ بنصف الغرم الذي حصل عليه يوم يلقاه. فإن لقي الثالث (¬11) أحد هذين فإنه يرجع عليه بنصف الفضل مما (¬12) أدى كل واحد منهما، ثم يرجع أكثرهما أداء على أقلهما أداء ¬

_ (¬1) ز: ذمي. (¬2) ز: كفيل. (¬3) ز: الكفيلين اللذين. (¬4) ز: الكفيلين. (¬5) ز: لم يؤدي. (¬6) م ف ز: ثم (مهملة في ف). (¬7) م ف ز: منهم قد غرم. والتصحيح مستفاد من ب. وقال الحاكم: وللذي أدى الطعام أن يرجع على صاحبيه بثلثي الطعام. انظر: الكافي، 2/ 127 ظ. (¬8) ف - بنصم فا أدى. (¬9) ز: لم يؤدي. (¬10) ز: لاخدهما. (¬11) ز: الثلث. (¬12) م ف ز: ما. ولفظ ب: بنصف فضل ما. وقال الحاكم: بنصف الفضل من حساب ما. انظر: الكافي، الموضع السابق.

باب الرجل يكون له على الرجل المال فيكفل به رجل على أن ييرئ الأول

بنصف الفضل. فإن استويا هذان (¬1) في الغرم ثم لقي أحدهما الآخر نظر كل واحد منهما ما أدى، ثم يرجع أكثرهما أداء (¬2) على أقلهما أداء بنصف نصف (¬3) الفضل. ولو أن كفيلاً كفل عن رجل بمال فأداه من ماله، ثم لقي الكفيل المكفول عنه، فجحده المكفول عنه أن يكون أمره بكفالة أو يكون لفلان الطالب عليه شيء (¬4)، فأقام الكفيل البينة أن لفلان على فلان ألف درهم وأن فلاناً هذا قد أمره فضمنها لفلان، وأنه قد أداها إلى فلان، فإن القاضي يقبل ذلك منه ويقضي له بالمال على المكفول عنه. فإن استوفاه ثم قدم المكفول له فادعى المال وجحد الآخر القبض فإن بينة الكفيل بالقضاء جائزة عليه، ولا تعاد (¬5) البينة عليه. ... باب الرجل يكون له على الرجل المال فيكفل به رجل على أن ييرئ الأول سمعت محمداً قال: وإذا كان لرجل على رجل مال فضمنه له رجل على أن أبرأ فلاناً الذي عليه الأصل منه فهو جائز، والكفيل له ضامن للمال. ولا يأخذ الطالب الذي عليه الأصل بذلك حتى يموت الكفيل ولا يترك وفاء. فإن مات ولم يترك وفاء (¬6) فإن له أن يرجع به على الذي عليه الأصل. وإن (¬7) لم يممت ولكن قاضياً فلّسه (¬8) فإنه لا يرجع على الذي عليه الأصل. وليس التفليس (¬9) بشيء. قد يفلس الرجل اليوم ويصيب غداً مالاً. ¬

_ (¬1) ز: هاذين. (¬2) ز: أدى. (¬3) ف - نصف. (¬4) ز: شيئاً. (¬5) ز: يعاد. (¬6) ز - فإن مات ولم يترك وفاء. (¬7) ز: فإن. (¬8) ز: فليسه. (¬9) م ز: المفليس؛ ف: المفلس.

وهذا كله قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإن التفليس بمنزلة الموت. فإذا فلّسه القاضي وقسم ماله بين غرمائه رجع صاحب الحق على الذي كان عليه الأصل بماله. وإن مات الكفيل فقال الطالب: لم يترك شيئاً، وقال المطلوب: قد ترك وفاء، فإن أبا حنيفة قال في ذلك: القول قول الطالب، وعلى المطلوب البينة أنه ترك وفاء. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. والرجل والمرأة في ذلك سواء. والتاجر وغيره سواء. والعبد التاجر إذا أعطاه كفيلاً على ذلك أو كفل هو بمال عليه على ذلك (¬1) فهو سواء. وكذلك المكاتب وأم الولد والمدبر والمدبرة والعبد يسعى في بعض قيمته. وهذا كله بمنزلة الحوالة. والضمان في هذا والكفالة سواء. وكذلك لو قال: إلي ما لك عليه وهو ألف درهم، أو علي ما لك (¬2) عليه وهو ألف درهم، على أن فلاناً منها بريء، فهو جائز مثل الأول. وإن كفل رجل على رجل بألف درهم، ثم إن الطالب أبرأ الذي عليه الأصل بعد الكفالة من غير شرط كان في الكفالة، فإنهما يبرآن جميعاً من قبل أنه قد أبرأ (¬3) الذي عليه الأصل، فلا يكون على الكفيل شيء وقد أبرأ الذي عليه الأصل. وليس هذا كالباب الأول. الأول إنما ضمن له على أن يبرئ الذي عليه الأصل. وأهل الذمة في جميع ذلك بمنزلة أهل الإسلام. والغلام الذي لم يحتلم وقد راهق إذا كان تاجراً وله على رجل مال، فضمنه آخر على أن أبرأ (¬4) الأول، أو كان عليه مال لرجل فضمنه لآخر بأمر صاحبه الذي هو له على أن أبرأ (¬5) المكفول له الآخر، فهو جائز. وإذا كان الدين دنانير أو دراهم أو شيئاً مما يكال أو يوزن حال أو إلى أجل قرض أو سلم أو بيع (¬6) فهو سواء في ذلك كله. ¬

_ (¬1) ز - أو كفل هو بمال عليه على ذلك. (¬2) م ف ز: ما ل. والتصحيح من ب. (¬3) ز: قد أبرأه. (¬4) ز: أن أثر. (¬5) ز: أن أبراء. (¬6) ز: أو يبيع.

باب الرجل يأمر الرجل ببيع الرجل على أنه ضامن لما باعه به من شيء

وإن (¬1) كان الدين لرجل على أخيه أو ابنه (¬2) أو ابنته أو أمه أو أبيه (¬3) أو عمه أو خاله أو ذوي رحم محرم منه فهو سواء، وهذا باب واحد كله. ولو قال رجل لآخر: ما أقر لك به فلان من شيء فهو علي، فقامت عليه بينة أنه أقر بعد الكفالة بألف درهم لزم الكفيل الألف (¬4). فإن شهدوا أنه أقر بذلك قبل الكفالة لم يلزم الكفيل شيء. ... باب الرجل يأمر الرجل (¬5) ببيع الرجل على أنه ضامن لما باعه به من شيء سمعت محمداً قال: وإذا قال الرجل للرجل: بايع فلاناً فما بعته به من شيء فهو علي، فإن أبا حنيفة قال في ذلك: هو جائز وإن لم يوقت لذلك وقتاً. وكذلك قول أبي يوسف ومحمد. وإن باعه بألف درهم أو أكثر أو أقل فهو جائز. وكذلك لو باعه بالدنانير. وكذلك لو باعه بذهب تبر أو فضة أو بشيء مما يكال أو يوزن فهو جائز، والكفيل ضامن لذلك. وإن جحد الكفيل فقال: لم تبعه (¬6)، وقال الطالب: بعته متاعاً بألف درهم وقبضته مني، وأقر المطلوب المكفول عنه بما قال الطالب، فإن المال يلزم الكفيل والمكفول عنه. ألا ترى أنه لو قال: ما لزمه لك من شيء فأنا ضامن له، فأقر المكفول عنه بألف درهم وادعاه الطالب، وجحد الكفيل فقال: لا شيء لك عليه، أن القول في ذلك قول المطلوب والطالب، ويؤخذ الكفيل بذلك كله. وهكذا قال أبو حنيفة. وهذا استحسان. ¬

_ (¬1) ز: وإذا. (¬2) ز: أو أبيه. (¬3) ز: أو ابنه. (¬4) ف: الأول. (¬5) ف - يأمر الرجل. (¬6) ز: لم يبعه.

والقياس في هذا أن لا يؤخذ بشيء حتى يقيم البينة على ما باعه به. ولو قال الكفيل: قد بعته بخمسمائة درهم، وقال الطالب: بعته بألف، وأقر بذلك المكفول عنه، فإنه يؤخذ بالألف، ويؤخذ به الكفيل. ولو قال: إذا بعته بشيء فهو علي، فباعه متاعاً بألف درهم، ثم باعه بعد ذلك خادماً بألف درهم، لزم الكفيل المال الأول، ولا يلزم المال الثاني؛ لأنه قال له: إذا بعته بشيء فهذا علي، مرة واحدة، ولا يكون على مرتين. ولو قال: ما بعته به اليوم، فباعه هذين البيعين (¬1) في ذلك اليوم، لزمه المالان (¬2) جميعاً. ولو وقّت ألف درهم فقال: بعه ما بينك وبين ألف درهم، فما بعته به من شيء فهو علي إلى ألف درهم، فباعه متاعاً بخمسمائة درهم، وباعه حنطة بعد ذلك بخمسمائة درهم، وقبض ذلك، لزم الكفيل المالان (¬3) جميعاً؛ لأنه وقت. وكذلك لو قال: كلما بعته بيعاً فأنا لثمنه ضامن، فباعه بيعين على ما ذكرت لزم الكفيل المالان (¬4) جميعاً. ولو قال: بع فلاناً فما بعته به فهو علي أو إلي أو فأنا ضامن أو فأنا به كفيل، فهو سواء، والمال عليه. ولو لم يفعل ذلك وقال: بعه، فباعه بمال، لم يلزم الآمر؛ لأنه لم يضمن له. فإن قال: متى بعته بيعاً فأنا له ضامن، أو إن بعته بيعاً فأنا ضامن لثمنه، فباعه متاعاً في صفقتين كل صفقة بخمسمائة درهم إحداهما قبل الأخرى وقبض ضمن الكفيل الأولى منهما ولم يضمن الآخرة. ¬

_ (¬1) ز: البعيين. (¬2) ز: المالين. (¬3) ز: المالين. (¬4) ز: المالين.

ولو قال: ما بعته من زُطّي فهو علي، فباعه يهودياً أو حنطة لم يضمن الكفيل شيئاً. وكذلك لو قال (¬1): أقرضه، فما أقرضته فهو علي، فباعه (¬2) متاعاً بمال، لم يضمن الكفيل من ذلك شيئاً؛ لأنه خالف. ولو قال: داينه اليوم، فما داينته به اليوم من شيء فهو علي، فأقرضه في ذلك اليوم ألف درهم (¬3)، وباعه متاعاً بألف درهم وقبضه، لزم الكفيل المال كله؛ لأن القرض وثمن البيع يدخل في المداينة. ولو رجع الكفيل عن هذا الضمان قبل أن يبيع منه شيئاً ونهى الطالب عن مبايعته ثم بايعه الطالب بعد ذلك لم يلزم الكفيل من ذلك شيء (¬4)؛ لأن الكفيل قد رجع عن ذلك. ولو قال: ما بعته به اليوم من شيء فهو لك علي، ثم جحد الكفيل هذه المقالة وجحدها المكفول به فأقام الطالب بينة أنه قد باعه يومئذ متاعاً بألف درهم وقبضه منه لزم الكفيل ذلك ولزم ذلك المكفول عنه. وأيهما ما لقي وخاصم بهذه البينة فهو جائز عليه؛ لازم (¬5) له ولصاحبه. فإن لقي صاحبه الآخر بعد ذلك لم تعد عليه البينة واكتفى بالشهادة الأولى عند القاضي إذا كان هو ذلك القاضي. وكذلك لو أقام الكفيل البينة أن المكفول عنه طلب إليه أن يضمن عنه ما داينه فلان به يوم كذا وكذا، وأنه قد داينه بألف درهم، وأداه الكفيل إلى الطالب، وخاصم الكفيل فيه المكفول به، فقضى به القاضي عليه، فهو قضاء على الطالب، لأن المكفول به خصم في هذا الموضع. ¬

_ (¬1) م ف - قال. (¬2) ز - يهوديا أو حنطة لم يضمن الكفيل شيئاً وكذلك لو قال أقرضه فما أقرضته فهو علي فباعه. (¬3) م ف ز - درهم. والزيادة من ع. (¬4) ز - شيئاً. (¬5) ز: لازما.

ولو أن الكفيل قال: من بايع فلاناً اليوم فهو علي، فبايعه غير واحد لم يلزم الكفيل شيء (¬1)، لأنه لم يخاطب أحداً في ذلك. ولو قال لقوم خاصة: ما بايعتموه به اليوم أنتم وغيركم فهو علي، كان عليه ما بايع به أولئك القوم (¬2)، ولا يكون عليه ما بايعه به غيرهم. ولو أن رجلاً أذن لعبده في التجارة وقال لرجل: ما بايعت به عبدي من شيء أبداً فهو علي، لزمه (¬3) كل بيع بايعه به أبداً. ولو قال: ما بايعته به من شيء، ولم يقل: أبداً، كان سواء. فإن قال: إذا بعته متاعاً فثمنه (¬4) علي (¬5) أو متى بعته، فهذا على مرة واحدة، وإن باعه ثانية لم يلزمه. وكذلك الكفالة عن الحر في هذا. وإذا قال: إذا بايعته بشيء فهو علي، فباعه مرتين فإن الأولى على الكفيل. وإن قال: كلما بايعته به من شيء (¬6) أو الذي تبايعه من شيء فهو لك علي، فمتى ما بايعه فهو (¬7) على الكفيل كله. وإذا قال: ما بايعت به فلاناً (¬8) من شيء فهو علي، فأسلم إليه دراهم في طعام وباعه شعيراً (¬9) بزيت فذلك كله على الكفيل. وبو قال: بايع فلاناً فما بعته من شيء فهو علي أو إلي، أو قال: فأنا له ضامن، أو قال: فأنا به كفيل، فهو سواء والمال عليه. ولو لم يقل ذلك وقال: بعه، فباعه بمال، لم يلزم الآمر؛ لأنه لم يضمن له شيئاً. وإذا قال له: إذا بعت فلاناً اليوم متاعاً فثمنه علي، أو متى ما بعته اليوم متاعاً فثمنه (¬10) علي، فباعه في ذلك اليوم بيعتين أحدهما قبل الآخر، فإن الأول يلزم الكفيل، ولا يلزمه الثاني. وإن قال: كل ما بعته به اليوم أو الذي (¬11) تبيعه اليوم أو ما بعته اليوم (¬12) فهو علي، فإن هذا يلزم الكفيل البيعان جميعاً. وهذا مخالف ¬

_ (¬1) ز: شيئاً. (¬2) ف: اليوم. (¬3) ف: ألزمه. (¬4) م ز: قيمته. (¬5) ز: لي. (¬6) ز + أو ما بايعته به من شيء. (¬7) ز - فهو. (¬8) ز: فلان. (¬9) ز: شعير. (¬10) ز: قيمته. (¬11) م ف ز: والذي. (¬12) ف - أو ما بعته اليوم.

[باب الحوالة]

للأول. الأول على مرة. وهذا الباب الثاني علي مرتين وثلاثة وأكثر من ذلك. ... [باب الحوالة] (¬1) قال محمد: حدثنا أشعث بن سوار عن محمد بن سيرين عن شريح أنه قال في الحوالة: إذا أفلس فلا تَوَى (¬2) على مال مسلم. وقال أبو حنيفة: إذا كان لرجل على رجل ألف درهم، فأحاله بها على رجل، فقد برئ الأول منها. فإن مات المحتال عليه بالمال ولم يترك وفاء رجع الطالب بذلك على الذي عليه الأصل. وإن اختلفا في تركة المحتال عليه فقال الطالب: لم يترك وفاء، وقال الذي عليه الأصل: قد ترك وفاء، فإن القول في ذلك قول الطالب مع يمينه على علمه، وعلى الذي عليه الأصل البينة. فإن فلّسه القاضي لم يرجع الطالب على الذي عليه الأصل بالمال؛ لأن التفليس ليس بشيء، قد يكون اليوم مفلسًا ويصيب غداً مالاً. وإنما أبرأ (¬3) أبو حنيفة الذي عليه الأصل في الحوالة من قبل أنك لا تكتب ذِكْر حَقّ (¬4) فلان بن فلان على فلان عليه ألف درهم وقد أحاله بها على فلان، ولا يحسن هذا في الكتاب ولا في الكلام. وقد يحسن هذا في الضمان والكفالة. فلذلك اختلف. ألا ترى أنه قد حوله بحقه، فكيف يكون على الأول وقد حوله به. ألا ترى أنه لا يستقيم (¬5) أن يقول: على فلان ألف درهم، وقد حوله بها على فلان، ولا يكتب ذلك في صك. وقد يكون هذا في الضمان والكفالة. وإن (¬6) كان لرجل على رجل ألف درهم، فأحاله بها على رجل فهو ¬

_ (¬1) الزيادة من المبسوط، 20/ 52. وعبارة الحاكم: في الحوالة. انظر: الكافي، 2/ 129 و. (¬2) التوى هو الهلاك كما تقدم. (¬3) ز: ابراء. (¬4) هو الصك كما تقدم. (¬5) ز: لا يقسم. (¬6) ز: وإذا.

جائز، وهي عليه حالة. وكذلك الدنانير والفضة والذهب. وكل ما يكال أو يوزن من سلم أو قرض أو غصب مستهلك فهو في الحوالة سواء. وكذلك الرجل يحيل عليه أباه أو ابنه أو يحتال عليه أحدهما. وكذلك كل ذي رحم محرم. وكذلك المرأة يحيلها زوجها بمهرها على رجل وإن كان مهرها وصيفتين (¬1). وكذلك لو كان ثياباً مسماة أو غير مسماة فإنه جائز. وكذلك الرجل يجب عليه مال من دم أو جراحة دون النفس من صلح أو إقرار فأحاله بذلك المال على رجل فهو جائز. وكذلك إن أحال به إلى أجل فهو جائز إلى ذلك الأجل. ولو أن المحتال عليه أحال الطالب بالمال على غيره كان جائزاً. وليس للمحتال عليه أن يأخذ الذي عليه الأصل بالمال حتى يؤديه، ولكن له أن يلزمه ويحبسه حتى يخلّصه. ولو قضاه المال فعمل به (¬2) كان له ربحه مِن قِبَل أنه عليه. ولو كان لرجل على رجل ألف دهم، فأحال بها على آخر، فقضاه إياه المحال عليه، فقال الذي عليه الأصل: كانت لي عليك، وكذبه الآخر، وأخذه بالمال، فإنه (¬3) يقضى للمحتال عليه بالمال على الذي عليه الأصل، ولا يكون هذا إقراراً (¬4) من المحتال عليه. وإذا كان لرجل على رجلين ألف درهم، وكل واحد منهما كفيل ضامن لها، فأحاله أحدهما على رجل بألف درهم، على أن أبرأه، فإن للطالب أن يأخذ الذي لم يحله (¬5) بخمسمائة، وإن شاء أخذ المحتال عليه بالألف، فإن أداها المحتال عليه رجع بها على الذي طلب ذلك إليه، ولا يرجع به على الآخر. وإذا أداها المطلوب الأول إلى المحتال عليه الآخر رجع بنصفها على صاحبه. وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم، فأحاله بها على رجلين، فإنه ¬

_ (¬1) ف: وصيفين. (¬2) ز: فعليه. (¬3) م ف: فإن. (¬4) ز: إقرار. (¬5) م ف ز: لم يحتله (مهملة). والتصحيح من ب؛ والكافي، 2/ 129 ظ.

باب الرجل يأمر الرجل أن ينقد المال

يأخذ أيهما شاء بنصفها. فإن اشترط عليهما أن كل واحد منهما كفيل ضامن لها فإنه يأخذ أيهما شاء بالألف كلها (¬1). فإذا أداها رجع على صاحبه بالنصف. وإن كان للرجل على مكاتب مال فأحاله المكاتب على رجل للمكاتب عليه مال فهذا جائز. وكذلك لو كان المكاتب هو المحتال عليه بعد أن يكون المال الذي ضمنه كان عليه. وكذلك العبد التاجر. وكذلك الحر الذي قد راهق ولم يحتلم وهو تاجر (¬2) أحال بمال عليه أو احتال رجل عليه بمال عليه أصله فهو جائز. وإن كان الأصل على رجلين فأحالا على رجل واحد أو أحالا (¬3) على أحدهما فهو جائز. وكذلك لو كان المال على ثلاثة وكل واحد منهم كفيل على صاحبه فأحال بذلك على رجل أو على رجلين. وكذلك الوصي يحتال بدين اليتيم على رجل أملأ (¬4) من غريمه. وكذلك الرجل يحتال بدين ابنه وهو صغير في عياله على رجل أملأ (¬5) من الغريم. وأهل الذمة في الحوالة مثل أهل الإسلام. وكذلك الحربي والمستأمن. وكذلك المرأة المرتدة. وكذلك المرتد إذا أسلم. ... باب الرجل يأمر الرجل أن ينقد المال سمعت محمداً قال: قال أَبو حنيفة: إذا أمر رجل رجلاً أن ينقد فلاناً ¬

_ (¬1) ز - كلها. (¬2) م ف ز: التاجر. (¬3) ز: وأحالا. (¬4) ز: املاء. (¬5) أي: أغنى. انظر: لسان العرب، "ملأ".

ألف درهم عنه فنقدها عنه فإنها على الآمر. وكذلك قال أَبو يوسف ومحمد. وإن قال: انقد فلاناً ألف درهم له علي، فنقدها إياه فهو جائز، وهو على الآمر. وقوله: انقده ما له علي، وقوله: انقده عني، سواء. وكذلك إذا قال: اقضه ما له علي، أو قال: اقضه عني. وكذلك إذا قال: ادفع إليه الذي له علي، أو قال: أعطه الذي له علي، أو قال: أعطه عني ألف درهم، أو قال: أوفه ما له علي، فهذا كله باب واحد. وإذا سمى المال وقال: أعطه عني ألف درهم، فهذا إقرار من الآمر بأن المال عليه. وإذا دفعه المأمور إلى الذي أمره أن ينقده رجع به على الآمر، إن كان خليطاً له أو لم يكن يخالطه فهو سواء. وكذلك لو قال: انقده عني ألف درهم على أني لها ضامن، أو على أني بها كفيل، أو على أنها لك علي، أو على أنها لك إلي (¬1)، أو على أنها لك قبلي، فهو سواء. وإذا نقدها (¬2) إياه رجع بها (¬3) على الآمر. وكذلك لو أن الدافع نقده بها مائة دينار أو باعه بها خادماً أو عبداً (¬4) أو عرضاً من العروض فقد قبض الألف، ويرجع الدافع بها على الآمر. وقال أَبو حنيفة: إذا قال الرجل لرجل: ادفع إلى فلان ألف درهم قضاء له، ولم يقل: عني، ولم يقل (¬5): هي له علي، ولم يقل: على أنها لك علي، أو على أنها لك قبلي (¬6)، أو على أنها لك إلي، فدفعها المأمور وبرئ منها، فإن كان خليطاً للآمر رجع بها عليه، وإن لم يكن خليطاً لم يرجع بها عليه. وهو قول أبي يوسف الأول ومحمد. ثم رجع (¬7) أَبو يوسف فقال: يرجع عليه خليطاً كان أو غير خليط. ¬

_ (¬1) ف - أو على أنها لك إلي. (¬2) م ف ز: أنقدها. (¬3) م - بها. (¬4) م - أو عبدا. (¬5) ز - ولم يقل. (¬6) ز - ولم يقل على أنها لك علي أو على أنها لك قبلي. (¬7) ز - وإن لم يكن خليطا لم يرجع بها عليه وهو قول أبي يوسف الأول ومحمد ثم رجع.

وقال محمد: لو أن رجلاً أمر أخاه بذلك أو ابنه أو ابن أخيه أو عمه أو خاله كان ذلك مثل الغريب الذي لم يخالط، إلا أن يأمر إنساناً في عياله. فإن أمر ولداً له في عياله كبيراً (¬1) أو زوجته أو زوجة أمرت زوجها أو أمر أخاً له في عياله أو أحداً بعد أن يكون في عياله، فدفع المال، فإنه على الآمر، وهذا بمنزلة الخليط. وكذلك الأجير. وكذلك الشريك. أستحسن هذا، وأرى هؤلاء جميعاً بمنزلة الشريك والخليط. وإذا قال رجل لرجل: ادفع إلى فلان ألف درهم، وليس الآمر بخليط للمأمور، فدفع إليه المأمور ألف درهم، فإنه لا يرجع بها على الآمر، وللدافع أن يرجع بها على الذي قبضها منه؛ لأنه لم يدفعها إليه على وجه يجوز دفعه. ولو أمر رجل خليطاً (¬2) أن ينقد فلاناً عنه ألفا بَخِّيَّة (¬3)، فنقد فلان ألف غَلّة (¬4) أو زُيُوف (¬5) أو نَبَهْرَجَة (¬6)، لم يكن للدافع أن يرجع على الآمر إلا بمثل ما أعطاه. ولو كان المأمور كفيلاً عن الآمر بألف درهم غَلّة أو زُيُوف أو نَبَهْرَجَة رجع الدافع على المكفول عنه بألف بَخِّيّة. ... ¬

_ (¬1) ز: كثيراً. (¬2) ز + له. (¬3) البخية نوع من أجود الدراهم، نسبة إلى الأمير بَخ الذي ضربها، أو لأنه كتب عليها بخ، أو لأنه يقال لصاحبها بخ بخ. انظر: المغرب، "بخخ". (¬4) الغلة من الدراهم هي المقطّعة التي في القطعة منها قيراط أو طَسُّوج (أي: ربع دانق، والدانق سدس درهم) أو حبة. انظر: المغرب، "غلل". (¬5) الزيوف جمع زَيْف، وهي دون البَهْرَج في الرداءة، لأن الزيف ما يرده بيت المال، والبَهْرَج ما يرده التجار. انظر: المغرب، "زيف". (¬6) هو الدرهم الذي يكون أردأ من الزائف، ويرده التجار أيضاً، كما تقدم في كتاب الصرف مراراً. وانظر: المغرب، "زيف".

باب الرجل يأمر الرجل بالضمان أو بالحوالة يكون إقرارا من الآمر على الذي أمره

باب الرجل يأمر الرجل بالضمان أو بالحوالة يكون إقراراً من الآمر على الذي أمره سمعت محمداً قال: وقال أَبو حنيفة: إذا كان لرجل على رجل ألف درهم، فأحاله بها عليه رجل، ثم قال رب المال: إنما كنت وكيلاً، فالقول قول رب المال مع يمينه. ولو أراد المحتال عليه أن يمنع المال من الذي احتال بها عليه ورب المال غائب لم يكن له ذلك بعد الضمان والحوالة. وكذلك لو قال رب المال: اضمن له علي هذا المال، كان هذا إقراراً من رب المال بالمال لهذا. وكذلك الحوالة إذا قال: يحتال (¬1) عليك بألفي التي لي (¬2) عليك ضمان تضمنها (¬3) له عني، فهذا إقرار بأن المال له عليه. ولو تَوَى (¬4) المال قِبَل المحتال عليه رجع به على الآمر؛ لأنه قد أقر له به. ولو لم يكن للطالب الحوالةَ عليه مال واجب ولكنه طلب إليه أن يكفل عنه لفلان بألف أو يضَمن عنه لفلان ألفاً (¬5) ففعل ثم أداها رجع بها عليه؛ لأن هذا إقرار منه بها. ولو لم يؤدها (¬6) وتَوِيَتْ (¬7) على المحتال عليه رجع بها على الذي طلب الحوالة. ولو لم يقل: اضمن (¬8) له عني، وقال: اضمن له ألف درهم، أو قال: يحتال عليك بألف درهم، ففعل، لم يكن هذا إقراراً (¬9) من الذي طلب الضمان والحوالة. وإذا غاب الذي طلب ذلك لم يستطع الذي ضمن أن يمتنع من ذلك؛ لأنه قد ضمن له ألفاً لا يدري (¬10) ما حالها. وإن أداها فكان خليطاً للذي ¬

_ (¬1) ف + لي. (¬2) ف - لي. (¬3) ز: يضمنها. (¬4) التوى هو الهلاك كما تقدم. (¬5) م ف ز: ألف. (¬6) ز: لم يؤديها. (¬7) يقال: تَوَى المال وتَوِيَ. انظر: لسان العرب، "توي". (¬8) م ف: ضمن. (¬9) ز: إقرار. (¬10) ز: لا يدرا.

باب صلح الكفيل الطالب على نفقة أو على عروض

أمره رجع بها عليه، وكان للذي أمره بالضمان أن يرجع بها على المضمون له المال بعد أن يحلف أنها ليس له (¬1) عليه. ولو لم يكن خليطاً له لم يرجع عليه بها ونقدت للمضمون له. ... باب صلح الكفيل الطالب على نفقة أو على عروض سمعت محمداً قال: وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم، وكفل بها عنه رجل بأمره، فصالح الكفيل الطالب على مائة درهم، على أن أبرأ (¬2) المطلوب الذي عليه الأصل منها، فهو جائز. ويرجع الكفيل على المطلوب بالذي أدى، وهو مائة درهم، ولا يرجع عليه بأكثر منها. ولو كان صالحه على مائة درهم على أن أبرأ (¬3) الكفيل خاصة مما بقي عليه، كان (¬4) للطالب أن يرجع على الذي عليه الأصل بتسعمائة درهم. ولو كان صالحه على مائة درهم على أن وهب التسعمائة درهم للكفيل كان للكفيل أن يرجع بالألف كلها على الذي عليه الأصل. ولو أن الكفيل صالح الطالب على عشرة دنانير من جميع الألف كان للكفيل أن يرجع على المطلوب الذي كان عليه الأصل بألف درهم تامة من ماله (¬5)، مِن قِبَل أنه صالحه على دنانير. ألا ترى لو أنه باعه الدنانير بالألف كان جائزاً ورجع بها كلها. فكذلك الصلح. وكذلك لو صالحه على شيء مما يكال أو يوزن بعينه فدفعه إليه حنطة أو شعيراً (¬6) أو سمناً أو ما أشبه ذلك فهو جائز. ويرجع الكفيل بالألف على المطلوب الذي عليه الأصل (¬7). وكذلك لو صالحه على شيء من الحيوان أو العروض أو الثياب أو شِقْص في دار مسمى ودفع إليه ¬

_ (¬1) ف - له. (¬2) ز: أن ابراء. (¬3) ز: أن يبراء. (¬4) ف: مما بقي كان عليه. (¬5) م ز - من ماله. (¬6) ز: أو شعير. (¬7) ز - الأصل.

ذلك فهذا كله باب واحد، وهو سواء، والصلح في هذا بمنزلة البيع. ولو باعه ذلك بالألف كان له أن يرجع في هذا كله على الذي عليه الأصل بالألف (¬1) كلها. ولو كان مع هذا الكفيل كفيل آخر وكل واحد منهما كفيل ضامن على صاحبه أو عن صاحبه كان للذي صالح أن يرجع على الكفيل معه بنصف ذلك. وهذا بمنزلة الأداء. ولو أن الكفيل صالح على ألف درهم نَبَهْرَجَة أو زُيُوف ودفعها إليه كان له أن يرجع على الذي عليه الأصل بألف جياد. وكذلك لو صالحه على زيوف. ولو كان الدين بَخِّيّة فصالحه الكفيل على سُود ودفعها إليه كان له أن يرجع على الذي عليه الأصل بألف بخّية؛ لأنه قد أوفاه الألف. ولو أن كفيلين كفلا (¬2) عن رجل بألف درهم وكل واحد منهما كفيل ضامن لها، فأداها أحدهما إلى الطالب، ثم أخذ صاحبه في الكفالة معه بالنصف، فصالحه من ذلك على مائة درهم على أن أبرأه مما بقي، فهو جائز، ولا يأخذه بالأربعمائة الباقية، ولكنه يتبع (¬3) الذي عليه الأصل بالتسعمائة، ويتبعه الذي أدى المائة، فأيهما أخذ شيئاً اقتسماه على ذلك حتى يستوفياه. ولو كان صالحه على كُرّ حنطة من الخمسمائة أو على عشرة دنانير أو على عرض من العروض جاز ذلك، واتبعا الذي عليه الأصل كل واحد منهما بخمسمائة درهم، وأيهما أخذ منه شيئاً كان لصاحبه نصفه. وإذا كان على الرجل طعام قرض لرجل أو غصب أو ثمن شيء باعه إياه فكفل به عنه رجل، فصالح الكفيل الطالب على عشرة دراهم من الطعام كله ودفعها إليه، كان ذلك جائزاً، وكان للكفيل أن يرجع على المكفول عنه بالطعام كله. ألا ترى أنه لو باعه بالطعام ثوباً ودفعه إليه كان له أن يرجع بالطعام كله. وكذلك الصلح. ¬

_ (¬1) م ف: الألف. (¬2) م ز: كفيلا. (¬3) م ز: يمنع.

باب صلح الكفيل صاحبه

وكذلك كل شيء يكال أو يوزن ديناً من غير سلم، صالح الكفيل الطالب على عرض من العروض سوى (¬1) الدين أو على فضة أو ذهب، فإن للكفيل أن يرجع على المكفول عنه بذلك الدين كله. وإن صالح المكفول عنه على عرض سوى (¬2) ذلك أو على فضة أو ذهب فهو جائز أيضاً. فإن كان الكفيل (¬3) صالح الطالب على بعض الدين وأدى إليه بعضه لم يكن له أن يرجع إلا بمثل ما أدى. ... باب صلح الكفيل صاحبه سمعت محمداً قال: وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم وبها كفيلان (¬4) عنه، وكل واحد منهما كفيل ضامن، فصالح أحد الكفيلين صاحبه على مائة درهم، على أن أبرأه (¬5) من حصته من الكفالة وقبضها منه، ثم إن الكفيل الذي قبض المائة أدى المال كله إلى الطالب، فإنه يرجع بتسعمائة درهم على الذي عليه الأصل، ولا يرجع على الكفيل الذي معه بشيء بعد الصلح وبعد المائة التي قبض منه، ويرجع الذي أدى المائة على الذي عليه الأصل بالمائة. ولو أن الطالب لم يقبض (¬6) من المال شيئاً حتى أخذ الكفيل الذي أدى المائة فاستوفى منه الألف، فإن للكفيل الذي أدى المال أن يرجع على شريكه في الكفالة بالمائة التي قبض منه (¬7) وبخمسمائة. ولو أن هذا الصلح لم يكن على هذا الوجه، ولكن صالح أحد الكفيلين صاحبه على كُرّ حنطة ودفعه إليه، على أن أبرأه من حصته من ¬

_ (¬1) ز: سواء. (¬2) ز: سواء. (¬3) م ز: للكفيل. (¬4) ز: كفيلين. (¬5) ز: أن أيراه. (¬6) م: لم يقبل. (¬7) ف - منه.

كفالته، فإن هذا جائز فيما بينهما، ولا يجوز على الطالب. فإن أخذ الطالب الكفيل الذي أدى الكر (¬1) بالألف فأداها فإنه يرجع بها تامة على الكفيل الذي معه، وبخمسمائة درهم مع ذلك على الذي عليه الأصل، إلا أن يشاء الكفيل القابض للطعام أن يرد عليه الطعام، وعليه خمسمائة درهم مع ذلك. فإن شاء رجع بها على الذي عليه الأصل. ويرجع أيضاً بخمسمائة درهم على الكفيل الذي قبض المال إلا أن يشاء الكفيل أن يرد عليه طعامه. ولو أن الصلح لم يكن على هذا الوجه، ولكن صالح أحد الكفيلين صاحبه على عشرة دنانير ودفعها إليه، على أن أبرأه من حصته من الكفالة، ثم إن الطالب صالح الكفيل الذي قبض الدنانير على تلك العشرة الدنانير بأعيانها من جميع المال وأداها إليه، كان جائزاً، وكان للكفيل الذي صالح الطالب أن يرجع على الذي عليه الأصل بخمسمائة درهم. ويرجع الكفيل الآخر على صاحب الأصل بخمسمائة درهم أيضاً. وأيهما أخذ شيئاً من صاحب الأصل شركه فيه (¬2) شريكه في الكفالة. ولو لم يقع الصلح على هذا الوجه، ولكن أحد الكفيلين أدى المال كله إلى الطالب، ثم صالح الكفيل معه على مائة درهم، على أن أبرأه أو على عشرة دنانير على أن أبرأه وقبض ذلك، فهو جائز، ويتبعان الذي عليه الأصل بألف تامة. فإن كان الصلح بينهما على الدنانير فإن الألف بينهما نصفين. وإن كان على مائة درهم فالألف بينهما على عشرة أسهم، لصاحب المائة العشر (¬3)، وما بقي فللآخر. وإن كان صالحه على عروض أو حيوان فهي مثل الدنانير (¬4). والصلح قبل الأداء وبعد الأداء جائز. وإن كان الدين طعاماً قرضاً أو زيتاً قرضاً أو شيئاً (¬5) مما يكال أو يوزن قرضاً أو غصباً (¬6)، فصالح أحد الكفيلين صاحبه على دراهم مسماة، على أن أبرأه من حصته من الكفالة، فهو مثل الباب الأول. إن أدى الذي ¬

_ (¬1) ف: المكسر. (¬2) ف ز: في. (¬3) ز: العشرة. (¬4) ز: الدي نانير. (¬5) ز: طعام قرض أو زيت قرض أو شيء. (¬6) ز: قرض أو غصب.

باب صلح المكفول عنه الكفيل

قبض الدراهم الطعام كله كان لهما أن يتبعا (¬1) الذي عليه الأصل بذلك نصفين. وإن أدى الطعام الذي دفع الدراهم اتبع صاحب الأصل بالجميع، ويرجع أيضاً على الكفيل الذي قبض الدراهم بنصف الطعام إلا أن يشاء القابض الدراهمَ أن يرد الدراهم. وإن شاء الكفيل الذي أدى الطعام اتبع صاحبه في الكفالة بالطعام كله، إلا أن يشاء الكفيل القابض للدراهم أن يدفع إليه نصف الطعام ودراهمه، ثم يتبعان الذي عليه الأصل، فما أخذا كان بينهما نصفين. وإذا كان كفيلان (¬2) عن رجل بمائة درهم كل واحد كفيل عن صاحبه بها، ثم أحد الكفيلين صالح الآخر على عشرة دراهم على أن أبرأه، ثم صالح الطالب الذي قبض العشرة على خمسة فأداها إليه، فإنه يرد سبعة ونصفاً (¬3) على الكفيل الذي معه، ويرجعان جميعاً على المكفول عنه بخمسة. ... باب صلح المكفول عنه الكفيل سمعت محمداً قال: وإذا كان لرجل على رجل مائة درهم وكفل بها عنه رجلان وكل واحد منهما (¬4) كفيل ضامن لها، ثم إن أحد الكفيلين صالحه الذي عليه الأصل على عشرة دراهم ودفعها إليه، فإنه جائز. فإن أدى الكفيل الذي أخذ العشرة إلى الطالب مائة درهم فإنه لا يرجع على الذي عليه الأصل بشيء، ولا يرجع على الكفيل معه بشيء، مِن قِبَل أنه قد صالحه الذي عليه الأصل فأخذ منه المال. فإذا برئ الذي عليه الأصل برئ الكفيل. ولو (¬5) أدى المال الكفيل الآخر كان له أن يرجع على ¬

_ (¬1) ز: أن يتبعان. (¬2) ز: كفيلين. (¬3) ز: ونصف. (¬4) ز: منهم. (¬5) ز: فلو.

الكفيل معه بخمسين، ويرجع الذي عليه الأصل بخمسة دراهم على الذي صالحه، ويؤدي الذي عليه الأصل إلى الكفيل الآخر خمسين درهماً. وإذا صالح الذي عليه الأصل الكفيلين جميعاً على عشرة دراهم من جميع الكفالة فهو جائز. فأيهما (¬1) أدى المائة درهم إلى الطالب فإنه لا يرجع على الذي عليه الأصل بشيء إلا بخمسة دراهم. وإن شاء رجع على صاحبه بالخمسة الدراهم التي قبض من الذي عليه الأصل، ولا يتبعان الذي عليه الأصل بشيء. فإن رجع الكفيل الذي أدى على صاحب المال بالخمسة التي قبض الكفيل الآخر، فإن لصاحب الأصل أن يرجع على الكفيل الذي قبضها. وإن لم يؤد (¬2) الكفيل المال ولكن أدى الذي عليه الأصل، فإن الذي عليه الأصل (¬3) يرجع على الكفيلين بعشرة دراهم، ولا يرجع بأكثر من ذلك. ولو لم يكن صالحهما على عشرة دراهم ولكن صالحهما على ثوب ودفعه إليهما، ثم إنه أدى المائة إلى الطالب، فإنه يرجع على كل واحد من الكفيلين بخمسين. ولو لم يؤد (¬4) المال من عنده ولكن أحد الكفيلين أداه فإن الذي أدى المال يرجع على الكفيل معه بخمسين درهماً. وإن شاء رجع بها على الذي عليه الأصل، ويرجع (¬5) بها الذي عليه الأصل على الكفيل الذي لم يؤد (¬6) شيئاً، إلا أن يشاء الكفيل أن يرد عليه نصف الثوب الذي صالحه عليه. ولو لم يؤد (¬7) مائة درهم ولكنه أدى عشرة دراهم وصالح عليهما الطالب فإنه لا يرجع على شريكه في الكفالة بخمسة دراهم، ولكن الذي عليه الأصل يرجع على الكفيل الذي أدى العشرة إلى الطالب بأربعين درهماً، ويرجع على الكفيل الآخر بخمسين درهماً. ¬

_ (¬1) ز: فانهما. (¬2) ز: لم يؤدي. (¬3) ز - فإن الذي عليه الأصل. (¬4) ز: لم يؤدي. (¬5) م: ورجع. (¬6) ز: لم يؤدي. (¬7) ز: لم يؤدي.

باب كفالة المفاوض

ولو لم يؤد (¬1) شيئاً ولكن الذي عليه الأصل صالح الطالب على عشرة دراهم فإن الذي عليه الأصل يرجع على الكفيلين بمائة درهم، على كل واحد بخمسين. ولو لم يكن الأمر على ذلك ولكن الذي عليه الأصل صالح الكفيلين على عشرة دراهم، ثم إن أحد الكفيلين صالح الطالب على أربعة دراهم، فإنه لا يرجع على صاحبه بالدرهمين اللذين (¬2) أدى عنه، لأنه قد قبضها من الذي عليه الأصل، ويرد درهماً (¬3) على الذي عليه الأصل، ويرد صاحبه أيضاً على الذي عليه الأصل (¬4) خمسة دراهم. ولو لم يكن صالحهما على عشرة دراهم ولكن صالحهما الذي عليه الأصل على ثوب، ثم إن أحدهما صالح الطالب على درهم على أن (¬5) أبرأه من جميع المال، فإنه لا يرجع على شريكه بالكفالة بنصف درهم، ويردان على الذي عليه الأصل تسعة وتسعين درهماً؛ لأنه حيث أخذا منه ثوباً بالمائة التي وجبت لهما فكأنهما قبضا المائة ثم أدى أحدهما درهماً، فيردان عليه تسعة وتسعين درهماً. ... باب كفالة (¬6) المفاوض سمعت محمداً قال: وإذا كفل الرجل بنفس أو مال وله شريك مفاوض فإنه لا شيء على شريكه من الكفالة بالنفس والمال في قول (¬7) أبي ¬

_ (¬1) ز: لم يؤدي. (¬2) م ف ز: بدرهمين الذي. والتصحيح مستفاد من ب؛ والكافي، 2/ 133 و. (¬3) ز: درهم. (¬4) ف - ويرد درهماً على الذي عليه الأصل ويرد صاحبه أيضاً على الذي عليه الأصل. (¬5) ز - أن. (¬6) ز: الكفالة. (¬7) ز: في قوله.

يوسف ومحمد. وقال أَبو حنيفة: على شريكه الكفالة بالمال، فأما بالنفس فلا. وقال أَبو يوسف ومحمد: لا نرى (¬1) على شريكه من الكفالة بالمال والنفس شيئاً؛ لأن (¬2) الكفالة معروف، فلا يلزم الشريك منها شيء (¬3). ولو كفل قبل المفاوضة وجعل لها أجلا ثم فاوض فحل الأجل عليه لم يكن على شريكه من ذلك شيء (¬4) في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، مِن قِبَل أنه كفل بها قبل أن يفاوض. ولو كفل وهو (¬5) مفاوض بمال إلى أجل ثم فارق شريكه أو مات شريكه ثم حلت الكفالة فإنه يلزم شريكه جميع الكفالة في قول أبي حنيفة، يأخذ الطالب أيهما شاء. وفي قول أبي يوسف ومحمد هي على الكفيل خاصة، ولا يكون على شريكه منها شيء. ولو أداها الشريك المفاوض قبل أن يتفارقا (¬6) أو بعد الفرقة كان له أن يرجع بها على الذي أمر شريكه بالكفالة في قول أبي حنيفة. وكذلك لو أداها بعد موت الكفيل. وإن مات المفاوض الذي لم يكفل قبل الأجل فإنها تحل عليه في قول أبي حنيفة، ولا تحل (¬7) على صاحبه الكفيل، مِن قِبَل أن المال عليهما. فأيهما ما مات فقد حل عليه خاصة دون صاحبه؛ لأن الشركة قد انقطعت. ... ¬

_ (¬1) ز: لا يرى. (¬2) ز: لأنه. (¬3) ز: شيئاً. (¬4) ز: شيئاً. (¬5) ف: فهو. (¬6) تفارق القوم، أي: فارق بعضهم بعضاً. انظر: لسان العرب، "فرق". (¬7) ز: يحل.

باب كفالة الشريك العنان والمضارب

باب كفالة الشريك العنان والمضارب وإذا كفل الرجل (¬1) بمال أو بنفس وله شريك في تجارة شركة (¬2) عنان فإنه لا يلزم شريكه من الكفالة بالنفس ولا بالمال شيء (¬3). وكذلك المضارب يكفل بالمال أو بالنفس أو يكفل (¬4) بذلك رب المال، فأيهما ما كفل فهو عليه خاصة، ولا يلزم صاحبه منه شيء. وأهل الإسلام وأهل الذمة في ذلك سواء. وكذلك المرأة والرجل. وكذلك العبدان والمكاتبان (¬5) مكاتبتهما واحدة إن أديا عتقا وإن عجزا ردا. فإن استدان أحدهما مالاً ثم أمره صاحبه فكفل به لإنسان أو أحال به عليه فإنه لا يلزم شريكه في المكاتبة من ذلك شيء. وكذلك لو كانا مشتركين في تجارتهما. وكذلك لو لم تكن (¬6) مكاتبتهما واحدة. وكذلك العبدان التاجران (¬7) يشتركان شركة عنان ثم يكون على أحدهما دين فيحيل (¬8) به صاحبه عليه أو يضمنه عنه بأمره فإنه لا يلزم الآخر شيء من ذلك (¬9). ... باب صلح الكفيل على رأس مال السلم وإذا كان لرجل على رجل كُرّ حنطة سلم وبه كفيل فصالح الكفيل الطالب على رأس المال فإن أبا حنيفة قال: هذا لا يجوز، والسلم على حاله؛ لأنه لا يقدر الكفيل على نقض السلم. وهو قول محمد. وقال أَبو يوسف: صلح الكفيل جائز، ويؤدي رأس المال إلى الطالب، ويرجع على الذي عليه الأصل بكر حنطة. وهذا بمنزلة رجل كفل عن رجل بألف درهم ¬

_ (¬1) ز: رجل. (¬2) ز: لشركة. (¬3) ز: شيئاً. (¬4) ز: أو تكفل. (¬5) ز: العبد ين والمكاتبين. (¬6) ز: لم يكن. (¬7) ز: العبد ين التاجرين. (¬8) ز: فيحل. (¬9) ز - شيء من ذلك.

فصالحه منها على ثوب ودفعه إليه فهو جائز. ويرجع على المكفول عنه بألف درهم. وكذلك السلم، يرجع على المكفول عنه بالكُرّ، والكر (¬1) للكفيل على المكفول عنه الطعام بمنزلة المال الذي وصفت لك كأنه أدى عنه الطعام بعينه. وإذا كان السلم كر حنطة لرجلين ولهما كفيل به، فصالح الكفيل أحدهما على رأس ماله خاصة دون صاحبه، فإن هذا لا يجوز في قول أبي حنيفة ومحمد من قبل وجهين: من قبل أنه صلح من الكفيل، ومن قبل الشريك الذي لم يصالح؛ لأنه لم يسلم الصلح. وقال أَبو يوسف: هو جائز على المصالح، وللآخر نصف الكر على حاله، وإن شاء دخل مع صاحبه فأخذ منه نصف ما أخذ، واتبعا الكفيل بنصف الكر. وإن شاء آخذ الدراهم أن لا يعطي صاحبه من الدراهم شيئاً، ويعطيه ربع الكر، فعل (¬2). الخيار في ذلك إليه دون صاحبه. ويتبع الكفيل المكفول عنه بكر تام. وإذا كفل الرجل عن الرجل بخمسة أثوابٍ سَلَمٍ، طولٌ معلوم وعرض معلوم ورُقْعة (¬3) معلومة وأجل معلوم وضرب معلوم، فصالح الكفيل الطالب على رأس المال، فإن القول في ذلك مثل القول في الكر. وكذلك كل سلم من كيل أو وزن أو ثياب معلومة فهو سواء كله. ولو صالح الكفيل الطالب على شيء غير السلم (¬4) بعينه وغير رأس المال لم يجز ذلك في قول أبي حنيفة ولا في قول أبي يوسف ومحمد. ألا ترى أن الذي عليه الأصل لو صالح على شيء غير رأس المال وغير السلم بعينه لم يجز، وكذلك (¬5) الكفيل. ... ¬

_ (¬1) ف - والكر. (¬2) ف: فعلى. (¬3) أي: غلظ وثخانة كما تقدم. (¬4) ز: المسلم. (¬5) ز: فكذلك.

باب صلح الكفيل فى السلم المكفول عنه

باب صلح الكفيل فى السلم المكفول عنه وإذا كان لرجل على رجل كُرّ حنطة سَلَم وبه كفيل، فأداه الكفيل إلى الطالب، فإنه يرجع به على المكفول عنه. فإن صالحه على دراهم مثل رأس المال وأكثر فهو جائز. وكذلك لو صالحه على عروض ثياب أو حيوان يداً (¬1) بيد، أو شيء مما يوزن سمن (¬2) أو زيت، أو على شيء مما يكال أو سمسم أكثر من كر أو أقل، أو على طعام أقل (¬3) من كر، فإن ذلك كله جائز مستقيم إذا كان يداً بيد، ما خلا الطعام فإنه يجوز إن كان يداً بيد أو بنسيئة. وذلك لأن الطعام للكفيل على المكفول عنه بمنزلة القرض، وليس بمنزلة السلم. ولو أن الكفيل أخر الطعام عن المكفول عنه إلى أجل مسمى كان جائزاً. ولو صالحه على شيء مما ذكرنا قبل أن يؤدي شيئاً كان جائزاً. فإن أدى الطعام الذي عليه الأصل إلى الطالب فإنه يرجع على الكفيل بطعام مثله في ذلك كله، ما خلا خصلة واحدة: إن كان صالحه على طعام أقل من ذلك لم يرجع إلا بمثل ما أعطاه. ولو أن الكفيل أخر الطعام عن الذي عليه الأصل قبل أن يؤديه ثم أداه كان جائزاً، وهو إلى ذلك الأجل. ولو أن الكفيل صالح الذي عليه الأصل على دراهم ثم تفرقا قبل أن يقبضها انتقض الصلح فيما بينهما. وكذلك لو صالحه على كر شعير وسط بغير عينه. وكذلك لو صالحه على شيء من الكيل والوزن فسمى كيله وصفته (¬4) بغير عينه ثم تفرقا (¬5) قبل أن يقبض فإن الصلح ينتقض في ذلك كله ما خلا الطعام. فإنه إن صالحه على نصف كر حنطة إلى أجل فهو جائز. إنما حط عنه ما بقي. ولا يجوز هذا فيما سوى الحنطة. ... ¬

_ (¬1) ز: يد. (¬2) ف - سمن. (¬3) ز - أو على طعام أقل. (¬4) ز: وصفيه. (¬5) ز: ثم يقرفا.

باب الكفالة إلى أجل

باب الكفالة إلى أجل وإذا كان لرجل على رجل مائة درهم إلى أجل مسمى فضمنها عنه رجل ضماناً مبهما لم يسم فيه أجلاً ولا حالة فإنها على الكفيل إلى ذلك الأجل. وكذلك لو ضمنها الكفيل إلى أجل قد سماه دون ذلك الأجل أو أكثر منه أو مثله فإنها على الكفيل إلى الأجل الذي سمى. فإن كان الأصل حالاً (¬1) فأخذ الطالب المطلوب حتى أقام له به كفيلاً إلى سنة فإنه جائز، والتأخير عنهما جميعاً. ولو أن الكفيل أخر المكفول عنه بعد الحل إلى أجل مسمى جاز التأخير على الكفيل، ولا يجوز على الطالب. ألا ترى (¬2) أن (¬3) الكفيل لو صالح المكفول عنه على ثوب أو دراهم جاز ذلك، فكذلك التأخير. فإن أداه الكفيل لم يرجع به على المكفول عنه حتى يمضي الأجل الذي أجله. ولو حل المال عليهما ثم إن الطالب أخر الذي عليه الأصل سنة فإن ذلك جائز، وهو تأخير عنهما جميعاً. ولو لم يؤخر الذي عليه الأصل ولكنه أخر الكفيل سنة فهو جائز للكفيل، ويأخذ الطالب الذي عليه الأصل بها حالة. فإن عجل الكفيل المال قبل الأجل فإنه لا يرجع به على الذي عليه الأصل (¬4)، مِن قِبَل أنه كان عليه حالاً للطالب. ولو كان الأجل لصاحب الأصل أيضاً فعجل الكفيل المال قبل الأجل فأخذ الطالب المال من ماله لم يرجع ورثته به على المكفول عنه حتى يمضي الأجل. وإذا كفل الرجل بمال إلى العطاء أو إلى الحصاد أو إلى الجِزاز (¬5) أو إلى الدِّياس (¬6) أو إلى النيروز أو إلى المهرجان أو إلى صوم النصارى أو إلى ¬

_ (¬1) ز - حالاً. (¬2) ز: يرى. (¬3) ز + الطالب. (¬4) ز - بها حالة فإن عجل الكفيل المال قبل الأجل فإنه لا يرجع به على الذي عليه الأصل. (¬5) أي: قطع النخل أو الزرع كما تقدم. (¬6) أي: دوس الحنطة كما تقدم.

فطرهم فهذا جائز. والكفالة على هذا مستقيمة. ولا يشبه هذا البيع. وكذلك لو كانت الكفالة (¬1) حالة (¬2) فأخره إلى شيء من هذه الآجال. وكذلك إلى العطاء. وكذلك إلى الرزق. وإذا كفل الرجل بمال إلى أجل وكان أصله قرضاً (¬3) فهو جائز، وهو على الكفيل إلى أجله، وهو على الذي عليه الأصل حال. وإنما كان على الكفيل إلى أجله مِن قِبَل أنه ليس بقرض عليه. وكذلك كل قرض دراهم أو دنانير أو حنطة أو شعير أو زيت أو سمن أو شيء مما يكال أو يوزن. وكذلك الغصب والسلم وكل دين والمهر. وكذلك وديعة أكلها صاحبها أو جحدها فضمنها. وكذلك البضاعة والمضاربة. وإذا كفل رجل بمال إلى أجل عن رجل ثم كفل به عن الكفيل كفيل آخر إلى أجل فحل المال فأخر الطالب الذي عليه الأصل سنة مستقبلة فهو جائز. وهذا الأجل لهم كلهم. ألا ترى أنه لو أبرأ (¬4) منها الذي عليه الأصل برئوا (¬5) جميعاً. ولو أنه لم يبرئ (¬6) الذي عليه الأصل ولم يؤخره ولكنه أخر الكفيل الأول سنة مستقبلة فإنه تأخير عنه وعن الكفيل الآخر، ولا يكون تأخيراً عن الذي عليه الأصل. ولو أن الكفيل الآخر عجل المال قبل أجله أو مات قبل الأجل فحل عليه وأخذ (¬7) ماله فإنه لا يرجع به على الكفيل الأول حتى حل (¬8) الأجل. ولو كفل رجل عن رجل بألف درهم إلى سنة، ثم إن الكفيل باع الطالب بها عبداً قبل الأجل، وقبض العبد، ثم استحق العبد، فإن المال على الكفيل إلى أجله. فإن لم يستحق ولكن المشتري رده بعيب، فإن رده ¬

_ (¬1) ف - على هذا مستقيمة ولا يشبه هذا البيع وكذلك لو كانت الكفالة. (¬2) ف: جائزة. (¬3) ز: قرض. (¬4) ز: لو ابراء. (¬5) ز: بروا. (¬6) ز: لم يبر. (¬7) ف ز + من. (¬8) م ز - حل.

بقضاء قاض (¬1) فالمال إلى أجله، وإن رده بغير قضاء قاض فالمال حال على الكفيل إن لم يبين أجلاً ولا غيره. ولو لم يبعه عبداً ولكن قضاه ألف درهم وعجلها له فوجدها سَتُّوقَة (¬2) فردها فإن المال عليه إلى أجله. وإن كانت زُيُوفاً (¬3) فردها وقبلها بقضاء قاض أو غير قضاء قاض (¬4) فإنه يرجع عليه بالمال إلى أجله. فإن كان أعطاه المال على أنها زيوف (¬5) فهي جائزة عليه. ولو أن الكفيل أحاله بالمال على رجل إلى الأجل أو حالاً (¬6)، فمات المحتال عليه ولم يترك وفاء، فإنه يرجع بحميع المال على الكفيل إلى الأجل. ولو أن رجلين كفلا عن رجل بألف درهم وكل واحد منهما كفيل ضامن على أن المال على أحدهما إلى سنة وعلى الآخر إلى سنتين (¬7) فهو جائز على الشرط. فإن حل المال على صاحب السنة فأداه فإنه يرجع على الذي عليه الأصل بالمال كله، ولا يرجع على صاحب السنتين (¬8) بشيء مما أدى حتى يحل وتمضي السنتان. فإن مضى رجع عليه بنصف المال، ثم يتبعان جميعاً الذي عليه الأصل بالمال. ولو أن الذي عليه الأصل باع الطالب عبداً بذلك وقبض (¬9) العبد برئ الكفيل من الكفالة. فإن رد الطالب العبد بعيب فقبله المطلوب بغير قضاء قاض فإن المال على الذي عليه الأصل، ولا يكون على الكفيل شيء. وإن رده بقضاء قاض رجع بالمال عليهما جميعاً. وكذلك إن استحق العبد فإنه ¬

_ (¬1) ز: قاضي. (¬2) قال المطرزي: السَّتُّوق بالفتح أردأ من البَهْرَج، وعن الكرخي: الستّوق عندهم ما كان الصُّفْر أو النحاس هو الغالب الأكثر، وفي الرسالة اليوسفية: البَهْرَجَة إذا غلبها النحاس لم تؤخذ، وأما الستوقة فحرام أخذها، لأنها فلوس. انظر: المغرب، "ستق". وقال السرخسي: الستوقة فلس مموه بالفضة. انظر: المبسوط، 12/ 144. (¬3) تقدم تفسيرها قريباً. (¬4) ز - أو غير قضاء قاض؛ صح هـ. (¬5) ز: زيوفا. (¬6) ز: أو احال. (¬7) ز: إلى سنين. (¬8) ز: السنين. (¬9) ف: في قبض.

باب الحوالة إلى أجل

يرجع بالمال على (¬1) الذي عليه الأصل والكفيل جميعاً. ... باب الحوالة إلى أجل وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم من ثمن بيع إلى سنة فأحاله بها على رجل إلى سنة فهو جائز، وهي على المحتال بها عليه إلى الأجل. فإن مات الذي عليه الأصل قبل الأجل لم يحل على المحتال عليه إلى سنة. فإن مات المحتال عليه قبل الأجل (¬2) والذي عليه الأصل حي فإن المال يحل على الميت المحتال عليه. فإن لم يكن له وفاء رجع المال على الذي عليه الأصل إلى أجله. ولو كان المال حالاً على الذي عليه الأصل من قرض أو بيع أو غصب فأحاله بها على رجل إلى سنة فهو جائز، وهو عليه إلى سنة وإن كان قرضاً، مِن قِبَل أنه (¬3) ليس بقرض على المحتال عليه. فإن مات المحتال عليه (¬4) قبل الأجل حل عليه المال. فإن لم يترك وفاء رجع بالمال على الذي عليه الأصل حالاً مِن قِبَل أنه كان عليه حالاً، فيرجع به عليه كذلك. وإن كان الدين حنطة أو شيئاً مما يكال أو شيئاً مما يوزن أو ثياباً سَلَماَ أو شيئاً مما يجوز فيه السلم فهو في ذلك كله سواء. وكذلك المهر. وإن كان الأصل على والد أو ولد أو أخ أو عم أو خال أو أخت أو عمة أو خالة أو لامرأة على رجل أو لرجل على امرأة أو لمكاتب (¬5) أو عبد ¬

_ (¬1) م ز - على. وانظر: المبسوط، 20/ 70. (¬2) ز - لم يحل على المحتال عليه إلى سنة فإن مات المحتال عليه قبل الأجل. (¬3) ز - أنه. (¬4) ز - عليه. (¬5) م ز: أو المكاتب.

تاجر على رجل أو لرجل على مكاتب أو عبد تاجر فهو في ذلك كله سواء. [و] إذا كان لرجل على رجل ألف درهم قرضاً حالة، وللمطلوب على آخر ألف درهم قرضاً، فأحال المطلوب الطالب بالألف التي للمطلوب على الآخر إلى سنة، فصالحه (¬1)، فهو جائز، وهي له إلى سنة؛ لأنها له على الكفيل بحوالة، ولا يستطيع الذي أحاله أن يأخذ المحتال عليه بشيء من ماله. ولو أبرأه منه لم يبرأ (¬2). ولو وهب له لم يجز؛ لأنه قد أحال به عليه. ولو مات الأول وعليه دين قبل أن يقبض المحتال المال كان بينه وبين الغرماء. ولو أحال رجل على رجل (¬3) بألف درهم إلى سنة من دين له، ثم إن المحتال عليه جعلها حالة وترك الأجل، كان ذلك جائزاً، وكانت حالة. ولو أداها لم يرجع بها على الذي كان أحال عليه بها حتى يمضي الأجل. ولو كان المال ديناً (¬4) للمحيل على المحتال عليه ثم إن المحيل قضى المال من عنده كان له أن يرجع بماله على المحتال عليه، مِن قِبَل أن الأصل عليه وليس هذا بتطوع منه. ولو قضى عنه غيره كان متطوعاً، وكان المال الذي عليه له. ولو أن رجلاً أحال رجلاً على رجل بمال إلى العطاء (¬5) أو إلى الدِّيَاس أو إلى الجزَاز أو إلى الحصاد أو إلى صوم النصارى أو إلى فطرهم أو إلى المهرجان أَو إلى النيروز كان ذلك جائزاً، ولا يشبه هذا البيع. ولو أن رجلاً احتال بمال (¬6) لابنه وهو صغير في عياله على رجل إلى أجل لم يجز ذلك. وكذلك الوصي. وكذلك الوكيل إذا لم يفوض الموكل إليه ذلك. ¬

_ (¬1) ز: فصالحته. (¬2) ز: لم يبراء. (¬3) ز: إلى رجل. (¬4) ز: دين. (¬5) جمع عطاء، وهو ما يعطى من بيت المال للمقاتلة كل سنة مرة أو مرتين. انظر: المغرب، "عطو". والمراد وقت العطاء. (¬6) م: بماله.

باب الرجل يأمر الرجل بالضمان مما لا يجب على الآمر

فإذا احتال رجل على رجل بمال إلى أجل، ثم إن المحتال عليه أحاله على آخر إلى أجل مثل ذلك أو أكثر أو أقل، لم يكن له أن يرجع على الذي عليه الأصل بالمال حتى يقبض الطالب ماله، والحوالة الثانية جائزة إلى الأجل. وإذا احتال رجل على رجل بمال إلى أجل، ثم إن المحتال عليه مات وترك وفاء، وعليه دين، فكان في طلب الغرماء وقسمته تأخير بعد الأجل، لم يكن للطالب أن يرجع على الذي عليه الأصل حتى ينظر إلى ما يصير إليه أمره. ... باب الرجل يأمر الرجل بالضمان مما لا يجب على الآمر وإذا أمر الرجل رجلاً أن يضمن لرجل ألف درهم، وليس بخليط له، فضمنها له وأشهد بها عليه، فإنها لازمة للكفيل، يأخذه بها الطالب. فإن أداها الكفيل إلى الطالب لم يرجع بها على الآمر؛ لأنه لم يأمره أن يضمن عنه، ولم يشترط الكفيل عليه الضمان. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد وأبي يوسف الأول. ثم رجع أَبو يوسف فقال: يرجع بها على الذي أمره. ولو أن الكفيل أراد أن لا يعطي الطالب من المال شيئاً لم يكن له ذلك. فإن قال الكفيل: إني لم أضمن لك مالاً على أحد ولا ديناً كان لك على أحد، وإنما ضمنت لك ما لم يكن علي ولا على غيري، فإن الطالب لا يكلف شيئاً، ولا يطلب منه تفسير وجه هذا المال من أين كان وكيف كان. إذا أقر له الكفيل بالضمان أو قامت للطالب بينة على الضمان أخذ الكفيل بذلك. والكفيل (¬1) [هو] الذي (¬2) ضيع حقه وكفل بما لا يستطيع أن يرجع به على أحد. ¬

_ (¬1) ف - والكفيل. (¬2) ف: والذي.

باب الرجل يأمر الرجل بالضمان الذي يرجع عليه

وكذلك لو قال رجل لآخر: اكفل لفلان بألف درهم، ففعل، أو قال: يحتال عليك فلان بألف درهم، وأشهد له الآخر أنه قد احتال عليه بألف درهم، أو كفل له بألف درهم، فهذا باب واحد، والمال لازم للكفيل دون الآمر. ولو كان الآمر عبداً أو مكاتباً أو صبياً أو ذمياً أو أم ولد أو مدبرة أو حربياً مستأمناً أو مرتداً (¬1) أو عبداً قد عتق بعضه وهو يسعى في بعض قيمته كانت الكفالة جائزة على الكفيل، ولا يتبع الآمر بشيء (¬2). ولو كان الآمر امرأة أو رجلاً مصاباً أو صحيحاً كان سواء. فإن كان المأمور عبداً أو مكاتباً لم يجز ذلك عليه حتى يعتق. وكذلك المدبرة وأم الولد والعبد التاجر والمحجور عليه سواء في ذلك. وإذا كان المأمور صبياً لم يجز عليه الضمان وإن كان تاجراً. وإن كان المأمور ذمياً أو حربياً مستأمناً أو امرأة أو رجلاً فالضمان عليه جائز، ولا يرجع على الآمر بشيء. وإن كان المأمور مرتداً فضمن في حال الردة فإن أسلم فضمانه جائز عليه. وإن قتل (¬3) على ردته فضمانه باطل. هذا قول أبي حنيفة. فإن لحق بالدار فضمانه باطل. وإن رجع مسلماً أخذ بالضمان. وقال أَبو يوسف ومحمد: ضمانه جائز على كل حال. ... باب الرجل يأمر الرجل بالضمان الذي يرجع عليه وإذا أمر رجل رجلاً فقال: اضمن لفلان ألف درهم (¬4) له علي، أو قال: اضمن لفلان ألف درهم علي، أو قال: احْتَلْ (¬5) فلاناً عليك بألف درهم له علي، أو قال: اضمن لفلان ألف درهم على أنها لك علي، ¬

_ (¬1) ف - أو مرتدا. (¬2) ز: شيء. (¬3) ز: قبل. (¬4) م ف + التي؛ ز + التي درهم. (¬5) م ف ز: اوحيل. والتصحيح من الكافي، 2/ 135 ظ.

باب الرجل يأمر الرجل بضمان مال يكون الآمر أحق به

أو على أني لها ضامن، أو على أني بها كفيل، أو على أني أؤديها عنه، أو على أني أؤديها إليك، فضمن له على ذلك، فهو جائز، ويرجع الكفيل إذا أدى بالمال على الآمر. وهذا كله باب واحد. وإذا أمر رجل رجلاً خليطاً له أن يضمن لفلان ألف درهم، فضمنها له، والآمر مقر بأن الألف عليه، فإن كان الكفيل أدى المال (¬1) رجع به على الآمر. أستحسن ذلك في الخليط. [والخليط] (¬2) عندي (¬3) الذي يأخذ منه الرجل ويعطيه ويداينه ويضع عنده المال. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أَبو يوسف: الخليط وغيره سواء، يرجع به. وإذا أمر رجل ابنه وهو في عياله وهو كبير فقال: اضمن لفلان ألف درهم، والأب مقر بالألف لفلان، فضمنها له الابن وأداها إلى الرجل، فإنه يرجع بها على الأب. وكذلك الأجير والشريك شركة عنان والزوجة. وكل من كان في عياله فإنه عندي بمنزلة الخليط. فإن أمر الابن (¬4) أباه والابن كبير في عيال أبيه (¬5) أو أمرت المرأة زوجها فهو مثل ذلك أيضاً. ... باب الرجل يأمر الرجل بضمان مال يكون الآمر أحق به وإذا أحال رجل على رجل بألف درهم كانت للآمر (¬6) المحيل على المحتال عليه فأداها، فقال الآمر: المال لي، وقال (¬7) المحتال بها: بل هي لي، فالقول قول الآمر مع يمينه، والمحتال بها وكيل (¬8) له فيها. وكذلك لو قال له: اضمن له ألفي التي لي عليك، أو اكفل له بألفي التي لي عليك، ¬

_ (¬1) ف - فضمنها له والآمر مقر بأن الألف عليه فإن كان الكفيل أدى المال. (¬2) الزيادة من الكافي، 2/ 135 ظ. (¬3) ف: عند. (¬4) ز: أمر الامربن. (¬5) م ز: ابنه. (¬6) ز: للام. (¬7) م ف ز: وعلى. (¬8) ز: وكيلاً.

باب كفالة القاضي في دعوى المال

ففعل وأداها إليه فإنها للآمر، والمحتال وكيل للآمر (¬1). ولو أن رجلاً أتى خليطاً له فقال: اضمن لفلان ألف درهم، فضمنها له عنه وأداها إليه كان للآمر أن يأخذها من (¬2) المكفول له، والمكفول له وكيل الآمر (¬3)، وليس للكفيل أن يمتنع (¬4) من (¬5) دفعها إلى المكفول له إلا أن يحضر الطالب الآمر. فإن حضر فادعى أن المال له على المأمور كلف البينة على ذلك. وإلا حلف المأمور وبرئ منها. ولو كان المأمور ليس بخليط للآمر (¬6) كان الضمان جائزاً، وكان المال للمكفول له، ولا يكون للآمر. ولو كان الكفيل خليطاً للمكفول له لم يرجع على الآمر بشيء. ... باب كفالة القاضي في دعوى المال وإذا تقدم الرجلان إلى القاضي وأحدهما يدعي قبل صاحبه مالاً ينكره، فسأل (¬7) القاضي أن يأخذ له منه كفيلاً بنفسه، فإن القاضي ينبغي له أن يسأل الطالب هل له بينة على حقه. فإن قال: نعم، سأله: أحُضُور هم أو غُيَّب. فإن قال: هم حضور، أمر المطلوب أن يعطيه كفيلاً بنفسه ثلاثة أيام. هذا قول أبي حنيفة ومحمد. فإن قال: بينتي غُيَّب، لم يأخذ له منه كفيلاً. وإذا أقام (¬8) عليه شاهداً واحداً، وقال: الآخر حاضر، فإنه يأخذ له منه كفيلاً بنفسه ثلاثة أيام. وإن قال: شاهدي الآخر غائب، لم يأخذ له منه (¬9) كفيلاً. ¬

_ (¬1) ز: والمحتال وكيل للآمر. (¬2) ز + الكفيل. (¬3) ز + الآمر. (¬4) م ز: أن يمنع. (¬5) ز: كفيل. (¬6) ف - للآمر. (¬7) ز: قال. (¬8) م: قام. (¬9) ف - منه.

وإن قال: ليس لي بينة وأنا أريوإن أستحلفه فخذ لي منه كفيلاً حتى أستحلفه (¬1)، فإنه لا يأخذ له منه كفيلاً، ولكنه يستحلفه مكانه. فإن قال الطالب: بينتي حاضرة فخذ لي منه كفيلاً، فقال المطلوب: ليس لي كفيل، فإنه يأمر الطالب أن يلزمه إن أحب حتى يحضر شهوده. وإن أحب أن يستحلفه فعل. ولا ينبغي أن يسجنه (¬2) له. وكل دعوى يدعيها (¬3) الرجل قبل صاحبه من دراهم أو دنانير أو حنطة أو شعير أو سمن أو زيت أو شيء مما يكال أو يوزن دين أو شيء بعينه أو شيء (¬4) من الحيوان إن ادعاه بعينه أو دعوى في دار ادعاه (¬5)، وقال: شهودي حاضرة، فإنه يؤخذ له منه كفيل (¬6) ثلاثة أيام. وإن قال الطالب: خذ لي كفيلاً بالعبد الذي ادعيت أو بالدابة بعينها، فإنه يأخذ له كفيلاً بها أيضاً. وإن كفل واحد بها وبالمطلوب (¬7) فهو جائز لا يكلف غير ذلك. وإن كان الكفيل ليس بتاجر ولا يعرف فأراد الطالب كفيلاً تاجراً أو كفيلاً معروفاً ثقة وأراد (¬8) الطالب أن يكون كفيلاً بنفسه وكيلاً في خصومته فإن القاضي يأمر المطلوب أن يعطيه ذلك ثلاثة أيام. فإن أراد الطالب أن يكون ضامناً لما قضي له به عليه فإن القاضي لا يجبر المطلوب على ذلك. ولا يشبه الدين في هذا الشيء القائم بعينه من الحيوان، لأن الحيوان لا بد أن يحضره القاضي حتى يشهد عليه الشهود. وإذا أعطاه كفيلاً بنفسه إلى ثلاثة أيام فتغيب (¬9) الطالب فإن الكفيل على كفالته حتى يدفع صاحبه ويبرأ منه. وإن بعث القاضي مع الطالب رسولاً فأخذ له كفيلاً (¬10) فكفل الكفيل به للطالب فهو جائز. وكذلك لو أرسل القاضي إلى الكفيل حتى يكفل للطالب عنده ويكتب ذلك في ديوانه فهو جائز. ¬

_ (¬1) ز - منه كفيلا حتى أستحلفه. (¬2) ز: أن يستحيه. (¬3) ز: يدعتها. (¬4) ف - أو شيء. (¬5) ز + بعينه. (¬6) ز: كفيلا. (¬7) ز: أو بالمطلوب. (¬8) ز: فأراد. (¬9) ز: فيغيب. (¬10) ز: كفيل.

وإذا دفعه الكفيل إلى الطالب فهو بريء (¬1)، لأن الكفالة كانت له. وإن كانت الكفالة للقاضي ولرسوله لم يبرأ الكفيل بدفعه إلى الطالب حتى يدفعه إلى القاضي أو إلى رسوله الذي كفل به له. والرجل والمرأة والزوج والزوجة والأخوان (¬2) والأب والأم والولد وكذلك كل ذي رحم محرم في جميع ما ذكرنا في هذا الكتاب سواء. وكذلك أهل الذمة والمكاتب والعبد التاجر والصبي التاجر مطلوباً (¬3) كان أو طالباً (¬4) فهو في جميع ذلك سواء. وكذلك المستأمن من أهل الحرب والمرتد من أهل الإسلام والعبد قد عتق بعضه وهو يسعى في بعض قيمته وأم الولد والمدبر إذا كانوا تجاراً والعبد الذي (¬5) يؤدي الغلة. وإذا (¬6) ادعى رجل قبل رجل وديعة أو غصباً أو قرضاً أو سلماً أو مالاً من أجر دابة أو داراً (¬7)، أو امرأة ادعت مهراً أو ثوباً أعارته أو دابة، فقدمه إلى القاضي، فأنكر ذلك، فسأل الطالب القاضي أن يأخذ له كفيلاً بنفسه، وذكر أن بينته حاضرة، فإنه يؤخذ له منه كفيل (¬8) ثلاثة أيام. فإن أحضر شهوده أخذ بحقه، وإلا أبرأ الكفيل. وإن قدم رجل مكاتبه إلى القاضي في مكاتبته (¬9) فادعى المكاتب أجلاً وصدقه المولى وقال المولى: قد مضى، وقال المكاتب: لم يمض، فقال المولى: عندي بينة حاضرة فخذ لي منه كفيلاً بنفسه، فإنه لا يأخذ له منه كفيلاً بنفسه، لأنه عبده. وكذلك الرجل يدعي قِبَلَ عبده التاجر دعوى وعليه دين أو ليس عليه دين. وكذلك لو ادعى قِبَلَ مكاتبه ديناً غير المكاتبة. فإنه لا يأخذ من أحد من هؤلاء كفيلاً بنفسه، لأنه عبده. ولو ادعى المكاتب قِبَلَ مولاه دعوى فإنه يؤخذ للمكاتب ¬

_ (¬1) ز: يرى. (¬2) ز: والأخوين. (¬3) ز: مطلوب. (¬4) ز: أو طالب. (¬5) ز + يو. (¬6) ز: فإذا. (¬7) ز: أو دار. (¬8) ز: كفيلا. (¬9) ز: في مكاتبه.

كفيل (¬1) من المولى بنفسه. وكذلك العبد التاجر يدعي قِبَلَ مولاه دعوى. فإن كان على العبد دين فإنه يؤخذ له كفيل (¬2) من مولاه. فإن لم يكن عليه دين (¬3) لم يؤخذ له كفيل (¬4) من مولاه، لأنه لا حق له على مولاه إذا لم يكن عليه دين. وإذا ادعى الرجل عبداً أنه عبده، وقال العبد: أنا حر، وقال المولى: عندي بينة حضور، فإنه يؤخذ له منه كفيل. وكذلك الرجل يدعي المرأة، أو المرأة تدعي (¬5) الزوج. وكذلك المرأة تدعي الطلاق قبل زوجها أو الخلع أو المبارأة (¬6). وكذلك المملوك يدعي قبل مولاه عتقاً. وكذلك المكاتب يدعي قبل مولاه أداء المكاتبة والعتق. وكذلك الذمي يدعي قبل المسلم أنه أهراق له خمراً أو قتل (¬7) له خنازير (¬8). فكل هؤلاء يؤخذ لهم كفيل (¬9) بالنفس إذا ادعى أن له بينة حضوراً (¬10). وإذا ادعى رجل قبل رجل دعوى، والمدعى عليه محبوس في حق له حل، فأراد الطالب المدعي أن يخرجه القاضي من السجن حتى يخاصمه، فقال الذي حبسه: خذ لي منه كفيلاً بنفسه وبما عليه، فإنه يخرجه له ويخاصمه وهو معه حتى يرده إلى السجن، ولا يأخذ له منه كفيلاً بنفسه، لأنه في ثقة وهو محبوس. وقال أَبو يوسف ومحمد في الكفالة بالنفس: لا أجعل لها أجلاً، أجعلها مبهمة على قدر وصوله إلى القاضي إذا أخذ اسماً. وإذا كانت الدعوى شيئاً بعينه فخفت أن يغيبها المطلوب، وكان غير ثقة، وضعتها على ¬

_ (¬1) ز: المكاتب من كفيلا. (¬2) ز: كفيلا. (¬3) ز + فإنه يؤخذ له كفيلا من مولاه فإن لم يكن عليه دين. (¬4) ز: كفيلا. (¬5) ز: يدعي. (¬6) هي بمعنى الخلع، يقول الزوج: بارأتك بكذا وتقبله الزوجة. انظر: كتاب الطلاق، باب الخلع، 3/ 65 ظ. (¬7) ز: أو قبل. (¬8) ز: خنازيرا. (¬9) ز: كفيلا. (¬10) ز: حضور.

باب الشهادة في الدين

يدي عدل، ولم أجعل لذلك وقتاً، وجعلتها بمنزلة الكفالة، لأني أخاف أن يغيبها. ولا تستقيم شهادة الشهود إلا عليها بعينها. كثير من الشهود إذا تغيب عنهم الشيء لم يعرفوه ولو شهدوا عليه. وإن كان مما تعرف (¬1) الشهود أو مما لا يغيب لم أضعه على يدي عدل، وكفلته كما كفلت صاحبه، ما خلا العقار، فإنه ليس فيه كفالة، ولا يوضع على يدي عدل حتى تقوم (¬2) بينة. فإذا قامت بينة وكانت (¬3) أرضاً فيها نخل فيها تمر وشجر فيه ثمر (¬4) فلا بد من أن يوضع هذا على يدي عدل إذا خيف المطلوب على استهلاكه. ... باب الشهادة في الدين وإذا ادعى رجل (¬5) على رجل ألف درهم، وقدمه إلى الحاكم، فادعى عليه، وقال المدعي للحاكم: سل هذا الرجل أيقر بمالي أو ينكره (¬6)، فإن الحاكم يسأله عن ذلك. فإن أنكر دعا (¬7) المدعي بالبينة. وإن لم يقر ولم ينكر دعا الطالب بالبينة (¬8). ولا ينبغي للحاكم أن يحبس المطلوب حتى يقر أو ينكر، ولا يجبره على ذلك. وإن قال المطلوب للحاكم: سل الطالب من أي وجه يدعي (¬9) علي هذا المال، فإنه قد كان بيني وبينه خلطة، حتى أعرف ما يريد، فأقر بذلك أو أنكر، فإن الحاكم يسأل الطالب عن ذلك. فإن أخبره قبل ذلك منه. وإن أَبى أن يخبره أو قال: لا أذكر وجهه، لم يجبره على ذلك ولم يحبسه ودعاه بالبينة على ماله. ويسأل القاضي المدعى قِبَلَه: ما لفلان هذا قِبَلَك ¬

_ (¬1) ز: يعرف. (¬2) ز: يقوم. (¬3) ز: وكاتب. (¬4) م ز: ثم. (¬5) ز: الرجل. (¬6) ز: أو تنكره. (¬7) ز: دعوى. (¬8) ف: البينة. (¬9) ز: تدعي.

هذا الحق ولا شيء منه؟ فإن حلف دعى المدعي بشهوده. وإن نكل عن اليمين قضى عليه. وشهادة الرجلين على الدين جائزة. وكذلك رجل وامرأتان (¬1). وكذلك شهادة اثنين على شهادة اثنين. وإن شهد شاهدان لرجل على رجل بألف درهم، فقال أحدهما: هي بِيض، وقال الآخر: هي سُود وبِيض (¬2)، صرف على السود. فإن ادعى الطالب البيض قضيت له بالسود. وإن ادعى المالين جميعاً قضيت له بالسود، لأنه أَوْكَس (¬3) المالين. وإن ادعى السود أبطلت شهادة شاهده على البيض، لأنه أكذبه، ولم أقض له بالسود حتى يحضر شاهداً آخر. وكذا لو شهدا له بكُرّ حنطة، فقال أحدهما: جيد، وقال الآخر: رديء، وادعى الطالب الجيد، فإني (¬4) أقضي له بالرديء. ولو ادعى الرديء أبطلت شهادة الشاهد بالجيد، لأنه أكذبه. وكذلك كل ما يكال إذا كان من صنف واحد. وكذلك كل ما يوزن إذا كان من صنف واحد. وإن اختلف الشاهدان، فشهد أحدهما بكر حنطة، والآخر بكر شعير، فإن ادعاهما الطالب جميعاً لم أقض له بشيء منهما حتى يجيء مع كل شاهد شاهد (¬5) يشهد (¬6) على مثل شهادته. وكذلك إن ادعى أحدهما دون الآخر سألته شاهداً آخر على مثل ما ادعى، وأبطلت شهادة الآخر الذي لم يدعها الطالب. وكذلك كل نوعين مما يكال أو يوزن أو يعد أو يذرع اختلف فيه الشاهدان فهذا مثل ذلك. وقال أَبو حنيفة: إذا شهد شاهدان فشهد أحدهما على مائة والآخر على مائتين (¬7)، والطالب يدعي مائتين، لم تجز شهادتهما؛ لأنهما قد اختلفا. ¬

_ (¬1) ز: وامرأتين. (¬2) م ف ز: وللبيض. (¬3) أي: أقلهما قيمة. والوكس هو النقص كما تقدم. (¬4) ف: فإنه. (¬5) ف - شاهد. (¬6) ز: شهد. (¬7) ز: على مابين.

وقال أَبو حنيفة: لو ادعى الطالب مائة وخمسين، وشهد على ذلك شاهد، وشهد آخر على مائة، أجزت شهادتهما على مائة؛ لأن كل واحد منهما قد تكلم بالمائة وزاد الآخر خمسين. وقال: لو كان الطالب ادعى مائة أبطلت شهادة شاهده بالمائة والخمسين؛ لأنه قد أكذبه. وقال أَبو حنيفة: إذا شهد شاهد بعشرة وشهد آخر بخمسة عشر والطالب يدعي خمسة عشر أبطلت ذلك إلا أن يأتي بشاهد آخر على خمسة عشر. وقال أَبو يوسف ومحمد: هو جائز، وأخذ المطلوب بعشرة دراهم. أَبو يوسف قال؛ حدثنا مِسْعَر بن (¬1) كِدَام عن عمرو بن أبي بكر بن عتبة عن شريح أنه شهد عنده شاهدان أحدهما بسبعمائة والآخر بثمانمائة، فقضى شريح بالأقل (¬2). الحسن بن عمارة (¬3) عن الحكم عن شريح وإبراهيم بمثل ذلك. إسماعيل بن مسلم عن الحسن بن أبي الحسن بمثل ذلك (¬4). وقال أَبو حنيفة: إذا شهد شاهدان لرجل على رجل بألف درهم، فشهد أحدهما أنه أقر أن لفلان عليه ألف درهم قرضاً، وشهد الآخر بمثل ذلك، إلا أنهما اختلفا في الأيام والشهور والبلدان، فقال هذا: أشهدني في يوم كذا، وقال هذا: أشهدني في يوم كذا، وقال هذا: في بلد، وقال هذا: في بلد آخر، وقال هذا: في شهر، وقال هذا: في شهر آخر، وقال هذا: في سنة (¬5)، وقال هذا: في سنة أخرى، فهذا جائزة لأنه إقرار. وكذلك قول أبي يوسف ومحمد. وإذا شهد شاهد على شهادة شاهد في الدين فإنه لا يجوز. وكذلك شهادة؛ النساء وحدهن لا تجوز. وكذلك شهادة الأعمى في الدين إن عمي قبل أن يشهد أو بعدما شهد فإنه لا يجوز. ولا تجوز شهادة المحدود في ¬

_ (¬1) ز - بن. (¬2) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 330. (¬3) ز: بن عمار. (¬4) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 330. (¬5) ف - وقال هذا في سنة.

قذف في الدين ولا في غيره، ولا شهادة العبد والأمة وأم الولد والمدبر والمكاتب في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد في هذا كله. إلا أن أبا يوسف رجع فقال: شهادة الأعمى فيما شهد جائزة، إذا كانت الشهادة قبل العمى فشهد بها بعد العمى جاز. وقال أَبو حنيفة: إذا كان عبد قد عتق بعضه وهو يسعى في بعض قيمته فإن شهادته في الدين وغيره لا تجوز. وقال أَبو يوسف ومحمد: هي جائزة. ولا تجوز شهادة الوالد لولده ولا لأبيه وأمه ولا لجده ولا لجدته ولا لولد ولده من قبل النساء والرجال ولا لامرأته. ولا تجوز شهادة المرأة لزوجها؛ ولا الشريك المفاوض لشريكه في الدين من تجارتهما، وتجوز في الجناية العمد والحدود والقصاص (¬1). ولا تجوز شهادة الشريك شركة عنان لشريكه في دين من (¬2) تجارتهما. وكذلك الأجير وكذلك كل من يدفع عن نفسه بشهادته (¬3) مَغْرَماً أو يجر إليه مَغْنَماً (¬4). ولا تجوز شهادة من له في الدين شرك ومن عليه من الدين (¬5) شيء. ولا تجوز شهادة الداعر (¬6) ولا الفاسق ولا المتهم في شهادته في الدين ولا المخنَّث ولا النائحة ولا المغنية ولا صاحب الحمام الذي يطيرهن. وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وقال أَبو حنيفة؛ شهادة أصحاب الأهواء جائزة إذا كانوا غير متهمين في الشهادة. وكذلك قال أَبو يوسف ومحمد. وقال أَبو يوسف ومحمد: إنما ¬

_ (¬1) أي: شهادة الشريك، وليس شهادة المرأة؛ لأن شهادة المرأة لا تجوز في الحدود والقصاص. (¬2) ز - دين من. (¬3) ز: شهادته. (¬4) م ف ز: معهما. (¬5) ز: في الدين. (¬6) الداعر: الخبيث المفسد. ومصدره الدَّعارة. وهي من قولهم: عود دَعِر، أي: كثير الدخان انظر: المغرب، "دعر".

الأهواء فتيا أفتى بها رجل، فلا ينبغي أن تبطل شهادته (¬1) إن أخطأ في فتياه (¬2). إنما عظم قوم الذنوب حتى جعلوها كفراً فأخطأوا. وهذا منهم فتيا. فلا تبطل شهادتهم بذلك. وشك قوم في الدين فقالوا: لا نقر أنا مؤمنين، فلا تبطل شهادتهم لضعف رأيهم هذا. ألا ترى أن أعظم الذنوب بعد الكفر القتل. ثم دماء أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - أعظم (¬3) الدماء. فقد قتل بعضهم بعضاً. أرأيت لو شهدت عائشة عند علي بن أبي طالب أو شهد عنده سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر وقد تخلفوا عنه أما كان يجيز شهادتهم. فأي اختلاف أعظم مما (¬4) كان بين هؤلاء. وقال أَبو يوسف: سمعت ابن أبي ليلى يقول: شهادة أهل الأهواء جائزة، إنما دخلوا في الأهواء لشدة المبالغة في الدين، إلا الخَطَّابية (¬5)، وهم صنف من الرافضة، فإنه بلغني أن بعضهم يصدق بعضاً بما يدعي ويشهد له به. ولا تجوز شهادة صاحب الخمر الذي يشربها ولا صاحب السُّكْر الذي يُعاقر (¬6) النبيذ حتى يسكر. ولا تجوز شهادة المولى لعبده ولا لمكاتبه (¬7)، ولا شهادته لعبد أبيه ولا لمكاتب (¬8) أبيه ولا مكاتب امرأته ولا عبد امرأته. وكذلك مكاتب أمه وعبد أمه. ¬

_ (¬1) م ز: شهادة. (¬2) ز: إن أخطاء في فتيا. (¬3) ز - أعظم. (¬4) ز: ما. (¬5) هم فرقة غالية من الشيعة، ينسبون إلى أبي الخطاب محمد بن أبي زينب الأسدي، وقد انتسب إلى جعفر الصادق في حياته فتبرأ منه الصادق -رحمه الله-، ثم ادعى الإمامة لنفسه وأن الأئمة أنبياء ثم ادعى أنهم آلهة. أرسل عليه المنصور عيسى بن موسى فقتله في سبعين من أصحابه بالكوفة. انظر للتفصيل: مقالات الإسلاميين للأشعري، 10؛ والملل والنحل للشهرستاني، 2/ 179. (¬6) أي: يدمن الشرب، والعُقَار الخمر، وعاقر الخمر داوم على شربها. انظر: مختار الصحاح، "عقر". (¬7) م ز: المكاتبة. (¬8) م ز: المكاتب.

وشهادة الرجل لامرأة أبيه أو امرأة ابنه (¬1) أو أم امرأته أو ولد امرأته (¬2) أو أخت امرأته جائزة. وشهادة الرجل لأخيه ولعمه ولأخته ولخاله ولكل ذي رحم محرم بعد من سمينا جائزة. وشهادة الرجل من الرضاعة لأبيه من الرضاعة ولأخيه من الرضاعة وأخته (¬3) جائزة. ومن أجزنا شهادته لإنسان فشهادته لمكاتبه ولرقيقه جائزة، ومن لا تجوز شهادته له فإن شهادته لا تجوز لعبده ولا لمكاتبه. حدثنا أَبو يوسف قال: حدثنا عطاء بن السائب عن محمد بن عبيد الله (¬4) الثقفي أنه قال: خاصمت إلى شريح فشهد لي أخي من أمي وأبي. فقال لي خصمي: إنه أخوه. فقال له شريح: هل لك فيما شهد (¬5) به من شيء؟ قال: لا. قال: فأقبل على خصمي فقال: ثكلتك أمك، ما يمنعني أن أجيز شهادته (¬6). مطرف بن طريف عن الشعبي عن شريح أنه كان لا يجيز شهادة الرجل لأبيه ولا لابنه (¬7) ولا لامرأته ولا لعبده ولا العبد لسيده (¬8). وإذا ادعى رجل قبل رجل ألف درهم من ثمن عبد باعه إياه وقبضه، وشهد شاهد على إقرار المطلوب المشتري بذلك، فهو جائز. والمعاينة للبيع ¬

_ (¬1) ز: أبيه. (¬2) م ز + أو ولد امرأته. (¬3) ز: وأخيه. (¬4) م ف ز: عبد الله. والتصحيح مستفاد من كتب الرجال. (¬5) م ف ز: شهدت. (¬6) روي مختصراً في السنن الكبرى للبيهقي، 10/ 202. (¬7) ز: لأبيه. (¬8) م ف ز: لعبد سيده. وانظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 324، 344؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 531.

إقرار. وكذلك القرض. ولو ادعى رجل قبل رجل ألفاً وقال: خمسمائة منها ثمن عبد قد قبضه، وخمسمائة ثمن متاع قد قبضه (¬1)، فشهد أحدهما على خمسمائة ثمن عبد قد قبضه، وشهد الآخر على خمسمائة ثمن متاع قد قبضه، فإنه يجوز من ذلك خمسمائة. ولو شهد شاهدان (¬2) لرجل على رجل بألف درهم، وشهد أحدهما أنه قد قضى منها خمسمائة، فأنكر الطالب القبض، فإن شهادتهما بالألف جائزة، وشهادة الواحد عليه بالخمسمائة باطل، وليس هذا بإكذاب له؛ لأنه لم يكذبه فيما شهد له. أرأيت لو لم يشهد أنه قضاه خمسمائة ولكنه شهد أنه أخره سنة وأنكر الطالب ذلك ألم أقض له بالألف. فكذلك الأول. ولو شهد شاهدان لرجل بألف درهم، وقال الطالب: إنما لي عليه خمسمائة، وقد كانت ألفاً، فقبضت منها خمسمائة، ووصل الكلام أو لم يصله، فإن شهادتهما له جائزة بخمسمائة؛ لأنه لم يكذبهما. ولو قال: لم يكن لي (¬3) عليه قط إلا خمسمائة، أبطلت شهادتهما؛ لأنه قد أكذبهما (¬4). ولو شهدا له بألف من ثمن جارية قد قبضها المشتري، فقال البائع: قد أشهدهما (¬5) المشتري بهذه (¬6) الشهادة، والذي لي عليه من ثمن متاع، أجزت شهادتهما له، لأنه لم يكذبهما. ولو قال لم يشهدهما بهذا ولكنه أشهدهما أنه من ثمن متاع، أبطلت شهادتهما له. وكذلك الكفالة في هذا الموضع. لو شهدا أنه أقر أنه كفل له بألف عن فلان، وقال الطالب: قد أقر بذلك ولكن الكفالة كانت (¬7) عن فلان، كان له أن يأخذه بالمال. ولو قال: لم يقر بهذا إنما أقر أنها كانت عن فلان، لم يكن له أن يأخذه بشيء؛ لأنه قد أكذبهما. ولو أنكر المطلوب أن ¬

_ (¬1) ز + وجاء بشاهدين. (¬2) ز: شاهدين. (¬3) ف - لي. (¬4) ز: قد أكذبها. (¬5) ف: قد أشهده. (¬6) ز + الشها. (¬7) ز: كاتب.

يكون لفلان عليه شيء، فأقام عليه شاهدين بألف درهم، فجاء المطلوب بشاهدين يشهدان بالبراءة منها، وأنه قد دفعها إليه، أجزت ذلك ولم أرد شهوده لإنكاره (¬1). وإن كان كفيلاً أو محتالاً عليه فهو سواء. ألا ترى أنه لم يكذب شهوده. ولو قال: لم يكن له علي شيء قط، فأقام الآخر عليه بينة بألف درهم، فجاء المطلوب بالبينة على البراءة منها والدفع، قبلت ذلك منه وأبرأته؛ لأنه لم يكذب الشهود بقوله: لم يكن له علي شيء قط ولكني افتديت نفسي من الباطل الذي ادعى علي. ولو قال: لم يكن له علي شيء قط، أو لم أدفع إليه شيئاً (¬2)، أو لم (¬3) أقض شيئاً، أو لم أعرفه، أو لم أكلمه، أو لم أخالطه، لم أقبل البينة على دفع المال؛ لأن قوله ذلك إكذاب للشهود (¬4). وشهادة الرجل والمرأتين على دفع المال جائزة. وكذلك شهادة الشاهدين على شهادة الشاهدين. وكذلك لو قال هذا: أشهدني في يوم، وقال الآخر: أشهدني في يوم غير ذلك. وكذلك البلدان فشهد هذا في بلد أوهذا في بلد،. وكذلك الشهود إذا شهد هذا في شهر وهذا في شهر؛ لأن البراءة إقرار من الطالب، فلا يضر اختلاف الأيام والبلدان والشهور. وكذلك الشهادة على البراءة من كفالة مال أو كفالة بالنفس أو من حوالة فهو في ذلك كله سواء. ولو كان كفلاء (¬5) ثلاثة بعضهم على بعض فشهد اثنان على واحد أنه دفع المال الذي عليهم لم تجز شهادتهما، ولم يرجع عليهما بشيء مِن قِبَل أنهما لم يبرآ (¬6) من المال. ولو ادعى (¬7) ثلاثة رهط على رجل ألف درهم ¬

_ (¬1) ز: لا بكارة. (¬2) ز: شي. (¬3) م ف ز: ولم. (¬4) م ف ز: الشهود. (¬5) ز: كفيلا. (¬6) ز: لم يبرءان. (¬7) م ف ز + عليه. والتصحيح من ب.

باب دفع المطلوب وما يصدق فيه

فجحدها المدعى عليه (¬1) وهم شركاء فيها فشهد اثنان منهم على المطلوب فإن شهادتهما لا تجوز؛ لأنهم قد شهدوا بمال هم فيه شركاء. ... باب دفع المطلوب وما يصدق فيه وإذا كان لرجل على رجل ثلاثمائة درهم، كل مائة درهم في صك، صك منها قرض، وصك منها كفالة عن رجل، وصك منها كفالة عن آخر، فدفع المطلوب مائة درهم إلى الطالب، وأشهد بها عليه، وأشهد أنها من صك كذا وكذا، فهي من ذلك الصك. وإن لم يشهد بذلك فقال المطلوب: هي من كفالتي عن فلان، وقال الطالب: هي من كفالتك عن فلان آخر، أو قال: هي من القرض (¬2)، فإن أبا حنيفة قال: القول في ذلك قول الدافع مع يمينه. وكذلك قول أبي يوسف ومحمد. ولو لم يقل الدافع شيئاً حتى مات (¬3) كانت المائة من كل صك ثلثه. وكذلك إن مات الدافع والمدفوع إليه واختلف الورثة فإنها من كل صك ثلثه، إلا أن تقوم (¬4) بينة على شيء واحد منها، فيكون من ذلك، أو يتصادق الورثة، أو يكون القابض حياً فيقول شيئاً يصدقه ورثة الدافع. ولو كان لرجل على رجلين ألف درهم في صك، ثم إن أحدهما كفل عن صاحبه بأمره، ثم أدى خمسمائة مما في الصك، فجعلها من حصة المكفول عنه جاز ذلك. وإن لم يقل ذلك عند الدفع (¬5)، وجعلها بعد ذلك من حصة المكفول عنه، فإن القول قوله، ويرجع بها على المكفول عنه. ولو (¬6) لم يؤد شيئاً حتى كفل الآخر عنه أيضاً بأمره فصار كل واحد منهما ¬

_ (¬1) ز - عليه. (¬2) ز: من القراض. (¬3) ز: ماتت. (¬4) ز: أن يقوم. (¬5) ز: الدافع. (¬6) م: ولم.

باب الكفالة في المرض

كفيلا (¬1) عن صاحبه، أو كانت (¬2) الكفالة على ذلك في أصل الصك في عقدة البيع أو القرض، فأيهما ما قضى شيئاً فهو من حصته خاصة دون حصة صاحبه حتى يوفي حصته. ولا يشبه هذا الأول. وإذا كان الرجلان كل واحد منهما كفيلاً (¬3) عن صاحبه بألف درهم من ثمن بيع ابتاعاه جميعاً، فقضى أحدهما الطالب مالاً على أنه من حصة صاحبه، فإنه (¬4) لا (¬5) يكون من حصة صاحبه، ولا يكون إلا من حصته حتى يؤدي النصف. ولو كانوا ثلاثة بعضهم كفلاء على بعض كان ما أدى أحدهم من حصته إلى الثلث. فإذا جاوز (¬6) الثلث فما أدى فهو من حصة صاحبيه (¬7)، لا يستطيع أن يجعلها من حصة أحدهما دون الآخر من قبل أن بعضهم كفلاء عن بعض. ولو كانوا مكاتبين ثلاثة بعضهم كفلاء عن بعض فأدى بعضهم طائفة من المكاتبة لم تكن (¬8) من حصته خاصة، وكانت من جميع المكاتبة. ولو جعلها من حصته لم يكن له ذلك. ولا يشبه هذا الكفالة بالمال؛ لأن هذا لا يعتق إلا بأداء المال كله. وإذا كان لرجل على رجل دين مائة درهم، وكان له عنده وديعة مائة درهم، فدفع إليه مائة درهم، فقال الطالب: هي وديعة، وقال المطلوب: قد هلكت الوديعة، وهي من الدين الذي لك علي، فالقول قول الدافع مع يمينه. ... باب الكفالة في المرض وإذا كفل رجل بمال عن رجل في مرضه الذي مات فيه، فإن كان ¬

_ (¬1) ز: كفيل. (¬2) ف: إذ كانت؛ ز: أو كاتب. (¬3) ز: كفيل. (¬4) ز - فإنه. (¬5) ز: فلا. (¬6) ف: حار. (¬7) ز: من حصته صاحبه. (¬8) ز: لم يكن.

عليه دين يحيط بماله فالكفالة باطل. وإن لم يكن عليه دين فالكفالة جائزة من الثلث. وإن كانت لوارث فإن هذا لا يجوز. وكذلك إن كانت عن وارث؛ لأن في هذا منفعة للوارث. والكفالة بمنزلة الوصية، فلذلك لا تجوز لوارث ولا عن وارث. وإذا كانت لغير وارث فإنها لا تجوز إلا من الثلث. ولو صح المريض وبرأ من ذلك المرض جازت الكفالة بالمال لوارث وعن وارث وعن الغريب وللغريب بأمره وبغير أمره. وإن مات من ذلك المرض وهي بأمر المكفول عنه أو بغير أمره فهو سواء على ما وصفت لك. وإن كفل مريض (¬1) عن رجل بألف درهم - ولا دين عليه - بأمره، ثم أقر بدين يحيط بماله، فإن الدين الذي أقر به أحق بما ترك من الكفالة، مِن قِبَل أنها معروف. ولو كان له ثلائة آلاف، فكفل بألف درهم لرجل عن رجل بأمره، ثم مات، جاز ذلك، وأخذ من ماله ألف درهم، ويرجع ورثته على الذي أمره بذلك. والكفالة والضمان والحوالة في ذلك كله سواء. وكذلك لو قال: انقد عني فلاناً ألف درهم، ففعل، أو قال: اقض عني فلاناً الألف درهم التي له علي، فهذا كله سواء، وهو باب واحد. وإن كان لوارث أو عن وارث لم يجز بعد أن يموت من ذلك المرض، وللورثة أن يقبضوا (¬2) من الغريم ما قبض إذا كان والغريم وارثاً. وإن كان غير وارث والكفالة عن وارث فهو سواء، وللورثة أن يرجعوا بذلك على القابض حتى يُستوفَى منه ما أخذ. وإن كانت (¬3) الكفالة لغير وارث أو عن غير وارث وهي جميع مال الميت وقد أداها فإنه يؤخذ من القابض الثلثان (¬4) من ذلك، ويُرجَع بذلك على الآمر بالثلث من ذلك. ... ¬

_ (¬1) ف - مريض. (¬2) ف: أن يقضوا؛ ز: أن يقبض. (¬3) م ف ز: ما أخذوا وكانت. (¬4) ز: الثلثين.

باب موت الكفيل

باب موت الكفيل وإذا مات الرجل وقد كَفَلَ (¬1) بألف درهم عن رجل بأمره في صحة من الكفيل إلى أجل مسمى، فمات الكفيل قبل الأجل، فإن المال يحل على الكفيل، ويؤخذ من ماله، ولا يرجع ورثة الكفيل على الذي عليه الأصل حتى يحل المال. ولو كان المطلوب الذي عليه الأصل هو الذي مات قبل الأجل أخذ المال من ماله، ولا يرجع على الكفيل بشيء قبل الأجل. ولو حل المال عليهما ثم مات الكفيل وعليه دين كثير، فضرب المكفول له مع غرمائه، ودينه ألف، فأصابه خمسمائة من ذلك، ثم مات الذي عليه الأصل وترك ديناً كثيراً عليه، ضرب المكفول له في ماله بخمسمائة درهم الذي بقي له، وضرب وارث الكفيل بخمسمائة درهم الذي أدى، وضرب غرماء الميت بالذي لهم. فما أصاب وارث الكفيل فإنه يقسم بين غرمائه بالحصص، ويضرب فيه المكفول له بما بقي له. ولو أن متفاوضين عليهما ألف درهم ماتا جميعاً وتركا ألف درهم وعلى كل واحد منهما ألف درهم مهر (¬2) امرأته، قسم المال بينهما نصفين (¬3)، فضرب الطالب في مال أيهما شاء بألف درهم، والمرأة بألف درهم (¬4)، ثم تضرب (¬5) مع امرأة الآخر بما بقي، وتضرب هي بالذي لها. ولا يرجع ورثة الذي أخذ منه أول مرة في ماله الثاني بشيء، إلا أن يكون أصاب الطالب من ماله أكثر من النصف، فيضربون بالفضل الذي أدى صاحبهم، ويكون لامرأته وللطالب إن بقي له شيء بالحصص. ... ¬

_ (¬1) م ف + له. (¬2) ز: مهرا. (¬3) ز: نصفان. (¬4) ز - والمرأة بألف درهم. (¬5) ز: ثم يضرب.

باب ادعاء الكفيل أن المال من ثمن خمر أو ربا ييطل المال عن الكفيل أو لا

باب ادعاء (¬1) الكفيل أن المال من ثمن خمر أو ربا ييطل المال عن الكفيل أو لا وإذا كفل رجل عن رجل (¬2) بألف درهم عن أمره ثم غاب الذي عليه الأصل، فادعى الكفيل أن الألف درهم من ثمن خمر، فإنه ليس بخصم في ذلك. ولو جاء ببينة على إقرار الطالب بذلك لم يصدق بعد أن يكون الطالب يجحد ذلك. ولو أراد استحلاف الطالب على ذلك لم يكن له عليه. وكذلك الضمان. وكذلك الحوالة. وكذلك لو كان كل واحد منهما كفيلاً ضامناً (¬3) للمال عن صاحبه؛ لأن الأصل على غير هذا الكفيل، فلا يكون خصماً فيما على غيره. وإن أدى الكفيل المال إلى الطالب وغاب الطالب وحضر المكفول عنه فقال: المال من ثمن خمر، وجاء ببينة لم يكن بينه وبين الكفيل خصومة في ذلك، ويدفع المال إلى الكفيل، ويقال للمكفول عنه: اطلب صاحبك فخاصمه، فأما الكفيل فإنما أدى عنك بأمرك، فعليك أن تخلصه. وقال أَبو حنيفة: لو أقر الطالب عند القاضي أن ماله من ثمن خمر، أو قال: ليس لي على الذي عليه الأصل شيء، أبرأت الكفيل، وأبرأت الذي عليه الأصل. وقال أَبو حنيفة: إن جحد الطالب ذلك وادعى الكفيل لم يكن بينهما خصومة في ذلك. ولو أقر الطالب بذلك فأبرأ (¬4) القاضي الكفيل ثم حضر المكفول عنه فأقر أن المال عليه قرض لزمه المال إن صدقه الطالب بذلك، ولا يصدقان على الكفيل. ولو أن رجلاً مسلماً باع رجلاً خمراً بألف درهم، ثم أحال مسلماً ¬

_ (¬1) ز: ادعى. (¬2) ز - عن رجل. (¬3) ز: كفيل ضامن. (¬4) ز: فابراء.

عليه بها، والمحتال بها يطلب (¬1) المحيل بألف درهم فجعلها له بذلك، ثم غاب المحيل، وقال المحتال عليه: المال (¬2) الذي علي من ثمن خمر، وأقام البينة، فإن أبا حنيفة قال: لا خصومة بين هذا وبين الطالب في ذلك. وكذلك قال أَبو يوسف ومحمد (¬3): المال بضمانه، فإذا حضر المحيل خاصمه، فإن أقام عليه بينة بذلك رجع عليه بالمال، ولو لم يؤد (¬4) المال حتى يحضر المحيل فخاصمه وجاء بالبينة أنها من ثمن خمر فأُبْطِلُها عنه. فإن كان أحال عليه فإنها تَبْطُلُ عنه، وكذلك الضمان. وإن (¬5) كان أحال عليه بألف درهم لم يبرأ منه، ولكنه يؤديها ويرجع بها. وإذا باع رجل رجلاً عبداً بألف درهم، ولرجل آخر محلى البائع ألف درهم، فأحاله على المشتري بالمال الذي باع به العبد، ثم إن العبد استحق، وحضروا جميعاً القاضي، فإن القاضي يبطل الحوالة. وكذلك الكفالة والضمان. ولو كان العبد حراً فأقام على ذلك البينة، فأعتقه القاضي، بطل المال والحوالة والضمان والكفالة. ولو لم يكن حراً ولم يستحق ولكنه وجد به عيباً فرده بقضاء قاض أو بغير (¬6) قضاء (¬7) قاض، فإن الكفيل لا يبرأ من المال. وكذلك الضمان والحوالة من قبل أن أصل المال كان حقاً ثابتاً. ولا يشبه هذا الحر والعبد المستحق. وإذا باع رجل عبداً من رجل بألف درهم، ثم أحال غريماً له عليه بثمن العبد، ثم مات العبد قبل أن يقبضه المشتري، فاختصموا إلى القاضي، فإنه يلزمه الضمان والحوالة والكفالة، ويرجع بها إذا أداها على البائع. أرأيت لو كان قضاها إياه ثم مات العبد هل كان له أن يرجع فيها. أرأيت لو قضاه بعضها ثم مات العبد وقد بقي النصف هل يبطل ما بقي. فإن كان يبطل فهل ¬

_ (¬1) ز: بطلت. (¬2) م ف ز: بالمال. (¬3) أي: هما موافقان للإمام في أنه لا خصومة بينهما، ويقولان ما يأتي. والحاصل أنه لا خلاف بين الإمام والصاحبين في المسألة. انظر: الكافي، 2/ 140 و؛ والمبسوط، 20/ 86. (¬4) ف: ولم يؤد؛ ز: لم يؤدي. (¬5) ز: فإن. (¬6) ز - بغير. (¬7) ز: بقضاء.

باب الكفالة بما لك على فلان

يرجع بما أعطى. لا يرجع، ولا يبطل ما بقي، ولا يرد ما قبض. فإذا أحال رجل رجلاً على رجل بألف درهم كانت للمحتال على المحيل، وكان مثلها للمحيل على المحتال عليه، فمات المحتال عليه وعليه دين قبل أن يقبض المحتال ما له عليه، فإن الحوالة تبطل. وكذلك الضمان. ويصير المال بين غرماء المحتال (¬1) عليه جميعاً بالحصص. يضرب فيه المحتال بماله. فإن بقي شيء من هذا رجع به على الذي عليه الأصل. ولا يشبه هذا العبد. هذا لا يبطل من الأصل. إنما يرجع إلى صاحبه لأن عليه ديناً (¬2). وذلك يبطل من الأصل. وقد كان يوم كفل واجباً عليه. والكفالة والحوالة والضمان في ذلك كله سواء. والمرأة والرجل وكل ذي رحم محرم في (¬3) ذلك كله (¬4) سواء. والحر والعبد التاجر والمكاتب وأهل الذمة وأهل الإسلام في ذلك كله سواء. ... باب الكفالة بما لك على فلان فإذا قال الرجل لرجل (¬5): ما وجب لك على فلان فهو إلي، ورضي الطالب بذلك، فقال المطلوب: لك علي ألف درهم، وقال الطالب: بل لي عليك ألفان (¬6)، وقال الكفيل: ما لك عليه شيء، فإن القول قول المطلوب، وعلى الكفيل ألف درهم. وكذلك لو قال: ما أقر لك به من شيء فهو علي، أو ما ذاب (¬7) لك عليه فهو علي، أو ما قضي لك به عليه فهو علي، فما أقر به المكفول عنه فهو لازم للكفيل، ما خلا القضاء فإنه يلزمه إذا قضي (¬8) بإقراره وإن جحد. وإن قال الكفيل: إنما لك عليه ¬

_ (¬1) ف ز: المحلل. (¬2) ز - دينا. (¬3) م ز: وفي. (¬4) ز - كله. (¬5) م ف ز + على. والتصحيح من ب. (¬6) ز: ألفين. (¬7) أي: ما وجب كما تقدم. (¬8) ز: إذا قضا.

باب الحبس في الدين وغيره

كذا كذا، لشيء أقل من ذلك، فإنه لا يصدق، ويلزم الكفيل ما أقر به المكفول عنه. وهذا قول أبي حنيفة استحساناً (¬1)، وليس بقياس. ... باب الحبس في الدين وغيره وقال أَبو حنيفة: ينبغي للحاكم أن يحبس في الدين قرضاً كان أو غصباً أو ثمن بيع أو سلماً أو مهراً. وكل دين (¬2) فإن أبا حنيفة كان يحبس فيه ما خلا دين الولد على الأب أو على الأم، فإن أبا حنيفة كان لا يحبس في ذلك. وكان أَبو حنيفة لا يحبس أول ما يتقدم إليه ويقول: قم فأرضه، فإن عاد به إليه حبسه له. وهو قول أبي يوسف ومحمد. المغيرة الضبي عن إبراهيم النخعي عن شريح أنه كان يحبس في الدين (¬3). الحسن بن عمارة عن الحكم عن يحيى بن الجزار عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه كان اتخذ سجناً فكان يحبس فيه، وسماه نافعاً، وبنى سجناً آخر وسماه مُخَيَّساً، وكان يحبس فيه. وقال في ذلك شعراً: ألا تراني (¬4) كَيِّساً مُكَيَّساً ... بنيتُ بعد نافع مُخَيَّساً (¬5) ¬

_ (¬1) ز: استحسان. (¬2) م - دين؛ صح هـ. (¬3) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 305 - 306؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 349. (¬4) م ف: ألا ترى أني. والتصحيح من الكافي، 2/ 140 ظ؛ والمبسوط، 20/ 88. وقال المطرزي: أما تراني ... انظر: المغرب، "كيس". (¬5) انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 275. قال المطرزي: الكَيْس: الظرف وحسن التأني في الأمور. ورجل كَيِّس من قوم أكياس. وأنشد علي - رضي الله عنه -: أما تراني كَيِّساً مُكَيَّساً بنيتُ بعد نافع مُخَيَّساً. وهما [أي: نافع ومخيس] سجنان كانا له - رضي الله عنه - والمُكَيَّس المنسوب إلى الكَيْس. والتخييس التذليل، ومُخَيَّس اسم سجن لعلي - رضي الله عنه -، وحقيقته موضع التخييس. انظر: المغرب، "خيس، كيس".

وحدثنا محمد عن (¬1) أبي عاصم الثقفي عن الشعبي أن رجلاً أتى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فقال: يا أمير المؤمنين، أجرني. فقال: مما؟ قال: من دم. فقال عمر - رضي الله عنه -: السجن. ثم قال عمر: كأنك بالطَّلَبَة قد جاؤوا (¬2). وقال أَبو حنيفة: لا أبيع مال المسجون في دين عليه وإن طال حبسه، إلا أن آخذ له دراهم (¬3) فأقضيها، أو تكون عليه دراهم فآخذ له دنانير فأصرفها دراهم، أو تكون (¬4) عليه دنانير فآخذ له دراهم، فأصرفها. وأما ما سوى ذلك فلا أبيعه (¬5). ولا أفلّسه، لأن الرجل قد يفلس اليوم ويصيب (¬6) غداً مالاً. وقال أَبو يوسف ومحمد: يبيع أموالهم في الدين. وكان ابن أبي ليلى يبيع أموالهم في الدين (¬7). عبيد الله بن عمر عن عمر بن عبد الرحمن بن دَلاَف عن (¬8) أبيه أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - خطب الناس فقال: إن أُسَيْفِع جُهَيْنَة (¬9) رضي من دينه وأمانته بأن يقال (¬10): سَبَقَ الحاجَّ (¬11)، فادّان مُعْرِضاً (¬12) حتى ¬

_ (¬1) ف: بن. (¬2) أي: أن الذين في طلبك سيأتون الآن. انظر: طلبة الطلبة للنسفي، ص 142. والطلبة هم الجماعة من الناس الذين يطلبون شيئاً. انظر: لسان العرب، "طلب"، وتاج العروس، "طلب". (¬3) ز: دراهما. (¬4) ز: دراهما أو يكون. (¬5) ز: أتبعه. (¬6) ف ز: يصيب. (¬7) م ف ز: في دين. (¬8) م ف: وعن. (¬9) أسيفع تصغير أسفع: وهو عَلَم أو صفة للرجل، وأسفع أي: أسود. أما جهينة فقبيلة معروفة. انظر: المغرب، "سفع". (¬10) م ف ز: يقول (مهملة في ف). (¬11) وذلك أنه كان يشتري الرواحل قبل الحج بثمن غال حتى يسبق الحاج. انظر مصادر الحديث الآتية. (¬12) ادّان، أي: استدان، معرضاً، أي: غير مبال. انظر: المغرب، "سفع".

رِينَ (¬1) به، فمن كان [له] (¬2) عليه شيء (¬3) فليَغْدُ علينا، فإنا نقسم ماله بين غرمائه، وإياكم والدين، فإن أوله هم وآخره حرب (¬4). وكان أَبو حنيفة إذا حبس الرجل شهرين سأل (¬5) عنه، وسأل عنه أول ما حبسه. فإن كان معسراً أخرجه ولم يحل بين الطالب وبين لزومه. ولكنه لا يحبسه بعد ذلك إذا علم أنه مفلس، أو سأل عنه فأخبر عنه بذلك. والكفيل بالمال والذي عليه المال خاصة في ذلك كله سواء. والكفيل في طلب المال وفي الحبس بمنزلة صاحب المال. وكذلك وصي اليتيم. وكذلك الأب يحبس بمال ابنه وهو صغير في عياله. وكذلك الجد أَبو الأب إذا مات الأب فطلب بدين (¬6) ابن ابنه. وليس أحد بمنزلة هؤلاء في الصبي. ولا يحبس أحد لأحد بعد هؤلاء. وكذلك لو أن أحداً ممن ذكرت طلب ديناً كان له أن يحبس كما وصفت لك. وكذلك الوكيل له أن يحبس في دين الذي وكله به رب المال بمنزلة هؤلاء. الكلبي ومحمد بن إسحاق عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه حبس بني قريظة حين نزلوا على حكم سعد في دار ابنة الحارث حتى ضرب رقابهم (¬7). ¬

_ (¬1) م ف ز: حتى دين. والتصحيح من ب ومصادر الحديث. ورِينَ بمعنى غُلب، أي: وقع في شيء لا يستطيع الخروج منه. انظر: المغرب، "سفع". وإن صحت الرواية بلفظ, دين" فإنه يكون بمعنى جوزي من وإن يدين. انظر: أوجز المسالك إلى موطأ مالك للكاندهلوي، 12/ 375. (¬2) من ب؛ والكافي، 2/ 140 ظ؛ ومصادر الحديث. (¬3) ز: شيئاً. (¬4) م ف ز: حزن. والتصحيح من المبسوط، 20/ 88؛ ومصادر الحديث. وقد رواه الإمام مالك وغيره. انظر: الموطأ، الوصية، 8؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 536؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 6/ 49، 10/ 141. ومعنى حَرْب، أي: نزاع، أو هو بفتح الراء وسكونها أيضاً بمعنى السلب، أي: أن يؤخذ مال الرجل ويترك لا شيء له. انظر: أوجز المسالك إلى موطأ مالك للكاندهلوي، 12/ 376. (¬5) م: سأله. (¬6) ز - بدين. (¬7) السيرة النبوية لابن هشام، 4/ 200.

وإذا حبس القاضي الرجل بألف درهم كفل بها عن رجل فأراد الكفيل أن يحبس المكفول عنه بذلك حتى يخلّصه فإن له ذلك. وكذلك (¬1) لو لزمه الطالب كان له أن يلزم الذي عليه الأصل إذا كان كفل عنه بأمره، وليس للكفيل أن يأخذ المال حتى يؤديه. فإذا حبس القاضي رجلاً (¬2) بدين عليه فجاء غريم له آخر يطلبه بدين، فإن القاضي يخرج المطلوب من السجن حتى يجمع بينه وبين هذا المدعي. فإن قامت له بينة عليه وعُدِّلُوا كتب اسمه فيمن حبسه أيضاً مع الأول. وإن لم تكن (¬3) له بينة وأقر له المحبوس فإن إقراره جائز يلزمه ذلك، ويكتب اسمه فيمن حبسه. ولو كان القاضي قد فلّسه كان إقراره جائزاً أيضاً في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. رجع أَبو يوسف بعدُ فقال: تفليس القاضي جائز، فإذا فلّسه لم يجز إقراره بعد ذلك ولا بيعه ولا شراؤه في قول شريح وإبراهيم النخعي وابن أبي ليلى، ولا شيء مما يصنع من هبة أو صدقة أو إجارة في ماله الذي في يديه. وهو قول محمد. الحسن بن عمارة عن الحكم عن شريح وإبراهيم النخعي أنهما قالا: إذا فلّس القاضي رجلاً لم يجز إقراره بدين إلا ديناً (¬4) كان عليه قبل التفليس. وقال أَبو حنيفة: أرأيت لو أعتق عبداً من عبيده أو ادعى أنه ابنه أو تزوج امرأة أما كان ذلك جائزاً عليه. أرأيت إن أعتق أمة أله أن يطأها، أو أقر أنها ابنته أله أن يطأها. وليس السجن والحبس بتفليس ما لم يُشهد القاضي أنه قد فلّسه (¬5) في قول من يجيز التفليس. ¬

_ (¬1) ف - وكذلك. (¬2) ز: رجل. (¬3) ز: لم يكن. (¬4) ز: إلا دين. (¬5) ز: قد أفلسه.

ولو قضى وهو في السجن بعض غرمائه مالاً دون بعض جاز ذلك في قول أبي حنيفة، ولا يجوز في قول من يفلّس. وهذا يبين لك أن التفليس ليس بشيء في قول أبي حنيفة (¬1). ولا ينبغي للقاضي أن يضرب محبوساً في دين ولا يقيده. جويبر عن الضحاك بن مزاحم (¬2) عن عبد الله بن مسعود أنه قال: ليس في هذه الأمة صَفْد (¬3) ولا قَيْد ولا غُلّ (¬4) ولا تجريد (¬5). ولا ينبغي للقاضي أن يقيم (¬6) رجلاً (¬7) في دين ولا يؤاجره، ولكنه يحبسه. ويحبس الأخ لأخيه بالدين، والزوج لزوجته، والعم لابن أخيه، والرجل لعمه (¬8) ولخاله، والرجل لابن أخته (¬9) والرجل لأخته (¬10). ويحبس الولد لوالديه: للأم والأب وللجد. وكذلك يحبس ولد الولد. فأما الأب والأم (¬11) والجد فلا يحبس أحد من هؤلاء لولدهم بالدين. ويحبس الزوج لامرأته بالنفقة. وكذلك كل من يجبره على النفقة فإنه يحبسه بها إذا لم يؤدها. وكذلك الولد يحبسه أبواه (¬12) وأمه بنفقتهم إذا لم يدفعها. وكذلك ¬

_ (¬1) ف - ولا يجوز في قول من يفلس وهذا يبين لك أن التفليس ليس بشيء في قول أبي حنيفة. (¬2) ز: بن يزاحم. (¬3) صفده صفداً من باب ضرب، أي: أوثقه، ويكون بالحديد وغيره. انظر: المغرب، "صفد". (¬4) الغل وجمعه أغلال قيد يجمع اليد إلى العنق. انظر: لسان العرب، "غلل". (¬5) المصنف لعبد الرزاق، 7/ 373؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 8/ 326. (¬6) أي: لا يؤمر بالقيام بين يدي صاحب المال إهانة له. انظر: المبسوط، 20/ 90. (¬7) ز: رجل. (¬8) م ز: لعمته. (¬9) م ز: أخيه. (¬10) م: لأخيه؛ ز - والرجل لأخته. (¬11) ف - والأم؛ ز - وللجد وكذلك يحبس ولد الولد فأما الأب والأم. (¬12) ز: أبويه.

الوالد والوالدة والجد والجدة يحبسون في نفقة أولادهما إذا لم يعطوها (¬1) في عفو. ولا تشبه النفقة عندي الدين؛ لأن النفقة لا بد منها. ألا ترى أنهم يضيعون (¬2) إن لم تجر (¬3) عليهم النفقة. والدين ليس كذلك. ولو أقر رجل بدين أو قامت عليه بينة فقضى به القاضي أو أَبى أن يحلف فقضى به عليه قاض (¬4) فإنه يحبسه بذلك كله. وكذلك العارية يجحدها، والوديعة (¬5) والمضاربة يجحدها، أو يخالف فيها فيضمنها. وكذلك الغصب. وكذلك كل دين من تجارة أو سلم أو قرض أو غيره. وإن حضر رمضان أو الفطر أو الأضحى فطلب المحبوس في الدين إلى القاضي أن يخرجه فإنه لا ينبغي للقاضي أن يفعل. فإن أعطاه كفيلاً بنفسه وقال: أخرجني حتى أشهد العيد ثم ردني، فإنه لا يفعل. ولو أخرجه لذلك أخرجه للجمعة وللصلاة المكتوبة وللحج إن كان لم يحج قط. فهذا أوجب (¬6) من العيد. ولو مات أحد من أهله فأراد أن يشهد جنازته لم يخرجه لذلك. إنما يطلب إلى الحاكم أن يحبس الغريم لأن يضجر حتى يؤدي ما عليه. فإذا كان يخرجه لحوائجه هذه لم يشق عليه الحبس. وإذا حبس ثلاثة أشهر أو شهرين أو أكثر، فطلب إلى القاضي أن يسأل عنه في السر، سأل عنه. فإن أخبره عنه ثقة بحاجة خلى سبيله ولم يحل بين غريمه وبين لزومه. فإن شهد عليه شهود أنه موسر وأن (¬7) له مالا أخذ بشهادتهم، وطرح المسألة في السر أبداً حتى يؤدي ما عليه. وإذا كان الرجل محبوساً بدين لرجل وبدين لآخر فأدى إلى أحدهما (¬8) فإنه يحبس للآخر حتى يؤدي إليه حقه. وإن أدى إليه مالاً إلا شيئاً يسيراً لم يخرج من السجن حتى يؤدي ما بقي. ¬

_ (¬1) ز: لم يعطونها. (¬2) ز: يصنعون. (¬3) ز: لم تجري. (¬4) ز: قاضي. (¬5) ف - والوديعة. (¬6) ز: واجب. (¬7) ز: فأن. (¬8) ز: إلا أحدهما.

ولو أن رجلاً قَدَّمَ رجلاً له عليه درهم أو أقل من ذلك أو أكثر، فأبى المطلوب أن يؤدي ذلك، فإن القاضي يحبسه به. والقليل والكثير في ذلك سواء. وأهل الذمة مثل أهل الإسلام في الحبس. وكذلك العبد التاجر أو المكاتب يكون عليه الدين أو يكون له دين، فهو في ذلك سواء. وكذلك النساء يحبسن في الدين كما يحبس الرجال. ولكن ينبغي أن يكون للنساء محبس (¬1) على حدة، ولا يكون معهن فيه رجل. ولا ينبغي أن يمنع المسجون من دخول أهله وإخوانه عليه. ولا يحبس المكاتب لمولاه بالمكاتبة، ولكنه إن لم يكن عنده مال حاضر (¬2) رده في الرق (¬3). ولو كان للمكاتب على مولاه طعام (¬4) ومكاتبته دراهم فأراد المكاتب حبس مولاه في دينه ذلك فإنه يحبس له بذلك حتى يؤدي إليه ذلك. وكذلك العبد التاجر يكون عليه الدين ويكون له على مولاه دين فإن المولى يحبس له بذلك حتى يؤدي إليه. والغلام التاجر الذي لم يحتلم في الحبس مثل الرجل. والغلام الذي يستهلك المتاع فيضمن قيمته وله أب حي أو وصي وله مال أو رقيق وعرض وليس بتاجر مثل ذلك. ولا يُحبس العاقلة في الدية ولا في شيء من الأرش يُقضى به عليهم، ولكنه يؤخذ من الأَعْطِيَة (¬5) وإن كرهوا ذلك. فإن كانوا قوماً من أهل البادية ممن ليس له عطاء فرض ذلك عليهم في أموالهم. فإن امتنعوا بأدائه فإنهم ¬

_ (¬1) ز: محبسا. (¬2) ز: مالاً حاضراً. (¬3) ز: إلى الرق. (¬4) ز: طعاما. (¬5) جمع عطاء، وهو ما يعطى من بيت المال للمقاتلة كل سنة مرة أو مرتين. انظر: المغرب، "عطو".

يحبسون حتى يؤدوا (¬1) ذلك. وكذلك لو أبوا أن يقسموا حبسوا حتى يقسموا. وكذلك الدُّعّار (¬2) يُتخوفون على المسلمين أو على الفساد منهم فإنهم يحبسون أبداً حتى يعرف منهم التوبة والترك لذلك. وكذلك يحبس الحاكم في الحد (¬3) إذا قامت به البينة. وكذلك يحبس في القصاص إذا قامت به البينة حتى يسأل عنهم. ولو أن غلاماً قد راهق الحلم استهلك مالاً لرجل غصباً وله دار أو رقيق (¬4) وعروض وليس له أبي ولا وصي فإنه لا يحبس بذلك، ولكن [يرى] (¬5) القاضي (¬6) في ذلك رأيه، إن شاء جعل له وكيلاً يبيع بعض ماله فيوفي الطالب حقه. وإن كان له أب حي أو وصي مَن يجوز بيعه عليه فإنه يحبس؛ لأن له من يجوز بيعه وقضاؤه عنه. ولا يشبه هذا الباب الأول. وإذا كان لرجل على امرأته أو على أخته أو عمته أو خالته دين وهي موسرة فأراد حبسها بذلك فإنها تحبس (¬7) له بذلك حتى تؤديه (¬8). ولو كان له على أمه لم تحبس، لا تحبس الوالدة لولدها. وكذلك الجد من قبل الأم والأب والجدة من قبل الأم والأب. وقال أَبو حنيفة: لا يحبس الوالد لولده. والمرأة والرجل في ذلك سواء. والأخرس إذا كان يعقل ويكتب في الحبس بمنزلة الصحيح. وكذلك الأعمى. وكذلك المقعد والأَشَلّ والأقطع اليد واليدين والرجل. ¬

_ (¬1) ز: يؤدون. (¬2) جمع الداعر: وهو الخبيث المفسد. ومصدره الدَّعارة. وهي من قولهم: عود دَعِر، أي: كثير الدخان. انظر: المغرب، "دعر". (¬3) ز: في الجد. (¬4) ز: ورقيق. (¬5) من الكافي، 2/ 141 ظ. (¬6) ف: للقاضي. (¬7) ز: فإنه يحبس. (¬8) ز: يؤديه.

باب براءة الكفيل أبرأتك وبرئت إلي

وكذلك المسلم يحبس للذمي في الدين. وكذلك الحربي المستأمن يحبس ويحبس له بالدين وبالحق يجب فيه الحبس عليه. وكذلك المكاتب يحبس ويحبس له، غير أنه لا يحبس لمولاه في المكاتبة مِن قِبَل أنه إن عجز رد رقيقاً. وإن كان لمولاه عليه دين غير ذلك فإنه يحبس لمولاه (¬1) به. وإن كان له على مولاه دين حنطة أو شعير ومكاتبةٌ دراهم فإن مولاه يحبس له حتى يؤدي. وكذلك العبد التاجر إن كان عليه دين، وإن لم يكن عليه دين لم يحبس مولاه له. وقال أَبو يوسف ومحمد في التفليس بقول شريح وإبراهيم وابن أبي ليلى ما خلا العتق والنكاح والطلاق والإقرار بالنسب، فإن هذا [قالوا فيه:] لا نأخذ فيه بالقياس لما جاء فيه من الحديث أنه من لعب بطلاق أو نكاح أو عتاق جاز عليه (¬2). فكما يجوز في اللعب فكذلك يجوز في الحجر والتفليس. وكذلك الإقرار بالنسب؛ لأنه يدخل فيه العتق. وهو قول محمد. ... باب براءة الكفيل أبرأتك وبرئت إليّ وإذا قال الطالب للكفيل: قد برئت (¬3) إلي من المال الذي كفلت به عن فلان، فإن أبا حنيفة قال: هذا إقرار من الطالب بقبض المال. وكذلك قال أَبو يوسف ومحمد. وقال أَبو حنيفة: لو كتب الطالب براءة لفلان من الدراهم كان هذا إقراراً من الطالب بقبض المال من الكفيل. وللكفيل أن يرجع بذلك على ¬

_ (¬1) ز - عليه دين غير ذلك فإنه يحبس لمولاه. (¬2) رواه المؤلف بإسناده في أول كتاب العتاق، إلا أنه لم يذكر النكاح. انظر: 3/ 99 ظ. (¬3) ز: قد برأت.

المكفول عنه إذا كان كفل عنه بأمره في هذا كله. وهذا قول أبي حنيفة وقول أبي يوسف ومحمد. وكذلك المحتال عليه. وقال أَبو حنيفة: لو قال الطالب للكفيل: قد دفعت إلي المال أو نقدتني (¬1) أو قبضت منك المال الذي كفلت به عن فلان وهو كذا كذا، فهو جائز. وللكفيل أن يرجع على المكفول عنه. وكذلك الحوالة. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. وإن قال الطالب: قبضت المال منك، يعني الكفيل، فهو مثل الأول. وقال أَبو حنيفة: إذا قال الطالب للكفيل: قد أبرأتك من المال الذي كفلت به عن فلان وهو ألف درهم، فإن هذا ليس بقبض للمال. وللطالب أن يرجع بالمال أعلى، الذي عليه الأصل. و"أبرأتك" و"برئت إلي" مختلفان (¬2). " أبرأتك" إبراء ليس بقبض، ويرجع الطالب على المكفول عنه بالمال؛ لأنه لم يقبض، وإنما أبرأ (¬3) الكفيل إبراء له خاصة. و"برئت إلي" إقرار بقبض المال. وكذلك قوله: "برئت من هذا المال" ولم يقل: "إلي" فهو قبض من الكفيل. وإن أنكر الطالب والمكفول عنه ذلك لم يلتفت إلى قولهما في قول أبي يوسف. وقال محمد: إذا قال: برئت من المال، فليس هذا بقبض، وهذا بمنزلة قوله: أبرأتك من المال، وله أن يرجع على الذي عليه الأصل بالمال. فإذا جعل الطالب الكفيل في حل من المال فهو مثل البراءة مثل قوله: أبرأتك، وله أن يرجع على الذي عليه الأصل. هذا قول أبي يوسف ومحمد. والمحتال عليه بالمال في جميع ذلك بمنزلة الكفيل، يبرأ (¬4) منه كما يبرأ (¬5) الكفيل، ولا يرجع الذي له المال على الذي عليه الأصل بشيء. وكذلك الضمان للمال. ¬

_ (¬1) م ز: أو تفديني. (¬2) ز: مختلفين. (¬3) ز: ابراء. (¬4) ز: يبراء. (¬5) ز: يبراء.

باب هبة المال للكفيل وللمحتال عليه

وإن كان الطالب وكل بقبض ماله وكيلاً فقال الوكيل للكفيل: قد برئت إلي من المال، فهذا إقرار من الكفيل بقبض المال. وكذلك لو مات الطالب فأوصى إلى وصي فقال الوصي للكفيل: قد برئت إلي من المال، فقد أقر بقبض المال. وهذا قول (¬1) أبي حنيفة في الوكيل والوصي. وقال أَبو حنيفة: لو قال الوصي للكفيل: قد أبرأتك من المال، لم يجز. وقال أَبو حنيفة في الوكيل أيضاً مثل ذلك. وذلك قول أبي يوسف ومحمد. وكذلك لو قال الوصي للكفيل: أنت في حل، لم يجز ذلك. وكذلك الوكيل؛ لأن هذا براءة بغير قبض، ولا يملك واحد (¬2) منهما ذلك. وكذلك (¬3) العبد التاجر له كفيل بمال، فهو في ذلك بمنزلة الوكيل لو قال: أنت في حل، وكان المال عليه. وكذلك المكاتب والذمي والحربي المستأمن والمرأة والرجل في ذلك كله سواء. وإذا أبرأ (¬4) الطالب الكفيل من المال فأبى أن يقبل ذلك فهو بريء وإن لم يقبل. ولا يشبه هذا الهبة. وكذلك قوله: أنت في حل من المال. ولو قال هذا للذي عليه الأصل كان هذا بمنزلة الهبة. وإن لم يقبل ذلك كان المال عليه. وإن قبل ذلك أو مات قبل أن يعلم فهو بريء منه، وهو له. وكذلك لو كان ميتاً فأبرأه منه وجعله منه في حل فهو جائز. فإن قال الورثة: لا نقبل ذلك، فلهم ذلك، ويقضون المال، والكفيل بريء منه. وهو قول يعقوب. وأما قول محمد فليس للورثة في ذلك قول؛ لأنه وهب المال لغيرهم. ... باب هبة المال للكفيل وللمحتال عليه وإذا وهب الطالب المال للذي عليه الأصل فأبى أن يقبل فإن المال ¬

_ (¬1) م: في قول. (¬2) ز: واحدا. (¬3) ز - ذلك وكذلك. (¬4) ز: أبراء.

عليه وعلى كفيله ولا يبرأ (¬1). ألا ترى أنه لو وهبه للكفيل فأبى أن يقبل كان المال عليه وعلى صاحبه. وإذا وهب الرجل مالاً له على رجل قد كفل له به فوهبه للكفيل وقبله منه الكفيل فهو جائز، وللكفيل أن يرجع على الذي عليه الأصل. هذا قول أبي حنيفة. وكذلك المحتال عليه بالمال. وكذلك الضمان للمال. والرجل إذا كان هو الطالب والمرأة في ذلك سواء. وكذلك أهل الذمة والمستأمن من أهل الحرب والمرتد إذا أسلم فالهبة من كل واحد من هؤلاء جائزة. ويرجع الكفيل بذلك على الذي عليه الأصل. ولو وهب الطالب المال للذي (¬2) عليه الأصل ولم يهبه للكفيل وقبله المطلوب جاز ذلك، وبرئ منه الذي عليه الأصل والكفيل جميعاً (¬3). وكذلك الضمان. وكذلك قال أَبو حنيفة. وإذا وهب في الحوالة المال للذي (¬4) عليه الأصل لم يجز؛ لأن الذي عليه الأصل قد برئ من المال، فلا تجوز الهبة له (¬5). وكذلك كفيل بالمال كفل له على أن يبرأ (¬6) منه الذي عليه الأصل فهبته باطل؛ لأنه لا شيء عليه، وإنما المال على الكفيل (¬7). ولو وهبه للكفيل جاز ذلك، وكان للكفيل أن يرجع به (¬8). ولو وهبه الكفيل للذي عليه الأصل فإنه جائز. فإن أداه الكفيل ¬

_ (¬1) ز: لا يبراء. (¬2) ز: الذي. (¬3) ز: وجميعاً. (¬4) ف: الذي. (¬5) ف - له. (¬6) ز: أن يبراء. (¬7) حصل هنا في جميع النسخ اختلاط في ترتيب الكلام، وتقديم وتأخير بسبب سهو أو خطأ من الناسخين. ولعل منشأ ذلك اختلاط الأوراق عليهم. انظر: م، 7/ 235 و، سطر 9 - 236 ظ، سطر 4. وقد أعدنا ترتيب الكتاب إلى أصله مستفيدين في ذلك من الكافي للحاكم الشهيد. انظر: الكافي، 2/ 142 ظ، سطر 4 - 20. وانظر: المبسوط، 20/ 93 - 94. (¬8) ف - به.

باب الرجلين يكفل كل واحد منهما عن صاحبه ثم يقر أحدهما أن المال عليه

لم يرجع به. وإن أداه الذي عليه الأصل لم يرجع به. أيهما أداه فلا يرجع به على صاحبه. ولو أن الطالب وهبه للكفيل فأبى الكفيل أن يقبل الهبة فإن المال عليه على حاله ويؤخذ به. وقال أَبو حنيفة: إذا وهب الرجل مالاً ديناً له على رجل فهو جائز. فإن قال الموهوب له: لا أقبل ذلك، فهو عليه ثابت. وإن مات الموهوب له قبل أن يعلم منه شيئاً (¬1) فهو جائز له، وهو بريء منه (¬2). وكذلك لو كان غائباً (¬3). وإذا كان الطالب عبداً أو مكاتباً فوهب المال للكفيل فهو باطل، لا تجوز هبة العبد ولا المكاتب. وكذلك الصبي التاجر. وإن أدرك بعد ذلك وعتق المكاتب أخذ بالمال. ... باب الرجلين يكفل كل واحد منهما عن صاحبه ثم يقر أحدهما أن المال عليه وإذا كان للرجل على رجلين ألف درهم كل واحد منهما كفيل عن صاحبه بجميع المال، فأقر أحد الرجلين أن المال كله عليه وأداه إلى الطالب، وأراد أن يرجع بنصف المال على الكفيل معه، فقال الكفيل: قد أقررت أن المال عليك، وليس علي منه شيء، فقال المقر: إنما عنيت أنه علي لأني كفيل عنك بحصتك، فإنه يرجع عليه بنصف المال، وإقراره بهذا ليس يوجب عليه شيئاً لم يكن. وإذا كان على رجلين كُرّ حنطة، وكل واحد منهما كفيل ضامن للطعام، وأقر أحد الكفيلين أن هذا الطعام عليه كله، وأن صاحبه كفل به (¬4) عنه بأمره، ثم أدى الطعام، لم يكن له أن يرجع على صاحبه بشيء؛ لأنه ¬

_ (¬1) ز: شيء. (¬2) ف - منه. (¬3) ز: تائبا. (¬4) ف - به.

قد أقر أنه صاحبه قد كفل عنه. ولو أن رجلين كان عليهما خمسون ديناراً قرضاً، وكل واحد كفيل ضامن له، فأشهد أحدهما على صاحبه أني معك دخيل (¬1) في هذا المال، وأقر بذلك الآخر، ثم أدى المال كله، فله أن يرجع على صاحبه بنصفه؛ لأن قوله: أنت دخيل معي، ليس بإقرار بشيء لم يكن عليه خاصة دون الآخر. ألا ترى أن كل واحد دخيل كفيل (¬2) مع صاحبه. وإذا كان لرجل مائة درهم على رجلين، وكل واحد منهما (¬3) كفيل ضامن لها، فأقر أحدهما للآخر أن هذا المال عليه خاصة دونه، ثم أدى المال، وأراد أن يرجع بنصفه على صاحبه، فليس له ذلك، وإقراره بأن المال عليه خاصة دونه جائز عليه. ولو أن صاحبه أدى المال كله كان له أن يرجع على صاحبه بذلك كله. ولو أن رجلين كان عليهما عشرة دنانير لرجل، وكل واحد منهما كفيل ضامن لها، وأن أحدهما أقر أن هذه الدنانير كلها عليه خاصة دون صاحبه، ثم أداها، لم يكن له أن يرجع بها على صاحبه. ولو أداها صاحبه كان له أن يرجع بها عليه؛ لأن إقراره الذي أقر به جائز عليه. وإذا كان لرجل على ثلاثة نفر ألف درهم في صك باسمه، وبعضهم كفلاء على بعض ضامنون للمال كله، فأقر الطالب أن أصل هذا المال على أحدهم وأن (¬4) الآخرين كفيلان (¬5) عنه. ولم يقر بهذه المقالة الرجل الذي تُنسَب (¬6) إليه ثم أدى المال فإن له أن يرجع على صاحبيه بالثلثين. ولو لم يقر الطالب بذلك ولكن أحد الكفلاء قال: أصل هذا المال كله علي، وصاحباي (¬7) منه ¬

_ (¬1) ز: دخل. (¬2) ز: دخلا كفيلا. (¬3) م ف ز - منهما. والزيادة من ع. (¬4) م ف ز: فإن. والتصحيح من الكافي، 2/ 142 ظ. (¬5) ز: كفيلين. (¬6) ف: ينسب. (¬7) م ف ز: وصاحبي. والتصحيح من الكافي، 2/ 143 و.

بريئان، ثم أدى المال، لم يكن له أن يرجع على صاحبيه بشيء منه. وإن أداه صاحباه رجعا عليه. وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم في صك باسمه، وفلان بها كفيل، فأقر الكفيل أن هذا المال عليه أصله، وأن فلاناً كفيل (¬1) عنه، وإنما قدمه في الصك لشيء خافه، فأدى المقدم في الصك المال كله، فإن له أن يرجع بذلك على الكفيل بإقراره على نفسه. ولو كان أصل المال قرضاً في الصك أو ثمن بيع في الصك، ونسبه (¬2) إلى الذي في صدر الصك، ثم أقر الكفيل بهذه المقالة، كان إقراره على نفسه أصدق مما في الصك. ولو لم يقر الكفيل بهذه المقالة ولكنه أقر أنه هو قبض المال من صاحب الصك، أو أنه هو اشترى البيع من صاحب الصك وقبضه، وقال الذي عليه الصك الذي اسمه في أوله: "صَدَقَ" أو "أَجَلْ" (¬3)، ثم أدى المقر له المال، كان له أن يرجع به على صاحبه المقر. ولو لم يقر الكفيل بذلك ولكن الكفيل أقر أنه قبضه من المكفول عنه فهو جائز. وإن أداه المكفول عنه رجع به عليه. وإذا كان لرجل على رجلين ألف درهم، وكل واحد منهما كفيل ضامن عن صاحبه بجميع المال، فادعى (¬4) كل واحد منهما أن المال على صاحبه، وأنه كفل (¬5) عنه، فإنه لا يصدق واحد منهما على ذلك. وعلى كل واحد منهما البينة على ما ادعى. فإن لم تكن لهما (¬6) بينة حلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه. فإن حلفا جميعاً فالمال عليهما جميعاً، أيهما ما أدى رجع على صاحبه بنصفه، وأيهما نكل عن اليمين لزمه الأصل. فإن أدى لم يرجع على صاحبه بشيء (¬7). وإن أداه الآخر رجع على صاحبه بالمال كله. وإن قامت البينة أن الأصل على أحدهما والآخر كفيل ولم ¬

_ (¬1) ز: كفيلا. (¬2) م ز: ويشبه. (¬3) م ف ز: صدق الأجل. والتصحيح من الكافي، 2/ 143 و. (¬4) ز: فأدى. (¬5) ز: كفيل. (¬6) ز: لهم. (¬7) ف - فإن أدى لم يرجع على صاحبه بشيء.

يعرفوا ذلك فهذا بمنزلة من لم تقم (¬1) عليه بينة، وأيهما أدى المال رجع على صاحبه بنصفه. ولا يبطل هذا إقرار (¬2) الطالب أن الأصل على أحدهما والآخر كفيل، [ولو شهد به] لم يصدق الطالب على ذلك، ولم تجز شهادته لأنه الطالب. وكذلك لو كان الطالب رجلين، فشهدا أن الأصل على هذا، وأن هذا الآخر كفيل عنه بأمره، فإن شهادتهما لا تجوز في ذلك. فإن أدى الكفيل المال رجع على صاحبه بنصفه. وإن أداه الآخر رجع على صاحبه بنصفه أيضاً. وإن شهد ابناه أو أبوه ورجل آخر فإن هذا على وجهين. إن كان على أصل المال (¬3) بينة بأنه عليهما، وكل (¬4) واحد منهما كفيل ضامن، فشهادة الاثنين جائزة. وكذلك إن كان الغريمان مقرين بالمال فإن شهادة الاثنين أن الأصل على هذا وهذا كفيل جائزة (¬5). وكذلك شهادة الأبوين. وإن كان الغريمان يجحدان المال وليست عليهما بينة به إلا الاثنين فشهدا أن الأصل على هذا وهذا كفيل فشهادتهما باطل له وعليه (¬6) وعلى الكفيل. ولو شهد ابنا أحدهما أن الأصل على أبيهما، والآخر كفيل عن أبيه، كان جائزاً. ولو شهدا أن الأصل على الآخر، وأن أباهما كفيل، لم يجز ذلك؛ لأن شهادتهما تدفع (¬7) عن أبيهما وتجر إليه، فلا تجوز (¬8) لذلك الكفالة. ... ¬

_ (¬1) ز: لم يقم. (¬2) م ف ز: حق. والتصحيح مستفاد من الكافي، 2/ 143 ظ. (¬3) ز + فإن هذا على وجهين إن كان على وجهين إن كان على أصل المال. (¬4) ز - وكل. (¬5) ز: جائز. (¬6) م ز + وعليه. (¬7) ز: يدفع. (¬8) م ز: تجوزا.

[باب بطلان المال عن الكفيل من غير أداء ولا إبراء]

[باب بطلان المال عن الكفيل من غير أداء ولا إبراء] (¬1) وإذا كفل الرجل بمال عن رجل من ثمن بيع اشتراه، فاستحق ذلك (¬2) البيع من يديه، فإن الكفيل يبرأ من المال. وكذلك لو رده بعيب بقضاء قاض أو بغير قضاء قاض. وكذلك لو أقاله البيع. وكذلك لو كان البيع فاسداً فرده بذلك أو كان له أن يختار فرده بذلك (¬3). وكذلك لو كان الخيار خيار رؤية لم ير البيع فرده بذلك فإن الكفيل يبرأ من المال في جميع ذلك. وكذلك الكفيل يكفل بسلم طعام على رجل أو غير طعام فصالح الذي عليه الأصل (¬4) على رأس المال فإن الكفيل يبرأ من ذلك كله. وكذلك لو كان السلم ثياباً أو شيئاً من الوزن أو الكيل فصالح على رأس المال فإن الكفيل يبرأ من ذلك كله. وكذلك لو كان المال مهراً وقعت الفرقة بين الرجل وبين امرأته قبل أن يدخل بها بوجه لا يلزم الزوج فيه مهر (¬5)، فإن الكفيل يبرأ من المال في ذلك كله. فإن لزم الزوج نصف المهر وبرئ من النصف برئ الكفيل من نصف المال. وإذا اشترى الرجل عبداً بألف درهم، وكان على البائع ألف درهم (¬6) لرجل، فدفع العبد إلى المشتري، وضمن المشتري ثمن العبد الألف درهم لغريم البائع، ثم استحق العبد، فإن الكفالة تبطل أيضاً؛ لأنها لم تلزم (¬7) المشتري في الأصل. وكذلك الحوالة في هذا والضمان. ولو لم يستحق العبد ولكنه رده بعيب بقضاء قاض أو بغير قضاء قاض (¬8) فإن الكفيل لا يبرأ من المال، من قبل أن الأصل كان ثابتاً عليه. ولا يشبه هذا الاستحقاق. ألا ترى أن المشتري لو لم يقبض العبد حتى ضمن ثمنه (¬9) ألف درهم لغريم البائع، ثم مات العبد قبل أن يقبضه، أن المال له لازم، ويرجع به ¬

_ (¬1) الزيادة من الكافي، 2/ 143 ظ؛ والمبسوط، 20/ 96. (¬2) م ف ز: بذلك. (¬3) م ف ز + وكذلك لو كان الخيار فيه. (¬4) ز + فصالح. (¬5) ز: مهرا. (¬6) ف - ألف درهم. (¬7) ز: لم يلزم. (¬8) ز: قاضي. (¬9) ز: عينه.

على الذي كفل به عنه إذا هو أداه. ألا ترى أنه لو باعه الدراهم مائة دينار وقبضها ثم مات العبد قبل أن يقبضه أن المشتري يرجع على البائع بألف درهم؛ لأنه صرفها وأصلها (¬1) صحاح. وكذلك هذا في العيب. ولو استحق العبد رجع بالدنانير. فكذلك الكفالة. ولو أن امرأة تزوجت رجلاً على ألف درهم، ثم أمرت الزوج فضمنها الغريم لها، أو أحالته بها عليه، أو كفل بها عنها، ثم وقعت بينهما فرقة قبل الدخول من قبل المرأة، لم يبرأ الزوج من الكفالة. وإذا أداها رجع بها على المرأة. وكذلك لو طلقها قبل أن يدخل بها فهو مثل ذلك، غير أنه يرجع عليها بالنصف إذا أدى المال. ولو أن رجلاً كاتب عبده بألف درهم، ثم أمره فضمنها لغريم للمولى له على المولى ألف درهم، أو أحاله بها عليه، أو كفل بها عنه، ثم أعتق المولى المكاتب، فإنه يعتق، ولا يبرأ من الكفالة. وإن أداها رجع بها على [المولى] (¬2). وكذلك لو كان المكاتب مدبراً فمات المولى وخرج من ثلثه (¬3). وكذلك لو كاتب أم الولد فمات المولى فعتقت فهو مثل ذلك. وكذلك عبد كفل عن مولاه بألف درهم بأمره فأعتقه المولى فإنه يؤخذ بالمال. فإن أداه العبد بعد العتق لم يرجع بها على المولى؛ لأنه كفل بها وهو عبد. ولا يشبه هذا المكاتب؛ لأن المكاتب لو كفل عن مولاه فأدى رجع عليه. وقال أَبو حنيفة: لو أن رجلاً له على رجل ألف درهم، فأمره فضمنها لغريم له، ثم إن الآمر وهبها للكفيل، أو أبرأه منها، لم يجز ذلك، وكان للمكفول له أن يأخذه بالمال. ولو مات الآمر الذي عليه الأصل، وعليه دين، ولم يقبض المكفول له الدراهم، فإن الدراهم تكون بين غرماء الميت، ولا يكون المكفول له بها أحق بها منهم، في قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أَبو يوسف: هي في القياس للمكفول له خاصة، ولكن أبا ¬

_ (¬1) ز: وأصله ا. (¬2) الزيادة من الكافي، 2/ 144 و. (¬3) م ف ز: وخرج فرد. والتصحيح مستفاد من الكافي، 2/ 144 و.

باب موت الذي عليه الأصل والكفيل والمال إلى أجل

حنيفة استحسن، فجعلها بين الغرماء. وهو قول أبي يوسف. ولو كان المكفول عنه حياً، فأقام رجل بينة أن هذا المال له، وأنه أمر فلاناً (¬1) فباع البيع الذي هذا المال ثمنه بأمره، وأراد أن يبطل الكفالة، فإنها لا تبطل، في قول أبي حنيفة ومحمد. ولكن البائع يضمن المال للذي استحقه. وقال أَبو يوسف: أبطل الكفالة، فأقضي بالمال للذي استحقه. وإذا كفل رجل بنفس رجل على أن يوافي به غداً، فإن لم يواف (¬2) به (¬3) فهو ضامن لما عليه، ولم يسم شيئاً، فلم يواف به الغد، وادعى الطالب ألف درهم، وأنكر الكفيل أن يكون عليه شيء، وأقر المكفول به أن عليه ألف درهم، فإنهما لا يصدقان على الكفيل، ولا يلزم الكفيل شيء. ولو كان حين كفل قال: أنا ضامن لما ذاب (¬4) لك عليه، لزمه المال؛ لأن المكفول عنه قد أقر بذلك، فقد ذاب عليه. وكذلك لو قال: أنا ضامن لما قضي لك به عليه، أو لما لزمه، أو لما ثبت لك (¬5) عليه، فقضى عليه القاضي بذلك بإقراره أو ببينة، فإنه يلزم الكفيل. وإن أقر به المكفول به دون القاضي لزم الكفيل المال (¬6)، ما خلا قوله: ما قضي لك عليه، فإن ذلك لا يلزمه إلا بقضاء. ... باب موت الذي عليه الأصل والكفيل والمال إلى أجل وإذا كان المال إلى أجل وبه كفيل، فمات الذي عليه الأصل، فإن المال قد حل عليه، ولا يحل على الكفيل حتى ينقضي (¬7) الأجل. ولو لم يمت الذي عليه الأصل، ولكن مات الكفيل قبل الأجل، فإن المال عليه ¬

_ (¬1) ز: فلان. (¬2) ز: لم يوافي. (¬3) ز + غدا فإن لم يوافي به. (¬4) أي: ثبت ووجب كما تقدم. (¬5) ز: لاك. (¬6) ف - المال. (¬7) م ف ز: حتى يقضى.

باب تأخير المال القرض

حال، يؤخذ من ماله، ولا يرجع به ورثته على الذي عليه الأصل حتى يحل المال. والضمان والكفالة في ذلك سواء. وكذلك لو كان (¬1) رهط بعضهم كفلاء على بعض بمال إلى أجل، فأيهم مات قبل الأجل فإن المال يحل عليه، ولا يحل على أصحابه. وإذا كان المال على رجل، فأحال به على آخر أو ضمنه عنه على أن أبرأ الأول، أو كفل به عنه على ذلك، وهو إلى أجل، فمات الذي عليه الأصل قبل الأجل، فإنه لا يؤخذ من ماله شيء، من قبل أنه لا شيء عليه من ذلك. ولو لم يمت الذي عليه الأصل، ولكن مات الكفيل أو الضامن أو المحتال عليه، فإن المال قد حل عليه. فإن لم يكن له مال ولا ميراث رجع المال على الذي عليه الأصل إلى أجله، ولا يكون حالاً. فإن كان حالاً (¬2) على الذي عليه الأصل، فأحاله به على آخر (¬3)، فأجله الطالب أجلاً بعد الحوالة، فمات قبل الأجل، ولم يترك شيئاً، رجع الطالب على الذي عليه الأصل بالمال حالاً؛ لأنه كان عليه حالاً. ولو كان عليه إلى أجل في الأصل رجع به عليه إلى ذلك الأجل. والمرأة والرجل والذمي والمسلم والمكاتب والعبد التاجر والصبي التاجر إذا كان هو الطالب في الرجوع على الذي عليه الأصل سواء. ... باب تأخير المال القرض وقال أَبو حنيفة: إذا كان المال قرضاً على رجل فهو حال. وإن أقرضه إلى أجل أو أخره عنه بعدما أقرضه فهو حال كله، يرجع في ذلك الطالب إذا شاء، لأن القرض عارية. ¬

_ (¬1) ز - كان. (¬2) ز - فإن كان حالاً. (¬3) ز + لا.

باب تأخير الدين من البيع والسلم وغيره

وقال أَبو حنيفة: إن كفل به كفيل أو ضمنه ضامن، فأخر الطالب عن الكفيل أو عن الضامن، كان جائزاً. وإن ضرب له أجلاً فهو إلى ذلك الأجل، من قبل أنه ليس بقرض على الكفيل. ولو أخَّره عن الذي عليه الأصل إلى أجل لم يجز ذلك، ولم يكن تأخيراً عن الكفيل. وكذلك الحوالة إن أخَّره بعدما يحتال عليه إلى أجل مسمى، فهو جائز. وإن أخره عن الذي عليه الأصل فهو باطل؛ لأنه لا شيء عليه. ... باب تأخير (¬1) الدين من البيع والسلم وغيره وقال أَبو حنيفة: إذا كان الدين من ثمن أو سلم وهو حال، فأخَّره عنه إلى أجل مسمى، فهو جائز، ولا يشبه هذا القرض، وليس له أن يرجع حتى يحل الأجل. والكفيل والضامن في ذلك بمنزلة الذي عليه الأصل. وإن أخَّر المال عن الكفيل سنة بعد الكفالة كان له أن يأخذ الذي عليه الأصل بها حالاً. وإن أخَّر الذي عليه الأصل لم يكن له أن يأخذ واحداً (¬2) منهما إلى الأجل. ولو كان لرجل (¬3) على رجل ألف درهم، وكفل عنه بها ثلاثة رهط، وبعضهم كفلاء على بعض، وهو حال من ثمن بيع، فأخر الطالب أحد الكفلاء إلى سنة، فهو جائز، وله أن يأخذ أيهم شاء سوى (¬4) ذلك الكفيل بجميع المال. فإن أدى المال أحد (¬5) الكفيلين كان له أن يأخذ صاحبه بالنصف، ولا يأخذ الذي أخَّر حتى يحل الأجل. فإذا حل الأجل (¬6) وقد كان أخذ من صاحبه النصف اتبعا جميعاً ذلك الكفيل بالثلث، فأخذاه منه، ثم اتبعوا جميعاً الذي عليه الأصل، ولو أن الطالب لم يأخذ ¬

_ (¬1) ز: التأخير. (¬2) ز: واحد. (¬3) ز: الرجل. (¬4) ز: سواء. (¬5) ز: أخذ. (¬6) ز - فإذا حل الأجل.

باب هبة المال لبعض الكفلاء

شيئاً ولم يؤخر شيئاً (¬1) ولكن أخر الذي عليه الأصل إلى سنة كان جائزاً، وكان ذلك تأخيراً لجميع (¬2) الكفالة. ولو لم يفعل ذلك وأخَّر كفيلاً منهم شهراً، وأخَّر (¬3) آخر شهرين، وأخَّر آخر ثلاثة أشهر، كان جائزاً على ما سمى، يأخذ كل واحد منهم على ما سمى، ويأخذ الذي عليه الأصل بها حالاً. فإن أخر الذي عليه الأصل (¬4) سنة انتقض ذلك كله، ودخلت الشهور في السنة، وكان المال عليهم جميعاً إلى سنة. ولو لم يؤخر الذي عليه الأصل، وأخَّر الكفلاء على ما وصفنا، كان ذلك جائزاً عليهم، من سمى له شهراً فله شهر، ومن سمى له أكثر من ذلك فهو له. وإذا حل على صاحب الشهر أخذه من بينهم. ولو كان لرجل على رجل ألف درهم، وكفل بها عنه رجل، وأيهما شاء أخذ بها، وهي من ثمن (¬5) بيع، فأخَّر الطالب المال عن الذي عليه الأصل إلى سنة، فأبى أن يقبل (¬6) ذلك، فإن المال عليه وعلى الكفيل حالاً كما كان. ألا ترى (¬7) أنه لو أخَّر عن الكفيل فأبى أن يقبل كان عليه حالاً. والدين إذا كان من غصب فهو في قول أبي يوسف ومحمد بمنزلة البيع. وكذلك الوديعة إذا جحدها فضمنها. والبضاعة والمضاربة وكل شيء أصله أمانة ضمنها صاحبها فهو كذلك جائز، وتأخيره جائز. والكفيل في القرض وكل مال من بيع أو غيره سواء، إن أخر الكفيل فتأخيره جائز. ... باب هبة المال لبعض الكفلاء وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم، وكفل عنه بها ثلاثة نفر، ¬

_ (¬1) ف - ولم يؤخر شيئاً. (¬2) م: بجميع. (¬3) م ف: أو أخر. (¬4) ز - الأصل. (¬5) ز: من ثمين. (¬6) ز: أن يفعل. (¬7) ز: يرى.

وبعضهم كفلاء عن بعض بذلك، ثم إن الطالب وهب المال لبعض الكفلاء (¬1) لواحد منهم، فأبى أن يقبل ذلك، فإن المال عليهم على حاله، وإن قبل ذلك ولم يرده فإن المال له، يأخذه من الذي عليه الأصل. وإن شاء أخذ نصفه من أي الكفيلين (¬2) شاء. فإن كان الموهوب له غائباً فلم يقبل ولم يرد ولم يعلم حتى مات فإن الهبة له جائزة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، ويرجع ورثته على أيهم شاؤوا بذلك. وكذلك لو كان حاضراً فقبل. ولو كان حاضراً فلم يقبل لم تجز الهبة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإذا كان على رجل مال (¬3) وبه ثلاثة كفلاء، وبعضهم كفلاء على بعض، فوهب المال الطالب لرجلين من الكفلاء، وقبلا ذلك، فهو جائز، ويرجعان على الذي عليه الأصل بذلك كله. وإن شاءا أن يأخذا الكفيل الثالث بثلثه فإن لهما ذلك. وليس لواحد منهما أن يرجع على صاحبه بشيء من قبل أن كل واحد منهما له خمسمائة. ولو أخذ الكفيلان الكفيل (¬4) الباقي فأدى إليهما ثلث الألف، وقبض كل واحد منهما سدس الألف، فأراد الكفيل الغارم أن يرجع على أحدهما بنصف ما أدى إلى الآخر، فليس له ذلك، ويتبعون الذي عليه الأصل بالألف كلها، فيأخذ الغارم الثلث من ذلك، ويأخذ الآخران الثلثين (¬5). ولو أن الطالب حين وهب المال لهذين الكفيلين قبل أحدهما، فأبى الآخر أن يقبل، فإن للذي قبل النصف أن يأخذ بثلثي هذا النصف الكفيلين معه، وإن شاء أخذ نصف هذا النصف من أي الكفيلين شاء. ولرب المال النصف، يأخذ به أيهم شاء، إن شاء أخذ به الموهوب له، وإن شاء أخذ الآخر، وإن شاء أخذ الثالث. وإن قبض الطالب (¬6) من الذي عليه الأصل شيئاً من ذلك من الذي عليه الأصل فهو له ¬

_ (¬1) ز + من الذي عليه الأصل كان شاء أخذ نصفه من أي الكفيلين. (¬2) م ز - من الذي عليه الأصل كان شاء أخذ نصفه من أي الكفيلين؛ صح م هـ. (¬3) م - مال، صح هـ. (¬4) ف - الكفيل. (¬5) ز: الثلثان. (¬6) م: المال.

باب الرجل يحلف لا يكفل

خاصة، وللطالب أن يأخذ له بما بقي له من ذلك. ولو أن الطالب وهب نصف المال لأحد الكفلاء كان بهذه المنزلة. فإن رجع الموهوب له على الكفيلين بثلثي ذلك النصف فأخذه منهما فليس لواحد منهما أن يبيعه بشيء من ذلك. ولكن لو أديا إلى الطالب الذي له الأصل خمسمائة كان للموهوب له أن يرجع عليهما بثلث الخمسمائة؛ لأن ما وهب له كأنه أداه، فكأنه هو أداه خمسمائة، وأديا خمسمائة (¬1)، فيرجع عليهما (¬2) بثلث ما وهب له حتى يكون الأداء عليهما أثلاثاً. وكذلك الصدقة والنحلى والعطية. فأما البراءة فليس هي كذلك. وليس للذي أبرأه الطالب أن يرجع على أحد (¬3) بشيء (¬4) من ذلك. ... باب الرجل يحلف لا يكفل وإذا حلف الرجل لا يضمن عن أحد شيئاً، فكفل عنه بمال، فإن أبا حنيفة قال: يحنث. وهو قول أبي يوسف ومحمد. والضمان والكفالة واحد. وكذلك لو حلف لا يكفل فضمن. وقال أَبو يوسف ومحمد: وكذلك الحوالة عندنا هي بمنزلة ذلك. ولو أمر رجل رجلاً فاشترى له شيئاً، وقد حلف المأمور لا يضمن شيئاً عن أحد، فإن أبا حنيفة قال في هذا: لا يحنث. وهو قول أبي يوسف ومحمدث لأن هذا ليس بضمان، إنما هذا لزمه من شيء اشتراه. ولو حلف لا يكفل عن أحد بمال، فكفل بنفس رجل، لم يحنث. ولو حلف لا يكفل، ولم يقل: بمال ولا غير ذلك، فكفل بنفس أو مال، ¬

_ (¬1) ز - وأديا خمسمائة. (¬2) ز: عليها. (¬3) م ف ز + الذي. والتصحيح من الكافي، 2/ 145 و. (¬4) م ف ز: ابسى. والتصحيح من المصدر السابق.

حنث. ولو حلف لا يضمن لفلان شيئاً، فضمن له نفسا أو مالاً، حنث في ذلك (¬1). ولو حلف لا يضمن لفلان شيئاً، فضمن لعبده أو لوكيله أو لمضارب (¬2) له أو لشريك له مفاوض أو شركة عنان، لم يحنث؛ لأن الضمان وقع لغيره. أرأيت لو ضمن لرجل فمات، فورثه المحلوف عليه، هل كان يحنث. لا يحنث وإن كان الضمان قد صار لهذا؛ لأن الأصل كان لغيره. ولو حلف لا يضمن لأحد شيئاً، فضمن لإنسان ما أدركه من دَرَك في دار اشتراها أو عبد، حنث. ألا ترى أنه لو قال: إن لم يوفك (¬3) فلان مالك إذا حل المال، أو مات فلان قبل أن يوفيك، فهو علي، أو فأنا له ضامن، أنه قد ضمن، وأنه قد حنث. فهذا وذاك سواء. ولو ضمن لرجل وهو غائب لم يقبل ذلك، ولم يخاطبه عليه أحد، لم يحنث؛ لأن هذا الضمان باطل في قول أبي حنيفة ومحمد. ويحنث في قول أبي يوسف، ويلزمه الضمان. ولو كان عنده من يخاطبه عن الغائب فضمن له فإنه يحنث، لأنه قد ضمن في قول أبي حنيفة ومحمد. ويحنث في قول أبي يوسف، والضمان له لازم. ألا ترى أن الغائب لو رضي وجب ذلك له. ولو ضمن لصبي فإنه يحنث؛ لأن أباه أو وصيه لو أجاز ذلك جاز. وكذلك العبد المحجور عليه يحلف لا يضمن فضمن شيئاً أنه يحنث. وإنما يجب ذلك عليه بعدما يعتق. وكذلك المكاتب والعبد التاجر. ولو حلف رجل لا يكفل بفلان، أو لا يضمن فلاناً، فكفل عنه بمال، أو ضمن عنه مالاً، فإنه لا يحنث. وإنما الكفالة هاهنا والضمان بالنفس. فإن عنى المال كان على ما عنى. ... ¬

_ (¬1) م ز + ولو حلف لا يضمن لفلان شيئاً فضمن له نفسا أو مالاً حنث في ذلك. (¬2) م ز: أو المضارب؛ ف: لوكيله المضارب. (¬3) ز: لم يوفيك.

باب الكفالة بما لا يجوز

باب الكفالة بما لا يجوز وإذا كفل الرجل بشجة عمد فيها قصاص، أو قطع يد عمد فيها قصاص، أو دم عمد فيه قصاص، فهو باطل لا يجوز. ولا يؤخذ بشيء من القصاص ولا من الأرش ولا من النفس. وكذلك لو كفل بحد قذف؛ لأنه لم يكفل بمال ولا بنفس. وكذلك الوديعة والعارية يكفل بها رجل، فإنه لا شيء عليه، من قبل أنهما أمانة. ولو استهلكهما الذي هي عنده، أو خالف فيها فعطب، فضمن له، لم يكن له على الكفيل ضمان، من قبل أنها كانت أمانة يوم كفل بها. وكذلك الرهن. وكذلك الكفالة بالقصاص، لو صالح الطالب المطلوب على مال لم يلحق الكفيل من ذلك المال شيء. وإذا كفل الرجل بعبد الرجل أو بأمته لمولاه، والعبد في بيت مولاه، فإن هذا باطل، لا يلحق الكفيل منها شيء (¬1). وهذا قول أبي حنيفة في العبد والأمة والحد والقصاص والوديعة والعارية. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وإذا دفع رجل إلى قصار ثوباً ليَقْصُرَه (¬2)، وضمنه له رجل، فضمانه له باطل في قول أبي حنيفة. وكذلك الرجل يكفل (¬3) بالرهن عند المرتهن فإن الكفالة باطل. وكذلك الرجل يسلم الثوب إلى الخياط. وكذلك الرجل يسلم الحلي إلى الصائغ، فلا ضمان على الكفيل في ذلك. وأما قول من يضمن ما هلك عند هؤلاء فالكفيل له ضامن. وهو قول أبي يوسف. وإذا كفل رجل بعبد رجل إن أبق منه، فأبق العبد من مولاه، فإن أبا حنيفة قال: لا ضمان على الكفيل. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وكذلك الرجل يكفل للرجل بدابته إن انفلتت (¬4) أو عطبت، أو يكفل له بالشيء من ¬

_ (¬1) ز: شيئاً. (¬2) قصر الثوب يقصره من باب نصر، أي: دقه وغسله وبيضه. ويجوز: قصّر يقصّر بالتشديد. انظر: مختار الصحاح، "قصر". (¬3) ف - يكفل. (¬4) ز: إن انقلبت.

متاعه إن ضاع، أو بالشيء من ماله إن تلف، فهذا كله باطل، لا يلزم الكفيل منه شيء. وإن استودع رجل رجلاً وديعة على أن هذا كفيل بها إن أكلها أو جحدها، أو كانت عارية فكفل بها إن خالف، ثم جحد المستودع، وخالف المستعير، فإن الكفيل ضامن لذلك. وكذلك الرجل يقول لآخر: أنا كفيل بما غصبك فلان من شيء، فغصبه فلان شيئاً (¬1)، فهو ضامن. وكذلك إن قال: أنا كفيل لما صالحته عليه من القصاص الذي لك عليه من مال، فصالحه على مال، قال: فهو على الكفيل. وكذلك لو قال: إن صالحك فلان من الدم العمد على مال فهو لك علي، فصالحه فلان على مال، فالكفيل له ضامن. وكذلك لو قال: إن قتلك (¬2) فلان خطأ، فأنا ضامن لدمك، فقتله فلان خطأ، فهو ضامن. وإن قال: إن أكلك سبع أو مت فأنا ضامن لدينك، فهذا باطل. فإن قال: إن غصبك إنسان شيئاً فأنا له ضامن، فغصبه إنسان شيئاً، فلا ضمان عليه؛ لأنه عم. ولو خص إنساناً أو قوماً لزمه ذلك. ولو أن عبداً أبق، فجاء رجل فضمنه لصاحبه وهو آبق، كان ضمانه باطلاً لا يجوز، ولا يلزمه، من قبل [أنه] غير مضمون ولا مغصوب، فهو بمنزلة ما في بيت صاحبه. ولو أن رجلاً دفع ثوباً إلى قصار، أو متاعاً إلى صباغ يصبغه بأجر، وكفل له رجل به إن أفسده، كان الضمان جائزاً في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ... ¬

_ (¬1) ز: فلان من شيء. (¬2) ز: إن قبلك.

باب القاضي لا يأخذ كفيلا في حد

باب القاضي لا (¬1) يأخذ كفيلاً في حد وإذا ادعى الرجل قبل الرجل حداً في قذف، فقدمه إلى القاضي، فأنكر المدعى عليه قِيلَه (¬2) ذلك، وسأل الطالب القاضي أن يأخذ له كفيلاً بنفسه، وقال: بينتي حاضرة، فإنه لا ينبغي للقاضي أن يأخذ له كفيلاً بنفسه. ولكن يقول: الزمه ما بينك وبين قيامي، فإن أحضر شهوده على ذلك قبل أن يقوم القاضي وإلا خلى سبيله. وكذلك لو أقام عليه شاهداً واحداً. فإن أقام عليه شاهدين أو شاهداً عدلاً (¬3) يعرفه القاضي، فإن القاضي ينبغي له أن يحبسه في السجن حتى يسأل عن الشهود، أو يأتي بشاهد (¬4) آخر، ولا يكفله. مطرف عن الشعبي أنه قال: لا كفالة في حد (¬5). السري بن إسماعيل عن عامر عن شريح أنه قال: لا كفالة في حد. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف الأول. وقال أَبو يوسف بعد ذلك - وهو قول محمد - إذا قال: بينتي حاضرة، أخذت له منه كفيلاً بنفسه ثلاثة أيام حتى يحضر بينته، فإذا شهد شاهدان حبسته. وإن شهد شاهد عدل حبسته أيضاً في قول أبي حنيفة. وقال أَبو يوسف: أكفله، ولا أحبسه. وهو قول محمد. وإذا ادعى رجل قبل رجل متاعاً سرقه منه أو مالاً، وقال: بينتي حاضرة، فإنه يؤخذ له كفيل (¬6) بنفسه ثلاثة أيام، من قبل أنه ادعى مالاً. ولو ¬

_ (¬1) ف - لا. (¬2) أي: قوله. يقال: قال يقول قولاً وقيلاً. وقيل: القول في الخير والشر، والقال والقيل في الشر خاصة. انظر: لسان العرب، "قول". (¬3) ز: أو شاهد عدل. (¬4) ز: شاهد. (¬5) م ف ز - مطرف عن الشعبي أنه قال لا كفالة في حد؛ صح م هـ. (¬6) ز: كفيلا.

قال: قد قبضت السرقة منه، ولكني أريد أن أقيم عليه الحد، فخذ لي منه كفيلاً حتى يحضر الشهود، لم يخاصم (¬1) حتى (¬2) يؤخذ له منه كفيل حتى يحضر الشهود (¬3). ولو أن قوماً أخذوا رجلاً مع امرأة فقدموهما إلى القاضي، فقالوا: إنا وجدنا هذا مع هذه المرأة، وعليهما شهود بالزنى، فخذ منهما (¬4) كفيلاً بأنفسهما حتى نحضرك الشهود عليهما، لم يأخذ كفيلاً منهما القاضي بأنفسهما. وكذلك الحد في الخمر والسكر. فإن قامت على الزنى وعلى الخمر والسكر شاهدان (¬5)، أو على سرقة شاهدان (¬6)، فإنه لا كفالة في شيء من ذلك، ولكنه يحبس حتى يسأل عن الشهود. وإن شهد على ذلك واحد لا يعرفه القاضي لم يحبس المشهود عليه في شيء من ذلك. فإن كان في زنى، فطلب المشهود عليه حد القذف من الشاهد، فإنه يؤخذ له بحقه. فإن قال الشاهد: عندي أربعة شهداء عليه بالزنى، فإن الشاهد يؤجل في ذلك إلى قيام القاضي، ولا يخلى عنهم، ولا يؤخذ منه كفيل (¬7)، ولكن الطالب يلزمه. ولو قال الشاهد: إن المشهود عليه عبد، كان القول قوله، وعلى المشهود عليه البينة أنه حر. فإن طلب المقذوف إلى القاضي أن يأخذ له من الشاهد كفيلاً حتى يحضر البينة أنه حر، فإنه لا يأخذ منه كفيلاً، ولكنه يحبس القاذف، ويؤجل المقذوف أياماً. فإن أحضر البينة أخذ له بحقه. وإن أقام رب السرقة شاهدين على السارق وعلى السرقة بعينها في يديه، فإنه لا يأخذ منه كفيلاً، ولكنه يحبس، وتوضع السرقة على يدي عدل. فإن زكي الشهود أمضى عليه الحد، وقضى بالسرقة للطالب. ¬

_ (¬1) م ف: لم يحاضر. (¬2) ف - حتى. (¬3) ز - لم يخاصم حتى يؤخذ له منه كفيل حتى يحضر الشهود. (¬4) م: منا؛ ز: مثلا. (¬5) ز: شاهدين. (¬6) ز: شاهدين. (¬7) ز: كفيلا.

وإذا ادعى عبد قذفاً (¬1) على رجل حر، وأراد أن يعزر له، فأراد أن يأخذ له كفيلاً حتى يحضر بينته (¬2) فيعزر له، أو ادعى رجل قبل رجل شتيمة (¬3)، أو أمرا فيه تعزير، فأراد كفيلاً حتى يحضر بينته، وقال: بينتي على ذلك حاضرة، فإنه يؤخذ منه كفيل بنفسه ثلاثة أيام؛ لأن هذا ليس بحد، وهذا تعزير (¬4) من حقوق الناس. ألا ترى أنه لو عفا عنه وتركه جاز ذلك. وإذا ادعت امرأة قبل زوجها أنه قذفها بالزنى، وقالت: بينتي حاضرة، فخذ لي منه كفيلاً بنفسه، فإنه لا يؤخذ لها منه كفيل بنفسه (¬5) في قول أبي حنيفة؛ لأن اللعان حد. وكذلك لو كان زوجها عبداً وهي حرة. وكذلك الرجل الحر تقذفه امرأته. وكذلك الرجل يقذفه العبد بالزنى. وكذلك المكاتب يقذف الحر بالزنى. وكذلك أم الولد تقذف الحر، أو المدبرة تقذف (¬6) الحر، أو المدبر يقذف الحر، أو الذمي يقذف الحر المسلم، فقدمه إلى القاضي في جميع ذلك، فأنكر المدعى قبله القذف، فإنه لا يؤخذ له منه كفيل بنفسه، ولكنه يؤمر أن يلزمه ما بينه وبين قيام القاضي في قول أبي حنيفة. وكذلك كل ذي رحم محرم. وكذلك الولد يقذف والده أو أمه فإن ذلك كله سواء. وإذا ادعى الولد قبل الوالد القذف، وطلب أن يؤخذ له منه كفيل بنفسه، فإنه لا يؤخذ له منه كفيل بنفسة، ولا يترك أن يلزمه. وكذلك الولد يدعي قبل أمه القذف. وكذلك العبد يدعي قبل مولاه أنه قذف أمه وهي حرة مسلمة، فإنه لا يؤخذ منه كفيل بنفسه، ولا يؤمر أن يلزمه؛ لأنه لو أقام بينة على ذلك لم يضرب الحد. وإذا ادعى (¬7) حر قذفاً قبل عبد، فأراد أن يأخذ منه (¬8) كفيلاً بنفسه، ¬

_ (¬1) ز: قذف. (¬2) ز: بينه. (¬3) ز: شتمه. (¬4) ف + وهذا؛ ز - تعزير. (¬5) ز - فإنه لا يؤخذ لها منه كفيل بنفسه. (¬6) ز: يقذف. (¬7) ز: اداعى. (¬8) م - منه.

باب القاضى يأخذ كفيلا في قصاص

وخاف أن لا يقام عليه الحد إلا بمحضر من مولاه، فإنه لا يؤخذ من واحد منهما كفيل بنفسه في ذلك، ولكنه يؤمر أن يلزمهما إلى أن (¬1) يقوم القاضي في قياس قول أبي حنيفة. وإذا ادعى رجل قبل رجل حداً في قذف، وأقام عليه شاهدين على شهادة شاهدين، وطلب منه كفيلاً بنفسه، فإنه لا يؤخذ منه كفيل بنفسه، ولا يحبس له بذلك؛ لأن هذا لا يقبل في الحد. ولو كان هذا في سرقة أخذ منه كفيلاً بنفسه حتى يسأل عن الشهود. فإن زكوا قضي عليه بالمال. وكذلك شهادة امرأتين (¬2) ورجل في ذلك. وإذا ادعى رجل حر قبل عبد (¬3) قذفاً، فأقام بينة عليه بمحضر من مولاه، فإن العبد يحبس له، ويؤخذ له من مولاه كفيل؛ لأن العبد لا يقضى عليه بالحد إلا بمحضر من مولاه. وهو قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أَبو يوسف في العبد إذا قامت عليه البينة بالقذف أو بحد زنى أو بقتل (¬4) عمد: فإني أقبل البينة وإن لم يحضر المولى، من قبل أنه لو أقر بذلك جاز عليه. وقال أَبو حنيفة: لا أقبل البينة عليه في ذلك إلا بمحضر من مولاه، ولو أقر جاز عليه. وكذلك قول محمد مثل قول أبي حنيفة. ... باب القاضى يأخذ كفيلاً في قصاص وإذا ادعى رجل (¬5) قبل رجل قصاصاً في نفس أو دونها، فقدمه إلى القاضي، فادعى ذلك وأنكر الرجل ذلك، وقال الطالب: عندي شهود حضور بذلك، فخذ لي منه كفيلاً بنفسه حتى أحضرك الشهود، فإنه لا ¬

_ (¬1) م ف ز: إلا أن. والتصحيح من الكافي، 2/ 146 ظ. (¬2) ز: امرأ بين. (¬3) ز: عند. (¬4) ز: أو يقبل. (¬5) ز: الرجل.

يؤخذ له منه كفيل (¬1) بنفسه. وإن أقام على ذلك شاهداً واحداً لم يؤخذ له كفيل بنفسه. ولا كفالة في قصاص في نفس ولا فيما دونها، وهو في ذلك بمنزلة الحد. ولو أقام شاهدين على شهادة شاهدين، أو رجلاً (¬2) وامرأتين على ذلك، لم يحبس له بذلك؛ لأن شهادة النساء لا تجوز في ذلك، ولا تجوز في ذلك شهادة على شهادة. وليس هذا كالسرقة، [في] السرقة يؤخذ [الكفيل] (¬3) بالمال بشهادة هؤلاء. وكذلك المرأة تدعي (¬4) قبل المرأة جرحاً فيما دون النفس فيه قصاص، أو تدعي (¬5) قبلها القصاص في النفس. وكذلك المرأة تدعي (¬6) قبل الرجل، والرجل يدعي قبل المرأة، أو وصي اليتيم يدعي لليتيم (¬7) قصاصاً في نفس أو فيما دونها. وكذلك الأب يدعي لابنه وهو صغير في حجره قصاصاً قبل رجل في نفس أو فيما دونها (¬8). وكذلك الأخ يدعي قبل أخيه، أو ابن الأخ يدعي (¬9) قبل عمه، أو الرجل يدعي قبل خالته، أو قبل ابن أخيه. وكل ذي رحم محرم فهو في ذلك سواء. وكذلك العبد (¬10) يدعى قبله القصاص في النفس. وكذلك المدبر وأم الولد والمكاتب والعبد الذي يسعى في بعض قيمته. وكذلك أهل الذمة والمستأمن من أهل الحرب يدعى قبله القصاص. وكذلك المرتد. فإنه لا يؤخذ من (¬11) هؤلاء كفيل في شيء من ذلك. فلو شهد بذلك شاهدان (¬12) فإنه يحبس في جميع ¬

_ (¬1) ز: كفيلا. (¬2) ز: أو رجل. (¬3) الزيادتان السابقتان مستفادتان من الكافي، 2/ 146 ظ. وقد تقدمت المسألة قريباً في الباب السابق. انظر: 7/ 241 و. (¬4) ز: يدعي. (¬5) ز: أو يدعي. (¬6) ز: يدعي. (¬7) م ف: اليتيم؛ ز - لليتيم. (¬8) ف - وكذلك الأب يدعي لابنه وهو صغير في حجره قصاصا قبل رجل فى نفس أو فيما دونها. (¬9) ز - يدعي. (¬10) م + يدعي قبل خالته أو قبل ابن أخيه وكل ذي رحم محرم فهو في ذلك سواء وكذلك العبد. (¬11) ز + أحد من. (¬12) ز: شاهدين.

ذلك حتى يسأل عن الشهود، ما خلا الأب (¬1) والأم والجد والجدة، فإنه لا حبس عليهم في ذلك؛ لأنه لا قصاص عليهم في ذلك. يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا يقتل الوالد بولد" (¬2). وكذلك الحربي المستأمن أو المرتد إذا (¬3) ادعى واحد منهما قصاصاً قبل مسلم أو ذمي فيما دون النفس، وأقام على ذلك شاهدين، فإنه لا يحبس من قبل أن المرتد دمه حلال لا ضمان على قاتله ولا قصاص. وكذلك (¬4) ما كان دون النفس. وأما الحربي فإن فيه دية، وليس فيه قصاص. وكل ما لا قصاص فيه من ذلك، وكان يكون فيه الأرش، فإنه يؤخذ منه كفيل بنفسه إذا ادعى (¬5) الطالب أن بينته حاضرة. وإذا ادعى رجل قبل رجلين قصاصاً في نفس، وقال: عندي بينة (¬6) حاضرة، فأقر أحدهما وجحد الآخر، فإن المقر منهما يحبس، ويلزم الطالب المطلوب الذي جحد ما بينه وبين قيام القاضي. فإن شهد له شاهدان حبس. وإن لم يشهد له شاهدان خلى سبيله، ولم يحبس له، ولم يؤخذ له منه كفيل (¬7). ولو كان المدعى قبلهم ثلاثة نفر، فأقر اثنان (¬8) بالقتل عمداً، وشهدا على صاحبهما أنه قتل (¬9) معهما عمداً، فإنهما يحبسان بإقرارهما على أنفسهما، ولا يحبس الآخر بشهادتهما، ولا يؤخذ منه كفيل بذلك (¬10). ¬

_ (¬1) ز: للأب. (¬2) سنن ابن ماجه، الديات، 22؛ وسنن الترمذي، الديات، 9. وانظر لتفصيل طرقه: نصب الراية للزيلعي، 4/ 339 - 341. (¬3) م ف ز - إذا. والزيادة من ع. (¬4) ز: فكذلك. (¬5) م: إذا دعى. (¬6) ز: بينتي. (¬7) ز: كفيلا. (¬8) ز: ثنان. (¬9) م - قتل. (¬10) ف - بذلك.

ولو كان أولياء الدم ثلاثة، فادعى أحدهم على رجل، وادعى الآخر على الشريك الباقي القتل عمداً، وكل يدعي بينة حاضرة، فإنه لا يحبس أحد منهم، ولكن يؤخذ من كل واحد منهم كفيل ثلاثة أيام، من قبل أنه لا قصاص في هذه الدعوى. ولو ادعى رجل على رجل قطع يد عمداً، وأقام (¬1) بينة حاضرة، لم يؤخذ له منه كفيل. فإن أبرأه وادعى على آخر، فإنه لا يؤخذ له منه كفيل (¬2)، ولا يقبل منه بينة على الآخر. ولو أقر الآخر بذلك قضي عليه بالدية، ولا قصاص عليه، ولا يحبس، ولا يؤخذ منه كفيل بالمال، ولكن يؤخذ منه (¬3) كفيل بنفسه. ولو ادعى رجل على رجلين قطع يد عمداً، وطلب كفيلاً منهما بأنفسهما، أخذ له منهما كفيلاً؛ لأن هذا بمنزلة الخطأ. ألا ترى أنه لا قصاص فيه. وكذلك رجلان قتلا (¬4) رجلاً أحدهما بعصا (¬5) والآخر بسيف (¬6)، أو أحدهما معتوه، أو كان القاتلان (¬7) أحدهما صغير والآخر كبير، فإن في هذا الأرش، ويؤخذ من هؤلاء كفيل بأنفسهم. ولو ادعى رجل على رجل قصاصاً في نفس أو دونها، وادعى آخر عليه مالاً من دم أو غيره، وكل يدعي بينة حاضرة، أخذ لصاحب المال كفيل بنفسه، ولم يؤخذ للآخر كفيل، ولكن يلزمه إلى قيام القاضي. فإن أحضر بينة على ذلك حبس له، وإن لم يحضر بينة على ذلك (¬8) خلى سبيل الرجل. ولو كان الطالب وكَّل ¬

_ (¬1) ف ز: وادعى. (¬2) ف - فإن أبرأه وادعى على آخر فإنه لا يؤخذ له منه كفيل؛ ز + فإن أبرأه وادعى على آخر فإنه لا يؤخذ له منه كفيل. (¬3) م ف ز - منه. والزيادة من ع. (¬4) ز: قبلا. (¬5) ز: بعضا. (¬6) ف: بقضيب. (¬7) ز: القاتلين. (¬8) م ز + حبس له وإن لم يحضر بينة على ذلك.

باب القاضى يأخذ الكفيل في الخطأ في النفس وفيما دونها

وكيلاً بذلك كان وكيله وهو في ذلك (¬1) سواء، لا يؤخذ لوكيله كفيل. ... باب القاضى يأخذ الكفيل في الخطأ في النفس وفيما دونها وإذا ادعى الرجل قبل الرجل قتلاً خطأً، أو جراحة دون النفس خطأ، وذكر أن له بينة حاضرة، وسأل القاضي أن يأخذ له كفيلاً بنفسه، فإنه يأخذ له منه كفيلاً ثلاثة أيام. فإن أحضر بينة أخذ له بحقه، وإن لم يحضر بينة خلى سبيل الرجل، وأبرأ كفيله. ولو أقام شاهدين عدلين على ذلك قضي له بالدية. ولا حبس على القاتل في ذلك، ولا كفالة، إلا أن يكون القاتل داعراً (¬2)، فيحبس للدَّعارة (¬3). وإذا ادعى رجل حر قبل امرأة قطع يد عمداً (¬4) أو شجة عمداً (¬5)، وقال: لي بينة حاضرة، فإنه يؤخذ له منها كفيل (¬6)؛ لأنه لا قصاص بينهما. وكذلك الحر يدعي قبل العبد قطع يد عمداً أو جراحة عمداً. وكذلك المرأة تدعي قبل الرجل قطع (¬7) يد عمداً (¬8) أو شجة عمداً (¬9). وكذلك الرجل يدعي قبل المكاتب، والعبد يدعي قبل العبد. وكذلك الرجل يدعي قبل الصبي. فذلك كله بمنزلة الخطأ، وفيه الأرش، ويؤخذ منه كفيل ثلاثة أيام. وكذلك الحر يدعي قبل العبد الجراحة. وكذلك كل ذي رحم محرم. وأهل الذمة وأهل الإسلام في الخطأ سواء. وكذلك الكفار فيما بينهم. ¬

_ (¬1) ز + كان. (¬2) ز: ذاعرا. الداعر الخبيث المفسد. ومصدره الدَّعارة. وهي من قولهم: عود دَعِر، أي كثير الدخان. انظر: المغرب، "دعر". (¬3) ز: للذعارة. (¬4) ز: عمد. (¬5) ز: عمد. (¬6) ز: كفيلا. (¬7) ز + يدها عمدا أو جراحة عمد وكذلك المرأة تدعي قبل الرجل قطع. (¬8) ز: عمد. (¬9) ز: عمد.

وإذا ادعى رجل قبل رجل كفالة بمال من دم خطأ، أو من دم عمد صالح عليه، وادعى بينة حاضرة، فإنه يؤخذ له كفيل بنفسه ثلاثة أيام. وكذلك لو ادعى مالاً من جراحة. وكذلك النساء فيما بينهن وبين الرجال. وكذلك كل ذي رحم محرم. وإذا ادعى رجل قبل رجل دماً عمداً وله وليان، فعفا أحدهما أو صالح من حصته، وجحد القاتل، فطلب الطالب منه كفيلاً وادعى بينة حاضرة، فإنه يؤخذ له منه كفيل (¬1) بنفسه ثلاثة أيام للذي لم يعف. ولو كان الذي صالح يدعي المال أيضاً أخذ له كفيلاً بنفسه ثلاثة أيام. ولو أن رجلاً (¬2) قطع يدي رجلين عمداً اليمين من كل واحد، فاجتمعا جميعاً يطلبان منه كفيلاً بنفسه، لم يؤخذ لهما منه كفيل بنفسه، من قبل أن كل واحد منهما يدعي القصاص. ولو أن رجلاً ادعى قبل رجل قطع يد عمداً (¬3)، ويد القاطع شلاء، فقال المدعى: أنا أختار (¬4) الدية، فخذ لى منه كفيلاً بنفسه، أخذت له منه كفيلاً بنفسه ثلاثة أيام؛ لأن هذا مال. ولو أن رجلاً ادعى قبل (¬5) رجل مُنَقِّلَة (¬6) عمداً (¬7). . . . . . . . . . ¬

_ (¬1) ز: كفيلا. (¬2) ز: رجل. (¬3) م ف ز: عمد. (¬4) ز: اخيار. (¬5) ف - قبل. (¬6) المنقّلة من الشِّجَاج التي يَنتقل منها فَرَاش العظام وهو رِقاقها في الرأس. انظر: المغرب، "نقل". وقال الفيومي: نقّلته بالتشديد مبالغة وتكثير، ومنه المنقِّلة، وهي الشّجّة التي تخرج منها العظام، والأولى أن تكون على صيغة اسم المفعول لأنها محل الإخراج، وهكذا ضبطه ابن السّكّيت، ويؤيده قول الأزهري: قال الشافعي وأبو عبيد: المنقّلة التي تنقل منها فَراش العظام وهو ما رقّ منها، فصرّح بأنها محل التنقيل، وهذا لفظ ابن فارس أيضاً، ويجوز أن يكون على صيغة اسم الفاعل، نص عليه الفارابي وتبعه الجوهري على إرادة نفس الضربة، لأنها تكسر العظم وتنقله. انظر: المصباح المنير، "نقل". (¬7) ز: عمد.

باب القاضى يأخذ كفيلا في التعزير

أو هاشمة (¬1) أو آمّة (¬2) أو جائفة (¬3) أو قطع عمد من غير مفصل (¬4) أو كسر يد أو سناً (¬5) ضربها فاسودت، أخذت له في ذلك كله كفيلاً بنفسه إن ادعى بينة حاضرة ثلاثة أيام. وإن قال: بينتي غُيَّب (¬6)، لم آخذ له كفيلاً. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أَبو يوسف ومحمد: نأخذ (¬7) في هذا كله كفيلاً بنفسه ثلاثة أيام في العمد وغيره فيما فيه القصاص حتى تقوم البينة فيما بينه وبين ثلاثة أيام. فإذا قامت البينة حبس في القصاص، ولم يؤخذ منه كفيل، وأبرأ ذلك الكفيل. ... باب القاضى يأخذ كفيلاً في التعزير وإذا ادعى الرجل قبل الرجل شتيمة فاحشة، وادعى بينة حاضرة، وطلب كفيلاً بنفسه، فإني آخذ له كفيلاً بنفسه (¬8) ثلاثة أيام. فإن لم يحضر ¬

_ (¬1) هَشَمَ يَهْشِم من باب ضرب، والمصدر الهَشْم، أي: كسر الشيء اليابس والأجوف، ومنه الهاشمة، وهي الشجّة التي تهشم العظم، وباسم الفاعل سمي هاشم بن عبد مناف، واسمه عمرو، لأنه أول من هشم الثريد لأهل الحرم، والهَشِيم من النبات اليابس المتكسر، ولا يقال له: هَشِيم وهو رَطْب. انظر: المصباح المنير، "هشم". (¬2) مشتقة مِنْ أَمَّه، أي: شَجَّه، والاسم آمّة ومأمومة، وهي التي تصل إلى أم الدماغ، وهي أشد الشِّجَاج، وصاحبها مأموم وأَمِيم، وأم الدماغ: الجلدة التي تجمعه. انظر: المصباح المنير، "أمّ". (¬3) قال المطرزي: الجائفة الطعنة التي بلغت الجوف أو نَفَذَتْه، وفي الأكمل: الجائفة ما يكون في اللَّبَّة والعانة ولا تكون في العنق والحلق ولا في الفخذ والرجلين، وطَعَنَه فأَجَافَه وجَافَه أيضاً. انظر: المغرب، "جوف". (¬4) ز: منفصل. (¬5) ز: أو سن. (¬6) م. ف ز: عنه. ولفظ ب: غائبة. ولكن ما أثبتناه يستعمله المؤلف بكثرة. (¬7) ز: يأخذ. (¬8) ز - فإني آخذ له كفيلا بنفسه.

بينة أبرأت كفيله. ولو أقام عليه شاهدين بالشتيمة لم يحبس المدعي عليه، ولكنه يؤخذ منه كفيل بنفسه حتى يسأل عن الشهود. فإن زكوا عزرته أسواطاً، ولا أحده. وإن رأى الحاكم أن لا يضربه وأن يحبسه أياماً عقوبة فعل. ألا ترى أني أجعل الحبس عقوبته، فكيف أحبسه قبل البينة. وإن كان المدعى قبله رجلاً (¬1) له مروءة وخطر استحسنت أن لا أحبسه ولا أعزره إذا كان ذلك أول ما فعل. محمد عن بعض المشيخة عن الحسن بن أبي الحسن عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "تجافوا عن عقوبة ذي المروءة إلا في الحد" (¬2). وإذا ادعى رجل قبل رجل شيئاً يجب عليه فيه عقوبة، فأخذ منه كفيلاً بنفسه، فهرب المكفول (¬3) به، وقدم الطالب الكفيل إلى القاضي، فإنه يحبسه حتى يجيء به. ولو أن مسلماً قذف ذمياً بالزنى، فقدمه الذمي إلى القاضي، فجحده المسلم، وادعى بينة حاضرة، أخذت له كفيلاً بنفسه ثلاثة أيام؛ لأن هذا لا حد فيه، وفيه تعزير. ولو أن رجلاً ادعى قبل رجل أنه ضربه وخنقه وشتمه، وادعى أن له بينة حاضرة، أخذت له منه كفيلا ثلاثة أيام. فإن أحضر بينة عزرته، ولا (¬4) أبلغ به حداً (¬5). ولو شهد له على ذلك رجل وامرأتان أو شاهدان على شهادة شاهدين أجزت ذلك وعزرته. ¬

_ (¬1) ز: رجل. (¬2) روي من حديث زيد بن ثابت في المعجم الصغير للطبراني، 2/ 118؛ ومن حديث أبي بكر الصديق في مسند الشهاب للقضاعي، 1/ 422. وروي بلفظ: "أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا في الحدود". انظر: مسند أحمد، 6/ 181؛ وسنن أبي داود، الحدود، 4. وانظر للتفصيل: تلخيص الحبير لابن حجر، 4/ 80؛ وكشف الخفاء للعجلوني، 1/ 183. (¬3) ف: فهو بالمكفول. (¬4) م: ز: وإلا. (¬5) ز: حد.

ولا يبلغ بالتعزير حد. حدثنا محمد عن (¬1) مِسْعَر بن كِدَام عن خاله الوليد بن عثمان عن الضحاك بن مزاحم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من بلغ حداً في غير حد فهو من المعتدين" (¬2). وهو قول محمد. وقال أَبو حنيفة: لا يبلغ بالتعزير أربعون سوطاً، وهو أدنى الحدود. وهو قول محمد. محمد عن أشعث (¬3) بن سوار عن عامر الشعبي قال: لا يبلغ بالتعزير أربعون سوطاً (¬4). قال محمد: وحدثنا أَبو حنيفة بذلك عن الهيثم عن الشعبي. وأخبرنا أَبو حنيفة بذلك عن من حدثه عن شريح أيضاً بمثل ذلك. وقال أَبو يوسف: أبلغ بالتعزير خمسة وسبعين سوطاً إذا كان في أمر فاحش (¬5). وتعزير العبد تسعة وثلاثون (¬6) سوطاً في مثل ذلك. وقال محمد: آخذ بقول أبي حنيفة. وإذا ادعت المرأة (¬7) قبل زوجها أنه (¬8) ضربها ضرباً فاحشاً، وادعت بينة حاضرة، فإنه يؤخذ لها منه كفيل ثلاثة أيام. وكذلك الرجل يدعي قبل ولده وهو كبير، أو قبل أخيه، أو قبل عمه، أو قبل خاله، أو قبل امرأة ذات محرم منه، وادعى بينة حاضرة، فإنه يؤخذ له منه كفيل بنفسه ثلاثة أيام. وكذلك الذمي يدعي الشتيمة قبل المسلم. وكذلك العبد يدعي قبل الحر الشتيمة. وكذلك الحر يدعي قبل العبد وكذلك أم الولد ¬

_ (¬1) ف - محمد عن. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي، 8/ 327؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 354. (¬3) ز: عن أشعب. (¬4) المصنف لابن أَبى شيبة، 5/ 550. (¬5) ف ز: يتفاحش. (¬6) ز: وثلثين. (¬7) ف: امرأة. (¬8) ز: ابه.

باب الكفالة عن الميت

تدعي (¬1) قبل الرجل أو المدبرة. وكذلك الرجل يدعي قبل المدبرة (¬2) أو أم الولد. وكذلك أهل الذمة يدعي بعضهم قبل بعض الشتيمة والضرب والأذى الفاحش. فهذا باب واحد كله. يؤخذ منه كفيل بنفسه ثلاثة أيام، فإن أحضر بينته، وإلا أبرأ الكفيل من كفالته. ... باب الكفالة عن الميت وقال أَبو حنيفة: إذا مات الرجل وعليه دين ولم يترك شيئاً، فكفل ابنه للغريم بماله على الأب الميت، فإن ذلك لا يجوز؛ لأن الحق قد تَوَى (¬3). فإن ترك الميت شيئاً ليس فيه وفاء فإنه يلزم الكفيل بقدر ما ترك الميت. وقال أَبو يوسف ومحمد: الكفالة جائزة على الكفيل في جميع ذلك. وقال أَبو حنيفة: كل كفالة كانت من كفيل بغير محضر من صاحب المال أو مخاطب له فهي باطل إلا باباً واحداً (¬4) أستحسن فيه: إذا (¬5) أوصى رجل عند موته وطلب إلى وارثه، فضمن ما عليه بغير محضر من الغرماء، فهذا جائز. وهو قول أبي يوسف الأول. وهو قول محمد. وقال أَبو يوسف بعد ذلك: [يجوز] (¬6) كله، كان له مخاطب أو لم يكن، أو كان صاحب المال (¬7) حاضراً أو لم يكن. وقال محمد بقول أبي حنيفة. وإن خاطب الكفيل رجلاً سوى الطالب، فقال: اضمن لفلان ماله على فلان، فضمن الكفيل ذلك، فله أن يرجع عن الكفالة ما لم يقل ¬

_ (¬1) ز: يدعي. (¬2) م: الولد. (¬3) أي: هلك كما تقدم. (¬4) ز: إلا باب واحد. (¬5) م ف ز: فإذا. (¬6) الزيادة مستفادة من كلام المؤلف في أوائل كتاب الحوالة والكفالة. انظر: 7/ 190 و. (¬7) ف - محمد وقال أَبو يوسف بعد ذلك يجوز كله كان له مخاطب أو لم يكن أو كان صاحب المال.

باب كتاب القاضى في الكفالة

الطالب: قد قبلت؛ لأن الذي خاطب ليس بوكيل. ولو لم يرجع الكفيل عن كفالته حتى رضي الطالب بذلك، كانت الكفالة لازمة للكفيل. ولو كان المخاطب وكيلاً للطالب كانت الكفالة لازمة للكفيل، لا يستطيع أن يرجع عنها. وكفالة النفس والمال في هذا. سواء. ... باب كتاب القاضى في الكفالة وإذا كتب القاضي إلى قاض في كفالة رجل بنفس رجل كفل عنه بأمره وأخذ به، فأراد أن يقبل معه حتى يوافيه به، وأقام على كتاب القاضي شاهدي عدل، فكتب القاضي: إنه قامت عندي البينة العادلة أنه كفل عنه بنفسه بأمره، فإن القاضي ينفذ الكتاب، ويأخذه (¬1) به، ويأمره بالخروج معه حتى يوافي مكانه، ويخلّصه مما أدخله فيه. فإن كان كفل بنفسه بالبصرة، وجاء بالكتاب من قاضي البصرة إلى قاضي (¬2) الكوفة بذلك، فإنه يؤمر أن يوافي معه بالبصرة حتى يبرئه من ذلك. ولو كان كفل عنه بالكوفة على أن يوافي (¬3) به بالبصرة، فأخذه الطالب بالبصرة، فجاء بكتاب القاضي بذلك، أمر أن يوافي معه البصرة حتى يبرئه. ولو كان كفل بنفسه على أن يدفعه بالكوفة، فأخذه الطالب بالبصرة، فطلب كتاب قاضي البصرة إلى قاضي الكوفة بذلك، فإن قاضي البصرة لا ينبغي أن يكتب له بذلك إذا كان يريد الكتاب ليوافي معه البصرة. ولو كتب له بذلك لم يكن (¬4) ينبغي لقاضي (¬5) الكوفة أن يجبر المكفول به (¬6) على الذهاب معه إلى البصرة. ¬

_ (¬1) ف: ويأخذ. (¬2) ز: إلى القاضي. (¬3) ز - معه بالبصرة حتى يبرئه من ذلك ولو كان كفل عنه بالكوفة على أن يوافي. (¬4) ز + بذلك لم يكن. (¬5) ز: للقاضي. (¬6) ف - به.

ولوطلب الكفيل كتاب القاضي ببينة بالكفالة بأمره، فأراد بذلك أن يثبت بينته بأمره إياه بالكفالة، كتب له قاضي البصرة بذلك وينفذ قاضي الكوفة الكتاب بذلك. وكتاب القاضي في كفالة المرأة بالرجل أو الرجل بالمرأة أو الرجل بالرجل أو امرأة لرجل أو رجل لأخيه أو بعمه (¬1) أو بخاله أو بولد أو بذي رحم محرم، أو كفالة مسلم لذمي أو ذمي بمسلم أو مسلم بحربي مستأمن أو حربي مستأمن بمسلم أو حر بعبد تاجر ادُّعي (¬2) قبله دين أو بعبد يُدعى رقبته أو بمكاتب يُدعى قبله دين أو برجل (¬3) حر لمكاتب أو لعبد تاجر عليه دين فهو في ذلك كله سواء، وهو جائز كله. وكذلك الكفالة للوصي بنفس رجل لليتامى عليه دين، أو الكفالة لرجل بنفس رجل لولده قبله دعوى، بعد أن يكون ولده صغاراً، وكفالة لرجل هو وكيل لرجل يطلب ذلك الحق، فذلك كله سواء. وإذا كتب القاضي إلى القاضي بكتاب في كفالة بنفس رجل، ولم يثبت في كتابه أنه كفل بأمره، فإنه لا يؤخذ له. فإن ادعى [رجل] قبله أنه كفل بأمره، فإنه يُسأل البينة على ذلك، فإن لم تكن (¬4) له بينة فإنه يحلف له، فإن حلف برئ، وإن نكل عن اليمين لزمته الكفالة. وإذا كتب القاضي إلى القاضي بكفالة رجل بنفس رجل بأمره، وكتب القاضي في كتابه: إنه أقر عندي بذلك، فإن القاضي ينفذ ذلك عليه. وإن كتب إليه: شهد عندي بذلك رجل وامرأتان، فهو سواء. وإن كتب (¬5): إنه شهد عندي بذلك شاهدان على شهادة شاهدين فهو سواء. وإن كان الكتاب على ذمي، فكتب: إنه شهد بذلك عندي رجلان من أهل الذمة، فهو جائز. فإن شهد أهل الذمة على كتاب القاضي لم يجز ذلك على قاضي المسلمين. ¬

_ (¬1) ز: أو نعمه. (¬2) ز: ادعا. (¬3) ف: أو رجل. (¬4) ز: لم يكن. (¬5) ز: كنت.

باب كتاب القاضي في الكفالة بالمال

وإذا كتب القاضي في كفالة، ثم عزل الذي كتب الكتاب قبل أن يصل كتابه إلى الآخر، فإن الآخر لا ينفذه؛ لأنه الآن ليس كتاب قاضي. وكذلك لو لم يعزل الذي كتب الكتاب، وعزل المكتوب إليه أو مات واستقضي آخر لم ينفذ ذلك الكتاب؛ لأنه إلى غيره. ولو شهد على كتاب القاضي وخاتمه في الكفالة رجل وامرأتان أو رجلان على شهادة رجلين كان ذلك جائزاً. ... باب كتاب القاضي في الكفالة بالمال وإذا كفل رجل عن رجل بألف درهم بأمره، وأدى ذلك، فأقام البينة على ذلك عند قاضي أهل البصرة، وسأله أن يكتب له بذلك إلى قاضي أهل الكوفة، فإنه يكتب له بذلك (¬1). فإذا قدم الكتاب على قاضي أهل الكوفة وشهد شاهدان أنه كتابه وخاتمه، فإنه جائز، ينفذه القاضي. وكان أَبو حنيفة يقول: لا يقبله القاضي حتى يشهد الشهود على ما في جوف الكتاب. وهو قول محمد. وقال أَبو يوسف: إذا شهدوا أنه كتابه وخاتمه أجزت ذلك وإن لم يكونوا يعلمون (¬2) ما فيه. فإن لم يكن الكفيل أدى المال، ولكن أخذ به وأراد أخذ الكفيل به حتى يخلصه، فكتب له القاضي بذلك، فهو جائز، ويؤخذ (¬3) له صاحبه حتى يخلصه، وليس له أن يقبض منه المال حتى يؤديه. والديون كلها مما يكال أو يوزن سلم أو قرض أو غصب في ذلك كله سواء. والمهر والثياب السلم في ذلك سواء. وإذا كتب القاضي في كتابه في الكفالة فلان بن فلان، ولم يقل: ¬

_ (¬1) ف - فإنه يكتب له بذلك. (¬2) ز: يعلموا. (¬3) ز: فيؤخذ.

الفلاني، لم يجز ذلك حتى ينسبه إلى قبيلته (¬1). ولا بد من أن يسمي في كتابه الشهود وآباءهم وقبائلهم وحِلاَهم (¬2). فإن ترك الحِلَى فهو جائز. وإثبات التحلية أفضل. وإن نسب المدعى قبله الكفالة إلى تجارة يعرف بها فهو جائز أيضاً. وإن كان الطالب أخذ كتاب القاضي بماله على الذي عليه الأصل وعلى الكفيل فهو جائز (¬3). وإن كان الكفلاء ثلاثة فأدى المال أحدهم، وبعضهم كفلاء على بعض، والكفيلان اللذان (¬4) معه في بلدين، وصابها الأصل في بلد آخر، فإنه يكتب بثلاثة كتب، إلى كل بلدة بصفة الكفالة وحالها وأداء المال، ويكتب إلى كل قاض يخبره بما كتب إلى القاضيين الآخرين (¬5). وإن أخذ أحد الكفلاء فقال: إنك قد اقتضيت (¬6) من الكفيل معي نصف المال، أو من الذي عليه الأصل، فإنه يكلف البينة على ذلك. فإن لم تكن (¬7) له بينة حلف الكفيل المؤدي للمال. فإذا حلف أخذ منه نصف المال. وإن نكل عن اليمين لم يقض له عليه بشيء. وإذا أدى الكفيل المال، فأخذ بذلك كتاب القاضي إلى قاض (¬8)، فلم يجد صاحبه هناك، فسأل القاضي الذي أتاه بالكتاب أن يكتب له إلى قاض (¬9) آخر بما أتاه من قاضي كذا وكذا، فعل. وإن رجع الكفيل إلى ¬

_ (¬1) ز: إلى قبلته. (¬2) حِلَى جمع حلية، ويجوز الضم: حُلَى، وهي صفة الإنسان. انظر: مختار الصحاح، "حلي". (¬3) ز - وإن كان الطالب أخذ كتاب القاضي بماله على الذي عليه الأصل وعلى الكفيل فهو جائز. (¬4) ز: والكفيلين اللذين. (¬5) ف - ويكتب إلى كل قاض يخبره بما كتب إلى القاضيين الآخرين. (¬6) ز: قد اقضيت. (¬7) ز: لم يكن. (¬8) ز: إلى قاضي. (¬9) ز: إلى قاضي.

باب الشهود في الكفالة بالنفس

القاضي الذي كتب له أول مرة، فقال: اكتب لي إلى قاض (¬1) آخر، فإني لم أجد صاحبي في البلدة التي كتبت لي إلى قاضيها (¬2)، فإنه لا يكتب له حتى يرد إليه كتابه. فإن كتب له قبل أن يرد عليه كتابه فإنه قد أساء. وليبين في كتابه أنه قد كتب له بهذه النسخة إلى قاضي كذا وكذا (¬3). وإذا كتب القاضي فأدى الكفيل المال، وهو مهر امرأة أو سلم أو غير ذلك من دين أو غصب، فهو جائز. وأهل الإسلام وأهل الذمة في ذلك سواء. وإن كانت الكفالة بالمال على عبد تاجر أو مكاتب فهو جائز. وأهل الإسلام وأهل الذمة في ذلك سواء. وإذا كتب القاضي بمال أداه كفيل عن كفيل فإنه جائز، ويؤخذ به الكفيل الأول للكفيل الثاني إذا كان هو الذي أمره، ولا يؤخذ له الذي عليه الأصل من قبل أنه لم يكن أمره. فإن كان الذي عليه الأصل هو الذي أمر الثاني أن يضمن عن الأول، ولم يأمره الكفيل الأول، فإنه يرجع بالمال على الذي عليه الأصل، ولا يرجع به على الكفيل الأول. وإذا أدى الكفيل المال وكتب له القاضي بذلك، ولم يكتب في كتابه أنه كفل عن أمره، فإن القاضي الذي أتاه الكتاب لا يرد الكفيل بالمال. فإن جاء الكفيل بكتاب من قاض (¬4) آخر أنه كفل عنه بأمره فهو مستقيم جائز، ويؤخذ (¬5) بالمال، وهذا بمنزلة شاهدين أقامهما عليه بذلك. ... باب (¬6) الشهود في الكفالة بالنفس وإذا ادعى الرجل قبل رجل كفالة بنفس، وجحد ذلك المطلوب، ¬

_ (¬1) ز: إلى قاضي. (¬2) ز: إلى قاضي حاتم. (¬3) ز: كذا. (¬4) ز: من قاضي. (¬5) ز: يؤخذ. (¬6) م ف ز: كتاب.

فجاء الطالب بشاهدين، فشهد أحدهما أنه كفل له بنفس فلان يوم كذا، وشهد الآخر أنه كفل له بنفس فلان يوم كذا، فاختلفا في اليوم، واختلفا في البلد فقال هذا في بلد وهذا في بلد آخر، واختلفا في الشهور فقال هذا في شهر كذا وقال هذا في شهر كذا، أو اجتمعا في ذلك واختلفا في الأجل فقال هذا إلى شهر وقال هذا إلى شهرين، أو قال أحدهما حال وقال الآخر إلى أجل، وقد مضى الأجل أو لم يمض، فذلك كله سواء (¬1)، والكفالة لازمة له يؤخذ بها، ويحبس حتى يدفع صاحبه. وشهادة رجل وامرأتين في كفالة النفس جائزة. وشهادة شاهدين على شهادة شاهدين جائزة في ذلك. وإن لم يعرف الشاهدان الكفيل ولا المكفول به غير أنهما قالا: أشهدنا فلان وفلان على شهادتهما أن فلان بن فلان الفلاني كفل لهذا الرجل بنفس فلان بن فلان الفلاني، فهو جائز. ولو شهد الشاهدان بأنفسهما أن هذا الرجل كفل لهذا الرجل بنفس رجل لا نعرفه ولكنا نعرف وجهه إن جاء به (¬2)، فهو جائز يؤخذ به حتى يأتي به على معرفتهما. ولو قالا: لا نعرف (¬3) وجهه أيضاً، فإنه يؤخذ بالكفالة، ويقال له: أي رجل أتيت به وقلت هو هذا وحلفت على ذلك فأنت بريء من الكفالة، والقول قولك مع يمينك بالله على ذلك. وإذا شهد شاهدان أنه كفل بنفس رجل، واختلفا فيه، فقال أحدهما: هو فلان، وقال الآخر: هو فلان، فإن هذا لا يجوز. وإن ادعى الطالب الكفالتين جميعاً فلا بد له من أن يأتي مع كل شاهد منهما بشاهد آخر. وإن لم يكن له شهود فعلى الكفيل اليمين. وإذا ادعى الرجل قبل رجل كفالة بنفس رجلين، فأقام (¬4) الطالب شاهدين، فأثبتا (¬5) أحد الرجلين وشهدا عليه أنه كفل بنفسه، وشهد أحدهما ¬

_ (¬1) ز: سوي. (¬2) ف - إن جاء به. (¬3) ز: قال لا يعرف. (¬4) ف: قام. (¬5) م ز: فاشا. والكلمة مهملة في ف. وهي كما أثبتناها في ب.

على الآخر وأثبته وشك الآخر فيه فقال: لا أدري أهو هذا أو غيره، فإنه يؤخذ بكفالة الذي أجمعا عليه إذا ادعى ذلك الطالب، ولا يؤخذ بكفالة الآخرة لأنهما اختلفا فيه. وشهادة أهل الإسلام في الكفالة على أهل الذمة جائزة. ولا تجوز شهادة أهل الذمة على أهل الإسلام. وشهادة أهل الذمة بعضهم على بعض في الكفالة جائزة. ولا تجوز شهادة الرجل في الكفالة (¬1) لابنه، وتجوز عليه. ولا تجوز لامرأته وتجوز عليها. ولا تجوز لولده وتجوز عليهم. وكذلك ولد الولد والأم والجدة. وشهادة الأخ والعم وكل ذي رحم محرم في ذلك جائزة عليه وله. وشهادة الشريك المفاوض لشريكه في كفالة النفس باطل (¬2) إذا كانت في تجارتهما. وكذلك شريك العنان. وإن (¬3) كانت في غير تجارتهما جازت شهادته إذا كانت في حد أو قصاص. وشهادة الرجل لمكاتبه ولعبده في الكفالة باطل لا تجوز. وكذلك أم ولده ومدبرته. وشهادة العبد والمكاتب في الكفالة باطل. وكذلك شهادة الأعمى والمحدود في قذف والمتهم في شهادته والداعر (¬4) وصاحب السكر والمدمن للغناء والنائحة باطل لا تجوز. ولا تجوز في الكفالة شهادة النساء وحدهن، ولا شهادة رجل على شهادة رجل حتى يشهد اثنان على واحد، وواحد على شهادة نفسه، أو اثنان على شهادة شاهدين. ولو شهد شاهدان (¬5) على رجل أنه كفل لأبيهما ولرجل بنفس فلان كانت شهادتهما باطلاً لا تجوز. ... ¬

_ (¬1) ز - جائزة ولا تجوز شهادة الرجل في الكفالة. (¬2) ز: باطلاً. (¬3) ز: إن. (¬4) م: والمذاعر؛ ف ز: والمداعر. (¬5) ف ز: رجلان.

باب شهادة الشهود بالكفالة بالنفس وبالمال

باب شهادة الشهود بالكفالة بالنفس وبالمال (¬1) وإذا شهد شاهدان على رجل أنه كفل لفلان بنفس فلان، فإن لم يواف به غداً فعليه ما عليه، وهو ألف درهم، فهو جائز. وإن قال الطالب: لم تواف (¬2) به، وقال الكفيل: قد وافيتك (¬3) به، فالقول قول الطالب مع يمينه، وعلى المطلوب البينة. فإن شهد له شاهدان بالموافاة في ذلك اليوم فهو بريء من الكفالة. وإن اختلف شاهدا (¬4) الكفالة، فشهد أحدهما بألف، وشهد (¬5) الآخر (¬6) بخمسمائة، واتفقا على كفالة النفس، فإنه يؤخذ بكفالة النفس، ولا يؤخذ بكفالة المال في قول أبي حنيفة. ويؤخذ في قول أبي يوسف ومحمد بخمسمائة درهم. وإذا (¬7) كان الطالب يدعي خمسمائة لم يؤخذ بشيء في القولين جميعاً؛ لأنه قد أكذب شاهده بالألف. ولو اتفقا في النفس والمال، واختلفا في الأيام أو البلدان أو الشهور أو الأجل، فإن ذلك لا يفسد شهادتهما. وشهادتهما في الكفالة بالنفس والمال جائزة إذا ادعى الطالب ذلك وادعى أقرب الأجلين. وإن ادعى أبعد الأجلين فقد أكذب الشاهد الذي شهد له بأقربهما أجلاً، ولا يقبل شهادته في شيء من ذلك. وإذا اختلف الشاهدان في المال، فشهد أحدهما بدراهم، والآخر بدنانير، فإن شهادتهما باطل لا تجوز في شيء من ذلك إذا ادعى الطالب أحد الصنفين وقال: لم يشهد لي بالصنف الآخر. وإن ادعى الصنفين جميعاً جازت شهادتهما في الكفالة بالنفس، وبطلت في المال. وكذلك (¬8) لو شهدا بصنفين من الكيل حنطة وشعير، أو بصنفين من الوزن سمن وزيت، فهو مثل الأول. فإن اتفقا في المال أنه ألف درهم، وقال أحدهما: قرض، وقال ¬

_ (¬1) ف: والمال. (¬2) ز: لم توافي. (¬3) ز: قد وافتك. (¬4) ز: شاهد. (¬5) م ز - وشهد. (¬6) م ز: والآخر. (¬7) م ف ز: إذا. (¬8) ز: فكذلك.

الآخر: من ثمن بيع، وادعى الطالب أنها من ثمن بيع، وقال: لم يشهد لي على قرض، فقد أكذب الشاهد (¬1) بالقرض، فلا تجوز شهادته في شيء من ذلك. وإن ادعى الطالب الدين، ألفاً (¬2) من ثمن بيع، وألفاً قرضاً (¬3)، وصدق الشاهدين، فإن شهادتهما تجوز في الكفالة بالنفس وفي ألف درهم. وإن كان الشاهدان شريكين في المال لم تجز شهادتهما. فإن كان الشاهدان كفيلين بالمال عن صاحب الأصل لم تجز شهادتهما. وكذلك لا تجوز شهادة ولدهما وأبويهما. وإن كان لرجلين على رجل ألف درهم، فأخذا منه كفيلاً بنفسه، فإن لم يواف به غداً فعليه المال، فجحد الكفيل، وشهد ابنا الذي عليه الأصل، فإن شهادتهما باطل. فإن جحد أبوهما وأقر الكفيل، فإن شهادتهما جائزة. وإن كان الشاهدان ابني (¬4) الكفيل فجحد الكفيل وأقر الذي عليه الأصل فإن شهادتهما جائزة (¬5). وإن أنكر الذي عليه الأصل وأقر الكفيل، فإن شهادتهما باطل لا تجوز. وإذا ادعى رجل (¬6) على رجل أنه كفل له بنفس رجل، وبألف درهم له عليه إن لم يواف (¬7) به غداً، وشهدوا أن المكفول به أمر الكفيل بذلك، والكفيل والمكفول به ينكران المال والأمر، فقضى القاضي بذلك الشهادة على الكفيل، يواف به، فأخذه بالمال، فأداه، فإن الكفيل يرجع بذلك على المكفول به، من قبل أن المال لزمه بقضاء قاض وشهادة شهود من قبل المكفول به. ألا ترى أنه لو كان له صك على رجلين بألف درهم، وكل واحد منهما كفيل ضامن للمال، وهما يجحدان ذلك، فقضى عليهما القاضي بذلك، بشهود فأدى المال أحدهما، كان له أن يرجع على ¬

_ (¬1) ز + با. (¬2) ز: ألف. (¬3) ز: وألف قرض. (¬4) ز: ابنا. (¬5) ف - وإن كان الشاهدان ابني الكفيل فجحد الكفيل وأقر الذي عليه الأصل فإن شهادتهما جائزة. (¬6) ز: الرجل. (¬7) م ز: لم يوالف.

صاحبه بنصف ذلك. فكذلك الأول. وهذا قول أبي حنيفة. ولو أقر الكفيل بالكفالة بالنفس والمال، وقال: لم يأمرني بذلك، فقضى عليه القاضي بالنفس وبالمال، ثم جاء الكفيل ببينة أن المكفول عنه أمره بالكفالة، لم يقبل بينته على ذلك، من قبل أنه أقر أنه لم يأمره، ومن قبل أن القاضي إنما قضى عليه بالكفالة بالمال بإقراره على نفسه. ولو شهد شاهدان على رجل أنه كفل بنفس فلان بأمره، فإن لم يواف به غداً فعليه ما عليه، وهو مائة درهم، فادعى الكفيل ذلك أنه قد وافاه به الغد، وبرئ (¬1) من كفالته، وجاء على ذلك بالبينة، فإنه جائز، وهو بريء من الكفالة بالنفس والمال جميعاً. وإن شهد الشهود على إقرار الطالب بذلك فهو جائز. فإن وقتوا مكاناً فاختلف الشاهدان، فقال أحدهما: أقر في المسجد، وقال الآخر: أقر (¬2) في السوق، أو قال هذا: غدوة، وقال هذا: عشية، فهو سواء، وهو جائز. ولو شهد أحدهما أنه دفع إليه غدوة بمحضر منه بغير إقرار، وشهد الآخر أنه (¬3) دفعه إليه عشية بمحضر منه بغير إقرار، وادعى المدعي شهادتهما جميعاً، وقال: دفعته إليه غدوة (¬4) وعشية، فإن شهادتهما قد اختلفت، فلا تجوز. ولو أقر الكفيل أنه لم يدفع الرجل، وأن المال قد لزمه، وأن الشهود شهدوا باطلاً (¬5)، وقد اتفق الشهود في شهادتهم، فإن المال يلزمه، ولا يرجع به إن كان (¬6) هو أداه عن المكفول عنه؛ لأنه أقر فلزمه ذلك بإقراره. ولو أن رجلاً كفل بنفس رجل لرجل، فإن لم يواف به غداً فعليه ما عليه، وهو مائة درهم، فشهد عليه شاهد بذلك معاينة، وشهد عليه آخر بإقرار، والكفيل يجحد، لزمه ذلك. والإقرار والمعاينة في ذلك سواء، هو إقرار كله. ¬

_ (¬1) ز: ويرى. (¬2) ف - أقر. (¬3) ز - دفع إليه غدوة بمحضر منه بغير إقرار وشهد الآخر أنه. (¬4) م ز: غدة. (¬5) ز: باطل. (¬6) ف ز - كان.

باب الشهادة بالمال دون النفس

باب (¬1) الشهادة بالمال دون النفس وإذا شهد رجلان على رجل أنه كفل لرجل بألف درهم عن فلان، أو قالا: ضمنها له، أو قال أحدهما: ضمنها، وقال الآخر: كفل بها، أو قال أحدهما: قال: هي إلي، وقال الآخر: قال: هي علي، أو شهدا (¬2) في يومين هذا في يوم وهذا في يوم، أو شهرين، أو بلدين، فإن هذا كله جائز، يؤخذ الكفيل بالمال. فإن قال أحدهما: احتال بها عليه، وقال الآخر: ضمنها (¬3) له على أن أبرأ الأول أو لم يذكر إبراءه فإنه (¬4) [يؤخذ] (¬5) المحتال عليه بالمال، والذي عليه الأصل بريء. ولو ادعى الطالب الضمان على الكفيل بغير براءة، وقال: لم أحتل (¬6) عليه، فإنه جائز، يأخذ أيهما شاء، من قبل أنه لم يكذب الذي شهد بالحوالة في شهادته له، إنما أكذبه (¬7) في شهادته عليه. ألا ترى أنه لو شهد له شاهدان بأنه كفل له بالمال على أن أبرأ الأول، والطالب يقول: لم أبرئ الأول، والكفيل يجحد الكفالة، قضيت بالكفالة للطالب، وأبرأت الذي عليه الأصل. فكذلك الباب الأول. وكذلك لو شهدا (¬8) بالحوالة، وقال الطالب: إنما كفل لي، فهو سواء. وشهادة شاهدين على شهادة شاهدين في الكفالة بالمال جائزة. وشهادة رجل وامرأتين في ذلك جائزة. وشهادة ابني الكفيل - إن ادعى ذلك الطالب وجحد الكفيل - جائزة على أبيهما. وشهادة ابني المطلوب - إذا ادعى الطالب وجحد أبوهما - جائزة. وإن شهد ابنا الطالب أن فلاناً كفل لأبيهما بألف فهو باطل لا يجوز. ¬

_ (¬1) م ف ز: كتاب. (¬2) ز: أو شهد. (¬3) م ف ز: ضمنتها. (¬4) م ف ز: وقال. والتصحيح من الكافي، 2/ 150 و. (¬5) الزيادة مستفادة من المصدر السابق. (¬6) ز: لم أحتال. (¬7) ز: الكذبه. (¬8) ز: لو شهد.

وإن شهدا أن فلاناً كفل له بألف من فلان على أن أبرأ الأول منها، وادعى الكفيل والذي عليه الأصل ذلك، وجحد الطالب، فإن ذلك يجوز عليه. ولو شهد رجلان على رجل أنه كفل لفلان على فلان، فقال أحدهما: بألف، وقالى الآخر: بخمسمائة، فإنه باطل في قول أبي حنيفة، لا يلزمه من ذلك شيء. ولو شهد أحدهما بألف وخمسمائة والآخر بألف، فإن الألف جائزة في قول أبي حنيفة؛ لأنهما اجتمعا على الألف وتكلما بها. ولو قال أحدهما: عشرة، وقال الآخر: خمسة عشر (¬1)، كان باطلاً في قول أبي حنيفة. وقال أَبو يوسف ومحمد في ذلك كله: هو جائز، يؤخذ (¬2) بالأقل من جميع ذلك. محمد قال: (¬3) حدثنا مِسْعَر بن كِدَام عن أبي بكر بن عمرو بن عتبة عن شريح أن شاهدين شهدا عنده على رجل بمال، أحدهما بأقل مما شهد به الآخر، فأجاز شريح الأقل من ذلك. محمد عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن بن أبي (¬4) الحسن أنه كان يأخذ (¬5) في مثل هذا بالأقل. محمد عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن شريح وإبراهيم مثل ذلك. ولو شهد رجلان على رجل أنه كفل بألف درهم لرجل، فقال أحدهما: إلى شهر، وقال الآخر: حالة، وادعى الطالب حالة، وجحد الكفيل، أو أقر وادعى الأجل، فإن المال عليه في الوجهين جميعاً حال، من قبل أن الطالب لم يكذب شاهده بالأجل فيما شهد له به، إنما أكذبه (¬6) فيما شهد به عليه. ¬

_ (¬1) ز: خمس عشر. (¬2) م: جائزه يؤخذ. (¬3) ف - محمد قال؛ ز - قال. (¬4) ز + الحسين بن أبي. (¬5) ز: يؤخذ. (¬6) ز: الكذبه.

ولو ادعى رجل قبل (¬1) رجلين كفالة بألف، وكل واحد منهما كفيل ضامن لها، فشهد له شاهدان، فشهد أحدهما عليهما جميعاً بذلك، وشهد الآخر على أحدهما، فإن الطالب يأخذ الذي اجتمع عليه الشاهدان بالألف، ولا يأخذ الآخر بشيء. ولو شهد له شاهد عليهما جميعاً وشهد آخر على أحدهما، وشهد آخر على الآخر، كان للطالب أن يأخذهما جميعاً بالمال. ولو شهد اثنان على أحدهما أنه كفل له عن فلان هو وفلان بألف على أن يأخذ أيهما شاء بها، وشهد له آخران على الكفيل الآخر بمثل ذلك، كان له أن يأخذ أيهما شاء. ولو شهد له شاهدان بالمال حالاً (¬2) على (¬3) الأول، وشهد الآخران على الآخر بالمال إلى أجل مثل شهادة الأول، كان جائزاً، وأخذ (¬4) الطالب صاحب الأجل بالمال إلى أجله، والآخر بالمال حالاً (¬5). ولو اختلف الشهود في المال، فقال أحدهما: هو ألف درهم، وقال الشاهد الآخر: هو خمسمائة، كان للطالب أن يأخذ أيهما شاء بما شهدت به الشهود. ولو ادعى رجل قبل رجل كفالة بألف درهم عن رجل قد سماه، وشهد له شاهدان أنه كفل له بألف درهم، فقالا: عن فلان رجل رأيناه ولا نعرفه، أو قالا (¬6): لم نره ولكن الكفيل أشهدنا على ذلك، فإن شهادتهما على الكفيل جائزة. فإن أدى الكفيل المال لم يرجع به على المكفول عنه إلا أن يشهد (¬7) له شاهدان أنه أمره بذلك. وإن لم يؤد (¬8) الكفيل المال فأراد الطالب أخذ الذي عليه الأصل فإنه ليس له ذلك إذا جحد، إلا أن يقيم عليه بينة، أو يعرف الشهود أن هذا هو الذي طلب إلى فلان أن يكفل عنه لفلان بألف درهم. ... ¬

_ (¬1) ف - قبل. (¬2) ز: حال. (¬3) ز + أن. (¬4) م ز: ويأخذ. (¬5) ز: حال. (¬6) ف: وقالا. (¬7) ز: إن شهد. (¬8) ز: لم يؤدي.

باب الشهادة في الحوالة

باب الشهادة في الحوالة وإذا كان لرجل على رجلين مال (¬1)، فأحالا به على رجل لهما عليه دين مال، فجحد الطالب الحوالة، فشهد عليه ابناه أو أبوه أو امرأته، فهو جائز. فإن لم يشهد بذلك أولئك، وشهد ابنا المطلوبين الأولين، فإنه لا تجوز شهادتهما. فإن ادعى الطالب ذلك، وجحد المطلوبان، فشهادة ابنيهما جائزة. فإن أقر المطلوبان بذلك، وشهد ابنا المحتال عليه، فإن ادعى أبوهما ذلك فشهادتهما باطل. وإن جحد أبوهما ذلك، فادعاه (¬2) الطالب والمطلوبان (¬3) الأولان، أو جحد الطالب وادعاه المطلوبان، فشهادتهما جائزة. وكذلك لو جحد المطلوبان وادعى الطالب، أو جحد الطالب وادعيا هما، بعد أن يكون أبوهما يجحد. وإن احتال (¬4) رجل على رجل بمال، فجحده المحتال عليه، فشهد عليه شاهدان بذلك، فاختلفا في الأيام أو الشهور أو البلدان، فإن شهادتهما جائزة؛ لأن الحوالة إقرار. ولو قال أحدهما: أشهدني أمس، وقال الآخر: أشهدني اليوم، فهو جائز. ولو شهد أحدهما بألف، والآخر بألفين، والطالب يدعي ألفين، فإن أبا حنيفة قال: هذا باطل. وقال أَبو يوسف ومحمد: هذا جائز، وله ألف. ولو شهد أحدهما بألف والآخر بألف وخمسمائة، والطالب يدعي ألفاً وخمسمائة، فإن أبا حنيفة وأبا يوسف ومحمداً (¬5) قالوا: الألف جائزة. ولو جحد الذي عليه الأصل وقال: إنما كان علي خمسمائة وأحلته بها على هذا، ولم أحله بألف، وشهد الشهود بالذي ذكرت، جاز من ذلك ألف. فإذا أداها المحتال عليه، وقد كان مقراً بأن لفلان عليه خمسمائة، فإنه يرجع بالخمسمائة الباقية. ¬

_ (¬1) ز: مالاً. (¬2) م: فادعى. (¬3) ز - فشهادة ابنيهما جائزة فإن أقر المطلوبان بذلك وشهد ابنا المحتال عليه فإن ادعى أبوهما ذلك فشهادتهما باطل وإن جحد أبوهما ذلك فادعاه الطالب والمطلوبان. (¬4) ز: اختال. (¬5) ز: ومحمد.

ولو أن رجلاً ادعى على رجل ألف درهم، وأنه أحال بها على فلان، وجاء على ذلك بالبينة، والمحتال عليه يجحد، والذي عليه الأصل غائب، فإن القاضي يقضي بها للطالب. فإن أداها المحتال عليه رجع بها على الذي عليه الأصل، ولا يعيد البينة عليه. ألا ترى أن القاضي ألزمها المحتال عليه. ولو كان الطالب غائباً، فأقام المحتال عليه بينة على الذي عليه الأصل أنه كان لفلان عليك ألف (¬1)، وأحلته علي بها، وأديتها إليه، قبلت (¬2) البينة على ذلك، وقضيت (¬3) له على الذي له عليه الأصل بألف، وأبطلت عنه المال. فإن جاء الطالب فجحد القبض، لم أعد الشهود عليه، وأمضيت القضاء عليه. وكذلك الكفالة في هذا والضمان. ولو أن رجلاً ادعى قبل رجل أن فلاناً أحاله عليه بألف درهم، وأن فلاناً آخر أحاله عليه بمائة (¬4) دينار (¬5)، فجاء شاهد على ذا وشاهد على ذا، لم يجز ذلك. ولو أنهما شهدا جميعاً على (¬6) ألف درهم، وشهد أحدهما على المائة دينار، أجزتهما جميعاً على ألف درهم (¬7)، ولم أجزهما على مائة دينار؛ لأنه إنما شهد بها واحد. ولو أن شاهدين شهدا على رجل أن فلاناً أحال هذا عليه بألف درهم، وقالا: لا نعرف (¬8) الطالب ولكنه هو هذا بعينه، أو قالا: لا نعرف (¬9) المحتال عليه وهو هذا بعينه، أو قالا: لا نعرف (¬10) الذي عليه الأصل وهو هذا بعينه، فهو جائز في ذلك. ... ¬

_ (¬1) ز: ألفا. (¬2) ز: قبل. (¬3) م: وقبضت. (¬4) ز + درهم. (¬5) ز: ديناراً. (¬6) م ز - على. (¬7) ف - وشهد أحدهما على المائة دينار أجزتهما جميعاً على ألف درهم. (¬8) ز: لا يعرف. (¬9) ز: لا يعرف. (¬10) ز: لا يعرف.

باب اليمين في الحوالة والكفالة بالنفس والمال

باب اليمين في الحوالة والكفالة بالنفس والمال وإذا ادعى رجل على رجل كفالة بنفس أو مال، فقدمه إلى القاضي، وجحده الكفيل، فأراد أن يستحلفه، فإن له ذلك. فإن أَبى أن يحلف ألزمته (¬1) ذلك، وأخذته به. وإن حلف على ذلك برئ. فإن جاء الطالب بشهود عليه بعد الحلف، فإنه يؤخذ بذلك. وإذا ادعى (¬2) رجل على رجل كفالة بنفس أو مال، فحلف له على ذلك عند القاضي، ثم ادعى على آخر، فإنه يستحلفه أيضاً، ولا يكون ادعاؤه على الأول براءة للآخر، قد يكفل (¬3) له به غير واحد. والحوالة بمنزلة الكفالة في ذلك. يحلف، فإن حلف برئ، ويرجع الطالب على صاحبه الذي كان عليه الأصل. وليس ادعاؤه الحوالة على هذا ببراءة لصاحب الأصل إذا لم يثبت له على هذا حق. وكذلك الضمان. ولو أَبى المحتال عليه أن يحلف فلزمه المال فأداه، فأراد أن يرجع به على صاحبه الذي أحال عليه، فإن كان صاحبه (¬4) مقراً بذلك بأنه أمره أن يضمن لهذا ما له عليه وأحاله به عليه، فإنه يرجع به عليه إذا كان مقراً له بالأمر، ولا يبطل ذلك جحود المحتال عليه. وكذلك لو جحد وقامت عليه البينة، فقضي عليه بالمال، فأداه، فإنه يرجع به على الذي عليه الأصل. وكذلك الضمان والكفالة. ولو كان الذي عليه الأصل يجحد أن يكون أمره بذلك، وقضي على الكفيل وعلى المحتال عليه بالمال ببينة أن فلاناً أمره أن يضمن عنه وأدى المال، فإنه يرجع به عليه؛ لأن ذلك لزمه ببينة. ولو لم تقم بينة وأبى أن ¬

_ (¬1) ز + ألزمته. (¬2) م ز: وإن ادعى. (¬3) ز: قد تكفل. (¬4) ز - صاحبه؛ صح هـ.

يحلف فلزمه ذلك وأدى المال (¬1) فإن له أن يستحلف الذي عليه الأصل. فإن حلف ما أمره لم يكن عليه شيء. وإن لم يحلف رجع بالمال عليه. والمرأة والرجل وأهل الذمة وكذلك كل ذي رحم محرم في ذلك كله سواء. وكذلك الصبي التاجر يدعي الكفالة أو العبد التاجر أو المكاتب يدعي الكفالة ولا بينة له، فإن صاحبه يستحلفه (¬2) له. فإن حلف برئ، وإن نكل عن اليمين لزمه ذلك. وإذا ادعى الرجل كفالة بنفس أو بمال أو بطعام أو بعرض من العروض أو بشيء (¬3) من الحيوان فهو سواء، وله أن يستحلف في ذلك، فإن حلف برئ، وإن نكل عن اليمين لزمه ذلك. وإن قال الكفيل: لم أكفل (¬4) بشيء، وقد أبرأني من هذه الدعوى، فاستحلفه ما أبرأني، وقال الطالب: بل استحلفه ما كفل لي، فإني (¬5) أستحلفه ما كفل له (¬6) قبله كفالة بذلك. فإن حلف برئ، وإن (¬7) لم يحلف ألزمته الكفالة. ويستحلف الطالب ما أبرأه، فإن نكل عن ذلك برئ الكفيل من الكفالة. وإذا ادعى رجل قبل رجل أنه قد دفع - إليه فلاناً بنفسه، وأقر أنه كفل له به، وقال الطالب: لم تدفعه (¬8) إلي وقد كفلت لي به، فإن الطالب يحلف على ذلك. فإن حلف أخذ الكفيل به، وإن نكل عن اليمين برئ الكفيل من كفالته. وإذا ادعى (¬9) الكفيل أنه دفعه إلى وكيل الطالب حلف الطالب على علمه. وإن ادعى رجل قبل رجل كفالة، فقال: أخذك غلامي حتى كفلت ¬

_ (¬1) ز - فإنه يرجع به عليه لأن ذلك لزمه ببينة ولو لم تقم بينة وأبى أن يحلف فلزمه ذلك وأدى المال. (¬2) ز: يستحلف. (¬3) ز: أو شيء. (¬4) ف ز + له. (¬5) م ز: فإنه. (¬6) ز: ما كفالة. (¬7) ز: فإن. (¬8) ز: لم يدفعه. (¬9) ف: ولو ادعى.

لي بفلان، وجحد الكفيل، فإنه يحلف على ذلك. وإن نكل عن اليمين لزمه ذلك، وإن حلف برئ. وإن ادعى رجل قبل رجل كفالة بنفس أو مال أو عروض، فقال له الكفيل: ما له قبلي كفالة ولا مال ولم أكفل (¬1) له بشيء، فقال الطالب للقاضي (¬2): حلفه ما كفل لي، وقال الكفيل: أنا أحلف بالله (¬3) ما له قبلي هذه الكفالة، فإن القاضي يحلفه بالله ما له قبلك هذه الكفالة، ولا يحلفه بالله ما كفلت له. وهذا في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ألا ترى أنه إن كان كفل له ودفع إليه ذلك وليس عليه بينة أنه لا يستطيع أن يحلف ما كفلت لك، وقد يحلف ما لك عندي كفالة، ويصدق. وكذلك هذا القول في قول أبي حنيفة وأبي يوسف (¬4) ومحمد في كل دين ومال ووديعة وعارية وإجارة وكل شيء من الأشياء مما يقع فيه اليمين، فإن أبا حنيفة قال: لا أحلفه ما اشتريت منه ولا ما استودعك ولا ما أعارك ولا ما استأجرت منه، ولكن أحلفه بالله ما له قبلك ما ادعى. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وكان أبو حنيفة يستحلف في الكفالة بالنفس وبالمال وبالعروض وبالدين وفي الضمان وفي الحوالة. فإن حلف برئ، وإن نكل عن اليمين لزمه ذلك. ولو قال الكفيل للقاضي: حلف الطالب أن له قبلي هذه الكفالة، فإني أرد عليه اليمين، فإن أبا حنيفة قال: لا أرد (¬5) عليه (¬6) اليمين. وهو قول أبي يوسف ومحمد. ألا ترى أن الحديث جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه (¬7). وجاء عن عمر بن الخطاب ذلك ¬

_ (¬1) ف: ولم يكفل. (¬2) ز: القاضي. (¬3) م ز - بالله. (¬4) ز: أبي يوسف وأبي حنيفة. (¬5) ز: لا أدري. (¬6) م ز - عليه. (¬7) تقدم بإسناده في أول كتاب الدعوى. انظر: 5/ 161 ظ.

باب كفالة الرجل لرجلين فإن لم يواف بالرجل فعليه المال

أيضاً (¬1). وإذا رددت اليمين فقد خالفت الأثر. وقال أبو حنيفة: إذا جاء بشاهدين على حوالة من كفالة أو حوالة أو ضمان بنفس أو مال فقال المطلوب: استحلفه لقد شهدت شهوده بحق، فإني لا أستحلفه (¬2). وهو قول أبي يوسف ومحمد. لا أجعل عليه ما لم يجعل عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنه قال: "البينة على المدعي". فإذا جعلت عليه مع البينة يميناً (¬3) فقد جعلت عليه ما لم يجعل عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. والمرأة والرجل وأهل الذمة وكل ذي رحم محرم في ذلك كله (¬4) سواء. وكذلك الصبي التاجر يدعي (¬5) الكفالة ولا بينة له، فإن صاحبه يستحلف له. فإن حلف برئ، وإن نكل عن اليمين لزمه ذلك. وكذلك العبد التاجر والمكاتب يدعي الكفالة ولا بينة له فهو مثل ذلك. ... باب كفالة الرجل لرجلين فإن لم يواف بالرجل فعليه المال وإذا كان لرجلين على رجل ألف درهم، فكفل رجل لهما بنفسه على أن يوافيهما به إلى أجل كذا كذا، فإن مضى الأجل ولم يوافهما (¬6) به فعليه المال، وهو ألف درهم، فوافى به أحدهما ولم يواف به الآخر، فإنه يبرأ من حصته من كفالة النفس والمال، وتلزمه (¬7) حصة الآخر، وما أخذ منه الآخر من المال شركه فيه صاحبه. ولو ماتا جميعاً كان ورثتهما على مثل ما كانا عليه. ولو مات الكفيل فإن وافى ورثته بالرجل لهذا الأجل برئ ¬

_ (¬1) تقدم بإسناده في أول كتاب الدعوى. انظر: الموضع السابق. (¬2) ز: لا أستخلفه (¬3) ز: يمين. (¬4) ز - كله. (¬5) ف: وعلى. (¬6) ز: يوافيهما. (¬7) ز: ويلزمه.

صاحبهم من المال. وإن مضى الأجل قبل الموافاة به (¬1) قضي بالمال في مال الميت الكفيل. وإذا كفل رجل لرجلين بنفس رجل، فإن لم يواف به إذا دَعَيَاه (¬2) به فعليه ما لهما عليه، وسمى لكل إنسان منهما الذي له وهو مختلف، فهو جائز. وإن لم يواف به أحدهما إذا دعاه به لزمه ماله، ولا يلزمه مال الآخر حتى يدعوه به. وإن بدأ بالمال فضمنه لكل واحد منهما، وقال: وإن (¬3) وافيتكما بنفسه إذا دعوتماني (¬4) به، فأنا بريء من المال، فهو مثل ذلك. وتقديم المال في هذا وتأخيره سواء. ولكل واحد منهما أن يأخذه بكفالة دون الآخر، ويلزمه ذلك دون الآخر. وإن كان الطالب رجلين متفاوضين لهما ألف درهم على رجل، فكفل لهما رجلان (¬5) بنفس هذا الرجل، فإن وافاهما به غداً فهو بريء من المال، فوافى به أحدهما ودفعه إليه، فإنه بريء من كفالة النفس والمال لهما جميعاً، من قبل أنهما متفاوضين، وأيهما أخذ المال أو الرجل فهو جائز على الآخر. ولو كانا شريكين شركة عنان لم يجز ذلك على الآخر، وكان بريئاً من حصة هذا الذي وافاه (¬6) به، ولا يبرأ من الكفالة للآخر. والنساء والرجال وأهل الذمة في ذلك سواء. وكذلك العبد التاجر والمكاتب يكفل لهما أو يكفل (¬7) لأحدهما ولرجل حر بنفس رجل على هذا الوجه. وكذلك الغلام التاجر الذي لم يحتلم وقد راهق الحلم يكفل له الرجل. وكذلك الوكيل والمضارب والمستأجر يكفل لهم رجل بنفس رجل، فإن لم يواف به غداً حتى يدفعه إليهم فعليه ما يطلبونه ¬

_ (¬1) ف: فإنه. (¬2) ز: إذا ادعياه أي: دعواه، ودعيت لغة في دعوت. انظر: القاموس المحيط، "دعا". (¬3) م - وإن. (¬4) ز: إذا دعواثمانى. (¬5) ز: رجلين. (¬6) م: وافا. (¬7) ز: أو تكفل.

باب كفالة الرجلين لرجل فإن لم يوافيا به فعليهما المال

به، وسمى لكل إنسان منهم ما لم يطلبه أو لم يسمه. وكذلك لو كان ما يطلبونه به أرش جراحة أو دية أو غصب أو قرض أو دين على وجه من الوجوه سلم أو ثمن بيع أو دين كائناً ما كان فهو سواء في ذلك كله. ... باب كفالة الرجلين لرجل (¬1) فإن لم يوافيا به فعليهما المال وإذا كفل رجلان بنفس رجل لرجل على أن يوافياه به غداً، فإن لم يفعلا فعليهما ما له قبله، وهو ألف درهم، فطلبه منهما الغد، فوافاه به أحدهما عنه وعن صاحبه، ولم يحضر الآخر، فإنهما يبرآن من الكفالة بالنفس والمال. ألا ترى أنه لو كان حق عليهما، فأداه أحدهما برئا منه جميعاً. فكذلك الكفالة بالنفس. ولو مات أحدهما ثم مضى الأجل قبل أن يوافياه به لزم الحي منهما نصف المال، ولزم تركة الميت نصف المال. ولو كان وافاه (¬2) به بعض ورثة الميت قبل الأجل فدفعه برئا جميعاً من كفالة النفس والمال. ولو كان كفل به كل واحد منهما على حدة، واشترط الطالب على كل واحد منهما أن يوافي به إلى أجل مسمى، فإن لم يواف به فعليه ما عليه وهو ألف درهم، وكان أجلهما في يوم واحد، فوافاه به أحدهما فدفعه، فإنه يبرأ من كفالة نفسه والمال، ولا يبرأ الآخر من قبل أن الكفالة مختلفة وإن كانت بنفس رجل. وإن كان المال (¬3) واحداً فكفالة هذا غير كفالة هذا. ولو أن المكفول به دفع نفسه إلى الطالب عنهما جميعاً في الأجل، كانا بريئين (¬4) من الكفالة كلها ومن المال. وكذلك لو جاء به رجل فدفعه عنهما جميعاً وقبله الطالب منه على ذلك. وكذلك لو جاء به أحدهما فدفعه عن نفسه وعن صاحبه كانا بريئين جميعاً. ولو لقيه الطالب من غير ¬

_ (¬1) ز: لرجلين. (¬2) ف: وافى. (¬3) ز - المال. (¬4) ز: بريان.

باب الكفالة بالحيوان والعروض

أن (¬1) يدفع نفسه إليه كانت الكفالة على حالها لازمة لهما، لا يبرآن منها. وإذا كفل رجل وامرأة لرجل بنفس رجل، فإن لم يوافيا به إلى وقت قد سميا فالمال الذي عليه وهو كذا كذا على فلان الرجل دون المرأة، وكفالتهما مختلفة، فهو جائز على ذلك. وإن وافى به الرجل برئ من المال والنفس، وكانت كفالة النفس على المرأة. فإن وافى به الرجل قبل الأجل فبرئ منه فهو جائز وهو بريء. وكذلك لو وافت به المرأة برئت منه. ولو لم يواف به الرجل كانت كفالة الرجل ثابتة على حالها. ... باب الكفالة بالحيوان والعروض وإذا ادعى رجل عبداً في يدي رجل، فأنكر الذي في يديه العبد الدعوى، واختصما إلى القاضي، فأراد المدعي كفيلاً بنفس الرجل وبنفس العبد، وقال: شهودي حضور، فإن أبا حنيفة قال: يأخذ له القاضي منه كفيلاً بذلك ثلاثة أيام، فإن أحضر بينته وإلا أبرأ الكفيل. وهو قول أبي يوسف ومحمد إذا كان يتقدم إلى القاضي في ذلك الوقت. فإن كان لا يتقدم إلا في أكثر من ثلاثة أيام جعل وقت الكفالة على ذلك الوقت. وكذلك الأمة (¬2) والدابة والناقة والبقرة والشاة والثوب والعِدل الزُّطّي والجراب الهروي (¬3). فإن أحضر بينته على ذلك وزكي الشهود قضي بذلك المتاع له، ودفع إليه، وبرئ الكفيل من كفالته. ولو أن المدعي لم يقدم المدعى عليه إلى القاضي، وأخذ منه كفيلاً ¬

_ (¬1) ز: أنه. (¬2) ف + فإن كان لا يتقدم إلا في أكثر من ثلاثة أيام جعل وقت الكفالة على ذلك الوقت وكذلك الأمة. (¬3) العدل والجراب: نوعان من الأوعية، والزطي والهروي: نوعان من الثياب. وقد تقدمت مراراً.

بنفسه وبالعبد، فمات العبد في يدي المطلوب، وأقام المدعي البينة أن العبد عبده، وأثبتوا ذلك، وأقاموا (¬1) الشهادة عليه وزكوا، فإن القاضي يقضي بقيمة العبد على المطلوب للطالب، وإن شاء على الكفيل في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد جميعاً. وكذلك الأمة وجميع ما ذكرنا من الحيوان والعروض. ولو لم يقم بينة على ذلك، ولكنه استحلف المدعى عليه عند القاضي، فأبى أن يحلف، فقضى القاضي له بالعبد، فمات عند المدعى عليه قبل أن يقبضه، فإنه يقضي له بقيمته على المدعى عليه. وأما الكفيل فلا يلزمه ضمان بهذا ولو أقر المدعى عليه بذلك إلا أن يقر الكفيل بمثل ذلك، أو يأبى أن يحلف، فأي ذلك ما فعل الكفيل لزمه من ذلك مثل ما يلزم المطلوب، إن شاء الطالب (¬2) المدعي أن يضمنه قيمة العبد فعل. وإذا غصب (¬3) رجل رجلاً عبداً أو أمة أو شيئاً من الحيوان أو العروض فضمنه رجل له فهو جائز، وهو ضامن له حتى يوافي (¬4) به. فإن هلك فعليه قيمته. والقول في قيمته قول الكفيل مع يمينه. فإن أقر الغاصب بقيمة أكثر من ذلك لزم الغاصب الفضل، ولا يلزم الكفيل بعد أن يحلف على ذلك البينة (¬5) فإن قامت البينة على ذلك أخذ الطالب بذلك أيهما شاء. وإذا غصب رجل رجلاً عبداً فكفل به رجل، فزادت قيمة العبد في سعره (¬6) غلاءً أو زيادةً في بدنه (¬7)، ثم مات عند الغاصب، فإنما على الكفيل قيمته يوم غصب إياه الغاصب. والقول في ذلك قوله مع يمينه، ولا تلزمه (¬8) الزيادة؛ لأنها ليست بغصب. وكذلك لا تلزم (¬9) الزيادة الغاصب. وكذلك لو كانت أمة فولدت، أو بقرة فنُتِجَت، فضمن الكفيل الجارية ¬

_ (¬1) ز: فأقاموا. (¬2) م ف ز: للطالب. (¬3) ز: فإذا غضب. (¬4) ف ز: حتى يأتي. (¬5) ز: البتة. (¬6) م ف ز: في سعر. (¬7) م ز: في يديه. (¬8) ز: يلزمه. (¬9) ز: لا يلزم.

وولدها للطالب، ثم ماتا جميعاً بعد ذلك، فإنه يضمن قيمة الأمة يوم غصبها في قياس قول أبي حنيفة، ولا يضمن قيمة الولد. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وكذلك يضمن الغاصب؛ لأن الولد زيادة. وإذا اشترى رجل عبداً من رجل وقبضه، فجاء آخر فادعاه، وأخذ بالعبد كفيلاً، وأقام بالعبد بينة أنه عبده، وزكي الشهود، وقضى به القاضي له، فقال المطلوب: قد مات العبد أو أبق، وإنما قيمته مائة درهم، وقال الطالب: كذب، لم يمت ولم يأبق (¬1)، وقيمة عبدي ألفا (¬2) درهم، فإني أحبس الكفيل والذي كان العبد في يديه حتى يأتيا بالعبد. فإن طال ذلك ضمنتهما (¬3) قيمته، والقول فيها قول كل واحد منهما مع يمينه. وإن قالا: هي مائة درهم، وحلفا على ذلك، وادعى الطالب ألفاً، فإني أضمنهما مائة درهم، يأخذ بها أيهما شاء. وإن ظهر له العبد بعد ذلك فهو بالخيار، إن شاء أخذ عبده ورد المائة، وإن شاء سلم العبد وجازت له المائة، ويكون العبد للمشتري. وإن كان الكفيل أدى المائة رجع بها على الذي في يديه العبد إن كان أمره بالضمان. ويرجع المشتري على البائع الأول بالثمن. ولو أن الطالب ادعى أن قيمة العبد ألف (¬4)، فأبيا أن يحلفا عليها، فضمناها وأدياها، ثم ظهر العبد بعد ذلك، لم يكن له خيار فيه. وكذلك لو قامت البينة بقيمته. وقال أبو حنيفة: إذا قامت بينة بقيمة العبد أو ادعى الطالب (¬5) قيمة فضمناها فلا خيار له في العبد إذا ظهر. وإذا ضمنا القيمة على ما قال الغاصب وحلفا (¬6) على ذلك، ودعوى الطالب أكثر من ذلك، فقضى به القاضي، ثم ظهر العبد، فالطالب بالخيار إذا ظهر العبد. وهو قول أبي يوسف ومحمد. ولو كان العبد أمة لم يسع الغاصب وطؤها ما كان للمغصوب فيها ¬

_ (¬1) ز: يأتوا. (¬2) ز: ألفي. (¬3) ز: ضمنتها. (¬4) ز: ألفا. (¬5) ز: المطالب. (¬6) ز: وخلفا.

خيار. فإذا رضي وسلم وطئها الغاصب. وأما في الذي لا خيار فيه فإن الغاصب يسعه إذا استبرأها بحيضة أن يطأها؛ لأن قبض المغصوب القيمة رضى منه، وخروج من ملكه فيها. وإذا كان العبد في يدي رجل فادعاه رجل وأخذ منه كفيلاً به ووكيلاً في خصومته فهو جائز. فإن تغيب (¬1) المطلوب وغَيَّبَ العبدَ فإن الكفيل يحبس به حتى يأتي به بعينه. وكذلك لو ظهر المطلوب وغَيَّبَ العبدَ (¬2)، حبس به حتى يأتي به. فإن قال المدعي: أنا آتي بالبينة أنه عبدي، قبل ذلك منه. فإن شهد شاهداه أن العبد الذي ضمن هذا له وسمياه وحَلَّيَاه (¬3) عبدَ فلان هذا، وزكيا، قضيت له بالعبد على الكفيل. فإن لم يأت به قضيت له بقيمته بعد أن يحلف المدعي بالله ما خرج من ملكه على وجه (¬4) من الوجوه. وإن شهد شاهداه أن العبد الذي يقال له: فلان الفلاني وحَلَّيَاه لفلان لم أقبل ذلك منهما؛ لأن الاسم قد يوافق الاسم والحلية. وكذلك لو أتى بكتاب قاض عليه بتلك الصفة فإنه لا يجوز، ولكن الكفيل يحبس حتى يأتي به. فإن مات الكفيل أخذت المدعى عليه إن ظهر العبد حتى يأتي به بعد أن يوافق حلية العبد شهادة الشهود أو كتاب القاضي. فإن لم يواف (¬5) المولى بالعبد خليت عنه. وليس المولى في هذا كالكفيل. الكفيل قد ضمن شيئاً لهذا، فلا بد من أن يأتي به. والمولى لم يضمن له شيئاً. وإذا كان العبد في يد رجل فادعاه آخر، وكفل به رجلان له، وأقام البينة أنه عبده وزكي شهوده، فإن الكفيلين يحبسان به حتى يدفعا به (¬6) إليه. ¬

_ (¬1) ز: يغيب. (¬2) م ز + فإن الكفيل يحبس به حتى يأتي به بعينه وكذلك لو ظهر المطلوب وغيب العبد. (¬3) أي: وصفاه، والحلية هي الصفة. وقد تقدم. (¬4) ز - على وجه؛ صح هـ. (¬5) م: لم يأت؛ ز: لم يأتي. (¬6) ز: يدفعانه.

فإن لم تقم (¬1) له عليه بينة أخذت الكفيلين بضمانهما. فإن قالا: قد مات العبد أو أبق (¬2)، وأقاما على ذلك بينة، فإني أخرجهما من السجن، ولا أبرئهما من الكفالة، وأدعو الطالب بشهوده (¬3) أن العبد عبده. فإن أحضر على ذلك بينة عادلة حاضرة أخذت الكفيل بقيمة العبد، كل واحد منهما بنصفها. وإن لم تكن (¬4) له (¬5) بينة لم أضمن الكفيلين شيئاً ولم أحبسهما له، وأؤجلهما (¬6) في الإباق أجلاً حتى يأتيا به. وإذا ادعى رجل عبداً في يدي رجل، وقال: بينتي غُيَّب، فإن أبا حنيفة قال: لا يؤخذ له منه كفيل (¬7). وهو قول أبي يوسف ومحمد. لا يؤخذ له منه كفيل (¬8) بالعبد، ولا بنفسه. ولو أن رجلاً ادعى داراً في يدي رجل أو أرضاً أو حماماً أو كرماً أو بستاناً، وقال: بينتي حاضرة، فإنه يؤخذ له كفيل (¬9) بنفس الرجل ثلاثة أيام، ولا يؤخذ له كفيل بهذه الدعوى، من قبل أن هذه الدعوى لا تغيب ولا تزول. وليس هذا كالحيوان والأمتعة والثياب التي تغيب وتزول. وإذا استودع رجل رجلاً عبداً فجحده ذلك، فأخذ منه كفيلاً بنفسه وبالعبد، فمات العبد في يدي المستودع، وأقام رب العبد البينة أنه استودعه فلان يوم كذا كذا وقيمته كذا كذا، وشهدوا أن هذا الكفيل كفل به لفلان وقيمته كذا كذا يوم كفل به الكفيل، فإن الكفيل يضمن هذه القيمة. فإن قال الشهود: لا ندري ما كانت قيمته يوم كفل به الكفيل، فإن المستودع يضمن قيمته يوم استودعه على ما شهدت به الشهود. ولا يضمن الكفيل من قيمته إلا ما يقر به بعد أن يحلف. ولو كان العبد يوم اختصموا فيه وجحد ¬

_ (¬1) ز: لم يقم. (¬2) ز: أو أتق. (¬3) م ف ز: شهوده. والتصحيح من الكافي، 12/ 153 و. (¬4) ز: لم يكن. (¬5) ز - له. (¬6) ز: وأؤجلها. (¬7) ز: كفيلا. (¬8) ز - وهو قول أبي يوسف ومحمد لا يؤخذ له منه كفيل. (¬9) ز: كفيلا.

المستودع أعمى، وشهدت الشهود أنه استودعه وهو صحيح يساوي ألفاً، وكفل به الكفيل وهو أعمى، ورفعوه إلى القاضي كذلك، ثم مات في يدي المستودع، ثم زكي الشهود، فإنما يضمن المستودع قيمته أعمى. وكذلك يضمن الكفيل قيمته على الحال التي جحد فيها. وكذلك لو لم يَعْمَ (¬1) ولكن السوق اتَّضعَتْ (¬2) وجحده، وهو يوم (¬3) جحده يساوي خمسمائة، وعلم ذلك القاضي، فهو كذلك. فإن لم يعلم ذلك القاضي ضمن المستودع ألفاً، ولم يقبل منه بينة على اتّضاع السوق؛ لأنه جحده. ألا ترى أن العبد لو مات وعلم ذلك القاضي، ثم جحد المستودع الوديعة بعد موته، لم أضمنه شيئاً. ولو لم يعلم ذلك القاضي ولم يقر به الطالب، وجحد الوديعة المستودع، وقامت عليه البينة بما ذكرت، ضمنته ألفاً. فإن قال: قد مات العبد، لم ألتفت إلى ذلك، ولم ينفعه قوله، ولم أقبل منه بينة عليه، إلا أن يشهدوا أنه قد مات قبل جحوده. ولو أن رجلاً استعار دابة من رجل إلى مكان، فجاوز ذلك، فضمنها، وأعطاه كفيلاً بها، كان ضامناً لذلك، والكفالة جائزة. وكذلك الإجارة. ولو أن رجلاً استودع رجلاً متاعاً، فخان (¬4) بعضه، فضمن له رجل تلك الوديعة، جاز عليه الضمان فيما اختان (¬5) منها المستودع، وبطل عنه ما لم يكن فيه خيانة؛ لأنه أمانة. ولو أن رجلاً اشترى من رجل عبداً، ونقده الثمن، وأخذ منه كفيلاً بالعبد حتى يدفعه إليه، فمات العبد في يدي البائع، فإنه لا ضمان على الكفيل، ويرجع المشتري على البائع بالثمن. ولو ضمن له ما أدركه في العبد ¬

_ (¬1) ز: لم يعمر. (¬2) أي: كسدت وانحط السعر فيها. انظر: المغرب، "وضع". (¬3) م ز: وهوم. (¬4) ز: فجاز. (¬5) أي: خان. انظر: مختار الصحاح، "خون".

من دَرَك كان كذلك أيضاً؛ لأن هذا ليس بدرك. ولو قبض المشتري العبد فوجد به عيباً فرده (¬1) به، لم يكن على الكفيل ضمان، من قبل أن العبد ليس بدرك. ولو لم يجد به عيباً ولكن استحق رجل نصفه، ورد المشتري النصف الباقي، لم يكن على الكفيل ضمان في النصف الذي رد المشتري على البائع. والكفيل ضامن لثمن النصف الذي استحق حتى يؤديه. وإذا رهن رجل رجلاً متاعاً، وكفل له رجل به، فذهب المتاع عند المرتهن، وفيه فضل في قيمته على الدين، لم يكن على الكفيل ضمان، وذهب الرهن (¬2) بما فيه، وهو في الفضل مؤتمن. ولو ضمن رجل لصاحب الدين ما نقص الرهن من دينه، فكان الرهن قيمته تسعمائة والدين ألفاً (¬3)، كان الكفيل ضامناً لمائة درهم. ولو أن (¬4) خادماً بين اثنين أخذها أحدهما بغير أمر صاحبه، وكفل (¬5) رجل لصاحبه بنصيبه منها، كان الكفيل ضامناً لذلك، من قبل أن الخادم مضمونة. وهذا بمنزلة الغصب. ولو كان أخذها برضى صاحبه، فضمن الكفيل له ذلك، لم يجز؛ لأنها أمانة عنده. وكذلك الدواب والثياب والأمتعة. ولو أن رجلاً ارتهن رهناً، فاستعاره منه الراهن، على أن أعطاه كفيلاً بذلك، فهلك عند الراهن، كان خارجاً من الرهن، ولم يكن على الكفيل ضمان. ولو أن رب الرهن أخذه من المرتهن بغير رضاه، وضمن الكفيل للمرتهن ذلك، كان ضمانه جائزاً عليه، يؤخذ بذلك من قبل أن الراهن ضامن، وهو بمنزلة الغاصب (¬6). ولو أن رجلاً استقرض من رجل مالاً على أن يعطيه به فلان عبده رهناً، وكفل له بذلك الرهن كفيلاً (¬7)، فلا ضمان على الكفيل في ذلك، من ¬

_ (¬1) ز: فرد. (¬2) ز - الرهن. (¬3) ز: ألف. (¬4) ز - أن. (¬5) م ز: فكل؛ ف: وكل. (¬6) ف: الغائب. (¬7) ز: كفيل.

قبل أن الرهن لا يكون رهناً وهو غير مقبوض (¬1). ولو أن رجلاً تكارى من رجل عبداً أو دابة وعجل له الأجر (¬2)، ولم يقبض العبد والدابة، وكفل له كفيل بذلك حتى يدفعه إليه، فإن الكفيل يؤخذ بذلك ما دام حياً. فإذا هلك العبد أو الدابة فلا ضمان على الكفيل، ويؤخذ المؤاجر بما قبض من الأجر حتى يؤديه (¬3). وكذلك لو باع رجل عبداً من رجل وقبض منه الثمن، وكفل رجل للمشتري بالعبد، فإنه يأخذه (¬4) به ما دام حياً، كما أن له أن يأخذ البائع. فإن مات (¬5) العبد فلا ضمان على الكفيل. وإذا وضع الرهن على يدي عدل على أن يضمنه كفيل عنه فلا ضمان على الكفيل. وإذا أوصى رجل لرجل بأمة وهي حبلى، ولآخر بما في بطنها، وهي تخرج (¬6) من الثلث، فقال صاحب الولد لصاحب (¬7) الأمة: لا أعطيك الأمة إلا أن تعطيني (¬8) كفيلاً بما في بطنها، فأعطاه كفيلاً بذلك، فلا ضمان على الكفيل. وكذلك لو دفع الخادم إلى صاحب الولد يكون عنده، على أن أعطاه كفيلاً بها، فإن الكفالة باطل. ولو أخذها بغير أمره وأعطاه كفيلاً بها كانت الكفالة جائزة. ولو كان صاحب الخادم أخذها بغير أمر صاحب الولد وأعطاه كفيلاً بالولد كانت الكفالة باطلاً (¬9). ولو أوصى رجل بخادم لرجل وبخدمتها لآخر وهي تخرج من الثلث، فإنها تكون عند صاحب الخدمة. فإن قال رب الخاد م: لا أسلمها لك إلا بكفيل بها، فليس له ذلك. فإن أعطاه صاحب الخدمة كفيلاً فلا ضمان على ¬

_ (¬1) ز: منقوص. (¬2) ز: الآخر. (¬3) ف: حتى يرده؛ ز: حتى يدفعه. (¬4) ز: يأخذ. (¬5) ز + البائع. (¬6) ز: يخرج. (¬7) ز - لصاحب. (¬8) ز: أن يعطيني. (¬9) ف + ولو كان صاحب الخادم أخذها بغير أمر صاحب الولد وأعطاه كفيلا بالولد كانت الكفالة باطلاً.

الكفيل، من [قِبَل]، أنه لا ضمان على صاحب (¬1) الخدمة. وكذلك لو أخذها بغير أمر صاحب الرقبة. ولو أن صاحب الرقبة هو أخذ الخادم بغير رضى صاحب الخدمة، ثم أعطاه كفيلاً بها حتى يسلمها لصاحب الخدمة، فإن الكفيل ضامن لها، يؤخذ بها كما يؤخذ بها صاحب الرقبة. فإن ماتت برئ الكفيل من كفالته. وكذلك لو أوصى (¬2) لرجل برقبتها ولآخر بغلتها فالكفالة فيها مثل الكفالة في الأولى. ولو أن رجلاً باع من رجل داراً أو عبداً أو أمة، فادعى رجل فيه دعوى، فأراد المشتري أن يأخذ كفيلاً من البائع بنفسه، أو ما أدركه في الدار من درك، لم يكن له ذلك؛ لأنه لا يلزمه شيء. ولو أعطاه البائع بذلك كفيلاً كانت الكفالة (¬3) فيه جائزة. ولو أن ذمياً ادعى قبل ذمي خنزيراً بعينه أو خمراً بعينها، فأخذ منه كفيلاً من أهل الذمة، فهو جائز. فإن كفل به مسلم فإن المسلم لا يؤخذ بذلك، والكفالة منه باطل. فإن هلك ذلك عند الذي هو في يديه، ثم ضمنه له المسلم بعد ذلك، وأقام النصراني البينة من أهل الذمة أنه له، فضمن (¬4) الذمي الذي كان في يديه ذلك قيمة الخنازير وخمراً (¬5) مثل الخمر، لم يضمن المسلم شيئاً من ذلك بشهادة (¬6) أهل الذمة. ولو شهد له على ذلك شهود من أهل الإسلام كان له أن يضمن المسلم قيمة الخنازير، ولا يضمنه من الخمر شيئاً؛ لأن له خمراً (¬7) مثل خمره، وله قيمة الخنازير. فإن أداه المسلم رجع بذلك على الذمي إن كان أمره. ولو أن ذمياً غصب ذمياً خمراً وهي قائمة بعينها، فكفل له بها مسلم، كان مثل ذلك. فإن كانت مستهلكة فكفل بها مسلم فلا ضمان على المسلم، من قبل أنها دين على الذمي. فلا يضمن المسلم غير ذلك، ولا يكون على ¬

_ (¬1) ز - صاحب؛ صح هـ. (¬2) ز: لو أقصا. (¬3) ف + كانت الكفالة. (¬4) ف: ضمن؛ ز: لضمن. (¬5) ز: وخمر. (¬6) ز: شهادة. (¬7) ز: خمر.

المسلم خمر يؤديها. وكذلك الخنازير هي (¬1) مثل الخمر في ذلك ما كان قائماً بعينه. ولو أن رجلاً ادعى ثوباً في يدي رجل، فكفل به له عبد لا دين عليه بإذن مولاه، كان جائزاً. وكذلك المدبر وأم الولد. ولو كفل به مكاتب لم يجز ذلك ولو أذن له مولاه. ولو أن عبداً تاجراً ادعى ثوباً في يدي رجل، فكفل له به رجل كان جائزاً. وكذلك المكاتب. وكذلك لو كان الثوب في يدي المكاتب أو العبد التاجر فادعاه رجل فكفل له به رجل. وكذلك العروض والحيوان. وكذلك المرأة إذا ادعت في يدي زوجها شيئاً بعينه أو ادعى هو شيئاً بعينه في يديها. وكذلك الوالد (¬2) والوالدة. وكذلك الإخوة والأخوات وكل ذي رحم محرم (¬3) أو محرم من الرضاع. وكذلك أهل الذمة يدعون قبل أهل الإسلام، وأهل الإسلام يدعون قبل أهل الذمة. وكذلك الحربي المستأمن يدعي أو يدعى قبله. وكذلك المرتد يدعي شيئاً بعينه في يدي رجل أو يدعى قبله، فكفل رجل له أو تَكفّل بما في يديه. وكذلك الصبي التاجر. وكذلك الأخرس إذا كان يكتب ويعقل (¬4) ادعى شيئاً في يدي رجل أو ادُّعي قبله. ولو أن رجلاً تقبّل (¬5) من رجل بناء (¬6) دار معلوم أو كِراب (¬7) أرض معلومة أو كَرْي (¬8) نهر معلوم، فأعطاه (¬9) بذلك كفيلاً، كان جائزاً. وكذلك ¬

_ (¬1) ز: هو. (¬2) م ف ز: الولد. (¬3) م - محرم. (¬4) ز + رجل له. (¬5) تقبلت العمل من صاحبه إذا التزمته بعقد. ويسمى الكتاب الذي يكتب في ذلك القَبَالة. انظر: المصباح المنير، "قبل". (¬6) ز: شاه. (¬7) كَرَبَ الأرضَ كِرَاباً، أي: قلبها للحرث. انظر: المغرب، "كرب". (¬8) ز: أو كرا. كَرَيت النهر كَرْياً، أي: حفرت فيها حفرة جديدة. انظر: المصباح المنير، "كري". (¬9) ز: فأعطاها.

باب كتاب كفالة النفس والمال

لو أكراه إبلاً إلى مكة أو دوابَّ إلى بلد من البلدان فأعطاه كفيلاً بذلك فهو جائز. ولو كانت الإبل (¬1) بأعيانها والدواب بأعيانها فأعطاه كفيلاً بذلك جاز (¬2) ما دامت أحياء قياماً (¬3) بأعيانها، فإذا هلكت فلا ضمان على الكفيل. وإن أعطاه كفيلاً بالحُمُولَة (¬4) لم يجز فيما كان بعينه، وجاز فيما كان بغير عينه. وكذلك الخدمة. ... باب كتاب كفالة النفس والمال وإذا كفل رجل بنفس رجل، فأراد الطالب أن يكتب عليه كتاباً، فإنه يكتب: "هذا (¬5) كتاب لفلان بن فلان من فلان بن فلان: إني كفلت لك بنفس فلان بن فلان، أدفعه إليك إذا (¬6) طلبته مني، ولا أحبسك به". وإن كتب: "هذا ما شهد عليه فلان وفلان، شهدوا أن فلاناً كفل لفلان بنفس فلان، يوافيه إذا ادعاه (¬7) به، ولا يحبسه به"، فهو مستقيم، ويكتب التاريخ بعد هذا. وإذا (¬8) أراد الكفيل أن يكتب كتاباً على المكفول به بذلك كتب (¬9): "هذا كتاب لفلان بن فلان من فلان بن فلان: إني طلبت إليك أن تكفل (¬10) بنفسي لفلان بن فلان، على أن تدفعني (¬11) إليه إذا طلبني منك ولا تحبسه بي، ففعلت ذلك، وكفلت بنفسي له ولك على أن أوافيك حتى ¬

_ (¬1) ز + با. (¬2) م ف ز: جائزاً. (¬3) ز: بقيام. (¬4) الحُمولة بالضم هي الأحمال، والحَمولة بالفتح هي الدواب التي يحمل عليها. انظر: المغرب، "حمل". (¬5) ف ز - هذا. (¬6) ز + هذا. (¬7) م: إذا دعاه؛ ف: يوافيه ادعاه. (¬8) ز: وإن. (¬9) ز: كتاب. (¬10) ز: أن يكفل. (¬11) ز: أن يدفعني.

أبرئك (¬1) من هذه الكفالة إذا طلبني، ولا أحبسك". وإن كان كفل بمال إن لم يواف (¬2) بالنفس فأراد الطالب أن يكتب كتب: "هذا كتاب لفلان بن فلان من فلان بن فلان أنه كفل (¬3) لك على فلان ابن فلان ألف درهم، وزن سبعة، ثمن متاع بعته منه وقبضه منك وبرئت إليه منه، وكان لك عليه (¬4) بهذا المال ذِكْر حَقّ (¬5) مكتوب، وإني كفلت لك بنفس فلان أوافيك به لكذا كذا من الأجل، وإن مضى هذا الأجل قبل أن أوافيك به فهذا المال الذي لك عليه علي، وأنا له ضامن حتى أؤديه إليك، وهو ألف درهم وزن سبعة، شهد". وإن أراد أن يكتب: "وكل واحد منا (¬6) كفيل ضامن لهذا المال، وأينا شئت أخذت بهذا المال، إن شئت أخذتنا به جميعاً، وإن شئت أخذتنا به شتى، كيف شئت، وكلما شئت، حتى تستوفي (¬7) منا هذا المال، وهو ألف درهم، وزن سبعة"، [كتب]. وإن أراد الكفيل أن يكتب بالمال على المكفول به مع النفس كتب: "هذا كتاب لفلان بن فلان: إني طلبت إليك أن تضمن (¬8) بنفسي لفلان بن فلان إلى كذا كذا من الأجل، فإن لم توافه (¬9) بي وتدفعني إليه عند هذا الأجل فعليك ما له علي، وهو ألف درهم، ففعلت ذلك، وضمنتني بنفسي لفلان إلى هذا الأجل، فإن لم تواف (¬10) بي إلى هذا الأجل فعليك هذا المال، وكتبت عليك بذلك كتاباً، وإني جعلت لك أن ¬

_ (¬1) ز: أيريك. (¬2) م ف ز: أو لم يواف. وانظر دوام العبارة. (¬3) ف ز: كان. (¬4) ف: له عليك. (¬5) هو بمعنى الصك كما تقدم. (¬6) أي: من المطلوب والكفيل. ويكتب هذا احتياطاً لاختلاف القضاة في بعض المسائل. انظر ما يأتي أسفله. (¬7) ز: يستوفي. (¬8) ف: أن تضمني؛ ز: أن يضمن. (¬9) ز: لم يوافيه. (¬10) ز: لم يواف.

أوافيك عند هذا الأجل حتى تدفعني (¬1) إلى فلان، وتبرأ مني، وتبرأ من هذه الكفالة، فإن مضى هذا الأجل قبل ذلك فأنا ضامن لهذا المال، وهو ألف درهم، حتى أؤديه إلى فلان عنك، شهد"، ثم يكتب التاريخ. وإذا كتبت ذِكْر حَقّ وبه كفيل كتبت: "ذِكْر حَقّ فلان بن فلان على فلان بن فلان عليه كذا كذا درهماً وزن سبعة جياد، ثمن متاع باعه فلان من فلان، وقبضه فلان (¬2) وقبله، ورضيه وبرئ إليه فلان منه، ومحل هذا المال إلى كذا كذا، وفلان (¬3) بن فلان كفيل عن فلان بهذا المال، وكل واحد (¬4) منا كفيل ضامن لهذا المال إلى هذا الأجل، وأيهما شاء فلان أخذ بهذا المال، إن شاء أخذهما جميعاً، وإن شاء شتى، كيف شاء، وكلما شاء، حتى يستوفي منهما (¬5) هذا المال، ومن قام بهذا الذِّكْر حَقّ فهو ولي ما فيه، شهد". ثم يُكتَب التاريخ. وإذا كان المال قرضاً كتبتَ (¬6) المال قرضاً، وجعلته حالاً، ولم تكتب "من ثمن متاع"، وتكتب الكفالة على ما ذكرت لك. وقال أبو حنيفة: لو كفل رجل بمال على رجل، كان للطالب أن يأخذ أيهما شاء بجميع المال كيف شاء، وكلما شاء، واحداً (¬7) بعد واحد، وعلى أي وجه شاء. وينبغي لمن يكتب الكتاب (¬8) أن يحتاط لصاحبه بكل ما يقدر عليه من التوثق لاختلاف القضاة. وقال بن أبي ليلى (¬9): يبرأ الأول، والمال على الكفيل، إلا أن يشترط أن كل واحد منهما كفيل على صاحبه. وقال ابن شُبْرُمَة (¬10): إن اشترط أن كل واحد منهما كفيل على صاحبه خيرته، ¬

_ (¬1) ز: يدفعني. (¬2) ز - فلان. (¬3) ز: وفلا. (¬4) ز: والد. (¬5) ز: يستوي منها. (¬6) م ف ز: كتب. (¬7) ز: واحد. (¬8) م: للكتاب. (¬9) هو محمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى الأنصاري الكوفي القاضي. فقيه معروف. ولي القضاء بالكوفه. وتتلمذ عليه أبو يوسف وجمع اختلافاته مع أبي حنيفة في كتاب اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى. وهو صدوق في الحديث. توفي سنة 148.انظر: تهذيب التهذيب، 9/ 268؛ والأعلام للزركلي، 6/ 189. (¬10) عبد الله بن شبرمة الضبي الكوفي. من فقهاء الكوفة. ولي القضاء على السواد لأبي جعفر المنصور. وهو ثقة في الحديث. توفي سنة 144. انظر: تهذيب التهذيب، 5/ 250.

فأيهما اختار (¬1) أبرأت الآخر، إلا أن يشترط أن يأخذهما جميعاً أو شتى في الصك (¬2). فأدخلنا "جميعاً أو شتى" في الصك لذلك. وقال بعض قضاتنا: وإن أدخل "جميعاً أو شتى" خيرته. فإن اختار أحدهما لم يكن له أن يعود على الآخر إلا أن يفلس هذا أو يموت ولا يترك شيئاً. فأدخلنا "كيف شاء وكلما شاء" حتى يكون له التخيير كل مرة. [فينبغي لمن يكتب] أن يحتاط لصاحبه بكل ما قدر عليه من التوثق لاختلاف القضاة. وإذا كان الكفلاء ثلاثة أو اثنين، فكُتب الصك على الذي عليه الأصل، وبقيتهم كفلاء، فإنك تكتب (¬3) مثل ذلك أيضاً. وإذا كان الصك كذلك فليس يحتاج الكفيل إلى أن يكتب على الذي عليه الأصل كتاباً بذلك؛ لأن كتابه هو الصك، وهو ثقة عليه. ولو كان الكتاب على الكفيل وحده دون الذي عليه الأصل كتب الطالب: "ذِكْر حَقّ فلان بن فلان على فلان بن فلان: عليه (¬4) كذا كذا درهماً وزن سبعة جياد، ضمنها فلان عن فلان، كانت لفلان على فلان من ثمن متاع باعه إياه، وقبضه فلان، وبرئ فلان إليه منه، فضمنها فلان لفلان، ومن قام بهذا الذِّكْر حَق فهو ولي ما فيه، شهد"، ثم يكتب التاريخ. وإذا أراد الكفيل أن يكتب كتاباً بذلك على الذي عليه الأصل كتب: "هذا كتاب لفلان بن فلان من فلان (¬5) بن فلان: إنه كان لفلان علي كذا كذا درهماً، وزن سبعة جياد حالة، وإني طلبت إليك أن تضمنها (¬6) له عني، ففعلت ذلك وضمنت له هذا المال عني، وكتب عليك بذلك ذِكْر حَقّ باسمه، فأنا ضامن لهذا المال حتى أؤديه إليك أو أؤديه عنك إلى فلان، وأبرأتك منه، شهد". ولو كان حوالة كتب عليه مثل هذا إلا أنه يكتب: "إني أحلت فلاناً عليك". ¬

_ (¬1) ز: اخبار. (¬2) ز - في الصك. (¬3) ز: يكتب. (¬4) ف - عليه. (¬5) م - من فلان. (¬6) ز: أن يضمنها.

باب البيع يشترط فيه الكفاله والغصب والقرض

وإذا أدى الكفيل المال فكتب براءة لنفسه كتب: "هذا كتاب لفلان بن فلان من فلان بن فلان: إنه كان لي على فلان بن فلان (¬1) كذا كذا درهماً، وإنك ضمنتها لي عنه". فإن كان كتب عليهما صكاً (¬2) كتب: "وكتبت عليه (¬3) وعليك صكاً بهذا المال، وجعلت (¬4) كل واحد منكما كفيلاً ضامناً (¬5) لذلك". وإن كان كتب الصك على الكفيل خاصة كتب: "وكتبتَ عليه بذلك صكاً وحدك". وإن كانت حوالة كتب: "إن فلاناً أحالني عليك بكذا كذا درهماً، وضمنتها لي عنه"، ثم يكتب: "وإنك دفعت إلي هذا المال المسمى في كتابنا هذا من مالك، وقبضته (¬6) منك، وهو كذا كذا، وبرئت إلي منه، فلم يبق لي عليك قليل ولا كثير إلا قد استوفيته (¬7) منك، وبرئت إلي منه، فليس لي عليك بعد هذه البراءة حق قليل ولا كثير (¬8)، وقد دفعت إليك الصك الذي كتبت عليك بهذا (¬9) المال، فهو لك بما فيه حتى تستوفيه من فلان". ... باب البيع يشترط فيه الكفاله والغصب (¬10) والقرض وإذا باع الرجل متاعاً بنسيئة من رجل وقبضه، وشرط عليه أن يكفل عنه بالمال فلان، وفلان حاضر، فرضي بذلك وسلم، فإن أبا حنيفة قال: البيع في هذا جائز إذا سمى الأجل، والكفيل ضامن للمال، وهو قول أبي يوسف ومحمد. ¬

_ (¬1) ز - إنه كان لي على فلان بن فلان. (¬2) ز: صك. (¬3) ف: عليك؛ ز: وعليه. (¬4) م ف ز: أو جعلت. (¬5) ز: كفيل ضامن. (¬6) ز: وقبضه. (¬7) ز: قد استوفته. (¬8) ز - ولا كثير. (¬9) ز: هذا. (¬10) ز: والغضب.

وقال أبو حنيفة: إذا كان الكفيل ليس بحاضر لذلك المجلس فإن البيع فاسد. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وكذلك قال أبو حنيفة في الضمان والحوالة إذا كان غائباً عن ذلك المجلس فالبيع فاسد. وإن جاء الكفيل فرضي وكفل أو رضي بأن يحتال عليه فإن البيع فاسد لا يجوز. ولو أقرض رجل رجلاً مالاً ودفعه إليه على أن يكفل به فلان، أو على أن يحيله به على فلان، أو على أن يضمنه له فلان، فإن القرض جائز. وإن ضمن فلان له أو كفل أو احتال عليه بذلك فهو جائز، غائباً (¬1) كان فلان في هذا أو حاضراً (¬2) فهو سواء؛ لأن القرض لا يشبه البيع. فأما السلم فهو في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد مثل البيع. وأما الغصب فهو مثل القرض. والتزويج مثل القرض. ولو (¬3) قال: أتزوجك على ألف درهم على أن يكفل بها فلان عني، أو على أن أحيلك بها على فلان، والكفيل غائب عن ذلك المشهد أو حاضر، فالنكاح جائز لا يشبه البيع. فإن دخل الكفيل في الضمان فهو جائز. وكذلك الخلع. وكذلك الصلح من دم أو جراحة فيها قصاص، فصالحه على مال مسمى حال، أو إلى أجل مسمى، على أن يكفل به فلان، أو على أن يحيله به على فلان، والكفيل حاضر ذلك، راض (¬4) به أو غائب عنه (¬5)، فرضي بعد ذلك، فالصلح جائز؛ لأن هذا لا يستطيع رده، ولا ينتقض الصلح (¬6) فيه. وإذا رضي الكفيل وضمن فالضمان عليه جائز. وإذا غصب رجل رجلاً مالاً، أو جارية وديعة كانت عنده، أو كانت ¬

_ (¬1) ز: غائب. (¬2) ز: أو حاضر. (¬3) م ف: لو. (¬4) ز: راضي. (¬5) ف - عنه. (¬6) ز - الصلح.

عنده (¬1) عارية فخالف فيها فعَطِبَت فضمنها، فشرط له في ذلك كله أن يحيله على فلان، أو يضمنه له فلان، أو يكفل له به فلان، والكفيل غائب، فقدم فضمن ذلك، أو كان حاضراً فضمن ذلك، فهو جائز عليه. وإن أبى أن يضمن فلا شيء على الكفيل. والذي كان عليه الأصل هو عليه على حاله. وإذا كان لرجل على رجل دين (¬2) حال من ثمن بيع، أو سلم قد حل، أو قرض، أو غصب حال، فسأله أن يؤخر (¬3) عنه نجوماً، على أن يضمن له فلان ذلك، وفلان غائب، فصالحه على ذلك، فقدم الكفيل، فأبى أن يدخل في الضمان (¬4)، فإن الصلح باطل منتقض، والمال حال على صاحبه الأول. وكذلك لو كان الكفيل حاضراً فأبى أن يدخل في الضمان. فإن دخل الكفيل في الضمان بعدما يقدم من غيبته (¬5)، أو كان حاضراً فدخل في الضمان، فالضمان جائز عليه، والصلح (¬6) جائز، والتأخير جائز. فإن كان اشترط في التأخير أنه إن (¬7) أخر نجماً عن محله فالمال كله حال كما كان فهذا الشرط جائز على هذا الوجه، والكفالة على هذا جائزة مستقيمة. وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولو قال: إن أخرت نجماً عن محله عشرة أيام فالمال (¬8) عليك حال، فهو جائز على ذلك. ولو كان هذا من مهر امرأة أو من خلع أو من صلح من دم عمد كان جائزاً على هذا. ولو أن رجلاً أعتق عبداً له على ألف درهم على أن يعطيه بها كفيلاً وقبل ذلك كان العتق جائزاً إن أعطاه أو لم يعطه؛ لأن العتق لا يرد. فإن أعطاه كفيلاً بالمال أو أحاله بذلك على رجل فإن أبا حنيفة قال: هو جائز - ¬

_ (¬1) ز - أو كانت عنده. (¬2) ز: دينا. (¬3) ز: أن يأخر. (¬4) ز - الضمان. (¬5) ز: تقدم من غيته. (¬6) ز: الصلح. (¬7) م ف ز - إن. والزيادة من ع. (¬8) ز - كله حال كما كان فهذا الشرط جائز على هذا الوجه والكفالة على هذا جائزة مستقيمة وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد ولو قال إن أخرت نجما عن محله عشرة أيام فالمال.

باب كفالة المريض

وهو قول أبي يوسف ومحمد - مِن قِبَل أن العبد حر. وليس هذا كالمكاتب؛ لأن المكاتب عبد لا يجوز الضمان فيه لمولاه. وإذا كان الدين (¬1) لعبد تاجر أو لمكاتب فأخره عن صاحبه- وهو من ثمن بيع - على أن أخذ به كفيلاً فهو جائز. وكذلك المرأة تؤخر (¬2) زوجها بمهرها على أن أعطاها كفيلاً. وكذلك الزوج لو كان له على امرأته دين من خلع فأعطته (¬3) به كفيلاً على أن أخر عنها كان جائزاً. وكذلك الصلح من الدم العمد أو الجراحة. وكذلك الأرش من دم الخطأ والغصب والجناية والعارية يخالف فيها والوديعة يجحدها فهو باب واحد كله. وإن كان من قرض فهو على الكفيل إلى أجله، وهو على الذي عليه الأصل حالاً. ... باب كفالة المريض وإذا كفل المريض بمال في مرضه الذي مات فيه فإنه يلزمه في ثلثه. وإن كان عليه (¬4) دين يحيط بماله لم تلزمه (¬5) الكفالة. فإن (¬6) أقر أنه كفل بذلك في الصحة لم تلزمه (¬7) الكفالة إذا كان عليه دين. فإن لم يكن عليه دين (¬8) لزمه ذلك في جميع ماله؛ لأنه أقر أنه كان منه في الصحة. لا يجوز ذلك لو كان لوارث أو عن وارث. وإذا كفل في الصحة بما أقر به فلان لفلان ولم يسمه، ثم مرض وعليه دين يحيط بماله، ثم أقر المكفول عنه أن لفلان عليه ألف درهم، فإن ذلك يلزم المريض من جميع المال وإن مات من ذلك المرض. وإن أقر بذلك المكفول عنه بعد موت المريض فهو سواء، ويحاصّ الغرماء؛ لأن ¬

_ (¬1) ز: الرجل. (¬2) ز: يؤخر. (¬3) ز: فأعطيته. (¬4) ز - عليه. (¬5) ز: لم يلزمه. (¬6) ف: وإن. (¬7) ز: لم يلزمه. (¬8) ز - دين.

باب الكفالة لفلان أو لفلان

أصل (¬1) ذلك كان في الصحة. وكذلك لو كفل بما ذاب (¬2) لفلان على فلان، أو بما قضي به لفلان على فلان، أو بما صار لفلان على فلان. وكذلك لو كان المكفول له وارثاً أو المكفول عنه وارثاً أو كانا جميعاً وارثين؛ لأن هذا كان في الصحة. فهو بمنزلة رجل كفل في صحته لرجل بما أدركه من درك في دار اشتراها ثم استحقت الدار في مرض الكفيل أو بعد موته. فإن المشتري يضرب مع غرماء الكفيل (¬3) الميت بالثمن؛ لأن أصل ذلك كان في الصحة. ولا يشبه هذا الكفالة في المرض. وإن تكفّل في المرض وليس عليه دين ثم استدان بعد ذلك مالاً يحيط بماله فإن الكفالة باطل؛ لأنها كانت في المرض. ... باب الكفالة لفلان أو لفلان وإذا كفل رجل لرجلين، فقال: قد كفلت لك بما (¬4) على فلان وهو ألف درهم، أو كفلت لفلان بماله على فلان وهو مائة دينار، فإن هذا باطل لا يجوز (¬5). وكذلك لو كان مكان المائة دينار ألف درهم. وكذلك لو كان (¬6) كُرّ حنطة أو كر شعير أو فَرَق من سمن أو فرق من زيت، من قبل أن الحق لرجلين (¬7). ولو كان الحق لرجل واحد على رجلين، على كل واحد منهما ألف درهم على حدة، فقال رجل: قد كفلت لك بمالك على فلان أو على فلان، كان هذا جائزاً (¬8)؛ لأن الحق لواحد. ولو (¬9) كان المال مختلفاً (¬10) فكان ألف درهم على أحدهما ومائة دينار على آخر، أو كُرّ شعير على أحدهما وكر حنطة على الآخر، فهو جائز، يؤدي الكفيل أيهما شاء. ¬

_ (¬1) م - أصل. (¬2) أي: بما ثبت ووجب كما تقدم. (¬3) ف - الكفيل. (¬4) ف: قدكفلت بما لك. (¬5) ف - لا يجوز. (¬6) ز - كان. (¬7) م: للرجلين. (¬8) ز: جائز. (¬9) م + ولو. (¬10) ز: مختلف.

وكذلك الكفالة بالنفس لو قال: قد كفلت لك بنفس فلان أو بنفس فلان، كان جائزاً، يضمن أيهما شاء. وكذلك لو قال: قد كفلت لك بنفس فلان (¬1)، إن لم أوافك (¬2) به غداً فعلي ما لك عليه، وهو (¬3) ألف درهم، أو بنفس فلان فإن لم أوافك (¬4) به غداً فعلي ما لك عليه وهي مائة دينار، فلم يواف بواحد منهما، فإنه يضمن أحدهما، فأخذ المالين أي ذلك شاء. وإن دفع أحدهما في ذلك اليوم من قبل أن يمضي وبرئ منه برئ من الكفالة كلها. وهذا اختيار من الكفيل لأحدهما دون الآخر، وقد بطلت كفالته عن الآخر. ولو كان قال: قد كفلت لك بنفس فلان، فإن لم أوافك به غداً فعلي ما لك على فلان لآخر وهو مائة دينار، كان جائزاً إن وافى به الغد برئ، وإن مضى الغد قبل أن يوافي به ضمن المال، لأن الطالب واحد. وكذلك (¬5) لو كان قال: أنا كفيل لك بنفس هذا، أو بما لك على هذا الآخر، فهو ضامن لأحدهما أيهما شاء الكفيل. ولو كان الحق لرجلين، لكل واحد منهما على رجل مال، فقال رجل لأحدهما: قد كفلت لك (¬6) بنفس غريمك فلان، فإن لم أوافك به غداً فما لفلان على فلان فهو علي، كانت الكفالة بالنفس جائزة، وكانت (¬7) الكفالة بالمال باطلاً؛ لأنها مخاطرة، ولأن الحق ليس للمكفول له بالنفس. وكذلك الرجل يقول للرجل: قد كفلت لك بنفس فلان، فإن لم أوافك به غداً فأنا كفيل بنفس فلان لفلان إنسان آخر، فإن الكفالة الثانية باطل. ولو كانت الكفالة لرجل واحد، فقال: قد كفلت لك بنفس فلان، فإن لم أوافك به غداً فما لفلان عليك وهو ألف درهم علي، ورضي بذلك الآخر، فالكفالة الأولى جائزة، والثانية باطل. ولو قال: قد كفلت لك بنفس ¬

_ (¬1) ز - أو بنفس فلان كان جائزاً يضمن أيهما شاء وكذلك لو قال قد كفلت لك بنفس فلان. (¬2) ز: لم أوافيك. (¬3) ز - وهو. (¬4) ز: لم أوافيك. (¬5) ف: بذلك. (¬6) م ز - لك. (¬7) م ف ز: وكذلك.

باب الكفالة بالرهن

فلان أو لفلان بما له عليك (¬1) أو بنفسه، فإن هذا باطل لا يجوز كله الأول منه ولا الآخر. ولو قال رجل لرجل: قد كفلت لك بأحد (¬2) غريميك هذين، كان جائزاً، ويضمن الكفيل أيهما شاء. وكذلك لو قال: قد كفلت (¬3) لك بأحد (¬4) ماليك (¬5) على هذين. ... باب الكفالة بالرهن وإذا كفل الرجل عن الرجل بمال (¬6) بأمره، ورهنه المكفول عنه رهناً فيه وفاء، فإن الرهن جائز. فإن هلك الرهن عند الكفيل فهو من ماله. فإن أدى الكفيل المال لم يرجع به. وإن (¬7) لم يؤده وأداه الذي عليه الأصل رجع الذي عليه الأصل على الكفيل بمثله؛ لأن الكفيل لم يؤد المال. والسلم في ذلك والبيع والقرض سواء. وكذلك المهر وأرش الجراحة والمال يجب على المرأة من الخلع، فكفل (¬8) عنها بذلك كفيل، وارتهن منها بذلك رهناً، فهو جائز. فإن هلك الرهن عند الكفيل وفى قيمته وفاء بالدين، فهو من مال الكفيل. فإن أدى الكفيل (¬9) المال لم يرجع على المكفول عنه بشيء؛ لأنه قد استوفاه بهلاك الرهن عنده. [وإن لم يؤده] وأداه (¬10) الذي عليه الأصل رجع به على الكفيل؛ لأن هلاك الرهن عند الكفيل بمنزلة قبضه المال. ولو أن رجلاً كفل عن رجل بألف درهم بأمره على أن يعطيه بهذا هذا ¬

_ (¬1) م ز: عليه. (¬2) ز: ياخد. (¬3) ز: قدكفل. (¬4) م ز: باخد. (¬5) ز: مالك. (¬6) ف - بمال. (¬7) ز فإن. (¬8) ف: يكفل. (¬9) ف: المكفول. (¬10) م ف ز: وأراد. والزيادة مع التصحيح من كلام المؤلف في أول الفقرة.

العبد رهناً، فوقعت الكفالة على هذا بغير شرط من الكفيل على المكفول له، ثم إن المكفول عنه أبى أن يدفع إليه العبد، فإن العبد لا يكون رهناً؛ لأن الكفيل لم يقبضه، ولا يجبر المكفول عنه على دفعه. إن الله سبحانه وتعالى يقول: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} (¬1)، وهذا لم يقبض. ولا يستطيع الكفيل أن يفسخ الكفالة بعد إذ وقعت. فإن كان الكفيل شرط على الطالب فقال: أكفل لك بهذا (¬2) المال عن فلان على أن يرهنني فلان به هذا العبد، فإن لم يسلمه لي ويدفعه إلي فأنا بريء من الكفالة، فكفل له على هذا الشرط، فهو جائز. فإن دفع إليه العبد الرهن مضت الكفالة. وإن لم يدفعه إليه برئ الكفيل من الكفالة بالمال. وكذلك لو كفل عنه بالمال على أن يعطيه بذلك المطلوب فوقعت الكفالة للطالب على هذا بغير (¬3) شرط، ثم أبى المكفول عنه أن يعطي الكفيل كفيلاً، فإن الكفالة على الكفيل جائزة. وإن كان الكفيل شرط على الطالب أنه إن لم يعط (¬4) كفيلاً بهذا المال فأنا بريء من كفالتي، فهو (¬5) على شرطه، إن أعطاه كفيلاً جاز ذلك، وإن لم يعطه كفيلاً برئ من الكفالة. وإن وضع الكفيل الرهن على يدي عدل وسلطه على بيعه فهو جائز. فإن هلك على يدي العدل فهو من مال الكفيل. وإن كتب الكفيل على دار المكفول عنه (¬6) شراء بالمال فهو جائز، وهذا قضاء من المكفول عنه للكفيل. وكذلك لو باعه بها عبداً أو خادماً أو طعاماً أو عرضاً أو متاعاً. وإذا كفل رجل بنفس رجل على أنه إن لم يواف به إلى سنة، فعليه المال الذي عليه، وهو ألف درهم، فهو جائز. وإن أعطاه المكفول عنه رهناً بالمال قبل السنة فإن الرهن باطل لا يجوز، مِن قِبَل أن المال لم يجب بعد. ألا ترى أنه لو دفعه بنفسه قبل الأجل لم يكن عليه من ¬

_ (¬1) سورة البقرة: 283. (¬2) ف: بيدا (مهملة). (¬3) م ف ز: غير. (¬4) ز: لم يعطي. (¬5) م ف ز: وهو. (¬6) م: عنده.

المال شيء. ولا يجوز الرهن في الكفالة (¬1) بالنفس على وجه من الوجوه. ولا ضمان على المرتهن إن هلك في يده؛ لأنه أخذه رهناً بغير مال. ولو كفل رجل عن رجل (¬2) بمال لم يحل عليه المال، فقال: إذا حل فهو علي، وأعطى المكفول عنه الكفيل رهناً، كان هذا جائزاً. ولو قال: إن تَوَى (¬3) مالك عليه فهو علي، وأعطاه بذلك رهناً لم يجز الرهن؛ لأن المال لم يجب بعد. ولو قال: إن مات ولم يوفك المال فهو علي، فأعطاه المكفول عنه الكفيل رهناً، فإن الرهن باطل لا يجوز، والكفالة جائزة. ولو قال: إن لم يوفك مالك غداً فهو علي، وأخذ منه بذلك رهناً، لم يجز الرهن، والكفالة جائزة، والرهن باطل يرجع فيه (¬4) المكفول عنه. ولو باع رجل داراً وكفل عنه آخر (¬5) بما أدركه فيها من دَرَك، وأخذ بذلك رهناً، كان الرهن باطلاً، ولا ضمان على المرتهن فيه، والكفالة جائزة. وكذلك الكفالة في كل بيع خادم أو دابة أو غير ذلك. ولو تكارى منه إلى مكة وكفل عنه رجل بالأجر (¬6) والحَمولة (¬7) فأخذ الكفيل منه بذلك رهناً فإن الرهن في ذلك جائز؛ لأن الكفيل يؤخذ بالكفالة التي قد وجبت (¬8) عليه. ولا يشبه هذا ما قبله. وكل ما أبطلنا فيه الرهن بهذا المال وكان الرهن في يدي الكفيل حتى يحل المال عليه ويؤخذ به فأراد أن يمسك الرهن بذلك فليس له ذلك. ولو وجب عليه المال وقضي به عليه فأعطى المكفول به بذلك رهناً كان ذلك جائزاً. ولو أن رجلاً أحال على رجل بمال وأعطاه به رهناً كان جائزاً. وأهل الذمة والمسلمون (¬9) والنساء في ذلك سواء. وكذلك المستأمن من أهل الحرب والمرتد عن الإسلام إذا تاب. وكذلك العبد التاجر والمكاتب يكفل عنهما رجل بمال فأعطاه رهناً فهو مثل ذلك. ¬

_ (¬1) ز: الرهن والكفالة. (¬2) ز: على رجل. (¬3) أي: هلك وضاع كما تقدم. (¬4) ز + فيه. (¬5) م - آخر. (¬6) ز: بالآخر. (¬7) أي: الدابة التي يحمل عليها كما تقدم. (¬8) ز: قد وجب. (¬9) ز: والمسلمين.

باب ضمان المسلم على الكافر

باب ضمان المسلم على الكافر وإذا ادعى مسلم على كافر مالاً، وادعى ضمان مسلم عنه، وأقام بينة من أهل الكفر بأصل المال على الكافر والضمان (¬1) على المسلم، فإن شهادتهم جائزة (¬2) على الكافر، ولا يجوز على المسلم. وكذلك لو كان الطالب كافراً. ولو كان الكفلاء اثنين مسلم وكافر والأصل على كافر، فشهد شاهدان من أهل الكفر أنهما قد كفلا عنه بهذا المال، وبعضهم كفلاء على بعض، فإن الشهادة جائزة على الكافر الذي عليه الأصل، وعلى الكفيل (¬3) الكافر، ولا تجوز (¬4) على الكفيل المسلم. ولو أن رجلاً مسلماً كفل لكافر (¬5) عن كافر بألف درهم، فقال الكافر الذي عليه الأصل: لم آمره أن يضمن علي، فجاء المسلم بشاهدين (¬6) من أهل الكفر عليه أنه قد أمره بالضمان، وأقر الطالب أنه قد استوفى منه المال، كان له أن يرجع عليه. ولو لم يقر الطالب بذلك وجاء عليه بشاهدين (¬7) مسلمين أنه قد أعطاه المال جاز ذلك عليه، ويرجع بذلك على الذي عليه الأصل. فإن كان الطالب (¬8) غائباً فشهد الشهود على الذي عليه الأصل أن الطالب قد استوفى المال من الكفيل جاز ذلك عليه. فإن حضر لم أعد الشهود عليه. ولو كان الطالب كافراً فشهد بذلك رجلان من أهل الكفر أجزت ذلك عليه. ولو كان الذي عليه الأصل مسلماً لم يجز على ذلك إلا شاهدان مسلمان (¬9). ¬

_ (¬1) م ف ز: والضامن. (¬2) ف - جائزة. (¬3) ز - الكفيل. (¬4) ز: يجوز. (¬5) ف: بكافر. (¬6) ز: شاهدين. (¬7) ز: شاهدين. (¬8) ز: للطالب. (¬9) ز: إلا شاهدين مسلمين.

باب الكفالة عن المسلم

ولو أن الكفيل قضى الطالب ألف درهم نَبَهْرَجَة (¬1) كان له أن يرجع على الذي (¬2) عليه الأصل بجياد (¬3). وكذلك الحوالة. ولا يشبه هذا الحط. لو حط عنه مائة درهم (¬4) على أن أعطاه تسعمائة لم يرجع إلا بتسعمائة. ولو كان الحق بَخِّيَّة (¬5) فأعطى ألفاً سُوداً كان للكفيل (¬6) أن يرجع ببخّية. ولو لم يكن كفيل وقال: انقد هذا عني ألف درهم بخّية، على أنها لك علي (¬7)، فنقده ألفاً سوداً، لم يكن عليه إلا سود. ولا يشبه هذا الكفالة؛ لأن هذا لم يجب له (¬8) إلا ما نقد. والكفيل قد وجبت عليه ألف للطالب. فإذا رضي الطالب بنقد دون نقده فألف الطالب له. ... باب الكفالة عن المسلم (¬9) وإذا ادعى رجل مسلم على مسلم (¬10) مالاً وجحده ذلك المطلوب، وادعى الطالب كفالة رجل من أهل الذمة عليه بالمال بأمره، وهو ألف درهم، وجحد الكفيل ذلك، فشهد شاهدان من أهل الذمة على ¬

_ (¬1) هو الدرهم الذي يكون أردأ من الزائف، ويرده التجار أيضاً، كما تقدم في كتاب الصرم فراراً. (¬2) ف - على الذي. (¬3) ز: بخباد. (¬4) ف ز - درهم. (¬5) البخية: نوع من أجود الدراهم، نسبة إلى الأمير بَخّ الذي ضربها، أو لأنه كتب عليها بخ، أو لأنه يقال لصاحبها: بخ بخ. انظر: المغرب، "بخخ". (¬6) م ز: الكفيل. (¬7) ف - علي. (¬8) ف - له. (¬9) م: من المسلم؛ ز - باب الكفالة عن المسلم. (¬10) ف: على حر.

ذلك، فإنه لا يجوز على المسلم شيء من ذلك، ولا يؤخذ به، ويجوز ذلك على الذمي. وكذلك لو كان المال عليهما في صك مكتوب، والمسلم في صدر الصك، والذمي كفيل بعده، وكل واحد منهما كفيل ضامن للمال، فإنه لا يجوز على المسلم شيء من ذلك، ويجوز على الذمي كله. وإذا كان الصك عليهما جميعاً، وكل واحد منهما كفيل ضامن لجميع المال بشهادة أهل الذمة، وهما يجحدان، فإن الذمي يؤخذ بالمال كله في جميع هذه الوجوه، ولا يؤخذ المسلم بشيء منه، ولا يرجع (¬1) الآمر على المسلم بما أدى من ذلك في جميع هذه الوجوه (¬2). ولو كان الصك على رجلين من أهل الذمة، وكل واحد منهما كفيل ضامن للمال، فأسلم أحدهما، وجحد المال، فشهد عليهما رجلان من أهل الذمة، أو رجل وامرأتان، جاز ذلك على الكافر منهما، ولم يجز على المسلم. ولو كفل ذمي بنفس مسلم بشهادة أهل الذمة لمسلم أو لكافر (¬3)، فإنه يؤخذ بذلك. فإن جحد المسلم ذلك لم يؤخذ (¬4) بشهادة أهل الذمة ولم يجز ذلك عليه. ولو كفل مسلم بنفس ذمي أو بمال عليه لمسلم أو لذمي فشهد عليه أهل الذمة فإن جحد المسلم الكفالة لم يجز ذلك عليه، وإن أقر بها جاز ذلك عليه. فإن أدى المال وشهد الشهود أنه كفل به بأمره رجع به عليه (¬5)، من قبل أن الشهادة الآن على الذمي. ¬

_ (¬1) ف: ويرجع. (¬2) ز - ولا يؤخذ المسلم بشيء منه ولا يرجع الآمر على المسلم بما أدى من ذلك في جميع هذه الوجوه. (¬3) ز: أو الكافر. (¬4) ز: لو يأخذ؛ ز + بذلك. (¬5) ف - فإن أدى المال وشهد الشهود أنه كفل به بأمره رجع به عليه.

باب ما لا تجوز فيه الكفالة من الأموال

وكذلك مسلم كفل عن مسلم بمال، فشهد على ذلك ابنا المطلوب الذي عليه الأصل، فإنه جائز، ويرجع الكفيل إن أدى المال [على] الذي عليه الأصل. ولو كان الشهود أبناء الكفيل فإن (¬1) ادعى ذلك وأقر به أخذ بالمال، ولم يرجع به إن أداه؛ لأن ابنيه هما الشاهدان. وإن جحد الكفالة قضيت عليه بالمال. فإن أداه رجع على الذي عليه الأصل. ولو أن (¬2) كافراً كفل (¬3) عن مسلم بمال الكافر، فباع الكفيل الطالب بالمال خمراً أو خنازير، وقبض ذلك، كان جائزاً، وكان للكفيل (¬4) أن يرجع على الذي عليه الأصل بالمال كاملاً (¬5). وكذلك لو كان صالحه. ألا ترى أنه لو باعه عبداً بذلك كان له أن يرجع به. فكذلك الخمر والخنزير. ولو غصب الكفيل ألف درهم من رجل، فقضى الطالب، فأخذها المغصوب منه، لم يرجع بها الكفيل على المكفول عنه. ولو دفعها إلى المغتصب منه الكفيل كان ذلك جائزاً، وكان له أن يرجع بالمال على المكفول عنه. ولو لم يدفعها إليه رجع المغتصب بها على الطالب، ويرجع الطالب على الكفيل. وإن أخذها الطالب من المكفول عنه رجع بها المكفول عنه على الكفيل إذا كان قد أداها إليه. ... باب ما لا تجوز فيه الكفالة من الأموال (¬6) وإذا كان الدين بين الرجلين على رجل، فكفل أحد الشريكين لشريكه بحصته، فإنه باطل لا يجوز، من قبل (¬7) الشرك (¬8) الذي بينهما؛ لأنه لا ¬

_ (¬1) ز: وإن. (¬2) ف: ولو كان. (¬3) ف - كفل. (¬4) ف ز: الكفيل. (¬5) ز: كلاملا. (¬6) ز - باب ما لا تجوز فيه الكفالة من الأموال. (¬7) ز: من قتل. (¬8) م ف ز: الشريك.

يؤدي شيئاً إلا كان له نصفه. وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك من الدراهم والدنانير والكيل والوزن، سلم كان أو غصب أو قرض فهو سواء، لا تجوز الكفالة فيه. وكذلك كل دين على رجل، فمات الطالب فورثه ابناه، فكفل أحدهما لصاحبه بحصته، لم يجز ذلك؛ لأنه شريك لا يؤدي شيئاً إلا كان له نصفه. وإذا كان لامرأة على زوجها ألف درهم من صداقها، فكفل لها رجل على الزوج بغير إذن الزوج، ثم ماتت المرأة فورثها زوجها وأخوها، فإنه يبطل حصة الزوج من ذلك؛ لأنه قد صار مستوفياً مما عليه. ويأخذ الأخ حصته من الكفيل. ولو كان الكفيل كفيلاً (¬1) للمرأة بأمر الزوج كان مثل هذا أيضاً، وكان يرجع على الزوج الكفيل بما أدى إلى الأخ. ولو كان لرجل على رجل ألف درهم، فكفل بها عنه رجل (¬2) بأمره أو بغير أمره، ثم مات الطالب والمطلوب وارثه، لم يكن له على الكفيل شيء، من قبل أنها بطلت (¬3) عن المطلوب الذي عليه الأصل. ولو كان احتال بها عليه على أن أبرأ المطلوب، أو كفل بماله على أن (¬4) أبرأ المطلوب، ثم مات الطالب والمطلوب وارثه، فإن كان كفل بها عنه بأمره لم يتبع (¬5) الكفيل منها بشيء، من قبل أنه لا يؤدي شيئاً إلا رجع به على المطلوب، فهو قصاص. وإن كان كفل عنه بغير أمره رجع المطلوب بها على الكفيل حتى يستوفيها، وهي تطوع من الكفيل، لا يرجع بها على أحد. والدين كله والقرض والسلم والكيل والوزن في ذلك سواء. وإذا كفل الرجل لعبده بدين له على رجل، وعلى عبده دين، فهو جائز. فإن قضى العبد الدين بطل المال عن الكفيل؛ لأنه صار له. وكان على المكفول به على حاله يؤخذ به. ¬

_ (¬1) ز: كفيل. (¬2) ف - رجل. (¬3) ز: تطلب. (¬4) ز - أن. (¬5) ز: لم يبيع.

وإذا كفل رجل لرجل بألف درهم، ثم مات الطالب، والكفيل وارثه، فقد برئ الكفيل من المال، والمال على المكفول به على حاله إن كان كفل عنه بأمره. وإن كان كفل عنه بغير أمره فلا شيء على المكفول به، ولا على الكفيل؛ لأنه قد صار للكفيل، فلا يرجع به على المكفول عنه. ألا ترى أن صاحب المال لو كان حياً فوهبه للكفيل لم يرجع على المكفول عنه؛ لأنه كفل عنه بغير أمره؛ لأن هبته له المال ووراثته (¬1) للمال لا يكون أشد من قضاء المال لو قضاه. ألا ترى أنه لو قضى المال لم يرجع به على الذي عليه الأصل؛ لأنه كفل عنه بغير أمره. فكذلك إذا وهب له أو ورثه. وكذلك لو كان الطالب أبرأ منه المطلوب على أن ضمنه هذا بأمر المطلوب، أو على أن احتال به (¬2) على هذا، ثم مات الطالب والكفيل وارثه، كان للكفيل أن يأخذ الذي عليه الأصل بذلك. ولو كان ذلك بغير أمر المطلوب لم يرجع عليه بشيء، وبرئ المطلوب من جميع المال. وإذا كفل العبد بإذن سيده لرجلين بألفي درهم أو ثلاثة آلاف درهم (¬3)، وقيمته ألف درهم (¬4)، ثم استدان ألفاً، فإن قيمته بينهم، يضرب صاحب الكفالة بنصفها (¬5)؛ لأن ذلك كله قد صار ديناً في رقبته قبل أن يستدين ألفاً منه. ولو كفل بألفين (¬6) وهي قيمته، ثم كفل له رجل بألف، ثم استدان ألفاً، كانت الألف الوسطى باطلاً (¬7)؛ لأنها كفالتان (¬8)، فكفل للثاني وليس فيه فضل، فبطلت. رجل كفل لرجل عن رجل بغير أمره بألف درهم، ثم إن الطالب مات، فورثه الكفيل، أو وهبها الطالب للكفيل، قال: يبطل عن المطلوب. ألا ترى أن الكفيل لو أداها بطلت عن المطلوب. وكذلك إذا ملكها الكفيل. ¬

_ (¬1) م: ووارثته؛ ز: وواريته. (¬2) ز: أن اختا به. (¬3) ز - درهم. (¬4) ف ز - درهم. (¬5) م ف ز: نصفها. (¬6) ز: بألفي درهم. (¬7) ز: باطل. (¬8) ز: كفالتين.

وكذلك لو كفل رجل لمكاتب نفسه عن رجل (¬1) بغير أمره بمال، ثم عجز المكاتب فرد، بطلت (¬2) عن المطلوب (¬3). ¬

_ (¬1) ف: غير رجل. (¬2) ز - بطلت. (¬3) م + تم كتاب الحوالة والكفالة والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد النبي وآله كتبه أبو بكر بن أحمد بن محمد الطلحي الأصفهاني في ربيع الأول سنة تسع وثلاثين وستمائة؛ ف + تم كتاب الحوالة والكفالة والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد وآله أجمعين؛ ز + تم كتاب الحوالة والكفالة والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا النبي وآله أجمعين كتبه محمد بن عبد المؤمن الرومي في ست شهر رمضان سنة سبع وسبعين وتسعمائة.

كتاب الصلح

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب الصلح أبو عبد الله محمد بن أبي حفص قال: أخبرنا أبي قال: أخبرنا محمد بن الحسن عن أبي يوسف عن عبيد الله بن أبي حميد عن أبي بكر الهذلي عن أبي مليح بن أسامة عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه كتب إلى أبي موسى الأشعري أن الصلح جائز بين المسلمين (¬2) إلا صلح حرم حلالاً أو أحل حراماً (¬3). وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قال: وحدثنا أبو يوسف عن إسماعيل بن أبي خالد عن عامر الشعبي عن علي بن أبي طالب أنه أتي في شيء، فقال: إنه لجور (¬4)، ولولا أنه صلح لرددته (¬5). ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) ف ز: بين الناس. (¬3) سنن الدارقطني، 4/ 207؛ والسنن الكبرى للبيهقي،6/ 65. وروي مرفوعاً كذلك. وصححه الترمذي. انظر: سنن ابن ماجه، الأحكام، 23؛ وسنن أبي داود، الأقضية، 12؛ وسنن الترمذي، الأحكام، 17. (¬4) ز: يجوز. (¬5) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 534.

باب الصلح في الثمن إذا لم يكن لزوجها على الناس دين وإن كان لزوجها دين فالصلح باطل

محمد قال: حدثنا أبو يوسف عن الحسن بن عمارة عن سعيد (¬1) بن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى الأشعري أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كتب إليه أن الصلح جائز بين الناس إلا صلح حرم حلالاً أو أحل حراماً. محمد قال: وحدثنا أبو يوسف عن إسماعيل بن أبي خالد عن عامر الشعبي عن شريح أنه قال: أيما (¬2) امرأة صولحت على ثمنها لم يبين لها كم ترك زوجها فتلك (¬3) الريبة (¬4). محمد قال: حدثنا أبو يوسف عن مطرف بن طريف عن عامر الشعبي عن شريح مثل ذلك. ... باب الصلح في الثمن إذا لم يكن لزوجها على الناس دين وإن كان لزوجها دين فالصلح باطل قال أبو حنيفة: أيما (¬5) امرأة صولحت على ثمنها ولم يكن لزوجها دين على الناس، وكان ما أخذت أكثر من نصيبها من العين، فإن ذلك جائز وإن لم يكن بيّن (¬6) لها كم ترك زوجها. وإن كان فيما ترك زوجها دين فإن الصلح باطل. وإن كان نصيبها من الدراهم التي ترك زوجها أكثر مما أخذت من الدراهم فإن ذلك لا يجوز. وإن أخذت دنانير فإن ذلك جائز. وإن كان ما ترك زوجها من العين دنانير نصيبُها (¬7) أكثرَ مما أخذت والذي أخذت دنانير فإنه لا يجوز. وإن كان الذي أخذت دواهم أو (¬8) عروضاً فهو جائز. وهذا كله قول أبي يوسف ومحمد. ¬

_ (¬1) م: عن سعد. (¬2) ز: إنما. (¬3) ز: قبلك. (¬4) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 289؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 534. (¬5) ز: إنما. (¬6) ز: يبين. (¬7) ز: نصبها. (¬8) ف - أو.

قال: وحدثنا أبو يوسف عن محدث (¬1) عن محارب بن دثار عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال: ردوا (¬2) الخصوم حتى يصطلحوا، فإن فصل القضاء يورث بينهم الضغائن (¬3). محمد قال: حدثنا أبو يوسف عن من حدثه عن عمرو بن دينار أن إحدى نساء عبدالرحمن بن عوف صالحوها على ثلاثة وثمانين ألفاً على أن أخرجوها من الميراث (¬4). قال: وحدثنا أبو يوسف عن من حدثه عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس أنه قال: يَتَخَارَج (¬5) أهل الميراث (¬6). محمد قال: حدثنا أبو يوسف عن أشعث (¬7) بن سوار عن محمد بن سيرين عن شريح أنه قال: ما رأيته أصلح بين خصمين قط إلا امرأة استودعت وديعة، فاحترق بيتها، فناولتها جارة (¬8) لها، فضاعت (¬9)، فأصلح بينهما على ثمانين درهماً (¬10). محمد قال: حدثنا أبو يوسف قال: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن ¬

_ (¬1) ف: عن محمد. (¬2) م ز: رددوا. (¬3) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 303؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 6/ 66. والضغائن جمع الضغينة، وهي بمعنى الحقد. انظر: لسان العرب, "ضغن". (¬4) كتاب السنن لسعيد بن منصور،2/ 66 - 67؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 6/ 65. (¬5) التخارج هو أن يكون المال مشتركاً بين قوم بسبب ميراث أو غيره وهو في يد بعضهم، فيريدون الخروج من الشركة، فيأخذ هذا نقداً وذاك داراً والآخر ديناً، يتصالحون على ذلك. انظر: لسان العرب، "خرج". (¬6) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 289. (¬7) ز: عن أشعب. (¬8) م: جارية. (¬9) ز - فضاعت. (¬10) روي عن ابن سيرين أن رجلاً استودع امرأته ثمانين درهماً، فحولت الدراهم من بيتها، فذهبت، فخاصمها إلى شريح، فقال شريح: أتتهمها؟ قال: لا. قال: فإن شئت أخذت منها خمسين. قال: فما رأيته أمر بصلح غير يومئذ. انظر: المصنف لعبدالرزاق، 8/ 181؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 534.

عائشة أن بريرة أتتها تسألها، فقالت: إن شئت عددتها لأهلك عَدَّةً واحدة وأعتقتك. فذكرت ذلك لأهلها (¬1). فقالوا: لا، إلا أن يكون الولاء لنا. فذكرت ذلك عائشة - رضي الله عنه - لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال - صلى الله عليه وسلم -: "الولاء لمن أعتق، فاشتريها (¬2) فأعتقيها" (¬3). وخطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس، فقال: "ما بال أقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله. شرط الله أوثق وكتاب الله أحق. وكل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل. شرط الله أوثق وإن (¬4) كان مائة شرط. ما بال أقوام يقول أحدهم: أعتق يا فلان، والولاء لي، وإنما الولاء لمن (¬5) أعتق" (¬6). محمد قال: حدثنا أبو يوسف قال: حدثنا محدث عن سماك بن حرب عن حَنَش بن المعتمر (¬7) عن علي (¬8) بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه أتاه رجلان يختصمان في بغل، فجاء أحدهما بخمسة رجال، فشهدوا أنه أنتجه، وجاء الآخر بشاهدين، فشهدا (¬9) أنه أنتجه (¬10). فقال علي بن أبي طالب للقوم: ما ترون؟ فقالوا: اقض لأكثرهما شهوداً. فقال علي: فلعل الشاهدين خير من الخمسة. فقال علي: فيها قضاء وصلح، وسأنبئكم بذلك. أما الصلح فإنها تقسم (¬11) بينهما على عدد الشهود. وأما القضاء فيحلف أحدهما ويأخذ البغل. فإن تشاحّا على اليمين أقرعت بينهما، لهذا بخمسة أسهم، ولهذا بسهمين، فأيهما خرج سهمه استحلفته وغلّظت عليه (¬12) اليمين، ويأخذ البغل (¬13). ¬

_ (¬1) م ز: لاهلكها. (¬2) م ف ز: فاشترتها. (¬3) ف: فأعتقتها. (¬4) ز: فإن. (¬5) ف - الولاء لمن. (¬6) الموطأ، العتق والولاء، 17؛ وصحيح البخاري، البيوع، 73؛ وصحيح مسلم، العتق، 8. (¬7) م ز: بن المعتم. (¬8) ز: على علي. (¬9) ز: فشهدوا. (¬10) ف + وجاء الآخر بشاهدين فشهدا أنه أنتجه. (¬11) ز: يقسم. (¬12) ف - عليه. (¬13) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 277.

باب الصلح في الدور والأرضين

باب الصلح في الدور والأرضين قال أبو حنيفة: إذا ادعى رجل في دار في يدي رجل دعوى، فأنكر الذي هي في يديه، وقال: هي داري، ثم صالحه بعد الإنكار على دراهم مسماة، فهو جائز. وإن جعل لها أجلاً فهو جائز. وإن لم يجعل لها أجلاً فهو جائز. وإن كانت دنانير (¬1) مسماة فهو جائز. وقال أبو حنيفة: لا يفسد الإنكار الصلح، وأجوز ما يكون الصلح على الإنكار؛ لأنه إذا وقع الإقرار استوفى المدعي حقه. وكذلك لو صالح على حنطة كيل معلوم بعينها. ولو كان بغير عينها فسمى جيداً أو وسطاً فهو جائز. وكذلك كل (¬2) ما يكال. وكذلك كل ما يوزن من السمن والزيت وأشباهه. فإن كان بغير عينه فلا بد من أن يسمي وزنه إن كان وزناً، وكيله إن كان كيلاً، ويسمي وسطاً أو جيداً. وإن ضرب لذلك أجلا فهو جائز. وإن كان بعينه قائماً (¬3) فضرب له أجلاً لم يجز الصلح. وإن صالحه على عبد أو غنم مسماة بعينها أو إبل أو بقر أو شيء من الثياب مسماة بعينها (¬4) فهو جائز. ولا يجوز أن يكون شيئاً من الحيوان نسيئة بعينه كان أو بغير عينه (¬5). وكذلك الثياب بأعيانها فلا تجوز (¬6) فيها النسيئة. وإن كانت بغير أعيانها وسمى ثياباً مسماة من جنس معلوم العرض والطول والرُّقْعَة (¬7) وضرب لها (¬8) أجلاً فهو جائز. وإن لم يضرب له أجلاً فإنه لا يجوز. ¬

_ (¬1) ز: دنانيرا. (¬2) ف - كل. (¬3) ز: قائم. (¬4) ز: بعينه. (¬5) ف - فهو جائز ولا يجوز أن يكون شيئاً من الحيوان نسيئة بعينه كان أو بغير عينه. (¬6) ز: يجوز. (¬7) رقعة الثوب غلظه وثخانته كما تقدم. (¬8) ز: له.

وإن صالحه على بيت من الدار معلوم فهو جائز. وإن صالحه على سكنى بيت منها أبداً، أو قال: (¬1) حتى يموت، فإنه فاسد لا يجوز. وإن سمى سكنى سنين (¬2) معلومة فإنه جائز. وهكذا قال أبو حنيفة. وإن كان صالحه على دار له أخرى أو على أرض فهو جائز. وإن أقر بحقه في الدار ولم يسمه ثم صالحه على بعض ما ذكرناه (¬3) فهو جائز كله. وكذلك لو أقر به وسماه فهو مثل ذلك. وكذلك لو كان هذا الصلح في منزل في دار أو في بيت أو في منزل علو أو في منزل (¬4) سفل ليس له علو فهو جائز كله (¬5). ولو صالح من دعواه في هذه الدار على أرض معروفة محدودة، أو على شِقْص فيها مسمى، أو على شقص في دار أخرى مسمى، جاز ذلك. ولو صالح على أن يزرع هذه الأرض سنين (¬6) مسماة كان ذلك جائزاً. وكذلك لو كانت الدعوى في أرض فصالحه على أن يزرع أرضاً أخرى سنين (¬7) مسماة أو على سكنى داره سنين (¬8) مسماة فإنه جائز. ولو كان لرجل ظُلَّة (¬9) أو كَنِيف (¬10) شارع على طريق نافذ، فخاصمه رجل فيه وأراد طرحه، فصالحه من ذلك على دراهم، كان الصلح باطلاً لا يجوز، ويخاصمه في طرحه متى ما شاء. ولو كان على طريق غير نافذ فخاصمه رجل من أهل الطريق، فصالحه على دراهم مسماة، كان الصلح ¬

_ (¬1) ز: وقال. (¬2) ز: سنينا. (¬3) م ز: مما ذكرنا. (¬4) ز - علو أو في منزل. (¬5) ز - كله. (¬6) ز: سنينا. (¬7) ز: سنينا. (¬8) ز: سنينا. (¬9) الظُّلَّة في اللغة: كل ما أظلك من بناء أو جبل، وفي اصطلاح الفقهاء يريدون بها: السُّدَّة التي فوق الباب، وقيل: هي التي أحد طرفي جذوعها على هذه الدار وطرفها الآخر على حائط الجار المقابل. انظر: المغرب، "ظلل". وقيل: الظلة تكون أمام الدار مفصولاً عنها. انظر: لسان العرب، "كنن". (¬10) الكَنِيف: ما يُشْرَع فوق باب الدار كالجناح ونحوه، وأهل العراق يسمون ما أشرعوا من أعالي دورهم كَنِيفاً. وقيل: الكنيف يكون متصلاً بالدار بخلاف الظلة. انظر: لسان العرب، "كنف، كنن".

جائزاً. ولو صالحه على مائة درهم على أن يطرح الظُّلّة عن هذا الطريق كان ذلك جائزاً؛ لأن هذا منفعة لأهل الطريق. وإذا ادعى رجل حقاً في دار في يدي رجل، فصالحه من ذلك على خدمة عبد بعينه شهراً، فهو جائز. وكذلك لو صالحه على أن يركب دابته هذه إلى بغداد فهو جائز. فإن مات أحدهما المدعي أو المدعى عليه، وقد خدمه عشرة أيام، فإنه يجوز من الصلح بقدر ما خدمه في الدعوى، ويرجع المدعي على دعواه فيما بقي بعد ذلك. فإن نفقت الدابة ومات العبد وقد ركبها نصف الطريق، وخدمه العبد نصف الشهر، فهو على دعواه في النصف وحجته. وكذلك لو صالحه على بيت فانهدم قبل أن يسكنه وقبل أن يمضي من الأجل شيء فهو على حجته في جميع دعواه. ولو صالحه من ذلك على لبس هذا الثوب شهراً كان جائزاً. ولو ادعى رجل في دار في يدي رجل ميراثاً أو شراء من آخر أو وصية أو حقاً لم يسمه، فصالحه الذي الدار في يديه من حقه، أو قال: من ميراثك، أو قال: من وصيتك، على دراهم مسماة، فإن ذلك جائز. وكذلك لو قال: أصالحك من دعواك أو (¬1) مما ادعيت على دراهم مسماة، كان ذلك جائزاً. ولو فارقه قبل أن ينقده المال لم يفسد ذلك الصلح. وكذلك لو كانت مكان الدراهم دنانير مسماة. وكذلك لو كان شيء مكان ذلك مما يكال أو يوزن بعينه أو بغير عينه بعد أن يكون مسمى الكيل (¬2) والصفة، ثم افترقا قبل أن يقبض، فإن ذلك لا يفسد. وكذلك لو صالحه على شيء من الحيوان بعينه أو على شيء من الثياب بعينه ثم افترقا قبل أن يقبضه لم يفسد ذلك الصلح، وكان الصلح جائزاً ماضياً. ألا ترى لو أن رجلاً اشترى عبداً بثياب مسماة بعينها أو بطعام ثم افترقا قبل أن يتقابضا كان ذلك جائزاً. وكذلك الصلح. ¬

_ (¬1) م ف ز + على. وقد زاد في ب: أو عما ادعيت. (¬2) ف + بعينه أو بغير عينه بعد أن يكون مسمى الكيل.

ولو صالحه من دعواه على كذا كذا ذراعاً مسماة من هذه الدار فإنه لا يجوز في قول أبي حنيفة، وهو بمنزلة الشراء. ويجوز في قول أبي يوسف ومحمد. وكذلك الجُرْبَان (¬1) من الأرض. ولو ادعى أذرعاً مسماة في دار فصالحه منها على دراهم مسماة فإن ذلك جائز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولا يشبه هذا الأول. ألا ترى أنه لو ادعى حقاً في دار فصالحه ولم يسمه أنه جائز. وكذلك إذا سمى أذرعاً. وإذا كان الذي أخذ المدعي أذرعاً من هذه الدار أو من غيرها كان مخالفاً لذلك. ألا ترى أنه (¬2) لو صالح المدعي من دعواه في هذه الدار على نصيب المدعي قبله من دار أخرى في يدي رجل آخر مقر بذلك لم يجز حتى يسمي ما يأخذ المدعي كم هو من الدار. ولو كانت الدار في يدي المدعي، فادعى المدعي فيها قبله حقاً، فاصطلحا على أن يسلم كل واحد منهما لصاحبه ما في يديه بغير تسمية ولا إقرار، كان هذا جائزاً، لأن كل واحد منهما مصالح (¬3) عما في يديه. ولو ادعى رجل في أرض رجل دعوى، فصالحه على طعام بعينه مجازفة كان جائزاً. وكذلك الدراهم بعينها عدداً بغير وزن. وكذلك كل ما يكال أو يوزن فهو جائز. ولو صالحه على عبد بعينه ولم يره المدعي فهو بالخيار إذا رآه (¬4)، فإن شاء أخذه. وإن شاء تركه، وكان على دعواه. ولو رضيه ثم وجد به عيباً كان له أن يرده ويكون على دعواه. ولو مات عبده قبل أن يرده كان له أن يرجع بحصة ذلك العيب من الدعوى، وهذا بمنزلة الشرى والبيع. وكذلك لو أعتقه قبل أن يعلم بالعيب (¬5). فإن باعه أو وهبه أو تزوج عليه قبل أن ¬

_ (¬1) الجُرْبَان جمع الجَرِيب. انظر: المصباح المنير، "جرب". (¬2) ف - أنه. (¬3) ف: يصالح. (¬4) م: اداه رآه. (¬5) ز - وهذا بمنزلة الشرى والبيع وكذلك لو أعتقه قبل أن يعلم بالعيب.

يعلم بالعيب لم يكن له أن يرجع بشيء. وكذلك لو قتله (¬1). وكل شيء فعله من هذا بعد علمه بالعيب أو أعتق بعد علمه بالعيب فهذا منه رضى، ولا يرجع بشيء. ولو استحق العبد من يديه رجع على دعواه. ولو استحق نصفه كان بالخيار. إن شاء رد (¬2) ما بقي، وكان على دعواه. وإن شاء أمسك ما بقي منه، وكان على نصف دعواه. ولو أن رجلاً ادعى في دار رجل أو في أرضه دعوى، فصالحه عنه آخر بأمره أو بغير أمره، بإنكار أو بإقرار، أو بغير إنكار ولا إقرار، فإن ذلك جائز، ولا يكون من حق المدعي للمصالح شيء، إنما يكون ذلك للذي في يديه الدار، ولا يكون على المصالح من المال الذي صالح عليه شيء إلا أن يضمن ذلك للذي صالحه. ولو أن رجلاً ادعى في دار (¬3) في يدي رجل دعوى، فصالحه غيره على عبد بعينه، فهو جائز. فإن وجد بالعبد عيباً فرده، أو استحق كله، لم يكن لصاحب الدعوى على المصالح شيء، وكان المدعي على دعواه في الدار. وكذلك الأرض في هذا. وكذلك كل عرض صالحه عليه. ولو صالحه على دراهم مسماة وضمنها، فدفعها إليه، فاستحقت، أو وجد فيها زائفاً (¬4)، أو سَتُّوقاً (¬5)، فإن له أن يرجع بذلك على الذي صالحه دون الذي في يديه الدار. ولو صالحه على دراهم وضمنها، ثم قال: لا أؤديها إليك، أجبرته على أن يؤديها إليه. وهذا بمنزلة البيع والشراء. وإن لم يكن ضمنها لم يكن ¬

_ (¬1) ز: لو قبله. (¬2) سقط من نسخة ز ما بعد هذا إلى بداية الورقة 11 و. (¬3) ف - في دار. (¬4) ف: زيفا. الزائف والزَّيْف من الدراهم ما يرده بيت المال لرداءته، وهي أحسن حالاً من النبهرج والستوقة. وقدر مرت كثيراً. (¬5) قال المطرزي: السَّتُّوق بالفتح أردأ من البَهْرَج، وعن الكرخي: الستّوق عندهم ما كان الضُّفْر أو النحاس هو الغالب الأكثر، وفي الرسالة اليوسفية: البَهْرَجَة إذا غلبها النحاس لم تؤخذ، وأما الستّوقة فحرام أخذها، لأنها فلوس. انظر: المغرب، "ستق". وقال السرخسي: الستوقة فلس مموه بالفضة. انظر: المبسوط، 12/ 144.

عليه شيء. إنما صالح عن الذي ادعيت عليه الدعوى. فإن قبل لزمه المال. وإلا لم يكن على هذا المصالح شيء. ولو أن رجلاً في يديه دار ادعى رجل فيها حقاً، فصالحه الذي في يديه الدار على دراهم مسماة، ودفعها إليه، ثم إن الدار استحقت من يدي المدعى عليه، فإن له أن يرجع بدراهمه. ولو كان صالح عنه غيره رجع بالدراهم ذلك الرجل؛ لأنه هو الذي أداها. ولو لم يُستحق الدار ولكن استحق ثلثها أو نصفها أو ربعها لم يرجع على الذي ادعى الدعوى وأخذ الدراهم بشيء. وكذلك لو استحق بيت منها معلوم؛ لأني لا أدري لعل دعواه فيما بقي دون ما استحق. وإذا ادعى رجل في بيت في يدي رجل دعوى، فصالحه من ذلك على أن يبيت على سطحه سنة، فهو جائز. ألا ترى أنه لو استأجره منه جاز ذلك. وكذلك الصلح. ولو ادعى نصف الدار، وأقر بأن نصفها للذي هي في يديه، فصالحه الذي هي في يديه على دراهم مسماة، ودفعها إليه، ثم استحق نصف الدار، رجع بنصف الدراهم التي أعطاه، وكان ما استحق منهما جميعاً. ولو لم يقر المدعي للذي هي (¬1) في يديه بحق (¬2) فيها، وقال: نصفها لي، ونصفها لفلان بعينه، فقال المدعى قبله: كذبت، بل نصفها لي والنصف الآخر لا أدري لمن هو، أو قال: كلها لي، ثم صالحه من دعواه على دراهم مسماة، ودفعها إليه، ثم استحق نصف الدار، فإن القول في ذلك مثل القول في الباب الأول، ولا يرجع بشيء من الدراهم. ولو أن رجلاً ادعى في دار في يدي رجل حقاً، فأنكر المدعى قبله الدعوى، وقال: هذه الدار وديعة في يدي لفلان، فإنه لا يدفع الخصومة عن نفسه بذلك إلا ببينة. فإن صالحه بعد ذلك صاحب الدعوى على صلح فهو جائز. ولو أقام البينة قبل الصلح أنها وديعة لفلان في يديه لم يكن ¬

_ (¬1) م - هي. (¬2) ف + هو.

بينهما خصومة. فإن صالحه بعد ذلك على صلح شيء فهو جائز. ولا يرجع على صاحب الدار بشيء منه إلا أن يكون أمره بذلك. فإن كان أمره بذلك رجع عليه. ولو أن رجلاً ادعى في (¬1) قرية أو أرض في يدي رجل دعوى، فصالحه الرجل منها على صلح، وأشهد على ذلك قوماً لا يعرفون القرية والأرض ولم يروها، وحَدُّوا حدودها وسموا موضعها، فإن ذلك جائز. وإذا صالحه عن دعواه في دار بغير عينها فهو جائز أيضاً. فإن خاصمه في الدار بعد فاختلفا في ذلك، فالقول قول الذي دفع المال مع يمينه، ويحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه، والمدعي على دعواه، ويرد ما أخذه. وإذا كانت الدار بين رجلين، فاصطلحا فيها على أن حاز هذا طائفة منها، وهذا طائفة، بذرع أو بغير ذرع، ورفعا طريقاً بينهما أو لم يرفعا فهو جائز. وكذلك لو زاد أحدهما الآخر دراهم أو شيئاً مما يكال أو يوزن أو غيره. ولو لم يسم (¬2) الحدود ثم جحد المدعي فقال: ليس هذه القرية والأرض التي صالحتك عليها، فإن القول قوله (¬3) مع البينة. وإن لم ياع شيئاً ولم يخاصم، فالصلح بينهما على حاله، فمتى ما اختصما فيه أو اختلفا (¬4) فيه فهو باطل. وكذلك الدار والمنزل في الدار والبيت في الدار. ولو أن داراً بين ورثة، وهي في أيديهم جميعاً، ادعى رجل فيها حقاً، وبعضهم غائب، وبعضهم شاهد، فصالح الشاهد هذا المدعي على صلح مسمى من جميع حقه، فهو جائز، والدار للورثة على حالها، ولا يرجع هذا المصالح عليهم بشيء؛ لأنهم لم يأمروه بدفع شيء. ولو كان صالحه على دراهم مسماة، ودفعها إليه، على أن يكون حقه له خاصة دون ¬

_ (¬1) م - في. (¬2) م: ولو يسم؛ ف: ولم يسم. (¬3) ف: قول. وبعده بياض قدر كلمتين. (¬4) ف: واختلفا.

الورثة، فإن ذلك جائز، ويكون هذا الصلح فيما بينه وبين شركائه على حجة المدعي (¬1). فإن لم يظفر بشيء مما ادعى المدعي وجحد الورثة ذلك، ولم تكن له بينة، فإن له أن يرجع على المدعي بحصة شركائه التي لم تسلم (¬2) له. ألا ترى أن رجلاً لو (¬3) ادعى داراً في يدي رجل، فصالحه رجل منها على عبد، على أن تكون الدار له، ثم خاصم الذي دفع إليه العبد الذي في يديه الدار، فلم يظفر من الدار بشيء، كان له أن يرجع على صاحب الدعوى بالعبد. فإن كان قد هلك عنده رجع بقيمته. ولو أن رجلين ادعيا داراً في يدي رجل، أو أرضاً، وقالا: هي ميراث ورثناها عن أبينا، وجحدهما الرجل، ثم صالح أحدهما من حصته من هذه الدعوى على مائة درهم، فأراد شريكه أن يشركه في هذه المائة، لم يكن له ذلك، ولم يكن له أن يرجع في الدار بشيء إلا أن يقيم بينة؛ لأن الذي في يديه الدار لم يقر فيها بشيء. ولو كان صالح أحدهما من جميع دعواهما على مائة درهم وضمن له تسليم أخيه فإن أخاه بالخيار. إن شاء سلم ذلك وأخذ نصف المائة (¬4). وإن شاء لم يسلم وكان على دعواه. ويرجع الذي في يديه الدار على الذي صالح بنصف المائة. ولو أن رجلاً ادعى داراً في يدي رجل، فقال: هي لي ولإخوتي، فأقر الذي هي في يديه بذلك، ثم اشترى منه نصيبه، لم يكن لإخوته أن يرجعوا عليه من الثمن بشيء. وكذلك الصلح. وكذلك هذا في الأرض. ولو صالح من ذلك على عبد أو دابة أو على غنم مسماة أو ثياب كان ذلك (¬5) جائزاً، ولم يكن لإخوته فيه شرك، وكان أحق به على حقهم. وكذلك لو كانت الدعوى في قرية أو أرض أو منزل أو في دار أو حمام أو في بيت في دار. وكذلك لو كانت الدعوى في دابة أو أمة (¬6). ¬

_ (¬1) ف: للمدعي. (¬2) م ف: الذي لم يسلم. (¬3) ف - لو. (¬4) م ف + وإن شاء سلم ذلك وأخذ نصف المائة. (¬5) م - ذلك. (¬6) م ف: في دار ابامه (الكلمة الأخيرة مهملة).

وإذا ادعى رجل داراً في يدي رجل، فاصطلحا فيها على أن يسكنها الذي هي في يديه سنة، ثم يدفعها إلى المدعي، فهو جائز. وإن كان المدعي له فيها شرك لم يجز ذلك عليهم، وهم على حجتهم. وكذلك لو كان هذا الصلح في أرض، فصالحه المدعي على أن يزرعها الذي في يديه خمس سنين، على أن رقبتها للذي ليست في يديه، كان هذا جائزاً. وإذا ادعى الرجل داراً في يدي رجل، فصالحه منها على عبد، وقبضه، فأقام العبد البينة، أنه حر، فإنه يعتق، وينتقض الصلح، ويكون المدعي على حجته. وكذلك لو أقام العبد البينة أنه مدبر، أو كانت (¬1) أمة، فأقامت البينة أنها أم ولد، أو أنها مكاتبه، فإن هذا جائز، والصلح باطل، والمدعي على حجته. ولو أن رجلاً اشترى داراً فاتخذها مسجداً، ثم ادعى رجل فيها دعوى، فصالحه الذي بنى المسجد أو الذين المسجد بين أظهرهم، فإن الصلح جائز. وإذا اشترى الرجل داراً فباعها، ثم ادعى آخر فيها دعوى، فصالحه البائع، فهو جائز. وكذلك لو صالحه المشتري. وإذا اشترى الرجل داراً فاتخذها حماماً، ثم ادعى رجل فيها دعوى، فصالحه على صلح، فهو جائز. وإذا اشترى الرجل داراً، ثم وهبها لابن له صغير أو كبير وقبضها، أو لأجنبي وقبضها، أو تصدق بها، أو أوصى بها، ثم ادعى رجل فيها دعوى، فصالحه الذي هي في يديه أو الواهب (¬2)، فالصلح جائز. وكذلك لو كانت في يدي رجل بميراث، فصالح عن نفسه، أو صالح على غيره، فهو جائز. وكذلك رجل غصب داراً فباعها، أو استودعها فباعها، أو استعارها فباعها، ثم ادعاها رجل، فصالحه البائع أو المشتري، فهو جائز. وإذا ادعى رجل في يدي رجل داراً فجحده، ثم أقر ثم صالحه فهو ¬

_ (¬1) ف: أو كاتب. (¬2) ف - أو الواهب.

جائز. ولو لم يقر حتى صالحه، فأراد المدعي أن ينقض الصلح، وقال: أنكر حقي حتى صالحته، فهذه ضُغْطَة (¬1)، وقال المدعى قبله: حقه (¬2) حق، وقد صالحته بعد جحوده، فإن الصلح جائز عليه، ولكنه قد أثم في الجحود. أرأيت لو كان له عليه ألف درهم فجحدها إياه، ثم إن الطالب حلله من الدراهم أو أبرأه منها، أما كان ذلك جائزاً. هذا كله جائز، ولكن المطلوب أثم في الجحود. وإذا ادعى رجل في يدي رجل داراً، فأقر المطلوب بحقه ثم جحده ثم صالحه على دراهم مسماة، فالصلح جائز لازم له. وإذا ادعى رجل في دار في يدي رجل دعوى، فصالحه منها على خدمة عبد سنة، فقتل العبد خطأ، فأخذوا قيمته، فإن صاحب الخدمة بالخيار. إن شاء اشتروا له بها (¬3) عبداً فيخدمه كذلك. وإن شاء ترك ذلك، وكان على حقه. وكذلك لو كان سكنى بيت فهدمه رجل. وأما في قول محمد فإذا (¬4) قتل العبد أو انهدم البيت فقد انتقض الصلح، ويعود على دعواه. ولو انهدم من غير ذلك، فقال صاحب البيت: أنا أبنيه، فإن صاحب السكنى بالخيار. إن شاء رضي بذلك. وإن شاء كان على حجته. ولو كان عبداً فأعتقه صاحب الصلح جاز عتقه، وكان صاحب الخدمة على حقه. وكذلك لو قتله. ولو أعتقه صاحب الخدمة لم يجز ذلك. ولو قتله كان عليه قيمته، وكان القول فيه كالقول في العبد المقتول الأول. ولو أن رب العبد ورب البيت باع العبد والبيت لم يجز ذلك لما فيه من الخدمة والسكنى. ولو أن صاحب السكنى باع البيت وباع العبد لم يجز له أن يخرج بالعبد من ¬

_ (¬1) قال المطرزي: الضَّغْط العصر، والضُّغْطَة بالضم: القهر والإلجاء. ومنه حديث شريح: كان لا يجيز الضُّغْطة، وهو أن يلجيء غريمه ويضيق عليه. وقيل: هي أن يقول: لا أعطيك أو تدع من مالك علي شيئاً. وقيل: هي أن يكون للرجل على الرجل دراهم فجحده فصالحه على بعض ماله ثم وجد البينة فأخذه بجميع المال بعد الصلح. انظر: المغرب، "ضغط". (¬2) ف - حقه. (¬3) ف - بها. (¬4) م ف: وإذا.

المصر إلى أهله، وله أن يؤاجرهما جميعاً ويأخذ غلتهما. وإذا ادعى رجل في حائط لرجل من موضع جذع، أو ادعى في داره طريقاً أو مسيل ماء، فجحد المطلوب ذلك، ثم صالحه على دراهم مسماة، فهو جائز. ولو صالحه على طعام بكيل معلوم بعينه فهو جائز. وإذا ادعى الرجل في دار رجل حقاً، فصالحه من ذلك على طريق فيها، أو على مسيل ماء، أو على أن يضع على حائط منها كذا كذا جذعاً، فإن الصلح في هذا جائز، ما خلا مسيل الماء، فإنه لا يجوز؛ لأنه مجهول. وما خلا موضع الجذوع، فإنه مجهول لا يجوز. ولو ادعى رجل في منزل علو دعوى، فصالحه على بيت في السفل، أو ادعى في دار، فصالحه على بيت في علوها أو علو غيرها، فهو جائز. ولو أن رجلاً ادعى حقاً في أرض، فصالحه المطلوب على شرب شهر، فإن ذلك لا يجوز. ولو صالحه على أن يسيل ماءه فيها، أو على أن يسيل نهره فيها، لم يجز ذلك (¬1). ولو صالحه على عشر نهر بأرضه، أو على عشر نهر، أو على عشر عين، فإن ذلك جائز. وكذلك لو ادعى عشر نهر أو عشر بئر أو عشر عين، فصالحه من ذلك على دراهم مسماة أو على عروض معروفة، فإنه جائز. ولو أن رجلاً ادعى في دار في يدي رجل حقاً، فصالحه من ذلك على عبد، وعلى مائة درهم، فإن ذلك جائز. فإن استحق العبد فإني أنظر إلى قيمته. فإن كانت قيمته مائتي درهم رجع بثلثي دعواه. وإن كان قيمته مائة درهم رجع بنصف دعواه. ولو كان الذي في يديه الدار أخذ من المدعي ثوباً، والمسألة على حالها، واستحق العبد، وقيمة العبد مائة درهم، فإنه يرجع بنصف الثوب، وبنصف الدعوى. ولو كان الثوب استحق رجع الذي في يديه الدار بحصة الثوب من قيمة العبد والدراهم. ينظر كم ادعى من الدار، فيقوم ذلك، ويقوم الثوب، فإن كان قيمتهما سواء رجع ¬

_ (¬1) ف - ولو صالحه على أن يسيل ماءه فيها أو على أن يسيل نهره فيها لم يجز ذلك.

بنصف العبد وبنصف الدراهم. وإن اختلفا في قيمة الحق في الدار، فقال الطالب (¬1): كان لي نصف الدار، وقال المدعى قبله: بل (¬2) كان لك عشرها، فإن القول في ذلك قول الذي في يديه الدار مع يمينه. ألا ترى أن رجلاً لو باع طعاماً من رجل بمائة درهم ودفعها إليه، وقبض الطعام ثم وجد به عيباً فرده (¬3)، فقال البائع: كان طعامي الذي بعتك كُرّ حنطة، وقال المشتري: كان نصف كر، فإن القول قول المشتري مع يمينه، ولا يصدق البائع على الفضل. وكذلك لو كان اشترى شِقْصاً في دار بعبد، فاستحق العبد، فقال الذي قبض الشقص: إنما كان ثلث الدار، وقال الذي استحق العبد من يديه: بل كان نصف الدار، فإن القول في ذلك قول الذي في يديه الدار مع يمينه. وإذا ادعى رجل في دار رجل (¬4) حقاً، فأنكره، فصالحه من ذلك على سكنى بيت منها معلوم سنين مسماة، فإن هذا جائز. فإن مات صاحب السكنى كان ما بقي من سكناه لورثته. وكذلك لو مات صاحب الدار، وبقي صاحب السكنى، فإن السكنى لصاحبها على حاله، ولا يشبه الصلح في هذا الإجارة. وقال محمد: يبطل ما بقي من السكنى، ويرجع المدعي على دعواه بقدر ما يبطل (¬5). وإذا كانت دار في يدي نفر ثلاثة، في يدي كل واحد منهم منزل، وساحتها على حالها، فاختصموا في الدار، فإن أبا حنيفة قال: لكل واحد منهم ما في يديه، والساحة بينهم أثلاثاً، فإن اصطلحوا على غير ذلك قبل أن يقضي بينهم، فاصطلحوا على أن لفلان نصف الساحة، وأن لفلان ربعها، ولفلان ربعها، ولكل إنسان منهم ما في يديه من المنازل، فهو جائز. وإن شرط أحدهم لنفسه المنزل الذي في يديه ونصف المنزل الذي في يدي صاحبه فهو جائز. ¬

_ (¬1) ف + الطالب. (¬2) م - بل. (¬3) م - فرده. (¬4) ف - في دار رجل. (¬5) م: ما بطل.

وإذا كانت الدار في يدي رجلين، فاختصما فيها، وكل واحد يدعيها، فإنه يقضى بها بينهما نصفين، فإن اصطلحا قبل القضاء أو بعده على أن لأحدهما الثلثين، وللآخر الثلث، أو على أن لهذا (¬1) منها منزل معلوم ولهذا منزل معلوم، فإن هذا جائز. وإذا كانت الدار في يدي رجل منها منزل، وفي يدي آخر منها منزل، فقال أحدهما: الدار بيني وبينك نصفان، وقال الآخر: بل هي لي كلها، فإن القضاء في ذلك أن يكون للذي ادعى كلها ما في يديه، ونصف ما في يدي صاحبه، وأما الساحة فهي بينهما نصفين (¬2). فإن اصطلحا فيها قبل القضاء أو بعده على أن يكون بينهما نصفين، أو لواحد الثلثان (¬3) وللآخر الثلث، فهو جائز، والصلح بعد القضاء في جميع ذلك جائز بينهما أيضاً. ولو كانت الدار في يدي رجلين، فقال أحدهما: هي لي خاصة، وقال الآخر: هي بيننا نصفين، فإن أبا حنيفة قال: هي بينهما نصفين (¬4)، فإن اصطلحا على أن لواحد الثلثين، وللآخر الثلث، أو على أن لهذا منزل منها ولهذا منزل منها، فهذا جائز، والصلح قبل القضاء أو بعده جائز بينهما. ولو كان رجل نازلاً في منزل في دار، والآخر في علو ذلك المنزل، وادعى كل واحد منهما جميعاً الدار كلها، فإن لكل واحد منهما ما في يديه، وساحة الدار بينهما نصفين. فإن اصطلحا في ذلك بعد القضاء أو قبله على أن لصاحب السفل العلو ونصف الساحة، وعلى أن لصاحب العلو السفل ونصف الساحة، كان ذلك جائزاً. ولو أن حائطاً بين دارين، وإحداهما في يدي رجل، والأخرى في يدي امرأة، فادعى كل واحد منهما الحائط أنه له، فإن كان لكل واحد ¬

_ (¬1) م ف: لها. (¬2) ف - نصفين. (¬3) م ف: ثلثين؛ ز: الثلثين. (¬4) ف - فإن أبا حنيفة قال هي بينهما نصفين.

منهما عليه جذوع (¬1) فهو بينهما نصفين، فإن كان لأحدهما عليه جذوع (¬2) وللآخر عليه حَرَادِيّ (¬3) فإن الحائط لصاحب الجذوع دون صاحب (¬4) الحَرَادِيّ؛ لأن الجذوع حُمولة والحَرَادِيّ ليس بحُمولة (¬5)، إنما هي بمنزلة البَوَارِي (¬6). ولو كان الحائط متصلاً ببناء أحدهما اتصالاً بيناً معروفاً بتربيع (¬7) فإنه يقضى به له. وإن كان للآخر عليه جذوع كان له موضع جذوعه، ليس لصاحب الحائط أن يحولهما. فإن كان لأحدهما عليه جذوع كثيرة وللآخر جذع واحد، فإن أبا حنيفة قال في ذلك: لكل واحد منهما ما في يديه من ذلك. وإن كان لأحدهما جذوع وللآخر جذوع أكثر منها فهو بينهما نصفين. إنما كان يستحسن في الواحد ونحوه. فإن اصطلحا في جميع ذلك على أن يكون الحائط بينهما أثلاثاً، لفلان ثلثه، ولفلان ثلثاه، فهو جائز. وإذا كان الحائط بين رجلين، كل واحد منهما يدعي أنه له، ولكل واحد منهما عليه جذوع، فإنه يقضى به بينهما نصفين. فإن كان لأحدهما عليه جذوع أكثر من جذوع الآخر، كان للآخر أن يزيد في جذوعه حتى ¬

_ (¬1) جمع جِذْع، وهو ساق النخلة، ويقال لسهم السقف. انظر: المصباح المنير، "جذع". (¬2) ف - فهو بينهما نصفين فإن كان لأحدهما عليه جذوع. (¬3) الحَرَادِيّ ما يلقى على خشب السقف من حُزَم القصب. الواحد: حُرْدِيّ، وهو نبطي. قال ابن السكيت: ولا تقل: هُرْدِيّ. وفي العين: الهُرْدِيّة قصبات نُغْم مَلويّة بطاقات الكَرْم، ترسل عليها قضبان الكرم. والحُرْدِيّة حياصة الحظيرة التي تشد على حائط من قصب عرضاً. انظر: المغرب، "حرد". (¬4) ف: أصحاب. (¬5) أي: ليس بحمل مقصود بني الحائط من أجله. انظر: المبسوط، 17/ 88. (¬6) البواري جمع باري وهو الحصير المتخذ من القصب، ويقال له: البورياء بالفارسية. انظر: المبسوط، 12/ 175؛ والمغرب، "بري". (¬7) وقد تقدم نظير هذه المسألة في كتاب الدعوى. انظر: 5/ 181 و. قال السرخسي: قال في الكتاب: إلا أن يكون اتصال تربيع بيت أو دار، فيكون لصاحب الاتصال حينئذ. وكان الكرخي -رحمه الله- يقول صفة هذا الاتصال أن يكون هذا الحائط المتنازع من الجانبين جميعاً متصلاً بحائطين لأحدهما، والحائطان متصلان بحائط له بمقابلة الحائط المتنازع، حتى يصير مربعاً شبه القبة، فحينئذ يكون الكل في حكم شيء واحد، فصاحب الاتصال أولى. انظر: المبسوط، 17/ 88.

تكون جذوعه مثل صاحبه. وقال أبو حنيفة: ليس لواحد منهما أن يبني على هذا الحائط بناء، ولا يفتح فيه كُوَّة، ولا يفتح فيه باباً. وإن اصطلحا على أن يكون الحائط بأصله لأحدهما، وعلى أن يكون للآخر موضع جذوعه، وعلى أن يبني عليه حائطاً مسمى معروفاً، يحمل عليه جذوع علو له مسمى، فهو باطل لا يجوز. وإذا اختصم رجلان في حائط، فاصطلحا على أن يهدماه، وكان مخوفاً، [و] على (¬1) أن يبنياه، على أن لأحدهما ثلثه وللآخر ثلثيه، وعلى أن النفقة عليهما على قدر ذلك، وعلى أن يحملا عليه من الجذوع بقدر ذلك، فهذا جائز، ولا يشبه هذا الأول. وإذا كان بيت في يدي رجل له سطح، فادعى رجل فيه دعوى، فاصطلحا على أن يكون البيت لأحدهما، ويكون سطحه للآخر، فإن هذا لا يجوز؛ لأن سطحه لا بناء عليه. ولو كان عليه بيت أو حجرة فاصطلحا على أن يكون لأحدهما علوه، وللآخر سفله، كان جائزاً. وقال أبو حنيفة: لو باع رجل علواً ليس عليه بناء لم يجز ذلك. وكذلك قول أبي يوسف ومحمد. وكذلك الصلح. ولو كانت الدار في يدي قوم، في يدي كل واحد (¬2) منهم ناحية منها، فاختصموا في دَرَجٍ فيها معقودة بأُزَجٍ (¬3) سُفلها في يدي أحدهما، وظَهْر الدَّرَج طريق للآخر إلى منزله، فإنه يقضى بالدرج كلها لصاحب السفل، غير أن لصاحب العلوطريقه عليها على حالها. ولو كان روشن (¬4) على رأس هذا الدرج، وهو على منزل صاحب السفل، وهو طريق لصاحب العلو على حاله، فاختصما في ذلك، فإن ¬

_ (¬1) زيادة الواو من الكافي، 2/ 162 ظ. (¬2) ف: رجل. (¬3) قال المطرزي: الأُزَج بيت يُبنى طُولاً. انظر: المغرب، "أزج". (¬4) الروشن: وقع لصاحب العلو مشرف على نصيب الآخر، هو الزَّف. وقيل: الممر على العلو انظر: المغرب، "رشن".

الروشن لصاحب السفل كله، والممر لصاحب العلو على حاله. وقال أبو حنيفة في بيت سفل في يدي رجل، وبيت علو عليه في يدي آخر، فإن سقف البيت السفل وجذوعه وحَرَادِيّه وبواريه وطينه لصاحب السفل، غير أن لصاحب العلو سكناه في ذلك كله. وكذلك الدرج والروشن. وكذلك قول أبي يوسف ومحمد. ولو اصطلحا على أن يكون الروشن والدرج بينهما نصفين أجزت ذلك بعد القضاء وقبله. ولو أن بيتاً في يدي رجل فوقه بيت في يدي رجل آخر، وصاحب العلو مقر لصاحب السفل، وصاحب السفل مقر لصاحب العلو، فوهى البيتان جميعاً، فأراد كل واحد منهما نقض بيته، فاصطلحا على أن ينقض كل واحد منهما بيته، ويبنيه على مثل ما كان عليه، فإن ذلك جائز، ويؤخذ صاحب السفل بالبناء. ألا ترى أن صاحب السفل لو هدم سفله بغير شرط أجبرته على بنائه. ولو سقط (¬1) من غير هدم فإن أبا حنيفة قال: لا أجبر صاحب السفل على بنائه. ولصاحب العلو أن يبنيه ثم يبني علوه، ولا يسكنه صاحب السفل حتى يؤدي القيمة. وكذلك إذا اصطلحا. وصلح الرجل والمرأة في ذلك سواء. وإذا كان للرجل نخلة في ملكه، فخرج سعفها إلى ملك غيره، فأراد الآخر قطع سعفها، فله ذلك. فإن صالحه رب النخلة على أن يترك السعف على دراهم مسماة، فإن ذلك لا يجوز. ولو ادعى رجل في (¬2) عين في يدي رجل دعوى، وادعى الآخر في قناة في يدي المدعي دعوى، فاصطلحا على أن أبرأ كل واحد منهما صاحبه من دعواه وسلمها له، فإن ذلك جائز. وكذلك النهر والبئر. ولو أن نهراً بين قوم فاصطلحوا في كَرْيِه (¬3) أو في أن يحصنوه ¬

_ (¬1) م: سقطه. (¬2) ف - في. (¬3) أي: استحداث حفره، وإزالة طينه. انظر: لسان العرب، "كري".

بمُسَنّاة (¬1) أو على أن يقنطروا (¬2) فاه، على أن النفقة عليهم بحصصهم، فإن هذا جائز كلة عليهم إذا كان فيه ضرر عام. فإن كان قنطرة فمه لا يضرهم تركها لم أجبرهم عليها. وكذلك المُسَنَّاة. فأما الكَرْي فإني أجبرهم عليه؛ لأن هذا منفعة عامة، وفي تركه ضرر عام. وإذا ادعى رجل بناء دار في يدي رجل، فصالحه من بنائها على دراهم مسماة، فإن الصلح جائز. وكذلك لو ادعى نصف البناء، فصالحه عليه بعد إقرار أو إنكار، أو لم يكن في ذلك إقرار ولا إنكار، فإن الصلح جائز عليه. ولو ادعى البناء رجلان ورثاه عن أبيهما، فصالحه أحدهما من نصيبه وهو منكر، فإن الصلح جائز، ولا يشركه أخوه فيما صالح عليه. فإن صالح الآخر بعد ذلك فهو جائز (¬3). ولو كان هذا بعد إقرار كان جائزاً أيضاً. ولو صالحهما جميعاً كان جائزاً أيضاً. ولو أن رجلاً ادعى زرعاً في أرض رجل، فصالحه صاحب الزرع من ذلك على دراهم مسماة، فإن الصلح جائز. وكذلك لو ادعى نصفه. وكذلك الكرم وسائر الشجر. وكذلك النخل والرَّطْبَة (¬4)، فإن ذلك كله جائز. ولو كانت أرض لرجلين فيها زرع لهما، فادعاه رجل، فجحداه، فصالح أحدهما على أن أعطاه مائة درهم، على أن سلم (¬5) نصف الزرع للمدعي، فإن هذا لا يجوز، من قبل أن نصف الأرض والزرع للذي هي في يديه، ونصف الزرع للمصالح، يجبر على قلعه، فلا يجوز ذلك. وكذلك هذا في البيع. وكذلك النخل والشجر في هذا. ¬

_ (¬1) المُسَنّاة ما يبنى للسيل ليرد الماء. انظر: المغرب، "سنو". (¬2) من القنطرة، وهي ما يبنى على الماء للعبور. انظر: المغرب، "قنطر". (¬3) م + ولا يشركه أخوه فيما صالح عليه. (¬4) وهي العلف كما تقدم. (¬5) ف: أن يسلم.

وإذا ادعى رجل شِقْصاً في دار في يدي رجل، فصالحه على سكنى دار سنين مسماة، وحددها، وأعلمها ولم يرها المصالح، فإنه بالخيار إذا رآها. إن شاء أخذها. وإن شاء (¬1) نقض الصلح، وكان على دعواه. وكذلك لو صالحه على رقبة الدار. وكذلك لو كانت الدار في مصر آخر. فإن كان قد رآها فلا خيار له. ولو صالحه من هذا الشقص على سكنى بيت من هذه الدار معلوم عشر سنين، فإنه جائز. فإن كان (¬2) أجر البيت المصالح من رجل بأجر معلوم فهو جائز. ألا ترى أنه لو استأجر بيتاً من دار كان له أن يؤاجره، وإن زاد فيه شيئاً كان له الفضل. وكذلك الصلح. ولو استأجر ذلك البيت منه الذي صالحه كان ذلك جائزاً. وقال محمد: لا يجوز أن يستأجره الذي صالحه، فإن استأجره الذي كان في يديه فقبضه حتى مضى الأجل أبطلت الصلح وعاد المدعي على دعواه. ولو باع هذه السكنى بيعاً من رجل لم يجز بيع السكنى. ولو أن صاحب الدار التي كانت الدار في يديه، صالحه من هذه السكنى على دراهم مسماة، كان جائزاً. ولا يشبه هذا البيع في هذا (¬3) الوجه. وكذلك لو صالحه من الدراهم على دنانير. فإن قبضها قبل أن يفترقا فهو جائز. وإن قبض بعضها ثم تفرقا فإن ما قبض جائز، ويرجع بحصة ما بقي من الدراهم. ولو أن رجلين في يد كل واحد منهما دار، فادعى كل واحد منهما في دار صاحبه حقاً، فاصطلحا من ذلك على أن يسكن كل واحد منهما في دار صاحبه سنة، كان جائزاً. وإذا اختصم رجلان في دار، وهي في يدي أحدهما، فاصطلحا على أن أقر كل واحد منهما لصاحبه بالنصف منها مسلماً، فإنه جائز. ¬

_ (¬1) ف - شاء. (¬2) ف - كان. (¬3) ف - هذا.

وكذلك لو اصطلحا على أن أقر أحدهما للآخر ببيت منها معلوم وأقر الآخر للآخر ببقية الدار فإنه جائز. فإن استحق البيت فصاحب البيت المستحق منه على (¬1) دعواه في بقية الدار؛ لأنه أقر على صلح، فلا يضره إقراره. وكذلك لو صالحه على عبد، على أن أقر رب الدار الذي هي في يديه، ثم استحق العبد، فإنه على دعواه في الدار؛ لأنه بمنزلة الغاصب. ولو ادعى رجل شِقْصاً في دار في يدي رجل، فصالحه الذي في يديه على عبد بعينه، فأراد المدعي أن يبيع العبد قبل أن يقبضه، فليس له ذلك. وهذا بمنزلة الشرى. وكذلك الثياب والحيوان. وكذلك كل ما يكال إذا كان بعينه. وكذلك كل ما يوزن إذا كان بعينه. فإن كان شيء من الكيل والوزن مسمى كله (¬2) وصفته وهو بغير عينه فهو جائز، وهو بمنزلة الدراهم. ولا بأس بأن يأخذ به عبداً بعينه أو دراهم (¬3) يقبضها قبل أن يتفرقا. ألا ترى أن رجلاً لو باع عبداً بكُرّ حنطة وسط ثم باع الكر قبل قبضه بثوب كان جائزاً. فكذلك الصلح. ولو باع الطعام بشعير بغير عينه ثم تفرقا (¬4) قبل أن يقبضا فإنه لا يجوز؛ لأنه دين بدين. ولو كان الشعير بعينه كان جائزاً ولو تفرقا قبل قبضه. وإذا (¬5) ادعى الرجل داراً في يدي رجل، فصالحه منها على عبد بعينه، فوجد بالعبد عيباً (¬6) بعدما قبضه، فأراد رده، وقال الذي في يديه الدار: قد أعطيتك مع العبد أمة أخرى، وكذبه الآخر، فإن القول قول الذي في يديه العبد (¬7) مع يمينه، ويرد العبد بالعيب، ويكون على دعواه. فإن كان أقر له أخذ الدار. وإن كان لم يقر كان على حجته وخصومته. وقال أبو يوسف ومحمد: كل شيء إذا (¬8) صالح عليه فاستحق رجع بقيمته جاز البيع ¬

_ (¬1) ز - على. (¬2) ز: كيله. (¬3) ز: أو دراهما. (¬4) ز: ثم يقرفا. (¬5) ز + وإذا. (¬6) ف: بيعا. (¬7) م - العبد. (¬8) ز - إذا.

فيه قبل أن يقبضه. وكل شيء كان يرجع فيه على دعواه لم يجز بيعه حتى يقبضه، وإن فعل ذلك لم يجز. وإذا ادعى. رجل في دار في يدي رجل حقاً، فصالحه من ذلك على عبد بعينه، ثم إن العبد مات في يدي الذي الدار في يديه قبل أن يدفعه، فإن المدعي على حجته ودعواه في الدار. ولو كان صالحه على عبدين، فدفع أحدهما وبقي الآخر، فمات في يديه قبل أن يدفعه، فإن المدعي بالخيار. إن شاء رد العبد الذي في يديه، وكان على حجته. وإن شاء أمسك العبد الذي في يديه، ورجع بحصة العبد الميت من الدعوى، وكان على دعواه فيها وحجته. ولو أن رجلاً ادعى في دار في يدي رجل حقاً، فصالحه من ذلك على دار (¬1) أخرى، فلم يدفعها إليه حتى باعها المدعي، فإن بيعه جائز في قياس قول أبي حنيفة. وكذلك لو كانت أرضاً (¬2). وكذلك لو كان شِقْص في دار أو شقص (¬3) في أرض. ألا ترى أن رجلاً لو ابتاع داراً (¬4) أو أرضاً كان له أن يبيعها قبل أن يقبضها. وهذا قول أبي حنيفة. فكذلك الصلح. ولا يجوز هذا فيما سوى الدور والأرضين. ولو صالح (¬5) على ثوب أو دابة أو اشترى ذلك لم يكن له أن يبيعه حتى يقبضه. ولا يجوز جميع ذلك في قول أبي يوسف الأول. وهو قول محمد. ثم رجع أبو يوسف إلى قول أبي حنيفة. وإذا ادعى رجل حقاً في أرض في يدي رجل، فصالحه من ذلك على أرض أخرى بإقرار له، فغرقت قبل أن يقبضها، فإن المدعي على حجته وحقه. فإن شاء أخذ الأرض الغَرِقَة (¬6). فإن كان الغرق لم ينقصها فالصلح ¬

_ (¬1) ز - دار. (¬2) ز: أرض. (¬3) ف - في دار أو شقص. (¬4) ز: درا. (¬5) ف ز: لو صالح. (¬6) الغَرِقَة: أرض تكون في غاية الرِّيّ. انظر: القاموس المحيط، "غرق".

جائز ولا خيار له. ولو كانت الأرض التي فيها الدعوى هي التي غرقت قبل أن يصل إليها الذي صالح عليها فإن كان ذلك لم ينقصها فالصلح جائز. وإن كان قد نقصها فهو بالخيار. إن شاء أجاز الصلح، وإن شاء رده. ولو كان رده لم يكن له خيار؛ لأنه بمنزلة الغاصب. وإذا ادعى الرجل نخلة في أرض رجل، وذكر أن أباه أوصى له بها بأصلها أو بقلعها، فجحده ذلك الذي في يديه (¬1) الأرض والنخل، ثم صالحه على دراهم مسماة، فإن الصلح جائز. ولو صالحه على ما يخرج العام من ثمره كان باطلاً؛ لأنه مجهول. ولو صالحه على ثمرة فيها كان جائزاً. ولو ادعى سكنى دار وصية من رب الدار، فجحده الورثة أو أقروا له، ثم صالحوه من ذلك على صلح مسمى، فإنه جائز. ولو صالحوه (¬2) على سكنى دار سنين (¬3) مسماة كان جائزاً. ولو اختصم رجلان في دار وهي في أيديهما، ثم اصطلحا على أن لأحدهما الثلث، وللآخر الثلثين، فهو جائز. وكذلك لو اصطلحا على أن لأحدهما (¬4) بيتاً منها، وللآخر ما بقي، فهو جائز. وكذلك لو اصطلحا على أن يسكن أحدهما الدار عشر سنين، ثم هي للآخر، فهو جائز. وكذلك لو كان هذا في أرض، فاصطلحا فيها على هذا، فهو جائز. وكذلك لو زاد أحدهما الآخر دراهم (¬5) مسماة، أو شيئاً (¬6) من الحيوان بعينه، فهو جائز. وإذا ادعى رجل (¬7) في يدي رجل دعوى، فصالحه منها على دراهم ¬

_ (¬1) ز - يديه. (¬2) ز: صالحه. (¬3) ز: سنينا. (¬4) ز - الثلث وللآخر الثلثين فهو جائز وكذلك لو اصطلحا على أن لأحدهما. (¬5) ز: دراهما. (¬6) ز: أو شيء. (¬7) ز: الرجل.

باب الصلح في الشفعة

مسماة، على أن يزيده الآخر كُرّ حنطة جيدة (¬1)، وليس عنده طعام، فإن هذا لا يجوز، مِن قِبَل أنه (¬2) زاده طعاماً ليس عنده. ألا ترى (¬3) أن رجلاً لو باع عبداً بدراهم، وشرط للمشتري مع العبد طعاماً يعطيه ليس عنده، كان قد باع ما ليس عنده، وكان البيع فاسداً لا يجوز. فكذلك الصلح. ولو ادعى رجل طريقاً في دار رجل، فصالحه منها على دراهم، أو على طريق في دار أخرى، كان جائزاً بعد أن يُبين (¬4) الطريق. ولو ادعى موضع جذوع في حائط رجل، أو ادعى مسيل ماء في دار رجل، فصالحه من ذلك على دراهم مسماة، كان جائزاً. ولو كان لرجل باب (¬5) في غرفة أو كوة، فآذى (¬6) جاره، فخاصمه، فافتدى خصومته بدراهم، فصالحه عليها، فإن الصلح باطل، وله أن يترك بابه وكوته على حالهما؛ لأنه في غير ملك أحد (¬7). ... باب الصلح في الشفعة وإذا اشترى الرجل داراً أو أرضاً ولآخر فيها شفعة فصالحه من شفعته على نصف الدار فهو جائز. وكذلك الأرض. ولا يبطل هذا شفعته. وكذلك لو صالحه على ثلث أو ربع (¬8). ولو صالحه على الدار كلها على أن يزيده ¬

_ (¬1) ز: جيد. (¬2) م: أن. (¬3) ز: يري. (¬4) ز: أن تبين. (¬5) ف - باب. (¬6) ف: فادا؛ ز: فاذا. (¬7) أي: أن الباب والكوة يكونان برفع بعض الحائط، وهو لو رفع كل الحائط فليس لجاره أن يخاصمه. فتبين أن جاره ظالم لا يحل له أخذ شيء في مقابل خصومته. انظر: المبسوط، 20/ 162. (¬8) م ف ز: أو أربع.

الشفيع دراهم (¬1) مسماة ويسلم له الشفعة ففعل جاز تسليم الشفعة عليه، ولم يكن له من الدراهم شيء (¬2)، لأنه أخذها بغير حق. ولو صالحه على أن يسلم له بالشفعة بيتاً من الدار بحصته من الثمن كان ذلك باطلاً، لأن ثمن البيت مجهول لا يعرف كم هو من ثمن الدار. وإذا اختصم الشفيعان في الدار أحدهما شريك في الطريق والآخر جار (¬3) فاصطلحا على أن يأخذا (¬4) الدار بينهما نصفين وسلم ذلك المشتري فهو جائز. وكذلك لو كانت أرضاً (¬5). وكذلك لو قال: على أن لأحدهما الثلثين وللآخر الثلث فهو جائز. ولو اشترى رجل شِقْصاً في دار فاختصم فيه شفعاء ثلاثة شريك في الدار وشريك في الطريق وجار ملاصق فاصطلحوا (¬6) على أن يكون البيع بينهم أثلاثاً بالسوية وسلم ذلك المشتري فهو جائز. وإذا اشترى الرجل داراً فخاصم رجلاً في شِقْص منها وطلب الشفعة فيما بقي ثم صالحه المشتري على نصف الدار بنصف الثمن على أن يبرئ من الدعوى فهو جائز. وكذلك الأرض. ولو أن رجلاً ادعى في دار في يدي رجل حقاً ادعاها كلها فصالحه على دراهم فأراد الشفيع أخذها بالشفعة بهذا الصلح فليس له ذلك، لأنه لم يقر له فيها بحق. ولو أن الشفيع خاصمه فسلم له نصف الدار بنصف الثمن الذي صالح عليه المدعي الأول كان ذلك (¬7) جائزاً. ولو سلم رجل الشفعة على دراهم أخذها مسماة (¬8) كان التسليم للشفعة جائزاً (¬9)، وكان عليه أن يرد الدراهم. ولو اشترى رجل أرضاً فسلم الشفيع المشتري (¬10) ثم جحد ذلك وخاصم فصالحه المشتري على أن سلم له نصف الأرض بنصف الثمن فهو جائز. ¬

_ (¬1) ز: دراهما. (¬2) ز: شيئاً. (¬3) ز: جاز. (¬4) ز: أن يأخذ. (¬5) ز: أرض. (¬6) م: فاصلحوا. (¬7) ز + جا. (¬8) ز: مسماها. (¬9) ز: جائز. (¬10) ز: الشري.

ولو صالحه على أن يسلم له الأرض كلها بالثمن، أو بزيادة دراهم مسماة، أو على زيادة ثوب مسمى بعينه، فإنه جائز. وإذا مات الشفيع فلا شفعة (¬1) لورثته. فإن صالح الورثة المشتري على نصف الدار بنصف الثمن كان جائزاً. ولو ادعى رجل شفعة وليس له شفعة، فصالحه المشتري على أن يسلم له نصف الدار بنصف الثمن، كان جائزاً. وإذا طلب الرجل الشفعة من المشتري فمات المشتري، فصالح ورثته الشفيع على أن يسلموا له نصف الدار بنصف الثمن فهو جائز. ولا بأس بأن يشتروا منه بالثمن عبداً أو طعاماً بعينه قبل أن (¬2) يقبضوه، ولا بأس بأن يبيعهم نصف الدار قبل أن يقبضه (¬3) منهم ويربح عليهم في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وإذا ادعى رجل شفعة في دار فصالحه المشتري على أن سلم له داراً (¬4) أخرى بدراهم مسماة، على أن يسلم له الشفعة، فإن هذا فاسد لا يجوز. أرأيت لو باعه عبداً بألف درهم على أن يسلم الشفعة ألم يكن هذا فاسداً (¬5)، فكذلك الصلح. وإذا ادعى رجل شفعة في عبد، فجهل المشتري، فصالحه من شفعته على أن يسلم له نصف العبد بنصف الثمن، وسمى كم هو، فإن هذا جائز، كأنه باعه إياه بيعاً. وهو بمنزلة الذي ادعى نصف دار وليس له فيها شفعة، فصالحه على أن يسلم له نصفها بنصف الثمن، فهذا بمنزلة البيع المستقبل، فكذلك الباب الأول، وهو بمنزلة البيع. ... ¬

_ (¬1) ز + لو. (¬2) ز + يقبض. (¬3) ف: أن يقبض. (¬4) ز: دار. (¬5) ز: فاسد.

باب الصلح الفاسد

باب الصلح الفاسد قال: وإذا ادعى رجل (¬1) في دار حقاً، فصالحه الذي الدار في يديه على عبد إلى أجل، أو على شيء من الحيوان إلى أجل، فإن هذا الصلح فاسد لا يجوز. فإن كان صالحه من حقه فقد أقر بالحق، والقول فيه ما قال المدعي. وإن كان صالحه عن دعواه فليس هذا بإقرار (¬2)، والمدعي على حجته. وكذلك لو صالحه على دراهم مسماة إلى الحصاد أو إلى الدِّياس (¬3) أو إلى الجِزاز (¬4) أو إلى العطاء (¬5) أو إلى النيروز فهو فاسد لا يجوز. ولو صالحه على ثياب مسماة العرض والطول والرُّقْعة (¬6) والصنف (¬7) ولم يجعل لها أجلاً كان ذلك فاسداً (¬8) لا يجوز. وإذا ادعى الرجل حقاً في عبد أو دابة أو دار أو أرض أو دين، فصالحه المدعى قبله على (¬9) الإنكار أو الإقرار (¬10)، على سكنى دار أو بيت حتى يموت، فإن هذا فاسد لا يجوز، مِن قِبَل أن السكنى ليس لها وقت. وكذلك لو قال: سكناها، ولم يسم (¬11) شيئاً، فإنه فاسد لا يجوز. وكذلك لو صالحه على شِقْص في دار في يدي رجل ولم يسمه فإن ذلك باطل. ولو صالحه على مسيل ماء، أو على شِرْب يوم من هذا النهر من ¬

_ (¬1) ف: الرجل. (¬2) م ف ز: بإقراره. (¬3) الدياس، أي: دوس الحنطة. والمراد وقت ذلك. وقد تقدم مراراً. (¬4) الجزاز، أي: قطع ثمر النخل أو قطع الزرع أي نوع كان. وقد تقدم مراراً. والمراد وقت ذلك. (¬5) العطاء ما يعطاه المقاتلة من بيت المال كل سنة مرة أو مرتين. وقد تقدم مراراً. والمراد وقت ذلك. (¬6) أي: الغلظ والثخانة كما تقدم. (¬7) ز: والصيف. (¬8) ز: فاسد. (¬9) ف ز: بعد. (¬10) ف: الإنكار والإقرار. (¬11) ز - يسم.

الشهر غير أنه لا حق له في رقبة النهر، أو على أن يحمل كذا كذا جِذْعاً على هذا الحائط، فإن هذا فاسد لا يجوز. وكذلك لو صالحه على أن يُسيل ماء ميزابه في داره أياماً معلومة فإن هذا فاسد لا يجوز؛ لأن مسيل الماء والشرب وحمل الجذوع بغير أرض غرر. وكان أبو حنيفة لا يجيز بيع ذلك. وكذلك الصلح فيه. ولو أوصى رجل لرجل بشِرْب يوم من نهر في السنة كان ذلك جائزاً. وإذا ادعى رجل في عبد رجل دعوى، فصالحه من ذلك على خدمته (¬1)، ولم يسم كذا وكذا (¬2) شهراً (¬3)، أو على غلته (¬4) وسمى شهراً أو أكثر من ذلك أو لم يسم، فإن هذا فاسد لا يجوز. ولو ادعى رجل ديناً على رجل، فصالحه على ثمرة نخله ثلاث سنين، أو على غلة داره، أو على غلة عبده ثلاث سنين، فإن هذا فاسد لا يجوز؛ لأنه لا يعرف. وكذلك إن كانت الدعوى داراً أو أرضاً أو عبداً أو شيئاً من الحيوان أو العروض فهو سواء، وهو فاسد. ولو ادعى رجل قبل رجلين ديناً، فصالحه أحدهما على مائة دينار إلى أجل، والذي ادعى دراهم، فإن هذا لا يجوز. فإن كانا يجحدان ذلك فإنه لا يجوز. وكذلك لو أقرا (¬5). وكذلك لو صالح عنهما غيرهما بدنانير. وكذلك لو صالحاه (¬6) على طعام إلى أجل، أو على شيء مما يكال أو يوزن وسمى كيله أو وزنه أو صفته (¬7)، وجعلاه إلى أجل أو إلى غير أجل، غير أنه قد فارقهما (¬8) قبل أن يقبض، فإن هذا لا يجوز، لأنه دين بدين. ولو صالحه عنهما غيرهما كان ذلك باطلاً أيضاً لا يجوز. ¬

_ (¬1) ز: على خذمته. (¬2) ز: كذا. (¬3) ف - شهرا. (¬4) ز: عليه. (¬5) ز - وكذلك لو أقرا. (¬6) ز: لو صالحه. (¬7) م ز: وصفته. (¬8) ز: قد فارقها.

ولو ادعى رجل على رجل ألف (¬1) درهم سُود، فجحده (¬2) ذلك، ثم صالحه من ذلك على ألف درهم بَخّية (¬3) إلى أجل، فإنه لا يجوز؛ لأن البَخّية لها فضل. ولو كان ادعى عليه بَخّية فصالحه على سود مثلها أو أقل كان ذلك جائزاً. وكذلك لو صالحه عنه غيره. ولو باع رجل عبداً من رجل بألف درهم سود، ثم صالحه عن ذلك (¬4) على ألف درهم نَبَهْرَجَة أو زُيُوف (¬5)، حالة أو إلى أجل، كان ذلك باطلاً لا يجوز. وكذلك لو صالحه منها على شيء مما يكال أو يوزن بغير عينه، وسمى كيله وصفته، فإنه لا يجوز؛ لأن هذا بمنزلة ما ليس عنده. وإذا كان لرجل على رجل دين ألف درهم من قرض أو بيع أو غصب، وهي من غَلّة (¬6) الكوفة، فصالحه منها على خمسمائة بَخّية نَقْد ونقدها إياه، فإن هذا جائز. وإن تفرقا قبل أن يقبضه ولم يضرب له أجلاً فإن له خمسمائة درهم غَلّة الكوفة، والصلح باطل لا يجوز؛ لأنه قد أبرأه مما بقي. ثم رجع يعقوب عن هذا، فقال: إذا صالحه على خمسمائة وهي أجود من دراهمه فهو فاسد؛ لأنه إنما حط عنه لمكان الفضل الذي في الدراهم التي أخذ. وهذا قول محمد بن الحسن. ولو أن لرجل على رجل ألف درهم، فصالحه منها على مائة درهم، على أن يبيعه بها هذا الثوب، أو على أن يؤاجره بها هذه الدار هذه السنة، فإن هذا فاسد لا يجوز. ولو صالحه منها على عبد بعينه، على أن يشتريه منه بمائتي درهم، أو على أن يستأجره منه (¬7) سنة بعشرة دراهم، فإن هذا فاسد لا يجوز. ولو صالحه من هذا الدين كله على دار على أن (¬8) يسكنها الذي عليه الدين سنة، فإن هذا فاسد لا يجوز. وكذلك لو كان عبداً فشرط ¬

_ (¬1) ز - ألف. (¬2) ف: يجحده (¬3) هي نوع من الدراهم جيدة، وقد تقدم. (¬4) م ف ز: على ذلك. (¬5) النبهرجة والزيوف نوعان من الدراهم الرديئة، والزيوف أحسن حالاً من النبهرجة وقد تقدما مراراً. (¬6) نوع من الدراهم، كما تقدم. (¬7) ف - منه. (¬8) ف - على أن.

خدمته سنة. وكذلك لو شرط ذلك لغيره. وكذلك لو صالحه على دابة واشترط ركوبها، أو على ثوب واشترط لبسه. ولو ادعى رجل في غنم لرجل دعوى، فصالحه على نصف الغنم، على أن للطالب (¬1) الأولاد كلها سنين (¬2)، أو على أن ذلك للمطلوب، فإن هذا فاسد لا يجوز. وكذلك صوف الغنم وألبانها. وكذلك ثمرة النخل والشجر. وكذلك غلة الدار والعبد. وإذا ادعى رجل في غنم رجل دعوى، فصالحه منها على صوفها الذي على ظهورها، على أن يجزه من ساعته، فهو جائز في قول أبي يوسف، ولا يجوز في قول محمد. ولو صالحه على ألبانها التي في ضروعها كان فاسداً باطلاً، للأثر الذي جاء في بيع اللبن في الضروع (¬3). وكذلك لو صالحه على ما في بطونها من الولد؛ لأنه غرر مجهول. وإذا ادعى رجل في أَجَمَة (¬4) في يدي رجل حقاً، فاصطلحا فيها على أن يسلم صيدها للمدعي سنة، فإن هذا فاسد لا يجوز، من قبل أنه مجهول. وكذلك لو قال: على ما فيها من الصيد، إذا كان ذلك لا يؤخذ إلا بصيد وإن كان محظوراً؛ لأن بيعه لا يجوز. قالى أبو يوسف: حدثنا العلاء بن المسيب بن رافع عن عبد الله بن مسعود أنه (¬5) نهى عن بيع السمك في الماء (¬6). محمد بن الحسن عن أبي يوسف قال: حدثنا إبراهيم بن طهمان عن ¬

_ (¬1) م ز: أن الطالب. (¬2) ز: سنينا. (¬3) مسند أحمد، 1/ 302، 3/ 42؛ وسنن ابن ماجه، التجارات، 24؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 11. (¬4) الأجمة: الشجر الملتف. والجمع أَجَم وآجام. وقولهم: بيع السمك في الأجمة، يريدون البطيحة التي هي منبت القصب. انظر: المغرب، "أجم". (¬5) ز - أنه. (¬6) روي عن ابن مسعود موقوفاً ومرفوعاً. انظر: مسند أحمد، 1/ 388؛ والمعجم الكبير للطبراني، 9/ 321؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 5/ 340؛ ومجمع الزوائد للهيثمي، 4/ 80؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 7.

من حدثه عن شهر بن حوشب عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن بيع ضربة الغائص (¬1) وعن بيع العبد الآبق (¬2). ولو كان الصيد محظوراً يؤخذ بغير صيد كان الصلح في ذلك جائزاً، وكان بالخيار إذا رآه. ولو أن رجلاً ادعى في عبد في يد رجل دعوى، فصالحه من ذلك على مخاتيم (¬3) دقيق معلومة [من]، هذه الحنطة، فإن الصلح في ذلك فاسد لا يجوز. وكذلك لو صالحه على أرطال من لحم مسمى من هذه الشاة وهي حية. وكذلك لو صالحه على خمس من الغنم بغير أعيانها فإن هذا لا يجوز (¬4). وكذلك الثياب. وكذلك لو صالحه على هذا العبد أو على هذه الأمة. وكذلك لو صالحه على أرطال مسماة من دهن هذا السمسم أو الزيتون، فإنه فاسد لا يجوز إذا كان لم يعصر بعد. وكذلك لو صالحه على مخاتيم من تمر مسمى مما يحمل هذا النخل العام، أو مما يخرج من زرع هذه الأرض، فإنه لا يجوز. وكل صلح دخل عليه فيه شيء من الخمر أو الخنزير أو الميتة أو حُرٌّ فإنه فاسد لا يجوز. وكذلك إذا كان دراهم بدراهم (¬5) أكثر منها، ودخل فيها أجل مجهول، الحصاد أو الدِّياس أو شبهه. وكذلك لو صالح من دعوى في دار على عبد آبق، فإنه لا يجوز بيعه. وإذا ادعى رجل قبل رجل مائة درهم وكُرّ حنطة سلم، فصالحه من ذلك (¬6) على عشرين ديناراً، فإن ذلك لا يجوز لأنها صفقة واحدة، إذا كان ¬

_ (¬1) هو أن يقول الغواص الذي يغوص لصيد اللؤلؤ للمشتري: أغوص غوصة فما أخرجته فهو لك بكذا. انظر: المغرب، "ضرب". (¬2) مسند أحمد، 3/ 42؛ وسنن ابن ماجه، التجارات، 24. (¬3) جمع مختوم، وهو الصاع. وقد تقدم مراراً. (¬4) ز + وكذلك لو صالحه على هذا. (¬5) م + أو. (¬6) ز - من ذلك.

رأس المال دراهم. وإن كان رأس المال السلم خمسة دنانير، فصالحه على عشرين ديناراً (¬1)، خمسة منها رأس مال السلم فهو جائز. محمد بن الحسن قال: حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: لا تأخذ (¬2) إلا رأس مالك أو سلمك بعينه (¬3). محمد قال: أخبرنا أبو يوسف عن أبي إسحاق الشيباني عن عبد الله بن مُغَفَّل أنه قال: سألته عن رجل كان لي عليه عشرة أكرار حنطة سلم، فاشتريت بها (¬4) منه أرضاً، فقال لي: خذ رأس مالك (¬5). وقال أبو حنيفة: الشراء في هذا باطل، والسلم على حاله. وكذلك الصلح في هذا. محمد (¬6) قال: حدثنا مِسْعَر (¬7) بن كِدَام (¬8) عن عبدالملك بن ميسرة عن طاوس عن ابن عباس أنه قال: أسلم رجل إلى رجل في حُلَلِ (¬9) دِقِّ فلم يجد عنده حُلَلَ (¬10) دِقِّ، فأراد أن يعطيه حُلَل جِلِّ (¬11)، كل حلتين بحلة، فسأل عن ذلك ابن عباس، فكرهه (¬12). وقال محمد بن الحسن: حدثنا إبراهيم بن طهمان عن من حدثه عن ¬

_ (¬1) ز - فإن ذلك لا يجوز لأنها صفقة واحدة إذا كان رأس المال دراهم وإن كان رأس المال السلم خمسة دنانير فصالحه على عشرين ديناراً. (¬2) ز: لا يأخذ. (¬3) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 270، 271. (¬4) ز: لها. (¬5) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 270. (¬6) ف - محمد. (¬7) م ز: مشعر. (¬8) ز: كرام. (¬9) ز: في حلك. (¬10) ز: حلك. (¬11) م ف ز: حللاه. والتصحيح من كلام المؤلف حيث كرر نفس الأثر فيما يأتي. انظر: 8/ 42 ظ. الحلل جمع حلة نوع من الثياب. والدِّقّ في الأصل هو الدقيق، والجِلّ هو الغليظ، ثم جعل كل منهما اسما لنوع من الثياب. انظر: المغرب، "دقق". (¬12) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 15.

شهر بن حوشب عن أبي سعيد الخدري (¬1) عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن بيع ما في بطون الأنعام، وعن بيع ما في ضروعها إلا بكيل، وعن بيع العبد الآبق، وعن بيع ضربة الغائص (¬2)، وعن بيع الصدقة حتى تقبض (¬3)، وعن بيع المغنم (¬4) حتى يقسم (¬5). محمد قال (¬6): حدثنا أبو يوسف عن حصين بن عبدالرحمن عن محمد بن زيد بن خليدة (¬7) الشيباني قال: سألت ابن عمر، فقلت: إني أسلم إلى رجل ألف درهم، وأقول: إن أعطيتني برا فبكذا، أو شعيراً بكذا. فقال: سم في كل نوع منها وَرِقاً مسمى، فإن أعطاك (¬8)، وإلا فخذ رأس مالك (¬9). محمد عن أبي يوسف عن مخبر (¬10) عن أبي إسحاق عن عكرمة عن ابن عباس أنه نهى عن بيع اللبن في الضروع والحَبَل (¬11) في البطون (¬12). وإذا ادعى رجل على رجل ألف درهم، فصالحه من ذلك على طعام مسمى ليس عنده، فإنه فاسد لا يجوز. ولو صالحه على فضة سُود وزنها أكثر من ألف درهم لم يجز ذلك. ولو صالحه على دنانير إلى أجل لم يجز ذلك. ولو اشترطها حالة ثم افترقا قبل أن يقبضا فإنه ينتقض ويفسد. ¬

_ (¬1) ز: الخرزي. (¬2) ز: الغايض. تقدم تفسيره قريباً. (¬3) ز: يقبض. (¬4) م: الغنم. (¬5) مسند أحمد، 3/ 42؛ وسنن ابن ماجه، التجارات، 24. (¬6) م ز - قال. (¬7) ف: بن حلدة. (¬8) ز + ذلك. (¬9) بمعناه في المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 271، 342. (¬10) الكلمة مهملة الباء في م؛ ومهملة تماماً في ف. والظاهر أن المقصود بمخبر أي راو من الرواة كما يقولون حدثنا رجل. (¬11) أي: الحمل كما تقدم. (¬12) القسم الأول منه في المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 311.

وإذا صالح الرجل الرجل على رأس مال (¬1) سلمه فهو جائز. وإن صالحه من رأس المال على شعير، أو على شيء مما يكال أو يوزن، أو على شيء من العروض، أو على دنانير، ورأس المال كان دراهم، فإن أبا حنيفة قال في ذلك: إذا كان يداً (¬2) بيد أو كان ذلك نسيئة فإنه لا يجوز. وقال أبو حنيفة: لو لم يصالحه على رأس ماله، وصالحه من سلمه، وهو حنطة، على شعير، أو على شيء مما يوزن، أو على شيء من العروض، كان ذلك باطلاً لا يجوز. فكذلك قال أبو يوسف ومحمد في ذلك (¬3) كله. قال أبو حنيفة: لو أن رجلاً أسلم إلى رجل دراهم (¬4) في سلم فاسد، وتفرقا كان له أن يأخذ بدراهمه ما بدا له من الدنانير والعروض والكيل والوزن يداً بيد؛ لأن السلم كان فاسداً. فإن جعله في شيء من الوزن معلوم إلى أجل مسمى، فإن ذلك فاسد لا يجوز في قول أبي حنيفة؛ لأنه دين بدين (¬5). وقال أبو حنيفة: لو كان لرجل على رجل دين، فصالحه (¬6) من دينه على طعام إلى أجل، أو أحاله (¬7) به على آخر، وصالحه الآخر على ذلك الطعام، فإن ذلك فاسد لا يجوز. ولو صالح كفيل على رأس مال سلم فإن أبا حنيفة قال: لا يجوز. وهو قول محمد. وقال أبو يوسف: هو جائز. ولو كان سلم بين رجلين فصالح أحدهما على رأس ماله فإن أبا حنيفة قال: لا يجوز. وهو قول محمد بن الحسن. وقال أبو يوسف: هو جائز. وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم سُود إلى أجل من ثمن بيع، ¬

_ (¬1) م ف ز: ماله. (¬2) ز: يد. (¬3) ف: في هذا. (¬4) ز: دراهما. (¬5) ف - بدين. (¬6) ز: صالحه. (¬7) م: وأحاله.

باب كتاب المهايأة في العقار

فصالحه منها على ألف درهم بَخِّية عجلها له، فهو جائز. وإن كانت البخية هي الدين ولها صرف، فصالحه منها على ألف درهم غَلّة (¬1)، فعجلها كان باطلاً لا يجوز؛ لأن هذا دون حقه. ... باب كتاب المهايأة في العقار وقال أبو حنيفة: لو كانت دار بين رجلين ميراثاً (¬2) أو غيره فتهايآ (¬3) فيها (¬4) على أن يسكن أحدهما منزلاً منها معلوماً، والآخر منزلاً منها (¬5) معلوماً، وعلى أن يؤاجر كل واحد منهما منزله ويأخذ غلته، فإن ذلك جائز. وكذلك لو كانت أرض فتهايآ عليها (¬6)، على أن يزرع كل واحد منهما طائفة منها معلومة، أو يؤاجرها، فإن ذلك جائز، ولهما أن يقتسما (¬7) ويبطلا المهايأة إذا بدا لهما أو لأحدهما. وقال أبو حنيفة: ليس لواحد منهما أن ينقض حائطاً إلا برضى من صاحبه، ولا يحدث بناء إلا برضى صاحبه، ولا يفتح باباً في حائط إلا برضى صاحبه. ولو تهايآ على أن يكون السفل في يد واحد، والعلو في يد آخر، على أن يسكن كل واحد منهما ويؤاجر، فإذا بدا لهما اقتسما، فإن ذلك جائز. ولو كان ذلك في دارين فتهايآ (¬8) على أن يسكن أحدهما هذه الدار، والآخر الدار الأخرى، وأن يؤاجر كل واحد منهما ما في يديه، إن بدا له، ويأكل غلته، فإن ذلك جائز. فإن أغلت إحدى الدارين (¬9) لصاحبها (¬10) مالاً ¬

_ (¬1) م - غلة. (¬2) ز: ميراث. (¬3) ز: فيها بنا. (¬4) ز + بنا فيها. (¬5) ز: منهما. (¬6) ز: فيها بنا عاليه. (¬7) ز: أن يقسما. (¬8) ز: فيها بنا. (¬9) م ز: الدار. (¬10) م ز: على صاحبها.

ولم تغل الأخرى شيئاً فليس لشريكه في ذلك شيء في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولكل واحد منهما أن يبطل المهايأة إذا بدا له. ويقتسم (¬1) ورثتهما (¬2) في ذلك بمنزلتهما. ولو كانت المهايأة في دار وأرض على أن يسكن هذا هذه الدار، ويزرع هذا هذه الأرض، كان جائزاً. ولو كانت المهايأة في دار وحمام على أن يسكن هذا هذه الدار، ويأخذ هذا هذا (¬3) الحمام فيؤاجره، كان ذلك جائزاً. ولو كانت المهايأة في نخل وشجر، على أن يأكل هذا غلة النخل، ويأخذ هذا غلة الشجر، كان هذا باطلاً لا يجوز. ولا يشبه هذا غلة الدار وغلة الأرض؛ لأن هذا من النخل والشجر بمنزلة غنم وإبل تهايآ فيها على أن يكون لهذا أولاد الغنم ولهذا أولاد الإبل، فهذا لا يجوز. ولو كانت المهايأة في منزل واحد، على أن يسكن أحدهما سفله، والآخر علوه، كان جائزاً. ولو انهدم العلو كان لصاحبه أن يسكن مع صاحب السفل. وورثته في ذلك بمنزلته. ولو كانت المهايأة في دارين في مصرين كان جائزاً. ولو كانت الدار في يدي رجل، فادعى آخر فيها حقاً، فهايأه على أن يترك بيتاً منها من غير صلح واجب إلى أن يكف عن الخصومة حتى يبدو له أن يخاصم، على أنه لا يستحق (¬4) بسكنى (¬5) هذا البيت شيئاً، ولا يلزمه بخروجه منه حق، كان هذا جائزاً. وكذلك هذا في الأرض. ولو أن رجلاً ادعى حقاً في دار في يدي رجل، فتكلما في المهايأة، وتراضيا عليها، ثم نقضا ذلك، لم يلزم واحداً منهما من ذلك شيء. وكذلك هذا في الصلح في الأرض (¬6) والدار والمنزل والمرأة والرجل ¬

_ (¬1) م ف ز: ويقسم. (¬2) ز: وورثهما. (¬3) ز: هذ. (¬4) ز: على أن يستحق. (¬5) م: سكنى. (¬6) م ف: والأرض.

والعبد التاجر والمكاتب والذمي والمسلم في ذلك سواء. ولو كانت (¬1) دار بين رجلين فتهايآ فيها على أن يسكنها (¬2) كل واحد منهما سنة كان ذلك جائزاً. ولو كان لها (¬3) غلة فتهايآ على أن يأكل كل واحد منهما غلتها سنة أجزت ذلك إذا كانت الغلة سواء. فإن زادت الغلة جعلت الفضل بينهما. ولا يشبه هذه الدارين المتفرقتين (¬4). ¬

_ (¬1) ف: وكذلك لو كانت. (¬2) ف: أن يسكنا. (¬3) م ز: لما. (¬4) ف ز: المفترقين.

الأَصْلُ للإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَنْ الشَّيْبَانِيِّ (189 هـ - 805 م) تحقيق وَدرَاسَة الدكتور محمَّد بوينوكالن الجزء الحادي عشر إصَدارَات وَزَارَة الأَوقاف وَالشّؤون الإسْلاَمية إدارَة الشّؤون الإسْلاَمّية دَولة قَطَر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ طبعه خاصة بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية دولة قطر الطبعَة الأولى 1433 هـ - 2012 م دار ابن حزم بيروت - لبنان - ص - ب 6366/ 14 هاتف وفاكس: 701974 - 300227 (009611) البريد الإلكتروني: [email protected] الموقع الإلكتروني: www.daribnhazm.com

الأَصْلُ للإمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَن الشَّيْبَانِيِّ (11)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

باب المهايأة في الحيوان

باب المهايأة في الحيوان وقال أبو حنيفة: لو كان عبدان بين رجلين، فتهايآ فيهما، على أن يخدم هذا هذا شهراً، ويخدم هذا هذا شهراً، فإن هذا جائز. وقال: لو تهايآ على أن يؤاجر هذا هذا فيأكل (¬1) غلته، وهذا هذا فيأكل غلته، لم أجز ذلك. وقال أبو يوسف ومحمد: أراه جائزاً. وقال أبو حنيفة: لا يشبه الحيوان العقار. وكذلك إن كان العبدان ميراثاً أو شراء أو وصية أو هبه. وكذلك لو كان (¬2) عبداً واحداً، فتهايآ فيه على أن يخدم هذا يوماً وهذا يوماً، وهذا شهراً وهذا شهراً، فإن هذا جائز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولو تهايآ على أن يأكل هذا غلته شهراً وهذا شهراً كان هذا باطلاً لا يجوز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، مِن قِبَل أنه عبد واحد بعينه. فإن كانت جارية بين رجلين، فخاف كل واحد منهما صاحبه عليها، فقال أحدهما: يكون عندك (¬3) يوماً وعندي (¬4) يوماً، وقال الآخر: بل نضعها على يدي عدل، فإني أجعلها عند كل واحد منهما يوماً أو شهراً، ولا أضعها على يدي عدل إلا أن يتراضيا جميعاً. فإن اختصما وقال أحدهما: أبدأ أنا فيكون عندي، وقال الآخر: بل أبدأ أنا فيكون عندي (¬5)، فإن الحاكم يقرع بينهما. وإن شاء بدأ بأحدهما ولم يقرع بينهما (¬6). فأي ذلك ما فعل فهو حسن. وإذا كان دابتان (¬7) بين رجلين، فتهايآ فيها على أن يركب هذا هذه شهراً ويركب هذا هذه شهراً (¬8)، فإن هذا جائز. وكذلك الغلة في هذا في ¬

_ (¬1) ز - فيأكل؛ صح هـ. (¬2) ز - لو كان. (¬3) م ز: عبدك. (¬4) ز: وعبدي. (¬5) م ز + وقال الآخر بل أبدأ أنا فيكون عندي. (¬6) ز - وإن شاء بدأ بأحدهما ولم يقرع بينهما. (¬7) م ز: دابتين. (¬8) م ز - ويركب هذا هذه شهرا.

قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة في هذا فيما أعلم: لا تجوز (¬1) المهايأة في الدواب في ركوب ولا غلة. وإذا (¬2) كانت الغنم بين رجلين، فتهايآ فيها على أن يكون نصفها وهي ثلاثون (¬3) شاة عند هذا، والنصف الآخر عند هذا يعلفها ويرعاها (¬4) ويشرب ألبانها، فإن هذا لا يجوز؛ لأن اللبن يزيد وينقص. وكذلك هذا الشرط في أصوافها وأولادها. أرأيت لو كان رقيق بينهما، فتهايآ فيه على أن يكون لهذا ما ولد هؤلاء الجواري، ولهذا ما ولد هؤلاء (¬5) الجواري، ألم يكن هذا باطلاً. فكذلك (¬6) الغنم والبقر والخيل الإناث والإبل والطير كله. وإذا كان عبد وأمة بين رجلين بميراث، فتهايآ (¬7) فيهما على أن تخدم الأمة أحدهما، ويخدم العبد الآخر، على أن على كل واحد منهما طعام خادمه، فإني أجيز ذلك بينهما، أستحسن ذلك. وإن اشترط كل واحد منهما على صاحبه الكسوة أبطلت ذلك ولم أجزه؛ لأن الكسوة ليس لها وقت. فإن وقّتا من ذلك شيئاً معروفاً استحسنت أن أجيزه. ولو كانت غنم بين رجلين فاختلفا في رعيها، فتهايآ فيها (¬8) على أن يرعاها (¬9) كل واحد منهما شهراً، أجزت ذلك. وكذلك لو تهايآ على أن يستأجرا لها أجيراً أجزت ذلك. وكذلك البقر والإبل والخيل الراعية. والصغير في ذلك إذا كان أبوه تهايأ عنه أو وصيه بمنزلة الكبير في العقار والحيوان. وكذلك المكاتب والعبد التاجر. والذمي والمسلم والمرأة والرجل في ذلك سواء. ولو أن رجلين ورثا داراً ومملوكاً، فتهايآ على أن يسكن هذا سنة، ويخدم المملوك هذا سنة، فإن (¬10) ذلك جائز. فإن اشترطا في ذلك أن ¬

_ (¬1) ز: لا يجوز. (¬2) ز: فإذا. (¬3) ز - ثلاثون. (¬4) م ف ز: أو يرعاها. والتصحيح من ب. (¬5) ف: هذه. (¬6) ف: وكذلك. (¬7) م ز: فيهاما. (¬8) م ز - فيها. (¬9) ز: أن يراعاها. (¬10) ز: قال.

يؤاجر كل واحد منهما فإنه لا يجوز في قول أبي حنيفة، ويجوز في قول أبي يوسف ومحمد. ولو كانت أمتين، فتهايآ فيهما على أن تخدم إحداهما هذا شهراً [وإحداهما هذا شهراً]، ثم إن أحدهما وطئ الأمة التي عنده فعلقت، فقد أفسد المهايأة، وهو ضامن لنصف قيمتها ونصف العقر، ويستقبلان المهايأة في الباقية. ولو لم يطأها ولكنها ماتت أو أبقت [فسدت] (¬1) المهايأة، ورجع في التي في يدي صاحبه. ولو كان استخدمها الشهر كله إلا ثلاثة أيام في أول الشهر ثم مرضت أو أبقت نقصت الآخر (¬2) من شهوره ثلاثة أيام، ثم يستقبلان المهايأة. ولو لم أنقصه (¬3) الثلاثة الأيام حتى تم (¬4) الشهر في خدمته لم يكن عليه في ذلك شيء. وكذلك لو أبقت الأخرى الشهر كله، واستخدم هذا (¬5) أمته الشهر كله، لم يكن عليه في تلك الخدمة ضمان (¬6) ولا أجر. ولو خاصمه حين (¬7) أبقت كان له أن ينقض المهايأة. وإذا خاصمه بعد مضيها لم أضمنه لذلك شيئاً. ولو لم تأبق أحدهما ولم تمرض (¬8)، وكانتا (¬9) على خدمتهما، فعطبت إحداهما في خدمة صاحبها، لم يضمن لذلك شيئاً. ولو زوجها الذي هي في يديه لم يجز ذلك. فإن وطئها كان المهر بينهما. فأما الذي زوج فإني أنظر إلى نصف ما سمى الزوج وإلى نصف مهر مثلها فيكون له الأقل من ذلك، وأما الذي لم يزوج فله نصف مهر مثلها على الزوج، ولا يثبت النكاح. وإن جرحها رجل جراحة كانت أرش تلك الجراحة بينهما. وكذلك لو كان أحد الشريكين هو جرحها (¬10). وإن عطبت في خدمته من حمل أو غيره لم يضمن. والجناية لا تشبه هذا. وكذلك السكنى في المنزل لو انهدم من سكنى أحدهما لم يضمن. ولو (¬11) ¬

_ (¬1) مستفاد من ب؛ والكافي، 2/ 167 ظ. (¬2) م ز: نقضت الأجر. (¬3) م ز: أنقضه. (¬4) م: حتى تمر. (¬5) م ف + واستخدم هذا. (¬6) م + ضمان. (¬7) ف: حتى. (¬8) ز: يمرض. (¬9) م ز: فكانتا. (¬10) ز: خرجها. (¬11) م ف ز: أو.

احترق من نار أوقده فيها لم يضمن. ولو توضأ فيه فزلق بوضوئه رجل، أو وضع فيه شيئاً فعثر به (¬1) إنسان من أهل الدار أو غيرهم، لم يضمن. ولو بنى فيه بناء أو احتفر فيه بئراً فإن أبا حنيفة قال في هذا: هو ضامن، ويرفع عنه بقدر حصته. وقال: لا يضمن في الجلوس ولا في صب (¬2) الماء ولا في ربط الدابة والشاة ولا في وضع حجر أو خشبة. وإذا تهايأ الرجلان في خادمين، على أن تخدم إحداهما (¬3) هذا سنين مسماة، والأخرى هذا سنين مسماة، فولدت إحداهما ولداً، فشَبَّ (¬4) في تلك السنين وخدم، فإن خدمة الولد بينهما. ولو كانت إحداهما أفضل خدمة من الأخرى، فتهايآ على أن تخدم الفاضلة الخدمة أحدهما سنة، وتخدم الأخرى سنتين، فهو جائز. ولكل واحد منهما أن ينقض المهايأة إذا بدا له في جميع ذلك، من عذر كان أو غير عذر، وورثته في ذلك بمنزلته. وإن كان عليه دين ومات لم يكن لورثته أن ينفذوا المهايأة، ولكنه يباع نصف الخادمين في دينه. ولو أراد أحدهما بيع نصيبه من أحد الخادمين، وأبى الآخر أن يبيع لم يجبر الآخر على بيع نصيبه، ويقال للذي طلب البيع: إن شئت فبع (¬5) حصتك أو دع. فإذا باع بطلت المهايأة. وكذلك لو أعتق أو دبر. فأما إذا كاتب فإن لشريكه أن يبطل المكاتبة. فإن لم يعلم بها حتى أدت بطلت المهايأة. ولو باع أحدهما نصيبه بيعاً فاسداً ولم يدفع لم تبطل (¬6) المهايأة. وكذلك هذا في العقار. فإن دفع بطلت المهايأة. ولو كان البيع جائزاً بطلت المهايأة (¬7) دفع أو لم يدفع. ولو كان الخيار للمشتري بطلت المهايأة. ولو كان الخيار للبائع، فإن أمضى البيع بطلت المهايأة، وإن (¬8) رد البيع فالمهايأة على حالها. وكذلك هذا في العقار. ¬

_ (¬1) ز: فعثرته. (¬2) م ز: في الصب. (¬3) م ز: أحدهما. (¬4) ز: فثبت. (¬5) ز: فيبع. (¬6) ز + البيع. (¬7) ز - ولو كان البيع جائزاً بطلت المهايأة. (¬8) ز: فإن.

باب الصلح في الحيوان

باب الصلح في الحيوان وإذا ادعى رجل في عبد في يدي رجل دعوى، فصالحه بإنكار أو بإقرار أو بغير إقرار ولا إنكار على دراهم مسماة، فإن هذا جائز. وكذلك لو كانت الدراهم إلى أجل. وهذا قول أبي حنيفة وقول أبي يوسف ومحمد. ولو كان العبد قائماً بعينه أو مستهلكاً فهو سواء. وكذلك لو صالح عنه غيره، فأبق العبد من عند الذي هو في يديه، فهو جائز، من قبل أن الذي كان العبد في يديه ضامن (¬1) للعبد. ولا ينقض الصلح موت العبد ولا إباقه ولا ذهابه. وكذلك هذا في الأمة. وكذلك الحيوان كله البعير والبقرة والشاة والفرس. وكذلك الثياب والأمتعة والخشب والسفن والآنية. ولو ادعى في (¬2) عبد في يدي رجل حقاً، فصالحه من ذلك على أمة، كان جائزاً، وليس له أن يبيع الأمة حتى يقبضها. ولو ادعى رجل في عبد رجل باعه دعوى، فصالحه البائع من دعواه على طعام إلى أجل، فإن كان العبد قائماً بعينه فهو جائز، وإن كان مستهلكاً فلا يجوز. وكذلك كل ما يكال أو يوزن، من قبل أنه إن (¬3) كان مستهلكاً فقد وجبت قيمته دنانير أو دراهم على الذي كان في يديه، فلا يجوز الصلح على شيء من الكيل والوزن. فإن صالحه على شيء من الكيل والوزن (¬4) فدفعه إليه قبل أن يتفرقا جاز ذلك. وإن تفرقا قبل أن يقبضه وهو بعينه جاز ذلك. وإن كان بغير عينه فإن الصلح ينتقض، لأنه دين بدين. ولو أن رجلاً ادعى عبداً في يدي رجل فصالحه من ذلك على ثياب مسماة إلى أجل معلوم وذرع معلوم ورُقْعَة (¬5) معلومة كان جائزاً. ولو كان العبد مستهلكاً لم يجز ذلك. وكذلك لو كان هذا الصلح في ثياب من غير هذا الصنف فادعى فيها دعوى أو في خشب فهو مثل ذلك. ¬

_ (¬1) م ز: ضامنا. (¬2) ف ز - في. (¬3) ف ز - إن. (¬4) م - فإن صالحه على شيء من الكيل والوزن، صح هـ.؛ ز: أو الوزن. (¬5) أي: غلظ وثخانة كما تقدم.

ولو أن رجلاً كان في يديه عِدْلُ يهوديِّ (¬1) فاستهلكه ثم ادعى رجل فيها دعوى فصالحه من ذلك على ثلاثة أثواب يهودية (¬2) إلى أجل معلوم وطول معلوم وعرض معلوم لم يجز ذلك. وكذلك لو كان العدل قائماً بعينه. ولو صالحه على عِدْل زُطِّي (¬3) على هذه الصفة فإن كان العِدْل قائماً بعينه فهو جائز، وإن كان مستهلكاً فلا يجوز، مِن قِبَل أنه قد صار ضامناً لقيمة حق هذا في العدل دراهم أو دنانير، فلا يجوز دين بدين. ولو صالحه على دراهم مسماة أو دنانير إلى أجل أو حالة جاز ذلك. وكذلك لو جمعهما جميعاً فصالحه على عشرة دراهم وخمسة دنانير فإن ذلك جائز. ولو أن رجلاً ادعى غنماً في يدي رجل فصالحه من ذلك على نصفها أو على نصف هذا العبد أو على نصف هذا المنزل فهو جائز. وكذلك لو ادعى رجل في فرس في يدي (¬4) رجل دعوى فصالحه من ذلك على دراهم مسماة أو دنانير فهو جائز. وإذا اشترى رجل عبداً فادعى رجل فيه شِقْصاً فصالحه المشتري من ذلك كان ذلك (¬5) جائزاً، ولم يكن للمشتري أن يرجع بذلك على البائع، لأنه لم يقض (¬6) عليه بشيء. ولو ادعى رجل في عبد في يدي رجل دعوى فصالحه من ذلك على خدمته شهراً أو على سكنى دار شهراً فهو جائز. وكذلك لو صالحه على نصف العبد فهو جائز. وكذلك لو صالحه عنه غيره بأمره أو بغير أمره. وكذلك لو كان العبد في يدي رجلين فصالحه عنه واحد أو كان في يدي عبد تاجر أو مكاتب فصالح عنه رجل آخر أو صالحت عنه امرأة. ولو كان العبد في يدي حر فصالح (¬7) عنه عبد بأمره أو بماله فهو جائز، وإن صالح عنه بغير ماله فإنه لا (¬8) يجوز، لأن هذا معروف. وكذلك المكاتب. فإن أعتق العبد أو المكاتب (¬9) فإن ¬

_ (¬1) العِدْل ما يوضع على جانب الدابة، واليهودي نوع من الثياب وقد تقدم. (¬2) م ز: يهودي. (¬3) نوع من الثياب كما تقدم. (¬4) ف: في يد. (¬5) ز - ذلك. (¬6) ز: لم تضمن. (¬7) ز: صالح. (¬8) ف - لا. (¬9) م ف ز: والمكاتب.

باب كتاب الوالد على ولده

المال يلزمهما إن كانا ضمنا، وينفذ الصلح. فإن كان قد خاصم فيه قبل العتق فأبطله القاضي فإنه باطل لا يلزم ولا ينفذ. وإذا ادعى الرجل في عبد في يدي رجل حقاً وخاصم فيه إلى القاضي فجحد حقه عنده (¬1) فأقام عنده (¬2) شاهدين فلم يزكيا حتى صالحه الذي في يديه العبد على دراهم مسماة فإن هذا جائز. وكذلك لو ادعى ذلك في غنم أو بقر أو في فرس. ولو قضى القاضي له بذلك ثم صالحه المدعى عليه على ذلك جاز ذلك. وإذا ادعى رجل في عبد في يدي رجل دعوى فقال الذي في يديه العبد: هذا في يدي وديعة ولست بخصم لك، فإنه خصم له، ولا يدفع (¬3) الخصومة إلا أن يأتي بالبينة على ذلك. فإن جاء بالبينة على ذلك فلا خصومة بينهما. فإن صالحه بعدما قضى القاضي بالخصومة بينهما (¬4) فهو جائز. وكذلك لو كان الصلح قبل القضاء. ولا يتبع المصالح صاحب العبد بشيء (¬5) مما أعطاه. ... باب كتاب (¬6) الوالد على ولده وإذا كان للصبي عبد أو دار أو منزل أو أرض أو غنم أو بقر (¬7) أو أمة أو ثياب أو شيء غير ذلك فادعى رجل فيه دعوى فصالحه أبو الصبي عن الصبي من مال الصبي فإنه ينظر في ذلك: فإن كان للمدعي (¬8) بينة على دعواه وكان ما أعطى الأب من مال الصبي مثل حق المدعي أو يزيد على ذلك بقدر ما يتغابن الناس فيه فإنه جائز. وإن لم تكن (¬9) له بينة لم يجز الصلح في مال الصبي. فإن صالح الأب من مال (¬10) نفسه فهو جائز. ¬

_ (¬1) م ز: عبده. (¬2) ز: عبده. (¬3) م ز: تدفع. (¬4) ف: منهما. (¬5) ز: شيء. (¬6) ز: صلح. (¬7) ز: أو بقر أو غنم. (¬8) ز - للمدعي. (¬9) ز: لم يكن. (¬10) ز: عن مال.

وكذلك لو ادعى الأب للصبي حقاً في شيء مما ذكرنا فصالح من حقه على دراهم فقبضها له وله بينة على حقه فإن كان ذلك مثل حقه أو أقل بما يتغابن الناس فيه فهو جائز، وإن كان كثيراً فاحشاً لم يجز ذلك. وإن لم تكن (¬1) له بينة على حقه فالصلح جائز. ولا يجوز صلح الأم على الصبي ولا الأخ ولا العم ولا الجد أبو الأم ولا الجد أبو الأب إذا كان الأب حياً. فإن كان الأب ميتاً فالجد بمنزلة الأب عبداً أو الصبي (¬2) حراً. وكذلك لو كان الأب مكاتباً لم يجز ذلك أيضاً. وكذلك لو كان الأب (¬3) كافراً، والابن مسلماً صغيراً أسلمت أمه فصار مسلماً بإسلامها. ولا يجوز صلح الوالد على ولده إذا كان كبيراً. والذكر والأنثى من الولد في ذلك سواء. والكبير المعتوه المغلوب في ذلك بمنزلة الصبي. ولو كان للصبي دين على رجل، فصالحه أبوه على بعضه، وحط (¬4) عنه بعضاً، فإن كان أبوه هو ولي مبايعة الرجل، فإن حطه (¬5) جائز في قول أبي حنيفة ومحمد، وهو ضامن لمثل ما حط. وإن كان الدين من غير مبايعته لم يجز حطه (¬6). والدنانير والدراهم (¬7) وكل ما يكال أو يوزن في ذلك سواء. فإن صالح من الدين على متاع أو على عبد يبلغ قيمة الدين أو أقل (¬8) مما يتغابن الناس فيه فإنه جائز. وكذلك الرجل الكافر يصالح على مال ولده الكافر وهو صغير. وكذلك الرجل يهايئ على دار بين ابنه وبين آخر أو على خادمين أو يقاسم شريكاً (¬9) لابنه أو يشتري لابنه أو يبيع وهو صغير فهو جائز. ولا ¬

_ (¬1) ز: لم يكن. (¬2) م ز: والصبي. (¬3) م - مكاتباً لم يجز ذلك أيضاً وكذلك لو كان الأب، صح هـ. (¬4) ز: وخط. (¬5) ز: خطه. (¬6) م ز: حط. (¬7) ز - والدراهم. (¬8) ز - أو أقل. (¬9) م ز: شريك.

باب كتاب صلح الوصي

يجوز ذلك على الكبير رجلاً (¬1) كان أو امرأة. ولا يجوز صلح الرجل على امرأته بغير وكالة منها، ولا (¬2) على ذي رحم محرم منه (¬3). وكذلك المرأة تصالح عن زوجها بغير وكالة منه فإنه لا يجوز ذلك. ... باب كتاب (¬4) صلح الوصي وإذا (¬5) كان للورثة حق على رجل، فجحده، فصالحه الوصي على بعضه، على أن أبرأه من بعض، والورثة صغار، أو صغار وكبار (¬6)، فما قبض الوصي لهم فهو جائز، وما أبرأ منه فإنه لا يجوز إذا كان هو لم يل (¬7) صفقة البيع في ذلك. ومتى ما جاؤوا بالبينة اتبعوا المطلوب بالفضل. ولو ادعى الوصي شِقْصاً لهم في دار، فجحده الدار، فصالحه الوصي على دراهم مسماة، وقبضها، فإن ذلك جائز إن لم تكن لهم بينة عليه. فإن كانت لهم بينة عليه، فكان ما قبض مثل قيمة ذلك أو أقل بما يتغابن الناس فيه، فهو جائز عليهم جميعاً في قول أبي حنيفة. ولا يجوز في قول أبي يوسف ومحمد على الكبار خاصة، إن كانت (¬8) لهم بينة أو لم تكن (¬9)، في حصة الكبار إلا برضاهم. ويجوز (¬10) على الصغار في حصصهم. فإن كان حط من ذلك أكثر مما يتغابن فيه الناس لم يجز ذلك. وإن كان الورثة كباراً لم يجز ذلك وإن كان أكثر من نصيبهم إلا أن يرضوا بذلك. وما كان (¬11) ¬

_ (¬1) م ز: رجل. (¬2) م ف ز: وهو. والتصحيح من ب. (¬3) م ف ز: منها. والتصحيح من ب. (¬4) ز - كتاب. (¬5) ز: فإذا. (¬6) ف: والورثة صغار أو كبار. (¬7) م ز: لم يلي. (¬8) م ز: إن كان. (¬9) ز: لم يكن. (¬10) ف: ولا يجوز. (¬11) ز + وما كان.

لهم من حق في دار أو في أرض أو منزل أو بيت أو عبد أو أمة أو دابة أو غنم أو بقر أو عروض فهو مثل ذلك كله. ولو كان الورثة كباراً كلهم غُيَّباً جاز ذلك في جميع ما ذكرنا - ما خلا العقار - إذا كان ما قبض لهم مثل قيمة ما ترك أو أنقص من ذلك مما يتغابن الناس فيه. وإذا كان الورثة صغاراً ولهم دار، فادعى رجل فيها دعوى، فصالحه الوصي من أموالهم على شيء مسمى ودفعه، فإني أنظر في ذلك، فإن كان للمدعي بينة على حقه، وكان ما أعطاه الوصي مثل حقه أو أكثر مما (¬1) يتغابن الناس فيه، فهو جائز. وإن زاد على ذلك لم يجز. وإن لم تكن (¬2) له بينة على حقه لم يجز من ذلك شيء. وكذلك لو كانت الدعوى في عبد لهم أو أمة أو غنم أو بقر أو إبل أو متاع أو ثياب فهو واحد كله. وكل دين لهم من الدنانير والدراهم والكيل والوزن، يجحده (¬3) صاحبه أو يقر به صاحبه، صالح الوصي عليه، وأخذ مكانه عرضاً من العروض يساوي ذلك، فهو جائز ما لم يكن سلم. فإن لم يكن يساوي ذلك، وحط من ذلك ما يتغابن الناس في مثله، فهو جائز. وإن حط من ذلك ما لا يتغابن الناس في مثله، أو أخذ طائفة وأبرأ من طائفة، فما قبض من ذلك فهو جائز، وما أبرأ من ذلك فهو باطل. فإن كان هو ولي البيع جاز ذلك عليه في ماله، وضمن للورثة مثله في قول أبي حنيفة ومحمد. وكذلك لو أخَّر إلى أجل. فإن كان هو الذي ولي البيع جاز ذلك عليه، وضمن للورثة. وإن لم يكن هو ولي البيع لم يجز تأخيره. وصلح وصي الأخ ووصي الأم ووصي العم مثل وصي الأب في جميع ذلك إلا العقار، فإنه لا يجوز صلحهم في العقار وإن كان ما أخذ مثل قيمة ذلك. ووصي الجد أبي (¬4) الأب إذا كان الأب ميتاً ولم يكن للأب وصي في ذلك مثل وصي الأب. والوصي الذمي إذا كان الميت ذمياً والورثة ¬

_ (¬1) م ز: بما. (¬2) ز: لم يكن. (¬3) م ز: فجحده. (¬4) م ز: أب.

باب صلح الوصي الوارث

من أهل الذمة في ذلك سواء. وإذا كان الوصي امرأة أو كان رجلاً وامرأة أو كانا رجلين فهو كذلك. فإذا كان [على] (¬1) الميت (¬2) دين أو أوصى (¬3) بوصية فصالح الوصي من دعوى له في دار فهو على مثل ما ذكرت لك من الورثة إذا كانوا صغاراً. وإذا ادعى الرجل على الميت ديناً فصالحه الوصي من مال الميت فإن ذلك لا يجوز إن لم يكن بالدين بينة. وكذلك لو قضاه ماله بغير صلح من مال الميت (¬4) لم يجز. ويضمن الورثة الوصي إن شاؤوا، وإن شاؤوا المقتضي. فإن ضمنوا المقتضي لم يرجع على الوصي. وإن ضمنوا الوصي رجع به على المقتضي. وكذلك صنوف الدين من الكيل والوزن. فإن قامت به بينة جاز ذلك إن لم يكن عليه دين غيره. وإن كان عليه دين غيره وليس لهم وفاء ضمنوا الوصي حصتهم من ذلك، ورجع الوصي على من قبض منه بذلك. ... باب صلح الوصي الوارث وإذا ادعى الوارث قبل وصيه ميراثاً من مال صامت (¬5) ورقيق وثياب وآنية ومتاع فجحده الوصي ذلك والوارث كبير فأراد الوارث خصومة الوصي فصالحه الوصي من جميع دعواه على عبد أو أمة أو ثياب مسماة فهو جائز. وكذلك لو قال: أفتدي منك يميني بذلك. وإن كانا وارثين ادعيا قبل وصيهما ذلك فصالح أحدهما من غير إقرار فأراد الآخر أن يرجع على الوصي لم يكن له ذلك، لأنه لم يقر، وله أن يستحلفه. وإن أراد أن ¬

_ (¬1) الزيادة من الكافي، 2/ 168 ظ؛ والمبسوط، 20/ 179. (¬2) ف: للميت. (¬3) م ف ز: فأوصى. والتصحيح من الكافي،2/ 168 ظ؛ والمبسوط، 20/ 179. (¬4) ف - فإن ذلك لا يجوز إن لم يكن بالدين بينة وكذلك لو قضاه ما له بغير صلح من مال الميت. (¬5) الصامت من المال هو الذهب والفضة. انظر: المصباح المنير، "صمت".

باب صلح الوارث

يشارك أخاه فيما قبض من ذلك فله ذلك إذا كان ما ادعيا مستهلكاً، لأن قيمة ذلك دين على الوصي بينهما. فما (¬1) خرج من ذلك شركه الآخر فيه إلا أن يعطيه نصف ما ادعى. ويسلم له ذلك العوض الذي أخذه. وإن كان الورثة صغاراً وكباراً فصالح الوصي الكبار من دعواهم ودعوى الصغار على دراهم مسماة وقبضها الكبار فأنفقوا على الصغار حصتهم من ذلك فإن ذلك لا يجوز على الصغار، وللصغار أن يرجعوا بحصتهم على الوصي. فإن لحقه من قبلهم شيء رجع الوصي على الكبار بحصة الصغار مما أخذوا. وإذا أقر الوصي أن لأحد الورثة عنده من ميراثه كذا وكذا درهماً فأراد بقية الورثة أن يرجعوا على الوصي بحصتهم كما أقر لهذا به فإنه لا يلحقه ذلك، وما أقر به لهذا فهو جائز، وهو بينهم على المواريث. وإذا أقر الوصي أن عنده ألف درهم للميت وديعة وللميت ابنان ثم صالح أحدهما من حصته على أربعمائة من مال الوصي فإن ذلك لا يجوز، مِن قِبَل أنه أعطاه أقل من حقه. وكذلك لو كان مع الألف الدراهم عبد أو أمة أو متاع. ولو كان الوصي استهلك ذلك جاز الصلح على أربعمائة درهم، لأن هذا كله دين عليه، وإنما حط عنه طائفة منه. ... باب صلح الوارث (¬2) وإذا مات الرجل وترك ابناً وامرأة وترك رقيقاً (¬3) ودوراً وأشقاصاً وأرضين (¬4) وثياباً ومتاعاً وآنية فقبض الابن ذلك كله فاستهلكه أو لم يستهلكه فخاصمته المرأة فصالحها بعد إقرار أو إنكار أو لم يكن إقرار ولا إنكار من ذلك على دراهم مسماة فهو جائز. وكذلك لو جعل لها أجلاً، ¬

_ (¬1) ز: ههنا فيما. (¬2) ز: الورثة. (¬3) ز: دقيقا. (¬4) م ز: وأرضينا.

وكذلك لو كانت دنانير ودراهم بعضها حالاً وبعضها إلى أجل مسمى فإن ذلك جائز. وكذلك لو صالحها على طعام وسمى كيلاً معلوماً وضرباً معلوماً وجعل له أجلاً معلوماً والميراث معلوم بعينه لم يستهلك. وكذلك لو لم يكن له أجل فهو جائز. فإن (¬1) [كان الطعام بعينه و] ضرب (¬2) له (¬3) أجلاً فهو فاسد. وكذلك الكيل والوزن كله. ولو صالحه على ثياب مسماة بعينها من الميراث أو من غيره جاز ذلك، ولو ضرب لها أجلاً لم يجز ذلك (¬4). ولو كانت ثياباً (¬5) مسماة معلومة الذرع والطول والعرض والرُّقْعَة (¬6) وضرب لها أجلاً والميراث بعينه لم يستهلك جاز ذلك، وإن لم يضرب لها أجلاً لم يجز. وكذلك لو صالحها على شيء من الحيوان بعينه عبداً (¬7) أو أمة أو دابة أو بقرة أو بعيراً أو غنماً (¬8) مسماة فهو جائز، وإن ضرب لها أجلاً لم يجز. وإن كانت بغير عينها لم تجز. ولو كان في الميراث دين على الناس قد حل فدخل (¬9) في الصلح على أن سلمت المرأة الدين للوارث لم يجز الصلح على شيء مما سمينا في هذا الكتاب. ولو لم يكن في المال الميراث فى دين وكان فيه عين دراهم في يدي الابن وهو مقر بذلك وبأنها امرأته فإن أبا حنيفة قال: إن صالحها على دراهم أقل من حصتها لم يجز، وإن صالحها على دنانير جاز. وإن صالحها على دراهم (¬10) أكثر من حصتها منها جاز ذلك أيضاً. وإن كان العين دنانير أو دراهم أقل من ذلك فهو جائز. وكل ما أجزنا عليه الصلح في هذا الكتاب من الرقيق والحيوان والثياب فليس لها أن تبيعه (¬11) حتى تقبضه. وكذلك كل ما كان من كيل أو وزن بعينه وما كان من كيل أو وزن بغير عينه أو دراهم أو دنانير، فلها أن تشتري (¬12) به عبداً أو ¬

_ (¬1) م ز: وإن. (¬2) الزيادة مستفادة من ب. (¬3) م ف ز: لها. (¬4) ز - ولو ضرب لها أجلا لم يجز ذلك. (¬5) م ز: ثياب. (¬6) أي: الغلظ والثخانة كما تقدم. (¬7) م ز: عبد. (¬8) م ز: أو بعير أو غنم. (¬9) ف ز - فدخل. (¬10) ز - أقل من حصتها لم يجز وإن صالحها على دنانير جاز وإن صالحها على دراهم. (¬11) ز: أن يبيعه. (¬12) م ز: أن يشتري.

أمة أو ثياباً أو متاعاً (¬1)، ولها (¬2) أن تأخذ (¬3) بالدنانير دراهم وبالدراهم دنانير، ولها أن تأخذ (¬4) بالحنطة شعيراً أو زيتاً بعد أن يكون ما يأخذ بعينه. فإن فارقته (¬5) قبل أن يقبضه والذي كان لها حنطة، والذي أخذت شعير بعينه، فهو جائز أيضاً. وإن كان الشعير بغير عينه ثم فارقته (¬6) قبل القبض بطل الصلح. ولو صالح الابن أخته وشريكه في الميراث كان مثل هذا. وكذلك لو كان الوارثان أخوين، فصالح أحدهما صاحبه. وكذلك لو كانت المرأة هي قبضت الميراث فصالحت الابن. ولو كان الميراث عقاراً وثياباً (¬7) ورقيقاً ومتاعاً ومالاً عيناً، فصالح الابن المرأة من ذلك كله، ما خلا المال العين والدين، فإن ذلك جائز. فإن كتب عليها بذلك براءة فهو جائز. وإن كتب في براءته: إني دفعت إليك جميع حصتك من المال العين، فهو جائز. وإن كتب في براءته: إني عجلت لك بميراثه من كل مال دين على الناس من غير شرط اشترطتيه علي، فهو جائز أيضاً. ويبرأ (¬8) الغرماء من حصتها أيضاً من الدين. ولو قوّم جميع التركة غير المال العين والمال الدين، ثم صالحها على أن أعطاها ميراثها من تلك القيمة، على أن سلمت له ذلك كله إلا العين والدين، فهو جائز. ولو كتب في البراءة: ودفعت إلي حصتي من العين وعجلت لي حصتي من الدين، كان ذلك جائزاً. ولو صالحها من ذلك كله ما خلا الدين على عبد أو أمة أو ثياب فإن ذلك جائز. ولو كان ميراثاً بين رجلين دار أو عبد أو أمة أو ثياب (¬9)، فاصطلحا على أن أخذ أحدهما الدار، وأخذ الآخر العبد أو الأمة أو الثياب، فهو جائز. وكذلك لو كان مكان العبد والأمة طعام أو شيء مما يكال أو يوزن ¬

_ (¬1) م ز: أو ثياب أومتاع. (¬2) ز: وله. (¬3) ز: أن يأخذ. (¬4) ز: أن يأخذ. (¬5) ف: فارقه؛ ز: فارفيه. (¬6) ز: ثم فارقيه. (¬7) م ف ز: أو ثيابا. (¬8) ز: وبيرا. (¬9) ف - فإن ذلك جائز ولو كان ميراثا بين رجلين دار أو عبد أو أمة أو ثياب.

أو دراهم فاصطلحا على أن أخذ أحدهما الدار وأخذ الآخر (¬1) ما سوى ذلك فهو جائز. ولو كان في ذلك دين، فصار في حق أحدهما أو في نصيبه، فسد الصلح، ولم يجز. ولو كان في الميراث دار وعبد (¬2)، فأخذ أحدهما الدار، وأخذ الآخر العبد، على أن زاده صاحب الدار مائة درهم أو عشرة دنانير أو ثوباً بعينه أو شيئاً مما يكال أو يوزن، فهو جائز. ولو كان الميراث داراً (¬3) واحدة بينهما نصفين، فأخذ أحدهما الثلث المقدم بنصيبه، وأخذ الآخر الثلثين المؤخر بنصيبه، فهو جائز. وكذلك هذا في الأرض. ولو باع أحدهما ما صار له، واستحق نصف ما في (¬4) يدي الآخر، وباع نصفه، ثم اختصما، فإنه يرجع بربع قيمة ما أخذ صاحبه. وكذلك لو كان صاحب الثلثين باع بعد الاستحقاق؛ لأن بيعه بعد الاستحقاق رضى منه بإمساك ما بقي. ولو كانا لم يبيعا ولكن استحق ما في يدي أحدهما، فإن الصلح ينتقض كله، ويكون ما بقي من ذلك كله (¬5) بينهما نصفين. ولو استحق نصفه كان له أن يرد ما بقي، وينتقض الصلح كله إن شاء ذلك المستحق ما (¬6) في يديه، ويكون ذلك كله بينهما نصفين. وإن شاء أمسك ما بقي، ورجع بنصف قيمة ما استحق من يديه فيما بقي في يدي صاحبه. فإن كان قيمة ذلك ثلاثمائة درهم رجع بنصفها فيما في يدي الآخر. فإن كان قيمة ما في يدي الآخر ستمائة درهم رجع بربع ما في يد صاحبه. وإذا اصطلح أهل الميراث وهم ثلاثة، فأخذ أحدهم داراً (¬7)، وأخذ الآخر عبدين، وأخذ الآخر متاعاً، فإنه جائز. فإن باع القوم جميعاً ذلك إلا صاحب العبدين، ثم إن أحدهما استحق من يديه، وقيمتهما سواء، وقيمة ¬

_ (¬1) ز - العبد أو الأمة أو الثياب فهو جائز وكذلك لو كان مكان العبد والأمة طعام أو شيء مما يكال أو يوزن أو دراهم فاصطلحا على أن أخذ أحدهما الدار وأخذ الآخر. (¬2) م ز: أو عبد. (¬3) م ز: دار. (¬4) ز - في. (¬5) ف - كله. (¬6) ف: مما. (¬7) م ز: دار.

باب صلح الوارث الموصى له

الدار مثل قيمتهما أو أكثر أو أقل، وقيمة المتاع مثل ذلك، فإنه يرجع على كل واحد منهما بسدس قيمة ما أصابه. ولو لم يكونوا باعوا رجع على كل واحد منهم بسدس ما في يديه. ... باب صلح (¬1) الوارث الموصى له وإذا مات الرجل وأوصى بثلثه لرجل، وترك ورثة فيهم الصغير والكبير، فطلب الموصى له وصيته (¬2)، فصالحه بعض الورثة على دراهم مسماة، على أن سلم ذلك له خاصة دون بقية الورثة، فإن كان الميراث ليس فيه مال غائب ولا مال حاضر يكون ثلثه مثل ذلك، فإني أجيز الصلح إذا كان المال العين في يدي المصالح وكان الميراث رقيقاً وعقاراً. فإن كان في الميراث دين فإن ذلك لا يجوز. وإن كان فيه عين ثلثه مثل ما أعطى (¬3) وأكثر فإن الصلح لا يجوز. وإن كان المال العين في يدي الوصي (¬4) فكان ما أعطاه الوارث أكثر من ثلثه ثم تفرقا قبل أن يقبض الوارث من يدي الوصي فإنه ينتقض من الصلح حصة المال العين، ويجوز فيما سوى (¬5) ذلك من العروض والعقار. وإن كان إنما صالحه على دنانير فهو كذلك أيضاً. ولو كان صالحه على طعام أو شيء مما يكال أو يوزن بعينه فهو جائز. وإن كان بغير عينه (¬6) فهو باطل لا يجوز، لأنه صفقة واحدة. وإن كان قد صالحه على عبد أو (¬7) أمة أو ثياب بعينها فهو جائز. وإن كان قد (¬8) صالحه على ثياب فسمى الجنس والرُّقْعَة (¬9) والذرع والطول والعرض (¬10) وضرب لها أجلاً ثم تفرقا قبل أن يقبض الوارث حصة ¬

_ (¬1) ز: مصالحة. (¬2) ف: وصيه. (¬3) ف: ما أعطاه. (¬4) م ز: وصي. (¬5) ز + سوى. (¬6) ز: بعين غيره. (¬7) م ز - أو. (¬8) م ز - قد. (¬9) أي: الغلظ والثخانة كما تقدم. (¬10) ز: والعروض.

الموصى له من المال العين فإنه يبطل من الثياب حصة ذلك المال، ويجوز ما سوى ذلك. ولو كان هذا الصلح من مال الوارث على أن يسلم الموصى له جميع وصيته بين الورثة على سهام الله تعالى كان القول فيه مثل ذلك في جميع ما في هذا الكتاب. وصلح الوارث الموصى له وصلح الوارث سواء في جميع ما سمينا في هذا الكتاب وفي كتاب صلح الورثة. ولو كان الميراث في يدي الموصى له فصالح الوارث على أن أعطاه دراهم (¬1) على أن يسلم (¬2) الوارث ميراثه له كان القول فيه مثل ذلك. ولو كان الميراث مالاً عيناً وحُلِيًّا فيه جوهر لا يخلص إلا بضرر وثياباً ومتاعاً، والورثة رجلان كبيران وصغير له وصي ورجل موصى له بالثلث، فاجتمعوا جميعاً، فاصطلحوا على أن قوّموا ذلك قيمة عدل فيما بينهم، فقسموا لأحد الوارثين الكبيرين حليًّا بعينه وثياباً، وللوارث (¬3) الآخر الكبير حليًّا ومالاً ورقيقاً، وللوارث الصغير (¬4) مثل ذلك، وللموصى له مثل ذلك، وأنفذوا ذلك فيما بينهم، ووضعوا على كل شيء من ذلك قيمة مسماة، وجعلوه لصاحبه بتلك القيمة، ولم يتقابضوا، كان ذلك باطلاً لا يجوز، من قبل ما فيه من الذهب والفضة، وأنه (¬5) قد صار بيعاً لم يقبض ثمنه، فصار صرفاً لم يقبض له ثمن، فلا يجوز ذلك. ولو كان وارث منهم اشترى رقيقاً ومتاعاً بألف درهم ثم إن الوارث الآخر اشترى منهم حليًّا فيه جوهر بألف درهم (¬6) على أن يحسب له من نصيبه لم يجز ذلك، من قبل أنه لم ينقد، وأن حصته مما على أخيه دين، ¬

_ (¬1) م ز: دراهما. (¬2) م ف: أن سلم. (¬3) ف: والوارث. (¬4) ز - الصغير. (¬5) ز: فإنه. (¬6) ز - ثم إن الوارث الآخر اشترى منهم حليا فيه جوهر بألف درهم.

باب الصلح عن الخدمة والسكنى والغلة

فلا يصلح ذلك، لأن الوارث الصغير والموصى له لم يقبضا ثمن حصتهما من ذلك، غير أنه يجوز له من ذلك كله الجوهر كله بحصته من الثمن إن كان مميزاً، فإن كان غير مميز لم يجز شيء (¬1) منه. ... باب الصلح عن الخدمة والسكنى والغلة وإذا أوصى الرجل للرجل بخدمة عبده سنة وهو يخرج من ثلثه فهو جائز. فإن صالحه الوارث من الخدمة على عشرة دراهم فهو جائز (¬2). وكذلك لو صالحه على سكنى بيت شهراً كان جائزاً. وكذلك لو صالحه على خدمة خادم غيره شهراً أو على ركوب دابة شهراً أو على لبس ثوب شهراً فهو جائز. وكذلك لو كان الوارث صغيراً فصالحه وصيه على ذلك. وكذلك لو كان أبو الوصي حيًّا (¬3) فصالحه على ذلك فهو جائز. فإن مات العبد الموصى بخدمته بعدما قبض الموصى له ما صالحه عليه فهو جائز. وكذلك لو صالحوه على ثوب كان جائزاً. فإن وجد به عيباً كان له أن يرده، ويرجع في الخدمة. فإن أراد بيع الثوب قبل أن يقبضه فليس له ذلك، من قبل أن هذا بمنزلة الشرى في هذا الوجه، فليس له أن يبيع ما اشترى حتى يقبض. ولو كان صالحهم على دراهم كان له أن يشتري بها منهم ثوباً قبل أن يقبضها. ولو أن الوارث اشترى منه الخدمة شرى (¬4) ببعض ما ذكرنا لم يجز ذلك، إذا وقع عليه اسم الشراء لم يجز، وإذا كان صلحاً جاز. وكذلك لو كان (¬5) قال: أعطيك هذه الدراهم مكان خدمتك، ولم يذكر صلحاً، أو قال: أعطيكها عوضاً من خدمتك، ولم يذكر صلحاً (¬6)، أو قال: أعطيكها على أن ¬

_ (¬1) م ز: شيئاً. (¬2) ف - فإن صالحه الوارث من الخدمة على عشرة دراهم فهو جائز. (¬3) م ز: حي. (¬4) ز: سوي. (¬5) ف - كان. (¬6) ز: صلح.

باب الصلح في السكنى

تترك (¬1) خدمتك، أو قال: أعطيكها بدلاً من خدمتك، أو مقايضة بخدمتك، فإن هذا جائز كله. ولو قال: أهب لك هذه الدراهم على أن تهب لي خدمتك، كان جائزاً إذا قبض (¬2) الدراهم. ولو أن الوارث كان اثنين، فصالح أحدهما على عشرة دراهم، على أن يجعل له خدمة هذا الخادم خاصة دون شريكه، لم يجز ذلك؛ لأن هذا بمنزلة الإجارة. ولو جاز هذا لهذا الوارث دون صاحبه كان لصاحب الخدمة أن يؤاجرها منه أو من غيره، فهذا لا يجوز. إنما أستحسن هذا [إذا] (¬3) كان لجميع الورثة؛ لأن الخدمة تبطل، ويصير عين العبد بينهم على الميراث. ولو لم يصالح وباع الورثة العبد، فأجاز صاحب الخدمة البيع، بطلت خدمته، ولم يكن له في الثمن (¬4) حق. وكذلك لو دفع بجنايته برضى صاحب الخدمة كان جائزاً وبطلت الخدمة. ولو قتل العبد خطأً فأخذوا قيمته، كان عليهم أن يشتروا بها عبداً، فيخدم صاحب الخدمة. ولو صالحوه من ذلك على دراهم مسماة أو طعام أجزت ذلك. ولو قطعت إحدى (¬5) يدي العبد، فأخذوا أرشها، فكان (¬6) مع العبد، فإن اصطلحوا منها على عشرة دراهم (¬7) على أن يسلم له بعينها والعبد، أجزت ذلك. ... باب الصلح في السكنى وإذا أوصى الرجل لرجل بسكنى دار سنة أو حياته، وهي تخرج من الثلث، فهو جائز. وإن صالحه الورثة من ذلك على دراهم مسماة فإن ذلك جائز. وكذلك لو صالحوه على سكنى دار أخرى سنين (¬8) مسماة ¬

_ (¬1) ز: أن يترك. (¬2) م ف ز: واقبض. (¬3) الزيادة من ب. (¬4) ف: في اليمين (مهملة). (¬5) م ز: أحد. (¬6) ف ز: وكان. (¬7) ز - دراهم. (¬8) م ز: سنينا.

باب الصلح في الوصية بغلة العبد

فهو جائز. وكذلك لو صالحوه على خدمة عبد سنين (¬1) مسماة. فإن مات العبد أو انهدمت (¬2) الدار رجع في داره الأولى، فسكنها حتى يموت إن كانت وصيته بالسكنى حتى يموت. وإن كانت سنة (¬3) رجع في ذلك كله بحساب ما بقي. فإن كانت وصيته بالسكنى حتى يموت، وصالح على خدمة هذا العبد أبداً، فإن هذا لا يجوز. وكذلك لو كانت وصيته الأولى سنين (¬4) مسماة، فإنه لا يجوز حتى يوقتوا لما صالحوه عليه وقتاً. فإذا صالحوه على طعام مسمى فهو جائز. والصلح في سكنى الدار كالصلح في خدمة العبد، ما جاز في هذا جاز في (¬5) ذلك، وما فسد في هذا فسد في ذلك. ... باب الصلح في الوصية بغلة العبد وإذا أوصى الرجل للرجل بغلة عبد بعينه، وهو يخرج من الثلث، فهو جائز. وإن كان صالحه الورثة من ذلك على دراهم مسماة فهو جائز (¬6). وإن كانت غلته أكثر من ذلك فهو جائز. وإن كان أوصى بغلته أبداً، فصالحوه من ذلك على مثل غلته شهراً واحداً، وسموا ذلك، كان جائزاً عليه. ولو صالحه أحد الورثة على أن يكون لهم كان ذلك جائزاً. ولو صالحه أحد الورثة على أن يكون ذلك له خاصة لم يجز ذلك؛ لأن هذا مجهول لا يعرف. ولو كان أوصى له بغلته سنة، فصالحه أحد الورثة على عشرة دراهم، على أن تكون (¬7) له غلة العبد هذه السنة، كان باطلاً لا يجوز أيضاً؛ لأنه لم يستأجر خدمته. وإنما أجيز لجميع الورثة؛ لأنه صلح بطل عنهم فيه ¬

_ (¬1) م ز: سنينا. (¬2) ز: وانهدمت. (¬3) ف - سنة؛ ز: سنته. (¬4) م ز: سنينا. (¬5) م ز - في. (¬6) م ز + وإن كان صالحه الورثة من ذلك على دراهم مسماة فهو جائز. (¬7) ز: أن يكون.

باب الصلح في الوصية في غلة الدار

الغلة، وصار ميراثاً بينهم. ولو صالحه أحد الورثة على ثوب على أن تكون (¬1) له غلة العبد هذه السنة كان باطلاً (¬2)؛ لأن غلة العبد لا تعرف. وكذلك كل كيل في هذا أو وزن فهو بمنزلة ذلك. ولو استأجر منه العبد هذه السنة بذلك كان هذا جائزاً، ولا يشبه هذا الأول؛ لأن لصاحب الغلة أن يؤاجر العبد، فإن أجره من الورثة أو من بعضهم فهو جائز. فإن أجر المستأجر العبد فاستفضل من غلته فضلاً على ما استأجره فإني أنظر فيما استأجره به: فإن كان دراهم وأجره بدراهم أمرته (¬3) أن يتصدق بالفضل إلا أن يكون أعان في ذلك بشيء، وإن كان استأجره بعرض من العروض طاب له الفضل. وكذلك كل ما يكال أو يوزن إذا اختلف. وإن استأجره بحنطة وأجره بحنطة أكثر منها تصدق بالفضل. وإن كان استأجره بثوب يهودي بعينه فأجره بثوبين (¬4) يهوديين بأعيانهما طاب له الفضل، ولا يشبه هذا الكيل والوزن، لأنه لا يجوز الكيل إلا مثلاً بمثل إذا كان نوعاً واحداً (¬5). وكذلك الوزن (¬6). ... باب الصلح في الوصية في غلة (¬7) الدار وإذا أوصى الرجل بغلة داره لرجل وهي تخرج من ثلث ماله فهو جائز. وإن استأجرها الورثة منه فهو جائز (¬8). وكذلك إن استأجرها واحد ¬

_ (¬1) ز: أن يكون. (¬2) ز + لا يجوز أيضاً لأنه لم يستأجر خدمته وإنما أجيز لجميع الورثة لأنه صلح بطل عنهم فيه الغلة وصار ميراثا بينهم ولو صالحه أحد الورثة على ثوب على أن يكون له غلة العبد هذه السنة كان باطلاً. (¬3) ز: امرأته. (¬4) ز - يهودي بعينه فأجره بثوبين. (¬5) ز: واحد. (¬6) ف - وكذلك الوزن. (¬7) ز: عن الوصية بغلة. (¬8) ف - وإن استأجرها الورثة منه فهو جائز.

باب كتاب الصلح في الوصية بغلة النخل

منهم فهو جائز. وإن صالحوه من غلتها على شيء مسمى فهو جائز، لأن هذا ليس لبعضهم دون بعض خاصة (¬1)، وهذا إبطال للوصية، وترد الدار عليهم ميراثاً كما كانت. وكل شيء أجزناه في صلح العبد في الغلة فهو جائز في صلح غلة الدار (¬2)، وكَّل شيء فسد في غلة العبد فهو فاسد في صلح غلة الدار (¬3)، لا يختلفان في شيء. ... باب كتاب (¬4) الصلح في الوصية (¬5) بغلة النخل وإذا أوصى رجل لرجل بغلة نخله هذا أبداً وهو يخرج من ثلثه فإن ذلك جائز. فإن صالحه الورثة على دراهم مسماة من ذلك كله فهو جائز. وإن كان (¬6) قد خرج ثمرة (¬7) عام فصالحه بعدما أخرجت وبلغت من هذه ومن كل غلة تخرج (¬8) هذه أبداً فهو جائز. ولو صالحوه من ذلك على حنطة وقبضها كان جائزاً. فإن صالحوه على حنطة نسيئة لم يجز، لأن في رؤوس (¬9) النخل ثمراً، وهذا كيل بكيل. ولو كان مكان الحنطة شيء مما يوزن إلى أجل كان جائزاً. ولو كان مكان الحنطة ثمر (¬10) لا يعلم أهو أكثر مما في رءوس النخل أو أقل كان باطلاً لا يجوز. ولو علم أن ما أعطى من التمر أكثر كان جائزاً، وكان الفضل في ذلك بالغلة فيما يستقبل. وإن كان ما أعطى من التمر أقل لم يجز. وإن كان أكثر وكان نسيئة لم يجز ذلك. وإن صالحوه من غلة هذا النخل على غلة نخل آخر (¬11) أبداً لم يجز ¬

_ (¬1) م ف ز + دون بعض. (¬2) ز - وكل شيء أجزناه في صلح العبد في الغلة فهو جائز في صلح غلة الدار. (¬3) م ز + وكل شيء فسد في غلة العبد فهو فاسد في غلة الدار. (¬4) ز - كتاب. (¬5) ز: عن الوصية. (¬6) ز - كان. (¬7) م ف ز: ثمرته. والتصحيح من ب. (¬8) ز: يخرج. (¬9) ز: في رأس. (¬10) م ز: تمرا. (¬11) ز: آجر.

باب الصلح في الوصية بما في البطن

ذلك. وإن صالحوه على غلة نخل سنين (¬1) مسماة لم يجز ذلك (¬2). وكذلك لو صالحوه على غلة عبد سنين (¬3) مسماة لم يجز ذلك، لأن ما أعطوه مجهول لا يعرف. ولو صالحوه على خدمة عبد أبداً أو سكنى دار أبداً (¬4) لم يجز ذلك، لأنه مجهول. ولو سمى لذلك سنين (¬5) مسماة جاز ذلك، لأنه معروف معلوم. ... باب الصلح في الوصية (¬6) بما في البطن وإذا أوصى الرجل للرجل بما في بطن أمته وهي (¬7) حامل فهو جائز من الثلث. فإن صالح الورثة صاحب الوصية على دراهم مسماة ودفعوها إليه فهو جائز، لأن هذا براءة (¬8) من الوصية، ولا يشبه البيع، لو باعه منهم أو من غيرهم كان البيع في ذلك باطلاً لا يجوز. ولو صالحه أحد الورثة على أن يكون له خاصة دون الورثة لم يجز ذلك، وهو بمنزلة البيع في هذا الوجه. ولو صالحه على أن يكون ما في بطنها لجميع الورثة على ميراثهم كان ذلك جائزاً. ولو صالحه عنهم غيرهم بأمرهم أو بغير أمرهم كان ذلك جائزاً. وإن جحدوا الوصية أو أقروا (¬9) بها فهو سواء. وإن كان الورثة صغاراً فصالحه وصيهم عنهم والوصية معروفة كان ذلك جائزاً. ولو كان الورثة كبارا فصالحوه من ذلك على ما في بطن خادم لهم أخرى كان الصلح باطلاً، لأن ما أعطوه مجهول لا يعرف. ولو صالحوه على خدمة عبد سنة كان جائزاً. وكذلك السكنى. ولو صالحوه على غلة عبد سنة أو على غلة دار سنة أو ¬

_ (¬1) م ز: سنينا. (¬2) م + وكذلك لو صالحوه على غلة نخل سنين مسماة لم يجز ذلك. (¬3) م ز: سنينا. (¬4) ف - دار أبداً. (¬5) م ز: سنينا. (¬6) ز: عن الوصية. (¬7) ز: وهو. (¬8) ز: أبرأه. (¬9) م ز: وأقروا.

على نخل سنة لم يجز ذلك، لأنه مجهول. وكذلك لو صالحوه على خدمة عبد أبداً، لأن هذه الخدمة مجهولة. ولو صالحوه على دراهم مسماة ثم ولدت الجارية غلاماً ميتاً (¬1) فإن الصلح باطل، والوصية باطل، لأنه لم تقع (¬2) له وصية. ولو ضرب إنسان بطنها فألقت جنيناً ميتاً كان أرش ذلك لهم، وكان الصلح جائزاً. ولو أوصى رجل لرجل بما في بطن أمته ولا يدري حامل هي أم لا، فصالحه الورثة على دراهم مسماة، ثم استبان لهم أنها غير حامل، ومضى سنتان قبل أن تلد شيئاً، فإن الصلح باطل، يرجعون عليه بالدراهم؛ لأنه لم يكن له وصية. وكذلك ما في بطون الغنم وضروعها، وما في بطون الإبل والبقر وضروعها في الصلح في الوصية على ما ذكرنا من الأمة. ولو أن رجلاً أوصى بما في بطن أمته لرجل، فصالحه رجل من غير الورثة على أن يكون ذلك له خاصة على دراهم مسماة، فإنه لا يجوز. وهذا بمنزلة البيع. ولو أعتقه لم يجز، لأنه فاسد، ولم يقبض. ولو قبض الأمة ثم أعتق ما في بطنها لم يجز ذلك؛ لأنهم لا يملكونها. ولو أعتقوا أمة جاز ذلك. فإن صالحهم بعد عتق أمة على دراهم مسماة على ما في بطنها كان جائزاً. فإن ولدته ميتاً بطل الصلح، ورجعوا عليه بالدراهم التي أعطوه؛ لأنه لم يجب له عليهم قيمة. كان خرج حيًّا فقد وجب له عليهم القيمة، والصلح جائز. وإن كان أكثر من قيمته أو أقل فهو جائز. وإذا أوصى الرجل لرجل بما في بطون غنمه فهو جائز. فإن ذبح الورثة الغنم قبل أن تلد فلا ضمان عليهم فيما في بطونها (¬3). وإن صالحوه بعد الذبح على شيء فهو باطل. وكذلك الأمة لو قتلوها. ولو قتلها غيرهم كانت القيمة للورثة، وليس للموصى له في قيمتها شيء. وكذلك الأنعام والدواب فيما في بطونها. وإذا أوصى رجل لرجل بما في (¬4) ضروع غنمه من اللبن فهو جائز. ¬

_ (¬1) ف - ميتا. (¬2) ز: لم يقع. (¬3) ز: في بطون. (¬4) ف، بطون.

باب الرجل يوصي لما في بطن المرأة فيصالح أبو الحبل على صلح

فإن صالحه الورثة على لبن أقل من ذلك أو أكثر فإنه لا يجوز. ولو صالحوه على دراهم مسماة كان جائزاً؛ لأن هذا براءة من الوصية. وكذلك الصوف. وإذا أوصى رجل لصبي بما في بطن أمته، فصالح أبو الصبي الورثة على دراهم مسماة، فهو جائز. وكذلك إن صالحه وصيه (¬1). وكذلك إن كانت الوصية لمكاتب (¬2) فصالح. وكذلك المرأة وأهل الذمة وأهل الإسلام في ذلك سواء. والمعتوه يصالح له أبوه فهو جائز بمنزلة الصبي. ... باب (¬3) الرجل يوصي لما في بطن المرأة فيصالح أبو الحَبَل (¬4) على صلح (¬5) وإذا أوصى رجل بألف درهم أو بعبد أو أمة أو ثياب لما في بطن فلانة، ولا يعلم أحامل هي أم لا، فإن (¬6) جاءت بالولد لأقل من ستة أشهر فالوصية له جائزة من الثلث. كان جاءت به لأكثر من (¬7) ذلك لم يكن له وصية. كان أقر الميت أنها حامل فالوصية له (¬8) جائزة ما بينه وبين السنتين منذ يوم أوصى. فإن صالح أبو الحَبَل (¬9) من الوصية على صلح رضي به فإنه لا يجوز. كان حط من ذلك ما يتغابن الناس فيه لم يجز ذلك، لأنه (¬10) لا يجوز صلح (¬11) على ما في البطن ولا ¬

_ (¬1) ف + وكذلك إن كانت وصية. (¬2) ف: لكاتب. (¬3) ز + الصلح عن الوصية للحمل. (¬4) م ف: الحبلى. والحبل هو الحمل. انظر: لسان العرب، "حبل". (¬5) ز - الرجل يوصي لما في بطن المرأة فيصالح أبو الحبل على صلح. (¬6) ز: بأن. (¬7) م - من. (¬8) م ز: لها. (¬9) م ف ز: الحبلى. (¬10) ف - لأنه. (¬11) ز - صلح.

شرى ولا غيره. فإن ولدت المرأة غلاماً حيًّا أو جارية فالوصية لهما (¬1). وإن ولدت غلاماً وجارية فهو لهما نصفان، لأن الوصية لهما. وإن ولدت أحدهما ميتاً والآخر حيًّا فهو للحي منهما. وإن مات الحي (¬2) بعد ذلك فهو ميراث لورثته. وإن كان الأب قد حط من ذلك ما لا يتغابن الناس فيه لم يجز ذلك على الصبي، وكان الصلح باطلاً. كان ولدته ميتاً فالصلح باطل مردود. كان جاءت به لأكثر من سنتين حيًّا فالصلح باطل مردود. كان ضرب إنسان بطنها فألقت جنيناً ميتاً فالصلح في الوصية مردود باطل. كان لم يكن للحبل أبي حي، وكان له وصي، فصلح (¬3) الوصي باطل لا يجوز كما لا يجوز صلح الأب. ولو لم يصالح حتى ولدته ميتاً، أو ضرب رجل بطنها فألقته ميتاً، كانت الوصية باطلاً (¬4) لا تجوز. وإن كان الحبل عبداً، فصالح مولاه عنه، فإنه لا يجوز. وأهل الذمة وأهل الإسلام في ذلك سواء. ولو صالح مولى الحبل والحبل عبد بعد موت المريض على صلح، ثم أعتق المولى الأمة الحامل، فأعتق ما في بطنها، ثم ولدت غلاماً، فإن الغلام حر، ولا وصية له، والوصية لمولاه؛ لأن الوصية وقعت يوم وقعت لمملوكه، وهي لمولاه، فلا يجوز الصلح. وكذلك لو باع الأمة. وكذلك لو دبر ما في بطنها. ولو كان الموصي حيًّا (¬5) يوم أعتق المولى الأمة ثم مات الموصي، كانت الوصية للغلام، وكان الصلح باطلاً، ولا حق للمولى في ذلك. ولو صالح الورثة عن الوصية (¬6) قبل موت الموصي فإن ذلك لا يجوز؛ لأن الوصية لم تقع (¬7). ولو أوصى رجل لما في بطن امرأة بوصية ثم مات، فصالحت المرأة على صلح، لم يجز ذلك. ¬

_ (¬1) م ز: لها. (¬2) ز - الحي. (¬3) ف: بصلح (مهملة). (¬4) م ز: باطل. (¬5) م ز: حي. (¬6) م ف ز: من الوصية. (¬7) ز: لم يقع.

باب الصلح في الدماء والجراحات

ولا يجوز صلح أحد عليه والد ولا جد من قبل (¬1) الأب إذا كان الوالد ميتاً، أو وصي، ولا غيره، فإنه لا يجوز؛ لأنه حبل، فلا يجوز الصلح على الحبل. ... باب الصلح في الدماء والجراحات وإذا جرح الرجل جرحاً عمداً فيه قصاص، فصالحه من ذلك الجرح على مال (¬2)، فإن أبا حنيفة قال في ذلك: إن برأ الجرح فالصلح (¬3) جائز. وكذلك لو قال: أصالحك من هذه الضربة أو الجراحة. ولو كان قطع يد فقال: أصالحك من هذا القطع أو من هذه الشجة، فإن أبا حنيفة قال في ذلك كله: إن برأ فالصلح جائز، كان مات من ذلك فالصلح (¬4) مردود، وعليه القصاص. ولكنه قال: أستحسن، فأدرأ القصاص عنه، وأجعل عليه الدية في ماله. وإن كان الجرح خطأ كانت الدية على عاقلته. وقال أبو حنيفة: إن صالحه من الجناية وما يحدث فيها، أو من الجراحة وما يحدث فيها، أو من الشجة والضربة وقطع اليد وما يحدث (¬5) فيه، على دراهم مسماة، فالصلح جائز إن مات من ذلك أو برأ. وقال أبو حنيفة أيضاً: إن صالحه عن الجناية (¬6) أيضاً (¬7) ولم يقل: وما يحدث فيها، فإن الصلح جائز إن برأ كان مات، عمداً كان أو خطأ. وإن ¬

_ (¬1) ز - قبل. (¬2) ز: على ما. (¬3) ف + فالصلح. (¬4) ز - كان مات من ذلك فالصلح. (¬5) ز - يحدث. (¬6) م ف: من الجناية. (¬7) ز - إن صالحه عن الجناية أيضاً.

كان صاحب فراش مريضاً فالصلح جائز في العمد. وإن كان صالحه على عشرة دراهم في (¬1) الخطأ إن كان مريضاً صاحب فراش كان ما حط من ذلك من الثلث. وقال أبو يوسف ومحمد: الصلح من الضربة ومن الجناية ومن الشجة ومن قطع اليد ومن الجراحة، إن سمى "وما يحدث فيها" أو لم يسم (¬2)، فهو سواء (¬3) جائز في ذلك كله، إن مات أو عاش. وكذلك العفو عن ذلك بمال أو بغير مال في قول أبي حنيفة على ما قال، وقول أبي يوسف ومحمد على ما قالا (¬4). وإذا قطع الرجل إصبعاً لرجل عمداً أو خطأً، فصالحه عنها (¬5) على ألف درهم، ثم شلت إصبع أخرى سواها، فإن على القاطع أرش الإصبع الأخرى في قياس قول أبي حنيفة، ولا شيء في قول أبي يوسف ومحمد. وإذا كانت الشجة مُوضِحة (¬6)، فصالحه منها على مائة درهم، ثم صارت مُنَقَّلَة (¬7)، فإن عليه ألف درهم وأربعمائة درهم في قياس قول أبي حنيفة، ولا شيء عليه في قول أبي يوسف ومحمد. ¬

_ (¬1) م ف ز: وفي. (¬2) م ز: لم يسمي. (¬3) ف - سواء. (¬4) ز: قالاه. (¬5) ز: منها. (¬6) المُوضِحَة من الشِّجَاج هي التي توضح العظم، ويقال: أَوْضَحَتِ الشجّةُ في رأسه، وأَوْضَحَ فلان في رأس فلان إذا شجّ هذه الشجّة. انظر: المغرب، "وضح". (¬7) المنقّلة من الشَّجَاج التي يَنتقل منها فَرَاش العظام وهو رِقاقها في الرأس. انظر: المغرب، "نقل". وقال الفيومي: نقّلته بالتشديد مبالغة وتكثير، ومنه المنقّلة، وهي الشجّة التي تخرج منها العظام، والأولى أن تكون على صيغة اسم المفعول لأنها محل الإخراج، وهكذا ضبطه ابن السّكيت، ويؤيده قول الأزهري: قال الشافعي وأبو عبيد: المنقّلة التي تنقل منها فَراش العظام وهو ما رقّ منها، فصرّح بأنها محل التنقيل، وهذا لفظ ابن فارس أيضاً، ويجوز أن يكون على صيغة اسم الفاعل، نص عليه الفارابي وتبعه الجوهري على إرادة نفس الضربة، لأنها تكسر العظم وتنقله. انظر: المصباح المنير، "نقل".

وإذا قتل الرجل عمداً وله ابنان، فصالح أحدهما من دمه على مائة درهم من حصته من دمه فهو جائز، وليس لأخيه فيه شركة من قبل (¬1) أنه دم. وكذلك لو صالح على عبد أو أمة أو شيء مما يكال أو يوزن بعينه أو بغير عينه بعد أن يصف ضربه وكيله فهو جائز. وكذلك إن جعل له أجلاً أو لم يجعل له فهو جائز، ولا شيء لأخيه في ذلك إن كان القاتل (¬2) يجحد أو يقر. وأخوه على حقه قبل (¬3) القاتل. وكذلك لو صالحه على وصيف أو على مملوكة بعينها أو بغير عينها فإن الصلح جائز، وعليه خادم وسط. ولو صالحه على (¬4) كذا كذا من الغنم كان جائزاً. وكذلك الإبل والبقر وإن كان بغير عينها؛ لأنه دم فيه القصاص، فالصلح فيه جائز على ذلك كما يجوز في النكاح؛ لأنه ليس بمال. ولو كان صالحه على عبد بعينه أو متاع كان له أن يبيعه قبل أن يقبضه؛ لأنه ليس بشرى ولا بيع (¬5) ولم يكن صلحاً من مال. ولو استحق العبد من يدي الولي كان على القاتل قيمة العبد، ولا يرجع في الدم بعد العفو. وكذلك إن وجد بالعبد عيباً فاحشاً كان له أن يرده ويأخذ قيمته صحيحاً. ولو كان العبد حراً كان على القاتل الدية لأولياء القتيل في ماله. ولو اختلفا فقال القاتل: صالحتك على هذا العبد، وقال ولي الد م: بل على هذا الآخر، فإن الصلح جائز، والقول قول القاتل مع يمينه بمنزلة الخلع. ولو صالحاه جميعاً على ألف درهم كانت حالة، وكان الصلح جائزاً. وكذلك الجرح العمد الذي (¬6) فيه القصاص يصالح عنه فهو بمنزلة الدم العمد. ولو كان القتيل خطأ، فصالح أحدهما على مال كان لشريكه أن يشركه في ذلك، فيأخذ نصفه. وكذلك الجراحة التي فيها الأرش تكون (¬7) بين وارثين، فصالح أحدهما من حصته على مال، فإن شريكه يشركه في ذلك. ¬______ذ____ (¬1) ز: من قتل. (¬2) ز: العامل. (¬3) ز: قول. (¬4) ز - على. (¬5) ف ز: ببيع. (¬6) ف؛ كان. (¬7) ز: يكون.

وكذلك لو صالحه عن صاحب الجناية غيره. وكذلك الصلح بعد الإقرار والإنكار. ولو صالح أحدهما على عبد بعينه من حصته كان جائزاً، وكان لشريكه الشرك فيه، إلا أن يعطيه الذي صالح ربع الأرش، ويسلم العبد لنفسه، والخيار في ذلك إليه إن شاء أعطاه ربع الأرش، وإن شاء نصف العبد، ولا خيار للطالب في ذلك. وكذلك العروض كلها الكيل والوزن والحيوان والثياب وكل شيء من ذلك بغير عينه، فإن الصلح لا يجوز فيه؛ لأن الأصل مال، فالصلح فيه بمنزلة الشرى. وكذلك لو صالحه على طعام بكيل (¬1) معلوم إلى أجل معلوم لم يجز؛ لأنه دين في دين. وكذلك كل ما يكال أو يوزن أو يذرع مما يجوز فيه السلم فهو مثل هذا. ولو صالحه على عبد بعينه فاستحق من يديه أو مات قبل أن يقبض رجع بنصف الأرش. ولو كان هذا في عمد رجع بقيمة العبد. ولو وجد بالعبد عيباً صغيراً أو كبيراً رده، ورجع بنصف الأرش في الخطأ. وليس له أن يبيع العبد قبل أن يقبضه؛ لأنه بمنزلة البيع. وكذلك لو صالح عن الجاني غيره بإقرار أو إنكار. وإذا صالح الرجل من دم ادُّعي قِبَلَه عمداً على سكنى دار سنين (¬2) مسماة أو خدمة عبد سنين (¬3) مسماة فإنه جائز. ولو صالحه على سكنى دار أبداً لم يجز. وكذلك لو صالحه على خدمة عبد أبداً فإنه لا يجوز؛ لأن هذا مجهول. وعلى القاتل الدية في جميع ما فسد من هذا الصلح. ولو صالحه من هذا الدم على ما في بطن أمته فإنه لا يجوز. وكذلك لو صالحه على ما في بطن غنمه لم يجز ذلك. وكذلك لو صالحه على ما في ضروعها. ولو صالحه على ما تحمل نخله أو على ما (¬4) تحمل أمته عشر سنين لم يجز ذلك، وكان عليه الدية. ولو صالحه على غلة نخله عشر سنين لم يجز (¬5). ¬

_ (¬1) ز: كيل. (¬2) م ز: سنينا. (¬3) م ز: سنينا. (¬4) ف - ما. (¬5) ف هـ + ولو صالحه على ما في نخله من ثمرة كان جائزاً.

ولو صالحه على غلة عبده عشر سنين لم يجز؛ لأن هذا مجهول. وعلى القاتل الدية. ولو صالحه على ما في نخله من ثمرة كان جائزاً (¬1). ولو صالحه على أن عفا عن هذا الدم، على أن عفا الآخر عن قصاص له قبل رجل آخر، كان ذلك جائزاً. ولو جرح (¬2) رجل رجلاً جرحاً (¬3)، فصالحه غير الجارح كان جائزاً، إن أقر كان لم يقر. ولو قطع رجل يد رجل عمداً، فصالحه على خمر أو خنزير لم يجز ذلك، ولا دية على القاطع؛ لأن المقطوعة يده عفا على شيء لم يعرفه (¬4). أرأيت لو صالحه على حر وهو يعرفه وعفا عنه ألم يبطل الدم. وكذلك لو صالحه على أن يقطع رجله فإن الصلح باطل، وهو عفو ولا شيء له. ولو كان القطع خطأً كان الصلح باطلاً أيضاً، وكانت عليه الدية. ولو صالحه على دراهم مسماة وكفل له بها رجل كان جائزاً. وكذلك لو صالحه من دم عمد على كذا كذا مثقال فضة وذهب فهو جائز، وعليه من كل واحد النصف. وكذلك لو صالحه على كُرّين (¬5) وسط من حنطة وشعير، كان من كل واحد كر. وكذلك كل ما يكال أو يوزن. ولو صالح رجل عنه على عبد له وضمن له خلاصه كان جائزاً. فإن استحق العبد رجع (¬6) الولي على المصالح بقيمة العبد. وكذلك لو صالحه على ألف درهم وضمنها له من الدم فاستحقت رجع عليه بمثلها. وكذلك لو وجدها زُيُوفاً كان له أن يبدلها. وإذا صالحه وضمن له ذلك فهو عليه (¬7)، ولا يرجع على القاتل بشيء، إلا أن يكون هو أمره بذلك. ¬

_ (¬1) ف - ولو صالحه على ما في نخله من ثمرة كان جائزاً. (¬2) ز: خرح. (¬3) ز: حرجا. (¬4) كذا في م ف ز ب. والمقصود أنه عفا على شيء ليس له قيمة في نظر الشارع. انظر: المبسوط، 21/ 13. (¬5) م: على كرتين. (¬6) م ف ز: ورجع. (¬7) ز: له.

ولو أنه صالحه عنه على ألف درهم ولم (¬1) يضمنها له لم يكن عليه شيء. وإن كان القاتل هو أمره بذلك كان ذلك على القاتل. وكذلك لو صالحه عنه على عبد له بأمره ولم يضمن لى خلاصه فهو جائز. فإن أَستحق لم يرجع علِيه. بشيء، ورجع بقيمته على القاتل إن كان أمره. أرأيت رجلاً له على رجل ألف درهم، فكلمه فيه رجل، وسأله أن يحط عنه بعضاً ويأخذ بعضاً، فصالحه من ذلك على خمسمائة درهم، أكان الصلح يضمنه، لا ضمان (¬2) عليه فيها، وهي على الذىِ عليه الأصل. ولا يشبه الصلح في هذا البيع. وكذلك الدعوى في العقار والحيوان والديون. وإمّا صالح رجل رجلاً عن الذي ذلك في يديه على صلح ولم يضمنه فلا شيء عليه. وإن كان (¬3) الذي عليه الدعوى هو أمره بذلك فإن ذلك يلزمه، ولا يلزم المصالح إلا أن يضمن. وإذا ادعى رجل قبل امرأة دماً عمداً أو خطأ، أو ادعت المرأة قبل رجل، فصالح أحدهما قبل صاحبه فهو جائز. وأهل الذمة في ذلك مثل أهل الإسلام. وإذا كان الدم العمد لصبي فصالح أبوه على الدية فهو جائز، كان حط (¬4) عنه من ذلك شيئاً لم يجز ما حط، وكان على القاتل تمام الديِة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكدلك قال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد فيما دون النفس. وكذلك المغلوب الصجنون. فأما الوصي فإنه يصالح عن الصبي في كل قصاص في النفس وفيما دون النفس في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإن حط (¬5) من ذلك شيئاً بلغ به دية ذلك (¬6)، ويجوز صلحه في النفس على الدية أيضاً. وليس للوصي أن يقتل. وللأب أن يقتل. ويقتصان جميعاً فيما دون النفس. ¬

_ (¬1) ز: لم. (¬2) ف: ولا ضمان؛ ز: لا لا ضمان. (¬3) ف: ولو كان. (¬4) ز: خط. (¬5) ز: خط. (¬6) ز - ذلك.

باب الصلح فيي العبد يقتل عمدا أو خطأ

وقال أبو حنيفة: إذا كان الدم العمد بين ووثة فيهم الصغير والكبير فللكبير أن يقتل بذلك، كان صالحه على الدية فإن صلحه في قياس قوله جائز، فإن كل من كان له أن يقتص (¬1) فصلحه جائز. وقال أبو يوسف: ليس له أن يقتل، فإن صالح على الدية أجزت ذلك. وأذا قتل المرجل عمداً ولا ولأنه غير الإمام فإن أبا حنيفة كان يقول في ذلك: للإمام أن يقتص، وله أن يصالح على الدية، وليس له أن يعفو. محمد قال: حدثنا أبو يوسف عن محمد بن إسحاق عن وهب بن كئسان أن عبيد الله (¬2) بن عمر قتل الهرمزان في التهمهّ في دم عمر، فقال علي لعثمان: اقتل عبيد الله به فقال عثمان: قُتل أبوه بالأمس، وأَقتُلُ هذا اليوم؟ لا أفعل. هنا رجل من أهل الأرض قتل، وأنا وليه، أعفو عن هذا، وأؤدي ديته. وبه يأخذ أبو حنيفهّ وأبو يوسف ومحمد بن الحسن إذا لم يكن له وارث. ... باب الصلح فيي العبد يقتل عمداً أو خطأً وإذا قتل العبد والحر رجلاً عمداً فأمر مولى (¬3) العبد والحر القاتل رجلاً أن يصالح عنهما ولي الدم على ألف فصالحه عنهما عنى ذلك فإن أبا حنيفة قال في ذلك: على الرجل نصف الألف، وعلى مولى العبد النصف، لأن جنايتهما سواء، وإنما يقسم المال على قدر (¬4) جنايتهما. وكذلك قال أبو يَوسف ومحمد. وإذا قتل العبد رجلاً عمداً له وليان فصالح مولى العبد أحدهما من ¬

_ (¬1) ز: أن يقبض. (¬2) ف: عبد الله (¬3) ف: المولى. (¬4) ز: على قد.

نصيبه في الدم على العبد فإن الصلح في هذا جائز، ويقال للذي صار له العبد: ادفع نصفه إلى شريكك أو افده بنصف الدية على أن يسلم لك العبد. ولو كان صالحه على عبد آخر مع ذلك لم يكن له في العبد الآخر حق. ولو كان صالحه على نصف العبد القاتل فإن الصلح جائز، ويكون العبد بين المولى والولي نصفين، ويدفعان نصف العبد إلى الولي الآخر أو يفديانه بنصف (¬1) الدية. وإذا قتل العبد رجلاً عمداً له وليان فصالح مولاه أحدهما على دراهم مسماة حالة أو إلى أجل أو على دنانير أو على شيء مما يكال أو يوزن مسمى معروفاً حالاً أو إلى أجل فهو جائز، ولا حق للشريك الباقي في ذلك، ولكن يقال له: اتبع العبد القاتل حتى يدفع إليك مولاه نصفه أو تفديه (¬2) بنصف الدية. والأمة المدبرة وأم الولد في القتل العمد وفي الصلح (¬3) سواء على ما ذكرت لك. وإذا قتل العبد رجلاً خطأً فصالح المولى ولي الدم من ذلك على أقل من الدية أو على عروض أو على شيء من الحيوان بعينه فهو جائز. كان كان الدم بين شركاء فصالح أحدهم على مال فهو جائز، ولشركائه أن يشركوه (¬4) في ذلك المال. ولا يشبه الخطأ في هذا العمد، لأن الخطأ إنما لهم فيه مال ميراث بينهم، فمن أخذ منهم من ذلك شيئاً شركه فيه أصحابه. والعمد إنما هو قصاص بينهم، فمن صالح على مال فهو له خاصة. وإذا قتلت أمة رجلاً خطأً له وليان ثم ولدت الأمة ابناً فصالح المولى أحد الوليين على أن دفع إليه ابن الأمة من الدم فهو جائز، وللآخر خمسة آلاف في عنق (¬5) المولى، فهذا اختيار منه. ولو كان ¬

_ (¬1) ز: نصف. (¬2) ز: أو يفديه. (¬3) ف: والصلح. (¬4) م ز: أن يشركونه. (¬5) ز: في عتق.

باب العبد المدبر يجني عمدا أو خطأ فيصالح عنه مولاه

صالحه على أن دفع إليه ثلث الأمة بحقه من الدم كان جائزاً، ويدفع إلى شريكه النصف أو يفديه. ... باب العبد المدبر يجني عمداً أو خطأً فيصالح عنه مولاه وإذا قتل (¬1) المدبر قتيلاً عمداً فصالح عنه مولاه بألف درهم وهي قيمته فإن ذلك جائز. فإن قتل الآخر خطأ فعلى مولاه قيمة أخرى، لأن هذا مال، والأول قصاص. فإن صالح المولى الآخر على عبد ودفعه إليه فهو جائز. فإن قتل آخر خطأً فإن ولي الدم الآخر يتبع ولي الدم الأول الذي أخذ العبد حتى يدفع إليه نصف العبد الذي أخذ، ويعطيه نصف قيمة المدبر. والخيار في ذلك إلى الذي في يديه العبد. وإن كان ذلك بقضاء قاض أو بغير قضاء قاض (¬2) فهو سواء في قول أبي يوسف ومحمد. وأما في قياس قول أبي حنيفة إن (¬3) كان بقضاء قاض فهو على ذلك. وإن كان بغير قضاء قاض كان لولي الدم الآخر أن يتبع (¬4) المولى بنصف قيمة المدبر، ويرجع المولى على المصالح بنصف العبد الذي دفع إليه، إلا أن يعطيه نصف قيمة المدبر. والخيار في ذلك كله إلى صاحب العبد. ولولي الجناية الآخر أن يتبع المولى في ذلك كله بنصف القيمة، ويرجع على صاحب الجناية الخطأ الأول (¬5)؛ لأن له أن لا يرضى بصلح صاحب الجناية. فإن رجع على المولى بنصف القيمة رجع المولى بنصف العبد على الذي أخذ العبد، إلا أن يشاء أن يدفع الذي أخذ العبد نصف قيمة المدبر إلى مولاه (¬6) في قول محمد. ولو كان لم يصالح على العبد ولكن القاضي قضى له بالقيمة، فاشتراها العبد، ثم قتل الآخر، فإنه يكون على المشتري ¬

_ (¬1) ف: إذا قتل. (¬2) ف - أو بغير قضاء قاض. (¬3) م ز - إن. (¬4) م ز: أن يبيع. (¬5) م ز: الأولى. (¬6) م ف ز: إلى مولا.

نصف قيمة المدبر، ولا خيار للمشتري في ذلك، ولا ضمان على البائع في ذلك. وإذا قتل المدبر رجلاً خطأً وفقأ عين آخر، فإن على مولاه قيمته بينهم، لولي الدم الثلثان (¬1)، ولصاحب العين الثلث. فإن صالح المولى صاحب العين على مائة درهم، وقيمة المدبر ستمائة، وقبض صاحب العين المائة بعد الصلح، فإن المال (¬2) بيئهم على خمسة أسهم، يضرب فيها صاحب الدم بأربعمائة، وصاحب العين بمائة، ولا يحاصّ صاحب العين بالمائة التي قد أبرأ منها. ولو كان قبض المائة، ثم أبرأه من المائة الباقية، كانت المائة التي قبض بينهما على ثلاثة؛ لأنها كذلك وقعت يوم قبضها، وإنما أبرأه من المائة الأخرى بعد ذلك، رجع أبو يوسف بعد ذلك، وقال: هما سواء، ولصاحب العين خمسها حتى تقع القسمة، فإذا وقعت القسمة ثم أبرأه لم تنتقض القسمة. وهو قول محمد. ولو لم يقض لهما بشيء حتى صالحهما على عبد دفعه إليهما، كان العبد بينهما على ثلاثة أسهم، لصاحب الدم ثلثاه، ولصاحب العين ثلثه. وإذا قتلت أم الولد رجلاً خطأً، فقضى القاضي له بالقيمة على مولاها، ثم قتلت آخر خطأً، فأخذ الأول من المولى مائة درهم، فإنها تكون (¬3) بينهما نصفين. ولو صالحه على ثوب، فأخذه بجميع القيمة قبل القضاء، ثم جاء الثاني (¬4)، كان له أن يأخذ من المولى نصف القيمة. ويرجع المولى على المصالح بنصف الثوب إلا أن يعطيه بنصف القيمة. وأم الولد والمدبر في جميع ذلك سواء. وإذا قتل المدبر رجلاً خطأً، وفقأ عين آخر خطأ، فصالحهما المولى جميعاً على عبد ودفعه (¬5) إليهما، فهو جابز. فإن اختلفا، فقال كل واحد منهما: أنا صاحب الدم، فإن على كل واحد منهما البينة. فإن لم تقم (¬6) ¬

_ (¬1) م ز: الثلثين. (¬2) م: الما؛ ز: الماء. (¬3) ز: يكون. (¬4) ف: الباقي. (¬5) م ز: دفعه. (¬6) ز: لم يقم.

باب الجناية يصالح عليها على أن يتروج عليها

البينة فالعبد بينهما نصفان. كان قال مولى المدبر لأحدهما: أنت ولي القتيل، وقال للاخر: أنت صاحب العين، فالقول فيه قوله مع يمينه. وإذا ادعى رجلان قتل مدبر قتل عمد، وأقر (¬1) به المدبر، فهو جائز. فإن صالح مولاه عنه أحد وليي (¬2) الدم على ثوب فهو جائز، وللآخر نصف قيمة المدبر في عنق (¬3) المولى إن قامت له بينة أو أقر المولى بذلك. وإن لم تقم (¬4) بينة لم يكن له شيء. وليس الصلح بإقرار. ... باب الجناية يصالح عليها على أن يتروج عليها وإذا قطعت المرأهّ يد رجل عمداً، فصالحها من الجراحة على أن يتزوجها، فالنكاح جائز. فإن برأ من ذلك فأرش ذلك مهرها. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك إن تزوجها على الضربة. وكذلك إن تزوجها على قطع اليد. فإن مات من ذلك فالنكاح جائز، ولهاٍ مهر مثلها، وعليها الدية في مالها. وهذا قول أبي حنيفة. ولو كان القتل خطأ كانت الدية على عاقلتها، وليس لها منها شيء؛ لأنها قاتلة. وإذا تزوجها على الجناية، ثم مات منها، وهى عمد، فهذا عفو، ولها مهر مثلها، ولا يكون القصاص مهراً؛ لأنه ليس بمال. وهذا قول أبي حنيفة. وكذلك إن قال: الضربة وما يحدث فيها. وكذلك إن قال: الجراحة وما يحدث فيها. فإن برأ ولم يمت فأرش ذلك مهرها، لأنه (¬5) لا قصاص فيه. فإن شلّت يده الأخرى من ذلك أو ذهبت فأرش ذلك كله مهرها. وإن مات من ذلك وهو خطأ فإنه (¬6) يُرْفَع (¬7) لعاقلتها مهر (¬8) مثلها (¬9) من ذلك، وما بقي رفع لهم ¬

_ (¬1) م ز: أو أقر. (¬2) م ز: ولي. (¬3) ز: في عتق. (¬4) ز: لم يقم. (¬5) ز - لأنه. (¬6) ز + في نسخة. (¬7) م ف: يدفع؛ ز + يدفع. والتصحيح من ب. وانظر دوام العبارة. (¬8) ف: مهرها. (¬9) ف - مثلها.

باب الصلح في الخلع على الجناية

منه (¬1) الثلث، ولا ميراث لها، لأنها قاتلة. كان طلقها قبل الدخول أخذ من عاقلتها نصف الدية، [و] رفع عن عاقلتها نصف مهر مثلها، ثم ينظر إلى ثلث ما ترك الميت كم هو، فيرفع (¬2) ذلك عن العاقلة مما بقي، وتؤدي العاقلة جميع ما بقي من الدية بعد ذلك. ولو أن رجلاً جرح (¬3) رجلاً جراحة عمداً فتزوجت أخت الجارح المجروح على أن مهرها الجراحة على أن يكون ذلك لها خاصة دون أخيها (¬4) فالنكاح جائز. فإن برأ وصح فإني أنظر في الجناية: فإن كان فيها قصاص فهو عفو، ولها مهر مثلها على الزوج، لأن القصاص لا يكون مهراً. وإن كان (¬5) لا يستطاع فيها القصاص (¬6) فأرش ذلك مهرها في مال الزوج. وكذلك الخطأ. فإن كانت اشترطت العفو عن أخيها والبراءة له فلها مهر مثلها على الزوج، وأخوها منه بريء. فإن طلقها قبل الدخول فلها المتعة. وإن كانت اشترطت أن تأخذ (¬7) ذلك لنفسها فهو جائز. فإن شاءت أخذته من الأخ (¬8). كان شاءت رجعت به على الزوج. كان طلقها قبل الدخول رجعت عليه بنصف ذلك. ولو شجت امرأة رجلاً مُوضِحَة فصالحها على أن يتزوجها على هذه الجناية فإن ذلك جائز. فإن ذهبت عيناه من ذلك فإن ذلك كله مهرها. فإن طلقها قبل الدخول رجع عليها بنصف أرش ذلك. وإن كان خطأً فعلى عاقلتها. وإن كان عمداً ففي مالها. ... باب الصلح في الخلع على الجناية وإذا جرح الرجل امرأته جرحاً عمداً فصالحته على أن اختلعت منه ¬

_ (¬1) م ف ز: من. (¬2) ز: وفيرفع. (¬3) ز: خرج. (¬4) ز: أختها. (¬5) ز - كان. (¬6) ز + القصاص. (¬7) ز: أن يأخذ. (¬8) م ف ز: الآخذ.

باب الصلح في جناية المكاتب

بذلك الجرح إن برأت من ذلك فهو جائز، كان ماتت (¬1) من ذلك كان عليه الدية. وقال أبو يوسف ومحمد: هو جائز. فإن طلقها على ذلك طلاقاً ثم ماتت من ذلك فإن عليه الدية، وهو يملك الرجعة في قياس قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: ليس عليه دية، والطلاق بملك الرجعة. وكذلك لو خلعها على الضربة وعلى الشجة فهو مثل ذلك. وإذا طلقها على الجناية أو على الجراحة وما يحدث فيها فإن برأت فهو جائز، كان ماتت من ذلك وهو عمد فهو جائز، والطلاق بملك (¬2) الرجعة، لأنه أخذ عليه العفو عن دمه وليس بمال. وإن كان خطأً فالدية على عاقلته (¬3)، يرفع عنهم من ذلك الثلث (¬4)، فإن بقي عليهم شيء أخذ منهم، والطلاق بائن، ولا ميراث له، لأنه قاتل. وإذا جرح (¬5) رجل امرأته جراحة خطأً فصالحها زوجها على أن طلقها واحدة على أن عفت عن ذلك كله ثم ماتت من ذلك فإن العفو جائز من الثلث. وإن كان عمداً فهو جائز كله، لأنه ليس بمال. والطلاق بائن في الخطأ، وليس ببائن (¬6) في العمد. ولا ميراث لزوجها منه، لأنه طلق بائناً (¬7). وكذلك الخلع والمبارأة. ولو ضرب رجل سن امرأته فصالحها من الجناية على أن طلقها واحدة فإنه جائز، وهي بائن. فإن اسودت السن أو سقطت فلا شيء عليه من ذلك، لأنه قد صالحها عليه. وكذلك لو سقطت من ذلك سن أخرى. ... باب الصلح في جناية المكاتب وإذا قتل المكاتب رجلاً عمداً فصالح من ذلك على مائة درهم فإن ¬

_ (¬1) ز: مات. (¬2) ز: يملك. (¬3) ز + يدفع إليهم. (¬4) م ف: يدفع إليهم ذلك من الثلث؛ ز: يرفع فيهم ذلك من الثلث. والتصحيح مستفاد من الكافي، 2/ 176 و. (¬5) ز: خرج. (¬6) ف: بائن. (¬7) م ف ز: لأنه مطلق إذا كان بائنا. والتصحيح من ب.

الصلح جائز ما دام (¬1) مكاتباً. فإذا أدى فعتق فالمال له لازم. فإن عجز عن المكاتبة فبرد رقيقاً يطل المال عنه. وإن عتق يوعاً عن الدهر لزمه فلك، وكذلك لو صالح من ذللى على عبد أو أمة أو ثياب بعينها (¬2) كان ذلك جائزاً عليه، وكذلك لو صالح من ذلك على طعام أو شيء مما يكال أو يوزق بحينه فهو جائز. وإن كان بغير عينه فهو جائز. وإن كفل عنه بذلك كفيل فهو جائز. وإن كان الذي صالح على عبد وكفل له كفيل فهو جائز، فإن مات (¬3) العبد قيل أن يدفعه كان لولي الدم أن يضمن الكفيل قيمته. كان شاء ضمن ذلك المكاتب - وإن كان العبد قائماً بعينه (¬4) فله أن يبيعه (¬5) قبل أن يقبضه، عِن قِبَل أنه من قصاص، بمنزلة إمرأة تزوجت على عبد فلها أن تييعه (¬6) قبل أن تقبضه. ولو أن مكاتّباً قمّل رجلاً عمداً فقاعت عليه بذلك ميتة فصالح من دمه على مال إلى (¬7) أجل كافي جائزاً. فإن رد رقيقاً وأعتق يوماً من الدهر فإن ذلك المال عليه. وإن كفل عنه به كفيل فهو جائز. فإن عجز فرد رقيقاً لم يكن للطالب أن يأخذ المكاتب يشيء، ولكنه يأخذ الكفيل. وكذلك لو كان أقر بقتل عمد ولم يقيم بينة. والمكاتبة في فلك بمنزلة المكاتب. وكذلك ولد المكاتب الذي يولد في مكاتبته عن أمة فهو مثل في لك، وكذلك ولد المكاتبة. والمكاتب الكافر بمنزلة ذلك، كافراً كان مولاه أو مسلماً (¬8) وكذلك المكاتب للمسلم ومولاه كافر. وكذلك المكاتب إذا كان مولاه صغيراً فهو سواء، ذلك كله باب واحد. وإذا قتل المكاتب رجلاً عمداً، وله (¬9) وليان، فصالح (¬10) أحدهما على مائة درهم، وأداها إليه، ثم عجز فرد في الرق، ثم جاء الولي الآخر، فإن ¬

_ (¬1) ز - ما دام. (¬2)، م ز: يعطيها. (¬3) ز: ماتت. (¬4) ز - يعينه. (¬5) ز: أن يمنعه. (¬6) ز: أن يببعه. (¬7) ف - إلى. (¬8) ز: وأو مسلماً (¬9) م ف ز: له. (¬10) ف: وصالح.

باب الرجلان يصطلحان على حكم

المولى يضر. فإن شاء دفع نصفه إلى هذا الولي، وإن شاء فداه بنصف الدية، ولو (¬1) يعجز (¬2) ولكنه عتق، ثم جاء الولي الآخر، فإنه يقضى له على المكاتب بنصف قيمته ديناً عليه. وأذا قتل المكاتب رجلاً عمداً له وليان، فعفا أحد ولييه عن الدم بغير صلح، فإنه يقضى للآخر على المكاتب أن يسعى في نصف قيمته له. فإن صالحه من ذلك على عبد أو أمة أو عرض أو حيوان أو ثياب أو شيء مما يكال أو يوزن بعينه فإن ذلك جائز. كان صالحه على شيء مما يكال أو يوزن يغير عينه، وتفرقا قيل أن يقبض (¬3)، بطل الصلح، وكان على المكاتب نصف قيمته على حالها. ولو صالحه على طعام بعينه بأكثر من نصف (¬4) قممته جاز كلك. وكذلك العروض (¬5) كلها. ولو صالحه على دراهم أو دنانير أكثر من نصف قيمته لم يجز ذلك. ولا يشبه ذلك العروض. ولو كفل له رجل بنصف القيمة كان جائزاً. ولو صالحه الكفيل على طعام أو ثياب كان جائزاً، ويرجع الكفيل على المكاتب بنصف القيمة. ولو أعطاه المكاتب بنصف القيمة رهناً كان جائزاً. فإن هلك الرهن عنده وفيه وفاء بنصف القيمة (¬6) فهو بما فيه، وإن كان فيه فضل بطل الفضل. وإن (¬7) كان فيه نقصان رجع بذلك. ... باب الرجلان يصطلحان على حكم وإذا اختصم رجلان فحكّما بينهما رجلاً، ورضيا بقضائه، فدعا المدعي بشهوده على دعواه، فأقام شاهدين (¬8) أن له على هذا الرجل وعلى ¬

_ (¬1) ز - ولو. (¬2) ز: ولم يعجز. (¬3) ز - يقبض. (¬4) ز - نصف؛ صح هـ. (¬5) ز: فالمعروض. (¬6) ز + رهناً. (¬7) ز: فإن. (¬8) ز: شاهدان.

فلان كفيله الغائب ألف درهم وزن سبعة، وكل واحد منهما كفيل ضامن لذلك، فقال المدعى قبله: شاهداه (¬1) عبدان، فقال الشاهدان: قد كنا عبدين لفلان، فأعتقنا (¬2) وهو غائب، وأقاما على ذلك بينة، وعُدّلوا عند الحاكم، فإن الحاكم يقضي بعتقهما، ويجيز شهادتهما، ويقضي بالمال على الرجل الحاضر، ولا (¬3) يقضي على الكفيل الغائب؛ لأنه لم يرض بحكمه. وإنما لم يقض (¬4) على مولى العبدين بعتاق العبدين لأنه لم يرض (¬5) بحكمه. وإنما (¬6) يقضي بعتاقهما على المشهود عليه بالمال؛ لأنه رضي بحكمه (¬7). فإن جاء مولى العبد فأنكر العتق، وقدمهما إلى القاضي، فإن شهد لهما الشاهدان الأولان، أو غيرهما على ذلك العتق، فأمضاه القاضي، فإن شهادتهما بالمال جائزة. كان لم تكن لهما بينة بذلك العتق جعلهما القاضي عبدين، وأبطل حكم الحاكم بذلك المال؛ لأنه قضى بشهادة عبيده. ولو أن رجلاً ادعى قبل رجل دماً خطأً، فاصطلحا على أن حكّما بينهما رجلاً، فأقام المدعي بينة على دعواه، فقضى (¬8) الحاكم (¬9) على العاقلة بذلك، فإن ذلك لا يجوز عليهم؛ لأنهم لم يرضوا بحكمه (¬10). ولو قضى بذلك على القاتل في ماله ثم رفع ذلك إلى القاضي أبطل ذلك الحكم؛ لأنه إنما يلزم العاقلة. ولو أن رجلاً ادعى قبل الميت مالاً وورثته غُيَّب إلا واحد، فاصطلحا على أن حكّما بينهما حكماً، فأقام المدعي البينة بحقه، فقضى الحاكم على الميت بذلك، فإن ذلك لا يجوز (¬11) على الغائبين؛ لأنهم لم يرضوا بحكمه. ويجوز على الشاهد الذي رضي ذلك كله في جميع ميراثه. ولو أن رجلاً ادعى قبل رجلين ثوباً غصباً، أو شاة غصباً، أو شيئاً ¬

_ (¬1) ف: شاهدان. (¬2) ف: أعتقنا. (¬3) ز + ولا. (¬4) م ز: لم يقضي. (¬5) ز: لم يرضى. (¬6) ز: فإنما. (¬7) ف - وإنما يقضي بعتاقهما على المشهود عليه بالمال لأنه رضي بحكمه. (¬8) ز + القاضي. (¬9) م: القاضي، صح هـ؛ ف: القاضي. (¬10) ز: الحكمة. (¬11) ز - فإن ذلك لا يجوز.

باب الرجل يصالح عن غيره هل يلزمه شيء من الصلح ولم يضمن

من الكيل أو الوزن (¬1)، فغاب أحدهما، فصالح الآخر على حكم يحكم بينهما، فدعا المدعي بشهوده، فأقام البينة على حقه عليهما، فقضى الحاكم بذلك عليهما جميعاً، فإنه يلزم الشاهد نصف ذلك، ولا يلزم الغائب شيء؛ (¬2) لأنه لم يرض بحكمه. وكذلك هذا في جميع الأشياء من الكيل والوزن والعروض والحيوان والقليل والكثير، فإنه يجوز على الحاضر، ولا يجوز على الغائب، لأنه لم يرض. ... باب الرجل يصالح عن غيره هل يلزمه شيء من الصلح ولم يضمن وإذا كان لرجل على رجل دين ألف درهم، والمطلوب مقر بها أو ينكرها، فصالح عنه رجل بغير أمره على مائة درهم منها حالة أو إلى أجل، ثم إن المصالح أبى أن يدفع المال، وأراد الطالب أخذ المال من المصالح ولم يضمن له شيئاً، فإنه لا يلزم (¬3) المصالح من ذلك شيء. إنما المصالح هاهنا طالب معروف. أرأيت لو قال: أخَّر عنه من مالك كذا وكذا وخذه بكذا وكذا، ففعل ذلك، هل يلزم المصالح شيء؟ لا يلزمه شيء من ذلك. ولو وقع ذلك في الصلح لم يلزمه شيء، لأنه لم يضمن شيئاً. ويرجع الطالب على المطلوب بحقه إن كان (¬4) مقراً به. وإن كان جاحداً له فهو على دعواه. وإن كان المصالح صالح (¬5) الطالب (¬6) بأمر المدعى قبله فإن الصلح جائز إذا كان المدعى قبله مقراً (¬7) بالحق، ويلزم المدعى قبله الصلح. كان كان جاحداً للحق ولم يأمره بالصلح لم يلزمه شيء من ذلك إلا أن يجيز ¬

_ (¬1) م ز: من المكيل أو الموزون. (¬2) م ز: شيئاً. (¬3) ف + من. (¬4) ز - كان. (¬5) ف - صالح. (¬6) ف: طالب. (¬7) م ز: مقر.

باب الشهادة في الصلح

الصلح أو يضمن المصالح الذي وقع عليه الصلح. وكذلك كل دعوى في غصب أو قرض أو من ثمن بيع فهو مثل ذلك. ولو أن رجلاً ادعى في دار رجل دعوى فصالحه رجل من تلك الدعوى على مائة درهم ثم أبى المصالح أن يعطيه شيئاً فلا شيء عليه، لأنه لم يضمن له شيئاً (¬1). ويكون الطالب على دعواه إلا أن يجيز المطلوب ذلك فيضمن الصلح. وكذلك الدعوى فىِ الأرض والعبد والدابة والثوب. وكل عرض بعينه فهو مثل ذلك (¬2). ولا ضمان على المصالح من ذلك جاحداً كان المطلوب أو مقراً (¬3). فإن أجاز المطلوب الصلح وضمن المال فهو جائز إن شاء ذلك الطالب كان كره. فإن صالح رجل كنه وضمن ذلك فهو جائز، وهو ضامن. وهو متطوع إن لم يكن المدعى قبله أمره بذلك. وليس للمصالح أن يرجع على المدعى قبله بشيء. فإن كان (¬4) المدعى قبله أمره أن يصالح وأن يضمن فإنه يرجع عليه بالذي ضمن إذا أدى ذلك. كان (¬5) صالح على دراهم مسماة وأداها من ماله ولم يضمن ولم يؤمر (¬6) بشيء فهو جائز. فإن (¬7) وجدها الطالب زُيُوفاً فردها عليه لم يكن له عليه شيء، لأنه متطوع في القضاء. وكذلك لو صالحه على عرض من عروضه ودفعه إليه فهو جائز. كان رده بعيب لم يكن له عليه شيء، وكان على دعواه. ... باب الشهادة في الصلح وإذا ادعى رجل في دار رجل دعوى فأقام الذي في يديه الدار شاهدين أنه صالحه على شيء رضي به منه ودفعه إليه فهو جائزء كان سمى أحدهما دراهم ولم يسم الآخر شيئاً وشهدا جميعاً أنه استوفى جميع ما ¬

_ (¬1) م ز: شيء. (¬2) ز: ذاك. (¬3) م ز: أو مقر. (¬4) ز - كان. (¬5) ز: فإن. (¬6) م ز: يوم. (¬7) ز: كان.

صالحه عليه فهو جائز أيضاً. ولو جحد صاحب الدار وادعى الآخر الصلح فأقام المدعي شاهداً على دراهم مسماة وأقام شاهداً على غير شيء مسمى فإن هذا لا يجوز، ويستحلف الذي في يديه الدار على ما ادعى من الدراهم في الصلح. ولو اتفقا على الدراهم جاز ذلك وأخذته بها. ولو سمى أحدهما مائة درهم والآخر مائة (¬1) وخمسين وادعى الطالب مائة وخمسين (¬2) فإنه يقضى له بمائة درهم. ولو ادعى الطالب مائة كان قد أكذب الذي شهد له على مائة وخمسين. ولو ادعى مائتين فأقام أحدهما على مائة والآخر على مائتين لم يجز له من ذلك شيء في قول أبي حنيفة، وجاز له مائة في قول أبي يوسف ومحمد. وكدلك لو كان الصلح في أرض. وكذلك (¬3) لو كان صالح (¬4) في منزل في دار أو كان في عبد أو أمة. وكذلك لو كان في ثوب أو متاع أو شيء من الحيوان. ولو (¬5) ادعى (¬6) الذي في يديه أنه صالحه وجحده الطالب فأقام بينة على الصلح فلم يزكوا كان المدعي على حجته، ولا يكون هذا إقراراً من المدعى قبله. وإذا شهد شاهد على صلح بمعاينة دراهم مسماة وشهد الآخر على الإقرار على مثل ذلك فهو جائز، لأن الصلح كله إقرار. والدار والأرض والحيوان والعروض في ذلك سواء. والشاهد في ذلك على المدعى عليه وعلى المدعي (¬7) سواء. وشهادة النساء في ذلك مع شهادة الرجل جائزة. والشهادة على الشهادة في ذلك جائزة بعد أن يشهد شاهدان على شهادة شاهدين. ولا تجوز في ذلك شهادة أعمى ولا محدود في قذف ولا فاسق. ولو شهد على ذلك رجل وامرأتان، فماتت المرأتان، وأشهدت كل واحدة منهما امرأة على شهادتها (¬8)، فإنه لا يجوز، حتى يشهد (¬9) على كل امرأة وجلان أو رجل وامرأتان (¬10). ¬

_ (¬1) ف -: خمسمائة. (¬2) ف - وادعى الطالب مائة وخمسين. (¬3) ز: ووكذلك. (¬4) م ز - صالح. (¬5) م ف: أو؛ ز - ولو. (¬6) ز: وادعى. (¬7) ز: المدعا. (¬8) ف: على شهادتهما. (¬9) ز: شهد. (¬10) ز: وامرتان.

باب الصلح في الدين

وإذا ادعى رجل في دار دعوى، وصاحب الدار مقر بها، فادعى صاحب الدار أنه قد صالحه على مائة، ودفعها إليه، وأقام البينة، والمدعي يجحد، فإن ذلك جائز. فإن قضى بذلك الحاكم، ثم رجعا عن شهادتهما، وقالا: شهدنا بزور، فإنهما يضمنان للمدعي قيمة ما ادعى في الدار. ولو كان المدعي هو الذي ادعى شهادتهما، وأنكر ذلك رب الدار، وأنكر حق المدعي، فشهدا أنه صالحه على مائة ولم ينقدها، [فرفع إلى] القاضي، فقضى بهذا (¬1) القاضي وأمره فنقدها، ثم رجعا عن شهادتهما، فإنهما يضمنان له مائة درهم. وإذا ادعى رجل في دار رجل دعوى، فصالحه رجل ثم جحد ذلك، فشهد له شاهدان على مائة درهم وضمنها له (¬2)، فإن ذلك جائز. وإن لم يزك الشهود فأبطل القاضي الصلح رجع المدعي على دعواه في الدار. وكذلك الأرض والحيوان كله. ... باب الصلح في الدين وإذا كان لرجل على رجل دين دراهم قرض أو من ثمن بيع، فصالحه من الدين كله على عبد بعينه فهو جائز كله. والعبد عبد الطالب يجوز فيه عتقه، ولا يجوز فيه عتق المطلوب. فإن مات العبد في يدي المطلوب قبل أن يقبضه الطالب فإنه من مال المطلوب، ويرجع الطالب على المطلوب بالدين كاملاً. وكذلك لو كانت أمة. وكذلك كل شيء من الحيوان والعروض صالحه عليه. ولا ينتقض الصلح إذا فارقه قبل أن يقبضه؛ لأنه قائم بعينه. ولو صالحه على دنانير مسماة والدين دراهم كان جائزاً، إن (¬3) تقابضا ¬

_ (¬1) ز: هذا. (¬2) ز - له. (¬3) م ز: وإن.

قبل أن يتفرقا فهو جائز، وإن تفرقا (¬1) قبل أن يقبضا انتقض الصلح من قبل أنه صرف. وكذلك لو كان الدين دنانير وصالحه على دراهم. ولو صالحه على كُر من حنطة بعينه ثم تفرقا قبل أن تقابضا فإن الصلح جائز ماض. وكذلك كل ما يكال أو يوزن؛ لأنه شيء بعينه بمنزلة رجل اشترى كراً من طعام بدراهم مسماة ثم فارقه قبل أن يقبض، فإن صالحه من ألف درهم دين (¬2) عليه على مائة درهم فهو جائز. وإن تفرقا قبل أن يقبض فهو جائز. لأنه حط عنه ما بقي، وليس هذا بيعاً (¬3). لو كان بيعاً ما جاز (¬4) وإن انتقده (¬5) قبل أن يتفرقا. وإذا كان لرجل على رجل كُرّ حنطة قرض، فصالحه من ذلك على عشرة دراهم، فهو جائز. فإن قبض (¬6) قبل أن يتفرقا فهو جائز. كان تفرقا قبل أن يقبض بطل الصلح، وكان الكر عليه كما هو. كان قبض خمسة دراهم وبقي خمسة دراهم جاز منه بقدر ما قبض، وبطل منه بقدر ما لم يقبض. وكذلك لو صالحه على دنانير أو على مائتي فلس أو على كر من شعير وسط بغير عينه. وكذلك الكيل كله والوزن إذا لم يكن شيئاً بعينه. فإذا قبضا قبلى أن يتفرقا جاز (¬7) ذلك. كان تفرقا (¬8) قبل أن يقبض بطل ذلك، وكان على حقه. وإن قبض بعضاً وتفرقا قبل أن يقبض ما بقي جاز بقدر ما قبض، ويرجع من الحق بقدر ما لم يقبض. ألا ترى أني لو أجزت الصلح في ذلك كله كان ديناً بدين، ولا يجوز بيع الدين بالدين. وكذلك الصلح. وإن صالحه على نصف كر حنطة بغير عينه أو بعينه ثم تفرقا قبل أن يقبضا فهو جائز؛ لأن هذا ليس ببيع. إنما هذا حط بعض حقه، وأخذ بعضا. فإن صالحه على كر شعير بعينه ثم تفرقا قبل أن يقبض فهو جائز؛ لأن هذا ليس ¬

_ (¬1) ف - قبل أن يقبضه لأنه قائم بعينه ولو صالحه على دنانير مسماة والدين دراهم كان جائزاً إن تقابضا قبل أن يتفرقا فهو جائز كان تفرقا. (¬2) م ز: دينا. (¬3) م ز: بيع. (¬4) ف: لو كان طعاما جاز. (¬5) م ز: انفذه. (¬6) م - قبض، صح هـ. (¬7) ز - جاز. (¬8) ز: يتفرقا.

بدين، إنما هو شيء بعينه. ولو أن رجلاً ابتاع من رجل كراً من حنطة بكر من (¬1) شعير بعينه، ودفع الحنطة وبقي الشعير وهو بعينه، كان جائزاً. ولا يقسد ذلك افتراقهما قيل أن يقبض الشعير؛ لأنه بعينه (¬2). ولو كان بغير عينه وسمى شعيراً معلوماً، فإن تقابضا قبل أن يفترقا فهو جائز. وإن تفرقا قبل أن يقبض فسد البيع. وكذلك الصلح، وإذا كان لرجل على رجل أرطال (¬3) مسماة من نوع من الوزن قرضاً فصالحه على نوع عن الوزن آخر أقل من ذلك أو أكثر فهو جائز إن كان ذلك بعينه قيل أن يقبض. وإن كان بغير عيئه قتفرقا قبل أن يقبض اتتقض الصلح. وإن قبض قبل أن يتفرقا فهو جائز إذا كان قد وصف من ذلك الضرب ضرباً معلوماً، وإن لم يصف (¬4) ولح عن ذلك صفة (¬5) معروفة ولم يكن شيئاً قائماً يعينه فإن (¬6) الصلح فاسد لا يجوز. وإذا كان لرجل (¬7) على رجل دين مائة درهم ومائة دينار فصالحه من ذلك على خمسين درهماً وعشرة دنانير (¬8) إلى شهر قهو جائز، وليس هذا بييع، إنما هذا حط، ولو صالحه من فلك كله على خمسين درهماً كان جائزإً وإن كانت إلى أجل أو حالة فهو سواء، وهو جائز، وكذلك لو صالحه على خمسين درهماً فضة بيضاء تبراً (¬9) كان جائزاً، ولا يكون هذا بيعاً. وإن كان إلى أجل أو حال (¬10) فهو سواء. وكذلك لو كان دراهمه سُوداً فصالحه على خمسمين درهماً غَلّة (¬11) أو إلى أجل أو حال فهو جائز. وإذا كان لرجل على رجل مائة درهم بَخِّيّة (¬12) وعشرة دنانير حالهّ فصالحه من فلك محلى خمسين سوداً حالة أو إلى أجل فهو جائز. ¬

_ (¬1) ف - من (¬2) ف - وهو بعينه كان جائزاً ولا يفسد ذلك افتراقهما قبل أن يقبض الشعير لأنه بعينه. (¬3) م ز: أرطالا. (¬4) م ز - لم نصف. (¬5) م ز: صفته. (¬6) ز: بأن (¬7) ز: الرجل. (¬8) ز: دينار. (¬9) م ف ز: تبر. (¬10) ف - أو حال. (¬11) نوع من الدراهم كما تقدم. (¬12) نوع من الدراهم كما تقدم.

وإذا كان لرجل على رجل مائة درهم وعشرة دنانير فصالحه من ذلك على مائة درهم وعشرة دراهم إلى أجل فإن هذا لا يجوز. وإن صالحه عليها حالة ودفعها إليه فإن مائة درهم بالمائة درهم التي عليه، والعشرة الدراهم بالدنانير (¬1)، فإن تقايضا قبل أن يتفرقا وبقيت المائة فهو جائز، والمائة عليه، لأن الدراهم التي قبض بالدنانير، والتي بقيت هي المائة التي كانت عليه. وإذا كان لرجل على وجل مائة درهم وعشرة دنانير فصالحه على مائة درهم وعشرة دراهم على أن ينقده خمسمين درهماً وستين إلى أجل ثم نقده الخمسين قبل أن يتفرقا فهو جائز، مِن قِيَل أنه (¬2) قد انتقد (¬3) حصة الذهب والصرف، وحصة الدراهم ليست بصرف، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: لا يجوز هذا، لأنه اشترط في الصرف تأخير الدين إلى أجل. وإذا كان لرجل على رجل مائة درهم وعشرة دنانير فصالحه من ذلك على خمسين درهماً وخمسة دنانير إلى أجل فهو جائز. وكذلك إن صالحه عليها حالة وقيض أو لم يقبض، لأن هذا ليس بصرف، إنما هذا حط مما له عليه. وإذا كان لرجل على رجل كر شعير وكر حنطة فصالحه عن ذلك كله على نصف كر حنطة (¬4) إلى أجل فهو جائز، وإنما حط عنه الفضل وأخر عنه ما بقي. وكذلك لو صالحه على حنطة دون حتطهّ في الجودة. وكذلك لو صالحه على نصف كر حنطة ونصف كر شعير فهو جائز. وإذا كان لرجل على رجل كر حنطة فصالحه على نصف كر حنطة ونصف كر شعير إلى أجل فإن الصلح باطل كله، والحنطهّ عليه حالة كما كانت ولو لم يضرب (¬5) لذلك أجلاً وكان الشعير قائماً بعينه والحنطة بغير عينها كان جائزاً. وإن ليم يقبضها حتى تفرقا (¬6) فإن كان الشعير ¬

_ (¬1) م ف ز: والدنانير. (¬2) ز - أنه. (¬3) ز: قد انتقده؛ ز + خمسين. (¬4) ز - فصالحه من ذلك كله على نصف كر حنطة (¬5) ز: لم يصرف. (¬6) ز: يفرقا.

بغير عينه ووصفه جيداً فإن أعطاه الشعير قبل أن يتفرقا وبقيت الحنطة فهو جائز. وكذلك لو كانت الحنطة إلى أجل. فإن تفرقا وقد دفع إليه الحنطة ولم يدفع إليه الشعير فالصلح فاسد في حصة الشعير، وعليه نصف كر حنطة حال (¬1) حصة الشعير. وإذا كان لرجل على رجل ألف فضة تبر بيضاء فصالحه منها على خمسمائة درهم فضة سُود إلى أجل فهو جائز، وليس هذا ببيع، إنما هذا حط، لأن الفضة كلها واحدة. كان صالحه على ألف درهم مضروبة وزن سبعة دراهم إلى أجل فهو (¬2) باطل. وكذلك لو صالحه على ألف درهم بَخِّيّة إلى أجل فهو باطل. إذا كان له عليه شيء من فضة فصالحه على شيء أجود منه إلى أجل (¬3) مثل وزنه أو أقل فإنه لا يجوز. وكذلك لو صالحه على أكثر من وزنه. وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم غَلّة فصالحه منها على ألف درهم بَخّية حالة (¬4) فإن قبض قبل أن يتفرقا فهو جائز، وإن تفرقا قبل أن يقبض فهو باطل. وإن جعل لها أجلاً فهو باطل. وإن كان الصلح على خمسمائة بَخّية فهو مثل ذلك في جميع ذلك. فإن تفرقا قبل أن يقبض فعليه خمسمائة من دراهمه الأولى، وهو بريء مما سوى ذلك، ولا يؤخذ (¬5) بالبَخّية. وإن دفع إليه البَخّية قبل أن يتفرقا فالصلح جائز. ثم رجع أبو يوسف عن هذا، فقال: الصلح فاسد إذا صالح على أقل من دراهمه وكان أجود من دراهمه؛ لأنه أخذ فضل زيادة الحط بالجودة، فصار أجود مما حط. وهو قول محمد بن الحسن. وإذا كان لرجل على رجل دراهم لا يعرف وزنها الطالب والمطلوب، وهما مقران بذلك، فصالحه من ذلك على ثوب فهو جائز. وكذلك لو صالحه على دينار ودفعه إليه. وكذلك لو صالحه على طعام بعينه فهو جائز. ¬

_ (¬1) م هـ: في نسخة إلى أجله. (¬2) ز + با. (¬3) ف - فهو باطل إذا كان له عليه شيء من فضة فصالحه على شيء أجود منه إلى أجل. (¬4) ف: خالصة. (¬5) ز: يأخذ.

فإن صالحه على دراهم فهو في القياس فاسد. ولكني أدع القياس وأستحسن أن أجيز الصلح بينهما. وإن جعل له أجلاً فهو جائز. ولو كان بين رجلين خلطة (¬1) وأخذ وإعطاء وبيوع وقروض وشركة، فادعى الطالب ذلك وأقر المطلوب، ولم يعرفا الحق كم هو (¬2)، فصالحه من ذلك على مائة درهم إلى أجل مسمى كان ذلك جائزاً. وكذلك لو صالحه عليها حالة كان جائزاً. وكذلك لو صالحه على طعام بعينه كان جائزاً. وكذلك الكيل كله والوزن. وكذلك لو كان المطلوب جاحداً للحق. والجحود والإقرار (¬3) في الصلح سواء. وقال أبو حنيفة: أجود ما يكون الصلح على الجحود، غير أنه آثم إن كان جحد حقاً. وإذا ادعى رجل قبل رجل طعاماً من حنطة وشعير، وادعى (¬4) دراهم ودنانير (¬5)، فجحد ذلك المطلوب، فصالحه بعد ذلك الجحود من ذلك كله على ثوب، فهو جائز. وكذلك لو كان المطلوب مقراً بذلك فهو سواء. وإذا ادعى رجل قبل رجل وديعة دراهم بأعيانها، فجحد المدعى قبله، فأراد الطالب خصومته، فصالحه المطلوب على دراهم دونها، فهو جائز؛ لأن الوديعة قد صارت ديناً حين جحده ذلك. وإذا ادعى رجل قبل رجل كفالة بحق له فجحده الكفيل، ثم صالحه على دراهم مسماة ودفعها إليه على أن أبرأه من ذلك، فهو جائز. وكذلك لو كان مقراً بذلك. وإذا ادعى رجل قبل رجل ديناً فجحده ذلك أو أقر (¬6) به، ثم صالحه عنه رجل بأمره أو بغير أمره، على أن أعطاه دراهم (¬7) مسماة، على أن أبرأ المطلوب من دعواه فهو جائز. ... ¬

_ (¬1) ز: حنطة. (¬2) ف ز - هو. (¬3) م: ولاقرار. (¬4) ف: وادراعى. (¬5) م ز: دراهما ودنانيرا. (¬6) ف: وأقر. (¬7) م ز: دراهما.

باب الصلح في الدين على الشيء يستحق فيرجع بمثله أو بالدين

باب الصلح في الدين على الشيء يستحق فيرجع بمثله أو بالدين وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم، فصالحه منها على مائة درهم وتقابضا، ثم استحقت المائة من يدي الطالب، فإنه يرجع على المطلوب بمثلها. ولو كان الصلح بإقرأر أو بإنكار فهو سواء. وكدلك لو صالحه عنه رجل وضمن له المائة وأداها إليه فاستحقها رجل رجع الطالب على الذي ضمن له بمائة مثلها. وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم فصالحه منها على مائة درهم وقبضها ثم وجدها سَتُّوقَة أو زُيُوفاً أو نَبَهْرَجَة فإنه يردها عليه ويرجع بمائة (¬1) جياد عليه. وإذا كان لرجل على رجل مائة درهم بَخّية فصالحه منها على خمسين درهماً ثم دلس له بَخّية نَبَهْرَجَة فله أن يستبدلها ببَخّمة. وكذلك لو أعطاه سُوداً في كيسى ولم يرها فرآها فله أدن يستبدلها ببَخّية. وإذا كان لرجل على رجل عشرة دنانير، فصالحه منها على خمسة دنانير، ثم دلسها لى دنافير حُدُثاً (¬2) لا تنفق، أو مقطَّعة (¬3) لا تنفق، فإن له أن يستبدلها بخمسة دنانير جياد. وكدلك لو استحقت. ولو صالحه من الدنانير على دراهم وقبضها ثم تفرقا ثم استحقت كان أن يرجع بالدنانير كلها؛ لأن هذأ صرف. وكذلك لو صالحه من دراهم له عليه على فلوس مسماة وقبضها وتفرقا ثم استحقت الفلوس من يديه كان له أن يرجع بالدراهم كلها، مِن قِبَل أنه قد فارقه والدراهم دين عليه، فإذا جعلت ¬

_ (¬1) ف + على خمسين. (¬2) م ف ز ب: حدث. والتصحيح من الكافي، 2/ 178 و. وحُدُث أي جُدُد غيرِ قديمة. وهذا الوصف يقابل الوصف بالعِتْق أي القِدَم، وقد استعمله المؤلف، حيث يقول في موضع آخر: دنانير عُتُق. أي قديمة. انظر: 8/ 125 ظ. (¬3) أي: قطع صغيرة كما تقدم.

الفلوس عليه ديناً مكانها كان ديناً (¬1) بدين. وكذلك إن كانت الفلوس من ضرب لا تنفق، سِوَى (¬2) فلوس الناس. وإذا كان لرجل على رجل كُرّ (¬3) من حنطة قرض فصالحه من ذلك على كر شعير ودفعه إليه وتفرقا، ثم استحق الكر الشعير من يديه لم يكن له أن يرجع بشعير (¬4) مثله؛ لأنه يكون ديناً بدين. ولكنه يرجع بالحنطة كلها. وكذلك كل ما يكال أو يوزن. وكذلك العروض كلها. ولو كان وجد بالشعير عيباً وهو بعينه فرده رجع بالحنطة. ولو لم يكونا افترقا وصالحه على كر شعير وسط فأعطاه إياه ثم استحق منه قبل أن يتفرقا رجع بمثله. وإذا كان لرجل على رجل كر حنطة قرض أو غصب أو كفالة كفل بها عنه وأداها فصالحه من ذلك على عشرة دراهم وأعطاه إياها قبل أن يتفرقا فإن الصلح جائز. وإن استحقت الدراهم أو وجدها سَتُّوقَة بعدما افترقا فردها كان الصلح باطلاً، ويرجع بالحنطة. ألا ترى أنهما لو تفرقا قبل أن يقبض الدراهم كان الصلح باطلاً لا يجوز. فإن وجد الدراهم (¬5) زُيُوفاً أو نبَهْرَجَة بعدما افترقا فردها واستبدلها (¬6) قبل أن يتفرقا كان الافتراق الثاني جائزاً في قول أبي يوسف ومحمد، ولا يجوز في قياس قول أبي حنيفة. فإن ردها إليه ثم لم يقبض منه سواها حتى تفرقا فإن الصلح باطل (¬7) في القولين جميعاً، ويكون عليه الطعام على حاله. وإذا كان لرجل على رجل عشرة دراهم وعشرة مخاتيم حنطة قرض فصالحه كان ذلك على أحد عشر درهماً ثم فارقه قبل أن يقبض [انتقض] (¬8) من ذلك درهم واحد حصة الطعام، ويكون عليه الدراهم والطعام على حاله. ... ¬

_ (¬1) م ز: دين. (¬2) ز: سواء. (¬3) م ز: كرا. (¬4) ز: شعيرا. (¬5) ف: بالدراهم. (¬6) ز: فاستبدلها. (¬7) ف ز: يبطل. (¬8) الزيادة مستفادة من الكافي، 2/ 178 ظ. والعبارة محرفة في المبسوط انظر: المبسوط، 21/ 31.

باب الصلح الفاسد في الدين

باب الصلح الفاسد في الدين وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم وزن سبعة إلى أجل مسمى من ثمن متاع باعه منه وقبضه فصالحه من ذلك قبل الحل على خمسمائة درهم ودفعها إليه فإن أبا حنيفة قال: هذا فاسد لا يجوز. أبو يوسف عن أبي حنيفة عن زياد بن ميسرة (¬1) عن أبيه أن رجلاً سأل عبد الله بن عمر عن مثل ذلك، فنهاه. ثم مسألة فيها، فقال: إن هذا يريد أن أطعمه الربا. محمد عن أبي يوسف عن ابن (¬2) أبي ليلى عن الحكم عن أبي راشد (¬3) عن عبد الله بن عمر مثل ذلك. وحدثنا أبو يوسف عن بعض أشياخه عن الشعبي مثل ذلك. محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: لا بأس بذلك، إنما هو ماله، حط (¬4) بعضه (¬5) عنه (¬6). قال محمد: ولم يكن أبو حنيفة يأخذ بهذا. وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم وزن سبعة من ثمن خادم باعها إياه وقبضها، والمال إلى أجل مسمى، فصالحه المطلوب على أن يرد عليه الخادم بعينها بخمسمائة قبل الأجل أو بعد الأجل، غير أنه لم ينقده، فإن أبا حنيفة قال في هذا: هو فاسد لا يجوز. وهو قول أبي يوسف ومحمد. محمد عن أبي يوسف عن يونس بن أبي إسحاق عن أمه العالية ابنة أيفع عن عائشة أن امرأة سألتها، فقالت: إن زيد بن أرقم ابتاع مني خادماً بثمانمائة درهم إلى العطاء، واشتريتها منه بستمائة. فقالت عائشة: بئسما ¬

_ (¬1) ز: مسيرة. (¬2) م ز - ابن. (¬3) ف - راشد. (¬4) ز: خط. (¬5) ف: بعينه. (¬6) الآثار لأبي يوسف، 185.

اشتريت وبئسما اشترى (¬1)، أبلغي زيد بن أرقم أن الله تعالى قد أبطل جهاده إن لم يتب (¬2). والصلح عندنا والبيع سواء. وقال أبو حنيفة: لو كان نقده (¬3) الثمن كله إلا درهماً واحداً ثم اشترى البيع منه بأقل من ذلك لم يجز البيع. وكذلك الصلح عندنا. محمد عن أبي حنيفة عن أبي إسحاق عن امرأته عن عائشة مثل الحديث الأول. محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم بمثل ذلك. وقال أبو حنيفة: إن تغير (¬4) البيع بعيب فلا بأس بأن (¬5) يشتريه بأقل من ذلك قبل أن ينتقد. وكذلك الصلح. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وإذا ادعى رجل قبل رجل ألف درهم فأنكرها ثم صالحه منها على عشرة دنانير إلى أجل فإن الصلح فاسد لا يجوز مِن قِبَل أنه صرف. وكذلك لو لم يكن لها أجل فإن الصلح فاسد لا يجوز مِن قِبَل أنه صرف. وكذلك لو لم يكن لها أجل (¬6) وفارقه قبل أن يقبض الدنانير. ويكون الطالب على دعواه. وكذلك لو ادعى دنانير فصالحه على دراهم إلى أجل. وكذلك لو صالحه على دراهم حالة ثم فارقه قبل أن يقبض. وكذلك لو ادعى قبله كُرًّا من حنطة فأنكر ذلك فصالحه من ذلك على كر من شعير إلى أجل فإن هذا فاسد لا يجوز مِن قِبَل أنه كيل بكيل إلى أجل. وكذلك لو ¬

_ (¬1) ز: اشتريتها. (¬2) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 185؛ وسنن الدارقطني، 3/ 52؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 5/ 330. وانظر: التحقيق لابن الجوزي، 184/ 2؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 15، والدراية لابن حجر، 2/ 151. (¬3) م ف ز: أنفذه. (¬4) ز: إن يغير. (¬5) ف: أن. (¬6) م + فإن الصلح فاسد لا يجوز من قبل أنه صرف وكذلك لو لم يكن لها أجل.

كان (¬1) صالحه على شيء مما يوزن إلى أجل فإنه فاسد. وكذلك لو أقر المطلوب بالحق الذي ادعى قبله. وكذلك لو صالحه عنه غيره فهو فاسد لا يجوز. وإذا ادعى رجل قبل رجلين ألف درهم فصالحه أحدهما عن نفسه وعن صاحبة على عشرة دنانير إلى أجل فإن ذلك لا لجوز. وكذلك كل ذي رحم محرم. وأهل الإسلام وأهل الذمة في ذلك سواء. وكذلك المكاتب يدعي ألف درهم على رجل. وكذلك العبد التاجر يدعي ألف درهم فأقر بها أو أنكر، ثم صالحه من ذلك على مائة درهم إلى شهر على أنه إن أعطاها إلى شهر فهو بريء مما بقي، كان لم يعطيها إلى شهر فهي مائتا (¬2) درهم إلى شهر، فإن عجلها قبل الشهر فهي مائة، فإن هذا فاسد لا يجوز. وإذا ادعى رجل على رجل ديناً ألف درهم فصالحه من ذلك على عشرة دنانير أو كر حنطة فإن هذا فاسد لا يجوز؛ لأنه لم يعزم على أحدهما - وكذلك لو قال: على هذا الكر حنطهّ أو الكر شعير. وكذلك لو قال: على هذا العبد، أو على هذه الأمة، فإن هذا فاسد، لأنه لم يعزم على أحدهما. وكَذلك لو اشترط الذي عليه الدين الخيار إلى ثلاثة أيام أو أكثر. وكذلك لو كان مقراً بالدين أو منكراً مِنه قِبَل أنه لم يعزم على أحدهما. وكذلك لو ادعى عليه ألف درهم ومائة دينار وأمر بذلك فقال: أصالحك على العبد بالألف درهم أو بالمائة الدنانير، فإن هذا فاسد لا يجوز. وكذلك لو كان مكان العبد شيء من الحيوان أو شيء من العروض. وإذا ادعى رجلان (¬3) على رجل ديناً فادعى أحدهما مائة درهم والآخر كر حنطة قرض، فأقر بذلك ثم قال: أصالحكما على هذا الثوب على أن أسلمه لصاحب الدرهم به. راهمه ولصاحب الحنطة بحنطته، فإن هذا فاسد لا يجوز مِن قِبَل أنه لم يوجبه لأحدهما. وكذلك لو اشترط الخيار لنفسه ثلانة أيام أو أكثر. وكذلك لو ادعى مكان الثوب دابة. ¬

_ (¬1) ف - كان. (¬2) م ز: مائتي. (¬3) م ز: رجلين.

ولو ادعى وجل على رجل مائة درهم فأقر له بها ثم صالحه منها على عبد على أن يخدم المدعى عليه شهراً فإن هذا لا يجوز للشرط الذي فيه. وكدلك لو صالحه على دار واشترط سكناها شهراً. وكذلك لو كان أرضاً فاشترط زرعها سنين كان هذا فاسداً لا يجوز. وكذلك لو كان عبداً فاشترط غلته (¬1) شهراً، أو كان نخلاً فاشترط غلته سنة، فإن هذا فاسد لا يجوز. وكدلك لو صالحه على أمة واشترط ولدها الذي في بطنها أو صالحه على ما في بطنها من الولد دون الأم فإن هذا فاسد لا يجوز. وكذلك لو صالحه على ما في بطون الغنم أو ما في ضروعها من اللبن فإن هذا فاسد (¬2). وكذلك لو صالحه على الغنم بأعيانها واشترط ما في بطونها أو في ضروعها كان هذا كله فاسداً لا يجوز. وكذلك لو صالحه على كر حنطة على أن يرد عليه من دقيق الحنطة مخاتيم مسماة، وكذلك لو صالحه على سمسم واشترط عليه أن يرد عليه من دهنه أرطالاً مسماة فإن هذا فاسد لا يجوز. وإذا ادعى رجل على رجل مائة درهم فأقر بها ثم صالحه منها على عبد بعينه على أن يدفعه إليه إلى شهر فإن هذا لا يجوز للشرط الذي فيه. ولو صالحه منها على ثوب وشرط له أن يصبغه له بعُصفُر كان هذا فاسداً. وكذلك لو شرط له أن يصبغ له بمختوم من عصفر ثم فارقه على ذلك كان هذا فاسداً لا يجوز؛ لأن العصفر (¬3) دين. وكذلك لو صالحه على ثوب وشرط له أن يقطعه له قَبَاء ويحشوه ويبطّنه فهو فاسد؛ لأنه مجهول ليس بعينه. ولو صالحه على ثوب على أن يقطعه له قباء أو قميصاً ويخيطه فإن هذا فاسد. ألا ترى (¬4) أنه لو كان شراء كان فاسداً، فكذلك (¬5) الصلح. وكذلك لو صالحه على طعام على أن يحمله إلى منزله. وكذلك لو صالحه ¬

_ (¬1) م ز: عليه. (¬2) ز - وكذلك لو صالحه على ما في بطون الغنم أو ما في ضروعها من اللبن فإن هذا فاسد. (¬3) ز: الصفر. (¬4) م + ألا ترى. (¬5) ف: وكذلك.

باب الصلح في الخيار في الدين

على طعام بالكوفة بعينه على أن يوفيه إياه بالبصرة فإن هذا فاسد لا يجوز. فإن صالحه على طعام بعينه بالكوفة على أن يوفيه إياه في منزله فإني أستحسن أن أجيز هذا. ولو صالحه على طعام على أن يطحنه له كان هذا فاسداً لا يجوز. وكذلك لو صالحه على دابة على أن يعلفها له شهراً (¬1) فإن هذا فاسد لا يجوز. وكذلك إن كانت الدابة للمدعي فصالحه من حقه على أن يعلفها له المدعى قبله شهراً فإن هذا فاسد لا يجوز (¬2). ... باب الصلح في الخيار في الدين (¬3) وإذا كان لرجل على رجل مائة درهم فصالحه على عبد وشرط الخيار للمدعي ثلاثة أيام فإن الصلح جائز، والخيار جائز. وإذا كان الذي عليه الدين مقراً أو منكراً (¬4) فهو سواء. وكذلك لو كان الخيار للذي عليه الدين فهو جائز. وهذا قول أبي حنيفة كله وأبي يوسف ومحمد. وقال أبو (¬5) يوسف ومحمد أيضاً: إن اشترط الخيار أربعة أيام فهو جائز، ولا يجوز في قول أبي حنيفة. كان اشترط الخيار شهراً فهو جائز في قول أبي يوسف ومحمد. وإن صالحه على عبد على أن زاده المدعي عشرة دنانير إلى شهر واشترط الخيار ثلاثة أيام فهو (¬6) جائز. فإن استوجب العقد برئ المطلوب من المائة، وصارت الدنانير على الطالب إلى الشهر من يوم استوجب العقد. وإذا كان لرجل على رجل عشرة دنانير فصالحه منها على ثوب واشترط المطلوب الخيار ثلاثة أيام ودفع إليه الثوب فهلك الثوب عند ¬

_ (¬1) ز + كان. (¬2) م - لا يجوز. (¬3) ز + الخيار في الصلح كالخوار في البيع لأنه عقد يحتمل الفسخ كما يحتمله عقد البيع. (¬4) م ف ز: مقر أو منكر. (¬5) ز: أبي. (¬6) ف: فإن هذا.

الطالب قبل الثلاث فهو ضامن لقيمته، ودنانيره له على صاحبها. ولو لم يهلك الثوب وهلك الذأنه الخيار جاز الصلح، وموت صاحب الخيار إمضاء للصلح (¬1). ولو لم يمت (¬2) الذي له الخيار ولكن مات الآخر كان صاحب الخيار على خياره: إن شاء أمضى الصلح وبرئ من الدين، كان شاء أخذ الثوب وكان عليه الدين. ولو كان الدين لرجلين فصالحهما المطلوب على عبد ودفعه إليهما وشرط لهما الخيار ثلاثة أيام فرضي أحدهما العبد وأشهد أنه قد اختاره وكره الآخر ذلك وأشهد على رده فإن العبد لهما لازم، والصلح ماض، ولا يستطيع الذي كره العبد أن يرد حصته في قول أبي حنيفة، لأنه صالح صفقة واحدة. وقال أبو يوسف ومحمد: لأحدهما أن يرد دون صاحبه، ولا يكون رضى أحدهما رضى لصاحبه. ولو كان الدين لواحد على رجلين فصالحاه (¬3) على عبد واشترطا الخيار ثلاثة أيام فأوجب الصلح على أحد الرجلين ورده [على] الآخر كان الصلح ماضياً جائزاً (¬4)، ورده على الآخر رد جائز. ولو كان الدين على رجل فصالح على عبد واشترط (¬5) الخيار ثلاثة أيام فمضت الثلاثة الأيام وقال الذي ادعى الدين: قد وجب العبد لي، وقال الآخر: قد كنت فسخت الصلح ورددته في الثلاثة الأيام، فإن عليه البينة بفسخ الصلح. فإن لم تكن (¬6) له بينة حلف الآخر. فإن أقام بينة على فسخ الصلح وأقام الآخر البينة على أنه قد أمضى الصلح في الثلاثة الأيام أخذت ببينة (¬7) إمضاء (¬8) فسخ الصلح. فإن اختلفا قبل أن تمضي الثلاث فالقول قول الذي له الخيار بأنه قد فسخ الصلح (¬9)، وعلى الآخر البينة. فإن أقام بينة أنه قد أوجب الصلح أخذت ببينته. وإذا ادعى رجل على رجل مائة درهم فأنكرها ثم صالحه منها على ¬

_ (¬1) ز: أيضاً لصلح. (¬2) م ف ز: ولو لم يمثل (مهملة). (¬3) ز: فصالحه. (¬4) م ز: ماض جائز. (¬5) م ز: واشترطا. (¬6) ز: لم يكن. (¬7) ز: منه. (¬8) ز - إمضاء. (¬9) ز + فإن اختلفا قبل أن تمضي الثلاث فالقول قول الذي له الخيار بأنه قد فسخ الصلح.

باب الخيار في الصلح بغير شرط

عبد ودفعه إليه واشترط الخيار ثلاثة أيام ثم إنه اختار العبد وأخذه فإن المدعي يعود على دعواه، ولا يكون ما صنع إقراراً بالمائة. ولو أن المصالح المدعى قبله أعتق العبد في الثلاث جاز عتقه وكان هذا نقضاً للصلح. وكذلك لو دبره. وكذلك لو كانت أمة فوطئها أو رهنها وقبضها المرتهن أو أجرها. وكذلك لو باعها أو وهبها وقبضها الموهوب له فهذا كله اختيار لها ونقض للصلح. وكذلك لو صالح عليها آخر من دعوى له. ولو كان الخيار فيها للذي أدعى المال فأعتقها أو دبرها أو وطئها أو قبلها لشهوة أو لمسها لشهوة أو نظر إلى فرجها من شهوة (¬1) كان هذا كله اختياراً لها. وكذلك لو رهتها أو أجرها أو كاتبها أو باعها أو صالح عليها من دين كان عليه. فإن استخدمها فليس هذا برضى، وله أن يردها ويرجع على دعواه، ولا يكون هذا من المطلوب إقراراً بالدعوى. ولو كان الطالب (¬2) اشترط لغيره ثلاثة أيام ثم استوجبها هو قبل الثلاثة (¬3) جاز ذلك، ولم يكن لصاحبه خيار معه. وكذلك لو كان الذي عليه الدعوى إشترط الخيار ثلاثة أيام لبعض أهله ثم أنفذ الصلح أو فسخ (¬4) بغير رضى المطلوب فهو جائز عليه. وكذلك لو فعل ذلك المطلوب فأمضى الصلح أو فسخه كان جائزاً. ... باب الخيار في الصلح بغير شرط وإذا ادعى رجل على رجل ألف درهم فصالحه من ذلك على عِدْل زُطّي (¬5) ولم يره وقبضه ثم رآه فهو بالخيار، إن شاء رده وكان على حجته في الألف (¬6)، وإن شاء أمضى الصلح. وإن كان استهلك منه ثوباً أو باعه ¬

_ (¬1) ز: أو نظر إلى فرجها من شهوة أو لمسها لشهوة. (¬2) ف - الطالب. (¬3) م ف ز + أو الصلح. (¬4) م ف ز: أو فسد والتصحيح من ب. وانظر دوام العبارة. (¬5) نوع من الثياب كما تقدم. (¬6) م ف ز: من الألف. والتصحيح من ب.

باب الصلح من الدين على عبد رده بعيب

فلا (¬1) خيار له، والعبد له لازم، ولا يرده إلا من عيب. فإن كان صالح عليه القابض آخر ادعى قبله دعوى وقبضه الآخر ولم يره واحد منهما فإن للآخر أن يرده على الثاني إذا رآه فلم يرضه، وليس للثاني أن يرده على الأول إن قبله بقضاء قاض أو بغير قضاء قاض؛ لأن هذا خيار بغير عيب. وإذا باعه فقد انقطع خياره؛ لأن غيره قد ملكه. وكذلك جراب هَرَوي (¬2) مشدود (¬3) أو حنطة في سفينة لم يرها أو زيت في خوابي (¬4) أو زعفران في سلّة أو عبد لم يره. ولو بعث وكيلاً فقبض له ذلك ورآه وكيله كان رؤية وكيله بمنزلة رؤيته. ولو بعث رسولاً في ذلك وقبضه ورآه لم يجز عليه. رؤية رسوله (¬5) ووكيله مختلفة في قول أبي حنيفة، وهما سواء في قول أبي يوسف، وله الخيار فيهما جميعاً. وكذلك قول محمد بن الحسن. ... باب الصلح من الدين على عبد رده بعيب وإذ ادعى رجل على رجل مائة فى درهم فصالحه على عبد ودفعه إليه، ولم يقر ولم ينكر، فوجد المصالح بالعبد عيباً فرده عليه بقضاء قاض أو بغير قضاء قاض، فإنه يعود على دعواه. وليس قبول الآخر للعبد ولا صلحه عليه (¬6) بإقرار منه بالدعوى. ولو وجد عيباً فأنكره (¬7) فإن على المدعي العبد البينة أن هذا العيب كان به حين صالح عليه. ولو لم تكن (¬8) له بينة كان له أن يستحلف المدعى قبله لقد صالحه وما هذا العيب به. ولو برئ المدعى ¬

_ (¬1) ز: ولا. (¬2) نوع من الثياب كما تقدم. (¬3) ف: مسدد. (¬4) جمع خابية، وهي وعاء كبير. وقد تقدم. (¬5) م ز + ورؤية رسوله. (¬6) ف - عليه. (¬7) م ف: فان كره؛ ز: فإن أنكره. والتصحيح من ب. (¬8) ز: لم يكن.

قبله إليه في الصلح من كل عيب جاز ذلك. ولو لم يبرأ (¬1) إليه من العيوب إلا بعد الصلح لم يجز ذلك إلا أن يبرئه الذي صالحه. وكل عيب ينقص (¬2) الثمن في البيع (¬3) فهو في الصلح عيب يرد منه. وإذا ادعى رجل قبل رجل مائة درهم فصالحه منها على عبد ولم يقر بها وقبضه، ثم ادعى قبل الذي قبض العبد رجل آخر مائة درهم أو خمسين ديناراً، فصالحه على ذلك العبد وقبضه المصالح ثم وجد به عيباً فرده عليه، فإن كان قبله بغير قضاء قاض لم يكن له أن يرده على الأول. وإن كان قبله بقضاء قاض ببينة قامت على العيب أو بإباء (¬4) اليمين أو أقر بالعيب فرده القاضي عليه كان له أن يخاصم الأول ويرد عليه إن قامت له بينة، وإلا استحلفه. وإذا ادعى رجل على رجل مائة درهم فصالحه منها على أمة ولم يقر بها، فقبضها فولدت عنده ثم وجدها عوراء فإنه لا يستطيع أن يردها بعد الولادة، ولكنه يكون على حجته فيما يصيب العور من المائة درهم. فإن أقام عليها بينة أخذ بحصة (¬5) العور من المائة وهو النصف. ولو لم يقم بينة استحلفه على المائة، فإن حلف برئ من ذلك، كان لم يحلف أخذ منه خمسين درهماً. وإذا ادعى رجل على رجل كُرّ حنطة قرض فصالحه من ذلك على ثوب من غير أن يقر بذلك، على أن زاده الآخر عشرة دراهم وتقابضا قبل أن يتفرقا، ثم قطع الثوب قميصاً ثم وجد به عيباً ينقصه العُشر، فإنه يرجع بدرهم عشر ما نقده ويكون على حجته في عشر الكر. فإن أقام بينة أخذه، وإن لم يقم بينة استحلفه (¬6). وإذا ادعى رجل على رجل مائة درهم فلم يقر بها وصالحه منه على كر حنطة ودفع إليه الكر على أن زاده الآخر عشرة دراهم إلى شهر فهو ¬

_ (¬1) ف: ولم يبرأ. (¬2) ف + في. (¬3) ف - في البيع. (¬4) م ز: بإيباء. (¬5) م ز: بحصته. (¬6) ز: استخلفه.

باب الصلح في الدين إلى أجل

جائز. فإن وجد بالكر عيباً وقد حدث به عنده عيب وكان العيب الأول ينقصه العشر فإنه يبطل من العشرة (¬1) دراهم (¬2) التي عليه درهماً (¬3)، ويكون على حجته في عشر المائة. وإذا ادعى رجل على رجل مائة درهم فصالحه على كر حنطة ودفعه إليه، وعلى عشرة دراهم إلى شهر يعطيها إياه أيضاً مع الكر من غير أن يكون أقر بها، ثم وجد بالكر عيباً وقد حدث به عنده عيب والعيب الأول ينقصه (¬4) العشر، فإنه يكون على حجته في عشر تسعين درهماً. إن أقام بينة على المائة أخذ عشر تسعين، وإن لم يقم بينة استحلفه (¬5) عليه (¬6)، فإن حلف برئ، وإن نكل عن اليمين لزمه عشر التسعين. ... باب الصلح في الدين إلى أجل وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم دين من ثمن بيع إلى أجل فصالحه الطالب على أن أعطاه كفيلاً وأخر عنه سنة بعد الأجل فهو جائز. وكذلك لو كان معه كفيل (¬7) فصالحه على أن يبرأ الكفيل الذي معه، وعلى أن أدخل في الكفالة رجلاً آخر، وعلى أن أخّر عنه بعد الأجل أشهراً مسماة فهو جائز. ولو صالحه على أن يعجل له نصف المال على أن يؤخر له ما بقي سنة بعد الأجل كان ذلك باطلاً لا يجوز. ولو أخَّر عنه الطالب سنة بعد الأجل من غير صلح كان جائزاً. ولو صالحه الطالب على أن يعجل له المطلوب المال كله قبل الأجل كان جائزاً. ولو قال المطلوب: قد جعلت هذا المال حالاً من غير ¬

_ (¬1) ز + فإنه يبطل من العشرة. (¬2) م ف ز: درهم. (¬3) م ز: درهم. (¬4) ز: ينقضه. (¬5) ز: استخلفه. (¬6) ف - عليه. (¬7) م ز: كفيلا.

صلح، كان حالاً كما قال، لأنه ترك الأجل ورفضه. ولو كانت عليه ألف درهم إلى أجل من ثمن عبد وكانت عليه مائة دينار أخرى من ثمن أمة فعجل له المائة ديناراً كلها على أن أخَّر عنه الألف (¬1) كلها سنة بعد حلها كان هذا فاسداً لا يجوز، مِن قِبَل أنه تعجل شيئاً لم يحل بتأخير شيء أخره. ولو أن المطلوب قضى الطالب المال وقبضه الطالب ثم استحق من يديه وقد قضاه قبل أن يحل لم يكن للطالب على المطلوب شيء حتى يحل المال. وكذلك لو وجدها زُيُوفاً أو نَبَهْرَجَة أو سَتُّوقَة فردها، مِن قِبَل أنه لم يبطل الأجل، إنما عجل المال. فإن سلم وإلا فهو إلى أجل. وكذلك لو صالحه منه على عبد ودفعه إليه فاستحق أو رده بعيب بقضاء قاض فإن المال يكون عليه إلى أجله. وإن طلب إليه أن يقيله الصلح على ما كان من الأجل فأقاله أو رده بعيب بغير قضاء قاض فالمال عليه إلى أجله. ولو كان معه كفيل (¬2) لم يكن على الكفيل من المال شيء إلا أن يقيله بقضاء قاض. ولو كان رَهْنا بالمال عند الطالب على حاله رهن في يديه حين (¬3) رد العبد فإن الرهن يكون على حاله بالمال. ولو كان للطالب على المطلوب ألف درهم من ثمن بيع حال ومائة دينار من ثمن بيع إلى أجل فعجل له المائة دينار على أن أخَّر عنه الألف درهم سنة كان هذا باطلاً، لأنه لا يعجل مالاً إلى أجل. ولو قال (¬4): أعجل لك الألف على أن تؤخر (¬5) عني المائة دينار سنة كان هذا جائزاً، لأن له أن يأخذه بالألف (¬6). وإذا أخَّر عنه ما ليس له أن يأخذه وتعجل ما له أن يأخذه فهو جائز. وإذا تعجل منه ما ليس له أن يأخذه (¬7) وأخرَّ عنه ما له أن يأخذه به فهو فاسد. ¬

_ (¬1) م ف ز: ألف. (¬2) م ز: كفيلا. (¬3) م ف ز: حتى. والتصحيح من الكافي، 2/ 180 ظ. (¬4) ز - قال. (¬5) ز: أن يؤخر. (¬6) ز: الألف. (¬7) ز - وتعجل ما له أن يأخذه فهو جائز وإذا تعجل منه ما ليس له أن يأخذه.

باب الصلح في الدين إلى أجل على أن يجعله حالا

وإذا كان الدين على رجلين إلى أجل وكل واحد منهما كفيل عن صاحبه فصالحه أحدهما على أن أعطاه رهناً على أن أخَّر عنهما الدين سنة بعد الأجل فهو جائز. وكذلك لو كان في يديه رهن فزادوه معه رهناً (¬1) على أن أخَّر عنهم سنة بعد الأجل فهو جائز. ... باب الصلح في الدين إلى أجل على أن يجعله حالاً وإذا كان لرجل على رجل دين من ثمن متاع إلى أجل مسمى فصالحه على أن يجعله (¬2) حالاً فهو جائز، وهو حال، وليس هذا بصلح، إنما هذا رجل قال: قد جعلت ما علي من الدين حالاً. وكذلك لو قال: قد أبطلت الأجلالذي في في هذا الدين، أو قد تركت الأجل على حاله (¬3). ولو قال: برئت من الأجل، أو قال: لا حاجة له في الأجل، فإن هذا ليس بأجل، والأجل على حاله. ولو لم يقل شيئاً في هذا وقضاه المال قبل الأجل واستحقه رجل أو رده لأنها كانت زُيُوفاً أو سَتُّوقَة فإن المال إلى أجله، لأن هذا لم يجعله حالاً. وكذلك لو باعه به عبداً فرده بعيب بقضاء قاض أو استحق أو كان حراً فإن هذا كله يكون فيه المال إلى أجله. والكفالة في هذا والحوالة وثمن البيع سواء. وكذلك الدين كله ما خلا القرض. وكذلك الصداق فهو مثل الدين إلى أجل مسمى، ولا يشبه القرض. وكذلك الدية وأرش الجراحة العمد والخطأ. وكذلك المكاتبة والعتق على مال (¬4) والخلع والطلاق على مال إلى أجل. ... ¬

_ (¬1) ف + فزادوه معه رهن؛ ز: رهن. (¬2) م ز: أن جعله. (¬3) م ز - على حاله. (¬4) ف: والعتق إلى أجل.

باب الصلح في الدين على شيء يقع بة إقراره

باب الصلح في الدين على شيء يقع بة إقراره وإذا ادعى رجل على رجل ألف درهم فأنكر ثم صالحه من ذلك على أن باعه بها عبداً فهو جائز. وهذا إقرار بالدين، وليس هذا مثل قوله: أصالحك منها على عبد. كان وجد بالعبد عيباً رده وأخذ منه المال. والقول في هذا العبد في العيوب والاستحقاق مثل القول في البيع في كل شيء. وإن مات العبد في يدي البائع قبل أن يدفعه كان عليه ألف درهم يؤديها (¬1). ولو كان صالحه على العبد وقبضه ثم باعه ثم وجد به عيباً قد كان دلّسه لم يرجع (¬2) عليه بشيء؛ لأنه ليس في يديه. وكذلك إذا خرج من ملكه بوجه من الوجوه. وكذلك لو اشترى منه ولم يقل: أصالحك. وقال أبو حنيفة: إذا صالحه من هذا الدين على عبد وصاحبه مقر بالدين، وقبض العبد فليس له أن يبيعه مرابحة. وقال: الصلح مخالف للبيع في هذا. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وكذلك لو ادعى عليه كُرّ حنطة قرض فجحده إياه، ثم صالحه على أن اشترى منه بعشرة دراهم، ثم فارقه قبل أن يقبض الدراهم، فإنه يرجع عليه بالكر حنطة، وهذا منه إقرار به. ألا ترى أنه لو ادعى عبداً في يديه فأنكره ثم صالحه منه على أن اشتراه بأمته هذه، ثم استحقت هذه الأمة أو وجد بها عيباً، كان له أن يردها ويأخذ العبد. ولو كان مكان العبد (¬3) دار (¬4) وسلمت الأمة له كان للشفيع أن يأخذ الدار بالشفعة بقيمة الأمة، وكان هذا إقراراً (¬5) منه بأن الدار (¬6) للمدعي. وإذا ادعى رجل على رجل كُرّ حنطة قرض فجحده ذلك، فصالحه ¬

_ (¬1) ز: يؤدها. (¬2) ف: ولم يرجع. (¬3) ز - ولو كان مكان العبد. (¬4) م ز: دارا. (¬5) م ز: إقرار. (¬6) ف: بأن الولد.

باب الصلح في الدين بين الرجلين فيصالح أحدهما أو يقبض حصته

رجل عنه على أن اشتراه منه بعشرة دراهم ونقدها إياه وتفرقا، كان الصلح باطلاً لا يجوز، مِن قِبَل أن الكر يصير للذي اشتراه وهو (¬1) دين، فلا يجوز أن يشتري ديناً. ويرجع بدراهمه. ولو لم يشتره ولكنه صالحه منه على عشرة دراهم دفعها إليه فهذا جائز، والذي ادعى قبله الكر بريء منه، ولا يكون الكر للمصالح. وهذا مخالف للبيع. وهذا يبين لك أن البيع إقرار والصلح ليس بإقرار. وإذا ادعى رجل عشرة دراهم بعينها في يدي رجل فجحده ذلك، ثم صالحه على أن باعه بها ثوباً ودفع الثوب إليه فهو جائز. كان وجد فيها زَيْفاً رده عليه واستبدله. وكذلك إن وجد فيها نَبَهْرَجَة أو سَتُّوقاً. وهذا يبين لك أنه إقرار. وكذلك لو ادعى دراهم في يديه وديعة أو مضاربة وجحد الآخر فهو سواء. ... باب الصلح في الدين بين الرجلين فيصالح (¬2) أحدهما أو يقبض حصته وإذا كان لرجلين على رجل ألف درهم وزن سبعة وهو مقر بها، فصالحه أحدهما من حصته على عبد وقبضه فهو جائز، وصاحبه بالخيار. إن شاء اتبع شريكه، فيقال لشريكه: أنت بالخيار: إن شئت أن تدفع (¬3) إليه مائتي درهم وخمسين درهماً فعلت، ويسلم لك العبد، وتتبعان الغريم بخمسمائة بينكما؛ كان شئت أن تدفع إليه نصف العبد، فإن قبله كان بينكما نصفين، واتبعتما الغريم بخمسمائة، وإن لم يقبل فلا شيء له غير ذلك. وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وقال أبو يوسف ومحمد: لو اشترى بحصته عبداً وقبضه كان جائزاً، وكان لشريكه عليه مائتا (¬4) درهم ¬

_ (¬1) ف ز: أو هو. (¬2) ف: يصالح؛ ز: فتصالح. (¬3) ز: أن يدفع. (¬4) م ز: مائتي.

باب اختلاف الشراء والصلح

وخمسون (¬1) درهماً، وليس للمشتري أن يعطيه من العبد شيئاً إلا أن يقبل ذلك الشريك على قول أبي يوسف ومحمد. وهذا يبين لك أيضاً اختلاف الشراء والصلح (¬2). ... باب اختلاف الشراء والصلح وإذا كان لرجلين على رجل ألف درهم من ثمن بيع حالة، فصالحه أحدهما على مائة درهم على أن أخَّر عنه ما بقي من حصته وهو أربع مائة درهم سنة، فإن ما قبض بينهما نصفين، وما أخَّر عنه فإنه لا يجوز في قول أبي حنيفة. وقال أبو حنيفة: إذا كان الدين بين رجلين فأخَّر أحدهما حصته لم يجز ذلك؛ لأنه يدخل على صاحبه من ذلك مئونة. فإن تَوَى (¬3) ما أخَّر رجع عليه. وكذلك الشريكان (¬4) شركة عنان. فأما المفاوضة، فإن تأخير أحدهما جائز على الآخر؛ لأنه من التجارة. وقال أبو حنيفة: إن أقر أحد الشريكين في هذا أن الدين كان إلى سنة، وقال الآخر: كان حالاً، فإن حصة الذي أقر بالأجل إلى ذلك الأجل، وحصة الآخر حالة. وقال: لا يشبه هذا التأخير. وقال أبو يوسف ومحمد: هذا والتأخير سواء. وإذا أخَّر حصته فتأخيره جائز في حصته، ويأخذ الآخر حصته. فإن تَوِيَتْ (¬5) حصة المؤخر رجع على شريكه بنصف ما أخذ (¬6). وإذا كان لرجلين على رجل ألف درهم من ثمن بيع فأقر أحدهما أنه ¬

_ (¬1) ز: وخمسين. (¬2) ز: أو الصلح. (¬3) أي هلك وضاع كما تقدم. (¬4) م ز: الشريكين. (¬5) ف: توت. (¬6) م: ما أخر.

قد كان للمطلوب عليه خمسمائة درهم قبل دينهما فقد برئ المطلوب من حصته (¬1)، ولا يكون لشريكه عليه شيء، ولا يكون هذا بمنزلة قبضه. وكذلك لو أبرأه من حصته. وكذلك لو جنى عليه جناية عمداً دون النفس يكون أرشها خمسمائة أو أفسد له متاعاً يكون قيمته خمسمائة فإنه يَتْوَى (¬2) من حصته، ولا يضمن لشريكه شيئاً، لأنه لم يقبض. ولو صالحه على مائة درهم على أن أبرأه مما بقي من حصته بعد قبض المائة أو قبل قبضها كان جائزاً، ولشريكه أن يرجع عليه بخمسة أسداس المائة، مِن قِبَل أن له على المطلوب خمسمائة، وليس لشريكه إلا مائة. ولو قبض شريكه المائة وقاسمها شريكه نصفين ثم أبرأه مما بقي كانت القسمة جائزة ولا تعاد. وإذا كان لرجلين على رجل كُرّ حنطة قرض فصالحه أحدهما على عشرة دراهم على أن أبرأه من حصته من ذلك فهو جائز. فإن شاء دفع إلى شريكه ربع كر، وإن شاء دفع إليه خمسة دراهم. والخيار في ذلك إلى قابض الدراهم الذي صالح. ولو كان باع حصته من الطعام بعشرة دراهم كان لشريكه أن يضمنه ربع الكر، ولا خيار في ذلك. ثم يتبعان (¬3) المطلوب بنصف كر بينهما. وإذا كانت خادم بين رجلين فباع أحدهما حصته (¬4) بخمسمائة من رجل وباع الآخر حصته من ذلك الرجل بخمسمائة وكتبا عليه صكاً بألف درهم جميعاً فهو جائز. وأيهما ما قبض من ذلك شيئاً أو صالح عنه أو أخَّره (¬5) فهو جائز علية، ولا شيء لشريكه من ذلك، لأن الصفقة مختلفة. وكذلك لو أقرضه كل واحد منهما خمسمائة وكتبا عليه بها صكاً واحداً. وإن كانت هذه الجارية بينهما من ميراث أو شراء أو اشترى أحدهما وورث الآخر فهو سواء. كان باعا جميعاً الجارية صفقة (¬6) واحدة بثمن واحد حالاً أو إلى أجل فأيهما ما قبض من ذلك شيئاً أو صالح عليه فإن شريكه يشركه فيه على ما وصفت لك. ولو ¬

_ (¬1) ز: من حصة. (¬2) م ف ز: توى. (¬3) ز: ثم يبيعان. (¬4) م ز: احصته. (¬5) ف: أو آجره. (¬6) م: وصفقة.

باعاها صفقة واحدة على أن نصيب فلان منها مائة درهم وعلى أن نصيب فلان ألف درهم كان ذلك جائزاً. وأيهما ما قبض من نصيبه شيئاً أو صالح أو أخَّر (¬1) فهو جائز، ولا يشركه الآخر في شيء من ذلك، وهذا بمنزلة صفقتين. وكذلك لو اشترط أحدهما أن نصيبه بخمسمائة بَخّية (¬2) وشرط الآخر خمسمائة سُود. وكذلك لو اشترط أحدهما أن ثمن نصيبه كر حنطة جيد وثمن حصة (¬3) الآخر كر من شعير جيد. فهذا كله باب واحد. وإذا كان (¬4) لرجل وامرأة على رجل ألف درهم بينهما للرجل الثلثان وللمرأة الثلث من ميراث ورثاه أو خادم كانت (¬5) بينهما أو دراهم أقرضاها (¬6) إياه فهو سواء. وأيهما صالح على شيء وقبضه منها أو صالح على ثوب من حصته كان لشريكه أن يشركه على ما ذكرت لك. وإذا كان لرجلين على رجل ألف درهم بَخّية فاقتضى أحدهما منه خمسمائة زُيُوف فصالحه عليها كان لشريكه أن يشركه فيها فيأخذ نصفها، ليس له إلا ذلك، أو يترك (¬7) ذلك ويتبع الغريم بحقه. وكذلك لو صالحه على نَبَهْرَجَة أو على سُود. ولو أخذ الآخر بخمسمائة درهم بَخّية لم يشرك واحد منهما صاحبه في شيء. وإذا كان لرجلين على رجل كر حنطة جيد قرض أو من ثمن بيع اشتراه منهما بكر حنطة جيد حال فهو جائز. فإن صالحه أحدهما على أن أخذ بحصته نصف كر حنطة رديء فأراد الشريك الذي لم يقبض أن يشاركه فيما قبض فإنما له نصف ما أخذ من ذلك الرديء، وليس له أن يأخذ جيداً. وكذلك لو اقتضاه (¬8) بغير صلح. ولو كان صالح منه على كر شعير وقبضه كان جائزاً، مِن قِبَل أن الكر الشعير ثمن بمنزلة الدراهم، ولشريكه أن يشركه ¬

_ (¬1) م: أو أجر. (¬2) نوع من الدراهم كما تقدم. (¬3) ز: حصته. (¬4) ف: فإذا كان. (¬5) م ز: كاتب. (¬6) ف: أوقرضابها. (¬7) ز: أو تترك. (¬8) ز: لو اقضاه.

فيأخذ منه نصف الكر الشعير إلا أن يعطيه ربع كر حنطة جيد. فإن أعطاه ربع كر حنطة جيد اتبعا الغريم بنصف كر حنطة جيد. فإن وجد بالكر الشعير عيباً يَحُطُّه (¬1) العشر وقد حدث به عنده عيب آخر فإنه يرجع بنصف عشر كر حنطة فيكون له خاصة دون صاحبه؛ لأن صاحبه قد استوفى ربع كر حنطة جيد لم يدخل فيه عيب. وإذا اشترى الرجل من الرجلين ثوباً كان بينهما بفَرَق سمن جيد بغير عينه (¬2) حال فهو جائز. فإن صالحهما عنه (¬3) على فرق من زيت ودفعه إليهما فهو جائز. وكذلك الكيل والوزن كله. إذا كان ثمناً على ما ذكرنا فصالح منه على صنف من الكيل غيره أو على وزن أو على دراهم ودفع قبل أن يتفرقا فهو جائز. وإذا كان لرجلين على رجل كُرّ حنطة وسط صالحهما عليه من دعواهما في دار، ثم صالحاه من الكر بعد ذلك على كر من شعير بغير عينه وافترقا (¬4) قبل الدفع، فإن هذا لا يجوز مِن قِبَل أن الحنطة دين فلا يجوز دين بدين. ولو كان الشعير بعينه قائماً كان جائزاً. ولو أن رجلين ادعيا في دار دعوى ميراث من أبيهما فصالحهما الذي في يديه الدار من دعواهما على كر حنطة جيد إلى أجل مسمى كان جائزاً. فإن حل الكر فصالحاه منه على فرق من زيت بعينه أو كر شعير بعينه وقبضاه كان جائزاً؛ لأن الحنطة (¬5) هي ثمن. ولا يشبه هذا السلم. وإن كان مقراً بدعواهما في الدار أو منكراً فهو سواء وهو جائز. وإذا كان لرجلين على رجل ألف درهم لأحدهما ومائة دينار للآخر فصالحاه من ذلك كله على ألف درهم وقبضاها فإن ذلك لا يجوز مِن قِبَل أن هذأ بيع لهما جميعاَ. ألا ترى أني لو أجزت ذلك قسمت الدراهم بينهما على ألف درهم وعلى مائة دينار فيكون ألف درهم بأقل من ألف درهم. وكذلك لو كان لأحدهما عليه كر حنطة وكر شعير للآخر فصالحاه على كر ¬

_ (¬1) أي: ينقص من قيمته. ولفظ ب؛ والكافي: ينقصه. انظر: الكافي، 2/ 181 و. (¬2) ز: عنه. (¬3) ز: منه. (¬4) ز: فافترقا. (¬5) ز: الحصة.

حنطة. فإن صالحاه على مائة درهم ودينهما قرض فهو جائز إذا قبضاها قبل أن يتفرقا، وهي بينهم على قيمة حنطة هذا وقيمة شعير هذا. وإذا كان لرجلين على امرأة ألف درهم وزن سبعة فتزوجها أحدهما على حصته منها فهو جائز، ولا يرجع صاحبه عليه بشيء؛ لأنه لم يقبض شيئاً. وكذلك لو كان لامرأتين على زوج إحداهما (¬1) ألف درهم فاختلعت امرأته بحصتها منه فإن شريكتها (¬2) لا ترجع عليها بشيء؛ لأنها لم تقبض شيئاً. ولو كان تزوجها الأول على خمسمائة درهم ثم قاصّها بحصته من الألف أو لم يقاصّها كان لشريكه عليه مائتا (¬3) درهم وخمسون (¬4) درهماً، ويتبعانها بخمسمائة درهم، ويكون خمسمائة (¬5) قصاصاً (¬6) بخمسمائة. ولو طلقها قبل أن يدخل بها رجع عليها بخمسين ومائتي درهم نصف المهر، فيكون عليها سبعمائة وخمسون (¬7)، وما خرج من ذلك كان بينهما على حساب ذلك، وما كان بين واحد منهما وبينهما من صلح في ذلك فهو على مثل (¬8) ذلك الحساب. وإذا كان لرجلين على رجل ألف درهم فاغتصبه أحدهما خمسمائة (¬9) فأكلها والألف حالة فهي (¬10) قصاص له (¬11)، يرجع (¬12) شريكه بمائتين وخمسين، ولا أرى هذا يشبه الجناية ولا متاعاً أحرقه بالنار لم ينتفع منه بشيء. وإذا كان لرجلين على رجل ألف درهم إلى سنة وقد استقرض (¬13) أحدهما منه خمسمائة قبل ذلك ثم حل المالمالهما عليه فصارت قصاصاً فإن شريكه لا يرجع عليه بشيء؛ لأنه لم يقبض شيئاً، إنما قضى الذي عليه. وكذلك الفساد إذا أفسد شيئاً قبل أن يكون لهما عليه دين فاقتص (¬14) منه حصته فإنما قضى ولم يقتضِ. ¬

_ (¬1) ز: احدهما. (¬2) ز: شريكها. (¬3) م ز: مائتي. (¬4) ز: وخمسين. (¬5) ف + درهم. (¬6) ف ز: قصاصها. (¬7) م ز: وخمسين. (¬8) م ز - مثل. (¬9) ز: بخمسمائة. (¬10) ز: فهو. (¬11) ف ز - له. (¬12) ز: ويرجع. (¬13) ز + من. (¬14) ز: فاقبض.

ولو كانت ألف درهم لهما عليه حالة ثم باع أحدهما متاعاً بخمسمائة إلى سنة ثم حلت فصارت قصاصاً فهو قصاص، وهو ضامن لمائتي درهم وخمسين درهماً لشريكه؛ لأنه صار مقتضياً (¬1) وليس بقاض (¬2). وإذا كان لرجلين على رجل ألف درهم فوهب أحدهما حصته للمطلوب أو أبرأه منه (¬3) أو حلله لم يكن لشريكه عليه ضمان في (¬4) ذلك. ولو قال: قد برئت إلي من خمسمائة، كان هذا إقراراً منه بالقبض، وكان لشريكه عليه مائتا (¬5) درهم وخمسون (¬6) درهماً. وكذلك إذا كتب له براءة لفلان من خمسمائة درهم فهو مثل قوله: قد قبضتها (¬7). وإذا كان لرجلين على رجل خمسمائة درهم فاستأجر أحدهما بحصته (¬8) منها داراً من الغريم سنة وسكنها فهذا بمنزلة القبض (¬9)، وعليه خمسون ومائتا درهم لصاحبه. ولو صالح من جرح عمد فيه قصاص على نصيبه منها كان جائزاً، ولا يكون هذا بمنزلة القبض، لأنه لم يقبض شيئاً، وهذا بمنزلة النكاح، ولا شيء لشريكه عليه. وإذا كان لرجلين على رجل (¬10) مائة درهم فصالحه أحدهما من حصته على خدمة عبد سنة وخدمته شهراً وعلى أن (¬11) يزرع أرضاً له سنة فزرعها فهو جائز، وهذا بمنزلة القبض، يضمن لشريكه خمسة وعشرين (¬12) درهماً، لأن هذا منفعة، ولا يشبه القصاص والنكاح. ... ¬

_ (¬1) م + ولا. (¬2) م؛ وليس بقاضي؛ ز: بقاضي. (¬3) م - منه. (¬4) ز - في. (¬5) ز: مائتي. (¬6) ز: وخمسين. (¬7) ز: قد قبضها. (¬8) ز: الحصته. (¬9) ز: القصبض. (¬10) ز: رجل؛ صح هـ. (¬11) ز - أن. (¬12) ز: وعشرون.

باب الصلح في السلم

باب الصلح في السلم محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: لا تأخذ إلا سلمك أو رأس مالك بعينه. محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة عن أبي عمرو عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس في الرجل يأخذ رأس ماله أو بعض السلم، قال: ذلك المعروف الحسن الجميل. وقال أبو حنيفة: لا بأس بذلك. وهو قول أبي يوسف ومحمد. محمد قال: حدثنا مِسْعَر بن كِدَام عن عبدالملك بن ميسرة عن طاوس عن عبد الله بن عباس أن رجلاً أسلم في حُلَل (¬1) دِقّ فلم يكن عنده إلا حُلَل جِلّ (¬2)، فقال: خذ حلتين بحلة، فكره ذلك عبد الله بن عباس. محمد عن أبي يوسف عن أبي إسحاق الشيباني قال: أسلمت إلى رجل في عشرة أكرار حنطة، قال: فاشتريت بالحنطة منه أرضاً، فسألت عبد الله بن مُغَفَّل (¬3)، فقال لي: خذ رأس مالك. وقال أبو حنيفة: لا بأس بأن (¬4) يصالح الرجل في السلم على أن يأخذ نصف رأس ماله ونصف سلمه بعينه. وقال: لا بأس بأن يصالح على أن يأخذ رأس ماله كله. وقال: إذا صالح على رأس ماله فلا ينبغي له أن يشتري بها شيئاً حتى يقبضه. وقال أبو حنيفة: إذا كان رأس مال السلم عرضاً (¬5) من العروض فصالح رب السلم على رأس ماله فهلك العرض (¬6) قبل أن يقبضه فإن على ¬

_ (¬1) ز: في ذلك. (¬2) الحلل جمع حلة نوع من الثياب، والدِّقّ في الأصل هو الدقيق، والجِلّ هو الغليظ، ثم جعل كل منهما اسماً لنوع من الثياب. انظر: المغرب، "دقق". (¬3) م ز: بن معقل. وهي مهملة في ف. والتصحيح من كلام المؤلف حيث روى هذا الأثر نفسه فيما سبق. انظر: 8/ 14 ظ. (¬4) ف ز: أن. (¬5) ز: عرض. (¬6) ف: العوض.

المسلم إليه قيمة ذلك العرض. وكذلك لو كان ذلك العرض هلك قبل أن يتناقضا السلم ثم تناقضا بعد هلاكه فإن على المسلم إليه قيمة ذلك العرض، والقول في القيمة قول المسلم إليه مع يمينه، وعلى رب السلم البينة على فضل إن ادعاه. وإذا كان بالسلم كفيل فصالح رب السلم الذي عليه الأصل على رأس المال فإن الكفيل بريء من ذلك كله، ولا شيء عليه من رأس المال، لأنه إنما كفل بالسلم بعينه، ولم يكفل برأس المال. ولو صالحه على نصف رأس المال ونصف السلم كان على الكفيل ما بقي من السلم، وكان بريئاً من رأس المال، وكان للطالب أن يأخذ الذي عليه الأصل بنصف رأس المال. وإذا صالح رب السلم الذي عليه السلم من السلم وهو طعام على أرض أو دار أو شيء من الحيوان وقبضه فإن الصلح باطل لا يجوز، ويرد ما قبض من ذلك، ويرجع (¬1) بسلمه بعينه. وإن كان الذي قبض قد هلك عنده فعليه قيمته. ولو كان السلم حنطة فصالحه من ذلك على تمر وقبضه كان عليه أن يرد التمر. فإن هلك التمر عنده كان عليه مثله، ويرجع بسلمه بعينه. وكذلك لو صالحه على شعير أو على شيء من الوزن أو الكيل سوى الحنطة. فإن كان السلم حنطة فصالحه على نصف كر حنطة على أن أبرأه مما بقي فإن هذا جائز، وإنما حط عنه بعض سلمه. وكذلك لو كان السلم حالاً وهو كر حنطة فصالحه على نصف كر حنطة على أن أخره عنه شهراً فهو جائز. ولو كان السلم كر حنطة رديء فصالحه على كر حنطة جيد إلى شهر فإن هذا لا يجوز، مِن قِبَل أنه يأخذ أجود من طعامه. ولو كان كر حنطة جيد فصالحه على كر حنطة رديء إلى شهر أجزت ذلك، لأنه إنما حط عنه. ولو كان السلم كر حنطة رديء حال فصالحه على نصف كر حنطة جيد ودفعه (¬2) إليه أجزت ذلك. ولو فارقه من قبل أن يدفعه إليه أجزت ما حط عنه، وكان له عليه نصف كر ¬

_ (¬1) ز: يرجع. (¬2) ز: فدفعه.

حنطة (¬1) رديء. رجع يعقوب عن هذا، فزعم أنه باطل، وأن الكر عليه على حاله. والقول الآخر قول محمد. ولو كان السلم كر حنطة رديء حال فصالحه على كر حنطة جيد على أن يزيده رب السلم درهماً (¬2) في السلم فإن أبا حنيفة قال: لا يجوز هذا. وكذلك إن عجل له الكيل أو أخره. وكذلك هذا كله في الكيل والوزن كله. وهو قول أبي يوسف ومحمد. ولو كان السلم ثوباً هَرَوياً (¬3) قد حل فصالح رب السلم المطلوب على ثوب هروي أطول منه على أن زاده درهماً (¬4) وقبض الثوب وقبض الدرهم فإن أبا حنيفة قال: هذا جائز. وقال: لا يشبه هذا الكيل والوزن. وكذلك هذا في كل ما يذرع ذرعاً من السلم. فإن كان السلم (¬5) لم يحل على المطلوب فزاده درهمأ على أن يجعل الثوب أطول من ذرعه بذراع إلى أجله فإن هذا جائز. وقال أبو حنيفة ومحمد: لو جاءه بثوب (¬6) أقصر من ثوبه بذرل فصالحه عليه على أن يرد عليه مع ذلك درهماً من رأس المال فإن هذا باطل لا يجوز. قال: لأني لا أدري كم حصة الدرهم من الثوب. وإذا اصطلحا على ثوب أجود منه رُقْعَة (¬7) من ذلك الصنف (¬8) وهو على ذرعه على أن زاده درهماً فإن هذا جائز. وإذا (¬9) كان السلم كر حنطة إلى أجل والثمن دراهم أو شيء بغير عينه فاصطلحا على أن زاده الذي عليه السلم نصف كر حنطة إلى ذلك الأجل فإن الزيادة باطل لا تجوز. وعلى الذي عليه السلم أن يرد ثلث رأس المال إلى رب السلم. وعليه كر حنطة تام مِن قِبَل أنه جعل لهذا النصف كر حنطة في رأس المال نصيباً، ولا يكون ديناً بدين. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: الزيادة باطل والسلم على حاله. ولو صالحه على أن زاده رب السلم عشرة دراهم في رأس المال كان جائزاً. فإن دفع إليه ¬

_ (¬1) ف ز + وكان له عليه نصف كر حنطة. (¬2) م ز: درهم. (¬3) م ز: ثوب هروي. (¬4) م ز: درهم. (¬5) ز - فإن كان السلم. (¬6) ز: لو جاء ثوب. (¬7) أي: غلظاً وثخانة كما تقدم. (¬8) م ز: الصيف. (¬9) ز: فإذا.

الدراهم قبل أن يتفرقا فهو مستقيم. وإن تفرقا قبل أن يدفع إليه العشرة انتقض وبطل حصتها من الكر. وقال أبو يوسف: إذا كان السلم كر حنطة رديء فصالحه على كر حنطة جيد على أن زاده درهماً (¬1) قبل أن يتفرقا والطعام إلى أجل أو حال وقبضه منه فهو جائز (¬2). وخالف أبا حنيفة في هذا. وقال: لا أرى هذا بيع كر بكر، إنما هذا قضاء وحط. وكذلك لو جاءه بكر أردأ (¬3) من كره يقتضيه وحط عنه درهماً من رأس المال فإنه (¬4) جائز. ألا ترى أنه لو كان عليه كر من تمر فارسي فقضاه كر تمر دَقَل دونه كان جائزاً إذا رضي بذلك الطالب. وكذلك إذا حط عنه من رأس المال. أرأيت لو حط عنه من رأس المال درهماً فرده عليه وقضاه الثمن بعينه على شرط ألم يكن هذا جائزاً. وكذلك لو كان السلم ثوباً هَرَوياً (¬5) فجاءه بثوب هَرَوي دونه في العرض والطول والرُّقْعَة (¬6) فصالحه عليه على أن يرد من رأس المال درهماً فإني أجيز هذا، وأخالف فيه أبا حنيفة. وقال محمد: القول في هذا ما قال أبو حنيفة. ولو كان جاءه (¬7) بثوب قُوهِي فصالحه عليه بزيادة على رأس المال أو بنقصان من رأس المالمالم يجز ذلك؛ لأن (¬8) هذا بيع سلم قبل أن يقبضه. والأول ليس ببيع، إنما هو قضاء. إذا اختلف النوعان لم يجز الصلح. ولو كان لرجل على رجل ثوب مَرْوي سلم فصالحه على نصف رأس ماله وعلى أن يعطيه نصف الثوب كان جائزاً. ولو جاءه بنصف ثوب مقطوع لم يجبر على أخذه؛ لأن قطعه نقصان. ولكن يأتيه بثوب صحيح فيكون له نصفه. ¬

_ (¬1) م ز: درهم. (¬2) م ز + عنده. (¬3) م ف ز: أردى. (¬4) م ف ز: إنه. (¬5) م ز: ثوب هروي. (¬6) أي الغلظ والثخانة كما تقدم. (¬7) ز: جاء. (¬8) ف - لأن.

وإذا كان السلم إلى أجل فصالحه على أن يأخذ نصف رأس ماله ويناقضه نصف السلم ويعجل له نصف السلم قبل الأجل فإن هذا فاسد لا يجوز مِن قِبَل التعجيل الذي تعجل، فيجوز النقض في نصف السلم، وأما التعجيل فهو باطل. ولو كان السلم كُرّ حنطة حال وكر شعير إلى أجل فصالحه على أن قضاه الحنطة على أن زاده في أجل الشعير شهراً فذلك جائز. فإن صالحه على أن يعجل الشعير ويؤخر الحنطة شهراً لم يجز ذلك مِن قِبَل أنه تعجل التأخير. ولو كان لرجل على رجل كر حنطة سلم إلى أجل لم يحل فصالحه على أن زاده في الأجل شهراً على أن حط عنه من رأس المال درهماً ورده عليه وقبض (¬1) منه الدرهم كان هذا باطلاً لا يجوز مِن قِبَل الدرهم الذي عجل. ولو كان حالاً فرده عليه من رأس ماله درهماً على أن الكر عليه كما كان أو أخَّره شهراً كان جائزاً. وكذلك لو افترقا قبل أن يقبض الدرهم ثم قبضه بعد ذلك. وإذا كان رأس مال السلم ثوباً (¬2) فصالحه المطلوب على أن يرد عليه رأس ماله قبل أن يحل السلم أو بعدما حل فإنه جائز. فإن كان الثوب قائماً بعينه رده. وإن هلك عنده قبل أن يصطلحا أو بعدما اصطلحا فإن أبا حنيفة قال في ذلك: على المسلم إليه قيمته، والقول فيه قوله مع يمينه، وعلى الطالب البينة على ما يدعي من الفعل. وكذلك إن كان شيء من الحيوان. فإن كافت أمة قد ولدت عند المسلم إليه فإنه يأخذ قيمتها يوم دفعها. وإن كان قد حدث بها عيب (¬3) فإنه إن شاء أخذها بعينها، وإن شاء تركها وأخذ قيمتها يوم دفعها. فإن كان جنى عليها أحد جناية فأخذ المسلم إليه لها أرشاً فإن لرب السلم قيمتها يوم دفعها، ولا يستطيع أن يأخذها لمكان أرشها. وكذلك لو ولدت ولداً فأعتق المسلم إليه ولدها، أو قتل (¬4) فأخذ له أرشاً، ¬

_ (¬1) م ز: أو قبض. (¬2) م ز: ثوب. (¬3) م ز: عيبا. (¬4) ز: أو قبل.

أو كان حيًّا فإن للطالب أن يأخذ قيمة الجارية يوم دفعها. ولو كان الولد قد مات كان للطالب أن يأخذ الجارية بعينها. فإن كانت الولادة قد نقصتها كان له أن يأخذ قيمتها يوم دفعها إن شاء. وإذا كان المسلم إليه قد باع الخادم من رب السلم ثم صالحه على رأس المال فإن رب السلم يأخذ من المسلم إليه قيمتها يوم دفعها. وكذلك لو كان وهبها له على عوض أو على غير عوض وقبضها فهو في (¬1) القياس مثل ذلك، ولكني أستحسن في الهبة إذا كانت بغير عوض أن لا يرجع عليه بشيء. وإذا كان السلم حنطة رأس ماله مائة درهم فصالحه على أن يرد عليه مائتي درهم أو مائة درهم وخمسين درهماً فإن هذا كله لا يجوز. فإن قال: مائة درهم رأس مالك، فهو جائز. وكذلك إن كان خمسين درهماً من رأس مالك فهو جائز (¬2). كان قال: مائتا (¬3) درهم من رأس مالك، فإن ذلك لا يجوز + لأن رأس المال لا يبلغ ذلك. وإذا أسلم الرجل ثوباً في كر حنطة وقبضه المسلم إليه، ثم إن المسلم إليه أسلم ذلك الثوب إلى آخر، ثم صالحه الأول على رأس ماله، ثم صالح الثاني الثالث على رأس ماله فرد عليه الثوب فإنه لا يرد الثوب على الأول، ويأخذ الأول منه قيمة الثوب؛ لأنه دخل في ملك الأوسط بملك مستقبل غير الملك (¬4) الأول. فإن اصطلحا على أن يأخذه كان له ذلك؛ لأنه هو رأس مال السلم بعينه؛ لأن القاضي لم يقض بالقيمة بعد. ولو كان الأوسط قبل الثوب بعيب بغير قضاء قاض فإنه لا يرده على الأول، ولكنه يرد قيمته. كان شاء الأول أن يأخذ الثوب أخذه إذا سلمه له المسلم إليه. ولو رده عليه بقضاء قاض ثم ناقض السلم (¬5) الأول كان له أن يرده عليه (¬6) ¬

_ (¬1) ز - في. (¬2) ف - وكذلك إن كان خمسين درهماً من رأس مالك فهو جائز. (¬3) م ز: مائتي. (¬4) ز: ملك. (¬5) ز: المسلم. (¬6) ف - عليه.

بعينه. ولو كان ناقض السلم قبل أن يرد عليه الثوب كان عليه قيمته؛ لأنه قد وجب عليه قبل أن يرد عليه (¬1) - ولكنه يرد بالعيب ويأخذ القيمة. وإن رد عليه بغير قضاء قاض ثم إن الآخر صالحه على رأس المال فإنه يأخذ منه قيمته. وإن شاء أخذ الثوب بعينه إن سلمه (¬2) له المسلم إليه الأول. ولو كان وهبه ثم اشتراه ثم أقاله السلم كان عليه قيمة الثوب. فإن كان رجع فيه ثم ناقضه السلم بعد ذلك كان له أن يرد عليه الثوب. وإن كان ورثه بعد ذلك أو اشتراه كان عليه قيمة الثوب. وإذا مات رب السلم فصالح وارثه المطلوب على رأس المال فهو جائز. وكذلك لو ماتا جميعاً فصالح وارث هذا وارث هذا على رأس المال فهو جائز. وإن كان رأس المال ثوباً (¬3) والسلم كر حنطة فصالح رب السلم على أن يرد عليه الثوب كله ويرد من الطعام نصفه فإن هذا لا يجوز؛ لأنه أخذ رأس ماله وفضلاً (¬4). ولو صالحه من الثوب على أن أبرأه من الطعام على أن يرد عليه رب السلم خمسة دراهم فإن هذا باطل لا يجوز أيضاً؛ لأن المسلم إليه لا تطيب له الخمسة بغير شيء أعطاه. وإذا كان رأس المال شيئاً (¬5) من العروض فباعه المسلم إليه من رب السلم بطعام مثل طعامه أو أكثر فهو جائز. وإن باعه بأقل من ذلك لم يجز وإن كان ذلك صلحاً (¬6). ولو كان رأس المال شاة فأصاب المسلم إليه من لبنها وصوفها وسمنها (¬7) ثم صالحه على رأس المال فإن هذا جائز عليه، وعليه قيمتها. وكذلك لو كان نخلاً فأكل من ثمره. إلا أن يرضى رب السلم أن يأخذ الشاة بعينها، فإن رضي فله ذلك، ولا يفسد ذلك ما أصاب المسلم إليه من لبنها وصوفها؛ لأنه شيء مستهلك. ألا ترى أنها لو كانت أمة فولدت عند (¬8) المسلم إليه (¬9) ¬

_ (¬1) ز - الثوب كان عليه قيمته لأنه قد وجب عليه قبل أن يرد عليه. (¬2) ز: إن أسلمه. (¬3) م ز: ثوب. (¬4) م ز: وفضل. (¬5) م ز: شيء. (¬6) م ز: صلح. (¬7) ز: وسمينها. (¬8) م ز: عنه. (¬9) ز - إليه.

باب الصلح في السلم الفاسد

فأعتق ولدها كان عليه قيمتها. ولو كان عبداً فأكل من غلته ثم صالحه على رأس المال كان عليه أن يدفعه وكان الصلح جائزاً، ولا يدفع إليه من الغلة شيء، والغلة له بالضمان. وكذلك غلة الدار. ولا يشبه هذا غلة النخل وولد الجارية ولبن الشاة؛ لأن غلة العبد ليس منه. والولد واللبن والتمر من النخل والخادم وغلة الدار مثل غلة العبد. وإذا كان السلم كر حنطة ورأس المال أرطال من سمن مسمى فصالحه على رأس المال وقد استهلك السمن فإن عليه أرطالاً مثلها. فإن أخذ دونهما أو فوقها في الجودة فهو جائز. وكذلك إن حط بعضاً وأخذ (¬1) بعضاً. ولا يصلح له أن يأخذ أكثر من وزنها. وإن أخذ مثلها أو أجود منها فهو جائز. ولا يصلح أن يجعلها في سلم ولا يبيعها بعرض بدين ولا بدراهم. وإن أخَّرها فتأخيره جائز. ... باب الصلح في السلم الفاسد وإذا كان السلم فاسداً فإن أبا حنيفة قال: لا بأس بأن يشتري برأس ماله ما شاء يداً بيد كما يشتري بالعرض. ألا ترى أن رجلاً لو أسلم دراهم (¬2) في خمر وهو مسلم كان هذا فاسداً لا يجوز، وكانت الدراهم على المطلوب بمنزلة العرض. ولا بأس بأن يصالح على ما شاء من العروض يداً (¬3) بيد. فكذلك لو أسلم في خنزير أو ميتة. وكذلك لو أسلم في كُرّ حنطة ولم يصف جيد هو أو وسط، أو أسلم في ثوب (¬4) ولم يصف طوله، أو وصف طوله (¬5) ولم يصف عرضه. ولو وصفهما (¬6) جميعاً ولم يصف الرُّقْعَة (¬7)، فإن هذا فاسد لا يجوز. وله أن يشتري برأس المال ما شاء، وأن يصالح عنه يداً بيد على ما شاء. ¬

_ (¬1) ز: فأخذ. (¬2) م: دراهماً؛ ز: درهماً. (¬3) م ز: يد. (¬4) ف ز + يهودي. (¬5) ف - أو وصف طوله. (¬6) م ف ز: وصف لهما. (¬7) أي: الغلظ والثخانة كما تقدم.

ولو أن رجلاً أسلم عشرة دراهم في شاة إلى أجل وجعل لها سناً (¬1) معلوماً وأجلاً معلوماً كان هذا فاسداً، وكان له أن يأخذ برأس مال حال. ولو صالحه منه على عرض من العروض يداً بيد كان جائزاً، ولا يصلح له (¬2) أن يصالحه على أن يجعله سلماً في شيء من الكيل أو الوزن إلى أجل. ولا بأس بأن يصالحه على عرض من العروض يداً بيد. ولو كان رب السلم قد قبض الذي أسلم إليه فيه (¬3) فاستهلكه كان عليه قيمته وكان على المسلم إليه رأس المال، ويتقاصّان، ويرد كل واحد منهما على صاحبه الفضل. ولو كان السلم إلى أجل وهو فاسد فصالحه الذي عليه السلم على نصف رأس ماله على أن أبرأه مما بقي كان جائزاً بمنزلة الدراهم القرض على رجل أخذ بعضاً وحط بعضاً. ولو كان السلم صحيحاً إلى أجل مسمى فأخذ بعض رأس ماله على أن أبرأه مما بقي لم يجز ذلك، وكان عليه من السلم حصة ما لم يقبض من رأس المال؛ لأن هذا تعجل عاجلاً بآجل. ولو كان لرجل على رجل دراهم قرض فجعلها عليه في كر حنطة سلماً لم يجز ذلك. فإن صالحه من رأس المالى على كرين (¬4) حنطة يداً (¬5) بيد فهو جائز. وكذلك لو صالحه على غير ذلك من الكيل أو الوزن. وكذلك لو أسلم إليه مالاً في حنطة على أن الخيار للطالب ثلاثة أيام وتفرقا على ذلك ومضت أيام الخيار فإن السلم فاسد. ولا بأس بأن يصالح من رأس ماله على عرض من العروض. ... ¬

_ (¬1) ف: شيئاً. (¬2) ف ز - له. (¬3) ز + فا. (¬4) ز: على كريين. (¬5) م ز: يد.

باب الصلح في السلم بين الرجلين

باب الصلح في السلم بين الرجلين وإذا كان لرجلين على رجل كر حنطة إلى أجل أو حال فصالحه أحدهما على رأس ماله فإن أبا حنيفة قال: الصلح في هذا فاسد لا يجوز إلا أن يسلم الشريك ذلك. وكذلك قال محمد. وقال أبو يوسف: ذلك جائز، للذي (¬1) صالح ما أخذ، فإن شاء أخذ شريكه منه (¬2)، وإن شاء اتبع الذي عليه الكر بنصف الكر. وقال أبو حنيفة ومحمد: إن أجاز شريكه الصلح فهو جائز، وما أخذ هذا من رأس المال فهو بينهما، ويتبعان المطلوب بنصف كر حنطة. وإن كان رأس مال السلم عبداً (¬3) أو أمة أو ثوباً أو عرضاً (¬4) من العروض والسلم بين شريكين فصالح من أحدهما من نصيبه على رأس ماله خاصة فهو مثل الباب الأول في القولين جميعاً. والمشتركون (¬5) في السلم خاصة بمنزلة ذلك. وكذلك العبدان التاجران (¬6) لهما سلم وهما شريكان فيه. وكذلك المكاتب والحربي لهما سلم وهما شريكان فيه. وكذلك المكاتبان. وكذلك المسلم والذمي. وكذلك المرأة والرجل. وكذلك الذميان (¬7). وإذا كان السلم شيئاً (¬8) من الكيل والوزن والثياب بين اثنين فصالح أحدهما على رأس ماله ولم يسلم شريكه فهو على ما وصفت لك. وإذا كان الشريكان متفاوضين (¬9) ولهما سلم على رجل فصالح أحدهما على رأس المال فهو جائز على شريكه. وإن كانا شريكين شركة عنان يشتريان ويبيعان فأسلم أحدهما إلى رجل سلماً من شركهما (¬10) ثم صالحه على رأس المال فهو جائز عليه وعلى شريكه. وإن كانا هما وليا (¬11) السلم ¬

_ (¬1) م ف ز: الذي. (¬2) م ف ز: فيه. (¬3) م ز: عبد. (¬4) م ز: أو ثوب أو عرض. (¬5) م ز: والمشتركين. (¬6) م ز: العبدين التاجرين. (¬7) م ز: الذميين. (¬8) م ز: شيء. (¬9) م ز: الشريكين متفاوضين. (¬10) ف: من شريكهما. (¬11) ف: اوليا.

باب الصلح في سلم أهل الذمة

جميعاً فصالح أحدهما على رأس المال كله كان جائزاً عليهما. ألا ترى أنهما لو ابتاعا عبداً فصالح أحدهما على أن أقال البيع (¬1) كله كان جائزاً على شريكه. وكذلك المضارب يسلم شيئاً من المضاربة في سلم ثم أقاله كان جائزاً على رب المال؛ لأن هذا من التجارة. وكذلك الشريك. وإذا كان السلم بين رجلين وابنه فصالح أحدهما على رأس ماله فهو مثل الباب الأول. فإن كان الابن صغيراً وأبوه الذي ولي السلم (¬2) فصالح الأب على رأس المال كله فهو جائز عليه وعلى ابنه؛ لأن هذا من التجارة. وكذلك وصي اليتيم يكون له ولليتيم سلم على رجل. وإذا أمر رجل رجلاً فأسلم إليه في كر حنطة ثم صالح الذي ولي السلم على رأس المال فهو جائز عليه، ويضمن كراً مثل ذلك للآمر. ولو كان الآمر هو الذي صالح المطلوب على رأس المال وقبضه فهو جائز. وإذا أسلم رجلان عشرة دراهم في كر حنطة فنقد هذا من عنده خمسة وهذا من عنده خمسة (¬3) ولم يخلطا العشرة ثم صالح أحدهما من رأس ماله وأخذه فإن هذا جائز، ولا يشركه الآخر في شيء من ذلك في قول أبي يوسف؛ لأنهما لم يشتركا في رأس المال. ولو لم يأخذ رأس المال وقبض شيئاً من السلم شركه صاحبه فيه، لأنهما مشتركان (¬4) في السلم في قول أبي يوسف. ... باب الصلح في سلم أهل الذمة وإذا أسلم الذميان إلى ذمي في خمر فهو جائز فيما بينهم. فإن أسلم أحدهما بطلت حصته من السلم، ورجع إليه رأس ماله. فإن صالح من رأس ماله على طعام إلى أجل أو بعينه فإنه لا يجوز مِن قِبَل أن أصل السلم قد ¬

_ (¬1) ز: البييع. (¬2) ز: المسلم. (¬3) ز - وهذا من عنده خمسة. (¬4) م ز: مشتركين.

كان صحيحاً جائزاً. ولا يشبه هذا السلم الفاسد من الأصل. ولو تَوَى (¬1) مال النصراني من هذا السلم كان له أن يشارك المسلم فيما قبض من رأس المال؛ لأنهما كانا مشتركين في رأس المال وفي السلم. وقال أبو يوسف: إذا أعتق النصراني عبداً له نصرانياً على خمر ثم أسلم أحدهما فعليه قيمته قيمة نفسه. وقال محمد: عليه قيمة الخمر؛ لأن العتق كان عليها صحيحاً في أول ذلك، فإنما يلزمه قيمة (¬2) الخمر. وكذلك الخلع والنكاح والصلح عن الدم (¬3) العمد. وإذا كان (¬4) لنصرانيين على نصراني كر حنطة سلم أسلما إليه في خمر لهما وقبضاها ثم أسلم أحدهما لم ينتقض السلم؛ لأن الحرام مقبوض في يدي صاحبه. ولو صالح المسلم منهما على رأس ماله لم يجز في قياس قول أبي حنيفة ولا في قول أبي يوسف ومحمد؛ لأنه صالح على ما لا يصالح. ألا ترى أن نصرانياً لو باع نصرانياً (¬5) جارية بخمر وتقابضا ثم أسلم أحدهما ثم أقاله البيع لم يجز ذلك؛ لأنه حرام على المسلم أن يبيع خمراً أو يشتري (¬6) به أو يعمل بها. وكذلك نصراني أسلم خنازير (¬7) إلى نصراني في كر حنطة وتقابضا ثم أسلم الطالب والمطلوب أو أسلما جميعاً ثم صالحه على رأس المال فإنه لا يجوز الصلح في ذلك، وعليه الطعام على حاله. والمرأة من أهل الذمة والرجل والحر والعبد التاجر منهم والمكاتب والحربي المستأمن في ذلك سواء. وإذا (¬8) كان لنصراني على نصراني خمر أصلها سلم ورأس المال فيما بينهما خنازير وهي مستهلكة فأيهما ما أسلم فإن السلم ينتقض ويبطل، ويكون على المسلم قيمة الخنازير دراهم؛ لأنه قبضها يوم قبضها بضمان. ... ¬

_ (¬1) أي: هلك وضاع كما تقدم. (¬2) م ز: فيه. (¬3) ف ز: من الدم. (¬4) ف ز: وإن كان. (¬5) ز - لو باع نصرانيا. (¬6) م ز: ويشتري. (¬7) م ز: خنازيرا. (¬8) ز: وإن.

باب ضمان الكفيل في السلم

باب ضمان الكفيل في السلم وإذا كان لرجل على رجل كر حنطة سلم وبه كفيل فصالح (¬1) الطالب الكفيل على رأس المال فإن أبا حنيفة ومحمداً (¬2) قالا: هذا لا يجوز. فإن أجازه الذي عليه الأصل فهو جائز. وقال أبو يوسف: الصلح جائز وإن لم يجزه الذي عليه الأصل، ويرجع الكفيل على الذي عليه الأصل بكر حنطة بمنزلة رجل كفل بدراهم فصالحه منها على ثوب. وإذا صالح الكفيل رب السلم على طعام مثل طعامه في الكيل ولكنه دونه وكان السلم جيداً فأعطاه وسطاً أو أعطاه (¬3) رديئاً فهو جائز، ويرجع (¬4) الكفيل على المكفول عنه بكر جيد. ولا يشبه هذا الحط؛ لأن هذا الكفيل قد وجب عليه الكر، فإذا أعطاه المكفول له مكانه فقد أوفاه. ولو صالحه على أن حط نصفه وقبض نصفه لم يكن له أن يرجع إلا بمثل ما أعطى الأب؛ لأن (¬5) هذا قد حط عنه. ولو وهب له كله كان للكفيل أن يرجع على المكفول عنه بذلك (¬6). وكذلك هذا في الباب الأول. ولو قال: أهب لك خاصة نصف الكر، وتعطيني النصف، ففعل، كان (¬7) للكفيل أن يأخذ من المكفول عنه الكر كله. ولو صالح الكفيل الطالب من السلم على ثوب أو على شيء من الوزن لم يجز ذلك، ولم يرجع الكفيل على المكفول عنه بشيء؛ لأنه لم يقض عنه شيئاً. ولو صالح الكفيل رب السلم على أن زاده رب السلم درهماً في رأس (¬8) مال السلم وقبضه لم يجز ذلك، وكان على الكفيل أن يرد الدرهم. ¬

_ (¬1) ز: صالح. (¬2) ز: ومحمد. (¬3) ف: وأعطاه. (¬4) ز: ورجع. (¬5) م ز - لأن. (¬6) ز: فذلك. (¬7) ز - كان. (¬8) ز: في أرض.

ولو قال الطالب للكفيل (¬1): قد أغلى علي في السلم، فزاده الكفيل مختوم حنطة في السلم لم يجز، ولم يحط عن المكفول عنه بذلك شيئاً. ولو زاده رب السلم درهماً على أن زاده الكفيل مختوم حنطة لم يجز ذلك؛ لأن البيع غيره. ولو كان السلم ثوباً مَرْوياً (¬2) فأعطاه ثوباً أطول منه على أن زاده رب السلم درهماً لم يجز ذلك. وكذلك لو أعطاه ثوباً (¬3) ورد على الكفيل درهماً فإن ذلك لا يجوز مِن قِبَل أنه لا يبايعه بشيء. ولو كان السلم شيئاً (¬4) من الكيل أو الوزن له حَمْل ومئونة ويشترط له أن يوفيه إياه بالكوفة فصالحه الكفيل على أن يوفيه إياه بالسواد في موضع قد سماه وقبل ذلك الطالب كان للكفيل أن يرجع على المكفول عنه بمثل ذلك بالكوفة. ولو كان الكفيل رد على الطالب لذلك درهماً أو درهمين لم يجز ذلك، وكان على الطالب أن يرد عليه ما قبض من الدراهم، ولا يجوز عليه الطعام، ويرده على الكفيل حتى يستوفيه بالكوفة. ولو صالحه على أن أعطاه طعاماً فيه عيب على أن يرد عليه مع ذلك درهماً فإن ذلك لا يجوز. ولو قضاه طعاماً فيه عيب وتجاوز عنه هوإن جائزاً، وكان للكفيل أن يرجع على المكفول عنه بطعام على الشرط الذي كفل به. ولو صالح الكفيل رب السلم على أن يعجل له نصفه ويحط عنه نصفه قبل الأجل لم يجز ذلك. ولو كان عليه أن يوفيه بالسواد فصالحه على أن يوفيه إياه بالكوفة وعلى (¬5) أن يعطيه لذلك كذا كذا درهماً لم يجز ذلك. كان دفع إليه الطعام بالكوفة رجع إليه بالأجر إن كان دفعه إليه. وكذلك إن كان الذي عليه الأصل هو صالح على هذا لم يجز له الأجر. ¬

_ (¬1) ز - أن يرد الدرهم ولو قال الطالب للكفيل. (¬2) م ز: ثوب مروي. (¬3) م ف ز + أطول منه على أن زاده رب السلم درهماً لم يجز ذلك وكذلك لو أعطاه ثوبا. (¬4) م ز: شيء. (¬5) م ز: على.

باب صلح الكفيل الذي عليه الأصل

ولو كان الكفيل هو الذي صالح ودفع الطعام ورد الأجر كان له أن يرجع على المكفول عنه بطعام مثله في الموضع الذي كان له الشرط. ... باب صلح الكفيل الذي عليه الأصل وإذا صالح الذي عليه أصل السلم الكفيل على صلح من الطعام الذي كفل عنه على دراهم أو على ثوب أو على شعير أو على عرض من العروض فهو جائز مِن قِبَل أنه ليس بسلم (¬1) فيما بين الكفيل والمكفول عنه. فإن أدى الكفيل الطعام إلى الطالب برئا جميعاً، ولم يرجع الكفيل على المكفول عنه بشيء. وإن أدى المكفول عنه الطعام رجع به على الكفيل حتى يأخذه منه؛ لأنه قد أداه إليه إلا أن يشاء الكفيل أن يرد عليه ما أخذ منه. وإذا صالح الكفيل المكفول عنه من الطعام على كُرَّيْ شعير فباعهما ثم اشترى بنصف قيمته كراً من حنطة فأداه إلى الطالب جاز وربح الفضل وهو له طيب. وكذلك كل ما صالح عليه ثم ربح فيه. ولو اقتضى منه طعاماً بعينه فباعه ثم اشترى طعاماً فقضله (¬2) الطالب واستفضل في ذلك فيما بينهما طاب له (¬3) الربح. ولو صالح الكفيل المكفول عنه على طعام رديء ثم أدى إلى الطالب طعاماً جيداً كان جائزاً. ... باب صلح المريض في السلم وإذا أسلم رجل إلى رجل عشرة دراهم في كر حنطة إلى أجل ¬

_ (¬1) م ز: يسلم. (¬2) ف: فقبضه. (¬3) ز: لهما.

باب الصلح في الغصب

وقبضها، ثم مرض رب السلم وحل الطعام وهو يساوي عشرين درهماً، ثم إن المريض أقال المسلم إليه السلم وناقضه إياه، ثم مات المريض ولم يقبض من ذلك شيئاً ولا مالماله غير ذلك، فقد حاباه بعشرة دراهم (¬1)، ولا يجوز من ذلك إلا الثلث من عشرين، إلا أن يسلم الورثة الصلح والإقالة فيأخذوا (¬2) رأس المال، وتجوز الإقالة. فإن أبوا أن يسلموا جازت الإقالة في ثلثي الكر، ورد عليهم ثلثي رأس [مال] (¬3) السلم فى راهم، وأدى ثلث الطعام، فذلك كله يبلغ ثلاثة عشر وثلثاً (¬4)، ويبقى في يدي المسلم إليه ثلثا (¬5) كر يساوي ثلاثة عشر وثلثاً (¬6). نصف ذلك قد أدى ثمنه، ونصف ذلك محاباة. وهو ثلث مال الميت. وعلى هذا الحساب يقع هذا الوجه كله. ... باب الصلح في الغصب وإذا غصب رجل رجلاً عبداً بعينه ثم صالحه من قيمته على دراهم مسماة إلى أجل أو حالة فإن أبا حنيفة قال: ذلك (¬7) جائز. وقال أبو حنيفة: إن كان العبد مستهلكاً فصالحه على ألف درهم ثم أقام الغاصب البينة أن قيمته كانت خمسمائة فإن الصلح جائز، ولا تقبل بينة الغاصب على ما ذكر. وكذلك العروض كلها والحيوان. ولو غصبه ثوباً يهودياً فاستهلكه ثم صالحه منه على خمسة عشر درهماً ثم أقام الغاصب البينة أن الثوب كان يساوي ستة دراهم فإن أبا حنيفة قال في هذا: ينبغي (¬8) ¬

_ (¬1) م ز: درهم. (¬2) ف: فأخذوا. (¬3) الزيادة مستفادة من ب. (¬4) م ز: وثلث. (¬5) م ز: ثلثي. (¬6) م ز: وثلث. (¬7) ف: هذا. (¬8) م ف ز: فإن هذا في قول أبي حنيفة وينبغي.

أن لا تُقبل بينة الغاصب إذا كان مما يتغابن الناس في مثله أو مما (¬1) لا يتغابن الناس (¬2) فيه، وأمضيتُ (¬3) الصلح. وقال أبو يوسف ومحمد: نرى أن تُقبل البينة، إذا كان في الصلح زيادة على القيمة رددناه (¬4) على الغاصب في جميع ذلك إذا كان الغصب مستهلكاً. وإن كان قائماً بعينه فالصلح جائز بالغاً (¬5) ما بلغ في القولين جميعاً. وقال أبو حنيفة: إذا غصب رجل رجلاً ثوباً فقال رب الثوب: قيمة ثوبي عشرة، وقال الغاصب: خمسة، فقضى القاضي يقول الغاصب مع يمينه ثم ظهر الثوب وهو يساوي عشرة فإن (¬6) له أن يأخذ الثوب ويرد الخمسة، وإن شاء ترك الثوب وأنفذ القضاء. وقال أبو حنيفة: لو قضى بقيمة الثوب بشهود لرب الثوب على قيمته فقضى له القاضي (¬7) بذلك ثم ظهر الثوب لم يكن لرب الثوب أن يأخذه، والقضاء ماض في هذين الوجهين جميعاً عليه، إن كانت قيمة الثوب أكثر أو أقل أو سواء (¬8). وإذا غصب (¬9) رجل رجلاً ثوباً فاستهلكه آخر عنده فصالح رب الثوب الأول على صلح دون قيمة الثوب فهو جائز، ويرجع الغاصب الأول على الغاصب الثاني بقيمة الثوب، ويتصدق بالفضل. وليس لرب الثوب على الغاصب الآخر (¬10) سبيل؛ لأنه قد أبرأه حين صالح الأول. ولو لم يصالح الأول على شيء دون قيمة الثوب جاز ذلك، وهي براءة ولا يتصدق بشيء. فإن تَوَى (¬11) ما على الآخر لم يكن له أن يرجع على الأول، وصلحه للآخر براءة للأول. ¬

_ (¬1) ف: ومما. (¬2) ز - في مثله أو مما لا يتغابن الناس. (¬3) م ز: أمضيت. (¬4) م ف ز: رددته. (¬5) م ز: بالغ. (¬6) م ف ز + أبا حنيفة قال. (¬7) ز - له القاضي؛ صح هـ. (¬8) م ز: اسوا. (¬9) ز: غضب. (¬10) ز: الآجر. (¬11) أي: هلك وضاع كما تقدم.

وإذا غصب رجل رجلاً عبداً فأبق عند الغاصب ثم صالح مولاه وهو آبق على دراهم مسماة حالة أو إلى أجل فهو جائز؛ لأنه قد كان ضامناً له في الأصل. ولو صالحه على دنانير حالة أو إلى أجل كان جائزاً؛ لأن الدراهم والدنانير هما السلعتان (¬1) اللتان (¬2) عليهما مبايعة الناس وصلحهم، فإنما صالح عليه، فهو جائز، ولا يفسد الصلح لأن العبد آبق. ولو كان صالحه على شيء من الكيل بحنطة أو شعير أو غيره إلى أجل كان فاسداً. وكذلك كل ما يوزن من السمن أو الزيت وغيره. وكذلك لو لم يضرب له أجلاً وكان حالاً ووصف له من ذلك شيئاً معلوماً بغير عينه وفارقه قبل أن يقبضه فإن ذلك فاسد؛ لأن قيمة العبد دين على الغاصب دنانير أو دراهم. فإذا صالح (¬3) على ذلك إلى أجل أو حال بغير عينه ثم تفرقا (¬4) قبل القبض لم نُجِزْه. كان صالحه من ذلك على ثياب ضرب معلوم ورُقْعَة (¬5) معلومة وطول معلوم وعرض معلوم وأجل معلوم لم يجز ذلك؛ لأنه دين بدين. ولو صالحه على ثياب بعينها أو طعام بعينه (¬6) أو زيت بعينه كان جائزاً. وإن تفرقا قبل أن يقبضه فهو بمنزلة رجل له على رجل دراهم مسماة فاشترى بها طعاماً بعينه أو زيتاً (¬7) بعينه. فإن هلك ذلك قبل أن يدفعه إلى (¬8) رب العبد وقبض ذلك الطعام وتلك الثياب والزيت ثم ظفر بالعبد لم يكن له عليه سبيل. فإن وجد بذلك عيباً رده وأخذ العبد. فإن استحق ذلك أخذ العبد أيضاً. فإن وجد بثوب من الثياب عيبا (¬9) رد ورجع بحصته من (¬10) العبد. وإذا غصب رجل رجلاً أمة فصالحه منها وهي في بيته قائمة بعينها على طعام كيل معلوم إلى أجل معلوم كان جائزاً. وكذلك كل ما يكال أو يوزن. وكذلك لو صالحه منها على ثياب مسماة معلومة الرُّقْعَة والجنس والطول والعرض والأجل فهذا جائز. وهذا بمنزلة البيع في ذلك كله. ¬

_ (¬1) ف ز: السنتان. (¬2) ز: اللبان. (¬3) ف: صالحه. (¬4) ز: ثم يفرقا. (¬5) أي غلظ وثخانة كما تقدم. (¬6) ز - أو طعام بعينه. (¬7) م ز: أو زيت. (¬8) م ف ز: رجل. (¬9) م ز: عبدا. (¬10) م ف ز: وهي. والتصحيح من ب.

ولو أقر الغاصب أن الأمة آبقة (¬1) وقال الطالب: بل هي في بيتك، ثم صالحه على طعام إلى أجل لم يجز ذلك؛ لأنه قد لزمته قيمتها ديناً (¬2). ولو قال الطالب: قد أبقت من عندك، فقال الغاصب: بل هي في بيتي فصالحني منها، فصالحه على كُرّ حنطة مسمى إلى أجل مسمى كان جائزاً، وإنما أنظر في هذا إلى قول الغاصب. ألا ترى أن الأمة لو أبقت (¬3) فاشتراها رجل كان شراؤه باطلاً. فإن قال: هي عندي قد أخذتها، ثم اشتراها فإن (¬4) ذلك جائز، فكذلك الأول. وإذا غصب الرجل كُرّ حنطة من رجل فصالحه من ذلك على عبد بعينه فهو جائز. وكذلك الحيوان كله (¬5). وكذلك لو صالحه على شعير بعينه أكثر من الكيل من ذلك ودفعه إليه فإنه جائز. وكذلك لو كان الغصب حيواناً فصالحه (¬6) على حيوان بعينه ودفعه إليه (¬7) فهذا جائز كله. وإذا غصب رجل رجلاً كر حنطة فجاء الطالب وهو قائم بعينه فصالحه منه على دراهم إلى أجل مسمى فإن ذلك جائز. وكذلك الدنانير. وكذلك الذهب والفضة. وكذلك الوزن كله. فأما الكيل فلا يجوز فيه النسيئة. وإن صالحه على شيء غير الحنطة يداً بيد أكثر (¬8) من ذلك أو أقل فهو جائز. وإن كان الكر مستهلكاً فليس يجوز الصلح نسيئة على شيء من الأشياء ما خلا الطعام. فإن صالحه على طعام مثله إلى أجل أو حال فهو جائز. وكذلك إن صالحه على طعام مثل نصيبه فهو جائز. إنما حط عنه ما بقي، فإن صالحه على طعام أكثر منه لم يجز نسيئة ولا حالاً (¬9). وإذا غصب رجل رجلاً كُرَّيْ حنطة وشعير فصالحه (¬10) على أحدهما على أن أبرأه من الآخر وهو مستهلك فهو جائز. وإن كانا مستهلكين جميعاً ¬

_ (¬1) ز: ائقة. (¬2) م ز: دين. (¬3) ز: لو أبقيت. (¬4) م ف ز: أن. (¬5) ز - وكذلك الحيوان كله. (¬6) ز: فصالحين. (¬7) ز - إليه. (¬8) ز: كثيراً. (¬9) م ز: حال. (¬10) ز: صالحه.

فصالحه على كر شعير إلى أجل على أن أبرأه من الحنطة فهو جائز. وإن صالحه على كر شعير بعينه على أن أبرأه من الحنطة فهو جائز. وإذا غصب رجل رجلاً مائة درهم وعشرة دنانير فاستهلكها ثم صالحه من ذلك كله على كر حنطة بعينه فهو جائز. فإن استحق أو وجد به عيباً (¬1) رده ورجع بالدنانير والدراهم. وإذا صالحه منها على خمسين درهماً إلى أجل مسمى فهو جائز، وهذه براءة مما بقي منهما (¬2) جميعاً. وكذلك لو صالحه على خمسين درهماً حالة أو نقدها إياه. فإن استحقت فعليه مثلها، ولا ينتقض الصلح. وإن كانت زُيُوفاً أو سَتُوقَة استبدلها منه، ولا ينتقض الصلح. ولا يشبه هذا العروض. وكذلك لو صالحه على وزن خمسين درهماً فضة تبر كان هذا جائزاً (¬3). إنما هذا حط. وكذلك لو غصبه مائة مثقال فضة تبر وعشرة دنانير فصالحه على خمسين درهماً إلى أجل أو حالة كان هذا (¬4) جائزاً إذا كانت الدراهم مثلها في الجودة. فإن كانت خيراً منها فلا خير فيه. ولا يشبه هذا البيع. وكذلك لو صالحه على كر تمر بعينه أو إلى أجل وهو دون ذلك كان هذا جائزاً. ولو كانت براءته مما بقي حط عنه. وإذا غصب الرجل رجلاً كر حنطة فصالحه منها على نصف كر حنطة والغصب قائم بعينه، أو صالحه على نصف الكر الغصب فدفعه إليه واستفضل النصف الباقي، غير أن الطعام الغصب لم يكن بحضرتهما حيث اصطلحا، فإن الصلح جائز، وأكره ما استفضل الغاصب وأرده على المغتصب منه. وكذلك كل ما يكال أو يوزن. وكذلك الدنانير والدراهم. لو أغتصب رجل رجلاً ألف درهم فخبأها وغيّبها عنه ثم صالحه على خمسمائة أعطاها إياه من تلك الألف الدراهم أو من غيرها (¬5) أحببت له أن يرد الفضل. وكذلك الدنانير. ¬

_ (¬1) ز: عينا. (¬2) ز: منها. (¬3) ز: جائز. (¬4) ز: فهذا. (¬5) م ف ز: من حيرها.

باب الصلح في الغصب بين اثنين

فإن كانت الدراهم في يدي الغاصب قائمة بعينها حيث يراها المغتصب منه والغاصب منكر للغصب (¬1) ثم صالحه على خمسمائة منها فهو جائز. وكذلك الدنانير والحنطة. وكذلك كل ما (¬2) يكال أو يوزن. والصلح على الإنكار جائز، غير (¬3) أن المنكر آثم في الإنكار وفي الغصب. فإن وجد المغتصب بينة على بقية ماله الذي في يديه قضيت له به. وإن كان الغاصب مقراً بالدراهم الغصب وبالحنطة وهي ظاهرة في يديه يقدر المغتصب على قبضها فصالحه على نصفها على أن أبرأه مما بقي فهذا مثل الباب الأول في القياس. غير أني آخذ في هذا بالاستحسان ولا أجيز الصلح وأدفع ذلك كله إلى المغتصب منه. ولو كان صالحه من ذلك على ثوب ودفعه إليه كان هذا جائزاً على الإقرار والإنكار حاضراً كان الغصب أو غائباً؛ لأن هذا بمنزلة البيع. وكل عبد أو أمة غصب أو دابة أو ثوب صالح الغاصب المغتصب منه على نصفه وهو مغيّب عن المغتصب فإن هذا لا يجوز؛ لأن هذا لم يكن ديناً عليه. وإن كان هذا الغصب في هذا الوجه، حاضراً أو مغيّباً فهو سواء لا يجوز. وكذلك لا يجوز بعد الإقرار ولا بعد الإنكار. ولو كان صالحه من ذلك على عرض آخر وقبضه جاز ذلك في الإنكار والإقرار في كل وجه. وإذا اغتصب رجل رجلاً عبداً فأبق عنده فصالحه المغتصب على ثوب وقبضه منه فإن الصلح جائز ولا يفسده (¬4) الإباق؛ لأن الغاصب كان ضامناً. وإن لم يرجع العبد أو مات في إباقه فهو سواء. ... باب الصلح في الغصب بين اثنين وإذا اغتصب رجل عبداً بين اثنين فاستهلكه ثم صالح أحدهما من نصيبه على دراهم وقبضها فإنه جائز، ويشركه الآخر فيما أخذ فيأخذ منه ¬

_ (¬1) ف ز: الغصب. (¬2) ز - والحنطة وكذلك كل ما. (¬3) م ف ز: عنه. والتصحيح من ب. (¬4) م ف ز: ولا يفسد.

نصفه. وكذلك لو صالحه على دنانير. فإن صالحه على ثوب فالذي أخذ الثوب بالخيار، إن شاء دفع نصف الثوب إلى شريكه، وإن شاء أعطاه ربع قيمة العبد واتبعا الغاصب بنصف قيمة العبد فيكون بينهما نصفين. وكذلك كل عرض صالحه عليه أو حيوان. وكذلك لو صالحه على طعام أو شعير أو شيء مما يكال أو يوزن أو زيت فذلك كله باب واحد. والخيار في ذلك إلى المصالح القابض ذلك، إن شاء أدخله معه فيما قبض، وإن أبى ذلك الآخر لم يكن له شيء. وكذلك إن طلب أن يدخل معه فيما قبض وقال المصالح: أعطيك ربع قيمة العبد، فإن الخيار في ذلك إلى المصالح، ما خلا الدنانير والدراهم فإنه يدخل معه فيأخذ منه نصف ما أخذ ولا خيار في ذلك. وكل عرض غصبه رجل من اثنين فاستهلكه فهو مثل ذلك إذا كان مما لا يكال ولا يوزن. فإن كان العرض قائماً بعينه ظاهراً أو مغيّباً فصالح أحدهما من حصته على دراهم أو دنانير أو شيء مما يكال أو يوزن وقبض ذلك ثم ظهر الغصب فإن شريكه لا يشركه فيما قبض، وهو على حجته وخصومته. والإقرار من الغاصب في الصلح والإنكار في هذا الوجه سواء. وإذا اغتصب رجل رجلين طعاماً بينهما فغيّبه (¬1) عنهما ثم صالح أحدهما على دراهم أو دنانير أو شيء مما يكال شعير أو تمر أو شيء مما يوزن زيت أو سمن وقبض ذلك فإن لشريكه أن يشركه في ذلك إذا كان الغصب مغيّباً، لأنه دين لهما جميعاًا قتضى (¬2) أحدهما حصته فللآخر أن يشركه. فإن قال: أدخل معك فيما أخذت، وأبى (¬3) المصالح ذلك فإن الخيار في ذلك إلى المصالح، إن شاء أدخله فيما قبض، وإن شاء أعطاه ربع الكُرّ (¬4) الغصب. وإن كان الغصب ظاهراً في يدي الغاصب غير ¬

_ (¬1) م ز: فعينه. (¬2) ز: اقبضا. (¬3) ز: حوالي. (¬4) أي: إن كان المغصوب كُرّا من طعام. وقد تقدم نظير هذه المسألة قريباً. انظر: 8/ 40 ظ.

باب صلح المستكره

أنه يجحد ذلك أو يقر به لهما فلا يشركه الآخر فيما أخذ المصالح، إنما هذا بيع الآن، باعه نصيبه (¬1)، والآخر على حقه. ولا يشبه هذا المغيّب ولا المستهلك؛ لأن ذلك دين وهذا حاضر. ولو أن رجلين ادعيا في دار دعوى ميراث عن أبيهما (¬2) فصالح رب الدار أحدهما على مال لم يشركه الآخر في شيء إن كان المصالح مقراً أو منكراً. وكذلك الأرض والعروض والحيوان من ميراث كان أو غيره. ... باب (¬3) صلح المستكره قال أبو حنيفة: لا يكون الاستكراه إلا من سلطان. وقال: لو أن رجلاً جحد رجلاً حقه وتهدّده (¬4) فيه حتى صالحه جاز ذلك الصلح. ولو كان ذلك التهدُّد من سلطان لم يجز ذلك الصلح، وكان الطالب على حقه. ولو أن سلطاناً أكره رجلاً حتى صالح من دعوى يدعيها في دار كان صلحه باطلاً، وكان له أن يرجع في ذلك. وكذلك لو كان أكره المدعى قبله حتى صالح وهو منكر كان له أن يرجع في ذلك. وكذلك الصلح في الأرض والحيوان والعروض كلها والديون والخصومات في كل وجه، إذا أكره السلطان الطالب لذلك حتى يصالح أو يبرأ منه بغير صلح أو يقر أنه قد استوفى فإن ذلك كله باطل لا يجوز منه شيء. وكذلك لو كان أكره المدعى قبله حتى صالح بعد أن يكون المدعى قبله ينكر فإن له أن يرجع. والصلح في ذلك باطل. ¬

_ (¬1) ز: نصبه. (¬2) م ف ز: عن اسما. والتصحيح من به. (¬3) ز + المستكره باب. (¬4) تهدّده تهدُّدا هدّده تهديدا بنفس المعنى. انظر: مختار الصحاح، "هدد".

فإن كانت الدعوى في دار المدعى قبله وهو مقر بحقه فيها فجَبَرَ (¬1) السلطان المدعى قبله (¬2) حتى صالح فإن له أن يرجع (¬3) فيما أعطى من الصلح، ويكون الآخر على حقه. وكذلك لو كانت الدعوى في عبد أو أمة أو عرض من العروض فإن كان منكراً فأكرهه السلطان حتى يقر ويصالح فإن إقراره وصلحه باطل لا يجوز. وإكراه السلطان بالتهدُّد والحبس والتقييد والوعيد. فإن قال له: صالحه، ولم يظهر له شيئاً من ذلك فالصلح جائز. وإن هو ضربه حتى يصالح أو عذبه حتى صالح أو توعده (¬4) بالحبس أو الضرب أو التقييد أو قطع اليد حتى يصالح فإن الصلح على هذا الوجه باطل لا يجوز. ولو توعده وضربه على صلح في شيء فصالح إنساناً (¬5) آخر في شيء آخر كان جائزاً. ولو أن سلطاناً جَبَرَ رجلاً ادعى رجلان في دار في يديه دعوى فجَبَرَه السلطان على صلح أحدهما فصالحهما جميعاً كان صلح المجبور عليه باطلاً، وكان الصلح الآخر جائزاً. ولو جبره على أن يقر له بدين فأقر لهما جميعاً لم يجز الإقرار لواحد منهما؛ لأنه لا يأخذ أحدهما شيئاً إلا أخذ الآخر مثله. والسلطان الذي يكون استكراهه باطلاً لا يجوز فيه الصلح كل سلطان قدر على الحبس والسجن والضرب. ولو أن قوماً دخلوا على رجل بيتاً بيلاً أو نهاراً فتهدّدوه أو توعدوه (¬6) ¬

_ (¬1) جبر وأجبر بمعنى واحد. انظر: لسان العرب، "جبر". (¬2) ز - وهو مقو بحقه فيها فجبر السلطان المدعى قبله. (¬3) ف - والصلح في ذلك باطل فإن كانت الدعوى في دار المدعى قبله وهو مقر بحقه فيها فجبر السلطان المدعى قبله حتى صالح فإن له أن يرجع. (¬4) ز: يصالح أو يوعده. (¬5) م ز: إنسان. (¬6) م ز: أو توعده.

باب الصلح في الوديعة

أو شَهَرُوا (¬1) عليه السلاح حتى صالح رجلاً من دعوى ادعاها قبله فأقر المدعى قبله والمدعي بأن الصلح كان على هذا الوجه فإن الإقرار ينبغي أن يجوز في قياس (¬2) قول أبي حنيفة. وأما أبو يوسف ومحمد قالا: إن كانوا شَهَروا عليه السلاح نهاراً فإن الصلح لا يجوز. وإن كانوا لم يَشْهَروا عليه السلاح وضربوه وتوعدوه فإن كان ذلك نهاراً في مصر فالصلح جائز. وإن كان ليلاً في مصر لم يجز. وإن كان في سفر ليلاً أو نهارا لم يجز، لأنه لا يقدر هاهنا على الناس، ويقدر بالنهار (¬3) في المصر على الناس. وكذلك إن كان في رُسْتَاق (¬4) لا يقدر على الناس. وقال أبو حنيفة: لو أن رجلاً توعد امرأته حتى صالحته - من صداقها عليه أجزت ذلك عليها. فإن جاءت بالبينة أنه جَبَرَها على ذلك أو أكرهها أو ضربها (¬5) حتى صالحته لم يقبل ذلك وجاز الصلح عليها. وقال أبو يوسف ومحمد: إن قامت لها بينة أنه شَهَرَ عليها سلاحاً بيضربها به حتى صالحته نهاراً أو ليلأ في سفر أو حضر أبطلنا ذلك. وإن كان همّ بذلك بغير سلاح أبطلت الصلح إن كان ليلاً. وإن كان نهاراً في مصر أجزته (¬6). وإن كان في سفر أو حيث لا يقدر على أحد أبطلت الصلح. ولو توعدها بالطلاق أو بأن يتزوج (¬7) عليها أو يتسرّى عليها أجزت عليها (¬8) ذلك الصلح. ... باب الصلح في الوديعة وإذا استودع رجل رجلاً وديعة فقال المستودع: ضاعت، ¬

_ (¬1) م ف ز: أو شهدوا. شَهَرَ السلاحَ يَشْهَرُه شَهْرا على وزن منع أي سَلَّه. انظر: لسان العرب، "شهر"؛ والقاموس المحيط، "شهر". (¬2) ز - قياس. (¬3) ز: بالنها. (¬4) أي: قرية كما تقدم. (¬5) ف: أو اضربها. (¬6) ز: أجزبه. (¬7) ز: يزوج. (¬8) ز - عليها.

فهو مصدق ولا شيء عليه. وعليه اليمين بالله لقد ضاعت. فإن صالحه صاحبها بعد هذا الكلام وهو يدعي أنه استهلكها على مال وضمنه إلى أجل أو عجله فإن الصلح باطل لا يجوز مِن قِبَل أنها أمانة وأنه مصدق فيها. وكذلك إن قال: دفعتها إلى رب الوديعة، وإن مصدقاً فيها بعد أن يحلف بالله وهو بريء منها. فإن صالحه بعد هذا الكلام على مال فإن الصلح باطل. فإن جحد الطالب أن يكون المستودع قال هذه المقالة قبل الصلح وادعى المستودع أنه قد قالها فإن المستودع لا يصدق عليها، والصلح عليه جائز. فإن أقام بينة بهذه المقالة برئ من الصلح. وإن لم يكن له (¬1) بينة استحلف الطالب، فإن حلف فالصلح جائز، وإن نكل عن اليمين بطل الصلح. وهذا قول أبي يوسف. وقال (¬2) محمد (¬3) بن الحسن: الصلح جائز في ذلك كله؛ لأن المستودع إنما صالح على دعوى صاحب الوديعة للضمان؛ لأنه قال: استهلكت وديعتي فأنت ضامن لها، فصالحه على ذلك فالصلح جائز. وإن قال المستودع: ضاعت أو دفعتها إليك، أو لم يقل شيئاً فهو سواء. وإن كانت الوديعة قائمة بعينها فصالح منها الطالب على مائة درهم والوديعة مائتا (¬4) درهم فالصلح باطل لا يجوز، لا يحل له أن يستفضل، ويرد الوديعة على صاحبها. ولو صالحه منها على عروض قليلة أو كثيرة فهو جائز. فإن كان الصلح بعد إنكار الوديعة فهو جائز أيضاً. وإن كان بعد الإقرار فهو جائز أيضاً. وإن كان الصلح على مائة درهم والوديعة مائتا (¬5) درهم وهي قائمة بعينها والصلح بعد الإنكار فإنه لا يجوز إذا قامت البينة على الوديعة. فإن لم ¬

_ (¬1) ز - له. (¬2) ز - وقال. (¬3) ز: ومحمد. (¬4) م ز: مائتي. (¬5) م ز: مائتي.

تقم (¬1) بينة فالصلح جائز. وإن كان الصلح على عشرة دنانير بعد إنكار فالصلح جائز. وإن كان على إقرار والوديعة غير حاضرة عندهما فإنه لا يجوز. فإن كانت حاضرة في يدي المستودع فهو جائز أيضاً. وإن صالحه على مائة درهم وهو مقر بالوديعة ثم قامت البينهّ على الوديعة بعينها أنها مائتا (¬2) درهم وقد قبض فالمائة من الصلح فإنه يرجع بمائة أخرى. وكذلك لو كان (¬3) صالحه على مائة درهم من الوديعة بعينها فإنه يرجع بالمائة الأخرى. وإذا استهلك المستودع الوديعة فضمنبها ثم صالحها على مائة درهم والوديعة ألف درهم فالصلع جائز. وكذلك لو صالح على عروض أو على دنانير يداً بيد فهو جائز من قبل أن الوديعة دين عليه. وكذلك لو صالحه على إقرار أو على إنكار فهو جائز. امراًة استودعت رجلاً وديعة كانت عندها لغيرها، ثم قبضتها منه فاستودعتها آخر، ثم قبضتها منه ففقدت بينهما متاعاً من الوديعة ولم تقصد لأحدهما خاصة فادعت (¬4) قبله غير أنها قالت: ذهب بينكما ولا أمري أيكما أصابه، فأنكرا جميعاً وقالا: لا ندري ما كان في (¬5) وعائك غير أنك دفعت إلينا متاعاً في وعاء فلم نفتشه ورددنا الوعاء عليك (¬6)، فصالحتهما من ذلك على صلح؛ قال: هي ضامنة لصاحب المتاع قيمة ذلك، والصلع فيما بينهما وبينها جائز. [قلت:] أرأيت إن جاء زوجها فادعى ذلك قبلهما ولم يقل: إن امرأتي وكلتني، فصالحهما من ذلك على صلح ولم يقل: اضمنا ذلك، غير أنه قال: عليكما من قيمة ذلك الثوب المفقود خمسون درهماً لصاحب المتاع صلحاً بيننا؟ (¬7) أرأيت إن ¬

_ (¬1) ز: لم يقم. (¬2) م ز: مائتي. (¬3) ز - كان. (¬4) ز: فادعته. (¬5) ز - في. (¬6) ز - عليك. (¬7) يأتي جوابه بعد السؤال التالي. انظر: الكافي، 2/ 188 و.

باب الصلح في العارية

لم يُذْكَرْ رب المتاع (¬1) فقالوا: على كل واحد منا خمسون (¬2) درهماً، ولم يبينوا (¬3) لمن الدراهم، غير أنها هي كانت تدعي قبلهم؟ [قال:] فإن للصرأة أن تأخذ (¬4) كل واحد منهما بحصته من ذلك. [قلت:] أرأيت إن كان هذا القول كله من زوجها أو من أخ لها فضمّن المستودعين ما ذكرنا، والمرأة غير حاضرة ولا يعلم أنها كانت وكلت زوجها بذلك إلا بقولها: إني كنت وكلته بذلك؟ (¬5) أرأيت إن لم تقل (¬6) ذلك غير أنها قالت: قد وضيت (¬7) بالصلح الذي صالحكما عليه زوجي؟ [قال]: فإن الصلح جائز، وعليهما ذلك. ... باب الصلح في العارية وإذا استعار رجل دابة إلى وقت فعَطِبَت (¬8) تحته فنفقت فقال المستعير: قد نفقت تحتي، وكذبه رب الدابة وهو مقر بالعارية فإن القول قول المستعير (¬9) ولا ضمان عليه. فمان خاصمه رب الدابة (¬10) فافتدى المستعير يمينه فصالحه على صلح بعد هذه المقالة فالصلح باطل لا يجوز، وهو بريء. وكذلك لو لم تَعْطَب وقال: قد دفعتها إلى رب الدابة، فالقول قوله. وإن جحد رب الدابة فصالحه بعد هذا فالصلح باطل لا يجوز (¬11). ¬

_ (¬1) ز + فقال. (¬2) م ز: خمسين. (¬3) ز: يبنوا. (¬4) ز: أن يأخذ. (¬5) يأتي جوابه بعد السؤال التالي. انظر: الكافي،2/ 188 و. (¬6) ز: لم يقل. (¬7) ز - قد رضيت. (¬8) عطب من باب لبس، أي: هلك انظر: المغرب، "عطب". (¬9) ز - قد نفقت تحتي وكذبه رب الدابة وهو مقر بالعارية فإن القول قول المستعير؛ صح هـ. (¬10) ف: الدار. (¬11) ز - وهو بريء وكذلك لو لم تعطب وقال قد دفعتها إلى رب الدابة فالقول قوله وإن جحد رب الدابة فصالحه بعد هذا فالصلح باطل لا يجوز.

باب الصلح في الهبة

كان لم يكن للمستعير بينة على مقالته هذه جاز عليه الصلح. وعلى رب الدابة أن يحلف أن المستعير لم يقل هذه المقالة (¬1). فإن حلف جاز الصلح. وإن نكل عن اليمين بطل. وقال محمد: الصلح جائز في ذلك كله على قياس الوديعة التي وصفت لك قبل هذا. فإن أنكر رب الدابة العارية وقد نفقت تحت المستعير فصالحه على صلح فهو جائز. فإن أقام المستعير بينة على العارية وأنه قال: قد نفقت (¬2) قبل الصلح، بطل الصلح. وإن لم تكن له بينة فأراد استحلاف رب الدابة على ذلك فعل. فإن خالف المستعير فعطبت الدابة فهو ضامن. فإن صالح على دراهم فهو جائز، لأن قيمة الدابة دين عليه. وكذلك إن صالح على دنانير. وإن صالح على شيء من الكيل أو الوزن بعينه فهو جائز. وإن صالح على شيء من ذلك إلى أجل فهو باطل؛ لأن ثمن الدابة دين عليه دراهم أو دنانير، فلا يجوز أن يصالح على غير ذلك إلى أجل. وإن استعار دابة يحمل عليها عشرة مخاتيم حنطة فحمل عليها أحد عشر مختوماً فعطبت فصالحه من ذلك على دراهم فهو جائز. وكذلك لو صالحه على عرض من العروض بعينه فهو جائز. ولو جحد المستعير الدابة ولم تَعْطَبْ (¬3) وقال: هي لي ولم أستعرها منك، ثم صالحه على دراهم مسماة حالة أو إلى أجل أكثر من قيمة الدابة أو أقل فهو جائز. وكذلك لو كان مقراً بالعارية وهي قائمة بعينها ثم صالحه فهو جائز. ... باب الصلح في الهبة وإذا ادعى رجل على رجل عبداً أنه وهب له وقبضه والعبد في يدي الواهب والواهب يجحد ذلك فاصطلحا (¬4) على أن يكون نصف العبد ¬

_ (¬1) ف - المقالة. (¬2) ز: قد تعقب. (¬3) ز: يعطب. (¬4) م ز: فاصلحا.

للمدعي ونصفه للمدعى عليه فهو جائز. وكذلك لو دخل بينهما في ذلك فضل دراهم يزيدها هذا هذا أو هذا هذا. وكذلك لو اهبها على أن يسلم العبد لأحدهما على أن يرد على الآخر دراهم. وكذلك لو كان العبد في يدي الموهوب له فاصطلحا على جميع (¬1) ما ذكرنا فهو جائز كله. وكذلك النحلى في هذا والعطية والعمرى. وإذا ادعى الموهوب له الهبة وأقر أنه لم يقبض وجحد الواهب الهبة فاصطلحا على أن يكون العبد بينهما فإن هذا لا يجوز، والعبد للواهب؛ لأن الموهوب له لم يستحقه. وكذلك لو زاده الواهب دراهم مع ذلك كان له أن يرجع فيها. ولو أن الموهوب له رد عليه مع ذلك دراهم على أن يسلم له نصف العبد ويترك له نصفه كان هذا جائزاً وإن كان أصل (¬2) الدعوى باطلاً. ألا ترى لو أن رجلاً ادعى عبداً في يدي رجل فقال لصاحبه: بعتنيه بخمر أو خنزير، وجحد البائع ذلك، فاصطلحا على أن يسلم له البائع نصف العبد بكذا وكذا درهماً أن ذلك جائز (¬3) وإن كان أصل الدعوى باطلاً. وكذلك الهبة إن اصطلحا على أن يسلم له نصف العبد بكذا كذا (¬4) درهماً فإن (¬5) ذلك جائز وإن كان أصل الدعوى باطلاً. أرأيت لو ادعى أن العبد له وجحد المدعى عليه فصالحه على دراهم دفعها إليه على أن يسلم له نصفه، ثم أقر المدعي أنه لم يكن له فيه حق قط، أكنت أبطل الصلح. لا أبطل الصلح في ذلك، والصلح جائز ماض. وكذلك العمرى في هذا والنحلى (¬6) والعطية. وكذلك كل ذي رحم محرم يختصمان في هبة فهو مثل ذلك أيضاً. وكذلك الدور في هذا والحيوان والأرضون والعروض. ولو ادعى رجل أن رجلاً وهب له نصف دار غير مقسوم وأنه لم ¬

_ (¬1) ز - جميع. (¬2) ز: أصلى. (¬3) ز: جائزاً. (¬4) ف - كذا. (¬5) م ف ز: ان. (¬6) ف: والنحل.

يقبض وجحد الواهب ذلك فاصطلحا على أن يسلم له ربع الدار بألف درهم كان الصلح في هذا جائزاً. [قلت:] امرأة جعلت أرضاً لها لأخويها، وأحدهما أخوها لأبيها وأمها، والآخر لأبيها، ثم ماتت الأخت، فورثها أخوها لأبيها وأمها، وقال لأخيه لأبيه: إن تلك الهبة كانت غير معلومة ولم تجز، وقال أخوها: إنها كانت جائزة في قول بعض الفقهاء، فاصطلحا منها على صلح، ثم مات الأخ الذي ورث أخته، فأراد ورثته إبطال ذلك الصلح عند قاض يرى أصل تلك الهبة باطلاً، هل ينبغأنه أن يبطل الصلح أو يمضيه؟ قال: أما في قوله من يبطل الهبة والصلح يجعلها ميراثاً. وأما في قول من يجيز الهبة فيبطل الصلح ويجعلها هبة بينهما نصفين (¬1) [قلت:] أرأيت لو كانت الهبة كلها لهذا الأخ الذي لم يرث غير أنه لم يكن قبض في حياة أخته فخاصمه أخوه الوارث في الهبة وقال: إنها لم تجز ذلك (¬2) ولم تقبضها (¬3)، فقال الآخر: صدقت (¬4) لم أقبضها وكذا لا أردها عليك حتى يقضي القاضي علي بذلك، فإنها جائزة؛ أرأيت إن لم يقل (¬5): إنها جائزة، فاصطلحا منها على صلح ثم أراد إبطال الصلح هو في حياته أو ورثته بعد موته ما القول في ذلك؟ قال: الصلح باطل، والأرض ميراث للأخ للأب والأم. [قلت:] أرأيت إن وهب رجل لرجل أرضاً ولم يدفعها إليه فجاء الموهوب - له يطلب (¬6) هبته فقال الواهب: لم أهب لك شيئاً قط، فقال الموهوب له: بلى، فظن الواهب أن الهبة إذا كانت غير مقسومة أنها جائزة أو لم يظن (¬7) ذلك فصالحه على نصف تلك الأرض وسلمها له غير مقسومة ثم أراد إبطال الصلح؟ أرأيت إن صالحه على نصفها وقسمها وبين وسلم ¬

_ (¬1) ز + أر. (¬2) ف: لك. (¬3) ز: يقبضها. (¬4) ز: صاقت. (¬5) ف: اني لم لعل (مهملة). (¬6) م ز: بطلت. (¬7) ز: لم تظن.

إليه نصيبه وقبضها الآخر ثم أراد الآخر إبطال الصلح؟ قال: له أن يبطل الصلح (¬1) إذا أقر بأصل الهبة أنها لم تكن مقبوضة. [قلت:] أرأيت رجلاً أشهد على نفسه أن داره بينه وبين بني فلان، ولا يعرف الشهود بني فلان كلهم ويعرفون بعضهم ولم يسمهم المقر ثم جحد وقامت عليه البينة بهذا القول؟ أرأيت إن قال: داري بيني وبين فلان نصفين، لرجل ميت ولم يقل: كانت، كيف القول في ذلك وللميت ورثة؟ قال: أما إذا قال: بيني وبين فلان الميت، فهو بينهما نصفان نصف له ونصف لورثة الميت. وأما إذا قال (¬2): هي بيني وبين بني (¬3) فلان، فهي بينه وبينهم على عددهم إن عرفهم الشهود (¬4) أو لم يعرفوهم. [قلت:] امرأة ماتت وتركت زوجها وأخاها فصالح الأخ الزوج من حقه في ميراثها أجمع على دراهم مسماة ومتاع من متاع المرأة وسمى ذلك كله والشهود (¬5) لا يعرفون المتاع فجاء الزوج بالمتاع فقال الأخ: ليس هذا بالمتاع الذي صالحتك عليه، أرأيت إن كانت لهما بينة ببينة من يؤخذ؟ (¬6) أرأيت إن كانت في الصلح قلادة (¬7) فقال الأخ: إنك أبدلت ما كان فيها من اللؤلؤ وجعلت مكانه أردأ منه، أو لم يقل: أبدلته، ولكنه قال: قد قطعت ما فيه من الذهب ونقضت ما فيه من اللؤلؤ بعدما وقع الصلح، وعرف سائر المتاع وأقر به، ما القول في ذلك؟ قال: يحلف ¬

_ (¬1) ف ز - الصلح. (¬2) ف - بيني وبين فلان الميت فهو بينهما نصفان نصف له ونصف لورثة الميت وأما إذا قال. (¬3) م - بني، صح هـ. (¬4) ف؛ الشهود. (¬5) ف: فالشهود. (¬6) يأتي جوابه بعد السؤال التالي. وهو بمعناه في ب. ولعل المقصود هنا بقوله: "أرأيت إن كانت لهما بينة ببينة من يؤخذ" أن البينة هنا غير معتبرة لأن الشهود لا يعرفون المتاع كما ذكر ذلك في المسألة. وقد حذف قوله: "أرأيت إن كانت لهما بينة ببينة من يؤخذ" في ب. (¬7) ز: فلان.

باب صلح المضاربة

الأخ ما هذه القلادة (¬1) ولا هذا المتاع الذي صالحتك عليه، ثم يترادان الصلح فيما بينهما. ... باب صلح المضاربة وإذا كان لرجل مع رجل ألف درهم مضاربة بالنصف فقال: أديتها إليك، وجحد ذلك رب المال وخاصمه فصالحه المضارب على مائة درهم فقال المضارب: قد كنت قلت لك: قد هلكت، وجحد رب المال هذه المقالة وقال: هذه المقالة زور، فإن الصلح جائز إلا أن يقيم المضارب البينة أنه قد قال هذه المقالة قبل الصلح. فإن أقام بينة فإن الصلح يبطل. وإن لم يقم بينة استحلف رب المال. فإن حلف جاز الصلح. وإن نكل عن اليمين بطل (¬2) الصلح. وقال محمد: الصلح جائز في جميع ما ذكرت لك إن ادعى المضارب هلاكاً أو دفعاً أو غير ذلك إذا جحد رب المال ثم صالحه بعد الجحود. ولو أن المضارب جحد المضاربة ثم أقر بها ثم جحدها ثم صالح من ذلك على مال فإن الصلح جائز. فإن كان صالح على أقل منها فالصلح جائز إلا أن يقيم رب المال بينة أن هذه الدراهم التي في يديه هي المضاربة بعينها، فيرجع بالفضل. ولو كان الصلح على دنانير والمضاربة في يدي المضارب جاز ذلك. وكذلك (¬3) لو كانت (¬4) في أهله؛ لأنه جحد فضمن. وكذلك لو صالح على عروض كان جائزاً. ولو لم يجحد ولم يدع هلاكاً ولا دفعاً وأقر أنه قد ربح فيها مالاً ثم جحد ذلك ورد المال المضاربة بعينه ثم صالح من الربح على ¬

_ (¬1) ز: الفلان. (¬2) ف: يبطل. (¬3) ف - وكذلك. (¬4) ف: ولو كانت.

باب صلح المضارب في المضاربة لغير رب المال

صلح جاز (¬1) ذلك. وكذلك لو ادعى المضارب أن المضاربة والربح قد قبضهما رب المال كله وجحد رب المال ذلك ثم صالح رب المال المضارب من حصته على دراهم أداها إليه رب المال فهو جائز. ... باب صلح المضارب في المضاربة لغير رب المال وإذا كان للمضارب دين أدانه من المضاربة فصالح على أن أخره فالتأخير عليه جائز (¬2). وكذلك لو صالحه على أن حط بعضاً وأخذ بعضاً فهو جائز، وهو ضامن لما حط رب المال. ولو باع جارية من المضاربة فطعن فيها بعيب فصالح من ذلك العيب على دراهم مسماة جاز ذلك عليه وعلى رب المال. وكذلك إن صالح على أن حط من ثمنها (¬3) شيئاً. وكذلك لو صالح على أن أخَّر المال عن المشتري فهو جائز. وكَّل ما يصنع التجار في البيع والشراء فهو جائز على رب المال ما خلا الحط في غير العيب. ولو باع جارية ثم أقال البيع فيها كان جائزاً. ولو أسلم المضارب سلما ثم صالح على أن أخذ رأس المال كان ذلك جائزاً على رب المال. ولو صالح على أن أخذ كفيلاً بالدين وأبرأ (¬4) الذي عليه الأصل كان جائزاً. وكذلك لو احتال حوالة. ولو أن رب المال حط عن غريم عليه مالاً (¬5) من المضاربة أو أخَّر عنه جاز ذلك، ولا (¬6) ضمان عليه فيه (¬7). وكذلك لو أخذ به كفيلاً أو احتال (¬8) به فهو جائز. ... ¬

_ (¬1) ز - جاز؛ صح هـ. (¬2) ز: جائزه. (¬3) ف: حط منها. (¬4) ف: فأبرأ. (¬5) م ز: مال. (¬6) ز: لا. (¬7) ز: بعينه. (¬8) ف: أو أحال.

باب صلح الشريك شركة عنان

باب صلح الشريك شركة عنان وإذا كان الرجلان مشتركين (¬1) في التجارة والشراء والبيع والنقد والنسيئة وليسا بمتفاوضين فباع أحدهما بيعاً ثم صالح من ذلك على شيء حظه وشيء أخره وشيء قبضه فهو جائز كله عليه وعلى شريكه، إلا الحط من غير عيب، فإنه يضمن نصيب شريكه منه ويجوز عليه كله. ولو كان سلم فصالح على رأس المال جاز عليه وعلى شريكه. ولو كانت سلعة باعها ثم أقالها جازت عليه وعلى شريكه الإقالة. ولو لم يُقِلْ وطعن المشتري بعيب فحط عنه لذلك العيب شيئاً جاز عليه وعلى شريكه. ولو أن شريكه أخَّر هذا المال عن المشتري إلى أجل مسمى لم يجز ذلك؛ لأنه ليس هو ولي مبايعته. ولو قبل السلعة بعيب وأقال البائع (¬2) فيها جاز (¬3) عليه وعلى شريكه. وإن كان الشريك هو الذي لم يل (¬4) عقدة البيع أخَّر ماله أو مال شريكه الذي ولي المبايعة فيه لم يجز التأخير في شيء من ذلك في قول أبي حنيفة، وجاز في حصته في قول أبي يوسف ومحمد. ولو أخذ الكفيل بالمال أو احتال (¬5) به جاز في حصته، ولا يجوز في حصة شريكه. ولو أن الذي ولي البيع احتال بالمال وأخذ كفيلاً جاز في حصتهما جميعاً ولا يشبه الذي ولي البيع في هذا الذي لم يل البيع. ... باب صلح المفاوض وإذا كان الرجلان متفاوضين فكان لهما دين على رجل وَلِيَ مبايعتَه (¬6) أحدهما فصالح الآخر على أن أخَّر المال كله جاز على ¬

_ (¬1) م ز: مشتركان. (¬2) م: البيع. (¬3) ز: جايز. (¬4) م ز: لم يلي. (¬5) ف ز: واحتال. (¬6) ز: متابعته.

باب صلح شريك في سلعة خاصة

المفاوض تأخير المال كله وعلى شريكه. ولا يشبه المفاوض في هذا شريك عنان. وكذلك لو أقال بيعاً وقبل رأس مال سلم أسلمه الآخر فهو جائز عليهما جميعاً. وإن حط بعيب طعن به مشترٍ (¬1) والذي ولي البيع شريكه فحطه جائز مثل حط الذي ولي البيع، يجوز ذلك عليهما جميعاً. ولو صالح من غير عيب على أن وضع بعض المال جاز ذلك في نصيبه، ولا يجوز في نصيب صاحبه. ولو كان الذي ولي البيع هو الذي حط جاز ذلك في المال كله، وضمن لشريكه النصف. ولو احتال أحدهما بالمال جاز عليهما. وكذلك لو أخذ به كفيلاً. ... باب صلح شريك في سلعة خاصة وإذا كانت جارية بين اثنين فباع أحدهما برضى صاحبه ثم صالح من المال على أن أخذ منه طائفة وأخَّر طائفة وحط طائفة فإنه يضمن لشريكه نصف ما حط ونصف ما أخذ. وكذلك لو حط من عيب. وكذلك لو ردت عليه السلعة بعيب فصالح على أن قبلها فالسلعة له لازمة، وهو ضامن لنصف الثمن لشريكه. ولا يشبه هذا الشريك في التجارة. وكذلك لو كان سلم أسلمه بينهما ثم أقاله وقبل رأس المال فإنه جائز عليه، ويضمن لشريكه نصف الطعام. وهذا كله قياس قول أبي حنيفة. وهو قول محمد وقول أبي يوسف إلا أن أبا يوسف قال في الحط: إنه لا يجوز ذلك (¬2) في حصة شريك في الوكيل ولا في المضارب ولا في الشريك المفاوض ولا العنان. ... ¬

_ (¬1) م ز: مشتري. (¬2) ف - ذلك.

باب الصلح من دين إلى أجل على أن جعله حالا

باب الصلح من دين إلى أجل على أن جعله (¬1) حالاً وإذا كان لرجل دين (¬2) على رجل إلى أجل من ثمن بيعٍ فصالحه على أن جعله حالاً فهو جائز. وكذلك لو قال: قد جعلته حالاً بغير صلح، ويؤخذ به حالاً. ولو لم يجعله حالاً ولكنه قضاه المال فاستحق فإن الدين إلى أجله. ولو كان (¬3) المال دراهم زُيُوفاً أو سَتُّوقَة فردها الطالب فإن المال إلى أجله (¬4)؛ لأن هذا لم يرفض الأجل. ألا ترى أنه لو كان عليه المال حالاً فصالحه على أن جعله نجوماً على أن أخَّر عنه نجماً عن محله فالمال عليه حال كما كان، أن (¬5) الصلح على هذا جائز. وكذلك (¬6) لو رهنه رهناً واشترط عليه أنه إن استحق الرهن فالمال عليه (¬7) حال كما كان فالصلح جائز على هذا. وكذلك لو أخذ منه كفيلاً على هذا على أنه إن أخَّر نجماً عن محله فالمال عليه وعلى الكفيل حال فإن الصلح على هذا جائز. وإذا أسلم الرجل ثوباً إلى القصار (¬8) فخرقه القصار بدَقِّه فصالحه رب الثوب على دراهم مسماة على أن يسلم له الثوب فهو جائز. وكذلك لو صالحه على دراهم مسماة على أن يكون الثوب لرب الثوب فهو جائز. وكذلك لو صالحه على دينار. وإن كان (¬9) إلى أجل أو حال فهو سواء. وكذلك لو صالحه على شيء من الكيل أو الوزن (¬10) بعينه فهو جائز. كان صالحه على أن أسلم له الثوب على حنطة (¬11) مسماة إلى أجل فهو باطل في حصة الخرق، وفي حصة الثوب جائز. وإن صالحه على أن يأخذ رب الثوب الثوب ومختوم حنطة إلى شهرٍ مكان الخرق فهذا لا يجوز؛ لأن ¬

_ (¬1) ف: أن أجعله. (¬2) م ز: دينا. (¬3) م ز: أو كان. (¬4) ف - ولو كان المال دراهم زيوفا أو ستوقة فردها الطالب فإن المال إلى أجله. (¬5) ف - أن. (¬6) م: وكذ. (¬7) م ز: عليك. (¬8) ف: إلى قصار. (¬9) ف: ولو كان. (¬10) ف: والوزن. (¬11) ز: على خيطه.

باب الصلح في المرض

الخرق قيمته دراهم أو دنانير دين على القصار، فلا يجوز أن يصالحه على شيء غير ذلك إلى أجل. ولو صالحه على حنطة بعينها أو على حيوان بعينه جاز ذلك. ولو أن. حائكاً أفسد غَزْلاً (¬1) فقصر فيه عما شرط من الذرع كان صاحب الغزل بالخيار. إن شاء سلم الثوب وضمن له غزلاً مثل غزله. وإن شاء أخذ الثوب وأعطاه أجره. فإن صالحه على أن سلم له الثوب على دراهم مسماة إلى أجل فإن هذا لا يجوز؛ لأن عليه غزلاً مثل غزله. فلا يجوز أن يبيعه ديناً بدين. ولو صالحه على أن يأخذ رب الغزل الثوب ويعطيه الحائك بعض الأجر ويحط عنه بعضه (¬2) كان ذلك جائزاً. ... باب الصلح في المرض (¬3) وإذا صالح المريض من دم عمد كان له فيه القصاص على مال إلى أجل وليس له مال غير ذلك فهو جائز. وإن كان صالح من دم عمد على مائة درهم أو أقل من ذلك أو أكثر فهو سواء، وهو جائز، لأن أصل هذا لم يكن مالا فتكون (¬4) المحاباة فيه من الثلث. وكذلك لو كان خلع امرأة على ألف درهم إلى سنة وقد كان دخل بها فالخلع جائز، ولا يعجل من ذلك شيئاً. ولو كان له ألف درهم من ثمن بيع فصالحه على أن عجل له خمسمائة وأخَّر عنه خمسمائة إلى أجل ثم مات من ذلك المرض (¬5) ولا مالى له غير ذلك، فإن كانت الخمسمائة المعجلة عند المريض جاز التأخير في ثلث الألف تاماً إلى الأجل، ورد الذي عليه الدين من الخمسمائة التي عليه الثلث. وإن كان المريض قد استهلك الخمسمائة المعجلة التي ¬

_ (¬1) الغزل بمعنى المغزول من باب التسمية بالمصدر. انظر: المصباح المنير، "غزل". (¬2) م: بعضاً. (¬3) ز: في المريض. (¬4) ز: فيكون. (¬5) ز: المريض.

قبض جاز التأخير في ثلث الخمسمائة التي على الغريم وعجل الثلثين. والقرض في هذا الوجه والغصب والوديعة المستهلكة في ذلك كله سواء. وكذلك لو لم يكن عليه دين وكان عند المريض عبد يساوي ألفاً فباعه منه بثلاثة آلاف إلى سنة ولا مال له غيره ثم مات المريض فإنه يقال للمشتري: عجل ثلثي الثمن والبقية عليك إلى (¬1) الأجل أو رد العبد. وذلك لأن أصل هذا كان مالاً أخَّر عنه فهو وصية. وقال محمد: يقال له: أنت بالخيار، إن شئت فعجل ثلثي الألف قيمة العبد، وتكون (¬2) البقية عليك إلى الأجل، وإلا فرد العبدث لأن البقية التي تزدادها (¬3) على قيمة العبد لم يكن بمال للميت (¬4) إلا إلى الأجل الذي بيع العبد عليه. ولو صالح من دم عمد على ألف درهم حالة ثم أخَّرها بعد الصلح سنة ثم مات من ذلك المرض ولا مال له غيرها جُبِرَ القاتل على أن يعجل ثلثي الألف؛ لأنه قد كان حالاً (¬5) قبل التأخير. ولو أن امرأة مريضة تزوجت في مرضها بألف درهم رجلاً إلى سنة ثم ماتت في ذلك المرض (¬6) ولا مال لها غيرها إلا عبد تركته كانت الألف على الزوج إلى الأجل، وكان ميراثه في العبد ثابتاً. ولو أن مريضاً له مكاتب عليه ألف درهم من مكاتبته حالة (¬7) فصالحه على أن أخَّرها عنه سنة ولا مال له غيرها جُبِرَ المكاتب على أن يعجل ثلثيها إن مات المريض من ذلك المرض (¬8). ولو كانت قيمة العبد ألف درهم فكاتبه على ثلاثة آلاف درهم إلى سنة ولا مال له غيره ثم مات المريض من ذلك المرض جُبرَ (¬9) العبد على أن يعجل ثلثي المكاتبة إن شاء؛ لأن أصل هذا كان حالاً (¬10). وقال محمد: ¬

_ (¬1) ز - إلى. (¬2) ز: ويكون. (¬3) ز: تزادادها. (¬4) ز: الميت. (¬5) م ف ز: مالاً. (¬6) ف - المرض. (¬7) م ف ز: حدله. والتصحيح من ب. (¬8) ز - من ذلك المرض. (¬9) ز: جبرا. (¬10) م ف ز: مالاً.

باب صلح الصبي التاجر

يقال للمكاتب: عجل ثلثي قيمتك وتكون البقية عليك إلى الأجل، وإلا رددناك (¬1) في الرق. ... باب صلح الصبي التاجر وإذا كان للصبي التاجر دين على رجل فصالحه على أن حط عنه الثلث وأخَّر الثلث (¬2) إلى أجل مسمى وقبض الثلث فالحط باطل. وكل شيء من الصلح يجوز على الرجل التاجر فهو يجوز على الصبي إلا الحط خاصة من غير عيب. ألا ترى أنه لو باع سلعة فطعن المشتري بعيب فصالحه (¬3) على أن قبلها جاز (¬4) ذلك أو حط (¬5) للعيب شيئاً فهو جائز. ولا يشبه هذا العيب. وأما حط الصبي من غير عيب فإنه لا يجوز. ولو أسلم ثم صالح على رأس المال كان جائزاً. ولو ابتاع هو (¬6) سلعة فطعن بعيب فصالحه (¬7) البائع على أن قبلها كان جائزاً. وكذلك لو كان عليه مال فحط صاحبه عنه بعضاً وأخذ بعضاً كان ذلك جائزاً. ... باب صلح سلم في هذه الدار بألف والدار في يديه وإذا قال الرجل لآخر: سلم في هذه الدار التي في يدي بألف درهم، فقال الآخر: [لا] (¬8)، وأراد أخذ الدار فإن هذا إقرار من الذي في يديه الدار ¬

_ (¬1) م ز: زدناك. (¬2) ز - وأخر الثلث. (¬3) ز: فصالحها. (¬4) ف - جاز. (¬5) ف: وحط. (¬6) ف - هو. (¬7) ف: ثم صالحه؛ ز + المشتري. (¬8) الزيادة من الكافي، 2/ 190 و.

بجميع الدار، وللآخر أن يأخذها. وكذلك إذا قال له: ابرأ (¬1) منها بألف درهم، فأبى ذلك. وكذلك إذا قال: اتركها بألف درهم، أو دعها لي بألف درهم، أو أعطنيها بألف درهم، فهذا كله مساومة وإقرار له (¬2) بها (¬3). ألا ترى أن الرجل يساوم بالعبد أو الثوب فيقول: برئت منه بألف أو ابرأ منه بألف أو سلمه في بألف. وكذلك العروض والحيوان والعقار في يدي القائل أو في يدي المقر له، فهذا إقرار من القائل. وكذلك إذا قال: أعطنيها بألف. ولو أن رجلين اصطلحا فيما بينهما على أن سلم أحدهما للآخر داراً وسلم الآخر له عبداً لم يكن هذا (¬4) إقراراً (¬5) من واحد منهما، وهذا صلح؛ لأن هذا على غير وجه المساومة، والأول على وجه المساومة. وكذلك لو اصطلحا على أن يسلم أحدهما هذا العبد للآخر على أن أبرأه الآخر من الدين الذي عليه لم يكن هذا إقراراً بالعبد؛ لأن هذا على وجه الصلح. فإن وقع التسليم أو البراءة على وجه الصلح لم يكن إقراراً. ولو اصطلحا على أن برئ فلان إلى فلان من هذه الدار وبرئ الآخر إليه من العبد كان هذا صلحاً، وليس هذا بإقرار. ولو قال: اخرج من هذه الدار بألف درهم كاملاً مستقبلاً (¬6)، وإن هذا إقراراً له بالدار. ولو اصطلحا على أن خرج أحدهما من هذه الدار وسلمها للآخر وخرج الآخر من هذه الدار وسلمها له كان هذا جائزاً (¬7)، ولم يكن هذا إقراراً ولا إنكاراً. وأيهما استحق فهما جميعاً على حجتهما في الباقي. ولو أن رجلاً في يديه دار أو عبد فقال للآخر (¬8): سلمه لي، وإن هذا إقراراً (¬9) منه. وكذلك إذا (¬10) قال: أعطنيه. فإن قال: ابرأ منه، ولم يسم لذلك ¬

_ (¬1) ف: ابدا. (¬2) ز - له. (¬3) م ف ز: منها. (¬4) ز + لم يكن هذا. (¬5) م ز: إقرار. (¬6) م هـ: في نسخة ... ؛ زهـ: في نسخة متصل. (¬7) ز: جائز. (¬8) ف: الآخر. (¬9) م ز: إقرار. (¬10) ز - إذا.

باب صلح العامل بيده

مالاً لم يكن هذا إقراراً؛ لأن هذا على (¬1) غير وجه المساومة. وكذلك إذا قال (¬2): اخرج منه. ولو قال: سلم في شراء هذه الدار بألف درهم، فإن هذا إقرار له بها. أرأيت لو كان عبد في يدي رجل فقال آخر: سلم لي (¬3) بيعه بمائتي درهم، ثم ادعى أنه له وأقام البينة أكنت أقبل بينته وهذا مساومة وإقرار منه؛ وكذلك إذا قال: سلم في شراءه بألف درهم. ولو أن رجلاً اشترى من رجل داراً بألف درهم (¬4) ثم قال الآخر: سلم لي شراءها، ولم يسم مالاً لم يكن هذا إقراراً ولا مساومة. وكذلك لو قال: سلم في شراءها من فلان. وكذلك هذا في الحيوان والعروض. ولو وقع بينهما صلح اصطلحا عليه على أن يسلم أحدهما للآخر عبداً يقال له: فلان وعلى أن يسلم (¬5) الآخر لهذا شراء الدار من فلان لم يكن هذا إقراراً؛ لأن هذا على وجه الصلح والخصومة، وليس هذا على وجه البيع والمساومة. إنما يكون إقراراً إذا كان على وجه البيع والمساومة، وإذا كان على وجه الصلح والخصومة فليس بإقرار (¬6). ولو قال: أشتري منك هذه الدار على أن يسلمها في فلان، أو قال: أشتريها، ولم يقل: منك، على أن يسلم في فلان، أو قال: اشتريتها (¬7) على أن يسلمها لي فلان، لم يكن هذا إقراراً (¬8) من فلان لفلان المسلّم؛ لأن هذا على غير وجه المساومة والبيع. ولو (¬9) سمى مع هذه الصفة على تسليم فلان بماله لم يكن إقراراً لفلان ولا مساومة له، حاضراً كان فلان أو غائباً. ... باب صلح العامل بيده وإذا دفع الرجل ثوباً إلى صباغ يصبغه بقفيز عُصْفُر بدرهمين فصبغه ¬

_ (¬1) ز + وجه. (¬2) ز - قال. (¬3) ز - في. (¬4) ز - ولو أن رجلاً اشترى من رجل داراً بألف درهم؛ صح هـ. (¬5) م ز: أن سلم. (¬6) ف: فاقرار. (¬7) ف: اشتريها. (¬8) ز: إقرار. (¬9) ز: وولو.

بقفيزين فإن صاحب الثوب بالخيار، إن شاء أخذ ثوبه وأعطاه درهمين بالقفيز، وأعطاه ما زاد القفيز الآخر في ثوبه. وإن صالحه من ذلك على قفيز حنطة بعينه فهو جائز. وكذلك لو صالحه (¬1) على أرطال من سمن بعينه. وكذلك لو صالحه على قفيز من عصفر فهو جائز. وكذلك لو صالحه على دراهم إلى أجل فهو جائز. وكذلك لو صالحه على قيراط ذهب فهو جائز. ولو أن ثوباً هلك عند قصار فقال القصار: قد هلك الثوب، ثم صالحه بعد ذلك على دراهم فإن هذا جائز في قول من يضمن القصار. ولا يجوز في قول أبي حنيفة؛ لأنه لا يضمن القصار. ولو قال القصار: قد دفعت الثوب إليك، وجحده رب الثوب فصالحه على صلح لم يجز الصلح، ولا يجب للقصار الأجر بقوله: قد دفعت الثوب. وكذلك الحائك والصباغ والصائغ وأشباه ذلك. وقال محمد: الصلح جائز. وإذا استأجر الرجل راعياً يرعى له خاصة أو يرعى له ولغيره مشتركاً (¬2) فذكر الراعي أن شاة من الغنم ماتت فهو مصدق والقول (¬3) قوله، فإن كذبه رب الغنم فصالحه من قيمتها على شيء فإن الصلح باطل لا يجوز في قول أبي حنيفة. وأما في قول من يضمن الأجير المشترك فيجوز على الراعي المشترك، ولا يجوز على الراعي الخاص. وكذلك لو قال: أكلها سبع أو سرقت، وأنكر ذلك صاحبه. وأما في قول محمد فالصلح جائز في الوجهين جميعاً، لأن الصلح إنما وقع على ادعاء (¬4) صاحب الشاة الشاة (¬5) وإنكار (¬6) ما قال الراعي. وإذا ادعى القصار أنه قد (¬7) دفع الثوب إلى رب الثوب وطلب الأجر وكذبه رب الثوب فصالحه من الأجر (¬8) على نصفه فهو جائز. وكذلك لو ¬

_ (¬1) ف + من ذلك. (¬2) م ز: مشترك. (¬3) ف - والقول. (¬4) ز: على ادعى. (¬5) ز: والشاة. (¬6) ز: وإنكاره. (¬7) ف - قد. (¬8) ز: من الآخر.

باب صلح المحجور عليه

صالحه على عرض من العروض بعينه أو وزن أو كيل بعينه. وإن كان الأجر حنطة بغير عينها فصالحه من ذلك على دراهم ونقدها إياه فهو جائز. وإن كان الأجر حنطة بعينها فصالحه من ذلك على دراهم ونقدها لم يجز ذلك؛ لأن الأجر بمنزلة البمع الذي لم يقبض إذا كان بعينه. وإذا كان الأجر ثوباً فيصالحه منه على دراهم لم يجز ذلك. وكذلك لو صالحه على عرض من العروض. ولو كان الأجر مختوم حنطة بغير عينه فصالحه من ذلك على شيء من الوزن بعينه كان جائزاً. وإن صالحه على شيء من الوزن بغير عينه إلى أجل أو على دراهم إلى أجل لم يجز ذلك؛ لأن هذا دين بدين. ولو أن رب الثوب أقر بقبض الثوب وادعى أنه قد أوفاه الأجر وجحد القصار ذلك فاصطلحا على أن (¬1) أعطاء (¬2) رب الثوب نصف الأجر وهو درهم كان جائزاً. فإن اصطلحا على أن يعطيه نصف هذا الأجر وهو درهم على أن يقصر له هذا الثوب الآخر كان ذلك جائزاً، ولو ادعى رجل على قصاو ديناً فجحده إياه (¬3) فصالحه على أن يقصر له به هذه الثياب كان جائزاً. ... باب صلح المحجور عليه محمد قال: حدثنا أبو يوسف عن هشام بن عروة عن أبيه أن عبد الله بن جعفر (¬4) دخل على الزبير بن العوام فقال له: إني إبتعت بيعا وإن علي بن أبي طالب قال: إني أريد أن آتي عثمان بن عفان حتى أسأله أن يحجر عليك. فقال الزبير: فأنا شريكك في هذا البيع. فأتى على عثمان، ¬

_ (¬1) ف - فاصطلحا على أن. (¬2) ف: فأعطاه. (¬3) ف - على أن يقصر له هذا الثوب الآخر كان ذلك جائزاً ولو ادعى رجل على قصار دينا فجحده إياه. (¬4) م ف ز: بن حومه. والتصحيح من مصادر الرواية.

فسأله أن يحجر عليه. فأخبره الزبير أنه شريكه في هذا البيع (¬1). فقال عثمان: كيف أحجر على رجل شريكه الزبير (¬2). وقال أبو حنيفة: الحجر على الحر باطل لا يجوز. وقال أبو يوسف ومحمد: الحجر على الحر (¬3) إذا كان مفسداً جائز (¬4) في كل شيء إلا في ثلاث خصال: الطلاق والنكاح والعتاق (¬5)، فإن ذلك لا يبطل عنه. فإن كان تزوجها (¬6) على مهر أكثر من مهر مثلها ردت إلى مهر مثلها. وكان ابن أبي ليلى يجيز الحجر على الحر، ولا ينفذ عليه بعد الحجر بيعاً (¬7) ولا شراءً ولا إقراراً (¬8). محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن شريح وإبراهيم النخعي أنهما قالا: إذا حجر على الرجل لم يجز بيعه ولا شراؤه ولا إقراره بدين إلا ببينة كانت عليه قبل ذلك. ولا يحجر أحد على أحد إلا الإمام الذي استعمل القاضي أو القاضي. والحجر أن يشهد القاضي أنه قد حجر على فلان، فإذا قال ذلك فهو محجور عليه. فإن صالح من دين له أو من دعوى له في دار أو من حق يدعى في داره أو من دين يدعى عليه بغير بينة على صلح فإنه جائز في قول أبي حنيفة. ولا يجوز في قياس قول شريح وإبراهيم النخعي. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. وإذا صالح المحجور عليه فأخَّر ديناً له أو قبل سلعة كان باعها بعيب فهو جائز. وإذا صالح من سلم كان له على رأس المال فهو ¬

_ (¬1) ف ز - فأتى علي عثمان فسأله أن يحجر عليه فأخبره الزبير أنه شريكه في هذا البيع. (¬2) رواه أيضاً الشافعي عن محمد عن أبي يوسف. انظر: مسند الشافعي، 384؛ والمصنف لعبد الرزاق، 8/ 267؛ وسنن الدارقطني، 231/ 4؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 43. (¬3) ف - على الحر. (¬4) ز: جائزاً. (¬5) ف: والعتق. (¬6) ز: يزوجها. (¬7) م ز: بيع. (¬8) م ز: إقرار.

باب الصلح على اليمين

جائز. ألا ترى أنه لو كانت له أمة فوطئها بعد الحجر فولدت له فادعى الولد أني أثبت نسب الولد، وأجعل الأمة أم ولد. وينبغي في قول من يجيز الحجر أن لا يثبت النسب وأن يباع ابنه وأم ولده. أرأيت إن تزوج امرأة ودخل بها فولدت له أما كنت أجيز النكاح وألزمه المهر. وينبغي في قول من يجيز الحجر أن لا يلزمه مهرها ولا يجيز نكاحها. أرأيت لو أعتق عبداً له أو كاتبه على مال فأخذه أما كان يجوز. أرأيت لو أتى بلداً آخر فصَلُحَ فيه واتجر وتفقه حتى ولي القضاء أما كان يجوز قضاؤه حتى يأذن له القاضي الذي حجر عليه. ألا ترى أن هذا لا يستقيم ولا يوافق السنة المجتمع عليها. ... باب الصلح على اليمين وإذا ادعى (¬1) رجل على رجل ألف درهم فأنكر المدعى قبله ذلك فاصطلحا على أن يحلف المدعى عليه وهو بريء، فحلف المدعى قبله ما لفلان قبله قليل ولا كثير، فإن أبا حنيفة قال: الصلح باطل لا يجوز، والمدعي على دعواه قبل المدعى عليه، إن أقام بينة أخذه بها. ألا ترى أن القاضي لو استحلفه وأبرأه ثم أقام الطالب بينة (¬2) أن المطلوب يؤخذ بذلك ولا يرد البينة، فهو في الصلح كذلك أيضاً. وإن كانت الدعوى وديعة أو عارية أو بضاعة أو رهناً (¬3) أو دعوى في دار أو أرض أو في عبد أو أمة أو دار أو دابة أو شيء من الحيوان أو العروض أو كفالة بنفس أو مال أو كانت الدعوى في ثياب أو متاع فذلك كله سواء، والصلح فيه مردود. وإن لم يكن للطالب بينة على دعواه فأراد أن يستحلف المدعى قبله ¬

_ (¬1) ف: فإذا ادعى. (¬2) م ف + أخذه بها ألا ترى أن القاضي لو استحلفه وأبرأه ثم أقام الطالب بينة. (¬3) م ز: أو رهن؛ ف - أو رهناً.

عند القاضي بعد تلك اليمين فله ذلك؛ لأن تلك اليمين صلح. ولو كان قاض (¬1) استحلفه بها لم يكن له أن يستحلفه ثانياً (¬2). وإذا اصطلحا على أن يحلف المدعي على دعواه على أنه إذا حلف فالمدعى (¬3) عليه ضامن لها فحلف المدعي على ذلك فأبى المدعى (¬4) عليه أن يضمن له شيئاً أو يعطيه شيئاً فإن أبا حنيفة قال: الصلح في (¬5) ذلك باطل لا يجوز، ولا يلزم المدعى عليه بهذا شيء.؛ لأنه لم يقر. أرأيت لو قال: إن حلف على ذلك فلان غير الطالب فيذا المال علي، فحلف فلان، أيكون عليه المال. لا يلزمه بهذا شيء. أرأيت لو قال: إن شهد فلان علي فهو علي، فشهد (¬6) فلان عليه هل يلزمه بهذا شيء. لا يلزمه بهذا شيء، وهذا مخاطرة. وإذا اصطلحا على أن يحلف (¬7) الطالب على دعواه ويحلف المطلوب أنه ليس له قبله شيء ثم يكون عليه النصف من الدعوى وهي كذا كذا فحلفا جميعاً فإن هذا باطل لا يلزمه بذلك شيء. والطالب والمطلوب على حجتهما. وإن اصطلحا على أن يحلف الطالب اليوم على ما يدعي، فإن مضى اليوم قبل أن يحلف (¬8) فلا حق له، فمضى ذلك اليوم ولم يحلف فهو على حقه، وذلك الصلح باطل. ولو أقر الطالب أنه لم يحلف أو قال: قد حلفت، فهو سواء. وإن اصطلحا على أن يحلف المطلوب اليوم على الدعوى، فإن حلف فهو بريء، وإن مضى اليوم قبل أن يحلف فهو ضامن للملك، أو قال: ¬

_ (¬1) م ز: قاضي. (¬2) ز: نايبا. (¬3) ف: المدعى. (¬4) ف - على ذلك فأبى المدعى. (¬5) ز - في. (¬6) ز: فيشهد. (¬7) ز: أن يخلف. (¬8) ز - الطالب اليوم على ما يدعي فإن مضى اليوم قبل أن يحلف.

فالمال عليه، أو قال: فقد أقر بالمال، ثم مضى اليوم قبل أن يحلف أو حلف فإن هذا كله باطل لا يجوز، ولا يلزمه بهذا شيء، ولا يبرأ بهذا من شيء، وكل واحد منهما على حجته في ذلك. وإذا اصطلحا على أن يحلف الطالب بعتق أو طلاق أو بحج أو بأيمان مؤكدة فإن حلف على ذلك فالمال على المطلوب فحلف على ذلك فإنه لا يلزم المطلوب بذلك شيء، ولا يقع على الحالف عتاق في رقيقه ولا طلاق في نسائه؛ لأنه يقول: قد حلفت على حق. وإن اصطلحا على أن يحلف المطلوب بمثل ذلك على أنه بريء من هذه الدعوى إذا حلف فحلف بذلك فإنه لا يبرأ من شيء، ولا يلزمه (¬1) شيء إلا أن يقيم الآخر البينة، ولا يلزمه طلاق ولا عتاق إلا أن يقيم الآخر البينة. وإذا قال الطالب للمطلوب: أنت بريء من دعوى هذه كلها على أن تحلف في ما في قبلك شيء، فقبل ذلك المطلوب وحلف على ذلك فإنه لا يبرأ (¬2) من الدعوى؛ لأن البراءة وقعت بمخاطرة (¬3). وكذلك لو أقر المدعى قبله فقال: ما تطلب قبلي من حق فهو لازم في على أن يحلف هو، فحلف على ذلك فهو مثل الأول، ولا يلزمه بذلك شيء؛ لأن هذا مخاطرة. ألا ترى أنه لو قال: لا أحلف ولا أقبل ما قلت، لم يلزمه بهذا الإقرار شيء. أرأيت لو قال: ما تطلب قبلي (¬4) حق إذا (¬5) سلمت لي عبدك هذا، أو إن (¬6) سلمت في عبدك هذا (¬7)، ألم يكن هذا باباً واحداً، ولا يلزمه بذلك شيء. ولو قال: أنت بريء مما أدعي قبلك إن حلفت أنه لا حق في قبلك، أو إذا (¬8) حلفت (¬9)، أو متى حلفت (¬10)، أو حين تحلف، أو عند ¬

_ (¬1) ف: ويلزمه. (¬2) م ز: لا يبرى. (¬3) ف: مخاطرة. (¬4) ز: قبل. (¬5) ز - حق إذا. (¬6) م ز: وإن. (¬7) ف - أو إن سلمت في عبدك هذا. (¬8) ف: وإذا. (¬9) ز: خلفت. (¬10) ز: خلفت.

باب صلح صاحب البضاعة

يمينك، أو مع يمينك (¬1) أنه ليس في قبلك شيء، أو في يمينك، أو بعد يمينك، وإن هذا كله باباً واحداً، لا يبرأ من هذا (¬2) بحلفه. وكذلك لو قال المطلوب: ما تدعي قبلي حق إن حلفت أو متى ما حلفت أو إذا حلفت أو مع حلفك أو عند حلفك أو في حلفك أو بعد حلفك فحلف أو لم يحلف فهذا كله سواء، ولا يلزم بهذا شيء. وإذا اصطلحا في إجارة أو في (¬3) بضاعة أو في جراحة أو في وديعة أو في دعوى على وجه من الوجوه على يمين على (¬4) هذا الوجه فهو باطل. وهذا كله باب واحد. ... باب صلح صاحب البضاعة وإذا أبضع الرجل بضاعة مع رجل دراهم أو دنانير أو حيوان أو شيء مما يكال أو يوزن فقال المستبضع: قد رددت إليك بضاعتك، فهو مصدق وإن جحد ذلك رب البضاعة. وكذلك إن قال: قد سرقت مني، أو قال: قد (¬5) ضاعت، فهو مصدق، وهو بريء منها. فإن جحد رب البضاعة وأراد خصومته فصالحه المستبضع على صلح فالصلح باطل لا يجوز؛ لأنه قد برئ منها قبل الصلح. وقال محمد: الصلح جائز؛ لأنه إنما صالحه على ما ادعى الطالب من الحق. ولو كان جحد البضاعة فقال: لم تستبضعني شيئاً، ثم صالحه على شيء جاز الصلح. ولا يشبه الجحود الإقرار في قول أبي يوسف؛ لأنه حين جحد ضمن. وكذلك (¬6) لو كان خالف ما أمره فضمن ثم صالح بعد الضمان كان الصلح جائزاً. ¬

_ (¬1) ف - أو مع يمينك. (¬2) ف: من ذلك. (¬3) ز - في. (¬4) ف - على. (¬5) م ز - قد. (¬6) ز: ذلك.

ولو ادعى رب البضاعة أنه قد خالف ما أمره وقال المستبضع: لم أخالف، وكانت (¬1) البضاعة متاعاً فباعه بمائة وقال رب البضاعة: أمرتك أن لا تنقصه من مائتي درهم، وقال المستبضع: لم تسم (¬2) لي شيئاً، أو قال: سميت في مائة، فصالحه على أن زاده من المائة خمسين درهماً فإن الصلح جائزة لأن صاحب البضاعة لا يصدق، وهو ضامن للقيمة. فإذا وجب عليه الضمان جاز له الصلح. وكذلك لو قال: أمرتك أن لا تخرج من الكوفة، وقد خرج بها فباعها وقال المستبضع: لم تنهني (¬3) عن الخروج، أو قال: قد أذنت في في الخروج، فإن القول قول رب البضاعة. وإن صالحه من قيمتها على دراهم مسماة وقد باعها فهو جائز. وكذلك لو صالحه على أن يعطيه هذا الثمن وزيادة (¬4) كذا وكذا درهماً فهو جائز. ولو كان بعض ذلك إلى أجل كان جائزاً. وكذلك لو عجل بعضها وأخَّر بعضها إلى أجل. ولو كانت البضاعة عبداً فباعه بألف درهم واستهلكه وقال رب العبد: أمرتك (¬5) أن تبيعه بألفين وهي قيمته، فصالحه من ذلك على طعام (¬6) إلى أجل فإن الصلح باطل لا يجوز؛ لأن القيمة دين على البائع دراهم أو دنانير، فلا يجوز أن يصالح على غير ذلك إلى أجل. ولو صالحه على ذلك بعينه كان جائزاً. وكذلك كل كيل أو وزن أو عروض. ولو باع المستبضع البضاعة ولم يختلف هو ورب البضاعة في شيء غير أن المستبضع ادعى أنه قد سمى له في بيعها أجراً مسمى وجحد ذلك رب البضاعة فاصطلحا من ذلك على صلح فهو جائز. وإن كانت البضاعة لعبد تاجر أو لمكاتب عبد تاجر أو مكاتب عبد ذمي (¬7) فهو سواء. ولو استهلك رجل البضاعة عند المستبضع فصالحه المستبضع من قيمته على ¬

_ (¬1) ز: وكاتب. (¬2) م ز: لم يسم. (¬3) م ز: لم تنهاني. (¬4) ز: وزمان. (¬5) م ز: اقرتك. (¬6) ف: عن طعام. (¬7) م ز + لذمي.

باب الصلح في الإجارة

صلح وقبضه فهو جائز. وإن كان صالح على القيمة أو أكثر أو حط من ذلك شيئاً فإنه لا يجوز ما حط من ذلك. ولو كان باعها فطعن (¬1) المشتري بعيب فحط عنه شيئاً جاز الحط في قول أبي حنيفة ومحمد عليه، وضمن ذلك لصاحب البضاعة. ولا يجوز ما حط في قول أبي يوسف. ولا يشبه الاستهلاك في قول أبي حنيفة ومحمد البيع. وإن ادعى رب البضاعة في البضاعة ربحاً أكثر مما أقر به المستبضع فاصطلحا من ذلك على شيء زاده المستبضع فهو جائز. ألا ترى أنه لو جحد البضاعة فصالحه جاز الصلح. وكذلك إذا جحد بعض الربح. ولو لم يجحد وقال: قد ربحت الذي قلت ودفعته إليك، أو ضاع ثم صالحه بعد هذا لم يجز الصلح في القول الأول، وهو قول أبي يوسف. وجاز في القول الثاني إذا جحد القبض والضياع. وهو قول محمد بن الحسن. ... باب الصلح في الإجارة وإذا استأجر الرجل (¬2) داراً من رجل فاختلفا في الشهور، فقال المستأجر: أجرتني ثلاثة أشهر بعشرة، وقال رب الدار: أجرتك (¬3) شهرين بعشرة، فاصطلحا على أن يسكنها شهرين ونصفاً (¬4) فهو جائز. ولو اصطلحا على سكنى ثلاثة أشهر على أن زاده الصستأجر درهماً آخر كان ذلك جائزاً. ولو اصطلحا على سكنى شهرين على أن حط عنه رب الدار درهماً كان ذلك جائزاً. ولو اصطلحا على سكنى هذه الثلاثة الأشهر على أن زاده المستأجر درهماً أو قفيز حنطة بعينه أو بغير عينه إذا سماه جيداً أو على ¬

_ (¬1) ز + من. (¬2) ز + لرجل. (¬3) ف: استأجرتك. (¬4) م ز: ونصف.

شيء من الكيل أو الوزن كذلك فهو جائز (¬1). وكذلك لو زاده ثوباً بعينه أو شاة كان جائزاً. وكذلك لو صالحه على سكنى هذه الدار شهرين على أن زاده سكنى بيت من دار أخرى هذين الشهرين كان جائزاً. وكذلك لو صالحه على أن يسكن هذه الثلاثة الأشهر على أن يعطيه هذا الرهن بالأجر فهو جائز. وكذلك لو شرط مكان الرهن كفيلاً حاضراً فهو جائز. وإن كان الكفيل غائباً عن ذلك الصلح فالصلح مردود لا يجوز. وكذلك لو اصطلحا على أن يزيده خدمة عبد مجهول أو ركوب دابة إلى مكان مجهول لم يجز ذلك. فإن اصطلحا على أن يزيده خدمة هذا العبد شهراً فهو جائز. وكذلك ركوب هذه الدابة إلى موضع كذا وكذا. ولو اصطلحا على أن يسكنها هذه الثلاثة الأشهر على أن زاده المستأجر ركوب دابته هذه إلى مكان معلوم فهو جائز. ولو زاده المستأجر (¬2) سكنى دار شهراً وهي (¬3) معروفة لم يجز ذلك؛ لأنه لا يجوز أن يستأجر سكنى دار بسكنى دار. فكذلك لا يجوز في الصلح. وإذا استأجر رجل أرضاً فادعى أنه استأجرها سنتين ليزرعها وأقر المؤاجر بسنة فاصطلحا على أن يزرعها سنتين على أن زاده المستأجر دراهم مسماة فهو جائز. وإن اصطلحا على أن يزرعها سنة على أن حط عنه رب الأرض دراهم مسماة كان جائزاً أيضاً. ولو اصطلحا على أن زاده المؤجر (¬4) أرضاً أخرى مع هذه سنة كان جائزاً إذا كانت معروفة. ولو زاده المستأجر على الأجر دراهم معروفة كان جائزاً. ولو زاده رب الأرض مع ذلك سكنى بيوت معروفة أشهراً مسماة كان جائزاً. ولو زاده مع ذلك عبداً (¬5) يقوم فيها أَكَّاراً (¬6) حتى تمضي هذه السنة كان جائزاً. ¬

_ (¬1) ز - ولو اصطلحا على سكنى هذه الثلاثة الأشهر على أن زاده المستأجر درهماً أو قفيز حنطة بعينه أو بغير عينه إذا سماه جيدا أو على شيء من الكيل أو الوزن كذلك فهو جائز. (¬2) ز - المستأجر. (¬3) م ف ز: أو هي. (¬4) م ز: المستأجر؛ صح هـ. (¬5) م ز: عبد. (¬6) أَكَرَ الأرض أكراً من باب ضرب، أي: حرثها، فهو أكّار. انظر: المصباح المنير، "أكر".

وإذا استأجر رجل دابة بأجر مسمى (¬1) إلى موضع معلوم فادعى رب الدابة أجراً أكثر من ذلك وادعى المستأجر موضعاً أبعد من ذلك فاصطلحا (¬2) على الموضع الذي قال رب الدابة والأجر (¬3) الذي ادعى المستأجر فهو جائز. وكذلك لو جحد المستأجر الإجارة وادعاها رب الدابة (¬4) فاصطلحا على أن يركبها المستأجر إلى ذلك الموضع بأجر أقل مما ادعى رب الدار فهو جائز. وكذلك لو ادعى المستأجر وجحد رب الدابة فاصطلحا على أن يركبها المستأجر إلى ذلك الموضع وزاده على الأجر درهماً فهو جائز. وكذلك لو اصطلحا على أن يركبها إلى موضع آخر بدراهم مسماة على أن بَرِئَ من الإجارة الأولى فهو جائز. وإن ادعى رب الدابة أنه أكراها إلى الحيرة بدرهم وجحد المستأجر فاصطلحا على أن يركبها إلى موضع آخر بنصف درهم فهو جائز. وكذلك لو اصطلحا على أن زاده ركوب دابة أخرى إلى الحيرة بذلك الدرهم كان جائزاً. وكذلك لو اصطلحا على أن يركبها إلى الحيرة اليوم ويركبها إلى الجسر (¬5) غداً فهو جائز. وإن ادعى المستأجر أنه تكارى هذه الدابة من هذا الرجل إلى بغداد بخمسة وجحد رب الدابة ذلك فاصطلحا على أن يركبها إلى بغداد وعلى أن زاده المستأجر (¬6) سكنى بيت معروف شهراً فهو جائز. وإن اصطلحا على أن زاده المستأجر ركوب دابة أخرى إلى موضع آخر فإن هذا لا يجوز مِن قِبَل أن كراء ركوب دابة بركوب دابة (¬7) لا يجوز، وهو يجوز بسكنى بيت. ولو ادعى رجل أنه استكرى هذه الدابة بإِكَاف (¬8) يحمل عليه ثَقَلَه (¬9) ¬

_ (¬1) ز: مسماة (¬2) م ز: فاصلحا. (¬3) ز: والآخر. (¬4) ف: الدار. (¬5) ز: إلى الحير. (¬6) ف - المستأجر. (¬7) ف - بركوب دابة. (¬8) ما يوضع على الحمار ليركب عليه. انظر: لسان العرب، "أكف". (¬9) الثقل متاع المسافر. انظر: المغرب، "ثقل".

باب الصلح في المهور

هذا إلى بغداد بخمسة (¬1) فجحد ذلك رب الدابة فاصطلحا على أن يركبها هو بنفسه بسَرْج (¬2) فهو جائز. وإن ادعى رب الدابة أنه أجرها إياه ليركبها إلى بغداد بخمسة وجحد المستأجر ذلك فاصطلحا على أن يحمل ثَقَلَه هذا (¬3) عليها ويركبها هو أيضاً بإكاف فهو جائز. وإن اصطلحا على أن يركبها بنصف ذلك الأجر إلى بغداد فهو جائز. وإن اصطلحا على أن يركبها بذلك الأجر إلى حُلْوَان (¬4) فهو جائز. ... باب الصلح في المهور وإذا تزوج الرجل امرأة على بيت وخادم فهو جائز، فإن صالحها من ذلك على عشر من الغنم فهو جائز إذا كانت بأعيانها. وكذلك الحيوان كله. وكذلك الثياب كلها. ولا تجوز النسيئة في الحيوان في الصلح في ذلك. وكذلك لو صالحها على شيء من الكيل أو الوزن. فإن كان بعينه فهو جائز. وإن كان بغير عينه فهو باطل إن كان إلى أجل وإن كان إلى غير أجل؛ لأنه دين فلا يجوز بدين غيره، ويجوز بغيره إذا كان يداً بيد. وإن صالحها من البيت على ثياب هَرَوية إلى أجل فإنه لا يجوز؛ لأن متاع البيت غير ما (¬5) صالحها عليه. وإن صالحها من البيت والخادم على دراهم إلى أجل فهو جائز. وكذلك الدنانير. ولو صالحها على دراهم بعينها ومتاع بيت بعينه وزادها مع ذلك دراهم مسماة كان جائزاً. وإن جعل للدراهم أجلاً فهو جائز. ¬

_ (¬1) ز + إلى بغداد. (¬2) ما يوضع على الدابة ليركب عليها، وقد غلب استعماله في الخيل. انظر: لسان العرب، "سرج". وقد ذكر المؤلف في كتاب الإجارات أن السرج أخف من الإكاف. انظر: 2/ 150 ظ. (¬3) ف - هذا. (¬4) بلد مشهور بسواد العراق، بينها وبين بغداد خمس مراحل. انظر: المصباح المنير، "حلو". (¬5) ز: غيرها.

باب الصلح في الخلع

وإن كانت حالة فهو جائز. وإن طلقها قبل أن يدخل بها وقد صالحها على عرض (¬1) بعينه ودفعه إليها فإنها بالخيار. فإن شاءت ردت إليه نصف قيمة البيت والخادم (¬2). وإن (¬3) شاءت ردت إليه نصف العروض التي أخذت منه. وإن صالحها على دراهم ردت إليه نصفها، ولا خيار لها في ذلك. وكذلك الدنانير. وكذلك لو أعطاها خادماً وسطاً وبيتاً وسطاً ثم طلقها ردت عليه نصف ذلك بلا خيار. وإن كان ذلك مستهلكاً ردت عليه نصف قيمة ذلك. فإن صالحها من نصف قيمة ذلك على ذلك فهو جائز. وإذا تزوج الرجل المرأة على مائة درهم ثم صالحها من ذلك على طعام بعينه فهو جائز. وكذلك الكيل كله والوزن والثياب. وإن كان بغير عينه لم يجز حالاً كان ذلك أو إلى أجل. وإذا تزوجها على كُرّ حنطة فهو جائز، فإن صالحها من ذلك على كُرَّيْ شعير يداً (¬4) بيد فهو جائز. وإن لم يكن بعينه وضرب له أجلاً أو كان حالاً وتفرقا قبل أن يقبض فإنه لا يجوز؛ لأنه دين بدين. فإن كان قائماً بعينه وتفرقا قبل أن يقبض فهو جائز. وإذا ادعى رجل أنه قد دفع المهر إلى امرأته وجحدت المرأة ذلك والمهر ألف درهم فصالحها من ذلك على خمسمائة ودفعها إليه (¬5) وأبرأته (¬6) مما بقي فهو جائز. وإن كان طلقها قبل أن يدخل بها فإنه يرجع عليها بنصف ما أعطاها. ... باب الصلح في الخلع وإذا صالح للرجل امرأته على أن طلقها على أن ترضع ولده ¬

_ (¬1) ف: على عوض. (¬2) ف: الخادم. (¬3) ز: فإن. (¬4) م ز: يد. (¬5) م ز: إليها. (¬6) ز: فأبرأته.

سنتين حتى تفطمه، وعلى أن زادها هو ثوباً بعينه مع ذلك، فقبضت الثوب فاستهلكته وأرضعت الصبي سنة ثم مات (¬1)، فإن الزوج يرجع عليها إذا كان قيمة الثوب والمهر سواء بنصف قيمة الثوب، وبربع قيمة الرضاع. وذلك لأنه أعطاها على الرضاع مهرها وثوباً مثله، فاشترى الرضاع بشيئين (¬2) قيمتهما (¬3) سواء، فاستوفى منها نصف ذلك وبقي نصفه، ويرجع عليها بنصف قيمة الثوب، ويرجع عليها بربع قيمة الرضاع. ولو كانت المرأة في زادته مع ذلك شاة قيمتها مثل قيمة الرضاع رجع عليها بربع قيمة الثوب وبثمن (¬4) قيمة الرضاع وسلمت له الشاة. ولو استحقت الشاة مع ذلك رجع عليها بثلاثة أرباع قيمة الثوب وبربع قيمة الرضاع ونصف قيمة الشاة؛ لأن المهر بنصف الشاة وبنصف الرضاع، فقد استوفى من ذلك ربع المهر بالرضاع الذي أرضعت، ويرجع عليها بربع قيمة الرضاع، فيبطل عنها ربع المهر، ويبقى عليها نصف المهر. وإذا استحق الثوب والمسألة على حالها وقد مات الصبي بعد سنة ولم تستحق الشاة فإن المرأة ترجع على الرجل بنصف الشاة، وترجع عليه بأجر مثلها في نصف السنة التي أرضعت؛ لأن الثوب لم يسلم لها. ويرجع الرجل عليها بربع قيمة الرضاع فيتحاصّون بذلك، ويرجع بعضهم على بعض بفضل إن كان. وإذا ادعى الزوج أنه قد أعطى امرأته المهر وجحدت ذلك فصالحها على أن يعطيها مائة درهم وعلى أن ترد هي ثوباً يعينه وعلى أن طلقها فإن هذا جائز. وإن كان قد دخل بها فالطلاق في هذا بائن؛ لأنه قد أخذ على هذا جعلاً. ... ¬

_ (¬1) ف + الزوج. (¬2) ز: شيئين. (¬3) م ز: قيمتها. (¬4) ز + وبربع.

باب الصلح في الطلاق

باب الصلح في الطلاق ولو أن امرأة ادعت أن زوجها طلقها ثلاثاً وجحد الزوج ذلك فصالحها على مائة درهم على أن أكذبت نفسها وبرئت من الدعوى فإن الصلح في هذا باطل لا يجوز، وله أن يرجع في المائة، وهي على دعواها، إن أقامت (¬1) بينة أخذ لها بذلك. وكذلك لو ادعت قبله تطليقة (¬2) أو ثنتين أو ثلاثاً فهو سواء. ولو ادعت قبله خلعاً بمال فصالحها من ذلك على مائة درهم أو على ثوب أو على عبد على أن يبرأ من ذلك ويكف عنه فإن الصلح في هذا باطل، ويرجع هو بما أعطاها، وتكون (¬3) هي على دعواها. ... باب الصلح في النكاح وإذا ادعى رجل قبل امرأة أنه تزوجها فجحدت ذلك فصالحها على مائة درهم على أن تقر بذلك فأقرت له بالنكاح فإن الإقرار بالنكاح جائز، والذي جعل لها لازم له. ألا ترى أن رجلاً لو ادعى عبداً في يدي رجل فجحده فصالحه على مائة درهم على أن يقر له بالعبد أن ذلك جائز عليه. ولو ادعى عليه ألف درهم (¬4) فقال: أقر لي بها على أن أعطيك مائة درهم، كان هذا باطلاً لا يجوز منه شيء، ولا يشبه هذا العبد. إنما قال هذا: أعطني ألفاً بمائة. و"أعطني ألفاً" و"أقر لي بألف" سواء. و"أقر لي بهذا العبد" و"أعطني هذا العبد" سواء. وكذلك لو قال: أعطيك مائة على أن تكوني (¬5) [امرأتي] (¬6) فهو جائز كله إذا قبلت (¬7) ذلك. وكذلك لو قال: قد تزوجتك ¬

_ (¬1) ف: إن قامت. (¬2) ز: تطلقية. (¬3) ز: ويكون. (¬4) ز + على أن يقر. (¬5) ز: أن يكوني. (¬6) الزيادة من الكافي، 2/ 192 ظ. (¬7) ف: إذ قبلت.

باب الصلح في المهر بعد الطلاق قبل أن يدخل بها

على ألف درهم، فقالت: لا، فقال: قد زدتك مائة درهم على أن تقري (¬1) لي بالنكاح، فأقرت كان لها ألف ومائة والنكاح جائز. ... باب الصلح في المهر بعد الطلاق قبل أن يدخل بها وإذا طلق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها ثم اختلفا في المهر فقالت المرأة: مهري ألف درهم، وقال هو: خمسمائة، فاصطلحا على أن أعطاها ثلاثمائة من نصف المهر، فهو جائز. ولو كان قال: لم أفرض لك مهراً وإنما لك المتعة، فاصطلحا على أن يسلم لها المتعة على أن أبرأته (¬2) من دعواها فهو جائز. وإن أقامت بعد ذلك بينة أن مهرها ألف درهم لم يقبل ذلك منها. ولو كان الزوج قد أوفاها المهر فقال لها: ردي علي النصف، واختلفا في النصف فقالت هي: هو مائتان (¬3)، وقال الزوج: ثلاثمائة، فاصطلحا من ذلك على مائتين وخمسين فهو جائز. وإذا ادعى رجل قبل رجل ألف درهم فجحد فقال: أقر لي بها (¬4) على أن أؤجل عنك مائة، ففعل ذلك، فهو جائز. ولا يشبه هذا "أقر لي بها على أن أعطيك مائة". هذا بمنزلة البيع، وذلك براءة وحط. وقوله: على أن أحط عنك، وعلى أن حططت عنك، سواء، كل جائز، وكل يجبر (¬5) عليه. ... باب دعوى الرق والصلح فيه وإذا ادعى رجل على رجل مجهول أنه عبده فأنكر المدعى عليه ذلك ¬

_ (¬1) م ز: أن تقرين. (¬2) م ز: أن أبرته. (¬3) م ز: مائتين. (¬4) ز - بها. (¬5) ز: يجير.

باب العبد يدعي العتق على مولاه يصالح

ثم صالحه المدعى عليه من ذلك على مائة درهم فهو جائز. وإن أقام المدعي البينة بعد ذلك أنه عبده لم يقبل منه، وهذا بمنزلة العتق، غير أنه ليس له ولاؤه (¬1) إذا لم يقم بينة، وكذلك لو قال: أصالحك من دعواي على وصيف إلى أجل، أو على كذا كذا من الغنم إلى أجل، وإن ذلك جائزاً. وكذلك الحيوان كله والثياب (¬2) والعروض. وكل شيء تجوز فيه المكاتبة فهو في هذا الباب جائز. ولو أخذ منه كفيلاً بذلك لزم الكفيل الكفالة. ولا يشبه هذا المكاتبة، لأن هذا قد عتق (¬3) حين وقع الصلح. وإذا ادعى رجل أمة فقال: أنت أمتي، وقالت هي: بل أنا حرة، فصالحها من ذلك على مائة درهم، فهو جائز. فإن قامت البينة أنها قد كانت أمة له فأعتقها عام الأول رجعت عليه بالمائة، وكان الصلح باطلاً. ولو أقامت البينة أنها كانت أمة لفلان فأعتقها عام الأول لم أقبل ذلك منها، ولم ترجع بالمائة على هذا. ولو أقامت البينة أنها حرة الأصل من الموالي أو من العرب حرة الأبوين رجعت بالمائة عليه، ولا يشبه هذا الأول. الأول قد كانت أمة، فهو يقول: كنت أمة لي ولم تكوني للذي أعتقك. فهذا وجه فيه شبهة. وحرة الأصل ليس فيه شبهة. ... باب العبد يدعي العتق على مولاه يصالح وإذا ادعى العبد أن مولاه أعتقه فصالحه مولاه على مائة درهم فدفعها إلى العبد على أن يبرأ من هذه الدعوى فإن الصلح باطل، ولا يلزم المولى (¬4) للعبد شيء (¬5). ومتى ما أقام (¬6) العبد البينة على عتقه عتق. وكذلك الأمة في هذا وأم الولد والمدبرة. وكذلك المكاتب يدعي أن مولاه أعتقه ¬

_ (¬1) ز: ولاه. (¬2) ف: والنبات. (¬3) ز: قد أعتق. (¬4) ف: للمولى. (¬5) ز: شيئاً. (¬6) ز: ما قام.

باب الصلح في الطلاق

قبل أن يؤدي شيئاً فصالحه مولاه على أن حط عنه النصف من المكاتبة وأدى (¬1) عنه النصف، ثم أقام المكاتب بينة أنه قد كان أعتقه قبل ذلك، فإن العتق ماض، والصلح باطل، ويرجع المكاتب عليه بما أدى من الخمسمائة. ولو لم يقم بينة على ذلك أجزت الصلح، ولا يشبه هذا العبد إذا لم يقم بينة. وكذلك أم الولد إذا كانت مكاتبة والمدبرة. [ولو] (¬2) ادعى العبد على مولاه عتاقاً فجحد فصالحه العبد على مائتين على أن أمضى عتقه فهو جائز. فإن وجد العبد بينة أنه أعتقه قبل ذلك أجزت عتقه، ورددت العبد على مولاه بما أخذ منه. ... باب الصلح في الطلاق وإذا ادعت امرأة على زوجها طلاقاً بائناً فصالحته من ذلك على مائة درهم على أن طلقها واحدة بائنة فهو جائز. وكذلك لو قالت: على أن تقر لي بهذا الطلاق والذي ادعيت (¬3)، وهو يجحد ذلك، فهو جائز. فإن أقامت بينة على ذلك الطلاق (¬4) فشهدوا أنه طلقها ثلاثاً أو واحدة بائنة أمضيت الطلاق عليه، ورجعت عليه بالجعل الذي جعلت عليه له. ولو أن رجلاً ادعى على امرأة أنها امرأته فأنكرت فصالحته على مائة درهم على أن يبرأ من تزويجها (¬5) الذي ادعى أجزت ذلك إذا قبل ذلك. وإن أقام بينة على تزويجه بعد الصلح لم أقبل ذلك. وهذا إقرار به بمنزلة الخلع. وكذلك لو قالت: أعطيك مائة درهم على المبارأة، أو على أنك بريء من دعواك وعلى أنه لا نكاح بيني وبينك، فهو جائز. ... ¬

_ (¬1) ف ز: وادعى. (¬2) من ب. (¬3) ف: ادعت. (¬4) ف + والذي ادعت وهو يجحد ذلك فهو جائز فإن أقامت بينة على ذلك الطلاق. (¬5) ف: من زوجها؛ ز: من تزويجهما.

باب الصلح في الصدقة

باب الصلح في الصدقة وإذا كانت الدار في يدي رجل فادعى أن فلاناً تصدق بها عليه وقبضها وقال فلان (¬1): بل وهبتها لك وأنا أريد الرجوع فيها، فاصطلحا على مائة درهم على أن يسلم له الدار بصدقته فهو جائز، ولا يستطيع الرجوع فيها. وكذلك لو أقر الذي في يديه الدار أنها هبة. وإذا جحد رب الدار (¬2) الهبة والصدقة وأراد أخذ داره فصالحه الذي هي في يديه على ثوب على أن يسلم له الدار بما ادعى من الصدقة فهو جائز. وإذا اصطلحا على أن تكون (¬3) الدار بينهما بالسوية على أن رد عليه الذي (¬4) في يديه الدار مائة درهم فالصلح جائز، ولا يفسده ذلك: أن لا يقسم النصف، من قبل الصلح الذي حدث في ذلك. وإذا كان في يدي رجل عبد فادعى رجل أنه تصدق به عليه وجحد الذي في يديه العبد ذلك وافتدى منه الذي في يديه العبد بثوب ودفعه إليه وصالحه على أنه بريء من دعواه في هذا العبد فهو جائز. وكذلك لو كان هذا في دار أو أرض. ولو كان الذي يدعى عليه ميت فصالح ورثته كان جائزاً. وكذلك لو كان المدعي ميتاً وادعى ذلك ورثته (¬5) ثم صالحوه فهو جائز. فإن كان فيهم صغير فأقام البينة على الصدقة والقبض بطل الصلح (¬6) في نصيبه (¬7). ولو كانت الصدقة داراً لها غلة فقال المدعي للصدقة: قد أمرتك ¬

_ (¬1) ف - فلان. (¬2) ز - الدار. (¬3) ز: أن يكون. (¬4) ز - الذي. (¬5) ز: وورثته. (¬6) ف - فهو جائز فإن كان فيهم صغير فأقام البينة على الصدقة والقبض بطل الصلح. (¬7) ز: في نفسه.

باب الصلح على أنه إذا أدى إلي نصف مالي فهو بريء مما بقي

فأجرتها كذا كذا سنة بكذا كذا درهماً، فصالحه من رقبة الدار والغلة على عبد ودفعه إليه على أن بَرِئَ من ذلك كان جائزاً. ... باب الصلح على أنه إذا أدى إلي نصف مالي فهو بريء مما بقي وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم فقال له: أصالحك على أن أحط (¬1) عنك خمسمائة على أن تعطيني (¬2) اليوم خمسمائة، فصالحه على ذلك، فإن أبا حنيفة ومحمداً (¬3) قالا في ذلك: إن أعطاه يومئذ خمسمائة جاز الصلح. وإن مضى ذلك اليوم قبل أن يعطيه انتقض الصلح وبطل، وكانت الألف عليه على حالها. وقال أبو يوسف: عليه خمسمائة، وهو بريء من الخمسمائة الأخرى. وقال أبو حنيفة ومحمد: فإن اشترط عليه: إن لم توفني (¬4) اليوم خمسمائة فعليك الألف، فمضى ذلك اليوم قبل أن يعطيه، فإن عليه الألف. وكذلك قال أبو يوسف. وقال أبو يوسف: لا يشبه هذا الباب الأول. وقال أبو حنيفة ومحمد: لو صالحه على أن يعطيه خمسمائة إلى شهر على أن حط عنه خمسمائة الساعة، قالا: فإن لم يعطها إلى شهر كما قال فإن عليه الألف. وقال أبو يوسف: لا يكون له عليه إلا خمسمائة إلا أن يشترط. فإن اشترط إن لم يعطها إلى شهر فعليك الألف، فهو كما اشترط، ويلزمه الألف. وقال أبو حنيفة: الشرط وغير الشرط سواء. وإن كان أخذ منه كفيلاً وشرط على الكفيل إن لم يوفه خمسمائة رأس الشهر فعليه الألف كلها فهو جائز، والألف كلها لازمة للكفيل في قول أبي ¬

_ (¬1) م ز: أن أحطه. (¬2) ز: أن يعطيني. (¬3) ز: ومحمد. (¬4) ز: لم توفيني.

حنيفة وأبي يوسف ومحمد إن لم يوفه الخمسمائة عند الحل كما قال. وكذلك لو ضمن الكفيل الألف كلها ثم قال: قد حططت عند خمسمائة على أن توفيني رأس الشهر خمسمائة، فإن لم توفني رأس الشهر خمسمائة (¬1) فالألف كلها عليك، فهذا أوثق من الباب الأول وأصح في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، وكذلك لو كان جعله نجوماً بكفيل أو بغير كفيل وقال: إن لم توفني (¬2) كل نجم عند محله فالمال عليك حال وما حططت عنك فهو عليك، فإن أبا حنيفة قال في هذا: هو جائز على ما اشترط. وكدلك قال أبو يوسف ومحمد. وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم حالة فقال له: متى ما أديت إلي منها خمسمائة فأنت بريء مما بقي، فأدى إليه خمسمائة وأبى أن يبرئه الطالب فإن أبا حنيفة قال فى ذلك: لا يكون هذا براءة، لأن هذا مخاطرة. وكذلك إذا قال: إن دفعت إلي خمسمائة درهم فأنت بريء مما بقى، فأدى خمسمائة وأبى الطالب أن يفي (¬3) بذلك فإن أبا حنيفة قال: لى ذلك، ولا يبرأ مما بقي. وكذلك لو قال: صالحتك على أنك إن أديت إلي اليوم خمسمائة فأنت بريء من خمسمائة، فإن هذا مثل ذلك، وكذلك لو قال: قد صالحتك على أنك متى ما أديت إلي خمسمائة فأنت بريء من خمسمائة، أو قال: إن أديت إلي خمسمائة فأنت بريء من خمسمائة. فهذا باب واحد كله، إن ذكر فيه الصلح أو لم يذكره فهو سواء. وأهل الذمة وأهل الإسلام فى ذلك سواء. وكذلك (¬4) كل (¬5) ذي رحم محرم. وكذلك المرأة تقول ذلك لزوجها في مهرها. وكذلك الرجل يقول هذه المقالة لمكاتبه: إذا أديت إلي خمسمائة فأنت بريء مما بقي من مكاتبتك (¬6)، صلح أو غير صلح، ثم أبى أن يقر (¬7) بقوله بعدما أدى إليه، فذلك له، ولا تجوز البراءة. ولو قال: إن ¬

_ (¬1) ز + فإن لم توفني. (¬2) ز: لم توفيني. (¬3) ز: إن بقي. (¬4) ف - وكذلك. (¬5) ف: وكل. (¬6) ز: من مكاتبك. (¬7) ف ز - يقر، صح م هـ؛ ف: أن يقي (مهملة).

باب الصلح في الرهون

أديت إلي خمسمائة فأنت حر، فأدى خمسمائة عتق. ولا يشبه هذا الباب الأول. وإذا صالحه وهو كفيل على أن يؤدي إليه النصف، فإن أدى إليه النصف اليوم فهو بريء مصا بقي، فأدى إليه النصف، فإنه لا يبرأ من النصف الباقي. وكذلك إذا قال: إذا أديت إلي النصف فأنت بريء من النصف، فهو سواء، ولا يبرأ. والكفيل في ذلك والحَوِيل (¬1) سواء. وكذلك لو قال: إذا أديت إلي المائة درهم التي عليك فأنت بريء من العشرة دنانير، فهذا مثلى ذلك. ولو قال: أنت بريء من العشرة دنانير على أن تؤدي إلي مائة، أو أنت بريء من النصف على أن تؤدي النصف، وإن هذا جائزاً (¬2)، إلا أن البراءة هاهنا قد وجبت قبل الأداء. ... باب الصلح في الرهون وإذا (¬3) ادعى رجل عبداً في يدي رجل أنه رهنه إياه بمائة درهم كانت له عليه، وقال الذي في يديه العبد: بل هو عبدي، والمائة لي عليك، فاصطلحا على أن أبرأه من المائة وزاده خمسين درهماً وسلم له العبد، فالصلح جائز. وإن أقر بعد ذلك أنه كان رهناً في يديه على ما قال المدعي لم ينتقض الصلح فيما بينهما. ولو كان العبد في يدي المرتهن فقال: رهنتنيه (¬4) بمائة درهم لي عليك، فقال الراهن: بل لك علي مائة درهم، وما رهنتك هذا العبد، فاصطلحا على أن زاده خمسين درهماً قرضاً وجعل العبد له رهناً بهذه المائة والخمسين، فهو جائز كله. وإن اصطلحا على أن جعل له الخمسين أصلا هبة على أن جعل العبد رهناً بالمائة فإن هذا الصلح ¬

_ (¬1) يقال للمحتال: حويل، قياساً على كفيل وضمين. انظر: المغرب، "حول". (¬2) م ز: جائز. (¬3) ز: إذا. (¬4) ز: رهنتيه.

لا يجوز، لأنه جعل على رهن، فيبطل الخمسين ويرجع فيها، ويرجع الآخر في رهنه. ولو صالحه على أن يبرئه من الخمسين من المائة ويجعل العبد رهناً بالخمسين (¬1) الباقية فإن هذا جائز. وهذا لا يشبه الباب الأول. هذا رجل حط طائفة من ماله وارتهن بطائفة. ولو ادعى المرتهن ثوباً في يدي الراهن أنه رهنه إياه بعشرة دراهم أقرضه إياها وأقر أنه لم يقبض الرهن فقال الراهن: لك علي عشرة ولم أرهنكه، فاصطلحا على أن رهنه إياه على أن حط عنه درهماً من العشرة وزاده درهماً آخر (¬2) قرضاً على أن يكون رهناً بذلك، ودفعه إليه، فهو جائز. وإن لم يدفع إليه الثوب وبدا له في إمساكه فله ذلك، وينتقض الصلح، ويرجع فيما حط عنه، لأنه لم يقع الرهن بعد، لأنه لم يقبض. ولو رهن رجل رجلاً متاعاً بمائة درهم وقيمة المتاع مائتا (¬3) درهم فهلك المتاع عند المرتهن فقال المرتهن: قد هلك المتاع عندي، وقال الراهن: لم يهلك، فاصطلحا على أن رد عليه المرتهن خمسين درهماً وأبرأه من المائة كلها، فإن الصلح باطل لا يجوز، ويرجع في الخمسين درهماً (¬4) في قول أبي يوسف. وأما في قول محمد فالصلح جائز، وأما المائة فقد برئ منها الراهن، لأن الرهن (¬5) بما فيه. ولو لم يقر المرتهن أن الرهن قد هلك وقال: دفعته إلى الراهن، وإن مثل هذا أيضاً. وقال محمد: الصلح جائز، والخمسون (¬6) جائزة للراهن؛ لأنه صالحه على ما ادعى الراهن. ولو لم يقل شيئاً من ذلك وقال الراهن: بعت متاعي، فلم يقر ولم ينكر فاصطلحا على ذلك جاز الصلح. ¬

_ (¬1) ف: الخمسين. (¬2) ز: اجر. (¬3) م ز: مائتي. (¬4) م ف ز + وأبرأه من المائة كلها فإن الصلح باطل لا يجوز ويرجع في الخمسين درهماً. (¬5) ز: لا الراهن. (¬6) م ز: والخمسين.

ولو أقر المرتهن أنه باع المتاع بمائة درهم وقال: وكلتني (¬1) بالبيع، وقال الراهن (¬2): ما وكلتك، وقيمته مائتا (¬3) درهم فاصطلحا على أن أبرأه من المائة وزاده خمسين درهماً فإن الصلح جائز. وإن ظهر المتاع عند المرتهن بعد ذلك وقال: لم أكن بعته، فالصلح ماض جائز ولا يرد. ولو لم يكن شيء (¬4) من ذلك ولكن الراهن مات فادعى رجل أن المتاع له وأنه أعاره ليرهنه فاصطلحا على أن أقر المرتهن بذلك فإن المرتهن لا يصدق على ورثة الراهن ولا يجوز إقراره. ولو كان المرتهن باع المتاع ولم يأمره الراهن بذلك ثم مات الراهن فصالح الورثة على أن أبرأه وعلى أن زاده خمسين درهماً فهو جائز. فإن جاء الآخر فقال: الرهن (¬5) لي أنا أعرته الميت الراهن، فصالحه المرتهن على عشرة دراهم، فهو جائز أيضاً. ولو كان في يدي رجل ثوب فقال: هو رهن من فلان بعشرة دراهم لي عليه، وقال فلان: لك علي عشرة ولم أرهنكه، فاصطلحا على أن يقر بأنه رهن على أن حط خمسة دراهم فهو جائز. ولو ادعى رجل خادماً في يدي رجل لها ولد فقال: لك علي (¬6) ألف درهم رهنتك بها هذه الخادم وولدت في يديك، وقال الذي في يديه الخاد م: بل هي لي عليك ومائة رهن، فاصطلحا على أن أبرأه من الألف وسلم له الخادم وولدها ورد عليه (¬7) الذي عليه الألف عشرين ديناراً وقبضها كان جائزاً. ولو كانت العشرون (¬8) ديناراً ردها عليه الذي (¬9) الرهن في يديه كان جائزاً. ولو اصطلحا على أن تكون الخادم بينهما نصفين على أن أبرأه ¬

_ (¬1) م ز: وكلني. (¬2) ز - الراهن. (¬3) م ز: مائتي. (¬4) ز - شيء. (¬5) م ف ز: الراهن. والتصحيح من ب. (¬6) ف + عشرة ولم أرهنكه فاصطلحا على أن يقر بأنه رهن على أن حط خمسة دراهم فهو جائز ولو ادعى رجل خادما في يدي رجل لها ولد فقال لك علي. (¬7) ف + عليه. (¬8) م ز: العشرين. (¬9) ز - الذي.

باب الصلح في البيع الفاسد

من الألف كان جائزاً. ولو اصطلحا على أن تكون (¬1) الخادم للذي هي في يديه وولدها للمدعي على أن أبرأه من الألف كان جائزاً وإن كان الولد صغيراً، وأكره التفريق (¬2). ... باب الصلح في البيع الفاسد وإذا ابتاع الرجل المسلم من المسلم خادماً بخمر بعينها فإن هذا لا يجوز، فإن اصطلحا في ذلك (¬3) على أن يسلم له الخادم بهذه الخمر وبمائة درهم فإن هذا لا يجوز أيضاً؛ لأنه اشترط في صلحه الخمر. ولو اصطلحا على أن يسلم له الخادم بمائة درهم بغير خمر كان ذلك جائزاً. ولو كان أصل البيع بخنزير أو ميتة أو دم (¬4) ثم اصطلحا على مائة درهم دفعها المشتري إلى البائع على أن يسلم له البيع على أن لا يدخل في ذلك الخمر ولا الخنزير ولا الميتة فهو جائز، وكان هذا بيعاً مستقبلاً (¬5). ولو كانت الجارية في يدي المشتري فصالحه البائع على صلح كان جائزاً (¬6). ولو كان الصلح على أن تكون الخادم بينهما نصفين على أن رد عليه المشتري مائة درهم كان جائزاً (¬7). ولو كان المشتري يدعي أنه اشتراها بمائة درهم وقال البائع: بعتكها بمائة درهم وخمر، فاصطلحا على أن زاده المشتري ديناراً وعلى (¬8) أن ألغوا الخمر كان ذلك جائزاً. وإذا ادعى الرجل على الرجل ألف درهم من ثمن خادم باعها إياه بيعاً ¬

_ (¬1) ز: أن يكون. (¬2) ز: التعريف. (¬3) ف: على ذلك. (¬4) ف: أو خمر. (¬5) ف: مستقلا. (¬6) ز - ولو كانت الجارية في يدي المشتري فصالحه البائع على صلح كان جائزاً. (¬7) م + ولو كان الصلح على أن تكون الخادم بينهما نصفين على أن رد عليه المشتري مائة درهم كان جائزاً. (¬8) ز: أو على.

باب الصلح في الحدود

فاسداً وقد استهلك الخادم فصالحه المدعى قبله من الألف درهم ومن الخادم على خمسمائة درهم فهو جائز. فإن ادعى الطالب أن قيمة الخادم ألف وادعى المطلوب أن قيمتها أربعمائة درهم فإن هذا لا يفسد الصلح، والصلح جائز. وإذا باع الرجل خادماً بخادمين إلى أجل ثم صالحه على أن يسلم له الخادم بدراهم مسماة إلى أجل والخادم قائمة بعينها فهو جائز. وهذا الصلح نقض لما كان من البيع الفاسد. وإذا ادعى الرجل داراً في يدي رجل ذكر أنه اشتراها منه بألف درهم وبخادم إلى أجل فأقر البائع بذلك فاصطلحا على أن يعجل له الألف درهم وعلى مائة درهم إلى أجل مسمى على أن أبطل الخادم وسلم له الدار فهو جائز. وهذا بيع مستقبل صحيح. ولو أن نصرانياً باع من نصراني خنزيراً بدراهم مسماة ثم أسلم المشتري قبل أن يقبض فاصطلحا من ذلك على أن أبرأه من البيع وعلى أن رد عليه المشتري درهماً فإن هذا الصلح لا يجوز؛ لأن البيع قد انتقض، ويرجع عليه بالدراهم إن كان نقده. وإذا ابتاع الرجل عبداً بيعاً فاسداً فأراد البائع أن يلزم المشتري ذلك فصالحه المشتري على دراهم افتدى (¬1) بها منه على أن أبرأه منه فإن الصلح باطل لا يجوز. وإن كان نقده الدراهم رجع بها عليه؛ لأن البيع منتقض. ... باب الصلح في الحدود وإذا ادعى رجل قبل رجل قذفاً فصالحه المدعى قبله على دراهم مسماة على أن عفا عنه فالصلح باطل، وله أن يرجع بالدراهم إن كان نقده، ويكون المدعي على حجته. وكذلك رجل أخذ زانياً فأراد رفعه إلى السلطان ¬

_ (¬1) ز: اقتدا.

باب الشهادات في الصلح

فصالحه على دراهم على أن يتركه فإن الصلح باطل، ويرجع فيما أعطاه. وكذلك لو أخذ سارقاً قد سرق من غيره فأراد رفعه فصالحه على دراهم على أن كف عنه فالصلح باطل، ويرجع فيما أعطاه. وكذلك الصلح في شرب الخمر وفي (¬1) السكر. وكذلك لو كانت المرأة التي فجر بها هي صالحته على دراهم أخذتها منه أو كانت دفعتها (¬2) إليه فإن (¬3) هذا كله باطل، ولكل واحد منهما أن يرجع بماله الذي دفع. وكذلك لو صالحه عنه غيره بأمره أو بغير أمره. وكذلك لو أعطاه بذلك كفيلاً لم يكن الكفيل يؤخذ بشيء من ذلك. وكذلك المكاتب والعبد وأهل الذمة في ذلك. ... باب الشهادات في الصلح وإذا صالح الرجل الشاهد عليه على مال على أن لا يشهد عليه بكذا كذا فإن الصلح في هذا باطل. وإن أقر (¬4) الشاهد بهذا عند القاضي لم تجز شهادته. وإن جحد ذلك جازت شهادته. وإن قامت عليه البينة لم تبطل شهادته ذلك بعد أن يكون قد رد المال. ولو لم يكن (¬5) رد المال حتى شهد (¬6) بذلك الشهود فإنه يقضى عليه برد المال (¬7)، وتبطل شهادته. فإن كان المال الذي صالح عليه الشاهد في يدي الشاهد (¬8) فقامت عليه بينة بذلك قضيت بالمال، وأبطلت الشهادة. ولو شهد شاهدان على طلاق فصالحهما الزوج على دراهم على أن لا يشهدا عليه فإن هذا الصلح باطل. وكذلك لو كانت الشهادة على عتاق بمال أو على مكاتبة أو على خلع بمال أو على نكاح أو على قصاص في نفس أو في غيرها أو على جراحة ¬

_ (¬1) ف: في. (¬2) م ز: دفعها. (¬3) م ف ز: لان. (¬4) ف: وإذا أقر. (¬5) ف: ولم يكن. (¬6) ز: يشهد. (¬7) ف: عليه بذلك. (¬8) ف: للشاهد.

باب الصلح في نفقة المرأة

خطأً أو دم خطأً أو في حد من حدود الله فإن الصلح في هذا كله باطل (¬1) لا يجوز، ويضمن الشاهدان ما أخذا في ذلك. ... باب الصلح في نفقة المرأة وإذا صالحت المرأة زوجها من نفقتها (¬2) على ثلاثة دراهم كل شهر فهو جائز. فإن مضى شهر (¬3) ولم يعطها ذلك فإنها تأخذه (¬4) به كله. ولو قالت المرأة: لا يكفيني هذا، وإن لها أن تخاصمه حتى يزيدها (¬5) إذا كان موسراً لذلك (¬6). وإن أراد (¬7) أن ينقص من ذلك وقال: لا أطيق ذلك، فإن ذلك له لازم إلا أن يبرئه منه القاضي أو تبرئه منه امرأته أو يرخص (¬8) السعر فيكفيها دون ذلك. وكذلك (¬9) كل ما يكال أو يوزن. وكذلك لو صالحها من نفقتها هذا الشهر على هذا الثوب أو هذه الشاة. وكذلك لو صالحها من نفقة سنة على عبد ودفعه إليها كان (¬10) جائزاً. ولو صالحها على ثلاثة دراهم كل شهر ثم صالحها من الثلاثة على مخاتيم دقيق أجزت ذلك؛ لأن الثلاثة الدراهم لم يكن أصلها ديناً، إنما أصلها نفقة، ولا يشبه هذا الدين (¬11). وكذلك لو صالحها على شيء من الكيل أو الوزن. وكذلك لو صالحه وكيلها أو وكيله جاز ذلك في الصلح. ولو أعطاها كفيلاً بذلك الصلح كان جائزاً. فإن ضمن لها ذلك كل شهر فإنما ذلك لها شهراً واحداً (¬12). وإن قال الكفيل: ما عاشت، ¬

_ (¬1) ف: هذا باطل كله. (¬2) ف: من نفسها (¬3) م ف ز: أشهر. (¬4) ز: يأخذه. (¬5) ز: يزيديها. (¬6) ف: كذلك. (¬7) م ز: وإن زاد. (¬8) م ز: ويرخص. (¬9) م ف ز: ولو كان. (¬10) ز: أكان (¬11) ز: الذي. (¬12) م ز: شهر واحد.

فهو لها بذلك. وإن قال: ما كانت امرأتي، فهو كما قال. وإن ماتت المرأة وقد بقي لها على الزوج نفقة من هذا الصلح فإني أبطلها؛ لأن أصلها ليس بدين. وكذلك لو صالحها الزوج في مرضه الذي مات فيه على هذه النفقة وأَجْرَاها عليها فما قبضت من ذلك فهو لها، وما مات وهو عليه فهو باطل. وكذلك لو صالحت على نفقتها ونفقة ولدها [وهو] (¬1) صغير فهو مثل ذلك أيضاً. ولو صالحته على أجر رضاع الصبي كان هذا جائزاً إذا (¬2) كان قد طلقها (¬3) طلاقاً بائناً. وليس لها أن تصالح مما ثبت لها من الدراهم في هذا على طعام إلا بطعام بعينه؛ لأن هذا دين. ولو مات الزوج وعليه من ذلك شيء كان ذلك في مالى عليه وضربت به مع الغوماء. فلذلك لا يكون لها أن تشتري به طعاماً إلا طعاماً بعينه. وكذلك الكيل كله والوزن كله. وكذلك الأبوان (¬4) يصالحان ابنهما على النفقة عليهما فهو مثل نفقة المرأة. وكذلك الأخت يصالحها أخوها على أن ينفق عليها. وكذلك كل امرأة ذات رحم محرم. وكذلك كل رجل زَمِن ذي رحم محرم. فإنه إن صالح على النفقة فهو جائز. ولا يجبر المحتاج على نفقة أحد من هؤلاء جميعاً إلا نفقة امرأته وولده الصغير، فأما نفقة الأبوين وابنته الكبيرة وأخته وعمته وخالته وجدته وابنة أخيه وابنة أخته (¬5) إذا كانت كبيرة أو صغيرة فإنه لايجبر على نفقة هؤلاء وهو فقير. ولو صالحهم عليها لم يجبر (¬6) على ذلك بعد أن يقروا أنه محتاج. فإذا لم يقروا أنه محتاج وادعى هو (¬7) أنه محتاج وقد صالحهم على نفقة مسماة فإني أبطل ذلك عنه، وأجعل القول ¬

_ (¬1) من ب. (¬2) ف: وإذا. (¬3) ز: قد طلقا. (¬4) م ز: الأبوين. (¬5) ف - وابنة أخته. (¬6) م ز: لم يجبروا. (¬7) ف - هو.

قوله مع يمينه، وأسألهم البينة أنه موسر. فإن قامت بينة بذلك أمضيت الصلح. فأما الزوجة والولد الصغير فإني أنفذ عليه الصلح وإن كان (¬1) محتاجاً. فإن كان الصلح أكثر من نفقتهم بما يتغابن (¬2) الناس في مثله (¬3) أبطلت الفضل عنه. وكذلك الصلح في الكسوة. ولو صالح رجل امرأته من كسوتها على درع (¬4) يهودي وملحفة زُطّية وخمار سابِري (¬5) أجزت ذلك. وإن كان لم يسم طوله ولا عرضه ولا رُقْعَته أخذته بذلك؛ لأن أصل هذا ليس بدين، إنما هو نفقة. وكذلك الكسوة للولد والأبوين ولكل ذي رحم محرم من النساء والرجال الذين بهم (¬6) زَمَانَة فصالح عليها فهو جائز. ولو (¬7) كان رجل ليس به زمانة فصالحه أخوه على دراهم مسماة من كسوته كل سنة ومن نفقته كل شهر لم يجز ذلك ولا يلزمه؛ لأنه لا يجبر على نفقة الأخ الكبير الذي لا زمانة به. وكذلك كل ذي رحم محرم من الرجال الذى لا زمانة يه. وإن كان محتاجاً وكان أخوه غنياً (¬8) فهو سواء. إلا الأب إذا كان محتاجاً فإن ابنه لو صالحه على أن يجري على (¬9) الأب كل شهو نفقة وكل (¬10) سنة كسوة أجزت ذلك. ولو كان الأب هو الذي يجري ذلك على الابن لم يجز الصلح في ذلك؛ لأنه لا يجبر على نفقة الابن الكبير إذا لم تكن (¬11) به زمانة، والابن يجبر على نفقة أبيه إذا كان محتاجاً وإن كان صحيحاً. ولو صالح أخته أو امرأته أو عمته أو خالته أو امرأة ذات رحم محرم منه من الكسوة على دراهم مسماة كل سنة أجزت ذلك. ولو كانت امرأته ¬

_ (¬1) م ز: كانت. (¬2) ز: يغابن. (¬3) م ف ز: فيه القول. (¬4) م ز: على ذرع. (¬5) اليهودي والزطي والسابري كل ذلك أنواع من الثياب، وقد تقدمت. (¬6) ف: لهم. (¬7) ز: وإن. (¬8) ز: عينا. (¬9) ف - على. (¬10) م ز + محتاجا فإن ابنه لو صالحه على أن يجري على الأب كل شهر نفقة وكل. (¬11) ز: لم يكن.

من أهل الذمة وهو مسلم أجزت ذلك عليه. وكذلك لو كانت امرأته مكاتبة قد بوأها بيتاً أو أمة أجزت ذلك عليه. ولو كان مولى الأمة هو صالحه على النفقة أجزت ذلك عليه (¬1). وكذلك لو صالحته الأمة (¬2) عن نفسها فهو جائز. وإن لم يكن بوّأ الأمة بيتاً لم يجز هذا الصلح، وكان له أن يرجع عن ذلك. وكذلك امرأته إذا تغيّبت عنه فإنه يبطل نفقتها ما دامت متغيبة، ولا يلزمه من ذلك شيء وإن كان قد صالح وضمن. وكذلك إن جاء الحبس من قبلها من صغر فلم يستطع أن يبني بها فلا نفقة عليه، وإن كان صالح من ذلك فهو باطل. وإن كانت كبيرة وكان الزوج صغيراً فصالح أبوه على النفقة وضمن فهو جائز. وكذلك لو كان الزوج كبيراً فأبت أن تدخل (¬3) عليه حتى يوفيها المهر. ولو صالح المسلم أخته من أهل الذمة على نفقة كل شهر لم يجز ذلك ولم يلزمه. وكذلك لو كان الأخ ذمياً والأخت مسلمة. وكذلك كل ذات رحم محرم يصالح على نفقة وهو (¬4) مسلم والآخر ذمي فإنه لا يجوز ولا يلزمه، ما خلا الوالدين والولد الصغير والولد إذا كانوا نساء ورجالاً بهم زمانة أو زوجة، فإن ذلك يجوز فيه الصلح ويلزمه. وإذا صالح المكاتب امرأته على نفقة كل شهر فهو جائز. وكذلك العبد يصالح امرأته كل شهر على نفقة (¬5) تاجراً كان أو محجوراً عليه فهو سواء بعد أن يكون النكاح صحيحاً بإذن مولاه. وكذلك الحر يصالح امرأته على النفقة وهي أمة. فإن كان قد بوّأها بيتاً فالصلح جائز. وإن لم يكن بوّأها بيتاً لم يجز الصلح. ¬

_ (¬1) م ز + ولو كان مولى الأمة هو صالحه على النفقة أجزت ذلك. (¬2) ف: المرأة. (¬3) ز: أن يدخل. (¬4) ف - وهو. (¬5) ف - فهو جائز وكذلك العبد يصالح امرأته كل شهر على نفقة.

وإذا هربت المرأة من زوجها وقد صالحها على نفقة مسماة كل شهر فلا نفقة لها ما دامت هاربة. وكذلك لو كان القاضي فرض هذه النفقة لها. وكذلك لو كانت أمة فأبقت أو باعها مولاها حيث لا يقدر الزوج عليها فلا نفقة لها. وكذلك لو أن مولاها ذهب بها إلى منزله لتخدمه (¬1) فلا نفقة لها على زوجها. فإن أعادها المولى إلى منزل الزوج رجعت عليه النفقة على الصلح الذي كان. ولو كان صالح رجل امرأته على نفقة وهي صبية لا يجامع (¬2) مثلها فصالحه على ذلك أبوها لم يلزمه من (¬3) ذلك شيء، وكان الصلح في هذا باطلاً. وقال محمد: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: إذا جاء الحبس من قبل المرأة فلا نفقة لها. وإذا صالح رجل امرأته سنة على ثوب دفعه إليها فهو جائز. وكذلك لو صالحها من النفقة والكسوة على هذا الثوب فهو جائز. فإن استحق الثوب رجعت عليه بالنفقة والكسوة. وكذلك لو وجدت به عيباً فردته إذا كان قد فرض لها كل شهر نفقة مسماة وكل سنة كسوة مسماة. فإن لم يكن فرض لها ذلك رجعت عليه بقيمة الثوب في الوجهين جميعاً؛ لأنه لم يجب لها عليه إلا هذا الثوب. وإذا كان لرجل امرأتان (¬4) حرة وأمة قد بوّأها بيتاً فصالح الحرة على نفقة مسماة كل شهر وصالح الأمة على نفقة أكثر منها فهو جائز. وكذلك لو كانت ذمية فصالحها على نفقة أكثر من نفقة الحرة المسلمة. وإذا صالح الرجل امرأته من نفقتها على مائة درهم في الشهر وهو محتاج فإنه لا يلزمه من ذلك إلا نفقة مثله، والفضل مردود. وإذا (¬5) صالحها ¬

_ (¬1) م ز: التخدمه. (¬2) ز + مع. (¬3) ف - من. (¬4) م ز: امرأتين. (¬5) م ز: وإن

على نفقة مسماة كل شهر وزاده على نفقة مثلها شيئاً مما يتغابن الناس فيه (¬1) فهذا جائز كله يلزمه ذلك. وإذا صالح الرجل امرأته من نفقتها وكسوتها لعشر سنين على وصيف وسط (¬2) إلى شهر أو لم يجعل له أجلاً فهو جائز. وكذلك الحيوان والثياب بعد أن يسمي جنساً من الثياب والحيوان، إن (¬3) ضرب له أجلاً أو لم يضرب له أجلاً. ولو صالحها من نفقتها على دانق في الشهر فإن ذلك جائز عليها، ولها أن تنقص ذلك متى ما بدا لها فيما يستقبل وتزداد (¬4) عليه إلى قدر ما يكفيها. وإذا صالح الرجل امرأته على نفقتها ونكاحها فاسد فإن هذا لا يلزمه ولا يجوز. وكذلك لو فرّق السلطان بينهما فصالحته (¬5) على نفقة في العدة لم يلزمه من ذلك شيء. وكل نفقة في نكاح فاسد أو في عدة من نكاح فاسد فالصلح باطل. وإذا أعتق الرجل أم ولده ثم صالحها (¬6) على نفقة ما دامت في عدتها فإن هذا لا يجوز ولا يلزمه. ولو صالح الرجل امرأته من نفقتها ما دامت في العدة على دراهم مسماة لا (¬7) يزيدها عليه حتى تنقضي عدتها وعدتها الحيض فإن هذا لا يجوز؛ لأن الحيض غير معروف وإن كان عدتها الشهور فإن الصلح جائز. وإذا (¬8) خلع الرجل امرأته أو طلقها طلاقاً بائناً ثم صالحها من السكنى على دراهم فإن هذا لا يجوز ولها السكنى؛ لأن خروجها من بيتها معصية. ولو كان اشترط عليها في الخلع البراءة من النفقة ثم صالحها على نفقة كل شهر كان ذلك باطلاً لا يلزمه منه شيء. ¬

_ (¬1) م ز + الناس. (¬2) ز - وسط. (¬3) م ف ز: وإن. (¬4) ز: ويزداد (¬5) ز: صالحته. (¬6) ف: ثم صالح. (¬7) ز: ولا. (¬8) ز: فإذا.

باب الصلح في دعوى الجراحات والحدود

باب الصلح في دعوى الجراحات والحدود وإذا ادعى الرجل على رجل دماً عمداً أو خطأً أو جراحةَ عمدٍ أو خطأ فجحد المدعى قبله ذلك فصالحه الطالب على مائة درهم على أن يقر له بذلك ففعل ذلك (¬1) فإن هذا كله باطل، لا يجوز الإقرار فيه ولا الصلح. أما العمد فلا أقتص (¬2) منه على هذا الوجه. وأما الخطأ فإنما اشترى الأرش بمائة درهم. وكذلك لو ادعى قبله حداً في فِرْيَة فصالحه على مائة درهم على أن يقر بذلك فإن هذا باطل لا يجوز. ولو صالحه المدعى قبله على مائة درهم على أن أبرأه من ذلك كان هذا باطلاً لا يجوز. وإن ضربه (¬3) الحد على هذا الإقرار فإن شهادته جائزة (¬4). ولو ادعى قبله أنه شارب خمر وقال: أرفعك إلى السلطان، فصالحه على مائة درهم على أن كف عنه، أو (¬5) صالحه بمائة درهم على أن يقر بشرب (¬6) الخمر فإن هذا كله باطل لا يجوز. وكذلك لو ادعى أنه زنى بهذه المرأة فصالحه على مائة درهم على أن أقر بذلك أو صالحه على مائة درهم (¬7) على أن يكف عنه ولا يرفعه إلى السلطان فإن هذا كله باطل لا يجوز. ألا ترى أنه إنما صالحه على حد من حدود الله تعالى. وإذا ادعى قبله سرقة متاع فصالحه المدعى قبله على مائة درهم على أن أبرأه من السرقة فهذا جائز؛ لأن هذا ادعى قبله حقاً. ولو صالحه على ¬

_ (¬1) ف - ذلك. (¬2) ز: أقبض. (¬3) ف ز: وإن ضرب. (¬4) م ز: جائز. (¬5) م ف ز: كف عنان. (¬6) ز: شرب. (¬7) ف - على أن أقر بذلك أو صالحه على مائة درهم.

باب الصلح في دار الحرب

مائة درهم على أن يقر له بالسرقة ففعل ذلك فإن كانت عروضاً (¬1) قائمة بعينها فالصلح جائز. وإن كانت مستهلكة فالصلح باطل. وإن كانت دراهم قائمة بعينها أو مستهلكة فالصلح باطل. وإن كان ذهباً قائماً بعينه أو مستهلكاً فالصلح جائز. والصلح في الحدود كلها على مال أو على (¬2) غير مال مردود فلا يجوز. ولو صالحه من دم عمد ادعى قبله أو جراحة عمد أو خطأ على مال يؤديه إليه فهذا (¬3) جائز؛ لأنه صالح من شيء ادعى قبله. ... باب الصلح في دار الحرب وإذا كان التجار في دار الحرب مسلمين دخلوا من دار الإسلام أو أسلموا هناك فصالح (¬4) بعضهم بعضاً في ديون وبيوع على ما وصفنا في هذا الكتاب، من ذلك ما أخذوا، ومن ذلك ما حطوا، فهو جائز. إذا خرجوا إلى دار الإسلام ينفذ ذلك (¬5) عليهم كما ينفذ لو كانوا في دار الإسلام. ولو غصب رجل منهم آخر شيئاً فاستهلكه فصالحه منه على صلح فهو جائز كما يجوز في دار الإسلام إذا كان الغاصب والمغتصب رجلاً من دار الإسلام. وإن كانا أسلما في الدار فإن الصلح ينبغي في هذا أن (¬6) لا يجوز في ¬

_ (¬1) م ز: عروض. (¬2) ف - على. (¬3) م: فهذ؛ ز: فهو. (¬4) ز: صالح. (¬5) ف - ذلك. (¬6) ز - أن.

قول أبي حنيفة؛ لأنه يقول: لا ضمان عليهم في غصب بعضهم بعضاً ولا في (¬1) جراحة بعضهم بعضاً. وهو قول محمد. وقال أبو يوسف: الصلح في ذلك كله جائز، والضمان عليهم في ذلك (¬2) مثل الضمان في دار الإسلام. وإذا غصب رجل من تجار المسلمين رجلاً من أهل الحرب في دار الحرب شيئاً أو غصب الحربي المسلم شيئاً فاصطلحا في ذلك على صلح فإن ذلك لا يجوز؛ لأن أصل ذلك موضوع ضمانه عنهم في قولهم جميعاً. ولو أدانه ديناً ثم صالحه على أن حط عنه بعضاً وأخَّر بعضاً المسلم، كان الطالب أو المطلوب، ثم أسلم الحربي فهو سواء وهو (¬3) جائز؛ لأن هذا دين. ولا يشبه هذا الغصب. وكذلك لو اشترى منه بيعاً أو باعه فاصطلحا من عيب فيه على أن حط عنه بعض الثمن ثم أسلموا جميعاً فهو جائز. وكذلك إن كان بين أهل الحرب ثم أسلموا جميعاً فهو جائز، والتأخير في ذلك جائز؛ لأن هذا دين وبيع. ولو كان غصب بين أهل الحرب فاصطلحوا فيه بعد أن يكون مستهلكاً أو غير مستهلك فإنه في قياس قول أبي حنيفة باطل. وهو قول محمد. وقال أبو يوسف: أدع القياس وأجيزه فيما بينهم. وإذا أدان المسلم الحربي ديناً في دار الحرب ثم صالحه على أن أخَّر بعض ذلك إلى أجل مسمى عنه وحط عنه بعضاً، فحل ما أخَّر عنه وخرج الحربي مستأمناً إلى دار الإسلام، فأراد المسلم أن يأخذه بذلك ويرجع فيما حط عنه، فإنه لا يأخذه بما بقي (¬4) عليه ولا يرجع في شيء مما حط عنه في قياس قول أبي حنيفة؛ لأنه لم يدخل ليجري عليه الحكم. وكذلك لو ¬

_ (¬1) ز - في. (¬2) ف - في ذلك. (¬3) ف: فهو. (¬4) ز - بقي.

باب صلح الحربي المستأمن

كان هو الطالب للمسلم فهو مثل ذلك. وهو قول محمد. وقال أبو يوسف: إذا أقر المسلم بدين عليه وهو حال قضيت به عليه. وإذا صالح الحربي [الحربي] (¬1) في دار الحرب من دين له على أن حط عنه بعضاً وأخَّر بعضاً فحل ما أخَّر عنه ثم خرجا إلى دار الإسلام بأمان فأراد أحدهما أن يأخذ صاحبه بما حط عنه من ذلك وبما بقي فليس له ذلك؛ لأنه كان ذلك حيث لا يجري عليهما الحكم. وهذا كالمسلم والحربي. وإذا صارا (¬2) ذمة أو أسلما أخذت للطالب فيما بقي له وأنفذت عليه ما حط من ذلك وما أخَّر إلى أجله. وإذا أدان الحربي المسلم أو المسلم الحربي ثم أصطلحا في ذلك فحط بعضاً وأخَّر بعضاً ثم أسلم الحربي ثم دخل إلى دار الإسلام فإن ذلك جائز عليه وعلى المسلم كما يجوز على أهل الإسلام. وإن كان المسلم تاجراً دخل بأمان أو أسلم هناك فهو سواء. ... باب صلح الحربي المستأمن وإذا دخل رجل من أهل الحرب إلى دار الإسلام بأمان فأدان ديناً أو استدان من بيع أو إجارة أو غصب فصالح من ذلك محلى أن حط بعضاً وأخَّر بعضاً أو كان هو المطلوب فحط عنه بعضاً وأخَّر بعضاً فهو جائز. وكذلك لو كان عمله هذا مع مستأمن مثله أو مع ذمي فهو سواء، وهو جائز عليه؛ لأنهما في دار الإسلام حيث يجري عليهما في ذلك الحكم كما يجري على أهل الإسلام. وإن لحق بالدار ثم جاء مستأمناً ثانياً نفذ عليه ذلك كله كما ينفذ على المسلم. وكذلك لو جاء مسلماً أو ذمياً فهو سواء وهو جائز كله. وكذلك لو كانت امرأة. وكذلك لو كانا رجلين من ¬

_ (¬1) من الكافي، 2/ 197 ظ. (¬2) ز: صار.

باب صلح أهل الذمة

أهل دارين مختلفين دخل هذا بأمان وهذا بأمان فهو جائز (¬1) كله. ... باب صلح أهل الذمة وإذا اصطلح أهل الذمة فيما بينهم من الديون والبيوع والعيوب والجراحات والإجارات والودائع والعارية فالقول في ذلك كالقول في المسلم، يجوز عليهم في ذلك ما يجوز على المسلمين، ويبطل عنهم ما يبطل عنهم (¬2)، ما خلا الخمر والخنزير فإني أجيز عليهم من ذلك ما لا أجيز على أهل الإسلام. فأما الربا فإنه لا يجوز (¬3) الصلح في الربا إلا على رأس المال أو أقل. فأما إن يأخذ رأس (¬4) ماله وفضلاً لم يجز ذلك. ولو أن ذمياً اشترى من ذمي عشرة دراهم بدرهم وتقابضا ثم اصطلحا على أن يرد (¬5) عليه من العشرة دراهم خمسة، فإن كانت العشرة قائمة بأعيانها فالصلح باطل. وإن كانت مستهلكة فالصلح جائز. وإن اشترى منه عشرة دراهم بدرهم ودفعها إليه إلى أجل فهذا لا يجوز، وهذا ربا بعينه، فإن صالح من العشرة على خمسة فعجلها له فإن هذا لا يجوز. وإن صالحه على أكثر من درهم فلا يجوز الفضل، إنما يجوز من ذلك درهم واحد رأس ماله (¬6). وإن صالحه على نصف درهم فإن كان درهمه الذي نقد قائماً بعينه فإنه لا يجوز أيضاً. فإن كان مستهلكاً فإنه جائز. ولو أن ذمياً اشترى من ذمي أرطالاً من خمر مسماة إلى أجل كان ¬

_ (¬1) ز: اجايزه. (¬2) ف - ما يبطل عنهم. (¬3) ز + في. (¬4) ز - رأس؛ صح هـ. (¬5) ز: أن يرده. (¬6) ز - وإن صالحه على أكثر من درهم فلا يجوز الفضل إنما يجوز من ذلك درهم واحد رأس ماله.

جائزاً. فإن صالحه من ذلك على أن حط عنه بعض الخمر وأخَّر عنه (¬1) بعضاً فهو جائز، وإن صالحه من الخمر على دراهم إلى أجل فإنه لا يجوز. وكذلك لو صالحه على طعام إلى أجل (¬2) أو على شيء من الكيل إلى أجل فهو باطل. وكذلك الوزن كله. وإن صالحه على حنطة بعينها فهو جائز. وكذلك الوزن كله والكيل؛ لأن هذا بعينه وليس بدين. والأول دين بدين. وكذلك لو صالحه على دراهم إلى غير أجل ثم فارقه قبل أن يقبض انتقض الصلح وعادت الخمر إلى حالها. وكذلك لو كانت الخمر قرضاً. وإذا غصب نصراني نصرانياً خنزيراً فصالحه منه على دراهم إلى أجل فهو جائز. وكذلك لو صالحه على دنانير. وكذلك لو صالحه على شيء من الكيل بعد أن يسمي كيلاً معلوماً وأجلاً معلوماً. وكذلك الوزن إذا كان الخنزير قائماً بعينه في يديه. وكذلك لو صالحه منه على خمر إلى أجل فهو جائز كله. وإن كان الخنزير مستهلكاً لم يجز الصلح في شيء من ذلك غير الدراهم والدنانير (¬3) إلا في شيء قائم بعينه (¬4). وإن صالحه منه وهو مستهلك على خمر بعينها ثم أسلم أحدهما قبل أن يقبض فإن الصلح ينتقض ويبطل، وتكون (¬5) له قيمة الخنزير. وكذلك لو أسلما جميعاً. وإذا ادعى نصراني على نصراني خمراً أو خنزيراً فاصطلحا في ذلك على دراهم مسماة ودفعها إليه فهو جائز. ولو أن نصرانياً أسلم ديناراً إلى نصراني في دراهم إلى أجل وقبض الدينار فاستهلكه فإن هذا باطل، فإن صالحه من الدينار على دينار ونصف لم يجز، وإن صالحه على نصف دينار جاز ذلك. وإن صالحه على عشرة دراهم أو على خمسة (¬6) عشر درهماً ودفعها إليه فهو جائز. ولو صالحه على عشرة أرطال خمر عليه على عشرين رطلاً لم يجز ذلك. ولو ¬

_ (¬1) ف - عنه. (¬2) م + وكذلك لو صالحه على طعام إلى أجل فإنه لا يجوز؛ ف ز + فإنه لا يجوز وكذلك لو صالحه على طعام إلى أجل. (¬3) ف - والدنانير. (¬4) م + قائم بعينه. (¬5) ز: ويكون. (¬6) م ز: على خمس.

باب صلح المرتد

صالحه من خنزير غصبه إياه وهو قائم بعينه على خنزير إلى أجل لم يجز ذلك. ولو كانا قائمين بأعيانهما فصالحه على أن يدفعه (¬1) إليه جاز ذلك، وإنما فسد الأول للتأخير. ... باب صلح المرتد وإذا كان للمرتد دين على رجل فصالحه على أن حط عنه بعضاً وأخَّر بعضاً وقبض بعضاً ثم قتل على (¬2) ردته أو لحق بالدار قبل أن يحل ما أخَّر عنه فإن ما أخَّر من ذلك وما حط مردود لا يجوز في قول أبي حنيفة، وما قبض فهو جائز. وهو في قول أبي يوسف جائز من جميع المال كله. وقال محمد: هو جائز من الثلث؛ لأنه بمنزلة المريض. وإذا كان على المرتد دين فصالحه الطالب وهو مسلم على أن حط عنه بعضاً وأخَّر (¬3) بعضاً فهذا جائز إذا كان على أصل الدين بينة قبل الإقرار. فإن كان المرتد أقر بذلك بعد الردة ثم قتل على ردته أو لحق بالدار فإنه لا يجوز في قول أبي حنيفة إذا لم يكن له مال اكتسبه في الردة. فإن كان له مال اكتسبه في الردة فهو عليه جائز في ذلك، وفي قول أبي يوسف ومحمد هو جائز كله. وفي قول أبي حنيفة إذا أسلم المرتد قبل أن يقتل جاز صلحه في جميع ذلك. وصلح المرأة المرتدة فيما عليها ولها جائز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولا تشبه المرأة الرجل؛ لأن المرتدة (¬4) لا تقتل (¬5) في قول أبي حنيفة، فلذلك اختلفت (¬6) هي والرجل. ¬

_ (¬1) ز: أن يدفعها. (¬2) ز - على. (¬3) ز: فأخر. (¬4) ف ز: المرأة. (¬5) ز: لا تقبل. (¬6) ز: اختلف.

باب الصلح في العطاء

وصلح المرتد في الغصب والدين والوديعة والمضاربة والعارية والقروض والسلم جائز على هذا الوجه كله. ولو صالح (¬1) من سلم على رأس ماله ثم قتل فى ردته لم يجز ذلك في قول أبي حنيفة. ولو باع سلمه في إسلامه ثم قبلها في ردته بعيب أو بغير عيب ثم قتل في الردة لم يجز ذلك في قول أبي حنيفة. ولو صالح من وديعة له استهلكها رجل أو عارية أو مضاربة أو غصب على أن حط بعض ذلك ثم قتل (¬2) على ردته لم يجز ما حط ولا ما أخَّر في قول أبي حنيفة، وهو في قول أبي يوسف جائز كله. وفي (¬3) قول محمد جائز (¬4) كله من الثلث. ... باب الصلح في العطاء (¬5) وإذا كان عطاء في الديوان مكتوب باسم رجل فنازعه فيه آخر وادعى أنه له فصالحه المدعى قبله على دراهم أو دنانير حالة أو إلى أجل فإن الصلح فى ذلك مردود لا يجوز في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك لو صالحه على طعام أو على شيء مما يكال أو يوزن إلى أجل مسمى أو بعينه حالاً أو على شيء من الحيوان قائم بعينه أو على شيء من الثياب قائم بعينه أو إلى أجل مسمى فسمى ذرعه وطوله ورُقْعَته فإن هذا فاسد كله لا يجوز، مِن قِبَل أن العطاء مجهول لا يعرف ما يخرج منه وما لا يخرج. وكان أبو حنيفة لا يجيز شراء (¬6) العطاء بعرض (¬7) ولا غيره. وكذلك الصلح فيه. وهو كله قول أبي يوسف ومحمد. ¬

_ (¬1) م ف ز: صلح (¬2) م ز: ثم قبل. (¬3) ز: في. (¬4) ز - جائز. (¬5) ز: في العطاة. (¬6) ف: سوى. (¬7) م ف ز: بعوض.

محمد عن أبي إسحاق الشيباني عن الشعبي عن شريح أنه كان يجيز بيع الزيادة في العطاء (¬1) بالعروض. وقال الشعبي: لا أجيزها بشيء (¬2). وإذا ماتت امرأة فتنازع (¬3) رجلان في عطائها وهي أمهما (¬4) جميعاً فاصطلحا على أن كتب العطاء أحدهما باسم الآخر على أن أعطاه الآخر على ذلك جعلاً وأثبت اسمه في الديوان، فإن العطاء لصاحب الاسم وما أعطى فهو مردود، ويرجع فيه. وكذلك جميع ما في هذا الكتاب. وكذلك لو لم تكن المرأة أمهما وادعى كل واحد منهما أنها أمه أو أخته فاصطلحا على مثل ذلك فهو كذلك أيضاً. ولو اصطلحا على أن كتب العطاء (¬5) باسم أحدهما على أن ما خرج منه من العطاء (¬6) وأرزاقه (¬7) فهو بينهما نصفين كان هذا باطلاً لا يجوز، وهو لصاحب الاسم. وفي قول من يجيز شراء العطاء بالعروض فهذا كله جائز الصلح فيه على جميع ما سمينا في هذا الكتاب. ولو أن امرأة ماتت ولها عطاء ولها ابن فاكتتب أخوها على عطائها فخاصمه ابنها فصالحه الأخ على دراهم مسماة على أن يسلم العطاء للأخ لم يجز ما أخذ من الدراهم. وكذلك لو كان كتب نفسه في العطاء ليس بينه وبين المرأة نسبة ولا قرابة. وفي قول من يجيز هذا إن صالحه على عرض جاز ذلك، وإن صالحه على دراهم بطل الصلح، وكان له أن يخاصم في الاسم حتى يحوله. وإذا ماتت المرأة ولها ولد فورث الإمام عطاءها ولدها على أن يكون بينهم على المواريث فهو على ذلك مستقيم. وإن قال: يقترعون عليها فأيهم ما قرع (¬8) أثبت عليه، فهو جائز، ويقرع بينهم على ذلك. فإن ¬

_ (¬1) أي: إذا كان له عطاء فزيد فيه زيادة فأراد بيع هذه الزيادة قبل القبض. انظر: المبسوط، 14/ 47. (¬2) ز: شيء. وانظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 352. (¬3) ز: فنازع. (¬4) م ز: أمها. (¬5) م: بالعطاء. (¬6) ز - على أن كتب العطاء باسم أحدهما على أن ما خرج منه من العطاء. (¬7) ف: وأوراقه. (¬8) ف: فأيهم أقرع.

اصطلحوا في تلك القرعة وسلموا لأحدهم وأثبتوه عليه فهو جائز عليه. فإن أخذوا منه في ذلك جعلاً فإن الجعل لا يجوز. وأما في قول من يجيز بيعه بالعروض فإن أخذوا منه عروضاً فهو جائز. وإن أصابت رجلاً زيادة في العطاء فألحق عليه بعض ولده على أن (¬1) ما خرج منها من شيء فهو بينه وبين أخته نصفين فإن العطاء (¬2) لصاحب الاسم المثبت عليه، والشرط عليه في ذلك باطل. ولو أن رجلاً بديلاً مكانه في بعث وجعل له جعلاً فخرج البديل في ذلك البعث فأصابوا غنائم في دار الحرب فإن البديل يضرب في ذلك بسهمه في قول أبي حنيفة، ولا يجوز للمتخلف من ذلك، وما اجتعل البديل من جُعْل فهو مردود على المتخلف. وقال أبو حنيفة: لا يجوز الجعل في هذا. ولو استأجره بدراهم مسماة شهوراً مسماة يخرج عنه في بعث لم يجز ذلك. وقال أبو حنيفة: الجَعائل التي تكون في البعوث مردودة (¬3) لا تجوز، ولا يجوز الصلح في (¬4) ذلك. وإن اصطلحوا على عروض في ذلك أو حيوان فجعل المتخلف في ذلك للشاخص لم يجز في قول أبي حنيفة. وكذلك لو جعل الراجل للفارس فإنه لا يجوز. وقال أبو حنيفة (¬5): إذا لم يكن للمسلمين مال في بيت مالهم فلا بأس بأن يجعل بعضهم لبعض ويقوي بعضهم بعضاً، وهذا جائز في هذا الوجه في قول أبي حنيفة. وهو كله قول أبي يوسف ومحمد. محمد عن أبي يوسف عن المسعودي عن أبي بكر بن عتبة عن جرير بن عبد الله البجلي أن معاوية ضرب على أهل الكوفة بعثاً، ورفع عن جرير وعن ولده. فقال جرير: بل نجعل من أموالنا للشاخص. وحدثنا (¬6) عن (¬7) الحسن عن الحكم عن إبراهيم أنه كان مَسْلَحَة، ¬

_ (¬1) ز - أن. (¬2) ز - العطاء. (¬3) ز: مردود. (¬4) ز - في. (¬5) ز - وكذلك لو جعل الراجل للفارس فإنه لا يجوز وقال أبو حنيفة. (¬6) ز: حدثنا. (¬7) م ز: وزعم، صح فوق السطر؛ ف: وحدثنا عم.

باب الصلح على الزيوف

فجعل وقعد (¬1). وحدثنا عن عاصم الأحول عن أبي عثمان النَّهْدي أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان يُغْزِي العَزْب عن ذي الحليلة، ويعطي الغازي فرس القاعد. وعن سلمة بن صالح الجعفي عن رجل عن ابن عباس أنه سئل عن الجعائل، فقال: ما جعل من ذلك في الكُراع (¬2) والسلاح فهو جائز، وما جعل في غير ذلك فهو مكروه (¬3). محمد عن أبي يوسف عن شيخ من أهل الجزيرة عن ميمون بن (¬4) مهران أنه كان لا يرى بالجعائل بأساً، وكان يكره أن يجتعل الرجل ثم يجعل أقل مما اجتعل ويستفضل. ... باب الصلح على الزُّيُوف وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم جياد فصالحه من ذلك على ألف درهم ومائتي درهم زُيُوف أو نَبَهْرَجَة فإن ذلك باطل لا يجوز. وكذلك لو صالحه عليها حالة أو إلى أجل فإن كان الدين حالاً أو إلى أجل فهو سواء. وإن صالحه على تسعمائة زيوف فإن كان الدين حالاً فهو جائز، وإن ¬

_ (¬1) م ف ز: واجتعل. والتصحيح من المغرب للمطرزي حيث يقول: وعن النخعي أنه كان في مَسْلَحَة، أي: في ثغر، فضُربَ عليهم البعث، أي: عُيِّنَ عليهم أن يبعثوا إلى الحرب، فجَعَلَ إبراهيم وقَعَدَ، أي أَعطى غيره جُعْلا ليغزو عنه وقَعَدَ هو عن الغزو. انظر: المغرب، "قعد". وقد تكررت هذه الرواية في كتاب السير أيضاً حيث رواه محمد عن أبي يوسف عن أبي إسحاق عن الحسن. انظر: 5/ 114 و. (¬2) الكراع الخيل. انظر: المغرب، "كرع". (¬3) ورواه في كتاب السير فقال: أبو يوسف عن صالح عن شيخ عن أبي إسحاق السبيعي عن من حدثه عن ابن عباس ... انظر: 5/ 114 و. (¬4) م ز: عن.

باب صلح المولى مكاتبه في المكاتبة

كان إلى أجل فهو مردود. ولو كان (¬1) كفل بالمال كفيل وقد حل المال فصالح على ألف زيوف كان جائزاً، وكان له أن (¬2) يرجع على الذي عليه الأصل بألف جياد. وكذلك لو صالحه على ألف نبهرجة. ولو كان الحق مائة دينار جياد فصالحه على مائة دينار حدث (¬3) ودفعها كان جائزاً، وكان له أن يرجع على الذي عليه الأصل بمائة دينار جياد. ولو صالحه على ألف درهم رصاص ودفعها كان جائزاً، ويرجع على الذي عليه الأصل بألف درهم جياد، والربح له طيب. ولو كان الدين طعاماً جيداً (¬4) فصالح على طعام مثل كيله رديء كان جائزاً. وكذلك الكيل كله والوزن، ويرجع على المكفول عنه بالأصل على الشرط الأول. ... باب صلح المولى مكاتبه في المكاتبة وإذا صالح المولى مكاتبه على أن عجل له بعض المكاتبة قبل حلها وحط عنه ما بقي فهو جائز، ولا يشبه هذا الدين للحر على الحر؛ لأن هذا عبده ومكاتبه. ولو صالحه بعدما حلت المكاتبة على أن أخذ بعضاً وأخَّر بعضاً وعجل له بعضاً كان جائزاً. ولو صالحه من المكاتبة وهي دراهم على دنانير عجلها له كان جائزاً. ولو صالحه على دنانير إلى أجل لم يجز ذلك؛ لأنه صرف. وكذلك لو صالحه على طعام إلى أجل أو إلى غير أجل إلا أنه ليس بعينه كان باطلاً. وكذلك كل ما يكال أو يوزن. ولو صالحه على طعام بعينه وافترقا قبل أن يقبضه كان جائزاً. وكذلك الكيل كله والوزن والثياب كلها والعروض. ولو كانت (¬5) المكاتبة طعاماً فصالحه من ذلك على شعير بعينه كان جائزاً. وكذلك الكيل كله والوزن. وإن كان بغير عينه فهو ¬

_ (¬1) ف: وإن كان. (¬2) م ز - أن. (¬3) تقدمت هذه الكلمة في هذا الكتاب، وتقدم تفسيرها هناك. انظر: 8/ 34 ظ (¬4) م ز: طعام جيد. (¬5) ز: كاتب.

باطل (¬1). وإن كان إلى أجل فهو باطل. وكذلك لو صالحه على دراهم إلى أجل كان باطلاً. وإن كانت إلى غير أجل فدفعها إليه قبل أن يتفرقا فهو جائز. وإن افترقا قبل أن يدفعها إليه فهو باطل. ولو صالحه على عبد بعينه أو شيء من الحيوان بعينه كان جائزاً. وإن افترقا قبل أن يقبضه (¬2) فهو جائز. ولو كانت (¬3) المكاتبة ألف درهم فصالحه على أن زاده مائة درهم على أن أخَّرها (¬4) سنة بعد الحل كان هذا جائزاً؛ لأن هذا ليس ببيع. ألا ترى أنه لو حط عنه على أن يعجل له كان جائزاً. وكذلك الزيادة. ولو كانت (¬5) المكاتبة دراهم فاصطلحا على أن أبطل الدراهم وجعل الكتابة على كذا كذا ديناراً كان هذا جائزاً، وليس هذا مثل قوله: اجعل الدراهم بكذا كذا ديناراً. ولو صالحه على أن أبطل المكاتبة بالدراهم وجعل المكاتبة بوصيفين (¬6) إلى أجل كان ذلك جائزاً. ولو كانت (¬7) المكاتبة وصيفين (¬8) إلى أجل فحل ذلك فصالحه من ذلك على أربعمائة درهم إلى سنة جاز ذلك؛ لأنه لو جاء بقيمة الوصيفين (¬9) قبل ذلك منه. وكذلك لو صالحه على خمسين ديناراً. ولو كانت المكاتبة على (¬10) ألف درهم فادعى المكاتب أنه قد أداها وجحد المولى فصالحه على (¬11) أن يؤدي خمسمائة ويبرئه من الفضل كان جائزاً. ... ¬

_ (¬1) ف - وكذلك الكيل كله والوزن وإن كان بغير عينه فهو باطل؛ ز - وإن كان بغير عينه فهو باطل. (¬2) ز: أن يدفعها؛ صح هـ. (¬3) م ز: كاتب. (¬4) م ف ز: أن أجرها. (¬5) م ز: كاتب. (¬6) م ز: بوصفين. (¬7) م ز: كاتب. (¬8) ز: وصفين. (¬9) م: وصفين. (¬10) م ز - على. (¬11) ز - على.

باب صلح المكاتب الغريم

باب صلح المكاتب الغريم وإذا ادعى المكاتب على رجل ديناً فجحده الرجل فصالحه المكاتب على أن حط عنه النصف وأخذ النصف فالصلح جائز ما لم يجد المكاتب (¬1) شهوداً على الأصل. فإن قامت للمكاتب بينة على أصل ذلك فالصلح باطل، ويرجع المكاتب على الغريم بما بقي له. ولا يجوز حط المكاتب عن غريمه. فأما تأخيره إذا كان من غير قرض فهو جائز. ولو باع المكاتب جارية فطعن المشتري فيها بعيب فصالحه على أن حط عنه شيئاً من الثمن فإن هذا جائز؛ لأن هذا من التجارة. ولو ادعى رجل على المكاتب ديناً فجحده المكاتب ثم صالحه على أن أدى إليه بعضه وحط بعضاً وأخَّر بعضاً فإن هذا جائز، والحط عن المكاتب لا يشبه حط المكاتب من دينه. حط المكاتب من دينه لا يجوز. وإن أدى فعتق أو عجز فالحط عنه جائز. وكذلك مكاتب المكاتب. وكذلك ابن المكاتب إذا كان ولد في ملكه. وصلح المكاتب في وديعة يدعى قبله قد جحدها مثل صلح الحر وشبهه (¬2). وصلحه في وديعة يدعيها قبل رجل قد جحدها إياه جائز ما لم تقم (¬3) بها بينة. وكذلك المكاتب الذمي مسلماً (¬4) كان مولاه أو كافراً. وكذلك المكاتبة. وكذلك المدبر إذا كان مكاتباً (¬5) وأم الولد. وجميع صلح المكاتب في التجارات والأخذ والإعطاء والإجارات جائز ذلك كله ما لم يحط شيئاً من مال قد ثبت له ما خلا العيب، فإني أستحسن أن أجيز الحط فيه. وإن عجز المكاتب فادعى رجل قبله ديناً فاصطلحا على أن أخذ بعضاً وأخَّر بعضاً فإن هذا لا يجوز؛ لأن المكاتب حيث عجز (¬6) صار إقراره باطلاً. فإن كانت عليه بهذا الدين بينة قبل أن يعجز المكاتب ¬

_ (¬1) ز: لم يجب المكاتبة. (¬2) م - وشبهه. (¬3) ز: لم يقم. (¬4) م ز: مسلم. (¬5) م ز: مكاتب. (¬6) م ف ز: حيث فقد.

باب صلح العبد التاجر

فالصلح جائز. وإن ادعى مولى المكاتب عليه ديناً فصالحه المكاتب على أن حط بعضاً وأعطاه بعضاً فهو (¬1) جائز. وإن ادعى المكاتب على مولاه مالاً وجحد المولى فصالحه على أن حط بعضه فهذا جائز (¬2) ما لم تقم للمكاتب بينة. فإن قامت للمكاتب بينة على أصل الحط بطل ما حط. ... باب صلح العبد التاجر وإذا كان للعبد التاجر دين على رجل فصالحه على أن حط عنه بعضه وأخَّر بعضاً فما حط عنه فهو باطل. لا يجوز حط العبد. فإن كان المطلوب يجحد ذلك فالحط جائز ما لم تقم (¬3) بينة بأصل الدين. ولو باع العبد خادماً فطعن المشتري بعيب فصالحه من ذلك على أن حط عنه لذلك العيب شيئاً من الثمن أجزت ذلك. أستحسن ذلك في العيب (¬4) خاصة دون ما سواه. ولو ادعى على العبد ديناً فجحده أو أقر به ثم صالح على أن حطوا (¬5) عنه الثلث وأدى الثلث (¬6) وأخَّروا عنه الثلث إلى أجل كان جائزاً. ولو حجر مولى العبد على العبد فادعى رجل عليه ديناً وليس في يدي العبد مال فصالح العبد على مال ضمنه على أن حط عنه طائفة منه فإن الصلح لا يجوز؛ لأنه عبد محجور عليه. فإن عتق يوماً جاز عليه ذلك. ولو كان في يديه مال جاز صلحه في قول أبي حنيفة، ولا يجوز في قول أبي يوسف ومحمد. ¬

_ (¬1) ز: فهذا. (¬2) ز - وإن ادعى المكاتب على مولاه مالاً وجحد المولى فصالحه على أن حط بعضه فهذا جائز. (¬3) ز: لم يقم. (¬4) م ف: في العبد. وفي هامش م: في نسخة في العيب. (¬5) ز: أن حط. (¬6) سقط من نسخة ز ابتداء من هنا مقدار ورقة إلى بداية الورقة رقم 76 و.

باب الصلح في العيوب على أن يجعله حالا

ولو أن عبداً محجوراً عليه ادعى رجل عليه ديناً فصالحه من ذلك على طائفة إلى أجل وحط عنه طائفة فإنه لا يجوز. فإن أعتق يوماً جاز ذلك عليه. وكذلك الأمة وأم الولد والمدبرة. وكذلك العبد الذمي. وإذا صالح العبد التاجر من عيب في عبد اشتراه أو في عبد باعه فهو جائز. وكذلك لو صالح في دين له على أن أخَّر بعضه إلى أجل مسمى فهو جائز. وكذلك المكاتب. وإذا كان العبد محجوراً عليه فاستهلك رجل حر متاعاً في يديه لمولاه فصالحه العبد من ذلك على دراهم مسماة ولا تكون الدراهم مثل قيمة المتاع فإنه لا يجوز. ولو صالحه على طعام لم يجز ذلك؛ لأن بيعه وشراءه لا يجوز (¬1). فكذلك لا يجوز صلحه. وكذلك لو غصبه رجل دراهم فصالحه على دنانير لم يجز. ولو كان عبداً تاجراً يؤدي الغلة أو مكاتباً جاز ذلك. ولو أن عبداً محجوراً عليه ادعى على عبد تاجر ديناً فصالحه على بعض ما ادعى إلى أجل فإن أقام مولى العبد بينة على أصل الدين لم يجز الصلح وكان حالاً. وإن لم تكن له بينة على ذلك جاز الصلح إلى ذلك الأجل. وإن كان الذي عليه الدين محجوراً عليه لم يجز الصلح على حال إن قامت بينة بأصل الدين أو لم تقم بينة؛ لأنه إن قامت بينة كان لمولى الطالب أن يأخذه بالأصل كله. وإن لم تقم بينة لم يجز على المحجور عليه ما ضمن وما أقر به. ... باب الصلح في العيوب على أن يجعله حالاً وإذا اشترى رجل من رجل عبداً بألف درهم ونقده الثمن ثم وجد به عيباً فأنكر البائع أن يكون باعه وذلك العيب به ثم صالحه البائع على أن رد عليه دراهم مسماة حالة أو إلى أجل فهو جائز. وإن صالحه من ¬

_ (¬1) ف - ولو صالحه على طعام لم يجز ذلك لأن بيعه وشراءه لا يجوز.

العيب على دينار فإن نقده إياه قبل أن يتفرقا فهو جائز. وإن افترقا قبل أن ينقده فسد الصلح؛ لأن أصل الثمن دراهم. وإن كان الدينار إلى أجل فالصلح فاسد. والإقرار بالعيب والإنكار في هذا سواء. وإن صالحه من العيب على ثوب بعينه فهو جائز. وكذلك لو صالحه على دابة بعينها أو شاة. وكذلك لو صالحه على حنطة بعينها. ولو فارقه قبل أن يقبض ذلك كان الصلح جائزاً. ألا ترى أنه لو اشترى حنطة بعينها ثم فارقه قبل أن يقبضها لم ينتقض البيع. فكذلك الصلح. وكذلك الكيل كله والوزن كله. وإن صالحه على شيء من ذلك معلوم إلى أجل معلوم (¬1) فإنه لا يجوز؛ لأن هذا دين بدين. ألا ترى أن الثمن دين على البائع. فلا يجوز أن يصالح منه أو من بعضه على طعام إلى أجل. وكذلك لو كان الطعام حالاً إلا أنه تغير عينه وسمى جيداً فإنه لا يجوز. وكذلك الكيل كله والوزن كله. وكذلك لو صالحه على ثوب ضرب معلوم الرُّقْعَة والطول والعرض إلى أجل فهو باطل لا يجوز. وكذلك لو كان العبد قد حدث به عيب لا يستطيع أن يرده أو مات عند المشتري أو أعتقه قبل أن يعلم بالعيب فذلك كله سواء. وإذا اشترى الرجل عبداً بألف درهم فقبضه ثم باعه وانتقد الثمن ثم اطلع على عيب فصالح منه على دراهم فإنه لا يجوز مِن قِبَل أنه لا خصومة بينهما حتى يرد العبد عليه. وكذلك لو كان العبد قد مات عند المشتري الآخر فرجع على البائع الأوسط بفضل العيب فصالح البائع الأوسط وهو المشتري (¬2) الأول البائع الأول من العيب على صلح لم يجز في قول أبي حنيفة، وهو جائز في قول أبي يوسف ومحمد. وكذلك لو لم يكن باع العبد ولكنه قتله. وكذلك لو لم يقتله ولكنه أعتقه وهو يعلم بالعيب أو عرضه على بيع وهو يعلم بالعيب. وإذا اشترى الرجل أمة بطعام بغير عينه وسمى الكيل والضرب وتقابضا ثم وجد بها عيباً فصالحه البائع على دراهم إلى أجل فإنه لا يجوز مِن قِبَل أن أصل الثمن طعام. ولو صالحه على دراهم حالة وتفرقا ونقدها إياه فهو ¬

_ (¬1) ف: مسمى. (¬2) م ف: مشتري.

جائز. فإن افترقا قبل أن ينقده انتقض الصلح. وإن صالحه على طعام جيد كيل مسمى بغير عينه فهو جائز. وإن فارقه قبل أن يقبضه فهو جائز. ولو أن رجلاً اشترى أمة بزيت مسمى الكيل بعينه وتقابضا ثم وجد بها (¬1) عيباً فصالحه من العيب على زيت مسمى إلى أجل أو يداً (¬2) بيد بعينه كان جائزاً بعد أن يكون الزيت الذي أخذ في ثمن الجارية مستهلكاً. فإن كان قائماً بعينه لم يجز إلى أجل، وجاز إذا كان حالاً وأوفاه ذلك إياه قبل أن يتفرقا وإن كان قائماً بعينه. ولو أن رجلاً اشترى أمة فقبضها فطعن بعيب قبل أن ينقد الثمن فصالحه البائع على أن حط عنه بعض الثمن كان جائزاً. ولو صالحه على أن زاده ثوباً معها كان جائزاً. فإن استحق الثوب رجع على خصومته في العيب. وكذلك لو وجد بالثوب عيباً فرده. ولو لم يرده (¬3) ولم يستحق لم يكن له أن يبيعه مرابحة وحده، ولا باس بأن يبيعهما جميعاً مرابحة. وإذا اشترى الرجل طعاماً فوجد عيباً فصالحه البائع على أن حط عنه بعض الثمن فهو جائز. وكذلك إن (¬4) صالحه على أن زاده طعاماً بعينه فهو جائز. وكذلك الكيل كله والوزن. وإن كان قد انتقد الثمن واستهلكه أو لم يستهلكه فصالحه على طعام إلى أجل مسمى لم يجز ذلك. وكذلك الكيل كله والوزن. ولو كان (¬5) لم ينتقد الثمن فصالحه على طعام مسمى إلى أجل على أن ينقده الثمن كان هذا (¬6) جائزاً؛ لأن أصل الثمن لم يكن ديناً (¬7). وهذا مثل رجل اشترى من رجل كُرَّيْ طعام حنطة بمائتي درهم ودفع الدراهم إليه وأحد الكرين قائم بعينه والآخر إلى أجل مسمى فهو جائز. وكذلك لو اشترط مكان الطعام شيئاً من الكيل غير الحنطة. وكذلك الوزن. وكذلك لو اشترط ثوباً وسمى طوله وعرضه وجنسه وأجله فهذا كله جائز في ¬

_ (¬1) ز: ثم وجدتها. (¬2) م ز: أو يد. (¬3) ز: لم يزده. (¬4) م ز: وإن. (¬5) ف: وإن كان. (¬6) ف: ذلك. (¬7) م ز: دين.

قول أبي يوسف ومحمد، ولا يجوز في قول أبي حنيفة إذا خالف الذي صالح عليه. ألا ترى أن أبا حنيفة قال: لو أن رجلاً أسلم مائة درهم في كر حنطة وكر شعير لم يجز حتى يسمي لكل واحد منهما رأس مال معلوم. وكذلك الذي اشترى كر حنطة ولم ينقد الثمن حتى وجد به عيباً فصالحه على أن زاده كر شعير جيد إلى أجل مسمى على أن ينقده الثمن فإنه لا يجوز في قياس قول أبي حنيفة؛ لأنه لا يعرف ما رأس مال الشعير (¬1). ولو أن رجلاً اشترى من رجل دابة فطعن في بياض بعينها فصالحه البائع من ذلك على أن حط عنه دراهم كان ذلك جائزاً. فإن ذهب البياض بعد ذلك فإنه يرد الدراهم عليه. ولو أن رجلاً اشترى من رجل أمة فطعن بحَبَل فصالحه البائع من ذلك على دراهم ثم انْفَشَّ (¬2) الحبل واستبان أنه لم يكن بها حبل فإنه يرد (¬3) الدراهم التي صالح عليها. ولو أن رجلاً اشترى من رجل كر حنطة بكر شعير وتقابضا ثم طعن بعيب فصالحه على أن زاده دراهم وقفيزاً من شعير فإن الصلح جائز. وإذا اشترى الرجل كر حنطة بكر حنطة وتقابضا ثم وجد أحدهما عيباً فصالحه الآخر على دراهم أو قفيز حنطة أو قفيز شعير فإن هذا لا يجوز؛ لأن الحنطة بالحنطة مثلاً (¬4) بمثل، لا يجوز الفضل فيما بين ذلك. وكذلك الكيل والوزن كله إذا كان نوعاً واحداً. فإن اختلف النوعان فلا بأس بالصلح في ذلك. ولو اشترى كر حنطة بكر شعير فطعن بعيب فصالحه على دراهم إلى أجل فإن كان صاحب الحنطة هو طعن بالعيب والشعير قائم بعينه فهو جائز. وإن كان مستهلكاً فالصلح باطل؛ لأنه دين بدين. وإذا اشترى الرجل من الرجل عبداً ثم صالحه من كل عيب على ¬

_ (¬1) ز: التدبيين (مهملة). (¬2) م ف ز: ثم تفشا. والتصحيح مستفاد من المطرزي حيث يقول: انفشّت الرياح تفرقت ... ومنه قوله في شبهة الحمل: كانت ريحا انفشّت انظر: المغرب، "فشش". (¬3) ز: ترد. (¬4) م ز: مثل.

دراهم فهو جائز، وهو بريء من كل عيب. ولو قال: أشتري منك العيوب بدرهم، لم يجز ذلك، ورد الدرهم، وكان على حجته في عيب إن وجده. وإذا باع رجل رجلاً دابة ثم صالحه من كل عيب على أن حط عنه دراهم فهو جائز. وإن لم يكن المشتري طعن بعيب إلا أن البائع خاف ذلك فصالحه على أن أبرأه من كل عيب فهو جائز. ولوطعن المشتري بعيب واحد فجحده البائع أو أقر به ثم صالحه منه ومن كل عيب على أن حط من الثمن درهماً, أو كان قد قبض الثمن فصالحه على أن رد عليه درهماً فهو جائز. ولو صالحه من العيوب كلها على كذا كذا كان جائزاً. وكذلك كل صنف من العيوب فصالحه عليه فهو جائز في ذلك الصنف خاصة. وله أن يخاصم في غير ذلك إن وجده. ولو صالحه من الخمس والعشرين والخمس المحدثات (¬1) على دراهم مسماة كان جائزاً. ولو صالحه من عيب على سكنى بيت شهراً كان جائزاً. وكذلك لو صالحه على خدمة عبد شهراً. وكذلك لو صالحه على ركوب دابته في حوائجه شهراً. ولو صالحه على غلة عبد شهراً (¬2) أو غلة دار لم يجز. وكذلك لو صالحه على غلة بستان أو أرض. وكذلك لو صالحه على ما في بطن هذه الأمة أو ما في بطون الغنم أو ما في ضروعها أو على أصوافها فإن هذا لا يجوز؛ لأنه مجهول. وهو على حجته وخصومته في العبد الذي طعن فيه. ولو صالحه على أن يزرع هذه الأرض سنة كان ذلك جائزاً. ولو أن رجلاً اشترى عبداً من امرأة ونقدها الثمن وقبض العبد ثم طعن بعيب فصالحته من ذلك على أن تزوجته (¬3) كان النكاح جائزاً، وكان هذا إقراراً منها بالعيب. فإن كان أرش العيب يبلغ عشرة دراهم [فهو مهرها، وإن كان أقل من ذلك أكملت عشرة دراهم] (¬4) لها. وكذلك (¬5) لو تزوجته ¬

_ (¬1) كذا في الأصول. (¬2) ز: شهر. (¬3) ز: أن يزوجنه. (¬4) الزيادة من الكافي، 2/ 200 ظ. (¬5) ز + مما.

وصالحته على أن باعته بحصة العيب ثوباً كان هذا إقراراً منها بالعيب (¬1) وكان (¬2) البيع جائزاً. وإذا اشترى الرجل ثوبين من رجل كل واحد بعشرة وقبضهما ثم وجد بأحدهما عيباً فصالحه على أن رده بالعيب على أن زاده في ثمن الآخر درهماً فإن الرد جائز، وزيادة الدرهم باطل لا يجوز في قول أبي حنيفة ومحمد. ولا يجوز في قول أبي يوسف شيء من ذلك. ولو أن رجلاً اشترى ثوباً قطعه قميصاً فصالحه على دراهم مسماة كان جائزاً. ولو كان باع القميص بعدما خاطه ثم صالحه من العيب (¬3) كان جائزاً؛ لأن القميص لو كان في يديه لم يستطع أن يرده. وكذلك لو لم يقطعه قميصاً وصبغه أحمر (¬4) ثم صالحه من عيب وجده فيه بعدما باعه فإن أبا حنيفة قال: الصلح جائز مِن قِبَل أنه لا يستطيع أن يرده عليه لما حدث فيه. وهو قول محمد. ولو لم يصبغه أحمر ولكن صبغه أسود ثم باعه ثم صالحه من العيب لم يجز ذلك؛ لأنه لو كان في يديه كان للبائع أن يأخذه إن شاء. ولو لم يكن باعه حتى صالحه كان جائزاً. والهبة (¬5) في جميع ذلك مثل البيع. وكذلك الصدقة. وإذا اشترى الرجل شاة فأصاب من لبنها ثم وجد بها عيباً لم يكن لى أن يردها، ولو صالح من ذلك كان جائزاً. وكذلك لو أصاب من صوفها. وكذلك لو أصاب من أولادها فباعهم. ولو كان عبداً فأصاب من غلته ثم وجد به عيباً كان له أن يرده (¬6)، فإن صالحه من العيب فهو جائز. وكذلك لو كانت داراً فأصاب من غلتها أو أرضاً فهو سواء. فإن كان ¬

_ (¬1) ف - فإن كان أرش العيب يبلغ عشرة دراهم فهو مهرها وإن كان أقل من ذلك أكملت عشرة دراهم وكذلك لو تزوجته وصالحته على أن باعته بحصة العيب ثوباً كان هذا إقراراً منها بالعيب. (¬2) ز: وكذلك. (¬3) ز: من الغيب. (¬4) ف: آخر. (¬5) م ز: أو الهبة. (¬6) ز: أن يردها.

نخلاً أَو شجراً فأصاب من غلتها لم يستطع أن يردها بعيب، وكان الصلح في ذلك جائزاً. ولو اشترى رجل عبداً بعبد فوجد كل واحد منهما عيباً فاصطلحا على أن رد أحدهما على الآخر دراهم وبرئ كل واحد منهما من العيب كان ذلك جائزاً. وكذلك لو أبرأ كل واحد منهما صاحبه بغير دراهم كان جائزاً. وكذلك لو رد أحدهما على الآخر دراهم ورد (¬1) الآخر عليه دنانير أو ثوباً وتقابضا كان جائزاً. ولو اشترى رجل دابة ثم وجد بها عيباً فصالحه غير البائع من العيب كان جائزاً. ولو اشترى رجل من رجل أمة فوجد بها عيباً فأراد خصومة البائع فصالحه من ذلك على أن أبرأه من ذلك العيب ومن كل عيب فهو جائز، ويدخل في ذلك كل عيب. وهذا قول أبي حنيفة. وكان ابن أبي ليلى لا يجوز حتى يسمي العيوب. وكان أبو حنيفة يحتاط في ذلك ويقول (¬2): قد برئت من كل عيب وسميت لك ذلك وعرفته. وكذلك بلغنا عن عبد الله بن عمر أنه باع بالبراءة من كل عيب (¬3). ولو أنه أشهد عليه مع ذلك أنه قد باع العبد وخرج من ملكه ثم عاد إلى ملكه بصدقة (¬4) من الذي اشتراه كان جائزاً، ولم يكن له أن يخاصم فيه أبداً. وكذلك لو جعله حراً يوم يخاصمه (¬5) فيه فهو جائز مستقيم. ولو أن رجلاً ادعى قبل رجل (¬6) أنه اشترى منه هذا العبد وليس هذا العبد له (¬7) ثم صالحه من العيب على دراهم مسماة كان جائزاً. ¬

_ (¬1) ز: رد. (¬2) ز: يقول. (¬3) الموطأ، البيوع، 4؛ والمصنف لعبد الرزاق، 8/ 162؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 338. (¬4) كذا في النسخ. (¬5) ز: فخاصمه. (¬6) م ز - رجل. (¬7) م ف ز: لي.

وإذا اشترى الرجل ثوباً فوجد به عيباً فصالحه البائع من الخرق على شيء مسمى فهو جائز. فإن وجد به غير الخرق كان له أن يخاصم. ولو صالحه من العيوب دخل (¬1) في ذلك كل خرق ورَفْو (¬2) وكَّل عيب. ولو صالحه من العَفَن ثم وجد به عيباً كان له أن يرده. ولو وجده (¬3) متخرقاً من غير عفن أو مَرْفُوًّا من غير عفن كان له أن يرده. وإذا اشترى الرجل دابة من رجل وقبضها ثم طعن بعيب في عينها ثم صالحه البائع من عيبها (¬4) على شيء مسمى ولم يسم العيب فإن ذلك جائز؛ لأن المعنى والصلح على العيب وقع. ولو اصطلح رجلان في ذلك فأجاز ذلك البائع والمشتري جاز عليهما. ولو قال: أصالحك على كذا كذا على أن تبرأ من هذا العيب، وإن جائزاً. وكذلك لو قال: على أنك بريء من هذا العيب، وإن جائزاً (¬5). وكذلك لو قال: على (¬6) أن لا أخاصمك في هذا العيب، أو على أن سلمت لك هذا العيب. وكذلك لو قال: على أني قد رضيت هذا العيب (¬7). وإذا اشترى رجل دابة من رجل لابنه وهو صغير فصالح من عيب طعن به فيها فهو جائز إن كان المشتري اشتراها لابنه وإن كان البائع باعها لابنه. وكذلك اليتيم يبيع عليه وصيه أو يشتري له فإنه يجوز على اليتيم. وكذلك المضارب والمفاوض والشريك شريك عنان في (¬8) التجارات. ولو كان رجلان مشتركان (¬9) في سلعة خاصة فباعاها فطعن المشتري بعيب فصالحه أحدهما من جميع العيب على شيء وضمن جاز عليه، ¬

_ (¬1) ز: ذلك. (¬2) رَفَأ الثوب: لأم خَرْقه بنِساجة، وربما لم يهمز. انظر: المغرب، "رفأ"؛ ومختار الصحاح، "رفأ". (¬3) ز: وجد. (¬4) م ز: من عينها. (¬5) ف - كان جائزاً. (¬6) م ز + على. (¬7) ز - أو على أن سلمت لك هذا العيب وكذلك لو قال على أني قد رضيت هذا العيب. (¬8) م ز: وفي. (¬9) م ز: رجلين مشتركين.

ولا يلزم شريكه. وكذلك لو كان هو الذي باعها بأمر شريكه. وكذلك الوكيل وصاحب البضاعة. ولو اشترى رجلان (¬1) جارية ثم طعنا بعيب فصالح البائع أحدهما من حصته جاز ذلك عليه، وليس للآخر أن يخاصم في العيب ولا يرجع بشيء في قول أبي حنيفة؛ لأن أحدهما لو سلم العيب لم يكن لشريكه أن يرده في قول أبي حنيفة. وفي قول أبي يوسف ومحمد هو على خصومته وحجته. وإذا باع المكاتب بَيْعاً أو اشتراه ثم صالح على عيب بعد إقرار أو إنكار فهو جائز. وكذلك العبد التاجر. وكذلك الصبي التاجر. وكذلك المرأة وأهل الذمة والمسلمون في ذلك سواء. وكذلك الحربي المستأمن. وكل عيب طعن به طاعن لا ينقص الثمن صالحه البائع منه على شيء فإن الصلح باطل لا يجوز. ولو أن رجلاً اشترى من رجل جارية بألف درهم وتقابضا ثم وجدها عوراء وأقر البائع بذلك فصالحه من ذلك على عبد وقبض العبد فاستحق أو رده بعيب كان على خصومته وحجته في العور. ولو لم يستحق ولم يرد بعيب لم يكن له أن يبيع العبد مرابحة خاصة؛ لأنه لم يشتره بثمن (¬2) مسمى. ولم يكن له أن يبيع الجارية خاصة مرابحة. وإن باعهما جميعاً مرابحة فهو جائز. وإن وجد بالعبد عيباً فصالحه منه على عشرة دراهم فهو جائز. وإن استحقت الجارية وبقي العبد في يديه رجع بحصتها من الثمن، وأمسك العبد، وقسمت الألف على قيمة الجارية عوراء وقيمة العبد، فردها (¬3) بما أصابها وهو النصف؛ لأن العبد إنما صولح عليه من العور، والعور النصف. ولو أقامت الجارية البينة على (¬4) أنها حرة كان له أن يرد العبد ويأخذ الألف. ولا يشبه العتاق في هذا الاستحقاق؛ لأن العتاق لم يبع فيه بَيْع، فصار بمنزلة رجل باع أمة وحرة فلا يجوز. ولو لم تكن ¬

_ (¬1) م ز: رجلين. (¬2) ز: من. (¬3) م ز: فيردها. (¬4) ف - على.

باب الصلح في العيب يقبل البائع منه السلعة ويدفع معها مال

حرة ولكنه وجد بها عيباً آخر كان له أن يردها بحصته من الثمن، وتقوّم وليس بها هذا العيب وتقوّم صحيحة. ولو أن رجلاً اشترى من رجل دابة فوجد بها عيباً قبل أن يقبضها فاصطلحا من ذلك على أن زاد مع الدابة ثوباً أو حط عنه شيئاً كان ذلك جائزاً. ولو صالحه قبل أن يقبضها على أن أبرأه من كل عيب ثم لم يقبضها حتى حدث عيب لم يكن للمشتري في ذلك خيار وكانت له لازمة؛ لأنه قد برئ من كل عيب وإن لم يكن هذا به يوم أبرأه. ألا ترى أنه لو باعه أمة فلم يقبضها حتى صالحه من كل عيب على أن حط عنه من الثمن شيئاً ثم أبقت عند البائع فأقر البائع أنها لم تأبق قط كان بريئاً من الإباق، وليس للمشتري أن يردها. أرأيت لو قال البائع: أصالحك على أن تبرئني من الإباق، ففعل ذلك ثم أبق كان له أن يرده بالإباق. وكذلك كل عيب. ... باب الصلح في العيب يقبل البائع منه السلعة ويدفع معها مال وإذا اشترى الرجل من الرجل أمة بخمسين ديناراً وقبضها ونقد الثمن ثم طعن المشتري بعيب فاصطلحا على أن قبل البائع السلعة ورد عليه تسعة وأربعين ديناراً فإن أبا حنيفة قال: إن أقر البائع أن العيب كان عنده فإن الخادم يلزمه، ويرد الدينار الذي استفضل. وإن قال: لم يكن عندي، جاز له ذلك الدينار. وإن لم يقر ولم ينكر جاز له ذلك الدينار (¬1). وهو قول أبي يوسف ومحمد. وكَّل عيب في بيع من الحيوان والثياب والعقار (¬2) فهو مثل هذا. فإن كان عيباً (¬3) لا يحدث مثله في تلك المدة فإن السلعة تلزم (¬4) البائع، ويرد ما استفضل. ولو كان أخذ من المشتري ثوباً وقبل منه السلعة ¬

_ (¬1) ف - الدينار. (¬2) م ز: أو العقار. (¬3) م ز: عيب. (¬4) ز: يلزم.

على أن يرد عليه الثمن كله كان مثل ذلك أيضاً. وكذلك لو كان مكان الثوب دراهم. فإن كانت الدراهم إلى أجل فإن هذا لا يجوز على وجه من الوجوه؛ لأنه صرف. وإن كان مكان الدراهم طعام مسمى إلى أجل وهو ينكر أن العيب كان عنده على أن رد عليه الثمن وتقابضا قبل أن يفترقا والعيب يحدث مثله فهو جائز. وإن تفرقا قبل أن ينقده الثمن بطل الطعام، وقسمت الدنانير على قيمة السلعة صحيحة وقيمة السلعة وبها العيب، فرد (¬1) على المشتري ما أصاب السلعة، وأمسك البائع ما أصاب النقصان، وهو العيب. وإذا اشترى الرجل دابة من رجل بمائة درهم وتقابضا ثم طعن فيها بعيب وجحده البائع ثم صالحه على أن قبل الدابة منه وثوباً معها على أن يرد عليه الثمن فهو جائز. فإن استحق الثوب رجع بحصته من الثمن وهو قدر العيب من الثمن. ولو لم يستحق الثوب واستحقت الدابة كان للمشتري الأول أن يأخذ الثوب من البائع؛ لأن الصلح والبيع كان باطلاً. ولو أن رجلاً اشترى من رجل ثوباً فقطعه قميصاً ولم يخطه ثم وجد به عيباً (¬2) أقر البائع أنه كان به فصالحه على أن رد عليه الثوب وحط عنه من الثمن درهمين ورَدَّ عليه ما بقي كان ذلك جائزاً، وطاب له الدرهمان للذي أحدث (¬3) المشتري في الثوب من التقطيع. ولو أن رجلاً اشترى من رجل أمة فولدت عنده بعدما قبضها ونقده الثمن ثم وجدها عوراء وأقر البائع أنه دلسها له كذلك لم يكن له أن يردها. فإن صالحه على أن يردها ويرد ولدها وزاده مع ذلك ثوباً على أن رد عليه الآخر الثمن كان جائزاً. وإنما طاب له الثوب وجاز له لما حدث في الجارية من الولادة. أرأيت لو كانت عوراء فذهبت عينها الأخرى فصارت عمياء ثم صالحه من ذلك على أن حط عنه من الثمن طائفة وأخذ منه ما بقي ورد الجارية ألم يكن ذلك جائزاً. هذا كله جائز. ¬

_ (¬1) ز: فترد. (¬2) م + ثم وجد به عيبا. (¬3) م ز: أخذت.

وإذا اشترى رجل من رجل ثوباً فصبغه أحمر ثم وجد به عيباً قد كان البائع دلسه له وأقر بذلك فصالحه على أن قبل منه الثوب وحط عنه درهماً من الثمن ورد ما بقي فإن هذا جائز لما حدث فيه من الصبغ. وإن كان الصبغ (¬1) زاده خيراً فهو سواء؛ لأن المشتري لم يكن له أن يرده على البائع. وإذا اشترى رجل من رجل داراً فأحدث فيها بناء أو نقض بناء فيها، ثم وجد عيباً (¬2) صَدْعاً (¬3) في حائط ينقص الثمن، فصالحه على أن يرد عليه الدار، وحط عنه من الثمن طائفة، وأخر طائفة إلى أجل مسمى وتعجل طائفة، وإن جائزاً. وكذلك لو أعطاه بالذي أخَّر رهناً أو كفيلاً فهو جائز. وإذا اشترى الرجل جارية بدابة وتقابضا ثم حدث بكل واحدة منهما عيب، أو لم (¬4) يحدث (¬5)، أو حدث بإحداهما (¬6) ولم يحدث بالأخرى، ثم وجد بكل واحدة منهما عيباً قد دلسه البائع له، وأقر له بذلك، فاصطلحا على أن رد كل واحد منهما على صاحبه ما اشترى منه بغير جعل في ذلك، فهو جائز. وإن جعل أحدهما للآخر وكان الذي جعل هو الذي حدث عنده العيب جاز ذلك. وإن كان لم يحدث عنده لم يجز الصلح، وجاز النقض (¬7) فيما بينهما. وإذا اشترى الرجل عبداً بثمن مسمى وتقابضا ثم طعن بعيب وزعم أن البائع دلسه له، فصالحه البائع على أن حط (¬8) عنه من الثمن طائفة على أن أبرأه من كل عيب، وأقام رجل البينة أنه كان أمره أن يشتري هذا العبد وقال: لا أرضى بصلحه، فإن الصلح يلزم المشتري ولا يلزم الآمر. ولو أن رجلاً أمر رجلاً فابتاع له أمة بثمن مسمى وتقابضا فطعن الآمر ¬

_ (¬1) ز - وإن كان الصبغ. (¬2) ز: عينا. (¬3) ف - صدعا. (¬4) م ز: ولم. والتصحيح من ب. (¬5) ف - أو لم يحدث. (¬6) ز: بأحدهما. (¬7) م: القبض. (¬8) ز: أن خط.

باب الصلح في السلعة على أن يحط كل واحد منهما ويأخذها آخر

بعيب ولم يحضر المشتري ذلك، فصالح البائع الآمر من العيب على صلح، كان الصلح في القياس باطلاً، ولكني أدع القياس وأجيزه. وكذلك لو أن رجلاً أمر رجلاً فباع له عبداً وتقابضا فطعن المشتري بعيب فصالحه الآمر فهو جائز. وإن صالحه على أن يقبل السلعة على أن حط عنه شيئاً من الثمن أو على أن أخَّر عنه الثمن وأبرأ البائع فهو جائز. وكذلك (¬1) [لو أن] رجلاً (¬2) أمر رجلاً فباع له عِدْل زُطِّي (¬3) واشتراه المشتري لغيره، فالتقى الآمر بالبيع والآمر بالشراء فاختصما في عيب بالمتاع، فاصطلحا على أن قبل منه المتاع على أن حط عنه من الثمن طائفة وأخَّر عنه ما بقي إلى أجل مسمى، فهو جائز. وإذا اشترى الرجل دابة ثم باع نصفها ثم طعن بعيب فصالحه البائع على أن قبل منه النصف بثلث الثمن فهو جائز. وكل عيب أقر البائع أنه دلسه فليس يجوز أن يقبل السلعة ويأخذ معها شيئاً أو يحط عنه من الثمن شيئاً. وما لم يقر ولم ينكر فهو جائز. وإذا اشترى رجل من رجل داراً فطعن فيها بعيب فصالحه البائع على أن قبلها منه على أن جعل له طريقاً منها في دار المشتري فهو جائز. وكذلك لو كان صالحه على أن رضي بالعيب على أن يسلم له البائع في دار له أخرى طريقاً من هذه الدار كان جائزاً. ... باب الصلح في السلعة على أن يحط كل واحد منهما ويأخذها آخر وإذا اشترى رجل من رجل أمة بألف درهم وتقابضا ثم طعن المشتري بعيب فجحده البائع، فاصطلحا على أن يحط كل واحد منهما عشرة دراهم ويأخذها رجل أجنبي رضي بذلك ودخل معهم على ذلك، فهذا جائز، ¬

_ (¬1) ف + كل. (¬2) م ز: رجل. (¬3) هو نوع من الثياب كما تقدم.

وحط المشتري جائز عليه، وهو رضى بالعيب. وإن شاء الرجل الأجنبي أخذها بألف درهم غير عشرة. وإن شاء ردها. وحط البائع لا يجوز. ولو أن رجلاً اشترى دابة من رجل بمائة درهم وقبض كل واحد منهما ثم وجد بها (¬1) عيباً فخاصم فيه وجحد البائع ذلك، فاصطلحا على أن يأخذ رجل آخر الدابة بخمسين درهماً على أن على البائع من ذلك عشرين وعلى المشتري ثلاثين ورضوا بذلك، فإن الدابة تَنْفُذ (¬2) للدخيل بينهما بخمسين درهماً، وهذا رضى من المشتري بالعيب، وليس على البائع شيء. ولو أن رجلاً اشترى ثوباً بعشرة دراهم وتقابضا فطعن المشتري بعيب وجحده البائع، فدخل رجل فيما بينهما على أن يأخذ الثوب (¬3) بثمانية (¬4) وعلى أن يحط البائع عن المشتري الأول درهماً من الثمن فاصطلحوا على ذلك، فإن هذا (¬5) جائز، والثوب له بثمانية، ويرد البائع على المشتري درهماً. وإن وجد الدخيل بالثوب عيباً رده على المشتري، وهو خصمه (¬6) في ذلك. فإن قبله بغير قضاء قاض لم يكن له أن يخاصم فيه الأول. وإن رد عليه بقضاء قاض كان له أن يخاصم فيه الأول. وإذا اشترى الرجل ثوباً بعشرة دراهم وتقابضا فأسلمه المشتري إلى قصّار فقَصَرَه فجاء به متخرقاً فقال المشتري: ما أدري أعند (¬7) القصار تخرق أو كان به عند البائع، فاختصموا في ذلك، فاصطلحوا في ذلك على أن يقبل المشتري الثوب ويرد عليه القصار درهماً ويحط عنه البائع درهماً وعلى أن يأخذ القصار أجره منه، فإن هذا جائز. وكذلك لو كان هذا الصلح على أن يقبله البائع. ولو لم يصطلحوا وأرادوا الخصومة والقضاء فإنه يقال (¬8) للمشتري: ادّع على (¬9) أيهما شئت، فإن ادعى على البائع برئ (¬10) ¬

_ (¬1) م ف ز - بها. والزيادة من ع. (¬2) ولفظ ب: تجوز. (¬3) ف - الثوب. (¬4) ف: بثمانمائة. (¬5) ز - هذا. (¬6) ز: لخصمه. (¬7) ف: عند. (¬8) ز: تعالي. (¬9) ز: إلى. (¬10) ز: ترى.

القصار واستحلف البائع. وإن أبى أن يحلف رجع عليه بنقصان العيب. فإن حلف لم يرجع عليه (¬1) بشيء (¬2) ولم يكن له (¬3) على القصار شيء؛ لأنه قد أبرأه. وإن ادعى ذلك على القصار فقد أبرأ البائع ويحلف القصار. فإن حلف برئ. وإن أبى أن (¬4) يحلف ضمن ما نقصه (¬5) من ذلك، وله أجره في ذلك. وإذا اشترى رجل من رجل ثوباً بعشرة دراهم وتقابضا ثم أسلمه إلى صباغ فصبغه بعُصْفُر بدرهم ثم وجد به عيباً قد دلسه البائع وأقر البائع بذلك وقال المشتري: لا أدري أعند الصباغ كان أو عند البائع، فاصطلحوا جميعاً على أن يأخذ الثوب رجل أجنبي بسبعة دراهم على أن يحط البائع عن المشتري الأول درهماً وعلى أن يرد الصباغ على المشتري درهماً، فهذا (¬6) جائز. وإذا اشترى الرجل من الرجل أمة بألف درهم وتقابضا ثم باعها من آخر بألفي درهم وتقابضا ثم طعن المشتري الآخر بعيب، فاصطلحوا جميعاً على أن يردها المشتري الآخر على البائع الأول بألف وخمسمائة، فإن هذا جائز، وهذا بيع منه، ولا يلزم البائع الثاني من ذلك شيء. ولو لم يقع الصلح بينهما على هذا ولكن البائع الأول صالح المشتري الآخر على صلح على أن أبرأ البائع الثاني من العيب فهو جائز، ولا يرجع على البائع الثاني بشيء. وإذا صالح رجل رجلاً من دين عليه على خادم أخذها منه ثم وجد بها عيباً فصالحه رجل على أن أخذها منه بثمن مسمى دون ذلك الدين على أن يرد الذي عليه الدين فضل الدين على الطالب فهو جائز. ولو لم يقع الصلح على هذا ولكن صالح الذي عليه الدين على أن رد الخادم وأخذ عبداً مكانها فإن ذلك جائز. وكذلك لو لم يردها ولكنه زاده معها ثوباً. وكذلك لو لم يزده ثوباً وزاده عبداً على أن رد عليه الآخر مائة درهم فإن ذلك جائز. ... ¬

_ (¬1) م ز: على. (¬2) ز: شيء. (¬3) ف - له. (¬4) ز: لان. (¬5) ز: نقضه. (¬6) م: فهذ.

باب الصلح في الدار في يدي رجلين ورثاها عن أبيهما

باب الصلح في الدار في يدي رجلين ورثاها عن أبيهما وإذا كان الدار في يدي رجلين وهي بينهما نصفين ورثاها عن أبيهما فادعت امرأة أنها كانت امرأة أبيهما فجحداها ذلك، ثم صالحها أحدهما على أن يعطيها الثمن كاملاً من نصيبه خاصة، فإن هذا يجوز كله ويلزمه الثمن؛ لأنها تدعي ذلك. أرأيت لو ادعت الثمن شراء من أبيهما (¬1) فصالحها على أن سلم (¬2) لها الثمن كله من نصيبه ألم يجز ذلك. هذا وذاك سواء، وهو كله جائز. وإذا كانت الدار في يدي رجلين ورثاها عن أبيهما فغاب أحدهما وبقي الآخر فجاء رجل فادعى ثلثها، فصالحه المقيم على أن يسلم له الربع من جميع الدار من نصيب المقيم خاصة على أن أبرأهما (¬3) مما بين الربع إلى الثلث، فهو جائز. وإن كان صالحه على قطعة من الدار مقسومة معلومة لم يجز ذلك من قبل غيبة الشريك؛ لأنه [لا] تجوز عليه قسمته. ولو صالحه على أن يسلم له الربع من جميع الدار من نصيبه خاصة ثم قسم له قطعة جاز الصلح الأول ولم تجز القسمة. فإن رجع الغائب في القسمة (¬4) كان للمدعي الربع. وأما الباب الأول فإذا رد الغائب الصلح على القطعة من الدار (¬5) كان المدعي على حجته. والأرض والدار والخادم والدابة والثوب وجميع العروض والحيوان في ذلك سواء. وإن ادعى المدعي شركاً (¬6) في الأرض أو شراء أو ميراثاً أو وصية فهو سواء في ذلك كله. ¬

_ (¬1) م ز: من أبيهم. (¬2) ز: أن يسلم. (¬3) ز: أن برأهما. (¬4) ف - ثم قسم له قطعة جاز الصلح الأول ولم تجز القسمة فإن رجع الغائب في القسمة. (¬5) ز + من الدار. (¬6) ز: شركاء.

باب الإقالة في البيع بعد القبض

وقال أبو حنيفة في دار بين ورثة منهم الغائب والشاهد والصغير والكبير فادعى رجل فيها دعوى فصالحه رجل منهم على السدس من جميع الدار (¬1) من نصيبه خاصة ونصيبه يبلغ السدس أو أكثر فهو جائز. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وكذلك لو ادعى ديناً على الميت فصالحه على السدس من جميع الدار من نصيبه خاصة من هذا الدين كان جائزاً. وكذلك لو ادعى ديناً على الوارث الغائب فصالحه الشاهد على مثل ذلك كان جائزاً. ... باب الإقالة في البيع بعد القبض وإذا اشترى الرجل عبداً بألف درهم من رجل (¬2) وتقابضا ثم اصطلحا على أن أقاله البيع بغير عيب يطلب من البائع أو من المشتري فهو جائز في قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو حنيفة: لو أقاله البيع بأكثر من الثمن أو بأقل فالإقالة جائزة، والفضل والنقصان باطل لا يجوز. وكذلك في قوله لو شرط عليه ديناراً ومختوم حنطة وسط. وقال أبو يوسف: الإقالة بالثمن أو بأكثر منه أو بأقل جائز (¬3) إذا كان قد قبض ما اشترى قبل الإقالة. وكذلك لو اشترط مع الثمن ديناراً ومختوم حنطة وسط فهو جائز. ولو اشترط مع العبد ثوباً بعينه زاده المشتري (¬4) معه لم يجز في قول أبي حنيفة ومحمد، وجاز في قول أبي يوسف. ولو أن رجلاً اشترى من رجل أمة بألف وعبداً بألف كل واحدة (¬5) بصفقة أحدهما بعد الآخر بيوم وتقابضا جميعاً ثم اصطلحا على أن أقاله ¬

_ (¬1) م ز + من جميع الدار. (¬2) ف - من رجل. (¬3) م ف ز: جائزاً. (¬4) ز: والمشتري. (¬5) م ز: واحد.

الأمة على أن زاده مائة درهم في ثمن العبد فإن هذا فاسد، لا تجوز الزيادة في قول أبي حنيفة ومحمد، وتجوز الإقالة. وفي قول أبي يوسف لا تجوز الإقالة ولا الزيادة. وكذلك (¬1) هذا في كل بيع، في صفقة كانت أو صفقتين، بثمن واحد أو كل (¬2) واحد منهما بثمن، فإنه لا يجوز أن يزيد في ثمن الباقي على أن يقيله البيع في الآخر. وكذلك لو أقاله البيع في أحدهما على أن حط عنه من ثمن الآخر كان هذا والأول سواء لا يجوز على ما وصفت لك في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولكن لو أقاله البيع بغير شرط ثم زاده في ثمن الآخر وحط البائع عنه من ثمن الآخر كان جائزاً. وإنما فسد في الشرط لأنه لو قال: اقبل مني هذا العبد بثمنه الذي بعتنيه به على أن أمتك هذه لي بيع بألف، فإن هذا فاسد كله الإقالة والبيع في قول أبي يوسف. وفي قول أبي حنيفة الإقالة جائزة، والبيع [و] الحط (¬3) باطل. ولو أن رجلاً باع أمة ثم صالح على الإقالة بعد القبض ثم طلب إلى بَيِّعِه (¬4) الذي كان باعها منه أول فصالحه على أن أقاله البيع فإنه جائز أيضاً. وكذلك لو تناسخها عشرة كل واحد منهما يقيل صاحبه. وإذا أقال (¬5) الرجل البيع في أمة بعد القبض وقبضها البائع ثم وجد بها عيباً قد حدث عند المشتري فإن له أن يردها بذلك عليه، ويستحلفه إن جحد ذلك. وإن لم يكن بها (¬6) عيب حدث عنده وكان بها عيب قديم فليس له أن يردها على الذي أقاله أول مرة. ... ¬

_ (¬1) ف: وكل. (¬2) ز: وكل. (¬3) زيادة الواو من ب؛ والكافي، 2/ 204 و. (¬4) البيّعان هما المتبايعان. انظر: لسان العرب، "بيع". (¬5) م ز: وإذا قال. (¬6) ز - بها.

باب الصلح إذا استحق كان فيه القيمة

باب الصلح إذا استحق كان فيه القيمة وإذا صالح الرجل من دم عمد ادُّعي عليه على عبد بعينه بإقرار منه أو بإنكار فاستحق العبد أو رده بعيب فاحش فإنه يرجع بقيمته، مِن قِبَل أنه لا يستطيع أن يقتص (¬1) من الدم بعد الصلح. وكذلك كل جراحة عمد فيها قصاص. ولا يشبه هذا الصلح في الأموال. ولو أن رجلاً تزوج امرأة على عبد ودخل بها فاستحق كان عليه قيمته لها، ولو لم يتزوجها على عبد ثم صالحها من مهرها على عبد على أن جعله مهراً لها ودخل بها واستحق العبد رجعت عليه بقيمته؛ لأنها رضيت بذلك. وكذلك لو فرضه لها بعد النكاح. وكذلك لو اختلعت بعبد ثم استحق كان عليها قيمته للزوج. وكذلك الطلاق على عبد. ولو أن رجلاً أعتق عبداً له على عبد بعينه فاستحق كان للمولى أن يرجع بقيمة العبد المعتق في قول أبي يوسف؛ لأن قيمته مال. ولا يشبه هذا الخلع ولا القصاص. ولا يرجع بقيمة العبد المستحق. وأما (¬2) في قول محمد فيرجع على العبد المعتق بقيمة العبد المستحق؛ لأن العبد المعتق إن كان مالاً فلم يصل إليه من رقبته شيء، إنما وقع العتق على المال، ولم يملك المعتق رقبته. وكذلك رجل صالح على عبد له من المدعى قبله الدم وضمن خلاصه فاستحق كان المصالح ضامناً لقيمة العبد. وكذلك الثوب والدابة والدار والشاة والعروض كلها. وكذلك الدراهم في هذا والدنانير وكل ما يكال أو يوزن، فهو باب واحد. ولو صالحه من دم عمد على أمة فولدت عنده أولاداً أو زادت في بدنها خيراً ثم استحقت فإن له أن يرجع بقيمتها يوم وقع الصلح، ولا يرجع بالفضل ولا بالولد. وكذلك الشاة والبقرة. وكذلك البستان لو ¬

_ (¬1) ز: أن يقبض. (¬2) ف + الذي.

باب الصلح في الإقالة

أثمر (¬1) عنده وأَغَلّ. وما استهلك طالب الدم من غلة البستان وولد الجارية والغنم فهو له ضامن، ولا يرجع بذلك على المدعى قبله الدم. ولو صالحه من دم عمد على عبد وكفل به كفيل بما لحقه فيه فاستحق العبد كان له أن يضمن الكفيل قيمته. ولو رده بعيب لم يرجع على الكفيل بشيء؛ لأن هذا ليس بدرك. ويرجع بقيمته على الذي صالحه. ... باب الصلح في الإقالة وإذا اشترى الرجل من الرجل سلعة ونقد الثمن أو لم ينقد أو كان الثمن إلى أجل ولم يقبض السلعة حتى اصطلحا على أن أقاله البيع بنقصان من رأس المال أو بزيادة أو برأس المال فإن أبا حنيفة ومحمداً قالا في ذلك: الإقالة جائزة، والفضل (¬2) والنقصان باطل لا يلزمه منه شيء. وكذلك لو أقالها إياه بدنانير والثمن دراهم. وكذلك لو كان الثمن عرضاً من العروض بعينه فأقاله بغير ذلك الصنف (¬3). وكذلك لو كان بغير عينه فأقاله بعرض غيره بعينه أو بغير عينه. وكذلك لو كان الثمن دراهم فأقاله بطعام. وكذلك الكيل كله والوزن كله. إذا اختلف الثمن والنوع الذي أقاله به فالإقالة جائزة فيه في قياس قول أبي حنيفة. والشرط باطل. [وإذا] اشترى الرجل داراً أو أرضاً أو عبداً أو أمة أو ثوباً أو شيئاً من الحيوان فاصطلحا على الإقالة قبل أن يقبض البيع بغير عيب بطلب كان من البائع أو بطلب (¬4) من المشتري فهو جائز. وكذلك لو اختلفا في الثمن فاصطلحا على الإقالة قبل أن يقبض البيع. وكذلك لو كان قبض الثمن ولم يقبض البيع. فهذا كله سواء، وهو باب واحد. ¬

_ (¬1) م: لو أثم؛ ز: إذا تم. (¬2) ف + والفضل. (¬3) ز: الصيف. (¬4) ز: أو يطلب.

باب الصلح في كذا أو كذا

وإذا باع العبد التاجر بَيْعاً فلم يدفعه حتى اصطلحا على الإقالة فهو جائز. وكذلك المكاتب والذمي. وكذلك الصبي التاجر. وكذلك لو كان البَيْع عبدين بثمن واحد فاصطلحا قبل القبض على أن يسلم له أحدهما بثلثي الثمن وإقالةِ البيع في الآخر بغير شرط فهذا جائز. وكذلك لو أسلم له أحدهما (¬1) بنصف الثمن. وكذلك لو كان عِدْل زُطِّي فلم يقبضه حتى اصطلحا على أن أقاله البيع في ثياب منه مسماة فهو جائز (¬2). ولو كان اشترى ثوبين كل واحد منهما بعشرة فلم يقبض حتى اصطلحا على أن أقاله البيع في أحدهما وسلم له الآخر بأحد عشر درهماً بغير شرط فهذا جائز كله. وكذلك لو أقاله البيع في أحدهما وأعطاه الآخر بتسعة دراهم (¬3) بغير شرط فهذا جائز كله. ولو قال له: أقيلك (¬4) البيع على هذا على أن تحط عني من هذا درهماً أو على أن أزيدك في هذا درهماً (¬5)، فهذا كلة فاسد في قول أبي يوسف. ولو كان اشترى ثوبين كل واحد في صفقة بعشرة دراهم فلم يقبض حتى أقاله البيع في أحدهما على أن زاده في الآخر درهماً على ذلك فهو باطل، لا يجوز الحط فيه. ... باب الصلح في كذا أو كذا وإذا وكَّل الرجل وكيلاً بالصلح فيما ادعى في هذه الدار أو هذه الدار فأيهما ما صالح عليه الوكيل فهو جائز. وكذلك لو كان في عبدين أو عبد وأمة أو دار وأرض أو دار وعبد. وكذلك الدين، لو وكله بالصلح في دين على فلان أو فلان فأيهما ما صالح (¬6) فهو جائز. ¬

_ (¬1) ز: أخذهما. (¬2) ف - فهو جائز. (¬3) م ز: درهم. (¬4) ز: أقبلك. (¬5) م ز: درهم. (¬6) م ز: ما صلح.

باب الرجلان يصطلحان على حكم يحكم بينهما

وكذلك إذا قال: قد وكلتك بالخصومة فيما ادعيت في هذه الدار أو الصلح فيها، فخاصم فيها فهو جائز، وليس له أن يصالح بعد ذلك. ولو لم يخاصم وصالح كان جائزاً. وكذلك لو قال: قد (¬1) وكلتك ببيع عبدي (¬2) هذا أو بالصلح في دعواي قبل فلان، فأيهما صنع فهو جائز، وليس له أن يحدث في الباقي شيئاً بعد الأول؛ لأنه إنما هو وكيل في أحدهما. أرأيت لو قال: قد وكلتك (¬3) ببيع عبدي (¬4) هذا أو هذا (¬5)، فأيهما باع فهو جائز. وإن (¬6) قال: قد وكلتك (¬7) بعتق عبدي هذا أو هذا، فأيهما أعتق فهو جائز، وليس له أن يعتق الآخر بعد ذلك. ولو وكله بالصلح في دار ادعى فيها دعوى فصالح الوكيل الذي الدار في يديه على مائة درهم كان جائزاً. وإن لم يذكر في ذلك اسم الذي وكله ولم يضف ذلك إليه فإني أستحسن إجازة ذلك. ... باب الرجلان يصطلحان على حكم يحكم بينهما أبو يوسف عن إسماعيل بن أبي (¬8) خالد عن الشعبي أنه كان بين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وبين أبي بن كعب - رضي الله عنه - مُمَارَاة (¬9) في شيء، فحكّما بينهما زيد بن ثابت. فأتياه فخرج إليهما. فقال لعمر: هلا بعثت إلي فآتيك في بيتك يا أمير المؤمنين؟ فقال له عمر: في بيته يؤتى الحكم. فدخل فأذن لهما وألقى لعمر وسادة. فقال عمر: هذا أول جورك. ¬

_ (¬1) ف - قد. (¬2) ز: عندى. (¬3) م ز: قد توكلتك. (¬4) ز + هذ فأيهما باع فهو جائز وإن قال قد وكلتك بعتق عبدي. (¬5) ز - أو هذا. (¬6) ز: ووإن. (¬7) ز: قد وكلته. (¬8) ف - أبي. (¬9) م ز: مجاراة؛ م هـ: في نسخة ... ؛ ز هـ: في نسخة مماراة. والمماراة المجادلة. انظر: المصباح المنير، "مري".

وكانت اليمين على عمر. فقال زيد لأبي بن كعب: لو أعفيت أمير المؤمنين من اليمين. فقال عمر: يمين لزمتني، بل أحلف. فقال أبي: بل نعفي (¬1) أمير المؤمنين ونصدقه (¬2). أبو يوسف عن زكريا بن أبي زائدة عن عامر الشعبي أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ساوم بفرس فحمل عليه رجل له يَشُورُه (¬3) فعطب. فقال عمر: هو من مالك. وقال صاحبه: بل هو من مالك. فقال صاحب الفرس: اجعل بيني وبينك رجلاً. فقال: نعم، شريح العراقي بيني وبينك. فحكّماه. فقال شريح: إن كنت حملت عليه بعد السوم فهو من مالك يا أمير المؤمنين، وإن كنت حملت عليه قبل السوم فلا. فعرفه (¬4) عمر وبعثه قاضياً على أهل الكوفة (¬5). وبه نأخذ. وقال أبو حنيفة: إذا اصطلحا على حكم يحكم بينهما فحكم بينهما ببينة قامت عنده أو بإباء (¬6) يمين فارتفعا إلى قاضي البلد فإنه ينظر في حكمه. فإن كان موافقاً لرأيه أنفذه. وإن كان مخالفاً لرأيه أبطله. وإن كان شيئاً (¬7) يختلف فيه الفقهاء غير أنه مخالف لرأي القاضي فإن أبا حنيفة قال: يبطله؛ لأنه صلح، ولا ينفذ الصلح عند الحاكم إلا صلح موافق (¬8) لرأيه. وقال: لا يشبه قضاء هذا الحاكم قضاء القاضي؛ لأن القاضي مسلط، فما (¬9) قضى به القاضي مما يختلف فيه الفقهاء، فهو جائز. ¬

_ (¬1) ز: بل يعفى. (¬2) ز: نصدقه. وانظر: مسند ابن الجعد، 260؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 10/ 144، 145. وقريب منه في المصنف لعبد الرزاق، 8/ 271. (¬3) أي: يقبل به ويدبر لينظر كيف يجري، من شار الدابة في المشوار إذا عرضها للبيع. انظر: المغرب، "شور". (¬4) ز: فعرمه. (¬5) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 224؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 7/ 271. (¬6) م ف: أو بإيباء؛ ز: أو نائبا. (¬7) م ز: شيء. (¬8) م ز: يوافق. (¬9) م ز: فيما.

وقال أبو حنيفة: إن حكّما بينهما محدوداً في قذف أو أعمى أو صبياً أو عبداً مسلماً (¬1) فإن حكمه لا يجوز فيما بينهم وإن كان موافقاً لرأي القاضي؛ لأن شهادة (¬2) هؤلاء لا تقبل على شيء. وكذلك قال في الذمي يحكم بين المسلمين، فإن ذلك لا يجوز. وإن حكم بين أهل الذمة فهو جائز على ما وصفت لك. وإذا اصطلح (¬3) رجلان على حكم يحكم بينهما فوجه قضاءه على أحدهما ولم ينفذه ولم يمضه حتى رجع الذي وجه عليه القضاء عن تحكيمه ثم أمضى القضاء بعد ذلك فإن أبا حنيفة قال في ذلك: لا يجوز قضاؤه. وقال: لكل واحد منهما أن يرجع ما لم يمض عليه القضاء. وإذا اصطلح الرجلان على حكمين (¬4) يحكمان بينهما فقضى (¬5) أحد الحكمين (¬6) على أحد الرجلين فإن حكمه لا يجوز حتى يحكما جميعاً. وكذلك لو حكم أحدهما على أحد الرجلين (¬7) والآخر على الآخر فإنه لا يجوز. وإذا اصطلح الرجلان على حكم يحكم بينهما فقضى لأحدهما على صاحبه ثم رجع عن قضائه وقضى للآخر فإن القضاء الأول ماض على ما ذكرت لك، والقضاء الثاني باطل. وإذا (¬8) اصطلح الرجلان على حكم يحكم بينهما فقضى لأحدهما على صاحبه (¬9) بشيء مما يدعيه (¬10) ثم رجع المقضي عليه والمقضي له عن تحكيم هذا الحاكم فيما بقي بينهما فإن قضاءه الأول جائز، ولا يجوز أن ¬

_ (¬1) م ز: أو صبي أو عبد مسلم. (¬2) ز: شهادتهم. (¬3) ز: اصلح؛ صح هـ. (¬4) ز: على حكميين. (¬5) ز: قضاء. (¬6) ز: الحكميين. (¬7) م + فإن حكمه لا يجوز حتى يحكما جميعاً وكذلك لو حكم أحدهما على أحد الرجلين. (¬8) م ف ز - وإذا. والزيادة من ع. (¬9) ز: على صاحبهما. (¬10) م ز: يدعي.

يقضي بينهما فيما بقي (¬1). وإذا اصطلح الرجلان على حكمين يحكمان بينهما أحدهما حر والآخر عبد فحكما على أحدهما فإن ذلك لا يجوز مِن قِبَل أن العبد لا شهادة له. وإذا تحاكم رجلان إلى حكم اصطلحا عليه فقضى لأحدهما على الآخر بألف درهم بشهود (¬2) قامت عنده وعُدِّلُوا ثم قدمه إلى القاضي وجحد ذلك وأراد أن يستحلفه القاضي على ذلك فإنه يستحلفه. فإن حلف برئ من ذلك (¬3) وإن نكل عن اليمين لزمه ذلك. وإذا اصطلح الرجلان من أهل الذمة على حكم يحكم بينهما من أهل الذمة ثم أسلم الحكم قبل أن يمضي الحكومة فهو على حكومته. وكذلك لو مرض فأغمي عليه ثم أفاق. وكذلك لو غاب. ولو ارتد عن الإسلام خرج من الحكومة (¬4). ولو قتل على ردته أو لحق بالدار أو لم يلحق فإن لم يقض بشيء من ذلك وكان على دينه الأول كافراً فأسلم أحد اللذين حكما خرج من الحكومة فيما بينهما. ولو أن رجلين مسلمين حكّما رجلاً مسلماً في خصومتهما فأشهد الحاكم أنه قد قامت عندي بينة على كذا كذا وزُكُّوا، وقد قضيت بذلك لفلان على فلان، فإن ذلك جائز. ولو لم تقم عنده بينة وحلف المطلوب على دعوى الطالب فحلف وأبرأه من الدعوى فإن ذلك جائز، وهو بريء. فإن جاء الطالب بشهود بعدما حلف قبلت بينته. وكذلك لو كان هذا بقضاء قاض. ولو أن الشاهدين شهدا أن هذا الحاكم قد قضى لفلان على فلان بألف درهم، وشهد شاهدان للآخر أن الحاكم قد أبرأه من هذه الألف درهم التي يدعيها فلان قبله، والحاكم ميت أو غائب أو شاهد، فجحد القضاء كله أو أقر (¬5) به كله ¬

_ (¬1) ز - فإن قضاء الأول جائز ولا يجوز أن يقضي بينهما فيما بقي. (¬2) م ز: مشهود. (¬3) سقط من نسخة ز ابتداء من هنا مقدار ورقة حتى الورقة 85 ظ. (¬4) ف: عن الحكومة. (¬5) م ف: أو يقر.

أو أقر (¬1) ببعض وجحد (¬2) بعضاً، فإني أقضي بالبراءة لصاحب البراءة وأنفذها على الطالب. ولو كانت الحكومة في دار فجاء أحد الخصمين بشاهدين أن الحاكم قضى بها له على هذا وجاء الآخر بمثل ذلك فإني انظر: فإن كانت الدار في أيديهما قضيت بها بينهما نصفين. وإن كانت في يدي أحدهما دون الآخر قضيت بها للذي هي في يديه. وكذلك لو كانت في يدي رجل أجنبي ولم يرض بحكومة الحاكم لم (¬3) أنفذ عليه قضاء هذا الحكم، وتركتها في يديه بعد أن يكون يدعيها. وكذلك هذا في الرقيق والحيوان والعروض كلها. وإذا حكّم رجلان عبداً فيما بينهما ثم عتق العبد فحكم بينهما فإن حكمه بينهما باطل لا ينفذ؛ لأنهما ولّياه وهو يومئذ لا تجوز شهادته. وكذلك لو حكّما ذمياً ثم أسلم. وكذلك لو حكّما بينهما صبياً ثم احتلم، أو مرتداً عن الإسلام فأسلم وتاب، فإن حكمه (¬4) بينهما باطل لا يجوز. فإن رضيا أيضاً بحكومته بعد الإسلام وبعد العتق وبعد البلوغ فحكم فحكمه جائز. وإذا حكّم رجل مسلم ومرتد بينهما حكماً فحكم بينهما ثم قتلى المرتد على ردته فإن حكمه لا يجوز عليه في قياس قول أبي حنيفة. وكذلك لو لم يقتل ولكنه لحق بدار الحرب. ولو تاب وأسلم جاز تحكيمه. وقال محمد: أنا أرى حكمه جائزاً في جميع ذلك. وإذا حكّم العبد حكماً بينه وبين خصم له فهو جائز عليه كما يجوز على الحر. وكذلك المكاتب. وإذا قال الحاكم: قد أقر عندي فلان لفلان بألف درهم وقضيت بها عليه، وقال فلان: ما أقررت بذلك، فإن قضاءه ماض جائز عليه. ¬

_ (¬1) م ف: أو يقر. (¬2) م ف: ويجحد. (¬3) ف - لم. (¬4) م: حكم.

وإذا أقام أحد الزوجين بينة أن الحاكم الذي حكم بينهما قضى له على فلان بألف درهم يوم السبت ثم أقام المقضي عليه البينة أنه قد أخرجه من الحكومة يوم الجمعة قبل السبت فإن حكومته باطلة لا تجوز. ولو لم يقم على ذلك بينة وأقام بينة أنه قد قضى له بالبراءة من هذا المال يوم الجمعة وأقام الآخر بينة أنه قد قضى له يوم السبت فإن البراءة والقضاء الأول نافذ عليهما، ولا يجوز القضاء الثاني عليهما إلا بتحكيم مستقبل. وكذلك لو قضى بالمال أول مرة وقضى بالبراءة بعد ذلك فإن القضاء الأول جائز، والقضاء الثاني باطل لا يجوز. ولا يجوز كتاب الحاكم بحكمه إلى قاض، ولا ينبغي للقاضي أن يقبل ذلك. ولا ينبغي للقاضي أن يكتب إلى حكم حكّمه رجلان بشهادة شهود شهدوا عنده. ولا ينبغي للحاكم أن يقضي بكتاب قاض كتبه إلى قاض (¬1). ولو قضى بذلك لم يجز. فإن كتب القاضي بذلك فقد أخطأ القاضي. فإن رضي المحكِّمان أن يُنفِذ الحَكَمُ القضاءَ بينهما بكتاب القاضي فأنفذه فهو جائز. وقضاء الحكم في الطلاق والعتاق والكتابة وحقوق الناس فيما بينهم في الديون والبيوع والكفالات والقرض والقصاص وأرش الجراحات جائز في ذلك كله إذا وافق (¬2) ذلك رأي القاضي الذي رفع (¬3) ذلك إليه. ولا يجوز قضاؤه في حد سرقة ولا حد قذف ولا حد زنى ولا خمر ولا لعان (¬4) بين رجل وامرأته. فإن فعل ذلك فهو باطل. وإن قضى بتضمين السرقة فهو جائز. وإن قضى بقطع يد أو بدم عمد ببينة (¬5) عدول فهو جائز. ألا ترى أن الطالب لذلك لو اقتص بغير قضاء قاض (¬6) ولا حاكم ثم قدم شهوده بذلك إلى القاضي أنفذه له وأمضاه. ¬

_ (¬1) م + كتبه إلى قاضي. (¬2) ز: إذا وقف. (¬3) م ز: دفع. (¬4) ز: لعاد. (¬5) ز: بينة. (¬6) م ز: قاضي.

وإذا اختصم رجلان فحكّما بينهما رجلاً ورضيا بقضائه، فادعى المدعي شهوداً على دعواه، فأقام شاهدين أن له على هذا الرجل وعلى فلان كفيله للطالب ألف درهم وزن سبعة، وكل واحد منهما كفيل ضامن لذلك، فقال المدعى قبله: شاهداه عبدان لفلان، فقالا: قد كنا عبدين لفلان فأعتقنا (¬1)، وهو غائب، وأقاما على ذلك بينة وعُدِّلُوا عند الحاكم، فإن الحاكم يقضي بعتقهما، ويجيز شهادتهما، ويقضي بالمال على الرجل الحاضر (¬2)، ولا يقضي له على الكفيل بشيء؛ لأنه لم يرض بحكمه. ولا يقضي (¬3) على مولى العبدين بعتاق العبيد؛ لأنه لم يرض بحكمه. وإنما يقضي بعتاقهما على المشهود عليه بالمال؛ لأنه رضي بحكمه. فإن جاء مولى العبدين فأنكر العتق وقدمهما إلى القاضي فإن (¬4) شهد لهما الشاهدان الأولان أو غيرهما على ذلك العتق فأمضاه القاضي فإن شهادتهما بالمال جائزة. فإن لم تكن (¬5) لهما بينة بذلك العتق جعلهما القاضي عبدين، وأبطل حكم الحاكم بذلك المال؛ لأنه قضى بشهادة عبدين. ولو أن رجلاً ادعى قبل رجلين ثوباً غصباً أو شاة غصباً أو شيئاً من الكيل والوزن، فغاب أحدهما وشهد الآخر، فصالحه على حكم يحكم بينهما، فدعا المدعي بشهوده (¬6) فشهدوا على حقه عليهما، فقضى الحاكم بذلك عليهما جميعاً، فإنه يلزم الشاهد نصف ذلك، ولا يلزم الغائب بشيء من ذلك؛ لأنه لم يرض بحكمه ولم يفوض ذلك إلى صاحبه ولم يوكله. ولو أن رجلاً ادعى قبل رجل دماً خطأً فاصطلحا على أن حكّما بينهما رجلاً فأقام المدعي بينة على دعواه فقضى الحاكم على العاقلة بذلك فإن ¬

_ (¬1) ف - فأعتقنا. (¬2) ز - الحاضر. (¬3) ف: ولا يرضى. (¬4) م ف ز: وإن. والتصحيح من ب؛ والكافي، 2/ 207 و. (¬5) ز: لم يكن. (¬6) ز: شهوده.

ذلك لا يجوز عليهم، لأنهم لم يرضوا بحكمه. ولو قضى بذلك على القاتل في ماله ثم رفع ذلك إلى القاضي أبطل ذلك الحكم، لأنه إنما يلزم (¬1) العاقلة. ولو أن رجلاً ادعى قبل رجل ميت مالاً وورثته غُيَّب إلا واحداً منهم حاضر، فاصطلحا على أن حكّما بينهما حكماً، فأقام المدعي البينة على حقه، فقضى الحاكم على الميت بذلك، فإن ذلك لا يجوز على ورثة الميت، لأنهم لم يرضوا بحكمه، ويجوز الحكم على الشاهد الذي رضي بحكمه في جميع ميراثه. وإذا اصطلح رجلان على حكم يحكم بينهما فمكثا أشهراً لا ينظر في شيء من أمرهما ثم حكم بينهما فإنه جائز. ولو مكث ينظر في أمرهما أشهراً ثم حكم بينهما فإنه جائز. ولو غاب الحاكم أو مرض فأغمي عليه أو سافر ثم برأ من مرضه وقدم من سفره كان على حكمه ما لم يخرجاه من ذلك أو يخرجه أحدهما. وكذلك لو حبس في دين عليه. وكذلك لو حكم بينهما وهو محبوس. وكذلك لو كان لأحدهما عليه دين أو لهما جميعاً فحبساه به أو لم يحبساه. وكذلك لو حكم بينهما في غير ذلك البلد الذي حكما فيه. وكذلك لو غاب أحدهما ووكل بخصومته أو غابا جميعاً ووكَّل كل واحد منهما بخصومته وكيلاً. فإن وكَّل أحدهما الحاكم بعينه بخصومته وقبل ذلك الحاكم فإن ذلك يخرجه من الحكومة، ولا يجوز قضاؤه. وكذلك لو استعمل الحاكم على القضاء ثم عزل عن القضاء فهو على خصومته بينهما. ولو رجع عن الإسلام ولحق بالدار أو لم يلحق فإن حكومته لا تجوز فيما بينهما. ولو لم يرتد (¬2) عن الإسلام ولكنه اشترى العبد الذي اختصما فيه إليه وحكّماه فيه فإن حكومته لا تجوز في ذلك. وكذلك لو اشتراه أحد ممن لا تجوز شهادته له. وإذا اصطلح رجلان على حكم يحكم بينهما وهو أبو أحدهما أو ابنه ¬

_ (¬1) م ف ز: يلزمه. والتصحيح من ب؛ والكافي، 2/ 207 و. (¬2) ز: لم ترتد.

أو جده (¬1) أو أحد ممن لا تجوز شهادته له أو أبوهما جميعاً فإن ذلك لا يجوز. فإن قضى بينهما لم ينفذ قضاؤه. فإن كان قضى على ابنه (¬2) للغريب منهما فهو جائز. وكذلك الذمي والمسلم يختصمان فيحكّمان بينهما ذمياً، فإن حكم على المسلم لم يجز، وإن حكم على الذمي جاز (¬3). وكذلك المرأتان تختصمان فتحكّمان (¬4) زوج إحداهما، فإن قضى لامرأته فهو باطل، وإن قضى عليها فهو جائز. وإذا اصطلح رجلان مسلمان على ذمي يحكم بينهما فقالا: إذا أسلمت فأنت الحاكم بيننا، فأسلم فإنه لا يجوز حكمه، ولا يكون حكماً بينهما، من قبل أنهما ولّياه ذلك وهو ذمي، فلا يجوز ذلك، وقالا له: إذا أسلمت، فصار (¬5) هذا مخاطرة. وكذلك إذا قالا: إذا هَلَّ (¬6) الهلال فاحكم بيننا. وكذلك إذا قالا: إذا قدم فلان فاحكم بيننا (¬7). وكل شيء من هذا له وقت وأجل جعلاه حكماً إذا مضى الأجل فإنه لا يجوز في قول أبي يوسف. وذلك جائز في قول محمد. هذا عند الوقت كما قالا، وهذا بمنزلة الوكالة. ألا ترى أن الخليفة لو قال لرجل: إذا قدمت من الحج فأنت والٍ (¬8) لقضاء الكوفة، فقدم، أن ذلك جائز. ولو اصطلحا في كفالة بمال أو بنفس على حكم يحكم بينهما كان جائزاً. ولو اشترى رجل من رجل عبداً وقبضه ونقد الثمن ثم طعن بعيب فاصطلحا على حكم يحكم بينهما في ذلك فهو جائز. وليس للبائع أن يخاصم الذي باعه العبد في ذلك العيب ولا في غيره إذا رده الحاكم عليه، لأنه قبله بغير قضاء قاض، إنما قبله بصلح. ولو اصطلحوا جميعاً على حكم ¬

_ (¬1) ف - أو ابنه أو جده. (¬2) ف: لابنه. (¬3) ف: رجلان. (¬4) ز: فيحكمان. (¬5) ز: فضار. (¬6) هلَّ الهلال، أي: ظهر. انظر: المصباح المنير، "هلل". (¬7) ز: بينا. (¬8) م ز: والي.

هذا الحاكم فرد على البائع الثاني ثم رد على البائع الأول فإن ذلك جائز. أستحسن ذلك وأدع القياس فيه. وكان ينبغي في القياس أن لا يرده الثاني على الأول، لأنه قبله بصلح بغير قضاء قاض، ولكني تركت القياس لرضى البائع الأول بذلك. ولو نقض البائع الأول الحكومة بعدما رد العبد على البائع الثاني كان له ذلك. وإن خاصمه إلى القاضي بذلك العيب فإنه ينبغي في القياس أن لا يرده القاضي على الأول، لأن الثاني قبله بغير قضاء قاض (¬1) في القياس. ولكني أستحسن (¬2) في هذا وأدع القياس، فأقضي بينهما كما يقضى لو قبله بغير قضاء قاض (¬3). وإذا اصطلح الرجلان على أن يحكم بينهما أول من يدخل عليهما هذا المسجد فهذا باطل. فإن دخل عليهما رجل فاصطلحا على تحكيمه بعد دخوله فهو جائز. وإذا اصطلح الرجلان على أن يحكّما بينهما فلان بن فلان أو فلان بن فلان فأيهما ما حكم فهو جائز. فإن اختصما إلى أحدهما فقضى بينهما فهو جائز. وإذا اصطلح الرجلان على أن يحكّما رجلاً بينهما ولم يُعْلِماه ذلك ولكنهما قد اختصما إليه وحكم بينهما فهو جائز. فإن اصطلحا على أن يحكّما (¬4) بينهما صبياً (¬5) فهو باطل لا يجوز. وإن اصطلحا على حكم يحكم بينهما فابيضت عيناه حتى صار لا يبصر بهما ولا تجوز شهادته لو (¬6) شهد به ثم ذهب ذلك عنه لم يجز حكمه. وكذلك لو لم يذهب بصره ولكنه ارتد عن الإسلام ثم تاب وأسلم ¬

_ (¬1) م ز: قاضي. (¬2) ف + هذا. (¬3) م ز: قاضي. (¬4) م ز: أن يحكم. (¬5) م ف ز: صبي. (¬6) ف: ولو.

فإن حكمه لا يجوز. ألا ترى أنه لو أَشْهَدَ (¬1) على شهادته ثم ارتد عن الإسلام لم يسع الشاهدين (¬2) أن يَشهدا (¬3) عليها حتى يُشْهِدهما (¬4) بعد الإسلام. ولو شهد عند القاضي وهو مسلم ثم رجع (¬5) عن الإسلام ثم أسلم لم يسع القاضي أن يقضي بتلك الشهادة ولا يمضيها (¬6) حتى يشهد عليها بعد الإسلام. وكذلك الحكم. ولو اصطلح رجلان على حكم يحكم بينهما وهو غائب فأبى أن يقبل ذلك ثم حكم بينهما فإن ذلك لا يجوز إلا أن يجدد الصلح بعد إبائه (¬7). ولو اصطلحا على حكم يحكم بينهما وهو غائب فقدم فحكم بينهما (¬8) كان جائزاً. ولو اصطلح رجلان مسلم وذمي على مسلم وذمي فحكما جميعاً على الذمي كان جائزاً، وإن حكما على المسلم لم يجز. وإن اختصم ذميان فحكّما بينهما عبداً مسلماً فحكم بينهما لم يجز ذلك. وكذلك المكاتب والمدبر وأم الولد والعبد التاجر والمحجور عليه. ولو حكم أحد من هؤلاء لم يجز حكمه. ولو اصطلح رجلان على حكم يحكم بينهما فجعل ذلك الحكم إلى حكم غيره لم يجز ذلك إلا أن يرضيا بذلك. ولو حكّما رجلان بينهما رجلاً على أن يستفتي فلان بن فلان ثم يقضي بينهما بما قال فهو جائز. ولو حكّما بينهما رجلاً على أن يسأل الفقهاء ثم يقضي بينهما بما اجتمعوا عليه فهو جائز. وكذلك لو سأل فقيهاً واحداً فقضى بينهما بقوله فهو ¬

_ (¬1) ف: لو شهد. (¬2) م: الشاهدان؛ ز: الشاهد. (¬3) ز: ان شهدا. (¬4) م ف ز: حتى يشهده. والتصحيح من الكافي، 2/ 208 و. (¬5) م ف ز: ثم يرجع. (¬6) ز: يمضها. (¬7) م ز: إيبائه. (¬8) م ز + حكما.

جائز إذا وافق ذلك رأي القاضي، وإن خالف رأي القاضي أبطلته. وإذا اختصم الحر والعبد التاجر والمكاتب وحكّموا بينهم (¬1) حكماً فهو جائز. فإن حكّموا مولى العبد أو مولى المكاتب فإن (¬2) حكم لعبده أو لمكاتبه فإن ذلك باطل لا يجوز، وإن حكم على عبده أو مكاتبه جاز ذلك. وإن اصطلحا على أن يحكم بينهما في يومه هذا أو في مجلسه هذا فهو جائز على ما قالا. فإن مضى ذلك اليوم أو قام من ذلك المجلس فلا حكومة له. وإن لم يجعلا لذلك أجلاً فهو حكم بينهما ما لم يخرجاه من الحكومة أو يخرجه أحدهما. وإن اصطلحا على أن يحكم بينهما صاحب الشرطة أو خليفته أو المعونة (¬3) فهو جائز. وإن اصطلحا على أن يحكم بينهما رجل مسلم عدل غير أنه لا يبصر (¬4) الفقه فهو جائز. وإن اصطلحا على أن يحكم بينهما رجل قد سمياه (¬5) من أهل بلد آخر ثم رحلا (¬6) إليه فاختصما إليه جميعاً فهو جائز. وإن اختصمم رجلان وأحدهما مفاوض لرجل آخر فاصطلحا على أن يحكم بينهما فقضى على المفاوض فهو جائز على شريكه. وكذلك المضارب. ولو أن رجلاً أمر رجلاً فاشترى عبداً فوجد به عيباً فصالح بَيِّعه (¬7) ¬

_ (¬1) م ف ز: بينهما. (¬2) م ف ز: في أن. (¬3) م ز: أو المعدى؛ ف: أو المندى (مهملة). وفي الكافي: المعرى. انظر: الكافي، 2/ 208 و. وقد تقدمت هذه الكلمة في كتاب الوكالة كذا "معرى". انظر: 8/ 101 ظ. ولعل الصواب ما أثبتناه. فالمعونة تستعمل بمعنى إعانة الأمير للمظلوم الذي طلب منه المعونة على أخذ حقه. ويقال لذلك العَدْوَى أيضاً. وعلى هذا فقد يكون لفظ, المعدى" الموجود في بعض النسخ صحيحاً. ويكون صاحب العدوى أو المعونة هو المسئول الذي يعين المظلوم على أخذ حقه. والله أعلم. انظر: مختار الصحاح، "عدو". (¬4) م ز: لا ينصر. (¬5) م ز: قد سميناه. (¬6) م ز: ثم رجلاً. (¬7) البيعان هما المتبايعان كما تقدم.

الآمر على حكم يحكم بينهما فرده على البائع أو ألزمه المشتري كان جائزاً على الآمر. ولو كان باع له عبداً بأمره فرده بعيب ثم اصطلحا على حكم يحكم بينهما فرده (¬1) بشهود (¬2) عدول أو عيب لا يحدث مثله قبل القبض كان جائزاً على البائع. وإن كان عيب يحدث مثله وقد قبضه ولم يقم بينة وأبى اليمين لزم العبد البائع ولم يلزم الآمر. فإن قامت بينة عدول ومثله يحدث لزم البائع، ولم يلزم الآمر شيء (¬3) من ذلك، وقال محمد: لا يلزم الآمر شيء على حال، لأن هذا بمنزلة الإقالة في العيب إن حدث مثله أو لم يحدث مثله. وإذا كانا شريكين شركة عنان في البيع والشراء فخاصم أحدهما فى سلعة باعها أو اشتراها فحكّما بينهما حكماً فهو جائز، ويجوز على شريكه من ذلك ما يجوز عليه بمنزلة المضارب. وإن كانا ليسا بشريكين في التجارة ولكنهما اشتريا سلعة جميعاً فخاصم أحدهما البائع فحكّما بينهما فإنه لا يجوز على الذي لم يحكّم شيء (¬4) من ذلك، ويجوز على الذي حكّم. ولو أن رجلاً باع سلعة لرجل بأمره فطعن المشتري فيها بعيب فحكّما رجلاً فحكم بينهما وذلك برضى من الآمر، فردها بذلك العيب بإقرار البائع، أو بإباء البائع (¬5) اليمين، أو ببينة قامت، فإنه يلزم الآمر في ذلك كله. ولو كانت الحكومة بغير رضى من الآمر لم يلزمه من ذلك شيء إلا ببينة. ولو كان اشترى له عبداً بأمره فطعن في عيب فحكّما بينهما حكماً (¬6) برضى الآمر فرده ببينة أو بإقرار أو بإبائه اليمين (¬7) كان جائزاً. ولو حكّما ¬

_ (¬1) ز - بعيب ثم اصطلحا على حكم يحكم بينهما فرده. (¬2) ز: شهود. (¬3) ف: بشيء. (¬4) م ف ز: بشيء. (¬5) ز - البائع. (¬6) ف: رجلاً. (¬7) ز - أو ببينة قامت فإنه يلزم الآمر فى ذلك كله ولو كانت الحكومة بغير رضى من الآمر لم يلزمه من ذلك شيء إلا ببينة ولو كان اشترى له عبداً بأمره فطعن في عيب فحكما بينهما حكما برضى الآمر فرده ببينة أو بإقرار أو بإبائه اليمين.

فيما بينهما بغير رضى الآمر فرده ببعض ما ذكرنا فإن ذلك جائز. وإذا اختصم رجلان فاصطلحا على أن يبعث كل واحد منهما حكماً من قبله فهو جائز، وما حكم الحكمان فهو جائز. وكذلك هذا في الطلاق والنكاح والنفقة. ألا ترى إلى كتاب الله تعالى: {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} (¬1). فأصل الحكومة في كتاب الله -عَزَّ وَجَلَّ-. وإذا اصطلح رجلان على حكم فحكم (¬2) بينهما فأجاز القاضي حكومته قبل أن يحكم بينهما ثم حكم بينهما (¬3) بخلاف رأي القاضي فإنه لا يجوز. ولو كان بين رجلين خصومة فوكَّل كل واحد منهما وكيلاً بخصومته فإنه لا يجوز للوكيلين أن يحكّما بينهما حكماً، لأن الحكومة صلح، ولم يوكلا بالصلح، إنما وكلا بالخصومة. ولو وكلا بالصلح والخصومة جاز حكم الحاكم بين الوكيلين (¬4). ولو وكَّل كل واحد منهما بالخصومة والصلح وأجاز ما صنع من شيء فهو جائز، جاز حكم الحكمين فيما بينهما. ولو أن رجلين خاصما في شفعة فجعلا فيها حكماً كان حكمه جائزاً. ولو أن الإمام الذي استعمل القاضي أمر رجلاً غير القاضي أن يحكم بين رجلين فحكم بينهما كان جائزاً، وهو بمنزلة القاضي بعد أن يكون ممن تجوز شهادته. ولو أن قاضياً أمر رجلاً أن يحكم بين رجلين لم يجز ذلك إلا أن يجيزه القاضي بعد الحكم، فيكون قضاء منه، أو تراضيا به الرجلان قبل الحكم فيكون بمنزلة حكم حكّماه. ولو أن رجلاً حكم بين رجلين حكماً ولم يحكّماه فقالا بعد حكمه: ¬

_ (¬1) سورة النساء، 4/ 35. (¬2) م ز: يحكم. (¬3) ز - ثم حكم بينهما. (¬4) ز: الوكيلتين.

قد رضينا بحكمه وأجزناه علينا، فهو جائز، وهو بمنزلة رضاهما به قبل حكمه. ولو حكّما رجلاً فلما وجّه القضاء (¬1) على أحدهما أخرجه من الحكومة فحكم عليه وهو خارج من الحكومة ثم رضي بحكومته وأجازها كان جائزاً عليه. وليس للحاكم أن يولي الحكم غيره إلا برضى من الخصمين. فإن حكم بينهما بغير رضاهما فأجاز ذلك الحكم الأول (¬2) فهو باطل لا يجوز. وإن أجازه الرجلان بعد ورضيا به بعد حكمه فإنه جائز، وهو بمنزلة قضاء القاضي. ولو أن ذمياً حكم بين مسلمين حكماً ورضيا به بعد حكمه فإنه لا يجوز. وإن (¬3) رضي المقضي عليه (¬4) أن يلزم ذلك المال بعينه وأقر به على نفسه لزمه ذلك بإقراره، ولم يلزمه بحكم الذمي، لأن حكم الذمي لا يجوز على حال وإن تراضيا به، لأنه لا شهادة له، وإنما يجوز حكم من تجوز شهادته. ولو كانت داراً فقضى بها بينهما (¬5) نصفين فأجازا ذلك وأقرا به جاز ذلك عليهما، لأنه صلح بينهما مستقبل، وليس يجوز ذلك بحكم (¬6) الذمي. وإذا اصطلح الرجلان بحَكَم يحكم بينهما فقضى لأحدهما على الآخر ثم اصطلحا على حكم آخر يقضي بينهما فإنه ينبغي أن يُنفِذ [حُكْمَ] (¬7) ذلك الحاكم إن كان عدلاً عنده، وإن كان جوراً أبطله. وإذا رد الحاكم شهادة شهود شهدوا (¬8) عنده بتهمة ثم اختصموا إلى حاكم آخر أو إلى قاض (¬9) فإنه ينبغي له أن يسأل عنهم، فإن زُكُّوا أجازهم، وإن لم يزكوا أبطله وردهم. ¬

_ (¬1) ز: الفضل. (¬2) م ف: للأول. (¬3) ز: فإن. (¬4) م ز + عليه. (¬5) ز + نص. (¬6) ز: يحكم. (¬7) من ب. (¬8) م ز: شهودوا. (¬9) م ز: إلى قاضي.

وإذا حكم رجل بين رجلين فحكم بحكم، ثم ارتفعوا وتحاكموا إلى حكم آخر فحكم بينهما بحكم سوى (¬1) ذلك ولم يعلم بالأول، ثم ارتفعوا إلى القاضي، فإنه ينفذ الحكم الذي يوافق رأي القاضي من ذلك. وإذا اختصم رجلان فحكّما بينهما حكماً ورضيا بقضائه فدعى المدعي بشهوده (¬2) على دعواه، فأقام شاهدين أنه (¬3) له على هذا الرجل وعلى فلان كفيله الغائب كذا كذا درهماً، وكل واحد منهما كفيل ضامن على صاحبه لذلك، فقال المدعى قبله: شاهداه عبدان، فقالا: قد كنا عبدين لفلان فأعتقنا، وهو غائب، ثم أقاما على ما قالا وادعيا بينة وعُدِّلُوا في السر والعلانية عند القاضي، فإن الحاكم ينبغي له أن يجيز عتقهما بشهادة (¬4) هؤلاء الذين شهدوا لهما ويجيز شهادتهما، ويقضي بالمال على الرجل الحاضر، ولا يقضي على الكفيل الغائب بقليل ولا كثير، ولا يقضي على مولى العبدين بعتق العبدين، لأنه لم يرض بحكومته (¬5). فإن شهد لهما الشاهدان أو غيرهما على العتق فامضاه القاضي فإن (¬6) شهادتهما جائزة، وهما حران. وإذا حكّم رجلان حكماً فحكم (¬7) بينهما ولم يُشْهِدَا على ذلك، فإن تجاحدا فقالا: لم نحكمه، وقال هو: بلى قد حكمتُ، فإنه يصدق ما دام في مجلس الحكومة. فإن قام من مجلس الحكومة لم يصدق حتى يَشهد على ذلك غيرُه (¬8). ¬

_ (¬1) ز: سواء. (¬2) ز: شهوده. (¬3) ف ز: أن. (¬4) ز: شهادة. (¬5) ف - لأنه لم يرض بحكومته. (¬6) ز: فانى. (¬7) ف: يحكم. (¬8) م + والله أعلم آخر كتاب الصلح والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد وآله كتبه أبو بكر بن أحمد بن محمد الطلحي الأصفهاني في ربيع الآخر سنة تسع وثلاثين وستمائة؛ ف + والله أعلم آخر كتاب الصلح والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيد المرسلين محمد خاتم النبيين وآله الطاهرين وأصحابه الكرام المنتخبين؛ ز + والله أعلم آخر كتاب الصلح والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد وآله أجمعين.

كتاب الوكالة

بِسْمِ اللهِ الرّحمَنِ الرّحِيمِ (¬1) كتاب الوكالة أخبرنا أبو سليمان قال (¬2): أخبرنا محمد بن الحسن عن يعقوب بن إبراهيم (¬3) عن محمد بن سالم عن عامر الشعبي عن فاطمة بنت قيس قالت: طلقني زوجي ثلاثاً، ثم خرج إلى اليمن، فوكَّل أخاه بنفقتي، فخاصمته إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلم يجعل لي نفقة ولا سكنى (¬4). محمد عن أبي يوسف عن محمد بن إسحاق عن جهم بن أبي الجهم عن عبد الله بن جعفر قال: كان علي بن أبي طالب لا يحضر خصومة أبداً، وكان يقول (¬5): الشيطان يحضرها، وإن لها قُحَماً (¬6)، فكان إذا خوصم في شيء من أمواله وكَّل عقيلاً. فلما كبر عقيل وأسن وكَّل عبد الله بن جعفر، ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) ع - قال. (¬3) م ف ع: عن إبراهيم. (¬4) روي نحو ذلك. انظر: الموطأ، الطلاق، 67، وصحيح مسلم، الطلاق، 41، 42، 48؛ وسنن أبي داود، الطلاق، 37 - 39. (¬5) ف + إن. (¬6) قال المطرزي: القُحْمَة الشدة والورطة، ومنها حديث علي - رضي الله عنه - في الخصومة: وإن لها لَقُحَما. وفتح القاف خطأ. انظر: المغرب، "قحم".

وقال: هو وكيلي، فما قضي عليه فهو علي، وما قضي له فهو لي. [قال عبد الله بن جعفر]: (¬1) فخاصمني طلحة بن عبيد الله في ضَفِير أحدثه علي بين أرض طلحة وأرضه. وقال: الضَّفِير: المُسَنّاة (¬2). قال: فقال طلحة: إنه قد أضر بي (¬3) وحمل عليّ السيل. قال: فوعدنا عثمان بن عفان أن يركب معنا فينظر إليه. قال: فركب. قال: فوالله إني وطلحة نختصم في الموكب (¬4) وإن معاوية على بغلة له شهباء أمام الموكب وقد قدم قبل ذلك وافداً. قال: فألقى كلمة عرفت أنه قد أعانني بها. وقال: أرأيت هذا الضفير كان على عهد عمر؟ قلت: نعم. قال: لو كان جوراً ما تركه عمر. قال: فسار عثمان حتى رأى الضفير. قال: ما أرى ضرراً، وقد كان على عهد عمر، ولو كان جوراً لم يدعه (¬5). محمد عن أبي يوسف عن رجل عن عامر أنه كان يقبل الوكالة في الخصومة. محمد عن أبي يوسف عن أشعث (¬6) بن سوار عن محمد بن سيرين عن شريح أنه كان يجيز بيع كل مجيز (¬7): الوصي والوكيل. محمد عن أبي يوسف عن مطرف بن طريف عن عامر عن شريح أنه قال: من اشترط الخلاص فهو أحمق، سلم ما بعت أو رد ما أخذت (¬8)، ¬

_ (¬1) زيادة توضيحية. (¬2) والمُسَنّاة ما يُبنى للسيل ليردّ الماء. انظر: المغرب، "سنو". (¬3) ز: أضرني. (¬4) الموكب بوزن الموضع بابة من السير، وهو أيضاً القوم الركوب على الإبل للزينة، وكذلك جماعة الفرسان. انظر: مختار الصحاح، "وكب". والأقرب هنا هو المعنى الأخير. (¬5) ف + عمر. والأثر روي مختصرا بدون القصة في المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 5؛ والسنن الكبرى للبيهقى، 6/ 81. (¬6) ز ع: عن أشعب. (¬7) المجيز من يتم العقد بإجازته. انظر: المبسوط، 19/ 4. (¬8) ع: ورد ما أحدث.

ولا خلاص (¬1). وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد يأخذون بحديث شريح. محمد (¬2) عن أبي يوسف عن المغيرة الضبي عن إبراهيم أنه سئل عن ولي باع عبداً، فقال: يؤخذ بخلاصه. وقال أبو يوسف: كان أبو حنيفة لا يأخذ بهذا الحديث. وقال أبو يوسف ومحمد: لا نأخذ (¬3) به (¬4) أيضاً. وإذا وكَّل الرجل بالخصومة في شيء فهو جائز، وهو خصم بمنزلة الذي وكله غير أنه لا يجوز إقرار الوكيل على الذي وكله إلا عند القاضي. فأما عند غير القاضي فلا (¬5) يجوز. هذا في قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: يجوز (¬6) إقراره عند القاضي وعند غيره، وتقبل (¬7) البينة عليه بذلك. وإذا وكَّل الرجل الرجل بالخصومة (¬8) في دار يدعي فيها دعوى ثم عزله عنها ثم جاء الوكيل يشهد له بتلك الدار، قال: إن كان الوكيل قد خاصم إلى القاضي فإن شهادته لا تجوز (¬9). فإن (¬10) كان لم يخاصم إلى القاضي فإن شهادته جائزة في قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: لا تجوز (¬11) شهادته على حال. وإذا وكَّل الرجل الرجل بالخصومة فله أن يخرجه منها متى ما بدا له ما خلا خصلة واحدة: أن يكون الخصم هو الذي أخذه حتى جعله وكيلاً في الخصومة، فلا يكون له أن يخرجه إلا بمحضر من الخصم. وهو قول أبي يوسف ومحمد. ¬

_ (¬1) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 193؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 292. (¬2) ز - محمد. (¬3) ز ع: لا يأخذ. (¬4) ف: بهذا الحديث. (¬5) ف ز: ولا. (¬6) ع: بجواز. (¬7) ز ع: ويقبل. (¬8) ع: الخصومة. (¬9) ز: لا يجوز. (¬10) ع: وإن. (¬11) ز: لا يجوز.

وإذا وكَّل الرجل رجلاً بالخصومة في دعوى يدعيها وهو مقيم بالبلد فإنه لا يقبل منه ذلك إلا برضى من خصمه إلا أن يكون مريضاً. وإن كان غائباً فلا يقبل منه وكيل إلا أن تكون (¬1) غيبته مسيرة ثلاثة أيام فصاعداً فتقبل (¬2) منه الوكالة. وهذا قول أبي حنيفة. وكذلك المرأة والرجل كلاهما (¬3) في ذلك سواء. وقال أبو يوسف ومحمد: يقبل في جميع ذلك من الحاضر والغائب من علة وغير علة. وكذلك الرجل والمرأة، هما (¬4) في ذلك سواء. وقال أبو يوسف ومحمد: أقبل ذلك كله في الوكالة وإن سخط الخصم. فإن وكَّل الرجل امرأة أو وكلت المرأة رجلاً أو الرجل (¬5) يوكل عبده أو مكاتبه أو عبد غيره بإذن مواليه فإن ذلك كله جائز. وكذلك المسلم يوكل الذمي أو الذمي يوكل المسلم. فلا يقبل شيء من ذلك إلا أن يكون صاحبه الذي وكله مريضاً أو غائباً مسيرة ثلاثة أيام فصاعداً في قول أبي حنيفة إلا أن يرضى الخصم. والوكالة في كل خصومة من طلاق أو نكاح أو عتاق أو دين أو دعوى في دار أو غير ذلك جائز ما خلا الحدود والقصاص أو سلعة ترد بعيب. فلا بد من أن يحضر المشتري ويحلف إذا ادعى (¬6) خصمه أنه قد رضي خصمه. وإذا وكَّل الرجل بطلب دين له قبل رجل وغاب الطالب فقامت البينة على المطلوب فقال (¬7): أريد يمين الطالب ما استوفى مني، أو قال: أريد يمينه لقد شهدت شهوده على حق، فليس له أن يحبس (¬8) المال حتى يحضر صاحب اليمين، ولكن يؤديه ثم يطلب صاحبه فيحلّفه: ما استوفيت مني، فإن حلف برئ، وإن نكل عن اليمين لزمه المال. وليس له أن يحلفه بالله لقد شهدت شهوده على حق. ولا يقبل من الوكيل شهوده (¬9) على الوكالة ولا شيء مما ذكرت إلا ومعه خصم. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. ¬

_ (¬1) ز: أن يكون. (¬2) ز: فيقبل. (¬3) م ز: كلهما؛ ع - كلاهما. (¬4) ف: وهما؛ ز: هنا؛ ع - هما. (¬5) ف ع: والرجل. (¬6) ع: إذا دعى. (¬7) م ف ز - فقال؛ والزيادة من ع؛ والكافي، 2/ 62 ظ. (¬8) ع: أن يحسن. (¬9) ز ع: شهود.

وإذا وكَّل الرجل رجلين بالخصومة فأيهما ما حضر مع الخصم فهو خصم. ألا ترى أنه لو كان وصيان لميت فحضر أحدهما في خصومة كان خصماً. وإذا وكَّل الرجل رجلاً (¬1) في خصومة فليس للوكيل أن يوكل غيره من قبل أنه لم يفوض ذلك إليه. فإن كان قال له: ما صنعت في ذلك من شيء فهو جائز، فوكَّل غيره فهو جائز. وهذا (¬2) قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بالخصومة فاصطلحا فليس يجوز الصلح على الذي وكَّل مِن قِبَل أنه لم يوكله بالصلح، إنما وكله بالخصومة. وإذا وكَّل الرجل بخصومة فوهب الوكيل الحق أو تصدق به أو باعه فإن ذلك لا يجوز؛ لأن صاحبه لم يفوض إليه ذلك، إنما أمره بالخصومة ولم يوكله بغير ذلك. وإذا وكَّل الرجل الرجل بقبض حق في دار وبقسمته وبخصومته فجحد الذي في يديه الدار ذلك الحق فللوكيل أن يخاصمه ويحتج بحجة الطالب ويقيم البينة على حقه؛ لأن الوكالة في القبض والقسمة والخصومة هي الوكالة في الخصومة. ألا ترى أنه لو وكله بقبض دين له وبالخصومة على رجل فجحده إياه كان له أن يخاصمه. وإذا وكل (¬3) المسلم الذمي بوكالة في خصومة فشهد على الذمي شهود من أهل الذمة في إبطال حق المسلم فإن ذلك لا يجوز على المسلم مِن قِبَل أن الشهود إنما شهدوا على المسلم. ولو كالن المسلم هو الوكيل والذمي صاحب الحق فشهد (¬4) عليه قوم من أهل الذمة أجزت ذلك، ألا ترى أن الذمي إذا أوصى إلى مسلم ثم مات الذمي قبلت عليه شهوده من أهل الذمة إذا شهدوا على الذمي الميت بحق. ¬

_ (¬1) ف: الرجل. (¬2) ع: فهذا. (¬3) ع + الرجل. (¬4) ع: شهد.

وإذا وكَّل المكاتب وكيلاً في خصومة فهو جائز. وكذلك لو وكله رجل. وكذلك العبد التاجر. وإذا وكَّل الرجل الصبي بخصومة بعد أن يكون صبياً يعقل فهو وكيله. فإن قضي (¬1) عليه بذلك بشهادة شهود فهو جائز. ألا ترى أنه لو (¬2) وكله ببيع شيء أو شرائه أجزت ذلك على الذي وكله. فإن كان الصبي ليس بابنه (¬3) فليس له أن يوكله إلا أن يأذن له الأب. وإذا وكَّل الرجل رجلاً في خصومة ثم ذهب عقل الذي وكَّل ذهاباً (¬4) دائماً فقد خرج الوكيل من الوكالة. وكذلك لو وكله يشتري شيئاً (¬5) أو يبيعه. وكذلك الذي وكله. فموته وذهاب عقله في ذلك سواء. فإن ذهب عقله ساعة أو جن ساعة ثم أفاق فوكيله على الوكالة بعد. إنما جعل هذا عندنا كالنوم. ولا نقيس (¬6) هذا بالأول. وهذا والأول في القياس سواء. وإذا كان جنوناً (¬7) مطبقاً أو ذهاب عقل فذلك يبطل الوكالة أيضاً. وإذا وكَّل الصبي رجلاً بالخصومة فإن وكالة الصبي لا تجوز (¬8) إلا أن يكون الصبي تاجراً قد أذن له أبوه في ذلك فوكَّل في شيء من تجارته فهو جائز. وإذا وكَّل الرجل عبده بالخصومة أو وكَّل امرأته أو وكلته امرأته ثم طلقها ثلاثاً أو أعتق العبد فإن الوكالة على حالها كما هي (¬9). فإذا بيع العبد فإن رضي المشتري أن يكون العبد على الوكالة فهو وكيل، وإن لم يرض بذلك لم يجبر على الوكالة. وإذا وكَّل المسلم الذمي ثم أسلم الذمي فهو على الوكالة (¬10). ¬

_ (¬1) م ف ز ع: فاقضى. والتصحيح من الكافي، 2/ 63 و. (¬2) ع - لو. (¬3) ع: بابنيه. (¬4) ع: ذاهابا. (¬5) ز: بشيء. (¬6) ز ع: يقيس. (¬7) ز: حبوثا؛ ع: جنونان. (¬8) ز: لا يجوز. (¬9) ع: لي. (¬10) ف - وإذا وكل المسلم الذمي ثم أسلم الذمي فهو على الوكالة.

وإذا وكَّل المسلم حربياً مستأمناً في دار الإسلام أو وكله الحربي المستأمن في خصومة فذلك جائز. فإن أسلم الحربي فهو على الوكالة على حاله. وإن (¬1) وكَّل المسلم الحربي في دار الحرب والمسلم في دار الإسلام (¬2) أو (¬3) وكله الحربي فالوكالة باطلة، أيهما وكَّل صاحبه فهو باطل. وإذا وكَّل الحربي الحربي في دار الحرب ثم أسلما جميعاً أو أسلم أحدهما فالوكالة باطل (¬4)، لأنها كانت في دار الحرب حيث لا تجري عليه أحكام المسلمين. فإن أسلما جميعاً ثم وكَّل أحدهما صاحبه أجزت ذلك. وإذا خرج الحربي بأمان إلى دار الإسلام وقد وكله حربي آخر في دار الحرب ببيع شيء فإني أجيزه (¬5) عليه من قبل أن ذلك الشيء معه. وإن وَكَّلَ بخصومة لم يجز ذلك على الحربي الذي في دار الحرب. وإذا وكَّل المرتد مسلماً بوكالة فإن أسلم المرتد فوكالته جائزة. فإن قتل أو لحق بدار الحرب فوكالته لا تجوز (¬6). وكذلك لو كان المرتد هو الوكيل فلحق بدار الحرب أو مات انقطعت الوكالة ما دام في دار الحرب. فإن عاد لم تعد الوكالة إلا أن يجددها. وهو قول أبي يوسف. وقال محمد: تعود الوكالة إذا عاد الوكيل إلى دار الإسلام مسلماً. ولا يشبه الوكيل الموكل، لأن الموكل يخرج ما وكَّل فيه من ملكه بارتداده ولحاقه، والوكيل ليست وكالته فيما يملك، وهو على الوكالة متى ما رجع مسلماً. وإذا اجتمع الرجلان على أن يوكل (¬7) رجلاً واحداً كلُّ واحد منهما يخاصم صاحبه فإن ذلك لا يجوز أن يكون وكيلهما في الخصومة رجلاً واحداً (¬8). ¬

_ (¬1) ع: وإذا. (¬2) ز: الالم. (¬3) م - أو. (¬4) ف - أيهما وكل صاحبه فهو باطل وإذا وكل الحربي الحربي في دار الحرب ثم أسلما جميعاً أو أسلم أحدهما فالوكالة باطل؛ ع: باطلة. (¬5) ز: أخبره. (¬6) ز: لا يجوز. (¬7) ع: أن يوكلا. (¬8) ز: رجل واحد.

وإذا ادعى رجلان دعوى فوكلا رجلاً واحداً فوكَّل الخصم رجلين فهو جائز، وأيهما ما لقي الوكيل الواحد فله أن يخاصمه. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بالخصومة ثم عزله عنها بغير علم منه ولا بمحضر منه ثم قضي على الوكيل فقال (¬1): قد كنت (¬2) أخرجته (¬3) من هذه الوكالة، وجاء بشاهدين يشهدان (¬4) على ذلك، غير أنه قال: لم يحضر ذلك ولم يعلم به، فإن القضاء نافذ ماض على الوكيل. ألا ترى أنه لو بعثه إلى أرض وأشهد له بالوكالة ثم عزله بعدما مضى أبطلت عزله وجعلته وكيلاً حتى يعلم الوكيل بعزله. وكتاب القاضي في الوكالة بالخصومة جائز. وكذلك الشهادة على الشهادة. وكذلك شهادة النساء مع شهادة الرجال فإن ذلك جائز في الوكالة. وإذا وكَّل أبو الصبي بخصومة الصبي رجلاً فهو جائز. وكذلك الوصي يوكل رجلاً بالخصومة بحق لليتامى. وإذا وكَّل الرجل وكيلاً (¬5) بالخصومة عند القاضي والقاضي يعرف الرجل الذي وكَّل فهو جائز. وإن لم يكن يعرفه فليس ينبغي له أن يقبل ذلك حتى يشهد الرجل على الوكالة شاهدين يعرفانه بمعرفته. ولا يقبل وكيلاً في خصومة إذا كان خصمه غائباً. فإن كان معه حاضراً في المصر فإني لا أقبل الوكالة إلا أن يكون الموكل مريضاً أو يرضى الخصم بذلك. والنساء في ذلك والرجال سواء. والبكر في ذلك والثيب (¬6) سواء. وهو قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: أقبل ذلك من الرجال والنساء، برضى الخصم وبغير (¬7) رضاه، من عذر وغير عذر، رضي الخصم بذلك أو لم يرض. ¬

_ (¬1) م ف ز: مال. (¬2) ز: قد كتب. (¬3) ف: أخرجه. (¬4) ف - يشهدان؛ ز: شهدان. (¬5) ز ع: رجلاً. (¬6) ع: والبكر والثيب في ذلك. (¬7) ف: وغير.

باب الشهادة الجائزة في الوكالة

وإذا أقر الوكيل بالخصومة عند القاضي فإقراره جائز على الذي وكله. فإن أقر عند غير (¬1) القاضي وجحد وقامت البينة عليه لم يجز على الذي وكله (¬2)، لأني (¬3) لا أجعله خصماً وهو يقر أن ما يخاصم فيه باطل، وهو قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: أقضي عليه بإقرار وكيله عند القاضي وغيره كما لو أقر به عند القاضي. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بقبض عبد (¬4) له أو جارية فادعى العبد العتاق من مولاه وأقام البينة فإني لا أدفعه إلى الوكيل، ولا أقضي بالعتق، ولكني أَقِفُه (¬5)، لأنه لم يوكله بالخصومة في ذلك، وإنما وكله بقبضه وبالجارية. وكذلك لو وكله بإخراج امرأة له فأقامت المرأة البينة أن زوجها قد طلقها ثلاثاً. وكذلك لو وكله بقبض دار في يد رجل فأقام الذي (¬6) في يديه الدار البينة (¬7) أنه اشتراها من الذي وكله فإني لا أنفذ ذلك كله عليه، لأنه لو لم يوكله بالخصومة. ولو وكله بقبض دين له فأقام الغريم البينة أنه قد أوفاه الطالب قبلت ذلك ببينة (¬8). وليس هذا كالدار والعبد؛ لأن الدار شيء بعينه، والدين ليس بشيء (¬9) قائم بعينه. وهو قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: ليس بخصم في شيء من ذلك، وأَقِفُ (¬10) ذلك كله، الدين وغيره سواء. ... باب الشهادة الجائزة في الوكالة وإذا وكَّل الرجل في بيع دار أو أرض أو دابة أو جارية أو بوكالة ¬

_ (¬1) ف ع - غير. (¬2) م ف ز ع + وهو قول أبي حنيفة ومحمد. وانظر آخر الجملة. (¬3) ع: لا أني. (¬4) ع: يقبض عبدا. (¬5) ع: أدفعه؛ ز: أققه. (¬6) م - بقبض دار في يد رجل فأقام الذي، صح هـ.؛ ع - بقبض دار في يد رجل فأقام. (¬7) ع: بالبينة. (¬8) م ز: بينه؛ ع: ببينته. (¬9) ف: شيء. (¬10) ز: وقف.

خصومة أو بإجارة أو قبض ذلك أو غير ذلك فأشهد على ذلك رجلين أو رجلاً وامرأتين (¬1) فإن ذلك جائز. فإن شَخَصَ الشهودُ معه إلى المصر الذي فيه الدار أو العبد أو الدابة حتى شهدوا عند القاضي بذلك فهو جائز. والشهادة على الشهادة جائزة في ذلك. ولا يجوز أقل من رجلين على شهادة رجل. فإن شهد رجلان على شهادة رجلين في ذلك فهو جائز. وإن شهد على الوكالة رجل وامرأتان فهو جائز. ولا ينبغي للقاضي أن يقبل شهادة الشهود (¬2) على الوكالة حتى يجيء الوكيل بخصمه. وإن قبل ذلك بغير خصم وقضى به (¬3) فهو جائز إن كان يرى ذلك. وإذا اختلف شهود الوكالة في الشهادة فقال أحدهما: أشهدني يوم الجمعة، وقال الآخر: أشهدني يوم السبت، فهو جائز. وإن قال أحدهما: أشهدني بالكوفة (¬4)، وقال الآخر: أشهدني بالبصرة (¬5)، فهو جائز؛ لأن الوكالة كلام، ولا يفسد الشهادة (¬6) فيها (¬7) اختلاف (¬8) الأيام والشهور والبلدان. وإذا شهدا (¬9) على الوكالة فقال أحدهما: قد كان عزله عنها، فإنه لا تجوز (¬10) شهادة واحد على العزل، وشهادتهما جميعاً على الوكالة (¬11) جائزة. وإن شهد أحدهما أنه وكله بخصومة فلان في الدار التي في بني فلان وحدّد الدار وشهد أيضاً أنه وكله بخصومة رجل آخر في هذه الدار فإنه تجوز (¬12) شهادتهما في الدار التي اجتمعا عليها. ولا تجوز (¬13) شهادة الآخر في الباب الآخر؛ لأنه قد شهد عليه وحده. فإن شهد معه آخر على ذلك جازت الوكالة في ذلك كله. ¬

_ (¬1) ف: أو امرأتين. (¬2) ع: شهود. (¬3) ز: وقضائه. (¬4) ع: أشهد في الكوفة. (¬5) ع: أشهد في البصرة. (¬6) ف + فيما. (¬7) ز ع: فيما. (¬8) ز: اخلاف. (¬9) ز: شهد؛ ع: شهدوا. (¬10) ز ع: لا يجوز. (¬11) ع: وشهادتهما على الوكالة جميعاً. (¬12) ز: يجوز. (¬13) ز: يجوز.

وإذا شهد رجل على وكالة رجل في شيء وشهد آخر على وكالته في شيء آخر (¬1) كان ذلك (¬2) باطلاً لا يجوز؛ لأنهما لم يجتمعا على شيء واحد. فإن شهد مع كل واحد منهما امرأتان فهو جائز. وإن كان الوكيل لا يدري أوكله بذلك أم لا ولم يحضر ذلك غير أنه قال: أخبرني الشهود أنه وكلني بذلك، فأنا أطلب ذلك، فهو جائز. فإن شهد الشاهدان على وكالة رجل في شيء معروف والوكيل يجحد الوكالة ويقول: لم يوكلني، فإن كان الوكيل هو الطالب فليس (¬3) له أن يأخذ بتلك الوكالة؛ لأنه قد أكذب الشهود. وإن (¬4) كان هو المطلوب فإن شهدت الشهود أنه قبل الوكالة منه ألزمته الوكالة (¬5). وإن لم يشهدوا على القبول قيل له: إن شئت فاقبل، فتكون (¬6) خصماً لهذا الرجل على الوكالة. وإن شئت فردّ، فلا تكون (¬7) بينكما خصومة. وإذا أشهد (¬8) الرجل (¬9) على الوكالة (¬10) عبدين له أو لغيره ثم أعتقا فشهدا بها (¬11) فهو جائز. وإن كانا شهدا بها وهما عبدان (¬12) فردت شهادتهما ثم أعتقا فشهدا بها فهو جائز، مِن قِبَل أني لم أردهما في تهمة، إنما رددتهما من قبل الرق (¬13). وكذلك الصبيان والمكاتبان والذميان. فأما المسلمان إذا شهدا على الوكالة فرددتهما لأنهما غير عدلين ثم صلحا بعد ذلك ثم شهدا به فإن ذلك لا يقبل أبداً. وإذا وكَّل المسلم مسلماً بشهادة ذميين فإنه لا يجوز وإن كان الحق قبل ذمي. وكذلك لو كان الوكيل ذمياً. ولو كان الطالب ذمياً والوكيل مسلماً ¬

_ (¬1) ع - آخر. (¬2) ز - ذلك. (¬3) م ف ز ع: وليس. (¬4) ف: فإن. (¬5) ع - الوكالة. (¬6) ز ع: فيكون. (¬7) ز: يكون؛ ع: ولا يكون. (¬8) ز ع: شهد. (¬9) م: شهدا لرجل. (¬10) ع: على وكالة. (¬11) ع: فشهد أيهما. (¬12) ز: عيدان. (¬13) ف: الزيوف (مهملة).

والمطلوب بالدين ذمياً مقر به أو منكر فشهادتهما جائزة. وإن كان المطلوب مسلماً مقراً بالدين والوكالة فشهادتهما جائزة. ولو كان منكراً للوكالة مقراً بالدين فإنه لا تجوز (¬1) شهادتهما. وإذا وكَّل الذمي وكيلاً بشهادة ذميين بطلب حق له قبل مكاتب مسلم مقر له بالدين منكر (¬2) للوكالة ومولاه ذمي جاحد للوكالة فإن ذلك لا يجوز وإن كان المكاتب مقراً بالحق؛ لأنهما (¬3) على المكاتب المسلم. وإن كان المكاتب كافراً ومولاه مسلماً فهو جائز. وكذلك العبد الكافر ومولاه مسلم وهو تاجر أو العبد المسلم (¬4) التاجر ومولاه كافر (¬5) إذا كان الطالب ذمياً فشهد (¬6) على الوكالة ذميان والمطلوب (¬7) مقر بذلك فهو جائز. وإن كان المطلوب كافراً مقراً بالدين والوكالة جعلنا الوكيل وكيلاً بالدين، مِن قِبَل أن هذا إنما هو على المطلوب والمطلوب كافر. وإذا كان الطالب مسلماً والوكيل ذمي أو مسلم (¬8) يدعي الوكالة والمطلوب ذمي فالشهادة على الوكالة من أهل الكفر لم أجزهم (¬9) على مسلم. وإن كان المسلم قبله حق فوكَّل وكيلاً بالخصومة وغاب فشهد على الوكالة رجلان (¬10) من أهل الذمة فشهادتهما باطلة. وإن كان الطالب كافراً (¬11) أو مسلماً فهو سواء. لا يجوز على المسلم المطلوب في هذا شهادة أهل الكفر. وإن كان المطلوب المدعى قبله غائباً فادعى الطالب في داره دعوى وجاء بابني (¬12) المطلوب يشهدان أن (¬13) المطلوب قد وكَّل بخصومته في هذه الدار والوكيل يجحد ذلك فهو باطل؛ لأنهما يشهدان لأبيهما. ألا ترى أنهم (¬14) لو ¬

_ (¬1) ز ع: لا يجوز. (¬2) ز ع: منكرا. (¬3) أي: الشاهدان. (¬4) ز: اما. (¬5) ع: كافراً. (¬6) ز: شهادة. (¬7) ز: كالمطلوب. (¬8) ع: ذمياً أو مسلماً. (¬9) ز: لم أجيرهم؛ ع: لم أجيزهم. (¬10) م ف ز: الرجلان. (¬11) ز: كافر. (¬12) ز: نابني. (¬13) م ز - أن. (¬14) ع: أنهما.

أقروا أو تصادقوا (¬1) على الوكالة بغير بينة لم يقبل. فكذلك لا يقبل في الأول، لأنهم أيضاً لو تجاحدوا (¬2) وشهد ابنا المطلوب لم يقبل ذلك (¬3). وكذلك لا يقبل الإقرار. وكذلك شهادة أبيه وجده وشهادة امرأته وشهادة أمه مع رجل، فذلك باطل كله؛ (¬4) لأنها له. وإن كان الطالب يجحد وكالة هذا الوكيل فشهد هؤلاء على الوكالة فشهادتهما باطلة لا أقبلها، ولا أجعله خصماً للطالب؛ لأن الشهادة للمطلوب، فلا (¬5) أقبلها أيضاً. وإذا أقر بها الطالب وطلبها فهو سواء. ولو أن رجلاً كان له على رجل مال فغاب الطالب ودفع المطلوب المال إلى رجل فادعى أنه (¬6) وكيل (¬7) الطالب في قبضه فقدم الطالب يجحد ذلك فأقام المطلوب شاهدين على ذلك فهو جائز وهو بريء (¬8). وإن كان الشاهدان ابني الطالب أو أباه (¬9) أو جده أو امرأته أو أمه (¬10) ورجلاً (¬11) آخر فذلك كله جائز، لأنه عليه. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بقبض (¬12) دين له على رجل وغاب فشهد على ذلك ابنا (¬13) الطالب فإن المطلوب لا يؤخذ بذلك إن جحد الوكالة. وإن أقر بها وادعاها أخذ بها وجازت؛ لأنهما له. وإن كانت دار في يدي رجل فشهد ابنا (¬14) الطالب أن أباهما وكَّل هذا الرجل بالخصومة فيها وجحد ذلك المطلوب فإنه لا تجوز (¬15) الشهادة في ذلك. وإن أقر بذلك المطلوب وقال: قد وكله بخصومتي، فإن ذلك لا يجوز أيضاً، وليست الخصومة في ذلك مثل قبض المال. ألا ترى أنه لو لم تكن (¬16) له بينة على الوكالة فقال ¬

_ (¬1) ع: وتصادقوا. (¬2) م ف: لم تجاحدوا؛ ز: لم يجاحدوا. (¬3) ع - فكذلك لا يقبل في الأول لأنهم أيضاً لو تجاحدوا وشهد ابنا المطلوب لم يقبل ذلك. (¬4) ع + لا يجوز. (¬5) ع: ولا. (¬6) ع: أن. (¬7) ع: وكل. (¬8) ز: يري. (¬9) ز: أو أبوه؛ ع: المطلوب أو أبوه. (¬10) ز - أو أمه؛ ع: أو أمة. (¬11) ز: ورجل؛ ع: أو رجل. (¬12) ز: فقبض؛ ع: في قبض. (¬13) ع: أبناء. (¬14) ع: أبناء. (¬15) ز ع: لا يجوز. (¬16) ز ع: لم يكن.

المطلوب: قد جعل هذا وكيلاً بالخصومة، لم أقبل ذلك لقوله. ولو كان قبله دين فقال: قد وكَّل هذا بقبضه، قضيت عليه بدفعه، والشهادة في هذا مختلفة. ولو كان رجلاً مسلماً في يديه دار فادعى ذمي فيها دعوى ووكل ذمياً بشهادة أهل الذمة وبالخصومة في ذلك كان باطلاً. ولا يجوز على الوكالة شهادة أهل الذمة. فإن شهادة أهل الذمة في الوكالة للذمي باطل لا يجوز (¬1). وكذلك (¬2) هذا في الحقوق، ولا تجوز (¬3) الشهادة فيه. وإن كان عليه دين وهو مقر به فأقر بالوكالة أجبرته (¬4) على دفعه إلى الوكيل، وليس هذا كالوكالة في الخصومة؛ لأني أجيز هذا بغير بينة، ولا أجيز الوكالة بالخصومة إلا ببينة. وإن كان الطالب مسلماً فشهد ابناه أو أبوه وجده (¬5) أو امرأته وأمه (¬6) ورجل مسلم على وكالته فإن ذلك كله باطل لا يجوز، ولا يلزم المطلوب. وإن أقر به ما خلا الدين (¬7) إذا كان مقراً به وبالوكالة في قبضه؛ لأن هذا على الطالب. وليس على المطلوب منها شيء، وما سوى ذلك فهو عليهما جميعاً. وإذا شهد شاهد (¬8) أن فلاناً وكَّل فلاناً بقبض دينه على فلان وشهد آخر أنه أمره بأخذه أو أنه أرسله أن يأخذه فهو سواء، وله أن يأخذه إن كان الذي عليه مقراً به. فإن (¬9) جحده لم يكن هذا بخصم له؛ لأن الرسالة (¬10) والأمر غير الوكالة في قول أبي حنيفة. فإن (¬11) شهدا جميعاً أنه وكله بقبضه فجحد المطلوب الدين (¬12) فإن (¬13) للوكيل أن يقيم عليه البينة ويكون خصماً ¬

_ (¬1) ع: باطلة لا تجوز. (¬2) ع - وكذلك. (¬3) ز ع: ولا يجوز. (¬4) ع: أجزته. (¬5) م ز ع: أو جده. (¬6) ع: أو أمة. (¬7) ز: الذين. (¬8) ع: شاهدان. (¬9) ع - فإن. (¬10) م ع: ارساله. (¬11) ف ز: وإن. (¬12) ز: الذين. (¬13) ع - فإن.

له في ذلك. وإن أقر المطلوب بالدين وجاء بالبينة على البراءة من صاحب الحق فإنه يقبل ذلك منه؛ لأن الوكيل خصم في قول أبي حنيفة. وقال أبو حنيفة: إن وكله بقبض عبد له عند رجل أو بقبض دار له في يدي رجل فأقام الذي في يديه الدار أو الذي في (¬1) يديه العبد البينة أن صاحب العبد قد باعه منه وأن صاحب الدار قد باعها منه فإني أقف (¬2) ذلك، ولا أجعل الوكيل وكيلاً في الخصومة في ذلك، وليس (¬3) للوكيل أن يقبض ذلك، وفرق بين (¬4) هذا وبين الوكيل في الدين. وقال أبو يوسف ومحمد: نراهما سواء، ولا نجعل (¬5) واحداً من الوكيلين وكيلاً في الخصومة، ولكنا نقف (¬6) الدين كما نقف (¬7) الدار والعبد حتى يجيء الطالب يخاصم (¬8). وإذا وكَّل الرجل رجلاً بتقاضي دين له وأشهد له على ذلك شاهدين ثم غاب فشهد ابنا (¬9) الطالب أن أباهما (¬10) قد عزل هذا عن الوكالة وادعى المطلوب شهادتهما فإن شهادتهما جائزة. وإن لم يدع (¬11) شهادتهما (¬12) فإني أجبره (¬13) على دفع المال إلى الوكيل. وكذلك شهادة الأب والجد والزوجة والأم. وكذلك شهادة مولى المكاتب ومولى العبد إذا كان العبد (¬14) هو الذي وكل. وكذلك لو شهد على ذلك حران مسلمان أجنبيان. فإن ادعى المطلوب شهادتهما أخذت بها وأجزتها. وإن كذبهما أمرته أن يدفع المال إلى الوكيل بإقراره. فإن جاء الطالب بعد دفع المال فقال: قد كنت أخرجته من الوكالة، ¬

_ (¬1) ز - في. (¬2) ع: أوقف؛ ز - فإني أقف. (¬3) ز: ليس. (¬4) ز: من. (¬5) ز ع: ولا يجعل. (¬6) ز ع: تقف. (¬7) ز: تقف؛ ع: يقف. (¬8) م ف ز: فخاصم. (¬9) ع: أبناء. (¬10) ع: أن أبوهما. (¬11) ز: لم يدعي. (¬12) ف - فإن شهادتهما جائزة وإن لم يدع شهادتهما. (¬13) ز: أجيره؛ ع: أجيزه. (¬14) ع - إذا كان العبد.

فإني أضمن المطلوب المال؛ لأني لم أدفعه إلا بإقراره. وإن قال ذلك وليس له شهود على إخراجه من الوكالة إلا ولده فإن شهادتهم لا تجوز، مِن قِبَل أن المطلوب قد دفع المال إلى الوكيل بشهود على الوكالة. فلا تجوز (¬1) شهادة الاثنين (¬2) على إخراج أبيهما هذا من الوكالة؛ لأن المال يعود بشهادتهما على المطلوب. وكذلك لو كانا شهدا في أصل الشهادة قبل قدوم أبيهما أن أباهما أخرج هذا من الوكالة وقد وكَّل هذا الآخر بقبض (¬3) المال فهو سواء. وإن أقر المطلوب بذلك دفعه إلى الآخر. وإن جحد ذلك دفعه إلى الأول. وإذا (¬4) كان الطالب ذمياً فشهد مسلمان أنه قد وكَّل هذا المسلم بقبض دينه على هذا والمطلوب مقر بالدين وشهد ذميان له أنه (¬5) قد عزل هذا الوكيل عن الوكالة وجعل هذا المسلم الآخر فإن ذلك لا يجوز على الوكيل الأول؛ لأنه مسلم. ولو كان الوكيل ذمياً جاز ذلك عليه. وإذا شهد ابنا (¬6) الوكيل أن الطالب قد أخرج أباهما من الوكالة ووكل هذا الآخر بقبض المال فهو جائز. وإن كان الشاهدان هما ابني (¬7) الوكيل الآخر فإن ذلك لا يجوز على وكالة أبيهما، ويجوز على إخراج الآخر. وكذلك لو كان شهد أبو الوكيل الآخر وجده وزوجته وأمه (¬8) فإنه لا يجوز. وكذلك لو كان الوكيل الآخر مكاتباً فشهد مولياه (¬9) أو عبد بين اثنين فشهد مولياه على (¬10) ذلك فإنه لا يجوز. وإن كان الوكيل الأول مكاتباً فشهد مولياه على ذلك فهو جائز (¬11). وإذا شهد شاهد أنه جعله وكيلاً في الخصومة في الدين الذي على ¬

_ (¬1) ز ع: فلا يجوز. (¬2) ز: الابنين. (¬3) ز: يقبض. (¬4) ز: فإذا. (¬5) م ف ز - أنه. (¬6) ع: أبناء. (¬7) ز: ابنا؛ ع: أبناء. (¬8) ع: أو جده أو زوجته وأمة. (¬9) م ع: مولاه؛ ف ز: موليه. (¬10) ع - على. (¬11) ف - وإن كان الوكيل الأول مكاتباً فشهد مولياه على ذلك فهو جائز.

فلان وشهد آخر أنه وكله بقبضه فهو سواء (¬1) في قول أبي حنيفة. وهو سواء في القبض في قول أبي يوسف ومحمد، ولا يكون خصماً إذا جحد. ولو شهد شاهدان أن فلاناً وكَّل فلاناً بالخصومة فيما يدعي في هذه الدار جعلته وكيلاً في الخصومة وفي القبض جميعاً. وكذلك الدين وكل دعوى. وإذا شهد شاهدان على وكالة فقال أحدهما: وكله ببيع هذا العبد، وقال الآخر: وكله بالبيع، وقال: لا تبع (¬2) حتى تستأمرني (¬3)، فباع الوكيل العبد فهو جائز في القياس، وقول الآخر: حتى تستأمرني، باطل (¬4). أرأيت لو قال الآخر: وكله بالبيع ثم نهاه، لم يجز البيع إذا كان الوكيل يجحد قول الشاهد الآخر. وإذا شهد شاهدان فقال أحدهما: وكَّل هذا ببيع (¬5) هذا العبد، وقال الآخر: وكَّل هذا وهذا (¬6)، فليس لواحد منهما أن يبيع، وليس لهما أن يبيعا جميعاً؛ لأنه قد اختلفت (¬7) الشهادة في ذلك. وكذلك لو شهد أحدهما أنه وكله بقبض هذا الدين وقال الآخر: وكلهما جميعاً، فليس لهما أن يقبضا ولا لواحد منهما. ولو شهدا على الوكالة في الخصومة فشهد واحد على أحدهما وشهد الآخر على جميعهما كان الوكيل الذي أجمعا (¬8) عليه هو الخصم والذي لم يجمعا عليه ليس بخصم؛ لأنه لو وكَّل اثنين (¬9) بالخصومة كان لأحدهما أن يخاصم. ولو كان وكَّل اثنين بالقبض أو بالبيع لم يكن لواحد منهما أن يقبض ولا يبيع. وإذا خاصم الذي أجمعا عليه فقضي له لم يكن له أن يقبض. وإذا شهد أحد الشاهدين أنه قال: أنت وكيلي في قبض هذا الدين، وشهد الآخر أنه قال: أنت جَرِيِّي (¬10) في قبض هذا الدين، وإن جائزاً. ¬

_ (¬1) ف - فهو سواء. (¬2) ز: وقالا يبيع؛ ع: وقال لا يبيع. (¬3) ز: يستأمرني باطلب. (¬4) ز: يستأمرني. (¬5) ع: بالبيع. (¬6) م ع - وهذا؛ ز: فهذا؛ م هـ + فهذا. (¬7) ز: قد اختلف. (¬8) ف: اجتمعا. (¬9) ز: ابنين. (¬10) م ز: حربي؛ ع: حزبي. والجري بوزن الوصي الوكيل، لأنه يجري في أمور موكله أو يجري مجرى الموكل، والجمع أجرياء. انظر: المغرب، "جري".

وإذا شهد أحدهما أنه قال: أنت وكيلي في الخصومة في هذه الدار، وشهد الآخر أنه قال: أنت جَرِيِّي (¬1) في الخصومة في هذه الدار (¬2)، فهو جائز. ولو قال أحدهما: أنت وكيلي، وقال الآخر: أنت وصيي (¬3)، فإن الوصية إنما تكون بعد الموت ولا تكون في الحياة إلا أن يشهد (¬4) أنه قال: أنت وصيي (¬5) في حياتي، فتكون (¬6) مثل (¬7) الوكالة، ويجوز ذلك (¬8). وإذا شهد شاهدان فقال أحدهما: أشهد (¬9) أنه وكله بالخصومة في هذه الدار إلى قاضي البصرة، وقال الآخر: وكله بالخصومة إلى قاضي الكوفة، فهو جائز، وهو وكيل (¬10) بالخصومة. وإذا شهد أحدهما أنه جعله وكيلاً في الخصومة إلى فلان الفقيه، وقال (¬11) الآخر: إلى فلان الفقيه الآخر غير ذلك، فإن هذا باطل؛ لأن حكومة الفقيه إنما هو صلح، وليس بقضاء. وإن شهد أحدهما أنه وكله بالخصومة إلى القاضي، وقال الآخر: وكله بالخصومة إلى فلان الفقيه، فهو باطل لا يجوز. وإن شهد أحدهما أنه وكله بطلاق امرأته فلانة وفلانة وشهد الآخر أنه وكله بطلاق فلانة وحدها (¬12) فهو وكيل في الطلاق الذي اجتمعا عليه. وإذا شهدا عليه في وكالة بتزويج فقال أحدهما: فلانة، وقال الآخر: فلانة وفلانة (¬13)، فهو وكيل في التي اجتمعا عليها. وإذا شهد أحدهما أنه وكله بخلع فلانة، وقال الآخر: فلانة وفلانة، ¬

_ (¬1) م ز ع: حربي. (¬2) ع - الدار. (¬3) م ز: وصيتي. (¬4) ز: ان شهد. (¬5) م ز: وصيتي. (¬6) ز: فيكون. (¬7) ز - مثل. (¬8) ز - ويجوز ذلك. (¬9) ف ز ع: نشهد. (¬10) ع: وكيلي. (¬11) ف - وقال. (¬12) ز: واحدها. (¬13) م - وفلانة، صح هـ.؛ ف: ففلانة؛ ع - وفلانة.

فهو وكيل في التي اجتمعا عليه، وليس بوكيل في الأخرى (¬1). وإذا شهدا (¬2) أنه وكله ببيع فقال أحدهما: إنه قال: بع عبدي فلاناً وفلاناً، وقال الآخر: بع فلاناً وحده، فهو وكيل في بيع الذي أجمعا (¬3) عليه، وليس بوكيل في بيع الآخر. وكذلك هذه الوكالة في العتاق في العبدين أو في المكاتبة في عبدين أو في بيع دارين أو دابتين أو في شرى عبدين. وإذا شهد شاهدان فقال أحدهما: وكله بقبض هذا الدين، وشهد (¬4) الآخر أنه سلطه على قبضه، فهو سواء، وهو جائز. وكذلك لو شهد أحدهما أنه وكله ببيع هذا العبد وشهد الآخر أنه سلطه على ذلك فهو جائز. وإذا شهد أحدهما أنه وكله بمكاتبة (¬5) هذا العبد فى حياته وشهد الآخر أنه أوصى إليه أنه كاتب هذا العبد في حياته فهو جائز. وإذا شهد أحدهما أنه وكله بأن يزوجه وشهد الآخر أنه جعله جَرِيَّا (¬6) في تزويجه فهو سواء، وهو جائز. وإذا شهد أحدهما أنه جعله وصياً في الخصومة في هذه الدار في حياته وشهد الآخر أنه جعله وكيلاً في ذلك فهو جائز، وهو سواء (¬7). وإذا شهد أحدهما أنه أمره بخلع امرأته فلانة وشهد الآخر أنه سلطه على ذلك فهو سواء، جائز. وكذلك المكاتب في هذا مثل الخلع. وإذا شهد أحدهما أنه أمره أن يكاتب (¬8) عبده فلاناً وشهد الآخر أنه أوصى بذلك في حياته فهو جائز، وهو سواء. ¬

_ (¬1) ف - وليس بوكيل في الأخرى. (¬2) ع: شهد. (¬3) ف: اجتمعا. (¬4) ع: شهد. (¬5) ز: مكاتبة. (¬6) ع: حرما. (¬7) ف - وإذا شهد أحدهما أنه جعله وصيا في الخصومة في هذه الدار في حياته وشهد الآخر أنه جعله وكيلاً في ذلك فهو جائز وهو سواء. (¬8) ز: ان كاتب.

باب الشهادة في الوكالة التي لا تجوز

وإذا شهد شاهدان على الوكالة وأحد الشاهدين ابن الشاهد الآخر أو أخوه أو عمه أو خاله أو ذو رحم محرم منه (¬1) أو غير محرم فهو سواء، وهو جائز. وإذا كان أحد الشاهدين على الوكالة أخا الطالب أو أخا (¬2) المطلوب أو أخا (¬3) الوكيل فذلك جائز في ذلك كله إن كانت الوكالة في بيع أو شراء أو خصومة أو قبض مال أو إجارة أو تزويج أو خلع أو طلاق أو مكاتبة أو عتق فهو سواء، وذلك كله جائز. وكذلك إن كان الشاهد ابن عم الموكل أو الوكيل (¬4) أو المطلوب أو خاله أو ابني (¬5) عمه أو ذا (¬6) رحم محرم منه من رضاع أو نسب فهو جائز في ذلك كله، وذلك كله سواء. فإن كان الوكيل مكاتباً والشاهدان (¬7) أخوي (¬8) مولاه أو عمّيه (¬9) أو بني (¬10) عمّيه (¬11) أو بني عمته (¬12) فهو جائز. وكذلك إن كان الوكيل عبداً فهو مثل المكاتب. ... باب الشهادة في الوكالة التي لا تجوز (¬13) وإذا وكَّل الرجل رجلاً بقبض دين له وبالخصومة في ذلك وأشهد على ذلك ابني الوكيل فإن شهادتهما باطل لا تجوز (¬14)، وكذلك أبوي الوكيل، وكذلك ابني (¬15) الطالب أو أبويه. وكذلك كل ولد ووالد من قبل الرجال ¬

_ (¬1) م ز ع - منه. (¬2) ز ع: أو أخ. (¬3) ع - أخا. (¬4) ف ع: والوكيل. (¬5) ز: أو ابن. (¬6) ز: أو ذو. (¬7) ز: والشاهدين. (¬8) م ز: اخرى. (¬9) م ف ز: أو عمته. (¬10) ع: أو ابنتي. (¬11) م ز ع: عمته. (¬12) م ف ز: عميه. (¬13) ز: لا يجوز. (¬14) ز: لا يجوز. (¬15) ز: ابن.

والنساء فإن شهادتهم لا تجوز (¬1) على ما ذكرنا. وكذلك المكاتب يكون وكيلاً أو موكلاً فشهد له مولاه وآخر معه فإن شهادة مولاه لا تجوز (¬2). وكذلك العبد التاجر وأم الولد والمدبر والعبد يسعى في بعض قيمته لا يجوز في قول أبي حنيفة. وكذلك المرأة توكل أو تكون وكيلة فيشهد على ذلك زوجها أو الزوج تشهد (¬3) له امرأته على أنه وكيل أو موكل فذلك كله باطل. وإن شهد على ذلك بعدما يطلقها (¬4) وتبين منه وتنقضي عدتها فهو جائز. ولو كنت (¬5) قد رددت شهادتها (¬6) في ذلك ثم شهدت بعدما تبين منه لم أجز ذلك؛ لأني قد رددتها (¬7) في الأولى للتهمة ورددتها لأنها زوجته (¬8). وكذلك الزوج. وكذلك المولى يشهد لعبده أو لمكاتبه. ولو شهد (¬9) العبد (¬10) بشهادة لمولاه (¬11) فأبطلت ذلك ثم عاد فشهد بعدما عتق فإن هذا جائز. وقال أبو يوسف ومحمد: أجيز شهادة العبد إذا أُعْتِقَ بعضه، وأجيز شهادة مولاه له في ذلك. ولا تجوز (¬12) في الوكالة شهادة الأعمى ولا المحدود في القذف ولا الفاسق. ولا يجوز فيها إلا ما يجوز في حقوق الناس فيما بينهم. ولا تجوز (¬13) فيها شهادة النساء ليس معهن رجل. وإذا شهد رجل وامرأتان فهو جائز. وإن (¬14) شهد شاهد على شهادة شاهد واحد وآخر على شهادة نفسه فلا يجوز حتى يشهد على الشهادة اثنان. ولو شهد اثنان على شهادةٍ (¬15) ¬

_ (¬1) ز: لا يجوز. (¬2) ز: لا يجوز. (¬3) م ز: يشهد. (¬4) م ز: انطلقها. (¬5) ز: كتب. (¬6) م ز: شهادتهما. (¬7) م ز: قد رددتهما. (¬8) ز: وجيه. (¬9) ز: والمكاتبة ولو شها. (¬10) ز - العبد. (¬11) ز: اولاه. (¬12) ز: يجوز. (¬13) ز: يجوز. (¬14) ع: وإذا. (¬15) م ز + شاهد.

أحدُهما الشاهد الذي شهد بنفسه لم يجز؛ لأنه قد شهد على شهادة نفسه. ولو شهد اثنان على شهادة اثنين كان جائزاً. ولو شهد رجل وامرأتان وأشهدت إحدى المرأتين على شهادتهما لم يجز على شهادتهما (¬1) إلا رجلان أو رجل (¬2) وامرأتان. ولو أشهدت المرأتان على شهادتهما رجلين كان جائزاً. ولو ادعى رجل في دار رجلين دعوى فوكَّل رجل بالخصومة في ذلك فشهد الخصمان على أنه (¬3) قد وكله بالخصومة لهما لم يجز. وكذلك لو شهد ابناهما أو أبوهما أو امرأة كل واحد منهما. ولو شهدوا أن رجلاً مات وأوصى إلى هذا كان جائزاً، وليس الوصية في هذا كالوكالة. ألا ترى أني أجيز شهادة ابني الميت في الوصية وشهادة الغرماء إن كانت عليهم أو لهم. ولا يجوز شيء من هذا في الوكالة. أستحسن هذا وأدع القياس فيه. ولا تجوز (¬4) في الوكالة شهادة من يدفع عن نفسه وشهادة من يجر إلى نفسه نفعاً (¬5). ولو شهد رجلان على رجل أنه قد وكله بالخصومة في دار فأثبته القاضي وكيلاً فيها ثم رجعا عن شهادتهما لم أضمنهما شيئاً وأمضيت الوكالة على حالها. ولا تجوز (¬6) شهادة الأعمى على الوكالة ولا (¬7) الأخرس (¬8) في الوكالة أيضاً ولا غيرها. ولا تجوز (¬9) فيها شهادة العبد ولا المكاتب. ولا تجوز (¬10) فيها شهادة المحدود في قذف ولا عبد يسعى في بعض قيمته في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد في العبد الذي يسعى: شهادته (¬11) جائزة. ولا تجوز (¬12) شهادة رجل على شهادة رجل (¬13) في الوكالة، ¬

_ (¬1) ز: على شهادتها. (¬2) ف - أو رجل. (¬3) م ع: على أن. (¬4) ز: يجوز. (¬5) م ف ز ع: نفعها. (¬6) ز: يجوز. (¬7) م ز: وإلا؛ ع - ولا. (¬8) ز: الآخرين؛ ع: والاخرين. (¬9) ز: يجوز. (¬10) ز: يجوز. (¬11) ع: بشهادته. (¬12) ز: يجوز. (¬13) م - على شهادة رجل، صح هـ.

ولا شهادة امرأة على شهادة رجل، حتى يشهد على شهادة الشاهد رجلان أو رجل وامرأتان. وكتاب القاضي في الوكالة جائز (¬1). وإذا ادعى وكيلٌ دعوى في دار في يدي رجل ورجلٌ وكّله بذلك فأنكر الذي في يديه الدار الوكالة والدعوى فشهد ابنا المطلوب على الوكالة في الخصومة فهو جائز من قبل أن ذلك على أبيهما. ولا تجوز (¬2) في الوكالة شهادة ابني الطالب ولا ابني الوكيل إذا كانت الوكالة في الخصومة. وكذلك الأبوان (¬3) والزوجة. وكذلك مولى العبد إذا كان هو الوكيل والطالب أو المطلوب (¬4). وكذلك المكاتب. ولا تجوز (¬5) شهادة أهل الذمة على الوكالة إن كان المطلوب مسلماً أو كان الطالب هو المسلم. فإن كان الطالب والمطلوب ذميين فالشهادة جائزة. وإذا وكَّل الذمي المسلم بالخصومة فشهد شاهدان من أهل الذمة أن الطالب أخرجه من الوكالة فلا يجوز من قبل أنهما يشهدان (¬6) على المسلم. وكذلك الوصية. وإذا شهد شاهدان على وكالة غلام فشك فيه الشاهدان فقال أحدهما: احتلم، وقال الآخر: لم يحتلم، فلا يجوز ذلك. وكذلك الجارية إذا شك في حيضها. وكذلك لو كان الطالب كبيراً فكان في عقله شيء فقال أحدهما: هو يعقل، وقال الآخر: لا يعقل، فالشهادة باطل (¬7). وكذلك هذا في المريض إذا قال أحدهما: يهذي، وقال الآخر: هو يعقل، فإن شهادتهما في ذلك لا تجوز (¬8). وإذا شهد الشاهدان فقال أحدهما: وكله ببيع عبده فلان (¬9)، وقال ¬

_ (¬1) ع + جائز. (¬2) ز: يجوز. (¬3) ز: الأبوين. (¬4) ع: والمطلوب. (¬5) ز: يجوز. (¬6) ز: نشهدان. (¬7) ع: باطلة. (¬8) ز: لا يجوز. (¬9) م - فلان، صح هـ، ع - فلان.

الآخر: لا بل فلان، فهذا باطل لا يجوز. وكذلك هذا في المكاتبة والعتاق والنكاح والطلاق والخلع والشراء والبيع (¬1) في كل عرض وحيوان. وكذلك هذا في تقاضي الدين. فإن قال أحدهما: وكله بتقاضي ما على فلان، وقال الآخر: بل وكله بتقاضي ما على فلان، لرجل آخر، فهذا كله باطل لا يجوز، ولا يؤخذ به. وإذا كان شاهدا الوكالة بصيرين ثم عميا فشهدا عليها أو أشهدا على شهادتهما فهو باطل لا يجوز. وقال أبو يوسف: الشهادة جائزة إذا (¬2) كانا أشهدا وهما بصيران ثم عميا. ولو كانا مسلمين فأشهدا على شهادتهما ثم ارتدا (¬3) عن الإسلام فشهادة الشاهدين على شهادتهما باطل. وكذلك لو كانا عدلين ثم فسقا بعد ذلك فإنه باطل لا يجوز. ولو كانا عدلين فأشهدا (¬4) على شهادتهما ثم ماتا جازت الشهادة. وإن (¬5) لم يموتا ولكن ذهبت (¬6) عقولهما أو خرسا فإن ذلك لا يجوز ولا ينفذ. وإذا أشهدت المرأة على شهادتها (¬7) شاهدين ثم ارتدت عن الإسلام ولحقت بالدار ثم سبيت فصارت أمة فإن الشهادة على شهادتها (¬8) باطلة لا تجوز (¬9). فإن عتقت بعد ذلك فإن الشهادة على شهادتها (¬10) لا تجوز (¬11). وإن شهدت بها هي جازت. وإذا أشهد رجلان على شهادتهما في الوكالة أو غيرها ثم ارتدا عن الإسلام ثم أسلما وتابا فإن الشهادة على شهادتهما لا تجوز (¬12)، وشهادتهما إن هما (¬13) شهدا بذلك جائزة. وإذا (¬14) أشهدا على شهادتهما ¬

_ (¬1) ع: والبيع والشرى. (¬2) ز: وإذا. (¬3) ز: ثم ارتد. (¬4) ع: فأشهد. (¬5) م ز: فإن. (¬6) م ف ز ع: ذهب. (¬7) ع: على شهادتهما. (¬8) ع: على شهادتهما. (¬9) ز: باكله لا يجوز. (¬10) ع: على شهادتهما. (¬11) ز: لا يجوز. (¬12) ز: لا يجوز. (¬13) ف: أنهما. (¬14) ع: فإذا.

ذينك (¬1) الشاهدين أو غيرهما بعد الإسلام فشهادتهما جائزة. وكذلك الرجلان يُشهدان على شهادتهما وهما عدلان ثم يتغيران ويصيران غير عدلين ثم يتوبان بعد ذلك فيَشهدان (¬2) أو يُشهدان على شهادتهما. وإذا شهد العبدان أو الصغيران أو المكاتبان (¬3) على شهادة بوكالة أو غيرها فإن ذلك لا يجوز. فإن عتق العبدان أو عتق (¬4) المكاتبان أو كبر (¬5) الصغيران ثم شهدا بذلك فهو جائز. وإذا أشهدا على شهادتهما بعدما عتقا أو كبر الصغيران فهو جائز. وإذا كان الفاسقان يشهدان على وكالة أو غيرها فأشهدا على شهادتهما فإنه لا يجوز. فإن تابا وأصلحا ثم شهدا بذلك فهو جائز. وإن أشهدا على شهادتهما بعد التوبة ذينك الشاهدين (¬6) أو غيرهما فهو جائز. وإن كان ذانك الشاهدان (¬7) على شهادة الفاسقين قد شهدا (¬8) عند القاضي فردها القاضي للتهمة (¬9) الأولى لم يقبلها أبداً من الأولين ولا ممن يشهد على شهادتهما. وإذا شهد (¬10) شاهدان على شهادة شاهدين عدلين في وكالة أو غيرها فرد القاضي (¬11) الآخرين (¬12) للتهمة ثم جاء الأولان (¬13) فشهدا (¬14) فهو جائز إذا كانا عدلين. وكذلك إذا شهدا (¬15) على شهادتهما رجلان آخران إذا كانا عدلين فهو جائز. وإذا شهد شاهدان على وكالة أو غيرها على شهادة عبدين أو مكاتبين أو كافرين لمسلم على مسلم فردها القاضي بذلك ثم أعتق العبدان ¬

_ (¬1) ع: ذلك. (¬2) ع: فيشهدا. (¬3) ز: والمكاتبان. (¬4) م ف ز: واعتق. (¬5) م ف ز ع: فكبر. (¬6) ز: الشاهدان. (¬7) م ف ز ع: ذينك الشاهدين. (¬8) م ز + قد شهدا. (¬9) م ف ز ع: لتهمة. (¬10) ع: أشهد. (¬11) ف - القاضي، صح هـ. (¬12) ز: الأخريين. (¬13) ز ع: الأوليان. (¬14) ز: فشهد. (¬15) م ف ز: إذا أشهدا.

والمكاتبان وأسلم الكافران ثم شهدا بذلك فهو جائز إذا كانوا عدولاً. وكذلك إن شهد على شهادتهما بذلك رجلان عدلان فهو جائز؛ لأني لم أرد الشاهد بالتهمة وليس هذا كالفاسق الذي أرده بالتهمة. وإذا شهد شاهدان مسلمان على شهادة كافرين بالوكالة من كافر على كافر (¬1) فإنه جائز في الخصومة أو (¬2) في دين (¬3) أو في قبض شيء بعينه أو في عتق أو نكاح أو طلاق أو مكاتبة. فإن كان المطلوب مسلماً لم نجز (¬4) شيئاً (¬5) من هذا إن أنكر الوكالة أو أقر بها بعد أن يكون منكراً للدعوى إلا في خصلة واحدة: الدين. فإن كان مقراً بالدين والوكالة فإنه يجبر على دفعه. وإذا شهد كافران على شهادة مسلمين بوكالة كافر في خصومة من قبل كافر فإن ذلك لا يجوز من قبل أن المسلمين لا تجوز (¬6) عليهما شهادة أهل الكفر. وإن كان أحد الشاهدين على الشهادة مسلماً والآخر كافراً فإنه لا يجوز حتى يكونا (¬7) مسلمين جميعاً. فإن كان الأولان أحدهما كافر والآخر مسلم والشاهدان على شهادتهما كافران فإنها تجوز (¬8) إن كان على شهادة الكافر منهما، ولا تجوز على شهادة المسلم. فإن (¬9) شهد على شهادة المسلم مسلمان فهو جائز. ولا تجوز (¬10) شهادة أهل الكفر على وكالة أهل الإسلام. وإن كان الطالب كافراً (¬11) والمطلوب (¬12) مسلماً أو الطالب مسلماً والمطلوب كافراً فهو سواء. وشهادة أهل الكفر بعضهم على بعض وإن اختلفت مللهم (¬13) اليهودي على النصراني والنصراني على اليهودي والمجوسي على أهل الكتاب وعبدة الأوثان على أهل الكتاب جائزة في الوكالة في كل خصومة وقبض دين وعتاق وطلاق ونكاح وشرى وبيع (¬14). ¬

_ (¬1) ع - على كافر. (¬2) ع - أو. (¬3) ز: في دن. (¬4) ف ز: لم يجز. (¬5) ف: شيء. (¬6) ز: لا يجوز. (¬7) ز: تكونا. (¬8) ز: فإنهما يجوز. (¬9) ع: وإن. (¬10) ز: يجوز. (¬11) ع - كافراً. (¬12) ع: أو المطلوب. (¬13) ز: ملكهم. (¬14) ع: وبيع وشراء.

باب كتاب القاضي في الوكالة في الخصومة وفي الصلح وغيره

ولا تجوز (¬1) شهادة الحربي المستأمن على أحد من أهل الذمة في وكالة ولا في غيرها. وشهادة أهل الذمة على الحربي المستأمن جائزة في الوكالة وغيرها (¬2). ولا تجوز (¬3) شهادة أهل الحرب بعضهم على بعض ولا أهل الذمة ولا على المسلمين وهم في دار الحرب. وإن كتب بذلك ملكهم لم يقبل. فإن أسلموا فشهدوا بها فتلك الشهادة (¬4) جائزة إذا كانت (¬5) مثلها تقبل (¬6). وإذا صاروا ذمة جازت تلك الشهادة لبعضهم على بعض إذا كان مثلها تقبل (¬7) على أهل الذمة، ولا تجوز (¬8) على المسلمين في شيء من ذلك. ... باب كتاب القاضي في الوكالة في الخصومة وفي الصلح وغيره وإذا وكَّل الرجل رجلاً بالخصومة في دار له وبقبضها (¬9) والدار في غير مصر الذي هو فيها (¬10) فأراد أن يأخذ كتاب القاضي بالوكالة، فإن القاضي ينبغي له أن يسأله البينة أنه فلان بن فلان الفلاني بعينه ونسبه. فإذا (¬11) أثبت (¬12) الشهود عنده بذلك وزكوا كتب له وسماه في الكتاب ونسبه إلى أبيه وقبيلته، وأنه قد أقام عندي البينة بذلك، وزكوا الشهود في السر والعلانية، وذكر أن داراً في البصرة في بني فلان أحد حدودها والثاني والثالث والرابع له، وأنه قد وكَّل (¬13) بالخصومة فيها وبقبضها فلان بن فلان الفلاني (¬14) فَرَ (¬15) في ذلك ¬

_ (¬1) ز: يجوز. (¬2) ز: وفي غيرها. (¬3) ز: يجوز. (¬4) م ع: شهادتهم. (¬5) ز: إذا كاتب. (¬6) ز: يقبل. (¬7) ز: يقبل. (¬8) ز: يجوز. (¬9) ز: ويقبضها. (¬10):م ف ز - فيها. والزيادة من ع. (¬11) ف: وإذا. (¬12) ز: أثبتت. (¬13) م ف ز ع ب: قد وكله. والتصحيح من الكافي، 2/ 67 و. (¬14) ف - الفلاني. (¬15) م ز ع: فرا؛ ف: فرأى.

رأيَك (¬1)، ثم يختم الكتاب (¬2)، ويشهد (¬3) عليه شاهدان. وإن كان الوكيل حاضر الكتاب حَلّاه (¬4) في الكتاب. وإن (¬5) كان الوكيل بالبصرة كتب في الكتاب: وكَّل رجلاً فذكر أنه قِبَلك يقال له: فلان بن فلان الفلاني. فإذا قدم الوكيل بكتاب القاضي سأله القاضي البينة على الكتاب أنه كتاب القاضي وختمه، ويقرؤه على الشهود. فإذا شهدوا بذلك وزكوا سأل الوكيل البينة أنه فلان بن فلان الفلاني بعينه (¬6)، يعني الوكيل. فإذا أقام البينة على ذلك وزكوا دعاه بحجة صاحبه. ولا ينبغي له أن يفتح كتاب القاضي إلا والخصم معه. فإن أراد الوكيل أن يوكل غيره أو يصالح فليس له ذلك؛ لأنه لم يوكله بذلك. وإن أقر الوكيل أن هذه الدار للذي (¬7) هي في يديه (¬8) وأنه لا حق لصاحبه الذي وكله فيها فإن أبا حنيفة كان يقول في هذا: إن أقر عند القاضي جاز على صاحبه الذي وكله. وإن أقر عند غير القاضي لم يجز على صاحبه، وليس له أن يخاصم بعد إقراره في ذلك. وهو قول محمد. وقال أبو يوسف: لا أرى أن يجوز قول الوكيل على صاحبه عند القاضي ولا عند غيره، ولكن لا يستطيع الوكيل أن يخاصم في ذلك بعد إقراره. ثم رجع عن هذا. وقال: إقراره جائز على الذي وكله عند القاضي وعند غيره. وإن لم يكن أقر بشيء من ذلك قبض الدار الوكيل. وليس له (¬9) أن يؤاجرها ولا يرهنها (¬10) ولا يسكنها أحداً. وليس له أن يصالح عليها ولا يسلمها بمال (¬11). وإن جاء رجل يدعي فيها دعوى فهو خصم فيها؛ لأن صاحبه وكله بالخصومة فيها ولم يسم أحداً. ولو سمى أحداً لم يكن له أن يخاصم غيره. ¬

_ (¬1) ع: برأيك. (¬2) م ف: الكتب. (¬3) ز: ونشهد. (¬4) أي بين حليته. (¬5) ف: فإن. (¬6) ف: فعينه. (¬7) ع: الذي. (¬8) ع: في يدي. (¬9) م + له. (¬10) ز - ولا يرهنها. (¬11) ز: قال.

وإذا جاء كتاب القاضي في وكالة رجل بقبض دار، ولم يجئ بالخصومة فيها، فله أن يقبضها، وليس له أن يخاصم فيها (¬1)، لأنه لم يوكله بذلك. وكذلك ليس له أن يبيعها، ولا يهبها، ولا يؤاجرها، ولا يرهنها، ولا يتزوج عليها. ولو جاء كتاب القاضي بوكالة رجل في إجارة دار كتب على النسخة التي ذكرت لك ونسب الرجل إلى أبيه وقبيلته. فإن كان يعرفه كتب: وقد أثبت معرفته. وإن كان لا يعرفه كتب: وقد سألته (¬2) البينة على ذلك، فأتى بفلان بن فلان الفلاني وفلان بن فلان الفلاني، فشهدا (¬3) عندي أن هذا الرجل فلان بن فلان الفلاني بعينه، فسألت عنهما في السر، فلم يبلغني عنهما إلا خير (¬4). وإن شاء كتب في الكتاب (¬5): بعد أن عُرِّف لي بوجهه ونسبه، ولا يكتب شهادة الشهود على معرفته. فإن شاء كتب شهادة الشهود على المعرفة ولم يكتب بهذا (¬6) الوجه الأول: وقد وكَّل فلان بن فلان الفلاني بأن يؤاجر داره التي بالبصرة التي في بني فلان، ويقبضها من فلان بن فلان (¬7)، أحد حدود هذه الدار والثاني والثالث والرابع، فَرَ (¬8) في ذلك رأيَك. ويشهد (¬9) على كتاب القاضي وخاتمه رجلان. وإن حلى الشهود في الكتاب فحسن. وإن ترك ذلك لم يضره. وإذا جاء كتاب القاضي دعاه الذي (¬10) في يديه الدار ودعاه بالبينة على الكتاب، فإذا (¬11) شهد (¬12) الشهود على الخاتم كسره، ثم قرأه عليهم حتى يشهدوا على ما فيه. فإذا شهدوا وزكوا سأل القاضي الوكيل البينة أنه فلان بن فلان الفلاني بعينه. فإذا جاء بالبينة على ذلك سأل الذي في يديه الدار عن الدار. فإذا أقر بها للذي وكَّل هذا أمره بدفعها إلى الوكيل. وإن سأل القاضي الوكيل البينة أنه فلان بن فلان الفلاني بعينه قبل أن يسأله البينة على الكتاب فذلك أصوب. وإن ¬

_ (¬1) ف - فيها. (¬2) م ف ز ع: سأله. (¬3) ز: فشهدوا. (¬4) م ف ز ع: إلا خيرا. (¬5) ف ز: أكتب في الكتب. (¬6) ز: لهذا. (¬7) ما بعد هذا من كتاب الوكالة ساقط من نسخة ف. (¬8) م: فرا؛ ز ع: فرأى. (¬9) ز: ونشهد. (¬10) ع - الذي. (¬11) ف - فإذا. (¬12) ع: فاشهد.

سأله (¬1) على ما ذكرت لك أجزأه. وكذلك هذه الوكالة في الرقيق والدواب والدين والوديعة والعروض كلها. ولهذا الوكيل أن يؤاجر الدار، وليس له أن يبيعها، ولا يرهنها، ولا يحدث (¬2) فيها شيئاً على وجه من الوجوه سوى الإجارة، وليس بخصم لرجل لو ادعى (¬3) فيها دعوى. وهو خصم للذي استأجرها منه إن ادعى عليه في الإجارة شيئاً أو ادعى (¬4) هو على المستأجر شيئاً. وكل واحد منهما خصم لصاحبه في إجارة ما بينهما (¬5). وإن شهد على كتاب (¬6) القاضي وخاتمه رجل وامرأتان فهو جائز. وإن شهد شاهدان على شهادة شاهدين في الكتاب فهو جائز. وإن شهد رجل على شهادة نفسه وشهد اثنان على شهادة آخر فهو جائز في ذلك. وإن شهد واحد على شهادة واحد فلا يجوز. فإن شهد مع هذا الشاهد على شهادة هذا الشاهد الآخر الذي شهد على شهادة نفسه فلا يجوز، لأنه قد شهد هو بنفسه، فلا يجوز أن يشهد على شهادة غيره على الكتاب. وإذا أراد الوكيل في الخصومة أن يشهد على قضاء القاضي كتب: هذا ما شهد عليه فلان بن (¬7) فلان وفلان بن فلان (¬8)، شهدوا أن فلان بن فلان قاضي أهل كذا وكذا أشهدهم، وهو يومئذ قاضي أهل كذا وكذا، أنه قضى بالدار التي في بني فلان، أحد حدودها والثاني والثالث والرابع، لفلان بن فلان على فلان بن فلان، ببينة شهدوا عنده عليه بذلك، وزكوا في السر والعلانية، فأجاز شهادتهم، وقضى بها، وهو يومئذ قاضي كذا وكذا، كتبوا شهادتهم جميعاً، وختموا في شهر كذا من سنة كذا. وإذا أراد المستأجر أن يكتب كتاباً بالإجارة على الوكيل، ويكتب قضاء القاضي له بالوكالة (¬9) كتب: هذا ما شهد عليه فلان بن فلان وفلان بن ¬

_ (¬1) م ز ع: سألت. ولعل الصواب ما ذكرنا. (¬2) ز: يحدد. (¬3) ز: أو أوفي. (¬4) ع: وإن ادعى. (¬5) ز: في إجازة ما بينها. (¬6) ع: على الكتاب. (¬7) ع: فابن. (¬8) م - وفلان بن فلان، صح هـ؛ ع - وفلان بن فلان. (¬9) ع: الوكالة.

فلان (¬1)، شهدا (¬2) أن فلاناً (¬3) قاضي أهل كذا وكذا، جعل فلان بن فلان وكيلاً لفلان بن فلان، في إجارة دار فلان بن فلان التي في بناء فلان، أحد حدودها والثاني والثالث والرابع، بكتاب أتاه به من فلان بن فلان قاضي أهل كذا وكذا، وشهد (¬4) على الكتاب شهود، وزكوا في السر والعلانية، فأجاز شهادتهم، وأنفذ الكتاب، وجعله وكيلاً لفلان بن فلان في إجارة هذه الدار المحدودة في كتابنا هذا (¬5)، وهو يومئذ قاضي بلد (¬6) كذا وكذا، وكتبوا شهادتهم جميعاً، وختموا في شهر كذا من سنة كذا. ثم يكتب على المستأجر الإجارة على نحو ما كتب له. وكذلك الأرضين والقرى والرقيق. وإن أتى كتاب القاضي بوكالة في دار بالخصومة (¬7) فيها أو في بيعها أو في قبضها أو في إجارتها وليس فيها حدود محدودة تحد (¬8) فإن ذلك لا يجوز. وكذلك لو كانت محدودة بحدين. ولو كانت محدودة بثلاثة حدود جاز ذلك إذا سميت القبيلة. ولو كانت (¬9) دار مشهورة معروفة فسماها وسمى القبيلة التي هي فيها لم يجز في قول أبي حنيفة. وذلك (¬10) جائز في قول أبي يوسف ومحمد. وإذا كان في يدي رجل عبد فأقام آخر البينة أنه له وحلاه ونسبه إلى جنسه وأخذ كتاب القاضي بذلك إلى قاضي البلد الذي هوفيه ووكل وكيلاً بالخصومة في ذلك، فإن أبا حنيفة كان يقول: لا أقبل ذلك حتى يحضر البينة، ويشهدون عليه معاينة؛ لأن الحلية قد توافق (¬11) الحلية. أرأيت لو كانت جارية جميلة أكنت (¬12) أدفعها إلى رجل وهو غير مأمون. أرأيت لو ¬

_ (¬1) م - وفلان بن فلان، صح هـ؛ ع - وفلان بن فلان. (¬2) م ف ع: شهدوا. (¬3) م ع: أن فلان؛ ز: أن فلان بن فلان. (¬4) ع: وشهدوا. (¬5) ز: له. (¬6) ز ع: له. (¬7) ع: الخصومة. (¬8) ز: بحد. (¬9) ز: كاتب. (¬10) ع: ذلك. (¬11) ز: قد يوافق. (¬12) ز: أكتب.

كانت (¬1) دابة أكنت (¬2) أدفعها إليه ليركبها. وهو قول محمد. وكان ابن أبي ليلى يقول في ذلك: أقبل البينة، وأختم في عنق العبد بالرصاص، وآخذ كفيلاً من الوكيل بالعبد، وأضمنه قيمته، ثم أبعث به حتى يأتي به القاضي الذي كتب الكتاب، فيدعو (¬3) الشهود الذين شهدوا عليه. فإن شهدوا أنه عبده بعينه كتب بذلك إلى القاضي الذي بعث به. فإذا جاءه الكتاب بذلك أبرأه الكفيل وأنفذ ذلك. وقول أبي حنيفة أجود القولين وأصحهما. والقول الآخر أرفق (¬4) بالناس وأوسع. وبقول (¬5) ابن أبي ليلى يأخذ أبو يوسف. وإذا كان لرجل على عبد دين فأقام بينة بدينه وسموا العبد ونسبوه إلى جنسه وإلى عمله وإلى مولاه ونسبوا المولى إلى أبيه وقبيلته ووكل وكيلاً في تقاضي ذلك الدين وقبضه وكتب القاضي بذلك كتاباً، فإن أبا حنيفة كان يقول: هذا جائز، ويؤخذ العبد بذلك. وكان يفرق بين (¬6) هذا وبين الباب الأول، ويقول: ادعاء الرقبة ليس كادعاء الدين. وليس يجوز كتاب القاضي في وكالة في إقامة (¬7) حدود ولا قصاص، إنما يجوز في حقوق الناس والأموال والطلاق والعتاق والنكاح. ولا يجوز في ذلك كتاب قاضي رُسْتَاق (¬8) ولا أمير طَسُّوج (¬9). إنما يجوز [في] ذلك ¬

_ (¬1) ز: لو كاتب. (¬2) ز: أكتب. (¬3) م ز ع: فدعوا. والتصحيح من ب. (¬4) ع: أوفق. (¬5) ع - وبقول، صح هـ. (¬6) ز - بين. (¬7) ع: وإقامة. (¬8) قال الفيومي: الرُّسْتَاق معرَّب، ويستعمل في الناحية التي هي طرف الإقليم، والرُّزْدَاق بالزاي والدال مثله، والجمع رَسَاتِيق ورَزَادِيق، قال ابن فارس: الرَّزْدَق السطر من النخل والصف من الناس، ومنه الرُّزْادَق، وهذا يقتضي أنه عربي، وقال بعضهم: الرُّسْتَاق مولَّد وصوابه رُزْدَاق. انظر: المصباح المنير، "رستق". وقال المطرزي: الرَّزْدَق الصف، وفي الواقعات: رَسْتَق الصفّارين والبيّاعين، وكلاهما تعريب رَسْتَه. انظر: المغرب، "رزدق". (¬9) قال المطرزي: الطَّسُّوج الناحية كالقرية ونحوها، معرَّب، يقال: أردبيل من طساسيج حُلْوان. انظر: المغرب، "طسج".

كتاب قضاة الأمصار وأمراء الأمصار الذين استعملوا القضاة. وكذلك كتاب الخليفة جائز في ذلك. ولا يجوز في ذلك كتاب صاحب شرطة ولا معونة (¬1) ولا صاحب سلطان كائنٍ ما كان سوى (¬2) ما سميت لك. وإذا وكَّلت المرأة بطلب مهرها وبنفقتها (¬3) وكيلاً فتقدمت إلى القاضي في ذلك لتأخذ (¬4) منه كتاباً فإنه يكتب لها. فإن كان يعرفها كتب إليه: إنه أتتني (¬5) فلانة بنت فلان الفلانية (¬6) امرأة فلان بن فلان الفلاني، وقد عرفتها. وإن كان لا يعرفها سألها (¬7) البينة على ذلك، ثم كتب شهادة الشهود على ذلك في كتابه وتزكيتهم (¬8) وتسميتهم ونسبهم إلى آبائهم وقبائلهم وأنها ذكرت أن لها على زوجها فلان بن فلان الفلاني من (¬9) المهر كذا وكذا وأنه لا ينكر ذلك، وأنها وكلت فلان بن فلان الفلاني بقبض ذلك من زوجها فلان بن فلان وبخصومته فيه إن أنكر (¬10) من ذلك، ووكلته أيضاً بطلب نفقتها من زوجها وبالخصومة في ذلك، حتى يقبض لها في كل شهر نفقة مسماة (¬11)، وكل سنة كسوة مسماة، فَرَ (¬12) في ذلك رأيك. ثم يُشهِد على كتاب القاضي وخاتمه شاهدين عدلين. فإذا جاء (¬13) كتاب القاضي سأله القاضي (¬14) البينة على أنه كتاب القاضي وخاتمه، ولا يسأله البينة على ذلك إلا والزوج حاضر. فإذا شهدوا على ذلك وزكوا فتح القاضي الكتاب وقرأه عليهم حتى يشهدوا على ما فيه. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وكان غيره (¬15) لا يكلفهم ذلك إذا شهدوا على الخاتم والكتاب مطويًا، وهو قول أبي يوسف. ثم يسأل الزوج ¬

_ (¬1) م ز ع: معرى. وقد وردت هذه الكلمة في كتاب الصلح أيضاً. انظر: 8/ 87 ظ. ولعل الصواب ما أثبتناه. وانظر تفسير الكلمة فيما علقناه على الموضع السابق. (¬2) ز: سواء. (¬3) ع: وبنقضها. (¬4) ز: ليأخذ. (¬5) ع: ابنتي. (¬6) ع: فلانية. (¬7) ز ع: سألتها. (¬8) ز: وتركيبهم. (¬9) ع - من. (¬10) ع - أنكر. (¬11) ع - مسماة. (¬12) م ز ع: فرأى. (¬13) ع: جاءه. (¬14) ع - القاضي. (¬15) أي: غير الإمام أبي حنيفة. فالمتكلم هو الإمام محمد.

عن المهر، فإن أقر به أخذه (¬1) به. ويفرض عليه لها من النفقة لكل شهر ما يصلحها، ولكل سنة ما يصلحها من الكسوة والنفقة. وإن جحد المهر وقال: هوكذا وكذا، لشيء هو أقل مما ادعت المرأة، فإن القاضي ينظر في ذلك: فإن كان ما ادعت مهر مثلها أو أقل قضي لها بذلك، وإن كان ما ادعت أكثر من مهر مثلها أبطل الفضل. وإن كان لها بينة على الفضل فكتب بذلك إلى القاضي في كتابه وأقام بذلك الوكيل البينة عند القاضي الذي جاءه الكتاب فإنه ينفذ ذلك ويقضي به. وإذا تزوج الرجل امرأة فجحدته النكاح وكانت في بلد غير البلد الذي هو فيه فأخذ كتاب القاضي بذلك بشهادة الشهود ووكَّل وكيلاً يخاصم (¬2) في ذلك حتى يثبت النكاح فإن ذلك جائز ينفذه القاضي الذي يأتيه الوكيل. ولو كانت (¬3) المرأة هي التي وكلت بذلك كان مستقيماً جائزاً. وكذلك المرأة إذا ادعت طلاقاً بائناً ووكلت وكيلاً يخاصم زوجها في ذلك وأخذت كتاب القاضي بذلك فهو جائز. وكذلك الخلع. وكذلك العبد يدعي المكاتبة أو العتق فيوكل وكيلاً بخصومة مولاه في ذلك ويأخذ كتاب القاضي بذلك فهو جائز. وكذلك المولى إن كان هو الذي وكَّل بخصومة المكاتب وبقبض ما عليه وأخذ كتاب القاضي بذلك فهو جائز. وكذلك الرجل يدعي الدم الخطأ أو الجراحة الخطأ فوكَّل وكيلاً يطلب ذلك ويأخذ كتاب القاضي بذلك فهو جائز. وكذلك إن كان المطلوب هو الذي وكَّل بالخصومة في دفع ذلك عن نفسه فأخذ كتاب القاضي بذلك فهو جائز. ولا يقبل وكيل في قصاص ولا في حد بكتاب قاضي. فإن وكَّل في إثبات الشهود على ذلك بكتاب القاضي فإنه لا يقبل أيضاً. وكتب القاضي في جميع ما ذكرنا من الوكالات في الخصومة جائزة وإن كان الذي وكَّل صحيحاً، رجلاً (¬4) كان أو امرأة، إلا أنه غائب. والغيبة في ذلك بمنزلة المرض. والوقت في ذلك مسيرة ثلاثة أيام. ¬

_ (¬1) ع: أخذ. (¬2) ز: يخصاصم. (¬3) ز: كاتب. (¬4) م ز ع: صحيح رجل.

والذمي والحربي المستأمن والحر والمسلم (¬1) أو المرأة أو المكاتبة والعبد التاجر والعبد (¬2) الذي يسعى في بعض قيمته في ذلك كله سواء. إن كان هو الوكيل فهو جائز، وإن كان هو الموكل فهو جائز. وإذا وكَّل الرجل الرجل بتقاضي دين له على رجل وبالخصومة فيه وأخذ كتاب القاضي بذلك ونسب المطلوب إلى أبيه وقبيلته، وكان في تلك القبيلة رجل آخر على اسمه ونسبه، فإنه لا يجوز حتى ينسب إلى شيء يعرفه من الآخر إلى أب إن كان أو إلى تجارة يعرفها من الآخر. وإن (¬3) كان الآخر ميتاً فإن كان موته بعد تاريخ الحق فهو سواء. وإن كان موته قبل تاريخ الحق فإني آخذ هذا الحي منهما. وإذا وكَّل رجل رجلاً بتقاضي دين له على رجل وبالخصومة (¬4) فيه وأخذ بذلك كتاب قاض (¬5) إلى قاض (¬6) فقال المطلوب: قد قضيت وليس لي بينة وأنا أريد يمين الطالب أنه (¬7) ما اقتضاه (¬8)، فإنه لا يؤخذ بذلك ويقال له: ادفع المال إلى الوكيل، ويقال له: اطلب يمين صاحبك. فإذا فعل ذلك استحلف صاحبه إذا لقيه. فإن حلف جاز القضاء وأمضى. وإن نكل عن اليمين لزمه المال دون الوكيل. فإن كان المال عند الوكيل فلا سبيل له عليه، إنما هو مال الطالب الأول. وكذلك لو قامت له بينة أنه قد قضاه بالمال (¬9)، فإنه إن شاء أخذ صاحب الحق الأول، وإن شاء أخذ المال من الوكيل إن كان قائماً بعينه. أرأيت لو كان (¬10) الطالب الأول غائباً فلما أخذ الوكيل المال وجد المطلوب بينة أنه قد قضاه ماله أما له أن يأخذ ماله من الوكيل وهو قائم بعينه؟ [له] (¬11) أن يأخذه، لأنه خصمه، ¬

_ (¬1) ع - والحر والمسلم. (¬2) ع - والعبد. (¬3) ع: فإن. (¬4) ع: بالخصومة. (¬5) ز: قاضي. (¬6) ز: إلى قاضي. (¬7) م ز - أنه. (¬8) ز - اقتضاه. وقوله: "ما اقتضاه"، غير واضح في م. والتصحيح من ع ب. (¬9) ع: قضى المال. (¬10) ع: إن كان. (¬11) الزيادة من ب.

باب كتاب وكالة القاضي لنفسه ولأهله

وماله في يديه. فإن قال الوكيل: قد دفعت المال إلى الذي وكلني، أو قال: قد هلك، فالقول قوله مع يمينه، وهو مصدق في ذلك. فإن قال: قد أمرني فدفعته إلى رجل وكيل آخر أو غريم أو بضاعة (¬1)، لم يصدق، وضمنه (¬2) المال إلا أن يأتي ببينة (¬3) على ذلك. ولو ادعى أنه وهبه له أو تصدق به عليه أو قضاه من حق كان له عليه لم يصدق وضمن. وإذا كان لرجل عند رجل مال وديعة وصاحب المال غائب فوكلت امرأته بطلب نفقتها من تلك (¬4) الوديعة وكيلاً وأخذت بذلك كتاب قاض (¬5) فهو جائز، غير أنه لا يدفع إليها ولا إلى وكيلها حتى يؤخذ منها كفيل (¬6) ثقة بذلك. وإذا وكَّل الرجل الرجل بخصومة في عيب في خادم اشتراها وأخذ بذلك كتاب قاض إلى قاض (¬7) فإن ذلك لا يجوز؛ لأن الخادم لا يرد (¬8) حتى يحضر المشتري فيحلف. ... باب كتاب وكالة القاضي لنفسه ولأهله وإذا وكَّل القاضي وكيلاً في دار له يؤاجرها أو يبيعها (¬9) فهو في ذلك كغيره. ولو وكَّله بالخصومة في حق يطلبه أو يطلبه رجل قبله كان جائزاً. فإن خاصم الوكيل إلى القاضي (¬10) لم يجز للقاضي أن يقضي بين الخصم وبين وكيله؛ لأن وكيله بمنزلته، فلا يجوز أن يقضي لنفسه. وكذلك وكيله. وكذلك وكيل وكيله. وكذلك وكيل ابنه ووكيل أبيه ¬

_ (¬1) ز: أو يضاعة. (¬2) ز: وضمنته. (¬3) م ز: بينة. (¬4) ع: من المال. (¬5) م ز: قاضي. (¬6) ز: كفيلا. (¬7) م ز: قاضي إلى قاضي. (¬8) م: ولا يرد. (¬9) ع: ويبيعها. (¬10) ع: إلى قاضي.

ووكيل أمه ووكيل ابنته ووكيل عبده ووكيل مكاتبه ومدبره وأم ولده. فليس يجوز للقاضي أن يقضي لأحد من هؤلاء في الخصومة على خصمه؛ لأنه لا تجوز (¬1) شهادته لأحد منهم. وكذلك قضاؤه لهم. وكذلك لو جاءه كتاب قاض على أحد منهم فقضى به على خصمه لم يجز ذلك له. ولو قضى لوكيل أخيه كان جائزاً. وكذلك وكيل عمه وخاله وعمته وخالته ووكيل ابن عمه ووكيل ابن عمته. فإن قضاءه لهؤلاء جائز؛ لأن شهادتهم له جائزة. ولا يجوز قضاؤه لوكيل جده أو جدته من قبل النساء والرجال ولا لولد ولده. وإن قضى (¬2) لابن امرأته أو لابنتها (¬3) أو لأختها أو لوكيل أحد منهم فهو جائز. ولا يجوز له (¬4) أن يقضي لوكيل عبد امرأته ولا لوكيل مكاتبها. وكذلك وكيل عبد ولده أو والده أو جده أو مكاتبهم، لا (¬5) يجوز له أن يقضي لأحد منهم. ولو كان للقاضي شريك مفاوض لم يجز له أن يقضي له بشيء من التجارة ولا لوكيله ولا لعبد لهما من التجارة أو من غير التجارة. ولو كان للقاضي شريك شركة عنان في تجارة فخاصم إليه في شيء آخر هو أو وكيله كان قضاؤه له جائزاً؛ لأن هذا شركة عنان ليس كالمفاوض (¬6). وكذلك عبد شريكه هذا أو مكاتبه أو وكيل لأحد منهم. وكذلك أجير شريكه هذا إذا كان ذلك من غير شركته. ولو أن رجلاً أوصى للقاضي بثلث ماله وأوصى إلى رجل (¬7) لم يجز قضاء القاضي لذلك الميت بشيء من الأشياء؛ لأن له فيه نصيباً (¬8). وكذلك وكيل القاضي في ميراث الميت. ولو لم يوص له بوصية ولكن القاضي كان أحد ورثته لم يجز قضاؤه بشيء منه له. ولو لم يكن القاضي (¬9) وارثاً ¬

_ (¬1) ز: لا يجوز. (¬2) ز: قضاء. (¬3) ز ع: ولابنتها. (¬4) ع - له. (¬5) ع: ولا. (¬6) ع: كالمفاوضة. (¬7) ع + ثم. (¬8) م ز ع. (¬9) ع: للقاضي.

ولا (¬1) موصى له ولكن كان ابنه (¬2) هو موصى له (¬3) أو وارثه أو كانت امرأته وارثة له أو موصى لها أو كان أبوه موصى له أو وارثه كان كذلك أيضاً. ولو كان للقاضي على الميت دين كان كذلك أيضاً. ولو لم يكن ذلك ولكن كان أخو القاضي وارث الميت كان قضاؤه جائزاً؛ لأن شهادته لأخيه جائزة. وكذلك قضاؤه له. وكذلك لو كان لأخيه عليه دين أو كانت (¬4) له في ماله وصية. وكذلك العم والخال وعبد الأخ ومكاتب الأخ. ولو كان مكاتباً للقاضي له على الميت دين أوله في ماله وصية لم يجز قضاء القاضي لذلك الميت. وكذلك عبد القاضي أو عبد ابنه أو عبد أبيه أو عبد امرأته أو عبد أمه. وكذلك مكاتب لبعضهم يطلب الميت بدين أو له في ماله وصية. ووكيل هذا الطالب وهو نفسه بمنزلة واحدة لا يجوز قضاء القاضي له. ولو كانت (¬5) للقاضي عمة أو خالة لها على الميت مال كان قضاء القاضي لها ولوكيلها جائزاً. وإذا اختصم الرجلان في دار أو غيرها من العروض فوكَّل أحدهما أبا (¬6) القاضي بالخصومة أو ابنه أو عبده أو مكاتبه أو مدبره فإنه لا يجوز للقاضي أن يقضي للوكيل على خصمه. ولو قضى (¬7) للخصم على الوكيل كان جائزاً. وكذلك لو وكَّل عبداً لابن القاضي أو لأمه أو لبعض ولد ولده أو لبعض أجداده أو جداته أو لزوجته أو لمكاتب لأحد من هؤلاء أو عبد له فيه شقص أو مكاتب له فيه شقص فإنه لا يجوز قضاء القاضي لهذا الوكيل ولا شهادته له. ولو قضى (¬8) عليه كان جائزاً. ولو وكَّل أخا القاضي أو عمه أو خاله كان قضاؤه له جائزاً. وكذلك شهادته له عليه. ولو وكَّل عبداً لأخي (¬9) القاضي أو لعمه أو لخاله أو لعمته أو لخالته أو عبداً لابن عم له ¬

_ (¬1) ع: لا. (¬2) ع + له. (¬3) ع - له. (¬4) م ز: أو كاتب؛ ع: أو مكاتبة. (¬5) ز: كاتب. (¬6) م ز ع: أب. (¬7) ز: قضاء. (¬8) ز: قضاء. (¬9) م ز ع: لأخ.

أو مكاتباً لبعض هؤلاء أو مدبراً أو عبداً لبعضهم فيه شقص كان ذلك جائزاً. وكذلك قضاؤه له جائز، وقضاؤه عليه جائز، لأن شهادته له جائزة. وإنما يبطل قضاؤه لمن لا تجوز له شهادته، فأما (¬1) من تجوز (¬2) شهادته له (¬3) فإن قضاءه (¬4) له جائز. وإذا وكَّل رجل رجلاً بالخصومة ثم جُعل الوكيل قاضياً فليس يجوز قضاؤه لنفسه. ولو جعل وكيلاً مكانه لم يجز ذلك؛ لأنه ليس بقضاء على الغائب. وليس له أن يوكل غيره؛ لأن الغائب لم يفوض إليه ذلك. ولو عزل عن القضاء كانت وكالته على حالها. فإذا وكَّل الرجل القاضي ببيع أو شراء أو قبض ثم عزل القاضي عن القضاء فهو وكيل على حالة، وليس هذا كالوكالة في الخصومة. ولو وكله بالخصومة وهو قاض لم يجز قضاؤه لنفسه، وهو على وكالته لو عزل عن القضاء. ولو وكله بالخصومة وهو قاض فقال: ما صنعت من شيء فهو جائز، فوكَّل القاضي وكيلاً يخاصم إليه بذلك لم يجز قضاؤه للوكيل؛ لأنه وكيله. وكذلك لو كان الوكيل وكيلاً لابنه أو وكيل (¬5) أبيه (¬6) أو وكيل امرأته أو عبده أو مكاتبه أو جده أو جدته أو ابن ابنه لم يجز قضاؤه له، وجاز قضاؤه عليه. وقضاء القاضي لوكيل ابنه من الرضاعة أو ابنته (¬7) من الرضاعة أو أخيه من الرضاعة أو أخته من الرضاعة جائز، ليس هؤلاء بمنزلة من ذكرنا كالولد والوالد. وكذلك عبد لأحد من هؤلاء وكّل وكيلاً مكاتباً أو مدبراً فقضاؤه له وعليه جائز. والعبد (¬8) الذي يسعى في بعض قيمته بمنزلة المكاتب في ذلك في قول أبي حنيفة. وإذا وكَّل القاضي وكيلاً ببيع عبد للقاضي فباعه فخاصم المشتري ¬

_ (¬1) ع: وأما. (¬2) ز: يجوز. (¬3) ع - له. (¬4) م ز: قضاؤه. (¬5) ع: ووكيل. (¬6) ع - أبيه. (¬7) م ز: أو أمه. (¬8) ز: وللعبد.

الوكيل في عيب فقضاء القاضي للوكيل باطل لا يجوز. لأنه وكيله. وكذلك أبو القاضي لو كان هو الذي وكله أو أمه أو ابنته أو امرأته أو مكاتبه أو عبد تاجر لبعضهم لم يجز قضاؤه لأحد من هؤلاء، وقضاؤه على الوكيل جائز في ذلك كله. ولو وكَّل القاضي وكيلاً يبيع لليتامى بيعاً فباع لهم فخاصم المشتري الوكيل في عيب أو غير ذلك فقضى القاضي للوكيل فقضاؤه جائز؛ لأن هذا ليس بوكيل لخاصة نفسه، إنما هذا وكيل لليتامى. وإذا وكَّل رجل رجلاً بوكالة في خصومة فخاصم إلى القاضي ثم مات الذي وكله والقاضي وارثه فليس يجوز قضاؤه لهذا الوكيل. فإن كان قضى بقضاء قبل أن يموت الرجل فهو جائز. وإذا وكلت المرأة وكيلاً في الخصومة ثم تزوجها القاضي قبل أن يفصل (¬1) القضاء فإن قضاءه (¬2) لوكيلها باطل لا يجوز. ولو وكلت وهي امرأته ثم طلقها فبانت منه وانقضت عدتها ثم قضى (¬3) للوكيل كان قضاؤه جائزاً. وكذلك مكاتب القاضي لو وكل. فإن أعتق فأنفذ القاضي القضاء لوكيله بعد العتق كان جائزاً. وإذا كان أبو القاضي وصي يتيم لم يجز قضاء القاضي لوصي اليتيم في شيء من أمر (¬4) اليتيم. وكذلك ابن القاضي وابنته وأمه وامرأته. وكذلك وكيل الوصي لا يجوز قضاء القاضي له. ولو باع ثوباً أو عبداً أو داراً فجحده المشتري فخاصم فجاء بالبينة عليه فقضى له القاضي بالبيع لم يجز له ذلك. وكذلك لو أجر داراً فجحده المستأجر. وكذلك لو اشترى عبداً فطعن فيه بعيب وجاء بالبينة فرده فإن ذلك لا يجوز. وإذا وكَّل القاضي وكيلاً لليتامى في بيع أو شراء أو خصومة لهم ثم قضى له على خصمه فهو جائز؛ لأن شهادة القاضي لهذا الوكيل واليتامى جائزة لو لم (¬5) يكن قاضياً. ولو كان اليتامى إخوة أو بني أخ ¬

_ (¬1) م ز: أن يفضل. (¬2) م ز: قضاؤه. (¬3) ز: ثم قضاء. (¬4) ع: من أم. (¬5) ز: إذا لم.

باب وكالة وصي اليتيم

له أو بني عم له كان ذلك كله سواء، وكان قضاؤه لهم ولوكيلهم ولوكيله لهم وعليهم جائزاً. ... باب وكالة وصي اليتيم وإذا وكَّل وصي اليتيم وهو وصي الأب وكيلاً ببيع خادم اليتيم (¬1) أو داره (¬2) أو بشراء دار له أو خادم أو غير ذلك فهو جائز. وكذلك لو وكَّل بالخصومة في شيء من ذلك كان جائزاً. وكذلك (¬3) لو وكَّل بإجارة دار له أو عبد له أو دابة له كان ذلك جائزاً. وكذلك لو وكَّل وكيلاً يكاتب عبداً له كان ذلك جائزاً. وكذلك لو وكَّل وكيلاً يستأجر له داراً أو أجيراً في بناء له أو دابة تنقل (¬4) له شيئاً أو رجلاً يخيط له شيئاً أو يستأجر (¬5) من يخيط أو يبني له بناء فإن ذلك كله جائز على اليتيم. فإن بلغ اليتيم قبل أن يصنع الوكيل شيئاً من ذلك ثم فعل ذلك فإن ذلك لا يجوز عليه، مِن قِبَل أنه قد خرج من حال اليُتْم (¬6) والصغر (¬7) قبل أن ينفذ ذلك عليه. فإذا وكَّل اليتيم بشيء من ذلك فإن ذلك لا يجوز. فإن أجاز وصيه الوكالة في ذلك فهو جائز، وذلك بمنزلة الوكالة لو وكله هو. وإذا وكَّل وصي اليتيم وكيلين ببيع أو شراء أو إجارة شيء أو استئجاره فأمضى ذلك أحد الوكيلين دون الآخر فإن ذلك لا يجوز. وإن أمضياه جميعاً فهو جائز. ولو كان لليتيم وصيان فوكلا رجلاً واحداً بشيء مما ذكرنا كان ذلك جائزاً. فإن وكَّل كل واحد منهما رجلاً على حدة (¬8) بشيء مما ذكرنا فإن ¬

_ (¬1) م + أو دار؛ ع + أو دارا. (¬2) ز: أو دارا؛ ز هـ أو دابة. (¬3) ع - بالخصومة في شيء من ذلك كان جائزاً وكذلك. (¬4) ز: ينقل. (¬5) ز + له. (¬6) ز ع: اليتيم. (¬7) ع: والصغير. (¬8) ع: على عبده.

ذلك لا يجوز. وليس يجوز بيع أحد الوصيين ولا شراؤه ولا إجارته حتى يجتمعا على ذلك جميعاً، غير أني أستحسن أن أجيز من ذلك الكسوة والطعام الذي لا بد منه لليتيم. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: فعل أحد الوكيلين فيما وكَّل فيه جائز كأن الوصيين جميعاً وكلاه. فإن وكَّل كل واحد منهما بالخصومة في حق اليتيم وكيلاً أو في حق يدعى قبله فأي الوكيلين خاصم فقضى (¬1) القاضي عليه أو له فهو جائز، وليس الخصومة في هذا كغيرها. وكذلك لو كان وصياً واحداً فوكَّل وكيلين بالخصومة فأيهما ما (¬2) خاصم فهو جائز. وإن وكَّل وكيلاً ببيع شيء فهو جائز، وليس له أن يشتري بثمنه شيئاً. وإن وكَّل وكيلاً بشرى (¬3) شيء فاشتراه فهو جائز، وليس له أن يبيعه. فإن وكله بتقاضي دين له فليس له أن يصالح. وكذلك إن وكله بالخصومة. وإن وكله بإجارة دار أو عبد فليس له أن يبيعه. فإن وكله أن يستأجر لليتيم داراً فليس له أن يشتريها (¬4) له. وكذلك لو وكله بالنفقة عليه في طعامه وكسوته فليس له أن يشتري له عبداً أو دابة (¬5) أو أمة ولا يبيع له شيئاً من ذلك. وإذا كان في حجر الرجل ابن أخيه نسباً أو ابن عمه أو ابن أخيه أو ذو قرابة منه ذوي رحم محرم أو غير محرم أو من الرضاع وهو يعوله (¬6) فليس يجوز عليه بيع الرجل ولا شراؤه ولا خصومته في حق له كان له أو كان قبله. ولو وهب له هبة أو تصدق عليه بصدقة وقبض له ذلك الرجل أجزت ذلك له بالاستحسان. ولا تجوز (¬7) وكالته لو وكَّل أحداً ببيع شيء من متاعه أو بشرائه. ولو أجره لعمل (¬8) كان ذلك باطلاً لا يجوز في القياس، ¬

_ (¬1) ز ع: فقضاء. (¬2) ز - ما. (¬3) ع: يشتري. (¬4) ز: أن يشير بها. (¬5) ع + أو دابة. (¬6) ز: بقوله. (¬7) ز: يجوز. (¬8) ع: يعمل.

باب الوكالة بالقيام على الدار وقبض الغلة والبيع والإجارة وأمر القاضي فيه

غير أني أستحسن إذا كان ذا رحم محرم منه أن أجيز ذلك عليه (¬1) ما كان صغيراً. ولو كان له عبد فأجر أو وكَّل بذلك من يؤاجره لم يجز ذلك عليه. وكذلك داره ودابته. وكذلك اللقيط يلتقطه (¬2) الرجل لا تجوز (¬3) وكالته، إن وكَّل وكيلاً في الخصومة أو في البيع أو في الشراء كان ذلك باطلاً لا يجوز. وكذلك لو باع له هو بنفسه شيئاً أو اشتراه لم يجز. ولو وهب هبة فقبضها كان جائزاً. وكذلك الصدقة والنحلى والعمرى. وإذا وكَّل وصي اليتيم وكيلاً في خصومة ليتيم ثم مات الوصي فقد انقضت الوكالة. ألا ترى (¬4) أنه لو وكله بشرى أو بيع (¬5) أو إجارة ثم مات قبل أن ينفذ ذلك بطلت وكالته (¬6). ... باب الوكالة بالقيام على الدار وقبض الغلة والبيع والإجارة وأمر القاضي فيه وإذا وكَّل رجل رجلاً بدار أن يقوم عليها ويؤاجرها فأراد أن يكتب له بذلك كتاباً كتب: هذا ما شهد عليه فلان وفلان: شهدوا أن فلان بن فلان وكَّل فلان بن فلان بالقيام على الدار التي في بني فلان، أحد حدودها والثاني والثالث والرابع، شهدوا أنه وكله بهذه الدار (¬7) المحدودة في كتابنا هذا، ودفعها إليه، وقبضها منه فلان في غرة شهر كذا من سنة كذا، ليقوم عليها ويؤاجرها ويقبض غلتها، وكتبوا شهادتهم جميعاً، وختموا في ¬

_ (¬1) م - في القياس غير أني أستحسن إذا كان ذا رحم محرم منه أن أجيز ذلك عليه، صح هـ. (¬2) م ز ع: يلتقط. (¬3) ز: لا يجوز. (¬4) ز: يري. (¬5) ع: وكله ببيع أو شراء. (¬6) ز ع - وكالته. (¬7) ز: بهذا لاظهار.

شهر كذا من سنة كذا. وليس لهذا الوكيل أن يبيع ولا يرهن ولا يبني ولا يَرُمّ (¬1) منها شيئاً وليس بوكيل في خصومتها (¬2)؛ لأنه لم يوكله بذلك. ولو هدم رجل منها بيتاً كان وكيلاً في الخصومة؛ لأنه استهلك شيئاً في يديه. وكذلك لو أجرها من رجل فجحد ذلك الرجل الإجارة كان خصماً في ذلك حتى تثبت (¬3) عليه الإجارة. وكذلك إن سكنها فجحده الآخر كان له أن يخاصم في ذلك. وإن أراد رب الدار أن يجعله وكيلاً في بنائها وفي مَرَمَّةِ ما وَهَى منها كتب ذلك في كتاب الوكالة. وليس للوكيل أن يدعي شيئاً من هذه الدار لنفسه. إقراره بالوكالة يهدم دعواه. وليس لهذا الوكيل أن يوكل بها غيره. وإذا وكَّل الرجل رجلاً ببيع دار له فأراد أن يكتب كتاباً بالوكالة والبيع كتب: هذا ما شهد عليه فلان وفلان وفلان (¬4): شهدوا أن فلان بن فلان وكَّل فلان بن فلان ببيع الدار التي في بني فلان، أحد حدودها والثاني والثالث والرابع، وشهدوا أنه وكَّل فلاناً ببيع هذه الدار المحدودة في كتابنا هذا، وأجاز ما باع منه (¬5) من شيء، وكتبوا شهادتهم جميعاً، وختموا في شهر كذا من سنة كذا. وليس لهذا الوكيل أن يوكل غيره بالبيع. ولو وكَّل غيره بالبيع لم يجز. وكذلك وكيل الإجارة ليس له أن يوكل غيره بالإجارة (¬6). ولو أمر غيره فأجر وهو حاضر فأجاز ذلك الوكيل فإنه جائز. وكذلك الوكيل بالبيع. ولو كانا وكيلين في الإجارة وفي البيع فباع أحدهما دون الآخر وأجر أحدهما دون الآخر لم يجز؛ لأنه لم يرض برأي أحدهما في ذلك دون الآخر. وليس الوكيل في البيع بوكيل في الخصومة ولا في الإجارة. ولا تجوز (¬7) إجارته. وكذلك المَرَمَّة والبناء، ليس إليه من ذلك شيء. وليس له أن يرهن الدار. ولو فعل ذلك لم يجز. وكذلك الوكالة في بيع الرقيق والحيوان والعروض. وكذلك الوكالة في إجارة الرقيق والحيوان ¬

_ (¬1) رَمَّ البناءَ أصلحه رَمّا ومَرَمّة، من باب طلب. انظر: المغرب، "رمم". (¬2) ع: في خصومة منها. (¬3) ز: يثبت. (¬4) ع - وفلان. (¬5) ع - منه. (¬6) ع - ليس له أن يوكل غيره بالإجارة. (¬7) ز: يجوز.

والدواب. ولو باع هذا الوكيل من نفسه أو من ابن له صغير في عياله لم يجز ذلك. وكذلك الإجارة. ولو باع الوكيل شيئاً من ذلك من ابن له كبير (¬1) أو من امرأته أو أبيه أو أمه أو عبده أو أمته أو مكاتبه فهو جائز إلا من عبده أو أمته فإنه لا يجوز؛ لأنه قال: ما باعها من شيء فهو جائز. ولو لم يقل ذلك (¬2) لم يجز له ذلك في قياس قول (¬3) أبي حنيفة. وكذلك الإجارة (¬4). وإذا باع (¬5) الوكيل الدار أو الخادم فطعن (¬6) المشتري بعيب فهو وكيل في خصومة ذلك العيب. وكذلك (¬7) الخصومة في الثمن حتى يقبضه. وليس هذا كالخصومة في دعوى يدعي (¬8) فيها. وإذأ أقر بعيب قِبَلَه دون القاضي لزمه ذلك دون الآمر. وكذلك لو كان العيب عيباً يعرف أنه قد كان بها (¬9)؛ لأنه ليس له أن يقيل (¬10) البيع. فأما وكيل الإجارة فله أن يقيل (¬11) دون القاضي. ووكيل الإجارة إن فسخها لم تلزمه (¬12) الإجارة، لأن فسخها ليس بإجارة. وإذا باع وكيل البيع بدراهم أو بدنانير أو بعروض أو بحيوان أو أرض أو بدار (¬13) فهو جائز في قول أبي حنيفة؛ لأن هذا بيع وبه وكله. ولا يجوز في قول أبي يوسف ومحمد إلا أن يبيع بدراهم أو بدنانير. وله أن يبيع بالنسيئة ويأخذ بالثمن رهناً أو كفيلً (¬14) ويحتال (¬15) بالثمن. وإن خوصم في عيب فأقر عند القاضي أنه قد باع وهو بها فإنه يرد عليه. فإن كان عيباً قديمًا لزم الآمر. وإن كان عيباً يشك فيه (¬16) يحدث مثله لزم الوكيل. وإن لم يقر الوكيل ولكن قامت البينة على العيب فرد القاضي البيع فإن هذا يلزم الآمر. ¬

_ (¬1) ز: من ابن لذكر. (¬2) ع - ذلك. (¬3) ع - قول. (¬4) ع: النساء. (¬5) ع - باع. (¬6) م ع: فظفر. والتصحيح من ب؛ والكافي، 2/ 68 ظ؛ والمبسوط، 19/ 33. (¬7) ز + في. (¬8) ز: بدعاء. (¬9) ز: لها. (¬10) ز ع: يقبل. (¬11) ز ع: يقبل. (¬12) ز: لم يلزمه. (¬13) ع: أو دار. (¬14) ز: رهناً وكيلاً. (¬15) ز ع: ويحال. (¬16) ز - فيه.

وإن لم تقم (¬1) بينة وأبى (¬2) الوكيل أن يحلف لزم الآمر أيضاً. وإن كان الثمن ديناً على المشتري أو على كفيل أو في يدي البائع الوكيل قد (¬3) قبضه من المشتري فذلك كله سواء. ولو كان البائع أبرأ المشتري من الثمن فهو جائز وهو (¬4) له (¬5) ضامن. وكذلك لو وهبه له. وكذلك لو اشترى به متاعاً أو كانت (¬6) دنانير فأخذ بها منه دراهم أو كانت (¬7) دراهم فأخذ بها منه دنانير فهو ضامن للثمن، والذي اشترى هو له. وكذلك لو صالحة عليه صلحًا ولم يشتره. وكذلك لو أخَّر عنه الثمن إلى أجل كان ضامناً للثمن وجاز التأخير. ولو حط عنه كان ضامناً لما حط عنه (¬8). وهذا كله قول أبي حنيفة ومحمد (¬9). وقال أبو يوسف: لا يجوز شيء مما صنع من هذا من هبة وغيرها، والمال على حالة على المشتري. ولو قبض منه طرفًا (¬10) من الثمن واشترى بطرف (¬11) منه متاعاً كان مؤتمناً فيما قبض من الثمن بعينه. فأما المبيع فإن قبضه فهو له، وهو ضامن للثمن الذي به اشتراه؛ لأن الآمر لم يأمره أن يشتري بماله. فإن هلك المبيع عند البائع قبل أن يقبضه المشتري الآخر فهو من مال البائع، وثمنه عليه. ولا يضمن المشتري الآخر للآمر ثمن ذلك؛ لأنه لم يقبضه. ولو لم يقبض الثمن هذا الوكيل الذي وصفنا (¬12) فأخذ به رهناً فإن ذلك جائز على الآمر ولا يضمن الوكيل؛ لأنه لم يأخذ الرهن لنفسه. وليس الرهن كالبيع، البيع له لازم، والرهن للآمر. وكذلك لو أخذ كفيلاً (¬13) بالمال أو احتال به وقد قال: ما صنعت من شيء فهو جائز. وإنما هذا في الحوالة خاصة. وإذا وكَّل رجل رجلاً ببيع منزل له في دار كتب: هذا ما شهد عليه ¬

_ (¬1) ز: يقم. (¬2) ع: وأبو. (¬3) م ز ع: فقد. والتصحيح من ب. (¬4) ع - وهو. (¬5) ع: وله. (¬6) ز: أو كاتب. (¬7) ز: أو كاتب. (¬8) ز - كان ضامنا لما حط عنه. (¬9) ع - ومحمد. (¬10) ع: ظرفا. (¬11) ع: بظرف. (¬12) ز: وصفيا. (¬13) م ز ع: لو أخذه كملا. والتصحيح من ب؛ والكافي، 2/ 68 ظ.

فلان بن فلان وفلان وفلان (¬1): شهدوا أن فلان بن فلان وكَّل فلان ابن فلان ببيع المنزل الذي في الدار (¬2) التي في بني فلان، أحد حدود (¬3) هذه الدار التي فيها هذا المنزل والثاني والثالث والرابع، شهدوا أن فلان بن فلان وكَّل فلان بن فلان ببيع هذا المنزل الذي حددنا في هذه (¬4) الدار المحدودة في كتابنا هذا بحدوده، وكَّل حق هو له، وأجاز (¬5) ما باع به من شيء، وكتبوا شهادتهم جميعاً، وختموا في شهر كذا من سنة كذا. وإن لم يكتبوا في الوكالة أنه قد أجاز ما باع من شيء لم يضره ذلك، وما باع من شيء فهو جائز في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: ما حط عنه من ثمنه فإنه لا يجوز من ذلك إلا بما يتغابن الناس في مثله (¬6). إن باعه بدرهم وهو يساوي ألف درهم فإنه لا يجوز. وأما في قول أبي حنيفة فهو جائز. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يجوز أيضاً أن يبيعه إلا بالدراهم والدنانير. فإن باعه بغير ذلك لم يجز. وقال أبو حنيفة: هو جائز. وإذا وكَّل رجل رجلاً ببيع نصيب له في دار فأراد أن يكتب كتاباً كتب: هذا ما أُشهد (¬7) عليه فلان بن فلان وفلان بن فلان، شهدوا أن فلان بن فلان أشهدهم أنه وكَّل فلان بن فلان ببيع جميع ما له من حق في الدار التي في بني فلان، أحد حدودها والثاني والثالث والرابع، شهدوا أن (¬8) فلان بن فلان وكَّل فلان بن فلان ببيع جميع ما له من حصة [في] هذه الدار المحدودة في كتابنا هذا، وهو ثلاثة أسهم من ثمانية أسهم من جميع هذه الدار بحدودها، وكَّل حق هو لها، وأجاز ما باع به من شيء، وكتبوا شهادتهم جميعاً، وختموا في شهر كذا من سنة كذا. وإذا وكلت المرأة رجلاً ببيع نصيب لها في (¬9) قرية وأَقْرِحَة (¬10) بشهادة ¬

_ (¬1) ع: وفلان بن فلان. (¬2) م: في الد؛ ع: في دار. (¬3) م: فلان أحدود. (¬4) ز: في هذا. (¬5) ع: وأحال. (¬6) ع: الناس فيه. (¬7) ع: ما يشهد. (¬8) م ز: أنه. (¬9) ز - في. (¬10) أقرحة جمع قَرَاح، وهي قطعة أرض ليس فيها بناء ولا شجر. انظر: المصباح المنير، "قرح".

رجل وامرأتين، وأشهدوا على شهادة الشهود، كتب: هذا ما شهد عليه فلان بن فلان وفلانة وفلانة، شهدوا أن فلانة بنت فلان (¬1) وكلت فلان بن فلان ببيع جميع ما لها من حق في القرية التي يقال لها كذا وكذا وأرضها، وهذه القرية والأرض في طَسُّوج (¬2) كذا من رُسْتَاق (¬3) كذا، منها (¬4) قَرَاح يقال له كذا وكذا، أحد حدودها والثاني والثالث والرابع، ومنها قَرَاح آخر يقال له كذا وكذا (¬5)، أحد حدوده والثاني والثالث والرابع، ومنها بيوت (¬6) هذه القرية والثاني والثالث والرابع، شهدوا أن فلانة ابنة فلان (¬7) وكلت فلان بن فلان ببيع ما لها من حق في هذه القرية والأرض (¬8) المحدودة في كتابنا هذا، وهو أربعة أسهم من أحد عشر سهماً من جميع هذه القرية والأرض بحدودها (¬9)، وكَّل حق هو لها، وأجازت ما باع به من شيء، وأشهدوا على شهادتهم بذلك كله فلان بن فلان وفلان بن فلان. فإذا وكَّل الرجل رجلاً ببيع عبد له فأراد أن يكتب كتاباً كتب: هذا ما شهد عليه فلان بن فلان وفلان بن فلان: شهدوا أن فلان بن فلان وكَّل فلان بن فلان (¬10) ببيع (¬11) فلان الفلاني مملوك فلان بن فلان، وأجاز ما باع به من شيء، وكتبوا شهادتهم جميعاً، وختموا في شهر كذا من سنة كذا. قلت: وكذلك لو وكله ببيع أمة له؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) ز ع: فلانة. (¬2) قال المطرزي: الطَّسُّوج الناحية كالقرية ونحوها، معرَّب، يقال: أردبيل من طساسيج حُلْوان. نظر: المغرب، "طسج". (¬3) ز: من رسيق؛ ع: من رستق. قال الفيومي: الرُّسْتَاق معرَّب، ويستعمل في الناحية التي هي طرف الإقليم، والرُّزْدَاق بالزاي والدال مثله، والجمع رَسَاتِيق ورَزَادِيق، قال ابن فارس: الرَّزْدَق السطر من النخل والصف من الناس، ومنه الرُّزْدَاق، وهذا يقتضي أنه عربي، وقال بعضهم: الرُّسْتَاق مولَّد وصوابه رُزْدَاق. انظر: المصباح المنير، "رستق". وقال المطرزي: الرَّزْدَق الصف، وفي الواقعات: رَسْتَق الصفَّارين والبيّاعين، وكلاهما تعريب رَسْتَه. انظر: المغرب، "رزدق". (¬4) ز - منها. (¬5) ز: كذا. (¬6) ز: ثبوت. (¬7) م ز ع: فلانة. (¬8) ع: هذه الأرض والقرية. (¬9) م ز ع: بحدوده. (¬10) ع - وكل فلان بن فلان. (¬11) ع: يبيع.

وإذا وكَّل الرجل رجلاً بأن يؤاجر عبداً له فأراد أن يكتب بذلك كتاباً كتب: هذا ما شهد عليه فلان بن فلان وفلان بن فلان، شهدوا أن فلان بن فلان الفلاني وكَّل فلان بن فلان، أن يؤاجر فلاناً (¬1) الفلاني مملوك فلان بن فلان في عمل كذا وكذا، ووكله بقبض غلته ما بدا له من السنين، وكتبوا شهادتهم جميعاً، وختموا في (¬2) شهر كذا من سنة كذا. وليس للوكيل أن يؤاجره في غير (¬3) ذلك العمل (¬4). فإن آجره في غير ذلك العمل (¬5) ضمن، وكان الأجر له يتصدق به. ولو كان وكله أن يؤاجره ولم يسم عملاً كان له أن يؤاجره في غير ذلك العمل، ولا ضمان عليه، وليس له أن يوكل بإجارته (¬6) أجيراً، وليس له أن يبيعه ولا يرهنه ولا يمهره، وليس بخصم في شيء من رقبته إذا ادعى مدع (¬7) فيه شيئاً، وليس له أن يأذن له في التجارة. ولو أذن له لم يجز ذلك. ولو وكله أن يؤاجره من فلان فآجره من غيره لم يجز. وكذلك لو وكله (¬8) أن يبيعه من فلان لم يجز أن يبيعه من غيره. وكذلك الهبة والصدقة والعمرى والرهن والعطية والنحلى والمقايضة والبدل. ولو وكله أن يعاوض عبده هذا فلاناً (¬9) بأمته هذه فباع فلان أمته تلك من رجل كان للوكيل أن يعاوض ذلك الرجل بها. وإذا أراد الرجل أن يوكل الرجل بأن يؤاجر بيوت (¬10) قرية وأرض كتب: هذا ما شهد عليه فلان بن فلان وفلان بن فلان، شهدا أن فلاناً وكَّل فلان بن فلان، بأن يؤاجر بيوت (¬11) قريته من فلان، التي يقال لها كذا وكذا وأرضها، وهذه القرية والأرض في طَسُّوج كذا برُسْتاق (¬12) كذا، فمنها قَرَاح (¬13) يقال لها (¬14) كذا وكذا، أحد حدوده والثاني والثالث والرابع، وأحد ¬

_ (¬1) ز: فلان. (¬2) ز - في. (¬3) ز - في غير. (¬4) ع + فإن العمل. (¬5) ع - العمل. (¬6) ز: أن يوكل لما جاز به. (¬7) م: مدعي؛ ز: يدعي. (¬8) م: لوكله. (¬9) م ز: فلان. (¬10) ز: ثبوت. (¬11) ز: ثبوت. (¬12) م ز: برستق. (¬13) ز: قراج (¬14) ز: له.

حدود هذه القرية والثاني والثالث والرابع، وكله أن يؤاجر فلاناً بيوت (¬1) هذه القرية (¬2) والأرض المحدودة في كتابنا هذا ما بدا له من السنين، وأن يقبض أجرها من السنين، وأجاز ما صنع من ذلك من شيء، وكتبوا شهادتهم جميعاً، وختموا في شهر كذا من سنة كذا. ولو لم يكتب: "وأجاز ما صنع من ذلك من شيء" لم يضره ذلك، وكانت (¬3) إجارته جائزة. وإن أجرها بدراهم أو دنانير أو شيء مما يكال أو يوزن وسمى شيئاً معلوماً وسمى كيله ووزنه فإن ذلك جائز. وكذلك لو آجرها بعبد أو أمة أو بعير أو شاة بعد أن يكون ذلك قائماً بعينه فهو جائز. وإن آجرها بشيء من ذلك بغير عينه لم يجز. فإن سمى الثوب وطوله وعرضه وصفته وجعل لذلك أجلاً فهو جائز. فأما الكيل والوزن إذا سمى ذلك وسمى الصفة فهو جائز إن (¬4) ضرب لذلك أجلاً وإن لم يضرب لذلك أجلاً. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بإجارة دار له فيها حمامان كتب: هذا ما شهد عليه فلان بن فلان وفلان بن فلان، شهدوا أن فلان بن فلان وكَّل فلان بن فلان، أن يؤاجر الدار التي في بني فلان والحمامين اللذين فيها، أحدهما للنساء والآخر للرجال، أحد حدود هذه الدار والحمامين اللذين فيها والثاني والثالث والرابع، شهدوا أنه وكله أن يؤاجر هذه الدار المحدودة والحمامين اللذين فيها المحدودة (¬5) في كتابنا هذا، ووكله بقبض أجر (¬6) ذلك، وأجاز ما جاز في الإجارة من شيء، وكم شاء من السنين، وكتبوا شهادتهم جميعاً، وختموا في شهر كذا من سنة كذا. وإذا أراد الرجل أن يوكل رجلاً أن يؤاجر منزلاً له في داره كتب: هذا ما شهد عليه فلان بن فلان وفلان بن فلان، شهدوا أن فلان بن فلان وكَّل ¬

_ (¬1) ز: ثبوت. (¬2) ع - وأحد حدود هذه القرية والثاني والثالث والرابع وكله أن يؤاجر فلاناً بيوت هذه القرية. (¬3) ز: وكاتب. (¬4) م ز: وإن. (¬5) م ز ع + والحمامين اللذين. (¬6) ز: آخر.

فلان بن فلان، أن يؤاجر المنزل (¬1) في الدار التي في بني فلان، أحد حدود هذه الدار التي فيها هذا (¬2) المنزل والثاني والثالث والرابع، أحد حدود هذا المنزل والثاني والثالث والرابع، وكله أن يؤاجر هذا (¬3) المنزل الذي (¬4) حددنا في هذه الدار المحدودة في كتابنا هذا، كم شاء من السنين، وأن يقبض غلته، وكتبوا شهادتهم جميعاً، وختموا في شهر كذا من سنة كذا. وإن آجره ثم وكَّل رجلاً بقبض الغلة ليس في عياله فهو جائز، والمستأجر بريء، والذي أجر ضامن للغلة (¬5) حيث قبضها وكيله؛ لأنه لم يكن له أن يوكل بقبض الغلة غيره. وكذلك لو وهبها للمستأجر بعد أن وجبت عليه أو أبرأه منها جاز ذلك عليه، وضمن الوكيل مثلها لرب المنزل. وكذلك لو أجرها شهراً أو سنة في قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: لا تجوز (¬6) هبة الآجر ولا براءة منه. وكذلك إذا وكَّل (¬7) الرجل رجلاً أن يؤاجر منزلاً لابن له صغير فهو جائز. فإذا (¬8) أراد أن يكتب بذلك كتاباً كتب: هذا ما شهد عليه فلان بن فلان وفلان بن فلان: شهدوا أن فلان بن فلان وكَّل فلان بن فلان أن يؤاجر منزل (¬9) فلان بن فلان الذي في الدار التي في بني فلان، أحد حدود هذه الدار والثاني والثالث والرابع، شهدوا أنه وكله أن يؤاجر منزل فلان الذي حددنا في هذه الدار المحدودة في كتابنا هذا كم شاء من السنين، وأن يقبض غلته، وفلان يومئذ صغير في عيال أبيه فلان، وكتبوا شهادتهم جميعاً (¬10)، وختموا في شهر كذا من سنة كذا. وإن كتب في هذه الوكالة (¬11) "ودفع المنزل إلى فلان وقبضه فلان منه في شهر كذا من سنة كذا" فإن ذلك حسن، وهو أوثق. ¬

_ (¬1) ع + الذي. (¬2) م: هذ. (¬3) ع: هذه. (¬4) م ز ع: التي. (¬5) م ز: الغلة. (¬6) ز: لا يجوز. (¬7) م ز - إذا وكل. والزيادة من ع. (¬8) ع: وإذا. (¬9) م ز ع: منزله. (¬10) ع - جميعاً. (¬11) م ز ع + جميعاً.

وكذلك الوصي إذا وكَّل وكيلاً بأن يؤاجر دار الورثة أو أرضهم (¬1) أو عبداً لهم وفيهم الصغير والكبير أو هم صغار كلهم جميعاً فهو جائز، ويكتب على نحو من كتاب الأب، ويسمي من كان منهم صغيراً في حجره. وكذلك وكالة الأب في دار ابنه. وكذلك وكالة الوصي في بيع دار اليتيم فهو جائز. والكتاب في ذلك على نحو ما كتبت (¬2) لك، غير أنك تنسب (¬3) الدار إلى الذي الدار له. وإذا جعل القاضي رجلاً وكيلاً في بيع دار أو إجارتها بشهادة شهود أو بكتاب قاض فأراد (¬4) أن يكتب بذلك كتاباً كتب: هذا ما شهد عليه فلان بن فلان وفلان بن فلان (¬5): شهدوا أن فلان بن فلان أشهدهم وهو يومئذ قاضي أهل الكوفة أنه جعل فلان بن فلان وكيلاً لفلان بن فلان في بيع الدار التي في بني فلان، أحد حدودها والثاني والثالث والرابع، بشهادة شهود شهدوا عنده بذلك وزكوا وأجاز شهادتهم جميعاً، وجعله وكيلاً في بيعها وهو يومئذ قاضي أهل الكوفة، وكتبوا شهادتهم جميعاً، وختموا في شهر كذا من سنة كذا. وكذلك لو كان وكيلاً في الإجارة كتب على هذه النسخة. ولو كان جعله وكيلاً بكتاب قاض كتب على هذه النسخة، غير أنه يكتب: من كتاب أتاه به (¬6) من فلان بن فلان قاضي أهل كذا وكذا، فأنفذه (¬7) بعد أن قامت عليه البينة وزكوا في السر والعلانية، وجعله وكيلاً لفلان بن فلان في بيع هذه الدار إن كان في بيع، أو في إجارتها إن كان في إجارة، وهو يومئذ قاضي أهل بلد كذا وكذا، وكتبوا شهادتهم جميعاً، وختموا في شهر كذا من سنة كذا. وإذا جعل القاضي وكيلاً لليتيم على إجارة داره وقبض غلتها والقيام عليها فهو جائز. فإن أراد الوكيل أن يكتب كتاباً بذلك كتب: هذا ما ¬

_ (¬1) م ز ع: أو أرضهما. (¬2) ز ع: ما كتب. (¬3) ز: ينسب. (¬4) ع: وأراد. (¬5) ع - وفلان بن فلان. (¬6) ع - به. (¬7) ع: وأنفذه.

شهد عليه فلان بن فلان وفلان بن فلان: شهدوا أن فلان بن فلان أشهدهم وهو يومئذ قاضي أهل الكوفة، أنه جعل فلان بن فلان وكيلاً لفلان بن فلان في القيام على دار (¬1) فلان بن فلان التي في بني فلان، أحد حدودها والثاني والثالث والرابع، شهدوا أنه جعله وكيلاً لفلان بن فلان في القيام على هذه الدار المحدودة في كتابنا هذا وإجارتها وبقبض غلتها في وقتها، وقبضها فلان بن فلان في شهر كذا من سنة كذا، وكتبوا شهادتهم جميعاً، وختموا في شهر كذا من سنة كذا. وليس لهذا الوكيل أن يبيع هذه الدار ولا يرهنها (¬2)، وليس له أن يشتري (¬3) طعاماً (¬4) ولا يشتري له ثوباً، مِن قِبَل أن (¬5) القاضي لم يجعله وكيلاً في ذلك. ولو وكله في تركة (¬6) الميت وجعله وصياً في ذلك يبيع لهم ويشتري لهم ويؤاجر فإن ذلك جائز. وإن أراد أن يكتب له بذلك كتاباً كتب: هذا ما شهد عليه فلان وفلان: شهدوا أن فلان بن فلان أشهدهم وهو يومئذ قاضي أهل الكوفة، أنه جعل فلان بن فلان وصياً لورثة فلان بن فلان في تركة فلان، وأمره بالقيام عليها والقبض لهم والتقاضي لما كان لهم من دين، وأن يبيع ما رأى أن يبيع (¬7) ذلك خيراً لهم من تركته، وأن ينفق عليهم بالمعروف، وكتبوا شهادتهم جميعاً، وختموا في شهر كذا من سنة كذا، فهذا الوصي يجوز بيعه عليهم وشراؤه وإجارته ورهنه ولو رهن عليهم أو ارتهن لهم. ولو وُهب لأحدهم هبة وقبضها (¬8) جاز ذلكْ ولو صالح في حق لهم فحط منه لم يجز ذلك عليهم. وكذلك وصي الميت هو مثل هذا في كل شيء. ¬

_ (¬1) ع: على الدار. (¬2) ز: يرهنهما. (¬3) ع + له. (¬4) ع - ولا يشتري له طعاماً. (¬5) ع + أن. (¬6) م: في مترك؛ ز: في ترك؛ ع: في ميراث. وفي هامش ب: في ما ترك. (¬7) ع - ما رأى أن يبيع. (¬8) م ز ع: وقبضا.

باب الوكالة بالشرى والبيع الذي لا يجوز على صاحبه

وإذا أراد الميت (¬1) أن يكتب شهادة الشهود على الوصية ويشهد عليه شهودا كتب: هذا ما شهد عليه فلان بن فلان وفلان بن فلان، شهدوا أن فلان بن فلان أوصى عند موته إلى فلان بن فلان. وإذا وكَّل وصي الميت بشيء من التركة من يبيعه أو وكَّل وكيلاً يشتري لهم شيئاً أو يستأجر لهم أو يؤاجر لهم فهو جائز. ... باب الوكالة بالشرى والبيع الذي لا يجوز على صاحبه وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يشتري له جارية أو عبداً فإن هذا لا يجوز، مِن قِبَل أن العبيد والجواري مختلفين. فإن وكله أن يشتري له عبداً مولَّدًا (¬2) أو حبشياً أو سِنْدياً أو سمى جنساً من الأجناس فإن ذلك جائز. وكذلك الجارية. وإن لم يسم جنساً من الأجناس وسمى الثمن فإن ذلك جائز أيضاً. وتسمية الثمن وتسمية الجنس سواء. وإذا وكله بشرى جارية وسمى جنسها وثمنها فاشتراها له (¬3) عوراء أو عمياء أو مقطوعة اليدين أو الرجلين (¬4) أو إحداهما (¬5) أو مقعدة فإن أبا حنيفة قال في ذلك: هو جائز على الأمر (¬6). وقال أبو يوسف ومحمد: لا تجوز (¬7) من ذلك (¬8) العمياء ولا المقعدة ولا المقطوعة اليدين ولا الرجلين، وتجوز (¬9) المقطوعة اليد والعوراء (¬10) إذا اشراها بمثل ثمنها أو بما يتغابن الناس فيه. ¬

_ (¬1) أي: من أشرف على الموت. (¬2) ز: مولودا. المولَّد الذي ولد ببلاد الإسلام. انظر: المغرب، "تلد". (¬3) ز: فاشترى ماله. (¬4) ع: والرجلين. (¬5) ز - أو إحداهما؛ ع: أو أحدهما. (¬6) ع: على الأمراء. (¬7) ز: لا يجوز. (¬8) ز - ذلك. (¬9) ز: ويجوز. (¬10) ز: والعواء.

وإذا وكله أن يشتري له جارية لتخدمه (¬1) أو عبداً ليسلمه (¬2) خبازًا (¬3) أو في عمل من الأعمال فاشترى له أعمى أو مقطوع اليدين أو الرجلين فإن ذلك لا يجوز على الآمر في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك لو قال له: اشتر (¬4) لي جارية أطؤها، فاشترى (¬5) له أخت الآمر لم تلزم (¬6) الآمر. إذا وصف له شيئاً لم يلزمه ما لا يصلح لذلك الشيء. وإذا وكله أن يشتري له دابة فإن ذلك لا يجوز وإن سمى الثمن، مِن قِبَل أن الدواب مختلفة. فإذا (¬7) قال له: اشتر لي حمارًا، ولم يسم الثمن فهو جائز عليه. وكذلك لو قال: اشتر (¬8) لي بغلًا. فإن اشترى له شيئاً لا يتغابن الناس في مثله لم يلزم الآمر، ولزم المشتري. ولو أمره أن يبيع له دابة فباعها بشيء لا يتغابن الناس في مثله جاز ذلك عليه في قول أبي حنيفة. ولا يجوز الشرى في قول أبي حنيفة، وقال: هما مختلفان. وقال أبو يوسف ومحمد: هما سواء، لا نجوّز (¬9) واحداً منهما (¬10) على الآمر. وإذا أمره أن يشتري له ثوباً فإن ذلك لا يلزم الآمر. وإن سمى الثمن فإن ذلك أيضاً لا يجوز، مِن قِبَل أن الثياب مختلفة. فإن قال: اشتر لي ثوباً يهودياً (¬11)، ولم يسم الثمن فهو جائز على الآمر إذا اشتراه بما يُشترى به مثله أو زاد على ذلك بما يتغابن الناس في مثله. وكذلك كل جنس سماه من الثياب. فإن سمى له ثمناً فزاد على ذلك الثمن لم يلزم الآمر. وإن نقص (¬12) من ذلك الثمن لم يلزم الآمر. فإن وصف له صفة وسمى له ثمناً فاشترى له تلك الصفة بأقل من ذلك الثمن جاز ذلك على الآمر. وإن دفع إليه دراهم فقال: اشتر لي ثوباً أو دابة، فإن ذلك لا يجوز حتى يسمي الجنس الذي يشتري منه. ¬

_ (¬1) ز: ليخدمه. (¬2) ع: ليعلمه. (¬3) ز: خياراً. (¬4) ز: اشتري. (¬5) ع: فاشتراها. (¬6) ز: لم يلزم. (¬7) ع: فإن. (¬8) ع: اشترى. (¬9) ز ع: لا يجوز. (¬10) ع: منها. (¬11) ع: هرويا. (¬12) ز: نقض.

باب وكالة الأب الذي لا يلزم الصبي الآمر ولا يجوز عليه

فإن قال: اشتر لي طعاماً، فاشترى له بها حنطة جاز ذلك على الآمر. وإن اشترى بها لحماً أو فاكهة لم يجز على الآمر (¬1) أستحسن ذلك. وإن اشترى بها دقيقًا أو خبزاً فإن كان ذلك يُشترَى (¬2) بمثل تلك (¬3) الدراهم فهو جائز على الآمر. وإن كانت دراهم كثيرة لا يشترى بها (¬4) مثل ذلك لم يجز ذلك على الآمر. وإذا (¬5) لم يدفع إليه شيئاً وقال: اشتر (¬6) لي حنطة، فاشترى له حنطة فإنه (¬7) لا يجوز على الآمر، مِن قِبَل أنه لم يسم له كم يشتري. وإذا وكَّله أن يشتري له داراً ولم يسم الثمن فإن ذلك لا يلزم الآمر، ولا يجوز عليه. ... باب وكالة الأب الذي لا يلزم الصبي الآمر ولا يجوز عليه وإذا كان الصبي مسلماً وأبوه ذمي، أو حربي ارتد عن الذمة فلحق بدار الحرب أو جاء مستأمناً من دار الحرب، فوَكَّلَ واحدٌ من هؤلاء [رجلاً] (¬8) في بيع دار ابنه الصغير أو بيع عبده، أو وكله أن يشتري له من ماله شيئاً أو وكله أن يزوجه أو يزوج ابنته وهي صغيرة، فإن ذلك كله لا يلزم الصبي ولا يجوز عليه، ولزم ذلك الوكيل ما اشترى من ذلك. فإن كان أبوه مرتداً عن الإسلام فقتل (¬9) على ردته لم يلزم ذلك الصبي، ولزم الوكيل ما اشترى من ذلك. وكذلك إن لحق أبوه بدار الحرب. فإن أسلم جاز ذلك عليه. وأما الذمي فإن ذلك لا يجوز على ابنه وإن أسلم، ولا يجوز عليه الشراء، ولا يلزمه ما (¬10) اشترى الوكيل ولا ما باع. ¬

_ (¬1) ع + على الآمر. (¬2) ع: يسيراً. (¬3) ز: ذلك. (¬4) ز: لها. (¬5) ع: فإن. (¬6) ع: اشترى. (¬7) ع: لأنه. (¬8) انظر: المبسوط، 19/ 42. (¬9) ز: فقيل. (¬10) م ز ع: مما.

وإذا وكَّل المكاتب رجلاً يشتري لابنه عبداً وابنه (¬1) حر فاشترى له أو باع له أو زوجه فإن ذلك لا يلزم الابن ولا يلزم المكاتب، ولا يلزم الوكيل من ذلك شيء إلا ما اشترى، فإن الشراء يلزم الوكيل بالثمن. وكذلك العبد يوكل رجلاً لابنه أو لابنته وابنه حر صغير أو يبيع له فإن ذلك لا يجوز. وإذا وكَّل أبو الصبي رجلين فأجاز ما صنعا جميعاً فوكَّل أحدهما ببيع دار له رجلاً أو بِشِرَى أو وكله أن يزوجه، فإن فعل (¬2) ذلك أحدهما فإن ذلك لا يجوز إلا برضى الآخر. وإن رضي الآخر جاز ذلك. وإن غاب أحدهما فوكَّل الباقي بذلك جاز ذلك على الآمر. ولا تجوز (¬3) وكالة الأب (¬4) على ولده إذا كان كبيراً امرأة كانت أو رجلاً (¬5) ببيع ولا شراء ولا تزويج ولا إجارة ولا غير ذلك إلا أن يرضى (¬6) الولد بذلك. إلا أن يكون الولد ذاهب العقل فيجوز من ذلك ما يجوز على الصبي. فإذا صح ورجع إليه عقله أو كبر الصبي قبل أن يمضي الوكيل شيئاً فإنه لا يجوز عليه ما أمضى بعدما أدرك. وإذا وَكَّلَ ذميٌّ بالخصومة في شيء يُدّعى (¬7) قِبَل ابنه (¬8) وابنه صغير مسلم فإن ذلك لا يجوز على ابنه وإن أسلم الذمي بعد ذلك. وكذلك المكاتب يوكل بالخصومة في شيء يدعى (¬9) قبل ابنه وابنه حر. وكذلك العبد التاجر. وكذلك المرأة توكل وكيلاً في شيء يدعى (¬10) قبل ابنها (¬11) وابنها صغير له أب أو يتيم له وصي أو ليس له وصي، فإن ذلك لا يجوز. وكذلك لا يجوز (¬12) له أن يشتري شيئاً أو يبيع له. وكذلك الأخ وابن العم. فإن وُهب له هبة فقبضته (¬13) الأم وهو في عيالها (¬14) أو الأخ ¬

_ (¬1) ع: أو ابنه. (¬2) ز: فعله. (¬3) ز: يجوز. (¬4) ع: الابن. (¬5) م ز ع: أو رجل. (¬6) ز: أن برضاء. (¬7) ز: بدعاء. (¬8) م ز ع: أبيه. (¬9) ز: بدعاء. (¬10) ز: بدعاء. (¬11) م: أبيها. (¬12) ع - وكذلك لا يجوز. (¬13) ز: فقبضه. (¬14) ع: في عياله.

باب وكالة وصي الأم والأخ وابن العم وما يجوز من ذلك

وهو يعوله (¬1) فقبضه (¬2) جائز عليه. وليس له أن يتقاضى ديناً عليه ولا يبيع له شيئاً ولا يشتري ولا يستأجر ولا يؤاجر ولا يوكل بخصومة في حق له أو يدعى (¬3) قبله إلا أن يجعله القاضي وكيلاً له في ذلك فيجوز ذلك عليه. ... باب وكالة وصي الأم والأخ وابن العم وما يجوز من ذلك وإذا أوصت المرأة إلى الرجل فإن كان عليها دين فله (¬4) أن يبيع العقار وكل شيء حتى يقضي الدين. وكذلك لو أوصت بوصية مرسلة (¬5) أو بدراهم. فإن لم يكن عليها دين ولم توص (¬6) بوصية وكان ورثتها صغاراً وكبارًا ولداً وغيره فليس له أن يبيع العقار. ويبيع ما سوى ذلك إن كانوا صغاراً أو كباراً (¬7) فيهم صغير أو غائب (¬8). فإن كانوا كباراً حضوراً فليس له أن يبيع شيئاً. وكذلك الرجل يوصي إلى الرجل بعد أن يكون ورثة الميت إخوته (¬9) أو بني عمه. فإن كانوا صغاراً كان له أن يبيع ما سوى العقار وينفق عليهم. أستحسن ذلك. وليس له أن يتجر لهم. إنما أستحسن أن يشتري الطعام والكسوة. ولا تجوز (¬10) وكالته في كل (¬11) شيء لا يجوز بيعه، وتجوز (¬12) وكالته في كل شيء يجوز له بيعه. ولو وكله ببيع دار لهم لم يجز، وإن وكله بشرائها لزمه ذلك ولم يلزم الورثة. ولو وكَّل ببيع جارية لهم أو طعام لهم فإن كانوا صغاراً جاز ذلك عليهم. وكذلك ¬

_ (¬1) ع: يقوله. (¬2) ع + فقبضه. (¬3) ز: أو بدعاء. (¬4) ع: له. (¬5) الوصية بالمال المرسل يعني المطلق غير المقيد بصفة الثلث أو الربع. انظر: المغرب، "رسل". (¬6) ز ع: يوص. (¬7) ز: أو كبار. (¬8) ع: أو غاب. (¬9) م ز ع: أخوه. (¬10) ز ع: يجوز. (¬11) ز: في ذلك. (¬12) ز ع: ويجوز.

باب وكالة أبي الصبي بحق الصبي

الشرى لهم في طعامهم وكسوتهم ما لا بد لهم منه. وكذلك لو كانوا كباراً غُيَّبا جاز البيع عليهم في العروض والوكالة في ذلك، ولا يجوز الشراء لهم. وإن كانوا كباراً حضوراً لم تجز (¬1) وكالته في بيع شيء لهم ولا شِرَاه (¬2). وإذا وكَّل وصي المرأة وكيلاً بتقاضي (¬3) دين لها على الناس فإن ذلك جائز. فإن كان الورثة كباراً أو صغاراً حضوراً أو غُيَّباً فهم سواء. وكذلك وصي الرجل إن كان ورثته إخوته (¬4) أو بني عمه. فأما (¬5) إذا (¬6) كان ورثته ولده فإن بيع الوصي ووكالته وشراه وقضاءه وتقاضيه جائز عليهم إذا كانوا صغاراً في العقار وفي غيره. وكذلك إن كان فيهم صغير واحد في قول أبي حنيفة. وإن كانوا كباراً كلهم لم يجز ذلك في العقار، وجاز فيما سواه. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا كان فيهم صغير جاز بيع الوصي في العقار في حصة الصغير خاصة، ولم يجز في حصص الكبار غُيَّباً كانوا أو حضوراً. وإذا كان على المرأة دين فأوصت إلى رجل فله أن يبيع العقار ويؤاجره. وإن وكَّل ببيع ذلك غيره فهو جائز. وكذلك لو لم يكن عليها دين وأوصت بوصية لا بد له فيها من أن يبيع العقار فله أن يبيع العقار، وأن يوكل ببيع ذلك وكيلاً، فيجوز ذلك على الورثة وأهل الوصية. إن كان الورثة (¬7) ولداً (¬8) أو إخوة صغاراً أو كباراً فهو سواء. ... باب وكالة أبي (¬9) الصبي بحق الصبي وإذا وكَّل أبو الصبي وكيلاً يبيع متاع الصبي أو يشتري له شيئاً ¬

_ (¬1) ز ع: لم يجز. (¬2) ع: شراء. الشرى والشراء بالألف المقصورة والممدودة بنفس المعنى. انظر: المغرب، "شرى". (¬3) ز: يتقاضي. (¬4) م ز ع: أخوه. والتصحيح من ب. (¬5) ع - فأما. (¬6) ع: فإذا. (¬7) م ز: للورثة. والتصحيح من ب. (¬8) ز: ولد. (¬9) ز: أبو.

أو يتقاضى له ديناً أو يخاصم في حق يدعيه له أو شيء يدعى (¬1) قبله فهو جائز على الصبي وله. فإن أدرك الصبي قبل أن ينفذ الوكيل (¬2) ذلك بطلت الوكالة. ولو مات الصبي فإن كان الأب هو وارثه أو جده فالوكالة باطلة لا تجوز (¬3). وإن كان له أم ورثته مع الأب لم تجز (¬4) الوكالة في نصيب الأم أيضاً. وإذا وكَّل أبو الجارية وكيلاً يبيع لها شيئاً أو يشتريه أو يتقاضى لها دينأ أو يخاصم لها في خصومة فالوكالة جائزة عليها إن كانت الجارية صغيرة، وإن كانت كبيرة لم يجز ذلك عليها. وحد ما بين الكبيرة والصغيرة أن تحيض (¬5). فإن لم تحض (¬6) فإذا كملت سبع عشرة (¬7) سنة لم تجز وكالة أبيها عليها إلا برضى منها. وكذلك الغلام إذا احتلم أو كمل (¬8) تسع عشرة (¬9) سنة. وقال أبو يوسف ومحمد: الغلام والجارية سواء، إذا كملت (¬10) الجارية خمس عشرة (¬11) سنة والغلام خمس عشرة (¬12) سنة ولم يحتلم ولم تحض (¬13) الجارية جاز عليهما (¬14) ما يجوز على الرجل الكبير، ولا تجوز (¬15) وكالة الأب عليهما. فإذا وكَّل أبو المعتوه المغلوب وكيلاً يبيع له شيئاً (¬16) أو يشتري له شيئاً (¬17) أو بخصومة أو بتقاضي دين له فهو جائز كما يجوز على الصبي. فإن برأ وصح قبل أن يُنفذ (¬18) الوكيل ذلك بطلت الوكالة. ¬

_ (¬1) ز: بدعاء. (¬2) م ز ع: للوكيل. والتصحيح من ب. (¬3) ز: لا يجوز. (¬4) ز: لم يجز. (¬5) ز: أن يختص. (¬6) ز: لم يحض. (¬7) م ز ع: سبعة عشر. (¬8) م ز: لو كمل. (¬9) م ز ع: تسعة عشر. (¬10) ز: إذا كلمت. (¬11) م ز ع: خمسة عشر. (¬12) م ع: خمس عشر. (¬13) ز: يحض. (¬14) م ز: عليها. (¬15) ز: يجوز. (¬16) م ز: شيء. (¬17) م ز: شيء. (¬18) م ز: أن ينقد.

باب وكالة الواحد للاثنين في البيع والشرى

وإذا وكَّل أبو الرجل وكيلاً في بيع شيء للرجل أو بشراه أو بتقاضي دين فإن ذلك لا يجوز منه قليل (¬1) ولا كثير. فإن ذهب عقل الابن وصار معتوهاً لم تجز (¬2) تلك الوكالة، لأنها كانت يوم كانت والأب لا يملك ذلك. وكذلك لو مات الابن فورثه. وإذا وكَّل الأب بمال الصبي وكيلاً ببيع شيء أو شراه أو يتقاضى (¬3) أو يخاصم ثم مات الأب انتقضت الوكالة. وكذلك لو ذهب عقل الأب أو ارتد عن الإسلام ولحق بالدار وقضى القاضي بردته انتقضت الوكالة. فإن عاد الأب إلى دار الإسلام وأسلم لم تجز (¬4) تلك الوكالة إلا (¬5) أن يجددها (¬6) ثانية. وكذلك لو مات الصبي فورثه الأب بطلت الوكالة، لأنها كانت يومئذ لغيره. ... باب وكالة الواحد للاثنين (¬7) في البيع والشرى (¬8) وإذا وكَّل الرجل الرجلين (¬9) ببيع عبد له أو دار أو دابة أو شيء من الأشياء فباع أحدهما دون صاحبه فإن ذلك لا يجوز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، مِن قِبَل أنه لم يرض برأي (¬10) البائع منهما في الوكالة وحده. ولو كان سمى لهما (¬11) ثمناً (¬12) فباع أحدهما به (¬13) لم يجز. وإن باعا جميعاً بذلك الثمن فهو جائز. وإن لم يسم لهما ثمناً فباعا جميعاً بثمن نسيئة فإن أبا حنيفة كان يقول: هو جائز وإن باعا بدرهم شيئاً يساوي (¬14) ¬

_ (¬1) ز: وقليل. (¬2) ز: لم يجز. (¬3) ع: أو بتقاضي دين. (¬4) ز: لم يجز. (¬5) ع - إلا. (¬6) م ز: أن يجردها. (¬7) ع - للاثنين. (¬8) ع + للاثنين. (¬9) ع: الرجل. (¬10) ع: رأي. (¬11) م ز: لها. (¬12) ع: ثمنه. (¬13) ع - به. (¬14) ز: تساوي.

ألف درهم (¬1). وقال أبو يوسف ومحمد: إذا حطّا (¬2) من الثمن ما (¬3) لا يتغابن الناس في مثله لم نجزه (¬4). وقال أبو حنيفة: إن وكلهما (¬5) أن يشتريا له شيئاً فزادا (¬6) على ثمنه ما (¬7) لا يتغابن الناس في مثله فإنه لا يلزمه. وقال: البيع والشراء في ذلك مختلف، في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: [هما] (¬8) سواء، لا يجوز على الآمر إلا ما يتغابن الناس في مثله. وإذا وكَّل الرجل الرجلين أن يزوجاه امرأة بعينها أو بغير عينها فزوجه أحدهما دون صاحبه فإن ذلك لا يجوز. فإن كان صاحبه حاضراً (¬9) وأجاز (¬10) ورضي فهو جائز. ولو وكلهما بخلع امرأة (¬11) له أو بمكاتبة عبد له أو بعتق عبد له على مال فأمضى ذلك أحدهما دون الآخر فإن ذلك باطل لا يجوز ولا ينفذ. ولو كان سمى لهما مالاً فأمضى أحدهما بذلك المال لم يجز. وإن أمضياه (¬12) بذلك المال جاز. وإن لم يسم لهما مالاً فخلعاها (¬13) جميعاً على درهم أو كاتباه على درهم أو أعتقاه على درهم فإنه يجوز في قول أبي حنيفة بمنزلة البيع. ولا يجوز في قول أبي يوسف ومحمد. وإذا وكَّل الرجل رجلاً واحداً ببيع عبدين له بألف فباع أحدهما بأربعمائة فإن كان ذلك حصته (¬14) من الألف فهو جائز. وكذلك إن كان (¬15) أكثر. وإن كان أقل لم يجز. وإن وكله أن يشتري له عبدين بأعيانهما بألف فاشترى أحدهما بستهمائة لم يجز على الآمر إذا كان اشتراه بأكثر من حصته (¬16) من الألف. وإن كان اشتراه بحصته (¬17) من الألف أو أقل من ذلك فهو جائز على الآمر. ¬

_ (¬1) م ز - درهم. والزيادة من ع. (¬2) ز: إذا خطاء. (¬3) م ز: مما. (¬4) ز ع: لم يجزه. (¬5) ز: إن وكلها. (¬6) ع: فزاد. (¬7) م ز ع: مما. (¬8) الزيادة من ب. (¬9) ز - حاضراً. (¬10) ز: أجاز. (¬11) م ز ع: المرأة. ولفظ ب: امرأته. (¬12) ع: أمضاه. (¬13) م ز ع: فطلقهما. والتصحيح من ب. (¬14) ع: حصة. (¬15) ع: إذا كان. (¬16) ع: من حصة. (¬17) ع: بحصة.

وإذا وكَّل رجل رجلاً ببيع عبدين له وسمى له ألف درهم فباع أحدهما دون الآخر، فإن كان باعه بقدر قيمته من الألف أو بأكثر فهو جائز. وإن كان باعه بدرهم في قول أبي حنيفة فهو جائز. وفي قول أبي يوسف ومحمد لا يجوز إلا أن يبيعه بمثل ما يبيعه به (¬1) الناس. وكذلك الدور والحيوان والعروض كلها. وإذا وكله ببيع عبد واحد (¬2) فباع نصفه من رجل ثم باع النصف الآخر من آخر فهو جائز. وإذا باع نصفه ولم يبع ما بقي (¬3) فإن هذا لا يجوز في قول أبي يوسف ومحمد، ويجوز في قول أبي حنيفة. وقال أبو حنيفة أيضاً: إذا وكَّل رجل رجلاً أن يشتري له عبداً فاشترى نصفه لم يجز على الآمر. فإن لم يختصما حتى يشتري النصف الباقي جاز على الآمر كله. وكان يفرق بين البيع والشراء. وإذا وكَّل رجل رجلين ببيع شيء وأحد الوكيلين عبد محجور عليه أو تاجر أو مكاتب أو مدبر أو أم (¬4) ولد أو ذمي أو حربي مستأمن أو عبد قد عتق بعضه وهو يسعى فيما بقي من قيمته أو صبي فإن هذا كله باب واحد، لا يجوز بيع أحدهما دون الآخر ولا (¬5) شراء أحدهما دون الآخر. وكذلك لو كانوا عشرة لم يجز بيع تسعة ولا شراؤهم إذا لم يكن العاشر معهم. فإذا وكَّل رجل رجلين ببيع دار ابنه وهو صغير في عياله فهو جائز. وإن (¬6) باع أحدهما دون الآخر لم يجز. وكذلك لو وكلهما بشراء شيء له. وكذلك الوصي يوكل رجلين ببيع شيء لليتيم أو بشرائه ففعل ذلك (¬7) أحدهما دون الآخر لم يجز. وكذلك المكاتب يوكل رجلين بالبيع أو بالشراء. وكذلك العبد التاجر يوكل رجلين بالبيع أو بالشراء. وكذلك الذمي (¬8) يوكل. وكذلك الحربي المستأمن. وكذلك صاحب المضاربة أو الشريك شركة عنان ¬

_ (¬1) ز - به. (¬2) ع: له. (¬3) ز: ما نفى. (¬4) ع: وأمر. (¬5) ز: وولا. (¬6) ع: فإن. (¬7) ع - ذلك. (¬8) ع: الذي.

أو مفاوض وصاحب البضاعة المفوض إليه ذلك. وكل واحد من هؤلاء وكّل رجلين بالبيع والشراء لم يجز فعل أحدهما دون الآخر. وإذا وكَّل الرجل وكيلين بالبيع فباع أحدهما لم يجز؛ لأنه لم يرض ببيعه وحده. وكذلك لو وكلهما بالشرى أو بالإجارة أو بالمكاتبة أو بعتق عبد له على مال أو بخلع امرأته أو بنكاح أو بطلاق على مال لم يجز في ذلك فعل أحدهما دون الآخر. وكذلك لو مات أحدهما أو ذهب عقله ذهابًا مطبقًا لم يجز فعل الآخر في شيء من ذلك، لأنه لم يرض برأيه وحده. ولو فعل أحدهما ذلك والآخر حاضر فأجاز ذلك كان جائزاً، وكان هذا الآن كفعلهما جميعاً. ولو وكلهما بطلاق امرأته فطلق أحدهما جاز، لأنه ليس في هذا غبن. ولو جعل أمرها بيدهما لم يجز طلاق أحدهما دون الآخر. وكذلك لو قال: طلقاها إن شئتما، لم يجز طلاق واحد منهما دون الآخر، لأنهما لم يجتمعا على المشيئة. وإذا وكَّل الرجل عبداً أو حراً أو صبياً أو رجلاً أو امرأة أو ذمياً أو مسلماً (¬1) فهو في ذلك كله سواء، لا يجوز فعل أحدهما دون الآخر (¬2). وإذا وكَّل الرجل رجلاً ببيع خادم فباعها ثم أقال البيع لزمه المال، وكانت الجارية له. وكذلك لو لم يكن قبضها المشتري حتى أقاله من غير عيب أو من عيب (¬3) بعدما قبض فإن الخادم تلزمه (¬4)، ويلزمه الثمن. ولو كان المشتري بالخيار فردها بالخيار من غير قضاء قاض أو كان البائع بالخيار ففسخ (¬5) البيع كان هذا جائزاً، وتلزم (¬6) الخادم الآمر. ... ¬

_ (¬1) ز: ومسلماً. (¬2) أي: إذا كان أحد الوكيلين واحداً ممن ذكرهم فلا يجوز فعل أحدهما دون الآخر. (¬3) ز: أو عيب؛ ع - أو من عيب. (¬4) ز: يلزمه. (¬5) م ز ع: فسخ. والتصحيح من ب. (¬6) ز: ويلزم.

باب وكالة الرجل الصبي يشتري له شيئا أو يبيع

باب وكالة الرجل الصبي يشتري له شيئاً (¬1) أو يبيع وإذا وكَّل الرجل الصبي ببيع خادم فباعها فإن البيع جائز، وعهدة المشتري على الآمر، ولا تكون (¬2) على الصبي عهدة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وإن كان الصبي تاجراً قد أذن له أبوه في التجارة فالعهدة عليه. وكذلك العبد إن كان محجوراً عليه فالعهدة على الآمر. وإن كان العبد مأذوناً له فالعهدة على العبد. وكذلك لو كان الآمر بذلك كله عبداً تاجراً. وإذا كان المأمور مكاتباً فالعهدة له لازمة بمنزلة العبد التاجر. وإذا كان الأمر مكاتباً فهو بمنزلة الحر. وكذلك إذا كان حراً صغيراً تاجراً فأمر حراً ببيع عبد أو أمة فهو جائز، وتلزم (¬3) العهدة المأمور، ويرجع على الأمر. ولو كان المأمور عبداً محجوراً عليه أو حراً صغيراً محجوراً عليه كانت (¬4) العهدة على الآمر و (ن كان صغيراً، بعد أن يكون حراً تاجراً. ولو كان المأمور مجنوناً لا يعقل فبيعه باطل. فإن تكلم بالبيع ووصفه وأثبته وعاقده عليه فهو بمنزلة الصبي. ولو وكَّل رجل مسلم رجلاً مرتداً عن الإسلام فباع له عبداً جاز البيع. فإن قتل (¬5) المرتد على ردته كانت (¬6) العهدة على الآمر. وإن أسلم كانت (¬7) العهدة عليه، ويرجع بها على الآمر. وإن كان الآمر هو المرتد ثم قتل (¬8) على ردته بطل البيع، فإن أسلم جاز البيع. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: بيع المرتد ووكالته بالبيع والشراء جائز، والعهدة عليه بمنزلة المسلم في ذلك. وقال أبو يوسف: هو بمنزلة المسلم الصحيح إن قتل (¬9) أو مات على ردته أو أسلم. وقال محمد: إن قتل أو مات على ردته أو أسلم فهو بمنزلة المريض، يجوز عليه من ذلك ما يجوز على المريض المسلم، وإن أسلم فهو بمنزلة الصحيح. ¬

_ (¬1) ع - شيئاً. (¬2) ز: يكون. (¬3) ز: ويلزم. (¬4) ز: كاتب. (¬5) ز: قيل. (¬6) ز. كاتب. (¬7) ز: كاتب. (¬8) ز: ثم قيل. (¬9) ز: إن قيل.

وإذا وكَّل الذمي المسلم ببيع خمر أو خنزير فباعه من ذمي فإن ذلك لا يجوز، مِن قِبَل أن المسلم هو الذي ولي بيعه (¬1). ولو كان الآمر مسلماً والمأمور ذمياً والمشتري ذمي جاز البيع، وكانت (¬2) العهدة على المأمور، ويرجع بها على الآمر في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يجوز البيع، لأن الخمر للآمر المسلم. وإذا وكَّل الرجل صبياً أو عبداً محجوراً عليه أن يشتري له عبداً بعينه بثمن مسمى فاشتراه لم يلزم المشتري الثمن، وجاز البيع للآمر، ولزمه الثمن. ولو وكَّل عبداً تاجراً بذلك أو صبياً تاجراً أوعبدًا محجوراً عليه بإذن مولاه أو صبياً بإذن أبيه كان جائزاً، وكان الثمن لازماً للمشتري، ويرجع المشتري بذلك على الآمر. فإذا وكَّل رجل رجلاً بشرى عبد أو دار ثم جن الآمر أو ذهب عقله وأطبق (¬3) ذلك عليه فإن كان ذلك قبل أن يشتري له الوكيل فقد انقطعت الوكالة وانقطع الأمر. وإن اشترى (¬4) الوكيل بعد ذلك لزمه ولم يلزم الآمر. وكذلك لو كان (¬5) الأمر أذن لعبد أو ابنه في التجارة ثم ذهب (¬6) عقل الآمر وأطبق عليه انقطع إذن العبد وصار محجوراً عليه. ولو حلف بطلاق أو عتاق أو جعل أمر امرأته بيدها أو بيد غيرها ثم أصابه ذلك لم ينتقض الأمر، ولم يبطل ما جعل لامرأته؛ لأنه لو كان صحيحاً لم يستطع نقض ذلك. وإنما تنتقض (¬7) وكالته بالبيع والشراء والخصومة (¬8) والإجارة والنكاح؛ لأنه يقدر على أن ينقض ذلك إذا كان صحيحاً. فكذلك إذا أصابه ما ذكرت لك انتقض ذلك. ولو كان الآمر صحيح العقل وذهب عقل الوكيل واختلط ثم اشترى وباع لم يلزم الوكيل، ولزم الآمر بمنزلة ما لو (¬9) وكَّل صبياً ¬

_ (¬1) ع: وكل ببيعه. (¬2) ز: وكاتب. (¬3) م ز ب: وطبق؛ ع: أوطبق. ويأتي صحيحاً بعد أسطر. (¬4) ع: يشتري. (¬5) ع - لو كان. (¬6) ع - ذهب. (¬7) ز ع: ينتقض. (¬8) ع: وبالخصومة. (¬9) ز: بمنزلة لو؛ ع: بمنزلة ولو.

باب وكالة الصبي يوكل الكبير ووكالة الاثنين الواحد وأمر الوصيين وبيعهما وما يجوز على اليتامى من ذلك ووكالة الوصي

فاشتراه (¬1) له. ... باب وكالة الصبي يوكل الكبير ووكالة الاثنين الواحد وأمر الوصيين وبيعهما وما يجوز على اليتامى من ذلك ووكالة الوصي (¬2) وإذا وكَّل الصبي صبياً مثله فوكله بوكالة فإن ذلك لا يجوز. وكذلك لو كان وكَّل بها (¬3) رجلاً حراً أوعبدًا. وكذلك الجارية الصغيرة. وكذلك لو وكَّل بها مكاتباً أو ذمياً أو حربياً مستأمناً فإن ذلك لا يجوز. وكذلك لو وكله ببيع شيء له أو بإجارته أو بالخصومة فيه أو وكله يشتري له شميئًا فإن ذلك لا يجوز، مِن قِبَل أنه صغير. فإن كان الصبي بلغ تسع عشرة (¬4) سنة ولم يحتلم فوكالته في ذلك جائزة. وإن احتلم قبل ذلك فوكالته أيضاً جائزة. وكذلك الجارية إذا بلغت سبع عشرة (¬5) سنة. فإن حاضت قبل ذلك فوكالتها أيضاً جائزة. فإذا وكَّل المعتوه المغلوب وكيلاً يشتري له شيئاً أو يبيع له شيئاً فذلك كله باطل لا (¬6) يجوز. وكذلك (¬7) لو وكله بخصومة. وكذلك المجنون الذي يفيق ويجن. وإن وكَّل بشيء من ذلك في حال جنونه (¬8) فإنه لا يجوز. وإن وكَل بذلك في حال إفاقته فهو جائز. وكذلك المغمى عليه والذاهب العقل من البِرْسَام (¬9) أو غيره فإنه لا تجوز (¬10) وكالته في بيع شيء له ولا في ¬

_ (¬1) ع: فاشترا. (¬2) ع: الصبي. (¬3) ع - بها. (¬4) م ع: عشر. (¬5) م ز ع: عشر. (¬6) ع: ولا. (¬7) ع - وكذلك. (¬8) ز: حيوته؛ ع: جنانه. (¬9) ع: من البرشام. والبرسام هو ذات الجنب، وهو التهاب في الغشاء المحيط بالرئة. انظر: المعجم الوسيط، "برسم". والمقصود هو ذهاب العقل بسبب المرض كما لا يخفى. (¬10) ز ع: لا يجوز.

باب الوكالة في البيع

شرائه ولا في الخصومة في ذلك ولا في الإجارة ولا في الطلاق ولا في النكاح ولا في العتاق ولا في مكاتبة ولا في هبة ولا في صدقة يتصدق بها ينفذها (¬1) لغيره، فإن ذلك كله لا يجوز. وإن أفاق بعد ذلك لم تجز (¬2) الوكالة عليه. وكذلك العبد المحجور عليه لو (¬3) وكَّل بشراء شيء أو بيعه [أو] بالخصومة فيه أو بالإجارة فإن ذلك كله لا يجوز عليه ولا على مولاه. فإن كان وكَّل وكيلاً يشتري له شيئاً فاشتراه الوكيل لزم ذلك الوكيل ولا يلزم العبد. وكذلك الرجل الحربي يوكل الحربي بوكالة ثم يسلمان جميعاً أو يصيران ذمة فتلك (¬4) الوكالة باطلة إذا كانت في دار الحرب. وكذلك لو وكَّل بها الحربي ذمياً أو مسلماً. فإن كان الحربي مستأمناً في دار الإسلام فوكَّل ببيع شيء أو بشرائه أو بالخصومة فيه ثم أسلم فإن الوكالة عليه جائزة. وإن لحق بالدار على حالة كافراً أبطلت الوكالة في كل شيء، في خصومة [وغيرها]. ... باب الوكالة في البيع فإذا وكَّل الرجل رجلاً يبيع له عبداً أو أمة أو دابة أو شاة أو بقرة أو بعيرًا فهو جائز، وهو (¬5) مؤتمن فيه، إن هلك منه أو غصبه رجل لم يضمن، ومتى ما باعه فبيعه جائز. فإن باعه بثمن يسير فإن أبا حنيفة قال: هو جائز إن (¬6) باعه بدرهم. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يجوز البيع إلا أن يحط من ثمنه ما يتغابن الناس في مثله. فإن حط ¬

_ (¬1) ز: ينقدها. (¬2) ز: لم يجز. (¬3) ع: ولو. (¬4) ع - فتلك. (¬5) ع - وهو. (¬6) ع: فإن.

أكثر من ذلك لم يجز. وإن باعه بنسيئة أو بنقد (¬1) فهو جائز. وإن باعه بدنانير أو بدراهم أو بعروض أو بشيء مما يكال أو يوزن (¬2) فهو جائز. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يجوز إلا أن يبيعه بدنانير أو بدراهم؛ لأنهما الأثمان التي تقع (¬3) عليهما بيوع (¬4) الناس. وإن أخذ بالثمن رهناً أو كفيلاً فهو جائز. وإن أشهد بالثمن أو لم يشهد فهو سواء، ولا ضمان عليه. وإن ادعى فيه رجل دعوى قبل أن يبيعه فليس بخصم في ذلك، وليس له أن يرهنه ولا يتزوج عليه ولا يؤاجره ولا يكاتبه. وإن فعل شيئاً (¬5) من ذلك لم يجز. وإن باعه بمال ثم وهب المال للمشتري أو أبرأه منه فهو جائز في قول أبي حنيفة ومحمد، ويضمن المال الوكيل. ولا يجوز ذلك في قول أبي يوسف. وإن باعه بألف درهم حالة ثم أخَّرها عن (¬6) المشتري شهراً فإن أبا حنيفة قال: التأخير جائز، ويضمن الوكيل المال. وهو قول محمد. وإن كان الوكيل وكَّل رجلاً باقتضاء المال فهو جائز (¬7). فإن وصل إلى (¬8) الوكيل الأول فهو من مال الآمر. وإن هلك قبل أن يصل إلى الوكيل الأول فإن كان الوكيل الآخر عند الوكيل الأول أو في عياله فالغريم بريء من المال، ولا ضمان على الوكيل الأول، والمال من مال الآمر. وإن كان الوكيل الآخر رجلاً (¬9) أجنبياً فالوكيل الأول ضامن للمال، لأنه استودعه من ليس في عياله. وإن كان الثمن من طعام أو شيء مما يكال أو يوزن أو عروض أو حيوان فهو سواء. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يبيع له عبداً فوكَّل غيره بذلك فإنه لا يجوز. فإن كان رب العبد قال: ما صنعت من شيء فهو جائز، فإن (¬10) ¬

_ (¬1) ز: أو ننقد. (¬2) ع: أو يؤذن. (¬3) ز ع: يقع. (¬4) ع: عليها بنوع. (¬5) ز: شيء. (¬6) ع - عن. (¬7) ز - ويضمن الوكيل المال وهو قول محمد وإن كان الوكيل وكل رجلاً باقتضاء المال فهو جائز؛ صح هـ. (¬8) م - إلى، صح هـ. (¬9) ع - رجلاً. (¬10) م ز: وإن، ع: إن.

وكَّل غيره ببيعه فهو جائز. وإن لم يكن قال هذا فأمر الوكيل رجلاً فباعه بمحضر منه فهو جائز. فإذا وكَّل الرجل رجلين ببيع عبد له فباعه أحدهما دون الآخر فإنه لا يجوز. فإذا وكَّل الرجلان رجلاً (¬1) واحداً ببيع عبد لهما فباعه فهو جائز. فإن باع نصفه وقال: هذا نصف فلان، فهو جائز. فإن سكت عند البيع فلم يبين أي النصفين فهو جائز من كل نصف نصفه في قياس قول أبي حنيفة، ولا يجوز في قول أبي يوسف ومحمد. فإن لم يدفع ذلك إليهما حتى يبيع النصف الآخر أجزت ذلك كله بينهما. فإذا وكَّل رجل رجلاً ببيع عبد له فقال الآمر: أمرتك بألف، وقد باعه الوكيل بخمسمائة، فإن البيع باطل لا يجوز، والقول قول الآمر مع يمينه. وكذلك لو باعه بدنانير وقال الآمر: أمرتك بدراهم أو بحنطة أو شعير، فالقول في ذلك قول الآمر مع يمينه، ولا يجوز البيع. فإن باعه بنسيئة سنة فقال الآمر: أمرتك بالحال، فالقول قول الآمر، والبيع مردود. وكذلك هذه المسألة في النكاح والخلع والمكاتبة والإجارة والعتق على مال. وإذا وكَّل رجل (¬2) رجلاً ببيع عبد له فقال الآمر: قد أخرجتك من الوكالة، وقال الوكيل: قد بعته أمس، لم يصدق الوكيل، وقد خرج من الوكالة. ولو أقر الوكيل بالبيع لإنسان بعينه فقال الآمر: قد أخرجتك من الوكالة، جاز البيع إذا ادعى ذلك المشتري. وإذا وكَّل الرجل رجلاً ببيع عبد له فباع العبد من نفسه فإنه لا يجوز، لأن هذا عتق، ولم يأمر بالعتق. ولو أن الوكيل باع العبد من أبي العبد أو من ابنه أو من أمه أو من امرأة العبد أو من أخيه أو من ذي رحم محرم من العبد جاز ذلك، ولا يفسد البيع عتق العبد من يدي المشتري، لأن الولاء ¬

_ (¬1) ع - رجلاً. (¬2) ع: الرجل.

للمشتري. ألا ترى أنه لو باعه من رجل قد جعله حراً إذا اشتراه جاز البيع، وعتق العبد. وإذا اشترى العبد من الوكيل مكاتباً أو عبداً تاجراً أو امرأة فهو جائز. وإذا باعه من ذمي فهو جائز، ويجبر الذمي على بيعه إن كان العبد مسلماً. وإذا وكله أن يبيعه وأمره أن يشهد على بيعه فباعه ولم يشهد فهو جائز. وإن وكله أن يبيعه برهن ثقة فباعه بغير رهن فإنه لا يجوز. وإذا وكله أن يبيعه من فلان بكفيل ثقة بنسيئة فباعه بغير كفيل فإنه لا يجوز. وإن قال الوكيل: لم تأمرني (¬1) بذلك، فالقول قول الآمر مع يمينه. وإذا وكله أن يبيعه (¬2) من رجل فباعه من آخر فإنه لا يجوز. فإن باعه منه ومن آخر جاز النصف (¬3) لذلك الرجل، ولا يجوز النصف الآخر في قياس قول أبي حنيفة. ولا يجوز في قول أبي يوسف ومحمد في شيء من ذلك. وإذا وكَّل الرجل رجلاً ببيع (¬4) عبد له فباع نصفه فهو جائز في قول أبي حنيفة. ولا يجوز في قول أبي يوسف ومحمد. وإن باع النصف الباقي قبل أن يعلمه فذلك جائز في قولهم جميعاً. وإذا وكَّل الرجل الرجل (¬5) ببيع عبد له فباعه من رجل واشترط الخيار لنفسه أو للآمر (¬6) ثلاثة أيام أو أقل من ذلك فهو جائز. وإن كان الآمر أمره بذلك فهو كذلك أيضاً. وإن باعه الوكيل ولم يشترط الخيار فإنه لا يجوز، لأنه قد خالف (¬7). فإذا وكَّل الرجل الرجل (¬8) ببيع عبد له فباعه من رجل لم يره ثم رآه قبل أن يقبضه فرده على الوكيل فقبله بغير قضاء قاض (¬9) فهو جائز على الآمر. ¬

_ (¬1) ز: لم يأمرني. (¬2) ع: وكله ببيعه. (¬3) ز + الذي. (¬4) ع + ببيع. (¬5) ز ع: رجلاً. (¬6) ز ع: أو الآمر. (¬7) ز ع + وإذا وكل الرجل رجلاً ببيع عبد له فباعه من رجل واشترط الخيار لنفسه أو للآمر ثلاثة أيام أو أقل من ذلك فهو جائز وإن كان الآمر أمره بذلك فهو كذلك أيضاً فإن باعه الوكيل ولم يشترط الخيار فإنه لا يجوز لأنه قد خالف. (¬8) ز ع. رجلاً. (¬9) ز: قاضي.

وكذلك لو كان المشتري قبضه ولم يره. فإن لم يقبضه حتى وجد به عيباً فرده فقبله البائع بغير قضاء قاض (¬1) فهو جائز على الآمر. ولو كان المشتري قبضه ثم رده بعيب فقبله (¬2) بغير قضاء قاض، فإن كان العيب لا يحدث مثله أو كان مثله يحدث (¬3) فإن ذلك يجوز على الوكيل، ولا يجوز على الموكل؛ لأن هذا إقالة (¬4) وليس بنقض بيع. ألا ترى أنه لوكانت داراً (¬5) فسلم الشفيع الشفعة بالبيع الأول ثم قبلها بغير قضاء قاض فأراد الشفيع أخذها بالشفعة كان له ذلك، فإنما هذا بمنزلة البيع المستقبل. ولو (¬6) كان المشتري لم يقبضه (¬7) حتى وجد به عيباً فرده فقبله البائع بغير قضاء قاض فهو جائز على الآمر. فإن قبضه المشتري ثم وجد به عيباً، فإن قبله الوكيل بقضاء قاض بشهود شهدوا على العيب أو أبى أن يحلف الوكيل فإنه يلزمه ويلزم الآمر. وإن أقر الوكيل بالعيب فرده القاضي عليه بإقراره فهذا مثل الشهود على العيب؛ لأن القاضي قد قضى بإقرار الوكيل إذا كان العيب (¬8) لا يحدث مثله في تلك المدة. وإن قبله في الوجهين جميعاً بغير قضاء قاض لم يلزم الآمر ولزم الوكيل، مِن قِبَل أن الآمر في هذا الوجه الأول يرده على بائعه (¬9) إذا كان بقضاء قاض. وإن كان بغير قضاء قاض لم يرده على بائعه (¬10). فليس للوكيل أن يقبل هذا البيع بغير أمر الآمر إلا بقضاء قاض (¬11). وأما في العيب الذي يحدث مثله فإقرار الوكيل جائز على نفسه إن رده عليه بقضاء قاض (¬12) أو بغير قضاء قاض (¬13) بعد أن يكون ذلك بالإقرار (¬14) فليس يلزم الآمر، ويلزم الوكيل المقر، ولا يصدق الوكيل على عيب يحدث مثله. ولو كان الثمن جارية أو شيئاً من العروض كان القول فيه كالقول في الباب الأول. ¬

_ (¬1) ز: قاضي. (¬2) ز + البائع. (¬3) ع: أو كان يحدث مثله. (¬4) ع: قاله. (¬5) ز: لو كاتب دار. (¬6) ع. وإن. (¬7) ع + المشتري. (¬8) ع - العيب. (¬9) م ز ع: على بيعه. والتصحيح من ب. (¬10) م ز ع: على بيعه. والتصحيح من ب. (¬11) ز: قاضي. (¬12) ز: قاضي. (¬13) ع - أو بغير قضاء قاض. (¬14) ع: الإقرار.

وإذا وكَّل الرجل رجلاً في بيع عبد له فباعه الوكيل من ابن الآمر أو من أبيه (¬1) أو من امرأته أو من أم الأمر أو من مكاتب الآمر أو من عبد للأمر (¬2) تاجر عليه دين فهو جائز. وإن باعه من عبد له تاجر ليس عليه دين فإنه لا يجوز. وكذلك لو كان الآمر عبداً فباعه الوكيل من مولاه. فإن كان العبد الموكل عليه دين فالبيع جائز. وإن لم يكن عليه دين فالبيع مردود. وإذا وكَّل الرجل رجلاً ببيع عبد له ودفعه إليه فقال الوكيل: قد بعته من فلان هذا وقبضت الثمن منه وهلك، وادعى ذلك المشتري فهو جائز، والوكيل مصدق في ذلك مع يمينه. فإن كان (¬3) الآمر قد مات فقال ورثته: لم يبعه، وقال الوكيل: قد بعته من فلان بألف، وصدقه المشتري وقال الوكيل: قد قبضت الثمن فهلك، فإن كان العبد قائماً بعينه لم يصدق الوكيل على البيع إلا أن تقوم (¬4) بينة أنه قد باعه في حياة الآمر. ويرد البيع إذا لم تقم (¬5) البينة (¬6). ويضمن الوكيل المال للمشتري (¬7). فإن كان العبد مستهلكاً فإن الوكيل مصدق بعد أن يحلف. أستحسن ذلك وأدع القياس. فإذا وكَّل الرجل رجلاً ببيع عبد له ثم إن الموكل باع العبد أو دبره أو كاتبه أو وهبه أو تصدق به أو رهنه وقبض منه أو أجره أو كانت أمة فوطئها فولدت أو لم تلد، فإن ذلك كله (¬8) نقض للوكالة ما خلا الوطء إذا لم تلد، وما خلا الإجارة والرهن. وكذلك الخدمة ليس بنقض للوكالة. فإذا باع العبدَ الآمرُ أو الوكيل فرد بعيب بقضاء قاض فإن للوكيل أن يبيعه. وإن قبله المولى بغير قضاء قاض بعيب بعد القبض أو بغير عيب قبل القبض أو بعده فليس (¬9) للوكيل أن يبيعه ثانية، وهذا خروج من الوكالة. ولو باعه المولى واشترط الخيار ثلاثة أيام لنفسه ثم نقض البيع ¬

_ (¬1) ز: من ابنه. (¬2) م ز ع: الآمر. (¬3) ز - كان. (¬4) ز: أن يقوم. (¬5) ز ع: لم يقم. (¬6) م ز: بينة. (¬7) ع: المشترى. (¬8) ع - كله. (¬9) ز: ليس.

فللوكيل أن يبيعه. وكذلك لو كان الوكيل هو الذي باعه. ولو أن المولى باع العبد واشترط الخيار للمشتري ثلاثة أيام ثم ردّ (¬1) كان الوكيل على وكالته. وكذلك لو كان الوكيل هو باع واشترط الخيار للمشتري ثلاثة أيام ثم رده المشتري فالوكيل على وكالته. وإذا باع الوكيل أو رب العبد العبد (¬2) ثم ورثه رب (¬3) العبد أو ملكه بوجه غير ذلك كائناً ما كان فقد خرج الوكيل من الوكالة ما خلا الذي وصفت لك. وإذا وكَّل الرجل رجلاً ببيع عبد له ثم إن رب العبد أذن لعبده في التجارة أو ضربه فجرحه أو جرحه (¬4) غيره ثم باعه الوكيل كان بيعه جائزاً. وإذا وكَّل الرجل رجلاً ببيع عبد له فباعه الوكيل ثم قطع الوكيل يده قبل أن يقبضه المشتري فالمشتري بالخيار. إن شاء أدى جميع الثمن وأخذ العبد واتبع الوكيل بنصف القيمة ويتصدق بالفضل. وإن شاء ترك البيع، ويضمن الوكيل نصف القيمة للآمر (¬5). وكذلك لو قتله (¬6) أو استخدمه فمات. فإذا وكل الرجل رجلاً ببيع عبد له ووكل آخر ببيعه أيضاً فأيهما (¬7) باعه فهو جائز. وإن باعه هذا من رجل وهذا من رجل فإن علم الأول فهو لة. وإن لم يعلم كان لكل واحد منهما نصفه بنصف الثمن. إن شاء أخذ، وإن شاء ترك. وإن كان العبد في يدي أحد الوكيلين أو في يدي المولى فهو سواء. وإن كان في يدي المشتريين فهو كذلك. وإن كان في يد (¬8) أحدهما فهو له إلا أن يقيم الآخر البينة أنه أول. وإذا وكَّل الرجل رجلاً ببيع عبد له فباعه وباع معه عبداً آخر بثمن واحد فهو جائز، ويكون لكل واحد منهما بحصة عبده. وإن باع كل واحد منهما بثمن مسمى فهو جائز. ¬

_ (¬1) ع: ثم رده. (¬2) ع - العبد. (¬3) ع - رب. (¬4) ز: فخرجه أو خرجه. (¬5) ع: للآخر. (¬6) ز: لو قبله. (¬7) ز: فاتهما. (¬8) ع: في يدي.

وإذا وكَّل الرجل رجلاً ببيع عبد له وقال: هو يقوم علي بمائتي درهم، فضمّ (¬1) الوكيل عبداً له آخر يقوم عليه بمائة درهم فباعهما مرابحة على ثلاثمائة درهم فهو جائز، والثمن بينهما على رأس المال. وإذا وكَّل الرجل رجلاً ببيع عبد له ثم باعه المولى أو الوكيل بيعاً فاسداً وقبضه المشتري ثم رده بقضاء قاض أو بغيره فللوكيل أن يبيعه ثانية، وليس هذا بخروج من الوكالة. ولو هلك العبد عند المشتري ضمن قيمته. فإن كان الوكيل هو باعه ضمنها للوكيل، ويدفعها الوكيل إلى مولى (¬2) العبد. فإذا وكَّل رجل رجلاً ببيع عبد له فباعه الوكيل وقبضه المشتري ولم يره ثم رده حين رآه فقبله الوكيل فهو جائز لازم للآمر، وهوعلى وكالته، وللوكيل أن يبيعه ثانية. وكذلك لو كان الآمر هو الذي باعه. وإذا وكَّل الرجل رجلاً ببيع عبد له فباعه الوكيل فأراد الموكل أن يقبض الثمن من المشتري فليس له ذلك إلا أن يوكله الوكيل بذلك؛ لأن الوكيل هو ولي هذا البيع. ولو أن المشتري دفع المال إلى رب العبد كان بريئًا منه. ولو كان الوكيل كتب الصك باسم رب العبد لم يكن لرب العبد أن يقبضه إلا أن يوكله الوكيل بذلك. فإن أقر الوكيل أن العبد وثمنه للآمر وأنه وكله (¬3) ببيعه ثم غاب الوكيل لم يكن لرب العبد أن يقبض المال. ولا يقبل منه البينة على ذلك والوكيل غائب. وإذا وكَّل الرجل رجلاً فقال: بع عبدي (¬4) هذا أو هذا، فأيهما ما باع الوكيل فهو جائز. ولو قال: بع أحدهما، فباع أحدهما كان جائزاً. فإذا وكَّل رجل رجلاً ببيع عبد له فباعه ثم إن المولى قتل (¬5) العبد أو قطع يده، فإن المشتري بالخيار في قطع اليد. إن شاء أخذه بنصف الثمن، وإن شاء تركه. وأما في القتل (¬6) فلا بيع بينه وبينه. ¬

_ (¬1) ع: فضمن. (¬2) ع: إلى المولى. (¬3) ع + وكله. (¬4) ز: عندي. (¬5) ز: قبل. (¬6) ز: في القيل.

باب الوكالة في بيع الدور والعروض

وإذا وكَّل الرجل رجلاً ببيع عبد له فباعه ثم حط (¬1) من ثمنه شيئاً أو وهبه أو صالحة عليه بعيب ظهر به (¬2) فهو جائز على الوكيل، ويضمن ما حط (¬3). وإن كان العيب به يوم باع فلا يجوز الصلح على الآمر. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. ويجوز في قول أبي يوسف. ... باب الوكالة في بيع الدور والعروض وإذا وكَّل الرجل رجلاً ببيع عِدْل زُطّي (¬4) فباعه وقبضه (¬5) المشتري ثم رده على البائع فقبله بغير قضاء قاض بعيب أو كان لم يره المشتري وقال الآمر: ليس هذا عدلي الذي بعته، فإن كان إنما قبله بعيب فالقول قول الآمر مع يمينه وإن كان قبله؛ لأنه لم يره الوكيل. فالقول قول الوكيل، ويلزم العدل (¬6) الآمر. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بعدل زطي أو بجِراب (¬7) هَرَوي (¬8) يبيعه له فباعه الوكيل ثوباً ثوباً (¬9) أو باعه جماعة فهو سواء، وهو جائز، ولا ضمان على الوكيل. وإن تَوَى (¬10) من الثمن شيء فلا ضمان على الوكيل فيه. ولو باع ثوباً واحداً منه ولم يبع ما سوى ذلك جاز ذلك (¬11) في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإن كان هذا يضر بالجراب والعدل فإنه لا يجوز. وإن كان لم يضر به فهو جائز. فإذا دفع الرجل إلى رجل زِقًّا من سمن أو كُرًّا من حنطة أو شعير (¬12) ¬

_ (¬1) ع: ثم خط. (¬2) ز: ظهرية. (¬3) ع: ما خط. (¬4) عدل وعاء، والزطي نوع من الثياب، وقد تقدما مراراً. (¬5) ع: وقبض. (¬6) ع: العبد. (¬7) ع: وبجراب، ع + ز طي. (¬8) الهروي نوع من الثياب كما تقدم مراراً. (¬9) ع: هرويا. (¬10) ز: قوي؛ ع: بقي. تَوَى أي هلك. انظر: لسان العرب، "توى". (¬11) ع - ذلك. (¬12) ع: أو شعيراً.

أو شيئاً مما يكال أو يوزن فباع بعضه دون بعض جاز. ولو باع منه شيئاً بدرهم كان ذلك جائزاً؛ لأن تبعيض (¬1) هذا وتفريقه لا يفسده. وليس هذا كالدار والعبد والأمة والحمام والسيف والثوب. هذا إن باع بعضه (¬2) أفسده وكسره. وإذا وكَّل رجل رجلاً بعِدْل زُطِّي يبيعه من رجل بألف فباعه من رجل بألف نسيئة فهو جائز. وإن أخذ الآمر للوكيل بالمال حتى ضمنه له فإن ضمانه باطل؛ لأنه مؤتمن به. وكذلك المضاربة. وكل مال أصله أمانة فهو كذلك أيضاً. وإذا وكَّل الرجل (¬3) رجلاً ودفع إليه متاعاً يبيعه له فباعه الوكيل (¬4) من رجل بألف درهم وقبض المشتري المتاع ثم إن المشتري أقام على الوكيل البينة أنه قد أوفاه المال والوكيل يجحد ذلك، فإن المال لازم للوكيل والمشتري بريء منه؛ لأن الوكيل جحد القبض فصار ضامناً للمال بمنزلة مستودع أمين يجحد (¬5) فضار ضامناً للمال. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بعِدْل زُطّي يبيعه له فعمد الوكيل إلى العِدل فقصّره (¬6) فهو ضامن لما هلك منه عند القصار؛ لأنه لم يأمره بذلك. فإن رجع المتاع إلى الوكيل فهو بريء من الضمان. وما هلك منه من الوكيل بعدما يرجع إليه فلا ضمان (¬7) عليه. وإن باعه بعد القِصارة فالثمن كله للأمر، ولا يكون للوكيل أجر قصارة ولا غيره. وكذلك لو فَتَلَ (¬8) الثياب. ولو (¬9) صبغ الثياب بسواد أو بعصفر أو بزعفران قبل أن يبيعها فقد خالف، ¬

_ (¬1) ز: تنقيض؛ ع: تنقيص. (¬2) ع: عبده. (¬3) ع: رجل. (¬4) م ع: للوكيل. (¬5) ز: تجحد. (¬6) أي: دفعه إلى القصار ليغسله ويبيضه. (¬7) ز: فلان ضمان؛ ع: فلان ضمانه. (¬8) م: لو قتل (مهملة الباء)؛ ز: لو قيل؛ ع: لو قبل. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 19/ 54. (¬9) م ز ع: أو. والتصحيح من ب. ولفظ الحاكم: وإن. انظر: الكافي، 2/ 73 و.

ولرب المتاع أن يضمنه قيمة متاعه. وإن شاء كان المتاع له، ويرد رب (¬1) المتاع على الوكيل ما زاد العصفر والزعفران في متاعه. وأما (¬2) السواد فهو ينقص ولا يزيد، والوكيل على وكالته في بيعه ما لم ينهه الآمر، وليس هذا بخروج من الوكالة. وقال أبو يوسف ومحمد: السواد عندنا بمنزلة العصفر والزعفران إذا كان ذلك يزيد في الثوب. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بجِراب هَرَوي يبيعه فقطعه قميصاً فخاطه أو أقبية فخاطها أو حشاها أو بطّنها (¬3) فهو ضامن لقيمة ذلك، ويكون المتاع له؛ لأنه قد خالف. وإذا دفع الرجل (¬4) إلى رجل جِراب هَرَوي يبيعه وهو بالكوفة فبأي أسواق الكوفة ما باعه فهو جائز. فإن لم يبعه فيها وخرج به إلى البصرة فباعه هناك فإنه في القياس لا يضمن، ولكن أدع القياس وأستحسن وأضمنه. أرأيت لو وكله ببيع طعام له في بيت فحمله في السفن إلى بلد آخر ألم يكن ضامناً. وإذا وكَّل الرجل رجلاً ببيع طعام له فقال: بعه بالكوفة، ففي أي أسواقها باعه فهو جائز. وإن حمله إلى مصر آخر فباعه هناك فهو ضامن، لأنه قد خالف. وإذا كان لرجل عِدْل زُطِّي فقال لرجلين: أيكما باعه فهو جائز، فأيهما (¬5) باعه فهو جائز. ولو قال: إن باعه أحد هذين الرجلين فهو جائز، فأيهما باعه فهو جائز. ولو قال: قد وكلت هذا أو هذا ببيع هذا العدل، فباعه أحدهما (¬6) كان باطلاً في القياس، ولكن أجيز ذلك وأستحسنه. وكذلك لو كان الوكيل واحداً فقال: بع أحد هذين العدلين، أو قال: بع هذا أو هذا، فهو سواء، وهو جائز. ¬

_ (¬1) ع: لرب. (¬2) م ز: فأما. (¬3) م + أو خاطها. (¬4) م ز: رجل. (¬5) ز: فأنهما. (¬6) ز - أحدهما.

وإذا دفع رجل إلى رجل عِدْل زُطِّي فقال: بعه واشترط (¬1) لي الخيار ثلاشة أيام، فباعه الوكيل، ولم يشترط الخيار، فبيعه باطل. وإن دفعه بذلك كان ضامناً. وإذا دفع رجل إلى رجل عِدْلًا زُطِّيًا فقال: بعه واشترط الخيار شهراً، فباعه الوكيل واشترط الخيار ثلاثة أيام فإني أجيزه في الاستحسان في قياس قول أبي حنيفة، ولا يجوز في قول أبي يوسف ومحمد، لأن خيار الشهر فاسد في قول أبي حنيفة، وهو جائز في قول أبي يوسف ومحمد. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بجِرَاب هَرَوي يبيعه وأمره أن يشترط الخيار ثلاثة أيام فباعه واشترط الخيار يومين أو يوماً فإنه لا يجوز، لأنه قد قصر (¬2) عما أمره الآمر. وإذا وكَّل رجل رجلاً فقال: بع لي هذا العِدْل الزُّطِّي بيعاً فاسداً، فباعه بيعاً جائزاً كان جائزاً، أدع القياس وأستحسن في ذلك. هذا قول أبي يوسف. وقال محمد: لا يجوز، لأن البائع أمره ببيع يكون له نقضه، فباع عليه بيعاً لا يقدر على نقضه. ولو قال: بعه بعبد إلى أجل (¬3)، أو قال: بعه بإبل إلى أجل، فباعه بدراهم (¬4) حالة، وإن هذا في القياس لا يجوز، لأنه خالف. وهو قول محمد. وإذا دفع رجل إلى رجل سيفاً (¬5) محلَّى فقال: بعه بدراهم إلى أجل، فباعه بدراهم حالة أقل مما فيه من الفضة فإن هذا لا يجوز. ولو وقّت له دراهم مسماة فباعه بها وهو أكثر مما في السيف من الفضة جاز ذلك. ولو أعطاه عِدْلًا زُطِّيا فقال: بعه بألف نسيئة سنة (¬6)، فباعه بألف نقداً كان جائزاً. وكذلك إن باعه بأكثر. وإن باعه بأقل من ألف بالنقد لم يجز. وإن باعه بألفين نسيئة سنة فهو جائز (¬7). وإن باعه بألفين نسيئة ¬

_ (¬1) م ز: واشتر. والتصحيح من ب. (¬2) ع: قد قضى. (¬3) ز: إلى الرجل. (¬4) ز: بدرهم. (¬5) ز: سبقا. (¬6) ع - سنة. (¬7) ع - وكذلك إن باعه بأكثر وإن باعه بأقل من ألف بالنقد لم يجز وإن باعه بألفين نسيئة سنة فهو جائز.

سنة (¬1) وشهراً فإنه لا يجوز. وإن لم يوجد المبيع بعينه ضمن. ولو دفع إليه مِنْطَقَة (¬2) فيها مائة درهم فضة فقال: بعها بخمسين درهماً، فباعها بمائة وعشرة دراهم نقداً كان جائزاً في قول أبي يوسف. وإن قال: بعها بخمسين درهماً نسيئة سنة، فباعها بمئة وعشرة بالنقد فهو جائز في قول أبي يوسف (¬3). وإذا دفع الرجل إلى رجل جِراباً هَرَوياً فقال: بعه بنسيئة أو بنقد (¬4)، فما باعه بلى من شيء (¬5) من دنانير أو دراهم أو حنطة أو شعير (¬6) أو شيء مما يكال أو يوزن فهو جائز في قول أبي حنيفة. وإن باعه بيعاً فاسداً ودفعه وقبض الثمن فإن ذلك لا يجوز، ولا يضمن الوكيل، لأنه لم يخالف. ولو قال: بعه بنسيئة، فباعه إلى العطاء أو إلى الحصاد أو إلى الدِّياس أو إلى النيروز أو إلى أجل مجهول فإن البيع فاسد. فإن قدر عليه فهو مردود إلا أن يقول المشتري: أنا أعجل المال فأدع الأجل، فيجوز ذلك. وإن كان المتاع مستهلكاً فالمشتري ضامن بقيمته (¬7)، ولا يضمن الوكيل، لأنه لم يخالف. وإن كان قد باعه بيعاً فاسداً فإن قبض الوكيل القيمة من المشتري فالمشتري بريء منها. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بطعام له فقال: بع كل كُرّ بخمسين درهماً، فباعه فهو جائز. وإن قال له: بعه بمثل ما باع به فلان الكر، فقال فلان: بعت الكر بأربعين، فباع ذلك ثم وجد فلاناً قد باع الكر بخمسين (¬8) فإن البيع مردود. فإن كان فلان باع بعد ذلك بستين فهو جائز ولا ضمان على الوكيل. وإن كان فلان باع كرًا بأربعين وكراً بخمسين فباع الوكيل طعامه كله بأربعين أربعين (¬9) فإني أجيزه، أستحسن (¬10) ذلك. ¬

_ (¬1) ع: لسنة. (¬2) ز: منقطة. (¬3) ع - وإن قال بعها بخمسين درهماً نسيئة سنة فباعها بمائة وعشرة بالنقد فهو جائز في قول أبي يوسف. (¬4) ز: أو ينقد. (¬5) ع: فباعه بشيء. (¬6) ع: أو شعيراً. (¬7) ع + من المشترى. (¬8) ع + بخمسين. (¬9) ع - أربعين. (¬10) ع: وأستحسن.

باب الوكالة في الشرى

باب الوكالة في الشرى قال: وإذا وكَّل الرجل رجلاً يشتري له عبداً بعينه وقبل الوكيل ذلك ثم خرج الوكيل من عند الموكل فأشهد بأنه يشتريه لنفسه ثم اشترى العبد فهو للموكل (¬1)، ولا يستطيع الوكيل أن يخرج من تلك الوكالة إلا بمحضر من الموكل. وإن وكله آخر بذلك فاشتراه الوكيل فهو للأول (¬2). وإذا وجد الوكيل بالعبد عيباً فله أن يرده ويخاصم فيه ولا يستأمر الآمر في ذلك. وإن كان قد دفعه إلى الآمر فليس له أن يخاصم فيه إلا بأمر الآمر. ولا يجوز لهذا الوكيل بيع هذا العبد ولا رهنه ولا إجارته. ولو تزوج عليه لم يجز في ذلك. ولو كاتبه لم يجز. وكذلك لو أعتقه لم يجز عتقه. وليس هذا الوكيل بخصم لأحد يدعي في هذا العبد شيئاً. وإذا (¬3) وكَّل الرجل رجلاً أن يشتري له عبداً بألف درهم والعبد بعينه فاشتراه بأقل من ذلك فهو جائز. وإن اشتراه بأكثر من ذلك لزم المشتري ولم يلزم الآمر. وإن كان الآمر أمره أن يشتريه بصنف (¬4) من الكيل أو الوزن فاشتراه بغير ذلك فإنه لا يلزم الآمر، ويلزم الوكيل المشتري. ولو لم يسم له الثمن (¬5) فاشتراه المشتري بعبد بعينه أو بأمة أو بثوب (¬6) بعينه أو بطعام بعينه أو بشيء مما يكال أو يوزن بعينه فإنه يلزم المشتري ولا يلزم الآمر. وكذلك لو اشتراه بفضة بعينها تبرًا (¬7) أو بإناء مصوغًا (¬8) أوذهب بعينه تبرًا فإنه للمشتري ولا يلزم الآمر. وإن اشتراه بدراهم أو بدنانير فإنه جائز على الآمر لازم له ويلزمه ذلك الثمن. ولو اشتراه بشيء من الكيل أو الوزن (¬9) بعينه فإنه يلزم المأمور ولا يلزم الآمر. وإذا وكَّل رجل (¬10) رجلاً أن يشتري له عبداً بعينه فاشتراه ¬

_ (¬1) ع: الموكل. (¬2) ع: الأول. (¬3) ع: وإذ. (¬4) ع: بنصف. (¬5) ع: بثمن. (¬6) ع: أو ثوب. (¬7) ز: بيرا. (¬8) م ز: مضوعا. (¬9) ع: والوزن. (¬10) ع: الرجل.

وعبداً (¬1) آخر جاز على الآمر الذي أمره به منهما، ولزم المشتري الآخر بحصته من الثمن. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يشتري له عبداً بعينه بثمن قد سماه فوكَّل الوكيل وكيلاً (¬2) آخر فاشتراه بذلك فإنه لا يلزم الآمر الأول ويلزم الآمر الثاني. ولو كان اشتراه بحضرة الوكيل الأول لزم الآمر الأول. وإذا وكَّل الرجل رجلين أن يشتريا له عبداً بعينه فاشتراه أحدهما دون الآخر فإنه لا يلزم (¬3) الآمر ويلزم المشتري. وكذلك لو كان سمى لهما (¬4) ثمناً. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يشتري له عبداً بعينه والوكيل ابن العبد أو أبوه أو أخوه فاشتراه فهو جائز وهو للآمر. وإن كان الوكيل المشتري عبداً محجوراً عليه أو تاجراً أو ذمياً أو صبياً (¬5) بعد أن يكون يعقل أوامره فهو سواء، والشراء جائز على الآمر، ولا يلزم المحجور عليه ولا الصبي الثمن، ولكن يلزم الآمر (¬6). وإذا اختلف الآمر والوكيل فقال الوكيل: أمرتني أن أشتري بألف درهم، وقال الآمر: بخمسمائة درهم (¬7)، فالقول قول الآمر مع يمينه، ويلزم المشتري دون الآمر. وكذلك لو قال الآمر: أمرتك أن تشتريه (¬8) بطعام، وقال المأمور: أمرتني أن أشتريه (¬9) بصنف (¬10) غير ذلك. وكذلك لو قال الآمر: أمرتك بعبد غير هذا، وقال الوكيل: بهذا أمرتني، فالقول قول الآمر مع يمينه، ولا يلزمه (¬11) شيء. فإن قامت لهما بينتان (¬12) جميعاً أخذت ببينة الوكيل وألزمته الآمر. وإن لم تقم (¬13) لهما بينة أخذت بقول الآمر وألزمت العبد المشتري (¬14). فإن كان العبد ذا رحم محرم من المشتري عتق؛ لأنه قد ملكه. ¬

_ (¬1) ع: وعبد. (¬2) ع - وكيلاً. (¬3) ع - لا يلزم. (¬4) ع: لو سمى لها. (¬5) ع - أو صبياً. (¬6) ع - ولكن يلزم الآمر. (¬7) م ز - درهم. (¬8) ز: أن يشتريه. (¬9) ز: أن يشتريه. (¬10) ع: نصف. (¬11) ع: يلزم. (¬12) ز: بنتان. (¬13) ز ع: لم يقم. (¬14) ع: الشرى.

وإذا وكَّل الرجل الرجل فقال: اشتر لي عبد فلان بعبدك هذا أو بطعامك هذا أو بمتاعك (¬1) هذا، فهو جائز، وهو للآمر، وعليه قيمة (¬2) عبد الوكيل ومتاعه. فإن اختلفا في القيمة فالقول قول الوكيل مع يمينه أو يترادان (¬3). فيلزم الوكيل العبد (¬4)، فيكون له دون الآمر إذا لم يرض الآمر أن يأخذه بما قال الوكيل. والذي يبدأ به في اليمين الآمر، فيحلف على علمه (¬5). فإن رضي بأن يأخذه بما قال الوكيل أخذه، وكان له أن يحلّف الوكيل. فإن لم يرض تركه. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يشتري له أمة يتخذها أم ولد أو يطأها بألف درهم فاشترى له أمة رَتْقاء لا توطأ أو مجوسية أو أمة لها زوج فإنه لا يلزم الآمر (¬6) من ذلك شيء، ويلزم المشتري. وكذلك لو اشترى له أخت الآمر أو ذات رحم محرم منه من نسب أو رضاع (¬7). وكذلك لو قال: اشتر لي عبداً كاتبًا أو يعمل كذا وكذا، فاشترى عبداً أقطع ولا يعمل ذلك العمل، فإنه يلزم الوكيل، ولا يلزم الآمر. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يشتري له عبداً مولَّدا (¬8) بخمسمائة فاشترى له عبداً مولدًا بأربعمائة يساوي خمسمائة أو اشترى مثله بخمسمائة فهو جائز على الآمر، وجاز على المشتري. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يشتري له عبداً بألف درهم بعينه فاشتراه الوكيل وقبضه فطلب الآمر أخذ العبد من الوكيل وأبى الوكيل أن يدفعه فللوكيل أن يمنعه ذلك حتى يستوفي الثمن في قول أبي حنيفة. وإن كان الوكيل نقد الثمن أولم ينقد فهو سواء. فإن هلك العبد في يديه بعدما منعه إياه فإنه يهلك من مال الوكيل إن كان العبد قيمته ألفاً (¬9) أو أكثر أو أقل، ¬

_ (¬1) ع: متاعك. (¬2) ع: قيمته. (¬3) ع: أو يتردا. (¬4) ع - العبد. (¬5) ز ع: على عمله. (¬6) ز - الآمر. (¬7) ز: من نشب أو زطاع. (¬8) أي: ولد في دار الإسلام. (¬9) م ز ع: ألف.

لأنه حين منعه إياه صار المشتري المأمور بمنزلة البائع، إن هلك في يديه هلك بالثمن قل الثمن أو كثر. وهذا قول محمد. وأما في قول أبي يوسف فإن الآمر يبرأ من الألف، وإن كانت قيمته أقل من الألف رجع الوكيل عليه بالفضل. وإن مات العبد في يدي الوكيل قبل أن يمنعه الآمر فإنه يموت من مال الآمر، ويأخذ الوكيل الآمر بالألف. فإن كان البائع أخذ المال من المشتري فهو جائز، وليس للمشتري أن يأخذ المال من الآمر. وإن حط عنه من الثمن شيئاً فإن الوكيل يحط مثل ذلك عن الآمر. ولو وهب البائع الثمن كله للوكيل كان للوكيل أن يأخذ الثمن كله من الآمر. وليس الحطافي هذا كهبة الثمن كله. وإذا وكَّل الرجل رجلاً (¬1) أن يشتري له عبداً بعينه بألف درهم فاشتراه بألف ومائة ثم إن البائع حط من الثمن مائة عن المشتري فهو جائز، والعبد للمشتري دون الآمر، لأن الوكيل خالف فيه حين اشتراه. ولو أن رجلاً اشترى عبداً وأشهد أنه يشتريه لفلان فقال فلان: قد رضيت، فأراد المشتري أن يمنعه ذلك كان له ذلك، مِن قِبَل أنه اشتراه لنفسه. وإن سلمة له وأخذ الثمن كانت عهدته على المشتري. وهذا بمنزلة البيع المستقبل. ولو أن رجلاً أمر رجلاً أن يشتري له جارية بألف درهم فاشتراها بألفين وبعث بها (¬2) إليه فوطئها الآمر فولدت منه ثم إن الوكيل قال: اشتريتها بألفين، فإن أبا حنيفة قال فيها: إن كان حيث بعث بها إليه قال: هذه الجارية التي أمرتني فاشتريتها لك، فإنه لا يصدق على ألفين، ولا تقبل (¬3) بينته؛ وإن لم يكن قال ذلك حين بعث بها فالقول قوله، ويأخذ الأمة وعقرها وقيمة أولادها. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يشتري له كُرّ حنطة من الفرات (¬4) فاشتراه ¬

_ (¬1) ع - رجلاً. (¬2) ز: وبعث نها. (¬3) ز: يقبل. (¬4) قال المطرزي: الفرات نهر الكوفة، وقوله: "على أن يشتري حنطة من الفرات"، يعني من ساحله أومن فُرْضَته. انظر: المغرب، "فرت".

له واستأجر بعيرا فحمله عليه فإنه لا يجوز الكراء على الأمر في القياس، ولكني (¬1) أستحسن فأجيزه عليه. فإن كان الآمر وكله أيضاً أن يتكارى الكر بدرهم وأستأجر له بدرهم ونصف فإن الكراء على المستأجر، وليس على الآمر (¬2) فيه شيء، لأنه خالف. وإن استكرى بدرهم كما قال له جاز على الآمر. فإن أراد الوكيل أن يحبس الطعام حتى يستوفي الكراء فليس له ذلك، وليس الكراء هاهنا كالثمن. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يشتري له طعاماً بعشرة دراهم ولم يدفعها إليه فاشترى الوكيل له ذلك نسيئة فهو جائز على الآمر، وللآمر أن يقبض الطعام قبل أن ينقد الثمن، لأنه إلى أجل. ولو مات الوكيل فحل عليه المال لم يحل على الآمر إلا إلى الأجل. وكذلك الآمر لو كان أمره أن يشتريه إلى أجل. ولو كان أعطاه دنانير وأمره أن يشتري بها فاشترى بها ثم لم ينقدها حتى دفع الطعام إلى الآمر وأنفق الدنانير في حاجته ونقد غيرها فهو جائز. وإن اشترى بدنانير غيرها ثم نقدها فإن الطّعام له، ولا يلزم الآمر، وهو ضامن لدنانير الآمر. وإن اشترى بها ثم نقد (¬3) غيرها (¬4) فهو جائز. فإن اشترى طعاماً إلى أجل وهو ينوي الشراء بها فإنه لا يصدق على ذلك، ولا يلزم الآمر، ويلزمه هو. وإن كان اشترى طعاماً بالحال وهو ينوي الشراء بها فهو جائز على الآمر. وإن نقد غيرها لم يضره. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يشتري له عبداً وسمى له جنسه وسمى الثمن له، ووكله آخر أن يشتري له عبداً من ذلك الجنس بمثل ذلك الثمن، ودفع إليه كل واحد منهما المال، فاشترى عبداً من ذلك الجنس على تلك الصفة، فقال: نويته (¬5) لفلان دون فلان، فالقول قول الوكيل مع يمينه. فإن مات العبد في يديه قبل (¬6) أن يدفعه فهومن مال الذي سمى له. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يشتري له نصف عبد معروف ¬

_ (¬1) ع: لكني. (¬2) ع: للآمر. (¬3) ع: ثم نقدها. (¬4) ع - غيرها. (¬5) ع: يؤتيه. (¬6) ع - قبل.

مسمى ووكله آخر يشتري له نصفه بمثل (¬1) ذلك الثمن فاشترى الوكيل نصفه فقال: نويت أن يكون للآخر، فالقول قوله مع يمينه وهو للآخر. وإن كان كل واحد منهما سمى له ثمناً مخالفاً لما (¬2) سمى الآخر فاشترى أحد النصفين بذلك وقال: نويته لفلان الآخر، فالقول قوله وهذا النصف له؛ لأنه قد خالف. ولا يكون للذي نواه له، لأنه خالف. ولا يكون للذي لم ينوه له؛ لأنه لم ينوه له. وإذا وكَّل الرجل رجلاً فقال: اشتر لي عبد فلان بيني وبينك، فقال: نعم، ثم لقيه آخر فقال: اشتر لي عبد فلان بيني وبينك، فقال: نعم، ثم اشتراه وقبضه فنصفه (¬3) للأول ونصفه للآخر، ويخرج الوكيل من ذلك. وإذا وكَّل الرجل رجلاً فقال: اشتر لي عبد فلان، فقال: نعم، ثم وكله آخر أن يشتريه له فاشتراه الوكيل وأشهد أنه للآخر فهو للأول، ولا يستطيع الوكيل أن يخرج من الوكالة لنفسه ولا لغيره إلا بمحضر من الأول. ولو وكله الأول فقال: اشتره بألف درهم، ووكله الآخر بمائة دينار فاشتراه بمائة دينار فهو للآخر. وإن اشتراه بطعام لم يكن للآخر ولا للأول، وكان للوكيل. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يشتري له جارية بعينها فقال: نعم، فاشتراها الوكيل لنفسه فهي للآمر. فإن وطئها الوكيل وحبلت منه فإنه يدرأ عنه الحد، وتكون (¬4) الأمة وولدها للآمر، ولا يثبت النسب. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يشتري له أمة وسمى جنسها ولم يسم الثمن فاشترى الوكيل أمة وأرسل بها إليه فوطئها الآمر فعَلِقَت فقال الوكيل: لم أشترها لك، فإنه يحلف على ذلك ويأخذها، ويأخذ عقرها، ويأخذ قيمة الولد للشبهة التي دخلت. وإن كان حيث (¬5) بعث بها (¬6) أقر أنه اشتراها للآمر ¬

_ (¬1) ز: ثمن. (¬2) ع: بما. (¬3) ز: فيصفه. (¬4) ز: ويكون. (¬5) ز: حنث. (¬6) ز: لها.

وقال: هي الجارية (¬1) التي أمرتني أن أشتريها لك، فهو جائز، ولا يستطيع أن يرجع في شيء من أمرها. فإن أقام بينة أنه حين اشتراها أشهد أنه اشتراها لنفسه لم يقبل ذلك منه؛ لأن إقراره إنما اشتراها للآمر أصدق من قوله ذلك. وإن كان الآمر سمى له ثمناً فاشتراها بأكثر من ذلك ثم أرسل بها إليه فقال: هذه الجارية التي أمرتني أن أشتريها لك بألف درهم فاشتريتها كما أمرتني، فأخذها الآمر فوطئها فعَلِقَت منه (¬2) ثم قال الوكيل: أخذتها بألفين، وأقام بينة فإنه لا تقبل (¬3) بينة الوكيل ولا يصدق، وإقراره على نفسه أصدق من البينة. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يشتري عبداً لابن له صغير أوليتيم (¬4) في حجره وهو وصيه فهو جائز. وكذلك البيع. وإذا وكَّل العبد التاجر أو المكاتب الحر بِشِرَى أو بيعة (¬5) فهو جائز. وكذلك الذمي يوكل المسلم أو يوكله المسلم. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يشتري له داراً بألف فاشترى له صحراء ليس فيهابناء فهو جائز. وإن هلك المال من عند الوكيل قبل أن ينقده فقال الآمر: هلك قبل أن تشتري (¬6)، وقال الوكيل: بعدما اشتريت، فالقول قول الآمر مع يمينه على علمه (¬7)، ولا ضمان على الآمر، ويلزم الدار الوكيل. فإن أقام الوكيل البينة أن المال هلك بعد الشراء لزم الآمر الشراء، ويلزمه المال. وكذلك إن أبى الآمر أن يحلف على علمه (¬8) أو أقر بذلك فإن المال لازم له. ولو لم يهلك المال ولكن الوكيل نقده فاستحقه رجل ضمن الوكيل، وكان للوكيل أن يرجع به على الآمر. وكذلك لو ضمنه البائع رجع ¬

_ (¬1) م ز: للجارية. (¬2) ز: أمته. (¬3) ز ع: لا يقبل. (¬4) ع: صغيراً أو اليتيم. (¬5) ع: أو ببيعة. والبيعة بمعنى البيع والصفقة. انظر: لسان العرب، "بيع". (¬6) ز ع: أن يشتري. (¬7) ز: على عمله. (¬8) ز: على عمله.

به على الوكيل وكان للوكيل أن يرجع به على الآمر (¬1). ولو لم يستحق وضمنه ونقده الوكيل فجحده البائع ذلك وحلف فرجع به على الوكيل لم يكن للوكيل أن يرجع به على الآمر. ولو لم ينقد الوكيل البائع الثمن فهلك المال عنذه فأخذ من الآمر فنقده فجحده البائع فرجع به على الوكيل لم يرجع الوكيل على الآمر. أرأيت لو رجع به ثانية فقضاه البائع فجحده أكان يرجع. ليس يرجع الوكيل على الآمر بعد الأول بشيء. ولو هلك المال الذي قضاه عنده لم يرجع به على الآمر، وكان عليه أن يعطي المال من عنده، ويسلم الدار للآمر. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يشتري له بيتاً بألف درهم فاشترى له بيتاً فيه جذع (¬2) واهي أو حائط واهي كان ذلك جائزاً. ولو اشترى له أرضاً بيضاء ليس فيها بيت لم يجز على الآمر، وجاز على الوكيل، لأن هذا ليس ببيت، والدار قد تسمى داراً وليس فيهابناء. وإذا وكله أن يشتري له قَباء بثمن مسمى وسمى له الجنس فاشترى له قباء محشوًا أو مبطّنًا فهو جائز. وكذلك الجبة. ولو وكله أن يشتري له سيفاً بثمن مسمى فاشترى له نَصْلًا أوسيفًا محلّى مفروغًا عنه كان ذلك جائزاً. وإذا وكَّل الرجل الرجل أن يشتري له ثوباً ليقطعه قميصاً يهودياً (¬3) فاشترى له ثوباً لا يكفيه فإنه لا يلزم الآمر. وكذلك لو وكله أن يشتري له دابة ليسافر عليها أو يركبها فاشتراها مقطوعة اليد أو عمياء أو مهزولة (¬4) لا تركب. وكذلك لو وكله أن يشتري له هَرَويًا (¬5) أصفر فاشترى له (¬6) أبيض أو أمره (¬7) أبيض فاشترى له أصفر لم يلزم الآمر (¬8). ولو وكله أن يشتري له عبداً ¬

_ (¬1) ع - وكذلك لو ضمنه البائع رجع به على الوكيل وكان للوكيل أن يرجع به على الآمر. (¬2) ع: جذوع. (¬3) ز: لقطعه قميص يهودي. (¬4) ز: أو مميزوله. (¬5) نوع من الثياب. (¬6) ع + هروية. (¬7) م ز: أو امرأة. (¬8) ع: الآخر.

باب الوكالة في الصرف

سِنْدياً ولم يسم له الثمن فهو جائز. فإن اشترى (¬1) له عبداً أقطع أو أعور لزم الآمر في قياس قول أبي حنيفة، ولا يلزمه في قول أبي يوسف ومحمد. وإذا وكَّله أن يشتري له عبداً فإن لم يسم له جنساً من الأجناس لم يجز على الآمر، وإن سمى الثمن جاز على الآمر وإن لم يسم جنساً. وإن وكله أن يشتري له دابة وسمى الثمن فإنه لا يجوز، لأنها مختلفة. وكذلك الثياب. فأما الدور فإن أمره أن يشتري له داراً أولؤلؤة فإنه لا يجوز إلا أن يسمي له الثمن. فإن سمى له الثمن فهو جائز. وإن وكله أن يشتري له طعاماً حنطة أو شعيراً أو لحماً أو صنفاً (¬2) مما يكال أو يوزن فإنه لا يجوز حتى يسمي من ذلك كيلاً أو وزناً أو ثمناً. وإذا وكله أن يشتري له عشرة أرطال لحم بدرهم فاشترى له عشرين رطلًا بدرهم لزم الآمر منها عشرة بنصف درهم، وكان للمأمور عمثرة أرطال بنصف درهم. ... باب الوكالة في الصرف (¬3) وإذا وكَّل الرجل رجلاً ودفع إليه عشرة دنانير يصرفها بدراهم فهو جائز، ولا يفسد ذلك غيبة رب الدنانير عن الصرف، لأنه لم يَلِ (¬4) العقدة، إنما ولي العقدة الوكيل. وإذا وكَّل الرجل رجلاً يصرف له دراهم ووكل آخر رجلاً بدنانير يصرفها فالتقى الوكيلان وتصارفا فهو جائز، ولا يفسد ذلك غيبة الموكلين. ¬

_ (¬1) ع - عبداً سنديا ولم يسم له الثمن فهو جائز فإن اشترى. (¬2) ز: صيفا. (¬3) هذا الباب بتمامه موجود في كتاب الصرف بنفس العنوان "باب الوكالة في الصرف" أيضاً بتغيير يسير في بعض مسائله وألفاظه، وقد استفدنا منه في تصحيح بعض الألفاظ المحرفة في هنا الباب. انظر: 1/ 309 ظ. (¬4) م ز ع: لم يلزم.

وإذا وكَّل الرجل رجلين بدراهم يصرفانها له (¬1) فليس لأحدهما أن يصرفها دون الآخر. وإن صرفاها جميعاً فهو جائز. فإن قام أحدهما قبل أن يقبضا فذهب انتقضت (¬2) حصة الذي ذهب من الصرف وهي النصف، وحصة الآخر الباقي جائزة. وإن (¬3) أقاما جميعاً ووكلا رب المال بقبض الدنانير فإنه لا يجوز، لأنهما وليا البيع (¬4)، فلا (¬5) يجوز أن يقبض غيرهما إلا أن يكونا حاضرين فيأمرانه فيقبضها وهما حاضران فإن هذا جائز (¬6). وإذا وكَّل الرجل رجلاً بدناينر يصرفها له فصرفها وقبضها وفارقه ثم وجد فيها درهماً زَيْفاً (¬7) فإن للوكيل أن يستبدله ولا ينتظر رب المال. وكذلك النَّبَهْرَج (¬8). فأما السَّتُّوق (¬9) والرصاص فإنه يرده، ويكون شريكاً في الدنانير بحصته. ولو لم يفارقه كان له أن يستبدل ذلك أيضاً. فإن وجد الوكيل درهماً زائفاً فأراد رب المال أن يكون هو الذي يرده فليس له ذلك، لأنه لم يصرف عنده شيئاً إلا أن يوكله الوكيل بذلك. وإذا وكَّل رجل رجلاً بدراهم يصرفها فصرفها وقبض الدنانير وقبض ¬

_ (¬1) ع - له. (¬2) ز: انقضت. (¬3) ع: فإن. (¬4) ع: البائع. (¬5) ع: ولا. (¬6) ز: جائزاً. (¬7) زَافَتْ عليه دراهمُه، أي: صارت مردودة عليه لِغِشٍّ فيها، وقد زُيِّفَتْ إذا رُدَّتْ، ودرهم زَيْف وزائف، ودراهم زُيُوف وزُيَّف، وقيل: هي دون البَهْرَج في الرداءة، لأن الزيف ما يرده بيت المال، والبَهْرَج ما يرده التجار، وقياس مصدره الزُّيُوف، وأما الزَّيَافَة فمن لغة الفقهاء. انظر: المغرب، "زيف". وقال السرخسي: ثم الزيوف ما زيّفه بيت المال ولكن يروج فيما بين التجار. انظر: المبسوط، 12/ 144. (¬8) ز: ولذلك السهرج. النَّبَهْرَج والبَهْرَج الدرهم الذي فضته رديئة، وقيل: الذي الغلبة فيه للفضة، إعراب نَبَهْرَه. وقيل: المُبْطَل السِّكّة. انظر: المغرب، "بهرج"؛ والقاموس المحيط، "نبج". (¬9) قال المطرزي: السَّتُّوق بالفتح أردأ من البَهْرَج، وعن الكرخي: الستّوق عندهم ما كان الصُّفْر أو النحاس هو الغالب الأكثر، وفي الرسالة اليوسفية: البَهْرَجَة إذا غلبها النحاس لم تؤخذ، وأما الستّوقة فحرام أخذها، لأنها فلوس. انظر: المغرب، "ستق". وقال السرخسي: الستوقة فلس مموه بالفضة. انظر: المبسوط، 12/ 144.

الآخر الدراهم وأقر بالاستيفاء ثم وجد فيها درهماً زائفا فقبله الوكيل وأقر أنه من دراهمه وجحد ذلك رب المال فإن الدرهم (¬1) يلزم (¬2) الوكيل دون الآمر. فإن لم يقر الوكيل أنه من دراهمه ولم يقر القابض بالاستيفاء ولكن البينة قامت أنه من دراهمه فرده عليه القاضي فإنه يلزم (¬3) الآمر. وكذلك إن لم يقم بينة (¬4) وأبى الوكيل أن يحلفه فرده القاضي على الوكيل فإنه يلزم الآمر أيضاً. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بدراهم يصرفها فصرفها (¬5) بدنانير فليس له أن يصرف الدنانير ولا يشتري بها شيئاً ولا يهبها ولا يرهنها ولا يمهرها. فإن فعل شيئاً من ذلك فهو مردود. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بإبريق فضة عند رجل يشتريه منه بعينه بألف درهم فقال: نعم، وأعطاه الدراهم فأراد الوكيل أن يشتريه لنفسه دون الآمر وفعل ذلك فهو للآمر إن اشتراه بألف درهم أو أقل، وليس للوكيل أن يخرج من الوكالة إلا بمحضر من الآمر. وكذلك هذا في العروض كلها والحيوان. وإن اشتراه الوكيل بأكثر من ألف درهم أو بدنانير أو بشيء من العروض أو بشيء مما يكال أو يوزن فهو له خاصة دون الآمرة لأنه خالف. وكذلك هذا في جميع العروض والحيوان. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يشتري له إبريق فضة بعينه من رجل ولم يعطه شيئاً فما (¬6) اشتراه به (¬7) من دراهم أو دنانير فهو جائز، وهو للآمر. وإن اشتراه بشيء مما يكال أو يوزن ليس بعينه فليس بجائز وهو للمأمورة لأن الثمن إنما يكون من الدراهم والدنانير. وإن اشتراه بشيء مما يكال أو يوزن بعينه أو بحيوان أو بعروض فهو للوكيل دون الآمر. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يبيع له إبريق فضة فيه ألف درهم فباعه ¬

_ (¬1) ز ع: الدراهم. (¬2) ع + يلزم. (¬3) ع: لا يلزم. (¬4) ز: البينة. (¬5) ع - فصرفها. (¬6) ع: مما. (¬7) ع - به.

بألفين فهذا لا يجوز ولا يضمن الوكيل؛ لأنة لم يخالف. وكذلك لو باعه بدنانير أو باعه بشيء من العروض أو الحيوان فلا ضمان عليه، وهذا جائز يلزم الآمر في قول أبي حنيفة. ولا يجوز في قول أبي يوسف ومحمد أن يبيعه إلا بالدنانير والدراهم. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بفضة له يبيعها ولم يسم له ثمناً فباعها بفضة أكثر منها فإنه لا يجوز، ولا يضمن الوكيل وإن كان قد أربى (¬1). والذي وكله أحق بهذه الفضة من الوكيل، يقبض منها وزن فضته (¬2)، وما بقي فهو [في] (¬3) يدي (¬4) الوكيل حتى يردها إلى صاحبها. فإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يشتري له إبريق فضة بعينه عند رجل ولم يدفع إليه الثمن ولم يسم له بكم يشتري فاشتراه الوكيل بوزنه دراهم أو بدنانير (¬5) فهو جائز، وهو للآمر، والثمن عليه دين. فإن اختلفا فقال الذي وكله: لم يشتره، وقال الوكيل: قد اشتريته بكذا وكذا، وصدقه البائع فإنه يلزم الموكل بذلك الثمن. وكذلك لو كان الموكل قال: قد أخذته بثمن دون الذي قلت، فهذا والباب الأول سواء وكذلك لو وكله أن يشتري له داراً من رجل بعينها أو خادماً بعينها أو ثوباً بعينة أوعبدًا بعينه أو دابة بعينها فهو والباب الأول سواء. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يبيع له تراباً (¬6) من تراب الصواغين فهو جائز. فان باعة بعرض كائنٍ ما كان من حنطة أو شعير أو غيرها فهو جائز، والمشتري بالخيار إذا علم ما فيه. إن شاء أجازه، وإن شاء رده. وإن باعه بذهب فإنه لا يجوز. وكذلك لو باعه بفضة فإنه لا يجوز، مِن قِبَل أنه لا يعلم أهذا أكثر أم ما فيه، فصار هذا فضة بفضة جزافًا أو فضة بفضة وذهب ¬

_ (¬1) ع: قد أبريا. (¬2) ز ع: فضة. (¬3) الزيادة من كتاب الصرف، 1/ 310 ظ؛ ومن ب. (¬4) ز: بذي. (¬5) م ز ع: أو دنانير. وانظر: كتاب الصرف، 1/ 310 ظ. (¬6) م ز ع: تراب.

مجازفة فلا يجوز. فإن علم بعد ذلك أن ما في التراب من الفضة أقل من الفضة التي اشترى بها وفي التراب ذهب سوى ذلك فعلم بذلك قبل أن يتفرقا فهذا جائز إن شاء ذلك الذي اشتوى التراب؛ لأن الخيار كان له. وإن تفرقا قبل أن يعلم ذلك فالبيع فاسد؛ لأنهما تفرقا (¬1) على فساد فلا يجوز. وإذا وكَّل الرجل رجلاً ببيع تراب له من تراب المعدن، فإن كان التراب تراب فضة فباعه بفضة فإنه لا يجوؤ، مِن قِبَل أنه لا يدري أيهما أكثر، ولا يضمن الوكيل شيئاً وإن كان قد أربى؛ لأنه بيع. وكذلك لو كان التراب تراب معدن ذهب فباعه بذهب فهو مثل ذلك. فإن كان (¬2) علم المشتري كم في التراب من الذهب وكم في التراب الآخر من الفضة فكان مثل ما أعطى، فإن كان علم ذلك قبل أن يتفرقا، فله أن يجيز البيع. فإن علم ذلك بعدما تفرقا فالبيع فاسد. وإذا باع الوكيل هذا التراب بعروض: بحنطة أو بسمن أو بشيء مما يكال أو يوزن سوى الذهب والفضة أو بثوب (¬3) أوعبد أو دابة أو دار فهو جائز. والمشتري للتراب بالخيار إذا علم ما فيه. ولا يجوز بيع الوكيل في شيء مما باع يه التراب ولا هبته ولا رهنه. ولو لزوج عليه امرأة لم يجز لها ذلك. ولو آجر العبد أو الدار لم يجز ذلك، لأن رب التراب لم يوكله بذلك. وإن ادعى رجل في شيء من ذلك دعوى فليس الوكيل بخصم في ذلك. وإن علم المشتري للتراب ما فيه فقال: لا حاجة لي فيه، [و] رده (¬4) وأخذ متاعه من الوكيل بغير قضاء قاض فهو جائز، لأنه كان له الخيار في ذلك. ولو وكله أن يزوجه امرأة بهذا التراب فزوجه كان النكاح جائزاً. إذا كان فيه عشرة دراهم أو قيمتها ذهباً (¬5) فهو مهرها ليس لها غير ذلك. ¬

_ (¬1) ز: يفرقا. (¬2) م ز + فإن. وفي كتاب الصرف: فإن علم المشتري. انظر: 1/ 311 و. (¬3) ز: أو ثبوت. (¬4) سقطت هذه الكلمة من كتاب الصرف. انظر الموضع السابق. (¬5) ز: ذهب.

وكذلك تراب الصواغين. والخلع على هذا جائز وإن لم يكن فيه إلا درهم واحد. وإذا وكَّل الرجل رجلاً يبيع سيفاً له محلّى أو مِنْطَقَة مفضّضة أو إناء مففّضًا (¬1) فهو جائز. فإن باعه بذهب وقبض فهو جائز. فإن باعه بذهب نسيئة فلا يجوز، ولا يضمن الوكيل، وليس هذا بخلاف، لأن البيع قد يكون نسيئة ونقداً (¬2). وإن باعه بفضة أكثر مما فيه نسيئة فلا خير فيه ولا يجوز، ولا يضمن الوكيل شيئاً. فإن كان باعه يداً بيد فهو جائز. وإن باعه بفضة أقل مما فيه نسيئة أو يداً بيد فلا خير فيه، ولا يضمن الوكيل ذلك (¬3). وإن باعه بفضة أقل مما فيه ومعها ذهب أو فلوس فهو جائز إذا كان يداً بيد. فإن كان نسيئة فلا يجوز، ولا يضمن الوكيل. وإذا وكَّل رجل رجلاً بحلي ذهب فيه لؤلؤ أو ياقوت أن يبيعه فباعه بدراهم بالنقد ثم تفرقا قبل أن يقبض فإن كان اللؤلؤ والياقوت مزايلًا للذهب جاز (¬4) ذلك بحصته، وبطلت حصة الذهب. وإن كان (¬5) مصوغا في الذهب ينزع بغير ضرر فهو كذلك، وإن كان لا ينزع إلا بضرر فإنه لا يجوز بيع شيء منه. وإن باعه كله بتأخير بذهب أو فضة أو بذهب وفضة أو بذهب وطعام أو بشيء مما يكال أو يوزن غير الطعام بعد أن يكون في الثمن ذهب غير أن ذلك كله نسيئة فإنه لا يجوز شيء من ذلك، لأنها كلها صفقة واحدة، فلا يجوز بعضها دون بعض. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يشتري له بدراهم فلوساً فاشترى بها فلوساً وقبضها فهو جائز. فإن كسدت الفلوس قبل أن يقبض الوكيل كان (¬6) بالخيار: إن شاء أخذها، وإن شاء ردها. فإن أخذها فهي له لازمة دون ¬

_ (¬1) ز: مفضض. (¬2) ز: ونقد. (¬3) م ز ع: الوكيل ووكل. والتصحيح مستفاد من كتاب الصرف. انظر: 1/ 311 ظ. (¬4) ز + من. (¬5) م ز - كان. والكلمة موجودة أيضاً في كتاب الصرف. انظر الموضع السابق. (¬6) ز + الوكيل.

الآمر، مِن قِبَل أنها لا ينتفع بها، وأنها ليست بفلوس، إنما هي الآن صُفْر (¬1)، إلا أن يرضى الآمر بذلك. ألا ترى أنه لو اشترى بالدراهم صفرًا أو فلوساً كاسدة قبل ذلك لم يلزم الآمر، وضمن الوكيل الدراهم. ولو وكَّل رجل رجلاً أن يشتري له عبداً بعينه فاشتراه ثم أصاب بالعبد عيباً قبل أن يقبضه كان الوكيل فيه بالخيار: إن شاء تركه وفسخ البيع ولا يضمن، وإن شاء أخذه وأجاز البيع. فإن كان العيب عيباً ينتفع بالعبد معه فهو لازم للآمر، وإن كان عيباً يستهلك العبد فيه لزم الوكيل ولم يلزم الآمر إلا أن يشاء الآمر. وهما سواء في القياس، ولكني أستحسن ذلك وأدع القياس فيه. وكذلك الدار والأمة والدابة والثوب. ولو وكَّل رجل رجلاً بعبد يشتريه له فاشتراه له ثم قُتل (¬2) العبد عند البائع قبل أن يقبضه الوكيل فالوكيل بالخيار: إن شاء فسخ البيع ورده ولم يضمن شيئاً، وإن شاء أجاز البيع وكانت (¬3) القيمة له خاصة دون الآمر، لأنها ليست بالعبد الذي أمره به، إلا أن يشاء الآمر أخذ القيمة فيكون له ذلك. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بطوق ذهب يبيعه له فباعه وانتقد وقبض المشتري الطوق، ثم قال المشتري: وجدت الطوق صُفْرًا مموّهًا بالذهب، وأنكر ذلك الآمر، فمان أقر الوكيل بذلك لزمه ذلك (¬4) دون الآمر، غير أنه يستحلف الآمر. فإن أنكر الوكيل وأبى أن يحلف فرده عليه القاضي فإنه يلزم الآمر. وكذلك لو قامت عليه بينة. وإذا وكل الرجل رجلاً بخاتم ذهب فيه ياقوتة يبيعه له فباعه بفضة (¬5) فهو جائز. وإن باعه بذهب أكثر مما فيه فهو جائز. فإن باعه بخاتم ذهب أكثر وزناً (¬6) منه ليس فيه فص فهو جائز. وإن باعه بدراهم فهو جائز. وكل شيء من هذا باعه به نسيئة فهو مردود، ولا (¬7) يجوز. وإن باعه ¬

_ (¬1) أي: نحاس. (¬2) ز: ثم قبل. (¬3) ز: وكاتب. (¬4) ع - ذلك. (¬5) م ز: بعضه. (¬6) ز: وزن. (¬7) ز: لا.

يداً بيد ثم تفرقا (¬1) قبل أن يقبضا أو قبل أن يقبض أحدهما انتقض البيع وفسد. وإن باعه بخاتم ذهب أكثر مما فيه من الذهب أو أقل وفيه فص وتقابضا فهو جائز. وإذا وكَّل الرجل رجلين بألف درهم يبيعانها له (¬2) فباعها له أحدهما دون الآخر فإنه لا يجوز؛ لأنه لم يرض برأيه وحده دون رأي صاحبه. وكذلك كل (¬3) عرض في هذا. وإذا وكَّل رجل مسلم ذمياً يصرف له دراهم أو دنانير فإني أكره ذلك؛ لأن الذمي يستحل من ذلك الحرام. وأجيز الوكالة والشراء والبيع على المسلم في القضاء إذا لم يكن فيه ربا. وإذا وكَّل الذمي المسلم بدراهم يصرفها له فهو جائز. وكذلك الذمي يوكل الذمي. وكذلك الحربي المستأمن يوكل ذمياً أومسلمًا بذلك أو يوكله ذمي أو مسلم بشيء من ذلك فهو على ما وصفت لك. وكذلك الحر يوكل المكاتب أو المكاتب (¬4) يوكل الحر. وكذلك الكبير يوكل الصغير أو الصغير التاجر يوكل الكبير أو العبد التاجر يوكل الحر أو الحر يوكله. وكذلك المرأة توكل الرجل أو الرجل (¬5) يوكلها، وكذلك امرأة ذمية توكل امرأة مسلمة أو توكلها مسلمة. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بدراهم يصرفها له فصرفها عند عبد للموكل والوكيل يعلم أولا (¬6) يعلم فلا ضمان على الوكيل. وإن (¬7) كان على العبد دين فالصرف جائز. وإن لم يكن على العبد دين فهو ماله بعضه في بعض. وإن أربى (¬8) في ذلك لم يضره، ولأنه ليس ببيع لازم. وكذلك أم الولد والمدبرة. فأما المكاتب فصرفه عنده جائز. وإن أربى (¬9) أبطلت الربا. وكذلك العبد الذي عليه دين. ¬

_ (¬1) ز: ثم يفرقا. (¬2) ز: يبيعا بها له؛ ع: يبيعا له بها، (¬3) ع - كل. (¬4) ع: والمكاتب. (¬5) ع: والرجل. (¬6) ز: ولا. (¬7) ع: فإن. (¬8) ع: فإن أبريا. (¬9) ع: أبريا.

وإذا وكَّل الرجل رجلاً بألف درهم يصرفها له فصرفها الوكيل عند أبيه أو عند ابنه أو عند عبد له تاجر أو عند (¬1) مكاتب له كان هذا لا يجوز؛ لأنه (¬2) كأنه صرف عند نفسه في قياس قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: هذا كله جائز ما خلا عبده أو مكاتبه. فإن باعه بالقيمة جاز في ذلك كله، ما خلا عبده إذا لم يكن عليه دين فإنه لا يجوز. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بألف درهم يصرفها فباعها بدنانير بشيء لا يتغابن الناس في مثله فإنه لا يجوز على الآمر. وإن باعها بشيء يتغابن الناس في مثله فإنه جائز على الآمر. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بألف درهم يصرفها له فصرفها عند شريك للوكيل (¬3) مفاوض فإن ذلك لا يجوز. وإن كان شريكاً للآمر مفاوضًا فإن الصرف لا ينفذ على الآمر ولا يجوز. وإن صرفها عند شريك للوكيل في الصرف غير مفاوض فلا يجوز أيضاً. وإن صرفها عند شريك للآمر (¬4) في الصرف غير مفاوض فإنه جائز. وكذلك لو صرفها عند مضارب لرب المال جاز ذلك. ولو صرفها عند مضارب للوكيل من المضاربة لم يجز ذلك. وكذلك العروض في هذا الباب عبداً كان أو أمة أو داراً أو متاعاً أو دابة، فهو في (¬5) الشريك المفاوض والشريك العنان والمضارب، للوكيل كان أو لرب المال، على ما وصفت لك. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بمائة درهم يصرفها له والوكيل والموكل بالكوفة ولم يسم له مكاناً فصرفها في السوق (¬6) أو في (¬7) الكناسة (¬8) أو في ¬

_ (¬1) ز: تاجراً وعند. (¬2) ع + كان. (¬3) ع: الوكيل. (¬4) ع: الآمر. (¬5) ع - في. (¬6) ز: في السرق. (¬7) ع - أو في. (¬8) م ز: في الكياسة؛ ع: والكباسة. الكُنَاسَة ما كُنِس بالمِكْنَسَة من الوسخ في البيت، يقال: كنس البيت أي كسحه، بالمِكْنَسَة كَنْسا، من باب ضرب. وبها سمي كُنَاسَة كُوفَان، وهي موضع قريب من الكوفةَ، وهي المرادة في أبواب الإجارات والكفالة من كتب الفقه الحنفي، والصواب ترك حرف التعريف. انظر: المغرب، "كنس".

الفرات (¬1) عند صيارفة (¬2) الحَنّاطين (¬3) فهو جائز. وإن خرج بها من الكوفة إلى الحيرة فصرفها ثم فهو جائز ولا ضمان عليه. ولو خرج بها من الكوفة إلى البصرة أو إلى مكة أو إلى الشام فصرفها هنالك فلا ضمان عليه؛ لأنه لم يوقت له شيئاً خالفه فيه. ولو وكله ببيع عبد له أو عرض من العروض له حَمْل (¬4) ومؤنة فاستأجر له وأخرج به من الكوفة ثم باعه لم يجز البيع ولم يلزم الآمر من البيع شيء؛ لأنه لم يأمره (¬5) بالخروج. ولو لم يكن له حمل ولا مؤنة جاز ذلك كله عليه. ولو أن رجلاً دفع إلى رجل دراهم فقال: ابتع (¬6) لي بها ثوباً، ولم يسم له المكان وقد سمى الثوب له فابتاع له الثوب من غير الكوفة كان جائزاً. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بألف درهم يصرفها له ثم إن الموكل صرف تلك الألف فجاء الوكيل إلى بيت الموكل فأخذ ألفاً غير (¬7) تلك الألف فصرفها فهو جائز. ولو أن الموكل لم يصرف الألف الأولى ولكن كانت (¬8) موضوعة فأخذ الوكيل ألفاً غيرها فصرفها كان جائزاً. ولا يشبه الدراهم والدنانير العروض. لو أمره ببيع فضة بعينها أوذهب بعينه أو عرض (¬9) من العروض سواء ذلك بعينه فباع غيره لم نجزه (¬10). ولو أمره ببيع فلوس بعينها فأخذ له فلوساً مثلها فباعها كان جائزاً، والفلوس في هذا الموضع بمنزلة الدراهم والدنانير. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بألف درهم يصرفها له فصرفها واشترط الخيار لنفسه أوللذي (¬11) وكله ثم تفرقا (¬12) على ذلك وتقابضا، فإن ¬

_ (¬1) أي: ساحل الفرات كما تقدم. (¬2) م ز ع: صارفة. (¬3) الحناط هو بائع الحنطة، و"الحناطين" يقصد به موضع تفريغ الحنطة من السفينة. انظر: المغرب، "حنط، نقل". (¬4) أي: ما له ثِقَل يحتاج في حَمْله إلى دابة أو أجرة حمّال. انظر: المغرب، "حمل". (¬5) ع: لا يأمره. (¬6) م ز ع: ابتاع. (¬7) ع - غير. (¬8) ز: كاتب. (¬9) م ز: أو عروض. (¬10) ز: لم يجزه؛ ع: لم يجز. (¬11) ز: للذمي. (¬12) ز: ثم يفرقا.

البيع باطل لا يجوز، ولا يضمن الوكيل شيئاً (¬1) مِن قِبَل أنه أربى (¬2)، لأنه لم يخالف. وكذلك لو باعه بنسيئة. وكذلك لو باع وجعل الخيار للمشتري. ولو وكَّل ببيع عبد له فباعه الوكيل واشترط الخيار للمشتري ثلاثة أيام كان جائزاً. وكذلك إن اشترط الخيار لنفسه أو للموكل (¬3)، وليس هذا كالصرف. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بألف درهم يصرفها له فصرفها له بدنانير كوفية فهو جائز. وإن قال الآمر: صرّفها (¬4) لي بدنانير، ولم يسم فصرفها الوكيل بكوفية فهو جائز؛ لأن وزن الكوفة كوفية، فهوعلى وزن الكوفة. وقال أبو يوسف ومحمد بعد ذلك: قد بطلت الكوفية فالبيع اليوم على المثاقيل (¬5). ولو قال: اشتر لي بهذه (¬6) الدنانير غَلَّة (¬7)، فاشترى له غلة الكوفة كان جائزاً. ولو اشترى به غير الغلة لم يجز على الآمر. وكذلك إن اشترى غلة البصرة أو غلة (¬8) بغداد فإنه لا يجوز على الآمر إلا أن يكون مثل غلة الكوفة. وإن قال له: بع هذه الألف بدنانير شامية، فباعها بدنانير كوفية، فإن كانت الكوفية التي قبض غير متقطعة (¬9) وكان يكون وزنها شامية فهو جائز، وليس الدنانير في هذا كالدراهم. ولو قال: بعها بدنانير عُتُق (¬10)، فباعها بها شامية لم يجز ¬

_ (¬1) ز: نبضا. (¬2) ز: أرنا. (¬3) ز: وللموكل. (¬4) ع: اصرفها. (¬5) وفي كتاب الصرف: على الشامية الثِّقَال. انظر: 1/ 313 ظ. (¬6) ز: بهذا. (¬7) قال المطرزي: الغَلَّة من الدراهم هي المقطَّعة التي في القطعة منها قيراط أو ربع دانق أو حبة، عن أبي يوسف في رسالته. ويشهد لهذا ما في الإيضاح "يكره أن يقرضه غَلَّةً ليرد عليه صحاحاً". انظر: المغرب، "غلل". أي: هي الدراهم المقطعة إلى قطع صغيرة. (¬8) ز: وغلة. (¬9) وفي كتاب الصرف: غير مقطَّعة انظر: 1/ 314 و. قال المطرزي: وقوله: "في الدراهم الكوفية المقطَّعة النُّقَّص"، أي: الخِفَاف الناقصة، وفُعَّل في جمع فاعل قياس. انظر: المغرب، نقص. (¬10) قال المطرزي: والعتيق: القديم، وقد عَتُقَ بالضم عَتَاقة، ومنه "الدراهم العُتُق" بضمتين، والتشديد خطأ، لأنه جمع عتيق. انظر: المغرب، "عتق".

باب الوكالة في السلم

على الآمر، لأن (¬1) هذا مثل الدراهم التي ذكرنا قبل هذا. ولو باعها بالكوفية وهي ناقصة من وزن التي أمره بها لم يجز عليه. ولو قال: بع هذا العبد بألف درهم وزن سبعة، فباعه بألفي درهم وزن خمسة جاز ذلك؛ لأن هذا أكثر من ألف درهم وزن سبعة. ولو باعه بألف وزن خمسة لم يجز ذلك. ... باب الوكالة في السلم وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يسلم (¬2) له عشرة دراهم في كُرّ حنطة فأسلمها إلى رجل إلى أجل واشترط ضرباً من الحنطة معلوماً وأجلاً معلوماً وسمى المكان الذي يوفيه فيه وكيلاً مسمى فهو جائز، وللوكيل أن يقبض الطعام إذا حل. وإن كان الوكيل نقد الدراهم من عنده ولم يدفع إليه الذي وكله شيئاً فهو (¬3) جائز، والطعام للذي وكله، والدراهم دين للوكيل على الموكل. فإذا قبض الوكيل الطعام فله أن يحبسه عنده حتى يقبض الدراهم من الموكل ويستوفيها. وهذا بمنزلة رجل أمر رجلاً أن يشتري له خادماً بعينها فاشتراها ولم يدفع إليه الثمن ونقد الوكيل الثمن من عنده وقبض الخادم فللوكيل أن يحبسها حتى يستوفي المال من الموكل. فإن هلكت (¬4) الجارية عند الوكيل بعدما حبسها وأبى أن يدفعها إلى الموكل حين طلبها فهي من مال الوكيل بمنزلة الرهن في قول أبي يوسف. وقال محمد: يذهب ذلك برأس المال قل أو كثر. وإن ماتت قبل أن يحبسها فهي من مال الموكل، والثمن دين على الموكل للوكيل. وكذلك رأس مال السلم. وإذا وكَّل الرجل (¬5) رجلاً أن يسلم له في حنطة ودفع إليه الدراهم فأسلمها وأخذ بها (¬6) رهناً فهو جائز. وكذلك لو أخذ بها كفيلاً فهو جائز ¬

_ (¬1) ع: كان. (¬2) م ز: أن سلم. (¬3) م ع: وهو. (¬4) ز: هلك. (¬5) ع: رجل. (¬6) ع: وأخذها.

على الموكل. وإن حل الأجل فأخر الوكيل السلم فهو جائز عليه خاصة دون الموكل، وهو ضامن للطعام للموكل. وكذلك لو أبرأ منه الذي عليه الطعام أو وهبه له كان جائزاً عليه، وكان الوكيل ضامناً للطعام للموكل (¬1). وإن لم يفعل به شيئاً من ذلك ولكن احتال به على رجل وأبرأ الأول فهو جائز عليه. فإن كان المحتال عليه مليئاً أو غير مليء فالوكيل ضامن للطعام للموكل؛ لأنه أبرأه من طعامه بغير قبض. وإن اقتضى الوكيل طعاماً ما (¬2) دون شرطه كان شرطه (¬3) جيداً فاقتضى وسطاً أو رديئاً فهو جائز عليه، وللموكل أن يضمنه طعاماً (¬4) مثل طعامه. وإذا وكَّل الرجل رجلاً فأسلم له دراهم في طعام ثم إن الوكيل تَارَكَ (¬5) المسلم إليه وقبل رأس المال فهو جائز عليه، وهو ضامن لطعام (¬6) مثله (¬7) لرب الطعام؛ لأن الطعام قد وجب للآمر (¬8). وهذا في قياس قول أبي حنيفة ومحمد. وأما في قياس قول (¬9) أبي يوسف فلا يجوز إبراء الوكيل ولا هبته ولا متاركته (¬10) ولا تأخيره، وللموكل أن يرجع بطعامه. استحسن ذلك أبو يوسف وترك القياس (¬11). وإذا وكَّل الرجل رجلاً فأسلم له (¬12) دراهم (¬13) في طعام ثم فارق الوكيل المسلم إليه وأمر الوكيل الموكل أن يدفع إليه الدراهم فإن السلم قد فسد وانتقض، مِن قِبَل أن الوكيل هو الذي ولي الصفقة وفارقه قبل أن ينقده. وإن نقده الآمر الدراهم وجع بدراهمه على الذي أخذها. وكذلك لو كان الذي عليه السلم وكَّل وكيلاً أيضاً فهو سواء. ¬

_ (¬1) ع: للوكيل. (¬2) ز - ما. (¬3) ز - كان شرطه. (¬4) ع: طعامه. (¬5) ع: تاول. ولفظ ب: ولو تقايلا. (¬6) م ز ع: للطعام. (¬7) ز: مثل. (¬8) ع: للآخر. (¬9) وفي كتاب البيوع: في قول. انظر: 1/ 227 ظ. (¬10) ز: مشاركته. ولفظ ب: مقايلته. (¬11) وفي كتاب البيوع: أستحسن ذلك وأدع القياس فيه. انظر: 1/ 227 ظ. (¬12) ع - له. (¬13) م ز ع: دراهما.

وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يسلم له عشرة دراهم في حنطة فأسلمها في قفيز حنطة بشيء (¬1) لا يتغابن الناس فيه فإن هذا جائز على الوكيل، ولا يجوز على رب السلم، والوكيل ضامن للدراهم للموكل. ولو كان أسلمها في أكثر من ذلك من الحنطة وحط عنه وكان قد حط عنه شيئاً يتغابن الناس في مثله جاز ذلك على الموكل. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يسلم له دراهم (¬2) في طعام فالطعام (¬3) عندنا الحنطة، أستحسن ذلك. فإن (¬4) أسلم (¬5) في شعير أو تمر أو في (¬6) سمسم فهو جائز على الوكيل، ولا يجوز على الآمر. ولو أن الآمر رجع بدراهمه على الذي أسلم إليه كان له ذلك. فإن كان الذي أسلم إليه قد فارق صاحب السلم انتقض السلم. فان كان لم يفارقه حتى أعطاه دراهم (¬7) مثلها كان مستقيمًا جائزاً. فإن أسلم الدراهم في دقيق حنطة فهو جائز. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يأخذ له دراهم (¬8) في طعام فأخذ الوكيل (¬9) دراهم في طعام مسمى إلى أجل مسمى ثم دفعه إلى الذي وكله فالطعام على الوكيل، وإنما للوكيل على الذي وكله دراهم قرض؛ لأن الوكيل حيث أسلم في الطعام صار عليه، وحيث دفعها إلى الذي وكله (¬10) لم يسلمها إليه في طعام (¬11) وصارت قرضاً، وقد كان للوكيل أن يمنعها إياه. ألا ترى أن رب السلم ليس له على الموكل شيء، وأن المسلم إليه هو (¬12) الذي باع الطعام، وليس بعينه، فإنما هو عليه دون الموكل. وإذا وكَّل رجل رجلاً ودفع إليه عشرة دراهم يسلمها له في ثوب ولم ¬

_ (¬1) م ز ع: شيء. (¬2) م ز ع: دراهما. (¬3) ع: والطعام. (¬4) ع - فإن. (¬5) ع: فأسلم. (¬6) ع - في. (¬7) م ز ع: دراهما. (¬8) م ز ع: دراهما. (¬9) ع: لا للوكيل. (¬10) م ز + فالطعام على الوكيل وإنما للوكيل على الذي وكله دراهم قرض لأن الوكيل حيث أسلم في الطعام صار عليه وحيث دفعها إلى الذي وكله. (¬11) ع: في الطعام. (¬12) ع: وهو.

يسم جنس الثوب فأسلمها الوكيل وسمى طوله وعرضه ورقعته (¬1) وأجله فهو جائز على الوكيل، والوكيل ضامن لدراهم الآمر، ولا يجوز هذا على الآمر، مِن قِبَل أنه لم يسم جنس الثوب، ولرب الدراهم أن يضمن ماله المسلم إليه. فإن ضمن الدراهم المسلم إليه انتقض السلم إذا كانا قد تفرقا. وإن ضمنها الوكيل كان للوكيل على المسلم إليه الثوب (¬2). وإذا أمره أن يسلم الدراهم في ثوب يهودي فأسلمها على ثوب يهودي (¬3) فاشترط طوله وعرضه ورقعته (¬4) وأجله فهذا (¬5) جائز. وكذلك لو قال (¬6): أسلمها في هروي أو قوهي. إذا سمى جنساً من الثياب جاز ذلك على الآمر. وإن (¬7) خالف الوكيل فأسلم في غير ذلك فلرب الدراهم أن يضمن الوكيل الدراهم. فإن ضمنها إياه جاز السلم للوكيل (¬8). وإن ضمنها المسلم إليه بطل السلم إذا كانا قد تفرقا. وإذا وكَّل الرجل رجلاً (¬9) أن يسلم له دراهم في حنطة ودفعها إليه فأسلمها له ولم يشهد على المسلم إليه بقبض المال وبالسلم ثم جاء (¬10) المسلم إليه بدرهم يرده وقال: وجدته زائفاً، فإنه يصدق، ويقضى به على الوكيل فيبدله ويرجع به على الموكل. وكذلك لو لم يقض عليه ولكن الوكيل قبله منه بغير قضاء قاض بعد أن لا يكون المسلم إليه أقر بالاستيفاء. ولا يشبه الدراهم والدنانير في قول أبي يوسف ومحمد ما سواهما. وكذلك لو وجد درهمين. فإذا وجد النصف زُيوفًا رد ذلك، وبطل من السلم بحساب ذلك في قول أبي حنيفة. وفي قول أبي يوسف ومحمد يستبدلها ¬

_ (¬1) م ز: طولا وعرضا ورقعه؛ ع: طولا وعرضا ودفعه. يقال: رقعة هذا الثوب جيدة، يراد غلظه وثخانته. انظر: المغرب، "رقع". (¬2) م هـ: في نسخة الترك. (¬3) ز - فأسلمها على ثوب يهودي. (¬4) ع: ورفعته. (¬5) ز: فهو. (¬6) ع: لو كان. (¬7) ع: فإن. (¬8) ز: أو وكيل. (¬9) ز + له. (¬10) ز: ثم جاز.

كلها. وإن كانت كلها زُيوفاً استبدلها. وإن كان أشهد عليه أنه قد استوفى رأس مال السلم لم يصدق المسلم إليه على الدرهم الزائف، ولم تقبل (¬1) منه البينة على ذلك، ولم يكن له يمين على الوكيل. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يسلم له عشرة دراهم من الدين الذي عليه في طعام فأسلمها له فإن هذا لا يكون للآمر في قول أبي حنيفة، وهو من مال الوكيل المأمور حتى يقبض الطعام فيدفعه إلى الآمر. وهو في قول أبي يوسف ومحمد جائز. وكذلك ألف درهم حالة على رجل فقال: اصرفها لي بدنانير، وقال: اشتر لي بها زُطّياً. وإذا وكَّل الرجل رجلين أن يسلما له دراهم في طعام فأسلم أحدهما دون الآخر فإنه لا يجوز على الآمر، لأنه لم يرض برأي هذا وحده. وإن أسلما (¬2) جميعاً الدراهم في طعام فهو جائز على الآمر. فإن تارك أحدهما المسلم إليه السلم فإنه لا يجوز في قول أبي حنيفة ولا في قول أبي يوسف ولا في قول محمد، والطعام على حالة دين. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يسلم له دراهم في طعام فأسلمها له ثم إن الآمر اقتضى الطعام وقبضه فهو جائز. وكذلك لو تارك السلم وقبض برأس المال فهو جائز، والذي عليه الطعام بريء، والوكيل ضامن للطعام للآمر، ولو لم يفعل ذلك وأراد الآمر قبض الطعام فأبى الذي عليه الطعام أن يدفعه إليه فله أن يمنع منه، ولا يعطيه شيئاً، لأنه لم يسلم إليه في شيء. وإذا وكَّل الرجل رجلاً ودفع إليه الدراهم يسلمها في حنطة فقاول (¬3) الوكيل رجلاً وبايعه ولم تكن (¬4) له نية في دراهمه ولا في دراهم الآمر ثم دفع إليه دراهم الآمر فهو جائز، وهي للآمر. وإن دفع إليه دراهم لنفسه فالطعام له والدراهم للآمر عند الوكيل حتى يسلمها له. وهذا ¬

_ (¬1) ز: يقبل. (¬2) م ز: أسلم. (¬3) قاوله في الأمر مقاولة، أي: جادله. انظر: المصباح المنير، "قول". (¬4) ز: فايعه ولم يكن.

قول أبي يوسف. وقال محمد: إذا تصادقا لم تكن (¬1) له نية حين أسلم السلم فالسلم للمأمور. وإن نقد ماله أو مال الذي أمره فهو ضامن لمال الآمر (¬2). وإذا أسلم رجل إلى رجل دراهم (¬3) في طعام ثم وكَّل رجلاً أن يدفع الدراهم إليه وقام هو فذهب فقد انتقض السلم وبطل. فإن دفع الوكيل الدراهم والرجل حاضر فهو جائز. وإذا وكَّل المسلم إليه رجلاً يقبض الدراهم من رب السلم وفارقه فذهب فقد انتقض السلم وبطل. وإن لم يذهب ولم يفارقه حتى قبض الوكيل الدراهم فهو جائز، والدراهم للموكل، وعليه الطعام، لأنه هو ولي صفقة البيع. وإذا وكَّل رجل رجلاً بثوب يبيعه (¬4) بدراهم فأسلمه في طعام إلى أجل فإنه لا يجوز. فإن ضمن رب الثوب للوكيل الثوب جاز السلم، وكان له. وإن ضمن المسلم إلمه بطل السلم. وإذا وكَّل رجل رجلاً بثوب يبيعه ولم يسم له الثمن فأسلمه في طعام إلى أجل فهو جائز على الآمر، لأن هذا بيع في قول أبي حنيفة. أرأيت لو باعه بدراهم نسيئة ألم يجز (¬5). أرأيت لو باعه بطعام بدينه ألم يجز (¬6). وإذا وكَّل الرجل رجلاً بطعام يبيعه فباعه بزيت أو بسمن فهو جائز. وإن أسلمه في زيت فهو جائز على الآمر في قول أبي حنيفة، ولا يجوز في قول أبي يوسف ومحمد. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يسلم له دراهم إلى رجل بعينه في طعام فأسلمها إلى غيره فإنه لا يجوز أيضاً. فإن فعل ذلك فالطعام له، ولا يجوز على الآمر. ¬

_ (¬1) ز: لم يكن. (¬2) م ز: الآخر. (¬3) ز: دراهما. (¬4) م ز: بيعه. (¬5) م ع: لم يجز. (¬6) م ع: لم يجز.

وإذا وكَّل رجل رجلاً بدراهم يسلمها له في طعام فأسلمها وأدخل في السلم شرطاً يفسده فإن السلم باطل، ولا يضمن الوكيل مِن قِبَل الفساد الذي دخل فيه شيئاً (¬1). وإذا وكَّل رجل رجلاً بدراهم يسلمها له والوكيل ذمي فإني أكره ذلك وأجيزه (¬2) على الآمر. وإذا وكل [الذمي] المسلمَ أن يسلم له (¬3) دراهم في طعام فهو جائز. وإذا وكَّل الحر المكاتب فهو جائز. وإذا وكَّل المكاتب الحر بذلك فهو جائز. وإذا وكَّل العبد التاجر بذلك الحر فهو جائز. وكذلك إذا وكل المكاتب (¬4) الحر بذلك فهو جائز. وإذا وكَّل المضارب رجلاً يسلم له في طعام بدراهمه (¬5) من المضاربة فهو جائز. فإذا وكَّل الرجل رجلاً يسلم له دراهم في طعام فهو جائز، وليس للوكيل أن يوكل بذلك غيره؛ لأنه لم يفوض ذلك إليه. فإن قال له: ما صنعت في ذلك من شيء فهو جائز، فله (¬6) أن يوكل غيره، ويجوز على الآمر. وإذا وكَّل الذمي المسلم أن يسلم له في خمر إلى ذمي ففعل المسلم ذلك فإن ذلك لا يجوز؛ لأن المسلم هو الذي ولي ذلك. فإذا وكَّل المسلم الذمي أن يسلم له في خمر إلى ذمي فأسلمها إلى ذمي فهو جائز؛ لأن الذي ولي الصفقة ذمي، والذي باع ذمي، وينبغي للمسلم أن يخللها في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا نرى أن تلزم المسلم على حال، ولكنها للذمي (¬7)، هو ضامن للدراهم بمنزلة القرض عليه. وإذا (¬8) كان (¬9) المكاتب كافراً ومولاه مسلم فوكَّل المكاتب كافراً أن يسلم له في خمر إلى كافر ¬

_ (¬1) م ز ع: شيء. (¬2) ز: وأخيره؛ ع: وأجيز. (¬3) ع + أن يسلم له. (¬4) ع: العبد. (¬5) ز: بدراهم؛ ع - بدراهمه. (¬6) م ز ع: وله. (¬7) ع: للذي. (¬8) ز: فإذا. (¬9) م ز ع؛ وكل. والتصحيح مستفاد من ب.

فأسلم (¬1) فهذا جائز. وكذلك العبد التاجر الكافر. وإذا وكَّل رجل رجلاً بدراهم يسلمها له فصرفها الوكيل بدراهم غيرها فإن هذا قد خالف، والوكيل ضامن لدراهم الآمر. وإذا دفع رجل إلى رجل دنانير فقال: أسلمها لي في طعام، فصرفها بدراهم ثم أسلمها (¬2) في طعام فهو للوكيل، وهو ضامن لدنانير الآمر. وإذا وكَّل رجلان رجلاً أن يسلم لهما (¬3) في طعام كل واحد منهما بدراهم على حدة فأسلم الدراهم كلها إلى رجل واحد في طعام واحد فهو جائز، ولا يضمن الوكيل؛ لأنه لم يخلط الدراهم بالدراهم. والطعام بين الرجلين، ما قبض منه فهو لهما، وما تَوَى فعليهما (¬4). ولو كان الوكيل خلط الدراهم ثم أسلمها كان السلم له، وكان ضامناً للدراهم. ولو لم يخلطها ولكنه أسلم دراهم كل واحد منهما على حدة (¬5) فهو جائز. وإن اقتضى (¬6) شيئاً فقال كل واحد منهما: هذا من مالي، فالقول قول الذي كان عليه الطعام، إن قال: هو من هذا الصك فهو منه. فإن كان غائباً فالقول قول الوكيل. فإن قدم الذي عليه الطعام فأكذب الوكيل فالقول قول الذي عليه الصك. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يسلم له دراهم (¬7) في طعام فأسلمها إلى نفسه فإنه لا يجوز. وكذلك لو أسلمها إلى عبده أو مكاتبه فإنه لا يجوز على الآمر. فإن أسلمها إلى أبيه أو إلى ابنه أو إلى أمه أو إلى زوجته فإنه لا يجوز في قياس قول أبي حنيفة. وهو في قول أبي يوسف ومحمد جائز. وإن أسلمها إلى شريك مفاوض للوكيل لم يجز. فإن كان الشريك شريك (¬8) الآمر مفاوضاً لم يجز أيضاً. وإذا وكَّل الرجل رجلاً فأسلم له دراهم في طعام ثم إن ¬

_ (¬1) ع + له. (¬2) م ز: ثم أسلمه. (¬3) ع: لها. (¬4) ع: فعليها. (¬5) ع: على هذه. (¬6) ع: افضى. (¬7) م ز ع: دراهما. (¬8) ع - شريك.

باب الوكالة في الدين

الوكيل وكَّل بقبض ذلك الطعام فقبضه (¬1) وكيل الوكيل فقد برئ الذي عليه الطعام. فإن كان وكيل الوكيل عبداً للوكيل الأول أو ابنه في عياله أو أجيراً له فهو جائز إن ضاع على الآمر. وإن كان أجنبي فالوكيل الأول ضامن للطعام وإن ضاع في يدي الثاني. وإن وصل إلى الأول برئ الأول والثاني من الضمان، وكان الطعام للآمر. وإذا وكَل الرجل رجلاً فأسلم له دراهم في طعام إلى امرأة فهو جائز. وكذلك إن كان الوكيل امرأة فهذا جائز. وكذلك إن كان الآمر امرأة فهو جائز. ... باب الوكالة في الدين وإذا وكَّل الرجل رجلاً بتقاضي دينه وقبضه فهو جائز، وله أن يتقاضى دينه كله. وإن جعله وصياً في تقاضي دينه في حياته أو جَرِيًّا (¬2) فيه أو أرسله يتقاضاه ويقبضه فهو جائز. وليس للوكيل أن يوكل غيره ويقبضه. فلو فعل ذلك لم يجز، ولم يبرأ المطلوب إلا أن يصل المال إلى الوكيل الأول، أو يكون الوكيل الآخر في عيال الأول، فيكون قبضه جائزاً. فإذا وكَّل الرجل رجلاً بتقاضي (¬3) كل دين له ثم حدث له بعد ذلك دين فإن ذلك الوكيل وكيل في قبضه. أرأيت لو وكله بقبض غلة داره هذه أما كان له أن يقبض غلتها شهراً بشهر وسنة بسنة. وكذلك الدين. أرأيت لو وكله بقبض غلة أرضه وقبض ثمرتها أما كان له أن يقبض كله كل سنة. فكذلك الدين. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بقبض كل دين له فجحده الغريم ما عليه من الدين فقال الوكيل: أنا أجيء بالبينة أن عليه كذا وكذا لفلان، فإن أتى عليه ¬

_ (¬1) ز: بقبضه. (¬2) الجري هو الوكيل كما تقدم. (¬3) ز: يتقاضي.

بالبينة فإن الوكيل في التقاضي وكيل بالخصومة في ذلك، وتقبل (¬1) منه البينة على ذلك في قول أبي حنيفة. ولا تقبل (¬2) منه البينة في قول أبي يوسف ومحمد، ويوقف (¬3) المال فلا يؤخذ حتى يحضر الطالب. وإن أقر المطلوب بالدين وقال: قد أوفيت الطالب ولي بينة، فإن أبا حنيفة قال: تقبل (¬4) بينته على هذا الوكيل، ويبطل الدين، ويبرأ منه المطلوب. وقال أبو يوسف ومحمد: لا نجعل (¬5) الوكيل خصماً في واحد من هذين البابين، لأنه لم يوكله بالخصومة، إنما وكله بالقبض، وليس هذا كالخصومة، ولكن نقف (¬6) ذلك كله حتى يحضر الطالب. وإذا وكَّل رجل رجلين بقبض دينه فليس لأحدهما أن يقبض ذلك دون الآخر. وإن قبض أحدهما دون الآخر لم يبرأ الغريم حتى يصل ذلك إلى صاحبه فيقع في أيديهما جميعاً. فإذا وكَّل الحر العبد بتقاضي (¬7) دينه فهو جائز. وكذلك لو وكَّل غلاماً لم يحتلم أو أمة أو مدبرة أو أم ولد. وكذلك لو وكَّل مكاتبة. وكذلك لو وكَّل امرأته أو غيرها أو وكَّل رجلاً من أهل الذمة. وكذلك الذمي يوكل المسلم. وكذلك العبد التاجر يوكل الحر. وكذلك المكاتب يوكل الحر. وكذلك الرجل يوكل بقبض دين ابنه وهو صغير. وكذلك لو وكَّل بقبض دين ليتيم في حجره وهو وصيه. وإذا كان العبد تاجراً له دين وعليه دين فغاب فأراد مولاه أن يقبض شيئاً من دينه ذلك فليس له ذلك. وإن لم يكن عليه دين لم يكن لمولاه أن يقبض ذلك حتى يحضر العبد. وإن قضى الغريم المولى فهو بريء. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بدينه ولم يقل ["في قبضه"] (¬8) فهو وكيل في قبضه، أستحسن ذلك. ¬

_ (¬1) ز: وبقبل. (¬2) ز: يقبل. (¬3) ز: وتوقف. (¬4) ز: يقبل. (¬5) ز: لا يجعل. (¬6) ز: تقف. (¬7) ز: يتقاضي. (¬8) الزيادة من ب.

وإذا وكَّل الرجل رجلاً بقبض دينه فأبى أن يقبل الوكالة ثم ذهب يقبض الدين فإن الغريم لا يبرأ منه، والدين عليه على حالة، وللغريم (¬1) أن يرجع على الذي أخذ منه الدين. فإن كان المال قد ضاع من عنده فهو على ثلاثة أوجه: إن كان صدقه لم يرجع عليه، وإن كان كذبه رجع عليه، وإن كان لم يكذبه ولم يصدقه رجع عليه. وإن كان صدقه وضمنه رجع عليه. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بتقاضي (¬2) دينه فقبل الوكالة ثم إن الآمر أخرجه من الوكالة بغير محضر من الوكيل ولا أعلمه إياه فإخراجه إياه باطل، وللوكيل أن يتقاضاه. فإن أتاه رجل غيره أنه قد أخرجه من ذلك عبد أو حر أو كافر أو مسلم صغير أو كبير برسالة منه فليس له أن يتقاضى شيئاً. وإن يتقاض (¬3) بعد ذلك لم يبرأ الغريم، وكان على ما وصفت لك. وإن كان رب المال وكله بقبضه بمحضر من المطلوب فإن المطلوب يبرأ حتى يأتيه الخبر أنه قد أخرجه من الوكالة. فإن أتاه الخبر فدفع بعد ذلك لم يبرأ. وإذا رجع الموكل عن الإسلام فلحق بالدار وقُضي بارتداده ثم جاء مسلماً فقد خرج الوكيل من وكالته. وإن لم يلحق بالدار فالوكيل على وكالته إذا أسلم (¬4) الموكل. وإن مات في ردته أو بعد الإسلام فقد خرج الوكيل من وكالته في قياس قول أبي حنيفة وقول أبي يوسف ومحمد. فإذا ذهب عقل الموكل يوماً أو بعض يوم ثم أفاق فالوكيل على وكالته. وكذلك إذا أغمي عليس يوماً أو بعض يوم أو ذهب عقله يوماً من بِرْسَام (¬5) فالوكيل على وكالته. وإن ذهب عقله زماناً فقد خرج الوكيل من الوكالة. وإن كان الوكيل هو المرتد اللاحق بدار الحرب أو الذاهب عقله ثم أسلم أو رجع إليه عقله فهو على الوكالة. وإن كان (¬6) وكله بتقاضي دين له ¬

_ (¬1) م ز: والغريم. (¬2) ز: يتقاضي. (¬3) ز: يتقاضا. (¬4) ز: إذا أيسلم. (¬5) هو ذات الجنب، وهو التهاب في غشاء الرئة. انظر: المعجم الوسيط، "برسم". والمقصود هو ذهاب العقل بسبب المرض كما لا يخفى. (¬6) ع - كان.

على رجل فليس له (¬1) أن يشتري منه شيئاً. وإن وهبه له لم يجز. وإن أبرأه منه لم يجز. وإن قال: قد برئ إلي منه، فهذا إقرار بالقبض. فإن قامت عليه البينة بقبض المال وهو (¬2) يجحد لزمه المال وبرئ منه المطلوب. وإن أخَّر عنه إلى أجل أو حط عنه لم يجز. وإن احتال به على غيره أو أبرأه (¬3) لم تجز (¬4) البراءة (¬5)؛ لأنه لم يوكله بذلك. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بقبض دين له على رجل وأخذ به رهناً وزعم أن صاحبه وكله بذلك فليس يجوز ذلك على الآمر، والوكيل ضامن للأقل من قيمة (¬6) الرهن والدين إذا هلك إذا ادعى الوكيل أنه قد أمره بقبض الرهن. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بقبض دين له على رجل فليس له أن يقبض ديناً له على غيره. وإن أخذ الوكيل منه كفيلاً بالمال فهو جائزة لأنه يأخذ أيهما شاء. وإن أخذ كفيلاً على أن (¬7) أبرأه فلا تجوز (¬8) البراءة عليه؛ لأنه لم يوكله بالبراءة. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بكل قليل أو كثير هو (¬9) له فهذا وكيل بالحفظ، وليس بوكيل في التقاضي ولا في الشراء ولا في البيع ولا في الإجارة. ولو فعل شيئاً من ذلك لم يجز. وإذا وكَّله بتقاضي دينه بالشام فليس له أن يتقاضى دينه بالعراق ولا بغير الشام. وإذا وكَّله بتقاضي كل دين له ولم يسم مصرًا فله أن يتقاضى كل دين له بكل بلاد أو بكل مصر أو مدينة. وإذا وكَّل الذمي المسلم بتقاضي (¬10) خمر له على ذمي أو على مكاتب ¬

_ (¬1) م + على رجل فليس له. (¬2) ع: فهو. (¬3) ع: أو برأه. (¬4) ز ع: لم يجز. (¬5) م ز ع: بالبراءة. (¬6) ز: من قيمته. (¬7) ع - أن. (¬8) ز: يجوز. (¬9) ع: فهو. (¬10) ز: يتقاضي.

ذمي فإني أكره للمسلم أن يقبض (¬1) ذلك. وإن فعل فهو جائز، والمطلوب منه بريء. وإن أهراقه المسلم بعدما قبض فهو ضامن. وإذا وكَّل رجل رجلاً بقبض ما على مكاتبه من الكتابة فهو جائز. وكذلك المرأة توكل بقبض صداقها. وكذلك الرجل يخلع امرأته على مال أو يعتق عبده على مال فيوكل (¬2) وكيلاً بقبض ذلك. وإذا وكَّل رجل رجلاً بقضاء مال (¬3) عليه ودفع إليه المال، فإن كان الوكيل عبداً أو حراً أو كافراً أو مسلماً أو مكاتباً أو أم ولد أو مدبراً أو عبداً محجوراً (¬4) عليه أو تاجراً أو صبياً يعقل فهو سواء، وذلك كله جائز. وإذا وكَّل رجل رجلاً فقال: اقض عني فلاناً من مالك ألف درهم حتى أقضيكها، فقال الوكيل: قد دفعتها إلى فلان، وكذبه فلان (¬5) وصدقه الموكل فإن الطالب يرجع على الموكل بالمال، ولا يكون للوكيل على الموكل شيء؛ لأنه لم يجز دفعه، ولم يبرأ الموكل بذلك الدفع. ولو كذبه الموكل فقال: لم تدفع، وإن (¬6) مثل ذلك. ولو أقام الوكيل البينة على الدفع جاز ذلك على الطالب، وأخذ الوكيل المال من المطلوب، وليس الوكيل في هذا الباب بأمين. وإذا كان عبداً تاجراً عليه دين أو ليس عليه دين، أو مكاتباً عليه دين، فدفع مالاً إلى حر أو إلى عبد، فوكله بدفعه إلى غريم له يطلبه بمال فدفعه إليه، فهو جائز، والوكيل مؤتمن. وأن كان المكاتب وكله بدفع (¬7) المكاتبة إلى مولاه فهو جائز. وإن (¬8) كان (¬9) وكَّل رجلاً بدفع صداق امرأته إليها فهو جائز. وإن كان ¬

_ (¬1) ع: أن يقبل. (¬2) ز: فتوكل. (¬3) ع: ما. (¬4) ز: وعبداً ومحجورا. (¬5) م ز + فلان. (¬6) ع + ذلك. (¬7) ز: يدفع. (¬8) ع: وإذا. (¬9) ز + رجل.

عبداً (¬1) عليه سعاية وكَّل رجلاً بدفعها إلى مولاه فهو جائز (¬2). وإن اختلعت امرأة من زوجها بمال فوكلت رجلاً بدفعه فهو جائز. وإن (¬3) وكَّل رجل نصراني عليه خمر لنصراني فوكَّل مسلماً فدفعها إليه فهو جائز. وقال أبو يوسف ومحمد: يكره للمسلم أن يفعل (¬4) ذلك، وهو جائز. وإن كان (¬5) ميت عليه دين أوصى بوصية فوكَّل وصيه (¬6) وكيلاً بدفع الدين إلى صاحبه والوصية إلى صاحبها فهو جائز. وكل وكيل سميناه في هذا الكتاب دفع بغير بينة ولم يكتب براءة فلا ضمان عليه وهو مؤتمن، إلا أن يكون الوكيل الذي وكله قال له: لا تدفع إلا بشهود. فإن كان قال له هذا فهو ضامن. وإن كان قال له: لا تدفع (¬7) إلا بمحضر من فلان، فدفع بغير محضر منه فهو ضامن. وإذا وكَّل رجل (¬8) رجلاً بدفع (¬9) ماله عليه إلى صاحبه ثم أخرجه من الوكالة بغير محضره ولا علم فإخراجه باطل والوكالة جائزة. فإن دفع الوكيل فهو بريء. وإن علم الوكيل بذلك أتاه به صبي أو عبد أو أمة أو حر أو كافر أو مسلم برسالة من الآمر فدفع فهو ضامن. وإن ارتد الوكيل عن الإسلام فدفع المال في ردته ثم قتل (¬10) في ردته فدفعه جائز. فإن كان الموكل هو المرتد عن الإسلام فإن قتل (¬11) في ردته أو لحق بالدار فدفع الوكيل المال فهو ضامن، علم أو لم يعلم. وهذا بمنزلة موت الموكل. فإن قال الوكيل: إنما دفعت قبل أن يموت أو قبل أن يرتد، ¬

_ (¬1) م ز: عمداً. (¬2) ع - وإن كان عبداً عليه سعاية وكل رجلاً بدفعها إلى مولاه فهو جائز. (¬3) م ز: فإن. (¬4) ع: إن فعل. (¬5) ز: كانت. (¬6) ز: بوصية. (¬7) ز: لا يدفع. (¬8) ع: رجلاً. (¬9) ز: يدفع. (¬10) ز: ثم قيل. (¬11) ز: قيل.

فالقول قول الوكيل (¬1) مع يمينه، ولا ضمان عليه. وإن دفع الوكيل في الردة ثم أسلم الموكل قبل أن يلحق بالدار فالدفع جائز، ولا ضمان على الوكيل. وإن كان الموكل قد دفع المال إلى الطالب ولا يعلم الوكيل ثم ذهب الوكيل فدفع الذي معه ثانية (¬2) فلا ضمان على الوكيل، وهذا بمنزلة إخراجه من الوكالة وهو لا يعلم. وكذلك لو أن الطالب وهب المال للمطلوب وأبرأه منه ثم دفعه إليه الوكيل فلا ضمان على الوكيل (¬3)، وللموكل أن يرجع بالمال على الطالب. ولو كان الوكيل يعلم بذلك فدفعه كان ضامناً، ويرجع (¬4) به الوكيل على الذي قبضه. ولو لم يكن شيء من ذلك ولكن الطالب قد رجع عن الإسلام فدفعه الوكيل إليه فإن قتل في ردته أو لحق بالدار فدفع الوكيل إليه باطل في قول أبي حنيفة، ولا يضمن الوكيل إلا أن يعلم أن هذا لا يجوز. فإن علم فدفع ضمن، ورجع الوكيل في مال (¬5) المرتد الذي اكتسبه في الردة. فإن لم يقتل المرتد ولم يلحق بالدار ولكنه أسلم فقبضه جائز. وقال أبو يوسف ومحمد: قبض الطالب جائز وإن كان مرتداً أو قتل أو لحق أو مات أو أسلم. وإذا وكَّل الرجل رجلاً (¬6) بدفع ماله عليه فوكَّل الطالب آخر فقبضه جائز. وإن كان الوكيل نفسه وكيل الطالب والمطلوب فإنه لا يجوز أن يكون وكيلأ للطالب والمطلوب. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بدفع مال عليه إلى الطالب وأعطاه إياه فأرسله الوكيل مع أمته أو مع عبده أو مع ابنه أو مع أحد من عياله فدفعه أو هلك منه في الطريق فلا ضمان عليه. وإن أرسل به مع رجل أجنبي ليس من عياله فإن دفعه فهو جائز، ولا ضمان عليه. وإن هلك منه ضمن الوكيل، ولا يرجع على الآخر. وقال أبو حنيفة: ليس لرب المال أن يضمن الرسول إذا ¬

_ (¬1) م ز ع: اليمين. والتصحيح مستفاد من ب؛ والكافي، 2/ 78 و. (¬2) ز: بابنه. (¬3) ع - فلا ضمان على الوكيل. (¬4) ز: ورجع. (¬5) ع: في المال. (¬6) ز - رجلاً.

هلكت منه. وقال أبو يوسف ومحمد: له أن يضمن الرسول. فإن ضمن رب المال الآخر رجع به على الوكيل الأول. وإن قال الأول أو الآخر: قد دفعت (¬1) المال إلى الطالب، ولم تكن (¬2) على ذلك بينة، وأنكر الطالب وحلف، أخذ الطالب (¬3) المال من المطلوب، ورجع به المطلوب على الوكيل، لأنه (¬4) قد خالف، فلا يصدق. فإذا وكَّل الرجل رجلاً بقبض دية كانت وجبت له على عاقلته دراهم أو دنانير فهو جائز. وإن كانت الدية من دم عمد فصالح عليه فهو جائز أيضاً. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بقبض غلة (¬5) داره أو عبده أو دابته فهو جائز. وإذا وكله بقبض عبد له بعينه أو متاع أو دار أو خادم وغاب الموكل فقال الذي عنده ذلك: قد اشتريته منه، وجاء ببينة، فإني أقف ذلك في يديه على حالة، ولا أجعل بينهما خصومة حتى يقدم (¬6) الموكل. أرأيت لو وكله بإخراج امرأته فأقامت البينة على طلاق ثلاثاً أو عبده (¬7) فأقام البينة على العتق أكنت (¬8) أدفعه إلى الوكيل. لم أكن لأفعل، ولم أكن لأوجب عتقاً ولا طلاقاً حتى يجيء الموكل، ولكن أقف ذلك. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بتقاضي (¬9) دينه والموكل حاضر أو غائب أو مريض فهو جائز، والوكالة ماضية في هذا، وليس هذا كالخصومة. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بتقاضي (¬10) دين له على رجل ثم إن المطلوب مات فإن الوكيل على وكالته، يتقاضى (¬11) ذلك من مال الميت. ولو كان الموكل هو الميت خرج الوكيل من الوكالة. فإن قال الوكيل: قد كنت ¬

_ (¬1) م ز ع ب: قد دفع. (¬2) ز: يكن. (¬3) ع - وحلف أخذ الطالب. (¬4) م ز ع: أنه. والتصحيح من ب. (¬5) ع - غلة. (¬6) ز: تقدم. (¬7) ز: أو عبد؛ ع: أو عتقه. (¬8) ز: أكتب. (¬9) ز: يتقاضي. (¬10) ز: يتقاضي. (¬11) ع: ويتقاضى.

قبضت ذلك في حياة الميت ودفعته إليه، لم يصدق على ذلك إلا ببينة، لأنه قد خرج من الوكالة، ويرجج ووثة الطالب. فأما المطلوب فإن كان صدق الوكيل بالوكالة لم يرجع عليه. وإن كان كذبه رجع عليه. وإذا وكَّل رجل رجلاً بتقاضي (¬1) دينه على رجل ثم إن الطالب احتال بذلك المال على آخر وأبرأ المطلوب الأول فليس للوكيل أن يقبض ذلك من المحتال عليه ولا من الأول. فإن مات المحتال عليه ورجع الطالب على المطلوب الأول فإن الوكيل على وكالته. ولو أن الموكل اشترى بالمال عبداً من المطلوب فاستحق من يديه أو رده بعيب بقضاء قاض بعد القبض أو بغير قضاء قاض قبل القبض (¬2) أو بخيار (¬3) كان الوكيل على وكالته في قبض المال (¬4)؛ لأن ذلك المال عاد بعينه. وكذلك لو قبض دراهم فوجدها زُيوفًا أو سَتُّوقَة فردها كان الوكيل على وكالته. ولو اقتضى ما عليه ثم أدانه ديناً مستقبلاً لم يكن للوكيل أن يتقاضى ذلك. ولو لم يتقاض (¬5) الدين الأول ولكنه أخذ به كفيلا كان للوكيل (¬6) أن يتقاضى من الأول، ولا يتقاضى من الكفيل. ولو وكله فقال: إذا حل مالي على فلان فتقاضه، أو قال (¬7): إذا قدم فتقاضه أو اقبض ما عليه، وإن هذا جائزاً على ما سمى. ولو قال: إذا أدنته (¬8) شيئاً فأنت وكيلي في قبض ما عليه، وإن جائزاً. ولو قال: أنت وكيلي في قبض كل دين لي، وليس له يومئذ دين ثم حدث له دين كان وكيلاً في قبضه. ولو قال (¬9): قد وكلتك في تقاضي ديني، وإن وكيلاً في قبضه. ولو أرسله فقال: اذهب فتقاض (¬10) ديني على فلان، فقبض في ذلك ¬

_ (¬1) ز: يتقاضي؛ ع + بتقاضي. (¬2) ع - القبض. (¬3) ز: أو يحتار. (¬4) ع + لأن ذلك في قبض المال. (¬5) م ز: لم يتقاضى. (¬6) ع: للكفيل. (¬7) ع: وقال. (¬8) ز: إذا أذنته؛ ع: إذا أدينه. (¬9) ز + له. (¬10) ز: فتقاضي.

الوجه جاز، وهو (¬1) وكيل أن يتقاضى ذلك، وليس بوكيل في خصومة ذلك. ولو كتب في ذِكْرِ حَقٍّ (¬2): ومن قام بهذا الذِّكْر حَقّ فهو ولي ما فيه، أو هو وكيل في قبضه، لم يكن هذا وكالة. ولو كتب في الصك: إن فلاناً وكيلي في قبض هذا الدين، وإن جائزاً. وإذأ وكَّل رجل رجلاً بقبض دين له على رجل فقبضه فهو وديعة (¬3) عند الوكيل، إن سافر به لم يضمن. وإن استودعه غيره ضمن. وإن خلفه (¬4) عند أهله لم يضمن. وإن خلفه عند خادمه أو عند امرأته أو بعض عياله لم يضمن. وإذا وكَّل رجل رجلاً بقبض دين له على رجل فقبضه الوكيل فوجدها زُيُوفاً أو سَتُّوقَة أو ما لا يجوز من الدراهم فردها فإنه في القياس ينبغي أن يضمن، ولكني أدع القياس وأستحسن أن لا أضمنه. فإن قال الوكيل: قبضت منك ألفاً، ثم قطع الكلام ثم قال: وجدتها زُيُوفاً، فإن القول قوله في قياس قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: أصدقه أيضاً. وهو قول محمد. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بتقاضي (¬5) حنطة على (¬6) رجل سلما أو قرضاً فهو جائز. وإن قبضها فوجد فيها عيباً فردها فهو جائز. وإن لم يكن فيها عيب فاستأجر لها فحملها فإنه لا يجب على الآمر الأجر، والوكيل متطوع في ذلك إلا أن يكون في المصر فيكون قبضها في أصحاب الطعام فحملها إلى بيت الآمر، فأستحسن في هذا أن أجعل الكراء على الآمر. وإذا وكَّل رجل رجلاً بقبض غنم له عند رجل أو رقيق أو دواب أو غير ذلك من الحيوان فقبضها فهو (¬7) جائز. فإن أنفق (¬8) عليها في علفها أو في رعيها أو كسوة الرقيق وطعامهم وحُمْلانهم (¬9) فهو متطوع في ذلك كله، ¬

_ (¬1) ع: وهذا. (¬2) أي الصك كما تقدم. (¬3) ز: ديعة. (¬4) ز: خلقه. (¬5) ز: يتقاضي. (¬6) ع + على. (¬7) ع + فهو. (¬8) ز: أهق. (¬9) ز: وحملاتهم. هو مصدر بمعنى الحمل. انظر: المغرب، "حمل".

لا شيء على الآمر (¬1) فيه (¬2)؛ لأنه لم يأمره بذلك. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بقبض دين له على أبي الوكيل أو أمه أو جده أو ولده أو ولد ولده أو مكاتبه أو عبد له تاجر عليه دين أو أخ فقال الوكيل: قد قبضت الدين وهلك مني، وصدقه المطلوب وكذبه الطالب فالقول قول الوكيل مع يمينه. فإن كان العبد ليس عليه دين فهو مصدق أيضاً. وإن كان الوكيل عبداً فقال: قد قبضته من مولاي أو من عبد مولاي فهلك مني، فهو مصدق أيضاً. فإن كان الطالب هو أبا (¬3) المطلوب أو ابنه أو أخاه (¬4) أو بعض من ذكرنا فهو سواء. وإن كان الطالب (¬5) امرأة والمطلوب زوجها والوكيل ابنهما (¬6) أو عبد لهما فهو سواء، وهو مصدق إذا قال: قد قبضت المال فهلك. وإذا أرسل رجل عبده أو أمته أو ابنه فقال: اذهب إلى فلان وتقاضه (¬7)، فهذا وكيل في القبض وليس بوكيل في الخصومة. وإذا وكَّل رجل عبده أن يلزم رجلاً بمال (¬8) عليه فليس (¬9) بوكيل في القبض. وإذا وكَّل عبد وكيلاً بقبض مال ابنه وابنه صغير حر فإن ذلك لا يجوز. وكذلك المكاتب. وكذلك الكافر إذا (¬10) كان ابنه مسلماً. وكذلك المرتد يوكل بقبض مال ابنه فقبض الوكيل ثم قُتل (¬11) الموكل على ردته فإن الوكالة باطلة لا تجوز (¬12). وإذا وكل الرجل رجلاً حراً بقبض دين لقيط في حجره صغير فإن ذلك لا يجوز؛ لأنه ليس بوصيه. ¬

_ (¬1) ز: من الآمر. (¬2) ع - فيه. (¬3) م ز ع: أب. (¬4) م ز ع: أو أخوه. (¬5) م ع: للطالب. (¬6) ع: ابيهما. (¬7) م ز ع: وتقاضاه. (¬8) ع: من مال. (¬9) ع + له. (¬10) ع: وإذا. (¬11) ز: ثم قيل. (¬12) ز: لا يجوز.

وإذا وكَّل الرجل رجلاً بقبض دين له على رجل والوكيل مرتد فقبض المال ثم قتل على الردة (¬1) فهو جائز. وكذلك إن كان الوكيل حربياً مستأمناً أو غير مستأمن فقبض المال ثم لحق بالدار فهو جائز. وإذا كان الوكيل فاسقاً أو محدوداً في قذف أو أعمى أو أخرس يعقل ويكتب الأشياء ويعرف ذلك منه فهو جائز، وهو مصدق علم بذلك الذي وكله أو لم يعلم. وكذلك لو كان الوكيل مرتداً فقال في ردته: قد قبضت المال وهلك مني، فهو مصدق. وإذا وكَّل رجل رجلاً بقبض دينه من فلان وأمره بقبضه فقبض منه طائفة وبقي طائفة (¬2) فما قبض فهو جائز (¬3)، ولا يكون في هذا مخالفاً. ولو كان أمره أن لا يقبضه إلا جميعاً لم يجز ما قبض على الآمر. وإن قبضه كله إلا درهماً (¬4) كان للآمر أن يرجع على الغريم بحقه كله. وإذا وكله بقبض ماله على فلان وقال: لا تقبض (¬5) إلا بمحضر من فلان، فقبض الوكيل من المطلوب وفلان غير حاضر فإن قبض الوكيل غير جائز على الموكل. وكذلك لو أمره أن لا يقبضه إلا بشهود. وكذلك لو قال: لا تقبض (¬6) درهماً دون درهم (¬7)، فقبض شيئاً دون شيء فإن للموكل أن يرجع على المطلوب بحقه، ويرجع المطلوب على الوكيل بما قبض منه. وإن كان هلك عنده ضمنه إياه. وإذا ادعى رجل وكالة رجل في قبض دينه على رجل فقبضه وأنكر الموكل ذلك ولم يقم بينة على ذلك فإن القول قول الموكل مع يمينه، ويرجع بماله على الذي عليه الأصل، ويرجع الذي عليه الأصل بذلك على الوكيل. فإن قال الوكيل: قد دفعته إلى الذي وكلني، أو قال: هلك مني، وحلف على ذلك، فإن كان الذي عليه الأصل صدق الوكيل بالوكالة فلا ¬

_ (¬1) ع: على ردة. (¬2) ز ع - وبقي طائفة. (¬3) ع + ولا يجوز. (¬4) م ز ع: إلا درهم. (¬5) ز ع: لا يقبض. (¬6) ز ع: لا يقبض. (¬7) ع: درهماً.

شيء له على الوكيل. وإن كان أكذبه فله أن يضمن الوكيل. فإن كان لم يصدقه (¬1) ولم يكذبه فإنه يرجع على الوكيل ويضمنه. وإن كان صدقه وضمنه رجع عليه أيضاً. وإذا دفع المطلوب مالاً إلى وكيل فأراد أن يكتب عليه براءة كتب: هذا كتاب فلان بن فلان من فلان بن فلان: إنه كان لفلان بن فلان قبلك كذا كذا درهماً في صك باسمه، وإني ذكرت لك أنه وكلني بقبض ذلك منك، فأنكرت الوكالة، فسألتك أن تدفع (¬2) ذلك إلي على أن أضمنه لك حتى يبرئك (¬3) منه فلان أو إن أدركك (¬4) فيه درك، ففعلت ذلك ودفعت إلي هذا المال المسمى في كتابنا هذا وقبضته منك، وهو كذا وكذا، وبرئت إلي منه، ودفعت إليك الصك الذي كان عليك بهذا (¬5) المال، فمن قام به أو طلبك بما فيه فهو مبطل، وقد ضمنت (¬6) لك هذا المال حتى يبرئك منه فلان وإن أدركك فيه درك حتى أخلصك من ذلك أو أرد عليك ما قبضت (¬7) منك، وهو كذا وكذا. شهد. ثم يكتب كتاباً آخر بشهادة شهود على الوكالة: هذا ما شهد عليه فلان وفلان وفلان (¬8)، شهدوا أن فلان بن فلان وكَّل فلان بن فلان بقبض ماله على فلان، وكتبوا شهادتهم جميعاً، وختموا في شهر كذا من سنة كذا. وإن كان الشهود على الوكالة اثنين (¬9) وأراد أن يشهد على شهادتهم كتب: وأشهدوا على شهادتهم بذلك كله فلان بن فلان، وكتبوا شهادتهم جميعاً وختموا. وإن كَتَبَ البراءة [في] كتاب فلان من وكيل فلان، فهو جائز مستقيم. فإن لم يكتب: إنك أنكرت (¬10) الوكالة، فهو مستقيم ¬

_ (¬1) ع: لم يصدق. (¬2) ز: أن يدفع. (¬3) ع: حتى يبرك. (¬4) ع: إن دركك. (¬5) ز ع: لهذا. (¬6) ز: ضميت. (¬7) ز: ما قضيت. (¬8) ز ع + وفلان. (¬9) م ز ع: اثنان. (¬10) ز: الكرب.

أيضاً. وإن كتب: إنك أقررت (¬1) بالوكالة، فهو مستقيم أيضاً. غير أن أجود ذلك للمطلوب أن ينكر الوكالة، ويضمن الوكيل (¬2) يالمال على النسخة التي كتبت لك. وأجود ذلك للوكيل أن يقر للمطلوب بالوكالة، ولا يكتب عليه ضمان المال. فإذا وكَّل الرجل رجلاً بقبض دين له على رجل ثم أخرجه من الوكالة فقال الوكيل: قد قبضت الدين قبل أن تخرجني (¬3) من الوكالة، وصدقه (¬4) المطلوب وأنكر ذلك الطالب فإن القول قول الطالب، والدين على الغريم كما هو، ويرجع المطلوب (¬5) على الوكيل كما وصفت لك. وكذلك لو مات الموكل فهو مثل الأول. فإذا وكَّل الرجل رجلاً بقبض دين له وغاب فلم يقر المطلوب بشيء من ذلك ودفع المال على الإنكار إلى الوكيل فليس له أن يرجع على الوكيل بالمال في (¬6) قول أبي حنيفة ولا في قول أبي يوسف ومحمد. وكذلك لو دفعه ولم يقر ولم ينكر. فإن جاء الغائب فجحد الوكالة ولم يقم بينة عليه وحلف على ذلك أخذ المال من الغريم، ورجع به الغريم على الوكيل في الوجهين جميعاً في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، مِن قِبَل أنه دفعه إلى الوكيل بغير إقرار. فإن صدق الوكيل بالوكالة ودفعه إليه على ذلك فجاء الطالب فأنكر وحلف ولم يقم عليه بينة رجع بالمال (¬7) على المطلوب، ولا يرجع المطلوب على الوكيل بشيء، إلا أن يكون المال قائماً في يدي الوكيل بعينه فيرده. فأما إذا قال الوكيل: قد دفعته أو قد هلك، فهو مصدق، ولا شيء عليه. فإذا وكَّل الرجل رجلاً بتقاضي دين له على رجل فأقر المطلوب ¬

_ (¬1) ز: بك قررت. (¬2) ع + الوكيل. (¬3) ز: أن يخرجني. (¬4) ع: وصدق. (¬5) ع - المطلوب. (¬6) ع: فهو. (¬7) م ز: المال.

بالدين وبالوكالة ثم أراد أن لا يدفع المال فإن القاضي يقضي عليه بالمال للوكيل في قول أبي حنيفة، ولا يبرئه من المال إن (¬1) أنكر الطالب الوكالة. وإن لم يقر الطالب (¬2) بذلك فقال الوكيل: استحلف الطالب ما وكلني، فإني أستحلفه. فإن حلف برئ. وإن لم يحلف أبرأت المطلوب والوكيل، ولا يصدقان على الطالب. فإن أنكر الطالب وحلف كان له أن يأخذ ماله من الغريم بعد أن يحلف. وإذا (¬3) لم يقر المطلوب ولم ينكر أو أنكر الوكالة ثم دفع المال على ذلك إلى الوكيل وضمنه إياه [إن] (¬4) أدركه درك مِن قِبَل الطالب ثم أراد الدافع للمال أن يرجع على الوكيل بالمال قبل أن يدركه شيء فليس له ذلك، مِن قِبَل أن الوكيل ليس بوكيل له ولا رسول ولا مستودع ولا صاحب بضاعة ولا مستقرض ولا غاصب ولا مستدين منه شيئاً، إنما أعطاه على أنه قضاء (¬5) للطالب غير أنه لم يقر بالوكالة، فليس له أن يرجع. لو كان له أن يرجع (¬6) عليه كان الوكيل إذا دفعها إلى الطالب لم يبرأ منه، لأنه بمنزلة الغاصب، وكان للذي دفع أن يضمنه. فهذا خطأ لا يستقيم. ولو صدقه بالوكالة أو دفع إليه المال على ذلك وضمنه المال إن أدركه فيه درك مِن قِبَل الطالب كان هذا جائزاً على هذا الضمان. وإن أنكر الطالب الوكالة ولم تكن (¬7) عليه بينة وحلف على (¬8) ذلك فضمن المطلوب المال فللمطلوب أن يضمن الوكيل المال؛ لأنه أعطاه على الضمان. ولا يبطل الضمان بتصديقه إياه بالوكالة. ... ¬

_ (¬1) م ز ع: فإنه والتصحيح من الكافي، 2/ 79 ظ. (¬2) وقال الحاكم: المطلوب. انظر: الكافي، 2/ 79 ظ. وانظر للشرح: المبسوط، 19/ 76. (¬3) م ز: فإذا. (¬4) الزيادة من ب. (¬5) ع: قضاه به. (¬6) ع - لو كان له أن يرجع. (¬7) ز ع: يكن. (¬8) ع - على.

باب وكالة الرجل يوكل الرجل يقضي [ما] عليه

باب وكالة الرجل يوكل الرجل يقضي [ما] عليه وإذا وكَّل الرجل رجلاً بألف درهم يُقَبِّضُها (¬1) عنه غريماً له ففعل وأراد أن يكتب براءة كتب: هذا كتاب لفلان بن فلان من فلان بن فلان: إنه كان لي عليك ألف درهم وزن سبعة جياد في صك باسمي، وهي كل قليل أو كثير كان لي عليك، وإن وكيلك فلان بن فلان دفع إلي هذا المال المسمى في كتابنا هذا من مالك قضاء عنك، وقبضته (¬2) منه، وهو ألف درهم وزن سبعة، وبرئ إلي منها، وبرئت أنت منها، فلم يبق لي قبلك بعد هذه البراءة حق ولا دعوى ولا طِلْبَة قليل ولا كثير، وقد دفعت إلى وكيلك فلان الصك الذي كان لي عليك بهذا المال، فمن قام به أو طلبك بما فيه فهو مبطل. ولو أن الطالب كان له على المطلوب مال سوى هذا فقال: لا أكتب براءة من كل قليل أو كثير (¬3)، ولا أكتب البراءة إلا بما أخذت، وإن له ذلك، وكتب على هذه النسخة، غير أنه لا يكتب أنه كل قليل أو كثير عليك، ولا يكتب: إني قد استوفيت منك كل شيء لي عليك (¬4)، ولا يكتب: إني قد استوفيت منك كل شيء لي قبلك، ولا يكتب: إنه لم يبق لي عليك شيء. ولو أن الوكيل دفع هذا المال إلى الطالب ولم يشهد عليه ولم يكتب عليه براءة فقال الطالب: لم أقبضه، وحلف على ذلك، وقال الوكيل: قد دفعته، وحلف، لم يكن على الوكيل ضمان في ذلك، وكان للطالب أن يأخذ المطلوب بالمال. ولو أن المطلوب قال للوكيل: لا تدفع (¬5) إلا بشهود، فدفعه الوكيل بغير شهود كان ضامناً. ¬

_ (¬1) م ز ع: فقبضها. قبّضه المال أي أعطاه إياه. وقد تقدم. (¬2) ز: وقبضه. (¬3) ع + عليك. (¬4) ع - ولا يكتب إني قد استوفيت منك كل شيء لي عليك. (¬5) ز: لا يدفع.

ولو دفعه الوكيل فقال: قد (¬1) أشهدت، وجحد ذلك الطالب، ولم يكن للوكيل شهود إلا قوله: قد أشهدت، وإن الوكيل بريئاً من الضمان بعد أن يحلف على ذلك، وكان للطالب أن يرجع على المطلوب بالمال إذا حلف ما قبض. وإذا دفع الرجل إلى الرجل (¬2) ألف درهم فقال: ادفعها إلى فلان قضاء عني، فدفع الوكيل غيرها واحتبس الألف عنده كان القياس أن يدفع التي حبسها إلى الموكل، ويكون متطوعاً في التي دفع. ولكن أدع (¬3) القياس في ذلك وأستحسن أن أجيزه. ولو دفع إليه هذه الألف بعينها وأشهد عليه بالوفاء فجاء الطالب بالألف وقال: وجدتها زُيُوفاً، وصدقه الوكيل وكذبه المطلوب فإن القول قول المطلوب الموكل، لا يصدَّق الوكيل. ولو لم يكن أشهد عليه بالوفاء كان القول قول الطالب إن وجدها زُيُوفاً أو سَتُّوقَة أو نَبَهْرَجَة. وإن كذبه الوكيل أو صدقه فهو سواء، وللطالب أن يردها على المطلوب ويأخذ منه ألفاً مكانها ولا يضمن الوكيل شيئاً، لأنه لم يخالف. ولو صدقه الوكيل أنه دفعها إليه زُيُوفاً فقال الموكل: دفعتها إليك جياداً فأبدلتها أنت، وإن على الوكيل أن يحلف بالله ما أبدلها (¬4)، ولا يضمن. وإذا وكَّل الرجل رجلين أن يدفعا إلى رجل ألف درهم ودفعها إليهما فدفعها أحدهما دون الآخر فهو ضامن في القياس، ولكني أستحسن أن لا أضمنه. ولو وكلا (¬5) رجلاً أن يدفعها إليه كانا ضامنين في القياس، ولكني أستحسن في (¬6) هذا كله أن لا أضمنهما (¬7). فإذا (¬8) وكَّل رجل رجلاً بطعام عليه سلماً أو قرضاً يقضيه (¬9) عنه فقضاه الوكيل عنه من عنده فهو جائز، وهو قرض على الموكل. فإن صالحه ¬

_ (¬1) ع - قد. (¬2) ع: إلى رجل. (¬3) ز: أدفع. (¬4) ع: ما أبدلتها. (¬5) ع: وكل. (¬6) ع - في. (¬7) ع: لا أضمنها. (¬8) م + وإذا. (¬9) ع: يقبضه.

باب الوكالة في الرهن

منه على دراهم أو غير ذلك يداً بيد فهو جائز. وإن كان الموكل دفع الطعام إليه فقال: اقضه عني، فليس للوكيل أن يبيعه ولا يرهنه ولا يهبه، ولا يجوز ذلك لو فعل. ولو قضاه عنه كما أمره كان جائزاً. ولو دفع إليه ألف درهم فقال: اقضها عني فلاناً، فقضاها عنه (¬1) آخر كان الوكيل ضامناً لها، وكان متطوعاً في القضاء. ولو لم يقضها فلاناً ولكن اشتركتابها الوكيل عبداً أو أمة أو قضاه الوكيل في دين عليه لم يجز، وكان لصاحب المال أن يضمن الوكيل إن شاء، وإن شاء الذي (¬2) أخذ المال منه. وإذا وكَّل الرجل رجلاً فقال: اقض عني هذه الألف فلاناً أو فلاناً (¬3)، فأيهما قضى فهو جائز. وإن (¬4) قال لرجلين: خذ أنت يا فلان هذه الألف فاقضها فلاناً، أو أنت يا فلان فادفعها إلى فلان، فأيهما قضاها فهو جائز. """ باب الوكالة في الرهن وإذا دفع الرجل إلى رجل متاعاً فقال: بعه لي وارتهن لي (¬5) به رهناً، ففعل وارتهن به رهناً فهو جائز. فإن كان الثمن ألف درهم والرهن يساوي ألف درهم فهو جائز. وكذلك لو كان الرهن أقل من الدين مما يتغابن الناس في مثله فهو جائز. وإن كان يساوي عشرة دراهم شيئاً لا يتغابن الناس في مثله فهو جائز في قياس (¬6) قول أبي حنيفة. ولو باعه ولم يرتهن لم يجز البيع، لأنه خالف. ولو قال: بعه برهنٍ (¬7) ثقةٍ (¬8)، فارتهن رهناً وحط من قيمته شيئاً يتغابن الناس في مثله كان جائزاً. فإن حط شيئاً لا يتغابن الناس ¬

_ (¬1) ع: عنها. (¬2) ع - الذي. (¬3) ز: وفلاناً. (¬4) ع: ولو. (¬5) ع: في. (¬6) ع - قياس. (¬7) ز: يرهن. (¬8) وهو عبارة عما يكون في ماليته وفاء بالدين. انظر: المبسوط، 19/ 78.

في مثله فإنه لا يجوز. ولو ارتهن رهناً ثقة وقبضه ثم رده على صاحبه فهو ضامن، ورده الرهن جائز، والبيع جائز. وإن وضعه على يدي عدل فهو جائز، لأن الرهن على يديه وعلى يدي العدل (¬1) سواء، وليس للموكل على الرهن سبيل، وليس له أن يقبضه. وإذا دفع الرجل إلى رجل مائة درهم فقال: ائت بها (¬2) فلاناً فقل له: إن فلاناً أقرضك هذه على أن تعطيه بها رهناً، وأمرني أن أقبض الرهن منك، فأتاه بالدراهم ففعل وقبض الرهن فهو جائز، والرهن مقبوض، وللآخر (¬3) أن يقبضه من الوكيل. وإن هلك في يدي الوكيل فهو من مال الآمر. وإن وكله فقال: أقرضها إياه أنت وخذ بها (¬4) رهناً، ففعل فهو جائز، وليس للآمر أن يقبض الرهن من الوكيل. وإن هلك الرهن في يدي الوكيل هلك من مال الآمر، ولا ضمان على الوكيل. وإن قال: أقرضها أنت وخذ بها (¬5) رهناً ثقة، ففعل وارتهن بها رهناً قيمته أقل منها فهو على ما وصفت لك في البيع. وإذا دفع رجل إلى رجل ثوباً يساوي عشرة ووكله أن يرهنه بعشرة وقبض العشرة، فان كان قال للذي أعطاه المال: إن فلاناً أرسلني إليك بهذا الرهن لتقرضه (¬6) عشرة دراهم وترتهن هذا الثوب منه، فأعطاه على ذلك فالدراهم للآمر، والوكيل فيها أمين، وليس للوكيل أن يمنعها الآمر. فإن هلكت من يدي الوكيل فهو مؤتمن، وهي من مال الآمر. وإن كان الوكيل قال للمقرض (¬7): أقرضني عشرة دراهم وارتهن هذا الثوب مني (¬8)، فالعشرة دراهم للوكيل، وله أن يمنعها الآمر. وإن هلكت من يدي الوكيل هلكت من ماله، ولا شيء على الآمر منها، مِن قِبَل أنه هو استقرضها. فإن استقرضها لنفسه أو لغيره فهو سواء. وإن كان الآمر قال له: استقرض لي، فإن الوكيل ¬

_ (¬1) ع + العدل. (¬2) ز: لها. (¬3) ز: وللآمر. (¬4) ز: وأحدتها. (¬5) ز: وحدتها. (¬6) ز: ليقرضه. (¬7) ع: الوكيل للمقرض قال. (¬8) ع - مني.

لم (¬1) يخالف. وإن كان قال له: قل - لفلان يقرضني وأعطه هذا الثوب برسالتي (¬2) رهناً عني، فقد خالف الوكيل، وهو (¬3) ضامن للثوب، ولا يجوز الرهن. وإذا دفع رجل إلى رجل عبداً فقال له: ائت فلاناً فقل له: إن فلاناً يستقرضك ألف درهم ويرهنك هذا العبد، ففعل ذلك وأخذ الألف فأعطاها الآمر فهو جائز، ولا سبيل للوكيل على العبد. ولو جاءه بالمال فقضاه لم يكن له أن يقبض العبد إلا أن يوكله رب العبد بقبضه؛ لأنه كان رسولاً في دفعه أو وكيلاً له، فقد خرج من ذلك حين دفعه، فلا يكون وكيلاً في قبض العبد. ولو أرسله الراهن (¬4) بمال فقال: اقضه إياه، ولم يأمره (¬5) بقبض العبد فقضاه إياه لم يكن له أن يأخذ العبد. ولو أخذه فعَطِب (¬6) عنده (¬7) كان ضامناً. ولو كان المرتهن هو الذي دفعه إليه ضمن قيمته بالغة ما بلغت. وإن لم يكن دفعه وأخذه بذلك بغير أمره فرب العبد بالخيار: إن شاء ضمن قابض العبد القيمة، وإن شاء رجع على المرتهن بما قضاه. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يرهن له ثوباً بدراهم قرضاً فذهب الوكيل فقال: إن فلاناً يقول لك: اقبض هذا الثوب رهناً وأعطني (¬8) كذا وكذا درهماً، فزاد على ما سمى له أو نقص (¬9)، ففعل المقرض ذلك فإن الثوب لا يكون رهناً؛ لأن الوكيل قد خالف. فإن (¬10) جاء الوكيل إلى الموكل بدراهم مثل ما سمى له فأعطاها إياه فهي دين له عليه، ولا يكون الثوب رهناً بها؛ لأنه قد خالف. وللمرتهن أن يرجع على الوكيل بما قبض منه، والوكيل ضامن لذلك. فإن كان المرتهن صدقه بالرسالة فالوكيل ¬

_ (¬1) ع - لم. (¬2) ع: وسألني. (¬3) ز: وهي. (¬4) ع: الرهن. (¬5) ز: يأمر. (¬6) أي: هلك. وقد تقدم. (¬7) ع: عبده. (¬8) م ز: وأعطى. (¬9) ز: أو نفض. (¬10) ع: فإذا.

مؤتمن، إن هلكت الدراهم (¬1) من يده لم يضمن. وإدن قال: قد دفعتها إلى رب الثوب، لم يضمن، ولا يصدق على رب الثوب (¬2). وإن قال الوكيل: إنما أمرتني أن أرهنه لك بخمسة عشر، وقال رب الثوب: بل أمرتك (¬3) بعشرة، فهذا والباب الأول سواء، والقول قول وب الثوب مع يمينه. وكذلك لو قال: أمرتك أن ترهنه بعشرين. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يرهن له شيئاً وأرسله به يرهنه أو جعله جَرِيّاً (¬4) في رهنه أو جعله وصياً في رهنه فهذا كله سواء. وإن لم يسم له ما يرهنه به فما رهنه (¬5) به من شيء فهو جائز. وإن سمى (¬6) صنفاً من الكيل أو الوزن أو الدراهم فرهنه بغير ذلك لم يجز الرهن، وكان الوكيل ضامناً للرهن، وكان هذا الباب على ما وصفت لك في الباب الأول. وليس للوكيل أن يوكل غيره بذلك، وليس للوكيل أن يسلط (¬7) المرتهن على بيعه؛ لأن رب الثوب لم يأمره بذلك. ولو وضعه الوكيل على يدي عدل كان جائزاً. ألا ترى أن الرهن محلى يدي المرتهن وعلى يدي عدل سواء. فإن كان رب الرهن قال للوكيل: ما صنعت من شيء فهو جائز، فأمر الوكيل غيره أن يرهنه فهو جائز. وإن رهنه الوكيل بنفسه وسلطه على بيعه عند حل المال فهو جائز. فإن كان الوكيل وكَّل وكيلاً آخر برهنه فليس للثاني أن يسلطه (¬8) على بيعة إلا أن يفوض رب الثوب الأول إليه ذلك. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يتعيّن (¬9) له دراهم في شراء شيء معلوم ¬

_ (¬1) م: الداهم. (¬2) ز - الثوب. (¬3) م ز: بل أقرتك. (¬4) ع: حربا. والجري بمعنى الوكيل كما تقدم. (¬5) ع: رهن. (¬6) ع + له. (¬7) م ز: أن سلط. (¬8) م ز: أن سلطه. (¬9) أي: يبيع بيع العِينة. واعتان وعيّن وتعيّن بنفس المعنى. والعينة في اللغة السلف. واصطلاحاً: هو بيع الشيء بثمن مؤجل ثم شراؤه في نفس المجلس بثمن حال أقل من الثمن الأول. وذكر المطرزي أنه لم يجد "تعين" بهذا المعنى، لكن ذكره الأزهري قبله. انظر: تهذيب اللغة، "عين"؛ والمغرب، "عين".

وأعطاه رهناً يرهنه وقال: ما صنعت من شيء فهو جائز، فتعيّن الرجل ورهن الرهن فإن العِينة للموكل الآمر، ولا سبيل للوكيل عليها، من قبل أن هذا بيع (¬1) أمره أن يشتريه له، فهو للآمر دون الوكيل، وليس هذا كالقرض. ولو لم يكن الآمر قال للوكيل: ما صنعت من شيء فهو جائز، لم يكن للوكيل أن يبيع ذلك البيع حتى يدفعه بعينه إلى الآمر. وإذا حل المال فإن المأخوذ به الوكيل؛ لأنه ولي عقدة (¬2) الشراء. فإن قضى (¬3) المال كان له أن يقبض الرهن، ولا يضمن. وإن هلك الرهن في يديه فهو مؤتمن، وله أن يرجع بما قضى على الآمر؛ لأنه (¬4) هو المأخوذ بالمال. وإذا وكَّل الرجل رجلاً فقال: ائت فلاناً فقل له: إن فلاناً يقول لك: بعني خادمك فلانة إلى سنة بألف درهم، فذهب الوكيل فأبلغه ذلك فقال: قد فعلت، فرجع الوكيل فأبلغ صاحبه (¬5) ذلك فقال: قد قبلت، فرجع الوكيل إلى البائع فأخبره ذلك فقال: قد أجزت ذلك، فقد وقع البيع بينهما. وإذا قبض الآمر الخادم فالمال عليه إلى سنة، ولا شيء على الوكيل من ذلك؛ لأنه لم يشترها هو. وليس للوكيل أن يقبض الخادم، لأن المشتري لم يوكله بذلك. ولو بعثه المشتري برهن فدفعه إلى البائع بذلك المال كان جائزاً. وإذا وكَّل الرجل (¬6) رجلين يرهنان له شيئاً ولم يسم لهما ما (¬7) يرهنانه به فرهنه أحدهما دون الآخر فإن ذلك لا يجوز. وكذا لو سمى لهما ما يرهنانه به فرهنه أحدهما دون الآخر بما سمى أو بأقل أو بأكثر فإن ذلك لا يجوز. وإذا رهناه جميعاً بما سمى فهو جائز. فإن شرط أحدهما البيعَ بيعَ (¬8) الرهن ولم يشترط (¬9) الآخر لم يجز البيع وجاز الرهن. فإن كان الموكل قد ¬

_ (¬1) أي: مبيع كما تقدم مراراً. (¬2) ز: عقد، (¬3) ز: قضاء. (¬4) م ز: لأن. (¬5) ع + في. (¬6) ع: رجل. (¬7) م ز - ما. (¬8) ع: يبيع. (¬9) ز: يشرط.

أمرهما بذلك فإن كانا قد (¬1) سلطاه (¬2) جميعاً على ذلك فهو جائز. وإن كانا قالا: إن فلاناً يستقرضك كذا وكذا فأقرضه، ففعل ذلك ودفعا (¬3) إليه (¬4) الرهن بذلك (¬5) وقال أحدهما: إنه قد أمرنا أن نجعلك مسلطاً على بيعه إذا بدا لك، وسكت الآخر (¬6) عن غير ذلك فإن للمقرض أن يبيعه. فإن كانا استقرضا (¬7) المال هما أو قال (¬8) أحدهما هذه المقالة وسكت الآخر (¬9) وبذلك أمرهما الآمر (¬10) فإنه لا يجوز للمرتهن أن يبيعه، مِن قِبَل أنهما لم يجمعا على ذلك. وإذا وكَل رجل رجلاً (¬11) أن يرهن له ثوباً بدراهم مسماة فرهنه عند نفسه ودفع الدراهم إلى الآمر ولم يبين له الآمر كيف هو فإن الثوب لا يكون رهناً، والدراهم قرض على الآمر، والوكيل أمين في الثوب، ولا ضمان عليه فيه إن هلك؛ لأنه لم يحدث فيه شيئاً (¬12). ولو كان الوكيل رهنه عند ابنه وهو كبير أو عند أبيه (¬13) أو عند أمه أو عند امرأته أو عند ذي رحم محرم منه أو عند مكاتب له أو عبد له تاجر عليه دين للناس كان هذا (¬14) جائزاً؛ لأنه ليس على رب الثوب في هذا ضرر. وإن رهنه عند عبد تاجر ليس عليه دين أو عند أمة له مدبرة أو عند أم ولد له أو عند ابن له صغير أو عند يتيم له في حجره وهو وصيه لم يجز هذا الرهن، ولا يكون رهناً، ولا يضمن الوكيل الرهن. وإن كان دفع الدراهم إلى الآمر فهي دين عليه. وكذلك المرأة توكل (¬15) المرأة والرجل يوكل (¬16) المرأة، فهو جائز. ¬

_ (¬1) ع - قد. (¬2) م ز ع: سلطا. والتصحيح من ب. (¬3) ز: وذفعا. (¬4) ع - إليه. (¬5) م: وبذلك. (¬6) ع + عن الآخر. (¬7) ع: استقرضاك. (¬8) ع: وقال. (¬9) ز: الآمر. (¬10) ز: الآخر. (¬11) ع: رجلاً. (¬12) ع: شيء. (¬13) ز: ابنه. (¬14) ز + كله. (¬15) ز: يوكل. (¬16) ز: أو الرجل يؤكل.

وإذا كان الوكيل عبداً تاجراً أو عبداً (¬1) غير تاجر عليه دين أو ليس عليه دين (¬2) أو مدبر أو أم ولد أو مكاتب أو ذمي أو صبي صغير فإن ذلك يجوز كله إن كان الوكيل قال للمرتهن: إن فلاناً يقول لك: أقرضني كذا وكذا وأمسك هذا الرهن. فإن كان الوكيل قال له: أقرضني أنا وأمسك هذا الرهن، فإنه لا يكون رهناً في الصبي ولا في المحجور عليه، ويكون رهناً فيما سوى ذلك. وإذا (¬3) كان الوكيل عبداً تاجراً فرهن الرهن عند مولاه فإن كان على العبد دين فهو جائز. وإن لم يكن عليه دين فإن هذا على وجهين. إن كان قال: أقرضني وأمسك هذا الرهن، فليس يكون هذا رهناً (¬4). وإن كان قال: أقرض فلاناً وأمسك هذا الرهن، فهو رهن. وإذا وكَّل الذمي المسلم أن يرهن له رهناً عند ذمي بخمر أو يرتهن له خمراً بدراهم، فإن كان الوكيل قال: إن فلاناً يستقرضك كذا وكذا من الخمر وأعطاك هذا الرهن، ففعل ذلك ودفع إليه الخمر فهو جائز، وهو رهن. وكذلك إن كانت الخمر هي الرهن. وأن قال: أقرضني أنا، ففعل فليس يكون رهناً على واحد من الوجهين. وإذا وكَّل الذمي المسلم أن يرهن له ثوباً بدراهم فهو جائز. وكذلك الحربي المستأمن. وكذلك المكاتب يوكل الحربي. وكذلك المرأة توكل المرأة والرجل يوكل (¬5) المرأة (¬6) فهو جائز. وإذا وكَّل الرجل الرجل فقال: ائت فلاناً فقل له: إن فلاناً يقول لك: أقرضني ألف درهم وأمسك هذا العبد رهناً بها، فلما خرج من عنده بالعبد أشهد أنه قد أخرجه من الوكالة ولم يبلغ الوكيل ذلك حتى رهن العبد، فإن الرهن جائز، والإخراج باطل. فإن كان الموكل أرسل إلى الوكيل رسولاً فأخبره ¬

_ (¬1) ز: أو عبد. (¬2) ع - أو ليس عليه دين. (¬3) ع + وإذا. (¬4) ز: رهن. (¬5) ز: توكل. (¬6) ع - المرأة.

بذلك صبي أو عبد أو أمة أو امرأة أو رجل أو كتب إليه (¬1) بذلك كتاباً فرهنه الوكيل بعد ذلك فهو باطل لا يجوز. فإن قال المرتهن: قد أقررت أيها (¬2) الآمر بالوكالة بالرهن ولا أصدقك على الإخراج ولا أصدق الوكيل، فالقول قوله إلا أن تقوم (¬3) بينة بأن الرسول قد أبلغه إخراجه قبل أن يرهنه، أو يكون الوكيل قد أقر بما بلغه من ذلك عند شاهدين قبل أن يرهنه، فيكون ذلك إخراجاً، ولا يجوز الرهن. وإن كان رب العبد باع العبد (¬4) أو دبره أو كاتبه أو أعتقه (¬5) بتة أو رهنه من آخر وقبضه ولم يعلم الوكيل حتى رهنه كان الرهن باطلاً لا يجوز. وكذلك لو وهبه أو تصدق به وقبضه الموهوب له أو المتصدق به عليه، فإن الرهن لا يجوز. فإن كان الموكل رهنه ثم افتكه ولم (¬6) يعلم الوكيل بذلك حتى رهنه الثانية، فإن الرهن الثاني (¬7) باطل. أرأيت لو رهنه الوكيل وافتكه (¬8) الآمر كان للوكيل (¬9) أن يرهنه ثانية. هذا والأول سواء. وليس للوكيل أن يرهنه ثانية. وكذلك إن وكَّل آخر برهنه ثم وكَّل المولى رجلاً برهنه ثم افتكه المولى ثم رهنه الثاني فهو جائز، لأن المولى لم يحدث شيئاً يخرج به الثاني من الوكالة. وإذا رهن الوكيل عبداً للموكل ثم إنه ناقض المرتهن الرهن أو أجره إياه أو باعه منه أو كانت (¬10) امرأة فتزوجها عليه (¬11) فإن بيعه باطل وإجازته باطل (¬12)، ولا يجوز فيه مهر المرأة. فأما مناقضة الرهن فإن كان قال له: إن فلاناً يستقرضك وقد رهنك هذا، فهو باطل أيضاً، وهو ضامن للعبد إن قبضه على هذا؛ لأن الآمر لم يوكله بقبضه. وإن كان هو المستقرض والراهن فالمناقضة جائزة، وهو مؤتمن في العبد، وليس له أن يرهنه ثانية في شيء من ذلك. ¬

_ (¬1) ع: له. (¬2) ز: أنها. (¬3) ز ع: أن يقوم. (¬4) ز - العبد. (¬5) ع: أو عتقه. (¬6) ع: وهو. (¬7) ز - الثاني. (¬8) ع: فافتكه. (¬9) م ز: الوكيل. (¬10) ز: أو كاتب. (¬11) ع - عليه. (¬12) ع - وإجازته باطل.

وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يرهن له عبداً [فباعه الوكيل لم يجز ذلك] (¬1)، وكذلك لو أجره لم يجز ذلك، والوكيل ضامن إن دفع العبد، وإن شاء رب العبد أن يضمن المشتري فعل. وإذا وكله أن يرهنه من رجل فرهنه من غيره فإنه لا يجوز. وإن وكله فرهنه ثم كتب عليه الشراء وأقر الوكيل والمشتري أنه رهن وأنه إنما كتب شراء سُمْعَة فهو رهن بالاستحسان. وفي القياس لا يكون رهناً، وهو ضامن. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يرهن له عبداً بألف درهم فقال: قد رهنته عند فلان وقبضت منه المال وهلك ودفعت إليه العبد، وإنما قلت له: أقرض فلاناً فإنه أرسلني إليك بذلك، فصدقه الموتهن وبذلك أمره الموكل، وقال الموكل: لم يقبض لي هذا القرض ولم يرهن (¬2) العبد، فإن القول قول الموكل مع يمينه، ولا يكون العبد رهناً، ولا يلزم الموكل المال بقول الوكيل. ولو كان الوكيل استقرض (¬3) هو المال ورهن العبد، بذلك أمره رب العبد، وإن المال ديناً عليه خاصة دون المولى، وكان (¬4) العبد رهناً بالمال. والباب الأول ليس على الوكيل ضمان إذا كان (¬5) المرتهن قد صدقه. وإذا أذن الوكيل للمرتهن في ركوب الرهن وهي دابة أو في استخدامه وهو عبد ففعل شيئاً من ذلك فهو ضامن لذلك، مِن قِبَل أن الوكيل لا يملك ذلك وإنما الرهن للآمر. وطعام العبد وعلف الدابة على الموكل دون الوكيل. فإن كان الوكيل قد استقرض المال لنفسه فالطعام والعلف على الموكل أيضاً. وإذا وكَّل وجل رجلاً وأعطاه أمة تساوي خمسمائة فقال: اذهب إلى فلان فقل له: إن فلاناً يقول لك: أقرضني ألف درهم، وأمسك هذه عندك ¬

_ (¬1) الزيادة مستفادة من ب. (¬2) ز: ترهن. (¬3) ع: يستقرض. (¬4) م ز ع: وكذلك. والتصحيح من الكافي، 2/ 82 ظ. (¬5) ع - إذا كان.

رهناً (¬1)، ففعل فهو جائز. فإن ولدت الأمة ابناً يساوي (¬2) خمسمائة ثم زاد الموكل في الرهن عبداً يساوي خمسمائة فهما جميعاً رهن بألف: العبد الآخر بالنصف، والأمة وابنها بالنصف، وليس للوكيل أن يقبض من غلة البستان ولا من ألبان الغنم ولا من أصوافها شيئاً. وإذا دفع الرجل إلى الرجل متاعاً فقال: بعه لي وارتهن به رهناً، ففعل وارتهن به رهناً فهو جائز. فإن كان الثمن ألفاً (¬3) والرهن يساوي ألف درهم فهو جائز. وكذلك لو كان الرهن أقل من الدين بما يتغابن الناس في مثله فهو جائز. ولو باعه ولم يرتهن لم يجز البيع؛ لأنه مخالف. ولو قال: بعه برهنٍ ثقةٍ (¬4)، فارتهن به وحط من قيمته شيئاً لا (¬5) يتغابن (¬6) الناس في مثله فإنه لا يجوز. وإن ارتهن رهناً (¬7) ثقة وقبضه ثم رده على صاحبه فهو ضامن، ورده الرهن جائز، والبيع جائز. وإن وضعه على يدي عدل فهو جائز؛ لأن الرهن على يديه وعلى يدي العدل سواء. وليس للموكل على الرهن سبيل، وليس له أن يقبضه. وإذا دفع رجل إلى رجل مائة درهم فقال: ائت بها فلاناً فقل له: إن فلاناً أقرضك هذه على أن تعطيه (¬8) بها رهناً، وأمرني أن أقبض الرهن منك، فأتاه به ففعل وقبض الرهن فهو جائز، والرهن مقبوض، وللآمر أن يقبضه من الوكيل. وإن هلك الرهن من يدي الوكيل فهو من مال الآمر. وإن وكله فقال: أقرضه أنت وخذ بها رهناً، ففعل فهو جائز، وليس للآمر أن يقبض الرهن من الوكيل. وإن هلك الرهن من يدي الوكيل هلك بمال الآمر، ولا ضمان على الوكيل فيه. وإن قال: أقرضها أنت برهن ثقة، ففعل وارتهن بها رهناً قيمته أقل منها فهو على ما وصفت لك في البيع. ... ¬

_ (¬1) ع: هذه رهناً عندك. (¬2) ع: يتساوى. (¬3) م ز ع: ألف. (¬4) تقدم تفسيره قريباً. (¬5) م - لا، صح هـ؛ ع - لا. (¬6) ع: فيتغابن. (¬7) م ز: رهن؛ ع: برهن. (¬8) ز: أن يعطيه.

باب الوكالة في الوديعة والعارية

باب الوكالة في الوديعة والعارية وإذا وكَّل الرجل رجلاً بقبض وديعة بعينها أو عارية بعينها أو عبد أو دابة قد كانت بإجارة في يدي الذي هي في يديه أو وكيل اقتضى مالاً فوكَّل رب المال آخر بقبضه منه فذلك كله جائز. وإن كان الوكيل في هذا الباب عبداً أو حراً أو مكاتباً أو ذمياً أو حربياً مستأمناً أو امرأة أو أمة مدبرة أو أم ولد أو عبداً (¬1) يسعى في قيمته أو صغيراً بعد أن يكون يعقل فهو جائز في ذلك كله. وإن كان قال الذي في يديه ذلك المتاع: قد دفعته إلى الموكل، فهو مصدق بعد أن يحلف. وكذلك إن قال: دفعته إلى الوكيل (¬2)، فهو مصدق بعد أن يحلف في البراءة لنفسه، ولا يصدق في تضمين الوكيل الآخر (¬3) إذا كان الوكيل الآخر يجحد ذلك بعد أن يحلف. وإذا كان في يدي رجل [عبد] وديعة أو كان في يديه بإجارة قد انقضت فوكَّل مولاه رجلاً بقبضه فقال الذي هو في يديه: قد اشتريته من مولاه، أو قال: قد أعتقه مولاه، فادعى ذلك العبد فإني أسأله (¬4) البينة على ذلك. فإن جاءني بشاهدين (¬5) وقفت العبد فلم أدفعه إلى الوكيل، ولم أمض فيه عتقاً ولا بيعاً؛ لأن الوكيل ليس بوكيل (¬6) في الخصومة، إنما هو وكيل في القبض. وكذلك الثوب والدابة والدار وكَّل شيء من العروض والحيوان. ولو أن رجلاً وكَّل رجلاً (¬7) بأن يخرج امرأته إليه فادعت المرأة أن زوجها قد طلقها ثلاثاً وقامت على ذلك بينة فإني أقفها ولا أدفعها إلى الوكيل، ولا أمضي طلاقاً حتى يقدم الزوج. وكَّل شيء مما ذكرت لك قبل هذا لم تقم (¬8) عليه بينة فإني أؤجله ثلاثة أيام إن ادعى بينة حاضرة. فإن أحضرهم وإلا (¬9) ¬

_ (¬1) ع: أو عبد. (¬2) ع: أو الوكيل. (¬3) م: الاجرا؛ ز: الأجر؛ ع: الاجزاء. والتصحيح من ب. (¬4) م ز ع: أسأل. (¬5) م ز: بشهادين. (¬6) م ز: بوكل. (¬7) ع - وكَّل رجلاً. (¬8) ز ع: لم يقم. (¬9) ع + وإلا.

دفعته إلى الوكيل. وليس لهذا الوكيل أن يبيع شيئاً من ذلك ولا يرهنه ولا يؤاجره ولا يستودعه غيره ممن (¬1) ليس في عياله ولا (¬2) ينتفع به. فإن فعل شيئاً من ذلك ضمن. وإن ادعى (¬3) في ذلك دعوى لم يكن الوكيل بخصم له في ذلك. فإن صالح الوكيل المدعي على بعض ما في يديه على أن يدفعه إلى المدعي فإن ذلك لا يجوز، مِن قِبَل أن الموكل لم يوكله بالصلح ولا بالخصومة. وإذا وكَّل رجل رجلين بقبض عبد له بعينه فقبضه أحدهما دون الآخر بغير أمره فهو ضامن، ولا يجوز القبض. فإن قبضاه جميعاً فهو جائز، ولأحدهما (¬4) أن يستودعه الآخر، لأنه لا يُبَعَّض (¬5). ولهما (¬6) أن يستودعاه امرأة أحدهما أو ابن أحدهما إذا كان في عياله. وإن استودعاه رجلاً آخر وقبضه منهما جميعاً فهما ضامنان. وإن وكلا بقبضه رجلاً فقبضه فالذي كان عنده ضامن، ولا يجوز هذا القبض على الموكل. فإن وصل إلى الوكيلين برئ الأول والثاني من الضمان، وكان قبضهما جائزاً على الموكل. فإذا وكَّل رجل رجلاً بقبض وديعة عند رجل فقبض بعضها فهو جائز. فإن هلك ما بقي أو ما قبض لم يضمن. وإن كان الذي وكله أمره أن لا يقبضها إلا جميعاً فقبض بعضها دون بعض فهو ضامن، ولا يجوز القبض. فإن (¬7) قبض ما بقي قبل أن يهلك الأول جاز القبض على الموكل، ولا يضمن شيئاً. وكذلك الدين، وإن كان الوكيل في قبضها رجلين فقبضاها (¬8) أمسك كل واحد منهما نصفها. وإن أودعها أحدهما إلى الآخر فأمسكها فلا ضمان عليه في قول أبي يوسف ومحمد، ويضمن في قول أبي حنيفة. وإن كان لرجلين ألف درهم أو عبد أو دابة أو وديعة عند رجل فوكلا رجلاً ¬

_ (¬1) ع: خمر. (¬2) ع: ولان. (¬3) ز + أحد. (¬4) ع: ولا أحدهما. (¬5) ز: لا ينقض. بعض الشيء تبعيضاً فتبعّض، أي: فرّقه أجزاء فتفرّق. انظر: لسان العرب، "بعض". (¬6) ع - أن يستودعه الآخر لأنه لا يبعض ولهما. (¬7) م + قبل؛ ع + قبل. (¬8) ع: فقبضها.

بقبض ذلك ثم جاء أحدهما يطلب حصته وغاب الآخر فليس للشاهد أن يقبض من الوكيل شيئاً؛ لأن الوكيل ليس وكيلاً (¬1) في القسمة، ولا (¬2) يستطيع أن يدفع النصف إلا بقسمة. وإذا وكَّل رجل (¬3) رجلاً بعبده يدفعه (¬4) إلى فلان وديعة (¬5) فأتى الوكيل المستودع بالعبد فقال: إن فلاناً استودعك هذا فلاناً، فقبله ثم رده على الوكيل فقبله الوكيل (¬6) فهلك عنده فلرب العبد أن يضمن أيهما شاء؛ لأن المستودع خالف حين رده، وخالف الوكيل حين قبضه ثانية (¬7). ولو أن المستودع لم يقبضه من الوكيل أول (¬8) مرة لم يضمن (¬9) واحد (¬10) منهما. ولو قبضه من الوكيل وقال له الوكيل: قد أمرك فلان أن تستخدمه (¬11) أو تدفعه إلى فلان، ففعل ذلك فهلك العبد في ذلك لم يضمن الوكيل شيئاً وإن كان قد كذب، إنما يضمن المستخدم والدافع إلى غيره. وإذا وكَّل رجل رجلاً بقبض وديعة له عند رجل أو عارية ثم هلك الموكل فقد خرج الوكيل من الوكالة. فإن قال الوكيل: قد كنت قبضتها في حياته وقد هلكت عندي أو دفعتها إلى الميت، فالقول قوله مع يمينه. ولو (¬12) كان ديناً لم يصدق عليه، وليس الدين في هذا كالوديعة. وكذلك لو ذهب عقل الموكل زماناً أو ارتد (¬13) عن الإسلام ولحق بالدار أو قتل (¬14) على ردته فقد خرج هذا من الوكالة. وإن لم يقتل (¬15) على ردته ولم يلحق بالدار حتى أسلم فالوكيل على وكالته. فإن كان الوكيل هو الذي ¬

_ (¬1) م ز ع: وكيل. (¬2) ع: ولان. (¬3) ع: الرجل. (¬4) م ز: دفعه؛ ع: وديعة. والتصحيح من الكافي، 2/ 83 و. (¬5) ع - وديعة. (¬6) م ز: بالوكيل. (¬7) ز: بابنه. (¬8) ع - أول. (¬9) ع - لم يضمن. (¬10) ع: واحدة. (¬11) ز: أن يستخدمه. (¬12) ع: وإن. (¬13) ز ع: وارتد. (¬14) ز: أو قبل. (¬15) ز: لم يقبل.

أصابه ما ذكرنا ثم رجع إلى الإسلام (¬1) ورجع إليه عقله فهو على وكالته. وإذا وكَّل رجل (¬2) عبد رجل بقبض وديعة له عند مولاه أو عند غيره فباع المولى العبد أو دبره أو كاتبه أو أعتقه أو كانت (¬3) أمة فولدت منه فالوكيل على الوكالة في هذه الوجوه، لا يخرجه منها ما حدث من أمره. وكذلك لو كان الوكيل ابن الموكل أو ابن المستودع أو أباه أو ذا (¬4) رحم محرم منه فهو سواء، وهو جائز. وإذا وكَّل رجل رجلاً بقبض وديعة له عند رجل ثم أخرجه من الوكالة بغير علم من الوكيل فقبض الوكيل الوديعة فقبضه جائز على الموكل. وإن أتاه رسول بإخراجه من الوكالة حر أو عبد أو كافر أو مسلم صغير أو كبير أو امرأة أو رجل فقد خرج من الوكالة. وإن قبض بعد ذلك لم يجز. وإذا وكَّل رجل رجلاً بقبض وديعة عند رجل بعينها فوجد الذي عنده الوديعة قد مات فأخذها من وصي الميت أو وارثه أو كان المستودع حيّاً فأخذها من وكيل المستودع وهو من عياله أو غيرهم فهذا جائز، وقبض الوكيل مثل قبض صاحب الوديعة. وإذا وكَّل رجل رجلاً بقبض عبد له عند رجل فقُتل العبد خطأ كان للمستودع الذي كان عنده (¬5) العبد أن يأخذ قيمة العبد من عاقلة القاتل، وليس للوكيل أن يقبض القيمة. ولو كان الوكيل قبض العبد فقتل (¬6) عنده كان جائزاً، وله أن يأخذ منه القيمة، وهو الآن بمنزلة الأول. وإذا وكَّل رجل رجلاً بقبض عبد له وديعة عند رجل فجُني على العبد جناية قبل أن يقبضه الوكيل فأخذ المستودع أرشها فللوكيل أن يقبض العبد، ولا يقبض الأرش. ولو كان المستودع قد أجر العبد بإذن مولاه لم يكن للوكيل أن يأخذ الأجر، ولكنه يأخذ العبد. ¬

_ (¬1) ع: عن الإسلام. (¬2) م ز - رجل. (¬3) ز ع: أو كاتب. (¬4) م ز ع: أو أبوه أو ذو. (¬5) ز: عند. (¬6) ز: فقيل.

فإذا وكَّل رجل رجلاً بقبض أمة له أو شاة بعينها فولدت قبل قبض الوكيل فللوكيل أن يقبضها، ويقبض الولد. وليس الولد في هذا كالأرش وغلة العبد. ولو كانت قبل أن يوكله بقبضها لم يكن للوكيل أن يقبض الولد معها. وإذا كان لرجل (¬1) بستان وديعة في يدي رجل فوكَّل رجلاً بقبضه فحَمَلَ البستانُ قبل قبض الوكيل للوكيل أن يقبض البستان بحَمْله. وإن كان الأول قد صَرَمَ نخلَه أو حصد زرعه فللوكيل أن يقبض ذلك كله إذا كان ذلك فيه يوم وكله. وإن كان قد حصد الزرع وصرم النخل قبل الوكالة فليس للوكيل أن يقبض من الغلة شيئاً. وإن كان الأول قد باع الثمرة وهي (¬2) في (¬3) رؤوس النخل بأمر رب الأرض لم يكن للوكيل أن يقبض الثمن. وإذا وكَّل رجل رجلاً بقبض وديعة له بعينها فاستهلكها رجل قبل أن يقبضها الوكيل فقبض المستودع الأول من المستهلك مثلها فليس للوكيل أن يقبضها (¬4). وكذلك كل ما يكال أو يوزن فهو في القياس مثل ذلك، ولكني أدع القياس وأستحسن أن يقبض الوكيل ذلك، ولا أرى هذا مثل قيمة العبد. أرأيت لو استهلكها المستودع أما كان للوكيل أن يأخذ منه مكانها (¬5) مثلها. ولو كان عبداً فقتله (¬6) ألم يكن للوكيل أن يأخذ منه القيمة إذا كان وقت الوكالة قبل قتل (¬7) العبد. فإن كان بعد قتله (¬8) لم يكن على قيمته سبيل. وقال محمد: ليس للوكيل أن يأخذ منه القيمة، لأن القيمة كأنها ثمن، وليس للوكيل أن يقبض الثمن. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بقبض وديعة له عند رجل بعينها ثم قبضها الموكل ثم دفعها إياه ثانية فليس للوكيل أن يقبضها إن علم بذلك أو لم ¬

_ (¬1) م ز: الرجل. (¬2) ز - وهي. (¬3) ز: وفي. (¬4) م ز + الوكيل. (¬5) م ز + للوكيل أن يأخذ منه. والتصحيح من ب؛ والكافي، 2/ 83 ظ. (¬6) ز: فقبله. (¬7) ز: قبل. (¬8) ز: قبله.

يعلم. أرأيت لو قبضها الوكيل بعينها فدفعها إلى الموكل ثم إن الموكل استودعها الأول أكان للوكيل أن يقبضها. ليس له أن يقبضها. فهذا والأول سواء. وإن قبضها الوكيل هو ضامن. إن شاء رب المال أن يضمن الوكيل ضمنه، وإن شاء ضمن المستودع. فإن ضمن الوكيل لم يرجع على المستودع. وإن ضمن المستودع رجع على الوكيل على وجوه (¬1) ما فسرت لك. فإذا وكَّل رجل رجلاً بقبض وديعة له فاشترى بها الوكيل من المستودع مائة دينار أو أخذ بها دراهم غيرها أو اشترى بها طعاماً أو غيره (¬2) لم يجز ذلك على الموكل، وكان المال الذي عند المستودع للموكل على حاله. وللمستودع أن يرجع على الوكيل. فإن كان قبض منه دراهم رجع بمثلها عليه. وإن كان قبض منه دنانير رجع بمثلها. فإن كان اشترى بها منه شيئاً رجع عليه بذلك المال، وهو الثمن. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بقبض وديعة له عند رجل فقال: اقبضها اليوم، فله أن يقبضها غدا. أستحسن ذلك وأدع القياس فيه، كأنه قال: اقبضها الساعة. ولو قال: اقبضها بمحضر من فلان، فقبضها وهو غير حاضر جاز ذلك أيضاً. وإذا قبض رجل وديعة رجل فقال رب الوديعة: ما وكلتك (¬3)، فالقول قوله إذا حلف، ويوجع بماله على المستودع. وأما المستودع فإن كان المال عند الوكيل بعينه أخذه منه. وإن قال الوكيل: قد دفعتها إلى الذي وكلني، أو قال: قد هلك مني، فإن كان المستودع (¬4) صدقه بالوكالة لم يرجع عليه. وإن كان لم يصدقه ولم يكذبه كان له أن يضمنه. وكذلك إن كذبه. والوكالة في قبض الوديعة والرسالة والوصية في الحياة والجِرَاية (¬5) سواء. ¬

_ (¬1) ز: على وجوده. (¬2) م ز ع: أو غير. والتصحيح من ب. (¬3) ز: ما وكيلك. (¬4) ع + المستودع. (¬5) ع: والحرابة. والجراية بمعنى الوكالة. انظر: المغرب، "جرى".

وإذا وكَّل الرجل رجلاً بقبض وديعة له عند رجل فقال المستودع: قد دفعتها إلى الوكيل وجحد الوكيل ذلك وحلف فالمستوح بريء من ذلك، ولا ضمان على الوكيل. فإن قامت بينة بأن الوكيل قد قبض المال فالوكيل ضامن للمال بجحوده. ولو أشهد المستودع على الوكيل أنه قد برئ إليه منها كان هذا قبضاً من الوكيل. ولو قال الوكيل: قد أبرأتك منها، لم يكن هذا قبضاً من الوكيل لها، ولا يجوز هذا. وكذلك لو وهبها الوكيل لم يجز ذلك. ولو كانت (¬1) أمة فوطئت بشبهة عند المستودع وأخذ المستودع عقرها لم يكن للوكيل على عقرها سبيل. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بقبض دابة استعارها من رجل فقبضها الوكيل فقبضه جائز. فإن ركبها الوكيل فهو ضامن لها، ولا يضمن الذي وكله؛ لأنه لم يأمره بذلك. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بقبض دابة له عند رجل فأبى الرجل أن يدفعها إلا بأمر القاضي، فإن القاضي يقضي عليه بدفعها إذا قامت بينة أنه وكله بقبضها. فإذا وكَّل الرجل رجلاً بقبض مصحف له أو كتب له فهو جائز. وإذا وكَّل الذمي مسلماً بقبض خمر بعينها أو خنزير بعينه من ذمي فإن قبضه المسلم الوكيل فهو جائز. وإن كان الوكيل ذمياً أيضاً فهو جائز. وإن كان الوكيل حربياً مستأمناً فهو جائز. وإذا وكَّل (¬2) المرتد وكيلاً بقبض وديعة له فإن أسلم فوكالته جائزة، وإن قتل (¬3) على الردة أو لحق بدار الحرب فوكالته باطلة في قول أبي حنيفة. وإذا وَكَّلَ (¬4) المكاتبُ (¬5) [وكيلاً] (¬6) بقبض وديعة له عند رجل ثم عجز ¬

_ (¬1) ز: كاتب. (¬2) ز + في نسخة الموكل. (¬3) ز: قبل. (¬4) م ز + المرتد. (¬5) م ز: والمكاتب. (¬6) الزيادة والتصحيحان السابقان من الكافي، 2/ 84 و.

باب الوكالة في الهبة والصدقة

المكاتب فرد في الرق فقبضها الوكيل فهو جائز (¬1). وكذلك لو كان الدين على رجل. وكذلك لو كان (¬2) عبد تاجر فحُجِر (¬3) عليه. وكذلك الذمي وكَّل بقبض وديعة له ثم أسلم فالوكيل على وكالته. فإذا وكَّل رجل رجلاً بقبض وديعة له عند رجل وجعل له على ذلك أجراً مسمى على أن يقبضها فيأتيه بها فهو جائز. وإن كان ديناً اقتضاه لم يجز إلا أن يوقت له أياماً، وهذا مخالف للوديعة. ولو وكله بالخصومة وجعل له أجراً كان فاسداً إلا أن يوقت له أياماً. وإذا وكَّل وصي الميت وكيلاً بقبض وديعة للميت أو دين للميت أو بدفع وديعة كانت عند الميت أو دين فهو جائز. وكذلك القاضي يوكل بقبض وديعة للصبي أو عارية أو دين أو بضاعة فهو جائز. وإذا وكَّل الرجل (¬4) رجلاً بقبض وديعة له عند الميت أو دين فهو جائز. وكذلك العارية والبضاعة. ... باب الوكالة في الهبة والصدقة وإذا وكَّل الرجل رجلاً بقبض هبة وهبها له رجل فقبضها الوكيل من الواهب فهو جائز. وكذلك الصدقة والنحلى والعمرى. ولو كان الوكيل ¬

_ (¬1) ع - إذا وكَّل الذمي مسلماً بقبض خمر بعينها أو خنزير بعينه من ذمي فإن قبضه المسلمِ الوكيل فهو جائز وإن كان الوكيل ذمياً أيضاً فهو جائز وإن كان الوكيل حربياً مستأمناً فهو جائز وإذا وكَّل المرتد وكيلاً بقبض وديعة له فإن أسلم فوكالته جائزة وإن قتل على الردة أو لحق بدار الحرب فوكالته باطلة في قول أبي حنيفة وإذا وكَّل لمكاتب بقبض وديعة له عند رجل ثم عجز المكاتب فرد في الرق - فقبضها الوكيل فهو جائز. (¬2) ع - لو كان. (¬3) م ز: محجور. ثم صححها الناسخ. وهي صحيحة في ع ب. (¬4) ع: رجل.

رجلين كان جائزاً. وكذلك لو كان الواهب (¬1) هو الذي (¬2) وكَّل وكيلاً يدفعها إلى الموهوب له فهو جائز. وكذلك المتصدق عليه لو وكَّل. وكذلك العمرى والذي ينحل (¬3). وإذا قبل الوكيل المتصدق الوكالة بدفع الصدقة إلى المتصدق بها عليه وغاب المتصدق فأبى الوكيل أن يدفعها فخاصمه المتصدق بها عليه إلى القاضي وأقام البينة عند القاضي أن رب الدار قد وكله بدفعها إليه فهو جائز يجبر على دفعها (¬4) إليه. وكذلك وكيل الهبة ووكيل العمرى والنحلى. وإن كان الموهوب له أو المتصدق (¬5) بها عليه هو الذي وكَّل الوكيل وكان (¬6) وكيله هو الذي يخاصم وكيل الواهب حتى يقبض فهو جائز إذا (¬7) كان الموهوب له قد وكله بذلك. وكذلك المتصدق بها عليه والمنحول والمعمر له. وليس لوكيل (¬8) واحد من هؤلاء أن يبيع شيئاً من ذلك ولا يرهنه ولا يؤاجره ولا يتزوج عليه. وإن فعل شيئاً من ذلك لم يجز. وإذا ادعى رجل في ذلك دعوى لم يكن الوكيل بخصم له في ذلك، وكيل الواهب كان أو وكيل الموهوب له، وليس بخصم في شيء من ذلك، وليس لوكيل الواهب أن يرجع في شيء من الهبة ولا من العمرى ولا من النحلى. ولو كان هو الذي وهبها بإذن صاحبها لم يكن له أن يرجع فيها، إنما الرجوع للذي كان يملك الرقبة. وكذلك لو أراد الواهب أن يرجع فيها وهي في يدي وكيل الموهوبة (¬9) له لم يكن له أن يرجع، ولم يكن هذا الوكيل بخصم له في ذلك. ولو أن رجلين وهبا لرجل داراً أو عبداً أو أمة ثم وكلا رجلاً بأن (¬10) يدفعها إلى الموهوبة (¬11) له كان جائزاً. وكذلك لو ¬

_ (¬1) ز: الواجب. (¬2) ع: من الذي. (¬3) ع: يتحلى. (¬4) ز: على رفعها. (¬5) ع: والمتصدق. (¬6) م ز ع: كان. والتصحيح مستفاد من ب. (¬7) م ز ع: وإذا. والتصحيح مستفاد من ب. (¬8) ز: الوكيل؛ ع: للوكيل. (¬9) ع: الموهوب. (¬10) ع: أن. (¬11) ع: إلى الموهب.

وكلا وجلين. وكذلك لو وكَّل كل واحد منهما رجلاً على حدة فهو جائز. والوكيل الحر والعبد والمكاتب والذمي والمسلم والمرأة والصغير والكبير في هذه الوكالة سواء. وإذا وهب الذمي لذمي (¬1) خمراً أو خنزيراً فوكَّل الواهب بدفع ذلك إلى الموهوب (¬2) له مسلماً فدفعه إليه فهو جائز. وكذلك إن وكَّل الموهوب (¬3) له مسلماً بقبض ذلك فهو جائز. فإن كان الواهب مسلماً فإن الهبة باطلة لا تجوز (¬4). وكذلك إن كان الموهوب له مسلماً والواهب كافراً فإنه لا يجوز. وإذا وكَّل رجل رجلاً بقبض هبة فوكَّل وكيلاً غيره فإنه لا يجوز. فإن كان الموكل الأول قال: ما صنعت من شيء فهو جائز، فإن ذلك جائز. وإذا وكَّل الموهوب (¬5) له وكيلين بقبض الهبة فقبضها أحدهما دون الآخر فإن ذلك لا يجوز. فإن كان الواهب وكَّل بدفعها إلى الموهوب له رجلين فدفعها أحدهما إليه فإن ذلك يجوز (¬6)، وليس هذا كالباب الأول. وإذا وكَّل الواهب رجلين بدفع الهبة إلى الموهوب له فوكلا وكيلاً آخر فدفعها فهو جائز، وليس هذا كوكالة الموهوب له. وإذا وكَّل الموهوب له وكيلاً بقبض الهبة ثم عزله عن الوكالة وهو لا يعلم فقبضها له فهو جائز. وإن أرسل إليه رسولا ينهاه عن قبضها عبداً أو صبياً أو ذمياً أو عبداً (¬7) أو حراً أو كتب (¬8) إليه بذلك كتاباً فقبضها بعد ذلك فإنه لا يجوز الهبة والقبض. ولو ضاعت الهبة من يده فأراد الواهب أن يضمنه إياها، فإن كان الواهب صدقه بالوكالة لم يضمنه. وإن كان كذبه أو لم يكذبه ولم يصدقه فله أن يضمنه. ¬

_ (¬1) ع - لذمي. (¬2) ع: إلى الموهب. (¬3) ع: الموهب. (¬4) ز: لا يجوز. (¬5) ع: الموهب. (¬6) ع: لا يجوز. (¬7) ز - أو عبدا. (¬8) ع: وكتب.

وإذا وكَّل الواهب وكيلاً بدفع الهبة ثم إنه عزله عن الوكالة ولم يعلمه ذلك حتى دفعها الوكيل إلى الموهوب له فهو جائز. وإن (¬1) كان الوكيل عبداً أو حراً أو مكاتباً أو امرأة أو مسلماً أو ذمياً أو صغيراً أو كبيراً فهو سواء بعد أن يكون صغيراً يعقل. فإن كان الوكيل رجلاً حراً فأرسل إليه الواهب: إني قد أخرجتك من الوكالة، فجاءه بذلك صبي أو عبد أو أم ولد أو مدبر أو مكاتب أو رجل ذمي أو امرأة أو حر مسلم أو كتاب فأبلغه ذلك فقد خرج من الوكالة. فإن دفعها بعد هذا فدفعه باطل، ولا تجوز (¬2) الهبة. وإن كانت الهبة ثوباً فاستهلكه الموهوب له فإن للواهب أن يضمن أيهما شاء. فإن ضمن الموهوب له لم يرجع على الوكيل. وإن ضمن الوكيل رجع على الموهوب (¬3) له. فإن قال الموهوب له: أنا أنكر أن يكون جاءك رسول بإخراجك من الوكالة فالقول قوله، ولا يصدق الوكيل عليه ولا الواهب، وللواهب أن يضمن الوكيل. فإن قامت البينة على أن الرسول قد بلغ الوكيل ذلك فإن للواهب أن يضمن الموهوب له إن شاء. وإن شاء (¬4) ضمن الوكيل ولا يرجع على الموهوب (¬5) له (¬6). وإن جحد الوكيل الرسالة ولم يقم عليها بينة فلا ضمان عليه بعد أن يحلف. فإن أقر الموهوب له بذلك كان للواهب أن يضمنه، ولا يصدقان على الوكيل. وإذا وكَّل الرجل رجلاً (¬7) أن يهب هذا الثوب لفلان على عوض يقبضه منه ففعل وقبض كل واحد منهما غير أن العوض أقل من قيمة الهبة فإن ذلك جائز في قياس قول أبي حنيفة. ولا يجوز في قول أبي يوسف ومحمد إلا أن يكون (¬8) حط من العوض ما يتغابن الناس في مثله. وكذلك لو كان الموهوب له وكَّل وكيلاً بأن يقبض هبته ويدفع العوض فهو جائز. وإن وكله فقبضها وقال: ادفع عوضي، ولم يسم له ما يدفع فدفع عرضاً من ¬

_ (¬1) ع: فإن. (¬2) ز: يجوز. (¬3) ع: على الموهب. (¬4) ع - وإن شاء. (¬5) ع: على الموهب. (¬6) ز - له. (¬7) ع - رجلاً. (¬8) ع + ما.

عروض الموهوب له فإن ذلك لا يجوز عليه، وترد الهبة. فإن كان قال له: عوض من مالي ما شئت، فأي شيء عوض من ذلك فهو جائز. وإذا قال: عوض عني من مالك على أني ضامن لذلك حتى أدفعه إليك فعوضه عنه درهماً أو ديناراً أو شيئاً مما يكال أو يوزن فهو جائز وعليه مثله. وإن عوض عنه ثوباً فهو جائز وعليه قيمته. وإذا وكَّل الموهوب له وكيلاً بقبض الهبة فقبضها فهو جائز. فإن أراد الواهب أن يرجع في هبته لم يكن هذا الوكيل بخصم له في ذلك وإن كانت في يديه بعد. وكذلك لو ادعى رجل (¬1) فيها دعوى لم يكن بينهما فيها خصومة حتى يحضر (¬2) الموهوب له، وليس لهذا الوكيل أن يبيعها ولا يرهنها ولا يتزوج عليها ولا يؤجرها ولا يهبها. فإن فعل شيئاً من ذلك لم يجز؛ لأنه إنما كان وكيلاً في قبضها، ولم يكن وكيلاً (¬3) في غير ذلك. وكذلك الوكيل في العبد يبيعه ليس بوكيل (¬4) في الخصومة إن ادعى أحد فيه دعوى، وليس له أن يرهنه ولا يتزوج عليه ولا يؤاجره ولا يهبه. وكذلك الرجل يوكل الرجل أن يكاتب عبده فليس له أن يعتقه (¬5) ولا يدبره، ولا (¬6) يكون (¬7) خصماً لمن ادعى فيه دعوى، وليس للوكيل أن يقبض المكاتبة، وليس له أن يبيعه ولا يؤاجره ولا يرهنه. وكذلك الرجل يوكل الرجل ببيع عبده من نفسه ففعل فليس بخصم لو (¬8) ادعى في رقبته شيئاً، وليس له أن يعتقه (¬9) ولا يرهنه ولا يؤاجره. وكذلك الرجل يوكل الرجل أن يؤاجر عبده أو يرهنه فليس بوكيل في شيء مما سمينا غير ما وكَّل فيه. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يهب عبداً له لرجل بعينه فوهبه الوكيل وقبضه الموهوب له فليس للوكيل أن يرجع فيه. وإن وكَّل الواهب وكيلاً أن ¬

_ (¬1) ع + رجل. (¬2) ز: يخصم. (¬3) ع - في قبضها ولم يكن وكيلاً. (¬4) م ز: يوكل. (¬5) ز: أن يعقبه. (¬6) ع - ولا. (¬7) ع: ويكون. (¬8) م: لم؛ ز: لمن. (¬9) ز: أن يعقبه.

يرجع في الهبة فإن ذلك جائز، وللوكيل أن يرجع فيه، وليس للوكيل أن يوكل غيره بذلك. ولو وكَّل الواهب رجلين بالرجوع في هبته فغاب أحدهما وطلب الآخر الرجوع فيها لم يكن له ذلك؛ لأن هذا قبض، فلا يجوز لأحدهما أن يقبض دون الآخر. ألا ترى أن رجلاً لو وكَّل رجلين بقبض دين له على رجل أو وديعة له عند رجل لم يكن لأحدهما أن يقبض دون الآخر. وإذا وكَّل رجل رجلين بدفع ألف درهم ديناً عليه إلى رجل وقد دفع الألف إليهما من ماله فدفعها أحدهما فإنه يضمن النصف، ويجوز النصف في القياس، ولكني أستحسن أن لا أضمنه. وإذا وكَّل رجلان رجلاً بدفع دراهم لهما وهباها لرجل وقبضها الموهوب له فهو جائز. فإن كان كل واحد منهما (¬1) وكَّل رجلاً بدفعها إليه فهو جائز. فإن دفعها أحدهما إلى الموهوبة (¬2) له دون الآخر فهو جائز. وكذلك لو قبضها الموهوبة (¬3) له من غير الوكيلين أجزت ذلك؛ لأن الواهبين (¬4) حيث وكلا هذين بدفعها فقد سلطا الموهوب له على قبضها. فإذا وكَّل الرجل رجلاً بقبض دين له من فلان فيدفعه إلى فلان، [وقال:] فإني قد وهبته (¬5) له، ففعل ذلك فهو (¬6) جائز. فإن أمر الذي عليه الدين أن يدفعه إليه (¬7) فهو جائز. وإن كذبه الموهوب له لم يصدق الغريم؛ لأنه ضامن، فلا يصدق بقوله. ولو كان وكَّل وكيلاً بقبضها منه ثم دفعها إلى الموهوبة (¬8) له فقال الغريم: قد دفعتها إلى الوكيل، وصدقه الوكيل (¬9) فقال الوكيل: قد دفعتها إلى الموهوب له، فإن الغريم بريء منها، والوكيل بريء منها إذا حلف، ولا يصدق على الموهوب له، ويكون الموهوب له بمنزلة من (¬10) لم يقبض ولم يهب له شيئاً. وكذلك ¬

_ (¬1) ع - منهما. (¬2) ع: إلى الموهوب. (¬3) ع: الموهوب. (¬4) م ز ع: الواهب. والتصحيح من ب. (¬5) ز: قد وهبه. (¬6) ع - فهو. (¬7) ز -إليه. (¬8) ع: إلى الموهوب. (¬9) م: للوكيل. (¬10) ع - من.

باب وكالة العتاق

الرجل يهب ما (¬1) على مكاتبه ويأمر آخر بقبضه فيدفعها إلى الموهوب له فهو مثل الأول. وإذا كان لرجل وديعة عند رجل فوهبها لرجل وأمره (¬2) أن يدفعها إليه فقال: قد دفعتها، وقال الموهوب له: لم أقبضها، فإن المستودع مصدق [و] بريء منها، ولا يصدق على (¬3) الموهوب له أنه قبض شيئاً. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يدفع هذا الثوب إلى فلان وقال: قد وهبته له، فقال الوكيل: قد دفعته إليه، وجحد ذلك الموهوب له فإن الوكيل مصدق وبريء من الضمان، ولا يصدق على الموهوب له. وإذا وهب رجل لرجل ثوباً فوكَّل الموهوب له وكيلاً بقبضه فقال الوكيل: قد قبضته، وكذبه الموهوب له وقال الوكيل: قد دفعته إليه، فالوكيل مصدق وبريء من الضمان. وإذا وكَّل رجل رجلاً بقبض صدقة تصدق بها (¬4) عليه رجل فهو جائز. وكذلك العمرى والنحلى والعطية. وكذلك العارية والإجارة والرهن والبيع يبتاعه (¬5) الرجل فيوكل (¬6) من يقبضه فهو جائز. والرسول والوصي في حياته والجَرِيّ (¬7) في ذلك بمنزلة الوكيل. ... باب وكالة العتاق وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يعتق عبده على مال أو على غير مال فهو جائز متى ما أعتقه جاز ذلك، وليس له أن يقبض المال منه، ¬

_ (¬1) ع: مالاً. (¬2) م ز: وامراه. (¬3) م ع: وعلى. (¬4) ز: يصدق لها. (¬5) م ز: بمتاعه. (¬6) ز: فتوكل. (¬7) م ز: والحربي.

وذانك المجلس الذي وكله فيه وغيره سواء، وللموكل أن ينهى الوكيل عن ذلك ويخرجه منه ما لم يفعل ذلك؛ لأنه رسوله. وكذلك الجَرِيّ (¬1) والوصي في الحياة والمأمور بذلك والمرسل يفعل ذلك. وهذا كله في المكاتبة والبيع والشراء والنكاح والطلاق سواء. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يعتق عبده البتة فأعتقه الوكيل عن دبر فعتقه باطل؛ لأنه خالف. وكذلك لو قال: أنت حر غدا وأنت حر إن دخلت الدار، فذلك باطل. وكذلك لو أعتقه على مال أو كاتبه كان ذلك باطلاً. وكذلك لو وكَّل بعتقه إنساناً آخر كان باطلاً. ولو وكله أن يعتقه على مال فدبره على مال أو غير مال كان باطلاً. ولو أعتقه بتة على مال كان باطلاً؛ لأنه خالف. ولو وكله أن يعتقه غداً فأعتقه اليوم كان باطلاً. ولو وكله أن يعتقه اليوم فأعتقه غداً أستحسنت أن أجيز ذلك. ولو وكَّل رجل رجلين أن يعتقا عبده على مال فأعتقه أحدهما على مال كان باطلاً لا يجوز. ولو وكَّل رجل رجلاً أن يدبر عبده فأعتقه البتة كان باطلاً لا يجوز. وإذا وكَّل رجل رجلاً على (¬2) أن يدبر غلاماً له على مال أو غير مال ففعل فهو جائز. وكذلك لو كان الوكيل عبداً أو مكاتباً أو ذمياً أو امرأة أو صغيراً أو كبيراً. وإذا وكَّل الصبي الصغير أن يعتق عبده بمال أو بغير مال (¬3) فهو جائز. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يعتق عبداً له بمال أو بغير مال فوكَّل الوكيل غيره بذلك فإنه لا يجوز. فإن قال الموكل للوكيل: ما صنعت من شيء فهو جائز، جاز ذلك. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يعتق عبداً له على مال ففعل ذلك فليس للوكيل أن يقبض المال؛ لأنه لم يوكله بقبضه. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يعتق عبداً له البتة على مال أو غير مال ¬

_ (¬1) م ز: الحربي. (¬2) م - على، صح هـ. (¬3) ز + ففعل.

فدبره المولى، فإن الوكيل على وكالته، أي ذلك ما فعل فهو جائز. وكذلك لو وكَّل (¬1) المملوك أمة فوطئها الموكل فولدت كان الوكيل على وكالته، ولا يخرجه ذلك منها. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يعتق أمته (¬2) فولدت قبل أن يعتقها فهو جائز. فإن أعتق (¬3) ولدها لم يجز. وإن أعتقها وهي حامل عتقت هي وولدها. وكذلك العتق على مال والمكاتبة والبيع. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يعتق عبده ثم باعه فقد خرج الوكيل من الوكالة. فإن رجع العبد إلى ملك المولى من عيب رد به (¬4) بغير قضاء قاض (¬5) واستقاله (¬6) المشتري أو بميراث فأعتقه الوكيل فعتقه باطل. ولو رد عليه بعيب (¬7) بقضاء قاض (¬8) كان الوكيل على وكالته، لو أعتقه جاز ذلك. وكذلك العتق على مال (¬9). ولو أسره أهل الشرك فأدخلوه الدار ثم إنه رجع إلى مولاه بِشِرَى (¬10) أو بغير ذلك بملك مستقبل فإن الوكيل قد خرج من الوكالة. فإن كان المولى قد أخذه من المشتري بالثمن الذي أخذه به أو أخذه بالقيمة من الغنيمة من الذي وقع في سهمه فإن الوكيل على وكالته، إن أعتقه جاز ذلك. وكذلك العتق على مال والمكاتبة. ألا ترى أن مولاه لو كان اشتراه فوجد به عيباً كان له أن يرده على الذي كان باعه، ولا يمنعه من ذلك ما دخل فيه من إحراز المشركين وغيره. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يعتق عبده والعبد ابن الوكيل أو أبوه أو ¬

_ (¬1) ز: لو وكله. (¬2) م ز + منها. (¬3) ع: عتق. (¬4) م ز: ردته. (¬5) ز: قاضي. (¬6) ز: أو استقاله. (¬7) ع: ولو رد بعيب عليه. (¬8) ز: قاضي. (¬9) ع + والمكاتبة والبيع وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يعتق عبده ثم باعه فقد خرج الوكيل من الوكالة فإن رجع العبد إلى ملك المولى من عيب رد به بغير قضاء قاض واستقاله المشتري أو بميراث فأعتقه الوكيل فعتقه باطل ولو رد عليه بعيب بقضاء قاض كان الوكيل على وكالته لو أعتقه جاز ذلك وكذلك العتق على مال. (¬10) م ز: شرى.

جده أو أمه أو أخوه فأعتقه فذلك (¬1) جائز. وكذلك المكاتبة والعتق على مال. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يعتق أمته ثم أعتقها المولى ثم ارتدت عن الإسلام ولحقت بالدار فأسرت فاشتراها المولى فأعتقها الوكيل فعتقه باطل، وقد خرج الوكيل من الوكالة. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يعتق عبده فقال الوكيل: قد أعتقته (¬2) أمس، وجحد ذلك رب العبد فإن الوكيل لا يصدق على ذلك، وهو على وكالته. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بأن يعتق عبده فقبل ذلك ثم أبى الوكيل أن يعتقه فخاصمه العبد في ذلك فإن الوكيل لا يجبر على ذلك. وكذلك هذا في المكاتبة وفي العتق على مال وفي النكاح والخلع وفي البيع وفي الشراء وفي الإجارة. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يعتق عبده فقال له الوكيل: أنت حر إن شئت، فقال: قد شئت، فإنه لا يعتق. وإن أعتقه الوكيل بعد هذا فهو جائز، وليس يكون هذا خروجاً من الوكالة. وإذا وكَّل رجل رجلاً بعتق عبده فأعتقه الوكيل بالفارسية أو بالنبطية أو بأي لسان ما كان فهو جائز. وكذلك إن قال له الوكيل: أنت عتيق، أو قد أعتقتك، أو قال: أنت حر، أو قال: قد حررتك، أو قال: أنت معتق، فهو سواء، وهو حر في ذلك كله. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بأن (¬3) يعتق عبده فكتب إليه الوكيل كتاباً يعتقه فيه فهو جائز بمنزلة عتاق المولى لو أعتقه في كتاب. وكذلك الطلاق. وإذا وكَّل الرجل عبده بأن (¬4) يعتق نفسه فهو جائز. ¬

_ (¬1) ع: المولى. (¬2) م ز ع: قد أعتقه. (¬3) ع: أن. (¬4) ع: أن.

وإن قام العبد من ذلك المجلس قبل أن يفعل فقد خرج من الوكالة؛ لأنه لا يكون رسولاً إلى نفسه، وليس لمولاه أن ينزعه من الوكالة ما دام في ذلك المجلس. وكذلك الرجل إذا وكَّل امرأته بطلاقها. وإذا وكَّل الرجل عبده فقال: أعتق نفسك بما شئت، فأعتق نفسه على درهم فهو جائز إن رضي بذلك المولى. ولو وكله فقال: بع نفسك من نفسك بما شئت، فباع نفسه من نفسه بدرهم جاز ذلك إذا (¬1) رضي المولى. وهنا كالباب الأول. وكذلك الطلاق في هذين البابين. وإذا وكَّل الرجل (¬2) رجلاً أن يعتق عبده على مال فأعتقه على درهم فإنه جائز في قياس قول أبي حنيفة، ولا يجوز في قياس قول أبي يوسف ومحمد إلا أن يعتقه على مال ينقص (¬3) فيه من قيمته (¬4) ما يتغابن الناس في مثله. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يعتق عبده على شيء أو يبيع (¬5) رقبته فما (¬6) أعتقه عليه من دراهم أو دنانير أو حنطة أو شعير أو زيت أو ثياب أو وصيف أو غنم أو بقر فهو جائز. وإن كان حط من قيمته ما يتغابن الناس (¬7) في (¬8) مثله فهو جائز في قولهم جميعاً. وإذا وكله أن يعتقه على حنطة فأعتقه على غيرها فإنه لا يجوز. وإذا وكله أن يعتقه على ألف درهم فأعتقه على خمسمائة فإنه لا يجوز. وإذا اختلف الوكيل والمولى فقال المولى: أمرتك بألف، وقال الوكيل: بخمسمائة، فالقول قول المولى مع يمينه. وكذلك لو قال المولى: أمرتك بحنطة، وقال الوكيل: بشعير، فإن ذلك باطل لا يجوز. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يعتق عبده على جُعْل فأعتقه على خمر ¬

_ (¬1) م ز ع: الى. (¬2) ع: رجل. (¬3) ز: ينقض. (¬4) ع: من قيمة. (¬5) ع: أن يبيع. (¬6) ع: فيما. (¬7) ع - الناس. (¬8) م ز: فيه.

أو خنزير فالعتق جائز، وعلى العبد قيمة نفسه. ولو أعتقه على دم أو ميتة لم يجز ذلك؛ لأن هذا ليس بجعل. ولو أعتقه على حكم العبد أو على حكم الوكيل جاز العتق عليه، وكان (¬1) على العبد قيمته. ولو قال: أعتقه على هذا العبد، فأعتقه عليه فإذا هو حر جاز العتق، وعليه قيمة نفسه. ولو أعتقه على عبد فاستحق العبد جاز العتق، وكان على العبد المعتق قيمة نفسه في قول أبي حنيفة. ولو أعتقه على متاع فاستحق ذلك المتاع كان عليه قيمة نفسه. وهذا قول أبي حنيفة الآخر وقول أبي يوسف. وقال محمد: على العبد المعتق قيمة العبد المستحق. وهو قول أبي حنيفة الأول. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يعتق عبده على جعل فأعتقه على شاة مذبوحة بعينها أو على (¬2) دنّ (¬3) خل بعينه فإذا الشاة ميتة (¬4) وإذا الخل خمر فإن العتق جائز في الخمر، وعلى العبد قيمة نفسه، وأما في الشاة فالعتق باطل. وإذا وكَّل الكافر المسلم أن يعتق عبداً كافراً على جعل فأعتقه على خمر أو خنزير فهو جائز، وقد وجب ذلك للمولى عليه، وليس للوكيل من ذلك شيء. وإذا وكَّل العبد رجلاً أن يشتري له نفسه من مولاه [أو] يسأله (¬5) له العتق على مال ففعل ذلك الوكيل والمولى فالعتق جائز، والمال على العبد، ولا شيء منه على الوكيل (¬6)؛ لأنه لم يضمنه. وكذلك الأمة. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يعتق نصف عبده فأعتقه كله فإنه لا يجوز في قياس قول أبي حنيفة. وكذلك لو وكله أن يطلق امرأته واحدة فطلقها ¬

_ (¬1) ع + وكان. (¬2) ع + خمر. (¬3) ع: دون. (¬4) ز: اميتة. (¬5) م ز ع: مسلمه. والتصحيح من ب؛ والكافي، 2/ 86 ظ. (¬6) قال الحاكم: وهذا خلاف الرواية في الجامع الكبير. انظر: الكافي، الموضع السابق. وانظر: الجامع الكبير لمحمد بن الحسن، 319.

باب الوكالة في المكاتبة

اثنتين (¬1) فإنه لا يجوز في قول أبي حنيفة. وهو جائز في قول أبي يوسف ومحمد، ويقع عليها تطليقة، وفي قول أبي يوسف ومحمد يعتق العبد كله. وإذا وكله أن يعتق العبد كله فأعتق نصفه جاز ذلك في قياس قول أبي حنيفة، ويسعى في قيمته. ولا يسعى (¬2) في قول أبي يوسف ومحمد في شيء، وهو حر (¬3). وإذا وكَّل الذمي المسلم بعتق عبده على خدمته سنة فأعتقه على ذلك فهو جائز. ولو وكله بعتقه على خدمة مجهولة جاز عتقه، وسعى العبد (¬4) في قيمته. وإن وكله أن يعتقه على جعل غير مسمى فأعتقه على ألف فإني أدع القياس وأجيز ذلك، وأجعلها ألف درهم إذا كان مثله يعتق على مثل ذلك. ... باب الوكالة في المكاتبة وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يكاتب عبده فهو جائز، وليس للوكيل أن يقبض المكاتبة؛ لأن المولى لم يوكله بذلك. ولو دفع المكاتب إليه ذلك المال لم يبرأ من ذلك. فإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يكاتب عبده فكاتبه على شيء لا يتغابن الناس في مثله فهو جائز في قياس (¬5) قول أبي حنيفة. ولا يجوز في قول أبي يوسف ومحمد إلا أن يحط من ذلك ما يتغابن الناس. فإن كان كذلك فهو جائز. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يكاتب عبده، فإن كاتبه على وصفاء (¬6) أو ¬

_ (¬1) ز: اثنين. (¬2) م - في قيمته ولا يسعى، صح هـ. (¬3) ع: حق. (¬4) ع - العبد. (¬5) ع - قياس. (¬6) ع: على وصف.

غنم أو إبل أو على صنف من الثياب (¬1) أو على شيء مما يكال أو يوزن فهو جائز. وكَّل شيء كاتبه عليه مما تجوز (¬2) فيه المكاتبة فهو جائز. وكذلك الخلع والعتق على مال. ولو كاتبه الوكيل على خمر أو خنزير لم تجز (¬3) المكاتبة. وكذلك الميتة والدم وكَّل ما لا تصلح (¬4) عليه المكاتبة، فإن ذلك لا يجوز. ولو كان المولى كافراً والعبد (¬5) كافراً والوكيل مسلماً فكاتبه على خمر أو خنزير كان جائزاً. ولو كان المولى مسلماً والعبد مسلماً (¬6) أو كافراً والوكيل كافر فكاتبه على خمر لم يجز؛ لأن المولى مسلم. وكذلك لو كان المولى كافراً والعبد مسلماً. وإذا وكَّل المسلم الكافر أن يكاتب (¬7) عبده فإني أكره له ذلك وأجيزه عليه. وإن وكَّل عبداً بذلك مكاتباً أو صبياً أو مدبراً أو أم ولد فهو جائز. وكذلك الذمي يوكل أحداً من هؤلاء بذلك. وإذا وكَّل الرجل رجلين أن يكاتبا عبده فكاتبه أحدهما دون الآخر فإنه لا يجوز؛ لأنه لم يرض برأيه وحده. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يكاتب عبده فوكَّل الوكيل رجلاً آخر فإن ذلك لا يجوز. فإن كان الموكل قال: ما صنعت من شيء فهو جائز، فإن ذلك جائز عليه. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يكاتب عبدين له وكاتبهما جميعاً أو متفرقين أو كاتب أحدهما وترك الآخر فهو جائز (¬8). وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يكاتب عبدين له (¬9) مكاتبة واحدة ¬

_ (¬1) ز: أو على صف أن الثياب. (¬2) ز ع: يجوز. (¬3) ز: لم يجز. (¬4) ز ع: لا يصلح. (¬5) ع: أو العبد. (¬6) ع - والعبد مسلماً. (¬7) ع: أن يكاتبه. (¬8) ع - فهو جائز. (¬9) م + وكاتبهما جميعاً أو متفرقين أو كاتب أحدهما وترك الآخر فهو جائز وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يكاتب عبدين له؛ ز + وكاتبهما جميعاً أو متفرقين أو كاتب أحدهما وترك الآخر فهو جائز وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يكاتب عبدين له وكاتبهما جميعاً أو =

ويجعل (¬1) كل واحد منهما كفيلاً ضامناً فكاتب أحدهما دون الآخر فإن ذلك لا يجوز. ألا ترى أنه لو قال: بع هذا الثوب من فلان بكفالة فلان، فباعه بغير ذلك فإن ذلك لا يجوز. وكذلك لو قال: بعه برهن، فباعه بغير رهن فإن ذلك لا يجوز. ولو لمحال: بعه بشهود، فباعه بغير شهود فإن ذلك جائز، ولا يشبه هذا البابين الأولين. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يكاتب عبده ثم إن المولى كاتب العبد بعد (¬2) ذلك فليس للوكيل أن يكاتبه، وهذا إخراج (¬3) له من الوكالة. وكذلك لو باعه ثم اشتراه فعلم بذلك الوكيل أو لم يعلم فهو سواء، وقد خرج من الوكالة. ولو أخرجه من الوكالة ولم (¬4) يعلمه بذلك كان على وكالته بعد. فإن أعلمه (¬5) بذلك صبي أو عبد أو ذمي أو غيره برسالة من الموكل فقد خرج من الوكالة. وكذلك (¬6) هذا الباب في البيع والشراء. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يكاتب عبده ثم إن المولى باعه ثم إنه ردّ (¬7) عليه بعيب فقبله بقضاء قاض كان الوكيل على وكالته (¬8)، له أن يكاتبه. وكذلك لو كان وكله أن يبيعه فله أن يبيعه. فإن قبله المول بغير قضاء قاض فليس للوكيل أن يكاتبه ولا يبيعه. وكذلك لو استقاله فأقاله أو اشتراه. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يكاتب عبده فأغمي على الوكيل أو مرض ثم أفاق ثم كاتبه فهو جائز. ولو لم يصب ذلك الوكيل ولكن العبد أصابه ذلك ثم كاتبه الوكيل فهو جائز. وكذلك لو كان وكله بالبيع كان مثل هذين البابين. ولو جنى على العبد رجل ففقأ عينه ثم باعه الوكيل أو كاتبه كان جائزاً، ولزم الجاني أرش ذلك الجرح، ولا يلزمه ما زاد بعد ذلك. ¬

_ = متفرقين أو كاتب أحدهما وترك الآخر فهو جائز وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يكاتب عبدين له. (¬1) ع: وجعل. (¬2) م ز ع: عن. (¬3) ز: اخرج. (¬4) ع: أو لم. (¬5) م ز: أعلم. (¬6) ع + وكذلك. (¬7) ع: رده. (¬8) م ز ع + أن يكاتبه وكذلك لو كان وكله أن يبيعه فله أن يبيعه فإن قبله المولى.

وإذا وكّل الرجل رجلاً أن يكاتب عبده أو يبيعه ثم إن العبد قتل (¬1) رجلاً خطأً ثم باعه الوكيل أو كاتبه وهو يعلم أو لا يعلم فإن ذلك جائز، وعلى المولى القيمة، مِن قِيَل أنه قد وكَّل بذلك قبل الجناية (¬2)، ولا تلزمه (¬3) الدية وإن علم المولى بذلك. وإذا وكَّل الرجل رجلاً فقال: بع عبدي هذا أو أعتقه أو كاتبه على مال، فأي ذلك ما فعل الوكيل فهو جائز. وإن ذهب عقل الوكيل زماناً ثم رجع إليه عقله فهو على وكالته. فإن ذهب عقل الموكل زماناً ثم رجع إليه عقله فقد خرج الوكيل من الوكالة. وكذلك إن ارتد المولى عن الإسلام ولحق بالدار ثم جاء مسلماً وقد كان القاضي قسم ماله بين ورثته. ولو أن الوكيل هو الذي كان رجع عن الإسلام ولحق بالدار ثم رجع وأسلم كان على وكالته على حاله. ولو أن العبد كان هو المرتد واللاحق بالدار ثم جاء كان الوكيل على وكالته. ولو أن المولى كان هو المرتد ولم يلحق بالدار حتى أسلم كان الوكيل على وكالته. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يكاتب عبده على دراهم فكاتبه على دنانير فإنه لا يجوز. وكذلك لو وكله أن يكاتب على ألف درهم فكاتبه على أقل منها فإنه لا يجوز. ولو قال الوكيل: بهذا أمرتني، وكذبه المولى وقال: أمرتك بكذا كذا، لشيء (¬4) آخر فالقول قول المولى في ذلك، ولا تجوز (¬5) المكاتبة بعد أن يحلف المولى. وكذلك هذا الباب في البيع والشراء والخلع والنكاح والإجارة والرهن والعتاق على مال. وإن أقام الوكيل البينة على ما قال جاز ذلك كله على الآمر ولزمه. فإذا وكَّل الرجل وجلاً أن يكاتب عبده هذا أو هذا فإن للوكيل أن يكاتب أيهما شاء. فإن كاتب العبدين جميعاً كل واحد منهما على حدة فالأول منهما مكاتب والثاني مكاتبته باطلة (¬6). وإن كاتبهما جميعاً معاً ¬

_ (¬1) ز: قبل. (¬2) ز: الخيانة. (¬3) ز ع: يلزمه. (¬4) ع: بشيء. (¬5) ز ع: يجوز. (¬6) ز: باطل.

فمكاتبتهما باطلة إذا كان قد جعل النجوم واحدة. وإن كان لم يجعل النجوم واحدة أجبرت المولى (¬1) على أن يجيز أيهما شاء بحصته من ذلك ويرد الآخر. وكذلك هذا في الخلع. فأما النكاح فلا تلزمه (¬2) واحدة (¬3) منهما. وإذا وكله (¬4) ببيع عبديه ذا أو ذا (¬5) فباعهما جميعاً واحداً بعد واحد فبيع الأول جائز والثاني مردود. وإن باعهما جميعاً لم يجز واحد منهما إذا أبطل المشتري البيع. فإن طلب أحدهما فليس له ذلك. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يكاتب عبداً له فكاتبه فاختلف الوكيل والعبد والمولى فقال العبد: كاتبتني (¬6) على ألف، وقال المولى: على ألفين، فإن القول في قول أبي حنيفة قول العبد. وفي قول أبي يوسف ومحمد القول قول المولى، ولا يصدق الوكيل في شيء من ذلك، ويتحالفان ويترادان، وهذا قول أبي حنيفة الأول. وكذلك هذا الباب في الخلع، القول قول المرأة، ولا يصدق الوكيل ولا الزوج. وكذلك النكاح في هذا الباب القول فيه قول المرأة إذا دخل (¬7) بها (¬8) بينها (¬9) وبين مهر مثلها، ولا يصدق الوكيل ولا الزوج. فأما البيع والشراء فإنه لا يسمع من قول المشتري في ذلك، والقول قول البائع إذا كان المبيع بعينه قائماً أو يترادان. وإن كان المبيع مستهلكاً فالقول قول المشتري، ولا يصدق الوكيل ولا الموكل في ذلك. وكذلك الإجارة. فأما العتق على مال فالقول فيه قول العبد، ولا يصدق الوكيل ولا المولى. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يكاتب عبداً له يوم الجمعة فقال الوكيل: يوم السبت، وقد كاتبته أمس بعد الوكالة على كذا وكذا، وكذبه المولى فإنه في القياس القول قول المولى، ولكني أدع القياس وأجيزه. ¬

_ (¬1) ع: للمولى. (¬2) ز ع: يلزمه. (¬3) ع: واحد. (¬4) ع: وكَّل. (¬5) ع: وذا. (¬6) ز: كايبتني. (¬7) ع: إذا حل. (¬8) ز: بينهما. (¬9) م ز ع: بينهما. ولفظ ب: وفي النكاح القول للمرأة إلى مهر مثلها إن دخل بها.

وكذلك البيع والإجارة والعتق على مال والخلع على مال، فإن الوكيل يصدق في ذلك كله. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يكاتب عبداً له فقال الوكيل: وكلتني أمس وكاتبته آخر النهار بعد الوكالة، وقال رب العبد: إنما وكلتك اليوم، فالقول قول رب العبد مع يمينه، وتبطل (¬1) المكاتبة. وكذلك البيع لو وكله أن يبيع عبده والنكاح والخلع والعتق على مال. فإن أقام الوكيل البينة أنه قد فعل ذلك ولم يقم بينة على الوكالة فإن ذلك لا يلزم الآمر، ولا يجوز عليه. وإذا وكَّل الرجل مكاتباً له أو لغيره كافراً أو مسلماً فكاتب (¬2) عبداً له فهو جائز. وكذلك إن كان العبد ابن الوكيل أو أباه (¬3) أو كان (¬4) أخاه (¬5) أو كانت (¬6) امرأة الوكيل أو ابنته أو أمه أو أخته فهو جائز. وكذلك كل ذي رحم محرم منه من رضاع أو نسب فهو جائز. وكذلك لو وكله أن يبيعه ويشتريه فهو جائز. وإذا وكَّل رجل رجلين بمكاتبة عبد له فقال (¬7): أي هذين الرجلين كاتبه فهو جائز، فأيهما كاتبه فهو جائز كما قال. ولو قال: قد (¬8) وكلت هذا بمكاتبته (¬9) أو هذا فأيهما ما كاتبه فهو جائز، فكاتبه أحدهما فهو جائز. وكذلك هذا في العتق والخلع والنكاح والطلاق والبيع والشراء. وإذا وكَّل الرجل الرجلين فقال: قد وكلت أحدهما أن يكاتب عبدي، ولم يبين أيهما هو ولم يسم واحداً منهما بعينه ولم ينوه فكاتبه أحدهما فهو في القياس مثل الأول. وإذا وكُّل الرجل رجلاً أن يكاتب عبده فأبى أن يقبل الوكالة ثم ذهب فكاتبه فإنه لا يجوز. وكذلك هذا في العتق على مال أو غيره. ¬

_ (¬1) ز: ويبطل. (¬2) ع - فكاتب. (¬3) م ز ع: أو أبوه. (¬4) ع - كان. (¬5) م ز ع: أخوه. (¬6) ز ع: أو كاتب. (¬7) ع + له. (¬8) ع - قد. (¬9) ع: بمكاتبة.

باب وكالة المضارب

وإذا وكَّل (¬1) رجل رجلاً أن يكاتب عبداً له فأبى العبد أن يقبل ذلك ثم بدا للعبد في قبول ذلك فكاتبه الوكيل فهو جائز. وكذلك هذا في النكاح والعتق على مال أو غير مال والبيع والشراء. وإذا وكَّل مكاتب رجلاً أن يكاتب عبداً له فهو جائز. ولو وكله أن يعتقه على مال كان باطلاً. ولو وكَّل العبد التاجر رجلاً أن يكاتب عبداً له لم يجز. ولو وكله بعتقه على مال أو على (¬2) غير مال لم يجز. ولو وكَّل رجل رجلاً أن يكاتب عيد ابن له صغير في عيالة كان جائزاً. ولو وكله بعتقه على مال أو غير مال لم يجز ذلك. وإن كبر الابن قبل أن يكاتب الوكيل (¬3) لم يجز ذلك على الابن. وكذلك اليتيم. ... باب وكالة المضارب وإذا وكَّل المضارب وكيلاً بتقاضي (¬4) دين من المضاربة فهو جائز. وكذلك لو وكله بقضاء دين عليه من المضاربة فهو جائز. وكذلك لو كان بعض المضاربة وديعة فوكَّل وكيلاً بقبضها كان جائزاً؛ لأن المضارب له أن يُبْضِع (¬5) لأن فلك من التجارة، وله أن يستودع (¬6)، فالوكالة بمنزلة ذلك. فإذا وكَّل المضارب وكيلاً ببيع شيء من المضاربهّ فهو جائز. وإن (¬7) وكَّل المضارب وكيلاً بأن (¬8) يؤاجر عبداً من المضاربة فهر جائز. وإن (¬9) وكَّل وكيلاً أن يستأجر له بيتاً يضع (¬10) فيه ما شاء من المضاربة أو دابة يحمل عليها شيئاً من المضاربة فهو جائز. ¬

_ (¬1) م + وإذا وكل. (¬2) ع - على. (¬3) م + يكاتب. (¬4) ز: يتقاضي. (¬5) م ز: لأن مضارب أن يبضع. (¬6) ز: أن مستودع. (¬7) م ز ع: فإن. (¬8) ع: أن. (¬9) ع: فإن. (¬10) م ز: يبضع.

وإذا وكَّل المضارب وكيلاً بالخصومة في شيء يدعيه من المضاربة أو يُدَّعى عليه (¬1) منها فهو جائز. وإن وكَّل رب المال بذلك (¬2) ذمياً أو مسلماً أو امرأة أو رجلاً أو عبداً أو حراً فهو جائز. وإن كان المضارب مكاتباً أو عبداً تاجراً فوكَّل بذلك حراً أو عبداً فهو جائز. وإن كان رب المال مكاتباً أو عبداً تاجراً فوكَّل وكيلاً ببعض ما ذكرنا فهو جائز. وإذا وكَّل المضارب رجلاً يشتري له عبداً بالمضاربة فاشترى له أخا رب المال فالشراء جائز على المضارب، ولا يجوز على رب المال. وإذا وكَّل المضارب وكيلاً أن يشتري له بألف درهم من المضاربة عبداً فاشترى بها أخا المضارب، فإن لم يكن فيه فضل على رأس المال فهو جائز على المضارب وعلى رب المال. فإن كان فيه فضل لم يجز على رب المال، وجاز على (¬3) المضارب. وإذا وكَّل المضارب وكيلاً بالخصومة في دين من المضاربة على (¬4) رجل فلما خاصمه عند القاضي أقر الوكيل بأن المضارب قد قبض ذلك المال فهو جائز على المضارب في قياس قول أبي حنيفة وقول أبي يوسف ومحمد. فإن كان قال المضارب: لم أقبضه، فهو مصدق، ولا يضمن، وقد برئ الغريم، وهذا بمنزلة قول الوكيل: قد أخذته فدفعته إليه، فقال المضارب: لم يدفعه إلي، فكل واحد منهما يصدق في نفسه. وإذا وكَّل المضارب وكيلاً بقبض مال المضاربة من رب المال فهو جائز. وكذلك لو وكَّل رب المال وكيلاً يدفعه إلى المضارب كان جائزاً. فإذا وكَّل المضارب وكيلاً بدفع شيء من رأس المال أو من الربح إلى رب المال فهو جائز. وإذا أمر رب المال (¬5) المضارب أن ينفق على أهله فوكَّل المضارب وكيلاً بالنفقة عليهم (¬6) فهو جائز. فإن قال الوكيل: أنفقت عليهم مائة درهم ¬

_ (¬1) م ز ع: فيه. والتصحيح من ب. (¬2) ع - بذلك. (¬3) ع + على. (¬4) ع - المضاربة على. (¬5) ع - المال. (¬6) ع - عليهم.

في مدة ينفق مثلها عليهم، وقال المضارب: أنفقت مائتين في مدة ينفق مثلها على مثلهم، وقال رب المال: ما أنفقت شيئاً، فالقول قول المضارب مع يمينه، ويذهب من المال مائتا (¬1) درهم، ولا يضمن الوكيل شيئاً. وإنما يصدق (¬2) المضارب لأن المال في يديه. وكذلك كل وكيل يُدفَع إليه مال (¬3) ويؤمر (¬4) أن ينفقه على شيء من الأشياء كائنٍ ما كان فهو جائز، وهو مصدق في النفقة على ذلك بالمعروف. وإذا وكَّل المضارب وكيلاً ودفع إليه مالاً من المضاربة [وأمره] (¬5) أن ينفق على رقيق المضاربة فالوكيل مصدق (¬6) في ذلك وإن جحد ذلك المضارب ورب المال. وإذا وكَّل المضارب رجلاً يحمل طعاماً أو شراباً (¬7) من المضاربة وأمره أن يستأجر له فهو جائز. وكذلك لو أمره بقِصارة المتاع وأن يعطي عليه أجراً فهو جائز. فإذا وكَّل وكيلاً ينفق على رقيق من المضاربة ولم يدفع إليه مالاً فقال الوكيل: قد أنفقت عليهم كذا وكذا، وكذبه المضارب، فإن الوكيل لا يصدق، مِن قِبَل أنه لم يكن في يده مال يكون فيه مؤتمناً، فصار الآن إنما يدعي ديناً. وكذلك لو وكله رجل في مال نفسه أن ينفق على رقيق له ولم يدفع إليه شيئاً. وإذا وكَّل المضارب وكيلاً أن يشتري له متاعاً بعينه من المضاربة ولم يدفع إليه المال فجاء رب المال وأخذ المال وناقضه المضاربة (¬8) ثم اشترى الوكيل ذلك المتاع ولا (¬9) يعلم فهو جائز على المضارب، ولا يجوز على رب المال. وإن كان الوكيل قد علم فهو جائز أيضاً على المضارب. فإن كان ¬

_ (¬1) ز: مائتي. (¬2) ز: تصدق. (¬3) ع: المال. (¬4) ز: ويوم. (¬5) الزيادة من ب. (¬6) ع: يصدق. (¬7) ع: وشرابا. (¬8) ع: المضارب. (¬9) ع: ولم.

المضارب دفع إليه المال (¬1) بعدما جاء صاحب المال فتاركه (¬2) المضاربة ونهاه أن يشتري بالمال شيئاً فلم يعلم الوكيل بذلك حتى اشترى فإن ذلك لا يجوز على رب المال، ويجوز على المضارب. فإن شاء رب المال ضمن الوكيل ماله. وإن شاء ضمن البائع الذي انتقده. وإن شاء ضمن المضارب. فإن ضمن المضارب لم يرجع على واحد منهما. وإن ضمن الوكيل رجع على المضارب. وإن ضمن البائع رجع على الوكيل، ورجع الوكيل على المضارب. وإذا وكَّل المضارب وكيلاً ببيع عبد من رقيق المضاربة ثم إن رب المال نهى (¬3) المضارب عن البيع ونقض المضاربة ثم باع الوكيل العبد وهو (¬4) يعلم أو لا يعلم فبيعه جائز. ولا يشبه هذا الباب الأول؛ لأن رب المال لا يستطيع أن يمنع المضارب البيع وقد يمنعه (¬5) الشراء. ولو أن رب المال مات فباع الوكيل العبد كان جائزاً. وكذلك لو وكله المضارب بالبيع بعد (¬6) موت رب المال ثم باع الوكيل. ولو كان وكله (¬7) بشراء عبد بألف درهم من المضاربة (¬8) فمات رب المال ثم اشترى الوكيل العبد وهو يعلم لزم ذلك المضارب الآمر دون رب المال. وإن كان لا يعلم لزم الشراء المضارب ولم يلزم رب المال. وإن كان المضارب هو الذي مات ورب المال حي ثم اشترى الوكيل كان الشراء له، وكان ضامناً، علم أو لم يعلم. وإن باع شيئاً لم يجز. وإن تقاضى ديناً قد كان المضارب أمره ووكله بتقاضيه (¬9) لم يجز. وكَّل شيء وكله به المضارب من خصومة (¬10) أو إجارة أو بيع أو شراء فقد انقطع، علم أو لم يعلم. وإن كان رب المال هو الميت ¬

_ (¬1) ع - وإن كان الوكيل قد علم فهو جائز أيضاً على المضارب فإن كان المضارب دفع إليه المال. (¬2) ز: فباركه. (¬3) ز: بها. (¬4) ع: فهو. (¬5) م ز ع: منعه. (¬6) ع: وبعد. (¬7) ع: وكَّل. (¬8) م ز ع: من المضارب. والتصحيح من الكافي، 2/ 88 ظ. (¬9) ز: يتقاضيه. (¬10) م ز: من الخصومة.

باب وكالة أحد المتفاوضين

والمضارب حي فالوكالة في ذلك كله جائزة ما خلا الشراء؛ لأن المضاربة قد انقطعت، فليس له أن يشتري بها على رب المال. ... باب وكالة أحد المتفاوضين وإذا كان الشريكان شركة مفاوضة (¬1) فوقع بينهما وبين رجل خصومة في شيء من تجارتهما فوكَّل أحدهما وكيلاً بالخصومة في شيء من ذلك فهو جائز عليهما جميعاً. فإن وكَّل الآخر وكيلاً بالخصومة في ذلك فهو جائز عليهما أيضاً. وأي الوكيلين خاصم فهو جائز. وكذلك إن خاصما جميعاً فهو جائز. وأي الوكيلين أقر بأن هذا الحق لهذا المدعي فهو جائز عليهما. وكذلك لو أقرا جميعاً. وإن أقر أحدهما أو جميعاً عند غير القاضي فإنه لا يجوز في قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أَبو يوسف (¬2): إقرارهما جائز في كل شيء من هذا عند قاض أو عند غير قاض. ولكن إن أقر عند غير القاضي بطلت الخصومة في قول أبي حنيفة ومحمد (¬3)، ولم أقض بينهم حتى يجيء الذي وكلهم. وإن كان أحدهما هو الذي ولي الخلطة والأخذ والإعطاء فوكل (¬4) وكيلاً فغاب أو مرض فأراد الخصم أن يخاصم شريكه ويدع الوكيل فله ذلك، وللوكيل أن يخاصم أيضاً؛ لأنه الطالب أيضاً. ولست (¬5) أقبل وكالة في خصومة إلا أن يكون صاحبها مريضاً أو غائباً إلا أن يرضى الخصم بذلك. وكذلك النساء في قول أبي حنيفة. فأما في قول أبي يوسف ومحمد فإنه تقبل (¬6) من النساء والرجال الوكالة في غير مرض ولا غيره. ¬

_ (¬1) م ز ع: متفاوضة. (¬2) ع - وقال أَبو يوسف. (¬3) م ز ع + وقال أَبو يوسف إقرارهما جائز في كل شيء من هذا عند قاض أو عند غير قاض ولكن إن أقر عند غير القاضي بطلت الخصومة في قول أبي حنيفة ومحمد. (¬4) ع: يوكل. (¬5) ز: وليست. (¬6) ز ع: يقبل.

فإذا اشترى أحد المتفاوضين عبداً فوجد به عيباً فوكَّل وكيلاً في رده لم يقبل ذلك منه حتى يحضر فيحلف ما رضي بالعيب ولا سلم. وكذلك لو كان شريكه هو الذي يخاصم فيه لم يكن بد من أن يحضر الذي اشترى حتى يحلف ما رضي بالعيب. وإن كان الذي اشتراه حاضواً فخاصم فطلب البائع يمين شريكه ما رضي بالعيب لم يكن (¬1) عليه يمين. ولو أوجبت عليه اليمين لم يستطع المشتري أن يرده حتى يحضرا (¬2) جميعاً. وإذا وكَّل أحدهما بخصومة في عبد باعه فطعن فيه المشتري بعيب وغاب الموكل أو مرض فالوكالة جائزة، وللمشتري أن يخاصم الوكيل، وليس على الوكيل يمين. وإن أراد أن يخاصم الشريك الآخر ويستحلفه على علمه (¬3) فعل. وإذا جنى أحد المتفاوضين جناية (¬4) في عبد أو حر يلزمه فيها مال في ماله أو على عاقلته أو يلزمه فيها (¬5) قصاص فأراد الطالب أن يخاصم شريكه في ذلك فليس بينه وبينه خصومة في ذلك. ولو وكَّل الطالب وكيلاً بطلب ذلك قبلته منه إذا كان غائباً أو مريضاً ما خلا القصاص، فإنه لا بد من أن يحضر إذا وقع القصاص. وقال أَبو يوسف ومحمد: لست أقبل وكالة في قصاص على وجه من الوجوه غائباً كان أو حاضراً. وكذلك لو كان أحد الشريكين هو المجني عليه لم يكن لشريكه أن يخاصم في شيء من ذلك، وقبلت وكيل الطالب في الخصومة في ذلك إذا غاب، وقبلت وكيل المطلوب في الخصومة في ذلك، ولم أقبل وكيلاً في قصاص. وإذا وكِّل أحد المتفاوضين وكيلاً بتقاضي دين لهما أو قبض وديعة لهما أو عارية أو بضاعة أو بقضاء دين عليهما ودفع إليه مالاً، أو وكله ببيع عبد لهما أو شراء (¬6) شيء (¬7) يشتريه لهما أو بإجارة دار لهما أو يستأجر بيتاً ¬

_ (¬1) ع ز + له. (¬2) م ز ع: يحضران. (¬3) ع: على عمله. (¬4) ز: خياية. (¬5) ز + مال في ماله أو على عاقلته أو يلزمه فيها. (¬6) ز: أو بشرى. (¬7) ع: بشيء.

لهما ودفع إليه الدراهم أو دواباً أو أجراء (¬1) فذلك كله جائز عليهما. فإن عزل الذي لم يوكل الوكيل عن الوكالة في جميع ذلك فعزله جائز، وقد خرج الوكيل من الوكالة. وإن أمضى الوكيل شيئاً من ذلك بعد عزله عن ذلك فهو باطل. وإن لم يخرجه من الوكالة ولكنه وكَّل آخر كان كل واحد منهما وكيلاً على حدة يجوز عليه ما صنع كل واحد منهما. وإذا وكَّل أحد المتفاوضين وكيلاً بشيء مما (¬2) ذكرت لك وهو الذي ولي ذلك ثم افترقا واقتسما وأشهدا أنه (¬3) لا شركة بينهما ثم إن الوكيل أمضى الذي كان وكَّل به وهو يعلم أو لا يعلم فإنه يجوز (¬4) ذلك كله عليهما جميعاً. وكذلك لو كانا وكلاه جميعاً؛ لأن وكالة أحدهما جائزة على الآخر، وليس تفرقهما (¬5) ينقض الوكالة. وإذا وكَّل أحد المتفاوضين وكيلاً ودفع إليه مالاً وأمره أن ينفقه على متاع من تجارتهما أو (¬6) على رقيق أو على غنم فالوكيل مصدق فيما أنفق من ذلك بالمعروف وإن كذبه الآخر. وإذا وكَّل أحد المتفاوضين وكيلاً يقاسم له شريكه ويفارقه فهو جائز. وإذا وكَّل أحد المتفاوضين وكيلاً بقبض دين أدانه الآخر، فإن قبضه الوكيل فالمطلوب بريء، وللمطلوب أن يمنع الوكيل ذلك ويقول: لا أدفعه إلا إلى الذي (¬7) أدانني أو يقر الذي عليه الدين بأنهما متفاوضان وأن أحدهما (¬8) قد وكَّل هذا. وإن قامت به بينة كان للوكيل أن يقبض ذلك. ... ¬

_ (¬1) ع: وأجرا. (¬2) ز: فما. (¬3) ع: وأشهد أن. (¬4) ع + يجوز. (¬5) ز ع: يفرقهما. (¬6) ع - أو. (¬7) ع - الذي. (¬8) ز: احدههما؛ ع: أحد.

باب وكالة شركة العنان

باب وكالة شركة العنان وإذا كان الرجلان (¬1) الشريكان شركة عنان في تجارة خاصة أو في خادم أو في دابة أو في دار فوكَّل أحدهما وكيلاً ببيع ذلك لم يجز ذلك. فإن كانا في تجارة يشتريان ويبيعان فإن وكالته جائزة عليه وعلى صاحبه، أستحسن ذلك وأدع القياس فيه. ألا ترى أن الشريك يُبْضِع من الشركة ويستأجر منه الأجير (¬2) و [من] (¬3) يبيع له. فأما إذا كانا شريكين في خادم أو في ثوب خاصة فليس لأحدهما أن يوكل ببيعه أحداً، وإن وكَّل لم يجز في حصة صاحبه. وليس الشيء الخاص في هذا كالتجارة في الشيء العام (¬4)؛ لأن هذا خاص. ألا ترى أن الشريك لو باع الدار كلها لم يجز نصيب صاحبه. وكذلك الثوب والخادم لم يجز نصيب صاحبه. وإن كانا شريكين (¬5) في البز أو القطن أو في الطعام يشتريان ويبيعان فباع أحدهما شيئاً من ذلك جاز عليهما. فكذلك أجيره ووكيله. وكذلك لو استبضع بضاعة جاز على صاحبه. وإن باع أحدهما ثوباً فليس لأحدهما أن يتقاضى ثمنه. ولو وجد المشتري به عيباً لم يخاصم فيه إلا الذي باعه. ولو وكَّل الذي باع بقبض الثمن وكيلاً جاز ذلك عليهما. ولو وكَّل الآخر بقبض الثمن لم يجز؛ لأنه لم يل (¬6) البيع. وإذا كان عبد بين رجلين بميراث أو اشترياه (¬7) فوكَّل أحدهما وكيلاً أن يؤاجره لم يجز ذلك في نصيب صاحبه؛ لأن هذا خاص ليس بتجارة عامة. وإذا وكَّل الشريك في التجارة وكيلاً فدفع (¬8) إليه مالاً فأمره (¬9) أن ينفق (¬10) على شيء من تجارته ومن تجارة شريكه بمال من الشركة فذلك ¬

_ (¬1) م ز: للرجلان. (¬2) م ع: الاجر. (¬3) الزيادة من ب. ولفظه: ألا ترى أن الشريك يبضع من الشركة ويستأجر من يبيع له. (¬4) م: العايم؛ ز ع: القايم. والتصحيح من عبارة المؤلف الآتية بعد أسطر. (¬5) ع: الشريكين. (¬6) ز: لم يلي. (¬7) م ز ع: واشترياه. والتصحيح من ب. (¬8) ع: ودفع. (¬9) ع: وأمره. (¬10) ع: أن ينفقه.

باب ما لا تجوز فيه الوكالة

جائز. وكذلك لو وكّل وكيلاً أن يشتري له شيئاً ودفع إليه مالاً من الشركة وأبضع منها بضاعة أو أمره ببيع عبد منها أو متاع فهو جائز. وإن أخرج الشريك الآخر الوكيل من الوكالة فقد خرج الوكيل منها. وإن كان في تقاضي أو بيع أو شراء فإنه يخرج من الوكالة في البيع والشراء وفي الإجارة وفي الاستئجار؛ فأما في تقاضي الدين فإن كان الذي وكله هو الذي أدان الدين فإخراج هذا إياه باطل، وإن كان لم يدن الدين فليس بوكيل في تقاضيه. ولا يجوز وكالة في تقاضي إلا أن يوكله الذي أدان الدين. ... باب ما لا تجوز (¬1) فيه الوكالة وإذا وكَّل الرجل رجلاً بطلب قصاص في نفس أو فيما دونها فإنه لا تقبل (¬2) وكالته في قصاص. فإن وكله (¬3) وكيلاً بإثبات البينة على ذلك فإني لا أقبل البينة على ذلك أيضاً. هذا قول أبي يوسف. وأما في قول أبي حنيفة ومحمد فإنه تقبل (¬4) البينة إن كان غائباً أو مريضاً. قال محمد: أقبل الوكالة إن كان غائباً أو مريضاً أو غير غائب ولا مريض في إثبات البينة، وإذا بلغ القصاص لم أقبل الوكالة حتى يحضروا جميعاً. وقال أَبو يوسف: إن كان غائباً أو مريضاً لم أقبل وكالة من غائب ولا مريض ولا من غيره ولا من امرأة حتى يحضروا جميعاً. وإذا وكَّل المطلوب بالقصاص وكيلاً بالخصومة في دفع ما يطلب لم أقبله أيضاً، وهذا قول أبي يوسف. وقال أَبو حنيفة: أقبل البينة منه وإن كان مريضاً أو غائباً، فإذا بلغ القصاص لم أقبل حتى يحضروا جميعاً القصاص. وكذلك الحد في القذف، وإذا وكَّل الطالب بطلب ذلك وهو غائب أو مريض فإن وكَّل بإثبات البينة على ذلك لم أقبل الوكالة في قول أبي يوسف. ¬

_ (¬1) ز ع: لا يجوز. (¬2) ز: لا يقبل. (¬3) ع: وكَّل. (¬4) ز ع: يقبل.

وقال أَبو حنيفة ومحمد: أقبل الوكالة في ذلك، ولا أمضي الحد حتى يحضر الطالب. وحد القذف وحد السرقة في ذلك كله سواء. وإن كان المطلوب مريضاً فوكَّل وكيلاً في دفع ذلك عنه لم أقبله. وهذا قول أبي يوسف. وقال أَبو حنيفة ومحمد: يقبل منه. وإن وكَّل الطالب وكيلاً بالخصومة في المتاع السرقة (¬1) وهو غائب أو مريض ولم يطلب الحد قبلت ذلك منه، وقضيت (¬2) له بالمتاع إن ثبت له. وإذا قذف الرجل الرجل بالزنى فوكَّل في طلب ذلك ابنه أو أباه أو أخاه بإثبات البينة لم أقبل ذلك منه. هذا قول أبي يوسف. وقال أَبو حنيفة: أقبل ذلك إن كان غائباً أو مريضاً، فإذا بلغ الحد لم أمضه أبداً حتى يحضره. وكذلك كل ولد أو والد أو جد أو جدة مِن قِبَل الأم أو مِن قِبَل الأب. وكذلك كل قرابة. وإذا وكَّل الرجل وكيلاً بطلب دم عبد قُتل عمداً والعبد لابنه وابنه صغير لم أقبل الوكالة في قتله (¬3). وكذلك إن كان للصبي فقُطعت يده فوكَّل أبوه بالقصاص وكيلاً فإني لا أقبل ذلك. وكذلك القاضي. وكذلك الرجل يكون عنده عبد عارية أو وديعة فقُتل عمداً فليس بوكيل في القصا ولو وكله بذلك رب العبد. وكذلك عبد من المضاربة أو عبد بين شريكين شوكة عنان أو شركة مفاوضة قُتل عمداً وأحدهما (¬4) غائب فليس للحاضر أن يقتله (¬5). فإن كان الغائب وكله بذلك لا نقبلها (¬6). ولا يقبل وكيل في قصاص فى نفس ولا فيما دونها ولا في إقامة حد. وإذا وكَّل رجل وكيلاً بخصومة أو بيع أو شراء أو تقاضي أو بقضاء أو إجارة أو رهن أو بيع (¬7) أو نكاح أو طلاق أو عتاق أو مكاتبة أو شيء من الأشياء فليس للوكيل أن لوكل بذلك غيره. وإن وكله لم يجز. ¬

_ (¬1) أي: المسروق. (¬2) ز: قبضت. (¬3) ز: في قبله. (¬4) ع: أو أحدهما. (¬5) أي: ليس له أن يقتل قاتله. (¬6) ز ع: لا يقبلها. (¬7) كذا في النسخ. وهو تكرار.

ولا تجوز (¬1) وكالة المكاتب في شيء لولده (¬2) إذا كانوا أحراراً. وكذلك العبد. وكذلك الكافر إذا كان له ولد صغير مسلم. وكذلك المرتد اللاحق بالدار يوكل بشيء من أمر نفسه في دار الإسلام أو بشيء من أمر ولده الصغار فإن ذلك لا يجوز ولا يقبل. وإن كان اليتيم ليس له وصي فلا تجوز (¬3) وكالة أمه ولا أخته ولا ذي رحم محرم في شيء من أمره ما خلا خصلة واحدة: إن كان يكون في عيال أحدهم (¬4) فقبض له هبة أو وكَّل بقبضها فإني أجيز هذا، أو يوكل من يؤاجره فإن هذا جائز. واللقيط يكون في حجر رجل لا تجوز (¬5) وكالته في شيء من أمره من إجارة ولا غيرها ما خلا هبة يقبضها له. ولو أن الذي اللقيط في حجره باع عبداً له أو اشترى له شيئاً أو أجر داراً له أو عبداً أو دابة أو تقاضى ديناً له واللقيط صغير في حجره أو وكَّل بذلك وكيلاً لم يجز ذلك كله. وكذلك أم اليتيم توكل (¬6) بشيء من ذلك اليتيم فإنه لا يجوز شيء من ذلك. وكذلك أخوه وعمه وكَّل ذي رحم محرم منه. وكذلك الجد أَبو (¬7) الأب إذا كان الأب حيّاً أو ميتاً له وصي، فإن الوكالة في ذلك غير جائزة. وإذا كان للرجل عبد في يدي رجل فقال لرجل آخر: انطلق فاشتر عبدي من فلان لنفسك، فذهب فاشتراه ولم يكن رب العبد وكَّل البائع بالبيع، فإن هذا البيع يجوز، ويكون أمره للمشتري وكالة للبائع في البيع. وكذلك الدار والثوب والدابة والأرض والدراهم والدنانير. ولو كان لرجل على رجل دين فقال لآخر (¬8): اذهب فاقبض ديني من فلان، وإن هذا جائزاً، وليس للذي عليه الدين أن يمتنع من دفعه، وليس ¬

_ (¬1) ز ع: يجوز. (¬2) م ز ع: من ولده. (¬3) ز: فلا يجوز؛ ع: ولا يجوز. (¬4) م ز ع: في عياله أحدهما. والتصحيح من ب. (¬5) ز ع: لا يجوز. (¬6) ز ع: يوكل. (¬7) ز: أب. (¬8) م ز ع: وقال الآخر. والتصحيح مستفاد من ب؛ والكافي، 2/ 89 ظ.

قوله هذا بوكالة للذي عليه، ولكن هذا وكالة للقابض. وكذلك الوديعة والعارية تكون (¬1) عند الرجل يوكل صاحبها بقبضها. وكذلك الرهن يكون عند الرجل فوكَّل رب الرهن رجلاً بقبضه المال وبأخذ (¬2) الرهن. وكذلك العبد يكون عند الرجل بإجارة فتنقضي (¬3) المدة فوكَّل رب العبد وكيلاً يقبضه منه. وكذلك الدار في هذا والخادم والدابة والثوب. وقوله: اقبض، مثل قوله: اشتر متاعي. أرأيت لو قال (¬4) لعبد (¬5) له: انطلق إلى فلان حتى يكاتبك، فكاتبه فلان أما كان يجوز، أو قال: انطلق إلى فلان حتى يعتقك، فأعتقه فلان أما كان يعتق. أرأيت لو قال لامرأته: انطلقي إلى فلان حتى يطلقك، فذهبت فطلقها فلان أما كان يجوز ذلك ويقع عليها. بل يقع ذلك كله. أرأيت إن نهاها (¬6) بعد ذلك فقال: لا تنطلقي (¬7) إلى فلان ولا يطلقك، أيكون هذا نهياً لها عن الطلاق. ألا ترى أن رجلاً لو (¬8) أمر رجلاً أن قالق امرأته أو يعتق عبده ثم قال للمرأة: قد نهيت فلاناً أن يطلقك، [أو قال للعبد:] نهيت (¬9) فلاناً أن (¬10) يعتقك، ولم يكن فعل ولم يعلم الوكيل ذلك حتى طلق أو أعتق ألم يكن جائزاً. وكذلك الأول. فإذا علم الوكيل بذلك فهذا نهي، ولا يجوز طلاقه ولا عتاقه. وإذا قال الرجل (¬11) للرجل: اذهب بثوبي (¬12) إلى فلان حتى يبيعه، ففعل فهذا (¬13) أمر من رب الثوب وإذن في بيعه. ولو قال: اذهب بهذا الثوب إلى القصار حتى يَقْصُرَه (¬14)، أو إلى الخياط حتى يخيطه قميصاً، كان هذا إذناً له. ¬

_ (¬1) ز ع: يكون. (¬2) ع: ويأخذ. (¬3) ز: فينقضي؛ ع + فتنقضي. (¬4) م ز ع: متاعي أنت أو قال. (¬5) م: العبد. (¬6) ع: إن نهى. (¬7) ز: لا ينطقي. (¬8) ع - لو. (¬9) م ز: ونهيت. (¬10) ع - نهيت فلاناً أن. (¬11) م: للرجل. (¬12) ز: ثبوتي. (¬13) م ز ع: هذا. (¬14) قصر الثوب، أي: دقه وغسله، من باب نصر، ويجوز فيه التشديد أيضاً فيقال: قصّر الثوب تقصيرا. انظر: المغرب، "قصر"، ومختار الصحاح، "قصر".

باب وكالة العبد المأذون له في التجارة

باب وكالة العبد المأذون له في التجارة وإذا كان العبد تاجراً أو يؤدي الغلة أو كان يبيع ويشتري قد أذن له مولاه في ذلك فهو سواء، وله أن يوكل بتقاضي دينه وكيلاً، ويوكل بالقضاء عنه، ويوكل ببيع متاعه وكيلاً، ويوكل من يشتري له، ويوكل من يستأجر له داراً أو عبداً أو جارية وغير ذلك، ويوكل من يؤاجره، فذلك كله جائز عليه. ويوكل وكيلاً يرهن له. وليس له أن يوكل وكيلاً أن يزوجه، ولا يوكل وكيلاً أن يكاتب عبداً له؛ لأن مولاه لم يأذن له بالتزويج ولا في المكاتبة. ولو أذن له في ذلك كله فوكَّل لم يجز (¬1) ذلك في النكاح. ولا يجوز ذلك في المكاتبة، لأن المكاتبة لمولاه إذا لم يكن عليه دين. فإن كان عليه دين فلا يجوز. فإذا وكَّل العبد التاجر وكيلاً بالخصومة في شيء بينه وبين رجل فهو جائز. وإلا أقر وكيله عند القاضي عليه فهو جائز. وإن أقر عند غير القاضي فإنه لا يجوز في قول أبي حنيفة ومحمد، ولا يكون الوكيل وكيلاً في ذلك بعد إقراره. وإذا حجر رجل على عبده انقطعت وكالة وكيله في الخصومة وفي البيع والشراء والإجارة، ولا تنقطع (¬2) في القضاء ولا التقاضي. وليس لمولاه إذا غاب العبد أن يتقاضى دينه، ولا يوكل بذلك إن كان عليه دين أو لم يكن. فإن اقتضى شيئاً أو قضاه وكيل المولى فهو جائز. فإن لم يكن عليه دين فليس يجوز. وإن أذن له المولى في التزويج فوكَّل العبد وكيلاً بذلك بأمر المولى ثم نهاه المولى عن التزويج والوكيل يعلم فقد خرج من الوكالة. فإن كان لا يعلم فهو على الوكالة. وإن (¬3) زوجه جاز عليه. وليس له أن يوكل بذلك إن لم يأمره المولى بالوكالة. ¬

_ (¬1) ز - يجز. (¬2) ز: ينقطع. (¬3) ع: فإن.

وإذا وكَّل العبد التاجر رجلاً بتقاضي دينه عبداً كان الوكيل أو حراً فهو جائز. فإن باع المولى العبد الموكل فقد خرج الوكيل من وكالته إن لم يكن على العبد دين، أو كان على العبد دين وكان باعه بأمر الغرماء. ويجعل القاضي وكيلاً بتقاضي الدين إن كان على العبد دين. فإن لم يكن على العبد دين تقاضاه المولى. وكذلك إذا مات العبد. فأما إذا أعتقه فهو على الوكالة لا يخرج منها، لأن المعتق هو (¬1) يطلب الدين حتى يقضي أمانته (¬2). وكذلك إذا كاتبه بإذن الغرماء فأدى فعتق أو لم يؤد (¬3). وإذا وكَّل العبد وكيلاً بالخصومة في حق يطلبه قِبَل رجل ثم حجر عليه مولاه فخاصم الوكيل حتى يقضى عليه أو يقضى له، فإن القضاء (¬4) جائز في كل شيء وَلِيَه العبد. وإن كان شيئاً لم يله العبد فالقضاء مردود؛ لأن الوكيل قد خرج من الوكالة حين حجر المولى على عبده. وكذلك إن باعه. وكذلك إن مات. فأما إذا كاتبه أو أعتقه فهو على الوكالة على حاله. وكذلك هذه الوكالة في الإجارة والرهن. وكذلك الوكالة في قبض الدين. فإن قال الوكيل: قبضت قبل الحجر أو قبل موته، لم يصدق الوكيل على ذلك؛ لأنه قد خرج من الوكالة. والمال على الغريم على حاله. فإن كان الغريم صدق الوكيل لم يرجع عليه إلا أن يكون المال قائماً بعينه فيأخذه. وإن كان أعطاه وهو يكذبه رجع عليه به. وإن كان (¬5) أعطاه وهو لا يكذبه ولا يصدقه رجع به عليه (¬6). ولو أن عبداً تاجراً له دين على رجل به كفيل وكَّل (¬7) رجلاً بتقاضي (¬8) دينه ذلك الذي على فلان من فلان الذي عليه الأصل فتقاضاه الوكيل من الكفيل كان جائزاً، والكفيل هاهنا بمنزلة المطلوب الذي عليه الأصل. ¬

_ (¬1) ع + الذي. (¬2) وعبارة ب: لأن له طلب ديونه فيؤدي ما عليه. (¬3) ز: لم يؤدي. (¬4) ز - فإن القضاء. (¬5) ع - كان. (¬6) ز: عليه به. (¬7) ز: ووكل. (¬8) ز: يتقاضي.

ولو أن عبداً تاجراً ادعى داراً في يدي رجل فوكَّل رجلاً (¬1) بالخصومة فيه وبقبضها (¬2) فباعها الذي هي في يديه وقبضها المشتري كان للوكيل أن يخاصم هذا المشتري فيها؛ لأنه وكيل فيها بعينها. وكذلك الرقيق والحيوان والعروض والمال العين. ولو كان الموكل وكَّل الوكيل بخصومة فلان في هذه الدار وباعها فلان من آخر لم يكن للوكيل أن يخاصم المشتري؛ لأن الموكل لم يوكله إلا بخصومة البائع. ولو أن البائع لم يبعه ولكنه وكَّل رجلاً (¬3) بالخصومة كان لوكيل (¬4) الطالب أن يخاصم وكيل المطلوب؛ لأن وكيله بمنزلته. ألا ترى أن القضاء على وكيله قضاء عليه. ولو أن العبد الطالب وكَّل وكيلاً يخاصم فلاناً في هذه الدار فإذا الدار في يدي غير فلان لم يكن للوكيل أن يخاصم الذي هي (¬5) في يديه؛ لأنه وكله بخصومة غيره. ولو لم يسم أحداً كان له أن يخاصم من وجدت الدار في يديه. ولو أن عبداً تاجراً كانت (¬6) في يديه دار فوكل وكيلاً بالخصومة فيها فلاناً المدعي فادعاها آخر لم يكن الوكيل وكيلاً بالخصومة لهذا الثاني، وهو وكيل يخاصم من سمى له، ويخاصم وكيله إن وكل، ولا يخاصم الآخر؛ لأنه لم يسمه. وكذلك الرقيق والحيوان والعروض. وإذا وكَّل العبد التاجر وكيلاً ببيع شيء أو شراء أو إجارة أو رهن أو غير ذلك وهو تاجر فأخرج المولى الوكيل من الوكالة فليس له ذلك، وهو وكيل على حاله، إن فعل ذلك لزم العبد وجاز عليه إن كان عليه دين أو لم يكن عليه دين، وليس مولاه من هذا في شيء. ولو أن العبد وكَّل مولاه بشيء من ذلك كان جائزاً، وليس لمولاه أن يوكل غيره. فإن فعل وأنفذ وكيل (¬7) المولى شيئاً من ذلك فإني انظر في ذلك: فإن كان على العبد دين لم يجز ذلك، وإن لم يكن عليه دين جاز ذلك. وكل وكيل ببيع شيء أو شرائه (¬8) فوكَّل ¬

_ (¬1) ع + آخر. (¬2) ز ع: ويقبضها. (¬3) ع: رجل. (¬4) م ز: الوكيل؛ ع: للوكيل. (¬5) ع - هي. (¬6) ز: كاتب. (¬7) ع: الوكيل. (¬8) ع: أو شراء.

عبده (¬1) بذلك وهو (¬2) حاضر فإنه جائز. وكذلك النكاح والخلع والطلاق على مال والعتق على مال والإجارة والمكاتبة. وكَّل شيء من هذا فليس يجوز وكالة الوكيل فيه إذا كان الوكيل الأول غائباً. ولو أن المولى وكَّل وكيلاً يزوج عبده التاجر فزوج (¬3) العبد والعبد حاضر أو غائب جاز ذلك عليه، ليس له أن يمتنع من ذلك. وكذلك (¬4) الأمة والمدبرة وأم الولد في جميع ما ذكرنا في هذا الكتاب سواء. ولو أن المولى باع متاعاً لعبده التاجر أو اشترى من مال عبده التاجر بدراهم عروضاً نظر في ذلك: فإن كان عليه دين لم يجز، وإن لم يكن عليه دين جاز ذلك. وإذا وكَّل العبد التاجر وكيلاً بخصومة في شيء ثم حجر عليه مولاه فقد خرج الوكيل من وكالته. فإن أذن له المولى في التجارة بعد ذلك لم يكن الوكيل وكيلاً في تلك الخصومة. وكذلك لو وكله ببيع (¬5) يبيعه له أو شيء يشتريه أو شيء يستأجر له أو يؤاجره فهو سواء في ذلك. ولو أن عبداً تاجراً بين رجلين وكَّل وكيلاً بشيء من ذلك ثم حجر عليه أحد الموليين كان الوكيل على حاله، يجوز ما صنع في حصة الذي لم يحجر عليه، ولا يجوز في حصة الآخر. وإذا كان العبد بين رجلين فأذنا له في التجارة ثم إن العبد وكَّل وكيلاً باقتضاء ماله أو ببيع أو شراء أو إجارة دار له أو استئجار دور له أو أجراء فهو جائز. وإن وكَّل بذلك أحد الموليين أو كلاهما فهو جائز. وإن حجر أحدهما عليه فحجره جائز. فإن علم بذلك الوكيل فقد خرج من الوكالة من نصيب الذي حجر عليه. فإن باع أو اشترى أو أجر أو استأجر جاز ذلك في نصيب الآخر، ولا يجوز في نصيب الحاجر. وإن تقاضى ديناً جاز في نصيبهما جميعاً، ليس قبض الدين (¬6) كما ذكرنا من غيره. وإن ¬

_ (¬1) م: غيره، م هـ: في نسخة عبده؛ ز: غيره، ز + في نسخة عبده. (¬2) ع: فهو. (¬3) م ز ع: فزوجه. (¬4) ع - وكذلك. (¬5) أي: مبيع كما تقدم مراراً. (¬6) ز: الذي.

حجرا عليه جميعاً بعلم الوكيل ثم أذنا له في التجارة ثانية فليس للوكيل أن يبيع له ولا يشتري ولا يؤاجر ولا يستأجر؛ لأنه قد خرج من الوكالة بالحجر الأول (¬1)، ولا يعود فيها بغير وكالة مستقبلة. وإذا وكَّل العبد مولييه (¬2) جميعاً ببيع أو شراء ثم حجرا عليه ثم أذنا له في البيع والشراء ثم باعا ما كان وكلهما عليه ببيعه أو اشتريا له أو أجرا له أو استأجرا له وعليه دين فإن ذلك لا يجوز. وإذا كان العبد بين رجلين أو رجل وامرأة فأذنا له في البيع والشراء فوكَّل في شيء فيما ذكرنا فهو مثل ذلك الأول. وكذلك إن كانت (¬3) المرأتان بكرين أو ثيبين. وكذلك لو كانتا من أهل الكتاب أو من المجوس. وكذلك إن كان مولى العبد مكاتبين أو مكاتباً وحراً أو عبداً وحراً أو عبدين تاجرين (¬4) فهو في ذلك سواء. فإن كان العبد قد وكَّل وكيلاً بالخصومة في حق يدعيه قبل رجل أو يُدَّعى قِبَلَه فهو جائز. وإن وكَّل بذلك امرأة أو عبداً محجوراً عليه أو عبداً لمولاه أو عبداً لغيرهم فهو جائز. وإن كان وكَّل بذلك مكاتباً أو ذمياً أو مسلماً (¬5) أو عبداً مدبراً (¬6) فهو جائز. وأم الولد والمدبر والعبد إذا كانوا تجاراً [فإنهم] يشترون ويبيعون في الوكالة (¬7) في جميع ما وصفنا. وليس للعبد أن يوكل وكيلاً بخصومة أحد يدعي رقبته أو يدعي جراحة (¬8) جرحه العبد إياها أو جرح (¬9) هو العبد، فليس للعبد أن يوكل بالخصومة في شيء من ذلك ولا يصالح (¬10). ولو فعل شيئاً من ذلك لم يجز. ولو كان عبداً للعبد فعل ذلك أو ادعيت رقبته كان للعبد التاجر أن ¬

_ (¬1) م ز ع: للأول. (¬2) م ز: موليته. (¬3) ز: إن كاتب. (¬4) م ز: أو مكاتب وحر أو عبد وحر أو عبدان تاجران؛ ع: أو مكاتب أو حر أو عبد وحر أو عبدان تاجران. (¬5) م ز ع: أو مكاتب أو ذمي أو مسلم. (¬6) ع: أو عبد أو مدبر. (¬7) ع: في المكاتبة. (¬8) م ز ع: جراحته. (¬9) ز: أو خرج. (¬10) م ز: ولا يصلح.

يوكل بذلك وكيلاً بالخصومة في ذلك وبالصلح، وليس هذا كالشيء يدعى في رقبته؛ لأنه مسلط على بيع ماله، وليس بمسلط على بيع رقبته. وإذا وكَّل العبد وكيلاً يشتري له بزاً أو يستأجر له أجراء في عمل يعملونه وهو تاجر فباعه مولاه من رجلين فأذن له المشتريان في التجارة فقد خرج وكيله من الوكالة في ذلك. فإن وكَّل بعد ذلك ثم باعه أحد الموليين من الآخر فأذن له أيضاً في التجارة فإنه ينبغي في القياس أن تكون (¬1) الوكالة جائزة في النصف الذي لم يبع، ولا تجوز (¬2) في النصف الذي يبيع (¬3)، ولكن أدع القياس في ذلك وأستحسن وأجيز (¬4) الوكالة في ذلك كله. وإذا وكَّل العبد وكيلاً وفرض له أجراً مسمى في كل شهر فهو جائز. فإن كان الوكيل اشترى العبد من مولاه ثم أذن له في التجارة فقد خرج من الوكالة الأولى إلا أن يستقبل العبد وكالته ثانية. وإذا أذن له مولى العبد التاجر في النكاح فتزوج (¬5) أمة أحدهما فهو جائز. وكذلك لو تزوج أمة (¬6) لهما جميعاً برضاهما فهو جائز. وإذا كانت الأمة بين رجلين فأذنا لها في التجارة فاستدانت ثم أذنا لها في التزويج (¬7) فتزوجت فهو جائز. فإن وكلت بذلك وكيلاً فزوجها (¬8) وهي حاضرة فهو جائز. وإن زوجها وهي غائبة فإنه لا يجوز إلا أن تجيز (¬9) هي بعد (¬10) ذلك فيجوز. وإذا كان العبد بين رجلين محجوراً عليه فوكَّل رجلاً أن يشتري له شيئاً ثم إنه أعتق أو أذن له مولياه في البيع والشراء فاشترى الوكيل ذلك فهو جائز، أستحسن ذلك وأدع القياس فيه. وكذلك لو وكله أن يزوجه ثم أعتقه ¬

_ (¬1) ز ع: أن يكونه (¬2) ز: يجوز. (¬3) ز: يبع. (¬4) ؤ: وأخيز. (¬5) ز: فيزوج. (¬6) ع - أحدهما فهو جائز وكذلك لو تزوج أمة. (¬7) ع: في التزوج. (¬8) ز: فتزوجها. (¬9) ز: أن يجيز. (¬10) ع: العبد.

الموليان (¬1) فزوجه الوكيل كان جائزاً. وكذلك لو كانت (¬2) أمة فوكلت أن يزوجها ثم أعتقت فزوجها (¬3) الوكيل فهو جائز. ولا يشبه هذا الصبي يوكل بالبيع أو بالشراء ثم يدرك (¬4) أو يأذن له أبوه في ذلك فيبيعه الوكيل عليه فهذا لا يجوز؛ لأن الصبي لم يعقل ولم يدرك. وإذا وكَّل العبد النصراني وكيلاً مسلماً يشتري له خمراً أو يبيعها له ومولاه نصراني ففعل المسلم لم يجز. ولو كان العبد مسلماً فوكَّل نصرانياً بذلك فباع له خمراً كان جائزاً، ولا انظر إلى المولى في هذا الوجه. وإذا وكَّل العبد وكيلاً يكاتب مولاه عليه فهو جائز. وكذلك إذا كان (¬5) الوكيل عبداً أو مكاتباً أو حراً أو امرأة أو غير ذلك فهو جائز. وكذلك لو كان الوكيل وكيل المولى فكاتب العبد جاز. وكذلك لو كان الوكيل عبداً للمولى أو مكاتباً أو أمة أو مدبرة أو أم ولد فهو سواء. وكذلك إن كان الوكيل ابن المولى أو أباه أو أخاه (¬6) أو عمه أو شريكه في العبد فهو سواء، وهو جائز إن كاتب، وليس للوكيل أن يقبض المكاتبة، وليس بمسلط عليها. ولو قبضها لم يجز ذلك على الموكل. وإن كان الوكيل وكَّل المكاتب فكاتب عليه لم يكن عليه من المال شيء. ولو ضمن ذلك لم يجز ذلك، ولم يؤخذ بالضمان. وإذا وكَّل العبد وكيلاً يشتريه لنفسه من مولاه فهو جائز. فإذا اشتراه وأعلم المولكتابذلك عتق، وكان المال على الوكيل. فإن أداه من مال العبد غرمه ثانية (¬7) إذا كان ذلك المال في يدي العبد قبل العتق، ورجع به على العبد. وإذا كان الوكيل وكيل المولى فباع العبد من نصيبه فإنه يعتق، وليس للوكيل أن يقبض المال من العبد؛ لأن هذا عتق وليس ببيع. ¬

_ (¬1) ز: الموليين. (¬2) ز ع: لو كاتب. (¬3) ز: فتزوجها. (¬4) ع: ثم أدرك. (¬5) ع - إذا كان. (¬6) م ز ع: أو أبوه أو أخوه. (¬7) ع: ثانياً.

باب وكالة المكاتب في كتابته

فإذا وكَّل العبد رجلاً يشتري له من مولاه شيئاً أو يبيع منه وهو عبد تاجر فهو جائز إن كان عليه دين. فإن (¬1) لم يكن عليه دين فإنه لا يجوز؛ لأنه لا يشتري من عبده (¬2) ولا يبيع، ولا يدخل بينه وبين عبده ربا وإن ولي الصفقة غيره، لأنه ماله بعضه في بعض، إذا لم يكن على العبد دين. فإذا وكَّل العبد وكيلاً في خصومة أو بيع أو شراء ثم أبق (¬3) العبد فقد خرج الوكيل من الوكالة؛ لأن الإباق حجر. وإن كان الوكيل عبداً وأبق فهو على الوكالة لم يخرج منها غير أنه لا تلزمه (¬4) عهدة في شيء. ... باب وكالة المكاتب في كتابته وإذا وكَّل المكاتب وكيلاً ببيع متاع له أو يشتري (¬5) له متاعاً أو يؤاجر له شيئاً ثم عتق فهو على الوكالة. وكذلك إن لم يعتق وكان على المكاتبة. فإن عجز ورد رقيقاً بطلت الوكالة. وكذلك الوكالة في الخصومة. فأما الوكالة في تقاضي دين فهو على الوكالة إن عتق وإن عجز؛ لأن المكاتب هو الذي ولي صفقة البيع. وإذا وكَّل المكاتب وكيلاً ببيع أو شراء أو إجارة أو تقاضي دين فإن (¬6) ذلك جائز. وإن كان وكيله مكاتباً مثله أو عبداً أو أمة أو حراً أو ذمياً (¬7) ووكيله مسلم فذلك كله جائز. فإذا وكَّل المكاتب رجلاً بخصومة في حق ادعاه (¬8) أو ادعي قِبَلَه ¬

_ (¬1) ع: وإن. (¬2) ع: من عبد. (¬3) م ز ع: ثم أعتق. والتصحيح من الكافي، 2/ 91 و. (¬4) ز ع: لا يلزمه. (¬5) ع: أو شرى. (¬6) ع - فإن. (¬7) م ز ع: مكاتب مثله أو عبد أو أمة أو حر أو ذمي. (¬8) ز: ادعائه.

فهو جائز. وأن (¬1) كان وكَّل وكيلاً في جناية (¬2) خطأٍ قِبَلَه فهو جائز. وكذلك العمد إذا لم يكن فيه قصاص. وكذلك لو ادعى قبل عبد دعوى فوكَّل وكيلاً يخاصم في ذلك. وكذلك لو ادعى هو دعوى في عبد عند رجل فوكَل وكيلاً بالخصومة في ذلك فهو جائز. ولو خاصمه المولى في المكاتبة فوكَل وكيلاً بذلك المكاتب أو وكَّل المولى وكيلاً بالخصومة في ذلك كان جائزاً. فإن أقر وكيل (¬3) المكاتب عليه عند قاض (¬4) بأن المكاتبة ألف وادعى المولى، فإن ذلك جائز يلزمه ما أقر به الوكيل. ولو أن الوكيل (¬5) كان وكيل المولى فأقر بأن المكاتبة خمسمائة وادعى ذلك المكاتب وأقر عند القاضي كان جائزاً لازماً. ولو أن المكاتب وكَّل وكيلاً بالخصومة في حق ادعي قبله ثم عزل الوكيل عن الخصومة بمحضر منه كان جائزاً، ولم يكن وكيلاً في شيء (¬6) بعد إذ عزله. وكذلك لو كان وكيلاً في البيع والشراء والإجارة أو الرهن أو التقاضي أو القضاء، فذلك كله باب واحد سواء. وإذا وكَّل المكاتب وكيلاً ببيع شيء أو شرائه أو إجارة شيء له أو يستأجر له شيئاً ثم مات المكاتب فقد انقطعت الوكالة. وكذلك إن ترك وفاء أو لم يترك وفاء. وكذلك لو قتل (¬7). وكذلك لو مات الوكيل (¬8) انقطعت الوكالة. وكذلك لو جن المكاتب وذهب عقله سنين (¬9) كثيرة خرج الوكيل من الوكالة (¬10). ولو جن الموكل ساعة أو أغمي عليه لم يخرج الوكيل من الوكالة، أستحسن هذا ولا أراه مثل الأول. وإذا وكَّل المكاتب وكيلاً في خصومة ثم مات أو عجز ورد رقيقاً فقد ¬

_ (¬1) ع: فإن. (¬2) ز: في خيانة. (¬3) ع: الوكيل. (¬4) ز: قاضي؛ ع: القاضي. (¬5) ع - ولو أن الوكيل. (¬6) ع - شيء. (¬7) ز: لو قبل. (¬8) ز: للوكيل. (¬9) ز: شيئاً. (¬10) ع - وكذلك لو جن المكاتب وذهب عقله سنين كثيرة خرج الوكيل من الوكالة.

خرج الوكيل من الخصومة في (¬1) الشراء والبيع وفي الإجارة وفي الرهن سواء. وكذلك المدبرة والمكاتبة وأم الولد المكاتبة والعبد يعتق بعضه ويسعى في بعض قيمته، فهو (¬2) سواء. وإن كان مولى المكاتب مسلماً (¬3) والمكاتب ذمي أو كان المكاتب مسلماً (¬4) والمولى ذمي فهو سواء في الوكالة. وإذا كان العبد بين اثنين فكاتب أحدهما نصيبه بغير إذن صاحبه فهو جائز ما لم يرد ذلك صاحبه. فإن وكَّل المكاتب وكيلاً بالبيع والشراء أو بخصومة أو بإجارة شيء أو يتكارى له شيئاً فهو جائز في نصيب الذي كاتبه، ولا يجوز في نصيب الذي لم يكاتبه. فإن كاتبه الآخر فالوكيل (¬5) وكيل (¬6) على حاله، وينبغي (¬7) أن لا يجوز على حصة الآخر، ولكني أستحسن فأجيزه (¬8) عليهما جميعاً، وأدع القياس في ذلك وأستحسن. فإن عجز عن مكاتبة أحدهما فرد في الرق وقد كان وكَّل وكيلاً في كتابتهما جميعاً في خصومة أو بيع أو شراء أو إجارة شيء له أو استئجار (¬9) شيء له، فإن ذلك يجوز عليه في نصيب الذي لم يعجز وفي نصيب الذي عجز جميعاً، لأنهما حين كاتباه جميعاً فمكاتبة كل واحد منهما إذن لصاحبه في المكاتبة. فلما (¬10) عجز عن مكاتبة أحدهما كان بمنزلة عبد بين اثنين كاتب أحدهما نصيبه بإذن صاحبه، فما وكَّل به المكاتب من بيع أو شراء أو غير ذلك من أنواع التجارات فذلك في جميع رقبة العبد؛ لأن إذنه بالمكاتبة لشريكه إذن منه لنصيبه في التجارة. ولو أن عبداً محجوراً عليه وكَّل وكيلاً بشراء شيء يشتريه له أو يستأجره له ثم كاتبه المولى ففعل الوكيل ذلك فهو في القياس باطل لا يجوز، ولكني أستحسن فأجيزه. وكذلك لو أعتق ولم يكاتب. وكذلك لو ¬

_ (¬1) ز ع: وفي. (¬2) ع: وهو. (¬3) م ز ع: مسلم. (¬4) م ز ع: مسلم. (¬5) ع: والوكيل. (¬6) ع - وكيل. (¬7) ع: أو ينبغي. (¬8) ع: فأجبره. (¬9) ع: أو استئجاره. (¬10) ز: إنما.

أذن له في التجارة ولم يكاتب. ولا يشبه العبد في هذا الصبي. ولو أن الصبي وكَّل وكيلاً ثم كبر لم يكن وكيله وكيلاً (¬1) في شيء من ذلك، لأنه وكله ولا تجوز (¬2) وكالته. ولا أرى العبد يشبه هذا؛ لأن (¬3) العبد لو تزوج ثم عتق جاز عليه، ولو اشترى الصبي ثم كبر أو تزوج ثم كبر لم (¬4) يجز (¬5) عليه، وهو مخالف للعبد. ولو أن مكاتباً وكَّل وكيلاً يبتاع له شيئاً أو يستأجر له شيئاً (¬6) ثم رُدّ (¬7) في الرق ثم كاتب ثانية (¬8) كان الوكيل قد خرج من الوكالة حيث رد العبد في الرق؛ لأنه قد (¬9) حدث بعدما جازت الوكالة شيء أفسدها، وليس هذا كالذي وكَّل وهو عبد ثم كاتب. ولو أن المكاتب وكَّل بتقاضي (¬10) دين له أو بقضاء دين عليه وكيلاً ثم عجز فاقتضى (¬11) وكيله أو قضى أجزت ذلك، ولا يشبه هذا البيع والشراء والخصومة والإجارة. وكذلك العبد التاجر يوكل بذلك لم يحجر (¬12) عليه. ألا ترى أن المكاتب لو قبض ديناً أدانه في كتابته بعدما عجز أجزت ذلك. وكذلك إن قضى (¬13) ديناً عليه. ولا يجوز بيعه ولا شراؤه. وإن مات انتقضت الوكالة، ولم يكن لوكيله أن يقضي ولا يتقاضى، ولا يشبه الموت العجز. ولو عجز فباعه مولاه وأجاز الغرماء البيع لم يكن الوكيل على وكالته في التقاضي والقضاء، مِن قِبَل أن المكاتب لو قبض ذلك أو قضاه بعد البيع لم يجز. وكذلك العبد التاجر يحجر عليه فهو مثل ذلك أيضاً. فإذا وكَّل المكاتب وكيلاً بقبض هبة توهب له أو صدقة أو نحلى أو عمرى فهو جائز. فإن قبضها الوكيل ثم عجز قبل أن تصل (¬14) إليه أو بعدما ¬

_ (¬1) ع - وكيلاً. (¬2) ز ع: يجوز. (¬3) م ع: إلا أن. (¬4) ع - ثم كبر لم. (¬5) ع: يجبر. (¬6) ع - أو يستأجر له شيئاً. (¬7) ع: ثم رده. (¬8) ع: ثانياً. (¬9) ع - قد. (¬10) ز: يتقاضي. (¬11) ز: فاقتضاء. (¬12) ع: لم يجز. (¬13) ز: إن قضاء. (¬14) ز: أن يصل.

وصلت إليه فهو سواء، وهي لمولاه. وكذلك لو قبضها الوكيل بعدما عجز المكاتب وبعد عتقه فهو سواء، وهو جائز. فإن قبضها بعد موته فإنه لا يجوز، وهي مردودة على الواهب. وليس للمكاتب أن يوكل بقبض دين مكاتب له ولا عبد له تاجر (¬1). وكذلك الحر ليس له أن يقبض دين مكاتبه ولا دين (¬2) عبده التاجر ولا يوكل بذلك وكيلاً. وإن اقتضى المولى دين عبده التاجر فإن لم يكن عليه دين فهو جائز. وإن كان عليه دين فليس يجوز. وكذلك الوديعة هي مثل الدين والعارية والبضاعة ومال الشركة والمضاربة. وإذا وكَّل المكاتب بتزويج عبده فإنه لا يجوز. وكذلك لا يجوز أن يوكل بتزويج مكاتبه. وكذلك أبوه وأخوه وابنه وأمه وابنته. فأما أم ولده فإن له أن يزوجها، فإن وكَّل بتزويجها فهو جائز. وإن زوجها الوكيل، فإن كانت (¬3) أم ولد امرأته فليس له أن يزوجها ولا يوكل بذلك؛ لأن لها زوجاً. وإنما جاز تزويج أمته لأنه يأخذ لها مهراً، ولم يجز تزويج عبده لأنه يعطي عليه مهراً. وإذا كان مكاتب بين رجلين، فإن وكَّل أحدَهما بقبض دين له على الآخر أو على غيره فهو جائز. ولو (¬4) وكَّل أحدَهما بشراء خادم من الآخر أو من غيره فهو جائز. فإن خاصمه أحدهما في شيء يدعيه قِبَلَه سوى المكاتبة أو كان المكاتب هو الذي ادعى قِبَلَه فوكَّل مولاه الآخر بالخصومة في ذلك فهو جائز. وكذلك ابن مولاه الآخر وأبوه وأمه وأخوه وامرأته ومكاتب له آخر وعبده وأمته ومدبره وأم ولده (¬5)، فذلك كله سواء، يوكل أي هؤلاء شاء. ولو كانت الخصومة بينه وبين مولييه جميعاً فوكَّل ابن أحدهما بذلك فهو جائز. وكذلك لو كان عبد أحدهما أو مكاتب أحدهما أو مكاتباً (¬6) لهما. وكذلك البيع والشراء والإجارة. ¬

_ (¬1) ع: تاجراً. (¬2) ع: قرين. (¬3) ز: كاتب. (¬4) ز ع: أو. (¬5) م ع: وأم ولد. (¬6) م ز ع: أو مكاتب.

وإذا كانت (¬1) المكاتبة بين اثنين فوكل (¬2) وكيلاً بالخصومة في شيء فشهد له الموليان على الوكالة فإن الشهادة لا تجوز (¬3) على ذلك؛ لأنهما شهدا لعبدهما. وكذلك لو شهدا على خصمه أنه وكَّل بذلك والخصم غائب لم يجز أيضاً. وكذلك لو شهد ابنهما وأبوهما وأمهما ونساؤهما. ولو شهد على ذلك ابنا (¬4) المكاتب وهما حران أو أبوه وامرأته وهما حران لم يجز ذلك. وإن وكَّل هذا المكاتب الذي بين رجلين وكيلاً بدفع نصيب أحدهما وغاب فليس للآخر أن يأخذ من الوكيل شيئاً. وكذلك لو وكَّل وكيلاً بقضاء دين عليه فدفع المال إليه فأراد مولياه أو غيرهما أن يقبضا (¬5) ذلك من الوكيل لم يكن له ذلك. وإذا أمر المكاتب رجلاً أن يشتري له عبد فلان فاشتراه له الوكيل من فلان أو من وكيله أو من رجل اشتراه منه فهو جائز. ولو أمر المكاتب رجلاً أن يبيع عبداً من فلان فباعه من غيره وليس بوكيله لم يجز (¬6)، ولا يشبه البيع في هذا الشراء. ولو أن مكاتباً أمر رجلاً أن يبيع له عبداً من فلان فباعه فقال المكاتب: أمرتك بالنقد، وقال الوكيل: بالنسيئة، لم يجز البيع، وكان القول قول المكاتب مع يمينه. ولو باعه بألف درهم نقد، فقال المكاتب: أمرتك بألفين، وقال الآخر: أمرتني بألف، وإن القول قول المكاتب مع يمينه. وكذلك لو قال: أمرتك بمائتي دينار. وكذلك لو قال: أمرتك أن تبيعه (¬7) بحنطة أو شعير، فكل شيء من هذا سماه (¬8) المكاتب فالقول قوله مع يمينه، ولا يصدق الوكيل. وإن قامت لكل واحد منهما بينة أخذت ببينة الوكيل، لأني أضع الأمر على أنه أمره بهذا أو بهذا. ¬

_ (¬1) ز: كاتب. (¬2) أي: المكاتب. (¬3) ز: لا يجوز. (¬4) ع: أبناء. (¬5) ع: أن يقضا. (¬6) ع + ولا يجوز البيع في هذا الشرى ولو أمر المكاتب رجلاً أن يبيع عبداً من فلان فباعه من غيره وليس بوكيله لم يجز. (¬7) ز: أن يبيعه. (¬8) ع: اسماه.

وإذا وكَّل المكاتب وكيلاً بالخصومة في مكاتبته (¬1) أو دين عليه فأقر عند القاضي بما ادعي عليه من ذلك فهو جائز عليه. وكذلك لو وكَّل وكيلين بذلك فأقرا جميعاً أو أقر أحدهما عند القاضي بذلك فهو جائز عليه. وإذا وكَّل المكاتب وكيلاً بخلع امرأته وهي حرة أو أمة فخلعها (¬2) وأذن مولى الأمة في ذلك فهو جائز. وإذا وكَّل مولى المكاتب وكيلاً يزوجه بأمر مولاه فهو جائز. وإذا وكَّل المكاتب وكيلاً أن يدفع مالاً مضاربة أو يقبض مالاً مضاربة فهو جائز. وإذا وكَّل المكاتب وكيلاً يكاتب عبداً فهو جائز. وإذا وكَّل وكيلاً يُقَبِّضُ (¬3) مولاه المكاتبةَ فهو جائز. وإذا وكَّل المكاتب وكيلاً يخاصم مولاه وطلب مولاه رده في الرق فقضى القاضي على وكيله بالرد فهو جائز، وهو مردود. وإذا وكَّل المكاتب وكيلاً بتقاضي (¬4) دين له على رجل ثم عجز المكاتب فرد في الرق فقال لرجل: قد وهبت لك ما عليك، فإنه لا يجوز. وإن قال لرجل: قد قبضت ما عليك، فإنه يصدق. وإن قال: إنما كان لي عليك مائة درهم لم يكن لي عليك غيرها، فهو مصدق. وإذا وكَّل المكاتب وكيلاً بقبض (¬5) غلة دار له أو أرض أو بإجارة (¬6) شيء من ذلك أو يدفع أرضاً له مزارعة أو يأخذ أرضاً مزارعة فهو جائز في قول من يجيز المزارعة. وهو قول أبي يوسف ومحمد. والأول جائز كله. وإذا وكَّل المكاتب وكيلاً برد (¬7) مكاتب له في الرق وبالخصومة (¬8) في ذلك (¬9) فهو جائز. وإذا وكَّل أن يكاتب عبداً له فهو جائز. ¬

_ (¬1) ع: في مكاتبة. (¬2) ز: فجعلها. (¬3) قبّضه المال أي أعطاه إياه. انظر: مختار الصحاح، "قبض". (¬4) ز: يتقاضي. (¬5) ز: يقبض. (¬6) ع: أو إجارة. (¬7) ز: رد. (¬8) ع: بالخصومة. (¬9) ع - في ذلك.

باب الوكالة في النكاح

وإذا وكَّل المكاتب وكيلاً بالصلح في جناية جناها هو خطأً فهو جائز. وكذلك إن كانت (¬1) عمدا (¬2). فإن عجز بطل الصلح في العمد. وإن وكَّل بالصلح في جناية (¬3) عبد له خطأً أو عمدا (¬4) فهو جائزة لأنه يملك عبده، ولا يملك رقبته. وإذا وكَّل المكاتب وكيلاً ليحجر على عبد له أو ليقاسم شريكاً له داراً أو مالاً أو ليقبض مضاربة له أو وديعة أو عارية فهو جائز كله (¬5). ... باب الوكالة في النكاح وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه امرأة بعينها فزوجها إياه فهو جائز. فإن زادها على مهر مثلها فهو جائز في قول أبي حنيفة. وفي قول أبي يوسف ومحمد إذا زوجها بما يتغابن الناس في مثله فهو جائز، وإذا زاد أكثر من ذلك لم يلزم الزوج النكاح إلا أن يرضاه. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه (¬6) امرأة بعينها فتزوجها الوكيل فهو جائز، وهي امرأته (¬7). ولا يشبه هذا الشراء. لو أمره أن يشتري عبداً بعينه فاشتراه الوكيل لنفسه كان العبد للآمر (¬8)؛ لأن الوكيل هو المشتري، فقد يكون مشترياً (¬9) لنفسه ومشترياً (¬10) لغيره. وإذا زوج الوكيل رجلاً امرأة لم يكن الوكيل هو المتزوج. وإذا تزوج الوكيل لنفسه لم يحسن أن يقول قد زوج فلاناً، وإنما تزوج (¬11) هو. ¬

_ (¬1) ز ع: إن كاتب. (¬2) ع: عبداً له. (¬3) ز: في خيانة. (¬4) ز: أو عمد. (¬5) ع - كله. (¬6) م ز ع: أن يزوج. (¬7) ز: امرأية. (¬8) ع: الآمر. (¬9) م ز ع: مشترى. (¬10) م ز ع: ومشترى. (¬11) ع: زوج.

وإذا وكَّل رجل رجلاً أن (¬1) يزوجه امرأة ولم يسمها فزوجها إياه وليست بكفؤ (¬2) فهو في القياس جائز، ولكني أدع القياس وأستحسن [أن] لا أجيزه إلا أن يرضى الزوج. وهذا قول يعقوب ومحمد. وهو في قول أبي حنيفة جائز. وقال أَبو يوسف ومحمد: أرأيت لو كان الزوج من قريش فزوجه أمة أو زوجه نصرانية من أهل الذمة أو زوجه حبشية أو سندية أكنت (¬3) أجيز ذلك عليه. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه امرأة بعينها فزوجها إياه على عبد للزوج فإنه لا يجوز إلا أن يسلمه الزوج؛ لأن الزوج لم يأمر الوكيل أن يمهرها العبد من ملك الزوج إلا برضى منه، والنكاح جائز، وعلى الزوج قيمة ذلك. وكذلك لو زوجه على أمة للزوج أو متاع بعينه، مِن قِبَل أن الوكيل (¬4) قد خالف حين زوج على عرض بعينه، فلا يلزم (¬5) الزوج ذلك العرض إلا أن يرضى، والنكاح جائز. وإن زوجه على صنف بغير عينه فهو جائز. وكذلك إن زوجه على بيت أو خادم. وكذلك إن زوجه على ألف درهم أو على عشرة أكرار حنطة بغير عينها موصوفة أو غير موصوفة فهو جائز. فإن (¬6) زوجه على دار للزوج لم يجز. ولو زوجها إياه على جراحة جرحت الزوج فيها أرش جاز ذلك؛ لأن هذا بمنزلة الدراهم. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يبيع عبداً له فزوّجه (¬7) به امرأة فإنه لا يجوز؛ لأن هذا ليس ببيع إلا أن يرضى المولى. وكذلك لو صالح به من جراحة فيها قصاص أو استأجر له به داراً. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه امرأة بعينها فقال الوكيل (¬8): قد زوجتكها، وصدقته المرأة، وقال الآمر: قد أمرتك ولا أدري أفعلت أم لا، فإنه لا يلزمه النكاح إلا أن تقوم (¬9) بينة على عقد النكاح؛ لأن النكاح لا ¬

_ (¬1) ع - أن. (¬2) ع: بكفوة. (¬3) ز: أكتب. (¬4) ز ع: أن الزوج. (¬5) ع + ذلك. (¬6) ع + قال. (¬7) م ز ع + فتزوج. والتصحيح من ب. وانظر للشرح: المبسوط، 19/ 118. (¬8) م ز + فقال الوكيل. (¬9) ز ع: أن يقوم.

يكون إلا بشهود. وكذلك (¬1) إذا قال الزوج: لم يزوجني، وليس هذا كالشراء. ولو أمره أن يشتري عبداً بعينه من رجل فقال: قد اشتريته، فصدقه (¬2) البائع وكذبه الآمر لزم البيع الوكيل والآمر. وهذا قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فالوكيل مصدق في النكاح كما يصدق في الشراء. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه امرأة ولم يسمها فزوجه الوكيل ابنته فإنه لا يجوز إلا أن يرضى الزوج في قياس قول أبي حنيفة. وفي قول أبي يوسف ومحمد جائز، إن كانت كبيرة ورضيت بذلك فهو جائز. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه فزوجه أخته فهو جائز. وإن زوجه امرأة عمياء فهو جائز. وكذلك إن زوجه عوراء أو عرجاء أو شَلَّاء (¬3) أو حولاء أو معتوهة أو مجنونة أو رتقاء أو مقعدة أو مفلوجة (¬4) فذلك كله (¬5) جائز لازم للآمر في قول أبي حنيفة، ولا يرد في النكاح من عيب. محمد قال: حدثنا بذلك أَبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم (¬6). قال: وقال إبراهيم: أرأيت لو كان العيب بالرجل أكانت المرأة تستطيع (¬7) أن ترده (¬8). محمد عن أبي يوسف عن المغيرة عن إبراهيم (¬9) قال: لا يرد في النكاح من عيب. وإذا (¬10) وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه امرأة على ألف درهم فزوجه امرأة على مائة دينار فإنه لا يجوز؛ لأنه قد خالف ما أمره به. ¬

_ (¬1) ز: ولذلك. (¬2) ع: وصدقه. (¬3) أي: أصابها الشلل، وهو يكون في اليد. انظر: المغرب، "شلل". (¬4) أي: أصابها الفالج، وهو يكون نصفياً أو كلياً. انظر: المصباح المنير، "فلج". (¬5) ع + كله. (¬6) المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 486. كما روىِ من طريقه عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 487. (¬7) م ع: اتستطيع؛ ز: أيستطيع. (¬8) ز ع: أن يرده. (¬9) ع - عن إبراهيم. (¬10) ز: إذا.

وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه امرأة من قبيلة فزوجه امرأة (¬1) من غير تلك القبيلة فإنه لا يجوز. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه امرأة من أهل الكوفة فزوجه امرأة (¬2) من أهل البصرة فإنه لا يجوز. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه امرأة فوكَّل الوكيل وكيلاً آخر فإنه لا يجوز؛ لأن الآمر لم يفوض إلى الوكيل الأول أن يوكل غيره. ولو قال: ما صنعت من شيء فهو جائز، فوكَّل غيره جاز ذلك. وإذا وكَّل المسلم الذمي الكافر أن يزوجه فزوجه فهو جائز. وكذلك الحر يوكل العبد. وكذلك الحر يوكل المكاتب. وكذلك الحر يوكل الصبي. وإذا أذن مولى العبد للعبد أن يتزوج فوكَل العبد رجلاً أن يزوجه فهو جائز. وإذا كان العبد حاضراً أو غائباً جاز النكاح. وكذلك المكاتب إن وكَّل عبدُه (¬3) عبداً. وكذلك الرجل يوكل امرأة أن تزوجه (¬4) فزوجته فهو جائز. فإن زوجته نفسها فإنه لا يجوز. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه فقاولهم (¬5) الوكيل وقاطعهم على المهر وقعدوا للنكاح فأمر الوكيل رجلاً فخطب وزوج الرجل (¬6) فهو جائز؛ لأن الوكيل هو الذي ولي المسماومة والمقاطعة على المهر. وإذا وكَّل المسلم الكافر أن يزوجه فزوجه فهو جائز. وكذلك إن كان الذمي هو الذي وكَّل الحربي فهو جائز. وكذلك المسلم يوكل الحربي أن يزوجه امرأة مسلمة هنالك فزوجه إياها كان جائزاً. وإذا وكَّل الرجل وكيلاً أن يزوج (¬7) ابنه وهو صغير في عيال أبيه (¬8) فهو جائز. وكذلك الولي إذا كان أخاً أو عماً أو ابن عم فوكَّل وكيلاً أن يزوج الصغير فزوجه فهو جائز. ¬

_ (¬1) ع - امرأة. (¬2) ز - امرأة. (¬3) م ز ع: عبد. (¬4) ز: امراء أن يزوجه. (¬5) قاول بمعنى جادل كما تقدم. (¬6) ز: الروجل. (¬7) ع: أن يزوجه. (¬8) ز: ابنه.

وإذا وكَّل الصبي رجلاً أن يزوجه بأمر أبيه (¬1) ورضى منه فهو جائز. فإن كان الصبي وكله بغير أمر أبيه فإنه لا يجوز. فإن أدرك الصبي ثم زوجه الوكيل بتلك الوكالة فإنه لا يجوز؛ لأنها كانت وكالته (¬2) يومئذ باطلاً (¬3). فإن رضي الصبي بذلك فهو جائز. وإذا وكَّل العبد رجلاً أن يزوجه ولم يأذن له مولاه في التزويج فإنه لا يجوز. فإن عتق ثم زوجه الوكيل بتلك الوكالة فهذا جائز، ولا يشبه هذا الصبي. ألا ترى أن العبد إذا تزوج (¬4) نفسه ثم عتق جاز ذلك، وإذا زوج الصبي نفسه ثم أدرك لم يجز ذلك. وكذلك الوكالة. والمكاتب في ذلك بمنزلة العبد (¬5). وإذا وكَّل العبد رجلاً أن يزوجه ولم يأذن له مولاه في النكاح فزوجه فأبطل المولى النكاح وفرق بينهما ثم عتق العبد فذلك النكاح باطل. وإن زوجه الوكيل امرأة أخرى لم يجز. وإذا وكَّل رجل رجلين أن يزوجاه فزوجه أحدهما دون الآخر والآخر غائب فإنه لا يجوز إلا أن يرضى الزوج؛ لأنه لم يرض برأيه وحده. وإذا (¬6) وكلهما أن يزوجاه امرأة بعينها بمهر مسمى فزوجها أحدهما إياه بذلك المهر فانه لا يجوز أيضاً. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه امرأة فزوجه الوكيل امرأة وجعلها الوكيل طالقاً (¬7) إن أخرجها الموكل من الكوفة فإن النكاح جائز والشرط باطل. وكذلك لو شرط لها الوكيل (¬8) أن لا يخرجها من الكوفة فإن النكاح جائز والشرط باطل. فإن كانت حطت من مهر مثلها شيئاً لهذا الشرط أتمه الزوج. ¬

_ (¬1) ز: ابنه. (¬2) ع: وكالة. (¬3) ز: باطل؛ ع: باطلة. (¬4) ز: إذا زوج. (¬5) ع: بمنزلة العبد في ذلك. (¬6) ز: فإذا. (¬7) م ز ع: طالق. (¬8) م ز: لو شرطها للوكيل. والتصحيح من المبسوط، 19/ 119.

وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه قى وجه الوكيل امرأة وضمن الوكيل لها المهر فجحد الزوج الوكالة والنكاح فلا نكاح بينهما، ولها على الوكيل (¬1) نصف المهر؛ لأنه ضمن لها (¬2) وأقر بأن النكاح قد وقع. ولو لم يضمن الوكيل لم يكن عليه ولا على الزوج مهر؛ لأن الزوج جحد النكاح. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يزوج له امرأة على مائة درهم، فإن أبت فأعطها (¬3) ما (¬4) بينك (¬5) وبين مائتي درهم، فأبت المرأة المائة فزوجها إياه على مائتي درهم (¬6) فذلك (¬7) جائز لازم للزوج. وإذا وكَّل رجل (¬8) رجلاً أن يزوجه امرأة على بيت (¬9) وخادم فزوجه على بيت وخادم فإن ذلك جائز. فإن قال الزوج: عنيت بيتاً مبنياً بأرضه (¬10)، فإنه لا يصدق على ذلك، ولا يبطل النكاح. وإن كان الوكيل زوجه على بيت من دار للزوج (¬11) فقال الزوج (¬12): إنما عنيت بيت (¬13) ثياب (¬14)، فلا (¬15) نكاح بينهما؛ لأن الوكيل خالف حيث زوجه علكى بيت (¬16) من دار الزوج. وإذا أرسل رجل رجلاً أن يخطب عليه امرأة بعينها فذهب الرسول فزوجها إياه فهو جائز. وكذلك لو أمره بذلك. وكذلك لو وكله بذلك. ¬

_ (¬1) ز: على الزوج؛ صح م هـ. (¬2) ز + الوكيل. (¬3) ع + فأعطها. (¬4) ع: بما. (¬5) ز: بمائتيك. (¬6) م ز - درهم. (¬7) ز: فإن ذلك. (¬8) ع: الرجل. (¬9) ز: على بنت. (¬10) لأن المتعارف عندهم أن البيت يقصد به متاع البيت لا بناؤه. انظر: المبسوط، 19/ 119. (¬11) ع: الزوج. (¬12) ز: للزوج. (¬13) ز: بنت. (¬14) كذا في م ز ع ب. ولفظ الحاكم: ثياب بيت. انظر الكافي: 2/ 93 و. ولفظ السرخسي: أثاث البيت. انظر: المبسوط، 19/ 119. (¬15) ع: ولا. (¬16) ز: على بنت.

وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه امرأة فزوجها (¬1) إياه على خمر أو خنزير فالنكاح جائز، ولها مهر مثلها إن دخل بها. فإن طلقها قبل الدخول فلها المتعة. وكذلك لو زوجها إياه على غير مهر أو زوجها إياه على حكمها أو على حكمه فإن النكاح جائز. فإن زوجها إياه على دار للرجل أو على دابته أو على عبده فالنكاح جائز، ولها قيمة ذلك. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه امرأة فزوجه امرأة (¬2) في عدة أو لها زوج ودخل بها الزوج ولم يعلموا بذلك فلا (¬3) ضمان على الوكيل، ويفرق بينها (¬4) وبين الزوج، وعلى الزوج الأقل من مهر مثلها ومما سمى لها. وكذلك لو كانت أخت الزوج من رضاع أو نسب أو ذات رحم محرم من رضاع أو نسب أو غيره فهو سواء، ولا ضمان على الوكيل وإن (¬5) كان علم بذلك؛ لأن الزوج هو الذي وطئ. فإن كانت أم امرأة للزوج (¬6) فغشيها الزوج حرمت عليه امرأته، ولا يرجع على الوكيل بشيء. فإن علم بذلك قبل أن يدخل بها فرق بينهما، ولا شيء على الوكيل ولا على الزوج. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه امرأة بألف درهم فأبت أن تزوجه (¬7) حتى زادها الوكيل ثوباً من ثياب الموكل (¬8) فإن النكاح باطل، لا يقع إلا أن يرضى الزوج؛ لأن الوكيل قد خالف الآمر. ألا ترى لو أن الثوب هلك قبل أن تقبضه (¬9) المرأة كان الضمان على الزوج. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه امرأة بعينها على ألف درهم فذهب الوكيل فزوجها إياه بألف درهم على أن زادها كرامة ضمنها لها ولم يسمها، فإن كان مهر مثلها أكثر من ألف (¬10) فقد خالف الوكيل، فلا يجوز النكاح ¬

_ (¬1) ز: فزوجتها. (¬2) ع - فزوجه امرأة. (¬3) م: فلان. (¬4) ز ع: بينهما. (¬5) ع: فإن. (¬6) ع: الزوج. (¬7) ز: أن يزوجه. (¬8) ع: الوكيل. (¬9) ز: أن يقبضه. (¬10) ع + درهم.

إلا أن يرضى الزوج. وإن كان مهر مثلها ألفاً (¬1) أو أقل فالنكاح جائز بألف، واشتراطها (¬2) الكرامة باطل. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يزوجه امرأة على ألف وكرامتها (¬3) فزوجها إياه على ذلك فهو جائز. فإن دخل بها نظرت إلى مهر مثلها وإلى الألف. فإن كان مهر مثلها أقل من ألف لم يكن لها الألف. وإن كان مهر مثلها أكثر من ألف كان لها مهر مثلها. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه امرأة ولم يسمها ووكل آخر أيضاً أن يزوجه امرأة فزوجه كل واحد منهما امرأة على حدة كان جائزاً. وإن اجتمعا (¬4) جميعاً فزوجاه امرأة ثم امرأة فهو جائز. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه امرأة بعينها ووكل الآخر أن يزوجها إياه أيضاً فأيهما زوجها إياه (¬5) فهو جائز. وإن زوجاه جميعاً فهو جائز، ولا يشبه هذا وكالته إياهما جميعاً. ولو وكلهما جميعاً فزوجه أحدهما دون الآخر لم يجز ذلك. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه أمة فزوجه حرة فإنه لا يجوز إلا أن يرضى الزوج. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه أمة فزوجه أم ولد لرجل (¬6) أو مدبرة أو مكاتبة فهو جائز. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه امرأة فزوجه صبية يجامع مثلها أو لا يجامع مثلها (¬7) فهو جائز. أرأيت لو زوجه امرأة مريضة أو امرأة غائبة عنه ألم يجز ذلك. أرأيت لو زوجه رتقاء ألم يجز ذلك عليه. أرأيت (¬8) لو وكلت (¬9) وكيلاً أن يزوجها فزوجها خصياً أو عنيناً ألم يجز ذلك عليها (¬10) ¬

_ (¬1) م ز ع: ألف. (¬2) ع: واشترطها. (¬3) م ز ع + إياه. (¬4) ع: أجمعا. (¬5) م ز ع: أيضاً. (¬6) ع - لرجل. (¬7) ع - أو لا يجامع مثلها. (¬8) ع + أرأيت. (¬9) ع: لو وكَّل. (¬10) ز: عليهما.

وأؤجله سنة، فإن وصل إليها وإلا خيرتها، وإن كان مجبوباً لم (¬1) أؤجله وخيرتها مكانها. وهذا كله قول أبي حنيفة. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه امرأة بعينها بمائة دينار فزوجه إياها على مائة دينار على أن يطلق الزوج امرأة له غيرها، فإن كان مهر مثلها مائة دينار أو أقل فالنكاح جائز، ولا تطلق عنه (¬2) المرأة، وليس لها إلا المائة دينار. وإن كان مهر مثلها أكثر من ذلك لم يلزم الزوج النكاح إلا أن يرضى، مِن قِبَل أنه يلزمه أكثر من مائة دينار، وهذا خلاف من الوكيل. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه امرأة بعينها على ألف درهم فزوجه إياها على ألف درهم وعلى أن يعتق أباها (¬3) عنها فالنكاح لا يجوز؛ لأن الوكيل خالف حين زاد. وإذا وكَّل رجل امرأة أن تزوجه (¬4) فزوجته نفسها فإنه لا يجوز. وكذلك لو زوجته أمتها أو مكاتبتها (¬5). وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه امرأة فزوجها الوكيل إياه على أن لا يتزوج عليها أبداً على ألف درهم فالنكاح جائز، وللزوج أن يتزوج عليها. فإن تزوج عليها أتممت لها مهر مثلها إن كان أكثر من ألف. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه امرأة بعينها على ألف درهم ومهر مثلها ألفين فزوجها إياه الوكيل وشرط لها الوكيل أن لا يخرجها من الكوفة أو شرط لها أن لا يتزوج عليها ولم يكن الزوج أمره بذلك فالنكاح باطل لا يجوز، ولا (¬6) يلزم (¬7) الزوج إلا أن يرضى، مِن قِبَل أنه لو جاز لزم الزوج أكثر من ألف إذا لم يف بالشرط، فقد زاد الوكيل على ما أمره به وخالف، فلا يلزمه إلا أن يرضى. ¬

_ (¬1) ز: ألم. (¬2) م ز ع: يطلق عنها. (¬3) ز: اياها. (¬4) ز: أن يزوجه. (¬5) ز: أو مكاتبها. (¬6) ع - ولا. (¬7) ع: ويلزم.

وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه (¬1) امرأة ولم يسم لها مهراً فزوجها إياه على دار للزوج فإنه في القياس باطل لا يجوز؛ لأن الوكيل خالف. ولكني أستحسن وأجيز النكاح، والزوج بالخيار: إن شاء سلم الدار، وإن شاء سلم القيمة. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوج امرأة فزوجه امرأة وقد جعلها الزوج طالقاً ثلاثاً إن تزوجها فالنكاح جائز، والطلاق واقع عليها، ولها نصف الصداق، وهي بائن منه. وإن كان وكَّل (¬2) رجلاً أن يزوجه امرأة فزوجه امرأة قد طلقها الزوج واحدة بائنة وهي في عدة من الزوج فهو جائز. وإن كانت امرأة قد آلى (¬3) منها وحلف أن لا يقربها أبداً فبانت بالإيلاء مرة فزوجها الوكيل إياه فهو جائز. وإن كان قد ظاهر منها الزوج فالنكاح له لازم. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه امرأة فزوجه امرأتين في عقدة فإن أبا حنيفة قال: النكاح كله فاسد لا يلزم الزوج. وقال أَبو يوسف: تلزمه (¬4) واحدة، يختار أيهما شاء. ثم رجع أَبو يوسف عن هذا وقال بقول أبي حنيفة. وهو قول محمد. ولو أمره أن يزوجه امرأة بعينها فزوجه تلك المرأة وأخرى معها فإنه تلزمه (¬5) التي أمره بها ولا تلزمه (¬6) الأخرى. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه امرأة فاختلف الوكيل والزوج فقال الزوج: زوجتني هذه المرأة، وقال الوكيل: بل (¬7) زوجتك هذه، فالقول قول الزوج إذا صدقته المرأة. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه فلانة (¬8) أو فلانة فأيهما ما زوجه فهو جائز. وإن زوجه (¬9) إياهما جميعاً فإنه لا يجوز في قول أبي حنيفة واحدة منهما. وهو قول محمد وأبي يوسف الآخر. ¬

_ (¬1) ز: أن يزوجها. (¬2) ع + رجل. (¬3) ز: قد ألاء. (¬4) ز ع: يلزمه. (¬5) ز ع: يلزمه. (¬6) ز ع: يلزمه. (¬7) ع - بل. (¬8) ع: فلان. (¬9) ز: زوجها.

وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه امرأتين فزوجه امرأتين (¬1) في عقدة فهو جائز. وإن كان سمى لهما ألف درهم فالألف بينهما على قدر مهر هذه ومهر هذه. وإن زوجه واحدة ثم واحدة بعدها فهو سواء. وإذا وكله أن يزوجه أربع نسوة إحداهن أمة فزوجه إياهن في عقدة جاز نكاح الثلاث (¬2)، وبطل نكاح الأمة. وكذلك لو زوجه ثلاثة (¬3) حرائر ثم الأمة بعدهن. فإن زوجه الأمة أولاً (¬4) ثم الثلاث بعدها فهو جائز. وإن وكله أن يزوجه أربع نسوة فزوجهن إياه في عقدة فهو جائز. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه امرأة ووكل آخر أن يزوجه أخرى فزوجاه هذا امرأة وهذا امرأة فإذا المرأتان أختين، فإن الأولى منهما نكاحها جائز، والأخرى منهما نكاحها باطل. وإن كانا زوجا جميعاً (¬5) معاً فالنكاح كله باطل لا (¬6) يجوز. وإذا وكَّل رجل خمسة رهط أن يزوجه كل واحد منهم امرأة على حدة ففعلوا ذلك فالأربع الأول نساؤه والخامسة نكاحها باطل، والقول في الأربع الأول قول الزوج إذا لم تقم (¬7) بينة. فإن زوجوه جميعاً الخمس ووقع نكاحهن جميعاً فإنه لا تجوز (¬8) واحدة منهن، وكذلك لو وكَّل رجل رجلاً فزوجه خمسا في عقدة كان مثل هذا سواء. وإذا زوج رجل رجلاً خمساً في عُقَد متفرقة من غير أن يوكله بذلك ولا يأمره فللزوج أن يختار واحدة منهن أو اثنتين (¬9) أو ثلاثة أو أربعة (¬10). وإن شاء لم يلزمه نكاح شيء منهن. وكذلك لو زوجه رجل أختين في ¬

_ (¬1) ع - امرأتين. (¬2) م ع: الثلث. (¬3) ع - ثلاثة. (¬4) ع + ثم الأمة بعدهن فإن زوجه الأمة أولاً ثم الأمة بعدهن فإن زوجه الأمة أولاً. (¬5) ع + جميعاً. (¬6) ع: ولا. (¬7) ز ع: لم يقم. (¬8) ز ع: لا يجوز. (¬9) ز: أو اثنين. (¬10) م ز ع: أو ثلاثاً أو أربعا.

عقدتين ولم (¬1) يأمره كان له أن يختار أيهما شاء، وإن شاء (¬2) لم تلزمه (¬3) واحدة منهما. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه أربع حرائر وخمس إماء فزوجهن إياه في عقدة جاز نكاح الحرائر وبطل نكاح الإماء. وإن كان الإماء أربعاً والحرائر خمساً (¬4) جاز نكاح الإماء وبطل نكاح الحرائر. وإن زوجه رجل بغير أمره أختين في عقدة واحدة أو زوجه خمساً في عقدة واحدة (¬5) فاختار بعض ذلك (¬6) الزوج لم يجز من ذلك شيء إلا بنكاح مستقبل؛ لأن أصل العقدة وقعت على فساد ولا تجوز (¬7) أبداً. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه امرأتين فزوجهما (¬8) إياه في عقدة فإذا إحداهما لها زوج فإن نكاح الأخرى جائز ونكاح التي لها زوج باطل. وكذلك لو كانت إحداهما في عدة. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه امرأتين فزوجهما [إياه] في عقدة ودخل بهما الزوج فإذا إحداهما أم الأخرى، فإن على الزوج المهر لكل واحدة منهما، ونكاحهما فاسد باطل لا يجوز. وكذلك إن كانتا أختين من نسب أو رضاع أو امرأة وعمتها من نسب أو رضاع أو امرأة وخالتها من نسب أو رضاع أو امرأة وابنة أخيها وأختها من نسب أو رضاع فهذا كله سواء. وإن لم لكن دخل بواحدة منهما فليس له أن يختار منهن واحدة؛ لأن نكاحهما كان في عقدة فاسدة. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه امرأة مسلمة وامرأة (¬9) نصرانية فزوجهما (¬10) إياه في عقدة فهو جائز. وإذا قال (¬11): زوجني امرأتين ¬

_ (¬1) ع: لم. (¬2) ع - وإن شاء. (¬3) ز ع: لم يلزمه. (¬4) ز: خمس. (¬5) ع - أو زوجه خمسا في عقدة واحدة. (¬6) ز + ذلك. (¬7) ز ع: يجوز. (¬8) ز: فزوجها؛ ع - فزوجهما. (¬9) م ز ع: أو امرأة. والتصحيح من ب. (¬10) ع: فزوجها. (¬11) ع - قال.

مسلمتين، فزوجه امرأتين في عقدة إحداهما يهودية، فإن المسلمة تلزمه، وهو في اليهودية بالخيار: إن شاء أجاز النكاح، وإلا لم يلزمه. فإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه امرأتين فزوجه ثلاثاً (¬1) في عقدة فإنه لا يجوز منهن شيء في قول أبي حنيفة وأبي يوسف الآخر. وهو قول محمد. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه امرأتين فزوجهما إياه في عقد فليس على الوكيل من المهر شيء، وإنما المهر على الزوج. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه امرأتين فزوجه امرأة وامرأة ابنها (¬2) في عقدة فهو جائز. وكذلك إن كانت امرأة وامرأة أبيها (¬3). وكذلك إن زوجه امرأتين إحداهما قد قبّلها أَبو (¬4) الأخرى لشهوة أو لمسها لشهوة أو نظر إلى فرجها لشهوة فهو جائز. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه امرأتين بألف درهم نسيئة سنة فزوجهما (¬5) إياه بألف حالة (¬6) فالزوج بالخيار: إن شاء أجاز النكاح بألف حالة، وإن شاء رده. فإن وطئ قبل أن يعلم فهو بالخيار: إن شاء أجاز النكاح بألف حالة، وإن شاء رده، وأعطاهما الأقل من مهر مثلهما (¬7) ومن ألف درهم. ولا ضمان على الوكيل في شيء من ذلك. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه امرأتين في عقدة بألف درهم فزوجهما (¬8) إياه بألفين ولم يعلم الزوج حتى دخل بهما فالزوج بالخيار: إن شاء أجاز العقدة (¬9) بألفين، وإن شاء رد النكاح، وكان للمرأتين الأقل من مهر مثلهما (¬10) ومن ألفين. ولا يلزم الوكيل من ذلك شيء. ¬

_ (¬1) م ع: ثلثا. (¬2) م ز: وامرأته ابنهما؛ ع: بينهما. والتصحيح مستفاد من ب. (¬3) ز: ابنها. (¬4) م ز ع: أب. (¬5) ز: فزوجها. (¬6) ع - حالة. (¬7) ز: مثلها. (¬8) ع: فزوجها. (¬9) م ز ع: البيع. (¬10) ز: مثلها.

فإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه من النساء ما شاء ومن شاء وكيف شاء فزوجه أمة فهو جائز. وإن زوجه أربع إماء أو أربعاً (¬1) من أهل الكتاب فهو جائز. وإن (¬2) زوجه نصرانية أو مسلمة فهو جائز. وإذا وكَّل رجل رجلين أن يزوجاه امرأتين في عقدة واحدة فزوجه أحدهما امرأتين في عقدة فإنه لا يجوز إلا أن يشاء؛ لأنه لم يرض برأي هذا وحده دون الآخر. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه امرأتين فزوجه واحدة ولم يزوجه الأخرى فهو جائز. فإن قال: زوجني امرأتين في عقدة، فزوجه واحدة فإنه يلزم الزوج النكاح؛ لأن هذا ليس بخلاف. ولو كان قال: لا تزوجني إلا اثنتين (¬3) في عقدة، لم يلزمه. أرأيت لو قال: زوجني هاتين المرأتين في عقدة، فماتت (¬4) إحداهما ثم زوجه الأخرى ألم يجز ذلك. ولو كانت إحداهما امرأة للزوج فزوجه الأخرى ألم يجز. أرأيت لو كانت إحداهما أخت المرأة [ألم يجز] (¬5). وإذا وكَّل رجل رجلاً بأن يزوجه امرأتين بأعيانهما فإذا لهما زوجان فمات الزوج ان أوطلقاهما (¬6) وانقضت العدة ثم زوجهما الوكيل إياه فهو جائز. وإذا وكِّل رجل رجلاً أن يزوجه امرأتين فتزوجهما (¬7) الوكيل نفسه فدخل بهما ثم طلقهما وانقضت العدة ثم خطبهما (¬8) الوكيل فزوجهما (¬9) الآمر فهو جائز؛ لأن الوكيل لم يخرج من الوكالة، وتزويج الوكيل إياهما بمنزلة غيره. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه امرأتين بأعيانهما فارتدتا (¬10) عن ¬

_ (¬1) م ز ع: أو أربع. (¬2) ز: فإن. (¬3) ز: إلا اثنين. (¬4) ز: فمات. (¬5) الزيادة مستفادة من ب. (¬6) ع: أوطلقهما. (¬7) ع: فزوجهما. (¬8) ع: ثم خطبها. (¬9) ع: فزوجها. (¬10) م ز ع: فارتدا.

باب وكالة المرأة توكل الرجل أن يزوجها

الإسلام ثم سبيتا ثم أسلمتا (¬1) - فهما أمتان - فزوجهما الوكيل إياه فهو جائز في قول أبي حنيفة؛ لأنه أمره بهما بأعيانهما. وقال أَبو يوسف ومحمد: لا يجوز. ولو أمره أن يزوجه أمة فدبرها مولاها أو وطئها فولدت منه أو كاتبها ثم زوجها الوكيل إياه فهو جائز. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه امرأتين بأعيانهما ثم تزوج الزوج أم إحداهما فقد خرج الوكيل من الوكالة في ابنتها (¬2). وكذلك إذا تزوج امرأة ذات [رحم] (¬3) محرم منها. فإن (¬4) تزوج أربعة فقد أخرجه من الوكالة فيهما (¬5) جميعاً. وإن لم يتزوج (¬6) ولكنه قال: إن تزوجت واحدة من هاتين أو جمعتهما فهما طالقان، فليس هذا بإخراج للوكيل (¬7) من الوكالة. وإن زوجهما إياه فهو جائز، وهما طالقان. ... باب وكالة المرأة توكل الرجل أن يزوجها وإذا وكلت المرأة رجلاً أن يزوجها فزوجها كفؤاً بشاهدين واستوفى لها المهر فهو جائز، ولا يستطيع الأولياء أن يردوا (¬8) النكاح. وإن حط من مهر مثلها ما يتغابن الناس في مثله فالنكاح جائز عليها، وللأولياء أن يستوفوا لها المهر؛ لأن نقصان المهر عيب عليهم في قول أبي حنيفة. وإذا وكلت المرأة رجلاً أن يزوجها فزوجها رجلاً غير كفء فإنه لا يجوز عليها. أرأيت لو كانت امرأة من قريش فزوجها عبداً قد أذن له مولاه هل كان يجوز عليها وعلى أوليائها. ¬

_ (¬1) ز: ثم أسلمت. (¬2) ع: في ابنتهما. (¬3) الزيادة من ب. (¬4) ع: إن. (¬5) م ز ع: فيها. والتصحيح مستفاد من ب. (¬6) م ز ع: لم يزوج. والتصحيح من الكافي، 2/ 94 و. (¬7) ع: الوكيل. (¬8) ز: أن يرد؛ ع: أن يروا.

وإذا وكلت المرأة رجلاً أن يزوجها فزوجها رجلاً كفؤا بمهر مثلها غير أن الزوج أعمى أو مقعد أو أعور (¬1) أو أحول (¬2) أو كان مجبوباً (¬3) فالنكاح جائز وتخير (¬4) المرأة. فإن شاءت أقامت معه. وإن شاءت فارقته. وإذا وكلت المرأة رجلاً أن يزوجها فزوجها صبياً فهو جائز. فإن زوجها (¬5) الوكيل نفسه لم يجز. وإن زوجها أباه أو ابنه فإنه لا يجوز في قول أبي حنيفة. وهو جائز في قول أبي يوسف ومحمد إذا كان ابنه كبيراً. فإن كان ابنه صغيراً لم يجز. وإذا (¬6) وكلت المرأة رجلين أن يزوجاها فزوجها أحدهما دون الآخر فإنه لا يجوز؛ لأنها لم ترض (¬7) برأي هذا دون هذا. وكذلك إن سمت لها مهراً فزوجها أحدهما عليه دون الآخر فإنه لا يجوز. وإذا وكلت المرأة رجلاً أن يزوجها فزوجها على عبد بعينه فهو جائز. وكذلك إن زوجها على أمة بعينها فهو جائز. وكَّل دابة زوجها عليها (¬8) أو دار أو عرض من العروض كائناً ما كان فالنكاح عليه (¬9) جائز. وإن زوجها على غير مهر فهو جائز، ولها مهر مثلها إن دخل بها، والمتعة إن طلقها قبل الدخول. وإن تصدق بها على رجل أو وهبها له بشهود وقبل ذلك الرجل فهو نكاح، وهو جائز، وهو مثل (¬10) نكاحه إياها على غير مهر. وإذا وكلت المرأة رجلاً أن يزوجها فزوجها على مهر لا يصلح نحو أن زوجها على حر أو على خمر أو (¬11) خنزير فالنكاح جائز والمهر باطل؛ لأنه (¬12) لا يصلح. ولها مهر مثلها إن دخل بها، والمتعة (¬13) إن طلقها قبل ¬

_ (¬1) ز ع: أو أعورا. (¬2) م ز ع: أو أحولا. (¬3) ع: مجنونا. (¬4) ز: ويخير. (¬5) ز: تزوجها. (¬6) ع: فإذا. (¬7) ز: لم يرض. (¬8) ع: عليه. (¬9) ع - عليه. (¬10) ع - مثل. (¬11) ز + على. (¬12) ز - لأنه. (¬13) ع + والمتعة.

الدخول (¬1). وإذا وكلت المرأة الحرة بتزويجها عبداً لها أو كان عبداً لغيرها أو مكاتباً لها أو لغيرها فزوجها رجلاً حراً كفؤاً لها فهو جائز. وكذلك إن وكلت بذلك رجلاً من أهل الذمة أو امرأة أو أمة كانت أو حرة ذمية كانت أو مسلمة فهو سواء. وكذلك إن كان الوكيل لم يحتلم فهو سواء. وإذا وكلت الذمية بتزويجها رجلاً مسلماً فزوجها فهو جائز. وإن زوجها على خمر أو خنزير وكان الزوج كافراً فالنكاح جائز على ذلك. وإن كان الزوج مسلماً (¬2) والمرأة من أهل الكتاب فالنكاح جائز، والمهر لا يجوز، ولها مهر مثلها. وإذا وكلت المرأة رجلاً أن يزوجها فزوجها على ألف درهم على أن ردت عليه عبداً لها فالنكاح جائز، ولها أن تمنع (¬3) العبد، وتقسم (¬4) الألف على مهر مثلها وعلى قيمة العبد، فيكون لها ما أصاب المهر، ويبطل ما أصاب العبد. وإذا وكلت المرأة رجلاً أن يزوجها فزوجها واشترط على زوجها أن لا يخرجها من الكوفة أو لا يتزوج (¬5) عليها فالنكاح جائز والشرط باطل. وإن أراد إخراجها والتزويج عليها بلغ لها (¬6) مهر مثلها إن كان الوكيل حط (¬7) من ذلك شيئاً. وإذا وكلت المرأة رجلاً أن يزوجها ووكلت آخر (¬8) بعده فأيهما زوجها ¬

_ (¬1) ع + وإن تصدق بها على رجل أو وهبها له بشهود وقبل ذلك الرجل فهو نكاح وهو جائز وهو مثل نكاحه إياها على غير مهر وإذا وكلت المرأة رجلاً أن يزوجها فزوجها على مهر لا يصلح نحو أن زوجها على حر أو على خمر أو خنزير فالنكاح جائز والمهر باطل لأنه لا يصلح ولها مهر مثلها إن دخل بها والمتعة إن طلقها قبل الدخول. (¬2) م ز ع: مسلم. (¬3) ز: أن يمنع. (¬4) ز: ويقسم. (¬5) ع: لا يتزوجها. (¬6) أي: يتم لها. (¬7) ع: خط. (¬8) م ز ع: آخراً.

فهو جائز. وإن زوجاها جميعاً رجلاً واحداً فهو جائز. وإن زوجها كل واحد منهما رجلاً فالنكاح الأول جائز، ونكاح الثاني باطل. فإن زوجاها جميعاً كل واحد منهما على حدة فوقع النكاح معاً فهو باطل (¬1) لا يجوز منه شيء. وإذا وكلت المرأة رجلاً أن يزوجها فوكَّل غيره أن يزوجها فإن ذلك لا يجوز؛ لأنها لم تفوض (¬2) ذلك إليه. فإن قالت: ما صنعت من شيء فهو جائز، فوكَّل غيره فزوجها فهو جائز. وإذا وكلت المرأة رجلاً أن يزوجها رجلاً وسمته له فزوجها غيره فإنه لا يجوز. فإذا سمت له مهرا فزوجها ذلك الرجل بأقل من ذلك المهر فإنه لا يجوز، ولا يكون فعل هذا خروجاً (¬3) من الوكالة. وإن زوجها إياه ثانية على المهر الذي سمت فهو جائز. وإذا وكلت المرأة رجلاً أن يزوجها رجلاً بعينه على عبد بعينه فزوجها إياه على غير ذلك العبد فإنه لا يجوز. وإذا وكلت المرأة الرجل أن يزوجها ثم تزوجت قبل أن يزوجها فقد أخرجته من الوكالة. وكذلك لو كانت ارتدت عن الإسلام ولحقت بدار الحرب أو لم تلحق (¬4). وإذا وكلت رجلاً أن يزوجها فارتد الوكيل ولحق بالدار ثم جاء مسلماً فهو على وكالته. وكذلك لو ذهب عقله زماناً ثم أفاق كان على وكالته. وإن كانت المرأة هي التي أصابها ذلك فقد خرج هذا من الوكالة. وإذا وكلت المرأة رجلاً أن يزوجها أو جعلته جَرِيّاً (¬5) في ذلك فهو سواء. وكذلك إن جعلته وصياً في ذلك في حياتها. وكذلك لو أمرته بذلك امرأة أو أرسلت ففعل ذلك فهو سواء. ¬

_ (¬1) م ع - فإن زوجاها جميعاً قال واحد منهما على حدة فوقع النكاح معاً فهو باطل. (¬2) ز ع: لم يفوض. (¬3) م ز ع: خروج. (¬4) ز: لم يلحق. (¬5) أي: وكيلاً، من جرى يجري، سمي بذلك لأنه يجري في أموره. انظر: المغرب، "جرى".

وإذا وكلت المرأة رجلاً أن يزوجها رجلاً بعينه وعند الزوج أربع نسوة أو أختها فماتت أختها أو إحدى النسوهّ ثم زوجها (¬1) إياه الوكيل فهو جائز. وإذا قالت المرأة لرجل ولها زوج: أريد (¬2) أن أختلع من زوجي فإذا فعلت ذلك وانقضت عدتي فزوجني من فلان، ففعلت ذلك وانقضت العدة ثم زوجها الوكيل فلاناً ذلك فهو جائز. وإذا وكلت المرأة رجلاً أن لزوجها فأبى (¬3) أن يقبل الوكالة ثم ذهب فزوجها فإنه لا يجوز عليها. وكذلك هذا في البيع. وكذلك لو كان الرجل هو الذي وكله بالنكاح. وإذا وكلت رجلاً أن يزوجها فلما ذهب في ذلك أخرجته من الوكالة وهو لا يعلم، فإن النكاح جائز عليها، وإخراجها إياه بغير علمه [باطل]. وكذلك هذا فى البيع وغيره. فإن أرسلت إليه بإخراجه من الوكالة عبداً لها أو أمة أو صبياٍّ أو حراً أو امرأة كان أو رجلاً، مسلماً كان أو كافراً، فأخبره بذلك ثم زوجها بعد ذلك، فإنه لا يجوز إذا (¬4) كانت قد أشهدت على الإخراج رجلين عدلين. وكذلك هذا في البيع والمكاتبة والإجارة. فإن أشهدت على الإخراج شاهدي عدل فزوجها الوكيل بعدما أتى الرسول، فإن كان الرسول قد أشهد على الوكيل شاهدين بذلك لم يجز النكاح. وإن لم يكن أشهد عليه حتى زوج الوكيل فإن النكاح جائز، ولا يصدق على الزوج. فإن أقر الزوج بأنها قد أرسلت الرسول وأبلغ الوكيل قبل أن يزوجه فالنكاح باطل لا يجوز. وإذا وكلت المرأة رجلاً أن يزوجها فزوجها فليس له أن يقبض مهرها؛ لأنها لم توكله بذلك. ألا ترى أن رجلاً لو وكَّل رجلاً أن يزوجه فزوجه لم يكن على الوكيل المهر. وإذا وكلت المرأة رجلاً أن يزوجها فلاناً فسمت له إنساناً فزوجها ¬

_ (¬1) م ع: ثم يزوجها؛ ز: ثم تزوجها. (¬2) ز: ارتد. (¬3) ز: فإني. (¬4) ع: وإذا.

رجلاً على ذلك الاسم فقالت المرأة: ليس هذا عنيت، فالقول قولها. وكذلك لو نسبته إلى أبيه ثم قالت: ليس هذا عنيت. وإذا وكلت المرأة رجلاً فقالت: زوجني فلان بن فلان الحضرمي أو اليماني أو الرَّبَعي، فزوجها على ذلك الاسم والنسب فقالت هي: ليس هذا عنيت، فالقول قوله. فإن نسبته إلى فخذ فهو جائز. فإن كان في الفخذ رجل على تلك الصفة فقالت المرأة: إنما عنيت الآخر، فالقول قولها. وكذلك الرجل إذا وكَّل الرجل أن يزوجه امرأة وسمى له على ما وصفت لك. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يشتري له من فلان عبداً فقال له: فلان، ففعل، فقال: ليس هذا فلان الذي أمرتك به، فهو مثل النكاح في ذلك كله. فأما العتاق والطلاق (¬1) فلا يشبه ذلك. ولو وكله فقال: أعتق عبدي فلاناً (¬2)، أو قال: طلق (¬3) امرأتي فلانة (¬4)، ففعل (¬5) الوكيل ثم قال الآمر: ليس هذا عنيت، فإن العتق والطلاق ماض (¬6). فإن كان له عبدان على ذلك الاسم أو امرأتان على ذلك الاسم فالقول قولي الزوج مع يمينه. وإذا وكلت المرأة رجلاً على أن يزوجها رجلاً بجراحة جرحتها إياه فزوجها إياه (¬7) بذلك فهو جائز. فإن زوجها إياه على شيء من العروض فإنه لا يجوز. وإن زوجها على دراهم تبلغ أرش ذلك الجرح جاز ذلك عليها. وإذا وكلت المرأة رجلاً أن يزوجها وقالت: ما صنعت من شيء في أمري (¬8) فهو جائز، فحضر الوكيل الموت فأوصى بوكالتها إلى رجل فزوجها الوكيل الثاني بعد موت الوكيل الأول كان جائزاً. وكذلك لو كان الزوج هو الموكل. وكذلك هذا في البيع والشراء والعتق والطلاق والمكاتبة والرهن فهو سواء. ¬

_ (¬1) ع: وأما الطلاق والعتاق. (¬2) م ز: فلان؛ ع - فلان. (¬3) ز: أطلق. (¬4) ع - فلانة. (¬5) ع: فإنه يفعل. (¬6) ز: ماضي. (¬7) ع - فزوجها إياه. (¬8) م ز ع: من أمري. والتصحيح من ب، والكافي، 2/ 94 ظ.

وإذا وكلت المرأة رجلاً أن يزوجها فزوجها نكاحاً فاسداً فإنه لا يجوز؛ لأنها لو زوجت نفسها بنكاح فاسد لم يجز. وإذا دخل بها الزوج كان لها عليه الأقل مما سمى لها من المهر ومن مهر مثلها. وإذا وكلت المرأة رجلاً أن يزوجها فزوجها رجلاً واشترط عليه أنه إذا تزوجها فأمرها في يدها فالنكاح جائز وأمرها في يدها حين تزوجها. ولو شرط عليه أن كل امرأة يتزوجها عليها فهي طالق كان جائزاً. ولو أن رجلاً وكَّل رجلاً أن يزوجه فزوجه امرأة على أن أمرها بيدها حين تزوجها فالنكاح جائز والشرط باطل، مِن قِبَل أن الزوج لم يأمره بذلك. ولو كان الزوج أمره بذلك فقال الزوج: زوجني امرأة بذلك، فإذا زوجتها فأمرها بيدها، فزوجها الوكيل ولم يشترط ذلك لها كان أمرها بيدها حين يقع النكاح؛ لأن الكلام بذلك قد خرج من الزوج. ولو كان قال له: زوجني امرأة واشترط لها أنت عليّ أني إذا تزوجتها فأمرها بيدها، فإن زوجها الوكيل واشترط لها ذلك فهو على ما شرط. وإن لم يشترط لها ذلك لم يقع الشرط وثبت النكاح. وإذا وكلت المرأة رجلاً أن يزوجها فزوجها على مملوك أو على مملوكة أو على دار بعينها أو على شيء من العروض أو الحيوان بعينه على أن زاده (¬1) مائة درهم فإن النكاح جائز. فإن رضيت بالزيادة بذلك وجب (¬2) عليها المال، وسلم ذلك كله لها، ولا يلزم الوكيل من ذلك شيء. فإذا (¬3) أبت أن تعطيه الدراهم بطل من العروض بقدر الدراهم، وسلم لها منه ما أصاب المهر. وإذا وكلت المرأة رجلاً أن يزوجها على دم عمد (¬4) في عنقها (¬5) فتزوجها بعض أولياء ذلك الدم على ذلك الدم (¬6) فقد نفذ (¬7) ذلك العقد ¬

_ (¬1) أي: على أن يعطي الوكيلُ الزوجَ ... (¬2) م ز ع: ووجب. (¬3) ع + وإذا. (¬4) ع: عبد. (¬5) ز: في عتقها. (¬6) ز: الذم. (¬7) ع: نقد.

باب الوكالة في الطلاق من الزوج

ودخل العفو (¬1)، وبطل حصة الزوج من الدم، وتلزم (¬2) المرأة حصة بقية الورثة من الدية. وإذا دخل بها الزوج كان لها عليه مهر مثلها. وإن طلقها قبل الدخول كان لها المتعة، ولا يلزم الوكيل من ذلك شيء. ... باب الوكالة في الطلاق من الزوج وإذا وكَّل رجل رجلاً بطلاق امرأته فهو جائز أشهد على ذلك أو لم يشهد بعد أن يكون الزوج مقراً بذلك. فإن طلق الوكيل في ذلك المجلس أو بعده فهو جائز، وليس الوكالة في هذا مثل قوله: أمرها بيدك؛ لأن الوكيل رسول. وللزوج أن يخرجه من الوكالة ما لم يقع الطلاق. وإذا قال الموكل: أنت وكيلي في أن (¬3) تطلقها ثلاثاً، فطلقها واحدة فهو جائز؛ لأن الواحدة من (¬4) الثلاث (¬5). وإن طلقها ثلاثاً (¬6) متفرقات في كلام متفرق (¬7)، فإن كان الزوج قد دخل بها لزمه ذلك كله ما (¬8) كانت في العدة (¬9). وإن كان (¬10) لم يدخل بها لم يقع عليها شيء بعد الأولى. فإن وكله أن يطلق واحدة فطلقها ثلاثاً (¬11) أو اثنتين (¬12) فهذا باطل لا يقع (¬13) ولا يجوز؛ لأنه قد خالف أمره فيها. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أَبو يوسف ومحمد: تقع (¬14) عليها الواحدة (¬15) التي أمره بها ويبطل الفضل؛ لأن الواحدة جزء الثلاث (¬16) والثنتين. وإن وكله أن يطلقها واحدة بائنة فطلقها ¬

_ (¬1) ولفظ ب: جاز ووقع العفو. (¬2) ز ع: ويلزم. (¬3) ع - أن. (¬4) ع: مثل. (¬5) م ع: الثلث. (¬6) م ع: ثلثا. (¬7) ع: متفرقة. (¬8) ع: مما. (¬9) م + وإن لم بدخل بها. (¬10) ز - كان. (¬11) م ع: ثلثا. (¬12) ز: أو اثنين. (¬13) ز: لا تقع. (¬14) ز ع: يقع. (¬15) م ز ع: واحدة. (¬16) م ع: الثلث.

واحدة بملك الرجعة فإنه تقع (¬1) عليها بائنة؛ لأنه قد فعل ما أمره به. ألا ترى أنه (¬2) لو أمره أن يطلقها تطليقة بملك الرجعة فطلقها واحدة بائنة وقعت التطليقة، وكان الزوح يملك الرجعة. وكذلك الباب الأول. وإذا وكله أن يطلق امرأتين فطلق إحداهما (¬3) وكف عن الأخرى ولم يطلقها فهو جائز، لأن هذا ليس بخلاف، وقد فعل بعض ما أمره به. وكذلك لو وكله أن يطلق امرأته ويبيع عبده فطلق امرأته ولم يبع عبده أو باع عبده ولم يطلق امرأته كان ذلك جائزاً. وإذا وكَّل الرجلين بطلاق (¬4) امرأته فطلق أحدهما (¬5) وأبى (¬6) الآخر أن يطلق فهو جائز. فإن قال: طلقاها (¬7) ثلاثاً (¬8)، فطلق أحدهما واحدة وطلق الآخر اثنتين (¬9) فهو جائز (¬10) وهن ثلاث (¬11). وكذلك الرسول هو في هذا بمنزلة الوكيل. وكذلك العبد يوكل بطلاق امرأته هو في هذا بمنزلة الحر. وكذلك المكاتب يوكل بطلاق امرأته فهو جائز. وكذلك العبد يعتق بعضه ويسعى في بعض قيمته. وكذلك الذمي يوكل بطلاق امرأته. فإن كان (¬12) الوكيل في الطلاق في جميع ما ذكرنا عبداً أو حراً كافراً أو مسلماً صغيراً أو كبيراً رجلاً أو امرأة فهو جائز، وهو سواء. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يطلق امرأته للسنة وهي ممن تحيض (¬13) فطلقها قبل أن تحيض وتطهر (¬14) أو طلقها في الحيض فهو باطل لا يقع؛ لأنه خالف. وإن طلقها بعد ذلك حين تطهر (¬15) فإنه يقع (¬16) عليها؛ لأنه على الوكالة بعد، وليس يخرجه فعل الأول من الوكالة. ¬

_ (¬1) ز ع: يقع. (¬2) ع - أنه. (¬3) ز: أحدهما. (¬4) ع: أن يطلق. (¬5) ع: إحداهما. (¬6) ز: وأنى. (¬7) ع: طلقها. (¬8) م ع: ثلثا. (¬9) ز: اثنين. (¬10) ع - جائز. (¬11) م ع: ثلث. (¬12) ع - كان. (¬13) ز: يحيض. (¬14) ز: أن يحيض وتظهر. (¬15) ز: تظهر. (¬16) ز: تقع.

فإذا وكَّل رجل رجلاً أن يطلق امرأته ثم طلقها الزوج قبل أن يطلقها الوكيل، فإن طلاق الوكيل يقع عليها ما كانت في العدة، وليس طلاق الزوج ينهى الوكيل عن الطلاق. وكذلك لو خلعها (¬1) الزوج ثم طلقها الوكيل وهي في العدة فإنه يقع عليها. فإن لم يطلقها الوكيل حتى تنقضي (¬2) العدة ثم إن الزوج تزوجها فطلقها الوكيل فإن الطلاق لا يقع عليها. ولو أمره أن يبيع عبداً له فباعه وقبضه المشتري ثم رد على الوكيل (¬3) بعيب كان له أن يبيعه ثانية (¬4)، ليس هذا كالطلاق. وإذا وكَّل رجل رجلاً بطلاق امرأته ثم ذهب عقل الوكيل شهراً أو شهرين ثم رجع إليه عقله فهو على وكالته بعد لم ينقطع. فإن ذهب عقل الزوج زماناً ثم رجع إليه عقله فقد انقطعت وكالة الوكيل؛ لأن طلاق الزوج لا يجوز. فكذلك (¬5) طلاق الوكيل لا يجوز كما لا يجوز طلاق الزوج. وإذا أوقع (¬6) الزوج في حال لا يجوز طلاقه فقد انقطعت وكالة الوكيل. ولو نام الزوج أو أغمى عليه ساعة ثم أفاق (¬7) أو جن ساعة ثم أفاق كان الوكيل على وكالته، وليس هذا كذهاب العقل، وهما فى القياس سواء غير أني أستحسن إذا تطاول أن تبطل (¬8) وكالته. وإذا وكَّل الرجل بطلاق امرأته ثم ارتدت عن الإسلام أو ارتد الزوج فإن طلاق (¬9) الوكيل يقع عليها ما دامت في العدة، فإن (¬10) انقضت العدة لم يقع طلاق الوكيل. وإن لحق الزوج بالدار مرتداً قبل أن يطلق الوكيل فطلقها الوكيل وهي في العدة فإن طلاقه لا يقع عليها، مِن قِبَل أن الزوج بمنزلة الميت. فإن عاد الزوج مسلماً فتزوجها ثانياً (¬11) فطلقها الوكيل فإنه لا يقع عليها؛ لأنه قد خرج من الوكالة، حيث صار في حالةٍ لا يقع طلاقه. وكذلك ¬

_ (¬1) ع: لو طلقها. (¬2) ز: ينقضي. (¬3) ع: ثم رده الوكيل. (¬4) ع: ثانياً. (¬5) ع: وكذلك. (¬6) م ز ع: فإذا وقع. (¬7) ع - ثم أفاق. (¬8) ز: أن يبطل. (¬9) ع: الطلاق. (¬10) ع: فإذا. (¬11) ز: ثانية.

العتق في هذا والخلع والبيع والشراء. ولو أن رجلاً أمر رجلاً أن يبيع عبداً له ثم لحق المولى مرتداً ثم جاء مسلماً لم يكن للوكيل أن يبيع العبد. ولو باعه المولى واشتراه أو وهب له أو ورثه أو رجع إليه بملك جديد غير ذلك الملك لم يكن للوكيل أن يبيعه. ولو لم يكن ذلك ولكن الوكيل باعه ثم رد عليه بعيب كان للوكيل أن يبيعه ثانية (¬1)؛ لأن هذا هو ذلك الملك. وكذلك رب العبد لو أنه هو باعه ثم رد عليه بعيب (¬2). فإن كان رب العبد استقال البيع فأقال المشتري إياه أو قبله بعيب بغير قضاء قاض فإن الوكيل ليس له أن يبيعه في هذه الحال؛ لأن هذا ملك غير ملك الأول. وإذا وكَّل رجل رجلاً بطلاق امرأته ثم طلقها وانقضت عدتها ثم خطبها وتزوجها ثانية (¬3) فليس للوكيل أن يطلقها في هذا الملك الثاني؛ لأن هذا غير الملك الأول. وإذا قال رجل لرجل: إني أريد أن أتزوج فلانة هذه فإذا تزوجتها (¬4) فطلقها، فتزوجها فطلقها الوكيل فإن الطلاق واقع عليها؛ لأنه طلقها في الوقت الذي أمره به. وإذا وكَّل الرجل عبداً بطلاق امرأته فباع مولى العبد العبد فهو وكيل على حاله، لا يخرجه ذلك من الوكالة. وكذلك لو كاتب على نفسه كان وكيلاً (¬5) على حاله. وكذلك لو أدى فعتق فهو وكيل على حاله. وإذا وكَّل الرجل الصبي بطلاق امرأته فكبر الصبي فهو على وكالته. وكذلك لو وكَّل مجنوناً فقبل الوكيل (¬6) الوكالة في حال جنونه ثم ذهب جنونه فهو على وكالته. وكذلك لو وكَّل ذمياً فأسلم أو وكَّل مسلماً فارتد عن الإسلام ثم أسلم فهو على وكالته. ¬

_ (¬1) ع: ثانياً. (¬2) م ز + كان للوكيل أن يبيعه ثانية لأن هذا هو ذلك الملك؛ ع + كان للوكيل أن يبيعه ثانياً لأن هذا هو ذلك الملك. (¬3) ع: ثانياً. (¬4) م ز ع: تزوجها. (¬5) م ع: فكان وكيل؛ ز: فكان وكل. (¬6) ع - الوكيل.

وإذا وكَّل ذمي بطلاق امرأته [مسلماً] ثم أسلم الذمي فالمسلم على وكالته على حالها. وإن وكَّل مسلم مسلماً بالطلاق فارتد الوكيل عن الإسلام ولحق بالدار ثم جاء مسلماً فهو على الوكالة على حاله (¬1). والوكالة في العتق والمكاتبة والشراء والخلع بمنزلة الوكالة في الخصومة والوكالة في الطلاق. وكَّل شيء أخرجناه من الوكالة في الطلاق فكذلك نخرجه (¬2) في جميع ما ذكرنا من الوكالة، وما لم نخرجه (¬3) في الطلاق من الوكالة فليس نخرجه (¬4) من غيره. وإذا وكَّل رجل رجلاً بطلاق امرأته بكتاب كتبه إليه أو بكتاب قاض (¬5) أو برسالة أرسل بها إليه فهو جائز إذا كان الزوج مقراً بذلك. فإن جحد ذلك لم تجز (¬6) الوكالة إلا أن يشهد عليها رجلان أو رجل وامرأتان أو يجيء بكتاب قاض (¬7). وإذا وكَّل رجل رجلاً بطلاق امرأته والوكيل غائب لا يعلم بذلك فطلق الوكيل المرأة بعد الوكالة من غير أن يعلم بالوكالة فإن الطلاق باطل لا يقع. أرأيت إن وكله ببيع عبده وهو غائب فباعه أجيز ذلك؟ فكذلك الطلاق والعتاق والخلع والنكاح والمكاتبة والإجارة والشراء والبيع لا يجوز شيء من ذلك. وإذا وكَّل رجل رجلاً بطلاق امرأته والوكيل في دار الحرب وهو حربي أو مرتد لا يعلم بذلك فطلق فالطلاق باطل لا يقع. وكذلك النكاح والخلع والشراء والبيع والعتق والمكاتبة والإجارة (¬8). وإذا وكَّل رجل رجلاً بطلاق امرأته فأبى الوكيل أن يقبل ذلك ثم طلق ¬

_ (¬1) تكررت المسألة في الفقرة السابقة باختصار. (¬2) ز ع: يخرجه. (¬3) ز ع: لم يخرجه. (¬4) ز ع: يخرجه. (¬5) ز: قاضي. (¬6) ز ع: لم يجز. (¬7) ز: قاضي. (¬8) ع - وإذا وكَّل رجل رجلاً بطلاق امرأته والوكيل في دار الحرب وهو حربي أو مرتد لا يعلم بذلك فطلق فالطلاق باطل لا يقع وكذلك النكاح والخلع والشراء والبيع والعتق والمكاتبة والإجارة.

الوكيل بعد ذلك فإن الطلاق باطل لا يقع. وكذلك البيع والمكاتبة والإجارة والخلع والعتق. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بطلاق امرأته فلم يقل (¬1) الوكيل (¬2): قبلتُ ذلك، ولم يرد حتى طلق فإنه ينبغي في القياس أن لا يقع الطلاق على المرأة، ولكني أدع القياس وأستحسن، فأجعل طلاقه قبولاً لذلك. وإذا وكَّل رجل رجلاً والوكيل نائم بطلاق امرأته فاستيقظ الرجل فطلقها فإنه لا يجوز؛ لأنه لم يعلم بالوكالة فيكون هذا قبولاً لها، وهذا بمنزلة الغائب. وكذلك المغمى عليه والمجنون الذي لا يعقل ولا يقبل (¬3) شيئاً. وكذلك هذا في باب البيع وفي الشراء والخلع والنكاح (¬4) والمكاتبة والعتق والإجارة والرهن في قياس قول أبي حنيفة. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بطلاق امرأته فوكَّل الوكيل وكيلاً آخر فإن ذلك لا يجوز؛ لأن طلاق الثاني ليس بطلاق للأول. فإن وكله بطلاقها وقال: ما صنعت من شيء فهو جائز، فوكَّل غيره فهو جائز. وإذا وكَّل الصبي بطلاق امرأته فإنه لا يجوز. وكذلك أبوه إذا كان هو الذي وكَّل أو وصيه؛ لأن طلاق الصبي باطل. وكذلك الذاهب العقل هو (¬5) في هذا بمنزلة الصبي. وكذلك المغمى عليه. وكذلك (¬6) المجنون (¬7) في حال جنونه والذي أصابه بِرْسَام (¬8) فذهب عقله، فهذا كله باب واحد لا يجوز طلاق الرجل فيه ولا وكالته. وكذلك العتاق في هذا. ¬

_ (¬1) م ز ع: يقبل. والتصحيح من الكافي، 2/ 95 ظ. (¬2) م ز ع + حتى. والتصحيح من الكافي، 2/ 95 ظ. (¬3) ع - ولا يقبل. (¬4) ع - والنكاح. (¬5) ع - هو. (¬6) ع - وكذلك. (¬7) ع: والمجنون. (¬8) ع: برسا. والبرسام هو ذات الجنب، وهو التهاب في غشاء الرئة. انظر: المعجم الوسيط، "برسم". والمقصود هو ذهاب العقل بسبب المرض كما لا يخفى.

وإذا وكل (¬1) الرجل رجلين بطلاق امرأته فقبل أحدهما الوكالة وأبى الآخر أن يقبل ثم إن الذي قبل الوكالة طلق فهو جائز. وكذلك لو كان الذي (¬2) لم يقبل الوكالة غائباً فهو سواء. وكذلك هذا في العتق. ولا يجوز هذا في الخلع ولا في النكاح ولا في المكاتبة ولا في الإجارة ولا في الشراء ولا في البيع؛ لأنه يحتاج في هذا إلى رأيهما (¬3) جميعاً؛ لأن في هذا مالاً (¬4) يؤخذ (¬5). وإذا وكَّل رجل رجلاً بطلاق امرأته والزوج صحيح فلما مرض الزوج طلقها الوكيل ثم مات الزوج وهي في العدة فإنها ترثه؛ لأن طلاق الوكيل هاهنا مثل طلاق الزوج. ولو كان الزوج قد وكله في مرضه بذلك فطلقها في صحته ثلاثاً (¬6) فلا ميراث لها، مِن قِبَل أنه ليس بفار يوم طلق الوكيل. ألا ترى أن للزوج أن ينهى الوكيل عن الطلاق، فتركه إياه في ذلك حتى طلق مثل طلاق الزوج نفسه. وإذا وكَّل الرجل وهو عبد رجلاً بطلاق امرأته ثلاثاً ثم أعتق العبد ثم مرض ثم طلقها فإن لها الميراث ما كانت في العدة. وكذلك المكاتب والعبد يسعى في بعض قيمته وقد (¬7) أعتق (¬8) بعضه. وإذا أسلمت المرأة الذمية ثم وكَّل الزوج [وهو ذمي] (¬9) رجلاً بأن يطلقها ثلاثاً (¬10) ثم أسلم الزوج [و] مرض (¬11) ثم طلق الوكيل ثلاثاً (¬12) فإنها ترثه (¬13) ما كانت في العدة. وإذا قال الرجل لرجلين: طلقا امرأتي إن شئتما، فطلق أحدهما دون ¬

_ (¬1) ز: وكله. (¬2) ع - الذي. (¬3) ع: إلى ربها. (¬4) م ز ع: مال. (¬5) ع: يوجد. (¬6) م ع: ثلثا. (¬7) ع - وقد. (¬8) ع: وأعتق. (¬9) الزيادة مستفادة من ب؛ والكافي، 2/ 95 ظ. (¬10) م ع: ثلثا. (¬11) ع - مرض. وزيادة الواو من الكافي، 2/ 95 ظ. ولفظ ب: ثم مرض. (¬12) م ع: ثلثا. (¬13) ز: يرثه.

الآخر فطلاقه باطل؛ لأنه جعل المشيئة إليهما فصارا (¬1) غير وكيلين. ألا ترى أنه لو نهاهما عن ذلك لم يكن له ذلك. ولو قاما من المجلس قبل أن يطلقاها لم يكن لهما (¬2) أن يطلقاها بعد ذلك. وإذا وكَّل واحداً فقال: طلقها ثلاثاً إن شئت، فطلقها واحدة لم يجز؛ لأنه خالف في ذلك. ولو قال: طلقها واحدة إن شئت، فطلقها ثلاثاً لم يجز في قول أبي حنيفة، ويجوز في قول أبي يوسف ومحمد. وإذا وكَّل الرجل رجلين أن يطلقا امرأته فطلقاها (¬3) فجحد الزوج ذلك فشهد الوكيلان على ذلك فشهادتهما باطلة. وإن شهد على الطلاق غيرهما فشهد شاهدان أنهما قد طلقاها (¬4) أمس فشهادتهما جائزة. وإن طلقاها (¬5) فيما يستقبلان (¬6) فهو جائز. فإن شهد على الوكالة ابناهما أو أبواهما (¬7) فشهادتهما باطلة. وإن كان الوكيل عبداً (¬8) بين رجلين فشهد مولياه على الوكالة (¬9) فشهادتهما باطلة. وكذلك مكاتب بين اثنين فشهد الموليان كان باطلاً. وكذلك أبوا (¬10) الموليين وأولادهما ونساؤهما لا تجوز (¬11) شهادتهما في هذا كله. وكذلك شهادة المرأة لزوجها بالوكالة أو شهادة الزوج لامرأته بالوكالة في ذلك فهو باطل. وشهادة الشريك لشريكه المفاوض بالوكالة في الطلاق جائزة. وشهادة أبناء المرأة المطلقة على الوكالة باطل (¬12) إذا ادعت المرأة ذلك. فإن جحدت ذلك فشهادتهما جائزة. وكذلك شهادة (¬13) أبويها وامرأة معهما. وإذا شهد الموليان على وكالة زوج أمتهما بالطلاق وأنه طلق فإن ¬

_ (¬1) م ع: فصار؛ ز: فصا. (¬2) ع - لهما. (¬3) ع: فطلقا. (¬4) ع: قد طلقها. (¬5) ع: فإن طلقها. (¬6) ع: يستقلان. (¬7) ع: أو أبوهما. (¬8) م ز ع: عبد. (¬9) ع - على الوكالة. (¬10) م ز ع: أبو. والتصحيح من ب. (¬11) ز: لا يجوز. (¬12) ع: باطلة. (¬13) ع - شهادة.

ادعت أمتهما ذلك فهو باطل. وإن لم تدعه فهو جائز. وهذا قول أبي يوسف. وأما في قول محمد فإنه لا تجوز (¬1) شهادة الموليين على طلاق أمتهما ولا على الوكالة بذلك جحدت المرأة أو أقرت؛ لأنهما يجران بذلك منفعة إلى أنفسهما. وإذا شهد ابنا (¬2) الزوج على الوكالة بطلاق والزوج يجحد ذلك والمرأة ليست بأمهما وقد ماتت أمهما (¬3) قبل ذلك فإن شهادتهما جائزة. فإن جحد ذلك الوكيل أو أقر (¬4) فهو سواء؛ لأن هذا على أبيهما. وكذلك هذا في البيع إذا ادعى المشتري ذلك. وكذلك هذا في المكاتبة إذا (¬5) ادعى المكاتب ذلك. وكذلك هذا في الخلع إذا ادعت المرأة. فإن جحدت المرأة وادعى الزوج فإن الطلاق ماض (¬6) عليه، ولا يجوز شهادتهما في المال. وكذلك هذا في العتق. فأما في البيع إذا ادعى الأب وجحد المشتري فإنه لا يجوز شيء من ذلك. وكذلك هذه الشهادة في الإجارة وفي المكاتبة. وإذا وكَّل رجل (¬7) رجلاً (¬8) بطلاق امرأته وقال في ذلك: إن شئت فطلق أو إن هويت أو إن أردت ذلك، فقام من ذلك المجلس قبل أن يطلق، فإن الوكالة باطلة لا تقع (¬9)؛ لأنه لم يشأ ولم يهو ولم يرد. وكذلك إذا قال: أنت وكيلي (¬10) في طلاقها إن شاءت ذلك، أو إن هويت أو إن أرادت (¬11)، فإنه لا يكون وكيلاً ما لم يعرف أن فلانة قد شاءت ذلك. فإن علمت بذلك فقامت من مجلسها ذلك قبل أن تشاء بطلت الوكالة. وإن شاءت في ذلك المجلس فإن الوكالة لازمة للوكيل. فإن قام الوكيل من ذلك ¬

_ (¬1) ز ع: لا يجوز. (¬2) ز ع: أبناء. (¬3) ع: أمها. (¬4) ع: وأقر. (¬5) ز ع: وإذا. (¬6) ز: ماضي. (¬7) ع - رجل. (¬8) م ز: رجلين. والتصحيح مستفاد من ب، والكافي، 2/ 96 و. (¬9) ز: باطل لا يقع. (¬10) م ز: وكيلاً. (¬11) ز: إن أردت.

المجلس قبل أن يطلق فليس له وكالة؛ لأن هذه وكالة وقعت بالمشيئة، فليس يملك الزوج أن يفسخها. وإذا قال: أنت وكيلي في طلاق فلانة إن شئت أنت ذلك، فإن شاء في ذلك المجلس فهو جائز. وإن قام قبل أن يشاء فلا وكالة به له. وإن قال: أنت وكيلي في طلاقها على أني بالخيار ثلاثة أيام، أو على أن فلانة بالخيار ثلاثة أيام، فالوكالة جائزة والخيار باطل. وكذلك هذا في البيع (¬1) والخلع والكتابة والإجارة. وكذلك إن اشترط لغيره فإنه لا يكون في الوكالة خيار. وإن وكله وكالة مبهمة فقبل الوكيل الوكالة بذلك (¬2) واشترط الخيار ثلاثة أيام فالوكالة جائزة والخيار باطل. وكذلك هذا في البيع والخلع والنكاح والعتق والمكاتبة والشراء والإجارة. وإذا وكَّل رجلان (¬3) رجلاً واحداً بطلاق نسائهما (¬4) فهو جائز. فإن مات أحدهما فهو على وكالة الآخر. وكذلك إن نهاه أحدهما فهو على وكالة الآخر، إن طلق امرأته (¬5) فهو جائز. وإن جعل الزوج وكيلاً آخر مع الذي بقي فأيهما (¬6) ما طلق فهو جائز. وإذا وكَّل رجل رجلين بطلاق امرأته فمات أحد الوكيلين وطلقها الثاني فهو جائز. وإن نزع أحدهما من الوكالة وطلقها الآخر فهو جائز. فإن جعل الزوج وكيلاً آخر مع الذي بقي فأيهما ما طلق فهو جائز. وإذا وكَّل رجل رجلين (¬7) بالبيع فمات أحدهما أو عزله فباعه الآخر واشترى فإن ذلك لا يلزم الامر. وكذلك الخلع والنكاح والمكاتبة والإجارة. فأما العتاق في هذا فهو بمنزلة الطلاق؛ لأنه لا يحتاج في الطلاق والعتاق إلى رأيهما، ولا يخاف الغبن (¬8)، ولا يخاف أن يتلف له مالاً، فهذا لا يشبه الأول. ¬

_ (¬1) ز - البيع. (¬2) م ز ع: ذلك. (¬3) م ز ع: رجل. (¬4) ع: نسائه. (¬5) ع: امرأة. (¬6) ز: فإن هما. (¬7) م ز ع، بالخلع أو. وانظر دوام العبارة. (¬8) ز: العين، ع - ولا يخاف الغبن.

وإذا وكَّل الرجل بطلاق امرأته فقال الوكيل: أنت طالق، فإن الطلاق لا يقع. وكذلك إذا قال: أنت طالق إن دخلت الدار أو إن كلمت فلاناً، فهذا باطل. وكذلك لو خيرها (¬1) أو ملّكها أمرها فإنه لا يجوز؛ لأنه لم يوكله بذلك. وكذلك لو وكَّل الوكيل وكيلاً غيره. ولو قال [لرجلين] (¬2): طلقاها (¬3) بألف درهم، لم يكن لأحدهما أن يطلقها دون الآخر. وإذا قال: طلقاها (¬4) بغير شيء، فطلقها أحدهما كان جائزاً، وليس هذا كالخلع. وإذا وكَّل الرجل الرجل على (¬5) أن يطلق امرأته ثلاثاً (¬6) على ألف درهم فطلقها واحدة أو ثِنْتَين (¬7) فإنه لا يجوز ولا يقع عليها شيء من ذلك (¬8)، مِن قِبَل أنه لا يكون للزوج عليها جعل. وإن طلقها واحدة بألف أو أكثر فهو جائز، مِن قِبَل أنه قد أخذ له الألف. ولو (¬9) طلقها واحدة بثلث الألف أو بنصفها لم يجز؛ لأنه إنما فوض إليه الثلاث (¬10) تطليقات كلها بألف. ولو قالت لزوجها: طلقني ثلاثاً (¬11) على ألف، فطلقها واحدة جازت، ولم يكن له من المال شيء، في قول أبي حنيفة. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يطلق امرأته ثلاثاً (¬12) بألف فطلقها واحدة بألف فهو جائز. وإن طلقها (¬13) واحدة بنصف الألف أو أكثر من ذلك لم يجز ذلك (¬14). وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يطلق امرأته بعبد أو بشيء من العروض قد سماه فطلقها بغيره فإنه لا يجوز. وإذا وكله ببيع ثلاث (¬15) تطليقات بألف فباعها واحدة بثلث الألف فإنه لا يجوز. وإذا وكله بخلعها على ألف درهم ¬

_ (¬1) ع: إن خيرها. (¬2) الزيادة مستفادة من ب. ولفظه: لاثنين. (¬3) ع: طلقها. (¬4) ع: طلقها. (¬5) ع - على. (¬6) م ع: ثلثا. (¬7) ع: أو اثنتين. (¬8) ع - من ذلك. (¬9) ع: وإن. (¬10) م ع: الثلث. (¬11) م ع: ثلثا. (¬12) م ع: ثلثا. (¬13) م ز: طلق. (¬14) م ع - ذلك. (¬15) م ع: ثلث.

فخلعها على ألف وقبض المال منها الوكيل فإنها لا تبرأ منه، مِن قِبَل أنه لم يسلطه على قبض المال. وكذلك لو وكَّل (¬1) رجل (¬2) رجلاً يكاتب عبداً له بألف درهم أو يعتقه على مال. وكذلك المرأة توكل (¬3) الرجل أن يزوجها فزوجها فليس له أن يقبض مهرها. ولو قبض لم يجز عليها. وإذا وكَّل الرجل الرجل بطلاق امرأته وأن يخلعها (¬4) على جعل فاختلف الوكيل والزوج فقال الزوج: أمرتك (¬5) بألفين، وقال الوكيل: أمرتني بألف، فالقول قول الزوج. وكذلك لو قال: أمرتك بتطليقة، وقال الوكيل: أمرتني باثنتين متفرقتين، وقع عليها واحدة. وإن طلقها اثنتين ليستا (¬6) بمتفرقتين لم يقع عليها شيء في قول أبي حنيفة. وإذا أمر الرجل امرأته أن تطلق نفسها فقامت من ذلك المجلس من قبل أن تفعل (¬7) فليس لها أن تطلق، ولا تكون (¬8) في هذا كغيرها؛ لأن غيرها رسول إليها، ولا تكون (¬9) هي رسولة إلى نفسها. ولو قال: أمرك بيد هذين الرجلين، فطلق أحدهما فإنه لا يجوز ذلك، مِن قِبَل أن الأمر في أيديهما جميعاً. وكذلك لو جعل أمرها بيدها وبيد غيرها. وإذا وكَّل الرجل وكيلاً على أن يطلق امرأته على جعل فطلقها على جعل فجحد الزوج الوكالة وشهد الوكيل فشهادته باطل (¬10). وإذا وكَّل الرجل الرجل أن يطلق امرأته وله أربع نسوة ولم يسم له امرأة بعينها فطلق إحدى نسائه، فإن أوقع الطلاق على (¬11) إحدى نسائه جاز طلاقها. وإن طلقهن جميعاً جاز على (¬12) واحدة، يختار الزوج أيهن شاء فيوقع عليها. ¬

_ (¬1) ع: لو وكله. (¬2) ع + بها. (¬3) ز: يوكل. (¬4) ز: يحلفها. (¬5) ز: امرأتك. (¬6) ز: ليست. (¬7) ز: أن يفعل. (¬8) ز ع: يكون. (¬9) ز: يكون. (¬10) ع: باطلة. (¬11) ع - على. (¬12) ع - على.

وإذا وكَّل الرجل الرجل على (¬1) أن يطلق امرأته على جعل فطلقها على جعل وجعل الجعل إلى أجل فهو جائز؛ لأنه بمنزلة البيع في ذلك. وكذلك النكاح. وإن كانت امرأة فقالت: زوجني، فزوجها وجعل المهر إلى أجل فهو جائز. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يطلق امرأته فطلقها الوكيل ثلاثاً (¬2) فإن كان الزوج نوى الثلاث (¬3) فهو جائز، وإن لم يكن نوى (¬4) ثلاثاً (¬5) فإنه لا يجوز؛ لأنه قد خالف. وهذا قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فهي طالق واحدة. وكذلك لو قال: اخلعها (¬6)، فطلقها ثلاثاً (¬7) بألف، فإن كان الزوج نوى بالخلع ثلاثاً فهو جائز. وإن كان نوى واحدة فإنه لا يجوز في قول أبي حنيفة. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أخرس بطلاق امرأته فإن كان يكتب فطلقها بكتاب جاز طلاقه. وإن كان لا يكتب ولا يعقل فالوكالة باطلة. وإذا (¬8) قال الرجل لرجل: طلق إحدى نسائي، أو قال: طلق هذه أو هذه، أو قال: أمر إحداهن في يدك، أو قال: اخلع إحداهن، فطلق إحداهن بعينها أو خلعها (¬9) كان ذلك جائزاً كأنه قال: طلق (¬10) أيتهن (¬11) شئت، أو اخلع أيتهن شئت. ألا ترى أنه لو قال: بع عبداً من عبيدي، فباع واحداً منهم جاز. ولو قال: لم أعن هذا، لم يصدق. ولو طلق واحدة منهن ولم يسمها بعينها جاز ذلك، والخيار إلى الزوج في ذلك. ... ¬

_ (¬1) ع - على. (¬2) م ع: ثلثا. (¬3) م ع: الثلث. (¬4) م - نوى، صح هـ. (¬5) م ع: ثلثا. (¬6) م ز ع: اختلعها. (¬7) م ع: ثلثا. (¬8) م ع: كان. (¬9) ع: وخلعها. (¬10) ع - طلق. (¬11) ز: أيهن.

باب الوكالة في الخلع

باب الوكالة في الخلع وإذا وكلت المرأة رجلاً أن يخلعها من زوجها على مال أو على ما بدا له فخلعها على المهر الذي أخذت منه أو على أقل من ذلك فهو جائز عليها، ولا يلزم الوكيل من ذلك شيء، وهو دين على المرأة. وإذا وكَّل الرجل الرجل أن يخلع امرأته فخلعها على مال أو على عبد أو على أمة فهو جائز، وليس للوكيل أن يقبض من ذلك شيئاً؛ لأنه لم يوكله بقبضه. فإن قبضه الوكيل لم يلزم الزوج، والمرأة ضامنة لذلك، ويرجع به على الوكيل. وإذا وكَّل رجل رجلاً بخلع امرأته وغاب الزوج فأرادت المرأة أن تستوثق (¬1) من الوكالة كتب: هذا ما أُشهد عليه فلان وفلان وفلان، شهدوا أن فلان بن فلان وكَّل فلان بن فلان أن يخلع امرأته فلانة بنت فلان على ما رأى (¬2)، وأجاز ما صنع في ذلك من شيء، وكتبوا شهادتهم جميعاً، وختموا في شهر كذا من سنة كذا. ثم يكتب كتاباً بخلع المرأة: هذا كتاب لفلانة بنت فلان من فلان بن فلان وكيل فلان بن فلان: إنك كرهت صحبة زوجك فلان بن فلان، وطلبت فراقه، وسألتيه أن يخلعك بنفقتك ما دمت في عدتك، وما بقي لك عليه من مهرك، وهو كذا وكذا، فوكلني أن أخلعك بذلك، فخلعتك بجميع ما سمينا في كتابنا هذا من زوجك فلان بن فلان وابنتك (¬3) منه، فلا سبيل له عليك، ولا حق لك قبله من مهر ولا غيره، ويكتب كتاباً للزوج على هذه النسخة، غير أنه يكتب: هذا كتاب لفلان بن فلان من فلانة (¬4) بنت فلان. وإذا أراد الزوج أن يخلع امرأته فوكلت المرأة وكيلاً بذلك فأراد أن يستوثق من الوكالة كتب: هذا ما شهد عليه فلان وفلان، شهدوا أن فلانة ابنة فلان وكلت فلان بن فلان أن يخلعها من زوجها فلان بن فلان بما ¬

_ (¬1) ز: أن يستوثق. (¬2) ع: ما ارى. (¬3) م ز ع: ولبنتك. (¬4) ز: من فلان.

رأى، وأجازت ما صنع من ذلك من شيء، وكتبوا شهادتهم جميعاً، وختموا في شهر كذا من سنة كذا، ثم يكتب كتاب الخلع على ما وصفت لك. وإذا وكَّل الرجل الرجل أن يخلع امرأته فله أن يخلعها في المجلس وغيره، وهو على الوكالة ما لم ينزعه عنها. وكذلك لو كان الوكيل مكاتباً أو عبداً أو أمة أو أم ولد أو مدبرة أو ذمياً (¬1) من أهل الكتاب أو غيرهم أو صبياً (¬2) فذلك كله جائز. فإن كان الزوج عبداً فوكَّل بخلع امرأته عبداً (¬3) مثله أو بعض من سمينا من الطبقات فهو جائز. وكذلك لو كان الزوج مكاتباً فوكَّل بعض من ذكرنا. وكذلك لو كان الزوج ذمياً أو مسلماً فوكَّل ذمياً مثله أو مسلماً فهو جائز. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يخلع امرأته فوكلت امرأته ذلك الرجل بعينه أن يخلعها من زوجها فخلعها الوكيل من نفسه ولم يبين الزوج ولا المرأة فإن الخلع باطل، وهذا في هذا الوجه بمنزلة الشراء والبيع. ولو أن امرأة وكلت زوجها أن يخلعها من نفسه بما شاء فخلعها من نفسه بخادمها كان ذلك باطلاً إلا أن تجيز المرأة ذلك؛ لأنه يأخذ لنفسه فلا يجوز. وكذلك وكيله. ولو أن رجلاً وكَّل امرأة أن تزوجه (¬4) نفسها فخرجت المرأة (¬5) فأشهدت على نفسها أنها قد زوجته كان ذلك جائزاً. وكذلك لو وكَّل رجلاً أن يزوج أحدهما الآخر كان جائزاً، ولا يشبه النكاح الخلع. ولو أن رجلاً وكَّل امرأته بخلع نفسها منه فخلعت نفسها منه بمال أو بعوض فإن ذلك لا يجوز إلا أن يرضى، وهذا بمنزلة البيع في هذا الوجه. ولو أن رجلاً قال لامرأته: اشتري طلاقك مني بما شئت فإني وكلتك (¬6) بذلك، فقالت: قد اشتريته منك بكذا وكذا، وإن باطلاً. ولو قال لها: اخلعي نفسك مني بكذا وكذا، ففعلت ذلك كان جائزاً، ولا يشبه الطلاق بالمال الذي يخلع بغير مال مسمى. ¬

_ (¬1) م ز ع: أو ذمي. (¬2) م ز ع: أو صبي، (¬3) م ز ع: عبد. (¬4) ز: أن يزوجه. (¬5) ع - فخرجت المرأة. (¬6) ع: وكلت.

وإذا وكَّل رجل (¬1) رجلين أن يخلعا امرأته فخلعها أحدهما دون الآخر فإن ذلك لا يجوز، مِن قِبَل أنه لم يرض برأي أحدهما دون الآخر. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يخلع امرأته فوكَّل الوكيل (¬2) وكيلاً غيره فهو جائز. فإذا وكَّل رجل رجلاً (¬3) أن يخلع امرأته ثم خلعها الزوج ثم خطبها الزوج ثانية (¬4) فتزوجها فليس للوكيل أن يخلعها، وقد خرج الوكيل من الوكالة حين خلعها الزوج. وكذلك لو طلقها الزوج (¬5) طلاقا بائنا. فإن طلقها طلاقاً بملك (¬6) الرجعة فخلعها الوكيل في العدة فهو جائز. وإن انقضت العدة قبل أن يخلعها فقد خرج الوكيل (¬7) من الوكالة. وكذلك لو ارتد الزوج عن الإسلام فلحق بالدار أو لم يلحق بالدار. وكذلك لو كانت المرأة هي المرتدة أو بانت منه بلعان أو بإيلاء أو بوجه من وجوه (¬8) الفرقة فقد خرج الوكيل من الوكالة. وكذلك لو كانت المرأة هي الموكلة ثم دخلت بينهما فرقة على نحو ما (¬9) وصفت لك فقد خرج الوكيل من الوكالة. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يخلع امرأته فخلعها على عبد لها وعلى أن زادها مائة درهم فإن الخلع جائز. وإن أجاز الزوج المائة لزمته، ولا يلزم الوكيل، وسلم للزوج العبد. فإن أَبى الزوج أن يسلم (¬10) المائة بطل حصتها من العبد، وجاز له حصة المهر منه. ولو كان الوكيل ضمن لها المائة لزمته، ولا يرجع بها على الزوج. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يخلع امرأته فخلعها على حر أو خنزير أو خمر فإن الخلع باطل، مِن قِبَل أنه لم يُشترط له مال، والخلع لا يكون إلا على مال. ولو قال: اخلعها، فخلعها على درهم لم يجز إلا أن يخلعها على ¬

_ (¬1) ز - رجل. (¬2) ع - الوكيل. (¬3) ع: وكل رجلاً رجل. (¬4) ع: ثانياً. (¬5) ع - وكذلك لو طلقها الزوج. (¬6) ع: يملك. (¬7) ع - في العدة فهو جائز وإن انقضت العدة قبل أن يخلعها فقد خرج الوكيل. (¬8) م ز ع: من الوجوه. (¬9) ع: وما. (¬10) م: أن سلم.

شيء مما يتغابن الناس فيه. وفي قياس قول أبي حنيفة هو جائز. والقول الأول قول أبي يوسف ومحمد. وإذا وكلت الأمة وكيلاً أن يخلعها فخلعها من زوجها فالخلع (¬1) جائز، وما اختلع (¬2) الزوج من المال فإنه لا يلزم الأمة شيء من ذلك حتى تعتق (¬3) فيكون عليها. وكذلك المكاتبة والمدبرة وأم الولد. فأما الصبية والمعتوهة فإذا وكلت كل واحدة منهما رجلاً أن يخلعها من زوجها فإن الخلع جائز، ولا يلزم المرأة ولا الوكيل من المال شيء. فإذا وكلت الذمية مسلماً فخلعها من ذمي على خمر فهو جائز. وكذلك النكاح في هذا والمكاتبة. ولا يشبه [البيع] هذه الثلاث (¬4) خصال، لو كان هذا في بيع كان هذا باطلاً؛ لأن البيع يلزم المشتري خاصة، وتلزم (¬5) البائع عهدته، والنكاح والخلع والمكاتبة لا (¬6) يلزم الوكيل (¬7) من هذا شيء (¬8)، وليس له أن يقبض منه شيئاً. وإذا اشترى الوكيل كان هو الذي يقبض. وإن كان هو البائع كانت العهدة عليه، فلذلك اختلف. ولو وكَّل مسلم كافراً بخلع امرأته منه وهي نصرانية على خمر أو خنزير جاز الخلع (¬9) وبطل الخمر (¬10). وكذلك النكاح. ولا تجوز (¬11) المكاتبة في هذا. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يخلع امرأتين له فخلعهما جميعاً منه في عقدة واحدة [أو عقدتين] (¬12) متفرقتين أو خلع إحداهما (¬13) وترك الأخرى فهو جائز. وكذلك النكاح والبيع والشراء والمكاتبة. ¬

_ (¬1) م ز: في الخلع. (¬2) اختلع المال، أي: أخذه، واختلعت المرأة من زوجها، أي: خالعته. انظر: لسان العرب، "خلع". (¬3) ز: يعتق. (¬4) م ز ع: هذا الثلث. (¬5) ز ع: ويلزم. (¬6) م ز ع: ولا. (¬7) م ز: للوكيل. (¬8) م ز ع: شيئاً. (¬9) ع: البيع. (¬10) ع: الخلع. (¬11) ز ع: يجوز. (¬12) الزيادة مستفادة من ب. (¬13) ع: أحدهما.

وإذا وكَّل رجل امرأة له أن يخلع امرأة له أخرى فهو جائز. وإذا وكَّل رجل رجلاً بخلع امرأته وقال له: إن أبت (¬1) فطلقها، فأبت (¬2) الخلع فطلقها الوكيل ثم قالت: أنا أخلع، فإن خلعها وهي في العدة والطلاق (¬3) يملك الزوج الرجعة فيه (¬4) فالخلع (¬5) جائز. وإن كان الطلاق بائناً وانقضت (¬6) العدة فالخلع باطل. فإن دفعت المال إلى الوكيل فلها أن ترجع (¬7) فيه. وكذلك إن كانت دفعته إلى الزوج كان لها أن ترجع. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يخلع امرأته واشترط الزوج الخيار ثلاثة أيام في الوكالة فالخيار باطل، والوكالة بالخلع ماضية، مِن قِبَل أن للزوج أن يمنعه متى ما شاء، فخياره وسكوته سواء. وكذلك هذا في البيع والشراء والنكاح والمكاتبة والإجارة. وإذا وكَّل رجل رجلين بخلع امرأته فخلع أحدهما لم يجز؛ لأنه لم يفوض ذلك إليه (¬8) وحده، ولم يرض فيه برأيه. وإن (¬9) وكله أن يخلعها فخلعها على حكمها أو على حكم الوكيل فإن ذلك يجوز، مِن قِبَل أن الوكيل اشترط المهر (¬10). وإن حكمت أقل من ذلك لم يجز. وإن حكم الوكيل أقل من ذلك لم يجز، وكان المهر للزوج عليها. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بخلع امرأته فلم يخلعها في ذلك المجلس فهو على الوكالة، يخلعها إذا بدا له؛ لأن الوكيل في هذا رسول، يخلعها إذا ¬

_ (¬1) ع: ان ايت. (¬2) ع: فايت. (¬3) ع: فالطلاق. (¬4) ع - فيه. (¬5) م: والخلع. (¬6) ز: أو انقضت. (¬7) ز: أن يرجع. (¬8) ع - إليه. (¬9) ع: إذا. (¬10) كذا في م ز ع. ولم يذكر في المسألة أن الوكيل اشترط المهر. فلعل في العبارة سقطا. ذكرت المسألة في ب؛ والكافي والمبسوط بدون هذا القسم. وقد يكون المقصود أن المهر شرط ضمني وإن لم يذكر لفظا. انظر: الكافي، 2/ 97 و؛ والمبسوط، 18/ 132.

شاء. وللزوج أن يعزله من ذلك إذا شاء ما لم يخلعها. ولو ذهب عقل الزوج زماناً خرج الوكيل من الوكالة. وإذا وكَّل الرجل أبا امرأته أن يخلعها فهو جائز. وكذلك إن كان ابنها منه أو من غيره. وكذلك لو وكَّل أمها أو ابنتها أو جدا (¬1) أو جدة فما خلعها عليه من شيء فهو جائز في قول أبي حنيفة. ولا يجوز في قول أبي يوسف ومحمد إلا أن يحط عنها ما يتغابن الناس (¬2) به في مثله. وكذلك هذا في النكاح. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يخلع امرأته فأدخل الوكيل وكيلاً آخر معه ثم خلعاها جميعاً فهو جائز. وكذلك هذا في النكاح (¬3) والبيع والشراء والمكاتبة والإجارة. وإذا وكَّل الرجل (¬4) رجلاً أن يخلع امرأته ثم أخرجه من الوكالة بغير علم من الوكيل ثم إن الوكيل خلعها فالخلع جائز على الزوج، وإخراج الزوج للوكيل من الوكالة باطل؛ لأنه لم يعلمه ذلك. ولو أخبر الوكيل برسالة بذلك عبد أو صبي أو ذمي أو مكاتب أو امرأة أو رجل فخلعها بعد ذلك فإن خلعه باطل. وكذلك لو أخبرته بذلك المرأة التي وكَّل بخلعها. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يخلع امرأته فجعل الوكيل أمرها (¬5) بيدها فخلعت نفسها فإن هذا باطل لا يجوز. وكذلك لوطلقت نفسها. وإذا وكَّل الرجل امرأته أن تخلع (¬6) له امرأة أخرى فهو جائز. وإذا وكَّل رجل عبد (¬7) امرأته أن يخلعها فهو جائز. وكذلك أمتها. وكذلك مكاتبتها. ¬

_ (¬1) م ز: أو جد؛ ع: أو جدها. (¬2) م - الناس، صح هـ. (¬3) م ز ع + وإذا وكل الرجل رجلاً أن يخلع امرأته فأدخل الوكيل وكيلاً آخر معه ثم خلعاها جميعاً فهو جائز وكذلك هذا في النكاح. (¬4) ز ع: رجل. (¬5) ع: مهرها. (¬6) ز: امرأة أن يخلع. (¬7) م - عبد، صح هـ.

باب الوكالة في الإجارة

وإذا وكَّل الرجل الرجلين أن يخلعا امرأته على ألف درهم فخلعها أحدهما على ألف فإنه لا يجوز من قبل (¬1) أنه بمنزلة البيع. ولو قال: طلقاها بألف، وإن هكذا أيضاً. ولو قال: طلقاها بغير شيء، فطلقها أحدهما كان هذا جائزاً، وليس هذا كالخلع. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يخلع امرأته فخلعها على جعل فاختلف الوكيل والزوج فقال الزوج: أمرتك بألفين، وقال الوكيل: أمرتني بألف، فالقول قول الزوج مع يمينه. وكذلك لو قال: أمرتك بتطليقة، وقال الوكيل: أمرتني بتطليقتين. وإذا وكَّل الرجل الرجل بطلاق امرأته وبخلعها وعقل الوكيل ذاهب فطلق الوكيل (¬2) كان ذلك جائزاً؛ لأنه طلق وهو يملك ذلك. ألا ترى أنه لو وكَّل صبياً بذلك جاز عليه طلاقه. ولو عمي الوكيل والزوج كانت الوكالة كما هي. وكذلك لو خرس الزوج بعد أن يكون عقله كما هو. باب الوكالة في الإجارة وإذا وكَّل الرجل وكيلاً بإجارة أرضه (¬3) وغاب الرجل فأراد الرجل أن يكتب كتاباً كتب (¬4): هذا ما أُشهد عليه فلان وفلان وفلان (¬5)، شهدوا أن فلان بن فلان وكَّل فلان بن فلان أن يؤاجر بيوت قريته التي يقال لها كذا وكذا وأرضها، وهذه القرية والأرض في طَسُّوج (¬6) ¬

_ (¬1) ع - قبل. (¬2) ز: للوكيل. (¬3) ع: عرضه. (¬4) ع - كتب. (¬5) ز - وفلان. (¬6) قال المطرزي: الطَّسُّوج الناحية كالقرية ونحوها، معرَّب، يقال: أردبيل من طساسيج حُلْوان. انظر: المغرب، "طسج".

كذا من رُسْتاق (¬1) كذا منها قَرَاح (¬2) يقال له كذا، أحد حدوده والثاني والثالث والرابع، وأحد حدود بيوت هذه القرية والثاني والثالث والرابع، بما رأى من الأجر وكم شاء من السنين، وكتبوا شهادتهم جميعاً، وختموا في شهر كذا من سنة كذا. وإذا أراد الوكيل أن يكتب كتاب الإجارة كتب: هذا كتاب لفلان بن فلان وكيل فلان بن فلان من فلان بن فلان: إني استأجرت منك بيوت قرية فلان بن فلان التي يقال لها كذا وكذا وأرضها، وهذه القرية والأرض في طَسُّوج كذا من رُسْتاق (¬3) كذا من قَرَاح يقال له كذا، أحد حدوده والثاني والثالث والرابع، وأحد حدود هذه القرية والثاني والثالث والرابع (¬4)، استأجرت منك بيوت هذه القرية، والأرض المحدودة في كتابنا هذا أرضاً بيضاء (¬5)، بحدودها كلها وكَّل حق هو لها، كذا وكذا (¬6) سنة أولها شهر كذا من سنة كذا، كل سنة من ذلك بكذا وكذا، على أن أعطيك أجر كل سنة من هذه السنين عند انقضاء السنة، وقد قبضت منك هذه القرية وأراضيها في غرة شهر كذا من سنة كذا، فهي معي بما سمينا في كتابنا هذا من الإجارة، أسكن البيوت وأسكنها من أحببت، وأزرع الأرض ما بدا في من غلة الشتاء والصيف حتى تنقضي (¬7) هذه السنون. شهد. وإذا أراد المستأجر أن يكتب كتاباً بالإجارة كتب: هذا ما استأجر ¬

_ (¬1) م: من بدستق؛ ز: من يدسبق؛ ع: من رستق. قال الفيومي: الرُّسْتَاق معرَّب، ويستعمل في الناحية التي هي طرف الإقليم، والرُّزْدَاق بالزاي والدال مثله، والجمع رَسَاتِيق ورَزَادِيق، قال ابن فارس: الرَّزْدَق السطر من النخل والصف من الناس، ومنه الرُّزْدَاق، وهذا يقتضي أنه عربي، وقال بعضهم: الرُّسْتَاق مولُّد وصوابه رُزْدَاق. انظر: المصباح المنير، "رستق". وقال المطرزي: الرَّزْدَق لصف، وفي الواقعات: رَسْتَق الصفّارين والبيّاعين، وكلاهما تعريب رَسْتَه. انظر: المغرب، "رزدق". (¬2) أي: قطعة أرض كما تقدم. (¬3) م: من بدستق؛ ز: من يدسبق؛ ع: من رستق. (¬4) ع - وأحد حدود هذه القرية والثاني والثالث والرابع. (¬5) أرض بيضاء، أي: ملساء لا نبات فيها. انظر: لسان العرب، "بيض". (¬6) م ز: كذا كذا. (¬7) ز: ينقضي.

فلان بن فلان من فلان بن فلان، ثم يكتب على هذه النسخة، ثم يكتب كتاب الوكالة، فيكون عنده بشهادة الشهود. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بأن يؤاجر قَرَاحاً واحداً فهو مثل هذا. [ولو] وكله بأن يؤاجر شِقْصاً له في أرض غير مقسوم فإن أجره من شريكه في أرض فهو جائز، وإن أجره (¬1) من غيره لم يجز، في قول أبي حنيفة. وإن كانت الأرض بين رهط فأجره (¬2) من أحدهم (¬3) لم يجز، وإن أجر من جميعهم فهو جائز. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فهو جائز إن أجره (¬4) من واحد [منهم] أو من جميعهم. وإن أجرها الوكيل بعروض أو بخادم بعينها أو بشيء مما يكال أو يوزن أو بثوب (¬5) بعينه أو بشاة بعينها فهو جائز. وإذا وكله أن يؤاجرها بدراهم فأجرها بعروض فليس يجوز. وكذلك لو أعارها أو دفعها طُعْمَة (¬6) أو أعطاها من يزارعه (¬7) فإنه لا يجوز. ولو باعها لم يجز. ولو وهبها لم يجز؛ لأنه وكَّل في غير ذلك. ولو ادعى رجل فيها دعوى لم يكن بينه وبين هذا الوكيل خصومة. ولو استأجرها منه رجل فخاصمه في الإجارة فهو خصم في ذلك. إن جحد المستأجر الأجر فالوكيل خصم في أن يلزمها إياه بالبينة. وإن جحده الوكيل فأراد الآجر (¬8) أن يستوجبها بالإجارة فإن له أن يخاصمه. وإن زرعها المستأجر كان للوكيل أن يخاصمه في الأجر ويقبضه منه ويحبسه به. فإن أقام المستأجر بينة على الوكيل أنه قد أوفاه الأجر جاز ذلك على الوكيل. فإن جحد ضمن الوكيل الأجر لرب الأرض. وإن أبرأ الوكيل المستأجر من الأجر فهو جائز وهو ضامن لذلك. وكذلك إن وهبه له أو تصدق به عليه. وكذلك إن كان الأجر شيئاً (¬9) مما يكال أو يوزن بغير عينه. فإن كان بعينه أو بثوب (¬10) أو بخادم ¬

_ (¬1) ز: أجر. (¬2) ع: فأجرها. (¬3) ع: من أحد. (¬4) ع: إن أجرها. (¬5) ز: أو ثبوت. (¬6) أي: رزقاً، وقيل: عارية للزراعة. انظر: المغرب، "طعم". (¬7) ز: أو أعطاها مزارعه. (¬8) ز: الآخر. (¬9) ع - شيئاً. (¬10) ز: أو ثبوت.

لم يجز إبراء الوكيل له ولا هبته. وليس الذي بعينه والذي بغير عينه في ذلك سواء. ولو أن الوكيل حين آجر الأرض مات لم تنتقض (¬1) الإجارة؛ لأن هذه (¬2) ليست له (¬3). ولو مات رب الأرض انتقضت الإجارة. ولو أن الوكيل أبرأ المستأجر من الأجر وناقضه الإجارة قبل أن يعمل فيها شيئاً جاز ذلك. ولو كانت (¬4) الإجارة بدراهم أو بدنانير أو بشيء مما يكال أو يوزن أو عبد بعينه أو ثوب قد سمى طوله وعرضه ورُقعته (¬5) وجنسه إلى أجل بغير عينه فأبرأ الوكيل المستأجر من الإجارة وناقضها إياه وتاركه الإجارة كان جائزاً. فإن كان (¬6) المستأجر زرع الأرض سنة والأجر (¬7) عرض بعينه لهذه السنة لم يستطع (¬8) الوكيل أن (¬9) يناقض الإجارة. وإذا دفع المستأجر الأجر وهو عبد إلى الوكيل قبل أن يزرع الأرض ثم إن الوكيل تاركه الإجارة لم يجز ذلك؛ لأن الأجر عرض قد قبضه الوكيل، فصار لرب الأرض، فلا يستطيع الوكيل أن يخرجه من (¬10) ملك رب الأرض. وإذا أخَّر الوكيل الأجر عن المستأجر سنة وهو دراهم فهو جائز، وهو ضامن لرب الأرض. وإذا وكَّله أن يؤاجرها بشيء من العروض بعينه فليس للوكيل أن يؤاجرها بغير تلك العروض ولا بدراهم. فإن فعل لم يجز على رب الأرض؛ لأنه قد خالف. وإذا وكَّله أن يؤاجر أرضاً وفيها بيوت ولم يسم البيوت (¬11) فله أن ¬

_ (¬1) ز: لم ينتقض؛ ع: لم تنقض. (¬2) ز: هذا. (¬3) م ز + ولو أن الوكيل حين آجر الأرض مات لم تنتقض الإجارة لأن هذا ليست له. (¬4) ز: كاتب. (¬5) أي: غلظه وثخانته كما تقدم. (¬6) ز - كان. (¬7) ع: والإجارة. (¬8) ز: لم يستطيع. (¬9) م ز - أن. (¬10) ع - من. (¬11) ز: الثبوت.

يؤاجر الأرض والبيوت معاً. وكذلك لو كان فيها رحى (¬1) ماء كان له أن يؤاجرها والرحى (¬2). أرأيت لو قال: أجر ضيعتي، ألم يؤاجر الأرض والبيوت والرحى (¬3). وكذلك إذا قال: أجر أرضي، فهو سواء. وإذا وكَّل رجل رجلاً حراً أو عبداً أو ذمياً أو حربياً أن يؤاجر دابة له أو عبداً له أو داراً (¬4) أو أرضاً أو رحى (¬5) ماء أو سفينة أو يستأجر له شيئاً من ذلك فوكَّل الوكيل بذلك غيره فإنه لا يجوز. وكذلك لو وكَّل بذلك اثنين (¬6) فأمضى ذلك أحدهما دون الآخر فإنه لا يجوز على الآمر ويجوز على الوكيل. ولو وكَّل بذلك اثنين ثِم عزل أحدهما عن الوكالة لم يكن للآخر أن يمضي ذلك. ولو لم يخرجه (¬7) [فأجَّرَا فليس لواحد منهما قبض الأجر] (¬8) كله دون صاحبه، ولكل واحد منهما أن يقبض النصف (¬9) دون صاحبه (¬10). فإن كان الوكيل عبداً أو مكاتباً أو صبياً أو امرأة أو مكاتبة فهو جائز. وكذلك لو كان الوكيل ذمياً ورب الأرض مسلم أو كان رب الأرض ذمياً والوكيل مسلم. وإذا آجر الأرض صاحبها الذي هي له ثم وكَّل وكيلاً بقبض الأرض فهو جائز. وإن أخَّر الوكيل عن المطلوب الأجر أو حط عنه أو صالحه على بعض ذلك فإن ذلك لا يجوز؛ لأنه لم يوكله بذلك. وإن وكله أن يؤاجرها بدراهم فأجرها بدنانير فإنه لا يجوز. وكذلك لو وكله أن يؤاجرها من رجل فأجرها (¬11) من آخر. وكذلك لو سمى له شيئاً من العروض فأجرها بعروض غير ذلك فإنه لا يجوز. وكذلك لو قال: أجرها بدراهم، فدفعها مزارعة فإنه لا يجوز. وكذلك لو قال: ادفعها مزارعة (¬12) بالنصف، فأجرها بدراهم أو حنطة فإنه لا يجوز. ¬

_ (¬1) ز: رجاء؛ ع: رخاء. (¬2) م: للرحا؛ ز: للرجاء؛ ع: للرخاء. (¬3) ز: والرجاء؛ ع: والرخاء. (¬4) ز + له. (¬5) ز: أو رجاء؛ ع: أو رخاء. (¬6) ز: اثنتين. (¬7) م ز ع: لم يخرج. والتصحيح مستفاد من ب. ولفظه: لم يعزله. (¬8) الزيادة من ب. (¬9) م ز: لنصف. (¬10) ع - ولكل واحد منهما أن يقبض النصف دون صاحبه. (¬11) ز: وأجرها. (¬12) ع + فإنه لا يجوز وكذلك لو قال ادفعها مزارعة.

باب الوكيل في المعاملة والمزارعة

وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يؤاجر أرضاً له فأجرها ثم مات الوكيل فالإجارة ماضية على حالها. ولو مات رب الأرض أو المستأجر انتقضت الإجارة. ولو وكله أن يستأجر له أرضاً فاستأجرها له ثم مات الوكيل لم تنتقض (¬1) الإجارة. وإن مات رب الأرض أو المستأجر له انتقضت الإجارة. وإذا وكله أن يأخذ له أرضاً مزارعة فاستأجرها له بدراهم أو حنطة فإنه لا يجوز. وإذا وكله أن يستأجرها له فأخذها له مزارعة فإنه لا يجوز في قول أبي حنيفة، ويجوز في قول أبي يوسف ومحمد. وإذا وكله أن يستأجر له أرضاً فما استأجرها به من شيء دراهم أو دنانير أو بشيء مما يكال أو يوزن بغير عينه فإنه جائز على الآمر في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإنه على الدنانير والدراهم وما يستأجر به الأرضين مما يخرج من الكيل (¬2) والوزن ونحوه. وإذا استأجرها بشيء من الحيوان أو بشيء من الكيل (¬3) أو الوزن بعينه فإنها للمستأجر، ولا تلزم (¬4) الآمر (¬5)، لأنه (¬6) قد خالف. ... باب الوكيل في المعاملة والمزارعة وإذا وكَّل رجل رجلاً بأن يدفع أرضه مزارعة فأجرها بدراهم فهو باطل لا يجوز؛ لأن المزارعة لا تقع (¬7) على هذا. ألا ترى أنه لو وكله أن يؤاجرها بطعام لم يجز له أن يؤاجرها بدراهم. ¬

_ (¬1) ز: لم ينتقض. (¬2) ز: من الوكيل. (¬3) ز: من الوكيل. (¬4) ز ع: يلزم. (¬5) ع: الاجر. (¬6) ع - لأنه. (¬7) ز: لا يقع.

وإذا أراد الرجل آخذ الأرض أن يكتب كتاباً على الوكيل ويكتب كتاباً بالوكالة عنده (¬1) كتب (¬2): هذا ما شهد (¬3) فلان وفلان وفلان (¬4)، شهدوا أن فلان بن فلان [وكَّل فلان بن فلان] أن يدفع أرضه التي يقال لها كذا وكذا من قرية (¬5) كذا من طَسُّوج كذا من رُسْتَاق (¬6) كذا مزارعة، أحد حدود هذه الأرض والثاني والثالث والرابع، وكله بأن يدفع هذه الأرض مزارعة إلى من أراد، وكم شاء من السنين، وكتبوا شهادتهم جميعاً، وختموا في شهر كذا من سنة كذا. وإذا أراد أن يكتب كتاباً للمزارعة (¬7) كتب: هذا لفلان بن فلان من فلان بن فلان وكيل فلان بن فلان: إني دفعت إليك أرض فلان بن فلان التي يقال لها كذا وكذا من طَسُّوج كذا وكذا من رُسْتَاق (¬8) كذا وكذا مزارعة، أحد حدودها (¬9) والثاني والثالث والرابع، دفعت إليك هذه الأرض المحدودة في كتابنا هذا، أرضاً بيضاء مزارعة كذا وكذا (¬10) سنة، أولها شهر كذا من سنة كذا، تزرعها ببذرك ونفقتك (¬11) وأعوانك، فما أخرج الله تعالى منها من شيء [فلك] منه النصف ولفلان منه النصف، وقد دفعت إليك هذه الأرض في غرة شهر كذا من سنة كذا، وهي معك بما سمينا في كتابنا هذا من المزارعة حتى تنقضي (¬12) هذه السنون. شهد. وإذا أراد أن يكتب كتاباً يكون عنده بالمزارعة كتب مثل هذا، غير أنه يكتب الكتاب لنفسه: لفلان بن فلان. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يدفع نخلاً له وشجراً معاملة فدفعه فأراد ¬

_ (¬1) ع: عبده. (¬2) ع - كتب. (¬3) ز + عليه. (¬4) ع - وفلان. (¬5) م ز ع: إلى قرية. (¬6) م ع: من بدستق؛ ز: من يدسبق. (¬7) ز: بالمزارعة. (¬8) م ع: من بدستق؛ ز: من يدسبق. (¬9) ز: حدودهما. (¬10) م ز: كذا كذا. (¬11) ز: ويعقتك. (¬12) ز: ينقضي.

الذي دفع إليه أن يكتب كتاباً بالوكالة والمعاملة كتب: هذا ما شهد عليه فلان وفلان (¬1)، شهدوا أن فلان بن فلان وكَّل (¬2) فلان بن فلان بأن يدفع ما في أرضه التي يقال لها كذا وكذا (¬3) من قرية كذا (¬4) من طَسُّوج كذا من رُسْتَاق (¬5) كذا من نخل وشجر معاملة، أحد حدود هذه الأرض والثاني والثالث والرابع، وأمره أن يدفع ما في هذه الأرض المحدودة في كتابنا هذا من نخل وشجر معاملة، إلى من أحب، وكم شاء من السنين، وكتبوا شهادتهم جميعاً، وختموا في شهر كذا من سنة كذا. ثم يكتب على الوكيل: هذا كتاب لفلان بن فلان: إني دفعت إليك جميع ما في أرض فلان التي يقال لها كذا في قرية كذا من طَسُّوج كذا من رُسْتَاق (¬6) كذا من نخل وشجر معاملة، أحد حدود هذه الأرض المحدودة في كتابنا هذا، من نخل وشجر معاملة كذا وكذا (¬7) سنة، أولها شهر كذا من سنة كذا، تقوم (¬8) عليها وتسقيها (¬9) وتلقح (¬10) نخله، فما أخرج الله تعالى من شيء فلك منه النصف لقيامك عليه وعملك فيه، ولفلان منه النصف حظ نخله (¬11) وشجره (¬12)، وقد دفعت (¬13) إليك هذا النخل والشجر وقبضته مني في غرة شهر كذا من سنة كذا، فهو معك بما سمينا من المعاملة حتى تنقضي (¬14) هذه السنون. شهد. وإذا أراد أن يكنب الوكيل عنده كتاباً مثل هذا كتب على هذه النسخة، غير أنه يكتب كتاباً لفلان الوكيل من فلان. وإذا قبض الوكيل نصيب رب الأرض من المعاملة والمزارعة فهو جائز. فإن وهبه أو أبرأه منه فإنه لا يجوز في الشجر والنخل ولا في ¬

_ (¬1) ز + وفلان. (¬2) ع: وكيل. (¬3) م: كذا كذا. (¬4) م ز - كذا. (¬5) م ع: من بدستق؛ ز: من يدسبق. (¬6) م ع: من بدستق؛ ز: من يدسبق. (¬7) م ز: كذا كذا. (¬8) ز ع: يقوم. (¬9) ع: ويسقيها. (¬10) ز: ويلقح. (¬11) م ز ع: النخلة. (¬12) ع: والشجرة. (¬13) ع + دفعت. (¬14) ز: ينقضي.

المزارعة في قول الذين يجيزونها (¬1). فإن اشترى بذلك شيئاً أو أخذ به عوضاً (¬2) أو صالحه عليه أو حط بعضه فإن ذلك لا يجوز في قولهم. والشِّقْص في الأرض غير مقسوم أو في النخل وفي الشجر في المعاملة والمزارعة لا يجوز في قول أبي حنيفة، ويجوز في قول أبي يوسف ومحمد. وإذا وكَّل رجل رجلاً بأن يدفع أرضه (¬3) مزارعة فأجرها (¬4) بدراهم [فإنه] لا يجوز؛ لأنه قد خالف. وكذلك إن أجرها بدنانير أو بعبد أو بأمة أو بشاة أو بقرة. فإن أجرها بحنطة كيل فإنه ينبغي (¬5) في قول من يجيز (¬6) المزارعة أن يجوز. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وكذلك إن أجرها بشعير أو بشيء مما يزرع (¬7). ولو وكله أن يدفعها مزارعة فدفعها (¬8) إلى رجل يزرعها رَطْبَة (¬9) أو حنطة أو شعيراً (¬10) أو غير ذلك من الحبوب كان جائزاً. وإن دفعها إلى رجل يغرس فيها شجراً أو نخلاً فإنه لا يجوز. ولو وكله أن يدفعها ليغرس فيها نخلاً بالنصف فدفعها للشجر لم يجز. ولو وكله أن يدفعها للشجر فدفعها للنخل لم يجز. ولو وكله بأرض له يدفعها إلى رجل ليبنيها بيوتًا ويؤاجرها بالنصف ويكون الأجر (¬11) بينهما نصفين (¬12) فإن هذا جائز في قول من يجيز المعاملة. وليس هذا قول أبي حنيفة ولا قول أبي يوسف ولا قول محمد. فإن دفعها ليتخذها بستاناً لم يجز؛ لأنه قد خالف. وإذا وكَّل رجل رجلاً بيأخذ له أرضاً مزارعة بعينها فأخذها له فهو جائز. فإن أخذها على أن يغرس فيها نخلا لم يجز على الآمر وجاز على الوكيل؛ لأنه قد خالف. ... ¬

_ (¬1) ز: جيزونها. (¬2) ز: عرضا. (¬3) ع: أرض. (¬4) ع: فأخرجها. (¬5) م ع + له. (¬6) ز: من نجيز. (¬7) ز: نزرع. (¬8) ز - مزارعة فدفعها. (¬9) نوع من العلف. انظر: لسان العرب، "رطب". (¬10) ز: أو شعير. (¬11) ع - الأجر. (¬12) ز: بصفين.

باب الوكيل يوكله الرجل يستأجر له أرضا

باب الوكيل يوكله (¬1) الرجل يستأجر له أرضاً وإذا وكَّل الرجل الرجل أن (¬2) يستأجر (¬3) له أرضاً فأشهد على الوكالة كتب: هذا ما شهد عليه فلان وفلان وفلان، شهدوا أن فلان بن فلان وكَّل فلان بن فلان بأن (¬4) يستأجر له أرض فلان التي يقال لها كذا وكذا، من قرية كذا (¬5) من رُسْتَاق (¬6) كذا (¬7)، أحد حدودها والثاني والثالث والرابع، أمره أن يستأجر له من فلان بن فلان هذه الأرض المحدودة في كتابنا هذا، ليزرعها ما بدا له وكم شاء من السنين، وكتبوا شهادتهم جميعاً، وختموا في شهر رمضان من سنة كذا. وإذا أراد الوكيل أن يكتب كتاباً بالإجارة ويسمي فيه أنه استأجرها لفلان كتب: هذا ما استأجر فلان بن فلان (¬8) من فلان بن فلان، استأجر لفلان منه الأرض التي يقال لها كذا كذا في قرية كذا وكذا من طَسُّوج كذا من رُسْتَاق (¬9) كذا، أحد حدودها والثاني والثالث والرابع، استأجر لفلان منه هذه الأرض المحدودة في كتابنا هذا، أرضاً بيضاء بحدودها كلها وكَّل حق هو لها، كذا وكذا (¬10) سنة أولها شهر كذا من سنة كذا، كل سنة من ذلك بكذا كذا درهماً، وقد قبض فلان لفلان هذه الأرض في غرة شهر كذا من سنة كذا، يزرعها فلان ما بدا له من غلة الشتاء والصيف، ويعطي أجرها كل سنة عند انقضائها حتى تنقضي (¬11) هذه السنون. ولرب الأرض أن يأخذ المستأجر بالأجر (¬12) كل سنة، وليس له أن يأخذ الآمر بشيء من ذلك؛ لأنه لم يستأجر منه. ولو أن رب الأرض وهب ¬

_ (¬1) ع: يوكل. (¬2) ز: الرجلان. (¬3) ع: وكَّل الرجل رجلين يستأجرا. (¬4) ع - بأن. (¬5) ع + وكذا. (¬6) م ع: من بدستق؛ ز: من يدسبق. (¬7) ز - كذا. (¬8) م ز + بن فلان. (¬9) م ع: من بدستق؛ ز: من يدسبق. (¬10) م ز: كذا كذا. (¬11) ز: ينقضي. (¬12) ع: بالاجار.

الأجر للمستأجر [كان للمستأجر] (¬1) أن يأخذه من الآمر. ولو لم يهب (¬2) له ولكنه أراد المستأجر أن يأخذ الآمر بالأجر قبل أن يؤديه كان له ذلك، مِن قِبَل أن المال قد وجب على المستأجر. ولو مات المستأجر كان ينبغي في القياس أن تنتقض (¬3) الإجارة، ولكني أدع القياس وأستحسن أن لا أنقض الإجارة. ولو أن المستأجر ناقض رب الأرض الإجارة، فإن كانت الأرض في يدي المؤاجر أجزت المناقضة وأبطلت الإجارة. وإن كانت قد دفعها إلى الآمر وإلى المستأجر ثم ناقض الإجارة لم يجز. أستحسن ذلك وأدع القياس فيه. وإذا أراد رب الأرض أن يكتب كتاباً بالإجارة كتب: هذا كتاب لفلان بن فلان من فلان بن فلان وكيل فلان بن فلان: إني استأجرت منك لفلان بن فلان الأرض التي يقال لها كذا وكذا (¬4)، ثم يكتب على النسخة التي كتبت لك. فإذا وكَّل رجل رجلاً أن يستأجر له أرضاً بعينها وسمى له الأجر فاستأجرها بأقل من ذلك فهو جائز. وإن استأجر (¬5) بأكثر من ذلك لم يجز على الآمر وجاز على الوكيل. وكذلك إن استأجرها بصنف من الأجر غير الذي أمره به فإنه لا يجوز على الآمر. وإذا وكله (¬6) أن يستأجرها سنة فاستأجرها سنتين فإن السنة الأولى للآمر والثانية (¬7) للوكيل. وإن استأجرها هي وأرضاً أخرى جازت في قول أبي حنيفة وفي قول أبي يوسف ومحمد على الآمر التي أمره بها بحصتها. وإذا وكله أن يؤاجر له أرضاً فآجرها هي وأرضاً أخرى للوكيل جاز ذلك، وكان الأجر بينهما بالحساب. ولو آجرها هي وأرضاً أخرى للآمر ولم يقبض المستأجر ثم إن الآمر أخذ الأرض التي لم يأمره بها، فإن المستأجر ¬

_ (¬1) الزيادة من الكافي، 19/ 98 و. (¬2) ز: لم يهبه. (¬3) ز: أن ينتقض. (¬4) ز ع: كذا كذا. (¬5) ز: استأجرها. (¬6) ع: وكل. (¬7) م ز: الثانية.

بالخيار: إن شاء أخذ تلك بحصتها، وإن شاء ردها. وكذلك لو كان لم يقبض إحداهما. وإذا وكَّل رجل رجلاً (¬1) يستأجر له أرضاً أو داراً ثم إن الوكيل ردها على المؤاجر قبل أن يقبضها كان ذلك جائزاً. وإن سقط بعض الدار أو استحق (¬2) بعض الدار أو بعض الأرض فقال المستأجر: أنا أرضى بها، وقال الآمر (¬3): لا أرضى بها، فإنها تلزم (¬4) المستأجر ولا تلزم (¬5) الآمر. وكذلك لو انهدمت الدار قبل أن يقبضها (¬6) أو بعدما قبضها. وإذا وكَّل رجل رجلاً يستأجر أرضاً لابن له صغير أو ليتيم في حجره وهو وصيه أو يؤاجر له أرضاً فهو جائز. وإذا وكَّل المكاتب أو عبد تاجر وكيلاً يستأجر له أرضاً أو يؤاجرها فهو جائز. وكذلك المسلم يوكل الكافر، والكافر يوكل المسلم، أو المرأة توكل (¬7) الرجل، أو الرجل (¬8) يوكل المرأة، أو يوكل عبداً أو أمة، أو يوكل المسلم حربياً مستأمناً، أو حربي يوكل من يستأجر (¬9) له فوكَّل بذلك مسلماً أو ذمياً، فهو جائز. وإذا وكَّل رجل وكيلين بذلك فاستأجرها أحدهما دون الآخر لم يجز على الآمر وجاز على الوكيل. وإن قال الآمر: أنا أرضى بذلك، وأبى المستأجر ذلك فله أن يمنعها منه وإن كان استأجرها له؛ لأنه قد خالف. وإن دفعها بذلك فهي للآمر بإجارة مستقبلة، ويأخذ رب الأرض المستأجر بالأجر الذي أجرها إياه به. وإذا وكَّل الرجل الرجل (¬10) أن يستأجر له أرضاً فوكَّل غيره فاستأجرها له بعينها أو كانت بغير عينها فإنه لا يجوز على الآمر الثاني. ¬

_ (¬1) ع + أن. (¬2) ع: واستحق. (¬3) ع: الآخر. (¬4) ز: يلزم. (¬5) ز: يلزم. (¬6) م ز: أن يقبض. (¬7) ز: يوكل. (¬8) ع: والرجل. (¬9) ع + يستأجر. (¬10) م ز: للرجل.

باب الوكالة في الشفعة بالعروض

وإذا وكَّل الرجل رجلين أن يؤاجرا (¬1) أرضاً له فآجرها أحدهما دون الآخر (¬2) فإنه لا يجوز. وكذلك لو وكَّل الوكيلان جميعاً رجلاً فأجرها فإنه لا يجوز. وإن شهدا بذلك أو أجازا (¬3) الإجارة بعدما وقعت الإجارة فهو جائز على الآمر. ... باب الوكالة في الشفعة بالعروض وإذا وكَّل رجل رجلاً طلب شفعة له في دار وبالخصومة فيها وأشهد على ذلك كتب: هذا ما شهد عليه فلان وفلان وفلان، شهدوا أن فلان بن فلان وكَّل فلان بن فلان بطلب شفعة في الدار التي في بني فلان وبالخصومة فيها وبأخذها بالشفعة، أحد حدود هذه الدار والثاني والثالث والرابعٍ، وأشهدوا على شهادتهم بذلك فلاناً وفلاناً (¬4)، وكتبوا (¬5) شهادتهم جميعاً، وختموا في شهر كذا من سنة كذا. وإذا خاصم الوكيل في الشفعة فأقر عند القاضي أن صاحبه قد سلم الشفعة وأنه هو قد سلمها فذلك جائز في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: لا يجوز تسليمه للشفعة على الذي وكله، ويجوز قوله عليه وإقراره أنه قد سلمه، وقد بطلت الشفعة. وإذا أقر عند غير القاضي أن صاحبه قد سلم فإن ذلك لا يجوز وإن (¬6) قامت به عليه البينة. وهو (¬7) سواء في القياس إن جاز عند القاضي أن يجوز (¬8) عند غيره أو لا يجوز شيء (¬9) من ذلك. ولكنا تركنا القياس في ذلك وأخذنا بالاستحسان. وهو قول أبي ¬

_ (¬1) ز: أن يؤاجر. (¬2) ز: الأخرى. (¬3) ع: وأجاز. (¬4) م ز ع: فلان وفلان. (¬5) ع: كتبوا. (¬6) م ز ع: فإن. والتصحيح من ب. (¬7) م ز ع: فهو. والتصحيح من ب. (¬8) م ز ع: أو يجوز. والتصحيح من ب. (¬9) م ز ع: شيئاً.

حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: يجوز ذلك كله، وليس ينبغي للقاضي أن يقبل من الوكيل الوكالة إلا وخصمه معه. وإذا أقر المشتري بشراء الدار وهي في يديه وجبت الشفعة للشفيع فيها وخصومة الوكيل، ولا أسأل المشتري بينة أنه اشتراها من صاحبها إذا كان صاحبها غائباً؛ لأني لا أقضي على غائب، وإنما أقضي على هذا بإقراره. فإذا جاء رب الدار فأنكر ذلك أبطلت (¬1) البيع والشفعة ورددت الدار إليه بعد أن يحلف بالله ما باع إلا أن تقوم (¬2) عليه بينة. وإذا طلب وكيل (¬3) الشفيع (¬4) الشفعة وقضيت (¬5) له فقال المشتري: حلّف الشفيع ما سلم لي (¬6)، فإني أقضي عليه بالدار هذا، ويقال له: انطلق فاطلب يمين الآخر (¬7). فإذا قضى القاضي للوكيل بالشفعة فأراد أن يشهد على قضائه وأبى المشتري أن يكتب له كتاباً، فإن القاضي يشهد له ويكتب هو له كتاباً به؛ كتب: هذا ما شهد عليه فلان وفلان وفلان، شهدوا أن فلان بن فلان أشهدهم وهو يومئذ قاضي أهل الكوفة أنه قضى لفلان بن فلان على فلان بن فلان بالدار (¬8) التي في بني فلان، أحد حدودها والثاني والثالث والرابع، بشفعة فلان فيها ببينة قامت عنده لفلان على ذلك، فأجاز شهادتهم، وقضى بهذه الدار المحدودة في كتابنا هذا بالشفعة لفلان بن فلان على فلان بن فلان بكذا (¬9) كذا درهماً، وهو الثمن الذي اشتراها به فلان من فلان ببينة قامت عنده بذلك على فلان بن فلان. وإن كان إقراراً كتب بإقرار البائع بذلك: وأقر (¬10) فلان بن فلان وكيل فلان بن فلان بدفع الثمن إلى فلان بن فلان، وقبضه منه فلان، وهو كذا (¬11)، من مال فلان، وأشهدوا على شهادتهم بذلك كله فلاناً وفلاناً (¬12). ¬

_ (¬1) ع: فأبطلت. (¬2) ز ع: أن يقوم. (¬3) ع: الوكيل. (¬4) ع - الشفيع. (¬5) ز: وقبضت. (¬6) ع: إلي. (¬7) ز: الآمر. ولفظ ب: الموكل. (¬8) م ز: الدار. (¬9) ع: كذا. (¬10) ع: فأقر. (¬11) م ز + كذا. (¬12) م ز ع: فلان وفلان.

وإذا تقدم الوكيل والبائع والمشتري للخصومة فأنكر البائع الشراء وادعى ذلك المشتري سألته البينة. فإن أنكر المشتري ذلك فراراً من الشفعة سأل الوكيل البينة على الشراء. فإن جاء ببينة (¬1) فقال المشتري: ليس لفلان فيها شفعة، سألت الوكيل البينة بالحق (¬2) الذي وجبت به الشفعة. فإن قال: لفلان فيها نصيب، وأقام عليه البينة أن لفلان داراً (¬3) إلى جنبها (¬4) فأقام بينة على ذلك قبلت ذلك منه. فإن قال: الدار التي إلى جنبها (¬5) في يدي فلان، وأقام (¬6) البينة (¬7) أنها في يدي فلان (¬8) لم أقبل ذلك حتى يشهدوا أنها له. لا أقبل في ذلك شهادة ابني الوكيل ولا أبويه ولا زوجته ولا شهادة (¬9) ابني الذي وكله ولا أبويه ولا زوجته. فإن كان الوكيل عبداً أو مكاتباً لم أقبل شهادة مواليه. وكذلك الموكل لو كان عبداً تاجراً لم أقبل شهادة مواليه. وإذا قال المشتري: حلّف (¬10) الوكيل ما يعلم صاحبه سلم الشفعة، فلا يمين عليه. وكذلك لو قال: حلّفه هو ما سلم، لم يكن عليه يمين؛ لأن تسليمه باطل عند غير قاض. ولو شهد ابنا الوكيل أن الموكل قد سلم الشفعة أجزت ذلك. وكذلك أبواه (¬11) وامرأته. وكذلك شهادة ابني الوكيل. ولو وكله المشتري بالخصومة في ذلك وغاب أو مرض أجزت ذلك. ولا أجيز شهادة ابني الوكيل على الوكالة ولا شهادة أبويه. وليس للوكيل أن يخاصم في شفعة أخرى وجبت بهذه الدار؛ لأنه إنما وكله بالدار الأولى فليس له وكالة في خصومة ولا بيع ولا شراء ولا تقاضي (¬12) دار ولا صلح فيه. ولو وكله بالخصومة في كل شفعة تكون (¬13) له كان ذلك جائزاً، وكان يخاصم في كل شفعة تحدث (¬14). ولا يكون خصماً في دين ¬

_ (¬1) ز: بينة. (¬2) ع: الحق. (¬3) م ز ع: دار. (¬4) ع: إلى جانبها. (¬5) ع: إلى جانبها. (¬6) ع + عليه. (¬7) ز: لبينة. (¬8) ع + وأقام البينة. (¬9) م ز: شهادته. (¬10) ز: خلف. (¬11) م ز ع: أبويه. (¬12) ز: يقاضي. (¬13) ز: يكون. (¬14) ز: يحدث.

ولا حق سوى الشفعة (¬1) إلا أن يطلب حقاً في دار تجب (¬2) به الشفعة، وقد جحد أهل الدار ذلك الحق، فله أن يقيم البينة عليه حتى تجب (¬3) له الشفعة. ألا ترى أنه لو وكله بدين يتقاضاه لم يكن له أن يبيع الرقيق، ولو وكله ببيع رقيقه لم يكن له أن يتقاضى دينه. وإذا وكَّل الرجل رجلاً ببيع دار وأشهد عليه وكتب كتاباً كتب: هذا (¬4) ما شهد عليه فلان وفلان وفلان: شهدوا أن فلان بن فلان وكَّل فلان بن فلان ببيع الدار التي في بني فلان، أحد حدودها والثاني والثالث والرابع، أجاز ما باع به من شيء، فأشهدوا على شهادتهم بذلك فلاناً وفلاناً (¬5). وإذا باع الوكيل هذه الدار بشيء قليل أو كثير بنسيئة أو نقد أو باعها بعروض أو بغيره فهو جائز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، ويأخذها الشفيع بالشفعة. ولو لم يكتب في الوكالة: وأجاز ما باع به من شيء، وإن هذا وذاك سواء في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإنه لا يجوز أن يبيعها بشيء يسير إلا بشيء يتغابن الناس في مثله، وليس له أن يبيع من ماله شيئاً غير ذلك. ولو مات رب الدار فقال الوكيل: قد كنت (¬6) بعتها في حياته، لم يصدق إلا ببينة، ولم يكن فيها شفعة. وكذلك إن كان خادم أو عبد. فإن كان العبد (¬7) مستهلكاً فالقول فيه قول الوكيل مع يمينه، وهو مصدق في قوله: قد بعتها (¬8) في حياته، بعد أن يحلف. أستحسن ذلك وأدع القياس فيه. وإذا وكَّل الرجل (¬9) رجلاً أن يأخذ له داراً بالشفعة ولم يعلم ما الثمن وأخذها الوكيل بثمن كبير لا يتغابن الناس في مثله بقضاء قاض فإنه يلزم الوكيل (¬10). وإن سلمها المشتري بغير قضاء قاض فأخذها ¬

_ (¬1) ز: شفعته. (¬2) ع: يجب. (¬3) ز: يجب. (¬4) ع - كتب هذا. (¬5) م ز ع: فلان وفلان. (¬6) ز: قد كتب. (¬7) ع - العبد. (¬8) ز: قد بعته. (¬9) ع: رجل. (¬10) ز ع: الموكل.

باب الوكالة في الشفعة

الوكيل فهو للموكل أيضاً إن كان أخذها بما لا يتغابن الناس في مثله؛ لأن الوكيل لم يشتر له شيئاً ولم يسلم له شيئاً، إنما سلمها المشتري للشفيع. وإذا وكَّل رجل (¬1) غيرُ شفيعٍ الشفيعَ أن يأخذ له داراً بالشفعة فأظهر الشفيع ذلك فليس له أن يأخذها؛ لأنه قد أقر أنه يأخذها لغيره. وإن أسر ذلك حتى يأخذها ثم علم بذلك وقد سلمها له المشتري فذلك جائز على المشتري الأول؛ لأنه لم يسلم، ولأن (¬2) طلب الشفيع لغيره تسليم من الشفيع للشفعة. إذا كان المشتري حاضراً أو غير حاضر فهو سواء إذا كان ذلك بعد البيع. وإذا كان للدار شفيعان فوكلا (¬3) رجلاً واحداً يأخذها لهما فهو جائز. وإن سلم شفعة أحدهما عند القاضي وأخذها الآخر بالشفعة فهو جائز. وإن قال عند القاضي: قد سلمت شفعة أحدهما- ولم يبين - وأنا أطلب شفعة الآخر، لم يكن له ذلك حتى يبين أيهما سلم له نصيبه (¬4) ولأيهما يأخذ. وإذا وكَّل أحد الشفيعين المشتري ووكَّل أحدهما وكيلاً آخر فإن المشتري لا يكون وكيلاً في الشفعة؛ لأنه يأخذ من نفسه فلا يكون آخذا منها. ولو وكَّل البائع بالأخذ (¬5) بالشفعة لم يكن له ذلك؛ لأنه هو الذي باع، فلا يكون وكيلاً في نقض ما باع ولا في أخذه. أدع القياس في هذا وأستحسن. ... باب الوكالة في الشفعة وإذا وكَّل رجل رجلاً بطلب شفعة والشفيع حاضر فإن ذلك باطل غير مقبول منه (¬6) إلا أن يكون مريضاً أو يرضى بذلك الخصم أو يكون غائباً. ¬

_ (¬1) ع: رجلاً. (¬2) ع: ولئن. (¬3) ع: فوكل. (¬4) ز: بصبيه. (¬5) ع: الأخذ. (¬6) ع - منه.

وكذلك المرأة بكراً كانت أو ثيباً. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: أنا أقبل من المرأة والرجل الوكالة في كل شيء وإن كانت حاضرة، فإذا (¬1) بلغت اليمين أرسلت إليها من يستحلفها. فإذا وكَّل الذمي المسلم بطلب شفعة (¬2) فهو جائز، ولا يقبل على المسلم بتسليم الشفعة شهود من أهل الذمة. وإن شهدوا على وكيله وهم من أهل الذمة والشفيع ذمي وقد أجاز الشفيع ما صنع الوكيل قبلت شهادتهم وأبطلت الشفعة. ولو كان الذي وكَّل ذمياً (¬3) والوكيل مسلم لم أقبل على الوكيل إلا شهوداً مسلمين، وقبلت على الذمي شهوداً من أهل الذمة. وإذا وكَّل رجل رجلاً بطلب شفعته (¬4) فأخذها ثم جاء مدع (¬5) يدعي في الدار شيئاً فإن الوكيل ليس بخصم له. ولو وجد بالدار عيباً كان له أن يردها ويخاصم في ذلك العيب ولا ينظر إلى الذي وكله. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بطلب شفعة (¬6) في دار أو في أرض أو في شيء مما تجب (¬7) فيه الشفعة فقال: قد جعلتك وكيلاً في طلب كذا وكذا بالشفعة وأخذه إن كان اشترى (¬8) بكذا وكذا، فهو وكيل إن كان اشترى بذلك أو أقل (¬9). فإن كان اشترى بأكثر فلا وكالة له. وكذلك لو قال: وكلتك إن كان فلان اشتراها، فإذا قد اشتراها غيره فإنه لا يكون وكيلاً. وإذا (¬10) وكله بطلب شفعة (¬11) في كل شفعة تجب (¬12) له وبالخصومة في ذلك قبل أن يباع شيء فهو وكيل متى ما (¬13) بيع شيء (¬14) له فيه ¬

_ (¬1) ع: وإذا. (¬2) ع: الشفعة. (¬3) م ز ع: ذمي. (¬4) ع: شفعة. (¬5) ز: مدعي. (¬6) ع: شفعته. (¬7) ز ع: يجب. (¬8) ع: اشتراه. (¬9) م ز ع + فإن كان اشترى بكذا وكذا فهو وكيل إن كان اشترى بذلك أو أقل. (¬10) ع: فإذا. (¬11) ع: شفعته. (¬12) ز ع: يجب. (¬13) ع - ما. (¬14) ع - شيء.

باب الوكالة في الشفعة والخصومة في دين

شفعة (¬1)، ووكالته إياه بالخصومة في ذلك وبالقبض ونقد الثمن (¬2) جائز. وإذا اشترى الرجل داراً وشفعاؤها ورثة منهم الصغير والكبير والجنين الذي لم يولد فهم (¬3) في الشفعة سواء. فإن وكَّل الكبير من يأخذ له بالشفعة كان للصغير أن يشركه في ذلك (¬4) إذا كبر (¬5). وكذلك الحبلى إذا وضعت لأقل من ستة أشهر من يوم وقع فيه الشراء. فإن وضعته لأكثر من ستة أشهر من (¬6) يوم وقع الشراء وقد مات أبوه قبل (¬7) ذلك فورثته من الأب جعلت له الشفعة أيضاً؛ لأني قد جعلت الحبل قبل البيع. وإذا اشترى الرجل داراً بجارية وقبضا جميعاً ثم ولدت بعد الشراء لأقل من ستة أشهر فادعى البائع الولد أثبت نسبه وأبطلت الشراء. فإن كنت قد قضيت (¬8) بالشفعة قبل ذلك أو لم أقض بها بعد فإنها باطل لا تجوز (¬9). وكذلك (¬10) الاستحقاق. وللبائع أن يأخذ الدار من يدي الشفيع. وليس هذا كالعيب يوجد بالجارية فيردها (¬11). هذه الشفعة فيها (¬12) جائز، ولا يؤخذ الدار من الشفيع، ويرد (¬13) على رب الدار قيمة الخادم صحيحة. ... باب الوكالة في الشفعة (¬14) والخصومة (¬15) في دين وإذا وكَّل رجل رجلاً بطلب كل دين له وبالخصومة فله أن يتقاضى ما كان له (¬16) من دين يومئذ وما حدث له من دين بعد ذلك. ألا ترى أنه لو ¬

_ (¬1) ع: شفعته. (¬2) م ز ع + فهو. (¬3) ز: فهو. (¬4) ع + اكبر وكذلك. (¬5) م ز + وكذلك إذا كبر. (¬6) ز ع - من. (¬7) ع: اقبل. (¬8) ز: قد قبضت. (¬9) ز ع: لا يجوز. (¬10) ع + وكذلك. (¬11) ز: فتردها. (¬12) ز: فيه. (¬13) ز: ورد. (¬14) ع - الشفعة. (¬15) ع: الخصومة. (¬16) ع - له.

وكله بتقاضي كل غلة له وبقبضها وببيعها (¬1) كان له أن يبيع غلة أرضه كل سنة وكَّل شيء يحدث بعد الشيء. وكذلك إذا وكله بخصومة في كل ميراث له فهو خصمه في كل ميراث له، وهو خصم في كل شيء يحدث من ذلك. وإذا وكله بماله لم يزد على ذلك فليس بوكيل في خصومة ولا بيع ولا شراء ولا تقاضي دين، إنما هو وكيل في الحفظ وهو قيّم. وإذا قال: تقاض (¬2) ديني، أو أرسله يتقاضى له أو وكله له فهو سواء، ذلك كله باب واحد، وليس هذا أن يشتريه ولا يأخذ به عرضاً ولا يوكل (¬3) بقبضه أحداً سواه من غير عياله. وله أن يوكل به عبده وأمته وابنه الذي هو في عياله. فهو بمنزلة وديعة استودعها إياه. فإن دفعها إلى أحد من عياله لم يضمن. فإن دفعها إلى غير عياله ضمن. وإذا وكله بتقاضي (¬4) دين له من رجل بعينه فحدث (¬5) عليه دين بعد ذلك قبل أن يقبض الأول أو بعدما قبض الأول فليس الوكيل وكيلاً (¬6) في تقاضي ذلك؛ لأنه وكله في شيء واحد محدود معروف. وليس هذا كالباب الأول. ألا ترى أنه قد جمع له في ذلك كل شيء. وإذا وكَّل رجل رجلاً بطلب شفعة فجاء الوكيل وقد غرق بناء الدار واحترق نخل الأرض فذهب فأخذها بجميع الثمن فلم يرض الذي وكله وقال: لا حاجة لي فيها وقد ذهب ما ذهب، فإن ذلك جائز عليه لا يستطيع أن يرده. وكذلك لو سلم وكيله الشفعة عند القاضي كان ذلك جائزاً. وكذلك لو جعله جَرِيًّا (¬7) أو وصياً في الخصومة في طلب الشفعة، وله (¬8) أن يقبض ذلك وينقد الثمن. ويرجع (¬9) بالثمن على الذي وكله حيث أمره بالأخذ ¬

_ (¬1) ز: ويقبضها ويبيعها. (¬2) م ز ع: تقاضى. (¬3) ز: يؤكل. (¬4) ز: يتقاضي. (¬5) ع: يحدث. (¬6) م ز ع: وكيل. (¬7) ع: حربا. والجري بمعنى الوكيل كما تقدم. (¬8) ع: وليس له. (¬9) ع: ورجع.

بالشفعة وبالخصومة. فقد أمره بنقد (¬1) الثمن وبقبض البيع (¬2). ولو وكَّل رجل رجلين بأخذ الشفعة كان لأحدهما أن يخاصم دون الآخر، ولا يأخذ دون الآخر. وليس الخصومة كالبيع والشراء، ولأحدهما أن يخاصم في ذلك. وكذلك لو سلم أحدهما عند القاضي جاز ذلك على الذي وكَّله وعلى الآخر الذي معه. وإذا أخذا بالشفعة جميعاً وطلب المشتري يمين الشفيع كانت له يمينه متى ما لقيه، ولا يمنعهما من أخذ الدار ما طلب هذا من اليمين. ولو أخذاها جميعاً ونقدا (¬3) الثمن كله كان لهما أن يرجعا به على الذي وكلهما بها. ولو وكلا رجلاً واحداً بطلب الشفعة فوكَّل الوكيل وكيلاً آخر كانت وكالة الوكيل باطلة لا تجوز (¬4) إلا أن يكون وكله وأجاز ما صنع. فإذا أجاز الموكل ما صنع الوكيل فله أن يوكل. فإن قال الوكيل الأول للوكيل الثاني: إني قد أجزت ما صنعت، فليس له أن يوكل غيره، وليس للوكيل الأول أن يقول للوكيل الثاني: ما صنعت من شيء فهو جائز؛ لأنه لم يفوض ذلك إليه. وإذا طلب المشتري إلى الوكيل أن يكف عنه شهراً أو سنة على أنه على شفعته وخصومته وعلى (¬5) شفعة صاحبه فله ذلك، ولا يبطل ذلك شفعة صاحبه. وإن مات الوكيل قبل الأجل ولم يعلم صاحبه بموته فصاحبه على شفعته (¬6). فإذا مضى الأجل أو علم (¬7) بموته فلم يطلب أو يبعث وكيلاً آخر فلا شفعة له. ومقدار ذلك بقدر المسير من حيث هو غائب. ... ¬

_ (¬1) ز: ينقد. (¬2) ز: للبيع. (¬3) ع: ونقد. (¬4) ز ع: لا يجوز. (¬5) ع: على. (¬6) ع: على شفعة. (¬7) ع: وعلم.

باب وكالة أهل الذمة

باب وكالة أهل الذمة وإذا وكَّل الرجل من أهل الذمة رجلاً ذمياً بقبض وديعة له أو دين أو عارية أو بدفع دين عليه أو وديعة عنده أو عارية أو ببيع شيء أو بشراء أو بعتق أو بمكاتبة أو بعتاقة على مال أو بتدبير أو بتزويج أو بخلع امرأة فذلك كله جائز. فإن أسلم الموكل (¬1) لم يخرج ذلك الوكيل عن الوكالة. وكذلك إن أسلم الوكيل ما خلا باباً واحداً: إن وكله أن يبيع خمراً أو خنزيراً أو يشتري واحداً منهما فأسلم الوكيل ثم فعل شيئاً من ذلك لم يجز عليه ولا على صاحبه. وإن كان لذمي (¬2) خمر ديناً على ذمي فأسلم الطالب والخمر قرض بطلت، وليس للوكيل أن يقبضها. فإن قبضها ضمنها للذي (¬3) قبضها منه. وكذلك إن كانت سَلَماً (¬4). وإن أسلم الوكيل ولم يسلم الموكل فقبضها الوكيل فهو جائز (¬5). وإن أسلم الذي هي عليه فقد بطلت عنه في قول أبي يوسف. فإن قبضها الوكيل لم يجز على الموكل ولم يضمن الوكيل؛ لأن المقبوضة منه مسلم. والنصراني واليهودي والصابئ والمجوسي وعابد الحجر والمرأة والرجل والحربي المستأمن في جميع ما ذكرنا من الوكالة (¬6) سواء. وإذا وكَّل الذمي بقبض دين له أو بيع عبد له ثم أسلم العبد فباعه الوكيل فهو جائز، ولا يكون إسلامه خروجاً من الوكالة. ولو أسلم المطلوب بالدين فالوكيل وكيل (¬7) في قبض الدين منه، لم تبطل (¬8) الوكالة، وكان (¬9) له أن يقبض ذلك. ¬

_ (¬1) م ز ع: الوكيل. والتصحيح من ب. (¬2) م ز: الذمي؛ ع: له. والتصحيح من ب. (¬3) ع: الذي. (¬4) م ز ع: سلم. (¬5) ع - وإن أسلم الوكيل ولم يسلم الموكل فقبضها الوكيل فهو جائز. (¬6) ع - من الوكالة. (¬7) ع - وكيل. (¬8) ز ع: لم يبطل. (¬9) ع: وكا.

وإذا وكلت الذمية وكيلاً بقبض ومهرها من زوجها فأسلم الزوج فالوكيل على وكالته. وكذلك إن طلقها أو كان مسلماً فارتد عن الإسلام. وإذا وكِّل الذمي العبد المسلم بقبض دين له على رجل وبقبض وديعة له (¬1) عند رجل فقبضها العبد والعبد محجور عليه فاستهلكها العبد فلا ضمان عليه، مِن قِبَل أنه عبد حتى يعتق. وإن كان الوكيل صبياً فقبضها فاستهلكها فلا ضمان عليه في قول أبي حنيفة ومحمد. وإذا وكَّل الذمي حربياً مستأمناً بقبض وديعة أو دين له على رجل أو ببيع شيء له فلحق الحربي بالدار فقد انقطعت الوكالة. فإن جاء بعد ذلك مستأمناً أو مسلماً أو ذمياً لم تعد الوكالة على حالها. وكذلك الوكيل المسلم يرتد ويلحق بالدار، فقد انقطعت الوكالة (¬2) ما دام في دار الحرب. فإذا رجع فهو على وكالته. وإذا وكَّل الذمي الذمي بقبض خمر له بعينها فصارت خلا فللوكيل أن يقبضها؛ لأنها هي بعينها. وكذلك المسلم يوكل المسلم بقبض عصير له بعينه فصار العصير خلا فله أن يقبضه. وإذا وكَّل ذمي ذمياً بدفع وديعة عنده أو دين عليه أو يقبض شيئاً له من مسلم والمسلم مقر بذلك وبالوكالة فهو جائز. وإن كان المسلم جاحداً لذلك فأقام الذمي عليه بينة مسلمين بذلك وبالوكالة فله أن يأخذه منه، ولا يقبل منه بينة من أهل الكفر. وإذا وكَّل الذمي الذمي بقبض جلود ميتة له ودباغتها ففعل ذلك فهو جائز. وإذا وكَّل الذمي الذمي بقبض خمر له فقبضها فاستهلكها (¬3) فعليه مثلها. فإن كان خنزيراً فاستهلكه فعليه قيمته. ¬

_ (¬1) ع - له. (¬2) ع - فإن جاء بعد ذلك مستأمناً أو مسلماً أو ذمياً لم تعد الوكالة على حالها وكذلك الوكيل المسلم يرتد ويلحق بالدار فقد انقطعت الوكالة. (¬3) ع: واستهلكها.

باب وكالة الحربي

باب وكالة الحربي وإذ! وكَّل رجل من أهل الحرب (¬1) رجلاً مسلماً أو ذمياً أو حربياً بتقاضي دين له في دار الإسلام وأشهد على ذلك شهوداً من أهل الإسلام فخرج وكيله من دار الحرب يطلب ذلك فهو جائز. وكذلك لو وكله ببيع شيء بغير عينه أو بشيء يشتريه أو وديعة يدفعها أو يقبضها أو عارية له يقبضها أو يدفعها إلى غيره أو بضاعة فهو جائز كله. ولو وكَّل (¬2) الحربي مستأمناً في دار الإسلام فوكَّل بذلك وكيلاً كان ذلك جائزاً. وكذلك لو وكَّل (¬3) بالخصومة في شيء بينه وبين رجل. وإذا وكَّل المسلم أو الذمي رجلاً من أهل الحرب مستأمناً في دار الإسلام بخصومة أو بيع أو بشراء أو بدفع دين أو وديعة أو بقبض دين أو وديعة أو نكاح أو طلاق أو عتاق أو مكاتبة فهو جائز. وكذلك الحربي يوكل عبداً لمسلم أو مكاتباً لمسلم أو مكاتباً لذمي أو عبداً لذمي (¬4) فهو جائز. والمرأة الحربية في الوكالة إن كانت هي الموكلة أو الوكيلة فهي بمنزلة الرجل في ذلك كله. وإذا كان الوكيل حربياً مستأمناً (¬5) فلحق بدار الحرب فإن كان الذي وكله حربياً (¬6) من أهل داره فهو على وكالته. أستحسن ذلك وأدع القياس. وإن كان الذي وكله مسلماً أو ذمياً (¬7) انتقضت الوكالة؛ لأن الوكيل قد خرج إلى دار لا يجري عليه الحكم. وإذا وكَّل الحربي المستأمن حربياً مستأمناً مثله بخصومته ثم لحق الموكل وبقي الوكيل يخاصم فإن كان الوكيل هو الذي يدعي للحربي الحق قبلت الخصومة منه. وإن كان الحربي هو المدعى قبله قبلت ذلك أيضاً في ¬

_ (¬1) ع + الحرب. (¬2) ع: وكله. (¬3) ع: لو وكله. (¬4) ع - أو عبداً لذمي. (¬5) م ز ع: حربي مستأمن. (¬6) م ز ع: حربي. (¬7) م ز ع: مسلم أو ذمي.

باب وكالة المرتد

الاستحسان. وكان ينبغي في القياس أن تنقطع (¬1) الوكالة حين لحق بالدار. وبالقياس نأخذ (¬2). وإذا وكَّل الحربي المستأمن الذمي بوكالة ثم لحق الحربي بدار الحرب والوكالة في متاع يبيعه له أو دين (¬3) يتقاضاه له أو بعض ما ذكرنا من الخصومة (¬4) فهو جائز. فإن كان الموكل ذمياً والوكيل حربياً مستأمناً فلحق الحربي بالدار فقد انقطعت الوكالة؛ لأن الوكيل قد لحق بدار لا يجري عليه الحكم. وإذا وكَّل الحربيُّ بتقاضي (¬5) دين له أو بقبض وديعة له ثم إن الحربي أسلم أو صار ذمياً فهو على وكالته. وإذا وكَّل الحربي المستأمن عبداً له فأسلم عبده (¬6) أو مكاتباً له فأسلم (¬7) مكاتبه فهو على الوكالة، لا يخرجه ذلك منها (¬8). ... باب وكالة المرتد وإذا وكَّل المرتد وكيلاً ببيع أو شِرى (¬9) أو رهن أو استئجار (¬10) أو تقاضي دين له أو قضاء دين عليه، فإن أسلم المرتد فالوكالة جائزة في ذلك كله. وكذلك لو وكَّل بنكاح أو طلاق أو عتاق أو خلع أو مكاتبة. فإن مات على ردته أو قتل (¬11) أو لحق بدار الحرب فذلك كله باطل لا يلزم المرتد ولا ورثته. ولو كان الوكيل في جميع ذلك عبداً أو مكاتباً أو حراً أو ذمياً أو ¬

_ (¬1) ز: أن ينقطع. (¬2) ع: يأخذ. (¬3) م ز ع: أو دينا. (¬4) م ز ع: عن الخصومة. (¬5) ز: يتقاضي. (¬6) ز: عبد. (¬7) ع: وأسلم. (¬8) ز: منه. (¬9) ع: أو بشرى. (¬10) ع: أو استحسان. (¬11) ز: أو قبل.

امرأة أو أم ولد أو مدبرة أو حربياً مستأمناً أو مرتداً فهو سواء فيما يلزم الآمر وفيما لا يلزمه. وإذا وكَّل المرتد وكيلاً بشيء من ذلك وهو في دار الحرب فوكَّل ببيع شيء من ماله في دار الإسلام فإن ذلك لا يجوز. وإن (¬1) أسلم المرتد لم تجز (¬2) تلك الوكالة؛ لأنه وكله وهو لا يملك ذلك. ولو وكله وهو مسلم ثم ارتد عن الإسلام ثم أسلم قبل لَحاقه بدار الحرب فالوكالة في جميع ما ذكرنا جائزة، ما خلا النكاح فإنه لا يجوز. ولو وكله وهو مسلم ثم ارتد فلحق بدار الحرب ثم جاء مسلماً فالوكيل على وكالته في جميع ما ذكرنا إلا أن يكون الأمر قد رفع إلى القاضي. فإن كان قد قضى بلَحاقه وقسم ميراثه فإن كان قد فعل ذلك فقد خرج الوكيل من الوكالة. وإن جاء بعد ذلك مسلماً لم تجز (¬3) الوكالة ولم تعد (¬4) إلى ما كانت عليه. ولو كان الوكيل هو اللاحق بدار الحرب مرتداً ثم جاء مسلماً كان الوكيل على وكالته لا يبطلها ذلك. وكذلك لو ذهب عقل الوكيل زماناً ثم أفاق كان على وكالته. ولو ذهب عقل الموكل زماناً ثم أفاق فإن الوكيل قد خرج من الوكالة. ولو أغمي عليه أو أصابه لَمَم (¬5) يوماً أو ساعة كان الوكيل على وكالته وكانت (¬6) جائزة. وإذا وكَّل الرجلان رجلاً أن يشتري لهما جارية بعينها ثم ارتد أحدهما فلحق بدار الحرب ثم اشتراها الوكيل لزم الوكيل نصفها، ولزم الموكل الباقي نصفها الآخر. فإن قال ورثة الموكل: اشتريتَها قبل أن يرتد صاحبنا وهي لنا، وكذبهم الوكيل فالقول قول الوكيل مع يمينه على ذلك إلا أن يكون نَقَدَ مالَ المرتد. وكذلك رجل (¬7) وكَّل رجلاً في شراء جارية بعينها ثم مات أو لحق بالدار مرتداً فاشتراها الوكيل، وقال الوكيل: اشتريتُها بعد موته أو بعد (¬8) لحاقه بدار الحرب، وقال الورثة: اشتريتَها في حياته وإسلامه ¬

_ (¬1) ع: فإن. (¬2) ز ع: لم يجز. (¬3) ز ع: لم يجز. (¬4) ع: يعد. (¬5) أي: جنون خفيف. انظر: المغرب، "لمم". (¬6) ز: وكاتب؛ ع - وكانت. (¬7) ع - ر جل. (¬8) م ز ع: وبعد.

فهاتها وخذ الثمن، فالقول قول الوكيل مع يمينه. فإن كان الموكل دفع إليه مالاً فاشترى به الجارية فالقول قول الورثة مع أيمانهم على علمهم، ويأخذون الجارية، ولا يصدق الوكيل مع يمينه. فإن أقاموا جميعاً البينة على ذلك أخذت ببينة الورثة، والقول قولهم، والبينة بينتهم. وإن أقاموا البينة في الباب الأول جميعاً أخذت ببينة الورثة أيضاً؛ لأن القول قول الوكيل، والوارث مدعي. ولو قال الوكيل في الوجهين جميعاً: اشتريتها قبل لحاقه بالدار أو قبل (¬1) موته، وكذبه الورثة فالقول قول الوكيل إذا كان الوكيل قد دُفِع إليه المال مع يمينه والمال ليس بعينه في يدي الوكيل أو غيره، وتلزم (¬2) الجارية الورثة. والقول قول الورثة إذا لم يكن دُفع إليه مال (¬3) مع أيمانهم على علمهم، ولا تلزمهم (¬4) الجارية إذا حلفوا، وتلزم (¬5) الوكيل. ولو أن رجلاً وكَّل رجلاً أن يخلع إمرأته على مال أو يطلقها ثلاثاً (¬6) بغير مال ثم ارتد الزوج ولحق بدار الحرب أو مات وخلعها الوكيل بألف أو طلقها ثلاثاً (¬7) بغير مال فقالت المرأة: فعلت ذلك بعد موت زوجي أو بعد (¬8) لحاقه بالدار، وقال الوكيل والورثة: بل فعل ذلك في حياته وإسلامه، فالقول قول المرأة، والطلاق باطل، ومالها مردود عليها، ولها الميراث. ولا يصدق الوكيل ولا الورثة على مالها الذي جَعَلَتْ وعلى إبطال ميراثها. فإن أقاموا جميعاً البينة أخذت ببينة الورثة لأنهم المدعون، ومنعتها الميراث، وأوجبت لهم جُعل الخلع. وإذا وكَّل الرجل وكيلاً بعتق عبد (¬9) له أو يكاتبه أو يعتقه على مال ثم ارتد الموكل فلحق بالدار أو مات فقال الوكيل: فعلت ذلك قبل لحاقه وفي إسلامه وقبل موته، وكذبوه الورثة فالقول قول الورثة مع أيمانهم ¬

_ (¬1) م ز ع: وقبل. (¬2) ز ع: ويلزم. (¬3) م ز ع: مالاً. والتصحيح مستفاد من المبسوط، 19/ 140. (¬4) ز: يلزمهم؛ ع: يلزم. (¬5) ز ع: ويلزم. (¬6) م ع: ثلثا. (¬7) م ع: ثلثا. (¬8) م ز ع: وبعد. والتصحيح من الكافي، 2/ 99 ظ. (¬9) ز: عبدا.

على علمهم، ولا يصدق الوكيل. ولو قامت البينة لهم جميعاً أخذت ببينة الوكيل؛ لأنها بينة العبد، لأن العبد (¬1) المدعي. ولو أن رجلاً دفع ألفاً إلى رجل فقال: تصدق (¬2) بها أو اقضها فلاناً عني، ثم ارتد الآمر ولحق بالدار فقال الوكيل: قد فعلت ما أمرني في إسلامه، فالقول قول الوكيل مع يمينه؛ لأن الورثة يدعون عليه الضمان، فلا يصدقون. فإن أقاموأ جميعاً البينة أخذت ببينة (¬3) الوكيل. وإذا وكَّل رجل رجلاً ببيع عبد بعينه ثم ارتد الآمر ولحق بالدار فقال (¬4) الوكيل: بعت العبد في إسلامه ودفعت إليه الثمن (¬5)، فإن كان العبد قائماً بعينه فإنه لا يصدق الوكيل، والقول قول الورثة مع أيمانهم على علمهم. فإن كان العبد مستهلكاً فالقول قول الوكيل مع يمينه. ولو أقاموا جميعاً البينة أخذت ببينة الوكيل في الوجهين جميعاً. وإذا كان الموكل قد جاء مسلماً من دار الحرب ثم اختلف هو والوكيل فالقول في ذلك مثل القول في الوكيل وفي الورثة. وإذا وكَّل رجل رجلاً أن يزوجه امرأة بعينها ثم ارتد الآمر فلحق بدار الحرب فقال الوكيل: زوجته في إسلامه، وكذبته الورثة فالقول قول الورثة، ولا يصدق الوكيل ولا المرأة. فإن أقاموا جميعاً البينة أخذت ببينة المرأة؛ لأنها المدعية. وكذلك لو رجع الموكل مسلماً فاختلف هو والمرأة في ذلك فإن القول في ذلك مثل القول في الباب الأول. ولا ميراث لها في الباب الأول وإن ثبت نكاحها؛ لأفها قد بانت (¬6) حين ارتد قبل أن يدخل بها. ولها نصف المهر. فإن لم يثبت نكاحها ببينة فأرادت أن تستحلف (¬7) الورثة على علمهم لتأخذ (¬8) نصف المهر فلها ذلك. وكذلك إن أرادت أن تستحلف (¬9) ¬

_ (¬1) ع - لأن العبد. (¬2) ز: يصدق. (¬3) ز: بينة. (¬4) ع: فالقول؛ + قول. (¬5) ع: ودفعت الثمن إليه. (¬6) ز: قد ماتت. (¬7) ع + الرجل. (¬8) ع: ليأخذ. (¬9) ز: أن يستحلف؛ ع + أن تستحلف.

باب وكالة المرأة المرتدة

الرجل (¬1) بعد إسلامه. وإن استحلفت (¬2) المرأة الورثة (¬3) فحلفوا لها وقضى القاضي بالميراث لهم ثم جاء الزوج مسلماً فأرادت أن يُستحلَف (¬4) أيضاً فلها ذلك. ... باب وكالة المرأة المرتدة وإذا وكلت المرأة المرتدة وكيلاً ببيع عبد لها أو أمة أو بشراء أو بقضاء دين أو رهن أو إجارة أو عتق أو مكاتبة فهو جائز (¬5). وليست المرأة في هذا كالرجل؛ لأن الرجل يقتل (¬6) إن أبى أن يسلم، والمرأة لا تقتل (¬7). فالمرأة في هذا وإن كانت مرتدة يجوز عليها ذلك في كل شيء كما يجوز على المرأة التي ليست بمرتدة. وإذا وكلت المرأة (¬8) وكيلاً يزوجها وهي مرتدة فزوجها فذلك باطل. فإن لم يزوجها حتى تسلم (¬9) فزوجها فهو جائز. وإنما بطل في الأول لأن المرتدة لا يجوز نكاحها. ولو وكلت المرأة وكيلاً ليزوجها وهي مسلمة ثم ارتدت ثم أسلمت فزوجها لم يجز ذلك، وارتدادها إخراج للوكيل (¬10) من الوكالة. ولو وكلته ببيع أو شراء أو مكاتبة أو عتق أو رهن أو إجارة ثم ارتدت ثم أسلمت ثم أمضى الوكيل ذلك كله فهو جائز، وليس ردتها في هذا بإفساد (¬11) للوكالة ولا نقضاً لها. وإذا وكلت المرأة المرتدة وكيلاً ببيع أو شراء أو وكلها مسلم بذلك فهو جائز كما يجوز في غير المرتدة. ¬

_ (¬1) ع - الرجل. (¬2) ع: استحلف. (¬3) م ز: للورثة. (¬4) ع: أن تستحلف. (¬5) ع: جائزة. (¬6) ز: يقبل. (¬7) ز: لا يقبل؛ ع: لا يقتل. (¬8) ع + وكلت المرأة. (¬9) ع: حتى يسلم. (¬10) م ز ع: الوكيل. (¬11) ع: فساد.

وإذا وكلت المرأة المرتدة امرأة مرتدة أو ذمية أو مدبرة أو أمة أو أم ولد أو مكاتبة بوكالة في خصومة أو عتق أو مكاتبة أو بيع أو شراء أو رهن فهو جائز ذلك كله، غير أن المملوك المحجور عليه لا تلزمه (¬1) عهدة في شيء من ذلك. وإذا وكلت المرأة المرتدة وكيلاً بتقاضي دين لها في خصومة في حق تدعيه (¬2) قبل رجل أو يدعى قبلها فهو جائز. فإن لحقت بالدار قبل (¬3) أن يمضي الوكيل ذلك فقد انتقضت الوكالة. فإن أمضى الوكيل شيئاً من ذلك بعد لحاقها لم يجز ولم ينفذ (¬4). وإن ماتت المرأة قبل أن تلحق (¬5) بالدار بطلت (¬6) الوكالة، ولم ينفذ شيء مما صنع الوكيل بعد هلاكها. فإن قال: قد أنفذت ذلك في حياتها في بيع أو شراء أو تقاضي دين أو قضاء (¬7)، فهو مصدق في كل شيء مستهلك، ولا يصدق في كل شيء قائم بعينه، ولا يقبل قوله إلا أن تقوم (¬8) له بينة على ذلك. ولو قال: قد قبضت ديناً لها عن فلان، لم يصدق على ذلك إلا ببينة، ولا يصدق على ما قبض وإن كان قائماً بعينه إلا أن تقوم (¬9) له بينة. وإن قال: قد (¬10) قبضت (¬11) المال الذي أعطتني (¬12) فلانة، وقد كانت أمرته (¬13) بذلك فهو مصدق وإن كان المال غير قائم بعينه. وإذا وكلت المرأة المرتدة وكيلاً ببيع عبد لها ثم لحقت بالدار أو ماتت فقال الوكيل: قد بعته، فإن كان قائماً بعينه فلا يصدق (¬14). وإن كان مستهلكاً فهو مصدق مع يمينه. وإن كانت دفعت إليه دراهم ¬

_ (¬1) ز ع: لا يلزمه. (¬2) ز: يدعيه. (¬3) ع - قبل. (¬4) ز: ينقد. (¬5) ز ع: أن يلحق. (¬6) ز: بطلب. (¬7) ز + له. (¬8) ز ع: أن يقوم. (¬9) ز ع: أن يقوم. (¬10) ز - قد. (¬11) م: قد قضيت. (¬12) م ز ع: أعطيتني. (¬13) ع: امراته. (¬14) ز: فإنه لا يصدق.

فقالت: اشتر (¬1) لي بها عبداً قائماً بعينه، فلما ماتت قال: قد اشتريته، فهو مصدق مع يمينه إذا أقر بذلك رب العبد. وإن قال: اشتريته بعد موتها وهو لي، فكذبته الورثة وقالوا: اشتريته قبل موتها فهو لنا، فالقول قول ورثتها مع أيمانهم، وهو لهم؛ لأنه اشتراه بمالهم. ولو لم تعطه (¬2) مالاً فاختلفوا في شرائه فقال الوكيل: اشتريته بعد موتها، فهو مصدق مع يمينه. وإن قال: اشتريته قبل موتها، وكذبته الورثة فإنه لا يصدق، والعبد يلزمه. وإذا وكلت المرأة المرتدة وكيلاً بقبض وديعة لها ثم ماتت فقال الوكيل: قبضتها ودفعتها إليها، وقالت (¬3) الورثة: قبضتها بعد موتها، فالقول قول الوكيل مع يمينه؛ لأن هذه مستهلكة ولم تكن (¬4) مضمونة. وكذلك العارية والبضاعة والمضاربة. فأما الدين فلا يشبه هذا. ولو وُهبت لها هبة أو تُصدق عليها بصدقة فوكلت وكيلاً بقبضها ثم ماتت فقال الوكيل: قبضتها ودفعتها، فالقول قول الوكيل مع يمينه. فإن كانت قائمة بعينها فإن للواهب أن يرجع فيها مع يمينه؛ لأنه لم يقر بأنها وجبت للمرأة. وكذلك لو وهبت المرأة هبة فوكلت بدفعها ثم ماتت ودفعها الوكيل فقال الوكيل: دفعتها في حياتها، وصدقه الموهوب له فلا ضمان على الوكيل. وللورثة (¬5) أن يرجعوا بها على الموهوب، فيأخذونها؛ لأنهم يقولون: لم يقبض (¬6) في حياتها. فإن أقاموا (¬7) جميعاً البينة أخذت ببينة الموهوب له؛ لأن القول قول الورثة، والبينة بينهّ الموهوب له. وإن وهنت (¬8) المرأة المرتدة رهناً فوضعته على يدي وكيل لها يبيعه لها إذا حل الأجل فهو جائز. وكذلك لو ارتهنت هي. وللوكيل أن يبيعه وإن ماتت أو لحقت بدار الحرب. ... ¬

_ (¬1) ع: اشترى. (¬2) ز ع: يعطه. (¬3) ز: وقال. (¬4) ز: يكن. (¬5) ز: للورثة. (¬6) ع: لم يقض. (¬7) ع: قالوا. (¬8) ع: رهنته.

باب وكالة المكاتب المرتد

باب وكالة المكاتب المرتد وإذا وكَّل المكاتب المرتد وكيلاً ببيع شيء أو بشراء أو بتقاضي دين له أو إجارة أو استئجار أو يرهن له شيئاً فهو جائز، وليس المكاتب في هذا كالحر. وكذلك العبد يعتق بعضه فهو بمنزلة المكاتب في هذا- في قول أبي حنيفة- وإن كانا يقتلان (¬1) على الردة، مِن قِبَل أن مالهما لغيرهما (¬2). وإذا وكَّل المكاتب وكيلاً وهو مرتد ببيع أو شراء أو إجارة أو رهن ثم عجز فرد في الرق أو قتل (¬3) أو مات فقد انتقضت (¬4) الوكالة في كل شيء من بيع أو شراء أو إجارة أو رهن، وهو جائز في التقاضي والقضاء. ولو لحق بالدار مرتداً كانت الوكالة جائزة حتى يموت. وكذلك لو سبي أو أسر. فأما العبد إذا أبق فلحق بالدار مرتدا كان (¬5) أو مسلماً فإن وكالته قد انتقضت (¬6) في ذلك كله وبطلت. ... باب الوكالة في الدم العمد وإذا وكَّل الوارث بطلب دم أبيه وكيلاً فإن وكله بإقامة الشهود على ذلك فإني أقبل الوكالة على ذلك إذا كان الدم عمداً، ولا أقبلها في القتل. فإذا ثبت الدم وقع (¬7) القصاص، فلا بد من أن يحضره (¬8) الوارث فيَقْتُل، ولا أقبل في ذلك وكالة. وكذلك لا أقبل وكالة في قصاص فيما دون [النفس] (¬9) ولا في حد؛ لأني لا أدري لعل صاحب القصاص قد عفا أو صالح. ولكني أقبله بإثبات البينة. ¬

_ (¬1) ز: يقبلان. (¬2) ع: بغيرهما. (¬3) ز: أو قبل. (¬4) ع: انقضت. (¬5) ع - كان. (¬6) م ع: انقضت. (¬7) ولفظ ب: ووجب. (¬8) ع: يحضر. (¬9) الزيادة من ب.

ولو وكَّل المطلوب وكيلاً يخاصمه عند القاضي قبلت ذلك. ولست (¬1) أقبل وكيلاً من أحد من خلق الله تعالى في شيء من الأشياء بعد أن يكون حاضراً إلا أن يرضى خصمه في قول أبي حنيفة. فإن كان غائباً أو مريضاً قبلت ذلك منه وإن أبى خصمه. فإذا بلغ القصاص لم يكن له بد أن يحضروا جميعاً. فإذا جاء بالوكالة سألته البينة عليها، فإذا زكي الشهود عليها دعوتهم بالحجج (¬2) بعد ذلك. وإن أقر الوكيل وهو وكيل المطلوب عند القاضي أن صاحبه يطلبه ولي المقتول أو يطلبه المجروح بحق لم أجز ذلك عليه. وينبغي في القياس أن أجيزه عليه، ولكني أدع القياس فيه، ولا أقتص (¬3) من صاحبه بقوله إلا أن يقوم شاهدان سواه (¬4) أو (¬5) يكون هو شاهداً فيشهد (¬6) آخر معه فإن ذلك جائز إذا حضر المدعى عليه. ولو كان وكيلاً في غير القصاص (¬7) أجزت إقراره على صاحبه. ولست أقبل شهادة الوكيل ولا شهادة آخر (¬8) حتى يحضر صاحبه (¬9). ولو وكلت المرأةُ بالقصاص لها مع (¬10) ولدِ زوجِها وكيلاً وقعدت في بيتها في القتل لم أقبل ذلك منها، ولم يكن بد من أن تخرج (¬11) حتى تحضر (¬12) القتل. وليس ينبغي للحاكم أن يقتص (¬13) في الدم إلا والورثة جميعاً حضور، ولا يقبل في ذلك وكالة. أرأيت لو عفا الغائب أو صالح ألم يكن هؤلاء قتلوا من حرم دمه. وإذا ماتت المرأة قبل القصاص فورثها أخوها أو أبوها (¬14) كانوا شركاء في القصاص، ولا يقتل القاتل (¬15) حتى يحضر جميع ورثة المرأة؛ لأنهم قد ¬

_ (¬1) ز: وليست. (¬2) ز: بالحج. (¬3) م: أقص؛ ز ع: أقصر. والتصحيح من ب. (¬4) ع: سواء. (¬5) ع: أو. (¬6) م ز ع: شاهد فشهد. (¬7) ع: القياس. (¬8) ع: الآخر. (¬9) م: صاحب. (¬10) ع - مع. (¬11) ز ع: أن يخرج. (¬12) ز ع: حتى يحضر. (¬13) ز: أن يقبض. (¬14) ع: فورثها أبوها أو أخوها. (¬15) ز: يقبل القائل.

باب الوكالة في الخطأ

صاروا شركاء في الدم. وإن كان القاتل من ورثة المرأة بطل عنه القصاص، وصارت عليه الدية للورثة، يرفع من ذلك بحصته. ولو كانت المرأة حية والقاتل أبوها لم يكن عليه القصاص، وكانت عليه الدية في ماله؛ لأنه قد صار لابنته (¬1) حق في دمه (¬2). ولو كان القاتل أخاها (¬3) كان عليه القصاص. وإن ماتت المرأة وأخوها عبد أو كافر وله ابن حر مسلم فصار له ميراث المرأة بطل القصاص عن أبيه. فإن كان أبوه حراً فعليه الدية (¬4). وإن كان عبداً خير مولاه. فإن شاء دفعه. فإن دفعه (¬5) عتق منه نصيب أبيه، ويسعى لبقيتهم في حصتهم من قيمته. وإن شاء أمسكه وفداه. ... باب الوكالة في الخطأ وإذا وكَّل الرجل الرجل بطلب دم أبيه في الخطأ وكيلاً وهو غائب أو مريض (¬6) فوكله (¬7) بالخصومة في ذلك وقبض المال فهو جائز. وكذلك إن كانت جراحة دون النفس (¬8) خطأ. وكذلك إن كانت عمداً ليس فيها قصاص فالوكالة فيها جائزة. وإن كان ولي الدم حاضراً صحيحاً لم أقبل منه الوكالة إلا برضى من خصمه. وكذلك [لو كان] المطلوب هو الذي يوكل. والمرأة والرجل في الوكالة والبكر والثيب سواء في (¬9) قول أبي حنيفة. وإن (¬10) أقر الوكيل وكيل الطالب للمطلوب أنه بريء من ذلك عند القاضي أجزته على صاحبه؛ لأنه مال. وإن أقر عند غير قاض (¬11) فإنه ¬

_ (¬1) ز: لاينتبه. (¬2) ز: في ذمة. (¬3) م ز ع: أخوها. (¬4) ع: الدار. (¬5) ع - فإن دفعه. (¬6) ع: ومريض (¬7) ع: فوكيله. (¬8) ع: دون النصف. (¬9) ع: وفي. (¬10) ع: وإذا. (¬11) ز: قاضي.

باب كتاب الوكالة في الصلح

لا يجوز، مِن قِبَل أنه وكيل. إنما أجزته عند القاضي على صاحبه لأنه خصم، فإن أقر الخصم أجزت إقراره. ولا يمين على الوكيل، مِن قِبَل أنه ليس بالمدعى عليه بعينه. فإن (¬1) كان هو وكيلاً (¬2) للطالب فإنما عليه البينة. ولو وكَّل الطالب وكيلين بالخصومة عنه وغاب أو مرض وحضر أحد الوكيلين وغاب الآخر كان هو الخصم، ولا يلتفت إلى غيبة الغائب. وكذلك لو كان الطالب بالدم اثنين فغاب أحدهما. ألا ترى لو أن رجلاً أوصى إلى رجلين فغاب أحدهما جعلت الآخر خصماً لكل من ادعى قبل الميت دعوى، وليس للوكيل أن يوكل غيره. ألا ترى أن الذي وكله إنما رضي بخصومته، فليس له أن يوكل غيره. أرأيت لو وكله بالطلاق أو بالعتاق فوكَّل غيره أكان ذلك يجوز. وكذلك الخصومة. وإن كان قد وكله بالخصومة وأجاز ما صنع فيها من شيء فإن له أن يوكل إن مرض أو غاب؛ لأن صاحبه قد فوض ذلك إليه وأجاز ما صنع فيها من شيء (¬3). ... باب كتاب (¬4) الوكالة في الصلح وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يصالح عنه رجلاً دعى قبله دعوى وأن يعمل في ذلك برأيه فصالحه الوكيل على مائة درهم فهو جائز، والآمر لها ضامن (¬5)، ولا يضمنها (¬6) الوكيل (¬7). وكذلك لو كان هذا الصلح في أرض أو خادم أو عبد أو دابة أو دار أو دعوى ادعاها فهو كذلك. فإن كان الصلح على إقرار أو إنكار فهو سواء، وهو جائز. ¬

_ (¬1) ع: وإن. (¬2) م ز ع: وكيل. (¬3) م ز ع + فإن له أن يوكل إن مرض أو غاب لأن صاحبه قد فوض ذلك إليه وأجاز ما صنع فيه من شيء. (¬4) أي: كتابة وثيقة بالصلح كما ترى في مسائل الباب. (¬5) ع: والآمر ضامن لها. (¬6) ع: يضعها. (¬7) م ز ع: للوكيل. والتصحيح من الكافي، 2/ 101 و.

وإذا كان الصلح في دار فأراد الوكيل أن يكتب بذلك كتاباً كتب: هذا كتاب لفلان بن فلان من فلان بن فلان (¬1): إني ادعيت في داو فلان دعوى، وهي الدار التي في فلان، أحد حدودها والثاني والثالث والرابع، وإنك صالحتني من دعواي (¬2) فيها على كذا وكذا درهماً وزن (¬3) سبعة، وقبضتها (¬4) منك وبرئت إلي منها، على أن سلمت لفلان بن فلان جميع ما ادعيت في هذه الدار المحدودة التي في كتابنا هذا بحدوده كله، وأرضه وبنائه (¬5) وطرقه ومرافقه، وكل قليل أو كثير هو (¬6) فيه أو منه، وكل حق هو له داخل فيه أو خارج منه، وخرجت من ذلك كله وبرئت (¬7) منه. شهد. وإذا أراد أن يقر ويكتب صلحاً بإقرار (¬8) كتب في الصلح: بعد معرفتي وإياك بالذي ادعيت وكم هو سهما (¬9) من جميع سهام الدار. وإذا أراد أن يكتب على الإنكار كتب: وإنك قد أنكرت ذلك ثم صالحتني بعد إنكارك. وذلك جائز عندنا. وكذلك الصلح في الأرض (¬10). وإذا أراد أن يكتب صلحاً في قرية وأرض كتب: هذا كتاب لفلان بن فلان من فلان بن فلان: إني ادعيت في قرية فلان التي يقال لها كذا وكذا وأرضها دعوى، هذه الأرض والقرية في طَسُّوج كذا من رُسْتاق (¬11) كذا منها قَرَاح يقال له كذا وكذا، أحد حدوده والثاني والثالث والرابع، وإنك صالحتني من دعواي في هذه القرية والأرض المحدودة في كتابنا هذا على كذا وكذا درهماً، وقبضتها منك وبرئت إلي منها، على أن سلمت لفلان بن ¬

_ (¬1) ع - من فلان بن فلان. (¬2) ع: من دعوى. (¬3) ز: وز. (¬4) ع: وقبضها. (¬5) ع: ونباته. (¬6) ع: فهو. (¬7) ز: وترتب. (¬8) م ز: فإقرار؛ ع: فأقر أو. (¬9) ز ع: سهم. (¬10) م ز: والأرض؛ ع: والدار. (¬11) م ع: من بدستق؛ ز: من يدسبق.

فلان جميع ما ادعيت في هذه القرية والأرض المحدودة في كتابنا هذا (¬1) بحدوده (¬2) كله وأرضه وبنائه وطرقه ومرافقه وكل قليل أو كثير هو فيه أو منه وكل حق هو له داخل فيه أو خارج منه، وخرجت من ذلك كله وبرئت (¬3) منه. فإن كان الصلح على هذا فهو جائز. وإن كان على إقراره فهو جائز، غير أنك تكتب فيه: بعد إقراري وإياك بدعواي وكم هو (¬4) سهماً (¬5) من سهام جميع هذه القرية والأرض. وإن كان على الإنكار فهو جائز أيضاً. وإن كتب في الكتاب: بعد إنكارك لذلك، فهو جائز مستقيم. وإن كان الصلح في منزل في دار أو في حمام فهو جائز. وإن كان الذي ادعى الدعوى هو الذي وكَّل الوكيل بالصلح فأراد الذي في يديه المنزل أن يكتب عليه كتاباً وهو منكر كتب كتاب الوكالة: هذا ما شهد عليه فلان وفلان، شهدوا أن فلان بن فلان وكَّل فلان بن فلان أن يصالح فلان بن فلان مما كان لفلان من حق في هذا المنزل الذي في الدار التي في بني فلان، أحد حدود هذه الدار التي فيها هذا المنزل والثاني والثالث والرابع، وأجاز (¬6) ما صالح عليه من شيء وما صنع (¬7) في ذلك من شيء، وكتبوا (¬8) شهادتهم جميعاً، وختموا في شهر كذا من سنة كذا. وإذا أراد رب المنزل (¬9) أن يكتب كتاباً بالصلح على الوكيل كتب: هذا كتاب (¬10) لفلان (¬11) بن فلان من فلان بن فلان (¬12): إني ذكرت لك أن (¬13) ¬

_ (¬1) م ز ع + على كذا وكذا درهماً وقبضتها منك وبرئت إلي منها على أن سلمت لفلان بن فلان جميع ما ادعيت في هذه القرية والأرض المحدودة في كتابنا هذا. (¬2) م ز: الحدوده؛ ع: المحدود. (¬3) ز: ويرتب. (¬4) ز - هو. (¬5) م ز ع: سهم. (¬6) ع + عليه. (¬7) ع - صنع. (¬8) ز: ولتبوا. (¬9) ع - المنزل. (¬10) ع: كتا. (¬11) ع - لفلان. (¬12) ع - من فلان بن فلان. (¬13) ع - لك أن.

لفلان بن فلان في منزلك (¬1) الذي في الدار التي في فلان حقاً، أحد حدود (¬2) هذه الدار التي فيها هذا المنزل والثاني والثالث (¬3) والرابع، وإنك صالحتني مما ادعيت لفلان في هذا المنزل على كذا وكذا (¬4) درهماً، وقبضتها (¬5) منك وبرئت إلي منها، على أن سلمت لك كل قليل أو كثير ادعاه فلان بن فلان في منزلك (¬6) هذا الذي حددنا في هذه الدار المحدودة في كتابنا هذا بحدوده كله وأرضه وبنائه وطريقه في ساحة الدار إلى (¬7) باب الدار (¬8)، مُسَلِّماَ داخلاً في ذلك وخارجاً منه ومرافقه وكل قليل أو كثير هو فيه أو منه وكل حق هو له داخل فيه أو خارج منه، وخرج فلان من ذلك وبرئ إلي منه، وضمنت لك هذا المال إن أدركك في شيء من ذلك درك (¬9) حتى أخلصك من ذلك أو أرد عليك ما قبضت منه، وهو كذا وكذا، ويكتب تاريخ الصلح بعد تاريخ الوكالة. وإن كتب في كل صلح ضمان مثل هذا فهو أجود للذي يصير له الصلح. ولا يكون الوكيل في الصلح وكيلاً في الخصومة، وليس له أن يهب ذلك ولا يرهنه، إنما هو وكيل في الصلح كما جعله صاحبه. ولو أقر أن ذلك باطل لم يجز ذلك على صاحبه وكان صاحبه على دعواه. ولو ادعى رجل دعوى في حمامين ودار فوكَّل رجلاً بالصلح في ذلك كان جائزاً. وإذا كان الصلح في خادم والذي (¬10) في يديه الخادم هو الذي وكَّل الوكيل أن يصالح عنه كتب: هذا كتاب لفلان بن فلان من فلان بن فلان، إني ادعيت في خادم فلان التي يقال لها فلانة الفلانية دعوى- وإن كان عبداً كتب: فلان الفلاني - وإنك صالحتني من دعواي فيها على كذا وكذا درهماً ¬

_ (¬1) ع - منزلك. (¬2) ع - حدود. (¬3) ع: الثالث. (¬4) م: كذا كذا. (¬5) ز: وقبضها. (¬6) ع: في منزل. (¬7) م ز: التي. (¬8) ع - إلى باب الدار. (¬9) ع: وترك. (¬10) ع: هو الذي.

وزن سبعة، وقبضتها منك وبرئت (¬1) إلي منها، على أن سلمت جميع ما ادعيت في هذه الخادم المسماة في هذا الكتاب لفلان بن فلان خاصة، وخرجت من جميع ذلك وبرئت (¬2) منه، فهذه الخادم المسماة (¬3) في هذا الكتاب لفلان بن فلان، ولا حق لي فيها قليل ولا كثير، وقد ضمنت لفلان (¬4) ما أدركه من درك في هذا الخادم حتى أخلصك من ذلك كله، وأرد عليك ما قبضت منك، وهو كذا وكذا. شهد (¬5). وللوكيل أن يرجع على الذي وكله بالدراهم التي أداها إذا كان قد أمره بذلك. فإن أراد الوكيل أن يتوثق (¬6) من الموكل في ذلك وكانت الدراهم من مال الموكل كتب في كتاب الصلح: وإنك دفعت إلي الدراهم من مال فلان بن فلان (¬7). وهذا يدخل على المدعي فيه ضرر (¬8)؛ لأن فلاناً (¬9) الذي في يديه الجارية لم يقر بالصلح. فله أن يرجع بالدراهم عليه؛ لأنه أقر بها من ماله. وإن لم يكتب في الصلح أنها من مال الموكل وأشهد الوكيل على نفسه بعد ذلك أنها من مال الموكل منها كان أوثق (¬10) للموكل منها، ولا يدخل على المدعي منها ما (¬11) يخاف عليه، وهذا عدل فيما بينهما. وإن كانت الخادم أو العبد لمكاتب أو لعبد تاجر أو لذمي أو لحربي أو لمستأمن فهو سواء. وإن كان الوكيل وأحداً (¬12) من هؤلاء والمدعي (¬13) والمدعى عليه حران مسلمان فهو جائز. وإذا كان لرجل حمامان في دار فادعى رجل فيها دعوى فوكَّل الذي في يديه الحمامان (¬14) وكيلاً بالصلح (¬15) فصالحه وكتب الكتاب كتب: هذا ¬

_ (¬1) ز: ويرتب. (¬2) ز: وترتب. (¬3) ع: المساة. (¬4) ع: لفلانى. (¬5) ع: شهدوا. (¬6) ع: أن يستوثق؛ ز: أن تنويق. (¬7) ع - بن فلان. (¬8) ز: ضرراً. (¬9) م ز ع: فلان. (¬10) ز: أوبق. (¬11) ع - ما. (¬12) ز: واحد (¬13) ز - والمدعي. (¬14) ز: الحمامين. (¬15) ز + في ذلك.

كتاب لفلان بن فلان من فلان بن فلان: إني ادعيت في دار فلان والحمامين (¬1) اللذين فيهما دعوى، وهذه الدار والحمامان اللذان (¬2) فيهما في بني فلان أحدهما للنساء والآخر للرجال، أحد حدود هذه الدار التي فيها هذان الحمامان (¬3) والثاني والثالث والرابع، وإنك صالحتني من دعواي في هذه الدار المحدودة المسماة في هذا الكتاب والحمامين اللذين فيها (¬4) على كذا وكذا (¬5) درهماً، وقبضتها منك وبرئت (¬6) إلي منها، على أن سلمت لفلان بن فلان جميع ما ادعيت في هذه الدار والحمامين اللذين (¬7) فيها، بحدوده كله وأرضه وبنائه وطريقه ومرافقه وكل قليل أو كثير هو (¬8) فيه أو منه، فهذه الدار والحمامان اللذان (¬9) فيها لفلان بن فلان بحدودها كلها وكل حق هو لها، لاحق لي في شيء منها قليل ولا كثير (¬10)، وقد ضمنت لفلان بن فلان جميع ما أدركه من درك في ذلك حتى أخلصه من ذلك أو أرد عليك ما قبضت منه، وهو كذا وكذا (¬11). شهد. وإذا وكَّل المدعي وكيلاً يصالح عنه فهو جائز أيضاً، غير أنه ينبغي إن كتب (¬12) كتاباً آخر بشهادة الشهود على الوكالة يكتب (¬13): هذا ما شهد عليه فلان وفلان وفلان، شهدوا أن فلان بن فلان وكَّل فلان بن فلان أن يصالح فلان بن فلان من دعوى فلان بن فلان في الدار التي في يدي فلان، والحمامين اللذين (¬14) في هذه الدار في بني فلان، أحد حدود هذه الدار التي فيها (¬15) هذان الحمامان (¬16) والثاني والثالث والرابع، وأجاز ما صالح عليه من شيء وما صنع في ذلك من شيء، وكتبوا شهادتهم جميعاً، وختموا في شهر كذا من سنة كذا. ¬

_ (¬1) ع: والحمامان، (¬2) م ز: والحمامين اللذين؛ ع: اللذي. (¬3) م ز ع: في هذين الحمامين. (¬4) ع: في الحمامين اللذي فيهما (¬5) م ز: كذا كذا. (¬6) ز: ويترتب. (¬7) ع: الذين. (¬8) ع - هو. (¬9) ز ع: والحمامين اللذين. (¬10) ع: أو كثير. (¬11) م ز: كذا كذا. (¬12) ز: أن يكتب. (¬13) م ز ع: فكتب. (¬14) ع - اللذين. (¬15) ع: في. (¬16) م ز ع: هذين الحمامين.

وإذا وكَّل رجل رجلين بأن يصالحا عنه بماله لمدع (¬1) ادعى في داره أو قرية (¬2) له أو أرض أو في خادم أو في حمام فهو جائز. وإن صالح أحدهما دون الآخر فإنه لا يجوز عن الآخر. وكذلك إن مات أحدهما أو غاب فصالح الآخر. وكذلك إن كان المدعي هو الذي وكَّل هذين الوكيلين فهو كذلك أيضاً. وإن وكَّل المدعى عليه وكيلاً واحداً بالصلح فوكَّل وكيله (¬3) وكيلاً آخر فصالح الآخر فإنه لا يجوز على الموكل الأول وإن كانت الدراهم من مال الأول ورجع بها؛ لأنه لم يرض بصلح الآخر. ولو كان رب الدعوى هو وكل (¬4) وكيلاً بالصلح فوكَّل غيره فصالح لم يجز على الموكل الآخر ولا على الموكل الأول. وإن كان الذي في يديه الدار هو الذي وكَّل وكيلاً بالصلح ولم يعطه (¬5) شيئاً فوكَّل الوكيل وكيلاً غيره فصالح ودفع المال من ماله فإنه لا يلزم الموكل الأول، ويجوز الصلح على الموكل الآخر، وهو الوكيل الأول. وهو متطوع؛ لأنه خالف. وكذلك لو كان وكَّل اثنين فصالح أحدهما دون الآخر بماله دون مال الموكل جاز عليه، ولم يجز على الموكل، وهو متطوع في هذه الحال والصلح جائز عليه. وكذلك لو وكله بأن يصالح عنه بألف درهم ويضمن المال فصالح (¬6) بألفين أو بمائة دينار ونَقَدَ من (¬7) ماله أو صالح بشيء من العروض أو الحيوان أو بشيء مما يكال أو يوزن يملكه الوكيل فالصلح جائز. ولا يرجع الوكيل على الذي وكله بشيء؛ لأنه قد خالف. ولو صالحه على أقل من ألف درهم وضمن المال كان جائزاً على الموكل. ولو وكله أن يصالح على كُرّ حنطة فصالح على غير شعير أو دراهم لم يجز على الموكل وجاز على الوكيل. ولو وكله أن يصالح على عبد بعينه فصالح على أمة للوكيل جاز الصلح على الوكيل إن ضمن أو دفع. ولا يجوز على الموكل؛ لأنه قد خالف. ولو وكله أن يصالح على غير حنطة ويضمنه بغير (¬8) عينه فصالح على ¬

_ (¬1) م ز ع: لمدعي. (¬2) ع: أو أقر به. (¬3) ع - وكيله. (¬4) ز: وكيل. (¬5) م ز ع: يعط. والتصحيح من ب. (¬6) ع + عنه. (¬7) م ز ع: ويقدم. (¬8) م ز ع: لغير. والتصحيح من ب.

ذلك وضمنه لزم الوكيل الكر ويرجع به على الموكل. وكذلك الكيل (¬1) كله والوزن كله إذا كان بغير عينه. وإذا وكله بأن يصالح على شيء من ذلك بعينه فصالح على غيره من صنف (¬2) أجود منه وضمنه جاز على الوكيل ولم يجز على الموكل. ولو صالح على ذلك بعينه أو على أقل منه جاز ذلك على الوكيل وعلى الموكل. ولو صالح على كُرّ حنطة وسط فإني أجيز هذا على الوكيل والموكل. أستحسن ذلك وأدع القياس فيه. ولو وكله أن يصالح على بيت من هذه الدار بعينه فصالح على بيت غيره (¬3) لم يجز. وإن صالح عليه أو على نصفه فهو جائز. ولو (¬4) كان المدعي هو الذي وكَّل الوكيل بأن يصالح على بيت من هذه الدار بعينه فصالح على بيت غيره أو على نصفه لم يجز. وإن صالح عليه وعلى بيت آخر فهو جائز في حصة البيت الذي أمره؛ لأنه ازداد (¬5) له ولم ينتقص (¬6). ولو وكله أن يصالح على سكنى بيت سنين (¬7) مسماة والبيت قائم بعينه فصالح على ذلك فهو جائز. وإن نقص من ذلك شيئاً (¬8) فهو على وجهين. إن (¬9) كان المدعي هو الذي وكله لم يجز. وإن كان المدعى عليه هو الذي وكله جاز ذلك. وإذا وكله رب الدار أن يصالح عنه ولم يسم له شيئاً فصالح على مال كثير وضمنه فإن ذلك لازم للوكيل، وانظر: فإن كان ذلك مما يتغابن الناس في مثله جاز ذلك (¬10) على رب الدار. وإن كان زاد ذلك مما لا يتغابن الناس في مثله لم يجز ذلك على رب الدار. فإن كان الوكيل وكيل المدعي فصالح على شيء يسير فهو جائز في قياس قول أبي حنيفة. ولا يجوز في ¬

_ (¬1) ز: الوكيل. (¬2) م ز ع: من ضيعة. والتصحيح من الكافي، 2/ 101 ظ. (¬3) ع: غير. (¬4) ع: وإن. (¬5) ع: دار. (¬6) ع: ينتقض. (¬7) م ع: سنينا؛ ز: سفليا. (¬8) م ز ع: شيء. والتصحيح من ب. (¬9) ع: وإن. (¬10) ز - ذلك.

قول أبي يوسف ومحمد إلا أن يحط من ذلك ما يتغابن الناس في مثله. فإن زاد على ذلك لم يجز. وإن لم يعرف الدعوى فالصلح جائز عليه على كل حال. فإذا وكَّل الرجل رجلاً بالصلح في دين له قبل رجل وأن يحط عنه بعضاً ويقبل بعضاً فهو جائز. فإن أراد المطلوب أن يكتب كتاباً بالصلح وكتاباً بالوكالة كتب: هذا ما شهد عليه فلان وفلان وفلان، شهدوا أن فلان بن فلان أشهدهم أنه وكيل فلان بن فلان فيما له من الحق قبل فلان بن فلان، وفي أن يحط من ذلك ما بدا له من ذلك، جاز ما صالح عليه من ذلك من شيء وما قبض منه من شيء (¬1)، وكتبوا شهادتهم جميعاً وختموا. شهد. وإذا أراد أن يكتب كتاباً من الوكيل كتب: هذا كتاب لفلان بن فلان من فلان بن فلان وكيل فلان بن فلان: إنه كان لفلان عليك كذا كذا درهماً في صك باسمه، فإنه وكلني أن أصالحك في ذلك، فصالحتك قال كذا كذا درهماً وقبضتها منك وبرئت إلي منها، على أن أبرأتك مما بقي منها وهو كذا كذا صلحاً صالحتك (¬2) عليه وتراضينا (¬3) به أنا وأنت، ودفعت إليك الصك الذي كان لفلان عليك بهذا المال، فمن قام به أوطلبك بما فيه فهو مبطل. شهد. ولو صالحه على شيء أخذه وشيء حطه وشيء نجّم عليه نجوماً كان جائزاً، وكتب الكتاب: هذا كتاب لفلان بن فلان من فلان بن فلان (¬4): إنه كان لفلان عليك كذا كذا درهماً في صك باسمه، وإنه وكلني أن أصالحك في ذلك، فصالحتك على كذا كذا درهماً وقبضتها منك وبرئت إلي منها، وحططت عنك كذا كذا درهماً، ونجّمت عليك ما بقي وهو (¬5) كذا وكذا (¬6) درهماً (¬7) نجوماً في كذا وكذا (¬8) سنة، في كل سنة كذا كذا، ومحل أول ¬

_ (¬1) ع - وما قبض منه من شيء. (¬2) ع - صالحتك. (¬3) ع: وتراضيا. (¬4) م ز + بن فلان. (¬5) ع - وهو. (¬6) ز ع: كذا كذا. (¬7) ع - درهماً. (¬8) ع: كذا كذا.

النجوم (¬1) شهر كذا (¬2) من سنة كذا. شهد. ولو أن المطلوب وكَّل رجلاً فصالحه عنه وهو غائب كان جائزاً. ولو أن رجلاً في يديه دار ادعى رجل فيها دعوى فوكَّل الطالب وكيلاً بأن يصالح عنه وأجاز ما صالح عليه من شيء فصالحه على سكنى بيت منها سنين مسماة جاز ذلك، ويكتب الكتاب: هذا ما شهد عليه فلان وفلان وفلان، شهدوأ أن فلان بن فلان وكَّل فلان بن فلان بالصلح فيما ادعى في الدار التي في بني فلان، أحد حدودها والثاني والثالث والرابع، وأجاز ما صالح عليه من شيء (¬3)، وكتبوا شهادتهم جميعاً وختموا (¬4). ويكتب كتاب الصلح: هذا ما اصطلح عليه فلان وفلان وكيل فلان بن فلان، اصطلحا في الدار التي في بني فلان، أحد حدودها والثاني والثالث والرابع، اصطلحا في هذه الدار المحدودة في كتابنا هذا، على أن سلم (¬5) فلان وفلان لفلان بن فلان جميع ما ادعى فلان في هذه الدار، بحدوده كله وكل حق هو له، على سكنى بيت منها، وسكنه فلان بن فلان عشر سنين، أحد حدود هذا (¬6) البيت والثاني والثالث والرابع، وأول هذه السنين شهر كذا من سنة كذا، وقد قبض فلان بن فلان هذا البيت من فلان بن فلان، وخرج فلان بن فلان من كل دعوى يدعيها فلان في هذه الدار، وبرئ (¬7) من ذلك كله على سكنى هذا البيت عشر سنين، اصطلحا على ذلك وتراضيا به. شهد. ولو اصطلحا بعد الإقرار كان جائزاً أيضاً. ولو اصطلحا على الإنكار كان جائزاً أيضاً. وإن كتب: "هذا كتاب (¬8) لفلان بن فلان الذي في يديه الدار من فلان الوكيل" ثم يكتب على هذه النسخة فهو جائز. وإن كتب لكل واحد منهما نسخة على هذا الصلح الأول فهو جائز. وإن كان الصلح على ¬

_ (¬1) م ز ع: النجم. (¬2) م ز ع: كذا كذا شهر. (¬3) ع + من شيء. (¬4) ع: أو ختموا. (¬5) ع: أن يسلم. (¬6) م ز ع: هذه. (¬7) م وع: برئ. (¬8) ع: الكتاب.

دراهم فكتب على هذه النسخة جاز ذلك، ويكتب: هذا كتاب لفلان بن فلان من الوكيل. إذا كان بدراهم فإنه أحسن وأجود، ويكتب (¬1) نسخة نحو ذلك. وإذا ادعى رجل في سفينة دعوى فوكَّل الذي في يديه السفينة وكيلاً بالصلح فإن ذلك جائز، ويكتب: هذا كتاب (¬2) لفلان بن فلان من فلان بن فلان: إني ادعيت في سفينة فلان بن فلان دعوى، وهي سفينة من ساج (¬3) تسمى (¬4) كذا وكذا وطولها كذا وعرضها كذا، وإنك صالحتني من دعواي (¬5) في هذه (¬6) السفينة على كذا وكذا (¬7) درهماً وزن سبعة، وقبضت ذلك منك وبرئت إلي منه، على أن سلمت لفلان بن فلان ما ادعيت في هذه السفينة لفلان كله، وبرئت إلي منه وخرجت منه كله، فلا حق لي بعد هذا الصلح في هذه السفينة ولا دعوى ولا طِلْبَة قليل ولا كثير. وإذا ادعى رجل دعوى في [غنم أو] (¬8) بقر (¬9) أو خيل (¬10) رَمَكاً (¬11) أو غيره أو عِدْلاً زُطِّياً (¬12) أو جرَاب هَرَوي (¬13) في يدي رجل فوكَّل رجلاً بالصلح في ذلك فهو جائز. وَأيهما وكَّل الطالب أو المطلوب فهو جائز. وليس يكتب في هذا إلا كما يكتب في الدين. يكتب: هذا كتاب لفلان بن فلان من فلان بن فلان: إن فلان بن فلان (¬14) ادعى في غنمك التي في يديك وهي كذا وكذا (¬15) شاة دعوى، فوكلني بالصلح في ذلك، وإنك ¬

_ (¬1) ع: يكتب. (¬2) ع - كتاب. (¬3) الساج نوع من الشجر كبير جداً، أسود اللون، يثبت في الهند، لا يبليه الماء بسهولة. انظر: المغرب، "سوج"؛ والمصباح المنير، "سوج ". (¬4) ز: يسمى. (¬5) ز ع: من دعوى. (¬6) ع: من هذه. (¬7) م: كذا كذا؛ ز - وكذا. (¬8) انظر دوام العبارة. (¬9) م ز ع: بقره. (¬10) ع: أو جبل. (¬11) الرَمَكَة هي الفرس تتخذ للنسل. انظر: المغرب، "رمك". (¬12) ز: نطيا. العدل وعاء، والزطي نوع من الثياب كما تقدم. (¬13) الجراب نوع وعاء، والهروي نوع من الثياب كما تقدم. (¬14) ع - إن فلان بن فلان. (¬15) م ز: كذا كذا.

باب كتاب الصلح في الرقيق والوكالة في ذلك

صالحتني من ذلك على كذا كذا درهماً، وقبضتها منك وبرئت إلي منها، وسلمت لك ما ادعى فلان بن فلان في هذه الغنم، وهي كذا كذا شاة، وبرئ فلان بن فلان من ذلك كله وخرج منه، فلا حق لفلان في هذه الغنم بعد هذا الصلح قليل ولا كثير، وقد ضمنت لك ما قبضت منك إن اتبعك من فلان بن فلان أو غيره في هذه الغنم تَبِعَة حتى أخلصك من ذلك، أو أرد عليك هذه الدراهم التي قبضتها منك، وهي كذا كذا درهماً. شهد. والصلح في الحيوان كله والعروض على مثل هذا وكتابه. وإذا ادعى رجل غنماً في يدي رجل فوكَّل رجلاً بالصلح في ذلك فصالحه على شيء منها معلوم فهو جائز. وإن كان المطلوب هو الذي وكَّل بذلك فصالح وكيله على أن أسلم شيئاً منها معلوماً للمدعي وبرئ المدعي مما بقي فهو جائز. وكذلك الإبل والخيل والبقر وصنوف الثياب والكيل كله والوزن، فهو باب واحد. ... باب كتاب الصلح في الرقيق والوكالة في ذلك وإذا اشترى الرجل مملوكاً من رجل فادعى رجل فيها دعوى فوكَّل البائع وكيلاً فصالحه المدعي على أن سلم البيع فهو جائز. وكذلك لو كان المشتري هو الذي وكل. وكذلك لو كان المدعي هو الذي وكَّل وكيلاً بذلك جاز ذلك، غير أنه يكتب كتاب الوكالة: هذا ما شهد عليه فلان بن فلان وفلان بن فلان، شهدوا أن فلان بن فلان وكَّل فلان بن فلان (¬1) بالصلح في المملوك الذي يقال له: فلان الفلاني، وأجاز ما صالح عليه من شيء، وكتبوا شهادتهم جميعاً وختموا. فإن أراد المشتري أن يكتب بذلك كتاباً كتب: هذا كتاب لفلان بن ¬

_ (¬1) ز - بن فلان.

فلان من فلان بن فلان: إن فلاناً ادعى في المملوك الذي (¬1) اشتريت من فلان الذي يقال له فلان الفلاني، فوكلني بأن أصالحك، وكنت اشتريت هذا المملوك من فلان بن فلان بكذا كذا ونقدته الثمن كله وبرئت إليه منه، وإنك صالحتني من دعوى فلان بن فلان فيه على كذا كدا درهماً وقبضتها منك وبرئت إلي (¬2) منها، وسلمت لك شراءك هذا المملوك من فلان بن فلان، وسلمت لك ما كان لفلان فيه، وأجزت ذلك كله، وأبرأتك من الثمن صلحاً صالحتك عليه وتراضيت به أنا وأنت، فلا حق لفلان في هذا المملوك ولا في ثمنه بعد هذا الصلح قليل ولا كثير. ولا يرجع المشتري على البائع بشيء من هذا الصلح؛ لأن القاضي لم يقض للمدعي فيه بشيء. وإن (¬3) كتب الصلح ولم يكتب فيه (¬4) ذكر الشراء فهو جائز. وإذا ادعى رجل مملوكاً في يدي رجل فوكَّل الطالب رجلاً فصالح من ذلك فهو جائز. ولو وكَّل المطلوب من يصالح (¬5) عنه كان جائزاً. ويكتب: هذا كتاب لفلان بن فلان من فلان بن فلان، إني ادعيت مملوكاً في يديك يقال له: فلان الفلاني، وإن فلان بن فلان صالحني عنك من دعواي في هذا المملوك على كذا وكذا، وقبضت منه ذلك وهو كذا وكذا، وبرئ إلي منه، وسلمت إليك هذا المملوك كله خاصة دوني، وخرجت من ذلك كله، وبرئت إليك منه. ولو صالح الوكيل على دراهم أو دنانير وضمن ذلك بأمر الموكل (¬6) كان جائزاً، ويرجع به على الذي وكله. وكذلك إن صالح على شيء مما يكال أو يوزن بغير عينه فهو جائز، ويرجع بذلك على الذي وكله. ولو صالح على عرض (¬7) من العروض بعينه أو بشيء مما يكال أو يوزن بعينه فهو جائز على الوكيل، ويرجع على الذي وكله. إذا كان الصلح بأمر الموكل ¬

_ (¬1) م ز: بالذي. (¬2) ع - إلي. (¬3) ع: وإذا. (¬4) ع: في. (¬5) ع: من صالح. (¬6) ع: الوكيل. (¬7) ز: على عوض.

ورضاه رجع بقيمة ذلك ما خلا الكيل (¬1) والوزن فإنه يرجع بمثله (¬2)؛ لأن الصلح جاز عليه وكذلك كل (¬3) صلح في دار أو دين أو حيوان أو أرض فهو جائز. وإذا اشترى الرجل خادماً بثمن مسمى وقبض ثم طعن فيها بعيب وقد نقد الثمن كله فوكَّل البائع وكيلاً فصالحه فأراد أن يكتب كتاباً يتوثق من المشتري فيه كتب: هذا كتاب لفلان بن فلان من فلان بن فلان: إني اشتريت منك خادماً يقال لها: فلانة الفلانية بكذا وكذا، ونقدتك الثمن كله وبرئت إليك منه، وقبضت منك الخادم وبرئت إلي منها، وإني طعنت فيها بعيب كذا وكذا، فصالحني وكيلك فلان بن فلان من هذا العيب ومن كل عيب بها وذا وذا بعد أن سمى في ذلك كله شيئاً شيئاً (¬4) على كذا كذا درهماً، وقبضتها منه وبرئت إلي منها، وأبرأتك من عيب كذا وكذا (¬5) ومن كل عيب بهذه الخادم، وذا بعد أن سمى لي ذلك كله وعرفته (¬6)، صلحاً صالحتني عليه به أنا، وتراضينا (¬7) به. وشهد. وليس للذي صالح أن يخاصم في عيب بعد هذا. ولو كتب: صالحتك من العيوب كلها أو صالحت وكيلك، جاز ذلك أيضاً وإن لم يسم (¬8). ولكن إن سمى ذلك فهو أجود لاختلاف الفقهاء. فمنهم من يقول: لا يكون براءة حتى يسمي. ومنهم من يقول: هي براءة وإن لم يسم، ويكتب الصلح على أشد ذلك وأوثقه. وكذلك هذه العيوب في الرقيق جميعاً والحيوان والثياب وكل شيء يشترى مما يكون فيه عيب. ولو أن الوكيل اشترى منه العيوب شراء لم يجز ذلك؛ لأن شراءها ليس بشراء. والصلح عليها جائز. ولو حلف (¬9) المشتري بعتقها أن لا يخاصم فيها كان أوثق ¬

_ (¬1) ز: الوكيل. (¬2) ع: عليه؛ ز: لمثله. (¬3) ع - كل. (¬4) ز ع - شيئاً. (¬5) م ز: كذا كذا. (¬6) ز: وعرفنيه. (¬7) م ع: وتراضيت. (¬8) ز: لم يسمي. (¬9) ز: خلف.

للبائع (¬1). ولو أقر المشتري أنه قد باعها وخرجت من ملكه ثم تصدق (¬2) بها عليه فصارت في يديه بغير الشراء الأول وأقر بهذا في كتاب الصلح كان أجود وأجوز له وأوثق للبائع. وإن كان هذا فالعتق (¬3) وجب على المشتري. ولو صالحه على عيب واحد ولم يصالحه على ما سواه فأراد أن يكتب الكتاب على عيب واحد كتبه عليه وسماه. ولو وكَّل بأن يصالح من عيب في عينها فصالح من عيب في بدنها لم يجز على الموكل. ولو صالحه من عيب في العين واليد وأبرأه منها جاز الذي (¬4) في العين، لأنه قد وكله، ولا يبرأ من الذي في اليد، لأنه لم يوكله. ولو وكله الطاعن بالعيب بالصلح من عيب في رأسها شجة أو شَمَط (¬5) فصالح على كية في رأسها أو جرح في جسدها لم يجز؛ لأنه لم يوكله بذلك. ولو وكله بالخصومة في عيب فصالح لم يجز. ولو وكله بالصلح فيه لم يكن خصماً فيه، ولم يقبل منه الخصومة. فأيهما ما (¬6) وكَّل بالخصومة أو بالصلح فإن طلب (¬7) الوكيل ثم وكَّل بذلك غيره لم يجز. ولو باع السلعة للوكيل لم يجز بيعه. ولو أن الطاعن بالعيب وكَّل الوكيل (¬8) بأن يصالح عليه ويأخذ له شيئاً فأبرأه الوكيل بغير شيء لم يجز؛ لأنه خالف حين أبرأه. ولو وكَّل رجلين بالصلح فصالح أحدهما لم يجز عليه. ولو كان المطلوب هو وكل رجلين بالصلح فصالح أحدهما لم يجز عليه. ولو كان المطلوب هو وكَّل رجلين بالصلح فصالح أحدهما وضمن جاز على الوكيل ولزمه المال، ولا يجوز على الموكل. وكذلك لو أن الوكيل وكَّل غيره جاز ¬

_ (¬1) م ز: البائع. (¬2) م ز: ثم صدق. (¬3) م ز ع: والعتق. وهذا راجع إلى الجملة التي قبل السابقة، حيث يقول: ولو حلف المشتري بعتقها ... فإذا فعل هذا ثم خاصم فيما بعد فالعتق واجب على المشتري. (¬4) ع + الذي. (¬5) هو أن يكون في الشعر بياض وسواد مختلطين. ويطلقه الفقهاء على ما إذا كان في موضع واحد من الشعر بياض وباقيه أسود، ويعدونه عيبا. انظر: المغرب، "شمط". (¬6) ع - ما. (¬7) م ع: طلق؛ ز: أطلق. (¬8) ع + بالصلح.

عليه وعلى الذي (¬1) وكله، ولا يجوز على الأول؛ لأنه خالف حيث وكَّل غيره. ولو وكَّل الطاعن بالعيب عبداً أو صبياً أو ذمياً أو أمة أو مدبرة أو أم ولد أو وكَّل الأمة التي بها العيب بالصلح فصالحت جاز ذلك عليه. وإن كان غيرها وكيلاً في ذلك جاز عليه. وإن كان ذلك لا يتغابن الناس في مثله فهو جائز في قياس قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإنه إن حط ما لا يتغابن الناس في مثله لم يجز على الموكل. ولو كان الوكيل وكيل المطلوب فصالح وهو بعض من سميت لك جاز ذلك عليه. فإن زاد عليه ما لا يتغابن الناس في مثله لزم الوكيل ذلك إذا ضمن وكان ممن يجوز أمره على نفسه. والوصي في الحياة في (¬2) الصلح والجَرِيّ (¬3) والمأمور بمنزلة الوكيل. وكتاب القاضي في ذلك بمنزلة الشهادة في ذلك. وإذا وكَّل الطاعن بالعيب وكيلاً بالصلح فأقر أن صاحبه قد رضي بالعيب فإقراره باطل؛ لأنه لم يوكله بالإقرار. ولو وكله بالإقرار فأقر (¬4) جاز ذلك عليه. وإن كان مشتري الجارية له شريك مفاوض فوكله شريكه بالصلح في العيب جاز ذلك عليهما (¬5) إن صالح الوكيل. ولو كان البائع عبداً فوكَّل مولاه وكيلاً بالصلح فإن كان على العبد دين لم يجز. وإن لم يكن عليه دين جاز ذلك. وكذلك لو كان العبد هو المشتري. فإن كان مكاتباً باع أو اشترى فطعن بعيب أوطعن به عليه فوكَّل مولاه بالصلح في ذلك لم يجز. ولو كان ابن المكاتب ولد من أمة له فباع واشترى فطعن بعيب أوطعن به عليه فوكَّل المكاتب بالصلح في ذلك جاز ذلك عليه إن لم يكن على الابن دين. فإن كان على الابن دين لم يجز. وكذلك أبو (¬6) المكاتب وأمه وابنه إذا ¬

_ (¬1) ع + وعلى الذي. (¬2) م ز ع: وفي. والتصحيح من ب. ولفظه: والوصي في الصلح في الحياة. (¬3) م ز ع: والحربي. والتصحيح من ب. (¬4) ع - فأقر. (¬5) ع: عليه. (¬6) م ز ع: أب.

أشتراه. ولو وكَّل المكاتب وكيلاً بالخصومة في العيب لم يجز ذلك على أبيه (¬1) إذا لم يكن عليه دين أو كان عليه دين (¬2). ولو (¬3) وكَّل الابن بالخصومة في ذلك فهو جائز غير أنه إذا بلغت اليمين فلا بد من (¬4) أن يحضر الذي هي عليه. ولو وكَّل المكاتب وكيلاً بتقاضي دين لابنه وبالخصومة فيه لم يكن ذلك جائزاً إن لم يكن على ابنه دين. فإن كان عليه (¬5) دين لم يجز أيضاً. وابنه المولود في مكاتبته من أمته والذي اشتراه سواء في ذلك. فإن وكَّل ابنه وكيلاً بذلك جاز ذلك وكان هو الخصم فيه دون الآخر. فإن أقر عند القاضي أن صاحب الحق قد قبض الحق فهو جائز على صاحب الحق، وهو بريء وكذلك الرجل يوكل بالخصومة في دين عبد له كان عليه دين (¬6) أو لم يكن عليه دين فهو سواء، ولا يجوز ذلك. وإن أقر الوكيل عند القاضي أن العبد قد استوفى (¬7) الدين لم يجز. وإن (¬8) أقر أن المولى قد قبض ذلك لم يجز ذلك أيضاً. والمتفاوضان يوكل أحدهما وكيلاً بالخصومة في دين لهما فأقر عند القاضي أن الآخر قد استوفاه جاز ذلك عليهما جميعاً. ولو مات أحد المتفاوضين فكان هو الذي وكَّل فقد انتقضت الوكالة. وإذا اشترى رجلان من امرأة خادماً فوكلا وكيلاً في الصلح في عيب طعنا فيه فهو جائز. وإن كان الذي وكَّل هو البائع فهو جائز أيضاً. وإن كان المشتري مكاتباً أو عبداً تاجراً والبائع حر فهو جائز أيضاً. وكذلك إن كان ذمياً وكَل مسلماً أو مسلماً وكَّل ذمياً بالصلح في ذلك. وكذلك لو كان حربياً مستأمناً. وكذلك المرأة توكل (¬9) الرجل أو الرجل يوكل المرأة فهو سواء في ذلك كله. وإن كان المشتري اثثين فوكَّل أحدهما وكيلاً فصالح (¬10) على حصته من العيب فأخذه فليس للآخر في ذلك شيء، لأنه ليس بدين. ولو ¬

_ (¬1) ز ع: على ابنه. (¬2) ع - أو كان عليه دين. (¬3) م + ولو. (¬4) ع - من. (¬5) ع: على ابنه. (¬6) ع - عليه دين. (¬7) ع: قد استولى. (¬8) ع: إذا. (¬9) ز: يوكل. (¬10) ع: بالصلح.

كان دين بين رجلين فوكَّل أحدهما وكيلاً (¬1) فاقتضى منه شيئاً كان نصف ما أخذ لشريكه. فإن ضاع من الوكيل فللشريك أن يضمن صاحبه نصف ما أخذ الوكيل. فإن كان وكله بقبض المال كله فقبضه فهلك منه فإن للشريك أن يضمن شريكه نصف المال. وإن (¬2) شاء ضمن الغريم، ويرجع الغريم بما ضمن من ذلك على الشريك. وإن أقر الوكيل بالقبض أو قامت به بينة فهو سواء. وإن كان الوكيل وكيلاً في الخصومة فأقر عند القاضي أن صاحبه الذي وكله به قد قبض حصته جاز ذلك على صاحبه الذي وكله، ولم يضمن لشريكه شيئاً، وليس هذا كقبض الوكيل. ولو اشترى رجلان (¬3) من رجل [سلعة] فوجدا (¬4) بها عيباً فوكَّل أحدهما وكيلاً بالصلح فصالح على ثوب أو على عرض كائن ما كان فهو جائز، وهو للذي وكله خاصة دون الآخر، والآخر على حقه. ولو كان دين بين اثنين فوكَّل أحدهما وكيلاً يتقاضاه له فاشترى بحصته ثوباً جاز ذلك على الوكيل، ولا يجوز على الذي وكله. وإن رضي بذلك الذي وكله لم يبرأ المطلوب من حصته من الدين، وكان حصته من الدين عليه. قال محمد: وإنما يعني بقوله: كان رضي بذلك الذي وكله لم يبرأ المطلوب، يقول: إن رضي أن يكون الثوب الذي اشتراه وكيله لنفسه فلا (¬5) يجوز ذلك. قال محمد: فأما إن رضي أن يكون حصته من الألف قضاء عن الوكيل مما (¬6) اشترى فهو جائز، ويضمن الخمسمائة للموكل على الوكيل، ويضمن الموكل لشريكه نصف الخمسمائة قبضها (¬7) من الوكيل أو لم يقبضها. قال محمد: وكذلك الدين الذي على الغريم كُرّ حنطة جيد فوكله ¬

_ (¬1) ع - على حصته من العيب فأخذه فليس للآخر في ذلك شيء لأنه ليس بدين ولو كان دين بين رجلين فوكل أحدهما وكيلاً. (¬2) ع: فإن. (¬3) ع: رجلاً. (¬4) م ز ع: فوجد. (¬5) ع: ولا. (¬6) م ز: ما. (¬7) م ز: فقبضها؛ ع: فيقبضها.

بقبض حصته منه فاشترى الغريم به ثوباً فهو مثل الدراهم على ما وصفت لك سواء. ولو أن رجلاً ادعى على رجل كر حنطة جيد فأقر له به (¬1) وباعه بذلك عبداً ثم تصادقا أنه كان قضاه الكر (¬2) فإن البيع جائز، ويأخذ منه كراً مثل الكر الذي كان ادعى عليه. قال: وهذا مثل ألف يدعيها عليه فيشتري بها منه عبداً. ولو كان الدين طعاماً قرضاً بينهما فوكَّل أحدهما وكيلاً بقبض (¬3) حصته فباعها بدراهم وقبض فإنه لا يجوز على الوكيل ولا على الموكل. فإن رضي بذلك الموكل جاز ذلك عليهما، وصارت الدراهم للموكل، ورجع شريكه عليه بربع الطعام إن قبض الدراهم كان لم يقبضها؛ لأنها (¬4) قد صارت له. ولو لم يبعها بدراهم وباعها بثوب وقبض لم يجز ذلك على الوكيل ولا على الموكل. فإن أجاز ذلك جاز (¬5)، وكان الثوب للوكيل دون الموكل، وكان على الوكيل حصة الموكل من الطعام، فإذا قبضها أخذ شريكه نصف ذلك. وكذلك إن لم يقبضها. وإذا اشترى الرجل عبداً لابنه وابنه صغير أو باع له عبداً فطعن بعيب أوطعن به عليه فوكَّل وكيلاً بالصلح فذلك جائز إن كان خيراً للصبي. وإن كان شراً لم يجز على الصبي وجاز على الأب. وكذلك وصي اليتيم يبيع له أو يشتري له ثم وكَّل بالصلح في عيب طعن به فهو مثل الباب الأول. وإذا وكَّل المشتري بالخصومة في عيب فإنه لا تقبل (¬6) وكالته في الخصومة في العيب إذا بلغت اليمين حتى يجيء فيحلف. وإن وكَّل بالصلح (¬7) فهو جائز. وإن كان البائع وكَّل بالخصومة وبالصلح فهو جائز. وإذا وكَّل الرجل بالصلح في عيب طعن (¬8) به في عبد خلع عليه امرأته وكاتب عليه عبداً فأداه إليه، فإن العيب في هذا ليس يرد منه إلا أن يكون ¬

_ (¬1) ع: فأقر لربه. (¬2) ع: كر. (¬3) م ز: بعض. (¬4) ز: لأنه. (¬5) ع - جاز. (¬6) ز ع: لا يقبل. (¬7) م: الصلح. (¬8) ع: ظفر.

باب الوكالة في الصلح في الدم وفي الخطأ

فاحشاً (¬1) فتجوز (¬2) الوكالة في ذلك والصلح. وكذلك المرأة تتزوج (¬3) على عبد فتجد به عيباً فتوكل به وكيلاً بالصلح في ذلك. ... باب الوكالة في الصلح في الدم (¬4) وفي الخطأ وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يصالح عنه في دم عمد ادعي عليه فصالح الوكيل على ألف درهم وضمنها فهو جائز، والوكيل لها ضامن، ويرجع بها على الذي أمره به. وكذلك لو صالح على عشرة آلاف درهم. وكذلك لو صالح على ألف دينار. وكذلك لو صالح (¬5) على ألفي شاة. وكذلك لو صالح على مائتي (¬6) بقرة (¬7). يؤخذ الوكيل بذلك كله، ويرجع به على الذي أمره. ولو صالحه على مائتي ثوب يهودي كان جائزاً. وكذلك كل صنف من الثياب. ولو صالحه على عشرة وُصَفَاء بغير أعيانهم كان جائزاً، ويؤخذ الوكيل بذلك، ويرجع به على الموكل. ولو كان الطالبُ (¬8) الدمَ هو الذي وكَّل بالصلح في ذلك فصالح على بعض ما ذكرنا كان جائزاً. ولو صالح وكيل المطلوب على أكثر من الدية فزاد على الدية ما لا يتغابن الناس في مثله فإنه جائز عليه إذا ضمن. ولا يجوز على الذي وكله. ولو كان وكيل الطالب صالح على مائة درهم جاز ذلك على الطالب في قول أبي حنيفة. ولا يجوز في قول أبي يوسف ومحمد على الطالب إلا أن يصالح على الدية أو ينقص (¬9) من ذلك ما يتغابن الناس في مثله. ¬

_ (¬1) ع - فاحشا. (¬2) ز ع: فيجوز. (¬3) ز: يتزوج. (¬4) ع: في الدور. (¬5) ز - لو صالح. (¬6) ع + درهم. (¬7) ز: نقرة. (¬8) ع: طالب. (¬9) ز: أو ينقض.

وإذا صالح وكيل المطلوب على عبد للمطلوب فالصلح جائز. وإن شاء المطلوب أمضى العبد. وإن شاء أعطى قيمته، كأن الوكيل صالح على عبد فاستحق. وكذلك كل شيء من العروض بعينه والحيوان والعقار. ولو صالح على شيء من الوزن والكيل بغير عينه وضمن ذلك وسمى ذلك جاز على الوكيل وعلى الموكل. ولو كان بعينه وهو للموكل كان الموكل (¬1) بالخيار. إن شاء أمضى ذلك. وإن شاء أعطى مثله. وإذا وكَّل الطالب أو المطلوب وكيلين بالصلح ودفع إليهما مالاً يصالحان علية فصالح أحدهما عليه دون الآخر جاز على الوكيل إذا ضمن، ولم يجز على الموكل. وكذلك وكيلا (¬2) الطالب فإنه لا يجوز صلح أحدهما على الطالب ولا على الوكيل. وإذا وكَّل وكيل الطالب وكيلاً غيره فصالح فإنه لا يجوز على الطالب. إذأ وكَّل وكيل المطلوب وكيلاً غيره فصالح على مال للمطلوب (¬3) لم يجز على الموكل الأول، وجاز على الوكيل الآخر والثاني. وإذا كتب الرجل كتاباً بالصلح على الدم كتب: هذا كتاب لفلان بن فلان من فلان بن فلان: إني ذكرت أن فلان بن فلان قتل فلان بن فلان، وإني وأرثه لا وارث له غيري، فأنكرت ذلك، وصالحتني من دم فلان ومن ديته على كذا وكذا، فرضيت (¬4) بذلك وصالحتك عليه وقبضت ذلك منك وبرئت (¬5) إلي منه، وأبرأت فلان بن فلان من دم أخي فلان بن فلان ومن ديته، فلا (¬6) حق لي قبل فلان من دم أخي فلان ولا من ديته، وقد ضمنت لك ما قبضت منك إن أدركك في شيء (¬7) من ذلك [درَك] مِن قِبَل وارث لفلان أو غيره حتى أخلص فلاناً من ذلك أو أرد عليك ما أخذت منك، وهو كذا كذا. ¬

_ (¬1) ع - كان الموكل. (¬2) م ز ع: وكيلي. (¬3) ع: المطلوب. (¬4) ز: فرضت. (¬5) ز: وترتب. (¬6) ع: ولا. (¬7) م ز ع: من شيء.

وإن صالح من ذلك على إقرار [و] كتب ذلك الكتاب فهو جائز. وهو جائز على الإنكار. وإن لم يُكتَب في ذلك الكتاب إقرار ولا إنكار فهو جائز أيضاً. وإن (¬1) كتب المدعى عليه الدم كتاباً آخر ببراءة مبهمة (¬2) من الدم فهو أوثق أيضاً وأحسن للطالب. ويكتب كتاب البراءة بذلك هذا الكتاب: هذا كتاب لفلان بن فلان من فلان بن فلان، إني أبرأتك من دم أخي فلان بن فلان ومن ديته، فلا حق في قبلك من دم أخي فلان بن فلان ولا من ديته. شهد. وإن كتب في الصلح: إن فلأناً قتل (¬3) أخي عمداً بحديدة، فذلك حسن. وإن كتب أنه قتله خطأً فذلك حسن. وإن لم يكتب خطأً ولا عمداً في الكتاب فهو حسن. وإن كان الطالب وكَّل وكيلاً بالصلح كتب البراءة على نحو مما ذكرت لك. ويكتب كتاباً بالوكالة: هذا ما شهد عليه فلان وفلان وفلان (¬4)، شهدوا أن فلان بن فلان وكَّل فلان بن فلان بالصلح في دم أخيه فلان بن فلان وديته، وأجاز ما صالح عليه من شيء، وكتبوا شهادتهم جميعاً، وختموا في شهر كذا من سنة كذا. وإذا وكَّل المطلوب وكيلاً بأن يصالح عنه ويضمن فصالح عنه على مال إلى أجل مسمى فهو جائز إلى ذلك الأجل على الوكيل، وهو للوكيل على الموكل إلى ذلك الأجل، وليس لطالب الدم على الموكل من المال شيء قليل ولا كثير. ولو أن الوكيل أعطى طالب (¬5) الدم رهناً بالمال أو كفيلاً كان جائزاً، ولا يكون لكفيله أن يرجع على الموكل إذا أدى المال، ولكنه يرجع على الوكيل، ويرجع الوكيل على الموكل. ولو أن الموكل أعطى الوكيل رهناً بالمال قيمته والمال سواء فهلك الرهن عند الوكيل كان بمنزلة أستيفاء الوكيل المال من عبده (¬6)، ويعطي الوكيل المال، ولا يرجع به على ¬

_ (¬1) ع: فإن. (¬2) ز: متهمة؛ ع: مهمة. (¬3) ز: قبل. (¬4) ع - وفلان. (¬5) ع: لطالب. (¬6) ز: من عنده.

الموكل. ولو كان المال حالاً كان للوكيل أن يأخذ به الموكل قبل أن يؤديه، ولا يشبه هذا (¬1) الكفالة، إنما يشبه هذا الشراء، كرجل أمر رجلاً فاشترى له عبداً بألف درهم، فهذا وذاك سواء. ولو كان الموكل أدى المال إلى الوكيل فهلك عنده قبل أن يدفعه لم يكن للوكيل أن يرجع على الموكل بشيء من ذلك، ويؤدي الوكيل المال من عنده إلى الطالب. ولو أن الوكيل صالح الطالب على ألف درهم من هذا الدم على أن يكون ذلك على المدعى عليه الدم ولا يكون على الوكيل منها شيء كان ذلك جائزاً، والمال على المطلوب بالدم، ولا يكون على الوكيل من ذلك شيء (¬2). فإن لم يشترط الوكيل أن يكون المال على المطلوب وضمنه الوكيل فهو عليه؛ لأنه هو صالحه. ولو أن الوكيل قال له: اعفوا عنه على ألف درهم، فعفا عنه على ذلك كان العفو جائزاً، وكان المال على المدعى عليه الدم. وهذا لا يشبه عندي الصلح بالضمان؛ لأن الوكيل في هذا الموضع إنما قال: اعفوا عنه على ألف درهم، وهو في (¬3) ذلك الموضع مصالح ضامن، ولا يشبه الصلح غيره. ولو أن طالب (¬4) الدم وكَّل وكيلاً بالصلح والقبض فصالح عنه كان للوكيل أن يقبض المال بمنزلة البائع. ولو وكله بأن يقول: قد عفا فلان عن فلان بألف، وقبل ذلك المطلوب لم يكن للوكيل أن يأخذ ذلك المال، وكان لطالب الدم أن يأخذ المال. ولو أن رجلاً ادعى في دار لرجل دعوى أو ادعى في أرضه أو خادمه دعوى فصالحه وكيل المطلوب على دراهم مسماة وضمنها كان الوكيل لها ضامناً حتى يدفعها إلى الطالب. وكذلك الرجل الذي يطلب الدم قبل رجل فيجيء وكيل المطلوب فصالح الطالب على دراهم مسماة وضمنها (¬5) فإن الوكيل لها ضامن؛ لأن الوكيل هو الذي صالحه. ولو أن الوكيل قال: صالح فلاناً على كذا كذا (¬6)، فقال: قد ¬

_ (¬1) ع + هذا. (¬2) م ز ع: شيئاً. (¬3) ز - في. (¬4) ز: أن الطالب. (¬5) م ز: وبضمنها؛ ع: وتضمنها. (¬6) ع + درهماً.

فعلت، لم يكن على الوكيل (¬1) شيء، وكان الصلح جائزاً على الموكل؛ لأن الوكيل لم يصالح على أن يضمن المال فيلزمه. ويلزم الموكل المال؛ لأن وكيله صالح عليه. ولو أن المطلوب بالدم وكَّل وكيلاً بما يطلبه لم يكن لهذا الوكيل أن يصالح؛ لأن صاحبه لم يبين له ذلك. وكذلك لو وكَّل وكيلاً بالدم لم يكن له أن يصالح. ولو قال: قد وكلته بالصلح (¬2)، لم يكن له أن يخاصم. ولو وكله بالخصومة لم يكن له أن يصالح. وإن جعله وصياً في الصلح في حياته أو وكيلاً في الصلح أو جَرِيًّا (¬3) في الصلح أو وصياً على الصلح في حياته أو رسولاً في الصلح وقال: قد أمرتك أن تصالح في هذا (¬4) الدم، فإن هذا جائز كله. وإذا وكَّل المطلوب بالدم وكيلاً يصالح عنه ولي الدم ووكَّل ولي الدم وكيلاً يصالح عنه المطلوب فالتقى (¬5) الوكيلان فاصطلحا فهو جائز، ولا أرى هذا خلافاً. ولو أن رجلاً أمر رجلاً أن يشتري له من فلان خادماً بعينه فاشترى ذلك الخادم من وكيل لفلان (¬6) أو من رجل اشتراه من فلان كان جائزاً. وكذلك الصلح. ولو وكله أن يبيع عبداً من فلان فباعه من غيره لم يجز. ولو باعه من رجل اشتراه لفلان كان جائزاً. وهذا مثل الصلح. والأول مخالف لذلك. وإذا وكَّل الرجل رجلاً أن يصالح في دم عبد له أو مدبر له أو أم ولد فهو جائز عمداً كان أو خطأ. وإن كان الذي قتله عبدا (¬7) فدفع مكانه فوكَّل الطالب وكيلاً بقبض ذلك والخصومة فيه والصلح (¬8) فقبض العبد وأخذ القيمة فهو جائز. وإذا كان الدم بين ورثة وهو عمد فوكَّل أحدهم وكيلاً بالصلح فصالح ¬

_ (¬1) ز: لم يكن للوكيل. (¬2) ع + ولو قال. (¬3) ع: أو حربا. والجري في معنى الوكيل، لأنه يجري في أمور موكله. انظر: المغرب، "جري". (¬4) ع - هذا. (¬5) ع: فالتقيا. (¬6) ع: فلان. (¬7) م ز ع: عبد. (¬8) ع: واصلح.

على حصته وأخذها فهو جائز، وهأنه خاصة، ولشركائه (¬1) حصتهم من الدية على القاتل. فإن كان القاتل لم يقر بشيء من ذلك وصالح من غير إقرار لم يكن لبقية الورثة على القاتل شيء ولا على المصالح ولا على الوكيل. وإن كان القتل خطأً شاركوه في الصلح. وإن كان القاتل مقراً بالقتل والقتل خطأً فصالح الوكيل على دراهم وقبضها فلبقية الورثة أن يشاركوا الموكل، ويحاصّونه فيما أخذ، وليس لهم على الوكيل سبيل. وإن هلك المال عند الوكيل لم يكن لهم عليه سبيل، ويأخذون صاحبه فيضمنونه بقدر حصتهم مما أخذ وكيله. ولو وكَّل المطلوب بالدم وكيلاً فصالح عنه وارثاً بعينه والقتل عمد (¬2) أو خطأ فصالح الوكيل عن ذلك الوارث بمال أعطاه إياه الموكل فإنه لا يجوز على الموكل، لأن الوكيل خالف. وإذا وكَل المطلوب بالدم وكيلاً يخاصم عنه فصالح عنه بمال للموكل ودفعه إلى الذي صالح فإنه لا يجوز على الموكل (¬3)، ويجوز على الوكيل إذا ضمن؛ لأنه لم يوكله بذلك ووكله (¬4) بالخصومة. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بطلب دم له خطأً والخصومة فيه فهو جائز، له أن يخاصم فيه ويقبض الدية، وليس له أن يصالح. وإن صالح لم يجز ذلك. فإن حط (¬5) شيئاً من الدية لم يجز ذلك. وإن أخذ منه شيئاً بعد حظه (¬6) لم يجز ذلك. فإن وكَّل غيره بالخصومة فيها أو بقبضها لم يجز ذلك. وإن (¬7) اشترى بشيء منها عبداً من الذي عليه الدية أو أمة أو متاعاً وقبضه جاز ذلك عليه خاصة، ولم يجز على الذي وكله؛ لأنه قد خالف. ولو قبض شيئاً من الدية فاستودعه غيره ضمن ذلك. ولو أعطاه بعض من يعول (¬8) يمسكه لم يضمن. ولو احتال بالمال على صيرفي وأبرأ الذي عليه الأصل لم يجز ذلك. وإن قبضه من الصيرفي فهو جائز على الموكل. ¬

_ (¬1) م: ولشركا. (¬2) ع: عمدا. (¬3) ع - لأن الوكيل خالف وإذا وكل المطلوب بالدم وكيلاً يخاصم عنه فصالح عنه بمال للموكل ودفعه إلى الذي صالح فإنه لا يجوز على الموكل. (¬4) ع: ولو وكله. (¬5) ع: خط. (¬6) م ز ع ب: حله. (¬7) ع: فإن. (¬8) ع: من يقول.

وإن كانت الدية إبلاً (¬1) فقضي بها على القاتل أو على عاقلته فوكَّل الطالب وكيلاً بقبض (¬2) ذلك فقبض بعض الإبل جاز ذلك. فإن أنفق عليها في علفها وسياقها ورعيها حتى يبلغها الموكل شيئاً (¬3) كان متطوعاً في النفقة؛ لأن الموكل لم يأمره بذلك. ولو أن الموكل أمره ببيعها فباعها كان ذلك جائزاً. وإن كان وكَل الوكيل عبداً له فباعها لم يجز. فإن لم يقدر عليها فلرب المال أن يضمن الوكيل. وإن شاء ضمن (¬4) عبده قيمة الإبل. وإذا كانت الدية إبلاً فأخذ الوكيل بها دراهم فإنه لا يجوز على الموكل؛ لأنه لم يوكله. وكذلك لو أخذ بالدراهم دنانير أو بالدنانير (¬5) دراهم لم يجز ذلك؛ لأنه لم يوكله بذلك، إنما وكله بالقبض. وإذا وكَّل المطلوب بالدم وكيلاً يؤدي عنه وقد قضي عليه بالدية دراهم فقبّضها (¬6) الوكيلُ الطالبَ دراهم فهو جائز، ويرجع بمثلها على الموكل. وإن باع الوكيل الطالب بها دنانير أو عروضاً فهو جائز، ويرجع على المطلوب بالدراهم؛ لأنه قد وكله بالقضاء، فحيث باعه فكأنه قضاه الدراهم. وإذا وكَّل المطلوب رجلاً بالخصومة فأدى الوكيل المال من ماله فهو جائز لا يرجع به على الموكل؛ لأنه لم يأمره بإعطاء المال. وإذا دفع المطلوب الدية إلى رجلين فقال: أدياها عني، فأدياها عنه كان جائزاً. ولو صالحا الطالب من المال على دنانير أو عروض كان جائزاً، وكان الوكيلان متطوعين في ذلك؛ لأنهما خالفا. ويردان المال على الموكل. ولو قضيا (¬7) دراهم (¬8) غير الدراهم التي أعطاها كان في القياس مثل ذلك، غير أني أستحسن أن تكون (¬9) الدراهم التي في أيديهما لهما. ¬

_ (¬1) م ز ع: إبل. (¬2) ز ع: يقبض. (¬3) هو مفعول به لأنفق. (¬4) ع: يضمن. (¬5) ع - أو بالدنانير. (¬6) م ز: فقبضا. (¬7) ز: قضا؛ ع: قبضا. (¬8) م ز ع: دراهما. (¬9) ز: أن يكون.

باب كتاب الوكالة في الصلح في الشجاج والجراحات

وإذا وكَّل الرجل رجلاً بأن يؤدي عنه دية ودفع إليه المال فأدى نصفه وحط الطالب النصف فإنما حط ذلك عن الذي عليه الأصل، وليس للوكيل من ذلك شيء. وإن (¬1) وهبه للوكيل وأمره بقبضه من الذي عليه الأصل فقبضه منه فهو جائز، وللوكيل أن يقاصّه بما في يديه (¬2) حتى يستوفي منه ما (¬3) في يديه إذا حضر (¬4) الذي عليه الدين. ... باب كتاب الوكالة في الصلح في الشجاج والجراحات وإذا وكَّل الرجل رجلاً بالصلح في شجة ادعيت (¬5) قبله (¬6) عمداً أو خطأً وأمره أن يضمن ما صالح عليه فصالح الوكيل على خمسمائة أو أكثر، فإن كانت الشجة خطأً جاز من ذلك خمسمائة وبطل الفضل. وإن كانت عمداً جاز ذلك كله على الوكيل وعلى الموكل إذا كان زاد في ذلك ما يتغابن الناس في مثله. فإذا مات المشجوج انتقض (¬7) الصلح في الوجهين جميعاً وكان (¬8) الأولياء على دعواهم. فإن كان الموكل أقر لهم لزمته الدية. كان لم يقر لهم خاصموه. وإن كان الوكيل صالح على الجناية ثم برئ من الشجة فهو كذلك أيضاً. وإن مات فيها فهو جائز على الوكيل إن كان ضمن. ولا يجوز على الموكل؛ لأنه لم يأمره أن يصالح عن النفس. فإن كان الوكيل صالح على الشجة والشجة خطأ وما يحدث منها على خمسمائة درهم ثم برأ (¬9) من الشجة، فإن المشجوج إن كان انتقد رد تسعة أعشار المال ونصف عشره، ويبقى له من ذلك نصف عشره؛ لأنه صالح على ¬

_ (¬1) ع: فإن. (¬2) ع: في أيديه. (¬3) ز: بما. (¬4) ع: إذا أحضر. (¬5) م ز ع: أو عيب. (¬6) ع: قتله. (¬7) ز: انتقل. (¬8) ز: وكانت. (¬9) ع: ثم برى.

مُوضِحَة وعلى نفس. ولو مات من تلك الشجة وله مال يخرج ما حط من ثلثه جاز ذلك على الوكيل إن كان ضمن. ولا يجوز على الموكل إلا نصف عشر خمسمائة؛ لأنه لم يوكله بأن يصالح على ما زاد على الشجة. فإن لم يكن للمشجوج مال إلا الدية رفع الثلث من ذلك ثم يخاصم أولياء المشجوج (¬1) المدعى عليه الشجة. فإن ثبت لهم شيء (¬2) أخذوا (¬3) تمام ذلك بعد الثلث. ولو أن المشجوج الطالب وكَّل وكيلاً بالصلح في المُوضِحَة فصالح عنها وحط من الخمسمائة ثم برأ (¬4) المشجوج، فإن كان حط ما يتغابن الناس في مثله فهو جائز على الموكل. وإن كان أكثر من ذلك لم يجز الصلح على الموكل. وإذا وكَّل المشجوج وكيلاً بالصلح في المُوضِحَة خاصة فصالح فيها وفيما يحدث منها على عشرة آلاف ثم مات من ذلك فإنه لا يجوز الصلح وله الدية. وإذا كان الشاج هو الذي وكله بالصلح في الشجة خاصة فصالح عليها وعلى ما يحدث فيها على عشرة آلاف فضمن الوكيل ثم مات المشجوج من ذلك، فإن الصلح (¬5) يلزم الوكيل ولا يلزم الآمر؛ لأن الوكيل خالف. وهذا قياس قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف فهو جائز، إذا وكله بالصلح (¬6) في الشجة فقد وكله بالصلح فيما يحدث فيها. وإذا كان المشجوج عبداً فوكَّل مولاه بالصلح في ذلك أو وكَّل الشاج بالصلح في ذلك فهو جائز. وإن كان المشجوج مكاتباً فوكَّل بالصلح في ذلك فهو جائز عليه. وإن كان الشاج مكاتباً فوكَّل بالصلح في ذلك فهو جائز عليه (¬7). فإن لم يكن على الشجة بينة جاز (¬8) عليه ما كان مكاتباً. وإن عتق جاز (¬9). وإن عجز لم يجزة لأنه إقرار. وإن كان المشجوج عبداً أو مدبراً أو ¬

_ (¬1) ع - المشجوج. (¬2) ع: بشيء. (¬3) م ز ع: يؤاخذوا (مهملة). (¬4) ع: ثم برى. (¬5) ع + لم. (¬6) ز: في الصلح. (¬7) ز + وإن كان الشاج مكاتباً فوكل بالصلح في ذلك فهو جائز عليه. (¬8) ز: جائز. (¬9) ع + عليه ما كان مكاتباً وإن عتق جاز.

أم ولد تاجر أو غيره فوكَّل بالصلح وكيلاً فإنه لا يجوز. وإن وكَّل مولاه فهو جائزء وإن كان المشجوج عبداً قد أعتق بعضه وهو يسعى في بعض قيمته فوكَّل بالصلح في ذلك وكيلاً فهو جائز. وكذلك إن كان هو الشاج فوكَّل بالصلح فهو جائز. وإن كان المشجوج صبياً فوكَّل أبوه بالصلح فهو جائز. كان حط من أرش الشجة شيئاً وكانت الشجة بها بينة لم يجز ذلك على الصبي. وإن لم يكن بها بينة فهو جائز. وكذلك وصي اليتيم إذا شج. وكذلك وصي الكبير المعتوه (¬1) أو أبوه. وإن كان هو الشاج فوكَّل وصيه أو أبوه بالصلح في ذلك فهو جائز. فإن كان بذلك بينة جاز في مال الصبي والمعتوه (¬2). وإن لم يكن به بينة جاز على الأب والوكيل. ولا يجوز في مال الصبي والمعتوه (¬3). وإن كان الصبي مسلماً وأبوه كافراً لم تجز (¬4) الوكالة طالباً كان أو مطلوباً. وكذلك إن كان الصبي حراً وأبوه عبداً، أو كان الصبي عبداً وأبوه حراً، أو كان الصبي مكاتباً وأبوه حراً (¬5)، أو كان الصبي حراً وأبوه مكاتباً فإن ذلك لا يجوز. وكذلك اللقيط يوكل الذي التقطه (¬6) بالصلح وكيلاً في شجة ادعيت (¬7) قبله أو ادعاها فإنه لا يجوز؛ لأنه ليس بوصي له. وإذا ادعى رجل قِبَلَ رجل مُوضِحَة فوكَّل المدعى عليه رجلاً يصالحه فخاصمه فإنه ليس بوكيل في الخصومة، وليس بوكيل في الإقرار. وكذلك الطالب لو وكَّل بالصلح وكيلاً لم يكن الوكيل وكيلاً في الخصومة ولا في الإقرار. وإن وكله بالصلح في شجة فصالح من جرح (¬8) آخر (¬9) ادعي قبله (¬10) لم يجز على الموكل، وجاز على الوكيل إذا ضمن. فإن صالح من الشجة من ذلك الجرح جاز على الموكل النصف من ذلك إن كان ذلك ¬

_ (¬1) ز: المتعوه؛ ع: وصي المعتوه الكبير. (¬2) ز: والمتعوه. (¬3) ز: والمتعوه (¬4) ز: لم يجز. (¬5) ع - وأبوه عبداً أو كان الصبي عبداً وأبوه حراً أو كان الصبي مكاتباً وأبوه حراً. (¬6) م: اللتقطه؛ ز: الليقطة. (¬7) ع: أو عيب. (¬8) ز: من خرج. (¬9) ز - آخر. (¬10) م: قلبه.

الجرح شجة مثلها. فإن كان أكبر (¬1) أو أصغر جاز على الموكل بحساب ذلك، ولزم الوكيل الفضل إذا ضمن قيمته. وإن وكله بالصلح في موضحة وفيما يحدث منها فصالح من موضحتين وما يحدث منهما (¬2) جاز على الموكل النصف، ولزم الوكيل النصف الآخر إذا ضمن إن مات أو عاش. وإذا (¬3) كان الطالب هو الذي وكَّل بالصلح في مُوضحَة ادعاها قِبَلَ فلان فصالح الوكيل فلاناً عليها وعلى غيرها جاز عليها ولم يجز على غيرها. وإن وكله الطالب أن يصالح على دراهم فصالح على دنانير لم يجز. وإن وكله أن يصالح على شيء من الكيل فصالح على غيره (¬4) لم يجز (¬5). وكذلك الوزن. وكذلك الحيوان والعروض كلها، إن كان وكله أن يصالح على شيء من ذلك بعينه فصالح على غيره لم يجز. وإن وكَل رجلين فصالح أحدهما لم يجز. وكذلك لو كان المطلوب وكَّل رجلين أن يصالحا (¬6) على عبد له فصالح أحدهما عليه (¬7) لم يجز. وكذلك لو كانت المرأة هي المطلوبة وجب عليها موضحة عمد فصارت لرجل فوكلت من يصالح عنها فزوجها بتلك الجناية لم يجز النكاح، وكان عفوا، وكان عليها الأرش. وكذلك لو أعطته عبداً يصالح عليه فاستحقه رجل فعلى الوكيل المصالح القيمة إن كان ضمن العبد حتى يسلمه، ويرجع به عليها. وإن لم يستحق وكان به عيب فاحش فله أن يرده، ويؤخذ الكفيل بقيمته صحيحاً، ويرجع الوكيل بذلك على المرأة. وإذا وكَل رجل رجلاً بالصلج في شجة عمد تدّعى قِبَلَه فصالح على وصيف بغير عينه أو على عشرة من الغنم أو على خمس من الإبل فهو جائز، على الوكيل من ذلك وسط، ويرجع به على الموكل. فإن كان الوكيل الطالب صالح على ذلك كان جائزاً. فإن أخذ الوكيل بذلك رهناً وقد أمره ¬

_ (¬1) م ز ع: أكثر. (¬2) ع: منها. (¬3) ز: كان. (¬4) ع + على غيره. (¬5) م ز: لم يجزه. (¬6) ز: أن يصالحانه (¬7) ز - عليه.

بالقبض وأخذ الرهن فهو جائز. وإن صالح وكيل الطالب على دراهم ثم وهبها فهو باطل؛ لأن المال للطالب. ولو لم يهبها فأراد المشجوج أن يتقاضى الدراهم كان له ذلك؛ لأن الدراهم وجبت للموكل. ولو أخرَّ الوكيل المال لم يجز تأخيره ولا هبته لو (¬1) وهب منه شيئاً. وكذلك لو صالح على طعام كيل بغير عينه وزيت وزناً بغير عينه (¬2). وإذا شج رجل رجلاً مُوضِحَة عمداً فوكَّل المطلوب وكيلاً بالصلح فصالح الوكيل المشجوج على عبد للشاج (¬3) وضمن الوكيل العبد فالصلح جائز. فإن رضي الشاج أن يسلم العبد جاز ذلك. ولو لم يرض كان على الوكيل قيمته ويرجع بها على الشاج. ولو صالحه على خدمة العبد عشر سنين (¬4) جاز ذلك. فإن رضي المولى بذلك وإلا كان (¬5) عليه قيمة الخدمة. ولو صالحه على خمر أو خنزير أو حر فهو عفو، ولا شيء على الشاج ولا على الوكيل. ولو أن الوكيل قال: أصالحك على هذا العبد أو على هذا الخل، فإذا الخل خمر وإذا (¬6) العبد حر، فإن على الوكيل أرش الشجة إن كان ضمن، ويرجع بها على الموكل. ولو صالحه على عبدين فإذا أحدهما حر فإن الصلح جائز على الباقي منهما، وليس للمصالح شيء في قياس قول أبي حنيفة من قيمة الخمر (¬7). وفي قول محمد وقول أبي يوسف الأول ينظر إلى العبد وإلى أرش الشجة. فإن كان فيه وفاء بها فليمس له شيء. وإن كان فيه نقصان أتممت ذلك له. وإذا صالحه على عبد فإذا هو مدبر أو أمة فإذا هي أم ولد أو عبد فإذا هو مكاتب وضمن الوكيل تسليمه فالصلح جائز، وعلى الوكيل قيمة (¬8) ذلك في ماله، ويرجع به على الموكل في ماله. وإذا شج رجلان رجلاً موضحة عمداً فوكَّل أحدهما وكيلاً أن يصالح ¬

_ (¬1) م ز ع: ولو. (¬2) م ز ع: بغير. (¬3) ع: للشج. (¬4) ع: عشرين سنة. (¬5) ز: يكان. (¬6) ز: أو إذا. (¬7) ع: الحر. (¬8) م ز: قيمته.

عنه فهو جائز، وعلى الآخر نصف الأرش. فإن كانا وكلاَّ وكيلاً يصالح عنهما فصالح عن أحدهما على مائة درهم وشاة (¬1) بعينها (¬2) فالصلح جائز على ما سمينا، ويكون على الباقي نصف الأرش. وإذا صالح من أحدهما ولم يبين أيهما هو فهو جائز، والقول قول الوكيل. فإن صالح عنهما جميعاً (¬3) فهو جائز. وإن وكَّل أحدهما صاحبه أن يصالح عنه وعن نفسه فهو جائز. وإذا شج رجل رجلين كل واحد منهما شجة فوكَّل وكيلاً يصالحه (¬4) على ذلك فصالحه عنهما جميعاً فهو جائز، والمال بينهما على قدر أرش كل شجة. وإن صالح عن أحدهما دون الآخر فهو جائز، والآخر على حقه. وإن لم يكن سمى عند الصلح أيهما هو ثم قال الوكيل: هو فلان، فالقول قوله والآخر على حاله. وإذا اشترك عبد وحر في شجة موضحة شجّاها (¬5) رجلاً (¬6) فوكَّل الحر ومولى العبد وكيلاً فصالحه (¬7) عنهما على خمسمائة، فإن على مولى العبد نصف الأرش، وعلى الحر نصفه. وإن كان قيمة العبد خمسين درهماً أو أقل فهو جائز. ولو اشتركا في دم خطأ فوكَل المولى والآخر وكيلاً فصالح عنهما (¬8) بعشرة الاف (¬9) درهم وضمن كان المال على الوكيل، ويلزم المولى نصفه للوكيل، ويلزم الآخر نصفه. ولو أن رجلاً قتل (¬10) عبداً أو حراً عمداً أو خطأً فوكَّل مولى العبد وأولياء الحر وكيلاً فصالح القاتل على عشرة آلاف درهم كانت بينهم، يضرب فيها أولياء العبد بقيمته وأولياء الحر (¬11) بديته. وكذلك لو صالح على ¬

_ (¬1) ز: وشماه. (¬2) م ز ع: بعينه. (¬3) ع - جميعاً. (¬4) ع: يصالح. (¬5) ع: شجها. (¬6) م ز ع: رجل. (¬7) ز: فصالح. (¬8) م ز: عنها. (¬9) م: ألف. (¬10) ز: قبل. (¬11) ز - الحر.

أكثر من ذلك على أحد عشر ألفاً وقيمة العبد خمسمائة. وإن كان القتل عمداً فهي كلها بينهم على ذلك، غير أن ورثة الحر يكون لهم في الخطأ عشرة آلاف. ولو كان العبد قتل عمداً والحر خطأً فصالح على أحد عشر ألفاً كان لأولياء (¬1) الخطأ عشرة آلاف لا يزادون على ذلك، وما بقي لمولى العبد. ولو كان الحر قتل عمداً والعبد خطأً كان جائزاً مثل الباب الأول. ولو أن نصرانياً شجه نصراني موضحة فوكَّل المطلوب وكيلاً مسلماً فصالح عنه على خمر وضمن فإنه لا يجوز، والنصراني (¬2) على حقه. ولو كان الطالب وكَّل مسلماً فصالح عنه على خمر جاز ذلك. ولو كان الوكيل ذمياً والطالب والمطلوب مسلمين وقد وكَّل كل واحد منهما ذمياً فصالح على خمر لم يجز ذلك. ولو أن عبداً قُتل خطأً فوكَّل مولاه وكيلاً بالصلح فصالح على عشرة آلاف جاز ذلك، ويرد المولى من ذلك عشرة دراهم. ولو كانت شجة فصالح منها على ألف درهم جاز ذلك. ولو كان فقأ عينه فصالحه على ستة آلاف درهم جاز. ولو صالحه (¬3) على عشرة آلاف (¬4) نقصت (¬5) منها أحد عشر درهماً. وهذا كله في قول أبي يوسف. وأما في قول محمد فإن صالح من الشجة وهي موضحة وهي خطأ على ألف درهم جاز من ذلك خمسمائة درهم إلا نصف درهم، وبطل ما بقي. ولو كان الوكيل وكَل المطلوب فضمن (¬6) ذلك جاز ذلك عليه. ولا يجوز على المطلوب من ذلك إلا مثل ما يتغابن الناس في مثله. فإذا جاز ذلك لزم الوكيل، ولا يلزم المطلوب منه شيء؛ لأنه خالف. وإذا وكَّل رجل رجلاً بشجة مُوضِحَة شجها إياه رجل فصالح عليها فإن ذلك لا يجوز، مِن قِبَل أنه لم يوكله بالصلح. وكذلك لو عفا ¬

_ (¬1) ع: الأولياء. (¬2) م ز: وللنصراني. (¬3) ع: صالح. (¬4) م: ألف. (¬5) ز: نقضت. (¬6) م ز ع: فيضمن.

عنها (¬1) فإنه لا يجوز. ولا يجوز أن يخاصم فيها؛ لأنه لم يوكله بشيء من ذلك. ولو أخذ أرشها تاماً أجزت ذلك. أستحسن ذلك وأدع القياس. وفي القياس ينبغي أن لا يجوز. وهذا إذا كان خطأ. فأما إذا كانت عمداً فليس له أن يأخذ أرشها؛ لأن رجلاً لو وكَّل رجلاً بدينه (¬2) استحسنت (¬3) أن يتقاضاه، وينبغي في القياس أن لا يتقاضاه. ولو أن رجلاً وكَّل رجلاً بكل شيء لم يكن له أن يتقاضى ديناً ولا يصالح على شجة ولا على دم عبد له خطأً كان أو عمداً، ولم يكن له أن يخاصم في شيء من حقوقه ولا مما يدعى قبله. إنما هذا وكيل في الحفظ. ولو أن رجلاً شج رجلاً موضحة خطأً فقال المشجوج: ما صنع في شجتي من شيء فهو في حل، فصالح عليه أجزت ذلك واستحسنته (¬4). وفي القياس إنه لا يجوز. وإن أبرأه منها فإن ذلك لا يجوز، ولو قال: ما صنعت فيها من شيء فهو جائز، أجزت البراءة والصلح وغيره. ولو قال: قد جعلته وكيلاً في الصلح وأمرته (¬5) بالقبض فصالح عنه، وإن له أن يقبض المال عنه؛ لأنه قد وكله بقبضه (¬6) حيث وكله بالصلح. وكذلك لو جعله وصياً في الصلح في حياته أو جَرِيًّا (¬7) في الصلح (¬8) أو أمره بالصلح أو جعله رسولاً في الصلح فهذا باب واحد كله. وإذا وكَّل الشاج وكيلاً فيما يدعى قبله فليس لهذا الوكيل أن يصالح ولا يخاصم ولا يصنع شيئاً؛ لأن المطلوب لم يسم ذلك ولم يبين الوكالة. وإذ! وكَّل العبد التاجر وكيلاً بالصلح في شجة شجها إياه رجل فإنه لا يجوز. ولو كانت بغلام له جاز ذلك، لأنه لا يملك نفسه، وقد يجوز بيعه في عبده. ولو كان العبد هو الشاج فوكَّل وكيلاً بالصلح عنه لم يجز ¬

_ (¬1) ع: عنه. (¬2) ع: بديته. (¬3) م ز + استحسنت. (¬4) ع: واستحسنت. (¬5) م ز: وامراته. (¬6) ع: ببقبضه. (¬7) ع: أو حربا. (¬8) ع + في الصلح.

أيضاً. ولو كان عبده هو الشاج (¬1) جاز ذلك. وكذلك المدبر التاجر وأم الولد التاجرة (¬2). وأما المكاتب فإنه إن ادُّعي قِبَلَه شجة أو قُتل (¬3) عبد له فوكَّل وكيلاً بالصلح فيها فهو جائز في ذلك كله إن أعتق. وأما إذا عجز فالصلح جائز في عبده. ولا يجوز في نفسه إن لم تقم (¬4) بينة على الجناية ولم يؤد (¬5). فإن قامت البينة على الجناية (¬6) فهو جائز أيضاً. وإذا عجز فرد في الرق قبل أن يصالح لم يجز صلح وكيله في نفسه ولا (¬7) في عبده. وإن كان وكيله لم يعلم بعجزه فإنه لا يجوز أيضاً على المكاتب، ولكنه يجوز على الوكيل إن ضمنه، ويرجع به على المكاتب إن عتق يوماً. وكذلك العبد التاجر لو وكَّل وكيلاً بالصلح في شجة ادُّعيت على عبد له فحجر عليه المولى قبل أن يصالح الوكيل فهو مثل ذلك. وإن وكَّل هذا العبد المحجور عليه وهذا المكاتب التاجر وكيلاً بالصلح بعد العجز والحجر فإن ذلك لا يجوز على واحد منهما، ويجوز على الوكيل إن صالح وضمن، ويرجع به على كل واحد منهما إذا أعتق. وإذا وكل الرجل وكيلاً بالصلح في شجة ادُّعيت قِبَلَه ثم مات المدَّعَى قِبَلَه فقد خرج الوكيل من الوكالة. فإن صالح بعد ذلك وضمن لزم الوكيل، ولا يرجع في مال الميت بشيء. وإن كان الميت هو الطالب فصلح الوكيل باطل؛ لأنه قد خرج من الوكالة حيث مات الذي وكله. وإن كان المطلوب حياً والطالب ميت فصالح وكيل المطلوب ورثة الميت أو بعضهم فهو جائز عليه وعلى الموكل. وإذا أخرج الموكل الوكيل من الوكالة بمحضر منه فهو جائز. وإن صالح الوكيل بعد ذلك وضمن لزمه الصلح ولا يلزم الموكل. وإن أخرجه ¬

_ (¬1) ع - فوكل وكيلاً بالصلح عنه لم يجز أيضاً ولو كان عبده هو الشاج. (¬2) م ز ع: التاجر. (¬3) ز: أو قبل. (¬4) ز ع: لم يقم. (¬5) ز: على الخيانة ولم يؤدي. (¬6) ز: على الخياية؛ م ع؛ ولم يؤدى وإن قامت البينة على الجناية؛ ز + ولم يؤدى وإن قامت البينة على الخيانة. (¬7) ع + ولا.

بغير محضر منه ولم يعلم الوكيل حتى صالح على ذلك وضمن فإنه يلزم الوكيل والموكل، ويرجع به الوكيل على الموكل، لأنه وكيل (¬1) على حاله حتى يعلم بالإخراج. فإن أخبره بذلك برسالة منه رجل عبد أو حر كافر أو مسلم أو صبي أو جاءه بكتاب فصالح بعد ذلك لزم الوكيل الصلح ولا يرجع به على الموكل. وإذا وكَّل رجل رجلين بالصلح في شجة ثم أخرج أحدهما من الوكالة فليس للباقي أن يصالح (¬2) حتى يجعل معه (¬3) وكيلاً آخر. [فإن صالح وحده] لم يجز، ولا (¬4) يلزم (¬5) الموكل عليه. وإن وكَّل كل واحد منهما على حدة ثم عزل أحدهما فإن للآخر أن يصالح. وإذا وكَّل رجل رجلاً بالصلح في موضحة شجها إياه رجل فصالح على تلك الموضحة التي شجها إياه فلان ولم يقل هي في موضع كذا كذا فهو جائز. وكذلك لو كانت في يد أو عين أو سن فصالح عليها ولم يبين فهو جائز. والصلح عندنا على ذلك جائز (¬6). فإن قال: أصالحك على اليد اليسرى، والمقطوعة هي اليمنى فالصلح باطل لا يجوز. وكذلك العينان والرجلان والإصبعان (¬7) وكَّل شيء في الإنسان منه اثنان (¬8). ولو شج رجل عبداً (¬9) فوكَّل مولى العبد رجلاً يصالح على شجته فقال: أصالحك على شجة عبد فلان، ولم يسمه فهو جائز. فإن سماه بغير اسمه فالصلح باطل. وكذلك إن قال: عبد فلان الأبيض، وهو أسود فالصلح باطل. فإن سماه باسمه وأشار إليه بعينه ونسبه إلى غير جنسه فالصلح جائز. ... ¬

_ (¬1) ع - على الموكل لأنه وكيل. (¬2) ع: أن يصالحوا. (¬3) ع: منهم. (¬4) ع - ولا. (¬5) ع: ويلزم. (¬6) ع - والصلح عندنا على ذلك جائز. (¬7) م ز ع: العينين والرجلين والإصبعين. (¬8) م ز ع: اثنين. (¬9) م ز ع: عمدا. والتصحيح مستفاد من ب.

باب وكالة الوكيل

باب وكالة الوكيل وإذا وكِّل الرجل وكيلاً في خصومة أو تقاضي دين أو بيع أو شراء أو طلاق أو نكاح أو غير ذلك فليس له أن يوكل بشيء من ذلك غيره. ولا يجوز ذلك لو فعل، غير (¬1) خصلة واحدة لو فعلها أستحسنها: أن يأمر الوكيل غيره فيشتري له ذلك المبيع (¬2) والشراء بمحضر من الوكيل الأول، فإني أستحسن أن أجيز هذا. وإذا وكَل الرجل الرجل بشيء مما ذكرنا وأجاز ما صنع في ذلك من شيء فله أن يوكل غيره بذلك، مِن قِبَل أن الآمر قد أجاز ما صنع. وإذا وكَّل الرجل وكيلين وأجاز ما صنعا من شيء فليس لأحدهما أن يوكل أحداً لا يجوز أمره دون شريكه في الوكالة. وإن وكلا جميعاً فهو جائز. وإذا وكَّل الرجل رجلاً بشيء مما ذكرنا وأجاز ما صنع الوكيل في ذلك من شيء وأن يعمل في ذلك برأيه فوكَّل وكيلاً في عمل ووكل آخر في عمل آخر فهو جائز عليه. وإذا وكَّل الرجل الصبي الذي لا يعقل والمجنون المغلوب الذي لا يعقل ولا يتكلم فذلك (¬3) باطل لا يجوز. وإن وكَّل صبياً يعقل ويتكلم أو مجنوناً يتكلم ويعقل فهو مثل وكالة الرجل الصحيح، ويجوز عليه من ذلك ما يجوز عليه. فإن أجاز ما صنع من شيء فله أن يوكل غيره. وكذلك لو كان وكَّل ذمياً أو حربياً (¬4) مستأمناً في دار الإسلام أو أعمى أو امرأة. وكذلك المرأة توكل (¬5). وكذلك المكاتب يوكل العبد التاجر والذمي والحربي المستأمن فذلك كله جائز. ولا تجوز (¬6) وكالة (¬7) الصبي ولا المجنون المغلوب إلا أن يجيز ذلك أبوهما. فإذا أجاز (¬8) ذلك أبوهما فهو جائز. ¬

_ (¬1) ع: غيره. (¬2) ع: البيع. (¬3) ع: في ذلك. (¬4) ع - أو حربيا. (¬5) ز: يوكل. (¬6) ز ع: يجوز. (¬7) ع + وكالة. (¬8) م ز: فإذا جاز.

[فإن] كان الأب هو الذي وكَّل فيجوز (¬1) ذلك في الخصومة والبيع والشراء والنكاح والمكاتبة والخصومة، ولا يجوز في الطلاق ولا في العتاق. وللوكيل أن يوكل بذلك غيره إذا كان الأب قد أجاز ما صنع، وكذلك وصي اليتامى له أن يوكل بكل شيء من أمرهم (¬2) ما خلا الطلاق والعتاق والنكاح إلا أن يكون هو الولي فيجوز في النكاح. ولا يجوز في يالطلاق والعتاق. وللوكيل أن يوكل غيره بذلك (¬3) إذا كان الوصي قد أوصى (¬4) إليه بذلك. وإذا كانا وصيين فليس لأحدهما أن يوكل بالبيع والشراء دون الآخر. وإن وكلا جميعاً فهو جائز. وإذا (¬5) وكَّل الرجل الرجل بخصومة أو ببيع أو بشراء (¬6) أو نكاح فجن الذي وكَل وذهب عقله وأطبق عليه فقد خرج الوكيل من الوكالة من ذلك كله. وكذلك الخصومة. وكذلك لو وكله بطلاق أو نكاح. فإن كان جعل أمر امرأته بيده لم ينتقض ذلك. إنما ينتقض من ذلك كل شيء كان له أن يخرجه (¬7). فأما ما لم يكن له أن يخرجه منه فليس ينتقض. وإذا وكَّل الرجل الرجل بشيء مما ذكرنا وأجاز ما صنع منه من شيء فوكل بشيء من ذلك غيره ثم مات الوكيل الأول أو ارتد عن الإسلام فلحق بأرض الحرب أو ذهب عقله فالوكيل الثاني على وكالته، يلزم الآمر ما صنع من ذلك كله. وليس موت الوكيل الأول كموت الآمر. ولو مات الآمر أو لحق (¬8) بأرض الحرب مرتداً فقضي بردته أو ذهب عقله ذهاباً مطبقاً انتقض ذلك كله. ... ¬

_ (¬1) ع: فيجو. (¬2) ع: أمر خمر. (¬3) ز: بذلك غيرهـ (¬4) ع: قد أوصاه. (¬5) ع: وإن. (¬6) م ز ع: أن يبيع أو يشتري. (¬7) ع + منه. (¬8) ع: ولحق.

باب ارتداد الوكيل عن الإسلام

باب ارتداد الوكيل عن الإسلام وإذا لحق الوكيل بدار الحرب مرتداً فقد انقطعت الوكالة ما دام في دار الحرب. وكذلك لو لحق الذي وكله بها مرتداً فقضى القاضي بارتداده. وكذلك الخارج من أهل الحرب بأمان ثم رجع إلى داره وهو وكيل انقطع ذلك كله. ولا يجوز على الذي وكله شيء (¬1)؛ لأن الأحكام لا تجري (¬2) على أهل الحرب. وإذا دخل الرجل دار الحرب بتجارة لم تنقطع (¬3) وكالته وذلك بمنزلة غيبته. وإذا ارتد الوكيل عن الإسلام فباع في ردته أو اشترى أو زوج أو خلع أو تقاضى أو قضى وقد وكله صاحبه بذلك ثم أسلم الوكيل فذلك كله جائز على الذي وكله. وكذلك لو كانت خصومة منه فقضي عليه أو له. وإذا وكَّل المسلم الذمي بشراء خمر أو خنزير فاشترى ذلك من ذمي فهو جائز على الموكل؛ لأن المشتري كافر وهو ولي الصفقة في قول أبي حنيفة. ولا يجوز في قول أبي يوسف ومحمد على الموكل، ويجوز على الوكيل. وإذا كان الوكيل مسلماً والموكل كافراً فإن ذلك لا يجوز، مِن قِبَل أن المشتري (¬4) مسلم. وكذلك مسلم وكل كافراً فباع خمراً له من كافر فهو جائز. ولو كان البائع مسلماً والامر كافراً (¬5) لم يجز. ووكالة (¬6) أهل الذمة لأهل الذمة أو للمسلمين أو المسلمين لأهل الذمة جائزة في كل خصومة وفي كل شراء وبيع وفي كل عتاق وطلاق. وكذلك حربي دخل بأمان فوكَّل مسلمأ أو ذمياً أو مستأمناً مثله أو وكله مسلم أو ذمي أو مستأمن مثله؛ غير أنه إذا كان خصمان يختصمان أحدهما وكيل ¬

_ (¬1) ع: بشيء. (¬2) ز: لا يجري. (¬3) م ع: ولم تنقطع؛ ز: ولم ينقطع. (¬4) ع - المشتري. (¬5) ز: كافر. (¬6) ع: وكالة.

والذي وكله مسلم والوكيل كافر لم تجز (¬1) شهادة أهل الذمة في الخصومة على المسلم الذي وكله. ولو كان وكلَّ ببيع أو شراء فشهدوا على الوكيل بذلك جاز. وإن كان الوكيل مسلماً والذي وكله كافراً (¬2) جازت شهادة أهل الكفر على الذي وكله في الخصومة، ولا يجوز على الوكيل في بيع ولا شراء. وكذلك مكاتب مسلم ومولاه كافر لا تجوز (¬3) شهادة أهل الذمة عليه في بيع ولا شراء ولا خصومة. وإذا كان المكاتب كافراً ومولاه مسلماً (¬4) جازت شهادة أهل الذمة عليه في كل خصومة وبيع وشراء. وكذلك العبد التاجر بمنزلة المكاتب (¬5). ¬

_ (¬1) ز ع: لم يجز. (¬2) ز: كافر. (¬3) ز ع: لا يجوز. (¬4) ز: مسلم. (¬5) م + آخر كتاب الوكالة والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله وسلم كتبه أبو بكر بن أحمد بن محمد الطلحي الأصفهاني في منتصف جمادى الأولى سنة تسع وثلاثين وستمائة؛ ع؛ آخر كتاب الوكالة والحمد لله رب العالمين وصلواته وسلامه على سيدنا محمد النبي وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

كتاب الشهادات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب الشهادات (¬2) باب الشهادة في الحدود (¬3) أبو سليمان عن محمد بن الحسن عن أبي يوسف عن شيخ من همدان عن عامر الشعبي عن شريح أنه قال: لا تجوز (¬4) شهادة النساء في الحدود (¬5). ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) ع + في الحدود. (¬3) ع - الشهادة في الحدود. (¬4) ز: لا يجوز. (¬5) لم أجده عند غيره عن شريح. لكن روي من حديث الزهريّ: مضت السنة من لدن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والخليفتين من بعده أن لا شهادة للنساء في الحدود والقصاص. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 533. وأخرج عبدالرزاق أن علي بن أبي طالب قال: لا تجوز شهادة النساء في الحدود والدماء. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 329. وروي عن الشعبي والنخعي والحسن والضحاك قالوا: لا تجوز شهادة النساء في الحدود. وأخرج عبدالرزاق أن علي بن أبي طالب قال: لا تجوز شهادة النساء في الحدود والدماهـ انظر: المصنف لعبد الرزاق، 7/ 332 - 333، 8/ 329 - 330؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 533.

ولا يجوز أقل من شاهدين في الحقوق فيما بين الناس ولا في الجراحات ولا في غير ذلك لقول الله سبحانه في كتابه: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} (¬1)، ولقوله عز ذكره: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (¬2). وقال -عَزَّ وَجَلَّ- في مكان آخر: {شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} (¬3). فلو كانت تجوز (¬4) شهادة رجل واحد لم يكن لخزيمة بن ثابت الأنصاري فضل في شهادته. محمد عن أبي يوسف عن أبي فروة عن عبدالرحمن بن أبي ليلى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل شهادة خزيمة بن ثابت شهادة رجلين. (¬5). وشهادة رجل وامرأتين جائز (¬6) في الطلاق والعتاق والنكاح والغصب والجراحات الخطأ وكل شيء من أمر الناس ما (¬7) خلا القصاص والحدود. فإنه لا يجوز في حد ولا قصاص شهادة امرأة، ولا شهادة على شهادة أحد. محمد قال: حدثنا بذلك أبو يوسف عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم (¬8). محمد قال (¬9): حدثنا أبو يوسف عن الحجاج بن أرطاة عن الزهريّ قال: مضت السنة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والخليفتين من بعده أن لا تجوز (¬10) شهادة النساء في الحدود (¬11). ¬

_ (¬1) سورة البقرة، 2/ 282. (¬2) سورة الطلاق، 65/ 2. (¬3) سورة المائدة، 5/ 106. (¬4) ز: يجوز. (¬5) سنن أبي داود، الأقضية، 20؛ وسنن النسائي، البيوع، 81 ـ (¬6) ع: جائزة. (¬7) ز + ما. (¬8) روي عن إبراهيم وشريح ومسروق وعطاء وطاوس والشعبي أنه لا تجوز شهادة على شهادة في الحدود. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 553. (¬9) ع + قال؛ ز + حدثنا بذلك أبو يوسف عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم. (¬10) ز ع: لا يجوز. (¬11) تقدم قريباً.

باب الاستحلاف في الشهادة

ولا يجوز في الزنى أقل من أربعة شهداء. ألا ترى (¬1) إلى قول الله تعالى في كتابه: {وْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} (¬2)، ولا يسأل أربعة من الشهداء في شيء من الحدود ولا في القصاص ما خلا الزنى. ويقبل شاهدان على السرقة والقذف والسكر وشرب الخمر والقصاص في القتلى وما دونه. يجوز شهادة شاهدين فما زاد. وليس يجوز في ذلك شهادة رجل لم يعاين (¬3) ذلك ولم يسمعه. ... باب الاستحلاف في الشهادة قال أبو يوسف ومحمد: يستحلف في كل شيء من نكاح أو ادعاء نسب أو عتاق أو غير ذلك إلا الحدود خاصة، فإني لا أستحلف فيها، إلا في السرقة، فإني أستحلفه وأضمنه. ولا يستحلف في الزنى ولا في السرقة ولا في القذف ولا في شرب الخمر ولا في السكر إلا أن يطلب المسروق منه ضمان السرقة فيستحلف لذلك. فإن حلف وإلا (¬4) ضمن السرقة، ولا يقطع. وقال أبو حنيفة: لا يستحلف في النكاح ولا في ادعاء نسب. ولا يستحلف الرجل امرأته: بالله ما راجعتك ولا فئت إليك بالإيلاء. ولا تستحلف (¬5) المرأة زوجها: ما راجعتني ولا ما تزوجتني (¬6). والحلف واجب في القصاص في القتل فما دونه. فإن أبى أن يحلف فيما دون النفس ¬

_ (¬1) ز: يري. (¬2) سورة النور، 24/ 13. (¬3) م ع: لم يتعاين؛ ز: لم يتغابن. (¬4) م - وإلا، صح هـ.، ز + فلا؛ ع - وإلا. (¬5) ز ع: يستحلف. (¬6) ع: ما راجعتني؛ ز: ما يزوجتني.

اقتص (¬1) منه. وإن حلف برئ. وإن أبى أن يحلف في النفس حبس حتى يحلف. ولا يقتل (¬2) إذا أبى اليمين. وقال أبو يوسف (¬3): يستحلف في القصاص كله في النفس وما دونها. فإن أبى أن يحلف قضينا عليه بالأرش. وهو قول أبي حنيفة الأول. ولا يقتل (¬4) إذا أبى اليمين. ولا يستحلف الرجل مع شهادة شاهدين. محمد عن أبي يوسف قال: حدثنا الحجاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه (¬5) قال: "البينة على المدعي واليمين على من أنكر" (¬6). ولا يجعل اليمين على المدعي إذا لم (¬7) يجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك ولا عمر بن الخطاب. ولا يرد اليمين ولا يحولها (¬8) عن موضعها. وإذا كانت اليمين على رجل فإن القاضي يحلفه بالله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الذي يعلم من السر ما يعلم من ¬

_ (¬1) ز: اقبض. (¬2) م ز ع: يقبل. والتصحيح من ب؛ وهامش الكافي، 1/ 218 ظ. (¬3) ومحمد أيضاً كما يأتي آخر الباب. انظر: 8/ 199 ظ. (¬4) م ز ع: يقبل؛ ع؛ إذا أبى حنيفة الأول ولا يقبل. والتصحيح من ب؛ وهامش الكافي، 1/ 218 ظ. (¬5) ز - أنه. (¬6) سنن الدارقطني، 3/ 111، 4/ 157. وروي من حديث أبي هريرة. انظر: سنن الدارقطني، 3/ 110. ومن حديث ابن عباس. انظر: السنن الكبرى للبيهقي، 252/ 10. وأصله في الصحيحين بلفظ: "اليمين على المدعى عليه"، ولم يذكر البينة على المدعي. انظر: صحيح البخاري، الشهادات، 20؛ وصحيح مسلم، الأقضية، 1 - 2. وانظر للتفصيل: نصب الراية للزيلعي، 4/ 95 - 96؛ والدراية لابن حجر، 2/ 175. (¬7) لعلها: إذ لم. (¬8) ع: يحق لها.

العلانية. فذلك حسن. وإن اكتفى بالأولى (¬1) أجزأه (¬2). ولا يستقبل القاضي بالذي يحلف القبلة ولا يدخله المسجد. حيث ما حلّفه فهو مستقيم. وإن نكل عن اليمين في عتق أو طلاق أو حق من حقوق الناس أو غيره فإن القاضيي يقضي عليه بذلك، ويلزمه ما أبى أن يحلف عليه. وإذا استحلف الرجل الرجل على حق فحلف فأبرأه (¬3) القاضي ثم أقام عليه الطالب شاهدين بالحق فإنه يؤخذ بذلك. محمد عن أبي يوسف عن الأشعث بن سوار عن محمد بن سيرين (¬4) عن شريح أنه قال: اليمين الفاجرة أحق أن ترد من البينة العادلة (¬5). محمد قال: حدثنا أبو يوسف قال: حدثنا عطاء بن عجلان عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري عن عمر مثله (¬6). وليس يستحلف الشاهد. ولا ينبغي للقاضي أن يحلّف المدعى عليه بالطلاق والعتاق والحج وأشباه ذلك. إنما الأيمان بالله (¬7). وكذلك يحلف أهل الذمة. ويحلف النصراني بالله الذي أنزل الإنجيل على عيسى، ويحلف اليهودي بالنّه الذي أنزل التوراة على موسى، وغيرهم من أهل الشرك يحلفهم بالله. ويحلف المرأة والعبد والمدبر والمكاتب والحر سواء. ¬

_ (¬1) ع: بالأول. أي: باللفظة الأولى، وهي لفظة الجلالة. (¬2) ع: جزاه. (¬3) م ز ع: أبرأه والتصحيح من الكافي، 1/ 218 ظ. (¬4) ز: بن شيرين. (¬5) ذكره البخاري تعليقاً. انظر: صحيح البخاري، الشهادات، 27. ووصله في مسند ابن الجعد، 317؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 10/ 182. وانظر: تغليق التعليق لابن حجر، 3/ 393. (¬6) ذكره الإمام الشافعي بلاغا. انظر: الأم، 129/ 7. (¬7) ع - بالله.

باب شهادة ذوي الأرحام

وإذا أرادت المرأة أن يُستحلف زوجها على الدخول لتأخذه (¬1) بالمهر أو قالت: تزوجني وطلقني (¬2) قبل الدخول ولي نصف المهر، أستحلفه بالله على ذلكء فإن نكل (¬3) عن اليمين لزمه المال، ولا يقع النكاح. وإن حلف برئ من ذلك. وقال أبو يوسف ومحمد: أنا أستحلف في كل شيء من النكاح أو ادعاء نسب أو غير ذلك إلا الحدود خاصة. فإني لا أستحلف فيها إلا في السرقة. فإني أستحلفه وأضمنه ولا أقطعه. [وأستحلفه] (¬4) في القصاص. فإن أبى أن يحلف ضمنته الأرش في النفس وما دونها. وقال محمد: أستحلف المجوسي بالله الذي خلق النار، ولا أستحلفه في بيت النار، إنما أستحلفه (¬5) عند القاضي. ... باب شهادة ذوي الأرحام محمد عن أبي حنيفة عن الهيثم عن عامر عن شريح أنه قال: لا تجوز (¬6) شهادة الوالد لولده، ولا الولد لوالده، ولا المرأة لزوجها، ولا الزوج لامرأته، ولا العبد لسيده (¬7). محمد عن أبي يوسف عن مطرف بن طريف عن عامر عن شريح مثله. محمد (¬8) عن أبي يوسف عن عطاء بن السائب عن أبي عون أنه قال: ¬

_ (¬1) ز: التاحدة. (¬2) ع: أو تزوجني أو طلقني. (¬3) ع - فإن نكل. (¬4) الزيادة مستفادة من كلام المؤلف أول الباب. انظر: 8/ 199 و. (¬5) ع: أستحلف. (¬6) ز ع: لا يجوز. (¬7) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 324، 344؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 531. (¬8) ع - محمد.

خاصمت (¬1) إلى شريح، فشهد في أخي من أبي وأمي. فقال خصمي: إنه أخوه. فقال شريح لأخي: هل لك فيما شهدت به من حق؟ قال: لا. فأقبل على خصمي فقال: ثكلتك أمك، وما في (¬2) لا أقبل شهادته (¬3). ولا تجوز (¬4) شهادة الولد لأبيه ولا لأمه ولا لجده ولا لجدته. ولا تجوز (¬5) شهادة الجد والجدة والأب والأم لأحد من ولدهم ولا ولد ولدهم من قبل الرجال والنساء. ألا ترى إلى قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لرجل (¬6): "أنت ومالك لأبيك" (¬7). فكيف تجوز (¬8) شهادة الأب لابنه مع هذا الحديث. وشهادة الأخ جائزة (¬9) على أخيه. وشهادة الرجل جائزة على أخته. وشهادة العم والخال وكل ذي رحم محرم بعد من سمينا فهو جائز. وشهادة الرجل (¬10) لأبيه من الرضاعة ولأمه من الرضاعة ولأخيه من الرضاعة جائزة. وكذلك شهادة المرأة لولدها الذي أرضعت (¬11). وقال أبو يوسف ومحمد: شهادة الرجل لأم امرأته أو لأبيها أو لولدها جائزة. وشهادة الرجل لزوج ابنته أو لابنه أو لابن زوجها أو لأخيه أو لأخته أو لامرأة أخيه جائزة من رضاع أو نسب. ... ¬

_ (¬1) م ز + أبي. والكلمة مهملة في ب. والصواب حذفها؛ لأنها لا تناسب باقي العبارة. ولعلها تكرار لحرف الجر "إلى" سهوا. (¬2) ز: وما لا. (¬3) روي مختصراً في السنن الكبرى للبيهقي، 10/ 202. (¬4) ز ع: يجوز. (¬5) ز ع: يجوز. (¬6) ع - لرجل. (¬7) سنن ابن ماجة، التجارات، 64. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 3/ 337؛ والدراية لابن حجر، 2/ 102. (¬8) ز ع: يجوز. (¬9) ز: جائز. (¬10) م ز ع + جائزة. (¬11) ع: أرضعته.

باب من لا تجوز شهادته من محدود ولا فاسق

باب من لا تجوز (¬1) شهادته من محدود ولا (¬2) فاسق (¬3) محمد قال: حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: لا تجوز (¬4) شهادة المحدود في القذف وإن تاب، إنما توبته فيما بينه وبين الله تعالى (¬5). محمد قال: حدثنا أبو يوسف عن الأشعث بن سوار عن عامر الشعبي عن شريح مثله (¬6). ولا تجوز (¬7) شهادة الأعمى. محمد عن أبي يوسف عن الحجاج بن أرطاة عن الأسود بن قيس العبدي عن أشياخ من قومه أن رجلاً أعمى شهد على رجل بالزنى عند علي بن أبي طالب، فقالت أخت المشهود عليه: إنه أعمى (¬8). فذكر ذلك لعلي بن أبي طالب، فرد شهادته (¬9). وإن كان قد عمي بعدما شهد على الشهادة لم يجز ذلك أيضاً في قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: تجوز (¬10) شهادته إذا شهد بها أو أشهد عليها قبل أن يعمى. ولا تجوز (¬11) شهادة الأخرس، ولا شهادة الفاسق، ولا شهادة آكل الربا المشهور بذلك المعروف به المقيم (¬12) عليه، ولا شهادة لمدمن (¬13) الخمر، ولا شهادة مدمن المسكر، ولا شهادة المخنث، ولا شهادة من ¬

_ (¬1) ع: لا يجوز. (¬2) ع - ولا. (¬3) ع: وفاسق. (¬4) ز: لا يجوز. (¬5) الآثار لأبي يوسف، 162 - 163. (¬6) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 533. (¬7) ز ع: يجوز. (¬8) ع + أعمى. (¬9) روي أن علياً لم يجز شهادة أعمى في سرقة. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 324. وعن الأسود بن قيس أن أبا بصير شهد عند على وهو أعمى فرد شهادته. انظر: المصنف لابن أبي شيبة (تحقيق محمد عوامة)، رقم 23149. (¬10) ز ع: يجوز. (¬11) ز ع: يجوز. (¬12) ع: والمقيم. (¬13) ع: مدمن.

يلعب ابالحمام يطيرهن، ولا شهادة صاحب الغناء الذي يجازي (¬1) عليه ويجمعهم، ولا شهادة المغنية، ولا شهادة النائحة. فأما المحدود (¬2) في الزنى والسرقة والمحدود في الخمر والمحدود في السكر إن تابوا فإني أقبل شهادتهم. محمد قال: حدثنا أبو حنيفة عن الهيثم عن شريح أنه أجاز شهادة رجل أقطع من بني أسد، فقال: أتجيز شهادتي؟ قال: نعم، وأراك لذلك أهلاً. وكان قد قطع في سرقة (¬3). محمد عن أبي يوسف عن الأشعث عن عامر عن شريح بمثله غير أنه لم يقل: وأراك لذلك أهلاً (¬4). وإذا شهد الشاهد عند القاضي أو شهد على شهادة ولم يشهد عند القاضي أو شهد بها عند القاضي وزكي ثم لم يقض بشهادته (¬5) حتى عمي أو خرس أو ذهب عقله أو ارتد عن الإسلام فإن شهادته لا تجوز (¬6)، ولا يقضي بها القاضي. ولو مات ولم يصبه ذلك جازت شهادته. وقال أبو يوسف: قال أبو حنيفة وابن أبي ليلى: شهادة أهل الأهواء جائزة. ألا ترى أن أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - قد اختلفوا واقتتلوا وقتل بعضهم بعضاً، وشهادة بعضهم على بعض كانت جائزة. فليس بين (¬7) أصحاب الأهواء من الاختلاف بأشد مما (¬8) كان بين أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من القتال. وشهادة أهل الإسلام جائزة على أهل الشرك. وشهادة أهل الشرك فيما بينهم جائزة بعضهم على بعض وإن اختلفت مللهم. ألا ترى إلى عابد الحجر وعابد النار مللهم سواء. ¬

_ (¬1) ع: يخادن. (¬2) ع: لمحود. (¬3) الآثار لمحمد، 111. وفيه الهيثم عن عامر الشعبي عن شريح. (¬4) المصنف لابن أبى شيبة، 4/ 533. (¬5) ز: شهادته. (¬6) ز: لا يجوز. (¬7) م ز ع: من. والتصحيح من ب. (¬8) ع: ما.

باب شهادة العبد والمكاتب وشهادة مواليهم لهم

وكل من نسب إلى هوى (¬1) يعرف منه المَجَانة (¬2) والفسق فإنه لا تجوز (¬3) شهادته، وإنما أرده لمجانته (¬4) التي ظهرت منه. و [لو] لم يكن له هوى لرددت شهادته لمجانته التي ظهرت منه. ... باب شهادة العبد والمكاتب وشهادة مواليهم لهم قال: ولا تجوز (¬5) شهادة العبد ولا المكاتب ولا المدبر ولا أم الولد ولا عبد قد عتق (¬6) بعضه وهو يسعى في بعض قيمته في قول أبي حنيفة. ولا تجوز (¬7) شهادة المولى لأحد من هؤلاء ولا ابن المولى ولا امرأة المولى ولا زوج المرأة لمولاه إذا كانت امرأته مولاة لأحد من هؤلاء. ولا تجوز (¬8) شهادة الزوج لامرأته إذا (¬9) كانت أمة أو حرة، ولا شهادة المرأة لزوجها وإن كان عبداً أو مكاتباً. وإذا سمع المكاتب أو العبد أو الأمة أو المدبرة أو أم الولد شيئاً فشهد عليه عند القاضي فرده القاضي لأنه مملوك ثم شهد عليه بعدما عتق فإن شهادتهم جائزة؛ لأن القاضي إنما ردهم للرق الذي فيهم (¬10). ولو لم يشهد عند القاضي أحد منهم حتى أعتق ثم شهد على ذلك كان أيضاً جائزاً. ¬

_ (¬1) ع: إلى هواء. (¬2) الماجن هو الذي لا يبالي ما صنع وما قيل له، ومصدره المجون والمجانة اسم منه. والفعل من باب طلب. انظر: المغرب، "مجن". (¬3) ز: لا يجوز. (¬4) ع: المجانة. (¬5) ز ع: يجوز. (¬6) ز: قد عبق. (¬7) ز ع: يجوز. (¬8) ز ع: يجوز. وقد سقط مقدار ورقتين ابتداء من هنا من نسخة ز إلى الحديث الآتي قريبا: "شهادة النساء جائزة ... ". (¬9) م ع: لامرأة وإن. (¬10) ع: منهم.

باب الشهادة على الشهادة

ولو شهد المملوك على مولاه أو شهد لمولاه ولم يشهد على ذلك حتى أعتق أجزت ذلك. وكذلك لو شهد المملوك لامرأته على شهادة ثم عتق وطلقها فبانت منه ثم شهد لها بتلك الشهادة أجزت شهادته. وكذلك الحر لو طلق امرأته وهي أمة طلاقاً بائناً أجزت شهادته لها، وأجزت شهادتها له إذا أعتقت. ولو شهد لها وهي امرأته فأبطل القاضي الشهادة ثم جاء يشهد لها بعدما طلقها فبانت منه ونكحت زوجاً غيره أبطلت شهادته؛ لأني قد رددت (¬1) تلك الشهادة، فلا أجيزها أبداً؛ لأنه قد شهد يوم شهد وهو حر مسلم. وكذلك لو شهدت له امرأته فردها (¬2) القاضي ثم طلقها الزوج فبانت عنه ثم شهدت بها له لم أقبلها أبداً؛ لأني قد رددتها وهي حرة مسلمة. وإذا شهد العبد لمولاه فأبطلها القاضي ثم شهد بها بعدما عتق فإن شهادته جائزة؛ لأنه إنما رددتها للرق ولم يكن حراً يوم رددتها. وإذا (¬3) شهد الرجل لعبده أنه تزوج هذه المرأة فأبطل القاضي شهادته ثم عتق ثم شهد له بعد ذلك المولى فإن شهادته لا تجوز مِن قِبَل أنه رده وهو حر مسلم. وليس هذا كالعبد ترد شهادته، فإن عتق جازت شهادته. وكذلك النصراني يشهد (¬4) على المسلم فيردها القاضي ثم يسلم فيشهد بها فهو جائز؛ لأنه رده بالدين. وليس هذا كالذي رده وهو مسلم. ... باب الشهادة على الشهادة قال: ولا تجوز (¬5) شهادة على شهادة (¬6) في حد ولا قصاص. ولا تجوز (¬7) شهادة رجل على شهادة أحد أقل من شهادة (¬8) رجلين ¬

_ (¬1) م ع + في. (¬2) ع: ردها. (¬3) ع: ولو. (¬4) م ع: شهد. (¬5) ع: يجوز. (¬6) ع: على الشهادة. (¬7) ع: يجوز. (¬8) ع - شهادة.

أو رجل (¬1) وامرأتين، مِن قِبَل أن الشهادة حق، فلا يقوم بها إلا رجلان، أو رجل وامرأتان. وكذلك المرأة إذا كانت عندها شهادة فلا يقوم بها عنها إلا رجلان أو رجل وامرأتان. وإن شهد رجلان على شهادة رجلين فهو جائز؛ لأنهما يشهدان على شهادة كل واحد منهما. والشهادة على الشهادة جائزة في حقوق الناس وفي كل شيء من الطلاق والعتاق والنكاح وغير ذلك ما خلا الحدود والقصاص. ولو أن رجلاً شهد على شهادة رجل هو وآخر وشهد أحد هذين الشاهدين في ذلك الحق على شهادة نفسه كان ذلك باطلاً، مِن قِبَل أن هذا رجل واحد قد شهد على أمر واحد في مكانين. وشهادة شاهدين على شهادة شاهدين [في] (¬2) كتب القضاة جائزة. وإن شهدا أن قاضي كذا وكذا ضرب فلاناً حداً في قذف فهو جائز، وليس هذا كالحد. وشهادة شاهدين على شهادة شاهدين في النكاح والإحصان جائزة وفي النسب وفي الحقوق كلها. وإذا شهد شاهدان على شهادة شاهد ثم خرس المشهود على شهادته أو عمي (¬3) أو ارتد عن الإسلام أو ذهب عقله أو صار فاسقاً ثم شهد الشاهدان وهما عدلان وذلك كما وصفنا فإن شهادتهما (¬4) لا تجوز، مِن قِبَل أن الشاهد (¬5) لو شهد نفسه لم تجز (¬6) شهادته. وشهادة الشاهدين على شهادة الشاهدين في قضاء القاضي أو كتابه جائزة. بلغنا عن علي بن أبي طالب أنه قال: لا تجوز (¬7) على شهادة الرجل ¬

_ (¬1) ع - أو رجل. (¬2) زيادة يقتضيها السياق. وقد ذكرها المؤلف فيما يأتي بعد عدة أسطر حيث كرر المسألة. وهي ثابتة في المبسوط، 16/ 138. (¬3) ع: أو أعمى. (¬4) م ع: شهادته. (¬5) ع: أن الشاهدين. (¬6) ع: لم يجز. (¬7) ع: لا يجوز.

باب شهادة أهل الذمة

إلا شهادة (¬1) رجلين. ... باب شهادة أهل الذمة قال أبو يوسف (¬2): لا تجوز شهادة أهل الذمة على المسلمين في قليل أو كثير. وكذلك المستأمن من أهل الحرب لا تجوز شهادته على المسلم ولا على أهل الذمة. وشهادة أهل الذمة (¬3) بعضهم على بعض جائزة وإن اختلفت مللهم؛ لأن الكفر كله ملة واحدة. ومن ترك الصلاة في الجماعات والجُمَع مَجَانة لم تجز شهادته. وإن كان ترك ذلك سهواً وهو لا يتهم في شهادته أجزت ذلك. وشهادة الأمة والعبد في هلال رمضان جائزة. ولا تجوز في الفطر ولا (¬4) الأضحى إلا شهادة حرين مسلمين عدلين أو شهادة رجل وامرأتين. وإنما أجزنا شهادة العبد والأمة في هلال رمضان لأنه ليس من حقوق الناس فيما بينهم. وحقوق الناس فيما بينهم لا تجوز (¬5) فيه شهادة العبيد والإماء. فأما رمضان فإنه من الدين، وشهادة العبد مثل شهادة الحر للأثر الذي جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أجاز على هلال رمضان شهادة الأعرابي (¬6). والفطر والأضحى أُخِذَ (¬7) فيه بالثقة (¬8)، ولا نأخذ فيه (¬9) إلا بما ¬

_ (¬1) م - إلا شهادة، صح هـ؛ ع - إلا شهادة. (¬2) وليس هناك خلف بين أئمة المذهب في المسألة. وسيذكر المؤلف هذه المسائل مرة أخرى قريباً بدون ذكر أي خلافاً انظر: 8/ 202 و. (¬3) ع - وشهادة أهل الذمة (¬4) ع + في. (¬5) ع: لا يجوز. (¬6) رواه المؤلف بإسناده في كتاب الاستحسان. انظر: 1/ 169 و. وانظر: سنن أبي داود، الصوم، 15؛ وسنن الترمذي، الصوم، 7؛ وسنن النسائي، الصيام، 8؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 443. (¬7) وسيذكر المؤلف هذه المسألة مرة أخرى قريباً بلفظ: أخذوا. انظر: 8/ 203 و. (¬8) م: بالتقية (مهملة)؛ ع: بالبقية. (¬9) ع - ولا نأخذ فيه.

نأخذ (¬1) في حقوق الناس. وإذا شهد كافر على مسلم أبطلت شهادته، فإن هو أسلم وشهد بها بعد ذلك أجزتها؛ لأني إنما رددتها أول مرة بالكفر. ولو شهد فاسق على شهادة ثم تاب وأقبل فشهد عليها بعد ذلك لم أجزها؛ لأني إنما رددته بالتهمة، فلا أقبل شهادته فيها أبداً. وليس هو كالذي رددته بالرق ولا بالكفر ولا بالصغر. هؤلاء يقبلون إذا كبر الصغير وأسلم الكافر وأعتق العبد. وأما الزوج والمرأة إذا شهد أحدهما لصاحبه فأبطلت شهادته فإني لا أجيزها أبداً كان فارقها وبانت منه؛ لأني رددته وهو حر مسلم للتهمة ولم أرده لكفر ولا لرق ولا لصغر (¬2)، وإنما رددته بالتهمة. ولا تجوز (¬3) شهادة أهل الذمة على المسلمين في قليل ولا كثير. وكذلك (¬4) المستأمن من أهل الحرب لا تجوز (¬5) شهادته على المسلمين ولا على أهل الذمة. وشهادة أهل الذمة على المستأمن من أهل الحرب جائزة. وكدْلك شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض جائزة وإن اختلفت مللهم؛ لأن الكفر كله ملة واحدة. ألا ترى أن عابد الحجر وعابد الأوثان وعابد النار سواء. أرأيت رجلين يعبد أحدهما حجراً والآخر حجراً آخر وكل واحد منهما يُضِل صاحبَه (¬6) إن شهد أحدهما على الآخر ألا تجوز (¬7) شهادته عليه. بلى (¬8) هي جائزة. وإذا شهد شاهدان من أهل الكفر على شهادة شاهدين من أهل الإسلام لرجل كافر على كافر بدين فإن ذلك لا يجوز، مِن قِبَل أن الشهادة على شهادة مسلم، ولا يعبّر عن المسلم (¬9) شهادته إلا مسلم. وكذلك كافران ¬

_ (¬1) ع. يأخذ. (¬2) ع: للكفر ولا للرق ولا للصغر. (¬3) ع: يجوز. (¬4) ع + وكذلك. (¬5) ع: يجوز. (¬6) كذا في م ز ع ب. ولعل الصواب: أضل من صاحبه. (¬7) م: هل تجوز؛ ع: هل يجوز. (¬8) ع: بل. (¬9) ع: على المسلم.

شهدا على قاضي المسلمين أنه قضى لكافر على كافر فإن ذلك لا يجوز. ولو أن مسلمين شهدا على شهادة كافر لرجل مسلم أو لرجل كافر على كافر (¬1) بدين أجزت ذلك. ولو أن كافراً في يديه دابة اشتراها من مسلم فشهد عليه كافران أنها لكافر أو لمسلم أبطلت شهادتهما ولم أجزه، مِن قِبَل أن الكافر يرجع على المسلم بشهادة كافرين. وكذلك لو كانت في يديه بهبة من مسلم أو صدقة فإني لا أبطل هبة المسلم بشهادة كافر. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وهو قول أبي يوسف الأول. ثم رجع وقال: أقضي على الكافر خاصة، ولا أقضي على غيره. وهو قول ابن أبي ليلى. ولو أن كافراً مات وترك ابنين وترك ألفين فاقتسماها ثم أسلم أحدهما ثم شهد شاهدان من أهل الكفر على أبيهما بدين أجزت ذلك في حصة الكافر ولم أجزه في حصة المسلم. ولو أن كافراً مات فادعى عليه رجلان دينا مسلم (¬2) وكافر وأقاما جميعاً البينة من أهل الكفر أخذت ببينة المسلم وأبطلت بينة الكافر، حتى يستوفي المسلم، فإن بقي شيء بهان للكافر؛ لأني لا أجيز شهادة أهل الكفر في شيء يضر بالمسلم، ولا يَنْقُصُه (¬3). وكذلك لو كان شهود المسلم مسلمين. ولو أن كافرأ مات فأوصى إلى مسلم فادعى رجل كافر ديناً على الميت وأقام بينة من أهل الكفر قبلت ذلك وإن كان المسلم خصمه، مِن قِبَل أن هذا شيء وَلِيَه الكافر. ولو أن عبداً كافراً أذن له مولاه في الشراء والبيع والمولى مسلم فشهد عليه كافران بشراء أو بيع أجزت ذلك عليه، مِن قِبَل أنه كافر. وكذلك المكاتب إذا كان كافراً ومولاه مسلم. وكذلك العبد يعتق بعضه وهو يسعى في بعض قيمته. ولو أن هذا الغلام المأذون له في التجارة كان مسلماً ومولاه كافر لم أقبل على العبد من البينة إلا مسلمين. ولو أن كافراً وكَّل مسلماً بشرى أو بيع لم أجز على ¬

_ (¬1) ع - على كافر. (¬2) م ع: مسلماً. (¬3) أي: لا يَنقص الكافرُ المسلمَ حقَّه، ولا تقبل بينته على ذلك.

باب شهادة النساء

المسلم من البينة إلا مسلمين (¬1). ولو أن مسلماً وكَّل كافراً بذلك أجزت على الكافر الشهود من أهل الكفر. ... باب شهادة النساء محمد عن أبي يوسف عن الحجاج بن أرطاة عن الزهريّ قال: مضت السنة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والخليفتين من بعده أن لا تقبل (¬2) شهادة النساء في الحدود (¬3). قال محمد: ولا تجوز (¬4) شهادة النساء وحدهن إلا فيما لا (¬5) ينظر إليه الرجال في الولادة والعيب يكون في موضع ولا ينظر فيه إلا النساء. محمد عن أبي يوسف عن غالب بن عبد الله عن مجاهد وعن سعيد بن المسيب وعطاء بن أبي رباح وطاوس قالوا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "شهادة النساء جائزة فيما لا يستطيع الرجال النظر إليه" (¬6). قال محمد: ولست أقبل في ذلك شهادة أهل الكفر ولا الأمة ولا المدبرة ولا أم ولد ولا مكاتبة. ولا أقبل في ذلك إلا شهادة امرأة حرة ¬

_ (¬1) ع - ولو أن كافراً وكل مسلماً بشرى أو بيع لم أجز على المسلم من البينة إلا مسلمين. (¬2) ع: لا يقبل. (¬3) تقدم تخريجه. (¬4) ع: يجوز. (¬5) ع - لا. (¬6) لم أجده عند غيره. وروي عن عمر وعلي وغيرهم من الصحابة والتابعين نحو ذلك من أقوالهم. وروي عن الزهريّ قال: مضت السنة أن تجوز شهادة النساء فيما لا يطلع عليه غيرهن من ولادات النساء وعيوبهن، وتجوز شهادة القابلة وحدها في الاستهلال، وامرأتان فيما سوى ذلك. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 332 - 337؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 329 - 330. وروي عن حذيفة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أجاز شهادة القابلة. انظر: سنن الدارقطني، 4/ 232 - 233. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 3/ 264، 4/ 80.

باب شهادة الزور

مسلمة. وإن كانت امرأتان أو ثلاثة فهو أحب إلي. وأما الاستهلال فإني لا أقبل شهادة النساء عليه إلا في الصلاة عليه، وأما الميراث فإني لا أقبل في ذلك إلا أن يكون رجلان أو رجل وامرأتان، مِن قِبَل أن الاستهلال ظاهراً يعرف. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: تقبل (¬1) في ذلك شهادة امرأة حرة مسلمة عدلة. ولو شهدت امرأة واحدة على هلال رمضان بعد أن تكون (¬2) عدلة أجزت شهادتها. وكذلك العبد يشهد بعد أن يكون عدلاً. وكذلك المحدود في القذف بعد أن يكون عدلاً؛ لأن هذا ليس من الحكم، إنما هذا من أمر الدين. ولا أجيز شيئاً من ذلك في الفطر. ولا أجيز في الفطر إلا ما أجيز في حقوق الناس. اخذ في الفطر بالثقة. وكذلك الأضحى مثل الفطر. ولا أبالي في رمضان إذا تعجل يوماً من شعبان. وقال أبو يوسف ومحمد: أقبل في الاستهلال شهادة النساء ليس معهن رجل، امرأة أو أكثر، للأثر الذي جاء عن علي بن أبي طالب أنه أجاز شهادة القابلة في الاستهلال (¬3). ... باب شهادة الزور محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة عن الهيثم عن شريح أنه كان إذا أخذ شاهد زور بعث به إلى سوقه إن كان سوقياً، وإلى قومه إن كان غير سوقي، بعد العصر أجمع ما كانوا، فيقول: إن شريحاً يقرئكم (¬4) السلام، ويقول: إنا أخذنا شاهد زور، فاحذروه وحذروا الناس (¬5). ¬

_ (¬1) ز ع: يقبل. (¬2) ز: أن يكونه (¬3) انظر تخريج الرواية السابقة. (¬4) ز: يقربكم. (¬5) رواه محمد في الآثار بنفس الإسناد إلا أنه قال فيه: عن الهيثم عن من حدثه عن شريح. انظر: الآثار، 111. وانظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 326؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 550.

قال محمد: وهذا قول أبي حنيفة. وفيه قول آخر أنه يعاقب بالتعزير والحبس ولا يبلغ به أربعين سوطاً، ويحبس على قدر ما يرى الإمام حتى يحدث توبة (¬1). فإن شهود الزور إن (¬2) لم يخافوا العقوبة أهلكوا الناس. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. ثم قال أبو يوسف بعد ذلك: يبلغ بالتعزير خمسة وسبعين سوطاً. محمد عن أبي يوسف عن الحجاج بن أرطاة عن مكحول عن (¬3) الوليد بن أبي مالك عن عمر بن الخطاب أنه قال في شاهد الزور: يضرب أربعين سوطاً ويسخّم (¬4) وجهه ويطاف به (¬5). وشاهد الزور عندنا هو المقر على نفسه بذلك، وليس كالذي أرده بالتهمة ولا بالدفع عن نفسه (¬6) ولا باختلاف في الشهادة وإن خالف الذي شهد له. ألا ترى أني لا أدري أيهما الصادق المشهود له أو الشاهد. ولعل المشهود له أراد بالشاهد العقوبة والتهمة فقصر في دعواه عن ما شهد به شاهده. وإذا اختلف الشاهدان فأيهما الكاذب حتى أعرفه وأحرزه، وأيهما أنْمادق حتى أدعه. هذا أمر مختلط لم يستبن (¬7) للحاكم فيه شاهد الزور (¬8)، فأدرأ (¬9) التعزير، والعقوبة في هذا حسن. والنساء والرجال وأهل الذمة في شهادة الزور سواء. وقال أبو يوسف: أضربه (¬10) ولا أسخم (¬11) وجهه. وهو قول محمد. ¬

_ (¬1) ز: ثوبه. (¬2) ع - إن. (¬3) م ز ع: وعن. والتصحيح من المصنف لعبد الرزاق، 8/ 326، 327. (¬4) سخّم وجهه، أي: سوده. انظر: مختار الصحاح، "سخم". (¬5) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 326، 327. وروي عن عمر وغيره عقوبات أخرى لشاهد الزور. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 550؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 10/ 141. (¬6) أي: يدفع عن نفسه بشهادته شيئاً يضره. وعنوان الباب الآتي هو: باب شهادة الأجير ودافع المغرم. (¬7) ز: لم يستين. (¬8) م ع: لزور. (¬9) م ز ع: فادرى. (¬10) ع - أضربه. (¬11) ع: يسخم.

باب شهادة الأجير ودافع المغرم

وقال أبو يوسف ومحمد: إن شهد على قتل عمد أو جراحة عمد وشهد الآخر على إقرار الفاعل بذلك (¬1) أبطلته. وكذلك لو شهد الأول على جراحة خطأ أو قتل نفس خطأ وشهد الآخر على إقرار الفاعل. وكذلك لو شهد أحدهما على العمد أنه جائز (¬2) ذلك وشهد الآخر على الخطأ فإن ذلك كله باطل؛ لأنهم قد اختلفوا. وكذلك لو اختلفا في الذي كان به القتل أو اختلفا في اليوم أو في الليلة أو في الشهر (¬3). وهو قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو يوسف: قال أبو حنيفة: لو شهد رجل على مائة درهم قرض لرجل على رجل معاينة وشهد الآخر على الإقرار جاز. وكذلك لو شهد أحدهما على بيع معاينة وشهد الآخر على إقرار كان ذلك جائزاً؛ لأن القرض والبيع كلام كله. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: لو شهد أحدهما على مائة درهم والآخر على خمسين أبطلت ذلك. وقال أبو يوسف ومحمد: نجيز (¬4) ذلك ونأخذ (¬5) بالأقل. وكذلك التطليقة والتطليقتان (¬6). ... باب شهادة الأجير ودافع المغرم قال محمد: لا تجوز (¬7) شهادة رجل أو امرأة (¬8) يدفع (¬9) عن نفسه بشهادته (¬10) مغرماً أو يجر (¬11) إليه مغنماً. ¬

_ (¬1) م ز ع: لذلك. (¬2) كذا في الأصل. وقد تقدم نظير هذه المسائل في كتاب الديات، باب الشهادات في الديات. انظر: 4/ 220 ظ. (¬3) ع: في شهر. (¬4) ع: يجيز. (¬5) ع: ويأخذ. (¬6) م ز ع: والتطليقتين. (¬7) ز ع: لا يجوز. (¬8) ع: أو المرأة. (¬9) ع: بدفع. (¬10) ز: شهادته. (¬11) ع: أو تجر.

ولا تجوز (¬1) شهادة الشريك المفاوض لشريكه في قليل ولا كثير ما خلا الحدود والقصاص والنكاح، فإن (¬2) هذا (¬3) ليس من التجارة ولا مما يشركه فيها. وشهادة الشريك لشريكه- وإن كانا فيه غير (¬4) متفاوضين - في تجارتهما لا (¬5) تجوز (¬6) للتهمة. وشهادة الأجير إذا كان في تجارته لا تجوز (¬7) في شيء وإن كان (¬8) عدلاً. آخذ في هذا بالثقة وأستحسن لما بلغنا عن شريح (¬9)، وللحال التي الناس عليها اليوم. ولو أن رجلاً كان عليه مال فشهد ابناه أن الطالب قد أبرأ أباهما أو احتال على فلان والطالب ينكر ذلك لم أجزه (¬10)، مِن قِبَل أنهما يدفعان عن أبيهما كدفعهما عن أنفسهما. ولو أن المال كان على غير أبيهما فشهدا (¬11) أن الطالب قد احتال على أبيهما والطالب ينكر ذلك والمطلوب يدعي البراءة والحوالة أجزت شهادتهما؛ لأنهما شهدا على أبيهما هاهنا. ولو أن رجلين شهدا أن لهما ولفلان (¬12) على فلان مالاً (¬13) أبطلت ذلك ولم أجز منه شيئاً. ولو أنهما شهدا أن فلاناً قد أبرأهما وفلاناً (¬14) من المال [الذي] (¬15) كان له عليهما وعليه (¬16) أبطلت ذلك. وهذان (¬17) يدفعان به عن أنفسهما. وشهادة ولدهما في ذلك كشهادتهما. لا تجوز (¬18) شهادة شريك لهما مفاوض، ولا تجوز (¬19) على شيء من ذلك. وكذلك لو كانا ¬

_ (¬1) ز ع: يجوز. (¬2) ع: فإنه. (¬3) ع - هذا. (¬4) م - غير، صح هـ؛ ع - غير. (¬5) م ز ع: ولا. (¬6) ز ع: يجوز. (¬7) ز ع: لا يجوز. (¬8) ع + كان. (¬9) لعله يقصد الرواية المارة قريباً حيث يسأل شريح الشاهد: هل لك فيما شهدت به من حق؟ انظر: 8/ 199 ظ. (¬10) ع: لم يجزه. (¬11) م ز ع: فشهد. (¬12) ع + مال. (¬13) م ز: مال؛ ع - مال. (¬14) م ز ع: وفلان. (¬15) زيادة من ب. (¬16) ع: أو عليه. (¬17) ز: وهذين. (¬18) ز ع: لا يجوز. (¬19) ز ع: يجوز.

باب شهادة التهاتر

غير مفاوضين. إذا كان ذلك المال من تجارتهما لم تجز (¬1) شهادة أحد من هؤلاء لمن ذكرت لك من شريك أو ولد أو والد أو امرأة لزوجها أو الزوج للمرأة أو الأجير فإنه لا يجوز. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا ادعى رجل دابة في يدي رجل فقال: هي دابة فلان دفعها إلي وديعة فرددتها (¬2) عليه، وجاء أحد الورثة يخاصمه في ذلك، وقال: هي دابتي تصدق بها علي أبي، فجاء الذي كانت (¬3) في يديه أولاً فشهد أنها دابته قال: إن كان يعلم أن هذا استودعها إياه (¬4) فشهادته جائزة، وإلا فلا تجوز (¬5)، لأن هذا دافع مغرم. وكذلك الدار. وقال في رجل معه شاة فمر به رجل فقال: اذبحها، فذبحها (¬6) [فجاء رجل] (¬7) وأقام البينة أن هذا اغتصبها منه، وأقام شاهدين أحدهما الذابح فإن شهادة الشاهد الذي [ذبح] (¬8) لا تجوز (¬9)؛ لأنه دافع مغرم. ... باب شهادة التهاتر (¬10) قال محمد: شهادة التهاتر أن يشهد الشاهدان على عبد ¬

_ (¬1) ز ع: لم يجز. (¬2) ع: ورددتها. (¬3) ز: كاتب؛ ع + كانت. (¬4) أي: وردها عليه. انظر لشرح المسألة: المبسوط، 16/ 148. (¬5) ز: يجوز. (¬6) ز: فذبخها. (¬7) الزيادة من الكافي، 1/ 219 ظ؛ والمبسوط، 16/ 148. (¬8) الزيادة مستفادة من المصدرين السابقين. (¬9) ز ع: لا يجوز. (¬10) فسرها المؤلف بأنها الشهادة على النفي كما ترى، لكنها أوسع من ذلك على ما يظهر مما ذكره في كتاب الرجوع عن الشهادات. انظر: 8/ 226 و. ويقال: تهاترت الشهادات، أي: تساقطت وبطلت. وتهاتر القوم: ادعى كل منهم على صاحبه باطلاً، مأخوذ من الهِتْر: السقط من الكلام والخطأ فيه. وقيل: كل بينة لا تكون حجة شرعاً فهي من التهاتر. انظر: المغرب، "هتر".

أو أمة أو دابة أو دار أو متاع أو غير ذلك أو شيء من الحيوان أو العروض (¬1) أنه لم يكن لفلان وأنه ليس لفلان فهذا من التهاتر، وهذا مما لا تقبل (¬2) الشهادة فيه. وكذلك لو شهدوا أنه لم يكن لفلان على فلان دين فشهادتهم في ذلك باطل (¬3). وكل شهادة هكذا أن هذا لم يكن، وأن فلاناً لم يصنع كذا وكذا، فهي باطل (¬4) لا تقبل (¬5). من شهد بأن هذا لم يكن فقد شهد بالباطل، وربما (¬6) يعلم الحاكم أنه كاذب فيه. ومن ذلك لو أن رجلاً شُهد عليه أن اقترض من فلان يوم كذا وكذا مالاً أو جرح فلاناً يوم كذا وكذا أو غصبه يوم كذا وكذا أو أخذ له مالاً أو اشترى منه بيعاً وشهدت عليه بذلك الشهود فشهد (¬7) شاهدان أنه لم يحضر ذلك المكان يومئذ وأنه كان بمكان كذا وكذا فهذا باطل لا يقبل. ومن التهاتر أن يقيم الرجل بينة على حق فيقضى له به فيقول الذي قضي به عليه بعد القضاء: أنا أقيم بينة أنه في، فهذا مما لا تقبل (¬8) عليه الشهادة. ولو قبلت من هذا لقبلت أيضاً من الآخر مثلها فكان هذا تهاتراً (¬9). ومن التهاتر إذا شهد أربعة على رجل وامرأة بالزنى فجاء أربعة آخرون غيرهم فشهدوا أن هؤلاء (¬10) زنوا ثم جاء أربعة آخرون غير هؤلاء فشهدوا على هؤلاء (¬11) الذين شهدوا على هؤلاء الشهود أنهم زنوا فإن هذا كله باطل في قول أبي حنيفة. وأما في قولنا فليس هذا من التهاتر (¬12). ... ¬

_ (¬1) ع: والعروض. (¬2) ز ع: لا يقبل. (¬3) ز: بط. (¬4) ع: باطلة. (¬5) ز ع: لايقبل. (¬6) ربما تفيد التقليل والتكثير كما هو معلوم. وتفيد هنا التكثير. وقد حذفها الحاكم والسرخسي. انظر: الكافي، 1/ 219 ظ؛ والمبسوط، 16/ 149. (¬7) م ز + عليه بذلك الشهود فشهد. (¬8) ز ع: لا يقبل. (¬9) م ز: تهاتر؛ ع: تهاتير. (¬10) أي: الشهود الأربعة. (¬11) ع - فشهدوا على هؤلاء. (¬12) انظر: كتاب الحدود، 5/ 20 ظ.

باب الشهادة في النسب

باب الشهادة في النسب قال محمد: وإذا شهد الشاهدان على رجل أنه فلان بن (¬1) فلان الفلاني وأن الميت فلان بن فلان الفلاني ابن عمه ووارثه وأنهم لا يعلمون أن له وارثاً غيره ولفلان (¬2) ذلك الميت دار في يد رجل وهو مقر أنها له غير أنه لا يعرف له وارثاً غيره فإني أجيز شهادة هؤلاء على هذا النسب، وأدفع إليه الدار وإن كانوا لم يذكروا أباه (¬3). ألا ترى أنا نشهد أن عمرَ ابنُ (¬4) الخطاب وعلياً ابنُ (¬5) أبي طالب ولم ندرك (¬6) أحداً منهم. فإن كان الشاهد لا يعرف الرجل إلا أن المدعي أخبره بهذا فليس ينبغي له أن يشهد بقوله. وإن شهد عنده رجل بذلك أو أخبره إياه فليس ينبغي له أن يشهد حتى يكون النسب مشهوراً معروفاً أو يشهد عنده بذلك رجلان عدلان (¬7). ولو قدم عليه رجل (¬8) من بلاد أخرى وانتسب له وأقام معه دهراً لم يسعه أن يشهد على نسبه حتى يلقاه من أهل بلده من يعرفه (¬9)، رجلين (¬10) عدلين، فيشهدان له على ذلك، ثم (¬11) يسعه (¬12) الشهادة عليه. ولو نظر رجل عدل إلى رجل مشهور باسمه ونسبه غير أنه لم يخالطه ولم يكلمه وسعه (¬13) أن يشهد أنه فلان بن فلان (¬14) كما يسعه أن يشهد على بعض المشهورين ممن لم يدركه. ¬

_ (¬1) ز - بن. (¬2) ع: والفلان. (¬3) ز: لم يدركوا إياه. (¬4) م ز ع: بن. (¬5) م ز ع: وعلي بن. (¬6) ع: يدرك. (¬7) ع - عدلان. (¬8) ع + بذلك. (¬9) ع: من يعرف. (¬10) أي: أعني رجلين. (¬11) ع - ثم. (¬12) م ز: ثم يسعهما؛ ع: يسعها. (¬13) ع: ويسعه. (¬14) ع - بن فلان.

باب الشهادة في الولاء

وكذلك لو رُفع إلى (¬1) القاضي وهو في مجلس القضاء يقضي بين المسلمين فأشهده على قضية أو على (¬2) كتاب فهو في سعة من الشهادة عليها؛ لأن هذا أمر ظاهر مشهور. ولو مات رجل فأقام آخر البينة أن الميت فلان بن فلان وأنه وارث فلان بن فلان حتى ينتهوا إلى أبي واحد وهو عصبة وأنه وارثه لا يعلمون له وارثاً غيره قضيت بالميراث. فإن جاء آخر بعد ذلك فأقام البينة أن الميت ابنه ولد على فراشه وأن هذا أبوه لا وارث له غيره جعلت الميراث لهذا وأبطلت القضاء الأول. وإن أقام هذا البينة أن الميت فلان بن فلان ينسبه إلى أبي آخر وقبيلة أخرى وأن الميت فلان بن فلان ابن عمه ونسبه (¬3) إلى أبي واحد لا وارث له غيره لم أحول النسب بعد أن ثبت (¬4) من فخذ ومن أبي إلى أن يجيء معه ما هو أقرب من الذي جعلت له الميراث. ... باب الشهادة في الولاء قال محمد: وإذا شهد شاهدان أن فلاناً أعتق فلاناً وأنه مولاه وعصبته لا وارث له غيره فإن كانا قد أدركا الذي أعتق وسمعا العتق منه فشهادتهما جائزة. وإن كانا لم يسمعا العتق منه فلا تجوز (¬5) شهادتهما؛ لأن العتق كلام يسمعه الناس ليس كالولادة. وهذا قول أبي حنيفة. وهو قول أبي يوسف الأول. ثم رجع أبو يوسف فقال: إذا شهدوا على ولاء مشهور فهو كشهادتهم (¬6) بالنسب وإن لم يسمعوا ذلك ولم يدركوه. وكذلك لو شهدوا أن فلاناً أعتق فلاناً (¬7) وأن فلان بن ¬

_ (¬1) ع - إلى. (¬2) ع - على. (¬3) ع: وينسبه. (¬4) ز: أن بنت. (¬5) ز ع: يجوز. (¬6) ع: كشهادة هم. (¬7) وعبارة الحاكم والسرخسي: أبا فلان. انظر: الكافي، 1/ 220 و؛ والمبسوط، 16/ 152.

فلان عصبة فلان الذي أعتق وعصبة فلان (¬1) المعتق فإني (¬2) لا أجيز شهادتهما حتى ينسبا الذي أعتق وعصبته إلى أب واحد يلتقيان إليه. وإن لم يدركا ذلك لم يضرهما حتى يشهدا أن فلاناً أعتق فلاناً وهما يسمعان وأن المعتق مات وترك ابنه ثم مات ابنه ولا يعلمون له وارثاً غيره وأن فلاناً عصبة الذي أعتق (¬3) ووارثه لا يعلمون له وارثاً غيره. فإذا شهدوا بذلك أجزت شهادتهم، ولست (¬4) أكلفهم في المواريث أنه لا وارث له غيره، مِن قِبَل أن هذا غيب (¬5) يحملهم القاضي عليه وهو يعلم أنهم قد شهدوا بما لا يعلمون. وإذا قالوا: لا نعلم له وارثاً غيره، فقد فرغوا من الشهادة. ولو شهدوا أنهم لا يعلمون له وارثاً بأرض كذا وكذا (¬6) غير فلان بن فلان أجزت ذلك. وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر: إني لا أجيز ذلك حتى يقولوا مُبْهَمَةَ (¬7) ذلك: لا يعلمون له وارثاً غيره. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. ولو شهد شاهدان على شهادة شاهدين في الميراث والنسب والعتق أجزت ذلك. وقال أَبو يوسف ومحمد: شهادة الرجل في ذلك مع شهادة النساء جائزة. ولو شهد شاهدان أن فلانة أعتقت فلاناً بمحضر منهما وهي تملكه ثم ماتت فلانة فورثها زوجها وابنها فلان لا يعلمان لها وارثاً غيرهما (¬8)، ثم مات الابن فورثه الزوج وهو الأب لا يعلمون له وارثاً غيره، ثم مات المولى المعتق ولا يعلمون له وارثاً غير الزوج (¬9) وفلان بن فلان وهو أخو (¬10) المرأة، وإن الميراث لأخي (¬11) المرأة دون الزوج. إذا لم يكن للمرأة ولد ذكر صار ولاؤها لأخيها. ¬

_ (¬1) ز: وعصب فان. (¬2) ز: فالى. (¬3) ز - أعتق. (¬4) ز: وليست. (¬5) ز: عيب. (¬6) ع: كذا كذا. (¬7) ز ع: متهمة. (¬8) ز: غيرها. (¬9) ع: لزوج. (¬10) ز: أخ. (¬11) ز: لأخ.

باب الشهادة في الموت

ولو ادعى رجلان ولاء رجل وأقام كل واحد منهما بينة أنه أعتقه وهو يملكه (¬1) لا يعلمون له وارثاً غيره جعلت الولاء والميراث بينهما. فإن أقام أحدهما بينة قبل صاحبه وقضيت له بذلك ثم جاء الآخر (¬2) بعد ذلك ببينة فإنه لا يشركه في ذلك، ويكون الولاء للأول. وكذلك القياس في النسب، بعد أن يثبت (¬3) الولاء للأول لم أحوله. ولو شهد له شاهدان على رجل أن مولاه أعتق أمه ثم ولدت بعد العتق لستة أشهر من فلان وهو عبد لفلان وقد أعتقه فلان وهو وارثه لا وارث له غيره (¬4) جعلت له الميراث والولاء؛ لأن الأب أعتق فجرّ الولاء. ... باب الشهادة في الموت قال محمد: وإذا شهد شاهدان على موت رجل ولم يعاينا ذلك وأقرا (¬5) بذلك فإن ذلك لا يجوز إلا أن يكون مشهور الموت. فإن كان مشهور الموت فشهادتهما جائزة. وإن قالوا: نشهد أنه مات، أجزت ذلك. فإن قالوا: نحن دفناه أو شهدنا جنازته، أجزت ذلك. ولو شهد (¬6) رجل على رجل أنه قد مات ولم يقر أنه لم يعاين ذلك فهو جائز إذا كان معه آخر. وإذا أخبر الرجل الموثوق به أو المرأة أنه عاين موت فلان فالذي (¬7) انتهى إليه الخبر في سعة من أن يشهد على موته. وهكذا أمر الناس. فإذا جاء موت الرجل من أرض أخرى فصنع أهله مما يصنعون على الميت فإنه لا يسع أحداً (¬8) أن يشهد على موته إلا من يشهد موته أو يخبره ¬

_ (¬1) ز: تملكه. (¬2) ع + الآخر. (¬3) ع: أن ثبت. (¬4) ع: غير. (¬5) ع: وأقر. (¬6) م: أشهد. (¬7) م ع: والذي. (¬8) ع: أحد.

باب الشهادة في النكاح

بذلك من شهد موته ممن يوثق به. فإن كان ذلك وسعه أن يشهد. ألا ترى أنه لو مات ميت وأخرجت جنازته حتى يدفن وسع الحي (¬1) والجيران أن يشهدوا بموته وإن لم يعاينوا ذلك؛ لأن هكذا أمر الناس، ولا يستقيم إلا هكذا. ... باب الشهادة في النكاح قال محمد: وإذا تزوج الرجل المرأة نكاحاً ظاهراً أو عرّس بها (¬2) ودخل بها علانية فأقام معها أياماً ثم ماتت فإنه يسع الحي والجيران أن يشهدوا أنها امرأته وإن لم يشهدوا [النكاح. أرأيت لو كان معها ولد ألا يسع هؤلاء أن يشهدوا] (¬3) أنهم أولادهما وإن لم يعاينوا الولادة. فهذا واسع جائز، وأمر الناس هكذا. ندع (¬4) القياس في هذا. ولو أن رجلاً تزوج امرأة ودخل بها فولدت له أولاداً، فخاصمته في النفقة وطلقها، ثم راجعها بعد أن خاصمته في الطلاق، فقضى به القاضي، وظَاهَرَ (¬5) منها فكفّر، ثم مات، فجحد (¬6) أولياؤه (¬7) ميراثها وأنكروا النكاح، ومعها قوم في الدار وجيران لها غيرهم، لم (¬8) يسعهم أن يكفوا عن الشهادة حتى يشهدوا (¬9) أنها امرأته. ... ¬

_ (¬1) ع: الخير. (¬2) ز: وعرس لها. (¬3) الزيادة من الكافي، 1/ 220 و. وقريب منه عند السرخسي. انظر: المبسوط، 6/ 155. (¬4) ع: يدع. (¬5) وفي هامش ب: أو. أي: "أو ظاهر". (¬6) م ز ع: فحد. والتصحيح من ب. (¬7) ع: أولياء. (¬8) ز: ولم. (¬9) ع: حتى شهدوا.

باب الشهادة في الميراث

باب الشهادة في الميراث قال محمد: وإذا شهد شاهدان أن فلاناً مات وترك هذه الدار ميراثاً لفلان ابنه هذا لا يعلمون له وارثاً غيره ولم يدركوا فلاناً (¬1) الميت فإن شهادتهما (¬2) باطل (¬3) لا تجوز (¬4). وكذلك لو كان عبداً أو دابة أو ثوباً لم يدركا صاحبها الذي كانت له لم أقبل شهادتهم عليها. ولو شهدوا على دار أنها لفلان جد هذا الرجل مات وتركها ميراثاً ولم يقولوا لهذا الرجل ولا لأبيه وقد (¬5) أدركوا الجد فإن شهادتهم باطل (¬6)، مِن قِبَل أنهم لم يجرّوا (¬7) الميراث. وإن شهدوا أن الجد مات وترك أبا هذا وارثاً لا يعلمون له وارثاً غيره، ولم يشهدوا أن أباه مات وتركها ميراثاً لهذا لا يعلمون له وارثاً غيره (¬8)، فإني لا أجعل لهذا (¬9) شيئاً حتى يشهدوا أن أبا هذا مات وتركها ميراثاً لهذا لا يعلمون له وارثاً غيره. ولو شهد شاهدان على دار في يد رجل أنها دار جد هذا الرجل مات وتركها ميراثاً من خطته لم يجز ذلك حتى يجروا (¬10) المواريث. ولو شهد الشهود على إقرار الذي في يديه الدار بأنها دار جد هذا (¬11) وخطته (¬12) أجزت ذلك وجعلتها له. فإن لم يكن له وارث (¬13) غير هذا أعطيته إياها. وليس الإقرار في هذا كالشهادة. إذا أقر الذي هي في يديه بهذا فقد أخرجها من نفسه إلا أن يأتي ببينة بحق ¬

_ (¬1) م ز ع: فلان. (¬2) ز: شهادتهم. (¬3) ع: باطلة. (¬4) ز: لا يجوز. (¬5) ع: قد. (¬6) ع: باطلة. (¬7) ز: لم يجزوا. والكلمة مهملة في الكافي، 1/ 220 ظ. وفي المبسوط: لم يجيزوا. انظر: 16/ 155. والمقصود أنهم لم يبينوا انتقال الميراث من الجد إلى الأب ثم الابن. وتتكرر بعد أسطر عبارة "حتى يجروا المواريث" مرتين. (¬8) ع - ولم يشهدوا أن أباه مات وتركها ميراثا لهذا لا يعلمون له وارثا غيره. (¬9) ع: في هذا. (¬10) ز: يجزوا. (¬11) ع + الرجل. (¬12) ز: وحطبه. (¬13) م ز ع: وارثا.

له فيها. وإذا شهد الشهود بغير إقرار فإنهم لم يثبتوا لصاحبها شيئاً حتى يجروا (¬1) المواريث إليه. وإذا كانت الدار في يدي رجل فادعى ابن أخيه أنها دار جده وأقام على ذلك بينة فإني لا أقضي له بشيء حتى يشهدوا أن الجد مات وتركها ميراثاً لأبيه (¬2) وعمه لا يعلمون له وارثاً غيرهما وأن أباه مات وترك نصيبه منها ميراثاً لا يعلمون له وارثاً غيره. ولو أقام ابن (¬3) الأخ بينة على هذا وأقام الآخر بينة أن أخاه مات قبل أبيه (¬4) وأن أباه قد ورث منه السدس ثم مات أبوه ثم ورثه هو وأقاما جميعاً البينة على ذلك معاً فإني أقبل شهادة شهود ابن (¬5) الأخ؛ لأنه هو المدعي، والآخر يريد إخراجه من الميراث. فإن كان لأبي (¬6) الغلام ميراث من تركة سوى الدار وكل واحد منهما مدّع (¬7) على صاحبه فلا أقبل بينة واحد منهما، وأجعل لكل واحد ميراث أبيه (¬8). وكذلك لو غرقا جميعاً في سفينة واحدة أو وقع (¬9) عليهما بيت لم أورث واحداً منهما من صاحبه حتى يعلم أيهما مات قبل الآخر، ولكني أورث كل واحد منهما ورثته (¬10) الأحياء. ولو أقام رجل البينة على ميراث رجل أنه مات يوم كذا وكذا فورثه وهو ابنه لا وارث له غيره، وأقامت امرأة البينة أنه تزوجها يوم كذا وكذا (¬11) ليوم بعد ذلك اليوم ثم مات بعد ذلك، وأقاما جميعاً البينة على ذلك، فإني آخذ ببينة المرأة، لأني لم أوجب (¬12) موته بعد، فأجعل لها المهر ¬

_ (¬1) ز: يجزوا. (¬2) ع: لابنه. (¬3) ع - ابن. (¬4) ز: ابنه. (¬5) ز: شهودين. (¬6) م ز ع: لابن. والتصحيح من ب؛ والكافي، 1/ 220 ظ، والمبسوط، 16/ 156. (¬7) م ز ع: مدعي. (¬8) ز: ابنه. (¬9) ع: أو دفع. (¬10) م ز ع: ورثة. (¬11) ع - فورثه وهو ابنه لا وارث له غيره وأقامت امرأة البينة أنه تزوجها يوم كذا وكذا. (¬12) ع: لم أوجبت.

باب شهادة الشاهد يطعن عليه الخصم أنه عبد

والميراث، لأنه لا يتعلق (¬1). ولو أقامت امرأة أخرى البينة بعدما قضيت بموته في يوم ورثت امرأته وادعت أنه تزوجها بعد ذلك الوقت الذي (¬2) ذكروا فيه (¬3) موته (¬4) قبلت ذلك منهما (¬5)؛ لأن هذه الأخرى مدعية (¬6) أيضاً فلا يضرها متى كان الموت. ولو كان الوارث أقام البينة أن فلاناً قتل أباه يوم كذا وكذا فقضيت بذلك ثم أقامت امرأة البينة أنه تزوجها بعد ذلك لم ألتفت إلى شيء من ذلك؛ لأن القتل له لازم فلا أبطله بشهادة هؤلاء. وهذا لا يشبه الموت؛ لأن الموت ليس فيه (¬7) حق لازم. ألا ترى أنه إذا كان مات في ذلك اليوم أو غيره أن ذلك لا يبطل حق أحد منهم. ألا ترى أنه لو قامت بينة عليه أنه تزوجها (¬8) يوم النحر بمكة فلما قضيت بشهادتهما وأجزتها (¬9) جاء شاهدان آخران (¬10) فشهدا (¬11) أنه تزوج هذه الأخرى يوم النحر في ذلك اليوم بخراسان أبطلت البينة الأخيرة؛ لأني قد جعلته في ذلك اليوم بمكة. ... باب شهادة الشاهد يطعن عليه الخصم أنه عبد قال محمد: وإذا شهد شاهدان على حق لرجل أو طلاق أو نكاح أو حق من حقوق الناس فقال المشهود عليه: هما عبدان، فإني لا أقبل شهادتهما حتى أعلم أنهما حران. فإن قالا: نحن أحرار فسل عنا لم ¬

_ (¬1) كذا في م ز ع ب. وقد علل المؤلف هذه المسألة في دوام العبارة. وانظر: المبسوط، 16/ 156. (¬2) ع: التي. (¬3) م ز ع + بعد. والتصحيح من الكافي، 1/ 220 ظ؛ والمبسوط، 16/ 156. (¬4) ع: موت. (¬5) أي: من الشاهدين. (¬6) ز: مذعية. (¬7) ع + ليس فيه. (¬8) ز: يزوجها. (¬9) ع - وأجزتها. (¬10) ع - آخران. (¬11) م ز ع: فشهد.

نملك (¬1) قط، لم أقبل ذلك حتى يأتيا (¬2) بالبينة أنهما حران. ولو أن القاضي سأل عنهما فأخبر أنهما حران فقبل ذلك وأجازهما (¬3) كان حسناً. والباب الأول أحب إلي وأحسن. ولو قالا: قد كنا عبدين فأعتقنا المولى، لم (¬4) أصدقهما إلا ببينة. فإن جاءا (¬5) ببينة على ذلك قبلتها وأعتقتهما (¬6). فإن جاء المولى فأنكر بعد قضاء القاضي مضى القضاء بالعتق عليه؛ لأنه قد قبلت (¬7) بينته (¬8) على خصمه. أرأيت رجلاً ادعى قبل رجل أنه قطع يده عمداً أو ادعى قذفاً على رجل أو ميراث ادعاه فأقام بينة أن مولاه أعتقه وأن (¬9) هذا قطع يده بعد ذلك أو قذفه بعد ذلك ألم أقتص (¬10) له من ذلك وأنفذ عليه في ذلك ما ينفذ للحر وأمضي عتقه، وأنفذ ذلك على المولى وإن كان غائباً. فلا يستقيم إلا هكذا. وكذلك إذا شهد بشهادة فقال الخصم: هو عبد، فشهد شاهدان أن مولاه (¬11) أعتقه فإن شهادتهما على ذلك جائزة وأقبل شهادته. فإن جاء المولى بعد ذلك فقال: أعد البينة، لم أعد البينة؛ لأني قد جعلت ذلك خصماً. ألا ترى أن رجلاً لوطلب ميراث أخيه فأقام البينة أنه أخوه لأبيه وأمه لا وارث له غيره وأن فلاناً كان أعتق أباه (¬12) وأمه قبل أن يولد هذان (¬13) قبلت ذلك، وأجزت العتق وجعلت له الميراث، وأمضيت ذلك على المولى وإن كان غائباً، من قبل أني قد جعلت هذا خصماً. ولو أن رجلاً أقام البينة على عبد أن مولاه أعتقه وأنه (¬14) قطع يده بعد ذلك أو أنه استدان منه ديناً أو اشترى أو باع أجزت ذلك كله. وإن جاء المولى بعد ذلك لم أكلفه أن يعيد البينة. ... ¬

_ (¬1) ز: لم يملك. (¬2) ع: حتى تأتنا. (¬3) ز: وأجازها. (¬4) م ز: ثم. (¬5) م ز ع: جاء. (¬6) ع: وأعتقهما. (¬7) ز: قد قتلت. (¬8) ز: ببينة؛ ع: بينة. (¬9) ع: أو أن. (¬10) ز ع: أقبض. (¬11) ز: أن مولا. (¬12) ز: إياه. (¬13) م ز ع: هاذين. (¬14) ع: وأن.

باب الشهادة في الشرى والبيع

باب الشهادة في الشرى والبيع قال محمد: وإذا ادعى رجل داراً في يدي رجل وشهد له شاهدان (¬1) أنه اشتراها منه ولم يسميا الثمن والبائع ينكر ذلك فإن شهادتهما باطل لا تجوز (¬2). وكذلك لو سمى كل واحد منهما ثمناً مخالفاً لما سمى صاحبه كان ذلك باطلاً. ألا ترى أن أحدهما لو سمى ألف درهم وقال الآخر: مائة دينار، وإنا قد اختلفا. وأيهما (¬3) ما (¬4) ادعى الطالب فقد أكذب الآخر. وكذلك ألف وألفان (¬5) أو ألف وخمسمائة وكُرّ شعير وكُرّ حنطة ودابة وعبد وكل شيء من صنوف الثياب والعروض سمى أحدهما شيئاً وسمى الآخر غيره فهذا باطل لا يجوز. وإذا ادعى (¬6) الرجل داراً في يدي رجل أنه قد اشتراها منه وأقام على ذلك شاهدين فشهدا أنه باعها وسميا الثمن واتفقا عليه، غير أنهما اختلفا في الأيام أو في البلدان أو في الشهور أو في الساعات، فقال هذا في يوم كذا وقال الآخر في يوم كذا ليوم آخر وبلد آخر، فهذا جائز مِن قِبَل أن البيع كلام، وليس هذا باختلاف في الشهادة. ألا ترى أنه لو شهد أحدهما على بيع وشهد الآخر على إقرار بالبيع كان إقراره جائزاً. وإذا ادعى الرجل أنه اشترى داراً من رجل وأقام عليه شاهدين فشهدا بإقراره وأنه باعها ولم يسميا ثمناً ولم يشهدا (¬7) بقبض (¬8) الثمن فالشهادة باطل (¬9). فإن قالا: أقر عندنا أنه باعها منه واستوفى الثمن ولم يسم الثمن (¬10) فهذا جائز. وليس هذا كالباب الأول. الباب الأول (¬11) لم يشهدوا أنه استوفى الثمن. ¬

_ (¬1) ع + شاهدان. (¬2) ز: بط لا يجوز؛ ع: باطلة لا يجوز. (¬3) ز: وإنهما. (¬4) ع - ما. (¬5) م ز ع: وألفين. (¬6) ع - ادعى. (¬7) ع: يشهد. (¬8) ز: نقبض. (¬9) ع: باطلة. (¬10) ع - ولم يسم الثمن. (¬11) ع - الباب الأول.

وإذا ادعى رجل داراً (¬1) في يدي رجل أنه اشتراها وأقام عليها شاهدين غير أنهما لا يعرفان الدار ولا الحدود ولا سميا (¬2) من ذلك شيئاً فإن ذلك كله باطل لا يجوز؛ لأنهما شهدا على شيء مجهول. فإن قالا: قد سمى البائع والمشتري موضع الدار وحدودها ثم وصفوا ذلك وسموه فإن هذا جائز وإن كان الشهود لا يعرفون الدار بعد أن سموا حدودها. غير أني أسأل المدعي البينة على ما سمى الشهود من موضع الدار والحدود، فإن جاء بالشهود على ذلك قضيت بها له. وكذلك لو حدّدوها (¬3) بثلاثة (¬4) حدود. فإن حدّوها (¬5) بحد واحد أو حدين ولا يعرفونها ولا حدودها فإن ذلك لا يجوز. وفيها (¬6) قول آخر: إنها إذا كانت داراً مشهورة تنسب (¬7) إلى شيء يعرف به فقالا: نشهد (¬8) أنه باعه الدار التي يقال لها كذا وكذا في بني فلان وبني فلان، فإني أقضي بها له وإن لم يعرفها الشهود إذا كان شيئاً مشهوراً معروفاً يعرفه القاضي والناس. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. وإذا كان المشتري يجحد الشراء والبائع يدعيه فعليه (¬9) من البينة مثل ما ذكرنا في جميع هذا، فهو بمنزلة دعوى المشتري، يجوز من ذلك ما يجوز له، ويبطل من ذلك ما يبطل عنه. وإذا كانت الدار في يدي رجل فأقام عليها شاهدين أنها داره ابتاعها من فلان هذا وأقام الذي هي في يديه البينة أنها داره ابتاعها من فلان هذا الذي سمى ولم توقت (¬10) واحدة من البينتين (¬11) وقتاً فهي للذي هي في يديه إلا أن يقيم الطالب البينة أنه أول. ولو كان الذي هي في يديه ¬

_ (¬1) ز: دار. (¬2) ع: سيما. (¬3) ع: لو حدوها. حدّد الدار تحديدا، وحدّها حدا أي بين حدودها. انظر: مختار الصحاح، "حدد"؛ والمصباح المنير، "حدد". (¬4) م ع: بثلثه. (¬5) ع: حدودها. وانظر الحاشية السابقة. (¬6) ع: فيها. (¬7) ز: ينسب. (¬8) ز: يشهد؛ ع: أشهد. (¬9) م ز ع: عليه. والتصحيح من ب. (¬10) ز ع: يوقت. (¬11) ز: من التبيين.

ادعى أنه اشتراها من رجل وأقام على ذلك بينة قضيت بها للمدعي الذي لم تكن (¬1) في يديه. وليس هذا كالباب الأول، الشراء من رجل واحد، وهذا من رجلين، فهو مختلف. وإذا كانت الدار في يدي رجل فادعاها رجلان (¬2) كل واحد منهما يقيم البينة أنه اشتراها منه بألف درهم والشهود عدول فإن وقتت (¬3) إحدى البينتين وقتاً قبل الأخرى فإني آخذ بأول الوقتين. وإن لم يوقتا فكل واحد منهما بالخيار: إن شاء أخذ نصف الدار بنصف الثمن، [وإن شاء ترك] (¬4). وإن وقتت إحدى البينتين وقتاً ولم توقت (¬5) الأخرى شيئاً فهي للذي (¬6) وقت، وهي الأولى (¬7) عندنا. ولو كانت الدار في يدي الرجل الذي لم يوقت قضيت بها له. وإذا كانت الدار في يدي رجل فادعاها رجل فأقام بينة أنه اشتراها من الذي هي في يديه وأقام الذي هي في يديه البينة أنه اشتراها من المدعي ولا يدرى أي ذلك أول فإنه يقضى بها للذي هي في يديه، والبيع كله باطل. ألا ترى (¬8) أن رجلاً لو أقام البينة أن القاضي قضى له بهذه الدار التي هي في يديه على فلان وأقام الآخر البينة أن القاضي قضى له بهذه الدار التي هي في يديه على فلان فإني أنفذها للذي هي في يديه. أرأيت لو أقام كل واحد منهما البينة أن صاحبها أقر أنها له ألم (¬9) أقض بها للذي هي في يديه. فكذلك البيع. وإذا كانت الدار في يدي رجل فأقام عليها رجل البينة أنه أشتراها منه بألف وأقام الذي هي في يديه البينة أنه باعها منه بألفين ولا يدرى أي ذلك قيل فإنه يؤخذ ببينة البائع في الثمن؛ لأنه المدعي. ولو أقام المدعي البينة ¬

_ (¬1) ز: لم يكن. (¬2) ع: رجلين. (¬3) ز: وقيت؛ ع: وقت. (¬4) الزيادة من الكافي، 1/ 221 و. (¬5) ز: يوقت. (¬6) م ز: الذي. (¬7) م ع: للأولى؛ ز: للأول. والتصحيح من ب. (¬8) ز: يري. (¬9) ع: لم.

أنه باعها إياه بعبد بعينه أو بطعام بعينه أو بشاة بعينها أخذت ببينته (¬1) في ذلك. ولو أن المشتري أقام البينة أنه ابتاع هذه الدار وداراً أخرى بألف وأقام البائع البينة أنه باعه هذه الدار وحدها بألفين أجزت البيع فيهما جميعاً بألفين وجعلت الدارين جميعاً للمشتري بألفين. آخذ (¬2) ببينة البائع في الثمن وببينة المشتري في الدارين. وإذا كانت الدار في يدي رجل فأقام بينة أنه باعها من فلان بألف درهم في شهر رمضان وأقام فلان البينة أنه اشتراها في شوال بخمسمائة درهم كان الشرى الآخر ينقض الأول وكانت بخمسمائة. ولو لم يدر (¬3) أي البيعين كان أولاً (¬4) أوجبت البيع عليه بألف. وإذا كانت الدار في يدي رجل فادعى أنه باعها من فلان بألف درهم في شهر رمضان وادعى الآخر أنه وهبها له في شوال على أنْ عوّضه خمسمائة وقبضا جميعاً وأقام البينة على ذلك فإني أقضي بها له بالهبة. وهذا بمنزلة البيع. ولو لم تقم (¬5) بينة (¬6) على الهبة (¬7) وأقام المشتري البينة أنه ارتهنها في شوال بخمسمائة أمضيت البيع بألف في شهر رمضان، وقضيت له من ذلك بخمسمائة، وألزمته خمسمائة أخرى سوى التي (¬8) أعطاه. وليس هذا كالهبة؛ لأن الهبة بعوض بيع، والرهن ليس ببيع. قد يرهنك الرجل دارك ولا يبيعك دارك. وقال محمد: الرهن ينقض دعوى البائع؛ لأنه حين رهنه في شوال فهذا يبطل دعواه في البيع؛ لأن الرجل لا يرهن الرجل شيئاً يملكه المرتهن. فهذا إقرار من الراهن أن ذلك الشيء ليس للمرتهن. وإذا كانت الدار في يدي رجل فادعاها رجلان كل واحد منهما يقيم البينة أنه اشتراها بألف وكفل عنه صاحبه المدعي معه فإنهما يخيران: فإن ¬

_ (¬1) ز: بينته. (¬2) ع: أخذت. (¬3) ز: لم يدري. (¬4) ع: الأول. (¬5) ز ع: لم يقم. (¬6) ع: البينة. (¬7) م هـ: في نسخة البيع؛ ز + في نسخة البيع. (¬8) ع: الذي.

شاء كل واحد منهما أن يأخذ نصفها بنصف الأول [أخذها]، إلا أن يُعلم الأول منهما فيُقضى بها له دون صاحبه. ولو لم يعلم الأول منهما وأخذاها على ما ذكرنا فالكفالة لازمة لكل واحد منهما على صاحبه، مِن قِبَل أنهما ليسا بشريكين (¬1). وإذا (¬2) ادعى الرجل داراً في يدي رجل وأقام بينة أثه اشتراها بألف والبائع يقول: لم أبعه شيئاً، ثم أقام البائع البينة على أنه قد رد عليه الدار فإني أقبل ذلك منه، وأنقض البيع، ولا يبطل إنكاره البيع البينة؛ لأن إنكاره ليس بإكذاب لهما (¬3)؛ لأنه يقول: رد علي ما ادعى. وإذا ادعى رجل داراً في يدي رجل وأقام بينة أن أباه اشتراها منه بألف درهم وقد مات أبوه والبائع يجحد البيع فإني لا أكلفه البينة أنه مات وتركها ميراثاً، ولكني أسأله البينة أنه لا يعلم لأبيه وارثاً غيره. فإذا أقام على ذلك بينة أمرته (¬4) أن ينقده الألف، ويقبض الدار. ولو كانت الدار في يدي غير البائع سألته البينة أن أباه مات وتركها ميراثاً. وليس هذا كالأول، الأول (¬5) هي في يديه رهناً بالثمن، بمنزلة رجل أقام البينة أن أباه رهن هذه الدار عند فلان بألف درهم وقد مات الأول ولا وارث له غيره فجاء بالألف ينقدها ويقبض الدار؛ فكذلك البيع. وإذا ادعى الرجل داراً في يدي رجلين وأقام على إحداهما (¬6) البينة أنه باعه الدار وسلم الأجر ولا يعرف الشهود الذي باع ولا الذي سلم فإن شهادتهم باطل (¬7) لا تجوز (¬8) مِن قِبَل أنهم لم يثبتوا (¬9) الشهادة. وكذلك دار ¬

_ (¬1) م ز ع: لشريكين. والتصحيح من ب؛ والكافي، 1/ 221 و. (¬2) ع: فإذا. (¬3) ع + أنكر البيع ثم ادعى الأول. أي ليس بإكذاب للشاهدين. (¬4) ع: امرأته. (¬5) ع - الأول. (¬6) م ز: على أحدهما. (¬7) ع: باطلة. (¬8) ز: لا يجوز. (¬9) ز ب: لم يبينوا.

في يدي رجل واحد فأقام البينة أنه باعها من أحد هذين الرجلين لا يعرفونه بعينه فإن شهادتهم باطل (¬1). وإذا كانت الدار في يدي رجل فادعاها (¬2) رجلان كل واحد منهما يقيم البينة أنه اشتراها بألف وهو لا يعلم أيهما أول وأحد الرجلين مكاتب للبائع أو أبن له أو أخ له أو عبد قد عتق بعضه وهو يسعى في بعض قيمته فذلك كله سواء يخيران، إن شاء كل واحد منهما أَخْذَ نصفها بنصف الثمن فله ذلك. وإذا كانت الدار في يد رجل فادعى رجل أنه اشتراها كلها بألف درهم وادعى آخر (¬3) أنه اشترى نصفها بخمسمائة وأدعى آخر (¬4) أنه اشترى الثلثين بستمائة وأقام كل واحد منهم (¬5) البينة ولا يعلم أيهم (¬6) أول فإنهم يخيرون، فإن شاؤوا أخذوها وإن شاؤوا تركوها. فإن أخذوها كان لصاحب الجميع الثلث، وكان السدس بينه وبين صاحب الثلثين نصفين، وكان النصف بينهم (¬7) أثلاثاً، وألزم كل واحد منهم من الثمن بحساب ما لزمه من الدار على حساب ما اشترى في قياس قول أبي حنيفة. وإذا كانت الدار في يدي رجل فادعاها رجلان فأقام أحدهما البينة أنه اشتراها كلها بألف وأقام الآخر (¬8) أنه اشترى نصفها بألف ولا يعلم أيهما أول فهما بالخيار، إن شاءا (¬9) تركاها وإن شاءا (¬10) أخذاها (¬11). فإن ¬

_ (¬1) ع: باطلة. (¬2) ع + فادعاها. (¬3) م ز: الآخر. والتصحيح من ب؛ والكافي، 1/ 221 و. (¬4) م ع: الآخر. والتصحيح من ب؛ والكافي، الموضع السابق. (¬5) م ز ع: منهما. والتصحيح من ب؛ والكافي، الموضع السابق. (¬6) م ز ع: أيهما. والتصحيح من ب؛ والكافي، الموضع السابق. (¬7) م ز ع: بينهما. والتصحيح من ب؛ والكافي، الموضع السابق. (¬8) أي: أقام بينة. (¬9) م ز: إن شاء. (¬10) م ز: شاء. (¬11) ع: إن شاؤوا تركوها وإن شاؤوا أخذوها.

أخذاها (¬1) أخذ صاحب الجميع ثلاثه (¬2) أرباع الدار وأخذ صاحب النصف ربع الدار بنصف الألف في قياس قول أبي حنيفة. وإذا كانت الدار في يدي رجل فادعاها رجلان أحدهما يدعي الشراء بألف درهم والقبض والآخر يدعي الرهن بألف درهم والقبض وأقام كل واحد منهما البينة فكان عرف الأول منهما فهى للأول. وإن (¬3) لم يعلم فصاحب الشراء أحق، يُقضى بها (¬4) له (¬5)، ويبطل الرهن. وإذا ادعاها رجلان فادعى أحدهما الشراء وادعى الآخر الصدقة أو الهبة (¬6) وأقاما (¬7) جميعاً البينة على القبض فإن صاحب الشراء أولاهما. وإن كانت الصدقة قبل الشراء قضي بها لصاحب الصدقة، لأنها أول. وكذلك الهبة مع الشراء والنحلى والعطية والعمرى. وإن لم تكن (¬8) قبل الشراء وكانت الدار في يدي صاحب الصدقة ولا يعلم أيهما أول فصاحب الصدقة أولى بها إلا أن يقيم صاحب الشراء البينة أنه أول. وكذلك الشراء مع الهبة والعطية والعمرى والرهن، كله سواء، وهو بمنزلة الصدقة. وإذا كانت الدار في يد رجل فادعى رجل أنه ارتهنها بألف وقبضها وادعى آخر مثل ذلك وأقاما جميعاً البينة فإنه ينبغي في القياس أن لا يكون رهناً لواحد منهما. وبهذا نأخذ. وأما في الاستحسان فيكون لكل واحد منهما نصفها رهناً (¬9) بنصف حقه. وإذا كانت الدار في يدي رجل فادعى رجل أنه ارتهنها بألف وقبضها وادعى آخر هبة على عوض وقبضها وقبض العوض وأقام كل واحد منهما البينة على ذلك فإنه يقضى بها للذي ادعى الهبة؛ لأن الهبة على عوض بيع. ولو كانت هبة بغير عوض قضيت (¬10) بها لصاحب الرهن مِن قِبَل أنه قد ¬

_ (¬1) ع: أخذها. (¬2) م ع: ثلثة. (¬3) ع: فإن. (¬4) ز ع: بقضائها. (¬5) ع - له. (¬6) ع: والهبة. (¬7) ز: وأقساما. (¬8) ز: لم يكن. (¬9) ع - رهناً. (¬10) ز: فقضيت.

أنفذ (¬1) في ذلك ماله. وقد كان ينبغي في قياس القول الذي قلنا قبل هذا أن يكون لصاحب الهبة. وإذا كانت الدار في يد رجل فادعاها رجلان وأقام كل واحد منهما بينة أنه تصدق بها عليه وقبضها (¬2) فإنه لا يقضى بها لواحد منهما؛ لأنه إنما يقع لكل واحد منهما نصفها غير مقسوم. فإن شهدت شهود أحدهما أنه أول فهي للأول. فإن شهدوا بذلك ولم يوقتوا وهي في يدي (¬3) واحد منهما فهي للذي هي في يديه. ولو أقام رجل بينة على بيع وسمى الثمن وهي في يد المتصدق عليه لم أقبل ذلك حتى يشهدوا أنه اشتراها قبله. وإذا كانت الدار في يدي ثلاثة (¬4) رهط فادعى أحدهم (¬5) الجميع وادعى الآخر النصف وادعى الثالث الثلثين وليست لهم بينة فإن لكل واحد منهم ما في يديه، ويحلف كل واحد منهم على دعوى صاحبه. فإن حلفوا فلكل واحد منهم الثلث. وإن نكلوا (¬6) عن اليمين في دعوى صاحب الجميع وحلف صاحب الجميع لهما (¬7) فإن الدار كلها له. وإن نكلوا عن اليمين لصاحب الثلثين وحلفوا لصاحب الجميع والنصف أعطي صاحب الثلثين الثلث الذي كان في يديه، ويأخذ سدس الجميع مما في يد صاحب الجميع، وسدس الجميع مما في يد صاحب النصف، ويكون لصاحب النصف سدس الجميع. فإن نكلوا عن اليمين لصاحب النصف وحلّفوا الباقين لصاحب الثلثين ولصاحب الجميع، فلصاحب (¬8) النصف الثلث الذي كان في يديه، ويأخذ (¬9) سدس الجميع مما في يد صاحب الجميع، ونصف سدس ¬

_ (¬1) ع: أنقد. وفي الكافي: نقد. انظر: 1/ 221 و. وفي المبسوط: نفذ. انظر: 16/ 167 وأنفذ هنا بمعنى دفع. (¬2) ع - وقبضها. (¬3) ع: في يد. (¬4) م ع: ثلثه. (¬5) م ع: أحدهما. (¬6) ز: نكلها. (¬7) ع: لها. (¬8) ز ع: ولصاحب. (¬9) ز + نصف.

باب ما لا يكون بين الرجلين فيه خصومة

الجميع مما في يدي (¬1) صاحب الثلثين. وإن نكل صاحب الجميع عن اليمين لصاحب النصف وحده وحلف بعضهم لبعض فإن لصاحب النصف الثلث الذي هو في يديه، ويأخذ من صاحب الجميع نصف سدس الجميع مما في يديه. وإذا قامت لهم جميعاً البينة فإن لصاحب النصف الثمن ولصاحب الثلثين الربع ولصاحب الجميع خمسة عشر سهماً من أصل (¬2) أربعة وعشرين سهماً في قول أبي حنيفة. وإذا كانت الدار في يدي رجلين وعبد أحدهما والعبد تاجر قد أذن له مولاه في التجارة وعليه دين وكل واحد منهم يدعي الدار كلها فإنها بينهم أثلاثاً. وإن لم يكن على العبد دين فالدار بين الرجلين (¬3) الحرين نصفين، ولا ينظر إلى ما في يدي العبد؛ لأن ما في يديه لمولاه. وإذا كانت الدار في يدي رجل فادعاها (¬4) رجل أنه اشتراها من آخر وهو يملكها (¬5) يوم باعها والذي هي في يديه يقول: ليست الدار لي، فإني أقضي بالدار للمدعي إلا أن يقيم البينة الذي هي في يديه أنها عارية في يديه أو بإجارة أو هي رهن في يديه أو هي [في] يده (¬6) بوكالة بالقيام (¬7) عليها من رجل غير البائع. فإن أقام على ذلك بينة فلا خصومة بينه وبين الطالب. فإن جاء المشتري ببينة بأن ذلك الرجل قد سلطه على قبضها من هذا الساكن قبضها (¬8) وقضي له بذلك. ... باب ما لا يكون بين الرجلين فيه خصومة وإذا كانت الدار في يدي رجل رهناً والراهن غائب فجاء رجل يدعيها ¬

_ (¬1) ع: في يد. (¬2) ز - أصل. (¬3) ع: رجلين. (¬4) ع: وادعاها. (¬5) ز: تملكها. (¬6) ع - أو هي يده. (¬7) ع: القيام. (¬8) م ز ع ب: فقبضها.

وأقام بينة فإني أسأل المرتهن بينة أنها رهن في يديه. فإن أقام على ذلك بينة أنها رهن في يديه فلا خصومة بينهما. وكذلك لو كان المرتهن الذي هي في يديه غائباً وكان (¬1) الراهن حاضراً. وكذلك لو كانت في يدي رجل بإجارة أو عارية أو بوكالة بالقيام عليها من رجل أو سكنى فلا خصومة بينه وبين المدعي بعد أن يقيم البينة أنها في يديه على ما ذكرت لك. وإذا لم يقم البينة جعلته خصماً. وإذا كانت الدار في يدي رجل بإجارة بشهادة الشهود وغاب رب الدار فجاء مدع (¬2) يدعي الدار وأقام بينة أنها داره فإني أسأل المدعى عليه بينة أنها لغيره دفعها إليه. فإن جاء ببينة (¬3) على ذلك فلا خصومة بينه وبين المدعي مِن قِبَل أنه أقام البينة أنها لغيره وأنها دُفعت إليه. ولو (¬4) لم (¬5) يقم بينة على ذلك ولم يدّع (¬6) الإجارة ولكنه قال: أنا في دار ليست لي، ولم ينسبها إلى أحد، جعلته خصماً فيها، لأنه لم يخرجها من ملكه بشهود. وإذا كانت الدار في يدي رجل يدعي أن فلاناً أسكنها إياه وجاء رجل فادعى أنه اشتراها من الذي أسكنها هذا فإني لا أقبل بينة على هذا، ولا أجعل بينه وبين هذا خصومة، ولا أكلف الذي هي في يديه بينة، مِن قِبَل أن (¬7) الطالب قد أقر أنها للذي أسكنها هذا. فإن جاء الطالب ببينة (¬8) أن (¬9) الذي باعه وكله بقبضها أو سلطه على أخذها منه قضيت بالتسليط والوكالة وأنفذت ذلك. وإذا كانت الدار بين رجلين وارثين أو شريكين بغير ميراث وأحدهما غائب والآخر شاهد فادعى رجل أنه اشترى من الغائب نصيبه وأقام عليه بينة فإني لا أقبل منه ذلك؛ لأن خصمه غائب، ولأن الذي في يديه الدار مقر ¬

_ (¬1) ع: فكان. (¬2) م ز ع: مدعي. (¬3) ع: بينة. (¬4) ع - ولو. (¬5) ع: ولم. (¬6) م ز: ولو لم يدعي. (¬7) ع - أن. (¬8) ز: بينة. (¬9) ع: على.

بحق الغائب والآخر غائب. ولو كانت ميراثاً بينهما فادعى الطالب أنه أشترى بعضها أو كلها من الميت الذي ورثها عنه قضيت له على الشاهد والغائب بجميع ما قامت عليه البيتة (¬1) مِن قِبَل أن الشاهد خصمه في ذلك. وإذا (¬2) كانت الدعوى (¬3) على الميت فأي الووثة حضر فهو خصم. ألا ترى أنه لو أقام على الميت بينة بدين كان الذي يحضر من الورثة خصماً (¬4) في ذلك. وكذلك لو كانوا اقتسموا الدار أو لم يقتسموها (¬5). والقضاء في ذلك جائز على الصغير والكبير إذا قامت البينة. وإذا كانت الدار في يدي رجل بشراء فاسد فادعاها آخر فهذا المشتري خصمه فيها؛ لأن المشتري يملك الرقبة ويدعيها، فهو خصم. وإذا كانت الدار في يدي رجل فادعاها آخر وأقام كل واحد منهما بينة أنه اشتراها من رجل واحد والمدعي هو الأول (¬6) ولم ينقد الثمن والبائع غائب فإني أقضي بها للمدعي، وأستوفي منه الثمن. فإن كان الذي هي في يديه قد نقد الثمن أعطيته الثمن قصاصاً، وإن كان فيه فضل أمسكه على البائع. ولا أعطيه الثمن قصاصاً بما زعم له أنه أعطى البائع من الثمن ببينة، لأني لا أقضي على الغائب، ولكن إن كان البائع أقر عند القاضي قبل غيبته بذلك أعطى القاضي الذي كانت الدار في يديه الثمن (¬7) قصاصاً على ما وصفت لك. ولو كانت الدار في يديه بصدقة أو هبة أو بيع لم (¬8) ينقده الثمن فأقام هذا بينة أنه اشتراها قبله دفعتها إليه وأخذت منه الثمن للبائع. وإذا باع الرجل (¬9) جارية (¬10) من رجل ثم غاب المشتري لا يدرى أين ¬

_ (¬1) م ز: بينة. (¬2) ع: وإن. (¬3) م ز: الدعى؛ ع + الدعوى. (¬4) م ز ع: خصم. (¬5) ز: لم يقتسمونها. (¬6) أي: الأول وقتاً. كذا في هامش ب. والمقصود أن المدعي هو الخارج الذي ليست الدار في يده. (¬7) م ز ع: بالثمن. (¬8) ع: ولم. (¬9) ع - الرجل. (¬10) ع: الجارية.

باب اختلاف الشهادة

هو وأقام البائع على ذلك بينة فإني (¬1) أبيع (¬2) الجارية على المشتري وأنقد البائع الثمن وأستوثق منه بكفيل. فإن كانت وضيعة فعلى المشتري. وإن كان فضل فله. وإن كان يعرف أين المشتري لم أبع. وإذا كانت الدار في يدي رجل فادعاها رجل وقال الذي هي في يديه: إنما أنا مستأجر، فإن أقر المدعي بذلك فلا خصومة بينهما. وكذلك إن قامت بينة ولم يقر (¬3). وكذلك هذا في العروض والذهب والفضة والحيوان والثياب كلها. ... باب اختلاف الشهادة وإذا شهد رجل أن فلاناً طلق امرأته يوم الجمعة بالبصرة وشهد الآخر أنه طلقها يوم الجمعة- لليوم الذي شهد فيه هذا- بالكوفة فالشهادة باطل لا تجوز (¬4) مِن قِبَل أنهما قد اختلفا في الشهادة. وإذا شهد هذا أنه طلقها بالكوفة وشهد آخر أنه طلقها بالبصرة ولم يوقتا يوماً فشهادتهما جميعاً جائزة، ولا يشبه هذا الباب الأول. وإذا كانت الدار في يدي رجل فادعى آخر (¬5) أنها له وأقام شاهدين فشهد أحدهما أنه اشتراها منه بألف وشهد آخر أنه (¬6) وهبها له وقبضها (¬7) فهذا اختلاف في الشهادة، وهو باطل مِن قِبَل أن المدعي إذا ادعى (¬8) شهادة أحدهما فقد أكذب الآخر. وكذلك لو شهد أحدهما على هبة وشهد الآخر على ميراث. وكذلك لو شهد شاهد على هبة وشهد آخر على رهن. وكذلك لو شهد أحدهما على وصية وشهد الآخر (¬9) على ميراث. فهذا ¬

_ (¬1) م ز ع: فإن. (¬2) ع: ابتع. (¬3) ع: يقر. (¬4) ز: لا يجوز. (¬5) م - آخر، صح هـ؛ ع - آخر. (¬6) ع - أنه. (¬7) ع - له وقبضها. (¬8) ز: إذا ذعا. (¬9) ع: آخر.

باطل لا يجوز، لأن كل واحد من الشاهدين يكذب صاحبه، وأيهما ادعى الطالب شهادته فقد أكذب الآخر. وكذلك الرقيق والحيوان كله والعروض كله والثياب في ذلك كله. وإذا ادعى رجل داراً في يدي رجل أنه وهبها له ولم (¬1) يتصدق بها عليه ثم أقام شاهدين على الصدقة أنه تصدق بها عليه وقال (¬2): لم يهبها لي قط، وادعى الهبة عند القاضي فإن هذا إكذاب للشاهد (¬3). وكذلك لو ادعى أنها ميراث لم يشترها قط (¬4) ثم جاء بعد ذلك فقال: هي لي بشراء (¬5) ولم أرثها (¬6) قط، وجاء بشاهدين على الشراء (¬7) منذ (¬8) سنة فهذا باطل لا يجوز. وإذا ادعى أنها هبة ولم يقل: لم يتصدق علي بها قط، ثم جاء بعد ذلك بشهود على الصدقة وقال: لما جحدني الهبة سألته أن يتصدق بها علي ففعل، فإني أجيز هذا مِن قِبَل أنه ليس بإكذاب لشهوده. وكذلك لو قال: ورثتها (¬9)، ثم قال: جحدني الميراث فاشتريتها منه، وجاء بشاهدين على الشراء فإني أجيزها له. وليس هذا كالباب الأول؛ لأن هذا لم يكذب شهوده، والأول قد أكذب شهوده. وإذا ادعى الرجل داراً فشهد له شاهد أنه اشتراها من فلان وشهد له شاهد آخر أنه اشتراها من فلان آخر فإن هذا لا يجوز؛ لأنهما قد اختلفا. وإذا كانت الدار في يدي رجل فادعى رجل أنه ارتهنها وجاء بشاهدين فشهد أحدهما أنه ارتهنها بألف وشهد الآخر أنه ارتهنها (¬10) بكر حنطة فإن ¬

_ (¬1) م ز ع: وإن لم. (¬2) ز: أو قال. (¬3) م ع: الشاهد. (¬4) ز - وادعى الهبة عند القاضي فإن هذا إكذاب للشاهد وكذلك لو ادعى أنها ميراث لم يشترها قط. (¬5) م هـ + أو قال هي لي بشرى؛ ز + أو قال هي لي بشرا. (¬6) م ز ع: ولم أرتهنها. والتصحيح من الكافي، 1/ 221 ظ. (¬7) م ز: على الرهن. (¬8) ع: منه. (¬9) ز: ورثها. (¬10) ع - بألف وشهد الآخر أنه ارتهنها.

باب الشهادة في الشفعة

شهادتهما باطل (¬1) لا تجوز (¬2). وكذلك لو شهد أحدهما بألف وشهد الآخر بألفين. وكذلك ألف ومائة دينار. فإذا اختلفوا فيما وقع به الرهن (¬3) واختلفوا في الأيام والبلدان وهم يشهدون على معاينة القبض فهو جائز؛ لأن القبض قد يكون غير مرة (¬4). وقال محمد: إن شهدوا على معاينة قبض الرهن ولم يشهدوا بالإقرار في القبض لم تجز (¬5) الشهادة. وكذلك إذا شهدوا (¬6) على إقرار الواهب والمتصدق والراهن. ... باب الشهادة في الشفعة قال محمد: وإذا طلب الرجل الشفعة في دار فأقام شاهدين (¬7) فشهدا أن المشتري اشتراها فشهد أحدهما بألف والآخر بألفين والمشتري يقول: ثلاثة آلاف، فإن شهوده لا يقبلون منه، ويقال: أتأخذها (¬8) بما يقول المشتري؟ وإلا فدعها (¬9). وكذلك لو شهد أحدهما على دنانير (¬10) وشهد الآخر على دراهم. وكذلك لو شهد أحدهما على دراهم وشهد الآخر على (¬11) عروض. ¬

_ (¬1) ع: باطله. (¬2) ز: لا يجوز. (¬3) وعبارة الحاكم: وإذا شهد شاهدان بالرهن واختلفا في الأيام والبلدان .. انظر: الكافي، 1/ 222 و. وعبارة السرخسي: فإن اتفقا على ذلك واختلفا في الأيام والبلدان ... انظر: المبسوط، 16/ 173. (¬4) ع: مود. (¬5) ز: لم يجز. (¬6) ع: إذا شهد. (¬7) ز: شاهدان. (¬8) ز: أيأخذها؛ ع: أنا آخذها. (¬9) ز: فدعاها. (¬10) ع: على دينانير. (¬11) ع - دراهم وكذلك لو شهد أحدهما على دراهم وشهد الآخر على.

باب كتاب القاضي إلى القاضي بغير عنوان

وإذا طلب الرجل الدار بالشفعة فأقام شاهدا أن الذي الدار في يديه اشتراها من فلان وشهد الآخر أنه اشتراها من فلان لرجل آخر فإن ذلك لا يجوز. وإذا اتفق الشاهدان على المال الذي يشهدان به على رجل وهو إقرار لم يضرهما اختلاف البلدان والأيام والأمكنة. ولو شهدا عليه بإقرار فقالا: كنا جميعاً، فقال أحدهما: كنا في البيت، وقال الآخر: كنا في المسجد، لم (¬1) يضرهما ذلك. ولو قال أحدهما: كان بالغداة (¬2)، وقال الآخر: كان بالعشي، أو اختلفا (¬3) في البلدان فقال أحدهما: كنا في بلد كذا وكذا، وقال الآخر: كنا في بلد آخر، والشهادة إقرار (¬4) فإنها جائزة إذا كانا عدلين؛ لأني لا أكلفهما حفظ الأمكنة والأيام والبلدان. أرأيت لو اختلفا في الثياب التي كانت عليهما أو على الطالب أو في المركب أو اختلفا فيمن حضرهما أكنت (¬5) أبطل شهادتهما. لا (¬6) أكلفهما حفظ ذلك. إذا أثبتا (¬7) الشهادة بعينها لم أكلفهما (¬8) ما سوى ذلك (¬9). ... باب كتاب القاضي إلى القاضي بغير عنوان (¬10) وقالى أَبو يوسف: إذا أتى كتاب القاضي إلى قاض آخر وليس عليه عنوان وهو مختوم بخاتمه فشهد الشهود أنه كتاب فلان إلى فلان وخاتمه (¬11) ¬

_ (¬1) ع: ولم. (¬2) ع: الغداة. (¬3) ع: واختلفا. (¬4) أي: شهدا على إقرار. (¬5) ز: أكتب. (¬6) م ز ع: شهادتهم لا. (¬7) ع: إذا ثبت. (¬8) م ز: لم أكلفهم؛ ع: لم لم أكلفهم. (¬9) ز + هذا الباب معاد في كتاب أقرب القاضي. (¬10) م هـ + هذا الباب معاد في كتاب أدب القاضي. (¬11) ع: وحاله.

وزكوا فإنه يفتحه بعد أن شهد على الكتاب والخاتم. فإن لم يكن في داخله اسم القاضي الذي كتب والمكتوب إليه فإنه لا يقبله. وإن كان فيه أسماؤهما بغير أسماء الآباء فإنه لا يقبله. وإن كان فيه أسماؤهما وأسماء الآباء فإنه يقبله. وقال أَبوحنيفة: لا أقبله حتى يشهدوا على ما في جوفه. وهو قول محمد. وإن كان فيه كناهما (¬1) وليس فيه أسماؤهما فإنه لا يقبله إلا أن تكون الكنى (¬2) مشهورة (¬3) كشهرة أبي حنيفة. وإن كان فيه اسم أحدهما واسم أبيه وكنيته واسم الآخر (¬4) وهو غير مشهور فإنه لا يجوز. ولو كان فيه اسم أحدهما واسم أبيه وكان اسم الآخر بغير اسم أبيه فإنه لا يجوز. وإن كان فيه "من فلان إلى ابن فلان" فإنه لا يجوز. ولو كتب اسم القاضي ونسبه إلى جده ولم ينسبه إلى أبيه لم يجز. ولو لم يكن في داخل الكتاب الأسماء ولا الكنى وكان فيه: عافانا الله وإياك، فإنه لا يجوز. ولو كان على عنوانه أسماؤهما (¬5) وأسماء آبائهما لم يجز إذا لم يكن في داخله. ولو كتب القاضي إلى الأمير الذي استعمله وهو في المصر معه: أصلح الله الأمير، ثم اقتص (¬6) القصة والشهادة وجاء بكتابه ثقة يعرفه الأمير فإن أمضاه فهو جائز؛ لأنه في المصر. وأستحسن (¬7) هذا. ولو كان في مصر آخر أبطلته ولم أنفذه حتى يكتب باسم الأمير واسم أبيه واسم القاضي واسم أبيه. محمد عن حفص (¬8) عن عامر (¬9) الشعبي قال: كتب عمر بن ¬

_ (¬1) ع: كتابهما. (¬2) ز: أن يكون الكاتب؛ ع: أن يكون الكتابة. (¬3) ز: مشهورا. (¬4) ع: الأخرى. (¬5) ز: أسماؤها. (¬6) ز ع: ثم اقبض. (¬7) ز: أستحسن. (¬8) ز: عن حفض. (¬9) م ز ع + عن. والتصحيح من البيان والتبيين للجاحظ، دار صعب، بيروت، د. ت، 1/ 289؛ وأخبار القضاة لوكيع، عالم الكتب، بيروت، د. ت، 1/ 74.

الخطاب إلى معاوية بن أبي سفيان: أما بعد، فإني كتبت إليك [بكتاب] (¬1) في القضاء لم آلُكَ ونفسي فيه [خيراً] (¬2). الزم خمس (¬3) خصال أو خلال يسلم لك دينك وتأخذ (¬4) فيه بأفضل حظك: إذا تقدم إليك الخصمان فعليك بالبينة العادلة أو اليمين (¬5) القاطعة. وأدن (¬6) الضعيف حتى يشتد قلبه ويبسط (¬7) لسانه. وتعاهد الغريب، فإنك إن لم تتعاهده (¬8) ترك حقه ورجع إلى أهله، وإنما ضيع حقه من لم يرفع به رأساً. وعليك بالصلح (¬9) بين الناس ما لم يستبن لك فصل (¬10) القضاء. والسلام (¬11). محمد عن أبي يوسف عن أبي بكر ابن عبد الله (¬12) بن أبي مليكة عن عبد الله بن عبد الرحمن رفع حديثه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من الحزم أن تستشير (¬13) أولي الرأي ثم تطيعهم" (¬14). محمد عن أبي يوسف عن علي بن أبي محمد عن عبد الرحمن بن يزيد رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل: ما الحزم يا رسول الله؟ قال له: "أن ينظر الرجل إلى ذي رأي يستشيره (¬15) ثم يطيعه". ... ¬

_ (¬1) الزيادة من المصدرين السابقين. ووقع في نسخة الكافي: بكتابي. انظر: 1/ 222 و. وفي المبسوط: كتابا. انظر: 16/ 65. (¬2) الزيادة من المصادر السابقة. (¬3) م ع + خمس. (¬4) ز ع: ويأخذ. (¬5) ز: واليمين. (¬6) ز: واذن. (¬7) ز: وبسط. (¬8) م ز: لم تعاهده؛ ع: لم تعاهد. (¬9) ز - بالصلح. (¬10) م ع: فضل. (¬11) م: والسلم. انظر المصادر السابقة. (¬12) ع - بن عبد الله. (¬13) ز ع: أن يستشير. (¬14) ز: ثم يعطيعهم؛ ع: ثم يطيعهم. وانظر: المراسيل لأبي داود، 334؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 10/ 112. (¬15) م ز: يستشير به.

باب الشهادة بالإقرار

باب الشهادة بالإقرار قال محمد: وإذا شهد شاهدان أن فلاناً أقر بأن هذا الثوب ثوب فلان وهو في يديه فشهد شاهدان أن فلاناً الذي شهدا له أقر أنه لفلان الذي شهدا (¬1) عليه والثوب في يد أحدهما فهو للذي هو (¬2) في يديه؛ لأنه في هنه الحال مدعي، وإذا أقام رجل (¬3) البينة أن فلاناً أقر بهذه الدار له وأقام الآخر البينة أن هذا أقر بها له وهي في أيديهما فهي بينهما نصفان. وإذا كانت الدار في يدي رجلين فأقام كل واحد منهما بينة على صاحبه أن فلاناً أقر بها له ووقّت في ذلك وقتاً فإنها للذي وقّت آخِراً، ولا يشيه هذا ما سواه من البيع (¬4). وإذا أقام بينة أنه باع هذه الدار من فلان منذ سنة وأقام الآخر البينة مُذْ (¬5) سنتين (¬6) فهي (¬7) للذي أقام البينة على سنتين، ولا يشبه هذا الإقرار. وقال: إذا لم يوقتا وقتاً فهي للذي هي (¬8) في يديه. ... باب الشهادة في الدين قال محمد: وإذا ادعى رجل على رجل ديناً وجاء برجلينا فشهد أحدهما بألف وشهد الآخر بألف وخمسمائة فإنه يجوز عن ذلك الألف؛ لأنهما قد أتفقا على ألف وزاد الآخر خمسمائة. فإن كان الطالب يدعي ¬

_ (¬1) ع: شهد. (¬2) ع - هو. (¬3) ع - رجل. (¬4) وعبارة الكافي: ولا يشبه هنا البيع. انظر: 1/ 222 و. وتمام العبارة يوضح ذلك. (¬5) ز: منذ؛ ع: على. (¬6) ز: سنين. (¬7) ع: وهي. (¬8) ع - هي.

"الدين" (¬1) فإنه يجوز له ألف. وكذلك إن ادعى ألفاً (¬2) وخمسمائة. وإذا ادعى الطالب ألفاً فقد أكذب شهادة الذي شهد بألف وخمسمائة. وإذا ادعى رجل على رجل ديناً وأقام عليه شاهدين (¬3) فشهدا عليه بإقراره بألف واختلفا في البلدان والأيام والشهور واتفقا في الألف فشهادتهما جائزة مِن قِبَل أنهما شهدا على الإقرار، ولا تبطل الشهادة إذا اتفقا على المال بعد أن يكون (¬4) الاختلاف في الأيام والبلدان والشهور. وكذلك لو اختلفا في المنزل الذي كان فيه الشهادة. وكذلك لو قالوا: كنا جميعاً، فقال أحدهما: كنا في بيته، وقال الآخر: كنا في مسجد، أو قال أحدهما: كنا في الغداة، وقال الآخر: كان ذلك بالعشي، أو اختلفا (¬5) في البلدان فقال أحدهما: كنا في بلد كذا وكذا، أو قال الآخر: كنا في بلد كذا وكذا،، والشهادة إقرار فإن شهادتهما جائزة إذا كانا عدلين؛ لأني لا أكلفهما حفظ الأيام والبلدان والأمكنة والشهور، إنما أكلفهم حفظ الشهادة بعينها. فإذا شهدا بها (¬6) وهي إقراره لم يضرهما عندي لو اختلفا فيما سوى ذلك. أرأيت لو اختلفا في الثياب التي كانت عليهما أو على الطالب أو على المركب الذي كانا عليه (¬7) واختلفا فيمن حضر ذلك معهما فقال أحدهما: كان معنا فلان، وقال الآخر: لم يكن معنا فلان، أكنت (¬8) أبطل شهادتهما بهذا (¬9)، فأنت تعلم من نفسك أنك تحفظ الشهادة وتذكرها ولا تحفظ (¬10) المجلس الذي كانت فيه ولا المركب ولا اللباس ولا من حضر ذلك ممن غاب عنه. وإن الشاهد لا يكلف حفظ هذا يوم يشهد، وليس هذا عليه. وإذا شهد شاهدان على رجل بدين واختلفا (¬11) فقال أحدهما: دينار، ¬

_ (¬1) ز: بالذين. (¬2) م ز ع: ألف. (¬3) ع: بشاهدين. (¬4) م ز ع + إقرار. (¬5) م ز ع: واختلفا. (¬6) م ز: فإذا شاها؛ ع: فإذا شاهداها. ولفظ ب: فإذا بيتا الشهادة بعينها. (¬7) ع: عليها. (¬8) ز: أكتب. (¬9) ز: بهذه. (¬10) ز: ويذكرها ولا يحفظ. (¬11) ع: وإن اختلفا.

وقال الآخر: عشرة (¬1) دراهم، أو قال أحدهما: كُرّ حنطة، وقال الآخر: كُرّ شعير، واتفقا في الأيام والبلدان والساعات فإني أبطل شهادتهما، ولا ينفعهما اتفاقهما في الأيام والبلدان؛ لأنهما اختلفا في صلب الشهادة. فكذلك (¬2) لا يضرهما اختلاف الأيام والبلدان إذا اتفقا في صلب الشهادة بعد أن يكون إقراراً. وإذا كان عمد قتل أو قطع أو غصب فشهد أحدهما أنه غصبه يوم كذا وكذا وشهد الآخر على إقراره به فإن ذلك باطل (¬3) لا يجوز. وكذلك القطع والقتل. وكل شهادة تكون (¬4) هكذا (¬5) فشهد أحدهما على فعل والآخر على كلام فهو باطل لا يجوز؛ لأن الفعل غير المنطق، فهذا اختلاف يضر بالشهادة. ولو شهدا جميعاً أنه قتله (¬6) فشهد أحدهما أنه قتله (¬7) بالكوفة وشهد الآخر أنه قتله بالبصرة، أو شهد أحدهما أنه قتله في شهر وشهد الآخر أنه قتله في شهر آخر، أو شهد أحدهما أنه أقر أنه قتله (¬8) في يوم والآخر في يوم آخر، فإن هذا باطل؛ لأنهما قد اختلفا، ولأن هذا فعل لا يكون (¬9) في يومين متفرقين ولا في مكانين. وكذلك قطع اليد. ولو شهدا على إقراره بهذا فقال أحدهما: أشهد أنه أقر أنه قتله (¬10) بالكوفة، وقال الآخر: أشهد أنه أقر أنه قتله (¬11) بالبصرة، وإن جائزاً؛ لأنهما شاهدان (¬12) على الإقرار (¬13). وكذلك إذا اختلفا في الأيام والشهور؛ لأن الإقرار مخالف للفعل (¬14). [لم يرو أبو مطيع من هاهنا] (¬15). وإذا كانت الدار في يدي رجل فادعى رجل أنه ارتهنها بألف وجاء ¬

_ (¬1) ع: عشر. (¬2) م ز: فلذلك. (¬3) ز: بط. (¬4) ز: يكون. (¬5) ع: هذا. (¬6) ز: قبله. (¬7) ز: قبله. (¬8) ز: قبله. (¬9) ز + قتلا. (¬10) ز - قتله. (¬11) ز: قبله. (¬12) م ز: شاهدين. (¬13) ع: على إقرار. (¬14) م ز ع: الفعل. (¬15) كذا وقعت هذه العبارة هنا في م ز ع. وقد وضعناها بين معقوفتين لأننا لم نهتد إلى قائلها. وفي ب: من هنا لم يروه أَبو مطيع. ولعله أَبو مطيع البلخي، صاحب الإمام =

بشاهدين (¬1) فشهد أحدهما أنه ارتهنها بألف وشهد الآخر أنه ارتهنها بكُرّ حنطة فإن شهادتهم باطل (¬2) لا تجوز (¬3). وكذلك الشرى (¬4). فإن اتفقوا فيما وقع به الرهن واختلفوا في الأيام أو في البلدان فإن الشهادة جائزة. وكذلك الشرى (¬5) والهبة (¬6) والصدقة. وإذا اختلف شهود الصدقة في الأيام والبلدان وهم يشهدون على معاينة القبض فإنه جائز؛ لأن القبض قد يكون مرتين وثلاثاً (¬7). وقال محمد: لا يجوز؛ لأن القبض الأول غير القبض الثاني. ولو شهدوا على إقرار الواهب والمتصدق كان جائزاً. فإذا ادعى رجل ثوباً في يدي رجل فقال: ذهب مني مُذْ (¬8) عشرة أيام، وأقام على ذلك شاهدين فشهد أحدهما أنه ذهب منه مُذْ (¬9) عشرة أيام وشهد الآخر أنه ذهب منه منذ (¬10) خمسة عشر يوماً فإن الشهادة باطل (¬11)؛ لأنه يدعي خلاف ما قال الشاهد (¬12) الذي شهد بخمسة عشر. ولو أنه حيث ادعى لم يقل (¬13) شيئاً آخر أجزت الشهادة. وقال أَبو يوسف ومحمد: إذا شهد الوصي على الميت أو على رجل بدين للميت فشهادة الوصي على الميت بدين جائزة، وشهادته بدين للميت باطل (¬14). وقال أَبو يوسف ومحمد: إذا شهد الوصي بدين على الميت (¬15) ¬

_ = أبي حنيفة، توفي سنة 98 هـ. فمن المحتمل أن يكون الإمام محمداً أخذ بعض آراء أبي حنيفة رواية عنه. وقد يكون العكس. أي: أن أبا مطيع روى عن الإمام محمد. لكن لم تذكر المصادر أن أبا مطيع روى عن محمد بن الحسن. وقد يكون أَبو مطيع هذا شخصاً آخر من رواة الكتاب. والله أعلم. (¬1) م: شاهدين. (¬2) ع: باطلة. (¬3) ز: لا يجوز. (¬4) ع: المشترى. (¬5) ع - الشرى. (¬6) ع: الهبة. (¬7) م ز ع: وثلث. (¬8) ع: منذ. (¬9) ع: منذ. (¬10) م ز - منذ. (¬11) ع: باطلة. (¬12) ز: الشاهدي؛ ع: قالوا لشاهد. (¬13) م ع: ولم يقل. والتصحيح مستفاد من ب؛ والكافي، 1/ 222 و. (¬14) ع: باطلة. (¬15) ز: للميت.

لبعض الورثة فإن ذلك جائز على الكبار، ولا يجوز على الصغار. وكذلك لو شهد أن للوارث على هذا حقاً (¬1) فإن شهادته على (¬2) الكبار جائزة، والصغار باطل (¬3). قلت: لمَ؟ قال: لأنه لا يقبض للكبار (¬4)، ويقبض للصغار، فلا تجوز (¬5) شهادته لنفسه. وقال محمد: وإذا قضى القاضي على رجل بأرض أو بدار في يديه وأقام الطالب على ذلك بينة وقد دفعها القاضي إليه ببنائها ثم إن المقضي له أقر ببنائها (¬6) للمقضي عليه فإنه (¬7) يدفع ذلك إليه. وكذلك إن أقام المقضي عليه البينة أنه قد بنى فيها بناء فهو له إلا أن يشهد الشهود أن هذه الدار لهذا المدعي ببنائها (¬8). فإن شهدوا ببنائها فأقر هو بالبناء للمقضي عليه أبطلت الشهادة، لأنه أكذبهم. وإذا وكلت امرأة رجلين أن يزوجاها (¬9) فزوجاها (¬10) ثم جاءا (¬11) يشهدان (¬12) أنه طلقها ثلاثاً وهي تدعي أو تنكر (¬13) فهو جائز، والطلاق واقع. وكذلك إذا كانا عمين فزوجا ابنة أخ لهما وهي صغيرة ثم شهدا على الطلاق فهو جائز أَيضاً مثل الأول؛ لأنهما ليس يجران إلى أنفسهما بشهادتهما (¬14) شيئاً. وكذلك الأخوان إذا زوجا أختهما فهو مثل ذلك (¬15). ¬

_ (¬1) م ز ع: حق. (¬2) م ز - على. (¬3) ع: باطلة. (¬4) م ز ع: الكبار. (¬5) ز: يجوز. (¬6) ز: بنيايها. (¬7) ع: فإن. (¬8) ز: بينايها. (¬9) ع: أن يزوجها. (¬10) ع - فزوجاها. (¬11) م: ثم جا؛ ز ع: ثم جاء. (¬12) ع: بشاهدين. (¬13) ز: فهي يدعي أو ينكر. (¬14) ع - بشهادتهما. (¬15) م + آخر كتاب الشهادات والحمد لله رب العالمين والصلاة على سيدنا محمد وآله كتبه أَبو بكر بن أحمد بن محمد الطلحي الأصفهاني في سلخ جمادى الأولى سنة تسع وثلاثين وستمائة؛ ع + آخر كتاب الشهادات والحمد لله وحده رب العالمين وصلواته وسلامه على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً وحسبنا الله ونعم الوكيل والحمد لله رب العالمين.

الأَصْلُ للإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَنْ الشَّيْبَانِيِّ (189 هـ - 805 م) تحقيق وَدرَاسَة الدكتور محمَّد بوينوكالن الجزء الثاني عَشَر إصَدارَات وَزَارَة الأَوقاف وَالشّؤون الإسْلاَمية إدارَة الشّؤون الإسْلاَمّية دَولة قَطَر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ طبعه خاصة بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية دولة قطر الطبعَة الأولى 1433 هـ - 2012 م دار ابن حزم بيروت - لبنان - ص - ب 6366/ 14 هاتف وفاكس: 701974 - 300227 (009611) البريد الإلكتروني: [email protected] الموقع الإلكتروني: www.daribnhazm.com

الأَصْلُ للإمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَن الشَّيْبَانِيِّ (12)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

كتاب الرجوع عن الشهادات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب الرجوع عن الشهادات أَبو سليمان قال: أخبرنا محمد بن الحسن عن أبي يوسف عن مطرف بن طريف عن الشعبي أن رجلين شهدا عند (¬2) علي بن أبي طالب على رجل بالسرقة، فقطع يده. ثم أتيا (¬3) بآخر بعد ذلك فقالا (¬4): أوهمنا، إنما السارق هذا. فقال لهما علي: لا أصدقكما على هذا الآخر، وأضمنكما دية الأول. وقال: لو أني أعلم (¬5) أنكما فعلتما (¬6) عمداً قطعت أيديكما (¬7). وبهذا (¬8) كان يأخذ أَبو حنيفة. وبه أخذ أَبو يوسف ومحمد. وقال محمد (¬9): قول علي بن أبي طالب: قطعت أيديكما، تهدّد (¬10) منه (¬11). محمد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة عن حماد أنه كان يقول في ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) ع + عند. (¬3) ع: ثم ابنا. (¬4) ع: فقال. (¬5) ع: لولا أعلم. (¬6) ع + ذلك. (¬7) المصنف لعبد الرزاق، 10/ 88؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 10/ 251؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 4/ 19. (¬8) ع: بهذا. (¬9) م ز: ومحمد. (¬10) ع: فهدد. (¬11) ز: به.

الشاهدين إذا رجعا عن الشهادة (¬1) بعدما قضى القاضي: فإنه ينظر إلى حالهما يوم رجعا. فإن كانا أفضل منهما يوم شهدا صدقهما ورد القضاء وأبطله. وإن كانت (¬2) حالهما يوم رجعا مثل حالهما يوم شهدا (¬3) أو دون ذلك لم يصدقهما، ولم يقبل رجوعهما، ولم يضمنهما شيئاً، وكان القضاء الأول ماضياً (¬4) كله. وقال أَبو يوسف: قال أَبو حنيفة بهذا القول زماناً، ثم رجع عنه فقال: لا أقبل رجوعهما بعد القضاء، ولا أبطل القضاء (¬5) بقولهما الأخير وإن كانا أعدل منهما يوم شهدا (¬6)، ولكني أضمنهما المال الذي شهدا به. وهو قول أبي يوسف ومحمد الذي يأخذان به. محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم بن عتيبة (¬7) عن إبراهيم أنه قال: إذا شهد شاهدان على قطع يد رجل فقضى القاضي بذلك ثم رجعا عن شهادتهما فإن عليهما الدية. فإن رجع أحدهما فعليه نصف دية اليد. وبهذا (¬8) كان يأخذ أَبو حنيفة. وهو قول أبي يوسف ومحمد (¬9). محمد عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن إبراهيم أنه قال: إذا شهد شاهدان على قطع (¬10) رجل بمال فقضى به القاضي ثم رجع أحد الشاهدين فإن عليه نصف المال. وإن رجعا جميعاً كان عليهما المال كله. وذلك قول أبي يوسف ومحمد، وهو قول أبي حنيفة. وقال أَبو يوسف: كتب إلي شعبة (¬11) يذكر عن رجل يقال له: يزيد، عن عامر الشعبي أن رجلين شهدا على رجل أنه طلق امرأته، ففرق القاضي بينهما، ثم تزوجها أحد الشاهدين، ثم رجع عن شهادته، فلم يفرق الشعبي بينهما (¬12). وبه كان يأخذ أَبو حنيفة. ألا ترى أن فرقة القاضي ¬

_ (¬1) ع: عن الشاهدة. (¬2) ع: كان. (¬3) ز: شهداء. (¬4) م ز ع: ماض. (¬5) م ز: القضاة. (¬6) ز: شهداء. (¬7) ع: عيينة. (¬8) ع: ولهذا. (¬9) ع - ومحمد. (¬10) ع + يد. (¬11) ز: سعيه. (¬12) ز - ثم تزوجها أحد الشاهدين ثم رجع عن شهادته فلم يفرق الشعبي بينهما. المصنف لعبد الرزاق، 10/ 90.

جائزة وأن القاضي (¬1) لا يرد المرأة إلى زوجها برجوع الشاهدين ولا يفرق بينها (¬2) وبين الزوج إن كان لها. وكذلك الشاهد إذا كان هو الزوج. وقال أَبو يوسف بهذا القول زماناً ثم رجع فقال: لا يصدق الشاهد على إبطال شهادته الأولى، ولكنه مصدق على نفسه. فإن كان تزوجها فرق بينهما. وهو قول محمد. ولو أن شاهدين شهدا على رجل أنه طلق امرأته ثلاثاً (¬3) فأجاز القاضي ذلك وفرق بينهما ثم رجع الشاهدان عن ذلك فإن القاضي لا يصدقهما على إبطال الطلاق. وإن كانت المرأة تزوجت فهو جائز، ولا يسع الرجل الأول أن يقربها وإن لم يتزوج بعد فرقة القاضي، وإن كان يعلم أنهما شهدا بزور؛ لأن فرقة القاضي فرقة. ألا ترى أنه إن وطئ (¬4) هذه المرأة فقد وطئ حراماً عند القاضي وعند المسلمين، ولا يسعه أن يعمل عملاً يتهم به نفسه عند المسلمين ويكون به عندهم زانياً يقام عليه الحد. ألا ترى أن الزوج الأخير يسعه أن يطأها وهو لا يعلم، فهو في سعة من ذلك. فكيف يسع الزوج الأول أن يطأها، وكيف يحل لها زوجان. وإذا ادعى رجل على رجل (¬5) أنه باعه جاريته هذه بألف درهم، والمشتري يجحد ذلك، فأقام عليه شاهدين (¬6) بذلك، فألزمه القاضي البيع، ونقده الثمن، وقيمة الجارية ألف درهم، والمشتري يعلم أنه لم يشترها، ثم رجع الشاهدان عن شهادتهما، فإنهما لا يصدقان على نقض البيع، والمشتري في حل من وطء الجارية، لأن القاضي قد جعله بيعاً، وألزمه الثمن في قول أبي حنيفة. وقال أَبو يوسف ومحمد أخيراً (¬7): لا ينبغي أن يطأها. وإذا شهد شاهدان على رجل أنه قذف امرأته بالزنى والرجل يعلم ¬

_ (¬1) ع - جائزة وأن القاضي. (¬2) م ز: بينهما. (¬3) م ع: ثلثا. (¬4) ع: لو وطئ. (¬5) ع - على رجل. (¬6) م ز ع: شاهدان. (¬7) ع: خيرا.

أنهما شهدا بباطل فأمره القاضي فالتعن هو وامرأته وفرق القاضي بينهما فإنه لا يسع الزوج أن يطأها أبداً. أرأيت لو أن الزوج قذفها عند القاضي بالزنى وهو يعلم أنه كاذب فكره أن يُكذب نفسه فلاعن القاضي بينهما وفرق بينهما، أكان يسع الزوج أن يطأها وهو يعلم أنها لم تزن وأن القاضي قد فرق بينهما بلعان كذب. فهذا يبين لك أمر شاهدي الطلاق. ولو تزوجت هذه بعد انقضاء العدة وسعها ذلك إن كانت تعلم أن زوجها كاذب فيما رماها به، لأن القاضي قد فرق بينهما بالحكم الظاهر والسنَّة والحق، فكيف يسع (¬1) هذه أن يطأها زوجها الأول وزوجها (¬2) الآخر. ألا ترى لو أن رجلاً خلا بامرأة ولم يدخل بها وأقرت (¬3) هي بذلك ثم طلقها أن لها المهر كله عليه. فكيف يسعها أن تأخذ (¬4) المهر ولم يدخل بها وأقرت هي بذلك. وهل يسعها أن تتزوج (¬5) قبل أن تنقضي (¬6) العدة. وهل يسع الزوج الذي طلقها أن يتزوج أختها في عدتها. ألا ترى أن هذا لا يصلح وأنه إنما يؤخذ في هذا بالظاهر دون الباطن، وأنهم لو عملوا في هذا بما يعملون في الباطن كانوا قد عملوا بما لا يصلح ولا يحل. وإذا قذف الرجل امرأته بالزنى وهو صادق فجحدته المرأة ذلك ورافعته إلى السلطان فلاعن (¬7) القاضي بينهما وفرق بينهما، والزوج يعلم أنه صادق وأنه لا لعان بينهما، والمرأة تعلم أنه صادق وأنه لا لعان بينهما، وأن فرقة القاضي بهذا اللعان باطل عندهما وفي علمهما، فإذا انقضت عدتها فإنها في سعة أن تتزوج (¬8) غيره، وإن الزوج في سعة (¬9) أن يتزوج أختها وثلاث نسوة معها. أفلا ترى أن هذا قد حرمت عليه امرأته بالحكم الظاهر وأنه لا يسعه أن يطأها بعد فرقة القاضي بالحق الذي يعرف. وإذا شهد شاهدان على رجل أنه طلق امرأته ثلاثاً (¬10) فأجاز القاضي ¬

_ (¬1) ز: تسع. (¬2) ع - الأول وزوجها. (¬3) ع: فأقرت. (¬4) ز: أن يأخذ. (¬5) ز: أن يتزوج. (¬6) ز: أن ينقضي. (¬7) ع: ولاعن. (¬8) ز: أن يتزوج. (¬9) ع - في سعة. (¬10) ع - ثلثا.

شهادتهما وفرق بينهما ثم رجع الشاهدان عن شهادتهما فإن القاضي لا يقبل رجوعهما ولا يصدقهما، ولا يسع الزوج أن يطأ (¬1) امرأته (¬2) بعد قضاء القاضي بالفرقة بينهما وإن كان يعلم (¬3) أنهما شهود زور. وكذلك لو شهدا على رجل أنه أعتق جاريته هذه فأجاز القاضي ذلك وأعتقها وتزوجت زوجاً ثم رجعا عن شهادتهما فإن القاضي لا يقبل رجوعهما، ولكنه يضمنهما قيمة الجارية، ولا يسع المولى أن يطأها وقد أعتقها القاضي بالحكم الظاهر وأخذ قيمتها (¬4). أرأيت لو تزوجت زوجاً أكان (¬5) يسع الزوج أن يطأها. وكيف يسع الزوج والمولى أن يطآها جميعاً. وهل (¬6) تحل امرأة واحدة لرجلين. ولو أن صبياً وصبية سبيا وهما صغيران فكبرا وأعتقا ثم تزوج أحدهما الآخر، ثم أسلم الوالد وقدم من أرض الحرب فعرف أنهما ولداه (¬7)، فأقام (¬8) البينة عليهما أنهما ولداه (¬9) فقضى القاضي بذلك وقبل بيَّنته بذلك وفرق بينهما وأثبت النسب، ثم رجع الشاهدان عن الشهادة فإن القاضي لا يقبل رجوعهما ولا يضمنهما شيئاً؛ لأنهما لم يتلفا مالاً. ولا يسع الزوج أن يطأ امرأته وإن علم أن الشاهدين شهدا بزور؛ لأن القاضي قد جعلها أخته. ولو شهد رجلان على رجل في صبية في يديه يزعم أنها أمته، فشهدا أنه أقر أنها ابنته (¬10)، فأجاز القاضي ذلك وقضى أنها ابنته، وهو يعلم أنهما شهدا بزور، فإنه لا يسعه أن يطأها أبداً، ولو ماتت وتركت ميراثاً وسعه أن يأكل ميراثها. وكذلك هي لو مات الأب كانت في سعة أن تأكل (¬11) ميراثه. فكذلك (¬12) هذا. ¬

_ (¬1) ع: أن يطأها. (¬2) ع - امرأته. (¬3) ز: تعلم. (¬4) ع: قيمة ها. (¬5) ز + له. (¬6) ع: وهى. (¬7) ع: والداه. (¬8) ع: وأقام. (¬9) م ز ع: ابناه. (¬10) ز: انتبه. (¬11) ز: أن يأكل. (¬12) م ز ع: وكذلك.

وقال أَبو يوسف ومحمد: إذا شهد شاهدان على رجل بطلاق امرأته ثلاثاً (¬1) ففرق القاضي بينهما ثم رجع الشاهدان عن شهادتهما لم يسع الشاهدين (¬2) أن يتزوجها أحدهما، وأن فعل فرق بينه وبينها ولا تحل لزوجها الأول. وهذا قول أبي يوسف الأخير. وهو قول محمد. وإذا شهد شاهدان على مال فقضى به القاضي وقبضه صاحبه أو لم يقبضه ثم رجع (¬3) الشاهدان عن شهادتهما فإن القاضي يضمنهما المال. فإن كانا يوم رجعا عن شهادتهما أعدل منهما (¬4) يوم شهدا (¬5)، أو كانا يوم شهدا شراً (¬6) منهما يوم شهدا، فهو سواء، وهما ضامنان للمال. وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك لو رجع أحدهما عن شهادته ضمن نصف المال. وكذلك الأموال كلها والعروض والحيوان. وكل قليل أو كثير يكون فيه مال أو عرض من العروض فقضى فيه القاضي بشهادتهما فإنه يضمنهما جميعاً إذا رجعا جميع قيمة ذلك. وإن رجع أحدهما ضمن نصف قيمة ذلك. ولو شهد ثلاثة (¬7) نفر على رجل أن عليه ألف درهم ضماناً (¬8) لرجل فقضى به القاضي ثم رجع اثنان عن شهادتهما ضمنا نصف المال؛ لأنه قد بقي نصف الشهادة. ولو رجع واحد لم يضمن شيئاً؛ لأنه قد بقي اثنان. ولو شهد رجل وامرأتان على رجل بألف درهم فقضى بها القاضي ثم رجعوا جميعاً فإن أبا حنيفة قال: على النساء النصف، وعلى الرجل النصف. وإن رجع الرجل وحده ضمن نصف المال. وإن رجعت امرأة معه فإن عليها ¬

_ (¬1) م ع: ثلثا. (¬2) م ز ع: الشاهدان. (¬3) ع + رجع. (¬4) م ز: بينهما. (¬5) ع - فإن القاضي يضمنهما المال فإن كانا يوم رجعا عن شهادتهما أعدل منهما يوم شهدا. (¬6) م ز ع: شر. (¬7) م ع: ثلثة. (¬8) م ز ع: ضمن. والتصحيح من ب. وعبارة الحاكم والسرخسي: ولو شهد ثلاثة نفر على رجل بمال. انظر: الكافي، 1/ 222 ظ؛ والمبسوط، 16/ 187.

ربع المال سوى (¬1) النصف. فإن لم يرجع رجل ورجعت امرأة واحدة فعليها الربع؛ لأنه قد بقي ثلاثة (¬2) أرباع الشهادة. فإن شهد عشر نسوة ورجل على حق فقضى به القاضي ثم رجعوا جميعاً فإن أبا حنيفة قال: على الرجل السدس، وعلى النساء خمسة أسداس. وقال أَبو يوسف ومحمد: على الرجل النصف وعلى النساء النصف، لأن (¬3) النساء كلهن بمنزلة رجل. ألا ترى أنهن لو شهدن وحدهن لم يؤخذ بشهادتهن؛ لأنهن بمنزلة رجل واحد. ولو لم يرجعن جميعاً ورجع من النساء ثمان لم يكن عليهن ضمان في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد؛ لأنه قد بقي رجل وامرأتان ما تتم (¬4) به الشهادة. ولو رجعت امرأة بعد الثمان كان عليها وعلى الثمان ربع المال؛ لأنه قد بقي ثلاثة (¬5) أرباع الشهادة. ولو رجعت العاشرة كان عليها وعلى التسع نصف المال؛ لأنه قد بقي نصف الشهادة. وقول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد في هذا واحد. ولو شهد رجلان وامرأة على حق فقضى القاضي به ثم رجعوا جميعاً ضمن الرجلان المال، ولم تضمن (¬6) المرأة شيئاً، لأنه لم يقض بشهادتها؛ لأنه لا تجوز (¬7) شهادة امرأة واحدة في حد ولا قصاص ولا عتاق وإن كان معها رجلان أو أكثر من ذلك. ولو شهد رجلان وامرأتان على حق فقضى به القاضي ثم رجعوا جميعاً فإن المال عليهم أثلاثاً، على الرجلين الثلثان، وعلى المرأتين الثلث. ولو شهد رجل وثلاث (¬8) نسوة على رجل بألف درهم فقضى به القاضي ثم إن الرجل رجع عن الشهادة هو وامرأة وبقيت امرأتان فإنه يضمن الرجل نصف المال، ولا تضمن (¬9) المرأة شيئاً في قول أبي يوسف ومحمد؛ ¬

_ (¬1) ز: سواء. (¬2) م ع: ثلثة. (¬3) ع: وأن. (¬4) ز: ما يتم؛ ع: مما يتم. (¬5) م ع: ثلثة. (¬6) ز: يضمن. (¬7) ز: لا يجوز. (¬8) م ع: وثلث. (¬9) ز: يضمن.

لأنه قد بقيت امرأتان شهادتهما تعدل نصف الشهادة. وينبغي في قياس قول أبي حنيفة أن يكون النصف على الرجل والمرأة أثلاثاً، على الرجل الثلثان، وعلى المرأة الثلث. ولو رجع الرجل والنسوة كلهم ضمن الرجل النصف وضمن النسوة النصف في قول أبي يوسف ومحمد، وفي (¬1) قياس قول أبي حنيفة يضمن (¬2) الرجل خمسين والنسوة ثلاثة (¬3) أخماس. وإذا شهد شاهدان على مال فقضى به القاضي ثم ادعى المشهود (¬4) عليه أنهما قد رجعا عن شهادتهما فأراد أن يستحلفهما فلا يمين عليهما في ذلك، ولا تقبل (¬5) عليه بينة واحدة بذلك في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك لو ادعى على أحدهما أنه رجع. وكذلك الشهود من أهل الذمة يشهدون بمال فقضى به القاضي على ذمي ثم ادعى أنهما قد رجعا عن شهادتهما وشهد عليهما مسلمان بذلك فإنه لا يقبل ذلك عليهما. وكذلك لو شهد أربعة من المسلمين على رجل مسلم بالزنى والإحصان فرجمه القاضي ثم شهد شاهدان أنهم رجعوا عن شهادتهم أو شهد على واحد منهم لم يقبل ذلك. وكذلك لو كانوا شهدوا على حد قذف أو على حد (¬6) سرقة أو على حد في خمر (¬7) فأمضى القاضي ذلك ثم شهد شاهدان أنهم رجعوا وهم يجحدون ذلك (¬8) لم يجز ذلك عليهم. وكذلك لو كانوا شهدوا بقصاص في نفس أو فيما دونها فقضى بذلك القاضي ثم شهد شاهدان على رجوعهم فإن ذلك لا يقبل منهم. ولو شهد شاهدان على ألف درهم (¬9) فقضى بها القاضي ثم إنهما رجعا عن ذلك وأشهدا (¬10) بالمال على أنفسهما من قبل رجوعهما ثم جحدا ذلك فشهد الشهود عليهما بالرجوع عن (¬11) شهادتهما وبالضمان فليس يقبل ¬

_ (¬1) ع: في. (¬2) ع: أن على. (¬3) م ع: ثلثة. (¬4) ع: الشهود. (¬5) ز: يقبل. (¬6) ع + قذف أو على حد. (¬7) ع: على حد سرقة. (¬8) ع: بذلك. (¬9) ز: دراهم. (¬10) ع: أو شهدا. (¬11) ز: من.

شيء من ذلك. ولو شهدوا على زنى وإحصان فرجم القاضي بذلك ثم شهد الشهود عليهم بالرجوع لم يكن عليهم حد ولا ضمان، ولو أوجبت عليهم الحد لأوجبت عليهم الضمان. فإذا شهد شاهدان بألف درهم على رجل فلم يقض بها القاضي حتى رجعا عن شهادتهما فإنهما لا يضمنان شيئا؛ لأن القاضي لم ينفذ شهادتهما ولم يقض بشيء. وكذلك لو شهدا (¬1) أنه غصبه هذا العبد أو هذه الدار أو هذا الثوب ثم رجعا عن ذلك كله قبل القضاء فإنه لا ضمان عليهما؛ لأن القاضي لم يقض بشهادتهما. وإذا شهد شاهدان على دار في يدي رجل أنها لرجل وقضى بها القاضي ثم رجعا عن شهادتهما فإنهما يضمنان القيمةَ قيمةَ (¬2) الدار. وكذلك الأرض. ولو لم يكن القاضي قضى بها لم يضمن شيئاً. وإذا شهد شاهدان لرجل على رجل بألف درهم فقضى بها القاضي فلم يُقَبِّضْها (¬3) حتى رجع الشاهدان عن شهادتهما فإن القضاء نافذ عليه. فلا يضمن الشاهدان المال حتى يقبضه الذي قضي له به. فإذا قبضه (¬4) منه رجع به على الشاهدين. ولو اشترى رجل من رجل داراً بألف درهم فنقده (¬5) الثمن وهي قيمتها، فشهد شاهدان أن هذا الرجل شفيع هذه الدار وأن (¬6) هذه الدار التي هي في يديه له وهو جار الدار، فقضى له القاضي بالشفعة، ثم رجعا عن ذلك وقد أخذ الدار ونقده الثمن أو لم يقبض ولم ينقد فلا ضمان على الشاهدين. فإن كان الأول قد بنى فيها بناءً فأمره القاضي بنقضه (¬7) فإن الشاهدين يضمنان له قيمة بنائه حين رجعا، ويكون النقض لهما. ¬

_ (¬1) م ز ع: لو شهد. (¬2) ع - قيمة. (¬3) ع: يقضها. (¬4) ع: اقبضه. (¬5) ع: ونقده. (¬6) م ز ع: فإن. (¬7) ز: ينقصه؛ ع: بنقده.

وإذا شهد شاهدان على شهادة شاهدين على دار أو أرض أو بيت (¬1) به القاضي ثم رجعا عن ذلك فهما ضامنان لقيمة (¬2) ذلك. وإذا رجع شاهدان (¬3) عن شهادة شهدا بها (¬4) عند قاض (¬5) غير القاضي الذي شهدا عنده بها (¬6) وجاء (¬7) المشهود عليه يخاصم فإنه يقضى عليهما بذلك. فإن لم يؤديا ذلك حتى يختصما إلى القاضي الذي شهدا عنده أول مرة وجحدا (¬8) الرجوع فقامت عليهما البينة بالرجوع وقضى القاضي عليهما بالضمان فإنه ينفذ ذلك عليهما ويضمنهما المال. ولو كانا رجعا عند القاضي الذي شهدا عنده أول مرة فضمنهما ذلك فلم يؤديا ذلك حتى خاصماه (¬9) إلى قاض آخر فإنه ينفذ ذلك عليهما. ولو شهد شاهدان عليهما أنهما أقرا أنهما رجعا عند قاض (¬10) من القضاة وأنه ضمنهما ذلك وهما يجحدان ذلك فإنه ينبغي للقاضي إذا شهدا عنده بذلك أن يمضي القضاء عليهما وينفذه (¬11) ويضمنهما. ولو رجعا عند غير قاض (¬12) وضمنا المال وكتبا به على أنفسهما صكاً ونسبا المال إلى الوجه الذي هو فيه ثم جحدا ذلك وخاصما فيه إلى القاضي فإنه لا يقضي بذلك عليهما ولا ينفذه؛ لأنهما رجعا عند غير قاض (¬13). وكذلك لو أقرا بذلك عند صاحب الشرطة أو عامل كُورة ليس إليه القضاء فقضى عليهما بذلك ثم خاصماه إلى القاضي في ذلك وجحدا فإنه لا يقضي عليهما بذلك ولا ينفذه (¬14)، لأنهما رجعا عند (¬15) غير القاضي. ¬

_ (¬1) ع: وقضى. (¬2) ع - لقيمة. (¬3) ع: الشاهدان. (¬4) ز: شهد أنها. (¬5) م ز: قاضي. (¬6) ع - بها. (¬7) ع: أو جاء. (¬8) م ز ع: وجحد. (¬9) ز: خاضماه. (¬10) م ز: قاضي. (¬11) ز: وينقده. (¬12) م ز: قاضي. (¬13) م ز: قاضي. (¬14) م ز: ينقده؛ ع - لأنهما رجعا عند غير قاض وكذلك لو أقرا بذلك عند صاحب الشرطة أو عامل كورة ليس إليه القضاء فقضى عليهما بذلك ثم خاصماه إلى القاضي في ذلك وجحدا فإنه لا يقضي عليهما بذلك ولا ينفذه. (¬15) م: عن؛ صح هـ.

وإذا شهد شاهدان على رجل أنه باع عبده هذا من فلان بألف درهم والبائع يجحد والمشتري يدعي ذلك فقضى القاضي بالبيع وأمر المشتري بدفع الثمن ثم رجع الشاهدان عن شهادتهما فإني انظر إلى العبد؛ فإن كان يساوي ألف درهم أو أقل فلا ضمان على الشاهدين (¬1). وأن كانت قيمة العبد أكثر ضمن الشاهدان الفضل. وكذلك كل بيع شهدا (¬2) عليه فأنفذه القاضي بشهادتهما وقضى للبائع بالثمن. ولو كانا شهدا على أنه وفى (¬3) الثمن فأنفذه (¬4) القاضي بشهادتهما ثم رجعا عن ذلك ضمنا ذلك الثمن؛ لأنهما (¬5) شهدا على مال. وإذا كان لرجل على رجل دين فشهد شاهدان أنه وهبه له فقضى القاضي بذلك أنه أبرأه منه أو حلله منه [ثم رجعا ضمنا المال] (¬6). وكذلك لو شهدا أنه تصدق به عليه (¬7). وكذلك لو شهدا أنه (¬8) أوفاه إياه. ولو كان لرجل على رجل دين حال فشهد شاهدان أنه قد أخره عنه سنة فأجاز ذلك القاضي وأمضاه إلى الأجل ثم رجع الشاهدان عن شهادتهما قبل المحل أو بعد المحل (¬9) فإن الشاهدين يضمنان (¬10) المال للطالب. ألا ترى أن رجلاً لو دفع ثوباً إلى رجل يبيعه فباعه بثمن حال ثم أخر عنه إلى أجل مسمى أنه له (¬11) ضامن من (¬12) قبل حل الأجل وبعد (¬13) حله. ولكن الشاهدين (¬14) إن أديا المال رجعا بذلك على المطلوب إلى أجله. ولو كان الدين شيئاً (¬15) مما يكال أو يوزن سَلَماً أو ثمن (¬16) بيع (¬17) فهو مثل ذلك. فإن كان الدين ¬

_ (¬1) ع: على الشاهدان. (¬2) ع: شهد. (¬3) ز: وفاء. (¬4) ز: فانقده؛ ع: وأنفذه. (¬5) م ز: لأن هذا. (¬6) الزيادة من الكافي، 1/ 223 و. (¬7) ع - وكذلك لو شهدا أنه تصدق به عليه. (¬8) ع + أنه. (¬9) م ز: قبل محلها أو بعد محلها، صح هـ؛ ع: قبل محلها أو بعد محلها. (¬10) ز + قبل المحل أو بعد المحل. (¬11) ع - له. (¬12) ع - من. (¬13) م ز ع: بعد. والتصحيح من ب. (¬14) ع: الشاهدان. (¬15) م ز: شيء. (¬16) ز: أو بمن؛ ع: أو بثمن. (¬17) ع: مبيع.

قرضاً (¬1) فإن التأخير باطل لا يجوز، ولا تقبل (¬2) الشهادة فيه. وقال أَبو يوسف ومحمد: إذا أدى (¬3) الشاهدان المال ثم رجعا به على المطلوب إلى أجله فإن توى (¬4) المال على المطلوب فإنه من مال الشاهدين ولا يرجعان (¬5) به على الطالب، وليس هذا مثل الحوالة. وهو قول أبي يوسف ومحمد؛ لأن المال قد صار للشاهدين. وإذا كان عبد في يدي رجل فشهد شاهدان أنه وهبه لهذا الرجل وقبضه والواهب يجحد ذلك والموهوب له مقر بذلك يدعيه فقضى القاضي بشهادتهما ثم رجعا عن الشهادة فإنهما يضمنان (¬6) قيمة العبد، ويكون العبد للموهوب له. وليس للمولى أن يرجع في العبد أبداً؛ لأنه أخذ القيمة، فهذا عوض من هبته. ولكن لو لم يضمن الشاهدان القيمة كان له أن يرجع في العبد، وليس له أن يرجع في القيمة. وليس له في ذلك كله أن يرجع إلا عند قاض. ولو ضمن الشاهدان القيمة لم يكن للشاهدين (¬7) أن يرجعا (¬8) في العبد؛ لأنهما لم يهباه له. وكذلك لو شهدا في العبد بنحلى أو عطية فهو مثل ذلك. وكذلك الصدقة في جميع ذلك غير أن المتصدق لا (¬9) يرجع في الصدقة أبداً. وكذلك لو شهدا على دار أنه وهبها أو أرض وقبضها الموهوب له فأجاز القاضي ذلك ثم رجعا عن شهادتهما فهما ضامنان لقيمة الدار؛ لأنهما أبطلا حقه فيها وأتلفاها (¬10) بشهادتهما. وكذلك لو شهدا على أرض أنها لهذا الرجل فقضى بها القاضي ثم رجعا عن شهادتهما فإنهما يضمنان قيمتها. وكذلك لو شهدا أن هذا غصب هذه الدار. وكذلك كل غصب في الحيوان أو غيره. ولو شهدا على كل شيء مما يكال أو يوزن فقضى القاضي بذلك ثم رجعا عن شهادتهما فإنهما يضمنان مثل كيله ووزنه. ¬

_ (¬1) م ز: قرض. (¬2) ز ع: يقبل. (¬3) ع: إذا ادعى. (¬4) ز: يؤدي. (¬5) ع: يرجعا. (¬6) ع: يضمنا. (¬7) ع: للشاهدان. (¬8) م ز: أن يرجعوا. (¬9) م ز: ولا. (¬10) ع: وأتلفاه.

وإذا شهد شاهدان على عبد في يدي رجل أنه لرجل فقضى به القاضي وهو مبيض العين ثم ذهب البياض من عينه وازداد (¬1) خيراً ثم رجعا عن شهادتهما فإنهما يضمنان قيمته يوم شهدا وقضى به القاضي وبه البياض. فإن كان (¬2) العبد ميتاً أو غائباً فالقول في قيمته (¬3) قولهما مع أيمانهما ولا يضمنان الزيادة. وكذلك لو كانت العين صحيحة يوم قضى به القاضي وقبضها المقضي له ثم عمي ثم رجعا عن شهادتهما فإنهما يضمنان قيمته صحيحاً، ولا يرفع عنهما النقصان الذي دخله بعدما قضى به القاضي وقبض (¬4). ولو شهد شاهدان على رجل أنه باع ألف درهم بمائة دينار والذي يعطي الدنانير يدعي والآخر يجحد ولم يتفرقا ولم يتقابضا، فقضى (¬5) القاضي بذلك وقبض كل واحد منهما ثم رجع الشاهدان عن شهادتهما، فإني انظر إلى فضل ما بين الدراهم والدنانير. فإن كانت قيمتهما (¬6) يوم قضكتابه القاضي سواء فلا ضمان على الشاهدين. وإن كانت الدراهم أكثر وهي يوم رجعا سواء فإن الشاهدين يضمنان الفضل. وإن أنسآهما (¬7) ذلك فهو جائز؛ لأنه ليس بصرف، إنما هو بمنزلة الغصب. ولو شهد شاهدان على رجل أنه وكل هذا الرجل بقبض دينه الذي له على فلان وفلان مقر بالدين فقضى به القاضي للوكيل وقبضه الوكيل فاستهلكه ثم قدم صاحب الدين فأنكر الوكالة ثم رجع الشاهدان عن شهادتهما فلا ضمان عليهما؛ لأنهما لم يشهدا بتلف المال. والوكيل ضامن لما استهلك من ذلك. وكذلك هذا في قبض وديعة وغلة وميراث وكل شيء يوكل به. ولو شهد رجل وامرأتان على ألف درهم وشهد رجل وامرأتان عليها وعلى مائة دينار فقضى القاضي بذلك ثم رجع الرجل والمرأتان عن الدراهم ولم يرجعوا عن الدنانير فإنهم لا يضمنون شيئاً من الدراهم؛ لأنه قد بقي من يشهد عليها ¬

_ (¬1) ع: واداه. (¬2) ع - كان. (¬3) ع: في قيمة. (¬4) ع: وقبضه. (¬5) ع: وقضى. (¬6) ع: قيمتها. (¬7) م ز: لنساهما؛ ع: يساهما. وفي ب: أخرا. وهو بمعناه. ويقال: نسأته البيع وأنسأته أي أخرته. انظر: القاموس المحيط، "نسأ".

تاماً. ولو رجعوا جميعاً عن الدنانير (¬1) والدراهم ضمن أصحاب الدنانير كلها، وضمن كل فريق منهم نصف الدراهم. وإذا شهد شاهدان على رجل بدين ألف درهم فقضى بها القاضي ثم رجعا عن ذلك في مرضهما فضمنهما (¬2) القاضي ذلك ثم مات الشاهدان وعليهما دين في الصحة فإنه يبدأ بالدين الذي في الصحة. فإن فضل شيء فهو لهؤلاء. وهذا بمنزلة إقرارهما بدين في مرضهما. ولو شهدا على خادم فقضى بها القاضي ثم ماتت في يدي المقضي له ثم رجعا عن شهادتهما فإنهما يضمنان قيمة الأمة (¬3)، والقول في الأمة قول الشاهدين مع أيمانهما، وهما ضامنان لقيمتها (¬4) يوم قضى بها القاضي وقبضت. وكذلك كل (¬5) ثياب (¬6) وحيوان وعروض وعقار. فأما ما يكال أو يوزن فهما ضامنان لمثله. فإن قامت البينة (¬7) على قيمة الخادم أنها أكثر مما قال الشاهدان فهما ضامنان لذلك. وإذا شهد شاهدان على رجل بألف درهم فقضى بها القاضي ثم رجعا عن شهادتهما مكانهما قبل أن يقوما فإن الشهادة ماضية، والقضاء ماض، وهما ضامنان للمال إذا قبض. وإذا شهد شاهدان على هبة مقبوضة والواهب يجحد والموهوب له يدعي فقضى (¬8) القاضي بذلك ثم رجعا عن شهادتهما فإنهما يضمنان قيمة الهبة. وإذا أراد الواهب أن يرجع في الهبة بعد الضمان لم يكن له أن يرجع فيها ولا يرد على الشاهدين ما أخذ منهما. وكذلك لو كانت الهبة داراً أو ¬

_ (¬1) م ز + فإنهم لا يضمنون شيئاً من الدراهم لأنه قد بقي من يشهد عليها تاماً ولو رجعوا جميعاً عن الدنانير. (¬2) م ز: فضمنها. (¬3) م ز ع: الأم. والتصحيح من ب. (¬4) م ع: لقيمتهما. (¬5) ع - كل. (¬6) ز ع: نبات. (¬7) ز ع + له. (¬8) ع: وقضى.

أرضاً. فإذا أراد أن يضمنهما القيمة فالقول في القيمة قول الشاهدين في ذلك مع أيمانهما، لأنهما (¬1) يضمنان (¬2). وإن قامت بينة على أكثر مما قالا ضمنا ذلك الفضل؛ لأن (¬3) البينة بينة (¬4) المدعي، ولا بينة في هذا على الشاهدين. وإذا شهد شاهدان على رجل أنه باع عبده هذا بألف درهم والعبد يساوي ألفين والبائع يجحد والمشتري يدعي وشهد الشاهدان بأن البائع (¬5) شرط الخيار لنفسه ثلاثة (¬6) أيام فقضى القاضي بذلك ثم مضت الثلاثة الأيام فوجب البيع ثم إن الشاهدين رجعا عن شهادتهما فإنهما يضمنان ألف درهم فضل ما بين القيمة والثمن. ولو كان البائع أوجب (¬7) البيع قبل ذهاب الثلاث لم يضمن له الشاهدان شيئاً؛ لأنه هو أوجب البيع. فإذا لم يوجبه هو (¬8) وكان إنما يجب بمضي الثلاث (¬9) فإنما وجب بشهادتهم (¬10). ولو كان البائع يدعي البيع والمشتري يجحد فشهد شاهدان أنه باعه إياه بألف درهم وشرط الخيار ثلاثة أيام للمشتري والعبد يساوي خمسمائة، فإن مضت الثلاثة الأيام (¬11) فوجب البيع بشهادتهما ثم رجعا عن الشهادة فإنهما يضمنان للمشتري خمسمائة. ولو كان المشتري هو الذي اختار البيع قبل مضي الثلاث (¬12) لم يضمّن الشاهدين شيئاً، لأن المشتري هو أوجبه على نفسه. وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم دين وهو مقر بها فادعى الذي له الدين أنه رهنه عبداً له وقبضه منه وجحد ذلك المطلوب فشهد عليه شاهدان بذلك فأجاز القاضي أذلك، وقضى به ثم رجعا عن شهادتهما فإني انظر إلى قيمة العبد. فإن لم يكن فيه فضل على الدين فلا ضمان على ¬

_ (¬1) ع - لأنهما. (¬2) ع + لأنهما. (¬3) ع: لا. (¬4) ع - بينة. (¬5) م ز ع: للبائع. (¬6) م ع: ثلثة. (¬7) ع - البائع أوجب. (¬8) ع - هو. (¬9) م ع: الثلث. (¬10) ز: بشادتهم. (¬11) ع: أيام. (¬12) م ع: الثلث.

الشاهدين. وإن كان فيه فضل عن الدين (¬1) لم يضمنا شيئاً ما دام العبد حياً. فإن مات العبد عند المرتهن ضمن الشاهدان الفضل. وإن كان الراهن هو ادعى أنه رهن وجحد المرتهن ذلك فقضى القاضي بشهادتهما فلا ضمان عليهما مِن قِبَل أنهما لم يتلفا له مالاً. وإذا شهد شاهدان على رجل أنه أعطى رجلاً ألف درهم مضاربة بالنصف ورب المال يقول: بالثلث، وقد عمل به وربح ورد رأس المال ونصف الربح وقبض النصف ثم رجعا عن شهادتهما فإنهما يضمنان سدس الربح الفضل الذي شهدا به. ولو كان الربح كله ديناً لم يقبض منه شيئاً لم يضمنا شيئاً (¬2) حتى يقبض، فما (¬3) قبض منه اقتسماه بينهما (¬4) نصفين، ويضمن الشاهدان السدس لرب المال. ولو شهدا (¬5) أنه أعطاه بالثلث والمضارب يدعي النصف فلا ضمان على الشاهدين في هذا وإن رجعا؛ لأن القول قول رب المال بغير شهود. ولو توى رأس المال في الوجهين جميعاً لم يضمن الشاهدان شيئا؛ لأنهما لم يشهدا في رأس المال بشيء. ولو شهد شاهدان على رجلين أنهما اشتركا في رأس (¬6) المال، هذا ألف وهذا ألف، على أن الربح بينهما لأحدهما (¬7) الثلثان، وللآخر (¬8) الثلث، وصاحب الثلث يجحد ويدعي النصف وقد رَبِحَا رِبْحا قبل الشهادة، فقسمه القاضي بينهما على ذلك، ثم رجع الشاهدان عن شهادتهما، فإنهما يضمنان فضل ما بين الثلث والنصف لصاحب الثلث من كل شيء قبل الشهادة، وما ربحا بعد الشهادة فيما اشتريا بعد الشهادة لم يضمنا شيئا؛ لأنه (¬9) قد كان لهما أن يفسخا فيه الشركة، فلا ضمان على الشاهدين فيه؛ لأن للشريكين (¬10) أن يفسخا الشركة بعد الشهادة. ¬

_ (¬1) ع + فلا ضمان على الشاهدين وإن كان فيه فضل عن الدين. (¬2) ع - لم يضمنا شيئاً. (¬3) ز ع: فيما. (¬4) ع + بينهما. (¬5) ع - شهدا. (¬6) م ز ع: ورأس. (¬7) م ز ع: للواحد. (¬8) ع: والآخر. (¬9) ع: لأن هما. (¬10) ز: الشريكين.

وإذا شهد شاهدان على رجل في يديه مال أو متاع أن هذا الرجل شريكه شركة مفاوضة في كل قليل أو كثير فقضى القاضي له بنصف ما في يديه ثم رجع الشاهدان عن شهادتهما فإنهما يضمنان قيمة ذلك النصف للمشهود عليه. وإذا شهد شاهدان على رجل أن فلاناً استودعه ألف درهم وهو يجحد ذلك فضمنه القاضي الوديعة ثم رجعا عن شهادتهما فإنهما ضامنان لذلك. وكذلك البضاعة والعارية. وإذا شهد شاهدان على رجل أن فلاناً أعاره دابته (¬1) وهو يجحد فضمنه القاضي قيمة الدابة بجحوده ثم رجع الشاهدان عن شهادتهما فإنهما يضمنان قيمة الدابة. ولو ركب رجل بعير (¬2) رجل إلى مكة ذاهباً وجائياً فعطب بالكوفة من ركوبه فقال رب البعير: غصبته، وقال الراكب: استأجرته منك بخمسين درهماً، وأتى بشاهدين فشهدا على ذلك فأبرأه القاضي من الضمان وأنفذ عليه الأجر وقبض رب البعير الأجر ثم رجع الشاهدان (¬3) عن شهادتهما فإني انظر إلى قيمة البعير فأضمنها الشاهدين (¬4)، إلا الأجر، فإني أطرح الأجر من قيمة البعير، ويضمنان الفضل. ولو كان البعير أول يوم ركبه (¬5) يساوي مائتي درهم وآخر يوم عطب فيه يساوي ثلاثمائة درهم فإنهما يضمنان مائتين (¬6) وخمسين درهماً. وإن كان أول يوم ركبه يساوي مائة درهم وآخر يوم عطب يساوي مائتين (¬7) فإنهما يضمنان مائة وخمسين درهماً. وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم وهو مقر وفي يد الطالب ثوب يساوي مائة درهم ادعى أنه له وأقام المطلوب شاهدين أنه رهنه إياه بالمال فقضى القاضي أنه رهن ثم قال رب الثوب: هلك الثوب، فإنه يذهب بمائة. ¬

_ (¬1) ع: دابة. (¬2) م ز: بغير. (¬3) ع: الشاهدين. (¬4) م ز ع: الشاهدان. (¬5) ز + ركبه. (¬6) م ز: مائتي. (¬7) ز: مابين.

فإن رجع الشاهدان عن الشهادة ضمنا مائة للطالب؛ لأنهما شهدا عليه أن الثوب لغيره وقد ذهب. ولو كان مقراً (¬1) بأن الثوب للراهن وقال: هو وديعة عندي، وقال الراهن: بل هو رهن عندك من قبل كذا وكذا، وأقام شاهدين فقضى القاضي بأنه رهن ثم هلك الرهن فذهب بمائة درهم (¬2) ثم رجعا عن شهادتهما فلا ضمان عليهما؛ لأنهما لم يشهدا على رقبة الثوب. ولو شهد شاهدان على رجل أنه أسلم عشرة في كُرّ حنطة إلى رجل وهو يجحد ذلك ولم يفترقا حتى قضى القاضي بذلك وأمره أن يدفع إليه عشرة دراهم وأوجب عليه الكر ثم إن الشاهدين (¬3) رجعا عن شهادتهما فلا ضمان عليهما حتى يقبض (¬4) الكر. فإذا قبضه فهما ضامنان لطعام مثله إِلا عشرة دراهم تنقص (¬5) من ذلك من الكر مثل المال الذي قبض. فإن كان رأس المال الذي قبض مثل قيمة الكر أو أكثر لم يضمنا شيئاً. وإذا شهد شاهدان على رجل أنه (¬6) اكترى (¬7) شِقّ مَحمِل (¬8) أو شِقّ (¬9) زاملة (¬10) إلى مكة بمائة درهم فقضى به القاضي وحمله وقبض الأجر ثم إن الشاهدين رجعا عن الشهادة فإني انظر: فإن كان المستأجر هو الذي ادعى ذلك لم أضمن الشاهدين شيئاً وكان (¬11) الأجر مائتي درهم. وكذلك لو ¬

_ (¬1) م ز: مقر. (¬2) م ز - درهم. (¬3) م ز: إن الشاهدان. (¬4) م ز: حتى يقبضا. (¬5) ز: ينقص. (¬6) ع: بأنه. (¬7) ز: اكثري. (¬8) قال المطرزي: المحمل بفتح الميم الأولى وكسر الثاني أو على العكس الهودج الكبير ... وأما تسمية بعير المحمل به فمجاز وإن لم نسمعه، ومنه قوله: ما يكترى به شق محمل أي: نصفه أو رأس زاملة ... انظر: المغرب، "حمل". (¬9) ز: محمدا وشق. (¬10) ع: تراملة قال المطرزي: زَمَلَ الشيءَ حمله، ومنه الزاملة: البعير يحمل عليه المسافر متاعه وطعامه ... ثم سمي بها العدل الذي فيه زاد الحاج من كعك وتمر ونحوه، وهو متعارف بينهم، أخبرني بذلك جماعة من أهل بغداد وغيرهم. انظر: المغرب، "زمل". (¬11) م ع: وإن كان.

قالا (¬1): إنما أكراه البدأة وزدنا نحن الرجعة، فلا ضمان عليهما، لأن ركوب الإبل ليس بمال استهلكاه له. وإن جحد المستأجر ذلك وادعى رب الإبل فإني (¬2) انظر: فإن كان الأجر خمسين درهماً ضمن الشاهدان خمسين درهماً أخرى، لأنهما أتلفاها بشهادتهما، وهي مال. ألا ترى أن رجلاً لو ادعى على رجل أنه أكراه دابته بدرهم إلى الحيرة وقد ركبها وسلمت وقال الراكب: بل أعرتنيها، أنه لا ضمان عليه، لأن الركوب ليس بمال أتلفه. وكذلك شهادة الشهود عليه. وإذا ادعى رجل على رجل ألف درهم وأقام شاهدين بها، ثم أقام المشهود عليه بالألف شاهدين أنه قد أبرأه منها وقد عُدّلوا وشهدوا أنه قد أبرأه من كل قليل أو كثير يدعيه عليه، واجتمعت البينتان جميعاً عند القاضي، فإنه ينبغي أن لا يسمع من الشهود الذين شهدوا على المال، لأن هاهنا من يشهد على البراءة، لأن البراءة مما يشهد شاهدان عليها، فهو أحق أن يؤخذ بشهادتهم. فإن أخذ بشهادة البراءة وقضى بالبراءة ثم إن شهود البراءة رجعوا عن شهادتهم فإن القاضي يكلف المشهود له بالألف البينة ثانية، ولا يلتفت إلى ما مضى. فإذا أعادهم ليشهدوا على الألف فإن الذين شهدوا على البراءة ثم رجعوا هم خصماؤه، وصاروا بمنزلة الذي عليه الألف. فإن شهد الشهود على الألف انها على المدعى عليه في الأصل فإني أقضي بها على شهود البراءة، لانهم أتلفوها حين شهدوا بالبراءة وبقذف شهادتهم. ولا يرجعان على الذي شهدا له بالبراءة بشيء، لأنهما أتلفا هذا المال على المشهود عليه. وإنّما يأمر القاضي المدعي للمدَّعى (¬3) بإعادة الشهود عليه حتى يشهدوا (¬4) بعد رجوع شاهدي البراءة عن شهادتهما بمحضر منهما، لأن المال إنما وجب عليهما بعد رجوعهما ساعة رجعا، ¬

_ (¬1) ع: وكذلك لولا. (¬2) ز: فإن. (¬3) أي: المال المدعى به. وعبارة الحاكم: وإنما يأمر القاضي مدعي المال. انظر: الكافي، 1/ 223 ظ؛ والمبسوط، 16/ 197. (¬4) م ز: حتى شهدوا.

باب الرجوع عن الشهادة في النكاح والطلاق

فهو مال حادث وجب عليهما، فلا تجزي (¬1) شهادة الشهود الذين كانوا شهدوا قبل وجوب هذا المال عليهما، لأنهما كانهما غصبا المال ساعة قضى به القاضي (¬2) فرجعا. ... باب الرجوع عن الشهادة في النِّكاح والطلاق وإذا شهد رجل وامرأتان على طلاق امرأة وشهد رجل وامرأتان على دخوله بها فقضى القاضي بالطلاق والصداق ثم رجعوا جميعاً عن شهادتهم فإن على شهود الدخول ثلاثة أرباع المهر، وعلى شهود الطلاق ربع المهر، لأن شهود الطلاق شهدوا على نصف المهر، وشهود الدخول شهدوا عليه كله. ولو رجع شاهد الدخول وحده ضمن ربع المهر. ولو رجع شاهد الطلاق وحده لم يضمن شيئاً، لأنه قد بقي من يشهد على النصف الذي شهد به. ولو رجع شهود الدخول كلهم ضمنوا النّصف. ولو لم يرجع شهود الدخول ولكن رجع شهود الطلاق كلهم لم يضمنوا شيئاً، لأنه قد بقي من يشهد على جميع المهر. ولو لم يرجعوا على هذا الوجه ولكن رجعت امرأة من شهود الطلاق وامرأة من شهود الدخول فإن على شاهدة (¬3) الدخول ثمن المهر، ولا ضمان على شاهدة الطلاق (¬4). وإذا شهد شاهدان على رجل أنه طلق امرأته ثلاثاً وشهد آخران أنه طلقها واحدة فأجاز القاضي شهادتهم ولم يكن (¬5) دخل بها وقضى لها بنصف المهر ثم رجعوا جميعاً عن شهادتهم فإنه يضمن شهود الثلث نصف المهر، ولا يضمن شهود الواحدة شيئاً، لأن أصحاب الثلث هم الذين قطعت بشهادتهم (¬6). ألَّا ترى انها لا تحل له (¬7) حتى تنكح زوجاً غيره ويدخل بها. ¬

_ (¬1) ز: يجري. (¬2) ع: القاضي. (¬3) ع: على شاهد. (¬4) ز - الطلاق. (¬5) م + ولم يكن. (¬6) ز: شهادتهم. (¬7) ع - له.

وإذا شهد شاهدان أنه حلف لا يقربها يوم النحر وشهد شاهدان أنه طلقها يوم النَّحر فأبانها القاضي منه بالطلاق ولم يدخل بها وضمنه نصف المهر ثم رجعوا جميعاً عن شهادتهم فإنه يضمن شهود الطلاق نصف المهر، ولا ضمان على شهود الإيلاء، لأن شهادتهم لم تقطع (¬1)، وإنما قطعت شهادة الطلاق. وإذا شهد شاهدان على طلاق امرأة قبل أن يدخل بها فلم يقض القاضي بذلك حتى رجعا عن شهادتهما فإنه يقبل رجوعهما، وتبطل (¬2) شهادتهما، ولا يضمنهما شيئاً، وهي امرأته على حالها. وإذا شهد شاهدان على رجل أنه تزوج امرأة على ألف درهم فقضى القاضي بذلك ونقد (¬3) الزوج الألف درهم ومهر مثلها ألف ثم رجع الشاهدان عن ذلك فإنهما لا يضمنان شيئاً. أيهما كان المدعي الزوج أو المرأة فهو سواء في ذلك؛ لأنهما لم يتلفا مالاً. فإن كان مهر مثلها خمسمائة وادعت المرأة ذلك وجحد الزوج فإنهما يضمنان له الفضل. وإذا شهد شاهدان على رجل أنه (¬4) تزوج امرأة فقضى القاضي بذلك ثم رجعا عن شهادتهما فإنهما لا يضمنان، ولا ينقض النِّكاح برجوعهما عن الشهادة؛ لأن القضاء قد نفذ. وكذلك كل بيع (¬5) أو شراء. فإن كانا شهدا أنه سمى مهراً وكان (¬6) ما شهدا به عليه من تسمية (¬7) المهر مثل مهر مثلها أو أقل من مهر مثلها فلا ضمان عليهما. وإن كانا شهدا بأكثر من مهر مثلها والزوج يجحد ذلك والمرأة تدعي ضمنا الفضل للزوج. وإن ادعى الزوج وجحدت (¬8) المرأة فلا ضمان عليهما إن كان المهر أقل أو أكثر. وكذلك لو شهدا على رجل أنه قد دخل بامرأته وأنه (¬9) طلقها ¬

_ (¬1) ز: لم يقطع. (¬2) ز: ويبطل. (¬3) ع + ونقد. (¬4) ع: أنه. (¬5) ع: مبيع. (¬6) ع: كان. (¬7) ز: من يسميه. (¬8) م ز: جحدت. (¬9) ع: فإنه.

ثلاثاً (¬1) ففرق القاضي بينهما ثم رجعا عن ذلك فإنه لا يقبل قولهما ولا يضمنان شيئاً. ولو كان لم يدخل بها فشهدا عليه بالطلاق ففرق القاضي بينهما وجعل لها (¬2) نصف المهر ثم رجعا عن ذلك فإن أبا حنيفة قال: يضمنان نصف المهر. ولو رجع أحدهما ضمن ربع المهر في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولو لم يكن فرض لها مهراً فقضى القاضي عليه بالمتعة (¬3) ثم رجعا عن شهادتهما ضمنهما القاضي المتعة. ولو شهد شاهدان على رجل أنه تزوج امرأة على ألف درهم والزوج يجحد والمرأة تدعي وشهد آخران أنه طلقها قبل الدخول بها ومهر مثلها خمسمائة فقضى القاضي بذلك ثم رجعوا جميعاً عن شهادتهم فإنه يضمن شاهدي الطلاق مائتين (¬4) وخمسين درهماً. ولو شهد آخران أنه دخل (¬5) بها فألزمه القاضي ألف (¬6) درهم قبل رجوع الأربع ثم رجعوا جميعاً فإنه يضمن شاهدي النكاح خمسمائة الفضل على مهر مثلها، ويضمن شاهدي الدخول ثلاثة (¬7) أرباع الخمسمائة وشاهدي الطلاق ربعها؛ لأن شاهدي الدخول شهدا بجميع ذلك، وشاهدي الطلاق بنصف ذلك، فالنصف على شاهدي الدخول خاصة، والنصف الآخر عليهما وعلى شاهدي الطلاق. وإذا شهد الشاهدان (¬8) على خلع امرأة انها اختلعت من زوجها من قبل أن يدخل بها على أن أبرأته من المهر والزوج يدعي ذلك والمرأة تجحد (¬9) فقضى القاضي بذلك ثم رجعا عن شهادتهما فإنهما يضمنان نصف المهر. ولو كان دخل بها والمهر عليه ضمنا لها (¬10) المهر. ولو أن رجلاً ادعى أنه تزوج امرأة على مائة درهم وقالت المرأة: بل تزوجتني على ألف درهم، وذلك مهر مثلها فجاء الزوج بشاهدين فشهدا أنه تزوجها على مائة درهم فقضى القاضي بذلك ثم رجعا عن شهادتهما فإنهما يضمنان للمرأة تسعمائة ¬

_ (¬1) م ع: ثلثا. (¬2) ع: بها. (¬3) ز: بالمنفعة. (¬4) م ز: مائتي. (¬5) ز: يحل. (¬6) ع: بألف. (¬7) م ع: ثلثة. (¬8) ز: شاهدان. (¬9) ز: يجحد. (¬10) ع: له.

إن كان دخل بها. وإن كان طلقها قبل الدخول لم يضمنا لها شيئاً في قول أبي حنيفة ومحمد. وفي قول أبي يوسف: لا يضمنان لها شيئاً على حال دخل بها أو لم يدخل بها؛ لأنه جعل القول قول الزوج في الصداق. وإن كانت لم تقر (¬1) بالنِّكاح لم يضمنا لها شيئاً. وكذلك لو أقرت بالنِّكاح على ألف درهم (¬2) ومهر مثلها مائة درهم فجاء الزوج عليها بشاهدين أنه تزوجها على مائة درهم فقضى القاضي بذلك ثم رجعا عن شهادتهما فإنهما لا يضمنان شيئاً في قول أبي يوسف؛ لأن القول في هذا الموضع قول الزوج، وليس عليه بينة، ولم يكن ينبغي للقاضي أن يسأل الزوج البينة. ولو ادعت المرأة على زوجها أنه صالحها من نفقتها (¬3) على عشرة دراهم كل شهر وقال الزوج: صالحتك على خمسة دراهم كل شهر، فشهد شاهدان أنه صالحها على عشرة دراهم في كل شهر فقضى القاضي بذلك ثم رجعا عن الشهادة فإني أنظر إلى نفقة مثلها: فإن كان عشرة أو أكثر فلا ضمان عليهما. وإن كان نفقة مثلها أقل من عشرة ضمنتها الفضل للزوج لما مضى. ولو طلق رجل امرأته قبل الدخول وقد سمى لها مهراً، فقضى لها القاضي بنصفه، أو لم يفرض لها مهراً فقضى لها القاضي بالمتعة، فشهد شاهدان أنها قد استوفت ذلك، فأجاز القاضي شهادتهما وقضى بها، ثم رجعا عن ذلك، فإنهما ضامنان ذلك للمرأة، لأنهما أبطلا حقها. وإذا فرض القاضي على الزوج كل شهر لامرأته نفقة مسماة فمضى لذلك سنة ثم شهد شاهدان أنه قد أوفاها النفقة لسنة (¬4) فأجاز ذلك القاضي وقضى به ثم رجعا عن شهادتهما فإن القاضي يضمنهما ذلك للمرأة (¬5). وكذلك الوالد وكل ذي رحم محرم ممّن قد فرض له القاضي نفقة. ولو شهد رجلان على الدخول ورجلان على الطلاق فقضى القاضي بذلك ثم رجع (¬6) شاهدا (¬7) الطلاق لم يضمنا شيئاً، لأنه قد بقي من يشهد ¬

_ (¬1) ز: لم يقر. (¬2) ز - درهم. (¬3) ز: من نفقها. (¬4) ع - لسنة. (¬5) ز: المرأة. (¬6) ز: ثم رجعا. (¬7) م ز: شاهد.

على جميع المهر. ولو رجع أحد الشاهدين بالدخول ولم يرجع من أصحاب الطلاق واحد (¬1) فإنه يضمن ربع المهر. ولو رجع أحد (¬2) شاهدي الطلاق بعد ذلك لم يضمنا شيئاً، لأنه قد بقي اثنان يشهدان بما شهد به. ولو رجع شاهدا (¬3) الطلاق مع أحد (¬4) شاهدي الدخول فإنهم يضمنون جميعاً نصف المهر، على شاهد (¬5) الدخول من ذلك نصفه، والنصف الباقي عليهم ثلاث. ولو شهد شاهدان على رجل أنه طلق امرأته ثلاثاً (¬6) فأجاز (¬7) ذلك القاضي وفرق بينهما ثم رجع (¬8) الشاهدان عن ذلك فإن القاضي لا يصدقهما على إبطال الطلاق. وإن كانت المرأة قد تزوجت فهو جائز، ولا يسع الزوج الأول أن يقربها إن لم يتزوج المرأة بعد فرقة القاضي وإن كان يعلم (¬9) وقد أحاط علمه أن الشاهدين قد شهدا عليه بزور، لأن فرقة القاضي فرقة. ألا ترى أنه إن وطئ هذه المرأة فقد وطئ وَطْأَ حراماً عند القاضي وعند المسلمين، فلا يسعه أن يعمل عملاً يتهم فيه نفسه عند المسلمين ويكون به عندهم زانيًا يقام عليه الحد. أرأيت الزوج الأخير أيسعه أن يطأها وهو لا يعلم، أنعم،، هو في سعة من ذلك. فكيف يسع الزوج الأول أن يطأها (¬10) مع هذا. وكيف يحل لها زوجان (¬11). ولو أن رجلين شهدا على رجل أنه تزوج (¬12) هذه المرأة بألف درهم والمرأة تدعي ذلك والزوج يجحد ذلك فأجاز القاضي شهادتهما والزوج يعلم أنه باطل فإن الزوج في سعة أن يطأها، لأن القاضي قد جعله نكاحاً في قول أبي حنيفة. وإن رجع الشاهدان ¬

_ (¬1) ز: واخذ. (¬2) ز - أحد. (¬3) ز: شاهد. (¬4) ز - أحد؛ ع: مع إحدى. (¬5) ع: على شاهدي. (¬6) م ع: ثلثاً. (¬7) ع: وأجاز. (¬8) ز: ثم رجعا. (¬9) ع: كانت تعلم. (¬10) م ز ع + هذا. (¬11) وقد تقدمت هذه المسألة في أول كتاب الرجوع عن الشهادات بنفس الألفاظ تقريباً. انظر: 8/ 217 و. (¬12) ز: يتزوج.

عن الشهادة لم ينقض النكاح (¬1). وإذا طلق الرجل امرأته ولم يدخل بها ولم يفرض لها مهراً فشهد (¬2) شاهدان أنه صالحها من المتعة على عبده دفعه إليها وقبضته وهي تنكر ذلك فقضى القاضي عليها بذلك ثم رجع الشاهدان عن شهادتهما فإنهما يضمنان المتعة لها (¬3)، ولا يضمنان العبد، والمتعة ثلاثة أثواب مثل كسوتها في بيتها، فإن كان مهر مثلها عشرة دراهم ضمنا (¬4) لها خمسة دراهم. وإذا شهد شاهدان على طلاق رجلٍ (¬5) امرأتَه (¬6) ولم يدخل (¬7) وشهد آخران أنه قد دخل بها ففرق القاضي بينهما وقضى عليه بالمهر ثم رجع أحد شاهدي الدخول وأحد شاهدي الطلاق فإن على شاهد الدخول ربع المهر، ولا ضمان على شاهد (¬8) الطلاق، لأنه قد بقي رجلان يشهدان على شهادته. ولو رجع شاهدا الطلاق جميعاً كان عليهما وعلى شاهد الدخول الراجع ربع المهر أثلاثاً، وربع على شاهد الدخول وحده. ولو رجعوا جميعاً كان على شاهدي الدخول ثلاثة (¬9) أرباع، وعلى شاهدي الطلاق الربع. ولو لم يكن سمى لها مهراً والمسألة على حالها ثم رجعوا جميعاً ضمن شاهدي (¬10) الطلاق نصف المتعة وشاهدي (¬11) الدخول بقية المهر. ولو شهد شاهدان على مائتي درهم بعينها لرجل أنها لرجل وشهد آخران على إحداهما أنها له فقضى (¬12) القاضي بذلك كله ثم رجع أحد الشاهدين بالمائتين (¬13) ¬

_ (¬1) م ز ع + ولو طلق الرجل امرأته قبل الدخول بها وقد سمى لها مهراً فقضى القاضي لها بنصفه أو لم يفرض لها مهراً فقضى القاضي لها بالمتعة فشهد شاهدان أنها قد استوفت ذلك فأجاز القاضي شهادتهما وقضى بها ثم رجعا عن شهادتهما فهما ضامنان لذلك للمرأة لأنهما قد أبطلا حقهما. وقد تكررت هذه العبارة قبل قليل بتغيير طفيف. (¬2) ع: وشهد. (¬3) ع - لها. (¬4) ع: ضمنها. (¬5) ع - رجل. (¬6) ع: امرأة. (¬7) ع - بها. (¬8) ع: على شاهدي. (¬9) م ع: ثلثة. (¬10) ع: شاهد. (¬11) ع: وشاهد. (¬12) ع: وقضى. (¬13) ز: بالماتين.

باب رجوع أهل الذمة عن الشهادة

جميعاً فإنه يضمن خمسين. وإن رجع أحد شاهدي المائة لم يضمن شيئاً، لأنه قد بقي شاهدان يشهدان بمائة. وهكذا المهر والعبد والثوب. ... * باب رجوع (¬1) أهل الذمة عن الشهادة وإذا شهد شاهدان من أهل الذمة على رجل منهم لرجل منهم على خمر أو خنزير بعينه أو بمال فقضى القاضي بذلك كله ثم رجعا عن شهادتهما فإنهما يضمنان المال وقيمة الخنزير وخمراً مثل كيل الخمر (¬2). فإن كان الشهود قد أسلموا ثم رجعوا عن شهادتهم ضمنوا قيمة الخنزير والمال كله، ولا يضمنون (¬3) الخمر بعينها ولا مثلها في قول أبي حنيفة وأبي يوسف، ولكنهم يضمنون قيمة الخمر في قول محمد يوم أسلموا. ولو لم يسلم الشهود ولكن أسلم المشهود (¬4) عليه ثم رجع (¬5) الشهود عن ذلك فإنهم يضمنون قيمة الخمر في قول محمد مثل ذلك المال وقيمة الخنزير، ولا يضمنون الخمر؛ لأن المشهود عليه مسلم. ولو أن رجلين من أهل الذمة شهدا على رجل منهم بمال فلم يقض (¬6) القاضي حتى أسلم المشهود عليه ثم رجع الشاهدان عن شهادتهما فإنه لا يقضي القاضي بذلك، ولا يضمن الشاهدين شيئاً، لأنه لا تجوز (¬7) شهادتهما على مسلم. وإذا شهد شاهدان من أهل الذمة على رجل من أهل الذمة بمال لمسلم (¬8) أو كافر فقضى القاضي بذلك ثم أسلم الشاهدان ثم رجعا عن ¬

_ (¬1) ع + رجوع. (¬2) وعبارة الحاكم: ومثل ذلك الخمر. انظر: الكافي، / 224 ظ. ونحوه عند السرخسي. انظر: المبسوط، 17/ 8. (¬3) م ز ع: يضمنوا. (¬4) ع - ولكن أسلم المشهود. (¬5) ع: ثم رجعوا. (¬6) ع: يقبض. (¬7) ز ع: لا يجوز. (¬8) م ز: المسلم.

باب الشهود على الشاهد أنه رجع وهو يجحد ذلك

شهادتهما فإنه لا يؤخذ بقولهما، وهما ضامنان للمال. وكذلك لو كانا لم يسلما. وكذلك لو أسلما ثم ضربا حدًا في قذف ثم رجعا عن شهادتهما فهو كذلك أيضاً. وإذا شهد شاهدان محدودان في قذف فلم يعلم القاضي بذلك حتى قضى بشهادتهما ثم علم بذلك وليس من رأيه إمضاء ذلك فإنه يرد القضاء ويبطله، ويأخذ (¬1) المال من المقضي له به. وكذلك لو شهد رجلان على حق فقضى به القاضي ثم علم أنهما عبدان أو كافران فإنه يرد ما قضى به من ذلك كله في مال أو ذهب أو فضة أو مكيل أو موزون أو عروض أو حيوان أو عقار. فإن ذلك كله مردود. وما كان من قصاص في نفس أو فيما دونها فإن المقتص (¬2) له يؤخذ بذلك كله حتى يرد أرشه على المقضي (¬3) عليه به. وما كان من حد لله فكان فيه أرش فإنه على الحاكم في بيت المال؛ لأن الحاكم أخطأ في الحكم. وكذلك لو كان الشاهدان أعميين. وهذا كله قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ... باب الشهود على الشاهد أنه رجع وهو يجحد ذلك وإذا شهد شاهدان على رجل بحق فقضى القاضي به ثم إن رجلين شهدا على الشاهدين أنهما رجعا عن شهادتهما وهما يجحدان ذلك فإن أبا حنيفة قال في ذلك كله: لا ضمان على الشاهدين الأولين، ولا تقبل (¬4) شهادة الشهود عليهما بذلك. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. وكذلك لو شهدا على أحدهما بالرجوع في ذلك. وكذلك الشهادة في العروض والحيوان وكل دين. وكذلك الشهادة في الرَّجْم والحدود، وإذا شهد شاهدان أنهما قد رجعا عن ذلك وهم يجحدون لم يقبل ذلك ولم يضمن الشهود. ¬

_ (¬1) م ز: وأخذ. (¬2) ز: المقيض. (¬3) م ز: على المقتضي. (¬4) ز ع: يقبل.

وإذا شهد شاهدان على رجل أنه أعتق عبده وهو يجحد ذلك فأعتقه القاضي ثم شهد شاهدان على الشهود انهم قد رجعوا عن شهادتهم والشهود يجحدون ذلك ويمضون (¬1) على الشهادة ويقولون: لم نرجع (¬2)، فلا ضمان عليهم. أرأيت لو ضمنتهم بشهاداتهم ثم رجع الشهود الآخرون أكنت أضمنهم. أرأيت لو لم يرجع الآخرون فشهد عليهم شهود انهم قد رجعوا عن شهادتهم أكنت أقبل ذلك. فهذا كله باطل لا يقبل منه (¬3) شيء، ولا يقضى به. فهذا من التهاتر؛ (¬4) لأن هذا مما لا ينقطع. وإذا شهد شاهدان على رجل بمال فقضى به القاضي ثم ادعى المشهود عليه أنهما قد رجعا عن شهادتهما وأراد أن يستحلفهما فلا يمين عليهما في ذلك، ولا يقبل عليهما بينة بذلك (¬5). وكذلك لو ادعى على أحدهما (¬6) أنه قد رجع عن شهادته. وكذلك الشهود من أهل الذمة يشهدون بمال فقضى به القاضي على ذمي ثم إنّه ادعى أنهما قد رجعا عن شهادتهما وشهد عليهما بذلك رجلان مسلمان، فإنه لا يقبل ذلك عليهما. وكذلك لو شهد أربعة مسلمون على رجل مسلم بالزنى والإحصان فرجمه الإمام ثم شهد شاهدان انهم قد رجعوا عن شهادتهم أو شهدوا على واحد منهم أنه قد رجع لم يقبل ذلك منهم. وكذلك لو كانوا (¬7) شهدوا على حد قذف أو حد سرقة أو على حد في خمر أو تعزير فأمضى القاضي ذلك ثم شهد شاهدان انهم قد رجعوا وهم يجحدون ذلك لم يجز ¬

_ (¬1) م: ويمضمون. (¬2) ز: لم يرجع. (¬3) ع: عنه. (¬4) تقدّم باب شهادة التهاتر في كتاب الشهادات. انظر: 8/ 204 و - 204 ظ. وفسرها المؤلِّف هناك بأنها الشهادة على النَّفْي؛ لكن يظهر مما قاله هنا أن التهاتر أوسع من الشهادة على النَّفْي. ويقال في معناه: تهاترت الشهادات أي: تساقطت وبطلت. وتهاتر القوم: ادعى كل منهم على صاحبه باطلاً، مأخوذ من الهِتْر: السقط من الكلام والخطأ فيمى وقيل: كلل بينة لا تكون حجة شرعاً فهي من التهاتر. انظر: المغرب، "هتر". (¬5) ز: ذلك. (¬6) م ز + حدهما. (¬7) ع - كانوا.

باب الرجوع عن الشهادة في العتق والمكاتبة والتدبير والاستسعاء في القيمة

ذلك عليهم. وكذلك لو كانوا شهدوا بقصاص في نفس أو فيما دونها فقضى القاضي بذلك ثم شهد شاهدان على رجوعهم فإن ذلك لا يقبل منهم. ولو شهد شاهدان على ألف درهم فقضى بها القاضي ثم إنهما رجعا عن ذلك وأشهدا بالمال على أنفسهما من قبل رجوعهما ثم جحدا ذلك فشهد الشهود عليهما بذلك لم يقبل ذلك، ولم يضمنا المال؛ لأن شهادة الشهود عليهم بالرجوع مثل شهادتهم عليهم بالضمان، ليس يقبل شيء من ذلك. ولو شهدوا على زنى وإحصان فرجمه القاضي ثم شهد الشهود عليهم بالرجوع لم يكن عليهم حد ولا ضمان (¬1). ولو أوجبت عليهم الحد لأوجبت عليهم الضمان. وكذلك الباب الأول. ... باب الرجوع عن الشهادة في العتق والمكاتبة والتدبير والاستسعاء (¬2) في القيمة وإذا شهد شاهدان على رجل أنه أعتق عبده فقضى بذلك القاضي ثم رجعا عن شهادتهما فإنهما يضمنان قيمة العبد لمولى العبد. ولو شهد شاهدان على رجل أنه دبر عبده فقضى بذلك القاضي ثم رجعا عن شهادتهما فإنهما يضمنان ما نقصه التّدبير. فإن مات المولى والعبد يخرج من الثلث عتق وضمن الشاهدان قيمته مدبراً. فإن لم يكن له مال غيره عتق ثلثه وسعى في ثلثيه ويضمن الشاهدان (¬3) الثلث، ولا يرجعان به على العبد. وإذا لم يعجّل العبد الثلثين من القيمة وعجز عنها فإن للورثة أن يرجعوا بذلك على الشاهدين، ويرجع الشاهدان بذلك على العبد في قياس قول أبي حنيفة. وهو قول محمد. ولو شهد رجلان على رجل أنه كاتب عبده على ألف درهم إلى سنة وقضى القاضي بذلك ثم رجعا عن شهادتهما والعبد ¬

_ (¬1) ع: قصاص. (¬2) م: والاستسعان. (¬3) ز + الا.

يساوي ألفين أو لا يساوي إِلا الألف فإن الشاهدين يضمنان القيمة، ويرجعان على المكاتب بالألف على النجوم، ولا يعتق المكاتب حتى يؤدِّي ما عليه. فإن أدى ما عليه عتق، والولاء للذي كاتبه. فإن عجز فرد في الرق كان لمولاه، ويرد المولى ما أخذ من الشهود عليهم. ولو شهد رجل وامرأتان على رجل أنه حلف بعتق عبده إن دخل هذه الدَّار وشهد رجل وامرأتان أن العبد قد دخلها فإن العبد يعتق. فإن رجع الشهود جميعاً ضمّن شاهدي اليمين قيمة العبد. ولا ضمان على شاهدي الدخول؛ لأن العتق وجب باليمين. فإذا شهد شاهدان على رجل أنه أعتق عبده عن دبر (¬1) منه (¬2) وشهد آخران أنه أعتقه البتة فأنفذ القاضي ذلك وقضى به ثم رجعوا جميعاً فإن شاهدي العتق البتات يضمنان القيمة، ولا ضمان على شاهدي التدبير. ولو شهد شاهدا (¬3) التدبير أول مرّة فقضى به القاضي ثم شهد آخران أنه أعتقه بعد القضاء البتة فقضى بذلك القاضي (¬4) ثم رجعوا جميعاً فإن شاهدي التدبير يضمنان ما نقصه التدبير، ويضمن شاهدا (¬5) العتق البتات قيمته مدبراً. ولو كان شاهدا (¬6) العتق البتات شهدا أنه أعتقه قبل (¬7) التدبير البتة فأعتقه القاضي ثم رجعوا ضمن شاهدا (¬8) العتق قيمته، ولم يضمن شاهدا التّدبيرة لأن العتق البتات قد أبطل التدبير. أرأيت لو شهدا أنه باعه من هذا بألف درهم ووقتا لذلك وقتاً قبل التدبير فأبطل القاضي التدبير وأنفذ البيع ثم رجعوا جميعاً فإنه لا ضمان في هذا على شهود التدبير. ولكن أنظر إلى قيمة العبد وإلى الثمن: فإن كان في قيمته فضل لم أضمنه شيئاً. وإن كانت قيمته (¬9) أقل من ذلك (¬10) والبائع يدعي البيع والمشتري ينكر ¬

_ (¬1) ز ع: عن دين. (¬2) ع: معه. (¬3) م ز: شاهدي. (¬4) ع: فقضى القاضي بذلك. (¬5) م ز ع: شاهدى. (¬6) م ز: شاهدي. (¬7) ع: على. (¬8) م ز: شاهدي. (¬9) ع: قيمته. (¬10) م هـ: في نسخة ألف درهم؛ ز + ألف درهم.

وقضيت (¬1) بذلك ثم رجعا عن شهادتهما فإنهما يضمنان للمشتري ما نقصت (¬2) القيمة من المْن. ولو شهدا بالبيع والقيمة والثّمن (¬3) سواء وشهدا أنه نقده الثمن فقضى بذلك القاضي ثم رجعا عن البيع ولم يرجعا عن نقد الثمن لم يضمنا شيئاً. ولو رجعا عن نقد الثمن ضمنا الثمن في جميع ما رجعوا به فيه. وكذلك إذا رجعا عن البيع وعن نقد الثمن. ولو كان البائع يدعي والمشتري يجحد لم يضمنا شيئاً في جميع ما رجعا فيه. ولو أن رجلين شهدا على رجل أنه أعتق أمته هذه فأعتقها القاضي بشهادتهما والمولى يزعم (¬4) أنهما شهود زور فإنه لا يسع (¬5) المولى أن (¬6) يقربها (¬7). فإن رجع الشاهدان عن شهادتهما ضمنا قيمتها، ولا يسع المولى أن يطأها بعد أخذ القيمة ولا قبلها. ولو تزوجت وسع الزوج أن يطأها. فكيف يحل للمولى (¬8) أن يطأها مع زوجها. وإذا شهد شاهدان على رجل أنه كاتب عبده على ألف درهم إلى سنة وقيمته خمسمائة فأجاز القاضي ذلك، ثم رجع الشاهدان عن شهادتهما عند القاضي، فاختار المولى ضمان الشاهدين وقبض منهما القيمة، فإن المكاتب لا يعتق حتى يؤدِّي ألف درهم إلى الشاهدين، ثم يعتق، ويتصدقان (¬9) بالفضل، والولاء للمولى. ولو أن الشاهدين (¬10) كانا رجعا عند القاضي فلم يخير (¬11) المولى ولكن المولى جعل يتقاضى المكاتب حتى قبض منه مائة درهم أو لم يقبضها غير أنه علم برجوع الشاهدين فهذا اختيار للمكاتبة، ولا ¬

_ (¬1) ز: وقبضت. (¬2) ز: فانقضت. (¬3) ع - والثمن. (¬4) م هـ: في نسخة يعرف؛ ز + في نسخة يعرف. (¬5) ع: لا يبيع. (¬6) ع - أن. (¬7) ع: بقربها. (¬8) ع: للزوج. (¬9) م ز ع: ويتصدقا. (¬10) م ز: أن الشاهدان. (¬11) ز ع: يجبر.

يضمن الشاهدان شيئاً أبداً. وإن لم يكن علم فهو سواء. ولا يرجع على الشاهدين بشيء أبداً (¬1) ما خلا خصلة واحدة: أن تكون (¬2) المكاتبة أقل من القيمة، فإن هذا له أن يأخذ المكاتب بالمكاتبة، ويرجع على الشاهدين بفضل القيمة. وإذا (¬3) شهد شاهدان على رجل أنه باع (¬4) عبداً له من رجل بألف درهم إلى (¬5) سنة وقيمته خمسمائة والمشتري يدعي ذلك والبائع يجحد فأجاز القاضي ذلك كله ثم رجع الشاهدان عن شهادتهما فإن القاضي يخيره (¬6): فإن شاء ضمن الشاهدين القيمة، ويرجع الشاهدان على المشتري بجميع الثمن، ويتصدقان بالفضل. ولو اختار المشتري لم يرجع على الشاهدين بشيء أبداً. ولو تقاضى المشتري بعد رجوع الشاهدين عند القاضي كان هذا رضى منه به، ولا يتبع (¬7) الشاهدين بشيء أبداً. وإذا شهد شاهدان (¬8) على رجل أنه حلف بعتق عبده أن في قيده عشرة أرطال، وحلف الرجل بعتقه قدام القاضي أن لا يحل العبد أبداً، فشهد شاهدان أن في قيده خمسة أرطال، وشهدا على المولى بذلك، فأعتقه القاضي بشهادتهما، ثم أطلقه من القيد، ثم نظر إلى القيد فإذا فيه عشرة أرطال، فإن أبا حنيفة قال: على الشاهدين قيمة العبد، والعتق ماض جائز، وإنما ضمنا لأنه عتق بشهادتهما، ولم يعتق بحل (¬9) القيد، قد (¬10) أعتق قبل أن يحل القيد. وقال أبو يوسف ومحمد: لا ضمان عليهما، وإنَّما عتق بحل (¬11) القيد (¬12)، ولو لم يحله وعلم أنهما شهدا ¬

_ (¬1) ع - بشيء أبدا. (¬2) ز: أن يكون. (¬3) ع: كان. (¬4) ع: باعه. (¬5) ع - إلى. (¬6) م ز: يجيزه. (¬7) ز ع: يبيع. (¬8) م ز: شاهدين. (¬9) ز: يحل. (¬10) ع: وقد. (¬11) ز: يحل. (¬12) ع - وقال أبو يوسف ومحمد لا ضمان عليهما وإنما عتق بحل القيد.

بباطل رده في الرق. وكذلك لو هلك العبد (¬1) وأقرا (¬2) أنهما شهدا بزور فهو مثل ذلك. ولو شهد رجلان على رجل أنه أعتق عبده العام الأول في أول يوم من رمضان فأجاز القاضي شهادتهما وأعتقه ثم رجعا عن شهادتهما فضمنهما القاضي القيمة أو لم يضمنهما حتى شهد شاهدان أنه أعتقه عام أول في شوال فإنه لا تقبل (¬3) شهادة هذين الآخرين، ويضمن الأولان قيمة العبد يوم أعتقه القاضي. وما كان من (¬4) جراحته وحدوده وأحكامه وقصاصه فيما بين رمضان إلى أن أعتقه القاضي فهو حر وجراحته جراحة حر وحكمه حكم حر. ولو شهدا على عبد أن مولاه أقر به حين ولد أنه لهذا الرجل وأنكر المولى وشهدا يوم شهدا والعبد شاب فقضى القاضي بذلك ثم رجعا عن شهادتهما فإنهما (¬5) يضمنان قيمته يوم قضى به القاضي، لأنهما يومئذٍ أتلفاه. ولو شهد شاهدان على رجل أنه (¬6) أعتق عبده عام أول في أول يوم من رمضان فأجاز (¬7) القاضي ذلك وقضى به وأنفذه ثم رجعا عن شهادتهما فضمنهما القاضي القيمة أو لم يضمنهما (¬8) حتى شهد شاهدان أنه أعتقه أول يوم من رمضان أول من عام الأول (¬9)، فإن شهادة الآخرين مقبولة جائزة، ولا ضمان على الأولين، لأنهما إنما شهدا (¬10) أنه أعتق حراً وليس هذا كالذين شهدوا بالعتق عليه بعد وقت العتق الأول. وكذلك لو شهد رجلان على رجل أنه طلق امرأته عام أول في رمضان قبل أن يدخل بها فأجاز القاضي ذلك وألزمه نصف المهر ثم رجعا عن شهادتهما فضمنهما نصف المهر ثم شهد شاهدان على الزوج أنه طلقها عام أول في شوال قبل أن يدخل بها لم يقبل ذلك ولا ينتفع به الشاهدان الأولان. ¬

_ (¬1) م ز ع: القيد. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 17/ 13. (¬2) ع: وأقر. (¬3) ز ع: لا يقبل. (¬4) ع - من. (¬5) ع - فإنهما. (¬6) ع - أنه. (¬7) ع: وأجاز. (¬8) م ز: لم يضمنها. (¬9) ع: أول. (¬10) ع: شهد.

وكذلك العتق. ولو أقر الزوج بذلك عند القاضي لم يكن له على الشاهدين ضمان، ويرد عليهما ما كان ضمنا له. وكذلك إقرار المولى في العتق لا يأخذ نصف مهر هو (¬1) مقر أنه قد لزمه ولا قيمة عبد هو مقر أنه حر. والإقرار في هذا والبينة مختلفان، لا تقبل (¬2) البينة على هذا، ولا يبطل حق المولى والزوج له جاحد. وإذا أقر بذلك لم يكن له ضمان على الشاهدين. ولو شهد شاهدان على رجل أنه حلف بعتق عبده لا يدخل هذه الدَّار، فأنكر ذلك المولى، ودخل العبد الدَّار بعد شهادتهما، فقضى القاضي بعتق العبد بشهادة الشهود على اليمين وبإقرار المولى على الدخول، ثم رجع الشاهدان عن شهادتهما، فإنهما يضمنان قيمة العبد، لأنه إنما أعتق بشهادتهما. وإذا ادعى عبد أن مولاه كاتبه على ألف درهم وهي قيمته وادعى المولى أنه كاتبه على ألفين وأقام على ذلك بينة شاهدين فقضى القاضي بالألفين على المكاتب (¬3) فأداها (¬4) ثم رجع الشاهدان عن شهادتهما فإن القاضي (¬5) يضمنهما (¬6) ألف درهم للمكاتب. ولو كان المكاتب لم يدع (¬7) المكاتبة وقال المولى: كاتبتك على ألفين، وجحد المكاتب ذلك وأقام المولى بينة فإنه لا تقبل (¬8) منه بينة على ذلك، ويقال للمكاتب: إن شئت فامض في المكاتبة وإن شئت فدعها وكن رقيقاً. فإن كان المكاتب يدعي أنه حر فجاء المولى بشاهدين فشهدا أنه كاتبه على ألفين وقضى القاضي عليه بذلك فأدى المال ثم رجع الشهود عن شهادتهم وقالوا: شهدنا بباطل، فإنهم يضمنون للمكاتب ألفين وإن كانت قيمته (¬9) أقل من ذلك؛ لأن المال قد لزمه بشهادتهم. وإذا شهد شاهدان لرجل على رجل أنه كاتبه على ألف درهم ¬

_ (¬1) ع: وهو. (¬2) ز: لا يقبل. (¬3) ع - على المكاتب. (¬4) ع: فادعاها. (¬5) ع: فإن له أن. (¬6) م ز: فضمنهما. (¬7) م ز: لم يدعي. (¬8) ز: لا يقبل. (¬9) ع: القيمة.

والمكاتب يدعي أنه حر فقضى القاضي بشهادتهم وأدى المال، ثم رجعا عن شهادتهما فإنهما يضمنان ألف درهم للمكاتب إذا كان المكاتب يجحد المكاتبة ويزعم أنه حر. وإنما لزمه المال بشهادتهما. ولا يشبه هذا الرق. ولو شهد شاهدان على رجل أنه (¬1) عبد لهذا الرجل والرجل يدعي والعبد يجحد ذلك فقضى القاضي أنه عبد له ثم أعتقه على مال ثم رجعا عن شهادتهما فإنهما لا يضمنان للمشهود عليه شيئاً؛ لأنهما لم يشهدا عليه بمال، إنما شهدا عليه برق. وإذا شهد شاهدان على رجل أنه كاتب عبده على ألفي درهم إلى سنة وهو يساوي ألف درهم فأجاز القاضي شهادتهما ثم إن الشاهدين رجعا عن شهادتهما عند القاضي فإن القاضي يقول للمولى: اختر، فإن (¬2) شئت ضمنت الشاهدين القيمة، وإن شئت فاختر المكاتبة وأبرئ الشاهدين. فإن اختار المكاتبة برئ الشاهدان ولا يرجع عليهما. وإن اختار الشاهدين ضمنهما ألف درهم حالة، ويؤدِّي المكاتب إلى الشاهدين ألفي درهم ويعتق ويكون الولاء للمولى. ألا ترى أنهما لو شهدا أنه أعتق عبده على خمسمائة درهم وقيمته ألف درهم فأعتقه القاضي ثم رجع الشاهدان عن الشهادة (¬3) فإن القاضي يخيره: فإن شاء ضمن الشاهدين الألف، ويرجعان على العبد بخمسمائة، وولاء العبد للمولى. أوَلا ترى أن رجلاً لو غصب من رجل عبداً فاغتصبه منه آخر فمات عنده أن المولى يخير: فإن شاء ضمن الأول القيمة ويرجع الأول على الآخر، ولا يرجع المولى على الآخر أبداً. وإن كان في قيمته فضل يوم غصبه الآخر على القيمة يوم غصبه الأول فإن ذلك الفضل يأخذه الأول فيتصدق (¬4) به. ولو كان المولى ضمن الآخر كان ذلك له ولا يرجع المولى على الأول بشيء أبداً. ... ¬

_ (¬1) ع - حر وإنما لزمه المال بشهادتهما ولا يشبه هذا الرق ولو شهد شاهدان على رجل أنه. (¬2) ع: إن. (¬3) ع - عن الشهادة. (¬4) م ز: فتصدق.

باب الرجوع عن الشهادة في الولاء والنسب والمواريث وغيرها

باب الرجوع عن الشهادة في الولاء والنسب والمواريث وغيرها (¬1) وإذا ادعى رجل أنه ابن رجل والأب يجحد ذلك فأقام الابن البينة أنه ابنه (¬2) ولد على فراشه فقضى القاضي بذلك وأثبت نسبه ثم رجعوا عن شهادتهم فلا ضمان عليهم؛ لانهم لم يشهدوا بمال، ولا أدري أيهما يرث الآخر. ولو ادعى رجل أنه أعتق رجلاً وأنه مولاه وجحد المعتق وقال: أنا حر ولست (¬3) بمولاك، فشهد شاهدان أنه أعتقه وهو يملكه فقضى القاضي بذلك ثم رجعا عن شهادتهما فلا ضمان عليهما، لأنهما لم يشهدا بمال. وهذا الولاء مثل النسب الذي قبله. ولو مات فورثه بشهادتهم الأولى ثم رجعا عن شهادتهما بعد الموت لم يضمنا شيئاً؛ لأنهما لم يشهدا بمال. ولو شهد رجلان على امرأة أنها أمة لهذا الرجل وهي تجحد ذلك فقضى القاضي بشهادتهما ثم رجعا عن شهادتهما لم يضمنا لها شيئاً؛ لأنها أمة، وإذا صار المال لها فإنما يكون لمولاها. وكذلك العبد في هذا الوجه. وكذلك المدبر والمدبرة وأم الولد. فأمّا (¬4) المكاتب فإن ادعى أنه حر وشهد شاهدان أن هذا الرجل كاتبه على ألف درهم فقضى القاضي بذلك على المكاتب وأداها (¬5) ثم رجعا عن شهادتهما فإنهما يضمنان له ألفاً إذا كان المكاتب يجحد المكاتبة ويزعم أنه حر، لأنه لزمه المال بشهادتهما، ولا يشبه هذا الرق. ولو شهد شاهدان على رجل أنه (¬6) عبد لهذا الرجل والرجل يدعي والعبد يجحد فقضى القاضي به عبداً له ثم أعتقه على مال ثم رجعا عن الشهادة فإنهما لا يضمنان له شيئاً؛ لأنهما لم يشهدا عليه بمال، إنما شهدا عليه برق. ¬

_ (¬1) م ز: وغيره. (¬2) م ز: ابن. (¬3) ز: وليست. (¬4) ع: وأ ما. (¬5) ع: وادها. (¬6) ع - حر لأنه لزمه المال بشهادتهما ولا يشبه هذا الرق ولو شهد شاهدان على رجل أنه.

ولو شهدا لرجل (¬1) أنه ابن هذا القتيل (¬2) لا وارث له غيره والقاتل يقر أنه قتله عمداً فقضى القاضي له بالقصاص فقتله الابن ثم رجع الشاهدان عن الشهادة فلا ضمان عليهما في القصاص، ولكن يضمنان كل مال للميت ورثه (¬3) هذا الابن فيضمنان ذلك لورثته المعروفين. فأمّا هذا الدِّم فليس بمال أتلفاه (¬4). ألا ترى أنهما لو شهدا على رجل أنه عفا عن دم عمد فأجازه القاضي ثم رجعا عن شهادتهما أنه لا ضمان عليهما. ولو شهد رجلان على رجل أن أباه مات والأب كافر وله ابن مسلم (¬5) معروف بالإسلام قبل موت أبيه والابن كافر فشهد شاهدان أن الأب مات مسلماً فقضى القاضي بميراثه للمسلم وحرم (¬6) الكافر الميراث ثم رجعا عن شهادتهما فإنهما يضمنان الميراث للكافر (¬7) ومالَ الميت كله، فإنهما يضمنان ذلك للكافر (¬8). ولو مات رجل كان أصله كافراً فأسلم ثم مات وله ابنان مسلمان كل واحد منهما يدعي أنه أسلم قبل موت أبيه وأقام على ذلك شاهدين ولا وارث له غيرهما فورثهما القاضي ماله كله ثم رجع شاهدا (¬9) أحدهما فإنهما يضمنان الميراث الذي قبض صاحبهما (¬10) كله للآخر. وإذا شهد شاهدان على رجل (¬11) ميت أن هذا الرجل ابنه ووارثه ولا وارث له غيره وقد كان للميت أخ معروف فقضى القاضي بالميراث للابن ثم رجع الشاهدان عن شهادتهما فإنهما يضمنان للأخ الميراث (¬12) كله. فما كان من دار أو أرض أو حيوان أو عروض، فإنهما يضمنان قيمة ذلك. وما كان (¬13) من دراهم أو دنانير فإنهما يضمنان مثل ذلك. وما كان مما يكال أو ¬

_ (¬1) ز: على الرجل. (¬2) ز: القبيل. (¬3) م ز ع: فورثه والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 17/ 16. وعبارة الحاكم: كل ما أورثه. انظر: الكافي، 1/ 225 و. (¬4) ز: أتلفا. (¬5) ع - مسلم. (¬6) م ز ع: وأحرم. (¬7) م ز: الكافر. (¬8) كذا في م ز ع. (¬9) م ز ع: شاهدى. (¬10) ع: صاحبها. (¬11) ع - رجل. (¬12) م ز: لميراث. (¬13) م ز: كانوا.

يوزن فإنهما يضمنان مثل كيله ووزنه. ولو كان الرجل حياً فشهدا على صبي في يديه أنه أقر أنه ابنه فأثبت القاضي نسبه ولم يعرف حراً كان أو عبداً ثم مات الرجل فقضى القاضي للصبي بميراثه ثم رجعا عن شهادتهما فإنهما لا يضمنان شيئاً؛ لأن النسب قد ثبت في حياته. وكذلك لو شهدا لامرأة بالنِّكاح على مهر مثلها فأثبت القاضي النكاح ثم مات الرجل فورثها منه ثم رجعا عن الشهادة فلا ضمان عليهما. ولو كانا شهدا أنه تزوجها (¬1) قبل (¬2) موته فقضى القاضي لها بالمهر والميراث بشهادتهما ثم رجعا عن ذلك فإنهما يضمنان ذلك كله للورثة، ولا تأخذ (¬3) هي (¬4) مما ضمنا شيئاً. ولو كان عبد في يد رجل والعبد صغير يولد للرجل مثله وفي يده أمة له فشهد شاهدان أنه أقر أن الصبي ابنه وشهد آخران أنه أعتق هذه الأمة ثم تزوجها على ألف درهم، والرجل يجحد ذلك كله فقضى القاضي بذلك وألزمه النسب والنِّكاح والعتق ثم مات الرجل وله ستة بنين سوى ذلك، فقسم الميراث بينهم وقضى للمرأة بالصداق ثم رجعوا جميعاً عن الشهادة، فإن شهود الابن يضمنون قيمة الابن لجميع الورثة إِلا نصيب الابن منها، ويضمن شهود العتاق والنِّكاح قيمة الأمة إِلا ميراث الأمة منها، ولا يضمنون المهر ولا الميراث، لأن النكاح قد ثبت بشهادتهم على الميت قبل الموت إِلا أن يكون المهر أكثر من مهر مثلها، فيضمنون الفضل إِلا حصتها من الفضل الذي كانت ترثه (¬5)، فإنه يبطل عنها. ولو شهدوا بعد موت الرجل أنه أقر أنه تزوج هذه المرأة على ألف درهم فقضى القاضي لها (¬6) بالمهر والميراث ثم رجعوا عن شهادتهم فإنهم يضمنون المهر للورثة ويضمنون ما أخذت من الميراث. فما كان من عقار أو حيوان أو عروض ضمنوا قيمته يوم قضى به القاضي (¬7). وما كان من ¬

_ (¬1) ع + رجلا. (¬2) ما فوق السَّطر: بعد. (¬3) ز: يأخذ. (¬4) ع - هي. (¬5) ز: يرثه. (¬6) ع - لها. (¬7) ع - القاضي.

كيل أو وزن ضمنوا مثله إن كان مستهلكاً أو كان قائماً بعينه. ولو كان في ذلك (¬1) أمة فولدت بعد القضاء لم يضمنوا الولد ولا قيمته. وكذلك لو زادت في بدنها خيراً لم يضمنوا الزيادة. وكذلك لو نقصت أو ماتت فإنهم يضمنون قيمتها يوم قضى بها القاضي، فيضمنون من القيمة بقدر ما أخذت المرأة من ذلك. وإذا (¬2) مات رجل وادعى رجل أنه أوصى له بالثلث من كل شيء وأقام على ذلك شاهدين فقضى القاضي بذلك ثم رجع الشاهدان عن شهادتهما فهما ضامنان لذلك الثلث. وإن رجع أحدهما ضمن الراجع النّصف. وإن كان ذلك (¬3) مستهلكاً فالقول في قيمته قول الضامن الذي رجع مع يمينه. فإن ادعى الورثة فضلاً فعليهم البينة، وعلى الشاهدين اليمين على ما ادعى الورثة من فضل قيمته إن لم يكن لهم شهود. وكذلك لو شهدا أنه أوصى له بالثلث في حياة الميت فلم يختصموا في ذلك حتى مات. ولو شهدوا بعد موته أنه أوصى بهذا الخادم لفلان وهو يخرج من الثلث فقضى بها القاضي ووطئها الموصى له فعلقت منه ثم رجعا عن الشهادة فإنهما (¬4) ضامنان لقيمة الخادم، ولا يضمنان العقر ولا قيمة الولد. وإن كانت ميتة فالقول في قيمتها قول الشاهدين. وإن كانت حية فقال الشاهدان: قد زادت قيمتها وكانت يوم شهدنا أقل قيمة منها اليوم (¬5)، فإنهما لا يصدقان (¬6) على ذلك؛ لأن القيمة اليوم معروفة ولا يصدقان على النقصان، وهما ضامنان لقيمة اليوم. فإن أقام الشاهدان (¬7) شهوداً على ذلك قبل منهما. فإن أقام الورثة البينة أن قيمتها يوم شهدا أكثر مما قال شهود (¬8) الشاهدين فإنه يؤخذ بشهود الورثة؛ لانهم يدعون الفضل. وكذلك الهِبَة والصدقة والنحلى والعمرى والعطية. ¬

_ (¬1) ع - ذلك. (¬2) ع: كان. (¬3) ع - ذلك. (¬4) ع: وإنهما. (¬5) ع: من اليوم. (¬6) ع: لا يضمنان. (¬7) م ز ع: الشاهدين. (¬8) م ز ع: الشهود.

باب رجوع الشاهد على شهادة الشاهدين عن الشهادة

ولو شهد شاهدان أن (¬1) فلاناً (¬2) الميت أوصى إلى هذا بماله وتركته فقضى القاضي بذلك ثم رجعا عن شهادتهما فلا ضمان عليهما. فإن استهلك الوصي المال فهو ضامن، ولا يضمن الشاهدان مِن قِبَل أنهما لم يشهدا على رقبة المال بعينه. ولو شهد رجلان على رجل في يديه صبية يزعم أنها أمته فشهدا (¬3) عليه أنه أقر أنها ابنته فأجاز القاضي ذلك وقضى بأنها ابنته وهو يعرف أنهما شهدا بزور فإنه لا يسعه أن يطأها أبداً. ولو رجع الشاهدان عن الشهادة ضمنا القيمة، ولا يسعه أن يطأها أبداً. ولو ماتت وتركت ميراثاً وسعه أن يأكل ميراثها. وكذلك هي لو مات الأب كانت (¬4) في سعة من أكل ميراثه. ... باب رجوع الشاهد على شهادة (¬5) الشاهدين عن الشهادة وإذا شهد شاهدان على شهادة أربعة وشهد شاهدان على شهادة شاهدين على حق لرجل (¬6) فقضى به القاضي ثم رجعوا جميعاً عن الشهادة فإن على الشاهدين اللذين (¬7) شهدا على شهادة أربعة الثلثان، وعلى الشاهدين الآخرين الثلث. وإنما أنظر إلى المشهود على شهادتهم، ولا أنظر إلى الشهود. ألا ترى لو أن أربعة شهدوا على شهادة اثنين واثنين شهدوا على شهادة اثنين ثم رجعوا جميعاً فإن (¬8) الضمان على الأربعة (¬9) نصفه، وعلى الاثنين نصفه. ولو كان على عدد الذين شهدوا [لكان] (¬10) على الأربعة الثلثان وعلى الاثنين الثلث. وهذا قول أبي يوسف. ¬

_ (¬1) م - أن، صح هـ. (¬2) م ز: فلان. (¬3) م ز ع: فشهدوا. (¬4) ز: كاتب. (¬5) م ز ع: عن شهادة. (¬6) م ز: على رجل. (¬7) ز: الذين. (¬8) م ز: أن. (¬9) ع: على أربعة. (¬10) الزيادة من ب.

وقال محمد: إذا شهد (¬1) شاهدان على أربعة وشهد شاهدان على شهادة شاهدين ثم رجعوا جميعاً فإن على كل فريق النصف، لأن الشاهدين لا يغرمان أكثر مما يغرمان (¬2) لو كانا هما الشاهدين (¬3) على الحق (¬4). ولكن لو شهد أربعة على شهادة شاهدين وشهد شاهدان على شهادة شاهدين ثم رجعوا جميعاً كان على كل فريق النصف. إنما أنظر إلى الأقل مما يلزم الشهود بشهادتهم وشهادة من شهدوا على شهادتهم به، فألزمهم أقل ذلك. وإذا شهد شاهدان على شهادة شاهدين وشاهدان (¬5) على شهادة شاهدين فقضى القاضي بذلك كله فرجع واحد من هؤلاء وواحد من هؤلاء فعلى كل واحد من الراجعين ربع المال. وإذا شهد شاهدان على شهادة شاهدين بحق لرجل فقضى به القاضي ثم إن الشاهدين الأولين أتيا القاضي فقالا: قد كنا أشهدناهم على شهادتنا، ولكنا رجعنا عن ذلك أو قالا: لم نشهدهم على شهادتنا، فإن أبا حنيفة قال في هذا: لا ضمان عليهما في هذا ولا على اللذين شهدا عند القاضي، والقضاء ماض على حاله. وإذا شهد شاهدان على شهادة شاهدين فقضى القاضي بذلك ثم إن الشهود جميعاً رجعوا عن شهادتهم فإن القضاء ماض على حاله، والضمان على الشاهدين اللذين شهدا عند القاضي، ولا ضمان على الشاهدين الأولين. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف في المسألتين جميعاً. وقال محمد: المشهود عليه بالخيار في المسألة الآخرة: إن شاء ضمن الشاهدين الأولين إن قالا: أشهدناهما ونحن كاذبان. وإن (¬6) شاء ضمن الشاهدين اللذين شهدا عند القاضي. فإن كان الراجعان (¬7) هما الأولين (¬8) لم يرجع ¬

_ (¬1) ع - إذا شهد. (¬2) م ز ع + ان. (¬3) م ز: الشاهدان. (¬4) م ز: على احق. (¬5) م ز: وشاهدين. (¬6) م ز ع: فإن. (¬7) م ز: الراجعين. (¬8) م ز: الأوليين.

باب الرجوع عن الشهادة في الحدود

اللذان (¬1) شهدا عند القاضي (¬2) ضمن الشاهدان الأولان المال إن قالا: قد كنا (¬3) أشهدناهما بالباطل. فإن قالا: لم نشهدهما، فلا ضمان عليهما. ... باب الرجوع عن الشهادة في الحدود (¬4) محمد عن أبي يوسف عن مطرف بن طريف عن الشعبي أن رجلين شهدا عند علي بن أبي طالب على رجل بالسّرقة، فقطع علي يده، ثم أتيا بآخر بعد ذلك فقالا: أوهمنا، إنما السارق هذا. فقال (¬5): لا أصدقكما على هذا الآخر، وأضمنكما دية الأول، ولو أعلمكما فعلتما ذلك عمداً قطعت أيديكما. وبه يأخذ أبو حنيفة وأبو يوسف (¬6) ومحمد. وقال أبو يوسف ومحمد: قول علي: قطعت أيديكما، تهدداً منه. محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن إبراهيم أنه قال: إذا شهد شاهدان على قطع يد رجل فقضى القاضي بذلك ثم رجعا عن شهادتهما أن عليهما الدية، وإن رجع أحدهما فعليه نصف دية اليد. وبهذا (¬7) كان يأخذ أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد. فإذا شهد شاهدان على رجل بالسرقة فقطعت يده ثم رجعا عن شهادتهما فإن القاضي يضمنهما دية اليد في أموالهما. فإن رجع أحدهما فعليه نصف دية اليد. وكذلك كل قصاص في نفس أو فيما دونها. وكذلك المال ¬

_ (¬1) م ز: اللذين. (¬2) ع - فإن كان الراجعان هما الأولين لم يرجع اللذان شهدا عند القاضي. (¬3) م ع + قد. (¬4) في هذا الباب تكرار لبعض ما ورد فى أول الكتاب انظر: 8/ 216 ظ. (¬5) ع + علي به. (¬6) ع - وأبو يوسف. (¬7) ع: ولهذا.

كله والعروض والحيوان. وكل قليل أو كثير يكون فيه مال أو عرض من العروض يقضي (¬1) فيه القاضي بشهادتهما فإنهما يضمنان قيمة ذلك في أموالهما. فإن رجع أحدهما ضمن نصف قيمة ذلك. وإذا شهد أربعة نفر على رجل بالزنى (¬2) وشهد رجلان عليه بالإحصان فأجاز القاضي شهادتهما ثم رجع الشهود جميعاً بعدما رجمه القاضي فإن أبا حنيفة قال في هذا: يضمن شهود الزنى الدية، ويضربون الحد؛ لأنهم قذفة. ولا شيء على شهود (¬3) الإحصان. ألا ترى لو شهد على الإحصان رجل وامرأتان جازت شهادتهما. ولو كان يرجم بشهادة الإحصان لم تجز (¬4) شهادة النساء في ذلك. وقال أبو حنيفة: لو رجع أحد الشهود (¬5) الأربعة قبل أن يقضى بالحد فإنه يضرب الراجع الحد، ويضرب الثّلاثة (¬6) الباقين (¬7) الحدود؛ لأنهم صاروا قذفة حيث لم تتم (¬8) الشهادة. ولو كان القاضي قضى بالزنى بالرجم ثم إنّه لم يمض ذلك حتى رجع أحد الأربعة عن الشهادة فإن أبا حنيفة قال: أضربهم الحدود. والقضاء وغير القضاء سواء في قوله. وأمّا في قول محمد: فإذا قضى بالرجم فلم يمض الحدود حتى رجع واحد من الأربعة فإن على الراجع الحد، ويُدرأ عن المشهود عليه الحد ولا يُضرب الثّلاثة (¬9) الباقون. وهذا (¬10) قول أبي يوسف الأول. وإذا شهد خمسة نفر على رجل بالزنى والإحصان فرجمه الإمام ثم رجع واحد منهم عن شهادته فإن أبا حنيفة قال في هذا: ليس على الراجع شيء، لأنه قد بقي أربعة، وذلك تمام شهود الحد. ولو رجع واحد من ¬

_ (¬1) ع: فقضى. (¬2) ع - بالزنى. (¬3) ع: ولا شيء بشهود. (¬4) ز ع: لم يجز. (¬5) زم: شهود. (¬6) م ع: الثلثة. (¬7) ع: الباقية. (¬8) ز ع: لم يتم. (¬9) م ع: الثلثة. (¬10) ع: هذا.

هؤلاء الأربعة فإن أبا حنيفة قال في هذا: على الراجعين جميعاً ربع الدية، ويضربان الحد. ولو شهد أربعة نفر على رجل بالزنى ولم يحصن فجلده الإمام مائة جلدة وجرحه السياط ثم رجع الشهود عن الشهادة فإن أبا حنيفة قال في هذا: ليس عليهم أرش الجلد. وقال أبو يوسف ومحمد: عليهم أرش الجلد. ولو كان الجلد في حد القذف أو في حد الخمر أو في تعزير فهو مثل هذا. وقال أبو يوسف ومحمد: إن لم تجرحه (¬1) السياط فلا ضمان على الشهود. وقال: إذا شهد خمسة على رجل بالزنى وقد أحصن فرجمه القاضي ثم قذفه رجل (¬2) فلا حد عليه. فإن رجع شاهدان من الخمسة ورجع القاذف فإن أبا حنيفة قال: يضرب الشاهدان الحد، ويغرمان ربع الدية، ولا شيء على القاذف. والشهادة والقذف في هذا مختلف، لأنه إنما رجمه بشهادة الشهود ولم يرجم بشهادة القاذف. وإذا شهد ثمانية نفر على رجل بالزنى فشهد أربعة منهم على امرأة أنه زنى بها وشهد أربعة على امرأة أخرى أنه زنى بها وشهد شاهدان بالإحصان فرجمه القاضي ثم رجع شهود الإحصان فإن أبا حنيفة قال: لا ضمان عليهم، لأنه لم يرجم بشهادتهم. وقال أبو يوسف: إن رجع أحد الفريقين الأربعة الذين شهدوا عليه بإحدى المرأتين فلا ضمان عليهم، ولا حد عليهم، لأنه قد بقي عليه أربعة على الرَّجْم. ولو رجع واحد من هؤلاء الباقين ضرب الراجع منهم والأربعة الأولون الحدود، وكان عليهم جميعاً ربع الدية. وهذا مثل ثمانية شهدوا عليه بالزنى بامرأة واحدة. وقال محمد: لا حد عليهم، ويغرمون ربع الدية، لأن كل فريق شهادتهم جائزة للفريق الآخر في درء الحد. وإذا شهد شاهدان على شهادة شاهدين على دار أو أرض أو بيت ¬

_ (¬1) م ز: لم يخرجه. (¬2) ع - رجل.

فقضى القاضي بذلك ثم رجعا عن شهادتهما فهما ضامنان لقيمة (¬1) ذلك. ولو شهد رجلان على رجل أنه أعتق عبده وشهد عليه أربعة بالزنى والإحصان فأجاز القاضي شهادتهم فأعتقه ورجمه ثم رجعوا جميعاً عن شهادتهم فإن على شهود العتق قيمة العبد لمولاه، وعلى شهود الزنى الدية لمولاه إن لم يكن له وارث غيره، مِن قِبَل أنه قد عتق. وإن كان المولى يجحد العتق فهو سواء. أرأيت لو شهدوا أنه ابنه وشهد الآخرون أنه زنى وأحصن فأمضى القاضي ذلك ثم رجعوا جميعاً عن ذلك فإن على شهود النسب القيمة، وعلى شهود الزنى الدية. أرأيت لو كان له ابن حر ألم يكن له ميراثه من الدية على الشهود؟ أرأيت لو شهدوا أن مولاه أعتقه وهو يجحد ذلك وشهد أربعة أنه زنى وأحصن فأجاز الإمام ذلك كله ثم رجع شاهدا (¬2) العتق ألم يضمنا القيمة للمولى؟ فإن رجع شهود الزنى بعد ذلك وله ورثة أحرار سوى مواليه فإنهم يضمنون الدية لهم، لأن شهادة الزنى غير شهادة العتق. ولو شهد رجل وامرأتان على العتق وأربعة على الزنى والإحصان فقضى القاضي بذلك كله ثم رجعوا جميعاً فإن شهود العتق يضمنون القيمة، على الرجل نصف ذلك، وعلى المرأتين نصفه، ويضمنون شهود الزنى الدية كاملة، ويضربون الحد. ولو كان أحد شاهدي العتق أحد الأربعة ضمن حصته من الدية مع حصته من القيمة (¬3). ولو شهد أربعة على العتق والزنى والإحصان فأمضى القاضي ذلك كله ثم رجعوا جميعاً عن العتق فإنهم يضمنون القيمة. ولو رجعوا عن الزنى بعد ذلك ضمنوا الدية. ولو لم يرجعوا عن هذا الوجه ولكن رجع اثنان عن العتق ورجع اثنان (¬4) آخران عن الزنى (¬5) فإنه لا ضمان (¬6) على شهود العتق، لأنه قد بقي اثنان على العتق، وعلى اللذين (¬7) رجعا عن الزنى نصف الدية والحد. ¬

_ (¬1) ز: القيمة. (¬2) م ز: شاهدي. (¬3) ع + القيمة. (¬4) م - عن العتق ووجع اثنان، صح هـ. (¬5) م ز ع: عن العتق. والتصحيح من ب. (¬6) ع + عن العتق فإنه لا ضمان. (¬7) ع: الذين.

ولو شهد أربعة على رجل بالزنى والإحصان فقضى القاضي بذلك كله وأمر برجمه فرجعوا عن الشهادة وقد جرحته (¬1) الحجارة وهو حي فإن القاضي يدرأ عنه الرَّجْم، ويضمن الشهود أرش جراحته، ويضربون الحد. وإذا شهد شاهدان على رجل أنه سرق ألف درهم بعينها من رجل فقضى بها القاضي وقطع المشهود عليه ثم رجعا عن ذلك فإنهما يضمنان له دية يده، ويضمنان ألف درهم. ولو رجع أحدهما دون الآخر ضمن نصف دية اليد ونصف الألف. وإذا شهد شاهدان على رجل أنه عفا عن قصاص له في نفس أو فيما دونها فقضى القاضي بها ثم رجعا عن شهادتهما فلا ضمان عليهما. وكذلك لو شهدا أنه صالحه (¬2) على ألف درهم فإن كان الذي له القصاص يجحد ذلك فشهدا عليه أنه صالحه على ألف درهم وقضى القاضي بذلك ثم رجعا عن شهادتهما فلا ضمان عليهما. وكذلك لو كان هو الذي ادعى الصلح والمطلوب يجحد ذلك فهو سواء. ولو شهدوا أنه صالحه على عشرين ألفاً من نفس والولي يدعي ذلك والقاتل يجحد (¬3) فقضى القاضي بذلك ثم رجعا عن شهادتهما فإنهما يضمنان الفضل عن الدية (¬4). وكذلك هذا فيما دون النفس. وإذا شهد شاهدان على ألف فقضى بها القاضي ثم رجعا مكانهما عن الشهادة قبل أن يقوما فإن الشهادة ماضية والقضاء ماض، وهما ضامنان للمال إذا قبض. ولو كان لرجل على رجل قصاص في نفس أو فيما دونها فقال الذي له القصاص: صالحتك على ألف درهم، وقال المدعى عليه: بل صالحتني على خمسمائة درهم، فالقول في ذلك قوله مع يمينه، وعلى مدعي الألف البينة. فإن جاء الطالب بالبينة على ألف درهم فقضى بها القاضي ثم رجعا عن شهادتهما فإنهما يضمنان الخمسمائة (¬5) الّتي لزمته بشهادتهما. ولو شهد شاهدان على رجل أنه قد عفا عن دم خطأ أو جراحة ¬

_ (¬1) م ز: خرجته. (¬2) ع - أنه صالحه. (¬3) ع + ذلك. (¬4) ع: عن الدين. (¬5) م ز ع: خمسمائة.

خطأ أو جراحة عمد فيها أرش فقضى بذلك القاضي ثم رجعا عن شهادتهما فإنهما يضمنان الدية وأرش تلك الجراحة. فإن ضمنا الدية كانت عليهما في ثلاث (¬1) سنين، في كل سنة من ذلك الثلث. فإن كانت جراحة يبلغ أرشها خمسمائة درهم فصاعداً إلى الثلثِ ثلثِ الدية ضمنا ذلك الثلث أو أقل منه في سنة. وإن كان زيادة على الثلث ضمنا الفضل في سنة أخرى إلى ما بينه وبين الثلثين. فإذا (¬2) زاد على الثلثين شيء ضمنا (¬3) ذلك في السنة الثّالثة. وإن كان أرش ذلك يبلغ أقل من خمسمائة ضمنا ذلك حالاً في أموالهما. فإن كانت الدية قد وجبت حالة (¬4) ولم يؤخذ (¬5) منها شيء فشهدا أنه أبرأه منها ثم رجعا عن شهادتهما ضمنا ذلك كله حالاً (¬6) في أموالهما. ولو وجد قتيل بين أظهر القوم فاستحلفهم (¬7) القاضي خمسين رجلاً (¬8): بالله (¬9) ما قتلنا ولا علمنا قاتلاً، فقضى القاضي بديته ثم رجعوا عن شهادتهم فلا ضمان عليهم؛ لأنه لم يلزم القبيلة المال بشهادتهم. وإذا شهد شاهدان على مال أو حد [أو قصاص] (¬10) في نفس أو فيما دونها فقضى به القاضي ثم علم أنهما محدودان في قذف أو كافران أو عبدان وليس من رأيه أن يجيز شهادتهم فإنه يرد القضاء، ويأخذ المال من المقضي له به. وكذلك (¬11) لو شهد رجلان على حق فقضى به القاضي ثم علم أنهما عبدان أو كافران أو محدودان في قذف فإنه يرد ما قضى به من ذلك كله. وما كان من قصاص في نفس أو فيما دونها فإن المقتص (¬12) له يضمن دية ذلك كله في ماله، حتى رَدّ أرشه على المقضي عليه. وما كان ¬

_ (¬1) م ع: في ثلث. (¬2) ز: فإن. (¬3) ع: ضمناه. (¬4) ع: حالا. (¬5) ز ع: يوجد. (¬6) ع - حالاً. (¬7) ز: فاستخلفهم. (¬8) ع: يميناً. (¬9) ع - بالله. (¬10) الزيادة من هامش ب. (¬11) ع: فكذلك. (¬12) ز: المقيض؛ ع: المقضي.

من حد لله فكان فيه أرش فإنه على الحاكم في بيت المال، لأن الحاكم أخطأ في القضاء. وكذلك لو كانا أعميين. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإذا شهد شاهدان على العفو من عمد فقضى القاضي بشهادتهما ثم رجعا عن شهادتهما فلا ضمان عليهما، من قبل أنهما لم يتلفا له مالاً، إنما أتلفا له القصاص، وعليهما التعزير، ولا قصاص على القاتل، من قبل القضاء الذي أمضي فيه. وإذا شهدا بالعفو عن القصاص فلم (¬1) يقض القاضي بشهادتهما بذلك حتى رجعا عن ذلك فإنه لا يقضي به القاضي، لأن الشهادة لم تتم (¬2). وإذا شهد شاهدان على عفو الورثة وهم كبار في دم خطأ فأجاز القاضي ذلك وأبرأ القاتل ثم إن الشاهدين رجعا عن شهادتهما فإنهما يضمنان الدية الّتي بطلت بشهادتهما، والقصاص ماض على حاله. ولو رجع أحدهما ضمن النصف. وإن شهد رجل وامرأتان على عفو من خطأ فهو جائزة فإن رجعا بعدما يمضي القاضي القضاء ضمن الرجل نصف الدية، وضمن المرأتان النصف، على كل امرأة ربع الدية، لأنهما بمنزلة الرجل في هذه الحال. فإن كن النسوة عشرا والرجل واحد ثم رجعوا جميعاً ضمن الرجل نصف الدية، ويضمن النسوة النصف الباقي في قول أبي يوسف ومحمد. فإن لم يرجعوا جميعاً ورجعت امرأة واحدة (¬3) من العشر فلا ضمان عليها (¬4). وقال أبو حنيفة: إذا شهد عشر نسوة ورجل على عفو من خطأ ثم رجعوا جميعاً فعلى النسوة خمسة أسداس، وعلى الرجل السدس. ولو رجعت ثمان منهن لم يضمن شيئاً، لأنه قد بقي ما ينفذ به: شهادة رجل ¬

_ (¬1) ع: ولم. (¬2) م ز: لم يتم؛ ع: لا يتم. (¬3) م ز: واحد. (¬4) م ز ع: عليهما.

وامرأتين (¬1). ولو رجعت واحدة منهن من بعد رجوع الثمان كان على التسع جميعاً الربع. فإن رجع الرجل أيضاً كان عليه النصف. فإن رجعت العاشرة من النسوة كان عليها وعلى التسع اللاتي رجعن جميعاً النصف، يحسب للتسع ما أخذ منهن من ذلك. وإذا شهد رجلان وامرأتان فقضى القاضي بذلك ثم رجع رجل وامرأة فإنهما يضمنان الربع (¬2) من ذلك، من قبل أنه قد بقي ثلاثة أرباع الشهادة، على الرجل من ذلك ثلثاه، وعلى المرأة ثلثه. ولو رجعت المرأة الباقية كان على الرجل والمرأتين النصف، على الرجل من ذلك الربع، وعلى المرأتين الربع. فإن رجعوا جميعاً فإن على كل رجل ثلثه وعلى المرأتين الثلث. ولو كان مكان المرأتين عشرة (¬3) نسوة لم يكن عليهما إِلا الثلث، لأن النسوة هاهنا بمنزلة رجل وإن كثرن. ألا ترى أن ثلاثاً أو أكثر من ذلك إنما يقطعن من الشهادة ما يقطع امرأتان. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. وإذا شهد رجلان وامرأة فقضى القاضي بشهادتهم ثم رجعت المرأة فلا شيء عليها (¬4)، لأنا لم نقض بشهادتها. ولو رجع الرجلان ضمنا ذلك، ولا ضمان على المرأة. وإذا عفا المجني عليه (¬5) عن الضربة أو الشجة أو الجرح أو اليد المقطوعة ثم برأ (¬6) من ذلك وصح وهو خطأ كان عفوه جائزاً. فإن مات فعفوه باطل، من قبل أنها نفس، وإنما عفا عن غير النفس، في قول أبي حنيفة. فإن عفا عن الضربة وما يحدث منها (¬7) أو الجناية أو الجرح وما يحدث منه فإن عفوه جائز من ثلثه في قولهم جميعاً. ¬

_ (¬1) م ز ع: وامرأتان. (¬2) ز م: الرابع. (¬3) ع: عشر. (¬4) ز ع: عليهما. (¬5) م ز ع: عفا المقتول. والتصحيح من ب والمقصود بالمقتول الميت بسبب جناية وقعت عليه باعتبار المآل. وهو صحيح من حيث المعنى. لكن ما في نسخة ب أوضح. (¬6) ع: ثم برئ. (¬7) م: فيها.

وإذا جرحت المرأة الرجل جرحاً خطة فتزوجها على ذلك فالنكاح جائز. وإن برأ (¬1) منها فأرش الجرح مهرها. وكذلك إذا تزوجها على الضربة أو (¬2) الشجة أو اليد ثم برأ من ذلك كله وصح، فإن طلقها قبل أن يدخل بها أخذ منها نصف أرش ذلك، وإن مات من ذلك فالنكاح جائز، ولها مهر مثلها، في قول أبي حنيفة، وعلى عاقلتها الدية، ولا ميراث لها منه، لأنها قاتلة. وإن طلقها قبل أن يدخل بها ثم مات فإنما لها (¬3) المتعة بمنزلة من لم يسم لها مهراً. وإن تزوجها وهو مريض على الضربة وما يحدث منها ثم مات من مرضه ذلك فقد تزوجها على الدية، وإنما يحسب من ذلك مهر مثلها لعاقلتها، والثلث (¬4) مما بقي، ويأخذ ورثته (¬5) عاقلتها بالفضل، ولا ميراث لهاة لأنها قاتلة. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا تزوج الرجل المرأة على الشجة أو الضربة أو اليد ولم يقل: وما يحدث منها (¬6)، أو قال: وما يحدث منها (¬7)، فهو سواء، وقد تزوجها على ذلك وما يحدث فيه. فإذا شهد شاهدان على عبد في يدي رجل أنه عبد لفلان فقضى به القاضي له، والذي في يديه العبد يجحد ذلك ثم رجعا عن شهادتهما وضمنهما القاضي القيمة، فأدياها أو لم يؤدِّياها حتى وهب المشهود له العبد للمشهود عليه وقبضه، فإنهما يبرآن من الضمان ويرجعان فيما أدياه. فإن رجع الواهب في العبد فقبضه (¬8) رجع المشهود عليه بالضمان على الشاهدين. فإن مات المشهود له والمشهود عليه العبد وارثه فلا ضمان على الشاهدين، ويرجعان بما أديا (¬9) من القيمة. وكذلك لو كان العبد قتل (¬10) في يدي المشهود له فأخذ قيمته فورث القيمة المشهود عليه فلا ضمان له (¬11) ¬

_ (¬1) ع: برئ. (¬2) ع + على. (¬3) ز + من. (¬4) ع + والثلث. (¬5) ع + من. (¬6) م ز: فيها. (¬7) م ز: فيها. (¬8) ع - فقبضه. (¬9) م ز: أدديا. (¬10) م ز: قبل. (¬11) ز - له.

على الشاهدين. وكذلك جميع الأشياء من الدين وغيره. وكذلك لو كان المشهود له مات فورث ذلك منه المشهود عليه فلا ضمان على الشاهدين. فإن كانا أديا شيئاً رجعا به عليه. ولو كان للمشهود له وارث (¬1) مع المشهود عليه نظرت في حصة المشهود عليه من الميراث. فإن كان فيه وفاء بالقيمة فلا شيء على الشاهدين. وإن كانا أديا (¬2) شيئاً رجعا به؛ لأن القيمة دين في مال المشهود له، يبدأ بها قبل الميراث، فإذا استوفاها فلا شيء له. وإذا شهد شاهدان على طلاق رجلٍ امرأتَه لم يدخل بها وشهد آخران على طلاق (¬3) وانه دخل بها ففرق القاضي بينهما وقضى عليه بالمهر ثم رجع أحد (¬4) شاهدي الدخول وأحد (¬5) شاهدي الطلاق فإن على شاهد (¬6) الدخول ربع المهر، ولا ضمان على شاهد (¬7) الطلاق؛ لأنه قد بقي رجلان يشهدان على شهادته. ولو رجع شاهدا (¬8) الطلاق جميعاً كان عليهما وعلى شاهد الدخول الراجع ربع المهر أثلاثاً، وربع على شاهد الدخول وحده. ولو رجعوا جميعاً كان على شاهدي (¬9) الدخول ثلاثة أرباع وعلى شاهدي الطلاق الربع (¬10). ولو لم يسم لها مهراً والمسألة على حالها ثم رجعوا جميعاً ضمن شاهدا (¬11) الطلاق نصف المتعة، وشاهدا (¬12) الدخول بقية المهر. ولو شهد شاهدان على مائتي درهم بعينها أنها لرجل وشهد آخران على إحدى المائتين أنها له فقضى القاضي بذلك كله ثم رجع أحد (¬13) شاهدي المائة لم يضمن شيئاً؛ لأنه قد بقي شاهدان يشهدان بمائة. وهكذا العبد والمهر والثوب. فإن كانت كل مائة في كيس على حدة فإن ¬

_ (¬1) ع: وارثا. (¬2) ع - أديا. (¬3) ز: في طلاق. (¬4) م ز ع: إحدى. (¬5) م ز ع: إحدى. (¬6) م ز ع: على شاهدي. (¬7) م ع: على شاهدي. (¬8) ز: شاهد. (¬9) ع: على شاهد. (¬10) ع - الربع. (¬11) م ز ع: شاهدى. (¬12) م ز ع: وشاهدى. (¬13) ز - أحد.

على أحد شاهدي المائتين خمسين، ولا شيء على الآخر أيضاً. ولو شهد شاهدان على رجل أنه تزوج هذه المرأة على ألف درهم وهو مهر مثلها والمرأة تدعي ذلك والزوج يجحده، فقضى القاضي بذلك ثم طلق الزوج المرأة عند القاضي ثم رجعا عن ذلك، فلا شيء عليهما مِن قِبَل أنهما قد شهدا على نكاح لم يثبت إِلا بالألف التي هي مهر مثلها. ولو شهدا على المهر أنه ألف درهم والمرأة تدعي ذلك والزوج ينكر أن يكون المهر ألفاً (¬1) ويقول: تزوجتها بغير شيء مسمى، فقضى القاضي بالألف ثم طلق الزوج المرأة عند القاضي ثم رجعا عن شهادتهما عن الألف، فإن عليهما فضل ما بين المتعة إلى الخمسمائة (¬2) التي ضمنها القاضي إياه. ولو شهد شاهدان آخران على الدخول قبل الطلاق ثم رجعا جميعاً فإن على شاهدي الدخول خمسمائة خاصّة، وعليهما أيضاً وعلى شاهدي الألف فضل ما بين المتعة والخمسمائة نصفين. ولو شهد (¬3) آخران على الطلاق وشهد شاهدان على الدخول والزوج (¬4) مقر بالنِّكاح ويجحد تسمية الألف والطلاق فقضى القاضي بذلك كله ثم رجعوا جميعاً فإن على شاهدي الدخول خمسمائة خاصّة، وعليهما أيضاً وعلى شاهدي التّسمية فضل ما بين المتعة إلى نصف الألف التي هي المهر، وعلى شاهدي الدخول وشاهدي التّسمية وشاهدي الطلاق قدر (¬5) المتعة أثلاثاً عليهم جميعاً، على كل شاهدين ثلث. وإذا شهد شاهدان على رجل أنه تزوج امرأة على ألف درهم ومهر مثلها خمسمائة، وشهد آخران على الدخول وآخران على الطلاق، والزوج يجحد ذلك فقضى القاضي بذلك كله ثم رجعوا جميعاً، فإن على شاهدي النكاح خمسمائة، وليس عليهما شيء غير ذلك مِن قِبَل أنهما لو شهدا على المهر أنه خمسمائة لم يضمنا شيئاً. فكذلك الأول. وعلى شاهدي الدخول مائتان وخمسون (¬6) التي شهدا بها وحدهما؛ لأن شاهدي الطلاق إنما ¬

_ (¬1) ع: ألف درهم. (¬2) ع: إلى خمسمائة. (¬3) ع: شهدا. (¬4) ع - والزوج. (¬5) ع: وقدر. (¬6) م ز: مائتي وخمسين.

يشهدان (¬1) على مائتين (¬2) وخمسين درهم نصف مهر مثلها، وشاهدي الدخول يشهدان عليها أيضاً وعلى المائتين وخمسين (¬3) الباقية تمام مهر مثلها، لأنهما يزعمان أنه قد دخل بها وأن مهر مثلها قد وجب للمرأة، فالمائتان والخمسون (¬4) عليهما كذلك. وعليهما وعلى شاهدي الطلاق المائتان والخمسون (¬5) التي شهدوا بها جميعاً نصفين. وإذا تزوج الرجل امرأة فشهد عليه شاهدان أنه طلقها قبل أن يدخل بها والزوج يجحد الطلاق ثم رجعوا جميعاً فقد شهدوا على الفرقة وعلى أن على الزوج نصف المهر، فعليهما نصف المهر، ولا شيء عليهما في الفرقة. ألا ترى أن الفرقة تكون (¬6) بغير مهر يلزم الزوج. وإذا شهدا أنه بمهر ثم رجعا فعليهما الغرم لذلك. ولو شهد شاهدان على رجل لرجل أنه مفاوض لهذا (¬7) في كل قليل وكثير والرجل يجحد المفاوضة فقضى القاضي بنصف ما في يديه ثم أقام المشهود عليه البينة أن هذا العبد الذي في يديه ورثه عن أبيه، قال محمد ورواه عن يعقوب أنه قال: لا يصدق، وقد وجب لهما جميعاً؛ لأنه كان أقام البينة على نصف ما في يديه أنه له والرجل يجحد ثم ادعى بعد ذلك وأقام البينة، فإنه لا يصدق على ذلك. ولو أقر أولاً أنه مفاوض فقضى القاضي بذلك (¬8) ثم أقام البينة أن هذا العبد ورثه عن أبيه فحدث محمد عن أبي يوسف أنه قال: هو في هذا مصدق، ولا يصدق في الباب الأول. وقال محمد: هو سواء، ويصدق في ذلك كله. [قلت:] وإذا شهد أربعة نفر على رجل بحق فشهد عليه اثنان ¬

_ (¬1) ع: شهدا. (¬2) م ز: على مائتي. (¬3) ع - درهم نصف مهر مثلها وشاهدي الدخول يشهدان عليها أيضاً وعلى المائتين وخمسين. (¬4) م ز: فالمائتين والخمسين. (¬5) م ز: المائتين والخمسين. (¬6) ز: يكون. (¬7) ع: هذا. (¬8) م ز: ذلك.

باب رجوع الشاهدين عن الشهادة في المواريث

بخمسمائة واثنان بألف فقضى به القاضي ثم رجع أحد شاهدي الألف كم عليه؟ قال: عليه ربع الألف. فإن (¬1) رجع معه شاهدا (¬2) الخمسمائة كان على شاهد الألف ربع، وعليه وعلى الآخرين ربع بينهما أثلاثاً. فإن رجع أحد شاهدي الخمسمائة وحده لم يكن عليه شيء؛ لأنه قد بقي من يقطع بشهادته النصف. فإن رجعوا جميعاً كان على شاهدي الألف النصف خمسمائة، والنصف الباقي بينهم أرباعاً. فإن رجع أحد شاهدي الخمسمائة والآخر جميعاً فإن النصف على شاهدي الألف، وما بقي وهو الربع عليهم أثلاثاً. فإن رجع شاهدا (¬3) الخمسمائة جميعاً وأحد شاهدي الألف كان على شاهد (¬4) الألف الربع، والربع الباقي بينهم أثلاثاً (¬5)؛ لأنه قد بقي من تجوز (¬6) شهادته بالنصف. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا شهد شاهدان أن هذا العبد لفلان وفلان يدعيه وليس يعرف أنه حر فقضى القاضي بشهادتهما ثم رجعا عن الشهادة فلا شيء عليهما للعبدة لأني لو جعلت له شيئاً كان لمولاه، ولا يصدقان على مولاه حيث رجعا. ولكنهما إن قالا: شهدنا بزور، أدبهما القاضي وحبسهما. فإن كان هذا العبد كاتب نفسه أو اشترى نفسه على مال فأداه ثم رجعا قال: فإنه لا يرجع على الشاهدين بشيء؛ لأنهما لو رجعا قبل العتق والمكاتبة لم يضمنا (¬7) شيئاً، فكذلك لا يضمنان بعد ذلك شيئاً. ... باب رجوع الشاهدين عن الشهادة في المواريث رجل مات وترك عبدين وأمة وأخاه لأبيه وأمه وترك مالاً، فشهد ¬

_ (¬1) ع: وإن. (¬2) م ز: شاهدى. (¬3) م ز: شاهد. (¬4) ز: على الشاهد. (¬5) م ز: أثلاث. (¬6) ز: من يجوز. (¬7) م ز ع: لم يضمن.

شاهدان أن الأخ أخوه لأبيه وأمه وانه وارثه لا وارث له غيره، فقضى القاضي له بالمال والعبدين والأمة، ثم شهد شاهدان بعد ذلك أن أحد العبدين بعينه ابن الميت، فأجاز القاضي شهادتهما وأعطاه الميراث كله ومنع الأخ ثم شهد آخران أن العبد الباقي ابن الميت فأجاز القاضي شهادتهما (¬1) وجعله وارثاً مع الأول، ثم شهد شاهدان أن الميت أعتق هذه الأمة في حياته وصحته وتزوجها، فأثبت القاضي نكاحها وجعلها وارثة (¬2) وجعل لها الثمن، ثم إن الشاهدين اللذين شهدا على العبد الأول رجعا عن شهادتهما فيه وقالا: شهدنا بزور، فإنما يضمنان قيمته للابن الباقي في سبعة أسهم من ثمانية أسهم (¬3)، ويضمنان للمرأة أيضاً سهماً من ثمانية أسهم، ويضمنان ميراثه كذلك. ولو لم (¬4) يرجع الشاهدان ولكن رجع شاهدا الابن الآخر فإنهما يضمنان قيمته تامة، ثمنها للمرأة وسبعة أثمانها لأخيه، ويضمنان ميراثه تاماً لأخيه، وليس للمرأة شيء. ولو لم يرجع هذان الشاهدان (¬5) ولكن رجع شاهدا (¬6) المرأة عن عتقها وعن النكاح فإنهما يضمنان قيمتها وثمنها بين الاثنين (¬7). ولو كان الشاهدان (¬8) على المرأة هما الشاهدين (¬9) على نسب الابن الأول وابن الآخر ثم رجعوا عن الشهادة كلها كان على ما وصفت لك في المسألة الأولى، وكان الضمان عليهم كذلك. وكذلك لو رجعوا عن ذلك جميعاً معاً أو متفرقين فهو سواء إِلا أن أصل الشهادة كان مختلفاً بعضه قبل بعض. ¬

_ (¬1) ع - وأعطاه الميراث كله ومنع الأخ ثم شهد آخران أن العبد الباقي ابن الميت فأجاز القاضي شهادتهما. (¬2) ع - وجعلها وارثة. (¬3) ع - أسهم. (¬4) ع + ولو لم. (¬5) ز: هذين الشاهدين. (¬6) م ز: شاهدى؛ ع: شاهد. (¬7) م ز: الابنين. (¬8) م ز: الشاهدين. (¬9) م ز ع: الشاهدان.

باب الرجوع عن الشهادات كلها

ولو شهد شاهدان على ذلك كله معاً وبعضهم يصدق بعضاً ثم رجعا عن ذلك كله فإنهما يضمنان ثمن المرأة من المال، وقيمة المرأة للابنين، ويضمنان من قيمة كل ابن لصاحبه سبعة أسهم من ثمانية أسهم، ويضمنان من كل قيمة ابنٍ الثمن للمرأة. ولو رجع عن الشهادة واحد ثم واحد كان هكذا أيضاً. ... باب الرجوع عن الشهادات كلها وإذا كانت (¬1) للرجل خادمان لكل واحد منهما ولد قد ولدته في ملك الرجل، فشهد شاهدان لأحد الابنين ولأمه أن الرجل ادعاه والرجل ينكر ذلك، وشهد شاهدان آخران على الرجل أنه ادعى الولد الآخر، فقضى القاضي بانهما (¬2) ابناه وجعل الأمتين أمي الولد، ثم إن الشهود رجعوا عن شهادتهم والوالد حي، فإن القاضي يضمن الشهود كل شاهدين (¬3) منهم قيمة الولد للذين شهدوا على دعواه، وما بين (¬4) قيمة أمه أمة (¬5) إلى قيمتها أم ولد. فإذا غرما ذلك للأب فاستهلكه ثم مات الوالد بعد ولا وارث له غير الابنين، وكل واحد من الابنين يجحد صاحبه أن يكون ولد معه، فإن القاضي يضمن شاهدي كل ولد للولد الآخر نصف (¬6) قيمة أم الولد (¬7) التي (¬8) شهدوا لها، ويرجع شاهدا (¬9) كل واحد في الميراث الذي ورثه الولد الذي شهد له بجميع ما أخذ منهما لوالد في حياته؛ لأن الولد الذي شهدوا له يزعم أنه ابنه ويقر بأن أباه قد أخذ من الشاهدين ما لم يكن له أن يأخذ، ¬

_ (¬1) ع: كان. (¬2) ع: أنهما. (¬3) ع: شاهد. (¬4) ز: وماتين. (¬5) م - أمة، صح هـ. (¬6) ع: نصفه. (¬7) ع - الولد. (¬8) م ز: الذي؛ ع - التي. والتصحيح من ب. (¬9) ع - شاهدا.

فلهما أن يأخذا (¬1) مما ورّث ما أخذ منهما الوالد (¬2). فإن (¬3) كان الشهود لم يرجعوا في حياة الوالد (¬4) ولكنهم رجعوا بعد موته ولا وارث للوالد غير هذين الابنين (¬5)، فإن (¬6) كل شاهدين منهم يضمنان للابن الذي لم يشهدا له نصف قيمة الولد الذي شهدا له، ونصف قيمة أمه غير أم ولد؛ لأن كل واحد منهما جاحد لحق صاحبه. ولو كانت الشهادة من الشهود بما وصفنا من الدّعوة بعد موت الوالد وقد كان الوالد ترك أخاً ولا وارث له غيره وترك ميراثاً كثيراً (¬7)، فقضى القاضي بشهادة الشهود وجعل الميراث للابنين (¬8) ثم رجع الشهود عن شهادتهم، فإن كل شاهدين لأحد الولدين (¬9) يرجع عليهما الولد الآخر الذي لم يشهدا له بقيمة الولد وبقيمة أمه أمة غير أم ولد وبجميع ما ورث؛ لأنهما أقرا أنهما أخذا ذلك فأعطياه (¬10) غير صاحبه، وكانت شهادتهما بعد الموت. وإن قالا: إنما كان الوارث الأخ، لم يلتفت إلى قولهما؛ لأن (¬11) القاضي قد جعل الولد الآخر ولداً بغير شهادتهما. ولو كانت الشهادة منهما في حياة الوالد ثم رجعا قبل موته أو بعد موته لم يضمنا (¬12) من الميراث شيئاً؛ لأن النسب ثبت بشهادتهما قبل أن يجب الميراث. ولا يشبه هذا شهادتهما بعد الموت؛ لأن شهادتهما بعد الموت استهلاك للميراث، فيغرمان الميراث كما يغرمان قيمة الولد. وإذا كانت لرجل جاريتان لكل واحدة (¬13) منهما ولد كبير فشهد شاهدان أعلى، المولى (¬14) أنهما سمعاه يقول قي كلمة واحدة: ¬

_ (¬1) م ز ع: أن يأخذان. (¬2) ع: الولد. (¬3) ع: كان. (¬4) م ز: الولد. (¬5) م ز: الاثنين. (¬6) ع: كان. (¬7) ع: كبيرا. (¬8) ز: للاثنين. (¬9) ع: الوالدين. (¬10) ع: وأعطياه. (¬11) ع: لا انى. (¬12) م ز: لو يضمنا. (¬13) م ز: واحد. (¬14) ع: للمولى.

هذان (¬1) ابناي من هاتين الجاريتين، وجاء الغلامان والجاريتان يدّعون ذلك، فقضى القاضي بشهادة الشاهدين ثم إن الشاهدين رجعا في حياة الوالد، فإن الوالد يضمنهما قيمة الولدين وما بين قيمة الأمتين أمتين (¬2) إلى قيمتهما أمي ولد. فإذا أخذ ذلك ثم مات المولى بعد ذلك ولا وارث له غير هذين الابنين فإن القاضي يقضي للشاهدين أن يأخذا من ميراث الوالد جميع (¬3) ما أخذ منهما الوالد في حياته، ولا ضمان على الشاهدين لواحد من الولدين؛ لأن الشهادة قد كانت واحدة وقد ادعاها هذان الولدان (¬4) جميعاً، فقد أبرآ الشاهدين من جميع ما شهدا به. وكذلك لو كانا شهدا في حياة الميت ورجعا بعد موته لم (¬5) يضمنا شيئاً قليلأ ولا كثيراً. ولو كانا شهدا بعد موت المولى وقد ترك المولى أخاً هو (¬6) وارثه لا وارث له غيره فقضى القاضي بشهادتهما وجعلهما ابنيه ثم رجعا عن شهادتهما فإنهما يضمنان قيمة الولدين وقيمة الأمتين أمتين، والميراث كله للأخ، لأنهما استهلكا ذلك للأخ. ألا ترى أنهما شهدا على الأخ، وإنما قضى القاضي بشهادتهما عليه، فهما ضامنان له ما استهلكا. وإن كان الشاهدان شهدا بذلك على الوالد في حياته والولدان (¬7) صغيران فقضى القاضي بشهادتهما ثم كبر الولدان فصدق كل واحد منهما الشاهدين (¬8) بما شهدا به (¬9) له وكذبهما في إدخالهما صاحبه معه فإن الشهادة لا تنقض (¬10) بذلك. فإن رجع الشاهدان بعد ذلك عن شهادتهما والوالد حي غرمهما الوالد قيمة الولدين وما بين قيمة الأمتين أمتين إلى قيمتهما أمي ولد. فإذا أخذ ذلك ثم مات عتقت الأمتان وغرم ¬

_ (¬1) ع: هذاان. (¬2) ز: الأميين أميين. (¬3) ع: جميعا. (¬4) ع: الوالدان. (¬5) ع: ولم. (¬6) ع: وهو. (¬7) ز: والوالدان. (¬8) ز ع: الشاهدان. (¬9) ع - به. (¬10) ز ع: لا ينقض.

الشاهدان (¬1) لكل واحد من الولدين نصف قيمة أم الولد الآخر. ويرجع الشاهدان في حصة كل واحد من الولدين مما ورث بما ضمنهما الوالد في حياته من قيمة الولد وقيمة (¬2) أمه (¬3)؛ لأنه قد صدقهما في نفسه (¬4) وصدقهما في أمه. فكل واحد من الولدين يزعم أن الوالد قد أخذ من الشاهدين ما ليس له، وأخذ قيمته (¬5) وفضل قيمة أمه. فيرجع الشاهدان بذلك فيما ورث كل واحد من الولدين. ولا يضمنان من الميراث شيئاً؛ لأن النسب قد ثبت قبل الموت. ولو كانت الشهادة بعد الموت (¬6) والمسألة على حالها فقضى القاضي بإثبات نسب الولدين وهما صمغيران، ثم إنهما كبرا فصدق كل واحد منهما الشاهدين (¬7) فيما شهدا له به وكذبهما فيما شهدا به لصاحبه، ثم رجع الشاهدان عن شهادتهما، فإن الشاهدين (¬8) يغرمان لكل واحد من الولدين قيمة صاحبه وقيمة أمه وجميع ما ورث؛ لأنهما استهلكا ذلك (¬9) له. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه في قياس (¬10) قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإذا تزوج رجل امرأة فلم يدخل بها حتئ شهد عليه شاهدان بطلاقها وهو يجحد ذلك، فقضى القاضي بذلك وفرق بينهما وقضى لها بنصف المهر ثم مات الرجل ثم رجع الشاهدان عن شهادتهما بعد ذلك، فإنهما يغرمان لورتة الرجل نصف المهر الذي أخذته المرأة، ولا ميراث للمرأة إن كانت ادعت الطلاق أو لم تدعه، إن (¬11) أقر (¬12) الورثة أنه طلقها أو لم يقروا (¬13)، لأنها (¬14) قد بانت في حياته وصاوت غير وارثة، فلا ينفعها قول ¬

_ (¬1) م ز: الشاهدين. (¬2) ع - وقيمة. (¬3) ع: وأمه. (¬4) ز - نفسه. (¬5) ع: قيمة. (¬6) ع: ذلك. (¬7) ع: الشاهدان. (¬8) ع: الشاهدان. (¬9) ع + كله. (¬10) م - قياس، صح هـ. (¬11) ع - إن. (¬12) ع: أقرت. (¬13) ع: لم تقر. (¬14) ع: ولأنها.

الوارث: "إنّه لم يطلقها" إن شهدا بذلك في مرض الزوج أو صحته. ولو كانا شهدا بذلك بعد موت الزوج فشهدا أنه طلقها في حياته قبل أن يدخل بها فادعى ذلك الورثة فقضي (¬1) لها بنصف المهر في ماله، فإن رجع الشاهدان عن شهادتهما فلا ضمان عليهما للورثة، ولكنهما يضمنان للزوجة (¬2) نصف مهرها مع ما أخذت، ويغرمان لها أيضاً ميراثها. ولا يشبه شهادتهما قبل الموت بالطلاق شهادتهما بعد الموت؛ لأنهما إذا شهدا (¬3) قبل الموت فإنهما شهدا على الزوج. وإذا شهدا بعد الموت فإنما شهدا على المرأة؛ لأن المرأة حين مات (¬4) زوجها وجب ميراثها، فإن ما استهلكا (¬5) لها، فهما ضامنان لما استهلكا. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه في (¬6) قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإذا شهد شاهدان على عبد في يدي رجل أنه لفلان فقضى به القاضي والذي في يديه العبد (¬7) يجحد ذلك، ثم رجعا عن شهادتهما فضمنهما القاضي القيمة فأدياها حتى وهب المشهود له العبد للمشهود عليه وقبضه، فإنهما يبرآن من الضمان ويرجعان فيما أديا. فإن رجع الواهب في العبد فقبضه رجع المشهود عليه بالضمان على الشاهدين. وإن (¬8) مات المشهود له فورثه المشهود عليه فلا ضمان على الشاهدين، ويرجعان بما أديا من القيمة. وكذلك لو كان العبد قتل (¬9) في يدي المشهود له فأخذ قيمته فورث القيمة المشهود عليه فلا ضمان على الشاهدين؛ لأن قيمة عبده قد رجعت إليه، وورث المشهود عليه القيمة. وكذلك العروض وغير ذلك، فلا ضمان على الشاهدين. وكذلك جميع الأشياء من الدين وغيره. وكذلك لو كان المشهود له قد أنفق القيمة وأكلها ثم مات وترك مالاً مثلها فورث ذلك المشهود عليه، فلا ضمان على الشاهدين. وإن (¬10) كانا أديا شيئاً رجعا به عليه. ولو ¬

_ (¬1) م ز: فقضا. (¬2) م ز: يضمان الزوجة. (¬3) م ز: إذا شهد. (¬4) ع - مات. (¬5) م ز ع + ما استهلكا. (¬6) ع + ذلك. (¬7) م: القتل؛ ز: القبل. (¬8) ع: ف! ن. (¬9) م ز: قبل. (¬10) ع: وإذا.

كان للمشهود له وارث مع المشهود عليه نظرت في حصة المشهود عليه من الميراث. فإن كان فيها وفاء بالقيمة فلا شيء على الشاهدين. وإن كانا أديا شيئاً رجعا به؛ لأن (¬1) القيمة دين في مال المشهود له للمشهود عليه. يبدأ بها قبل الميراث، فإذا استوفاها فلا شيء له (¬2). ... ¬

_ (¬1) م ز +لا (¬2) م + آخر الرجوع عن الشهادات والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد وآله أجمعين كتبه أبو بكر بن أحمد بن محمد بن أحمد الطلحي الإصفهاني في سلخ جمادى الأولى سنة تسع وثلاثين وستمائة؛ ع + آخر كتاب الرجوع عن الشهادات والحمد لله وحده وصلواته وسلامه على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

كتاب الوقف

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب الوقف (¬2) أبو سليمان قال: سمعت محمداً قال (¬3): الصدقة الموقوفة في الأرض التي تجعل (¬4) في أهل الحاجة من أهل بيته وولده ومواليه ومولياته (¬5) على قدر ما يكفيهم لكل سنة، ثم يجعل ما بقي للمساكين، فإذا انقرضوا كلهم كانت الغلة للفقراء والمساكين، يكتب: "هذا ما تصدق به فلان بن فلان وأشهد به على نفسه وكفى به شهيداً، تصدق بأرضه التي يقال لها كذا وكذا من كُورَة (¬6) كذا وكذا من رُسْتَاق (¬7) يقال له كذا وكذا - فإن كان مكان ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلّية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) ع + على الموالي والمواليات. (¬3) ع: يقول. (¬4) ز: يجعل. (¬5) م ز ع: وموالياته. (¬6) الكورة: الصَّقْع، ويطلق على المدينة. انظر: المصباح المنير، "كور". (¬7) الرُّسْتَاق معرَّب ويستعمل في الناحية التي هي طرف الإقليم، والرُّزْداق بالزاي والدال مثله، والجمع رساتيق ورزاديق. قال ابن فارس: الرزدق السَّطر من النخل، والصف من النَّاس، ومنه الرزداق. وهذا يقتضي أنه عربي. وقال بعضهم: الرستاق: مولَّد، وصوابه رزداق. انظر: المصباح المنير، "رستاق". وقال الفيروزآبادي: الرُّزداق بالضم السَّواد والقرى، معرَّب رُسْتا، والرزدق: الصف من النَّاس، والسطر من النخل، معرَّب رسته. انظر: القاموس المحيط، "رزداق".

الكُورَة طَسُّوج (¬1) كتب: من طَسَّوج كذا وكذا من رستاق (¬2) كذا وكذا، أحد حدود هذه الأرض التي تصدق بها والثّاني والثّالث والرّابع، تصدق بأرضه هذه المحدودة في كتابنا هذا بحدودها كلها (¬3) وأرضها ومائها وطرقها ونخلها وشجرها وجميع بنائها ومسيل مائها وشِربها وانهارها وسواقيها (¬4) ومَغَائِضها (¬5) ومَرافقها وكل قليل أو كثير هو فيها ومنها من حقوقها وكل حق هو لها داخل فيها وخارج منها، صدقة لوجه الله تعالى وطلب مرضاته بَتّة بَتْلَة (¬6) لا مَثْنَوِيَّة (¬7) فيها ولا رجعة موقوفة، على أن يحبس (¬8) أصلها فلا يباع ولا يوهب ولا يورث ولا يخرج إلى ملك أحد على وجه من الوجوه حتى يرثها الله تعالى الذي يرث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين، وعلى أن يتصدق بغلتها من ثمرتها وأجر بيوتها وأرضها وما يخرج الله تعالى منها وغير ذلك على وجوه غلتها كلها، على ذوي الحاجة من ولد فلان بن فلان وأولادهم وأولاد أولادهم من قبل الرجال والنساء أبداً ما تناسلوا، وعلى ذوي الحاجة من أهل بيته من ولد فلان الجد وأولادهم وأولاد أولادهم من قبل الرجال والنساء أبدأ ما تناسلوا، وعلى ذوي الحاجة من موالي فلان بن فلان الجد ومولياته (¬9) وأولادهم وأولاد أولادهم أبدأ ما تناسلوا، يعطى كل ¬

_ (¬1) الطَّسُّوج: الناحية كالقرية ونحوها، معرَّب. انظر: المغرب، "طسج". (¬2) م ع: من بدستق؛ ز: من يدسبق. (¬3) ع - كلها. (¬4) السواقي واحدة الساقية: وهي فوق الجدول ودون النهر. انظر: المغرب، "سقي". (¬5) مغيض الماء: مدخله ومجتمعه، والجمع مغائض. انظر: المغرب، "غيض". (¬6) ع: مسترسلة. وبَتَلَه بَتْلا من باب قتل قطعه وأبانه، وطلقها طلقة بتّة بَتْلة، وتبتل إلى العبادة تفزغ لها وانقطع. وقولهم: تصدق فلان صدقة بتاتا وبتَة بَتْلة إذا قطعها المتصدق بها من ماله فهي بائنة من صاحبها قد انقطعت منه. انظر: المصباح المنير، "بتل"؛ ولسان العرب، "بتل". (¬7) يقال: حلف فلان يميناً ليس فيها استثناء ولا مَثْنَوِية، بمعنى واحد، من الثَّنْي والكفّ والردّ. انظر: لسان العرب، "ثني". (¬8) ع: أن يحسبوا. (¬9) ز: وموالياته.

إنسان منهم ما يكفيه على قدر ما يرى الوالي (¬1) لهذه الصدقة في كل سنة، فإن فضل شيء كان للفقراء والمساكين، وهذا كله بعدما يرفع الوالي (¬2) لهذه الصدقة من الغلة في كل عامِ ما يكفي الأرض في عامها ذلك بجميع مؤنتها من أرزاق وكلائها وأجر أكَرَتها (¬3) وأجرائها في الحصاد والدِّيَاس (¬4) وغير ذلك وما يصلحها (¬5) من البذر وغير ذلك، فإن انقرض أحد ممّن سمينا قسمت هذه الغلة بين من بقي منهم وما بقي منهم أحد على ما سمينا ووصفنا، فإن انقرضوا جميعاً فلم يبق ممّن سمينا في كتابنا هذا أحد قسم ما تصدق به عليهم من هذه الغلة بين الفقراء والمساكين، وقد جعل فلان بن فلان هذه الأرض الصدقة بحدودها وحقوقها وغلاتها وجميع ما فيها إلى فلان وفلان ابني فلان، ودفع ذلك كله إليهما فلان بن فلان، وقبضا ذلك كله من فلان بن فلان في حياته وصحته وجوازٍ مِن (¬6) أمره، وأمرهما أن ينفذا ذلك على ما تصدق به، فيبيعان ما رأيا بيعه من غلة هذه الأرض من كل سنة، ويأمران بذلك من أحبا، جائزٌ ما صنعا في ذلك، فيرفعان في كل سنة من غلة هذه الأرض الصدقة ما يكفي الأرض بجميع مؤنتها من أرزاق وكلائها وأجر أَكَرَتها (¬7) وأجرائها (¬8) في الحصاد والدِّيَاس وغير ذلك وما يصلحها (¬9) من البذر وغير ذلك، على ما يريان من الأرزاق ¬

_ (¬1) ع: الموالي. (¬2) ع: الموالي. (¬3) أَكَرْت الأرض: حرثتها، واسم الفاعل أكّار للمبالغة، والجمع أَكَرَة، فإنه جمع آكر، وزان كفرة جمع كافر. وأكرت النهر أكراً من باب ضرب، شققته. والاكرَة والجمع أُكَر مثل حفرة وحفر وزناً ومعنى. انظر: المصباح المنير، "أكر". (¬4) الدياسة في الطعام: أن يوطأ بقوائم الدواب أو يكرّر عليه المِدْوَس حتى يصير تبناً، والدياس بمعناه. انظر: المغرب، "دوس". (¬5) م ز: يحصلها؛ ع: تحصلها. والتصحيح من كلام المؤلِّف فيما يأتي في الصك التالي. (¬6) ع - من. (¬7) ز: أكرايها؛ م: أكرابها. والتصحيح من كلام المؤلف قبل سطور. (¬8) ع - وأجرائها. (¬9) م ز ع: يحصلها. والتصحيح من كلام المؤلف فيما يأتي في الصك التالي.

وغيرها، بالمعروف في كل سنة أبداً، ثم ينظران إلى ما بقي من غلة هذه الأرض في كل سنة، يقسمانه (¬1) بين من سمينا في كتابنا هذا، فيقطعان لكل إنسان منهم ما يكفيه لسنته، لكسوته وطعامه وجميع ما يحتاج إليه بالمعروف، فإن رأيا أفي، ذلك أن يفضلا بعضهم على بعض فعلى قدر ما يريان، أمرأ معروفاً من غير إسراف، ينظران في ذلك لله تعالى جَدُّه (¬2) ولأنفسهما في دينهما ولمن ولاّهما هذه الصدقة، فإذا أعطيا كل ذي حقٍّ حقه من غلة كل سنة نظرا إلى ما بقي من غلة كل سنة بعدما يعطيان كل ذي حق حقه على ما سمينا ووصفنا، فيقسمان ذلك في الفقراء والمساكين، فإن انقرض أحد ممّن له في هذه الصدقة نصيب جمعا هذه الغلة كلها، كلما هلك منهم هالك قسما ذلك كله بين من بقي من أهل هذه الصدقة، حتى يعطيا كل إنسان ممّن بقي ما يكفيه على قدر ما سمينا ووصفنا، ثم يقسمان ما بقي بين الفقراء والمساكين، فإن رأيا أن يزيدا أهل هذه (¬3) الصدقة على ما يكفيهم أو رأيا أن يزيدا بعضَهم على بعض فعلا ذلك، على قدر ما يريان، يقسمان غلة كل سنة أبداً على ما وصفنا وسمينا، ولا يحبسان شيئاً من غلة السنة إلى السنة الثّانية، فإن هلك فلان أو فلان أحد الوكيلين قبل فلان بن فلان المتصدق فالأمر إلى فلان بن فلان المُوقِف يجعل مع الباقي منهما من أحب إن شاء، وإن أحب فلان الموقف جعل الباقي منهما والي هذه الصدقة دون من سواه، وإن هلك الواليان جميعاً في حياة فلان الموقف فالأمر إلى فلان الموقف يجعل الوالي لهذه الصدقة من أحب، إن شاء واحداً وإن شاء اثنين وإن شاء أكثر من ذلك، فيقوم الذي يجعله فلان الموقف في ذلك مقام فلان وفلان الواليين (¬4) على ما سمينا ووصفنا في كتابنا هذا، جائز ما صنع من ذلك على ما سمينا ووصفنا، وإن توفي فلان الموقف وفلان وفلان حيان فالأمر إليهما بعد وفاة فلان الموقف ¬

_ (¬1) م ز: يقتسمانه. (¬2) الكلمة مهملة في الأصل. وقد يكون سقط منها الواو سهواً، فلعلها: وحده. (¬3) ز - هذه. (¬4) م ز: الوليين.

كما كان الأمر إليهما في حياته، فإن توفي أحدهما وبقي الآخر فالأمر (¬1) في هذه الصدقة على ما سمينا ووصفنا إلى الباقي منهما، يقوم فيها مقامهما على ما سمينا ووصفنا، فإن توفي الباقي منهما فالأمر في ذلك إلى الذي يوصي إليه الباقي منهما بهذه الصدقة، من ولد فلان بن فلان الموقف أو ولد ولده (¬2) أو ولد فلان أبي (¬3) الموقف أو ولده أبداً ما تناسلوا، إن كان فيهم رضى مأمون على ذلك لم يخرجهم الموصي بها إلى غيرهم ما كان فيهم من يصلح لها، يبدأ في ذلك من ولد فلان الموقف وولد ولده أبداً ما كان فيهم رضى قبل [ولد] أبي (¬4) فلان الموقف وولد ولده أبداً ما تناسلوا، فإن لم يكن فيهم من يصلح لها فالأمر إلى الوالي لهذه الصدقة، يجعل هذه الصدقة إلى من أحب من أهل الصلاح والعفاف، يقوم مقام فلان وفلان الواليان (¬5) في ذلك في جميع ما سمينا في كتابنا هذا، وللوالي (¬6) الذي (¬7) يصير إليه هذه الصدقة ما كان لفلان وفلان الواليين (¬8) من الولاية لهذه الصدقة، واليه إذا حضره الموت أن يولي هذه الصدقة ويوصي بها إلى قيم يقوم بها على ما سمينا ووصفنا، ومن جعلت إليه هذه الصدقة فهو فيها بمنزلة فلان وفلان الواليان في الولاية لها ويقوم في ذلك مقامهما، ويجوز له من ذلك ما كان يجوز لهما، وإن تناسختها الولاة والي بعد والي فالوالي لها في ذلك كله بمنزلة فلان وفلان الواليان في الولاية في جميع ما سمينا ووصفنا يقوم في ذلك مقامهما، ويعمل في ذلك برأيه كما كانا يعملان، وما كان في ولد فلان بن فلان الموقف أو في ولد فلان بن فلان أبو الموقف أو أولاد أولادهم أبداً ما تناسلوا واحد (¬9) يصلح لهذه الصدقة والقيام لأمرها لم يجعل (¬10) ذلك إلى غيرهم، فإن توفي الوالي لهذه ¬

_ (¬1) ع - فالأمر. (¬2) ع - أو ولد ولده. (¬3) م ز ع: اْب. (¬4) م: أب (مهملة)؛ ز ع: أن. (¬5) م ز: الوليان. (¬6) م ز: وللولي. (¬7) م ز + الذي. (¬8) م ز: الوليين. (¬9) م ز ع: واحدا. (¬10) ع + لم يجعل.

الصدقة ولم يولها أحداً فالأمر في هذه الصدقة إلى قاض (¬1) من قضاة المسلمين، أي قاض (¬2) رفع ذلك إليه جعل لها واليًا يقوم فيها مقام فلان وفلان الواليان على ما سمينا ووصفنا في كتابنا هذا، وليس لأحد من القضاة ولا لوالي (¬3) من ولاتها أن يوليها أحداً من النَّاس إِلا بعض ولد فلان بن فلان الموقف أو ولد فلان أبو (¬4) الموقف وأولاد أولادهم أبداً ما تناسلوا، يبدأ بولد فلان الموقف وولد ولده أبداً ما تناسلوا على ولد فلان بن فلان أبو (¬5) فلان الموقف وولد ولده أبدأ ما تناسلوا ما كان فيهم أحد (¬6) يصلح لهذه الصدقة في عفته وصلاحه، فإن لم يكن في واحد من الفريقين أحد (¬7) يستحق ذلك جعل القاضي أو الوالي لهذه الصدقة من أحب من أهل العفاف والصلاح والبصر بذلك واليأ لهذه الصدقة، فإن جعل القاضي أو الوالي من ولاة هذه الصدقة الأمر في هذه الصدقة إلى أحد سوى ولد (¬8) فلان (¬9) الموقف أو ولد فلان أبو الموقف (¬10) أو أولاد أولادهم أبدأ لأنه لم ير (¬11) فيهم أحدأ (¬12) يستحق ذلك، ثم صار فيهم بعد ذلك من يستحق القيام بهذه (¬13) الصدقة في عفافه وصلاحه صُرِفَت عن الذي يليها (¬14) إلى الذي يستحقها من ولد فلان الموقف أو ولد فلان أبو الموقف أو أولاد أولادهم أبدأ ما تناسلوا، يبدأ في ذلك بولد فلان الموقف وأولاد وأولادهم أبداً على ولد فلان أبو الموقف وأولادهم وأولاد أولادهم أبدأ، فيقوم في ذلك قيام الوالي قبله على ما سمينا ووصفنا في كتابنا هذا، ولا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يحول هذه الصدقة عن موضعها الذي وضعها عليه فلان بن فلان الموقف ولا ينقضها بوجه نقض ولا يُعِين على ذلك ولا ¬

_ (¬1) م ز: إلى قاضي. (¬2) م: قاضي. (¬3) م ز: لوالي؛ ع: لوالد. (¬4) ع + فلان. (¬5) ع: أبي. (¬6) م ز: أحداً. (¬7) ع: أحداً. (¬8) م:: سوا وإن؛ ز: سواء وإن؛ ع: سواه وإن. (¬9) ع: فلانا. (¬10) ع - وولد أبو الموقف. (¬11) م ز: لم يري. (¬12) ز: أحد. (¬13) ع: لهذه. (¬14) ع: يليهما.

يخاصم فيه، فإن (¬1) ردها راد من قاض (¬2) أو وارث لفلان الموقف أو غريم أو صاحب وصية أو سلطان أو غير ذلك فهذه الأرض بأصلها وجميع ما فيها وصية من مال فلان الموقف، يباع ذلك كله فيتصدق (¬3) بثمنه بين من وصفنا على ما سمينا ووصفنا بقسمة الوالي لهذه الصدقة على ما أحب بين من سمينا في كتابنا هذا على ما سمينا ووصفنا، جائز ما صنع في ذلك من شيء من تفضيل لبعض (¬4) على بعض أو غير ذلك، تصدق فلان الموقف لهذه الصدقة (¬5) المحدودة في كتابنا هذا وقبض ذلك كله منه فلان وفلان ابْنَا (¬6) فلان الواليان في حياة فلان الموقف في صحته وجواز من أمره في شهر كذا وفي سنة (¬7) كذا، وقد كان فلان الموقف لهذه الصدقة أراد نقضها وإبطالها (¬8) بعدما نقدها ودفعها إلى فلان وفلان الواليين (¬9) لهذه الصدقة وقبضاها (¬10) منه، فخاصماه في ذلك إلى فلان بن فلان وهو يومئذِ قاضي (¬11) كذا وكذا، فأنفذ (¬12) هذه الصدقة على ما سمينا ووصفنا في كتابنا هذا على فلان بن فلان، وأمر فلاناً وفلاناً الواليين لهذه الصدقة أن ينفذا هذه الصدقة على ما سمينا ووصفنا في كتابنا هذا، وأبطل فلان وهو يومئذِ قاضي (¬13) بلد كذا وكذا كل حجة لفلان يحتج بها يريد بها إبطال هذه الصدقة، وأنفذها فلان القاضي على فلان وهو يومئذٍ قاضي (¬14) كذا وكذا، وشهد أعلى، فلان الموقف بجميع ما في هذا الكتاب وإقراره (¬15) فلان بن ¬

_ (¬1) ع: فا. (¬2) م ز: من قاضي. (¬3) ز: فيصدق. (¬4) ع: بعض. (¬5) م هـ: الأرض؛ ز + الأرض. (¬6) مثنى ابن. (¬7) ع: من سنة. (¬8) وإنما يكتب هذا للتحرز من إبطال الوقف من قِبَل قاض يرى ذلك. انظر للشرح: المبسوط، 12/ 45. (¬9) م ز ع: الوليين. (¬10) ع: وقبضها. (¬11) ع: قاض. (¬12) ع: فانفذه. (¬13) ع: قاض. (¬14) ع: قاض. (¬15) م ز: ولقراره؛ ع: ولقرابة. والتصحيح مستفاد من كلام المؤلف في الصك التالي؛ ومن المبسوط، 12/ 45.

الأرض التي تفسير في سبيل الله تعالى صدقة موقوفة أبدا

فلان وفلان (¬1)، وكتب شهادتهم جميعاً، وختم فلان الموقف والشهود في شهر كذا من سنة كذا. ... الأرض التي تفسير في سبيل الله تعالى صدقة (¬2) موقوفة (¬3) أبداً بسم الله الرّحمن الرحيم. هذا ما تصدق به فلان بن فلان، وأشهد به على نفسه، وكفى بالله شهيداً، تصدق بأرضه التي يقال لها كذا وكذا من أرض قرية كذا وكذا من كُورَة كذا وكذا من رُسْتَاق يقال له (¬4) كذا وكذا، أحد حدود هذه الأرض والثّاني والثّالث والرّابع، تصدق بأرضه هذه المحدودة في كتابنا هذا بحدودها كلها وأرضها وبنائها وطرقها ونخلها وشجرها وجميع بنائها وشربها ومسيل مائها وانهارها وسواقيها (¬5) ومَغَائِضها ومرافقها وكل قليل وكثير هو فيها ومنها من حقوقها كلها وكل حق هو لها داخل فيها وخارج منها، صدقة لوجه الله تعالى وطلب ثوابه بتة بَتْلَة لا مَثْنَويَّة (¬6) فيها ولا رجعة، موقوفة على أن يحبس أصلها لا تباع (¬7) ولا توهب (¬8) ولا تورث (¬9) ولا تخرج (¬10) إلى ملك أحد على وجه (¬11) من الوجوه حتى يرث الله تعالى الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين، وعلى أن يتصدق بغلتها في سبيل الله تعالى أبداً يجهّز بها الرجال بالكُرَاع (¬12) ¬

_ (¬1) ع - وفلان. (¬2) ع - في سبيل الله تعالى صدقة. (¬3) ع + في سبيل الله. (¬4) ز: لها. (¬5) ع: وسواقها. (¬6) ز: لا مثبونة. (¬7) ع: لا يباع. (¬8) ز ع: يوهب. (¬9) ع: يورث. (¬10) ز ع: يخرج. (¬11) ع: بوجه. (¬12) ع: بالكراع. الكراع ما دون الكعب من الدواب، وما دون الركبة من الإنسان، وجمعه أكرُع وأكارع، ثم سمي به الخيل خاصّة، وعن محمد: الكراع الخيل والبغال والحمير. انظر: المغرب، "كرع".

والسلاح والنفقات في سبيل الله تعالى على ما يرى الوالي لهذه الصدقة، بعدما يرفع الوالي لهذه الصدقة من الغلة في كل عامِ ما يكفي الأرض في عامها ذلك بجميع مؤنتها من أرزاق وكلائها وأجر أكَرَتها (¬1) وأجرائها في الحصاد والذيَاس وغير ذلك وماو يصلحها من البذر وغير ذلك، وقد جعل فلان الموقف هذه الأرض الصدقة بحدودها وحقوقها وغلتها وجميع ما فيها إلى فلان وفلان ابني فلان الموقف، ودفع (¬2) ذلك كله إليهما فلان الموقف وقبضا (¬3) ذلك كله منه في حياته وصحته وجواز أمره، وأمرهما أن ينفذا ذلك على ما تصدق به، فيبيعان ما رأيا بيعه من غلة هذه الأرض في كل سنة، ويأمران بذلك من أحبا، جائز ما صنعا في ذلك، فيرفعان في كل سنة من غلة هذه الأرض الصدقة ما يكفي الأرض بجميع مؤنتها من أرزاق وكلائها وأجر أَكَرَتها وأجرائها (¬4) في الحصاد والدُياس وغير ذلك وما يصلحها من البذر وغير ذلك على ما يريان من الأرزاق وغيرها بالمعروف في كل سنة أبداً، ثم ينظران إلى ما بقي من غلة هذه الأرض في كل سنة فيجعلانه في سبيل الله تعالى يجهّزان به الرجال بالكُرَاع والسلاح والنفقات في سبيل الله تعالى أبداً على ما يريان من التفضيل لبعضهم على بعض، ينظران في ذلك كله لله تعالى ولأنفسهما ولمن ولاهما هذه الصدقة، فإن هلك فلان أو فلان أحد الواليين قبل والدهما فلان فالأمر إلى والدهما فلان، يجعل مع الباقي منهما من أحب، فإن أحب (¬5) فلان والدهما جَعَلَ الباقي منهما والي هذه الصدقة دون من سواه، وإن هلكا جميعاً في حياة والدهما فالأمر إلى فلان والدهما يجعل الوالي لهذه الصدقة من أحب، إن شاء واحداً (¬6) وإن شاء اثنين وإن شاء أكثر من ذلك، فيقوم الذي يجعله والدهم في ذلك مقام (¬7) فلان (¬8) وفلان ابنيه على ما سمينا ووصفنا في كتابنا هذا، جائز ما صنع في ذلك على ما سمينا ووصفنا، فإن توفي فلان ¬

_ (¬1) ز: أكربها. (¬2) م ز: ورفع. (¬3) ع: وقضى. (¬4) ع - وأجرائها. (¬5) ع - فإن أحب. (¬6) م ز: واحد. (¬7) ع: مقامه. (¬8) ع - فلان.

والدهما وفلان وفلان حيان فالأمر إليهما بعد وفاة والدهما كما كان الأمر إليهما في حياته، فإن توفي أحدهما وبقي الآخر فالأمر في هذه الصدقة على ما سمينا ووصفنا إلى الباقي منهما يقوم فيها مقامهما على ما سمينا ووصفنا (¬1)، فإن توفي الباقي منهما فالأمر إلى ذلك الذي يوصي إليه الباقي منهما بهذه الصدقة من ولد فلان الموقف أو ولد ولده أو ولد فلان أبي الموقف أو ولده أو ولد لده أبداً ما تناسلوا إن كان فيهم رضى مأمون على ذلك، لا يخرجها الموصي بها إلى غيرهم ما كان فيهم من يصلح لها، يبدأ في ذلك بولد فلان الموقف وولد ولده أبداً ما كان فيهم رضى على ولد فلان بن فلان أبي الموقف وولده وولد ولده أبداً ما تناسلوا (¬2)، فإن لم يكن فيهم أمن، يصلح لهذه الصدقة فالأمر إلى الوالي لهذه الصدقة يجعلها إلى من أحب من أهل الصلاح والعفاف والبصر بأمر هذه الصدقة، يقوم فيها مقام فلان وفلان الواليين في جميع ما سمينا ووصفنا في كتابنا هذا، وللوالي (¬3) الذي تفسير (¬4) إليه هذه الصدقة ما كان لفلان وفلان الواليين من الولاية لهذه الصدقة، وإليه إذا حضره الموت أن يولي هذه الصدقة ويوصي بها إلى قيم يقوم بها على ما سمينا ووصفنا، ومن جعلت إليه هذه الصدقة (¬5) فهو فيها بمنزلة فلان وفلان الواليين يقوم في ذلك مقامهما ويجوز له من ذلك ما كان يجوز لهما، وإن تناسختها الولاة (¬6) والي بعد والي فالوالي لها في ذلك كله بمنزلة فلان وفلان الواليين (¬7) في جميع ما سمينا ووصفنا في كتابنا هذا يقوم في ذلك كله (¬8) مقامهما ويعمل في ذلك برأيه ¬

_ (¬1) ع - إلى الباقي منهما يقوم فيها مقامهما على ما سمينا ووصفنا. (¬2) ع - ما تناسلوا. (¬3) م ز: والوالي. (¬4) ز: يصير. (¬5) ع - ويوصي بها إلى قيم يقوم بها على ما سمينا ووصفنا ومن جعلت إليه هذه الصدقة. (¬6) ع: ناسختها الولاية. (¬7) م ز: الولبين. (¬8) م ز + بمنزلة فلان وفلان الوليين في جميع ما سمينا ووصفنا في كتابنا هذا يقوم في ذلك.

كما كانا (¬1) يعملان، وما كان في ولد فلان الموقف أو في ولد فلان أبي (¬2) الموقف أو أولاد أولادهم أبداً ما تناسلوا أحد (¬3) يصلح لولاية (¬4) هذه الصدقة والقيام بأمرها لم يجعل في ذلك إلى غيرهم، فإن توفي والي هذه الصدقة ولم يولها أحداً (¬5) فالأمر في هذه الصدقة إلى قاض (¬6) من قضاة المسلمين، أي قاض (¬7) رفع ذلك إليه جعل لها واليًا يقوم فيها مقام فلان وفلان الواليين (¬8) على ما سمينا ووصفنا في كتابنا هذا، وليس لأحد من قضاة المسلمين ولا لأحد من ولاة هذه الصدقة أن يوليها أحداً من النَّاس إِلا بعض ولد فلان الموقف أو ولد فلان أبي الموقف أو أولاد أولادهم ما كان فيهم أحد (¬9) يصلح لهذه الصدقة من عفته (¬10) وصلاحه، وإن لم يكن في واحد من الفريقين أحد يستحق ذلك [و] جعل القاضي (¬11) أو الوالي هذه الصدقة الأمر في هذه الصدقة إلى أحد سوى ولد فلان الموقف أو ولد فلان أبي الموقف وأولاد أولادهم أبداً ما تناسلوا لأنه لم ير فيهم أحداً يستحق ذلك ثم صار فيهم بعد ذلك من يستحق القيام لهذه الصدقة في عفافه وصلاحه صُرِفَت عن الذي يليها إلى [من] يستحقها (¬12) من ولد فلان الموقف أو ولد فلان (¬13) أبي الموقف أو أولاد أولادهم أبداً ما تناسلوا، يبدأ في ذلك بولد فلان الموقف وأولادهم وأولاد أولادهم أبداً ما تناسلوا (¬14) على ولد فلان أبي الموقف وأولاده وأولاد أولاده أبداً ما تناسلوا، فيقوم في ذلك الذي تولاها مقام الوالي قبله على ما سمينا ووصفنا في كتابنا هذا، ولا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يحول هذه ¬

_ (¬1) م ز: كان. (¬2) م ز: أب. (¬3) ع: أحدا. (¬4) ع + لولاية. (¬5) م ز: أحد. (¬6) م ز: إلى قاضي. (¬7) م ز: قاضي. (¬8) م ز: الولبين. (¬9) م ز ع: أحدا. (¬10) ع: من عتقه. (¬11) ع: للقاضي. (¬12) ع: إلى مستحقيها. (¬13) أو ولد فلان. (¬14) يبدأ في ذلك بولد فلان الموقف وأولادهم وأولاد أولادهم أبداً ما تناسلوا.

الصدقة عن موضعها الذي وضعها عليه فلان الموقف، ولا ينقضها بوجه نقض ولا يُعِين (¬1) على ذلك ولا يخاصم فيه، فإن ردها راد من قاض أو وارث لفلان الموقف أو غريم أو صاحب وصية أو سلطان أو غير ذلك فهذه الأرض بأصلها وجميع ما فيها وصية من مال فلان الموقف، يباع ذلك كله فيقسم (¬2) ثمنه في سبيل الله تعالى على ما سمينا ووصفنا في كتابنا هذا، تصدق (¬3) فلان بن فلان الموقف لهذه الأرض المحدودة في كتابنا هذا، وأنفذ الصدقة فيها على ما سمينا ووصفنا في كتابنا هذا، وقبض ذلك فلان وفلان ابنا فلان الموقف في حياة فلان (¬4)، [وشهد على فلان الموقف] (¬5) بجميع ما في هذا الكتاب وإقراره (¬6) به فلان وفلان، وكتبت شهادتهم جميعاً، وختم فلان والشهود في شهر كذا من سنة كذا. فإن (¬7) أراد فلان الموقف لهذه الصدقة ولغيرها من الصدقات أن يجوز ذلك حتى لا يردها راد (¬8) فليتصدق بها كما وصفت (¬9) لك ويدفعها إلى الوالي لها (¬10)، فإذا فعل ذلك بها فليخاصم فيها واليها إلى قاض من قضاة المسلمين يرى إجازة الصدقة الموقوفة ويطلب (¬11) المتصدق إبطالها حتى يقضي القاضي بإجازتها، فيأخذ منه الوالي لها كتاباً (¬12) بها (¬13) من القاضي قضيةً بإجازتها ويشهد على قضاء القاضي بذلك شهوداً، فهذا أمر جائز لا يرده (¬14) أحد. وإن لم يُرِد الخصومة في ذلك فليكتب في أسفل الصدقة كما ذكرت لك في أسفل الصدقة (¬15) الأولى من إقرار المتصدق بقضية القاضي بذلك. وإن لم يكتب شيئاً [من] هذا (¬16) فهذا عندنا جائز ¬

_ (¬1) م ز: يغير. (¬2) ع: ويقسم. (¬3) ز: يصدق. (¬4) ز: فلا. (¬5) الزيادة مستفادة من الصك الذي قبل هذا، ومن الصك الذي بعد هذا في الباب التالي. (¬6) ع: وإقرار. (¬7) ع: كان. (¬8) ز: زاد. (¬9) ز: وصف. (¬10) م ز ع: بها. (¬11) ز: وبطلت. (¬12) م ز: كتاب. (¬13) ز: لها. (¬14) ع: لا يرد. (¬15) م ز + كما كتبت في أسفل الصدقة. (¬16) ع: لم يكتب شاهداً.

باب الصدقة الموقوفة على الغني والفقير من ولد الرجل على المواريث ثم تصير بعد ذلك لذوي الحاجة من أهل بيته ثم تصير للفقراء والمساكين يتصدق بأرض له وسكنى دارين له وقرى

كله، ولكنا نأمر (¬1) بذلك لاختلاف القضاة؛ لأن منهم من يبطلها. ... باب الصدقة الموقوفة على الغني والفقير من ولد الرجل على المواريث ثم تصير (¬2) بعد ذلك (¬3) لذوي الحاجة من أهل بيته (¬4) ثم تصير (¬5) للفقراء والمساكين يتصدق (¬6) بأرض (¬7) له (¬8) وسكنى دارين له (¬9) وقرى (¬10) هذا ما تصدق به فلان بن فلان وأشهد به على نفسه في حياته وصحته، وكفى بالله شهيدأ، تصدق (¬11) بأرضه التي يقال (¬12) لها كذا وكذا وهي قطعة واحدة تجمعها (¬13) حدود واحدة بما فيها (¬14) من القرى وغير ذلك وهذه الأرض في طَسُّوج كذا وكذا من رُسْتَاق (¬15) كذا وكذا، أحد حدوفى هذه الأرض والثاني والثالث والرابع، وتصدق أيضاً بأرضه القِطْعة التي يقال لها كذا وكذا، وهي طبقة واحدة تجمعها (¬16) حدود واحدة (¬17) بما فيها من القرى وغير ذلك، أحد حدود هذه الأرض القِطْعة (¬18) والثّاني والثّالث ¬

_ (¬1) م ع: ولكنا لا نأمر. (¬2) ز: ثم يصير. (¬3) ع - بعد ذلك. (¬4) ع - من أهل بيته. (¬5) ز: ثم يصير. (¬6) ع - يتصدق. (¬7) ز: أرض. (¬8) ز - له. (¬9) ع - له. (¬10) ع: وقهى. (¬11) يصدق. (¬12) ع - يقال. (¬13) ز ع: يجمعها. (¬14) م ز ع: واحدها فيها. والتصحيح من كلام المؤلف الآتي بعد أسطر. (¬15) م ع: من بدستق؛ ز: من يدسبق. والتصحيح مستفاد من استعمال المؤلف المتكرر لهذه الكلمة. (¬16) ع: يجمعها. (¬17) ز - تجمعها حدود واحدة. (¬18) ع: القطيعة.

والرابع، وتصدق (¬1) أيضاً بأرضه القطيعة (¬2) التي يقال لها كذا وكذا، وهي طبقة وأحدة تجمعها (¬3) حدود واحدة بما فيها من القرى وغير ذلك، أحد حدود هذه الأرض القطيعة والثاني والثالث والرابع (¬4)، وتصدق أيضاً بالقرية التي يقال لها كذا وكذا وأرضها من طَسُوج كذا وكذا من رُسْتاق (¬5) يقال له كذا وكذا أحد حدود هذه القرية وأرضها والثاني والثالث والرابع، وتصدق (¬6) أيضاً بقرية له أخرى يقال لها كذا وكذا وأرضها وهذه القرية وأرضها في طَسُّوج (¬7) كذا من رُسْاق (¬8) كذا وكذا، أحد حدود هذه القرية وأرضها (¬9) والثاني والثالث (¬10) والرابع، وتصدق (¬11) أيضاً (¬12) بداره التي في موضع كذا وكذا أحد حدود هذه الدار والثاني والثالث والرابع، تصدق أيضاً بداره (¬13) الأخرى التي في موضع كذا وكذا أحد حدود هذه الدار والثاني والثالث والرابع، تصدق بأرضه ودارَيه وقِطَعه وقراه وأرضه (¬14) المحدودة الموصوفة المسماة في كتابنا هذا بحدودها كلها وقراها (¬15) وبيوتها وأرضها وبنائها وطرقها ونخلها وشجرها وبساتينها وجميع نباتها (¬16) وشربها ومسيل مائها وأنهارها وسواقيها ومَغائضها ومرافقها وكل قليل وكثير هو فيها ومنها ¬

_ (¬1) ز: ويصدق. (¬2) قال المطرزي: القطيعة: الطائفة من أرض الخراج يُقْطِعها السلطان من يريد. وفي القدوري: هي المواضع التي أقطعها الإمام من الموات قوماً فيتملّكونها. انظر: المغرب، "قطع". (¬3) ز: يجمعها. (¬4) ع - وتصدق أيضاً بأرضه القطيعة التي يقال لها كذا وكذا وهي طبقة واحدة تجمعها حدود واحدة بما فيها من القرى وغير ذلك أحد حدود هذه الأرض القطيعة والثاني والثالث والرابع. (¬5) م ع: من بدستق؛ ز: من يدسبق. (¬6) ز: ويصدق. (¬7) ع: من طسوج. (¬8) م ع: من بدستق؛ ز: من يدسبق. (¬9) ع - وأرضها. (¬10) ما قبل هذا من كتاب الوقف ساقط من نسخة ف. (¬11) ز: ويصدق. (¬12) م ز: أرضا. (¬13) ز: بدار. (¬14) ز: وأرضها. (¬15) ف: وقرارها. (¬16) ز: بنائها.

من حقوقها وكل حق هو لجميعها داخل فيها وخارج منها، صدقة لوجه الله تعالى وطلب ثوابه (¬1) بتة بَتْلَة لا مَثْنَوِيَّة فيها ولا رجعة، موقوفة على أن تحبس (¬2) أصلها لا تباع (¬3) ولا توهب ولا تورث ولا تخرج إلى ملك أحد على وجه من الوجوه حتى يرثها الله الذي يرث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين، وعلى أن يتصدق بغلتها من ثمرتها وأجر بيوتها وأرضها وما يخرج الله تعالى منها وغير ذلك على وجوه غلتها كلها، ويسكن الدارين المحدودتين (¬4) في كتابنا هذا أبداً، على أن يقسم ذلك ويقسط بين ولد فلان بن فلان الموقف لصلبه فيكون ذلك بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين من كان منهم يوم كانت هذه الصدقة ومن يكون، [يعطى] منها للغني والفقير في ذلك سواء لا يفضل فيه فقير لفقره ولا يُحْرَم غني لغناه (¬5)، يكون ذلك بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين أبداً، فإن توفي أحد من ولد فلان الموقف لصلبه فنصيبه (¬6) من هذه الغلة والسكنى التي تجري (¬7) له لولده إن كان لهذا الميت، بينهم أيضاً للذكر مثل حظ الأنثيين أبداً، وكل ولد له توفي أيضاً وله ولد فنصيبه (¬8) من هذه الغلة والسكنى لولده بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، فيكون هذا حال الولد وولد (¬9) الولد وأولادهم أبداً ما تناسلوا، ومن كان من الولد وولد الولد وأولادهم أبداً ما تناسلوا له (¬10) زوجة فتوفي فلها من سهمه من هذه الغلة والسكنى الثمن أو الربع كميراثها الذي ترث (¬11) من ماله ما أقامت فلم تتزوج (¬12)، فإن تزوجت فلا شيء لها إِلا أن تكون (¬13) من ولد ولد فلان الموقف أو من أولادهم أبداً ما تناسلوا فيكون لها نصيبها (¬14) الذي صار لها من والدها أو من والدتها لا ¬

_ (¬1) ز: ثوابها. (¬2) ز: أن يحبس. (¬3) ز: لا يباع. (¬4) ز: المحدوديين. (¬5) ز: لغنائه. (¬6) ز: فنصبه. (¬7) ز: يجري. (¬8) ز: فنصبه. (¬9) م زف: ووالد. (¬10) ف: وله. (¬11) ز: يرث. (¬12) ز: يتزوج. (¬13) ز: أن يكون. (¬14) ز: نصبها.

ينقص (¬1) من ذلك شيء لتزويجها، فإذا (¬2) انقرض أحد من ولد فلان الموقف لصلبه أو من ولد ولده أو من أولاد أولادهم أبداً ما تناسلوا ولا ولد له فقد وجب له في هذه الغلة والسكنى نصيب، فجميع نصيبه مردود على ولد الموقف لصلبه وولده وولد ولده وأولادهم وأولاد أولادهم أبداً (¬3) ما تناسلوا ممّن له في هذه الغلة والسكنى نصيب على قدر سهامهم فيها على ما سمينا ووصفنا في كتابنا هذا، وكذلك كل من انقرض منهم حتى لا يبقى منهم أحد، فإن انقرض ولد فلان الموقف لصلبه أو ولده أو ولد ولده وأولاد أولادهم أبداً ما تناسلوا فلم يبق منهم أحد فهذه الغلة والسكنى كلها (¬4) لأهل الحاجة من أهل بيت فلان الموقف وأولادهم وأولاد أولادهم أبداً ما تناسلوا، ولأهل الحاجة من موالي فلان الموقف ومولياته (¬5) وموالي فلان أبي الموقف ومولياته (¬6) وأولادهم وأولاد أولادهم أبداً ما تناسلوا، كلما هلك منهم هالك قسم نصيبه من الغلة والسكنى بين من بقي منهم على ما سمينا ووصفنا في كتابنا هذا، فإن انقرضوا فلم يبق منهم أحد فجميع هذه الغلة والسكنى للفقراء والمساكين وابن السبيل، وقد جعل فلان الموقف هذه الصدقة بحدودها وحقوقها وقراها وجميع ما فيها من غلتها وسكناها إلى فلان وفلان ابني فلان الموقف ودفع ذلك كله إليهما وقبضا ذلك كله من فلان بن فلان الموقف في حياته وصحته وجوازٍ مِن (¬7) أمره، وأمرهما أن ينفذا ذلك على ما يتصدق به، فيبيعان ما رأيا بيعه من غلة هذه الأرضين والقرى في كل سنة أبداً، ويأمران بذلك من أحبا، جائزٌ ما صنعا في ذلك، فيرفعان في كل سنة من غلة هذه الأرض ما يكفي هذه الأرضين والقرى والدارين بجميع مؤنتها من أرزاق وكلائها وأجر أَكَرَتها وأجرائها والقيام عليها في الحصاد والدِّيَاس والجِزَاز (¬8) وغير ذلك وما يصلحها من ¬

_ (¬1) ز: لا ينقض. (¬2) ف: فإن. (¬3) ف - أبدا. (¬4) ف - كلها. (¬5) م ف ز: وموالياته. (¬6) م ف ز: وموالياته. (¬7) ف - من. (¬8) من جزّ بمعنى قطع. انظر: لسان العرب، "جزز".

البذر وغير ذلك، ويُزارعان من أحبا في ذلك على ما يريان من ذلك، ويَفرضان الأرزاق والأجور على ما يريان بالمعروف (¬1) في كل سنة أبداً، جائر ما صنعا فيه على ما سمينا ووصفنا (¬2) في كتابنا هذا من توكيل (¬3) وكيل أو استئجار أجير وغير ذلك، ثم ينظران إلى ما بقي من جميع ذلك كله (¬4) فيقسمانه بين من سمينا ووصفنا في كتابنا هذا، فيُقسطان ذلك بينهم بالعدل على ما سمينا ووصفنا، وينظران في ذلك لله ولأنفسهما في دينهما ولمن ولاهما هذه الصدقة حتى يعطيا (¬5) كل ذي حق حقه أبداً ما وَلِيَا هذه الصدقة، ولا يحبسان شيئاً من غلة سنة إلى السنة الثّانية، فإن هلك فلان بن فلان أو فلان بن فلان أحد الواليين قبل فلان الموقف فالأمر إلى فلان الموقف، يجعل مع الباقي منهما من أحب، فإن أحب فلان الموقف جعل الباقي منهما واليًا لهذه الصدقة دون من سواه، وإن هلكا (¬6) جميعاً في حياة فلان الموقف فالأمر إلى فلان الموقف، يجعل الوالي لهذه الصدقة من أحب، إن شاء واحداً وإن شاء اثنين وإن شاء أكثر من ذلك، فيقوم الذي يجعله فلان الموقف في ذلك مقام فلان وفلان الواليين على ما سمينا ووصفنا في كتابنا هذا، فإن توفي فلان الموقف وفلان وفلان الواليين (¬7) حيان فالأمر إليهما بعد وفاة فلان الموقف كما كان إليهما في حياته، فإن توفي أحدهما وبقي الآخر فالأمر في هذه الصدقة على ما سمينا ووصفنا (¬8) إلى الباقي منهما يقوم فيها مقامهما على ما سمينا ووصفنا، فإن توفي الباقي منهما فالأمر في ذلك إلى الذي يوصي إليه الباقي منهما بهذه الصدقة من ولد فلان الموقف أو ولد ولده أو ولد فلان أبي (¬9) الموقف أو ولد ولده أبداً (¬10) ما تناسلوا، إن كان فيهم رضى مأمون على ذلك لا يخرجها الموصي بها إلى غيرهم ما كان فيهم من يصلح لها، يبدأ في ذلك ¬

_ (¬1) ف - بالمعروف. (¬2) م ز - فيه. (¬3) م ز: من الوكيل. (¬4) ف - كله. (¬5) ز: يعطيان. (¬6) ز: هلك. (¬7) م ف: الوليين. (¬8) ف - ووصفنا. (¬9) م ز: أب. (¬10) ف - أبدا.

بولد فلان الموقف لصلبه ثم ولد ولده ثم أولادهم قرناً بعد قرن أبداً ما تناسلوا ما كان فيهم رضى مأمون، على ولد فلان أبي (¬1) الموقف وولد ولده أبداً ما تناسلوا، فإن لم يكن في أحد من الفريقين من أحد يصلح لهذه الصدقة فالأمر إلى الوالي لهذه الصدقة، يجعلها إلى من أحب من أهل الصلاح والعفاف والبصر بأمر هذه الصدقة، يقوم فيها الذي تولاها من كان مقام فلان وفلان الواليين (¬2) في جميع ما سمينا في كتابنا هذا، وللوالي الذي تفسير إليه هذه الصدقة ما كان لفلان وفلان الواليين (¬3) من الولاية، وإليه إذا (¬4) حضره الموت أن يولي هذه الصدقة ويوصي بها إلى من يقوم بها على ما سمينا ووصفنا، ومن جُعلت إليه هذه الصدقة فهو فيها بمنزلة فلان وفلان الواليين في الولاية لها، يقوم في ذلك مقامهما ويجوز له في الولاية ما كان يجوز لهما، وإن تناسختها الولاة والي بعد والي فالوالي لها في ذلك كله بمنزلة فلان وفلان الواليين في الولاية لها في جميع ما سمينا / [8/ 245 ظ] ووصفنا يقوم في ذلك مقامهما ويعمل (¬5) في ذلك برأيه كما كانا يعملان، وما كان من ولد فلان الموقف أو في ولد فلان أبي (¬6) الموقف وأولادهم وأولاد أولادهم أبداً ما تناسلوا أحد يصلح لولاية هذه الصدقة والقيام بأمرها لم يجعل ذلك لغيرهم، فإن توفي الوالي لهذه الصدقة ولم يولها أحداً (¬7) يصلح فالأمر في هذه الصدقة إلى قاض (¬8) من قضاة المسلمين، أي قاض رفع ذلك إليه جعل لها واليًا يقوم فيها مقام فلان وفلان الواليين على ما سمينا ووصفنا في كتابنا هذا، وليس لأحد من القضاة ولا لوالٍ (¬9) من ولاة هذه الصدقة أن يوليها أحداً من النَّاس إِلا بعض ولد فلان الموقف أو ولد فلان أبي الموقف أو أولادهم (¬10) أو أولاد أولادهم أبداً ما تناسلوا، يبدأ في ذلك بولد فلان الموقف وولد ولده أبداً ما تناسلوا على ولد فلان أبي ¬

_ (¬1) م ز: أب. (¬2) م ف ز: الوليين. (¬3) م ف ز: الوليين. (¬4) ز - إذا. (¬5) م ف ز: أو يعمل. (¬6) م ز: أب. (¬7) م ز: أحد. (¬8) م ز: إلى قاضي. (¬9) م ز: لوالي. (¬10) ف: وأولادهم.

الموقف وولد ولده أبداً ما تناسلوا ما كان فيهم أحد (¬1) يصلح لولاية هذه الصدقة في عفته وصلاحه، فإن لم يكن في واحد من الفريقين أحد يستحق ذلك جعل القاضي أو الوالي لهذه الصدقة من أحب من أهل الصلاح والعفاف والبصر بذلك واليًا لهذه الصدقة، فإن جعل القاضي أو الوالي من ولاة هذه الصدقة الأمر في هذه الصدقة إلى أحد سوى ولد فلان الموقف أو ولد فلان أبي (¬2) الموقف أو أولادهم أو أولاد أولادهم أبداً ما تناسلوا لأنه لم ير فيهم (¬3) أحداً (¬4) يستحق ذلك ثم صار فيهم بعد ذلك من يستحق القيام لهذه الصدقة في عفافه وصلاحه صُرِفت عن الذي يليها إلى الذي يستحقها من ولد فلان الموقف أو ولد فلان أبي (¬5) الموقف وأولاد أولادهم أبداً ما تناسلوا، يبدأ في ذلك بولد فلان الموقف وأولاد أولادهم أبداً ما تناسلوا على ولد فلان أبي (¬6) الموقف وأولاد أولادهم أبداً، يقوم في ذلك الذي تولاها كقيام فلان الوالي قبله على ما سمينا ووصفنا في كتابنا هذا، ولا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يحول هذه الصدقة عن موضعها الذي وضعها عليه فلان الموقف ولا ينقضها بوجه نقض ولا يُعِين على ذلك ولا يخاصم فيه، فإن ردها رادّ من قاض (¬7) أو وارث الموقف أو غريم أو صاحب وصية أو سلطان أو غير ذلك فهذه الصدقة بأرضها وقراها وأصلها وجميع ما فيها وصية من مال الموقف يباع ذلك كله فيقسم ثمنه بين أهل هذه الصدقة على ما سمينا ووصفنا في كتابنا هذا على قدر سهامهم، تصدق فلان بن فلان بهذه الصدقة وأنفذ ذلك كله على ما سمينا ووصفنا في كتابنا هذا، وقبض ذلك كله فلان وفلان ابْنَا فلان في حياة فلان وصحته وجوافي مِن أمره في شهر كذا من سنة كذا، وقد كان فلان الموقف لهذه الصدقة أراد نقضها وابطالها بعدما أنفذها وأشهد بها على نفسه ودفعها إلى فلان وفلان الواليين لهذه الصدقة وقبضاها منه، فخاصمهما في ذلك إلى ¬

_ (¬1) م ز: أحداً. (¬2) م ز: أب. (¬3) ف: منهم. (¬4) م ز: أحد. (¬5) م ز: أب. (¬6) م ز: أب. (¬7) م ز: من قاضي.

باب كتاب الوقف على الموالي والموليات وأمهات الأولاد يسميى فيه لبعضهم ولا يسمي لبعض

فلان بن فلان وهو يومئذٍ قاضي كُورَة كذا وكذا، فأنفذ فلان القاضي هذه الصدقة على ما سمينا ووصفنا في كتابنا هذا على فلان بن فلان الموقف لهذه الصدقة، وأمر فلان القاضي فلاناً وفلاناً الواليين لهذه الصدقة أن يُنْفِذا هذه الصدقة على ما سمينا ووصفنا في كتابنا هذا (¬1)، وأبطل فلان القاضي وهو يومئذٍ قاضي كُورَة كذا وكذا كل حجة لفلان يريد بها إبطال هذه الصدقة الموقوفة، وأنفذها فلان القاضي على فلان وهو يومئذٍ قاضي كُورَة كذا، شَهِدَ (¬2) على ذلك الموقف بجميع ما في هذا الكتاب وإقراره به وإقراره بقضاء القاضي عليه بما في هذا الكتاب فلانٌ وفلانٌ، وكُتبت (¬3) شهادتهم جميعاً، وخَتَمَ فلان الموقف والشهود في شهر كذا من سنة كذا. ... باب كتاب الوقف على الموالي والموليات (¬4) وأمهات الأولاد يسميى فيه (¬5) لبعضهم ولا يسمي لبعض (¬6) هذا ما تصدق به فلان بن فلان في حياته وصحته وجوازٍ مِن أمره وأشهد به على نفسه وكفى بالله شهيدأ، تصدق بضَيْعته (¬7) التي يقال لها كذا وكذا من كُورَة كذا وكذا من رُسْتَاق يقال له كذا وكذا، فإن كان مكان الكُورَة طَسُّوج كتب: من طَسُّوج كذا وكذا من رُسْتَاق (¬8) كذا وكذا، أحد ¬

_ (¬1) ف + على فلان بن فلان الموقف لهذه الصدقة وأمر فلان القاضي فلاناً وفلاناً الواليين لهذه الصدقة أن ينفذا هذه الصدقة على ما سمينا ووصفنا في كتابنا هذا. (¬2) ز: شهدا. (¬3) ز: وكتب. (¬4) م ف ز: والمواليات. (¬5) م ف ز: فيهم. (¬6) ز - ولا يسمي لبعض؛ صح هـ. (¬7) ز: بصنعته. الضيعة العقار والأرض ذات الغلة. انظر: لسان العرب، "ضيع". (¬8) م ف: من بدسيق؛ ز: من يدسيق.

حدود هذه الضَّيْعة التي (¬1) تصدق بها فلان والثاني والثالث والرابع، تصدق بضَيْعته هذه المحدودة في كتابنا هذا بحدودها كلها وأرضها وبنائها وطرقها ونخلها وشجرها وجميع نباتها (¬2) وشربها ومسيل مائها وانهارها وسَوَاقيها ومَغَائِضها ومَرَافِقها وكل قليل وكثير هو فيها ومنها من حقوقها وكل حق هو لها داخل فيها وخارج عنها (¬3)، وبكذا وكذا مملوكاً من رجال ونساء يعملون فيها، منهم (¬4) مملوك يقال له فلان الفلاني وزوجته فلانة الفلانية، ومنهم مملوك آخر يقال له فلان الفلاني وزوجته يقال لها فلانة الفلانية وابنة فلان الفلاني، صدقة لوجه الله تعالى وطلب مرضاته بتّة بَتْلَة لا مَثْنَوِيّة فيها ولا رجعة، موقوفة على أن يحبس أصلها لا يباع ولا يوهب ولا يورث ولا يخرج إلى ملك أحد على وجه من الوجوه حتى يرثها الله رب العالمين الذي يرث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين، على أن يتصدق بغلتها من ثمرها (¬5) وأجر بيوتها وأرضها وما يخرج الله تعالى منها على وجوه غلتها كلها، فيبدأ بحظ السلطان من ذلك كله من عُشْر أو خراج فيخرج من وسط الغلة، ثم يرفع الوالي لهذه الصدقة من الغلة في كل عام أبداً ما يكفي الأرض في عامها ذلك بجميع مؤنتها من أرزاق وكلائها وأجر أَكَرَتِها وأجرائها في الحصاد والدِّيَاس وغير ذلك وما يصلحها من البذر وغيره، وأجاز فلان المتصدق لمن ولي هذه الصدقة بيع ما يرى من غلة هذه الأرض في كل سنة وأجاز له أن يأمر بذلك من أحب، جائزٌ ما صنع في ذلك في كل سنة من غلة هذه الصدقة بعد حظ السلطان من عُشْر أو خراج، ورِزْقُ الوالي لها في كل سنة كذا وكذا أبداً، ولكل والٍ (¬6) ممّن (¬7) وَلِيَها والٍ (¬8) بعد والي فله من الرزق مثل (¬9) ما للأول في كل سنة أبداً، ثم يرفع لهذه الصدقة مع ذلك ما يكفي الأرض لجميع مؤنتها من ¬

_ (¬1) م ز: الذي. (¬2) م ف ز: بنائها. (¬3) ف: منها. (¬4) م ف ز: منهما. (¬5) م ز: من ثمرتها. (¬6) م ز: والي. (¬7) م ف ز: من. (¬8) م ز: والي. (¬9) ف - مثل.

أرزاق وكلائها وأجر أَكَرَتِها وأجرائها في الحصاد والدِّيَاس وغير ذلك وما يصلحها من البذر وغيره على ما يرى الوالي لهذه الصدقة من الأرزاق وغير ذلك بالمعروف في كل سنة أبداً، فيقسمه ثم ينظر الوالي لهذه الصدقة إلى ما بقي من غلة هذه الأرض في كل سنة أبداً، فيقسمه فيكون لأمهات أولاد فلان بن فلان من ذلك من كان منهم أو ولد حين تصدق فلان (¬1) بهذه الصدقة ومن يحدث منهن أبداً، لكل امرأة منهن في كل شهر أبداً كذا وكذا، ولكل امرأة منهن في كل سنة أبداً كذا وكذا في حياة فلان وبعد وفاته، وأي امرأة منهن تزوجت بعد وفاته أو خرجت عن منزله (¬2) منتقلة إلى غيره لا حق لها في شيء من هذه الصدقة، ويكون لجواريه اللاتي دبّرهن وجعلهن حرائر من بعد وفاته وهي فلانة وفلانة وفلانة (¬3) أرزاق (¬4) مسماة، لكل امرأة منهن كذا وكذا في كل شهر أبداً، ولكل امرأة (¬5) منهن كذا وكذا في كل سنة أبداً في حياة فلان وبعد وفاته، فأي امرأة منهن تزوجت بعد وفاته أو خرجت عن منزله منتقلة إلى غيره فلا حق لها في شيء من هذه الصدقة، ويكون لمواليه ومولياته (¬6) وهم فلان وفلان وفلانة وفلانة (¬7) لكل إنسان منهم كذا وكذا في كل شهر أبداً، ولكل إنسانة منهن في كل سنة أيضاً كذا وكذا، فذلك لكل إنسان منهم ما أقام مع ولد فلان بن فلان صاحب هذه الصدقة أو ولد ولده أبداً ما تناسلوا، فأي إنسان منها خرج عن ولد فلان المتصدق أو انتقل فلا حق له في شيء من هذه الصدقة، ومن توفي منهم وله ولد من موالي فلان بن فلان فرزقه في كل شهر وفي كل سنة لولده على فرائض الله تعالى للذكر مثل حظ الأنثيين، وكذلك أولاد أولادهم أبداً ما تناسلوا، فإن كان لأحد منهم من النساء ولد ليس بمولى لفلان بن فلان الموقف فلا حق له في شيء من هذه الصدقة، ويكون للمنقطعين إلى فلان من ذلك وهم فلان وفلان لكل إنسان منهم كذا ¬

_ (¬1) ف - فلان. (¬2) م ف ز + او. وانظر تمام العبارة. (¬3) ف - وفلانة. (¬4) م ز: أرزاقا. (¬5) ف - امرأة، صح هـ. (¬6) م ف ز: وموالياته. (¬7) ف - وفلانة.

وكذا في كل شهر (¬1) أبداً ولكل إنسان منهم كذا وكذا في كل سنة أبداً، ومن توفي منهم وله ولد فرزقه الذي كان يجري عليه في كل شهر وفي كل سنة أبداً بين ولده على فرائض الله تعالى بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، وكذلك أولاد أولادهم ما تناسلوا، فإن كانت غلة هذه الضيعة في كل سنة تبلغ ما سمينا ووصفنا في كتابنا هذا أو يزيد على ذلك بُدِئَ بمن سمينا ووصفنا في كتابنا هذا قبل كل (¬2) ذي حق في هذه الصدقة سوى (¬3) من سمينا حتى يُقسط ذلك بينهم على ما سمينا ووصفنا، فإن لم تبلغ (¬4) الغلة في كل سنة ما سمي لهم جميعاً تحاصّوا على قدر أرزاقهم، ينقص كل إنسان منهم بقدر حصته، فإن فضل من غلة هذه الضَيْعة شيء في كل سنة بعدما يستوفي كل إنسان منهم جميع ما سمي له كان ذلك إلى الوالي لهذه الصدقة، يجعل ذلك لمن بقي من أهل الحاجة والفقر والمسكنة من موالي (¬5) فلان ومولياته (¬6) ممّن لم يسمَّ له في هذه الصدقة رزقٌ، من كان منهم يوم تصدق فلان بهذه الصدقة ومن يحدث منهم أبداً وأولادهم وأولاد أولادهم أبداً ما تناسلوا من أهل الحاجة والفقر والمسكنة، ومن كان من أولاده ومواليه ومولياته (¬7) وليس من موالي فلان من أولاد البنات وغيرهم فلا حق له في شيء من هذه الصدقة، فيجعل القاضي لهذه الصدقة ما بقي من هذه الغلة بعد أنصباء من سمينا نصيبه في كتابنا هذا من أهل الحاجة والفقر والمسكنة من موالي فلان ومولياته (¬8) وأولادهم وأولاد أولادهم أبداً ما تناسلوا، وعلى قدر ما يرى الوالي لهذه الصدقة، وإن رأى أن يخص (¬9) بذلك بعضهم دون بعض على قدر ما يسعهم فعل، فإن رأى أن يسوي بينهم فعل، وإن رأى أن يعطيهم جميعاً ويفضّل بعضهم على بعض فعل، الأمر في ذلك إليه جائرٌ ما صنع في ذلك، فإن هلك أحد من ¬

_ (¬1) م فوق السطر + كذا؛ ف ز + كذا. (¬2) ز - كل. (¬3) ز: سواء. (¬4) ز: لم يبلغ. (¬5) م - موالي، صح هـ. (¬6) ف ز: وموالياته. (¬7) م ف ز: وموالياته. (¬8) م ف ز: وموالياته. (¬9) ز: أن يحض.

هؤلاء الذين سمينا أرزاقهم في هذه الصدقة ولم يَدَعْ ولداً وكان في هذه الغلة كفاية لأرزاق من بقي من هؤلاء المسمَّيْن (¬1) في كتابنا هذا سوى حصة الميت رُذَ ما كان يَجْرِي له على هؤلاء الذين لم تسمَّ لهم أرزاقٌ ممّن وصفنا على قدر ما يرى الوالي لهذه الصدقة، وكذلك كل من مات ممّن سمى له رزقاً ولم يَدَع ولداً ومن مات من أولادهم ولم يَدَعْ ولداً رُدَّ ما كان يَجْرِي له من ذلك على الذين لم يسمَّ لهم أرزاق على قدر ما يرى الوالي (¬2) لهذه الصدقة، ومن هلك من أمهات أولاد فلادْ وجواريه المدبِّرات المسمَّيات في كتابنا هذا وخرج عن منزله خروج ناقلةٍ فنصيبها الذي كان يجري عليها إن كان في هذه الغلة كفاية لأرزاق من سمى رزقه سوى نصيب الميت والجارية رُذَ على هؤلاء الذين لم يسئَم لهم أرزاق ما يكفيهم على قدر ما يرى الوالي لهذه الصدقة، فإن فضل شيء من هذه الغلة بعدما يستوفي من سمى له في كل سنة ما سمي له وبعدما يعطي الوالي لهذه الصدقة الذين (¬3) لم يسمِّ لهم أرزاق ما يكفيهم في كل سنة على قدر ما يرى الوالي لهذه الصدقة يجعل ما بقي من ذلك كله / [8/ 248 و] في كل سنة في الفقراء واليتامى والمساكين والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل وفي الحجِّ، يُقسط ذلك الوالي لهذه الصدقة على قدر ما يرى الوالي، وإن (¬4) رأى الوالي لهذه الصدقة أن يجعل ذلك في صنف دون غيره وأن يفضل بعض الأصناف على بعض فعل، وإن لم يكن فيمن (¬5) لم يسمِّ له رزق في هذه الصدقة محتاج أو انقرضوا حتى لا يبقى منهم أحد جعل الوالي لهذه الصدقة ما فضل من هذه الغلة بعدما يستوفي من سمى له من هذه الصدقة حقه في كل سنة في الفقراء والمساكين والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل وفي الحجِّ وفي اليتامى أبداً، فإن احتاج أحد ممّن كان غنياً ممّن لم يسمِّ له في هذه الصدقة رزقٌ رَذَ (¬6) عليه الوالي لهذه الصدقة حتى يعطيه ما يكفيه في كل سنة على قدر ما يرى الوالي لهذه الصدقة، وإن رأى أن يزيده زاده، وإن ¬

_ (¬1) ز: المسلمين. (¬2) ز: الموالي. (¬3) ز: الذي. (¬4) ف: فإن. (¬5) ف: فيم. (¬6) ف - رد.

رأى أن ينقصه نقصه، وللوالي لهذه الصدقة إن هلك أحد من هؤلاء الرّقيق المتصدَّق بهم مع الضَّيْعة أن يشتري مكانه غيره من غلة هذه الضَّيْعة قبل قسمتها، وإن رأى أن يبيع بعضهم (¬1) ويستبدل به أو يدع فبل، جائز ما صنع في ذلك كله، ومرجع هذه الصدقة كلها إذا انقرض أهلها جميعاً ممّن سمى له أو لم يسم إلى الفقراء واليتامى والمساكين والحج والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل أبداً، وقد جعل فلان بن فلان هذه الضَّيْعة بحدودها كلها وحقوقها وغلتها وجميع ما فيها من الرّقيق إلى فلان بن فلان، ودفع ذلك كله إليه فلان ابن فلان المتصدِّقُ، وقبض ذلك كله المدفوع (¬2) إليه من فلان المتصدق في حياته وصحته وجوازٍ مِن أمره، وأمره فلان المتصدق أن يُنْفِذ ذلك على ما تصدق به على ما سمينا ووصفنا في كتابنا هذا، وأمره أن لا يحبس شيئاً من غلة سنة إلى سنة ثانية، فإن هلك فلان الوالي لهذه الصدقة وفلان المتصدق حي فالأمر إلى فلان المتصدق، يجعل الوالي لهذه الصدقة في حياته من أحب، ولفلان المتصدق أن يُخرج الوالي لهذه الصدقة في حياته وعند وفاته إن رجع إلى حال لا يستحق فيها الولاية ويجعل غيره، وإن توفي فلان المتصدق والوالي لهذه الصدقة حي فالأمر إليه من بعد وفاة فلان المتصدق كما كان الأمر إليه في حياته على ما سمينا ووصفنا في كتابنا هذا، وإن توفي بعد ذلك الوالي لهذه الصدقة فالأمر في ذلك إلى الذي يوصي إليه الوالي لهذه الصدقة من ولد فلان المتصدق أو ولد ولده أو ولد ولد فلان لإنسان آخر وولد ولده أبداً ما تناسلوا ما كان فيهم رضى مأمون على ذلك، لا يخرجها الموصي بها إلى غيرهم، يبدأ في ذلك بولد فلاق المتصدق وولد ولده ما كان فيهم رضى على ولد الآخر أبداً (¬3) ما تناسلوا، فإن لم يكن فيهم من يصلح لها فالأمر إلى والي هذه الصدقة يجعلها إلى من أحب من أهل الصلاح والعفاف، يقوم فيها مقام فلان بن فلان الوالي الأول في ذلك في جميع ما سمينا ووصفنا، وللوالي ¬

_ (¬1) م ف: لبعضهم. (¬2) ز: المرفوع. (¬3) ف - أبدا، صح هـ.

الذي تفسير إليه هذه الصدقة ما كان لفلان الوالي الأول من الرزق والولاية لهذه الصدقة الموقوفة، وإليه إذا حضره (¬1) الموت أن يولي هذه الصدقة ويوصي بها إلى قيم يقوم بها على ما سمينا ووصفنا، ومن جعلت إليه هذه الصدقة فهو منها بمنزلة فلان الوالي الأول في الولاية لها يقوم في ذلك مقامه، ويجوز له من ذلك ما كان (¬2) يجوز لفلان الوالي الأول وإن تناسختها الولاة والٍ بعد والٍ (¬3)، والوالي (¬4) لها في ذلك كله بمنزلة فلان الوالي الأول في الولاية والقسمة والبيع والشراء للرقيق والإنفاق وللعمارة وغير ذلك في جميع ما سمينا ووصفنا، يقوم في ذلك مقام فلان الوالي (¬5) الأول ويعمل في ذلك الوالي لها برأيه كما كان يعمل فلان الوالي الأول، ما كان في ولد فلان المتصدق أو في ولد فلان الآخر أو أولاد أولادهم أبداً ما تناسلوا أحد (¬6) يصلح للقيام بهذه الصدقة لم يجعل إلى غيرهم، فإن توفي والٍ (¬7) لهذه الصدقة ولم يولها أحداً فالأمر في هذه الصدقة إلى قاض (¬8) من قضاة المسلمين، أي قاض (¬9) رفع ذلك إليه جعل لها واليًا يقوم فيها مقام فلان الوالي الأول على ما سمينا ووصفنا في كتابنا هذا، وليس لأحد من القضاة ولا لوال (¬10) من ولاة هذه الصدقة أن يوليها أحداً من النَّاس إِلا بعض ولد فلان المتصدق أو ولد فلان الآخر أو أولاد أولادهم أبداً ما تناسلوا، يبدأ بولد فلان المتصدق وولد ولده أبداً ما تناسلوا على ولد فلان الآخر وولد ولده أبداً (¬11) ما كان فيهم أحد يصلح (¬12) لهذه الصدقة في صلاحه وعفافه، وإن لم يكن فيهم (¬13) أحد يستحق ذلك جعل القاضي أو الوالي لهذه الصدقة من أحب من أهل العفاف (¬14) والصلاح ¬

_ (¬1) ز: إذا حضرت. (¬2) ف - كان. (¬3) ز: والي بعد والي. (¬4) ف - والوالي. (¬5) ف - الوالي. (¬6) ز: أحدا. (¬7) ز: واليا. (¬8) م ز: إلى قاضي. (¬9) م ز: قاضي. (¬10) م ز: لوالي. (¬11) م + ما تناسلوا على ولد فلان الآخر وولد ولده أبداً. (¬12) ف: فصلح. (¬13) م ف ز: فيه. (¬14) م ز: العقار.

والبصر بذلك والياً لهذه الصدقة، فإن جعل القاضي أو الوالي من ولاة (¬1) هذه الصدقة الأمر في هذه الصدقة إلى أحد سوى ولد فلان المتصدق أو ولد فلان الآخر أو أولاد أولادهم أبداً ما تناسلوا لأنه لم يجد فيهم أحداً (¬2) يستحق ذلك ثم صار فيهم بعد ذلك من يستحق القيام بهذه الصدقة في عفافه وصلاحه صُرِفَت عن الذي يليها إلى الذي يستحقها من ولد فلان المتصدق أو ولد فلان الآخر أو أولادهم أبداً ما تناسلوا على ما سمينا ووصفنا في كتابنا هذا، ولا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يحول هذه الصدقة عن موضعها الذي وضعها عليه فلان بن فلان المتصدق، ولا ينقضها بوجه نقض ولا يُعِين على ذلك ولا يخاصم فيه، فإن ردها رادٌّ من قاض أو وارث لفلان بن فلان المتصدق أو غريم أو صاحب وصية أو سلطان أو غير ذلك فهذه الصدقة الضَّيْعة بأرضها وجميع ما فيها وجميع هؤلاء الرّقيق المسمَّيْن في كتابنا هذا وصية من مال فلان المتصدق، يباع ذلك كله فيجعل ثمنه بين (¬3) من سمينا على ما سمينا (¬4) ووصفنا في كتابنا هذا، يقسمه الوالي لهذه الصدقة، جائز (¬5) ما صنع في ذلك من شيء من تفضيل (¬6) لبعضهم على بعض أو غير ذلك، تصدق فلان بن فلان بهذه الضَّيْعة المحدودة في كتابنا هذا وبجميع هؤلاء الرّقيق المسمَّيْن في كتابنا هذا، وأنفذ الصدقة في ذلك كله على مَنْ سمينا ووصفنا، وقبض ذلك كله منه فلان الوالي لهذه الصدقة في حياة فلان بن فلان المتصدق في صحته وجواز أمره في شهر كذا من سنة كذا، وقد كان فلان المتصدق بعد ذلك كله أراد نقض هذه الصدقة وإبطالها بعدما أنفذها ودفعها إلى فلان الوالي لهذه الصدقة، وقبضها منه فلان الوالي لها (¬7)، فوَكَّلَ فلان المتصدق في ذلك وكيلاً يخاصم فلاناً (¬8) الوالي لهذه الصدقة ليبطلها ويردها إلى ملك فلان المتصدق، فاختصما في ذلك إلى فلان بن فلان وهو يومئذٍ قاضي ¬

_ (¬1) م: من ولا؛ ف: من ولاء. (¬2) م ز: أحد. (¬3) ف: بينه وبين. (¬4) ز - على ما سمينا. (¬5) ف: جاز. (¬6) ز: من يفضل. (¬7) ز - لها. (¬8) م ز: فلان.

باب كتاب الصدقة لأمهات الأولاد

أمير المؤمنين فلان بكُورَة كذا وكذا، فأنفذ فلان القاضي هذه الصدقة على ما سمينا ووصفنا في كتابنا هذا، وأمر فلان القاضي فلاناً (¬1) الوالي لهذه الصدقة أن يُنْفِذَ هذه الصدقة على ما سمينا ووصفنا في كتابنا هذا (¬2)، وأبطل فلان القاضي وهو يومئذٍ قاضي أمير المؤمنين فلان بمدينة كذا (¬3) كل حجة يحتج بها فلان المتصدق أو وكيله يريد بها إبطال هذه الصدقة، وأنفذها فلان القاضي على فلان المتصدق وهو يومئذٍ قاضي أمير المؤمنين فلان بمدينة كذا وكذا، شَهِدَ على فلان بن فلان المتصدق بجميع ما في هذا الكتاب وإقراره به فلان بن فلان، وكتب شهادتهم جميعاً، وختم فلان بن فلان المتصدق والشهود في شهر كذا من سنة كذا. ... باب كتاب الصدقة لأمهات الأولاد هذا كتاب من فلان بن فلان لأمهات أولاده فلانة وفلانة وفلانة ولجواريه اللاتي (¬4) جعلهن حرائر بعد موته، وهن فلانة (¬5) وفلانة وفلانة (¬6): إنِّي تصدقت عليكن في حياتي وجعلت لكن بعد موتي سكنى منازلي من داري التي بمدينة كذا وكذا في موضع كذا وكذا، أحد حدود هذه الدار التي فيها هذه المنازل والثاني والثالث والرابع، وأحد حدود منزل من هذه المنازل والثاني والثالث والرابع، وأحد حدود المنزل الآخر (¬7) والثاني والثالث والرابع (¬8) - حتى يحد المنازل كلها وإن كانت المنازل مجتمعة في موضع واحد حَدَّدْتُها كلها بحدود ¬

_ (¬1) م ز: فلان. (¬2) ف - وأمر فلان القاضي فلانا الوالي لهذه الصدقة أن ينفذ هذه الصدقة على ما سمينا ووصفنا في كتابنا هذا. (¬3) م ز + كذا. (¬4) م ز: التي. (¬5) ز: فلان. (¬6) ف - وفلانة. (¬7) ز: الآخرل. (¬8) ف - والرابع وأحد حدود المنزل الآخر والثاني والثالث والرابع.

باب كتاب آخر أيضا لأمهات الأولاد والمدبرات

واحدة - تصدقت عليكن في حياتي وجعلت لكن بعد وفاتي سكنى هذه المنازل المحدودات في كتابنا هذا بينكن، تسكن كل امرأة منكن من ذلك بقدر ما يكفيها (¬1)، فإن قصر ذلك عن سكناكن نقصت كل امرأة منكن بقدر ذلك، وإن كان في ذلك فضل على ما يكفيكن زيدت كل امرأة منكن على قدر ما يكفيها، وكان ذلك لكن أبداً، وأي امرأة منكن تزوجت أو خرجت منتقلة إلى غير هذه المنازل فلا حق لها في شيء من سكنى هذه المنازل، ونصيبها (¬2) من هذه السكنى مردود على من بقي منكن ما بقي منكن أحد، فإن لم يحتج (¬3) من بقي منكن إلى مساكن (¬4) الخارجة والمتزوجة رُدَّ ذلك ميراثاً (¬5) بين ورثتي على فرائض الله تعالى، جعلت ذلك كله لكن، ودفعته كله إليكن، وقبضتن (¬6) ذلك كله مني، وأنا يومئذٍ صحيح لا علة بي من مرض ولا غيره، شهد. وهذا لا يجوز في قول محمد بن الحسن إِلا وصية من الثلث بعد موته؛ لأنه اشترط مرجعه إلى الميراث. وهو جائز في الحياة والموت من جميع المال في قياس قول أبي يوسف. ... باب كتاب آخر أيضاً لأمهات الأولاد والمدبرات (¬7) هذا كتاب من فلان بن فلان لأمهات أولاده فلانة وفلانة وفلانة ولمدبَّراته اللاتي كن له، جعلهن حرائر بعد موته، وهن (¬8) فلانة وفلانة وفلانة (¬9)، إنِّي جعلت لكن في حياتي وأوصيت لكن بعد وفاتي لكل واحدة منكن بخَدَمِها وبمتاعها وحليها وثيابها وجوهرها، وجعلت لفلانة من ¬

_ (¬1) ف: ما يكفيهن. (¬2) ز: ونصبها. (¬3) ز: لم يحتج. (¬4) م ز: إلى مسكن. (¬5) م ز: ميراث. (¬6) ز: وقبضبن. (¬7) ف - والمدبرات. (¬8) م ز: وهم. (¬9) م ز - وفلانة.

الخدم فلانة وفلانة وفلاناً وفلاناً (¬1)، وجعلت لها من المتاع كذا وكذا وقيمته كذا وكذا، وجعلت لها من الحلي كذا وكذا قيمته كذا وكذا وزن ذهبه كذا وكذا وقيمته كذا وكذا - حتى يسمي لكل واحدة منهق ما جعل لها وقيمته، فإن ذلك أجود (¬2) في الحكم - جعلت لكل واحدة منهن ما سميت لها في كتابنا هذا من الخدم والحلي والمتاع والثياب واللؤلؤ والجوهر في حياتي، وأوصيت (¬3) لها بذلك بعد وفاتي، فذلك نافذ لكن في حياتي وبعد وفاتي، لا سبيل لأحد من ورثتي ولا من غيرهم إلى رد شيء من ذلك، جعلت لكل واحدة منهن ما سميت لها في كتابنا هذا، فدفعته إليها وقبضته مني، وأنا يومئذٍ صحيح لا علة بي من مرض ولا غيره، وشهد بذلك. وقال محمد بن الحسن -رحمه الله-: هذا لا يجوز وصية من الثلث، ولا يجوز في الحياة. وهذا قياس قول أبي يوسف أيضاً (¬4). ... ¬

_ (¬1) م ز: وفلان وفلان. (¬2) م ز: أجوز. (¬3) م ز: واصنت. (¬4) م - آخر كتاب الوقف عق محمد بن الحسن والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد وآله وسلم؛ ف + آخر كتاب الوقف عن محمد بن الحسن والحمد لله رب العالمين وصلواته محلى محمد وآله وصحبه أجمعين.

كتاب الصدقة الموقوفة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب الصدقة الموقوفة أبو سليمان قال: أخبرنا محمد بن الحسن قال: أخبرنا صخر بن جويرية عن نافع مولى عبد الله بن عمر: أن عمر بن الخطاب كانت له أرض تدعى ثَمْغ، قال: وكان نخلاً نفيساً. فقال عمر - رضي الله عنه - لرسول الله جميه!: إنِّي قد (¬2) استفدت مالاً وهو عندي نفيس، أفأتصدق به؟ فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تصدق بأصله لا يباع ولا يوهب ولا يورث ولكن لتنفق (¬3) ثمرته". قال: فتصدق عمر به، وتصدق بخيبر، في سبيل الله وفي الرقاب والضيف (¬4) والمساكين (¬5) وابن السبيل ولذي القربى، ولا جناح على من وليه أن يأكل منه بالمعروف أو يؤكل صديقاً غيره غير متمول فيه (¬6). قال محمد: وبهذا (¬7) نأخذ. إن تصدق بذلك في حياته وصحته كان ذلك من جميع ماله. وإذا تصدق في مرضه كان ذلك من ثلثه. وأما أبو حنيفة فكان لا يجيز ذلك إِلا أن يجعله وصية بعد موته. ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلّية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) م - قد. (¬3) ز: لينفق. (¬4) ز: والصنف. (¬5) م ز: وللمساكين. (¬6) صحيح البخاري، الوصايا، 22؛ وصحيح مسلم، الوصية، 15. (¬7) م ف ز: وبها.

باب ما يجوز من صدقة الأرض الموقوفة والخان والمقبرة وغير ذلك

باب ما يجوز من صدقة الأرض الموقوفة والخان والمقبرة وغير ذلك قال محمد بن الحسن: إذا جعل الرجل أرضه صدقة موقوفة على الفقراء أو المساكين وكانت أرضاً محدودة مقسومة، ودفعها إلى والٍ (¬1) غيره يقوم بها وأخرجها من يده إليه وأمره أن يقوم فيها وينفق عليها ما احتاجت إليه من مَرَمَّتها وإصلاح انهارها ومشاربها ومسيل مياهها، وإن احتاجت أن تُزرع (¬2) جعل إليه أن يدفع من غلتها ما احتاجت (¬3) إليه من يدين (¬4) أو أُجَرَاء أو قُوَّام يقومون عليها، ثم ينظر إلى ما بقي في كل سنة، فيقسمه (¬5) بين الفقراء والمساكين، فهذه صدقة جائزة. فإن كان فعل هذا رجل في صحته فليس له أن يرجع في شيء من هذا. وكذلك الرجل يجعل الأرض من أرضه مقبرة للمسلمين، ويأذن للناس أن يقبروا فيها موتاهم، فيفعلون، فليس له بعدما يخلي بين المسلمين وبينها ويقبروا فيها إنساناً واحداً أو أكثر من ذلك أن يرجع في شيء منها. وكذلك الرجل يجعل أرضه في صحته خاناً لمارّة الطريق من المسلمين، ويخلي بينها (¬6) وبين المسلمين، ويبنونها (¬7) بيوتًا فينزلونها (¬8). فإذا نزلها رجل واحد أو أكثر من ذلك فليس له بعد ذلك عليها سبيل. فإن أراد أخذها وردها في ملكه لم يكن له ذلك. وإن مات لم يكن شيء مما وصفت لك ميراثاً. ¬

_ (¬1) م ز: إلى والي. (¬2) ز: أن يزرع. (¬3) ز: ما حتاجت. (¬4) كذا في م ف ز. والكلمة مهملة في ف تماما. وهي مهملة في م إِلا النون الأخيرة. ويمكن أن يكون المقصود اليد العاملة، والله أعلم. (¬5) ز: فيقسم. (¬6) م ز - بينها. (¬7) ف: ويبنوا بها. (¬8) ز: فتنزلونها.

وكذلك الرجل تكون (¬1) له الدار بمكة، فيجعلها سكنى لحاج بيت الله تعالى والمعتمرين، ويدفعها إلى وال (¬2) يقوم عليها وُيسْكِن فيها من رأى، فليس له بعد ذلك أن يرجع فيها. فإن مات لم تكن (¬3) ميراثاً وإن كان لم يُسْكِنْها أحداً؛ لأنه إذا دفعها إلى وال (¬4) يقوم بذلك فقد أخرجها من ملكه ويده. وكذلك الرجل يجعل الدار له في غير مكة سكنى للمساكين ويدفعها إلى وال (¬5) يقوم بذلك فهو بمنزلة هذا. وكذلك الرجل يبني دارأ في ثغر من ثغور المسلمين ويجعلها سكنى للغزاة في سبيل الله والمرابطين، أو يشتري أرضاً (¬6) فيجعل غلتها للغزاة في سبيل الله تعالى، ويدفع ذلك إلى وال (¬7) يقوم بها، فهذا جائز، ولا سبيل له (¬8) إلى رد شيء من ذلك. فأمّا السكنى فلا بأس أن يُسْكِن الغني أو الفقير من الغزاة والمرابطين والحاج. وكذلك الخان والدفن في المقبرة، ولا بأس بأن يفعل ذلك الغني والفقير. فأمّا الغلة التي جعلت للغزاة (¬9) فلا يعجبني (¬10) أن يأخذ منها أحد إِلا محتاج إليها، لأن الغلة صدقة وهو مال يُمْلَك، ولا ينبغي أن يأخذه إِلا أهل الحاجة إليه. فأمّا السكنى ونزول (¬11) الخان والدفن في الأرض فليس هذا بمال، ولا بأس بأن يفعله الغني والفقير. وكذلك الرجل يجعل السقاية في أرض له فيجعل فيها بئراً أو حوضًا للناس يستقون (¬12) منه ويشربون ويتوضؤون، ويجعل في ذلك والياً يقوم عليها ويدفع ذلك إليه، ويخلي بين الناس وبينها ¬

_ (¬1) ز: يكون. (¬2) م ز: إلى والي. (¬3) ز: لم يكن. (¬4) م ز: إلى والي. (¬5) م ز: إلى والي. (¬6) ف: شيئاً. (¬7) م ز: إلى والي. (¬8) ف: إليه. (¬9) م ز: الغزاة. (¬10) ز: تعجبني. (¬11) ز: ويزول. (¬12) ز: يسبقون.

يسقون (¬1) ويشربون ويتوضؤون، فهذا جائز. فإن أراد بعد ذلك أن يرد شيئاً من ذلك إلى ملكه فليمس له أن يرده. ولا بأس أن يشرب من ذلك ويسقي دابته وبعيره ويتوضأ منه الغني والفقير، لأن هذا ليس بمال يملك كما تملك (¬2) الغلات. محمد بن الحسن قال: قال أبو حنيفة رحمة الله عليه وعامة أصحابنا: إن هذا كله مردوذ إن شاء صاحبه أن يرجع فيه (¬3) ويُبْطِلَ ما صنع فيه من الصدقة في المقبرة والخان والسقاية ويَرُدَّ ذلك إلى ماله ويده، فيبيعُه ويهبه ويصنع به ما شاء، وإن مات كان ميراثاً. قال محمد: فقلنا لهم: ولمَ قلتم هذا وقد جاءت فيها آثار وفعله المسلمون وأجازوه؟ قالوا (¬4): لأن أصل الأرض لم تخرج (¬5) إلى مالك يملكها غير الذي كانت له، فكيف تكون (¬6) أرض مِلْكها لرجل، فيُخرِج من ملكه شيئاً (¬7) لا يصير عليها ملك، وهي لم تخرج (¬8) من ملكه إلى ملك غيره. أخبرونا عن أصل الأرض هل خرجت من ملكه إلى ملك غيره؟ قلنا لهم: لم تخرج (¬9) عن ملكه إلى ملك أحد غيره، ولكن خرجت من ملكه لأمر (¬10) جعله الله، ولم تصر الأرض في ملك غيره، ولكن منفعتها صارت لغيره. قالوا: فلهذا أبطلنا هذه الأشياء، وقلنا: إنها لا تجوز (¬11)، لأن من ملك شيئاً لم يزل في ملكه غير خارج منه حتى يخرج إلى ملك مالك (¬12) ¬

_ (¬1) ز: يسبقون. (¬2) ز: يملك. (¬3) ف - فيه. (¬4) م ز: وقالوا. (¬5) ز: لم يخرج. (¬6) ز: يكون. (¬7) ف: بشيء؛ م ز: شيء. (¬8) ز: لم يخرج. (¬9) ز: لم يخرج. (¬10) ز: لا من. (¬11) ز: لا يجوز. (¬12) ف - مالك.

غيره، فأما أن يخرج من ملكه إلى غير (¬1) ملك مالك غيره فهذا مما لا يجوز. فقلنا لهم: أنتم تقولون (¬2) مثل هذا، لا تجدون (¬3) منه بداً (¬4). أخبرونا عن رجل جعل أرضه مسجداً فبناها كما يبنى المسجد وجعلها لعامة المسلمين وأذن للناس في الصّلاة في ذلك (¬5) المسجد، فأذن به المؤذن (¬6) وأمَّ فيه الإمام وأخرجه إلى الطريق الأعظم وأبانه عن ملكه (¬7) وصلّى فيه المسلمون (¬8) هكذا زماناً طويلًا، ثم أراد بعد ذلك أن يهدمه ويدخله في ملكه ويبيعه أله ذلك؟ قالوا: لا. قيل لهم: فأخبرونا (¬9) عن أرض المسجد وبنائه أخرج من ملكه أم هو في ملكه على حاله؟ قالوا: لو كان في ملكه لكان (¬10) له (¬11) أن يبيعه ويهبه، وإن مات كان ميراثاً، ولكنه قد (¬12) خرج من ملكه، فلا تجوز (¬13) له فيه هبة ولا بيع ولا يورث. قيل لهم: فحين أخرج من ملكه هل دخل في ملك أحد غيره؟ قالوا: لا. قلنا لهم: وكذلك الصدقة الموقوفة والخان والمقبرة، خرج ذلك (¬14) من ملكه فصار لا يستطيع بيعه ولا هبته ولا يكون ميراثاً، ولم يخرج إلى ملك أحد غيره. أخبرونا كيف فرقتم بين المسجد وبين هذه الأشياء التي وصفنا لكم وكل ذلك جُعِك دثه تعالى وطُلِب به ما عنده. أرأيتم لو أن رجلاً قال: فإني أجيز الخان وأرد المسجد فأجعله ميراثاً، وقال: إنِّي ¬

_ (¬1) ز - غير. (¬2) ز: يقولون. (¬3) ز: لا يجدون. (¬4) ز: أبدا. (¬5) ف: في لك. (¬6) ف: المؤذنون. (¬7) ف - وأم فيه الإمام وأخرجه إلى الطريق الأعظم وأبانه عن ملكه. (¬8) ف: الإمام. (¬9) ف: قيل لهم فأنتم فأخبرونا. (¬10) ف - في ملكه لكان. (¬11) ف: لهم. (¬12) ف - قد. (¬13) ز: بجوز. (¬14) ف - ذلك.

أجيز المقبرة، لأن فيَ نبش القبور وإخراج الموتى إثمًا عظيماً، فليس ينبغي أن تباع المقبرة ولا توهب (¬1) ولا تورث (¬2)، لأن الذي يصير له ذلك لا يمنع من نبش القبور داخراج الموتى منها إن أراد أن يجعلها أرضأ يحفر فيها الانهار ويغرس فيها النخل والشجر، وهذا فيه مأثم وضرر، فلا ينبغي أن يرجع في الماقبرة، وأما المسجد فليس فيه ضرر، يصلّي النَّاس في غيره أين أحبوا من المساجد، أي شيء كنا نُدخِل عليه؟ وبأي شيء كنا نحتجّ (¬3) عليه؟ ما زاد أن يحكم كما حكمتم، فأجاز (¬4) بعضاً كما أجزتم وأبطل (¬5) بعضاً كما أبطلتم. أرأيتم (¬6) لو قال قائل: أنها المسجد فإني أرده ميراثاً، وأما الصدقة الموقوفة التي جعلت غلتها (¬7) للمساكين فإني أجيزها؛ لأن الَاثار جاءت في ذلك كثيرة، فأجيز ما جاءت فيه الآثار، وأبطك المسجد، وأرده ميراثأ، وأجعل لصاحبه أن يبيعه؛ لأنه لم يأت فيه أثر كما جاء في الصدقة أي شيء كنا نقول؟ ما أعلم من قال هذا إِلا أجوز حجة منكم، لأنه (¬8) اعتل في الصدقة بالَاثار، واعتل في المقبرة بنبش الموتى (¬9)، ولا أعلم لكم في المسجد علة تعتلون بها. ليس ينبغي أن يُتحكم (¬10) على النَّاس. ولكنا وجدنا الآثار في الصدقات على ما وصفت لك، فقسنا عليها ما أشبهها، لأن الآثار لا تجيء في الأشياء كلها ولكن تجيء في بعض، ويقاس ما لم يأت فيه أثر بما جاءت فيه آثار. فلما رأينا الصدقة قد خرجت فيها أصل الأرض عن ملكه إلى غير مالك سواه وجعلت الغلة للفقراء والمساكين وابن السبيل وقد جاءت فيه الآثار فكذلك (¬11) جعلنا ما أشبه ذلك مثله. فقلنا: إذا جعل أرضاً له مسجداً للمسلمين فهو بمنزلة هذا. فقسنا المسجد ولم تأت (¬12) فيه الآثار بالصدقة التي جاءت فيها الآثار. فعمدتم أنتم إلى ما لم ¬

_ (¬1) ز: يوهب. (¬2) ز: يورث. (¬3) ز: يحتج. (¬4) م ف ز: فأجزنا. (¬5) ف: وأبطلنا. (¬6) م: أرأيت. (¬7) م ز: عليها. (¬8) م ف ز: أنه ان. (¬9) ف: القبور. (¬10) ز: أن نتحكم. (¬11) م: فلذلك؛ ز: لذلك. (¬12) ز: يأت.

يأت فيه أثر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أحد من الصحابة فأجزتموه، وعمدتم (¬1) إلى ما جاءت فيه الآثار فأبطلتموه بحجة احتججتم (¬2) بها من الملك قد أجزتم مثلها. فقلنا له أيضاً: إذا جعل الرجل أرضاً له للمسلمين خاناً وبناه لهم ليسكنه مار الطريق أو جعلها مقبرة للمسلمين أو سقاية لهم أو سكنى للحاج والغازين في سبيل الله فكل هذا يتقرب به إلى الله تعالى كما يتقرب بالصدقة. وقياسها كلها واحد. فهذه الأشياء جائزة كلها. فأما أن يقول قائل: أبطل هذه الأشياء كلها وأردها إلى ملك صاحبها، فإن شاء باع وإن شاء وهب وإن مات كانت ميراثاً غير (¬3) المسجد (¬4) وحده، فإنه لم يخرج إلى ملك أحد غيره، وهو لا يكون ميراثاً إن مات صاحبه، وليس لصاحبه أن يبيعه ولا يهبه، فهذا لا ينبغي أن يقال. وكيف يتحكمون على النَّاس هذا التحكم؟ وما أخذ النَّاس بقول (¬5) أبي حنيفة وأصحابه إِلا لتركهم (¬6) التحكم على النَّاس. فإذا كانوا هم الذين يتحكمون على النَّاس بغير أثر ولا قياس لم يقلدوا [في] هذه الأشياء. ولو أنا قلدنا [في] هذه الأشياء أحداً لكان من مضى قبل أبي حنيفة مثل الحسن البصري دابراهيم النخعي ومن أشبههم أحرى أن يقلد. فليس ينبغي أن يتحكم على النَّاس. إذا كانت الأشياء تجري (¬7) على مثال واحد قيل فيها قول واحد إِلا أن يأتي أثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو عن أحد من أصحابه، فينقاد لذلك. فأما إذا كان ما يقال في ذلك بالرأي بطل التحكم، فلم يفرق بين مجتمع ولم يجمع بين متفرق. ... ¬

_ (¬1) م: وعهدتم. (¬2) م ف: احتجيتم. (¬3) م ز: عن. (¬4) ز: والمسجد. (¬5) م ف ز: في قول. وقد ورد صحيحا في المبسوط، 12/ 28. (¬6) م: إِلا تركهم؛ ز: إِلا بتركهم. (¬7) ز: يجري.

باب ما [لا] يجوز من الصدقة الموقوفة وغيرها لأنها لم تقبض

باب ما [لا] يجوز من الصدقة الموقوفة وغيرها لأنها لم تقبض (¬1) أبو سليمان قال: أخبرنا محمد بن الحسن قال: أخبرنا شعبة بن الحجاج عن جابر الجعفي (¬2) عن القاسم بن عبد الرّحمن بن عبد الله بن مسعود قال: قال معاذ بن جبل وشريح: لا تجوز (¬3) الصدقة حتى تقبض (¬4). محمد قال: أخبرنا عباد بن العوام عن الحجاج بن أرطاة عن عطاء عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: لا تجوز (¬5) الصدقة (¬6) حتى تقبض (¬7). محمد قال: أخبرنا أبو حُرَّة عن الحسن أنه سئل عن رجل تصدق (¬8) بصدقة على وارث ولم يقبض الوارث الصدقة حتى مات، قال: لا تجوز (¬9). محمد قال: أخبرنا طلحة بن دينار قال: سمعت الشعبي يقول: لا تجوز (¬10) الصدقة (¬11) إِلا مقبوضة إِلا لصبي في حجر أبيه (¬12) يقبض له أبوه (¬13). محمد عن قيس بن الربيع عن الأعمش عن إبراهيم قال: قال معاذ بن ¬

_ (¬1) ز: لم يقبض. (¬2) ز: الجغفي. (¬3) ز: لا يجوز. (¬4) ز: يقبض. المصنِّف لعبد الرزاق، 9/ 122؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 280. (¬5) ز: لا يجوز. (¬6) ف: القبض. (¬7) ز: يقبض. تقدم نظير هذه الروايات في كتاب الهِبَة. انظر: 2/ 90 ظ. (¬8) ز: يصدق. (¬9) ز: لا يجوز. (¬10) ز: لا يجوز. (¬11) ف - الصدقة. (¬12) ز: أنيه. (¬13) المصنِّف لعبد الرزاق، 9/ 122؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 280.

جبل: إذا تصدقتم على أبنائكم فأثبتوها (¬1) حتى يكون له أن يقبضه. قال محمد: فكذلك نقول: لا تجوز (¬2) الصدقة إِلا مقبوضة. قال محمد: إذا جعل الرجل أرضاً له محدودة مقسومة (¬3) صدقة موقوفة وأشهد عليها فجعلها (¬4) موقوفة الأصل لا تباع ولا توهب ولا تورث (¬5) تحبس أصلها ويتصدق بغلتها على الفقراء والمساكين (¬6) وابن السبيل ولم يدفعها إلى وال (¬7) يقوم بها وجعل نفسه الوالي لها لم تجز (¬8) هذه؛ لأنها صدقة، ولا تجوز (¬9) الصدقة إِلا مقبوضة. ألا ترى أنه لو تصدق بأصلها على مالك يملكها لم تجز الصدقة، ولم تكن (¬10) للمتصدق عليه حتى يقبضها. وكذلك الصدقة الموقوفة لا تجوز (¬11) حتى تخرج (¬12) من يد صاحبها الذي تصدق بها إلى ولي يقوم بها. وإذا أخرجها المتصدق بها (¬13) إلى وال (¬14) يقوم بها صارت صدقة جائزة، لا يقدر المتصدق بها على الرجعة فيها. فإن مات لم تكن (¬15) ميراثاً. وإن لم يخرجها من يده إلى وال (¬16) غيره يقوم بها لم تجز (¬17) هذه الصدقة؛ لأنها صدقة غير مقبوضة. فله أن يرجع فيها ويبيعها (¬18) إن أحب، وإن مات كانت ميراثاً. قال محمد: وهذا قول ابن أبي ليلى، وإن يجيز الصدقة الموقوفة إذا ¬

_ (¬1) ز: فأنيبوها. الكلمة مهملة في م ف. ويمكن أن تقرأ: فأبينوها، والله أعلم. (¬2) ز: يقول لا يجوز. (¬3) ف - قال محمد إذا جعل الرجل أرضا له محدودة مقسومة. (¬4) ف: بجعلها. (¬5) ز: لا يبع ولا يوهب ولا يورث. (¬6) م: والمساركين. (¬7) م ز: إلى والي. (¬8) ز: لم يجز. (¬9) ز: يجوز. (¬10) ز: يكن. (¬11) ز: لا يجوز. (¬12) ز: يخرج. (¬13) ف - بها. (¬14) م ز: إلى والي. (¬15) ز: لم يكن. (¬16) م ز: إلى والي. (¬17) ز: لم يجز. (¬18) م ف: ويبيها (مهملة)؛ ز: ويبنها.

قبضها وال (¬1) غير صاحبها، فإن بقيت (¬2) في يد صاحبها فإنه كان لا يجيزها. وهذا قولناث لأنا لا نجيز الصدقة إِلا مقبوضة. وقد بلغنا عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه (¬3) حين (¬4) تصدق بصدقة جعل حفصة أم المؤمنين ابنته الوالية لها (¬5). فكذا نقول (¬6). وقال أبو يوسف: تجوز (¬7) الصدقة وإن لم يقبضها وال (¬8) غير صاحبها. فقلنا له: أخبرنا عن الرجل يتصدق على الرجل بالأرض أتجوز للمتصدق بها عليه قبل أن يقبضها؟ فقال: لا، حتى يقبضها. فقلنا: هذه الصدقة التى لا يشك فيها أحد من الناس أنها جائزة، يجيزها الناس كلهم؛ من أبطل الصدقة الموقوفة ومن أجازها، ولا تجوز في قولك حتى تقبفر (¬9). والصدقة الموقوفة التي [لا]، يجيزها بعض الناس فلا يرونها بشيء على حال من الحالات منهم أبو حنيفة وعامة أصحابه وتجيزها أنت غير مقبوضة. إنما ينبغي أن تقاس (¬10) الصدقة الموقوفة التي يجيزها بعض الناس على الصدقة التي يجيزها الناس كلهم. فكما لا تجوز (¬11) هذه الصدقة إِلا مقبوضة فكذلك لا ينبغي أن تجوز (¬12) الصدقة (¬13) الموقوفة (¬14) إِلا مقبوضة. قال: إني كنت أبطل الصدقة الموقوفة فلا أراها شيئاً إن قبضت أو لم ¬

_ (¬1) م ز: والي. (¬2) م ف ز: فاصدقه هي. (¬3) م ز - أنه. (¬4) ف - حين. (¬5) ز: بها. روي أن عمر أوصى إلى حفصة أن تلي ذلك ما عاشت. انظر: سنن أبي داود، الوصايا، 13. (¬6) ز: يقول. (¬7) ز: يجوز. (¬8) م ز: والي. (¬9) ز: يقبض. (¬10) ز: أن يقاس. (¬11) ز: لا يجوز. (¬12) ز: أن يجوز. (¬13) م + إِلا مقبوضة فكذلك لا ينبغي أن تجوز الصدقة. (¬14) ف ز - الموقوفة.

تقبض (¬1)، فأخذت في ذلك بقول أبي حنيفة، ثم رأيتها بعد جائزة فأجزتها (¬2) إن قبضت أو لم تقبض (¬3). وأهل المدينة يجيزونها غير مقبوضة. قيل له: ليست لك حجة في قول أهل المدينة. إن أهل المدينة يجيزون صدقة الرجل على الرجل وإن لم يقبض. فلذلك أجازوا الصدقة الموقوفة وإن لم تقبض (¬4). وأنت لا تجيز صدقة الرجل على الرجل حتى يقبض. فينبغي لك أن لا تجيز (¬5) الصدقة إِلا مقبوضة. فإن أهل المدينة قالوا قولَا واحداً، فأجازوا الصدقة من الرجل على الرجل وإن لم يقبض، فكذلك قالوا في الصدقة الموقوفة، أجازوها وإن لم تقبض (¬6). قال محمد: قد أجاز (¬7) أهل البصرة الصدقة (¬8) الموقوفة، فمن لم يَرَ منهم أن تجوز (¬9) الصدقة الموقوفة للرجل (¬10) على الرجل حتى (¬11) يقبض لم يُجِز الصدقة الموقوفة حتى يقبضها وال (¬12) يقوم بها، يدفعها إليه الذي أوقفها، فيكون قَئما فيها للمساكين. قال محمد بن الحسن: القول في هذا قول واحد، إما أن يجوز كله، وإما أن يبطل كله. فنحن (¬13) نُبطل كله (¬14). قال محمد (¬15): وكذلك الخان. ولو أن رجلاً (¬16) صنع خاناً لمارة الطريق وبناه فلما فرغ منه لم يخل بين الناس وبينه أن ينزلوه حتى بدا له أن يتخذه مسكنًا لنفسه أو يبيعه أو يهبه أو مات قبل أن يأذن للناس (¬17) في نزوله قبل أن ينزلوه كان ميراثاً لورثته. فإذا أذن للناس في نزوله فنزل رجل ¬

_ (¬1) ز: لم يقبض. (¬2) م ز: فأخذتها. (¬3) ز: لم يقبض. (¬4) ز: لم يقبض. (¬5) ز: لا يجيز. (¬6) ز: لم يقبض. (¬7) م ف ز: قد أجازها. (¬8) م ف ز: للصدقة. (¬9) ز: أن يجوز. (¬10) م ف ز: الرجل. (¬11) ف + لم. (¬12) ف: والذي؛ م ز: والي. (¬13) م ز: فيجز. (¬14) ف - فنحن نبطل كله. (¬15) ف + بن الحسن. (¬16) م ف ز + لو. (¬17) م ف ز: الناس.

واحد أو أكثر منه فقد خلى بين الناس وبينه وخرج من يده. فهذا بمنزلة والي الصدقة إذا قبضها من الذي أوقفها. وكذلك لو أن رجلاً جعل أرضاً له مقبرة فهيأها وهدم ما فيها من البناء ولم يأذن للناس أن يدفنوا فيها أو أذن لهم فلم يفعلوا (¬1) حتى مات (¬2) كانت ميراثاً لورثته. وإن شاء قبل أن يدفنوا فيها أن يبيعها أو يهبها فعل. فإن أذن للناس أن يدفنوا فيها فدفن فيها إنسان واحد أو أكثر من ذلك فقد صارت مقبرة للمسلمين ليس له أن يرجع فيها. وكذلك السقاية، لو حفر فيها للمسلمين وجعلها سقاية ولم يأذن لأحد في ذلك ولم يخل بين الناس وبينها حتى بدا له أن يبيعها أو يهبها (¬3) كان ذلك له. وكذلك إن مات كانت ميراثاً لورثته. وإن أذن للناس أن يستقوا منها أو خلى بينهم وبينها فاستقوا منها واستقى منها رجل واحد أو أكثر من ذلك، أو دفع شيئاً من ذلك إلى قيّم يقوم بها للناس، لم يكن له إلى الرجوع في ذلك سبيل بعد الذي صنع. وإن مات لم يكن ذلك ميراثاً. وكذلك لو أن رجلاً بنى أرضاً له مسجداً ولم يأذن لأحد أن يصلّي فيه ولم يخل (¬4) بين الناس وبينه يصلون فيه حتى باعه أو وهبه جاز ما صنع من ذلك. وإن مات كان ميراثاً. أرأيت لو لم يفرغ من بنائه كله حتى بنى بعضه وبقي بعضه ثم مات ألم يكن ميراثاً؟ أو بدا له وقد بنى بعضه أن يرجع فيه ألم يكن له ذلك؟ له أن يفعل ذلك كله. وإن مات كان ميراثاً. وإن بناه وأذن للناس في الصّلاة فيه أو خلى بينهم وبينه يصلون فيه ولم يمنعهم من ذلك فصلوا فيه صلاة واحدة جماعة كما يصلّى في المساجد أو أكثر من صلاة لم يكن له بعد ذلك أن يبيعه ولا يهبه، وإن مات (¬5) لم يكن ميراثاً؛ لأن قبض هذه الأشياء وإخراجها من يدي صاحبها مثل المسجد ¬

_ (¬1) م ف ز + ففعلوا. (¬2) ف: حين مات. (¬3) ز - أو يهبها. (¬4) م ز: يخلي. (¬5) م ز: ولا يهبو إن مات.

باب الصدقة الموقوفة فيما كان غير مقسوم

والخان والمقبرة ونحو ذلك إنما يكون بهذا (¬1) وشبهه (¬2). وإنما يكون قبضه وإخراجه من يده بمثل هذا. فإذا كان فيه بعض ما وصفت لك خرج من ملكه وصار لله على ما جعله. ... باب الصدقة الموقوفة فيما كان غير مقسوم قال محمد: لو أن رجلاً كان له نصف أرض من مشاع غير مقسوم، فجعلها صدقة موقوفة، فحبس أصله لا يباع ولا يوهب ولا يورث ولا يخرج إلى ملك أحد، وجعل غلته للفقراء والمساكين، فدفعه إلى وال (¬3) يقوم بذلك، وخلى بين الناس وبينه، لم تجز (¬4) هذه الصدقة، وكان لصاحبها أن يرجع فيها إذا شاء أن يبطل (¬5) هذه الصدقة؛ لأن الصدقة لا تجوز (¬6) إِلا فيما كان مقسومأ محوزاً (¬7) محدوداً. وكذلك لو جعك نصف دار له سكنى لمساكين أو لحاج بيت الله تعالى وللغزاة في سبيل الله، فيدفع (¬8) ذلك إلى وال (¬9) يقوم به ويُسْكِنه (¬10) من رأى إسكانه، ونصف ذلك مشاع غير مقسوم، لم يجز شيء من هذه؛ لأن الصدقة لا تجوز (¬11) إِلا محوزة (¬12) مقبوضة. وكذلك كل شيء يقسم فهو بمنزلة هذا، لا تجوز (¬13) فيه الصدقة إِلا محوزة (¬14) مقسومة. ألا ترى أن رجلَا لو تصدق على رجل بنصف أرض له مشاع غير مقسوم ودفعه إليه لم يجز ذلك. وكذلك الصدقة الموقوفة. ¬

_ (¬1) م ز: لهذا. (¬2) ف: أو شبهه. (¬3) م ز: إلى والي. (¬4) ز: لم يجز. (¬5) م ف ز: أو تبطل. (¬6) ز: لا يجوز. (¬7) م ف: محرراً؛ ز: محرزاً. (¬8) ف: فدفع. (¬9) م ز: إلى والي. (¬10) ز: وسكنه. (¬11) ز: لا يجوز. (¬12) م ز: إِلا مجوزة. (¬13) ز: لا يجوز. (¬14) م ز: إِلا مجوزة.

وكل شيء لا تجوز (¬1) فيه صدقة الرجل على الرجل لأنه غير مقسوم أو لأنه غير مقبوض لم تجز (¬2) فيه الصدقة الموقوفة. وكذلك الخان والمقبرة والمسجد والسقاية ونحو (¬3) ذلك. وكذلك لو أن رجلاً جعل نصف أرض له مشاعاً (¬4) غير مقسوم لشيء من هذه الأشياء لم يجز. وكذلك لو جعل (¬5) أرضأ له مقبرة فقبر الناس فيها، أو جعل أرضاً له خانأ فبناها فنزل فيه الناس، أو جعل أرضاً له مسجداً وبناه وصلَّى الناس فيه زماناً طويلًا، أو جعل داراً له سكنى لحاج بيت الله تعالى وللغزاة في سبيل الله وللمساكين فدفعها إلى قيّم يقوم بها، أو جعل أرضأ له صدقة موقوفة يتصدق بغلتها ودفع ذلك إلى قيم يقوم بها وقسم غلتها زماناً طويلًا، ثم إن رجلاً أقام البينة أن (¬6) له في تلك الدار (¬7) شِقْصاً (¬8) مشاعاً غير مقسوم ثلثأ أو ربعأ أو سهماً من مائة سهم، فاستحق ذلك رجل وقضي له به، بطل ما بقي من ذلك من الصدقة والخان والمقبرة والسقاية والمسجد، ورجع إلى صاحبه الذي جعله، فكان له أن يبيعه ويهبه ويصنع به ما أحب. فإن كان قد مات ثم استُحِق ذلك الشِّقْص بعد موته كان ما بقي من الصدقة والمقبرة والخان والمسجد ميراثاً لورثته يصنعون به ما أحبوا، لأنه يوم تصدق به وجعله لله لم يكن يملك منه إِلا شيئاً مشاعاً غير مقسوم، وذلك لا تجوز (¬9) فيه الصدقة ولا شيء من هذه الأشياء التي وصفت لك من الخان والمقبرة وغيرها. ألا ترى لو أن رجلاً تصدق بدار أو أرض فقبضها المتصدق بها عليه كانت الصدقة جائزة، فإن استحق رجل منها نصيبأ غير مقسوم مشاعاً في جميعها بطلت الصدقة ورجعت إلى صاحبها. فكذلك الصدقة الموقوفة هي بمنزلة هذه الصدقة في جميع ما وصفت لك. ¬

_ (¬1) ز: لا يجوز. (¬2) ز: لم يجز. (¬3) م ز: ويجوز. (¬4) م ز: مشاع. (¬5) م: لم جعل، ز: لم يجعل. (¬6) م ز - أن. (¬7) ز + قسطاً. (¬8) م ف: قسطاً؛ م هـ: شقصاً. (¬9) ز: لا يجوز.

ولو أن رجلاً جعل أرضاً له صدقة موقوفة أو جعلها خاناً أو مقبرةً أو سقاية أو مسجداً أو سكنى (¬1) للمساكين أو لحاج بيت الله تعالى أو للمعتمرين أو للغزاة في سبيل الله تعالى، وقبضها الوالي لها، وخلى بين الناس وبينها، فمكثوا على هذا زماناً طويلًا، ثم إن رجلاً استحق منها نصيباً مقسوماً على حدة فقُضِيَ (¬2) له به لم يُبْطِل ذلك ما بقي من الصدقة وغيرها؛ لأن الذي استُحق من ذلك مقسوم، فيكون له ما استُحق من ذلك، ويُترَك ما بقي من الأرض على ما جعلها عليه صاحبها من الصدقة والخان والمقبرة. ولا يشبه هذا الوجه الأول؛ لأن هذا استَحق منه شيئاً معلوماً مقسوماً، والذي بقي مقسوم معلوم، فهو لو (¬3) تصدق بالذي بقي خاصّة أول مرّة جاز ذلك له، فكذلك إذا استحق بعضه مقسوماً بعدما تصدق به. وإذا استحق منه شيئاً مشاعاً غير مقسوم بطل ما بقي؛ لأنه لو كان تصدق به أول مرّة (¬4) ببعض الأرض مشاعاً (¬5) غير مقسوم على بعض هذه الوجوه التي وصفت لك لم يجز ذلك. فلهذا افترقا. وكذلك لو أن رجلاً له أرض كاملة جعل نصفها مشاعاً غير مقسوم صدقة للمساكين وأخرجها من يده ودفع الأرض كلها إلى وال (¬6) يقوم بها لم يجز ما صنع من ذلك، وكان له أن يرجع فيها (¬7). وتكون (¬8) ميراثاً لورثته (¬9) إن مات قبل أن يرجع فيها (¬10)؛ لأن الصدقة لا تجوز (¬11) في شيء غير مقسوم. ولو كان جعل نصفها محدوداً مقسوماً صدقة على بعض ما وصفت لك ودفع ذلك إلى وال (¬12) وأخرج من يده أو دفع الأرض كلها جازت الصدقة فيما صنع من ذلك. ألا ترى لو أن رجلَا تصدق على رجل بأرض (¬13) ¬

_ (¬1) م ز: وسكنى. (¬2) م ز: فقضا. (¬3) ف: له. (¬4) ز - مرة. (¬5) م ز: مشاع. (¬6) م ز: إلى والي. (¬7) م ز: فيه. (¬8) ز: ويكون. (¬9) م ز - لورثته. (¬10) م ز: فيه. (¬11) ز: لا يجوز. (¬12) م ز: إلى والي. (¬13) ف - بأرض.

باب الصدقة الموقوفة تكون بين الرجلين ونصيبهما مشاع غير مقسوم أو تكون من واحد فيتصدق بها في أمرين مختلفين

له وقبضها المتصدق عليه بها فاستحق مستحق منها نصيباً محوزاً مقسوماً فقضى له به القاضي جازت الصدقة للمتصدق عليه فيما بقي، ولم يُبطل ذلك ما استحق المستحق منها. فكذلك الصدقة الموقوفة هي بمنزلة هذه الصدقة في كل ما يجوز منها. ... باب الصدقة الموقوفة تكون (¬1) بين الرجلين ونصيبهما مشاع (¬2) غير مقسوم أو تكون (¬3) من واحد فيتصدق بها في أمرين مختلفين وإذا كانت الأرض لرجلين فتصدقا بها (¬4) صدقة موقوفة على بعض الوجوه التي وصفت لك ودفعاها إلى وال (¬5) يقوم بها كان ذلك جائزاً؛ لأن الصدقة مقسومة معلومة لا يبطلها كثرة أهلها الذين تصدقوا بها. ولو (¬6) تفرقت صدقتهما فتصدق كل واحد منهما ببعضها مشاعاً غير مقسوم صدقة موقوفة على حدة لم تجز هذه الصدقة؛ لأنهما صدقتان متفرقتان كل واحدة منهما غير مقسومة ولا محدودة، فلا يجوز ذلك. وإن تصدقا بها صدقة واحدة جازت؛ لأنها صدقة واحدة محوزة (¬7) محدودة. ألا ترى أنهما لو تصدقا على رجل واحد بأرض بينهما لكل واحد منهما نصفها مشاعاً غير مقسوم فتصدقا بها عليه صدقة واحدة وقبضها (¬8) منهما جاز ذلك. ولو تصدق كل واحد بنصفه مشاعاً غير مقسوم على رجل وقبض منه صدقته، ثم تصدق (¬9) عليه الآخر بالنصف الآخر وقبض منه صدقته، لم تجز (¬10) هذه الصدقة، لأنهما تصدقا بصدقتين غير مقسومتين ولا محدودتين. ¬

_ (¬1) ز: يكون. (¬2) م ز: مشاعاً. (¬3) ز: أو يكون. (¬4) ف + في. (¬5) م ز: إلى والي. (¬6) م ز: ولم. (¬7) م ز: مجوزة. (¬8) ف: وقبضا. (¬9) ز: ثم يصدق. (¬10) ز: لم يجز.

فكذلك (¬1) الصدقة الموقوفة. ولو أن أرضاً بين رجلين غير مقسومة، فتصدق كل واحد منهما بنصفه صدقة موقوفة على المساكين، وجعل الوالي لذلك رجلاً واحداً، ودفعها إليه ذلك جميعاً، أو أمره بقبض الأرض، جازت هذه الصدقة؛ لأنها إنما تتم (¬2) بقبض الوالي لها. ولو جعل كل واحد منهما والياً في (¬3) نصيبه على حدة وتصدقا بها (¬4) صدقة واحدة ودفعاها إلى الواليين (¬5) جميعاً معاً لم تجز (¬6) الصدقة. وكذلك لو تصدق كل واحد منهما بنصيبه على حدة ودفعه إلى رجل على حدة لم يجز شيء من ذلك؛ لأن هاتين صدقتان متفرقتان وإن سمياها صدقة واحدة؛ لأن كل واحد منهما قد جعل صدقته على حدة في نصيبه مشاعا غير مقسوم. فإن قال قائل: كيف لم تجز (¬7) الصدقة إذا تصدقا (¬8) بها جميعاً صدقة واحدة ودفعاها إلى واليين يقومان فيها، يقوم كل واحد منهما في نصيب أحدهما دون نصيب الآخر، وهذه صدقة واحدة؟ قيل له: ليست هذه بصدقة واحدة. إنما هما صدقتان متفرقتان؛ لأن الواليين (¬9) متفرقان، كل واحد منهما في نصيب مشاع على حدة، فإذا تفرق الواليان بطلت الصدقة. ألا ترى أن رجلين (¬10) تكون بينهما الأرض فيتصدقان بها صدقة واحدة على رجلين متفرقين (¬11)، لأحدهما نصيب هذا المتصدق خاصّة دون نصيب الآخر، وللرجل الآخر نصيب هذا المتصدق دون نصيب الأول، فتكون (¬12) هذه الصدقة باطلة؛ لأن المتصدقين (¬13) اثنان، وتصدقا على رجلين كل واحد منهما له نصيب أحدهما دون نصيب الآخر، فهاتان ¬

_ (¬1) ف: وكذلك. (¬2) ز: لأنهما إنما يتم. (¬3) م ز: والباقي. (¬4) م ز: وتصدقاها. (¬5) م ف ز: إلى الوليين. (¬6) ز: لم يجز. (¬7) ز: لم يجز. (¬8) م ف: إذ تصدقا. (¬9) م ف ز: الوليان. (¬10) م ز: أن رجلان. (¬11) ز: متفرقتين. (¬12) ز: فيكون. (¬13) م ز: المتصدقان.

الصدقتان متفرقتان. فكذلك الصدقة الموقوفة. ولو أن رجلين تصدقا (¬1) على رجل بدار لهما وأرض (¬2)، فوكّل المتصدَّقُ عليه رجلين (¬3) يقبضانها، ووكّل كلُّ واحد منهما بقبض نصيب أحد الرجلين دون نصيب الآخر، فقبضا (¬4) ذلك جميعاً معاً، فالصدقة جائزة وإن كان الوكيلان اثنين (¬5)؛ لأنهما يقبضان لإنسان واحد بأمره، فكأن يدهما يد واحدة، وكأنه هو الذي قبض. ولو أن المتصدقين بالصدقة الموقوفة تصدق كل واحد منهما بنصيبه على حدة، وجعل الوالي لذلك إنساناً (¬6) على حدة، فدفعا صدقتهما إليهما جميعاً معاً، أو فى دفع أحدهما إلى وكيله أول مرّة ودفع الآخر إلى وكيله بعد ذلك، لم تجز (¬7) هذه الصدقة. وإن تصدقا بها صدقة واحدة ثم دفع أحدهما إلى وكيله ودفع الآخر بعد ذلك إلى ذلك الوكيل جازت الصدقة. ولو أن رجلين بينهما أرض تصدق كل واحد منهما بنصفه صدقة موقوفة على حدة ووكّلا فيها رجلاً واحداً فقبض نصيبهما مجتمعًا أو متفرقًا كانت الصدقة لهما جائزة، ولهما أن يمنعاه ويرجعا في ذلك ما لم يقبضها كلها. فإن كان قبض نصيب أحدهما ولم يقبض نصيب الآخر حتى أراد الذي قبض نصيبه أن يرجع فله ذلك. فإن باع نصيبه وهو في يدي الوكيل فبيعه جائز. وإن لم يبع نصيبه ولم يرجع فيه حتى مات قبل أن يقبض الوكيل نصيب الآخر بعد ذلك بأمر صاحبه فقبضه باطل، والصدقة مردودة على أهلها. وأما نصيب الأول فميراث لورثته. وأما نصيب الآخر فمردود عليه؛ لأن الصدقة لا تجوز حتى تقبض (¬8) كلها، فلما مات أحدهما قبل أن يقبض كلها بطلت الصدقة، لأن الصدقة لا تجوز (¬9) إلا مقسومة مقبوضة، يقبضها الوالي لها قبل أن يموت اللذان تصدقا (¬10) بها. ¬

_ (¬1) م ز: أن رجلان تصدقان. (¬2) م ز: أو أرض. (¬3) م ز: رجلان. (¬4) ز: فقضا. (¬5) م ز: اثنان. (¬6) م ز: إنسان. (¬7) ز: لم يجز. (¬8) ز: لا يجوز حتى يقبض. (¬9) ز: لا يجوز. (¬10) م ز: تصدق.

ولو أن رجلين تصدقا بأرض بينهما نصفين (¬1) غير مقسومة على رجل وأمراه بقبضها (¬2)، فوَكَّلَ رجلين بقبضها (¬3) وكُلّ واحد من الرجلين يقبض نصيب أحدهما دون نصيب الآخر، فقبضاها جميعاً معاً أو قبضاها متفرقين، جازت الصدقة. وإن قبض أحد الوكيلين النصيب الذي وكل بقبضه ولم يقبض الآخر حتى أراد الذي تصدق بالنصيب المقبوض الرجوع في نصيبه فله أن يرجع فيه. وإنَّما تتم (¬4) الصدقة بقبض الوكيل الآخر. ولو أراد أحد المتصدقين أن يرجع في نصيبه بعد قبض الوكيلين وقد قبضا ذلك واحداً (¬5)، وقد كانت صدقة الرجلين للرجل بالأرض واحداً (¬6) بعد واحد، فتصدق كل واحد منهما بنصف غلته (¬7) وأذن له بقبضها، أو كانت الصدقة منهما جميعاً معاً، فالصدقة جائزة في ذلك كله، وليس لواحد من المتصدقين أن يرجع في شيء من هذه الصدقة. ولا يضر المتصدَّق عليه قَبَضَ الوكيلان الأرض جميعاً أو متفرقين. إذا كمل قبضهما جازت الصدقة متفرقين (¬8) قبضاها أو مجتمعين. ولو كان أحدهما تصدق (¬9) عليه بنصيبه وهو النصف وأمره بقبضه (¬10) فوكل من يقبضه فقبضه، ثم تصدق (¬11) عليه الآخر بنصيبه وأمره بقبضه فوكّل من يقبضه (¬12) فقبضه، فكان الوكيل (¬13) الثّاني هو الوكيل الأول (¬14) أو كان (¬15) وكيلاً غير الأول فذلك (¬16) سواء، ولا تجوز هذه الصدقة لا في النصف الأول ولا في النصف الآخرَ؛ لأن الصدقة الأولى قبضت وهي غير جائزة، فلا تجوز (¬17) أبداً، وقبضت الثانية وهي غير جائزة، فلا تجوز (¬18) أيضاً أبداً. وإن كان كل واحد منهما تصدق ¬

_ (¬1) ز: بصفين. (¬2) ز: يقبضها. (¬3) ز: يقبضها. (¬4) ز: يتم. (¬5) م ز: واحد؛ ف - واحداً. (¬6) م ز: واحد. (¬7) كذا في م ف ز. (¬8) م ز: متفرقتين. (¬9) ز: يصدق. (¬10) يقبضه. (¬11) ز: ثم يصدق. (¬12) م ز: من قبضه. (¬13) م ف ز: وكيل. (¬14) م ز: للأول. (¬15) م ف ز: وكان. (¬16) ف: فكذلك. (¬17) ز: يجوز. (¬18) ز: يجوز.

عليه بنصيبه وهو النصف جميعاً معاً أو متفرقين وأمراه (¬1) بقبضه، فوكّل رجلَا بقبض نصيب كل واحد منهما، أو وكل رجلين كلَّ واحد منهما بقبض نصيب أحدهما دون نصيب الآخر، فقبض ذلك وكيله أو وكيلاه جميعاً أو متفرقًا، جازت الصدقة، ولا تجوز (¬2) الصدقة حتى يقبض الأرض كلها. ولا يشبه هذا الوجه الأول؛ لأن الوجه الأول تصدق أحدهما وأمر بالقبض فقبض الوكيل قبل صدقة الثّاني، فهاتان لا تكونان (¬3) صدقة واحدة أبداً، فلذلك بطلت. وهذا الوجه تصدق أحدهما بنصيبه ولم يقبض حتى تصدق الآخر بنصيبه ثم أمره بالقبض، فكأنها صدقة واحدة؛ فإن قبضت متفرقة أو مجتمعة إِلا أن القبض كمل فيها كلها جازت الصدقة؛ لأن الصدقة لا تتم (¬4) إِلا بالقبض. فإذا لم يقبض الصدقة الأولى حتى تصدق (¬5) عليه بالنصف الثّاني كانت صدقة واحدة. وإذا تصدق عليه بالنصف الأول وقبضه فقد تمت (¬6) الصدقة فلم يبق منها شيء، فقد صارت غير جائزة لأنها غير مقسومة، ولا تجوز (¬7) صدقة (¬8) أخرى أحدثت (¬9) بعدها. فهذا فرق ما بينهما. وإذا كانت أرض بين رجلين غير مقسومة فتصدقا بها صدقة موقوفة للفقراء والمساكين صدقة واحدة، أو تصدقا بها واحداً (¬10) بعد واحد وجعل كل واحد منهما والياً على حدة في نصيبه دون نصيب صاحبه، وأذنا لهما في القبض فقبضاهما جميعاً معاً أو واحداً (¬11) بعد واحد، لم تجز (¬12) هذه الصدقة أبداً حتى يجعل الوالي لها واحداً، أو يجعلا والبين لها في النصيبين جميعاً، يكون كل واحد منهما والياً للنصيبين جميعاً. فإن فعلا هذا وقبض الوالي أو الواليان الصدقة على هذا جازت الصدقة. فأما أن ¬

_ (¬1) ف: وأمره. (¬2) ز: يجوز. (¬3) ز: لا يكونان. (¬4) ز: لا يتم. (¬5) ز: يصدق. (¬6) ف: تبت (مهملة). (¬7) ز: يجوز. (¬8) م ز: بصدقة. (¬9) ز: احديث. (¬10) م ز: واحد. (¬11) م ز: أو واحد. (¬12) ز: لم يجز.

يجعل كل واحد منهما والياً على حدة في نصيبه دون نصيب صاحبه فإن هذا لا يجوز. فإن قال قائل: كيف لا يجوز هذا وإنما جعل هذا لله تعالى في الفقراء والمساكين، وإنما الواليان بمنزلة الوكيلين، فلا يجوز هذا كما جاز الذي وصفت قبله من الرجل الذي يتصدق عليه الرجلان بالصدقة فيوكل كل واحد منهما بقبض نصيب أحدهما دون نصيب صاحبه؟ قيل له: لا يشبه وكيلا الصدقة الموقوفة وكيل الرجل المتصدق عليه؛ لأن الرجل المتصدق عليه إنما جازت وكالة وكيله بأمره فكأن يدهما يده، فصارت أيديهما كيد واحدة قبضت، وإن وكيلي الصدقة الموقوفة إنما جعلهما وكيلين فيها للفقراء والمساكين المتصدقان (¬1)، والمتصدقان لا يجوز قبضهما للمساكين، فصارا وكيلا (¬2) الصدقة الموقوفة كانهما رجلان تُصدق عليهما بالأرض؛ لأن وكالتهما لم تكن (¬3) بوكالة رجل تُصدق عليه بالأرض. ولو قبضها جاز قبضه. فيكون قبضهما فإنه قبضه. إنما جازت وكالتهما بقبضهما دون قبض غيرهما. فلا يستقيم أن يكون قبضهما قبضًا واحداً وهي لم تجز (¬4) بوكالة واحد. وإن المتصدق عليه بالأرض إذا وكل رجلين كما وصفنا إنما جاز ما صنعا بوكالته، فكانه هو الذي قبض. وإن وكيلي الصدقة الموقوفة إنما جازت وكالتهما بما وكلهما به المتصدقان، وهما رجلان متفرقان، فصار ذلك بمنزلة رجلين تصدقا بأرض لهما على رجلين متفرقين، وتصدق (¬5) كل واحد منهما على أحدهما دون الآخر بنصيبه، فقبض الرجلان المتصدق عليهما ذلك (¬6)، وأَمَّر كل واحد منهما ما تصدق به عليه، أو أَمَّر بذلك رجلاً واحداً، فقبض الوكلاء ما أُمروا. فهذه الصدقات كلها باطل؛ لأن كل واحد منهما تصدق بنصيبه على رجل على حدة، فهذه لا تكون (¬7) ¬

_ (¬1) م ز: المتصدقين. (¬2) على لغة أكلوني البراغيث. (¬3) ز: لم يكن. (¬4) ز: لم يجز. (¬5) ز: ويصدق. (¬6) ف: بذلك. (¬7) ز: لا يكون.

صدقة واحدة أبداً، ولا تجوز (¬1) فيه الصدقة أبداً. فكذلك الصدقة الموقوفة إذا تصدق بها الرجلان كما وصفت لك وجعل كل واحد منهما والياً في (¬2) نصيبه دون نصيب صاحبه لم تكن (¬3) هذه صدقة جائزة أبداً حتى يجعل الوالي لها واحداً أو يجعلان اثنان أو ثلاثة أو أربعة لجميع الصدقة ولا تفرق (¬4) الصدقة. فيكون ذلك جائزاً بمنزلة الرجلين يتصدقان (¬5) على رجلين (¬6) بأرض لهما أو يتصدق (¬7) كل واحد منهما بنصيبه عليهما جميعاً وقبضا ذلك متفرقأ أو مجتمعًا أو وكلا به فالصدقة جائزة؛ لأنها صدقة واحدة. فكذلك الوكالة في الصدقة الموقوفة. وإذا كانت الأرض لرجل واحد أو لرجلين متفرقين فتصدقا (¬8) بها صدقة موقوفة وجعلا الوالي لها (¬9) واحداً وأمراه بقبضها (¬10) فقبضها، وجعل أحدهما نصيبه وقفأ على ولده وولد ولده أبداً ما تناسلوا فإذا انقرضوا كانت غلتها للمساكين، وجعل الآخر نصيبه وقفًا على إخوته وأهل بيته فإذا انقرضوا كانت غلتها في الحج يحج عنه بها في كل سنة، أو كان (¬11) المتصدق واحداً فجعل نصف الأرض مشاعاً غير مقسوم على الأمر الأول، وجعل النصف (¬12) الآخر على الأمر الثّاني، فذلك جائز؛ لأنها صدقة واحدة فقبضها وال (¬13) واحد فلا يضرهم على أي وجه فرقوا غلتها. فأما قول أبي يوسف في هذا كله: فإنه ينبغي له أن يجيز ذلك كله (¬14) في جميع هذه الوجوه؛ لأنه يجيز الصدقة الموقوفة غير مقبوضة. فمن ¬

_ (¬1): يجوز. (¬2) ز: والباقي. (¬3): لم يكن. (¬4) ز: يفرق. (¬5) ز: يتصدقا. (¬6) ف: على رجل. (¬7) م ز: أو تصدق. (¬8) ز: فيصدقا. (¬9) ز: فلها. (¬10) م ز: يقبضها. (¬11) م ف ز: وكان. وقد ورد صحيحاً في الكافي، 1/ 145 ظ؛ والمبسوط، 11/ 40. (¬12) ف ز: نصف. (¬13) م ز: والي. (¬14) ز: كل.

أجازها غير مقبوضة أجازها غير مقسومة؛ لأنها إنما بطلت بقسمتها قبل قبضها (¬1). ¬

_ (¬1) م + آخر كتاب صدقة الوقف (كذا) والحمد لله رب العالمين وصلواته على محمد وآله كتبه أبو بكر بن أحمد بن محمد الطلحي الإصفهاني في شهر جمادى الآخر سنة تسع وثلاثين وستمائة؛ ف + آخر كتاب صدقة الوقف (كذا) والحمد لله رب العالمين وصلَّى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين وسلَّم تسليماً كثيراً.

كتاب الغصب

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب الغصب أبو سليمان عن محمد بن الحسن قال: حدّثنا أبو يوسف عن الأشعث بن سوار عن محمد بن سيرين عن شريح أنه قال: من كسر عصا فهي له وعليه قيمتها (¬2). محمد عن أبي يوسف عن عطاء بن السائب عن أبي البَخْتَرِي: أن أعرابياً أتى عثمان بن عفان فقال له: إن بني عمك عَدَوْا على إبلي فقطعوا ألبانها وأكلوا فصلانها. فقال عثمان: إذاً نعطيك (¬3) إبلاً مثل إبلك وفصلاناً مثل فصلانك. قال: إذاً تنقطع (¬4) ألبانها وتموت فصلانها حتى تبلغ (¬5) وَادِيَّ. ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) قال الحاكم: عن ابن سيرين عن شريح قال: من كسر عصاً فهي له، وعليه مثلها. وعن الحكم عن شريح قال: هي له، وعليه قيمتها. انظر: الكافي، 1/ 132 ظ؛ والمبسوط، 1/ 511. وروي عن ابن سيرين قال: اختصم إلى شريح في رجل ساوم بقوس على أن ينزع، فنزع بها، فانكسرت. فقال شريح: من كسر عودًا فهو له وعليه مثله. قال: إن صاحبها قد أذن. فقال شريح: إِلا أن يأذن. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 223؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 7/ 302. (¬3) ز: يعطيك. (¬4) ز: ينقطع. (¬5) ز: يبلغ.

قال: فغَمَزَه (¬1) بعض القوم لعبد الله بن مسعود. فقال: بيني وبينك عبد الله بن مسعود. فقال عثمان: نعم. فقال عبد الله بن مسعود: أرى أن يأتي واديه فيعطى ثَمّ إبلاً مثل إبله وفصلاناً مثل فصلانه. فرضي بذلك عثمان وأعطاه (¬2). محمد عن أبي يوسف عن السَّرِيّ (¬3) بن إسماعيل عن عامر عن شريح: أن رجلاً مسلماً كسر دنَّا من خمر لرجل من أهل الذمة، فضمّنه شريح قيمة الخمر. قلت: أرأيت الرجل يغصب الرجل الجارية وهي تساوي ألف درهم، فزادت عنده حتى صارت تساوي ألفين، ثم إنّه باعها وهي تساوي ألفي درهم، فجاء رب الجارية فخاصم فيها الغاصب البائع، وقد هلكت الجارية عند المشتري، وليس يقدر على المشتري ما على الغاصب؟ قال: عليه ألفا درهم قيمتها يوم باعها، ويضمن الزيادة؛ لأنه باعها. قلت: أرأيت إن قدر على المشتري الذي ماتت عنده وأراد أن يضمّنه، [و] قال: لا أضمّن الأول شيئاً، كم كان يضمّنه؟ قال: يضمّنه ألفي درهم يوم قبضها المشتري (¬4) وهي تساوي ذلك، فكان شراؤه إياها وقبضه استهلاكاً منه. ألا ترى أن الغاصب (¬5) لو قتلها (¬6) ضمن ألفي درهم، فكذلك إذا باعها فهلكت بذلك البيع. أوَلا ترى أن المشتري لو قتلها (¬7) ضمن ألفي درهم؟ فكذلك إذا اشتراها فهلكت عنده. قلت: فإن ولدت عند البائع فباعها وباع الولد فهلكا جميعاً أيضمن قيمتها وقيمة الولد؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يبعها (¬8) ولكنها ماتت عنده ¬

_ (¬1) أي: أشار بعينه له. انظر: المغرب، "غمز +. (¬2) رواه الإمام الشافعي عن الإمام محمد بن الحسن به. انظر: الأم للإمام الشافعي، 3/ 121؛ والسنن الكبرى للبيهقى، 6/ 22. (¬3) ز: عن الشري. (¬4) ف: للمشتري. (¬5) م ف ز: أن المشتري. والتصحيح مستفاد من الكافي، 1/ 132 ظ. أنها المشتري فيذكره في الجملة الآتية. (¬6) ف ز: لو قبلها. (¬7) ز: لو قبلها. (¬8) ز: فإن علم بيعها.

بعدما ولدت ومات الولد ما عليه من الضمان؟ قال: عليه قيمة الأم (¬1) يوم (¬2) غصبها، ولا أضمنه الزيادة. فكذلك الولد إنما هو زيادة، فلا أضمنه الزيادة إِلا أن يستهلكه. قلت: فلو مات الولد وبقيت الأم ما القول في ذلك؟ قال: يأخذ رب الجارية جاريته، ويضمن الغاصب ما نقصتها (¬3) الولادة، ولا يضمن قيمة الولد. قلت: فإن كان الولد حياً أيكون لمولى الجارية أن يأخذ الولد مع الجارية؟ قال: نعم. قلت: أرأيت ما نقصها (¬4) أيأخذه مع الولد؟ قال: إن كان في الولد وفاء بذلك النقصان وإلا (¬5) أخذ الولد، وأخذ فضل ما بقي من قيمة النقصان مع الولد. قلت: أرأيت إن جاء رب الجارية فادعى الجارية وأقام شاهداً بالغصب وشاهدًا (¬6) آخر على إقرار الغاصب بأنها جاريته؟ أقال:، فلا يجوز أيضاً؛ لأنهما قد اختلفا. قلت: أرأيت إن شهد له شاهد آخر أنها (¬7) جاريته غصبها إياه وأقام شاهداً آخر أنها جاريته ولم يقل: غصبها؟ قال: شهادتهما جائزة وأقضي بها له؛ لانهصا قد أجمعا على الشهادة أنها جاريته. قلت: أرأيت إن شهد له شاهد أنها جاريته وشهد له آخر أنها كانت جاريته؟ قال: أقضي له بها أيضاً، إذا كانت جاريته فهي له أبداً حتى تخرج من يديه (¬8) بحق. قلت: فإن شهد له شاهد أنها جاريته اشتراها من فلان وشهد آخر أنها جاريته ورثها عن أبيه؟ قال: قد اختلف الشاهدان، فلا أقضي بشهادتهما. قلت: فإن شهد أحدهما على شراء وشهد الآخر على هبة أو صدقة أو شراء من رجل آخر؟ قال: هذا كله باطل. قلت: أرأيت إن أقام (¬9) شاهدين فشهدا أنها جاريته غصبها هذا إياه وقد باعها الغاصب من رجل فسلم رب الجارية البيع أيجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: فإن كان الغاصب قد قبض الثمن فهلك عنده ما لرب الجارية؟ قال: لا شيء عليه، وإنما هلك من مال رب الجارية. قلت: ¬

_ (¬1) ز: الأمم. (¬2) ز - يوم. (¬3) ز: ما يقبضها. (¬4) ز: ما نقضها. (¬5) م - وإلا، صح هـ. (¬6) م - بالغصب وشاهداً، صح هـ. (¬7) م ز: انا. (¬8) ز: يخرج من يده. (¬9) م: إن قام.

لمَ؟ قال: لأنه سلم بيع الغاصب، فصار الغاصب وكيلاً له، وأما (¬1) في قبض الثمن فإذا هلك الثمن فلا ضمان عليه. قلت: فإن كانت الجارية قد ولدت عند المشتري من بعدما اشتراها، أو ازدادت خيراً أو كسبت مالاً أو وُهبت له هبة أو تُصدق عليها بصدقة أيكون ذلك كله للمشتري؟ قال: نعم؛ لأن رب الجارية قد سلم البيع. قلت: فإن كان المشتري قد أعتقها ثم سلم رب الجارية البيع أيجوز عتقه؟ قال: نعم. أما في القياس فلا يجوز؛ لأنه أعتق ما لا يملك. وأما في الاستحسان فإن عتقه جائز. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: لا يجوز عتقه (¬2). قلت: فإن كانت الجارية قد ماتت عند المشتري ثم جاء رب الجارية فأجاز البيع بعد موتها هل يجوز البيع؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنها قد هلكت قبل أن يجيز. وإنما يقع البيع يوم يجيز لأن الإجازة في الانتهاء كالإذن في الابتداء. وإن شئت قلت: الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة. فإذا كانت قد ماتت أو استهلكها فلم يقدر عليها بعد ذلك لم يقع البيع. قلت: فإن كان إنسان فقأ عينها فأخذ المشتري أرش العين ثم جاء رب الجارية فأجاز البيع أيكون هذا بمنزلة (¬3) ولد ولدته أو زيادة زادت في بدنها؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يكن رب الجارية أجاز البيع وقد ولدت ولداً أو كسبت مالاً أو وهبت لها هبة أو فقأ رجل عينها فأخذ المشتري أرش العين ثم جاء ذلك فلم يجز البيع، هل يكون ذلك كله لرب الجارية يأخذه؟ قال: نعم. قلت: لمَ؟ قال: لأنها جاريته. قلت: فإن لم يقم رب الجارية البينة على الغاصب بأنها جاريته ولكن الغاصب أقر أنها جارية المدعي بعدما باعها ما لرب الجارية على ¬

_ (¬1) م ز: وأمينا. (¬2) قال الحاكم: قال أبو سليمان: هذه رواية محمد عن أبي يوسف. ونحن سمعنا من أبي يوسف أنه لا يجوز عتقه. انظر: الكافي، 1/ 132 ظ. وقال السرخسي: هكذا يرويه محمد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة. قال أبو سليمان: وكنا سمعنا من أبي يوسف روايته عن أبي حنيفة أنه لا ينفذ عتقه. انظر: المبسوط، 11/ 63. فزاد السرخسي "أبا حنيفة" مع أنه غير موجود في الكافي. وما في الكافي موافق لما في الأصل هنا. (¬3) م ف: بمنزل.

الغاصب؟ قال: على الغاصب قيمة الجارية، ولا يصدق الغاصب على المشتري أنها جارية هذا. قلت: أرأيت إن اغتصب الرجل من رجل جارية فباعها ثم إن الغاصب اشتراها من مولاها هل يجوز بيع الغاصب الأول؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه باعها قبل أن يشتريها من مولاها، فكان بيعه حين باع وهو لا يملكها. قلت: فشراء الغاصب من مولى الجارية جائز؟ قال: نعم. قلت: فإن اشتراها من مولاها ثم باعها من المشتري بيعاً مستقبلاً هل يجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو أن مولى الجارية وهبها له أو تصدق بها عليه؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو ورثها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يغصب الرجل الجارية فأقام المغصوب منه الجارية البينة أنه غصبه جارية له ما يصنع به؟ قال: يحبس، ويؤخذ بها حتى يجيء بها ويردها إلى صاحبها. قلت: فإن قال الغاصب: قد ماتت الجارية أو بعتها ولست أقدر عليها؟ قال: أنظر في ذلك وأتلوم، فإن لم يقدر على الجارية أمرت صاحبها أن يأتي بالبينة على قيمتها، فإن جاء بالبينة قضيت (¬1) له بالقيمة على الغاصب. قلت: فإن لم تكن (¬2) له بينة على القيمة وادعى دعوى فقال: قيمته كذا وكذا، وقال: الغاصب بل قيمتها كذا وكذا، بأقل مما قال المغصوب منه؟ قال: القول قول الغاصب مع يمينه. قلت: فإن كان الغاصب لم يحلف على ذلك، ثم إن رب الجارية قدر عليها بعد ذلك، هل لصاحبها عليها سبيل؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنه قد أخذ القيمة. قلت: فتكون (¬3) الجارية للغاصب؟ قال: نعم، هي للغاصب يصنع بها ما بدا له. قلت: فإن كان الغاصب حين ادعى رب الجارية أن قيمتها كذا وكذا وحَلَفَ على ذلك بأن قيمتها كذا وكذا ربُّ الجارية حلف (¬4) على قيمتها التي ادعى رب الجارية (¬5) ثم قدر رب الجارية ¬

_ (¬1) ز: قضت. (¬2) ز: لم يكن. (¬3) ز: فيكون. (¬4) م ز: وحلف. (¬5) ف - وحلف على قيمتها التي ادعى رب الجارية.

على الجارية؟ قال: رب الجارية بالخيار، إن شاء ترك الجارية وسلمت له القيمة، وإن شاء أخذ الجارية ورد القيمة؛ لأنه لم يعط (¬1) القيمة التي ادعى. قلت: أرأيت رجلاً اغتصب من رجل جارية فوطئها فولدت منه ثم إن رب الجارية جاء فادعاها ولم تكن (¬2) له بينة أنها جاريته فأقر الذي هي في يديه وقد ولدت منه أنها جارية المدعي هل يصدق عليها وعلى ولدها؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأنها قد ولدت منه وقد دخلها عتق، فلا يصدق عليها ولكنه يعطي قيمتها لرب الجارية. قلت: فإن أقام المدعي البينة أنها جاريته غصبها إياه أتقضي (¬3) بها له؟ قال: نعم. قلت: وتقضي (¬4) له بولدها؟ قال: نعم. قلت: فإن لم تكن (¬5) للمدعي بينة على ذلك هل تُضمِّن (¬6) الغاصب قيمة الجارية؟ قال: نعم، أقضي بقيمتها للمدعي. قلت: فهل تُضمِّنه (¬7) قيمة الولد؟ قال: لا، إنما نُضمِّنه (¬8) قيمة ما غصب يوم غصبها إياه. قلت: فإن (¬9) أقام المدعي البينة أنها جاريته ولم يقل الشهود: غصبها إياه، ولم يقر الذي هي في يديه ولكنه قال: اشتريتها من فلان، فأردتَ أن تَقضي (¬10) بالجارية للذي أقام البينة، هل تَستحلفه (¬11) ما بعتُ ولا أذنتُ (¬12) في ذلك ولم يدع (¬13) الذي الجارية في يديه شيئاً من ذلك؟ قال: لا أستحلفه إلا أن يدعي الذي هي في يديه شيئاً من ذلك، فنَستحلفه (¬14) على ما ادعى، فإن حلف على ما ادعى قضيت له بالجارية. قلت: فإن قال الذي في يديه الجارية (¬15): قد سلم فلان بيع هذه الجارية، هل تستحلفه (¬16) بالله: ¬

_ (¬1) ف: لم يعطها؛ م ز: لم يعطا. (¬2) ز: يكن. (¬3) م ز: يقضى. (¬4) ز: ويقضي. (¬5) ز: لم يكن. (¬6) ز: هل يضمن. (¬7) ز: يضمنه. (¬8) ز: يضمنه. (¬9) ف ز: إن. (¬10) ز: أن يقضي. (¬11) ز: هل يستحلفه. (¬12) ف: ولا اشريت. (¬13) م ز: يدعي. (¬14) ز: فيستحلفه. وعبارة الكافي، 1/ 133 و: فأستحلفه. (¬15) م ز + فقال. (¬16) ف: هل يستحلف؛ ز: هل يستحلفه.

ما بعت ولا أذنت في بيع؟ قال: نعم. قلت: فإن حلف قضيت له بالجارية؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن قال الذي هي في يديه: أنا أقيم (¬1) البينة على تسليمه، فجاء على ذلك بالبينة، ممن يأخذ رب الجارية الثمن؟ قال: من البائع. قلت: ولم لا يأخذ من المشتري؟ قال: لأنه أجاز البيع فصار البائع وكيلاً له في قبض الثمن، فبرئ المشتري حين دفع الثمن إلى وكيله، وصار أميناً في الثمن لأنه قد وكله. قلت: أرأيت الجارية إن ادعت عتقاً من مولاها الأول وقد قامت البينة أنها جاريته وقد ولدت من المشتري هل تُصدَّق (¬2) إذا قال مولاها: إني كنت أعتقتها (¬3)؟ قال: لا تُصدَّق على شيء من ذلك؛ لأن البيع قد وجب لهذا وصارت أم ولد له. قلت: فإن أقامت الجارية البينة أن مولاها الأول قد كان أعتقها قبل أن يشتريها هذا أتعتقها (¬4)؟ قال: نعم. قلت: ويرجع المشتري على البائع بالثمن؟ قال: نعم. قلت: ويكون على المشتري العقر للجارية؟ قال: نعم. قلت: فما حال الولد؟ قال: الولد ولد المشتري بغير قيمة؛ لأن الجارية حرة. قلت: أرأيت رجلاً اشترى من رجل جارية فولدت عنده ثم جاء رجل (¬5) وأقام البينة أن الجارية جاريته؟ قال: أقضي له بها وأقضي بقيمة الولد وبالعقر على المشتري. قلت: فهل يرجع المشتري على البائع بالثمن وبقيمة الولد وبالعقر؟ قال: يرجع عليه بالثمن وبقيمة الولد، ولا يرجع عليه بالعقر. قلت: أرأيت رجلاً اغتصب من رجل شيئاً من الحيوان أو العروض أو شيئاً مما [لا] (¬6) يكال ولا يوزن، فخاصمه المغتصب منه يوم خاصمه ¬

_ (¬1) م ز: أقيمه. (¬2) ز: هل يصدق. (¬3) ز: أعتقها. (¬4) ز: أيعتقها. (¬5) قال الحاكم: أخوه. انظر: الكافي، 1/ 133 و. وانظر للشرح: المبسوط، 11/ 71. (¬6) الزيادة من الكافي، 1/ 133 و. وعبارة ب: حيوانا أو عرضا غير مثلي. فالمقصود من العروض ما كَان غير مثلي.

والقيمة يوم خاصمه أكثر منها من يوم اغتصب الرجل بأي القيمتين تقضي (¬1) وقد هلك الذي اغتصب؟ قال: أضمنه القيمة يوم اغتصب ذلك. قلت: فإن كان مما يكال أو يوزن مثل الحنطة والشعير والسمن والزيت وأشباه ذلك؟ قال: أما هذا فإني أقضي على الغاصب أن يعطيه مثل ما اغتصب منه، إن كانت حنطة قضيت له بحنطة مثلها وبمثل كيلها، وإن كان سمناً قضيت له بسمن مثله وزناً. قلت: فإن كان لا يقدر على مثله؟ [قال:] قضيت (¬2) عليه بالقيمة. قلت (¬3): أتقضي (¬4) عليه بالقيمة يوم غصبها إياه أو يوم يختصمان؟ قال: بل القيمة يوم يختصمان؛ لأن على الغاصب أن يعطيه مثلها يوم يخاصمه، فإذا لم يقدر على مثلها فقيمتها يومئذٍ. وقال أبو يوسف: يضمن قيمته يوم غصبه. قلت: أرأيت الرجل يغصب الرجل الجارية أو الشاة فزادت عنده أو ولدت أولاداً ثم ماتت هي وأولادها؟ قال: على الغاصب قيمتها يوم غصبها إياه وليس عليه من زيادتها ولا من أولادها شيء. قلت: لم؟ قال: لأنه لم يغصبه أولادها ولا ما زاد فيها. قلت: أرأيت إن قتل (¬5) الجارية وأولادها وذبح الشاة وأولادها هل تقضي (¬6) عليه بقيمة ذلك كله؟ قال: نعم، نقضي (¬7) بذلك بقيمتها وقيمة أولادها يوم قتل ويوم (¬8) ذبح. قلت: وكذلك لو كانت شاة أو بقرة أو ناقة والمسألة على حالها؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يقتل (¬9) الجارية ولكنه باع الجارية وأولادها أو استخدمها وأولادها حتى ماتوا من ذلك أتكون (¬10) عليه قيمة الأم يوم ماتت وقيمة الأولاد يوم ماتوا؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يبعها ولم يبع أولادها ولم يستخدمها ولكنها ماتت عنده من غير علة وبقي أولادها؟ قال: يأخذ رب ¬

_ (¬1) ز: يقضي. (¬2) م ز: فقضيت. (¬3) ز - قلت. (¬4) ف: أقضي؛ ز: أيقضي. (¬5) ز: إن قبل. (¬6) ز: هل يقضى. (¬7) ز: يقضى. (¬8) م ف + فيوم؛ ف: بيوم. (¬9) ز: لم يقبل. (¬10) ز: أيكون.

الجارية أولادها، ويضمنه قيمة الأم يوم غصبها إياه. قلت: فإن لم يكن لها ولد وقتلها غير الغاصب (¬1) وقيمتها يوم قتلها ألفان وكانت قيمتها يوم غصبها إياه الغاصب ألف درهم ما القول في ذلك؟ قال: هو في تلك المنزلة بالخيار، إن شاء ضمن الغاصب ألف درهم، وإن شاء ضمن القاتل ألفي درهم. قلت: فإن ضمن الغاصب ألف (¬2) درهم تكون (¬3) على عاقلته أم تكون (¬4) في ماله؟ قال: بل تكون (¬5) في ماله حالة، يستوفيها المغتصَبُ ربُّ الجارية (¬6) منه. قلت: فإذا استوفى رب الجارية الألف درهم ما للغاصب على القاتل والقتلُ خطأٌ؟ قال: على عاقلة القاتل ألفا درهم في ثلاث سنين، يأخذها الغاصب، فإذا أخذها الغاصب كان له منها ألف درهم، وتصدق (¬7) بالألف الأخرى. قلت: فإن كانت الجارية يوم غصبها الغاصب تساوي عشرة آلاف درهم ويوم قتلها القاتل تساوي خمسة آلاف درهم (¬8)؟ قال: هو كذلك أيضاً، هو بالخيار، إن شاء مولى الجارية ضمن الغاصب عشرة آلاف درهم في ماله حالة، وإن شاء ضمن القاتل خمسة آلاف درهم إلا عشرة دراهم على عاقلته في ثلاث سنين؛ لأني لا أبلغ بقيمة أمة دية حرة؛ لأنه لا تكون (¬9) الأمة إلا وفي الأحرار من هو أفضل منها. قلت: فلم يضمن الغاصب عشرة آلاف درهم؟ قال: لأن الغاصب ليس بقاتل، وإنما هو مال اغتصب، فعليه أن يرد مثله. قلت: أرأيت إذا ضمن مولى الجارية الغاصب عشرة آلاف درهم هل للغاصب على قاتل (¬10) الجارية سبيل؟ ¬

_ (¬1) زاد في الكافي، 1/ 133 و: خطأ. وكذلك المبسوط، 11/ 72. ويأتي في السؤال بعد التالى أن القتل خطأً. (¬2) ف: ألفي. (¬3) ز: يكون. (¬4) ز: أم يكون. (¬5) ز: بل يكون. (¬6) رب الجارية عطف بيان أو بدل من المغتصب. (¬7) ز: ويصدق. (¬8) وفي الكافي، 1/ 133 و: ويوم قتلها القاتل كذلك، أي: تبلغ قيمتها عشرة آلاف درهم كذلك. وكذلك عبارة المبسوط، 11/ 72. (¬9) ز: لا يكون. (¬10) م ف ز: على قاتله.

قال: نعم، على عاقلته خمسة آلاف درهم إلا عشرة دراهم يؤدونه إليه في ثلاث سنين. قلت: فإن كانت الجارية عنده قائمة بعينها إلا أنها قتلت رجلاً خطأً ثم إن مولاها قبضها من الغاصب ما حالها وحال الغاصب؟ قال: يقال لمولاها: ادفعها إلى أولياء القتيل أو افدها بالدية، فأي ذلك ما فعل رجع على الغاصب. قلت: أرأيت إن ماتت الجارية في يد الغاصب بعدما قتلت الرجل قبل أن يقبضها مولاها؟ قال: على الغاصب قيمتها لمولى الجارية، ثم يدفعها مولى الجارية إلى أولياء المقتول، ويقولون: هذه قيمة الجارية التي قتلت صاحبنا فنحن أولى بها، فإذا قبضوها قال مولى الجارية للغاصب: إن هذه القيمة لم تسلم لي للعمل الذي عملته جاريتي عندك، فتكون (¬1) عليه قيمة أخرى يسلمها (¬2) للمولى. قلت: أرأيت الرجل يغصب الرجل الدار فيخرجه فيسكنها فانهدمت الدار من غير عمله هل يضمن شيئاً؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه لم يغيرها ولم يحولها عن حالها. وليس هذا كالدابة ولا كالجارية ولا كالعروض التي تحول من مكان إلى (¬3) مكان. ألا ترى أن رجلاً لو دخل دار رجل بإذنه أو بغير إذنه فسقط منها حائط لم يضمن شيئاً. ولو ركب دابة رجل بغير إذنه فعطبت كان ضامناً. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: إذا غصب الدار وأخرجه منها وسكنها فخربت في يده ضمن قيمة ما خرب. قلت: فإن هدمها من عمله أو سكناه؟ قال: هو ضامن إذا هلكت أو (¬4) انهدم منها شيء (¬5) من ذلك. قلت: أرأيت الرجل يغصب الرجل داراً وقبضها ثم باعها ثم أقر أنها داره بعدما باعها وليست لرب الدار بينة أنها داره هل على الغاصب ضمان؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه لم يغيرها ولم يخرجها من حالها (¬6). وقال ¬

_ (¬1) ر: فيكون. (¬2) ز: تسلمها. (¬3) م - إلى. (¬4) م ف ز - أو. والزيادة من ع. (¬5) م ف ز - شيء. والزيادة من ع. (¬6) م ز: عن حالها.

أبو يوسف: أما أنا فأراه ضامناً لقيمتها، أستحسن ذلك وأدع القياس فيه (¬1) ثم رجع أبو يوسف بعد ذلك إلى قول أبي حنيفة. قلت: أرأيت الرجل يغصب الرجل الدابة فيؤاجرها فأصاب من غلتها أو غصب عبداً فأصاب من غلته لمن تكون (¬2) تلك الغلة؟ قال: تكون (¬3) للغاصب، ويؤمر أن يتصدق بها. قلت: ولم لا تكون (¬4) الغلة لصاحب العبد؟ قال: لأنه كان في ضمان غيره، فلا يأكل غلته وهو في ضمان غيره. قلت: أرأيت العبد والدابة إن كان مات أحدهما من عمل الغاصب فضمّنتَه (¬5) القيمة أيستعين (¬6) بتلك الغلة في القيمة؟ قال: نعم. قلت: وما فضل بعد ذلك تصدق به؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان الغاصب قد باع الدابة وأخذ ثمنها فاستهلكه وماتت الدابة عند المشتري فضمن رب الدابة المشتري القيمة أيرجع المشتري على الغاصب بالثمن؟ قال: نعم. قلت: فهل يستعين (¬7) الغاصب بالغلة في أداء الثمن؟ قال: إن كان عنده وفاء بالثمن سواء فلا يستعين (¬8) منها بشيء. قلت: وإن لم يكن عنده ما (¬9) يؤدي؟ قال: لا بأس بأن يستعين م في أداء الثمن. قلت: فإن استعان به ثم أصاب بعد ذلك مالاً؟ قال: عليه أن يتصدق بمثله إن كان استهلك ذلك يوم استهلكه وهو (¬10) غني عن ذلك. وإن كان استهلكه يوم استهلكه وهو محتاج لم يكن عليه أن يتصدق بشيء من ذلك. قلت: أرأيت الرجل يغصب الرجل الدار فيسكنها أو الدابة فيركبها (¬11) هل عليه أجر؟ قال: ليس عليه أجر في شيء من ذلك. قلت: لم؟ قال: ¬

_ (¬1) قال الحاكم: وهو قول محمد. انظر: الكافي، 1/ 133 و. (¬2) ز: يكون. (¬3) ز: يكون. (¬4) ز: لا يكون. (¬5) ف: فضمنه. (¬6) م ز: أتستعين. (¬7) ز: تستعين. (¬8) ز: تستعين. (¬9) م ز: مما. (¬10) م ز: وهي. (¬11) ز: فتركبها.

لأنه كان ضامناً. قلت: أرأيت إن أقام رب الدابة (¬1) البينة أن الدابة نفقت عند الغاصب من ركوبه وأقام الغاصب البينة أنه قد ردها إليه كيف القول في ذلك؟ قال: على الغاصب القيمة لا يبرأ منها. قلت: وكذلك لو شهد شهود رب الدابة أن الغاصب قتلها أو أنها عطبت تحته وشهد شهود الغاصب أنه قد ردها غير (¬2) هالكة إليه؟ قال: نعم، على الغاصب في هذا كله القيمة؛ لأن القيمة قد وجبت عليه، ولا يبرأ إلا بأداء القيمة. قلت: وكذلك الدار إن شهد شهود رب الدار أنه هدمها وأقام الغاصب البينة أنه قد ردها على صاحبها على حالها (¬3)؟ قال: نعم، الغاصب ضامن لقيمة البناء. قلت: أرأيت الرجل يغصب الرجل الدابة أو الثوب ثم إنه وهب ذلك الثوب لرجل فلبسه حتى تخرّق (¬4) أو وهب الدابة لرجل فركب الموهوب له فماتت فجاء رب الثوب أو الدابة فضمن الموهوب القيمة هل يرجع على الغاصب بشيء؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه لم يأخذ منه شيئاً، فلا يرجع عليه بقيمة ما استهلكه هو. قلت: وكذلك لو كانت حنطة أو شعيراً أو سمناً أو زيتاً فوهبه الغاصب لرجل فأكله فضمنه رب الطعام أو السمن أو الشعير أو الزيت قيمته لم يرجع على الذي وهبه له بشيء؟ قال: نعم، لا يرجع عليه. قلت: أرأيت (¬5) رجلاً اغتصب من رجل جارية فوهبها لرجل وقبضها الموهوب له فوطئها فولدت له ولداً ثم جاء رب الجارية؟ قال: يأخذ الجارية، ويأخذ عقرها وقيمة ولدها. قلت: فإن أخذ ذلك من الموهوب له هل يرجع على الواهب بشيء؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه لم يأخذ منه شيئاً ولم يغره بشيء. قلت: فإن كان باعها الغاصب إياه وقد ¬

_ (¬1) م ف ز: الدار. وهو تحريف. وقد ورد على الجادة في الكافي، 1/ 133 و؛ والمبسوط، 11/ 80. (¬2) م - غير، صح هـ. (¬3) ف - على حالها، صح هـ. (¬4) ز: يخرق. (¬5) سقط مقدار ورقة ابتداءً من هنا من نسخة ز.

ولدت له؟ قال: يأخذ رب الجارية جاريته ويأخذ عقرها وقيمة أولادها. فإذا أخذ ذلك يرجع المشتري على البائع بالثمن وبقيمة الأولاد، ولا يرجع بالعقر. قلت: ولم لا يرجع بالعقر؟ قال: لأن المشتري هو الواطئ، فلا يرجع على ما وطئ هو. قلت: أرأيت رجلاً اغتصب من رجل دابة فأجرها من رجل فعطبت تحت المستأجر فضمّن رب الدابة المستأجر القيمة هل يرجع المستأجر على الذي أجره بشيء؟ قال: نعم، يرجع عليه بالقيمة التي ضمن. قلت: فإن كان الغاصب لم يؤاجرها ولكنه أعارها رجلاً فعطبت فضمنه رب الدابة هل يرجع على الذي أعارها بشيء؟ قال: لا. قلت: من أين اختلفت العارية والإجارة؟ قال: لأن المستعير إنما ركبها لنفسه واستهلكها في حاجته، فإذا ضمن القيمة لم يرجع الغاصب بما (¬1) استهلك هو في حاجته. وهذا والعقر سواء. ألا ترى أنه لا يرجع على البائع بالعقر (¬2)؛ لأنه هو الواطئ. فكذلك العارية. وأما المستأجر فإنه يرجع على المؤاجر؛ لأنه قد أخذ الأجر وإنما هلكت الدابة في عمل المؤاجر. فإذا ضمن المستأجر (¬3) رجع على المؤاجر. قلت: فما حال الأجر؟ قال: هو للغاصب. قلت: أرأيت رجلاً اغتصب من رجل ثوباً أو دابةً فاستهلك الثوب أو الدابة ثم اختلفا في قيمته فأقام رب الثوب أو الدابة البينة على قيمة ثوبه وأقام الغاصب بينة على أقل من ذلك بأي البينتين تأخذ؟ قال: ببينة رب الثوب والدابة، وأقضي على الغاصب بما شهدت به شهود رب الثوب والدابة (¬4). قلت: فإن لم تكن لرب الثوب بينة على قيمته وجاء الغاصب ببينة أن قيمة ثوبه كذا وكذا، فقال رب الثوب: كذبت بل قيمته أكثر من ¬

_ (¬1) م ف - بما. (¬2) م ف: على العقر بالبائع. (¬3) ف - فإنه يرجع على المؤاجر لأنه قد أخذ الأجر وإنما هلكت الدابة في عمل المؤاجر فإذا ضمن المستأجر. (¬4) م: أو الدابة.

ذلك، وأراد أن يستحلف الغاصب هل له أن يستحلفه؟ قال: نعم؛ لأن البينة على رب الثوب؛ لأنه هو المدعي، والغاصب هو المدعى عليه، فعليه اليمين. أبو سليمان عن محمد عن أبي يوسف قال: حدثنا الحجاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه" (¬1). محمد عن أبي يوسف عن عبيد الله بن أبي حميد عن أبي مليح عن عمر بن الخطاب مثله (¬2). قلت: أرأيت إن أقام رب الثوب البينة على قيمة ثوبه فشهد شاهد أن قيمة ثوبه كذا وكذا وشهد شاهد على إقرار الغاصب بذلك؟ قال: شهادتهما باطل؛ لأنهما قد اختلفا، شهد هذا على نطق، وشهد الآخر (¬3) على فعل. قلت: فإن ادعى رب الثوب أن قيمة ثوبه كذا وكذا وأراد أن يحلف الغاصب على ذلك فقال الغاصب: أنا أرد اليمين على رب الثوب وأعطيه ما حلف عليه، أترد عليه اليمين؟ قال: لا. قلت: فهل ترد اليمين في أشباه هذا على المدعي (¬4)؟ قال: لا أرد اليمين على المدعي، وإن اليمين على المدعى عليه، فلا أحولها عن موضعها الذي وضعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قلت: أرأيت إن رضي بذلك رب الثوب وقال: أنا أحلف؟ قال: لا أرد عليه أبداً. قلت: أرأيت رجلاً غصب من رجل ثوباً فجاء رب الثوب يطلب ثوبه فجاءه الغاصب بثوب زُطّي (¬5) أو بثوب خَلَقٍ (¬6) فقال: هذا الذي (¬7) غصبت ¬

_ (¬1) تقدم أيضاً في كتاب الدعوى وكتاب الشهادات. انظر: 5/ 161 ظ؛ 8/ 199 و. (¬2) سنن الدارقطني، 4/ 206. (¬3) م: آخر. (¬4) ف - قال لا قلت فهل ترد اليمين في أشباه هذا على المدعي. (¬5) نوع من الثياب منسوب إلى الزُّطّ، وهم قوم من الهند. وقد تكرر في الكتاب كثيراً. (¬6) أي: لبِس حتى بَلِي. انظر: المصباح المنير، "خلق". (¬7) م ف - الذي.

منك، فقال رب الثوب: كذبت بل غصبت مني ثوباً هَرَوياً أو مَرْوياً؟ قال: القول قول الغاصب مع يمينه بالله: إن هذا ثوبه الذي غصبتُه إياه وما غصبتُه هروياً ولا مروياً كما ادعى. قلت: فإن حلف على ذلك قضيت لصاحب الثوب بالثوب وأبرأت الغاصب من دعوى رب الثوب؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن جاء الغاصب بثوب هروي وقال: هذا الثوب الذي اغتصبت منك وهو على حاله، والثوب خَلَق، وقال رب الثوب: كذبت بل كان جديداً يوم اغتصبته (¬1) مني؟ قال: القول قول الغاصب مع يمينه بالله: لقد غصبتُه إياه وهو هكذا. قلت: فإن قال رب الثوب: أنا أقيم البينة أنه غصبه جديداً، فجاء بشاهدين فشهدا أنه غصبه منه جديداً؟ قال: أقضي له بالثوب، وأقضي بقيمة ما نقصه عند الغاصب من اللبس وغيره. قلت: فإن أقام الغاصب البينة أنه غصب هذا الثوب خَلَقاً كما هو وفيه الخَرْق وأقام رب الثوب البينة أن هذا الثوب غصبه مني وليس فيه خَرْق؟ قال: آخذ ببينة رب الثوب، وأقضي له بالثوب، وأقضي على الغاصب بقيمة ما نقصه. قلت: لم لا تقبل (¬2) بينة الغاصب؟ قال: لأن القول فيه (¬3) قوله، ورب الثوب المدعي، فإذا أقام البينة أخذت ببينته؛ لأنه هو المدعي. قلت: أرأيت إن لم تكن (¬4) لواحد منهما بينة وحلف الغاصب بالله لقد غصب هذا الثوب وفيه هذا الخرق، وقضيت لرب الثوب بالثوب وأبرأت الغاصب من دعوى رب الثوب، ثم إن رب الثوب أقام بعد ذلك البينة أنه غصبه هذا الثوب وهو جديد؟ قال: يضمن الغاصب فضل ما شهدت عليه الشهود. قلت: ولم وقد حلفته أنه غصب هذا الثوب وهو خلق وأمضيت القضاء؟ قال: أرأيت رجلاً ادعى على رجل مالاً فجحده إياه وحلف له ما له قِبَلَه شيء ثم أقام المدعي البينة على حقه أكنت (¬5) تأخذ له بحقه (¬6) ولا تلتفت (¬7) إلى اليمين؟ قلت: نعم. قال: فهذا وذاك سواء، وآخذ له، ولا ألتفت إلى اليمين. ¬

_ (¬1) م: اغتصبت. (¬2) ز: لا يقبل. (¬3) م ز - فيه. (¬4) ز: لم يكن. (¬5) ز: أكتب. (¬6) ف: حقه. (¬7) ز: يلتفت.

أبو سليمان عن محمد بن الحسن عن أبي يوسف عن عطاء بن عجلان عن أبي نضرة (¬1) عن أبي سعيد الخدري عن عمر أنه قال: اليمين الفاجرة أحق أن ترد من البينة العادلة (¬2). محمد عن أبي يوسف عن الأشعث بن سوار عن محمد بن سيرين عن شريح أنه قال: اليمين الفاجرة أحق أن ترد من البينة العادلة (¬3). قلت: أرأيت رجلاً اغتصب من رجل عبداً أو جاريةً أو دابة أو شبه ذلك من العروض والحيوان (¬4)، ثم جاء المغتصب منه يدعي ذلك فجاء به الغاصب وبه عيب فقال: اغتصبت منك هذا وبه (¬5) هذا العيب، فأنكر (¬6) ذلك المغصوب منه؟ قال: القول قول الغاصب مع يمينه. قلت: فإن أقام المغتصب منه البينة أنه غصبه إياه صحيحاً؟ قال: يضمن الغاصب فضل ما بينهما (¬7). قلت: فإن كان ذلك العيب من غير عمل الغاصب وكانت جارية أو دابة فذهبت عينها؟ قال: هذا والأول سواء، والغاصب ضامن. قلت: أرأيت رجلاً اغتصب من رجل ثوباً فصبغه أصفر أو أحمر ثم جاء المغتصب منه يطلب ثوبه؟ قال: المغتصب منه بالخيار، إن شاء ضمن الغاصب قيمة الثوب يوم غصبه إياه وكان الثوب للغاصب، وإن شاء أخذ الثوب ويضمن للغاصب ما زاد الصبغ في الثوب. قلت: لم؟ قال: لأن الصبغ من متاع الغاصب، فإذا زاد في الثوب لم يكن لصاحب الثوب أن ينتفع بتلك الزيادة حتى يعطي الغاصب ثمنها (¬8). قلت: أرأيت رجلاً اغتصب من رجل جارية صغيرة فرباها فكبرت ¬

_ (¬1) م: أبي نظرة؛ ز: أبي بطرة. (¬2) تقدم في كتاب الشهادات. انظر: 8/ 199 ظ. (¬3) ذكره الإمام الشافعي بلاغاً. انظر: الأم، 7/ 129. (¬4) م ف ز: أو الحيوان. (¬5) م ز: وبك. (¬6) م ز: وأنكر. (¬7) م ز: ما بينها. (¬8) ف: بمثلها.

عنده وأدركت ثم أخذها رب الجارية هل يضمن للغاصب (¬1) ما زادت الجارية؟ قال: لا. قلت: من أين اختلفا؟ قال: لأن زيادة الجارية منها، وزيادة الثوب هو شيء زاد فيه (¬2) الغاصب شيئاً من ماله، فلذلك (¬3) اختلفا. قلت: أرأيت رجلاً اغتصب من رجل سَوِيقاً ولَتَّه (¬4) بالسَّمْن ثم جاء صاحب السويق؟ قال: هو بالخيار، إن شاء أخذ السويق وضمن السمن للغاصب، وإن شاء أخذ سويقاً مثل سويقه من الغاصب. قلت: أرأيت رجلاً اغتصب من رجل ثوباً فصبغه أسود ثم جاء رب الثوب فرضي أن يأخذ ثوبه أسود كما هو وقال الغاصب: لا أدفع إليك الثوب حتى توفيني ما زدت فيه؟ قال: ليس للغاصب أن يمنعه؛ لأن هذا ينقصه (¬5) ولا يزيد فيه شيئاً. فلرب الثوب أن يأخذ ثوبه، وليس عليه من قيمة الصبغ شيء. قلت: أرأيت إن كان زاد هذا الصبغ فيه خيراً؟ قال: هو بالخيار، إن شاء أخذه وضمن ما زاد الصبغ في ثوبه، وإن شاء تركه وضمن الغاصب قيمة ثوبه يوم غصبه إياه. قلت: أرأيت رجلاً اغتصب من رجل ثوباً فقطعه قميصاً ولم يخطه فجاء رب الثوب؟ قال: هو بالخيار، إن شاء ضمنه قيمة الثوب وكان الثوب (¬6) للغاصب، وإن شاء أخذ ثوبه وضمن ما نقص التقطيع. قلت: وكذلك لو غصبه فقطعه وخاطه؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه زاده خيراً حيث خاطه. قلت: أرأيت رجلاً اغتصب من رجل ثوباً فصبغه أسود وذلك (¬7) ¬

_ (¬1) م ف ز: الغاصب. وقد ورد صحيحاً في ب؛ والكافي، 1/ 133 ظ؛ والمبسوط، 11/ 85. (¬2) ز: فيها. (¬3) م ز: قكذلك. (¬4) ف ز: فلته. (¬5) ز: ينقضه. (¬6) ف - وكان الثوب. (¬7) ف: ولذلك.

ينقصه (¬1) فجاء رب الثوب فقال: أنا آخذ ثوبي وأضمن الغاصب ما نقص ثوبي، هل له ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً اغتصب من رجل ثوباً فقطعه وخاطه جبة محشوة أو قباء محشواً أو قميصاً ثم جاء رب الثوب؟ قال: الغاصب ضامن لقيمة ثوبه يوم غصبه إياه، ولا سبيل لرب الثوب على الثوب، والثوب للغاصب؛ لأن هذا استهلاك. قلت: أرأيت رجلاً اغتصب من رجل ثوباً فتخرّق (¬2) في يديه ثم جاء رب الثوب فقال: أنا أضمن الغاصب قيمة الثوب كله، هل له ذلك؟ قال: إن كان الخَرْق صغيراً أخذ ثوبه، وضمن الغاصب ما نقصه الخَرْق. وإن كان الخَرْق (¬3) كبيراً فاحشاً قد أفسد الثوب كله فصاحب الثوب بالخيار، إن شاء ضمن الغاصب قيمة ثوبه كله وكان الثوب للغاصب، وإن شاء أخذ ثوبه وأخذ ما نقصه. قلت: أرأيت رجلاً اغتصب من رجل دابة منقطع يدها أو رجلها ثم جاء رب الدابة يطلب دابته؟ قال: الغاصب ضامن لقيمة الدابة؛ لأن هذا استهلاك الدابة كلها. ولا يشبه هذا الأول؛ لأن صاحب الدابة لا ينتفع بما بقي من الدابة، والغاصب هاهنا ضامن لقيمة الدابة كلها، والدابة للغاصب. قلت: وكذلك لو كانت بقرةً أو شاةً أو جزوراً منقطع رجلها أو ذبحها؟ قال: هذا والدابة سواء. قلت: أرأيت رجلاً اغتصب من رجل حنطة فطحنها؟ قال: على الغاصب حنطة مثل تلك الحنطة بكيلها لصاحب الحنطة (¬4)، ويكون الدقيق للغاصب. قلت: أرأيت رجلاً اغتصب من رجل قُلْباً (¬5) من فضة فاستهلكه؟ قال: ¬

_ (¬1) ز: ينقضه. (¬2) ز: فيخرق (¬3) م ز + خرقاً. (¬4) ف - بكيلها لصاحب الحنطة. (¬5) القلب: هو السوار غير الملوي. وقد تقدم.

عليه قيمته من الذهب (¬1) مصوغاً لرب القُلْب. قلت: أرأيت إن (¬2) وجده مكسوراً في يد الغاصب وهو يرضى أن يأخذه ويضمنه فضل ما بينهما هل يجوز، وهل يصلح له أن يأخذ من الغاصب فضل ما بين المكسور والصحيح؟ قال: لا يصلح ذلك. قلت: أرأيت إن قال رب القُلْب: أنا أضمنه قيمة القُلْب مصوغاً وأدع (¬3) القُلْب في يديه؟ قال: له ذلك، ويضمن له الغاصب قيمة القُلْب مصوغاً من الذهب، ويكون القُلْب للغاصب. قلت: وكذلك كل إناء أو شيء مصوغ كسره رجل، فإن كان من فضة فعليه قيمته مصوغاً من الذهب، وإن كان من الذهب فعليه قيمته مصوغاً من الفضة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً كسر لرجل دراهم؟ قال: عليه دراهم مثلها. قلت: وكذلك لو كسر له دنانير؟ قال: نعم، عليه مثلها، ويكون المكسور للذي كسرها. قلت: أرأيت رجلاً اغتصب من رجل جارية فاستودعها رجلاً فاجتمع صاحب الجارية والمستودع عند القاضي، فأقام رب الجارية البينة أنها- جاريته وأقام المستودع البينة أن فلاناً استودعها إياه؟ [قال:] فلا خصومة بين رب الجارية وبين المستودع. قلت: فإن قال الذي هي في يديه: هي عندي وديعة، ولم تقم (¬4) له بينة؟ قال: أجعله خصماً، وأقضي بالجارية لمولاها الذي أقام عليها البينة. قلت: فإن قال الذي هي في يديه: هي عندي إجارة أو رهن أو عارية وأقام على ذلك البينة؟ قال: لا خصومة بينه وبين رب الجارية. قلت: وكذلك الثوب والدابة والدار والدراهم والدنانير والمتاع والعروض والحيوان في هذا كله سواء؟ قال: نعم. قلت: فإن كان ثوباً فأقام ¬

_ (¬1) م ف ز: من الفضة. والتصحيح من الكافي، 1/ 133 ظ؛ والمبسوط، 11/ 88. وقد ورد في هامش نسخة ب: ينبغي "الذهب". وانظر المسألتين الآتيتين بعد المسألة التالية. (¬2) م ز - إن. (¬3) ف: أو أدع. (¬4) ز: يقم.

الذي هو في يديه البينة أن فلاناً استودعه إياه وأقام رب الثوب البينة أنه سُرِقَ (¬1) منه الثوب؟ قال: أقضي له به، أستحسن ذلك في السرقة، ولا أراها شبه الغصب. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: هذا والأول سواء، ولا خصومة بينهما. قلت: أرأيت رجلاً اغتصب من رجل ثوباً فضَمِنَ (¬2) رجل قيمته عن الغاصب لرب الثوب وليس لرب الثوب بينة على قيمة الثوب ما القول في ذلك؟ قال: الذي ضمن قيمته ضامن لقيمة الثوب لرب الثوب، والقول في القيمة قوله مع يمينه. قلت: فإن قال الكفيل: قيمة الثوب عشرة دراهم، وقال الغاصب: قيمته عشرون درهماً، وقال رب الثوب: ثلاثون درهماً؟ قال: ليس على الكفيل إلا عشرة دراهم مع يمينه بالله ما قيمته إلا عشرون درهماً. قال: لا يصدق الغاصب (¬3)، ولا يضمن أكثر مما أقر به إلا بشهادة الشهود. قلت: أرأيت رجلاً اغتصب من رجل جارية شابة فكانت عنده حتى صارت عجوزة أو غصبه غلاماً فكان (¬4) عنده حتى هرم ثم جاء رب الغلام؟ قال: يأخذ غلامه أو جاريته، ويأخذ نقصه من الغاصب. قلت: أرأيت رجلاً اغتصب من رجل ثوباً فكان عنده حتى تخرّق (¬5) أو اصفرّ وذلك ينقصه؟ قال: هذا والأول سواء، ويأخذ صاحبه (¬6) ما نقصه (¬7) من الغاصب. قلت: أرأيت رجلاً اغتصب من رجل طعاماً حديثاً فأمسكه عنده حتى ¬

_ (¬1) ضبطه السرخسي هكذا، وذكر أنه للاحتياط في درء الحد عن ذي اليد. انظر للتفصيل: المبسوط، 11/ 89. (¬2) أي: كفل كما يتضح من المسألة الآتية. (¬3) أي: لا يصدق الغاصب على الكفيل، ولكن يصدق على نفسه، ويدفع عشرة أخرى. انظر المصدر السابق. (¬4) ف: كان. (¬5) ز: يخرق. (¬6) م ف ز + ويأخذ. (¬7) ز: ما يقصه.

عتق وفسد وعفن؟ قال: عليه طعام مثل كيله، ويكون هذا الطعام للغاصب. قلت: ولم لا يأخذ رب الطعام طعامه ويأخذ ما نقصه؟ قال: أكره له أن يأخذ طعامه وفضلاً. قلت: أرأيت رجلاً اغتصب من رجل ثوباً واغتصب من آخر عصفراً فصبغ ذلك الثوب بذلك العصفر ثم جاء صاحب العصفر وصاحب الثوب؟ قال: أما صاحب العصفر فإن الغاصب ضامن لعصفره حتى يعطيه عصفراً مثله أو يعطيه قيمته. وأما صاحب الثوب فإنه بالخيار، إن شاء أخذ ثوبه وضمن للغاصب ما زاد الصبغ في الثوب، وإن شاء ضمنه قيمة ثوبه وكان الثوب للغاصب (¬1). قلت: أرأيت رجلاً اغتصب من رجل حنطة واغتصب من آخر شعيراً فخلطهما جميعاً؟ قال: عليه لصاحب الحنطة حنطة مثل حنطته، ولصاحب الشعير شعير مثل شعيره. قلت: أرأيت رجلاً اغتصب من رجل قطناً أو كتاناً فغزله ونسجه ثوباً ثم جاء صاحب الكتان والقطن ما له؟ قال: له على الغاصب كتان مثل كتانه أو قطن مثل قطنه أو قيمته. قلت: فهل له على الثوب سبيل؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال (¬2): لأنه ليس القطن ولا الكتان بعينه، قد تغير القطن والكتان عن حاله. قلت: أرأيت رجلاً اغتصب من رجل غزلاً فنسجه ثوباً أو غصبه ساجةً فجعلها باباً أو حديدةً فجعلها (¬3) سيفاً؟ قال: يضمن قيمة الحديد والساج والغزل، ويكون الغزل والساج والحديد للغاصب. قلت: أرأيت رجلاً اغتصب من رجل سَاجَةً فأدخلها في بنائه أو غَصَبَه جصًّا فبنى به أو غصبه لَبِناً فبنى به؟ قال: على الغاصب في هذا كله قيمته، ¬

_ (¬1) م ف ز + ما زاد الصبغ في الثوب وإن شاء ضمنه قيمة ثوبه وكان الثوب للغاصب. (¬2) ف - قال، صح هـ. (¬3) ف - بابا أو حديدة فجعلها.

ويترك ذلك كله للغاصب. قلت: أرأيت إن قال (¬1) صاحب الساجة: أنا أنقض البناء وآخذ ساجتي أو خشبتي؟ قال: ليس له ذلك؛ لأن هذا فساد (¬2). وإنما له القيمة على الغاصب، وليس له سبيل على شيء مما ذكرت. قلت: أرأيت رجلاً اغتصب من رجل حنطة فزرعها أو شعيراً أو شيئاً مما يزرع فزرعه ثم جاء صاحبه وقد أدرك أو جاء وهو بَقْل (¬3) ما له على الغاصب؟ قال: له عليه حنطة مثل حنطته وشعير مثل شعيره مثل كيله (¬4)، والزرع للغاصب. قلت: فهل تحل (¬5) للغاصب الزيادة (¬6)؟ قال: لا تحل (¬7) له، وعليه أن يتصدق بما كان فيه من فضل، وليس لرب الطعام الأول على الربح سبيل. قلت: أرأيت رجلاً اغتصب من رجل نخلة صغيرة فغرسها فأدركت، أو عوداً صغيراً غَرَسَه في أرضه فكَبِر، فجاء رب النخلة والعودِ، هل له على النخلة والعود سبيل؟ قال: ليس له على الشجرة سبيل، ولكن يضمنه [قيمته] (¬8) يوم اغتصبه. قلت: أرأيت رجلاً مسلماً اغتصب من رجل مسلم خمراً فاستهلكها هل عليه شيء؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن اغتصم فجعلها خلاًّ؟ قال: لصاحب الخمر أن يأخذه من الغاصب. قلت: وكذلك إذا غصبه جلد ميتة فدبغه كان لرب الجلد أن يأخذ الجلد وَيضمن للغاصب ما زاد الدِّباغ؟ [قال: نعم] (¬9). قلت: فإن كان الجلد ذَكِيًّا يوم غصبه؟ قال: رب الجلد بالخيار، إن شاء ضمنه قيمة جلده، وإن شاء أخذ الجلد وضمن ¬

_ (¬1) ف + إن قال؛ ز + إن. (¬2) ز - فساد. (¬3) أي: أخضر. وقد تقدم. (¬4) م ز: كله. (¬5) ز: يحل. (¬6) م ف ز: زيادة. (¬7) ز: لا يحل. (¬8) الزيادة من ب. (¬9) الزيادة مستفادة من الكافي، 1/ 134 و.

للغاصب (¬1) ما زاد الدِّباغ فيه (¬2). قلت: أرأيت رجلاً مسلماً اغتصب من رجل مسلم عصيراً فوجده عنده قد صار خمراً؟ قال: الغاصب ضامن لقيمة العصير، ولا سبيل لرب العصير على الخمر. قلت: فإن وجدها عنده وقد صارت خلاً؟ قال: هو بالخيار، إن شاء ضمنه عصيراً مثله (¬3)، وإن شاء أخذ الخل. قلت: أرأيت رجلاً استودعه رجل حنطة واستودعه رجل آخر شعيراً فخلطهما جميعاً؟ قال: هو ضامن لصاحب الحنطة مثل حنطته، ولصاحب الشعير شعير مثل شعيره، أو قيمته إن لم يقدر على مثله. قلت: أرأيت إن لم يخلطهما (¬4) هو ولكن (¬5) خلطهما (¬6) رجل أجنبي غيره لا يعرف ولا يقدر عليه ما لصاحب الحنطة وما لصاحب الشعير؟ قال: تباع (¬7) الحنطة والشعير جميعاً، ثم يقسم الثمن على قيمة حنطة هذا وشعير هذا، فيعطى صاحب الحنطة ما أصاب صاحب الحنطة، ويعطى صاحب الشعير ما أصاب صاحب الشعير. قلت: وكذلك كل شيء مما يكال أو يوزن اختلط بعضه ببعض؟ قال: نعم. قلت: فإن قال صاحب الحنطة لصاحب الشعير: إنما كان شعيرك (¬8) كُرًّا، وقال صاحب الشعير: بل كان كُرّين، وقال صاحب الشعير لصاحب الحنطة: إنما كانت حنطتك كُرًّا، فقال صاحب الحنطة: بل ¬

_ (¬1) ف: الغاصب. (¬2) انظر: 8/ 268 ظ. وقد وردت المسألتان في الكافي هكذا: وكذلك لو غصب جلد ميتة فدبغه. قال أبو الفضل: وقد فسره في موضع آخر أنه يأخذه ويعطيه ما زاد الدباغ فيه. وقال في كتاب الإجارات أيضاً: لو غصب الجلد يعني به جلداً ذكيًّا فدبغه فإن شاء صاحب الجلد ضمنه الجلد غير مدبوغ، وإن شاء أعطاه ما زاد الدباغ فيه. انظر: الكافي، 1/ 134 و. وانظر: كتاب الإجارات، 2/ 165 و. (¬3) قال الحاكم: ضمنه قيمة العصير. انظر: الكافي، 1/ 134 و؛ والمبسوط، 11/ 97. (¬4) م ز: لم يخلطها. (¬5) م ف: لكن. (¬6) م ز: خلطها. (¬7) ز: يباع. (¬8) م ف ز: شعيري.

كانت كُرّين، وقد باع (¬1) الحنطة والشعير مجازفة فاستهلكها [المشتري] (¬2) ولا يُعلَم ما كيلها؟ قال: القول في الحنطة قول صاحب الشعير، والقول في الشعير قول صاحب الحنطة، ولا يصدَّق واحد (¬3) منهما على دعواه. قلت: ويحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه؟ قال: نعم. قلت: وكيف يقسم بينهما؟ قال: يقسم الثمن على أن لهذا كرًّا ولهذا كرًّا. قلت: أرأيت رجلاً في يديه ثوب فادعاه رجل أنه غصبه فأقام على ذلك البينة وأقام الذي هو في يديه البينة أنه وهبه له؟ قال (¬4): أقضي به للذي هو في يديه. قلت: وكذلك لو أقام البينة أنه أقر أنه ثوبه؟ قال: نعم. قلت: فإن كان في أيديهما جميعاً فأقام كل واحد منهما البينة أنه ثوبه غصبه إياه الآخر؟ قال: أقضي بالثوب بينهما نصفين. قلت: أرأيت إن أقام رجل البينة أن هذا الثوب ثوبه استودعه فلاناً الميت وأقام الآخر البينة أنه ثوبه غصبه إياه فلان الميت؟ قال: أقضي بالثوب بينهما نصفين. قلت: فإن كانت دراهم فأقام رجل البينة أنها دراهمه بعينها وأن الميت غصبها إياه أتجعل لغرماء الميت منها شيئاً؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن هذا قد أقام البينة أن المال ماله (¬5) فهو أحق به. قلت: أرأيت رجلاً في يديه ثوب فادعى (¬6) رجل أنه غصبه إياه وأقام على ذلك شاهدين وجاء شاهدان آخران يشهدان لرجل (¬7) [آخر] (¬8) بالثوب (¬9) أنه أقر أن هذا الثوب لهذا الرجل؟ قال: أقضي به للذي أقام البينة أنه ثوبه غصبه إياه، ولا أقضي به للذي أقر له، ولا أصدق الغاصب (¬10) أن يقر بالثوب لغير الذي قامت له البينة. ¬

_ (¬1) م ف ز: باعا. والتصحيح مستفاد من الكافي، 1/ 134 و؛ والمبسوط، 11/ 97. (¬2) الزيادة من المصدرين السابقين. (¬3) م ز: واحداً. (¬4) ف: وقال. (¬5) ز: له. (¬6) ف ز: وادعى. (¬7) م ف ز: للرجل. والتصحيح مستفاد من ب والكافي، 1/ 134 و؛ والمبسوط، 11/ 98. (¬8) الزيادة مستفادة من المصادر السابقة. (¬9) م ز: الثوب. (¬10) ف: الغائب.

قلت: أرأيت رجلاً اغتصب من رجل ثوباً فاستودعه رجلاً آخر فهلك عند المستودع؟ قال: صاحب الثوب بالخيار: إن شاء ضمن الغاصب قيمة الثوب. وإن شاء ضمن المستودع، ويرجع المستودع على الغاصب بتلك القيمة. وإن ضمن الغاصب لا يرجع على المستودع بشيء. قلت: أرأيت رجلاً في يديه جبة فادعى رجل الجبة فقال: اغتصبها مني وهي محشوة، وقال الغاصب: لم أغصبك الجبة ولكن اغتصبتك الظِّهَارة؟ قال: القول قول الغاصب مع يمينه، ويضمن قيمة الظِّهَارة. قلت: فإن قال الغاصب: غصبتك الجبة، ثم قال بعد ذلك: البطانة لي، أو قال: الظهارة لي، أو قال: الحشو لي؟ قال: لا يصدق، وعليه أن يدفع الجبة كما هي (¬1) إلى صاحبها. قلت: فلو قال: غصبتك هذا الخاتم، ثم قال بعد ذلك: الفص لي؟ قال (¬2): لا يصدق، ويدفعه إلى صاحبه. قلت: وكذلك لو قال: غصبتك هذه (¬3) الدار، ثم قال بعد ذلك: البناء لي، أو قال: غصبتك هذه الأرض، ثم قال بعد ذلك: نخلها الذي فيها لي، أنا غرسته؟ قال: لا يصدق في شيء من ذلك، وعليه أن يدفع ذلك كله إلى رب الأرض والدار. قلت: أرأيت رجلاً في يديه بقرة فأقر فقال: غصبت من فلان هذه البقرة، ثم قال بعد ذلك: ولدها لي؟ قال: يصدق، والقول قوله فيما يدعي. قلت: من أين اختلفا؟ قال: لأنه إذا قال: غصبتك هذه البقرة، لم يقر في ولدها بشيء، وولدها غيرها. وإذا قال: غصبتك هذه الجبة، ثم قال بعد ذلك: بطانتها لي، لم يصدق؛ لأنه لما سمى الجبة فقد سمى البطانة وغيرها. وكذلك الخاتم والأرض والدار. قلت: فالشاة والبقرة والجارية وأولادهن سواء؟ قال: نعم؛ لأن هذا شيئان، وذلك شيء واحد. قلت: أرأيت رجلاً اغتصب من رجل ثوباً ثم إن الغاصب كسا (¬4) ¬

_ (¬1) ف - كما هي. (¬2) ف - قال. (¬3) ف: هذا. (¬4) ز: كساء.

الثوب رب الثوب فلبسه رب الثوب حتى تخرّق (¬1) هل لرب الثوب على الغاصب قيمة الثوب؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه هو لبس ثوبه حتى خرقه. قلت: فإن كان لم يعرف ثوبه؟ قال: وإن كان لم يعرف ثوبه (¬2) فلا ضمان على الغاصب. قلت: أرأيت رجلاً اغتصب من رجل تمراً أو حنطة ثم وهب ذلك كله لصاحبه فأكله واستهلكه هل يضمن الغاصب شيئاً؟ قال: لا ضمان على الغاصب في شيء من ذلك. قلت: فإن كان الغصب تمراً فنَبَذَه (¬3) الغاصب فأخذه صاحب التمر فأكله (¬4)؟ قال: أما هذا فإن الغاصب ضامن لتمر مثل تمره أو قيمته؛ لأنه استهلكه حين نبذه. قلت: أرأيت رجلاً اغتصب من رجل حديداً فجعله درعاً أو ضربه نَصْلاً (¬5) ما القول في ذلك؟ قال: هو ضامن لحديد مثله. قلت: فإن لم يقدر ضمن قيمته؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو غصبه صُفْراً فجعله كوزاً؟ قال: نعم. قلت: لم لا يأخذ رب الصفر الكوز؟ قال: لأنه استهلك الصفر وغيره عن حاله التي كان عليها، فعليه مثله أو قيمته. قلت: أرأيت إن كسر صاحب الصفر الكوز بعدما ضمن له الغاصب قيمة صفره؟ قال: عليه قيمة الكوز صحيحاً ويأخذ الكوز. قلت: وكذلك لو كسره بعدما يقضى له بالقيمة؟ قال: نعم، غير أن بعضهم يحاسب بعضاً ويترادّان الفضل. قلت: أرأيت رجلاً اغتصب من رجل شيئاً مما لا يكال ولا يوزن فاستهلكه؟ قال: عليه قيمته يوم غصبه إياه. قلت: فإن كان الشيء مما يكال أو يوزن؟ قال: عليه مثله، فإن لم يوجد فقيمته يوم يختصمان. قلت: أرأيت رجلاً اغتصب من رجل فضة فضربها دراهم (¬6) أو غصبه ¬

_ (¬1) ز. يحرق. (¬2) ف - قال وإن كان لم يعرف ثوبه. (¬3) أي: ألقاه في الجرة حتى يجعله نبيذاً. انظر: المغرب، "نبذ". (¬4) أي: شربه. انظر: الكافي، 1/ 134 ظ؛ والمبسوط، 11/ 100. (¬5) النصل حديدة السيف. انظر: لسان العرب، "نصل". (¬6) م ز: دراهما.

ذهباً فضربه دنانير؟ قال: يأخذ ذلك (¬1) رب الفضة والذهب. قلت: ولم لا يأخذ (¬2) الحديد والصفر؟ قال: لأن الذهب والفضة بعينهما لا يخرجان عن حال الوزن، والصُّفْر والحديد قد يخرجان عن حال الوزن. ألا ترى أنه لا يصلح درهم (¬3) بدرهمين ولا دينار (¬4) بدينارين، وقد يصلح فَلْس (¬5) بفَلْسَين. وقال أبو يوسف ومحمد: نرى أن نعطيه (¬6) فضة مثل فضته أو ذهباً مثل ذهبه أو قيمة ذلك من النوع الآخر. قلت: أرأيت رجلاً اغتصب من رجل حنطة فاستهلكها؟ قال: عليه مثلها. قلت: فإن لم تكن (¬7) عنده حنطة فباعه شعيراً مثلين أو ما بدا له من العروض والحيوان أو ما يكال أو يوزن قبل القبض؟ [قال:] فلا بأس به يداً بيد. قلت: وكذلك إن أقرضه طعاماً فله أن يأخذ ما بدا له؟ قال: نعم. قلت: فما تكره من ذلك؟ قال: السلم والبيع. قلت: أرأيت رجلاً اغتصب من رجل دابة وأقام صاحب الدابة البينة أنها دابته غصبها إياه ونَفَقَتْ عنده من عمله وأقام الغاصب البينة أنه قد ردها وأنها قد نَفَقَتْ عنده بعد ذلك؟ قال: الغاصب ضامن (¬8). قلت: أرأيت النصراني يغصب من النصراني الخمر فيستهلكها ما عليه؟ قال: عليه خمر مثلها. قلت: فإن أسلم الطالب أو المطلوب أو أسلما جميعاً بعدما قضي عليه أو قبل أن يقضى عليه بشيء؟ قال: أبطل ذلك عليه ¬

_ (¬1) ف - ذلك. (¬2) م ز: لا تأخذ. (¬3) م ز: درهماً. (¬4) م ز: ديناراً. (¬5) م ز: فلسا. (¬6) ز: يري أن يعطيه. (¬7) ز: لم يكن. (¬8) كذا في م ف ز. وقال الحاكم: لا ضمان عليه. قال أبو الفضل: ليست هذه المسألة كالتي في أول الكتاب؛ لأن بينة الغاصب على الرد عارضت بينة المغصوب منه، فبقي هلاك مجرد في هذه المسألة؛ وفي تلك المسألة حصل الهلاك من ركوب الغاصب، ولا يسلم من الضمان، والله أعلم. انظر: الكافي، 1/ 134 ظ. وذكر السرخسي خلاف أبي يوسف في المسألة. انظر: المبسوط، 11/ 101. وهذه المسألة غير مذكورة في ب.

كله، ولا آخذ شيئاً منه. إن كان المطلوب مسلماً لم أقض (¬1) بالخمر. قلت: وكذلك لو اغتصب خنزيراً فاستهلكه ثم أسلما جميعاً أو أحدهما؟ قال: أما هذا فإني أقضي على الغاصب بالقيمة؛ لأن هذا بمنزلة العروض فيما بينهم، ووجبت عليه القيمة يوم استهلكها. والخمر إنما عليه مثلها. فلذلك اختلفا. وهذا قول أبي حنيفة الذي روى أبو يوسف. وقال محمد: إذا أسلم المطلوب وجب عليه قيمتها، وإن أسلم الذي كانت (¬2) له الخمر بطل الخمر عن المستهلك. وكذلك روى عن زفر. قلت: أرأيت مسلماً اغتصب من ذمي خمراً فاستهلكها؟ قال: عليه قيمتها، ولا يكون على مسلم خمر مثلها. قلت: أرأيت المسلم اغتصب من مسلم خمراً فجعلها خلاًّ فاستهلكها؟ قال: عليه مثلها. قلت: فإن غصبه جلد ميتة فدبغه واستهلكه؟ قال: لا شيء عليه. قلت: من أين اختلفا؟ قال: من قبل أنه يأخذ الخل ولا يغرم شيئاً لو أخذه منه، ولو وجد (¬3) جلد الميتة مدبوغاً أخذه وأعطاه ما زاد الدباغ فيه (¬4). وقال أبو يوسف ومحمد: يضمن قيمة الجلد مدبوغاً ويعطيه صاحبه (¬5) إن زاد الدباغ فيه (¬6). أبو سليمان عن محمد عن أبي يوسف عن السري بن إسماعيل عن الشعبي عن شريح أن رجلاً مسلماً كسر دنًّا من خمر لرجل من أهل الذمة، فضمنه شريح قيمة الخمر (¬7). ¬

_ (¬1) م ز: لم أقضي. (¬2) ف - كانت. (¬3) م هـ + وحدها؛ ز + وحدها. (¬4) ف - فيه. وعبارة ب: لأنه يأخذ الخل بغير شيء ولا يأخذ الجلد حتى يعطيه ما زاد الدباغ فيه. (¬5) ز: صاحبها. (¬6) انظر: 8/ 166 ظ. وانظر للشرح والتفصيل: المبسوط، 11/ 105. (¬7) تقدم هذا الأثر أول الكتاب. انظر: 8/ 159 ظ.

قلت: أرأيت جارية قتلت قتيلاً (¬1) خطأ ثم ماتت؟ قال: ليس عليها شيء؛ لأن جنايتها كانت (¬2) في رقبتها (¬3)، فلما ماتت بطلت الجناية (¬4). وهذا مخالف لموتها في يدي الغاصب؛ لأن القيمة حين أخذها رب الجارية من الغاصب كانت كأنها بعينها. وقال أبو يوسف في رجل اغتصب من رجل شاة فذبحها ثم دفعها إليه مذبوحة بجلدها: إن عليه ما نقصها (¬5). وذكر عن أبي حنيفة أنه قال: لا شيء عليه. قلت: فإن كان شواها ثم بعث بها إليه؟ قال: أما إذا شواها أو طبخها (¬6) فهو متطوع في ذلك، وهو ضامن (¬7). ¬

_ (¬1) م: قتلا. (¬2) م: كان. (¬3) ز: خيانتها كانت في رقيتها. (¬4) ز: الخيانة. (¬5) م ز: ما نقضها. (¬6) ف: وطبخها. (¬7) م + ثم كتاب الغصب بحول الله وحسن معونته والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد وآله كتبه أبو بكر بن أحمد بن محمد الطلحي الإصفهاني في جمادى الآخر سنة تسع وثلاثين وستمائة وحسبنا الله ونعم الوكيل؛ ف + ثم كتاب الغصب بحمد الله وعونه والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد وآله أجمعين وسلَّم؛ ز + ثم كتاب الغصب بعون الله وحسن توفيقه والحمد لله رب العالمين.

مراجع التحقيق

مراجع التحقيق 1 - الآثار، أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري، تحقيق: أبو الوفا الأفغاني، دار الكتب العلمية، بيروت، د. ت. 2 - الآثار، محمد بن الحسن الشيباني، الهند، د. ت. 3 - الآثار، محمد بن الحسن الشيباني، نسخة مخطوطة في مكتبة حاجي سليم آغا بإسطنبول، رقم: 275. 4 - الآحاد والمثاني، أحمد بن عمرو المعروف بابن أبي عاصم، تحقيق: باسم فيصل أحمد الجوابرة، دار الراية، الرياض، 1411/ 1991. 5 - أخبار القضاة، محمد بن خلف بن حيان المعروف بوكيع، عالم الكتب، بيروت، د. ت. 6 - الأدب المفرد، محمد بن إسماعيل البخاري، تحقيق: محمد فؤاد عبدالباقي، دار البشائر الإسلامية، بيروت، 1409/ 1989. 7 - الإصابة في تمييز الصحابة، أحمد بن علي المعروف بابن حجر العسقلاني، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار الجيل، بيروت، 1412/ 1992. 8 - الأصل، محمد بن الحسن الشيباني، تحقيق: أبو الوفا الأفغاني، عالم الكتب، بيروت، 1410/ 1990. 9 - الأصل، محمد بن الحسن الشيباني (كتاب البيوع والسلم)، تحقيق: شفيق شحاتة، مطبعة جامعة القاهرة، 1954. 10 - إعلاء السنن، ظفر أحمد العثماني، إدارة القرآن والعلوم الإسلامية، كراتشي، 1415. 11 - الأعلام، خير الدين الزركلي، دار العلم للملايين، بيروت، 1986. 12 - الأم، محمد بن إدريس الشافعي، دار المعرفة، بيروت، 1393.

13 - الأموال، أبو عبيد القاسم بن سلام، تحقيق: محمد خليل هراس، دار الفكر، بيروت، 1408/ 1988. 14 - أوجز المسالك إلى موطأ مالك، محمد زكريا الكاندهلوي، دار الفكر، بيروت، 1400/ 1980. 15 - الإيثار بمعرفة رواة الآثار، أحمد بن علي المعروف بابن حجر العسقلاني، تحقيق: سيد كسروي حسن، دار الكتب العلمية، بيروت، 1413. 16 - الاستخراج لأحكام الخراج، عبد الرحمن بن أحمد المعروف بابن رجب الحنبلي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1405. 17 - البحر الرائق شرح كنز الدقائق، زين الدين بن إبراهيم المعروف بابن نجيم، دار المعرفة، بيروت، د. ت. 18 - البحر الزخار (مسند البزار)، أبو بكر أحمد بن عمرو البزار، تحقيق: محفوظ الرحمن زين الله، مؤسسة علوم القرآن - مكتبة العلوم والحكم، بيروت - المدينة، 1409. 19 - بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، علاء الدين أبو بكر بن مسعود الكاساني، دار الكتاب العربي، بيروت، 1982. 20 - بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث، نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي، تحقيق: حسين أحمد صالح الباكري، مركز خدمة السنَّة والسيرة النبوية، المدينة المنورة، 1413/ 1992. 21 - البيان والتبيين، أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ، دار صعب، بيروت، د. ت. 22 - تاج العروس، محمد بن محمد المعروف بمرتضى الزبيدي، دار الهداية، بدون تاريخ أو مكان الطبع. 23 - التاريخ الكبير، محمد بن إسماعيل البخاري، تحقيق: السيد هاشم الندوي وغيره، دار الكتب العلمية، بيروت، د. ت. (مصورة عن طبعة حيدرآباد 1361 - 1364). 24 - تاريخ بغداد، أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي، دار الكتب العلمية، بيروت، د. ت. 25 - تحفة الفقهاء، علاء الدين محمد بن أحمد السمرقندي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1405/ 1984. 26 - التحقيق في أحاديث الخلاف، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي المعروف بابن الجوزي، تحقيق: مسعد عبد الحميد محمد السعدني، دار الكتب العلمية، بيروت، 1415.

27 - تسمية فقهاء الأمصار، أبو عبد الرحمن أحمد بن علي بن شعيب النسائي، تحقيق: مشهور حسن - عبد الكريم الوريكات، مكتبة المنار، الزرقاء (الأردن)، 1408/ 1987. 28 - تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الاْربعة، أحمد بن علي المعروف بابن حجر العسقلاني، تحقيق: إكرام الله إمداد الحق، دار الكتاب العربي، بيروت، د. ت. 29 - التعليق الممجد على موطأ محمد، أبو الحسنات محمد عبد الحي بن محمد اللكنوي، تحقيق: تقي الدين الندوي، دار السنَّة والسيرة- دار القلم، بومبائي - دمشق، 1412/ 1991. 30 - تعليق التعليق، أحمد بن علي المعروف بابن حجر العسقلاني، تحقيق: سعيد عبد الرحمن موسى القزقي، المكتب الإسلامي - دار عمار، بيروت - عمان (الأردن)، 1405. 31 - تفسير الطبري (جامع البيان عن تأويل آي القرآن)، محمد بن جرير الطبري، دار الفكر، بيروت، 1405. 32 - تقريب التهذيب، أحمد بن علي المعروف بابن حجر العسقلاني، تحقيق: محمد عوامة، دار الرشيد - دار البشائر الإسلامية، حلب - بيروت، 1408/ 1988. 33 - تلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير، أحمد بن علي المعروف بابن حجر العسقلانىِ، تحقيق: السيد عبد الله هاشم اليماني المدني، المدينة المنورة، 1384/ 1964. 34 - التمييز، مسلم بن الحجاج النيسابوري، تحقيق: محمد مصطفى الأعظمي، مكتبة الكوثر، المربع (السعودية)، 1410. 35 - تهذيب التهذيب، أحمد بن علي المعروف بابن حجر العسقلاني، دار الفكر، بيروت، 1404/ 1984. 36 - تهذيب الكمال في أسماء الرجال، أبو الحجاج جمال الدين يوسف بن عبد الرحمن المزي، تحقيق: بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1400/ 1980. 37 - الثقات، أبو حاتم محمد بن حبان البستي، تحقيق: السيد شرف الدين أحمد، دائرة المعارف العثمانية، حيدرآباد، 1973. 38 - الجامع الصغير، محمد بن الحسن الشيباني (مع شرحه النافع الكبير لعبد الحي اللكنوي)، إدارة علوم القرآن، كراتشي، 1410/ 1990.

39 - الجامع الكبير، محمد بن الحسن الشيباني، تحقيق: أبو الوفا الأفغاني، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1399. 40 - جامع المسانيد، أبو المؤيد محمد بن محمود الخوارزمي، دار الكتب العلمية، بيروت، د. ت. 41 - الجامع لشعب الإيمان، أبو بكر أحمد بن حسين البيهقي، انظر: شعب الإيمان. 42 - الجرح والتعديل، عبد الرحمن بن محمد المعروف بابن أبي حاتم، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1371/ 1952. 43 - الجواهر المضية في طبقات الحنفية، محيي الدين عبد القادر بن محمد ابن أبي الوفاء القرشي، مير محمد كتبخانة، كراتشي، د. ت. 44 - حاشية ابن عابدين، انظر: رد المحتار. 45 - الحجة على أهل المدينة، محمد بن الحسن الشيباني، تحقيق: مهدي حسن الكيلاني القادري، عالم الكتب، بيروت، 1403. 46 - حياة الحيوان، كمال الدين محمد بن موسى الدميري، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، 1398/ 1978. 47 - الخراج، أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري، المطبعة السلفية، القاهرة، 1977. 48 - الدر المختار، الحصكفي، انظر: رد المحتار. 49 - الدر المنثور، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، دار الفكر، بيروت، 1993. 50 - الدراية في تخريج أحاديث الهداية، أحمد بن علي المعروف بابن حجر العسقلانى، تحقيق: السيد عبد الله هاشم اليماني المدني، دار المعرفة، بيروت، د. ت. 51 - دلائل النبوة، أبو بكر أحمد بن حسين البيهقي، تحقيق: عبد المعطي قلعجى، دار الكتب العلمية، بيروت، 1985. 52 - الرد على سير الأوزاعي، أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري، تحقيق: أبو الوفا الأفغاني، دار الكتب العلمية، بيروت، د. ت. 53 - رد المحتار على الدر المختار، محمد أمين بن عمر الشهير بابن عابدين، دار الفكر، بيروت، 1421/ 2000. 54 - سنن أبي داود (داخل موسوعة السنَّة)، أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني، فهرسة وترقيم بدر الدين جتين أر، دار الدعوة - دار سحنون، إسطنبول - تونس، 1413/ 1992.

55 - سنن ابن ماجه (داخل موسوعة السنَّة)، ابن ماجه محمد بن يزيد القزويني، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار الدعوة - دار سحنون، إسطنبول - تونس، 1413/ 1992. 56 - سنن الترمذي (داخل موسوعة السنَّة)، محمد بن عيسى الترمذي، تحقيق: أحمد شاكر، محمد فؤاد عبد الباقي، إبراهيم عطوه عوض، فهرسة وترقيم بدر الدين جتين أر، دار الدعوة - دار سحنون، إسطنبول - تونس، 1413/ 1992. 57 - سنن الدارقطني، أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني، تحقيق: السيد عبد الله هاشم اليماني المدني، دار المعرفة، بيروت، 1386/ 1966. 58 - سنن الدارمي، (داخل موسوعة السنَّة)، عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، تحقيق: السيد عبد الله هاشم اليماني المدني، فهرسة وترقيم بدر الدين جتين أر، دار الدعوة - دار سحنون، إسطنبول - تونس، 1413/ 1992. 59 - السنن الكبرى، أبو بكر أحمد بن حسين البيهقي، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، مكتبة دار الباز، مكة المكرمة، 1414/ 1994. 60 - السنن الكبرى، أبو عبد الرحمن أحمد بن علي بن شعيب النسائي، تحقيق: عبد الغفار سليمان البنداري، سيد كسروي حسن، دار الكتب العلمية، بيروت، 1411/ 1991. 61 - سنن النسائي، (داخل موسوعة السنَّة)، أبو عبد الرحمن أحمد بن علي بن شعيب النسائي، فهرسة وترقيم بدر الدين جتين أر، دار الدعوة - دار سحنون، إسطنبول - تونس، 1413/ 1992. 62 - سنن سعيد بن منصور، أبو عثمان سعيد بن منصور الخراساني، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، الدار السلفية، الهند، 1403/ 1982. 63 - سير أعلام النبلاء، أبو عبد الله محمد بن أحمد الذهبي، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، محمد نعيم العرقسوسي، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1413. 64 - السيرة النبوية، عبد الملك بن هشام، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، 1411. 65 - شذرات الذهب، عبد الحي بن أحمد المعروف بابن العماد الحنبلي، تحقيق: عبد القادر الأرناؤوط، محمد الأرناؤوط، دار ابن كثير، دمشق، 1406. 66 - شرح الزرقاني على الموطأ، محمد بن عبد الباقي الزرقاني، دار الكتب العلمية، بيروت، 1411.

67 - شرح مشكل الآثار، أبو جعفر أحمد بن محمد الطحاوي، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1408/ 1987. 68 - شرح معاني الآثار، أبو جعفر أحمد بن محمد الطحاوي، تحقيق: محمد زهري النجار، دار الكتب العلمية، بيروت، 1399. 69 - شعب الإيمان، أبو بكر أحمد بن حسين البيهقي، تحقيق: محمد السعيد بسيوني زغلول، دار الكتب العلمية، بيروت، 1410. 70 - صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان، أبو حاتم محمد بن حبان البستي - علي بن بلبان الفارسي المصري، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1414/ 1993. 71 - صحيح ابن خزيمة، محمد بن إسحاق بن خزيمة، تحقيق: محمد مصطفى الأعظمي، المكتب الإسلامي، بيروت، 1390/ 1970. 72 - صحيح البخاري (داخل موسوعة السنَّة)، محمد بن إسماعيل البخاري، تحقيق: محمد ذهني أفندي وغيره، فهرسة وترقيم بدر الدين جتين أر، دار الدعوة - دار سحنون، إسطنبول - تونس، 1413/ 1992 (مصورة عن طبعة إسطنبول 1315). 73 - صحيح مسلم (داخل موسوعة السنَّة)، مسلم بن الحجاج النيسابوري، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار الدعوة - دار سحنون، إسطنبول - تونس، 1413/ 1992. 74 - الضعفاء الصغير، محمد بن إسماعيل البخاري، تحقيق: محمود إبراهيم زايد، دار الوعي، حلب، 1396. 75 - الضعفاء الكبير، أبو جعفر محمد بن عمرو العقيلي، تحقيق: عبد المعطي أمين قلعجي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1404/ 1984. 76 - الطبقات الكبرى، أبو عبد الله محمد بن سعد الكاتب، دار صادر، بيروت، د. ت. 77 - طلبة الطلبة، أبو حفص نجم الدين عمر بن محمد النسفي، تحقيق: خالد عبد الرحمن العك، دار النفائس، عمان، 1416/ 1995. 78 - عقود الجواهر المنيفة في أدلة مذهب الامام أبي حنيفة، محمد بن محمد المعروف بمرتضى الزبيدي، تحقيق: وهبي سليمان غاوجي الألباني، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1985. 79 - العلل، عبد الرحمن بن محمد المعروف بابن أبي حاتم، تحقيق: محب الدين الخطيب، دار المعرفة، بيروت، 1405.

80 - غريب الحديث، أبو عبيد القاسم بن سلام، تحقيق: محمد عبد المعيد خان، دار الكتاب العربي، بيروت، 1396. 81 - الفتاوي الهندية، الشيخ نظام وجماعة من علماء الهند، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1400/ 1980. 82 - فتح القدير، كمال الدين محمد بن عبد الواحد المعروف بابن الهمام، دار الفكر، بيروت، د. ت. 83 - فتوح البلدان، أحمد بن يحيى البلاذري، تحقيق: رضوان محمد رضوان، دار الكتب العلمية، بيروت، 1403. 84 - فقه الملوك ومفتاح الرتاج المرصد على خزانة كتاب الخراج، لعبد العزيز بن محمد الرحبي، تحقيق: أحمد عبيد الكبيسي، رئاسة ديوان الأوقاف، بغداد، 1973 - 1975. 85 - الفهرست، محمد بن إسحاق المعروف بابن النديم، دار المعرفة، بيروت، 86 - القاموس المحيط، مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي، مؤسسة الرسالة، بيروت، د. ت. 87 - الكافي، أبو الفضل محمد بن محمد المروزي المعروف بالحاكم الشهيد، نسخة مخطوطة بمكتبة عاطف أفندي في إسطنبول، رقم: 1005 - 1007. 88 - الكامل في ضعفاء الرجال، عبد الله بن عدي الجرجاني، تحقيق: يحيى مختار غزاوي، دار الفكر، بيروت، 1409/ 1988. 89 - كتاب السنن، أبو عثمان سعيد بن منصور الخراساني، تحقيق: سعد بن عبد الله بن عبد العزيز آل حميد، دار العصيمي، الرياض، 1414. 90 - كثف الخفاء ومزيل الإلباس، محمد بن أحمد العجلوني الدمشقي، تحقيق: أحمد القلاش، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1405. 91 - كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، مصطفى بن عبد الله المعروف بكاتب جلبي أو حاجي خليفة، تحقيق: محمد شرف الدين يالتقايا، رفعت بيلكه الكليسي، وكالة المعارف، إسطنبول، 1360/ 1941. 92 - الكنى والأسماء، مسلم بن الحجاج النيسابوري، تحقيق: عبد الرحيم محمد أحمد القشقري، الجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، 1404. 93 - لسان العرب، محمد بن مكرم المصري المعروف بابن منظور، دار صادر، بيروت، د. ت.

94 - لسان الميزان، أحمد بن علي المعروف بابن حجر العسقلاني، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، 1406/ 1986 (مصورة عن طبعة حيدرآباد). 95 - المبسوط، شمس الأئمة محمد بن أبي سهل أحمد السرخسي، دار المعرفة، بيروت، د. ت. 96 - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي، دار الريان للتراث - دار الكتاب العربي، القاهرة - بيروت، 1407. 97 - المحلى، علي بن أحمد القرطبي المعروف بابن حزم الظاهري، تحقيق: لجنة إحياء التراث العربي، دار الآفاق الجديدة، بيروت، د. ت. 98 - المحيط البرهاني، برهان الدين محمود بن أحمد البخاري، تحقيق: أحمد عزو عناية الدمشقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1424/ 2003. 99 - مختار الصحاح، محمد بن أبي بكر الرازي، تحقيق: محمود خاطر، مكتبة لبنان ناشرون، بيروت، 1415 - 1995. 100 - مختصر الطحاوي أبو جعفر أحمد بن محمد الطحاوي، تحقيق: أبو الوفا الأفغاني، دار إحياء العلوم، بيروت، 1406/ 1986. 101 - المدونة الكبرى، مالك بن أنس (والصحيح أنها لسحنون)، دار صادر، بيروت، د. ت. 102 - المراسيل، أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1408. 103 - المستدرك على الصحيحين، أبو عبد الله محمد بن عبد الله المعروف بالحاكم النيسابوري، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، 1411/ 1990. 104 - مسند أبي حنيفة، أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني، تحقيق: نظر محمد الفاريابي، مكتبة الكوثر، الرياض، 1415. 105 - مسند أبي يعلى، أبو يعلى أحمد بن علي الموصلي، تحقيق: حسين سليم أسد، دار المأمون للتراث، دمشق، 1404/ 1984. 106 - مسند أحمد، أحمد بن محمد بن حنبل، مؤسسة قرطبة، مصر، د. ت. 107 - مسند إسحاق بن راهويه، إسحاق بن إبراهيم الحنظلي المروزي المعروف بابن راهويه، تحقيق: عبد الغفور بن عبد الحق البلوشي، مكتبة الإيمان، المدينة المنورة، 1412/ 1991. 108 - مسند ابن الجعد، علي بن الجعد البغدادي، تحقيق: عامر أحمد حيدر، مؤسسة نادر، بيروت، 1410/ 1990.

109 - مسند البزار، انظر: البحر الزخار. 110 - مسند الحارث (زوائد الهيثمي)، انظر: بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث. 111 - مسند الشافعي، محمد بن إدريس الشافعي، دار الكتب العلميهَ، بيروت، د. ت. 112 - مسند الشهاب، أبو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر القضاعي، تحقيق: حمدي بن عبد المجيد السلفي، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1407/ 1986. 113 - المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، أحمد بن محمد الفيومي، المكتبة العلمية، بيروت، د. ت. 114 - المصنف (عوامة)، أبو بكر عبد الله بن محمد المعروف بابن أبي شيبة، تحقيق: محمد عوامة، دار القبلة، جدة، 1427/ 2006. 115 - المصنف، أبو بكر عبد الله بن محمد المعروف بابن أبي شيبة، تحقيق: كمال يوسف الحوت، مكتبة الرشد، الرياض، 1409. 116 - المصنف، عبد الرزاق بن همام الصنعاني، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، المكتب الإسلامي، بيروت، 1403. 117 - المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية، أحمد بن علي المعروف بابن حجر العسقلاني، تحقيق: سعد بن ناصر بن عبد العزيز الشثري وآخرون، دار العاصمة - دار الغيث، السعودية، 1419/ 1998. 118 - المعجم الأوسط، أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، تحقيق: طارق بن عوض الله بن محمد - عبد المحسن بن إبراهيم الحسيني، دار الحرمين، القاهرة، 1415. 119 - معجم البلدان، ياقوت بن عبد الله الحموي، دار الفكر، بيروت، د. ت. 120 - المعجم الصغير (الروض الداني)، أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، تحقيق: محمد شكور محمود الحاج أمرير، المكتب الإسلامي - دار عمار، بيروت - عمان، 1405 - 1985. 121 - المعجم الكبير، أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، تحقيق: حمدي بن عبد المجيد السلفي، مكتبة الزهراء، الموصل، 1404/ 1983. 122 - المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية، دار المعارف، القاهرة، 1393/ 1973. 123 - معجم لغة الفقهاء، محمد رواس قلعجي - حامد صادق قنيبي، دار النفائس، بيروت، 1408/ 1988.

124 - معرفة علوم الحديث، أبو عبد الله محمد بن عبد الله المعروف بالحاكم النيسابوري، تحقيق: السيد معظم حسين، دار الكتب العلمية، بيروت، 1397/ 1977. 125 - المغازي، أبو عبد الله محمد بن عمر الواقدي، تحقيق: مارسدن جونس، عالم الكتب، 1404/ 1984. 126 - المغرب في ترتيب المعرب، أبو الفتح ناصر بن عبد السيد المطرزي، تحقيق: محمود فاخوري - عبد الحميد مختار، مكتبة أسامة بن زيد، حلب، 1399/ 1979. 127 - مقالات الإسلاميين، أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري، تحقيق: هلموت ريتر، دار إحياء التراث العربي، بيروت، د. ت. 128 - الملل والنحل، أبو الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني، تحقيق: محمد سيد كيلاني، دار المعرفة، بيروت، 1404. 129 - مناقب أبي حنيفة، حافظ الدين محمد بن محمد البزازي الكردري (مع مناقب أبي حنيفة للموفق المكي)، دار الكتاب العربي، بيروت، 1401/ 1981. 130 - الموطأ، مالك بن أنس، (داخل موسوعة السنَّة)، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار الدعوة - دار سحنون، إسطنبول - تونس، 1413/ 1992. 131 - الموطأ برواية محمد، انظر: التعليق الممجد. 132 - نصب الراية لأحاديث الهداية، جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعى، تحقيق: محمد يوسف البنوري، دار الحديث، مصر، 1357. 133 - الهداية شرح بداية المبتدي، برهان الدين علي بن أبي بكر المرغيناني، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر، 1400/ 1980. 134 - وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، شمس الدين أحمد بن محمد المعروف بابن خلكان، تحقيق: إحسان عباس، دار الثقافة، لبنان، د. ت. 135 - farsca - Turkce Lugat. Ziya Sukun. Milli Egitim Basievi. Istanbul 1984.

§1/1